500 سؤال حول الإمام المهدي عجل الله تعالی فرجه الشریف

اشارة

500 سؤال حول الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه الشریف)

تأليف الشيخ ماجد ناصر الزبيدي

دارالمحجة البيضاء

دار الرسوال الاکرم (صلی الله علیه و اله و سلم)

خیراندیش دیجیتالی : انجمن مددکاری امام زمان (عج) اصفهان

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

جمیع الحقوق محفوظة

الطبعة الأول 1425ه - 2004م

..........

حارة حريك - شارع الشيخ راغب حرب - قرب نادي السلطان

-------

ص.ب. 5479 / 14- هاتف، 03/287179 - تلفاکس: 01/552847

E-mail:almahajja@terra.net.Ib

www.daralmahaja.com

info@daralmahaja.com

ص: 4

الأهداء

الی الإمام ابن الإمام.....

الی صاحب الزمان....

الی ابن الحسين (عليه السلام) ....

الی والدی ناصر حسین الزبيري... شهید الانتفاضة الشعبانية

أهدي عملي هذا سائلين الله أن يوفقنا وإیاکم و یهدينا على الصراط المستقیم...

المؤلف

ص: 5

ص: 6

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين....

أما بعد قال تعالى في محكم كتابه الكريم: «وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ »...

في بداية الأمر يجب علينا معرفة قول الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): «مَنْ لَمْ یَعْرِفْ إِمَامَ زَمَانِهِ مَاتَ مِیتَهً جَاهِلِیَّهً» ....

إذن فمن يكون هذا الإمام الذي يجب معرفته ....؟

ص: 7

ولو بحثنا عن معنى الإمام وصفات الإمام لوجدناها صفات لا يستطيع أي شخص أن يحصل عليها لأن الله يعلم أين يضع رسالته... يضعها في شخص قادر على تحمل الأذى من أجل الإسلام، مقدماً للمصلحة العامة على الخاصة معصوماً، حامل لكتاب الله ومفسر له وغير ذلك من الصفات التي يمكننا معرفتها من سيرة أئمة أهل البيت (عليهم السلام).

إذن ليس كل فرد يستطيع أن يدعي أو أن يكون إماماً...

لعل قائل يقول: هل يمكننا أن نستغني عن الإمام أم لا؟.

فيكون الجواب بالطبع لا، لأن الإمام وارث النبي وحامل لرسالته ولو انتفى وجود الإمام (عليه السلام) لما استطعنا أن نعبد الله حق عبادته ولا يمكننا معرفة رسالة النبي بعد عدد من سنين وأن عرفناها فبعضها يصلنا فقط والبعض الآخر متغير حسب المصالح الشخصية.

ولعل قائل يقول: أن كان الأمر هكذا فما الفائدة من غيبة الإمام المهدي (عليه السلام)، فإن وجوده كعدمه؟

يكون الجواب كالآتي: أعلم أن الإمام يعيش بيننا ويعيش

ص: 8

مآسينا وينير طريق علمائنا حسب أطروحة (خفاء العنوان) سيأتي ذكرها إن شاء الله، فالإمام (عليه السلام) يعيش بيننا بشخصية ثانية يعرفنا ويرانا لكننا لا يمكننا معرفته، لذا أكثر الناس عند ظهوره (عليه السلام) يقولون إننا رأينا هذا الشخص وبعضهم يقول هذا فلان... وهكذا.

أما إذا كان مختفياً - لو فرضنا - فهو ليس بمعدوم كما صيغ السؤال، فالإمام المهدي (عليه السلام) يظهر لنا أو لغيرنا عند الحاجة الماسة، وقد سمعنا الكثير من الكرامات واللقاءات التي حدثت لكثير من الأشخاص الممحصين الولائيين وفقهم الله.

لذا فالإمام (عليه السلام) بيننا ومعنا لكنه مختفي عنا لا نراه ويرانا لا نعرفه ويعرفنا....

وهناك بعض المشككين ببقاء الإمام المهدي (عليه السلام) وهم يعلمون أن هذا البقاء قد جرى على غيره في السماء والأرض.. فهو جاري على عيسى والخضر (عليهما السلام) فما المانع بأن يجري على الإمام المهدي (عليه السلام) وهو

ص: 9

أصغر منهم سناً بمئات السنين.

ومن أراد أكثر توضيحاً فليراجع كتابنا (قصص المعمرين)...

وأخيراً ارتأيت أن أذكر مجموعة من الأسئلة التي تدور فی أذهان العوام العامة والخاصة وبالأخص الخاصة . حول الإمام المهدي (عليه السلام) . سائلين الله تعالى أن يوفقنا ويسددنا إلى الصواب وهو الحميد المجيد... والحمد لله رب العالمين....

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي 4 / جمادى الثاني / 1425 ه

ص: 10

أسئلة حول الإمام ووالدته و (عليهما السلام)

اشارة

س1 : من هو الإمام المهدي (عليه السلام) ؟

الجواب : هو محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي السجاد بن الحسين الشهيد بن الإمام علي بن أبي طالب (عليهم السلام).

س 2 : من هي أم الإمام المهدي ( عليه السلام ) ؟

الجواب : هي مليكة بن يشوما بن قيصر ملك الروم ، وأمها من ولد الحواريين تنسب إلى وصي المسيح شمعون بن ممون بن الصفا ، وسميت نفسها نرجس (عليها السلام) .

س3 : كيف التقت بالإمام العسكري (عليه السلام) ؟

الجواب : بعث الإمام الهادي (عليه السلام) بشر بن سليمان

ص: 11

النحاس ، وهو من ولد أبي أيوب الأنصاري أحد مواليه ، وكان جار الإمام أيضاً بعد أن أعطاه كتاباً لطيفاً بخط رومي ولفه رومية ، وطبع عليه خاتمه ، وأخرج له شقة صفراء فيها مئتان وعشرون دیناراً، فقال : خذها وتوجه بها إلى بغداد ، وأحضر معبر الفرات ضحوة يوم كذا ، فإذا أوصلت إلى جانبك زواريق السبايا وتری الجواري فيها ، ستجد طوائف المبتاعين من وكلاء قواد بين العباس وشرذمة من فتيان العرب، فإذا رأيت ذلك فأشرف من البعد على المسمى عمر بن يزيد النحاس عامة نهارك . إلى أن تبرز للمبتاعين جارية صفتها كذا وكذا ، لابسة حريرين صفيقين ، تمتنع من العرض ولمس المبتاعين ، والانقياد لمن يحاول لمسها ، وتسمع صرخة رومية من وراء ستر رقيق ، فاعلم أنها تقول : واهتك ستراه ، فيقول بعض المبتاعين : علي ثلاثمئة دينار، فقد زادني العفاف فيها رغبة ، فتقول لها بالعربية : لو برزت في زي سليمان بن داود ، وعلى شبه ملکه ما بدت لي فيك رغبة ، فأشفق على مالك ، فيقول النحاس : فما الحيلة ولا بد من بيعك ؟ فتقول الجارية : وما العجلة ولا بد من اختيار مبتاع يسكن قلبي إليه ، وإلى وفائه وأمانته ؟ فعند ذلك قم إلى عمر بن يزيد النحاس وقل له : إن معي كتاباً ملطفاً لبعض الاشراف كتبه بلغة رومية وخط روميّ ، ووصف فيه كرمه ووفاءه ونبله وسخاءه ، فناولها إياه لتتأمل منه أخلاق صاحبه ، فإن مالت إليه ورضيته فأنا وكيله في ابتياعها منك .

ص: 12

قال : بشر بن سليمان : فامتثلت جميع ما حده لي مولاي أبو الحسن (عليه السلام) في أمر الجارية ، فلما نظرت في الكتاب بكت بكاءً شديداً وقالت لعمر بن يزيد : بعني من صاحب هذا الكتاب ، وحلفت بالمحرجة والمغلظة (من الايمان ) أنه إذا امتنع من بيعها منه قتلت نفسها ، فما زلت أشاحه في ثمنها حتى استقر الأمر فيه على مقدار ما كان أصحبنيه مولاي (عليه السلام) من الدنانير، فاستوفاه ، وتسلمت الجارية ضاحكة مستبشرة وانصرفت بها ...

س4: كيف أصبحت أم الإمام (عليه السلام) جارية ووقعت في الأسر؟

الجواب : روي عن بشر بن سليمان ، قال ، سألتها ، كيف وقعت في الأساری ؟

فقالت : أخبرني أبو محمد (عليه السلام) في ليلة من الليالي-في الرؤية- قال : إن جدك سيسير جيشاً إلى قتال المسلمين يوم كذا وكذا ، ثم يتبعهم ، فعليك باللحاق بهم متنكرة في زي الخدم مع عدة من الوصائف ، من طريق كذا ، ففعلت ذلك ، فوقفت علينا طلائع المسلمين حتى كان من أمري ما رأيت وما شاهدت ، وما شعر بأني ابنة ملك الروم إلى هذه الغاية أحد سواك ، وذلك باطلاعي إياك عليه ، ولقد سألني الشيخ الذي وقعت إليه في سهم الغنيمة عن اسمي فأنكرت وقلت : نرجس ، فقال اسم الجواري.

ص: 13

س 5: هل كانت تتكلم العربية ؟

الجواب : نعم ، وذلك لولوع جدها وحمله إياها على تعلم الأداب ، فقد كانت هنالك امرأة ترجمانة لقيصر في الاختلاف أوعز إليها - إلى أم الإمام (عليه السلام) ، فكانت تقصدها صباحاً ومساءاً وتفيدها العربية حتى استقر لسانها عليها واستقام.

س6 : متى ولد الإمام المهدي (عليه السلام) ؟ وأين كانت ولادته ؟

الجواب : قال العلامة المجلسي (ره) في (جلاء العيون) : الأشهر في تاريخ ولادة صاحب العصر صلوات الله عليه أنها كانت في السنة الخامسة والخمسين والمئتين من الهجرة ، والمشهور أن يوم ولادته كان يوم الجمعة الخامس عشر من الشعبان.

وكانت ولادته بسر من رأي - سامراء حالياً - بالاتفاق.

س7 : ما كانت كنيته ؟ وهل يجوز ذكر اسمه في زمن الغيبة ؟

الجواب : اسمه وكنيته اسم رسول الله (صل الله عليه وآله وسلم) وكنيته، لا يجوز ذكر اسمه زمن غيبته ، والحكمة في ذلك مجهولة.

ص: 14

س8 : ما هي أسماءه وألقابه وكناه ؟

الجواب : اسماؤه وألقابه (عليه السلام) كثيرة فقد ذكر الشيخ المرحوم ثقة الإسلام النوري (ره) في (النجم الثاقب) مئة واثنين وثمانين اسماً له (عليه السلام) ونذكر هنا بعضاً منها....

1- بقية الله.

2 - الحجة.

3- الخلف أو الخلف الصالح.

4 - الشريد.

5 - الغريم.

6- القائم.

7- مُ حَ مَّ د.

8- المهدي.

9 - المنتظر.

10 - الماء المعين.

س9: لماذا لقب ب(بقية الله ) ؟

الجواب : بقية الله ، حسب هذه الرواية ؛ - روي أنه إذا خرج (عليه السلام) أسند ظهره إلى الكعبة ، واجتمع إليه ثلاثمئة وثلاثة عشر رجلاً ، وأول ما ينطق به هذه الآية : «بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيرٌ لَّكُمْ اِن كُنتُمْ مُؤمِنِينَ» ثم يقول: أنا بقية الله وحجته وخليفته عليكم ، فلا

ص: 15

يسلم عليه مسلم إلا قال : السلام عليك يا بقية الله في أرضه.

س 10: لماذا لقب بالحجة ؟ بحيث يعتبر من ألقابه الشائعة (عليه السلام) إذ يذكر به في كثير من الأدعية والأخبار، وقد ذكره أكثر المحدثين مع أن سائر الأئمة (عليهم السلام) هم حجج الله على الخلق فيعتبرون شركاء في هذا اللقب ، غير أن اختصاصه به (عليه السلام) مبعثه أنه أينما جاءت قرينة أو شاهد فالمراد به هو (عليه السلام).

الجواب : قال البعض إن لقبه حجة الله بمعنى غلبة الله وتسلطه على الخلائق ، وذلك أن كلا الأمرين سيتحققان بواسطة ظهوره (عليه السلام) ، ونقش خاتمه « أنا حجة الله» .

س 11 : لماذا لقب بالخلف ، أو الخلف الصالح ؟

الجواب : قد تكرر ذكره بهذا اللقب على ألسنة الأئمة ( عليهم السلام) ، والمراد بالخلف الخليفة، فهو (عليه السلام) خلف لجميع الأنبياء والأوصياء السالفين ، وعنده جميع علومهم وصفاتهم وخصائصهم ، والمواريث الإلهية التي تنتقل من واحد إلى الآخر ، وكلها مجموعة عنده.

وجاء في حديث اللوح المعروف الذي رآه جابر عند الزهراء (عليها

ص: 16

السلام) ، بعد ذكر العسكري (عليه السلام) : وإذ ذاك أكمل هذا بابن أو خلف يكون رحمة لجميع العالمين ، عليه كمال صفوة آدم ، ورقة ادريس ، وسكينة نوح ، وحليم إبراهيم ، وشدة موسى ، وبهاء عيسى، وصبر أيوب .

س 12: لماذا لقب بالشريد ؟

الجواب : أقول تكرر ورود هذا اللقب على ألسنة الأئمة (عليهم السلام)، وخاصة على لسان أمير المؤمنين والباقر (عليهما السلام) والشريد بمعنى الطريد ، أي المطرود من هذا الخلق الضال ، الذي لا هم عرفوه ، ولا هم عرفوا قدر نعمة وجوده ، ولا هم أقبلوا على أداء حقه وأداء واجب شكره ، بل إنهم بعد أن يئس أوائلهم من التسلط عليه وقتله وقمع الذرية الطاهرة أقبل الخلف منهم على نفيه وطرده من القلوب مستخدمين اللسان والقلم في هذا الصدد ، وها هو (عليه السلام) يقول لإبراهيم بن علي بن مهزيار :

« إِنَّ أَبِی صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ عَهِدَ إِلَیَّ أَنْ لَا أُوَطِّنَ مِنَ الْأَرْضِ إِلَّا أَخْفَاهَا وَأَقْصَاهَا إِسْرَاراً لِأَمْرِی، وَتَحْصِیناً لِمَحَلِّی مِنْ مَکَایِدِ أَهْلِ الضَّلَالِ» إلى أن قال: قال أبي صلوات الله عليه : «فَعَلَیْکَ یَا بُنَیَّ! بِلُزُومِ خَوَافِی الْأَرْضِ وَتَتَبُّعِ أَقَاصِیهَا، فَإِنَّ لِکُلِّ وَلِیٍّ مِنْ أَوْلِیَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عُدُّواً مُقَارِعاً وَضِدّاً مُنَازِعاً».

ص: 17

س13 : لماذا لقب بالغريم ؟ وهل هو مدين أم دائن ؟

الجواب : أقول من الألقاب الخاصة به (عليه السلام)، ومن الشائع في الأخبار إطلاقه عليه ،والغريم : تعني الدائن ، وتعني المدين أيضاً ، والظاهر انها هنا على المعنى الأول ، وهذا اللقب كقولهم : الغلام ، إذا أريد الإشارة إليه (عليه السلام) من باب التقية فكان الشيعة إذا أرادوا إرسال مال إليه أو إلى وكلائه ، أو أرادوا أن يوصوا ، أو أن يطالبوه بشيء دعوه بهذا اللقب ، وكان (عليه السلام) دائناً لغالب أرباب الزراعة والصناعة والتجارة والعرف.

وقال العلامة المجلسي (ره) : يمكن أن يكون الغريم بمعنى المدين ، فتكون تسميته (عليه السلام) بهذا الاسم تشبيهاً له بشخص مدين قد أخفى نفسه عن الناس بسبب ديونه ، أو أن الناس كانوا يطلبونه (عليه السلام) ليأخذوا عنه العلوم والشرائع فيفر منهم بسبب التقية ، فهو إذاً غريم مستتر، صلوات الله عليه.

س14 : لماذا سمي ( عليه السلام) ب (القائم)؟

الجواب : في بداية الأمر يجب ان نقول القائم بأمر الله ، وقيل سمي بالقائم بأمر الله ذلك أنه (عليه السلام) لا يزال ليل نهار يترقب أمر الله عز وجل ليظهر بمحض الإشارة .

وقد روي أنه (عليه السلام) سمي بالقائم لأنه سيقوم بالحق ، وجاء عن الصقر بن أبي ولف أنه قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي

ص: 18

الرضا (عليهما السلام) : ولم سمي القائم ؟ قال : لأنه يقوم بعد موت ذكره ، وارتداد أكثر القائلين بإمامته .

وعن أبي حمزة الثمالي أنه قال : سالت الباقر صلوات الله عليه: يا بن رسول الله ، ألستم كلكم قائمين بالحق ؟ قال : بلى : قلت : فلم سمي القائم قائماً؟، قال : لما قتل جدي الحسين صلى الله عليه ضجت الملائكة إلى الله عز وجل بالبكاء والنحيب ، وقالوا : إلهنا وسيدنا ، أتغفل عمن قتلوا صفوتك وابن صفوتك ، وخيرتك من خلقك ؟! فأوحى الله عز وجل إليهم : قروا ملائكتي ، فو عزتي وجلالي لأنتقمن منهم ولو بعد حين ، ثم كشف الله عز وجل عن الأئمة من ولد الحسين (عليه السلام) للملائكة ، فسرت الملائكة بذلك ، فإذا أحدهم قائم يصلي ، فقال عز وجل : بذلك القائم انتقم منهم.

س15 : لماذا لقب (عليه السلام) ب (المنتظر)؟

الجواب : لأن الخلائق كافة تنتظر مقدمة المبارك.

س16 : ماذا يعني لقب ( الماء المعين )؟

الجواب : أقول: تعني الماء المعين الظاهر الجاري على الأرض ، وقد روي في (كمال الدين) و (غيبة الشيخ) عن الباقر (عليه السلام) أنه قال في الآية الكريمة : «قُلْ أَرَأَیْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُکُمْ غَوْرًا فَمَن

ص: 19

یَأْتِیکُم بِمَاءٍ مَّعِینٍ» ، إنها نزلت في القائم ، فيقول : إن اصبح أمامكم غائباً عنكم لا تدرون این هو، فمن يأتيكم بإمام ظاهر يأتيكم بأخبار السماء والأرض ، وحلال الله جل وعز وحرامه ؟

ثم قال : والله ما جاء تأويل الآية ، ولا بد أن يجيء تأويلها .

وجاء ما يقرب من هذا المضمون في عدة أخبار أخرى هنا وفي (غيبة النعمائي ) و (تأويل الآيات ) ، ووجه تشبيه بالماء هو أنه سبب حياة كل شيء ظاهر ، بل إن تلك الحياة التي جاءت بسبب ذلك الوجود العظيم وتجيء بمراتب أعلى وأتم وأشد وأكثر دواماً من الحياة المستمدة من الماء ، بل إن حياة الماء نفسه إنما هي منه .

س 17: ما هي شمائله (عليه السلام) ؟

الجواب : روي أنه أشبه الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الخلق والخلق ، وشمائله (صلى الله عليه وآله وسلم ) من المرويات أنه أبيض مشرب حمرة ، حنطي تشوبه صفرة من قيام الليل ، أجلى الجبهة أبيضها، متصل ما بين الحاجبين ، أقنى الأنف ، حسن الوجه ، ونور وجهه يعلو سواد لحيته ورأسه ، سهل الوجه ، على خده الايمن خال كأنه نجم يتلألأ ، وعلى رأسه فرق بين وفرتين كأنه ألف بين واوین، مفلج الثنايا ، أسود العينين أكحلهما ، في رأسه علامة ، عريض المنكبين وفي بطنه وساقه أشبه بجده أمير المؤمنين (عليه السلام).

ص: 20

وجاء في وصفه (عليه السلام):

المهدي طاووس أهل الجنة ، وجهه كالقمر الدري ، عليه جلابيب النور ، عليه جيوب النور تتوقد بشعاع ضياء القدس ، وهو كأقحوانة أرجوان قد تكاثف عليها الندى ، وأصابها ألم الهوى ، وهو كغصن بان أو قضيب ريحان ، ليس بالطويل ولا بالقصر اللازق ، بل مربوع القامة مدور الهامة ،على خده الأيمن خال كأنه فتات مسك على رضراضة عنبر، له سمت ما رأت العيون أقصد منه صلى الله عليه وآله وسلم وعلى آبائه الطاهرين .

س18 : هل يعتبر هو خاتم الأوصياء ؟

الجواب: نعم هو خاتم الأوصياء ، حتى روي أن له في ظهره علامة تشبه العلامة في ظهر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والتي يقال لها ختم النبوة ، ولعل علامته (عليه السلام) إشارة إلى ختم الوصاية .

س19: ما السبب في استخدام المعجزة في ولادة الإمام المهدي (عليه السلام) ؟

الجواب : بسبب ضغط السلطات الحاكمة آنذاك ، ويكون لوجود الفرد المطارد آثراً مهم في تحقق الهدف الإلهي ، ولم يمكن حفظه من السلطات بطريق طبيعي ، إذن يتعين بطريق إعجازي ... توصلاً إلى

ص: 21

الهدف الكبير وهو هداية البشرية في مستقبل الدهر.

س 20: ما هو السبب في جعل توقيت الولادة فجراً .. لماذا لا تكون نهاراً أو ليلا؟

الجواب : لا يخفى إن ما في التوقيت في الفجر، من أهمية خاصة في زيادة الحذر والخفاء ، فإن هذه العائلة كانت في ذلك الوقت في يقظة(1)، وكل من يتولى السلطة والتجسس يغط في نوم عميق في ذلك الوقت .

س 21: إذا كان المهدي يعبر عن إنسان حي ، عاصر هذه الأجيال المتعاقبة منذ أكثر من عشرة قرون ، وسيظل يعاصر امتداداتها إلى إن يظهر على الساحة ، فكيف تأتى لهذا الإنسان أن يعيش هذا العمر الطويل وينجو من قوانين الطبيعة التي تفرض على كل إنسان إن يمر بمرحلة الشيخوخة والهرم ، في وقت سابق على ذلك جداً وتؤدي به تلك المرحلة طبيعياً إلى الموت ، أو ليس ذلك مستحيلاً من الناحية الواقعية ؟

الجواب : يمكن صياغة السؤال بكلمة أخرى وهي هل بالامكان

ص: 22


1- أي عائلة الإمام لأنها قائمة ليلاً صائمة نهاراً.

أن يعيش الإنسان قروناً كثيرة... وكلمة الإمكان هنا تعني أحد ثلاثة معانٍ : الإمكان العملي ، والإمكان العلمي ، والإمكان المنطقي أو الفلسفي .

والإمكان العملي هو أن يكون الشيء ممكناً على نحو يتاح لي أو لك ، أو لإنسان آخر فعلاً إن يحققه ، فالسفر عبر المحيط ، والوصول إلى قاع البحر ، والصعود إلى القمر ، أشياء أصبح لها إمكان عملي فعلاً . فهناك من يمارس هذه الأشياء فعلاً بشكل وآخر.

أما الإمكان العلمي هو أن هناك أشياء قد لا يكون بالإمكان عملياً لي أو لك ، أن نمارسها فعلاً بوسائل المدنية المعاصرة ، ولكن لا يوجد لدى العلم ولا تشير اتجاهاته المتحركة إلى ما يبرر رفض هذه الأشياء ووقوعها وفقاً لظروف ووسائل خاصة ، فصعود الأشياء ووقوعها وفقاً لظروف ووسائل خاصة ، فصعود الإنسان إلى كوكب الزهرة لا يوجد في العلم ما يرفض وقوعه ، بل إن اتجاهاته القائمة فعلاً تشير إلى ذلك وان لم يكن الصعود فعلاً ميسوراً لي أو لك ، لأن الفارق بين الصعود إلى الزهرة والصعود إلى القمر ليس الا فارق درجة، ولا يمثل الصعود إلى الزهرة الا مرحلة تذليل الصعاب الإضافية التي تنشأ من كون المسافة ابعد ، فالصعود إلى الزهرة ممكناً علمياً وان لم يكن ممكناً عملياً فعلاً . وعلى العكس من ذلك الصعود إلى قرص الشمس في كبد السماء فإنه غير ممكن علمياً، بمعنى إن العلم لا أمل له في وقوع ذلك اذ لا يتصور علمياً وتجريبياً

ص: 23

امكانية صنع ذلك الدرع الواقي من الاحتراق بحرارة الشمس ، التي تمثل أتوناً هائلاً مستعراً بأعلى درجة تخطر على بال إنسان ، أما الإمكان المنطقي أو الفلسفي أنه لا يوجد لدى العقل وفق ما يدرکه من قوانين قبلية - أي سابقة على التجربة - ما يبرر رفض الشيء والحكم باستحالته .

فوجود ثلاث برتقالات تنقسم بالتساوي وبدون كسر إلى نصفين ليس له منطقي ، لأن العقل يدرك - قبل أن يمارس أي تجربة - إن الثلاثة عدد فردي وليس زوجاً، فلا يمكن إن تنقسم بالتساوي لأن انقسامها بالتساوي يعني كونها زوجاً فتكون فرداً وزوجاً في وقت واحد وهذا تناقض ، والتناقض مستحيل منطقياً، ولكن دخول الإنسان في النار دون إن يحترق وصعوده للشمس دون أن تحرقه الشمس بحرارتها ليس مستحيلاً من الناحية المنطقية إذ لا تناقض في افتراض إن الحرارة لا تتسرب من الجسم الأكثر حرارة إلى الجسم الأقل حرارة، وانما هو مخالف للتجربة التي أثبتت تسرب الحرارة من الجسم الأكثر حرارة إلى الجسم الأقل حرارة إلى أن يتساوى الجسمان الحرارة .

وهكذا نعرف إن الإمكان المنطقي أوسع دائرة من الإمكان العلمي، وهذا أوسع دائرة من الإمكان العملي، ولا شك في أن امتداد عمر الإنسان آلاف السنين ممكن منطقياً، لأن ذلك ليس مستحيلاً من وجهة نظر عقلية تجريدية ، ولا يوجد في افتراض من هذا القبيل أي

ص: 24

تناقض ، لأن الحياة كمفهوم لا تستبطن الموت السريع ولا نقاش في ذلك.

كما لا شك أيضاً ولا نقاش في إن هذا العمر الطويل ليس ممكناً إمكاناً عملياً على نحو الإمكانات العملية للنزول إلى قاع البحر أو الصعود إلى القمر، وذلك لأن العلم بوسائله وأدواته الحاضرة فعلاً ، والمتاحة من خلال التجربة البشرية المعاصرة ، لا تستطيع أن تمدد عمر الإنسان مئات السنين ، ولهذا نجد أن اكثر الناس حرصاً على الحياة وقدرة على تسخير إمكانات العلم، لا يتاح لها من العمر الا بقدر ما هو مألوف. وأما الإمكان العلمي فلا يوجد علمياً اليوم ما يبرر رفض ذلك من الناحية النظرية . وهذا بحث يتصل في الحقيقة بنوعية التفسير الفسلجي لظاهرة الشيخوخة والهرم لدى الإنسان ، فهل تعبر هذه الظاهرة من قانون طبيعي يفرض على أنسجة جسم الإنسان وخلاياه بعد إن تبلغ قمة نموها أن تتصلب بالتدريج وتصحب اقل كفاءة للاستمرار في العمل ، إلى إن تتعطل في لحظة معينة ، حتى لو عزلناها عن تأثير أي عامل خارجي ، أو إن هذا التصلب وهذا التناقض في كفاءة الأنسجة والخلايا الجسيمة ، للقيام بأدوارها الفسيولوجية نتيجة صراع مع عوامل خارجية كالميكروبات أو التسمم الذي يتسرب إلى الجسم من خلال ما يتناوله من غذاء مكثف ، أو ما يقوم به من عمل مكثف أو أي عامل آخر؟

وهذا سؤال يطرحه العلم اليوم على نفسه ، وهو جاد في الإجابة

ص: 25

عليه ، ولا يزال للسؤال اكثر من جواب على الصعيد العلمي . فإذا أخذنا بوجهة النظر العلمية التي تتجه إلى تفسير الشيخوخة والضعف الهرمي بوصفة نتيجة صراع واحتكاك مع مؤثرات خارجية معينة فهذا يعني إن بالإمكان نظرياً إذا عزلت الأنسجة التي يتكون منها جسم الإنسان عن تلك المؤثرات المعينة أن تمتد بها الحياة وتتجاوز ظاهرة الشيخوخة وتتغلب عليها نهائیاً.

وإذا أخذنا بوجهة النظر الأخرى التي تميل إلى افتراض الشيخوخة قانوناً طبيعياً للخلايا والأنسجة الحية نفسها بمعنى أنها تحمل في أحشائها بذرة فنائها المحتوم ، مروراً بمرحلة الهرم والشيخوخة وانتهاء بالموت .

أقول : إذا أخذنا بوجهة النظر هذه فليس معنى هذا عدم افتراض أي مرونة في هذا القانون الطبيعي بل هو على افتراض وجوده قانون مرن ، لأننا نجد في حياتنا الاعتيادية ولأن العلماء يشاهدون في مختبراتهم العلمية إن الشيخوخة كظاهرة فسيولوجية الازمنية قد تأتي مبكرة وقد تتأخر ولا تظهر الا في فترة متأخرة ، حتى إن الرجل قد يكون طاعناً في السن ولكنه يملك أعضاء لينة ولا تبدو عليه أعراض الشيخوخة كما نص على ذلك الأطباء . بل إن العلماء استطاعوا عملياً أن يستفيدوا من مرونة ذلك القانون الطبيعي المفترض، فأطالوا عمر بعض الحيوانات مئات المرات بالنسبة إلى أعمارها وبهذا يثبت علمياً: إن تأجيل هذا القانون بخلق

ص: 26

ظروف وعوامل تؤجل فاعلية قانون الشيخوخة .

وبهذا يثبت علمياً أن تأجيل هذا القانون بخلق ظروف وعوامل معينة أمر ممكن علمياً، ولئن لم يتح للعلم إن يمارس فعلاً هذا التأجيل بالنسبة إلى كائن معقد معين كالإنسان فليس ذلك إلا لفارق درجة بين صعوبة هذه الممارسة بالنسبة إلى الإنسان وصعوبتها بالنسبة إلى إحياء اخرى ، وهذا يعني أن العلم من الناحية النظرية وبقدر ما تشير اليه اتجاهاته المتحركة لا يوجد فيه ابداً ما يرفض إمكانية إطالة عمر الإنسان ، سواء فسرنا الشيخوخة بوصفها نتاج صراع واحتكاك مع مؤثرات خارجية أو نتاج قانون طبيعي للخلية الحية نفسها يسير بها نحو الفناء.

ويتلخص من ذلك : أن طول عمر الإنسان وبقاءه قروناً متعددة أمر ممكن منطقياً وممكن علمياً ولكنه لا يزال غير ممكن عملياً، الا إن اتجاه العلم سائر في طريق تحقيق هذا الإمكان عبر طريق طويل. وعلى هذا الضوء يتناول عمر المهدي (عليه السلام) وما أحيط به من استفهام أو استغراب .

ونلاحظ : أنه بعد إن ثبت هذا العمر الطويل منطقياً وعلمياً، وثبت إن العلم سائر في طريق تحويل الإمكان النظري إلى عملي تدريجياً، لا يبقى للاستغراب محتوى إلا اسبتعاد أن يسبق المهدي العلم نفسه ، فيتحول الإمكان النظري إلى إلى إمكان عملي في شخصه قبل أن يصل العلم في تطوره إلى مستوى القدرة الفعلية على

ص: 27

هذا التحويل ، فهو نظير من يسبق العلم في اكتشاف دواء ذات السحايا أو دواء السرطان.

س 22، كيف سبق الإسلام - الذي صمم عمر هذا القائد المنتظر-حركة العلم في مجال هذا التحويل؟

الجواب : أنه ليس ذلك هو المجال الوحيد الذي سبق فيه الإسلام حركة العلم . أو ليست الشريعة الإسلامية ككل ، قد سبقت حركة العلم والتطور الطبيعي للفكر الإنساني قروناً عديدة؟ أو لم تنادِ بشعارات طرحت خططاً للتطبيق لم ينضج الإنسان للتوصل إليها في حركته المستقلة الا بعد مئات السنين ؟ أو لم تأت بتشريعات في غاية الحكمة لم يستطع الإنسان إن يدرك أسرارها ووجه الحكمة فيها الا قبل برهة وجيزة من الزمن ؟ أو لم تكشف رسالة السماء أسراراً من الكون ، لم تكن تخطر على بال إنسان ، ثم جاء العلم ليثبتها ويدعمها ؟! فإذا كنا نؤمن بهذا كله فلماذا نستكثر على مرسل هذه الرسالة - سبحانه وتعالى- أن يسبق العلم في تصميم عمر المهدي ؟ وأنا هنا لم أتكلم الا عن مظاهر السبق التي نستطيع إن نحسها نحن بصورة مباشرة ، ويمكن أن نضيف إلى ذلك مظاهر السبق التي تحدثنا بها رسالة السماء نفسها .

ومثال ذلك انها تخبرنا بأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أسري به ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وهذا

ص: 28

الإسراء ، إذا أردنا أن نفهمه في إطار القوانين الطبيعية فهو يعبر عن الاستفادة من القوانين الطبيعية بشكل لم يتح للعلم أن يحققه الا بعد مئات السنين ، فنفس الخبرة الربانية التي أتاحت للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم ) التحرك السريع قبل إن يتاح للعلم تحقيق ذلك ،أتاحت لأخر خلفائه المعصومين العمر المديد قبل أن يتاح للعلم تحقيق ذلك .

نعم ، هذا العمر المديد الذي منحه الله تعالى للمنقذ المنتظر يبدو غريباً في حدود المألوف حتى اليوم في حياة الناس وفي ما انجز فعلاً من تجارب العلماء . ولكن أقر ليس الدور التغييري الحاسم الذي أعد له هذا المنقذ غريباً في حدود المألوف في حياة الناس . وما مرت بهم من تطورات التاريخ ؟ أو ليس قد أنيط به تغيير العالم ، وأعاد بنائه الحضاري من جديد على اساس الحق والعدل ؟ فلماذا نستغرب إذا اتسم التحضير لهذا الدور الكبير ببعض الظواهر الغريبة والخارجة عن المألوف كطول عمر المنقذ المنتظر ؟ فإن غرابة هذه الظواهر وخروجها عن المألوف مهما كان شديداً، لا يفوق محال غرابة نفس الدور العظيم الذي يجب على اليوم الموعود انجازه . فإذا كنا نستسيغ ذلك الدور الفريد تاريخياً على الرغم من أنه لا يوجه دور مناظر له في تاريخ الإنسان ، فلماذا لا نستسيغ ذاك العمر المديد الذي لا نجد عمراً مناظراً له في حياتنا المألوفة ؟

ولا ادري هل هي صدفة أن يقوم شخصان فقط بتفريغ الحضارة

ص: 29

الإنسانية من محتواها الفاسد وبنائها من جديد ، فيكون لكل منهما عمر مديد يزيد على اعمارنا الاعتيادية اضعافاً مضاعفة؟ احدهما مارس دوره في ماضي البشرية وهو نوح (عليه السلام) الذي نص القرآن الكريم على أنه مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً ، وقدر له من خلال الطوفان إن يبني العالم من جديد.

والآخر يمارس دوره في مستقبل البشرية وهو المهدي الذي مكث في قومه حتى الآن أكثر من ألف عام وسيقدر له في اليوم الموعود إن يبني العالم من جديد.

فلماذا نقبل نوح الذي ناهز ألف عام على أقل تقدير ولا نقبل المهدي (عليه السلام)؟

س23 : لو فرضنا إن العمر الطويل غيرممكن علمياً، وان قانون الشيخوخة والهرم قانون صارم ، لا يمكن للبشرية اليوم وفي المستقبل التغلب عليه ، وتغير من ظروفه وشروطه فماذا يعني ذلك ؟ ألا يعني أن طول عمر نوح والمهدي (عليهما السلام على خلاف القوانين الطبيعية التي أثبتها العلم بوسائل التجربة والاستقراء الحديثة ، وبهذا تكون المعجزة عطلت قانوناً طبيعياً في حالة معينة للحفاظ على حياة الشخص الذي أنيط به الحفاظ على رسالة السماء ؟

الجواب : ليست هذه المعجزة فريدة من نوعها ، أو غريبة على

ص: 30

عقيدة المسلم المستمدة من نص القرآن والسنة ، فليس قانون الشيخوخة والهرم أشد صرامة من قانون انتقال الحرارة من الجسم الأكثر حرارة إلى الجسم الأقل حرارة حتى يتساويان، وقد عطل هذا القانون لحماية حياة إبراهيم (عليه السلام) حين كان الأسلوب الوحيد للحفاظ عليه تعطيل ذلك القانون فقيل للتار حين ألقي فيها إبراهيم : «قُلْنَا یَا نَارُ کُونِی بَرْداً وَسَلاَماً عَلَی إِبْرَاهِیمَ»(1) فخرج منها كما دخل سليماً لم يصبه أذى ، إلى كثير من القوانين الطبيعية التي عطلت لحماية أشخاص من الأنبياء وحجج الله على الأرض ففلق البحر لموسى.

وشبه للرومان انهم قبضوا على عيسى ولم يكونوا قد قبضوا عليه ، وخرج النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من داره وهي محفوفة بحشود قريش التي ظلت ساعات تتربص به لتهجم عليه ، فستره الله تعالى عن عيونهم وهو يمشي بينهم. كل هذه الحالات التي تمثل قوانين طبيعية عطلت لحماية شخص ، كانت الحكمة الربانية تقتضي الحفاظ على حياته ، فليكن قانون الشيخوخة والهرم من تلك القوانين.

وقد يمكن أن نخرج من ذلك بمفهوم عام وهو أنه كلما توقف الحفاظ على حياة حجة الله في الأرض على تعطيل قانون طبيعي وكانت ادامة حياة ذلك الشخص ضرورية لإنجاز مهمته التي أعد لها

ص: 31


1- الأنبياء/69.

، تدخلت العناية الربانية في تعطيل ذلك القانون لإنجاز ذلك ، وعلى العكس إذا كان الشخص قد انتهت مهمته إلى أعد لها ربانياً فإنه سيلقى حتفه ويموت أو يستشهد وفقاً لما تقرره القوانين الطبيعية.

س24: كيف يمكن إن يتعطل القانون الطبيعي ، وكيف تنفصم العلاقة الضرورية التي تقوم بين الظواهر الطبيعية؟ وهل هذه إلا مناقضة للعلم الذي اكتشف ذلك القانون الطبيعي ، وحدد هذه العلاقة الضرورية على أسس تجريبية واستقرائية ؟

الجواب : إن العلم نفسه قد أجاب على هذا السؤال بالتنازل عن فكرة الضرورة في القانون الطبيعي وتوضيح ذلك :

إن القوانين الطبيعية يكتشفها العلم على أساس التجربة والملاحظة المنتظمة ، فحين يطرد وقع ظاهرة طبيعية عقيب ظاهرة اخرى يستدل بهذا الاطراد على قانون طبيعي وهو أنه كلما وجدت الظاهرة الأولى وجدت التظاهرة الثانية عقيبها ، غير إن العلم لا يفترض في هذا القانون الطبيعي علاقة ضرورية - كما يعرفه العلم - لا يتحدث عن علاقة ضرورية بل عن اقتران مستمر بين ظاهرتين ، فإذا جاءت المعجزة وفصلت إحدى الظاهرتين عن الأخرى في قانون طبيعي لم يكن ذلك فصماً لعلاقة ضرورية بين الظاهرتين.

والحقيقة إن المعجزة بمفهومها الديني ، قد أصبحت في ضوء

ص: 32

المنطق العلمي الحديث مفهومة بدرجة أكبر مما كانت عليه في ظل وجهة النظر الكلاسيكية إلى علاقات السببية فقد كانت وجهة النظر القديمة، تفترض إن كل ظاهرتين اطرد اقتران أحدهما بالأخرى ، فالعلاقة بينهما علاقة ضرورة ، والضرورة تعنى إن من المستحيل إن تفصل إحدى الظاهرتين عن الأخرى ، ولكن هذه العلاقة تحولت في منطق العلم الحديث إلى قانون الاقتران أو التتابع المطرد بين الظاهرتين دون افتراض تلك الضرورة العيبية وبهذا تصبح المعجزة حالة استثنائية لهذا الاطراد في الاقتران أو التتابع دون إن تصطدم بضرورة أو تؤدي إلى استحالة .

وأما على ضوء الأسس المنطقية للاستقراء فنحن نتفق مع وجهة النظر العلمية الحديثة في إن الاستقراء ، لا يبرهن على علاقة الضرورة بين الظاهرتين ولكنا نرى أنه يدل على وجود تفسير مشترك لا طرد التقارن أو التعاقب بين الظاهرتين باستمرار، وهذا التفسير المشترك كما يمكن صياغته على أساس افتراض الضرورة الذاتية ، كذلك يمكن صياغته على أساس افتراض حكمة دعت منظم الكون إلى ربط ظواهر أخرى باستمرار وهذه الحكمة نفسها تدعو أحيانا إلى الاستثناء فتحدث المعجزة.

ص: 33

س 25: ما هو سبب خوف النظام الحاكم في وقت الإمام العسكري ( عليه السلام) من الإمام المهدي (عليه السلام)؟

الجواب : إن الجهاز الحاكم ، كان يعرف في دخيلة نفسه حق الإمام وعدالة قضيته وصدق قوله. وانما كان يمنعهم من اتباع الحق : الملك العقيم والمصالح العريضة المتعلقة بالخلافة العباسية مضافاً إلى تعصب وراثي قديم . ومن هنا كانوا يشعرون إن ولادة المهدي (عليه السلام) ، وهو الشخص الذي ملأ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أسماعهم بأنه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ... إن ولادته يعني الحكم على نظامهم بالموت المحتم وفضح مخططاتهم المخرفة وأساليب عصيانهم لأوامر الإسلام وإهمال طاعة الله تعالى وعدم الاهتمام بالأمة الإسلامية . وبعبارة أقرب : انهم كانوا يدركون إن مجتمعهم الذي يحكمونه قد امتلأ .. بفعل انحرافهم وسوء تصرفهم .. ظلماً وجوراً. إذن فمن المنطقي إن يتصدى الإمام المهدي (عليه السلام) لكي يملأه قسطاً وعدلاً .. وهذا ما يخافونه ويرهبونه.500

ص: 34

الغيبة الصغرى والسفراء الأربعة

س 26 : هل هنالك سفراء خاصين كانوا للإمام في الغيبة الصغرى؟ ومن هم؟

الجواب : نعم كان هنالك أربعة سفراء أو نواب وهم:

1. النائب الأول: عثمان بن سعيد العمري.

2. النائب الثاني: محمد بن عثمان بن سعيد العمري.

3. النائب الثالث: الحسين بن روح النوبختي

4. النائب الرابع: أبو الحسن علي بن محمد السمري.

س27: کم دامت الغيبة الصغرى ؟

الجواب : حسب المصادر غاب ( عليه السلام) تسعاً وستين عاماً وستة أشهر وخمسة عشر يوماً.

س 28: في عهد من من الخلفاء العباسيين غاب (عليه

ص: 35

السلام)؟ وكم كان عمره؟

الجواب: في عهد المعتمد العباسي ، وكان عمره خمس سنوات، لأنه بدأ غيبته عند وفاة الإمام العسكري (عليه السلام) أي في سنة 260ه

س 29: هل يمكننا معرفة نبذة عن عثمان بن سعيد العمري؟

الجواب : كان عثمان بن سعيد في كمال الوثوق والأمانة، معتمداً عند الإمامين علي النقي والحسن العسكري (عليهما السلام)، ووكيلاً لهما في حياتهما، وكان أسدياً نسبة إلى جده جعفر العمري، وكان سماناً يتجر بالسمن، وقيل إن ذلك كان تقية وتغطية لأمر سفارته عن أعداء الله، وكان الشيعة إذا حملوا أموالاً لأبي محمد الحسن العسكري (عليه السلام) أنفذوها إليه فجعلها في زقاق السمن، وحملها إلى أبي محمد (عليه السلام).

وجاء في رواية لأحمد بن إسحاق القمي، وكان من أجلاء الشيعة وعلمائهم قال: دخلت على أبي الحسن علي بن محمد صلوات الله عليه في يوم من الأيام، فقلت: يا سيدي، أنا أغيب وأشهد، ولا يتهيأ لي الوصول إليك إذا شهدت في كل وقت، فقول من نقبل؟ وأمر من نمتثل؟ فقال لي صلوات الله عليه: هذا أبو عمرو والثقة الأمين، ما قاله لكم فعتي يقوله، وما أذاه إليكم فعتي يؤديه.

وذكر العلامة المجلسي عليه الرحمة في (البحار) أن جماعة من

ص: 36

ثقاة أهل الحديث رووا أن جماعة من أهل اليمن قدموا إلى الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) يحملون أموالا، فقال (عليه السلام) لأبي عمرو، امض يا عثمان فإنك الوكيل، والثقة المأمون على مال الله، واقبض من هؤلاء النفر اليمنيين ما حملوه من المال.

فقال اليمنيون: يا سيدنا، والله إن عثمان لمن خيار شيعتك، ولقد زدتنا علماً بموضعه من خدمتك ، وأنه وكيلك وثقتك على مال الله، قال: نعم، واشهدوا على أن عثمان بن سعيد العمري وكيلي، وأن ابنه محمداً وكيل ابني مهديكم.

وجاء أيضا في (البحار) بسنده أنه لما مات الحسن بن علي (عليهما السلام) حضر غسله عثمان بن سعيد في الظاهر من الحال وتولى جميع أمره في تكفينه وتحنيطه، وأن صاحب الأمر (عليه السلام) جعله بعد وفاة أبيه (عليه السلام) وكيلاً له ونائباًة تخرج على يديه الأجوبة عما تسأل الشيعة عنه من مسائل، وتحمل إليه أموال سهم الإمام (عليه السلام)، وكانت تشاهد منه . ببركة وجود صاحب الأمر (عليه السلام) . أمور غريبة كالإخبار بالمغيبات، والأخبار عن الأموال التي تحمل إليه، عن صفتها ومقدارها وتعيين أصحابها، وحليتها وحرمتها، وذلك قبل أن تسلم إليه، وكل ذلك يأتيه من جانب الحجة (عليه السلام)، كما كانت الحال مع سائر وكلائه (عليه السلام) الذين فازوا بالوكالة والسفارة عنه بدلائل وكرامات منه (عليه السلام).

ص: 37

س30: هل يمكننا معرفة نبذة عن محمد بن عثمان بن سعيد العمري النائب الثاني لصاحب الأمر (عليه السلام)؟

الجواب : نعم ، قد وثقه الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) كما وثق أباه، وأخبر شيعته بأنه من وكلاء ابنه المهدي (عليه السلام)، ولما توفي أبوه عثمان بن سعيد العمري خرج توقيع من جانب الحجة (عليه السلام) في تعزيته بأبيه وتنصيبه وكيلاً له (عليه السلام) في مقام أبيه، وهذا نص التوقيع برواية الصدوق وغيره:

( إنا لله وإنا إليه راجعون، تسليما لأمره، ورضى بقضائه وبفعله، عاش أبوك سعيداً ومات حميداً، فرحمه الله وألحقه بأوليائه ومواليه (عليهم السلام)، فلم يزل مجتهداً في أمرهم، ساعياً في ما يقربه إلى الله عز وجل وإليهم، نصر الله وجهه، وأقاله عثرته، وأجزل الله لك الثواب، وأحسن لك العزاء، رزئت ورزئنا، وأوحشك فراقه وأوحشنا، فسره الله من منقلبه.

وكان من كمال سعادته أن رزقه الله ولداً مثلك يخلفه من بعده، ويقوم مقامه بأمره، ويترحم عليه، وأقول: الحمد لله فإن الأنفس طيبة بمكانك، وما جعله الله عز وجل فيك وعندك، أعانك الله وقواك وعضدك ووفقك، وكان لك ولياً وحافظاً وراعياً).

ودلالة هذا التوقيع الشريف على جلالة قدر هذين الرجلين الكبيرين وعظمة درتهما هي في غاية الرفعة والمناعة.

ص: 38

وروى العلامة المجلسي عليه الرحمة أيضا في (البحار) عن (غيبة الشيخ الطوسي) رحمة الله عليه، عن جماعة من الأصحاب أنه لما توفي عثمان بن سعيد خرج توقيع من جانب الحجة (عليه السلام) إلى ابنه محمد بن عثمان بن سعيد العمري، هذا لفظه:

( والابن وقاه الله لم يزل ثقتنا في حياة الأب رضي الله عنه وأرضاه، ونضر وجهه، يجري عندنا مجراه، ويسد مسده، وعن أمرنا يأمر الابن وبه يعمل،تولاه الله).

ورويت أيضاً رواية أخرى عن الكليني بأن توقيعاً خرج عن صاحب الأمر (عليه السلام) جاء فيه: « وأما محمد بن عثمان العمري - رضي الله عنه وعن أبيه من قبل-فإنه ثقتي، وكتابه كتابي».

وجرت على يديه دلائل كثيرة ومعجزات الإمام (عليه السلام) للشيعة، حيث كان أيام النيابة مرجعاً للشيعة كافة من جانب الحجة (عليه السلام).

وروي عن أم كلثوم ابنته أن محمد بن عثمان صنف كتباً في الفقه مما سمعه من أبي محمد الحسن (عليه السلام)، ومن الصاحب (عليه السلام)، ومن أبيه عثمان بن سعيد، وقد وصلت هذه الكتب بعد وفاته إلى الحسين بن روح رضي الله عنه.

وروى الشيخ الصدوق عليه الرحمة بسنده عن محمد بن عثمان بن سعيد أنه قال: والله إن صاحب هذا الأمر ليحضر الموسم كل سنة

ص: 39

يرى الناس ويعرفهم، ويرونه ولا يعرفونه.

وعلى هذا يكون مدة سفارة عثمان وابنه محمد ما يقرب من ثمان وأربعين سنة.

س 31: هل يمكننا معرفة نبذة مختصرة عن الحسين بن روح النوبختي؟

الجواب: كان الحسين بن روح في أيام سفارة محمد بن عثمان قد تصدي لبعض الأمور بتكليف منه، وكان واحداً من عديدين كانوا موضع ثقة واعتماد من محمد بن عثمان، وكلهم كان أخص به من أبي القاسم بن روح، وكان جماعة لا يشكون في أن السفارة بعد محمد بن عثمان منتقلة إلى جعفر بن أحمد، لما كان من خصوصيته به، بل إنه لما كان محمد بن عثمان في أواخر عمره كان لا يأكل طعاما إلا ما أصلح في منزل جعفر بن أحمد.

يروي العلامة المجلسي (ره) في (البحار) عن (غيبة الشيخ الطوسي) أنه لما حضرت أبا جعفر محمد بن عثمان العمري الوفاة كان جعفر بن أحمد جالساً عند رأسه، وأبو القاسم بن روح عند رجليه، فالتفت إلى جعفر بن أحمد فقال: أمرت أن أوصي إلى أبي القاسم الحسين بن روح، فلما سمع جعفر بن أحمد ذلك قام وأخذ بيد أبي القاسم وأجلسه في مكانه، وتحول إلى عند رجليه.

وذكر في رواية معتبرة أن محمد بن عثمان بن سعيد جمع وجوه

ص: 40

الشيعة وشيوخهم قبل موته فقال لهم: إن حدث علي حدث الموت فالأمر إلى أبي القاسم الحسين بن روح النوبختي، فقد أمرت أن أجعله في موضعي بعدي، فارجعوا إليه، وعولوا في أموركم عليه.

وفي رواية معتبرة أخرى كما جاء في (البحار) أن جماعة من وجوه الشيعة اجتمعوا عند محمد بن عثمان فقالوا له: إن حدث أمر فمن يكون مكانك؟ فقال لهم: هذا أبوالقاسم الحسين بن روح القائم مقامي والسفير بينكم وبين صاحب الأمر (عليه السلام)، والوكيل له، والثقة الأمين، فارجعوا إليه في أموركم، وعولوا عليه في مهماتكم فبذلك أمرت، وقد بلغت

وجاء في بعض النسخ أن توقيعاً خرج من قبل الحجة (عليه السلام) بشأن الشيخ أبي القاسم بن روح، كما ورد في (البحار) عن جماعة من حملة الأخبار والثقاة، وهذا لفظه:

«نعرفه عرفه الله الخير كله ورضوانه، وأسعده بالتوفيق، وقفنا على كتابه ووثقنا بما هو عليه، وإنه عندنا بالمنزلة والمحل اللذين یسرّانه، زاد الله في إحسانه إليه، إنه ولي قدير، والحمد لله الذي لا شريك له، وصلى الله على رسوله محمد وآله وسلم تسليماً كثيراً».

ويذكر أنه كان من أعقل الناس عند المخالف والموافق، وكان يستعمل التقية في بغداد، وبلغ من حسن سلوكه مع المخالفين أن كلا من المذاهب الأربعة كان يدعي أنه منه، وكان كل فريق يفخر بانتسابه إليه.

ص: 41

س 32: هل يمكننا معرفة نبذة مختصرة عن أبي الحسن علي بن محمد السمري؟

الجواب: نعم، بعد وفاة الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح عليه الرحمة خرج توقيع بأمر من الحجة إمام العصر (عليه السلام) يقضي بأن يقوم مقامه الشيخ أبو الحسن علي بن محمد السمري، وقد جرت على يديه كرامات ومعجزات، كانت تأتي على يديه أجوبة المسائل التي يسأل الشيعة عنها حضرة الحجة عجل الله فرجه، وكانت الأموال تحمل إليه، ولما حضرته الوفاة حضر الشيعة عنده وسألوه عن الموكل بعده ومن يقوم مقامه فأجابهم: لله أمر هو بالغه، أي أن الغيبة الكبرى ستقع بعده.

وفي رواية أخرى عن الشيخ الصدوق أنه لما حضرت الوفاة الشيخ أبا الحسن السمري حضر الشيعة عنده وسألوه عمن يقوم مقامه فقال إنه لم يؤمر بأن يوصي إلى أحد بعده في هذا الشأن.

وروي عن الشيخ الصدوق في كتاب (كمال الدين)، وعن الشيخ الطوسي في كتابه (الغيبة)، أنه لما حضرت الشيخ أبا الحسن علي بن محمد السمري الوفاة أخرج للناس توقيعاً جاء فيه:

( بسم الله الرحمن الرحيم، يا علي بن محمد السمري ، أعظم الله أجر إخوانك فيك، فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام، فاجمع أمرك، ولا توص إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة التامة، فلا ظهور إلا بعد إذن الله تعالى ذكره، وذلك بعد طول

ص: 42

الأمد، وقسوة القلوب، وامتلاء الأرض جوراً، وسيأتي من شيعتي من يدعي المشاهدة، ألا من ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصحبة فهو كذاب مفتر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ).

قال الراوي: فنسخنا هذا التوقيع وخرجنا من عنده، فلما كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه، فقيل له: من وصيك من بعدك؟ فقال لله أمر هو بالغه، وقضى، رضي الله عنه وأرضاه.

وكانت مدة سفارته مع الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح ما يقرب من ست وعشرين سنة.

س33: هل هناك من ادعى السفارة الخاصة غير هؤلاء الأربعة في عهدهم؟

الجواب : أجل ادعى أفراد متعددون للوكالة الخاصة زوراً، ومعارضتهم للسفراء الحقيقيين، وإغرائهم للناس بالجهل، غير أنه كانت تكتب لهم الخيبة والفشل، نتيجة للجهود الواسعة التي يبذلها السفراء في تكذيبهم وعزل الناس عنهم استشهاداً بأقوال الإمام المهدي (عليه السلام) وبياناته فيهم.

وأهم هؤلاء المدعين، وأكبرهم تأثيراً في جماعات من الناس، هو الشلمغاني ابن أبي الفراقد.

ص: 43

س 34: لِمَ لَم يقم السفراء بثورات ضد السلطات الحاكمة في ذلك الوقت؟ حتى لو كان توجيه فقط؟

الجواب : لم يكن من المصلحة على الإطلاق أن يصدر منهم الأمر بالتمرد وتوجيه الثورات ولو بشكل سري غير مباشر، وذلك: لأجل المحافظة على المصالح التي كانوا يقومون بها بين قواعدهم الشعبية، وهم يعلمون - في حدود الظروف المعاشة يومئذ - أن هذه الثورات لن تكون أحسن حالاً من سوابقها التي باءت بالفشل وأخمدت في مهدها. إذن فالتعرض للثورة أو التحريض عليها، لن ينتج إلا التغرير بحياة الوكلاء، والتضحية بخيط الاتصال بالإمام الغائب (عليه السلام)، والتغرير بمصالح القواعد الشعبية الموسعة التي أوكلت إليهم قيادتها، وهي مهام جسام لا تعادل التحريض على ثورة معلومة الفشل والخسران.

مضافاً إلى أن استقلال الوكلاء عن المهدي (عليه السلام) بالتحريض أمر غير صحيح بطبيعة الحال، ومناف لوظيفتهم الإجتماعية الإسلامية.

وأما تحريضهم على الثورة بأمر من المهدي (عليه السلام)، فهو مما لا يحدث، فإن المهدي (عليه السلام) لن يقوم إلا بثورته الكبرى حين يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً. ولن تكون التمردات الصغرى مهمة في نظره ولا دخيلة في وظيفته الإسلامية.

ص: 44

س 35: هل يتوخى بأن يكون الوكيل (السفير) هو الأعمق فقهاً، أو الأوسع ثقافة. أي يجب تقديم الفاضل على المفضول في ذلك؟

الجواب: كلا، بل إيكال الوكالة الخاصة، أو السفارة، إلى أشخاص يتصفون بدرجة من الإخلاص عظيمة، بحيث يكون من المستحيل عادة أن يشوا بالإمام المهدي (عليه السلام)، أو أن يخبروا بما يكون خطراً عليه ولو مزق لحمهم ودق عظمهم. ولا يتوخى بعد ذلك أن يكون السفير هو الأعمق فقهاً، أو الأوسع ثقافة. فإن السفارة عن الإمام (عليه السلام) لا تعني إلا التوسط بينه وبين الآخرين، ولا دخل للأفضلية الثقافية فيه. ومن هنا قد تسند الوكالة الخاصة إلى المفضول من هذه الجهة، توفياً لتلك الدرجة من الإخلاص.

س 39: هل حصل ذلك « أي قدم الأقل علماً على الأكثر علما»؟

الجواب: نعم عندما صارت السفارة إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح. فقد ذكرت بعض الروايات، حيث اعترضوا على أبي سهل النوبختي، فقيل له: كيف صار هذا الأمر ، أي السفارة» إلى الشيخ أبي القاسم بن روح دونك؟، فقال : هم أعلم و ما اختاروه. ولكن أنا رجل ألقى الخصوم وأناظرهم، ولو علمت بمكانه كما علم أبو القاسم، وضغطتني الحجة، لعلي كنت أدل على مكانه وأبو

ص: 45

فلو كان الحجة تحت ذيله وقرض بالمقاريض ما كشف الذيل عنه(1).

س 37: أين دفن الشيخ عثمان بن سعيد العمري ، أبو عمرو الأسدي؟

الجواب: دفن - كما قال أبو نصر هبة الله بن محمد - في الجانب الغربي من بغداد، في شارع الميدان في أول الموضع المعروف بدرب جبلة في مسجد الأرب، يمنه الداخل إليه، والقبر في نفس قبلة المسجد.

قال الشيخ الطوسي: رأيت قبره في الموضع الذي ذكره، وكان بني في وجهه حائط، به محراب المسجد، وإلى جنبه باب يدخل إلى موضع القبر في بيت ضيق مظلم. فكنا ندخل إليه ونزور مشاهرة.

قال : وكذلك من وقت دخولي إلى بغداد وهي سنة ثمان وأربعمائة إلى سنة نيف وثلاثين وأربعمائة.

ثم نقض ذلك الحائط الرئيس أبو منصور محمد بن الفرج، وأبرز القبر إلى برا - أي إلى الخارج - وعمل عليه صندوقاً، وهو تحت سقف يدخل إليه من أراده ويزوره.

قال الشيخ: ويتبرك جيران المحلة بزيارته، ويقولون: هو رجل صالح، وربما قالوا : هو ابن داية الحسين (عليه السلام). ولا يعرفون حقيقة الحال فيه. وهو إلى يومنا هذا . وذلك سنة سبع وأربعين وأربعمائة. على ما هو عليه.

ص: 46


1- غيبة الشيخ الطوسي ص260

أقول: وقبره الآن مشيد معروف ببغداد، يزار ويتبرك به.

ونستطيع أن نعرف من جهالة الناس لحقيقة قبره في زمان الشيخ الطوسي (قده) مقدار الغموض والكتمان الذي كان يحيط السفارة المهدوية، في حياة السفير وبعد مماته، بل بعد ما يزيد على مائتي سنة على دفنه.

س 38: من كان أطول السفراء بقاء في السفارة؟

الجواب : أطول السفراء بقاء في السفارة هو الشيخ الجليل محمد بن عثمان بن سعيد العمري ، تولاها أربعين سنة. ومن ثم يكون أكثرهم توفيقاً في تلقي التعاليم من الإمام المهدي (عليه السلام)، وأوسعهم تأثيراً في الوسط الذي عاش فيه، والذي كان مأموراً بقيادته وتدبير شؤونه.

س 39: أين دفن الشيخ محمد بن عثمان بن سعيد العمري؟

الجواب: دفن عند والدته، في شارع باب الكوفة في الموضع الذي كانت دوره ومنازله فيه.

قال الراوي: وهو الآن في وسط الصحراء. أقول: وقبره الآن مشید معروف «بالخلاّنيّ» يزار للذكرى والتبرك، قدس الله روحه.

ص: 47

س40: أين دفن الشيخ أبو القاسم الحسين بن روح ابن أبي بحر النوبختي؟

الجواب: دفن في النوبختية في الدار الذي كانت فيه دار علي بن أحمد النوبختي النافذ إلى التلّ، أو إلى درب الآخر وإلى قنطرة الشوك - رضي الله عنه-، أقول: كذا قال التاريخ، وقبره اليوم في بغداد معروف، مقصد ومزار.

س 41: أين دفن الشيخ الجليل أبو الحسن علي بن محمد السمري؟

الجواب : قبره في الشارع المعروف بشارع الخلنجي من ربع المحول، قريب من شاطىء نهر أبي عقاب.

أقول: وله الآن في بغداد مزار معروف.

س 42 : ما هو سبب انقطاع السفارة بعد السفير الرابع؟

الجواب: هناك أسباب كثيرة نذكر منها:

1- مدة سفارة السفير الرابع ثلاثة أعوام كاملة، غير أيام، وهذه الفترة القصيرة لم تجعل السمري ينفتح كما انفتح أسلافه لطول مدتهم مما أدى إلى قيامهم بفعاليات موسعة، وكذلك لم يستطع أن يكتسب ذلك العمق والرسوخ في القواعد الشعبية كالذي اكتسبوه. وإن كان الاعتقاد بجلالته ووثاقته كالاعتقاد بهم.

ص: 48

2- تلك السنوات التي استلم فيها الشيخ السفارة كانت مليئة بالظلم والجور وسفك الدماء مما كان لها دخل كبير في كفكفة نشاطه، وقلة فعالياته.

فإن النشاط الاجتماعي يقترن وجوده دائماً، بالجو المناسب والفرصة المواتية. فمع صعوبة الزمان وكثرة الحوادث وتشتت الأذهان، لا يبقى هناك مجال وهم لمثل عمله المبني على الخدر والكتمان.

وهذا بنفسه، من الأسباب الرئيسية لانقطاع الوكالة بوفاة السمري وعزم الإمام المهدي (عليه السلام) على الانقطاع عن الناس، كما انقطع الناس عنه. وفرقتهم الحوادث عن متابعة وكلائه....

س43: کم دامت فترة السفير الأول عثمان بن سعيد العمري ، وفي زمن أي خليفة من الخلفاء؟

الجواب: دامت سفارة عثمان بن سعيد العمري، حوالي الخمس سنوات، أي أنه لم يتعد فترة خلافة المعتمد. فكما عاصر هذا الخليفة وفاة الإمام العسكري (عليه السلام) عاصر أيضاً وفاة السفير الأول (رضي الله عنه).

س 44: كم دامت سفارة السفير الثاني محمد بن عثمان، ومن هم الخلفاء الذين عاصرهم؟

ص: 49

الجواب: شغل السفير الثاني: محمد بن عثمان حوالي الأربعين عاماً منها عاصر فيها بقية خلافة المعتمد، ثم خلافة المعتضد، ثم خلافة المكتفي ثم عشر سنوات من خلافة المقتدر حين توفي عام 305 من الهجرة.

س 45: کم دامت سفارة السفير الثالث الحسين بن روح، ومن هم الخلفاء الذين عاصرهم؟

الجواب: شغل السفير الثالث: الحسين بن روح، بعد وفاة سلفه، أحد وعشرين عاماً، عاصر فيها بقية خلافة المقتدر، وقسماً من خلافة الراضي.

س46: کم دامت سفارة السفير الرابع علي بن محمد السمري ، ومن هم الخلفاء الذين عاصرهم؟

الجواب: شغل السفير الرابع: علي بن محمد السمري بعد وفاة السفير الثالث منصب السفارة حيث بقي في السفارة ثلاث سنين، وتوفي عام وفاة الراضي نفسه، وإن عاصر خلفه المتقي مدة خمسة أشهر وخمسة أيام.

س 47: ينقل عن البعض أن مدة الغيبة الصغرى دامت أربعاً وسبعين سنة وهذا خلاف لما قلته سابقاً فكيف تفسر

ص: 50

ذلك؟

الجواب: أن ما ينقل عن بعضهم من أن مدة الغيبة الصغرى أربعاً وسبعين سنة (كما جاء في البحار)، مبني على التسامح في الحساب. أو على ادعاء أن الغيبة الصغرى تبدأ من حين ميلاد الإمام المهدي (عليه السلام) نفسه عام 255ه. أي قبل خمس سنوات من عام وفاة الإمام العسكري (عليه السلام)، فإذا أضفناها إلى التسع وستين سنة، كان المجموع 74 عاماً.

س48: إذن يجب علينا معرفة متى بدأت الغيبة الصغرى وكيف لنا معرفة ذلك؟

الجواب: أقول إن الدعوى بأن الإمام قد غاب 74 عاماً، مبنية على التسامح في الاعتبار. فإن الإمام المهدي (عليه السلام) وإن كان غائباً في حياة أبيه (عليهما السلام)، إلا أن هذه الغيبة لا تعد من الغيبة الصغرى البتة.

س 49: ما هو السبب الذي به لا يمكننا حساب الفترة الأولى من ولادة المهدي ( عليه السلام) هي من عصر الغيبة الصغرى؟

الجواب: وذلك لأن المهدي (عليه السلام) كان طوال مدتها معاصرة لأبيه (عليه السلام)، والإمام في زمان أبيه غير محتمل

ص: 51

للمسؤولية، ولا تربع على منصب الإمامة، وإنما يتولاها . على أي حال . بعدأبيه لا محالة، إذن فالإمام المهدي (عليه السلام)، إنما تولى الإمامة بعد وفاة أبيه (عليهما السلام).

ونحن إنما نتحدث عن غيبته عن قواعده الشعبية بصفته إماماً مفترض الطاعة عليهم، حيث يكون المفروض . لولا الغيبة. أن يكون مرتبطاً بهم وقائداً لهم وموجهاً لمجتمعهم، وهذا مما لم يحتمل المهدي (عليه السلام) مسؤوليته في حياة أبيه، إذن فيتعين القول: بأن الغيبة الصغرى للإمام المهدي (عليه السلام)، هي غيبته بصفته إماماً، مع اقترانها بفكر السفارة، ومعه تكون مدتها ما قلناه لا ما ادعوه.

س 50 : إن السفارة صرفت عن العلويين صرفاً تاماً، وأنيطت بغيرهم، مع أن في العلويين يومئذ من يعلو شأنه في العلم والفقه والعبادة... فما هو السبب؟

الجواب: السر في ذلك واضح جداً، يبرزه التاريخ الذي عاشه العلويون من حين ثورة الحسين (عليه السلام) إلى العصر الذي ولد فيه القائم (عليه السلام) والغيبة الصغرى . وهو تاريخ الثورات والتمرد على الواقع الفاسد، والاحتجاج على الظلم والطغيان فكانت الصورة الرئيسية التي تحملها الدولة على كل علوي، هو كونه موالياً للأئمة (عليهم السلام)، من ناحية، وثائراً على الظلم والفساد من

ص: 52

ناحية أخرى أو بتعبير آخر: إنه ثائر على كيانها القائم بشكل لا تستره تقية ولا يجدي في تغييره حذر.

وإذا كانت النظرة تجاه الفرد هي تلك، فاخلق به أن يكون عاجزاً عن النفع العام والعمل الاجتماعي، لدى المراقبة والمطاردة والتنكيل الذي يحيط به... ومن ثم يكون عاجزاً عن مهام السفارة المهدوية التي لم تؤسس إلا النفع العام والعمل الاجتماعي.

وهذا بخلاف الحال في غير العلويين، ممن لا تكون هذه النظرة تجاههم محققة، فإنهم مهما كانوا خاصين بالأئمة (عليهم السلام) ومقربين منهم، إلا أنه في مستطاعهم على طول المدة أن يغطوا اختصاصهم هذا بالحذر والكتمان، في القول والعمل، ويكون العمل -في حدود ذلك - ممكناً لهم، على أي حال.

س 51: هل كان لدى السفراء الأربعة وكلاء خارج بغداد؟

الجواب: نعم كان هناك وكلاء عددين لهؤلاء السفراء في مختلف البلاد الإسلامية. وكانوا ينشرون تعاليم الإمام المهدي (عليه السلام) عن طريقهم، وكان الاتصال بينهم وبين السفراء قائماً على قدم وساق.

ص: 53

س 52: ما هو الغرض الأساسي من السفارة؟

الجواب: إن الغرض الأساسي من السفارة أمران:

الفرض الأول: تهيئة الأذهان للغيبة الكبرى، وتعويد الناس تدریجاً على الاحتجاب، وعدم مفاجأتهم بذلك. فإنه ينتج نتيجة سيئة لا محالة، إذ قد يؤدي إلى الإنكار المطلق لوجود المهدي (عليه السلام).

الغرض الثاني: القيام بمصالح المجتمع، وخاصة القواعد الشعبية الموالية للأئمة (عليهم السلام)... تلك المصالح التي تفوت بطبيعة الحال بانعزال الإمام واختفائه عن مسرح الحياة... شأن أي مصلحة للمجموع تفوت تفوات القائد والموجه.

وهذا الغرض، قد قام به كل من السفراء خير قيام، حيث اضطلع بحفظ مصالح المجتمع، في حدود الجو المكهرب والمراقبة الشديدة والتحفظ، وهذا الجو مما لا ينتج أكثر من ذلك.

س53 : هل إن السفراء عالمين بالغيب؟

الجواب: تدل كثير من النقول، على كون السفراء عالمين بالغيب، بنحو وآخر. فنرى مثلاً: إن الحسين بن روح يتكلم باللسان الأبي من دون سبق تعليم، وإنه يفهم ما في خاطر الآخر، فيجيب عنه ابتداء. ومحمد بن عثمان العمري يعين عام وشهر يوم وفاته. وعلي بن محمد السمري يترحم على الشيخ علي بن الحسين بن بابوية

ص: 54

القمي. فيكتب المشايخ تأريخ ذلك اليوم فيرد الخبر بعد ذلك أنه توفي في ذلك اليوم. إلى غير ذلك من الحوادث.

س 54 : هل يمكنكم تفصيل ذلك؟

الجواب: نعم، وتفصيله: أن ما نؤمن باختصاص الله عز وجل به من علم الغيب هو العلم الابتدائي، الذي يكون أزلياً لا بتعليم من أحد فإنه سبحانه يكون عالماً بما يكون غائباً عنا ومجهولاً لنا، من أجزاء الكون، وبما كان وما يكون من الأزل إلى الأبد، وهذا العلم يستحيل ثبوته لغير ذاته المقدسة جل وعلا.

وأما علم الغيب الذي ننسبه إلى الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) أجمعين فهو تعليم من قبل العالم بالغيب جل وعلا. والبشر قابل للتعليم، ولا يكون الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) أسوأ تعلماً من غيرهم، وهم في مراق كبيرة من الكمال.

إلا أن أنحاء هذا التعليم تختلف، فهو في الأنبياء بالمباشرة والمشافهة - لو صح هذا التعبير - عن طريق الوحي ونحوه، وهو في الأئمة (عليهم السلام) بالتلقي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جيلاً بعد جيل حتى الإمام الثاني عشر: المهدي (عليه السلام). بل إن الروايات أثبتت للإمام شيئاً أكثر من ذلك وهو أن الإمام حتى ما أراد أن يعلم فإنه يعلم، الراجع إلى أن الإمام (عليه السلام) هو القائد للأمة الإسلامية جميعاً، بل لوجه البسيطة

ص: 55

باعتبار عالمية الدعوة الإسلامية والدولة الإسلامية... قد أعطي القابلية من الله عز وجل على ذلك، إذ جاء لمصلحة تمكينه من القيادة العامة... أنه متى احتاج إلى شيء أخطره الله في ذهنه وصار ذلك معلوماً له بعد أن كان مجهولاً.

ومن هنا كان علم الغيب - بهذا المعنى - ممكناً من الأئمة ( عليهم السلام)، بل واقعاً بتواتر الروايات والنقل عنهم ( عليهم السلام)، بما فيهم الإمام الثاني عشر المهدي (عليه السلام).

وأما بالنسبة إلى غير الأئمة من الناس، فيكون بالتعلم من الأئمة (عليهم السلام). فمثلاً يخبر الإمام المهدي سفيره الرابع بموعد وفاة ابن بابويه القمي أو يخبر سفيره الثاني بموعد وفاة نفسه. أو يعلم سفيره الثالث اللسان الأبي، ولو بمقدار حاجته في تلك الواقعة، إلى غير ذلك من الأمثلة.

س 55: نحن نعلم بأنه (عليه السلام) غاب غلاماً وبعد مرور سبعين عاماً إلا بضع شهور أصبح عمره يقارب الأربعة والسبعين عاماً، هل بقي غلاماً أم أصبح رجلاً كبيراً؟

الجواب: كلا لم يبق غلاماً ولم يصبح رجل كبير في السن بل تقدم وتطور من حيث شكله، فأصبح شاباً بعد أن كان غلاماً وقوياً بعد أن كان ضعيفاً وكبيراً بعد أن كان صغيراً، وكان سفراؤه يواجهونه في شبابه هذا.

ص: 56

ففي زمان العمري السفير الثاني، حاول شخص أن يقابل المهدي (عليه السلام) فوفر له العمري فرصة المقابلة. فرآه شاباً من أحسن الناس وجهاً وأطيبهم رائحة بهيئة التجار، وفي كمه شيء كهيبة التجار(1).

س 56: ما كان عمله (عليه السلام) في تلك الفترة؟

الجواب: قد ذكرنا سابقاً أنه (عليه السلام) كان كهيئة التجار، يدلنا على لباسه خلال هذه الفترة بل على عمله أيضاً... وهو التجارة، حيث يستطيع أن يواجه الناس كتاجر من التجار من دون أن يعرف الناس حقيقته. ولعله تاجر مستقل عن تجارة سفيره أو لعله يعمل في تجارة سفيره أو يعمل سفيره في تجارته.

س 57: كم بقي (عليه السلام) في دار أبيه في سامراء؟

الجواب: مما يدل على بقاءه في سامراء حوادث تحويل السفيرين الأولين بأموال الوفود إلى سامراء، ويدل عليه أيضاً بعض مقابلاته هناك. ويدل عليه أيضاً ما قامت به السلطات من المطاردة له والكبس على داره في سامراء من قبل المعتمد والمعتضد.

حيث يكون ( عليه السلام) موجوداً هناك ولكنه يستطيع التخلص والهرب. إذن فهو إلى زمان خلافة المعتضد التي تولاها عام 279 ه.

ص: 57


1- غيبة الشيخ، ص 164.

كان ساكناً في دار أبيه في سامراء، فلو فرض - كما هو المظنون - أن الكبس الذي أمر به المعتضد كان في أول عام من خلافته، فمعنى ذلك أن المهدي (عليه السلام) بقي هناك تسعة عشر سنة بعد وفاة أبيه ( عليه السلام).

س58: هل كان هناك وكلاء غير السفراء الأربعة للإمام المهدي (عليه السلام)؟

الجواب: ثبت النقل التاريخي بوجود سفراء أو وكلاء غير السفراء الأربعة السابقين، مشتتين في مختلف البلدان الإسلامية التي فيها شيء من القواعد الشعبية المؤمنة بالإمام المهدي (عليه السلام).

س 59: ما هو الفرق بين السفراء الأربعة وغيرهم من السفراء؟

الجواب: يتضح هذا الفرق في أمرين رئيسيين:

أولهما: أن السفير يواجه الإمام المهدي (عليه السلام) مباشرة ويعرفه شخصياً ويأخذ منه التوقيعات والبيانات. على حين أن الوكلاء ليسوا كذلك بل يكون اتصالهم بالمهدي (عليه السلام) عن طريق سفرائه، ليكونوا همزة الوصل بينهم وبين قواعدهم الشعبية.

ثانيهما: إن مسؤولية السفير في الحفاظ على إخوانه في الدين وقواعده الشعبية عامة وشاملة. على حين نرى مسؤولية الوكيل

ص: 58

خاصة بمنطقته.

س 60: ما هي المصلحة في وجود سفراء ووكلاء غير السفراء الأربعة؟

الجواب: المصلحة الأساسية لوجود الوكلاء تتمثل في أمرين أساسيّين:

الأمر الأول: المساهمة في تسهيل عمل السفير وتوسيعه، حيث لا يكون بوسع السفير بطبيعة الحال، وبخاصة في ظرف السرية والتكتم الاتصال بالقواعد الشعبية المنتشرين في العراق وغير العراق من البلاد الإسلامية. فيكون لعمل الوكلاء بهذا الصدد أكبر الأثر في إيصال التعاليم والتوجيهات إلى أوسع مقدار ممكن من القواعد الشعبية.

الأمر الثاني: المساهمة في إخفاء السفير نفسه، وكتمان اسمه وشخصه حيث أن الفرد الاعتيادي العارف بفكرة السفارة، غاية ما يستطيعه هو الاتصال بأحد الوكلاء من دون معرفة باسم السفير أو عمله أو مكانه، وقد لا يكون الوكيل على استعداد للتصريح بذلك أصلاً.

س 61: هل يمكن معرفة بعض هؤلاء الوكلاء؟

الجواب: نعم، ولعل أحسن نص جامع لأسماء عدد من الوكلاء

ص: 59

ما ذكره الصدوق في إكمال الدين مروياً عن أبي علي الأسدي عن أبيه عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي أنه ذكر عدد من انتهى إليه ممن وقف على معجزات صاحب الزمان صلوات الله عليه ورواه، من الوكلاء: ببغداد العمري وابنه وحاجز والبلالي والعطار، ومن الكوفة العاصمي ومن أهل الأهواز محمد بن إبراهيم بن مهزیار. ومن أهل قم أحمد بن إسحاق ومن أهل همدان محمد بن صالح ومن أهل الري: الشامي والأسدي . يعني نفسه .. ومن أهل أذربيجان القاسم بن العلا. ومن نیشابور محمد بن شاذان النعيمي.. إلى آخر الحديث.

س 62: قد ذكرتم سابقاً سبباً في سبب انتهاء الغيبة الصغرى، لكننا لم نعرف هل حصلت الغيبة الصغرى على أغراضها الرئيسة؟

الجواب: نعم قد تم استيفاء الغيبة الصغرى لأغراضها، وهو واضح من كون الغرض الأساسي هو تهيئة الذهنية العامة لغيبة الإمام (عليه السلام)، وهو مما قد حصل بالفعل خلال هذه الفترة... فإنها فترة كافية لحصول ذلك، وخاصة بعد أن تزايد احتجاب الإمام بالتدريج حتى انحصرت رؤيته بشخص واحد هو السفير نفسه، ولم يبق بعد ذلك إلا أن يحتجب الإمام (عليه السلام) عن كل أحد على الإطلاق.

ص: 60

س63 : في إحدى الوصايا للسفير الرابع قال الإمام له : من قال إنه رآني فهو كاذب، ونحن نسمع كثير من الناس يقول رأيته لكنني لم أعرفه إلا بعد أن رحل عني، فكيف تفسر ذلك؟

الجواب: مثل هذه الرؤية أو المقابلة للمهدي (عليه السلام)، لا ينفيها التوقيع الشريف أي الوصية السابقة بحال، فإنها لا تقترن أبداً بادعاء المشاهدة. بسبب جهل المشاهد بحقيقة من رآه وكونه هو المهدي. فهو لا يدعي أنه رأى المهدي ليلزم تكذيبه. وإذا أعرب عن ذلك، فإنما يقول: رأيت فلاناً... ويذكر العنوان الظاهر الذي اتخذه المهدي (عليه السلام) في ذلك المجتمع، لا العنوان الواقعي للمهدي البتة. وظاهر بيان انتهاء السفارة أن ما هو كاذب أو ما يجب تكذيبه هو ادعاء مشاهدة المهدي بصفته إماماً مهدياً أو الالتفات إلى ذلك ولو بالنتيجة، أي بعد انتهاء المقابلة. وهو مما لا يمكن أن يحدث في المقابلات الاعتيادية للمهدي (عليه السلام).

س64: في أول الغيبة الصغرى أين سكن الإمام المهدي (عليه السلام)؟

الجواب: سكن المهدي (عليه السلام) في أول غيبته الصغرى في دار أبيه في سامراء.

ص: 61

س 65: قد ذكرتم سابقاً أن هناك مجموعة ادعت السفارة الخاصة المزورة، من هم الذين ادعوا السفارة الخاصة المزورة؟

الجواب: هم كالآتي:

1 - أبو محمد الشريعي.

2 - محمد بن نصير.

3- أحمد بن هلال.

4 - محمد بن علي بن بلال.

5- محمد بن أحمد بن عثمان.

6 - 7-إسحاق الأحمر، والباقطاني.

8- محمد بن علي الشلمغاني.

9- الحسين بن منصور الحلاج.

10- محمد بن المظفر.

س66: هل كانوا السفراء الأربعة يرون الإمام المهدي (عليه السلام)؟

الجواب: نعم، ومما يؤكد ذلك الرواية التالية، سئل محمد بن عثمان بن سعدي العمري فقيل له: هل رأيت صاحب هذا الأمر - أي الإمام المهدي (عليه السلام) - ؟ قال: نعم، وآخر عهدي به عند بيت الله الحرام وهو يقول: « اَللَّهُمَّ اَنْجِزْ لی ما وَعَدْتَنی اَللَّهُمَّ » ورأيته صلوات الله عليه متعلقاً بأستار الكعبة في المستجار وهو يقول: « اَللَّهُمَّ اِنْتَقِمْ بِی مِنْ أَعْدَائِکَ».

ص: 62

فيما يختص ب(جعفر) عم الإمام (عليه السلام)

س67: من هو جعفر الكذاب، ولماذا سمي بهذا الاسم؟

الجواب: هو جعفر بن الإمام علي الهادي (عليه السلام) عم الإمام المهدي (عليه السلام). سمي بجعفر الكذاب لأنه ادعى الإمامة كذباً.

س68 : ما هو سبب منع الإمام المهدي (عليه السلام) جعفر من الصلاة على أخيه الإمام العسكري (عليه السلام)، وهذا قد يسبب خطورة على الإمام المهدي (عليه السلام) أثناء خروجه في ذلك الوقت؟

الجواب: نعم هنالك خطورة على الإمام المهدي (عليه السلام) لكن هنالك مصلحة أكبر لمنع كارثة عظيمة وهي: إذا صلى جعفر، فقد اكتسب في نظر المجتمع بعض الحق، ووضع لبنة أساسية في

ص: 63

مخططه، وحصل على (سابقة قانونية) يمكنه أن ينطلق منها للتغرير بجماهير الموالين. وهو ما لا يمكن أن يحدث مع وجود الإمام المهدي (عليه السلام) وقدرته على الأخذ بزمام المبادرة لدفع هذه الشبهة، ورفع البدعة، وإنقاذ مواليه من التورط بغير الحق من حيث لا يعلمون.

إذن فلا بد أن يبادر الإمام المهدي (عليه السلام) إلى منع عمه عن الصلاة على الإمام (عليه السلام) ويحرمه من هذه السابقة القانونية)، ويحوز هذه السابقة لنفسه، وهو أحق بذلك... لكونه الإمام بعد أبيه والوريث الشرعي له.

س 69 : ألم يكن في إمكان المهدي (عليه السلام) أن يصلي على جثمان أبيه في الخفاء قبل أن يدعي جعفر للصلاة عليه؟

الجواب: نعم يستطيع ذلك، ولو فعل لكانت صلاة جعفر بن علي هي الصلاة الرسمية على المستوى الخاص.. إلا أن هذا هو الذي لا يريده المهدي، ويحاول التأكيد على نفيه و(إقامة الحجة) ضده.

س 70: هل يمكننا معرفة سوابق جعفر مع أبيه الإمام الهادي (عليه السلام)، وما كان موقف الإمام (عليه السلام) منه؟

ص: 64

الجواب: عند ولادة جعفر نرى أن العائلة كلها سرت بولادته سوى أبيه (عليه السلام) فسألته امرأة في ذلك. فقال (عليه السلام): «هَوِّنِی عَلَیْکَ وَ سَیَضِلُّ بِهِ خَلْقٌ کَثِیرٌ»(1).

ولما ترعرع وشب انحرف عن تعاليم الإسلام وعن توجيه والده وإمامه (عليه السلام)، واتخذ طريق اللهو وشرب الخمر والمجون تأثراً بهذا الخط المنحرف الذي كان يعيش على موائده الكثيرون في تلك العصور. ومن ثم نرى والده(عليه السلام) يأمر أصحابه بالابتعاد عن جعفر وعدم مخالطته، معلماً إياهم بأنه خارج عن تعاليمه عاصي لأمره ونهيه. وكان يقول لهم: تجنبوا ابني جعفراً، فإنه مني بمنزلة نمرود من نوح الذي قال الله عز وجل فيه: قال نوح: إن ابني من أهلي. قال الله: يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح(2).

فإن المنطق القرآني، قائم على أن الولد إذا كان مقتفياً خطي والده في اتباع الحق فهو ولده على الحقيقة. وأما إذا كان زائغاً عن الحق منحرفاً عن طريق العدل... فهو وإن كان مولوداً منه، إلا أنه ليس من أهله، لأنه عمل غير صالح. - أي الولد نفسه وليس الأب ارتكب عمل غير صالح - وهذا بعينه هو حال الإمام الهادي (عليه السلام) مع ابنه جعفر.

ص: 65


1- کشف الغمة، ج3، ص175.
2- تاریخ سامراء، ج2، ص152 نقلاً عن مدينة المعاجز

س 71: ما الذي ساعد جعفر على ادعاؤه الإمامة بعد أخيه العسكري (عليه السلام)؟

الجواب: قد ساعدت عدة أمور على تخطيط هذا الادعاء، أو تخيلها جعفر مساعدة له:

1. خلو الجو على الصعيد الاجتماعي من منافس ظاهر مطالب بحقه بين الناس، وإذا خلا الجو للقبرة كان لها أن تبيض وتصفر، وللمنحرف أن يصطاد بالماء العكر.

2. عدم شياع خبر ولادة الإمام المهدي (عليه السلام) بين الناس خوفاً عليه، إلا بعض الخواص الذين كانوا يأمرهم الإمام (عليه السلام) بالكتمان.

3. ما حاوله جعفر من الصلاة على أخيه، باعتبار أنها تعطيه (سابقة قانونية) يستفيد منها اجتماعياً في ادعائه للإمامة. لأن المفروض أنه لا يصلي على الإمام إلا وريثه الشرعي أو الإمام الذي بعده، على ما نطقت به بعض الأخبار.

4. توسطة إلى الدولة، لكي تجعل له مثل مقام أخيه في شيعته، بإزاء مال سنوي يدفعه إليها مقداره عشرين ألف دينار(1).

س 72: ما هو سبب فشل الأمور الأربعة التي ساعدت جعفر بالادعاء بالإمامة؟

ص: 66


1- الإرشاد/ ص320.

الجواب: هنالك أمور عديدة من أهمها :

1. کون جعفر مشهوراً بالفسق واللهو والمجون.

2. منع جعفر من الصلاة على أخيه أمام جماعة من مواليه.

3. البيان الذي أصدره الإمام المهدي (عليه السلام) بنفسه، في نفي إمامة عمه، والتأكيد على بطلانها والبرهنة على كذبها.

4. شعور الدولة بالعجز من تأييده وإجابة طلبه.

س73: ما هو البيان الذي أصدره الإمام المهدي (عليه السلام)، في نفي إمامة عمه؟

الجواب: وذلك أن جعفر كتب إلى بعض الموالين كتاباً يدعوه إلى نفسه، ويعلمه أنه القيم بعد أخيه، ويدعي أن عنده من علم الحلال والحرام ما يحتاج إليه، وغير ذلك من العلوم كلها. وحين يصل الكتاب إليه يستنكر مضمونه ويشك بما فيه، فيذهب إلى أحمد بن إسحاق الأشعري، الذي يعرفه وهو أخص أصحاب الإمام العسكري ( عليه السلام) وأقربهم لديه، فيخبره بأمر هذا الكتاب ويعرضه عليه. فيبادر ابن إسحاق للكتابة إلى الحجة المهدي (عليه السلام) بواسطة سفيره ويجعل كتاب جعفر فی ضمن كتابه ليطلع عليه المهدي (عليه السلام).

فيرد الجواب إلى أحمد بن إسحاق، شديد اللهجة، مستنكراً أشد الاستنكار، متحدياً لجعفر في إثبات الإمامة أقوى التحدي، ويؤسفنا

ص: 67

ان يكون ذكر نص الكتاب خروج عما نتوخاه من الاختصار.

ولكننا نذكر بإيجاز النقاط التي أكد عليها الحجة المهدي (عليه السلام) في كتابه:

أولاً : وجود الخطأ الإملائي في كتاب جعفر.

ثانياً : إن الله تعالى میز آباءه الأئمة (عليهم السلام) عن إخوتهم وبني عمهم بميزات، وجعل بينهم فرقاً واضحاً «بأن عصمهم من الذنوب وبرأهم من العيوب وطهرهم من الدنس ونزههم من اللبس، وجعلهم خزان علمه ومستودع حكمته وموضع سره، وأيدهم بالدلائل. ولولا ذلك لكان الناس على سواء ولادعى أمر الله عز وجل . الإمامة. كل أحد، ولما عرف الحق من الباطل ولا العلم من الجهل».

ثالثاً: نفيه لكون جعفر عالماً بالحلال والحرام، وأنه لا يعرف حتى حد الصلاة ووقتها، وإنما يزعم ذلك طلباً للشعوذة.

رابعاً: تذكير الناس بفسقه. وأن ظروف مسكره منصوبة، وآثار عصيانة مشهورة قائمة.

خامساً: تحديه بمطالبته بإقامة آية أو حجة أو دلالة. فإن كان له فليذكرها، وإلا بطلت دعواه.

سادساً : تحديه من الناحية العلمية، ومطالبة أحمد بن إسحاق أن يمتحنه في ذلك، ويسأله عن آية من كتاب الله يفسرها أو صلاة يبين حدودها وما يجب فيها. فإن لم يجب علم السائل حاله ومقداره من العلم.

ص: 68

سابعاً: نفي أن تكون الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين (عليهما السلام).

ويختم المهدي (عليه السلام) كتابه بالدعاء لله بحفظ الحق على أهله. ويقول: وإذا أذن الله لنا في القول ظهر الحق واضمحل الباطل وانحسر عنكم.

س74 : ما هو سبب ادعاء جعفر بأنه الوريث الشرعي لتركة الإمام العسكري (عليه السلام)؟

الجواب: قد انطلق جعفر بن علي في ادعائه هذا من فكرتين ادعائيتين:

إحداهما: عدم وجود ولد الإمام العسكري (عليه السلام)، ليكون هو الوريث الشرعي. ومن هنا كان هو الوريث، باعتباره أخاً للموروث.

ثانيتهما، كونه الإمام بعد أخيه، إذن فهو - على أقل تقدير - المشرف الأساسي والولي الأعلى على هذه الأموال الموروثة.

وكلا هذين الأمرين، قد علمنا زيفهما، بعد وجود الحجة المهدي (عليه السلام) ولداً للإمام العسكري (عليه السلام) وكونه هو الإمام بعده، دون علمه.

س 75: قد قرأنا بأن عائلة المهدي (عليه السلام) لم يبق لهم مأوى ولا ملبس ولا مطعم، بل بقوا يجولون في الطرقات

ص: 69

بعد استيلاء جعفر على الميراث كله، ولا يستطيع أحد مساعدتهم لأنه بذلك يعرض نفسه للتنكيل من قبل الدولة، فلماذا لم يظهر المهدي ويسيطر على العالم، ويمد عائلته بما تحتاج إليه من أسباب المعاش؟

الجواب: أنه لو ظهر في ذلك الحين، لقتل لا محالة، من قبل الدولة لما قامت به من مجهود في البحث عنه، وكذلك لفشل مخططه في هداية العالم والسيطرة عليه، إذ لا يطيعه يومئذ ولا يسير في إمرته إلا أقل القليل من أصحابه ممن لا يغني لفتح شبر من الأرض، فضلاً عن البسيطة كلها. وأما المجتمع المنحرف فلن يستمع إلى ندائه، وسيكون عوناً للدولة عليه.

وخلاصة ذلك: أن الوقت لم يكن ملائماً للظهور، وإن هداية العالم لا تتحقق إلا بالتأخير، إذن فمن المنطقي جداً بل الضروري حقيقة، التضحية بمصالح عائلته الخاصة في سبيل ذلك الهدف الإلهي الأعلى.

س 76: أنه وإن لم يمكنه الظهور، إلا أنه يمكنه مساعدة أهله حال غيبته. فإنه يمكن إرسال الأموال إليهم بالطريق الذي كانت تخرج به التوقيعات والمراسلات عنه (عليه السلام)؟

الجواب: إن جواب ذلك واضح، بعد العلم أن التوقيعات

ص: 70

والمراسلات، إنما كانت تصدر عن المهدي (عليه السلام) في النطاق السري الخاص الذي لا يتجاوز مواليه، إلى أي شخص يشك بارتباطه بالسلطة أو ضعفه تجاهها، إذ من الواضح أن السلطة لو كانت تطلع على هذه المراسلات، لكانت المستمسك الرئيسي الذي تأخذ به ضده (عليه السلام).

إذا عرفنا ذلك نعلم أن دفع المهدي (عليه السلام) للأموال إلى عائلته بشكل يغنيهم وييسرحالهم، يكون ملفتاً للنظر ومشيراً للتساؤل في ذهن السلطة، وخاصة وأن هذه العائلة لا زالت تحت المراقبة والتركيز... فيكون له من المضاعفات ما لا يخفى. وأما مواصلتهم سراً بالمال اليسير من طريق سفرائه... فهو أمر محتمل، لا يمكن نفيه.

س77 : ما هو حال نرجس (عليها السلام) أم الإمام المهدي (عليه السلام) بعد وفاة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) واختفاء ولدها القائم (عليه السلام)؟

الجواب: بعد وشاية جعفر للمعتمد على وجود ابن للإمام العسكري (عليه السلام) تنقل إليه الأموال، وإرسال الخيل والرجال إلى دار الإمام (عليه السلام) فيكبسونه، ويفحصون في كل غرفه ودهاليزه، فلا يجدون شيئاً، وليتهم يكتفون بذلك، وإنما اشتغلوا

ص: 71

بالنهب والسلب والغارة على ما رأوا من متاع الدار. وبينما هم منشغلون بالنهب، يتحين الإمام المهدي (عليه السلام) فرصة غفلتهم، ويخرج من الباب.

تقول الرواية: وهو يومئذ ابن ست سنين - والصحيح هو ابن خمس سنين - فلم يره أحد منهم حتى غاب.

ولا يجد هؤلاء الرجال في الدار، بعد أن تبعثر أصحابها وتشتت شملها إلا الجارية (أم المهدي) (عليها السلام)، فيقبضون عليها ويرفعونها إلى الجهات الحاكمة.

ومن هنا تبدأ المحنة الأساسية لهذه الجارية الصابرة المجاهدة تلك المحنة التي واجهتها، بكل صمود وإخلاص وإيمان، واستطاعت برغم الضغط الحكومي أن تخرج ظافرة في المعركة، وأن لا تبوح بالسر العزيز الذي باح به جعفر، وقد أوجب الله تعالى عليه كتمانه.. وأبقت ولدها محجوباً مصوناً من الاعتداء.

إنهم طالبوها بالصبي، فأنكرته ومعناه أنها ادعت أنها لم تلد وأنه لا وجود لهذا الصبي على وجه الأرض... لكنها تدعي أن بها حملاً. ويقع كلامها في ذهن الحاكم موقعاً محتملاً.

ومن هنا وقعت هذه الجارية تحت المراقبة الشديدة المستمرة...

حيث جعلوها بين نساء المعتمد ونساء الموفق ونساء القاضي ابن أبي الشوارب.. وهن نساء أعلى رجال الدولة. ولا زالوا يتعاهدون أمرها في كل وقت ويراعونها وطالت المدة ولم يحصلوا على شيء.

ص: 72

وبقيت الجارية على هذه الحال حتى واجهت الدولة مشكلات أساسية في المجتمع، واضطرت إلى خوض الحروب في عدة جبهات، فاشتغلوا بذلك عن هذه الجارية، فخرجت عن أيديهم، والحمد لله رب العالمين.

س 78: قلت سابقاً أنهم طالبوها بالصبي، فأنكرته. ومعناه أنها ادعت أنها لم تلد، وأنه لا وجود لهذا الصبي على وجه الأرض.. إنها تخبر بما لا تعتقد به ولكنه كذب؟

الجواب: نعم لكنه كذب جائز بل واجب في الشريعة الإسلامية. فإننا نعرف أن الكذب يكون جائزاً في ما إذا كان سبباً في إصلاح ذات البين، ويكون واجباً فيما إذا توقف عليه إنقاذ نفس محترمة من الموت أو ما دونه من أنواع التنكيل الشديد.. وهو الآن كذلك بالنسبة إلى ولدها المهدي (عليه السلام). فكيف إذا توقف على هذا الكذب البسيط مستقبل الإسلام وسعادة البشرية وقيام المهدي (عليه السلام) بدولة الحق.

س 79: كم بقيت أم المهدي (عليها السلام) تحت رقابة الدولة الحاكمة؟

الجواب: إن أم المهدي (عليها السلام)، بقيت تحت رقابة الدولة أكثر من عام، بل أكثر من عامين. وذلك لأن إلقاء القبض عليها كان

ص: 73

بعد وفاة الإمام العسكري (عليه السلام)، بمدة غير طويلة، نتيجة لوشاية جعفر... إذن فقد تم ذلك خلال شهر ربيع الأول من عام 260ه.

على حين أن هذه الحوادث التي دهمت الدولة، وقع أولها وهو موت ابن أبي الشوارب عام 261ه وكانت واقعة الصفار عام 262 ه وموت الوزير عام 263 ه. والمظنون أن حادثة الصفار بما أوجبته من خروج المعتمد والموفق من سامراء، كانت هي السبب الرئيسي في خروجها من الأسر.

وقد وقعت بالتحديد خلال شهر جمادي الثانية من عام 262 ه. فتكون أم المهدي (عليه السلام)، قد بقيت في الأسر عامين وما يزيد على الشهرين.

س 80: ما هو سبب مراقبتها الفترة الطويلة ألا يكفي التأكد من جنينها أو انتظار ولادتها أن يمضي عدة أشهر فقط؟

الجواب: نعم، إن المقصود الأساسي من حجزها ومراقبتها ليس هو البحث عن جنينها أو انتظار ولادتها، وإلا كان يكفي للتأكد من ذلك أن تمضي عدة أشهر فقط، وإنما المقصود هو:

1.اضطهادها وعزلها عن مجتمعها.

2.احتمال اتصال ولدها بها خلال هذه المدة، لو كان موجوداً.

ص: 74

إلا أن مخططهم باء بالفشل الذريع.

س 81: ما هو سبب أمر الإمام إلى سفرائه بانتقالهم من سامراء إلى بغداد؟

الجواب: إن الوكيل في بغداد سيمارس نشاطه في بغداد بحرية أفضل من سامراء، وستحمل الأموال إليه هناك، وتخرج التوقيعات منه. وفي ذلك ما لايخفى من البعد عن الرقابة المباشرة للسلطات وعن الاحتكاك الدائم بالطبقة الأرستقراطية في العاصمة، من القواد الأتراك وغيرهم ممن يمثل خط الدولة على طوله.

وبما أنه آن لهذه السياسات المنحرفة أن تنتهي، ولهذا المخطط الحكومي أن يقف عند حده، ينبغي لوكلاء المهدي (عليه السلام) أن يواجهوا الجمهور متخلصين من هذا العبء متحررين من هذا الاضطهاد.. حتى يستطيعوا أن يمارسوا عملهم بشكل أفضل وبحرية أوسع وبخاصة وأن موقفهم. بصفتهم وكلاء عن المهدي الغائب (عليه السلام) . تجعل موقفهم دقيقاً وحرجاً تجاه السلطة، ويزيد حراجة فيما إذا كانوا يمارسون عملهم في سامراء.

س 82: ماذا كانت نهاية جعفر عم الإمام المهدي (عليه السلام) هل تاب أم بقي على وضعه المنحرف؟ وإن كان تاب فما هو الدليل على ذلك؟

ص: 75

الجواب: أعلم أن جعفر، بعد أن مضى عليه زمان يمارس النشاط العدائي للإمام المهدي وعائلته، والمماليء للسلطات الحاكمة، أيس من نجاحه وسيطر علية الحق، فكبح جماح نفسه وترك عمله، ورفع اليد عن سلوكه المنحرف، وتاب إلى الله تعالى من ذنوبه.

والدليل على ذلك هو توقيع الإمام المهدي (عليه السلام) في العفو عنه والتجاوز عن تقصيره، تطبيقاً لقوله تعالى: فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم. وقوله تعالى: «وَإِنِّی لَغَفَّارٌ لِمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحا ثُمَّ اهْتَدَی».

يخرج هذا التوقيع بواسطة السفير الثاني: محمد بن عثمان بن سعيد العمري، جواباً على سؤال في ضمن عدة استفتاءات تقدم بها: إسحاق بن يعقوب إلى الإمام المهدي بواسطة هذا السفير. وكتب الإمام (عليه السلام) فيما يخصّ جعفر قائلاً: وأما سبيل عمي جعفر وولده، فسبيل إخوة يوسف (عليه السلام). وهذا البيان من الإمام المهدي (عليه السلام)، يدل على العفو عن جعفر، لنفس السبب الذي عفي به عن أخوة يوسف، وهو اعتذارهم ورجوعهم إلى الحق وتوبتهم عما فعلوه.

س83: هل يجوز مناداة جعفر بالكذاب بعد توبته؟

الجواب: لا يجوز ذلك، لأن من تاب لا ذنب عليه.

ص: 76

س 84: ما هو الزمان الذي مارس جعفر فيه نشاطه ضد الإمام المهدي (عليه السلام)، ومتى كانت توبته؟

الجواب: أقول: من المؤسف أن لا يكون تاريخ بيان الإمام في توبة جعفر معروفاً بالتحديد وإنما غاية ما نعرفه هو خروجه بواسطة الوكيل الثاني للإمام المهدي (عليه السلام): محمد بن عثمان العمري المتوفي عام 305ه . وأماتاريخ توليه الوكالة بعد أبيه فمجهول لجهالة تاريخ وفاة أبيه عثمان بن سعيد على ما نسمع. ومن هنا لا نستطيع أن نحدد مقدار الزمان الذي استمر جعفر يمارس فيه نشاطه ولا الزمان الذي تاب فيه وصدر عنه العفو. غير أنه كان قبل سنة 305 ه. وهو تاريخ مديد غير محدد، وهذا من فجوات التاريخ المؤسفة.

ص: 77

الخلفاء العباسيين والمهدي (عليه السلام)

س 85: قد عرفنا عند قراءتنا للتاريخ أن المعتمد والراضي، بل والمقتدر أيضاً على احتمال كبير، كانوا يعلمون بالاتجاه الذي يسير فيه خط الأئمة (عليهم السلام) أي علمهم بسفراء الإمام المهدي (عليه السلام)، فهل كان الخلفاء الآخرون يعلمون بذلك أيضاً، أم أن هذا العلم خاص بهؤلاء؟

الجواب: إننا حيث عرفنا الجهل التام بحال السفراء، من سائر القواعد الشعبية الموالية للدولة، بمختلف طبقاتها فإنه لا يبقي أي دليل على اطلاع جميع الخلفاء بذلك.

فإن الخلفاء لم يكونوا يتقابلون أثناء انتهاء خلافة أحدهم وبدء عهد الأخر... لكي نفترض أنه أسر له بهذا الأمر. بل إن الخليفة منهم يتولى منصبه أما بعد موت الآخر، أو بعد أن يشارك في عزل سلفه، وقتله وفي كلا الحالين لم يكن الظرف يسمح بمثل تلك

ص: 78

المقابلة

وهنالك أسباب أخرى يتعين بها أن يكون هؤلاء الخلفاء العالمين بخبر السفراء، هم وحدهم المطلعون على ذلك.. إلا أن يكون غيرهم قد سلك نفس سبيلهم في الاطلاع على الخبر... وهذا لم يرد في التاريخ ما يدل عليه.

كما يتعين أيضاً أن يكون الخليفة العالم بالخبر حريصاً على عدم التصريح به أمام أي شخص. إذ لو صرح به أمام بطانته وخاصته لانتشر الخبر، ولبدأت الحملات القوية ضد السفراء من حيث أن القواد والموالي كانوا أشد تطرفاً من أشخاص الخلفاء في ذلك، ولكان هذا القول من الخليفة أحسن مستمسك ضده من قبل مواليه ومعارضية على حد سواء.

س 86: إن هؤلاء الخلفاء من أين علموا بذلك، ومن أي طريق وصلهم الخبر؟

الجواب: إن هؤلاء الخلفاء الاثنين أو الثلاثة، قد عرفوا حال السفراء قبل توليهم للخلافة، وتصيدوا أخبارهم عن طريق اتصالهم ببعض القواعد الشعبية للسفير، من عامتهم أو خاصتهم، ممن يكون مسبوقاً بالخبر.

ولا يمكن أن نفرض أي احتمال آخر لأن سائر الاحتمالات يمكن سدها فيكون المتعين جزماً كما سبق.. أن يكون الراضي أو المقتدر قد

ص: 79

استقيا معرفتهما عن هذا الطريق... حيث كانا قبل خلافتهما يعيشان العقيدة على البساطة والصفاء بعيداً عن جوالدولة الصاخب، فامتزجا بعلماء الخاصة فأحسوا منهما الانفتاح والميل إلى حد ما، فزرفوا إليهما بعض ما يعتبر سراً عن الآخرين كاسم السفير وعمله.

س87: إنهم إذا عرفوا ذلك، فلماذا غضوا النظر عن السفراء، ولم يلقوا القبض عليهم، لأجل فصلهم عن قواعدهم الشعبية أولاً واستجوابهم عن الإمام المهدي ثانياً. تمشياً مع الخط العام للدولة في محاربة الخط العام للأئمة (عليهم السلام)؟

الجواب: إن الخليفة العالم بأمر السفراء، لما لم يصبح عالماً بأمرهم إلا بعد كونه منفتحاً على خطهم ومطمئناً إليه بقليل أو بكثير، فهو لا يستطيع التخلص نفسياً وفكرياً من هذا الاطمئنان، بعد توليه للخلافة.

إذن فبالرغم من كونه يجد نفسه عالماً بحقيقة السفراء أو مسؤولاً عن حماية خط الخلافة العباسي. إلا أنه يمس بالمسؤولية أيضاً تجاه السفراء، في حفظهم والستر عليهم، وفاء للخط الذي انفتح عليه قبل خلافته، وفي الحدود التي لا تنافي الأمن العام في الدولة.

ص: 80

ومعه فهو لا يصرح برأيه لأحد من خاصته، حفاظاً على السفراء من أعدائهم لأنهم لو عرفوهم لقتلوهم، وحفاظاً على نفسه أيضاً لأنهم لو علموا به لما انتخبوه.

وإن غضينا النظر عن الوجه الأول فنفترض الخليفة عالماً بسفارة السفراء، وغير حريص على الوفاء معهم، بل يرى السير على خط الدولة الذم والمحافظة على أمنها وصيانتها أرجح.

إلا أننا نقول: الخليفة لم يكن يجد القدرة أو لم يكن يجد المصلحة في أن تفتح الدولة جبهة جديدة للحرب، بتجديد الحملات ضد السفراء، وما يحتمله من استتباع ذلك من تحركات وإراقة دماء في نفس العاصمة بغداد... مسكن الخلافة والسفراء، وما قد يستتبعه من ثورات في الأطراف من قبل المخلصين الداعين إلى الرضا من آل محمد.

س88: إن الخليفة على فرض انفتاحه على خط السفراء وميله إليه، كيف رضي بأن يتولى الخلافة، ولماذا لم يسلمها إلى من يرى أنها حقه بعد أن تولاها؟

الجواب: أنّنا إن فرضنا أن الخليفة كان قد أصبح قبل خلافته شيعياً مخلصاً تماماً.. إذن فقد يصبح معرضاً للقتل على تقدير تصريحه برأيه ورفضه للخلافة. على أنه . لو كان كذلك. لعلم أنه ليس هناك من يدفع الخلافة إليه، فإن المهدي (عليه السلام) غائب

ص: 81

والسفير غير مأمور بتولي الخلافة.. كما أنه ليس هناك من يقبل تنازله عنها فإنه لو تنازل يعود الحكم إلى شخص عباسي آخر، لا إلى من يعتقده أهلاً لذلك. ولعله يكون أسوأ اتجاهاً ضد السفراء منه فيما إذا تولاها.

وإن لم نفرض في مثل هذا الخليفة ذلك، ولا حاجة إلى مثل هذا الافتراض بطبيعة الحال، بل يكفي فيه افتراض كونه وفياً للصحبة السابقة مع الخاصة، محترماً لعلمهم وتقواهم... فإنه لا يحتمل في حقه رفض الخلافة حين تعرض عليه، بما فيها من ملك وقوة وإغراء، فإنها مما تنال بالسيف وتهرق في سبيلها الدماء، فكيف إذا حصل عليها بطريق سهل بسيط.

ص: 82

شرائط الظهور وعلاماته

س89: ما الفرق بين شرائط الظهور وعلاماته؟

الجواب: إن علامات الظهور، عبارة عن عدة حوادث، قد تكون مبعثرة، وليس من بد من وجود ترابط واقعي بينهما، سوی کونها سابقة على الظهور... الأمر الذي برَّر جعلها علامة للظهور، في الأدلة الإسلامية.

وأما شرائط الظهور، فإن لها - باعتبار التخطيط الإلهي الطويل - ترابط سببي ومسببي واقعي، سواء نظرنا إلى ظرف وجودها قبل الظهور، أو نظرنا إلى ظرف إنتاجها بعد الظهور.

وبصورة أوضح:

شرائط الظهور: وجود العدد الكلية من المخلصين المحصين الغزو العالم بالحق والهدى.

وعلائم الظهور: وجود الدجال والخسف وغيرهما.

ص: 83

س 90: هل هناك اشتراك بين مفهوم شرائط الظهور وعلامات الظهور؟

الجواب : نعم، يشترك هذان المفهومان: الشرائط والعلائم، بأنهما معاً مما يجب تحققه قبل الظهور، ولا يمكن أن يوجد الظهور قبل تحقق كل الشرائط والعلامات. فإن تحققه قبل ذلك، مستلزم لتحقق المشروط قبل وجود شرطه أو الغاية قبل الوسيلة... كما أنه مستلزم لكذب العلامات التي أحرز صدقها وتوافرها.

إذن، فلا بد أن يوجدا معاً قبل الظهور، خلال عصر الغيبة الكبرى، أو ما قبل ذلك.

س 91: ما هي شرائط الظهور؟ وكم يبلغ عددها ؟

الجواب: شرائط الظهور ثلاثة وهي:

1- وجود الأطروحة العادلة الكاملة التي تمثل العدل المحض الواقعي، والقابلة التطبيق في كل الأمكنة والأزمنة، والتي تضمن للبشرية جمعاء السعادة والرفاه في العاجل، والكمال البشري المنشود في الأجل.

2 - وجود القائد المحتك الكبير الذي له القابلية الكاملة لقيادة العالم كله.

3- وجود الناصرين المؤازرين المنفذين بين يدي ذلك القائد الواحد.

ص: 84

س 92 : هل إن هذا القائد - أي الإمام المهدي (عليه السلام) -يغزو العالم عن طريق المعجزة؟

الجواب: لو كانت الدعوة الإلهية على طول التاريخ، قائمة على إيجاد المعجزات من أجل النصر، لما وجد على وجه الأرض منذ خلقت أي انحراف أو ضلال، ولما احتاج الأمر إلى قتل وجهاد. في حين قدمت الدعوة الإلهية آلاف الأنبياء والعالمين كشهداء في طريق الحق، بما فيهم الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، وأوضحهم الإمام الحسين (عليه السلام) في فاجعة كربلاء.

ولو كان الأمر كذلك، لما احتاج اليوم الموعود إلى تأجيل أو تخطيط، إذ يمكن إيجاده في أي يوم منذ ولدت البشرية إلى أن تنتهي. ولعل الأولى والأحسن في مثل ذلك، أن يكون نبي الإسلام وهو خير البشر هو القائد العالمي المنفذ لليوم الموعود والهدف الأساسي من خلق البشر، مع أنه لم يشأ الله له ذلك.

س93: هناك روايات تدل على أن: «الأئمة (عليهم السلام) يتکاملون في كل ليلة جمعة» . وهذا يلزم من ذلك كون الإمام المهدي (عليه السلام) خيراً من آبائه، وهو خلاف الأدلة الدالة على أن الأئمة المعصومين من نور واحد، وأنهم متساوون في الفضل ليس فيهم أفضل سوى أمير المؤمنين (عليه السلام) وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟

ص: 85

الجواب: يمكن الجواب على ذلك بجوابین:

الجواب الأول: أنه لا خير في ذلك. فليكن المهدي (عليه السلام) أفضل من آبائه، باعتبار أن التخطيط الإلهي منعقد بإيكال اليوم الإلهي الموعود دونهم.

وقد دلت على ذلك الروايات، ولعل أوضحها الخبر الذي أخرجه النعماني في الغيبة عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) حين سئل: هل ولد القائم؟ فقال: لا، ولو أدركته لخدمته أيام حياتي.

وفي حديث آخر في (الكافي) عن الريان بن الصلت قال للرضا (عليه السلام): أنت صاحب هذا الأمر؟، فقال : أنا صاحب هذا الأمر، ولكني لست بالذي أملؤها عدلاً كما ملئت جوراً. وكيف أكون ذلك على ما ترى من ضعف بدني. وإن القائم هو الذي إذا خرج كان في سن الشيوخ ومنظر الشبان... الحديث.

وأما الأدلة المشار إليها الدالة على تساوي الأئمة (عليهم السلام) فيمكن أن تحمل على تساويهم في الإمامة، أو في قابليتهم للقيادة العالمية بغض النظر عن تكامل ما بعد العصمة. كما يمكن أن يستثنى منها المهدي (عليه السلام) بالخصوص نظراً إلى هذه الأدلة الأخرى.

الجواب الثاني: إنه لا يلزم مما قلناه أفضلية المهدي (عليه السلام) على أبائه، خلافاً لما تخيله السائل، ولما قلناه في الجواب الأول.

ص: 86

وذلك : لأن نفس تلك الروايات دلت على أن كل ما يحصل عليه إمام متأخر من الكمال، يعطيه الله تعالى لكل الأئمة المتقدمين عليه ولرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أيضاً وقد سبق أن سمعنا قول الإمام الباقر (عليه السلام) - في حديث-: أما أنه إذا كان ذلك عرض على رسول الله (صلى الله عليه وآله سلم) ثم على الأئمة ثم انتهى الأمر إلينا.

وفي خبر آخر للكليني في الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: ليس يخرج شيء من عند الله عز وجل، حتى يبدأ برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم بأمير المؤمنين صلوات الله عليه. ثم بواحد بعد واحد، لكي لا يكون آخرنا أعلم من أولنا.

س94 : إن بعض العلامات المذكورة في الأخبار متضمنة للمعجزات وخوارق الطبيعة... وهي مما لا يمكن حدوثها، ومعه لا بد من الاقتصار على ما يقع بشكل طبيعي من العلامات...؟

الجواب: إن قانون المعجزات هو الحكم الفصل في ذلك. وبتطبيقه على العلامات نعرف أن كل علامة كانت واردة بشكل منحصر في مقام إقامة الحجة من قبل الله تعالى على البشر، فهي ممكنة الوقوع بل ضرورية لا محالة... ومطابقة للقواعد العامة المبرهن على صحتها في الإسلام.

ص: 87

وإن لم تكن العلامة المنقولة واقعة في هذا السبيل، لم تكن مطابقة للقاعدة ولزم رفض دليلها ما لم يكن قطعياً. وليس في الإسلام دليل قطعي يدل على ذلك.

وإذا تصفحنا العلامات، لم نجد منها ما هو قائم على أساس إعجازي، غير بعض الحوادث الكونية السابقة على الظهور، كالخسوف والكسوف في غير أوانه والصيحة....

س 95: إن كل علامات الظهور تتضمن أخباراً بالمستقبل.. فكيف يمكن أن نتأكد من صحتها، مع أنه لا يمكن للبشر الإطلاع على المستقبل...؟

الجواب: لا يمكن الإخبار بالمستقبل إلا عن طريق التعليم من قبل علام الغيوب جل شأنه، أما بالوحي أو بما يمت إليه بصلة بواسطة أو بوسائط، كما كانت عليه صفة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة المعصومين من بعده، على ما هو الثابت في عقيدة الإسلام. وأما المناقشة في ذلك، فهي تحتاج في جوابها إلى الاستدلال من جديد في أصل العقيدة، وهو مما لا مجال له في هذا الكتاب.

إذن، فما دام المعصوم (عليه السلام)، عارفاً بحدوث المستقبل، أمكنه الإخبار بها بطبيعة الحال. وهناك من المصالح ما يدعو إلى ذلك، وهي أن تكتسب العلامات کاشفيتها المطلوبة على الظهور. فإننا قلنا بأن جملة منها يتوقف على الأخبار به ووروده في الأخبار. ويكون

ص: 88

في هذه الإخبارات مشاركة حقيقية في التخطيط الإلهي لليوم الموعود.

ومعه، فليس علينا إلا أن ننظر إلى ما وصلنا من هذه الأخبار، فإن كانت إثباتاً تاريخياً كافياً للعلامة المعينة، أمكن الأخذ به بطبيعة الحال. والإلزام رفضه، لأنه غير كاف للإثبات، لا لكونه موضعاً للمناقشة في أساسة النظري.

س96: إن علامات الظهور كما تكون منبهة للمخلصين المحصين المؤيدين للمهدي (عليه السلام)، فتقدهم نفسياً لاستقباله ومؤازرته. كذلك تكون العلامات منبهة لأعداء المهدي (عليه السلام) الذين من المحتمل أن يعدوا العدة ضده. وخاصة إذا حدثت العلامات القريبة من الظهور، في يوم من الأيام. فيكون هذا التنبيه ضد مصلحة اليوم الموعود، كما هو واضح فكيف كان ذلك؟

الجواب: لو فرضنا أن أعداء المهدي (عليه السلام) ضبطوا علامات الظهور ورأوها عند تحققها وفهموا مغزاها، واستعدوا ضد المهدي (عليه السلام). فإن الظهور، ليس أمراً أوتوماتيكياً قهرياً بعد حدوث العلامات مباشرة. بل هو أمر اختياري مخطط من قبل الله تعالى عز وجل. ومعه فمن الممكن تأجيل الظهور ولو لعدة سنوات، حتى ينقطع الاستعداد. ولا يظهر المهدي (عليه السلام) إلا على حين

ص: 89

غرة من أعدائه.

س97: إذا كان الله تعالى يؤخر ظهور الإمام (عليه السلام) فكيف بالعلامات التي دل الدليل على قربها من الظهور. فإن تخلفه عنها وتأجيله بعدها، خلاف المفروض؟!

الجواب: يمكن أن نجيب على هذا السؤال بجوابين هما:

1 - إن معنى القرب من الظهور، ليس هو الفصل الزماني بعدة أيام فقط... بل القرب الزماني ما يكون مقابلاً للتأخر القرن أو عدة قرون... ومعه تكون العشر أعوام والأقل والأكثر قريباً من الظهور. ومن المعلوم أن الاستعداد العسكري لا يبقى مركزاً طيلة هذه المدة.

2 - لا بد لنا أن ندرك أن هذه العلامات القريبة من الظهور، لا تحدث إلا في زمان يعجز أعداء المهدي (عليه السلام) عن مقابلته بالسلاح.. وبعد أن تحدث يمكن أن يتبعها الظهور مباشرة... وهم لا يستطيعون المقاومة، ولو استطاعوا شيئاً، فإنهم سيفشلون حتماً.

س 98: أخرج ابن ماجة(1)، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، «بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ مَسْخٌ وَخَسْفٌ وَقَذْفٌ». وفي حديث آخر: «يَكونُ في آخِرِ هذِهِ الأمَّةِ خَسفٌ ومَسخٌ وقَذفٌ»، أيحتمل وقوع ذلك؟

ص: 90


1- في ج2، ص1349

الجواب: أخرج المفيد في الإرشاد(1) عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) في حديث قال: ( والمسخ في أعداء الله ).

-وهذا المضمون لا يمكن أن يصمد للنقد - فإن المسخ وإن كان ممكناً ومتحققاً في التاريخ، كما نص عليه القرآن الكريم... إلا أنه لا يقع في هذه الأمة، للدليل الدال على أن العقوبات التي وقعت على الأمم السابقة لا يقع مثلها على هذه الأمة، ومن هنا سميت بالأمة المرحومة.

نعم، يمكن أن يحمل المسح على الرمز، من حيث انتقال الأفراد من الهداية إلى الضلال. وهو أمر صحيح ومتحقق في عدد من الأفراد. إلا أن حمل الروايات عليه خلاف الظاهر.

س99: اختص الشيخ المفيد في الإرشاد، حيث روى قائلاً : «قد جاءت الآثار بذكر علامات الزمان قيام القائم المهدي (عليه السلام) وحوادث تكون أمام قيامه وآيات ودلالات... وعد منها : وأموات ينتشرون من القبور حتى يرجعوا إلى الدنيا، فيتعارفون فيها ويتزاورون»، هل يحتمل حصول ذلك ؟!.

الجواب: أولاً ظاهر ذلك حدوثه خلال عصر الغيبة الكبرى. ولعله من الآيات الخاصة المنبهة للمخلصين على قرب الظهور. ولكن

ص: 91


1- ص 338.

مما يهون الخطب أن هذا الخبر مما لا يصلح للإثبات التاريخي، لكونه مرسلاً، ليس له سند.

س100: هل يمكن أن نجعل هذا الخبر السابق من أخبار الرجعة، وهي كثيرة. وليس معنى الرجعة إلا رجوع الإنسان إلى الحياة بعد الموت؟

الجواب: أن الرجعة يقال بها عادة بعد الظهور، وليس قبله. وهذا الخبر نص بوقوع قيام الأموات أمام قيام القائم (عليه السلام) أي قبله، وهو مما لم يقل به أحد.

س 1 10: هل أنه خروج الشمس من مغربها من علامات ظهور المهدي (عليه السلام)؟

الجواب: إن هذه الآية من علامات الساعة المباشرة.

ص: 92

العلامات الحتمية

س 102 : هل إن هنالك علامات حتمية لظهور صاحب الزمان (عجل الله فرجه )؟

الجواب: نعم، نذكر منها:

1. خروج الدجال.

2.الصيحة والنداء السماوان.

3. خروج السفياني.

4. قتل النفس الزكية.

5.خروج السيد الحسني.

6. ظهور کف من السماء.

7. كسوف الشمس وخسوف القمر.

8. العلامات التي تظهر في رجب.

9. اختلاف بني العباس وانقراض دولتهم.

ص: 93

س103 : هل هناك علامات وآيات أخرى لظهوره (عليه السلام)؟

الجواب: نعم، ظهور آيات غريبة وعلامات سماوية وأرضية لظهوره (عليه السلام) مما لم يتوفر لولادة وظهور أي حجة أخر، بل جاء في الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله تبارك وتعالى: «سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الاْفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ» أنه فسّرها بآيات وعلامات ما قبل الظهور، وفسّر تبيّن الحق بخروج القائم (عليه السلام)، وقال: هو الحق من عند الله عز وجل، يراه الخلق، ولا بد منه. وهذه الآيات والعلامات كثيرة، حتى لقد ذكر منها بعضهم نحواً من أربعمائة.

س104 : هل إن نداء السماء بصوت جبرائيل من المحتومات؟

الجواب: أعلم أن هناك نداء سماوياً يقارن ظهوره (عليه السلام) وفقاً لما جاء في مرويات كثيرة، فقد روى علي بن إبراهيم في تفسير الآية الكريمة: «وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ»، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: ينادي مناد من السماء باسم القائم وأبيه (عليهما السلام).

وروي في (غيبة النعماني) عن الباقر (عليه السلام) أنه قال في خبر: ينادي مناد من السماء القائم (عليه السلام) فيسمع ما بين

ص: 94

المشرق والمغرب، فلا يبقى راقد إلا قام، ولا قائم إلا قعد، ولا قاعد إلا قام على رجليه من ذلك الصوت، ثم قال: وهو صوت جبرئيل في شهر رمضان ليلة الجمعة الثالثة والعشرين، وعلى هذا المضمون أخبار كثيرة فاقت حد التواتر، ومنها أن ذلك من المحتومات.

س 105: هل هنالك نداء ثاني غير النداء الأول الذي ذكرناه سابقاً؟

الجواب: نعم، فهنالك غمامة بيضاء له (عليه السلام) تظلله من الشمس، وينادي منها مناد بلسان فصيح يسمعه الثقلان والخافقان: هو المهدي من آل محمد (عليهم السلام) يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً.

وهذا النداء هو غير الصوت الذي تقدم ذكره - أي صوت جبرائیل (عليه السلام)-.

ص: 95

السفيانيّ

س106: من هو السفياني؟ ولماذا لقب بالسفياني؟

الجواب: هو عثمان بن عنبسة من ولد خالد بن يزيد بن معاوية. ولقب بالسفياني لأنه من نسل أبي سفيان.

س107: ما هي أوصاف السفياني؟

الجواب: هو رجل وحش الوجه، عليه أثرالجدري، أزرق العينين.

س108: من أين يخرج السفياني؟

الجواب: يخرج من الوادي اليابس، أي البيداء الخالية من الماء والكلأ ما بين مكة والشام.

س 109 : من هو عثمان بن عنبسة، وماذا يدعي؟

الجواب: هو السفيانيّ، من ولد يزيد بن معاوية بن أبي سفيان (لعنهم الله)، جاء في نفس الحديث السابق عن الصادق (عليه

ص: 96

السلام) قال:

«إذا دنت الشمس للغروب صرخ صارخ من مغربها: يا معشر الخلائق، ظهر ربكم بالوادي اليابس، وهو عثمان بن عنبسة، من ولد خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، فبايعوه تهتدوا، ولا تخالفوا عليه فتضلوا، فيردّ عليه الملائكة والجن والنقباء قوله، يكذبونه، فلا يبقى ذو شك ولا مرتاب ولا منافق ولا كافر إلاّ ضلّ بالنداء الأخير» .

س110: كم يكون ملك السفيانيّ؟

الجواب: أخرج الصدوق عن أبي منصور البجلي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن اسم السفيانيّ. فقال: وما تصنع باسمه؟ إذا ملك كور الشام الخمس: دمشق وحمص وفلسطين والأردن وقسنرين، فتوقعوا الفرج. قلت: يملك تسعة أشهر؟، قال: لا، ولكن يملك ثمانية أشهر لا يزيد يوماً.

وقيل يملك سبعة أشهر بعد سيطرته على الشام.

س 111 : كيف يمكن للإمام المهدي (عليه السلام) السيطرة على العراق؟

الجواب: بعد أن يخضع السفياني لاقتراح بطانته، ينكمش ضد المهدي (عليه السلام) ويتحداه فينذره المهدي (عليه السلام) بالقتال، فيضطر السفياني إلى الصمود ضده. فتحدث المعركة بين

ص: 97

المعسكرين، ويكون الفوز للقائد المهدي، وينتهي حكم السفياني، ويؤخذ أسيراً ويقتله المهدي في الأسر. وبذلك تتم سيطرة المهدي على العراق. وقيل: يهرب إلى الشام فيرسل خلفه الإمام (عليه السلام) أصحابه فيمسكون به ويقتلونه.

س 112 : هل يجب أن يكون الدجال والسفياني متعاصرين؟

الجواب: نعم يجب أن يكونا متعاصرين، ولا بد من وجود العلاقة بينهما بشكل من الأشكال.

س113: كم تستغرق مدة انتصار الإمام المهدي (عليه السلام) من حين ظهوره؟

الجواب: يحدث في ليلة واحدة هو نفس المساء الذي يخطب فيه بين الركن والمقام.

س 114: متى يحصل الخسف بجيش السفياني؟

الجواب: إن الخسف سيصبح بعد الظهور بأيام قلائل، هو المعجزة الرئيسية الكبرى التي تدعم حركة الإمام المهدي (عليه السلام) وتفهم الناس بكل صراحة عدالة دعوته وأحقية حركته.

ص: 98

واتخاذه معه موقف الملاينة إنما هو نتيجة للخسف بجيشه.

س117؛ بعد هروب السفياني إلى الشام هل يقف الإمام في أثره؟

الجواب: نعم، يرسل (عليه السلام) في أثره من يطلبه، فيصلون إليه عند بيت المقدس فتضرب عنقه على الصخرة هناك.

س 118: ما يملك السفياني عند ظهوره؟

الجواب: يملك كور الشمس الخمس: دمشق وحمص.في سوريا. وفلسطين والأردن وقنسرين

س 119، هل يقتصر على كور الشمس الخمس أم يتوسّع؟

الجواب: كلا لم يقتصر على ذلك، بل يبعث بجيش إلى الأطراف فيتجه قسم كبير من جيشه نحو بغداد والكوفة، فيعمل في أهلهما القتل والدمار والإفساد، ويقع في الكوفة والنجف الأشرف قتل كثير، ثم يتجه شطر من جيشه نحو الشام، وشطر آخر نحو المدينة.

س120: ما الذي يحدث إذا بلغ جيش السفياني المدينة؟

الجواب: إذا بلغ جيش السفياني المدينة استباحها ثلاثة أيام، وأعمل فيها قتلاً وتدميراً وكبيراً.

ص: 99

س 115: هل يتأثر الناس عند حصول الخسف بجيش السفياني؟

الجواب : قد صرحت الروايات بتأثير هذه المعجزة في النفس «فَإِذَا رَأَى النَّاسُ ذَلِكَ أَتَاهُ أَبْدَالُ الشَّامِ وَعَصَائِبُ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَيُبَايِعُونَهُ». «وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ» ( يعني بقائم آل محمد وقد كفروا به) يعني بقائم آل محمد.

س 116: هل تؤثر معجزة الخسف بجيش السفياني بالسفياني نفسه؟

الجواب: إن معجزة الخسف ستؤثر في (السفياني) نفسه، فتجعله قريب العاطفة من المهدي (عليه السلام). الأمر الذي يسبب عدة نتائج أهمها: دخول العراق بدون قتال. ففي خبر أخرجه السيوطي(1) عن نعيم بن حماد عن الوليد بن مسلم عن محمد بن علي يقول فيه: فيقول الذي بعث الجيش حين يبلغه الخبر من ايلياء: لعمر الله، لقد جعل الله في هذا الرجل عبرة. بعثت إليه ما بعثت، فساخوا في الأرض.

إن في هذه العبرة ونصرة. فيؤدي إليه السفياني الطاعة... الخ الخبر الذي يروي نقض السفياني للبيعة ومقتله.

وهذا الخبر واضح بأن بيعة السفياني للمهدي (عليه السلام)،

ص: 100


1- الحاوي ج2 ص 146.

س 121: هل يقتصر على ذلك أم يتوسع؟

الجواب: كلا لم يقتصر بل بعدها يتجه نحو مكة فلا يبلغها

س 122: قد ذكرت أن شطر من جيش السفياني يتجه نحو الشام فما مصيره؟

الجواب: الجيش الذي يمر بشطر الشام يظفر به جیش الحجة (عليه السلام) فيبيده عن آخره ويغنم كل ما يحمله رجاله.

س123 : إلى أين تمتد فتنة السفياني؟ وعلى من بالأخص تشتدّ؟

الجواب: تمتد فتنة هذا اللعين إلى أنحاء البلاد كافة، وتشتدّ خاصة على أصحاب علي (عليه السلام) وشیعته، حتى أن منادياً ينادي من قبله: ألا من جاء برأس رجل من شيعة علي فله ألف درهم، فيثب الجار على جاره ويقول: هذا منهم، فيضرب عنقه ويأخذ ألف درهم.

س124: قد ذكرت سابقاً أن الجيش المتجه إلى مكة - من قبل السفياني - لم يبلغها، أيمكننا معرفة السبب؟

الجواب: نعم ذكرنا ذلك لأن الجيش المتجه إلى مكة إذا كان في البيداء ما بينها وبين المدينة خسفت به الأرض، فابتلعته بما فيه من

ص: 101

فرسان وسلاح. وهذا ما يسمى بالخسف بجيش السفياني في البيداء.

س 125: كم يبلغ عدد جيش السفياني المتجه إلى مكة؟

الجواب: قيل يبلغ عددهم ثلاثمئة ألف وقيل سبعين ألف في روايات أهل البيت (عليهم السلام) وهی الاصح.

س 126 : هل ينجو منهم - أي من جيش السفياني المتجه إلى مكة - أحد أم يهلكون جميعهم ؟

الجواب: لا ينجو منهم سوى أخوين اثنين من جهينة يحول الملائكة وجهيها إلى قفاهما، ويقولون لأحدهما وهو البشير: توجه إلى مكة وبشر صاحب الأمر (عليه السلام) بهلاك جيش السفياني، ويقولون للأخر وهوالنذير: توجه إلى الشام وأنذر السفياني، فيتوجهان إلى حيث أمرا.

س 127: ماذا يفعل السفياني عند وصول النذير إليه؟

الجواب: قبل معرفة ما يفعل يجب أن نعرف أن السفياني يكون في الشام فبعد وصول النذير إليه وتبليغه بالحدث أو الخبر يترك الشام ويتوجه إلى الكوفة، ويفعل فيها ما فعل من سبي ودمار وقتل.

ص: 102

س 128: ما يفعل الإمام (عليه السلام) بعد فعل السفياني القبيح بأهل الكوفة؟

الجواب: يتجه الإمام القائم (عليه السلام) إلى الكوفة في أثر السفياني فإذا بلغها فرّ السفياني من الكوفة عائداً إلى الشام؟

س 129: من أين سيكون منطلق السفيانيّ؟ من بلاد الروم أو من الشام؟

الجواب: أن منطلق السفياني سيكون هو الشام دون بلاد الروم.

س 130 : هل ستكون هناك حروب في بلاد الشام في بداية حركة السفياني؟

الجواب: قد ذكر السيد الصدر (قده): أن دمشق الشام ستكون في يوم من الأيام مسرحاً لحروب داخلية وصدام مسلح بين فئات ثلاث كلها منحرفة عن الحق، وكل منها يريد الحكم لنفسه. ولا تعبر لنا الأخبار عن اتجاهات هؤلاء وعقائدهم بوضوح، غير أنها توضح وجود الاختلاف بينها عن طريق اختلاف ألوانها... وهي تعبر عن ألوان الأمراء باعتبارهم مركز الثقل في التوجيه الفكري والعسكري لقواعدهم الشعبية، فأحدهم: أبقع. والآخر: أصهب. والآخر: أحمر أصفر أزرق، وهو السفياني. وهو الذي يكتب له النصر هذه المعمعة، ويستطيع السيطرة على الموقف في الشام.

ص: 103

س 131 : هل أن جميع أهل الشام يتبعون السفياني؟

الجواب: يتبعه أهل الشام، إلا عدد قليل من الناس، يعصمهم الله تعالى عن أتباعه، وهم جماعة منالمخلصين الممحصين الكاملين، المعبر عنهم في بعض الأخبار بالأولياء والأبدال

س 132 : ما هي معركة قرقيسيا؟

الجواب: حين يستتب للسفياني الأمر في الشام يطمع بالسيطرة على العراق، ويفكر في غزوها عسكرياً، فيوجه إليها جيشاً يكون هو قائده. فيلتقي في طريقه جيش أرسلة حكام العراق من أجل دفعه، فيقتتل الجيشان في منطقة تسمى قرقيسيا، ويكون قتالهما ضارباً، يقتل فيه من الجبارين حوالي مئة ألف. والجبار العنيد هو كل حاكم منحرف... وهو كناية عن أن كل من يقتل يومئذ من أي الجيشين هو من الفاسقين المنحرفين. وبذلك تتخلص المنطقة من أهم القواد العسكريين الذين يحتمل أن يجابهوا المهدي (عليه السلام) عند ظهوره.

س133: لمن سيكون النصر في هذه المعركة؟

الجواب: سيكون النصر للسفياني، فيدخل العراق.

ص: 104

س 134: أين تقع قرقيسيا؟

الجواب: في مراصد الإطلاع بالمد: بلد على الخابور عند مصبه، وهي على الفرات، جانب منها على الخابور وجانب على الفرات(1).

س 135 : أين يقع القتال بين اليماني والسفياني؟

الجواب: بعد دخول السفياني إلى العراق، يضطر إلى منازلة (اليماني) في أرض الجزيرة، فيسيطر عليه ويحوز من جيش اليماني ما كان قد جمعه من المنطقة خلال عملياته العسكرية.

س 136 : في إحدى الروايات جاء أن السفياني يدخل الكوفة فيمعن فيها قتلاً وصلباً وسبياً، ألا توجد معارضة من داخل الكوفة تحاول تخليص أهلها من السفياني وظلمه؟

الجواب: نعم، تكون هناك حركة ضعيفة لكنها لا تستطيع التخلص من سلطة السفياني، بل سوف يفشل وسيتمكن السفياني من قتل قائد الحركة بين الحيرة والكوفة. وكأنه يكون قد انهزم بعد فشل حركته، فيلقي السفياني عليه القبض في الطريق فيقتله.

س137: عند دخول جيش السفياني إلى المدينة المنورة

ص: 105


1- وهي منطقة واقعة في سوريا الآن قريبة من الحدود العراقية.

ثم يتوجه بعد ذلك إلى مكة المكرمة هل يتوجه الجيش بأکمله أم جزء منه؟

الجواب: ظاهر سياق الأخبار أن الجيش المتوجه إلى مكة هو جزء من الجيش الذي كان متوجهاً إلى المدينة المنورة.

س 138 : أن هذه التحركات العسكرية وما رافقها من الملابسات، صيغت على غرار تحركات الجيوش القديمة التي كانت تحارب خلال العصر العباسي، مثلاً... حيث لا يوجد قانون دولي ولا أمم متحدة ولا حدود معترف بها. وأما بعد أن تقدمت الحضارة وأسست هذه الأسس فمن غير المحتمل أن تحدث مثل هذه التحركات؟

الجواب: يمكن رفع ذلك الأشكال، من حيث أن ظاهر الأخبار عدم وجود أية مقاومة ضد جيش السفياني حين يدخل الحجاز... فإن ذلك يكون نتيجة لاتفاقات معينة، أو لضعف الحكم القائم هناك يومئذ تجاه الجيش المحتل ضعفاً شديداً.

س 139 : إن ظاهر بعض الأخبار التي سمعناها، كون الإمام المهدي (عليه السلام) قبل ظهوره معروفاً للسفياني، وهذا- بظاهره- مناف لمسلك الغيبة الذي يتخذه الإمام (عليه السلام) إلى حين ظهوره، وخاصة من الأعداء الذين

ص: 106

يحتمل فيهم أن يقتلوه أو يشكلون خطراً عليه ولو انحصر الأمر بذلك، وعلى هذا وجب رفض دلالة الخبر للجزم بثبوت الغيبة قبل الظهور... فما القول في ذلك؟

الجواب: لكننا يمكننا الاستغناء عن هذه النقطة، لو التفتنا إلى (أطروحة خفاء العنوان)، والتي تقول: أن المهدي (عليه السلام) خلال غيبته يرى الناس ويرونه ولا يعرفونه. وإنما تكون غيبته باعتبار غفلة الناس مطلقة عن حقيقته... ويعرفونه بعنوان مستعار وشخصية (ثانوية) يتخذها المهدي (عليه السلام) في المجتمع.

ومعه، فمن الممكن أن السفياني يعرف تلك الشخصية الثانوية) أعني ما اتخذه المهدي من عنوان مستعار في ذلك العصر. ويتابع أخباره بتلك الصفة. ويرسل جيشاً لقتله بتلك الصفة أيضاً.

س140: إذن لماذا عبر عنه بالأخبار بالمهدي، فيجب أن يعبر عنه (بالشخصية الثانوية ) - أي ما اتخذه المهدي من عنوان مستعار في ذلك العصر-؟

الجواب: إنما عبر عنه في الأخبار بالمهدي باعتبار حقيقته، وإنما يخسف بالجيش المعادي له باعتبار ذلك أيضاً. إلا أن السفياني لن يشعر أنه قاصد لقتل المهدي (عليه السلام) نفسه، ولن يشعر الناس بذلك أيضاً لأنه والناس، إنما يعرفونه بشخصيته الثانوية دون الحقيقية.

ص: 107

س 141: ما هي عقيدة السفياني؟

الجواب: يظهر من بعض الأخبار أنه مسيحي، أو من صنائع المسيحيين. كالخبر الذي أخرجه الشيخ في الغيبة. قال: « يُقْبِلُ السُّفْيَانِيُّ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ مُنْتَصِراً فِي عُنُقِهِ صَلِيبٌ وَ هُوَ صَاحِبُ الْقَوْمِ» .

ويظهر من بعض الأخبار أنه من المسلمين المنحرفين المبغضين الأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام). كالذي أخرجه الشيخ عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ( كأني بالسفياني . أو لصاحب السفياني. قد طرح رحله في رحبتكم بالكوفة، فنادى مناديه: من جاء برأس شيعة علي فله ألف درهم. فيشب الجار على جاره ويقول هذا منهم، فيضرب عنقه ويأخذ ألف درهم. أما أن إمارتكم يومئذ لا تكون إلا لأولاد البغايا... الحديث).

س 142: إن من الأخبار ما يدل على أن حركة السفياني مشاركة في زوال ملك بني العباس، مع حركة الخراساني. وهذا يعني أنها قد حدثت وانتهت. لأن ملك العباسيين قد زال منذ أمد بعيدة؟

الجواب: لكن ذلك ينافي دلالة أخرى على ارتباط حركة السفياني بالخسف، فإن الخسف مما لم يحدث بعد قطعاً إلى حد الآن. ومعه يكون السفياني متأخراً عن دولة العباسيين بدهر طويل،

ص: 108

بحيث لا يمكن الارتباط بهم بأي شكل من الأشكال.

س143: أن الخبر الذي رميناه في عقيدة السفياني، بأنه مسلم، لم يدل على أنه من المسلمين وإنما دلّ على مطاردته لشيعة علي (عليه السلام) فلعله مسيحي يعمل ذلك؟

الجواب: أن المسيحيّ مهما كان شديداً ضد المسلمين، من البعيد جداً أن يخصص عداوته بشيعة علي (عليه السلام) دون غيرهم. وإنما هذا من عمل المسلمين المنحرفين عادة.

س 144: قال تعالى في محكم كتابه الكريم: «وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا..»(1)، هل أن هذين الإفسادین - اللذين يرافق أحدهما علو كبير- قد مضيا، ووقعت العقوبتان الموعودتان عليهما، أم لا؟

الجواب: إن العقوبة الأولى على إفسادهم الأول وقعت في صدر الإسلام على يد المسلمين، ثم رد الله الكرة لليهود على المسلمين عندما ابتعد المسلمون عن الإسلام، وأن اليهود أفسدوا مرة ثانية وعلو في الأرض، وستكون العقوبة الثانية على أيدي المسلمين أيضاً، عندما يعودون إلى رشدهم مجدداً .

ص: 109


1- الإسراء/8.4

وبهذا التفسير وردت الأحاديث الشريفة عن الأئمة (عليهم السلام)، فقد فسرت هؤلاء القوم الذين سيبعثهم الله تعالى على اليهود في المرة الثانية بأنهم المهدي (عليه السلام) وأصحابه، وبأنهم أهل قم، وأنهم قوم يبعثهم الله تعالى قبل ظهور القائم (عليه السلام)(1).

س 145: نعم لقد تسلط على اليهود ملوك المصريين والبابليين واليونان والفرس والرومان وغيرهم فساموهم سوء العذاب، ولكن المسلمين لم يسومونهم سوء العذاب، بل اكتفوا بأن قضوا على قوتهم العسكرية، ثم قبلوا منهم أن يعيشوا في ظل الدولة الإسلامية، ويتمتعوا بحريتهم وحقوقهم ضمن قوانين الإسلام، ويعطوا الجزية... فكيف تفسرون ذلك؟

الجواب: أن سومهم سوء العذاب لا يعني استمرار قتلهم ونفيهم وسجنهم كما كانت تفعل بهم أكثر الدول التي تسلطت عليهم قبل الإسلام بل تعني إخضاعهم عسكرياً وسياسياً لسلطة من يسلطه الله عليهم(2).

ص: 110


1- عصر الظهور/للشيخ علي كوراني العاملي/ ص 47.
2- نفس المصدر السابق / ص 49.

س146: إن تاريخ اليهود يشهد بتطبيق هذا الوعد الإلهي عليهم، ولكن قد مضى عليهم في عصرنا الحاضر قرن من الزمان أو نصف قرن على الأقل، ولم يتسلط عليهم من يسومهم سوء العذاب، بل مضى عليهم أكثر من نصف قرن من سنة 1936م. وهم يسومون المسلمين في فلسطين وفي العراق وفي غيرهما سوء العذاب، فكيف نفسر ذلك؟

الجواب: إن هذه الفترة من حياة اليهود مستثناة، لأنها فترة ردّ الكرة، ومرحلة العلو الكبير الموعود لهم بقوله تعالى في سورة الإسراء: «ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا»(1).

فتكون خارجة تخصصاً عن عموم الوعد بالتسليط عليهم: حتى يجيء وعد العقوبة الثانية على يد المسلمين أيضاً.

س147: هل تدور معارك بين الإمام المهدي (عليه السلام) واليهود؟

الجواب: نعم، فهناك أحاديث تذكر معارك الإمام المهدي (عليه السلام) وأصحابه مع اليهود، تدّل على إخراج المهدي (عليه السلام) لليهود من جزيرة العرب(2)، ولا يكون ذلك إلا بالانتصار عليهم

ص: 111


1- الإسراء: 6
2- عن أمير المؤمنين (عليه السلام): قال: (لأبنين بمصر منبراً، ولأنقضن دمشق حجراً حجراً، ولأخرجن اليهود من كل كور العرب، ولأسوقن العرب بعصاي هذه. فقال الراوي وهو عباية الأسدي: قلت له يا أمير المؤمنين فإنك تخبر أنك تحيا بعد ما تموت؟ فقال: هيهات يا عباية ذهبت غير مذهب. يفعله رجل مني، أي المهدي (عليه السلام)). (البحار: 60/53 ).

وطردهم من فلسطين، فقد روت مصادر السنة والشيعة أحاديث معركة المهدي (عليه السلام) الكبرى وأن طرفها المباشر يكون السفياني وخلفه اليهود والروم، ويمتد محورها من أنطاكية إلى عكا، أي على طول الساحل السوري اللبناني الفلسطيني، ثم إلى طبرية ودمشق والقدس. وفيها تحصل هزيمتهم الكبرى الموعودة: حتى يقول الشجر والحجر يا مسلم هذا يهودي فاقتله...

س 148: ما هي معركة باب اصطخر؟

الجواب: تنفرد بعض الروايات بذكر باب اصطخر، وتصفها بأنها ملحمة بين قوات السفياني وقوات المهدي (عليه السلام).

واصطخر مدينة قديمة في جنوب إيران في منطقة الأهواز، كانت عامرة في صدر الإسلام، وما زالت آثارها قرب مدينة (مسجد سليمان) النفطية.

س149: ما هي معركة مرج عكا؟

الجواب: هي جزء من المعركة الثانية التي يخوضها المهدي (عليه السلام) مع الغربيين ومن يأتي معهم من اليهود بعد سنتين أو ثلاث سنوات من فتح فلسطين وهزيمة اليهود والغربيين.

فقد ذكرت الأحاديث أن المهدي (عليه السلام) يعقد بعدها اتفاقية هدنة وعدم اعتداء مع الروم أي الغربيين مدتها سبع سنين

ص: 112

أو عشر سنين، ويبدو أن عيسى (عليه السلام) يكون الوسيط فيها ثم يغدر الروم وينقضونها بعد سنتين أو ثلاث. ويأتون ثمانين فرقة كل فرقة اثنا عشر ألفاً، وتكون هذه المعركة الكبرى التي يقتل فيها كثير من أعداء الله تعالى وقد وصفت بأنها الملحمة العظمى ومأدبة مرج عكا أي مأدبة سباع الأرض وطيور السماء من لحوم الجبارين! فعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: « يَفْتَحُ الْمَدِينَةِ الرومية بِالتَّكْبِيرِ مَعَ سَبْعِينَ أَلْفاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَشْهَدُونَ الْمَلْحَمَةُ الْعُظْمَى مَأْدُبَةُ اللَّهِ بمرج عكا»(1).

س 150: هل تكون عكا موقع عسكري في عهد المهدي (عليه السلام)؟

الجواب: دلت الروايات على موقع عكا العسكري في عهد المهدي (عليه السلام) وأنه يجعلها قاعدة بحرية لفتح أوروبا، فقد ورد أنه (عليه السلام) (يبني أربعمائة سفينة في ساحل عكا، ويتوجه إلى بلاد الروم فيفتح رومية مع أصحابه)(2).

س 151: قيل إن هناك أحداث في بلاد الشام تحصل قبل خروج السفياني فما هي؟

ص: 113


1- بشارة الإسلام ص297.
2- إلزام الناصب ص 224.

الجواب: إن الحاصل من مجموع تلك الأحداث الأمور التالية:

1. وجود فتنة شاملة للمسلمين، وسيطرة الروم والترك عليهم (لعل المقصود الغربيين والروس).

2. وجود فتنة خاصة ببلاد الشام، تسبب في أهلها الاختلافات والضعف والضائقة الاقتصادية.

3. صراع بين فئتين رئيسيتين في بلاد الشام.

4. حدوث زلزلة في دمشق تسبب هدم غربي مسجدها، وبعض ضواحيها.

5. صراع ثلاثة زعماء على السلطة في بلاد الشام، الأبقع والأصهب والسفياني، وغلبة السفياني وسيطرته على سوريا والأردن، وتوحيد المنطقة تحت حكمه.

6. دخول قوات أجنبية إلى بلاد الشام.

س 152: قد ذكرت هناك فتنة تحصل في بلاد الشام وضيق إقتصادي فمن يكون السبب في ذلك؟

الجواب: السبب في هذه الضائقة الاقتصادية المالية والغذائية (منع الدينار والمد) هم الروم، أي الغربيون..

س153: ما المراد (بفتنة فلسطين)، وكم تدوم؟

الجواب: إن فتنة فلسطين هي نفس الفتنة التي تحصل ببلاد الشام المذكورة سابقاً .

ص: 114

أما مدة الفتنة، فتذكر الأحاديث أنها طويلة متمادية، كلما قالوا انقضت تمادت وأنهم (یَطْلُبُونَ مِنْهَا اَلْمَخْرَجَ فَلاَ یَجِدُونَهُ)(1)، وتصفها بأنها تدخل كل بيت من بيوت العرب، وكل بيت من بيوت المسلمين، وبأنها: ( كُلَّمَا رَتَقوها مِنْ جَانِبِ انفَتَقت مِنْ جَانِبٍ آخَرَ ، أَوْ جَاشَتْ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ).

س154: قد ذكرت حدوث هزة أرضية في بلاد الشام هل يمكن تحديد بعض أماكنها، ووقتها؟

الجواب : وقتها عند اختلاف فئتين على السلطة، وتسميها أيضاً (الرجفة والخسف والزلزلة) كالحديث المروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال:

( إذا اختلف الرمحان بالشام، لم تنجل إلا عن آية من آيات الله. قيل: وما هي يا أمير المؤمنين؟ قال: رجفة تكون بالشام، يهلك فيها أكثر من مائة ألف، يجعلها الله رحمة للمؤمنين وعذاباً على الكافرين. فإذا كان ذلك، فانظروا إلى أصحاب البراذين الشهب المحذوفة، والرايات الصفر، تقبل من المغرب حتى تحل بالشام، وذلك عند الجزع الأكبر والموت الأحمر. فإذا كان ذلك فانظروا خسف قرية من دمشق يقال لها حرستا. فإذا كان ذلك خرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس، حتى يستوي على منبر دمشق. فإذا كان ذلك

ص: 115


1- البحار: 298/52

فانتظروا خروج المهدي ) وغيبة النعماني والبراذين الشهب المحذوفة: وصف لوسائل ركوب المغاربة أو الغربيين بأنها شهباء الألوان، ومقطعة الأذان!

وابن آكلة الأكباد: أي ابن هند زوجة أبي سفيان، لأن السفياني من أولاد معاوية، (والوادي اليابس) يقع في منطقة حوران عند أذرعات (درعا)، في منطقة الحدود السورية الأردنية.

س155: كيف يكون الصراع بين الزعماء الثلاثة هل بإمكاننا معرفة مختصر عن ذلك، وعن سبب تسميتهم، وعن عقيدتهم؟

الجواب : إن الزعيم الأبقع - أي المبقع الوجه - يكون في العاصمة، لأن هناك رواية تذكر أن ثورة الأصهب تكون من خارج العاصمة أو المركز، فيثور عليه الأصهب فلا يستطيع أحدهما أن يحقق نصراً حاسماً على الآخر، فيستغل السفياني هذه الفرصة ويقوم بثورته من خارج العاصمة أيضاً فيكتسحها معاً.

ومن المحتمل أن يكون الأصهب غير مسلم، لأن بعض الأحاديث وصفته بالعلج، وهو وصف للكفار عادة.

س156: من يكون المرواني الذي ورد ذكره في كثير من المصادر الدرجة الأولى؟

ص: 116

الجواب: يبدو أن المرواني هو الأبقع نفسه، وليس زعيماً منافساً للسفياني.

س 157: ما هو الاتجاه السياسي للأبقع والأصهب؟

الجواب : يظهر من الأحاديث أنهما مذمومان ومعاديان للإسلام ومواليان لأعدائه من القوى الكافرة.

س 158: ما هو دور السفياني السياسي، وما هو موقفه من أهل البيت (عليهم السلام)؟

الجواب : من أبرز صفاته التي تذكرها الأحاديث، حقده على أهل البيت (عليهم السلام)، بل يظهر منها أن دوره السياسي هو إثارة الفتنة المذهبية بين المسلمين وتحريك السنة على الشيعة تحت شعار نصرة التستن. في نفس الوقت الذي يكون عميلاً لأمة الكفر الغربيين واليهود.

س 159 : كيف يكون لون راية السفياني؟

الجواب : قد ذكرت بعض الأحاديث أن رايته حمراء، وهي ترمز إلى سياسته الدموية، كما جاء في البحار(1)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: ( ولذلك آيات وعلامات.. وخروج السفياني براية

ص: 117


1- البحار: 250/52

حمراء، أميرها رجل من بني كلب).

س 160: كيف وكم مرحلة تكون حركة السفياني؟

الجواب : تكون مراحل حركة السفياني ثلاثة وهي:

الأولى - مرحلة تثبيت سلطته في الستة أشهر الأولى.

الثانية - مرحلة غزوة ومعاركه في العراق والحجاز.

الثالثة - مرحلة تراجعه عن التوسع في العراق والحجاز، ودفاعه أمام زحف جيش المهدي عما يبقى في يده من بلاد الشام، وعن «إسرائيل» والقدس.

س 161: كم تدوم معارك السفياني بالاجمال حتى تتم سيطرته على الشام؟

الجواب : مما يلاحظ في أحاديث السفياني أنها تذكر معاركه بالإجمال في الستة أشهر الأولى، وهي معارك داخلية مع الأصهب والأبقع أولاً، ثم مع القوى الإسلامية وغير الإسلامية المعارضة له، حتى تتم له السيطرة على بلاد الشام

س162: ماذا يحدث في التسعة أشهر الأخيرة من حكم السفياني؟

الجواب : إن السفياني في التسعة أشهر الأخيرة من حكمه

ص: 118

يخوض حروباً كبيرة، أهمها حربه مع الترك وأعوانهم في قرقيسيا، ثم معاركه مع الإيرانيين في العراق، ومعهم اليماني كما في بعض الأحاديث.

س163: ما اسم آخر معركة يقودها السفياني ضد الإمام المهدي (عليه السلام)؟

الجواب : هي معركة فتح القدس الكبرى.

س 164 : هل تحصل معركة بين السفياني والإمام المهدي (عليه السلام) في المدينة المنورة؟

الجواب : قد تكون للسفياني قوات في المدينة المنورة تحارب المهدي (عليه السلام) إلى جانب قوات سلطة الحجاز في المعركة التي يحتمل أن يخوضها الإمام المهدي (عليه السلام) لتحرير المدينة المنورة.

س165: من أين تبدأ حركة السفياني؟

الجواب : تكاد تتفق الروايات على أن السفياني يبدأ حركته من خارج دمشق من منطقة حوران أو درعا على الحدود السورية الأردنية.

وقد سمت الروايات منطقة خروجه بالوادي اليابس والأسود.

ص: 119

س166: ما هو موقف الشيعة في منطقة الشام اتجاه حركة السفياني؟

الجواب : تدلّ بعض الأحاديث على أن الشيعة في منطقة الشام لا يكونون هم العدو الأساسي للسفياني عند خروجه، بل جماعة الأبقع والأصهب الذين هم أعداء للشيعة وللسفياني معاً.

س167: ماذا يعني الشیصباني، ومتى يخرج؟

الجواب: الشيصبان في اللغة اسم من أسماء الشيطان، وهو في أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) كناية عن رجل من أعدائهم سيء أو مخمور.

وعن جابر الجعفي قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن السفياني فقال: (وأني لكم بالسفياني حتى يخرج الشیصباني، يخرج بأرض كوفان ينبع كما ينبع الماء، فيقتل وفدكم. فتوقعوا بعد ذلك السفياني وخروج القائم)(1).

س 168: لماذا لم يكن السفياني والدجال شخصاً واحداً، قد ذكر في مصادر العامة باسم الدجال، وفي مصادر الخاصة باسم السفياني، فما المانع من ذلك ؟!...

الجواب: لو أخذنا الفرق بينهما بالصفات المنسوبة إليهما،

ص: 120


1- البحار : ج 216/60

لوجدنا هناك عدد كبير، نذكر منها:

1. إن الدجال يفترض فيه طول العمر، دون السفياني.

2. إن الدجال يدعى بابن صائد، والسفياني يدعى بعثمان بن عنبسة.

3. إن السفياني من أولاد أبي سفيان، دون الدجال.

4. إن الدجال يدعي الربوبية، دون السفياني.

5. إن الدجال كافر، وأما السفياني فلا نص في الأخبار يدلّ على ذلك، إن لم يكن الظاهر كونه مسلماً.

6. إن الدجال يملك كل قرية ويهبط كل وادي، ما عدا مكة والمدينة، وظاهر ذلك أن حركته أوسع من حركة السفياني على سعتها.

7. إن الدجال أعور العينين، وأما السفياني فهو ذو عينين سليمتين.

س169: ما هو يوم الأبدال، وبين من ومن سيكون؟

الجواب: قيل بعد دخول المهدي للعراق وطبقاً للقواعد الإسلامية سيبدأ (عليه السلام) بعرض العقائد الإسلامية الحقة على السفياني، فإن قبل بذلك وصار معه فهو... وإلا ناجزه القتال.

وطبقاً للاتجاه النفسي لدى السفياني لمجاملة المهدي (عليه السلام)، سيعطي للمهدي ما يطلبه من الشهادة.

ص: 121

إلا أن بطانته سوف تحتج على ذلك وتشجب موقفه، وتلزمه بأن يواجه المهدي (عليه السلام) مواجهة كاملة.

ولعلّ هذا الاتجاه النفسي، هو الذي يفسح المجال لتسرب كل المؤمنين المشتغلين في جيش السفياني إلى جيش المهدي (عليه السلام)، وفي نفس الوقت يميل الفساق الفاشلين في التمحيص من سكان الكوفة قبل الظهور، إلى الالتحاق بجيش السفياني، وهو يوم الإبدال... أي تبادل الأصحاب.

س 170 : متى يتم يوم الأبدال - أي تبادل الأصحاب-؟

الجواب: يتم ذلك في الفترة الأولى قبل مناجزة القتال.

ص: 122

الدجال

س 171 : أخرج الصدوق في إكمال الدين بإسناده عن النزال بن سبرة قال : خطبنا علي بن أبي طالب (عليه السلام) فحمد الله عز وجل وأثنى عليه،وصلى على محمد وآله، ثم قال:

سلوني أيها الناس قبل أن تفقدوني ثلاثاً. فقام إليه صعصعة بن صوحان، فقال: يا أمير المؤمنين متى يخرج الدجال؟ والحديث طويل وفيه من صفات الدجال أنه « يخوض البحار وتسير معه الشمس بين يديه جبل من دخان، وخلفه جبل أبيض يرى الناس أنه طعام. يخرج في قحط شديد تحته حمار أقمر خطو حماره میل، تطوى له الأرض منهلاً منهلاً.. ينادي بأعلى صوته يسمع ما بين الخافقين... يقول: إلي أوليائي.. أنا الذي خلق فسوى وقدر فهدى أنا ربكم الأعلى... ثم يذكر دابة الأرض، ويقول عنها ، ثم ترفع الدابة رأسها فيراها ما بين الخافقين.... الحديث. هل

ص: 123

يمكنكم توضيح صفات الدجال بصورة أسهل...

الجواب: في بداية الأمر نقول: لا يمكن بل استحالة صدور المعجزة من المبطلين. يتعين حملها على المعاني الطبيعية المناسبة.

1- فهو ( يخوض البحار ): وهذا ما حدث فعلاً، فقد خاضت المدينة الحديثة في أعماق البحار، وسیرت البواخر على سطحه بكثرة مسرفة.

2 - و( تسير معه الشمس ): في الأغلب أن هذا تعبير عن السلاح الذي يرهب الدجال به العالم، وهو القنبلة الذرية أو الهيدروجينية، من حيث أن حرارتها عالية جداً كالشمس.

3- و( بين يديه جبل من دخان ) وما أكثر الدخان في المدينة الحديثة، في الحرب والسلم معاً، كما هو واضح، وكله يبدو في مصلحة هذه المدينة.

4 - و( خلفه جبل أبيض يرى الناس أنه طعام ) أنه بهارج هذه المدينة وملذاتها، يرى الناس أنها جميلة وعظيمة، وليس ورائها في الواقع إلا الانحلال والدمار.

5- و( تحته حمار أقمر خطو حماره ميل ) وهذا تعبير جميل عن الشعارات والمفاهيم التي استطاعت المدينة والحضارة الحديثتان، أن تسير بهما في العالم وهي شعارات واسعة الانتشار سريعة السير.

6 - والدجال ( تطوى له الأرض منهلاً منهاً): وذلك عن طريق وسائل النقل الحديثة الأرضية والجوية على حد سواء، فإن

ص: 124

طي الأرض يتضمن معنى سرعة السير، وبعد نفي احتمال المعجزة تتعين صحة هذا الفهم.

7- ( ينادي بأعلى صوته يسمع ما بين الخافقين ) ليس لأن صوته مرتفع إلى هذا الحد!! بل لأنه يستعمل أجهزة الإعلام الحديثة بما فيها النجوم الإذاعية «التلستار»

8-وأما دابة الأرض، فهي ( ترفع رأسها فيراها ما بين الخافقين) عن طريق البث التلفزيونيّ بطبيعة الحال.

س 172 : قد ذكرت الدجّال هل يمكن أن نعرف وصفه الخلقي؟

الجواب: نعم، قد ذكرت الأخبار أن إحدى عينيه عوراء ممسوحة، والأخرى (اليسرى) في جبهته تضيء كأنها كوكب، فيها علقة كأنها ممزوجة بالدم، عظيم الخلقة ضخم الجثة، عجيب الشكل غريب الهيئة...

س173 : ماذا يدعي الدجال؟

الجواب: يدعي ذلك اللعين الألوهية، وينادي بأعلى صوته، إلي أوليائي، أنا ربكم الأعلى.

ص: 125

س 174 : وهل لديه قدرة كهذه حتى يدعي الألوهية؟

الجواب: لا تكون قدرة الإله لديه فإن الله لا يموت والدجال يموت وغير ذلك من الصفات وأهمها الله خالق والدجال مخلوق، لكن يكون اللعين كثير المهارة في السحر، بين يديه جبل أسود يخيل للناس أنه جبل من طعام، وخلفه جبل أبيض يخيل للرائي أنه ماء عذب جار.

س 175: من الذي يتبع الدجال ويجتمع حوله؟

الجواب: تجتمع إليه الشياطين والمردة من الظالمين والمنافقين، والسحرة والكهنة، والكفرة وأولاد الزنا، ويحيط به الشياطين يشتغلون بآلات اللهو واللعب والتغني بجميع النغمات، واللعب بالعود والمزمار والدفّ والبربط وغيرها، فتشتغل بتلك الألحان قلوب تابعيه، ويندفع صغار العقول من النساء والرجال إلى الرقص، ويمشي الناس خلفه تشدهم تلك الأنغام الأخاذة كأنهم سکاری .

س 176 : ماذا يحدث بوجود الدجال؟

الجواب: بوجوده تسفك الدماء وتقع الفتنة والفساد في العالم، وتقع الحرب بينه وبين جيش القائم (عليه السلام)، وأخيراً يقتل بيده المباركة، أو يقتله عيسى ابن مريم (عليهما السلام).

ص: 126

س177: أيمكن ذكر صفات الدجال على شكل نقاط وان كان الكثير من الصفات محمول على خبر الأحاد في أخبار العامة ؟

الجواب : من صفات الدجال هي مما أخرجته المصادر العامة ، ونذكر فقط ما جاء في الصحيحين توخية للأختصار:

1- إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حذر أمته منه.

2- إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) استعاذ من فتنته.

3- أنه كافر.

4- أنه يدعي الربوبية.

5- أنه طويل العمر.

6- قتله للمؤمن واحياؤه له

7- إن معه ماء ونار.

8- اختلافنظام الزمان في عهده

9- أنه اهون على الله من ذلك

10- أنه يأمر الأرض إنّ تنبت فتنبت ويأمر السماء إن تمطر فتمطر.

11- أنه يقتله المسيح عيسى ابن مريم عند نزوله.

س 178 : من الذي يقتل الدجال اللعين ؟

الجواب: يقتل الدجال اللعين الإمام المهدي (عليه السلام) ،

ص: 127

ويعتبر الدجّال من العذابات الالهية لأهل القبلة، فقد جاء في (تفسير علي بن إبراهيم) عند الباقر (عليه السلام) في تفسير العذاب في قوله تعالى : «قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلی أَنْ یَبْعَثَ عَلَیْکُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِکُمْ» ، قال : هو الدجال والصحية، وقال ( عليه السلام) : ما من نبي جاء الا خوف الناس من فتنة الدجال.

ولعل القارئ يشتبه عليه بين النبي عيسى (عليه السلام) والإمام المهدي (عليه السلام) إلا أن قتله وإن كان على يد النبي عيسى (عليه السلام) فإنه يسند إلى الإمام المهدي (عليه السلام) لأنه هو القائد العام وإليه يسند القتل والفتح.

س 179 : ما هو واجبنا الشرعي تجاه الدجال عند ظهوره؟

الجواب : واجبنا الشرعي ما جاء في تلك الرواية ، جاء في رواية إمامة إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال ما مؤداه : (على كل مؤمن يرى الدجال إن يبصق في وجهه ، ويقرأ السورة المباركة «الحمد » لدفع سحر هذا اللعين فلا يترك أثره فيه ).

ص: 128

الخراساني

س 180 : من هو القائد الخراساني؟

الجواب: الروايات حول الخراساني من طرق الفريقين كثيرة ثابتة وصحيحة، ويعتبر ما ذكرناه هنا من اوضحها ، وهي بمجموعها تلخص صفاته بما يلي : أنه رجل ثائر من احفاد أهل البيت ومن ابناء الإمام الحسين (عليه السلام) ، ينتسب إلى خراسان اما مولداً أو سكناً أو اقامة أو انتسابه إلى خراسان باعتبار انطلاقة ثورته منها ، ومن صفاته أنه يظهر شاباً من دون أن نعلم بانطباق هذا الوصف عليه في بداية ظهوره في مجتمع الثورة الإيرانية ، أو في بداية تسلمه لقيادة الموطئين ، أو في حال اصطدام جيشه مع جيش السفياني ، ( كما هو ظاهر الروايات المروية من طرق أهل السنة ولكن لا وجود لهذا الوصف في روايات أهل البيت ).

ومن صفات السيد الخراساني المميزة وجود خال بكفه اليمنى أو اليسرى، وللخال معان ثلاثة في معاجم اللغة : وجود علامة بيده كختم النبوة في ظهر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، أو وجود

ص: 129

ضعف في اليد ، أو أن يكون لواء الجيش وقيادة العسكر بيده وتحت أمرته.

وتذكر الروايات إن الخراساني سيواجه عقبات ، في طريق قيادته الثورة الموطئين ومجتمعها الايراني ، ولكن الله تعالى يتكفل بتذليلها، كما يقول الإمام الباقر (عليه السلام) : « يُسَهِّلُ اللَّهَ أَمْرِهِ وَ طَرِيقِهِ» .

س 181 : متى يكون خروج الخراساني والسيفانيّ واليمانيّ ؟

الجواب : أخرج الشيخ عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: «خروج الثلاثة : الخراساني والسفياني واليمانيّ ، في سنة واحدة في شهر واحد، في يوم واحد ...» الحديث .

س 182: من يكون قائد على الجيش الايراني ؟

الجواب : ذكرت الروايات إن الخراساني يكون قائد الإيرانيين.

س183: جاءت رواية في البحار تذكر قيام رجل من قم وأصحابه ، وهي عن الإمام الكاظم (عليه السلام) قال : (رجل من قم، يدعو الناس إلى الحق، يجتمع معه قوم قلوبهم كزبر الحديد ، لا تذلهم الرياح العواصف لا يملون من

ص: 130

الحرب ولا يجبنون، وعلى الله يتوكلون والعاقبة للمتقين)(1).

من هو هذا الرجل؟!!!

الجواب: اقول لا يوجد في الرواية تحديد لزمان هذا الحدث ، لكن مجموع صفاتها ، مضافاً اليها ما ورد في الروايات الأخرى عن قم وايران ترجح احتمال إن يكون المقصود بها الإمام الخميني (قده) وأصحابه .

س 184: هل إن نصرة أصحاب الرايات السود فريضة على كل مسلم ؟

الجواب: إن نصرتهم فريضة على كل مسلم من الجيل الذي يعاصرهم ، مهما كانت ظروفه صعبة حتى لو أتاهم حبواً على الثلج.

س 185 : من هو القائد العسكري للموطنين ؟

الجواب : هو شعيب بن صالح التميمي ، وهو اسم حقيقي له وليس رمزياً، ويعتبر من أبرز القادة العسكريين للموطئين ، وصفته شاب صغير السن ، مربوع القامة ، كوسج اللحية ، أو خفيف اللحية ، عربي الأصل من قبيلة تميم ، اصفر اللون من شدة العبادة ، ولكنه قوي صلب عنيد في الحق ، شديد على الأعداء ، ولو استقبلته الجبال

ص: 131


1- البحار : ج 60، ص216

الرواسي لهدها واتخذ منها طرقاً.

س186 : لماذا لا يكون أبو مسلم الخراساني ، هو الخراساني الذي يخرج بالرايات السود ، ويقضي على حكم بني امية : لا بد لبني أمية إن يملكوا ، فإذا ملكوا خرج عليهم الخراساني فأهلكهم ، فيكون واضح الانطباق على أبي مسلم دون شك ؟

الجواب: إن هذا الفهم لا يخلو من بعض المصاعب نذكر منها :

أولاً : إن الخبر مروي عن الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام). وهو معاصر لدولة بني أمية ... فلا يكون قوله ( لا بد البني أمية إن يملكوا ) معني واضح. بل يتعين حمله على الدولة التي لم تحدث في زمانه ، وهي دولة بني العباس . ومن المعلوم إنّ أبا مسلم أسس دولة العباسيين لا أنه أهلكها .

ثانياً : إنّ الخبر كالصريح في تعاصرحركة الخراساني والسفياني أو من المعلوم عدم تحقق حركة السفياني لحد الآن!!، إذا فحركة الخراساني لم تتحقق ... اذاً ، فهي ليست منطبقة على حركة أبي مسلم على أي حال.

س187، هل هناك تحالف بين قوة الخراساني وقوة اليماني ؟

ص: 132

الجواب: وردت اشارات تدل على تحالف اليماني مع الخراساني ومناصرته في مواجهة أعدائه .

س188 : هل يكون الخراساني مرجع تقليد أم يكون قائداً سياسياً إلى جانب المرجع كرئيس الجمهورية مثلاً ؟

الجواب: الذي يبدو من أحاديثه أنه القائد الأعلى لدولة أهل المشرق ، ولكن يبقى احتمال أن يكون قائداً سياسياً بإمرة المرجع والقائد الأعلى ، أمراً وارداً ، والله العالم.

س189: من أين تخرج الرايات السود ؟

الجواب: روى الشيخ في الغيبة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : «تَنْزِلُ اَلرَّایَاتُ اَلسُّودُ اَلَّتِی تَخْرُجُ مِنْ خُرَاسَانَ إِلَی اَلْکُوفَهِ. فَإِذَا ظَهَرَ اَلْمَهْدِیُّ (علیه السلام) بَعَثَ إِلَیْهِ بِالْبَیْعَه» .

ص: 133

الحسني

س190: من هو السيد الحسني ؟

الجواب: القائد الحسني ، هو أحد كنوز الطالقان ، ومن أبرز أصحاب القائم (عليه السلام)، يخرج من منطقة طبرستان ، مناصراً للسيد الخراساني، يقود في بلاد ایران ثورة تصحيحية، على اثر الفتنة الداخلية التي يتزعمها جماعة من المنحرفين الإيرانين ، ضد النهج الأصولي لثورة الموطئين ، تستهدف الاطاحة بالقائد الخراساني .

س 191: قد ذكرت خروج السيد الحسني أيمكننا معرفة نموذج مختصر عنه ؟

الجواب: هو الفتى الصبيح ، يخرج من طرف الديلم وقزوین، وينادي بصوت له فصيح : يا آل محمد ، أجيبوا الملهوف ، والسيد الحسني هذا هو كما يظهر من ولد الحسن المجتبى (عليه السلام) ،يخرج فلايدعو بدعوى الباطل ، ولا يدعو إلى نفسه ، اذ هو من

ص: 134

الأئمة الخلص، يتبع الدين الحق.

س 192: بعد معرفتنا بإن الحسني هو من شيعة أميرالمؤمنين (عليه السلام) المخلصين فهل يدعي النيابة الخاصة أو المهدوية ؟

الجواب : كلا ، لايدعي النيابة(1) كالنوّاب الأربعة . ولا المهدوية(2)، بل هو قائد كبير مطاع ، يمشي على درب شريعة خاتم النبيين (صلى الله عليه وآله وسلم) في القول والعمل.

س193: من هم اتباع الحسني ؟ وهل يمكن وصفهم لنا ؟

الجواب: الحسني يلتحق به جمع كبير من المؤمنين بعد إن فشا الظلم وساد الفساق ، وتجيبه كنوز الله بالطالقان ، وهي كنوز لیست من فضة ولا ذهب ، بل هي رجال قلوبهم كزبر الحديد، على البراذين الشهب ، بأيديهم الحراب.

س194: ماذا يفعل بأصحابه وأين يكون معقله - أي أين يكون مقر الحسني - ؟

الجواب : يقاتل بأصحابه الظلمة حتى يرد الكوفة وقد صفا

ص: 135


1- أنه نائب خاص للإمام المهدي ( عليه السلام)
2- أنه هو المهدي المنتظر

أكثر الأرض ، فيجعلها له معقلاً.

س195: ما يكون موقف الحسني وجيشه من الإمام المهدي (عليه السلام) ؟ هل يبايعونه أم لا؟

الجواب : يتصل الحسني بالإمام (عليه السلام) ويطلب منه دلائل الإمامة ومواريث الانبياء.

يقول الإمام الصادق (عليه السلام) : «وَهُوَ وَاللهِ يَعْلَمُ أنَّهُ الْمَهْدِيُّ، وَإِنَّهُ لَيَعْرفُهُ، وَلَمْ يُردْ بِذَلِكَ الأمْر إِلاَّ لِيُعَرفَ أصْحَابَهُ مَنْ هُوَ»

ثم إن القائم (عليه السلام) يخرج للحسني دلائل الإمامة ومواريث الأنبياء ، فيقول الحسني : الله أكبر، مد يدك يا بن رسول الله حتى نبايعك ، فيمد يده فيبايعه ، ويبايع سائر العسكر الذي مع الحسني إلا أربعة آلاف منهم.

س196: ما هو مذهب هؤلاء الأربعة آلاف الذين لم يبايعوا الإمام المهدي (عليه السلام) ؟

الجواب: هم أصحاب المصاحف المعروفون بالزيدية ، ومصاحفهم معلقة حول أعناقهم ، فإنهم إذ يرون الدلائل والمعجزات يقولون : ما هذا إلا سحر عظيم!.

ص: 136

س197: ما هو موقف الإمام المهدي (عليه السلام) اتجاه هذه الطائفة ؟

الجواب: يقبل المهدي (عليه السلام) على الطائفة المنحرفة فيعظهم ويدعوهم ثلاثة أيام، فلا يزدادون إلا طغياناً وكفراً، فيأمر بقتلهم ، فيقتلون جميعاً ، وكانت حالهم كحال خوارج النهروان الذين كانوا في عسكر أمير المؤمنين (عليه السلام) في صفين .

ص: 137

اليمانيّ

س198: هل إن ثورة اليمن الإسلامية حتمية ؟

الجواب: وردت في ثورة اليمن الإسلامية الممهدة للمهدي (عليه السلام) أحاديث تؤكد حتمية حدوث هذه الثورة وتصفها بأنها راية هدى تمهد لظهور المهدي (عليه السلام) وتنصره.

بل تصفها عدة روايات بأنها احدى الرايات في عصر الظهور على الاطلاق ، وتؤكد على وجوب نصرتها ، وتحدد الاحاديث وقتها بأنه مقارن لخورج السفياني في رجب ، أي قبل ظهور المهدي ( عليه السلام ) ببضعة شهور ، ويذكر بعضها إن عاصمتها صنعاء.

س 199: من اين تبدأ حركة اليماني ؟

الجواب : قيل يبدأ أمره من قرية كرعة ، وهي قرية في اليمن في منطقة بني خولان قرب صعدة.

ص: 138

س200: من التي تكون أهدی... راية اليماني أم راية الخراساني؟

الجواب : راية اليماني أهدى من راية الخراساني ، لأن الأسلوب الإداري الذي يستعمله اليماني في قيادته السياسية وإدراة اليمن أصح وأقرب إلى النمط الإداري الإسلامي في بساطته وحسمه ، بينما لا تخلو دولة الإيرانيين من تعقيد الروتين وشوائبه ، فيرجع الفرق بين التجربتين إلى طبيعة البساطة القبلية في المجتمع اليماني ، وطبيعة الوراثة الحضارية والتركيب في المجتمع الإيراني.

س 201: هل إن ثورة اليماني تحظى بالتوجيه المباشر من الإمام المهدي (عليه السلام) ؟

الجواب: نعم تحظى بشرف التوجيه المباشر من الإمام المهدي (عليه السلام) وتكون جزءاً مباشراً من خطة حركة ( عليه السلام) . وأن اليماني يتشرف للقائه ويأخذ توجيهه منه.

س 202: ما هي رايات الهدى ؟

الجواب: جاء في رواية طويلة عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام) ، ذكر فيها راية السفياني والخراساني ، ثم قال :« وليس في الرايات أهدى من راية اليماني . وهي راية هدى ، لأنه يدعو إلى صاحبكم ، فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على الناس وكلهم

ص: 139

مسلم . واذا خرج اليماني فانهض اليه ، فإن رايته هدى ، ولا يحل لمسلم إن يلتوي عليه ، فمن فعل ذلك ، فهو من أهل النار ، لأنه يدعو إلى الحق ، والى طريق مستقيم » .

س203 : هل إن اليماني يختلف عن الحسني ؟

الجواب: اليماني اسمه (حسن أو حسين) من ذرية زيد بن علي بن الحسين ( عليه السلام) ، أي أنه حسيني لا حسني.

س4 20 : ما هو دور اليماني عسكرياً في العراق ؟

الجواب: إن دور اليمانيين الممهدين في العراق ، فقد ذكرت بعض الروايات إن اليماني يدخل العراق على أثر غزو السفياني له ، وانه يكون لهم دور مساعد في قتال السفياني ، لأن من الطبيعي إن الدور الأساسي في الخليج لليمانيين مضافاً إلى الحجاز كما يكون الأمر الأساسي في مواجة السفياني هم أهل المشرق أصحاب الخراساني وشعيب.

سه 205: ما المراد بالنفس الزكية ؟

الجواب: يراد بالنفس الذكية : النفس الكاملة الطيبة، من زكا إذا نما وطاب. ويراد بالنمو في منطق الإسلام التكامل بالعلم والاخلاص والتضحية.

ص: 140

ويمكن أن يراد - بالدقة - من الكمال المعنى التالي :

ما هو المطلوب اسلامياً من الفرد المسلم من قوة الإيمان والإرادة واندفاع الإخلاص والتضحية . ومعه يكون المراد بالنفس الزكية شخصاً من المخلصين الممحصين في الغيبة الكبرى وأنه يقتل نتيجة للفتن والانحراف.

س6 20: قد ذكرت قتل النفس الزكية في العلامات الحتمية فمن هو؟

الجواب: قيل هو من ولد آل محمد (عليهم افضل الصلاة والسلام).

س207: وأين يكون مقتله ؟ هل يكون داخل العراق ؟

الجواب: كلا ، بل يكون مقتله ما بين الركن والمقام - أي في مكة -. وهنالك روايات كثيرة تؤكد ذلك بحيث يكون قتله ظلماً وعدواناً .

س208: كيف يكون قتل النفس الزكية ، ومن الذي يقتله؟

الجواب: إن المهدي (عليه السلام) مع خاصة أصحابه حين يهربون من وجه جيش السفياني المبعوث ضدهم ... من المدينة

ص: 141

المنورة إلى مكة المكرمة ، يصبح من الواجب على أهل مكة نصرته ، بحسب تكليفهم في نصرة المؤمنين المظلومين ضد الظالمين ممن كان على شاكلة السفياني.

ولكن لن يكون لأهل مكة استعداد للنصرة ، ويعلم الإمام المهدي (عليه السلام) بعدم استعدادهم لنصرته ، فيقول الخاصة : يا قوم ، ان اهل مكة لا يريدونني ، ولكني مرسل اليهم لاحتج عليهم ، بما ينبغي لمثلي أن يحتج عليهم.

ويكون هذا الاحتجاج اتماماً للحجة عليهم ومواجهة صريحة لهم بالموقف حتى لا يبقى منهم غافل أو مماطل . ومن هنا يفكر المهدي (عليه السلام) بأن يرسل شخصاً منه قبله إلى أهل مكة ليقوم بهذا الاحتجاج ، فيدعو بعض أصحابه ، وهو من الهاشميين ومن المخلصين الممحصين ... ويحمله رسالة شفوية معينة ، ويأمره بأن يخطب بها في المسجد الحرام بين الركن والمقام.

فيقول لهم : أنا رسول فلان اليكم ... لا دليل على أنه يورد اسم المهدي (عليه السلام) بحقيقته ويعرف المخاطبين أنه هو المهدي الموعود ، بل لعله يورد الاسم أو العنوان المعلن اجتماعياً له (عليه السلام) في ذلك الحين.

وما أن يسمع أهل مكة هذه الخطبة ، حتى يجتمعون عليه ويقتلونه بين الركن والمقام قرب الكعبة المشرفة في بيت الله الحرام . ولعلهم يقطعون رأسه ويرسلونه إلى الشام ، إلى السفياني ، ليكون

ص: 142

لهم الزلفى لديه.

س209: إن المستفاد من سياق الأخبار، إن سبب الظهور هو إثارة غضب المهدي (عليه السلام) من الحادثتين... أي قتل النفس الزكية ، وتهديد السفياني للمهدي (عليه السلام) بالقتل ؟

الجواب: هذا غير صحيح، بعد أن قامت الضرورة القطعية لدى كل مؤمن بالمهدي كونه مذخوراً لإصلاح العالم برمته . وانه ممن لا تهمه مصالحه الشخصية على الاطلاق. فكيف يصح إن يكون ظهوره ثأراً لهاتين الحادثتين؟؟؟ ..

إن هاتين الحادثتين ستغضبان الله تعالى ، لا المهدي وحده ...

بما يستبطنان من اهدار لضروريات الدين . ولكن الظهور سوف لن يكون ثاراً لأي منهما ... فإن مهمة المهدي (عليه السلام) الموعود أوسع وأعمق من هذا المجال الضيق ، بالرغم من أهميته . كل ما في الأمر إن ظهوره سيكون قريباً منهما زماناً ، باعتبار تحقق شرائط الظهور ، وليس لهاتين الحادثتين من صلة بالظهور الا ما قلناه من الكشف عن تحقق الشرائط ، وهذا في واقعة ، يمثل احدى الفروق الجوهرية بين شرائط الظهور وعلاماته .

س210: إن هذا التسلسل التاريخي مناف مع شرائط الظهور هي حكم الفصل في انجازه عند تحققها ، وهذه

ص: 143

الاخبار تدل على أن سبب الظهور هو تهديد السفياني للمهدي ( عليه السلام) بالقتل ، وقتل النفس الزكية ، فأيهما نأخذ؟

الجواب: إن كلا الفكرتين صادقتان وكلا السببين صحيح في نفسه وليس قتل النفس الزكية وتهديد المهدي (عليه السلام) إلا نتيجة من نتائج نجاز شرائط الظهور.

فإن التخطيط العام السابق على الظهور ، بما له من خصائص وصفات ، فنتج لعدة نتائج يهمنا الآن منها اثنتان :

النتيجة الأولى: وجود العدد الكافي من الافراد المخلصين الممحصين ، لغزو العالم بالعدل بين يدي الإمام المهدي (عليه السلام) . وهذا هو الشرط الأخير المتبقي من شرائط اليوم الموعود الثلاثة . وبمجرد نجازه يتم الظهور وينجز اليوم الموعود.

النتيجة الثانية : تطرف العدد الأكبر من أفراد المسلمين ، فضلاً عن غيرهم، إلى جانب الانحراف والضلال، وأخذهم بالأفكار اللاإسلامية وعصيانهم أحكام الإسلام .

وكلما ازداد الزمان ، ازدادت نتائج التمحيص تركيزاً ... وحصلت كلتا النتيجتين بشكل اوسع وأوضح ، فيتكاثر في احد الجانبين قوی الحق والاخلاص ، ويتكاثر في الجانب الآخر انحراف المنحرفين وظلم الظالمين ، على مختلف المستويات الإجتماعية حتى يصبح جانب الانحراف والفساد في المجتمع المسلم عاصياً لأوضح احکام

ص: 144

الإسلام ، ومنكراً لضروريات الدين ومهدداً لحرمات الشريعة من اجل مصالحة وشهواته ... الأمر الذي ينتج أفظع النتائج لدى احتكاك اجتماعي بين الجانبين.

ومعه تكون كلتا النتيجتين اللتين سمعناهما من الأخبار ، طبيعية وواضحة، فموقف المهدي (عليه السلام) من السفياني سوف لن يكون الا الشجب والاستنكار ، في حدود المقدار الممكن له حال غيبته ... الأمر الذي يولد رد الفعل لدى السفياني بإرسال الجيش وتهديده بالقتل. وأما موقف النفس الزكية فواضح من خطبته ، وإن هو الا صورة أخرى من صور الشجب والاستنكار ؟

وسيكون رد الفعل هو قتله من داخل بيت الله الحرام

وستكون ردود الفعل هذه متطرفة إلى درجة اهدارها للأحكام الضرورية في الدين ، الأمر الذي يكشف عن تمخض التخطيط والتمحيص الالهيين عن نتائجهما المطلوبة ... فيكون موعد اليوم الموعود قد تحقق.

س 211: من أين للنفس الزكية حصول مثل هذا الجمع واستعمال المكبرات؟

الجواب: اننا لم نلاحظ في ( النفس الزكية ) إلا جهته الخفية وهو أنه من خاصة الإمام المهدي (عليه السلام) في أواخر عصر الغيبة ، ولم يتيسر لنا ملاحظة الجهة الاجتماعية المعلنة له عادة .

ص: 145

إنّ اختيار المهدي (عليه السلام) له لينوب عنه بالتبليغ ، ليس جزافياً ، الا بعد إحراز النجاح في ذلك ، أعني التبليغ ، وله القابلية الفكرية والاجتماعية له، أن الجهة الاجتماعية المعلنة له دخيلة لا محالة في ترجيح اختياره.

فقد يكون هو الرجل خطيباً معروفاً أو وجيهاً أو له درجة من المسؤولية والسلطة في المجتمع ، ومن الممكن له أن يجمع الناس ويخطب بهم بواسطة أجهزة التكبير .

وخاصة إذا عرفنا أنه سيقول قولته والناس لا زالت مجتمعة بعد الحج ، فقد وردت روايات تعرب عن أن الظهور سيتم في اليوم العاشر من محرم الحرام، فإذا استثنينا من ذلك خمس عشرة ليلة ، كان موعد خطاب النفس الزكية هو اليوم الخامس والعشرين من شهر ذي الحجة الحرام ، أي بعد انتهاء أعمال الحج بحوالي عشرة ايام .

س 212: كيف أمكن للنفس الزكية أن يطلع على حقيقة الإمام المهدي (عليه السلام) خلال عصر غيبته، ويحمل منه الرسالة إلى أهل مكة مع ان ذلك متعذر بالنسبة إلى كل أحد، إلى حين حصول الظهور ؟

الجواب: إن الإرسال كان من قبل الإمام المهدي (عليه السلام) نفسه . وهو العالم بالمصالح ، ويستطيع ان يكشف حقيقته للفرد، أياً كان ، في حدود ما يعرفه من ملابسات وحقائق .

ص: 146

س 213: نحن نعرف أن مصلحة الغيبة مقدمة على كل مصلحة، فكيف جاز للامام ( عليه السلام ) أن يكشف حقيقته أمام هذا الرجل ، مهما كان صالحاً ؟

الجواب: بما أن مصلحة الظهور واليوم الموعود نفسه ، أصبحت متوقفة علىانكشاف الغيبة بالنسبة إلى هذا الشخص ، ونعرفه على حقيقته المهدي (عليه السلام ) ... فيكون مقتضى تقديم مصلحة ، هو هذا الانكشاف لا الغيبة.

أو لربما يكون النفس الزكية من الأناس الذين فازوا برواية المهدي (عليه السلام) ، ومن الذين يكون مؤهلاً للمشاركة في مهام الظهور ، إذ لا يحتمل أن يكون مورد خطر بالنسبة للإمام (عليه السلام).

س214: ما هو السبب بعدم كون النفس الزكية هو : محمد بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ( عليه السلام)؟

الجواب: نحن نعلم بأن محمد بن عبدالله قد حصل مقتله في العهد العباسي الأول ، وجاءت روايات كثيرة مضمونها واحد نذكر منها تلك الرواية عن الصادق (عليه السلام) - واللفظ للمفيد - أنه قال : ليس بين قيام القائم (عليه السلام) وقتل النفس الزكية ، أكثر

ص: 147

من خمس عشرة ليلة .

سه 215: لماذا لا ينصر أهل مكة الإمام المهدي (عليه السلام)؟

الجواب: أقول: أما لأجل اختلاف مذهبهم عن مذهب المهدی (عليه السلام) في الإسلام ، وأما لأجل خوفهم من سطوة السفياني وسلطته . وحسبنا أننا سمعنا السفياني دخل الحجاز من دون مقاومة عسكرية ، لمدى الرهبة والخوف الذي زرعه في النفوس. ومن هنا يحافظ اهل مكة على مصالحهم الخاصة وينكمشون ضد المهدي (عليه السلام) ... أعني : بعنوان المعلن وإن جهلوا حقيقته.

س 216: أقول كيف يتيسر لرجل واحد - كالنفس الزكية . أن يخاطب اهل بلدة بكاملها ، بشكل طبيعي غير اعجازي ؟

الجواب: أقول: إن هذا السؤال يحتوي على سذاجة واضحة ، الوضوح كفاية قيام الفرد خطيباً في المسجد الحرام المحتشد بأهل مكة ، مستعملاً الأجهزة الحديثة لبث الصوت وتكبيره. لكي يستطيع الفرد أن يخاطب لأهل مكة جميعاً ، ويبلغ الحاضر منهم الغائب في أقلّ من ساعة من نهار.

س217 : هل هناك نفس زكية غير التي تقتل بين الركن

ص: 148

والمقام؟

الجواب: نعم قتل النفس الزكية بظهر الكوفة في سبعين ، فيستقرب بعضهم انطباقه على السيد الشهيد الصدر (قده) ، وظهر الكوفة هي النجف.

س 218: جاء في مخطوطة ابن حماد ص 88 ، عن ابن شهاب يصف فيه حركة السفياني وقتله للأخرين - إلى أن يقول - ويقتل اخوين من قريش رجل وأخته يقال لهما فاطمة ومحمد ويصلبهما على باب مسجد المدينة.

فمن يكونان هؤلاء الأخوين ؟

الجواب: تذكر روايات أخرى أن هذا السيد واخته هم ابناء عم النفس الزكية الذي يرسله الإمام المهدي (عليه السلام) إلى مكة فيقتلونه في المسجد الحرام قبل ظهوره (عليه السلام) بخمس عشرة ليلة. وانهما يكونان فارّين من العراق من جيش السفياني ، ويدلهم عليهما جاسوس يكون معهما في العراق.

س 219 : قد ذكرت بعض الروايات أن المهدي (عليه السلام) يهرب و المنصور من جيش السفياني فمن يكون المنصور ؟

الجواب: يبدو أن المنصور هو النفس الزكية الذي يقتل بين الركن والمقام.

ص: 149

العلامات الحتمية الأخرى

س 220: متى يتم اختلاف بني العباس وانقراض دولتهم بعد أو قبل قيام القائم (عليه السلام) ؟

الجواب: قد جاء العلم بذلك في الأخبار الواردة ، وانهم يختلفون قبل قيام القائم (عليه السلام) وتنقرض دولتهم من جهة خراسان.

س 221: ما هي العلامات التي تظهر في رجب ؟

الجواب : روى الشيخ الصدوق عن الإمام الرضا (عليه السلام) أنه قال:

«لا بد للشيعة من فتنة صماء صيلم ، وذلك عند فقدان الثالث / من ولدي، يبكي عليه أهل السماء وأهل الأرض ، فإذا اقترب ظهوره نودي الناس في رجب ثلاثة أصوات من السماء يسمعها جميع الخلق»:

الصوت الاول : «اَلا لَعْنَهُ اللّهِ عَلَی الْقَوْمِ الظّالِمینَ».

ص: 150

والصوت الثاني : «أزفت الأزفة» أي : قرب الأمر الذي يقع يوماً بيوم ووقتاً بوقت .

والصوت الثالث : «يرون بدناً بارزاً نحو عين الشمس ، وينادي منادٍ : هذا أمير المؤمنين (عليه السلام) قد كر في هلاك الظالمين»، فعند ذلك يأتي الناس الفرج .

س 222: قلت يقع كسوف وخسوف في الشمس والقمر متى يحدث ذلك ؟

الجواب: الكسوف يقع في الخامس من شهر رمضان ، ويقع الخسوف في آخره. وهذا الشكل يختلف عن الشكل الاعتيادي له .

س223: في زماننا هذا كل شيء ممكن فيستطيع الإنسان مستقبلاً ان يفعل الخسوف والكسوف فيكون من فعله وذلك عن طريق اطلاق جرم، فإذا كان كذلك ، فكيف يكون ذلك علامة على اليوم الموعود ؟

الجواب:

أولاً: لعلّ البشر يطلقون الجرم لا لأجل أحداث الكسوف والخسوف ، بل بغرض آخر، فيترتب عليه من حيث لا يعلمون ، فإذا كان من الضروري أن تكون العلامة قهرية الوقوع ، فهذه بمنزلة العامة القهرية .

ص: 151

ثانياً : إن البشر حتى لو كانوا ملتفتين إلى امكان حدوث الكسوف والخسوف من اطلاق الجرم ، إلا إن الذين يطلقونها لا يحملون عن المهدي (عليه السلام) وعلامات ظهوره اية فكرة ، فتكون هذه العملية بالنسبة إلى فكرة علاميتها كالقهرية.

ثالثاً: إن البشر الذين يطلقون الجرم حتى لو التفتوا إلى فكرة العلامية ، إلا انهم لا يمكن أن يطلقونه إلا بعد بلوغهم مستوى (مدنياً) معنياً، فمن الممكن أن تكون العلامة في الواقع هو هذا المستوى المدني العلمي وانما ذكرت الروايات وجود الكسوف والخسوف للإشارة اليه ، بشكل لا ينافي المستوى الفكري العام لعصر دور الأخبار.

س 224: قد ذكرت من العلامات المحتومة ظهور كفّ من السماء ، هل هنالك رواية تؤكد ذلك ؟

الجواب: نعم ذكرنا ذلك ، وهناك روايات كثيرة على ذلك منها : أخرج فی(1)ولفظه يساوي لفظ ابن طاووس في الملاحم والفتن ، وفي عقد الدرر الحديث (146) من الباب (4) نقلاً من كتاب الفتن لنعيم بن حماد عن الزهري قال : إذا التقى السفياني والمهدي للقتال، يومئئذٍ ، يسمعون من السماء صوتاً، ألا إن أولياء الله من أصحاب فلان (يعني المهدي (عليه السلام)) (ثم قال) الزهري: قالت اسماء

ص: 152


1- العرف الوردي ج2 ص76 الحديث.

بنت عميس ، إن إمارة ذلك اليوم أن كفاً من السماء مدلات ينظر إليها الناس.

وقيل في رواية أخرى : ظهور وجه وصدر وكف في عين الشمس.

وذلك في عقد الدرر في الحديث (147) أخرج حديثاً عن ابن عباس قال: لا يخرج المهدي حتى تطلع مع الشمس آية .

سه 225: هل يوجد نداء آخر قبل ظهور حجة الله (عليه السلام) ، وهل يعتبر من الحتميات؟

الجواب: نعم ، هنالك نداء سماوي آخر قبل ظهور حجة الله (عليه السلام) ، وهو ايضاً في عداد الحتميات التي لا بد من وقوعها ، يسمعه اهل المشرق والمغرب ، وذلك المنادي هو جبرئيل الذي ينادي بأعلى صوته : الحق مع علي وشيعته ، ثم ينادي إبليس في وسط النهار بين الأرض والسماء بنداء يسمعه الجميع : الحق مع عثمان وشيعته ، وتكون هذه الصيحة لثلاث وعشرين مضين من شهر رمضان.

س226: قد ذكرت الصيحة والنداء السماويان وقد أكدت في سؤال سابق عنهما أنهما من المحتومات لكننا نريد توضيح أكثر من ذلك ؟

الجواب: قد ذكرنا إنها من الحتميات ، وهنالك اخبار كثيرة تدل

ص: 153

على ذلك ، فقد جاء في حديث المفضل بن عمر (ره) عن الصادق (عليه السلام) أنه قال:

«يدخل القائم (عليه السلام) مكة ، ويظهر إلى جانب الكعبة ، فإذا طلعت الشمس واضاءت صاح صائح بالخلائق من عين الشمس يسمعه من في السماوات والأرضين : يا معشر الخلائق ، هذا مهدي آل محمد ، ويسميه جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويكتيه ، وينسبه إلى أبيه الحسن الحادي عشر إلى الحسين بن علي صلوات الله عليهم أجمعين.

ثم يقول : بايعوه تهتدوا، ولا تخالفوا أمره فتضلوا» .

س227 : عند حدوث الصيحة من هو أول من يتبعه ؟

الجواب: في نفس الحديث السابق من الصادق (عليه السلام) أنه قال :

أول من يقبل يده الملائكة ، ثم الجن ، ثم النقباء ، ويقولون : لبيك ، سمعنا وأطعنا ، وتقبل الخلائق من البدو والحضر ، والبرّ والبحر ، يحدث بعضهم بعضاً ، ويتفهم بعضهم بعضاً ما سمعوا بآذانهم.

ص: 154

العلامات غير الحتمية

س 228 : هل هنالك علامات غير الحتمية ؟

الجواب: نعم هنالك علامات غير الحتمية كثيرة . ظهر بعضها، وبعضها الآخر لم يقع بعد ، ونشير هنا إلى بعضها بنحو الإجمال :

1- هدم حائط مسجد الكوفة.

2- انبثاق نهر من شط الفرات وجريانه في أزقة الكوفة.

3- اعمار مدينة الكوفة بعد خرابها.

4- خروج الماء من بحر النجف.

5 - جريان نهر من الفرات إلى الغري ، وهو النجف الأشرف.

6- ظهور نجم مذئب قرب نجم الجدي.

7- وقوع قحط شديد قبل ظهوره (عليه السلام).

8- وقوع زلزال شديد وانتشار الطاعون في كثير من البلاد.

9- القتل البيوح : وهو القتل الكثير الذي لا يهدأ.

10- تخلية المصاحف وزخرفة المساجد وتطويل المنابر.

ص: 155

11- خراب مسجد براثا

12- ظهور نار مشرق الأرض تبقى في الجو ثلاثة أيام أو سبعة، وتكون مبعث تعجب وخوف.

13- زهور حمرة شديدة في أطراف السماء تمتد حتى تنتشر في آفاقها.

14- كثرة القتل وسفك الدماء في الكوفة من قبل رايات مختلفة.

15- إقبال رايات سود من قبل خراسان.

16- مسخ لطائفة من اهل البدع حتى يصيروا قردة وخنازير

17- نزول مطر شديد في جمادى الثانية ورجب ، لم ير أسهم مثيل له.

18- اطلاق العنان للعرب يعملون ما شاؤوا ، ويتجهون أني شاؤوا.

19- خروج الناس من سلطان العجم.

20- طلوع نجم بالمشرق يضيء كما يضيء القمر ، ثم ينعطف حتى يكاد يلتقي طرفاه ، وله بريق يغشي العيون .

21- غلبة ظلمة الكفر والفسوق والعصيان على العالم.

س 229، نرجو توضيح ما المقصود بغلبة ظلمة الكفر والفسوق والعصيان على العالم.

الجواب: لعل المقصود بهذه العلامة غلبة الكفر والفسق والفجور والظلم على العالم ، وانتشار ذلك في الأقطار كافة ، واشتداد

ص: 156

ميل الخلق إلى عادات الكفار وأطوارهم من قول وفعل ، ومعاش وأوضاع دنيوية ، والتشبه بهم في الحركات والسكنات أو المساكن واللباس ، ومجاراتهم في ضعفهم وتكاسلهم في أمور الدين وأثار الشريعة ، وعدم تقيدهم بالآداب الشرعية، وخاصة في هذا الشهر من الزمان الذي يشتد فيه يوماً فيوماً التشبه بأهل الكفر في جميع النواحي الدنيوية ، بل في اقتباس قواعد الكفر عنهم والعمل بها في الأمور الظاهرية ، وما أكثر ما يقع الاعتقاد والاعتماد الكامل على اقوالهم وأعمالهم ، والوثوق التام بهم في الأمور كافة ، وربما سرى هذا إلى الكثير من المعتقدات حتى تخلى الناس بالمرة عن اصول العقائد الاسلامية بل أخذوا يعلمون الأطفال ادابهم وقواعدهم كما هو مرسوم فعلاً ، فلا يدعون في البداية لأداب الإسلام وقواعده أن ترسخ في أذهانهم ، حتى إذا وصلوا إلى سن البلوغ ، انجرفوا بالكلية نحو فساد العقيدة ، وعدم التدين بدين الإسلام ، وتستمر على هذا المنوال حياتهم ، وحياة اولئك الذين يعيشون معهم من الأهل والعيال .

بل إنك لو أمعنت النظر لرأيت ان الكفر قد أحاط بالعالم إلا أقل القليل من عباد الله ، الذين هم في الغالب من ضعاف الإيمان ونواقص الإسلام، ذلك لأن أكثر بلاد المعمورة واقع تحت سيطرة الكفار والمشركين والمنافقين... فينبغي لتلك القلة من عباد الله المؤمنين ان يسألوا الله تعالى ليلاً ونهاراً، وتضرعاً وابتهالاً- التعجيل بفرج آل محمد (عليهم السلام)-.

ص: 157

الغيبة الكبرى

س 230 : متى وقعت الغيبة الكبرى ؟

الجواب : بعد وفاة الشيخ أبي الحسن علي بن محمد الشمري ، انقطعت السفارة ، ووقعت الغيبة الكبرى.

س 231: من ادعى المشاهدة على طبق السفارة والنيابة الخاصة من الإمام (عليه السلام) في عصرنا هذا هل يجب ابتاعه ؟ واذا كان الجواب بلا ، فمن يجب اتباعهم ؟

الجواب: أقول : من ادعى السفارة والنيابة الخاصة ، أو ادعى المشاهدة على طبقها فهو كذاب مفتر على الحجة عجل الله فرجه ، بل ان مرجع الدين وأحكام الشريعة يعود بأمره (عليه السلام) إلى العلماء والفقهاء والمجتهدين الذين تثبت النيابة لهم على سبيل العموم ، كما خرج التوقيع الشريف بذلك في الاجابة عن مسائل اسحاق بن يعقوب ، وهو من أجلة علماء الشيعة وحملة الأخبار، فقد وسط اسحاق بن يعقوب محمد بن عثمان بن سعيد العمري ان يوصل

ص: 158

له كتاباً سأل فيه عن مسائل ، فورد التوقيع بخط صاحب الزمان (عليه السلام) ومما جاء فيه :

«وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ، فإنهم حجتي عليكم ، وأنا حجة الله عليهم».

وفي رواية أخرى عن الإمام الباقر محمد الباقر (عليه السلام) أنه جاء بما نصه :

«انظروا إلى من كان منكم قد روى حديثنا ، ونظر في حلالنا وحرامنا ، وعرف احكامنا فارضوا به حكماً ، فإني قد جعلته عليكم حاكماً، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنما بحكم الله استخف ، وعلينا رد أو الراد علينا راد على الله ، وهو في حد الشرك بالله».

وفي رواية أخرى : « مجاري الأمور بيد العلماء بالله ، الأمناء على حلاله وحرامه» .

ويستفاد من أمري حجة الله هذين أن العلماء وحفظة علومهم وأخبارهم وأثارهم الذين هم من أصحاب النظر وأهل الاستنباط عن علم ومعرفة ، العارفين بما صدر عنهم من احكام هم الذين امر المكلفون بالرجوع اليهم في مسائل الحلال والحرام وقطع المنازعات ، إذ ما يقولونه حجة على عامة المكلفين، لتوفر شرائط الفتيا فيهم من قدرة على الاستنباط ، ومن العدالة والبلوغ والعقل ، وسائر شروط الاجتهاد ، ولهم النيابة العامة ، إذ ان الخلق مكلفون - من باب الإلجاء والاضطرار - بالرجوع اليهم ، أما غير هذا ، من تعيين نائب

ص: 159

خاص في زمان الغيبة الكبرى فلم يأمر (عليه السلام) بذلك ، بل أنه حکم بانقطاع السفارة أو النيابة الخاصة.

س 232 : إن بعض الأخبار تدل على أن الغيبة الطويلة تحدث قبل القصيرة ، كقوله في بعضها : للقائم غيبتان إحداهما طويلة والأخرى قصيرة. وقوله في الخبر الأخر : إحداهما أطول من الأخرى. وهذا ما دل على ما ذكرناه، ما هو المراد من ذلك ؟

الجواب: إن المراد من ذلك، الإخبار عن وجود الغيبتين. و أما تقديم الغيبة الطويلة بالذكر، فباعتبار أهميتها لا باعتبار سبقها الزماني على الغيبة الأخرى . وقد قال في نفس الخبر: فالأولى يعلم بمكانه الخاصة من شيعته، والأخرى لا يعلم بمكانه فيها إلا خاصة مواليه في دينه. وهو نص بتقدم الغيبة الصغرى التي تتصف بقلة الإحتجاب على صاحبتها.

س233 : قوله في بعض الأخبار: يظهر في الثانية فإنه دال على أنه ( عليه السلام) يظهر خلال الغيبة الثانية. فكيف يصح ذلك ؟

الجواب: إن هذه الفكرة التي فهمها السائل تتضمن تهافتاً في التصور. لتنافي الغيبة مع الظهور، فلا معنى لأن يظهر وهو غائب.

ص: 160

وإنما المراد أنه يظهر بعد إنتهاء الغيبة الثانية. كما هو معلوم

س 234 : قوله في بعض تلك الأخبار: إن لصاحب هذا الأمر غيبتين في إحداهما يرجع إلى أهله. وهو دالّ على أن المهدي ( عليه السلام ) خلال الغيبةالصغرى يرجع إلى أهله، فما معنى ذلك ؟

الجواب: إن الإمام المهدي (عليه السلام) كان ساكناً في دار أبيه في سامراء ردحاً من عصر غيبته الصغرى. وهو دار أهله بطبيعة الحال، كما نطق هذا الخبر.

ويحتمل أن يكون المراد إعطاء فكرة قلة الإخفاء خلال الغيبة الصغرى، مشبهاً بمن يخرج من أهله ويعود. ومن هنا يقول الخبر - بالنسبة إلى الغيبة الكبرى - والأخرى يقال : هلك في أي وادٍ سلك.

س 235 : كيف يمكن للإمام ( عليه السلام ) أن يختفي عن الناس دون أن يعرفوه ؟

الجواب: هناك أطروحتان لمعرفة ذلك وهما :

1 - أطروحة خفاء الشخص وهي أن المهدي ( عليه السلام ) يختفي جسمه عن الأنظار، فهو يرى الناس ويرونه ، وبالرغم من أنه قد يكون موجوداً في مكان إلا أنه يرى المكان خالياً منه.

2 - أطروحة خفاء العنوان : ونريد به أن الناس يرون الإمام

ص: 161

المهدي ( عليه السلام) بشخصه بدون أن يكونوا عارفين أو ملتفتين إلى حقيقته.

س 236 : حسب الأطروحة الثانية (خفاء العنوان) إذا كان المهدي (عليه السلام) ظاهراً بشخصه للناس، وهم لا يعرفونه، فكيف لا يلتفتون إليه طوال السنين، و هم يرونه باقياً لا يموت، على حين يموت غيره من الناس؟

الجواب: في هذا السؤال غفلة عن الأسلوب الذي يمكن المهدي (عليه السلام) أن يتخذه تلافياً لهذا المحذور. فإنه لو عاش في مدينة واحدة حقبة طويلة من الزمن لانكشف أمره لا محالة. ولكنه - بطبيعة الحال - لا يعمل ذلك، بل يقضي في كل مدينة أو منطقة عدداً من السنين تكون كافية لبقاء غفلة الناس عن حقيقته.

فلو كان يقضي في كل مدينة من العالم الإسلامي خمسين عاماً لكان الآن قد أكمل سکنى إثنتين وعشرين مدينة. وتوجد في العالم الإسلامي أضعاف ذلك من المدن التي يمكن للمهدي (عليه السلام) أن يسكنها تباعاً. كما يمكن أن يعود إلى نفس المدينة التي سكن بها بعد جيلين أو أكثر وانقراض من كان يعرف شخصه من الناس.

ومن البسيط جداً أن لا ينتبه الناس إلى عمره خلال السنوات التي يقضيها في بلدتهم. فإن هناك نوعاً من الناس، نصادف منهم العدد غير القليل، تكون سحنتهم ثابتة التقاطيع على مر السنين.

ص: 162

فلو فرضنا - في الأطروحة - كون المهدي (عليه السلام) على هذا الغرار، لم يكن ليثير العجب بين الناس بعد أن يكونوا قد شاهدوا عدداً غير قليل من هذا القبيل.

ثم حين يمر الزمان الطويل، الذي يكون وجود المهدي (عليه السلام) فيه ملفتاً للنظر ومثيراً للانتباه يكون المهدي (عليه السلام) قد غادر هذه المدينة بطريقٍ اعتيادي جداً إلى مدينة أخرى ليسكن فيها حقبةً من السنين. وهكذا.

س 237 : كيف تتم المقابلة مع الإمام (عليه السلام) في عصر الغيبة الكبرى، على الشكل الوارد في أخبار المقابلة؟

الجواب: إن حدوث المقابلة، في غاية البساطة فإنه (عليه السلام) إذ يرى المصلحة في مقابلة الشخص، فإنه يكشف له عن حقيقته إما بالصراحة، أو بالدلائل التي تدل عليه في النتيجة، لكي يعرف الفرد أن الذي رآه هو المهدي (عليه السلام) ولو بعد حين.

والمهدي يحتاج في إثبات حقيقته لأي فرد إلى دليل، كجهل الناس جهاً مطلقاً بذلك. وهو يعبر عن معجزة يقيمها الإمام (عليه السلام) في سبيل ذلك، وهذه المعجزة تقوم في طريق إثبات الحجة على المكلفين ، فتكون ممكنة وصحيحة، وهي طريق منحصر لإثبات ذلك، كما هو واضح، إذ بدونها يحتمل أن لا يكون هو المهدي (عليه السلام) على أية حال. والغالب في أخبار المشاهدة أن الفرد لا ينتبه إلى حقيقة

ص: 163

المهدي ( عليه السلام) إلا بعد فراقه، ومضي شيء من الزمان. لأن الفرد لا يستطيع أن يشخص أن ما قام به المهدي (عليه السلام) هو من المعجزات الخاصة به، إلا بعد مفارقته بمدة وبذلك يضمن المهدي (عليه السلام) خلاصه من الإطلاع الصريح المباشر على حقيقته في أثناء المقابلة، فتندفع عنه عدة مضاعفات محتملة.

س 238 : كيف يختفي المهدي (عليه السلام) بعد إنتهاء المقابلة مع الأشخاص ؟

الجواب: يختفي ( عليه السلام ) بطريق طبيعي، لعدم إنحصارالتخلص بالمعجزة

س 239: إن من يرى المهدي (عليه السلام)، فسوف يعرفه بشخصه، وسوف يعرفه كلما يراه. وهو ما يؤدي بالمهدي (عليه السلام) تدريجيا الى انكشاف أمره وانتقاء غيبته المتمثلة بخفاء عنوانه والجهل بحقيقته. إذ من المحتمل للرائي أن يخبر الآخرين بذلك، فيعرفون حقيقته و ينكشف أمره؟ فكيف يمكن الخلاص من ذلك؟

الجواب: إن الفرد الذي يحظى بمقابلة المهدي (عليه السلام)لن يكون إلا من خاصة المؤمنين المتكاملين في الإخلاص - على الأغلب - و مثل هذا الفرد يكون مأمونا على إمامه (عليه السلام)

ص: 164

من النقل الى الآخرين. فإن الناس لا يعلمون من هذا الشخص أنه رأي المهدي وعرفه، وله الحرية في أن يقول ذلك أو أن يستره، أو أن يبدي بعض الحوادث ويخفي البعض الآخر بالمقدار الذي يحقق به مصلحة الغيبة والستر على الإمام الغائب (عليه السلام).

س 240: إذا لم يكن الرائي للإمام (عليه السلام) مأمونا، واقتضت المصلحة مقابلته فكيف يمكن أن نؤمن بأنه لا يكشف عن أمر الإمام (عليه السلام)؟

الجواب: إذا لم يكن الرأي مأمونا، فيما إذا اقتضت المصلحة مقابلته، فقد يكون بعيد المزار جدا، ويكون المهدي (عليه السلام) عالما سلفا بأنه لن يصادفه في مدينته أو في الأماكن التي يطرقها طيلة حياته. ومعه فيكون الخطر المشار إليه في السؤال غير ذي موضوع.

س 241: إذا كان الرائي قريبا في مكانه من المنطقة التي يسكنها المهدي (عليه السلام) ولم يكن مأمونا؟ كيف يمكن أن نأمن خطره؟

الجواب: لعل أوضح تخطيط وأقربة الى الأذهان أن يغير زيه الذي يعيش به عادة بين الناس ليقابل الفرد المطلوب بزي جديد. ومن هنا نرى الإمام المهدي (عليه السلام) - على ما دلت عليه الروايات - يقابل الناس بأزياء مختلفة ففي عدد من المرات يكون

ص: 165

مرتديا عقالا وراكبا جملا و فرسا. وفي مرة أخرى بشكل فلاح يحمل المنجل، وأخرى على شكل رجل من رجال الدين العلويين. وهذا أحسن ضمان لعدم إلتفات الناس الى شخصيته المتمثلة بالزي العادي.

س 242: لوفرض أنه احتاج الأمر وانحصر حفظ الامام (عليه السلام) بالإعجاز بطريق الاختفاء الشخصي، لو قابله الشخص الرائي، ماذا يكون العمل؟

الجواب: لكان ضروريا ومتعينا الإعجاز بطريق الاختفاء الشخصي، أو تكون المعجزة على شكل نسيان الرائي لسحنة الإمام (عليه السلام) بعد المقابلة.

س243: ما هو تكليف الإمامم المهدي (عليه السلام) عموما في الإسلام عند ظهوره وعدم وجود المانع عن عمله؟

الجواب:

1- وجوب تولية رئاسة الدولة وقيادة الأمة .

2 - وجوب الدعوة الإسلامية.

3- وجوب الحفاظ على المجتمع المسلم ضد الغزو الخارجي، والدفاع عن بيضة الإسلام بالنفس والنفيس.

4 - وجوب الحفاظ على المجتمع المسلم ضد الإنحراف وشيوع

ص: 166

الفساد في العقيدة أو السلوك بالتوجيه الصالح بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتبليغ تعاليم الإسلام.

5- وجوب اغاثاة الملهوف وإعانة المضطر.

6- الحفاظ على قواعده الشعبية ومواليه وعلى حسن علاقتهم بالآخرين وحسن تلقيهم تعاليم الدين وتطبيقهم أحكام الإسلام.

س244: هل الإمام المهدي (عليه السلام) متزوج ؟

الجواب : الجواب يكون على مستويين:

المستوى الأول: حسب أطروحة خفاء الشخص، فهي - بغض النظر عن الأخبار الخاصة - تقتضي أن لا يكون المهدي متزوجا، وأن يبقى غير متزوج طيلة غيبته.

المستوى الثاني: حسب أطروحة خفاء العنوان، فإن الأمام المهدي (عليه السلام) متزوج في غيبته الكبرى بالفعل. وذلك لأن فيه تطبيقا للسنة المؤكدة في الإسلام.

وحسب اعتقادي الثانية أصح ....

سه 245: هل للإمام المهدي ( عليه السلام ) ذرية أم لا : هذا بعد أثباته أنه متزوج؟

الجواب: تذكر رواية الأنباري، إن للحجة المهدي ( عليه السلام) عدة أولاد في الجزر المجهولة في البحر المتوسط.

ص: 167

أولهم : طاهر بن محمد الحسن. وهو يحكم إحد تلك الجزرالمسماة بالزاهرة.

ثانيهم : قاسم بن محمد بن الحسن . وهو يحكم الجزيرة بالرائقة.

ثالثهم : إبراهيم بن صاحب الأمر. وهو يحكم بلدة هناك تسمى بالصافية.

رابعهم : عبد الرحمن بن صاحب الأمر. وهو يحكم بلدة باسم طلوم

خامسهم : هاشم بن صاحب الأمر وهو يحكم بلدة باسم عناطيس.

وكلهم يحكمون تحت الإشراف العام لأبيهم صاحب الأمر المهدي ( عليه السلام ). وإن لم تدل الرواية على أنهم يرونه ويجتمعون به اولا.

س246: هل بأمكاننا أن نحتمل بقاء أولاده (عليه السلام) إلى هذا الزمان الذي نحن فيه، لأن الرواية قد رويت في القرن السادس الهجري ؟

الجواب: ليس بأمكاننا أن نحتمل طول عمر أولاده ولا زوجته أيضا بالشكل الخارج عن الطبيعي من أعمار الآخرين من الناس. فلو صحة الرواية، يتعين أن يكون قد تم زواجه ووجود أولاده في مثل ذلك

ص: 168

العصر

س 247: هل الإمام المهدي (عليه السلام) متزوج حاليا ، وهل له ذرية ؟

الجواب: إن زواجه في العصور المتقدمة، أو في العصور المتأخرة عنه، أو وجود ذرية له فيها، لا تتعرض له الرواية.

س248: أين يكون مكان الإمام المهدي (عليه السلام) في غيبته الكبرى؟

الجواب: هناك رواية تبين لنا ذلك وهي- أي مضمونها - أن المهدي (عليه السلام) قال لمحمد بن إبراهيم بن مهزيار حين قابله: يا أبن المهزيار....أبي أبو محمد عهد إلي أن لا أجاور قوما غضب الله عليهم ولعنهم ولهم الخزي في الدنيا والآخرة ولهم عذاب أليم. وأمرني أن لا أسكن من الجبال إلا وعرها، ومن البلاد إلا عفرها... الخ كلامه. وهو دال على تعيين مكان المهدي (عليه السلام) في البراري والقفار النائية... سواء في ذلك عصر غيبته الصغرى، وعصر غيبته الكبرى . وسواء أخذنا أطروحة خفاء الشخص أو أطروحة خفاء العنوان. فإنه منسجم مع تلك الإطروحتين.

ص: 169

س 249: هل يرى المهدي (عليه السلام) على الدوام، بحيث نستطيع أن تقابله أو تحادثه متى سنح لك ذلك ، أم لا؟

الجواب: يختلف الجواب على مثل هذا السؤال :

1- أن رأينا أطروحة صحة أطروحة خفاء الشخص، كان الجواب بالنفي لا محالة، ما لم تتعلق مصلحة خاصة وإرادة من قبل المهدي (عليه السلام) في الظهور والمقابلة.

2 - أن رأينا صحة أطروحة خفاء العنوان فيمكن مقابلته على مستويات.

أ- مقابلة المهدي (عليه السلام) بشخصيته الثانية، حال كونه مجهول الحقيقة مغفولا عنه بالمرة.

ب - مقابلة المهدي (عليه السلام) بصفته الحقيقية، مع عدم الالتفات إلى ذلك إلا بعد إنتهاء المقابلة.

ج - مقابلة المهدي (عليه السلام) بصفته الحقيقية مع الالتفات إلى ذلك في أثناء المقابلة.

س 250: إذا كان الشخص الذي يريد المهدي (عليه السلام) مقابلته بعيدا عنه، بحيث يحتاج إلى سفر طويل فما الذي يمكن له أن يفعله، مع العلم أنه قديكون في كثرة الأسفار خطر على غيبته و مظنة لانكشاف أمره، و خاصة بعد فرض العمل عن طريق المقابلة الشخصية الحقيقية ؟

ص: 170

الجواب: إذا لم يكن شيء منهما ممكنا وكان فيها خطر على غيبته، فإن (عليه السلام) لا يمارس العمل، لأن العمل نفسه وإن فرض جامعا للشرائط، إلا أن الطريق إليه متعذر، ومقدماته خطره، وإيجاد العمل بدون مقوماته ممتنع. إذا فينسد باب العمل جزما.

وإلا أتخذ المعجزة في قضاء الحاجة أو العمل في سبيل هداية أو دفع ظلامة. سواء من ناحية سرعة الوصول بشكل إعجازي إلى المناطق البعيدة من الأرض أو من أي ناحية أخرى تحتاج إلى الإعجاز

س 251: أين يكون غالب سكن الإمام المهدي (عليه السلام) ؟

الجواب: إن غاية ما تدل عليه هذه الأخبار، هو أن غالب سكن المهدي (عليه السلام) هو في العراق. وما يدل على ذلك مشاهدته (عليه السلام) في العراق أو وسطه وجنوبه على وجه خاص. وهذا يشمل الأعم الأغلب من أخبار المشاهدة

س252: أن هذا الاختصاص بمنطقة معينة من العالم مما لا يناسب الوظيفةالإسلامية للمهدي ( عليه السلام) من تنفيذ عدد من مصالح المسلمين وحل مشاكلهم.

ومن المعلوم أن عمله في خصوص العراق، يجعل هناك

ص: 171

ضيقا في نشاطه لا عن المسلمين فقط، بل عن قواعده الشعبية في غير العراق أيضا، فكيف نستطيع أن نفسر هذه الأخبار ؟

الجواب: أن هناك عددا ضخما من المشاهدات غير المروية، قد يفوق العدد المروي منها. إذن، فمن المحتمل أن يكون عدد مهم من المشاهدات واقع في خارج العراق، ولم تسنح الظروف بنقل أخبارها إلينا.

كما ينبغي أن لا ننسى أن المهدي (عليه السلام) يعمل الأغلب من أعماله بشخصيته الثانية وبصفته فردا عاديا في المجتمع. ومثل هذه الأعمال تحصل ولا يردنا خبرها بطبيعة الحال، أو قد يصلنا الخبر ولا نعرف انتسابها إلى المهدي (عليه السلام) بحقيقته.

س253: لماذا كان العراق هو مركز الثقل في كل هذه الأعمال الكبرى، ولم يكن غيره بهذه الصفة. مع العلم أننا نؤمن بتساوي البشر عامة والمسلمين خاصة وبتساوي المناطق واللغات تجاه التشريع الإسلامي والعدالة الإلهية. فما هو الوجه في ذلك؟

الجواب: أن العراق لم يحتل هذا المركز المهم، من أجل عنصرية معينة، وإنما له من الصفات الواقعية التي تجعله المنطلق الوحيد في العالم لكل تلك الأعمال الكبرى وهي كالأتي :

1 - إن العراق من الناحية الجغرافية، يعتبر في وسط البلاد

ص: 172

الإسلامية في عصر الغيبة، ابتداء بالهند وأندونيسيا وانتهاء بمراكش وغرب أفريقيا عموما.

2 - إن العراق مسكن للقواعد الشعبية التي تؤمن بوجود المهدي (عليه السلام) وغيبته.

3 - إن العراق سيصبح الأرض التي تتمخض عن عدد غير قليل من القواد الرئيسيين للمهدي (عليه السلام) بعد ظهوره، بخلاف البلاد الإسلامية الأخرى، فإنها تتمخض عن عدد قليل.

س 254: ما هو السر في أن أكثر قواد جيش الإمام (عليه السلام) من العراق؟

الجواب: السر في ذلك : ليس هو أفضلية العراق ككل على غيره، وإنما ذلك باعتبار ما يمر به الشعب هناك من مآس ومظالم أكثر من غيره من الشعوب المسلمة، وأن زيادة الظلم يتمخض عن كثرة الإخلاص والمخلصين.

سه 255: ما هي الأغراض والأهداف العامة في أعمال الإمام المهدي (عليه السلام) في غيبته الكبرى؟

الجواب: تنقسم الأغراض والأهداف العامة في أعمال الإمام المهدي (عليه السلام) في غيبته الكبرى، إلى عدة أقسام وهي :

ا- إنقاذ الشعب المسلم من براثن تعسف وظلم بعض حكامه

ص: 173

المنحرفين، وخاصة فيما يعود إلى قواعده الشعبية من الخير والسلامة.

2- إنقاذ الشعب المسلم من براثن الأشقياء والمعتدين، وعصابات اللصوص المانعين عن الأعمال الاسلامية الخيرة.

3- إلفات نظر الآخرين إلى عدم تحقق شرط الظهور الموعود. والتأكيد على أن الأمة لم تبلغ إلى المستوى المطلوب من الوعي والشعور بالمسؤولية الذي يستطيع معه أن تحمل عاتقها الأثار الكبرى في اليوم الموعود.

4 - إرجاعه (عليه السلام) للحجر الأسود إلى مكانه من الكعبة.

س 256: من أين ثبت أن الحجر الأسود لا يضعه في محله إلا الحجة في الزمان، كما ادعاه الراوي؟

الجواب: الواقع أننا لم نجد رواية تتكفل هذا المدلول الواهم. ولكننا إذا استعرضنا التاريخ المعروف، لم نجد واضعا للحجر إلا من الأنبياء والأولياء. فإبراهيم (عليه السلام) هو الذي وضع الحجر حين بنى الكعبة ووضع أسس البيت العتيق. ورسول الله (صلي الله عليه و آله ) هو الذي وضع الحجر قبل نبوته حين بنيت الكعبة في الجاهلية واختلفت القبائل فيمن يضع الحجر والحادثة معروفة، ومروية في التاريخ(1)؟ وحين أخرب الحجاج بن يوسف الكعبة المقدسة في صراعه مع عبد

ص: 174


1- الكامل في التاريخ : ج2/ص29.

الله بن الزبير ... أعادوا بنائها من جديد، وكان واضع الحجر هو الإمام زين العابدين ( عليه السلام) (1).

وهذا الراوي في الرواية التي نناقشها، ينسب وجود مثل هذه القاعدة العامة، أعني أن الحجر الأسود لا يضعه إلا الحجة في الزمان... ينسبها إلى الكتب، وظاهره کونها مسلمة الصحة، فلعله كانت هناك أدلة أكثر وأوثق قد بادت خلال التاريخ والله العالم بحقائق الأمور.

س 257: هل يمكننا معرفة قصة وضع الحجر الأسود، كيف وضعه الإمام المهدي (عليه السلام)؟

الجواب: إن القرامطة بعد أن قلعوه أثناء هجومهم على مكة المكرمة عام 317ه- (2) ونقلوه إلى هجر وكان ذلك أبان الغيبة الصغرى، بقي الحجر لديهم ثلاثين عاما أو يزيد(3) وأرجعوه إلى مكة عام 339ه- (4)، أو عام 337ه- (5)، فكان المهدي (عليه السلام) هو الذي وضعه في مكانه وأقره على وضعه السابق كما ورد في أخبارنا(6).

ص: 175


1- الخرائج والجدایح، ص29.
2- الكامل في التاريخ ج6، ص335.
3- تاريخ الشعوب الإسلامية :ج2، ص75.
4- الكامل في التاريخ : ج6، ص335.
5- الخرائج والجدايح : ص72.
6- منتخب الأثر ص406.

قال الراوي : لما وصلت إلى بغداد سنة سبعة وثلاثين وثلاثمائة عزمت على الحج وهي السنة التي رد القرامطة فيها الحجر في مكانه إلى البيت. كان أكثر همي الظفر بمن ينصب الحجر، لأنه يمضي في أنباء الكتب قصة أخذه ، فأنه لا يضعه في مكانه إلا الحجة في الزمان. كما في زمان الحجاج وضعه زين العابدين (عليه السلام) في مكانه. وأوضح الراوي بأن الناس فشلوا في وضعه في محله، وكلما وضعه إنسان اضطرب الحجر ولم يستقم. فأقبل غلام أسمر اللون حسن الوجه فتناوله فوضعه في مكانه، واستقام كأنه لم يذل عنه. وعلت لذلك الأصوات.

ثم أن المهدي (عليه السلام)، خرج من المسجد ولاحقه الراوي طالبا منه حاجة، فقضاها له، وأقام الدلالة ساعتئذ على حقيقته.

س 258: لو ثبتت هذه الفكرة كقاعدة عامة . أي أن الحجر الأسود لا يضعه إلا الحجة في الزمان - وصادف أن زال الحجر الأسود من مكانه في بعض عصور الغيبة الكبرى، فكيف يتسن للمهدي (عليه السلام) إرجاعه، وهو حجة الزمان، إلا بانكشاف أمره وارتفاع غيبته وإطلاع الناس على شخصه؟

الجواب: أن أهم ما يمكن أن يكون ساترا لشأنه وصائنا لسره حين وضعه الحجر، هو عدم معروفية هذه الفكرة لدى الناس وعدم

ص: 176

انتشارها بينهم، بل وعدم قيام دليل واضح عليها، كما سمعنا. ولعله من أجل ذلك لم يصدر في الشريعة الإسلامية مثل هذا الدليل الواضح على ذلك. ولعلك لاحظة من خلال هذه الرواية التي ننقاشها أن الذي عرف هذه الفكرة هو واحد من الآلاف المحتشدة بما فيهم العلماء والكبراء. ومن هنا استطاع أن يشخص في واضع الحجر كونه هو المهدي (عليه السلام) ومعه فانطلاقا من خط الأطروحة الثانية ( أطروحة خفاء العنوان ) ، يمكن أن نفترض أن الإمام (عليه السلام) في عصر غيبته، يضع الحجر الأسود مع عمال البناء، ويكون آخر من يثبته، ويبقى مجهول الحقيقة على طول الخط، بل قد يكون معروفا بشخصيته الثانية باسم آخر کفرد عادي في المجتمع. فيری الرائي أن هذه الفكرة العامة قد انخرمت، في حين أنه ليس واضع الحجر الا المهدي (عليه السلام) لو انكشف السر وظهرت الحقيقة.

س 259 : ما هي الأهداف والمقاصد الخاصة، التي يقصدها الإمام (عليه السلام) خلال مقابلاته. مما يمت بالنفع - بشكل رئيسي ومباشر - إلى شخص معين أو أشخاص قلائل. سواء كان له - بشكل غير مباشر - نفع اجتماعي ملحوظ أو لم يكن؟

الجواب: هناك أهداف كثيرة نذكر منها :

1- هداية الشخص وتقويمه، وضمه في النتيجة إلى الشعب

ص: 177

المسلم الذي يؤمن بالمهدي (عليه السلام) ... بعد إحراز نيته والعزم على إتباع الهدى إن ظهر لديه.

2 - انتصار لأحد طرفي الجدل عند وقوع الجدل بين أثنين واقتضاء المصلحة الانتصار لأحد الطرفين.

3- حله لبعض المسائل المعضلة التي قد تشكل حلها على فطاحل العلماء.

4 - أخبارها ببعض الأخبار السياسية المهمة في زمانها، قبل أن يعرفها الناس، نتيجة لضعف وسائل الاعلام في ذلك العصر.

5 - نصحه للآخرين ورفعه لمعنوياتهم وتوجيههم التوجيه الصالح، بعد أن كانوا قد مروا في بعض الحالات الصعبة والمشكلات المحزنة بالنسبة إليهم.

6- مساعدته المالية للأخرين.

7- شفاؤه لأمراض مزمنة بعد أن عجز عنها الأطباء، وأخذت من صاحبها مأخذها العظيم.

8- هدايته للتائهين في الصحراء والمتخلفين عن الركب إلى مکان استقرارهم وأمنهم، وقد يقرن ذلك بإقامة الحجة على الرائي للتوصل إلى هدايته.

9- تعليمه الأدعية والأذكار ذات المضامين العالية الصحيحة،لعدد من الناس.

10- حثه على تلاوة الأدعية الواردة عن آبائه المعصومين (عليهم

ص: 178

السلام) بما فيها من مضامین عالية وحقائق واعية تربوية وفكرية.

س 260: نحن نعرف أن تربية الاخلاص والاندفاع إلى طاعة الله تكون مقدمة للغرض الإلهي الأساسي، ويكون الغرض مهما بحيث عرفنا أنه يمكن إقامة المعجزات في سبيل التمهيد إليه. فلماذا لا توجد هذه التربية في ربوع الأمة دفعة واحدة عن طريق المعجزة؟

الجواب: إن إيجاد الإيمان والإخلاص في أنفس الأفراد بطريق المعجزة، يؤدي بنا إلى القول بأن الله تعالى يجبر الأفراد على الطاعات وترك المعاصي وهذا مبرهن على بطلانه وفساده في بحوث العقائد الإسلامية.

وأيضا أن قانون المعجزات، يقضي بعدم قيام المعجزة مالم يكن قيامها طريقا منحصرا لإقامة الحجة وهداية البشرية.

س 261: هل هناك أخبار تدل على امتلاء الأرض ظلما وجورا في عصر الغيبة الكبرى؟

الجواب: نعم هو مضمون مستفيض بل متواتر بين الفريقين،وأن امتنع الشيخان عن إخراجه.

أخرج في الصواعق المحرقة عن أحمد وأبي داوود والترمذي وابن ماجه، لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي

ص: 179

يملؤها عدلا كما ملئت جورا.

س262: هل هناك أخبار تدل على وجود الفتن وازدياد تيارها وتكاثرها إلى حد مروع في عصر الغيبة الكبرى؟

الجواب: ما رواه النعماني عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) في حديث طويل يتحدث فيع عن الفتن المضلة المهولة). وما رواه أيضا عن الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السلام) أنه قال : « لَا يَقُومَ الْقَائِمِ ( عَلَيْهِ السَّلَامُ ) إِلاَّ عَلى خَوْفٍ شَدِيدٍ مِنَ النَّاسِ وزلازل وفتنه وَ بَلَاءٍ يُصِيبُ النَّاسِ . . . الخ الْحَدِيثَ ».

س263: ما معنى الفتنة التي تذكر في الأحاديث الشريفة؟

الجواب: إن للفتنة عدة معان في اللغة، يختلف معنى هذه الأحاديث الشريفة باختلافها، وإن كان بالامكان ارجاعها إلى معنى واحد شامل على ما سنذكر:

1- قيل هي الامتحان والابتلاء والاختبار.

2- قيل هي الكفر والضلال والاثم، والفاتن المضل عن الحقائق والفاتن الشيطان.

3 - قيل هي اختلاف الناس بالآراء.

4 - وقيل هي القتل.

ص: 180

والصحيح أنه بالإمكان إرجاع هذه المعاني إلى معنى واحد، أو فهم الفتنة الواردة في الأخبار على أساس مجموع هذه المعاني.

س 264: هل هناك أخبار تدل على الجزع من صعوبة الزمن وضيق النفس الشديد منه في عصر الغيبة الكبرى؟

الجواب: روى الصدوق في الاكمال عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) أنه يعاني المؤمنون في زمان الغيبة من « ضَنْكِ شَدِيدُ وَ بَلَاءٍ طَوِيلٍ وَ جَزِعَ وَ خَوْفٍ»

ومن ذلك ما أخرجه البخاري (1)بإسناد عن النبي صلي الله عليه و آله قال : لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر رجل فيقول : يا ليتني مكانه. وأخرج مسلم بنصه (2).

سی 265: هل هناك أخبار تدل على وجود الحيرة والبلبلة في الأفكار والأعتقاد في عصر الغيبة الكبرى؟

الجواب: الخبر الذي روي عن الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) أنه قال عن المهدي (عليه السلام) فيما قال : له حيرة وغيبة تضل فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون (3).

ص: 181


1- البخاري : ج9، ص73.
2- مسلم : ج8، ص182.
3- غيبة النعماني : ص104.

س266: في الرواية السابقة في السؤال (265) نسبة الحيرة إلى المهدي (عليه السلام).... لماذا ؟؟

الجواب: أينما نسبت الحيرة إلى المهدي (عليه السلام) باعتبار كونها ناتجة من غيبته المسندة إليه. إذ لو كان ظاهرا بين الناس لما وقعت هذه الحيرة، كما هو معلوم.

س 267 : هل هناك أخبار تدل على وقوع الهرج والمرج في عصر الغيبة الكبرى للإمام (عليه السلام)؟

الجواب: هي أخبار كثيرة استقل باخراجها الرواة العامة فيما أعلم. روى البخاري عددا منها ، مرة بلفظ : أن بين يدي الساعة لأياما ينزل فيها الجهل... إلى أن قال : ويكثر فيها الهرج.

ذكر له أكثر من طريق. ومرة أخرى بلفظ : بين يدي الساعة أيام الهرج.

س268: ما المراد بالهرج المذكور في الرواية السابقة؟

الجواب: قيل هوالأختلاط والاضطراب المؤدي إلى القتل أوکثرته بين الناس.

س 269: هل هناك أخبار دالة على تحقيق الجهل وتفشيه في المجتمع الإسلامي في عصر الغيبة الكبرى للإمام

ص: 182

المهدي (عليه السلام)؟

الجواب: أخرج البخاري (1) من قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): يقبض العلم ويظهر الجهل والفتن ويكثر الهرج... الحديث.

س 270: هل هناك أخبار دالة على تشتت الآراء واختلاف النوازع والأهواء، وكثرة الدعوات الباطلة في عصر الغيبة الكبرى؟

الجواب: روى النعماني عن الإمام الباقر (عليه السلام) في حديث يصف به فساد المجتمع ويقول : واختلاف شديد بين الناس وتشتت دينهم وتغير من حالهم.

س 271: هل هناك أخبار دلت على اختلاف الناس بشأن المهدي (عليه السلام) ، خلال غيبته الكبرى، نتيجة لطول الغيبة واستبعاد الناس وجوده خلال الزمان الطويل، وما يقترن بذلك من الدعاوى والتزويرات؟

الجواب: الروايات في ذلك عن أئمة الهدى (عليه السلام) كثيرة. وأما العامة فلم يرووا فيه شيئا، لأنه مخالف لرأيهم القائل بإنكار وجود الغيبة الكبرى للمهدي (عليه السلام). من ذلك ، روی النعماني عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) إن للقائم غيبتين يقال

ص: 183


1- البخاري : ج 1، ص 31.

له في أحداهما : هلك، ولا يدري في أي واد سلك وروي عن الإمام الصادق ( عليه السلام) بلفظ : مات أو هلك في أي واد سلك.

وأخرج الصدوق في الاكمال عن الإمام الباقر (عليه السلام) في حديث يشبه به المهدي (عليه السلام) بعدد من الأنبياء... إلى أن قال: وأما شبهه من عيسى (عليه السلام) فاختلاف من اختلف فيه. حتى قالت طائفة منهم : ما ولد. وقالت طائفة : مات. وقالت طائفة: قتل وصلب ... الحديث.

س272: هل هناك من يقول أن الإمام المهدي (عليه السلام) قتل أو صُلب؟

الجواب: لم نجد من يقول بذلك، غير ما يمكن أن يدعيه أصحاب مدعي المهدوية، فيما إذا قتل صاحبهم أو صلب، فيقولون : صلب المهدي أو أنه قتل. يعنون بذلك صاحبهم.

س273 : هل هناك أخبار تدل على انحراف الحكام وفسقهم وخروج تصرفاتهم وحكمهم عن تعاليم الإسلام، في البلاد الإسلامية؟

الجواب: روى الصدوق في الأكمال حديثا عن رسول الله صلي الله عليه و آله عن الله عز وجل في جواب من السؤال وقت ظهور المهدي (عليه السلام) قال : فأوحى الله عز وجل إلي يكون ذلك إذا رفع العلم وظهر الجهل... إلى أن قال : وصار الأمراء كفرة وأولياؤهم فجرة وأعوانهم ظلمة وذوي الرأي منهم فسقة.

ص: 184

اللقاء مع الإمام المهدي(عليه السلام) في غيبته

اشارة

س 274: هل يمكن لكل شخص أن يلتقي بالإمام (عليه السلام) ويراه؟

الجواب: إن كل من يفوز بلقائه، لا بد أن يكون من أعلى مستويات الإخلاص والإيمان، وهو المستفاد من قوله (عليه السلام): لو لم يثبتك الله ما رأيتني، وليس ذلك مما يتوفر للفرد العادي الخائض بالشبهات والراكض وراء المصالح. فإنه مضافا إلى أنه ليس أهلا لذلك، فإنه يشكل نقطة خطرفي الكشف عن الإمام المهدي (عليه السلام) والدلالة عليه.

س 275: كيف يمكن للإمام (عليه السلام) أن يثبت وجوده عند مقابلته للأشخاص، بمعنى آخر كيف يمكن للشخص أن يعرف هو هذا الإمام (عليه السلام)؟

ص: 185

الجواب: للإمام (عليه السلام) أن يقيم الحجج التالية لإثبات وجوده.

1 - إقامة الحجة، عن طريق إظهار علم الغيب لمن يقابله (عليه السلام).

2 - إقامة الحجة، عن طريق إظهار المعجزة، بالتعرف ببعض لأمور الكونية.

3- إقامة الحجة لمن لا يعرفه عند مقابلته. ولا يلتفت إليه الفرد إلا بعد مفارقته.

س276: ما هي الغايات والمصالح من وراء توفير الفرص للاخرين لمقابلته(عليه السلام)؟

الجواب: هي تكاد أن تنحصر بالأمور التالية:

1- إثبات وجوده بنحو حسي مباشر.

2 - إقامة الحجة على الإمامة وقيادة الحاضر والمستقبل.

3 - إعطاء وعرض الأطروحة التامة والبيان الكامل الحق لفلسفة غيبته وأهدافه في مستقبله.

4 - قضاء حوائج المحتاجين من الناحية المالية أو غيرها.

5- ممازجة الناس وإعطاؤهم بعض التعليمات وتعليمهم بعض الأدعية والأذكار.

6 - قبض المال ممن حمله إليه.

ص: 186

وغير ذلك من الغايات والمصالح الأخرى .

س277: كيف يمكن إثبات وجوده بنحو حسي مباشر؟ ولماذا؟

الجواب: لكي يرجع المشاهد فيروي مشاهدته لمن يثق بإيمانه وإخلاصه. وهذا الهدف يتوفر في كل مقابلة، لا يستثنى منها شيء. حتى تلك المقابلات التي يكون الإطلاع على حقيقة المهدي (عليه السلام) بعد فراقه، فإنه بعد معرفةحقيقته (عليه السلام) ، ينفتح مجال كبير للأخبار الحسي برؤيته ومقابلته.

وهذا هو مراده (عليه السلام)، حين قال لبعض من رآه عام 268ه - يا عيسى ما كان لك أن تراني لولا المكذبون القائلون بأين هو. متى كان وأين ولد. ومن رأه. وما الذي خرج اليكم منه. وبأي شيء نبأكم. وأي معجزاتكم... يا عيسى فخبر أولياءنا ما رأيت . وإياك أن تخبر عدونا فتسلبه- قال : فقلت : يا مولاي أدع لي بالثبات. فقال : لو لم يثبتك الله ما رأيتني(1)

وواضح جدا من هذا أن الهدف الأساسي الذي أراده المهدي (عليه السلام) من هذه المقابلة، هو إقامة الدليل الحسي على وجوده، ضد الشبهات التي كانت ولا تزال تثار من قبل الآخرين من أهل الإسلام بما فيها السلطات والمنتفعين منها.

ص: 187


1- إكمال الدين.

أصحاب الإمام المهدي (عليه السلام)

س 278 : ما هي صفات أصحاب الإمام المهدي (عليه السلام)؟

الجواب: قد نطقت الروايات، بمدحهم والثناء عليهم، فهم ورجال مومنون عرفوا الله حق معرفته ، وهم «رهبان بالليل ليوث بالنهار»وهم «خير فوارس على ظهر الأرض، أو من خير فوارس على ظهر الأرض »وهم أيضا «أبدال الشام وعصائب أهل العراق »و«النجباء من مصر»

س 279 : ما هي أهمية أصحاب الإمام المهدي (عليه السلام) باعتبار ما يشاركون به تحت إمرة القائد المهدي (عليه السلام)...؟

الجواب: أن أهميتهم باعتبار ما يشاركون به تحت إمرة القائد المهدي (عليه السلام) من غزو العالم بالعدل وإقامة الدولة العالمية

ص: 188

العادلة، وممارسة الحكم في مناطق الأرض المختلفة...، فحدث عن هذه الأهمية ولا حرج، فإنه الهدف الذي وجدوا من أجله وكرس التخطيط العام السابق من أجل تنمية قابلياتهم عليه.

س 280 : نصت الروايات، بشكل مستفيض يكاد أن يكون متواترا، أن عددهم بمقدار جيش النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في غزوة بدر: ثلثمائة وثلاثة عشر رجلا، كما وردت روايات سمعناها تنص على أن أصحابه لا يقلون عن عشرة آلاف رجل، فإنه (عليه السلام): " مَا يَخْرُجَ إِلَّا فِي أُولِي قُوَّةً وَ مَا يَكُونُ أُولُو قُوَّةَ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ آلَافٍ ". كما نصت على ذلك روايات كثيرة، فما هو السر هذا الاختلاف؟

الجواب: السرفي ذلك يعود إلى اختلاف درجات الإخلاص، ومن هنا كان الناجحون من الدرجة الأولى أقل منهم في الدرجة الثانية وهم أقل منهم في الدرجة الثالثة. وكلما قلت درجة الإخلاص زاد عدد القواعد الشعبية المتصفة به.

وقد دلتنا هذه الروايات على أن المخلصين المحصين من الدرجة الأولى، منحصرون في ذلك الجيل الذي يظهر فيه الإمام المهدي (عليه السلام) بثلثمائة وثلاثة عشر رجلا. على حسن أن الناجحين الممحصين من الدرجة الثانية، لا يقلون عن عشرة آلاف شخص في العالم، ان لم يكونوا أكثر. فهذا هو السبب في اختلاف

ص: 189

العدد الذي نطقت به هذه الأخبار.

س 281 : هل أن وظائف أصحاب الإمام المهدي (عليه السلام) تختلف باختلاف درجاتهم أم هي متساوية؟

الجواب: تختلف الوظائف والأعمال التي توكل إليهم، نتيجة لاختلاف درجاتهم في الإخلاص.

س 282: ما هي الوظائف والأعمال التي سيتولاها أصحاب الإمام المهدي (عليه السلام) في مختلف درجاتهم في الإخلاص؟

الجواب: الذين يكونون ممتصين كاملين أي درجتهم الأولى،سوف يكونون في جيش المهدي (عليه السلام) « هُمْ أَصْحابُ الرَّايَاتِ يَعْنِي الْقَادَةِ وَ رُؤَسَاءَ الْفَرْقُ بالاصطلاح الْحَدِيثَ ».على حين يكون المحصون من الدرجة الثانية عامة جيشه الفاتح للعالم بالعدل.

س283: بعد أن يستتب الحكم العادل للمهدي (عليه السلام) على البسيطة، ما ستكون وظائف الخاصة أي المحصين من الدرجة الأولى والثانية؟

الجواب: بعد أن يستتب الحكم العادل للمهدي (عليه السلام) على البسيطة، سيكون هؤلاء الخاصة حكاما في العالم موزعين على

ص: 190

مجموع الكرة الأرضية. على حين لن يكون للممحصين من الدرجة الثانية هذه المنزلة، بل يتكفلون أمورا إدارية أدنى من ذلك.

س 284: إن ظاهر عدد من الروايات أن جميع أصحاب الإمام المهدي (عليه السلام) يصلون سوية في صباح يوم واحد مشترك، يكون - في الأكثر. هو اليوم الذي يحصل الظهور خلاله أو في مسائه، على ما في بعض الروايات. وهذا لا يمكن تفسيره إلا بالمفهوم الإعجازي، فكيف نوفق بينها وبين تجمعهم الطبيعي؟

الجواب: إن كلا الإنطباعين وإن كانا يردان إلى الخيال عند استعراض الروايات، إلا أن استظهارهما منها محل المناقشة. فإن الروايات قالت: « مِنْهُمْ مَنْ يَفْقِدُ عَنْ فِرَاشِهِ لَيْلًا فَيُصْبِحُ بِمَكَّةَ ».وهذا بالنسبة إلى الفرد الواحد، باعتبار سرعة الواسطة التي تحمله. وأما إن كل الأفراد يصلون في صباح واحد. فهذا مما لا دليل عليه.

وأما بالنسبة إلى الانطباع الآخر، وهو أنهم يجتمعون في يوم الظهور، دون الأيام السابقة عليه.

فكل ما سمعناه من الروايات أنها تقول: ( فتصير شيعته من أطراف الأرض... حتى يبايعوه ) أو تقول: ( وقد وافاه ثلثمائة وبضعة عشر رجلا، فبايعوه). وهي غير دالة على ذلك كما هو واضح... إذ يناسب أن يصلوا في يوم، ويبايعونه في يوم آخر مهما كان

ص: 191

هذا اليوم بعيدا.

س 285 : إن مجيء أصحاب الإمام المهدي (عليه السلام) الإعجازي السريع في وقت ضيق نسبيا، هو الأوفق بنجاحهم في مهمتهم، ومن ثم نجاح المهدي (عليه السلام) نفسه... فيكون المجيء الإعجازي دخيلا في نجاح الدولة - العالمية - العادلة نفسها، فيكون قيام المعجزة ضروريا لذلك. لأنها بحسب قانونها تقوم حينما يتوقف عليها الهدف العادل وتطبيق الهدى والحق... والأمر الآن على ذلك. وبذلك يترجم الأعجاز... فكيف ولماذا نرجح المجيء الطبيعي؟

الجواب: إن قانون المعجزات دلنا على أن المعجزة إنما تقوم إذا انحصر طريق إقامة الحق والعدل بالمعجزة.

وأما إذا كان هناك أسلوبان كلاهما موصل إلى نفس النتيجة، أحدهما: طبيعي، والآخر: إعجازي. لم تحدث المعجزة، بل أوكلت النتيجة إلى الأسلوب الطبيعي لإنتاجها، وإن كان يستغرق وقتا أكبر وجهدا أكثر.

أي بمعنى آخر أن المعجزة لا تقوم مع إمكان الإنتاج بالطريق الطبيعي.

س 286: جاء في أحد الروايات عن أصحاب المهدي (عليه

ص: 192

السلام): (فيأتيه من أهل مكة فيخرجونه... أتاه أبدال الشام وعصائب أهل العراق). و(يخرج ناس من المشرق فيوطئون للمهدي سلطانه ) و( الرجل والرجلان الثلاثة من كل قبيلة، حتى يبلغ تسعة) و( أصحاب القائم ثلثمائة، وثلاثة عشر رجلا أولاد العجم).

تدل هذه الرواية على أن هؤلاء الخاصة هم (أولاد العجم)... فهل يمكن الأخذ بذلك؟.

الجواب: إننا بعد أن نلتفت إلى أن المراد من العجم غير العرب عموما لا خصوص الفرس. نجد نسبة عالية من المدن قد ذكرت في روايتين مطولتين(1) هي مدن غير عربية. وأن الأهم منهم وهم الطالقانيون من العجم. غير أن هذه النسبة لن تزيد على النصف كثيرا، بل لعلها أقل، كما يتضح عند الإحصاء والمقارنة. ومعه لا يمكن الإلتزام بظاهر تلك الرواية بأن كلهم أو أغلبهم من العجم فإن فيهم من العرب نسبة عالية بكل تأكيد على أن اللغة غير مهمة بإزاء الدفاع عن الحق وتوطيد الهدف العادل.

س287: هل أن وجود بعض خاصة الإمام المهدي (عليه السلام) في مدينة ما، يعتبر شرفا وفضيلة لتلك المدينة، أم لا؟.

ص: 193


1- الروايتان تذکران أسماء أصحاب الإمام المهدي (عليه السلام) وأماكنهم

الجواب: انه لا شك أن هذه جهة مهمة جدا بالنسبة إلى أي مدينة. غير أنه لا ينبغي المبالغة في ذلك... لأن السبب الرئيسي لتكامل الفرد في المدن الاعتيادية، ما لم تحتوي المدينة على زخم علمي وعقائدي خاص موجب للتكامل كالذي يوجد في القاهرة والنجف وقم وجامعة القرويين وأمثالها في العالم الإسلامي وإلا فسيكون السبب الرئيسي للتكامل هو زيادة الظلم والانحراف الساري المفعول ضد المؤمنين في كل الأجيال. وكلما تطرف أهل المدينة إلى جانب الباطل تطرف هؤلاء إلى جانب الحق، ومن هنا يكون سبب التكامل العالي، حتى يكون الفرد بدلا من الإبدال، هو تطرف الأفراد الآخرين إلى جهة الباطل واضطهادهم الأفراد المؤمنين إلى أقصى حد.

وهذا هو الذي يجعل انتاج المدينة الاعتيادية لبعض الأفراد المتكاملين الخاصين، لا يمثل شرفا ولا فضيلة بالنسبة إلى الأفراد الآخرين في الأعم الأغلب.

س288 : هل هناك خصائص نصت عليها الروايات، لأصحاب الإمام المهدي (عليه السلام)؟

الجواب: نعم نذكر منها اثنان هما:

1- تسميتهم بجيش الغضب.

2- انهم شباب لا كهول فيهم إلا أقل القليل، كالكحل في العين أو

ص: 194

کالملح في الطعام، كما دلت عليه أحدى الروايات.

س 289: ما هو سبب تسمية أصحاب الإمام المهدي (عليه السلام) بجيش الغضب؟

الجواب: السر في التسمية هي أنهم بقيادة امامهم المهدي (عليه السلام)، يمثلون غضب الله تعالى على المجتمع الفاسد المتفسخ عقيدة ونظاما واخلاقا، والحكم عليه بالفناء والزوال، مع بديله إلى مجتمع عادل تسوده السعادة والرفاه.

س290: ما هو سبب امتياز الخاصة من أصحاب الإمام المهدي (عليه السلام) - أي الثلاثمائة والثلاثة عشر رجلا - عن غيرهم؟

الجواب: إن هؤلاء الخاصة الثلاثمائة والثلاثة عشر رجلا يتميزون عن غيرهم لعدة أسباب:

1- اتصافهم بالإخلاص من الدرجة الأولى، في نتيجة التمحيص السابق على الظهور... دون غيرهم.

2- مبايعتهم للمهدي (عليه السلام) لأول مرة بعد جبرائيل (عليه السلام) واستماعهم لخطبته.

3 - انهم سيكونون «الفقهاء والقضاة والحكام»في دولة المهدي(عليه السلام) العالمية، كما أكدت عليه الروايات.

ص: 195

4- انهم قادة جيشه خلال القتال... لا أنهم يمثلون كل الجيش. فهم العدد الكافي من القواد لغزو العالم إلا من الجنود العاديين

س 291: قد ذكرت الروايات تحديد هؤلاء الخاصة من الإمام (عليه السلام) وهم (313) فرد معنيين، فإذا صح ذلك فسوف لن يستطيع أي إنسان آخر أن يصبح متصفا بالإخلاص من الدرجة الأولى، وسوف تذهب جهوده في ذلك سدى، بعد أن كان المتصفون به معينين ومعروفين سلفا.

فكيف نوفق بين ذلك أو بين قانون التمحيص العام الساري المفعول قبل الظهور، الذي لا يقتضي نجاح أفراد بأعيانهم، بل يوكل ذلك إلى همة الفرد وإيمانه ومقدار تضحياته في سبيل الحق. وهذا معنى عام قد تزيد نتيجته وقد تنقص. فكيف نوفق بين هذين المعنيين؟

الجواب: هناك عدة أجوبة نذكر منها:

إن النجاح في التمحيص من الدرجة الأولى غير خاص بهذا العدد لو نظرنا إلى مجموع أجيال الأمة الإسلامية. فإن عددا من الناس قد يصلون إلى هذا المستوى الرفيع. ولكن حياتهم تنتهي ولا يحصل الظهور. لأن مجموع من حصل على هذه الدرجة العليا من الجيل ليس كافيا لغزو العالم بالعدل.

ومعه، فلو نظرنا إلى أجيال الأمة لوجدنا عدداً ضخماً من

ص: 196

الناس المتصفین بهذه الصفة ، فكل ما في الأمر أن كل جيل بعينه، لا يحتوي على العدد الكافي منهم... وأول جيل يحتوي على ذلك هو الجيل الذي يحصل فيه الظهور.

إذن فالفرصة مفتوحة، طبقا للقانون العام، للوصول إلى تلك المرتبة وإنما يقصر الناس عن ذلك انطلاقا من اختيارهم وإرادتهم. وأول جيل سوف يتوفر العدد الكافي فيه لغزو العالم بالعدل، سوف يتم فيه الظهور.

س 292 : هل أن أصحابه (عليه السلام) جميعهم من الأحياء؟

الجواب: كلا إن جماعة من الأموات في ركابه (عليه السلام)، فقد ذكر الشيخ المفيد أنه سيكون من أنصاره (عليه السلام) سبعة وعشرون رجلا من قوم موسى، وسبعة من أصحاب الكهف، ويوشع بن نون، وسلمان، وأبو ذر، وأبو دجانة الأنصاري، والمقداد ابن الأسود، ومالك الأشتر، وسيكونون ولاتة على بلاده.

وقد روي أن من قرأ دعاء العهد: «اللهم رب النور العظيم...»أربعين صباحا كان من أنصاره (عليه السلام)، فلو مات قبله لأخرجه الله من قبره ليكون معه.

س293: من أين يأكل ويشرب هو وأصحابه أثناء

ص: 197

ظهوره؟

الجواب: قد جاء في (الخرائج) عن الباقر (عليه السلام) أنه قال: إذا قام القائم بمكة وأراد أن يتوجه إلى الكوفة نادى مناديه: ألا لا يحمل أحد منكم طعاما ولا شرابا، ويحمل حجر موسى الذي انبجست منه اثنتا عشرة عينا، فلا ينزل منزلا إلا نصبه فانبجست منه العيون، فمن كان جائعا شبع، ومن كان عطشانا روي.

س 294: هل مع أصحابه (عليه السلام) كافر أو منافق أو فاسق؟

الجواب: عدم صحبته (عليه السلام) للكفار والمنافقين والفساق خوفا وتقية وتجنبا لهم، فهو منذ ولادته حتى اليوم لم تلمس يد ظالم له طرفا، ولم يصحب كافرا ولا منافقا، فهو نأي عن منازلهم.

س 295: هل ان أنصاره من الأنس فقط؟

الجواب: توجد ملائكة وجان في عسكره (عليه السلام) وظهورهم كأنصار له.

ص: 198

التكليف في عصر الغيبة الكبرى

س 296: ما هو تكليفنا في عصر الغيبة الكبرى بالنسبة للإمام (عليه السلام)؟

الجواب: هنالك تكاليف كثيرة يجب عملها منها:

1- اختزان مشاعر الهم في أيام غيبة القائم (عليه السلام).

2- انتظار فرج آل محمد (عليهم السلام).

3- الدعاء لحفظ الوجود المبارك الإمام العصر (عليه السلام).

4- التصدق بالممكن، وفي كل وقت لحفظ وجوده المبارك (عليه السلام).

5- الحج عن النفس والحج بالنيابة عن إمام العصر (عليه السلام)

6- الوقوف تعظيما لدى سماع اسمه المبارك (عليه السلام).

7- الدعاء والتضرع إلى الله تعالى في زمان الغيبة.

8- الاستعداد منه (عليه السلام) والاستعانة والاستغاثة به،

ص: 199

ورقعة الحاجة.

س 297: ما هو سبب اختزان مشاعر الهم في أيام غيبة القائم (عليه السلام)؟

الجواب: لهذا أسباب متعددة نذكر منها:

1- احتجاجه (عليه السلام)، والحرمان من جميل وصاله واكتمال العيون بمرأه، ففي (العيون) عن الإمام الرضا (عليه السلام)، ضمن خبر يتعلق به (عليه السلام) قال: « كَمْ مِنْ حری مُؤْمِنَةٍ وَ كَمْ مِنْ مُؤْمِنٍ مُتَأَسِّفُ حَيْرَانَ حَزِينٍ عِنْدَ فقدان الْمَاءِ الْمُعَيَّنِ »ويعني الحجة (عليه السلام).

وجاء في دعاء الندبة: « عَزِيزُ عَلَيَّ أَنْ أَرَى الْخُلُقِ وَ لَا تَرَى ، وَ لَا أَسْمَعُ لَكَ حَسِيساً وَ لَا نجوی ، عَزِيزُ عَلَيَّ أَنْ تُحِيطَ بِكَ دُونِي الْبَلْوَى ، وَ لَا ينالك متي ضَجِيجُ وَ لَا شَكْوَى ، بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ مَغِيبِ لَمْ يَخْلُ مِنَّا ، بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ نازح مَا نُزِحَ عَنَّا ، بِنَفْسِي أَنْتَ أُمْنِيَّةُ شائق يَتَمَنَّى ، مِنْ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَةٍ ذكراك فحنا ، عَزِيزُ عَلَيَّ أَنْ أبكيك وَ يَخْذُلُكَ الوری ...»إلى آخر الدعاء الذي هو نموذج عن ألم القلب من شرب كأسا من معين محبته (عليه السلام).

2 - الحظر القائم على ذلك السلطان عظيم الشأن من أن يزاول الرتق والفتق وإجراء الأحكام والحقوق والحدود، وهو يرى حقه في أيدي غيره.

فعن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال لعبد الله بن ظبيان

ص: 200

بأنه لا يأتي عيد على المسلمين، لا أضحى ولا فطر، إلا جدد الله لآل محمد حزنا، سأل الراوي: ولماذا ؟ فقال ( عليه السلام): إنهم يرون حقهم في أيدي غيرهم.

3- خروج جماعة من السراق الباطنيين للدين المبين من مكامنهم، ووقوع الشكوك والشبهات في قلوب العامة، بل في قلوب الخاصة، حتى لا تزال طائفة إثر طائفة ترتد عن دين الله، ويعجز علماء الحق عن إظهار علمهم، ويصدق قول الصادقین (عليه السلام) بأن وقتأ سيجيء يكون القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر.

وروي عن سدير المصرفي أنه قال: دخلت أنا والمفضل بن عمرو وأبو بصير وأبان بن تغلب على مولانا أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) فرأيناه جالسا على التراب وعليه مسح خيبري مطوق بلا جيب، مقصر الكمين، وهو يبكي بكاء الواله، كالثكلى ذات الكبد الحري، قد نال الحزن من وجنتيه، وشاع التغير على عارضيه، وأبلت الدموع محجريه وهو يقول:

«سَيِّدِي ، غيبتك نَفَتْ رُقَادِي ، وَ ضَيِّقَةُ عَلَى مهادي ، وَ أَسَرْتُ مِنِّي رَاحَةً فُؤَادِي ، سَيِّدِي ، غيبتك أَ وَصَلَتْ مصابي بفجائع الْأَبَدِ ، وَ فَقْدُ الْوَاحِدُ بَعْدَ الْوَاحِدِ يُفْنِيَ الْجَمْعِ وَ الْعِدَدِ ، فَمَا أَحَسَّ بِدَمْعَةٍ ترقا فِي عَيْنِي ، وَ أَنِينَ يَفْتُرُ مِنْ صَدْرِي عَنْ دوارج الرَّزَايَا وسوالف الْبَلَايَا ».

قال سدير: فاستطارت عقولنا ولها، وتصدعت قلوبنا جزعا،

ص: 201

وظننا أنه سمة لمكروهة قارعة، أو حلت به من الدهر بائقة، فقلنا: لا أبكي الله يا بن خير الورى عينيك، من أي حادثة تستنزف دمعتك وتستمطر عبرتك؟ وأي حالة حتمت عليك هذا المأتم؟.

فزفر الصادق (عليه السلام) زفرة وقال: إني نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم، وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا والرزايا، وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، الذي خص الله تقدس اسمه به محمدأ والأئمة من بعده، عليه وعليهم السلام، وتأملت فيه مولد قائمنا وغيبته، وإبطاءه وطول عمره، وبلوى المؤمنين في ذلك الزمان، وتولد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته، وارتداد أكثرهم عن دينهم، وخلعهم ربقة الإسلام من أعناقهم التي ألزمهم الله تعالى إياها في أعناقهم، فأخذتني الرقة، واستولت علي الأحزان... الخبر.

ويكفي في هذا المقام هذا الخبر الشريف، فإذا كانت الحيرة وتفرق الشيعة وابتلاؤهم في أيام الغيبة، وتولد الشكوك في قلوبهم سببا لبكاء الصادق (عليه السلام) قبل سنين من وقوعها، مما نفى عنه النوم، فإن المؤمن المبتلى بذلك الحدث العظيم، وقد غرق في دوامة مظلمة مواجة لا قرار لها، أحق بالبكاء والأنين والقلق والحزن والغم المستديم، والتضرع إلى الباري جل وعلا.

ص: 202

س298: ما هو سبب أن يكون تكليفنا انتظار فرج آل محمد (عليهم السلام) في عصر الغيبة؟

الجواب: هذا الانتظار الذي يجب أن يتسم بالدوام والاستمرار مع ترقب ظهور دولة الحق القاهرة والحكومة الظاهرة لمهدي آل محمد (عليهم السلام)، وانتشار العدل والقسط في الأرض، وغلبة الدين القويم على جميع الأديان وفقا لما أخبر الله تعالى نبيه الأكرم ووعده، بل بشر به جميع الأنبياء والأمم، وأن يوما سيأتي لا يعبدون فيه سوى الله عز وجل، ولا يبقى على الدين سر أو حجاب خوفا من أحد، ويخسر عن العباد كل بلاء وشدة، كما جاء في زيارة مهدي آل محمد (عليهم السلام).

«السَّلَامُ عَلَى الْمَهْدِيَّ الَّذِي وَعَدَ اللَّهُ بِهِ الْأُمَمِ أَنْ يُجْمَعُ بِهِ الْكَلْمُ ، وَ يَلُمُّ بِهِ الشَّعْثَ ، وَ يَمْلَأُ بِهِ الْأَرْضَ عَدْلًا وَ قِسْطِ ، وَ يُنْجِزْ بِهِ وَعَدَ الْمُؤْمِنِينَ »

وروي عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال ذات يوم:

ألا أخبركم بما لا يقبل الله عز وجل من العباد عملا إلا به؟ فقلت: بلى، فقال: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، والإقرار بما أمر الله، والولاية لنا، والبراءة من أعدائنا، يعني الأئمة خاصة، والتسليم لهم، والورع والاجتهاد، والطمأنينة والانتظار للقائم، ثم قال: إن لنا دولة يجيء الله بها إذا شاء.

ص: 203

ثم قال: من سره أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر، وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر، فإن مات وقام القائم بعده كان له من الأجر مثل أجر من أدركه، فجدوا وانتظروا، هنيئا لكم أيتها العصابة المرحومة.

وغير ذلك من الروايات التي تؤكد المنتظر لأمرهم كالمتشحط بدمه في سبيل الله.

وأخيرا أذكر هذه الرواية تبيانا أكثر، فقد روى الشيخ الطوسي (ره) في (الغيبة) عن الفضل أنه قال: ذكرنا القائم (عليه السلام) ومن مات من أصحابنا ينتظره، فقال لنا أبو عبد الله (عليه السلام): إذا قام أتي المؤمن في قبره فيقال له: يا هذا، إنه قد ظهر صاحبك، فإن تشأ أن تلحق به فالحق، وإن تشأ أن تقيم في كرامة ربك فأقم.

س 299: ما السبب في الدعاء لحفظ الوجود له (عليه السلام)، وهل هنالك دليل على ذلك ؟

الجواب: أعلم أن في الدعاء حفظ له (عليه السلام) من شرور شياطين الإنس والجن، والتماس لتعجيل النصرة والظفر والغلبة له ( عليه السلام) على الكفار والملحدين والمنافقين، وهذا نوع من إظهار العبودية لله، وإظهار الشوق وزيادة المحبة له (عليه السلام).

والأدعية الواردة في هذا المقام كثيرة، وأحدها يروى عن يونس بن

ص: 204

عبد الرحمن، وقد أمره الإمام الرضا (عليه السلام)، أن يدعو به لصاحب الأمر (عليه السلام)، ومطلعه: (اللهم ادفع عن وليك وخليفتك وحجتك...) إلى آخر الدعاء، وقد ورد في كتاب (المفاتيح) في باب زيارة صاحب الأمر (عليه السلام).

وأيضا هذا الدعاء الشريف: ( اللَّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ الْحُجَّةَ بْنَ الْحَسَنِ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ عَلَى آبَائِهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ وَفِيُّ كُلِّ سَاعَةٍ وَلِيّاً وَ حَافِظاً وَ قَائِداً وَ نَاصِراً وَ دَلِيلًا وَ عَيْناً ، حَتَّى تُسْكِنَهُ أَرْضَكَ طَوْعاً ، وَ تُمَتِّعَهُ فِيهَا طَوِيلًا ).

وتكرر هذا الدعاء ليلة الثالث والعشرين من شهر رمضان وأنت واقف وقاعد وي كل وضع، وفي كل مكان وجدت، وفي كل زمان من دهرك حضرت، تقرأ هذا الدعاء بعد تمجيد الله تعالى، والصلاة على النبي وآله (عليهم السلام)، إلى غيره من الأدعية الواردة والمقام لا يتسع لذكرها، فعلى من يطلبها الرجوع إلى (النجم الثاقب).

س 300: هل الإمام (عليه السلام) بحاجة إلى من يتصدق له أم هنالك سبب آخر للتصدق؟

الجواب: ذلك أنه ليست من نفس أعز وأكرم من الوجود المقدس الإمام العصر (عليه السلام)، أرواحنا له الفداء، بل أن يكون أحسن من النفس إلى النفس، فإذا لم يكن الأمر كذلك، فهو ضعف ونقص في

ص: 205

الإيمان، وخلل في العقيدة، كما جاء بأسانيد معتبرة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويروى أنه قال: « لَا يَؤُمَّنَّ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَنَا وَ أَهْلُ بَيْتِيَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ وَ بَنِيهِ وَ النَّاسَ جَمِيعاً ».

وكيف لا يكون ذلك كذلك في حين أن وجود وحياة الموجودات كافة، إلى الدين والعقل والصحة والعافية، وسائر النعم الظاهرة والباطنة إنما هي من شعاع وجوده المقدس ووجود أوصيائه صلوات الله عليهم، وبما أن ناموس العصر ومدار الدهر، ونور الشمس والقمر، وصاحب هذا القصر والعتاب، وسبب سكون الأرض وسير الأفلاك، ورونق الدنيا من السمك إلى السماك، حاضر في قلوب الأخيار، وغائب عن إنسان عين الأغيار في هذه الأعصار، الحجة بن الحسن صلوات الله عليهما، وأن ثياب الصحة والعافية موضوعة على قدر القامة الموزونة لتلك النفس المقدسة، والقد المعتدل لتلك اللذات المطهرة، فعلى كل مغرور معجب، ممن لا هم لهم سوى سلامة أنفسهم وحفظها وصيانتها، فلا يدرون أنه لا يليق - سوى ذلك الوجود المقدس - بالوجود، وهو الجدير بالعافية والسلامة، من الحتمي واللازم عليهم أن يكون جل همهم، وأهم غرض لهم التوسل بكل وسيلة وسبب كالدعاء والتضرع والصدقة، والتماس السلامة والحفظ لذلك الوجود المقدس، ففي ذلك بقاء صحتهم، واستجلاب عافيتهم، وقضاء حوائجهم، ودفع البلية عنهم.

ص: 206

س 301: هل هنالك حجة في الحج نيابة عن إمام العصر (عليه السلام)؟

الجواب: نعم، كما كانت عليه العادة بين الشيعة قديما، وكما قرر هو (عليه السلام).

يروي القطب المراوندي في (الخرائج) أن أبا محمد الوغلجي كان له ولدان، وكان أحدهما على الطريقة المستقيمة، وهو أبو الحسن، وكان يغسل الأموات، وكان ولده الآخر يسلك مسالك الأحداث في الإجرام وارتكاب الحرام.

دفع إلى أبي محمد المذكور مال يحج به عن صاحب الزمان (عليه السلام)، وكان ذلك عادة الشيعة وقتئذ، فأعطى أبو محمد شيئا من المال إلى ابنه الموسوم بالفساد، وصحبه معه، وخرج إلى الحج، ولما عاد حكى أنه لما كان في موقف عرفة رأي إلى جانبه شابا حسن الوجه، أسمر اللون، بذؤابتين، مقبلا على شأنه في الابتهال والدعاء والتضرع.

قال: فلما قرب نفر الناس التفت إلي فقال: يا شيخ، أما تستحي؟، فقلت: من أي شيء يا سيدي؟

قال: يدفع إليك مال تحج عمن تعلم فتعطي منه إلى فاسق يشرب الخمر؟ يوشك أن تذهب عينك هذه، وأومأ إلى عيني، وأنا إلى الآن في وجل ومخافة.

قالوا: فما مضى عليه أربعون يوما بعد مورده حتى خرج في عينه التي أومأ إليها قرحة، فذهبت.

ص: 207

س 302: ما هو سبب الوقوف ووضع الكف اليمني على الرأس بعد حنيه عند ذكر اسم الإمام (عجل الله فرجه) وبالأخص اسم القائم (عليه السلام)؟

الجواب: قد استقرت على ذلك سيرة أبناء الطائفة الإمامية، كثرهم الله تعالى، في مختلف بلادهم من عرب وعجم وترك وهنود وديالمة، وهذا يكشف بحد ذاته عن وجود أهل وأساس لهذا العمل، ولو أنه لم يتضح لنا بعد، غير أنه سمع من عديد من العلماء وأهل الاطلاع أنهم رأوا خبرا في هذا الباب نقله بعض العلماء، وهو أن العالم المتبحر الجليل عبد الله سبط المحدث الجزائري سئل عن هذا الأمر، وأنه أجاب عنه في بعض تصانيفه بما يفيد أنه رأى خبرا مضمونه أن الاسم المبارك ذكر يوما في مجلس الإمام الصادق (عليه السلام) فوقف (عليه السلام) احتراما وتعظيما.

أقول: كان هذا كلام شيخنا في (النجم الثاقب)، غير أن العالم المحدث الجليل والفاضل الماهر المتبحر سيدنا الأجل السيد حسن الموسوي الكاظمي، قال في تكملة (أمل الأمل) ما مفاده أن أحد علماء الإمامية عبد الرضا بن محمد - وهو من أولاد المتوكل - وضع كتابا في وفاة الإمام الرضا (عليه السلام) وسمه باسم (تأجيج نيران الأحزان في وفاة سلطان خراسان)، ومن متفردات ذلك الكتاب قوله : روي أنه لما كان

دعبل الخزاعي ينشد قصيدته التائية للإمام الرضا (عليه

ص: 208

السلام) ووصل إلى هذا البيت :

خروج إمام لا محالة خارج***يقوم على اسم الله والبركات

وقف الإمام الرضا (عليه السلام) على قدميه، وأحني رأسه الشريف إلى الأرض بعد أن وضع كفه اليمنى على رأسه، وقال: اللهم عجل فرجه ومخرجه، وانصرنا به نصرا عزيزا، وفعل المعصوم حجة.

س303: هل أن الدعاء والتضرع إلى الله تعالى في زمان الغيبة مهم جدا؟

الجواب: أعلم أن الدعاء في أي وقت هو مهم، لكنه في تلك الفترة أكثر أهمية، وذلك لأن من تكاليف العباد في تلك الظلمات - أي ظلمات الغيبة - التضرع وسؤال الله تعالى أن يكلا الإيمان والدين بحفظه من تطرق شبهات الشياطين وزنادقة المسلمين، وقراءة الأدعية الواردة في ذلك، ومنها دعاء رواه الشيخ النعماني والشيخ الكليني بأسانيد متعددة عن زرارة أنه قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن للقائم (عليه السلام) غيبة قبل أن يقوم، قلت: ولم ذلك؟ قال: يخاف، وأشار إلى بطنه، ثم قال: وهو المنتظر الذي يشك الناس في ولادته، فمنهم من يقول: مات أبوه ولم يخلف، ومنهم من يقول: هو حمل، ومنهم من يقول: هو غائب، ومنهم من يقول :

ص: 209

قد ولد قبل وفاة أبيه بسنتين، وهو المنتظر، غير أن الله تبارك وتعالى يحب أن يمتحن الشيعة، فعند ذلك يرتاب المبطلون.

قال زرارة: فقلت: جعلت فداك، فإن أدركت ذلك الزمان فأي شيءأعمل؟ قال: يا زرارة، إن أدركت ذلك الزمان فالزم هذا الدعاء:

( لَا يَؤُمَّنَّ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَنَا وَ أَهْلُ بَيْتِيَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ وَ بَنِيهِ وَ النَّاسَ جَمِيعاً ).

ودعاء أخر رواه الشيخ الصدوق عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام):

ستصيبكم شبهة فتبقون بلا علم يری، ولا إمام هدي، لا ينجو منها إلا من دعا بدعاء الغريق. قلت: وكيف دعاء الغريق؟ قال: تقول: ( يَا اللَّهُ يَا رحمن يَا رَحِيمُ ، يا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ).

فقلت: ( يا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ وَ الْأَبْصَارِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ ).

فقال: إن الله عز وجل مقلب القلوب والأبصار، ولكن قل كما - أقول: ( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ).

س 304: متى يمكن الاستمداد منه (عليه السلام) والاستعانة والاستغاثة به، ولماذا؟

ص: 210

الجواب: يمكن الاستمداد منه (عليه السلام) عند الشدائد والأهوال، والبلايا والأمراض، ومواجهة الشبهات والفتن من الأطراف والجوانب، وعدم العثور على سبيل للعلاج، وإذا أريد منه (عليه السلام) حل شبهة، ورفع كربة، ودفع بلية.

ذلك أنه (عليه السلام) - حسب القدرة الإلهية، والعلوم اللدنية الربانية - مطلع على أحوال كل أحد، وفي كل مكان، قادر على إجابة ما يسأل، فيضة عام، وهو لم يغفل عن النظر في أمور رعاياه، ولا يغفل، وهو القائل في توقيع بعث به إلى الشيخ المفيد: ( فإنا يحيط علمنا بأنبائكم، ولا يعزب عنا شيء من أخباركم، ومعرفتنابالزلل (بالبلاء) الذي أصابكم )

س 305: قد ذكرت رقعة الحاجة فما هي؟

الجواب: جاء في (تحفة الزائر) للمجلسي، وفي ( مفاتيح النجاة) للسبزواري أن من كانت له حاجة فليكتب ما يأتي في رقعة يطرحها في قبر من قبور الأئمة (عليهم السلام)، أو يطويها ويختمها، ثم يضع طينا من تراب طاهر ويجعلها فيه ثم يرمي بها في نهر أو بئر عميقة أو غدير ماء، لتصل إلى صاحب الزمان صلوات الله وسلامه عليه، فيتولى هو بنفسه إخراج الحاجة، وهذا هو نص الرقعة:

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، كَتَبْتُ يَا مَوْلَايَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكَ مُسْتَغِيثاً ، وَ شَكَوْتُ مَا نَزَلَ بِي مُسْتَجِيراً بِاللَّهِ عَزَّ وَجِلٍ ثُمَّ بِكَ فِي أَمْرُ

ص: 211

قَدْ دَهَمَنِي ، وَ أَشْغَلُ قَلْبِي ، وَ أَطَالَ فِكْرِي ، وسلبني بَعْضِ لُبِّيَ ، وَ غَيْرِ خطير نعمةالله عِنْدِي ، أَ سَلِّمْنِي عِنْدَ تَخَيُّلِ وُرُودِهِ الْخَلِيلُ ، وَ تَبَرَّأْ مِنِّي عِنْدَ تُرَائِيَ إِقْبَالِهِ إِلَيَّ الْحَمِيمِ ، وَ عَجَزْتُ عَنْ دفاعه حِيلَتِي ، وخانني فِي تَحْمِلُهُ صَبْرِي وَ قُوَّتِي ، فلجأت فِيهِ إِلَيْكَ ، وَ تَوَكَّلْتُ فِي الْمَسْأَلَةِ لِلَّهِ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - عَلَيْهِ وَ عَلَيْكَ فِي دفاعه عَنِّي عِلْماً بِمَكَانِكَ مِنَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَلِيُّ التَّدْبِيرِ وَ مَالُكَ الْأُمُورِ ،وَاثِقاً بِكَ فِي الْمُسَارَعَةِ فِي الشَّفَاعَةِ إِلَيْهِ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - فِي أَمْرِي ، مُتَيَقِّناً لإجابته - تَبَارَكَ وَ تَعَالَى - إِيَّاكَ بإعطائي سُؤْلِي ، وَ أَنْتَ يَا مَوْلَايَ جَدِيرُ بتحقيق ظَنِّي وَ تَصْدِيقُ أَمَلِي فِيكَ ، فِي أَمْرِ كَذَا وَ كَذَا ( وَ يُذْكَرْ فِي مَحَلِّ كَذَا وَ كَذَا حَاجَتَهُ ) فِي ما لَا طَاقَةَ لِي بِحِمْلِهِ وَ لَا صَبْرَ لِي عَلَيْهِ وَ إِنْ كُنْتَ مُسْتَحِقّاً لَهُ ولأضعافه بِقَبِيحِ أَ فِعَالِي ، وَ تَفْرِيطِي فِي الْوَاجِبَاتِ الَّتِي لِلَّهِ عَزَّ وَجِلَ ، فَأَغِثْنِي يَا مَوْلَايَ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكَ - عِنْدَ اللهف ، وَ قَدِمَ الْمَسْأَلَةَ لِلَّهِ - عَزَّ وَجِلَ - فِي أَمْرِي قَبْلَ حُلُولِ التَّلَفَ وَ شَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ ، فبك بَسَطْتَ النِّعْمَةِ عَلَيَّ ، وَ أَسْأَلُ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ لِي نَصْراً عَزِيزاً وَ فَتْحاً قَرِيباً فِيهِ بُلُوغِ الْآمَالِ ، وَ خَيْرُ المبادئ وَ خَوَاتِيمَ الْعُمَّالِ ، وَ الْأَمْنُ مِنِ الْمَخَاوِفِ كُلَّهَا فِي كُلِّ حَالٍ ، إِنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِمَا يشاؤ فَقَالَ وَ هُوَ حَسْبِي وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ فِي الْمُبْدَأَ وَ الْمَآبِ ».

ثم ليأت إلى ذلك النهر أو الغدير، وليعتمد على أحد وكلائه (عليه السلام)، فينادي واحدا منهم ويقول:

( يا فلان ابن فلان، سلام عليك، أشهد أن وفاتك في سبيل الله، وأنك حتى عند الله مرزوق، وقد خاطبتك في حياتك التي لك عند

ص: 212

الله عزوجل، وهذه رقعتي وحاجتي إلى مولانا (عليه السلام)، فسلمها إليه وأنت الثقة الأمين ).

ثم ليرم الرقعة في نهر أو غدير فتلب حاجته.

وإن شاء الله سيعرف أن مائدة إحسان وجود إمام الزمان صلوات الله عليه وكرمه وفضله ونعمه، مبسوطة لكل مضطرب ضعيف، وضائع منهك، ومتحير جاهل تائه، وأن بابه مفتوح، وجادته مشرعة، مع صدق الاضطرار والحاجة، والعزم مع صفاء الطوية وإخلاص السريرة، فمن كان جاهلا جرعه من شراب علمه، أو تائها أخذ بيده إلى سواء سبيله، أو مريضا ألبسه لبوس عافيته.

س 306: قد شوهد وسمع أن كثيرا من أرباب الاضطرار والحاجة - مع صدق ولائهم وإقرارهم بالإمامة . كانوا في موقع العجز والالتماس الشكوى لكنهم لم يروا أثرا للإجابة أو كشف بلية؟

الجواب: ربما يكون هذا المضطر ممتلكا لموانع الدعاء والقبول، أو لاشتباهه في كونه مضطرا وهو ليس كذلك، فتاه وتحير، لكنهم بينوا له الطريق، كالجاهل بالأحكام العملية، إذ أحيل إلى عالمه، كما جاء في التوقيع المبارك في جواب مسائل إسحاق بن يعقوب، وكان مرقوما:

«وَ أَمَّا الْحَوَادِثُ الْوَاقِعَةُ فَارْجِعُوا فِيهَا إِلَى رُوَاةِ حَدِيثِنَا فَإِنَّهُمْ حُجَّتِي عَلَيْكُمْ ، وَ أَنَا حُجَّةَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ».

ص: 213

فما دامت يد الجاهل تصل إلى العالم أوإلى كتابه في الأحكام فهو ليس مضطر، وكذلك من كان العالم قادرا على حل مشكلته ودفع الشبهة والحيرة عنه من الظواهر ونصوص الكتاب والسنة والإجماع فليس بعاجز أو ضعيف،كما أن أولئك الذين تجاوزوا في معاشهم وأسباب حياتهم الحدود الإلهية والموازين الشرعية، ولم يقنعوا ويقتصروا على المقدار الممدوح في الشرع بسبب أنهم لا يمتلكون بعضا مما لا يتعلق به العيش فهم غير مضطرين، إلى غير ذلك من الأمورالتي يرى الإنسان فيها نفسه عاجزا مضطرا، فيظهر له بعد التأمل الصادق خلاف ذلك، وعلى فرض أنه كان في اضطرار صادق فلعل صلاحه أو صلاح النظام ككل لا يكمن في إجابته، مع أنه لم يوعد كل مضطر بالإجابة، نعم، إن إجابة المضطر لا تصدر إلا عن الله تعالى أو عن خلفائه، لا أنهم يجيبون كل مضطر، وقد وجد في أيام الحضور والظهور في المدينة ومكة والكوفة الكثير من أصناف المضطرين والعجزة كافة، وكانوا غالبا من الموالين والمحبين، وكثيرا ما كانوا يسألون فلا يجابون، وهكذا فلم يحدث أن كل عاجز في كل زمان أجيب إلى كل ما سأل، ورفع عنه اضطراره، ذلك لأن هذا يورث اختلالا في النظام، ويدفع الأجر الجزيل والثواب العظيم الذي سيدركه أصحاب البلاء والمصائب الذين يتمنون إذا شاهده في يوم الجزاء لو أن أبدانهم قرضت في الدنيا بالمقاريض، وأن الله تعالى مع تلك القدرة الكاملة، والغناء المطلق، والعلم المحيط بذرات الموجودات وجزئياتها لم يفعل كذلك مع عباده.

ص: 214

حوار مع رواية

س 307، أخرج النعماني في الغيبة بسنده عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي (عليه السلام) يقول : ( لوقد خرج قائم آل محمد (عليه السلام)... إلى أن قال : يفتح الله له الروم والصين والترك والديلم والسند والهند وكابل شاه والخزر)..

وأخرج الطبرسي عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث عن القائم (عليه السلام). قال : ( ويفتح قسطنطينية والصين وجبال الديلم... الحديث).

ألا يدل ذلك على حصر ملك الإمام (عليه السلام) بهذه الأماكن المذكورة؟؟

الجواب: أقول: هذا أكبر استيعاب ممكن لمناطق العالم، بحسب مستوى الفهم العام للمجتمع حال صدور هذه النصوص، الفهم الذي لم يكن ليساعد على تعداد ما هو أكثر من ذلك.

ص: 215

وفي الحقيقة، أن هذه المناطق إنما ذكرت لاعطاء الانطباع عن سعة فتح الإمام المهدي (عليه السلام) ودولته... وسيقت كأمثلة لذلك لا على وجه التعيين. ومعه فيمكن استفادة التعميم من هذه الرواية إلى كل مناطق العالم وعدم الانحصار بهذه المذكورة. وكيف يمكن فهم الانحصار مع قيام الدليل القطعي على خلافه.

س 308: ما المراد بالروم في الرواية السابقة؟

الجواب: المراد بالروم في الرواية، طبقا للفهم المعاصر لصدورها، معناه الشامل للافرنج كلهم أعني أوروبا عموما. وقد يشمل قارة أمريكا أيضا، لا أنهم، من عنصر بشري مشابه، أي أنهم من الأفرنج بالمعنى العام.

س309: ما المراد بالصين في الرواية السابقة؟

الجواب: المراد بالصين المعروفة في شرق آسيا... الشاملة للقسم المحكوم للشيوعيين اليوم والقسم المحكوم لأمريكا وللصين الوطنية، والشامل لليابان أيضا.

س310: ما المراد بالديلم أو جبال الديلم في الرواية السابقة؟

الجواب: المراد بها، المناطق التي تقع الآن في جنوب «الإتحاد

ص: 216

السوفيتي»، والتي تحتوي معظمها على أكثرية مسلمة.

فإن نسبة الديالمة في التاريخ إلى تلك المنطقة. وقد تسمى بمنطقة ما وراء النهر في بعض التواريخ.

س 311: ما المراد بالهند في الرواية السابقة؟

الجواب: الهند معروفة وهي تلك البلد التي تقع في آسيا، إلا أن المقصود منها ما يشمل الباكستان أيضا، لكونهم ما يصدق عليهم اسم الهند لغة بطبيعة الحال.

س 312: ما المراد بالسند في الرواية السابقة؟

الجواب: المراد بالسند هو ما يسمى اليوم بجنوب شرقي آسيا، بما فيها أندونيسيا وفيتنام ولاوس وغيرها.

س 313: ما المراد بالقسطنطينية في الرواية السابقة؟

الجواب: المراد بالقسطنطينية، مدينة استانبول، التي هي الجزء الأوروبي من تركيا، وهي ترد - عادة - في لسان الروايات كأقوى مدينة في العالم القديم، بحيث يكون فتحها نقطة استراتيجية مهمة في حركة القيادة العالمية. وإنما تكتب أهميتها باعتبارها إحدى المداخل الرئيسية لأوروبا من الشرق.

ومن هذا المنطلق ورد في الروايات بشمول الفتح الإسلامي

ص: 217

للقسطنطينية، وبات منتظرا عدة قرون، حتى تحقق على يد «العثمانيين»وبذلك اكتسبوا أهمية كبيرة بصفتهم المطبقين لذلك التبشير الإسلامي.

س 314: ما المراد بكابل شاه في الرواية السابقة؟ وما مدى أهميتها؟

الجواب: المراد بكابل شاه عاصمة مملكة الأفغان الحالية. وفتحها يعني فتح المنطقة كلها بطبيعة الحال وشهرتها على (کابل) وأضيفت إلى الشاه أما باعتبار أنها الاسم القديم لها، أو باعتبار عاصمة دولة ملكية... والشاه هو الملك عندهم.

س325: ما المراد بالخزرفي الرواية السابقة؟

الجواب: الخزر، هو المنطقة المجاورة لبحر الخزر المعروف ببحر قزوين من الشمال... الذي يحكم أغلب شواطئه الآن دولة الاتحاد السوفياتي، وقد اختصت إيران بقسم من شواطئه الجنوبية.

ص: 218

الظهور

س316: ما هو معنى الظهور طبقا للفهم الإمامي؟

الجواب: للظهور معنيان مقترنان يصدقان معا بالنسبة إلى المهدي (عليه السلام)، طبقا للفهم الإمامي، ويصدق أحدهما طبقا للفهم الآخر:

المعنى الأول: أن يراد من الظهور البروز والانكشاف بعد الاحتجاب والاستتار. وهذا ما يحصل فعلا بالنسبة إلى الإمام المهدي (عليه السلام) عند تعرف الناس عليه بعد غيبته واستتاره. وهو خاص بالفهم الإمامي الذي يرى حصول الغيبة.

المعنى الثاني: أن يراد بالظهور: إعلان الثورة (في منطق العصر الحاضر) أو القيام بالسيف (في منطق العصر القديم).

وهو صادق بالنسبة إلى المهدي (عليه السلام) على كلا الفهمين الإمامي وغيره. لوضوح كونه (عليه السلام) الثائر الأكبر ضد الظلم والطغيان والتخلف على وجه الأرض.

ص: 219

ومن هنا نعرف أن كلا المعنيين صادقين من زاوية (إمامية)، أو نجد الإمام المهدي (عليه السلام) يظهر بعد الاستتار تأثرا على الظلم والطغيان.

س 317: هل هنالك معنى آخر للظهور؟

الجواب: نعم يوجد، ويراد به: الانتصار والسيطرة، يقال: ظهر عليه إذا انتصر ضده وسيطر عليه. وهذا المعنى يصدق عند استتباب الأمر للمهدي (عليه السلام) على الحاكم كله، وهو غير ما نريده من كلمة الظهور.

س 318؛ هل بالإمكان شرح كيفية الظهور بعد الغيبة؟ الجواب: إن للظهور معنيين مقترنين عملي ونظري يصد قان معا:

المعنى الأول: وهو المعنى العملي... وهو أن يرى الناس الإمام المهدي (عليه السلام) في أول ظهوره، فيعرفهم بنفسه ويكشف لهم عن صفته الحقيقية، ويطالبهم بنصره ومؤازرته.

المعنى الثاني: وهو المعنى النظري... ويتلخص بارتفاع الغيبة التي كان عليه السلام قد اتخذها مسلكا لنفسه، طبقا للتخطيط الإلهي... سواء كان معنى الغيبة هو (أطروحة خفاء الشخص) أو( أطروحة خفاء العنوان). فيكون شخصه مكشوفا و عنوانه معرووفا

ص: 220

قديما لانجاز مهامه العالمية، المتوقعة منه منذ الآن.

فإن صحت (أطروحة خفاء الشخص) الإعجازية، كان معنى الظهور ارتفاع المعجزة عنه وانکشاف جسمه للناس. وإن صحت (أطروحة خفاء العنوان) التي هي طريق لحفظ الإمام يغني عن الطريق الاعجازي، إلا في أوقات الخطر.

س319: هل أن الإمام المهدي (عليه السلام) يعلم بموعد ظهوره؟

الجواب: هذا العلم لا شك في أنه سيحصل للإمام الغائب (عليه السلام)، فإن الله عز وجل بحكمته الأزلية وتخطيطه العام سيمكن المهدي (عليه السلام) من العلم بموعد ظهوره، لتوقف نجاحه عليه وتوقف تنفيذ الوعد الحق والغرض الأسمى على الظهور، فيتوقف ذلك الغرض على العلم بحلول الموعد، فيكون علمه (عليه السلام) ضروريا بالبرهان.

س 320: هل أن علم الإمام بطريق إعجازي أو طبيعي؟

الجواب: هذا السؤال أجابت عليه جملة من الأخبار الخاصة..

1- أن يكون علم المهدي (عليه السلام) بموعد ظهوره وثورته، بنحو الرواية عن آبائه المعصومين عن جده الرسول العظيم (صلى الله عليه و آله و سلم).

ص: 221

2- أن يكون علم الإمام المهدي (عليه السلام) بموعد ظهوره إعجازيا، بمعنى أنه يحين الموعد الذي يراه الله عز وجل صالحا للظهور وانتصار الثورة العالمية، فإنه عز وجل يحقق أمام الإمام المهدي (عليه السلام) معجزة بشكل وآخر توجب الفاته إلى ذلك.

3- ان المهدي (عليه السلام) يشخص وقت الظهور بخبرته الخاصة... بعد أن كان قد تلقى أسسة العامة عن آبائه عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

س 321: كيف يمكن لنا معرفة موعد الظهور؟

الجواب هو الاعتماد على الروايات الواردة بهذا الخصوص، والتي تعطينا إلماما عن اليوم والشهر الذي يحصل فيه الظهور، مع إهمال رقم السنة بطبيعة الحال.

س 322: هل يمكننا تعيين موعد الظهور في السنة على وجه الإجمال في الروايات؟

الجواب: نعم، أخرج الطبرسي في الإعلام عن أبي بصير عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: لا يخرج القائم إلا في وتر من السنين: سنة احدى أو ثلاث أو خمس أو سبع أو تسع.

ص: 222

س323: هل يمكننا تعيين موعد الظهور في الشهر وعدد أيامه في الروايات؟

الجواب: نعم، أخرج الطبرسي عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ينادي باسم القائم في يوم ست وعشرين من شهر رمضان. ويقوم في يوم عاشوراء وهو اليوم الذي استشهد فيه سيد الشهداء الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام)... الحديث.

وروى الشيخ في الغيبة عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): أن القائم صلوات الله عليه، ينادي اسمه ليلة ثلاث وعشرين، ويقوم يوم عاشوراء، يوم قتل فيه الحسين بن علي (عليهما السلام).

س 324: هل يمكننا تعيين موعد الظهور في اسم اليوم الأسبوعي؟

الجواب: نعم، روى الشيخ عن علي بن مهزیار، قال: قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام): كأني بالقائم يوم عاشور، يوم السبت... الحديث.

وروى الصدوق في الإكمال عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: يخرج القائم يوم السبت يوم عاشوراء، يوم الذي قتل فيه الحسين (عليه السلام).

ص: 223

س325: ما هو المقصود الأساسي في جعل موعد الظهور يوم عاشوراء؟

الجواب: إن المقصود الأساسي - بحسب ما نفهم - من هذا التوقيت أمران:

الأمر الأول: كون هذا اليوم هو يوم مقتل جده الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليه السلام)، وهو ما نطقت به الروايات.

باعتبار أن ثورة الحسين ( عليه السلام) وثورة المهدي (عليه السلام) معا منسجمتان في الهدف، وهو حفظ الإسلام من الاندراس والضمور. وقد كانت ثورة الحسين (عليه السلام) في حقيقتها من بعض مقدمات ثورة المهدي (عليه السلام) وإنجاز يومه الموعود، بصفتها جزءا من التخطيط الإلهي لإعداد العاطفة والإخلاص والوعي في الأمة، توخيا لإيجاد العدد الكافي لغزو العالم بالعدل، بين يدي المهدي (عليه السلام) ولو بعد حين.

كما أن ثورة الإمام المهدي (عليه السلام) دفاع عن الإمام الحسين (عليه السلام) وأخذ بثأره باعتبار كونها محققة للهدف الأساسي المشترك وهو تطبيق العدل وإزالة كل ظلم وكفر وانحراف. وقد وردت بهذا المعنى بعض الأخبار.

وقد كان ولا زال وسيبقى وجود الحسين (عليه السلام) وثورته في ضمير الأمة خاصة والبشرية عامة حيا نابضة، على مختلف المستويات، يلهم الأجيال روح الثورة والتضحية والإخلاص. ومن هنا

ص: 224

كان الانطلاق من زاويته انطلاقا من نقطة قوة متسالم على صحتها ورجحانها. وان أهم مناسبة يمكن الحديث فيها عن الإمام الحسين (عليه السلام) وأهدافه، هو يوم ذكرى مقتله في العاشر من شهر محرم الحرام. ومن هنا كان هذا التوقيت للظهور حكيما وصحيحا.

الأمر الثاني: كون هذا اليوم قريبا من موعد الحج الذي هو المنطلق الأساسي لاجتماع المسلمين والفرصة الرئيسية الوحيدة التي يمكن وصول أنصار الإمام المهدي (عليه السلام) إليه في موعدهم المحدد، بالأسلوب الطبيعي غير الإعجازي.

س326: لماذا النداء يكون في شهر رمضان المبارك؟

الجواب: النقطة الثانية: أننا سمعنا في أخبار النداء وفي أخبار التوقيت الأخيرة، أن التداء باسم المهدي (عليه السلام) سيكون في شهر رمضان، حيث تكون النفوس عادة أقرب إلى طاعة الله وأبعد عن معصيته وأكثر اهتماما بالأمور الدينية من أي شيء آخر، بل لعل النداء سيكون في ليلة القدر، الثالث والعشرين من شهر رمضان... التي هي مركز الطاعة والعبادة من ذلك الشهر.

س 327: كم هو الفاصل بين النداء والظهور (عليه السلام)؟

الجواب: سيكون ظهوره (عليه السلام) في اليوم العشر من

ص: 225

المحرم، والنداء في الثالث والعشرين من رمضان، أي أن الفاصل بين النداء والظهور حوالي مئة وسبعة أيام.

س 328: قلت أن النداء في شهر رمضان والظهور في محرم من نفس السنة ما هو دليكم على ذلك - أي لم لا يكون الظهور في السنة التي بعدها أو التي بعدها وهكذا ....؟

الجواب: لعل أهم دليل على التتابع ونفي الانفصال، هو ما استفدناه من أخبار النداء من كون حدوث النداء إنما هو للتنبيه والإعلان عن حصول الظهور. وهذا إنما يصدق في الزمان القريب.

ولعله إذا وجد بعد أيام قليلة كان أفضل. لولا أن مصلحة كبيرة هي التي اقتضت تأجيله إلى العاشر من محرم. وهو تاريخ كبير نسبيا بالنسبة إلى تطبيق فكرة التنبيه والإعلان

ومن هنا لا يمكن الزيادة عليه إلا برفع اليد عن هذه الفكرة. ولكنها فكرة ثابتة باعتبار دلالة الأخبار عليها، إذن فلا بد من الالتزام بقرب الظهور إلى وقت النداء... وذلك بالشكل الذي عرفناه.

س 329: ماذا سيكون رد الفعل من قبل أولئك المحصين المؤهلين لغزو العالم بالعدل بين يدي القائد المهدي (عليه السلام) عند سماعهم للنداء؟.

الجواب: إن كل مؤمن ممحص، سيرى في النداء باسم المهدي

ص: 226

(عليه السلام) الشرارة الأولى للظهور، ولإثارة الشعور بالمسؤولية الإسلامية والوجوب الإسلامي في نفس الفرد في نصرة المهدي (عليه السلام) والمشاركة في شرف تأسيس العدل في العالم وتوطيد الدولة العالمية الإسلامية.

س 330 : كيف سيدخل أصحاب الإمام (عليه السلام) مكة، بدون إثارة أي شك أو ألفات نظر من قبل الآخرين؟

الجواب سيكون ذهاب الفرد إلى مكة اعتياديا، لا يثير شكا ولا يلفت نظرا. إنه يذهب إلى الحج كما يذهب أي فرد في كل عام. وبذلك يتخطى الحدود القانونية التي وضعتها الحضارة الحديثة. وسيكون الفرد في مكة عند ظهور المهدي (عليه السلام). طبقا للتخطيط الإلهي الحكيم.

وبذلك يتوافد كل أنصار المهدي (عليه السلام) من كل العالم، وقد أصبحوا بعدد كاف لغزو العالم بالعدل، نتيجة للتخطيط العام... ويحجون مع الناس، وهم يتوقعون ظهوره في أية لحظة - إن لم يكونوا مسبوقين بروايات التوقيت - ولكن الظهور سيتأخر عن أيام الحج... فيسافر الحجاج راجعين إلى بلدانهم وتخلو مكة المكرمة منهم.. إلا أولئك الذين ينتظرون الظهور. انهم سوف يضطرون إلى البقاء بعد الحج إلى موعد قد لا يعرفونه بالتحديد... وهو موعد الظهور.. وبدون أن يصرحوا بمقاصدهم الحقيقية لأي إنسان.

ص: 227

س 331: هل سيثير بقاؤهم مشكلة قانونية، كما هو سائد في عصرنا؟

الجواب يثير بقاؤهم مشكلة قانونية، يقع فيها الجدل بين الحاكمين هناك، على ما نقلته بعض روایاتنا. حتى ما إذا شاء الله عز وجل للمهدي (عليه السلام) أن يظهر في يوم عاشوراء، كان هؤلاء هم البذرة الرئيسية لجيشه، أمضاهم إرادة وأعمقهم عقيدة.

س 332: هل يكون هناك أثر اعجازي في سبب دخول أصحاب الإمام (عليه السلام) إلى مكة ؟

الجواب: إن لأصحاب الإمام المهدي (عليه السلام) الفرصة الكافية في الذهاب إلى مكة المكرمة، بشكل طبيعي لا أثر للإعجاز فيه.

س 333: وما تقول في الروايات الدالة على الأعجاز بظاهرها؟

الجواب: تكون الروايات الدالة بظاهرها على أن وصولهم إليه بنمو إعجازي، تكون مخالفة ل (قانون المعجزات) ومحتاجة إلى فهم جديد.

ص: 228

س334: ما هو موقف أعداء الإمام المهدي (عليه السلام) من النداء؟ فإن من المفهوم أن هذه المدة التي تتخلل بين النداء والظهور كافية تماما للاستعداد لسحق أي حركة متوقعة في العالم والقضاء عليها في مهدها وبمجرد حدوثها. فكيف ينجو الإمام المهدي (عليه السلام) من ذلك؟

فإن الاعداء قد يسمعون النداء، وخاصة أنه نداء رهيب واسع يخرج الفتاة من خدرها ويوقظ النائم ويفزع اليقظان، كما سمعنا من الأخبار. وإذا سمعوه توقعوا الظهور واستعدوا ضده لا محالة؟

الجواب: إن ظهور المهدي (عليه السلام) الذي يتأخر أكثر من مئة يوم، سوف لن يتعين انطباقه على النداء إلا بعد أن يقوى المهدي (عليه السلام) ويشتد ساعده وتكون حركته قابلة للصمود ضد أي اعتداء

س 335: أن تحديد زمان الظهور بالنمو الذي سمعناه ينافي مع الانتظار المستمر للمهدي (عليه السلام) وأنه من المتوقع ظهوره في أي يوم وفي أية لحظة. إذ مع التحديد بيوم عاشوراء، سوف لن يكون ظهوره في سائر أيام السنة مترقبا. كما أنه مع التحديد بالسنوات الوتر: إحدى أو ثلاث أو خمس... لن يكون ترقب ظهوره في السنوات المزدوجة : اثنان

ص: 229

أو أربع أو ست موجودا، وهذا بخلاف ما لو كان التحديد واقعيا غير معروف لأحد، فإن توقع الظهور يبقى لدى الناس موجودا، وبذلك نحرز فوائد الانتظار التي عرفناها سابقا؟

الجواب: إن ظهوره في أي يوم آخر أو أي عام إفراديا كان رقمه أم زوجيا. وبالتالي في أي لحظة مهما كانت... ليس فقط مجرد احتمال. بل هناك ما يدل عليه من الأخبار، كقوله: مثله مثل الساعة لا يجليها لوقتها إلا الله عز وجل. لا تأتيكم إلا بغتة. وقول المهدي في رسالته للشيخ المفيد: فإن أمرنا بغتة فجأة.

إذن، فهناك ما يكفي للإثبات على بعض التحديدات، كما أنهناك ما يكفي لاثبات الاطلاق - لو صح التعبير -، ولا تعارض بينهما، لأن ظهور المهدي (عليه السلام) في بعض هذه المواعيد المحددة، مصداق من ذلك الإطلاق على أي حال. نعم، تكون أدلة الإطلاق موجبة نفسيا وعقليا للانتظار الدائم.

س336: هل تكون هذه الأخبار الدالة على تعيين اليوم والشهر مشمولة لأخبار في التوقيت ولعن الوقاتين. فإن كانت كذلك كانت واجبة التكذيب لا محالة؟

الجواب: إن هذا الشمول غير صحيح، ولكل من شكلي الأخبار ميدانه الخاص به من دون أن يكذب أحدهما الآخر.

وأهم دليل على ذلك، وجود قرائن داخلية في نفس الأخبار

ص: 230

النافية للتوقيت تجعلها نصا في أن مركز التكذيب هو رقم السنة فقط، دون اسم الشهر ورقم اليوم واسمه من الأسبوع، كالخبر الذي أخرجه النعماني عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر الباقر (عليه السلام) يقول: يا ثابت! إن الله كان قد وقت هذا الأمر في سنة السبعين. فلما قتل الحسين (عليه السلام) اشتد غضب الله فأخره إلى أربعين ومائة. فلما حدثناكم بذلك أذعتم وكشفتم قناع الستر. فلم يجعل الله لهذا الأمر بعد ذلك عندنا وقتا. يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب. قال أبو حمزة: فحدثت بذلك أبا عبد الله الصادق (عليه السلام)، فقال: قد كان ذلك.

وهناك بعض الأخبار الأخرى بهذا المضمون... وهي واضحة في أن ما ألغاه الله تعالى وأمر بتكذيبه إنما هو رقم السنة، وهو لا يشمل الخصائص الأخرى غير أن هذه الأخبار تحتوي، من بعض الجهات الأخرى، على بعض الاستفهامات التي لا مجال الآن إلى عرضها والجواب عليها.

س 337: أين يظهر الإمام (عليه السلام) في بدايته؟

الجواب في الأخبار الدالة على أن المهدي (عليه السلام) يظهر أول ما يظهر بين الركن والمقام.

ص: 231

س 338: هل وردت أخبار في أول ظهور المهدي (عليه السلام) بين الركن والمقام؟

الجواب: نعم، قد وردت بذلك الأخبار من الفريقين:

أخرج أبو داود عن أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: ( يكون اختلاف عند موت خليفة. فيخرج رجل من أهل المدينة هاربا إلى مكة، فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره. فيبايعونه بين الركن والمقام. ويبعث إليه بعث من أهل الشام، فيخسف بهم بالبيداء بين مكة والمدينة. فإذا رأى الناس ذلك أتاه ابدال الشام وعصائب أهل العراق. فيبايعونه «بين الركن والمقام...»الحديث (1).

وغير ذلك كثير من الروايات فمن أراد فليراجع كتاب «الحاوي ج2 ص 129».

س 339: وردت خطبة للامام(2) (عليه السلام) يلقيها بين الركن والمقام هل يمكن ذكرها لنا؟

الجواب: أخرج النعماني في الغيبة باسناده عن جابر بن يزيد الجعفي، قال:

قال أبو جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)- في حديث

ص: 232


1- سنن أبي داود ص 423 ج2.
2- الفصول المهمة ص 321.

طويل-: والقائم يومئذ بمكة، قد أسند ظهره إلى البيت الحرام مستجيرا، فينادي: يا أيها الناس، إنا نستنصركم الله ومن (فمن) أجابنا من الناس، وإنا (فإنا) أهل بيت نبيكم محمد. ونحن أولى الناس بالله وبمحمد (صلى الله عليهوآله وسلم).

فمن حاجني في آدم، فأنا أولى الناس بأدم. ومن حاجني في نوح، فأنا أولى الناس بنوح. ومن حاجني في إبراهيم، فأنا أولى الناس بإبراهيم. ومن حاجني في محمد فأنا أولى الناس بمحمد. ومن حاجني بالنبيين، فأنا أولى الناس بالنبيين ، أليس الله يقول في محكم كتابه: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين، ذرية بعضها من بعض، والله سميع عليم. فأنا بقية أدم وذخيرة من نوح ومصطفى من إبراهيم وصفوة من محمد (صلى الله عليهم أجمعين).

ألا ومن حاجني في كتاب الله، فأنا أولى الناس بكتاب الله. ألا ومن حاجني في سنة رسول الله، فأنا أولى الناس بسنة رسول الله.

فأنشد الله من سمع كلامي اليوم لما بلغ منكم الشاهد الغائب. وأسألكم بحق الله وبحق رسوله وبحقي، فإن لي عليكم حق القربي من رسول الله، ألا أعنتمونا ومنعتمونا ممن يظلمنا. فقد أخفنا وظلمنا وطردنا من ديارنا وأبنائنا، وبغي علينا ودفعنا عن حقنا، فافترى أهل الباطل علينا. فالله الله فينا لا تخذلونا وانصرونا ينصركم الله... الحديث.

ص: 233

س 340: متى تكون خطبته (عليه السلام). بعد أو قبل مقتل النفس الزكية؟

الجواب: أخرج في البحار عن علي بن الحسين (عليهما السلام)، في حديث قال:

فيقوم هو بنفسه (يعني بعد مقتل النفس الزكية) فيقول: أيها الناس، أنا فلان بن فلان، أنا ابن نبي الله، أدعوكم إلى ما دعاكم إليه نبي الله. فيقومون إليه ليقتلوه، فيقوم ثلثمائة أو نيف على الثلثمائة فيمنعونه(1) .

س341: في أي من الأركان الأربعة يقف الإمام المهدي (عليه السلام) ليخطب بالناس؟

الجواب: إذا قيل (الركن) بدون وصف، فهم منه الركن الأسود بطبيعة الحال باعتبار أهمية لاحتوائه على الحجر الأسود وابتداء الطواف منه، ويكون هو على يسار الواقف مستقبلا للكعبة ومستدبرا مقام إبراهيم، ويكون إلى يمين الواقف الركن العراقي، وتقع باب الكعبة إلى نفس هذه الجهة الشرقية قريبا من الركن الأسود.

ص: 234


1- أعلام الوری بأعلام الهدی ص 431.

س 342: قد سمعنا من بعض الروايات أن الإمام المهدي (عليه السلام) يسند ظهره إلى البيت الحرام، يعني الكعبة المشرفة وأنه يسند ظهره إلى الحجرالأسود؟

الجواب: إذا فهمنا ذلك مع الحفاظ على كون وقوفه (بين الركن والمقام)، فيكون من اللازم أن نتصوره مستديرا جدار الكعبة الذي بين الباب والركن الأسود، وهي مسافة نصف متر أو تزيد قليلا، فيصدق أنه واقف بين الركن والمقام، كما يصدق أنه مسند ظهره إلى الكعبة، وإلى الحجر الأسود أيضا، لأن الحجر سيكون قريبا جدا منه عن يمينه إلى جهة ظهره.

س343: هنالك روايات تدل على أن المهدي (عليه السلام) يصعد المنبر ويخطب، فإن كان المراد به المنبر المبني فعلا في المسجد الحرام، فهو أبعد عن الكعبة المشرفة من مقام إبراهيم، ومن ثم لا يصدق الوقف عليه أنه وقوف بين الركن والمقام. ومن ثم تكون هذه الرواية معارضة للروايات الدالة على وقوفه بين الركن والمقام.

الجواب: أنه (عليه السلام) لا يصعد المنبر الموجود حاليا، بل يقف بين الركن والمقام، ولو فوق منبر آخر يوضع له وقتيا.

ص: 235

س 344: قد ذكرت الروايات أن الإمام (عليه السلام) يخطب بالناس بعد حدوث الخسف وقتل النفس الزكية والنداء، لو أن شخصا محتالا يستغل الموقف فيذهب إلى المسجد الحرام في العاشر من المحرم ويتكلم في الناس بالمضمون السابق للخطبة؟

الجواب: هذا في غاية البعد... ولو حدثته نفسه بذلك فإنه يقتل لا محالة في موقفه ذاك، أو يلقى عليه القبض ويفشل مخططه البتة... ولن يستطيع الحصول على العدد الكافي لغزو العالم بالعدل، ولا بعض منه.

س345: هل إن هناك حاجة للإمام (عليه السلام) أن يقيم المعجزة أثناء أو بعد خطبته؟

الجواب: هناك في العالم - طبقا للتصور الإمامي لفكرة المهدي (عليه السلام) - عدد غير قليل من الناس يعرف المهدي بشخصه ولا يحتاج إلى إقامة المعجزة للتعرف عليه، لأنه رآه خلال غيبته مرة أو عدة مرات. وهم كل الأفراد المخلصين من الدرجة الأولى وبعض الأفراد المخلصين من الدرجة الثانية.

وقد كان هؤلاء هم وسائطه إلى الناس - بشكل وآخر - خلال غيبته. وسيكونون لنا بأنفسهم رادة الحق والعدل واللسان الناطق والسيف الضارب بين يدي قائدهم المهدي (عليه السلام).

ص: 236

فمن الممكن - بغض النظر عن أي شيء آخر - أن يكون هؤلاء هم الشاهد الصادق في تعريف قائدهم إلى الناس، ريثما يثبت من مجموع أعماله وأقواله صدقه وعظمة أهدافه. ومعه لا حاجة إلى إقامة المعجزة.

س346: وردت بعض الأخبار تقول: بأن المهدي (عليه السلام) يظهر من تربة يقال لها - كرعة-. وهي تنافي الروايات التي سمعناها من كونه ( عليه السلام) يظهر في مكة بين الركن والمقام.

وإحدى الروايات كالأتي: أخرج الكنجي في كتابه (البيان) بإسناده عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يخرج المهدي من قرية يقال لها : كرعة. فما القول في ذلك؟

الجواب: إنها مروية في عدة مصادر وعن عدد من الرواة، إلا أنهم جميعا يسندونها إلى عبد الله بن عمرو وعبد الله بن عمرو... هو الذي يتحمل مسؤولية روايته.

وأما وروده - كما سمعنا في رواية الكنجي- بلفظ: عبد الله بن عمرو، فهو إن كان خطأ مطبعياو كتابيا، وواقعه هو: عبد الله بن عمر... إذن فالكلام فيه ما سبق أن قلناه. وإن كان شخصا غيره، فهو مجهول ومردود بين عدد أشخاص، فلا تكون روايته قابلة للإثبات

ص: 237

التاريخي

وتكون الروايات الدالة على ظهور المهدي (عليه السلام) في مكة وبين الركن والمقام قائمة وحدها بلا معارض.

س 347؛ بعد انتهاء الإمام المهدي (عليه السلام) من خطبته من هم أول من يبايعه؟

الجواب: إن المهدي (عليه السلام) بعد أن ينتهي من خطابه، يبدأ بأخذ البيعة من أنصاره ومؤيديه. لكن أول من يبايعه توضحه الرواية التالية:

أخرج الطبرسي عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في حديث: أنه ذكر أولا مضمون خطبة الإمام المهدي (عليه السلام) ثم قال:

فيبعث الله عز وجل جبرائيل، حتى يأتيه ويسأله ويقول له: إلى أي شيء تدعو؟ فيخبره القائم، فيقول جبرائيل: فأنا أول من يبايع، ثم يقول له: مد كفك، فيمسح على يده. وقد وافاه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا، فيبايعونه...الحديث.

ص: 238

س 348: ما هي البيعة التي يأخذها المهدي (عليه السلام) من أصحابه؟

الجواب: أخرج الصافي في منتخب الأثر(1)عن كشف الأستار للحاج النوري عن عقد الدرر لجمال الدين المقدسي والفتن لأبي صالح السليلي عن أمير المؤمنين (عليه السلام):

( أنه - أي المهدي (عليه السلام) - يأخذ البيعة عن أصحابه، على أن لا يسرقوا ولا يزنوا ولا يسبوا مسلما ولا يقتلوا محرما ولا يهتكوا حريما محرما، ولا يهجموا (يهدموا) منزلا، ولا يضربوا أحدا إلا بالحق ولا يكنزوا ذهبا ولا فضة ولا برا ولا شعيرا، ولا يأكلوا مال اليتيم، ولا يشهدوا بما لا يعلمون، ولا يخربوا مسجدا ولا يشربوا مسكرا، ولا يلبسوا الخز ولا الحرير ولا يتمنطقوا بالذهب، ولا يقطعوا طريقا ولا يخيفوا سبيلا، ولا يفسقوا بغلام،ولا يحبسوا طعاما من بر أو شعير، ويرضون بالقليل، ويشمون الطيب ويكرهون النجاسة، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويلبسون الخشن من الثياب، ويتوسدون التراب على الخدود، ويجاهدون في الله حق جهاده. ويشترط على نفسه لهم: أن يمشي حيث يمشون ويلبس كما يلبسون ويركب كما يركبون، ويكون من حيث يريدون ويرضى بالقليل، ويملأ الأرض بعون الله - عدلا كما ملئت جورا، يعبد الله حق عبادته، ولا يتخذ حاجبا ولا بوابا.

ص: 239


1- انظر نفس المضمون في الملاحم والفتن لابن طاووس ص 122.

س 349: هناك من الروايات ما يدل على أن المهدي (عليه السلام) يبايع کارها. وقد ورد هذا المضمون في طرق العامة بشكل أوسع مما عليه في طرق الخاصة، أيمكنك ذكر رواية تبين ذلك؟

الجواب: نعم: اخرج (1)عن شهر بن حوشب، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): سيكون في رمضان صوت.... إلى أن قال:

حتى يهرب صاحبهم، فيؤتي بين الركن والمقام فيبايع وهو کاره. ويقال له: إن أبيت ضربنا عنقك !!... يرضى به ساكن السماء وساكن الأرض.

س 350 : هل يمكنك تفسير هذه الكراهة لنا - أي كراهة بيعة الإمام (عليه السلام) -؟

الجواب: ورد في طرق الخاصة تفسير هذه الكراهة. أخرج النعماني بسنده عن عبيد بن زراره عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال:

«يُنَادِي بِاسْمِ الْقَائِمِ فيؤتي وَ هُوَ خَلْفَ الْمَقَامِ ، فَيُقَالُ لَهُ : قَدْ نُودِيَ بِاسْمِكَ ، فَمَا تَنْتَظِرُ ؟».

ثم يؤخذ بيده فيبايع. قال: لي زراره: الحمد لله. قد كنا نسمع أن القائم (عليه السلام) يبايع مستكرها (مکرها) فلم تكن

ص: 240


1- الحاوي ج2 ص 161.

نعلم وجه استكراهه. فعلمنا أنه استكراه لا إثم فيه.

س 351: هل هناك من يكون مطلعا على حقيقة المهدي ( عليه السلام) في غيبته الكبرى؟

الجواب: أن هناك نفر قليل من البشرية في كل جيل، يمكن أن يكون مطلعا على حقيقة المهدي (عليه السلام) ومكانه. وهناك روايات كثيرة تدل على وجود مثل هؤلاء الأفراد.

وبالطبع سيكون هؤلاء، مع سائر المخلصين الممحصين الناتجين عن التخطيط الإلهي العام، حاضرون خطاب المهدي (عليه السلام) في المسجد الحرام. وقد يكونون على موعد خاص سابق بهذا الاجتماع. ولا يحتاجون في التعرف على شخص الإمام المهدي (عليه السلام) إلى أي إثبات.

ومعه فسوف يكونون هم الأوائل من المبادرين إلى البيعة بعد جبرائيل والمدافعين عنه عندما يحاول المنحرفون قتله، عند سماعهم الخطبة...

س 352: من يبايع الإمام المهدي (عليه السلام)؟ الجواب: سائر المخلصين الممحصين الذين كانوا في مكة، وقد انتظروا الظهور بفارغ الصبر.

ص: 241

س353: إن جبرائيل (عليه السلام) أفضل من المهدي (عليه السلام) في درجات الكمال الإلهي فكيف يخضع للمهدي (عليه السلام) بالمبايعة كما ذكرت سابقا؟

الجواب: هذا السؤال يحتوي على عدة أجوبة، ونذكر منها اثنان.

1- إنه لا دليل على أن جبرائيل أفضل من الإمام المهدي (عليه السلام). بل لعل الدليل قائم على العكس، باعتبار أن الإنسان الصالح المتكامل في صلاحه، أفضل من الملائكة

فإذا كان المهدي (عليه السلام) أفضل من جبرائيل. كان المانع من هذه الجهة، عن البيعة غير موجود.

2- إن هذه المبايعة من قبل جبرائيل ليست خضوعا للمهدي (عليه السلام)... وإنما هي احترام له وتقديس لمهمته العالمية التي خطط من أجلها خلال عمر البشرية كله، وقد وجدت المبايعة لأجل مصالح معينة.

س354: ما الذي يستفيده جبرائيل من مبايعة المهدي ( عليه السلام)؟

الجواب: الجواب على ذلك من عدة وجوه نذكر أهمها:

الوجه الأول: أنه يبايع إطاعة لأمر الله تعالى لا من أجل مصلحته الخاصة.

الوجه الثاني: إن احترام الحق وتقديس قادته، يعتبر كمالا له

ص: 242

وفائدة تعود عليه. وهذا ما يتحقق بالبيعة.

الوجه الثالث: إن البيعة ذات مصالح عامة، تعود إلى البشر أنفسهم، ومن ثم تتدرج في التخطيط العام الساري المفعول بعد الظهور، وهذا كان في إيجادها.

س 355: إن فكرة مبايعة جبرائيل (عليه السلام) لا تنسجم مع فكرة أن المهدي (عليه السلام) يبايع مكرها. فإن من يكرهه على المبايعة هم البشر المتضررون من الظلم الواقع عليهم، وليس لجبرائيل (عليه السلام) في ذلك أية مشاركة فكيف نجمع بين الأخبار الدالة على هاتين الفكرتين؟.

الجواب: إننا سنفهم من الإكراه المشار إليه معنى معينا، يتضمن لهفة المظلومين إلى رفع الظلم عنهم، تواضع الإمام المهدي (عليه السلام) عن أنيتصدى للمبايعة بنفسه، بل من الأفضل أن تكون بطلب من غيره بطبيعة الحال. وكلما دل على الإكراه أكثر من ذلك، ينبغي الاستغناء عنه. وهذا المعنى لا ينافي مع بيعة جبرائيل (عليه السلام) معه، بل هو منسجم معها، وسيكون جبرائيل (عليه السلام) هو المبادر إلى طلب البيعة منه.

اس 356: دلت بعض الروايات على أن جبرائيل قال عند وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أنه لن ينزل إلى

ص: 243

الأرض مرة أخرى؟

الجواب: هناك عدة أجوبة نذكر منها هذا الجواب:

إننا يمكن أن نقيد الأخبار النافية لنزول جبرائيل (عليه السلام) بالهدف الذي كان ينزل لأجله يومئذ، وهو تبليغ الوحي إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). فكأنه قال: لن أنزل إلى الأرض من اجل تبليغ الوحي. وهذا أمر صحيح ولن يحدث أبدا لأن نزوله مع المهدي (عليه السلام) لن يكون من أجل تبليغ الوحي، بطبيعة الحال.

وهذا القيد وإن كان مخالفا لظاهر هذه الأخبار، إلا أنه موافق مع طبيعة مهمة جبرائيل مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)... كما أن أخبار نزوله (عليه السلام) توجب الإلتزام بهذا التقييد.

... ويمكن أن نقول أن الأخبار النافية لنزول جبرائيل (عليه السلام) بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ساقطة عن قابلية الإثبات التاريخي، لأن جبرائيل (عليه السلام) نزل في زمن الأئمة المعصومين (عليهم السلام) عدة مرات. کنزوله عند ثورة الحسين بن علي (عليه السلام) وعند میلاد الإمام المهدي (عليه السلام) ومناسبات أخرى.

س357: عرفنا أن المهدي (عليه السلام) يبايع أصحابه على كتاب جديد وأمر جديد وسلطان جديد وعلى شروط

ص: 244

مطولة معينة بتفاصيلها. تمثل في حقيقتها أهم أحكام الإسلام. كيف يتصور أن المهدي (عليه السلام) يتلو هذه الشروط على كل واحد من الحاضرين، فإنه يستغرق زمنا طويلا؟

الجواب: جوابه، واضح، وهو أنه لا يحتاج إلى ذكرها أكثر من مرة، أمام مجموع الحاضرين أو مجموعة منهم، ثم يقوم بالتنبيه على تلك الشروط في كل مبايعة.

س 358: إن ما ذكر في هذه القائمة الطويلة من الأحكام، ليست أحكاما جديدة، بل هي أحكام معروفة في الإسلام، ونافذة قبل الظهور، فكيف نقول أخا من الكتاب الجديد والأمر الجديد؟

الجواب: يمكن الجواب على ذلك من عدة زوايا، نذكر اثنتين منها:

الزاوية الأولى: إننا نحتمل - على الأقل - أن الرواية التي تكلفت بيان الشكل الثاني لمضمون البيعة قد حذفت من القائمة التي يذكرها المهدي (عليه السلام) لأصحابه، كل حكم جديد... لأن ذكرها في الرواية يساوق إعلانها قبل الظهور، في حين أن بيانها موکول تماما إلى الإمام المهدي نفسه.

الزاوية الثانية: أن في القائمة المذكورة نفسها، ما يصلح أن يكون

ص: 245

حكما جديدا، وان كانت أسسه معروفة قبل الظهور: مثل قوله: ويرضون بالقليل ويشمون الطيب. ويلبسون الخشن من الثياب ويتوسدون التراب على الخدود.

فإن هذه أحكام نافذة المفعول قبل الظهور، ولكنها (مستحبة)وغير (إلزامية) بمعنى أنه يجوز تركها للفرد... ولكن بعد تعيش الأمة التجارب القاسية السابقة على الظهور، التي تنتج فيها الإيمان العالي والاخلاص العميق في جماعة واسعة من الناس... يصبح فيها القابلية لن تكون (ملزمة) بهذه الأحكام وأمثالها، فتتحول هذه الأحكام من الاستحباب إلى الوجوب.

ويكون هذا الوجوب، ممثلا لجهة مهمة من جهات (الكتاب الجديد والأمر الجديد الذي سوف يعلن بعد الظهور.

س359: إن هذه الأحكام (المستحبة ) صعبة التنفيذ، فكيف تكون واجبة على الناس بعد الظهور؟

الجواب: جوابه، من وجهين:

الوجه الأول: أنه لا دليل على شمول هذه الأحكام للأمة كلها، وإنما كل ما في الأمر، أن الرواية دلتنا على أن المهدي (عليه السلام) يشترطها على أصحابه... ومن المعلوم أن هؤلاء الأصحاب المخلصين من الدرجة الأولى، سيكونون على مستوى قابلية التنفيذ لا محالة.

الوجه الثاني: أنه لا بأس بشمول هذه الأحكام وأمثالها للأمة

ص: 246

ككل، بعد تكاملها نتيجة للتمحيص الطويل، فإن التوقعات من الفرد تزداد كلما ازداد إخلاصا وتكاملا، وكذلك الأمة، بصفتها متكونة من الأفراد.

كل ما في الأمر، أن اعلان أمثال هذه الأحكام سيكون تدريجيا، بمقدار ما يستطيع الإخلاص العميق أن يرسخ أقدامه في الأمة. فهو يبدأ بأضيق صوره وهو الاشتراط خلال البيعة أمام جماعة محدودة من الناس، وينتهي بالإعلان العام عندما تقتضي المصلحة ذلك.

س360: إننا عرفنا أن جبرائيل (عليه السلام) هو أول من يبايع، فهل تكون هذه الأحكام سارية المفعول عليه أيضا؟

الجواب: إن مجرد إثارة هذا السؤال، غريب... فإنه واضح النفي، بعد أن عرفنا أن مبايعة جبرائيل (عليه السلام) ليس من أجل أن يصبح من شعب دولة المهدي (عليه السلام) بشكل مباشر... بل لأجل مصالح أخرى . وهذه الأحكام إنما تسري على شعب تلك الدولة من البشر بطبيعة الحال.

ومن هنا نسمع الروايات تقول: ( لكأني أنظر إليه بين الركن والمقام يبايع الناس بأمر جديد...) فهو يبايع الناس والملائكة، غير أن الأمر الجديد، سيكون ساري المفعول على البشر فقط. وفي الخبر الأخر: أنه يأخذ البيعة عن أصحابه... وجبرائيل (عليه السلام)، وإن كان من أصحاب المهدي (عليه السلام)، غير أن لفظ الأصحاب

ص: 247

واضح في أولئك الذين انتخبهم التمحيص، كعدد كاف لغزو العالم بالعدل، وكلهم من البشر بطبيعة الحال.

س 361: إن ما يشترطه المهدي (عليه السلام) على أصحابه، يعبر عن تكاليف عامة على المسلمين، يكون هو مشمولا لها أيضا، فلماذا لم يشترطها على نفسه؟ في حين نجد أن ما اشترطه على أصحابه أكثر بكثير ما اشترطه على نفسه فلو كانت زيادة الأحكام تدور مدار عمق الإيمان والإخلاص، لكان الأنسب هو العكس، لأن المهدي (عليه السلام) أعمق إيمانا وإخلاصا من أصحابه بطبيعة الحال؟

الجواب: جواب ذلك ينبغي أن يكون واضحا للقارئ اللبيب... إذ لا معنى لشمول كل الأحكام لشخص الإمام المهدي (عليه السلام). إذ من الأحكام ما يقول بوجوب إطاعة الحاكم العادل المتمثل يومئذ بالمهدي (عليه السلام) نفسه، كما أن من الحكام ما يكون تربويا للمراتب الواطئة نسبيا من الناس، والمفروض بالمهدي (عليه السلام) أنه أعلى من هذه المرتبة بكثير. فلا معنى لشمول أمثال هذه الأحكام له (عليه السلام).

هذا، ولكن غالب الأحكام شامله له، غير أن تطبيقها من قبله واضح ومفروض لا يحتاج إلى اشتراط - فيكون اشتراطها عليه أمرا مستأنفا لا معنى له - كيف وهو الذي سيأخذ بزمام العبادة

ص: 248

لاشتراطها على أصحابه، فكيف لا يلتزم هو شخصيا بها، وإنما يتم هذا الاشتراط بالنسبة إلى المراتب الإيمانية التي يكون هذا الاشتراط في مصلحة تربيتها.

في حين أن كمال الإمام المهدي (عليه السلام) أعلى من هذا

المستوى بكثير.

ففي لب الحقيقة أن ما يشترط المهدي (عليه السلام) على نفسه وما يشترطه على أصحابه معا، مكلف هو بها. غير أن تلك الأمور لا تحتاج إلى اشتراط، وإنما يخص المهدي (عليه السلام) على نفسه باشتراط الأمور التي تخص القائد العادل في الإسلام، مضافا إلى مهمته الخاصة التي كان مذخورا من أجلها، وهي: أن يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.

وهو وإن كان عالما بهذه الأمور، عازما على تطبيقها، إلا أن الاعراب عنها أمام أصحابه، وخلال البيعة، تنوير لهم عن وظيفته وتحيد لتوقعاتهم منه، وبالتالي فهو إعلان مختصر عن المنهج الذي سوف يتبعه في المستقبل... شأن البيان الوزاري الذي تعلنه الدولة الحالية عند مجيء الوزارة الجديدة إلى الحكم.

س 362: إن المهدي (عليه السلام) يأخذ على نفسه، أنه يكون من حيث يريدون. ومن المعلوم بضرورة الدين، أن التطبيقات الإسلامية لا تكون بمشيئة الناس، وإنما تكون

ص: 249

بإرادة الله وتشريعه، ومقتضيات العدل الكامل والمصالح العامة. والمهدي (عليه السلام) هو المطبق لذلك لا لما يريد الأخرون، فكيف يشترط ذلك على نفسه؟

الجواب: الحق، إننا لو فهمنا من هذا الشرط كون الإمام (عليه السلام) يكون طوع إرادة أصحابه في التشريع والتطبيق، لكان هذا الشرط باطلا لإهماله.غير أن هذا نفسه سيكون قرينة لنا على أن نفهم هذا الشرط بأسلوب آخر.

ويتم ذلك من خلال وجوه غير متنافية، فقد تصدق جميعا أو أكثر من واحد منها.

الوجه الأول: أن أصحابه إنما يريدون العدل العالمي المطلق، وان تمتلئ الأرض قسطا وعدلا... فإذا كان المهدي (عليه السلام) (من حيث يريدون) عني ذلك تطبيقه للعدل المذخور من أجله.

الوجه الثاني: إن في هذا الشرط إشارة إلى الأمور التي تكون موكولة (فقهيا) إلى رغبة المجتمع في الدولة الإسلامية... كتأسيس المؤسسات، والحصول على مقادير من الأرض أو الإشتغال في الوظائف العامة... ونموها، فيكون معنى كون الإمام المهدي (عليه السلام) حيث يريدون، أنه (عليه السلام) يرضى لهم بذلك ويمضي لهم هذه الحاجات، في حدود ما لا يكون مخلا بالعدل والمصلحة العامة.

الوجه الثالث: إن المهدي (عليه السلام) لا يقضي فقط هذه

ص: 250

الحاجات، بل يقضي لأصحابه ولكل المؤمنين جميع ما يريدون من حوائجهم الشخصية، وهذا ما سوف يحدث فعلا في نظامه العادل.

س363: هل يلقب المهدي (عليه السلام) بلقب أمير المؤمنين (عليه السلام)؟

الجواب: في بعض الروايات التي لم يحضرني مصدرها ما مضمونه: أن المهدي (عليه السلام) إذا ظهر لم يلقب بأمير المؤمنين، فإنه لقب خاص بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، بل يقال له: السلام عليك يا بقية الله في أرضه.

س364: ما المراد بلقب بقية الله في أرضه؟

الجواب: المراد من هذا اللقب: كون المهدي (عليه السلام) هو الباقي من خط الأنبياء والأولياء والصالحين الذين مهدوا لوجوده وضحوا من أجل تطبيق عدله، فأصبح هو النتيجة الطبيعية الكبرى لجهودهم والقيمة العليا لأقوالهم وأعمالهم. فالمراد من (بقية الله) کونه (عليه السلام) بقية أنبياء الله ورسله عليهم السلام.

وإنما نسبت البقية إلى الله مباشرة باعتبار كون هذا الخط المقدس على طوله خط ممثل لعدل الله ودعوته الحقة، وهو - عز وجل - مؤسسة ومخططة من أجل تربية البشرية والسير بها نحو الكمال.

ص: 251

وأما نسبتها إلى (أرض الله) حين يقال: بقية الله في أرضه. فباعتبار تأسيسه (عليه السلام) للدولة العالمية العادلة على مجموع الكرة الأرضية. ومن المعلوم أن (أرض الله) هي كل الكرة الأرضية لا يستثني منها أي منطقة أو أي مجتمع، كما أنه (عليه السلام) في عصره هو القائد الإلهي الوحيد الموجود في مجموع هذه الأرض.

س 365: هل هناك وقت معين للظهور؟

الجواب: وردت أخبار المصادر الخاصة من نفي التوقيت وتكذيب الوقاتين، كرواية الفضيل، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام): هل لهذا الأمر وقت؟... فقال: كذب الوقاتون کذب الوقاتون.

وعن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام): كذب الوقاتون وهلك المستعجلون، ونجا المسلمون، وإلينا يصيرون.

وعنه (عليه السلام): من وقت لك من الناس شيئا، فلا تهابن أن تكذبه فلسنا نوقت لأحد وقتا(1).

س 366: قد ذكرت علامات لظهور الإمام (عليه السلام)، إن هذه العلامات كما تنبه المخلصين الذين يعدون أنفسهم للفداء بين يدي المهدي (عليه السلام): كذلك تكون منبهة لأعداء المهدي (عليه السلام)، فيعدون أنفسهم للقضاء عليه

ص: 252


1- الغيبة للشيخ الطوسي ص 262.الأخبار الثلاثة كلها.

وطمس حركته في أول حدوثها؟.

الجواب: أعلم أن الأعداء سوف لن يلتفتوا إلى حصول هذه العلامات، ولو التفتوا فإنهم لن يعلموا أنها من قبيل العلامات إلى ظهور المهدي (عليه السلام)، ولو علموا فإنهم لن يستطيعوا التألب عليه، لأنه يظهر في زمان غير مناسب لذلك.

ولو فرض أنهم التفتوا وتألبوا، فلا يكون ذلك مجديا أيضا، لأن المهدي (عليه السلام)، لن يعلن عن أهدافه الكاملة لأول وهلة، ومن هنا فلن تلتفت الدول إلى خطره المباشر عليها، إلا بعد أن تقوی شوكته ويتسع سلطانه. إذا، فلو كانوا قد تألبوا فإنهم سوف لن يستعملوه ضده إلا بعد فوات الأوان.

س367: إن التوقيت بهذه العلامات، مناف للأخبار النافية للتوقيت والأمرة بتكذيب الوقاتين؟

الجواب الجواب على ذلك، يكون على مستويين:

المستوى الأول: أن ننظر إلى الزمان السابق على وقوع هذه العلامات كزماننا هذا ... ونقول: بأن هذه العلامات لو وقعت الدلت على قرب الظهور.

وهذه قضية صادقة لا تشتمل على التوقيت المهني عنه على الإطلاق وإنما هي توقيت إجمالي کشرائط الظهور تماما من أنها: لو حصلت لظهور المهدي (عليه السلام)، فإن عدم الإطلاع على زمان

ص: 253

وقوع هذه العلامات مستلزم بطبيعة الحال لجهالة زمان الظهور وعدم تحديده، ذلك التحديد المنفي في الأخبار.

المستوى الثاني: أن ننظر إلى الزمان المتخلل بين وقوع هذه العلامات وبين الظهور فإن كل فرد يشاهد إحدى العلامات القريبة من حقه أن يقول: أن المهدي (عليه السلام) سيظهر بعد قليل.

س 368: كيف يمكننا فهم المستوى الثاني الذي ذكرته في جواب السؤال السابق؟

الجواب: يمكن أن نفهمه على شكلين:

الشكل الأول: إن هذا القول لا يحتوي على تحديد معين للوقت، باعتبار أنه يبقى مترددا بين اليوم والأيام، بل بين العام والأعوام، فإن تخلل عشرة أعوام ما بين ظهور العلامة القريبة وظهور المهدي (عليه السلام): غير ضائر بكونها قريبة، لضالة هذه الأعوام العشرة تجاه الزمان الطويل السابق عليها ومعه فلا تكون تحديدا، ولا تندرج في الأخبار النافية للتحديد.

الشكل الثاني: أن نتنازل عما قلناه في الشكل الأول، ونقول: إن هذا القول، أعني: أن المهدي سيظهر بعد قليل... يتضمن التحديد والتوقيت إذا، فلا بد من الإلتزام بأن الأخبار الدالة على وقع العلامات القريبة مخصصة لأخبار التكذيب وخارجة عن مدلولها.

وتكون النتيجة: أن كل تحديد التاريخ يوم الظهور کذب الرفض

ص: 254

إلا إذا كان مستندا إلى حدوث علامة من العلامات القريبة، فإنه يكون صادقا وجائز التلقي بالقبول.

اس 369: ما هي فائدة الاغماض في تاريخ الظهور، وإيكال علمه إلى الله وحده وارتباطه بإذنه عز وجل؟

الجواب: لهذا الاغماض عدة فوائد، أهمها اثنان:

1- بقاء قواعده الشعبية منتظرة له في كل حين، متوقعة ظهوره في أي يوم.

2- حماية المهدي (عليه السلام) من أعدائه بعد ظهوره.

س 370: قد ذكرت بقاء قواعده الشعبية منتظرة في كل حين، فهل لهذه الفائدة فائدة عند الأفراد؟

الجواب: نعم، أن هذا الشعور إذا وجد لدى الفرد فإنه يحمله على السلوك الصالح وتقويم النفس ودراسة واقعة المعاش ومعرفة تفاصيل دينه جهد الإمكان. ليحظى في لحظة الظهور بالزلفي لدى المهدي (عليه السلام) والقرب منه، ولا يكون من المغضوب عليهم لديه، أو المبعدين عن شرف ساحته.

بل إن الفرد ليشعر، وهو في حالة انتظار أمامه في أي يوم، إن انحرافه وفسقه قد يؤدي به إلى الهلاك، والإبعاد كليا عن العدل الإسلامي العظيم الذي يسود العالم تحت قيادة الإمام المهدي (عليه

ص: 255

السلام). فإن الإمام المهدي (عليه السلام) بعد ظهوره سوف يكون حديا في تطبيق العدل الإسلامي، وسيذيق كل منحرف عقائديا أو سلوكيا أشد الوبال، فإنه لا مكان للانحراف في مجتمع العدل المطلق.

س 371: هل أن الاغماض في التأريخ - تأريخ الظهور -يحقق نصرا، مؤكد أفضل من معرفة تأريخ الظهور؟

الجواب: نعم، لأن الاغماض في التاريخ يوفر محض المفاجئة والمباغتة للعدو على حين غرة منه، وهو من أقوى عناصر النصر وأسبابه، ان لم يكن أهمها وأقواها على الإطلاق، على حين لو كان الموعد معينا لكان بإمكان الأعداء أن يجمعوا أمرهم ويهيئوا أسلحتهم، قبيل الموعد المحدد حتى إذا ما آن أوان ظهوره قاتلوه واستأصلوه قبل أن يفهم به الناس، ويجتمع حوله الأعوان.

س 372؛ هل أن الإمام المهدي (عليه السلام) مختفيا بشخصه عن الناس؟

الجواب: إن الإمام المهدي (عليه السلام) ليس مختفيا بشخصه عن الناس، وإنما يراهم ويرونه، ولكنه يعرفهم ولا يعرفونه. فما هو الواقع خارجا هو الجهل بعنوانه كإمام مهدي، لا اختفاء جسمه، كما تقول به بعض الأفكار غير المبرهنة.

ص: 256

الكوفة والمهدي عليه السلام

س373: ما هي نقطة انطلاق الإمام المهدي (عليه السلام) لفتح العالم؟ وما هي عاصمته؟

الجواب: في ذكر الأخبار الدالة على ذلك:

ستكون نقطة الانطلاق إلى فتح العالم هي الكوفة من العراق على وجه التعيين، وستكون في المدى القريب - إن شاء الله - عاصمة الدولة العالمية المهدوية العادلة.

س 374: ما المراد بالكوفة؟

الجواب: المراد بالكوفة. المنطقة التي تشمل النجف أيضا، باعتبار أن تجاورهما أرضا وبناء، يجعلهما كالمدينة الواحدة. ومن هنا جاءت الأخبار لتسمي الكوفة تارة والنجف أخرى. وكلا القسمين يرجع إلى معنى واحد.

ص: 257

س 375: من يكون أسعد الناس بظهور الإمام المهدي ( عليه السلام)؟

الجواب: روى القندوزي في الينابيع(1) عن كتاب فضل الكوفة لمحمد بن علي العلوي، بسنده عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):

« يَمْلِكُ الْمَهْدِيِّ أَمَرَ النَّاسِ سَبُعاً أَوْ عَشْراً . أَسْعَدُ النَّاسِ بِهِ أَهْلِ الْكُوفَةِ »

وروى ابن الصباغ في الفصول المهمة (2)عن أبي جعفر (عليه السلام) - في حديث طويل - قال: « إِذَا قَامَ الْقَائِمِ ( عَلَيْهِ السَّلَامُ ) سَارَ إِلَى الْكُوفَةِ فَوَسَّعَ مَسَاجِدِهَا . . . »الخ الرواية.

س376: كيف يكون موقف أهل الكوفة من الإمام المهدي (عليه السلام)؟

الجواب: إن الشعب الكوفي والنجفي سيخضع للمهدي (عليه السلام) بسهولة ويؤيده بحرارة.

فقد جاء في رواية عن عمر بن شمر عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: ذكر المهدي فقال: يدخل الكوفة وبها ثلاث رايات قد اضطربت، فتصفو له. ويدخل حتى يأتي المنبر فيخطب. فلا يدري

ص: 258


1- ينابيع المودة ص 531.
2- الفصول المهمة ص 321.

الناس ما يقول، من البكاء.

فإذا كانت الجمعة الثانية سأله الناس أن يصلي بهم الجمعة. فيأمر أن يخط له مسجد على القرى ويصلي بهم هناك... الحديث. ورواه الطبرسي(1)أيضا بنفس النص.

س377: أين يكون منزل الأمام المهدي (عليه السلام) هو وأهله ؟

الجواب: أخرج الشيخ في الغيبة بسنده عن صالح بن أبي الأسود عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ذكر مسجد السهلة، فقال له أما إنه منزل صاحبنا - أي المهدي (عليه السلام) - إذا قدم بأهله.

س378: أين سيكون بيت ماله (عليه السلام) ومقسم غنائم المسلمين؟

الجواب سيكون بيت ماله ومقسم غنائم المسلمين مسجد السهله.

س379: ما هو مسجد السهلة؟

الجواب: مسجد السهلة أحد مساجد الكوفة يبعد عنها إلى جهة الشمال نحو كيلو متر واحد.

ص: 259


1- أعلام الوری للطبرسي ص 430.

بناه أحد أصحاب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، ويحتوي على عدة نقاط. روي أنها موضع صلاة عدد من الأنبياء والأولياء. والظاهر أن أول من قام بتجديدها هو السيد مهدي بحرالعلوم من أبرز علماء الإمامية في القرن الثاني عشر الهجري. وهو أعلم بما قال وفعل.

منها: الموضع الذي يعرف بمقام المهدي (عليه السلام)، الذي يروى أن الإمام المهدي (عليه السلام) صلى فيه ركعتين في بعض عصور غيبته.

س 380 : أين يكون دار ملك الإمام المهدي (عليه السلام)؟

الجواب: يكون دار ملك الإمام المهدي (عليه السلام) الكوفة.

س 381: مجلس حكم الإمام المهدي (عليه السلام) أين يكون؟

الجواب: مجلس حكمه (عليه السلام) جامع الكوفة.

س 382: ما المراد بجامع الكوفة؟

الجواب: (جامع الكوفة) الكبير الذي كان مركز قضاء الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وصلاته وخطبه. وفيه الموضع الذي ضرب فيه ضربته التي توفي عنها... وكان له في التاريخ الإسلامي أثر

ص: 260

كبير، فهذا الجامع غني عن التعريف

س383 : أين يكون موضع خلوات الإمام المهدي (عليه السلام)؟

الجواب: تكون موضع خلواته (عليه السلام) الذكوات البيض بین الغريين.

س 384: أين يكون تجمع المؤمنين عند استقرار دولة الإمام المهدي (عليه السلام)؟ ولماذا؟

الجواب: يكون اجتماع المؤمنين في الكوفة نصرة وتأييدا للإمام (عليه السلام)، وقد دل على ذلك عدد من الأخبار نذكر منها.

جاء بإسناده عن المفضل بن عمر: قال: سألت سيدي الصادق (عليه السلام): ... قال المفضل: يا مولاي، كل المؤمنين يكونون بالكوفة؟، قال: أي والله، لا يبقى مؤمن إلا كان بها أو هو إليها. وليبلغن مجالة فرس منها ألفي درهم... الخ الخبر.

س 385: ورد اسم بلدة ( إيلياء)(1) في كثير من الروايات، فقد جاء في الخبر ( خرج - أي المهدي (عليه السلام) - في اثني عشر ألفا فيهم الإبدال حتى ينزلوا إيلياء ) أين تكون

ص: 261


1- أخرجه السيوطي ص 146.

هذه البلدة وما هو سبب تسميتها بهذا الاسم؟

الجواب: بما أن المهدي (عليه السلام) ينزلها بعد الخسف، وقد عرفنا أن الكوفة هي المركز الرئيسي للمهدي (عليه السلام) بعد خروجه من مكة وقدومه العراق، إذن ف(إيلياء) هي (الكوفة). .

أما سبب تسميتها أن الكوفة كانت هي عاصمة حكم علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليه السلام). ومن هنا سميت بإيلياء اشتقاقا من لفظ (علي).

ص: 262

استقرار الإم عليه السلام في الحكم

س 386: هل يعم حكمه جميع العالم؟

الجواب: عموم سلطته (عليه السلام) الأرض كلها من المشرق إلى المغرب برا وبحرا، عمارا وخرابا، جبلا وسهلا، حتى لا يبقى موضع إلا جرى فيه حكمه ونفذ فيه أمره، والأخبار في هذا المعنى متواترة: ( وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا).

س387: ما هو عمله عند ظهوره؟

الجواب هو امتلاء الأرض كلها قسطا وعدلا كما ملأت ظلما وجورا، كما أن أصغر خبر إلهي أو نبوي، خاص عام، جاء فيه ذكر للمهدي (عليه السلام) لم يخل من هذه البشارة وهذه المنقبة له (عليه السلام).

ص: 263

س 388: بحكم من يحكم الإمام المهدي (عليه السلام)، وهل يحتاج إلى دليل في حكمه؟

الجواب: يصدر (عليه السلام) أحكامه بين الناس بعلم إمامته دون أن يسأل الناس بينة أو شاهدا، فهو يحكم بحكم داود وسليمان (عليهما السلام).

س389: ما حكم من لم يأتمر بأمره أو لم يتعلم علوم دينه وأحكام مسائله؟ وما حكم الزاني ومانع الزكاة؟

الجواب: روى الشيخ الطوسي (ره) أنه (عليه السلام) يقتل ابن عشرين سنة لم يتعلم علوم دينه وأحكام مسائله.

وقيل يأتي (عليه السلام) بأحكام لم تجر فيما سبق عهده كقتله الشيخ الزاني ومانع الزكاة.

س390 : هل يكون هنالك ملك آخر لغيره (عليه السلام)؟ الجواب: ينقطع سلطان الجبابرة ودولة الظلمة بوجوده (عليه السلام)، قلت يكون ملك آخر على وجه الأرض، وتتصل دولته (عليه السلام) بالقيامة برجعة سائر الأئمة ( عليهم السلام)، أو بدولة نبيه (عليه السلام)، وذكر أن الصادق (عليه السلام) كان يكثر من الترنم بهذا البيت:

لكل أناس دولة يرقبونها***ودولتنا في آخر الدهر تظهر

ص: 264

الحرب العالمية المتوقعة

س 391: جاءت روايات كثيرة تدل على نفي ثلثي العالم نذكر منها:

1- أخرج السيوطي في الحاوي عن نعيم بن حماد عن ابن سيرين، قال : لا يخرج المهدي حتى يقتل من كل تسعة سبعة.

2- وأخرج النعماني بسنده عن زرار قال : لا يكون هذا الأمر حتى يذهب تسعة أعشار الناس.

3- أخرج المجلسي في البحار عن أبي بصير ومحمد بن مسلم قالا سمعنا أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : لا يكون هذا الأمر حتى يذهب ثلثا الناس.

فقيل له : فإذا ذهب ثلثا الناس فما يبقى؟ فقال (عليه السلام) : أما ترضون أن تكونوا في الثلث الباقي. فكيف تفسرون هذا الهلاك العظيم؟

الجواب: هذا الهلاك العظيم الواقع على الناس، مهما كانت

ص: 265

نسبته، وإن أمكنت له عدة تفسيرات، إلا أنه لا يكون - عادة - إلا نتيجة للحرب المدمرة الواسعة الانتشار، فإن الوباء وأشباهه من المبيدات، لا يستوعب البشرية كلها عادة ولا يذهب بهذه النسبة العالية من الناس، وخاصة مع المستوى الطبي اللائق الموجود في الأزمنة الحديثة. إذن فالسبب الأهم لذهابهم ليس إلا الحرب العامة.

وهو يؤدي إلى تلف الأسلحة بحرب ضروس شاملة، لا تتلف الأسلحة فقط، بل الناس أيضا.

كل ذلك لكي يظهر الإمام المهدي (عليه السلام) على أرضية سهلة من البشر، غير قادرة على المقاومة الشديدة عسكريا ولا فكريا، ولا تشكل خطرا حقيقيا على الثورة المهدوية، لكي تكون سيطرة المهدي (عليه السلام) على العالم بأقصر مدة وأقل جهد أمرا ممكنا وصحيحا.

س392: إن الحرب العالمية الرهيبة إذا حدثت، سوف لن يقتصر القتل فيها على الكفرة بل يعم المسلمين لا محالة ومعه قد يقتل من أصحاب الإمام المهدي (عليه السلام) المعدين لنصرته بعد ظهوره جماعة، أو قد يقتلون كلهم. ومعه يكون الظهور متعذرا لما عرفناه من أن وجود العدد الكافي من الجند والقادة لغزو العالم بالعدل أمر ضروري

ص: 266

للانتصار على العالم. فإذا تعذر الانتصار لم يكن للظهور فائدة، وكان متعذرا أيضا. فتكون هذه الحرب موجبة لتأخر الظهور، وانخرام شرطه بدلا على أن تكون في صالحه.

أي لعلنا لو قلنا بأن الباقي من البشرية هو نسبة الواحد الى المئة والواحد والعشرين(1)، أو حتى نسبة الواحد إلى السبع والعشرين.. كان هذا الأمر صحيحا... وكان من الصعب القول بأن أصحاب الإمام المهدي (عليه السلام) كلهم سيكونون من الباقين، وخاصة إذا توسعنا أكثر إلى الثلاثمائة والثلاثة عشر إلى المخلصين من الدرجتين الثانية والثالثة. فإن المحافظة عليهم تحتاج إلى عناية خاصة تشبه المعجزة، وبذلك تكون الحرب العالمية التي تسبب هذه القلة العظيمة في البشر، ضد مصلحة الظهور، وليست إلى صالحه؟

الجواب: هذه الفكرة غير صحيحة، بمعنى أن الحرب لا تكون مضرة بالظهور حتى على هذا المستوى نذكر منها:

1- إننا - على أسوأ تقدير - يمكن أن نفترض تساوي نسبة الفناء في البشر بين جميع أصنافهم سواء من أصحاب الإمام أو غيرهم، فإذا كانت البشرية ذات العدد الكبير تحتاج إلى ثلاثمائة

ص: 267


1- لو ضربنا التسع الباقي بعد ذهاب تسعة أعشار، بالثلث الباقي بعد ذهاب الثلثين، كان الناتج أن الباقي من البشر واحد من سبع وعشرين. فلو ضربنا ذلك بالتسعين الباقيين بعد ذهاب؛ من كل تسعة سبعة. كان الناتج واحدا من مئة وإحدى وعشرين تقريبا.

ونيف من القواد، فمن المنطقي أن البشرية القليلة العدد، تحتاج إلى قادة أقل، وكلما قلت نسبتها قلت حاجتها إلى القادة. فإن النسبة بين عدد البشر وعدد الجيش المهدي تبقى ذاتها مهما صغر الرقم.

2- إنه لا دليل على شمول الحرب لكل دول العالم وأقاليمه. وإنما سوف تقتصر على المناطق التي تكون محكومة للدول المتحاربة، ولكل أصدقائها ومحالفيها... وهي بكل سكانها نسبة عظمى من العالم قد تزيد على ثلاثة أرباع سكانه. فلو هلك أكثر هؤلاء مع القليل من غيرهم، يكون الهالك بالنسبة التي فهمناها أخيرا.

ومن الواضع والسهل افتراض أن يكون هؤلاء المخلصون المعدون لنصرة الإمام القائد المهدي (عليه السلام) موجودين في الدول غير المشاركة في الحرب. فمهما نالهم من الضرر نتيجة للحرب العالمية، فإنهم يبقون على قيد الحياة على أي حال، وهو المطلوب.

وهذا هو المقصود من قوله (عليه السلام) في إحدى الروايات: أما ترضون أن تكونوا في الثلث الباقي...

إذن، فسوف يقل أعداء الإمام المهدي (عليه السلام) دون أصحابه وناصرية.

س393: أنه إذا قامت الحرب العالمية الرهيبة التي تذهب بأكثر أفراد البشر... فمعنى ذلك زوال معالم الحضارة الحديثة بكل حقولها وموت كل الاختصاصيين في

ص: 268

فروع المعرفة. فماذا يبقى لعصر ما بعد الظهور من حضارة أو مدنية؛ ومعه فكيف يعم الرفاه كل البشر بدون ذلك ؟؟

الجواب: إن المهم من معالم الحضارة الحديثة التي يمكن أن يفيد منها عصر ما بعد الظهور، ليس هو المباني والشوارع والجسور ونحوها. بل الأهم هو المصانع الكبرى والمختبرات العلمية وخبراؤها والمصادر التي تتحدث عن العلوم التي تخصها أعني الكتب والوثائق التي تخص هذه الحقول. فإذا هذا هو أفضل ما أنتجته أوروبا من خدمات إنسانية. ومن الممكن القول أن كل ذلك يمكن أن (يعبر) الحرب إلى ما بعدها سالما. وذلك لأن الحرب تستهدف أساسا الجيوش والأسلحة ومصانعها والعواصم والمدن الكبيرة والمعسكرات ونحوها، ولن تستهدف معامل صنع السيارات والزجاج بطبيعة الحال. فما يتلف تحت التفجيرات الذرية والهيدروجينية هو ذلك... وكذلك قسم كبير من الناس، والقسم الأوفر هو الذي يموت متأثرا بالاشعاع بعد ذلك. ويكون موته محسوبا على الحرب بطبيعة الحال.

إذن، فأغلب المصانع سوف لن تتلف تحت الضرب ولا يضرها الإشعاع بطبيعة الحال مضافة إلى أن عددا من المصانع موجودة في الدول غير المشتركة في الحرب. ولن تتلف الوثائق والكتب الخاصة بهذه الحقول أيضا.

أما الخبراء، فأغلب الظن أن الموجود منهم في الدول المشتركة في الحرب، سوف ينتهي أو يقارب النهاية. فلو لم يكن هناك خبراء

ص: 269

آخرون في العالم لتوقفت المعامل العمل، لا أننا نعيش الفكرة في هذا العصر بوضوح.. إن الخبراء في الدول الصغيرة عدد كبير لا يستهان به وهم في ازدياد مستمر. مضافة إلى أن انخفاظ المصادر والوثائق الخاصة بحقول المعرفة الصناعية تتيح للإنسانية إنتاج خبراء أكثر.

إذن، فالحرب، وإن كانت قاتلة لأعداد بشرية هائلة فوق الحسبان بكثير، غير أنها لن تنال الجانب الصناعي بصرر كبير، الأمر الذي يوفر فرصة الإستفادة منه في عصر ما بعد الظهور.

س 394: مما سبق أن قيام الحرب العالمية هي الضمان الرئيسي لانتصاره. وأما إذا لم تقم الحرب إلى حين الظهور، فسوف لن يستطيع النصر ولا تحقيق الدولة العالمية العادلة إذ أنه سيواجه القوى العالمية بكل جبروتها، الأمر الذي يجعل انتصاره أمرا متعذرا؟

الجواب: وجواب ذلك من عدة وجوه:

الوجه الأول: إننا بعد أن نعرف أن (الظهور) المنتج للدولة العالمية العادلة هو الهدف البشري الأعلى. وقد عرفنا أن الله تعالى يحقق كل ما هو لازم لإنجاز هذا الهدف.

إن أمكن ذلك بالطريق الطبيعي (المخطط) فهو، وإلا فبالطريق الإعجازي.

ومن هنا يتبرهن بالضرورة كونه منتصرا على كل حال، في كل

ص: 270

غزواته وفتوحاته، وإن الدولة العالمية العادلة ناتجة على يده لا محالة، سواء وقعت الحرب العالمية قبل الظهور أم لم تقع.

الوجه الثاني: أنه لو لم تحدث الحرب العالمية، كان هذا الضمان منتفيا. ولكن تبقى الضمانات الأخرى على حالها للمشاركة في إنجاز النصر بعد الظهور. وهي فعالة شديدة التأثير ضد أعظم القوى العالمية.

الوجه الثالث: إن المهدي (عليه السلام) بقابلياته القيادية يستطيع أن يخطط للحرب الفكرية والعسكرية في هذا العالم المليء بالظلم والطغيان، ما يستطيع به أن يذلل كل عسير. ونحن بالطبع، حيث نكون سابقين على عصر الظهور، لا نستطيع أن ندرك كنه تلك التخطيطات والأساليب. فيبقى إدراك ذلك موكولا إلى عصر ما بعد الظهور.

س395: وهو يدور حول عبارة في الرواية التي أخرجها الشيخ في الغيبة بنبذه عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام ) : كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول : لا يزال الناس ينقصون حتى لا يقال: (الله).

فإن العبارة ذات دلالة على أن النقصان لا يحدث في الناس أنفسهم بل يحدث في إيمانهم، حتى لا يقال: الله باعتبار انكارهم للعقيدة الإلهية. وهذا انحراف واضح

ص: 271

نتيجة للتمحيص حين تمتلئ الأرض ظلما وجورا. فهلا كانت هذه الرواية قرينة على أن المراد من النقص المذكور في الروايات الأخرى هو النقص في الإيمان لا في الأنفس ؟...

الجواب: إن تلك الروايات واضحة جدا في نقصان الأنفس. وهذه الرواية ليست بهذا الوضوح لتكون قرينة على فهم الروايات الأخرى . إذ من المحتمل أن هذه الرواية تريد بيان نقصان الإيمان فقط، كما هو مراد السؤال، ومن المحتمل أنها تريد نقص الإيمان والأنفس معا، فكأنما نقول: لا يزال الناس ينقصون عددا وينقصون إيمانا حتى لا يقال الله. ومعه تكون القرينة المذكورة في السؤال، بدون موضوع.

ص: 272

حركة المسيح مع الإمام المهدي عليه السلام

س 396: متى وكيف ينزل السيد المسيح عيسى بن مريم ( عليه السلام)؟ وأين؟

الجواب: إن الدجال حين يبلغ قمة مجده وإغرائه وسيطرته على العالم، ينزل المسيح عيسى بن مريم (عليه السلام) من السماء واضعا كفيه على أجنحة ملكين، فينزل عن المنارة البيضاء شرقي دمشق، يبدو للرائي كأنه خرج من الحمام لوقته، لأنه إذا طأطأ رأسه قطر وإذا رفعه تحدرت منه قطرات جمان كاللؤلؤ على وجهه. وإن كان المفهوم من الخبر أن هذا خيال للرائي وليس هو برطوبة حقيقية.

ص: 273

س 397: ما هي الوظيفة الرئيسية الأولى للمسيح (عليه السلام)؟.

الجواب: الوظيفة الرئيسية الأولى للمسيح هي قتل الدجال والقضاء عليه.

س 398: أين يقتل المسيح عيسى بن مريم (عليه السلام) الدجال؟

الجواب: يكون الدجال يومئذ في دمشق فيلحقه المسيح (عليه السلام) ، فيدركه بباب فيقتله.

س 399: ما هي مهمة السيد المسيح (عليه السلام) الثانية؟

الجواب: بعد قضاءه على الدجال تكون مهمته الثانية تأييد المؤمنين في العالم والقضاء على الكافرين والمنحرفين. أما المؤمنين فيواجههم ويحدثهم عن درجاتهم في الجنة. وأما الكافرين فيقاتلهم على الإسلام.

س 400: جاء في إحدى الروايات تصف عيسى بن مريم (عليه السلام) بعد نزوله؛ بأنه ( عليه السلام): يدق الصليب. ويقتل الخنزير، ويضع الجزية...، نرجو توضيح

ص: 274

ذلك؟

الجواب: يدق الصليب بمعنى أنه يقضي على المسيحية المعروفة المتخذة للصليب، ويقتل الخنزير، بمعنى أنه يحرم أكله ويأمر بالقضاء على الموجود للتدجين منه. ( ويضع الجزية على من بقي على دين اليهودية والنصرانية)، كما فعل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) معهم.

س 401: كم يمكث المسيح ( عليه السلام) في الأرض؟

الجواب: يمكث فيالأرض أربعين سنة، ثم يتوفى فيصلي عليه المسلمون.

س 402: هل يكون المهدي (عليه السلام) من المؤمنين الذين يواجههم المسيح (عليه السلام)؟

الجواب: حين تحين الصلاة بعد وصول المسيح (عليه السلام) إلى المهدي (عليه السلام) وأصحابه أو وصوله إليهم، يدعوه الإمام المهدي (عليه السلام) احتراما له، أن يكون هو الإمام في صلاة الجماعة. فيأبى ذلك قائلا

لا: إن بعضكم على بعض أمراء، تكرمة الله لهذه الأمة يعني أن الأئمة الإسلامية لا بد - في الحكم الإلهي - أن يحكمها شخص منها، وحيث أن المسيح عيسى بن مريم ليس منها، باعتباره نبيا لدين

ص: 275

سابق، إذا فلا ينبغي أن يحكم المسلمين أو أن يأمرهم في الصلاة. وبعد هذا الاعتذار، يتقدم المهدي (عليه السلام) إماما للصلاة ويصلي المسيح (عليه السلام) خلفه مأموما.

س403 : قد ذكرت أن من يقتل الدجال هو السيد المسيح وفي بعض الروايات تذكر المهدي (عليه السلام) فكيف يمكننا الجمع بينهما؟

الجواب: أن القيادة العالمية إنما هي بيد الإمام المهدي (عليه السلام) غير أن قيادة الحرب تكون بيد المسيح ( عليه السلام)، فنسبة قتل الدجال إليها معا نسبتين صادقتين، باعتبار وحدة العمل والهدف.

س404 : هل أن نزول يأجوج ومأجوج بعد ظهور المهدي (عليه السلام) والمسيح (عليه السلام) قبلهما؟

الجواب: دلت الروايات على أن نزولهما بعد حضور المهدي والمسيح (عليهما السلام). أي أنهما من علامات الساعة.

س 405 : عن ماذا سيكشف الإمام المهدي (عليه السلام)؟ وماذا يفعل به ؟!!!...

الجواب: يكشف المهدي (عليه السلام) عن مواريث الأنبياء

ص: 276

بشكلها الواقعي، كما خلفها الأنبياء أنفسهم الأرض، وكل في منطقته. وهي تابوت آدم (عليه السلام) أي الصندوق الذي كان يحفظ فيه كتاباته الدينية وتشريعاته وعصر موسى (عليه السلام) والتوراة والزبور والإنجيل وسائر كتب الله. فيبدأ هو والمسيح (عليهما السلام) بمناقشة أهل الأديان السماوية بهذه الكتب والمواريث. فيدخلون في الإسلام، وأما المتبقي منهم، فيقول الخبر أنهم يدخلون في ذمة الإسلام ويدفعون الجزية كما كان الحال في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم). ريثما يتم التدرج لدخولهم في الإسلام.

س406 : ما هي الحكمة من بقاء المسيح (عليه السلام) طول تلك الفترة حيا؟ والخضر (عليه السلام) أيضا؟

الجواب: إن الحكمة تتمثل في عدة أمور نذكر منها:

1- البرهان على صحة الغيبة بالنسبة إلى المهدي (عليه السلام)، حيث يكون المسيح أكبر عمرا منه مهما طالت الغيبة بعدة مئات من السنين، هي الفرق بين عصر ولادة المسيح وعصر ولادة المهدي (عليه السلام) وهي حوالي التسعمائة عام.

وحيث اعترف الفكر التقليدي الإسلامي ببقاء المسيح حيا لم يمت، إذا، ففي الإمكان تماما بقاء من هو أصغر منه عمرا، إن لم يكن أولى بالبقاء منه.

وهذه تماما هي الحكمة من بقاء الخضر (عليه السلام) حيا،

ص: 277

فإن عمره يزيد على عمر المسيح والمهدي (عليهما السلام) معا باعتباره أسبق ولادة منهما. فإذا كان الإمكان بقاء الإنسان خلال هذا الدهر الطويل، فبالأولى أن يبقى شخص آخر بمقدار أقل منه. ولئن كان المسيح يعيش في السماء، فإن الخضر يعيش على الأرض تماما کالمهدي (عليه السلام) وهو يزيد على عمره بأكثر من ألفي عام.

وأيضا تكامل المسيح (عليه السلام) خلال هذا العصر الطويل. من التكامل الذي يسمى بتكامل ما بعد العصمة، فسوف يستفيد المسيح من هذا التكامل العالي، في تدبير المجتمع العالمي، تماما كما يستفيد المهدي (عليه السلام) من تكاملة العالي أيضا. فانظر إلى هذه القيادة العالية الرشيدة المكونة من هذين التكاملين العاليين.

س 407 : ما هي الحكمة من مشاركة المسيح في الدولة العالمية العادلة؟

الجواب: إيمان اليهود والنصارى به، وهم يمثلون ردما كبيرا من البشرية. وذلك حين يثبت لهم بالحجة الواضحة أنه هو المسيح يسوع الناصري نفسه، وأن الإنجيل والتوراة إنما هي هكذا وليست على شكلها الذي كان معهودا. وإن ملكوت الله الذي بشر به هو في حياته الأولى على الأرض قد تحقق فعلا، متمثلا بدولة العدل العالمية.

ولن يبقى منهم شخص من ذلك الجيل المعاصر للظهور، إلا ويؤمن به كما هو المستفاد من قوله تعالى:«وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا

ص: 278

لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ»(159/4 ) فإن الإستثناء بعد النفي يفيد العموم

س 408 : من الأوسع في الفتح العالمي الجانب الفكري أو الجانب العسكري؟

الجواب: قد ذكرت الروايات أن الفتح العالمي تسير بدون قتال، بل نتيجة للإيمان بالحق والإذعان له، أي أن الجانب الفكري في الفتح العالمي أوسع بكثير من الجانب العسكري.

س 409 : لماذا لم تكن القيادة العليا موكولة إلى المسيح ( عليه السلام) كونه نبيا مرسلا؟

الجواب: هناك عدة وجوه نذكرها بصورة مختصرة منها:

1- إن الإمام المهدي (عليه السلام) هوالوريث الشرعي للأطروحة العادلة الكاملة عن نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم)، يروي عنه وعن قادة الإسلام الأوائل تفاصيلها وحل معضلاتها، وفهم ظواهرها وخفاياها. وبالتالي فقد مر الإمام المهدي (عليه السلام) بجو كاف للتعرف على هذه الأمور على يد آبائه (عليهم السلام) وهو مما لم يحدث أن وفق له المسيح عيسى بن مريم (عليه السلام).

2- القاعدة العامة التي نصت عليها الأخبار، وهي يقولها المسيح

ص: 279

نفسه حين يعتذر عن تقدمه لإمامة الجماعة بالمسلمين: أن بعضهم على بعض أمراء، تكرمة الله هذه الأمة.

س 410: من الذي يستخرج التوراة والإنجيل المهدي (عليه السلام ) أو المسيح(عليه السلام)؟ ومن أين يستخرجها ؟

الجواب: دلت بعض الروايات، على أن المهدي (عليه السلام) يستخرج التوراة والإنجيل ما وكل الكتب والصحف المنزلة على الأنبياء من غارفي إنطاكية، فيحتج بها على اليهود والنصاری، فيدخلون في الإسلام.

س411: كيف يثبت للناس أن هذه هي الكتب الحقيقية وكيف يثبت أن هذا هو عيسى بن مريم (عليه السلام) نفسه وأن هذه هي الكتب الواقعية؟ مع أن الناس غير شاهدين ولا معاصرين له ولا لها.

وخاصة وان هناك في اليد نسخ من التوراة والإنجيل تكون مختلفة عن تلك النسخ الأصلية؟.

الجواب: إن هذا الإثبات يتم بعد إقامة الحجة الكاملة من قبل المهدي (عليه السلام) على مهدويته وصدقه، بحيث يكون كل ما يخبر به مسلم الصحة عند الناس. فيعرفهم على المسيح وعلى

ص: 280

التوراة والإنجيل. مضافة إلى ما قد يضيفه المسيح نفسه من حجج وبينات، فيثبت بها نفسه وصدقه، إلى جنب عدالة القضية ككل.

وبهذا نعرف أن قضية نزول المسيح أو استخراج الكتب لا يكون بمجرد حجةكافية، لوضوح أن نزول عيسى من السماء لن يشاهده إلا القليل وربما لا يشاهده أحد. فيحتاج وهو على الأرض إلى إثبات لشخصيته. وكذلك الكتب. فإن مجرد وجودها هناك لا يعني صدقها ومطابقتها للواقع، ما لم يقترن كل ذلك بالحجة الكافية لإثباته.

نعم، بعد أن ثبت كل ذلك بالحجة، وقد سبق أيضا للناس التبشير بحصول ذلك في عصر المهدي (عليه السلام) في الأخبار التي سمعناها، يكون ذلك بطبيعة الحال، دعما لصدقه وعدالة قضيته.

س 412: هل يبقى نظام المهدي (عليه السلام) بعد وفاته؟

الجواب: إن نظام المهدي (عليه السلام) سيبقى بعد وفاته، وستستمر دولته إلى نهاية البشرية أو قريبا من النهاية.

س413: هل يخرج الإمام المهدي (عليه السلام) من الدنيا بحادث تخريبي خارجي أو يموت حتم أنفه، ولماذا ؟!...

الجواب، قال في إلزام الناصب ملخص الإعتقاد في الغيبة والظهور ورجعة الأئمة لبعض العلماء: ويقول فيما يقول:

ص: 281

« فَإِذَا تَمَّتِ السَّبْعُونَ سَنَةً أَتَى الْحُجَّةَ الْمَوْتُ فَتَقْتُلَهُ امْرَأَةً مِنْ بَنِي تَمِيمِ اسْمُهَا سَعِيدَةَ ».

ولها لحية كلحية الرجل بجاون صخر من فوق سطح، وهو متجاوز في الطريق...

وذلك، ما نقل عن الإمام الصادق (عليه السلام): ( ما منا إلا مقتول أو شهید )(1).

س 414 : نحن نعرف أن المعصوم لا يغسله إلا معصوم ولا يصلي عليه إلا معصوم، فمن يقوم بتغسيله والصلاة عليه؟

الجواب، قال في البحار(2). على ما ورد عنهم صلوات الله عليهم فيما تقدم من: أن الحسين بن علي (عليهما السلام) هو الذي يغسل المهدي (عليه السلام)....

وفي رواية أخرى : ( فإذا مات تولى تجهيزه الحسين (عليه السلام)... الخ).

س415 : يدل الخبر السابق على أن المهدي (عليه السلام) يقتل بجاون صخر، واستعمال مثل هذه الآلة في العصر المهدوي القائم على العمق الحضاري والعمق المدني معا، أمر غير محتمل؟

ص: 282


1- العلامة الوری ص 349.
2- البحارج 13 ص 229.

الجواب: أنه في الإمكان حمل (الجاون) على بعض الآلات المتطورة كما حملنا (السيف) على كل آلة للقتال.

س 416 : قد ذكرت الرواية أن المرأة تكون ملتحية كالرجل وعلى هذا سوف تكون معروفة من قبل الكثيرين فيمكنهم قتلها أو مراقبتها قبل أن تنفذ جريمتها؟

الجواب من المحتمل أن تكون هذه المرأة طبيعية الخلق كباقي النساء، ولكنها تضع لحية على نحو الإستعارة، على شكل (باروكة) تضعها على وجهها تشبها بالرجل.

س417: لماذا لم يقم السيد المسيح عيسى بن مريم (عليه السلام) بالصلاة على المهدي (عليه السلام) بكونه معصوما؟...

الجواب: إن المسيح عيسى بن مريم (عليه السلام)، لن يقوم بهذه الصلاة، لنفس السبب الذي رفض في أول نزوله تولي إمامة الجماعة، كما انحسرت عنه خلافة المهدي (عليه السلام) بالرغم من بقائه بعده. وهو السبب الذي أشار إليه الخبر السابق: تكرمة الله هذه الأمة.

س 418: من يكون خليفة الإمام المهدي (عليه السلام) بعد موته؟

الجواب: يكون خليفة المهدي (عليه السلام) والذين يمارسون

ص: 283

الحكم بعده أولياء صالحون غير الأئمة المعصومين أو يكون أحدهم هو خير أهل الأرض بعد المهدي (عليه السلام)، بحكم مجتمع معصوم

س419: هناك حديث يأكد على وفاة الإمام المهدي (عليه السلام) وفي آخره يذكر ( لا خير في العيش بعده، أو قال : لا خير في الحياة بعده ).

والقول بوجود المجتمع المعصوم. فإن وجوده يعني وجود الخير كله بعد المهدي (عليه السلام) لا أنه لا خير في الحياة بعده، فكيف تفسرون ذلك؟.

الجواب: إذا التفتنا إلى ذلك استطعنا أن نعرف أن هناك فترة من الزمن هي التي تلي وفاة الإمام المهدي (عليه السلام) يشعر فيها المجتمع العالمي بكل وضوح الفرق بين القيادتين، وهو فرق كبير مهما أرادت القيادة الجديدة أن تبذل من الجهود ومهما استطاعت أن تنتج من النتائج. فإن المجتمع سيرى الفرق الكبير بين القيادة المهدوية التي عاصرها وسعد تحت لوائها وشاهد مميزاتها، وبين القيادة الجديدة كل ما في الأمر أن هذه القيادة ستستطيع بالتدريج البطيء وتحت القواعد المهدوية العامة لتربية البشرية، الوصول بالبشرية إلى المجتمع المعصوم. فهذا الجيل المعاصر لقيادة الإمام المهدي (عليه السلام)، سيقول عند وفاته بكل تأكيد: أنه لا خير في الحياة بعده.

ص: 284

أسئلة عامة

س 420 : من الأقدم والأوسع فكرة الإمام المهدي أم الإسلام؟ وإذا كانت فكرة الإمام المهدي فما هو دور الإسلام؟

الجواب: إن فكرة المهدي (عليه السلام) أقدم من الإسلام وأوسع منه، فإن معالمها التفصيلية التي حددها الإسلام جاءت أكثر إشباعا لكل الطموحات التي انتشرت إلى هذه الفكرة منذ فجر التاريخ الديني، وأغنى عطاء، وأقوى إثارة لأحاسيس المظلومين والمعذبين على مر التاريخ وذلك لأن الإسلام حول الفكرة من غيب إلى واقع. ومن مستقبل إلى حاضر، ومن التطلع إلى منقذ تتمخض عنه الدنيا في المستقبل البعيد، المجهول إلى الإيمان بوجود المنقذ فعلا، وتطلعه مع المتطلعين إلى اليوم الموعود واكتمال كل الظروف التي تسمح له بممارسة دورة العظيم، فلم يعد المهدي (عليه السلام) فكرة تنتظر ولادتها، ونبوءة نتطلع إلى مصداقيتها، بل واقعا قائما ننتظر فاعليته وإنسانة معينا يعيش بيننا بلحمه ودمه نراه ويرانا، ويعيش مع آمالنا ويشاركنا أحزانناوأفراحنا، ويشهد كل ما تزخر به الساحة

ص: 285

على وجه الأرض من عذاب المعذبين وبؤس البائسين وظلم الظالمين، ويكتوي بكل ذلك من قريب أو بعيد، وينتظر بلهفة اللحظة التي يتاح له فيها أن يمد يده إلى كل مظلوم وكل محروم، وكل بائس ويقطع دابر الظالمين.

س 421: في عهد أي من الخلفاء العباسيين ولد الإمام المهدي (عليه السلام)؟

الجواب: ولد في عهد المهدي العباسي، أو بعد مجيء المهدي العباسي إلى الحكم بأقل من شهر. حيث استخلف المهتدي لليلة بقيت من رجب وولد الإمام المهدي في النصف من شعبان في نفس العام. وبقي المهدي في الحكم حوالي عام واحد حيث أزاله الأتراك وبايعوا المعتمد عام 256 ه وبقي المعتمد في الحكم ثلاثة وعشرين سنة حتى عام 279 ه.

س 422: كم بقي الإمام المهدي (عليه السلام) معاصرا للإمام العسكري (عليه السلام)؟

الجواب: عاصر الإمام المهدي (عليه السلام) من حياة أبيه خمس سنوات، حيث يصعد أبوه إلى الرفيق الأعلى عام 260ه.

ص: 286

س423 : ما هو حال أهل الذمة، وهم الشعوب التي تؤمن بالأنبياء السابقين على الإسلام؟ عند ظهور الإمام (عليه السلام) واستقرار دولته؟

الجواب: سيسمح لها - بمقتضى القواعد الإسلامية المعروفة الآن - البقاء على دينها مع دفع الجزية... ويكون لها أن تدخل في دين الإسلام طواعية.

س 424، المذاهب الأخرى - غير الإمامية - من معتنقي الاسلام ما هو مصيرها إذا لم تصدر منها آية معارضة؟

الجواب: تبقى على حالها ما لم يظهرون معارضة للنظام الجديد.

س425: الشعوب التي كانت كافرة قبل الظهور، ورضيت بالإسلام دينا بعده ما هي ثقافتها الإسلامية؟

الجواب: يكون لديها نقص في الثقافة الإسلامية العامة بالنسبة إلى العالم الذي يواجه قوانين الإسلام لأول مرة.

س 426: كيف ستكون ثقافة الأمة الإسلامية نفسها؟ الجواب: نقص الثقافة الإسلامية العامة، وفي الأمة الإسلامية نفسها، نتيجة لبعدها عن الإسلام في عصور الفتن والانحراف.

ص: 287

وأيضا بالنسبة إلى القوانين الجديدة التي يصدرها القائد المهدي (عليه السلام) والأفكار العميقة التي يعلنها، ريثما يتم إعلانها وتوضيحها للناس.

س427: ما الحاجة إلى التمحيص في التخطيط الإلهي الجديد، وإنما كانت الحاجة في التخطيط السابق إلى التمحيص بالإيجاد لعدد الكافي من أفراد الجيش الفاتح بين يدي المهدي (عليه السلام)، وقد أنجز هذا الجيش عمله، وانتفت الحاجة إلى مثله، فلماذا يستمر التمحيص ساري المفعول في البشر؟.

الجواب: إن ناموس الله تعالى في خلقه هو تربيتهم عن طريق التمحيص... كما دل عليه الكتاب الكريم في عدد من آياته، والسنة الشريفة، منها، قوله تعالى في سورة آل عمران: «مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ»(1).

س 428: هل يتحقق توفير المال والرفاه في زمن الإمام (عليه السلام)؟

الجواب: تدل الأخبار على كثرة المال في عهد الإمام (عليه السلام) وأنه يقسم المال ولا بعده.. وتلك الأخبار مروية من قبل الفريقين.

ص: 288


1- آل عمران /179.

س429: هل يعتبر كثرة المطر من علامات الظهور، وهل من رواية على ذلك؟

الجواب: أخرج الطبرسي في إعلام الوری عن عبد الكريم الخثعمي عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، في حديث عن القائم يقول فيه: « وَ إِذَا آنَ قِيَامِهِ ، مَطَرِ النَّاسُ فِي جمادي الْآخِرَةِ وَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مِنْ رَجَبٍ مَطَراً لَمْ يَرَ مِثْلَهُ ....»الحديث.

وذكر المفيد في الإرشاد: قد جاءت الآثار بذكر علامات لزمان قيام القائم المهدي (عليه السلام)، وحوادث تكون أمام قيامه، وآيات ودلالات ثم أنه (عليه السلام) ذكر العديد منها إلى أن قال: ( ثم يختم ذلك بأربع وعشرين مطرة تتصل فتحيي بها الأرض بعد موتها وتعرف بركاتها ).

وأخرج الشيخ في (الغيبة) باسناده عن سعيد بن جبير قال:

(السنة التي يقوم فيها المهدي تمطر أربعا وعشرين مطرة يرى أثرها وبركاتها).

س 430 : ما هي الحكمة من كثرة هذا المطر؟

الجواب: لا تخفى الحكمة من هذا المطر. وهو الاستعداد للظهور، بانعاش الأرض انعاشا كافيا لتوفير الزراعة.

ص: 289

س 431: جاء في إحدى الروايات عن أميرالمؤمنين (عليه السلام) يذكر فيها أصحاب الدجال ويقول: «...ألا وإن أكثر أتباعه يومئذ أولاد الزنا، وأهل الطيالسة الخضر... من هم أهل الطيالسة الخضر...؟

الجواب: هم - حسب ما يبدو - أهل الأموال والسمعة والسيطرة الاجتماعية في المجتمع المسلم المنحرف.

س 432: من الذي يتأخر في النزول الإمام المهدي (عليه السلام) أم عيسى (عليه السلام)؟

الجواب: لو تمعنا في الروايات لرأينا أن تأخر نزول المسيح (عليه السلام) عن ظهور المهدي (عليه السلام) بفترة من الزمن.

س 433 : هل هنالك جزية في زمن الإمام؟ وإن كان لا فمن الذي يبيد صلبان النصارى؟

الجواب: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ما مضمونه:

(والذي نفسي بيده سينزل ابن مريم فيحكم بالعدل، فيبيد صلبان النصارى، ويهلك الخنازير، ويرفع الجزية، أي لا يقبل منهم غير الإسلام، وتكثر الأموال حتى يعطي أحدهم فلا يقبل »

ص: 290

س 434 : هنالك الكثير من الأخبار في بعض المصادر، أنه ( عليه السلام) حين يظهر، يقول عدد من الناس: إننا كنا رأينا هذا الشخص قبل هذا، فما القول في ذلك؟

الجواب: أن هذا يوافق (أطروحة خفاء العنوان)، فكل ما في الأمرأنه (عليه السلام) يعيش (بشخصية ثانوية) مكتومة من اسم مستعار وعمل معين وأسلوب في الحياة غير ملفت للنظر ولا يمت إلى الإمامة والقيادة بصلة.

هذه الأطروحة أنه ليس هناك أي إعجاز في الاختفاء ليحتاج إلى زواله، بل يكفي في الظهور: أن يبدل المهدي (عليه السلام) شخصيته الثانوية بشخصيته الحقيقية، ويعرف الناس بصراحة بصفته الواقعية، ويقيم الحجة على ذلك، فيثبت باليقين على أن هذا الشخص الذي كان يسمى بفلان ويعمل كيت، إنما هو المهدي الموعود. وقد باشر من الآن مهماته الكبرى.

س 435 : ما هو الفهم الغير أمامي للمهدي (عليه السلام)؟

الجواب: هو أن المهدي رجل يولد في عصره، فيوفق للثورة العالمية، فيملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت ظلما وجورا .

ص: 291

س436 : هل أن شأن المهدي (عليه السلام) شأن أي قائد آخر تتوفر له الظروف الموضوعية للثورة، ويدرك إمكان نجاح حركته، كما يدرك أي قائد ذلك لنفسه، أم هناك فرق بينه وبين سائر القادة؟

الجواب: نعم هناك فرق بينه وبين سائر القادة، بأمرين:

الأمر الأول: المهدي (عليه السلام) ينظر الظروف والفرص من زاوية مصالح الإسلام الذي هو (الأطروحة العادلة الكاملة) الذي يخرج به البشر من الظلمات إلى النور والحق والعدل. لا من منظار مصلحته الخاصة.

الأمر الثاني: أنه يتلقى الإلهام من الله عز وجل، ويكون مؤيدا ومسددا من عنده....

س 437: أخرج الصدوق في إكمال الدين عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: « إِنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ كَانَ عَبْداً صَالِحاً جَعَلَهُ اللَّهِ حُجَّةُ عَلَى عِبَادِهِ ، إِلَى أَنْ قَالَ : وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلٍ سيجري نَفْسَهُ فِي الْقَائِمِ مِنْ وَلَدَيَّ . وَ يَبْلُغُهُ شَرْقِ الْأَرْضِ وَ غَيْرِهَا حَتَّى لَا يَبْقَى مَنْهَلًا وَ لَا مَوْضِعاً مِنْ سَهْلٍ وَ لَا جَبَلٍ وطأه ذُو الْقَرْنَيْنِ إِلَّا وطأه . . . يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَ عَدْلًا ، كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَ ظُلْماً ».

ص: 292

ألا يدل ذلك على تشبيه المهدي (عليه السلام) بذي القرنين، في سعة الملك.

الجواب: إن عقد المقارنة بين سعة ملك ذي القرنين، وبين سعة حكم المهدي (عليه السلام)، إنما هو باعتبار أن ذا القرنين أكبر قائد عرفه التاريخ القديم، وسيكون المهدي أكبر قائد يعرفه التاريخ الحديث. وسيبقى الفرق بين هذين القائدين هو الفرق بين العهدين وما يحتويانه من إمكانيات معنوية ومادية.

وليس المراد بهذه المقارنة تشابه المقدار الذي يفتحه المهدي (عليه السلام) مع المقدار الذي فتحه ذوالقرنين، ليخطر على البال : أن ملك الممهدي لا يزيد على ذلك ولا يستوعب العالم كله، لأن ذا القرنين لم يستوعب بملكه العالم كله على أي حال.

وليس في الرواية دلالة على الانحصار، فإنها قالت: حتى لا يبقى منهلا ولا موضعا وطأه ذو القرنين إلا وطأه، وهذا صادق مع استيعاب الحكم المهدي للعالم، فإن مناطق ذي القرنين، تقع ( ضمن الحكم المهدي ) بطبيعة الحال.

فالتحديد المروي يعني أن المهدي (عليه السلام) رابطا أي لا يفتح مقدارا أقل من ذلك، بل يفتح هذا المقدار الذي فتحه ذو القرنين. وقد يزيد المهدي (عليه السلام) على ذلك بكثير.

ص: 293

س 438 : ما هي أول حرب يخوضها جيش المهدي مع المنحرفين؟ وضد من؟

الجواب: أن أول حرب يخوضها الجيش المهدوي، هي حربه مع السفياني - بأي معنى فهمناه -، ويتم بانتصار الجيش المهدوي ومقتل السفياني وسيطرة المهدي (عليه السلام).

س 439: كم هي المدة التي يستغرقها الإمام المهدي (عليه السلام) في حمل السيف، وهي نفس المدة يستغرقها (عليه السلام) لفتحه للعالم كله ؟

الجواب: إن مدة وضع السيف ستكون ثمانية أشهر، وفي رواية ثمانية عشر شهرا، وفي رواية اثنين وسبعين شهرا، وهي مدة ست سنین.

والأصح هي ثمانية أشهر، لأن رواية (18) شهرا و(72) شهرا، مما ذكره البرزنجي مرسلة وغير قابلة للإثبات التاريخي.

وقد يفسر ذلك بأن مدة فتحه للعالم كله هو هذا المقدار.

س440: كيف سيكون فتح العالم بالأغلب بالقتال أو بدون قتال؟

الجواب: إن فتحه (عليه السلام) للعالم سيتم في الأغلب، بدون قتال.

ص: 294

س 441 : وردت كثير من الروايات، أن المهدي (عليه السلام) سوف يقتل أكثر المسلمين، ولا تبقى إلا البقية الصالحة القليلة التي تبايعه وتنصره. بل إذا كان المنحرف من المسلمين مستحقا للقتل فكيف بالكافر والمشرك. إذن، فهو لا بد أن يستأصل البشرية كلها سوى هذا النفر القليل. وهذا بالجزم واليقين مخالف للهدف الإلهي والغرض المنشود، فإنه هدف مجهول لأجل مصلحة البشر والرحمة بهم وإسعادهم، لا لأجل استئصالهم وقطع دابرهم. فكيف نوفق بين الأمرين؟...

الجواب: إن موقف الإمام المهدي (عليه السلام) قد بيناه سابقا، فالسؤال غير وارد بالنسبة إليهم، لأن لهم تخطيطهم الخاص بهم. وإنما يختص السؤال بالبلاد الإسلامية خاصة.

ونحن بهذا الصدد يجب أن نلتفت إلى ما ذكرناه من أقسام الإخلاص الثلاثة التي ينتجها التمحيص السابق على الظهور. فإن مجموع الأفراد الناجحين بأي درجة من تلك الدرجات يمكنهم المشاركة في المجتمع العادل والتجاوب معه، ما لم يصدر من بعضهم سوء في النية أو العمل، كهؤلاء الذين سمعنا أن المهدي (عليه السلام) يأمر بقتلهم. وإلا فالناجون بشكل عام لهم القابلية للتعايش بسلام في دولة الحق والعدل.

ولئن كان الناجحون من القسم الأعلى هم قادة جيش المهدي

ص: 295

(عليه السلام)، وحكام الأرض من قبله، وكان الناجحون من القسم الثاني جيشه المحارب... فالناجحون من القسم الثالث هم قواعده الشعبية المطبقة للعدل... ويلحق بهم كل من يعرف منه التوبة النصوح - التي لا رجعة بعدها إلى الذنوب - والاعتدال الحقيقي الكامل. فيكون مجموع هؤلاء عددا ضخما. وإن كان الباقي المستحق للقتل عددا ضخما أيضا يكفي لانطباق الكثرة المبنية في الروايات بكل تأكيد.

س 422: إن ظاهر الروايات تدل على أن كثرة القتل مختصة بالمسلمين، لا تشمل غيرهم فلماذا كان ذلك، مع العلم أن الكافر والمشرك أبعد عن الحق، وأحق بالقتل من المسلم المنحرف؟؟..

الجواب: إننا ننكر الدلالة الروايات على هذا الاختصاص. لأن هذه الروايات على قسمين:

1- ما كان مطلق الدلالة ليس فيه أي إشعار بالاختصاص بالمجتمع المسلم. بل ظاهره العموم لكل الناس.. كقوله: ( القائم يسير بالقتل... ولا يتسبب أحدا ) و( ما هو إلا السيف ) ( فلا يزال يقتل أعداء الله حتى يرضى الله عز وجل ). ونحوها.

2- الأخبار التي ورد فيها تسمية بعض الجماعات، وهم كما يلي: قريش، البترية، أهل السواد، العرب الفرس، سبعين قبيلة من قبائل

ص: 296

العرب.

أما البترية، فالمفروض فيهم الإنحراف واستحقاق القتل. وأما الجماعات الأخرى فهي إنتسابات غير دينية، يوجد في كل منها مسلمون بمختلف مذاهبهم وغير مسلمين بمختلف أديانهم، بنسب مختلفة بطبيعة الحال.

وإيراد أسماء هذه الجماعات في الأخبار لا ينفي شمول القتل لغيرها. كل ما في الأمر، أن قانون (كلم الناس على قدر عقولهم) منع القادة الإسلاميين من بيان كل الجماعات المشمولة للقتل، لعدم المستوى العقلي والثقافي للناس عند صدور هذه النصوص لاستيعاب ذلك.

س443 : هل إن المهدي (عليه السلام) يستخدم السيف في محاربة أعداءه حسب ظاهر الروايات؟

الجواب: كلا، إن الإمام (عليه السلام) يستعمل سلاح عصره أيا كان هذا السلاح، ولا معنى لاستعمال سلاح آخر لعدم إمكان الانتصار به.

س444 : ما هو السبب في ذكر السيف في جميع الروايات؟

الجواب: في بداية الأمر نقول يجب حمل السيف على المعنى الرمزي الذي يراد به أي سلاح، وهو ساري المفعول في كل الروايات

ص: 297

كما هو واضح. وإنما ذكر السيف بالخصوص انطلاقا مع المستوى العقلي والثقافي العصر صدور هذه الأخبار.

س445: ماذا سوف يكون موقف الآخرين تجاه المهدي (عليه السلام) وثورته ودولته؟!

الجواب: تنقسم العواطف تجاه الإمام المهدي إلى ثلاثة أقسام رئيسية، منها إيجابية ومنها سلبية كما نسمع.

فأهم عاطفة إيجابية تجاه المهدي (عليه السلام) عواطف أصحابه المخلصين وجيشه الموالي له إلى أعلى درجات الولاء

وهناك عاطفة إيجابية أخرى تجاهه (عليه السلام)، تشمل كل العالم، وذلك حين يذوق الناس أجمعون لذة العدل والسعادة والرفاه في المجتمع المهدوي العالمي العادل.

وأما العواطف السلبية فتنشأ من الانحراف والمنحرفين الذين يواجهون السيف المهدوي بحرارته وقوته.

س446: کم قسم تنقسم العواطف السلبية ضد الامام المهدي (عليه السلام)؟

الجواب: تنقسم العواطف السلبية ضد الإمام المهدي (عليه السلام) إلى ثلاثة أقسام، في حدود ما وردنا من المثبتات التاريخية.

ص: 298

س 447 : ما هي تلك العواطف السلبية هل يمكنك أن تذكرها لنا بصورة مختصرة؟

الجواب: نعم، وهي كالآتي:

1- رد الفعل السيء من قبل المنحرفين حين يستمر فيهم القتل،ويبدأ عددهم الضخم بالتناقص السريع.

إنهم سوف يقولون: إن هذا ليس من ذرية فاطمة، لو كان من ذريتها لرحمنا.

أو يقول: إن هذا ليس من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم): لو كان من آل محمد لرحمنا. كما نطقت بذلك الأخبار.

2- من العواطف السلبية التي يواجهها الإمام المهدي (عليه السلام)، دلت الروايات على ذلك، نذكر منها:

أخرج النعماني بسنده عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: إذا رفعت راية الحق لعنها أهل الشرق والغرب (المشرق والمغرب)، قلت له: لم ذلك. قال: مما يلقون من بني هاشم.

3- من العواطف أو المواقف السلبية التي توجد ضد المهدي (عليه السلام): ما يقوم به بعض الجماعات من مواجهته بالسلاح.

أخرج النعماني في الغيبة عن يعقوب السراج، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ثلاث عشرة مدينة وطائفة يحارب القائم أهلها ويحاربونه: أهل مكة، وأهل المدينة، وأهل الشام، وبنو أمية، وأهل البصرة، وأهل دميان (دشت میشان)، والأكراد، والأعراب،

ص: 299

وضبة، وغنى، وباهله، وأزد البصرة، وأهل الري.

س 448 : قد ذكرتم في العاطفة السلبية الأولى أن المنحرفين يقولون : أن هذا ليس من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولو كان من آل محمد لرحمنا، ما المقصود من هذه العبارة؟

الجواب: إن هذا الكلام منهم يتضمن ارجافا وتشكيكا بمهدويته. إذ من المعروف المفهوم بوضوح في أذهان المسلمين، الذي تواترت به الروايات: أن المهدي المنتظر من آل محمد ومن ذرية فاطمة. وإذا لم يكن تخص المهدي (عليه السلام) من آل محمد ومن ذرية فاطمة. إذن فليس هو المهدي المنتظر الموعود.

وسينطلقون إلى استنتاج کونه ليس من آل محمد ولا من ذرية فاطمة، من حدة سيفه وكثرة القتل الذي يحدثه فيهم. باعتبار أن كثرة القتل منافية للرحمة، وآل محمد أولى من يتصف بالرحمة من المسلمين، فلو كان شخص المهدي (عليه السلام) منهم لاتصف بالرحمة.

إلا أن هذا الكلام منهم سيكون هواء في شبك، في خضم الأحداث العالمية السريعة التتابع التي تعيشها البشرية في تلك الفترة.

ص: 300

س449 : في قتل المنحرفين من قبل المهدي (عليه السلام) وهم يطلبون منه الرحمة كما دلت الرواية السابقة على ذلك، إلا يدل هذا على خلوه من الرحمة التي يجب أن يتصف بها الإمام (عليه السلام)؟

الجواب: إذن، فالقتل الذي يمارسه الإمام (عليه السلام) هو الرحمة الكاملة واللطف الحقيقي، لأنه مقدمة لتطبيق العدل، ونشر السعادة. والمنطق العقلي والقانوني دائما يجزم بتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.

س 450: أخرج ابن حجر عن الروياني والطبراني - في حديث . قال : يرضى بخلافتة أهل السماء وأهل الأرض والطيرفي الجو.

إن ظاهر هذه الروايات كون الرضا المذكور فيها ناتجا من قبل الفرد باعتبار استفادته وانتفاعه من حكم المهدي العادل. وأما إذا لم يكن الفرد منتفعا به، فهو لا يكون مشمولا لهذه الروايات. ومن الواضح أن الملائكة لا يمكن أن يكونوا مستفيدين بالمباشرة من العدل والأرض، فما قولكم؟

الجواب: إنه من ضيق افتراضات الفرد لا يفرح بشيء إلا إذا استفاد من فائدة مباشرة. بل قد يفرح الفرد للخير الذي ينال أسرته أو أصدقاءه أو مجتمعه أو مجتمعا يحبه، وإن لم ينل منه شيئا أصلا.

ص: 301

ومعه: فالملائكة يقومون بنفوذ إرادة الله تعالى وتطبيق هدفه،على أنه لا دليل على عدم انتفاع الملائكة بشكل مباشر في دولة العدل الكامل، فإن تأييدهم لها ولقائدها وأعمالهم في مصلحتها، كمال لهم لا محالة.

س : 451: قد ذكرت إن الإمام المهدي (عليه السلام) يحكم بعدد سنين أهل الكهف فهل توجد رواية على ذلك؟

الجواب: أخرج الشيخ في الغيبة نبذه عن أبي الجارود، قال أبو جعفر (عليه السلام):

إن القائم يملك ثلاثمائة وتسع سنين، كما لبث أهل الكهف في كهفهم، يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا ... الحديث.

س 452: ما هو المراد بالوقت المعلوم؟

الجواب: هو وقت ظهور الإمام المهدي (عليه السلام).

س453، قد ذكرت الآية القرآنية أن الله تعالى خاطب إبليس : «قَالَ: إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ»، فكيف نفهم مقتل إبليس؟

الجواب: إن لفهم مقتل إبليس أطروحتان، كل منهما يحتمل أن يكون مقصود الرواية.

ص: 302

الأطروحة الأولى: الأطروحة الصريحة (غير الرمزية) لهذا الحادث الطريف. حيث يقوم الإمام المهدي (عليه السلام) بقتله، وتبقى البشرية بدون شیطان، فتكون تربيتها أسهل وتكاملها أسرع، وربما تكون هذه السرعة أضعاف ما هي عليه في حياة إبليس!!..

الأطروحة الثانية: الأطروحة الرمزية. وهي أن نفهم من مقتل إبليس مقتله في نفوس البشر.

س 454 : هل سيكون الحج في عصر المهدي (عليه السلام) كالحج في عصرنا الحالي؟

الجواب: إن الإمام المهدي (عليه السلام) سوف يعيده إلى أحكامه الواقعية التي كان عليها في عصر بني الإسلام، كما يفعل في كل مناحي الحياة، وقد يضيف إليه أحكاما أخرى، في جملة ما يضيف من أحكام.

س 455: هل يجري الإمام المهدي (عليه السلام) أي تغيير على المسجد الحرام.

الجواب: أنه (عليه السلام) سيقوم بتقليص حجم المسجد الحرام وإرجاعه إلى أسسه التي كان عليها في صدر الإسلام، وهي الأسس التي بناها إبراهيم التبي (عليه السلام). وبذلك لا تبقى ربع المسافة التي عليها المسجد في العصر الحاضر.

وخاصة بعد التوسعات الضخمة التي أدخلت عليه أخيرا.

ص: 303

س456: هل إن ضيق المسجد الحرام يعني قلة الحجاج؟

الجواب: إن ضيق المسجد لا يعني قلة الحجاج، بل إن الحجاج سيتكاثرون بشكل هائل من كل العالم البشري، حين يعم الإيمان وجه الكرة الأرضية. وسيكون حجمهم مخلصا إطاعة للوجوب أو الإستحباب الشرعيين، لا للتجارة ولا للنزهة، كما كان عليه الناس قبل الظهور.

س 457 : قد ذكرت الرواية السابقة (وهو الذي تطوى له الأرض) لماذا لم نفهم من طي الأرض للإمام المهدي (عليه السلام) الأسلوب الاعجازي في الانتقال؟ كما يفهم ذلك التفكير التقليدي لدى المسلمين؟!..

الجواب: يمكن القول أن قانون المعجزات يكون معطل ما دام البديل الطبيعي موجود، ومن الواضح أن السفر بوسائط النقل الحديثة، يوصل الفرد إلى أي نقطة من العالم بأقصى سرعة، ولا سيما في الطائرات التي تفوق سرعتها سرعة الصوت أكثر من مرتين.

وأيضا روي أن الدجال تطوى له الأرض، والمهدي (عليه السلام) تطوى له الأرض أيضا. فقد استعمل هذا المفهوم على نمط واحد بالنسبة إلى كلا الشخصين. فبعد حملها على المعنى الطبيعي للسفر السريع، بالنسبة إلى الدجال، يتعين نفس الفهم بالنسبة إلى المهدي، لأن الخبر استعمل فيه نفس المفهوم بدون رتوش.

ص: 304

س458؛ إن طي الأرض ذكر في الأخبار بصفته إحدى الصفات المهمة التي يتصف بها المهدي (عليه السلام) دون سائر البشر. فلو حملناه على معنى السفر الطبيعي السريع لم تكن هذه مزية للمهدي (عليه السلام)، كما هو واضح؟

الجواب: إن استفادة هذه المزية من الأخبار لا تخلو من مناقشة إذ بعد اتصاف الدجال بهذه الصفة أيضا، لا تكون الصفة من خصائص الإمام المهدي (عليه السلام) كما هو واضح.

وقد نسبت في بعض الأخبار إلى أصحاب الإمام (عليه السلام) عند اتجاههم إلى لقائه لأول مرة. فكيف تكون من خصائصه.

س 459؛ إن طي الأرض ذكر في الأخبار في سياق أمور إعجازية فنفهم باعتبار وحدة السياق أنه يحدث بطريق إعجازي.... ما القول في ذلك؟

الجواب: يمكن القول بأن طي الأرض لم يقع في الأخبار ضمن الصفات الإعجازية، بل ضمن الصفات الطبيعية، ومن هنا تقتضي قرينة وحدة السياق أن نفهم من طي الأرض الأسلوب الطبيعي لا الإعجازي على عكس ما توخاه السائل.

ص: 305

س 460 : من هو (كاسرعينه بصفاء) الذي رواه في البحار(1) عن عبيد بن زراره عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (ذكر عند أبي عبد الله (عليه السلام) السفياني فقال: أني يخرج ذلك ولم يخرج كاسر عينه بصنعاء).

الجواب: يحتمل أن يكون هذا الرجل الذي يظهر قبل السفياني يمانيا ممهدا لليماني الموعود، ويحتمل في تفسير (كاسر عينه) عدة احتمالات أرجحها أنه وصف رمزي مقصود من الإمام الصادق (عليه السلام) لا يتضح معناه إلا في حينه.

س 461: هل أن هناك علامات للمهدي (عليه السلام) تحدث في مصر؟

الجواب: نعم، منها أحاديث من (قتل أهل مصر أميرهم)(2)وقد ورد هذا الحديث بعنوان إحدى علامات ظهور المهدي (عليه السلام).

س 462: يوجد تعبير. قد كثر تذاكره على ألسنة الناس في عصرنا يقول (وقتل أهل مصر ساداتهم، وغلبة العبيد على

ص: 306


1- البحار 245/52.
2- بشارة الإسلام ص 175.

بلاد السادات)(1). ألا ينطبق على قتل أنور السادات؟

الجواب: هذا اشتباه لأن السادات في هذه النصوص بمعنى الرؤساء وليس اسم علم، ولأن أمير مصر الذي يكون قتله علامة لظهور المهدي (عليه السلام) يتجه كما يذكر الحديث دخول جيش أو أكثر إلى مصر، وقد يكون هو الجيش العربي أوالمغربي.

س463: من أين يكون الأبقع؟

الجواب: تذكر بعض أحاديث الأبقع الذي يقتله السفياني في دمشق أنه مصري، أوله علاقة بمصر، والله العالم.

س 464 : هل يمكن أن نعد حركة المصريين في عداد الحركات الممهدة لظهور المهدي (عليه السلام) والمشاركة في حركة ظهوره؟

الجوابه آن احادیث تحرك المصريين التي يفهم منها مدحهم، خاصة ما ذكر منها أن من أصحاب الإمام المهدي (عليه السلام) ووزرائه النجباء من مصر.

وما دل منها على أن مصر تكون منبرا للمهدي (عليه السلام)، أي مركزا فكريا وإعلاميا عالميا للإسلام، وأن المهدي يدخل مصر ويخطب على منبرها...... لذا يمكن عدها...

ص: 307


1- بشارة الإسلام 176.

س465: قيل أن العراق يمر بأربعة عهود أو فترات فما هي؟

الجواب: هي كالآتي:

الفترة الأولى: فترة تسلط الجبابرة على العراق مدة طويلة قبل ظهور المهدي (عليه السلام)، وشمول أهله قتل ذريع وخوف لا يقر لهم معه قرار.

الفترة الثانية: صراع النفوذ فيه بين اتجاه أتباع أهل البيت (عليهم السلام)، والاتجاه المؤيد للسفياني حاكم بلاد الشام.

الفترة الثالثة: احتلال السفياني العراق وتنكيله بأهله، ثم دخول جيش الإمام المهدي (عليه السلام)، وهزيمة جيش السفياني وطرده من العراق.

الفترة الرابعة: دخول الإمام المهدي (عليه السلام) العراق وتطهيره من مؤيدي السفياني وفئات الخوارج، واتخاذه مقرا له (عليه السلام) وعاصمة لدولته.

س466 : هل هناك أحداث خلال تلك المراحل التي يمر بها العراق؟

الجواب: قد وردت روايات عن أحداث فيه خلال هذه المراحل الأربع مثل: خروج الشیصباني المعادي للإمام المهدي (عليه السلام) قبل السفياني، وشهادة النفس الزكية بظهر الكوفة في سبعين من

ص: 308

الصالحين، وخروج عوف السلمي من الجزيرة أو من تكريت، ومنع أهل العراق من الحج ثلاث سنين، وخسف البصرة وخرابها قبيل ظهور المهدي (عليه السلام)، وخسف في بغداد والحلة. ودخول قوات مغربية أو غربية إلى العراق. وخروج أحد الصالحين في مجموعة قليلة لمقاومة جيش السفياني. وخروج عدة فئات من الخوارج على المهدي (عليه السلام) من الشيعة والسنة، وآخر فئة منهم خوارج (رميلة الدسكرة) الواقعة قرب شهربان في محافظة ديالى.

س 467 : ذكرت الروايات الحسني الذي يقتل ثلاث أو أربع مرات لكن مرة تذكره بالعراق وأخرى بالمدينة وأخرى بمكة، هل هو واحد أو متعدد؟

الجواب: ورد ذكر الحسني في عدة أحاديث تشير إلى أنه يقوم بحركة ثم يقتل، ولكنها لا تنص على أنه في العراق، فبعضها يذكر حسني المدينة، وحسني مكة، وحسني العراق، والحسني الخراساني الذي تسمية روايات مصادر السنة (الحسني) والذي يدخل العراق بجيشه في سنة الظهور، فيحتمل أن يكون تحركه هو المقصود في روايات تحرك الحسني في العراق ويحتمل أن يكون حسني قبل.

س 468: من هو عوف السلمي؟

الجواب: عوف السلمي هذا يخرج على الحكومة السورية وليس

ص: 309

العراقية، ويكون خروجه قبل السفياني بمدة غير طويلة.

س 469: أين تكون مركز حركة عوف السلمي؟

الجواب: تكون الجزيرة وهي اسم لمنطقة عند الحدود العراقية السورية، وهو المعنى المفهوم للجزيرة عندما تطلق بدون إضافة كما نلاحظ في كتب التاريخ والحديث، وتسمى أيضا جزيرة ربيعة أو دیار بكر، ولا يفهم من الرواية جزيرة العرب إلا بالإضافة، والرواية عن خولم بن بشر عن الإمام زين العابدين ( عليه السلام) قال: (... يكون قبل خروجه - أي المهدي (عليه السلام) - خروج رجل يقال له عوف السلمي بأرض الجزيرة...)(1).

س 470: أن يكون مأواه، وقتله؟

الجواب: يكون مأواه في تكريت فهي تكون ملجأه قبل حركته أو بعد فشل حركته وفراره. وهي المدينة المعروفة في العراق.

ويؤيد ذلك رواية الإمام زين العابدين (عليه السلام) قال: (... ويكون مأواه تکریت)(2)وتشير الرواية إلى أنه بعد ذلك يقتل في مسجد دمشق أي يغتال فيه، أو يقبض عليه ويقتل عنده. وعلى هذا يكون خروجه من أحداث بلاد الشام، وله صلة بأحداث العراق.

ص: 310


1- البحار:213/52.
2- البحار: 213/52

س 471: من أين تكون حركة شعيب بن صالح، ومن أين أصله ؟ ومتى يكون أمر خروجه؟

الجواب: شعيب بن صالح تبدأ حركته من الري أو هو من أهل الري ، وأصله من أهل سمرقند، وأمر خروجه قبل السفياني.

س 472: لمن يكون التأييد الشعبي من العراقيين للقوات اليمانية والإيرانية أو لقوات السفياني؟

الجواب: يفهم من الروايات أن القوات اليمانية والإيرانية يكون لها تأييد شعبي من العراقيين، وأنهم يستبشرون بها ويساعدونها في تعقب قوات السفياني.

س473 : ما هو الدين الذي يعتنقه المهدي (عليه السلام)، ويعلنه في العالم؟

الجواب: هو دين الإسلام بصفته الأطروحة الكاملة التي تحقق العبادة الحقيقية المستهدفة من خلق البشرية أساسا.

س474 : ما هو المذهب الذي يتخذه الإمام المهدي (عليه السلام)؟

الجواب: أن المهدي إمامي المذهب وأنه أحد الأئمة الاثني عشر... وهذه النتيجة لازمة لكل من يقول من علماء العامة: بأن المهدي هو محمد بن الحسن العسكري.

ص: 311

س 475 : التساؤل عما إذا كان الامام المهدي (عليه السلام) يتبنى بعض المفاهيم المحددة الضيقة كالعنصرية والقومية والوطنية ونحوها؟

الجواب: إن موقف الإمام المهدي (عليه السلام) من العنصرية دائما موقف سلبي ومعارض... بل دعوته ودولته عالمية تصل إلى كل البشر على حد سواء بدون تفضيل لجماعة على أخرى.

س 476 : هل إن نظام الإمام المهدي (عليه السلام) مشابها في المفهوم أو المدلول مع الأنظمة السابقة على الظهور، مع الرأسمالية والاشتراكية، أم لا؟

الجواب: بما أن الإمام المهدي (عليه السلام) سوف يطبق الإسلام، بصفته الأطروحة العادلة الكاملة، فنستطيع أن نجزم بأن نظام المهدي (عليه السلام) مباين ومغاير تماما مع أي نظام سابق عليه.

س 477: إن المهدي (عليه السلام) عين يظهر بشكل أعزل مواجها القوى العالمية الضخمة، كيف يستطيع السيطرة عليها واخضاعها، لأجل أن يؤسس دولته العالمية الموعودة؟

الجواب: لهذا السؤال أكثر من جواب، إلا أن من أجوبته الرئيسية هو حدوث الحرب العالمية قبل انجاز اليوم الموعود. حيث

ص: 312

تتحطم القوى الكبيرة في هذه الحرب الطاحنة، ويظهر القائد المهدي (عليه السلام) على البشرية الباقية، فيستطيع السيطرة على العالم بسهولة نسبية.

إذن، فوجود الحرب العالمية ستكون في صالح اليوم الموعود، ولن تكون ضده، على كل حال.

س 478 : أن أهم جانب في دولة الإمام هو الجانب الأخلاقي والعبادي، وأن توفير المال والرفاه، انما يكون من زيادة العمل، فيكون متناسبا تناسبا عكسيا مع الهدف. لأن زيادة العمل في سبيل الرفاه سوف يمتص الجهد الذي يمكن أن يبذل في الجانب الأخلاقي والعبادي. ولا تكون زيادة الرفاد مؤيدة لتركيز التربية؟

الجواب: الجواب على ذلك واضح جدا، لمن استطاع استيعاب المفهوم الصحيح للعبادة مع المفهوم الصحيح للعمل، فإنه سيستغرب كيف تكون العبادة عائقا عن العمل مع أنه الأسلوب المهم في حصول الرفاه الإقتصادي المطلوب من أجل العبادة نفسها. وكيف يكون العمل عائقا عن العبادة، وهي الهدف وبصورة أوضح فإن العمل نفسه يمكن أن يصبح عبادة، إذا كان واقعا في طريق العبادة ومطابقا للنظام العادل الكامل.

ص: 313

اس 479 : ما هو المستفاد من هذا القول : اللهم نور بنوره كل ظلمة وهد بركنه كل بدعة، واهدم بعزته كل ضلالة؟

الجواب: يستفاد من هذا القول: أن للمهدي (عليه السلام) القابلية الكاملة لقيادة المجتمع الإسلامي ودحر الأعداء وإقامة العدل الإلهي الكامل.

اس 480: أول مال قبضه (عليه السلام) بعد توليه الإمامة بعد أبيه (عليه السلام) ممن كان؟

الجواب: كان أول مال قبضه الإمام المهدي (عليه السلام) بعد توليه الإمامة بعد أبيه (عليه السلام)، هو المال الذي حمله إليه وفد القميين الذي ورد إلى سامراء، في اليوم الأول لوفاة الإمام العسكري (عليه السلام).

س 481: بعد ضيق المسجد وتكاثر الحجاج يؤدي ذلك إلى مشكلة مهمة،وهي ضيق المسجد بالطائفين ضيقا شديدا، فكيف سيواجهها المهدي (عليه السلام)؟

الجواب: سيواجه المهدي (عليه السلام) هذه المشكلة بعدة أحكام تقوم بتذليلها... أشارت الأخبار إلى اثنين منها:

الأول: جواز الطواف خلف مقام إبراهيم.

الثاني: منع الطواف المستحب مع وجود كثرة من الطائفين طوافا واجبا.

ص: 314

س 482: متى يظهر الدجال قبل أو بعد السفياني؟

الجواب بعد فترة من دولة الإمام المهدي (عليه السلام) يظهر الدجال تكون بحركة من اليهود والنواصب والفاسدين خلفه يستفيدون من تطور العلوم في ذلك الوقت.

س483: حاكم من يكون السفياني؟

الجواب: يكون حاكم سوريا ومسرح تحركه سوريا والعراق والحجاز لكن حركته تؤثر في العالم جميعا...

س 484 : ما هو موقف علماء و مراجع التقليد عند ظهور حركة السفياني؟

الجواب: العلماء والمراجع يقفون ضده، لأنه يدخل بعنوان حفظ الأمن ثم يعيث فسادا .

س 485: عند خروج الإمام (عليه السلام) أول من يقوم بقتلهم أصحاب العمائم هل هذا صحيح أم لا؟.

الجواب: أصل هذه الرواية لابن عربي، وهو معادي للفقهاء - حتى أنهم حكموا بقتله - وليس لها أي صحة.

عندنا فئات تخرج ضد الإمام أولها البترية ربما يكون فيها معممين (وهم خوارج)

ص: 315

س 486 : هل من الممكن أن يكون الشيباني هو (صدام حسین )؟

الجواب: تنطبق جميع الأوصاف على المجرم صدام حسين (طاغية العراق المقبور (عليه لعنة الله أبدا) ، من الممكن ذلك.

س487: قيل أن السفياني ضابط في الجيش السوري حاليا هل هذا صحيح ؟

الجواب: هذا الشيء ليس بصحيح.

س 488 : هل هناك أخبار تدل على وجود الأجهزة الحديثة في عصر الظهور؟

الجواب: نعم هناك روايات عديدة نذكر منها:

1- روی الصافي في منتخب الأثر عن أبي الربيع الشامي، قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: أن قائمنا إذا قام مد الله لشيعتنا في أسماعهم وأبصارهم حتى لا يرون (لا يكون) بينهم وبين القائم بريد يكلمهم فيسمعون وينظرون إليه وهو في مكانه.

2- روى الصافي أيضا والمجلس في البحار عن ابن مسكان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: أن المؤمن في زمان القائم وهو بالمشرق ليرى أخاه الذي في المغرب وكذا الذي في المغرب يرى أخاه الذي في المشرق.

ص: 316

3- أخرج الطبرسي في (أعلام الوری ص 408) بسنده إلى إلى علي بن الحسين بن خالد، قال: الرضا (عليه السلام): - في حديث طويل عن المهدي (عليه السلام) - وهو الذي تطوى له الأرض.

اس 489: إن لكل إمام تسبيح خاص به، ووقت معين من الشهر فما هو تسبيحه (عليه السلام) ووقته؟

الجواب: يكون تسبيحه (عليه السلام) من الثامن عشر من الشهر حتى آخره، وهذا تسبيحه (عليه السلام): ( سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله زنة عرشه، والحمد لله مثل ذلك ).

س 490: هل إن المهدي (عليه السلام) عند الشيعة فقط أم عند السنة كذلك؟

الجواب: قد جاءت روايات كثيرة في كتب السنة تثبت وجود الإمام المهدي (عليه السلام)، فقد ذكر في مسند أبي داود والترمذي عن ابن مسعود أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلا من أمتي، أو من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي فيملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا .

وجاء في صحيح مسلم رواية عن جابر أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:

ص: 317

لا تزال طائفة من أمتي تقاتل على الحق فتكون لهم الغلبة إلى يوم القيامة، ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلم): ينزل عيسى ابن مريم (عليه السلام) فيقول أميرهم المهدي: تعال صل بنا فيقول: ألا إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة من الله عز وجل لهذه الأمة.

وهنالك روايات كثيرة من أراد فليراجع الكتب التسعة.

س 491: قيل أنه يخرج شابا قويا، ألم تؤثر فيه طول الأعصار وتعاقب الليل والنهار وسيرالفلك الدوار في بنيته ومزاجه وأعضائه وقواه وصورته وهيئته (عليه السلام) بعد هذه المدة الطويلة؟

الجواب: عدم تأثير طول الأعصار وتعاقب الليل والنهار وسير الفلك الدوارفي بنيته ومزاجه وأعضائه وقواه وصورته وهيئته (عليه السلام)، فهو بهذا العمر الطويل الذي بلغ حتى الآن مئة وسبعين وألف سنة (1)، ويعلم الله ما يبلغه من العمر حتى ظهوره، فإذا ظهر كان كابن ثلاثين أو أربعين، في حين أن أحدا من طوال الأعمار من الأنبياء السالفين لم ينج من سهام الشيخوخة والهرم: «انّ هَذَا بَعْلِي شَيْخًا»، ويشكو آخر من ضعف الشيخوخة فيقول: «إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا».

ص: 318


1- لا يخفى أن تقدير عمره الشريف إنما كان في أيام تأليف الكتاب (المعرب).

روى الشيخ الصدوق عن أبي الصلت الهروي أنه قال: قلت للرضا (عليه السلام: ما علامة القائم منكم إذا خرج؟ قال: علامته أن يكون شيخ السن شاب المنظر، حتى إن الناظر إليه يحسبه ابن أربعين سنة أو دونها.

س 492: الكنوز في الأرض هل تبقى بعد ظهور الإمام (عليه السلام)؟

الجواب: روي إن الأرض تخرج كنوزها وذخائرها التي استودعهاإياها.

س493: هل تختلف الأعمار في عهده (عليه السلام)؟

الجواب: نعم، أصحابه وأنصاره (عليه السلام) تطول أعمارهم،فقد روى أنه يعمر أحدهم حتى يولد له ألف ذكر.

س 494 : كم سيكون حكمه؟

الجواب: قيل بعدد سنين أهل الكهف وقيل سبعة أعوام وقيل غير ذلك.

والأصح الأولى أي بعدد سنين أهل الكهف.

ص: 319

س 495 : ما معنى الآية الكريمة: «وَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها».

الجواب: تعني استغناء العباد بنوره (عليه السلام) عن نور الشمس والقمر، وقد جاء في تفسير الآية الكريمة: «وَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها»أن مر بي الأرض إمام الزمان (صلى الله عليه وعلى آبائه).

496 : هل للإمام (عليه السلام) أخوة أو أخوات؟

الجواب: لم يكن له أي أخوة أو أخوات.

س497: التقية تكون سارية في عهد الإمام المهدي (عليه السلام )؟

الجواب: رفع التقية والخوف من الكفار والمشركين والمنافقين التقية التي كان يعمل بها قبل ظهوره (عليه السلام)، وتيسير العبودية لله تعالى، والجري في أمور الدنيا والدين على السنن الإلهية والأحكام السماوية بعد أن دعت الحاجة للتساهل في بعضها من خوف المخالفين وارتكاب أعمال غير لائقة طبقا لفعل الظالمين، كما وعد الله تعالى بقوله:

«وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي

ص: 320

ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ».

س498: هل للإمام (عليه السلام) معجزات كمعجزات الأنبياء (عليهم السلام)؟

الجواب: نعم، بل أقوى منها نزول نبي الله عيسى (عليه السلام) من السماء لنصرة المهدي (عليه السلام) وصلاته خلفه، كما جاء في مرويات كثيرة، بل إن الله تعالى عدها من مناقبه (عليه السلام)، فقد ورد في كتاب (المختصر) للحسن بن سليمان الحلي في خبر طويل أن الله تبارك وتعالى أوحى إلى رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليلة المعراج:

... وأعطيتك أن أخرج من صلبه (صلب علي) (عليه السلام) أحد عشر مهديا، كلهم من ذريتك، من البكر البتول، آخر رجل منهم يصلي خلفه عيسى ابن مريم، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا وظلما، أنجي به من الهلكة، وأهدي به من الضلالة وأبرئ به الأعمى، وأشفي به المريض.

س499: هل صحيح مصحف أمير المؤمنين (عليه السلام) مع المهدي (عليه السلام)؟

الجواب: إن هنالك مصحف لأمير المؤمنين (عليه السلام) جمعه بلا تغيير ولا تبديل بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله

ص: 321

وسلم)، وفيه جميع ما نزل عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) على سبيل الإعجاز، وعرضه بعد جمعه على الصحابة فأعرضوا عنه، فأخفاه (عليه السلام)، وبقي على حاله، حتى يظهر على يدي المهدي (عليه السلام)، ويؤمر الخلق بقراءته وحفظه، ونظرا لاختلاف ترتيب المصحف المذكور من المصحف المتداول اليوم فإن حفظه سيكون من التكاليف المشكلة على المكلفين.

س 500: قد ذكرتم سابقا أن عيسى (عليه السلام) يصلي خلف المهدي (عليه السلام) ويكون تحت أمرته، على الرغم من أن عيسى (عليه السلام) قد نطق وهو في المهد....ألا تكفي هذه الميزة أن تكون فضيلة لتقديم النبي عيسى (عليه السلام) في الصلاة؟

الجواب: صحيح أن عيسى نطق بالمهد لظروف خاصة به وبوالدته (عليهما السلام) لكن الإمام المهدي (عليه السلام) نطق في بطن أمه وكذلك في المهد و غير ذلك من المواضع.

ولتوضيح ذلك أكثر نذكر الرواية التالية:

حيث أسند الشيخ أبو جعفر (رحمه الله) إلى محمد بن علي إلى محمد بن عبدالله المطهري أنه قال: قصدت حكيمة أسألها عن الحجة (عليه السلام).. فقالت: لما حضرت نرجس الولادة، قال الحسن العسكري (عليه السلام): اقرأي عليها «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ

ص: 322

الْقَدْرِ ... فقرأت فأجابني الجنين بمثل قراءتي وسلم علي، ففزعت.

فقال أبو محمد (عليه السلام) : لا تعجبي من أمر الله إنه منطقنا بالحكمة صغارا ويجعلنا حججا في الأرض كبارا.

فغيبت عني نرجس فصرخت إليه ، فقال (عليه السلام): ارجعي فستجدينها... فرجعت إليها فإذا بها نور غشيني وإذا بالصبي ساجد الوجهه، رافعا إلى السماء سبابته، ناطقا بتوحيد ربه ورسالة نبيه وإمامة آبائه إلى أن بلغ إلى نفسه فقال: «الّلهُمَ اَنْجِزْلي وعدي وَاَتْمِمْ لي اَمْري»(1).

أقول إن كان الكلام في المهد لعيسى (عليه السلام) أعتبر فضيلة فالمهدي (عليه السلام) أولى بذلك لأنه نطق في بطن أمه وعند نزوله...

لكن وحسب تصورنا فليس هناك أية ملازمة بين الكلام في المهد وبين القيادة والإمامة.والله العالم

ص: 323


1- الصراط المستقيم:ج2، ص234، ب11، ف3... نقلا عن كتاب «أمهات المعصومين»للسيد الشيرازي

مصادر البحث

اسم الكتاب اسم المؤلف

1، تاريخ الغيبة الصغرى السيد محمد صادق الصدر

2. تاريخ ما بعد الظهور السيد محمد صادق الصدر

3. تاريخ الغيبة الكبرى السيد محمد صادق الصدر

4. اليوم الموعود بين الفكر المادي والديني السيد محمد صادق الصدر

5. وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام (عليه السلام) آية الله الحاج میرزا محمد تقي الموسوي الأصفهاني

6. عصر الظهور. الشيخ علي كوراني العاملي.

7. الأمة وقائدها المنتظر محمد الحيدري.

8. المهدي الموعود المنتظر عند علماء أهل السنة والإمامية الشيخ نجم الدين جعفر بن محمد العسكري

9. بشارة الإسلام السيد مصطفي «السيد حيدر الكاظمي "ره"

10. بحار الأنوار الشيخ المجلسي

11. أصول الكافي الكليني

12. إكمال الدين وإتمام النعمة الصدوق

13.الغيبة النعماني

14.الغيبة الطوسي

ص: 324

15.الحاوي للفتاوي الشيخ السيوطي

16إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب الشيخ علي اليزدي الحائري

17. الخرائج والجرائح الشيخ الراوندي

18. سنن أبي داود الحافظ السجستاني

19. صحيح البخاري أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم ابن المغيرة بن يروذية البخاري

20. صحيح مسلم الجعفي النيسابوري

21. الكامل في التأريخ ابن أثير

22. أعلام الوری بأعلام الهدی الطبرسي

23. رايات الهدى والضلال في عصر الظهور الشيخ مهدي الفتلاوي

24. منتهى الآمال / ج2 الشيخ عباس القمي

25 - أمهات المعصومين السيد محمد الحسيني الشيرازي

ص: 325

الفهرس

الموضوع الصفحة

الإهداء ...5 المقدمة ... 7

أسئلة حول الإمام ووالدته (عليهما السلام) ...11

الغيبة الصغرى والسفراء الأربعة ...35

فيما يختص ب ( جعفر السلام) عم الإمام المهدي عليه السلام ...63

الخلفاءالعباسيين والمهدي عليه السلام ... 78

شرائط الظهور وعلاماته ... 83

العلامات الحتمية ... 93

السفياني ...96

الدجال ... 123

الخراساني ... 129

الحسني ...134

اليماني ...138

العلامات الحتمية الأخرى ... 150

العلامات غير الحتمية ... 155

الغيبة الكبرى ... 158

اللقاء مع الإمام المهدي عليه السلام في غيبته ... 185

أصحاب الإمام المهدي عليه السلام ... 188

التكليف في عصر الغيبة الكبرى ... 199

حوار مع رواية ...215

ص: 326

الظهور ... 219

الكوفة والمهدي عليه السلام... 257

استقرار الإمام (عليه السلام) في الحكم ... 263

الحرب العالمية المتوقعة ... 265

حركة المسيح مع الإمام المهدي (عليه السلام)... 273

أسئلة عامة ... 258

مصادر البحث ... 324

الفهرس ... 326

ص: 327

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.