رقم الإيداع في دار الكتب والوثائق ببغداد655لسنة2019 مصدر الفهرسة: IQ-KaPLI ara IQ-KaPLI rda رقم تصنيفLC:
BP37.87.Y37 2018 المؤلف شخصي: الياسري، خلود حامد- مؤلف.
العنوان: صحابة الامام علي (عليه السلام) وأثرهم في حياة المسلمين العامة11- 61ه/ 632- 680م بيان المسؤولية: تأليف خلود حامد الياسري؛ تقديم السيد نبيل الحسني.
بيانات الطبع: الطبعة الاولى.
بيانات النشر: كربلاء، العراق: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة، 2019/ 1440للهجرة.
الوصف المادي: 256صفحة؛ 24سم.
سلسلة النشر: (العتبة الحسينية المقدسة؛ 535).
سلسلة النشر: (مؤسسة علوم نهج البلاغة؛ 160).
سلسلة النشر: (الرسائل والاطاريح الجامعية، وحدة الدراسات التاريخية؛ 33).
تبصرة ببليوجرافية: يتضمن هوامش، لائحة المصادر (الصفحات221- 251).
موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام) ،الامام الاول، 23قبل الهجرة- 40للهجرة- اصحاب.
مصطلح موضوعي: الصحابة والتابعون- تراجم.
مصطلح موضوعي: الصحابة والتابعون- جوانب سياسية.
مصطلح موضوعي: الصحابة والتابعون- جوانب فكرية.
مصطلح موضوعي: الصحابة والتابعون- جوانب اجتماعية.
مصطلح موضوعي: التاريخ الاسلامي- عصر صدر الاسلام، 610- 661.
مؤلف اضافي: الحسني، نبيل قدوري، 1965-، مقدم.
اسم هيئة اضافي: العتبة الحسينية المقدسة (كربلاء، العراق). مؤسسة علوم نهج البلاغة- جهة مصدرة.
ص: 1
صحابة الامام علی علیه السلام
واثرهم فی حیاة المسلمین العامة
11- 61 هجریة 632- 680 میلادیّة
ص: 2
صحابة الامام علی علیه السلام
واثرهم فی حیاة المسلمین العامة
11- 61هجریة632- 680میلادیّة
المدرس المساعد
خلود حامد الیاسری
إصدار موسسة علوم نهج البلاغة
في العتبة الحسینیة المقدسة
ص: 3
جميع الحقوق محفوظة
العتبة الحسينية المقدسة
الطبعة الأولی
1440ه- 2019م
العراق- كربلاء المقدسة- مجاور مقام علي الأكبر عليه السلام
مؤسسة علوم نهج البلاغة
هاتف: 07728243600-07815016633
الموقع الألكتروني:www.inahj.org
الإيميل:Info@Inahj.org
تنويه: إن الأفكار والآراء المذكورة في هذا الكتاب تعبر عن وجهة نظر كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العتبة الحسينية المقدسة
ص: 4
بسم الله الرحمن الرحيم
«يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ» صدق الله العلي العظيم (سورة المجادلة: الآية11)
ص: 5
ص: 6
إلى من كان جهدي هذا بعض فضله...
أنحني إجلالاً...
وبراً...
وعرفاناً...
وأهدي ثمرة جهدي المتواضع هذا إلى روح معلمي الأول أبي...
إلى المجاهدة الصابرة التي كانت دعواتها مفاتيح السعادة واكسير النجاح لي ولأخوتي، أمي الغالية...
ص: 7
ص: 8
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على ما أنعم وله الشكر بما ألهم والثناء بما قدم، من عموم نعم ابتدأها وسبوغ آلاء أسداها، وتمام منن والاها، والصلاة والسلام على خیر الخلق أجمعین محمد وآله الطاهرين.
أما بعد:
فلم يزل كلام أمیر المؤمنین (عليه السلام) منهلاً للعلوم من حيث التأسيس والتبيین ولم يتقصر الأمر على علوم اللغة العربية أو العلوم الإنسانية، بل وغیرها من العلوم التي تسیر بها منظومة الحياة وإن تعددت المعطيات الفكرية، إلا أن التأصيل مثلما يجري في القرآن الكريم الذي ما فرط الله فيه من شيء كما جاء في قوله تعالى: ﴿مَا فَرَّطْنَا فِ الْكِتَابِ مِنْ شَیْءٍ﴾، كذا نجد يجري مجراه في قوله تعالى: ﴿وَكُلَّ شَیْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِینٍ﴾، غاية ما في الأمر أن أهل الاختصاصات في العلوم كافة حينما يوفقون للنظر في نصوص الثقلین يجدون ما تخصصوا فيه حاضراً وشاهداً فيها، أي في القرآن الكريم وحديث العترة النبوية (عليهم السلام) فيسارعون وقد أخذهم الشوق لإرشاد العقول إلى تلك السنن والقوانین والقواعد والمفاهيم والدلالات في القرآن الكريم والعترة النبوية.
من هنا ارتأت مؤسسة علوم نهج البلاغة أن تتناول تلك الدراسات الجامعية
ص: 9
المختصة بعلوم نهج البلاغة وبسیرة أمیر المؤمنین الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) وفكره ضمن سلسلة علمية وفكرية موسومة ب (سلسلة الرسائل والأطاريح الجامعية) التي يتم عبرها طباعة هذه الرسائل وإصدارها ونشرها في داخل العراق وخارجه،بغية إيصال هذه العلوم الأكاديمية إلى الباحثين والدارسین وإعانتهم على تبین هذا العطاء الفكري والانتهال من علوم أمیر المؤمنین علي (عليه السلام) والسیر عى هديه وتقديم رؤى علمية جديدة تسهم في إثراء المعرفة وحقولها المتعددة.
وما هذه الدراسة الجامعية التي بن أيدينا لنيل شهادة الماجستير في التاريخ الإسامي إلا واحدة من تلك الدراسات التي تناولت فيها الباحثة حقبة من حقب التاريخ الاسلامي المهمة وإبراز الأثر الأساسي فيها لثلة من المسلمين الأوائل الذين نهلوا من فيض جود أمیر المؤمنین (عليه السلام) فكان لهذا النهل انعكاسه الواضح من الناحية الفكرية والسياسية والعسكرية وحتى الاجتماعية، على تلك الحقبة التاريخية.
فجزى الله الباحثة خير جزاء المحسنين فقد بذلت جهدها على الله أجرها والحمد لله رب العالمين.
السيد نبيل الحسني الكربلائي رئيس مؤسسة علوم نهج البلاغة
ص: 10
بسم الله الرحمن الرحيم بعد حمد الله والحمد حقه كما يستحقه والصلاة والسلام على خیر خلقه محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه مفاتيح الهدى ومصابيح الدجى للناس من بعده.
أما بعد..
فقد تتلمذ على يد الإمام علي بن أبي طالب (علیه السلام) نخبة من المسلمین الأوائل لما رأوا فيه من مزايا وصفات أهلته لأن يكون بمثابة القدوة لهم بعد رسول الله أولاً ولإيمان هذه النخبة بقضيته (علیه السلام) وتفانيهم في سبيله، فضلاً عن إنهم قد جمعتهم جملة من الأمور كالإيمان المطلق والإسلام المبكر والشجاعة والزهد اوالعلم مما أهلهم لأن يكونوا أئمة للمسلمین في تلك الميادين متوارثین الإبداع فيها من معلمهم الأول أمیر المؤمنین (علیه السلام) غیر مبالین بما لاقوا من عثرات في طريقهم وإن أدت ببعضهم إلى القتل أو السجن أو النفي عن الأوطان.
وعلى الرغم من ذلك فقد كان لهم الدور المؤثر والفعال في مجتمعاتهم في مختلف المجالات سواء كانت السياسية أو العسكرية أو الأدبية أو الاجتماعية، ولعل هذا كان حافزاً ومشجعاً لي على دراسة الموضوع والكتابة فيه خصوصا وأن موضوع البحث برمته بكر لم يدرس منه جانب ولم يكرس احد دراسة أكاديمية
ص: 11
له أو يتطرق إليه.
وقد تطلبت مادة البحث بعد أن استوى عنوانه بالشكل الذي ذكرت أن اعقد له فصولاً أربعة سبقتها بمقدمة وضحت فيها ما شرع البحث لدراسته في فصوله الأربع، وأعقبت الفصول الأربع بخاتمة وكالآتي: في الفصل الأول منه بعد الخوض في المعنى اللغوي والاصطلاحي للصحبة والصاحب وأهمية المصاحبة بالنسبة للمسلمين وورودها في القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف تناولت نشوء ظاهرة مصاحبة أمیر المؤمنین علي بن أبي طالب (علیه السلام) من قبل طائفة من المسلمين الأوائل وتعليل تلك المصاحبة والتعريف بروادها الأوائل من خلال الإشارة إلى تراجمهم ودراسة علاقتهم بأمیر المؤمنین علي بن أبي طالب (علیه السلام)، معتمدةً في ذلك التسلسل الهجائي لأسمائهم.
وكرست الفصل الثاني من البحث لدراسة الأدوار السياسية والعسكرية التي شهدتها الحقبة موضوع البحث (11- 61ه/ 632- 680م) ومواقفهم منها، خاصةً وان هذه الفترة قد شهدت جملة من الأحداث السياسية والعسكرية كان لها الاثر البالغ في التاريخ الإسلامي فقد شهدت وفاة الرسول الكريم (صلّی الله علیه و آله) واغتصاب حق أمیر المؤمنین في الخلافة، مع أن الرسول (صلّی الله علیه و آله) أوصى له بها مما أدى إلى انقسام المسلمين إلى معسكرين احدهما كان رواده أصحاب الإمام و الآخر تمثل بالمجتمعین في سقيفة بني ساعدة ومن تبعهم، وشهدت ايصاء الخليفة الأول للثاني ومن ثم جعل الثاني الخلافة في ستة ليختاروا الثالث ومن ثم مقتله (الخليفة الثالث)، ثم إجماع المسلمين مرة أخرى على انتخاب أمیر المؤمنین، ومن ثم خروج السيدة عائشة وطلحة والزبیر على الإمام علي (علیه السلام) في حرب الجمل والتي كانت فاتحة الحروب بین المسلمين أنفسهم، وما تبعها من أحداث وحروب بین المسلمين
ص: 12
كخروج الخوارج، وحرب صفین، و النهروان، ومن ثم استشهاد الإمام علي (علیه السلام) وبيعة الإمام الحسن (علیه السلام) وصلحه مع معاوية، وموقفهم من ولاية يزيد العهد وحتى استشهاد الإمام الحسین (علیه السلام) ؛ فضلا عن مشاركتهم (أصحاب الإمام) بالفتوحات الإسلامية و أدوارهم الجهادية فيها.
في حین تطرقت في الفصل الثالث من البحث إلى الدور الفكري لصحابة الإمام علي ابن أبي طالب (علیه السلام) والذي شمل ألواناً عدة من حقول المعرفة أدّى أولئك الأعلام فيها دورا لا تزال بصماتهم فيه منارات هدىً، كالقران الكريم وعلومه الذي كان من الطبيعي أن يكون لهم فيه باع طويل لتتلمذهم على يد باب مدينة العلم، وكذلك الحديث النبوي الشريف الذي كان صحابة الإمام علي (علیه السلام) هم رواده أيضا، وأما علوم اللغة من: نحو، وبلاغة، وشعر، وغيرها فقد برعوا فيها جميعها؛ حتى كان لبعضهم الفضل في جمع القرآن وهو حذيفة بن اليمان ولبعضهم قصب السبق في تفسیره كابن عباس، وتدوين سیرة الرسول كسليم بن قيس، ورواية الحديث الشريف كجابر الأنصاري ووضع النحو على يد أبي الأسود الدؤلي... الخ.
وقد تناولت في الفصل الرابع من البحث الدور الاجتماعي لهم خلال المدة موضوع البحث، ولا غرابة أن يكون لهم دور اجتماعي بارز سيما وقد صقلت أخلاقهم على يد الإمام علي ونهلوا من معينه الذي لا ينضب وعطائه الاجتماعي فكانوا كراماً أسخياء آمرين بالمعروف فاعلین له ناهین عن المنكر تاركین له ساعين في الصلح بین الناس مادين يد المساعدة والعون لمن كان بحاجة إليها، وقد أوردت في هذا الفصل جملة من الروايات التاريخية التي توضح تلك المكانة الاجتماعية لهم.
ص: 13
وأعقبت فصول البحث الأربعة بخاتمة تضمنت أهم ما توصلت إليه من نتائج خلال البحث.
ومن نافلة القول الإشارة إلى ما عانيت في سبيل البحث من مصاعب، لم اكن فيها ممتنةً عليه فإن وفقت فنعم عقبى الطامحین وإلا فحسبي أنني لم أدخر وسعا ولم آل جهدا في سبيل البحث.
ص: 14
ص: 15
ص: 16
الصحابي لغةً مشتق من المصاحبة والمعاشرة، والصاحب الملازم المعاشر للإنسان، يقال صاحَبَ فلان أي عاشره ولازمه، ويرى اللغويون أن الصاحب لا يقال إلا لمن كثرت ملازمته ومعاشرته، ولا فرق أن تكون مصاحبته بالبدن وهو الأصل والأكثر أو بالعناية والهمة وإلا فلو جالس الشخص أحداً مرة أو مرتین لا يقال أنه صاحبه، والصحابة بالفتح الأصحاب وأصحبتهُ الشيء جعلته له صاحباً وكل شيء لائم شيئاً فقد استصحبه، وتطلق كلمة الصحابة على كل من تقلد مذهباً فيقال: أصحاب فلان، وأصحاب فلانة... الخ، ويقال: اصطحب القوم أي بعضهم بعضاً، واصطحب البعر أي انقاد له(1) .
وقد ترد كلمة أخرى تحمل مضمون المصاحبة ألا وهي مفردة (شيعة) وخیر دليل على ذلك ما جاء في القرآن الكريم بقوله تعالى: «وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَابْرَاهِيمَ»(2) ، وقوله تعالى: «هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ»(3) ، وقال ابن خلدون إن الشيعة
ص: 17
هم الصحب والأتباع(1) وقد ذكر الفیروز آبادي إن الشيعة كلمة مفردة جمعها أشياع وشيَع وشيعة الرجل (بالكسر) أتباعه. أنصاره، والفرقة على حدة، ويقع على الواحد والاثنین والجمع(2) وكل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة(3) .
اختلف العلماء والمؤرخون حول التعريف الاصطلاحي للصحابي، فقيل أن الصحابي من رأى النبي صلّی اله علیه و آله، وقيل من لقاه، وتشدد البعض قائلاً: لا يعد من الصحابة إلا من صحب الرسول صلّی اله علیه و آله الصحبة العرفية (الملازمة) وقد عدّ البعض كل من صحب الرسول صلّی اله علیه و آله سنة أو شهراً أو يوماً أو ساعةً أو رآه، صحابياً على قدر ما صحبه(4) .
وقال البخاري: (من تبع النبي أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه)(5) ،وعن سعيد بن المسيب(6) أنه قال: لا يعدُّ من الصحابة إلّا من أقام مع رسول الله صلّی اله علیه و آله
ص: 18
سنة أو سنتين وغزا معه غزوة أو غزوتین(1) ، ولعل هذا التعريف هو الأقرب إلى القبول لأن البعض عَدَّ من الصحابة من لم يلتقِ بالرسول صلّی الله علیه و آله إلاّ في حجة الوداع، والأجدر ان يكون الصحابي لقي رسول الله صلّی الله علیه و آله مؤمناً به ومات على الإسلام.
لقد ورد في القرآن الكريم ما يؤيد المعنى الذي تذكره قواميس اللغة ضمن ألفاظ متعددة تشترك جميعها في معاني متقاربة، إذ ذكرت مشتقات كلمة الصحابي ك (صاحبةً، صاحبها، تصاحبني، وصاحبه، وأصحاب، وأصحابهم) في القرآن الكريم لسبع وتسعين مرة(2) .
وكان ذكر هذه الألفاظ جميعها في القرآن الكريم يدل على المعاشرة والملازمة من دون النظر إلى الاعتقاد أو السلوك فقد أطلقها القرآن الكريم على العلاقة بین مؤمن و مؤمن وبین مؤمن وكافر وبين كافر وكافر وبین إنسان وجماد ك (الكهف) وبین إنسان ومكان (كالقرية) وبین إنسان وزمان ك (السبت) وغيرها من المقرونات التي قرنها القرآن الكريم بمشتقات هذه الكلمة، فقد قال تعالى في قصة موسى (علیه السلام) مع العبد الصالح: «إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَاحِبْنِي»(3) وقال: «وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشرْكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُاَ وَصَاحِبْهُاَ فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً»(4) وقوله: «وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالَجارِ الُجنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ»(5)
ص: 19
وقال تعالى: «فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً»(1) وقال: «مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى»(2) وقال: «أَوَلْمَ يَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِینٌ» (3) وقال: «فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ»(4) .وكذلك وردت كلمة أصحاب في القرآن الكريم تدل على اللبث والمكوث كأصحاب الجنة وأصحاب النار، ووردت أيضاً للدلالة على العلاقة الجبرية كقوله تعالى على لسان يوسف (علیه السلام): «يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَیْرٌ أَمِ الله»(5) .
وقد قسّم القرآن الكريم الصحابة وصفاتهم منذ بداية بعثة النبي (صلّی الله علیه و آله) حتى وفاته في كثیر من سوره وآياته الكريمة إلى:
1. الذين آمنوا 2. الذين في قلوبهم مرض 3. المنافقون والجدير بالذكر وجود عنوان الذين في قلوبهم مرض إلى جانب الذين امنوا في بعض السور المكية ففي سورة المدّثر المكيّة التي هي من أوائل السور جاء قوله تعالى: «وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهمْ إِلّاَ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ کَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً وَلَ يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالُمؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ الله
ص: 20
بِهَذَا مَثَلاً»(1) ، ودلت الآية الكريمة على وجود أناس في قلوبهم مرض حول النبي (صلّی الله علیه و آله) منذ الأيام الأولى للدعوة النبوية الإسلامية الشريفة، والمرض بأي صورة فُسّر فهولاء غیر المنافقین الذين ظهروا في المدينة المنورة فقد قال تعالى: «وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الَمدِينَةِ»(2) . فالذين في قلوبهم مرض لازموا النبي (صلّی الله علیه و آله) منذ العهد المكي حيث كان الإسلام ضعيفاً والنبي (صلّی الله علیه و آله) مطارداً، أما المنافقون فقد ظهروا بعد أن ظهرت شوكة الإسلام فتظاهروا بالإسلام حفظاً لأنفسهم وأموالهم وشؤونهم، وبناءً على هذا فكل آية من القرآن الكريم ورد في ظاهرها شيء من الثناء على عموم الصحابة فهي لو تم الاستدلال بها لوجد أنها محفوظة بما يخرجها عن الإطلاق والعموم بل ومخصصة ب (الذين آمنوا) حقيقة فلا يتوهم شمولها للذين في قلوبهم مرض والمنافقین الذين وقع التصريح بذمتهم في كثیر من الآيات الكريمة(3) ، في حین مدح الله تعالى من الصحابة السابقين الأولین والمبايعین تحت الشجرة والمهاجرين والمهجرين عن ديارهم وأموالهم وأصحاب الفتح إلى غیر ذلك من الأصناف المثالية الذين ما ذكرهم عز وجل في محكم كتابه إلا وأثنى عليهم ووصفهم بالفضل والفضيلة(4) .
ص: 21
أطلقت لفظة الصحابي في الحديث النبوي الشريف على كل من صحب رسول الله (صلّی الله علیه و آله) من المسلمين سواء كان مؤمناً به واقعاً وحقيقة أو ظاهراً فكان لفظ (الصحابي) في الحديث شاملاً للمؤمن والمنافق. ومثال على ذلك أن عمر بن الخطاب طلب من رسول (صلّی الله علیه و آله) أن يقتل عبد الله بن أبي بن سلول (المنافق) فقال له رسول الله (صلّی الله علیه و آله): (كيف يا عمر إذا تحدّث الناس أنّ محمداً يقتل أصحابه)(1) .
وحينما طلب عبد الله بن عبد الله بن أبي من رسول الله (صلّی الله علیه و آله) أن يقوم بنفسه بقتل والده أجابه (صلّی الله علیه و آله) قائلاً: ((بل تترفّق به ونحسن صحبته ما بقي معنا))(2) ، فقد أطلق (صلّی الله علیه و آله) لفظ الصحابي ليشمل حتى من اشتهر بفسقه كعبد الله بن أبي بن سلول، كما أطلقه (صلّی الله علیه و آله) على المخفي نفاقهم قائلاً: (إن في أصحابي منافقین)(3) .
برزت ظاهرة مصاحبة الإمام علي بن أبي طالب (علیه السلام) والميل له منذ عهد الرسول (صلّی الله علیه و آله) وكان هناك مجموعة من الصحابة الكرام يحيطون به أطلق عليهم لفظة (الشيعة)، ويرى بعض المؤرخين إن هذه اللفظة حُصرت ب (أبي ذر الغفاري، وسلمان الفارسي، والمقداد بن الأسود الكندي، وعمار بن ياسر، وجابر بن عبد
ص: 22
الله، وحذيفة بن اليمان)(1) وهؤلاء وصفوا ب (الأصفياء)(2) .
ومن غیر الصحيح أن تكون حركة التشيع لعلي (علیه السلام) قد برزت كما يرى البعض بعد معركة صفین، فإذا لم يكن للشيعة وجود قبلها فمن الذي كان يقاتل معه، مع انه كان برفقته عدد كبیر من الصحابة الذي تكاد تجمع المصادر التي يترجم أصحابها لهم على مصاحبتهم للإمام علي (علیه السلام) منذ ما قبل ذلك.
إذاً فأصحاب الإمام علي (علیه السلام) الشيعة الأوائل ليسوا فرقة استحدثت بعد رحيل النبي (صلّی الله علیه و آله) إنما ترجع جذورها إلى رواد الإسلام الأوائل من المهاجرين والأنصار الذين بقوا على ما كانوا عليه في عصر الرسالة وبقوا على تلك العقيدة بعد وفاة النبي (صلّی الله علیه و آله) فكانوا نواة التشيع وبذرته الأولى(3) .
وقد عرف بهذه الصفة عدد من خيار صحابة الرسول (صلّی الله علیه و آله) الذين اعتقدوا بإمامة علي (علیه السلام)(4) وكان الرسول الكريم صلّی الله علیه و آله أول من غرس هذه البذرة ونماها ورعاها في جميع مراحل حياته ويدل على ذلك ما اثر عن الرسول (صلّی الله علیه و آله) من الأحاديث التي أضفت سمة التشيع على أتباع الإمام علي (علیه السلام) وأشادت بهم
ص: 23
وبشرتهم بأسمى المنازل في الجنة، ومن تلك الأحاديث، قول الرسول: ((يا علي أنت وشيعتك تردون عليّ الحوض))(1) ؛ ((يا علي أنت وشيعتك ستقدمون على الله راضون مرضيون))(2) ، ((شيعة علي هم الفائزون))(3) .
ويدعم القول بظهور التشيع للإمام علي (علیه السلام) منذ عصر الرسول طائفة من المؤرخین منهم السيوطي إذ نقل إن الرسول (صلّی الله علیه و آله) خاطب علياً بقوله: ((أنت وشيعتك موعدكم الحوض إذا جاءت الأمم للحساب تُدعون غرّاً محجلین))(4) .
وقد ذكر المسعودي في أحداث وفاة النبي (صلّی الله علیه و آله) إن الإمام علياً (علیه السلام) أقام ومن معه من شيعته في منزله بعد بيعة أبي بكر(5) ، ونقل القندوزي عن أم سلمة إن الرسول (صلّی الله علیه و آله) أثنى على علي وشيعته(6) وهذا يوحي بل ويؤكد إن الشيعة كانوا موجودين ومعروفین منذ أيام الرسول (صلّی الله علیه و آله).
إلا إن البعض ذهب إلى غیر ذلك إذ أشار بعض من المؤرخین إن التشيع ظهر
ص: 24
بعد مقتل الخليفة الثالث، أو بعد معركة الجمل أو صفین أو بعد استشهاد الإمام علي (علیه السلام) بل وحتى إن قسما من أولئك المؤرخین ارجع ظهور التشيع إلى ما بعد موت معاوية(1) .
وقد ناقش الدكتور أحمد الوائلي ما ذهب إليه بعض الباحثین من كون التشيع ظهر يوم السقيفة بأن ذلك دليلٌ على وجوده أيام النبي (صلّی الله علیه و آله) لأنه من غیر المعقول أن يتبلور التشيع في أسبوع واحد أي المدة بین وجود الرسول (صلّی الله علیه و آله) ووفاته، بحيث يتخذ جماعة من الناس مواقف معينة ويتضح لهم اتجاه له ميزاته وخواصه، فإن مثل هذه الآراء تحتاج في تبلورها وتكوينها إلى وقت ليس بالقليل، إذ إن المواقف التي برزت بعد السقيفة لم تتكون بوقت قصیر أو بسرعة كهذه(2) .
والواضح الجلي إن ظهور التشيع لعلي (علیه السلام) ومصاحبته كان منذ عصر الرسالة(3) إما ذكره في مراحل متأخرة فهذا لا يدل على انه ابتدأ متأخرا وإنما يدل على أنه كان مذهبا قائماً إضافة على أن ذكره وذكر رجاله في تلك الأحداث يدل على دور فعال له فيها.
إذاً فأصحاب الإمام علي (علییه السلام) هم رجال الشيعة الأوائل الذين شايعوا علياً (علیه السلام) على الخصوص وقالوا بإمامته وخلافته نصاً ووصية إما جلياً وإما خفياً واعتقدوا إن الإمامة لا تخرج من أولاده وإن خرجت فبظلم من غيرهم أو
ص: 25
بتقية منهم، وبذلك فإن الشيعة قد اطمأنوا بان علياً (علیه السلام) أفضل الخلق بعد الرسول (صلّی الله علیه و آله) وأحقهم بالإمامة ومن خالفهم في ذلك فإنه كان غر ذلك(1) .
وقد ذكر ابن خلدون إن جماعة من الصحابة كانوا يتشيعون لعلي (علیه السلام) ويرون استحقاقه على غیره، ولما عُدل به إلى سواه تأففوا من ذلك وأسفوا، إلا إن القوم لرسوخ قدمهم في الدين وحرصهم على الألفة لم يزيدوا في ذلك على النجوى والتأفف والأسف(2) .
وقد عرف بذلك الأمر مجموعة من كبار صحابة رسول الله (صلّی الله علیه و آله)(3) ولهم في ذلك أراء حتى إن بعضهم جسد رأيه شعراً كقول خزيمة بن ثابت (ذو الشهادتين) صاحب رسول الله (صلّی الله علیه و آله):
إذا نحن بايعنا علياً فحسبنا أبو حسَنٍ مما نخافُ من الفِتنَ وجدناه أولى الناس بالناس انه اطبّ قريش بالكتاب وبالسنن وأن قريشاً لا تشق غباره إذا ما جرى يوماً على الضمر البدن وصيُّ رسول الله من دون أهله وفارسه قد كان في سالف الزمن وأول من صلى من الناس كلهم سوى خيرة النسوان والله ذو المنن(4) وقول أبي الأسود أيضاً:
أحب محمداً حباً شديداً وعباساً وحمزة والوصيا يقول الارذلون بنو قشيرٍ طول الدهر ما تنسى عليا
ص: 26
أحبهم لحب الله حتى اجيئ إذا بعثت على هويا بنو عم النبي و أقربوه أحب الناس كلهم إليّا فإن يكن حبهم رشداً أصبهُ ولست بمخطئٍ إن كان غيّا(1) ولقيس بن سعد:
علي إمامنا وإمام لسوانا أتى به التنزيل يوم قال النبي من كنت مولاه فهذا خطب جليل إنما قاله النبي على الأمة حتم مات فيه قال وقيل(2) وله:
يوم الغدير سوى العيدين لي عيد يوم يُسرّ به السادات والعبيد نال الإمامة فيه المرتضى وله فيها من الله تشريف وتمجيد يقول أحمد خير المرسلين ضحى في مجمع حضرته البيض والسود فالحمد لله حمداً لا انقضاء له له الصنائع والألطاف والجود(3) وغیر ذلك كثیر، ومن الملاحظ أنه كان لكل من هؤلاء دور يتفق عليه وينسجم مع أراء ومناقب علي بن أبي طالب (علیه السلام) في أصول القيادة و الهداية وفلسفته في الحياة الدينية والسلوكية والاجتماعية والسياسية في الإسلام لذلك
ص: 27
يكاد الباحثون ان يجمعوا على أن هؤلاء كانوا النواة التي أثمرت التشيع كونهم تجمعهم صفة واحدة هي الزهد والإيان الصحيح، فلم يشاركوا فيما شارك فيه البعض من الصحابة في الميل إلى الدنيا وشهواتها(1) فقد كان الإمام علي (علیه السلام) يتمتع بولاء روحي وفكري من عدد من كبار صحابة رسول الله (صلی الله علیه و آله) في عهد أبي بكر وعمر بن الخطاب وهذا لا يعني إن التشيع الروحي منفصل عن الجانب السياسي بل انه تعبیر عن إيمان أولئك الصحابة بقيادة الإمام علي (علیه السلام) للدعوة بعد وفاة النبي (صلی الله علیه و آله) فكريا وسياسيا وقد انعكس إيمانهم بالجانب الفكري من هذه القيادة بالولاء الروحي وانعكس إيمانهم بالجانب السياسي منها بمعارضتهم لخلافة غیره وبالاتجاه الذي أدى إلى صرف السلطة عن الإمام إلى غیره(2) .
أصحاب الإمام علي (علیه السلام) ومن أجل رسم صورة واضحة عن صحابة الإمام علي (علیه السلام) في حقبة عصر الرسالة والذين يعدون بحق أوائل حملة هذه التسمية المباركة على وجه الإجمال؛ نذكر هذا الميدان.
ظالم بن عمرو بن سفيان بن عمرو بن حلس بن يعمر بن نفاثة بن عدي بن الدئل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة
ص: 28
اسمه فأشتهر بها مع انه لم يكن ذا بشرة سوداء وليس له ولد اسمه الأسود(1) ، ولد أبو الأسود سنة16قبل الهجرة وهو من أهل اليمن، وقد كان الإمام علي بن أبي طالب (علیه السلام) في اليمن في عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله) فصحبه أبو الأسود وآزره منذ نعومة أظفاره(2) وظل من أصفياء أمیر المؤمنین والإمامین الحسن والحسن (علیه السلام) من بعده(3) .
ويقول الجاحظ في أبي الأسود انه كان معدودا في طبقات من الناس وهو في كلها مقدم مأثور عنه في جميعها الفضل وكان معدوداً من الفقهاء والشعراء والقراء والمحدثین والأشراف والفرسان والأمراء والدهاة والنحويین و الحاضري الجواب... الخ(4) ، وقد جمع أبو الأسود سداد الرأي وعظم العقل وجودة اللسان و طلاقته(5) ، وخلَّفَ أبو الأسود من الأولاد عطاءً وحرباً وقيل (أبو حرب) وبنتین(6) . وتوفي في الطاعون الذي أصاب البصرة سنة 69ه وهو ابن خمس وثمانین سنة(7) .
ص: 29
خالد بن زيد بن كليب ثعلبة بن عبد عوف بن غنم بن مالك بن النجار، ومعروف باسمه وكنيته، وأمه هند بنت سعيد بن عمرو من بني الحارث بن الخزرج(1) ، وهو الذي خصه النبي (صلی الله علیه و آله) بالنزول في بني النجار حین قدم المدينة حتى بني مسكنه ومسجده(2) وقد شهد العقبة وبدراً وأحد والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله (صلی الله علیه و آله)(3) . وبعد وفاة الرسول (صلی الله علیه و آله) كان من السابقين إلى موالاة أمیر المؤمنین علي بن أبي طالب (علیه السلام) الثابتین معه(4) ، وكان شجاعاً صابراً فارساً محباً للجهاد في سبيل الله عاش إلى أيام بني أمية وقد انتقل من المدينة إلى الشام(5) واختلف في سنة وفاته فقيل انه توفي سنة51ه وقيل52ه وقيل55ه إلا أن المؤكد فقط هو مكان وفاته إذ توفي ودفن في القسطنطينية(6) .
ص: 30
اختلف المؤرخون في اسمه اختلافاً كبیراً فذكر البعض أن اسمه بُرير بن جنادة(1) وقيل أن اسمه بُرير بن عبد الله(2) وقيل برير بن جندب(3) وذهب اغلبهم إلى انه جندب بن جنادة بن سفيان بن عُبيد بن عرام بن غفار مليل بن حمزة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة بن مدركة الغفاري(4) .
من أعلام الصحابة وزهّادهم والمهاجرين، اسلم قديماً بمكة ويقال كان خامساً في الإسلام، زاهداً صادقاً، أول من حيّا الرسول (صلی الله علیه و آله) بتحية الإسلام وأول من لقُبّ بالشيعي على عهد النبي (صلی الله علیه و آله)(5) وكان أبو ذر يوازي ابن مسعود في العلم والفضل لا تأخذه في الله لومة لائم، قال فيه النبي (صلی الله علیه و آله): ((ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء أصدق لهجة من أبي ذر))(6) ، لم يشهد بدراً ولا أحد ولا الخندق
ص: 31
لأنه حین اسلم رجع إلى قومه (بني غفار) وأقام فيهم حتى مضت هذه المشاهد ثم قدم المدينة على رسول الله (صلی الله علیه و آله)(1) .
توفي أبو ذر سنة32ه وتحقق ما وعده إياه النبي (صلی الله علیه و آله) بقوله: (يرحم الله أبا ذر يعيش وحده ويموت وحده) إذ توفي في الربذة، ولم يكن معه إلا ابنته(2) .
هو مولى رسول الله (صلی الله علیه و آله) وقد اختلف المؤرخون في اسمه فقيل اسمه إبراهيم وقيل أسلم(3) كان عبداً للعباس بن عبد المطلب فوهبه النبي (صلی الله علیه و آله) فلما بُشرّ الرسول (صلی الله علیه و آله) بإسلام العباس أعتقه(4) .
شهد مع النبي (صلی الله علیه و آله) أحد والخندق وما بعدهما(5) وكان أيام خلافة الإمام علي (علیه السلام) خازن بيت المال بالكوفة(6) ، وكذلك عمل ولداه عبيد الله وعلي كتّاباً
ص: 32
لأمیر المؤمنین علي (علیه السلام)(1) . توفي سنة40ه(2) .
سعد بن مالك بن سنان بن ثعلبة بن عبيد بن الأبحر وهو خدرة بن عوف بن الحارث بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج الأنصاري الخدري وأمه أنيسة بنت أبي حارثة من بني عدي بن النجار(3) ، صاحب رسول الله (صلی الله علیه و آله) ومن فضلاء أهل المدينة(4) شهد أبو سعيد الخندق وما بعدها وشهد بيعة الرضوان(5) ومن السابقين في مصاحبة الإمام (علیه السلام)(6) ، توفي سنة74ه ودفن بالبقيع(7) .
بدراً(1) شهد أحد والحديبية(2) ، أصيبت إحدى عينيه بطعنة في معركة أحد(3) وكان احد شجعان جيش النبي (صلی الله علیه و آله) وكذلك صحب أمر المؤمنین علياً (علیه السلام) وعمل له عاملاً على المدينة(4) ، واختلف في سنة وفاته قيل انه مات في خلافة الإمام (علیه السلام) بالكوفة وصى عليه الإمام علي (علیه السلام) وقيل بل توفي سنة أربع وخمسین للهجرة(5) .
عقبة بن عمرو بن ثعلبة بن أسیرة بن عسیرة بن عطية بن خدارة بن عوف بن الحارث الخزرجي الأنصاري، مشهور بكنيته(6) . أمه سلمى بنت عوف بن عبد الله بن خالد بن قضاعة الأنصاري(7) . لم يشهد بدراً وإنما قيل له البدري لأنه من أهل ماء بدر، سكن الكوفة(8) شهد العقبة الثانية وكان أحدث من شهدها سنّاً وشهد أحداً وما بعدها من المشاهد(9) . قيل انه توفي سنة40ه وقيل قبلها(10) .
ص: 34
مالك بن التيهان بن عُتيك بن عمرو بن عبد الأعلم بن عامر بن زعوراء بن جشم بن الحارث بن عمر بن مالك بن الأوسي(1) كان يكره الأصنام في الجاهلية ويقول بالتوحيد، وكان أول من اسلم من الأنصار الذين لقوا رسول الله (صلی الله علیه و آله) بمكة(2) ، شهد بيعة العقبة الأولى والثانية وكان احد النقباء ليلة العقبة(3) وشهد بدراً وأحد والمشاهد كلها(4) . وقد اختلف في سنة وفاته فقيل مات سنة20ه وقيل21ه وقيل بل استشهد بصفین سنة37ه مع الإمام علي (علیه السلام)(5) .
الأحنف من عقلاء العرب حتى انه كان يضرب بحلمه المثل(1) . أدرك الأحنف زمان النبي (صلی الله علیه و آله) ولم يلقه(2) وكان الأحنف صديقاً لمصعب ابن الزبیر(3) وقد وفد عليه الكوفة ومصعب يومئذ والٍ عليها فتوفي بالكوفة سنة67ه، فصلى عليه مصعب ومشى في جنازته بغیر رداء(4) .
فتحها14ه/ 637م، وكان شجاعاً فارساً محباً للجهاد حتى انه كان يقول: (لا عيش إلا في طراد الخيل للخيل)(1) . توفي سنة62ه وقيل63ه(2) .
ثابت بن قيس بن ثابت بن الخطيم بن عدي بن عمرو بن سواد بن ظفر الأنصاري الظفري(3) أبوه قيس بن ثابت احد شعراء العرب الأعلام مات على كفره قبل قدوم النبي (صلی الله علیه و آله) المدينة(4) ولثابت بن قيس صحبة ودين، شهد مع النبي (صلی الله علیه و آله) أحد وما بعدها وأصابته في أحد اثنتي عشرة جراحة، وسماه الرسول (صلی الله علیه و آله) حاسر وجعل يقول: يا حاسر أقبل، يا حاسر أدبر(5) ، كان ثابت أحد صحابة الإمام علي (علیه السلام) الذين ابلوا معه بلاءً حسناً في جميع المواقف، استعمله الإمام علي (علیه السلام) على المدائن، كان له ثلاثة بنین هم عمر ومحمد ويزيد قتلوا جميعاً يوم الحرة سنة63ه(6) إما أبوهم فكان قد توفي في خلافة معاوية(7) .
ص: 38
جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري المدني الخزرجي(1) صاحب رسول الله (صلی الله علیه و آله) وهو آخر من توفى من صحابة الرسول (صلی الله علیه و آله)(2) شهد العقبتین مع أبيه(3) وشهد بدراً وما بعدها(4) وعُدّ من أصحاب الإمام علي (علیه السلام) والإمام الحسن (علیه السلام) والإمام الحسن (علیه السلام) والإمام السجاد (علیه السلام) والإمام الباقر (علیه السلام)(5) . وهو أول من زار قبر الإمام الحسن (علیه السلام)وشهد كربلاء في اليوم الأربعین لاستشهادهم(6) . توفي جابر في المدينة بعد أن عُمي سنة78ه وكان له يوم مات أربع وتسعون سنة(7) .
جارية بن قدامة بن مالك بن زهیر بن حصن بن رزاح بن سعد بن بجیر ابن ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم التميمي السعدي(8) وكنيته أبو
ص: 39
أيوب(1) له صحبة(2) ، وكذلك كان من أصحاب الإمام علي (علیه السلام)(3) شجاعاً مقداماً بطلاً فصيحاً مطاعاً(4) سكن البصرة ولقب بالمحرق لأنه احرق ابن الحضرمي(5) بالبصرة(6) ، توفي في ولاية يزيد بن معاوية(7) .
جعدة بن هبيرة بن أبي عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم القرشي المخزومي(8) وهو ابن أخت أمیر المؤمنین علي (علیه السلام) أم هاني بنت أبي طالب(9) . اختلف في صحبته، فقيل انه ولد على عهد النبي (صلی الله علیه و آله) وليست له صحبة بل هو تابعي، وقيل بل هو من الصحابة وقيل أدرك رسول الله (صلی الله علیه و آله) وأسلم يوم الفتح مع أم هاني بنت أبي طالب وهرب أبوه هبیرة بن أبي وهب ذلك اليوم هو وعبد
ص: 40
الله بن الزبعرى(1) إلى نجران فأقام بها حتى مات كافراً(2) .
وكان جعدة فارساً شجاعاً فقيهاً(3) ولّاه الإمام علي (علیه السلام) خراسان(4) وهو القائل مفتخراً لنسبه لأمه وأبيه(5) :
أبي من مخزوم إن كنت سائلاً ومن هاشم أمي لخیرُ قبيلِ فمن الذي يباهي عليَّ بخاله كخالي علي ذي الندى وعقيل توفي في المدينة في زمن معاوية(6) .
كان من خاصة أصحاب أمیر المؤمنن علي (علیه السلام)(1) وهو قاتل الساحر في الكوفة في أيام عثمان عند إمارة الوليد بن عقبة(2) . استشهد جُندب بصفین مع الإمام علي (علیه السلام)(3) .
الحارث بن عبد الله أبو زهیر الهمداني الخارقي الأعور من أهل الكوفة(1) كان من أصحاب الإمام علي (علیه السلام) والإمام الحسن (علیه السلام)(2) ومن كبار علماء وفقهاء التابعین(3) وإليه ينسب الخطاب الذي يقول فيه الإمام:
يا حارِ همذان من يمت يُرني من مؤمن أو منافق قيلا(4) توفي الحارث سنة65ه في الكوفة(5) .
حبيب بن مظاهر الاسدي(1) صحابي جليل(2) ومن خیرة صحابة الإمام علي (علیه السلام) والإمام الحسن (علیه السلام) والإمام الحسین (علیه السلام)(3) لقب ب (سيد القراء)(4) وكان من الشخصيات البارزة في مجتمع الكوفة(5) وهو أحد زعماء الكوفة الذين كتبوا إلى الإمام الحسین وأخلصوا له(6) .
استشهد حبيب مع الإمام الحسين (علیه السلام) بكربلاء(7) .
كان أميراً شريفاً ذا علم وحلم وشجاعة وكرم وفصاحة(1) .
له ابنان قتلهما مصعب بن الزبیر(2) . قتله معاوية بن أبي سفيان في مرج عذراء(3) وقد اختلف في ستة قتله فقيل في سنة إحدى وخمسین وقيل سنة ثلاث وخمسین(4) .
حذيفة بن اليمان واسم اليمان هو حُسيل بن جابر بن عمرو بن ربيعة بن جردة بن حرث بن مازن بن قطيعة العبسي القطعي من بني عبس، هو حليف بني عبد الأشهل، من الأنصار، وإنما قيل لأبيه حُسيل اليمان لأنه أصاب دماً في قومه فهرب إلى المدينة وحالف بني عبد الأشهل فسماه قومه اليماني لأنه حالف اليمانية وكنيته أبو عبد الله(5) .
وأمه امرأة من الأنصار من بني عبد الأشهل واسمها الرباب بنت كعب ابن عدي بن الأشهل من الأوس(6) وهو من نجاب أصحاب النبي لقّبه (صلی الله علیه و آله) ب
ص: 45
(صاحب السر) شهد أُحد وما بعدها من المشاهد(1) .
كان له من الأولاد سعد وسعيد وصفوان، أما سعد وصفوان فقد استشهدا في صفین إلى جانب الإمام علي (علیه السلام) فقد ذكر المسعودي إن حذيفة قال لولديه سعد وصفوان قبيل موته: كونا مع علي فيكون له حروب كثیرة، فيهلك فيها خلق كثر من الناس، فاجتهدوا إن تستشهدوا معه فإنه والله على الحق ومن خالفه على الباطل(2) وقد التزم ولداه الوصية فاستشهدا بصفین(3) .
توفي حذيفة بالمدائن سنة36ه(4) .
حكيم بن جبلة بن حصن بن كعب بن عامر بن عدي بن الحارث بن الدئل ابن عمرو بن غنم بن وديعة بن كثیر بن افصى بن عبد القيس بن افصى بن دعمي ابن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عرفان العبدي البصري(5) .
كان من سادات عبد القيس وزهادها ونسّاكها(6) عابداً شريفاً مطاعاً شجاعاً مشهوراً بولائه ونصحه(7) ومن خيار أصحاب الإمام علي (علیه السلام) استشهد إلى جانب جند أمیر المؤمنین في الجمل(8) .
ص: 46
خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن مناف بن قصي القرشي الأموي وكنيته أبو سعيد وأمه أم خالد بنت حباب بن عبد ياليل بن ناشب بن غیرة في ثقيف(1) صحابي من المسلمين الأوائل المهاجرين(2) ، وهو ممن هاجر إلى الحبشة ومعه امرأته أميمة بنت خالد الخزاعية وولد له هناك ابنه سعيد وابنته أم خالد وأسمها (أمة) وقدم على النبي (صلی الله علیه و آله) بخيبر مع جعفر الطيار وشهد مع النبي (صلی الله علیه و آله) فتح مكة وحنین والطائف وتبوك، وبعثه الرسول (صلی الله علیه و آله) على صدقات تدجيج وصنعاء(3) فتوفي النبي (صلی الله علیه و آله) وهو عليها، فلما تولى أبو بكر ترك خالد عمله متعللاً بعدم قبول عمل لأحد بعد الرسول (صلی الله علیه و آله) وكان خالد من الموالین لعلي بن أبي طالب (علیه السلام) حتى انه خاطب بعض بني هاشم بعد أن رفض مبايعة أبي بكر بقوله: (أنكم طوال الشجر طيبوا الثمر وأنا لكم تابع)(4) .
خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة بن عامر بن غيان بن عامر بن خطمة واسم (خطمة) عبد الله بن جشم بن مالك بن الأوس(5) أمه كُبشة
ص: 47
بن اوس بن عدي بن أمية ابن عامر بن خطمة(1) وهو يعرف بذي الشهادتين، فقد جعل رسول الله (صلی الله علیه و آله) شهادته بشهادة رجلین، ويكنى أبا عمارة(2) ، وهو من كبار الصحابة، شهد مع رسول الله (صلی الله علیه و آله) أحد وما بعدها من المشاهد كان له من الأولاد عمارة وعبد الرحمن وعبد الله(3) .استشهد سنة37ه مع الإمام علي (علیه السلام) ب (صفین)(4) .
زياد بن النضر(1) أبو عمرو ويقال له أبو الادبر ويقال أبو عائشة(2) كان من أصحاب الإمام علي (علیه السلام) الأجلاء ومن أعوانه المخلصین(3) كان ذا وعي عميق ومعرفة كبیرة بشخصية الإمام علي (علیه السلام)(4) أوصاه الإمام علي (علیه السلام) بوصايا فقال: أوصيت يا أمیر المؤمنین حافظاً لوصيتك مؤدباً بأدبك يرى الرشد في نفاذ أمرك والغيّ في تضييع عهدك(5) .
زيد بن صوحان بن حجر بن الحارث بن الهجرس بن صبرة بن حدرجان ابن عباس بن ليث بن حداد بن ظالم بن ذهل بن عجل بن عمرو بن وديعة ابن افصى بن عبد القيس بن افصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار(6) يكنى أبا سلمان ويقال: أبا عائشة(7) أدرك النبي (صلی الله علی و آله) وصحبه وهو اخو صعصعة بن صوحان(8) من خواص الإمام علي (علیه السلام) وممن اوتي لساناً وبياناً ومن
ص: 49
الصلحاء الأتقياء(1) كان فاضلاً ديناً سيداً في قومه(2) استشهد يوم الجمل مع الإمام علي (علیه السلام)(3) .
سعد بن مسعود الثقفي عم المختار ابن أبي عبيد الثقفي(4) له صحبة(5) ولّاه أمیر المؤمنین بعض عمله ثم استصحبه معه إلى صفین(6) وقيل ان الإمام علياً (علیه السلام) حین تحرك إلى صفین ولى سعد بن مسعود الثقفي على المدائن(7) .
كان سعدٌ من امراء الأسباع من أهل الكوفة(8) والذي لجأ إليه الإمام الحسن (علیه السلام) يوم ساباط(9) (10) .
أثنى عليه الإمام علي (علیه السلام) في رسالة له ووصفه بالتقوى والنجابة ودعا له في رسالة يقول فيها: (أما بعد فقد وفرت على المسلمين فيئهم وأطعت ربك
ص: 50
ونصحت إمامك وفعلت فعل العفيف فقد حمدت أمرك ورضيت هديك، وأبنت رشدك، غفر الله لك والسلام)(1) .
سعيد بن قيس بن زيد الأرحبي الهمذاني، فارس من الأجواد من سلالة ملوك همذان(2) . كان من خواص صحابة أمیر المؤمنین (علیه السلام)(3) ومن خيار التابعين ورؤسائهم وزهادهم(4) . توفي سنة50ه(5) .
سلمان الفارسي يكنّى أبا عبد الله مولى رسول الله (صلی الله علیه و آله) أصله من (رامهرمز) من فارس، تنقلت به الأحوال إلى أن صار الرجل من يهود المدينة، فلما هاجر الرسول (صلی الله علیه و آله) إلى المدينة اسلم سلمان وكاتب الرسول سيده اليهودي وأعلنه الرسول (صلی الله علیه و آله) على اداء ما عليه فنسب إليه(6) .
وقيل إن أصله ليس من رامهرمز وإنما من قرية يقال لها: جي من أصفهان، سافر بطلب الدين فدان أولاً بدين النصرانية، ويقال انه تداوله اثنا عشر ربّاً حتى
ص: 51
وصل إلى الرسول (صلی الله علیه و آله)، وهو من المعمرين(1) كان من الزاهدين الأخيار فقرّبه الرسول منه وأدناه إليه حتى قال فيه: (سلمان منا أهل البيت)(2) .
كان سلمان من عُشاق علي (علیه السلام) وأهل بيته، عارفاً بحقهم مضحياً في سبيلهم قريباً منهم(3) .
وقد كان تلميذاً نجيباً للرسول الأكرم صلی الله علیه و آله والإمام علي (علیه السلام) تنوّر بعلمهم حتى أعجب بعلمه أمیر المؤمنین فقال: سلمان علم العلم الأول والآخر وقرأ الكتاب الأول والآخر وكان بحراً لا ينضب(4) .
وقد دأب سلمان على الأكل من كديده فقد كان يعمل بنسج الخوص وكان يقول: أشتري خوصاً بدرهم فأنسجه بيدي فأبيعه بثلاثة دراهم أشتري بدرهم خوصاً وأنفق درهماً على عيالي وأتصدق بدرهم، ولو أن عمر بن الخطاب نهاني عن ذلك ما انتهيت(5) . اذ كان عمر ولّاه المدائن و لم يترك عمله بالخوص وهو على ولايتها(6) .
عاش سلمان قرابة مائتان وخمسین عاماً واختلف في وفاته فقيل في خلافة عمر وقيل في خلافة عثمان(7) .
سليمان بن صرد بن الجون بن أبي الجون وهو عبد العزى بن منقذ بن ربيعة ابن احرم بن خبيس بن حبيشة بن كعب بن عمرو وكنيته أبو مطرف، اسلم
ص: 52
وصحب النبي (صلی الله علیه و آله) وكان اسمه يسار فلما اسلم سماه الرسول (صلی الله علیه و آله) سلمان كان من أشراف قومه، تحول سلمان إلى الكوفة حین نزلها المسلمون(1) .
له رواية(2) وحديثه مُحتج به من المحدثین، نقله من رسول الله (صلی الله علیه و آله) بلا واسطة(3) اجمع المؤرخون على شرف ومنزلة سليمان في قومه وأثنوا عليه بالفضل والدين والعبادة(4) .
صحب سليمان الأئمة علياً والحسن والحسین (علیه السلام)وعُدّ من كبار الشيعة(5) ، توفي سنة65ه(6) .
سليم بن قيس بن قهد واسم قهد خالد بن قيس بن ثعلبة بن غنم وأمه أم سليم بنت خالد بن طعمة بن سحيم بن الأسود من بني مالك بن النجار
ص: 53
شهد بدراً وأحد والمشاهد كلها مع رسول الله (صلی الله علیه و آله)(1) وكنيته سليم أبا صادق، عُدّ من أفاضل المحدثین وعلمائهم وعظمائهم، صحب الإمام علياً والحسین وزين العابدين والباقر (علیه السلام)(2) . توفي في خلافة عثمان وليس له عقب(3) .
سهل بن حنيف بن واهب بن واهب بن عكيم بن ثعلبة بن الحارث بن مجدعة بن عمرو بن خنساء بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس(4) .
الأنصاري اخو الصحابي عثمان بن حنيف(5) شهد حروب النبي (صلی الله علیه و آله) جميعها وكان من الثابتین حین فرّ الناس في احد(6) قيل إن النبي (صلی الله علیه و آله) آخى بین سهل وعلي عند الهجرة(7) وأمره الرسول (صلی الله علیه و آله) أن يكسر الأصنام فصار يكسرها ويوقد النار عليها(8) ، كان الإمام علي (علیه السلام) يثق به ويستعين به في أمره(9) . توفي سهل بن حنيف بالكوفة سنة39ه(10) .
ص: 54
سيحان بن صوحان بن حجر العبدي من بني عبد القيس، اخو صعصعة وزيد ابني صوحان(1) ، وهو من صحابة الإمام علي (علیه السلام) المقربین(2) .
شريح بن هانئ بن يزيد بن الحارث بن كعب وقيل شريح بن هانئ بن يزيد بن نهيك بن دريد بن سفيان، ادرك النبي (صلی الله علیه و آله) وبه كنى النبي (صلی الله علیه و آله) أباه أبا شريح، وكان شريح يكنى أبا المقدام(3) ، من خطباء الكوفة ومن خواص أمیر المؤمنین علي (علیه السلام)(4) ومشاهير التابعین(5) .
عُدّ من المعمرين اذ عاش قرابة مائة وعشرين عاماً وتوفي سنة78ه(6) .
صعصعة بن صوحان بن حجر بن الحارث بن الهجرس بن صبرة بن حدرجان بن عساس بن ليث بن حداد بن ظالم بن ذهل بن عجل بن عمرو بن
ص: 55
وديعة بن افطر بن عبد القيس من ربيعة، وكنيته أبو طلحة، من أصحاب أمیر المؤمنین علي بن أبي طالب (علیه السلام)(1) وهو احد فصحاء العرب وكان ثقة، شريفاً مطاعاً أمیراً(2) من سادات عبد القيس من أهل الكوفة(3) توفي في خلافة معاوية ابن أبي سفيان(4) .
عامر بن واثلة بن عبد الله بن عمیر بن جابر بن حميس بن جزء بن سعد ابن ليث بن كلدة بن حنبل الكناني القرشي(5) يكنى أبا الطفيل ولد سنة ثلاث للهجرة(6) رأى النبي (صلی الله علیه و آله) في حجة الوداع(7) وروى عنه(8) كان من صحابة الإمام علي (علیه السلام) وأتباعه المقربین(9) توفي سنة مائة للهجرة(10) .
عبد الله بن بديل بن ورقاء بن عبد العزى بن مازن بن عدي بن عمرو
ص: 56
ابن ربيعة بن حارثة، اسلم مع أبيه عند الفتح وشهد حنيف والطائف وتبوك(1) ، صحابي من الدهاة الفصحاء(2) .
انتهت إليه السيادة في خزاعة وكان صاحب قدر وجلالة(3) أرسله النبي (صلی الله علیه و آله) مع أخويه عبد الرحمن ومحمد إلى اليمن ليفقهوا أهلها ويعلموهم الدين(4) وعبد الله من صحابة الإمام علي (علیه السلام) المقربین توفي سنة37ه(5) .
صحبة ورواية(1) بايع رسول الله (صلی الله علیه و آله) وعمره سبع سنين(2) تكفله النبي (صلی الله علیه و آله) بعد استشهاد والده (الطيار) في مؤتة(3) ، صحب عمه علياً (علیه السلام) منذ صغره وآزره وتزوج ابنته زينب بنت علي (علییه السلام)(4) ، توفي بالمدينة سنة80ه(5) .
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف أبو العباس المكي وكنيته أبو عباس، ابن عم رسول الله (صلی الله علیه و آله) ولد بمكة قبل الهجرة بثاث سنين(6) .
وأمه لبابة بنت الحارث بن حزن الهلالية وهو بن خالة خالد بن الوليد(7) صحابي فقيه دعا له الرسول (صلی الله علیه و آله) بالفهم في القرآن الكريم، فكان يسمى حبر الأمة وبحر العلم لكثرة علمه(8) . كما لقب بفقيه العصر وإمام التفسیر(9) وترجمان القرآن(10) جاء عن الرسول (صلی الله علیه و آله) انه قال: (لكل شيء فارس وفارس القرآن عبد الله بن عباس)(11) .
ص: 58
كان من أتباع الإمام علي (علیه السلام) وصحابته وثقاته وعماله المخلصین وكذلك صحب بعده الحسن والحسین (علیه السلام) وأخلص لهما(1) . توفي سنة68ه(2) .
عبد الله بن مسعود بن غافل بن شمتاح بن فأر بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن نعيم بن سعد بن هذيل بن مدركة واسم مدركة عمرو ابن الياس بن مضر، ويكنى أبا عبد الرحمن، وأم عبد الله بن مسعود أم عبد بنت ود بن سوداء بن قريم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث(3) ، صحابي شهد بدراً والمنازع كلها وهاجر الهجرتین وشهد له رسول (صلی الله علیه و آله) بالجنة(4) وكان من صحابة أمیر المؤمنین (علیه السلام) المقربین(5) . توفي سنة33ه(6) .
عبد الرحمن بن حسان بن ثابت الأنصاري (الشاعر) بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار وكنيته أبو محمد ويقال أبو سعيد(1) أدرك النبي (صلی الله علیه و آله) وهو ابن خالة إبراهيم ابن النبي (صلی الله علیه و آله) فأمه هي سیرين أخت مارية القبطية زوج الرسول (صلی الله علیه و آله)(2) ، وهو من صحابة الإمام علي (علیه السلام) الأبطال، توفي سنة104ه(3) .
عبيد الله بن عباس:
عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف الهاشمي(1) ، وكنيته أبو محمد(2) أدرك النبي (صلی الله علیه و آله) وهو ابن عمه وأخو حبر الأمة عبد الله بن عباس(3) احد صحابة الإمام علي (علیه السلام) وثقاته وولاته على الأمصار، حيث ولاه اليمن(4) كان جواداً سخياً له عبيد كثیرون(5) ، عُمي آخر عمره وتوفي بالمدينة سنة67ه(6) .
عثمان بن حنيف بن واهب بن عكيم بن ثعلبة بن الحارث بن مجدعة بن عمرو بن حنش بن عوف بن عمرو بن عوف الأنصاري الأوسي القباني(1) .
وكنيته أبو عمرو(2) صحابي شهد بدراً(3) وأحد صحابة الإمام علي بن أبي طالب (علیه السلام) الأوائل(4) توفي أيام معاوية بن أبي سفيان(5) .
عدي بن حاتم بن عبد الله بن الحشرج بن امرئ القيس بن علي بن اخزم ابن ربيعة بن جرول بن ثعل بن عمرو الغوث بن طي وكنيته أبو ظريف(6) ، كان عدي شجاعاً كريماً فصيحاً زعيماً لقومه في الجاهلية والإسلام(7) وكان كوالده حاتم الطائي يضرب المثل بجوده وشرفه في قومه(8) كان عدي قبل إسلامه نصرانياً اسلم
ص: 62
سنة تسع للهجرة وصحب الرسول (صلی الله علیه و آله)(1) كما صاحب الإمام علي (علیه السلام) وكان مخلصاً له(2) . توفي وله مئة وعشرون سنة من العمر سنة66ه(3) وقيل68ه(4) .
علقمة بن قيس بن عبد الله بم مالك بن سامان بن كهل بن بكر بن عوف بن النخع وكنيته أبو شبل(5) أدرك النبي (صلی الله علیه و آله)(6) وكان فقيهاً جميل الصوت في تلاوة القرآن وكان الناس يستفتونه، صحب علياً (علیه السلام) ولازمه(7) وطلب العلم من أكابر الصحابة ولزم علماءهم(8) .توفي سنة62ه(9) .
علي بن أبي رافع مولى النبي (صلی الله علیه و آله) ولد في عهد النبي (صلی الله علیه و آله) وسماه النبي (صلی الله علیه و آله)
ص: 63
علياً(1) تابعي(2) من شيعة علي (علیه السلام)(3) صحب الإمام علياً وعمل (علیه السلام) كاتباً له(4) .
هو عمار بن ياسر بن كنانة بن قيس بن الحصن بن ثور بن ثعلبة بن حارثةابن عامر ابن رام بن عنبس وعنبس هو زيد بن مالك بن أود بن يشمس بن عريب بن زيد بن كهلان ابن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان(5) وكنيته أبو اليقظان(6) كان من الثابتین على الإيمان الصابرين على المذلة والحرمان(7) من صحابة رسول الله (صلی الله علیه و آله) قدياً في الإسلام، شهد بدراً والمشاهد بعدها، وأمه سمية أول شهيدة في الإسلام، أثنى عليه الرسول (صلی الله علیه و آله) كثیراً وحثه ووالديه على الصبر وبشرهم بالجنة(8) كان من صحابة علي (علیه السلام) المقربین إليه والمتفانین لأجله
ص: 64
الباذلین أنفسهم دفاعاً عنه، صحبه منذ أيام الرسول (صلی الله علیه و آله) عاش ثلاثاً وتسعين سنة واستشهد مع الإمام علي (علیه السلام) في صفین سنة37ه(1) .
عمرو بن الحمق بن الكاهل ويقال بن الكاهل بن حبيب بن عمرو بن القین ابن رزاح بن عمرو بن سعد بن كعب الخزاعي، هاجر إلى رسول الله (علیه السلام) بعد الحديبية وقيل في حجة الوداع، والرأي الأول اصح، صحب النبي (صلی الله علیه و آله) وروي عنه(2) من صحابة الإمام علي (علیه السلام) ورجاله المخلصین، شهد له الإمام الحسین (علیه السلام) بذلك(3) استشهد سنة50ه(4) .
أحد(1) عُدّ من صحابة الإمام علي (علیه السلام) ومؤازريه(2) استشهد في صفین(3) .
علي بن أبي طالب (علیه السلام)(1) استشهد يوم اليرموك في الشام في عهد عمر بن الخطاب وهو ابن اثنتین وعشرين سنة(2) .
قثم بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف (ابن عم رسول الله (صلی الله علیه و آله))(3) وأخوه عبد الله(4) وأمه لبابة بنت الحارث(5) وقثم من أصحاب رسول الله (صلی الله علیه و آله)(6) وأصحاب الإمام علي (علیه السلام) وعماله الأبرار(7) فضلاً عن أنه أخو الإمام الحسین بن علي (علیه السلام) من الرضاعة(8) وقتل بسمرقند عام52ه(9) .
وكان قرضة فقيها من فقهاء صحابة الرسول (صلی الله علیه و آله)(1) وكذلك كان من رجال الإمام علي (علیه السلام) وأتباعه النجباء(2) . توفي في خلافة الإمام علي (علیه السلام)(3) .
قيس بن سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة الأنصاري الخزرجي(4) وكنيته أبو عبد الملك وقيل أبو عبد الله(5) وأمه فكيهة بنت عُبيد بن دليم(6) من أنصار وصحابة رسول الله (صلی الله علیه و آله) الخاصین(7) . فضلاً عن كونه صاحب لواء الرسول في بعض غزواته(8) .
صحب علياً ورحل معه إلى الكوفة وأخلص له ثم تبع الإمام الحسن (علیه السلام) بعد استشهاد الإمام علي (علیه السلام) حتى صالح الإمام الحسن (علیه السلام) معاوية فعاد قيس إلى المدينة(9) كان سيداً جواداً من ذوي الرأي والدهاء مات في أواخر خلافة معاوية
ص: 68
سنة60ه بالمدينة(1) .
ثقات التابعین(1) ومن خیرة أصحاب الإمام علي ومؤازريه، حتى إن علياً قال عنه كان لي كما كنت لرسول الله (صلی الله علیه و آله)(2) فقد كان من المؤمنین بإمامة علي (علیه السلام) والمدافعین عن حقه فيها(3) .
استشهد مالك الاشتر بسثمّ دسّ إليه وهو في طريقه لتقلد ولاية مصر سنة37ه حيث شعر من دسّ السمّ إليه بأن خططه ستخيب في حال تقلد ولاية مصر وفرض سيطرته عليها(4) .
محمد بن أبي بكر واسم أبي بكر (عبد الله بن عثمان) بن أبي قحافة القرشي(1) ولد في حجة الوداع ولم يكن له صحبة للرسول (صلی الله علیه و آله)(2) وأمه أسماء بنت عميس الخثعمية(3) كانت زوجة جعفر الطيار وهاجرت معه إلى الحبشة وبعد استشهاد جعفر تزوجها أبو بكر وبعد موته تزوجها الإمام علي وضم إليها أبناءها فنشأ محمد في حجر الإمام علي (علیه السلام) إلى جوار الحسن، حتى إن علياً كان يقول: محمد ابني من صلب أبي بكر(4) وعدّ محمد بن أبي بكر من أصفياء أصحاب الإمام وخواصهم(5) ، قتل في خلافة الإمام علي (علیه السلام) سنة38ه بمصر وكان عاملاً له:
فقال الإمام علي (علیه السلام) حین بلغه مقتل محمد بن أبي بكر: (إن حزننا عليه عى قدر بقتله إلا أنهم نقصوا بغيضاً ونقصنا حبيباً)(6) .
محمد بن حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي وكنيته أبو القاسم، ولد بأرض الحبشة على عهد الرسول (صلی الله علیه و آله)(7) وأمه سهلة بنت
ص: 71
سهيل بن عمرو العاص من صحابة الإمام علي (علیه السلام) وعماله(1) قتله شيعة عثمان بمصر سنة38ه(2) .
وأبطالهم(1) ، من صحابة الإمام الحسن (علیه السلام)(2) ، توفي سنة43ه(3) .
المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة بن ثمامة بن مطرود بن عمرو ابن سعد بن دهیر بن لؤي بن ثعلبة بن مالك بن الشريد بن دريم بن القين بن أهود بن بهراء بن عمرو بن اكاف بن قضاعة وكنيته أبو معبد، حالف الأسود ابن عبد يغوث الزهري في الجاهلية فتبناه فكان يقال له المقداد بن الأسود فلما اسلم ونزل قوله «ادْعُوهُمْ لِبَائِهِمْ»(4) ، قيل المقداد بن عمرو(5) . هاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية(6) وهو اول من أعلن إسلامه بمكة، شهد المواقع كلها مع رسول الله (صلی الله علیه و آله) مدحه النبي (صلی الله علیه و آله) بقوله: (إن الله أمرني بحب أربعة وأخبرني انه يحبهم، قيل يا رسول الله سمهم، قال: علي وأبو ذر والمقداد وسلمان)(7) ، وكان المقداد من شيعة علي (علیه السلام) الأوائل وكان شجاعاً باسلاً(8) توفي سنة33ه(9) .
ص: 73
ميثم بن يحيى التمار الكوفي الاسدي بالولاء مولى أمیر المؤمنین علي (علیه السلام)(1) كان ميثم أعجميا عبداً لامرأة من بني أسد فاشتراه الإمام علي (علیه السلام) منها وأعتقه، وقال له: ما أسمك؟ قال: سالم، قال اخبرني رسول الله (صلی الله علیه و آله) إن اسمك الذي سماك به أبوك في العجم ميثم، قال صدق رسول الله وأمیر المؤمنین، قال فارجع إلى اسمك الذي سماك به أبواك ودع سالم، فرجع إلى ميثم وكُنّي أبو سالم(2) وصحب أمیر المؤمنین وكان أثیراً عنده(3) وكان يعمل ببيع التمر وكان الإمام علي (علیه السلام) يجلس إليه إذا خرج من جامع الكوفة وكان يبيع له التمر إذا غاب ميثم(4) . قطع عبيد الله بن زياد يديه ورجليه ثم أمر بقطع لسانه وقتله وذلك سنة60ه(5) .
نعيم بن دجاجة بن شداد بن حذيفة بن بكر بن قيس بن منقذ بن طريف ابن عمرو بن الحارث بن ثعلبة بن أسد بن دودان الأسدي ويقال له نعيم بن خارجة(6) ، كوفي من أصحاب الإمام علي (علیه السلام).
ص: 74
ص: 76
ص: 77
ص: 78
يعد الدور السياسي من صميم رسالة أصحاب أمیر المؤمنین الإمام علي (علیه السلام) سيّما وأن مصاحبتهم له (علیه السلام) كانت تعبیراً عن رأي سياسي وديني وفكري في الوقت نفسه، وكذلك فإنهم عبروا عن ذلك الدور بمختلف المراحل السياسية التي مرت بها الامة الإسلامية أبان الحقبة (موضوع البحث) والتي سيأتي ذكرها، وكذلك الجانب العسكري اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار ان الجانب العسكري هو جزء من الجانب السياسي أو نتيجة له لكون الاحداث العسكرية في مجملها هي تطورات لأحداث سياسية تعذر الوصول إلى حلول سلميّة لها، اذ اصبح السلاح حلاً للمعضلة السياسية.
لمّا رجع رسول الله (صلی الله علیه و آله) من حجة الوداع ونزل غدير خم، خطب في قرابة مائة الف من المسلمین فقال: (كأني قد دعيت فأجبت، وإني تركت فيكم الثقلین كتاب الله وعترتي أهل بيتي فأنظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يفترقما حتى يردا عليّ الحوض) ثم قال: (ان الله مولاي وانا مولى كل مؤمن ثم اخذ بيد علي (علیه السلام) فقال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعمادِ من عاداه وأنصر من نصره وأخذل من خذله)(1) . فقال عمر بن الخطاب لعلي بخ بخ لك يابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مسلم(2) ونزل قوله تعالى: (الْيَوْمَ
ص: 79
أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً»(1) ، وما إن توفي الرسول الكريم (صلی الله علیه و آله) حتى جاءت حادثة السقيفة لتشیر ذاتها إلى انها قد نقضت ما جاء في حجة الوداع وخطبة غدير خم، ويفسر ذلك انعقادها (السقيفة) في وقت مبكر بعد وفاة النبي (صلی الله علیه و آله) عند انشغال الإمام علي (علیه السلام) وصحبه بتجهيز النبي وقبل مواراته الثرى، فقد كان سعد بن عبادة يخطب بالناس في سقيفة بني ساعدة متناسياً حجة الوداع وخطبة الرسول (صلی الله علیه و آله) في حین كان المؤمنون منشغلين بتحديد مثوى النبي (صلی الله علیه و آله) وسعد ينشد بفضائل الانصار في السقيفة ويقول: (يا معشر الأنصار إنّ لكم سابقة في الدين وفضيلة في الإسلام ليست لقبيلة من العرب، أن محمداً (صلی الله علیه و آله) لبث بضعة عشر سنة في قومه يدعوهم إلى عبادة الرحمن وخلع الانداد والاوثان فما آمن به من قومه إلا رجال قليل ما كانوا يقدرون على ان يمنعوا رسول الله (صلی الله علیه و آله) ولا يعزوا دينه ولا أن يدفعوا عن انفسهم ضيما عمّوا به حتى اذا اراد بكم فضيلة ساق اليكم الكرامة وخصكم بالنعمة فرزقكم الله الإيمان برسوله والمنع له ولأصحابه والإعزاز له ولدينه والجهاد لأعدائه، فكنتم اشد الناس على عدوه من غيركم حتى استقامت العرب لأمر الله طوعاً وكرهماً واعطى البعيد المقادة صاغراً داخراً حتى اثخن الله تعالى لرسوله (صلی الله علیه و آله) بكم الارض، ودانت بأسيافكم العرب له، فتوفاه الله وهو عنكم راض، بكم قرير العین استبدوا بهذا الأمر دون الناس)، فوصل خبر ذلك إلى أبي بكر وعمر وكانا فيمن كان عند جثمان النبي (صلی الله علیه و آله) فتركوا الناس وانصرفوا إلى سقيفة بني ساعدة برفقة أبي عبيدة(2) .
وأراد عمر ان يتكلم فنهاه أبو بكر وتكلم قائلاً: (نحن المهاجرون أول الناس
ص: 80
اسلاماً وأكرمهم أحساناً وأوسطهم داراً وأحسنهم وجوهاً وأمسّهم برسول الله (صلی الله علیه و آله) رحماً وأنتم إخواننا في الإسلام وشركاؤنا في الدين نصرتم وواسيتم فجزاكم الله خیراً فنحن الامراء وانتم الوزراء)(1) ، وكان بشیر بن سعد ابن عم سعد بن عبادة بينه وبین سعد خلاف ورأى ميل البعض إلى سعد حین قالوا: منا أمیر ومنكم أمیر، ورد سعد قائلاً: هذا اول الوهن(2) ، فخطب بشیر بالناس لصالح قريش وطلب من الانصار التخلي عن دعواهم في الخلافة، فقال: ان محمداً من قريش وقومه أحق به هو أولى فاتقوا الله ولا تخالفوهم ولا تنازعوهم، ثم بايع أبا بكر(3) ثم قام رئيس الأوس أسيد بن حضیر وبايع أبا بكر وتبعه قومه واحداً تلو الآخر وخرجوا من السقيفة قاصدين المسجد يأخذون البيعة من كل من رأوه في طريقهم إلى أن وصلوا المسجد(4) .
وروى الطبرسي وابن كثيرانه بعد أن وارى الإمام علي (علیه السلام) وآل بيته وصحبه جثمان الرسول (صلی الله علیه و آله) الثرى، علم ببيعة المسلمین لأبي بكر وعدم مشاورته فخطب بالناس قائلاً: (أنشد بالله رجلاً سمع رسول الله (صلی الله علیه و آله) يوم غدير خم يقول من كنت مولاه فإن علياً مولاه اللهم وال من والاه وعماد من عاداه وأحب من أحبه وأبغض من أبغضه وأنصر من نصره وأخذل من خذله)، فقام أناس فشهدوا
ص: 81
أنهم سمعوا رسول الله (صلی الله علیه و آله) قد قال ذلك(1) . وذكر اليعقوبي أنه تخلف عن البيعة جماعة من المهاجرين والانصار وبعض صحابة الإمام علي (علیه السلام) وآل بيته كالعباس بن عبد المطلب وابنه الفضل، والزبیر بن العوام، وخالد بن سعيد، والمقداد بن عمرو، وسلمان الفارسي، وأبو ذر الغفاري، وعمار بن ياسر، وغيرهم جماعة(2) .
واشار الطبري ان الانصار قالت: (لا نبايع إلاّ علياً)(3) وهذا يدل على ان بعض الممتنغین عن البيعة هم الهاشميون، أما الطرف الآخر فهم العارفيو بحقه وأهليته للخلافة فقد اتى إليه (علیه السلام) خالد بن سعيد قائلاً: أبسط يدك أبايعك فو الله ما في الناس احد اولى بمقام محمد منك(4) ، أما سلمان الفارسي فحین علم ببيعة الناس لأبي بكر قال: والله لو بايعوا علياً لأكلوا من فوقهم ومن تحت ارجلهم(5) .
ثم خطب الإمام علي (علیه السلام) بالمهاجرين والانصار، قائلاً: (لمّا قبض النبي اشتغلت بغسله وتكفينه والفراغ من شأنه ثم آليت أن لا ارتدي برداء إلا للصلاة حتى أجمع القرآن إذ هو أحق وأولى، ثم أخذت بيد فاطمة وابني الحسن والحسین فدرت أهل بدر وأهل السابقة، فأنشدتهم حقي ودعوتهم إلى نصرتي فما أجابني منهم إلا أربعة رهط أبو ذر وسلمان وعمار والمقداد، ولقد راودت في ذلك أهل بيتي فأبوا عليّ الا السكوت لما علموا وغارة ما في صدور القوم وبغضهم لله ولرسوله ولأهل بيت نبيه فانطلقوا بأجمعكم إلى الرجل فاعرفوه ما سمعتم من رسول الله (صلی الله علیه و آله) ليكون ذلك أوكد للحجة وأبلغ للعقوبة، وأبعد لهم من رسول
ص: 82
الله (صلی الله علیه و آله) يوم القيامة اذا وردوا عليه) فانطلق القوم حتى احدقوا بمنبر رسول الله (صلی الله علیه و آله) وكان يوم الجمعة فلما صعد أبو بكر المنبر قال المهاجرون للأنصار قوموا انتم تكلموا، فقال الانصار للمهاجرين: بل انتم تكلموا فإن الله تعالى أدناكم في كتابه بقوله تعالى: «لَقَد تَّابَ الله عَىَ النَّبِيِّ وَالُمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ»(1) فكان أول من تكلم من المهاجرين خالد بن سعيد بن العاص إذ قام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (يا معشر قريش قد علمتم وعلم خياركم أن رسول الله قال لنا ونحن محيطون به في بني قريضة وقد قتل علي عدة من رجالهم، يا معشر قريش إني موصيكم بوصية فأحفظوها ومودعكم امراً فلا تضيعوه، ألا وإن علياً إمامكم من بعدي وخليفتي فيكم بذلك أوصاني جبرئيل عن ربي إلا وإن لم تحفظوا وصيتي فيه ولم تؤازروه ولم تنصروه اختلفتم في أحكامكم واضطرب عليكم أمر دينكم وولي عليكم شراركم بذلك أخبرني جبرئيل عن ربي، ألا وأن أهل بيتي هم الوارثون لأمري القائمون بأمر أمتي اللهم من أعطاني في أهل بيتي وحفظ فيهم وصيتي فاحشره في زمرتي ومن عصاني في أهل بيتي وضيع فيهم وصيتي فاحرمهم الجنة التي عرضها كعرض السموات والارض)(2) ، فقام إليه عمر بن الخطاب وقال له: أسكت يا خالد فلست من أهل المشورة ولا ممن يعتنى برأيه!، فقال له: بل أسكت يابن الخطاب فإنك والله لتنطق بغیر لسانك وتعتصم بغیر اركانك وإنك لجبان في الحروب لئيم العنصر مالك في قريش من مفخر(3) .
ص: 83
ثم قام سلمان الفارسي وقال: (كرديد ونكرديد) أي فعلتم ولم تفعلوا، وقد كان امتنع عن البيعة قبل ذلك، ثم قال: يا أبا بكر إلى من تسند أمرك إذ نزل بك ما لا تعرفه وإلى من تفزع إذا سئلت عما لا تعلمه وما عندك في تقدمك على من هو اعلم منك وأقرب إلى رسول الله (صلی الله علیه و آله) وأعلم بتأويل كتاب الله عزوجل وسنة نبيه ومن قدّمه النبي (صلی الله علیه و آله) في حياته وأوصاكم به عند وفاته فنبذتم قوله وتناسيتم وصيته وأخلفتم الوعد ونقضتم العهد وأحللتم العقد الذي كان عقده عليكم من النفوذ تحت راية أسامة بن زيد حذراً من مثل ما اتيتموه وتنبيهاً للأمة على عظيم ما اجترمتموه ومن مخالفة أمره، فعن قليل يصفو لك الأمر وقد أثقلك الوزر ونقلت إلى قبرك وحملت معك ما كسبت يداك فلو راجعت الحق من قريب وتلافيت نفسك وتبت إلى الله من عظيم ما اجترمت كان ذلك أقرب إلى نجاتك فقد سمعت كما سمعنا ورأيت كما رأينا، فلم يردعك ذلك عما أنت متشبث به هذا الأمر الذي لا عذر لك في تقلده ولا حظ للدين والمسلمين في قيامك به فالله الله في نفسك فقد أعذر من أنذر ولا تكن كمن من أدبر واستنكر(1) ، ثم قام أبو ذر وقال: يا معر قريش أصبتم قياحة وتركتم قرابة والله ليرتدن جماعة من العرب ولتشكن في هذا الدين، ولو جعلتم الأمر في أهل بيت نبيكم (صلی الله علیه و آله) ما اختلف عليكم سيفان، والله لقد صارت لمن غلب، ولتطمحن اليها عن من ليس
ص: 84
من أهلهما، وليسفكن في طلبها دماءً كثیرة، لقد علمت وعلم خياركم أن رسول الله (صلی الله علیه و آله): قال: ان الأمر بعدي لعلي (علیه السلام) ثم لأبني الحسن والحسین (علیه السلام) ثم للطاهرين من ذريتي، فأطرحتم قول نبيكم وتناسيتم ما عهد به إليكم فأطعتم الدنيا الفانية ونسيتم الآخرة الباقية فكذلك الامم من قبلكم كفرت بعد أنبيائهما ونكصت على أعقابها وغیرت وبدلت فساويتموهم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة وعما قليل تذوقون وبال أمركم وتجزون بما قدمت أيديكم وما الله بظلام للعبيد(1) .
ثم قام المقداد فقال: يا أبا بكر إرجع إلى ربك وتب عن ظلمك وتب إلى ربك والزم بيتك وأبك على خطيئتك، وسلم الأمر لصاحبه الذي هو اولى به منك، فقد علمت ما عقد رسول الله (صلی الله علیه و آله) في عنقك من بيعته ونبّه على بطلان وجوب هذا الأمر لك ولمن عضدك عليه، فاتق الله وبادر بالاستقالة قبل فوتها فإن ذلك أسلم لك في حياتك وبعد وفاتك ولا تركن إلى دنياك ولا تغرنك قريش ولا غيرها ولقد علمت وتيقنت أن علياً هو صاحب الأمر بعد رسول الله (صلی الله علیه و آله) فسلمه إليه بما جعل الله له فإنه أتم لتبرئتك وأخف لوزرك، فلقد والله نصحت لك أن قبلت نصحي وإلى الله ترجع الامور(2) . ثم قام بريدة الأسلمي فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، ماذا لقي الحق من الباطل، يا أبا بكر أنسيت أم تناسيت وخدعت أم خدعتك نفسك أم سولت لك الاباطيل، أولم تذكر ما امرنا به رسول الله (صلی الله علیه و آله) من تسمية علي بأمرة المؤمنین، والنبي بین أظهرنا، وقوله له في عدة أوقات هذا علي
ص: 85
أمیر المؤمنین وقاتل القاسطين، إتق الله وتدارك نفسك قبل ان لا تدركها وأنقذها مما يهلكها وأردد الأمر إلى من هو أحق به منك ولا تتمادى في اغتصابه، وتراجع وانت تستطيع ان تتراجع فقد محضتك النصح ودللتك على طريق النجاة فلا تكونن ظهراً للمجرمین(1) فضلاً عن أنه وصف البيعة لأبي بكر بقوله(2) :
يا بيعة هدموا بها أسا وجثوا دعائم أتكون بيعتهم هدىً وتغيب عنها هاشم ويكون رائد أهلها مولى حذيفة سالم أمر النبي معاشراً هم أسوة ولهازم أن يدخلوا أو يسلموا تسليم من هو عالم ان الوصي له الإمامة بعده في الناس فيها قائم والعهد لا مخلولق منه ولا متقادم وقد بقي بريدة على موقفه حتى بعد أن آل الأمر لأبي بكر ودخل عامة الناس تحت لوائه قائلاً. لا ابايع حتى يبايع علي (علیه السلام)، فقال له الإمام علي (علیه السلام): «يا بريدة أدخل فيما دخل فيه الناس، فإن اجتماعهم أحب إلي من اختلافهم»(3) أما عمار فقال: يا معشر قريش و يا معشر المسلمين إن كنتم علمتم وإلا فاعلموا أن أهل بيت نبيكم أولى به وأحق بإرثه وأقوم بأمور الدين وآمن على المؤمنین وأحفظ
ص: 86
لأمته فمروا صاحبكم فلیرد الحق إلى أهله قبل ان يضطرب حبلكم ويضعف أمركم ويظهر شتاتكم وتعظم الفتنة بكم وتختلفون فيما بينكم ويطمع فيكم عدوكم فقد علمتم أن بني هاشم أولى بهذا الأمر منكم وعلي أقرب إلى نبيكم منكم... ألخ(1) .
ثم نهض خزيمة بن ثابت فقال: أيها الناس ألستم تعلمون أن رسول الله (صلی الله علیه و آله) قبل شهادتي وحدي ولم يرد معي غیري؟ قالوا: بلى. قال: فأشهد أني سمعت رسول الله (صلی الله علیه و آله) يقول: (اهل بيتي يفرقون بین الحق والباطل وهم الائمة الذين يقتدى بهم) وقد علمت ما علمت وما على الرسول إلا البلاغ المبین(2) .
وبعده قام مالك بن التيهان فقال: وأنا اشهد على نبينا (صلی الله علیه و آله) انه أقام علياً إماماً، فقالت الانصار ما أقامه للخلافة، فقال جماعة: ما أقامه إلا ليعلم الناس أنه مولى من كان رسول الله (صلی الله علیه و آله) مولاه، وكثر الخوض في ذلك، فبعثنا رجالاً منا إلى رسول الله (صلی الله علیه و آله) فسألوه عن ذلك، فقال (صلی الله علیه و آله): قولوا لهم علي ولي المؤمنین بعدي وأنصح الناس لأمتي، وقد شهدت بما حضرني ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إن يوم الفصل كان ميقاتاً(3) .
ثم قام سهل بن حنيف فحمد الله وقال: يا معشر قريش إشهدوا عليّ إني اشهد على رسول الله وقد رأيته أخذ بيد علي (علیه السلام) وهو يقول ايها الناس هذا علي امامكم من بعدي ووصيي في حياتي وبعد وفاتي وقاضي ديني ومنجز وعدي وأول من يصافحني على حوضي، فطوبى لمن اتبعه ونصره والويل لمن تخلف عنه
ص: 87
وخذله، وقام أخوه عثمان بن حنيف فقال، واشهد أن رسول الله (صلی الله علیه و آله) قال: أهل بيتي نجوم الارض فلا تتقدموهم فهم الولاة، فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله وأي أهل بيتك؟ قال (صلی الله علیه و آله): علي (علیه السلام) والطاهرين من ولده، فلا تكن يا أبا بكر اول كافر به ولا تخن الله والرسول وتخونوا امانتكم وانتم تعلمون(1) .
فلم يكترثوا لقوله، فقام أبو ايوب الانصاري: فقال: إتقوا الله عباد الله في أهل بيت رسول الله (صلی الله علیه و آله) و ارددوا إليهم حقهم الذي جعله الله لهم، فقد سمعتم مثلا سمع اخواننا في مقام بعد مقام لنبينا (صلی الله علیه و آله) ومجلس بعد مجلس يقول: (أهل بيتي أئمتكم بعدي، ثم يومي إلى علي (علیه السلام) ويقول: هذا أمیر البررة وقاتل الكفرة، مخذول من خذله، منصور من نره فتوبوا إلى الله من ظلمكم إياه ان الله تواب رحيم)(2) .
ولم تقتصر تصريحات أصحاب الإمام علي (علیه السلام) واتباعه على الخطاب المباشر لأبي بكر بأحقية الإمام علي (علیه السلام) بالخلافة وإنما كانت موجهة لعموم المسلمين في مختلف المناسبات، فقد كان سلمان الفارسي يصرح بحق الإمام علي بالخلافة مستنداً إلى ما سمع من رسول الله (صلی الله علیه و آله) من احاديث في ذلك، وكذلك نظم في ذلك شعراً، منه قوله(3) :
ما كنت احسب إن الأمر منصرف عن هاشم ثم منهم عن أبي الحسن أوليس أول من صلى لقبلته وأعلم بالقول بالأحكام والسنن
ص: 88
وقد قيل ان هذا الشعر لخزيمة بن ثابت (ذو الشهادتين) وهذا لا يفقده (الشعر) شيئاً معناه كونه نسب إلى شخص اخر لكون ذلك الشخص من نفس اتجاه الأول فضلاً عن أن ذلك الشعر أنشد في المعنى نفسه ولا يقبل الانراف عنه إلى سواه(1) .
وكذلك كان أبو ذر الغفاري يعبر عن موقفه تجاه الخلافة المسلوبة كلما سنحت له الفرصة، وخصوصاً في موسم الحج حيث كان يروي للحجيج أحاديث الرسول (صلی الله علیه و آله) التي حث فيها على ولاية الإمام علي (علیه السلام) من بعده(2) .
أما قيس بن سعد فكان من الممتنعین عن بيعة أبي بكر والمعارضین لها حتى ان أبا بكر عتب عليه في ذلك، فقال له: والله إن بايعتك يدي لم يبايعك قلبي ولا لساني، ولا حجة لي في علي (علیه السلام) بعد يوم الغدير ولا كانت بيعتي لك إلا كالتي نقضت غزلها بعد قوة انكاثاً(3) ، وأنشد قائلاً(4) :
أيا صارفاً عن مطلب الحق رأيه بأي سبيل ما سوى الحق تطلب ألا كيف بالأمر الذي انت تبتغي وأنت خليل والطريقة انكب فإن كنت بالقربى تناولت فصلها فإن ذوي القربى أحق واقرب وإن كنت بالشورى حججت خصيمهم فكيف أسدت والمشيرون غُيّب
ص: 89
وإن كنت بالتقوى وبالفضل نلتها فإن علياً منك أزكى واطيب ولا يستوي من اصبح الرجس فيهم ومن عنهم الرحمن للرجس يذهب وكذلك كان عبد الله بن العباس، كأبيه العباس بن عبد المطلب من المدافعین عن خلافة الإمام علي (علیه السلام) والمقرين بفضله، الرافضین تولي الأمر غیره(1) .
وخاطب عدي بن حاتم حاثاً الإمام علياً على الصبر مبيناً رأيه إزاء حادثة السقيفة وتولي أبي بكر الخلافة قائلاً(2) :
أبا حسنِ صبراً وفي الصبر عصمة وفيه نجاة المرء في السر والجهر ألم تر ان الصبر احجى بذي الحجى وان ابتدار الأمر شين على الأمر ولقد لقي الاخيار قبلك مالقوا وأوذوا عباد الله في سالف الدهر أما فروة بن عمرو الانصاري فقد خطب بالقرشيين قائلاً: يا معشر قريش أخبروني هل فيكم رجل تحل له الخلافة وفيه ما في علي؟ فقال قيس بن مخرمة الزهري(3) : ليس فينا من فيه ما في علي، فقال: صدقت فهل في علي ما ليس في احد منكم؟ فقال نعم. قال فما صدكم عنه؟ قال اجتماع الناس على أبي بكر، قال: اما والله لئن أصبتم سنتكم لقد أخطأتم سنة نبيكم ولو جعلتموها في أهل نبيكم لأكلتم مما فوقكم ومما تحتكم(4) .
ص: 90
وحتى ان من لم يدلِ برأيه في بيعة أبي بكر أو يعلن معارضته لها من صحابة الإمام علي بن أبي طالب (علیه السلام) لم يكن من المبايعین لأبي بكر لمعرفتهم بأحقية الإمام علي (علیه السلام) دون غیره.
وعندما آلت الخلافة إلى أبي بكر ومن ثم عمر ومن بعده عثمان لم يقف صحابة الإمام علي (علیه السلام) مكتوفي الأيدي والألسن وإنما دأبوا على مناظرة معارضيه والتعريف بحقه فيها وكانت لهم محاورات وآراء سواء مع الخلفاء أو العامة وكثیراً ما كانوا يستندون في نقاشهم إلى القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف والعقل(1) .
شارك بعض أصحاب الإمام علي (علیه السلام) في جيش اسامة بن زيد سنة11ه (الذي كان رسول الله (صلی الله علیه و آله) أمّره عليه قبل وفاته، وأقره عليه أبو بكر) لمحاربة البيزنطيین وتعريفهم بقوة المسلمين، وكان في مقدمة من شارك في ذلك الجيش من أصحاب الإمام أبو ايوب الانصاري(2) . الذي كان من خيار الصحابة وأفاضل المجاهدين فهو ممن صحب الرسول (صلی الله علیه و آله) وانزله داره في الهجرة الشريفة ثم انه
ص: 91
جاهد في جيش اسامة ومن ثم المرتدين في ايام أبي بكر وشارك في الصائفة في ايام عمر بن الخطاب، وحث عثمان على فتح القسطنطينية ثم جاهد بین يدي الإمام (علیه السلام) في الجمل وصفین(1) مما يدل على انه كان محبا للجهاد مولعاً به حريصا عليه غیر مبال بما سيؤول إليه وإنما كان حبه للشهادة والموت في سبيل الحق.
الردة هي الكفر بعد الإيمان، وحروب الردة هي الحروب التي حدثت بعد وفاة رسول الله (صلی الله علیه و آله) بین المسلمين وبین من ارتد من الإيمان إلى الكفر أو ادعى النبوة أو من حاول هدم الإيمان بشكل أو بآخر(2) .
وقد قسم بعض المؤرخین المرتدين إلى ثلاثة أقسام، الأول من ترك الإسلام وعاد إلى عبادة الاوثان، والثاني من اتبع مُدّعي النبوة(3) : مسيلمة(4) وطليحة(5)
ص: 92
وسجاح(1) والاسود العنسي(2) وآمنوا بما يقول الكذابون، أما القسم الأخیر منهم فهم الذين بقوا على ايمانهم بالله وبنبوة محمد (صلی الله علیه و آله) وإقامة الصلاة إلا انهم بغضوا تأدية الزكاة(3) .
وقد رأى أبو بكر مقاتلة جميع المرتدين والقضاء عليهم عى الرغم من ان بعض الصحابة طلب منه ان يترك من امتنع عن دفع الزكاة من القبائل الا انه رفض ذلك حتى ان عمر بن الخطاب قال له: كيف تقاتلهم وقد قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) (أمرت ان اقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله، فمن قال لا اله الا الله فقد عصم مني نفسه وماله الا بحقه، وحسابه على الله)(4) فأجابه أبو بكر بقوله: (والله لأقاتلن من فرق بن الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال)(5) .
ورغم انراف الخلافة إلى غیر الإمام علي (علیه السلام) الا ان ذلك لم يثنه أو صحابته عن الدفاع عن الإسلام وحمايته من المنحرفین ومدّعي النبوة، فقد كان عمار بن
ص: 93
ياسر يشجع الناس لقتال المرتدين مرغباً اياهم بالجهاد وهو ينادي: يا معشر المسلمين أمن الجنة تفرون، انا عمار بن ياسر هلمّوا اليّ، وأبلى بلاءً حسناً حتى أصيبت أذنه وهو يقاتل اشد القتال(1) .
اما بريدة فقد كان له دور فعال في حروب الردة فقد كان من المتفانین بالدفاع عن الإسلام ضد أولئك المتنبئین وأتباعهم(2) .
وكذلك مالك الاشتر الذي أدّى دوراً في قتال مسيلمة وأتباعه المرتدين من بني حنيفة، إذ قتل فارسهم أبا مسيكة حينما وقف مالك بن الصفین وصاح يا أبا مسيكة ويحك أبعد الإسلام وقراءة القرآن رجعت إلى الكفر؟! فقال: إياك عنّي يا مالك إنكم تحرمون الخمر ولا طاقة لي عنها! فقال مالك: هل لك في المبارزة؟ قال: نعم، فالتقيا بالرماح والتقيا بالسيوف، فضربه أبو مسيكة فشق رأسه وشتر عينه، وبذلك سمي الأشتر (وقيل أنه سمي الأشتر في اليرموك اثر ضربة ماهان له)، فرجع وهو معتنق رقبة فرسه إلى رحله واجتمع له قوم من أهله واصدقائه يبكونه، فقال لأحدهم: ادخل يدك في فمي فادخل اصبعه في فمه فعظها مالك، فالتوى الرجل من الوجع، فقال مالك: اذا سلمت الاضراس سلم الراس، فاحشوها لي يعني (الضربة) سياقاً (نبات) وشدّوها بعمامة فلما حشوهاوشدوها قال مالك، هاتوا فرسي، قالوا: إلى اين؟ قال: إلى أبي مسيكة، فبرز بین الصفین وصاح: يا أبا مسيكة، فخرج إليه مثل السهم، فضربه مالك بالسيف
ص: 94
على كتفه فشقها إلى السرج فسقط قتيلاً ورجع مالك وبقي بعدها اربعین يوما لا يستطيع الحراك(1) .
وقد كان لقتل فارسهم أبي مسيكة دور كبیر في ضعضعة معنويات المرتدين والحد من حماسهم للقتال.
اما عدي بن حاتم الطائي، فعندما بلغه خبر وفاة الرسول (صلی الله علیه و آله) كانت بحوزته ابل كثیرة اجتمعت من صدقات قومه فراودوه ان يردها اليهم متعللین بوفاة النبي (صلی الله علیه و آله) و بردة بعض القبائل من جيرانهم كأسد وغطفان لكنه رفض ذلك واقسم ان لا يفعلوا ذلك ما داموا قد دخلوا الإسلام راغبین غیر مكرهین، ووبخهم معتبراً طلبهم غدراً وخيانةً للرسول (صلی الله علیه و آله) وغوايةً من الشيطان وجهلاً بالدين فلما رأى قومه ذلك منه استجابوا لداعي الإيمان وندموا على ما هموا به(2) وسار مع عدي الف فارس من قومه لمحاربة المرتدين(3) .
الفتوح الإسلامية هي الحروب التي خاضها العرب المسلمون بعد وفاة النبي (صلی الله علیه و آله) في العهدين الراشدي والاموي، التي كان نتاجها نشر الإسلام واللغة العربية وظهور الحضارة العربية، واختلاطها بحضارات اخرى إضافة إلى المردودات الاقتصادية للفتوح، ففي العام الرابع عشر فتحت بعلبك وحمص(4) وفي العام
ص: 95
الخامس عشر فتحت المدائن(1) وبعدها اليرموك سنة15ه والقادسية سنة15ه(2) وفتوح الشام(3) وفتوح العراق(4) وفي سنة16ه فتحت حلب وانطاكية(5) وفي سنة17ه كانت معركة جلولاء وفتحها وكان فيها من الفيء ثمانية عشر الف درهم(6) ثم فتحت الأهواز في العام نفسه(7) وفي سنة18ه فتحت حران والموصل ونصيبین(8) وفي سنة19ه فتحت تكريت وقيسارية(9) وكذلك الجزيرة وأرمينيا(10) وفي سنة20ه فتحت مصر(11) ، وفي سنة22ه فتحت اذربيجان وجرجان(12) ...الخ، ففتحت البلدان وتوسعت الدولة الإسلامية ودخل سكان البلدان المفتوحة في الدين الإسلامي بفضل شريعة الجهاد، وقد استعان عمر بن الخطاب منذ انطلاق الفتوحات العربية الإسلامية بالإمام علي (علیه السلام) رأياً وسيفاً وصحابته الذين كانوا أبطال الفتوحات وقادتها، فقد كان لحذيفة بن اليمان دور كبیر في فتح نهاوند
ص: 96
والدينور وهمدان(1) ففي معركة نهاوند اوصى النعمان بن مقرن(2) بالقيادة لحذيفة في حال استشهاده وبالفعل كانت له الشهادة، فتولى القيادة حذيفة وأخذ الراية، ففتحت نهاوند وسمى المسلمون ذلك الفتح بفتح الفتوح(3) ، ثم غزى حذيفة أذربيجان وبعدها بلاد الدينور وافتتحها عنوة ثم غزا ماسبدان(4) وفتحها(5) ثم غزى الري وإليها انتهت فتوحه(6) اما أبو ذر الغفاري فإنه قد قضى قرابة عشرين عاماً من حياته في الشام وكان احد قادة الفتوح فيها أيام الخليفة عمر وذكر انه أُمّر على خمسائة فارس فحمل الراية وأخذ ينشد:
سأمضي للعداة بلا اكتئاب وقلبي للقا والحرب صابي وإن صال الجميع بيوم حرب لكان الكل عندي كالكلاب اذلهم بأبيض جوهري طليق الحد فيهم غیري آبي وكان له دور هام ايضا في فتح مصر، فقد روي انه شوهد وهو يمرّغ فرساً
ص: 97
له ويقول: ليس من ليلة إلا والفرس يدعو فيقول: ربّ انك سخرتني لابن ادم وجعلت رزقي في يده، اللهم فاجعلني إليه أحب من أهله وولده، فمنها المستجاب ومنها غیر المستجاب، ولا ارى فرسي هذا الا مستجابا(1) . إضافة إلى أن أبا ذر شارك في فتح قبرص(2) وشهد فتح بيت المقدس والجابية(3) .
اما سلمان الفارسي فكان من ابطال معركة القادسية(4) وشارك في فتح المدائن(5) وفي فتح ارمينية كان سلمان قائد المدد الذي أرسله عمر بن الخطاب سنة18ه/ 639م لتعزيز جند القائد عبد الرحمن بن ربيعة الباهلي(6) ويذكر ان شرحبيل بن السمط رأى سلمان الفارسي وهو مرابط بساحل حمص، فقال: مالك على هذا؟ فقال سلمان: سمعت رسول الله (صلی الله علیه و آله) يقول: رباط يوم في سبيل الله كصيام شهر وقيامه ومن مات مرابطاً جرى عليه عمله الذي كان في ويبعث يوم
ص: 98
القيامة شهيدا(1) ، اضافة إلى مشاركته في جلولاء ونهاوند(2) واشتراكه في فتح بلنجر (وهي مدينة في بلاد الروم)(3) .
وقد فتحت مرو الروذ و بلخ على يد الأحنف بن قيس(4) وشارك في فتوح خوز والكاريان و الغشجمان و تخارستان و الجوزجان و الغاريان و الطالقان و السیرجان وذالق و ناشب و باشروذ و ابرشهر و سرخس و هراة، وكان هو الذي اشار على عمر بالتوجه نحو بلاد العجم(5) وقيل انه فتح قم عنوة سنة23ه(6) .
وقد ابلى في جميع هذه الفتوح بلاءً حسناً، حتى انه كان يحمل على عسكر العدو وهو ينشد الشعر، ومن ذلك قوله(7) :
ان على كل رئيس حقا ان يخضب القناة أو تندقا وكذلك كان عدي بن حاتم الطائي ممن شهد فتوح العراق ووقعة القادسية،ووقعة مهران(8) ويوم الجسر(9) مع أبي عبيدة اضافة إلى انه من ابطال فتح نهاوند
ص: 99
و جلولاء والمدائن(1) .
أما هاشم بن عتبة المرقال فقد كان احد القادة الفرسان في فتوح العراق، واشترك في القادسية، إذ كان على رأس اثني عشر الف فارسٍ، وفي جلولاء كان يقاتل ويرتجز قائلاً(2) :
يوم جولاء ويوم رستم ويوم زحف الكوفة المقدم بین أيام خلون صرّم شيّبن اصداغي فهنّ هرّم وكذلك تولى رياسة كردوس الفرسان في معركة اليرموك التي تعد من أكبر حروب الشام، مما يدل على شجاعته ومكانته بین جند المسلمين، وقد فقئت عينه فيها (اليرموك) واستقتل في الحرب حتى قيل أنه كان سبب الفتح على المسلمين(3) .
وتمكن من فتح بعض قرى خراسان صلحاً بالاتفاق مع دهاقينها على مبالغ من المال(4) وكان فيمن فتح الماهان و ماسبذان(5) .
أما مالك الأشتر فقد شهد له أبو بكر بالبطولة والبسالة حينما كتب إلى
ص: 100
خالد بن الوليد، بعد أن اجتمع بالمدينة نحو تسعة آلاف فارس للتوجه نحو الشام بالقول: (قد تقدم إليك أبطال اليمن وأبطال مكة ويكفيك بن معد يكرب الزيدي ومالك الأشتر)(1) ، واشترك أيضاً في فتح الموصل(2) ،وكان له دور في فتوح تركيا في (أمد و ميافارقین) عندما شاهد قوة الحصن ومناعته فاحتال بأن أمر من معه من المقاتلین بالتكبیر فكبروا بصوت واحد، حتى ظن من خلف الحصن أن عدد المسلمين يفوق العشرة آلاف فارس فطلبوا الصلح ودفعوا خمسة آلاف دينار نقداً(3) وشهد اليرموك وهي من أهم معارك المسلمين مع الروم وفيها صرع قائد الروم وبطلهم (ماهان)(4) . أما حجر بن عدي فقد شارك في معركة القادسية إضافة إلى أنه هو الذي فتح مرج عذراء(5) .
وقد كان لأبي أيوب الأنصاري باعٌ طويلٌ في فتوحات المسلمين حيث لم يتخلف عن أي منها حتى وفاته عام52ه الا عاما واحدا بسبب مرضه، وشرّف بأن كانت وفاته في التوجه لفتح القسطنطينية ودفن بجوار حصنها(6) .
ص: 101
وكان عمار بن ياسر ممن شارك في فتح تستر وأسهم في تعبئة الجيوش لفتح الري ونهاوند وبعض مدن بلاد فارس(1) . ويوضح ذلك رسالته التي بعثها إلى عمر بن الخطاب والتي جاء فيها (بسم الله الرحمن الرحيم، لعبد الله عمر بن الخطاب من عمار بن ياسر، سلام عليك، اما بعد فإن ذا السطوات والنقمات المنعم على اوليائه المنتقم من اعدائه هو الناصر لأهل طاعته على أهل الانكار والجحود من أهل معصيته؛ ومما حدث ان أهل الري وسمنان و ساوة و همذان و نهاوند و اصفهان و قم و قاشان و راوند و اسفندهان و كرمان و ضواحي اذربيجان قد اجتمعوا بارض نهاوند في خمسین ومائة الف فارس وراجل من الكفار، وقد امروا عليهم اربعة من ملوك الاعاجم منهم ذو الحاجب خرزاد بن هرمز و سنفاد بن حشرو و خهائيل بن فیروز و اشروميان بن اسفنديار وانهم قد تعاهدوا وتعاقدوا وتحالفوا وتكاتبوا وتواثقوا عى انهم يخرجوننا من ارضنا ويأتوكم من بعدنا وهم ذوي جمع عتيد وبأس شديد ودواب وفرة وسلاح شاك، ويد الله فوق ايديهم، واخبرك انهم قتلوا كل من كان منا في مدنهم، وقد تقاربوا مما كنا فتحناه من ارضهم وقد عزموا على ان يقصدوا المدائن ويعبروا منها إلى الكوفة، وقد والله هالنا ذلك وما أتانا من امرهم وخبرهم، وكتبت هذا الكتاب لك لتكون انت الذي ترشدنا وتأمرنا، والله الموفق الصانع بحوله وقوته وهو حسبنا ونعم الوكيل، فرأيك اسعدك الله فيما كتبته والسلام)- وتدل هذه الرسالة على أمور عدة لعل أبرزها: عظمة الجيش الذي أعده العدو لملاقاة المسلمين، وقوة الجانب الاستخباراتي للمسلمين ومعرفتهم بما يدور في جيش
ص: 102
العدو- ومن ثم الإيمان والشجاعة المطلقة لدرجة أن تلك الجيوش لم تزعزع إيمانه ولم تثن عزيمته.
ولما ورد الكتاب على عمر وقرأه وفهم ما فيه وقعت عليه الرعدة والنفضة حتى سمع المسلمون أطيط اضراسه ثم دخل المسجد وجعل ينادي: اين المهاجرون والانصار اجتمعوا رحمكم الله واعينوني اعانكم الله(1) .
فبادر الإمام علي (علیه السلام) بتقديم النصح وأشار على عمر ان يبدأ بمباغتتهم قبل أن يقوموا بذلك وأن يكون النعمان بن مقرن قائداً للمسلمين فإن استشهد فيحل محله حذيفة بن اليمان(2) .
وبذلك يقول الإمام علي (علیه السلام): «فَخَشِيتُ إِنْ لَمْ أَنْصُرِ الِاْسْلاَمَ أَهْلَهُ أَنْ أَرَى فِيهِ ثَلْماًأَوْ هَدْماً، تَكُونُ الْمُصِيبَةُ بِهِ عَلَيَّ أَعْظَمَ مِنْ فَوْتِ وِلاَيَتِكُمُ الَّتِي إِنَّمَا هِيَ مَتَاعُ أَيَّام قَلاَئِلَ، يَزُولُ مِنْهَا مَا كَانَ، كَمَا يَزُولُ السَّرَابُ، أَوْ كَمَا يَتَقَشَّعُ السَّحَابُ، فَنَهَضْتُ فِي تِلْكَ الاُحْدَاثِ حَتَّى زَاحَ الْبَاطِلُ وَزَهَقَ، وَاطْمَأَنَّ الدِّينُ وَتَنَهْنَهَ»(3) .
وكذلك كان المقداد بن عمرو من أبطال فتوح مصر وكان مقرئ الجند وفقيههم في اليرموك(4) وأحد من أسهم في فتح قبرص(5) .
وكذلك كان قرضة بن كعب من المشاركين في فتح الري، وفتح همذان إذ كان
ص: 103
على رأس أبطال المسلمين فيها(1) . أما عبدالله بن عباس فقد كان من ابطال فتوح أفريقيا(2) .
وقد كان لقثم بن العباس مشاركة في فتح خراسان وما وراء النهر، وكانت شهادته بسمرقند(3) ، وكذلك كان اخوه الفضل بن العباس ممن اشترك في فتوح الشام في اجنادين ومرج الصفر واليرموك التي استشهد فيها وقيل مات بعدها في طاعون عمواس سنة18ه(4) .
واشترك زيد بن صوحان في الفتوحات العربية الإسلامية، وقطعت يده في نهاوند وقيل في جلولاء وقيل في القادسية مما يدل على اشتراكه فيها جميعاً.
وقد كان رسول الله (صلی الله علیه و آله) قد تنبأ له بذلك فقال: انه رجل يسبقه عضو منه إلى الجنة ثم سائر جسده(5) .
اما معقل بن قيس فقد كان مرافقا لعمار بن ياسر في جميع فتوحه، وارسله عمار
ص: 104
بن ياسر ليبشر عمر بن الخطاب بفتح تستر(1) .
وقد كان لعبدالله بن بديل بن ورقاء الفضل في فتح رستاق سنجق بأصبهان، وكذلك الطبسین وكرمان فطلب من عمر ان يقطعه إياهما فأراد عمر أن يفعل ذلك فقيل له انهما رستاقان عظيمان، فامتنع عمّا اراد(2) .
وشارك محمد بن أبي حنيفة في فتوح الشام(3) . اما حكيم بن جبلة فقد فتح مكران ثم غزا القيقان(4) وقد كان عبد الله بن مسعود من قواد الجيش الإسلامي في اليرموك(5) .
وكذلك كان علقمة بن قيس ممن غزا خرسان وخوارزم ومرو(6) . وقد شارك قيس بن سعد في فتح مصر(7) .
اما خالد بن سعيد بن العاص فكان من أمراء جملة الفتوح وقد شارك في
ص: 105
اجنادين وفحل ومرج الصفر(1) .
وقد أسهم شريح بن هاني في فتح سجستان(2) ، اما جعدة بن هبیرة فقد بعثه الإمام علي (علیه السلام) بعد صفین إلى خراسان، فوصل إلى نيسابور فصالحه أهل نيسابور ومرو(3) .
بعد مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان وايماناً من المسلمين بأحقية الإمام علي (علیه السلام) بمنصب الخلافة وجدارته به كونه تلميذ الرسول (صلی الله علیه و آله) المؤهل لخلافته، طلبوا منه تسلم منصب الخلافة إلا أنه رفض تقلد الخلافة لعلمه بما ينوي البعض منهم، الا انهم اخذوا يتوافدون عليه معلنین حاجتهم إليه ورفضهم لغیره، قائلين: إنّا لا نعلم أحدا أحق بها منك ولا أقدم سابقة ولا أقرب من رسول (صلی الله علیه و آله) فقال: إني لكم وزير خیر مني أمیر(4) (وفعلاً كان بمثابة الوزير في خلافة أبو بكر وعمر) ويؤيد ذلك أقوال عمر الشهيرة فيه كقوله: (لولا عي لهلك عمر)(5) فبايعه الناس وهو لها كاره وكان اول من بايعه طلحة والزبیر، ثم صحابته الذي كان اولهم مالك الاشتر(6) .
ص: 106
وخیر دليل على ملازمة أصحاب الإمام علي (علیه السلام) له في السلم والحرب هو ان بيعته تمت في دار احدهم وهو عمر بن محصن(1) .
ولما سمع حذيفة بن اليمان خبر تولية الإمام علي (علیه السلام) وكان حذيفة (مريضاً) وهو على المدائن. قال: احملوني، فوضع على المنبر، ونادى بالصلاة الجامعة فأثنى على الله وحمده، وقال: ايها الناس بايعوا علياً- وعليكم بتقوى الله- بايعوه وانصروه وآزروه فوالله انه لعلى الحق اخراً واولاً وانه لخیر من مضى بعد نبيكم ومن بقي إلى يوم القيامة ثم قال: اللهم اشهد اني بايعت علياً، ثم اوصى ولديه ان يكونا مع الإمام علي (علیه السلام) ثم مات حذيفة بعد ذلك بسبعة أيام(2) .
وقد عبرّ بعض صحابة الإمام عن فرحهم بذلك فقد قال صعصعة بن صوحان للإمام علي حین بايعه: يا أمیر المؤمنین لقد زِنْتَ الخلافة وما زانتك، ورفعتها وما رفعتك وهي إليك أحوج منك اليها، وكذلك كان ثابت بن قيس الذي قال: والله يا أمیر المؤمنین لئن سبقوك في الولاية فما يقدمونك في الدين وكنت لا يخفى موضعك ولا يجهل مكانك، يحتاجون إليك فيما يعملون وما احتجت أحداً مع علمك، ثم قام خزيمة ذو الشهادتين وقال: يا أمیر المؤمنین: ما وجدنا لأمرنا هذا غیرك أنت أقدم الناس إيماناً وأعلمهم بالله وأولى المؤمنین برسوله(3) ثم انشد(4) :
ص: 107
اذا نحن بايعنا علياً فحسبنا ابو حسن مما نخاف من الفتن وجدناه أولى الناس بالناس انه اطبّ قريش بالكتاب وبالسنن وخطب مالك الأشتر بالناس فقال: ايها الناس هذا وصي الأوصياء ووارث علم الأنبياء، العظيم البلاء، الحسن الفناء الذي شهد له كتاب الله بالإيمان ورسوله بجنة الرضوان من كملت فيه الفضائل ولم يشك في سابقته وعلمه وفضله الأواخر ولا الاوائل(1) .
اما عمار بن ياسر فقد وضح وجهة نظره في بيعة الإمام علي حينما علم ان المغیرة بن شعبة لم يبايع، اذ اقبل إليه وقال: معاذ الله يا مغیرة تقعد اعمى بعد ان كنت بصیراً، يغلبك من غلبته ويسبقك من سبقته، انظر ما ترى وما تقول وما تفعل فأما انا فلا اكون إلا في الرعيل الأول(2) .
ووصفه هنا مبايعي الإمام علي (علیه السلام) وصحابته وأنصاره والسالكين طريقه بالرعيل الأول هو خیر دليل على إيمانه بقضية الإمام علي (علیه السلام) وأحقيته بالخلافة وجدارته بها وأهليته لها.
وقد عبّر هاشم بن عتبة عن اعتزازه بذلك و انصياعه لأمر الإمام علي وانه أحق بنفسه منه بقوله: لي شمالي ويميني لعلي، وانشد في ذلك شعراً(3) .
وقد كان قيس بن سعد على مصر لما بلغه خبر تولي الإمام علي (علیه السلام) الخلافة
ص: 108
فحمد الله وعمل على اخذ البيعة من أهل مصر للإمام علي وخطب بالناس قائلاً: الحمد لله الذي جاء بالحق وأمات الباطل وكبت الظالمین، ايها الناس انّا قد بايعنا خیر من نعلم بعد نبينا محمد (صلی الله علیه و آله) فقوموا ايها الناس بايعوا علی كتاب الله وسنة رسوله (صلی الله علیه و آله)(1) .
وكان عبدالله بن عباس في البصرة فخطب بالناس على منبرها قائلاً: اللهم انصر علياً أنه على الحق- وقيل ان اول خليفة دعي له على المنابر كان علي بن أبي طالب (صلی الله علیه و آله) وكان من دعا له هو عبدالله بن عباس على منبر مسجد البصرة(2) .
وكذلك كان عدي بن حاتم من الملازمین للإمام علي (علیه السلام) المؤيدين له في جميع آرائه وادواره ومواقفه المدافعین عنه المتفانین في ذلك، فقد اشترك عدي في حروب علي (علیه السلام) جميعها واوصى اولاده ان يكونوا معه فكانوا من سيوف جيش الإمام وقد استشهد منهم اربعة بین يدي الإمام (علیه السلام) في حروبه وهم ظريف والطرماح ويزيد وعبدالله، ويقال: ان احد بنيه وهو طرفة مال عن الحق ولحق بمعاوية فدعا عدي عليه وحرض عليه وخرج في طلبه وحذر الناس منه(3) .
وكل ذلك يدل على مؤازرة صحابة الإمام علي (علیه السلام) له ومعرفتهم بحقه ورغبتهم بتعريف الناس بذلك، كلا سنحت لهم الفرصة.
ص: 109
من الاحداث الخطیرة التي شهدتها الدولة العربية الإسلامية هي معركة الجمل التي تعد اول حرب حدثت بین المسلمين انفسهم، وكان ذلك اثر مقتل بن عفان (24- 35ه) اذ اضطربت الاوضاع في المدينة المنورة وبقيت بدون سلطة سياسية-مما ادى إلى تدافع الصحابة لبيعة الإمام علي(1) .وبعد ذلك طلب كل من طلحة والزبیر أن يوليهما الإمام الكوفة لطلحة والبصرة للزبیر فرفض ذلك، فاستأذناه في الذهاب للعمرة-فعرّفهما بما ينويان من غدرة وليس عمرة-ولم يمنعهما من ترك المدينة، وبعد ان خرجا التقيا بالسيدة عائشة أم المؤمنین في طريق عودتها من العمرة، واخبراها بمقتل عثمان، وكانت ممن يبغضه ففرحت لمقتله ولكنها استاءت من مبايعة الإمام علي من قبل الناس وخلافة رسول الله في المسلمين، فنادت بدم عثمان وعادت برفقتهم لطلب النصرة على قتلة عثمان من القبائل التي تقطنها(2) . ثم سار المتمردون على الخليفة يدّعون المطالبة بدم عثمان، إلى البصرة، وكان عثمان بن حنيف خرج في أصحابه إلى طلحة والزبیر فناشدهم الله والاسلام، وذكرهما ببيعتهما للإمام علي (علیه السلام) فقالا له: نطلب بدم عثمان !، فقال لها: ما انتما وعثمان؟ اين بنوه؟ اين بنو عمه؟ الذين هم احق به منكم، كلا والله لكنكما حسدتما علياً (علیه السلام) حيث اجتمع الناس عليه، وكنتما ترجوان هذا الأمر وتعملان له، وهل كان احد اشد على عثمان منكا؟ فشتماه شتماً قبيحاً
ص: 110
وضربوه ونتفوا لحيته واخرجوه من البصرة(1) .
وما ان وصل الخبر إلى الإمام علي (علیه السلام) حتى سار بمجموعة من المهاجرين والانصار إلى البصرة؛ ولما وصلها انضم إليه بعض أهلها في حین انضمت مجموعة اخرى إلى أصحاب الجمل، اما أهل الكوفة فكانوا جميعا في عسكر علي (علیه السلام)(2) .
وكان لصحابة الإمام علي (علیه السلام) الدور المشرف فيها، فقد أرسلت السيدة عائشة إلى زيد بن صوحان كتاباً جاء فيه: (من أم المؤمنین عائشة بنت أبي بكر زوجة رسول الله (صلی الله علیه و آله) إلى ابنها الخالص زيد بن صوحان، سلام عليك، أمابعد فإن أباك كان رأسا في الجاهلية وسيداً في الإسلام، وإنك بمنزلة أبيك وقد بلغك الذي كان في الإسلام من مصاب عثمان بن عفان، ونحن قادمون عليك، والعيان لك أشفى من الخبر، فإذا أتاك كتابي هذا فاقدم فانصرنا على أمرنا هذا، فإن لم تفعل فثبط الناس عن علي بن أبي طالب، وكن مكانك حتى يأتيك أمري والسلام)(3) .
فرد عليها زيد قائلاً: أما بعد فإن الله أمرك بأمر وأمرنا بأمر، أمرك أن تقري في بيتك وأمرنا أن نقاتل الناس حتى لا تكون فتنة، فتركتِ ما امرك الله به وأمرتِنا بترك ما أمرنا به، فأمرك عندنا غیر مطاع، وكتابك غیر مجاب، وأنا ابنك المخلص
ص: 111
ان اعتزلتِ هذا الأمر وإلا فأنا ممن نابذكِ(1) ثم التحق بعلي (علیه السلام) وقاتل معه في الجمل حتى استشهد(2) فقال فيه أمیر المؤمنین: رحمك الله يا زيد كنت خفيف المؤونة عظيم المعونة)(3) .
وفي الوقت نفسه الذي كتبت فيه السيدة عائشة لزيد فإنها كتبت لأخيه صعصعة بن صوحان كتاباً جاء فيه: (ان اكر سيفك واجلس بيتك، فكتب اليها قائلاً، أتاني كتابك تأمريني فيه بما أمرك الله من القرار في البيت وترك الفساد، فاتقي الله وارجعي إلى البيت الذي امرت، وانا في اثر كتابي خارج مع علي، فالقرار في البيت فعل من ضربت الصفائح عى هودجها تتقي السهام بها)(4) .
وعندما وصل علي (علیه السلام) إلى ذي قار كان صعصعة هو الرسول الذي أرسله الإمام علي (علیه السلام) إلى طلحة والزبیر وعائشة فخوفهم مما صنعوه وقبح ما ارتكبوه ووعظهم ودعاهم للطاعة إلا أنهم لم يستجيبوا، حتى ان طلحة تهكم به قائلاً: الآن حین عضت ابن أبي طالب الحرب ترفّق لنا(5) .
ص: 112
وعندما اندلعت الحرب كان من فرسانها الشجعان، وكذلك فانه خسر في الجمل أخويه زيداً وسيحان اللذين كانا من خطبائها(1) .
وثمة دور سياسي لبعض أصحاب الإمام علي (علیه السلام) في معركة الجمل قبل دورهم العسكري العظيم، فقد ارسل مالك الاشتر رسالة إلى السيدة عائشة يحذرها فيها من محاربة الإمام علي (علیه السلام)، جاء فيها: (أما بعد فإنك ظعينة رسول الله (صلی الله علیه و آله) وقد امرك ان تقري في بيتك، فإن فعلت فهو خیر لك وإن أبيت إلا أن تأخذي منسأتك(2) وتلقي جلبابك وتبدي الناس شعيرتك، قاتلتك حتى اردك إلى بيتك والموضع الذي يرضاه لك ربك، إلا ان السيدة عائشة لم تقتنع بذلك وردت عليه رداً قاسياً)(3) ، فلما قامت الحرب كان الاشتر في طليعة فرسانها الشجعان والأبطال المشهورين، إذ تبارز هو وابن الزبیر فتماسكا،وكان ابن الزبیر أيضا من الأبطال فجعلا يصعد أحدهما صدر الآخر حتى يئس عبدالله بن الزبیر من نفسه فجعل يقول:
اقتلاني و مالكاً واقتلا مالكاً معي حتى افلت منه ابن الزبیر وبه من مالك ضربات،ثم قال عبدالله بعدها: لاقيت الأشتر النخعي يوم الجمل فما ضربته ضربة حتى ردها ستا أو سبعاً ثم أخذ برجلي وألقاني في خندق وقال: والله لولا قرابتك لرسول الله (صلی الله علیه و آله) ما تركت
ص: 113
عضوا منك يجتمع إلى عضو ابداً(1) . وكذلك يذكر ان السيدة عائشة اعطت من بشرها بإفلات ابن اختها عبدالله بن الزبیر من الأشتر عشرة آلاف درهم لأنها كانت قد يئست منه حيث علمت بمنازلته لمالك(2) . وكذلك خاطب عمار بن ياسر السيدة عائشة مسدياً لها النصح ومذكراً إياها ببعض الأمور، فقال: أنشدك بالله الذي أنزل الكتاب على رسوله (صلی الله علیه و آله) أتعلمن أن رسول الله (صلی الله علیه و آله) جعل علياً وصياً عى أهله، قالت: اللهم نعم، قال لها: فلمَ تقاتلينه؟ قالت: أطلب بدم عثمان(3) ثم التحم القتال وكان عمار من أبطال أنصار علي(4) ، وكان يهتف: والله لو قاتلونا حتى يبلغونا سعفات هجر فأنا أعرف أننا على الحق وأنهم على الباطل، وحينما فرغ المسلمون من الجمل التقى عمار بن ياسر بالسيدة عائشة فقال لها: يا أم المؤمنین ما أبعد هذا المسیر من العهد الذي عهد إليك، قالت: أبو اليقضان!؟ قال: نعم، قالت: والله إنك ما علمت قوال بالحق. قال: الحمد لله الذي قضى لي على لسانك(5) .
وكذلك فإن أبا الأسود الدؤلي التقى بالسيدة عائشة وطلحة قبل وصولهما إلى
ص: 114
البصرة وعرف ما يرغبان به من دون ان يوضح لهما رايه، حتى انهما كانا يحاولان كسبه إلى صفهما فقد قالت له السيدة عائشة: (يا أبا الأسود اياك ان يقودك الهوى إلى النار) والترفق به، فلم يمل عن الحق وما كان منه الا ان سارع لتحذير عثمان بن حنيف من قدوم جيش الجمل البصرة قائلاً له: يا ابن حنيف قد اتيت فأنفر(1) وطاعن القوم وجالد واصبر و أبرز لهم وشمّر(2) . ثم كان بعدها يدور بين المقاتلین في المعركة (الجمل) وينشد(3) :
ان عليا لكم مصحر يماثله الأسد الأسود أما أنه أول العابدين بمكة والله لا يعبد فقد كان من المخلصین للإمام علي (علیه السلام) وأل بيته وأبطال جنده الصابرين الصادقین الذين لم يكتنفوا بتفانيهم في الدفاع عنه فحسب، وإنما في تحريض الناس على ركوب طريق الإمام(4) .
وكانت السيدة عائشة لما قدمت البصرة أرسلت إلى الأحنف بن قيس تترفق به وتستميله إلى جانبها فأبى عليها ثم ارسلت إليه تستقدمه عليها فأتاها، فقالت ويحك يا احنف بمَ تعتذر إلى الله بتركك جهاد قتلة أمیر المؤمنین عثمان؟! أمنِ قلة عدد أو انك لا تطاع في العشیرة؟، فقال: يا أم المؤمنین ما كبرت السن ولا طال العهد، وان عهدي بك عام أول تقولین فيه وتنالین منه، قالت ويحك يا احنف انهم ماصوه موص الاناء ثم قتلوه، قال: يا أم المؤمنین اني آخذ برأيك
ص: 115
وأنت راضية وأدعه وأنت ساخطة(1) .
ثم انه اتى طلحة فقال: يا أبا محمد ما الذي اقدمك وما الذي اشخصك، وما تريد؟ فقال: قتلوا عثمان! قال: مررت بك عام اول بالمدينة، وانا اريد العمرة وقد جمع الناس على قتل عثمان ورمي الحجارة وحيل بينه وبین الماء فقلت لكم: انكم أصحاب محمد (صلی الله علیه و آله) لو تشاؤون ان تردوا عنه فعلتم، فقلت انت: انه دبّر فأدبر، فقلت لك: فإلى من؟ فقلت لي: إلى علي بن أبي طالب (علیه السلام)(2) ، ثم ردّ الاحنف إلى السيدة عائشة وقال لها: هل عهد اليك رسول الله (صلی الله علیه و آله) هذا المسیر؟ فقالت: اللهم لا، قال: فهل وجدتهِ في شي من كتاب الله؟ فقالت: ما نقرأ إلا ما تقرأون، قال: فهل رأيت رسول الله (صلی الله علیه و آله) استعان بشيء من نسائه اذ كان في قلة والمشركون في كثرة؟ قالت: اللهم لا، فقال: فإذاً لا ذنب لنا(3) .
أما عبدالله بن عباس فقد كان ممن ناقش السيدة عائشة قبل المعركة محاولا ان يثنيها عن رأيها، فقالت له: (لا طاقة لي بحجج علي) فقال بن عباس: (لا طاقة لك بحجج المخلوق فكيف طاقتك بحجج الخالق)(4) إلا أن ابن عباس كسابقيه ممن حاول الوصول إلى حل سلمي مع أصحاب الجمل، ولم يصل إلى نتيجة،
ص: 116
وعندما قامت حرب الجمل فإنه كان على مقدمة جند الإمام علي (علیه السلام) وقيل انه كان على الميمنة(1) .
وقد كان جارية بن قدامة ممن طلب من السيدة عائشة العدول عن القتال والعودة من حيث اتت فقد قال لها قبل بدء الحرب: (لقتل عثمان اهون من خروجك من بيتك على هذا الجمل الملعون وعرضة للساح، وقد كان لك من الله ستر وحرمة فأبحت سترك وهتكت حرمتك، ان كنت قد اتيت طائعة فارجعي إلى منزلك وان كنت قد اتيتنا مكرهة فاستعيني بالناس)(2) .
وقد أسهم الموسرون من صحابة الإمام علي (علیه السلام) بتوفیر الدعم المالي لإخوانهم المقاتلین لتلبية احتياجاتهم كالساح والمؤونة، إذ قام عمرو بن محصن بتجهيز الإمام علي (علیه السلام) بمائة ألف درهم في مسیره إلى حرب الجمل(3) .
أما أبو رافع فإنه حین سمع بالاستعدادات لحرب الجمل وكان بالمدينة وهو شيخ كبیر، باع داره وأرضا له، وخرج وأولاده لنصرة أمیر المؤمنین بالمال والنفس، إلا أنه لم يصل البصرة إلا وقد كانت حرب الجمل قد انتهت وترك
ص: 117
الإمام علي (علیه السلام) البصرة(1) .
وعمل جماعة من صحابة الإمام علي (علیه السلام) على تأجيج الروح الحماسية في عسكر الإمام عن طريق الخطب وإلقاء الأشعار، ومن أولئك سعيد بن قيس الهمذاني الذي كان يقود خيل الميسرة ويرتجز بقوله(2) :
أية حرب أضرمت نيرانها وكسرت یوم الوغى جيرانها قل للوصي أقبلت قحطانها فأدع بها تكفيكها حمدانها هم بنوها وهم اخوانها وكذلك فإن أبا الهيثم مالك بن التيهان خطب في العسكر ثم صال وانشد قائلاً(3) :
قل للزبير وقل لطلحة اننا نحن الذين شعارنا الانصار نحن الذين رأت قريش فعلنا يوم القليب أولئك الكفار كنا شعار نبينا ودثاره فداه منا الروح والأبصار ان الوصي امامنا وولينا برح الخفاء وباحث الاسرار وقد كان لصحابة الإمام علي (علیه السلام) جميعهم دورهم المشرف بین رجال قبائلهم خاصة ورجال المسلمين عامة في حرب الجمل، وجسد ذلك مواقفهم البطولية فيها وبذلهم النفس في سبيل الدين وتضحيتهم بكل ما يملكون في سبيل الدفاع
ص: 118
عن حقوق أمیر المؤمنین علي (علیه السلام)، ودل عى ذلك استقتالهم في حرب الجمل طلبا لإحدى الحسنيين النصر أو الشهادة التي تمنوها لهم ولمن احبوا خلف الإمام علي (علیه السلام) ومن أولئك ثابت بن قيس، وحكيم بن جبلة،و قيس بن سعد، ومعقل بن قيس، وسيحان بن صوحان، وعمرو بن الحمق وهاشم بن عتبة المرقال، وعبدالله بن أبي رافع، وابو ايوب، وسليمان بن الصرد، ومحمد بن أبي بكر، وعبدالله بن بديل، وحجر بن عدي وعدي بن حاتم، ومخنف بن سليم(1) .
عندما سار الإمام علي (علیه السلام) سنة37ه لقتال معاوية بن أبي سفيان في صفین، سار عبدالله بن عباس إلى الكوفة واستخلف على البصرة زياداً (قبل استلحاق معاوية له) فوجه معاوية بن أبي سفيان سنة38ه عبدالله الحضرمي(2) في جماعة إلى البصرة(3) فعلم زياد بقدوم ابن الحضرمي فارسل إلى زعماء القبائل يستنجدهم قائلاً: (امنعوني حتى أرسل إلى أمیر المؤمنین علي (علیه السلام) ويأتيني رده)(4) ، ووصلت انباء ذلك إلى ابن عباس فأبلغ الإمام علياً (علیه السلام) فأرسل أعن بن ضبيعة فقتل،
ص: 119
فعزز الإمام علي بجارية بن قدامة، الذي قام بجملة من الأمور لتهدئة الأوضاع في البصرة، وكان نتيجة اعمال جارية في البصرة أن أعاد زياداً إلى دار الإمارة، بعد ان كان مستجيراً بالأزديین، وقضى على ابن الحضرمي في سبعين رجلاً من رجاله في الدار التي كانوا فيها، فسمي جارية بعدها ب (المحرق)(1) .
كانت المعركة الثانية بعد استخلاف الإمام علي (علیه السلام) هي معركة صفین سنة37ه، وهي تعد أقوى المعارك التي خاضها الإمام علي (علیه السلام) ضد معاوية بن أبي سفيان الذي اعلن العصيان في الشام وجمع من حوله جنده الشاميين مغدقاً عليهم الهدايا والهبات(2) وتعسرّ على الإمام علي (علیه السلام) الوصول إلى حلول سلمية لذلك، فقد اصرّ معاوية على عدم الاعتراف بشرعية خلافته واتهمه بأن له يداً في قتل الخليفة عثمان، في حین ان الإمام علي كان يوصل الماء بنفسه لبيت عثمان، حین حاصره الثائرون عليه، اضافة إلى تكليفه الحسنين (علیه السلام) بحراسته(3) .
وعندما تعذر على الإمام علي (علیه السلام) الوصول إلى حل سلمي رغم الرسائل التي دارت بينه وبین معاوية ومحاولات بعض صحبه الاصلاح، كعبيدة السلماني، الذي حاول جاهداً الإصلاح ففشل(4) ، لم يجد الإمام (علیه السلام) بدّاً من السیر بجيشه
ص: 120
إلى معاوية، فجمع أصحابه وشيعته وقال: اما بعد فإنكم ميامین الرأي، مراجيح الحلم، مقاويل بالحق مباركوا الفعل والأمر، وقد اردنا المسیر إلى عدونا وعدوكم، فأشیروا علينا برأيكم فوافقوه الرأي(1) وشدّوا من أزره، فقد قام عمرو بن الحمق قبل المسیر لمعاوية خطيبا في جيش الإمام علي (علیه السلام) فقال (والله إني ما بايعت عليا ولا اجبته على قرابة بيني وبينه، ولا ارادة مال يؤتينيه أو سلطان يرفع به ذكري ولكني اجبته بخصال خمس: انه ابن عم رسول الله واول من امن به وزوج سيدة نساء العالمین فاطمة بنت محمد (صلی الله علیه و آله) ووصيه أبو الذرية التي بقيت فينا من رسول الله، واعظم المهاجرين سهما في الجهاد، فلو اني كلفت بنقل الجبال الرواسي ونزح البحور الطوامي، حتى يأتي عليّ يومي في امر اقوي به ولايته وأهین به عدوه، ما رأيت اني قد اديت فيه كل الذي يحق عليَّ من حقه)، فأثنى عليه الإمام علي (علیه السلام) ودعا له بقوله: اللهم نور قلبه بالتقى واهده إلى صراطك المستقيم، ليت في جندي مئة مثلك، فقال حجر بن عدي، اذاً والله صح جندك وقلّ فيهم من يغشك(2) .
ثم قام عمار بن ياسر فقال: يا أمیر المؤمنین اشخص بنا لقتالهم قبل استعار نارهم فإن ردوا إلى الحق سعدوا وإن أبوا إلا حربنا فوالله إن سفك دمائهم والجد
ص: 121
في جهادهم لقربة عند الله(1) .
وتحدث بمثل ذلك قيس بن عبادة، وطلب من الإمام الاسراع بهم لمواجهة معاوية وجنده، وتلاه مالك الاشتر مؤيداً لهم(2) .
وتوالت الآراء بتأييد السیر لمواجهة جند الشام ومعاوية(3) فسار جند الإمام علي (علیه السلام) برفقته حتى تقابلوا مع جند معاوية بالقرب من صفین، ولم تجد نفعاً محاولات درء القتال فتقدم عسكر الإمام (علیه السلام) للقتال وكانت الراية بيد هاشم المرقال(4) . واستبسل في القتال جند الإمام علي (علیه السلام) عامة وصحبه خاصة فقد أدى مالك الأشتر في صفین دوراً بطولياً منقطع النظیر(5) وكان لعبد الله بن عباس دور هام في رفع معنويات جند الإمام علي (علیه السلام) من خلال خطبه فيهم وحثهم على القتال(6) .
ودارت المعركة لصالح الإمام علي (علیه السلام) وجنده حتى كان معاوية قاب قوسین أو أدنى من الهزيمة أو الفرار، الا ان عمرو بن العاص قام بمناورة سياسية تمكن بواسطتها من انقاذ موقف معاوية وعسكره حيث أمر الجند برفع المصاحف على اسنة الرماح والرايات والدعوة إلى التحكيم، وقد عرف الإمام علي (علیه السلام) حقيقة
ص: 122
نوايا عمرو بن العاص ومعاوية وطلب من الجند مواصلة القتال، الا ان الأمر التبس عليهم، فألحّوا عليه وقف القتال، واختار الكوفيون أبا موسى الأشعري حكماً دون موافقة الإمام علي(1) كما ان البعض رفضوا التحكيم وأنكروه. وهكذا انتهت صفین دون ان تحقق الهدف الذي قامت لأجله وقد كان لأصحاب الإمام علي (علیه السلام) الدور البطولي فيها سواءً في تأييد الإمام (علیه السلام) أو تحفيز الجند أو مناظرتهم للعدو أو قتاله، وهم بذلك عبرّوا عن موقفهم إزاء أمیر المؤمنین علي (علیه السلام) من خال مؤازرته ونصرته... وقد أوضحت معركة صفین لعامة المسلمين أن الإمام علي (علیه السلام) كان على الحق وأن خصمه كان على غیر ذلك، فقد أستشهد في هذه المعركة عمار بن ياسر الذي قال له الرسول (صلی الله علیه و آله: (أنه ستقتلك الفئة الباغية، فبقتل عمار اتضحت الفئة الباغية حتى أن خزيمة كان حاضراً في الجمل ولم يقاتل، وفي صفین لم يقاتل إلاّ بعد أن استشهد عمار، لتيقنه بأن عمار سيقتل مناصراً للحق(2) .
وكان صحابة الإمام علي (علیه السلام) قد تفانوا في القتال من أجل نصرة امامهم واعلاء كلمة الحق ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، سواء بسيوفهم أو بألسنتهم، فقد عاتب سهل بن حنيف الخارجین عن طاعة الإمام علي (علیه السلام) في صفین ومحملاً اياهم نتائج ذلك(3) .
وكذلك فإن سليمان بن صرد الخزاعي، أقبل على الإمام علي (علیه السلام) في صفین
ص: 123
عندما مال الناس إلى التحكيم وبوجهه جراح من ضربات السيوف فنظر إليه أمیر المؤمنین (علیه السلام) وقرأ قوله تعالى: «فَمِنْهُمْ مَنْ قَضىَ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً»(1) وأنت ممن ينتظر وممن لم يبدلوا، فقال له سليمان بن الصرد: (والله لقد مشيت في المعسكر التمس أعواناً ليعودوا إلى أمرهم الأول فما وجدت إلا قليلا، وما في الناس خیر، وكان سليمان حينها يرأس رجالة الميمنة)(2) .
ونلاحظ أن بعض الأخوان جمعهم حبهم لعلي ولنصرة الحق فقاتلوا بین يدي الإمام علي (علیه السلام) في صفین، فكما جمع ابناء صوحان زيد وصعصعة وسليمان، فإن سهلاً وعثمان ابنا حنيف كانا ممن يقاتل بین يدي الإمام علي (علیه السلام)(3) .
وقام بعض أصحاب الإمام (علیه السلام) علي بدور تثقيفي وتوعوي للمسلمين عن طريق كشف الحقائق التاريخية والدينية، فقد كان يزيد بن قيس يوضح للعسكر حقيقة الامويین وأهل الشام وغرضهم من محاربة أمیر المؤمنين إضافة إلى استبساله في القتال وحتى نيله شرف الشهادة بین يدي الإمام (علیه السلام).
أما سعيد بن قيس الهمذاني فقد كان يرتجز بصفین بین العسكرين متفاخراً بوقوفه مع الحق متمثلاً بالإمام علي (علیه السلام) وموضحاً شجاعته قائلاً(4) :
هذا علي وابن عم المصطفى أول من اجابه فيما روى هو الإمام لا يبالي من غوى
ص: 124
وكان لصحابة الإمام علي (علیه السلام) جميعهم الدور البطولي المشرف والمشرق في صفین الذي خلدته لهم الأيام على صفحات التاريخ ومنهم (كميل بن زياد، وأويس القرني، وزياد بن النظر، وشريح بن هاني، وعدي بن حاتم، وسعد بن مسعود، وقرضة بن كعب، والأصبغ بن نباتة، ومعقل بن قيس والأحنف بن قيس، وسعد بن قيس)، كما استشهد فيها جماعة من صحابة الإمام ك (عبدالله بن بديل، وعبدالله بن كعب، وأبو الهيثم مالك بن التيهان، وجعدة بن هبیرة، وعلقمة بن قيس، وعمرو بن محصن)(1) .
ما ان انتهت معركة صفین بحادثة التحكيم التي انتهت بخديعة عمرو ابن العاص لأبي موسى الاشعري، والتي لم يكن الإمام علي (علیه السلام) أو صحابته المقربون مقتنعین بها أو موافقین عليها و إنما زجوا اليها زجّا حتى عاد الإمام علي (علیه السلام) بجنده إلى الكوفة، وفوجئ بخروج طائفة من جيشه تبلغ ثمانية الاف رجل معلنة تمرّدها على الإمام علي (علیه السلام)، ولم تدخل معه الكوفة و إنما ذهبت
ص: 125
إلى حروراء(1) واتخذتها مقراً لها(2) وأعلنوا مبررات خروجهم عن جيش الإمام تحت شعار (لا حكم إلا لله، ولا نرضى بأن تحكم الرجال في دين الله، قد أمضى الله حكمه في معاوية واصحابه ان يقتلوا أو يدخلوا معنا في حكمنا عليهم، وقد كانت منا خطيئة وزلة حین رضينا بالحكمین وقد تبنا إلى ربنا ورجعنا عن ذلك فأرجع «قاصدين الإمام علي (علیه السلام) كما رجعنا وإلا فنحن منك براء)(3) .
فقال لهم الإمام علي (علیه السلام): ويحكم أبعد الرضا والميثاق والعهد أرجع؟(4) ، ولم يصغ الخوارج إلى الإمام علي (علیه السلام) وتعاظم خطرهم وازداد عددهم وكفرّوا ما سواهم من المسلمين واستباحوا دماءهم(5) ، وقتلوا رسول الإمام علي (علیه السلام) اليهم الحارث بن مرّة(6) مما حدا بأصحاب الإمام علي إلى التحرك نحوهم فعملوا على مفاوضتهم ومحاورتهم بالطرق السلمية، وكان اول رسول اليهم بعد الحارث بن
ص: 126
مرة، قيس بن سعد، وابو ايوب الانصاري(1) .
وقد نالت مساعي قيس بن سعد وابي ايوب شيئاً من التوفيق اذ انسحب بعض الخوارج وتركوا أصحابهم(2) في حین أصّر الباقون منهم، وكان عددهم قد قلّ حتى بلغ اربعة الاف بعد ان كان قبل مفاوضة قيس وأبي أيوب لهم اثني عشر ألفاً، وأمر الإمام علي (علیه السلام) جنده بعدم بدء القتال حتى يبدأ به الخوارج، ثم وقف الإمام علي (علیه السلام) بن العسكرين خطيباً ليوضح لهم حقيقة ما التبس عليهم من أمر التحكيم الذي لم يكن له فيه يدٌ، فانسحب قوم من الخوارج منهم فروة بن نوفل الاشجعي وكان من قوادهم(3) .
ولما يأس الإمام علي (علیه السلام) من عدول الباقيین منهم عن موقفهم أمر أصحابه أن يحملوا عليهم، فقال: احملوا عليهم فوالله لا يقتل منكم عشرة ولا يسلم منهم عشرة، فهجم عليهم صحبه وجنده فقتلوهم جميعاً الا ثمانية هربوا واستشهد من جند الإمام علي (علیه السلام) تسعة(4) .
فقيل للإمام علي (علیه السلام): يا أمیر المؤمنین هلك القوم بأجمعهم، فقال كلا والله انهم نطف في اصلاب الرجال وقرارات النساء كلما نجم منهم قرن قطع حتى يكون اخرهم لصوصاً سلابين(5) .
ص: 127
وقد أدى صحابة الإمام علي (علیه السلام) دوراً هاماً في محاربة أهل النهروان من الخوارج، فقد كان لحبر الامة عبدالله بن عباس معهم مناظرات لتعريفهم بأخطائهم، وأن علياً على الحق وان من غیره على الباطل(1) ، وكذلك زياد بن النظر اذ ان الخوارج لمّا اجتمعوا بحروراء قالوا: البيعة لله عز وجل وقد استبقتم أنتم واهل الشام إلى الكفر كفرسي رهان بايع أهل الشام معاوية على ما احبوا وكرهوا وبايعتم انتم علياً على انكم أولياء من والاه وأعداء من عاداه، فقال لهم زياد بن النظر: والله ما بسط عليُّ (علیه السلام) يده فبايعناه الا على كتاب الله وسنة نبيه ولكنكم لمّا خالفتموه جاءته شيعته، فقالوا له: نحن أولياء من واليت وأعداء من عاديت، ونحن كذلك وهو على الحق والهدى ومن خالفه ضال مضل(2) .
وكان لصعصعة بن صوحان معهم مناظرات، حيث بعثه الإمام علي (علیه السلام) رسولاً لهم، فقالوا له: أرأيت لو كان عليٌ معنا في موضعنا أتكون معه؟ قال:نعم، فقالوا: أنت إذاً مقلد علي دينك؟ فقال لهم صعصعة: ويلكم ألا أقلد علياً ألا اقلد من قلد الله فأحسن التقليد، ولم يزل رسول الله إذا اشتدت به الحرب قدمه
ص: 128
في لهواتها فيطأ صماخها بأخمصه ويخمد لهبها فأنى تصرفون وأين تذهبون؟! وإلى من ترغبون وعمن تصدفون؟! أعن القمر الباهر والسراج الزاهر وصراط الله المستقيم، طاشت عقولكم وغارت حلومكم وشاهت وجوهكم، لقد علوتم القلة من الجبل وباعدتم العلة من السهل، اتستهدفون أمیر المؤمنین ووصي رسول رب العالمین، لقد سوّلت لكم انفسكم خسراناً مبيناً فبعداً وسحقاً للكفرة الظالمین، عدل بكم عن القصد الشيطان وعمى لكم عن واضح المحبة الحرمان(1) . وله غیر هذا الموقف معهم الكثیر من المناظرات والخطب فضلاً عن استبساله البطولي في المعركة(2) .
وكان قيس بن سعد بن عبادة يشجع جند الإمام علي من خلال اراجيزه واشعاره التي كان يتمثل فيها ابان المعركة، ومنها قوله(3) :
قلت لمّا بغوا علينا حسبنا الله ونعم الوكيل وعليّ امامنا وامام لسوانا اتى به التنزيل يوم قال النبي من كنت مولاه فهذا مولاه خطب جليل أن علياً لإمام على الأمة حتمٌ ما فيه قال وقيل وقد أدى صحابة الإمام علي (علیه السلام) إلى جانب دورهم في مناظرة الخوارج
ص: 129
والتعريف بحق الإمام علي (علیه السلام) ووعظهم الخوارج دوراً عسكرياً بطولياً في قتال أهل النهراون ك (كميل بن زياد، وسعد بن مسعود، ومعقل بن قيس، وجارية ابن قدامة، وشريح بن هاني، وحبة بن جوين، وعمرو بن الحمق، وعدي بن حاتم، وأبو أيوب الأنصاري)(1) .
وبعد ان انتهت معركة النهروان اخذ معاوية يفرق جيوشه بإرسالها إلى المناطق الخاضعة للإمام علي (علیه السلام)، محاولة منه في زعزعة الاستقرار فيها، ومن ثمّ إضعاف الخلافة متمثلة بأمیر المؤمنین علي (علیه السلام)، فما كان من أصحاب الإمام الا التصدي لتلك المحاولات، ومن اهم تلك المواقف ما كان من مالك بن كعب، ومخنف ابن سليم من صد الهجوم الذي قاده النعمان بن بشیر حین ارسله معاوية إلى عین تمر(2) وفيها مالك بن كعب في مسلحة لأمیر المؤمنین الإمام علي (علیه السلام)(3) .
وكذلك حجر بن عدي وكميل بن زياد اذ تصدوا للجند التي ارسلها معاوية بقيادة الضحاك بن قيس لقتل من كان في طاعة الإمام علي (علیه السلام) من أهل البوادي(4) .
ص: 130
أما معقل بن قيس فقد قام بالقضاء على الجيش الذي أرسله معاوية بقيادة ابن عوف الغامدي إلى الأنبار سنة39ه(1) .
كان لاستشهاد الإمام علي (علیه السلام) سنة40ه الأثر البالغ في نفوس المسلمين عامة وأصحاب الإمام علي (علیه السلام) وذويه خاصة الذين كانوا يرون انهم باتباعهم اياه يسیرون على الصراط المستقيم والنهج القويم بوصفه وارث علم النبي ووصيه، وقد عبروا عن تأثرهم بذلك الحدث الجلل نثراً وشعراً كلما ذُكر الإمام (علیه السلام) ولعل البحث لا يكفي لذكر جميع ما رثوه به إذ لا مجال لذكره في بحثنا هذا لضيق البحث ووفرة رثائهم له، فضاً عن أن موضوع رثاء أصحاب الإمام علي (علیه السلام) له (وحده) يستحق بحثاً خاصاً به، ومع كل هذا لابد من ذكر نماذج من ذلك الرثاء أو الإشارة إليها، فقد قال حجر بن عدي(2) :
فيا أسفي على المولى التقي أبو الأطهار حيدرة الزكي قتله كافر حنث زنيم لعين فاسق نغل شقي فيلعن ربنا من حاد عنكم ويبرأ منكم لعن وبي لأنكم بيوم الحشر ذخري وأنتم عترة الهادي النبي وقال صعصعة بن صوحان(3) :
ص: 131
ألا من لي بنشرك يا اخيّا ومن لي ان ابثك ما اريّا طوتك خطوب دهر قد تولى كذاك خطوبه نشراً وطيا وكانت في حياتك لي عظات وانت اليوم أوعظ منك حيا وقال أبو الأسود الدؤلي(1) :
الا ابلغ معاوية بن حرب ولا قرت عيون الشامتينا أفي الشهر الحرام فجعتمونا بخیر الناس طرّا اجمعينا قتلتم خير من ركب المطايا وأردفها ومن ركب السفينا ومن لبس النعال ومن حذاها ومن قرأ المثاني و المبينا فقد علمت قريش حيث كانت بانك خيرها حسبا ودينا
عندما استشهد الإمام علي (علیه السلام) قام الإمام الحسن خطيبا في الناس فقال: (لقد قبض هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون ولا يدركه الآخرون، لقد كان يجاهد مع رسول الله (صلی الله علیه و آله) فيقيه بنفسه، ولقد كان يوجهه برايته، فيكتنفه جبرائيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، فلا يرجع حتى يفتح الله عليه، ولقد توفي في الليلة التي قبض فيها موسى بن عمران، ورفع بها عيسى ابن مريم، وأنزل القرآن، وما خلّف صفراء ولا بيضاء الا سبعمائة درهم من عطائه، اراد ان يبتاع بها خادماً لأهله)(2) .
ص: 132
وفي اليوم نفسه الذي استشهد فيه الإمام علي وهو يوم21/ رمضان/ 40ه بايع أهل الكوفة الإمام الحسن (علیه السلام) وتبعهم أهل البصرة التي جاءت بيعتها برسالة من ابن عباس إلى الإمام الحسن، والمدائن والعراق كافة، ثم الحجاز واليمن على يد صاحب ابيه جارية بن قدامة الذي ما لبث ان جاء إلى الإمام الحسن فضرب على يده يبايعه وعزاه وقال: ما يجلسك؟ سر يرحمك الله إلى عدوك قبل أن يسار إليك، فقال: لو كان الناس كلهم مثلك سرت بهم(1) . وهذا يدل على أن أصحاب الإمام علي (علیه السلام) كانوا أول من بايع الإمام الحسن (علیه السلام) بعده، وإن كانوا خارج الكوفة أما في داخلها فقد كانوا السابقين للبيعة فقد كان قيس بن سعد أول من بايعه(2) وتلاه أبو الأسود(3) وتبعهم العامة. وسار الإمام الحسن منذ تقلده الخلافة على نهج أبيه (علیه السلام) فأحبه الناس حباً شديداً(4) .
ويبدو أن ذلك أثار الحسد والحقد في نفوس بعض الأمويین وانصارهم ممن كان يسكن الكوفة ك (عمرو بن حريث(5) وعمارة بن الوليد بن عقبة(6) وحجر
ص: 133
ابن عمرو(1) وعمر بن سعد(2) وأبو بردة بن أبي موسى(3) واسماعيل واسحاق ابناء طلحة بن عبيد الله وانصارهم من ذوي النفوذ(4) ، فكاتبوا معاوية واستحثوه على السیر نحوهم و واعدوه بالفتك بالإمام الحسن (علیه السلام)(5) .
وكان الإمام الحسن (علیه السلام) مصمماً على قتال معاوية، ولم يخف ذلك الأمر وإنما صرّح به في رسائله إليه وخاصة تلك التي حملها إلى معاوية احد تلامذة الإمام علي (علیه السلام) وصحبه وهو جندب بن عبدالله الأزدي والتي دلت على عمق فهم الإمام (علیه السلام) للوضع السياسي وإصراره على مواجهة معاوية ويقينه من موقفه(6) .
ولكن معاوية سرعان ما هاجم العراق دون ان يمهل الإمام الحسن (علیه السلام) إلا ان الإمام الحسن (علیه السلام) نظم جنده وشرع في الزحف على الشام لقتال معاوية مع عدم استعداده فوجد في جنده عدم رغبة في القتال اضافة إلى ان معاوية اشترى ضمائر البعض بالأموال، وظهرت بوادر العصيان والانشقاق في داخل جيش الإمام الحسن (علیه السلام) حتى هجموا عليه وانتهبوا مصلاه وطعنه بعضهم في فخذه
ص: 134
وتدهور الموقف داخل صفوف جنده وأحس بالضعف أمام خصمه وأراد بكل ما يملك من قوة وصمود أن يستأنف القتال من جديد ولكن أرغم على المصالحة لما شاهد من ضعف ما بقي معه من عسكره، وتفوق عسكر معاوية في العددوالعدة، ووضح رأيه في خطبة ألقاها بعد الصلح قال فيها: «أيها الناس ان الله هداكم بأولنا وحقن دماءكم بآخرنا، وقد سالمت معاوية، وإن أدري لعله فتنة ومتاع إلى حین... الخ»، وكانت شروط الصلح توحي بعظمة الإمام الحسن وقوته فقد اشتملت على العمل بكتاب الله وسنة نبيه وعدم استخلاف أحد من بعده وترك الناس آمنین وعدم سب الإمام علي (علیه السلام) على المنابر(1) .
وفي خضم هذه الأحداث كان من أقرب المسلمين إلى الإمام الحسن (علیه السلام) صحابة أبيه أمیر المؤمنین (علیه السلام) فقد كان قيس بن سعد من أوائل المبايعین له بعد استشهاد الإمام علي (علیه السلام) ومن السائرين معه لقتال معاوية والثابتین إلى جانبه حین خذله بعض قواده، وعند عقده الصلح مع معاوية فقد عاد معه قيس إلى المدينة ايضاً(2) .
وكان حجر بن عدي ممن استنفر الناس لقتال معاوية بن أبي سفيان، وحينما تم الصلح بن الحسن (علیه السلام) ومعاوية، ابدى حجر استغرابه واندهاشه واعرب عن استيائه من الامور التي أدت بالإمام الحسن (علیه السلام) إلى عقد الصلح متمنياً الموت بدلاً عن ذلك بقوله يخاطب الإمام الحسن (علیه السلام): وددت أنّا متنا معك
ص: 135
قبل هذا اليوم أو لم يكن ما كان، انّا رجعنا راغمین بما كرهنا، ورجعوا مسرورين بما أحبوا) فما كان من الإمام الحسن (علیه السلام) إلا أن قال مثنياً على حجر وموضحاً شجاعته التي لا يملكها الكثیر ممن حوله: «يا حجر ليس كل الناس يحب ما تحب ولا رأيه كرأيك وما فعلت ما فعلت إلا إبقاءً عليكم»(1) .
في حین لم يظهر سليمان بن صرد الخزاعي عدم رضاه عن الصلح مع معاوية إلا بعد سنتين من الصلح(2) .
وقد وضح لهم الإمام الحسن (علیه السلام) الدوافع التي دفعته لهذا الموقف المسالم ومنها الحفاظ على البقية الباقية من المؤمنین الأبطال الذين تألموا لوقوع الإمام (علیه السلام) في مثل هذه الظروف التي دفعته للصلح مع معاوية وهي مشابهة للظروف التي دفعت بأبيه (علیه السلام) إلى قبول التحكيم.
لما آل الأمر إلى معاوية بن أبي سفيان استقبل المسلمون حكومته بالذعر والفزع وخافه الناس على نفوسهم وأموالهم ودينهم وساد الظلم والجور وحُصرت الثروة بيد فئة قليلة وهم الأمويون وأتباعهم.
وقد بالغ معاوية في محاولاته اذلال العلويین عامة وصحابة الإمام علي (علیه السلام) خاصة إلا أن ذلك لم يثنهم عن ولائهم المطلق للإمام علي وذريته، فیروى ان معاوية اجتاز جماعة فقاموا إليه تكريماً وفيهم ابن عباس فلم يقم، فقال له معاوية: يا
ص: 136
بن عباس ما منعك من القيام كما قام أصحابك الا لموجدة عليَّ بقتالي اياكم يوم صفین، يا بن عباس ان ابن عمي عثمان قتل مظلوماً، فرد عليه ابن عباس قائلاً: فعمر بن الخطاب قتل مظلوماً ايضاً، فسلم الأمر إلى ولده هذا وأشار إلى عبدالله ابن عمر، فأفحمه(1) .
وكذلك يذكر ان له مناظرات عديدة مع ابن عباس، منها أنه قال لابن عباس: أنكم تريدون ان تحرزوا الإمامة كما اختصصتم بالنبوة وحجتكم في الخلافة مشتبهة على الناس، وليس الأمر كما تظنون، ان الخلافة تتقلب في أحياء قريش، فقال بن عباس: يا معاوية قولك اننا نحتج بالنبوة في استحقاق الخلافة فهو والله كذلك، فإن لن نستحق الخلافة بالنبوة فبما تستحق، وأما قولك انهما النبوة والخلافة لا يجتمعان لأحد فأين قول الله تعالى: «أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلىَ مَا آتَاهُمُ الله مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالِحكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً»(2) .
فالكتاب النبوة والحكمة السنة والملك هو الخلافة فنحن آل إبراهيم والحكم جار فينا، وأما دعواك علينا بأن صحبتنا مشتبهة فليس كذلك، وصحبتنا أوضح من ضوء الشمس، وإنك تعلم ذلك ولكن ثنا عطفك قتلنا أخاك وجدك وخالك وعمك، فلا تبكِ على ارواح في النار هالكة، ولا تغضب لدماء اراقها الشرك، وأحلها الكفر، وأما افتخارك بالملك الذي توصلت إليه بالباطل فقد ملك قبلك
ص: 137
فرعون، فأهلكه الله(1) .
وقد ذكرت العديد من المصادر التاريخية الكثیر من المناظرات التي دارت بین ابن عباس ومعاوية والتي كانت تحسم لصالح ابن عباس لقوة حجته، لتتلمذه على يد الإمام علي ابن عمه وصاحبه، إضافة إلى إيمانه المطلق بوقوفه إلى جانب الحق(2) .
ولم يكن صحابة الإمام علي (علیه السلام) يثنهم عن الحق شيء كلوم لائم أو خوف سلطان، فقد قال معاوية لقيس بن سعد حيث لم يستقبل أهل المدينة معاوية: مالكم لا تستقبلوني؟ فقال قيس: أقعدنا- ولم تكن لنا دواب نستقبلك عليها، فقال معاوية: فأين النواضح؟ قال قيس: أفنيناها يوم بدر ويوم أحد وما بعدها من مشاهد رسول الله (صلی الله علیه و آله) حین ضربناك وأباك على الإسلام حتى ظهر أمر الله وأنتم كارهون، وقد قال لنا الرسول (صلی الله علیه و آله) إننا سنرى بعده هذا، فقال معاوية: وبمَ أمركم؟ قال قيس: أمرنا بالصبر، قال معاوية: فأصبروا حتى تلقوه، قال قيس: تعيرنا بنواضحنا والله لقد لقيناكم عليها يوم بدر وانتم تقاتلوننا على اطفاء نور الله، وتريدون أن تكون كلمة الشيطان هي العليا(3) وقد أراد معاوية امتحان قلوب بعض رجال الإمام علي (علیه السلام) وتلامذته فأشار على عمرو بن
ص: 138
العاص أن يقرب أبا الأسود الدؤلي ليتقي لسانه بن الناس، فأرسل معاوية إلى أبي الأسود فجاءه، فقال معاوية: خلوت أنا وعمرو وتناجزنا في أصحاب محمد (صلی الله علیه و آله) وقد أحببت أن اكون من رأيك على يقین. قال: سَل عما بدا لك. فقال معاوية: يا أبا الأسود أيهم كان احب إلى رسول الله (صلی الله علیه و آله)؟ فقال: أشدهم حباً لرسول الله (صلی الله علیه و آله) واوقاهم له بنفسه، فنظر معاوية إلى عمرو وحرك رأسهُ ثم قال فأيهم كان افضل عندك؟ قال:أتقاهم لربه، وأشدهم خوفاً لدينه. فاغتاظ معاوية على عمرو، ثم قال: فأيهم كان اعلم؟ قال: اقولهم للصواب، وافضلهم للخطاب. قال معاوية: فأيهم كان اشجع؟ قال: أعظمهم بلاء وأحسنهم عفاءاً وأصبرهم عى اللقاء، قال معاوية: فأيهم كان أوثق عنده؟ قال: من أوصى إليه فيما بعده، فأقبل معاوية على عمرو وقال: لا جزاك الله خیراً، هل تستطيع أن ترد مما قال شيئاً؟ فقال أبو الاسود: إني قد عرفت من أين أتيت فهل تأذن لي فيه. قال: نعم، فقال أبو الاسود، إن عمرو هجى رسول الله (صلی الله علیه و آله) بأبيات، فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله) اللهم إني لا احسن قول الشعر فألعن عمرو بكل بيت لعنة، أتراه بعد هذا نائلاً فلاحلاً، أو مدركاً رباحاً؟ فهدده عمرو وتوعده، فخرج أبو الأسود غیر مبالٍ به وهو ينشد(1) :
ألا إن عمرو رام ليثاً خفيةً وكيف ينال الكلب ليث عرين وقال معاوية يوماً لأبي الأسود: بلغني أن علياً، أراد أن يجعلك احد الحكمین (بدلاً من أبي موسى) فما كنت تحكم؟ قال: لو جعلني أحدهما لجعلت ألفاً من المهاجرين وابناءهم وألفاً من الانصار وابناءهم، ثم ناشدتهم الله أعليٌ أولى بهذا
ص: 139
الأمر؟ أم الطلقاء؟، فقال معاوية: لله ابوك أي حكم انت؟(1) ، وسأله زياد يوماً عند معاوية: يا أبا الأسود كيف حبك لعلي؟ قال حباً يزداد له شدةً كما يزداد بغضك له شده، وتزداد لمعاوية حُباً، وأيم الله أني لأريد بذلك الآخرة وما عند الله، وإنك تريد الدنيا وزخرفها، وذلك عنك زائل بعد قليل، فقال له زياد ؛ أنت شيخ قد خرفت، فقال أبو الأسود(2) :
غضب الأمیر بأن صَدقتُ وربما غضب الأمیر على البريء المسلم الله يعلم أن حبي صادق لبني النبي وللوحي الأكرم ثم قال:
ماذا تقولون إن قال النبي لكم ماذا فعلتُم وأنتم آخر الأمم بأهل بيتي وانصاري ومحرمتي منهم أُسارى وقتلى ضرجوا بدم ما كان هذا جزائي إن نصحت لكم أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي(3)
ص: 140
وقد دخل الأحنف بن قيس يوماً على معاوية، فقدم له معاوية الواناً من الطعام الذي بولغ في تنويعه وإعداده وأوانيه وعُد خاصاً بمعاوية إذ لم تعهده العرب ولم يعرفه المسلمون ومن ذلك طعامٌ من مصارين البط محشوة بالفستق والمخ و مذرورة بالسكر، فبكى الأحنف، فقال معاوية: ما يبكيك يا أحنف؟ فقال: لله در ابن أبي طالب لقد جاء على نفسه بما لم تسمح به انت ولا غیرك.
فقال معاوية وكيف؟ قال: دخلت عليه ليلة عند افطاره، فقال لي: قم فتعشى مع الحسن والحسین (علیه السلام)، ثم قام إلى الصلاة، فلما فرغ، دعا بجراب مختوم بخاتميه فأخرج منه شعيراً مطحوناً ثم ختمه فقلت له: لم اعهدك بخيلاً يا أمیر المؤمنین، فقال (علیه السلام): لم أختتمه بخلا ولكن خفت ان يبسه الحسن أو الحسن بسمن أو اهالة. فقلت: أحرام هو؟ فقال: لا ولكن على ائمة الحق أن يتأسوا بأضعف رعيتهم حالاً في الأكل واللبس ولا يتميزوا عليهم بشيء، ليراهم الفقیر فیرضى عن الله تعالى بما هو فيه ويراهم الغني فيزداد تواضعاً(1) .
وقد وفد الأحنف في جماعه مرةً إلى معاوية، فقال له معاوية وقد بلغه عنه أخبار: أنت الساعي على أمیر المؤمنین عثمان وخاذل أم المؤمنین عائشة والوارد الماء على علي بصفین؟ فقال الأحنف: من ذلك ما اعرف ومنه ما انكر، أما عثمان فأنتم خذلتموه وقتلتموه ونحن بمعزل وكنتم بین خاذل وقاتل، وأما عائشة فإني خذلتها في طول باع وذلك أني لم أجد في كتاب الله إلا أن تقر في بيتها، وأما ورودي
ص: 141
الماء بصفین فإني وردت حین أردت أن تُقَطع قلوبنا عطشاً، فقام معاوية وتفرق الناس(1) .
وحينما عهد معاوية بالولاية إلى يزيد اقعده في جبةٍ حمراء وجعل الناس يسلمون عليه، ثم يميلون إلى يزيد، حتى جاء رجل ففعل مثل ذلك ثم رجع إلى معاوية فقال: يا أمیر المؤمنین اعلم انك لو لم تولِ هذا لضاع المسلمون، والأحنف جالس، فقال له معاوية: ما بالك لا تقول شيئا؟ فقال الأحنف: أخاف الله إن كذبت وأخافكم إن صدقت، فقال معاوية: جزاك الله عن الطاعة خیراً، فخرج الأحنف، فلقي ذلك الرجل بالباب، فقال له: يا أبا بحر إني لأعلم أن شر من خلق الله سبحانه وتعالى هذا وابنه، استوثقوا من هذا بالأموال والأبواب والأقفال، فليس نطمع في استخراجها إلا بما سمعت، فقال له الأحنف: أمسك عليك(2) .
ولم يتمكن معاوية من بلوغ مأربه حينما أمر الأحنف بسب علي (علیه السلام) و التبرئ منه، فما كان من الأحنف إلا أن قال له: يا معاوية إتق الله ودع عنك علياً فقد لقى ربه وأفُرد في قبره وخلا بعمله وكان والله المبرز بسبقه الطاهر بقلبه وخلقه الميمون نقيبه، والعظيم مصيبه، فقال معاوية: لقد اغضبت العین على القذى وأيم الله لتصعدنَ المنبر فلتلعننه طوعاً أو كرهاً، فقال الأحنف: أن تعضني فهو خیرٌ لك وأن تجبرني على ذلك فوالله لا تجري به شفتاي أبداً(3) .
ص: 142
وهذا يدل على ثبات الأحنف وولائه لأمیر المؤمنین علي (علیه السلام) على الرغم من التغیرات السياسية التي طرأت على الدولة الإسلامية والتضييق الذي كان يفرضه الأمويون على الموالین لآل البيت (علیه السلام).
وقد كان هذا الولاء والثبات لعلي (علیه السلام) هو شيمة صحبه وصفتهم، فقد سأل معاوية عامر بن واثلة قائلاً: أكنت ممن قتل عثمان؟ قال: لا، ولكن ممن شهد قتله فلم ينصره، إذ لم ينصره المهاجرون أو الأنصار. فقال معاوية: والله إن نُصرَتَه كانت واجبة عليكم و فرضاً لازماً وحقاً، فإذ ضيعتموه فقد فعل الله بكم ما أنتم أهله وأصاركم إلى ما رأيتم. فقال عامر: ما منعك يا معاوية وقد كان معك جند الشام من نصرته؟ فقال معاوية: ألم ترني أطلب بدمه؟، فضحك عامر وقال(1) :
لا ألفينك بعد الموت تندبني وفي حياتي ما زودتني زاداً وكذلك كان عبد الله بن هاشم المرقال، بعد أن ارسله زياد بن أبيه من البصرة مشدود الوثاق إلى معاوية، فوضعه في سجنه، فلم يثنه ذلك من ان يكتب قصيدة يهجو بها معاوية ويرسلها له، ويفتخر بموقفه وأبيه إلى جانب علي (علیه السلام) وشجاعتهما وتفانيهما (غیر مبالٍ بما اشار به عمرو بن العاص على معاوية من قتله)، فيقول(2) :
قد كان منا يوم صفين نقرةٌ جناها عليك هاشم وابن هاشم.
ص: 143
وقد أخذ أصحاب الإمام علي (علیه السلام) هؤلاء عنه الشجاعة والجرأة و الفصاحة والبداهة، وعدم المجاملة في قول ما في نفوسهم وإن كان يصعب على غيرهم قوله، أو يصعب على الموجه إليهم قبوله، فقد لقي جارية بن قدامة معاوية، فقال له معاوية: أنت الساعي مع علي (علیه السلام) وموقد النار وسافك دماء العرب؟ فقال:
دع عنك علياً فما أبغضنا علياً مذ أحببناه ولا غششناه مذ صحبناه. قال معاوية: ويحك يا جارية ما أهونك على أهلك إذ سموك جارية هل انت إلا نحلة؟ فقال جارية: لقد شبهتني بها وهي حامية اللسعة حلوة البصاق، ولكن أنت ما كان اهونك على أهلك انت إذ سموك معاوية وهل هي إلا كلبة تعاوي الكلاب؟ فقال معاوية: لا أم لك يا جارية. فقال جارية: أمي ولدتني للسيوف التي قاتلناك بها في أيدينا. فقال معاوية: أتهددني؟ قال جارية: أما والله إن القلوب التي أبغضناك بها لبن جوانحنا والسيوف التي قاتلناك بها لفي أيدينا، وإنك لم تفتحنا عنوة ولكن اعطيتنا عهداً وميثاقاً، فإن وفيت وفينا، وإن فزعت إلى غیر ذلك فإن وراءنا رجالاً شداداً وألسنة حداداً(1) .
ومن ذلك أيضاً أن عدي بن حاتم حضر عند معاوية، وكان عنده عبد الله بن الزبیر وقد حاول الأخیر النيل من عدي، فقال لعدي: يا أبا طريف متى فقئت عينك؟ قال عدي: يوم فر أبوك، وضربك الأشتر على أستك ففررت من الزحف هارباً (يشیر إلى معركة الجمل) وأنشد(2) :
ص: 144
أما وأيي يا بن الزبیر لو أنني لقيتك يوم الزحف ما رمت لي سخطاً وكان أبي في طي وأبو أبي صحيحین لم تترع عروقهما القبطا ولو رمت شتمي عند عدلٍ قضاؤه لرمت به يا بن الزبير مدىً شحطا وكان لمحمد بن أبي بكر في هذا المجال رسائل إلى معاوية تنم عن شجاعة وجرأة وبلاغة ودين إضافة إلى بر التلميذ بأستاذه والصاحب بصاحبه، فهو يوضح فيها تجاوز معاوية على ما ليس له من الأمر و التعدي على آل الرسول (صلی الله علیه و آله)(1) .
وقد حاول معاوية بطرق شتى ك (القتل أو المال أو الاحتيال أو الخداع) ابعاد صحابة الإمام علي (علیه السلام) عن أهل بيته من دون أن يفلح، ومن قوله لعبد الله بن جعفر بن أبي طالب: ما أشد تعظيمك للحسن والحسین وما هما بخیرٍ منك ولا ابوهما بخیر من ابوك، ولولا أن فاطمة بنت رسول الله لقلت ولا أمهما خیرٌ من أمك، إلا أن مأرب معاوية لم يفت على عبد الله بن جعفر، فسرعان ما غضب ورَدَ على معاوية قائلاً: أنت قليلُ المعرفةِ بهما وبأبيها وبأمهما، وقد سمعت رسول الله (صلی الله علیه و آله) يقول فيها قولاً وأنا صبي فحفظته ورعيته(2) .
وكذلك فإنه (معاوية) حبس ابن خالته محمد بن أبي حذيفة، وبعد أن آل إليه الأمر اخرجه من حبسه وقال له: ألم يأن لك أن تعرف ماكنت عليه من الضلالة
ص: 145
بنصرتك علياً، فهو من دس في قتل عثمان. فقال محمد بن أبي حذيفة: والله الذي لا إله إلا هو ما اعلم أحداً اشترك في دم عثمان بدءاً وأخیراً غيرك وغیر طلحة والزبير وعائشة وشاركهم عليه الأنصار، وأنك تلومني على حب علي (علیه السلام) وإن معه كل صوام قوام من المهاجرين والانصار وما معك إلا المنافقین والطلقاء خدعتهم عن دينهم وخدعوك عن دنياك والله ما خفي عليك ما صنعت وما خفي عليهم ما صنعوا والله لا أزال أحب علياً لله ولرسوله، وابغضك في الله ورسوله ابداً ما بقيت، فسخط عليه معاوية ورده إلى السجن وبقي فيه حتى مات(1) .
وقد كان إصرار أصحاب الإمام علي (علیه السلام) على الإخاص له ولأهل بيته مطلقاً فقد كتب معاوية إلى زياد واليه على العراق، أن أبعث خطباء العراق وابعث لي صعصعة بن صوحان، ففعل فلما قدموا عليه خطب معاوية فقال: مرحباً بكم يا أهل العراق قدمتم على إمامكم وهو جنة لكم يعطيكم مسألتكم ولا يعظم في عينه كبیراً ولا يحقر لكم صغیراً، وقد قدمتم على أرض المحشر والمنشر والارض المقدسة وأرض هجرة الانبياء، ثم قال في خطبته: لو أن أبا سفيان ولد الناس جميعاً لكانوا كلهم اكياساً، ولما فرغ قال لصعصعة قم واخطب يا صعصعة، فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن معاوية ذكر أنا قدمنا على إمامنا وهو جنة لنا، فما يكون حالنا إذا انخرقت الجنة وذكر إنا قدمنا على أرض المحشر والمنشر والأرض المقدسة وأرض هجرة الأنبياء، فالمحشر والمنشر لا يضر بعدهما مؤمناً ولا ينفع قربهما كافر والأرض لا تقدس أحداً وإنما يقدس العباد أعمالهم ولقد وطأها من الفراعنة والجبابرة أكثر ممن وطأها من الأنبياء، وذكر أن أبا سفيان لو كان
ص: 146
ولد الناس كلهم لكانوا أكياساً. فقد ولدهم من هو خیر من أبي سفيان آدم فكان منهم الكيس والأحمق والجاهل والعالم، فغضب معاوية وقال: أسكت لا أم لك ولا أب ولا أرض. قال صعصعة: الأب والأم ولداني ومن الارض خرجت وإليها اعود. فرده إلى زياد وقال له: أقمه للناس وأمره أن يلعن علياً، فإن لم يفعل فأقتله.
فأصعده زياد المنبر فقال: ايها الناس ان معاوية أمرني أن العن علياً فالعنوه لعنه الله ونزل. فقال زياد وما أراك إلا لعنت معاوية. فقال صعصعة: اتركها مبهمة ولا أبينها لهم بلعن معاوية، فقال زياد لتفعل أو لأنفذ فيك أمر الخليفة، فصعد المنبر وقال أيها الناس أنهم أبوا عليَ إلا أن اسب علياً وقد سمعت رسول الله (صلی الله علیه و آله) يقول: من سب علياً فقد سبني ومن سبني فقد سب الله وماكنت بالذي اسب الله ورسوله، فكتب زياد بذلك إلى معاوية فأمر بقطع عطائه وهدم داره. فجمع له من أحب علياً وأهل بيته مالاً عظيماً(1) .
وتمادى معاوية في مجاهرته بالعداء للإمام علي وأهل بيته والفتك بمصاحبته حتى كان يوصي ولاته وعماله بشتم الأمام علي (صلی الله علیه و آله) على المنابر والتنكيل بأصحابه(2) حتى راح ضحية هذه السياسة ثلة من خیرة أصحاب الإمام علي (علیه السلام) على يد معاوية ورجاله كحجر بن عدي الذي أرسله زياد في جماعة من الموالین لعلي (علیه السلام) إلى معاوية بعد أن أعطاهم الأمان إلا أنهُ قتلهم جميعاً(3) وكذلك
ص: 147
عمرو بن الحمق، ورشيد الهجري، وجويرية بن مسهر(1) وغيرهم.
لم يبايع الإمام الحسین (علیه السلام) يزيد بن معاوية بعد وفاة معاوية لأن ذلك ينافي شروط صلح الإمام الحسن مع معاوية، مما حدا بالوليد بن عتبة والي المدينة بطلب البيعة ليزيد من الإمام الحسین لكن الإمام (علیه السلام) امتنع عن ذلك قائلاً: «إن مثلي لا يبايع سراً، ولكن إذا اجتمع الناس نظروا ونظرت»(2) ، ومن ثم ترك الإمام الحسین (علیه السلام) المدينة وذهب إلى مكة، وفرح أهلها بحضور الحسین (علیه السلام) إليهم ورحبوا به(3) وراسله أهل الكوفة لسخطهم من الأمويین وما عرف عن يزيد من فسق وفجور، فأرسل مسلم بن عقيل فبايعه منهم قرابة ثمانية عشر ألفاً إلا أنهم سرعان ما تنصلوا عن بيعتهم ولم ينصروه فاستشهد مسلم وهانئ بن عروة وقام عبيد الله بن زياد بتصفية مؤيدي آل البيت (علیه السلام)(4) . فقرر الإمام الحسین التوجه نحو الكوفة. ورغم إن من بقي حياً من أصحاب الإمام علي (علیه السلام) كانوا قليلي العدد إلا انه وعلى الرغم من ذلك فقد كان لهم دور مهم في نصرة الحسین (علیه السلام) فمنهم من نصحه برأي ومنهم من كان سيفاً من سيوفه ومنهم من كبر وهرم فأرسل بنيه محله وحتى أن بعضهم توفي وكان قد أوصى بنيه بنصرة الحسین (علیه السلام) كما فعل حذيفة بن اليمان، ومنهم من لم يكن حاضراً في مكة أو في الكوفة وكان
ص: 148
ممن يتمنى الشهادة بن يدي الحسین (علیه السلام).
وقد كان أول من اسدى النصح للإمام الحسین (علیه السلام) هو عبد الله بن عباس وكان قد أسن، فقال له الحسین (علیه السلام) إني عزمت المسیر إلى الكوفة في أحد يومي هذين إن شاء الله. فقال له ابن عباس: إني اعيذك بالله من ذلك، أخبرني هل قتلوا أميرهم وضبطوا بلادهم ونفوا عدوهم فإن كان قد فعلوا ذلك فسر إليهم، وإن كانوا إنما دعوك للحرب والقتال ولا آمن عليك أن يغروك ويكذبوك ويخالفوك ويخذلوك ويكونوا أشد الناس عليك(1) .
أما عبد الله بن جعفر فحينها كان مريضاً وكتب إلى الإمام الحسین (علیه السلام) يثنيه عن السفر إلى الكوفة ولما رأى اصرار الحسین وتعذر إمكانية السیر معه فإنه قرر إرسال بنيه الإثنین (عون ومحمد)(2) وأمهما السيدة زينب مع خالهما إلى الكوفة، وقد وضح الإمام الحسن غايته من التوجه إلى الكوفة بقوله: «إني لم اخرج اشراً ولا بطراً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، أريد أن أمر بالمعروف وأنهى عن المنكر»(3) وقد حال الأمويون دون دخول الإمام الحسین (علیه السلام) الكوفة، فتوجه إلى كربلاء وحدثت هناك واقعة الطف التي كان من أمرها ما كان، إذ لم يكن هناك أي تكافؤ بن الجيشین في العدد أو العدة، إلا أن ذلك لم يزعزع بطولة الإمام الحسین (علیه السلام) وصحبه إذ كانوا يعرفون بنتيجة المعركة وفرحین بما سيصيرون إليه(4) ولم يثنهم ذلك من إظهار شجاعتهم والتفاخر بقتالهم مع الحسین (علیه السلام)، ومن ذلك
ص: 149
أن حبيب بن مظاهر برز بین العسكرين وهو ينشد(1) :
أنا حبيب وأبي مظاهر فارس هيجاء وليثٌ مشور ونحن أعلى صيحة وأظهر حقاً وأتقى منكم وأعذر سبط النبي إذ أتى يستنصر يا شر قوم في الورى وأكفر وكان ممن قد كتب إلى الإمام الحسین (علیه السلام) يستقدمه إلى الكوفة(2) ، وقد عبرّ من بقي من صحابة الإمام الحسین (علیه السلام) عن ألمه المرير لاستشهاد الإمام الحسین (علیه السلام) فقد قال أبو الأسود الدؤلي وكان شيخاً هرماً(3) أيرجو معشرٌ قتلوا حسيناً شفاعة جده يوم الحساب ولما وصل خبر استشهاد عون ومحمد أبناء عبد الله بن جعفر بن أبي طالب مع خالها الحسین (علیه السلام) إلى أبيهما أقام مأتماً فأتاه رجل وقال: هذا مالقينا ودخل علينا من الحسین، فحذفه عبد الله بن جعفر بنعله، وقال يا ابن اللخناء أللحسین تقول هذا؟! والله لو شهدته لأحببت أن لا أفارقه حتى أُقتل معه والله إنه لما يستحي بنفسي عنهما ويهون عليَ المصاب بهما أنهما أصيبا مع أخي وابن عمي الحسین (علیه السلام) مواسین له وصابرين معه، لقد عزَّ علي بمصرع الحسین لا اكون قد أسيته فقد آساه ولداي(4) :
ص: 150
أقول وذاك من جزعٍ ووجدِ أزال الله ملك بني زيادِ وأبعدهم بما غدروا و خانوا كما بعدت ثمودُ وقوم عادِ هم خثموا الانوف وكن شُماً بقتل ابن القعاس أخو مرادِ قتيل السوق يا لك من قتيل به نضح من أجمر كالجسادِ وأهل نبينا من قبل كانوا ذوي كرم دعائم للبلالدِ حسين ذو الفضائل وذو المعالي يزين الحاضرين وكل بادي أصاب العز مهلكة فأضحى عميداً بعد مصرعه فؤادي ويرسم لنا جابر بن عبد الله الانصاري أسطورة في حب أهل البيت (علیه السلام) وولائه المطلق لهم، حيث جاء من المدينة إلى كربلاء على الرغم من كبر سنه وعماه، فوصل بعد اربعین يوماً من استشهاد الإمام الحسین (علیه السلام)، وجلس إلى قبره باكياً(1) .
أما سليمان بن صرد الخزاعي فكان ممن كاتب الإمام الحسین (علیه السلام) يحثه على المجيء للكوفة إلا أنه عجز عن نصرته حيث رأى تخاذل الناس عنه، أما استشهاد الإمام الحسین (علیه السلام) فندم ندماً شديداً وتجمع حوله النادمون على عدم نصرتهم للإمام الحسین (علیه السلام) حتى عرفوا بالتوابین وأعلنوا عصيانهم بوجه الأمويین سنة65ه(2) .
ص: 151
ص: 152
ص: 153
ص: 154
من الأمور التي برز فيها صحابة أمیر المؤمنین علي (علیه السلام) إضافة إلى مؤازرتهم له ولآل بيته (علیه السلام) وشجاعتهم الفذة وأدوارهم السياسية التي كان لها الأثر العظيم في تاريخ الإسلام، حيث كان لهم باع طويل في النواحي الفكرية بمختلف ميادينها فقد برز منهم المفسرون والمحدثون والمصنفون والأدباء والشعراء الذين تركوا بصماتهم واضحةً في هذه الميادين التي وضّحوا فيها أن صحبتهم للإمام علي (علیه السلام) أثرت فيهم على مختلف الأصعدة، فقد كان (علیه السلام) المدرسة التي خرجتهم والمصبّ الذي نهلوا منه فورثوا الإبداع وورّثوه، ولعل أهم المجالات التي جسّدت أدوارهم الفكرية هي:
القرآن الكريم هو كلام الله المنزّل على نبيّه محمد (صلی الله علیه و آله) وهو المصدر الأساسي للتشريع الإسلامي، وتفسیره احد العلوم الشرعية المتعلقة به، إذ يهدف إلى استنباط الأحكام الشرعية منه بشكل صحيح، وليس من المبالغة القول بأن أصحاب الإمام علي (علیه السلام) كانوا الرواد الذين أدّوا الدور الأكبر والاساسي في المحافظة على كتاب الله، وإيصاله إلينا بهذه الصورة، فقد شهد لهم عموم المسلمین بالتفوق في هذا المضمار، إذ لم يكن الصحابة جميعهم على درجة واحدة من العلم والفقه ولا مستوى واحد من الإدراك حتى إن ابن خلدون قال في ذلك: (ولم يكن الصحابة جميعا أهل فتيا، ولا كان الدين يؤخذ عنهم جميعاً، وإنما كان ذلك مختصاً بالحاملین للقرآن الكريم العارفین بناسخه و منسوخه ومتشابهه ومحكمه وسائر دلالته)(1) ، فيذكر إن رجلاً جاء إلى عمر بن الخطاب وهو بعرفات، فقال: جئتك من الكوفة،
ص: 155
وتركت بها رجلاً يحكي المصحف عن ظهر قلبه، فغضب عمر غضباً شديداً! (خوفاً من أن يكون أحدٌ ينسب إلى القرآن الكريم ما ليس منه)، فقال: ويحك من هو؟! فقال له: هو عبد الله بن مسعود، فذهب غضب عمر بن الخطاب وسكن وعاد إلى حاله! ثم قال: والله ما اعلم من الناس بالكوفة رجلاً أحق بذلك منه (وقد كان عمر بعث إلى الكوفة عمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود، وكتب إلى أهلها: إني بعثت لكم عمار بن ياسر أمیراً، وعبد الله بن مسعود معلماً ووزيراً فاقتدوا بهما واسمعوا قولها وقد آثرتكم بعبد الله بن مسعود على نفسي)(1) ، مما يدل على مكانته الفقهية المرموقة.
ولم يكن ذلك غريباً من عبد الله بن مسعود فقد كان أول من جهر بالقران الكريم على المأ في مكة في وقتٍ كان ذلك يُعد فيه هدماً وثلماً كبیراً لكل ما كان يعتقد به المجتمع غیر المسلم في مكة(2) .
ويُعد حذيفة بن اليمان أول من بادر من الصحابة لجمع القرآن الكريم حيث تنبّه لاختلاف القراءات في القرآن، فنصح الخليفة عثمان بضرورة توحيد المصاحف، إذ يُذكر انه اجتمع لغزو أذربيجان وأرمينيا أهل الشام وأهل العراق فتذاكروا القرآن فاختلفوا فيه، حتى كاد ينشب بينهم قتال، فلما رأى حذيفة ذلك الاختلاف،ركب إلى عثمان بن عفان فأخبره بذلك، وأشار عليه بتوحيد القرآن الكريم، قائلاً: إن الناس اختلفوا في القرآن، ؛حتى إني والله لأخشى أن يصيبهم ما أصاب اليهود والنصارى من الاختلاف، ففزع عثمان لذلك فزعاً شديداً وأرسل
ص: 156
إلى حفصة فاستخرج الصحف التي كانت لديها فنسخ منها المصاحف وبعث بها إلى الآفاق(1) . إذ نسخوا الصحف في المصاحف ورد عثمان الصحف إلى حفصة، وأمر بكل ما خالفها من صحيفة أو مصحف أن يحرق(2) ، وهذا يوحي بعظمة دور حذيفة في ذلك وحرصه على عدم تحريف القرآن الكريم أو أدعّاء ما ليس منه بأنه من كلام الله تعالى.
وقد أثرت في حذيفة مصاحبته للرسول الكريم (صلی الله علیه و آله) وللإمام علي (علیه السلام) من بعده، فكان من خیرة تلامذة مدرستهما القرآنية، عارفاً بالآيات الكريمة وتفسیرها وأسباب نزولها وأحكامها مفتيا للناس بها، فقد سأله سعيد بن العاص في فتح طبرستان عن صلاة الخوف كيف صلاّها النبي (صلی الله علیه و آله)، فعلمه بها فصلاّها بالمسلمين(3) ، كما كانت لحذيفة حلقة دراسية لتعليم القرآن الكريم
ص: 157
وتفسیره(1) ، وقد ذكر ابن كثیر إن رجلاً جاء إلى ابن عباس وكان عنده حذيفة، فقال الرجل لابن عباس: اخبرني عن قول الله تعالى (حم) و (عسق)، فقال له حذيفة أنا أنبئك بها(2) .
إما ابن عباس الذي لقبه الرسول الكريم ب (حبر الأمة) لكثرة علمه، فيعدّ من مؤسسي علم التفسیر حيث كان يجلس في المسجد يفسر آيات القرآن الكريم لعموم المسلمين(3) ، وحتى في أبان ولايته على البصرة للإمام علي (علیه السلام) بعد حرب الجمل لم يأخذه عمله الإداري كوالٍ عليها من الانصياع للخوض بالدراسات القرآنية والتفسیر وغيرها من العلوم الإسلامية التي عرف بها حيث كان يغشى الناس بالمسجد في شهر رمضان وهو أمیر فما ينقضي الشهر حتى يفقههم، حتى صار زعيماً لمدرسة البصرة القرآنية(4) .
وكذلك قام ابن عباس بتقسيم وجوه تفسیر القرآن الكريم إلى أربعة أقسام: تفسیرٌ لا يعذر احد بجهالته، وتفسیرٌ تعرفه العرب بكلامها، وتفسیرٌ يعلمه العلماء، وتفسیر لا يعلمه إلا الله عز وجل، فأما الذي لا يعذر احد بجهالته فهو ما يلزم الكافة من الشرائع التي في القرآن الكريم، وأما الذي تعرفه العرب بكلامها فهو حقائق اللغة ومصوغ الكلام، وأما الذي يعلمه العلماء فهو تأويل المتشابه وفروع الأحكام، وأما الذي لا يعلمه إلا الله فهو مجرى الغيوب وقيام الساعة(5) .
ص: 158
وإضافة إلى تقسيمه وجوه التفسیر وفق ما ذكرنا فقد كان له منهج خاص به في التفسیر إذ كان كثیراً ما يستعين باللغة وشواهد الشعر على فهم القرآن الكريم وروي عنه انه قال: (إذا تعاجم عليكم شيءٌ من القرآن فانظروا في الشعر فإن الشعر عربي)، وبذلك كان أول من اعتمد اللغة والشعر في التفسیر(1) ، وكانت حلقته القرآنية في مسجد جامع البصرة من اكبر الحلقات العلمية في العصر الأموي، قيل انه فسرّ فيها في إحدى ليالي رمضان سورة البقرة وال عمران(2) ، لذا فدور ابن عباس في مجال علوم القرآن الكريم لا ينكر وإنما أشیر إليه بالبنان على مرّ التاريخ، حتى إن الحسن البصري وصفه بقوله(3) : (كان والله مثجاً يسيل غُرباً)(4) .
وكان لابن عباس تلامذة أخذوا عنه القرآن الكريم وعلومه(5) ، ولم يقتصر
ص: 159
تلامذته على عامة الناس فحسب وإنما لزم حضور حلقته الكثیر من العلماء كأبي الجوزاء(1) الذي يقول: (لازمت ابن عباس اثنتي عشر سنة، ما في كتاب الله آية إلا وسألته عنها)(2) .
وكذلك كان زميله في مدرسة الإمام علي بن أبي طالب (علیه السلام) أبو الأسود الدؤلي كان له الأثر الخالد في مجال القرآن الكريم الذي لا ينسى ولا يمحى ذكره، ألا وهو قيامه بتنقيط المصحف الشريف(3) حيث ان لهذا العمل الجليل أهمية كبرى تيسر على الدارسین عملية قراءة آيات القرآن الكريم أو كتابتها من غیر إرباك أو عسر إذ تم التمييز بواسطة نقاط أبي الأسود ما بین حرف أو آخر(4) .
وقد تتلمذ على يد أبي الأسود في مجال القرآن الكريم، الكثیر من العلماءوالمسلمين الذين دأبوا على الجلوس إلى حلقته العلمية(5) ويقال بأن أبا الأسود قام بإعراب القرآن الكريم أبان خلافة معاوية(6) وبذلك يكون أول من قام بهذا
ص: 160
العمل الجليل من علماء الأمة الإسلامية.
أما خزيمة بن ثابت فعندما جمعت المصاحف وتم توحيد القرآن أتى بآخر آيات سورة التوبة، ولم تكن عند غیره من المسلمين، وكانت كتابتها في المصحف تتطلب الاتفاق من اثنین من الثقات على سماعها من الرسول (صلی الله علیه و آله)، ولم تكن إلا عند خزيمة فقال زيد بن ثابت: اكتبوها فإن الرسول (صلی الله علیه و آله) جعل شهادة خزيمة بشهادة رجلین، فكتبت(1) .
وأيضاً عدّ جابر بن عبد الله الأنصاري من الطبقة الأولى من مفسري القرآن الكريم(2) وكذلك أبو سعيد الخدري الذي كان له دور هام في تعليم الناس القرآن الكريم إذ كان يجلس في المسجد ليقرئ المسلمين خمس آيات من القرآن لا ينتقل إلى سواها حتى يتقنوها(3) .
وقد كان قرضة بن كعب أحد الأنصار الذين أرسلهم عمر بن الخطاب إلى الكوفة، وكان لهم دور كبیر في تعليم أهلها القرآن الكريم وترغيبهم فيه وحثهم عليه للاهتمام به وعدم الإنصراف إلى غیره(4) .
ص: 161
وكان علقمة بن قيس يقوم بشرح الآيات الكريمة للمسلمين وتبيین معانيها وكذلك أن بعض المسلمين كان يستفتيه فيجيبهم ويسألونه عن معاني الآيات فيعرفهم إياها(1) حتى أنه وصِف بفقيه أهل الكوفة وعالمها ومقرئها وإمامها(2) .
وكذلك كان عبيدة السلماني ان ممن يقرئ الناس القرآن الكريم ويحفظهم إياه ويفتيهم فيه(3) .
وقيل إن ميثم كان من أوائل مفسرين القرآن الكريم حتى انه قال لابن عباس يوماً: سلني عما شئت من تفسیر القرآن الكريم، فإني قرأت تنزيله عند أمیر المؤمنین علي بن أبي طالب (علیه السلام) وعلمني تأويله، فأخذ بن عباس- عى علمه- وجعل يكتب عن ميثم(4) .
وهذا يدل على إن صحابة الإمام علي بن أبي طالب (علیه السلام) كانوا أول من تناول القرآن الكريم بالدراسة من دون سائر المسلمين لمعرفتهم بعلومه التي نهلوها من أستاذهم الإمام علي بن أبي طالب (علیه السلام) الذي وصفه الرسول الكريم ب (باب مدينة العلم) ومن ثم تبعهم تلامذتهم أو من جاء بعدهم من سائر المسلمين، في السیر في طريق دراسة القرآن الكريم مستنيرا برواياتهم وآرائهم وفتاواهم بهذا المجال.
ص: 162
الحديث لغةً ضد القديم، والحديث الرواية المنقولة شفاهاً(1) ، إما اصطلاحاً فهو كل ما ينسب إلى النبي (صلی الله علیه و آله) من قول أو فعل أو تقرير أو الصفات الخلقية(2) .
والحديث من العلوم التي أوجدها الإسلام ويأتي بعد القرآن الكريم، وله أهمية كبرى في المجتمع الإسلامي فهو المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي، ففي القرآن الكريم الأصول العامة للأحكام الشرعية من دون التعرض إلى تفصيلاتها، فمثلا ذكر القرآن الكريم الصلاة من دون أن يبین أوقاتها وأركانها وعدد ركعاتها وسجداتها، فوضحها الرسول (صلی الله علیه و آله) بأحاديثه الشريفة(3) ، والتي قد أمر الله تعالى بأن يطاع الرسول (صلی الله علیه و آله) فيما يأمر حيث قال الله تعالى: «وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا»(4) .
وكان لصحابة الإمام علي بن أبي طالب (علیه السلام) دور بارز في رواية حديث رسول الله (صلی الله علیه و آله) إذ اقتفوا أثره (علیه السلام) فقاموا بكتابة الحديث النبوي المروي عنه فجمعوا شذرات الحديث النبوي الشريف وشوارد السیرة وأصول الأخلاق(5) فقد قيل إن
ص: 163
مؤسس علم الحديث هو أبو رافع(1) إذ إن أول كتاب في الحديث النبوي الشريف- ألف في الإسلام- كتاب الإمام علي بن أبي طالب (علیه السلام) أملاه رسول الله (صلی الله علیه و آله) وخطّه الإمام علي (علیه السلام) على صحيفة فيها كل حال وحرام، وله كذلك صحيفة في الديات كان يعلقها بقراب سيفه، ثم دوّن أبو رافع كتاب السنن والأحكام والقضايا(2) فكان غاية في الأهمية والتعظيم عند المسلمين رووه بطرقهم المختلفة وأسانيدهم المتعددة(3) ، لاشتماله على الصلاة والصيام والحج والزكاة وسائر القضايا في أبواب مرتبّة(4) .
وكان لولده علي بن أبي رافع بعده كتاب في الحديث وهو على قدر من الأهمية لاحتوائه على شتى صنوف العلم حتى انه كان يملى في المساجد ويعظّم من قبل سائر المسلمين(5) ، أما ولده عبيد الله- وهو من أصحاب الإمام علي (علیه السلام) كما ذكرنا- فقد كان صاحب أول كتاب تدون فيه أسماء الصحابة الذين شايعوا علياً (علیه السلام)، وما شاركوا فيه من حروب، وأحاديثهم الني رووها عن الرسول
ص: 164
(صلی الله علیه و آله) وكان كتابه يسمى ب (كتاب عبيد الله بن أبي رافع، وهو كتاب شامل يضم التاريخ والتراجم والأحاديث النبوية الشريفة(1) ، بل عدّ هو الأول في الرجال والتاريخ واعتمده كبار المؤرخین والمحدثین كالطوسي وابن الأثیر وابن عساكر وابن حجر(2) لبراعته بضبطه وتنقيحه(3) .
وكذلك وصف أبو سعيد الخدري بأنه من رواة الألوف من الأحاديث النبوية الشريفة(4) ، ولم يكن أحد من أحداث الصحابة أفقه منه(5) ، روى أحاديثه عن الثقات(6) ، وروى عنه علماء السنّة والشيعة المعتبرون(7) .
وكذلك يعد جابر الأنصاري من أشهر رواة الحديث عن النبي (صلی الله علیه و آله) إذ روى الكثیر من الأحاديث الشريفة الصحيحة، وكانت له حلقة دراسية في المسجد يؤخذ عنه الحديث فيها(8) ، وروى عنه الكثیر من الصحابة، ودوّن عنه كتّاب
ص: 165
الحديث ألفاً وخمسائة وأربعین حديثاً(1) . ويكاد يتفق رواة الحديث النبوي إن هناك صحيفة حوت الحديث الشريف تتصل بجابر بن عبد الله الأنصاري(2) مع العلم انه لم يكن يروي الحديث إلا إذا كان قد سمعه من الرسول (صلی الله علیه و آله) مباشرة، أو تحقق له كون مصدره صحيحاً حتى انه رحل إلى مصر للتوثق من حديث واحد سمعه في المدينة(3) .
وقد سار على هذا النهج (التوثق من الحديث الشريف قبل روايته أو الأخذ به) سائر صحابة الإمام علي بن أبي طالب (علیه السلام) فقد اقتصرت رواية عبد الله بن جعفر للحديث على أن يكون قد أخذه عن النبي (صلی الله علیه و آله) أو عن الإمام علي (علیه السلام) أو من أمه أسماء بنت عميس أو عمار بن ياسر، وعنه روى الحديث الشريف جماعة من المسلمين(4) .
وأيضاً عمل عبد الله بن مسعود وكذلك أبو أيوب الأنصاري على التوثق من الأحاديث الشريفة وعدم قبولها إلا بعد ذلك، فقد رحل أبو أيوب الأنصاري إلى مصر لسماع حديث واحد كما فعل جابر الأنصاري من قبل، أما عبد الله بن
ص: 166
مسعود فكان يقول: لو كنت اعلم أحداً اعلم بكتاب الله تعالى وسنّة نبيه (صلی الله علیه و آله) تبلغه الإبل لذهبت إليه لأسمع منه(1) .
أما عبد الله بن عباس (حبر الأمة) فإلى جانب نبوغه في القرآن الكريم وتفسیره، كان علماً من أعلام الحديث الشريف وروايته بل وشرحه وتعليله وتأويله والإفتاء على ضوئه(2) .
وكجميع تلامذة وأصحاب الإمام علي (علیه السلام) كان زر بن حبيش الذي اتفق جميع أصحاب الصحاح بكونه ثقة صحيح الحديث(3) كثیره(4) . روى عنه أهل الكوفة(5) كان يلحُ في التحقق من الحديث حتى إن رجلاً أنكر عليه ذلك، فقال له زر: ويحك أما سمعت رسول الله (صلی الله علیه و آله) يقول: (إن الملائكة لتحط أجنحتها لطالب العلم)(6) .
وكان علقمة بن قيس عالماً بالحديث الشريف، قيل أن من بقي من الصحابة
ص: 167
بعد الرسول (صلی الله علیه و آله) كان يسأله في الحديث، حتى أن بعضهم قال: ما أقرأ شيئاً وما اعلم شيئاً إلا وعلقمة يقرؤه ويعلمه(1) وهو ثقة كثیر الحديث، روى عن الثقات وكبار الصحابة وأمیر المؤمنین (علیه السلام)(2) ومروياته متفق عليها في الصحاح(3) .
وكذلك فإن للأحنف بن قيس معرفة بالحديث إذ روى جملة من الأحاديث الشريفة ونقلها عنه الكثیر من الصحابة وكبار التابعین(4) . وكذلك روي عن الحارث بن عبد الله الهمذاني أحاديثُ شريفة عن أمیر المؤمنین (علیه السلام) وانفرد بالحديث القائل: عن علي (علیه السلام) قال: قال لي النبي (صلی الله علیه و آله): أنین المريض تسبيحه وصياحه تهليله ونومه على الفراش عبادة ونفسه صدقة وتقلبه جنباً لجنب قتال لعدوه، ويكتب له من الحسنات مثل ما كان يعمل في صحته فيقوم وما عليه خطيئة)(5) ، قيل انه كان من أوعية العلم إلا انه كان ينقل حديث رسول الله (صلی الله علیه و آله) بلهجته هو فكذّبه بعض المحدثین والرواة، ووثّقه غيرهم لاتفاق مضامينه مع مبادئ السنة النبوية، وذكر إن لهجته خاطئة أما حديثه فلا(6) ، أما سلمان المحمدي فقد وصف بأنه كان محدثاً، حدثه الرسول (صلی الله علیه و آله) وأمیر المؤمنین (علیه السلام) بما لا يحتمله
ص: 168
غيره من مخزون علم الله ومكنونه(1) وقد صنّف كتاباً في حديث الجاثليق الذي بعثه ملك الروم بعد وفاة رسول الله (صلی الله علیه و آله)(2) إضافةً إلى معرفته بالقرآن الكريم وتفسیره الحديث النبوي الشريف(3) .
وكان مصنف سلمان هذا أول مصنف ضمّ المناظرات في الإسلام، وكان هدفه منه، توضيح الأجوبة عن أسئلة الجاثليق إضافة إلى دفاعه عن أحقية الإمام علي
ص: 169
ابن أبي طالب (علیه السلام) بالخلافة، وتعبیراً عن ولائه المطلق له وتمسكه بنهجه، إذ رأى إن حادثة الجاثليق هي بمثابة نصرة إلهية للإمام علي (علیه السلام)، وكبح جماح من يرى غیر ذلك وادحاض حججه سيما وأن من تقلد الخلافة قد عجز عن إجابة وفد النصارى مع مقدرة غیره من المسلمين على ذلك مما يدل على انه ليس بأعلمهم أو أفقههم، ومن ثمّ فإن منهم من هو أحق منه بذلك!!.
أما أبو ذر فقد كان بحرا زاخرا في كل مجالات الفكر الإسلامي ومنها الحديث فقد نقل عن الرسول (صلی الله علیه و آله) جملة من الأحاديث الشريفة مباشرة أو ممن تحققت له عدالته وثقته وروى عنه الكثیر، ومن اهتمامه بالحديث و مواظبته على طلبه قوله:
ما ترك رسول الله (صلی الله علیه و آله) شيئاً مما صبّه جبرائيل وميكائيل في صدره إلا وقد صبّه في صدري(1) وقيل إن أبا ذر ثقة حسن الحديث لا يحتاج إلى تجريح أو تعديل ولا نقد فقد أزيل عنه غبار ذلك بنص قول الرسول (صلی الله علیه و آله): (ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء اصدق لهجة من أبي ذر)(2) ، وله كتاب (الخطبة) يشرح فيه الأمور التي حدثت بعد النبي (صلی الله علیه و آله)(3) ولا تخلو جميع كتب الحديث من أن تورد جملة من الأحاديث التي رويت عن أبي ذر مع اتفاقها على صحتها(4) ، فقد وصف أبو
ص: 170
ذر بأنه أول من تكلم في علم البقاء والفناء (الحياة والموت) وثبت عى المشقة والعناء وحفظ العهود والوصايا وصبر على المحن والرزايا، وتعلم الأصول ونبذ الفضول، وكان يوازي ابن مسعود في علمه(1) وهو أول من جمع كل حديث إلى الذي مثله في باب واحد وعنوان واحد(2) ، وله أيضاً كتاب (وصايا النبي، والذي شرحه المجلسي وسماه (عن الحياة)(3) .
ويُشار إلى إن أبا ذر هو الذي زرع بذرة التشيع في كثیر من بلدان العالم الإسلامي آنذاك لا سيما البلدان التي رحل إليها إضافة إلى التي التقى ببعض أهلها، وكان ذلك عن طريق تركيزه على أحاديث الرسول الكريم في استخلاف أمیر المؤمنین علي (علیه السلام) والإشادة بفضله في الإسلام وحقه في الخلافة والتعريف بمكانته من الرسول (صلی الله علیه و آله)(4) .
ولا يغفل ما كان من دوره في حفظ حديث رسول الله (صلی الله علیه و آله) وروايته لأغلب أصحاب الإمام علي (علیه السلام) الذي يضيق البحث عن الخوض بتفصيل أدوارهم ومروياتهم ومناهجهم في الجمع أو الرواية ومن أبرزهم: الأصبغ بن نباتة(5) وجندب الأزدي، ومخنف بن سليم(6) ، وأويس القرني(7) ، وحبّة بن
ص: 171
جوين(1) ، وقرضة بن كعب(2) ، وقيس بن سعد(3) ، ويزيد بن قيس(4) ، وعامر بن وائلة(5) .
لأهمية الشعر من بین الكلام عند العرب فقد جعلوه ديوان علومهم وأخبارهم وشاهد صوابهم وخطأهم، وأصلاً يرجعون إليه في كثیر من علومهم وحكمهم، وما ذكر في القرآن الكريم من تنديد بالشعراء بقوله تعالى: «وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ»(6) أُريد به الشعراء المأجورون المتاجرون به الذين يقلبون الحقائق ويصنعون من الظالم مظلوما وعكسه العكس.
وقد اعتز العرب بالشعر كثیراً ورأوا إن منه ما هو حكمة، يقول الدينوري(7) : الشعر معدن علوم العرب وسفر حكمتها وديوان أخبارها، ومستودع أيامها،
ص: 172
والسور المضروب على أثارها والخندق المحجوز على مفاخرها والشاهد العدل يوم النفار، والحجة القاطعة عند الخصام، من لم يقم عندهم على شرفه وما يدّعيه لسلفه من المناقب الكريمة والفعال الحميدة بيت منه أو أكثر شنّت مساعيه وإن كانت مشهورة ودرست على مرور الأيام وإن كانت جساماً، ومن قيّدها بقوافي الشعر وأوثقها باوزانه، وأشهدها بالبيت النادر والمثل السائر والمعنى اللطيف أخلدها على الدهر وأخلصها من الجمد ورفع عنها كيد العدو وغيض المحسود).
وقد كان صحابة الإمام علي (علیه السلام) كسائر العرب ممن يعنى بالشعر وانتشاره والاستشهاد به في جميع ما يمرون به من مواقف وأحداث، إذ أوقف من نظم الشعر منهم اشعاره لخدمة الكلمة الحق وإعلاء شأن الدين الحنيف، وقد حوت مصادر التاريخ الإسلامي الكثیر من الشواهد على ذلك، اذ كان بعضهم شعراء أفذاذاً كقيس بن سعد بن عبادة الأنصاري الذي جسّد في شعره الأحداث التاريخية والمعارك التي شارك فيها منذ عصر الرسالة وحتى خلافة أمیر المؤمنین الإمام علي (علیه السلام)، فله يفخر بنفسه(1) :
أنا ابن سعد زانه عبادة والخزرجيون رجال سادة ليس فراري بالوغا بعادة إن الفرار للفتى قلادة يا رب انت لقني الشهادة والقتل خير من عناق غادة وفي الغرض نفسه له(2) :
وأني من القوم اليمانيين سيّد وما الناس الا سيّد ومسودُ
ص: 173
وبزَّ جميع الناس أصلي ومنصبي وجسيمٌ به أعلو الرجال مديدُ وقد ذكرنا انه ذكر جميع معاركه كلها بشعره ومنها قوله(1) :
أننا الذين اذا الفتح شهدنا و خيبراً وحنينا بعد بدر وتلك قاصمة الظهر وأحد وبالنظير ثنينا وكذلك فإنه قال لما أرسله الإمام علي (علیه السلام) مع ولده الإمام الحسن (علیه السلام) وعمار بن ياسر إلى الكوفة لدعوة أهلها إلى نصرته فأنشد بعد أن خطب الإمام الحسن (علیه السلام) وعمار قائلاً(2) :
رضينا بقسم الله اذ كان قسمنا علياً وأبناء النبي محمدِ و قلنا له أهلاً وسهلاً ومرحباً نُقبّل أيديه من هوى وتوددِ فمرنا بما ترضى نجبك إلى الرضا بصم الموالي والصفيح المهندِ وتسويد من سوّدت غير مدافع وإن كان من سوّدت غير مسودِ فإن نلت ما تهوى فذاك نريده وإن تخط ما تهوى فغير تعمدّ وبعد ان أجاب أهل الكوفة أنشد:
جزى الله أهل الكوفة اليوم نصرة أجابوا ولم يأبوا بخذلان من خذل وقالوا عليٌّ خیر حاف وناعل رضينا به من ناقضي العهد من بدل هما أبرز أزواج النبي تعمداً يسوق بها الحادي المنيخ على جمل فما هكذا كانت وصاة نبيكم وما هكذا الانصاف من أعظم ذا المثل فهل بعد هذا من مقال لقائل ألا قبّح الله الأماني والعلل
ص: 174
وقد سلّمه الإمام علي (علیه السلام) اللواء في صفین (وكان لواء رسول الله (صلی الله علیه و آله) الذي لم ير منذ وفاة الرسول (صلی الله علیه و آله) فقال قيس يبث روح الجهاد في العسكر(1) :
هذا اللواء الذي كنّا نخف به مع النبي وجبريل له مدد ما ضرّ من كانت الأنصار عيبة أن لا يكون له من غيرهم أحد قوم اذا حاربوا طالت أكفهم المشرفية حتى يفتح البلد وله يخاطب معاوية(2) :
يا بن هند دع التوثب في الحرب إذ نحن في البلاد تأينا نحن من قد رأيت فأدن اذا شئت بمن شئت في العجاج الينا ان برزنا بالجمع نلقك في الجمع وان شئت محضةً أسرينا فألقنا في اللفيف نلقاك في الخزرج تدعو في حربنا أبوينا أي هذين ما أردت فخذه ليس منّا وليس منك الهوينا أما أبو الأسود الدؤلي فقد كان شاعراً مجيداً، لم يُستدل على انه ادرك الرسول (صلی الله علیه و آله) وشهد بدراً مع المسلمين إلا من خلال شعره(3) فضلاً عن أنه تميز من بین شعراء الإسلام عامة وشعراء العصر الأموي خاصة من خلال قصائده ونفسه الشعري(4) .
ص: 175
وله ديوان شعر تناول فيه مختلف الأغراض الشعرية كالمديح والهجاء والرثاء والحكمة والزهد والوعظ، وكذلك جسّد بعض مواقفه مع شخصيات مجتمعه بأشعاره، وله أشعار كثیرة ورائعة في الإمام علي (علیه السلام) كقوله(1) :
إذا استقبلت وجه أبي حسين رأيت البدر راق الناظرينا وقد علمت قريش حيث كانت بأنك خيرها حسباً ودينا ومما يذكر أن زياد كان يوقع فيه ويبغي عليه لدى الإمام علي علیه السلام (قبل استلحاق معاوية له) فلامه أبو الأسود في مواضع عدّة منها قوله(2) :
نبئت أن زياداً ظلّ يشتمني والقول يكتب عند الله والعمل وقد لقيت زياداً ثم قلت له وقبل ذلك ما خبّت به الرسل حتى مَ تسرقني في كل مجمعة عرضي وأنت اذا ما شئت منتقلُ ومكفل الله بالعتبى ومعتف إن قد ظلمت ومستعفٌ ومعتذل كل امرئ صائر يوماً لشيمته في كل منزلة يبلى بها الرجل ورغم إلحاح زياد بالتعريض به وشتمه لم يكن أبو الأسود مبالياً به ويوضح
ص: 176
ذلك قوله(1) :
رأيت زياداً يجتويني بشره وأعرض عنه وهو بادٍ مقاتله وكل امرٍ والله بالناس عالم له عادة قامت عليها شمائله تعودها فيما مضى من شبابه كذلك يدعو كل امر أوائله ويعجبهُ صفحي له وتحملي وذو الجهل يحذي الفحش من لا يعاجله فقلت له ذرني وشأني أننا كلانا عليه معمل فهو عامله وظل أبو الأسود موالياً للإمام علي (علیه السلام) وآل بيته حتى في الحقبة التي ضيّق الأمويون فيها على آل البيت (علیه السلام) وأنصارهم، إلا انه لم يخف في الحق لومة لائم وكان موقفه صريحاً وكثیراً ما عبرّ عنه بشعره فقد أنشد أثر سوء معاملة الأمويین للعلويین(2) :
ماذا تقولون إن قال النبي لكم ماذا فعلتم وانتم آخر الأمم بأهل بيتي وأنصاري ومحرمتي منهم اسارى وقتلى ضرجوا بدم ما كان هذا جزائي أن نصحت لكم أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي وكثیراً ما عُدَّ أبو الأسود في البخلاء والصق به ذلك الوصف الذي كان يعلله بالزهد والاقتصاد وليس بخلاً، وقد وضح في شعره ان ذلك ضربٌ من الحكمة حيث قال(3) :
العيش لا عيش إلا ما اقتصدت فإن سرفت لقيت الضر والعطبا ولمكانة أبي الأسود العلمية يكاد لا يخلو شعره من التحريض على حب العلم
ص: 177
والتعريف بمكانة العلماء فنراه يقول(1) :
العلم زينٌ وتشريف لصاحبه فأطلب هُديت فنون العلم والادبا لا خیر فيمن له أصل بلا أدب حتى يكون على ما زانه حدبا العلم كنز وذخر لا نفاذ له نعم القرين إذا ما صاحب صحبا كما وصف شعره بأنه كثير الحكمة والمواعظ كقوله(2) :
لا تحمدنَّ امرءا حتى تجرّبه ولا تذمَنّه من غیر تجريب فحمدك المرء ما لم تبله سرفٌ وذمك المرء بعد الحمد تكذيب وقوله:
ألا ربّ نصُحٍ يُغلق الباب دونه وغشّ إلى جنب السرور يُقرّب ولم تخلُ قصائده من رثاء الحسين (علیه السلام) وذم قاتليه فهو القائل(3) :
أترجو أمةٌ قتلت حسيناً شفاعة جده يوم الحساب وعلى نهج أبي الأسود سار أبناؤه، فقد أرسل إليه معاوية يوماً هدية يتقرب إليه بها، ومنها حلوى، فقالت ابنته (وكانت صغیرة لم تبلغ بعد): من اين هذه يا ابي؟ فقال: بعثها معاوية يخدعنا بها عن ديننا! فقالت طفلته(4) :
ص: 178
أبالشهد المزعفر يا بن حرب نبيع علیك أحساباً ودينا معاذ الله كيف يكون هذا ومولانا أمیر المؤمنينا ولم يقتصر شعر أبي الأسود على ضرب واحد من فنون الشعر وهذا يدل على مقدرة أدبية كبیرة، فقد كتب قصائد غزلية من أشهرها تلك القصيدة التي كتبها في جارة له نصرانية تدعى أم خالد قائلاً(1) :
يقولون نصرانية أم خالد فقلت ذروها كل نفس ودينها فإن تك نصرانية أم خالد فإن لها وجهاً جميلاً يزينها ولا عیب فيها غیر زرقة عينها كذاك عتاق الطير زرق عيونها وكثیراً ما نسخ الشعراء أو انتحلوا درراً من أبيات أبي الأسود ونسبوها لأنفسهم، بإبدال كلمة أو إضافة أخرى أو تقديم حرف أو تأخیره، فلا يكاد امرءٌ يسمع مطلع البيت القائل: (وما طلب المعيشة بالتمني) الا ويتبادر إلى ذهنه ان قائله هو- أحمد شوقي- إلا إن الحقيقة ان ذلك البيت هو لأبي الأسود الدؤلي قاله ضمن قصيدة له قبل أربعة عشر قرناً، يخاطب بها ابنه (أبا حرب) لائماً إياه على تقاعسه عن طلب الرزق ولزومه الدار قائلاً فيها(2) :
وما طلب المعيشة بالتمني ولكن ألق دِلوك في الدلاء تجئك بملئها طوراً وطوراً تجئك بحمأة وقليل ماءِ
ص: 179
ولا تقعد على كسل التمني تحيل على المقادر والقضاءِ فإن مقادر الرحمن تجري بأرزاق الرجال من السماء مقدّرة بعج أو ببسط وعجز المرء اسباب البلاء وبعض الرزق في دعةٍ وخفضٍ وبعض الرزق يكسب بالعناءِ وكذلك كان لأبي الطفيل عامر بن واثلة ديون شعري، ووصف بأنه شاعر حسن الشعر(1) وقد ضمّن شعره كثیراً من الأبيات توضح حبه وولائه المطلق لأمیر المؤمنین (علیه السلام) لا يبالي وإن أنشدها بحرة أعداء الإمام علي (علیه السلام)(2) ، فعندما استقر الأمر لمعاوية، كان معاوية يرغب بلقاء أبي الطفيل وكسبه إلى صفه لأنه كان كثیراً ما ينال من معاوية في شعره، حتى ان أنصار معاوية كانوا كثیراً ما يردون عليه ذلك تارة شتماً وتارة تهديداً، فقد كان عمرو بن العاص ومروان بن الحكم كثیري الإساءة لأبي الطفيل حتى أنه قال(3) :
أيشتمني عمرو ومروان ضلةً بحكم ابن هند والشقي سعيد وحول ابن هند شائعون كأنهم اذا استفاضوا في الحديث قرود يعضّون من غيض على أكفهم وردّك ما لا تستطيع شديد وما مسّني إلا ابن هند وأنني لتلك التي يشجي بها لرصود
ص: 180
كما بلّغت ايام صفين نفسه تراقبه والشامتون شهود فلم يمنعوه والرماح تنوشه يخب بها رجب البنان عنود وطارت لعمرو في الفجاج شفية ومروان عن وقع السيوف يحيد وما لسعيد همة غیر نفسه وعندي له في الحادثات مزيد إلا أن معاوية قد عرف عنه الدهاء والمكر ومن ذلك انه كان يميل إلى كسب أعدائه عن طريق اللین، فجعل يكاتبه ويتلطف له حتى أتاه فلما قدم عليه، سأله معاوية قائلاً: يا أخا كنانة من أحب الناس إليك؟ فبكى أبو الطفيل ثم قال: ذاك إمام الأمة وقائدها وأشجعها قلباً وأشرفها أباً وجداً وأطولها باعاً وأرجحها ذراعاً وأكرمها طباعاً وأشمخها ارتفاعاً، فزجره معاوية ثم قال: ما هذا أردنا كله! فقال أبو الطفيل: وهل أنا قلت العشُر من أفعاله ثم انشد(1) :
صهر النبي بذاك الله اكرمهُ اذ اصطفاه وذاك الصهر مُدّخرُ فقام بالأمر والتقوى أبو حسن بخٍ بخٍ هنالك فضل ما له خطرُ لا يسلم القَرن منه إن ألمّ به ولا يهاب وإن أعداؤه كثروا من رام صولته وافى منيته لا يدفع الثكل عن أقرانه الخدرُ ثم قال:
اشهد بالله وآلائه وآل ياسين وآل الزمر أن علي بن أبي طالب بعد رسول الله خیر البشر
ص: 181
لو سمعوا قول نبي الهدى من حاد عن حب علي كفر ولم يقتصر شعر أبي الطفيل على الجانب السياسي الذي تركز على مفاخرة أعدائه أو الرد عليهم أو بيان أسباب ولائه لأهل البيت (علیه السلام)، وإنما تعداه إلى أغراض الشعر الأخرى فله أشعار رائعة في الحكمة والفخر والهجاء والغزل والمدح كقوله(1) :
لا در در الليالي كيف تضحكنا منها خطوب أعاجيب وتبكينا ومثل ما تحدث الأيام من غِيٍرٍ يا بن الزبیر عن الدنيا تسلينا كنّا نجيء ابن عباس فيقبسنا علماً ويكسبنا أجراً ويهدينا ولا يزال عبيد الله مترعةً جفانه مطعماً ضيفاً ومسكينا فالبر والدين والدنيا بدارهما ننال منها الذي نبغي اذا شينا ان النبي هو النور الذي كشفت به عمايات باقينا وماضينا ورهطهُ عصمةٌ في ديننا ولهم فضلٌ علينا وحق واجب فينا ولست فأعلمه أولى منهم رحماً يا بن الزبیر لا أولى به دينا وله قصيدة في رثاء ابنه الطفيل هي من روائع ما قاله الشعراء العرب في الرثاء يقول فيها(2) :
خلى طُفيل على الهم فأنشعبا وهَدَّ ذلك ركني هَدّةً عجبا
ص: 182
وأبني صحبة لا انساهما ابدا فيمن نسيت وكل كان لي نصبا وأخطأتني المنايا لا تطالعني حتى كبرت ولم يتركن لي نشبا وكنت بعد طُفيل كالذي نضبت عنه المياه وغاصَ الماء فأنقصبا فلا بعیرَ له في الارض يركبه وإن سعى إثرَ من قد فاته لغبا ولم يكن بعض أصحاب الإمام علي (علیه السلام) شعراء معروفین إلا أنهم كانوا فرساناً شجعان، فكان من حق أنفسهم عليهم ان يفتخروا بها، فكان لابد أن يجسدّوا ذلك بأبيات من الشعر، لذا نجد لبعضهم أشعاراً نادرة حُصرت إما بالفخر بالشجاعة أو بموالاة آل بيت رسول الله (صلی الله علیه و آله) كقول المقداد بن الأسود(1) :
انا المقداد يوم النزال أبيد الضدّ بالسمّر العوالي وسيفي في الوغى ابداً صقيل طليق الحدّ في أهل الضلال معي من آل كندة كل قوم يجيد الطعن في يوم النزال فيا ويل العدا والروم مِنا اذا التحم الفوارس في القتالِ وهم صرعى كأعجازٍ لنخلٍ يبقّعها الفوارس بالنصال وقوله(2) :
أنا الفارس المشهور في كل موطن وناصر دين للنبي محمد لعلّ ننال الفوز عند الهنا فيا فوز من أضحى نزيل المؤيد نقتل عبّاد الصليب جميعهم بأسمر خطيّ وعضب مهند
ص: 183
أما عمار بن ياسر فلم ترد له إلا أربع مقطوعات شعرية بمناسبات مختلفة مفتخراً بشجاعته(1) :
انا الهمام الفارس الكرار أفني بسيفي عصبة الكفار ان حالت الخيل بلا إنكار وقام سوق الحرب من عمار حمى لدين المصطفى المختار صلى عليه الواحد القهار وآله وصحبه الاخيار ما بان ليل أو أضاء نهار وقوله بعد مناظرة بينه وبين عمرو بن العاص(2) :
صدق الله وهو للصدق أهل وتعالى ربي وكان جليلا ربّي عجّل شهادة لي بقتلٍ في الذي قد أحب قتلا جميلا مقبلاً غير مدبر للقتل على كل ميتة تفضيلا انهم عند ربهم في جنان يشربون الرحيق والسلسبيلا من شراب الأبرار خالطه المسك وكأساً مزاجها زنجبيلا وقوله يمدح بلال بن رباح لصبره في تحمل الأذى من المشركين(3) :
جزى الله خيراً عن بلال وصحبه عتيقاً وأخرى فاكهاً وابو جهل عشية إذ هما في بلال بسوءة ولم يحذرا ما يحذر المرء ذو العقل
ص: 184
بتوحيده رب الانام وقوله شهدت بأن الله رب على مهل فإن يقتلوني يقتلوني ولم اكن لأشرك بالرحمن من خيفة القتل فيا رب ابراهيم والعبد يونس وموسى وعيسى نجني ولا تمل وقوله(1) :
إني لعمار وشيخي ياسر صباح كلانا مؤمن ومهاجر وكذلك كان لعدي بن حاتم بعض الابيات الشعرية، ومنها قوله(2) :
أبعد عمار وبعد هاشم وابن بديل فارس الملاحم ترجو البقا من بعد يا بن حاتم فقد عضضنا أمس بالأباهم لابد ان يحمى حمى المحارم ليس امرؤ من يومه بسالم وثمة اشعار لمالك الاشتر تدل جميعها على الشجاعة والبسالة والبطولة، اذ تجلى أغلبها في الفخر والحرب كقوله(3) :
إني إذا ما الحرب أبدت نابها وأغلقت يوم الوغى أبوابها ومزقت من حنق أثوابها كتنا قدامها ولا أذنابها ليس العدو دوننا أصحابها من هابها اليوم فلن اهابها لا طعنها أخشى ولا ضرابها
ص: 185
وقوله(1) :
آليت لا ارجع حتى أضربا بسيفي المصقول ضرباً معجبا انا ابن خیر مذحج مركبا من خيرهم نفساً وأمّاً وأبا وقوله(2) :
ألم تر أني في المعارك اشتر أفلق هامات الليوث وأنعر أمثلي ينادى في القتال جهالة لقيت حمام الموت والموت احمر ضربتك ضرباً مثل ضرب امامنا علي أمیر المؤمنین وأعذر وقوله(3) :
في كل يوم هامتي مقیرّة بالضرب أبغي منّةً ومؤخرة والدرع خیرٌ من برود حبرّة يا رب جنبني سبيل الكفرة واجعل وفاتي بأكف الفجرة لا تعدل الدنيا جميعاً وبرة ولا بعوضاً في ثواب البررة وكذلك فإن له في حب أمیر المؤمنین علي (علیه السلام) والوفاء له شعراً لعل أبرزه واشهره، ما كان اثر نصيحة للإمام (علیه السلام) تجنبها الإمام (علیه السلام) فقال الاشتر(4) :
منحت أمیر المؤمنين نصيحة فكان امرءاً تهدى إليه النصائح
ص: 186
فإن لم أصب رأياً فحقاً قضيتهُ وإلا فما فيما ترى العین فادحُ وقلت له والحق فيه وعنده وقلبي له قد يعلم الله جانحُ أيرغب عما نحن فيه محمد وسعد وعبد الله والحق واضح وأنت أمیر المؤمنین وسيفٌ اذا ذكرت بيضُ ومنها المنائح فإن يك قد ثابوا لرشد فإنما اصابوا طريق الحق والحق صالح وما منهم الا عزيز برأيه أخو ثقة في الناس غادٍ ورائحُ ولكن رأوا امراً لهم فيه مطمع وكادوك من جهل كأنك مازحُ
الكريم لاسيما وقد سكن الأمصار الإسلامية جالية تتكلم لغات أخرى ومن ثم تعرضت العبارات للفظ الخاطئ، فدعت الضرورة إلى تقويم اللسان العربي حتى لا يتعرض القرآن الكريم للتحريف(1) ، فكان ظهور علم النحو على يد أبي الأسود الدؤلي تلميذ الإمام علي بن أبي طالب (علیه السلام) الذي اخذ عنه النحو، فقد روي عن أبي الأسود انه قال: (دخلت على أمیر المؤمنین (علیه السلام) فقال لي: ان الأعاجم قد دخلت في الدين كافة، فضع للناس شيئاً يستدلون به على صلاح ألسنتهم، ثم أخرج لي رقعة فيها: الكلام كله اسم وفعل وحرف جاء لمعنى، فالاسم ما أنبأ عن المسمى والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى والحرف ما أنبأ عن معنى وليس بأسم ولا فعل، ثم قال لي زده وتتبعه فجمعت أشياء ثم عرضتها عليه(2) وكان أبو الأسود لا يخرج من علم النحو شيئا بادئ الامر، حتى بعث إليه زياد بن أبيه ابان ولايته على البصرة (أثر سماعه رجلاً يقول: مات أبانا وترك بنون. فقال زياد: مات أبانا وترك بنون؟!) فقال زياد لأبي الاسود: أن إعمل شيئاً تكون فيه إماماً ينتفع الناس به وتعرب به كتاب الله، فاستعفاه من ذلك، إلى أن سمع أبو الأسود قارئاً يقرأ قوله تعالى: «أَنَّ الله بَرِيءٌ مِنَ الُمشْرِكِینَ وَرَسُولُهُ»(3) بكسر حرف الام في كلمة ورسوله، وقد كان بعض الاعراب الفصحاء جالساً، فقال: أيبرأ الله من رسوله؟! فقال أبو الاسود: ما ظننت امر الناس يصل إلى هذا! ثم رجع إلى زياد فقال له: افعل ما أمرني به الامیر، فأعنّي بكاتب لقن يفعل ما آمره
ص: 188
به وأقوله له، فأتي بكاتب فلم يُرضه، فأتي بآخر، فقال له أبو الأسود: اذا رأيتني قد فتحت فمي بالحرف فانقط نقطة فوقه على أعلاه، فإن ضممت فمي فأنقط بین يدي الحرف وإن كسرت فأجعل النقطة تحت الحرف فإن أتبعت ذلك بشيء من غنّة فأجعل مكان النقطة نقطتین(1) ، وقد اختلفت الروايات في سبب وضع النحو إلا إنها أجمعت على إن واضعه هو أبو الأسود، ومنها انه سمع ابنته في يوم شديد الحر تقول؟ ما اشد الحر؟ فقال لها: القيظ، وهو ما نحن فيه يا بنية. (جوابا على كلامها، لانه استفهام) فتحیرت وبان له خطؤها فعلم أنها أرادت التعجب، فعمل باب الفاعل وباب المفعول به وباب التعجب وباب الاستفهام وغيرها من أبواب النحو(2) .
وبهذا فإن أبا الأسود الدؤلي هو واضع علم النحو والذي أخذه عن أستاذه الإمام علي (علیه السلام)، وأول من نقط حروف اللغة العربية، ثم اخذ عنه النحو جملةمن طلبة العلم في مسجد جامع البصرة فبرعوا في ذلك وكانوا رواد هذا العلم(3) إلى يومنا هذا. ولعل ابرز تلامذة أبي الأسود الذين اهتموا بعلم النحو بعده
ص: 189
وأخذوا على عاتقهم النهوض بهذا العلم وتطويره من خلال تدارسه والتصنيف فيه ووضع الأسس والقواعد له هم: عطاء وابو حرب ثم نصر بن عاصم الليثي(1) ، ويحيى بن يعمر(2) ، وعنبسة بن معدان الفيل(3) ، وميمون(4) وغيرهم ممن مثّل الطليعة الأولى لرجال النحو العربي الذين حفظوا اللغة من كافة المؤثرات الخارجية(5) .
ولم يذكر دور مماثل لدور أبي الأسود الدؤلي في علم النحو ممن سبقه سوى الإمام علي (علیه السلام) او غيرهم من سائر المسلمين.
ومثلما انفرد بعض صحابة وتلامذة أمیر المؤمنین الإمام علي (علیه السلام) ك (أبي الأسود الدؤلي) بوضع علم النحو وفروعه (قواعده وأقسامه) فقد كان لأحدهم
ص: 190
قصب السبق في التدوين التاريخي، فقد وضع سليم بن قيس الهلالي اول مؤلف في الإسلام، اذ لا يوجد بعد كتاب الله تعالى وشروحه التي عند أهل البيت كتاب أقدم منه، حيث قام سليم بن قيس بتدوين العقائد والتاريخ الإسلامي، في ظروف خطیرة، مغامرا بحياته في سبيل جمعه وتأليفه وحفظه وإيصاله إلى من بعده وانفراده بهذه الصفة دون سواه على الرغم من ما ذكر من كون أبي رافع أو عبد الله بن أبي رافع أو سلمان أو أبي ذر أو الأصبغ أو الحارث الهمذاني(1) من المعاصرين له أو من تلاه إنهم كانوا أوائل من صنف الكتب في الإسلام، إلا أن ما يميز كتاب سليم بن قيس عن كتبهم، هو عدم وصولها إلى ما بعدهم على عكس كتاب سليم الذي حفظ إلى يومنا هذا(2) ويعد كتابه من أهم المصادر التي تعتمدها الشيعة وتعول عليها(3) .
وقد ذكر سُليم في كتابه ما سمعه من علي (علیه السلام) وغیره من صحابته كسلمان والمقداد وابي ذر مما وقع بعد رسول الله (علیه السلام) من الردة أو ما تعرض له أهل البيت (علیه السلام)، ورسائل الإمام إلى معاوية(4) وقد نُعت كتاب سليم بن قيس بأنه أبجد الشيعة وأول كتاب اظهر أمرها وعنه نقل الكثیر من المصنفین الشيعة في كتبهم(5) .
لذا فإن الشيعة مَدينة لهذا المؤلف الشجاع الذي ملأ فراغاً لم يشغله غیره اذ دون الحقائق التاريخية العائدة لتلك الحقبة، بمنهجية اتسمت بالصراحة على الرغم من ظروف تأليفه الخانقة، اذ كتبه سليم في عصر المنع المطلق من تدوين
ص: 191
أحاديث النبي (صلی الله علیه و آله) وحتى ما يتعلق منها بالسنن والأحكام الشرعية حتى في المساجد وحتى إذا كان رواتها كبار الصحابة فقام بتدوين هذه الحقائق وجمعها في كتابه وكان أغلبها قد أخذه عن الأئمة الأطهار علي والحسن والحسین وزين العابدين (علیه السلام) والصحابة الثقات ويكتبها في كتابه على خوف ووجل لئا يطّلع عليها أحد فيتلفها أو يقتل كاتبها، ومن جهة أخرى فقد دوّن سليم مخالفات حكام عصره الذين كان يعيش معهم، ونجح في إخفاء ذلك عن عيونهم، فقد كان لحرصه على كتابه يحمله معه في أسفاره وتنقلاته العديدة خاصة بعد أن أخذ الأمويون يطاردون شيعة علي (علیه السلام) وفي اخر عمره عندما كان الحجاج يتبع من بقي من أصحاب الإمام علي (علیه السلام) ليقتلهم، وتنقل من بلد إلى بلد ما بین نجد ومكة والمدينة والكوفة والبصرة- ثم عصر إلى ارض فارس، وفيها حط رحاله مرغما إياه المرض، فنزل بدار صديقه أبّان بن أبي عياش(1) وفيها جاءه الأجل وكان قد اخذ قبل موته على أبّان المواثيق والعهود، وكشف له حقائق عاشها وشاهدها ودوّنها وقرأ عليه الكتاب وأودعه عنده ليوصله إلى أهله، فحافظ أبّان على الأمانة وحمل كتاب سليم إلى علماء البصرة، فنسخه بعض الرواة والعلماء رغم الظروف السياسية الصعبة حتى انتشرت نسخه بشكل صار معه لا يخشى عليه من الاندثار(2) .
ص: 192
لقد أدّى أصحاب أمیر المؤمنین الإمام علي (علیه السلام) الدور الأكبر في نشر مذهب أهل البيت (علیه السلام) والتشيع لهم في كل ارض وطأتها أقدامهم، إذ دعوا إلى التشيع، متخذين القرآن الكريم والحديث الشريف وسيلة لذلك بقدر من الذکاء والمرونة، من خلال تعریف الناس بفضلهم وسیرهم وتاریخهم وشرح ما ذکر فيهم من القرآن الكريم، فكانوا محل التعظيم والثقة عند كل الناس لمكانتهم من رسول الله (صلی الله علیه و آله) والإمام علي (علیه السلام) ومن هنا تجاوب معهم المسلمون وكان لهم الأثر البالغ في ذلك، فقد تمكن أبو ذر الغفاري من تأسيس قاعدة شعبية علوية في قلب الشام (معقل الأمويین)، فلا يزال في قرية الصرفند بین صور وصيدا مقام معروف باسم أبي ذر الغفاري اتخذ مسجدا معمورا، ومقام آخر في قرية جس المشرفة على غور الأردن وكلتاهما من قرى جبل عامل، والمقامان إلى الآن معروفان- كما تمكن من كسب أنصار وموالین له في جبل عامل (اذ نفاه عثمان بن عفان إلى هناك)(1) وكان له الكثیر من المناظرات مع أهل الشام بخصوص حق آل البيت(2) حتى قيل انه افسد الشام على الأمويین مما جعل معاوية يتودد له محاولا كسبه إلى صفه، فبعث له بثلاث مائة دينار، فأنكر أبو ذر ذلك وقال: إن كانت من عطائي الذي حرمتموني منه عامي هذا قبلتها؟! وإن كانت صلةً فلا حاجة لي بها. (وهذا يدل على أن معاوية قد حرمه عطاءه في بادئ الأمر فلما أحس منه خطراً لقبول حديثه عند أهالي الشام وتقديرهم له لمنزلته من الرسول (صلی الله علیه و آله) وصحبته له ومن ثمّ تأثرهم به وسماعهم منه وطاعتهم له، فحاول معاوية استمالته واسرضاءه
ص: 193
بتعويضه عن عطائه المحتجز عنه).
وكذلك بعث إليه ابن مسلمة الفهري(1) بمائتي دينار، فقال: أما وجدت أهون عليك مني تبعث الي بمال؟ وردّها، وبنى معاوية قصر الخضراء بدمشق فقال أبو ذر: يا معاوية ان كان هذا من مالك فهو الإسراف وإن كان من مال المسلمين فهي الخيانة؟! فأخرجه معاوية إلى القرى، وظلّ أبو ذر يوضح لاهل الشام أموراً وصفها بأنها حقاً يُطفأ وباطلاً يحيا وابتعاد عن التقى، لم ير علاجاً لها سوى بأن يبوح بموالاة آل البيت ويدعو لهم فمال إليه أناس خلال تجواله في الشام وضواحيه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر دون خوف أو سطوة، فكان أولئك بذرة التشيع الأولى هناك(2) ثم اخذوا يكثرون شيئاً فشيئاً(3) وكذلك وصل التشيع إلى مصر منذ اليوم الذي دخلها الإسلام فيه عند فتحها سنة20ه على يد مجموعة من أصحاب الإمام علي (علیه السلام) ومنهم المقداد بن الأسود الكندي ومحمد بن أبي بكر وأبو رافع وأبو ذر الغفاري وأبو أيوب الأنصاري، وعمار بن ياسر الذي زارها في خلافة عثمان (هؤلاء الذين كانوا يؤمنون بفكرة التشيع لعلي (علیه السلام) منذ عهد الرسول (صلی الله علیه و آله) المبايعین له طوعاً ورغبةً) فلما بعث الإمام (علیه السلام) قيس بن سعد أمیراً على مصر بايع أهلها طوعاً إلا قرية يقال لها ((خربتا)) ومثّل ذلك نواةً للمذهب العلوي في مصر رغم تغلب الأمويین عليها بعد ذلك، وقتلهم والي
ص: 194
الإمام علي (علیه السلام) محمد بن أبي بكر بشكل بشع حيث وضعوا جثته بعد قتله في جوف حمار ميت واحرقوها بالنار(1) .
وقد كان لسلمان المحمدي دور في نشر التشيع لآل البيت (علیه السلام) في المدائن(2) ، ولحذيفة بن اليمان وجابر بن عبد الله الأنصاري مثل ذلك في الحجاز(3) .
وقد مثّل هؤلاء الصفوة الخالصة من أصحاب الإمام علي (علیه السلام) دور أجهزة الدعاية والإعلام للتشيع فقد وجد التشيع حيث يوجدون وكان ينبت حيث يحلون، سلاحهم الوحيد لنشره كتاب الله وسنّة نبيه الكريم (صلی الله علیه و آله).
أدى تتلمذ صحابة أمیر المؤمنین (صلی الله علیه و آله) على يده وملازمتهم له وسلوكهم طريقه ورغبتهم في السیر على نهجه والتحلي بصفاته إلى تقدمهم في العلوم الدينية وتضلعهم في علمي الكتاب والسنة وفنون البلاغة وتمكنهم من الكلام وسرعة البديهية وبراعة التفكیر والنطق بضروري الكلام الذي يغني عن كثيرة بقليله ويبلغ غايته مع قصره ويضم من فنون المحسنات والبديع درره، والإيجاز في موضعه والإطالة والسرد إذا احتيج إليهما مع بلاغة المنطق وطلاقة اللسان ومعرفة مناهج الحجج والمناظرة وأساليب إلقاء الخطابة فكانوا أمراء الكلام في تاريخ الإسلام.
وقد أشار إلى بلاغتهم وفصاحتهم عموم المؤرخین، كانت خطبهم تحمل إلى جانب دررها اللفظية مدلولات سياسية واجتماعية وفقهية (لا سيما مراسلاتهم
ص: 195
للمخالفین للإمام علي (علیه السلام) ومناظراتهم للخارجین أو خطبهم في المسلمين للتعريف بحقه) وكانت خطبهم تنم عن عظمة المدرسة التي تتلمذوا عليها (مدرسة أمیر المؤمنین (علیه السلام) وأشیر إلى ان أبرعهم في هذا المجال كان عمار بن ياسر(1) .
ولعل أشهر خطباء أصحاب الإمام علي (علیه السلام) عبد الله بن عباس، وقيس بن سعد، وصعصعة بن صوحان (الذي قيل عنه أنه أحضر الناس جواباً وأن له دور كبیر في تعليم الكثیر من المسلمين الخطابة، ومالك الاشتر، وأبو ذر الغفاري، وعدي بن حاتم، وأبو الأسود الدؤلي وثابت بن قيس(2) .
ص: 196
ص: 197
ص: 198
مثلما كان لأصحاب الإمام علي بن أبي طالب (علیه السلام) الأثر المهم من الناحية السياسية والعسكرية والفكرية في تاريخ الإسلام إبان الحقبة موضوع البحث (11- 61ه/ 632- 680م) وما ترتب بعدها من نتائج، فقد كان لهم الأثر البالغ الأهمية في الجانب الاجتماعي، ذلك أنهم كانوا الآمرين بالمعروف الفاعلین له الناهین الناس عن المنكر التاركین له، إذ لم يحملوا الإسلام كنظرية فقط وإنما كانوا على طليعة المطبقین لتعاليمه العاملین بها، فقد كانوا خیر قدوة للمسلمین آنذاك، تحلّوا بأخلاق النبي (صلی الله علیه و آله) وأمیر المؤمنین (علیه السلام) فكانوا رادعین لأنفسهم عن اللذائذ والشهوات زاهدين في الدنيا وزخرفها، منصهرين في مجتمعهم ناكرين لذاتهم لا يحبون للناس إلا ما يحبون لأنفسهم، وسيلتهم لتحقيق ذلك هي الخلق الرفيع وغايتهم إرضاء خالقهم عنهم.
وقد حفظت لنا كتب التاريخ درراً من النصوص التي توحي لنا بأدوارهم العظيمة في مجالات اجتماعية شتّى كالكرم وإصلاح ذات البین، ومساعدة المحتاج وقضاء الحوائج وعيادة المريض والرفق بالضعفاء... الخ.
فكان لهم عامة أدوارٌ خلّدها التاريخ، وبرز منهم جماعة كأبي الأسود الدؤلي الذي كان زاهدا لدرجة وصف معها بالبخل والتقتیر على نفسه، فقد دخل يوماً على المنذر بن الجارود(1) وعليه جبة رثة كان يكثر لبسها، فقال له المنذر: يا أبا
ص: 199
الأسود أما تملّ هذه الجبّة؟ فقال: ربّ مملوك لا يستطاع فراقه ! فضحك المنذر بن الجارود وأمر له بمكافأة، فشكره أبو الأسود ومدحه بقوله(1) :
كساني ولم استكسه فحمدته أخ لك يعطيك الجزيل وناصر وان أحق الناس إن كنت شاكراَ بشكرك من أعطاك والعرض وافر في حین نجد روايات أخرى تناقض ذلك القول (بخل أبي الأسود) ومنها إن أبا الأسود سمع سائلاً ينادي ليلاً: ألا من يطعم الجائع؟، فأحضره إلى داره وأتاه بعشاء وافر، وقال له: كل حتى تشبع، إلا انه رأى منه أمراً فارتاب منه، فلما فرغ من الأكل أراد أن يخرج فمنعه أبو الأسود وكبّله وقال: لا ادعك الليلة تؤذي المسلمين فإذا أصبحت إنصرف(2) .
وهذه الحادثة توحي بعدم بخله أولاً إذ قام بإحضار السائل من طواعية مع أن السائل لم يطلب ذلك من أبي الأسود بالتحديد، وحينما ادخله داره جاءه بطعام وافر مع أن أبا الأسود كان من الزاهدين بذلك على نفسه وهذا يوحي بإكرامه لضيفه، وفضلاً عن ذلك ولعل الأهم في الرواية هو حرصه على مصلحة المسلمين وخوفه من تعرضهم للأذى بصورة أو بأخرى من ذلك الشخص.
ولم يترك أبو الأسود مخالطة الناس والصلاة معهم، وكان حريصاً على معرفة أخبارهم ومشاركتهم في سائر أمورهم حتى انه حرص على حضور المسجد على
ص: 200
الرغم من ضعفه وهرمه في أخر أيام عمره(1) .
وقد عُرف عن أبي الأسود الصبر والحلم والتحمّل غیر المحدود لمن خالفه الرأي أو أساء إليه القول رغم مقدرته على سرعة الجواب اللاذع (بشهادته نفسه) حيث يقول(2) :
فإن لساني ليس أهون وقعة وأصغر آثاراً من النحت بالفاسِ وقد كان أبو الأسود الدؤلي أديباً في ردوده لمن هجاه أو نال منه حتى وصفت بأنها (تكاد تكون مقبولة حتى للمهجو نفسه مع بلاغتها وعمق معانيها)، فقد قال في رجل(3) :
يصيب وما يدري ولا يدري ما خطا وكيف يكون الحمق إلا كذاكا أما أبو ذر الغفاري فجدير بأن يوصف بأنه قائد الثورة الاجتماعية الأولى في العصر الإسلامي، وله بهذا المجال روايات كثیرة، فقد كان بمستوى رفيع من نكران الذات وتقديم حوائج الآخرين على حاجاته والعمل على قضائها في مختلف المجالات مبتدءاً بأبسط الأمور، فقد ذكر ابن سعد انه كان لأبي ذر غُنيمة كان إذا احتلبها بدأ بجيرانه فإن بقي شي اطعم عياله، حتى أن ضيوفاً طرقوه ليلاً ولم يكن في بيته سوى تمرات قليلة، فقدمها لهم واعتذر لهم معلما إياهم انه ليس لديه سواها شيء، وإلا لقدمه لهم مهما كان، وبات عياله ثاوين(4) .
ص: 201
فقد كان أبو ذر جواداً كريماً لا يبقي شيئاً إذا ملكه، قيل انه صارت لديه ابل فنزله ضيوف وكان له غلام فقال له: اني مشغول فاخرج وآت بخیر ابلي، فذهب فجاء بناقة مهزولة! فقال أبو ذر: خنتني في هذه! فقال الغلام: إني وجدت خیر الإبل فحلها ذكرت يوم حاجتنا اليه، فقال أبو ذر: ان يوم حاجتني إليه ليوم اوضع في حفرتي(1) ، وان الله يقول: «لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ»(2) .
وقد أرسل إليه عثمان بن عفان يوماً بمائتي دينار مع موليین له قائلا لهما:
انطلقا إلى أبي ذر فقولا له: إن عثمان يقرؤك السلام وهو يقول هذه مائتا دينار فاستعن بهما على ما نابك، فقال أبو ذر لهما: هل أعطى أحداً من المسلمين مثلما اعطاني؟ قالا: لا، قال فإنما أنا رجل من سائر المسلمين يسعني ما يسعهم، قالا: انه يقول إنها من صلب ماله وبالله الذي لا إله إلا هو ما خالطها حرام ولا بعثت بها اليك إلا من حلال، فقال: لا حاجة لي بها وقد أصبحت يومي هذا وأنا من أغنى الناس، فقالا له: ما نرى في بيتك قليلاً ولا كثیراً! فقال: بلى تحت هذه التي ترون رغيف شعير قد أتى عليهما أيام فما أضع بهذه الدنانیر، لا والله حتى يعلم الله إني لا اقدر على قليل ولا كثیر، لقد أصبحت عنياً بولاية علي (علیه السلام)(3) .
وقد كان أبو ذر يذهب إلى أن المسلم لا ينبغي له أن يكون في ملكه أكثر من قوت يومه وليلته أو شيء ينفقه في سبيل الله، اذ كان يأخذ بظاهر قول الله تعالى: «وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ»(4) .
ص: 202
ومن ذلك انه كان يخطب في أغنياء الشام قائلاً: يا معشر الأغنياء واسوا الفقراء، وبشّر الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله بمكاوي من نار تكون بها جباههم وجنوبهم وظهورهم، فأحبه الفقراء حبّاً شديداً وشكاه الأغنياء إلى معاوية فكاد له بأن أرسل إليه بألف دينار فوزعها أبو ذر في حينها على فقراء أهل الشام، ثم أرسل إليه معاوية رسوله مرة أخرى مُدّعياً الخطأ في قصد أبي ذر بالمال، وهو يصيح: يا أبا ذر أنقذ جسدي من عذاب معاوية فإنه أرسلني إلى غیرك وإني أخطأت بك! فقال له أبو ذر: يا بني قل له: والله ما أصبح من دنانیرك دينار واحد ولكن أخّرنا ثلاثة أيام حتى نجمعها لك، فلا رأى معاوية ذلك منه وعلم ان أهل الشام (الفقراء خاصة) مطيعون لأبي ذر خاف أن يدعوهم إلى التمرد عليه ورفض الظلم، فأرسل أبا ذر إلى عثمان(1) .
ولأبي ذر في الزهد ومساعدة المحتاجین ونصح المسلمين والتزام الصلاة وكثیرة التعبد والخشوع روايات عديدة لا مجال لذكرها في بحثنا لكثرتها(2) .
وكذلك فإن للأحنف بن قيس باعاً طويلاً في الناحية الاجتماعية إذ عمل رسمياً بذلك فلم يقتر دوره على حالة معينة وإنما عمل لمصلحة المسلمين العامة فقد ذهب على رأس أهل البصرة بوفد ليكلم عمر بن الخطاب في مصالح البصريین والتخفيف عن كاهلهم والاهتام بشأنهم(3) حيث كلّم أهل البصرة عمر
ص: 203
ابن الخطاب في مصالحهم الخاصة واقتصر حديث الأحنف على مصلحة عموم المسلمين وكان آخرهم حديثاً فقد كانوا يكلمون عمر والأحنف ساكت! حتى قال عمر: ألك حاجة يا أحنف؟ فقال بلى: إن مفاتح الخیر بيد الله وان إخواننا من أهل الأمصار نزلوا منازل الأمم الخالية بن المياه العذبة والجنان الملتفة وإنّا نزلنا أرضاً منشاشة لا يجف مرعاها، ناصيتها من قبل المشرق البحر الأجاج ومن جهة الغرب الفلاة، فليس لنا زرع ولا ضرع تأتينا منافعنا وميرتنا مثل مريء النعامة، ويخرج الرجل الضعيف منا فيستعذب الماء من فرسخين، فالا ترفع خسيستنا وتنعش ركيستنا وتجبر فاقتنا وتزيد في عيالنا عيالاً وفي رجالنا رجالاً وتصغّر درهمنا وتكبّر قفيزنا وتأمر لنا بحفر نهر نستعذب منه الماء هلكنا!، قال عمر هذا والله السيد هذا والله السيد(1) .
وقد كان للأحنف من الرأي ما يحترم ويقدّر ويؤخذ به ويركن اليه، عرف عنه حبه لإصلاح ذات البین المتخاصمین والسعي في قضاء حوائج المسلمين، فقيل انه ذهب يوماً إلى قوم في دم، وقد احتكموا بدفع ديتین! فقال: ذلك لكم! فلما سكتوا، قال: أنا أعطيكم ما سألتم فاسمعوا: إن الله قصى بديّة واحدة وإن النبي (صلی الله علیه و آله) قضى بدية واحدة، وإن العرب حكمت بينها ديّةً واحدة وانتم اليوم تطالبون وأخشى أن تكونوا غداً مطلوبین فلا يرضى الناس منكم إلا بمثل ما سننتم ! قالوا: ردها إلى ديّة واحدة(2) .
وكذلك سجّل أويس القرني درجة رفيعة في مقياس التكافل الاجتماعي
ص: 204
والتفاني بتقديم العون للمسلمين حتى قيل انه تصدّق بجميع ثيابه وجلس عُرياناً لا يجد ما يخرج فيه إلى الجمعة، وتصدق بطعامه كله وجعل يقول مخاطباً الخالق: (اللهم من مات جوعاً فلا تؤاخذني به ومن مات عرُيانا فلا تؤاخذني به)(1) .
وقد اشتهر أبو سعيد الخدري بدوره في فض المنازعات وإنهاء الخصومات بین المسلمين والإصلاح بينهم وحثهم على الوحدة وعدم الاختلاف، وأهم أعماله بهذا المجال هو إصلاحه بین يزيد بن شجرة الرهاوي وقثم بن عباس(2) .
وعرف عن ثابت بن قيس بأنه كان يؤثر عموم المسلمين على نفسه، ومن ذلك انه وجد الأنصار مجتمعین في مسجد بني ظفر، يريدون أن يكتبوا إلى معاوية في حقوقهم (في أوائل سنوات خلافته) بعد ان حبس عنهم العطاء لسنتين أو ثلاث لم يعطهم شيئاً، فقال: ما هذا؟ قالوا: نريد أن نكتب إلى معاوية. فقال: ما تصنعون أن يكتب إليه جماعة، بل يكتب إليه رجل منا فإن كانت كائنة برجل منكم فهو خیر من أن تقع بكم جميعاً، وتقع أساؤكم عنده، فقالوا: من ذاك الذي يبذل نفسه لنا؟! قال: أنا، قالوا: فشأنك، فكتب إلى معاوية وبدأ بنفسه فذكر أشياء منها نصرة النبي (صلی الله علیه و آله) وجهاده ثم قال: حبست عنا حقوقنا واعتديت علينا وظلمتنا، ومالنا إليك ذنب إلا نصرتنا للنبي (صلی الله علیه و آله) فلما قدم كتابه إلى معاوية دفعه إلى يزيد فقرأه ثم قال له: ما الرأي؟ تبعث إليه فتصلبه على بابه. فدعا معاوية كبراء أهل الشام فاستشارهم، فقالوا: تبعث إليه حتى تقدم به ههنا وتقفه لشيعتك ولأشراف الناس حتى يروه ثم تصلبه، فقال: هل عندكم غیر هذا؟ قالوا: لا!،
ص: 205
فكتب معاوية إليه: قد فهمت كتابك وما ذكرت النبي (صلی الله علیه و آله) وقد علمت إنها كانت ضجرةً لشغلي وما كنت فيه من الفتنة التي شهرت فيها نفسك، فأنظرني ثلاثاً، فقدم كتابه على ثابت فقرأه وصبّحهم العطاء في اليوم الرابع(1) .
وكذلك فإن لجندب بن كعب (جندب الخیر) الكثیر من الأدوار الاجتماعية التي كان أهمها قتله لساحر الوليد، وذلك أن أمیر العراق الوليد بن عقبة جاء بساحر يلعب بین يديه، فيضرب رأس الرجل حتى يرميه أرضاً ثم يصيح به فيقوم حيّا مرتداً إليه رأسه، فافتتن به الناس وقالوا: سبحان الله إن هذا الساحر يحيي الموتى، فرأى ذلك جندب وغضب لله فضرب عنق الساحر وقال: «أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصرِونَ»(2) إن كان صادقاً فليحيي نفسه، فغضب عليه الوليد وسجنه(3) .
ويبدو إن سبب قتل جندب للساحر هو لدرء الفتنة التي خلقها الساحر بن المسلمين بقولهم إنه يحيي الموتى وإعلان رفضه لما آلت إليه المساجد أماكن للهو واللعب وكذلك حرصه على المسلمين عامة، وذوي العقول المحدودة الفهم والإيمان خاصة عن الانصراف إلى مثل هذه الأمور التي تسخط الخالق، إضافة إلى أن قتله للساحر كان إحياءً للسنّة وتنفيذاً للشريعة الإسلامية حيث قال رسول الله (صلی الله علیه و آله): (حدّ الساحر ضربةٌ بحد السيف)(4) .
ص: 206
أما سلمان المحمدي فله من الأدوار الاجتماعية ما يوحي بعظمته وباستحقاقه ما نعته به الرسول (صلی الله علیه و آله) بقوله: (سلمان منّا أهل البيت)(1) ، فقد كان ينفق عطاءه على الفقراء والمساكين وليس له إلا ثوب واحد ذكر بعض الصحابة إنهم شاهدوه يفترش نصفه ويلبس الأخر، وقد كان يأكل من عمل يده حيث يقوم بسفّ الخوص وبيعه لسد نفقاته وتفريق الباقي على الفقراء(2) . ويروى انه لم يتخذ بيتاً حتى كلمه في ذلك حذيفة بن اليمان قائلاً: لو اتخذت بيتاً يا سلمان، فقال سلمان:لِمَ، لتجعلني مالكاً وتجعل لي داراً؟ قال حذيفة: لا ولكن نبني لك بيتاً من قصب ونسقفه بالبردي إذا قمت كاد أن يصيب رأسك وإذا نمت كاد إن يصيب طرفيك! فقال: والله يا حذيفة كأنك في نفسي(3) .
ويذكر أن سلمان قام بالإصلاح بن زيد بن صوحان وزوجته وإرجاعهما لبعضهما بعد أن لم يتوصل غیره إلى إعادة الأمور بينهما إلى نصابها الطبيعي(4) ، كما فعل مثل ذلك بین أبي الدرداء وزوجته(5) .
وقد كان مما يحبب سلمان إلى مجتمعه الإسلامي تواضعه وبساطته لدرجة انه كان يوماً ماراً بطريقه وإذا برجل يحمل تبناً فحمل معه قسماً من التبن مساعداً إياه، فرآه الناس فعرفوه، وقالوا: هذا الأمیر ! فاعتذر صاحب التبن له كونه لا
ص: 207
يعرفه ولكن سلمان أبى إلا أن يوصل معه التبن إلى بيته(1) .
ولعل من أسمى آيات تواضع سلمان وانصهاره في ابسط طبقات مجتمعه لدرجة مخالطة مرضاهم الذين كان حتى ذويهم يتجنبونهم لئلا يلحقهم المرض (كالمجذومین) الذين كان سلمان يزورهم ويطعمهم السمك واللحم بین الحین والأخر بل ويأكل معهم(2) .
أما عبد الله بن جعفر فقد اجتمعت فيه أمور كانت كافية بأن تصقله وتضعه في المكانة التي وصلها عند الخالق والخلق، منها دعوة الرسول (صلی الله علیه و آله) في صغره، ومنها كونه ابن جعفر الطيار وابن أخ الإمام علي (علیه السلام) وربيبه وتلميذه الذي عاش في كنفه مع الحسنين (علیه السلام)، فهو قد نشأ في بيت كان مصدر الضياء لأمة الإسلام وهو بيت باب مدينة العلم وسادة الشهداء وقرين القرآن عترة رسول الرحمن فعبد الله من أجود العرب لم يذكر عنه أنه ردّ قاصداً له أو خيّب من قصده، وقد روى المؤرخون انه شاهد يوماً شاعراً دخل على مروان بن الحكم ومدحه بشعره فلم يعطه مروان شيئا وخرج الشاعر حزيناً، فسأله عبد الله بن جعفر: كم كنت ترجو منه؟! قال: ألف دينار على مديحي له، فقال: وكم تطمع أن تعيش؟ قال: سنة أو سنتين، فأعطاه عبد الله لكل سنة الف دينار، ففرح الشاعر ودعا له(3) .
فقد كان عبد الله غنياً كريماً يعطي بلا حساب ولا ملل حتى مدحه الشعراء كثیراً، فقال احدهم(4) :
ص: 208
ألفت نعم حتى كأنك لم تكن عرفت من الأشياء شيئا سوى نعم و عاديت لا حتى كأنك لم تكن سمعت ب لا في سالف الدهر والأمم وقيل انه لم يكن من المسلمين بعد الأئمة الأطهار (عليهم السلام) من هو أجود من عبد الله بن جعفر حتى انه عوتب في خوف إتاف ماله بكرمه، فقال:
إن الله عودني عادة وعودت الناس عادة فأنا أخاف إن قطعتها عن الناس قطعها الله عني، ومدحه عبد فأعطاه إبلاً وخيلاً وثياباً ودنانیر ودراهم، فقيل له: أتعطي مثل هذا الأسود مثل هذا؟! فقال: إن كان أسود فشعره ابيض ولقد استحق بما قال أكثر مما نال، وهل أعطيناه إلا ما يفنى ويبلى وأعطانا مدحاً يروى وثناء يبقى(1) .
وقد وصف الأبشيهي عبد الله بن جعفر بقوله: كان عبد الله بن جعفر من الجود بالمكان المشهود وله فيها أخبار يكاد سامعها ينكرها لبعدها عن المعهود، فكان معاوية يعطيه ألف ألف درهم فيفرقها في الناس فلا يُرى إلا وعليه دين، وذكر إن يزيد أعطاه مالاً عظيماً فلامه حاشيته على إعطائه ذلك المقدار الكبیر لرجل واحد. فقال: ما أعطيته لرجل واحد وإنما أعطيته لسائر المدينة ثم وكّل يزيد صحبه بمتابعته وعبد الله لا يعلم بذلك لينظروا ما يفعل، فرجعوا بعد شهر واخبروا يزيدإن عبد الله بن جعفر فرّق جميع المال في أهل المدينة حتى احتاج إلى الدين(2) .
وذكر إن احد عامة المسلمين قد سمّن بهيمة ثم خرج بها ليبيعها فمر بعبد الله بن جعفر وأراد عبد الله أن يكرمه، فقال: يا صاحب البهيمة أتبيعها، فكأنّ
ص: 209
الرجل استحيا من مساومة ابن جعفر ظانّاً انه يريد ذلك، فقال: لا ولكن هي لك هبة ! ثم تركها لعبد الله وانصرف إلى بيته فما لبث ان جاءه الحمّالون من عبد الله بن جعفر نفر يحملون الحنطة ونفر يحملون الفاكهة ونفر يحملون اللحم فضلاً عن المال، فأعطاه عبد الله بن جعفر جميع ذلك واعتذر له عن إحراجه في سؤال بيع البهيمة(1) .
ويروى انه خرج مع الحسنين (علیه السلام) من مكة إلى المدينة، فأصابتهم المدينة بمطر فلجئوا إلى خباء أعرابي فأقاموا ثلاثة أيام حتى سكنت السماء فذبح لهم الأعرابي شاة، فلما ارتحلوا قال عبد الله للأعرابي: ان قدمت المدينة فسل عنا، فاحتاج الأعرابي بعد سنتين فقالت له امرأته: لو قدمت المدينة فلقيت أولئك الفتيان، فقال: قد نسيت أسماءهم، فقالت: سل عن ابن الطيار، فدخل المدينة فلقي الإمام الحسن (علیه السلام) فأمر له بمائة ناقة بفحولها ورعاتها ثم أتى الإمام الحسن (علیه السلام) فقال:كفانا أبو محمد (علیه السلام) مؤنة الإبل فأمر له بألف شاة ثم اتى عبد الله بن جعفر فقال عبد الله: لقد كفاني إخواني مؤنة الشياه والإبل فأمر له بمائة ألف درهم(2) .
ولم يكن ذلك بغريب من عبد الله بن جعفر فقد عرف هذا البيت بالعطاء المتدفق وغیر المحدود إذ لم يكن عبد الله هو الوحيد من آل هاشم ممن عرف بذلك، فقد كان عمه (ابن عم أبيه) عبد الله بن عباس من ذوي الباع الطويل في هذا المجال، ومن ذلك انه حن اسند إليه الإمام علي (علیه السلام) ولاية البصرة مرّ بأبي أيوب، فقال: يا أبا أيوب إني أريد أن اخرج لك عن مسكني كما خرجت أنت
ص: 210
لرسول الله (صلی الله علیه و آله) من مسكنك فأمر أهله فخرجوا وأعطاه كل شي كان في داره وزاده بثمانية عبيد وعشرين ألف درهم(1) .
وقد نعت ابن عباس بصفات توحي بما له من مكانه اجتماعية مرموقة في المجتمع الإسلامي آنذاك فقد ذكر بعض المؤرخین انه كان يحتال في الكرم أي انه كان يبتدع طرقاً لم يسلكها غیره قبله ثم يخفي ما ينفق في سبيل الله(2) . فقد قيل ان رجلاً أتاه وهو بفناء داره فقال: يابن عباس إن لي عندك يداً وقد احتجت إليها فنظر إليه فلم يعرفه فقال: وما يدك؟ قال: رأيتك واقعاً بفناء زمزم وغلامك يمنحك الماء والشمس قد صهرتك فظللتك بكسائي حتى شربت! فقال: أجل إني لأذكر ذلك ثم قال لغلامه ما عندك؟ قال: مائتا دينار وعشرة ألاف، قال: ادفعها إليه وما أراها تفي بحقه. وأرسل إليه معاوية هدايا في النوروز مع حاجبه فلما وضعها بین يديه، نظر إلى الحاجب وهو ينظر إليها فقال: هل في نفسك شيء منها؟! قال: نعم والله إن في نفي ما في نفس يعقوب من يوسف (علیه السلام) فضحك عبد الله، وقال: هي لك، فقال أخاف ان يبلغ معاوية ذلك فيحقد عليّ، قال فأختمها بخاتمك وسلّمها للخازن، ونحملها لك ليلاً، فقال الحاجب: والله لهذه الحيلة في الكرم اشد كرماً من الكرم(3) ، كما ورد له في كتب التاريخ قيامه بالعديد من عمليات إصلاح ذات البین وفض الخصومات والمنازعات بین المسلمين كقيامه بالإصلاح بین عقيل بن أبي طالب وزوجته(4) .
ص: 211
وكذلك كان يحرص على مشاركته بتوفیر بعض الخدمات لحجاج بيت الله الحرام كقيامه بسقاية الحجيج بنفسه(1) .
وحبس معاوية عن الإمام الحسین (علیه السلام) عطاءه فقيل له لو أبلغت عمك ابن عباس فإنه قدم بنحو ألف ألف. فقال الحسین (علیه السلام): وأنى تقع ألف ألف من عبد الله بن عباس فوالله لهو أجود من الريح اذا عصفت وأسخى من البحر إذا زجر، ثم وجه إليه مع رسوله بكتاب يذكر فيه ضيق حاله، فلما قرأ ابن عباس كتاب الحسین (علیه السلام)، وقال: ويلك يا معاوية أصبحت لین المهاد رفيع العماد والحسین يشكو ضيق الحال وكثرة العيال؟! ثم قال لوكيله: احمل إلى الحسین نصف ما املكه من ذهب وفضة ودواب وأخبره إني شاطرته فإن كفاه وإلا احمل إليه النصف الأخر(2) .
وذكر إن رجلاً من الأنصار جاء إلى ابن عباس فقال له: يا بن عم محمد (صلی الله علیه و آله) انه ولد لي في هذه الليلة مولود واني سميته باسمك تبركاً بك وان أمه ماتت، فقال ابن عباس: بارك الله لك في الهبة وآجرك على المصيبة ثم دعا بوكيله وقال له: انطلق الساعة فاشتر للمولود جارية تحضنه وادفع لأبيه مائتا دينار لينفقها على تربيته، ثم قال للأنصاري، عد إلينا بعد أيام فإنك جئتنا وفي العيش يبس، وفي المال قلة، فقال الأنصاري، جعلت فداك انك لو سبقت حاتم بيوم ما ذكرته العرب(3) .
وكذلك كان أخوه عبيد الله بن عباس من الجود والسخاء بمكان فقد كان له
ص: 212
عبيد كثیرون وكان يقول لهم: من أتاني منكم بضيف فهو حر(1) وقيل انه كان ينحر كل يوم جزراً، ويطعم الناس في موضع المجزرة التي عرفت بمجزرة ابن عباس نسبته إليه لكثرة ما يطعم الناس فيها، ولسخائه أطلق عليه (تيار الفرات)(2) ، وفيه قال معاوية بن أبي سفيان: إن عبيد الله بن عباس علّم قريشا الجود وقد تبارى بوصف كرمه الشعراء(3) ، ويذكر انه نزل على خيمة أعرابي فلما رآه الرجل اجلّه وأعظمه لما رأى من حسنه وهيبته، فقال لامرأته: ويحك ما عندك لضيفنا غداءاً؟ قالت: ليس عندنا شي إلا الشويهة التي حياة ابنك على لبنها ! فقال: انه لا بد من ذبحها، قالت: اتقتل ابنك؟! قال: وإن كان ذلك، وأخذ السكين وجعل يذبحها ويسلخها ويقول مرتجزاً:
يا جارتي لا توقظي البنية ان توقظيها تنتحب عليَّ وتن زع الشفرة من يديا وما ان فرغ ابن عباس من تناول طعامه، وكان قد سمع محاورة الأعرابي لزوجته دون أن يعلما ذلك- أراد أن يرتحل، فقال لمولاه: ما معك من المال؟ قال: خمسائة دينار، فقال: ويحك ادفعها للرجل وعرّفه انه ليس معنا سواهما! فقال له مولاه: سبحان الله تعطيه خمسائة دينار وإنما دفع لنا شاة تساوي خمس دراهم! فقال: ويحك والله لهو اسخى منّا وأجود، إنما دفع لنا كل ما يملك وأعطيناه بعض ما نملك قد آثرنا على مهجة نفسه وولده بجميع ما يملك!(4) .
وكذلك كان عثمان بن حنيف ممن يهتم بقضاء حوائج المسلمين ويتخذ في
ص: 213
ذلك السبل ويعمل إليه حتى ان رجلاً أتاه وكان له قبل عثمان بن عفان حاجة ولم يكن عثمان بن عفان يلتفت إليه أو ينظر في حاجته فلقيه عثمان بن حنيف وأرشده بأن يتوضأ ويصلي ركعتین ويقرأ دعاءً لقّنه إياه ثم يتوجه إلى عثمان، ففعل ذلك وذهب إلى عثمان فأجلسه معه على فراشه وسأله عن حاجته وقضاها له وقال له: ما كانت لك حاجة فأتنا، فلما خرج لقيه عثمان بن حنيف، فقال له: ما أسرع ما كلمت الخليفة في حاجتي؟! فقال عثمان بن حنيف: والله ما كلمته ولا رأيته، ولكن كنت قد رأيت رسول الله (صلی الله علیه و آله) أتاه ضرير يشكو ذهاب بصره فأمره بكلمات حفظتها عنه وهي ما أخبرتك بها فنلت ببركتها ما تريد(1) .
وكذلك فإن عدي بن حاتم كان كأبيه من وجهاء العرب وكرمائهم وذوي الأيادي البيضاء بينهم الساعين في الأحلاف والمصالحات و المصاهرات وفض الخصومات وقضاء الحاجات، وقد كان له في الكرم باع طويل فيذكر إن الأشعث ابن قيس أرسل إلى عدي بن حاتم يستعير منه قدروا كانت لحاتم فملأها عدي طعاما وأرسلها إليه قائلا إنا لا نعيرها فارغة، فما كان من الأشعث بن قيس بعد أن قضى حاجته منها ورأى من عظيم كرم عدي بن حاتم إلا ان وضع ببعضها الطعام وببعضها الدراهم وأرسلها إلى عدي قائلاً: ونحن لا نعيدها فارغة؟!(2) .
وغیر ذلك الكثیر من الروايات التي كان لها الدور الرئيس في جعل عدي محبباً إلى عموم المسلمين فقد كان عطوفاً بصغيرهم، رحيماً بمحتاجهم، لیّن الجانب لا يتوانى عن مديد العون اليهم حتى قيل انه كان بالقرب من داره تل فيه منازل
ص: 214
للنمل كان يخرج ويفت الطعام بنفسه ويلقي به للنمل ويقول كان أبي يكرم جاره ألا أكرم جاري وقد جاورني هذا النمل، وقيل ان نفراً من عبد القيس كانوا مترحلین فنزلوا بالقرب من قبر حاتم وعلم بهم عدي وعلم أنهم قد سألوا قبر أبيه أن يقريهم (ساخرين) فحمل لهم الطعام والدواب وأعطاه لهم وهو يقول: إن حاتم يقري ضيفه حيّاً وميّتاً(1) .
ولقيس بن سعد الكثیر من الأخبار التي أوردتها مصادر التاريخ الإسلامي والتي تدل على مكانته الاجتماعية المرموقة منذ عصر الرسالة حتى ان الرسول (صلی الله علیه و آله) بنفسه شهد له بذلك أبان غزوة (سيف البحر)(2) مع أبي عبيدة بن الجراح والتي أصاب المسلمين فيها الجوع فجعل قيس يذبح للمسلمين كل يوم ثلاثة ابل حتى فرّج عنهم الله ضيقهم، فلما عادوا اخبروا الرسول (صلی الله علیه و آله) فقال: (إن قيساً من بيت جود)(3) .
وشكت إليه امرأة عجوز فقرها فقال لغلمانه إملأوا بيتها خبزاً وسمناً وتمراً، وقيل انه كان يطعم الناس كل يوم وينادي: هلمّوا إلى اللحم والثريد حتى قال فيه أبو بكر وعمر: لو بقي قيس هكذا لأهلك مال أبيه(4) .
ص: 215
وقد مرض قيس بن سعد يوماً فاستبطأه عواده وإخوانه عليه، فسأل عن سبب ذلك؟! فقيل له: أنهم يستحون مما لك عليهم من الديون! فقال أخزى الله ما يمنع الإخوان من العيادة ثم أمر مناديا ينادي في الناس: ألا من كان لقيس بن سعد عليه دين أو حق فهو منه في حل، فأتاه الناس حتى هدموا الدرجة التي كانوا يصعدون عليها إليه (لكثرتهم)(1) .
وكان أيضاً ممن يؤخذ برأيه عند الخاصة ويتخذه الناس لهم شفيعا عند من خافوه من الخلفاء أو الأمراء إذا ما كانوا قد لزمهم جرم أو دم أو وشاية حتى قيل إن الإمام علياً (علیه السلام) هدر دم حارثة بن بدر الغداني الشاعر(2) فشفع له عنده فعفا عنه الإمام (علیه السلام)(3) .
ولمّا حضرت قيساً الوفاة فسأله بعض ذويه عن داره التي بمصر فقال: وأي دار لي بمصر إنما تلك بنيتها من مال المسلمين لا حق لي فيها اذ استعنت فيها بالمسلمين فهي لهم ينزلها ولاتهم(4) .
ص: 216
وليس دليلٌ على حب صحابة الإمام علي (علیه السلام) للقيام بالعمل الاجتماعي أو الاشتراك به ومساعدة كل ذي حاجة خیراً من توجه ثلة منهم (فيهم عمار بن ياسر ومالك الأشتر وحذيفة بن اليمان) لمساعدة صبية تندب أباها عجزت عن مواراته الثرى وقد شاءت الصدفة إلا أن يكون ذلك المتوفى أخاهم وصاحبهم ورفيق دربهم أبا ذر الغفاري اذ إن أبا ذر لما نفي إلى بادية الربذة حضرته الوفاة فيها وكان الرسول الكريم قد تنبأ له بالموت وحيداً بعيداً عن المسلمين وتنبأ له أن من يدفنه جماعة من المسلمين الصالحین من عابري السبيل، فكان مؤمناً بذلك لا يداخله إليه شك، فلما أحس بالموت قال لابنته: أترين أحدا، فقالت له: كلا، فقال: كلا انه سيحضرني نفر مؤمنون، فقالت: إني وحدي في هذا الموضع وأخاف أن تغلبني عليك السباع وجزعت جزعاً شديداً، وإذا بركب مقبلین فأخبرت أباها، فقال: الله أكبر صدق رسول الله، حوّلي وجهي إلى القبلة، فإذا وصل القوم أقرئيهم مني السلام، فإذا فرغوا من أمري فاذبحي لهم هذه الشاة وقولي لهم أقسمت عليكم أن برحتم حتى تأكلوا ثم مات، فوصلها القوم ووجدوا لديها جنازة على قارعة الطريق فشمروا أيديهم لمساعدتها وإذا بها تقرئهم السلام من أبيها قبل أن يروه وتخبرهم بأنه أبا ذر الغفاري صاحبهم وهي بهم غیر عالمة فأخذوا بالبكاء ثم غسلوه وكفنوه وصلوا عليه ودفنوه ثم حملوا ابنته معهم إلى المدينة(1) .
ص: 217
ص: 218
قد يستغرب من يروم البحث حول صحابة أمیر المؤمنین علی بن أبي طالب (علیه السلام) حينما يقع لهم علي أدوار سياسية وعسكرية وفكرية وحتى اجتماعية يستبعد العادة أن تصدر من مثلهم لما عرف عنهم من اعتزالهم لمثل تلك الأمور والتفرغ لنقيضها من العبادة والزهد والتحلي بالخلق الرفيع ولزوم المساجد والانصراف عن الدنيا لأجل الآخرة فضلاً عن كون غالبيتهم من عامة الناس أي من الطبقة الفقیرة، إلا أنهم كانوا رواد مدرسة الإمام علي بن أبي طالب (علیه السلام) نهلوا من فيض معينه الصافي فنضحوا على من حولهم من المسلمین مما ملئوا به وأبدعوا في مختلف المجالات.
و قد جمعَت أولئك الصحابة صفات عدة كالصمود وعدم الميل عن الحق والصحبة المبكرة والشجاعة والعلم والحلم والإيمان بقضية الإمام علي (علیه السلام) وإيثاره على أنفسهم وتفانيهم من أجله رغبةً في الركون إلى الحق وتقرباً إلى الله بذلك.
وكذلك أسهموا بنشر قضيته وتعريف الناس بظلامته وأهل بيته، وقد لاقى أصحابه الكرام في سبيل ذلك ما لاقوا حتى شردوا ونفوا عن ديارهم وقتلوا على أيدي أعدائهم ومخالفيهم الرأي ولم يأبهوا بذلك ولم يستكثروه لإيمانهم بقضيتهم وعلمهم بوعورة طريق الحق وقلة سالكيه.
وأيضاً لا ينسى تفوقهم على غیرهم في بعض المجالات وإبداعهم في أخرى
ص: 219
وابتكارهم لبعضها، فقد كانوا أئمة بعض العلوم وواضعيها حتى قرن اسم بعضهم بها كالتفسیر وابن عباس، والحديث وجابر الأنصاري، والنحو وأبي الأسود الدؤلي، والتاريخ وسليم بن قيس، والصدق والزهد والوعظ والثورة ضد الظلم وأبي ذر، والشجاعة ومالك الأشتر وعمار بن ياسر والمقداد بن الأسود وحذيفة بن اليمان، والكرم وقيس بن سعد وعدي بن حاتم... الخ.
ولعل ما يعلل ذكرنا لهذا العدد من الصحابة أو هذه الحقبة الزمنية هو الاتفاق المطلق من جميع المؤرخین على مصاحبة هؤلاء للإمام علي بن أبي طالب (علیه السلام) وعدم قبول المساومة على ذلك أو الميل باتجاه معین هذا من ناحية ومن أخرى فإن الحقبة موضوع الدراسة (11- 61ه/ 634- 681م) هي الحقبة التي عاشها غالبية أولئك الصحابة ومن ثم لغناها بالأحداث الجسام وولادة أهم العلوم الإسلامية أو الفرق الإسلامية.
ص: 220
* القرآن الكريم * الابشيهي، شهاب الدين محمد بن أحمد (ت852/ 1848م) - المستطرف في كل فن مستظرف، بیروت- مكتبة الهلال (ط1- 2000) * أبن الأثير، عز الدين أبي الحسن علي بن أبي الكرم الشيباني (ت630ه/ 1232م) - أسد الغابة في معرفة الصحابة، بیروت- دار الكتاب (د.ت).
- الكامل في التاريخ، تحقيق علی شیري، بیروت، دار أحياء التراث العربي، (ط1- 2004).
- اللباب في تهذيب الأنساب، بیروت- دار صادر (د.ت).
* الاحسائي، ابن جمهور (ت880ه/ 1475م) - عوالي اللئالي، تحقيق اقا محسن العراقي، قم (ط1- 1983) * الاربلي، أبي الحسن بن عيسى (ت692ه/ 1292م) - كشف الغمة في معرفة الائمة، قم- مؤسسة النشر الإسلامي (ط1- 2001) * الاردبيلي، محمد بن علي (ت1101ه/ 1786م) - جامع الرواة و ازاحة الاشتباهات عن طرق الاسناد، بیروت- منشورات مكتبة الرسول (د.ت).
* الازرقي، محمد بن عبد الله أبو الوليد (ت250ه/ 865م) - أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار ، تحقيق رشدي الصالح، بیروت- دار الأندلس (ط1- 1991) * الأزهري، محمد بن أحمد (ت370ه/ 981م) - معجم تهذيب اللغة، تحقيق محمد عوض مرعب، بیروت- دار أحياء التراث العربي (ط1- 2001).
* ابن اسحاق، محمد بن يسار (ت151ه/ 768م)
ص: 221
- سيرة بن اسحاق، بيروت- معهد الدراسات والأبحاث (د.ت).
* الاسكافي، أبو جعفر (ت20ه/ 835م) - المعيار الموازنة، تحقيق محمد باقر المحمودي، بيروت عالم الكتب (ط1- 1981) * أبي الأسود، (ت69ه/ 688م) - ديوان أبي الأسود، تحقيق محمد حسن آل ياسين، بغداد (ط1- 1924) * ألأصفهاني، أبو الفرج علي بن الحسين (ت356ه/ 969م) - ألاغاني،: الأغاني، بيروت- دار صادر (1968).
- مقاتل الطالبيين، تحقيق أحمد صقر، بيروت- منشورات ألاعلمي (د0ت).
* أبن أعثم الكوفي، أبو محمد أحمد (ت14ه/ 926م) - كتاب الفتوح، تحقيق علي شيري، بيروت- دار ألأضواء(ط1- 1991).
* ألآنباري، أبو البركات كمال الدين عبد الرحمن بن محمد (ت577ه/ 1181م) - نزهة ألالباء في طبقات الأدباء، تحقيق إبراهيم السامرائي، بغداد- مكتبة الأندلس (ط1- 1970).
* أحمد بن حنبل (ت241ه/ 855م) - مسند أحمد بن حنبل، بيروت- دار صادر (د.ت).
* ابن بابويه، منتجب الدين (ت585ه/ 1168م) - الاربعون حديثاً قم- مؤسسة الإمام المهدي (ط1- 1998).
* الباجي، سليمان بن خلف بن سعد أبو الوليد (ت474ه/ 1998م).
- التجريح والتعديل، تحقيق أحمد البزاز، مراكش- مطبعة وزارة ألا وقاف والشؤون الدينية (د.ت).
* البخاري، محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الجعفي (ت256ه/ 869م) - التاريخ الكبير، الهند، حيدر أباد الدكن (1942).
- التاريخ الصغير، تحقيق محمود إبراهيم زايد، بيروت، دار المعرفة (ط1- 1989م).
- صحيح البخاري، بيروت- دار بن كثير(ط1- 2002).
* البحراني، هاشم (ت1107ه/ 1695م).
- حلية الابرار، تحقيق غلام رخا، قم- مؤسسة المعارف الإسلامية (ط1- 1994).
ص: 222
- غاية المرام وحجة الخصام في تعيين الإمام، تحقيق علي عاشور، (د.ت).
- مدينة المعاجز، قم- ط1، 1983م.
* ابن البراج، عبد العزيز الطرابلسي (ت481ه/ 1088م) - جواهر الفقه، تحقيق ابراهيم عبد الهادي، قم- مؤسسة النشر الإسلامي (ط1- 1991).
* البرقي، أحمد بن محمد (274ه/ 887م) - رجال البرقي، منشورات جامعة طهران، ط1- 1963م.
* ابن البطريق، يحيى بن الحسن الاسدي (ت600ه/ 1203م) - العمدة، قم- مؤسسة النشر الإسلامي (ط1- 1997).
البغدادي، عبد القادر بن عمر (ت1093ه/ 1683م) - خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب، تحقيق محمد نبيل طريفي، بیروت- دار الكتب العلمية (ط1- 1998م).
* البكري، أبو عبدا لله بن عبد العزيز (ت487ه/ 1094م) - معجم ما أستعجم من أسماء الباد و المواضع، تحقيق مصطفى السقا، بیروت- عالم الكتب (ط1- 1983).
* البلاذري، أحمد بن يحيى بن جابر (ت279ه/ 892م) - أنساب الأشراف، بيروت- دار الكتب العلمية (ط1- 1982).
- فتوح البلدان،تحقيق رضوان محمد رضوان، بیروت- دار الكتب العلمية (ط1- 1983م).
* البهوتي، منصور بن يونس (ت1051ه/ 1662م) - كشاف القناع، تحقيق محمد حسن محمد، بيروت (ط1- 1997).
* البيهقي، إبراهيم بن محمد (ت320ه/ 932م) - المحاسن والمساوئ، بيروت- دار الفكر (ط1- 1970م).
* البيهقي، أبي بكر أحمد بن الحسين بن علي (ت458ه/ 1065).
- السنن الكبرى، بيروت- دار الفكر (د.ت).
- معرفة السنن والاثار، تحقيق كسروي حسن، بيروت- دار الكتب العلمية(د.ت).
ص: 223
* التبريزي، ولي الدين أبو عبد الله (741ه/ 1340م) - الإكمال في أسماء الرجال، تحقيق أبي أسد الله بن محمد الأنصاري، قم- مؤسسة أهل البيت (د.ت).
* الترمذي ، أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة (ت279ه/ 892م) - سنن الترمذي (الجامع الصحيح) تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف، بيروت- دار الفكر (ط3- 1983م).
* التفرشي، مصطفى بن الحسين الحسيني (ت1030ه/ 1620م) - نقد الرجال، قم (ط1- 2004م).
* التستري، نور الله (ت1019ه/ 1610م) - الصوارم المبرقة، تحقيق جلال الدين المحدث، بيروت، 1968م.
* ابن تيمية،محمد بن الخضر (ت622ه/ 1225م) - التفسير الكبير، تحقيق عبد الرحمن عميرة، بيروت- دار الكتب العلمية (د.ت).
* الثعالبي، أبو منصور (ت875ه/ 1470م) - تفسر الثعالبي، تحقيق عبد الفتاح أبو سنة، بیروت- دار احياء الراث العربي (ط1- 1989م).
* الثقفي، أبراهيم بن محمد بن سعيد أبو هلال (ت283ه/ 896م) - الغارات، تحقيق جلال الدين المحدث، بيروت (د.ت).
* الجاحظ، أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب (ت255ه/ 868م) - البيان والتبيان، تحقيق حسن السندوبي، القاهرة، ط2 (د.ت).
- الحيوان، تحقيق عبد السلام محمد هارون، القاهرة 1983).
- العثمانية، تحقيق عبد السلام محمد هارون، بيروت، دار الجيل (ط1- 2002م).
* ابن جبر، زين الدين علي بن يوسف (ت ق7ه) - نهج الإيمان، تحقيق أحمد الحسن، مشهد (ط1- 1998).
* ابن أبي جرادة، كمال الدين عمر بن احمد (ت660ه/ 1261م) -بغية الطلب في تاريخ حلب، تحقيق سهيل زكار، بیروت- دار الفكر، (ط1- 1988م).
ص: 224
* الجرجاني، علي بن محمد (ت618ه/ 1221م) - التعريفات، تحقيق إبراهيم الابياري، بيروت، دار الكتاب العربي (ط2- 1985م).
* الجمحي، محمد بن سلام بن عبد الله بن سالم أبو عب الله البصري (ت231ه/ 845م) - طبقات فحول الشعراء، تحقيق محمود محمد شاكر، جدة- دار المدني (د.ت).
* ابن جمهور (ت880ه/ 1475م) - عوالي اللئالي، تحقيق اقا محسن العراقي، قم (ط1- 1983م) * أبن جني، أبو الفتح عثمان الموصلي (ت392ه/ 1001م) - الخصائص، تحقيق محمد علي النجار، بغداد، 1990م.
* أبن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد (ت597ه/ 1200م) - صفوة الصفوة، تحقيق إبراهيم رمضان وسعيد اللحام، بيروت، (ط3- 2002م).
- المنتظم في تاريخ الملوك والامم، بيروت، دار الكتب العلمية، (ط1- 1992م).
* أبن حاتم العاملي، جمال الدين بن يوسف بن حاتم بن فوز بن مهند الشامي (ت664ه/ 1265م) - الدر النظيم، قم، مؤسسة النشر الإسلامي (د.ت).
* حاجي خليفة، مصطفى بن عبدا لله الحنفي القسطنطيني (ت1067ه/ 1753م) - كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون،بيروت، دار أحياء التراث العربي (د.ت).
* الحاكم النيسابوري، محمد بن عبد الله (ت405ه/ 1014م) - المستدرك على الصحيحین، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا، بیروت- دار الكتب العلمية (ط1- 1990م) * أبن حبان، محمد بن حبان بن أبي حاتم التميمي البستي (ت354ه/ 965م) - الثقات في الصحابة والتابعین، تحقيق محمد عبد المعيد خان، الهند، حيدر أباد الدك (د.ت).
- مشاهير علماء الأمصار، تحقيق مرزوق علي إبراهيم، المنصورة- دار الوفاء (ط1- 1990م).
- كتاب المجروحين، تحقيق محمود إبراهيم، مكة المكرمة- دار الباز للنشر (د.ت).
- مولد العلماء ووفياتهم، تحقيق عبد الله أحمد سليمان، الرياض- دار العاصمة (ط1- 1990م).
ص: 225
* ابن حبيب، محمد بن حبيب البغدادي (ت245ه/ 859م) - المحبرّ، (بيروت) 1963م.
* أبن حجر،أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت852ه / 1448م) - الإصابة في معرفة الصحابة، تحقيق محمد البجاوي، بيروت، (ط1- 2005).
- تغليق التعليق، تحقيق، سعيد عبد الرحمن، بيروت، (ط2- 1995م).
- تقريب التهذيب، تحقيق، مصطفى عبد القادر عطا، بروت- دار الكتب العلمية (2- 1995م).
- تهذيب التهذيب، بيروت، دار صادر، 1967م.
- فتح الباري شرح صحيح البخاري، بيروت- دار المعرفة (ط2- 1988م).
* أبن أبي الحديد المعتزلي، عبد الحميد بن هبة الله (ت655ه/ 1257م) - شرح نهج البلاغة، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، بروت، دار الساقية، (ط1- 2001م) * الحر العاملي، محمد بن الحسن بن علي بن محمد (ت1104ه/ 1692م) - وسائل الشيعة، بيروت، ط1- 1972م.
* أبن حزم ألأندلسي، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد (ت456ه/ 1063م) - الأحكام، تحقيق أحمد شاكر، بيروت، مطبعة العاصمة (د.ت).
- جمهرة أنساب العرب، تحقيق لجنة من الباحثین، بیروت- دار الكتب العلمية (ط3- 2004م).
- المحلى، بيروت- دار الفكر، (ط1- د.ت).
* الحلي، أبو منصور الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر (ت726ه/ 1335م) - ايضاح الاشتباه، بيروت- دار أحياء السنة النبوية (د.ت).
- خلاصة الأقوال، تحقيق جواد الفيومي، قم (ط1- 1997).
- الرسالة السعدية، تحقيق محمود المرعشي، بيروت- مكتبة الحياة (د.ت).
- كشف اليقين (د.ط) ، (ط1- 1999).
- المستجاد من الارشاد، قم- مكتبة اية الله المرعشي (ط1- 1986).
- منتهى الطلب، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، (ط2- 1992).
ص: 226
* الحلي، يحيى بن سعيد (ت689ه/ 1290م) - الجامع للشرائع، قم مؤسسة سيد الشهداء لطباعة العلمية (1985).
* ابن حنبل،احمد بن محمد (ت241ه/ 855م) - العلل ومعرفة الرجال، تحقيق وصي الله بن محمود عباس، بيروت- (ط1- 1988).
* أبو حنيفة الدينوري، أحمد بن داود (ت282ه/ 895م) - الاخبار الطوال، تحقيق عصام محمد، بيروت، دار الكتب العلمية (ط1- 2000).
* الخزاز القمي، علي بن محمد (ت400ه/ 1009م) - كفاية الاثر في النص على الأئمة الاثني عشر،تحقيق عبد اللطيف الحسيني، بیروت (1981).
* الخزرجي الأنصاري اليمني (ت ق10) - خلاصة تذهيب تهذيب الكمال،تحقيق عبد الفتاح أبو غدة، حلب، دار البشائر الإسامية (ط4- 1991).
* الخطيب البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت (463ه/ 1072م) - تاريخ بغداد، بيروت، دار الكتب العلمية (د.ت).
- الرحلة في طلب الحديث، تحقيق نور الدين زعتر، بیروت، دار الكتب العلمية (ط1- 1975).
- الكفاية في علم الرواية، تحقيق عمر هاشم، بیروت- دار الكتاب الغربي (ط1- 1985).
* الخطيب التبريزي، ولي الدين أبي عبدا لله محمد بن عبدا لله (ت741ه/ 340م) - الاكمال في أسماء الرجال، قم، مؤسسة أهل البيت (د.ت).
* أبن خلدون، عبد الرحمن محمد بن الحسن الحضرمي (ت808ه/ 1405م) - تاريخ بن خلدون المسمى )ديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان ألأكبر، تحقيق سهيل زكار، بیروت، دار الفكر (ط1- 2001).
- المقدمة، بيروت، دار القلم (ط5- 1984م) * أبن خلكان،أبي العباس شمس الدين أحمد بن محمد (ت681ه/ 1282م) - وفيات الاعيان وأنباء أبناء الزمان، تحقيق احسان عباس، بیروت، دار الثقافة،
ص: 227
1968.
* أبن خياط، خليفة بن خياط أبو عمرو الليثي العصفري (ت240ه/ 854م) - تاريخ خليفة بن خياط، تحقيق أكرم ضياء العمري، النجف الاشرف، مطبعة الآداب ، 1967.
- طبقات خليفة بن خياط، بيروت، دار الكتاب العربي (ط1- 1982).
* الخوارزمي، الموفق بن أحمد المكي (ت568ه/ 1172م).
- المناقب، قم- مؤسسة النشر الإسلامي (ط2- 1994).
* ابن داوود، تقي الدين الحسن بن علي (ت707ه/ 1307م) - رجال بن داوود، تحقيق محمد بحر العلوم، النجف- المكتبة الحيدرية (1972).
* أبو داوود، سليمان بن الأشعث (ت275ه/ 888م) - سنن أبي داوود، مصر- المكتبة التجارية (ط2- 1950).
* الدباغ، أبي زيد الاسيدي (ت696ه/ 1296) - معالم الإيمان، مصر- المطبعة التجارية 1968.
* أبن دريد،أبي بكر محمد بن الحسن (ت321ه/ 933م) - جمهرة اللغة، تحقيق رمزي منير بعلبكي، بيروت، دار العلم للملايين (د.ت).
* ابن الدمشقي، شمس الدين أبو البركات (ت871ه/ 1466م) - جواهر المطالب في مناقب الإمام علي ابن أبي طالب، قم (ط1- 1996).
* الدميري، محمد بن موسى بن عيسى (ت808ه/ 1405م) - حياة الحيوان الكبرى، بيروت- المكتبة العلمية (ط1- 2001).
* الديار بكري، حسين بن محمد بن الحسن (ت966ه/ 1559م) - تاريخ الخميس في احوال انفس نفيس، بيروت- دار صادر (د.ت).
* الدينوري، عبدالله بن مسلم بن قتيبة (ت276ه/ 889م) - عيون الأخبار، القاهرة، مطبعة دار الكتب المصرية، 1928.
* الذهبي، محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز (ت748ه/ 1374م) - تاريخ الإسلام، تحقيق عمر عبد السلام، بيروت، دار الكتاب العربي (ط1- 1987).
- تذكرة الحفاظ، تحقيق عبد الرحمن يحيى، بيروت، دار أحياء التراث (1954).
ص: 228
- سر أعلام النبلاء، تحقيق إبراهيم الابياري، القاهرة، مطبعة دار المعارف ومعهد المخطوطات بجامعة الدول العربية (د.ت).
- العبر في خبر من غبر، تحقيق صلاح الدين المنجد، الكويت، مطبعة الكويت (ط2- 1984).
- ميزان الاعتدال، تحقيق علي محمد البيجاوي، بيروت، دار المعرفة (د.ت).
* الرازي، أبي محمد عبد الرحمن بن محمد بن ادريس بن المنذر (ت327ه/ 938م) - الجرح والتعديل، الهند، حيدر أباد الدكن (ط1- 1952).
* الرازي، محمد بن أبي بكر بن عبد القادر (ت721ه/ 1321م) - مختار الصحاح، تحقيق محمود خاطر، بيروت، مكتبة لبنان ناشرون (ط1- 1990).
* الراغب ألأصفهاني، أبو القاسم الحسين بن محمد بن المفضل (ت502ه/ 1108م) - محاضرات الأدباء ومحاورات البلغاء و الشعراء، بيروت- دار الحياة (1961).
* الزبيدي، أبو بكر محمد بن الحسن (ت379ه/ 989م) - طبقات النحويین واللغويین، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، القاهرة، دار المعارف- 1973.
* الزبيدي، محمد بن مرتضى الحسيني الواسطي (ت1205ه/ 1798م).
- تاج العروس من جواهر القاموس، تحقيق علي الهلالي، الكويت- 1966.
* الزركشي، محمد بن هادر بن عبدا لله (ت754ه/ 1344م).
- البرهان في علوم القرآن، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، بيروت، دار المعرفة، 1979.
* الزمخشري،محمود بن عمر بن محمد (ت538ه/ 1144م) - ربيع الأبرار، قم- دار الذخائر (1990).
* ابن زهرة الحلبي، حمزة بن علي (ت585ه/ 1189م) - غُنية النزوع، تحقيق جعفر السبحاني وميثم البهادري قم (ط1- 1997).
* زيد بن علي، زيد بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ت122ه/ 739م) - مسند زيد بن علي، تحقيق عبد العزيز إسحاق البغدادي، بيروت (ت122ه/ 739م) * سبط بن الجوزي، يوسف بن عبدا لله (ت654ه/ 1256م)
ص: 229
تذكرة الخواص، ترجمه عن الفارسية محمد صادق بحر العلوم، بیروت، دار العلوم (ط1- 2004).
* أبن سعد، محمد بن سعد بن منيع الزهري البصري )ت230ه/ 844م) - الطبقات الكبرى، بيروت، دار صادر (د.ت).
* سفيان الثوري، سفيان بن سعيد بن مسروق (ت161ه/ 778م) - تفسير الثوري، تحقيق لجنة من الباحثين،بيروت- دار الكتب العلمية (ط1- 1983).
* أبن سلام، أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي (ت224ه/ 838م) - غريب الحديث، تحقيق محمد عبد المعيد خان، الهند، حيدر آباد الدكن (ط1- 1966).
* سليم بن قيس الهلالي الكوفي - كتاب سليم بن قيس، تحقيق محمد باقر الأنصاري، بيروت- 1968.
* السمعاني، أبو سعد عبد ا لكريم بن محمد بن منصور (ت562ه/ 1166م) - الأنساب، تحقيق عبدا لله عمر البارودي، دار الجنان للطباعة (ط1- 1988).
السهمي، حمزة بن يوسف (ت427ه/ 1036) - تاريخ جرجان، بيروت- دار صادر (د.ت).
* السيرافي، أبو سعيد الحسن بن عبدا لله بن المرزبان (ت368ه/ 979م) - أخبار النحويين البصريين، بعناية فرنسيس فرانكو، باريس، 1936.
* سيف بن عمر الضبي ألأسدي (ت200ه/ 815م) - الفتنة ووقعة الجمل، تحقيق أحمد راتب عرموش، بیروت، دار النفائس (ط1- 1969).
السيوطي، جلال الدين بن عبد الرحمن بن الكمال بن أبي بكر (ت911ه/ 1505م) - إسعاف المبطأ برجال الموطأ، تحقيق موقف فوزي جبر، بیروت- دار الهجرة للطباعة، ط1 (1990).
- الإتقان في علوم القرآن تحقيق سعد المندوب، بيروت- دار الفكر (ط1- 1996).
- بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، بيروت، المكتبة العصرية (د.ت).
- تاريخ الخلفاء، تحقيق محمد محي الدين، مصر، مطبعة السعادة (ط1- 1963).
ص: 230
- تدريب الراوي، مصر (ط1- 1878).
- تنوير الحوالك، تحقيق محمد الخالدي، بيروت دار الكتاب ط1 (1997).
- الدر المنثور، بيروت، دار المعرفة للطباعة والنشر (د.ت).
- طبقات الحفاظ، تحقيق علي محمد عمر، القاهرة، مكتبة وهبة (ط1- 1876).
- لب الالباب في تحرير الانساب، بيروت، دار صادر (د.ت).
* ابن شاذان الازدي، الفضل بن شاذان (ت260ه/ 873م) - الايضاح، تحقيق جلال الدين الحسيني، طهران (ط1- 1991).
* الإمام الشافعي، محمد بن ادريس بن العباس (ت204ه/ 819م) - احكام القرآن، تحقيق محمد عبد القادر عطا، بيروت، دار الفكر (د.ت).
- الرسالة، تحقيق أحمد محمد شاكر، بيروت، المكتبة العلمية (د.ت).
* الشافعي محمد بن طليحة (ت652ه/ 1254م) - مطالب السؤول في مناقب ال الرسول، تحقيق ماجد أحمد العطية، بیروت- دار الكتب، (ط1- 1984).
* ابن شبة النميري، أبو زيد عمر (ت262ه/ 875م) - تاريخ المدينة، تحقيق ضميهم محمد، قم- مطبعة القدس (ط1- 1990).
* ابن شعبة الحراني ، أبو محمد الحسن بن علي (ت القرن الرابع الهجري) - تحف العقول، تحقيق علي اكبر الغفاري، قم- مؤسسة النشر الإسلامي (ط2- 1984).
* الشريف الرضي، محمد بن الحسين (ت406ه/ 1015م) - خصائص الأئمة، تحقيق محمد هادي، مشهد، مجمع البحوث الإسلامية (د.ت).
* ابن شهراشوب، مشير الدين أبو عبدالله (ت588ه/ 1191م) - مناقب ال أبي طالب، النجف الاشرف- المطبعة الحيدرية (1956).
* الشهرستاني، أبي الفتح محمد بن عبد الكريم بن أبي بكر (ت548ه/ 1153م) - الملل والنحل، تحقيق أمير علي مهنا، بيروت، دار المعرفة (ط2- 1992).
* الشوكاني، محمد بن علي (ت1255ه/ 1839م) - نيل الاوطار من احاديث سيد الاخيار، بيروت- دار الجيل (1973).
ص: 231
* أبن أبي شيبة الكوفي، عبدالله بن محمد بن إبراهيم (ت235ه/ 849م) - مصنف بن أبي شيبة، تحقيق سعيد اللحام، بيروت، دار الفكر (ط1- 1989).
* الشيرازي، إبراهيم بن علي بن يوسف أبو إسحاق (ت476ه/ 1083م) - طبقات الفقهاء، تحقيق خليل الميس، بيروت، دار القلم (د.ت).
* الشيرازي القمي، محمد طاهر (ت1098ه/ 1668م) - كتاب الاربعين، تحقيق مهدي رجائي، ايران- (مكتبة الامير- 1998).
* صاحب المعالم؛ حسن (ت1011ه/ 1602م) - التحرير الطاووسي، تحقيق فاضل الجواهري- قم (ط1- 1971).
* الصالحي الشامي، محمد بن يوسف (ت942ه/ 1535م) - سبل الهدى والرشاد في سیرة خیر العباد، تحقيق عادل أحمد عبد الموجود، بیروت- دار الكتب العلمية (ط- 1993).
* أبن الصباغ، علي بن محمد بن أحمد نور الدين (ت855ه/ 1451م) - الفصول المهمة في معرفة الائمة، تحقيق سامي الغريري، قم، دار الحديث (ط1- 2002).
* الصدوق، أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين (ت381ه/ 1991م) - الامالي، قم، مؤسسة البعثة (ط1- 1996).
- الاعتقادات في دين الإمامية، تحقيق عصام عبد السيد، بیروت- دار المفيد، (ط2- 1993).
- الخصال، تحقيق علي اكبر الغفاري، قم- الحوزة العلمية (1983).
- من لا يحضره الفقيه، تحقيق علي الغفاري، قم (ط2- د.ت).
- الهداية، قم- مطبعة اعتماد (ط1- 1998).
* الصفدي، صلاح الدين خليل بن أيبك (ت764ه/ 1362م) - الوافي بالوفيات، تحقيق ماهر جرار، المعهد الألماني للنشر (ط1- 1977).
* أبو الصلاح الحلبي، تقي بن نجم الدين بن عبيد الله (ت447ه/ 1054م) - تقريب المعارف، تحقيق فارس تبريزيان الحسون، قم- 1977.
* الصنعاني، عبد الرزاق (211ه/ 826م)
ص: 232
- المصنف، تحقيق حبيب الرحمن الاعظمي، قم (د.ت).
ابن طاووس، رضي الدين علي بن موسى بن محمد (ت664ه/ 1265م) - اليقين، الجزائر، دار الكتاب (ط1- 1993).
- اللهوف على قتلى الطفوف، بيروت، مكتبة الأندلس (د.ت).
- سعد السعود، قم- منشورات الرضا (1953).
- إقبال الأعمال، قم- المكتب الإعلامي الإسلامي (2004).
- الملاحم والفتن، اصفهان- مؤسسة صاحب الأمر (ط1- 1995).
- كشف الحجة لثمرة المهجة، النجف الاشرف، المطبعة الحيدرية (د.ت).
* ابن طباطبا العلوي، محمد بن ابراهيم (ت709ه/ 1309م) - الفخري في الآداب السلطانية، مصر- دار المعارف (1968).
* الطبراني، أبي القاسم سليمان بن أحمد (ت360ه/ 970م) - المعجم الكبیر، تحقيق حمدي عبد المجيد السلقي، بیروت- دار احياء التراث (ط2- د.ت).
- المعجم الاوسط، تحقيق طارق بن عوض، المدينة المنورة- دار الحرمین للطباعة والنشر (1995).
- المعجم الصغير، بيروت- دار الكتب العلمية (د ت).
* الطبري، أحمد بن عبد الله (ت694ه/ 1294م) - ذخائر العقبى، القاهرة- المكتبة المصرية (1976) * الطبري،أبو جعفر محمد بن جرير (ت310ه/ 922م) - تاريخ الرسل والملوك، بيروت، دار الكتب العلمية (ط1- 1997).
- جامع البيان في تفسیر القرآن، تحقيق جميل صدقي العطار، بیروت، دار الفكر (ط1- 1995).
- المسترشد، تحقيق أحمد المحمودي، مؤسسة الثقافة الإسلامية، لكوشنباور (ط- 1995).
- المنتخب من ذيل المذيل، بيروت- مؤسسة الاعلمي (د.ت) * الطبرسي، أبو علي الفضل بن الحسن (ت620ه/ 1223م)
ص: 233
- مجمع البيان في تفسير القرآن، بيروت، دار المعرفة (ط1- 1986).
* الطبرسي، أبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب (ت548ه/ 1153م) - الاحتجاج، تحقيق محمد باقر الخرسان، النجف الاشرف، دار النعمان1966.
* الطريحي، فخر الدين بن محمد علي بن أحمد بن طريح الرماح (ت1085ه/ 1674م) - مجمع البحرين، تحقيق أحمد الحسيني، قم1979.
الطوسي، أبو جعفر محمد بن الحسن (ت460ه/ 1067م) - الاقتصاد، قم- مطبعة الخيام (ط1- 1980) - الآمالي، قم، دار الثقافة (ط1- 1994) - التبيان، تحقيق أحمد حبيب قصیر العامي، بیروت، دار أحياء التراث العربي (ط1- 1989).
- الخلاف، تحقيق نخبة من الباحثين، قم مؤسسة النشر الإسلامي (ط1- 1987).
- رجال الطوسي، تحقيق جواد القيومي، قم (ط1- 1995).
- المبسوط في فقه الإمامية، طهران- المكتبة الحيدرية(1977).
- مصباح المتهجد، بيروت- مؤسسة فقه الشيعة (ط1- 1991).
- الفهرست، تحقيق جواد القيومي، قم- مؤسسة النشر الإسلامي (ط1- 1996).
- اختيار معرفة الرجال، قم- مؤسسة النشر الإسلامي (د.ت).
* أبو الطيب اللغوي، عبد الواحد بن علي العسكري الحلبي (ت351ه/ 972م) - مراتب النحويين، بيروت (ط1- 1972).
* أبن عبد البر، أبو عمر يوسف بن عبدا لله (ت463ه/ 1070م) - الاستيعاب، تحقيق محمد البيجاوي، بيروت- دار الجيل (د.ت).
* ابن عبد الحكم المصري، عبد الرحمن بن عبد الله (ت257ه/ 870م) - فتوح مصر وأخبارها، تحقيق محمد الخجري، بيروت- دار الفكر (ط1- 1996).
* أبن عبد ربه الاندلسي، أبو عمر أحمد بن محمد (ت382ه/ 993م) - العقد الفريد، تحقيق محمد سعيد، القاهرة، 1940.
* ابن عبد الرحمن العراقي، أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين (ت806ه/ 1403م) - فتح المغيث بشرح القية الحديث، قم- مؤسسة النشر الإسلامي، (ط1- 1999).
ص: 234
العجلي، عبيد بن حاتم (ت261ه/ 874م) - معرفة الثقات، المدينة المنورة مكتبة الدار (ط1- 1985).
* أبن عدي، أبي أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني (ت365ه/ 975م) - الكامل في ضعفاء الرجال، تحقيق، سهيل زكار، بيروت، دار الفكر (ط1- 1984).
* ابن العربي، أبو بكر محمد بن علي بن محمد محي الدين (ت638ه/ 1240م) محاضرة الابرار ومسامرة الاخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار، مصر- مطبعة السعادة (ط1- 1968).
* أبن عساكر، القاسم بن علي بن الحسن (ت571ه/1175م) - تاريخ مدينة دمشق، تحقيق علي شيري، بيروت، دار الفكر (ط1- 1995).
* ابن عطية الأندلسي (ت546ه/ 1151م) - المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، بيروت دار الكتاب العلمية (ط1- 1993).
* علي بن أبي طالب (علیه السلام) (ت40ه/ 660م) - نهج البلاغة، جمعه محمد بن الحسن العلوي (الشريف الرضي ت406ه/ 1015م)، شرح محمد عبدة، بغداد، منشورات مكتبة التحرير (د.ت).
* أبن العماد الحنبلي، شهاب الدين أبو الفلاح عبد الحي بن أحمد (ت1089ه/ 1678م) - شذرات الذهب في أخبار من ذهب، القاهرة، المطبعة التجارية (د.ت).
* أبن العمراني، محمد بن علي بن محمد (ت580ه/ 1184م) - الأنباء في تاريخ الخلفاء، تحقيق قاسم السامرائي، ليدن، 1972.
* ابن العمراني (ت679ه/ 1280م) - شرح مئة كلمة لأمير المؤمنين، تحقيق جلال الدين الحسيني، قم- د.ت.
* العيني، بدر الدين أبو محمد محمود بن أحمد (ت855ه/ 1451م) - عمدة القارئ في شرح البخاري، تحقيق عبد الله محمود محمد عمر، بیروت، دار أحياء التراث العربي (د.ت).
* الغزالي، أبو حامد محمد بن محمد (ت505ه/ 1111م) - أحياء علوم الدين، بيروت، دار المعرفة (د.ت).
* الفخر الرازي، محمد الرازي بن فخر الدين ضياء الدين المعروف ب (خطيب الري)
ص: 235
(ت604ه/ 1207م) - تفسیر الفخر الرازي، المعروف ب (التفسیر الكبیر ومفاتح الغيب)، بیروت، دار الفكر (ط1- 2005).
* الفضل بن شاذان الازدي (ت260ه/ 873م) - الإيضاح، طهران (ط1- د.ت) * أبن الفقيه الهمذاني، أحمد بن محمد (ت 365ه/ 975م) - مختصر كتاب البلدان، ليدن، 1884.
* أبن الفوطي، محمد بن أحمد (ت723ه/ 1323م) - الحوداث الجامعة والتجارب النافعة في أخبار المائة السابعة، بغداد (د.ت).
* الفيروز آبادي، محمد بن يعقوب (ت817ه/ 1414م) -القاموس المحيط، بيروت، دار الفكر (ط1- 1983).
* القاضي بن البراج، عبد العزيز بن البراج الطرابلسي (481ه/ 1088م) - جواهر الفقه، تحقيق ابراهيم بهادلي، قم- مؤسسة النشر (ط1- 1991) * القاضي النعمان، أبو حنيفة النعمان بن محمد بن منصور المغربي (ت363ه/ 973م) - شرح الأخبار، تحقيق محمد الحسيني، طهران، مؤسسة الشر الإسلامي (د.ت).
* أبن قانع، أبو الحسين عبد الباقي (ت351ه/ 926م) - معجم الصحابة، تحقيق صلاح المصراتي، المدينة، مكتبة الغرباء (ط1- 1988).
* ابن قتيبة الدينوري، أبي محمد عبدالله بن مسلم (ت276ه/ 889م) - الإمامة والسياسة، تحقيق طه محمد الزيني، سوريا- مؤسسة الحلبي للنشر والتوزيع (د.ت) - عيون الأخبار، القاهرة، مطبعة دار الكتب المصرية، 1928.
- المعارف، القاهرة (ط1- 1978).
* أبن قدامة، عبد الرحمن (ت682ه/ 1283م) - الشرح الكبير بيروت- دار العلم (ط1- 1928).
* القرطبي، أبي عبد الله أحمد الأنصاري (ت671ه/ 1272م) - تفسیر القرطبي، تحقيق أحمد عبد العليم، بیروت- دار إحياء التراث العربي (ط2
ص: 236
- 1985) * قطب الدين الراوندي (ت573ه/ 1177م) - الخرائج والجرائح، قم، المطبعة العلمية (1989).
* القفطي، جمال أبي الحسن علي بن يوسف (ت646ه/ 1248م) - أنباه الرواة على انباه النجاة، تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم، القاهرة- دار الكتب (1955).
* القلقشندي، أحمد بن علي (ت821ه/ 1418م) - صبح الاعشى في صناعة الانشا، تحقيق يوسف علي الطويل، بیروت، دار الفكر (ط1- 1983).
- مآثر الانافة في معالم الخلافة، تحقيق عبد الستار أحمد الفراج، الكويت (ط2- 1985).
* القمي، محمد بن الحسن (ت ق7ه) - العقد النضيد والدر الفريد، تحقيق علي اوسط، دار الحديث، ط1- 2003.
* القندوزي، سليمان بن إبراهيم الحنفي (ت1294ه/ 1877م) - ينابيع المودة لذوي القربى، تحقيق علي جمال، قم، دار الأسوة (ط1- 1996).
* القنوجي، صديق بن حسن (ت430ه/ 1038م) - أبجد العلوم الوشي المرقوم في أحوال بيان العلوم،تحقيق عبد الجبار زكار، بیروت، دار الكتب العلمية، 1978.
* الكتبي، محمد بن شاكر (ت764ه/ 1362م) - فوات الوفيات، تحقيق علي محمد يعوض الله، بیروت، دار الكتب العلمية (ط1- 2000).
* أبن كثير، إسماعيل بن عمر الدمشقي أبو الفدا (ت774ه/ 1372م) - البداية والنهاية، مصر، مكتبة المعارف (د.ت).
- تفسير بن كثير، بيروت- دار المعرفة (1992).
-السيرة النبوية، تحقيق مصطفى عبد الواحد، بيروت، دار المعرفة، 1976.
* الكحلاني، محمد بن إسماعيل - سبل الإسلام، تحقيق محمد عبد العزيز الخولي، مصر مكتبة مصطفى البابي الحلبي (ط4- 1996)
ص: 237
* أبن كرامة، المحسن بن محمد بن كرامة الجشمي المعتزلي (ت494ه/ 1100م) - تنبيه الغافلین عن فضائل الطالبین، تحقيق تحسین شبيب، قم، مكتبة الغدير (ط1- 2000).
* أبن الكلبي، أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب بن بشر (ت204ه/ 819م) - جمهرة النسب، بيروت، عالم الكتب (ط1- 1986).
* الكليني، أبي جعفر، محمد بن يعقوب بن إسحاق الرازي (ت329ه/ 940م) - الكافي، تحقيق علي أكبر الغفاري، طهران، دار الكتب الإسلامية (ط5- 1983).
* أبن ماجة، محمد بن يزيد (ت273ه/887م) - سنن بن ماجة، بيروت، دار الفكر (ط2- 1982).
* المازنداري، مولي محمد صالح (ت1081ه/ 1670م) - معالم العلماء قم مؤسسة النشر الإسلامي (د.ت).
- شرح أصول الكافي، بيروت، دار أحياء التراث العربي (ط1- د.ت).
* أبن ماكولا، الحسين بن علي بن جعفر (ت447ه/ 1055م) - اكمال الكمال، بيروت، دار الكتب العلمية (ط1- 1990).
* الإمام مالك أبو عبد الله (ت179ه/ 795م) - المدونة الكبرى ، بيروت- دار إحياء التراث العربي (د.ت).
* المتقي الهندي، علاء الدين (ت975ه/ 1517م) - كنز العمال في سنن الاقوال والأفعال، تحقيق بكري حياتي، بیروت، مؤسسة الرسالة (ط1- 1989).
* المجلسي، محمد باقر (ت1111ه/ 1700م) - بحار الانوار، تحقيق محمد باقر البهبوذي ويحيى العايدي، بیروت، دار إحياء التراث العربي (ط3- 1983).
* المحقق الكركي، علي بن الحسين (ت940ه/ 1533م) - جامع المقاصد، بيروت- دار احياء التراث العربي (ط1- 1988).
* المحقق الاردبيلي، الشيخ أحمد (ت933ه/ 1585م) - زبدة البيان، تحقيق محمد الباقر البهبوذي، طهران- المكتبة المرتضوية (د.ت).
ص: 238
المحقق الحلي، نجم الدين أبي القاسم جعفر بن الحسن (ت676ه/ 1277م) - المعتبر، قم- مؤسسة سيد الشهداء (1974) * أبو مخنف، لوط بن يحيى بن سعيد (ت157ه/ 733م) - مقتل الحسين (علیه السلام)، تحقيق حسين الغفاري، قم- المطبعة العلمية (د.ت) - الجمل وصفین والنهروان، تحقيق حسن حميد السنيد، بیروت- دار الإسلام (ط1- 2002).
* المدني، ضامن بن شدقم (ت1082ه/ 1671م) - الجمل، تحقيق تحسين شبيب، قم، 1999.
* المدني، علي خان (ت 1120ه/ 1709م) - الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة، تحقيق محمد صادق بحر العلوم، إيران، منشورات مكتبة بصیرتي، 1978.
* المرتضى، علي بن الحسين بن موسى بن محمد (ت 436ه/ 1044م) - الامالي، تحقيق محمد بدر الدين الحلبي، حيدر أباد الدكن، 1907.
- تنزيه الانبياء، بيروت، دار الأضواء (ط1- 1989).
- الفصول المختارة، تحقيق نور الدين جعفر الاصفهاني، بیروت، دار المفيد (ط1- 1993).
- الشافي في الإمامة- مؤسسة اسماعيليان (ط2- 1990).
- الناصريات، تحقيق مركز البحوث والدراسات- طهران(1997).
- شرح الازهار، صنعاء (د.ت).
- رسائل المرتضى، تحقيق أحمد الحسيني، قم- مطبعة سيد الشهداء (1985).
* المرزباني الخرساني (ت384ه/ 994م) - مختصر اخبار الشيعة، تحقيق محمد هادي الامبن، بيروت- الكتبي للطباعة (ط2- 1993).
* المزي، جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن عبد الرحمن (ت742ه/ 1341م) - تهذيب الكمال، تحقيق بشار عواد معروف، بیروت، مؤسسة الرسالة (ط1- 1980).
* المسعودي، أبي الحسن علي بن الحسين (ت346ه/ 957م)
ص: 239
- مروج الذهب ومعادن الجوهر، تحقيق يوسف سعد، بیروت، دار ألأندلس (ط6- 1984).
- الوصية، النجف الاشرف (ط1- 1996).
* مسلم، أبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري (ت261ه/ 874م) - صحيح مسلم، بيروت، دار الفكر (د.ت).
*المفيد، محمد النعمان بن المعلم أبي عبدالله العكبري البغدادي (ت413ه/ 1022م) - الاختصاص تحقيق علي الغفاري، بيروت- دار المفيد(ط2- 1993).
- الإرشاد، بيروت، مؤسسة الاعلمي (ط3- 1979).
- الجمل، إيران، قم مكتبة الدواري (د.ت).
- الكافئة، تحقيق علي أكبر زماني، بيروت، دار المفيد (ط2- 1993).
- العيون والمحاسن، النجف الاشرف (ط1- د.ت).
* المقدسي، المطهر بن طاهر (ت507ه/ 1113م) - البدء و التاريخ، مصر بورسعيد، مكتبة الثقافة الدينية (د.ت).
* المقدسي، موفق الدين عبد الله بن قدامة (ت620ه/ 1223م) - الاستبصار في نسب الصحابة من الانصار، تحقيق عي نويهض، بیروت- دار الفكر العربي (د.ت).
* المقريزي، تقي الدين أحمد بن علي (ت845ه/ 1441م) - الخطط المقريزية (المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والاثار)، القاهرة- المطبعة التجارية (د.ت).
- أمتاع الأسماع، تحقيق محمد عبد الحميد النميس، بیروت، دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون (ط1- 1999).
* المناوي، محمد عبد الرؤوف بن علي (1031ه/ 1717م) - كنوز الحقائق في حديث خير الخلائق، القاهرة المطبعة الأميرية (1892).
* أبن منظور، محمد بن مكرم الأفريقي المصري (ت711ه/ 1311م) - لسان العرب، بيروت، دار صادر (د.ت).
* المنقري، نصر بن مزاحم الكوفي العطار (ت212ه/ 828م)
ص: 240
- وقعة صفين، تحقيق عبد السلام محمد هارون، مصر (ط3- 1963).
* الموفق الخوارزمي، الموفق بن أحمد المكي (ت568ه/ 1172م) - المناقب، قم، مؤسسة النشر الإسلامي (د.ت).
* النجاشي، أبو العباس أحمد بن علي (ت450ه/ 1058م) - رجال النجاشي، تحقيق موسى التبريزي، قم- مؤسسة النشر (ط5- 1996).
- فهرست اسماء المصنفين من الشيعة، قم (د.ت).
* ابن نجيم المصري، زين الدين بن ابراهيم بن محمد (ت970ه/ 1562م) - البحر الرائق، تحقيق زكريا عميريات، بيروت- دار الكتب العلمية (ط1- 1997).
* أبن النديم، أبو الفرج محمد بن أبي يعقوب إسحاق (ت380ه/ 990م) - الفهرست، تحقيق رضا تجدد، بيروت (د.ت).
* النسائي، أحمد بن زهير ابن أبي خيثمة البغدادي (ت279ه/ 892م) - فضائل الصحابة، بيروت- دار الكتب العلمية (د.ت).
* أبو نعيم ألأصفهاني، أحمد بن عبد الله (ت430ه/ 1038م) - حلية الأولياء وطبقات الاصفياء، بيروت- دار الكتاب العربي (ط4- 1985).
- ذكر أخبار أصفهان، ليدن- بريل (1934).
* ابن نما الحلي، جعفر بن محمد (ت645ه/ 1247م) - ذوب النظار، تحقيق فارس حسون، قم- مؤسسة النشر (ط1- 1996).
* النووي، محي الدين يحيى بن شرف (ت676ه - 1277م) - رياض الصالحين، بيروت- دار الكتب (ط1- 1991).
- المجموع، تحقيق محمود مطرقي، بيروت- دار الفكر (ط1- 1996).
* النيسابوري: محمد الفتال (508 ه/ 1114م) - روضة الواعظین، تحقيق محمد مهدي وحسن الخرسان، قم- منشورات الشريف الرضي (د.ت).
* أبن أبي هاشم، عبد الواحد بن عمر بن محمد (ت349ه/ 960م) - أخبار النحويین، تحقيق مجدي فتحي السيد، طنطا، دار الصحابة للراث (ط1- 1990).
ص: 241
* الهمداني، الحسن بن أحمد (ت334ه/ 945م) - الاكليل، بيروت- دار صادر (د.ت).
* ابن هشام، أبو محمد عبد الملك بن هشام بن ايوب (ت218ه/ 833م) - السيرة النبوية، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، القاهرة (ط1- 1963).
* الهيثمي، علي بن أبي بكر بن سلمان (ت807ه/ 1404م) - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، بيروت، دار الكتب العلمية (ط1- 1988).
* الواقدي، أبو عبدالله محمد بن عمر (ت207ه/ 822م) - فتوح الشام، بيروت- دار الجيل (ط1- 1982م).
* اليافعي، أبو محمد عبدا لله بن أسعد بن علي (ت768ه/ 1366م) - مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان، بیروت (ط2- 1970).
* ياقوت، شهاب الدين أبي عبدا لله البغدادي (ت626ه/ 1229م) - معجم الادباء، بيروت- دار الفكر (د.ت).
- معجم البلدان، بيروت، دار صادر (ط2- 1958).
* اليعقوبي، أحمد بن إسحاق بن جعفر بن مصعب بن واضح (ت292ه/ 904م) - تاريخ اليعقوبي، تحقيق خليل المنصور، بيروت، دار الكتب العلمية (ط2- 2002).
* اليمني الخزرجي، صفي الدين أحمد بن عبدا لله (ت923ه/ 1517م) - خلاصة تهذيب الكمال، حلب، دار البشائر (ط1- 1970).
* بن يوسف الحلي، علي (ت705ه/ 1305م) - العدد القوية، تحقيق مهدي الرجائي، قم (ط1- 1988).
* الأنصاري، محمد حياة - معجم الرجال والحديث (لا توجد معلومات في أصل الكتاب) * الاشتياني، ميرزا أحمد - لوامع الحقائق في اصول العقائد، بيروت- دار التعارف (1979).
* الاحمدي، الميانجي
ص: 242
- مواقف الشيعة، إيران، مؤسسة النشر الإسلامي، ط1- 1996.
* الاعظمي، علي ظريف - مختصر تاريخ البصرة، بغداد، مطبعة الفرات، 1927.
* الأنصاري محمد علي - الموسوعة الفقهية الميسرة، قم- مجمع الفكر الإسلامي (ط1- 1991).
* الانصاري، محمد حياة - معجم الرجال و الحديث، بيروت- منشورات النبلاء (1984).
* الشيخ الأنصاري، محمد -كتاب الصلاة، قم (ط1- 1995).
* إعجاز حسيني - كشف الحجب والاستار، قم- مطابع بهمن (ط1- 1989).
* الامين، حسن - مستدركات أعيان الشيعة، بيروت، دار التعارف للنشر، ط2- 1997.
* الامين، محسن حسن - أعيان الشيعة، بيروت، دار التعارف، د.ت.
- مستدركات اعيان الشيعة، قم- مؤسسة النشر الإسلامي (2001).
* الاميني، عبد الحسين أحمد النجفي - الغدير في الكتاب والسنة والادب، بيروت- دار الكتاب العربي (ط4/ 1997).
* أيوب، سعيد - معالم الفتن، قم، مجمع أحياء الثقافة الإسلامية، ط2- 1996.
* بحر العلوم، محمد - الفوائد الرجالية، قم (ط1- 2001).
* البراقي، حسين السيد أحمد - تاريخ الكوفة، النجف الاشرف، المطبعة الحيدرية، ط2- 1968.
* البروجردي، علي اصغر بن محمد - طرف المقال في معرفة طبقات الرجال، تحقيق مهدي الرجائي، مطبعة بهمن قم
ص: 243
(1990).
* البروجردي، أقا حسين - جامع أحاديث الشيعة، قم، د.ت.
* البكري ، عبد الرحمن - حياة عمر بن الخطاب، بيروت- دار الإرشاد للطباعة (ط7- 2005).
* التبريزي ، ثقة الإسلام عبد الله - مرآة الكتب، بيروت- دار الفكر (1970).
* التستري، محمد تقي - قاموس الرجال، إيران، مؤسسة النشر الإسلامي، ط1- 2002.
* جعفر السبحاني - أضواء على عقائد الشيعة الأمامية، قم- مؤسسة الإمام الصادق، ط1- 2001.
- رسائل و مقالات، (قم- د.ت).
- مفاهيم القرآن، بيروت- دار الحديث (ط1- 2002).
* جعفر النقدي - الأنوار العلوية، قم- مؤسسة أهل البيت (د.ت).
* الجلالي، محمد رضا - تدوين السنة الشريف، قم (ط2- 1998).
* جرحي زيدان - تاريخ آداب اللغة العربية، القاهرة- مطبعة المعارف (1974).
* الحائري، محمد مهدي - شجرة طوبي، النجف الاشرف، المكتبة الحيدرية، ط1- 1985.
* حامد، إبراهيم محمد - نور التحقيق في صحة أعمال الطريق، مصر، دار التأليف، د.ت.
* حامد النقوي - عبقات الانوار، قم- مؤسسة البعثة (ط1- 1984).
- خلاصة عبقات الانوار، قم- مطابع سيد الشهداء (ط1- 1985).
ص: 244
* حسن، إبراهيم حسن - تاريخ الإسلام السياسي والديني والثقافي والاجتماعي، مكتبة النهضة المصرية، ط7- 1964.
* حسن الحسيني - نور الافهام في علم الكلام، قم (ط1- 2005).
* حسين الشاكري - علي في الكتاب والادب والسنه، تحقيق فرات الاسدي (ط1- 1998).
* خالد محمد خالد - رجال حول الرسول، بيروت- دار الكتاب العربي (د.ت).
* الخليلي، جواد جعفر - محاكمات الخلفاء واتباعهم، بيروت- دار الارشاد (ط1- 2001).
* الخوئي، السيد أبو القاسم علي أكبر هاشم الموسوي - معجم رجال الحديث، بيروت، ط5- 1992.
- البيان ي تفسير القرآن ، النجف الاشرف - 1980.
- الاجتهاد والتقليد، قم- دار أنصاريان (ط1- 1990).
* الخميني، مصطفى روح الله - أنوار الهداية، قم- المكتب الإعلامي الإسلامي (ط1- 1993).
* راضي ال ياسين، محمد - صلح الحسن، بيروت- منشورات ناصر خسرو (ط3- 1978).
* الريشهري، محمد - علي بن أبي طالب في الكتاب والسنة والتاريخ، إيران، دار الحديث، ط2- 2005.
- ميزان الحكمة، قم، ط 1، د.ت.
* الزركلي، خير الدين - الأعلام، بيروت، دار العلم للملايين، ط5- 1980.
* السبزواري، محمد - معارج اليقین قي أصول الدين، تحقيق علاء أل جعفر، قم، مؤسسة آل البيت،
ص: 245
ط1- 1993.
* سعيد ايوب - معالم الفتن ، قم، دار احياء الثقافة الإسلامية (ط1- 1993).
* سيد أمير علي - مختصر تاريخ العرب، بيروت- دار التراث العربي (1986).
* الشاكري، حسين - الأعلام من الصحابة و التابعين، قم (ط1- 1999).
* شرف الدين، عبد الحسين شرف الدين - المراجعات، تحقيق حسين الراضي، بيروت (ط2- 1983).
- النص و الاجتهاد، قم- مطبعة سيد الشهداء (ط 1- 1984).
* الشاهرودي، علي - مستدرك سفينة البحار، تحقيق حسن النمازي، قم- مؤسسة النشر الإسلامي (1998).
* شمس الدين، محمد مهدي - انصار الحسين، الدار الإسلامية (ط2- 1982).
* الشيرازي، ناصر مكارم - الامثل في تفسير كتاب الله المنزل، قم، د.ت.
* صالح الورداني - عقائد السنة وعقائد الشيعة (التقارب و التباعد)، بیروت- مؤسسة الغدير (ط1- 1999).
- السيف والسياسة- القاهرة، دار الحسام (ط1- 1996).
* الصالح، صبحي - مباحث في علوم القرآن، بغداد- 1985.
* الصدر، حسين - الشيعة وفنون الإسلام، بيروت- مؤسسة صوت القلم (ط2- 2004).
* ابن الصديق المغربي - فتح الملك العلي، طهران- مكتبة الإمام علي (ط3- 1982).
ص: 246
* صفوت، أحمد زكي - جمهرة خطب العرب، بيروت، المكتبة العلمية، د.ت.
* طالب الخرسان - نشأة التشيع، منشورات الشريف الرضي (ط1- 1991).
* الطباطبائي، محمد حسين - تفسير الميزان، قم، الحوزة العلمية (ط1- 2000).
* الطباطبائي، حسن الميرجهاني - مصباح البلاغة، (د.ط- 1968).
* الطباطبائي، عبد العزيز - الإمام الحسین في طبقات بن سعد، بيروت مؤسسة الدراسات التاريخية (ط2- 1996).
* الطبسي، محمد جعفر - رجال الشيعة في اسانيد السنة، قم مؤسسة المعارف (ط1- 2000).
* الطهراني، أقا بزرك - الذريعة إلى تصانيف الشيعة، بيروت- دار الاضواء (ط3- 1983).
* طه حسين - الفتنة الكبرى (عثمان)، مصر- دار المعارف (1972).
* العاملي، جعفر مرتضى - سلمان الفارسي، قم- مؤسسة النشر الإسلامي (د.ت).
* عبد الرضا الزبيدي - الرسائل السياسية بین الإمام علي و معاوية، دراسة وتحليل، قم- دار الكتاب الإسلامي (ط1- 2000).
* عبد الله الحسن - المناظرات في الإمامة، طهران، انوار الهدى للنشر (ط1- 1993).
* مرتضى العسكري - معالم المدرستين، بيروت. مؤسسة النعمان للطباعة (1990).
ص: 247
* علي الهاشمي - الصحابة في حجمهم الحقيقي، قم (ط1- 2000).
* علي الخليلي - أبو بكر بن أبي قحافة، قم- طهران للطباعة (د.ت) * علي يونس العاملي - الصراط المستقيم- قم (د.ت).
* عمر كحالة - معجم قبائل العرب، بيروت- دار العلم (ط1- 1968).
* فاخر الموسوي - التجلي الاعظم،قم (ط 1- 2001).
* فارس حسون كريم - الروض النظير في حديث الغدير، (قم- 1999).
* فلها وزن، يوليوس - الخوارج و الشيعة، ترجمة عبد الرحمن بدوي، الكويت (ط1- 1976).
* القاضي النعمان - الفرق الإسلامية في الشعر الاموي، بيروت (ط1- 1998).
* القمي، عباس - الكنى والألقاب، طهران، مكتبة الصدر، د.ت.
* كاشف الغطاء، محمد حسين - أصل الشيعة و اصولها، بيروت- دار الجيل (1982).
* كحالة، عمر - معجم المؤلفين، بيروت، دار أحياء التراث العربي، 1984.
* الكحلاني، محمد بن إسماعيل - سبل الإسلام، تحقيق محمد الخولي، مصر مكتبة مصطفى البابي الحلبي (ط4- 1996) * الماحوزي، علي
ص: 248
كتاب الاربعين، تحقيق مهدي رجائي (ط1- 1997) * محمد باقر الصدر - نشأة التشيع والشيعة، تحقيق عبد الجبار شرامة، قم- مركز الدراسات (ط2- 1997) * محمد، بيومي مهران - الإمامة وأهل البيت، قم- مركز الغدير (ط2- 1995).
* محمد، جعفر شمس الدين - دراسات في العقيدة الإسلامية، قم، د ت.
- إمامة أهل البيت، قم- مركز الغدير (ط2- 1995) * محمد رضا المظفر - السقيفة، تحقيق محمود المظفر، قم، بهمن، (ط2- 1984) * محمد كرد علي - خطط الشام، بيروت- دار المعرفة (ط1- د.ت) * محمد الجواهري -المفيد من معجم رجال الحديث، قم- المطبعة العلمية (ط1- 2004م) * مصطفى غالب - الإمامة وقائم القيامة، بيروت- دار الهلال (1981) * محمد أبو زهو الحديث و المحدثون، بيروت (ط1- 1993) * المحقق النراقي - عوائد الايام، قم- مركز الابحاث والدراسات الإسلامية (ط1- 1975).
* المحمودي، محمد باقر - نهج السعادة، النجف الاشرف- النعمان (ط1- 1968).
* المدرسي، محمد رضا - التشيع في راي التسنن (قم- 1964).
* المرعشي، نور الله الحسيني التستري
ص: 249
شرح إحقاق الحق، قم، منشورات مكتبة المرعشي، ط1- 1997.
* المرزباني الخراساني - مختصر أخبار شعراء الشيعة، تحقيق محمد هادي الاميني، بيروت، (ط2- 1993).
* المرندي، أبو الحسن علي النجفي - مجمع النورين وملتقى البحرين، بيروت- طبعه حجريه (د.ت).
* معروف، هاشم الحسيني - دراسات في الحديث والمحدثين، بيروت، دار التعارف، (ط2- 1978).
* مغنية، محمد جواد - الشيعة والحاكمون، بيروت (ط1- 1981).
- الشيعة في الميزان، بيروت- دار التعارف (ط4- 1979).
- نظرات في التصوف والكرامات، بيروت، المكتبة الأهلية، 1980.
* المنتظري، عبد الحسين - دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية، قم (ط1- 1995).
* مهدي حجازي - درر الاخبار، ترجمة خسرو شاهي ، بيروت- 1997.
* الميرجهاني، محمد - مصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة)، قم، 1987.
* مير محمد رزندي - بحوث في تاريخ القرآن وعلومه (قم- 2000).
* الميرزا القمي أبو القاسم - غنائم الايام، تحقيق عباس تبريزيان، قم- المكتب الإسلامي (1997).
* الميلاني، علي - نفحات الأزهار في فضائل الأئمة الأطهار، قم، (ط1- 1998).
* ناجي، عبد الجبار و عبد الحسين المبارك - من مشاهير أعلام البصرة (دراسة في عطاء البصرة الفكري) جامعة البصرة، مركز دراسات الخليج العربي (1983).
ص: 250
* النجفي، محمد حسن - جواهر الكلام في شرائع الإسلام، طهران، د.ت.
* نخبة من الباحثين في مركز الرسالة للدراسات الإسلامية - الصحابة في القرآن والسنة و التاريخ، قم، (ط1- 1999).
- نخبة من الباحثين - المعجم المفهرس للقرآن الكريم، قم مؤسسة أنصاريان للطباعة وللنشر (2000).
* نخبة من الباحثين - حياة أمير المؤمنين علي (علیه السلام)، قم- مؤسسة النشر الإسلامي (ط1- 1999).
* النوري، حسين بن محمد تقي - مستدرك الوسائل، بيروت، مؤسسة أل البيت، ط2- 1988.
* الوائلي، أحمد - هوية التشيع، بيروت- مؤسسة أهل البيت (ط2- 1981).
* الكنزاوي، مهند عبد الرضا حمدان - التعليم في البصرة في العصر الإسلامي (14- 656ه/ 637- 1258م)، رسالة ماجستير مقدمة إلى جامعة البصرة، كلية التربية، بأشراف الأستاذ الدكتور جاسم ياسین الدرويش، 2003.
* حامد، عبد الستار - دور البصرة في تطور التفسير في القرنين الثاني والثالث الهجري، موسوعة البصرة الحضارية، جامعة البصرة، 1988.
ص: 251
مقدمة المؤسسة... 9
المقدمة... 11
الفصل الأول نشوء ظاهرة مصاحبة الإمام علي (علیه السلام) والتعريف بصحابته الصحبة:... 17
الصحابي اصطلاحا:... 18
الصحابة في القرآن الكريم:... 19
الصحابة في الحديث النبوي الشريف:... 22
نشوء ظاهرة مصاحبة الإمام علي (علیه السلام) والتشيع له:... 22
أصحاب الإمام علي (علیه السلام)... 28
أبو الأسود الدؤلي:... 28
أبو أيوب الأنصاري:... 30
أبو ذر الغفاري:... 31
أبو رافع القطبي:... 32
أبو سعيد الخدري:.... 33
أبو قتادة الأنصاري:... 33
أبو مسعود البدري:... 34
أبو الهيثم:...35
الأحنف بن قيس:... 35
ص: 252
اصبغ بن نباته:... 36
أويس القرني:... 37
بريدة بن الحصيب: ... 37
ثابت بن قيس:... 38
جابر بن عبد الله الأنصاري:... 39
جارية بن قدامة:... 39
جعدة بن هبیرة:... 40
جندب الأزدي:... 41
جويرية بن مسهر:... 42
الحارث بن الربيع:... 42
الحارث الهمداني:... 43
حبّة بن جوين:... 43
حبيب بن مظاهر الاسدي:... 44
حجر بن عدي:... 44
حذيفة بن اليمان:... 45
حكيم بن جبلة:... 46
خالد بن سعيد:... 47
خزيمة بن ثابت:... 47
زر بن حبيش:... 48
زياد بن النضر:... 49
زيد بن صوحان:... 49
سعد بن مسعود:... 50
سعيد بن قيس:... 51
سلمان الفارسي:... 51
ص: 253
سليمان بن صرد الخزاعي:... 52
سُليم بن قيس:... 53
سهل بن حنيف:... 54
سيحان بن صوحان:... 55
شريح بن هانئ:... 55
صعصعة بن صوحان:... 55
عامر بن واثلة:...56
عبد الله بن بديل: ...56
عبد الله بن جعفر: ...57
عبد الله ابن عباس:... 58
عبد الله بن مسعود:... 59
عبد الله بن هاشم:... 59
عبد الرحمن بن حسان:... 60
عبيد الله بن أبي رافع:... 60
عبيدة السلماني:... 61
عثمان بن حنيف:... 62
عدي بن حاتم:... 62
علقمة بن قيس:... 63
علي بن ابي رافع:... 63
عمار بن ياسر:... 64
عمرو بن الحمق:... 65
عمرو بن محض:... 65
فروة بن عمر:... 66
الفضل بن العباس:... 66
ص: 254
قثم بن العباس:... 67
قرضة بن كعب: ...67
قيس بن سعد:... 68
كميل بن زياد:... 69
مالك الاشتر:... 69
مالك بن كعب:... 70
محمد بن أبي بكر:... 71
محمد بن ابي حذيفة:... 71
مخنف بن سليم:... 72
معقل بن قيس:... 72
المقداد بن عمرو:... 73
ميثم التمار:... 74
نعيم بن دجاجة:... 74
هاشم بن عتبة:... 75
يزيد بن القيس:... 75
الفصل الثاني الأثر السياسي والعسكري لصحابة الإمام علي (علیه السلام) السقيفة... 79
جيش أسامة... 91
حروب الردة... 92
الفتوحات.... 95
تولي الإمام علي (علیه السلام) الخلافة... 106
حرب الجمل... 110
فتنة بن الحضرمي... 119
ص: 255
حرب صفین... 120
حرب النهروان... 125
استشهاد الإمام علي (علیه السلام)... 131
بيعة الإمام الحسن (علیه السلام)... 132
موقف أصحاب الإمام علي (علیه السلام) من خلافة معاوية... 136
ثورة الإمام الحسین (علیه السلام)... 148
الفصل الثالث الأثر الفكري لصحابة الإمام علي(علیه السلام) القرآن الكريم وتفسیره... 155
الحديث النبوي الشريف... 163
الشعر... 172
النحو:... 187
التدوين التاريخي... 190
دورهم في نشر مذهب أهل البيت (علیه السلام)... 193
الخطابة:... 195
الفصل الرابع الأثر الاجتماعي لصحابة الإمام علي (علیه السلام) الدور الاجتماعي لأصحاب الإمام علي (علیه السلام)... 199
الخاتمة...219
المصادر والمراجع...221
أولاً: المصادرالأولية:...221
ثانياً: المراجع الحديثة:...224
ثالثاً: الرسائل الجامعية:... 254
رابعاً: البحوث المنشورة:...254
ص: 256