ذکری الشیعه فی احکام الشریعه

هوية الکتاب

بطاقة تعريف: شهید اول، محمدبن مکی، ق 786 - 734

عنوان واسم المؤلف: ذکري الشیعة فی احکام الشریعة/ تالیف الشهید الاول محمدبن جمال الدین مکی العاملی الجزینی؛ بحث مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لاحیاآ التراث

تفاصيل المنشور: قم: مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لاحیاآ التراث، . 14ق. = 1419 - 13ق. = 1377.

مواصفات المظهر:ج 4

الصقيع:(موسسه آل البیت علیهم السلام لاحیاآ التراث 202)

ISBN:964-319-102-8(الفترة) ؛ 964-319-106-07500ریال:(ج.4)

ملاحظة: عربي

ملاحظة: القائمة على أساس المجلد الرابع: 1419ق. = 1377

ملاحظة:ج. 1 (چاپ اول: 1419ق. = 1377)7500 ریال (ج. 1) :ISBN 964-319-103-6

ملاحظة:ج. 2 (چاپ اول: 1419ق. = 1377)7500 ریال (ج. 2) :ISBN 964-319-104-4

ملاحظة:ج. 3 (چاپ اول: 1419ق. = 1377)7500 ریال (ج. 3) :ISBN 964-319-105-2

ملاحظة:فهرس

الموضوع: الفقه الجعفري - القرن ق 5

المعرف المضاف:موسسه آل البیت(علیهم السلام) لاحیاآ التراث

المعرف المضاف:عنوان

ترتيب الكونجرس:BP182/3/ش9ذ8 1377

تصنيف ديوي:297/342

رقم الببليوغرافيا الوطنية:م 78-3065

ص: 1

المجلد 1

اشارة

ص: 2

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 3

ص: 4

مقدّمة المصنّف: ذكر منهجية الكتاب

اشارة

بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ

الحمد للّه ربّ العالمين، و الصلاة و السلام على أشرف خلقه و خير بريّته محمّد المصطفى، و على آله الغرّ الميامين.

تعاقبت على المتن الفقهي الشيعي مراحل عدّة و أدوار مختلفة ساهمت مساهمة فاعلة في بلورة طابعه الذي تميّز به، و خصائصه التي تفرّد بها، حتى اتّخذ أبعاده و موازينه القائمة حاليا.

و لقد كان للكفاح الفكري الدؤوب و الجهود العلمية الهائلة التي بذلها أعلام الطائفة و أساطينها الأفذاذ، الدور المشهود في تثبيت و تطوير و استقلالية الفقه الشيعي.

و لبعض هؤلاء الفطاحل الأمجاد اللمسات البارزة و الدور الأكبر فيما تحقّق له من تكاملية و حيوية، نخصّ منهم:

شيخ الطائفة محمّد بن الحسن الطوسي (م 460).

المحقق الحلّي، جعفر بن الحسن (م 676).

العلاّمة الحلّي، الحسن بن يوسف بن المطهّر (م 726).

الشهيد الأول، محمّد بن مكّي العاملي (م 786).

ص: 5

الوحيد البهبهاني، محمّد باقر (م 1205).

الشيخ مرتضى الأنصاري (م 1281).

و جماعة من أهل الفن و الاختصاص حصروا هذه المراحل كلها في مرحلتين:

1 - مرحلة المتقدّمين.

2 - مرحلة المتأخّرين.

و المراد من «المتقدّمين» في المتون الفقهيّة المصنّفة في القرن السادس و السابع:

فقهاء عصر الأئمّة (ع). و «المتأخرين»: ما جاوز منهم فترة حضور الإمام (ع)، أي سنة 260 فما بعد.

و قد يطلق مصطلح «المتقدّمين» على شيخ الطائفة و من تقدّمه، و «المتأخّرين» على من بعده.

و المعروف من المتون الفقهية عموما أنّ المحقّق الحلّي - و لربما العلاّمة - هو الحدّ الفاصل و حلقة الوصل بين «المتقدّمين» و «المتأخّرين».

و قد أضيف مصطلح آخر في المتون الفقهية المدوّنة في القرن الثالث عشر بعنوان:

«متأخّري المتأخّرين»، حيث يكون المراد من «متأخّريهم» من هم بعد زمن صاحب المدارك.

و لعلّ هذا التقسيم الثنائي يفتقد الدقّة في الضبط و التثبّت، فهو في الحقيقة أشبه بمصادرة أو غفلة عن كثير من الخطوات العظيمة و الابتكارات العملاقة و الاقتراحات البنّاءة و الآراء السديدة التي صنعت للمتن الفقهي الشيعي كيانا علميا و فكريا مستقلاّ.

نعم، يمكن إيفاء المطلب حقّه إن قلنا: إنّ أدوار و مراحل الفقه الشيعي - على ضوء المحاسبات العلمية و التاريخية و ما يقترن بهما من لوازم و عوامل مختلفة - تنشطر إلى ثمان:

1 - مرحلة عصر الأئمّة (ع).

2 - مرحلة أهل الحديث.

3 - مرحلة تفوّق الفقهاء و انحسار مدّ المحدّثين.

ص: 6

4 - مرحلة الشيخ الطوسي.

5 - مرحلة الشهيد الأول.

6 - مرحلة المحقّق الكركي.

7 - مرحلة الوحيد البهبهاني.

8 - مرحلة الشيخ الأنصاري.

و لا يخفى أنّ تفصيل و بيان كل مرحلة بحدّ ذاتها و ما تمتاز به من خصائص و مواصفات، يستدعي بسط البحث و استطالته، مع أنّنا نروم التمحور - بعض الشيء - حول مرحلة الشهيد قدّس سرّه، لما لذلك من صلة و ارتباط بما نحن فيه، مسلّطين الضوء بشكل خاطف على جوانب من ملامحها و اطرها، اللذين يمكن استخلاصهما من خلال استعراضنا لمختلف الظروف التي عايشها رضوان اللّه تعالى عليه - أخذا و عطاء - منذ النشأة و حتى الشهادة.

لذا فنحن نستلّ من تلك المراحل الثمان مرحلة الشهيد قدّس سرّه، فنخوض غمارها بنوع من التوسّع الذي يناسب المقام، فنقول:

استطاع الفقه الشيعي في المرحلة الثالثة أن يشكّل بناء خاصا و يشيّد برنامجا مستقلاّ عن دور و مرحلة الحديث.

و الملاحظ على المتون الفقهية التي صنّفت في تلك الفترة اتّصافها بالحالة الفقهية التقليدية التي كانت سائدة حينذاك، تلك الحالة التي استلهم منها شيخ الطائفة تشييد أسلوبه و منهجيته في صياغة كتابه «النهاية»، إلاّ أنّه قدّس سرّه و بتدوينه «المبسوط» و «الخلاف» قد خلق نوعا من التغيير و التحوّل في محتوى و مضمون المتن الفقهي الشيعي، حيث سلك فيهما مسلك الأسلوب السنّي الحاكم آن ذاك، فلا نجازف إن قلنا: إن هيكلية هذا الفقه قد اضطربت بذلك، و أضحت خليطا من نظامين متفاوتين.

و لعلّ هذا كان منشأ التوهم القائل بنسبة الشيخ رحمه اللّه إلى مذهب الشافعية.

و لقد توغّل هذا المنهج في عمق الواقع الثقافي و الفكري الشيعي حتى ترك لمساته

ص: 7

البارزة على شتّى المصنّفات و التأليفات المنجزة حينذاك.

و يتلخّص هذا الأسلوب ب: أنّه يستعرض أقوال و نظريات و استدلالات فقهاء العامّة أولا ثم يطرح أقوال و نظريات و استدلالات فقهاء الشيعة.

و لعلّ الفاضل الآبي قدّس سرّه كان أول من انتفض على هذا الأسلوب و تلك المنهجية، فصنّف كتابه «كشف الرموز» ممتنعا فيه عن ذكر أقوال و نظريات و استدلالات فقهاء العامّة.

و شدّ أزره و تابعه على ذلك من تلامذة العلاّمة الحلّي: ولده فخر المحقّقين في كتابه «إيضاح الفوائد»، حيث استعاض عن نقل آراء و أدلّة فقهاء العامة بنقل آراء و أدلة فقهاء الشيعة.

و مع كلّ ذلك، لا يمكن لنا أن ننكر النضوج و الترقي اللذين أصابا الفقه الشيعي أبان مرحلة الشيخ الطوسي قدّس سرّه، فلا زالت آثاره المباركة إلى يومنا هذا مهوى أفئدة الطائفة بفقهائها و مفكّريها و أساتذتها و تلامذتها، فهو المفخرة التي ساهمت في منح المذهب عزّة و كبرياء و مرتبة و رفعة. و لعلّ تفريعات «المبسوط» خير مصداق و أرفع مثل يحتذي به فيما نحن فيه.

كما لا يمكن تناسي دور العلاّمة الحلّي و كل من سبقه و من تلاه في تدعيم و تثبيت أركان المؤسسة الفقهية الشيعية، فلا زالت تفريعاته - لا سيّما في قسم المعاملات، و المستفادة من النمط السنّي - مورد عناية و توجّه أهل الفن و الاختصاص، و التي طبّقها على المتن الشيعي بشكل رائع من حيث الأساس و القواعد و الأصول و المباني.

و شهيدنا الأول، شمس الدين محمّد بن مكّي العاملي، و بفضل نبوغه الذاتي و مؤهّلاته الفريدة، استطاع أن ينقّح الأصول و القواعد الأساسية للفقه الشيعي، مجسّدا ذلك على متونه بشكل عملي قلّ نظيره، و بخطواته الهائلة - التي حقّقها بجهوده العملاقة - تمكّن من أن يحدث فيه انقلابا و تحوّلا مصيريا، مانحا إيّاه شخصيته الحقيقية و هويته المستقلّة.

ص: 8

إنّ طرح الشهيد للتفريعات التحقيقية و الفقهية القيّمة ذات الطابع الابتكاري الحديث، و بسطه الفقه الشيعي و فتحه آفاقا جديدة له، أكسبه حلّة بهيّة و ذوقا رفيعا و مكانة شامخة، تجلّت بأنصع الصور و أروعها، فغدت «الألفية» و «النفلية» و «القواعد و الفوائد» و «الدروس» و «الذكرى» و «غاية المراد» و «اللمعة الدمشقية» و غيرها، من مصادر الفقه الشيعي و مراجعة المهمّة، التي تعكس بكلّ وضوح هيبة مدرسة أهل بيت العصمة و الطهارة بأرقى خصائصها و مميّزاتها.

و للمكانة التي نالها دور الشهيد و فكره الوقّاد، فقد سار على دربه و تبع نهجه فقهاء الطائفة و أساطينها، و ذلك زهاء ما يقارب القرن و النصف، و هم و إن طرحوا في آثارهم و مؤلفاتهم بعض المباني الجديدة و الآراء المبتكرة، إلاّ أنّ السمة البارزة عليها بيان أفكاره و شرح نظرياته و آرائه.

و من أبرز هؤلاء الفقهاء:

ابن الخازن الحائري، زين الدين علي بن الحسن (م أوائل القرن التاسع).

ابن المتوّج البحراني، أحمد بن عبد اللّه (م 820) صاحب النهاية في تفسير الخمسمائة آية.

الفاضل المقداد، المقداد بن عبد اللّه السّيوري الحلّي (م 826) صاحب التنقيح الرائع و كنز العرفان.

ابن فهد، أحمد بن محمّد بن فهد الأسدي الحلّي (م 841) صاحب المهذّب البارع و الموجز الحاوي و المقتصد و غيرها.

شمس الدين محمّد بن شجاع القطّان الحلّي (م النصف الأول من القرن التاسع) صاحب معالم الدين في فقه آل ياسين.

المفلح بن الحسن الصيمري (م بعد سنة 887) صاحب كشف الالتباس و غاية المرام و غيرهما.

ابن هلال، علي بن محمّد بن هلال الجزائري (م بعد سنة 909).

ص: 9

إبراهيم بن سليمان القطيفي (م بعد سنة 945) صاحب إيضاح النافع.

الشهيد الثاني، زين الدين بن علي بن أحمد الجبعي العاملي (م 965) صاحب الروضة البهية و روض الجنان و مسالك الافهام و غيرها.

إنّ انتساب مرحلة من مراحل تطور متن الفقه الشيعي إلى الشهيد قدّس سرّه يعدّ بلا ريب أغلى و سام ناله جرّاء كفاحه المرير، ذلك الكفاح الذي ما ترك معه بابا من أبواب العلم و المعرفة إلاّ و طرقه و ارتوى من نميره بما يكفيه و يسدّ حاجته، فكانت سيرة عطرة و حياة مباركة غذّت شرايين الفكر و الثقافة بأبهى الآراء و أجمل المقترحات و ملأت سوح الفضيلة جلالة و فخرا، متوّجا إيّاها بدماء زاكيات سالت على ثرى المبدأ و العقيدة الحقّة، بعد أن أباحت هدرها فئة ضالّة قادها الحقد الدفين و التعصّب الأعمى إلى ارتكاب تلك الجريمة النكراء، التي لا زال جبين الإنسانية يندى لها خجلا و حياء، و لا عجب من ذلك، فإنّ له في السبط الشهيد (ع) أسوة حسنة و نموذجا رائعا.

غاية المراد و تمام المقصود: أنّ الشهيد بما خلّفه من مخزون علمي خالد و تراث فكري فذّ، شاد معهما أرسى القواعد و أمتن المباني و أعمق النظريات، إنّما كان حصيلة إحاطته الفائقة بالعقليات و النقليات، فجمع شتّى العلوم و ألوان الفنون، حتى غدى بحدّ ذاته مرحلة من مراحل الفقه الشيعي الثمان، رفدت متونه بأغنى المفاهيم و أرقى الابتكارات.

هذا هو المدّعى، أمّا إثباته فلنا أن نقول: إنّ إثبات كلّ مدّعى يحتاج - كما لا يخفى - الى المئونة الدليلية اللازمة مع القرائن المقبولة و الشواهد المناسبة و صيغ الطرح الملاءمة و سائر اللوازم الأخرى، التي تصونه من النقض و الردّ و تقوّي فيه جانب الإبرام و الثبوت، فكم من المدّعيات التي ألغيت أو أسقطت لافتقادها لما يمكن أن تكادح به المنافيات و تقاوم معه المعارضات.

و لعلّ كلّ زاوية من زوايا سيرة الشهيد العلمية و الفكرية لها اللياقة في تحقّق المدّعى و إثباته، فالأدلّة على ذلك متزاحمة، مضافا إلى ما يدعمها من مؤيّدات و قرائن

ص: 10

و شواهد، و لتيسير الطريق فإنّنا نستعرض حياته بشكل سريع، بما فيها: نشأته، و رحلاته، و أساتذته، و تلامذته، و ما قيل فيه، و آثاره، و جملة من آرائه و مقترحاته و ابتكاراته و ملامح مدرسته و خصائصها، ثم شهادته رضوان اللّه تعالى عليه. حينذاك سيتجلّى ثبوت المدّعى بكل وضوح و شموخ.

ولد قدّس سرّه في جزّين إحدى قرى جبل عامل من جنوب لبنان، سنة 734 ه، جبل عامل ذلك المكان الذي تخرّج منه خمس علماء الشيعة، مع أنّه لا يساوي عشر عشر بلاد الشيعة مساحة، فكانت حركة العلم و مجالس الفكر و المعرفة مزدهرة آن ذاك، فأطلّ الشهيد على الحياة الثقافية من أوسع منافذها، حتى جالس منذ نعومة أظفاره - و بدافع من والده العالم الفاضل الشيخ مكّي جمال الدين - علماءها، و خالط فقهاءها، و ارتاد ندواتها العلمية، و شارك في حلقات الدرس، التي كانت تعقد في المساجد و المدارس و البيوت، و كثيرا ما كان يساهم في المناقشات التي كانت تدور بين الأساتذة و الطلاّب أو الطلاّب أنفسهم، فمنذ البدء تعوّد أن يبني لنفسه آراء مختصّة به في مختلف مسائل الفقه و الأدب و غيرهما، حتى أصبح - مع صغره - يشار له بالفضل و العلم و يتوقّع له مستقبل زاهر و مشرق.

شدّ الرحال - و هو في أوائل ربيعة السابع عشر، أي في حدود سنة 761 - إلى حيث يمكنه تلقّي العلوم و المعارف، فارتاد الحلّة و كربلاء المشرّفة و بغداد و مكّة المكرّمة و المدينة المنوّرة و الشام و القدس، و تركّز استقراره في الحلّة التي كانت آن ذاك عامرة بأساطين الفقه و علماء المعرفة، حتى أضحت قطبا حيويّا و مدرسة رائدة من مدارس الفقه الشيعي، و في ظلّ هذا الازدهار و تلك الحيوية روّى الشهيد ضمأه من أصفى منابع العلم و أنقاها.

فتلمّذ على ولد العلاّمة فخر المحققين (م 771) الذي كان من أجلّ مشايخه و أعظم أساتذته و أكثرهم دراسة عليه، فأولاه من العناية ما لم يولها لغيره، لما رأى فيه من النبوغ المبكر و المواصفات الفريدة، حتى قال فيه: «استفدت منه أكثر ممّا استفاد منّي».

ص: 11

و قرأ على الفقيهين الكبيرين الأخوين: عميد الدين، السيّد عبد المطّلب بن السيّد مجد الدين بن الفوارس (م 754)، و ضياء الدين السيّد عبد اللّه، ابني شقيقة العلاّمة، قدّس اللّه أرواحهم الزكية.

و تلمّذ أيضا على تاج الدين، السيّد أبو عبد اللّه محمّد بن القاسم المعروف ب: «ابن معيّة»، الذي كان من كبار علماء الحلّة حينذاك.

و في دمشق، قرأ على قطب الدين، محمّد بن محمّد الرازي البويهي (م 766)، الكلامي الكبير، و الفيلسوف النحرير، صاحب شرح المطالع و الشمسية و غيرهما.

أمّا أساتذته و مشايخه من العامّة فهم كثيرون، منهم: القاضي برهان الدين إبراهيم بن جماعة، قاضي القضاة عزّ الدين عبد العزيز بن جماعة، جمال الدين - أبو أحمد - عبد الصمد بن الخليل البغدادي، محمّد بن يوسف القرشي الكرماني الشافعي المعروف ب «شمس الأئمّة»، ملك النحاة شهاب الدين أبو العبّاس أحمد بن الحسن الحنفي النحوي، شرف الدين محمّد بن بكتاش التستري البغدادي الشافعي، ملك القرّاء و الحفّاظ شمس الدين محمّد بن عبد اللّه البغدادي الحنبلي، فخر الدين محمّد بن الأعزّ الحنفي، شمس الدين أبو عبد الرحمن محمّد بن عبد الرحمن المالكي.

قال قدّس سرّه في إجازته لابن الخازن: و أمّا مصنّفات العامّة و مرويّاتهم فإنّي أروي عن نحو من أربعين شيخا من علمائهم بمكّة و المدينة و دار السلام بغداد و مصر و دمشق و بيت المقدس و مقام إبراهيم الخليل عليه السلام(1).

و شرف التلمّذ عليه و الرواية عنه فهما لكثير، نخصّ بالذكر منهم: الفاضل المقداد السّيوري، ابن نجدة الكركي، ابن الخازن الحائري، ابن الضحّاك الشامي، الشقراوي الحنّاط، الكرواتي، عزّ الدين العاملي، ابن هلال الكركي، ابن زهرة الحسيني الحلبي، عزّك.

ص: 12


1- نقول: إنّ هذا لدليل جلي من دلائل عدّة، و شاهد بارز من شواهد كثيرة، على سموّ فكر علماء الشيعة و نقاء سريرتهم و عدم إبائهم من تلقّي شتّى العلوم و المعارف عن طريق علماء سائر المذاهب، مجرّدين أذهانهم بذلك عن كلّ حقد و تعصّب. بل لم يمنعهم علوّ مرتبتهم و جلالة مقامهم - باعتراف أكابر هذه المذاهب و فضلائها - من القيام بذلك.

الدين الحلّي، بنته العالمة أم حسن، فاطمة، الملقّبة ب: «ستّ المشايخ».

و لو تأمّلنا في مدّة عمره الشريف - القصيرة نسبيّا - و رحلاته الى تلك البلاد و تلك، و ما خلّفه من تصانيف رائعة في شتى العلوم و الفنون، و إنظاره الدقيقة، و مقترحاته العميقة، يعلم أنّه من الذين اختارهم اللّه تعالى لتكميل عباده و عمارة بلاده، و كلّ ما قيل أو يقال في حقّه فهو دون مقامه و مرتبته.

و إليك بعض الخصائص التي ميّزته رضوان اللّه تعالى عليه:

- أول من هذّب متن الفقه الشيعي من أقاويل المخالفين.

- من فقهاء الشيعة الخمسة الذين أحاطوا بأقوال العامّة و الخاصّة، أولهم زمانا:

المحقق الحلّي، ثم العلاّمة الحلّي، ثم ولده فخر المحقّقين، ثم الشهيد الأول، ثم الشهيد الثاني.

- رجحان كفّته في كثير من الموازنات التي كان يعقدها كبار علمائنا بينه و بين فطاحل الطائفة و عظمائها.

- أفقه الفقهاء باعتقاد جماعة من الفقهاء و الأساتيذ.

- تأليفه كتابه الشهير «اللمعة الدمشقية» في سبعة أيّام فقط.

- تمكّنه من أن يضيف إلى مدرسة العلاّمة - في الفقه و الكلام - و منهجيتها أشياء، و يطوّرها، و يحدّد المفاهيم، بما لم يستطع عليه أساتذته و شيوخه.

- أول من بادر الى تشكيل و تأسيس نظام خاصّ بجباية الخمس، و توزيع العلماء في المناطق المختلفة، و شبكة الوكلاء القائمة حاليا هي ثمرة جهوده المباركة.

- إنّه عصارة و رمز مرحلة من مراحل تطور الفقه الشيعي بأكملها، حتى سميّت باسمه، و هذا مقام لم ينله إلاّ نوادر عظماء الطائفة و أساطينها.

قيل الكثير في نعته و الإطراء عليه، و أثنى عليه أعاظم الفريقين، نختار بعضا منه هنا

ص: 13

- مولانا الإمام العلاّمة الأعظم، أفضل علماء العالم، سيد فضلاء بني آدم..

(أستاذه فخر المحققين) - مولانا الشيخ الإمام، العالم الفاضل، شمس الملّة و الحقّ و الدين..

(أستاذه ابن معيّة) - شيخ الشيعة و المجتهد في مذهبهم.. و إمام في الفقه و النحو و القراءة، صحبني مدّة مديدة فلم أسمع منه ما يخالف السنّة..

(شمس الدين الجزري) - المولى الأعظم الأعلم، إمام الأئمّة، صاحب الفضلين، مجمع المناقب و الكمالات الفاخرة، جامع علوم الدنيا و الآخرة..

(أستاذه شمس الأئمّة الكرماني القرشي الشافعي) - الشيخ الإمام العلاّمة، الفقيه البارع الورع، الفاضل الناسك الزاهد..

(أستاذه عبد الصمد بن الخليل البغدادي شيخ دار الحديث ببغداد) - الشيخ الفقيه، و إمام المذهب، خاتمة الكلّ، مقتدى الطائفة المحقّة، و رئيس الفرقة الناجية.. الشهيد المظلوم..

(تلميذه ابن الخازن الحائري) - ملك العلماء، علم الفقهاء، قدوة المحقّقين و المدقّقين، أفضل المتقدّمين و المتأخّرين.. الرئيس الفائق بتحقيقاته على جميع المتقدمين، مهذّب المذهب..

(المحقّق الكركي) - خاتمة المجتهدين، محيي ما درس من سنن المرسلين، البدل، النحرير، المدقّق، الجامع بين منقبة العلم و السعادة و مرتبة العمل و الشهادة..

(الشهيد الثاني) - الشيخ الإمام الأعظم، محيي ما درس من سنن المرسلين، محقّق حقائق الأولين و الآخرين..

ص: 14

(العلاّمة محمّد تقي المجلسي) - شيخ الطائفة و علاّمة وقته، صاحب التدقيق و التحقيق، من أجلاّء هذه الطائفة و ثقاتها، نقيّ الكلام، جيّد التصانيف..

(التفرشي صاحب نقد الرجال) - كان عالما ماهرا، فقيها، محدّثا، مدقّقا، متبحّرا، كاملا، جامعا لفنون العقليات و النقليات، زاهدا، عابدا، ورعا، شاعرا، أديبا، منشئا، فريد دهره، عديم النظير في زمانه..

(الحرّ العاملي) - علاّمة العلماء العظام، مفتي طوائف الإسلام.. مهذّب مسائل الدين الوثيق..

العارج إلى أعلى مراتب العلماء و الفقهاء المتبحّرين و أقصى منازل الشهداء السعداء المنتجبين..

(المحقّق أسد اللّه التستري) - أفقه جميع فقهاء الآفاق، و أفضل من انعقد على كمال خبرته و استاديّته اتفاق أهل الوفاق، و توحّده في حدود الفقه و قواعد الأحكام مثل تفرّد شيخنا الصدوق في نقل أحاديث أهل البيت الكرام (ع)، و مثل شيخنا المفيد و سيّدنا المرتضى في الأصول و الكلام و إلزام أهل الجدل و الألدّ من الخصام..

(صاحب روضات الجنّات) - تاج الشريعة و فخر الشيعة.. أفقه الفقهاء عند جماعة من الأساتيد، جامع فنون الفضائل.. و قد أكمل اللّه تعالى عليه النعمة..

(المحدّث النوري) - كان رحمه اللّه بعد مولانا المحقّق على الإطلاق أفقه جميع فقهاء الآفاق..

(صاحب الكنى و الألقاب) - كهف الشيعة و علم الشريعة، لم يزل فقهه مستقى علماء الإمامية في نظرياتهم،

ص: 15

و كتبه مرجع فقهائهم، و إنظاره العلمية مرتكز آرائهم.. فلا أطيل بتنسيق عقود الثناء فأكون كناقل التمر إلى هجر..

(العلاّمة الأميني) فليس من الهيّن حقّا أن يطري عليه قدّس سرّه بكل هذا الإطراء و ينعت بكل هذه النعوت الناصعة، بل ما كان أن يكون ذلك لو لا همّته العالية و سعيه الهائل و مثابرته الدؤوبة و فضائله الروحية و الأخلاقية، حيث لم يأل جهدا و لم يضيّع فرصة من أجل الوصول الى هدفه المنشود، فكان يقول في ذلك:

معدود من الخسران إن صرف الزمان في المباح و إن قلّ، لأنّه ينقص من الثواب و يخفض من الدرجات، و ناهيك خسرانا بأن يتعجّل ما يفنى، و يخسر زيادة نعيم سيبقى.

و قصّة تناظره مع ابن المتوّج البحراني معروفة، فكان الشهيد قد غلبه مرّتين في ذلك و أفحمه، فسأله ابن المتوّج عن السرّ فقال قدّس سرّه: سهرنا و أضعتم.

أنّ الفترة التي عاشها رضوان اللّه تعالى عليه هي فترة توغّل و تعمّق فقه المحقّق و العلاّمة، و مع ذلك فما نراه قد تأثّر بمدرسيتهما، بل ابتعد عنهما إلى حدّ كبير، و هذا ممّا هيّأ له الأرضية الخصبة لعرض ابتكاراته البنّاءة و مناهجه الجديدة على صعيد الاستدلال و توسيع المسائل الفقهية، بتبويب الفقه و تقسيمه على نحو لم يسبقه إليه غيره، و قد تجلّى ذلك في مختلف مصنّفاته، كاللمعة، و القواعد و الفوائد، و الذكرى، و الألفية و النفلية، و غاية المراد، و الدروس، و غيرها.

أمّا آثاره و مصنّفاته و تأليفاته قدّس سرّه، فسنستعرضها بنوع من التفصيل و التوسعة، حيث هي المحور الأساسي من بحثنا هذا، فمنها استنبط أغلب ما قيل فيه و في منهجيته و أسلوبه و مقترحاته و برامجه التي أعانت المتن الفقهي الشيعي على أن يقفز قفزته

ص: 16

المشهورة آن ذاك، و منها استطاع الشهيد أن يكوّن بفكره و معارفه مرحلة من مراحل التطور و الازدهار، و منها يتألّق دليلنا التامّ بكلّ شموخ و رقي كي يثبت المدّعى الآنف الذكر على غاية من القوّة و المتانة.

و الحق أنّ آثار الشهيد كانت و لا زالت مراجع أساسية و مصادر مهمة من مصادر الدين و المذهب، فلا يمكن الاستغناء عنها مطلقا، لا سيّما و أنّها - إضافة الى كل ما أشرنا إليه - تتمتّع بسلاسة التعبير و رشاقة البيان و الخلوّ من التعقيد و الإبهام على نهج من الإيجاز و الاختصار.

و ننوّه الى أنّنا أثناء طرحنا لمؤلّفاته قدّس سرّه سنشير الى قبسات من آرائه و ابتكاراته و مقترحاته التي أتحف الفقه الشيعي بها، و فتح من جرّائها منافذ و آفاقا جديدة لا زالت مورد المداولة و الانتفاع.

1 - اللمعة الدمشقية في فقه الإمامية:

مختصر لطيف و شريف، و مؤلّف منيف، مشتمل على أمّهات المسائل الشرعية، جمع فيه أبواب الفقه و لخّص أحكامه.

ألّفه - كما قال ولده المبرور أبو طالب محمّد - بدمشق في سبعة أيام بالتماس من شمس الدين الآوي أحد أصحاب السلطان علي بن مؤيّد ملك «سربداران» في خراسان، الذي طلب من المصنّف رحمه اللّه التوجّه الى بلاده في مكاتبة شريفة أكثر فيها من التلطّف و التعظيم و الحثّ على ذلك، لكنّه أبى و اعتذر إليه و صنّف له هذا الكتاب.

و أخذ شمس الدين الآوي نسخة الأصل، و لم يتمكّن أحد من نسخها منه لضنّته بها، و إنّما نسخها بعض الطلبة و هي في يد الرسول، تعظيما لها، و سافر بها قبل المقابلة، فوقع فيها بسبب ذلك خلل، ثم أصلحه المصنّف بعد ذلك بما يناسب المقام، و ربما كان مغايرا للأصل بحسب اللفظ، و ذلك في سنة 782 ه.

و نقل عن المصنّف رحمه اللّه أنّ مجلسه بدمشق ذلك الوقت ما كان يخلو غالبا من علماء الجمهور، لخلطته بهم و صحبته لهم، قال: فلمّا شرعت في تصنيف هذا الكتاب كنت

ص: 17

أخاف أن يدخل عليّ أحد منهم فيراه، فما دخل عليّ أحد منذ شرعت في تصنيفه إلى أن فرغت منه، و كان ذلك من خفيّ الألطاف.

و هذا ما يضعف قول الحرّ العاملي و من تبعه في أنّه ألّفه في الحبس في السنّة الأخيرة من عمره الشريف حينما كان لم يحضره من كتب الفقه غير المختصر النافع.

مضافا إلى ذلك فإنّ الشهيد قد اعتقل لمدّة عام ثم استشهد، بينما كان قد ذكر اللمعة في إجازته لابن الخازن عام 784، أي حوالي سنتين قبل استشهاده. كما و أنّ الشهيد الثاني قد ذكر في مقدّمة الروضة البهية ما يدلّ على أنّه - أي الشهيد الأول - قد ألّف اللمعة قبل استشهاده بأربع سنوات تقريبا.

و على أيّة حال، فهذا الكتاب من أشهر مصنّفات الشهيد و متون الشيعة الفقهية، و كتبت عليه العديد من الشروح و الحواشي.

2 - الدروس الشرعية في فقه الإمامية:

يشتمل على أغلب أبواب الفقه، و يعدّ من أدقّ تأليفاته و أشهرها.

ابتكر فيه ترتيبا و نظما جديدين لم يسبقه فيهما أحد غيره، حيث أضاف فيه عناوين جديدة للكتب (الأبواب) الفقهية، مثل كتب: المزار، الحسبة، المحارب، القسمة، المشتركات، الربا، تزاحم الحقوق.

كما و نقل فيه آراء كثير من الفقهاء الذين لم تصلنا كتبهم، كابن بابويه، و العماني، و ابن الجنيد، و الجعفي، و غيرهم.

لم ينقل فيه من آراء العامّة شيئا.

و لم يوفّق لإتمامه، لاستشهاده.

خرج منه من الطهارة إلى الرهن.

3 - البيان، في الفقه:

مختصر يخلو من الاستدلال، جمع فيه بين سهولة العبارة و متانتها، مشتمل على كثير من الأقوال.

ص: 18

خرج منه كتب: الطهارة، الصلاة، الزكاة، الخمس.

استشهد قدّس سرّه قبل إتمامه.

قال رضوان اللّه تعالى عليه في مقدّمته: أمّا بعد، فإنّ الأدلّة العقلية و النقلية متطابقة على شرف العلوم، و من أهمّها معرفة شرع الحيّ القيّوم، و هذا «البيان» كافل بالمهم منه و المحتوم على طريق العترة الطاهرة أولي الفهوم، الذين نقلهم إسناد معصوم عن معصوم، و استعنت على إتمامه باللّه القادر العالم على كلّ مقدور و معلوم.

4 - غاية المراد في شرح الإرشاد، في الفقه:

من آثار القيّمة، حسن النظم، دقيق في تقسيم المسائل، و هو شرح «إرشاد الأذهان» للعلاّمة، بل شرح للموارد الصعبة و المشكلة منه، من أوله الى آخره.. فما قيل:

إنّه إلى كتاب الأيمان، لا وجه له.

و يمتاز بتكامل أبوابه على خلاف سائر مصنّفاته، كالدروس و البيان و غيرهما.

بذل فيه غاية جهده للعناية بالمسائل الخلافية بين فقهاء الشيعة، و خاض فيها خوضا عميقا و مسهبا.

و نقل فيه مطالب من الفقهاء و أساتذته - كفخر الدين و عميد الدين - كانوا قد ذكروها مشافهة و لم يوردوا في مصنّفاتهم.

و تتبّعه و متابعته للنصوص تعدّ من خصائص هذا الكتاب.

حكى فيه مطالب كثيرة من كتب و رسائل قدماء الأصحاب التي لم تصل إلينا و لم ينقلها الآخرون في مصنّفاتهم، و ذلك لأنّه قد توفّرت لديه آثار و مؤلّفات القدماء و الأولين أكثر ممّا توفّر عند المحقّق و العلاّمة.

و من هذه الكتب و الرسائل: الكامل و الروضة و الموجز لابن البرّاج، البشرى لابن طاوس، الفاخر للجعفي، الواسطة لابن حمزة، المنهج الأقصد لنجيب الدين، المفيد في التكليف للبصروي، غاية الأحكام للعلاّمة، النيّات للراوندي، النيّات للمصري، الرافع و الحاوي للجرجاني، رسالة في المضايقة لورّام، رسالة في المضايقة لأبي الحسن

ص: 19

الحلبي، رسالة في قضاء الفوائت ليحيى بن سعيد، رسالة في الإيراد على تعريف القواعد و الطهارة للقاشي.

كما و نقل عن الكثير من كبار العلماء دون أن يسنده الى كتاب خاصّ منهم، و من هؤلاء العلماء: ابن الغضائري، ابن جهيم، الصهرشتي، البزنطي، ابن الفاخر، الصوري، الحمصي، أبو صالح الحلبي، الجعفي المعروف بالصابوني.

أشار فيه إلى بعض الأخطاء الواردة في أسناد روايات كتاب التهذيب و عدد من الكتب الفقهية.

و نستلّ من آرائه التي ضمّها هذا الكتاب عددا منها:

- التبعيض في حجّية الخبر، أي لو سقطت حجّية قسم من الحديث - للمعارضة أو لسبب آخر - فإن باقي الحديث لا يسقط عن الحجّية.

- تطرّقه أحيانا إلى بعض رجال الحديث:

كقوله: و هذه في طريقها السكوني، و هو عامّي.. و كفى بمذهبه جارحا.

و قوله: الطريق الى مسمع ضعيف جدّا.

و قوله: في الطريق أبان بن عثمان، و فيه ضعف.

و قوله: و في طريقها سهل بن زياد، و ضعّفه الشيخ في مواضع و النجاشي و ابن الغضائري..

و في أصول الفقه، فقد احتوى الكتاب على العديد من آرائه، نذكر منها:

- العمدة فتوى مشاهير الأصحاب.. و الأولى العمل بفتوى الأصحاب، و هو الحجّة هنا و لا تعويل على الرواية، و لهذه عمل بها من طرح أخبار الآحاد بالكلّية.

- المعتبر إفادة الظنّ الذي اعتبره الشارع.

- الإجماع المنقول بخبر الواحد حجّة.

- التكليف يكفي فيه الظنّ الغالب.

- مفهوم الحصر حجّة.

ص: 20

- الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضدّه، و النهي مفسد.

- إنّ المذهب قد يعرف بخبر الواحد الضعيف لاشتماله على القرائن.

5 - القواعد و الفوائد، في الفقه:

مختصر يشتمل على ضوابط كلّية أصولية و فرعية، يستنبط منها أحكام شرعية، لم يعمل مثله.

يضمّ ما يناهز الثلاثمائة و ثلاثين قاعدة، و فوائد تقارب المائة فائدة، مضافا إلى الكثير من التنبيهات و الفروع.. و بذلك فهو يحتوي أغلب المسائل الشرعية.

و هذه القواعد و الفوائد و إن طغى عليها الطابع الفقهي إلاّ أنّ بعضها أصولية و اخرى في العربية.

و أسلوبه في الكتاب: إيراده القاعدة أو الفائدة، ثم يستعرض ما ينضوي تحتها من فروع فقهية، و ما قد يرد عليها من استثناءات إن كانت. و اتّخذ فيه أسلوب المقارنة بين فقه العامّة و الخاصة في أغلب الفروع الفقهية، فيعرض ما قيل من الوجوه، سواء كان القائل عامّيا أم شيعيا. و هذا ليس بعزيز عليه قدّس سرّه، فهو من جملة فقهائنا الخمسة الذين أحاطوا بآراء و أقوال الفقهاء على مختلف مذاهبهم.

و يعدّ هذا الأثر من جملة ابتكاراته رضوان اللّه تعالى عليه.

6 - الرسالة الألفية:

رسالة مختصرة في فرض الصلاة، تضمّ مقدّمة و ثلاثة فصول و خاتمة.

تشتمل على ألف واجب في الصلاة.

قال الشهيد الثاني في شرحه عليها - المقاصد العليّة -:.. المشتملة على الألفاظ الموجزة الجزيلة الآخذة بمجامع البلاغة و معاقد الفصاحة.

7 - الرسالة النفلية:

رسالة كبيرة تشتمل على ثلاثة آلاف نافلة تقريبا في الصلاة.

مرتّبة أيضا على مقدّمة و ثلاثة فصول و خاتمة.

ص: 21

للشهيد الثاني شرح عليها سمّاه «الفوائد الملية».

قال الشهيد الأول قدّس سرّه في مقدّمتها:.. لمّا وقفت على الحديثين المشهورين عن أهل بيت النبوّة أعظم البيوتات، أحدهما عن الإمام الصادق أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عليه و على آبائه و أبنائه أكمل التحيات: «للصلاة أربعة آلاف حدّ» و الثاني عن الإمام الرضا أبي الحسن عليّ بن موسى عليهما الصلوات المباركات: «الصلاة لها أربعة آلاف باب»، و وفّق اللّه سبحانه لإملاء «الرسالة الألفية» في الواجبات، ألحقت بها بيان المستحبّات، تيمّنا بالعدد تقريبا، و إن كان المعدود لم يقع في الخلد تحقيقا، فتمّت الأربعة من نفس المقارنات، و أضيف إليها سائر المتعلّقات. و اللّه حسبي في جميع الحالات.

8 - المزار (منتخب الزيارات):

يشتمل على بابين:

الأوّل: في الزيارات، و هو مرتب على ثمانية فصول و خاتمة.

الثاني: يشتمل على سبعة فصول و خاتمة.

قال قدّس سرّه في مقدّمته:.. و بعد، فهذا المنتخب موضوع لبيان ما ينبغي أن يعمل في المشاهد المقدّسة و الأمكنة المشرّفة من الأفعال المرغّبة و الأقوال المروية.

9 - أجوبة مسائل ابن نجم الدين الأطراوي:

مسائل سألها منه قدّس سرّه العالم الجليل و الفقيه الكبير تلميذه السيد حسن بن أيّوب الشهير بابن نجم الدين الأطراوي، و أجابه عنها.

و هي خمس و ستّون مسألة فقهية من أبواب متفرّقة.

10 - أجوبة مسائل الفاضل المقداد:

سبع و عشرون مسألة، سألها الفاضل المقداد بن عبد اللّه السّيوري من أستاذه الشهيد، فكتب هو جواباتها.

طبعت محقّقة لأول مرّة في مجلّة «تراثنا» التي تصدرها مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث.

ص: 22

11 - جامع البين في فوائد الشرحين:

جمع لشرحي الأخوين العالمين الفاضلين السيد عميد الدين و السيّد ضياء الدين على كتاب خالهما العلاّمة الحلّي «تهذيب الوصول الى علم الأصول».

أضاف الشهيد إليه مطالب جديدة.

قال المحقّق الكنتوري: هذّبه و أصلحه الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي(1).

و قال المحقّق التستري: و نقل فيه - أي الشهيد في الجمع بين الشرحين - اتّفاق الفرقة على كون مذهب الصحابي ليس حجّة على غيره من الصحابة(2).

12 - جواز إبداع السفر في شهر رمضان:

رسالة مبسوطة تعرّض فيها إلى مسألة السفر في شهر رمضان و الآراء و الأقوال المطروحة فيها.

قال قدّس سرّه: الظاهر من مذاهب العلماء في سائر الأعصار و الأمصار جوازه مع إجماعنا على كراهة ذلك.. لنا عشرون طريقا..

13 - المسائل الأربعينيّة:

رسالة في علم الكلام، ذكر فيها أربعين مسألة على ترتيب المعارف الخمسة.

14 - المسائل في الفقه:

مسائل مرتّبة على ترتيب أبواب الفقه، و هي من ضمن ما جمعه ابن طيّ من فتاوى جماعة من العلماء في كتابه المعروف ب «مسائل ابن طيّ».

15 - تفسير الباقيات الصالحات:

شرح مختصر للتسبيحات الأربع.

قال في آخره: فهذه الكلمات تشتمل على الأصول الخمسة: التوحيد و العدل و النبوّة و الإمامة و المعاد، فمن حصّلها حصّل الإيمان و هي الباقيات الصالحات.3.

ص: 23


1- كشف الحجب: 151-152.
2- كشف القناع: 363.

أورده الشيخ الكفعمي بتمامه في حاشية الفصل الثامن و العشرين من مصباحه الكبير الموسوم ب: «جنّة الأمان الواقية».

16 - الوصيّة:

وصيّته لبعض إخوانه.

17 - الوصيّة بأربع و عشرين خصلة:

رسالة مختصرة و وصية حسنة للإخوان.

18 - أحكام الأموات من الوصيّة إلى الزيارة:

مرتّب على ثلاثة فصول، يقرب من سبعمائة بيت.

نسبه إليه صاحب الذريعة(1).

19 - الأربعون حديثا:

كتاب صغير يشتمل على أربعين حديثا في العبادات العامّة البلوى، أورد أكثرها بلا شرح أو توضيح، و اقتصر على ذكر السند تفصيلا إلى المعصوم (ع).

قال الشهيد: و الداعي إلى تأليفه ما اشتهر في النقل الصحيح عن النبيّ (ص) أنّه قال: «من حفظ على أمّتي أربعين حديثا ينتفعون بها بعثه اللّه يوم القيامة فقيها عالما» فرأيت أنّ أكثر الأشياء نفعا و أهمّها العبادات الشرعية، لعموم البلوى إليها، و شدّة الحثّ عليها، فخرّجت أكثرها فيها و باقيها في مسائل غيرها.

20 - المقالة التكليفية:

رسالة في الكلام و العقائد:

قال الشهيد في مقدّمتها:.. فهذه «المقالة التكليفية» مرتّبة على خمسة فصول:

الفصل الأول في ماهيته و توابعها، الفصل الثاني في متعلّقه، الفصل الثالث في غايته، الفصل الرابع في الترغيب، الفصل الخامس في الترهيب..

و القول بأنّها في الأخلاق أو رسالة حديثية - لذكره في الفصل الرابع و الخامس5.

ص: 24


1- الذريعة 294:1-295.

روايات في الترغيب و الترهيب - غير صحيح.

21 - شرح قصيدة الشهفيني:

الشهفيني هو أبو الحسن علي بن الحسين. و قد قيل: إنّه عاملي، و قيل: إنّه حلّي.

و على أيّة حال، فقصيدته كانت في مدح أمير المؤمنين (ع)، و هي من جملة ديوانه الكبير.

قال المحقّق التستري:.. لمّا اطّلع الناظم - أي الشهفيني - على هذا الشرح و رأى اعتناء الشهيد بقصيدته، أعجب بالشرح و مدح الشهيد بعشرة أبيات شكره فيها على ذلك(1).

22 - العقيدة الكافية:

رسالة صغيرة جدّا في الاعتقادات.

23 - المجموعة:

قال المحدّث النوري:.. و هي ثلاث مجلّدات، كالبساتين النضرة و الحدائق الخضرة، التي فيها ما تشتهيه الأنفس و تلذّ الأعين، مشتملة على رسائل مستقلّة في الأحاديث و العلوم الأدبية و الأشعار و الأخبار المستخرجة من الأصول و الحكايات و النوادر و غيرها، خالية عن الهزليات التي توجد في أمثالها، نعم يوجد فيها بعض اللطائف و الطرائف(2).

24 - خلاصة الاعتبار في الحجّ و الاعتمار:

رسالة حسنة مختصرة في مناسك الحجّ.

قال الشهيد:.. فهذه الرسالة في فرض الحجّ و العمرة، مجرّدة عن دليل، مبنيّة على مقدّمة و مقالتين و تكميل.

أوردها العلاّمة السيّد الأمين في كتابه «معادن الجواهر»(3).3.

ص: 25


1- مجالس المؤمنين 571:2-572.
2- خاتمة المستدرك 372:3-373.
3- معادن الجواهر 296:1-303.

نقول: لا تخلو طبعتها ضمن هذا الكتاب من الكثير من الأخطاء و التصحيفات، بالإضافة الى ما سقط من أولها و آخرها.

25 - حاشية القواعد:

قال أحد تلامذة الشهيد الثاني في تعداد مصنّفاته: حاشية على قواعد الأحكام للعلاّمة.. مشى فيه مشي الحاشية المشهورة ب «النجّارية» للمولى السعيد الشيخ الشهيد، و غالب المباحث فيها بينه و بينه(1).

قال صاحب الرياض في عدّ مصنّفات الشهيد: و له أيضا حواشي القواعد الى آخر الكتاب، سمّاها: الحواشي النجّارية(2).

و يظهر من ذلك أنّ الحواشي النجّارية هي عين حاشية الشهيد على القواعد.

26 - حاشية الذكرى:

نسبها صاحب الذريعة إليه و قال: و حواشي المصنّف نفسه - أي مصنّف الذكرى - إلى صلاة المسافر، كما يظهر من حاشية البويهي(3).

27 - ذكري الشيعة في أحكام الشريعة و هو السفر الماثل بين يدي القارئ اللبيب.

كتاب فقهي استدلالي.

خرج منه الطهارة و الصلاة فقط.

و كان قدّس سرّه قد عزم على إتمامه، بدليل قوله في آخره: و ليكن هذا آخر المجلّد الأول من كتاب ذكري الشيعة، و يتلوه إن شاء اللّه تعالى في المجلّد الثاني كتاب الزكاة.

و قوله في ص 80 (الحجري) - الفصل الرابع، في واجبات الوضوء، في بحث النية0.

ص: 26


1- الدرّ المنثور لعليّ بن محمّد الجبعي العاملي 186:2.
2- تعليقة أمل الآمل: 368-369.
3- الذريعة 87:6 و ج 40:10.

-:.. إلاّ ما سنذكر في الحجّ و العتق إن شاء اللّه تعالى.

لكن استشهاده رضوان اللّه تعالى عليه حال دون ذلك.

و على أيّة حال، فهو فقه الشهيد الاستدلالي.

و قد جاء ناظرا في الأغلب إلى كتب المحقّق و العلاّمة، كالمعتبر و المختلف و القواعد و التحرير.

و وضعه على أساس أقوى الأدلة - في رأيه - من الكتاب و الروايات و من الإجماعات، و من هنا فقد كانت إجماعاته و استدلالاته موضع اهتمام الفقهاء من بعده، و مع ذلك فقد حاول التعرض للفروع الفقهية و أدلّتها بأقلّ ما يمكنه من الألفاظ.

كما و يمتاز بأسلوبه الجميل و ترتيبه البديع، و قد أشار إلى ذلك في مقدّمته فقال:..

أمّا بعد فهذا كتاب ذكري الشيعة في أحكام الشريعة أوردت فيه ما صدر عن سيّد المرسلين بواسطة خلفائه المعصومين، ممّا دلّ عليه الكتاب المبين و إجماع المطهّرين و الحديث المشهور و الدليل المأثور، تجديدا لمعاهد العلوم و تأكيدا لمعاقد الرسوم و تأييدا للمسائل الفقهية و تخليدا للوسائل الشرعية، تقرّبا إلى اللّه بارئ البرية.. و تنتظمه مقدّمة و أقطاب أربعة، أمّا المقدّمة ففيها إشارات سبع: الاولى: الفقه لغة: الفهم..

الإشارة الثانية: يجب التفقّه.. الإشارة الثالثة: يعتبر في الفقيه أمور ثلاثة عشر..

الإشارة السابعة: يجب التمسك بمذهب الإمامية لوجوه تسعة: الأول: قد تقرّر في الكلام عصمة الإمام، و المعصوم أولى بالاتّباع. الثاني: قوله تعالى يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اَللّهَ وَ كُونُوا مَعَ اَلصّادِقِينَ و غير المعصوم لا يعلم صدقه.. الثالث: قوله تعالى إِنَّما يُرِيدُ اَللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ اَلرِّجْسَ أَهْلَ اَلْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ..

و أمّا الأقطاب فأربعة: أولها العبادات.. و ثانيها العقود.. و ثالثها الإيقاعات..

و رابعها السياسات (الأحكام).. القطب الأول في العبادات. كتاب الصلاة.. و شروط ستّة في ستّة أبواب. الباب الأول: الطهارة.. فهاهنا فصول أربعة، الفصل الأول..

هذا، و تعدّ المباحث الأصولية القيّمة التي ذكرها في المقدمة من مميّزات هذا

ص: 27

الكتاب و إحدى خصائصه النفيسة.

و قد أشار الشهيد إلى كتاب «الذكرى» في عدّة من كتبه، كاللمعة و الدروس و أجوبة مسائل الفاضل المقداد، بعبارات مختلفة، مثل: حقّقناه في الذكرى، بيّناه في الذكرى، بيّنا مأخذه في الذكرى، فكتبنا في ذلك ما تيسّر في الذكرى، بسطت المسألة في الذكرى، و قد ذكرنا الروايات الدالّة على القضاء عن الميت لما فاته من الصلوات و أحكام ذلك في الذكرى. إلى غير ذلك من الألفاظ و العبارات.

قال في الذريعة: و فرغ منه في 21 صفر 784(1).

فما في مقدّمة الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية من أنّه فرغ منه بسنة 786 - أي في سنة استشهاده، فيكون آخر مؤلفاته - في غير محلّه، لا سيما و قد جاء التصريح في مقدّمة الدروس بأنّه ألّفه - أي الدروس - بعد الذكرى و البيان.

و هناك أيضا مصنّفات و آثار يشكّ في نسبتها إليه أو أنّها له و لكن بعناوين آخر، نذكرها - لضيق المجال - على عجالة:

1 - الخلل في الصلاة.

2 - أحكام الصلاة.

3 - قصر صلاة المسافر.

4 - الاستدراك.

5 - الدّرة الباهرة من الأصداف الطاهرة.

6 - منظومة في مقدار نزح ما يقع في البئر.

7 - اللوامع.

8 - شرح مبادئ الأصول.

9 - غاية القصد في معرفة الفصد.

10 - تقريب المبادئ.0.

ص: 28


1- الذريعة 40:10.

11 - خلاصة الإيجاز.

12 - المعتبر.

13 - النيّة.

14 - مجموعة الإجازات.

15 - المنسك الكبير.

16 - مسائل تزاحم الحقوق.

17 - حاشية الشرائع.

18 - التهذيب في الأصول.

19 - أربع مسائل فقهية.

20 - أجوبة مسائل محمّد بن مجاهد.

أمّا إجازاته لتلامذته، فهي كثيرة، إلاّ أنّ الموقوف على نصّه منها خمس إجازات:

1 - الإجازة لابن الخازن.

2 - الإجازة لابن نجدة.

3 - الإجازة لجماعة من العلماء.

4 - الإجازة لولده الثلاثة.

5 - الإجازة لولديه.

و لا يخفى أنّ الشهيد كان كاتبا و أديبا و شاعرا، فشعره مع قلّته يمتاز بجمال التعبير و دقّة التصوير و الرقّة و جودة الأداء، و قد عدّ البعض من جملة مؤلّفاته: ديوان صغير يشتمل على نحو عشرين مقطوعة و قصيدة(1).

توّج حياته الشريفة و سيرته العظيمة بأفضل الموت و أحسنه، شهادة دوّنها التاريخ بأحرف من نور، فنال من المنزلة ما يغبطه عليها الصدّيقون و المؤمنون.5.

ص: 29


1- محمّد رضا شمس الدين في «حياة الإمام الشهيد الأول»: 65.

قال الحرّ العاملي في أمل الآمل:

و كانت وفاته سنة 786، اليوم التاسع من جمادى الاولى، قتل بالسيف، ثم صلب، ثم رجم، ثم أحرق بدمشق، في دولة بيدر و سلطنة برقوق، بفتوى القاضي برهان الدين المالكي و عباد بن جماعة الشافعي، بعد ما حبس سنة كاملة في قلعة الشام..

و كان سبب حبسه و قتله أنّه وشى به رجل من أعدائه و كتب محضرا يشتمل على مقالات شنيعة عند العامّة من مقالات الشيعة و غيرهم، و شهد بذلك جماعة كثيرة و كتبوا عليه شهاداتهم، و ثبت ذلك عند قاضي صيدا، ثم أتوا به إلى قاضي الشام، فحبس سنة، ثم أفتى الشافعي بتوبته و المالكي بقتله، فتوقّف عن التوبة خوفا من أن يثبت عليه الذنب، و أنكر ما نسبوه إليه للتقية، فقالوا: قد ثبت ذلك عليك و حكم القاضي لا ينقض و الإنكار لا يفيد، فغلب رأي المالكي لكثرة المتعصّبين عليه، فقتل، ثم صلب و رجم، ثم أحرق قدّس اللّه روحه. سمعنا ذلك من بعض المشايخ و رأينا بخطّ بعضهم، و ذكر أنّه وجده بخطّ المقداد تلميذ الشهيد(1).

و هناك تفصيلات اخرى لقضية استشهاده قدّس سرّه، تعرّض لها الكثير من أصحاب التراجم و غيرهم.

كانت هذه لمحة خاطفة عن أحوال الشهيد و نشأته و رحلاته و مكانته و سيرته و مصنّفاته و خصائصه و ما قيل فيه، لو تأمّلنا فيها قصيرا لأدركنا الداعي لأن يكون قدّس سرّه صاحب مرحلة كاملة من مراحل تطوّر الفقه الشيعي.

النسخ المعتمدة في التحقيق:

اعتمدنا في تحقيقنا لكتاب «الذكرى» على ما يلي:

1 - مصوّرة النسخة المخطوطة المحفوظة في مكتبة جامعة طهران المركزية، برقم 1906، بخطّ حسن بن محمود، من أول الكتاب إلى آخره، فرغ منها في 8 ربيع الثاني

ص: 30


1- أمل الآمل: 182-183.

784. تشتمل على حواشي و بلاغات. و عليها ختم و إمضاء حجّة الإسلام السيّد محمّد باقر الموسوي الشفتي قدّس سرّه.

قال في الذريعة: و الظاهر أنّ الكاتب كان تلميذ الشهيد، و كان كلّما يخرج من قلم الشهيد يستنسخه التلميذ تدريجا، حتى فرغ الشهيد في التاريخ المذكور - 21 صفر 784 - و فرغ التلميذ في نيف و أربعين يوما بعد تأليف الشهيد(1).

رمزنا لها في الهامش بحرف «م».

2 - مصوّرة النسخة المخطوطة المحفوظة في مكتبة مدرسة سليمان خان التابعة للمكتبة الرضوية المقدّسة في مشهد، برقم 36، بخطّ أحمد بن علي بن حيدر، من أول الكتاب إلى آخره، فرغ من كتابتها في مدينة دامغان سنة 883، مصحّحة و مقابلة و عليها بلاغات، يلحظ عليها خطّ الشيخ البهائي و والده قدّس سرّهما.

رمزنا لها في الهامش بحرف «س».

3 - النسخة الحجرية المطبوعة بطهران سنة 1271، و هي من أول الكتاب إلى آخره.

ضمّ إليها في آخرها كتاب «تمهيد القواعد» للشهيد الثاني.

أشرنا لها في الهامش بلفظة «الحجرية».

منهجيّة التحقيق:

اتّبعت المؤسّسة في تحقيقها لهذا السفر المبارك منهجية العمل الجماعي، فانبثقت اللجان التالية لإنجازه:

1 - لجنة المقابلة: و مهمّتها مقابلة النسخ المخطوطة و تثبيت الاختلافات الواردة بينها.

و قد تألّفت من الأخوين الفاضلين: الحاج عزّ الدين عبد الملك و صاحب ناصر.

ص: 31


1- الذريعة 40:10.

2 - لجنة التخريج: و مهمّتها تخريج الآيات القرآنية و الأحاديث الشريفة و الأقوال الفقهية و اللغوية و سائر ما يحتاج إلى ذلك.

و قد تألّفت من أصحاب السماحة حجج الإسلام: الشيخ جعفر مجاهدي، الشيخ عطاء اللّه رسولي، الشيخ محمد التبريزي، السيّد حمزة لو.

3 - لجنة تقويم النصّ: و هي من أهم المراحل، حيث يتمّ بها تمييز الراجح و المرجوح من الاختلافات الموجودة بين النسخ المخطوطة، و توزيع النص و تجريده من الأخطاء العلمية و النحوية و الإملائية، مع التعليق و بيان الموارد الغامضة و المبهمة و غيرها.

و قد قام بمهمّتها سماحة العلاّمة الحجّة الشيخ محمّد الباقري و الأستاذ الفاضل عصام عبد السيّد.

4 - المراجعة النهائية: و هي لتفادي ما قد يكون حدث من سهو أو غفلة في المراحل السابقة، و توحيد الجهود المبذولة أثناء مراحل العمل المختلفة، و إضافة ما يمكن إضافته من استدراكات و تعديلات على المتن و الهامش.

و قد قام بهذه المهمّة سماحة حجة الإسلام و المسلمين السيّد علي الخراساني.

و لا يفوتنا أن نخصّ بالشكر سماحة العلاّمة حجّة الإسلام و المسلمين السيّد علي الميلاني لما أبداه من ملاحظات قيّمة و آراء سديدة.

سائلين المولى عزّ و جلّ حسن القبول و التوفيق لبذل المزيد.

و آخر دعوانا أن الحمد للّه ربّ العالمين و الصلاة و السلام على محمّد و آله العترة الميامين.

مؤسّسة آل البيت (ع) لإحياء التراث

ص: 32

مصادر المقدّمة

1 - أمل الآمل - للحر العاملي.

2 - أعيان الشيعة - للعلاّمة الأمين.

3 - بحار الأنوار - للعلاّمة المجلسي.

4 - تاريخ العلماء عبر العصور المختلفة - للحكيمي.

5 - تعليقة أمل الآمل - للميرزا عبد اللّه الأفندي.

6 - تكملة الأمل - للسيّد حسن الصدر.

7 - تنقيح المقال - للشيخ المامقاني.

8 - الحقائق الراهنة في المائة الثامنة (طبقات أعلام الشيعة) - لآقا بزرگ الطهراني.

9 - حياة الإمام الشهيد الأول - للشيخ محمّد رضا شمس الدين.

10 - خاتمة المستدرك - للمحدّث النوري.

11 - روضات الجنّات - للسيّد محمّد باقر الخوانساري.

12 - رياض العلماء - للميرزا عبد اللّه الأفندي.

13 - ريحانة الأدب - لمحمّد علي التبريزي المدرّس.

14 - الدرّ المنثور - لعلي بن محمّد الجبعي العاملي.

15 - الذريعة إلى تصانيف الشيعة - لآقا بزرگ الطهراني.

16 - شهداء الفضيلة - للعلاّمة الأميني.

17 - الفوائد الرضوية - للمحدّث القمّي.

18 - قصص العلماء - للميرزا محمّد التنكابني.

19 - كشف الأستار و الحجب - للمحقّق الكنتوري.

20 - الكنى و الألقاب - للمحقّق القمّي.

ص: 33

21 - لؤلؤة البحرين - للشيخ يوسف البحراني.

22 - مجالس المؤمنين - للقاضي نور اللّه التستري.

23 - مجلّة تراثنا - التي تصدر عن مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث.

24 - مقابس الأنوار - للمحقّق التستري.

25 - معادن الجواهر - للعلاّمة الأمين.

26 - معجم رجال الحديث - للسيّد الخوئي.

27 - مقدّمة بر فقه شيعة - لحسين المدرّسي الطباطبائي.

28 - مقدّمة الروضة البهية - للشيخ محمّد مهدي الآصفي.

29 - مقدّمة رياض المسائل - للشيخ محمّد هادي اليوسفي الغروي.

30 - مقدّمة غاية المراد - للشيخ رضا مختاري.

31 - مقدّمة القواعد و الفوائد - للسيّد عبد الهادي الحكيم.

32 - منتهى المقال - لأبي علي الحائري.

33 - نقد الرجال - للتفرشي.

ص: 34

نماذج من صور النسخة الأصليّة

ص: 35

ص: 36

ص: 37

ص: 38

مقدمة المؤلف: و تحوي على إشارات سبع:

اشارة

بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه الذي شرع الإسلام، فسهّل شرائعه للواردين، و أوضح أعلامه للمرتادين، و أعزّ أركانه على المغالبين، و ذلّل سبيله للطالبين. أحمده على عظيم إحسانه، و نيّر برهانه، و أشكره على جميل إفضاله، و بيّن امتنانه. حمدا يكون لحقّه قضاء، و إلى ثوابه مقربا، و شكرا يصير لفرضه أداء، و لحسن مزيده موجبا.

و أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، شهادة يواطئ فيها السر الإعلان، و يوافق القلب اللسان.

و أشهد أنّ محمدا عبده و رسوله الى الخلق، و داعية بإذنه إلى الحقّ، اختاره من شجرة الأنبياء، و مشكاة الضياء، و ذؤابة العلياء، و سرة البطحاء. صلّى اللّه عليه و على أهل بيته النجباء، موضع سرّه، و لجأ أمره، و عيبة علمه، و موئل حكمه، و كهوف كتبه، و جبال دينه، صلاة لا انقطاع لأمدها، و لا إحصاء لعددها(1).

أما بعد، فهذا كتاب ذكري الشيعة في أحكام الشريعة، أوردت فيه ما صدر عن سيد المرسلين بواسطة خلفائه المعصومين، ممّا دلّ عليه الكتاب المبين

ص: 39


1- في خطبة المصنف - قدّس سرّه - مقتطفات من كلام أمير المؤمنين (عليه السلام)، لاحظ نهج البلاغة، الخطبة رقم 2 108.

و إجماع المطهّرين، و الحديث المشهور و الدليل المأثور، تجديدا لمعاهد العلوم، و تأكيدا لمعاقد الرسوم، و تأييدا للمسائل الفقهية، و تخليدا للوسائل الشرعية، تقرّبا إلى بارئ البرية، و اللّه المسئول أن ينفع به الطالبين، و يرشد اليه الراغبين، و يجزل لنا من عطائه العميم، و فضله الجسيم، إنّه الجواد الكريم ذو الفضل العظيم.

و تنتظمه مقدمة و أقطاب أربعة.

أمّا المقدمة ففيها إشارات سبع:

الإشارة الاولى: تعريف بعض المصطلحات

الاولى: الفقه لغة: الفهم، و هو: العلم، أو جودة الذهن من حيث استعداده لاكتساب العلوم.

و عرفا: العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلّتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية.

و من هذا يعلم موضوعه، و هو ما عليه دليله، أعني: فعل المكلّف من حيث هو مكلّف. و مبادئه، و هي: ما منه دليله، أعني: الكلام، و الأصول، و العربية.

و مسائله، و هي: ما لها الدليل، أعني: مطالبه المثبتة فيه. و غايته.

و المراد ب (الأحكام): ما اقتضاه الخطاب وجودا أو عدما - مانعين من النقيض أو لا - أو تخييرا، و هي: الوجوب، و الحرمة، و الندب، و الكراهة، و الإباحة.

و منه يعلم رسومها.

و السببية و الشرطية و الصحة و الفساد يرجع إلى الاقتضاء و التخيير إن جعلت أحكاما.

و المراد ب (الشرعية): ما استفيد من الشرع إما بالنقل عن حكم الأصل، أو بالتقرير عليه، فيدخل في ذلك ما علم بالدليل العقلي.

و المراد ب (العملية): ما يتعلّق بالعمل من الفروع.

و المراد ب (الأدلّة التفصيلية): المختصّة بكل حكم على حدته، و يقابلها الإجمالية، كقول المقلّد: هذا أفتى به المفتي، و كل ما أفتى به فهو حكم اللّه في حقي.

ص: 40

و لا حاجة الى إضافة (غير الضرورية) إلى التعريف، لخروجها بالأدلة من حيث إنّ الضروري يقابل الاستدلالي، أو أنّ العلم بها وحدها لا يكون فقها، لا من حيث كونها ضرورية بل من حيث إنّ الكل لا يصدق على الجزء.

و إذا فسّر العلم ب: الاعتقاد الجازم عن موجبه، خرج سؤال الظنون لدخولها فيه.

و إذا قيل: بتجزؤ الاجتهاد، لم تكن لام الاحكام للاستغراق. و لا يدخل المقلد، لعدم استدلاله على الأعيان.

الإشارة الثانية وجوب التفقه و كونه كفائي

يجب التفقّه، لتوقّف معرفة التكليف الواجب عليه. و لا يرد الندب و المكروه و المباح على عموم وجوب التفقّه، لأنّ امتياز الواجب و الحرام انما يتحقّق بمعرفة كل الأحكام، إذ التكليف باعتقادها على ما هي عليه، و هو موقوف على معرفتها.

و وجوبه كفاية، لقوله تعالى فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي اَلدِّينِ (1).

و للزوم الحرج المنفي بالقرآن العزيز(2).

و عليه أكثر الإمامية، و خالف فيه بعض قدمائهم(3) و فقهاء حلب(4) - رحمة اللّه عليهم - فأوجبوا على العوام الاستدلال، و اكتفوا فيه: بمعرفة الإجماع الحاصل من مناقشة العلماء عند الحاجة إلى الوقائع، أو النصوص الظاهرة، أو أن الأصل في المنافع الإباحة و في المضار الحرمة، مع فقد نص قاطع في متنه و دلالته و النصوص محصورة.

و يدفعه: إجماع السلف و الخلف على الاستفتاء من غير نكير و لا تعرض لدليل بوجه من الوجوه، و ما ذكروه لا يخرج عن التقليد عند التحقيق، و خصوصا

ص: 41


1- سورة التوبة: 122.
2- إشارة إلى قوله تعالى وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي اَلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ، سورة الحج: 78.
3- كالسيد المرتضى في جوابات المسائل الرسية الأولى 320:2.
4- كابن زهرة الحلبي في الغنية: 486.

عند من اعتبر حجية خبر الواحد، فان في البحث عنه عرضا عريضا.

الإشارة الثالثة الشرائط المعتبر تحقّقها في الفقيه، و هي ثلاثة عشر شرطا

يعتبر في الفقيه أمور ثلاثة عشر، قد نبّه عليها في مقبول عمر بن حنظلة عن الإمام الصادق (عليه السلام): «انظروا الى من كان منكم قد روى حديثنا، و نظر في حلالنا و حرامنا، و عرف أحكامنا، فارضوا به حكما فاني قد جعلته عليكم حاكما، فإذا حكم بحكمنا و لم يقبله منه، فإنما بحكم اللّه استخف، و علينا ردّ، و هو رادّ على اللّه(1)، و هو على حدّ الشرك باللّه، فإذا اختلفا فالحكم ما حكم به أعدلهما و أفقههما و أصدقهما في الحديث و أورعهما»(2).

الأمر الأول: الإيمان، لقوله: «منكم»، لأن غير المؤمن يجب التثبّت عند خبره، و هو ينافي التقليد.

الثاني: العدالة - لذلك أيضا - و عليه نبّه بقوله: «أعدلهما».

الثالث: العلم بالكتاب.

الرابع: العلم بالسنّة، و يكفي منهما ما يحتاج إليه و لو بمراجعة أصل صحيح.

الخامس: العلم بالإجماع و الخلاف لئلاّ يفتي بما يخالفه.

السادس: العلم بالكلام.

السابع: العلم بالأصول.

الثامن: العلم باللغة و النحو و الصرف و كيفيّة الاستدلال، و على ذلك دلّ بقوله: «و عرف أحكامنا»، فإن معرفتها بدون ذلك محال.

التاسع: العلم بالناسخ و المنسوخ، و المحكم و المتشابه، و الظاهر و المؤوّل، و نحوها مما يتوقّف عليه فهم المعنى و العمل بموجبه، كالمجمل و المبين و العام و الخاص.

ص: 42


1- في الكافي و التهذيب: «و الراد علينا الراد على اللّه».
2- الكافي 54:1، و قطعة منه في الكافي أيضا 142:7، و الفقيه 5:3 ح 18، و التهذيب 128:6 ح 541.

العاشر: العلم بالجرح و التعديل، و يكفي الاعتماد على شهادة الأولين به كما اشتمل عليه كتب الرجال، إذ يتعذّر ضبط الجميع مع تطاول الأزمنة. و في الكافي و من لا يحضره الفقيه و التهذيب بلاغ واف و بيان شاف(1)، و الى ذلك أشار بقوله: «و روى حديثنا»(2).

الحادي عشر: العلم بمقتضى اللفظ لغة و عرفا و شرعا.

الثاني عشر: أن يعلم من المخاطب إرادة المقتضى إن تجرّد عن القرينة، و ارادة ما دلّت عليه القرينة ان وجدت ليثق بخطابه، و هو موقوف على ثبوت الحكمة.

الثالث عشر: أن يكون حافظا، بمعنى: أنّه أغلب عليه من النسيان، لتعذّر درك الأحكام من دونه.

و الأولى جواز تجزّئ الاجتهاد، لأنّ الغرض الاطلاع على مأخذ الحكم و ما يعتبر فيه و هو حاصل، و يندر و يبعد تعلّق غيره به فلا يلتفت اليه، لقيام هذا التجويز في المجتهد المطلق، و عليه نبّه في مشهور أبي خديجة عن الصادق (عليه السلام): «أنظروا الى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا، فاجعلوه بينكم فانّي قد جعلته قاضيا»(3).

الإشارة الرابعة وجوب اجتهاد العامّي لتحصيل المفتي

يجب اجتهاد العامي و من قصر عن الاستدلال في تحصيل المفتي بإذعان العلماء له و اشتهار فتياه. فان تعدّد وجب اتباع الأعلم الأورع - كما تضمّنه الحديث - لزيادة الثقة بقوله. فان تقابل الأعلم و الأورع، فالأولى: تقليد الأعلم، لأنّ القدر الذي فيه من الورع يحجزه عن الاقتحام على ما لا يعلم، فيبقى ترجيح العلم(4) سالما عن المعارض.

ص: 43


1- هذا إشارة إلى القول بكفاية اتفاق المشايخ الثلاثة - الكليني و الصدوق و الطوسي - على إخراج رواية الرجل في وثاقته و الاعتماد على خبره.
2- تقدم في: 42 الهامش 2.
3- الكافي 412:7 ح 5، الفقيه 10:3 ح 1، التهذيب 219:6 ح 516.
4- في ط: الأعلم.

و إن استويا في العلم و الورع، فالأولى: التخيير، لفقد المرجّح، و ان بعد وقوعه حتى منعه بعض الأصوليين، لامتناع اجتماع أمارتي الحرمة و الحلّ.

فإذا اتّبع عالما في حكم فله اتباع الآخر في غيره، و ليس له اتّباعه في نقيضه، و ربّما قيل: بجوازه مع تساويهما في واقعة اخرى.

الإشارة الخامسة عدم اشتراط مشافهة المفتي في العمل

بقوله 44 لا يشترط مشافهة المفتي في العمل بقوله، بل يجوز بالرواية عنه ما دام حيا، للإجماع على جواز رجوع الحائض إلى الزوج العامي إذا روى عن المفتي، و للعسر اللازم بالتزام السماع منه.

و ما يوجد في بعض العبارات: لا يجوز الإفتاء للعامي بقول المفتي، محمول على تصرّفه في الحكم تصرّف المفتي.

و هل يجوز العمل بالرواية عن الميت؟ ظاهر العلماء المنع منه، محتجّين بأنّه لا قول له، و لهذا انعقد الإجماع مع خلافه ميتا.

و جوّزه بعضهم، لإطباق الناس على النقل عن العلماء الماضين، و لوضع الكتب من المجتهدين، و لأن كثيرا من الأزمنة أو الأمكنة تخلو عن المجتهدين و عن التوصّل إليهم، فلو لم تقبل تلك الرواية لزم العسر المنفي.

و أجيب: بأن النقل و التصنيف يعرّفان طريق الاجتهاد من تصرفهم في الحوادث و الإجماع و الخلاف لا التقليد، و بمنع جواز الخلو عن المجتهد في زمان الغيبة.

و الأولى: الاكتفاء بالكتابة مع أمن التزوير، للإجماع على العمل بكتب النبي و الأئمة عليهم الصلاة و السلام في أزمنتهم، و لأنّ المعتبر ظنّ الإفتاء و هو حاصل بذلك.

الإشارة السادسة بسط الكلام في الأدلة الشرعية الأربعة

اشارة

الإشارة السادسة: في قول وجيز في الأصول يبعث الهمّة على طلبه من مظانّه، و هي أربعة:

أحدها: الكتاب،

و هو: الكلام المنزل لمصالح الخلق، و الإعجاز بسورة

ص: 44

منه. و ينقسم لفظه إلى:

حقيقة، و هي: اللفظ المستعمل فيما وضع له في اصطلاح التخاطب، كالسماء و الدابة و الصلاة.

و مجاز، و هو: اللفظ المستعمل فيما لم يوضع له في اصطلاح التخاطب للعلاقة، مثل جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ (1).

و مضمر، و هو: ما دلّ الدليل على إرادته و تقديره في الكلام، مثل:

وَ سْئَلِ اَلْقَرْيَةَ (2) .

و مشترك، و هو: ما وضع لحقيقتين فصاعدا وضعا أولا من حيث هو كذلك كالقرء، و يسمى: مجملا بالنسبة إلى كل واحد من معنييه.

و منفرد، و هو: ما يقابل المشترك.

و منقول، و هو: المستعمل في غير موضوعه لا لعلاقة مع الأغلبية، و يسمّى: المرتجل.

و أمر، و هو: اللفظ الدال على طلب(3) الفعل مع الاستعلاء، مثل:

وَ أَقِيمُوا اَلصَّلاةَ (4) ، فَكاتِبُوهُمْ (5)، وَ اِسْتَشْهِدُوا (6).

و نهي، و هو: اللفظ الدال على طلب الكفّ مع الاستعلاء، مثل وَ لا تَقْرَبُوا اَلزِّنى (7)، وَ لا تَمْشِ فِي اَلْأَرْضِ مَرَحاً (8).

و مطلق، و هو: اللفظ الدال على الماهية لا بقيد، مثل:

ص: 45


1- سورة الكهف: 77.
2- سورة يوسف: 82.
3- «طلب» ساقطة من م، س.
4- سورة البقرة: 43.
5- سورة النور: 33.
6- سورة البقرة: 282.
7- سورة الإسراء: 32.
8- سورة الإسراء: 37.

فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّا (1) .

و مقيّد، و هو مقابله، مثل وَ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ (2).

و عامّ، و هو: اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له بوضع واحد، مثل:

فَاقْتُلُوا اَلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (3) .

و خاصّ، و هو مقابله، مثل يا أَيُّهَا اَلْمُزَّمِّلُ قُمِ اَللَّيْلَ إِلاّ قَلِيلاً (4).

و مبيّن، و هو: المستغنى عن البيان، مثل فَآمِنُوا بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ (5)، و ما لحقه البيان، مثل: الصلاة.

و ناسخ، و هو: الرافع حكما شرعيا بخطاب شرعي متراخ عنه على وجه لولاه لكان ثابتا، مثل يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً (6).

و منسوخ، مثل مَتاعاً إِلَى اَلْحَوْلِ (7).

ثم دلالة اللفظ على معناه: أمّا خالية عن الاحتمال و هو النصّ، مثل:

فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اَللّهُ (8) ، و يقابله المجمل المذكور. و أمّا مع الاحتمال الراجح على المنطوق و هو المأوّل، مثل وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ (9). و أمّا مع احتمال مرجوح و هو الظاهر.

و أنواعه أربعة: الراجح بحسب الحقيقة الشرعية كدلالة الحجّ على المناسك المخصوصة، و الراجح بحسب الحقيقة العرفية كدلالة7.

ص: 46


1- سورة المجادلة: 3.
2- سورة النساء: 92.
3- سورة التوبة: 5.
4- سورة المزمل: 2.
5- سورة النساء: 136.
6- سورة البقرة: 234.
7- سورة البقرة: 240.
8- سورة محمد: 19.
9- سورة الرحمن: 27.

أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ اَلْغائِطِ(1)على الحدث، و المطلق و العام بالنسبة إلى مدلولهما.

تنبيه:

قد يتّفق اجتماع النصّ و المجمل باعتبارين، مثل وَ اَلْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ (2)، فإنّه نصّ في دلالته على الاعتداد، و مجمل بالنسبة إلى قدر العدّة و تعيين المعتدّة.

الأصل الثاني: السنّة،

و هي: طريقة النبي أو الإمام المحكية عنه، فالنبي بالأصالة و الإمام بالنيابة، و هي ثلاثة: قول، و فعل، و تقرير.

أمّا القول فأقسامه المذكورة في الكتاب.

و الفعل إذا علم وجهه، أو وقع بيانا، فيتبع المبيّن في وجوبه و ندبه و إباحته، سواء كان البيان مستفادا من الصريح، مثل قوله (عليه السلام): «صلّوا كما رأيتموني أصلّي»(3)، و «خذوا عني مناسككم»(4) أو من القرينة كقطع يد السارق اليمنى.

و يشترط في الفعل أن لا يعلم أنّه من خواصه عليه الصلاة و السلام، كتجاوز الأربع في النكاح، و الوصال في الصيام.

و ما لم يعلم وجهه، فالوقف بين الواجب و الندب إن علم قصد القربة فيه، و إلاّ فللقدر المشترك بينهما و بين الإباحة.

و التقرير يفيد الجواز، لامتناع التقرير على المنكر إن علمه (عليه السلام)، و إلاّ فلا حجة فيه، مثل: كنا نجامع و نكسل فلا نغتسل(5)، إذ مثله قد يخفى،

ص: 47


1- سورة المائدة: 6.
2- سورة البقرة: 228.
3- مسند أحمد 53:5، سنن الدارمي 286:1، صحيح البخاري 162:1، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 85:3 ح 1656، سنن الدار قطني 273:1، السنن الكبرى 120:3.
4- مسند أحمد 318:3، صحيح مسلم 943:2 ح 1297، سنن أبي داود 201:2 ح 1970، سنن النسائي 270:5. مسند أبي يعلى 111:4 ح 2147.
5- المصنف لابن أبي شيبة 87:1.

و المفهوم من «كنا» مطابقة المتكلم وحده، أو هو مع جماعة قد يخفى حالهم.

ثم من السنّة:

متواتر، و هو: ما بلغ رواته الى حيث يحصل العلم بقولهم، كخبر الغدير.

و آحاد، و هو بخلافه.

و منه المشهور، و هو: ما زادت رواته عن ثلاثة، و يسمى: المستفيض، و قد يطلق على ما اشتهر العمل به بين العلماء.

و الصحيح، و هو: ما اتّصلت روايته الى المعصوم بعدل إمامي، و يسمّى:

المتّصل و المعنعن، و إن كان كل منهما أعمّ منه. و قد يطلق الصحيح على سليم الطريق من الطعن و ان اعتراه إرسال أو قطع.

و الحسن، و هو: ما رواه الممدوح من غير نصّ على عدالته.

و الموثّق: ما رواه من نصّ على توثيقه مع فساد عقيدته، و يسمّى: القوي.

و قد يراد بالقوي مرويّ الإمامي غير المذموم و لا الممدوح، أو مروي المشهور في التقدم عن(1) الموثّق.

و الضعيف يقابله. و ربما قابل الضعيف الصحيح و الحسن و الموثق. و يطلق الضعيف بالنسبة إلى زيادة القدح و نقصانه.

و المقبول، و هو: ما تلقوه بالقبول و العمل بالمضمون.

و المرسل: ما رواه عن المعصوم من لم يدركه بغير واسطة، أو بواسطة نسيها أو تركها. و قد يسمى: منقطعا و مقطوعا بإسقاط واحد، و معضلا بإسقاط أكثر.

و الموقوف: ما روي عن مصاحب المعصوم، و قد يطلق عليه الأثر ان كان الراوي صحابيا للنبي صلّى اللّه عليه و آله.

و الشاذّ و النادر: ما خالف المشهور، و يطلق على مرويّ الثقة إذا خالف».

ص: 48


1- في س، ط: غير. و في الرواشح السماوية: 42: و في عدّة نسخ من الذكرى معوّل على صحتها مكان «غير الموثق»: «عن الموثق».

المشهور. و المتواتر قطعي القبول، لوجوب العمل بالعلم.

و الواحد مقبول بشروطه المشهورة، و شرط اعتضاده بقطعي: كفحوى الكتاب، أو المتواتر، أو عمومهما، أو دليل العقل، أو كان مقبولا، حتى عدّه الشيخ أبو جعفر - رحمه اللّه - من المعلوم المخبر(1)، أو كان مرسله معلوم التحرّز عن الرواية عن مجروح. و لهذا قبلت الأصحاب مراسيل ابن أبي عمير، و صفوان ابن يحيى، و أحمد بن أبي نصر البزنطي(2) لأنّهم لا يرسلون إلاّ عن ثقة، أو عمل الأكثر.

و أنكره جلّ الأصحاب(3) كأنّهم يرون أنّ ما بأيديهم متواتر أو مجمع على مضمونه و ان كان في حيّز الآحاد.

و يردّ الخبر لمخالفة مضمونه القاطع من الكتاب و السنّة و الإجماع لامتناع ترجيح الظنّ على العلم، أو باعراض الأكثر عنه، أو معارضة أقوى إسنادا أو متنا، أو مرجّحا لوجوه المرجّحات. و يأوّل ما يمكن تأويله.

و قد كفانا السلف رحمهم اللّه مئونة نقد الأحاديث و بيان هذه الوجوه، فاقتصرنا على المقصود منها بإيراد طرف من الحديث، أو الإشارة إليه ايجازا، و اللّه الموفق.

الأصل الثالث: الإجماع،
اشارة

و هو: اتّفاق علماء الطائفة على أمر في عصر، و جدواه(4) لا مع تعيين المعصوم فإنه يعلم به دخوله، و الطريق إلى معرفة دخوله أن يعلم إطباق الإماميّة على مسألة معينة، أو قول جماعة فيهم من لا يعلم نسبه بخلاف قول من يعلم نسبه، فلو انتفى العلم بالنسب في الشطرين فالأولى

ص: 49


1- الاستبصار 4:1.
2- راجع: عدة الأصول: 386.
3- راجع: جواب المسائل التبانيات 21:1، السرائر: 4، الغنية: 537.
4- في الحجرية هكذا: عصر واحد لا مع.

التخيير كالخبرين المتعارضين، و لوجوب التبيين على الإمام لو كان أحدهما باطلا.

و قيل: بالرجوع الى دليل العقل(1) لأنّ غيبة الإمام لخوفه تمنع من تبيينه الحق، و اللوم فيه على المكلّف.

سؤال: جاز في كل واحد من علماء الأمة المجهولي النسب أن يكون هو الإمام، فلم خصّصتم بالإمامية؟ قلنا: لما قام البرهان العقلي و النقلي على تضليل من خالف أصول الطائفة امتنع كون الإمام منهم.

قيل: جاز أن يظهر تلك الأحوال تقية.

قلنا: قد يقطع بكونه متدينا بذلك، و مع التجويز للتقية نلتزم باعتبار قوله في الإمامية فلعلّه الإمام، و استبعاد انحصار علماء الإمامية يستلزم أولوية استبعاد حصر غيرهم، و الجواب واحد.

و الحقّ أن أعصار الأئمة الطاهرين تحقّق فيها ذلك بالقطع في أكثر خصوصيات المذهب - كالمسح على الرجلين، و ترك الماء الجديد و الكتف، و التأمين، و بطلان العول و العصبة - و ان لم يتواتر الخبر بقول معصوم بعينه، و من ثم ضعف الشك في الثلاثة الأول بل اضمحل.

فروع:
الأول: الإجماع السكوتي

ليس إجماعا و لا حجّة، لاحتماله غير الرضا.

الثاني: يثبت الإجماع بخبر الواحد

ما لم يعلم خلافه، لأنّه أمارة قوية كروايته. و قد اشتمل كتاب الخلاف، و الانتصار، و السرائر، و الغنية، على أكثر هذا الباب، مع ظهور المخالف في بعضها حتى من الناقل نفسه.

ص: 50


1- قاله السيد المرتضى في جوابات المسائل التبانيات 2:1.

و العذر: إمّا بعدم اعتبار المخالف المعلوم المعين، كما سلف. و إمّا تسميتهم لما اشتهر إجماعا. و إمّا بعدم ظفره حين ادعى الإجماع بالمخالف. و إمّا بتأويل الخلاف على وجه يمكن مجامعته لدعوى الإجماع و ان بعد، كجعل الحكم من باب التخيير. و إمّا إجماعهم على روايته، بمعنى تدوينه في كتبهم منسوبا إلى الأئمة (عليهم السلام).

الثالث: يمنع احداث ثالث إذا استلزم رفع الإجماع،

أو مخالفة المعصوم، و الا جاز، لامتناع مخالفه القطعي.

الرابع: إذا أفتى جماعة من الأصحاب، و لم يعلم لهم مخالف،

فليس إجماعا قطعا و خصوصا مع علم العين، للجزم بعدم دخول الإمام حينئذ. و مع عدم علم العين لا يعلم أن الباقي موافقون، و لا يكفي عدم علم خلافهم، فإن الإجماع هو: الوفاق لا عدم علم الخلاف.

و هل هو حجة مع عدم متمسك ظاهر من حجة نقلية أو عقلية؟ الظاهر ذلك، لأن عدالتهم تمنع من الاقتحام على الإفتاء بغير علم، و لا يلزم من عدم الظفر بالدليل عدم الدليل، خصوصا و قد تطرق الدروس الى كثير من الأحاديث، لمعارضة الدول المخالفة، و مباينة الفرق المنافية، و عدم تطرق الباقين الى الردّ له، مع ان الظاهر وقوفهم عليه و انّهم لا يقرّون ما يعلمون خلافه.

فان قلت: لعل سكوتهم لعدم الظفر بمستند من الجانبين.

قلت: فيبقى قول أولئك سليما عن المعارض، و لا فرق بين كثرة القائل بذلك أو قلته مع عدم معارض. و قد كان الأصحاب يتمسكون بما يجدونه في شرائع الشيخ أبي الحسن بن بابويه - رحمة اللّه عليهم - عند إعواز النصوص، لحسن ظنهم به، و ان فتواه كروايته، و بالجملة تنزل فتاويهم منزلة روايتهم.

هذا مع ندور هذا الفرض، إذ الغالب وجود دليل دال على ذلك القول عند التأمّل.

الخامس: ألحق بعضهم المشهور بالمجمع عليه،

فان أراد في الإجماع فهو

ص: 51

ممنوع، و ان أراد في الحجة فقريب لمثل ما قلناه، و لقوة الظن في جانب الشهرة، سواء كان اشتهارا في الرواية - بأن يكثر تدوينها أو راووها(1) بلفظ واحد، أو ألفاظ متغايرة - أو الفتوى. فلو تعارضا، فالترجيح للفتوى إذا علم اطلاعهم على الرواية، لأن عدولهم عنها ليس الا لوجود أقوى.

و كذا لو عارض الشهرة المستندة إلى حديث ضعيف حديث قوي، فالظاهر: ترجيح الشهرة، لأن نسبة القول الى الإمام قد تعلم و ان ضعف طريقه، كما تعلم مذاهب الفرق بأخبار أهلها و ان لم يبلغوا التواتر، و من ثم قبل الشيخ - رحمه اللّه - رواية الموثقين مع فساد مذاهبهم(2).

الأصل الرابع: دليل العقل،
اشارة

و هو قسمان:

القسم الأوّل: قسم لا يتوقّف على الخطاب،
اشارة

و هو خمسة:

الأول: ما يستفاد من قضية العقل

- كوجوب قضاء الدين، و رد الوديعة، و حرمة الظلم، و استحباب الإحسان، و كراهية منع اقتباس النار، و إباحة تناول المنافع الخالية عن المضار - سواء علم ذلك بالضرورة أو النظر - كالصدق النافع و الضار -، و ورود السمع في هذه مؤكد.

الثاني: التمسّك بأصل البراءة عند عدم دليل،

و هو عام الورود في هذا الباب - كنفي الغسلة الثالثة في الوضوء، و الضربة الزائدة في التيمم، و نفي وجوب الوتر - و يسمى: استصحاب حال العقل. و قد نبّه عليه في الحديث بقولهم عليهم السلام: «كل شيء فيه حلال و حرام فهو لك حلال، حتى تعرف الحرام بعينه فتدعه»(3)، و شبه هذا.

الثالث: لا دليل على كذا فينتفي،

و كثيرا ما يستعمله الأصحاب، و هو تام

ص: 52


1- في س: ورودها.
2- عدة الأصول: 382.
3- الكافي 313:5 ح 40، الفقيه 216:3 ح 1002، التهذيب 226:7 ح 988، و 79:9 ح 337.

عند التتبع التام، و مرجعه إلى أصل البراءة.

الرابع: الأخذ بالأقل عند فقد دليل على الأكثر

- كدية الذمي عندنا - لأنّه المتيقن، فيبقى الباقي على الأصل و هو راجع إليها.

الخامس: أصالة بقاء ما كان

- و يسمى: استصحاب حال الشرع و حال الإجماع - في محل الخلاف، كصحة صلاة المتيمم يجد الماء في الأثناء، فنقول:

طهارة معلومة و الأصل عدم طارئ أو: صلاة صحيحة قبل الوجدان فكذا بعده.

و اختلف الأصحاب في حجيته، و هو مقرر في الأصول.

القسم الثاني: ما يتوقّف العقل فيه على الخطاب،
اشارة

و هو ستة:

أوّلها: مقدمة الواجب المطلق،

شرطا كانت كالطهارة في الصلاة، أو وصلة، كفعل الصلوات الثلاث عند اشتباه الفائتة، و غسل جزء من الرأس في الوجه، و ستر أقل الزائد على العورة، و الصلاة الى أربع جهات، و ترك الآنية المحصورة عند تيقّن نجاسة واحدة منها.

و ثانيها: استلزام الأمر بالشيء النهي عن ضده،

كما يستدل على بطلان الواجب الموسّع عند منافاة حق آدمي.

و ثالثها: فحوى الخطاب،

و هو: أن يكون المسكوت عنه أولى بالحكم، كالضرب مع التأفيف.

و رابعها: لحن الخطاب،

و هو: ما استفيد من المعنى ضرورة، مثل قوله تعالى أَنِ اِضْرِبْ بِعَصاكَ اَلْبَحْرَ فَانْفَلَقَ (1)، أي: فضرب فانفلق.

و خامسها: دليل الخطاب،

و هو المسمى بالمفهوم، و أقسامه كثيرة:

الوصفي و الشرطي، و هما حجّتان عند بعض الأصحاب، و لا بأس به و خصوصا الشرطي.

و العددي، و له تفصيل معروف بحسب الزيادة و النقصان.

ص: 53


1- سورة الشعراء: 63.

و الغائي، مثل أَتِمُّوا اَلصِّيامَ إِلَى اَللَّيْلِ (1) و هو راجع الى الوصفي.

و الحصر، و هو حجة.

أمّا اللقبي فليس حجّة، لانتفاء الدلالات الثلاث، و استفادة وجوب التعزير من قوله: (أنا لست بزان) من قرينة الحال لا من المقال.

و سادسها: ما قيل: ان الأصل في المنافع الإباحة و في المضار الحرمة،

و تحقيقه في الأصول.

الإشارة السابعة: يجب التمسّك بمذهب الإمامية لوجوه تسعة:

الأول: قد تقرّر في الكلام عصمة الإمام،

و المعصوم أولى بالاتباع.

الثاني: قوله تعالى يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اَللّهَ وَ كُونُوا مَعَ اَلصّادِقِينَ

الثاني: قوله تعالى يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اَللّهَ وَ كُونُوا مَعَ اَلصّادِقِينَ (2) و غير المعصوم لا يعلم صدقه، فلا يجب الكون معه.

الثالث آية التطهير

قوله تعالى إِنَّما يُرِيدُ اَللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ اَلرِّجْسَ أَهْلَ اَلْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (3). و فيه من المؤكدات و اللطائف ما يعلم من علمي المعاني و البيان، و ذهاب الرجس و وقوع التطهير يستلزم عدم العصيان و المخالفة لأوامر اللّه و نواهيه. و موردها في النبي صلّى اللّه عليه و آله و علي (عليه السلام) و فاطمة و الحسن و الحسين، اما عند الإمامية و سائر الشيعة فظاهر إذ يروون ذلك بالتواتر.

و أمّا العامة:

فروى مسلم في الصحيح عن عائشة، قالت: خرج النبي صلّى اللّه عليه و آله ذات غداة، و عليه مرط مرحل(4) من شعر، فجاء الحسن بن علي فادخله فيه،

ص: 54


1- سورة البقرة: 187.
2- سورة التوبة: 119.
3- سورة الأحزاب: 33.
4- مرط: كساء من صوف أو خز كان يؤتزر به، مرحّل: هو الموشّى عليه صورة رحال الإبل. مجمع البحرين - مادتي مرط، رحل.

ثم جاء الحسين فادخله فيه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها فيه، ثم جاء علي فادخله فيه، ثم قال إِنَّما يُرِيدُ اَللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ اَلرِّجْسَ أَهْلَ اَلْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (1).

و روى أحمد بن حنبل - في المناقب - و الطبراني - في معجمة - عن أبي سعيد الخدري في قوله تعالى إِنَّما يُرِيدُ اَللّهُ الآية، قال: نزلت في خمسة: في رسول اللّه، و علي، و فاطمة، و الحسن، و الحسين(2).

و روى أحمد عن أنس: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يمر بباب فاطمة ستة أشهر إذا خرج الى الفجر، يقول: «الصلاة يا أهل البيت»، إِنَّما يُرِيدُ اَللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ اَلرِّجْسَ أَهْلَ اَلْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (3).

قال الحاكم في المستدرك: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم و لم يخرجه(4).

و روى الترمذي في الجامع عن عمر بن أبي سلمة - ربيب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله - قال: نزلت هذه الآية على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إِنَّما يُرِيدُ اَللّهُ الآية في بيت أم سلمة، فدعا النبي صلّى اللّه عليه و آله فاطمة و حسنا و حسينا فجلّلهم بكساء، و علي خلف ظهره(5) ثم قال: «اللّهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا». قالت أمّ سلمة: و أنا معهم يا رسول اللّه؟ قال:

«أنت على مكانك، و أنت إلى خير»(6).

و روى أيضا الترمذي عن أمّ سلمة: ان النبي صلّى اللّه عليه و آله جلّل على1.

ص: 55


1- صحيح مسلم 1883:4 ح 2424، و في: جامع البيان 5:22، المستدرك على الصحيحين 3: 147، السنن الكبرى 149:2.
2- مناقب الصحابة، المعجم الصغير 135:1، جامع البيان 5:22.
3- مسند أحمد 259:3، و في: جامع البيان 5:22، الجامع الصحيح 352:5 ح 3206.
4- المستدرك على الصحيحين 158:3.
5- في المصدر زيادة: فجلله بكساء.
6- الجامع الصحيح 663:5 ح 3787، و في: جامع البيان 7:22، مشكل الآثار 335:1.

الحسن و الحسين و علي و فاطمة كساء، و قال: «اللّهم هؤلاء أهل بيتي و حامتي، أذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا» قالت أم سلمة: و أنا معهم يا رسول اللّه، قال: «إنك على خير». ثم قال الترمذي: هذا [حديث] حسن صحيح(1).

و أخرج معناه الحاكم في المستدرك، انّها نزلت في بيت أم سلمة.. الى آخره، و قال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري و لم يخرجه(2).

لا يقال: صدر الآية و عجزها في النساء فتكون فيهن.

قلنا: يأباه الضمير و هذا النقل الصحيح، و الخروج من حكم الى آخر في القرآن كثير جدا.

الرابع آية المباهلة

قوله تعالى فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ (3) نزلت فيهم عليهم السلام. و قد رواه مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري، قال: أمر معاوية سعدا أن يسبّ عليا فأبى، فقال: ما يمنعني من شتمه إلاّ ما نزل، الى قوله: و لما نزلت هذه الآية فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليا و فاطمة و الحسن و الحسين، و قال: «اللّهم هؤلاء أهلي»(4).

و فيها دلالة على انه لا مساوي لهم في الفضل، و على أنّهم أهل بيته، و لا يجوز ترك الفاضل و اتباع المفضول.

الخامس: روى الحاكم في المستدرك

- و حكم بصحته على شرط مسلم - عن ابن عباس: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، قال: «يا بني عبد المطلب اني

ص: 56


1- الجامع الصحيح 699:5 ح 3871 و ليس فيه: صحيح و أنظره في متن تحفة الاحوذي بشرح جامع الترمذي 372:5 ح 3963 ففيه كما في المتن.
2- المستدرك على الصحيحين 146:2.
3- سورة آل عمران: 61.
4- صحيح مسلم 1871:4 ح 2404 عن سعد بن أبي وقاص. و في: الجامع الصحيح 638:5 ح 3724، و ترجمة الإمام علي (عليه السلام) من تاريخ ابن عساكر 225:1 ح 271، المناقب للخوارزمي: 59.

سألت اللّه لكم ثلاثا: ان يثبّت قائمكم، و أن يهدي ضالكم، و ان يعلّم جاهلكم»(1).

و روى أيضا - و حكم بصحته - عن أبي ذر، و هو آخذ بباب الكعبة، قال:

من عرفني فقد عرفني، و من انكرني فأنا أبو ذر، سمعت النبي صلّى اللّه عليه و آله يقول: «الا انّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح، من ركبها نجا، و من تخلّف عنها هلك»(2).

و دلالة الخبرين على المطلوب ظاهرة البيان.

السادس: ان النبي صلّى اللّه عليه و آله قرنهم بالكتاب العزيز

الذي يجب اتباعه، فيجب اتباعهم قضية للعطف و للتصريح به أيضا، و ذلك مشهور نقله الشيعة تواترا.

و رواه مسلم في صحيحه عن زيد بن أرقم، قال: قام فينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خطيبا، فحمد اللّه و أثنى عليه، ثم قال: «أما بعد، أيّها الناس: إنّما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيبه، فاني تارك فيكم الثقلين:

أولهما كتاب اللّه فيه الهدى و النور، فتمسّكوا بكتاب اللّه عزّ و جلّ و خذوا به» فحثّ على كتاب اللّه و رغّب فيه، ثم قال: «و أهل بيتي أذكّركم اللّه عزّ و جلّ في أهل بيتي» - ثلاث مرات -(3).

و رواه غيره من العامة(4) بعبارات شتى، تشترك في وجوب التمسّك

ص: 57


1- المستدرك على الصحيحين 148:3، و رواه أيضا الطبراني في المعجم الكبير كما في مجمع الزوائد 170:9 و كنز العمال 42:12 ح 33910.
2- المستدرك على الصحيحين 150:3 و 343:2، و رواه البزار و الطبراني في الثلاثة كما في مجمع الزوائد 168:9، و ابن المغازلي في مناقب الامام علي بن أبي طالب (عليه السلام): 133 ح 175، و الخوارزمي في مقتل الامام الحسين (عليه السلام) 104:1.
3- صحيح مسلم 1873:4 ح 2408.
4- مسند أحمد 367:4، سنن الدارمي 431:2، الجامع الصحيح 663:5 ح 3788، المستدرك على الصحيحين 109:3، السنن الكبرى 113:10.

بالكتاب و أهل البيت عليهم السلام.

السابع: روى الحاكم في المستدرك

على الصحيحين عن عبد الرحمن بن عوف، انه قال: خذوا عني من قبل أن تشاب الأحاديث بالأباطيل، سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: «أنا الشجرة، و فاطمة فرعها، و علي لقاحها، و الحسن و الحسين ثمرتها، و شيعتنا ورقها، و أصل الشجرة في جنة عدن، و سائر ذلك في الجنة»(1). و هذا ظاهر في التلازم بينهم و بين النبي صلّى اللّه عليه و آله و بين الشيعة.

الثامن: ما روته الإمامية في ذلك،

و هو يملأ الصحف و يبلغ التواتر، فمنه:

ما روى عن النبي صلّى اللّه عليه و آله: «في كل خلف من أمتي عدل من أهل بيتي، ينفي عن هذا الدين تحريف الغالين، و انتحال المبطلين»(2).

و قوله صلّى اللّه عليه و آله: «مثل أهل بيتي كمثل نجوم السماء، فهم أمان لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء»(3).

و قوله صلّى اللّه عليه و آله: «يا علي: الإمامة فيكم، و الهداية منكم»(4).

و قوله صلّى اللّه عليه و آله: «ان من أهل بيتي اثني عشر نقيبا، نجباء، محدثين، مفهّمين، في آخرهم القائم بالحق»(5).

التاسع: اتّفاق الأمة على طهارتهم،

و شرف أصولهم، و ظهور عدالتهم، مع تواتر الشيعة إليهم و النقل عنهم مما لا سبيل إلى إنكاره، حتى ان أبا عبد اللّه

ص: 58


1- المستدرك على الصحيحين 160:3، عن ميناء بن أبي ميناء مولى عبد الرحمن بن عوف.
2- نحوه في الكافي 24:1 ح 3، الغيبة للنعماني 67:1، بصائر الدرجات 31:1.
3- علل الشرائع: 123، أمالي الشيخ الطوسي 388:1. و هذا الحديث روته العامّة أيضا.. فهو متفق عليه.
4- أخرجه المحقق الحلي في المعتبر 24:1.
5- الكافي 448:1 ح 18، المناقب لابن شهر آشوب 300:1.

جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) كتب من أجوبة مسائله أربعمائة مصنّف لأربعمائة مصنّف، و دوّن من رجاله المعروفين أربعة آلاف رجل من أهل العراق و الحجاز و خراسان و الشام، و كذلك عن مولانا الباقر (عليه السلام). و رجال باقي الأئمة معروفون مشهورون، أولوا مصنّفات مشتهرة و مباحث متكثّرة، قد ذكر كثيرا منهم العامة في رجالهم، و نسبوا بعضهم الى التمسّك بأهل البيت عليهم السلام.

و بالجملة اشتهار النقل و النقلة عنهم عليهم السلام يزيد أضعافا كثيرة عن النقلة عن كل واحد من رؤساء العامة، فالإنصاف يقتضي الجزم بنسبة ما نقل عنهم إليهم عليهم السلام. فحينئذ نقول: الجمع بين عدالتهم، و ثبوت هذا النقل عنهم مع بطلانه مما يأباه العقل و يبطله الاعتبار بالضرورة.

هذا مع ما شاع عنهم من إنكار ما عليه العامة من القياس و الاستحسان، و نسبة ذلك إلى الضلال و القول في الدين بغير الحق. و من رام إنكار ذلك فكمن رام إنكار المتواتر من سنة النبي صلّى اللّه عليه و آله، أو معجزاته و سيرته و سيرة من بعده. و من رام معرفة رجالهم و الوقوف على مصنّفاتهم، فليطالع: كتاب الحافظ ابن عقدة، و فهرست النجاشي و ابن الغضائري و الشيخ أبي جعفر الطوسي، و كتاب الرجال لأبي عمرو الكشيّ، و كتب الصدوق أبي جعفر بن بابويه القمي، و كتاب الكافي لأبي جعفر الكليني فإنه وحده يزيد على ما في الصحاح الستة للعامة متونا و أسانيد، و كتاب مدينة العلم و من لا يحضره الفقيه قريب من ذلك، و كتابا التهذيب و الاستبصار نحو ذلك، و غيرها ممّا يطول تعداده، بالأسانيد الصحيحة المتصلة المنتقدة و الحسان و القويّة، و الجرح و التعديل و الثناء الجميل، فالإنكار بعد ذلك مكابرة محضة، و تعصّب صرف.

لا يقال: فمن أين وقع الاختلاف العظيم بين فقهاء الإمامية إذا كان نقلهم عن المعصومين و فتواهم عن المطهرين؟ لأنا نقول: محل الخلاف: إمّا من المسائل المنصوصة، أو مما فرّعه العلماء.

ص: 59

و السبب في الثاني اختلاف الأنظار و مبادئها، كما هو بين سائر علماء الأمة. و أمّا الأول، فسببه اختلاف الروايات(1) ظاهرا، و قلّما يوجد فيها التناقض بجميع شروطه، و قد كانت الأئمة في زمن تقية و استتار من مخالفيهم، فكثيرا ما يجيبون السائل على وفق معتقده، أو معتقد بعض الحاضرين، أو بعض من عساه يصل اليه من المناوئين، أو يكون عاما مقصورا على سببه، أو قضية في واقعة مختصّة بها، أو اشتباها على بعض النقلة عنهم، أو عن الوسائط بيننا و بينهم كما وقع في الإخبار عن النبي صلّى اللّه عليه و آله، مع أنّ زمان معظم الأئمة كان أطول من الزمان الذي انتشر فيه الإسلام و وقع فيه النقل عن النبي صلّى اللّه عليه و آله، و كان الرّواة عنهم أكثر عددا، فهم بالاختلاف أولى.

ثم إنّه تلخّص جميع الاختلاف و انحصر في أقوال متأخري فقهاء الأصحاب - كما تزعم العامة أنّ مذاهب المسلمين انحصرت في عدد خاص - فلذلك أوردنا في هذا الكتاب ذكرهم، و أعرضنا عمن تقدم منهم، لدخول قوله فيهم، و ليس الغرض منه انتشار المذهب و تبدّد الأقوال، بل تصحيح ما ينهض عليه الاستدلال، و اللّه المستعان على كل حال.ة.

ص: 60


1- في س: الرواة.

الأقطاب الأربعة

اشارة

1 - العبادات 2 - العقود 3 - الإيقاعات 4 - السياسات القطب الأول: العبادات كتاب الصلاة

ص: 61

ص: 62

و أمّا الأقطاب فأربعة:

أولها: العبادات، و هو: فعل و شبهه مشروط بالقربة. و للجهاد و نحوه غايتان، فمن حيث الامتثال المقتضي للثواب عبادة، و من حيث الإعزاز و كف الضرار لا يشترط فيه التقرّب، و ما اشتمل عليه باقي الأقطاب من مسمى العبادة من هذا القبيل.

و أما الكفارات و النذور فمن قبيل العبادات، و دخولها في غيرها تغليبا أو تبعا للأسباب.

و ثانيها: العقود، و هو: صيغة مشروطة باثنين - و لو تقديرا - لترتّب أثر شرعي.

و ثالثها: الإيقاعات، و هو: صيغة يترتّب أثرها بواحد.

و يطلق على هاتين: المعاملات.

و رابعها: السياسات - و تسمى: الأحكام، بمعنى أخص - و هو: ما لا يتوقف على قربة و لا صيغة غالبا.

و تقريب الحصر: أنّ الحكم إمّا أن يشترط فيه القربة أو لا، و الأول العبادات، و الثاني: اما ذو صيغة أو لا، و الثاني السياسات. و الأول: اما وحدانيّة أو لا، و الأول الإيقاعات و الثاني العقود.

ص: 63

ص: 64

القطب الأول في العبادات:

كتاب الصلاة:
تعريف الصلاة لغة و شرعا

و هي لغة: الدعاء.

قال اللّه تعالى وَ صَلِّ عَلَيْهِمْ (1).

و قال النبي صلّى اللّه عليه و آله: «و صلّت عليكم الملائكة»(2)، «و إذا أكل عند الصائم صلّت عليه الملائكة»(3).

و قال الشاعر(4):

............ و صلّ على دنها و ارتسم

و قال(5):

عليك مثل الذي صليت فاغتمضي ..................

على ان أهل اللغة أوردوا الصلاة بمعناها الشرعي جاعليه أصلا، و جعلوها فعلة من صلّى، أي: حرّك صلويه، لأن المصلي يفعل ذلك، أو من صليت العود، أي: ليّنته، لأن المصلي يليّن قلبه و أعضاءه لخشوعه.

و شرعا: أفعال مفتتحة بالتكبير، مشترطة بالقبلة للقربة، فتدخل الجنازة.

و قيل: أركان مخصوصة، و أذكار معلومة الشرائط، مخصوصة في أوقات

ص: 65


1- سورة التوبة: 103.
2- مسند أحمد 138:3، سنن ابن ماجة 556:1 ح 1747، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 350:7 ح 5272.
3- مسند أحمد 365:6، سنن الدارمي في 17:2.
4- ديوان الأعشى: 196. و صدره: و قابلها الريح في دنها................
5- ديوان الأعشى: 106، و عجزه: ..................... يوما فان لجنب المرء مضطجعا

مقدّرة تقربا الى اللّه.

و دليل وجوب ما يجب منها: قوله تعالى وَ أَقِيمُوا اَلصَّلاةَ (1).

و قوله تعالى إِنَّ اَلصَّلاةَ كانَتْ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً (2).

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «بني الإسلام على خمس: شهادة ان لا إله إلاّ اللّه، و اقام الصلاة، و إيتاء الزكاة، و حج البيت، و صوم شهر رمضان»(3).

و الإجماع منعقد على وجوب: اليومية، و الجمعة، و بعض الملتزمة.

و إجماعنا على الباقي، و تسمى: التسبيح، من قوله تعالى فَسُبْحانَ اَللّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَ حِينَ تُصْبِحُونَ (4)، وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ اَلشَّمْسِ وَ قَبْلَ اَلْغُرُوبِ (5). و السبحة غالبة في النفل.

و منه قوله النبي صلّى اللّه عليه و آله: «ستدركون أقواما يصلّون لغير وقتها، فصلوا في بيوتكم، ثمّ صلّوا معهم و اجعلوها سبحة»(6).

و قول الإمام الصادق (عليه السلام): «فإذا زالت الشمس لا يمنعك الاّ سبحتك»(7).

و الصلاة إمّا واجبة، أو مستحبة. و الواجب سبع: اليومية، و الجمعة، و العيدين، و الآية، و الطوافية، و الجنازة، و الملتزمة بسبب من المكلّف.

و فضلها ظاهر. قال النبي صلّى اللّه عليه و آله: «انّ عمود الدين2.

ص: 66


1- سورة البقرة: 43.
2- سورة النساء: 103.
3- مسند أحمد 120:2، صحيح البخاري 9:1، صحيح مسلم 45:1 ح 16، الجامع الصحيح 5:5 ح 2609، سنن النسائي 107:8.
4- سورة الروم: 17.
5- سورة ق: 39.
6- مسند أحمد 379:1، سنن ابن ماجة 389:1 ح 1255، سنن النسائي 76:2، السنن الكبرى 127:3.
7- الكافي 275:3 ح 1، التهذيب 2:2 ح 56، الاستبصار 260:1 ح 932.

الصلاة»(1)، و هو من مفهوم الحصر، و بيانه في قوله عليه الصلاة و السلام: «و هي أول ما ينظر فيه من عمل ابن آدم، فان صحّت نظر في عمله، و ان لم تصح لم ينظر في بقيّة عمله» و رواه عنه أمير المؤمنين علي (عليه السلام)(2).

و شبهها أمير المؤمنين (عليه السلام) بالنهر الجاري على باب، من يغتسل منه في اليوم و الليلة خمس مرات، فكما لا يبقى على المغتسل درن لم يبق على المصلي ذنب(3).

و قال الصادق (عليه السلام): «حجّة أفضل من الدنيا و ما فيها، و صلاة فريضة أفضل من ألف حجّة»(4).3.

ص: 67


1- التهذيب 237:2 ح 936.
2- التهذيب 237:2 ح 936.
3- تفسير العياشي 161:2 ح 74، مجمع البيان: 201، عن علي (عليه السلام) عن النبي صلّى اللّه عليه و آله، و في التهذيب 237:2 ح 938 عن الباقر عن النبي صلّى اللّه عليه و آله، و في الفقيه 1: 136 ح 640 مرسلا.
4- التهذيب 240:2 ح 953.

ص: 68

و شروط الصلاة ستة في ستة أبواب:
الباب الأول: الطهارة:
تعريف الطهارة لغة و شرعا

و هي لغة: النزاهة من الأدناس.

و شرعا: استعمال الماء، أو الصعيد لإباحة العبادة. و تطلق على الاستعمال للقربة و ازالة الخبث مجازا، و الثلج و الوحل داخلان.

فالنظر: اما في المستعمل، و هو: المكلّف و حكمه. و المستعمل، و هو: الماء و الصعيد. و المستعمل له و منه، و هو: الأسباب الفاعلية كالإحداث، و الغائية كالعبادة. و الاستعمال.

فهاهنا فصول أربعة

ص: 69

ص: 70

الفصل الأول: في المستعمل الاختياري:
اشارة

و هو: الماء. قال اللّه تعالى وَ أَنْزَلْنا مِنَ اَلسَّماءِ ماءً طَهُوراً (1) و الطهور هو المطهّر، لقوله تعالى وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ اَلسَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ (2) و ذلك هو المطلق، أي: المستغني عن قيد، الممتنع السلب.

و اختصاصه بإزالة الحدث و الخبث من بين المائعات إمّا تعبدا - أي: لا لعلّة معقولة - فيجب الاقتصار عليه، أو لاختصاصه بمزيد رقة و طيب، و سرعة اتصال و انفصال، بخلاف غيره فإنه لا ينفك من أضدادها، حتى أنّ ماء الورد لا يخلو من لزوجة، و أجزاء منه تطهر عند طول مكثه ما دام كذلك.

و يعرض له أمور ثمانية:

العارض الأول: زوال الاسم بحيث يلزم الإضافة،

كماء الدقيق و الزعفران. و من ثم لا يحنث الحالف على الماء بشربه، فيخرج عن الطهورية، فالمعتصر أولى بالمنع. و كذا ما لا يقع عليه اسم الماء، كالصبغ و المرقة و الحبر.

و إنّما لا يطهر المضاف، لقوله تعالى فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا (3).

و قول الصادق (عليه السلام): «إنّما هو الماء أو الصعيد»(4)، و هو للحصر.

و قول الصدوق أبي جعفر بن بابويه - رحمه اللّه - بجواز الوضوء و غسل الجنابة بماء الورد(5) لرواية محمد بن عيسى عن يونس عن أبي الحسن (عليه السلام)(6)، يدفعه: سبق الإجماع و تأخره، و معارضة الأقوى، و نقل الصدوق ان

ص: 71


1- سورة الفرقان: 48.
2- سورة الأنفال: 11.
3- سورة النساء: 43.
4- التهذيب 188:1 ح 540، الاستبصار 155:1 ح 534، و فيهما: «و الصعيد».
5- الهداية: 13.
6- الكافي 73:3 ح 12، التهذيب 218:1 ح 627، الاستبصار 14:1 ح 27.

محمد بن الوليد لا يعتمد على حديث محمد بن عيسى عن يونس، و استثنى الصدوق ما انفرد به أيضا(1).

قال الشيخ أبو جعفر الطوسي - رحمه اللّه -: هي شاذة، أجمعنا على ترك العمل بظاهرها، و حملها على التحسين و التنظيف، أو على مطلق مجاور الورد(2).

و ظاهر الحسن بن أبي عقيل - رحمه اللّه - حملها على الضرورة، و طرد الحكم في المضاف و الاستعمال(3).

قال الشيخ المحقق نجم الدين - رحمه اللّه -: اتفق الناس جميعا انه لا يجوز الوضوء بغير ماء الورد من المائعات(4).

و قول المرتضى - قدّس اللّه روحه - برفعه الخبث، لإطلاق وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ ، و قول النبي (عليه السلام) في المستيقظ: «لا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها»، و كذا قولهم عليهم السلام: «انما يغسل الثوب من المني و الدم» و المضاف يصدق عليه التطهير و الغسل(5)، يدفعه ما ذكر، و معارضته بتخصيص الغسله.

ص: 72


1- حكاه عنه النجاشي في رجاله 333:1.
2- التهذيب 219:1، الاستبصار 14:1.
3- مختلف الشيعة: 10.
4- في المعتبر 82:1 بعد ان ذكر خلاف الصدوق في ماء الورد و دليله و إبطاله، قال: فرع: لا يجوز الوضوء بماء النبيذ، ثم ذكر خلاف أبي حنيفة فيه، ثم أخذ في الاستدلال عليه، و قال بعد ذلك: و اتفق الناس جميعا انه لا يجوز الوضوء بغيره من المائعات. قال الشيخ محمد حسن النجفي في جواهر الكلام 312:1 بعد ذكر ذلك: و الظاهر أن مرجع الضمير انما هو النبيذ، لكنه في الذكرى نقل عنه هذه العبارة بإبدال ضمير غيره بماء الورد، و مثله في المدارك 112:1 و لعلهما عثرا على غير ما عثرنا عليه، أو يكون فهما منه ذلك لكونه في معرض الرد على أبي حنيفة.
5- حكاه عنه العلامة في مختلف الشيعة: 11. و الآية في سورة المدثر: 40. و الحديث الأول في: مسند أحمد 403:2، صحيح البخاري 52:1، صحيح مسلم 1: 233 ح 278، سنن ابن ماجة 138:1 ح 393، سنن أبي داود 25:1 ح 103، الجامع الصحيح 36:1 ح 24، سنن النسائي 6:1. و الحديث الثاني سيأتي في ص 112 الهامش 1 عن النبي صلّى اللّه عليه و آله.

بالماء في قول الصادق (عليه السلام): «و إذا وجد الماء غسله»(1)، و المطلق يحمل على المقيد، و لأن الغسل حقيقة شرعية في استعمال الماء.

و كذا لا يستعمل النبيذ إجماعا. و رواية عبد اللّه بن المغيرة بجوازه عن النبي عند عدم الماء(2) مرسلة، مخالفة للوفاق، مأوّلة بتمرات يسيرة لا تغيّر الماء، كما تضمّنته رواية الكليني عن الصادق (عليه السلام)(3). و أفتى به الصدوق مقيدا بعدم تغيّر لون الماء(4).

فروع:

الأول: لو تغيّر بالتراب أو الملح فأضيف إليهما لم يقدح، لبقاء الاسم، و عدم الإضافة، و للأمر بتعفير الإناء بالتراب، و جواز الطهارة بماء البحر على ما يأتي، و لا فرق بين الملح الجبلي و المائي. و كذا لو تغيّر بورق الشجر مع بقاء الاسم.

الثاني: لو خالط الماء غير سالب الاسم، جاز استعمال الجميع، للاستهلاك.

الثالث: لا عبرة بالقصد في الخلط بل بالاسم، لأن الحكم تابع له.

الرابع: لو مزج بموافقة في الصفات - كمنقطع الرائحة من ماء الورد - فالحكم للأكثر عند الشيخ، فان تساويا جاز الاستعمال(5).

و القاضي ابن البراج يمنعه، أخذا بالأصل و الاحتياط(6).

و الشيخ الفاضل جمال الدين - رحمه اللّه -: يقدّر المخالفة، كالحكومة في1.

ص: 73


1- التهذيب 271:1 ح 799، الاستبصار 187:1 ح 655.
2- التهذيب 219:1 ح 628، الاستبصار 150:1 ح 28.
3- الكافي 416:6 ح 3، التهذيب 220:1 ح 629، الاستبصار 16:1 ح 29.
4- الفقيه 11:1.
5- المبسوط 8:1.
6- المهذب 24:1.

الحرّ(1). فحينئذ يعتبر الوسط في المخالفة، فلا يعتبر في الطعم حدة الخلّ، و لا في الرائحة ذكاء المسك.

و ينبغي اعتبار صفات الماء في العذوبة و الرقة و الصفاء و أضدادها، و لا فرق هنا بين قلة الماء و كثرته.

و لو مزج بالمستعمل في الأكبر، انتظم عند الشيخ اعتبار الكمية(2) و ان كان بالكر يبنى على أنّ بلوغه كرا لا يرد الطهورية، و يمكن فيه تقدير المخالفة كالأول.

الخامس: إذا جوز استعمال المخلوط غير الغالب وجب تعيينا أو تخييرا.

لصدق اسم الماء. و الشيخ: يجوز و لا يجب. لعدم وجوب تحصيل شرط الواجب المشروط(3) و فيه منع ظاهر.

قاعدة:

ينجس المضاف بالملاقاة إجماعا. لقول النبي صلّى اللّه عليه و آله في الفأرة تموت في السمن: «ان كان مائعا فلا تقربوه»(4) فيحرم استعماله، لقوله تعالى:

وَ اَلرُّجْزَ فَاهْجُرْ(5)إلاّ لضرورة، للحرج.

و طهّره في المبسوط بأغلبية كثير المطلق عليه و زوال أوصافه(6) لتزول التسمية التي هي متعلّق النجاسة.

و الفاضل جمال الدين - رحمه اللّه - تارة بزوال الاسم و ان بقي الوصف، لأنّه تغيّر بجسم طاهر في أصله. و تارة لمجرد الاتصال و ان بقي الاسم، لأنّه لا سبيل1.

ص: 74


1- تذكرة الفقهاء 2:1، مختلف الشيعة: 14.
2- المبسوط 8:1.
3- المبسوط 8:1.
4- المصنف لعبد الرزاق 84:1 ح 278، مسند أحمد 265:2، سنن أبي داود 264:3 ح 3842، السنن الكبرى 353:9.
5- سورة المدثر: 5.
6- المبسوط 5:1.

إلى نجاسة الكثير بغير تغيّر بالنجاسة و قد حصل(1). و الثاني أشبه.

أما الخمر و مشتدّ العصير فبالخلّية، و يختص العصير بذهاب الثلثين، للخبر(2).

و الأقرب في النبيذة المساواة، لثبوت تسميته خمرا. و لو قلنا بنجاسة عصير التمر بالاشتداد، فالأشبه أنه كالعنب.

اما غليان القدر فغير مطهر و ان كانت النجاسة دما في الأحوط.

و المشهور: الطهارة مع قلّة الدم، للخبر عن الصادق (عليه السلام)(3)و الرضا (عليه السلام)(4)، صحّحه بعض الأصحاب(5)، و طعن فيه الفاضل - رحمه اللّه - في المختلف بجهالة بعض رواته(6). و يندفع بالمقبولية.

و نسبه ابن إدريس إلى الشذوذ - مع اشتهاره - و الى مخالفة الأصل من طهارة غير العصير بالغليان(7).

و هو مصادرة، و الخبر معلّل بان النار تأكل الدم، ففيه إيماء إلى مساواة العصير في الطهارة بالغليان، و لجريان مجرى دم اللحم الذي لا يكاد ينفك منه.

و الحمل على دم طاهر بعيد.

العارض الثاني: زوال أحد أوصافه مع بقاء اسمه،
اشارة

فان كان بطاهر لم ينجس في المشهور، لإطلاق اسم الماء عليه، و لعدم انفكاك السقاء أول استعماله من التغير، و لم ينقل عن الصحابة الاحتراز منه، و لم يستدل في الخلاف عليه بالإجماع(8).

ص: 75


1- تذكرة الفقهاء 5:1، مختلف الشيعة: 14.
2- الكافي 419:6 ح 1، التهذيب 120:9 ح 516.
3- الكافي 235:6 ح 1، الفقيه 216:3 ح 1005.
4- الكافي 422:6 ح 1، التهذيب 279:1 ح 820.
5- نزهة الناظر: 20.
6- مختلف الشيعة: 685.
7- السرائر: 370.
8- الخلاف 57:1 المسألة: 7.

و كذا لو تغير بنفسه، و ان كره الطهارة به اختيارا، لرواية الحلبي عن الصادق (عليه السلام) في الوضوء به(1) و الغسل أولى لقوته، و ازالة الخبث أحرى، لأنّ العينية أشدّ من الحكمية.

و إن كان بنجس، فان كان بمجرد مرور الرائحة من غير ملاقاة لم ينجس، للأصل. و ان كان بملاقاته نجس مطلقا، لقول النبي (عليه السلام):

«خلق اللّه الماء طهورا، لا ينجسه الاّ ما غير طعمه أو ريحه»(2)، و في بعضها:

«لونه»(3).

و عن الصادق (عليه السلام): «إذا تغير الماء و تغير الطعم، فلا تتوضأ منه و لا تشرب»(4).

و عنه (عليه السلام): «إذا كان النتن الغالب على الماء، فلا يتوضأ و لا يشرب»(5).

و الجعفي و ابنا بابويه لم يصرحوا بالأوصاف الثلاثة، بل اعتبروا أغلبية النجاسة للماء(6) و هو موافقة في المعنى.

و لو توافق الماء و النجاسة في الصفات، فظاهر المذهب بقاء الطهارة، لعدم التغيّر، و العلاّمة على أصله السابق(7) و حينئذ ينبغي فرض مخالف أشد أخذا1.

ص: 76


1- التهذيب 217:1 ح 626، الاستبصار 12:1 ح 20.
2- تلخيص الحبير 100:1. و نحوه في المصنف لعبد الرزاق 80:1 ح 246، سنن الدار قطني 28:1، السنن الكبرى 259:1.
3- عوالي اللئالي 76:1 ح 154، 15:2 ح 29. و نحوه في سنن ابن ماجة 174:1 ح 521، شرح معاني الآثار 16:1.
4- الكافي 4:3، التهذيب 216:1 ح 625، الاستبصار 12:1 ح 19.
5- التهذيب 216:1 ح 624، الاستبصار 12:1 ح 18.
6- الفقيه 11:1، المقنع: 11.
7- تقدم في ص 74-75 الهامش 1.

بالاحتياط.

و لو شك في استناد التغير إلى النجاسة بنى على الأصل، و لو ظنّه فالطهارة أقوى، لقول الصادق (عليه السلام): «الماء كلّه طاهر حتى تعلم أنّه قذر»(1)و حمل العلم على شامل الظن مجاز و لا عبرة بغير الصفات الثلاثة، لدلالة الاستثناء على الحصر، فماء البحر طهور، لقول النبي صلّى اللّه عليه و آله: «الطهور ماؤه»(2).

و الثلج طهور، فان تعذر الغسل به و أمكن الدلك وجب، و أجزأ إن جرى. و اقتصر الشيخان على الدهن(3).

و نازع ابن إدريس بناء على فهم المسح منه(4).

و المرتضى و سلار أوجبا التيمم بنداوته(5).

و قول الصادق (عليه السلام): «هو بمنزلة الضرورة يتيمم»(6) يحتمل ذلك.

و يحتمل أن يراد التيمم بالتراب.

و الظاهر: قول الشيخين، فيقدّم على التيمم.

و لو لاقته نجاسة فكالجامد، لعدم السريان، و كذا الجمد، و يطهران بالكثير مع زوال العين.

و المسخن بالنار جائز، و هو مروي عن تقرير النبي(7) و فعله، و فعل الصادق1.

ص: 77


1- الكافي 1:3 ح 2، 3، التهذيب 215:1 ح 619.
2- الموطأ 122:1، المصنف لابن أبي شيبة 130:1، مسند أحمد 361:2، سنن ابن ماجة 1: 136 ح 386، سنن أبي داود 21:1 ح 83، الجامع الصحيح 100:1 ح 69.
3- المقنعة: 8، النهاية: 47، الخلاف 1:1 المسألة 3.
4- السرائر: 25.
5- المراسم: 53، و حكاه عن المرتضى: ابن إدريس في السرائر: 26، و العلامة في مختلف الشيعة: 49.
6- الكافي 67:3، التهذيب 191:1 ح 553، الاستبصار 158:1 ح 544.
7- السنن الكبرى 5:1.

(عليه السلام)(1).

نعم، لو اشتدت السخونة بحيث تفضي إلى عسر الإسباغ فالأولى الكراهية، لفوات الأفضلية.

و يكره في غسل الميت، لنهي الصادق (عليه السلام) عنه(2) إلاّ لضرورة الغاسل بالبرد للحرج.

و الشمس في الآنية مكروه في الطهارة و العجين، للخبر(3) و لا فرق في الآنية، و البلدان، و القصد و بقاء السخونة و عدمهما(4) للعموم.

و ابن الجنيد: الكبريتي كذلك، و ابن البراج: يكره استعماله(5).

نعم، يكره التداوي به قطعا، لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «انها من فوح جهنم»(6).

و طهر الجاري بالتدافع، و الكثير بتموّجه ان بقي كرا فصاعدا غير متغير، و الا فبإلقاء كرّ عليه متصل فكر حتى يزول تغيره. و لو عولج بغير الماء ثم به طهر، و لو وقعا معا أمكن ذلك، لزوال المقتضي. و لو قدّر بقاء الكر الطاهر متميزا، و زال التغير بتقويته بالناقص عن الكر، أجزأ.

و لا تحقق للجريات بالاستقلال في الأنهار العظيمة إجماعا، و لا في المعتدلة عندنا. للاتصال المقتضي للوحدة. و يلزم منجس الجرية المارة على النجاسة في الجهات الأربع نجاسة جدول طوله فراسخ بغير تغير، و هو ظاهر البطلان.

و لا يكفي زوال التغير من نفسه، أو بتموّجه نجسا، أو بملاقاة جسم طاهر5.

ص: 78


1- التهذيب 198:1 ح 576، الاستبصار 163:1 ح 564.
2- الكافي 147:3، التهذيب 322:1 ح 937.
3- الكافي 15:3 ح 5، التهذيب 379:1 ح 1177.
4- في س و ط: و عدمها.
5- المهذب 27:1.
6- المحاسن: 579، الكافي 389:6 ح 1، الفقيه 14:1 ح 25.

ساتر، أو مزيل للاستصحاب، و لأنه كما لا ينجس إلاّ بوارد لا يطهر الا بوارد، و هو إلزام. و يلزم من قال بطهارة المتمّم طهره بذلك، و قد صرح به بعض الأصحاب(1)، لأصالة الطهارة في الماء و الحكم بالنجاسة للتغير، فإذا زال سبب النجاسة عمل الأصل عمله.

مسائل:
الاولى: لا ينجس الجاري بالملاقاة إجماعا،

و لا يعتبر فيه الكرية في المشهور - لم أقف فيه على مخالف ممن سلف - لعدم استقرار النجاسة، و لنص الصادق (عليه السلام) على رفع البأس عن بول الرجل في الجاري(2).

و العلاّمة اعتبره، لعموم اعتبار الكرية(3). و هو يتم في غير النابع.

و يلحق به:

ماء الغيث نازلا. لحكم الصادق (عليه السلام) بطهارة الممتزج بالغيث و البول، و قال: «ما اصابه من الماء أكثر منه»(4).

و طينه، لقول أبي الحسن (عليه السلام) في طين المطر: «لا بأس أن يصيب الثوب ثلاثة أيام إلاّ أن تعلم نجاسته، و ان أصابه بعد ثلاثة فاغسله، و إن كان الطريق نظيفا لم تغسله»(5) و يمكن حمل طين غيره عليه.

و ماء الحمام بالمادة، لنص الباقر(6) و الصادق(7) عليهما السلام.

و الأظهر: اشتراط كثرتها حملا للمطلق على المقيد.

ص: 79


1- كابن سعيد في الجامع للشرائع: 18.
2- التهذيب 31:1 ح 81، و 43 ح 121، الاستبصار 13:1 ح 23.
3- تذكرة الفقهاء 2:1.
4- الفقيه 7:1 ح 4.
5- الكافي 13:3 ح 4، الفقيه 41:1 ح 163، التهذيب 267:1 ح 783، باختصار في الألفاظ.
6- الكافي 14:3 ح 2، التهذيب 378:1 ح 1168.
7- الكافي 14:3 ح 3، التهذيب 378:1 ح 1169.

و في المعتبر: لا يشترط، لإطلاق الخبر و العسر(1).

و لو شك في الكرية استصحب السابق.

و على اشتراط الكرية في المادة: يتساوى الحمام و غيره، لحصول الكرية الدافعة للنجاسة. و على العدم، فالأقرب: اختصاص الحمام بالحكم، لعموم البلوى، و انفراده بالنص.

الثانية: لا ينجس الكثير بالملاقاة،

وفاقا لقول النبي صلّى اللّه عليه و آله:

«إذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا»(2) - و روي «قلتين»(3) - و قول الصادق (عليه السلام): «إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شيء»(4).

و يستعمل بأسره، و لا يجب إبقاء قدر النجاسة، لاستهلاكها. و لو كانت قائمة بلا تغير، لم يجب التباعد بمقدار القلّتين، لعدم انفعال الماء. و لو اغترف منه فنقص عن الكر، فالمأخوذ طاهر لا ظاهر الإناء، و تجنّبه أولى.

و قول الجعفي: و روي الزيادة على الكر، راجع الى الخلاف في تقديره.

و المشهور: بلوغ تكسيره اثنين و أربعين شبرا و سبعة أثمان شبرا بمستوي الخلقة، لقول الصادق (عليه السلام) في رواية أبي بصير: «إذا كان ثلاثة أشبار و نصفا في مثله ثلاثة أشبار و نصف في عمقه»(5) و «في» للضرب، و لأنه يلزمه ذلك.

و القميّون أسقطوا النصف(6)، لصحيحة إسماعيل بن جابر عن الصادق (عليه السلام)(7). و ترجّح الأولى بالشهرة و الاحتياط.

ص: 80


1- المعتبر 42:1.
2- عوالي اللئالي 76:1 ح 156.
3- مسند أحمد 12:2، سنن أبي داود 17:1 ح 63، الجامع الصحيح 97:1 ح 67، سنن النسائي 46:1 مسند أبي يعلى 438:9 ح 5590، شرح معاني الآثار 15:1.
4- الكافي 2:3 ح 1، 2، الفقيه 8:1 ح 12، التهذيب 39:1 ح 107، 108، الاستبصار 1: 6 ح 1، 2.
5- الكافي 3:3 ح 5، التهذيب 42:1 ح 116، الاستبصار 10:1 ح 14.
6- كالصدوق في الفقيه 6:1، و المقنع: 10.
7- الكافي 3:3 ح 7، التهذيب 37:1 ح 101، الاستبصار 10:1 ح 13.

أو ألف و مائتا رطل، لمرسلة ابن أبي عمير عن الصادق (عليه السلام)(1).

و التفسير بالعراقي: لمقاربة الأشبار، أو لأن المرسل عراقي، أو لصحيحة محمد ابن مسلم عن الصادق (عليه السلام): «الكر ستمائة رطل»(2) بالحمل على رطل مكة، و هو رطلان بالعراقي. و بالمدني: للاحتياط، أو لأن الغالب كونهم عليهم السلام ببلدهم، و هو مائة درهم و خمسة و تسعون درهما، و العراقي ثلثاه، للخبر عن الرضا (عليه السلام)(3).

و العلامة ابن طاوس - رحمه اللّه - ذكر وزن الماء و عدم مناسبة المساحة للأشبار، و مال الى دفع النجاسة بكل ما روي، و كأنه يحمل الزائد على الندبيّة.

و ابن الجنيد اعتبر القلّتين أو نحو مائة شبر(4). و الراوندي نفى التكسير(5).

و لا وجه لهما.

و الشلمغاني: ما لا يتحرك جنباه بطرح حجر وسطه، و هو خلاف الإجماع.

و على كل تقدير لا يكفي التقريب لأصل العدم.

فلو شك في البلوغ فكذلك. و لو علمه و شكّ في سبق النجاسة، فالأصل الطهارة.

و ماء الحوض و الإناء كغيره، للعموم. و المفيد و أتباعه جعلوها كالقليل مطلقا(6)، للنهي عن استعمالها مع النجاسة.

قلنا: مقيّد بالغالب.

الثالثة: ينجس قليل الواقف بالملاقاة في الأشهر،

لمفهوم الشرط في الحديثين.

و لقول الصادق (عليه السلام) في سؤر الكلب: «رجس نجس لا تتوضأ

ص: 81


1- الكافي 3:3 ح 6، التهذيب 41:1 ح 113، الاستبصار 10:1 ح 15.
2- التهذيب 414:1 ح 418، الاستبصار 11:1 ح 17.
3- معاني الأخبار: 249، عيون أخبار الرضا 310:1.
4- حكاه عنهما العلامة في مختلف الشيعة: 3.
5- حكاه عنهما العلامة في مختلف الشيعة: 3.
6- المقنعة: 9، النهاية: 4، المعتبر 48:1.

بفضله»(1).

و لتعليل غسل اليدين من النوم باحتمال النجاسة(2) و لو لا نجاسة القليل لم يفد.

و حجّة الشيخ أبي علي بن أبي عقيل - رحمه اللّه - على اعتبار التغير بعموم الحديث(3) معارض بتقديم الخاص و ان جهل التاريخ، و قد رواه قوم في بئر بضاعة(4) و كان ماؤها كثيرا، و في هذا التأويل طهارة البئر. و بخصوص نحو قول الباقر (عليه السلام) في القربة و الجرة من الماء تسقط فيها فأرة فتموت: إذا غلبت رائحته على طعم الماء أو لونه فأرقه، و ان لم يغلب فاشرب منه و توضّأ(5) معارض بأشهر منه و أصح إسنادا(6). و أوله الشيخ بالكر و ارادة الجنس من القربة و الجرة(7).

و استثنى الأصحاب ثلاثة مواضع:

ماء الاستنجاء، إجماعا، للحرج، و حكم الصادق (عليه السلام) بعدم نجاسة الثوب الملاقي له(8).

و اشترط فيه عدم الملاقاة لنجاسة من خارج، لوجود المانع، و لا فرق بين المخرجين للشمول.8.

ص: 82


1- التهذيب 225:1 ح 646، الاستبصار 19:1 ح 40.
2- تقدم في ص 72 الهامش 5.
3- مختلف الشيعة: 2. و الحديث تقدم في ص 76 الهامش (2، 3).
4- مسند أحمد 31:3، سنن أبي داود 17:1 ح 66، الجامع الصحيح 95:1 ح 66، سنن النسائي 146:1، مسند أبي يعلى 476:2 ح 1304، شرح معاني الآثار 12:1. بضاعة: و هي دار بني ساعدة بالمدينة و بئرها معروفة، فيها أفتى النبي صلّى اللّه عليه و آله بان الماء طهور ما لم يتغير.. إلخ معجم البلدان 442:1.
5- التهذيب 412:1 ح 1298.
6- راجع: التهذيب 39:1 ح 105، 225 ح 646، الاستبصار 19:1 ح 40.
7- التهذيب 412:1.
8- التهذيب 86:1 ح 288.

و في المعتبر: ليس في الاستنجاء تصريح بالطهارة، انما هو بالعفو(1) و تظهر الفائدة في استعماله. و لعلّه أقرب، لتيقّن البراءة بغيره(2).

و لا يلحق به غسالة الخارج من السبيلين غير البول و الغائط، للبقاء على الأصل. و لا فرق في العفو بين المتعدي و غيره، للعموم. و لو زاد وزنه اجتنب.

و الدم الذي لا يستبين، لقول الكاظم (عليه السلام)(3).

و ألحق في المبسوط كل ما لا يستبين(4).

و الأولى: المنع فيهما، للاحتياط، و لمعارضته لكلام الكاظم (عليه السلام).

فروع:

الأول: مورد الرواية دم الأنف، فيمكن العموم في الدم، لعدم الفارق.

و يمكن إخراج الدماء الثلاثة، لغلظ نجاستها.

الثاني: لا فرق بين الثوب و البدن، لوجوب الاحتراز عن النجاسة.

الثالث: لو طارت الذبابة عن النجاسة الى الثوب أو الماء، فعند الشيخ عفو، و اختاره الشيخ المحقق نجم الدين - في الفتاوى - لعسر الاحتراز، و لعدم الجزم ببقائها لجفافها بالهواء، و هو يتم في الثوب دون الماء.

و ماء الغسل من النجاسة - كما قوّاه في المبسوط، ثم حكم بالعفو عنه للمشقة(5) - و الا لما طهر المحل.1.

ص: 83


1- ما في المعتبر 91:1 ليس بصريح في ذلك، لاحظ: الحدائق الناضرة 471:1، جواهر الكلام 1: 354، مفتاح الكرامة 94:1.
2- الكافي 13:3 ح 5، الفقيه 41:1 ح 162.
3- الكافي 74:3 ح 116، التهذيب 412:1 ح 1299، الاستبصار 23:1 ح 57.
4- المبسوط 7:1.
5- المبسوط 92:1.

و في الخلاف: ماء الاولى نجس(1).

و المحقّق و الفاضل نجّساه مطلقا(2)، لقول الصادق (عليه السلام): «في الماء الذي يغسل به الثوب، أو يغتسل به من الجنابة، لا يجوز أن يتوضّأ منه»(3).

قلنا: الدليل أعم من الدعوى، و عطف الجنابة عليه مشعر بأنّه غير طهور لا أنه نجس.

و لخبر العيص: سألته عن رجل أصابه قطرة من طشت فيه وضوء، فقال:

«إن كان من بول، أو قذر، فيغسل ما أصابه»(4).

و هو مقطوع، و يمكن حمله على التغير أو الندب.

و الشيخ بعد حكمه بعدم وجوب غسل الثوب من غسالة الولوغ(5) حكم بعدم جواز الوضوء(6).

و احتاط ابن البرّاج بإزالة غسالة الولوغ(7) كقول الشيخ.

و ابن حمزة و البصروي سويا بين رافع الأكبر و مزيل النجاسة(8).

و في المعتبر: لا يجوز رفع الحدث به إجماعا(9).

و العجب خلوّ أكثر كلام القدماء عن الحكم في الغسالة، مع عموم البلوى بها.

و اعترف المرتضى بعدم النص على الفرق بين ورود الماء على النجاسة1.

ص: 84


1- الخلاف 179:1 المسألة: 135.
2- المعتبر 90:1، تذكرة الفقهاء 5:1، مختلف الشيعة: 13.
3- أخرجه المحقق في المعتبر 90:1.
4- أخرجه المحقق في المعتبر 90:1.
5- الخلاف 181:1 المسألة: 137.
6- المبسوط 36:1.
7- المهذب 29:1.
8- الوسيلة: 74.
9- المعتبر 90:1.

و عكسه، و قوّاه فحكم بعدم نجاسة الماء الوارد و إلاّ لما طهر المحل(1) - و يلزمه أن لا ينجس بخروجه بطريق الأولى، و فهم الفاضلان منه ذلك(2) - و تبعه ابن إدريس(3).

و يمكن الحجّة بنجاسة غسالة الحمام، لنص الكاظم (عليه السلام): «لا تغتسل منها»(4).

و هو أعمّ من المدّعى، مع معارضته بقوله أيضا (عليه السلام) في غسالة الحمام تصيب الثوب: «لا بأس»(5).

و الذي قاله ابن بابويه و الشيخ و كثير من الأصحاب عدم جواز استعمالها(6).

فلم يبق دليل سوى الاحتياط، و لا ريب فيه.

فعلى هذا ماء الغسلة كمغسولها قبلها، و على الأول كمغسولها بعدها أو كمغسولها بعد الغسل.

و طهر القليل بمطهر الكثير ممازجا، فلو وصل بكرّ مماسة لم يطهر، للتميز المقتضي لاختصاص كل بحكمه.

و لو كان الملاقاة بعد الاتصال و لو بساقية، لم ينجس القليل مع مساواة السطحين، أو علوّ الكثير كماء الحمام.

و لو نبع الكثير من تحته - كالفوّارة - فامتزج طهّره، لصيرورتهما واحدا. اما لو كان ترشّحا لم يطهر، لعدم الكثرة الفعلية.

و في طهارته بالإتمام بطاهر أو نجس ثلاثة أقوال، يفرق في الثالث بين1.

ص: 85


1- الناصريات: 215 المسألة 3.
2- المعتبر 83:1، مختلف الشيعة: 13.
3- السرائر: 36.
4- التهذيب 373:1 ح 1143.
5- الكافي 15:3 ح 4، الفقيه 10:1 ح 17، التهذيب 379:1 ح 1176.
6- الفقيه 10:1، المبسوط 37:1، تذكرة الفقهاء 5:1.

النجسين و بين الطاهر و النجس.

و احتج: بقوله (عليه السلام): «إذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا»(1)، و بظواهر الآي، و الأخبار المقتضية لطهورية الماء، و لأن البلوغ يستهلك النجاسة فيستوي ملاقاتها قبل الكرية و بعدها، و لطهارة الكثير فيه نجاسة و لولاه لنجس، لإمكان سبقها على كثرته، و ربّما احتج بالإجماع.

و أجيب: بأن الحديث عاميّ، و لم يعمل به غير ابن حيّ (2) و الأصحاب رووه مرسلا(3).

و الذي رويناه: «إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شيء»(4) و هو صريح في نجاسة طارئة مع احتمال الحديث الأول لها أيضا.

و الظواهر تحمل على الطاهر، لأنّه المتبادر إليه الفهم، فلم قلتم بطهارة المذكورة؟! و الاستهلاك قياس باطل مع الفارق: بقوة الماء بعد البلوغ، و ضعفه قبله. و إمكان السبق لا يعارض أصل الطهارة. و لا إجماع، لخلاف ابن الجنيد و الشيخ في الخلاف(5) مع نقله الخلاف عن الأصحاب في المبسوط(6).

و قول الشيخ في المبسوط - بطهوريّة المستعمل يبلغ كرّا - على التنزل(7)، لبنائه على ما سبق من تردده، و بناه في الخلاف على ذلك أيضا(8). فيبقى استصحاب حكم النجاسة سليما عن المعارض.7.

ص: 86


1- عوالي اللئالي 76:1 ح 156.
2- حكاه عنه المحقق في المعتبر 53:1.
3- الناصريات: 214 المسألة 2، الخلاف 174:1 المسألة: 127.
4- الكافي 2:3 ح 1، الفقيه 8:1 ح 12، التهذيب 39:1 ح 107، الاستبصار 6:1 ح 1.
5- الخلاف 194:1 المسألة: 150، مختلف الشيعة: 3.
6- المبسوط 7:1.
7- المبسوط 11:1.
8- الخلاف 173:1 المسألة: 127.

فرع:

لو غمس الكوز بمائه النجس في الكثير الطاهر طهر مع الامتزاج، و لا تكفي المماسّة، و لا اعتبار بسعة الرأس و ضيقه، و لا يشترط أكثرية الطاهر. نعم، يشترط المكث ليتحقق الامتزاج.

و على القول بالطهارة بالإتمام كرا، لو تمّم هذا الكوز، طهر الجميع.

العارض الثالث: كونه ماء بئر.
اشارة

و المشهور نجاسته مطلقا، للنقل الشائع بوجوب النزح من الخاص و العام و التعبّد بعيد، و لقول الكاظم (عليه السلام): «فان ذلك يطهرها»(1).

و قول الرضا (عليه السلام): «ينزح منها دلاء» عقيب السؤال: ما يطهرها»(2).

و لجواز تيمم الجنب خوف إفسادها عملا بقول الصادق (عليه السلام)(3)و في التهذيب: إذا لم يتغير لا تعاد الطهارة و ان كان لا يجوز استعماله إلاّ بعد تطهيره(4)، لقول الصادق (عليه السلام): «لا يغسل الثوب، و لا تعاد الصلاة مما وقع في البئر، الا أن ينتن»(5).

و لمكاتبة ابن بزيع عن الرضا (عليه السلام): «ماء البئر واسع لا يفسده شيء، إلاّ أن ينتن»(6).

ص: 87


1- التهذيب 237:1 ح 686، الاستبصار 37:1 ح 101.
2- الكافي 5:3 ح 1، التهذيب 244:1 ح 705، الاستبصار 44:1 ح 124.
3- الكافي 65:3 ح 9، التهذيب 149:1 ح 426، الاستبصار 127:1 ح 435.
4- التهذيب 232:1.
5- التهذيب 232:1 ح 670، الاستبصار 30:1 ح 80.
6- المعتبر 56:1، و انظر: الكافي 5:3 ح 2، التهذيب 234:1 ح 676، الاستبصار 33:1 ح 87.

و أجيب: بقوة المشافهة على المكاتبة، و الطعن في سند الأولى، و التأويل بفساد معطّل، و بالحمل على الغدير.

و قال الجعفي: يعتبر فيها ذراعان في الأبعاد الثلاثة فلا ينجس. ثم حكم بالنزح.

و عن البصروي: تعتبر الكرية في دفع النجاسة.

و طهرها متغيرة بنزح الأكثر من زواله و المقدر، لقول الصادق (عليه السلام): «فان تغير الماء فخذه حتى يذهب الريح»(1) و للمكاتبة عن الرضا (عليه السلام)(2).

و الشيخ رتب زوال التغير على العجز عن نزح الجميع(3)، لقول الصادق (عليه السلام): «فإن أنتن نزحت»(4).

و الصدوقان: الجميع، لما ذكر، فالتراوح(5)، لقول الصادق (عليه السلام):

«فان غلب فلتنزف يوما الى الليل، يقام عليها قوم يتراوحون اثنين اثنين»(6).

قال المحقق: السر في النزح انه كتدافع الجاري، و من ثم اختلفت الرواية بالأقل و الأوسط و الأكثر بحسب قوة النجاسة و ضعفها، و سعة المجاري و ضيقها، فليعمل بالمشهور غير المختلف فيه. و المختلف: يجزئ أقلّه، و يستحب أوسطه، و يتأكد أكثره. و الشاذ يسقط بالمشهور، و ضعيف السند بالقوي(7).1.

ص: 88


1- الكافي 5:3 ح 3، التهذيب 233:1 ح 675، الاستبصار 37:1 ح 102.
2- الكافي 5:3 ح 2، التهذيب 234:1 ح 676، الاستبصار 33:1 ح 87 ه 6.
3- المبسوط 11:1، النهاية: 7.
4- التهذيب 232:1 ح 670، الاستبصار 30:1 ح 80.
5- الفقيه 13:1، مختلف الشيعة: 5.
6- التهذيب 284:1 ح 832.
7- المعتبر 57:1.
فروع:
الأول: لو زال تغيرها بنفسها أو بعلاج لم تطهر،

لما مر. و هل يجب نزحها أو يكفي المزيل التقديري؟ الأقوى الأول، لعدم أولويّة البعض، و لتوقّف اليقين عليه.

و امتزاجها بالجاري مطهّر، لأنّه أقوى من جريان النزح باعتبار دخول مائها في اسمه.

و منعه في المعتبر، لأن الحكم متعلّق بالنزح و لم يحصل(1). و كذا لو اتصل بالكثير. أمّا لو وردا من فوق عليها، فالأقوى انه لا يكفي. لعدم الاتحاد في المسمى.

الثاني: لو أجريت، فالظاهر انها بحكم الجاري

لا تنجس بالملاقاة. و لو نجست ثم أجريت، ففي الحكم بطهارتها ثلاثة أوجه:

طهارة الجميع، لأنه ماء جار تدافع و زال تغيره، و لخروجه عن مسمى البئر.

و بقاؤه على النجاسة، لأن المطهر النزح.

و طهارة ما بقي بعد جريان قدر المنزوح، إذ لا يقصر ذلك عن الإخراج بالنزح.

الثالث: الآبار المتواصلة ان جرت فكالجاري،

و الا فالحكم باق، لأنها كبئر واحدة.

الرابع: لا ريب في عدم اعتبار الدلو

في النزح المزيل للتغيّر حيث لا مقدّر، أو كان إذا لم نعتبره، لحصول الغرض بالنزح المزيل للتغير.

و هل يعتبر الدلو في المعدود؟ وجهان: نعم، لصورة النص، و عمل الأمّة.

ص: 89


1- المعتبر 79:1.

و لا، لأن الغرض إخراج الماء. و هو أقرب، فحينئذ يعتبر بحساب دلو العادة.

الخامس: لا يعتبر في النازح الإسلام، و لا البلوغ، و لا الذكورية

إلا في التراوح، للفظ «القوم» - و مال في المعتبر الى جواز النساء و الصبيان لشمول القوم(1) - بل و لا الإنسانية فتكفي القرب، و لا في النزح النية، لأنه ترك النجاسة.

السادس: عبارة الأصحاب مختلفة في يوم التراوح:

فالمفيد: من أول النهار الى آخره(2).

و الصدوقان و المرتضى: من الغدوة إلى الليل(3).

و الشيخ: من الغدوة إلى العشاء(4).

و الظاهر انهم أرادوا به يوم الصوم فليكن من طلوع الفجر الى غروب الشمس، لأنه المفهوم من اليوم مع تحديده بالليل.

السابع: لا يجزئ الليل في التراوح

لما يعتري فيه من الفتور عن العمل، و كذا مع مشاركته للنهار و تلفيق قدر يوم منهما.

الثامن: يجزئ مسمى اليوم و ان قصر،

و لا يجب تحري الأطول، و الأولى استحبابه حيث لا ضرر، لما فيه من المبالغة في التطهير.

التاسع: يجوز لهم الصلاة جماعة،

و الاجتماع في الأكل، لأنّهما مستثنيان عرفا.

العاشر: الظاهر إجزاء ما فوق الأربعة،

لأنّه من باب مفهوم الموافقة، ما لم يتصوّر بطء بالكثرة. أما الاثنان الدائبان، فالأولى المنع، للمخالفة.

الحادي عشر: الأولى وجوب جزءين من الليل

أولا و آخرا، ليتحقّق حفظ النهار، لأنّه من باب ما لا يتمّ الواجب إلاّ به.

ص: 90


1- المعتبر 77:1.
2- المقنعة: 9.
3- الفقيه 13:1، المعتبر 60:1، مختلف الشيعة: 5.
4- المبسوط 11:1.
الثاني عشر: لو وقع في الأثناء موجب نزح الجميع

وجب الاستئناف، و مع التعذّر فتراوح مستأنف، و لو وقع ذو مقدّر فالتداخل يمكن، فحينئذ يعمل بالأكثر، لصدق النزح.

الثالث عشر: اختلاف أنواع النجاسة يوجب التضاعف،

عملا بالمقتضي. و مع التماثل الأقرب ذلك، للاستصحاب.

أمّا الاختلاف بالكمية كالدم، فإن خرج من القلّة إلى الكثرة فمنزوح الأكثر، و إن زاد في الكثرة فلا زيادة في القدر، لشمول الاسم.

الرابع عشر: أبعاض المقدّر كالمقدّر،

لتيقّن البراءة، فلو توزّع المقدّر لم يتضاعف، لعدم الخروج عن الاسم. نعم، لو وجد جزءان، و شكّ في كونهما من واحد أو اثنين، فالأجود التضاعف استظهارا.

الخامس عشر: الحيوان الحامل

إذا مات و ذو الرجيع(1) النجس كغيرهما، إمّا: لانضمام المخرج المانع من الدخول، أو لإطلاق(2) قدر النزح. نعم، لو انفتح المخرج أو غيره تضاعف.

و لو خرج غير المأكول حيّا، فلا نزح في غير نجس العين، لبعد ملاقاة الماء جوفه لانضمام المخرج.

السادس عشر: المتساقط من الدلو عفو،

و لو انصبّ أزيد من المعتاد كمّل، و لو انصبّ بأسره أعيد مثله - في الأصح - و إن كان الأخير، للأصل.

السابع عشر: الظاهر طهارة المباشر و الدلو و الرشا،

لعدم أمر الشارع بالغسل، و لأنّ استحباب النزح مشروع، و من المعلوم عدم اشتراط غسل الدلو قبله، و أجمعوا على طهارة الحمأة(3) و الجدران.

ص: 91


1- الرجيع: العذرة و الروث لأنه رجع من حالته الأولى بعد أن كان طعاما أو علفا. مجمع البحرين - مادة رجع.
2- في س: للاقتصار على.
3- الحمأة: الطين الأسود المتغير، مجمع البحرين - حمأ.
الثامن عشر: يسقط النزح بغور الماء،

سواء كان نزحا مستوعبا أو لا، فلو عاد لم يجب، للعفو عن الحمأة، و عدم معرفة كون العائد هو الغائر.

ثم أقسام غير المتغيّر أربعة عشر:
الأول: ما لا مقدّر له،

فالكلّ عند قوم(1)، لعدم الأولوية. و أربعون(2): و لا وجه له، و ثلاثون، لحديث كردويه(3). و الأول أنسب.

و في المعتبر: يمكن أن لا نزح هنا، إعمالا لروايتي طهارة البئر فيه، و حمل الباقيات على مواردها، قال: و هذا يتمّ لو قلنا: إنّ النزح تعبّد(4).

الثاني: ما ينزح له كلّ الماء،

و هو: موت البعير، في المشهور الصحيح السند عن الصادق (عليه السلام)(5).

و عن الباقر (عليه السلام): كر(6)، و الراوي عمرو بن سعيد فطحي.

و صبّ الخمر، في الصحيح عن الصادق (عليه السلام)(7)، و كذا في قليله.

و قال الصدوق: في القطرة عشرون دلوا(8)، لرواية زرارة عن الصادق (عليه السلام)(9).

و في رواية كردويه عن أبي الحسن (عليه السلام) لقطرة النبيذ المسكر:

«ثلاثون دلوا»(10).

ص: 92


1- راجع: المبسوط 12:1، 12:1، السرائر: 13، الغنية: 490.
2- قاله ابن حمزة في الوسيلة: 75.
3- الفقيه 16:1 ح 35، التهذيب 413:1، ح 1300، الاستبصار 43:1 ح 120.
4- المعتبر 78:1. و الروايتان في: التهذيب 232:1 ح 670، 234 ح 676، الاستبصار 30:1 ح 80، 33 ح 87
5- الكافي 6:3 ح 17، التهذيب 240:1 ح 694، الاستبصار 34:1 ح 92.
6- التهذيب 235:1 ح 679، الاستبصار 34:1 ح 91.
7- راجع الهامش 1.
8- المقنع: 11.
9- التهذيب 241:1 ح 697، الاستبصار 35:1 ح 96.
10- التهذيب 241:1 ح 698، الاستبصار 35:1 ح 98.

و في المعتبر رام الفرق بين الصبّ و القطرة للتأثّر به أكثر بشيوعه في الماء(1).

و في التهذيب رجّح الكلّ بكثرة الأخبار(2).

و المسكر المائع بالأصالة، لقول النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «كلّ مسكر خمر»(3).

و عن الكاظم (عليه السلام): «ما كان عاقبته الخمر فهو خمر»(4).

و الفقّاع، لقول الصادق (عليه السلام): «إنّه خمر مجهول»(5).

و الدماء الثلاثة، لغلظ نجاستها. و جماعة على مساواتها باقي الدماء(6)و رجّحه في المعتبر(7).

و الثور، في الصحيح عن الصادق (عليه السلام)(8).

و المنيّ - في المشهور - و لا نصّ فيه، قاله الشيخ أبو علي في شرح نهاية والده - رحمهما اللّه -، و لكنّ القطع بالطهارة يتوقف عليه.

و ألحق ابن البرّاج عرق الجنب من حرام، و الإبل الجلاّلة(9).

و ألحق أبو الصلاح - رحمه اللّه - بول و روث غير المأكول، إلاّ بول الرجل و الصبي(10).

و ألحق البصروي خروج الكلب و الخنزير حيّين.0.

ص: 93


1- المعتبر 58:1.
2- التهذيب 242:1.
3- الكافي 408:6 ح 3، التهذيب 111:9 ح 482.
4- الكافي 412:6 ح 2، التهذيب 112:9 ح 486.
5- الكافي 423:6 ح 7، التهذيب 125:9 ح 544، الاستبصار 96:4 ح 373.
6- كالمفيد في المقنعة: 9، و ظاهر الصدوق في الفقيه 13:1، و المقنع: 10.
7- المعتبر 59:1.
8- التهذيب 241:1 ح 695، الاستبصار 34:1 ح 93.
9- المهذب 21:1.
10- الكافي في الفقه: 130.

و ألحق بعضهم الفيل(1).

الثالث: كرّ، للحمار و البغل

- في الأظهر - عن الباقر (عليه السلام)(2)، و ليس في بعض الروايات البغل(3).

و في الفرس و البقرة و شبههما، للشهرة، و في المعتبر: هما مما لا نصّ فيه(4).

الرابع: سبعون دلوا -

و المراد بها حيث نذكر ما كانت عادية، و قيل هجرية(5) ثلاثون رطلا، و قال الجعفي أربعون رطلا - و هو لموت الإنسان، للخبر المقبول بين الأصحاب عن الصادق (عليه السلام)(6).

و أبو علي و ابن إدريس أوجبا لموت الكافر الجميع(7) بناء على وجوبه بملاقاته حيّا، إذ لا نص فيه، و حال الموت أشدّ نجاسة، و فيهما منع.

الخامس: خمسون، للعذرة الذائبة،

في المشهور. و عن الصادق (عليه السلام): أربعون أو خمسون(8)، و الأكثر طريق الى اليقين.

و كثير الدم، في المشهور. و عن الكاظم عليه السلام في شاة مذبوحة تقع و أوداجها تشخب دما: «ما بين الثلاثين إلى الأربعين»(9) و هو حسن.

السادس: أربعون، لبول الرجل

- في المشهور - رواه علي بن أبي حمزة عن

ص: 94


1- كابن البراج في المهذب 21:1.
2- المعتبر 60:1.
3- التهذيب 235:1 ح 679، الاستبصار 34:1 ح 91.
4- المعتبر 62:1.
5- هجرية: نسبة إلى قرية قرب المدينة تسمى (هجر) تنسب إليها القلال - جمع قلة - فيقال: القلال الهجرية، مجمع البحرين - مادة هجر - و قيل إلى غيرها.
6- التهذيب 234:1 ح 678.
7- السرائر: 11.
8- التهذيب 244:1 ح 702، الاستبصار 42:1 ح 116.
9- قرب الإسناد: 84، الكافي 6:3 ح 8، الفقيه: 15:1 ح 29، التهذيب 409:1 ح 1288، الاستبصار 44:1 ح 123.

الصادق (عليه السلام)(1).

و موت الكلب و شبهه.

و السنّور - في الأظهر. و عن الصادق (عليه السلام) فيها: «عشرون أو ثلاثون أو أربعون»(2)، فأخذ بالاحتياط.

و الرواية الصحيحة عن الصادق (عليه السلام) بالخمس في الكلب و السنّور(3) نادرة لا تعارض المشهور.

و الثعلب و الأرنب و الشاة، للشبه المذكور و الاحتياط.

السابع: ثلاثون لماء المطر و فيه: البول،

و العذرة، و أبوال الدواب و أرواثها، و خرء الكلاب، لرواية كردويه عن أبي الحسن (عليه السلام)(4).

الثامن: عشرون لما مرّ من قطرة الخمر و النبيذ.

و للدم عند المرتضى من دلو الى عشرين(5).

و في رواية زرارة عن الصادق (عليه السلام): «الدم، و الخمر، و الميت، و لحم الخنزير، ينزح منه عشرون دلوا»(6).

التاسع: عشر ليابس العذرة،

لرواية أبي بصير عن الصادق (عليه السلام)(7).

و قليل الدم عند جماعة(8). و المروي عن الرضا (عليه السلام): دلاء في قطرات الدم(9).

ص: 95


1- التهذيب 243:1 ح 700، الاستبصار 34:1 ح 90.
2- التهذيب 235:1 ح 680، الاستبصار 36:1 ح 97.
3- الكافي 5:3 ح 3، التهذيب 237:1 ح 684، الاستبصار 37:1 ح 102.
4- الفقيه 16:1 ح 35، التهذيب 413:1 ح 1300، الاستبصار 43:1 ح 120.
5- المعتبر 65:1، مختلف الشيعة: 6.
6- التهذيب 241:1 ح 697، الاستبصار 35:1 ح 96.
7- التهذيب 244:1 ح 702، الاستبصار 42:1 ح 116.
8- راجع: المبسوط 12:1، السرائر: 12، المراسم: 35.
9- الكافي 5:3 ح 1، التهذيب 244:1 ح 705، الاستبصار 44:1 ح 124.

و عن الصادق (عليه السلام) في دم الدجاجة و الحمامة:

دلاء يسيرة(1)، و فسّرت بعشر، لأنّه أكثر عدد يضاف الى الجمع(2)، أو نقول: أقل جمع الكثرة عشر.

العاشر: تسع أو عشر،

للشاة عند الصدوق(3) عن علي (عليه السلام)(4).

الحادي عشر: سبع لموت الطير

- في المشهور - لرواية علي بن أبي حمزة عن الصادق (عليه السلام)(5)، و فسّر بالحمامة و النعامة و ما بينهما.

و لاغتسال الجنب، و الروايات عن الصادق (عليه السلام) بلفظ: الوقوع، و النزول، و الدخول، و الاغتسال(6) منها، فلا وجه لاشتراط الارتماس(7).

قال في المعتبر: الموجبون للسبع هنا هم المانعون من رفع الحدث بالماء المستعمل، إلاّ سلاّر فإنّه قال بالنزح لا بالمنع، و المرتضى و أبو الصلاح قالا:

بالرفع، و لم يذكرا النزح(8).

و لخروج الكلب حيّا - في المشهور - لقول الباقر (عليه السلام)(9).

ص: 96


1- الكافي 6:3 ح 8، التهذيب 409:1 ج 1288، الاستبصار 44:1 ح 123، عن الإمام الكاظم (عليه السلام). و عنه (عليه السلام) أورد المصنف قطعة من الحديث في ص 94 الهامش 9.
2- التهذيب 245:1.
3- الفقيه 15:1.
4- التهذيب 237:1 ح 683، الاستبصار 38:1 ح 105.
5- التهذيب 235:1 ح 680، الاستبصار 36:1 ح 97.
6- هذه الألفاظ وردت في الروايات التالية على التوالي: الكافي 6:3 ح 7، التهذيب 240:1 ح 694، الاستبصار 34:1 ح 92. و التهذيب 241:1 ح 695، الاستبصار 34:1 ح 93. التهذيب 244:1 ح 702.
7- كما اشترطه ابن إدريس في السرائر: 12.
8- المعتبر 70:1. و لاحظ: المراسم: 33، 36، الناصريات: 215 المسألة 6، جمل العلم و العمل: 49.
9- التهذيب 237:1 ح 687، و الاستبصار 38:1 ح 103، عن الإمام الصادق (عليه السلام).

و أوجب ابن إدريس فيه أربعين، تسوية بينه و بين الميت(1).

و للفأرة مع التفسّخ، عن الصادق (عليه السلام)(2) و ألحق المفيد به الانتفاخ(3).

و عن الصادق (عليه السلام) فيها ثلاث(4) و هي على الإطلاق.

و عنه (عليه السلام): سبع(5) على الإطلاق، و عنه (عليه السلام): «إذا لم تتفسخ خمس»(6) ففي السبع تمام الاحتياط.

و لبول الصبي غير الرضيع، عن الصادق (عليه السلام)(7).

و للسنّور عند الصدوق(8) و هو عن الصادق (عليه السلام)(9).

و في سام أبرص، لقول الصادق (عليه السلام)(10).

الثاني عشر: خمس لذرق الدجاج.

و خصّه جماعة - كالمفيد(11) و سلاّر(12) - بالجلاّل، و لم نقف على المستند.

و احتمل فيه في المعتبر مساواة العذرة في الرطوبة و الجمود، و نزح الثلاثين، لحديث كردويه(13).

ص: 97


1- السرائر: 11.
2- التهذيب 239:1 ح 691، الاستبصار 39:1 ح 110.
3- المقنعة: 9.
4- التهذيب 238:1 ح 688، الاستبصار 39:1 ح 106.
5- التهذيب 235:1 ح 680، الاستبصار 36:1 ح 97.
6- الكافي 5:3 ح 3، التهذيب 233:1 ح 675، الاستبصار 37:1 ح 102، باختصار في الألفاظ.
7- التهذيب 243:1 ح 701، الاستبصار 34:1 ح 89.
8- الفقيه: 12:1.
9- التهذيب 235:1 ح 679، و الاستبصار 34:1 ح 91، عن الإمام الباقر (عليه السلام).
10- الفقيه 15:1 ح 32، التهذيب 245:1 ح 707، الاستبصار 41:1 ح 114.
11- المقنعة: 9.
12- المراسم: 36.
13- المعتبر 76:1 و حديث كردويه في: الفقيه 16:1 ح 35، التهذيب 413:1 ح 1300، الاستبصار 43:1 ح 120.
الثالث عشر: ثلاث للفأرة

مع عدم الأمرين. لما مرّ.

و للحيّة - في المشهور - إحالة على الفأرة و الدجاجة - التي روي فيها دلوان أو ثلاث(1) - و هو مأخذ ضعيف.

و في المعتبر يرى وجوب النزح فيها، معلّلا بأنّ لها نفسا سائلة، أومأ إلى الثلاث، لقول الصادق (عليه السلام): لموت الحيوان الصغير دلاء، و أقلّ محتملاته الثلاث(2).

و للوزغة عند الصدوق(3) و الشيخين(4) و أتباعهما(5)، لقول الصادق (عليه السلام)(6).

و للعقرب عند الشيخ(7) و أتباعه(8) و لا نصّ صريحا فيه.

و قيل فيهما بالاستحباب، لعدم النجاسة، و جواز أن يكون لضرر السم.

الرابع عشر: دلو واحد لبول الرضيع،

و الذي عن الصادق (عليه السلام) في بول الفطيم دلو(9).

و للعصفور. لقول الصادق (عليه السلام)(10).

ص: 98


1- التهذيب 237:1 ح 683، الاستبصار 43:1 ح 122.
2- المعتبر 75:1. و حديث الصادق (عليه السلام) في: الكافي 6:3 ح 7، و التهذيب 240:1 ح 694. و الاستبصار 34:1 ح 92.
3- الفقيه 14:1.
4- المقنعة: 9، المبسوط 12:1، النهاية 7.
5- راجع: الوسيلة: 75، المهذب 22:1.
6- التهذيب 238:1 ح 688، الاستبصار 39:1 ح 106.
7- المبسوط 12:1.
8- راجع: المهذب 22:1.
9- التهذيب 243:1 ح 700، الاستبصار 34:1 ح 90.
10- التهذيب 234:1 ح 678.

فروع:

الأوّل، يحكم بنجاسة البئر عند وجود المنجس و ان تغيّرت بالجيفة، لأصالة عدم التقدّم.

و لقول الصادق (عليه السلام) في الفأرة المتفسخة في إناء استعمله:

«لعلّها سقطت تلك الساعة»(1). و التقدير بثلاثة أيام(2) تحكّم.

الثاني: لا يحكم بنجاستها بالشكّ - لأصالة الطهارة - و لو قاربت البالوعة.

نعم، لو تغيّرت كتغيّر البالوعة أمكن النجاسة، لظهور سبب النجاسة، و غيره نادر، و الطهارة أقوى، لعدم القطع و الماء معلوم الطهارة، و هذا من باب عدم النجاسة بالظنّ.

و في خبر أبي بصير في بئر و بالوعة بينهما نحو من ذراعين، فقال الصادق (عليه السلام): «توضئوا منها، فإن للبالوعة مجاري تصب في البحر»(3) إيماء إليه.

الثالث: المراد ب (ما لا نصّ فيه) ما لم يوجد فيه دليل على التقدير بصريحه، فعلى هذا حديث كردويه(4) لا يكون نصّا على محتملاته، مع احتمال لإلحاق الفحوى بالصريح.

الرابع: البعير شامل للأنثى لغة، و كذا للصغير و الجلاّل، و كذا باقي الحيوان إلاّ الثّور.

الخامس: الأولى دخول العصير بعد الاشتداد في حكم الخمر، لشبهه به0.

ص: 99


1- الفقيه 14:1 ح 26، التهذيب 418:1 ح 1322، الاستبصار 32:1 ح 86، باختصار في الألفاظ.
2- قاله أبو حنيفة، لاحظ اللباب 28:1.
3- الفقيه 13:1 ح 24، باختلاف يسير.
4- الفقيه 16:1 ح 35، التهذيب 413:1 ح 1300، الاستبصار 43:1 ح 120.

إن قلنا بنجاسته.

السادس: لا نزح للميت الطاهر، و يجب للنّجس و إن يمّم، أو غسّله كافر، أو سبق غسله ثم مات بغير قتل.

السابع: الظاهر: أنّ العذرة فضلة الآدمي، لأنّهم كانوا يلقونها في العذرات، أي: الأفنية. و أطلقها الشيخ في التهذيب على غيره(1) ففي فضلة غيره احتمال. و لا فرق بين فضلة المسلم و الكافر هنا، مع احتماله لزيادة النجاسة بمجاورته.

و المعتبر في كثرة الدم و قلّته بنفسه.

و نقل الراوندي أنّه بحسب البئر في الغزارة و النزارة، و هو محتمل، لظهور التأثير في البعض.

الثامن: لا يلحق بول المرأة بالرجل، خلافا لابن إدريس(2)، و نقله الراوندي، اقتصارا على النص، و لفظ الإنسان غير موجود في الرواية، فهو من باب: (ما لا نصّ فيه). و كذا بول الخنثى على الأقرب، للشك في المذكورة.

التاسع: كلب الماء طاهر في الأصحّ، لعدم فهمه من لفظ الكلب حقيقة.

فلو مات في البئر، فالظاهر: أربعون، لحديث الشبه(3).

العاشر: لا يشترط في ماء المطر اجتماع ما ذكر، فيتعلّق الحكم ببعضه احتياطا. و لو انضمّ إليه نجاسة أخرى أمكن المساواة. للمبالغة في: «و ان كانت مبخرة(4)»(5).

الحادي عشر: يمكن إلحاق دم نجس العين بالدّماء الثلاثة، فيجب الجميع،0.

ص: 100


1- التهذيب 244:1.
2- السرائر: 12.
3- التهذيب 235:1 ح 680، الاستبصار 36:1 ح 97.
4- البئر المبخرة: التي يشم منها الرائحة الكريهة كالجيفة و نحوها. مجمع البحرين - مادة بخر.
5- قطعة من حديث للإمام للكاظم (عليه السلام)، رواه الصدوق في الفقيه 16:1 ح 35، و الطوسي في التهذيب 413:1 ح 1300، و الاستبصار 43:1 ح 120.

للمساواة في الغلظ، و هو شكّ في شكّ.

الثاني عشر: إن جعلنا النزح لاغتسال الجنب لإعادة الطهورية، فالأقرب:

إلحاق الحائض و النفساء و المستحاضة به(1)، للاشتراك في المانع، و إن جعلناه تعبّدا لم تلحق. و الأولى: ان الجنب الكافر خارج من النص. لبعده عن الاغتسال مع زيادة النجاسة.

و لو نزل ماء الغسل إليها أمكن المساواة في الحكم. للمساواة في العلة. أما القطرات فمعفو عنها قطعا، كالعفو عن الإناء الذي يغتسل منه الجنب.

و هل يطهر؟ نصّ الشيخ على عدمه(2)، للنهي في العبادة، و تخيّل التناقض إن جعلنا النزح للاستعمال.

الثالث عشر: الظاهر شمول السنور(3) للوحشي، و خصوصا مع اعتبار الشبه.

الرابع عشر: المراد ب (الرضيع) من يغتذي باللبن في الحولين أو يغلب عليه، فلو غلب غيره فليس برضيع.

و قدّره ابن إدريس بالحولين و إن أكل(4) و هو بعيد.

الخامس عشر: لا يلحق صغار الطيور بالعصفور، لعدم النص، خلافا للشيخ نظام الدين الصهرشتي شارح النهاية(5) بل الأولى لحاقها بكبارها.

السادس عشر: الخفّاش داخل فيه، لشمول اللفظ. و خلاف الشيخ قطب الدين الراوندي في طهارته، لأنه مسخ، ضعيف(6)، لمنع مقدمتي الدليل.1.

ص: 101


1- ليست في س.
2- المبسوط 12:1.
3- في م تقرأ: التشابه، و المثبت من س.
4- السرائر: 12.
5- حكاه عنه المحقق في المعتبر 73:1.
6- حكاه عنه المحقق في المعتبر 74:1.

السابع عشر: لو تمعط الشعر(1) في الماء، نزح حتى يظن خروجه إن كان شعر نجس العين، فإن استمرّ الخروج استوعب، فان تعذر لم يكف التراوح ما دام الشعر، لقيام النجاسة، و النزح بعد خروجها أو استحالتها، و كذا لو تفتّت اللحم.

و لو كان شعر طاهر العين، أمكن اللحاق، لمجاورته النجس مع الرطوبة، و عدمه، لطهارته في أصله. و لم أقف في هذه المسألة على فتيا لمن سبق منّا.

روى العلاء بن سيّابة عن الصادق (عليه السلام) في ميّت في بئر تعذّر إخراجه: «يعطّل و يجعل قبرا، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: حرمته ميتا كحرمته حيا»(2).

تتمّة:

يستحب تباعد البئر عن البالوعة خمس أذرع مع أحد الأمرين(3): فوقيّة البئر، أو الصلابة و الجبليّة، و إلاّ فسبع، جمعا بين الروايتين عن الصادق (عليه السلام)(4).

و في أخرى عنه (عليه السلام): «مجرى العيون كلّها مع الشمال، فإن استويا في مهبّ الشمال فسبع، و إن كان الكنيف فوقها فاثنا عشر»(5) و عليها ابن الجنيد(6).

و عن الرضا (عليه السلام): «لا يكره من قرب و لا بعد ما لم يتغيّر الماء»(7).

ص: 102


1- تمعّط الشعر: أي تساقط من داء و نحوه. الصحاح - مادة معط.
2- المقنع: 11، التهذيب 465:1 ح 1522، و 419 ح 1334.
3- في س زيادة: من.
4- الكافي 7:3 و 8، التهذيب 410:1 ح 1290 و 1291، الاستبصار 45:1 ح 126 و 127.
5- التهذيب 410:1 ح 1292، باختصار في الألفاظ.
6- مختلف الشيعة: 15.
7- الكافي 8:3، الفقيه 13:1 ح 23، التهذيب 411:1 ح 1294، الاستبصار 46:1 ح 129، باختصار في الألفاظ.
العارض الرابع: استعمال الماء،
اشارة

و هو في أمكنة ثلاثة:

أحدها: استعماله في رفع الخبث،

و قد مرّ استطرادا.

الثاني: استعماله في الوضوء،

و هو طهور إجماعا، و لمسح النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بما بقي في يده(1) و لتوضّؤ الناس من فضل وضوئه(2).

و لقول الصادق (عليه السلام): «لا بأس أن يتوضّأ»(3) به.

و أولى بالجواز المستعمل في نقل الغسل.

الثالث: المستعمل في رفع الأكبر،

و هو طاهر إجماعا، و مطهّر في الأقوى:

للعموم، و لأنّ الطهور ما يتكرّر منه الطهارة كالضروب. و نهي الصادق (عليه السلام) عن الوضوء به(4) للتنزيه، أو لنجاسة المحل، و كذا الرواية عن الصادق و الكاظم عليهما السلام: بنضح الجنب أربعة أكفّ من جوانبه الأربع(5) و لهذا ورد في بعضها: «فلا عليه أن يغتسل و يرجع الماء فيه»(6).

و المنضوح: البدن، ليكفيه ترديده(7) عن إكثار معاودة الماء.

و قيل: الأرض، لتمنع الانحدار، و ردّه ابن إدريس(8)، و عدم جمع الماء المستعمل، لندور الحاجة إليه.

ص: 103


1- التهذيب 55:1 و 56 ح 157 و 158، الاستبصار 58:1 ح 171 و 172، و المصنف لابن أبي شيبة 21:1.
2- التهذيب 221:1 ح 631.
3- التهذيب 221:1 ح 630، الاستبصار 27:1 ح 71.
4- التهذيب 418:1 ح 7319، الاستبصار 9:1 ح 11.
5- التهذيب 416:1 ح 1315، و 417 ح 1318، الاستبصار 28:1 ح 72 و 73.
6- التهذيب 416:1 ح 1315، الاستبصار 28:1 ح 73.
7- في س: بردّ يده.
8- السرائر: 16.

فروع:

الأول: يستحب التنزّه عن القسم الثاني، قاله المفيد رحمه اللّه(1). و لا فرق بين الرجل و المرأة، للعموم. و النهي عن فضل وضوئها لم يثبت.

و أولى بالتنزّه القسم الثالث، لأنّ أقلّ مراتب النهي الكراهية.

الثاني: لو بلغ المستعمل كرّا، ففي زوال المنع الوجهان، و أولى بالزوال، لبقاء الطهارة هنا.

الثالث: لو منعنا استعمال رافع الأكبر فلا علّة عندنا معلومة، و لو علّل فالعلّة تأدّى فرض الغسل به، أي: رفع الحدث الأكبر، أو رفع منعه من الصلاة حيث لا يرتفع الحدث كغسل المستحاضة، فإنّه لمّا تأثّر المحل به تأثر هو كرافع الخبث، حيث جعل المحل بعد الغسل مخالفا لما قبل الغسل، فكأنّ المنع الذي كان في البدن انتقل إليه. فعلى هذا مستعمل الوضوء و الأغسال المندوبة لا منع فيه كما مرّ، و كذا مستعمل الغسلة الثانية في الغسل.

و في مستعمل الصبي وجه بعدم المنع، بناء على عدم ارتفاع حدثه، و لهذا يجب عليه الغسل عند بلوغه.

و أمّا غسل الذميّة لغشيانها، فماؤه نجس، لنجاستها، فليس من المستعمل في شيء.

الرابع: يصير الماء مستعملا بانفصاله عن البدن. فلو نوى المرتمس في القليل بعد تمام الارتماس، ارتفع حدثه، و صار مستعملا بالنسبة إلى غيره و إن لم يخرج. و لو نوى جنبان فكذلك في حقّهما، و حقّ غيرهما، فإن سبق أحدهما صحّ خاصّة.

الخامس: جوّز الشيخ و المحقّق إزالة النجاسة به، لطهارته، و لبقاء قوة9.

ص: 104


1- المقنعة: 9.

إزالته الخبث و إن ذهبت قوّة رفعه الحدث(1).

و قيل: لا(2)، لأنّ قوّته استوفيت فالتحق بالمضاف.

السادس: المستعمل في غسل الثوب و البدن الطاهرين طهور كملاقيه.

العارض الخامس: غصبية الماء،

و هو مانع من رفع الحدث - إلاّ مع جهل الغصب أو نسيانه، لعموم (رفع الخطأ) - لعدم التقرّب، لا من الخبث و إن حرم، و لا يمنع غصب آلته.

و الأقرب: سريان الغصب في الماء المستنبط من الأرض المغصوبة. و لا يشترط الجفاف في صحة الصلاة، لأنّه كالتالف.

العارض السادس: الاشتباه،
اشارة

و له صور:

إحداها: أن يشتبه بالنجس،

فيتيمم مع فقده، لقول الصادق (عليه السلام): «يهريقهما و يتيمم»(3).

و اشترط الإهراق قوم(4) ليتحقّق عدم الماء.

قلنا: الممنوع منه كالمعدوم، و الحديث يحمل على الكناية عن النجاسة، أو استحقاق الإهراق. و لو قلنا به كفى الواحد، للنهي عن النجس.

و لو تطهّر بهما لم يصح و ان فرّق، للنهي. و تعارض البينتين في إناءين اشتباه، و القرعة، و نجاستهما، و طرح الشهادة: ضعيفة.

و ثانيها: الاشتباه بالمغصوب،

و هو كالأوّل إلاّ انه يطهّر النجس.

و ثالثها: الاشتباه بالمضاف الطاهر،

فيتطهر بهما مع فقد المتيقّن، للجزم

ص: 105


1- المبسوط 11:1، المعتبر 90:1.
2- راجع: الوسيلة: 74.
3- الكافي 10:3، التهذيب 229:1 ح 662، الاستبصار 21:1 ح 48.
4- راجع: المقنعة: 9، النهاية: 6.

باستعمال المطلق. و لو أريق أحدهما، جمع بينه و بين التيمم، تحصيلا لليقين.

و لو ميّز العدل في هذه المواضع أمكن الاكتفاء، لأصالة صحة إخباره.

و قطع في الخلاف بعدم قبوله، للخبر بإهراقهما من غير ذكره(1). أمّا العدلان، فيقبل في الطهارة، و النجاسة على الأقوى، خلافا لابن البراج في الأخير(2).

و لا يتحرى، لعدم افادة العلم، إلاّ في الشرب الضروري، للبعد من النجاسة. و أسقطه في المعتبر، لعدم إفادة التحرّي اليقين(3).

و رابعها: الاشتباه في وقوع النجاسة،

و لا ريب في عدم اعتباره مع الوهم أو الشك، و مع الظن قولان: أجودهما البناء على الطهارة، للأصل.

و لقول علي (عليه السلام): «لا أبالي أبول أصابني أم ماء إذا لم اعلم»(4)و قول الصادق (عليه السلام): «كل شيء طاهر حتى تعلم أنّه قذر»(5).

نعم، يستحب مع السبب الظاهر، كشهادة العدل، و إدمان الخمر. و لو كانت نجاسته لازمة لحكم شرعي، نجس و ان لم يعلم، لامتناع التناقض، كالحكم بحرمة الصيد في الماء القليل عند الاشتباه.

العارض السابع: معارضته أولى - كدفع عطش حيوان محترم،

أو إساغة لقمة للحرج، أو رفع خبث للبدل عن رفع الحدث - إلاّ مع الجهل أو النسيان.

العارض الثامن: كونه سؤرا،

و هو: ما باشره جسم حيوان، و هو تابع له

ص: 106


1- الخلاف 200:1 المسألة: 160. و الخبر في الكافي 10:3، و التهذيب 229:1 ح 662، و الاستبصار 21:1 ح 48.
2- جواهر الفقه: 410.
3- المعتبر 104:1.
4- الفقيه 42:1 ح 166، التهذيب 253:1 ح 735، الاستبصار 180:1 ح 629.
5- التهذيب 284:1 ح 832، و لفظه: «كل شيء نظيف».

في الطهارة و النجاسة. و قد نبّه عليه، و الغرض هنا بيان مكروه السؤر، و ما اختلف فيه، فالمكروه:

سؤر الجلاّل - في الأصح - لظاهر صحيح الفضل عن الصادق (عليه السلام)(1).

و أكل الجيف - في الأقوى - مع الخلو عن النجاسة، لقول الصادق (عليه السلام): «إلاّ أن ترى في منقاره دما»(2).

و الحائض غير المأمونة بالتحفّظ، جمعا بين قول أبي الحسن (عليه السلام):

«إذا كانت مأمونة فلا بأس»(3) و بين نهي الصادق (عليه السلام) عن الوضوء بفضلها(4).

و أطلق المرتضى و الشيخ في المبسوط الكراهية(5)، لقول الصادق (عليه السلام): «يشرب منه و لا يتوضأ»(6).

قلنا: يحمل المطلق على المقيد.

و الدجاج، و الدواب، و البغال، و الحمير - في الأصح - لكراهية لحمها، و لحديث الفضل عن الصادق (عليه السلام)(7).

و في سؤر ما لا يؤكل لحمه قول الشيخ بالمنع، عدا ما لا يمكن التحرّز منه - كالهرّة، و الفأرة، و الحيّة(8) - لمفهوم قول الصادق (عليه السلام): «كلّ ما يؤكل لحمه فلا بأس بسؤره(9).1.

ص: 107


1- التهذيب 225:1 ح 646، الاستبصار 19:1 ح 40.
2- الكافي 9:3 ح 5، الفقيه 10:1 ح 18، التهذيب 284:1 ح 832.
3- التهذيب 221:1 ح 6320، الاستبصار 16:1 ح 30.
4- التهذيب 222:1 ح 636، الاستبصار 17:1 ح 34.
5- المبسوط 10:1، و حكاه عن المرتضى: العلامة في مختلف الشيعة: 12.
6- التهذيب 222:1 ح 634، الاستبصار 17:1 ح 32.
7- راجع الهامش 1.
8- المبسوط 10:1.
9- التهذيب 224:1، الاستبصار 26:1، المبسوط 10:1.

و يعارضه حديث الفضل(1) و مرسلة الوشاء: كان الصادق (عليه السلام) يكره سؤر كل ما لا يؤكل لحمه(2).

و لا بأس بالهرة، لقول علي (عليه السلام): «انما هي من أهل البيت»(3).

و روي: ان النبي صلّى اللّه عليه و آله توضأ بفضلها(4). فلو نجس فوها بالمباشرة ثم أسأرت، لم ينجس مع الخلو عن النجاسة و ان لم تغب، قاله في المبسوط(5)، للعموم.

و يكره ما خرج منه الفأرة و الوزغة - في الأصح - للحديث المذكور(6).

و الشيخان و أتباعهما حرّموه(7)، لقول الكاظم (عليه السلام) في الفأرة:

«اغسل ما رأيت من أثرها»(8) و للنزح من الوزغة(9). و يحملان على الندب.

و كذا الحيّة، و الثعلب و الأرنب - في الأقوى - و الأمر بغسل اليد منهما(10)للندب.

و المسوخ، و نجسها الشيخ، لتحريم بيعها(11). و فيه منع التحريم و منع الملازمة.

و ما مات فيه العقرب، لقول الصادق (عليه السلام): «لا يفسد الماء، الا2.

ص: 108


1- التهذيب 225:1 ح 646، الاستبصار 19:1 ح 40.
2- الكافي 10:3 ح 7.
3- التهذيب 227:1 ح 654.
4- سنن ابن ماجة 131:1 ح 368، سنن أبي داود 20:1 ح 76، سنن الدار قطني 66:1.
5- المبسوط 10:1.
6- راجع الهامش 2.
7- المقنعة: 10، التهذيب 224:1، المبسوط 37:1، النهاية: 6، المراسم: 56، المهذب 1: 24.
8- الكافي 60:3 ح 3، التهذيب 261:1 ح 761.
9- التهذيب 238:1 ح 688، الاستبصار 39:1 ح 106.
10- الكافي 61:3 ح 4، التهذيب 262:1 ح 763.
11- المبسوط 166:2.

ما كانت له نفس سائلة»(1) و قول الباقر (عليه السلام) في الماء يقع فيه العقرب:

«أهرقه»(2) للتنزيه، أو للسم.

و ولد الزنا، خلافا للصدوق و المرتضى في نجاسته(3).

و أسآر المسلمين طاهرة إلاّ الخوارج و الغلاة لعدم اجتناب النبي و علي عليهما السلام ذلك. و سئل علي (عليه السلام) عن الوضوء من ركو(4) أبيض مخمّر أو من فضل وضوء المسلمين، فقال: «بل من فضل وضوء المسلمين»(5).

و حكم الشيخ بنجاسة المجبّرة و المجسّمة(6)، و ابن إدريس بنجاسة كل مخالف للحق عدا المستضعف(7): ضعيفان.3.

ص: 109


1- الكافي 5:3 ح 4، التهذيب 231:1 ح 668.
2- التهذيب 230:1 ح 664، الاستبصار 27:1 ح 69.
3- الفقيه 8:1، مختلف الشيعة: 12.
4- الركوة: زق يتخذ للخمر و الخل. مجمع البحرين - مادة ركي.
5- الفقيه 9:1 ح 16.
6- المبسوط 14:1، النهاية: 4، 52.
7- السرائر: 13.
خاتمة في حرمة استعمال الماء النجس و المشتبه به في الطهارة مطلقا

يحرم استعمال الماء النجس و المشتبه به في الطهارة مطلقا، لعدم التقرب بالنّجاسة، فيعيدها مطلقا و ما صلاّه و لو خرج الوقت، لبقاء الحدث. و في النهاية:

لا قضاء(1).

و لو أزال النجاسة به، أعاد مطلقا مع العلم و لو نسي، و في الوقت مع الجهل، جمعا بين الروايات.

و يجوز استعماله أكلا و شربا للضرورة، لوجوب دفع الضرر، و فحوى: «إِلاّ مَا اُضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ »(2).

و لمّا توقّف الحكم بالنجاسة على معرفة الأعيان النجسة، فحريّ أن نعدّها و نذكر حكمها:

في ذكر الأعيان النجسة، و هي عشرة:
اشارة

أمّا الأول فهي عشرة:

الأول و الثاني: البول و الغائط من ذي النفس غير المأكول و لو بالعرض كالجلال،

لقول الصادق (عليه السلام): «اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه»(3).

و أخرج ابن بابويه و ابن أبي عقيل و الجعفي(4) الطير، لقول الصادق (عليه السلام): «كلّ شيء يطير فلا بأس بخرئه و بوله»(5). و الشيخ في المبسوط كذلك إلاّ الخشاف(6) و تدفعه الشهرة.

ص: 110


1- النهاية: 8.
2- سورة الأنعام: 119.
3- الكافي 57:3 ح 3، التهذيب 264:1 ح 770.
4- الفقيه 41:1، مختلف الشيعة: 56.
5- الكافي 58:3 ح 9، التهذيب 266:1 ح 779.
6- المبسوط 39:1.

و أخرج ابن الجنيد بول الرضيع قبل أكله اللحم، لعدم إيجاب علي (عليه السلام) غسل الثوب منه(1).

قلنا: أوجب الصادق (عليه السلام) الصب عليه(2) فيحمل الغسل على العصر، و نقل المرتضى فيه الإجماع(3).

و في بول الدابّة و الحمار و البغل قولان، الأقرب: الكراهة، لقول الباقر و الصادق عليهما السلام: «لا تغسل ثوبك من بول شيء يؤكل لحمه»(4). و عن أحدهما كراهية بول الدابة(5). و عن الصادق (عليه السلام): «لا بأس بروث الحمر»(6). و الأمر بغسله في حسنة محمد بن مسلم عن الصادق (عليه السلام)(7) للندب.

قال في المعتبر: تطابق الأخبار على طهارة الروث، و تصادمها على البول، فيقضى بالكراهية للترجيح بالأصل، و بقول الصادق (عليه السلام): «كل شيء نظيف حتى تعلم انه قذر»(8).

الثالث و الرابع: المني و الدم من كل ذي نفس سائلة و إن كان مائيا كالتمساح،

لقول النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «انما يغسل الثوب من: المني،

ص: 111


1- مختلف الشيعة: 56. و الخبر في: الفقيه 40:1 ح 157، علل الشرائع: 294، التهذيب 250:1 ح 718، الاستبصار 173:1 ح 601.
2- الكافي 56:3، ح 6، التهذيب 249:1 ح 715، الاستبصار 173:1 ح 602.
3- الناصريات: 217 المسألة 13.
4- الكافي 57:3 ح 1، التهذيب 264:1 ح 769.
5- الكافي 57:3 ح 4، التهذيب 264:1 ح 772، الاستبصار 179:1 ح 626.
6- الكافي 57:3 ح 6، التهذيب 265:1 ح 773، الاستبصار 178:1 ح 621.
7- الكافي 57:3 ح 2، التهذيب 264:1 ح 771، الاستبصار 178:1 ح 620.
8- المعتبر 414:1. و حديث الصادق (عليه السلام) في التهذيب 284:1 ح 832.

و الدم، و البول»(1) و قول الصادق (عليه السلام): «ان عرفت مكانه فاغسله»(2)و قوله (عليه السلام): «تغسل آثار الدم»(3).

و قول ابن الجنيد بعدم نجاسة الثوب بدم كعقد الإبهام الأعلى(4) - لما روي عن عائشة انها قالت: كان لإحدانا درع ترى فيه قطرا من دم فتقصعه بريقها(5).

أي: تمضغه، و لقول الصادق (عليه السلام): «ان اجتمع قدر حمّصة فاغسله، و إلاّ فلا»(6) - ضعيف، لمخالفته الإجماع، و القصع لعلّه مقدّمة الغسل، و الخبر الثاني يحمل على العفو.

و نقل الشيخ في الخلاف الإجماع على نجاسة العلقة(7) قال في المعتبر: لأنّها دم حيوان له نفس، و كذا علقة البيضة(8).

و في الدليل منع، و تكوّنها في الحيوان لا يدل على انها منه.

و لا ينجس دم غير ذي النفس - كالسّمك، و البراغيث - إجماعا، لعدم تنجيس الماء بموته، و قول الصادق (عليه السلام) في دم البراغيث: «ليس به بأس»(9) و عن علي (عليه السلام) «أنّه كان لا يرى بأسا بدم ما لم يذك»(10) و لتعذّر الاحتراز من دم البقّ و البراغيث.6.

ص: 112


1- سنن الدار قطني 127:1، مسند أبي يعلى الموصلي 185:3 ح 1611، السنن الكبرى 14:1.
2- الكافي 53:3 ح 1، التهذيب 251:1 ح 725.
3- التهذيب 14:1 ح 30، الاستبصار 85:1 ح 269.
4- حكاه عنه العلامة في مختلف الشيعة: 59.
5- سنن الدارمي 238:1، سنن أبي داود: 98:1 ح 358.
6- التهذيب 255:1 ح 741، الاستبصار 176:1 ح 613.
7- الخلاف 491:1 المسألة: 232.
8- المعتبر 422:1.
9- التهذيب 255:1 ح 740، الاستبصار 176:1 ح 611.
10- الكافي 59:3 ح 4، التهذيب 260:1 ح 755، مستطرفات السرائر: 486.

و ما في المبسوط و الجمل(1) مدفوع بدعوى الإجماع في الخلاف(2).

و الدم المتخلف في اللحم، بعد الذبح و القذف المعتاد طاهر و ان كان في العروق.

الخامس: الميتة من ذي النفس مطلقا،

إجماعا، و لقول الصادق (عليه السلام): «لا يفسد الماء إلاّ ما كانت له نفس سائله»(3).

و كذا ميّت الآدمي، للأمر بغسله و الاغتسال من مسّه، و للأمر بغسل الثوب الملاقي في رواية إبراهيم بن ميمون عن الصادق (عليه السلام)(4).

و كل ما قطع من الحيوان مما تحلّه الحياة بحكم الميتة، لمساواة الجزء الكل.

و الحجة بأنّه لو كان نجسا لما طهر بالغسل، معارضة: بأنّه لو كان طاهرا لما أمر بغسله، و جاز اختلاف النجاسات في قبول الطهارة و عدمها بوضع الشرع.

و ان قلنا بنجاسته حكما فلا اشكال.

السادس و السابع: الكلب و الخنزير،

و هما نجسان عينا و لعابا، إجماعا و للآية في الخنزير(5).

و لقول الصادق (عليه السلام): «إذا مسّ ثوبك كلب، فان كان يابسا فانضحه، و ان كان رطبا فاغسله»(6).

و قول الكاظم (عليه السلام) في ثوب يصيبه الخنزير: «فلينضح ما أصابه، إلاّ أن يكون فيه أثر فليغسله»(7).

و قول النبي صلّى اللّه عليه و آله: «طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن

ص: 113


1- المبسوط 35:1، الجمل و العقود: 171، حيث أفتى بنجاسة دم غير ذي النفس.
2- الخلاف 476:1 المسألة: 219، حيث قال بعدم نجاسة دم غير ذي النفس.
3- الكافي 5:1 ح 4، التهذيب 231:1 ح 668، و 669، الاستبصار 26:1 ح 67.
4- الكافي 61:3 ح 5، و 161 ح 7، التهذيب 276:1 ح 811.
5- سورة الانعام: 145.
6- الكافي 60:3 ح 1، التهذيب 260:1 ح 756.
7- الكافي 61:3 ح 1، التهذيب 261:1 ح 760، باختصار في الألفاظ.

يغسله»(1).

و قول الكاظم (عليه السلام) في خنزير يشرب من إناء: «يغسل سبع مرّات»(2).

و ينجس منهما ما لا تحلّه الحياة أيضا، لدخولهما في مسمّاهما.

و لقول الصادق (عليه السلام) لبرد الإسكاف: «اغسل يدك إذا مسسته كما تمس الكلب»(3).

و المرتضى: يمنع الدخول كعظم الميتة(4).

و ردّ بأن المنجّس في الميتة صفة الموت و فيهما نفس الذات.

و قال الصدوق: يرش ما أصابه كلب الصيد برطوبة، و يغسل ما أصابه غيره(5).

و هو مدفوع بالخبر السالف، لشموله.

الثامن: المسكرات،

و الأكثر على نجاستها، و نقل المرتضى فيه الإجماع، للآية(6) - و الرجس: النجس - و للأمر باجتنابه.

و لقول الصادق (عليه السلام): «لا تصل في ثوب أصابه خمر، أو مسكر، حتى يغسل»(7).

و الصدوق، و ابن أبي عقيل، و الجعفي، تمسّكوا بأحاديث لا تعارض

ص: 114


1- مسند أحمد 427:2، صحيح مسلم 234:1 ح 279، سنن أبي داود 19:1 ح 71.
2- التهذيب 261:1 ح 760.
3- التهذيب 382:6 ح 1130، باختصار في ألفاظه.
4- الناصريات: 218 المسألة 19.
5- الفقيه 43:1.
6- الناصريات: 217 المسألة 16. و الآية في سورة المائدة: 90. و الآية في سورة المائدة: 90.
7- التهذيب 278:1 ح 817، الاستبصار 189:1 ح 660.

القطعي(1).

و في حكمها العصير إذا غلى و اشتدّ، في قول ابن حمزة(2).

و في المعتبر: يحرم مع الغليان حتى يذهب الثلثان، و لا ينجس إلاّ مع الاشتداد(3). فكأنه يرى الشدّة المطربة، إذ الثخانة(4) حاصلة بمجرد الغليان.

و توقف الفاضل في نهايته(5).

و لم نقف لغيرهم على قول بالنجاسة، و لا نص على نجاسة غير المسكر، و هو منتف هنا.

التاسع: الفقّاع،

لأنّه خمر مجهول، كما قاله الصادق(6) و الرضا(7) عليهما السلام. و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله: انه نهى عن السكركة(8) و هي خمر الحبشة. و عن علي (عليه السلام): «هي خمر استصغرها الناس»(9).

و قول الجعفي: يحل بعض الفقّاع، نادر لا عبرة به، مع منع تسمية ما وصفه فقّاعا.

العاشر: الكافر،

أصليا، أو مرتدا، أو منتحل الإسلام جاحدا لبعض ضرورياته كالخوارج و الغلاة، لقوله تعالى إِنَّمَا اَلْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ (10) و الإضمار خلاف الأصل، و قد قال تعالى في اليهود و النصارى:

ص: 115


1- الصدوق في الفقيه 43:1، و حكاه عن ابن أبي عقيل العلامة في مختلف الشيعة: 58.
2- لم نلاحظه في الوسيلة، و لعله في كتابه الآخر: الواسطة، لاحظ: مفتاح الكرامة 141:1.
3- المعتبر 424:1.
4- في س: النجاسة.
5- ما في نهاية الإحكام 272:1 حكم صريح بالنجاسة، و ما أثبته المصنف عن العلامة أنظره في تذكرة الفقهاء 7:1.
6- الكافي 423:6 ح 7، التهذيب 282:1 ح 828.
7- الكافي 422:6 ح 1، التهذيب 125:9 ح 539 الاستبصار 95:4 ح 368.
8- سنن أبي داود 328:3 ح 3685 و في النسخ الثلاث الاسكركة.
9- الكافي 423:6 ح 9، التهذيب 125:9 ح 540، الاستبصار 95:4 ح 369.
10- سورة التوبة: 28.

فَتَعالَى اَللّهُ عَمّا يُشْرِكُونَ (1).

و لقوله تعالى كَذلِكَ يَجْعَلُ اَللّهُ اَلرِّجْسَ عَلَى اَلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (2).

و قول النبي صلّى اللّه عليه و آله في آنيتهم: «لا تأكلوا فيها إلاّ أن لا تجدوا غيرها، فاغسلوها ثم كلوا فيها»(3).

و قول الباقر (عليه السلام): «ان صافحك بيده فاغسل يدك»(4).

و نهى الصادق (عليه السلام) عن سؤره(5).

و رواية عمار عنه (عليه السلام) بالشرب من مشرب يهودي تقية(6). و حملها الشيخ على من يظنه يهوديا أو على من أسلم(7).

و اما الخوارج و الغلاة فلارتكابهم ما علم من الدين بطلانه ضرورة.

و روى علي بن إسماعيل الميثمي، عن ربعي، عن الفضيل، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال:) دخل رجل محصور عظيم البطن، فجلس معه على سريره، فحيّاه و رحّب به، فلمّا قام قال: «هذا من الخوارج، فما هو؟» قلت:

مشرك. فقال: «مشرك و اللّه، أي و اللّه مشرك»(8).).

ص: 116


1- سورة الأعراف: 190.
2- سورة الأنعام: 125.
3- الجامع الصحيح 129:4 ح 1560، المستدرك على الصحيحين 143:1، السنن الكبرى 1: 33.
4- الكافي 475:2 ح 10، التهذيب 262:1 ح 764.
5- الكافي 11:3 ح 6، التهذيب 223:1 ح 639، الاستبصار 18:1 ح 37.
6- التهذيب 223:1 ح 641، الاستبصار 18:1 ح 38.
7- راجع الهامش السابق.
8- لم نعثر عليها و لعله انفرد بروايتها الشهيد (قدس).
مسائل:
الاولى: لا فرق بين فضلات الناس، و كذا الدم،

للعموم. و لم يثبت أن النبي صلّى اللّه عليه و آله أقرّ أم أيمن على شرب البول(1) و لا إقرار أبي ظبية(2)، بل روي انه قال: «لا تعد، الدّم كله حرام»(3).

الثانية طهارة فضلة مأكول اللحم و فضلة غير ذي النفس

فضلة المأكول طاهرة، لما مرّ، و أمر النبي صلّى اللّه عليه و آله العرنيين بشرب أبوال الإبل(4)، و كذا فضلة غير ذي النفس، لطهارة دمه.

الثالثة: الحب الخارج من المغتذي طاهر ما لم يستحل،

و حدّه زوال اسمه لا عدم نباته في الأقوى. و كذا الدود المستحيل في الفضلة، و الزرع و الشجر الناميان على النجاسة أو المنجس، للاستحالة.

الرابعة: رطوبة الفرجين طاهرة،

و كذا الدبر، للأصل. و كذا الرطوبة الخارجة من المعدة و لم تستحل، و البلغم و الصفراء و السوداء، و كذا رطوبات الحيوان غير الثلاثة و الفضلتين، للأصل.

الخامسة: الإنفحة طاهرة من الميتة و المذبوحة

الخامسة: الإنفحة(5) طاهرة من الميتة و المذبوحة و ان أكلت السخلة غير

ص: 117


1- المستدرك على الصحيحين 63:4، حلية الأولياء 62:2.
2- في تلخيص الحبير: أبو طيبة، و يترجم الاسمان في كتب التراجم على ان الأول حجام النبي صلّى اللّه عليه و آله و الثاني صاحب منحته، و لعل المراد في الحديث الأول، بقرينة الحجامة. راجع: أسد الغابة 236:5، الاستيعاب 118:4، 119، الإصابة 114:4، 119، الكنى و الأسماء 1: 40.
3- راجع في أصل الحديث و رواته: تلخيص الحبير 179:1.
4- مسند أحمد 287:3 صحيح البخاري 67:1، صحيح مسلم 1296:3 ح 1671، سنن ابن ماجة 861:2 ح 2578، سنن أبي داود 13:4 ح 4364، الجامع الصحيح 106:1 ح 72، و العرنيين حي من بجيلة من قحطان، و قيل: حي من قضاعة. لاحظ: الأنساب للسمعاني 8: 441، معجم قبائل العرب 776:2.
5- الانفحة: شيء يخرج من بطن الجدي أصفر، يعصر في صوفة مبتلة في اللبن فيغلظ كالجبن. مجمع البحرين - مادة نفح.

اللبن: و الأولى: تطهير ظاهرها من الميتة، للملاقاة.

و في لبن الميتة روايتان(1) أصحهما الطهارة، و نقل الشيخ فيه الإجماع(2).

السادسة: القيح طاهر، و الصديد

ان خلا عن الدم، و كذا المسك - إجماعا - و فارته و ان أخذت من غير المذكّى، لأنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله كان يتطيب به(3).

و لو اشتبه الدم الطاهر بالنجس، فالأصل: الطهارة، و كذا باقي النجاسات.

السابعة: نجاسة الميت ذاتية

في وجه لتعدّيه، و طهره كما مر. أما غير الآدمي فلا ريب في عدم طهارته بالغسل.

الثامنة: ما لا تحلّه الحياة من الميتة طاهر

- كالصوف، و الريش، و العظم - لعدم صدق الاسم، إلاّ الثلاثة.

التاسعة: لا ينجس الطعام بموت المتولّد فيه

من الدود و شبهه، لطهارته و ان حرم أكله، لاستخباثه.

العاشرة: الجنين إن حلّ فطاهر، و إلاّ فنجس و إن كان مضغة.

و بيض المأكول و غيره طاهر و لو من الميتة إذا اكتسى القيض، للرواية عن علي (عليه السلام).

الحادية عشرة: المسكرات الجامدة بالأصالة طاهرة،

فلا ينجّس السيلان العارض، كما لا يطهر الجمود المائع بالأصالة. و الخمر في حب العنب نجس.

الثانية عشرة: المتولد من الكلب و الخنزير نجس

- في الأقوى - لنجاسة

ص: 118


1- لاحظ الكافي 258:6 ح 3، الفقيه 216:3 ح 1006، التهذيب 76:1 ح 324، 325، الاستبصار 89:4 ح 340.
2- الخلاف 520:1 المسألة: 262.
3- الكافي 514:6 ح 2، مسند أحمد 186:6، صحيح مسلم 849:2 ح 1192، الجامع الصحيح 259:3 ح 917، سنن النسائي 138:5.

اصلية. و الأولى في ولوغه: التراب مع السبع، أخذا بالأمرين، إلاّ مع خلوص التسمية بأحدهما. و لو طهر أحد أصليه تبع الاسم.

الثالثة عشرة: كلب الماء طاهر

- في الأقوى - حملا للّفظ على الحقيقة.

و قيل: بالنجاسة، لشمول اللفظ.

الرابعة عشرة: ولد الكافرين نجس.

و لو سباه مسلم و قلنا بالتبعية، طهر و إلاّ فلا، و سيأتي ان شاء اللّه تعالى.

الخامسة عشرة: آنية المشركين و ما في أيديهم طاهرة مع جهل النجاسة،

للأصل، و خبر النظيف(1).

و الخبر السالف بغسلها(2) محمول على علم المباشرة برطوبة، و كذا قول الباقر (عليه السلام) في آنية أهل الذمة و المجوس: «لا تأكلوا فيها»(3). و لم يصح وضوء النبي صلّى اللّه عليه و آله من مزادة مشرك(4). و وضوء عمر من جرّة نصرانية مستند إلى رأيه(5).

و يلحق بذلك ما ظن نجاسته و لم يثبت،
اشارة

و هو اثنا عشر، ذكر منها في الأسئار سبعة، و لنذكر هنا خمسة:

أولها: ذرق الدجاج غير الجلاّل

- في المشهور - لحلّ لحمه، و لقول الباقر (عليه السلام): «لا بأس بخرء الدجاج»(6).

و نجّسه الشيخان(7) - إلا في كتابي الحديث(8) - لمكاتبة فارس(9) و تحمل على

ص: 119


1- تقدم في ص 111 الهامش 8.
2- تقدم في ص 116 الهامش 3.
3- الكافي 264:6 ح 5، التهذيب 88:9 ح 372.
4- سبل السلام 46:1.
5- الام 8:1، سنن الدار قطني 32:1، السنن الكبرى 32:1، معرفة السنن و الآثار 181:1.
6- التهذيب 283:1 ح 831، الاستبصار 177:1 ح 618.
7- المقنعة: 10، المبسوط 36:1، النهاية: 51، الخلاف 485:1 المسألة: 230.
8- التهذيب 284:1، الاستبصار 178:1.
9- التهذيب 266:1 ح 782، الاستبصار 178:1 ح 619.

الجلاّل مع انها مقطوعة، و الراوي غال.

و ثانيها: لبن البنت،

للرواية عن علي (عليه السلام)(1). و تحمل على الندب(2).

و ثالثها: القيء،

لرواية عمار(3)، و نقل الشيخ نجاسته(4).

و رابعها: عرق الإبل الجلاّلة، و الجنب من الحرام

- في المشهور - للأصل.

و الخبر الصحيح عن الصادق (عليه السلام) بغسل عرق الإبل الجلاّلة(5)يحمل على الندب.

و الخبر عنه بغسل ثوب الجنب(6) يحمل على نجاسته، و هو أولى من حمله على الجنابة من الحرام.

و الشيخ نقل في الخلاف الإجماع على نجاسة عرق الحرام(7). و في المبسوط: نسبه الى رواية الأصحاب، و قوّى الكراهية(8) و لعلّه ما رواه محمد بن همام بإسناده إلى إدريس بن يزداد الكفرتوثي: أنّه كان يقول بالوقف، فدخل سرّ من رأى في عهد أبي الحسن (عليه السلام)، و أراد أن يسأله عن الثوب الذي يعرق فيه الجنب، أ يصلّي فيه؟ فبينما هو قائم في طاق باب لانتظاره (عليه السلام) حركه أبو الحسن (عليه السلام) بمقرعة، و قال مبتدئا: «إن كان من حلال فصلّ فيه، و ان كان من حرام فلا تصلّ فيه».

و روى الكليني بإسناده إلى الرضا (عليه السلام) في الحمام: «يغتسل فيه

ص: 120


1- الفقيه 40:1 ح 157، التهذيب 250:1 ح 718، الاستبصار 173:1 ح 601.
2- الفرع في م هكذا: لبن البنت، و الرواية عن علي (عليه السلام) تحمل على الندب.
3- الكافي 406:3، التهذيب 324:1 ح 1340، و 358:2 ح 1484.
4- المبسوط 38:1.
5- الكافي 251:6، التهذيب 263:1 ح 767.
6- الفقيه 40:1 ح 155، التهذيب 271:1 ح 799، الاستبصار 187:1 ح 655.
7- الخلاف 483:1 المسألة: 227، و فيه: «تحرم الصلاة فيه».
8- المبسوط 38:1.

الجنب من الحرام»(1).

و عن أبي الحسن (عليه السلام): «لا تغتسل من غسالته، فإنه يغتسل فيه من الزنا»(2).

أمّا عرق الجنب من الحلال، و الحائض، و النفساء، و المستحاضة، فطاهر إجماعا، قاله في المعتبر(3).

و خامسها: المذي

- في المشهور - و نقل فيه الإجماع، لقول النبي صلّى اللّه عليه و آله: «ليس بشيء»(4) و قول الصادق (عليه السلام): «انما هو بمنزلة النخامة»(5) و لمرسلة ابن أبي عمير عن الصادق (عليه السلام)(6).

و ابن الجنيد: ينجّس المذي عقيب الشهوة و ينقض الطهارة(7)، لرواية الحسين بن أبي العلاء عن الصادق (عليه السلام): «فاغسله»(8).

و في السند منع، و يحمل على الندب.

و الودي - بالمهملة - الخارج عقيب البول، و الوذي - بالمعجمة - عقيب المني، طاهران.

و الحديد طاهر إجماعا. و قول الصادق (عليه السلام) في من حلق شعره أو قص ظفره بالحديد: «عليه أن يمسحه بالماء»(9) محمول على الندب، و ما في

ص: 121


1- الكافي 503:6 ح 38.
2- الكافي 498:6 ح 10.
3- المعتبر 415:1.
4- التهذيب 17:1 ح 39، الاستبصار 91:1 ح 292.
5- الكافي 39:3 ح 1، علل الشرائع: 295:1، التهذيب 21:1 ح 52، الاستبصار 94:1 ح 205.
6- التهذيب 19:1 ح 47، الاستبصار 93:1 ح 300.
7- المعتبر 417:1، مختلف الشيعة: 18.
8- التهذيب 235:1 ح 731، الاستبصار 174:1 ح 606.
9- التهذيب 425:1 ح 1353، الاستبصار 96:1 ح 311.

الرواية: «ان الحديث نجس»(1) لتأكيد الاستحباب.

في أحكام النجاسات، و فيها بحوث:
اشارة

و أمّا الحكم ففيه عشرون بحثا:

الأول: يجب ازالة ما عدا الدم عن الثوب و البدن،

للصلاة، و الطواف، و دخول المساجد مع التلويث، لعموم وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ (2) و قول النبي (عليه السلام): «جنّبوا مساجدكم النجاسة»(3).

و منه يعلم وجوب إزالتها عن المساجد، و هو فرض كفاية.

هذا مع التلويث، أمّا مع عدمه فلا، لجواز دخول الحائض و المستحاضة المسجد و الأطفال و هم لا ينفكون عن النجاسة غالبا، و منع الكافر لغلظ نجاسته أو لأنّه معرّض للتلويث.

و قال في الخلاف: لا يجوز للجنب و الحائض دخول المسجد بالإجماع، و لم يعتبر التلويث. ثم قال: لا خلاف في ان المساجد يجب ان تجنّب النجاسات(4).

و يجب إزالة النجاسة أيضا:

عن مسجد الجبهة، للنص(5).

و عن المصلّى بأسره عند المرتضى(6)، و المساجد السبعة عند أبي الصلاح(7).

و الأقرب: العدم، لدعوى الشيخ الإجماع على ذلك(8)، و لتجويز الصلاة على

ص: 122


1- التهذيب 425:1 ح 1353، الاستبصار 96:1 ح 311.
2- سورة المدثر: 4.
3- لاحظناه في تذكرة الفقهاء 91:1.
4- الخلاف 513:1 المسألة: 258، 528، 260.
5- قال في جواهر الكلام - بعد أن حكى كلام الشهيد - 100:6: لعل المراد به موثقة عمار عن الصادق (عليه السلام)، و هي في التهذيب 272:1 ح 802، الاستبصار 193:1 ح 675.
6- المعتبر 431:1.
7- الكافي في الفقه: 106.
8- الخلاف 502:1 المسألة: 242.

الشاذ كونة(1) عليها الجنابة بنص الباقر و الصادق (عليهما السلام)(2)، و لا يستقر الوجوب في شيء من ذلك إلاّ مع تعيّن الحاجة إليه.

و عن كلّ مستعمل برطوبة، في أكل أو شرب، أو ضوء تحت ظل، لتحريم النجس، و النص(3).

و عمّا أمر الشرع بتعظيمه، كالمصحف، و الضرائح المقدّسة.

و الواجب ذهاب العين و الأثر، و لا عبرة بالرائحة و اللون، لعسر الإزالة، دفعا للحرج، و الرواية(4). و يستحب صبغه بالمشق - بكسر الميم و إسكان الشين - و هو المغرة(5) - بتحريك الغين المعجمة - و شبهه، للنص(6) لتزول صورته من النفس. و يستحبّ حتّ دم الحيض و قرصه(7) و ليسا بشرطين في الغسل.

و لا يجب العصر في غير القليل من الماء. و فيه يجب، لوجوب إخراج النجاسة، و الأولى: الشرطية، لظن انفصال النجاسة مع الماء بخلاف الجفاف المجرد. أمّا بول الصبي فيكفي الصب عليه، للنص(8). و في بول الصبية قول بالمساواة، و العصر أولى.

الثاني: انما يطهر بالغسل العددي ما يمكن فصل الغسالة عنه

كالثوب و يجزئ في الثخين كاللحاف: الدقّ و الغمز، للرواية(9) - فلا تطهر المائعات

ص: 123


1- الشاذكونة: ثياب غلاظ مضرّبة تعمل باليمن، و قيل: انها حصير صغير يتخذ للافتراش. مجمع البحرين - مادة شذك.
2- التهذيب 274:1 ح 806، و 369:2 ح 1537، الاستبصار 393:1 ح 1499، و ح 1500.
3- التهذيب 372:2 ح 1548.
4- الكافي 17:3 ح 9، التهذيب 28:1 ح 75.
5- المغرة: الطين الأحمر الذي يصبغ به. مجمع البحرين - مادة مغر.
6- التهذيب 257:1 ح 746.
7- القرص: الغسل بأطراف الأصابع.. و قيل: هو القلع بالظفر و نحوه. مجمع البحرين - مادة قرص.
8- الكافي 56:3 ح 6، التهذيب 249:1 ح 715، الاستبصار 173:1 ح 602.
9- قال البحراني في الحدائق الناضرة 370:6: و الذي وقفت عليه مما يتعلق بهذا المقام روايات ثلاث، و هي لا تعرض في شيء منها لما ذكروه من الدق و التغميز و التقليب. و قال الشيخ محمد حسن في جواهر الكلام 144:6: و لم نعثر فيما وصل إلينا من الروايات على شيء من ذلك.

و القرطاس و الطين و لو ضربت بالماء إلاّ في الكثير.

و في طهارة الدهن في الكثير وجه اختاره الفاضل في تذكرته، و كذا العجين إذا رقّق و تخلّله الماء(1)، و في صحاح ابن أبي عمير المرسلة عن الصادق (عليه السلام) طهره بالخبز(2) و البيع(3) و الدفن(4) و هي مشعرة بسد باب طهارته بالماء، إلاّ أن يقيّد بالمعهود من القليل.

و الظاهر: طهارة الحنطة و اللحم و شبهه - مما طبخ بالماء النجس - بالكثير إذا علم التخلل، و كذا الجلد المدهون بالنجس.

و في طهارة الحديد المشرب بالنجس، بتشريبه بالماء الطاهر، احتمال مع كثرة الماء بل و مع قلته، لملاقاة الطاهر ما لاقى النجس. و يمكن طهره كالآجر، لما يأتي.

الثالث: يكفي الغسل مرة في غير الإناء،

لقول النبي صلّى اللّه عليه و آله في دم الحيض: «حتّيه ثم اغسليه»(5) و كذا أوامر الغسل، و الأمر المطلق لا يقتضي التكرار.

أمّا البول فيجب تثنيته، لقول الصادق (عليه السلام) في الثوب يصيب البول: «اغسله مرتين، الأول: للإزالة، و الثاني: للإنقاء»(6).

و لو قيل في الباقي كذلك كان أولى، لمفهوم الموافقة - فان نجاسة غير البول أشد - و ظاهر التعليل. و تستحب الثالثة، و في المبسوط: لا يراعى العدد إلاّ في

ص: 124


1- تذكرة الفقهاء 9:1.
2- الفقيه 11:1 ح 19، التهذيب 414:1 ح 1304، الاستبصار 29:1 ح 75.
3- التهذيب 414:1 ح 1305، الاستبصار 29:1 ح 76.
4- التهذيب 414:1 ح 1306، الاستبصار 29:1 ح 77.
5- راجع: تلخيص الحبير 47:1، نيل الأوطار 237:1. و ألحت: ان يحك بطرف حجر أو عود مجمع البحرين - مادة حتت.
6- عوالي اللئالي 348:1 ح 131، و راجع الحدائق الناضرة 359:5.

الولوغ(1).

أمّا الإناء، فالإجماع على الثلاث في ولوغ الكلب، و لخبر الفضل عن الصادق (عليه السلام): «اغسله بالتراب أول مرة، ثم بالماء مرتين»(2).

و ابن الجنيد أوجب سبعا(3)، للخبر عن النبي صلّى اللّه عليه و آله(4) و لقول الصادق (عليه السلام): «يغسل من الخمر سبعا، و كذا الكلب»(5).

و يعارض بما روي من التخيير بينها و بين الخمس و الثلاث(6)، فيحمل على الندب.

و يجب التراب في الأولى، لخبر الفضل(7). و المفيد: الوسطى(8).

و الراوندي و ابن إدريس: تمزج بالماء، تحصيلا لحقيقة الغسل(9).

قلنا: لا ريب في انتفاء الحقيقة على التقديرين، و الخبر مطلق فلا ترجيح، و ازالة اللعاب حاصلة بهما.

و لا يجزئ غير التراب إلاّ للضرورة، للنص. و ابن الجنيد خيّر(10).4.

ص: 125


1- المبسوط 37:1.
2- أخرجه المحقق في المعتبر 458:1، و العلامة في مختلف الشيعة: 63. و في التهذيب 225:1 ح 646، الاستبصار 19:1 ح 40، بدون كلمة: «مرتين». راجع في ذلك: الحدائق الناضرة 5: 477، جواهر الكلام 355:6.
3- المعتبر 458:1.
4- صحيح مسلم 234:1 ح 90، 91، الجامع الصحيح 151:1 ح 91، سنن الدار قطني 1: 63، السنن الكبرى 240:1.
5- التهذيب 116:9 ح 502.
6- سنن الدار قطني 65:1، السنن الكبرى 240:1.
7- راجع الهامش 5.
8- المقنعة: 9.
9- السرائر: 15.
10- مختلف الشيعة: 64.

و مباشرة الكلب بباقي أعضائه كولوغه، عند المفيد(1) و ابن بابويه(2).

و المشهور خلافه.

و الأولى اعتبار تقدّم التراب في الجاري و الكثير - ثم لا يشترط فيهما العدد، خلافا للشيخ(3) - لإطلاق الأمر بالتراب، و لعلّه تعبّد. و لو قلنا: إنّه لإزالة النجاسة، كفى زوالها.

و هو اختيار الفاضل، لظاهر رواية عمار عن الصادق (عليه السلام) في غسل الإناء: «بماء يصبّ فيه ثم يحرّك فيه، ثم يفرغ ثم يصبّ فيه ماء ثم يفرغ، ثم يصب فيه ماء آخر»(4)، فان مفهومه: ان العدد مع صب الماء.

و لا يتكرر الغسل بتكرر الولوغ. نعم، يعاد بولوغ في الأثناء. و لو نجس بغيره في الأثناء، كفى الإتمام إن لم نوجب الثلاث في الإناء، و إلاّ استؤنف ثلاثا بالماء.

و لا يعتبر التراب فيما نجس بماء الولوغ، و لا الجفاف، خلافا للشيخ(5).

و الخنزير لا يساويه، خلافا للشيخ في المبسوط، لتسميته كلبا، و لعدم الفارق(6).

و الأقرب: السبع فيه بالماء، لنص الكاظم (عليه السلام)(7).0.

ص: 126


1- المقنعة: 9.
2- الفقيه: 8:1، المقنع: 12.
3- المبسوط 14:1، الخلاف 181:1 المسألة: 136.
4- مختلف الشيعة: 64. و حديث الصادق (عليه السلام) في التهذيب 284:1 ح 832.
5- لعل المراد ب (الشيخ): المفيد - بخلاف المتعارف من إطلاق (الشيخ) على الطوسي - فيه و بالصدوقين انحصر اعتبار الجفاف - راجع: المقنعة: 9، الفقيه 8:1، المعتبر 458:1، الحدائق الناضرة: 483:5.
6- المبسوط 15:1، الخلاف 186:1 المسألة: 143.
7- التهذيب 261:1 ح 760.

و كذا الخمر و المسكر و الجرذ، للخبرين عن الصادق (عليه السلام)(1).

و في المعتبر: ثلاث فيهما، لرواية عمار عن الصادق (عليه السلام) في الخمر، و احتمل فيه أن تحمل السبع على الجرذ فلا يتناول الفأرة، ثم رجع إلى المرة(2) كما يأتي.

و يغسل الإناء من غير ذلك ثلاثا، لرواية عمار عن الصادق (عليه السلام) في الكوز و الإناء: يصب فيه الماء و يفرغ ثلاثا(3).

و في المعتبر و المختلف: يكفي المرّة فيما عدا الولوغ، لحصول الغرض من الإزالة، و ضعف رواية عمار(4).

قلنا: قد يعلم المذهب بالرواية الضعيفة، و خصوصا مع نقل الشيخ الإجماع(5).

و لا ريب في عدم اعتبار العدد في الجاري و الكثير في غير الولوغ.

و قول ابن بابويه: باعتبار المرتين في الراكد دون الجاري(6)، لحسنة محمّد بن مسلم عن الصادق (عليه السلام)(7) محمول على الناقص عن الكر أو على الندب، لتغاير المياه في الجاري، فكأنّه غسل أكثر من مرّة بخلاف الراكد.

و لا فرق في آنية الخمر بين المغضور(8) و غيره، لإطلاق الرواية(9). و نهى0.

ص: 127


1- التهذيب 284:1 ح 832، و 116:9 ح 502.
2- المعتبر 460:1-461. و رواية عمار في التهذيب 283:1 ح 830 و 115:9 ح 501.
3- راجع الهامش 4 صحيفة 126.
4- المعتبر 461:1، مختلف الشيعة: 64.
5- قال في مفتاح الكرامة 197:1 - بعد نقل إجماع الشيخ عن المصنف -: و لعله أشار إلى ما في الخلاف 27:1 المسألة 138 من قوله: إذ مع الغسلات الثلاث يحصل الإجماع على طهارته.. و الشيخ انما استدل على ذلك بالخبر و الاحتياط و لم يستدل بالإجماع.
6- الفقيه: 40:1.
7- التهذيب 250:1 ح 717.
8- المغضور: الإناء المطلي بطين اخضر لازق يمنع خروج شيء منه أو نفوذ شيء إليه، لاحظ: لسان العرب - مادة غضر.
9- الكافي 418:6 ح 3، التهذيب 283:1 ح 829، و 115:9 ح 499، 500.

النبي صلّى اللّه عليه و آله عن الخشب(1) للتنزيه.

و أمّا البدن فيصبّ عليه مرتين، لقول الصادق (عليه السلام) في البول يصيب الجسد: «يصب عليه مرتين، فإنما هو ماء»(2) و فيه اشعار بعدم الدلك فيه، و لو احتيج الى الدلك في غيره وجب. و يكفي في المرتين تقديرهما كالماء المتصل.

الرابع: تطهر الأرض و الحصر و البواري بتجفيف الشمس،

من نجاسة البول و شبهه، و الخمر في الأقرب، لقول الصادق (عليه السلام): «ما أشرقت عليه الشمس فقد طهر»(3) و في رواية عمار عنه (عليه السلام): «البول و غيره»(4).

و قال الراوندي و ابن حمزة: يجوز الصلاة عليها و لا تطهر(5). و مال إليه المحقق، لروايتي عمار و علي بن جعفر، عن الصادق و الكاظم عليهما السلام، بجواز الصلاة(6).

و منع الراوندي من طهارة غير الثلاثة(7)، و الخبر يدفعه، لشموله: البناء، و الشجر، و شبههما. نعم، لا يطهر المنقول عادة غير الأخيرين(8) اقتصارا على المتيقن.

و في الخلاف: الريح المزيل للعين تطهّر، و أوّل بإرادة ذهاب الأجزاء

ص: 128


1- راجع الهامش السابق.
2- الكافي 55:3 ح 1، التهذيب 249:1 ح 714.
3- التهذيب 273:1 ح 804، الاستبصار 193:1 ح 677، عن الباقر (عليه السلام).
4- التهذيب 273:1 ح 802، الاستبصار 193:1 ح 675.
5- الوسيلة 76، و حكاه عن الراوندي: المحقق في المعتبر 446:1، و العلامة في مختلف الشيعة: 61.
6- المعتبر 446:1. و رواية عمار تقدمت في الهامش 10، و رواية علي بن جعفر في التهذيب 273:1 ح 803، الاستبصار 193:1، ح 676.
7- مختلف الشيعة: 61.
8- في س: غير الأخير من الحصر و البواري. و لعل (من) تصحيف لعلامة التثنية، و الحصر و البواري مقحمة إذ في «م» وردت تحت: «الأخيرين».

المنجّسة، لحكمه فيه: أنه لا تطهر الأرض بجفاف غير الشمس(1)و قطع في المبسوط بعدم الطهارة بتجفيف الريح، و بطهارة حجر الاستنجاء بالشمس(2).

و لا تطهر المجزرة(3) و الكنيف بالشمس، لبقاء العين غالبا، و كذا كل ما يبقى فيه العين.

الخامس: يطهر باطن القدم و باطن النعل و الخف بالأرض،

سواء مشى عليها أو لا، للخبر عن النبي صلّى اللّه عليه و آله في النعلين: «فليمسحهما و ليصلّ فيهما»(4).

و قوله (عليه السلام): «إذا وطأ أحدكم الأذى بخفّيه، فان التراب له طهور»(5).

و قول الباقر (عليه السلام) في العذرة يطؤها برجله: «يمسحها حتى يذهب أثرها»(6).

و لا يشترط جفاف النجاسة، و لا كونها ذات جرم، للعموم. نعم، يشترط طهارة الأرض.

و لا حصر في المشي، و ابن الجنيد: نحو خمس عشرة ذراعا، و هو مروي عن الصادق (عليه السلام)(7).

و حكم الصنادل حكم النعل، لأنّها مما ينتعل.

السادس: لا خلاف في طهارة النّطفة و العلقة و البيضة بصيرورتها حيوانا.

ص: 129


1- الخلاف 218:1 المسألة: 186.
2- المبسوط 17:1، 93.
3- المجزرة: موضع الجزر و نحر الإبل. مجمع البحرين - مادة جزر.
4- سنن أبي داود 175:1 ح 650، شرح معاني الآثار 511:1، السنن الكبرى 402:2.
5- سنن أبي داود 105:1 ح 385، المستدرك على الصحيحين 166:1، السنن الكبرى 430:2.
6- التهذيب 275:1 ح 809.
7- الكافي 38:3 ح 1.

و تطهّر النار ما أحالته رمادا، لنقل الشيخ الإجماع(1) و لكتابة أبي الحسن (عليه السلام) في الجصّ يوقد عليه بالعذرة: «إن الماء و النار قد طهّراه»(2). و كذا الدخان للإجماع على عدم توقّي دواخن الأعيان النجسة.

و لو صار آجرا أو خزفا، طهر عند الشيخ أيضا، لجريانه مجرى الرماد(3).

و كذا لو استحالت العين النجسة - كالعذرة، و الميتة - ترابا، لقوله صلّى اللّه عليه و آله: «التراب طهور»(4). و لو صارت ملحا أمكن ذلك، لزوال الاسم و الصورة.

السابع: تطهر الأرض بما لا ينفعل من الماء بالملاقاة.

و في الذنوب(5) قول لنفي الحرج، و لأمر النبي صلّى اللّه عليه و آله به في الحديث المقبول(6). و التأويل بالكر، و ذهاب الرائحة، و الأعداد للشمس، بعيد.

نعم، روي أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله أمر بإلقاء التراب الذي أصابه البول، و صبّ الماء على مكانه(7).

و الشيخ حكم بطهارة الأرض التي يجري عليها و إليها، قال: و يتعدّد بتعدّد البول(8) و تبعه ابن إدريس في الجميع(9).

الثامن: لو طهّر بعض الثوب النجس،

أو شيئا من البدن النجس طهر،

ص: 130


1- الخلاف 500:1 المسألة: 239.
2- الكافي 330:3 ح 3، الفقيه 175:1 ح 829، التهذيب 235:2 ح 928، و 306 ح 1237.
3- الخلاف 499:1 المسألة: 239، المبسوط 94:1.
4- سنن أبي داود 105:1 ح 385، المستدرك على الصحيحين 166:1، السنن الكبرى 4302.
5- الذنوب: في الأصل الدلو العظيم، لا يقال لها ذنوب الا و فيها ماء. مجمع البحرين - مادة ذنب.
6- مسند أحمد 110:3، صحيح البخاري 65:1، صحيح مسلم 336:1 ح 284، مسند أبي عوانة 214:1.
7- سنن أبي داود 104:1 ح 381، سنن الدار قطني 132:1، السنن الكبرى 428:2.
8- المبسوط 92:1.
9- السرائر: 37.

قطع به: الشيخ(1) و المحقق(2) و الفاضل(3). و توهّم السريان مدفوع: بطهارة السمن و الزّيت بإلقاء المنجّس منه خاصّة، و لزوم نجاسة العالم كلّه بنجاسة موضع منه.

التاسع: لو اشتبه موضع النجاسة غسل كل ما يمكن،

لتيقن الخروج عن العهدة و لا يتحرى. و لو كان بعدد غير محصور فلا، للعسر.

العاشر: الظاهر: اشتراط ورود الماء على النجاسة،

لقوته بالعمل، إذ الوارد عامل، و للنهي عن إدخال اليد في الإناء قبل الغسل(4)، فلو عكس نجس الماء و لم يطهر. و هذا ممكن في غير الأواني و شبهها مما لا يمكن فيه الورود، الاّ ان يكتفى بأول وروده.

مع ان عدم اعتباره مطلقا متوجه، لأن امتزاج الماء بالنجاسة حاصل على كل تقدير، و الورود لا يخرجه عن كونه ملاقيا للنجاسة.

و في خبر الحسن بن محبوب، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في الجصّ يوقد عليه بالعذرة و عظام الموتى: «ان الماء و النار قد طهّراه»(5) تنبيه عليه.

الحادي عشر: يطهر الكافر بإسلامه إجماعا

- و لو كان عن ردّة فطريّة على الأشبه - لا ما كان قد باشره، و لا ثيابه التي عليه.

الثاني عشر: يطهر الدم بانتقاله إلى البعوض و البرغوث،

لسرعة استحالته الى دمها.

و تطهر البواطن كلّها بزوال العين لرفع الحرج، و هو مروي عن الصادق (عليه السلام) في الأنف عليه الدم: «انما عليه ان يغسل ما ظهر منه»(6) و كان

ص: 131


1- المبسوط 37:1.
2- المعتبر 450:1.
3- تذكرة الفقهاء 9:1.
4- تقدم في ص 72 الهامش 5.
5- الكافي 330:3 ح 3، الفقيه 175:1 ح 829، التهذيب 235:2 ح 928، 304 ح 1227.
6- الكافي 59:3 ح 5، التهذيب 420:1 ح 1330.

السؤال عن باطنه.

و تطهر أدوات الاستنجاء و الاستبراء، و قد مر النزح، و النقص، و التراب في الولوغ. اما الغيبة فلا.

نعم، لو علم المكلّف بالنجاسة، ثم مضى زمان يمكن فيه الإزالة، حكم بالطهارة، لظاهر تنزه المسلم عن النجاسة.

الثالث عشر: طهّر المرتضى الصقيل - كالسيف و المرآة - بالمسح ،

الثالث عشر: طهّر المرتضى الصقيل - كالسيف و المرآة - بالمسح(1)، لصلابتها فلا يتداخلها شيء من النجاسة. و منعه الشيخ، لعدم ورود الشرع به(2).

الرابع عشر: روي عن علي (عليه السلام): «لا بأس ان يغسل الدم بالبصاق»

الرابع عشر: روي عن علي (عليه السلام): «لا بأس ان يغسل الدم بالبصاق»(3) و هو في الضعيف، و عمل به ابن الجنيد(4) و حمل على دم طاهر(5). نعم، لو جعل الماء في فيه و غسل به جاز، للخبر عن الكاظم (عليه السلام)(6).

الخامس عشر: لا تتعدّى النجاسة مع اليبوسة،

و هو منصوص في الكلب و الخنزير و الكافر(7).

و في المرسل عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): «انضحه يابسا»(8) و هو للندب، و حمله ابن حمزة على الوجوب(9) و قال (عليه السلام): «كل يابس ذكي»(10).

ص: 132


1- المعتبر 450:1، مختلف الشيعة: 63.
2- الخلاف 479:1 المسألة: 222.
3- التهذيب 425:1 ح 1350.
4- مختلف الشيعة: 63.
5- العلامة في مختلف الشيعة: 63.
6- التهذيب 423:1 ح 1343.
7- راجع في الموارد الثلاث: الكافي 60:3، التهذيب 260:1 ح 757، 760، 764، قرب الاسناد: 89، 96.
8- الكافي 60:3 ح 1، التهذيب 260:1 ح 756.
9- الوسيلة: 73.
10- التهذيب 49:1 ح 141، الاستبصار 57:1 ح 167.

أمّا الميت فقد قيل بالتعدي مطلقا، لعموم قول الصادق (عليه السلام):

«فاغسل ما أصاب ثوبك منه»(1) و ترك الاستفصال دليل العموم.

و كذا الميتة، لمرسل يونس عن الصادق (عليه السلام)، في مس شيء من السباع أو الثعلب و الأرنب حيا أو ميتا: «يغسل يده»(2). و التسوية بين الحي و الميت تشعر بالاستحباب، لطهارة المذكورة حال الحياة، فيحمل على اليبوسة - للفرق مع الموت - و الرطوبة قطعا.

و الشيخ في المبسوط بعد إطلاقه نجاسة الثوب الملاقي للميت، قال: كل نجاسة أصابت الثوب أو البدن و كانت يابسة لا يجب غسلها، و انما يستحب مسح اليد بالتراب أو نضح الثوب(3).

و عن الكاظم (عليه السلام) في الثوب يقع على خنزير ميت، أ يصلّي فيه؟ «لا بأس»(4).

و قال (عليه السلام) في كلب ميت يقع عليه الثوب: «ينضحه و يصلّي فيه»(5) و حمله في التهذيب على صيرورته عظما بعد سنة(6)، لقول الصادق (عليه السلام): «عظم الميت إذا جاز سنة فلا بأس»(7). و كل هذا يشعر بعدم النجاسة باليبوسة.

السادس عشر: لا يطهر جلد الميتة بالدباغ،

إجماعا، و به أخبار متواترة، مثل:

قول النبي صلّى اللّه عليه و آله: «لا تنتفعوا من الميتة بشيء»(8).

ص: 133


1- الكافي 61:3 ح 5، 161 ح 7.
2- الكافي 60:3 ح 4، التهذيب 262:1 ح 763، و 816:277.
3- المبسوط 37:1-38.
4- التهذيب 276:1 ح 813 و فيه: «حمار ميت».
5- الفقيه 43:1 ح 169، التهذيب 277:1 ح 815، الاستبصار 192:1 ح 674.
6- التهذيب 276:1 ذيل الحديث 813.
7- الكافي 73:3 ح 13، التهذيب 277:1 ح 814، الاستبصار 192:1 ح 673.
8- شرح معاني الآثار 468:1، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 286:2 ح 1276، نيل الأوطار 78:1 عن البخاري في تاريخه.

و قول الباقر (عليه السلام): «لا، و لا، و لو دبغ سبعين مرة»(1).

و قول الصادق (عليه السلام): «لا تصلّ في شيء منه، و لا شسع»(2).

و الشلمغاني و ابن الجنيد طهّرا بالدبغ ما كان طاهرا في حال الحياة(3) لما روي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله: «أيّما إهاب دبغ فقد طهر»(4) و لخبر شاة ميمونة(5).

و عن الصادق (عليه السلام) في جلد الميتة: «يدبغ و يتوضأ منه، و لا يصلّي فيه»(6).

و الصدوق أرسل عن الصادق (عليه السلام) في جلود الميتة: «تجعل فيها ما شئت من لبن أو سمن، و تتوضأ منه و تشرب، و لا تصلّ فيها»(7).

و لم يذكر الدبغ، و هو أغرب من الأول و أشذ، و الشاذ لا يعارض المتواتر، مع عدم معرفة صحّة السند و صحة معارضه، كصحيح عبد الرحمن بن الحجاج عن الصادق (عليه السلام): «زعموا ان دباغ جلد الميتة ذكاته، ثم لم يرضوا ان يكذبوا في ذلك الاّ على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله»(8).

و في صحاح العامة: كتب النبي صلّى اللّه عليه و آله إلى جهينة: «كنت رخصت لكم في جلود الميتة، فإذا جاءكم كتابي هذا، فلا تنتفعوا من الميتة بإهاب8.

ص: 134


1- الفقيه 160:1 ح 750، التهذيب 203:2 ح 794.
2- التهذيب 203:2 ح 793.
3- مختلف الشيعة: 64.
4- المصنف لعبد الرزاق 63:1 ح 190، مسند أحمد 219:1، سنن الدارمي 85:2، صحيح مسلم 277:1 ح 366، سنن ابن ماجة 1193:2 ح 3609، سنن أبي داود 46:4 ح 4123.
5- المصنف لعبد الرزاق 1 62 ح 184، الموطأ 498:2 ح، مسند أحمد 327:1، صحيح مسلم 276:1 ح 363، سنن أبي داود 65:4 ح 4120، سنن النسائي: 178:7.
6- التهذيب 78:9 ح 332، الاستبصار 90:4 ح 343، باختصار في الألفاظ.
7- الفقيه 9:1 ح 15.
8- الكافي 398:3 ح 5، التهذيب 204:2 ح 798.

و لا عصب» و كان ذلك قبل موته بشهر أو شهرين(1) فيكون ناسخا للمتقدم ان صح. و خبر شاة ميمونة(2) أو سودة بنت زمعة(3) مأوّل بقول الصادق (عليه السلام): «ما كان على أهلها إذ لم ينتفعوا بلحمها ان ينتفعوا بإهابها، أي:

بالذكاة، و كانت مهزولة»(4) و هو أعرف بالنقل.

و ابن الجنيد و أفق على عدم جواز الصلاة فيه و ان دبغ(5).

و لا ينتفع بجلد الميتة أيضا في اليابس، لعموم حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ اَلْمَيْتَةُ (6)، و «لا تنتفعوا»(7).

السابع عشر: الأصح وقوع الذكاة على الطاهر في حال الحياة كالسباع،

لعموم إِلاّ ما ذَكَّيْتُمْ (8) و قول الصادق (عليه السلام): «لا تصلّ فيما لا يؤكل لحمه، ذكّاه الذبح أو لم يذكّه»(9) فيتطهر بالذكاة.

و المشهور: تحريم استعماله حتى يدبغ. و الفاضلان جعلاه مستحبا، لطهارته، و إلاّ لكان ميتة فلا يطهره الدبغ(10).

و ليكن الدبغ بالطاهر، كالقرظ، و هو: ورق السلم، و الشث - بالشين

ص: 135


1- مسند أحمد 310:4، سنن أبي داود 67:4 ح 4128، الجامع الصحيح 222:4 ح 1729، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 286:2 ح 1274، السنن الكبرى 15:1.
2- راجع ص 134 الهامش 5.
3- الكافي 398:3 ح 6، و 259:6 ح 7، التهذيب 204:2 ح 799.
4- راجع الهامش السابق.
5- مختلف الشيعة: 79.
6- سورة المائدة: 3.
7- راجع ص 133 الهامش 8.
8- سورة المائدة: 3.
9- الكافي 397:3 ح 1، التهذيب 209:2 ح 818، الاستبصار 383:1 ح 1454، باختلاف في ألفاظ الحديث.
10- المعتبر 466:1، مختلف الشيعة: 65.

و الثاء المعجمتين المثلثتين - و هو: نبت طيب الريح مر الطعم يدبغ به، قاله الجوهري(1) و قيل: بالباء الموحدة تحت، و هو يشبه الزاج. و الأصل فيهما ما روي من قول النبي صلّى اللّه عليه و آله: «أ ليس في الشث و القرظ ما يطهره»(2).

و لا يجوز بالنجس، فلا يطهر عند ابن الجنيد(3).

و الأجود: انه يكفي فيما يحتاج إلى الدبغ، و لكن لا يستعمل إلاّ بعد طهارته، لقول الرضا (عليه السلام) في جلود الدارش - بالراء المهملة، و الشين المعجمة -: «لا تصلّ فيه، فإنها تدبغ بخرء الكلاب»(4).

الثامن عشر: عفي عن الدم في الثوب و البدن عما نقص عن سعة الدرهم الوافي.

و هو البغلي - بإسكان الغين - و هو منسوب الى رأس البغل، ضربه للثاني في ولايته بسكة كسرويّة، و زنته ثمانية دوانيق، و البغلية كانت تسمى قبل الإسلام الكسرويّة، فحدث لها هذا الاسم في الإسلام و الوزن بحاله، و جرت في المعاملة مع الطبريّة، و هي أربعة دوانيق، فلما كان زمن عبد الملك جمع بينهما و اتّخذ الدرهم منهما، و استقر أمر الإسلام على ستة دوانيق، و هذه التسمية ذكرها ابن دريد.

و قيل: منسوب الى بغل - قرية بالجامعين - كان يوجد بها دراهم يقرب سعتها من أخمص الراحة، لتقدم الدراهم على الإسلام.

قلنا: لا ريب في تقدّمها، و انّما التسمية حادثة، فالرجوع الى المنقول أولى.

و انما يعفى عنه لصحيح عبد اللّه بن أبي يعفور عن الصادق (عليه السلام):

«يغسله و لا يعيد صلاته، إلاّ أن يكون مقدار الدرهم مجتمعا، فيغسله و يعيد»(5)و نقل فيه الإجماع(6).

ص: 136


1- الصحاح 285:1.
2- تلخيص الحبير 293:1.
3- المعتبر 466:1، مختلف الشيعة: 65.
4- الكافي 403:3 ح 25، التهذيب 373:2 ح 1552، علل الشرائع: 345.
5- التهذيب 255:1 ح 740، الاستبصار 176:1 ح 611.
6- كالعلامة في مختلف الشيعة: 60.

و الغسل في الرواية ان وجب ينافي الحكم بالعفو.

و المتفرق، المشهور: انه عفو، و إلحاقه بالمجتمع أولى، لظاهر الخبر.

و اعتبر بعضهم المتفاحش(1) و هو: الزائد عن الحد عادة.

و سلار: يعفى عن سعته(2).

و ابن أبي عقيل: إذا كان بسعة الدينار غسله و لم يعد الصلاة(3) لحسن محمد ابن مسلم، قلت له: الدم يكون في الثوب: «لا إعادة ما لم يزد على مقدار الدرهم»(4).

و ابن الجنيد قدّر الدرهم بعقد الإبهام، و طرد الحكم في جميع النجاسات بالعفو عما دونه الا دم الحيض و المني، و قطع بان الثوب لا ينجس بذلك(5).

و يعفى عن دم الجرح و القرح لا يرقأ و ان كثر، لقول الصادق (عليه السلام): «يصلي و ان كانت الدماء تسيل»(6) و صلّى به (عليه السلام) و قال:

«لست أغسل ثوبي حتى تبرأ»(7).

فرع:

لو تعاقب هذا الدم بفترة تسع الصلاة، فالأقرب: إزالته و الصلاة، لزوال الضرورة. و يظهر من الرواية عدمه.6.

ص: 137


1- في س، ط: التفاحش.
2- المراسم: 55.
3- المعتبر 430:1، مختلف الشيعة: 60.
4- الكافي 59:3 ح 3، الفقيه 161:1 ح 758، التهذيب 254:1 ح 736، الاستبصار 175:1 ح 609، باختصار في الألفاظ.
5- مختلف الشيعة: 59.
6- التهذيب 256:1 ح 744، 348 ح 1025، الاستبصار 177:1 ح 615، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام.
7- التهذيب 258:1 ح 747، الاستبصار 177:1 ح 616.

و استثني دم الحيض في المشهور، و هو في موقوف أبي بصير: «لا تعاد الصلاة من دم لم تبصره الا دم الحيض، فإن قليله و كثيره في الثوب، لمن رآه و من لم يره، سواء»(1).

و الحق به دم الاستحاضة و النفاس(2) لتساويها(3) في إيجاب الغسل، و هو يشعر بالتغليظ، و لأنّ أصل النفاس حيض، و الاستحاضة مشتقة منه.

و ألحق الراوندي و الفاضل دم نجس العين(4) لأن نجاسته لا عفو فيها.

و أنكره ابن إدريس، قضية للظاهر(5).

فروع:

الأول: لو تفشّى الدم، فواحد إن رقّ الثوب، و الا تعدّد.

الثاني: لو أصابه نجاسة أخرى فلا عفو، و ان اصابه مائع طاهر فالعفو قوي، لأن المنجس بشيء لا يزيد عليه، و لمسّ الحاجة.

الثالث: لا فرق بين المسجد و غيره، لما مر من اعتبار التلويث.

و عفي عن مطلق النجاسة فيما لا تتم الصلاة فيه وحده، لقول الصادق (عليه السلام): «كل ما كان على الإنسان أو معه، مما لا يجوز الصلاة فيه، فلا بأس ان يصلي فيه و ان كان فيه قذر، مثل: القلنسوة، و التكّة، و النعل، و الخفين، و ما أشبه ذلك»(6). و الخبر و ان أرسل الا أنّه متأيّد بغيره و بالعمل.

و اقتصر الراوندي على ما في الرواية و الجورب(7) و لفظ «مثل»، و «ما أشبه1.

ص: 138


1- الكافي 405:3 ح 3، التهذيب 257:1 ح 745.
2- كالشيخ في المبسوط 35:1.
3- في س: لتساويهما.
4- السرائر: 35، مختلف الشيعة: 60.
5- السرائر: 35.
6- التهذيب 275:1 ح 810.
7- مختلف الشيعة: 61.

ذلك» يأباه.

و ألحق الصدوقان العمامة(1). و قيّدها بعضهم بالصغر(2). و اشترط الفاضل كونها في محالها(3) و يمنعه قوله (عليه السلام): «أو معه».

و ظاهرهم اعتبار الملابس، فلا يعفى عن محمول، و الرواية مشعرة بالعموم، و قد أومأ إليه في المعتبر(4).

و عفي عن نجاسة ثوب المربية للصبي ذات الثوب الواحد إذا غسلته كل يوم مرة، عن الصادق (عليه السلام)(5) و الليلة تابعة، و لتتحر إقلال النجاسة بجهدها. و لا يعفى عن نجاسته بغير الصبي، و الأولى: دخول الصبية، للمشقة، و لأن السؤال عن مولود، و دخول المربّي، و المتعدد.

و عفي عن خصيّ يتواتر بوله بعد غسل ثوبه مرّة في النهار، و ان ضعفت الرواية عن الكاظم (عليه السلام)(6) للحرج.

التاسع عشر: لو تعذّر الستر بغير ثوب نجس تعذّر تطهيره،

فالمشهور:

الصلاة عاريا إلا لضرورة، لقول الصادق (عليه السلام): «يطرحه و يومئ»(7).

و حمل قول الصادق و الكاظم (عليهما السلام): «يصلّى فيه»(8) على الضرورة.

و التخيير قوي، لتعارض الستر و القيام، و استيفاء الافعال و المانع.

و روى عمار عن الصادق (عليه السلام): «إعادة ما صلى فيه»(9) و تحمل على

ص: 139


1- الفقيه 42:1، الهداية: 15، و حكاه عن علي بن بابويه: العلامة في مختلف الشيعة: 61.
2- كالراوندي، كما في المعتبر 435:1.
3- تحرير الأحكام 24:1، مختلف الشيعة: 61، منتهى المطلب 174:1.
4- المعتبر 434:1.
5- الفقيه 41:1 ح 161، التهذيب 250:1 ح 719.
6- الكافي 20:3 ح 6، الفقيه 43:1 ح 168، التهذيب 353:1 ح 1051، و 425 ح 1349.
7- التهذيب 406:1 ح 1278، و 223:2 ح 882، الاستبصار 168:1 ح 583.
8- الفقيه 160:1 ح 753، 754، 756، التهذيب 224:2 ح 884، 885.
9- التهذيب 115:1 ح 1279، و 224:2 ح 886، الاستبصار 169:1 ح 587.

الندب.

و لو اشتبه النجس بغيره، صلّى فيما زاد على عدد النجس في المشهور، لحسن صفوان عن أبي الحسن (عليه السلام) في الثوبين(1) و عليه يحمل الزائد.

و نقل الشيخ الصلاة عاريا(2) و اختاره ابن إدريس، تفصّيا من شروعه شاكا في الصلاة، و الواجب مقارنة الوجه المقتضي لوجوبه(3).

قلنا: لمّا كان اليقين موقوفا على الجميع قطع بوجوب الجميع - كالصلاة إلى الجهات - فقارن وجه الوجوب، و ما أبعد ما بين الصلاة في الثوب المتيقن النجاسة و الصلاة عاريا هنا.

و لو ضاق الوقت صلّى المحتمل.

و لو كثرت الثياب و شق ذلك، فالتحرّي وجه، للحرج.

و لو حصلت أمارة تظن بها طهارة بعض، أمكن الاقتصار عليه. و الوجه:

الجميع.

و لو فقد أحد المشتبهين صلّى في الآخر و عاريا. و على القول: بجواز الصلاة في متيقن النجاسة، يكفيه الصلاة في الباقي.

العشرون: يعيد المصلّي بنجاسة في بدنه أو ثوبه مع تمكنه

من ثوب طاهر إذا كان عامدا إجماعا، للنهي المفسد للعبادة.

و لو علم ثم نسي حال الصلاة، فخبران عن الصادق (عليه السلام):

أشهرهما إطلاق الإعادة(4) و الآخر إطلاق عدمها(5).

و في مكاتبة مجهولة المروي عنه التقييد بخروج الوقت(6) و اختارها في

ص: 140


1- الفقيه 161:1 ح 757، التهذيب 224:2 ح 887.
2- المبسوط 91:1.
3- السرائر: 37.
4- التهذيب 202:2 ح 792، الاستبصار 182:1 ح 639.
5- التهذيب 424:1 ح 1345، و 360:2 ح 1492، الاستبصار 183:1 ح 642.
6- التهذيب 426:1 ح 1355، الاستبصار 184:1 ح 643.

الإستبصار(1)، لأن المطلق يحمل على المقيد، و فيه جمع ظاهر و ان كانت الإعادة خارج الوقت أظهر، لعدم الإتيان على الوجه، و التضييع بالنسيان.

و لو علم بعد الصلاة سبق النجاسة من غير سبق علم، ففيه خبران صحيحان عن الصادق (عليه السلام) بإطلاق الإعادة(2) و عدمها(3) جمع بينهما بالحمل على الوقت و خارجه.

و الأكثر على عدم الإعادة مطلقا(4) للامتثال المقتضي للإجزاء.

قال في المعتبر: و يؤيده رواية محمّد بن مسلم عن الصادق (عليه السلام) في المني و البول: «و ان نظرت في ثوبك فلم تصبه، ثم صلّيت فيه، ثم رأيته بعد، فلا إعادة عليك»(5).

و لو قيل: لا إعادة على من اجتهد قبل الصلاة و يعيد غيره أمكن، لهذا الخبر.

و لقول الصادق (عليه السلام) في المني تغسله الجارية ثم يوجد: «أعد صلاتك، امّا انك لو كنت غسلت أنت لم يكن عليك شيء»(6)، ان لم يكن احداث قول ثالث.

و لو علم بالنجاسة في أثناء الصلاة، فان لم يعلم سبقها طرحها أو غسلها ما لم يكثر الفعل و أتم، و ان احتاج الى فعل كثير استأنف، لأصالة صحة الصلاة الخالية عن معارضة التقدم. و كذا لو أصاب نجاسة في الأثناء و لا يعلم ثم زالت و علم.6.

ص: 141


1- الاستبصار 184:1.
2- التهذيب 202:2 ح 792، الاستبصار 182:1 ح 639.
3- التهذيب 254:1 ح 737، الاستبصار 182:1 ح 637.
4- راجع: النهاية: 52، المعتبر 442:1.
5- المعتبر 442:1. و الرواية في الفقيه 161:1 ح 758، التهذيب 252:1 ح 730، 223:2 ح 880.
6- الكافي 53:3 ح 2، التهذيب 252:1 ح 736.

و في المعتبر بنى ذلك على القولين(1).

امّا لو علم في الأثناء سبقها فلا إشكال في بنائه عليهما، و حينئذ لو علم بعد خروج الوقت و هو متلبس في الصلاة، أمكن عدم التفاته، مصيرا الى استلزامه القضاء المنفي قطعا، و قد نبّه عليه في المعتبر(2).

الحادي و العشرون: قال الفاضل: مراتب إيراد الماء ثلاثة:

النضح المجرد و مع الغلبة، و مع الجريان. و لا حاجة في الرش الى الجريان بل الى النضح و الغلبة، و جعل الرش لبول الرضيع، فاستحب النضح في مواضع منصوصة:

شك النجاسة، و المذي، و الكلب و الخنزير يابسين، و الفأرة الرطبة، و بول الخيل و البغال و الحمير، و عرق الجنب، و بول البعير و الشاة(3).

قلت: و الكافر يابسا، و الكلب ميتا كذلك، و ذو الجرح في المقعدة يجد الصفرة بعد الاستنجاء، عن الرضا (عليه السلام)(4).

و في المبسوط عمّم الحكم في كل نجاسة يابسة باستحباب النضح(5) و قد مرّ.

فروع:
الأول: لو حمل المصلي حيّا طاهرا غير مأكول

- كالصبي - لم تفسد الصلاة، للأصل، و الباطن معفو عنه، و لحمل (النبي صلّى اللّه عليه و آله) امامة بنت أبي العاص و هو يصلي(6) و ركب الحسين (عليه السلام) على ظهره و هو ساجد(7).

ص: 142


1- المعتبر 443:1.
2- المعتبر 433:1.
3- نهاية الإحكام 289:1.
4- الكافي 19:3 ح 3، التهذيب 46:1 ح 131، و 347 ح 1019.
5- المبسوط 38:1.
6- الموطأ 170:1، ترتيب مسند الشافعي 116:1 ح 345، صحيح البخاري 137:1، صحيح مسلم 385:1 ح 543، سنن أبي داود 241:1 ح 917، سنن النسائي 10:3.
7- السنن الكبرى 263:2.

و لو حمل قارورة مشدودة الرأس بالرصاص فيها نجاسة، تردد فيه الشيخ في الخلاف(1) و قطع في المبسوط بالفساد، و قال: لو حمل لبنا نجسا لم تجز صلاته، لأنه حامل لنجاسة(2).

و جوّزه في المعتبر، لأنّه محمول لا تتم فيه الصلاة منفردا، و طالب بدليل منع نجاسة المحمول ما لم تتصل بالثوب و البدن(3).

و في خبر علي بن جعفر عن أخيه الكاظم (عليه السلام) - قلع الثؤلول و نتف اللحم في الصلاة(4) - تنبيه على قوله رحمه اللّه.

و على قوله لا حاجة الى شدّ رأسها إذا أمن التعدي، و من اشترطه من العامّة لم يقل بالعفو عما لا تتمّ الصلاة فيه وحده، بل مأخذه القياس على حمل الحيوان(5).

و لو كان مذبوحا فكالقارورة، لصيرورة الظاهر و الباطن سواء بعد الموت.

الثاني: لا يضرّ الحبل المشدود في نجاسة

و ان تحركت بحركته، لعدم اللبس و الحمل، و كذا لو نجس طرف ثوبه الذي لا يقلّه إذا قام - كالعمامة - لخروجه عن حدّ ثوبه الساتر له، قاله في المبسوط(6) و تبعه في المعتبر(7).

الثالث: لو جبر بعظم نجس

وجب قلعه إجماعا، ما لم يخف التلف أو المشقة لنبات اللحم عليه، للحرج. فلو صلّى به مع إمكان القلع بطلت.

قال الشيخ: لأنّه حامل للنجاسة، و يجبره السلطان على ذلك. و لو مات

ص: 143


1- الخلاف 503:1 المسألة: 244.
2- المبسوط 94:1.
3- المعتبر 443:1.
4- الفقيه 164:1 ح 775، التهذيب 378:2 ح 1576، الاستبصار 404:1 ح 1542.
5- المجموع 150:3.
6- المبسوط 94:1.
7- المعتبر 432:1.

قبله لم يجز قلعه، لسقوط التكليف(1).

و يمكن عدم الوجوب مع اكتساء اللحم، لالتحاقها بالباطن.

و حكم الخيط النجس في الجرح حكم العظم.

و ليس له إنبات سنّ نجسة مكان سنّه، و يجوز الطاهرة. و لو كانت سن آدمي، أو جبر بعظم آدمي، أمكن الجواز لطهارته، و لتجويز الصادق (عليه السلام) أخذ سنّ الميت لمن سقطت سنه(2). و ردّ سنّه الساقطة أولى بالجواز، لطهارتها عندنا.

و يمكن المنع في العظم لوجوب دفنه، و إن أوجبنا دفن السنّ توجّه المنع أيضا.

الرابع: حكم في المبسوط بنجاسة تراب القبر المختلط بالميت،

و لو شكّ في اختلاطه استحبّ اجتنابه(3). فكأنّه يرى طهارة ظاهر الميت بالغسل خاصة، و لا يحكم بالطهارة بالاستحالة. و الظاهر: أنّه لمخالطة الدم النجس و غيره، و حكى ذلك عنه في المعتبر(4)، و حمله على قبر كافر بعيد.

الخامس: لو شرب خمرا أو نجسا أو أكل ميتة غير مضطرّ،

أو أدخل دما نجسا أو شبهه تحت جلده، أمكن وجوب إخراج ذلك، لتحريم الاغتذاء به، و انه نجاسة لا لضرورة، و به قطع الفاضل رحمه اللّه(5). و وجه العدم: التحاقه بالباطن، و عليه تتفرّع صحّة الصلاة به.

و في الجمع بين بطلان الصلاة هنا، و صحتّها مع حمل الحيوان غير المأكول بعد، لاختيار حمله نجاسة باطنة فيهما، و إمكان الإزالة. و على قول المحقق في المعتبر(6) تنسحب الصحة في الجميع.

ص: 144


1- المبسوط 92:1.
2- التهذيب 78:9 ح 332.
3- المبسوط 93:1.
4- المعتبر 452:1.
5- تذكرة الفقهاء 98:1.
6- تقدم قوله في ص 143 الهامش 3.
خاتمة: الآنية خمسة:
إحداها: المتّخذة من الذهب و الفضة.

و يحرم استعمالها في الأكل و الشرب إجماعا.

و في الخلاف: يكره استعمالها(1) و الظاهر: انه يريد التحريم كقوله في المبسوط(2).

و لقول النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في جوفه نار جهنم»(3)، اي: يحدر أو يردد.

و قوله (صلّى اللّه عليه و آله): «لا تشربوا في آنية الذهب و الفضة، و لا تأكلوا في صحافها، فإنها لهم في الدنيا، و لكم في الآخرة»(4) و هو يدل بالإيماء على تحريم استعمالها مطلقا - كالبخور، و الاكتحال، و الطهارة - و ذكر الأكل و الشرب للاهتمام، و كذا قول الصادق (عليه السلام): «لا تأكلوا في آنية الذهب و الفضة»(5).

و لنهي الباقر (عليه السلام) عن آنية الذهب و الفضة(6) و النهي انما يتعلق بالمنافع، و لقول الكاظم (عليه السلام): «آنية الذهب و الفضة متاع الذين لا يوقنون»(7)، و فيهما إيماء إلى تحريم اتخاذها مطلقا.

و لما فيه من السرف و تعطيل الإنفاق.

ص: 145


1- الخلاف 69:1 المسألة 15.
2- المبسوط 13:1.
3- صحيح البخاري 146:7، صحيح مسلم 1634:3 ح 2065، السنن الكبرى 28:1.
4- صحيح البخاري 99:7، 147، صحيح مسلم 1638:3 ح 2067، السنن الكبرى 1: 28.
5- الكافي 267:6، ح 1، التهذيب 90:9 ح 384.
6- المحاسن: 581 ح 59، الكافي 6: ح 4، التهذيب 90:9 ح 385.
7- الكافي 268:6، المحاسن: 582، 62.

و لتزيين المجالس أولى بالتحريم، لعظم الخيلاء به، و كسر قلوب الفقراء.

و في المساجد و المشاهد نظر، لفحوى النهي، و شعار التعظيم.

و في المفضّض خبران عن الصادق (عليه السلام): انه كره الشرب في الفضة و القداح المفضّضة، و أن يدّهن في مدهن مفضّض(1) و العطف على الشرب في الفضة مشعر بإرادة التحريم.

و قوله (عليه السلام) في التور(2) يكون فيه تماثيل أو فضة: «لا يتوضأ منه، و لا فيه»(3) و النهي للتحريم، و قوله (عليه السلام): «لا بأس بالشرب في المفضّض، و اعزل فاك عن موضع الفضة»(4) فالجمع بالحمل على الكراهية، و استعمال اللفظ فيها و في التحريم في الأول، مجاز يصار إليه بقرينة.

و الأقرب: وجوب عزل الفم، للأمر به.

و في المعتبر: يستحب، لقول الصادق (عليه السلام) في القدح ضبته فضة: «لا بأس، إلاّ أن تكره الفضة فتنزعها منه»(5). و دلالته غير واضحة، لعدم التصريح باستعمال موضع الفضة، و لإمكان اختصاصه بالضبة، و هي: ما يشعب بها الإناء.

أما نحو الحلقة للقصعة، و قبيعة السيف(6) و السلسلة، فإنّه جائز، لما روي في حلقة قصعة النبي (صلّى اللّه عليه و آله)(7)، و قبيعة سيفه(8) و أنف عرفجة بن2.

ص: 146


1- المحاسن 582، الكافي 267:6 ح 5، الفقيه 222:3 ح 1032، التهذيب 90:9 ح 387.
2- التور: إناء صغير من صفر و خزف يشرب منه و يتوضأ فيه. مجمع البحرين - مادة تور.
3- التهذيب 425:1 ح 1353.
4- التهذيب 91:9 ح 392.
5- المعتبر 455:1. و حديث الصادق (عليه السلام) في التهذيب 91:9 ح 391، المحاسن: 582.
6- قبيعة السيف: ما على مقبضه من فضة أو حديد. مجمع البحرين - مادة قبع.
7- لاحظ: صحيح البخاري 147:7، نيل الأوطار 84:1.
8- مسند أحمد 168:5، سنن الدارمي 221:2.

أسعد(1) بإذن النبي (صلّى اللّه عليه و آله)، ثم اتخذه من ذهب لما أنتن(2).

و كان للكاظم (عليه السلام) مرآة عليها فضة(3).

و قال الصادق (عليه السلام): «كان نعل سيف(4) رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و قائمته فضة(5)، و بين ذلك حلق من فضة، و لدرعه ثلاث حلقات من فضّة: قدامها، و ثنتان خلفها»(6).

و في طريق قوي عن الصادق (عليه السلام): «تحلية السيف بالذهب و الفضة»(7).

و في طريق فيه سهل بن زياد عن الصادق (عليه السلام): «ليس بحلية المصاحف و السيوف بالذهب و الفضة بأس»(8).

و عن محمد الوراق: انه عرض على الصادق (عليه السلام) قرآنا معشرا بالذهب، و في آخره سورة مكتوبة بالذهب، فلم يعب سوى كتابة القرآن بالذهب، و قال: «لا يعجبني أن يكتب القرآن الا بالسواد كما كتب أول مرة»(9)و عن الصادق (عليه السلام) في ماء الذهب: «لا بأس»(10).

و في التذكرة: يحرم ان انفصل منه شيء بالنار(11).1.

ص: 147


1- عرفجة بن أسعد بن كريب التميمي: له صحبة و معدود في أهل البصرة، أصيب أنفه يوم الكلاب في الجاهلية، فاتخذ أنفا من ورق فأنتن، فأمره النبي صلّى اللّه عليه و آله - كما نقل في ترجمته بأن يتخذ أنفا من ذهب. راجع أسد الغابة 40:3، تهذيب التهذيب 160:7.
2- مسند أحمد 23:5، مسند أبي داود: 177.
3- المحاسن: 582، الكافي 267:6 ح 2، عيون أخبار الرضا 19:2، التهذيب 91:9 ح 390.
4- نعل السيف: ما يكون في أسفل جفنه من حديدة أو فضة. الصحاح - مادة نعل.
5- قائم السيف و قائمته: مقبضه. الصحاح - مادة قوم.
6- الكافي 475:6 ح 4.
7- الكافي 475:6 ح 5، باختصار في الألفاظ.
8- الكافي 475:6 ح 7.
9- الكافي 460:2 ح 8، التهذيب 367:6 ح 1056.
10- الكافي 476:6 ح 10.
11- تذكرة الفقهاء 68:1.

فروع:

الأول: لا يقطع بتعليل التحريم: بالخيلاء و الفخر و كسر قلوب الفقراء لما يتضمن من السرف و تعطيل المال، لتخلّفه في آنية الجواهر، فيمكن كونه تعبّدا محضا.

الثاني: لا يحرم المأكول و المشروب و إن حرم الاستعمال، لعدم تناول النهي المستعمل، و يخرج عن المعصية بوضعه في غير الإناء، أو بتوبته ثم أكله.

و عن المفيد - رحمه اللّه - تحريمه(1) و يلوح من كلام أبي الصلاح(2). و حديث «يجرجر»(3) محمول على انّه سبب في دخول النار، لامتناع إرادة الحقيقة.

الثالث: التحريم يعمّ النساء إجماعا، قاله في التذكرة، لوجود المقتضي، و لا يلزم من إباحة التحلّي لهن للحاجة إباحة ذلك(4).

الرابع: لا يشترط في تحريم المجمرة(5) اشتماله عليها، بل يكفي مجرد وضع البخور فيها للرائحة، لأنه استعمال.

الخامس: لا تبطل الطهارة منها و لا فيها و ان حرم، لأنّ النهي عن أمر خارج، إذ أخذ الماء ليس جزءا من الطهارة، إذ الشروع فيها بعد وضعه على العضو و صبّ الماء فيها أبلغ في الخروج عن الطهارة. و الفرق بينه، و بين الصلاة في المغصوب: أنّ التصرّف بالقيام و القعود جزء من الصلاة منهي عنه.

السادس: الأقرب: تحريم المكحلة منهما و ظرف الغالية(6)و ان كانت بقدرا.

ص: 148


1- المقنعة: 90.
2- الكافي في الفقه: 278.
3- تقدم في ص 145 الهامش 3.
4- تذكرة الفقهاء 67:1.
5- المجمرة: اسم الشيء الذي يجعل فيه الجمر. الصحاح - مادة جمر.
6- الغالية: ضرب من الطيب مركّب من مسك و عنبر و كافور و دهن البان و عود، و ظرف الغالية: قارورتها. مجمع البحرين - مادة غلا.

الضبة، لصدق الإناء، أما الميل فلا. و لو موّههما(1) بغيرهما حرم، لأنّهما منهما، و العلّة بالفخر و كسر القلب لم تثبت.

السابع: لا يضمن كاسرها الأرش، لأنه لا حرمة لها.

الثامن: هل ضبّة الذهب كالفضة؟ يمكن ذلك كأصل الإناء، و المنع، لقوله (عليه السلام) في الذهب و الحرير: «هذان محرّمان على ذكور أمتي»(2).

التاسع: يصح بيع هذه الآنية، و على المشتري سبكها.

العاشر: لا كراهية في الشرب عن كوز فيها خاتم فضّة، أو إناء فيه دراهم، لعدم الاسم.

و ثانيها: المتّخذ من غير هذين من المعادن و الجواهر،

فيجوز و ان علا ثمنه، للأصل، و لعدم إدراك العامة نفاستها و عدم نفقتها.

و ثالثها: المتّخذ من العظام،

و يشترط طهارة الأصل، فعظم الثلاثة يحرم اتخاذه، و ان أخذ من ميتة وجب تطهيره، و ان لا يكون عظم آدمي، لوجوب دفنه و حرمته. و في حكمه: القرن، و الظلف، و الشعر، و الوبر، و الصوف.

و رابعها: المتّخذ من الجلد،

و يشترط طهارة الأصل، و التذكية.

و خامسها: المتّخذ من غير هذه،

و لا ريب في جوازه.

و يلحق بذلك النظر في آداب الحمّام و الاستطابة:
الأوّل: آداب الحمام

لا يكره اتخاذ الحمّام، و لا بيعه، و لا شراؤه، للأصل، و كان للباقر (عليه السلام) حمام(3).

و يستحب الاستحمام، لدخول النبي (صلّى اللّه عليه و آله) حمّام الجحفة(4)

ص: 149


1- موّهت الشيء: إذا طليته بفضة أو ذهب. الصحاح - مادة موه.
2- المصنف لابن أبي شيبة 163:8، مسند أحمد 96:1، 115، سنن ابن ماجة 1189:2 ح 3595، سنن أبي داود 50:4 ح 4057، سنن النسائي 160:8، مسند أبي يعلى 235:1 ح 272.
3- الكافي 497:6 ح 7، الفقيه 65:1 ح 250.
4- ترتيب مسند الشافعي 314:1 ح 816.

و دخول علي (عليه السلام)(1)، و كان الباقر (عليه السلام) يدخل حمّامه(2).

و قال علي (عليه السلام): «نعم البيت الحمّام، تذكر فيه النار، و يذهب بالدرن»(3).

و ما روي عنه و عن الصادق (عليهما السلام): «بئس البيت الحمّام، يهتك الستر، و يذهب بالحياء، و يبدي العورة»(4) فالمراد به مع عدم المئزر.

و لتمنع منه النساء إلاّ منفردات، و عليه يحمل نهي النبي (صلّى اللّه عليه و آله)(5)، و يجوز مع العذر، و تخف الكراهية بالائتزار و إن اجتمعن، عن علي (عليه السلام)(6).

و ليكن يوم الأربعاء - عن الصادق (عليه السلام)(7) - و الجمعة أفضل.

و ليدخله بمئزر، لأمر النبي (صلّى اللّه عليه و آله) به، و كذا سائر المياه، لأنّ لها أهلا(8). و ليعمّ الفخذين، لقول الصادق (عليه السلام): «هما من العورة»(9).

و لو اغتسل خاليا فالستر أفضل و ان كان جائزا. نعم، يجب ستر الفرج، و غضّ البصر و لو عن عورة الكافر، و فيه خبر عن الصادق (عليه السلام)ة.

ص: 150


1- التهذيب 377:1 ح 1166.
2- الكافي 497:6 ح 7، التهذيب 65:1 ح 26.
3- الكافي 496:6 ح 1، الفقيه 63:1 ح 237
4- الفقيه 63:1 ح 238، 239.
5- الفقيه 63:1 ح 240، مسند أحمد 20:1، 321:2.
6- التهذيب 374:1 ح 1146.
7- الفقيه 77:1 ح 345.
8- الفقيه 60:1 ح 225، 226.
9- لعل الشيخ المصنف (قدّس سرّه) انفرد برواية هذه اللفظة، إذ الذي عثرنا عليه في المصادر بلفظ: «كشف السرة و الفخذ و الركبة في المسجد من العورة» كما في قرب الاسناد: 215، و التهذيب 3: 263-742، أو بلفظ «ليس للرجل أن يكشف ثيابه عن فخذه» كما في الخصال 630:2 قطعة من حديث الأربعمائة.

بالجواز(1). و النورة سترة، عن الباقر (عليه السلام)(2).

و لو ترك الستر متعمدا قادرا، فالأشبه: صحة غسله، للامتثال، و خروج المنهي عنه عن حقيقة الغسل.

و ليقل ما نقل عن الصادق (عليه السلام): «فعند نزع الثّياب: اللّهم انزع عني ربقة النفاق، و ثبّتني على الإيمان. و عند دخول البيت الأول: اللّهم إني أعوذ بك من شر نفسي، و أستعيذ بك من أذاه. و عند دخول البيت الثاني: اللّهم أذهب عني الرجس النجس، و طهّر جسدي و قلبي.

ثم يضع الماء الحار على هامته و رجليه، و ابتلاع جرعة منه ينقي المثانة.

و يلبث ساعة في البيت الثاني، و يقول في الثالث - مكررا الى خروجه -: اللّهم إني أعوذ بك من النار، و أسألك الجنة. و ليترك الماء البارد، لأنّه يضعف البدن الا على القدمين، فإنه يسل الداء من الجسد. و عند لبس الثياب: اللّهم ألبسني التقوى، و جنبني الرّدى. فإذا قال ذلك أمن من كل داء»(3).

و لا بأس بالقراءة فيه للمؤتزر - بلا ترديد الصوت - عن الباقر (عليه السلام)، و خصّ نهي علي (عليه السلام) بالعريان(4).

و لا بأس بالمباشرة، عن الكاظم (عليه السلام)(5).

و نهى الصادق (عليه السلام) عن الاتكاء فيه، و التسريح، و غسل الرأس بالطين، اما مطلقا أو طين مصر، و الدّلك بالخزف مطلقا أو بخزف الشام، و مسح الوجه بالإزار، و السواك فيه، معللا: بإذابة شحم الكليتين، و وباء الشعر، و تسميج الوجه، و البرص، و ذهاب ماء الوجه(6).3.

ص: 151


1- الكافي 501:6 ح 27، الفقيه 63:1 ح 236.
2- الكافي 497:6 ح 7، الفقيه 65:1 ح 250.
3- الفقيه 62:1 ح 232، أمالي الصدوق: 297.
4- الكافي 502:6 ح 32 الفقيه 63:1 ح 233، و عبارة: «بلا ترديد الصوت» ليست من الحديث.
5- الكافي 502:6 ح 31، الفقيه 63:1 ح 234، التهذيب 375:1 ح 1155.
6- الكافي 501:6 ح 24، الفقيه 64:1 ح 243.

و نهى الكاظم (عليه السلام) عن دخوله على الريق(1) قال: «و إدمانه كل يوم يذيب شحم الكليتين، و غبّا يكثر اللحم»(2). و عن الصادق (عليه السلام):

دخوله على البطنة يهدم البدن(3).

و أمر الصادق (عليه السلام) بالتعمم عند الخروج، ففعله المأمور شتاء و صيفا(4).

و يستحب الإطلاء خالعا للمئزر، و ليباشر العورة بنفسه، لفعل الصادق (عليه السلام)(5). و نهى عن إخلاء الحمام له، لخفّة مئونة المؤمن(6).

و ليسلّم ذو المئزر لا غير، لتسليم الكاظم (عليه السلام) مؤتزرا(7).

و يستحبّ الخضاب، تأسّيا بالنبي (صلّى اللّه عليه و آله)(8). و يجوز تركه، تأسيا بعلي (عليه السلام)، عن زين العابدين (عليه السلام)(9).

و عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله): «الحناء يجلي البصر، و يكثر الشعر، و يطيب الروح، و يسكن الزوجة»(10).

و عن الصادق (عليه السلام): «يذهب بالسهك(11) و يزيد ماء الوجه، و يطيب النكهة، و يحسن الولد»(12).1.

ص: 152


1- الفقيه 64:1 ح 245.
2- الكافي 496:6 ح 2، الفقيه 65:1 ح 247.
3- المحاسن: 463، الكافي 314:6 ح 6، الفقيه 72:1 ح 300.
4- الكافي 500:6 ح 17، الفقيه 65:1 ح 246.
5- الفقيه 65:1 ح 248.
6- الكافي 503:6 ح 37، الفقيه 65:1 ح 249.
7- قرب الاسناد: 131، الفقيه 65:1 ح 251، التهذيب 374:1 ح 1147.
8- الكافي 497:6 ح 8، الفقيه 66:1 ح 252.
9- الكافي 497:6 ح 8، الفقيه 66:1 ح 252.
10- الكافي 483:6 ح 4، الفقيه 68:1 ح 272، و فيهما: «يطيب الريح».
11- السهك: ريح كريهة توجد من الإنسان إذا عرق. مجمع البحرين - مادة سهك.
12- الكافي 484:6 ح 5، الفقيه 69:1 ح 273، ثواب الأعمال: 38، التهذيب 376:1 ح 1161.

و اختضب الكاظم (عليه السلام) بالسواد، و قال: «ان في الخضاب أجرا، و زيادة في عفّة النساء»(1).

و كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و الباقر يخضبان بالكتم(2).

و روي: «انه كان في رأس رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و لحيته سبع عشرة شيبة»(3).

و عن الصادق (عليه السلام): «لا بأس بالخضاب كله»(4) يعني: ألوانه كلها.

و قتل الحسين (عليه السلام) مخضوبا بالوسمة(5).

و عن الصادق (عليه السلام): «تجعل نورة على طرف الأنف، و يقال:

اللّهم ارحم سليمان بن داود (عليه السلام) كما أمرنا بالنورة، فلا تحرقه»(6).

و ليقم المتنوّر لخوف الفتق على الجالس(7) و هو: علّة و نتوء في مراق البطن.

و يجوز الاطلاء للجنب.

و عن علي (عليه السلام): يتوقى يوم الأربعاء لا غير(8)، و روي أيضا يوم الجمعة خوف البرص فيه(9).7.

ص: 153


1- الكافي 480:6 ح 1 الفقيه 69:1 ح 276.
2- الكافي 481:6 ح 7، الفقيه 69:1 ح 279. و الكتم: نبت يخلط بالوسمة يختضب به. الصحاح - مادة كتم.
3- الفقيه 69:1 ح 278.
4- الفقيه 69:1 ح 275.
5- الكافي 483:6 ح 5. الوسمة - بكسر السين - العظلم يختضب به، و العظلم: نبت يصبغ به: الصحاح - مادتي وسم، عظلم.
6- الكافي 506:6 ح 13، الفقيه 67:1 ح 256.
7- الفقيه 67:1 ح 257.
8- الفقيه 68:1 ح 266، الخصال: 388.
9- الفقيه 68:1 ح 267.

و السنّة فيها كل خمسة عشر يوما، عن علي (عليه السلام)(1) و نهى النبي (صلّى اللّه عليه و آله) عن ترك العانة أربعين، و للمرأة عشرون(2).

و عن الصادق (عليه السلام) في شعر الإبط: «حلقه أفضل من نتفه، و طليه أفضل من حلقه»(3).

و عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله): «من اطلى و اختضب بالحناء، آمنه اللّه من الجذام و البرص و الأكلة(4) إلى طلية مثلها»(5).

و روي نفي الفقر إذا تدلّك المطلي بالحناء مستوعبا الى قدمه(6).

و يتأكد الخضاب للنساء و ان طعن في السن(7).

و قال رسول اللّه لعلي (عليهما الصلاة و السلام): «درهم في الخضاب أفضل من الف درهم في سبيل اللّه، و فيه أربعة عشر خصلة: يطرد الريح من الأذنين، و يجلو البصر، و يلين الخياشيم، و يطيب النكهة، و يشد اللثة، و يذهب بالضنى(8)- و روي: بالصفار، و روي: الغثيان - و يقل وسوسة الشيطان، و تفرح به الملائكة، و يستبشر به المؤمن، و يغيظ به الكافر و هو زينة و طيب، و يستحي منه منكر و نكير، و هو براءة له في قبره»(9).

و عن النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «الحلق يزيد في الجمال»(10).7.

ص: 154


1- الكافي 506:6 ح 8، الفقيه 67:1 ح 258.
2- الكافي 506:6 ح 11، الفقيه 67:1 ح 260.
3- الفقيه 68:1 ح 263.
4- الأكلة - بالكسر -: الحكّة. الصحاح - مادة أكل - الأكلة - مقصور -: داء يقع في العضو فيأتكل منه. لسان العرب، مادة أكل.
5- الفقيه 68:1 ح 269، ثواب الأعمال: 39.
6- الكافي 509:6 ح 3، الفقيه 68:1 ح 271، التهذيب 376:1 ح 1161.
7- الفقيه 70:1 ح 283.
8- الضّنى: المرض. الصحاح - مادة ضنا.
9- الكافي 482:6 ح 12، الفقيه 70:1 ح 285، و 267:4 ح 821، الخصال: 497.
10- الفقيه 71:1 ح 287.

و عن الصادق (عليه السلام): «غسل الرأس بالخطمي في كل جمعة أمان من البرص و الجنون»(1).

و عنه (عليه السلام): «انه ينفي الفقر و يزيد في الرزق»(2).

و عن الكاظم (عليه السلام): «غسل الرأس بالسدر يجلب الرزق»(3).

و عن الصادق (عليه السلام): «اغسلوا رءوسكم بورق السدر، فإنه قدّسه كل ملك مقرّب و كل نبي مرسل. و من غسل رأسه بورق السدر، صرف اللّه عنه وسوسة الشيطان سبعين يوما، و من صرف عنه وسوسة الشيطان لم يعص، و من لم يعص دخل الجنة»(4).

و عن الحسن (عليه السلام) للخارج من الحمام: «طاب ما طهر منك، و طهر ما طاب منك»(5).

و عن الصادق (عليه السلام): «طاب حمامك، و جوابه: أنعم اللّه بالك»(6).

و عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله): «داو الدم بالحجامة، و البلغم بالحمام، و المرّة(7) بالمشي»(8).

و يجوز التدلّك في الحمام بالدقيق الملتوت بالزيت و السويق و النخالة، و لا سرف فيما ينفع البدن، انما السّرف فيما أتلف المال و أضرّ بالبدن، حسب ما روي عن الصادق (عليه السلام)(9).0.

ص: 155


1- الكافي 504:6 ح 2، الفقيه 71:1 ح 290، التهذيب 236:3 ح 624.
2- ثواب الأعمال: 36.
3- الكافي 504:6 ح 6، الفقيه 72:1 ح 295، ثواب الأعمال: 36.
4- الفقيه 72:1 ح 296، ثواب الأعمال: 37.
5- الكافي 500:6 ح 21، الفقيه 72:1 ح 297.
6- الفقيه 72:1 ح 298.
7- المرّة: مزاج من أمزجة البدن، و هي إحدى الطبائع الأربعة. الصحاح و القاموس - مادة مرر.
8- الفقيه 72:1 ح 299.
9- الكافي 499:6 ح 14، التهذيب 376:1 ح 1160.

و يكره دخول الولد مع أبيه الحمام(1) و دخول الباقر مع أبيه، لعصمتهما(2).

الثاني: في الاستطابة،
اشارة

و هي نوعان:

الأول: المطلقة،

و قد مر بعضها كالخضاب و ازالة الشعر، و منها: الطيب، و تقليم الأظفار يوم الجمعة، و أخذ الشارب، و عن الصادق (عليه السلام): انهما أبلغ في استنزال الرزق من التعقيب الى طلوع الشمس(3).

و روى هشام بن سالم عن الصادق (عليه السلام): «القلم يوم الجمعة أمان من الجذام و البرص و العمى، و ان لم تحتج فحكّها حكا»(4). و في خبر آخر: «و ان لم تحتج فأمرّ عليها السّكين و المقراض»(5).

و روى عبد الرحيم القصير عن أبي جعفر (عليه السلام): «من أخذ من أظفاره و شاربه كل جمعة، و قال حين يأخذه: بسم اللّه و باللّه و على سنّة محمد و آل محمد (عليهم السلام)، لم تسقط منه قلامة و لا جزازة إلا كتب اللّه له بها عتق نسمة، و لم يمرض إلاّ مرضة الموت»(6).

و عن الصادق (عليه السلام): «من قلّم و جزّ طهر إلى الجمعة الأخرى»(7).

و عنه (عليه السلام): «من قلّم يوم الخميس، و أبقى واحدا للجمعة، نفى اللّه عنه الفقر»(8).

و روي: «البدأة يوم الجمعة بخنصر اليسرى، و الختم بخنصر اليمنى»(9).

ص: 156


1- الكافي 501:6 ح 23.
2- الكافي 497:6 ح 8، الفقيه 66:1 ح 252.
3- الفقيه 74:1 ح 311، التهذيب 238:3 ح 630.
4- الكافي 490:6 ح 2، الفقيه 73:1 ح 302، الخصال: 391.
5- الفقيه 73:1 ح 303.
6- الكافي 491:6 ح 9، الفقيه 73:1 ح 304، التهذيب 237:3 ح 627.
7- الكافي 490:6 ح 8، الفقيه 73:1 ح 307.
8- الفقيه 74:1 ح 310، ثواب الأعمال: 41، الخصال 390:2.
9- الفقيه 73:1 ح 305.

و عن الباقر (عليه السلام): «القلم يوم الخميس يدفع الرمد عن الولد»(1)، و روى «يدفع الرمد» مطلقا(2).

و عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله): «من قلم في السبت و الخميس و جز الشارب، عوفي من وجع الضرس و العين»(3).

و عن الصادق (عليه السلام) في تعيين يوم لقلمها: «قصّها إذا طالت»(4).

و يسنّ دفن الشعر و الظفر و الدم(5). و يكره القلم بالسن. و يستحب حك الظفر بعد قصّه و تحسين قصّه.

و الختان واجب في الرجال، مكرمة في النساء. و يستحب عدم الاستيصال، لأنّه أنور للوجه.

و عن الصادق (عليه السلام): «أربعة من أخلاق الأنبياء: التطيّب، و التنظيف بالموسى، و حلق الجسد بالنّورة و كثرة الطروقة(6).

و قال (عليه السلام): «قلّموا أظفاركم يوم الثلاثاء، و استحمّوا يوم الأربعاء، و أصيبوا من الحجامة حاجتكم يوم الخميس، و تطيّبوا بأطيب طيبكم يوم الجمعة»(7).

و قال (عليه السلام): «ليتزيّن أحدكم يوم الجمعة، و يغتسل و يتنظف(8)و يسرّح، و يلبس أنظف ثيابه، و ليتهيأ للجمعة، و ليكن عليه في ذلك اليوم السكينة و الوقار»(9).2.

ص: 157


1- الفقيه 74:1 ح 312.
2- الفقيه 74:1 ح 311.
3- الفقيه 74:1 ح 313، ثواب الأعمال: 41.
4- الفقيه 74:1 ح 315.
5- الفقيه 74:1 ح 318.
6- الفقيه 77:1 ح 344.
7- الفقيه 77:1 ح 354، عيون أخبار الرضا 279:1، الخصال: 391.
8- في المصادر: يتطيب.
9- الكافي 417:3 ح 1، الفقيه 64:1 ح 244، التهذيب 10:3 ح 32.

و قال (عليه السلام): «غسل يوم الجمعة طهور، و كفارة لما بينهما من الذنوب»(1) يعني: الجمعة إلى الجمعة.

و عن الرضا (عليه السلام) في قوله تعالى خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ منه: «التمشّط للصلاة»(2).

و قال الصادق (عليه السلام): «مشط الرأس يذهب بالوباء، و مشط اللحية يشدّ الأضراس»(3).

و قال الكاظم (عليه السلام): «إذا سرّحت لحيتك و رأسك، فأمرّ المشط على صدرك، فإنه يذهب بالوباء و الهم»(4).

و قال الصادق (عليه السلام): «من سرّح لحيته سبعين مرة، و عدّها مرة مرة، لم يقربه الشيطان أربعين يوما»(5).

و قال الكاظم (عليه السلام): «تمشّطوا بالعاج فإنه يذهب بالوباء»(6) بالباء الموحدة تحت و الهمزة، و روى البرقي بالنون و القصر(7) و هو: الضعف(8).

و يجوز مشط العاج، عن الصادق (عليه السلام)(9)، كما روي عن الكاظم (عليه السلام)(10).

و قال الصادق (عليه السلام) لإسحاق بن عمار: «استأصل شعرك، يقل6.

ص: 158


1- الفقيه 61:1 ح 229.
2- الكافي 489:6 ح 7، الفقيه 75:1 ح 319. و الآية في سورة الأعراف: 31.
3- الكافي 488:1 ح 1، الفقيه 75:1 ح 320.
4- الكافي 489:6 ح 8، الفقيه 75:1 ح 321.
5- الكافي 489:6 ح 10، الفقيه 75:1 ح 322، ثواب الأعمال: 40.
6- الكافي 488:6 ح 3، الفقيه 323:75:1.
7- أي: الونى.
8- الفقيه 75:1 ح 325.
9- الكافي 489:6 ح 11.
10- راجع الهامش 6.

درنك و دوابك و وسخك، و تغلظ رقبتك، و يجلو بصرك»، و في رواية: «و يستريح بدنك»(1).

و عن الصادق (عليه السلام): «حلق القفا يذهب بالغم»(2).

و قال النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «من اتّخذ شعرا، فليحسن ولايته، أو ليجزّه»(3).

و قال (عليه الصلاة و السلام): «الشعر الحسن من كسوة اللّه تعالى فأكرموه»(4).

و قال الصادق (عليه السلام): «من اتخذ شعرا فلم يفرقه، فرقه اللّه بمنشار من نار. و كان شعر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) وفرا لم يبلغ الفرق»(5)، و هو الى شحمة الاذن.

و قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله): «حفوا الشوارب، و أعفوا اللحى، و لا تتشبهوا باليهود»(6).

و قال (صلّى اللّه عليه و آله): «ان المجوس جزّوا لحاهم و وفروا شواربهم، و اما نحن نجزّ الشوارب و نعفي اللحى، و هي: الفطرة»(7).

و قال الصادق (عليه السلام): «ما زاد من اللحية عن القبضة فهو في النار»(8).5.

ص: 159


1- الكافي 484:6 ح 2، الفقيه 75:1 ح 327.
2- الكافي 485:6 ح 7.
3- الكافي 485:6 ح 2، الفقيه 75:1 ح 328.
4- الفقيه 76:1 ح 329.
5- الفقيه 76:1 ح 330، 331.
6- الفقيه 76:1 ح 332.
7- الفقيه 76:1 ح 334.
8- الكافي 486:6 ح 2، الفقيه 76:1 ح 335.

و قال (عليه السلام): «تقبض على لحيتك بيدك و تجزّ ما فضل»(1).

و يكره نتف الشيب، لنهي النبي (صلّى اللّه عليه و آله) عنه(2)، و قال:

«الشيب وقار»(3)، و كان علي (عليه السلام) لا يرى بجزّه بأسا(4).

و أخذ شعر الأنف يحسن الوجه، عن الصادق (عليه السلام)(5).

و قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) للنساء: «اتركن من أظافيركنّ فإنه أزين لكنّ»(6).

و قال الصادق (عليه السلام): «لا ينبغي للمرأة ان تعطّل نفسها و لو ان تعلّق في عنقها قلادة»(7).

و روي: ان النبي (صلّى اللّه عليه و آله) لعن الواصلة و المستوصلة، و الواشمة و المستوشمة، و الواشرة و المستوشرة، و في رواية بدل الواشمة «النامصة و المنتمصة»(8)، أي: للشعر، و غرز البدن بإبرة و اتباعه بخضاب، و ترقيق الأسنان.

و تنميص الشعر في الفاعلة و القابلة لا لنجاسة الشعر.

قيل: و لا تحريم نظره إذا كان من أجنبية، بل للتهمة لغير المزوّجة و التدليسة.

ص: 160


1- الكافي 487:6 ح 3، الفقيه 76:1 ح 337.
2- الجعفريات: 156، دعائم الإسلام 125:1، سنن الترمذي 125:5-2821، سنن أبي داود 85:4-4202، سنن ابن ماجة 1226:2-3721.
3- علل الشرائع 104:1-1، أمالي الطوسي 310:2، مكارم الأخلاق: 68 و فيها عن الصادق عليه السلام في قصة شيب إبراهيم (عليه السلام).
4- الكافي 492:6 ح 3، الفقيه 77:1 ح 342.
5- الكافي 448:6 ح 1، الفقيه 71:1 ح 298.
6- الكافي 491:6 ح 15، الفقيه 74:1 ح 316.
7- الفقيه 70:1 ح 283، أمالي الصدوق: 324، أمالي الطوسي 52:2.
8- أخرج المتقي الهندي الرواية في كنز العمال 603:16 ح 46020 عن ابن جرير. و روى الصدوق في معاني الأخبار: 250، بإسناده عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و اخرج المتقي الهندي في كنز العمال 604:16 ح 46025 عن ابن جرير، رواية تتضمن الجملتين، أي الواشمة و النامصة.

للمزوجة، فعلى هذا لو أذن لم يحرم(1). و هذا كلّه من باب تغيير خلق اللّه.

و روي ان السنن الحنيفية عشر: خمس في الرأس: المضمضة و الاستنشاق، و السواك، و فرق الشعر، و قص الشارب. و خمس في البدن: قصّ الأظفار، و حلق العانة و الإبطين، و الختان، و الاستنجاء(2).

و يتأكد السواك عند الوضوء، و الصلاة، و السحر، و قراءة القرآن، و تغيّر النكهة و لو كان صائما جميع النهار. و يكره على الخلاء، و ان يترك زيادة على ثلاثة أيام.

و عن الصادق (عليه السلام): «فيه اثنتا عشر فائدة: هو من السنّة، و مطهرة للفم، و مجلاة للنظر(3)، و يرضي الرحمن، و يبيّض الأسنان، و يذهب بالحفر(4)، و يشدّ اللثة، و يشهّي الطعام، و يذهب بالبلغم، و يزيد في الحفظ، و يضاعف الحسنات، و تفرح به الملائكة»(5).

و يستحب الاكتحال بالإثمد عند النوم وترا وترا، تأسيا بالنبي (صلّى اللّه عليه و آله)(6). و عن الصادق (عليه السلام): «انه أربع في اليمين و ثلاث في اليسار»(7).

و يستحب: فراهة الدابة، و حسن وجه المملوك، و إظهار النعمة.2.

ص: 161


1- كذا في النسخ الثلاث، و لا يخفى أن ما ذكره من الوجه للحرمة، و انه لا حرمة من الاذن، يتناسب مع الواصلة و المستوصلة و ليس مع النامصة و المنتمصة. قال الصدوق بعد نقل الرواية: قال علي بن غراب: النامصة التي تنتف الشعر من الوجه، و المنتمصة التي يفعل بها ذلك.. و الواصلة التي تصل شعر المرأة بشعر امرأة غيرها، و المستوصلة التي يفعل ذلك بها.
2- الهداية: 17، الخصال: 271، فقه الرضا: 66.
3- في المصادر: «البصر».
4- الحفرة: صفرة تعلو الأسنان، مجمع البحرين - حفر.
5- المحاسن 562 الكافي 495:6، الفقيه 34:1 ح 126، الخصال: 481، ثواب الأعمال: 34.
6- الكافي 493:6 ح 1.
7- الكافي 495:6 ح 12.
النوع الثاني: استطابة الخلوة، و فيها مطلبان:
المطلب الأول كيفية التخلّي و سننه

يستحب ارتياد موضع مناسب، فللبول: المرتفع، أو ذو التراب الكثير، لفعل النبي (صلّى اللّه عليه و آله)(1) و فعل الرضا (عليه السلام)، و قال:

«من فقه الرجل ان يرتاد لبوله»(2).

و ابعاد المذهب بحيث لا يرى، لفعل النبي (صلّى اللّه عليه و آله)(3) و قوله (صلّى اللّه عليه و آله): «من أتى الغائط فليستتر»(4) و بيت الخلاء كاف.

و الدخول باليسرى و الخروج باليمنى، عكس المكان الشريف.

و ان لا يكشف العورة إلا بعد الدنوّ من الأرض، لفعل النبي (صلّى اللّه عليه و آله)(5).

و تغطية الرأس اتفاقا، و لتقنّع الصادق (عليه السلام)(6).

و قول: «بسم اللّه و باللّه، اللّهم إني أعوذ بك من الخبيث المخبث، الرجس النجس الشيطان الرجيم» إذا دخل(7).

و يجب ستر العورة عن الناظر، لقول النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «احفظ عورتك، الا من زوجتك أو ما ملكت يمينك»(8).

ص: 162


1- الفقيه 16:1 ح 36، علل الشرائع: 278، التهذيب 33:1 ح 87.
2- التهذيب 33:1 ح 86.
3- سنن ابن ماجة 121:1 ح 335، سنن أبي داود 1:1 ح 2، السنن الكبرى 93:1.
4- مسند أحمد 371:3، السنن الكبرى 94:1.
5- سنن أبي داود 4:1 ح 14، السنن الكبرى 96:1.
6- الفقيه 17:1 ح 41، التهذيب 24:1 ح 62.
7- الكافي 6:3 ح 1، التهذيب 25:1 ح 63.
8- سنن أبي داود 40:4 ح 4017، الجامع الصحيح 110:5 ح 2794، السنن الكبرى 1: 199.

و يحرم استقبال القبلة و استدبارها، في الصحاري و الأبنية - في المشهور - لقول النبي (صلّى اللّه عليه و آله) لعلي (عليه السلام): «إذا دخلت المخرج فلا تستقبل القبلة، و لا تستدبرها، و لكن شرّقوا أو غرّبوا»(1).

و قال الحسن (عليه السلام): «لا تستقبل القبلة، و لا تستدبرها»(2).

و لتعظيم شعائر اللّه.

و قال المفيد: يكره في الصحاري، لا في الأبنية(3).

و ابن الجنيد: يستحبّ تجنّب القبلة(4)، لأنّه كان في منزل الرضا (عليه السلام) كنيف مستقبل القبلة(5).

و لقول جابر: نهى النبي (صلّى اللّه عليه و آله) ان نستقبل القبلة، ببول، و رأيته قبل ان يقبض بعام يستقبلها(6)، فيكون فعله ناسخا.

و الأول: لا حجة فيه. و الثاني محمول على حالة التنظيف صونا عن المكروه، و لأنّ القول مع التعارض أقوى من الفعل، و جاز أن يكون الراوي ظنّ الاستقبال.

و رواية عائشة انّ النبي (صلّى اللّه عليه و آله) قال: «استقبلوا بمقعدتي القبلة»(7) لم تثبت، لأنّ الراوي عنها عراك و لم يثبت لقاؤه إيّاها، و كذا استدباره1.

ص: 163


1- التهذيب 25:1 ح 64، الاستبصار 47:1 ح 130.
2- التهذيب 26:1 ح 65، و 33 ح 88، الاستبصار 47:1 ح 131.
3- المقنعة: 4.
4- حكاه عنه: المحقق في المعتبر 122:1، و العلامة في مختلف الشيعة: 19.
5- التهذيب 26:1 ح 66، 352 ح 1043، الاستبصار 47:1 ح 132.
6- سنن ابن ماجة 117:1 ح 325، سنن أبي داود 4:1 ح 13، الجامع الصحيح 15:1 ح 9، السنن الكبرى 92:1.
7- مسند أحمد 137:6، سنن ابن ماجة 117:1 ح 324، سنن الدار قطني 60:1، السنن الكبرى 92:1.

الكعبة(1).

و السبب مجرّد احترام الكعبة، لا عدم خلوّ الصحراء عن مصلّ من الإنس أو الجنّ، إذ المرئيّ يبعد عنه و غيره لا يكلّف به، و الجنّ لا يمكن الاحتراز منهم، فيعمّ الأبنية التحريم.

و ينحرف وجوبا لو صادفهما، أو تخلّى في المبنيّ عليهما. و لو تعذّر الانحراف، قال في المبسوط: سقط(2) و حمله في المعتبر على عدم التمكّن من غيره(3).

و احتمال اختصاص الاستدبار بنحو المدينة لمكان بيت المقدس، لا أصل له.

و خبر معقل بن أبي معقل الأسدي: ان النبي (صلّى اللّه عليه و آله) نهى عن استقبال القبلتين(4) يعني: الكعبة و بيت المقدس، لا دلالة فيه على ذلك لو صحّ، و حمله بعضهم على زمان كونه قبلة.

و يكره استقبال قرص الشمس و القمر بالبول لا جهتهما، لنهي النبي (صلّى اللّه عليه و آله) عنه(5) و الغائط محمول عليه، و ربما روي «بفرجه»(6) فيشملهما. و في استدبارهما احتمال، للمساواة في الاحترام.

و استقبال الريح و استدبارها، لنهي الحسن (عليه السلام) عنه(7).

و البول في الصلبة، لمنافاته الخبر(8) و جواز عوده، و لقول النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «استنزهوا من البول، فإن عامّة عذاب القبر منه»(9).1.

ص: 164


1- صحيح مسلم 224:1 ح 226، الجامع الصحيح 16:1 ح 11.
2- المبسوط 16:1.
3- المعتبر 124:1.
4- المصنف لابن أبي شيبة 50:1، سنن أبي داود 3:1 ح 10، السنن الكبرى 91:1.
5- عوالي اللئالي 189:2 ح 73.
6- التهذيب 34:1 ح 91.
7- الفقيه 18:1 ح 47، التهذيب 26:1 ح 65، و 33 ح 88، الاستبصار 47:1 ح 131.
8- الفقيه 16:1 ح 36، التهذيب 33:1 ح 87.
9- سنن الدار قطني 128:1.

و في الجحرة، لنهي النبي (صلّى اللّه عليه و آله)(1) خوفا من الأذى، و قيل:

لأنّها مساكن الجن.

و في الماء الجاري، لنهي علي (عليه السلام) مستثنيا الضرورة(2).

و عن الصادق (عليه السلام) بثلاثة أسانيد: «لا بأس به في الجاري»(3).

و اختاره علي بن بابويه رحمه اللّه.

و الراكد، لنص الصادق (عليه السلام)(4) و لخوف الشيطان، قاله الصادق (عليه السلام) في مطلق الماء(5).

و قيل: الماء للجن ليلا فالكراهية فيه أشد، و كلاهما في البول، فالغائط بطريق الأولى.

و الجلوس في المشارع و الشوارع، و تحت المثمرة، و الملعن، لنص زين العابدين (عليه السلام)، و فسّر الملاعن ب: أبواب الدور(6). و قيل: مجتمع النادي، لتعرضه للعنهم. و عن النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «اتقوا الملاعن»(7).

و الأفنية، و خصوصا أفنية المساجد، و فيء النزّال، لنصّ الكاظم (عليه السلام)(8). و قول النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «ملعون المتغوط في ظلّ النزّال، و موضع الأذى»(9) للتعرض للمحرّم.

و الكلام بغير ذكر اللّه تعالى أو آية الكرسي، لنهي النبي (صلّى اللّه عليه0.

ص: 165


1- مسند أحمد 82:5، سنن أبي داود 8:1 ح 29، السنن الكبرى 99:1.
2- التهذيب 34:1 ح 90، الاستبصار 13:1 ح 25.
3- التهذيب 43:1 ح 120، 121، 122، الاستبصار 13:1 ح 22، 23، 24.
4- التهذيب 43:1 ح 121، الاستبصار 13:1 ح 23.
5- التهذيب 352:1 ح 1044.
6- الكافي 15:3 ح 2، الفقيه 18:1 ح 44، معاني الأخبار: 368، التهذيب 30:1 ح 78.
7- سنن ابن ماجة 119:1 ح 328، سنن أبي داود 7:1 ح 25.
8- الكافي 16:3 ح 5، التهذيب 30:1 ح 79.
9- لاحظ: الكافي 16:3 ح 4، التهذيب 30:1 ح 80.

و آله) عنه(1)، و قوله تعالى لموسى (عليه السلام): «ذكري على كل حال حسن»(2)، و قول الصادق (عليه السلام): «لم يرخّص في الكنيف أكثر من آية الكرسي، و حمد اللّه، أو آية»(3).

و قيل: يحكي الأذان.

و البول قائما، لما روي انه: «من غير علة من الجفاء»(4).

و مطمحا من السطح في الهواء، لنص النبي (صلّى اللّه عليه و آله)(5).

و طول الجلوس خوفا من البواسير، قاله الصادق (عليه السلام)، عن لقمان رضي اللّه عنه(6).

و استصحاب ما عليه اسم اللّه تعالى - كخاتم و مصحف - لوضع النبي (صلّى اللّه عليه و آله) خاتمه قبل التخلّي(7) أما أسماء الأنبياء فلا بأس.

و استصحاب دراهم بيض الا ان تكون مصرورة، عن الباقر (عليه السلام)(8).

و الاستنجاء باليمين لأنّه من(9) الجفاء(10) و باليسار و فيها خاتم عليه اسم اللّه تعالى، أو اسم نبي أو إمام، أو فصّه حجر زمزم، لما روي: سألته عن الفصّ من3.

ص: 166


1- التهذيب 27:1 ح 69.
2- الفقيه 20:1 ح 58، التهذيب 27:1 ح 68.
3- الفقيه 19:1 ح 57، التهذيب 352:1 ح 1042.
4- الفقيه 19:1 ح 51.
5- الفقيه 19:1 ح 50، التهذيب 352:1، ح 1045.
6- الفقيه 19:1 ح 56، التهذيب 352:1، ح 1041.
7- سنن ابن ماجة 110:1 ح 303، سنن أبي داود 5:1 ح 19، سنن الدار قطني 54:1، السنن الكبرى 94:1.
8- التهذيب 353:1 ح 1046.
9- في س زيادة: باب.
10- الكافي 17:3.

حجر زمزم، قال: «لا بأس به و إذا أراد الاستنجاء نزعه»(1) و المروي عنه و ان جهل لكن الظّاهر انه الإمام، لافتاء الجماعة به. و في نسخة بالكافي للكليني - رحمه اللّه - إيراد هذه الرواية بلفظ: «من حجارة زمرد» و سمعناه مذاكرة.

و السّواك، لما روى الشيخ: «انه يورث البخر»(2).

و الأكل و الشرب، لفحوى رواية (اللقمة) عن الباقر (عليه السلام)(3)و تضمنه مهانة النفس.

و استقبال بيت المقدس - قاله الفاضل - لشرفه(4).

و مس الذكر باليمنى، لنهي الباقر (عليه السلام) عنه(5).

و الظاهر كراهيته عند القبور، للخبر(6).

و يستحب الاعتماد على اليسرى، للخبر عن النبي (صلّى اللّه عليه و آله)(7).

و اعداد النّبل، للخبر عنه أيضا(8) و هي: أحجار الاستنجاء، جمع نبلة و أصلها الحصاة.

و الدعاء دخولا و خروجا، و إخراجا، و لرؤية الماء، و استنجاء، و فراغا.

و مسح البطن عند الفراغ قائما، قاله المفيد و من تبعه(9).

و الصبر هنيهة، ثم الاستبراء، لقول الباقر و الصادق (عليهما السلام)(10).3.

ص: 167


1- الكافي 17:3 ح 6، التهذيب 355:1 ح 1059.
2- الفقيه 32:1 ح 110، التهذيب 32:1 ح 85.
3- الفقيه 18:1 ح 49.
4- منتهى المطلب 40:1.
5- الفقيه 19:1 ح 55.
6- الكافي 533:6 ح 2.
7- السنن الكبرى 96:1.
8- أخرجه عبد الرزاق، و الرازي في العلل 36:1 ح 75، كما في تلخيص الحبير 472:1.
9- المقنعة: 4، المراسم 33.
10- التهذيب 20:1 ح 50، الاستبصار 94:1 ح 303.

و ليكن بالتسع المشهورة. و المرتضى: ينتره من أصله إلى طرفه ثلاثا(1). و المفيد:

مسحه تحت أنثييه مرتين أو ثلاثا، ثم يجعله بين الإبهام فوقه و المسبحة تحته، و يمرهما عليه معتمدا من أصله إلى طرفه مرتين أو ثلاثا(2). و في كلام الباقر (عليه السلام): «يعصره من أصله اليه ثلاثا، و ينتر طرفه»(3). و لا يشترط المشي في الاستبراء و ظاهر الاستبصار وجوب الاستبراء(4).

و التنحنح ثلاثا، قاله سلار(5)، و ذكره ابن الجنيد في المرأة.

و تولّيه بنفسه، و لو غسله غيره كأمته جاز، و يكره الزوجة الحرة، لقول الصادق (عليه السلام)(6).

و غسل اليد قبل إدخالها الإناء، لقول الباقر و الصادق (عليهما السلام) الشامل له(7).

و البدأة بالدبر، لخبر عمار عن الصادق (عليه السلام)(8).

و الظاهر عدم كراهية البول في الإناء، لما روي انه كان للنبي قدح لذلك(9). نعم، لا يبقي الإناء في المنزل، للنهي(10).

و الأشبه: تحريمه في إناء في المسجد، للتعظيم، و لأنّه معرّض للتلويث.4.

ص: 168


1- المعتبر 134:1.
2- المقنعة: 4.
3- الكافي 19:3 ح 1، التهذيب 28:1 ح 71، و 356 ح 1063، الاستبصار 49:1 ح 137.
4- الاستبصار 48:1.
5- المراسم: 32.
6- التهذيب 356:1 ح 1068.
7- الكافي 12:3 ح 5، التهذيب 36:1 ح 96، 97، الاستبصار 50:1 ح 141، 142.
8- الكافي 17:3 ح 4، التهذيب 29:1 ح 76.
9- سنن أبي داود 7:1 ح 24، سنن النسائي 31:1، السنن الكبرى 99:1.
10- الفقيه 159:1 ح 744.
المطلب الثاني: في الاستنجاء.

و هو: من النجوة، ما ارتفع من الأرض. و قيل: من نجوت الشجرة قطعتها.

و شرعا: إزالة خبثية البول و الغائط الناقضين عن مخرجهما لا غير، فلا استنجاء بالحجر:

من النوم و الريح، لتعجّب أبي الحسن (عليه السلام) من فاعله(1).

و لا من دم الحدث، و لا غيره من الدماء، لوجوب الغسل.

و لا من الخارج من المخرجين - كالدود الخالي - لطهارته.

و لا من الخارج من غير المعتاد قبل نقضه، و فيما بعده وجهان، أقربهما:

الجواز، للمساواة في النقض و الحاجة.

و لا من البول، لقول الباقر (عليه السلام): «و يجزئك من الاستنجاء ثلاثة أحجار، و اما البول فلا بد من غسله»(2). و يجزئ مثلاه مع الفصل، للخبر(3).

و لا يجب الدلك، لعدم الجرم، و مع تعذّر الماء يتمسّح وجوبا و يصلي ثم يغسله عند الوجدان.

و خبر حنّان - عن الصادق (عليه السلام): «يمسحه بريقه فإذا وجد بللا فمنه»(4) - متروك. و لأمر الصادق (عليه السلام) بالغسل من البول(5).

و لا من الغائط المنتشر عن المخرج، إجماعا، و هو مروي(6).

ص: 169


1- الفقيه 22:1 ح 65، التهذيب 44:1 ح 124.
2- التهذيب 49:1 ح 144، و 209 ح 605، الاستبصار 55:1 ح 160.
3- التهذيب 35:1 ح 93، الاستبصار 49:1 ح 139.
4- الكافي 20:3 ح 4، التهذيب 348:1 ح 1022، 353 ح 1050، باختلاف يسير.
5- التهذيب 51:1 ح 149، الاستبصار 56:1 ح 164.
6- قال في جواهر الكلام 30:2 بعد أن حكى الحكم عن جماعة: قد عرفت ان المستند في أصل الحكم الإجماعات المنقولة، مع نسبته له في الذكرى الى الرواية، و لعل أشار الى ما رواه في المعتبر 1: 128 عنه (عليه السلام): «يكفي أحدكم ثلاثة أحجار إذا لم يتجاوز المحل».

و يجزئ فيه مع عدم التعدّي ثلاثة أحجار، لقول النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «إذا ذهب أحدكم إلى الغائط، فليذهب معه بثلاثة أحجار يستطيب بها، فإنها تجزئ عنه»(1).

و لقول الصادق (عليه السلام): «جرت السنّة بثلاثة أحجار أبكار»(2).

و لو نقي بما دونها وجب الإكمال في الأشبه، لقول سلمان - رضي اللّه عنه -:

نهانا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) ان نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار(3). و يجب الزائد لو احتيج إليه، إجماعا.

و لا عبرة بالأثر - كالرائحة - بخلاف الرطوبة.

و يستحب الوتر، لقول النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «من استجمر فليوتر، و من لا لا حرج»(4).

و في إجزاء ذي الشعب قولان، للصورة و المعنى. و احتاط في المبسوط بالمنع، و اجتزأ بالتوزيع(5).

و الأشبه جزاؤهما، لقول النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «إذا جلس أحدكم لحاجته، فليتمسّح ثلاث مسحات»(6).

قيل: و الأفضل إمرار الأول على مقدّم الصفحة اليمنى راجعا الى اليسرى، و الثاني عكسه، و الثالث المسربة معهما. و هو حسن إن استوعب في كل مرة. و المسربة3.

ص: 170


1- سنن أبي داود 10:1 ح 40، سنن النسائي 41:1، السنن الكبرى 103:1.
2- التهذيب 46:1 ح 130، 209 ح 706.
3- صحيح مسلم 223:1 ح 262، سنن أبي داود 3:1 ح 7، الجامع الصحيح 24:1 ح 16، سنن النسائي 38:1.
4- سنن ابن ماجة 121:1 ح 337، سنن أبي داود 9:1 ح 35، السنن الكبرى 104:1.
5- المبسوط 17:1.
6- نحوه في مسند أحمد 336:3.

- بضم الراء -: المخرج.

و ليضعه على المكان الطاهر أولا، و لا يجب الإدارة و الالتقاط لعسره.

و لا يجزئ النجس، و لو جفّ بالشمس بعد زوال العين طهر.

و يجزئ الخزف، و الخرق، و كل طاهر مزيل للعين، لقول النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «و استطب بثلاثة أحجار، أو ثلاثة أعواد، أو ثلاثة حثيات من تراب»(1). و التمسّح بالكرسف مروي عن الحسين (عليه السلام)(2).

و سلاّر اعتبر الأرض في أصله، لذكر الحجار(3).

قلنا: لغلبتها في الاستعمال، و في القدرة عليها.

و ابن الجنيد: لا يختار الآجر و الخزف الا أن يلابسه طين أو تراب يابس.

و نهي عن العظم و الروث، لمتاع الجنّ (4). و المطعوم، لفحوى طعام الجن.

و المحترم(5).

و الأشبه: الاجزاء، لعدم التنافي بين التحريم و بينه.

و أبوه في المبسوط(6) و السرائر(7) و المعتبر(8) و هو قول المرتضى، للنهي، أو عدم مشروعيته. نعم، لا يجزئ الصقيل.

و ليكن باليسار كالغسل، لأنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) كانت اليمنى لطهوره و طعامه، و اليسرى لخلائه و ما كان من أذى(9).1.

ص: 171


1- سنن الدار قطني 57:1، السنن الكبرى 111:1.
2- التهذيب 354:1 ح 1055.
3- المراسم: 32.
4- الفقيه 20:1، التهذيب 354:1 ح 1053، مسند أحمد 438:5، الجامع الصحيح 29:1 ح 18.
5- المحاسن: 586، الكافي 301:6 ح 1.
6- المبسوط 16:1.
7- السرائر: 16.
8- المعتبر 132:1.
9- سنن أبي داود 9:1 ح 33، السنن الكبرى 113:1.

و الجمع بين الحجر و الماء في المتعدي مستحب، للمبالغة و تنزيه اليد. و في غيره الماء أفضل، لثناء اللّه تعالى على أهل قبا به(1). و الجمع أكمل، لإزالة العين و الأثر. و الحدّ: النقاء، لا الصرير.

و ليستنج الرجل بالماء طولا، و المرأة عرضا.

و لا نظر الى الرائحة، عن الرضا (عليه السلام)(2).

و لا يتعرض للباطن، لقول الصادق (عليه السلام): «انما عليه ان يغسل ما ظهر، و ليس عليه ان يغسل باطنه»(3).

و في تحريم الاستقبال و الاستدبار هنا نظر، لما مرّ من التأويل في خبر جابر، و قول الصادق (عليه السلام): «يقعد له كما يقعد للغائط»(4).

و يحكم بطهارة المحل بعد الأحجار كالماء، لمفهوم قول النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «لا تستنجوا بعظم، و لا روث، فإنهما لا يطهّران»(5).

و الخرقة التي لا تنفذ فيها يستعمل وجهاها.

و لو خرج أحد الحدثين اختص بالغسل إجماعا، و هو مروي عن عمار عن الصادق (عليه السلام)(6).9.

ص: 172


1- سنن ابن ماجة 127:1 ح 355، سنن أبي داود 11:1 ح 44، المستدرك على الصحيحين 1: 155، السنن الكبرى 105:1.
2- الكافي 17:3 ح 9، التهذيب 28:1 ح 75.
3- الكافي 18:3 ح 11.
4- الكافي 18:3 ح 11، الفقيه 19:1 ح 54، باختلاف يسير.
5- سنن الدار قطني 56:1.
6- التهذيب 45:1 ح 127، الاستبصار 52:1 ح 149.
فروع عشرة.
الأول: تعيّن الماء لو استجمر بنجس مطلقا،

لقصر الرخصة على محل الضرورة. و الفرق بين الغائط و غيره ضعيف.

الثاني: لو خرج الغائط ممتزجا بنجاسة أخرى لم يكف الاستجمار.
الثالث: يستحب تقديم الاستنجاء على الوضوء،

فقبله صحيح - في الأصح - لقول الكاظم (عليه السلام): «و تعاد الصلاة»(1). و خبر سماعة عن الصادق (عليه السلام) باعادتهما ضعيف بسماعة، و رواية محمد بن عيسى عن يونس(2). و خبر هشام عن الصادق (عليه السلام) بصحة الصلاة(3) متروك لضعفه.

و الجاهل بالحكم يعيدها كغير الاستنجاء، و بالنجاسة يعيد في الوقت. اما الغسل فصحيح الى موضع النجاسة. و اما التيمم فمبني على توسعته مع إمكان صحته مطلقا، لأنّ زمانه مستثنى كزمان التيمم، و كذا الكلام في النجاسة على البدن.

الرابع: يجب كشف البشرة على الأغلف ان أمكن،

لأنّها كالظاهر. و لو كان مرتتقا سقط.

الخامس: لو وجد بللا مشتبها بعده،

فلا التفات مع الاستبراء، لأنّه من الحبائل - و هي: عروق في الظهر - و الا أعاد الوضوء دون الصلاة قبله.

السادس: لا ريب في أجزاء ذي الشعب الثلاثة،

و لو كسر أجزأ مطلقا.

ص: 173


1- قرب الاسناد: 90، التهذيب 50:1 ح 145، الاستبصار 55:1 ح 161، مستطرفات السرائر: 485.
2- الكافي 19:3 ح 17، علل الشرائع: 580، التهذيب 50:1 ح 146، الاستبصار 55:1 ح 162. ففي الخبر علتان.
3- التهذيب 48:1 ح 140، الاستبصار 54:1 ح 157.

و الشعبة الواحدة مجزئة مع التطهير في كل مرّة و ان كان رطبا ما لم ينتشر، مع إمكان عدم الإجزاء، لنجاسة البلّة فلا يعفى عنها.

و يندفع بأنها من نجاسة المحل، و لأنّها كالماء لا ينجس حتى تنفصل.

السابع: الخنثى المشكل

تستجمر في الدبر كالرجل، و في القبلين: الماء.

و هل يكون ماؤهما استنجاء؟ الأشبه ذلك إذا اعتيد منهما.

الثامن: لا فرق في عدم غسل الباطن بين الرجل و المرأة، بكرا أو ثيّبا.

نعم، لو علمت الثّيب وصول البول الى مدخل الذكر و مخرج الولد، وجب غسل ما ظهر منه عند الجلوس على القدمين.

التاسع: من المحترم ما كتب عليه قرآن، أو فقه، أو حديث.

أمّا جزء الحيوان، فالأشبه لا و لو عقب نفسه أو يده، و كذا جملته كالعصفور، و كذا لا احترام في النقدين و نفيس الجواهر عندنا.

العاشر: لو قلنا في المحترم بعدم الاجزاء،

بناء على أنّ الرخص لا تناط بالمعاصي، و للخبر(1) أجزأ ثلاثة غيره هنا قطعا.

ص: 174


1- المحاسن: 586، الكافي 301:6 ح 1.

الفصل الثاني: المستعمل الاضطراري

ص: 175

ص: 176

الفصل الثاني: المستعمل الاضطراري.
اشارة

و هو: الصعيد. قال اللّه تعالى فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً (1).

و النظر إمّا فيه، أو في مسوّغة، فهنا مطلبان:

المطلب الأول: الصعيد:
اشارة

وجه الأرض ترابا كان أو مدرا أو صخرا، دون المتصل بالأرض من النبات، و هو قول الزجاج.

و الطيب: الطاهر، و انما كان طهورا لقوله تعالى لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ (2) و قول النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «فضلنا على الناس بثلاث: جعلت لنا الأرض مسجدا و ترابها طهورا»(3) و لا دلالة فيه على اختصاص بالتراب، لجواز ذكر ما هو الأولى في الاستعمال، و لأنّه روي بحذف: «ترابها»(4).

و يشترط كون التراب خالصا. فلو شيب بنحو زعفران أو دقيق و استهلكه التراب جاز و إلاّ فلا. وحّده أن لا يرى الخليط، و لا يسلب عنه اسم التراب، و لا يخرجه وصفه بالأسود - و منه: طين الدواة - و الأعفر - و هو: غير خالص - و الأحمر - و منه: الأرمني للتداوي - و البطحاء - و هو: التراب اللين في مسيل الماء - لأنّها أقسامه كما ينقسم الماء الى الملح و العذب.

و منع ابن الجنيد من السبخ، لشبهه بالملح(5).

و ردّ بتيمّم النبي (صلّى اللّه عليه و آله) من أرض المدينة(6)، و السبخ غالب عليها. نعم، يكره مع وجود غيره.

ص: 177


1- سورة المائدة: 6.
2- سورة الأنفال: 11.
3- صحيح مسلم 371:1 ح 522، السنن الكبرى 213:1.
4- صحيح مسلم 371:1 ح 523، سنن أبي داود 132:1 ح 489.
5- المعتبر 374:1، مختلف الشيعة: 48.
6- السنن الكبرى 206:1.

و ظاهره منع الحجر و الآجر(1). و شرط فيه الشيخ في النهاية - ظاهرا - و المفيد و ابن إدريس عدم التراب(2). و جوّزه في المبسوط(3) و الخلاف(4) و المرتضى قائلا: لا نص(5) فيه لأنّه أرض. و منه: الرخام، و البرام.

و كذا يجوز بأرض النورة و أرض الجص. و في النهاية: عند عدم التراب(6)و يضعف: بأنّهما أرض.

اما نفس النورة و الجص فجوّزهما المرتضى(7) لما روي عن علي (عليه السلام)(8).

و منع في المبسوط و الخلاف و السرائر من النورة للاستحالة(9) و هو ممنوع.

و الخزف مثلها - و منعه في المعتبر(10) كما يظهر من ابن الجنيد(11) - و كذا الآجر، و الأرض شاملة لهما، و للرمل و ان كره.

و يجوز بالمبتلّة، و ليتحرّ أجفّها، لقول الصادق (عليه السلام)(12).

و لا يجوز بالمعدن، لخروجه عن اسم الصعيد، خلافا لابن أبي عقيل، بناء على أنّه أرض(13).1.

ص: 178


1- مختلف الشيعة: 48.
2- النهاية: 49، المقنعة: 8، السرائر: 26.
3- المبسوط 32:1.
4- الخلاف 134:1 المسألة: 77.
5- المعتبر 376:1.
6- النهاية: 49.
7- جمل العلم و العمل: 52.
8- التهذيب 187:1 ح 539.
9- المبسوط 33:1، الخلاف 136:1 المسألة: 78، السرائر: 26.
10- المعتبر 375:1.
11- المعتبر 375:1، مختلف الشيعة: 48.
12- الكافي 66:3، التهذيب 189:1 ح 546، الاستبصار 56:1 ح 539.
13- المعتبر 372:1.

و لا بالنجس و ان كان بعضه، للتقييد بالطيب، و اعتبار التغير بالنجاسة في التراب هوس.

و لا المغصوب، للنهي.

و لا بالرماد و ان كان رماد التراب، و المنسحقات الباقية أولى بالمنع.

و يجوز بالمستعمل إجماعا، لبقاء اسمه، و لعدم رفعه الحدث. و فسّر بالممسوح به أو المنفوض. اما المضروب عليه فلا استعمال فيه إجماعا، لأنّه كالإناء يغترف منه.

و تراب القبر ما لم تعلم النجاسة. و لو علم اختلاطه بالصديد اجتنب. و في اللّحم و العظم نظر، للطهارة بالغسل. و على قول المبسوط ينبغي المنع(1). و في المعتبر: يجوز و ان تكرّر نبشه، لأنّه عندنا طاهر(2). نعم، لو كان الميت نجسا منع.

و مع فقد الصعيد يتيمّم بغبار ثوب أو لبد أو عرف، يتحرّى أكثرها غبارا فينفض ثم يتيمم عليه، و لو تلاشى بالنفض ضرب عليه.

و مع فقده، بالوحل، لموثّق زرارة عن الباقر (عليه السلام)(3).

و يستحب من العوالي، لبعدها عن النجاسة، و لنهي علي (عليه السلام) من التيمّم من أثر الطريق(4) و قال: «لا وضوء من موطإ»(5).

فروع:
الأول يجب شراء التراب - كالماء - أو استئجاره.

و لو بذل له وجب القبول، لعدم المنّة.

ص: 179


1- المبسوط 32:1.
2- المعتبر 379:1.
3- التهذيب 189:1 ح 545، و 191 ح 551، الاستبصار 156:1 ح 538.
4- الكافي 62:3 ح 6، التهذيب 187:1 ح 538.
5- الكافي 62:3 ح 5، التهذيب 186:1 ح 537.
الثاني: يجوز على جدار الغير و بأرضه،

عملا بشاهد الحال. و لو ظنّ الكراهية أو صرّح بها امتنع، و لا يجب على الغير بذله. و كذا لا يجوز في المغصوب للغاصب، و امّا غيره فمنع الصلاة مشعر بمنعه.

الثالث: لو مزج بالصعيد ماء مضاف و غلب التراب،

منع منه في المبسوط، لسلب اسم الأرض(1) و يمكن كونه كالمبتّل بالمطلق.

الرابع: لو أمكن تجفيف الوحل وجب،

و إلاّ ضرب عليه مع تعذّر ما مرّ، و يفركه و يتيمّم.

و قيل: يجفّفه ثم يتيمّم مع سعة الوقت، و هو حق ان كان التجفيف قبل الضرب، و في خبر أبي بصير عن الصادق (عليه السلام): «يتيمم بالطين»(2) و زرارة عن الباقر (عليه السلام): «يتيمم من الطين»(3) و كذا في خبر رفاعة عن الصادق (عليه السلام)(4).

الخامس: الترتيب بين الغبار و الوحل

كما هو بين التراب و الغبار، فلو قدّم الوحل لم يجز، اما لو جفّفه فهو تراب.

السادس: ظاهر المرتضى و ابن الجنيد التيمّم بالثلج

السادس: ظاهر المرتضى و ابن الجنيد التيمّم بالثلج(5). و المفيد و الشيخ - في النهاية -: قدّما التراب عليه، فان فقد ادّهن به(6). و ظاهر التذكرة العكس(7).

و المعتبر: ان غسل و الا فالتراب(8) و يظهر من المبسوط(9)، و قد مر خبر الكاظم (عليه

ص: 180


1- المبسوط 32:1.
2- الكافي 67:3 ح 1، التهذيب 189:1 ح 543، الاستبصار 156:1 ح 537.
3- التهذيب 189:1 ح 545، الاستبصار 156:1 ح 538.
4- التهذيب 192:1 ح 554، الاستبصار 158:1 ح 547.
5- حكاه عنهما المحقق في المعتبر 377:1.
6- المقنعة: 8، النهاية: 47.
7- تذكرة الفقهاء 65:1.
8- المعتبر 378:1.
9- المبسوط 31:1.

السلام)(1).».

ص: 181


1- لم نلاحظه فيما مر، و هو في التهذيب 192:1 ح 554، و الاستبصار 158:1 ح 547، و لفظه: قال: سألته عن الرجل الجنب أو على غير وضوء لا يكون معه ماء، و هو يصيب ثلجا و صعيدا، أيها أفضل؟ أ يتيمم أم يمسح بالثلج وجهه؟ قال: «الثلج إذا بلّ رأسه و جسده أفضل، فإن لم يقدر على أن يغتسل به فليتيمم».
المطلب الثاني: في مسوّغة.
اشارة

و هو: العجز عن الماء، و له أسباب:

أحدها: عدم وجوده،

للآية(1). و يتحقق بالطلب - بعد رحله و أصحابه - سهما في الحزنة، و سهمين في السّهلة، للخبر عن علي (عليه السلام)(2).

فالمفيد: يطلب أمامه، و يمينه و شماله(3).

و في المبسوط: يطلب في سائر جوانبه(4).

و حسن زرارة عن أحدهما (عليهما السلام): «يطلب ما دام في الوقت»(5)، و مال إليه في المعتبر، لوضوح السند و المعنى(6).

و عن الصادق (عليه السلام): «لا تطلب الماء يمينا، و لا شمالا، و لا في بئر»(7). و حملها الشيخ على الخوف(8)، و المحقّق - في المعتبر - بعّد هذا الحمل، و لكن ضعّفها بعلي بن أسباط(9).

و لو تيقّن عدمه سقط الطلب. و لا يجزئ قبل الوقت ان انتقل الى مكان آخر، و إلاّ أجزأ ان علم عدم الماء. و لو علم وجوده في مكان أبعد من المقدّر وجب مع الإمكان.

ص: 182


1- سورة المائدة: 6.
2- التهذيب 202:1 ح 586، الاستبصار 165:1 ح 571.
3- المقنعة: 8.
4- المبسوط 31:1.
5- الكافي 63:3 ح 2، التهذيب 192:1 ح 555، و 203 ح 589، الاستبصار 159:1 ح 548، و 165 ح 574.
6- المعتبر 393:1.
7- التهذيب 202:1 ح 587، الاستبصار 165:1 ح 572.
8- التهذيب 202:1.
9- المعتبر 392:1.

و لو تيمّم قبل الطلب و صلّى بطلا عند الشيخ(1).

و يشكل: بتحتّم التيمّم عند ضيق الوقت، و الأمر به المقتضي للإجزاء، و كذا من وهب الماء أو أراقه في الوقت. نعم، لو وجد الماء في محل الطلب قوي قوله، للخبر عن الصادق (عليه السلام)(2).

و لو نسي الماء أجزأ عند المرتضى(3)، لعموم «رفع»(4). و الشيخ: يعيد ان لم يطلب(5) لهذا الخبر(6) و ضعّف بعثمان بن عيسى، و كذا لو كان بقربه ماء لم يره. و قول الشيخ أقرب، للتفريط، و الشهرة تدفع ضعف السند.

و يكفي الطلب مرّة في صلوات، إذا ظنّ الفقد بالأول مع اتحاد المكان. و لو ظهر ركب في أثناء الطلب سأل كلا منهم. و تجوز النيابة في الطلب، و يحتسب لهما، لحصول الظن.

و لا يشترط السفر، لظاهر قول النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «الصعيد الطيب طهور المسلم ان لم يجد الماء الى عشر سنين»(7). و السفر في الآية للأغلب.

و لا يعيد الحاضر، خلافا للمرتضى - في شرح الرسالة - للامتثال، و لإطلاق قول الصادق (عليه السلام): «و قد أجزأته صلاته»(8).

و لا فرق بين الأسفار، للعموم و لو كان معصية.9.

ص: 183


1- النهاية: 48.
2- الكافي 65:3 ح 10، التهذيب 212:1 ح 616.
3- المعتبر 367:1.
4- الكافي 335:2 ح 2، الخصال: 417، التوحيد للصدوق: 353، تحف العقول: 50، كنز العمال 233:4 ح 10307 عن الطبراني.
5- المبسوط 31:1، الخلاف 23:1 المسألة 116.
6- راجع الهامش 2.
7- سنن أبي داود 92:1 ح 333، الجامع الصحيح 212:1 ح 124، سنن الدار قطني 186:1، السنن الكبرى 212:1.
8- التهذيب 193:1 ح 556، الاستبصار 19:1 ح 549.

و لو أفضى الطلب، أو تحصيل الماء، الى فوات مطلوب - مثل: الحطّاب، و الصائد - أمكن التيمم، دفعا للضرر(1). و عدمه، لقدرته على الماء.

و ثانيها: عدم وصلته، لفقد ثمنه.

و لو وجد وجب و ان زاد عن ثمن المثل - في الأشبه - لانتفاء الضرر، و قد بلغ صفوان في سؤال أبي الحسن (عليه السلام) ألف درهم فحكم بالشراء(2). هذا مع عدم الضرر الحالي أو المتوقّع، في زمان لا يتجدّد فيه مال عادة، أما معه فلا.

و كذا لو أجحف بماله، للحرج، و لسوغ التيمّم عند خوف لصّ يجحف بماله كما يأتي.

و ربما فرّق بينهما بالعوض و الثواب. و هو خيال ضعيف، لأنّه إذا ترك المال لابتغاء الماء دخل في حيّز الثواب.

و اعتبار ثمن المثل بحسب المكان و الزمان، لا اجرة تحصيل الماء، لأنّه متقوّم بنفسه.

و لو بيع بأجل وجب مع القدرة و عدم الإجحاف، و لا يقهر صاحبه و ان فضل عنه. و لو بذل وجب قبوله، لعدم المنّة عادة. و لو بذل ثمنه لم يجب، خلافا للشيخ(3)، و كذا خصال الكفارة المرتّبة.

و عادم الآلة يتيمّم، فلو أعيرها وجب بخلاف هبتها، و يجيء على قول الشيخ الوجوب(4). و يجب شراء الآلة كالماء للمتمكن أو استئجارها.

و القادر على إنزال عمامة و نحوها واجد، و لا عبرة بنقصها و ان كثر، ما لم يضرّ به في الحال أو بعده، قاله في التذكرة(5).

ص: 184


1- في س: للضرورة.
2- الكافي 74:3 ح 17، الفقيه 23:1 ح 71، التهذيب 406:1 ح 1276.
3- المبسوط 31:1.
4- المبسوط 31:1.
5- تذكرة الفقهاء 63:1.

و قد مرّ خائف العطش، و قال الصادق (عليه السلام): «لا يهريق منه قطرة و يتيمم»(1).

و مزاحمة النجاسة، و لو أمكن استقباله الماء تطهّر و شربه. و لا مزاحمة في غير المحترم - كالمرتدّ عن فطرة، و الحربي، و الكلب العقور، و الخنزير - و كل ما يجوز قتله:

وجب، كالزاني المحصن و الموقب، أو لا، كالحية، و الهرة الضارية.

و وجود ما يكفي بعض الأعضاء كعدمه، للآية، فلا يستعمله و يتيمّم، لعدم الفائدة. و ينبّه عليه قول الصادق (عليه السلام) في المجنب معه ما يكفي الوضوء: «يتيمم»(2).

و قال في المبسوط و الخلاف: المتضرّر بعض أعضائه يحتاط بغسل الصحيح و التيمم(3).

و لا يتيمم عن نجاسة البدن، إجماعا، لعدم زوال النجاسة عن المحل، و كون الصعيد طهورا مختص بالبدل من الوضوء و الغسل، و لعدم العموم فيه.

و ثالثها: الخوف على نفسه أو ماله من استعماله،
اشارة

لقول الصادق: «لا آمره أن يغرر بنفسه فيعرض له لصّ أو سبع»(4).

و الخوف من وقوع الفاحشة يسوّغ للرجل و المرأة. و في مجرد الجبن نظر، أقربه الجواز، للضرر.

و خائف التلف باستعماله، لقوله تعالى وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ (5)، وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى اَلتَّهْلُكَةِ (6).

و عن الباقر و الصادق (عليهما السلام) في الجنب به القروح: «لا

ص: 185


1- الكافي 65:3 ح 1، التهذيب 404:1 ح 1267.
2- الفقيه 57:1 ح 213.
3- المبسوط 35:1، الخلاف 154:1 المسألة 105.
4- الكافي 65:3 ح 8، التهذيب 184:1 ح 528.
5- سورة النساء: 29.
6- سورة البقرة: 195.

يغتسل»(1).

و لو تمكّن من إسخان الماء وجب و لو بعوض مقدور، و كذا خائف تلف عضو.

اما الضرر اليسير - كصداع، أو وجع ضرس - فغير مانع، قاله الفاضلان، لأنّه واجد الماء(2).

و يشكل: بالعسر و الحرج، و بقول النبي (عليه السلام): «لا ضرر»(3) مع تجويزهما التيمم للشين.

و طول المرض مسوّغ و عسر برئه، اما الألم الحالي فلا، و عليه يحمل الخبر باغتسال الصادق (عليه السلام) في ليلة باردة و هو شديد الوجع(4).

و المجنب عمدا كغيره - في الأشبه - للعموم.

و في المفضل عن الصادق (عليه السلام) الفرق(5).

و في الصحيح عنه: «يغتسل على ما كان»(6) و لم يقيّد فيه بتعمّد أو غيره.

فأوجب المفيد على المتعمّد الغسل و ان خاف على نفسه(7) و هو ظاهر كلام ابن الجنيد(8).

و في النهاية: إذا خاف التلف تيمّم و صلّى و أعاد(9).

و الأدلة السابقة تدفعهما، مع ضعف سند الأول، و حمل الثاني على الألم6.

ص: 186


1- الكافي 68:3 ح 1، التهذيب 184:1 ح 530، 531.
2- المعتبر 365:1، تذكرة الفقهاء 63:1.
3- الكافي 280:5 ح 4، الفقيه 45:3 ح 154، التهذيب 146:7 ح 651.
4- التهذيب 198:1 ح 575، الاستبصار 162:1 ح 563.
5- الكافي 68:3 ح 3، التهذيب 198:1 ح 574، الاستبصار 162:1 ح 562.
6- التهذيب 198:1 ح 576، الاستبصار 163:1 ح 564.
7- المقنعة: 8.
8- مختلف الشيعة: 52.
9- النهاية: 46.

المجرّد، مع المعارضة بقول الصادق (عليه السلام) - في الصحيح - في الجنب فاقد الطهور: «فليمسح من الأرض و ليصلّ»(1) و في الصحيح عنه (عليه السلام) في المجنب يتيمم و يصلي: «لا يعيد»(2).

و منه يعلم عدم إعادة المتيمم لزحام الجمعة و عرفة.

و عن علي (عليه السلام): «يعيد»(3) و طريقه السكوني.

و كذا ذو ثوب نجس إذا تيمم.

و عن الصادق (عليه السلام): يعيد(4) و طريقه عمار.7.

ص: 187


1- الكافي 63:3 ح 3، التهذيب 197:1 ح 572، الاستبصار 161:1 ح 558.
2- التهذيب 197:1 ح 571، الاستبصار 161:1 ح 557.
3- التهذيب 185:1 ح 534، الاستبصار 81:1 ح 254.
4- التهذيب 407:1 ح 1279، و 224:2 ح 88، الاستبصار 169:1 ح 587.
مسائل أربع:
المسألة الأولى: الجنب أولى من الميت و المحدث بالماء،

للصحيح عن الكاظم (عليه السلام)(1) - و فيه إشارة إلى عدم طهورية المستعمل و إلاّ لأمر بجمعه - و عليه الأكثر.

و في المبسوط و الخلاف: التخيير مع الإباحة، و مع ملك أحدهم هو أولى(2).

و ابن إدريس: في المباح يستعمله الحيّان ثم يغسلانه مع ضيق الوقت، و إلاّ فالميت أولى(3) و هو إطراح للخبر.

و قيل: الميت أولى، لخبر محمد بن علي عن بعض أصحابنا عن الصادق (عليه السلام)(4) و هو مقطوع.

فروع:

الأول: هذه الأولوية مستحبة في المباح، و مستحقة في البذل للأحوج، أو الأولى بوصيّة و شبهها. و عللت الأولوية بتعبّد الجنب بخلاف الميت، و بأنّ للجنب غايتين: استباحة الصلاة، و طهارة بدنه، و للميت الثانية لا غير.

و لا يعارضه إمكان استدراك الجنب دون الميت، لأن طهارة الميت نظافية و هي تحصل بالتيمم، و العكس في هذه العلّة أحقّ.

الثاني: لو سبق أحدهم إلى المباح اختص، و لو استووا اشتركوا.

ص: 188


1- الفقيه 59:1 ح 222، التهذيب 109:1 ح 285، الاستبصار 101:1 ح 329.
2- المبسوط 34:1، الخلاف 166:1 المسألة: 118.
3- السرائر: 27.
4- التهذيب 110:1 ح 288، الاستبصار 102:1 ح 332.

و لو تغلّب أحدهم أثم و ملك، قاله في المعتبر، لسبقه حينئذ(1).

و يشكل: بإزالة أولويّة غيره بنصيبه، و هي في معنى الملك، و هذا مطرد في كلّ أولويّة، كالتحجير و التحشيش و دخول الماء.

الثالث: الجنب أولى من الحائض و قسيميها و من ماسّ الميت، و الشيخ على التخيير(2).

و لو قلنا: بتوقف وطء الزوج على الغسل، أمكن أولويتها على الجنب، لقضائها حق اللّه تعالى و حق الزوج.

الرابع: مزيل النجاسة أولى من الجميع، لأنّه لا بدل له. و العطشان أولى مطلقا، للضرر.

و في تقديم الأشد حاجة - إما لزيادة عطشه، أو لضعفه بصغر أو مرض - نظر، من ظهور رجحان سببه، و اشتراكهم في المبيح. و كذا في الترجيح بالخصال الدينية في الجميع، و المعصوم أولى مطلقا.

المسألة الثانية: لا يجوز للمكلّف بالطهارة بماء بذله لغيره،

لوجوب صرفه في طهارته، و التيمم مشروط بتعذّر الماء، و نبّه عليه قول الصادق (عليه السلام) في قوم ليس معهم إلاّ ما يكفي الجنب: «يتوضّئون، و يتيمّم الجنب»(3). كذا قاله في المعتبر(4).

و ليس فيه تصريح باختصاصهم بملكه، و لعلهم مشتركون و لكن الجنب لا يكتفي بنصيبه.

المسألة الثالثة: فاقد الطهورين يؤخر الصلاة،

لقول النبي (صلّى اللّه عليه و آله):

«لا صلاة إلاّ بطهور»(5). و نمنع عدم إنكاره (صلّى اللّه عليه و آله) على المصلّين

ص: 189


1- المعتبر 407:1.
2- المبسوط 34:1.
3- التهذيب 190:1 ح 548.
4- المعتبر 406:1.
5- سنن أبي داود 16:1 ح 59.

بغير وضوء(1) مع إمكان كونه منسوخا، أو لأنّه لا إثم عليهم لعدم علمهم.

و الأشبه: القضاء، لعموم قول النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «من فاتته صلاة فريضة فليقضها»(2).

و للمفيد قول بسقوطه، بناء على تبعيّة القضاء الأداء.

و ردّ بتبعيته سبب وجوب الأداء، و هو الوقت.

المسألة الرابعة: لو وجد من عليه غسل و وضوء ما يكفي أحدهما،

فعله و تيمّم للآخر. و يتخيّر في التقديم، لأنّهما فرضان مستقلان، فان كفى الغسل فهو أولى من الوضوء لكماله.

ص: 190


1- صحيح البخاري 92:1، صحيح مسلم 279:1 ح 376.
2- المهذب البارع 46:1، عوالي اللئالي 107:3 ح 150.
الفصل الثالث: المستعمل له
اشارة

ص: 191

ص: 192

الفصل الثالث:

في المستعمل له و منه، و فيه مطلبان:

المطلب الأول في الوضوء و الغسل
اشارة

يجب الوضوء للصلاة الواجبة - للآية، و الخبر و الإجماع - و الطواف الواجب كذلك، و لمسّ كتابة القرآن ان وجب بنذر و شبهه - على الأقرب - للآية(1)، و لقول الصادق (عليه السلام) لابنه إسماعيل: «لا تمسّ الكتاب»(2).

و في المبسوط و السرائر: يكره المسّ (3)، للأصل، و لعدم منع السلف الصبيان منه.

و ألحق أبو الصلاح مسّ اسم اللّه تعالى(4).

و يستحب: لندبي الصلاة و الطواف - بمعنى: الشرطيّة في الصلاة، و الكماليّة في الطواف على الأصح، للخبر - و لطلب الحاجة، و حمل المصحف للتعظيم، و لأفعال الحج - عدا الطواف و الصلاة - و لصلاة الجنازة، و زيارة قبور المؤمنين، و تلاوة القرآن، و نوم الجنب، و جماع المحتلم، و جماع غاسل الميت و لمّا يغتسل، و لمريد غسل الميت و هو جنب، و ذكر الحائض، و التأهب للفرض قبل وقته، و التجديد، و الكون على طهارة، كل ذلك للنص.

و الغسل يجب لما وجب له الوضوء، و لدخول المساجد، للآية(5)، و للجواز في المسجدين، للخبر(6)، و قراءة العزائم و أبعاضها، للإجماع، و لصوم الجنب، و الحائض و النفساء، و لصوم المستحاضة مع غمس القطنة، لا لصوم ماسّ الميت، للأصل.

ص: 193


1- سورة الواقعة: 79.
2- التهذيب 126:1 ح 342، الاستبصار 113:1 ح 376.
3- المبسوط 23:1، السرائر: 21.
4- الكافي في الفقه: 126.
5- سورة النساء: 42.
6- الكافي 50:3 ح 3، 4.

تنبيه:

ظاهر الأصحاب ان وجوب الغسل مشروط بهذه الأمور، فلا يجب في نفسه، سواء كان عن جنابة أو غيرها، لقوله تعالى وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا (1). عطفه على الوضوء المشروط بالصلاة، و عطف عليه التيمّم المشروط بها.

و لعدم الذمّ بتأخيره إلى وقت الصلاة.

و لصحيح عبد اللّه بن يحيى الكاهلي عن الصادق (عليه السلام) في المرأة يجامعها الرجل فتحيض و هي في المغتسل، هل تغتسل؟ قال: «قد جاءها ما يفسد الصلاة فلا تغتسل»(2).

و لصحيح زرارة عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، انه قال: «إذا دخل الوقت وجب الطهور و الصلاة، و لا صلاة إلا بطهور»(3)، و في «إذا» معنى الشرط، فقبل دخول الوقت لا وجوب.

و هذا الخبر لم يذكره المتعرّضون لبحث هذه المسألة، و هو من أقوى الأخبار دلالة و سندا، أورده في التهذيب في باب تفصيل واجب الصلاة.

و الراوندي - رحمه اللّه - و جماعة على وجوبه لا بشرط(4) لقول النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «الماء من الماء»(5).1.

ص: 194


1- سورة المائدة: 6.
2- الكافي 83:3 ح 1، التهذيب 370:1 ح 1128، السرائر: 485.
3- الفقيه 22:1 ح 67، التهذيب 140:2 ح 546.
4- فقه القرآن 31:1، مختلف الشيعة: 29.
5- مسند أحمد 29:3، سنن ابن ماجة 199:1 ح 607، سنن أبي داود 56:1 ح 217، الجامع الصحيح 186:1 ح 112، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 249:2 ح 1183، شرح معاني الآثار 54:1.

و صحيح زرارة عن الباقر (عليه السلام): «ان عليا (عليه السلام) قال:

إذا التقى الختانان فقد وجب عليه الغسل»(1).

و صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام): «إذا أدخله فقد وجب الغسل، و المهر، و الرجم»(2)، و المعطوفان غير مشروطين.

و صحيح علي بن يقطين عن الكاظم (عليه السلام): «إذا وضع الختان على الختان فقد وجب الغسل»(3).

و لفساد صوم تاركه و ان كان خاليا من عبادة مشروطة به.

قلنا: لا نزاع في الوجوب بهذه الأسباب، لكنّه مشروط بوجوب الصلاة توفيقا بين الأدلّة.

و يعارض: بالأوامر في الوضوء و باقي الأغسال غير المقيّدة بالصلاة، كقول النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «فمن نام فليتوضأ»(4).

و قول علي (عليه السلام): «من وجد طعم النوم قائما أوجب عليه الوضوء»(5).

و قول الرضا (عليه السلام): «إذا خفي الصوت وجب الوضوء»(6).

و قول الصادق (عليه السلام): «غسل الحائض إذا طهرت واجب، و غسل الاستحاضة واجب، و غسل من مسّ ميتا واجب»(7).

و شبه ذلك من الحكم بوجوب غسل الثوب و البدن و الإناء من النجاسة.5.

ص: 195


1- التهذيب 119:1 ح 314، السرائر: 19.
2- الكافي 46:3 ح 1، التهذيب 118:1 ح 310، الاستبصار 108:1 ح 358، السرائر: 19.
3- الكافي 46:3 ح 3، التهذيب 118:1 ح 312، الاستبصار 109:1 ح 360.
4- سيأتي تمامه في ص 209 الهامش 6.
5- التهذيب 8:1 ح 10، الاستبصار 80:1 ح 252.
6- الكافي 37:3 ح 14، التهذيب 9:1 ح 14، باختصار في الألفاظ.
7- الكافي 40:3 ح 2، الفقيه 45:1 ح 176، التهذيب 104:1 ح 270، الاستبصار 97:1 ح 315.

و هم يوافقون على ان المراد بها الوجوب المشروط.

و الأصل في ذلك: انه لما كثر علم الاشتراط أطلق الوجوب و غلب في الاستعمال، فصار حقيقة عرفية. قال المحقّق في المصريّة: إخراج غسل الجنابة من دون ذلك كلّه تحكّم بارد.

و الفائدة في نيّة الوجوب قبل الشرط عند من لم يكتف بالقربة، و في عصيان المكلّف لو ظنّ الموت قبل إدراك شرط الوجوب.

و ربّما قيل: يطرد الخلاف في كل الطهارات، لأن الحكمة ظاهرة في شرعيتها، مستقلة.

و يستحب الغسل لما يذكر بحسب الرواية، فروى محمد بن عبد اللّه عن الصادق (عليه السلام): «ان النبي (صلّى اللّه عليه و آله) أمر الأنصار بالغسل يوم الجمعة، فجرت بذلك السنّة»(1).

و عبد اللّه بن سنان عن الصادق (عليه السلام): «الجمعة، و العيدان، و يوم عرفة عند الزوال، و للإحرام، و دخول مكّة و الكعبة و المدينة، و الزيارة، و ثلاث الليالي في شهر رمضان»(2).

و قول الصدوق بوجوب الجمعة(3) - لرواية عبد اللّه بن المغيرة عن الرضا (عليه السلام)(4)، و رواية الحسين بن خالد عن الكاظم (عليه السلام)(5) - معارض، فيحمل على التوكيد، لرواية الحسين بن يقطين عن أبي الحسن (عليه السلام): «سنّة و ليس بفريضة»(6).

و يستحبّ للنساء و العبيد، لرواية ابن المغيرة عن الصادق (عليه3.

ص: 196


1- الفقيه 62:1 ح 230، علل الشرائع: 285، التهذيب 366:1 ح 1112.
2- التهذيب 110:1 ح 290.
3- الفقيه 61:1، الهداية: 22.
4- الكافي 41:3 ح 1، التهذيب 111:1 ح 291، 9:3 ح 28، الاستبصار 103:1 ح 336.
5- المحاسن: 313، الكافي 42:3 ح 4، التهذيب 111:1 ح 293.
6- التهذيب 112:1 ح 295، الاستبصار 102:1 ح 333.

السلام)(1).

و روى سماعة عن الصادق (عليه السلام): «يقضيه آخر النهار، فالسبت»(2) و رواية عمار عن الصادق (عليه السلام): «يغتسل و يعيد الصلاة في الوقت»(3)، للندب.

و يقدّم الخميس لخوف الإعواز، لأمر الكاظم (عليه السلام) امرأتيه به(4).

و لا يقدّم على الفجر اختيارا، لدعوى الشيخ الإجماع(5)، و إضافته - النبي (صلّى اللّه عليه و آله) - إلى اليوم(6).

و يمتد الى الزوال إجماعا، و قربه منه أفضل لتأكيد الغرض. و في الخلاف:

يمتدّ الى أن يصلّي الجمعة(7).

و ليدع في غسل الجمعة بما رواه أبو بصير عن الصادق (عليه السلام):».

ص: 197


1- الكافي 41:3 ح 1، التهذيب 111:1 ح 291، الاستبصار 103:1 ح 336، و في الجميع: عن عبد اللّه بن المغيرة عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام).
2- التهذيب 113:1 ح 300، الاستبصار 104:1 ح 340.
3- التهذيب 112:1 ح 298، الاستبصار 103:1 ح 338، باختصار في الألفاظ.
4- الكافي 42:3 ح 6، الفقيه 61:1 ح 227، التهذيب 365:1، ح 1110.
5- الخلاف 221:1 المسألة: 188.
6- سنن الدارمي 361:1، صحيح البخاري 3:2، صحيح مسلم 580:2 ح 846، السن الكبرى 294:1.
7- الخلاف 220:1 المسألة: 188.

و يرجى فيها ليلة القدر»(1).

و روى بكير بن أعين عنه (عليه السلام): قضاء غسل ليالي الافراد الثلاث بعد الفجر لمن فاته ليلا(2).

و يوم الغدير، و نقل فيه الشيخ الإجماع(3).

و يوم التروية، و لتكفين الميت، و غسل الكسوف إذا أوعب.

و الحسن بن راشد عنه (عليه السلام): لليلة الفطر(4).

و روى أبو بصير عنه (عليه السلام): ليلة نصف شعبان(5).

و روى سماعة عنه (عليه السلام): «غسل المباهلة واجب»(6)، و هو الرابع و العشرون من ذي الحجة في المشهور، و يراد التأكيد.

قال الشيخ: و روي عن الصادق (عليه السلام) غسل التوبة عن استماع الغناء(7) و لفتوى الأصحاب(8) و ان الغسل خير. و قيّده المفيد بالتوبة عن الكبائر(9).

و سماعة عنه (عليه السلام): للاستسقاء، و الاستخارة، و غسل المولود عند ولادته(10).

و محمد بن مسلم عن الباقر: دخول مسجد الرسول (صلّى اللّه عليه0.

ص: 198


1- التهذيب 114:1 ح 302، عن أحدهما (عليهما السلام).
2- التهذيب 373:1 ح 1142.
3- الخلاف 219:1 المسألة: 187.
4- الكافي 167:4 ح 3، الفقيه 109:2 ح 466، التهذيب 115:1 ح 303، علل الشرائع 1 : 338.
5- التهذيب 117:1 ح 308.
6- الفقيه 45:1 ح 176، التهذيب 104:1 ح 270.
7- الفقيه 45:1 ح 177، التهذيب 116:1 ح 304.
8- راجع: المبسوط 40:1، المهذب 33:1، الكافي في الفقه: 135، المعتبر 359:1.
9- المقنعة: 6.
10- الكافي 40:3 ح 2، الفقيه 45:1 ح 176، التهذيب 104:1 ح 270.

و آله)(1).

و عبد الرحيم القصير عن الصادق (عليه السلام): غسل الحاجة(2) و رواه مقاتل عن الرضا (عليه السلام)(3).

و فرادى رمضان، ذكره الشيخ في المصباح(4). و الشيخ محمد بن أبي قرّة ذكر ليلة أربع و عشرين و خمس و عشرين، و ليلة سبع و عشرين، و ليلة تسع و عشرين.

و نصف رجب و المبعث مشهوران، و لم يصل إلينا خبر فيهما.

و نوروز الفرس، رواه المعلى بن خنيس عن الصادق(5) و في المعلّى قول مع عدم اشتهاره. و فسّر بأول سنة الفرس، أو حلول الشمس الحمل، أو عاشر أيّار.

قال الصدوق: روي الغسل على قاتل وزغة، لخروجه عن ذنوبه(6)، و أثبته المفيد في الاشراف(7).

و قال: و روي وجوبه لرؤية المصلوب(8).

و روى بريد: رأيته اغتسل في ليلة ثلاث و عشرين مرتين: أول الليل، و آخره(9)، و الظاهر انه الإمام.

و ذكر الأصحاب لدحو الأرض: الخامس و العشرين من ذي القعدة.

و قال ابن الجنيد: يستحبّ لكلّ مشهد أو مكان شريف، أو يوم و ليلة شريفة، و عند ظهور الآثار في السماء، و عند كل فعل يتقرب به الى اللّه، و يلجأ فيه اليه.7.

ص: 199


1- التهذيب 105:1 ح 12.
2- الكافي 476:3 ح 1، الفقيه 353:1 ح 7، التهذيب 116:1 ح 305.
3- الكافي 477:3 ح 3، التهذيب 117:1 ح 306.
4- مصباح المتهجد: 570.
5- مصباح المتهجد: 790.
6- الفقيه 44:1، الهداية: 19.
7- الاشراف: 5.
8- الفقيه 45:1، الهداية: 19.
9- التهذيب 331:4 ح 1035، إقبال الأعمال: 207.

و قال المفيد في العزية: يستحب الغسل لرمي الجمار(1).

و الفاضل: للإفاقة من الجنون، لما قيل انه يمني(2)، و الحكم لا نعرفه، و التعليل لا نثبته.

نعم، روى العامة: ان النبي (صلّى اللّه عليه و آله) كان يغمى عليه في مرض موته فيغتسل(3). فيكون الجنون بطريق الأولى.

و ظاهر ضعف هذا التمسك.

و لو صحّ الأول كان غسلا ينوي به(4) رفع الجنابة، و خصوصا عنده لاشتراطه في نيّة الطهارة، كما ينوي في غسل واجدي المني على الفراش المشترك.

و في التهذيب: لمن مسّ ميتا بعد الغسل، لخبر عمار عن الصادق (عليه السلام)(5). و استحب فيه الغسل لمن مات جنبا مقدّما على غسل الميت، لخبر العيص عن الصادق (عليه السلام)(6).

و ابن زهرة: لصلاة الشكر(7).

و المفيد في الإشراف: لمن أهرق عليه ماء غالب النجاسة(8).

فروع:
الأول: بعض هذه الأغسال آكد من بعض،

كالجمعة، و الإحرام و المولود، و السعي إلى المصلوب، مما قيل فيه بالوجوب، و كما اشتهر على ما لم يشتهر، و كما

ص: 200


1- العزية: مخطوط مفقود.
2- نهاية الإحكام 179:1.
3- صحيح البخاري 175:1، صحيح مسلم 311:1 ح 418، السنن الكبرى 123:1.
4- في س: فيه.
5- التهذيب 430:1 ح 1373، الاستبصار 100:1 ح 328.
6- التهذيب 433:1 ح 1387، الاستبصار 194:1 ح 683.
7- الغنية: 493.
8- الاشراف: 5.

علم مأخذه على ما لم يعلم. و تظهر الفائدة في مزاحمة اثنين على ماء مباح أو مبذول للأحوج، فالأهم منهما يقدم.

و الصدوق أطلق وجوب غسل الإحرام، و عرفة، و الزيارة، و الكعبة، و المباهلة، و الاستسقاء، و المولود(1).

الثاني: لا يختص غسل الجمعة بآتيها

الثاني: لا يختص غسل الجمعة بآتيها(2) لعموم قول الرضا (عليه السلام):

«واجب على كل ذكر و أنثى، من حر و عبد»(3).

و قول النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «من جاء إلى الجمعة فليغتسل»(4)يحمل على التأكيد، و لأن دلالة المفهوم لا تعارض المنطوق.

الثالث: قضاؤه مشروع لمن فاته لعذر و غيره،

لإطلاق الرواية(5) و خصّه الصدوق بالنسيان و العذر(6).

و لو قدّمه الخميس، ثم تمكّن منه في الجمعة، أعاد، لسقوط البدل بالمبدل.

و لو تعارض الحال بين التعجيل و القضاء، فالأفضل: التعجيل، لقربه من الجمعة.

الرابع: كل غسل لزمان فهو ظرفه،

و لمكان أو فعل فقبله، إلاّ غسل التوبة و المصلوب.

و في التقديم لخائف الإعواز و القضاء لمن فاته نظر، و لعلّهما أقرب، و قد نبّه عليه في غسل الإحرام، و في رواية بكير السالفة(7).

ص: 201


1- الفقيه 45:1 ح 176.
2- في م: بإتيانها.
3- الكافي 41:3 ح 1، التهذيب 111:1 ح 291، الاستبصار 103:1 ح 336.
4- سنن الدارمي 361:1، صحيح البخاري 3:2، صحيح مسلم 579:2 ح 844
5- الكافي 23:3 ح 7، التهذيب 113:1 ح 300، 301.
6- الفقيه 61:1، الهداية: 23.
7- التهذيب 373:1 ح 1142، و تقدمت في ص 198 الهامش 2.

و ذكر المفيد قضاء غسل عرفة(1).

الخامس: لو فقد الماء، ففي شرعيّة التيمم نظر،

و قد ذكر في غسل الإحرام. و الأصل فيه انّها للنظافة المحضة، و ان التراب طهور. و على قول المرتضى بأنها ترفع الحدث(2) يقطع على استحباب التيمّم، و تكون مبيحة للصلاة.

السادس: الظاهر: ان غسل العيدين يمتدّ بامتداد اليوم،

عملا بإطلاق اللّفظ، و يتخرّج من تعليل الجمعة أنه إلى الصلاة، أو الى الزوال الذي هو وقت صلاة العيد، و هو ظاهر الأصحاب(3).

السابع: لا فرق في استحباب الغسل للتوبة بين: الفسق و الكفر،

و ان كان عن ردة.

و أمر النبي (صلّى اللّه عليه و آله) قيس بن عاصم(4) و ثمامة بن أثال(5)- بضمّ أول الاسمين - بعد إسلامهما بالغسل محمول على الندب، أو انه وجد منهما سبب الغسل - بناء على الغالب - و الإسلام لا يسقطه، إذ هو حدث له رافع معلوم.

الثامن: هيئة هذه الأغسال كهيئة الواجب،

فلو نذرها وجبت الهيئة كالترتيب. و لينو السبب فيها ليحصل التمييز فيها، بخلاف الواجب، لاختلاف الغايتين.

التاسع: الأقرب: إعادة غسل الفعل بتخلّل الحدث،

و قد ذكر في دخول مكة - شرّفها اللّه - و في النوم في الإحرام. و لو أحدث في الأثناء فالإعادة أولى.

ص: 202


1- الاشراف: 4.
2- الناصريات: 225.
3- راجع المقنعة: 22، المبسوط 40:1، النهاية: 135.
4- مسند أحمد 61:5، الجامع الصحيح 502:2 ح 605، سنن النسائي 109:1.
5- الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 269:2 ح 1235، السنن الكبرى 171:1.
مسائل أربع:
الأولى: يمكن ان يكون الوضوء معتبرا في تحقق غايتها،

لعموم حسن حمّاد ابن عثمان عن الصادق (عليه السلام): «في كل غسل وضوء، إلاّ الجنابة»(1) و قول الكاظم (عليه السلام) في خبر علي بن يقطين: «إذا أردت أن تغتسل للجمعة فتوضّأ و اغتسل»(2).

و يمكن ان اعتباره في العبادة المشروطة به - كالصلاة، و الطواف - لإطلاق الأمر بالغسل، فالفاعل ممتثل.

و في مكاتبة محمّد بن عبد الرّحمن الهادي (عليه السلام): «لا وضوء للصلاة في غسل الجمعة و لا غيره»(3).

و روى عمار عن الصادق (عليه السلام) في الغسل من جنابة، أو يوم جمعة، أو عيد، أ عليه وضوء قبل أو بعد؟ فقال (عليه السلام): «ليس عليه قبل و لا بعد»(4).

و في مرسل حمّاد بن عثمان عن الصادق (عليه السلام) في الرجل يغتسل الجمعة، أو غير ذلك، أ يجزئه عن الوضوء؟ فقال (عليه السلام): «و أي وضوء أطهر من الغسل»(5).

و هي دليل ابن الجنيد و المرتضى على إجزاء الغسل - فرضه و نفله - عن الوضوء(6) و حملت على سلب الوضوء بالنسبة إلى غاياتها، لا سلبه لأجل الصلاة.

ص: 203


1- التهذيب 143:1 ح 403، 303 ح 881، الاستبصار 209:1 ح 733.
2- التهذيب 142:1 ح 401، الاستبصار 127:1 ح 434.
3- التهذيب 141:1 ح 397، الاستبصار 126:1 ح 431.
4- التهذيب 141:1 ح 398، الاستبصار 127:1 ح 432.
5- التهذيب 141:1 ح 399، الاستبصار 127:1 ح 433.
6- حكاه عنهما العلامة في مختلف الشيعة: 33.

و يندفع بأنّه قد صرّح «لا وضوء للصلاة». و الحمل على غير وقتها بعيد جدا، لقوله: «و لا بعد».

و الحق أنّ الترجيح باعتبار الشهرة بين الأصحاب، و يكاد يكون إجماعا، و الروايات معارضة بمثلها و بما هو أصحّ إسنادا منها.

الثانية: أوجب ابن أبي عقيل غسل الإحرام

الثانية: أوجب ابن أبي عقيل غسل الإحرام(1) و نقله المرتضى عن كثير من الأصحاب(2).

و المشهور الاستحباب، و قول الصادق: «واجب»(3) يحمل على التأكيد.

و أوجب المرتضى - في المصرية الثالثة - و أبو الصلاح و سلاّر غسل الكسوف و الخسوف(4)، لظاهر الأمر عنهم (عليهم السلام)(5).

و يندفع باحتمال الصيغة: الندب، فيصار إليه لفتوى الأصحاب(6).

و أبو الصلاح غسل المصلوب(7) و أرسله الصدوق(8).

و أوجب ابن حمزة غسل المولود(9) لصيغة الوجوب، و هو من التأكيد.

الثالثة: قيل: لا تداخل في هذه الأغسال،

لاعتبار نية السبب.

و قال الشيخان: إذا ضمّ إليها واجب تداخلت إذا نوى الجميع، أو نوى الجنابة(10)، لخبر زرارة عن أحدهما (عليهما السلام): «إذا اجتمعت للّه عليك

ص: 204


1- مختلف الشيعة: 28.
2- الناصريات: 224 المسألة 44.
3- الفقيه 45:1 ح 176، التهذيب 104:1 ح 270، الاستبصار 98:1 ح 316.
4- الكافي في الفقه: 135، المراسم: 40، و حكاه عن المرتضى: العلامة في مختلف الشيعة: 28.
5- الفقيه 44:1 ح 172، التهذيب 114:1 ح 302.
6- راجع: المقنعة: 6، المهذب 33:1، مختلف الشيعة: 28.
7- الكافي في الفقه: 135.
8- الفقيه 45:1 ح 175، الهداية: 19.
9- الوسيلة: 54.
10- الاشراف: 4، الخلاف 222:1 المسألة: 191.

حقوق أجزأك عنها غسل واحد»، قال: «و كذلك المرأة يجزئها غسل واحد لجنابتها، و إحرامها، و جمعتها، و غسلها من حيضها، و عيدها»(1). و هذا قوي، لعموم قول النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «لكلّ امرئ ما نوى»(2).

و في الخبرين دلالة على إجزاء الواحد و إن لم يجامع الواجب، و لأنّ الغرض مسمى الغسل و هو حاصل، و من قال برفعه الحدث فلا إشكال عنده في التداخل، و لو نوى البعض حصل و بقي الآخر.

هذا كلّه مع اشتراكها في الندب. اما لو جامعها الواجب، فيشكل من حيث تضادّ وجهي الوجوب و الندب إن نواها معه، و وقوع عمل بغير نيّة إن لم ينوها، إلاّ أن يقال: نية الوجوب تستلزم نيّة الندب، لاشتراكهما في ترجيح الفعل، و لا يضر اعتقاد منع الترك، لأنّه مؤكّد للغاية، و مثله الصلاة على جنازتي بالغ و صبي لدون ست، بل مطلق الصلاة الواجبة.

و قال الشيخ: لو نوى المجنب و عليه غسل الجمعة الجميع، أو الجنابة، أجزأ عنهما. و لو نوى الجمعة لم يجزئ عن أحدهما، لعدم نيّة ما يتضمّن رفع الحدث فلا ترتفع الجنابة، و لأنّ الغرض التنظيف و لا يصحّ مع وجود الحدث فلا يحصل غسل الجمعة(3).

و نوقض بإجزاء غسل الإحرام من الحائض، للخبر(4) و فتوى الأصحاب(5).

و الفرق عدم قبول الحيض للرفع بخلاف الجنابة.9.

ص: 205


1- الكافي 41:3 ح 1، التهذيب 107:1 ح 279، السرائر 485.
2- التهذيب 186:4 ح 519 مسند أحمد 25:1، صحيح البخاري 2:1، صحيح مسلم 3: 1515 ح 1907، سنن أبي داود 262:2 ح 2201، الجامع الصحيح 1079:4 ح 2147. السنن الكبرى 341:7.
3- الخلاف 36:1 المسائل 189-193.
4- الكافي 41:3 ح 1، التهذيب 107:1 ح 279.
5- راجع: المعتبر 362:1، مختلف الشيعة: 29.

و الأقرب - تفريعا على القول بانّ الغسل المندوب لا يرفع الحدث - صحته من كلّ محدث لحصول الغاية.

الرابعة: لو أجنبت ثم حاضت أخّرته،
اشارة

إذ لا طهارة مع الحيض، و لقول الصادق (عليه السلام): «قد جاءها ما يفسد صلاتها»(1)، و كذا لو نفست.

امّا لو استحيضت، لم يمنع الرفع مع بقاء حدث الاستحاضة، لأنّه غير مانع من الصلاة.

و امّا التيمّم فيجب لما تجب له الطهارتان، تحقيقا للبدليّة.

و في الصوم نظر، لعدم رفع الحدث به، و عدم اشتراط الطهارة فيه، و من وجوب الغسل المتعذر فلينتقل الى بدله، لعموم قول النبي (صلّى اللّه عليه و آله):

«الصعيد طهور المسلم»(2) و قوله لأبي ذر: «يكفيك الصعيد عشر سنين»(3) و قول الصادق (عليه السلام): «هو بمنزلة الماء»(4).

و كذا في تيمّم الحائض لإباحة الوطء ان شرطنا الغسل، لرواية عمار عن الصادق (عليه السلام) به(5).

و يزيد(6): الخروج من المسجدين للمجنب و الحائض، لقول الباقر (عليه السلام) في المحتلم في المسجدين: «لا يمرّ إلاّ متيمّما».

و كذلك الحائض إذا أصابها الحيض تفعل ذلك، رواه أبو حمزة عنه (عليه السلام)(7).

و في المعتبر: لا يجب على الحائض و إن استحب، لأنّه لا سبيل لها إلى

ص: 206


1- الكافي 83:3 ح 1، التهذيب 370:1 ح 1128، السرائر: 485.
2- سنن أبي داود 91:1 ح 333، الجامع الصحيح 212:2 ح 124، السنن الكبرى 212:1.
3- الفقيه 59:1 ح 221، التهذيب 194:1 ح 561.
4- التهذيب 200:1 ح 581، الاستبصار 163:1 ح 566.
5- التهذيب 405:1 ح 1268.
6- في «م»: و نريد، و في «س»: و مزيل، و في ط: و مريد. و مع التأمل الصحيح هو المتثبت.
7- الكافي 73:3 ح 14.

الطهارة بخلاف الجنب(1) و هو اجتهاد في مقابلة النص.

و ابن حمزة: يستحبّ التيمّم لخروج الجنب(2).

و ابن الجنيد: إذا اضطرّ الجنب أو الحائض إلى دخول المساجد تيمّما(3).

و يبعد إرادة منقطعة الحيض في الخبر، و في كلامه.

و جاز ان يكون التيمّم مبيحا لهذا - و إن كان الحدث باقيا - فإنّه لا يرفع الحدث في موضع إمكانه بالمائية، فكيف موضع استحالته؟.

فروع:
الأول: يجب على المجنب الذهاب بأقرب الطرق،

تخفيفا للكون. و لو قصر زمان الخروج عن زمان التيمّم، فالأقرب: الوجوب، للعموم(4).

الثاني: الأقرب: استحباب التيمّم لباقي المساجد،

لما فيه من القرب إلى الطهارة، و لا يزيد الكون فيه عن الكون في التيمّم في المسجدين.

الثالث: الخبر ورد في المحتلم،

و الظاهر: الشمول لكلّ مجنب، لعدم تعقّل خصوصيّة الاحتلام، و لا فرق بين الرجل و المرأة.

الرابع: لو أمكنه الغسل في المسجد بماء كثير أو قليل، ففي جوازه نظر،

الرابع: لو أمكنه الغسل في المسجد(5) بماء كثير أو قليل، ففي جوازه نظر، من تخصيص التيمّم بالذكر، مع حرمة الكون في المسجد، و قضية الأصل، و ذكر التيمم بناء على الغالب من عدم التمكّن من تعجيل الغسل في المسجد إعمالا للبدليّة الاضطرارية. و حينئذ يمكن تعيّن الغسل، و لو ساوى زمان التيمم فالإجزاء أقوى، هذا مع عدم تنجيس المسجد.

ص: 207


1- المعتبر 222:1-223.
2- الوسيلة: 70.
3- المعتبر 223:1.
4- التهذيب 407:1 ح 1280.
5- في س: المسجدين.

و يستحبّ بدلا من الوضوء في كلّ مكان يكون الوضوء رافعا. و في استحبابه بدلا من وضوء غير رافع - كنوم الجنب، و جماع المحتلم، و ذكر الحائض - وجه بطريق الأولى. و عن الغسل ذكر.

نعم، يستحبّ للنوم مع وجود الماء، و في الجنازة على المشهور، بل ادّعى عليه الشيخ الإجماع(1) و هو في خبر سماعة.

قال: سألته عن رجل مرّت به جنازة و هو على غير طهر، قال: «يضرب يديه على حائط لبن فيتيمم»(2)، و لم أر لها رادّا غير ابن الجنيد، حيث قيده بخوف الفوت(3).

و في المعتبر: الإجماع لا نعلمه، و الخبر ضعيف المستند، و المتن مقطوع، فالتمسك بالأصل من اشتراط عدم الماء في التيمّم أولى ما لم يخف فوت الجنازة(4).

و يرد بحجّية الإجماع المنقول بخبر الواحد، و الحجة عمل الأصحاب بالرواية فلا يضرّ ضعفها، و هي ظاهرة في المراد.

و في استحباب تجديده بحسب الصلوات وجه، مخرّج من الرواية الدالّة على التيمّم لكلّ صلاة، كما روي عن علي (عليه السلام)(5) و السكوني عن الصادق (عليه السلام)(6) و أبو همام عن الرضا (عليه السلام)(7) فحمله في التهذيب و المعتبر على الاستحباب(8).1.

ص: 208


1- الخلاف 160:1 المسألة: 112.
2- الكافي 178:3 ح 5، التهذيب 203:3 ح 477.
3- المعتبر 404:1.
4- المعتبر 405:1.
5- المصنف لابن أبي شيبة 160:1، السنن الكبرى 221:1.
6- التهذيب 201:1 ح 584، الاستبصار 163:1 ح 565.
7- التهذيب 201:1 ح 583، الاستبصار 164:1 ح 568.
8- التهذيب 201:1، المعتبر 403:1.
المطلب الثاني: في المستعمل منه. و هو الأسباب الموجبة للطهارة،
اشارة

و هي تنقسم ثلاثة أقسام: موجب الوضوء وحده، و موجب الغسل وحده، و موجبهما مجتمعين أو متفرّقين.

فالأول الموجبة للوضوء وحده
اشارة

ستة: خروج البول و الغائط و الريح من الموضع المعتاد، و النوم الغالب على الحاسّتين تحقيقا أو تقديرا، و ما يزيل العقل، و الاستحاضة - على وجه.

قال الشيخ: اتفق المسلمون أنّ خروج هذه ينقض الطهارة(1).

و لقوله تعالى أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ اَلْغائِطِ (2).

و قول النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «لكن من بول أو غائط»(3).

و قوله (صلّى اللّه عليه و آله): «فلا ينصرفنّ حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا»(4).

و قول الصادق (عليه السلام): «لا يجب الوضوء إلاّ من بول، أو غائط، أو ضرطة، أو فسوة تجد ريحها»(5).

و قول النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «العين وكاء السّه فمن نام فليتوضأ»(6)و السّه: حلقة الدبر.

ص: 209


1- لاحظ: التهذيب 5:1، المعتبر 106:1.
2- سورة النساء: 43.
3- سنن ابن ماجة 161:1 ح 478، السنن الكبرى 118:1.
4- صحيح مسلم 276:1 ح 362، سنن ابن ماجة 171:1 ح 514، الجامع الصحيح 109:1 ح 75، سنن النسائي 98:1.
5- التهذيب 10:1 ح 16.
6- سنن ابن ماجة 161:1 ح 477، سنن أبي داود 52:1 ح 303، سنن الدار قطني 161:1، السنن الكبرى 167:1.

و قال الباقر و الصادق (عليهما السلام): «و النوم حتى يذهب العقل»(1) و منه يعلم مزيل العقل.

و لقول الصادق (عليه السلام): «إذا خفي عليه الصوت وجب الوضوء»(2).

و قول النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «المستحاضة تتوضّأ لكلّ صلاة»(3)و بمعناه كلام الصادق (عليه السلام)(4).

مسائل:
الأولى: الخارج من الثلاثة من غير المخرج المعتاد ناقض ان اعتيد،

سواء كان فوق المعدة أو تحتها، و إلاّ فلا.

اما مع العادة، فلعموم الآية(5) و الحديث(6).

و لقول الصادق (عليه السلام): «ليس ينقض الوضوء الا ما خرج من طرفيك، اللذين أنعم اللّه بهما عليك»(7) لتحقّق النعمة بهما.

و اما مع الندور، فللأصل و الخبر، إذ ليس من(8) الطرفين.

الثانية: لا ينقض ما يخرج منهما غير الثلاثة و الدماء الثلاثة،

ما لم يستصحب حدثا، للأصل، و الخبر، و قول الصادق (عليه السلام): «ليس في

ص: 210


1- الكافي 36:3 ح 6، الفقيه 37:1 ح 137، التهذيب 9:1 ح 15.
2- الكافي 37:3 ح 14، التهذيب 9:1 ح 14، عن أبي الحسن (عليه السلام).
3- سنن أبي داود 80:1 ح 298، السنن الكبرى 347:1.
4- الكافي 88:3 ح 2، التهذيب 106:1 ح 277.
5- سورة النساء: 43.
6- الكافي 36:3 ح 2، التهذيب 10:1 ح 18.
7- الكافي 35:3 ح 1، التهذيب 10:1 ح 17، الاستبصار 85:1 ح 271.
8- ليست في م، س.

حب القرع و الديدان الصغار وضوء»(1) و التقييد بالصغار لأن الكبيرة مظنة التلطّخ، و عليه يحمل قول الصادق (عليه السلام) في الوضوء من حب القرع(2).

الثالثة: لا ينقض خروج الريح من الذّكر،

للأصل، و لعدم المنفذ الى الجوف.

أمّا قبل المرأة، فقال الفاضلان: ينقض خروج الريح منه للمنفذ، و تسميته ريحا(3).

و يشكل: بالحمل على المعهود مع التمسك بالأصل حتى يعتاد.

اما الجشاء، فلا ينقض إجماعا.

الرابعة: لا ينقض الدهن المستدخل و الحقنة إذا خرجا ما لم يستصحبا،

خلافا لابن الجنيد في الحقنة(4).

و لو خرجت المقعدة ملوّثة بالغائط، ثم عادت و لمّا ينفصل، فالأقرب: عدم النقض، لعدم صدق الخروج المعهود.

الخامسة: الخنثى المشكل

إذا اعتاد المخرجين نقضا، و إلاّ فالناقض المعتاد، و لا يشترط مع الاعتياد الخروج منهما بل يكفي أحدهما.

السادسة: لا تنقض السنة -

و هي: ابتداء النعاس - لعدم التسمية، و لعدم ذهاب العقل.

و لا فرق بين حالات النائم، للعموم، و لحسن عبد الحميد عن الصادق (عليه السلام): «من نام و هو راكع أو ساجد أو ماش، على أي الحالات، فعليه الوضوء»(5).

ص: 211


1- الكافي 36:3 ح 4، التهذيب 12:1 ح 22.
2- التهذيب 11:1 ح 19، الاستبصار 82:1 ح 257.
3- المعتبر 108:1، نهاية الإحكام: 71:1، تذكرة الفقهاء 11:1.
4- حكاه عنه العلامة في مختلف الشيعة: 18.
5- التهذيب 6:1 ح 3، الاستبصار 79:1 ح 247.

و الصدوق أورد خبر سماعة في الرجل يخفق رأسه و هو في الصلاة قائما أو راكعا: «لا وضوء عليه»(1) و قول الكاظم (عليه السلام): «لا وضوء عليه ما دام قاعدا لم ينفرج»(2).

و أبوه لم يذكر النوم في النواقض.

و الخبران محمولان على السنة، مع قطع الأول، و عدم العلم بصحة سند الثاني.

السابعة: لا ينقض المذي مطلقا،

لقول النبي (صلّى اللّه عليه و آله):

«ليس بشيء»(3) و لخبر عمر بن حنظلة عن الصادق (عليه السلام): «ما هو إلاّ كالنّخامة»(4).

و ابن الجنيد: ينقض عقيب الشهوة(5)، لصحيح محمّد بن إسماعيل عن الرضا (عليه السلام)، و أسنده (عليه السلام) أيضا الى النبي (صلّى اللّه عليه و آله)(6)، و حملت على الندب(7).

و كذا الودي و القهقهة.

و حجة ابن الجنيد بخبر سماعة المقطوع(8) يحمل على الندب.

و لا دم من السبيل يشك في خلوّه من الحدث، لخبر أبي بصير عن الصادق

ص: 212


1- الفقيه 38:1 ح 143.
2- الفقيه 38:1 ح 144.
3- التهذيب 17:1 ح 39، الاستبصار 91:1 ح 292.
4- الكافي 39:3 ح 2، علل الشرائع: 296، التهذيب 17:1 ح 38، الاستبصار 91:1 ح 291.
5- مختلف الشيعة: 18.
6- التهذيب 18:1 ح 42، الاستبصار 92:1 ح 295.
7- حملها الشيخ في التهذيب 18:1، و الاستبصار 92:1.
8- مختلف الشيعة: 18. و خبر سماعة في التهذيب 12:1 ح 23، الاستبصار 83:1 ح 262، 86 ح 273.

(عليه السلام) في كل دم سائل: «ليس فيه وضوء»(1).

و ابن الجنيد أوجبه، و وافق مع علم خلوّه في عدم الوضوء(2).

و خبر أبي عبيدة عن الصادق (عليه السلام): ينقض الوضوء مع استكراهه الدم السائل(3) حمل على التقيّة أو الندب(4) و كذا خبر عبيد بن زرارة عنه (عليه السلام)(5).

و لا مسّ قبل و دبر - باطنا و ظاهرا، محرّما أو محللا - و لا قبلة، لما مر.

و صحيح ابن أبي عمير المرسل عن الصادق (عليه السلام): «ليس في المذي من الشهوة، و لا من الإنعاظ، و لا من القبلة، و لا من مسح الفرج، و لا من المضاجعة، وضوء»(6).

و صحيح زرارة عن الباقر (عليه السلام): «ليس في القبلة و المباشرة، و لا مس الفرج، وضوء»(7).

و حجة ابن الجنيد(8) بخبر أبي بصير عن الصادق (عليه السلام): «إذا قبّل الرجل المرأة من شهوة، أو مس فرجها، أعاد الوضوء»(9) و حجّة الصدوق(10) لخبر عمّار عنه (عليه السلام): «من مس باطن دبره و إحليله أعاد الوضوء»(11) محمولان4.

ص: 213


1- الكافي 37:3 ح 13، التهذيب 15:1 ح 33، الاستبصار 84:1 ح 264.
2- مختلف الشيعة: 18.
3- التهذيب 13:1 ح 26، الاستبصار 83:1 ح 263، باختصار في الألفاظ.
4- التهذيب 13:1، و الاستبصار 83:1.
5- التهذيب 350:1 ح 1032، الاستبصار 84:1 ح 267.
6- التهذيب 19:1 ح 47 و 253 ح 734، الاستبصار 93:1 ح 200 و 174 ح 605.
7- الكافي 375:3 ح 12، الفقيه 38:1 ح 145، التهذيب 21:1 ح 54، الاستبصار 87:1 ح 277.
8- مختلف الشيعة: 17، المعتبر 113:1.
9- التهذيب 22:1 ح 56، الاستبصار 88:1 ح 280.
10- الفقيه 39:1.
11- التهذيب 45:1 ح 127، 348 ح 1023، الاستبصار 88:1 ح 284.

على الندب مع صحة السند.

و لا قيء و ان ملأ الفم.

و لا إنشاد شعر كذب و ان زاد على أربعة أبيات.

و حمل الشيخ رواية سماعة(1) به على الندب(2)، مع أنّها مقطوعة معارضة برواية معاوية بن ميسرة عن الصادق (عليه السلام)(3).

و لا بمس النساء مطلقا. و الآية(4) يراد بها الجماع، قضاء للعرف.

و لقول الباقر (عليه السلام) في خبر أبي مريم في لمس المرأة: «لا و اللّه، ما بذا بأس»، و فسّر الملامسة بالمواقعة(5).

و لا أكل ما مسته النار.

و ما روي من قول النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «توضئوا مما مسّته النار»(6)منسوخ بخبر جابر: كان آخر الأمرين من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) ترك الوضوء مما مسّته النار(7).

و لا دم حجامة، لخبر أنس: انّ النبي (صلّى اللّه عليه و آله): احتجم و صلّى و لم يتوضأ، و لم يزد على غسل محاجمه(8).

و لا أكل لحم جزور.

و لم يثبت قول النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «توضئوا من لحوم الإبل»(9).1.

ص: 214


1- التهذيب 16:1 ح 35، الاستبصار 87:1 ح 276.
2- التهذيب 16:1، الاستبصار 87:1.
3- التهذيب 16:1 ح 37، الاستبصار 86:1 ح 275.
4- سورة المائدة: 6.
5- التهذيب 22:1 ح 55، الاستبصار 87:1 ح 278.
6- صحيح مسلم 272:1 ح 351، سنن أبي داود 50:1 ح 195، الجامع الصحيح 114:1 ح 79، سنن النسائي 105:1.
7- سنن أبي داود 49:1 ح 192، سنن النسائي 108:1، السنن الكبرى 156:1.
8- سنن الدار قطني 157:1، السنن الكبرى 141:1.
9- مسند أحمد 288:4، سنن ابن ماجة 66:1 ح 494، سنن أبي داود 47:1 ح 184، الجامع الصحيح 123:1 ح 81.

فهو منسوخ بخبر جابر(1)، أو يحمل على غسل اليد.

و لا قصّ شارب، و تقليم ظفر، و نتف إبط، لخبر زرارة عن الباقر (عليه السلام): في القلم و الجزّ، و الأخذ من اللّحية و الرأس، انه يزيده تطهيرا(2) 3.

و نقل الخلاف في الثلاثة عن مجاهد و الحكم و حماد من العامة بغير حجة(3).

و رواية الحلبي عن الصادق (عليه السلام) في القلم و أخذ الشعر بعد الوضوء انه يمسحهما بالماء(4) للندب.

و لا فتح الإحليل، خلافا للصدوق(5).

و لا ارتداد و لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ (6) مقيّد بموته عليه.

و الخبر عن الصادق (عليه السلام) بالوضوء من مصافحة المجوسي و مس الكلب(7) محمول على التنظيف.

القسم الثاني: موجب الغسل و حدّه.

و هو الجنابة باتّفاقنا، لقوله تعالى فَاطَّهَّرُوا (8).

ص: 215


1- راجع الهامش 7 المتقدّم.
2- الفقيه 38:1 ح 140، التهذيب 346:1 ح 1013، الاستبصار 95:1 ح 308.
3- المغني 229:1، الشرح الكبير 228:1.
4- الكافي 37:3 ح 11، التهذيب 345:1 ح 1010، الاستبصار 95:1 ح 307.
5- الفقيه 39:1.
6- سورة الزمر: 65.
7- التهذيب 23:1 ح 60، 347 ح 1020، الاستبصار 89:1 ح 285 ح 286.
8- سورة المائدة: 6.

و قوله تعالى حَتَّى تَغْتَسِلُوا (1) غيّا المنع به فلا يتوقّف على غيره.

و للخبر عن زوج النبي (صلّى اللّه عليه و آله): كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) لا يتوضّأ بعد الغسل من الجنابة(2).

و قيل للباقر (عليه السلام): كان علي يأمر بالوضوء قبل غسل الجنابة، فقال: «كذبوا على علي (عليه السلام)»(3).

و لقول الكاظم (عليه السلام): «لا وضوء عليه»(4).

و من ثم يجزئ عن غيره، و الأقرب العكس أيضا و خصوصا مع الوضوء، لأنّ خصوصية السبب ملغاة، و المعتبر هو القدر المشترك، و لما مر.

و لرواية زرارة عن الباقر (عليه السلام): «إذا حاضت المرأة و هي جنب أجزأها غسل واحد»(5).

و عن أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) في الحائض بعد الجنابة:

«تجعله غسلا واحدا»(6) و مثله عن حجاج الخشاب عن الصادق (عليه السلام)(7).

و ربما احتج مانع العكس بخبر سماعة عن الصادق و الكاظم (عليهما السلام) في الحائض بعد الجماع: «غسل الجنابة عليها واجب»(8).

و هو من مفهوم اللقب و ليس بحجة، و جاز ذكره ليعلم بقاء حدث الجنابة، فيكون الغسل بعد الحيض رافعا لهما.5.

ص: 216


1- سورة النساء: 43.
2- سنن ابن ماجة 191:1 ح 579.
3- التهذيب 142:1 ح 400، الاستبصار 125:1، 426.
4- التهذيب 142:1 ح 402.
5- التهذيب 395:1 ح 1225، الاستبصار 146:1 ح 502، السرائر: 485.
6- التهذيب 395:1 ح 1226، الاستبصار 147:1 ح 503.
7- التهذيب 395:1 ح 1227، الاستبصار 147:1 ح 504.
8- التهذيب 395:1 ح 1228، الاستبصار 147:1 ح 505.

و هذه الأخبار تدلّ على إجزاء الواحد، و هو شامل للنية المطلقة - في الرفع أو الاستباحة - و للنية المخصصة. و مع الإطلاق، أو تخصيص الجنابة لا وضوء قطعا. و مع تخصيص غيره، الأقرب: وجوبه، للعموم.

و قوّى في المعتبر عدم الوضوء، لأنّه جنب(1) و لظاهر الأخبار.

أما غسل المستحاضة إذا جامع هذه، فان كانت منقطعة، و قلنا بوجوبه، تداخل و ان كان الدم مستمرا. اما مع التخير أو التيقن، فالأحوط: التعدّد، لبقاء الحدث.

و على الاكتفاء بالقربة، لا بحث في التداخل في غير الاستحاضة.

القسم الثالث الموجبة للوضوء و الغسل مجتمعين أو متفرقين
اشارة

الدماء الثلاثة، و مسّ ميت الآدمي النجس، و يجامعها الوضوء عند الأكثر، لعموم قوله تعالى إِذا قُمْتُمْ إِلَى اَلصَّلاةِ فَاغْسِلُوا (2).

و لصحيح ابن أبي عمير المرسل عن الصادق (عليه السلام): «كلّ غسل قبله وضوء، إلاّ غسل الجنابة»(3).

و لخبر حماد عنه (عليه السلام): «في كلّ غسل وضوء، إلاّ الجنابة»(4).

و حكم بتقديم الوضوء: المفيد(5) و الصدوقان(6) و أبو الصلاح(7) و الشيخ - في الجمل(8) - للخبر(9).

ص: 217


1- المعتبر 361:1.
2- سورة المائدة: 6.
3- الكافي 45:3 ح 13، التهذيب 139:1 ح 391، الاستبصار 126:1 ح 428.
4- التهذيب 143:1 ح 403، 303 ح 881، الاستبصار 209:1 ح 733.
5- المقنعة: 7.
6- الفقيه 46:1، الهداية: 20، مختلف الشيعة: 34.
7- الكافي في الفقه: 134، 135.
8- الجمل و العقود: 163.
9- راجع الهامش 3.

و في المبسوط: يجوز التأخير، و التقديم أفضل(1) للأصل، و لخبر حمّاد.

و الأول أشهر.

و قد روى عبد اللّه بن سليمان عن الصادق (عليه السلام)، و سليمان بن خالد عن الباقر: «الوضوء بعد الغسل بدعة»(2).

و من موجبات الغسل: الموت، و إن لم يسمّ حدثا، و هو كاف عن جميع الأغسال، لسقوط التكليف.

و في الجنابة روايتان: أشهرهما سقوط غسلها، و هي عن الباقر(3)و الصادق(4) و الكاظم(5) و الأخرى سبقت(6).5.

ص: 218


1- المبسوط 30:1.
2- الكافي 45:3 ح 12، التهذيب 140:1 ح 395، 396.
3- الكافي 154:3 ح 1، التهذيب 432:1 ح 1384، الاستبصار 194:1، ح 680.
4- الكافي 154:3 ح 2، التهذيب 432:1 ح 1382.
5- التهذيب 432:1 ح 1383، الاستبصار 194:1 ح 679.
6- سبقت في ص 200 الهامش 5.

فهنا مقامات ستة:

المقام الأول: للجنابة سببان:
اشارة

الإنزال مع علم كون الخارج منيّا، نوما كان أو يقظة، بشهوة أو غيرها، بإجماع المسلمين، و لقول النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «الماء من الماء»(1).

و له خواص أربع: خروجه بدفق دفعات غالبا.

قال اللّه عزّ و جلّ مِنْ ماءٍ دافِقٍ (2).

و مقارنة الشهوة له، و فتور الجسد و الشهوة بعده، و قرب رائحته من رائحة الطلع و العجين ما دام رطبا، و من بياض البيض جافّا. و لمنيّ الرجل الثخانة و البياض، و يشاركه فيهما الوذي، و لمني المرأة الصفرة و الرقة، و يشاركه فيهما المذي، كلّ ذلك حال اعتدال الطبع.

و التقاء الختانين، لقول علي (عليه السلام): «إذا التقى الختانان وجب الغسل»(3).

و قول الرضا (عليه السلام) مثله(4).

و قول أحدهما (عليهما السلام): «إذا أدخله فقد وجب الغسل، و المهر، و الرجم»(5).

و قد يعبر عنه بالشعب، فعن النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «إذا جلس بين شعبها الأربع فقد وجب الغسل»(6)، و هي: رجلاها و فرجاها.

ص: 219


1- تقدم في ص 194 الهامش 5.
2- سورة الطارق: 6.
3- التهذيب 119:1 ح 314.
4- الكافي 48:3 ح 2، التهذيب 118:1 ح 311، الاستبصار 108:1 ح 359.
5- الكافي 46:3 ح 1، التهذيب 118:1 ح 310، الاستبصار 108:1 ح 358.
6- المصنف لعبد الرزاق 246:1 ح 940، مسند أحمد 234:2، صحيح مسلم 271:1، 348، سنن ابن ماجة 200:1 ح 610، سنن النسائي 111:1، سنن الدار قطني 113:1.

و هو مرويّ عن عائشة: فعلته أنا و رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) فاغتسلنا(1).

و حدّه غيبوبة الحشفة، كما رواه زرارة عن الباقر (عليه السلام)(2).

و معنى الالتقاء: تحاذيهما، لا انضمامهما، لعدم إمكانه، فإنّ مدخل الذكر أسفل الفرج و هو مخرج الولد و الحيض، و موضع الختان أعلاه، و بينهما ثقبة البول و الأسكتان(3)، تحيطان بهما جميعا لا يصل إليه شيء من الحشفة. لكن لو كان عند إحاطة الشفرين بأول الحشفة، لاقى بعض الحشفة ذلك الموضع، كان التضامّ ممكنا، و يمكن ان يراد بالخبر ذلك.

ثم لا يعتبر موضع الختان بعينه فيهما. أمّا في الرجل، ففي المقطوع إذا غيّب بقدر الحشفة. و أمّا في المرأة، فلوجوب الغسل بالإيلاج في الدّبر - على الأصح - لنقل المرتضى الإجماع(4).

و لقول الصادق (عليه السلام): «هو أحد المأتيّين فيه الغسل»(5).

و لفحوى إنكار علي (عليه السلام) على الأنصار(6).

و صحيح الحلبي عن الصادق (عليه السلام) في تعليق الغسل على الإنزال فيما دون الفرج(7) و رواية ابن بزيع عن الرضا (عليه السلام) في إتيانها في الدبر:0.

ص: 220


1- سنن ابن ماجة 199:1 ح 608، الجامع الصحيح 180:1 ح 108، سنن الدار قطني 1: 111.
2- الكافي 46:3 ح 2، التهذيب 118:1 ح 311، الاستبصار 108:1 ح 359، عن محمد بن إسماعيل عن الرضا (عليه السلام).
3- الأسكتان - بكسر الهمزة -: جانبا الفرج، و هما قذّتاه. الصحاح - مادة اسك.
4- مختلف الشيعة: 31.
5- التهذيب 414:7 ح 1658، الاستبصار 243:3 ح 868.
6- التهذيب 119:1 ح 314.
7- الفقيه 47:1 ح 185، التهذيب 124:1 ح 335، الاستبصار 111:1 ح 370.

«لا غسل عليهما»(1) غير صريحين، لأنّ الدبر فرج، و الإتيان لا يستلزم الإيقاب.

و لا فرق بين دبري الذكر و الأنثى، للإجماع المركّب.

قال المحقّق - لمّا نقل عن المرتضى: كلّ من قال بإيجاب الغسل في دبرها قال به في دبر الذكر -: لم أتحقّق إلى الآن ما ادّعاه، فالأولى التمسّك فيه بالأصل(2).

أمّا فرج البهيمة فلا نصّ فيه، و الحمل على ختان المرأة قوي، و لفحوى قضيّة الأنصار(3).

و المفعول كالفاعل في الوجوب.

و الميتة كغيرها، للخبر: «إن حرمة الميت كحرمة الحي»(4) و صدق الختان و غيره من الظواهر.

و واجد المني على بدنه أو ثوبه أو فراشه المختصّ به جنب، و ان لم يذكر احتلاما و لا شهوة، لأنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) سئل عمّن يجد البلل و لا يذكر احتلاما، قال: «يغتسل»(5)، و لخبر سماعة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام)(6).

و يعيد كلّ صلاة لا يمكن سبقها بالنظر الى الحدث، و بالنظر الى الخبث يعيد ما كان في وقته لا ما خرج.

و قول الشيخ في المبسوط بإعادة كل ما صلاّه بعد آخر غسل رافع للحدث(7) للاحتياط، أو لأنّه نزع الثوب و صلّى في غيره.1.

ص: 221


1- الكافي 47:3 ح 8، التهذيب 125:1 ح 336، الاستبصار 112:1 ح 371، عن البرقي رفعه عن أبي عبد اللّه (عليه السلام).
2- المعتبر 181:1.
3- راجع الهامش 6، المتقدم.
4- التهذيب 62:10 ح 229.
5- سنن ابن ماجة 200:1 ح 612، الجامع الصحيح 190:1 ح 113، السنن الكبرى 168:1.
6- التهذيب 367:1 ح 1118، الاستبصار 111:1 ح 367.
7- المبسوط 28:1.

و مع الاشتراك، لا غسل عليهما، للأصل. و اعتبار الشركة بعد قيامه من موضعه عند الشيخ(1)، و الظاهر: اعتبارها مطلقا. و يستحب لهما الغسل الرافع للحدث، و كذا لو تعدّوا.

و في سقوط اعتبار الجنابة عن الجميع نظر، من القطع بجنب، و من أصالة عدم تعلّق تكليف مكلّف بغيره. و تظهر الفائدة في الائتمام، و انعقاد الجمعة.

و قطع المحقّق بالأول(2).

مسائل:
الأولى: مراعاة صفات المنيّ إنّما هي مع الاشتباه،

فلو تيقّن المني فلا عبرة بها، لقول النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «الماء من الماء»(3)، و قول علي (عليه السلام): «إنّما الغسل من الماء الأكبر»(4).

و قول النبي (صلّى اللّه عليه و آله) للمرأة تحتلم: «أ تجد لذة؟»(5) محمول على الاشتباه، لأنّ اللذة شرط. فلو أحسّ بخروجه فأمسك، ثم خرج بعد بغير شهوة و لا فتور، وجب الغسل حينئذ. و كذا لو لم يستبرئ و اغتسل، ثم وجد بللا معلوما أو مشتبها، بناء على أنّه من الأول غالبا.

و مع الاشتباه يعتبر الصفات، لخبر علي بن جعفر عن أخيه (عليهما السلام): «إن لم يكن شهوة، و لا فتور، فلا بأس»(6).

و يكفي في المريض الشهوة وحدها، لخبر ابن أبي يعفور عن الصادق (عليه

ص: 222


1- النهاية: 20.
2- المعتبر 179:1.
3- تقدم في ص 194 الهامش 5.
4- الكافي 48:3 ح 1، التهذيب 120:1 ح 316 و 368 ح 1121، الاستبصار 109:1 ح 362.
5- أرسله المحقق في المعتبر 177:1.
6- قرب الاسناد: 85، التهذيب 120:1 ح 317، الاستبصار 104:1 ح 342.

السلام)(1).

الثانية: لا عبرة بالشهوة و الفتور من غير أمناء

- و إن احتلم بالجماع - للخبر عن النبي (صلّى اللّه عليه و آله)(2)، و لخبر الحسين بن أبي العلاء(3).

و لو شك في كونه منيّا، و لم يتميّز بالصفة، فالأصل: الطهارة.

الثالثة: روى عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه، عن الصادق (عليه السلام): عدم وجوب الغسل على المرأة بخروج نطفة الرجل .

الثالثة: روى عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه، عن الصادق (عليه السلام): عدم وجوب الغسل على المرأة بخروج نطفة الرجل(4). نعم، لو علمت الاختلاط وجب. و لو شكّت، فالأحوط: الوجوب، للاختلاط المظنون. و في خبر سليمان ابن خالد عنه (عليه السلام): «ما يخرج منها إنّما هو من ماء الرجل»(5).

الرابعة: لا يكفي في الإيلاج غيبوبة بعض الحشفة،

للخبرين السالفين(6)، و لا إيلاج الخنثى فرجه، لجواز زيادته، و لا إيلاج الخنثى في الخنثى.

و لو أولج فيه الواضح دبرا وجب، و قبلا لم يجب، لما ذكر.

و في التذكرة: يجب، لصدق التقاء الختانين، و وجوب الحدّ به(7). و فيهما منع.

و يلزمه الوجوب و لو علم رجولية المولج فيه.

و لو أولج رجل في قبل الخنثى، و أولجت في فرج امرأة، وجب الغسل على الخنثى، لامتناع الخلو عن الموجب، و الرجل و المرأة كواجدي المني على الثوب المشترك، لأنّه إن كان الخنثى امرأة فالرجل جنب، و إن كان رجلا فالمرأة جنب.

الخامسة: إيلاج الصبي في البالغة، و بالعكس،

موجب للغسل على البالغ

ص: 223


1- الكافي 48:3 ح 4، التهذيب 369:1 ح 1124، الاستبصار 110:1 ح 365.
2- تقدم في ص 222، الهامش 3.
3- الكافي 48:3 ح 1، التهذيب 120:1 ح 316، الاستبصار 109:1 ح 362.
4- الكافي 49:3 ح 3، التهذيب 146:1 ح 413.
5- الكافي 49:3 ح 1، علل الشرائع: 287 ح 1، التهذيب 143:1 ح 404، الاستبصار 1: 118 ح 399.
6- راجع ص 220.
7- تذكرة الفقهاء 23:1.

منهما، و في الآخر نظر، و كذا الصبي في الصبيّة، من أنّه من باب الأسباب أو الأحكام. و تظهر الفائدة في منعه عن المساجد، و العزائم، و مسّ كتابة القرآن.

و في استباحتها بغسله الآن وجهان، و كذا في اكتفائه به لو بلغ، و الأقرب تجديده.

السادسة: الملفوف كغيره

و إن غلظت اللفافة، لالتقاء الختانين.

و احتمل الفاضل السقوط، لأنّ اللذة إنّما تحصل بارتفاع الحجاب(1).

و في غير اللينة - و هي المانعة من الحرارة و البلل - و كذا باقي أحكام الإيلاج - كالمصاهرة، و التحليل، و الحرمة -، و في المقطوع، و آلة الميت، و البهيمة، نظر، للأصل، و صدق الالتقاء.

أمّا استدخال آلة النائم، أو الإيلاج في النائمة، فتتعلق بهما الأحكام قطعا، و لا يقبل إخبار كلّ منهما على صاحبه إلاّ مع علم صدقه.

السابعة: لا فرق بين العضو الأشلّ و غيره.

و لو قطع بعض الحشفة كفى الباقي، إلاّ أن يذهب المعظم، فيغيّب بقدرها.

الثامنة: لو خرج المني من ثقبة اعتبر الاعتياد.

و الخروج من الصلب فما دونه و من فوقه وجه، عملا بالعادة.

و لو خرج بلون الدم لكثرة الوقاع، فالأقرب: الوجوب، تغليبا للخواص.

و وجه العدم: أنّ المني دم في الأصل، فلما لم يستحلّ الحق بالدّماء.

التاسعة: لا فرق بين الرجل و المرأة في خروج المني،

لقول النبي (صلّى اللّه عليه و آله) لأم سليم لمّا سألته عن الغسل لاحتلام المرأة: «نعم، إذا رأت الماء»(2)و هو يشعر باشتراط الانفصال عن الفرج.

و في خبر معاوية عن الصادق (عليه السلام): «إذا أمنت من شهوة في نوم

ص: 224


1- نهاية الإحكام 94:1، تذكرة الفقهاء 24:1.
2- مسند أحمد 292:1، 302، سنن النسائي 115:1، السنن الكبرى 168:1.

أو يقظة، جامعها أو لا، فعليها الغسل»(1) و مثله عن الكاظم(2) و الرضا عليهما السلام(3).

و لا يعارضه خبر عمر بن أذينة عن الصادق (عليه السلام)(4)، و مقطوع زرارة(5) بعدم الغسل عليها، لشهرة الأول، و أوّل الثاني باحتمال رؤيتها الماء مناما لا غير.

العاشرة: الغسل يجب على الكافر كسائر العبادات،

و لا يسقط بإسلامه، لبقاء سببه كالحدث الأصغر، و لا يقع منه في حال كفره، لاشتراط النّية الممتنعة منه.

ص: 225


1- التهذيب 122:1 ح 324، الاستبصار 106:1 ح 347.
2- الكافي 47:3 ح 7، التهذيب 122:1 ح 326.
3- الكافي 47:3 ح 5، التهذيب 123:1 ح 327، الاستبصار 108:1 ح 354.
4- التهذيب 123:1 ح 329، الاستبصار 107:1 ح 351.
5- التهذيب 124:1 ح 332، الاستبصار 107:1 ح 353، عن عبيد بن زرارة.

ص: 226

المقام الثاني: في الحيض.
اشارة

و هو لغة: السيل بقوة، من قولهم: حاض الوادي، إذا سال بقوة.

و يسمّى: محيضا - للآية(1) - و طمثا، و هو كثير في الأخبار(2).

و شرعا: قال في المبسوط: انه الدم الذي له تعلّق بانقضاء العدّة على وجه، اما بظهوره أو انقطاعه(3) و عنى به: اختلاف تفسيري القرء. و هو غير مانع، لمشاركة النفاس إيّاه في هذه الخاصة، في مثل المطلقة و هي حامل من الزنا، فإنّه ربّما رأت قرءين في الحمل، بناء على حيض الحامل، ثم ترى قرءا بعد الوضع، فيكون بظهور دم النفاس أو انقطاعه انقضاء عدّتها.

و حذف شطره الأخير المحقّق(4) لأنّ التعلّق مشعر به. و لو حذف الانقضاء أمكن، لأنّ العدّة بالأقراء، و هي: إمّا الحيض أو الطهر المنتهى به، فله في الجملة تعلّق بالعدّة.

و عرّفه الشيخ أيضا بأنّه: الدم الأسود الخارج بحرارة على وجه(5).

و هو مأخوذ من قول الصادق (عليه السلام): «دم الحيض حار عبيط أسود(6)و العبيط: هو الخالص الطري - بالعين المهملة.

و الحكمة فيه تربية الولد، لإعداده الرحم للحمل، و اغتذائه جنينا و رضيعا مخلوعا عنه صورة الدم، و من ثم قلّ حيض المرضع.

و في الحامل خلاف. و ادّعى الشيخ الإجماع على عدم الحيض إذا استبان

ص: 227


1- سورة البقرة: 222.
2- لاحظ: الكافي 94:3 ح 2، التهذيب 385:1 ح 1184.
3- المبسوط 41:1.
4- شرائع الإسلام 28:1.
5- المبسوط 41:1.
6- الكافي 91:3 ح 1، التهذيب 151:1 ح 429.

الحمل(1)، و يمكن قبله.

و في الأخبار الصحيحة المشهورة عن الصادق و الكاظم (عليهما السلام) إطلاق حيضها(2). و عليها: الصدوقان(3) و المرتضى(4) و الفاضل(5).

و في خبر السكوني عن النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «ما كان اللّه ليجعل حيضا مع حبل»(6)، و عنه (صلّى اللّه عليه و آله): «لا توطأ حامل حتى تضع، و لا حائل حتى تستبرأ بحيضة»(7) فهي علم لبراءة الرحم من الحمل، فكيف يجامعه؟ و عليه: المفيد(8) و ابن الجنيد(9) و ابن إدريس(10).

و في صحيح الحسين بن نعيم عن الصادق (عليه السلام) في العادة أو قبلها بقليل: حيض، لا بعدها بعشرين يوما(11). و عليه النهاية(12). و حملت على عدم الشرائط غالبا بعد العادة.

و من ثم لا تحيض الناقصة عن تسع إجماعا، و لا الزائدة عن ستين سنة إن كانت قرشية أو نبطية، أو خمسين لغيرهما، لمرسل ابن أبي عمير عن الصادق (عليه5.

ص: 228


1- الخلاف 239:1 المسألة: 205، و قد استفيد الإجماع على المسألة من قوله: عندنا، و نسب الى الشيخ ذلك أغلب من تعرض للمسألة، راجع: المعتبر 201:1، الحدائق الناضرة 177:3، جواهر الكلام 262:3، مفتاح الكرامة 341:1.
2- الكافي 95:3 ح 1، 98 ح 6، التهذيب 386:1 ح 1186، 388، ح 1197، الاستبصار 1: 138 ح 473، 141 ح 483.
3- الفقيه 51:1، المقنع: 16، المعتبر 200:1.
4- الناصريات: 227 المسألة 61.
5- تذكرة الفقهاء: 26:1، مختلف الشيعة: 37.
6- التهذيب 387:1 ح 1196، الاستبصار 140:1 ح 481.
7- مسند أحمد 62:3، سنن الدارمي 171:2، سنن أبي داود 248:2 ح 2157.
8- المقنعة: 81.
9- المعتبر 200:1، مختلف الشيعة: 36.
10- السرائر 29.
11- الكافي 95:3 ح 1، التهذيب 388:1 ح 1197، الاستبصار 140:1، ح 482.
12- النهاية: 25.

السلام): «إذا بلغت خمسين لم تر حمرة، إلاّ القرشية»(1).

و في خبري عبد الرحمن بن الحجاج عن الصادق (عليه السلام) إطلاق الستين و الخمسين(2) فجمع بينهما بالتفصيل.

و اما النبطيّة فذكره المفيد - رحمه اللّه - رواية و من تبعه(3) و لم أجد به خبرا مسندا.

و إذا طمثت البكر و اشتبه بالطمث، فتطوّق القطنة ينفي الحيض، لخبر زياد بن سوقة عن الباقر (عليه السلام)(4) و خلف بن حماد عن الكاظم (عليه السلام)، و قال: «سرّ اللّه فلا تذيعوه، و لا تعلّم هذا الخلق أصول دين اللّه»(5).

و انتفاعها يثبته، للخبرين.

قال المحقّق - رحمه اللّه -: الانتفاع محتمل(6).

قلنا: ثبوت الحيض فيه إنّما هو بالشرائط المعلومة، و مفهوم الخبرين انه ملتبس بالعذرة لا غير.

و لو اشتبه بالقرح، استلقت و أدخلت إصبعها، فمن الأيمن حيض. رفعه محمد بن يحيى الى أبان عن الصادق (عليه السلام)، ذكره الكليني(7) و أفتى به ابن الجنيد(8). و في كثير من نسخ التهذيب الرواية بلفظها بعينه.

و قال الصدوق و الشيخ - في النهاية -: الحيض من الأيسر(9).4.

ص: 229


1- الكافي 107:3 ح 3، التهذيب 397:1 ح 1236.
2- الكافي 107:3 ح 4، 85:6 ح 4، التهذيب 397:1 ح 1237، 67:8 ح 222، 469:7 ح 1881، الاستبصار 337:3 ح 1202.
3- المقنعة: 82، الفقيه 51:1، المبسوط 42:1.
4- المحاسن: 307 ح 21، الكافي 94:3 ح 2، التهذيب 152:1 ح 432.
5- المحاسن: 307 ح 22، الكافي 92:3 ح 1، التهذيب 385:1 ح 1184.
6- المعتبر 198:1.
7- الكافي 94:3 ح 3.
8- المعتبر 201:1، مختلف الشيعة: 36.
9- الفقيه 54:1، المقنع: 16، النهاية: 24.

قال ابن طاوس: و هو في بعض نسخ التهذيب الجديدة(1)، و قطع بأنّه تدليس، إلاّ أنّ الرواية مرسلة.

و لو اشتبه بالاستحاضة اعتبر: بالسواد و الحمرة و الغلظ و الحرارة و أضدادها، لقول النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «إذا كان دم الحيض فإنّه أسود يعرف فأمسكي عن الصلاة، و إذا كان الآخر فتوضّئي»(2).

و قول الصادق (عليه السلام) السابق، و قوله: «هو دم حار تجد له حرقة، و دم الاستحاضة فاسد بارد»(3).

و بالثلاثة و العشرة، اللذين هما أقلّه و أكثره باتفاقنا، لقول النبي (صلّى اللّه عليه و آله) في خبر أبي أمامة: «أقلّ الحيض ثلاثة و أكثره عشرة»(4)، و بمعناه قول الصادق و الرضا عليهما السلام(5).

و خبر ابن سنان عن الصادق (عليه السلام) بالثمانية في أكثره(6) محمول على من عادتها ذلك و استمرّ بها الدم، لمخالفته الإجماع، كما قاله الشيخ في التهذيب(7).

و يشترط التوالي - في المشهور - عملا بالمتيقّن.

و الخبر عن الصادق (عليه السلام) بعدم التوالي - أرسله يونس(8) - منقطع في العشرة، و قد تركه الأكثر(9).6.

ص: 230


1- التهذيب 385:1، 1185.
2- سنن أبي داود 75:1 ح 286، سنن النسائي 185:1، سنن الدار قطني 206:1، السنن الكبرى 325:1.
3- الكافي 91:3 ح 3، التهذيب 151:1 ح 431.
4- سنن الدار قطني 218:1، كنز العمال 407:9 ح 26719 عن الطبراني.
5- الكافي 75:3 ح 1، 2، التهذيب 156:1 ح 445، الاستبصار 130:1 ح 446.
6- التهذيب 157:1 ح 450، الاستبصار 131:1 ح 451.
7- التهذيب 157:1، الإستبصار 131:1.
8- الكافي 76:3 ح 5، التهذيب 157:1 ح 452.
9- راجع: المبسوط 42:1، الجمل و القعود: 163، المعتبر 202:1، مختلف الشيعة: 36.

و ما بين الأقل و الأكثر حيض مع إمكانه - و إن اختلف لونه - لاستصحاب الحيض.

و لخبر سماعة عن الصادق (عليه السلام): «تستدخل الكرسف، فإن خرج دم لم تطهر»(1).

و كذا لو لم تر هذه العاشر، أو رأته متفرّقا بعد الثلاثة، لخبر محمّد بن مسلم عن الصادق (عليه السلام): «إذا رأته قبل عشرة أيام فهو من الحيضة الاولى»(2).

و أقلّ الطهر عشرة أيام باتفاقنا، للنص عن الباقر و الصادق (عليهما السلام)(3). و قول النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «تلبث شطر دهرها لا تصوم و لا تصلي»(4). و قد ثبت أنّ أكثر الحيض عشرة فالشرط الآخر مثلها. و قول علي (عليه السلام): «قالون»(5) لمن قال فيمن ادّعت ثلاث حيض في شهر تأتي ببيّنة من أهلها(6). و روى السكوني عن الصادق (عليه السلام) حكم علي بذلك(7)، و لا يتم مع كون الطهر خمسة عشر يوما.

و لا حدّ لأكثره إجماعا، قاله الفاضل، و حمل قول أبي الصلاح في تحديده بثلاثة أشهر على الغالب(8).

و الأغلب في الحيض الستة و السبعة، و الطهر باقي الشهر للوجدان في كثير.

و يختلف بحسب السن، فينقص عدده عند الكبر، كما في مرسلة يونس عن8.

ص: 231


1- التهذيب 161:1 ح 462، باختصار في الألفاظ.
2- التهذيب 156:1 ح 448، الاستبصار 130:1 ح 449.
3- الكافي 76:3 ح 4، 5، التهذيب 157:1 ح 451، 452، الاستبصار 131:1 ح 452.
4- تذكرة الفقهاء 27:1.
5- في هامش م، س: لغة رومية، أي: جيد.
6- صحيح البخاري 81:1.
7- الفقيه 55:1 ح 207، التهذيب 166:8 ح 576، الاستبصار 356:3 ح 1277.
8- تذكرة الفقهاء 27:1. و قول أبي الصلاح في الكافي في الفقه: 128.

الصادق (عليه السلام)(1).

مسائل:
الأولى: تثبت العادة بمرتين متساويتين عددا و وقتا،

ففي الثالثة ترد إليها، لأنّ العود لا يحصل إلاّ بالتكرار.

و لقول النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «دعي الصلاة أيام أقرائك»(2)، و لا يصدق الجمع على الواحد.

و في مقطوع سماعة: «إذا اتفق شهران عدة أيام سواء فتلك أيامها»(3).

و لا تشترط الثلاث باتفاقنا، لأنّ الجمع يصدق على الاثنين، و قد حصل المشتق منه.

الثانية: لا يشترط في العادة تعدّد الشهر،

و ما ذكره في الخبر من الشهر بناء على الغالب. فلو تساوى الحيضان في شهر واحد كفى في العددية، صرّح به في المبسوط و الخلاف(4)، و كذا لو تساويا في زيادة على شهرين.

أمّا الوقتية، فالظاهر: اشتراط تكرّر الطهرين متساويين وقتا.

و لو تساويا عددا و اختلفا وقتا، استقرّ العدد لا غير، فحينئذ تستظهر برؤية الدم الثالث إلى ثلاثة أيام، و لو عبر العشرة رجعت الى العدد.

و لو استقرّا وقتا و اختلفا عددا، اعتبر الوقت و أقلّ العددين، لتكرّره، و لعموم خبر الأقراء(5).

ص: 232


1- الكافي 76:3 ح 5، التهذيب 157:1 ح 452.
2- الكافي 83:3 ح 1، التهذيب 381:1 ح 1183، سنن الدار قطني 212:1، السنن الكبرى 332:1.
3- الكافي 79:3 ح 1، التهذيب 380:1 ح 1178.
4- المبسوط 47:1، الخلاف 239:1 المسألة: 206.
5- راجع الهامش 2.

و يمكن أن تكون وقتية لا غير، لعدم عود العدد الأول.

اما لو اختلف العدد، و لم يستقرّ الطهر بتكراره متساويا مرتين، فلا وقت هنا قطعا، و في العدد الوجهان.

و يظهر من كلام الفاضل انه لا عبرة باستقرار الطهر(1).

و تظهر فائدته لو تغاير الوقت في الثالث، فإن لم نعتبر استقرار الطهر جلست لرؤية الدم، و إن اعتبرناه فبعد الثلاثة أو حضور الوقت.

هذا ان تقدم على الوقت، و لو تأخر أمكن ذلك استظهارا.

و يمكن القطع بالحيض هنا، إذ وجوده في الجملة مقطوع به، و تأخر وقته يزيده انبعاثا.

و الأقرب: أنّ اتحاد الوقت إنّما يؤثر في الجلوس برؤية الدم فيه، و قلّما يتفق دائما.

و في المبسوط: إذا استقرت العادة، ثم تقدمها أو تأخّر عنها الدم بيوم أو يومين إلى العشرة حكم بأنه حيض، و إن زاد على العشرة فلا(2).

الثالثة: لو اتفقت أيام التمييز

عددا و وقتا و صفة مرتين استقرّت العادة، للحكم بأنّها أقراء.

و لو اختلفت الصفة، أمكن ذلك إذا حكمنا بكونه حيضا كالأسود و الأحمر، و يمكن عدم العادة هنا.

الرابعة: قد تتعدّد العادة على نظام طبيعي،

كالثلاثة، و الأربعة، و الخمسة.

أو لا، كعكسه إذا حصل التكرار المعتبر في الواحدة. و لا فرق بين أن يكون تكرّرها على التوالي، كما لو رأت كلّ واحدة شهرين متواليين. أو لا، كما لو رأت الأعداد في ثلاثة أشهر، ثم رأتها على الترتيب الأول في ثلاثة أشهر أخرى، لأنّ

ص: 233


1- تذكرة الفقهاء 27:1.
2- المبسوط 43:1.

تعاقب الأقدار المختلفة قد صار عادة لها.

و يمكن منع تعدّد العادة، لأنّ كلّ مقدار ناسخ لما قبله، فيخرجه عن الاعتبار، فحينئذ لو نسيت المستحاضة النوبة أخذت أقلّ المحتملات في كل شهر. ففي الفرض الأول تأخذ الثلاثة دائما، و لو علمت عدمها أخذت أربعة ثم ثلاثة ثم ثلاثة، و كذا في كلّ دور. و في عكسه إن اتسق فالحكم كذلك، و ان لم يتسق فالثلاثة دائما.

و يمكن العود الى التمييز، فإن فقد فإلى الروايات، لما يأتي - إن شاء اللّه - و يتعيّنان لو منعنا تعدّد العادة.

الخامسة: قد تترك ذات التمييز الصلاة و الصوم عشرين يوما متوالية،

بأن ترى الأحمر عشرة، فإنّها تجلس فيها، لإمكان كونه حيضا على القول بعدم الاستظهار - ثم ترى الأسود بعده عشرة، فإنّها تعمل بأقوى الدمين، و تبيّن أنّ الأول استحاضة. و لو فرض قوة الدم الثالث انتقلت إليه. و كذا يتعدّد الجلوس في ناسية العادة لو ذكرت.

و في المعتبر: تحتاط في العشرة الثانية بالعبادة، فإن انقطع عليها أو قبلها قضت الصوم(1)، و إلاّ صحّ، لأنّه مع تجاوز العشرة فات شرط التمييز.

السادسة: هل يشترط في التمييز بلوغ الدم الضعيف أقلّ الطهر؟

وجهان:

نعم، لأنّا إذا جعلنا القوي حيضا جعلنا الضعيف طهرا، لأنّه مقابله. و لا، لعموم قول النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «دم الحيض أسود يعرف»(2).

فلو رأت خمسة أسود، ثم تسعة أصفر، ثم عاد الأسود ثلاثة فصاعدا، فعلى الأول لا تمييز لها، و هو ظاهر المعتبر(3). و على الثاني حيضها خمسة.

و ظاهر المبسوط أنّ الحيض: العائد، إن لم يتجاوز العشرة(4)، لأنّ الصفرة

ص: 234


1- المعتبر 206:1.
2- تقدم في ص 230 الهامش 2.
3- المعتبر 205:1.
4- المبسوط 50:1.

لمّا خرجت عن الحيض خرج ما قبلها.

و في خبر يونس بن يعقوب عن الصادق (عليه السلام): «في الدم ثلاثة أو خمسة يتعقّبه طهر خمسة، ثم يعود الدم أربعة إن رأت الدم لم تصلّ، و إن رأت الطهر صلّت الى ثلاثين يوما، فإذا انصبّ الدم فهي مستحاضة(1).

و حمله الشيخ على مضطربة اختلط حيضها، أو مستحاضة استمرّ بها الدم، و اشتبهت عادتها، ففرضها أن تجعل ما يشبه دم الحيض حيضها، و الآخر طهرا - صفرة كان أو نقاء - ليستبين حالها(2). و هو تصريح بعدم اشتراط كون الضعيف أقلّ الطهر.

و في المبسوط: إن اختلط عليها أيامها فلا تستقرّ على وجه واحد، تركت العبادة كلّما رأت الدم، و صلّت كلّما رأت الطهر، الى أن تستقرّ عادتها(3). و هو مطابق بظاهره الخبر.

و في المعتبر: انّما كان كذلك لأنّه ليس هنا طهر و لا حيض على اليقين، بل هو دم مشتبه تعمل فيه بالاحتياط(4).

السابعة: قال في المبسوط: روي عنهم (عليهم السلام): «انّ الصفرة في أيام الحيض حيض،

و في أيام الطهر طهر». و فسّر أيام الحيض بالعادة، أو بما يمكن فيه ذلك كالمبتدأة، و التي تعقب عادتها دم بعد أقلّ الطهر، حملا للخبر على عمومه(5).

و الذي في الكافي عن الصادق (عليه السلام): «كلّما رأت المرأة في أيام

ص: 235


1- الكافي 79:3 ح 2، التهذيب 380:1 ح 1179، 1180، الاستبصار 131:1 ح 453، 454.
2- الاستبصار 132:1.
3- المبسوط 43:1.
4- المعتبر 207:1.
5- المبسوط 44:1. و الظاهر نقل الرواية بالمعنى انظر التهذيب 157:1 ح 452، 396 ح 1231 و 1232 و غيرها.

حيضها من صفرة أو حمرة فهو من الحيض، و كلّما رأته بعد حيضها فليس من الحيض»(1).

و عنه (عليه السلام): «السنّة في الحيض أن تكون الصفرة و الكدرة فما فوقها في أيام الحيض إذا عرفت حيضا كلّه»(2).

الثامنة: ذات العادة المستقرة تترك العبادة بالرؤية

حسب ما مرّ، لأنّ المعتاد كالمتيقّن.

و لخبر محمد بن مسلم عن الصادق (عليه السلام) عن المرأة ترى الصفرة في أيام حيضها: «لا تصلي»(3).

و عنه (عليه السلام): «إذا رأت الدم أيام حيضها تركت الصلاة»(4).

و المبتدأة أيضا عند الشيخ(5)، لظاهر الخبر السالف بناء على ما فسّر به الأيام، و ما تلوناه من الخبرين ظاهرهما المعتادة.

و لخبر منصور بن حازم عن الصادق (عليه السلام): «أيّ ساعة رأت الصائمة الدم تفطر»(6).

و عن الباقر (عليه السلام) في خبر محمّد بن مسلم: «تفطر، إنّما فطرها من الدم»(7).

و ردّه في المعتبر بحمل الدم على المعهود، و هو دم الحيض، و إنّما يكون في العادة. و رجّح قول ابن الجنيد و المرتضى بالتعبّد إلى الثلاثة، لتيقن الأمر بالعبادة فلا يزول إلاّ بمثله.

ص: 236


1- الكافي 76:3 ح 5، التهذيب 157:1 ح 452.
2- الكافي 83:3 ح 1، التهذيب 381:1 ح 1183.
3- الكافي 78:3 ح 1، التهذيب 396:1 ح 1230.
4- الكافي 76:3 ح 5، التهذيب 158:1 ح 452.
5- المبسوط 42:1.
6- التهذيب 394:1 ح 1218، الاستبصار 146:1 ح 499.
7- التهذيب 153:1 ح 435.

و لا يعارض بالمعتادة، و بأنّ الاحتمال قائم بعد الثلاثة، لجواز وجود دم أقوى بعدها ناقل لحكم الحيض إليه، لما مرّ. و لأنّ الأصل عدم دم طارئ(1).

و في المختلف احتجّ على الأول بقول الصادق (عليه السلام) في خبرين:

«ان دم الحيض حار»، و الوصف بالحرارة مسلّط على الحكم بالحيض حيث وجدت(2).

قلنا: ظاهر الخبرين في المستحاضة مع الاشتباه.

سلّمنا، لكن الدليل أخصّ من الدعوى، فإنّه إن سلّم كان المصير إلى الحيض إذا حصل الشرط، و المدّعى أعمّ منه. و لا ريب في قوّة قول الشيخ، و إن كان الاستظهار أحوط.

و حكم المضطربة كالمبتدأة.

و قد روى سماعة، قال: سألته عن المرأة ترى الدم قبل وقت حيضها، قال:

«إذا رأت قبل وقتها فلتدع الصلاة، فإنّه ربّما تعجّل الوقت»(3).

و في خبر إسحاق بن عمّار عن الصادق (عليه السلام) في المرأة ترى الصفرة: «إن كان قبل الحيض بيومين فهو من الحيض»(4). و هما يرجّحان مذهب الشيخ(5).

و لأنّ اتفاق الوقت دائما نادر.

التاسعة: المعتادة دون العشرة مع الدم المستمر،

تستظهر بترك العبادة يوما أو يومين، ثم تغتسل للحيض و تأتي بأفعال المستحاضة مع المراعاة، فتستدرك ما ظهر فيه الخلل في المشهور، لخبر محمّد بن مسلم عن الباقر (عليه السلام):

ص: 237


1- المعتبر 214:1.
2- مختلف الشيعة: 37. و الخبران في: الكافي 91:3 ح 1، 2، التهذيب 151:1 ح 429، 430.
3- الكافي 77:3 ح 2، التهذيب 158:1 ح 453.
4- الفقيه 51:1 ح 5، الكافي 78:3 ح 2، التهذيب 396:1 ح 1231.
5- المبسوط 42:1.

«إذا رأت دما بعد أيامها، فلتقعد عن الصلاة يوما أو يومين»(1) و مثله عن الصادق (عليه السلام)(2).

و المرتضى و ابن الجنيد: تستظهر إلى العشرة(3)، لأنّها أيام الحيض.

و لخبر يونس بن يعقوب عن الصادق (عليه السلام): «تنتظر عدتها، ثم تستظهر بعشرة أيام»(4).

و التخيير وجه قوي، لأنّه في خبر سعيد بن يسار عن الصادق (عليه السلام)(5) و خبر البزنطي عن الرضا (عليه السلام): «أو ثلاثة»(6) و إن كان الاقتصار أحوط للعبادة.

و ترك الاستظهار جائز و إن كان ظاهر الشيخ و المرتضى وجوبه(7) - و قد قطع به ابن إدريس رحمه اللّه(8).

لنا: قول النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «دعي الصلاة أيام أقرائك»(9)و مفهومه الصلاة بعدها.

و لخبر ابن أبي يعفور عن الصادق (عليه السلام): «المستحاضة إذا مضى أيام أقرائها اغتسلت»(10).8.

ص: 238


1- المعتبر 215:1 عن كتاب المشيخة للحسن بن محبوب.
2- التهذيب 172:1 ح 490، الاستبصار 149:1 ح 513.
3- المعتبر 214:1 و مختلف الشيعة: 38.
4- التهذيب 402:1 ح 1259، الاستبصار 149:1 ح 516.
5- التهذيب 172:1 ح 490، الاستبصار 149:1 ح 513.
6- التهذيب 171:1 ح 489، الاستبصار 149:1 ح 514.
7- النهاية: 24، الناصريات: 227.
8- السرائر: 29.
9- الكافي 83:3 ح 1، التهذيب 381:1 ح 1183، سنن الدار قطني 212:1، السنن الكبرى 332:1.
10- التهذيب 402:1 ح 1258.

و لخبر معاوية بن عمّار عن الصادق (عليه السلام): «فإذا جاوزت أيامها و رأت دمها يثقب الكرسف اغتسلت»(1).

و ابن الجنيد: الاحتياط أن تتطهّر بعد عادتها، و تسبّح بقدر صلاتها إلى العشرة، مع حكمه بالاستظهار إلى العشرة، و كذا تصنع من يقدم الدم عادتها بيوم أو يومين عنده(2).

و كلاهما يخالف المشهور، و إن أراد بالتطهّر الاغتسال اشتدت المخالفة.

و لا فرق في الاستظهار و الرجوع الى العادة بين تقدّمها و تأخّرها، أو أن ترى قبلها و بعدها و فيها، و لو لم يتجاوز فالجميع حيض.

فرع:

هذا الاستظهار إنّما هو مع بقاء الدم بأيّ لون اتّفق، لمنطوق الأخبار، و احتمال الحيض، امّا مع النقاء فلا.

و يظهر من المختلف عمومه، و حجته غير ظاهرة الدلالة(3). و في التذكرة قطع بما قلناه(4).

و كذا تستظهر المبتدأة إذا رجعت الى عادة نسائها بيوم، رواه محمّد بن مسلم عن الباقر (عليه السلام)(5).

العاشرة: لو عارض التمييز العادة -

بمعنى: عدم إمكان الجمع - فالعمل على العادة في المشهور، لعموم قول النبي (صلّى اللّه عليه و آله) المذكور(6) و عموم خبري الصفرة(7).

ص: 239


1- الكافي 88:3 ح 2، التهذيب 106:1 ح 277 و ص 170 ح 484.
2- مختلف الشيعة: 38.
3- مختلف الشيعة: 38.
4- تذكرة الفقهاء 29:1.
5- التهذيب 401:1 ح 1252، الاستبصار 138:1 ح 472.
6- تقدم في ص 238 الهامش 9.
7- تقدما في 236 الهامش 1، 2.

و في النهاية على التمييز(1)، لصحيح معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام: «دم الحيض حار»(2).

و في حسن حفص عنه (عليه السلام): «دم الحيض حارّ عبيط أسود، له دفع و حرارة»(3).

قلنا: الجمع بين الأخبار بحمل هذه على غير المعتادة.9.

ص: 240


1- النهاية: 24.
2- الكافي 91:3 ح 2، التهذيب 151:1 ح 430.
3- الكافي 91:3 ح 1، التهذيب 151:1 ح 429.
المقام الثالث: في الاستحاضة.
اشارة

و دمها غالبا أصفر بارد، لقول الصادق (عليه السلام) في حسن حفص:

«و دم الاستحاضة أصفر بارد»(1).

و زاد الشيخان الرقة(2) كما زادا الغلظ في الحيض(3).

و في خبر سعيد بن يسار عن الصادق (عليه السلام). في المرأة تحيض ثم تطهر، و ربما رأت بعده الدم الرقيق(4).

و في خبر علي بن يقطين عن أبي الحسن (عليه السلام): «تدع الصلاة ما دامت ترى الدم العبيط، فإذا رقّ و كانت صفرة اغتسلت»(5). و العبيط يشعر بالغلظ، و الرقّة تنبيه عليه.

و كلّ ما تراه الصبية، أو اليائسة، أو دون الثلاثة، أو غير متوالية، أو أزيد من العادة و يتجاوز العشرة، أو بعد أكثر النفاس، أو بعد التمييز أو قبله إذا كان الدم التالي أقوى و ليس بينهما عشرة، أو بعد ردّها إلى عادة النساء أو الأقران، أو إحدى الروايات الآتية، و يستمرّ، فهو استحاضة ما لم تعلم أنّه لعذرة أو قرح و شبهه، و قد مرّ و سيجيء تقريره.

و يجب اعتبار الدم. فإن لطخ باطن الكرسف و لم يثقبه، و لا ظهر عليه، فعليها إبدالها أو غسلها - لوجوب إزالة النجاسة - و الوضوء لكلّ صلاة. و إن ثقبه و لم يسل، فعليها مع ذلك تغيير الخرقة أو غسلها، و غسل للصبح. و إن سال، فمع ذلك غسلان للظهرين و العشاءين، مع الجمع بينهما بتأخير الأولى حتى يدخل

ص: 241


1- الكافي 91:3 ح 1، التهذيب 151:1 ح 429.
2- المقنعة: 7، التبيان 220:2.
3- المقنعة: 6، التبيان 220:2.
4- التهذيب 172:1 ح 490، الاستبصار 149:1 ح 513.
5- التهذيب 174:1 ح 497.

وقت الثانية.

و ابن أبي عقيل جعل القسم الأول غير ناقض للطهارة، و سوّى بين القسمين الآخرين في وجوب الغسل ثلاثا، و لم يذكر الوضوء(1). فالإجماع حاصل في الثلاثة على القسم الأخير.

و في المعتبر: الذي ظهر لي أنّه إن ظهر على الكرسف وجب ثلاثة أغسال، و إن لم يظهر فالوضوءات، و هو ظاهر صاحب الفاخر(2).

و المرتضى على أصله في أن لا وضوء مع الغسل(3).

و ابن الجنيد: إن ثقب الكرسف فالأغسال الثلاثة، و إلاّ فغسل في اليوم و الليلة(4).

و أمّا الأخبار:

فروى الصحّاف عن الصادق (عليه السلام): «فلتغتسل و تصلّي الظهرين، ثم لتنظر: فإن كان الدم لا يسيل فيما بينها و بين المغرب، فلتتوضّأ لكل صلاة ما لم تطرح الكرسف، فإن طرحته و سال وجب عليها الغسل، و إن طرحته و لم يسل فلتتوضّأ و لا غسل عليها. و إن كان إذا أمسكت الكرسف يسيل من خلفه صبيبا، فعليها الغسل ثلاثا».

و قال الصادق (عليه السلام): «فإذا فعلت ذلك أذهب اللّه الدم عنها»(5).

و في خبر ابن سنان عنه (عليه السلام): «لم تفعله امرأة قط احتسابا، إلاّ عوفيت من ذلك»(6).4.

ص: 242


1- المعتبر 244:1، مختلف الشيعة: 40.
2- المعتبر 245:1.
3- المعتبر 247:1، مختلف الشيعة: 40.
4- المعتبر 244:1، مختلف الشيعة: 40.
5- الكافي 95:3 ح 1، التهذيب 168:1 ح 482، الاستبصار 140:1 ح 482.
6- الكافي 90:3 ح 5، التهذيب 171:1 ح 478 و ص 401 ح 1254.

فرع:

هذا مشعر بأنّ الاعتبار بوقت الصلاة، فلا أثر لما قبله. و يظهر منه أنّ السيل ينبغي أن يكون واقعا، فلو كان مقدّر الوقوع فلا أثر له، لقوله: «ما لم تطرح الكرسف» الى آخره.

و روى زرارة عن الباقر (عليه السلام): «فلتغتسل، و تستوثق من نفسها، و تصلّي كلّ صلاة بوضوء ما لم ينفذ الدم، فإذا نفذ اغتسلت و صلّت»(1).

و روى معاوية بن عمّار عن الصادق (عليه السلام): «إذا ثقب الكرسف اغتسلت للظهرين، تؤخّر هذه و تعجّل هذه، و للعشاءين تؤخّر هذه و تعجّل هذه، و تغتسل للصبح، و تحتشي و تستثفر و تضمّ فخذيها في المسجد، و لا يأتيها بعلها أيّام قرئها. و إن لم يثقب توضأت لكلّ صلاة و دخلت المسجد»(2).

و هذه حجة المعتبر، و فيها تصريح بجواز دخول المستحاضة المسجد، و تلويح بأنّ التلويث مانع من الدخول.

و في صحيح ابن سنان عن الصادق (عليه السلام): «المستحاضة تغتسل ثلاثا»(3)، و لم يذكر الوضوء و لا التفصيل. و هذا حجة ابن أبي عقيل.

قلنا: المطلق يحمل على المقيّد.

و روى سماعة: «المستحاضة إذا ثقب الكرسف اغتسلت الثلاثة، و إن لم يجز الدم الكرسف فالغسل لكلّ يوم مرة، و الوضوء لكلّ صلاة»(4). و هذا لابن الجنيد، و حمل على النفوذ و عدم السيل.

و في الخبر المشهور في سنن الحيض الثلاث: «انّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه5.

ص: 243


1- التهذيب 169:1 ح 483.
2- الكافي 88:3 ح 2، التهذيب 106:1 ح 277 و ص 170 ح 484، باختصار في ألفاظ الحديث.
3- الكافي 90:3 ح 5، التهذيب 171:1 ح 487 و ص 401 ح 1254.
4- الكافي 89:3 ح 4، التهذيب 170:1 ح 485.

و آله) أمر فاطمة بنت أبي حبيش أن تدع الصلاة قدر أقرائها، ثم تغتسل»(1).

و في كلام الباقر (عليه السلام): «تغتسل و تتوضّأ لكلّ صلاة»(2).

و أمر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) الناسية وقتها و عددها بترك الصلاة عند إقبال الحيض، و بالاغتسال عند إدباره، و فسّر الصادق (عليه السلام) الإقبال و الإدبار: بتغيّر اللون من السواد الى غيره، لأن دم الحيض اسود يعرف(3).

و أمر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) حمنة بنت جحش - و كانت مبتدأة - بالتلجّم و التحيّض في كلّ شهر في علم اللّه ستة أيّام أو سبعة، ثم الغسل للفجر، ثم للظهرين، ثم للعشاءين، تؤخّر الاولى و تعجّل الثانية(4).

و الجمع بين هذه بالقول المشهور.

و علم منها أنّها لا تجمع بين صلاتين بوضوء و إن كان الدم كثيرا.

و ظاهر المفيد في ذات الأغسال الاكتفاء بوضوء واحد لصلاتي الجمع(5)، و قطع به ابن طاوس و المحقّق بظاهر الخبر(6).

و إنّما وجب الوضوء الواحد بما تقدّم: من احتياج ما عدا غسل الجنابة إلى الوضوء.

و الخبر عن النبي (عليه السلام): «أنّ المستحاضة تتوضّأ لكلّ صلاة»(7)محمول على عدم نفوذ الدم.ا.

ص: 244


1- الكافي 83:3 ح 1، التهذيب 381:1 ح 1183.
2- الكافي 83:3 ح 1، التهذيب 381:1 ح 1183.
3- الكافي 83:3 ح 1، التهذيب 38:1 ح 1183.
4- سنن ابن ماجة 205:1 ح 627، الجامع الصحيح 221:1 ح 128، سنن الدار قطني 1: 214. و راجع: الكافي 83:3 ح 1، التهذيب 381:1 ح 1183.
5- المقنعة: 27.
6- المعتبر 247:1.
7- سنن ابن ماجة 204:1 ح 625، السنن الكبرى 344:1 و ما بعدها.

و قطع في المختلف بوجوب الوضوءين، لعموم الآية السالم عن [معارضة] كون الغسل رافعا للحدث(1).

فائدة:

معنى قوله (صلّى اللّه عليه و آله): «في علم اللّه» اختصاص علمه باللّه، إذ لا حيض لها معلوم عندها، أو: فيما علّمك اللّه من عادات النساء، فإنّه القدر الغالب عليهن، و يكون كخبر محمّد بن مسلم عن الباقر (عليه السلام) في المستحاضة: «تنظر بعض نسائها فتقتدي بأقرائها»(2).

و عن سماعة أنّه سأله عن المبتدأة، فقال: «أقراؤها مثل أقراء نسائها، فإن اختلفن فأكثر جلوسها عشرة أيام، و أقلّه ثلاثة»(3).

و استدلّ الشيخ على صحة الرواية بالإجماع(4).

و عن عبد اللّه بن بكير عن الصادق (عليه السلام) في الجارية المستحاضة:

«تأخذ عشرة من الشهر الأول، و ثلاثة من الثاني و ما بعده»(5).

و هذا حكم المبتدأة إذا فقدت التمييز، أمّا المضطربة فتشاركها في التمييز، ثم لا ترجع إلى النساء، لأنّه قد سبق لها عادة، بل تشاركها في الجلوس الشرعي.

و خيّر في المبسوط بين الثلاثة و العشرة في الشهرين و بين السبعة فيهما(6).

و في موضع آخر: عشرة طهر و عشرة حيض، لأنّه دم يمكن أن يكون حيضا(7).5.

ص: 245


1- مختلف الشيعة: 41، و منه ما أثبتناه بين المعقوفين.
2- التهذيب 401:1 ح 1252، الإستبصار 138:1.
3- الكافي 79:3 ح 3، التهذيب 380:1 ح 1181، الاستبصار 138:1 ح 471.
4- الخلاف 234:1 المسألة: 200.
5- التهذيب 400:1 ح 1251 و ص 381 ح 1182، الاستبصار 137:1 ح 469 و 470.
6- المبسوط 47:1.
7- المبسوط 51:1، 55.

و في الخلاف: ستة أو سبعة(1).

و في النهاية: روى عشرة ثم ثلاثة(2).

و الصدوق: أكثر جلوسها عشرة لكل شهر(3)، و هو ظاهر المرتضى حيث قال: ثلاثة إلى عشرة(4). و الكلّ متقارب.

فروع:
الأول: ظاهر الخبر التخيير بين الستة و السبعة،

و لا محذور في التخيير بين فعل الواجب و تركه، لوجود مثله في الصلاة في الأماكن الأربعة، و التسبيح بدل الحمد في الأقرب.

و يمكن عودها إلى ما يغلّب على ظنها، لقوة طرف الظن، و وجوب العمل بالراجح.

و على التفسير الثاني ل «علم اللّه» المؤيّد بالخبر: تجتهد في النساء، و تأخذ عادة الأقرب إليها من جهة الأبوين، و لا اختصاص للعصبة هنا، لأنّ المعتبر الطبيعة و هي جاذبة من الطرفين. فإن تعذّر فأقرانها، قاله في المبسوط(5)، و تبعه جماعة من الأصحاب(6).

فحينئذ إن كان عادة الأقرب ستة فهي المأخوذة، و إن كانت عادتهن سبعة فهي المأخوذة، فيكون قوله (صلّى اللّه عليه و آله): «ستة أو سبعة» للتنويع، أي:

إن كنّ يحضن ستة فتحيّضي ستة، و إن كنّ يحضن سبعة فتحيّضي سبعة.

فإن زدن عن السبع أو نقصن عن الست، فالمعتبر عادتهن، لأن الأمر بالستة أو السبعة بناء على الغالب.

ص: 246


1- الخلاف 230:1 المسألة: 197.
2- النهاية: 25.
3- الفقيه 51:1.
4- مختلف الشيعة: 38.
5- المبسوط 46:1.
6- راجع: المهذب 37:1، الوسيلة 59، نهاية الإحكام 59.137:1.

و يمكن أخذ الستة إن نقصن، و السبعة إن زدن، عملا بالأقرب إلى عادتهن في الموضعين.

و ظاهر كلام الأصحاب(1) أنّ عادة النساء و الأقران مقدّمة على هذين العددين، و أنّها لا ترجع إليهما إلاّ عند عدم النساء و الأقران، أو اختلاف عادتهن من غير أن يكون فيهنّ أغلب، إذ لو كان الأغلب عليهن عددا تحيّضت به.

الثاني: خبر محمد بن مسلم يدل على التمسّك و لو بواحدة،

قضية للبعض، و هو خلاف الفتوى(2).

و يمكن حملها على غير المتمكنة من معرفة عادات جميع نسائها، فتكتفي بالبعض الممكن، و لأنّ تتبّع جميع نسائها فيه عسر غالبا.

الثالث: أنكر في المعتبر العود إلى الأقران

مطالبا بالدليل، و فارقا بالمشاكلة في الطباع و الجنسية في نسائها دون الأقران(3).

و لك أن تقول: لفظ «نسائها» دالّ عليه، فان الإضافة تصدق بأدنى ملابسة، و لما لابسنها في السن و البلد صدق عليهن النساء. و اما المشاكلة فمع السن و اتحاد البلد تحصل غالبا. و حينئذ ليس في كلام الأصحاب منع منه، و ان لم يكن فيه تصريح به.

نعم، الظاهر اعتبار اتحاد البلد في الجميع، لأنّ للبلدان أثرا ظاهرا في تخالف الأمزجة.

و على ما فسّرنا به «علم اللّه» يقوى ذلك، و قرينته «ستة أو سبعة» فإن هذه الأغلبية لا تختصّ بنسائها دون غيرهن.

الرابع: حكم أبو الصلاح برجوع المضطربة الى النساء،

ثم التمييز، ثم السبعة(4). و هو مخالف للمشهور رواية و فتوى.

ص: 247


1- راجع: المبسوط 46:1، نهاية الإحكام 137:1، المهذب 37:1.
2- راجع: المبسوط 46:1، المهذب 37:1، الوسيلة: 50، نهاية الإحكام 137:1.
3- المعتبر 208:1 و ص 209.
4- الكافي في الفقه: 128.

و حكم ابن الجنيد في المبتدأة و المضطربة بعشرة أولا، ثم ثلاثة فيما بعد، و بقضاء عشرة من شهر رمضان، للاحتياط(1).

الخامس: لا تصح طهارتها قبل الوقت،

لعدم الحاجة إليه، و للخبر أنّها «تتوضّأ لكلّ صلاة»(2).

و حكم الشيخ - في المبسوط و الخلاف - و ابن إدريس بتوقّف صحة الصلاة على معاقبة الطهارة، فلو لم تتشاغل بها ثم صلّت لم تصح، لأنّ فرضها الوضوء عند الصلاة، و هي تقتضي التعقيب(3). و ليس في أكثر الأخبار «عند».

نعم هو في خبر عبد اللّه بن سنان عن الصادق (عليه السلام) في الغسل ثلاثا(4)، و في خبر الصحّاف: «فلتتوضّأ، و لتصلّ عند وقت كل صلاة»(5).

و الأصل الصحة - كما قوّاه الفاضلان(6) - إلاّ أن يقال: الصلاة بالحدث مخالف للأصل، فيجب تقليله ما أمكن، و هو قريب.

نعم، لا يضرّ اشتغالها بمقدّمات الصلاة: كالستر، و الاجتهاد في القبلة، و انتظار الجماعة، قاله الفاضل(7).

و ظاهر الخلاف المنع في ذلك(8).

أما الأذان و الإقامة، فلا يقدحان قطعا، نظرا إلى فعلهما على الوجه الأكمل.

ص: 248


1- مختلف الشيعة: 38.
2- الكافي 83:3 ح 1، التهذيب 381:1 ح 1183.
3- المبسوط 68:1، الخلاف 251:1 المسألة: 224، السرائر: 29.
4- الكافي 90:3 ح 5، التهذيب 171:1 ح 487 و ص 401 ح 1254.
5- الكافي 95:3 ح 1، التهذيب 168:1 ح 482 و ص 388 ح 1197، الاستبصار 40:1 ح 482.
6- المعتبر 113:1، مختلف الشيعة: 41.
7- نهاية الإحكام 127:1.
8- الخلاف 251:1 المسألة: 224.
السادس: الأجود تجديد الوضوء لصلاة النافلة،

لما قلناه من الحدث، و لظاهر الخبر(1).

و جوّز الشيخ صلاة ما شاءت من النافلة بوضوء الفريضة(2)، فكأنّه يحمل الصلاة المأمور بالوضوء لها على المعهودة، و هي اليومية أو الفريضة.

و لو جوزنا لها فعل القضاء انسحب الخلاف.

نعم، يجوز لها الجمع بين الفرائض و النوافل بغسل واحد لوقته. و كذا تجمع بين صلاتي الليل و الصبح بغسل، فتؤخّر صلاة الليل و تقدّم صلاة الفجر لأول وقتها، لأنّ الغسل لا يتعدّد إلاّ بحسب الوقت المخصوص. و لو لم تتنفّل ليلا اغتسلت بعد الفجر، و لو كانت صائمة قدّمته على الفجر كغسل منقطعة الحيض.

تنبيه:

قال في المعتبر: تصير طاهرا بالأفعال إجماعا(3)، و صحة الصلاة موقوفة على جميعها.

أما الصوم، فيكفي فيه الغسل، و لو أخلّت به قضت لا غير، للخبر.

و كلام المبسوط يشعر بتوقفه في القضاء، حيث أسنده إلى رواية الأصحاب(4).

نعم، لا يشترط في صحة صوم يوم غسل الليلة المستقبلة قطعا، لسبق تمامه.

و هل يشترط فيه غسل ليلته؟ فيه كلام يأتي ان شاء اللّه.

و استثنى ابن حمزة مما يحل للمستحاضة دخول الكعبة(5)، حراسة عن مظنة

ص: 249


1- راجع الهامش: 2 صحيفة 248.
2- المبسوط 68:1.
3- المعتبر 248:1.
4- المبسوط 68:1.
5- الوسيلة: 61.

التلويث.

السابع: ظاهر الأصحاب توقّف حلّ الوطء

على ما توقّف عليه الصلاة و الصوم، من الوضوء و الغسل، لقولهم: يجوز وطؤها إذا فعلت ما تفعله المستحاضة، قاله: المفيد(1) و ابن الجنيد(2) و المرتضى(3) و الشيخ(4) لوجود الأذى فيه كالحيض.

و لخبر عبد الملك بن أعين عن الصادق (عليه السلام): «و لا يغشاها، حتى يأمرها فتغتسل»(5).

و جعله المحقق في المعتبر مكروها مغلظا قبل الإفعال، لأنّه دم مرض و أذى، فالامتناع فيه أولى و ليس بمحرم، لعموم فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ ، و نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّى شِئْتُمْ ، و إِلاّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ .

و لما روي: أن حمنة بنت جحش كان زوجها يجامعها مستحاضة، و كذا أم حبيبة.

و عن عبد اللّه بن سنان عن الصادق (عليه السلام): «المستحاضة لا بأس أن يأتيها بعلها متى شاء إلاّ أيام أقرائها» و مثله في خبر معاوية بن عمار عن الصادق (عليه السلام).

و هذه الأخبار مطلقة، فاشتراط الأفعال خلاف الأصل.

و لأنّ الوطء لا يشترط فيه الخلو من الحدث كالحائض المنقطعة الدم.

و لأصالة الحل السالم عن المعارض الشرعي(6).

ص: 250


1- المقنعة: 7.
2- المعتبر 248:1.
3- المعتبر 248:1.
4- المبسوط 167:1.
5- التهذيب 402:1 ح 1257، عن أبي جعفر (عليه السلام).
6- المعتبر 248:1. و الآيات على التوالي في: سورة البقرة: 222، 223، سورة المؤمنون: 6. و قضية حمنة و أم حبيبة في: السنن الكبرى 329:1. و خبر ابن سنان في: الكافي 90:3 ح 5، التهذيب 171:1 ح 487. و خبر معاوية بن عمار في: الكافي 88:3 ح 2، التهذيب 170:1 ح 484.

و أجيب عن الأول: بأنّه قياس، و عن الخبر: إمكان إرادة غسل الحيض.

و ما أقرب الخلاف هنا من الخلاف في وطء الحائض قبل الغسل. و لما علق المفيد حل الوطء على الأفعال، أتبعه: بأنه لا يجوز إلاّ بعد نزع الخرق و غسل الفرج بالماء(1).

الثامن: حكم الشيخ بأنّ انقطاع دمها بعد الوضوء يوجب الوضوء ،

الثامن: حكم الشيخ بأنّ انقطاع دمها بعد الوضوء يوجب الوضوء(2)، و لم يذكر البرء.

و قيّده بعض الأصحاب بالبرء(3).

و الأصل فيه: ان انقطاع الدم يظهر معه حكم الحدث، أو ان الصلاة أبيحت مع الدم للضرورة و قد زالت.

و يمكن أن يقال: انّ دم الاستحاضة في نفسه حدث يوجب الوضوء وحده تارة، و الغسل أخرى.

فإذا امتثلت، فإن كان حال الطهارة منقطعا و استمرّ الانقطاع، فلا وضوء و لا غسل، لأنّها فعلت موجبه. و ان خرج بعدهما أو في أثنائهما دم، ثم انقطع إما في الأثناء أو بعده، فان كان انقطاع فترة فلا أثر له، لأنّه بعوده كالموجود دائما. و ان كان انقطاع برء، فالأجود وجوب ما كان يوجبه الدم، لأن الشارع علّق على دم الاستحاضة الوضوء و الغسل و هذا دم استحاضة، و الطهارة الأولى كانت لما سلف قبلها من الدم، و لا يلزم من صحة الصلاة مع الدم عدم تأثيره في الحدث.

ص: 251


1- المقنعة: 7.
2- المبسوط 86:1.
3- راجع: نهاية الإحكام: 128:1، تحرير الأحكام 16:1.

و هذه المسألة لم نظفر فيها بنص من قبل أهل البيت عليهم السلام، و لكن ما أفتى به الشيخ هو قول العامة(1) بناء منهم على أنّ حدث الاستحاضة يوجب الوضوء لا غير، فإذا انقطع بقي على ما كان عليه، و لما كان الأصحاب يوجبون به الغسل فليكن مستمرا.

و على هذا، لو لم تغتسل مع الكثرة للصبح مثلا ثم دخل وقت الظهر، فان كان باقيا أجزأها غسل الظهرين، لأنّه يرفع ما مضى من الحدث. و ان كان منقطعا، فالأجود وجوب الغسل، و كذا لو أهملت غسلي النهار و دخل الليل.

و لو أهملت غسل الليل، و اغتسلت للصبح و صامت، أجزأ، لأنّه يأتي على ما سلف.

و ان كان الدم قد انقطع قبله، وجب فعله على ما قلناه، فلو أخلّت به بطل الصوم و الصلاة.

و في نهاية الفاضل قرّب وجوب الغسل لو انقطع الدم قبل فعله، إمّا بجنوبها أو لإخلالها(2).

التاسع: لو انقطع الدم في أثناء الصلاة،

حكم في المبسوط و الخلاف بإتمامها(3)، لأنّها دخلت دخولا مشروعا فلا تبطل عملها للنهي عنه.

و لحظ ابن إدريس و المحقق المنافاة، لأن الحدث كما يمنع من الدخول في الصلاة يمنع من الاستمرار فيها(4).

قال في المعتبر: لو قيل: خروج دمها بعد الطهارة معفو عنه، فلم يكن مؤثرا في نفس الطهارة، و الانقطاع ليس بحدث، أمكن، لكن يلزم التسوية في جواز الصلاة بين انقطاعه قبل الشروع في الصلاة، و انقطاعه في أثنائها(5).

ص: 252


1- المجموع 538:2، المغني 390:1.
2- نهاية الإحكام 27:1.
3- المبسوط 168:1، الخلاف 250:1 المسألة: 222.
4- السرائر: 30، المعتبر 112:1.
5- المعتبر 112:1.

قلت: لا أظن أحدا قال بالعفو عن هذا الدم الخارج بعد الطهارة مع تعقّب الانقطاع، انما العفو عنه مع قيد الاستمرار، فلا يتم الاعتراض.

العاشر: قيل: الاعتبار في الكثرة و القلة بأوقات الصلوات،

فلو سبقت القلة و طرأت الكثرة انتقل الحكم، فلو كانت الكثرة بعد الصبح اغتسلت للظهرين.

و هل يتوقّف عليه صحة الصوم؟ نظر، من سبق انعقاده، و من الحكم على المستحاضة بوجوب الأغسال و جعلها شرطا في صحة الصوم، و هو أقرب.

و لا فرق في الصوم بين كثرته قبل فعل الظهرين، أو بعد فعلهما.

اما بالنسبة إلى الظهرين فلا يجب ان كثر بعدهما غسل لهما، بل إن استمر الى العشاءين اغتسلت لهما قطعا. و كذا ان انقطع مظنونا عوده أو مشكوكا فيه، لأصالة البقاء، و ان شفيت منه بني على ما مر.

و لو سبقت الكثرة في الصبح اغتسلت له، فلو قلّ عند الظهر توضّأت.

و لو جوّزت عود الكثرة، فالأجود الغسل، لأنه كالحاصل، و ان علمت الشفاء كفاها الوضوء، و الطريق الى علم الشفاء إما اعتياده أو إخبار العارف، و يكفي غلبة الظن.

الحادي عشر: الأجود انه إذا انقطع الدم بعد الطهارة إعادتها

و ان لم تعلم الشفاء، لأنّه يمكنها ان تصلي بطهارة رافعة للحدث، سواء ظنّت عدم الشفاء أو شكّت فيه. و لو ظنّت قصور الزمان عن الطهارة و الصلاة، فلا اعادة و لو صحب الانقطاع الصلاة، للامتثال. و يحتمل في الأول ذلك أيضا.

و جزم في الخلاف بوجوب اعادة الوضوء إذا انقطع الدم قبل دخولها في الصلاة، و ببطلان الصلاة لو لم تفعل(1)، و لم يفصّل.

ثم المستحاضة: إمّا ذات عادة مستقيمة معلومة، أو مبتدأة، و قد ذكرتا.

و إمّا مضطربة ذات تمييز، فتعمل عليه.

ص: 253


1- الخلاف 251:1 المسألة: 223.
حكم مضطربة فاقد التمييز في المرأة المستحاضة
اشارة

و إمّا فاقدته، و هي ثلاث:

الأولى: ذكرت العدد و نسيت الوقت،

فتخصص بالاجتهاد أيامها و لا اعتراض للزوج، و مع عدم الامارة تتخيّر، و أول الشهر أولى، لإمكان الحيض فيه مع سبقه، و لقول الصادق (عليه السلام): «تترك الصلاة عشرة أيام ثم تصلّي عشرين يوما»(1). و اختاره في التذكرة(2).

و وجه التخصيص: انّها لا تقصر عن ناسيتهما، و هو منصوص ابن الجنيد و الفاضل رحمهما اللّه(3). و القول بالاحتياط عسر منفي بالآية(4) و الخبر(5).

و لو جلست العدد، ثم ذكرت وقت العادة و تبيّن الخطأ، استدركت.

و لا فرق بين أن يكون الوقت المنسي فيه ينقص نصفه عن العدد أو لا، إلاّ في تيقّن الحيض في الزائد على النصف و مثله، و تتخير في الباقي من العدد فتضعه قبل المتيقن أو بعده أو تفرّقه.

فلو قالت: حيضي عشرة و الثاني عشر حيض بيقين، فالمضلة تسعة عشر يوما، و هي ما عدا الأولين و التسعة الأخيرة، فنصفها زائدة عنه العشرة بنصف يوم فيوم كامل حيض و هو الثاني عشر، فقد تطابقت القاعدة و علمها.

و لو قالت: لي في كل شهر حيضتان كل واحدة ثمانية، فلا بدّ بينهما من الطهر، فالمضلة ما عدا ستة أيام من الثالث عشر إلى الثامن عشر، لأنّه لا يمكن تأخير الحيض الأول عن أول الخامس، و لا تأخير مبدأ الحيض الثاني عن الثالث و العشرين، و المتيقن في الحيضة الاولى من أول الخامس الى آخر الثامن، و في الثانية

ص: 254


1- التهذيب 381:1 ح 1182، الاستبصار 137:1 ح 469.
2- تذكرة الفقهاء 33:1.
3- مختلف الشيعة: 39.
4- سورة البقرة: 222.
5- راجع الهامش 1.

من الثالث و العشرين الى السادس و العشرين، و الضال ثمانية تضعها حيث شاءت مما لا يدخل في الطهر المتيقن، و هو: من الأول إلى آخر الرابع، و من التاسع الى آخر الثاني عشر، و من التاسع عشر الى آخر الثاني و العشرين.

و من هذا يعلم مسائل الامتزاج، المشهورة عند العامة بمسائل الخلط، و به سماها الشيخ رحمه اللّه(1) كأن تقول: حيضي عشرة، و كنت أمزج شهرا بشهر - أي: كنت آخر الشهر و أول ما بعده حائضا - فالمتيقن من الحيض لحظة من آخر كل شهر و لحظة من أوله، و المتيقن من الطهر من اللحظة الأخيرة من اليوم العاشر إلى أول لحظة من اليوم الحادي و العشرين، فتضل العشرة في عشرين يوما بنقص لحظتين، و هي ما بين اللحظة من أول الشهر و اللحظة من آخر العاشر، و ما بين اللحظة من أول ليلة الحادي و العشرين و اللحظة من آخر الشهر، فتزيد عن نصفها بلحظة فلحظتان متيقنتان، و تضم إليها الباقي كيف شاءت.

و لو لم تعلم عدد حيضها في هذه الصورة، فلحظتا الحيض بحالهما، و الطهر المتيقن بحاله. و اما المشتبه، ففي العشر الأول الناقص لحظة يحتمل: الحيض و الطهر و الانقطاع، و في العشر الأخير يحتمل: الحيض و الطهر لا غير، و يسمى:

المزج المطلق، و هو من باب القسم الآتي.

الثانية: ذكرت الوقت و نسيت العدد،

فان ذكرت أوّله أكملته ثلاثة لتيقنها.

و احتمل في الباقي ان يجعل طهرا بيقين، بناء على ان تلك الثلاثة هي وظيفة الشهر. و احتمل ان تكون على التخيير بين الروايات السابقة، فلها جعله عشرة أو سبعة أو ستة، لصدق(2) الاختلاط، و عدم علم العادة.

و ان ذكرت آخره، جعلته نهاية الثلاثة، أو تلك الأعداد.

و ان ذكرت أنه أثناء حيض، فهو و يوم قبله و يوم بعده حيض بيقين.

ص: 255


1- المبسوط 59:1.
2- في م: لصدق.

و احتمل مراعاة تلك الأعداد. و كذا لو علمت انه وسط، غير انها لا تأخذ عددا زوجا، بل تأخذ إمّا السبعة أو الثلاثة.

و ان ذكرته خاصة و لم تعلم حاله، فهو حيض بيقين، و تضم اليه إمّا تمام الثلاثة أو غيرها من أعداد الروايات.

و أمّا الاحتياط، فمشهور في جميع هذه المواضع، و هي الجمع بين تكليف الحائض و المستحاضة، و الغسل للحيض في أوقات إمكان الانقطاع.

الثالثة: نسيتهما جميعا،

فظاهر الأصحاب العمل بالروايات في هذه، و ادّعى عليه في الخلاف إجماعهم(1)، إلاّ أنّه في المبسوط حكم بمقتضى الاحتياط المذكور(2).

و يدفعه: ما رواه هو و الكليني و غيره من خبر السنن الثلاث المتقدم عن الصادق (عليه السلام)، و قال فيه: «ان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) سنّ في الحيض ثلاث سنن، بيّن(3) فيها كل مشكل لمن سمعها و فهمها، حتى لم يدع لأحد مقالا فيه بالرأي»(4).

و ضعّف الخبر في المعتبر بأنّه من مرويات محمد بن عيسى عن يونس - و قد سبق استثناء الصدوق له(5) - و بإرساله(6).

و الشهرة في النقل، و الإفتاء بمضمونه حتى عدّ إجماعا، يدفعهما.

و يؤيده أنّ حكمة الباري أجلّ من أن يدع أمرا مبهما، تعمّ به البلوى في كل زمان و مكان، و لم يبيّنه على لسان صاحب الشرع، مع لزوم العسر و الحرج فيما قالوه، و هما منفيان بالآي و الأخبار، و غير مناسبين للشريعة السمحة السهلة.

ص: 256


1- الخلاف 242:1 المسألة: 211.
2- المبسوط 59:1.
3- في م، س، ط: «سنّ».
4- الكافي 83:3 ح 1، التهذيب 381:1 ح 1183.
5- تقدم في ص 72 الهامش 1.
6- المعتبر 210:1.

تتمة:

يجب على المستحاضة منع الدم بحسب المكنة، لما مرّ من الأمر بالتلجّم و الاستثفار(1) - بالتاء المثناة فوق، و الثاء المثلثة - فتغسل الفرج قبل الوضوء، و تحشوه بقطنة أو خرقة، فان احتبس و إلاّ تلجمت، بأن تشدّ على وسطها خرقة كالتكة، و تأخذ خرقة أخرى مشقوقة الرأسين تجعل أحدهما قدّامها و الأخرى خلفها، و تشدهما بالتكة. و يجب ذلك، إلاّ مع الضرر باحتباس الدم و شبهه، للحرج.

و الاستثفار: هو التلجّم، من ثغر الدابة، يقال: استثفر الرجل بثوبه، إذا ردّ طرفه بين رجليه الى حجزته. و تسمى خرقة الاستثفار للمرأة حيضة - بكسر الحاء.

و كذلك السلس و المبطون يستظهر، فيتخذ السلس كيسا، و يجعل فيه قطنا و يدخل الذكر فيه، و كذا لو كان يقطر منه دم، لنص الصادق (عليه السلام) على ذلك في البول و الدم(2). و ان أمكن حشو الإحليل بقطن فعل.

و الأحوط: وجوب تغيير ذلك عند كلّ صلاة - كالمستحاضة - إذا أمكن، لوجوب تقليل النجاسة عند تعذّر إزالتها.

و أنكر وجوبه في المعتبر، قصرا على موضع النص في المستحاضة(3).

أمّا الجرح الذي لا يرقأ دمه، فلا يجب شدّه بل يصلّى و ان كان سائلا، و نقل الشيخ فيه إجماعنا، و أورد خبر محمد بن مسلم عن أحدهما، و خبر ليث المرادي عن الصادق (عليه السلام)(4).9.

ص: 257


1- تقدم في 252 الهامش 2.
2- الفقيه 38:1 ح 146، التهذيب 348:1 ح 1021.
3- المعتبر 251:1.
4- الخلاف 252:1 المسألة: 225. و الخبر الأول في التهذيب 258:1 ح 749، و الاستبصار 177:1 ح 615، و الخبر الثاني في التهذيب 258:1 ح 750، 349، ح 1029.

و لو خرج دم المستحاضة بعد الطهارة، أعيدت بعد الغسل و الاستظهار ان كان لتقصير فيه، و ان كان لغلبة الدم فلا، للحرج. و هذا الاستظهار يمتدّ الى فراغ الصلاة، و لو كانت صائمة فالظاهر وجوبه جميع النهار، لأنّ توقّف الصوم على الغسل يشعر بتأثره بالدم، و به قطع الفاضل - رحمه اللّه -(1).1.

ص: 258


1- نهاية الإحكام 126:1.
المقام الرابع: في النفاس.
اشارة

و هو: دم الولادة معها أو بعدها، يقال: نفست المرأة بفتح النون و ضمها، و في الحيض تستعمل بفتح النون لا غير، و منه قول النبي (صلّى اللّه عليه و آله) لأم سلمة رضي اللّه عنها: «أنفست»(1).

و هو مأخوذ من النفس التي هي الولد، لخروجه عقيبه، أو من النفس التي هي الدم، لتنفّس الرحم بالدم.

و الولد منفوس، و المرأة نفساء، و الجمع نفاس بكسر النون، مثل عشراء و عشار و لا ثالث لهما. و يجمع أيضا على نفساوات.

و ما تراه في الطلق ليس بنفاس، لخبر عمار عن الصادق (عليه السلام) فيه:

«تصلي ما لم تلد»(2).

و تكفي المضغة مع اليقين، لصدق الولادة. أما العلقة فلا، لعدم اليقين - و لو فرض العلم بأنه مبدأ نشوء إنسان بقول أربع من القوابل كان نفاسا - و النطفة أبعد.

و الإجماع على ان المتعقب نفاس. و لم يذكر المرتضى و أبو الصلاح المصاحب. و ذكره الشيخان(3)، لحصول المعنى المشتق منه، و لخروجه بسبب الولادة. و لو لم تر دما فلا نفاس، بل و لا حدث.

و لا حدّ لأقلّه باتفاقنا، لجواز عدمه، كالمرأة التي ولدت في عهد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) فسمّيت الجفوف(4).

و قال سلاّر: أقله انقطاع الدم(5).

ص: 259


1- صحيح البخاري 82:1، صحيح مسلم 243:1 ح 296، السنن الكبرى 311:1.
2- الكافي 100:3 ح 3، الفقيه 56:1 ح 211، التهذيب 403:1 ح 1261.
3- المقنعة: 7، المبسوط 68:1، الخلاف 246:1 المسألة: 217.
4- المهذب للشيرازي 52:1، المغني 393:1.
5- المراسم: 44.

و أكثره عشرة في المشهور. و للمفيد قول بثمانية عشر(1) و هو قول الصدوق(2) و ابن الجنيد(3) و المرتضى(4) و سلار(5). و جعله ابن أبي عقيل أحدا و عشرين يوما(6). و في المختلف: ذات العادة عادتها، و المبتدأة ثمانية عشر يوما(7).

و الأخبار منها: صحيح زرارة عن أحدهما (عليهما السلام): «النفساء تكفّ عن الصلاة أيام أقرائها التي كانت تمكث فيها»(8).

و صحيح يونس بن يعقوب عن الصادق (عليه السلام): «النفساء تجلس أيام حيضها التي كانت تحيض»(9).

و في خبر زرارة عن أحدهما (عليهما السلام) مثله(10)، و خبر مالك بن أعين عن الباقر (عليه السلام) نحوه(11).

و عن زرارة عن الصادق (عليه السلام) مثله: «و تستظهر بيوم أو يومين»(12).

و صحيح محمد بن مسلم عن الصادق (عليه السلام) في قعود النفساء:

«ثمان عشرة و سبع عشرة»(13).8.

ص: 260


1- المقنعة: 7.
2- الفقيه 55:1، الهداية: 22.
3- مختلف الشيعة: 41.
4- الانتصار: 35.
5- المراسم: 44.
6- المعتبر 253:1.
7- مختلف الشيعة: 41.
8- الكافي 97:3 ح 1، التهذيب 173:1 ح 495، 175 ح 499، الاستبصار 15:1 ح 519.
9- الكافي 99:3 ح 5، التهذيب 175:1 ح 500، الاستبصار 150:1 ح 520.
10- التهذيب 176:1 ح 504، و لا حظ الهامش 9.
11- التهذيب 176:1 ح 505، الاستبصار 152:1 ح 525.
12- الكافي 99:3 ح 6، التهذيب 175:1 ح 501، الاستبصار 151:1 ح 521، و في الجميع: «تستظهر بيومين».
13- التهذيب 177:1 ح 508، الاستبصار 152:1 ح 528.

و صحيح محمد أيضا عن الباقر (عليه السلام): «ان أسماء بنت عميس أمرها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) ان تغتسل لثمان عشرة، و لا بأس ان تستظهر بيوم أو يومين»(1) و ربّما تمسك بهذا ابن أبي عقيل.

و صحيح ابن سنان عنه (عليه السلام): تسع عشرة(2).

و روى علي بن يقطين عن أبي الحسن الماضي ثلاثين يوما(3).

و روى حفص بن غياث عن الصادق (عليه السلام) عن علي (عليه السلام) أربعين(4).

و روى محمّد بن يحيى الخثعمي عن الصادق (عليه السلام): «ما بين الأربعين إلى خمسين»(5).

و اطّرحها الشيخ من حيث التضاد، و حملها على التقية. و خبر أسماء متأوّل بأنّ سؤالها كان عقيب الثمانية عشر فأمرها بالغسل، و لو سألته قبلها لأمرها(6).

و عن الصادق (عليه السلام) نحوه و تستظهر بيوم أو يومين(7).

و قال الصدوق: الأخبار بأربعين فما زاد معلولة(8).

تنبيه:

الأخبار الصحيحة المشهورة تشهد برجوعها الى عادتها في الحيض، و الأصحاب يفتون بالعشرة، و بينهما تناف ظاهر، و لعلّهم ظفروا بأخبار غيرها.

و في التهذيب قال: جاءت أخبار معتمدة في أنّ أقصى مدة النفاس عشرة،1.

ص: 261


1- التهذيب 178:1 ح 511، 180 ح 515، الاستبصار 153:1 ح 531.
2- التهذيب 177:1 ح 510، الاستبصار 152:1 ح 530.
3- التهذيب 174:1 ح 497.
4- التهذيب 177:1 ح 506، الاستبصار 152:1 ح 526.
5- التهذيب 177:1 ح 507، الاستبصار 152:1 ح 527.
6- التهذيب 178:1 ح 512.
7- التهذيب 178:1 ح 512.
8- الفقيه 56:1.

و عليها أعمل، لوضوحها عندي(1).

ثم ذكر الأخبار الاولى و نحوها، حتى أنّ في بعضها عن الصادق (عليه السلام): «فلتقعد أيام قرئها التي كانت تجلس، ثم تستظهر بعشرة أيام»، قال الشيخ: يعني: إلى عشرة، إقامة لبعض الحروف مقام بعض(2).

و هذا تصريح بأن أيامها أيام عادتها لا العشرة، و حينئذ فالرجوع الى عادتها - كقول الجعفي في الفاخر، و ابن طاوس، و الفاضل(3) رحمهم اللّه - اولى، و كذا الاستظهار كما هو هناك.

نعم، قال الشيخ: لا خلاف بين المسلمين ان عشرة أيام إذا رأت المرأة الدم من النفاس، و الذمة مرتهنة بالعبادة قبل نفاسها فلا يخرج عنها إلاّ بدلالة، و الزائد على العشرة مختلف فيه(4). فان صحّ الإجماع فهو الحجة، و لكن فيه طرح للأخبار الصحيحة، أو تأويلها بالبعيد.

و النفساء كالحائض في جميع المحرمات و المكروهات و الغسل، لأنّه في الحقيقة دم الحيض احتبس، و تعتبر حالها كما قلناه هناك.

مسائل:
الأولى: ما تراه بعد الأكثر استحاضة،

لأنّ الحيض لا يتعقّب النفاس إلاّ بطهر متخلّل، فلو تخلّل ثم رأت فهو حيض إن أمكن، و لو استمر فحكمها حكم الحائض إذا استحيضت، إلاّ انّ المشهور هنا: عود المبتدأة و المضطربة إلى العشرة.

و في خبر أبي بصير عن الصادق (عليه السلام): «النفساء تجلس مثل أيامها التي كانت تجلس قبل ذلك، و استظهرت بثلثي أيامها، ثم تغتسل و تصنع صنع

ص: 262


1- النص للمفيد في المقنعة: 7، و كذا يتضح من التهذيب - الذي هو شرح المقنعة - 174:1.
2- التهذيب 176:1، و الحديث فيه برقم 502.
3- مختلف الشيعة: 41.
4- التهذيب 174:1-175.

المستحاضة. و ان كانت لا تعرف أيام نفاسها، جلست مثل أيام أمها أو أختها أو خالتها، و استظهرت بثلثي ذلك، ثم صنعت صنع المستحاضة»(1). و فيه العود الى نفاسها و نسائها، و هو غير مشهور مع ضعف سنده و شذوذه، كذا قال في المعتبر(2).

و كذا في خبر محمد بن يحيى الخثعمي عن الصادق (عليه السلام) عودها الى أيام نفاسها السابق(3)، و هو في الشذوذ كالأول.

الثانية: لو لم تر دما حتى انقضى الأكثر فلا نفاس،

و يمكن ان يكون حيضا مع اجتماع شرائطه، و إلاّ فلا.

و لو رأت العاشر لا غير فهو النفاس، لأنّه في طرفه. و على اعتبار العادة، ينبغي ان يكون ما صادفها نفاسا دون ما زاد عليها.

و يحتمل اعتبار العشرة هنا إذا لم يتجاوز، كما لو انقطع دم المعتادة على العشرة، أمّا مع التجاوز فالرجوع إلى العادة قوي.

و لو رأت مرتين في العشرة، فهما و ما بينهما نفاس، لأن الطهر لا ينقص عن عشرة، و كذا لو تعدد متفرقا. و لو رأت الأول لا غير فهو النفاس.

الثالثة: ذات التوأمين فصاعدا يتعدّد نفاسها عملا بالعلة،

فلكلّ نفاس حكم نفسه، و ان تجاوز العشرة فالباقي طهر حسب ما مرّ.

و تردّد في المعتبر في الأول، من حيث إنّها حامل و لا نفاس مع الحمل، ثم قوّى أنه نفاس(4).

الرابعة: لو نفست ذات العادة عشرا،

ثم طهرت شهرين ثم استحيضت، رجعت الى عادتها في كل شهر، و لا يصير حيضها في شهرين مرة بسبب تغير الطهر.

ص: 263


1- التهذيب 403:1 ح 1262.
2- المعتبر 257:1.
3- التهذيب 177:1 ح 507، الاستبصار 152:1 ح 527.
4- المعتبر 257:1.

نعم، لو حصل ذلك مرة أخرى في حيضة أخرى أمكن النقل، لأنّ النفاس كحيضة.

و لو نفست أزيد عن عادتها أو أنقص، ثم حاضت بعدد النفاس، أمكن الانتقال الى الثاني، كالحيضتين الناسختين لما قبلهما.

الخامسة: لو سقط عضو من الولد و تخلف الباقي،

فالدم نفاس على الأقرب و لو وضعت الباقي بعد العشرة أمكن جعله نفاسا آخر، كالتوأمين. و على هذا، لو تقطّع بفترات تعدّد النفاس. و لم أقف فيه على كلام سابق.

السادسة: لو رأت ثلاثة ثم ولدت قبل مضيّ طهر،

فالأقرب: انّ الأول استحاضة، لفقد شرط ما بين الحيضتين، و فصل الولادة لم يثبت انه كاف عن الطهر.

السابعة: يفترق الحيض و النفاس في الأقل قطعا.

و في الأكثر على ما مرّ.

و في الدلالة على البلوغ، و انقضاء العدة، لحصولهما بالحمل.

نعم، لو كانت حاملا من زنا، و رأت قرءين في زمان الحمل، حسب النفاس قراء آخر، و انقضت به العدة بظهوره أو انقطاعه، كما سبق.

و يلحق بذلك أحكام المحدث،
اشارة

و هي قسمان:

أحدهما: حكم الأصغر،

و هو:

حرمة الصلاة مطلقا، و أبعاضها المفعولة بعدها، و المرغمتين(1)، للآية(2)و الخبر(3).

و الطواف الواجب، للخبر(4).

ص: 264


1- المرغمتان: سجدتا السهو، سميتا بذلك لكون فعلهما يرغم أنف الشيطان و يذله. مجمع البحرين - رغم.
2- سورة المائدة: 8.
3- الفقيه 22:1 ح 67، التهذيب 49:1 ح 144، الاستبصار 55:1 ح 160.
4- الفقيه 250:2 ح 1201، التهذيب 509154:5، الاستبصار 241:3 ح 841.

و مس القرآن، للآية،(1) و هو خبر معناه النهي.

و قول النبي (صلّى اللّه عليه و آله) لحكيم بن حزام: «لا تمسّ المصحف إلاّ طاهرا»(2).

و قول الصادق (عليه السلام) لابنه إسماعيل: «لا تمسّ الكتاب» و كان على غير وضوء(3).

و ادّعى الشيخ عليه الإجماع(4) مع قوله في المبسوط يكره(5).

و يلزم ابن الجنيد الكراهية، لأنّه كره ذلك للجنب و الحائض و حدثهما أقوى.

و قد يريدان بالكراهية الحرمة.

و في منع الصبي من مسّ القرآن و ان تطهّر وجه، لعدم ارتفاع حدثه.

و وجه الجواز: إباحة الصلاة له بطهره، و لعدم التكليف في حقّه. أمّا قبل الطهارة، فالمنع أقرب.

و يكره للمحدث حمل المصحف، و مسّ خيطه(6) و تعليقه، و كتابته، لنهي أبي الحسن (عليه السلام) عن ذلك، و تلا الآية(7).

و لا يمنع من مسّ كتب الحديث، و لا الدراهم الخالية من القرآن، أو المكتوب عليها القرآن، ففي خبر محمد بن مسلم عن الباقر (عليه السلام): «اني لأوتى بالدرهم، فآخذه و إنّي لجنب» ثم ذكر ان عليه سورة من القرآن(8).ي.

ص: 265


1- سورة الواقعة: 79.
2- سنن الدار قطني 123:1، المستدرك على الصحيحين 485:3.
3- التهذيب 126:1 ح 342، الاستبصار 113:1 ح 376.
4- الخلاف 100:1 المسألة: 46.
5- المبسوط 23:1.
6- في م و نسخة من المصدر: «خطه».
7- التهذيب 127:1 ح 344، الاستبصار 113:1 ح 378.
8- المعتبر 188:1 عن جامع البزنطي.

و في خبر أبي الربيع عن الصادق (عليه السلام) في الجنب يمسّ الدراهم و فيها اسم اللّه، أو اسم رسوله، قال: «لا بأس، ربما فعلت ذلك»(1).

و إذ قلنا بذلك فالمحدث أولى، و لعلّ الوجه سلب اسم المصحف أو الكتاب عنها، أو لزوم الحرج بلزوم تجنّب ذلك.

و لا يمنع من مسّ الكتب المنسوخة، و لا ممّا نسخ تلاوته، و لا من سجود الشكر، و لا سجود التلاوة - في الأصحّ - للخبر.

و الأقرب: انّ اللمس يعمّ جميع أجزاء البدن مصيرا إلى اللغة، فلا يختص بباطن الكف.

و تكره المسافرة بالمصحف إلى أرض العدو، خوفا من نيل أيديهم.

و لا يحرم مسّ ما بين السطور من البياض، و لا الحاشية، و لا مسّ جلده، و لا صندوقه، و لا تقليب ورقه بقضيب.

الثاني: حكم الأكبر،

و هو ما ذكر في الأصغر، لقوله تعالى وَ لا جُنُباً إِلاّ عابِرِي سَبِيلٍ (2).

و قول الباقر (عليه السلام) في الطامث: «لا تحلّ لها الصلاة»(3).

و يزيد عليه: حرمة قراءة العزائم الأربع إجماعا، و اللبث في المساجد، و الجواز في المسجدين، كلّ ذلك رواه محمد بن مسلم عن الباقر (عليه السلام)(4).

و لقوله تعالى وَ لا جُنُباً إِلاّ عابِرِي سَبِيلٍ (5).

و قول النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «لا أحلّ المسجد لحائض، و لا جنب»(6). و منه يعلم تحريم الاعتكاف.

ص: 266


1- المعتبر 188:1 عن كتاب الحسن بن محبوب.
2- سورة النساء: 43.
3- الكافي 101:3 ح 4، التهذيب 159:1 ح 456.
4- التهذيب 371:1 ح 1132.
5- سورة النساء: 43.
6- التاريخ الكبير للبخاري 67:2 برقم 1710، سنن أبي داود 60:1 ح 232، السنن الكبرى 442:2.

و رواية جميل عن الصادق (عليه السلام) في الجنب يجلس في المساجد:

«لا، و لكن يمرّ فيها إلاّ المسجد الحرام و مسجد الرسول (صلّى اللّه عليه و آله)»(1).

و الصدوقان و المفيد أطلقوا المنع من دخول المساجد إلاّ اجتيازا(2)، و خبر محمد بن مسلم مخصّص غير المسجدين(3).

و وضع شيء فيها - في المشهور - لرواية عبد اللّه بن سنان عن الصادق (عليه السلام) في الجنب و الحائض: «لا يضعان في المسجد شيئا، و يجوز أخذهما منه»(4) بنصّه (عليه السلام) في هذه الرواية.

و عدّ سلار اللّبث في المساجد للجنب و الحائض و وضع شيء فيها ممّا يستحب تركه(5)، و لم يفرّق بين المسجدين و غيرهما. و ما مرّ يدفعه.

و في خبر الفضيل بن يسار عن الباقر (عليه السلام): «لا بأس أن يتلو الجنب و الحائض القرآن»(6).

و استثنى في خبر محمد بن مسلم السابق العزائم. و علل في التهذيب: بأنّه لا يجوز السجود إلاّ لطاهر من النجاسات، و حمل خبر أبي عبيدة عن الباقر (عليه السلام) في سجود الطامث إذا سمعت على الندب(7).

و يشكل: بمناقضة الندب الحرام، إلاّ أن يخصّ التحريم بالسجدة الواجبة.

و المشهور عدم تحريم السجود، لرواية أبي بصير عن الصادق (عليه5.

ص: 267


1- الكافي 50:3 ح 4، التهذيب 125:1 ح 338.
2- الفقيه 48:1، الهداية: 21، المقنعة: 6.
3- راجع ص 201 الهامش 3.
4- الكافي 51:3 ح 8، التهذيب 125:1 ح 339.
5- المراسم: 42.
6- التهذيب 128:1 ح 347، الاستبصار 114:1 ح 380.
7- التهذيب 129:1. و خبر أبي عبيدة في: الكافي 106:3 ح 3، التهذيب 129:1 ح 353، الاستبصار 115:1 ح 385.

السلام): «إذا قرئ شيء من العزائم الأربع و سمعتها، فاسجد و إن كنت على غير وضوء، و ان كنت جنبا، و ان كانت المرأة لا تصلي»(1).

و قوله (عليه السلام) في خبر عبد الرحمن في الحائض: «تقرأ، و لا تسجد»(2)يحمل على السجدات المستحبة فتؤخّر إلى الطهر، أو نهي عن السبب بلفظ المسبّب. فكأنّه قال: تقرأ القرآن إلاّ العزيمة. و ليست السجدة جزء صلاة حتى تدخل في قول النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «لا يقبل اللّه صلاة بغير طهور»(3). فالحجة على تحريم قراءة العزيمة لهما: الإجماع، و الخبر المذكور.

أمّا غير العزائم، فالصدوقان و الجعفي و المفيد و الشيخ في الخلاف - مدعيا للإجماع - على الجواز(4). و هو قول سلاّر(5) و ابن زهرة(6) و ابن إدريس(7).

و في كتابي الحديث إشعار بتحريم ما عدا السبع أو السبعين، جمعا بين الأخبار الدالة على قراءة ما شاء - كصحيح الحلبي الآتي(8) - و بين مقطوعي سماعة، الدال أحدهما على السبع و الآخر على السبعين(9) فجعل المشيّة(10) المطلقة في القرآن مخصوصة بهذا العدد.

ثم إنّه جمع بينهما أيضا بحمل الاقتصار على العدد على الندب و الباقي على الجواز(11). فعلم انّه غير جازم بالتحريم، و ليس في تأويله الثاني تصريح3.

ص: 268


1- الكافي 318:3 ح 2.
2- التهذيب 292:2 ح 1172.
3- مسند أحمد 20:2، صحيح مسلم 204:1 ح 224، سنن ابن ماجة: 100:1 ح 272، سنن الترمذي 5:1 ح 1، معرفة علوم الحديث: 129، السنن الكبرى 42:1.
4- الفقيه 28:1، المقنع: 13، الهداية 20، المقنعة: 6، الخلاف 101:1 المسألة 47.
5- المراسم: 42.
6- الغنية: 488.
7- السرائر: 21.
8- راجع الهامش: 11.
9- التهذيب 128:1 ح 350، 351، الاستبصار 114:1 ح 383.
10- (في قوله: يقرءان من القرآن ما شاءا) ه م.
11- التهذيب 128:1 ذيل الحديث 349، الاستبصار 115:1 ذيل الحديث 283.

بالكراهية، غايته انّه ترك الأفضل.

و الأقرب: الأول، لعموم قوله تعالى فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ (1).

و لصحيح الفضيل بن يسار عن الباقر (عليه السلام): «لا بأس أن تتلو الحائض و الجنب القرآن»(2).

و صحيح الحلبي عن الصادق (عليه السلام) في الحائض و الجنب و المتغوط «يقرءون ما شاءوا»(3).

و عن سلار في «الأبواب» تحريم القراءة مطلقا.

و ابن البراج: لا يجوز الزيادة على السبع(4)، لاشتهار النهي عن قراءة القرآن للجنب و الحائض في عهد النبي (صلّى اللّه عليه و آله) بين الرجال و النساء، و من ثم تخلّص عبد اللّه بن رواحة من تهمة امرأته بشعر موهما القراءة، فقالت: صدق اللّه و كذب بصري، فأخبر النبي (صلّى اللّه عليه و آله) فضحك حتى بدت نواجذه(5).

و عن علي (عليه السلام): «لم يكن يحجب النبي (صلّى اللّه عليه و آله) عن قراءة القرآن شيء سوى الجنابة»(6).

و عنه (صلّى اللّه عليه و آله): «لا يقرأ الجنب و لا الحائض شيئا من القرآن»(7).1.

ص: 269


1- سورة المزمل: 20.
2- التهذيب 128:1 ح 347، الاستبصار 114:1 ح 380.
3- التهذيب 128:1 ح 348، الاستبصار 114:1 ح 381.
4- المهذب 34:1.
5- سنن الدار قطني 34:1.
6- مسند أحمد 84:1، 124 سنن ابن ماجة 195:1 ح 594، سنن أبي داود 59:1 ح 229، سنن النسائي 144:1، مسند أبي يعلى 247:1 ح 287، سنن الدار قطني 119:1.
7- سنن ابن ماجة 95:1 ح 595، الجامع الصحيح 236:1 ح 131، سنن الدار قطني 117:1، شرح معاني الآثار 88:1.

قلنا: يحمل على الكراهية إن صحّ، جمعا بين الأخبار، و لهذا عدّه متأخّرو الأصحاب مكروها(1).

و يحرم أيضا عليهما مسّ اسم اللّه تعالى، لقول الصادق (عليه السلام):

«و لا يمسّ الجنب دينارا و لا درهما عليه اسم اللّه تعالى»(2) أو أسماء الأنبياء أو الأئمة، للتعظيم. و الصوم على ما يأتي إن شاء اللّه.

و يكره للجنب الأكل و الشرب ما لم يتمضمض و يستنشق في المشهور.

و في خبر زرارة عن الباقر (عليه السلام): «غسل اليد و المضمضة و غسل الوجه للأكل»(3).

و عنه (عليه السلام): «لم يأكل و لم يشرب حتى يتوضأ»(4). فاقتصر في المعتبر على غسل يده و المضمضة(5).

و النوم ما لم يتوضأ، و هو مروي عن النبي (صلّى اللّه عليه و آله) من غير طرقنا(6).

و رويناه عن الصادق (عليه السلام)(7) و يعارضه حديثان بالنوم بغير وضوء(8)، فحمل على الندب.

هذا حكم الأكبر بقول مطلق،

و أمّا حكم الحائض و النفساء
ففيه مسائل:
اشارة

ص: 270


1- المعتبر 90:1.
2- التهذيب 31:1 ح 82، الاستبصار 113:1 ح 374.
3- الكافي 50:3 ح 1، التهذيب 129:1 ح 354، باختلاف في الألفاظ.
4- الفقيه 47:1 ح 181.
5- المعتبر 191:1.
6- الموطأ 47:1 ح 76، صحيح البخاري 80:1، صحيح مسلم 249:1 ح 306، سنن ابن ماجة 193:1 ح 585، سنن أبي داود 57:1 ح 221، الجامع الصحيح 206:1 ح 120، سنن النسائي 14:1.
7- الفقيه 47:1 ح 179.
8- الفقيه 47:1 ح 180، التهذيب 369:1 ح 1126.
الأولى: يحرم منها موضع الدم - إجماعا،

و للآية(1) - لا غيره، لقول النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «افعلوا كلّ شيء إلاّ الجماع»(2).

و لإباحة الصادق (عليه السلام): «كلّ شيء عدا القبل»(3).

و حرّم المرتضى الاستمتاع إلاّ بما فوق المئزر(4)، لقول الصادق (عليه السلام): «تتزر الى الركبتين و تخرج سرّتها، ثم له ما فوق الإزار»(5) و هو من مفهوم الاسم، و غايته انّه ليس له، و المكروه يصدق عليه ذلك و نحن نقول به جمعا بين الأخبار، و لقول النبي: «من يرتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه»(6).

و تجب الكفارة بالتعمّد و العلم في قول الأكثر، و نقل الشيخ فيه الإجماع(7)، لمقطوع محمد بن مسلم(8) و خبرين عن الصادق (عليه السلام)(9) و العمدة الشهرة. و العدم أصحّ إسنادا، و عليه النهاية و الفاضلان، و حملوا تلك الأخبار على الاستحباب جمعا(10).

و أمّا التفصيل بالمضطرّ و غيره، أو الشاب و غيره - كما قاله الراوندي(11) - فلا عبرة به.

ص: 271


1- سورة البقرة: 222.
2- مسند أحمد 132:3، صحيح مسلم 246:1 ح 302، سنن ابن ماجة 211:1 ح 644، سنن أبي داود 67:1 ح 258، السنن الكبرى 313:1.
3- الكافي 538:5 ح 1، التهذيب 154:1 ح 437، الاستبصار 128:1 ح 438.
4- المعتبر 224:1، مختلف الشيعة: 35.
5- الفقيه 54:1 ح 204، التهذيب 154:1 ح 439، الاستبصار 129:1 ح 442.
6- مسند أحمد 270:4، صحيح البخاري 70:3، صحيح مسلم 1219:3 ح 1599، سنن ابن ماجة 1319:2 ح 3984، سنن أبي داود 243:3 ح 3329، الجامع الصحيح 511:3 ح 1205.
7- الخلاف 226:1 المسألة: 194.
8- التهذيب 163:1 ح 467، الاستبصار 133:1 ح 455.
9- التهذيب 163:1 ح 468، 469، الاستبصار 133:1 ح 456، 457.
10- النهاية: 26، المعتبر 224:1، مختلف الشيعة: 35.
11- فقه القرآن 54:1.

و قدرها دينار أو نصفه أو ربعه، بحسب أول الحيض و وسطه و آخره، لخبر داود عن الصادق (عليه السلام) - و عدّه المرتضى إجماعا(1) - و فيه مع العجز الصدقة على مسكين واحد و إلاّ استغفر اللّه(2). و هو و إن كان في سنده إرسال إلاّ أنّ الشهرة تؤيّده.

و الصدوق في المقنع: الكفارة ما يشبع مسكينا(3) لخبر الحلبي عنه (عليه السلام)(4).

و أمته، ثلاثة أمداد طعام، ذكره الصدوق و الشيخ في النهاية(5).

أمّا وطؤها بعد الطهر قبل الغسل، فالأشهر جوازه و إن كره، للآية(6). و فيها دلالة من لفظ المحيض و من الغاية، و قراءة التشديد لا تنافيه، لأنّ تفعل تجيء بمعنى: فعل، كالمتكبر في أسماء اللّه تعالى، و يقال: تطعمت الطعام، بمعنى:

طعمته.

و الجواز مروي عن الصادق و الكاظم (عليهما السلام)(7).

و لتغسل فرجها ندبا، لقول الباقر (عليه السلام) في الشبق(8).

و خبر أبي بصير و سعيد بن يسار بالمنع عن الصادق (عليه السلام)(9) يحمل على الكراهية توفيقا.

و لو قلنا بالوجوب و تعذّر الماء، فالتيمم، لخبر أبي عبيدة عن الصادق (عليه6.

ص: 272


1- الانتصار: 33.
2- التهذيب 164:1 ح 471، الاستبصار 134:1 ح 459.
3- المقنع: 16.
4- الفقيه 53:1 ح 200، التهذيب 163:1 ح 469، الاستبصار 133:1 ح 457.
5- المقنع: 16، الفقيه 53:1، النهاية: 571.
6- سورة البقرة: 222.
7- التهذيب 166:1 ح 476، 481، الاستبصار 135:1 ح 464، 468.
8- الكافي 539:5 ح 1، التهذيب 166:1 ح 477، الاستبصار 135:1 ح 463.
9- التهذيب 166:1 ح 478، 479، الاستبصار: 136 ح 465، 466.

السلام)(1).

الثانية: يحرم طلاقها مع الدخول،

و الحضور أو حكمه، و عدم الحمل إجماعا. و لا يقع اتفاقا منّا، للأخبار، و لردّ النبي (صلّى اللّه عليه و آله) امرأة ابن عمر لما طلّقت في الحيض و لم يره شيئا(2).

الثالثة: لا يرتفع حدثها لو تطهّرت،

للمانع، و خبر الكاهلي(3).

و إذا انقطع وجب الغسل إجماعا، لوجوب ما هو مشترط به، و هو الصلاة و الطواف بإجماعنا، لقول النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «امكثي مقدار ما كانت تجيئك حيضتك، ثم اغتسلي و صلّي»(4).

و عن الباقر (عليه السلام): «و إن لم تر شيئا فلتغتسل»(5) و فيه دلالة على أنّ وجوب الغسل بالانقطاع.

و لقول النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «و إذا أدبرت فاغتسلي»(6).

و يمكن أن يجب بالدم عند الانقطاع لاستباحة الصلاة مثلا، كما انّ البول و المني يوجبان الوضوء و الغسل بالخروج عند القيام إلى الصلاة.

اما الصوم، فنصّ ابن أبي عقيل على فساد الصوم بترك غسل الحيض و النفاس(7)، لخبر أبي بصير عن الصادق (عليه السلام): «إن طهرت من حيضها،

ص: 273


1- الكافي 82:3 ح 3، التهذيب 400:1 ح 1250.
2- المصنف لعبد الرزاق 308:6 ح 10952، صحيح البخاري 52:7، صحيح مسلم 1093:2 ح 1471، سنن أبي داود 255:2 ح 2179، الجامع الصحيح 478:3 ح 1175، سنن النسائي 138:6.
3- الكافي 83:3 ح 1، التهذيب 395:1 ح 1224.
4- مسند أحمد 222:6، صحيح مسلم 246:1 ح 334، سنن أبي داود 72:1 ح 279، سنن النسائي 119:1، السنن الكبرى 330:1، و في الجميع: «تحبسك» بدل «تجيئك».
5- الكافي 80:3 ح 2، التهذيب 161:1 ح 460.
6- الكافي 83:3 ح 1، التهذيب 381:1 ح 1183، صحيح البخاري 84:1، صحيح مسلم 262:1 ح 333، سنن أبي داود 74:1 ح 282، السنن الكبرى 33:1.
7- مختلف الشيعة: 220.

ثم توانت أن تغتسل حتى أصبحت، عليها قضاء ذلك اليوم»(1).

و قرّبه الفاضل، حتى أوجب في المختلف الكفارة(2).

و تردّد في المعتبر، لضعف سند الرواية(3).

الرابعة: لو حاضت بعد إمكان الأداء قضت،

لخبر أبي عبيدة عن الصادق (عليه السلام)(4).

و لو طهرت و بقي قدر الطهارة و ركعة أدّت، و إلاّ قضت مع الإهمال، للخبر عن الباقر و الصادق (عليهما السلام)(5).

و في التهذيب: إنّما يجب قضاء الظهر لو طهرت قبل مضي أربعة أقدام(6)