الحسين عليه السلام في مواجهة الضلال الأموي وإحياء سيرة النبي صلي الله وعليه و آله وعلي عليه السلام

اشارة

الحسين عليه السلام في مواجهة الضلال الأموي وإحياء سيرة النبي صلي الله وعليه و آله وعلي عليه السلام

السید سامی البدری

دار الفقه للطباعة والنشر

خیراندیش دیجیتالی : انجمن مددکاری امام زمان (عج) اصفهان

ص: 1

اشارة

ص: 2

جميع الحقوق محفوظة

لدار طور سینین للطباعة والنشر

العراق - بغداد

هاتف: 9647783375+

دار الفقه للطباعة والنشر

اسم الكتاب : الحسين (ع) في مواجهة الضلال الأموي و...

المؤلف : السيد سامي البدري

تاريخ الطبع: الثانية. 1430 ه. ق -2009 م

العدد المطبوع : 1000 نسخة

المطبعة : ظهور

شابك: 5-093-499-964

5- 093 - 499 - 964 ISBN

ص.ب. 3663-37185 -تلفون: 7734873-251-98+

للإتصال بالمؤلف: sami@albadri.info -الموقع على الإنترنيت: www.albadri.info

ص: 3

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين

الإهداء

الى الذين جعلوا الحسين عليه السلام عنوان مسيرتهم الى الله تعالى و حملوا تراث النبوة الخاتمة عن الائمة التسعة من ذرية الحسين عليه السلام.

والى شيعة علي عليه السلام في العراق خاصة الذين اثبتوا للعالم أجمع اليوم وخلال العهود المتطاولة أنهم اوفياء لهذا المنهج ودفعوا الثمن غاليا لأجله.

اهدي هذا الجهد المتواضع ابتغي به الاسهام في خدمتهم وبلسمة جراحاتهم قربة الى رب الحسين ورغبة في شفاعة الحسين وجده وابيه وامه واخيه والتسعة من بنيه صلوات الله عليهم أجمعين .

صغير شيعة علي عليه السلام

سامي البدري

ص: 4

عن أبي حمزة الثمالي - قال الصادق عليه السلام قل إذا زرت الحسين عليه السلام:

اللهم إني أشهد أن هذا قبر ابن حبيبك وصفوتك من خلقك.

وأنه الفائز بكرامتك ،

أكرمته بكتابك ،

وخصصته وائتمنته على وحيك ،

وأعطيته مواريث الأنبياء ،

وجعلته حجة على خلقك ،

فأعذر في الدعاء وبذل مهجته فيك ،

ليستنقذ عبادك من الضلالة والجهالة والعمى والشك والارتياب إلى باب الهدى.

********

رواه ابن قولويه في كتابه کامل الزیارات (ص:223) قال حدثني أبو عبد الرحمن محمد بن أحمد بن الحسين العسكري ومحمد بن الحسن جمیعا عن الحسن بن علي بن مهزيار عن أبيه علي بن مهزیار عن محمد بن أبي عمير عن محمد بن مروان.

(واعطيته مواریث الأنبياء) : أي تسلم الحسين عليه السلام مواریث الانبياء بعد موت أخيه الحسن فهو وأخوه وأبوهما من قبل والتسعة من ذريته عليهم السلام من بعد هم المذكورون في قوله تعالى «ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْکِتَابَ الَّذِینَ اصْطَفَیْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَیْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِکَ هُوَ الْفَضْلُ الْکَبِیرُ»فاطر /32.

فاعذر في الدعاء : أي بذل جهده في الدعوة إلى الله تعالى.

ص: 5

ص: 6

نظرة اجمالية لبحوث الكتاب

الباب الأول : بحوث تمهيدية

1. الاطروحات الاساسية التي عرفت بالحسين عليه السلام.

2. کتاب ابي مخنف حول قتل الحسين عليه السلام وحركة المختار.

3. الوظيفة الالهية للائمة الاثني عشر.

4. خلاصة بالواقع التاريخي لسير النبي صلي الله عليه و آله وعلي والحسن عليهما السلام في أداء وظيفتهم الالهية قبل حركة الحسين عليه السلام.

الباب الثاني: الانقلاب الاموي

الفصل الأول: معاوية ينقض عهده مع الحسن عليه السلام.

الفصل الثاني: خطة معاوية لتصفية التشيع في الكوفة .

الفصل الثالث: مقتل حجر بن عدي وأصحابه رضوان الله عليهم.

الفصل الرابع: اطروحة معاوية للحكم.

الباب الثالث: حركة الحسين عليه السلام في مواجهة الانقلاب الأموي

الفصل الأول: السكوت والعمل السري في عهد معاوية.

الفصل الثاني: نهضة الحسين عليه السلام للتغيير بعد موت معاوية.

الفصل الثالث: طرف من أخبار شهادة الحسين عليه السلام وأصحابه واهل بيته.

الباب الرابع: آثار نهضة الحسين عليه السلام وشهادته.

الفصل الأول: ردود الفعل السريعة لمقتل الحسين عليه السلام.

الفصل الثاني: تتابع الثورات وانهيار الحكم الأموي.

الفصل الثالث: اعادة انتشار حاديث النبي صلي الله عليه و آله في أهل بيته عليهم السلام والروايات الصحيحة عن السيرة والتاريخ.

الفصل الرابع: حركة الأئمة من ذرية الحسين عليهم السلام.

الباب الخامس خلاصة وخاتمة

ص: 7

ص: 8

المقدمة

الحمد لله رب العالمين

والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله الطاهرين

قارئي الكريم بين يديك المجموعة الأولى من البحوث عن الأمام الحسين عليه السلام ويليها انشاء الله تعالى مجموعة ثانية أعتبرها حصيلة عهد تم بيني وبين نفسي عندما اقتربت من العشرين حيث عزمت على أن أتعامل مع موسم المحرم وبخاصة الأيام العشرة الأولى على أنها موسم تفكير وبحث في قضية الحسين عليه السلام وآثارها الفكرية والسياسية والاجتماعية التي امتدت إلى أربعة عشر قرنا تقريبا و إلى ما شاء الله ، ويكفينا ما يمكن تسميته بالظاهرة الحسينية التي يشهدها المسلمون كل عام وبدأ يشهدها العالم كله من خلال انتشار الشيعة في العالم ومن خلال القنوات الفضائية التي تبنت نشر بعض أخبارها في الموسم نفسه ، فان أي مشاهد لما يبديه الشيعة يوم العاشر من المحرم من مظاهر الحزن والتفاعل العميق مع الحدث الذي مضى عليه أربعة عشر قرنا تقريبا يفرض عليه أن يفكر ويتساءل عن سر هذا الارتباط ودوافعه وبالتالي لا بد من البدء بدراسة الحدث وكما ترويه كتب التاريخ ثم تقييم الظاهرة بعد ذلك وما تكشف عنه من حقائق .

إن المجموعة الأولى من البحوث استهدفت دراسة الحدث الحسيني وأحسبني أنني أثرت بعض الأفكار الجديدة على الرغم من كثرة البحوث التي أنجزت من باحثين قبلي وأنا على يقين أن الباب سيبقى مفتوحا للجديد في هذا الموضوع. لقد استهدفت أساسا

ص: 9

أن أسلط الضوء على الأثر الفكري للحركة الحسينية الذي كان انبعاثا لتراث النبوة الخاتمة من جديد بعد أن بذل الأمويون كل جهدهم لتحريفيه حيث فرغوا الإسلام من محتواه الأصيل واستبدلوه بكذب في الطعن على علي عليه السلام ليس فقط لتغييب إمامته الدينية بل لتحويله إلى رمز للإلحاد يلعن ويتبرأ منه، وفي قباله يكون القائد إلى الله الذي تكون طاعته قربې وزلفی تقود إلى الجنة هم بنو أمية، وقد تناولت بحوث الكتاب هذه المسألة بشكل تفصیلی وأثبتت انبعاث التراث النبوي الصحيح من جديد بنهضة الحسين عليه السلام وأن شهادته كانت الباب الأوسع لكي يكتمل انبعاث ذلك التراث وتنكشف تلك الضلالة ويكون رموزها موضع لعن وبراءة إلى يوم الدين .

أما المجموعة الثانية فهي لا تدخل ضمن هذه السلسلة من البحوث التاريخية وإنما هي بحوث تتصل بعلم الأديان المقارن والعقيدة الإسلامية والفكر الإسلامي من قبيل : بحث خبر الحسين عليه السلام في القرآن والتوراة والإنجيل، بحث مجالس العزاء الحسيني تأسيس إلهي ، بحث الظاهرة الحسنية قراءة دلالية ، بحث النهضة الحسينية رؤی و تقييم ، وغيرها من البحوث وهي ناجزة أرجو أن تجد طريقها إلى النور قريبا.

وأود أن أبين للقارئ الكريم أن هذا الجهد الذي يراه كما هو كان جاهزا للطبع قبل أربع سنين تقريبا غير أني كنت أرغب في مراجعته لاستكمال النقص في بعض فصوله التي سوف يلتفت القارئ إلى أنها بحاجة إلى استيعاب أكثر وتنظيم أدق، ولكني رأيت أنني لو بقيت أسيرا لهذه الرغبة فإن الكتاب سوف لن يشق طريقه إلى النور .

وأخيرا لا يفوتني أن أشكر ولدي وقرة عيني السيد حسين على همته في إخراج هذا الكتاب إلى النور.

ص: 10

الباب الاول : بحوث تمهيدية

اشارة

1.الاطروحات الأساسية التي عرفت بالحسين عليه السلام

2. کتاب ابي مخنف حول قتل الحسين عليه السلام وحركة المختار

3. الوظيفة الالهية للائمة الاثني عشر عليهم السلام.

4. خلاصة بالواقع التاريخي لسيرة النبي صلي الله عليه و آله و علي والحسن عليهماالسلام في اداء وظيفتهم الالهية قبل حركة الحسين عليه السلام

ص: 11

ص: 12

1.الأطروحات الأساسية التي عرفت بالحسين عليه السلام

اشارة

وجدت من الناحية التاريخية ثلاث أطروحات تعرف بالحسين عليه السلام ونهضته تبعا للنظرة إليه عليه السلام .

الأطروحة الأموية ط الحسين عليه السلام مارق عن الدين :

تبنى الإعلام الأموي عرض الحسين عليه السلام على أنه خارج على الدين وخارج على الخليفة الشرعي، وقد تبنى بعض الكتاب المعاصرين هذه الأطروحة نظير الشيخ الخضري قال: (وعلى الجملة فإن الحسين أخطأ خطأ عظيما في خروجه هذا الذي جر على الأمة وبال الفرقة والاختلاف، وزعزع عماد إلفتها إلى يومنا هذا... غاية الأمر أن الرجل طلب أمرا لم يتهيأ له ولم يعد له عدته، فحيل بينه وبين ما يشتهي وقتل دونه)(1).

وذكر أحمد العسيري نظيرهذا الكلام ، ثم ختمه بكلام الدكتور أحمد شلبي(2)، ولم ينسبه إليه قائلا: (وكانت هذه فتنة أيسر ما نقول عنها أنها وسعت باب الفرقة والتهمت الآلاف والملايين من المسلمين ولا يزال بابها مفتوحا حتى كتابة هذه السطور)(3).

ص: 13


1- الدولة الأموية الشيخ محمد الخضري /327، دار المعرفة بیروت 1418 هجرية. والكتاب محاضرات في تاريخ الاسلام القيت على طلاب الجامعة المصرية بطلب من مجلس ادارة الجامعة المصرية ورأت ادارة الجامعة أن تجمع و تطبع
2- موسوعة التاريخ الاسلامي ج 208/7ط 1984/7 /القاهرة
3- موجز التاريخ الاسلامي تاليف احمد محمود العسيري، 152 ط 1، الدمام 1417 هجرية

تبني الإعلام العباسي عرض الحسين عليه السلام على أنه ثائر من أجل الملك، وكان من حقه الثورة وطلب الخلافة، غير أنه أخطأ مرتين :

الأولى : حين اختار الكوفة غاية لحركته من مكة، رغم كثرة الناصحين له .

والثانية : حين اصطحب الأطفال والنساء معه، وأن مسؤولية قتل الحسين عليه السلام تقع على ابن زیاد والكوفيين من شيعة علي عليه السلام ، وقد كرس أبو مخنف ونظراؤه من الرواة المعاصرين له رواياتهم لهذا التفسير، وقد تبني العباسيون هذه الأطروحة للنهضة الحسينية، بعد أن تعمق الصراع بين الطالبيين والعباسيين واستحکم بعد قيام ثورة محمد وإبراهيم ولدي عبد الله بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي عليهما السلام ، ثم القضاء عليها سنة 144 هجرية. وقد تبنى اغلب المؤرخين الذين كتبوا التاريخ في العهد العباسي هذه النظرة، أمثال الطبري وغيره، وحذا حذوهم أمثال الذهبي وابن كثير وغيره من القدامى وكثير من المعاصرين.

أطروحة الأئمة من ذرية الحسين عليه السلام ط الحسین وارث الأنبياء وإمام هدی:

عرض الأئمة من ذرية الحسين عليهم السلام الحسين عليه السلام على أنه وارث الأنبياء، وإمام الهدى وحجة الله على خلقه، وهذا الموقع للحسين هوالذي نصت عليه الأحاديث النبوية الصحيحة في الحسين عليه السلام ، وأنه علیه السلام نهض لا نهض لأجل هداية الناس بعد أن عمت ضلالة بني أمية، هذه الضلالة التي تمثلت بتحريف الدين وطمس أحاديث النبي صلي الله عليه و آله في أهل بيته عليهم السلام ،وعرض علي عليه السلام على انه رمز للفساد في الاسلام، وعرض بني أمية على انهم ائمة هدی وحجج الله على عباده، وهذا التفسير للحركة الحسينية يجده الباحث واضحا جليا في تراث اهل البيت عليهم السلام .

ص: 14

روی ابن قولویه بسنده عن أبي حمزة الثمالي، قال : قال الصادق عليه السلام : قل..... اللهم إني أشهد أن هذا قبر ابن حبيبك وصفوتك من خلقك، وأنه الفائز بكرامتك، أكرمته بكتابك، وخصصته وائتمنته على وحيك، وأعطيته مواریث الأنبياء، وجعلته حجة على خلقك، فأعذر في الدعاء، وبذل مهجته فيك، ليستنقذ عبادك من الضلالة والجهالة والعمي والشك والإرتياب، إلى باب الهدی.

السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله، السلام عليك يا وارث نوح نبي الله، السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله، السلام عليك يا وارث موسی کلیم الله، السلام عليك یا وارث عیسی روح الله، السلام عليك يا وارث محمد حبيب الله صلي الله عليه و آله، السلام عليك يا وارث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وصی رسول الله، وولي الله، السلام عليك يا وارث الحسن بن علي الزكي، السلام عليك يا وارث فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، السلام عليك أيها الصديق، الشهيد السلام عليك أيها الوصي، السلام عليك أيها الوفي، أشهد أنك قد أقمت الصلاة، وآتيت الزكاة وأمرت بالمعروف و نهيت عن المنكر وعبدت الله مخلصا حتى أتاك اليقين، السلام عليك يا أبا عبد الله ورحمة الله وبركاته(1).

وكتابنا هذا يقوم على الأطروحة الثالثة، فيتناول بالتفصيل:

کیف حرف بنو أمية دين الله وسنة نبيه، وكيف نهض الحسين عليه السلام بوجههم، وكيف وفق لتكون حركته وشهادته علیه السلام سببا لهداية الناس اليه، وسنة النبي صلي الله عليه و آله الصحيحة، ولولا ذلك لكانت الأمة إلى اليوم تعيش ضلالة بني أمية. وفي ضوء هذا التفسير تأتي ضرورة مواصلة إحياء ذكرى هذه الشهادة لأنها معلم وراية تنبه الغافلين من المسلمين والباحثين عن الحقيقة في تاريخ الاسلام «لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ»

ص: 15


1- رواه ابن قولويه في كتابه کامل الزیارات (ص: 223) قال: حدثني أبو عبد الرحمن محمد بن أحمد بن الحسين العسكري ومحمد بن الحسن جميعا عن الحسن بن علي بن مهزيار عن أبيه علي بن مهزیار عن محمد بن أبي عمير عن محمد بن مروان

2.كتاب أبي مخنف حول مقتل الحسين عليه السلام وحركة المختار

قال فلهاوزن: وأثبت حجة ... في تاريخ الشيعة طالما اتصل بالكوفة هوابو مخنف،

والطبري يكاد لا يعتمد على غيره في ذكر اخبارهم وما اطولها(1).

أقول:

الطبري ليس حجة حين يكثر من راو معين في موضوع معين، فلقد اکثر في تاريخه من روایات سیف بن عمر في حروب الردة ومقتل عثمان وحرب الجمل، وتبين لدى التحقيق ان اکثر اخبار سیف في هذه المواضيع اما محرفة او موضوعة (2).

والباحث في تاريخ الطبري يستطيع أن يكتشف أن الطبري كمؤرخ راعى في تأليفه لتاريخه أن ياتي منسجما مع السياسة العباسية، ولذا نراه يذكر الرواية العباسية الرسمية لقصة وفاة الامام علي الرضا عليه السلام وهي: انه اكثر من أكل العنب فمات فجأة (3).

ص: 16


1- الخوارج والشيعة يوليوس فلهوزن ترجمه عن الالمانية الدكتور عبد الرحمن بدوي /113 ط 3، الكويت 1978
2- انظر كتب العلامة العسكري: خمسون ومأة صحابي مختلق ثلاثة مجلدات، و عبد الله بن سبأ مجدان فانها مكرسة لدراسة اخبار سیف بن عمر و کشف الوضع والتحريف فيها
3- تاريخ الطبري 15/7.علق استاذنا العلامة المحقق السيد مرتضى العسكري حين قرأ هذه الصفحة من الكتاب عند زيارته إلى العراق سنة 2003 و كان نازلا عندنا مدة تلك الزيارة: لا يوجد مؤرخ من المتقدمين والمستأخرين اکثر جناية على الحق والحقيقة عالما عامدا مثل الطبري، فقد قال في ذكر ما جرى بين الصحابي البرابي ذر والخليفة الداهية معاوية: (... ذكروا أمورا كثيرة كرهت ذکر اکثرها اما العاذرون معاوية فقد ذكروا قصة رواها...) وقال في ذكر ما جرى بين معاوية و محمد بن أبي بكر...(لاتتحمل سماعها العامة)، اقول: فصلنا الحديث عن منهج الطبري في كتابنا المدخل إلى دراسة مصادرالسيرة والتاريخ

تعد كتب أبي مخنف لوط بن يحي الازدي (ت ما قبل 170 هجرية) في مقتل الحسين عليه السلام وحركة التوابين وحركة المختار، من اقدم واشهر المصادر في موضوعه، وقد تبني روايتها محمد بن سعد في الطبقات الكبرى، والطبري في التاريخ، وابن اعثم في الفتوح، والبلاذري في انساب الاشراف، وروى المسعودي طرفا منها في مروج الذهب، ثم اخذ ابن الأثير في كتابه الكامل،وابن کثیر، وابن خلدون، والذهبي، برواية الطبري، لانه اوردها كاملة، وعن هؤلاء اخذ المعنيون بالتاريخ الاسلامي، من القدامى والمعاصرين شيعة كانوا اوسنة.

لم يكن ابو مخنف من القائلين بالنص على علي عليه السلام، فهو ليس شيعيا بالمعنى الخاص للتشيع.

قال ابن ابي الحديد: و ابو مخنف من المحدثين وممن يرى صحة الإمامة بالاختيار،وليس من الشيعة ولا معدودا من رجالها(1).

وأكد ذلك الشيخ المفيد في كتابه عن حرب الجمل وقد اورد اخبار حرب الجمل عن ابي مخنف والواقدي وغيرهما قال بعدها: فهذه جملة من اخبار البصرة، وسبب فتنتها و مقالات اصحاب الاراء في حكم الفتنة بها، قد اوردناها على سبيل الاختصار، واثبتنا ما أثبتنا من الاخبار عن رجال العامة دون الخاصة، ولم تثبت في ذلك ما روته كتب الشيعة)(2).

هذا وقد عاصر ابومخنف اربعة من الأئمة، وهم السجاد والباقر والصادق

ص: 17


1- شرح نهج البلاغة 147/1
2- الجمل ص 225

والكاظم عليهم السلام، ولم يرو عن واحد منهم بشكل مباشر، نعم روی عن بعض أصحابهم بعض الروايات.

وقد وثق ابا مخنف في النقل عدد من اعلام الشيعة (1).، الا أن ذلك قابل للمناقشة،ونحن نتئد على الأقل، بل نرفض قبول فقرات مبثوثة في رواياته التي ترتبط بسيرة بعض الأئمة عليهم السلام أوسيرة شيعتهم في الكوفة أو علاقة الائمة بهم في الفترة الواقعة من سنة حكم علي عليه السلام سنة 35 هجرية وحروبه إلى مقتل المختار سنة 67 هجرية، وذلك لأنها تعطي رؤية تخالف الثابت عن أهل البيت عليهم السلام ، أو الثابت من التاريخ عن شيعتهم في الكوفة وعلاقتهم بهم.

من قبيل: ان الحسين عليه السلام ندم على اخذ نسائه وبناته معه، وأنه تذكر نصيحة ابن عباس يوم العاشر لما ارتفعت اصواتهن يوم العاشر من المحرم عند احتدام القتال وسقوط القتلى(2).

اوأن يزيد قال لعلي بن الحسين لما أمر بارجاعه والسبايا إلى المدينة: لعن الله ابن مرجانة، أما والله لوأني صاحبه ما سألني خصلة أبدا الا أعطيتها إياه، ولدفعت الحتف عنه بكل ما استطعت، ولوبهلاك بعض ولدي، ولكن الله قضى ما رأيت(3).

ص: 18


1- انظر معجم رجال الحديث وقاموس الرجال
2- قال أبو مخنف: حدثني عبد الله بن عاصم قال حدثني الضحاك المشرقي قال: لما سمع أخوات الحسين کلام الحسين يخاطب القوم يوم العاشر صحن وبكين وبکی بناته، فارتفعت أصواتهن، فأرسل اليهن اخاه العباس بن علي وعليا ابنه، وقال لهما: أسكتاهن فلعمري ليكثرن بکاؤهن، قال: فلما ذهبا ليسكتاهن، قال: لا يبعد ابن عباس، قال: فظننا أنه إنما قالها حين سمع بكاؤهن لانه قد كان نهاه أن يخرج بهن. (الطبري 321/4) وقال أبو مخنف: وحدثني الحارث بن کعب الوالي عن عقبة بن سمعان: أن حسينا لما أجمع المسير إلى الكوفة أتاه عبد الله بن عباس وقال له: فإن كنت سائرا فلا تسر بنسائك وصبيتك، فوالله إني لخائف أن تقتل كما قتل عثمان ونساؤه وولده ينظرون إليه (الطبري287/4)
3- تاريخ الطبري - الطبري ج 4 ص 353

وهناك من الرواة من اسف الى اكثر من هذا كما فعل یزید بن روح بن زنباغ الجذامي المعاصر لابي مخنف، يروي عن الغاز بن ربيعة الجرشی من حمير قال: والله إنا لعند یزید بن معاوية بدمشق إذ أقبل زحر بن قیس حتى دخل علی یزید بن معاوية فقال له يزيد: ويلك ما وراءك وما عندك؟ فقال: أبشر يا أمير المؤمنين بفتح الله ونصره، ورد علينا الحسين بن علي في ثمانية عشر من أهل بيته وستين من شیعته، فسرنا إليهم فسألناهم أن يستسلموا وينزلوا على حكم الامير عبيد الله بن زیاد، أوالقتال، فاختاروا القتال على الاستسلام، فعدونا عليهم مع شروق الشمس، فأحطنا بهم من كل ناحية حتى إذا اخذت السيوف مأخذها من هام القوم، أخذوا يهربون إلى غير وزر، ويلوذون منا بالآكام والحفر، لواذا كما لاذ الحمائم من صقر، فوالله يا أمير المؤمنين ما كان إلا جزر جزور، أونومةً قائل حتى أتينا على آخرهم، فهاتيك أجسادهم مجردة، وثيابهم مرملة، وخدودهم معفرة، تصهرهم الشمس، وتسفي عليهم الريح، زوارهم العقبان والرخم... قال: فدمعت عين يزيد وقال: قد كنت أرضي من طاعتكم بدون قتل الحسين، لعن الله ابن سمية أما والله لوأني صاحبه لعفوت عنه فرحم الله الحسين(1).

اوأن شيعة علي في الكوفة امثال سليمان بن صرد والمسيب بن نجبة وغيرهم كتبوا للحسين بالقدوم ثم خذلوه حتى قتل، ثم ندموا بعد ذلك ونهضوا للاخذ بثأره.

وغير ذلك.

اقول:

أن الرؤية السلبية عن شيعة الكوفة، رسمت خطوطها من قبل أبي جعفر المنصور خاصة ضمن مخطط شامل لتطويق الكوفة واهلها و تغيير الرؤية عن تاريخ علي والحسن والحسين عليهم السلام نكاية بالحسنيين الثائرين، حيث كان هوى الثوار من الكوفيين مع الحسنيين، وهوى من يرى العلم والحديث مع الامام جعفر الصادق وآبائه الأئمة عليهم السلام. ثم

ص: 19


1- تاريخ الطبري - الطبري ج 4 ص 351

تحرك الاعلام العباسي من خلال روايات الرواة الذين سايروا العباسيين في مخططهم رغبة في دنياهم فوضعوا وحرفوا ما شاؤوا من الروايات.

أما كون هوى الكوفيين مع الحسنيين، فقد قال الطبري: لما ظهر محمد وابراهيم ابنا عبد الله، أرسل أبو جعفر (المنصور) إلى (عمه) عبد الله بن علي، وهو محبوس عنده، ان هذا الرجل قد خرج، فان كان عندك رأي فأشر به علينا، وكان ذا رأى عندهم، فقال: ارتحل الساعة حتى تأتي الكوفة، فاجثم (1). على أكبادهم فانهم شيعة أهل هذا البيت وأنصارهم، ثم احففها بالمسالح، فمن خرج منها إلى وجه من الوجوه، أو أتاها من وجه من الوجوه، فاضرب عنقه(2).

واما كونهم في الفقه والحديث والعلم يتبعون للامام جعفر الصادق و آبائه عليهم السلام فقد روى القاضي عياض (3).الحوار الذي دار بين ابي جعفر المنصور ومالك بن انس حيث عرض عليه ان يجعله مرجعا فقهيا للدولة انذاك،

قال مالك: قال فقلت له: ولأهل العراق قولا تعدوا فيه طورهم.

فقال: أما أهل العراق فلست أقبل منهم صرفا ولا عدلا، وانما الغلم علم أهل المدينة فضع للناس العلم.

وفي رواية فقلت له: أن أهل العراق لا يرضون علمنا. فقال أبو جعفر يضرب عليه عامتهم بالسيف، وتقطع عليه ظهورهم بالسياط(4).

وقد خطب المنصور في الكوفة سنة 144 هجرية بعد ان قبض على عبد الله بن الحسن والد محمد و ابراهیم قبيل ان ينهضا ويثورا.

ص: 20


1- جثم يجثم: لصق ولزم
2- تاريخ الطبري ج 194/6
3- انظر تفصيل ذلك في كتابنا المدخل إلى مصادر السيرة والتاريخ ص 470
4- و كان المنصور قبل ذلك قد قال لابي حنيفة: يا أبا حنيفة، ان الناس قد فتنوا بجعفر بن محمد فهيء له من مسائلك الصعاب (الكامل في الضعفاء لابن عدي 132/2

قال المسعودي: ولما أخذ المنصور عبد الله بن الحسن وإخوته والنفر الذين كانوا معه من أهل بيته صعد المنبر بالهاشمية، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على محمد صلي الله عليه و آله، ثم قال:

(يا أهل خراسان، أنتم شیعتنا وأنصارنا، وأهل دعوتنا، ولوبایعتم غيرنا لم تبايعوا خيراً منا. إنَّ ولد أبي طالب تركناهم والذي لا إله إلا هو والخلافة فلم نعرض لهم لا بقليل ولا بكثير.

فقام فيها علي بن أبي طالب عليه السلام فما أفلح، وحكم الحكمين، فاختلفت عليه الأمة وافترقت الكلمة، ثم وثب عليه شيعته وأنصاره وثقاته فقتلوه.

ثم قام بعده الحسن بن علي عليه السلام، فوالله ما كان برجل، عرضت عليه الأموال فقبلها، و دس إليه معاوية إلي أجعلك ولي عهدي، فخلع نفسه وانسلخ له ما كان فيه، وسلمه إليه، وأقبل على النساء يتزوج اليوم واحدة ويطلق غدا أخرى، فلم يزل كذلك حتى مات على فراشه.

ثم قام من بعده الحسين بن علي عليهما السلام، فخدعه أهل العراق وأهل الكوفة، أهل الشقاق والنفاق والإغراق في الفتن، أهل هذه المدرة السوء، وأشار إلى الكوفة /فوالله ما هي لي بحرب فأحاربها، ولا هي لي بسلم فأسالمها، فرق الله بيني وبينها /فخذلوه وأبرؤوا أنفسهم منه، فأسلموه حتى قتل.

ثم قام من بعده زید بن علي، فخدعه أهل الكوفة وغروه، فلما أظهروه وأخرجوه أسلموه، وقد كان أبي محمد بن علي ناشده الله في الخروج وقال له: لا تقبل أقاويل أهل الكوفة، فإنا نجد في علمنا أن بعض أهل بيتنا يصلب بالكناسة، وأخشى أن تكون ذلك المصلوب، وناشده الله بذلك عمي داود وحذره رحمه الله : غدر أهل الكوفة، فلم يقبل، وتم على خروجه، فقتل وصلب بالكناسة) (1).

ص: 21


1- المسعودي: مروج الذهب ج 301/3 ، و كانت بوادر التحسس من الكوفيين قبل ذلك، روى البلاذري في انساب الاشراف 150/3، قال: قال المدائني: (كتب ابومسلم إلى أبي العباس: أن أهل الكوفة قد شاركوا شيعة امير المؤمنين في الاسم، وخالفوهم في الفعل، ورأيهم في آل علي الذي يعلمه اميرالمؤمنين، یؤتی فسادهم من قبلهم باغوائهم اياهم وأطماعهم فيما ليس لهم، فالحظهم يا أمير المؤمنين بلحظة بوار، ولا تؤهلهم لجوارك، فليست دارهم لك بدار. وأشار عليه ايضا عبد الله بن علي بنحو من ذلك، فابتنى مدينته بالانبار و تحول اليها وبها توفي)

سنة 145 هجرية وخطب قائلا:

(يا أهل الكوفة عليكم لعنة الله وعلى بلد انتم فيه...

سبئية (1).

خشبية(2).

قائل يقول: جاءت الملائكة،

وقائل يقول: جاء جبريل...،

للعجب لبني أمية وصبرهم عليكم، كيف لم يقتلوا مقاتلتكم ويسبوا ذراریکم، ويخربوا منازلكم.

أما والله يا اهل المدرة الخبيثة لئن بقيت لكم لأذلنكم) (3).

أقول :

وفي ضوء ذلك كان من الضروري التحقيق في الرواية التاريخية التي ظهرت في هذه الفترة الخطيرة، سواء كانت رواية أبي مخنف او رواية غيره، وتجزئة الرواية إلى اجزاء،

ص: 22


1- اي اتباع عبد الله بن سبأ الذي ادعي له انه مبتدع الوصية لعلي عليه السلام المشابهة لوصية موسی لیوشع عليه السلام الذي يترتب عليها البراءة من تجاوز على موقعه
2- في " النهاية " لابن الأثير: الخشبية: هم أصحاب المختار بن أبي عبيد، ويقال لضرب من الشيعة :الخشبية. وفي " المشتبه " للذهبي: الخشبي هو الرافضي في عرف السلف. اقول وسياتي في ترجمة المختار الروايات التي وضعوها في حقه للغض من شخصيته
3- انساب الاشراف 269/3

واستبعاد الجزء الذي يلتقي مع الهدف الاعلامي للعباسيين ان لم يكن لدينا غيرها.

آن كُتابا وباحثين معاصرين أمثال الشيخ محمود شاكر(1). والدكتور احمد شلبي(2).والشيخ الخضري ونظرائهم قد يكونون معذورين حين يعتمدون على رواية أبي مخنف دون أن يحققوا فيها بسبب خلفيتهم العقائدية التي تسوغ لهم قبول ذلك او الانس به، اما ان يعتمد الكاتب الشيعي الامامي (3) على رواية أبي مخنف دون تحقیق اودون تجزئة فليس معذورا(4).

ص: 23


1- كاتب مصري الف موسوعة في التاريخ الاسلامي في عدة مجلدات
2- كاتب مصري الف موسوعة التاريخ الاسلامي في عدة مجلدات وطبعت طبعات عديدة اخر ما رايته هو الطبعة السابعة سنة 1984م وعنها ننقل في كتابنا هذا
3- قد يعترض البعض علينا باعتماد مرجع الشيعة في وقته الشيخ المفيد رحمه الله على رواية أبي مخنف في كتابه الارشاد، او في كتابه الجمل، ولكنه اعتراض غير وارد لان الشيخ المفيد في الجمل يصرح انه انما اورد اخبار الجمل من مصادر غير امامية لاجل الاحتجاج
4- اشرنا الى طرف من هذا الموضوع في كتابنا المدخل الى دراسة مصادر السيرة النبوية،/469-480،نرجوان نوفق الي تفصيلها في دراسة مستقلة

3.الوظيفة الالهية للائمة الاثني عشر عليهم السلام

الامامة الالهية لاهل البيت عليهم السلام لها نظير في الأمم السابقة :

إمامة اهل البيت الالهية بعد النبي صلي الله عليه و آله التي يحصرها الشيعة بعلي عليه السلام والطاهرين من ذرية النبي صلي الله عليه و آله والحسن والحسين والتسعة من ذرية الحسين عليهم السلام ، هي امتداد لإمامة النبي صلي الله عليه و آله الإلهية، نظير إمامة لوط وإسماعيل وإسحاق ويعقوب، التي كانت امتدادا لامامة ابراهيم الالهية، ووارثة لها بأمر إلهي، كما في قوله تعالى«وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً ۖ وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ *وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا»الانبياء/71-73،

وهي ايضا نظير امامة هارون وآل هارون الالهية، التي هي امتداد لامامة موسی الالهية، المشار اليها في قوله تعالى «وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ ۖ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ * وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ»السجدة /23-24، وقوله تعالى «وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ»البقرة/248، وقوله تعالى «وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا ۖ»المائدة/12.

ص: 24

ويعتقد الشيعة تبعا للرواية عن الأئمة عليهم السلام: أن الشهداء على الناس في قوله تعالى«وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ»الحج /78 هم هؤلاء الاثنا عشر فقط، وقد جعلهم النبي صلي الله عليه و آله عدل القرآن بقوله (اني تارك فيكم الثقلين ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابدا كتاب الله وعترتي اهل بيتي). وان الاية الكريمة «فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَٰؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ، أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ »الأنعام/89-90 تشير إليهم وإلى وظيفتهم. والكفر بالرسالة هورفضها او تحريفها. لقد وكل الله تعالى بدينه ورسالته بعد النبي صلي الله عليه و آله هؤلاء الاثني عشر من أهل بيته ليدافعوا عنها ويحفظوها في المجتمع اذا تعرضت لتحريف ماحق يستلزم بطلان حجة الله تعالى على الناس.

التناظر التكويني بين الأئمة من اهل البيت عليهم السلام والائمة من بني اسرائيل

وقد شاءت حكمة الله تعالى ان يكون هناك تناظر تکويني بين الائمة من اهل البيت والائمة من بني اسرائيل:

فجعل الله تعالى الأئمة من اهل البيت عليهم السلام اثني عشر، نظير جعل الأئمة من بني اسرائيل بعد موسی اثني عشر. قال تعالى «وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا»المائدة/12. وقد اكد النبي صلي الله عليه و آله هذه المقارنة حين سئل عن عدد الأئمة من بعده قال: (عدة نقباء بني اسرائيل اثني عشر لا يضرهم من عاداهم).

وجعل اغلب أوصياء محمد صلي الله عليه و اله من ذرية أخيه ووزيره وأول أوصيائه علي عليه السلام نظیر جعله اغلب أوصياء موسى عليه السلام بعده في ذرية أخيه ووزيره هارون عليه السلام وهم (آل هارون) (1)

ص: 25


1- قضية التناظر بين آل محمد صلي الله عليه و آله و آل عمران و آل هارون والحجج الالهيين في الأمم الماضية مسألة ملفتة للنظر، جعلها الله تعالى من المعالم الهادية إلى حقانية حركة الأئمة الاثني عشر عليهم السلام وبخاصة بعد ان أصبحت حركتهم عليهم السلام بما فيها غيبة المهدي عليه السلام واقعا تاريخيا ناجزا ثابتا تسهل مقارنته مع الواقع التاريخي لحركة الحجج في الأمم السابقة كما ذكرها القرآن الكريم والنصوص الموافقة له من أسفارالتوراة والانجيل المتداولة وقد درسنا ذلك مفصلا وأعددناه في كتاب خاص

وجعل من بينهم من يتبوأ موقع الامامة وهودون العاشرة كالجواد والهادي والمهدي عليه السلام نظير ما يحيي الذي أوتي النبوة والكتاب وهو صبي.

وشاءت حكمة الله تعالى أن يجعل المهدي عليه السلام من آل محمد صلي الله عليه و آله نظيرا لعیسی من آل عمران من ناحية الاختلاف في ولادته والامتحان بغيبته، فقد اختلف بنو إسرائيل في ولادة المسيح بعد ان كانوا ينتظرونه جميعا للنصوص الثابتة عن أنبيائهم وفي كتبهم (1).، فآمنت طائفة لما ولد وأنكرت طائفة ذلك إلى اليوم. واختلفت أمة محمد صلي الله عليه و آله في ولادة المهدي المنتظر عليه السلام من ولد فاطمة عليها سلام بعد ان اخبر النبي صلي الله عليه و آله عنه وبشر به (2). فآمنت طائفة لما ولد سنة 255 هج- وهي لا تزال مؤمنة به إلى اليوم وأنكرت طائفة ذلك إلى اليوم أيضا.

وشاءت حكمة الله تعالى أن يجعل في الحجج من بعد محمد صلي الله عليه و آله في امته امرأة حجة وهي فاطمة بنت محمد صلي الله عليه و آله كما جعل بعد موسى في امته امرأة حجة وهي مريم بنت عمران عليه السلام.

ما هي الوظيفة الالهية لأهل البيت عليهم السلام بعد النبي صلي الله عليه و آله ؟

يمكننا تلخيص وظيفة اهل البيت عليهم السلام بوصفهم أئمة الهيين بعد النبي صلي الله عليه و آله بأمرين اساسيين هما:

ص: 26


1- ذكرنا مصادر ذلك في موضعه في الحلقة الثانية من كتابنا شبهات وردود مصادر ذلك
2- روى أبو داود في سننه عن أبي الطفيل عن علي عليه السلام عن النبي صلي الله عليه و آله قال: (لولم يبق من الدهر إلا يوم، لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملؤها عدلا كما ملئت جورا) وفيه أيضا عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله يقول: (المهدي من عترتي من ولد فاطمة.) ج 422/2ط1

الأمر الأول: المحافظة على سنة النبي صلي الله عليه و آله في المجتمع من الضياع والتحريف ومواجهة الضلالات والفتن الاساسية التي يخشى منها على الاسلام، وبالتالي مواصلة الهداية الخاصة، والشهادة والحجة على الناس التي اسسها النبي صلي الله عليه و آله ، قال الله تعالى «فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَٰؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ * أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ۗ»الأنعام /89-90،«مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ»الحج/ 78،

قال النبي صلي الله عليه و آله: (اني تارك فيكم الثقلين ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا کتاب الله وعترتي اهل بيتي).

الأمر الثاني: اعطاء سيرة و تجارب ومواقف معصومة هادية في الجانب الشخصي والاجتماعي والسياسي، كالدعوة والثورة والحكم والصلح والتعايش مع المخالفين بالرأي داخل المجتمع الاسلامي، بحسب الموقع الذي يحتله المعصوم في المجتمع، الى جنب ما اعطاه النبي صلي الله عليه و آله من مواقف معصومة هادية في الدعوة والثورة والحكم والصلح مع المجتمع المشرك بحسب المواقع التي تبوأها.

نظرية الحكم الاسلامي في الفكر الأمامي الاثني عشري :

تقوم نظرية الحكم الإسلامي في الفكر الأمامي الاثني عشري على: النص والبيعة والشوری.

اما النص: فيعين المؤهلين الذين لهم حق الحكم بالاسم او بالمواصفات واشهرالنصوص قوله تعالى في سورة المائدة الاية 44:«إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ۚ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ۚ ».وهذا النص من اوضح النصوص واشملها في بيان ذلك والربانيون في الاية هي منزلة الأئمة(1).

ص: 27


1- وقد فصلنا البحث في الآية في كتابنا شبهات وردود

اما البيعة: فتمكن المنصوص عليه من النهوض بالحكم فعلا، وسيرة النبي صلي الله عليه و آله والائمة عليهم السلام توضح دور البيعة واهميتها في التمكين والقدرة وليس في تأسيس الحق.

اما الشوری : فهي اسلوب ممارسة الحكم من الحاكم فيما لا نص فيه، وسيرة النبي والامام علي غنية بالشواهد على ذلك.

«إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ۚ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ۚ »المائدة/44.

فالحكم في زمن النبي صلي الله عليه و آله مختص به ومن ياذن له فيه.

وفي زمن اوصیائه عليهم السلام مختص بهم ومن يأذنوا له فيه.

وفي عصر الغيبة مختص بالفقهاء العدول.

ان مسالة اقامة الحدود في عصر الغيبة مسالة فقهية لا ربط بها بغيبة الامام عليه السلام، فلا تتعطل الأحكام عند غيبته نظير وفاة النبي صلي الله عليه و آله، وقد افتى الشيخ المفيد رحمه الله منذ القرن الرابع الهجري انها للقادر من الفقهاء العدول في عصر الغيبة، قال في كتابه المقنعة:

(اما اقامة الحدود فهو إلى سلطان الاسلام المنصوب من قبل الله تعالى، وهم ائمة الهدى من آل محمد صلي الله عليه و آله، ومن نصبوه لذلك من الأمراء والحكام، وقد فوضوا النظر فيه إلى فقهاء شیعتهم مع الامکان... ولهم أن يقضوا بینهم بالحق، ويصلحوا بين المختلفين في الدعاوى عند عدم البينات، ويفعلوا جميع ما جعل الى القضاة في الاسلام لان الائمة عليهم السلام قد فوضوا إليهم ذلك عند تمكنهم منه بما ثبت عنهم فيه من الأخبار، وصح به النقل عند أهل المعرفة به من الآثار)(1).

ص: 28


1- الشيخ المفيد المقنعة ص810

المراحل التاريخية لعمل الأئمة عليهم السلام في مواجهة الفتن والضلالات الأساسية:

أخبر القرآن الكريم بوقوع انقلاب على الاعقاب وفتن وضلالات بعد النبي صلي الله عليه و آله:

«وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ »آل عمران / 144 وقوله «لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ»الإنشقاق/19. واكد النبي صلي الله عليه و آله ذلك باحاديث كثيرة، اختصر في بعضها وفصل في بعضها الآخر، ومما فصل فيه، إخباره صلي الله عليه و آله بانقلاب بني أمية ودولة بني مروان ومدتهم، وانقلاب بني العباس على اهل البيت عليهم السلام وفتنة الدجال في آخر الزمان والسفياني. وقد أكد النبي صلي الله عليه و آله، أن النجاة من هذه الفتن وضلالاتها الناتجة عنها هو التمسك بالقرآن والعترة، ذكرهما مقترنين مرة كما في حديث الثقلين، وذكر أهل بيته عاصمين من الضلالة منفردين أخرى كما في حديث السفينة (مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ور کوب سفينة اهل البيت.

ونحن في دراستنا لواقع الفتن من الناحية التاريخية، ومواجهة أهل البيت عليهم السلام لها وتطويقها وتأصيل خط الهدى، لتبقى معالمه واضحة لمن اراد ان يهتدي بهديهم، نجد: ان حركة الهداية التي اضطلع بها الأئمة الاثنا عشرعليهم السلام، يمكن تقسيمها إلى اربعة مراحل: (1).

المرحلة الأولى: ورجالها علي والحسن عليهما السلام ومعهم الزهراء عليهاالسلام. استهدفت حركتهم الهادية مواجهة انقلاب قريش المسلمة (واثاره المباشرة). وقد توفيت الزهراء المطهرة وهي غاضبة على رجالات الانقلاب، لكي لا يتصور احد ان بإمكانه الاستدلال بشيء من سيرتهم على شيء من مفاهيم الاسلام واحكامه. وفارق علي والحسن عليهما السلام الحياة بعد ان اکملا نشر سنة النبي صلي الله عليه و آله به في المجتمع الاسلامي كله، وحفظا وحدته و وحدة

ص: 29


1- هناك تقسيمات اخرى لمراحل عمل الأئمة، سوف نتناولها ان شاء الله تعالى في دراستنا التفصيلية في هذا الموضوع

السنة النبوية الصحيحة.

المرحلة الثانية: ورجالها الحسين والسجاد والباقر والصادق عليهم السلام. وقد استهدفت مواجهة فتنة بني أمية وآثارها، انتجت حركة الحسين عليه السلام تهديم الامامة الدينية لبني أمية، وإعادة انتشار الأحاديث النبوية التي تدعو الى امامة اهل البيت عليهم السلام في المجتمع من جديد، ثم استطاع من بعده ولده السجاد ثم الباقر والصادق أن ينشروا السنة النبوية بتدوين علي عليه السلام واملاء النبي صلي الله عليه و آله، و تأسیس کیان علمي يحملها للامة رواية وفقها وتاريخا.

المرحلة الثالثة: ورجالها الكاظم والرضا والجواد والهادي والعسكري والمهدي في الغيبة الصغرى عليهم السلام. وقد استهدفت مواجهة فتنة بني العباس واثارها، انتجت تهديم الامامة الدينية لبني العباس، والمحافظة على التأسيس الشيعي الذي بناه الامام الصادق عليه السلام، كوجود في الأمة له محدثوه وفقهاؤه ومراجعة وله عقيدته باثني عشر اماما اخرهم المهدي عليه السلام صاحب الغيبتين.

المرحلة الرابعة: ورجلها المهدي عليه السلام ومعه المسيح عليه السلام بعد ظهوره. لمواجهة فتنة الدجال والسفياني، وتحقيق ما وعد الله تعالى انبياءه، من انتصار الحق في الأرض كلها، ووراثة الصالحين لها.

ص: 30

4.خلاصة بالواقع التاريخي لسيرة النبي صلي الله عليه و آله وعلي والحسن عليهم السلام في أداء وظيفتهم الالهية قبل حركة الحسين

عهد النبوة الخاتمة:

قال تعالى: «هوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ*وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ *ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ*مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ»الجمعة /2-5.

الأميون هم (قریش) ساکنو مكة ومن دان بدينهم من القبائل العربية في الحجاز، ودينهم هو دين ابراهيم، وقد حرف على مراحل، كان أخطرها نصب الأصنام على الكعبة، و تحویل بیت ابراهيم الذي شيد على التوحيد الى بيت عبادة للأصنام، وكان آخر مراحل التحريف لدين ابراهيم هو ما قامت به قريش بعد حادثة الفيل، من ابتداعها بدعة الحمس، وفصلها بين العمرة والحج، وفرضها على الناس أن يحجوا بثياب قریش ليقبل حجهم، وتسموا جميعا باسم (آل الله) بدلا من حصر ذلك في بيت عبد المطلب، الذي اجرى الله تعالى على يده آياته ليميزه بها عن بقية قریش.

ص: 31

و الى جانب الأميين هؤلاء، حرف اليهود من أهل الكتاب، کتاب الله (التوراة) وادخلوا فيه الاساطير، وكذلك حرف المسيحيون (الانجيل)، واتخذ اهل الكتاب (احبارهم ورهبانهم) اربابا من دون الله.

وكذلك القبائل العربية في الحجاز، اتخذت (قريشا) اربابا من دون الله، حين كانوا يشرعون لهم من الدين ما فيه تحريف لشريعة ابراهيم ويقبلون ذلك منهم.

بعث الله تعالى محمدا صلي الله عليهم وانزل عليه القران کتاب هدى، ونسخ به کتب اهل الكتاب، كما هدم به الامامة الدينية لهم ولقریش.

وشاءت حكمة الله أن يجعل القرآن بحاجة إلى شرح و تفصيل «فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ *ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ »قيامة /18-19، وشاءت حكمته تعالى أن يكون النبي صلي الله عليه و آله مصدر البيان «وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ »النحل / 44 وبعبارة أخرى أن يؤخذ تفصيل القرآن وبيانه من سنة النبي (قوله وفعله وتقريره)، وبذلك صار الاسلام عبارة عن كتاب الله وسنة النبي صلي الله عليه و آله.

بلغ النبي صلى الله عليه وآله وسلم (القرآن) و (بيانه) ، وقام المجتمع الاسلامي على اتباع کتاب الله وسنة النبي صلي الله عليه و آله.

وكتب علي عليه السلام بأمر النبي صلي الله عليه و آله كل السنة النبوية المطهرة من خلال لقاءات خاصة بينهما، وجعلها في صحف، لتكون تراثا الهيا للائمة الاثني عشر عليهم السلام نظير تراث آل هارون المذكور في القرآن (1)، وبذلك صار علي عليه السلام والطاهرون من ذريته عليهم السلام المدخل الامين والوحيد الى سنة النبي صلي الله عليه و آله الكاملة صلي الله عليه و آله.، والعدل الوحيد للقرآن لتحقيق الهداية

ص: 32


1- قال تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَىٰ إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ ... وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ... إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ»البقرة /246-248.

التفصيلية التي جاء بها النبي صلي الله عليه و آله، وقد اشار النبي صلي الله عليه و آله إلى ذلك بقوله: (إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله و عترتي اهل بيتي)، وقوله صلي الله عليه و آله: (انا مدينة العلم وعلي بابها)، وقوله صلي الله عليه و آله: (يا علي انت مني بمنزلة هارون من موسی الا انه لا نبي بعدي)، وقوله صلي الله عليه و آله: (يا علي لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق)، وجعل النبي صلي الله عليه و آله ولاية أول اهل بيته علي عليه السلام هي ولايته الى اخر الدنيا حين قال: (من کنت مولاه فعلي مولاه).

وهكذا صار الدین عبارة عن الولاية لله تعالى وللرسول صلي الله عليه و آله ولعلي عليه السلام ثم الائمة من ولده عليهم السلام، وولاية الله عزوجل تعني اتباع کتابه، وولاية الرسول صلي الله عليه و آله و تعني اتباع سنته والاقتداء به، وولاية علي عليه السلام والائمة من ولده عليهم السلام تعني اخذ سنة النبي صلي الله عليه و آله منهم والاقتداء بهم والاحتكام اليهم في زمانهم.

حاربت قريش المشركة بكل قواها دعوة النبي عليه السلام ، وعاونها في ذلك يهود المدينة، واستغلت قريش حروب النبي صلي الله عليه و آله التي كانت دفاعا عن نفسه وعن اصحابه لتشويه صورته لدى القبائل العربية، على انه رجل أساء إلى البيت الحرام وقطع الطرق الآمنة وسفك الدماء، وانها تريد الأمن وخدمة البيت الحرام وخدمة الحجيج، ونجحت قريش في تحشيد عشرة الاف انسان الحرب النبي صلي الله عليه و آله في غزوة الأحزاب المعروفة بغزوة الخندق، وباءت جهودها بالفشل ورجعت تلك الأحلاف والاحزاب منهزمة.

ثم رأى النبي صلي الله عليه و آله بعد فشل قريش في الأحزاب، أن استمرار اسلوب الحرب معها ومع حلفائها لا ينفع، فعدل عنه إلى الصلح، وفاجأ قريشا في ذي القعدة من السنة السادسة للهجرة بقدومه صلي الله عليه و آله، ومعه الف وخمسائة من اصحابه، وقد ساقوا معهم الهدي ليعتمروا ويصالحوا قريشا، ولكن قریش اخذتها حمية الجاهلية، فأصرت على رفض دخوله مكة ذلك العام، وصالحته على الأمان عشر سنين، وعلى ان يرجع تلك السنة ويعتمر العام القادم، وبذلك افتضحت قريش عند القبائل بكونها هي التي تصد عن البيت الحرام وليس النبي صلي الله عليه و آله، وانتشر الاسلام في قبائل الجزيرة العربية، وبلغ عدد المسلمين

ص: 33

خلال سنتين ونصف عشرة الاف، تم غدرت قریش بشروط الصلح، وفاجاها النبي صلي الله عليه و آله بجيش قوامه عشرة الاف مسلم ونصر الله تعالى نبيه ودخلت قریش الاسلام وهي راغمة.

عهد خلافة قريش المسلمة:

خططت قريش المسلمة للالتفاف على الاسلام واحتوائه بعد النبي صلي الله عليه و آله تحت شعار (حسبنا کتاب الله) في حياة النبي صلي الله عليه و آله من اجل فصل الكتاب عن السنة، ونجحت في استلاب السلطة من صاحبها الشرعي الامام علي عليه السلام، «وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ»آل عمران/144، وفرضت على المسلمين أن تكون الامامة الدينية والسياسية في رجالات قریش وليست في اهل البيت عليهم السلام، واعادت الأمر جاهلية باسم الاسلام وقال رجالاتها في السقيفة (ان العرب لا ترضى ان يكون هذا الأمر في غير قریش) ثم فرضت بيعة أبي بكر ثم عمر ثم عثمان بالقوة (1)، وكانت سياستهم هي أن تتداول بطون قریش وقبائلها الامامة الدينية

ص: 34


1- روى البخاري بسنده عن عمر بن الخطاب وهو يتحدث عن مجريات الأمور في السقيفة قال: فكثراللغط وارتفعت الأصوات، حتى فرقت من الاختلاف، فقلت ابسط يدك يا أبا بكر، فبسط يده، فبايعته وبايعه المهاجرون، ثم بايعته الانصار. ونزونا على سعد بن عبادة. فقال قائل منهم: قتلتم سعد بن عبادة، فقلت قتل الله سعد بن عبادة. وروى الطبري في تاريخه 224/4 عن عمر بن شبة بسنده عن عمر بن میمون: قال عمر لابي طلحة الأنصاري اختر خمسين رجلا من الأنصار، فاجمع هؤلاء الرهط في بيت حتى يختاروا رجلا منهم، فان اجتمع خمسة ورضوا رجلا وأبي واحد فاشدخ رأسه، وان اتفق أربعة فرضوا رجلا منهم وأبي اثنان فاضرب رؤوسهما،فان رضي ثلاثة رجلا منهم وثلاثة رجلا منهم فحكموا عبد الله بن عمر، فأي الفريقين حكم له فليختاروا رجلا منهم، فان لم يرضوا بحكم عبد الله بن عمر فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف واقتلوا الباقين ان رغبوا عما اجتمع عليه الناس (و في طبقات بن سعد بسنده عن سماك أن عمر قال: للانصار ادخلوهم بيتا ثلاثة ایام فان استقاموا والا فأدخلوا عليهم فاضربوا أعناقهم (ج3:342)، وفي انساب الاشراف للبلاذري 4:503 قال عمر: ليتبع الاقل الأكثر، فمن خالفكم فاضربوا عنقه، ومثله في كنز العمال681:12 ). وقال عبد الرحمن لعلي: بایع وإلا ضربت عنقك، انساب الاشراف ج 508:4 واللفظ في صحيح البخاري ج 9:98(فلا تجعل على نفسك سبيلا)

والسياسية ويمنعونها بني هاشم (1).

رفع الخلفاء القرشيون الثلاثة شعار (حسبنا کتاب الله)، وان العرب لا ترضى ان يكون هذا الأمر في غير قريش، في قبال شعار النبي صلي الله عليه و آله (اني تارك فيكم كتاب الله وعترتي اهل بيتي)، واجتهد الخلفاء القرشيون الثلاثة بامور خالفوا فيها سنة النبي صلي الله عليه و آله وكان من اكثر اجتهاداتهم ضررا على الاسلام والمسلمين منعهم نشر حديث النبي صلي الله عليه و آله و تفسير القرآن واحراقهم مدونات الصحابة في الحديث، وفسح المجال العلماء أهل الكتاب الذين أسلموا من نشر اساطيرهم بين المسلمين باسم الاسلام، و كان من ابرز مخالفاتهم السنة النبيه صلي الله عليه و آله بعد نكثهم وصيته صلي اللهه عليه و آله في علي عليه السلام هوتحريمهم متعة الحج، وفي ضوء هذه الاجتهادات الخاطئة فتحت البلاد شرقا وغربا و تعلم اهل البلاد المفتوحة الاسلام على

ص: 35


1- قال الطبري حدثني ابن حميد قال: حدثنا سلمة عن محمد بن إسحاق، عن رجل عن عكرمة عن ابن عباس قال: بينما عمر بن الخطاب وبعض أصحابه يتذاكرون الشعر، فقال بعضهم: فلان أشعر، وقال بعضهم: بل فلان أشعر قال: فأقبلت، فقال عمر: قد جاءكم أعلم الناس بها، فقال عمر: من شاعر الشعراء یا بن عباس؟ قال: فقلت: زهير بن أبي سلمى فقال عمر: هلم من شعره ما نستدل به على ما ذكرت، فقلت: أمتدح قوما من بني عبد الله بن غطفان، فقال: لو كان يقعد فوق الشمس من كرم*** قوم بأولهم أو مجدهم قعدوا قوم أبوهم سنان حين تنسبهم ***طابوا وطاب من الأولاد ما ولدوا إنس إذا أمنوا ، جن إذا فزعوا*** مرزون بها ليل إذا حشدوا محسدون على ما كان من نعم*** لا ينزع الله منهم ماله حسدوا فقال عمر: أحسن، وما أعلم أحدا أولى بهذا الشعر من هذا الحي من بني هاشم لفضل رسول الله وقرابتهم منه، فقلت: وفقت يا أمير المؤمنين، ولم تزل موفقا. فقال: يا ابن عباس أتدري ما منع قومكم منهم بعد محمد، فكرهت أن أجيبه، فقلت: إن لم أكن أدري فأميرالمؤمنين يدريني. فقال عمر: کرهوا أن يجمعوا لكم النبوة والخلافة، فتبجحوا على قومكم بجحا بجحا، فاختارت قریش لأنفسها فأصابت ووفقت.الطبري في ج222/4-224)

انه ولاء لله وللخليفة من قريش، وان الدين هو كتاب الله وما شرعه الخليفة القرشي، ومن هنا عرض عبد الرحمن بن عوف على علي عليه السلام أن يبايعه على كتاب الله والعمل بسيرة الشيخين، ورفض علي عليه السلام ذلك قائلا: أن سيرة النبي صلي الله عليه و آله لاتحتاج الى اجيري (1) احد، و بویع عثمان على ذلك (2). وهكذا عاش الناس خمسا وعشرين سنة بعد النبي صلي الله عليه و آله في جاهلية وضلالة مقنعة باسم الاسلام.

خالف عثمان سيرة الشيخين في قضية الولايات، حيث آثر اقاربه بها، فقد بدأ عهده باستقدام عمه الحكم والد مروان، وكان النبي صلي الله عليه و آله قد نفاه الى الطائف، ثم جعل مروان بن الحكم (3) کاتبه الخاص بعد ان زوجه ابنته، ثم عزل سعد بن أبي وقاص عن الكوفة سنة

ص: 36


1- الاجيري بالكسر والتشديد العادة. انظر تاج العروس مادة (اجر)
2- قال اليعقوبي في تاريخه ج 2 ص 162: وكان عبد الرحمن بن عوف الزهري، لما توفي عمر، واجتمعوا للشوری، سألهم أن يخرج نفسه منها على أن يختار منهم رجلا، ففعلوا ذلك، فأقام ثلاثة أيام، وخلا بعلی بن أبي طالب، فقال: لنا الله عليك، إن وليت هذا الأمر، أن تسير فينا بكتاب الله وسنة نبيه وسيرة أبي بكر وعمر، فقال: أسير فيكم بكتاب الله وسنة نبيه ما استطعت. فخلا بعثمان فقال له: لنا الله عليك، إن وليت هذا الأمر، أن تسير فينا بكتاب الله وسنة نبيه وسيرة أبي بكر وعمر. فقال: لكم أن أسير فيكم بكتاب الله وسنة نبيه وسيرة أبي بكر وعمر، ثم خلا بعلي فقال له مثل مقالته الأولى، فأجابه مثل الجواب الاول، ثم خلا بعثمان فقال له مثل المقالة الأولى، فأجابه مثل ما كان أجابه، ثم خلا بعلي فقال له مثل المقالة الأولى، فقال: إن كتاب الله وسنة نبيه لا يحتاج معهما إلى إجيري أحد. أنت مجتهد أن تزوي هذا الأمر عني. فخلا بعثمان فأعاد عليه القول، فأجابه بذلك الجواب، وصفق على يده
3- قال ابن حجر: مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس، وهو ابن عم عثمان و کاتبه في خلافته، يقال ولد بعد الهجرة بسنتين، وقيل: بأربع، وقال ابن شاهين: مات النبي صلى الله عليه و آله وسلم وهو ابن ثمان سنين، فيكون مولده بعد الهجرة بسنتين. و كان مع أبيه بالطائف إلى أن اذن عثمان للحكم في الرجوع إلى المدينة فرجع مع أبيه، ثم كان من أسباب قتل عثمان، ثم شهد الجمل مع عائشة، ثم صفين مع معاوية، ثم ولي إمرة المدينة لمعاوية، ثم لم يزل بها إلى أن أخرجهم ابن الزبير في أوائل إمرة یزید بن معاوية، فكان ذلك من أسباب وقعة الحرة، وبقي بالشام إلى أن مات معاوية بن يزيد بن معاوية فبايعه بعض أهل الشام في قصة طويلة ثم كانت الوقعة بينه وبين الضحاك بن قيس، وكان أميرا لابن الزبير، فانتصر مروان وقتل الضحاك واستوثق له ملك الشام، ثم توجه إلى مصر، فاستولى عليها،ثم بغته الموت، فعهد إلى ولده عبد الملك. وفي التعديل والتجريح للحافظ الباجي ج 2 ص 804 قال: عمروبن علي: بويع مروان بن الحكم وهو بن إحدى وستين سنة، في النصف من ذي القعدة سنة أربع وستین، فعاش خليفة تسعة أشهر وثماني عشرة ليلة، ومات الثلاث خلون من رمضان سنة خمس وستين

25 هجرية وعين أخاه لأمه الولید بن عقبة الفاسق بنص القرآن، وفي سنة 26 هجرية جمع الشام كلها لمعاوية، وفي سنة 27 هجرية جمع مصر كلها لأخيه من الرضاعة عبد الله بن سعد بن أبي سرح، و كان النبي صلي الله عليه و آله قد أهدر دمه في فتح مكة وأجاره عثمان، وفيها أيضا عزل أبا موسى الأشعري عن البصرة وولى مكانه عبد الله بن عامر بن کریز بن حبيب بن عبد شمس وهو ابن أربع وعشرين سنة وضم اليه ولاية فارس. وبسبب ذلك شاع التذمر في قريش وصار المتذمرون وهم عبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير وعمرو بن العاص وعائشة حزبا، وعثمان ومعه بنو أبيه بنو أمية حزبا، وتعاظم الخلاف بين الحزبين القرشيين سنة 28 هجرية حين اعلن عبد الرحمن بن عوف المرشح الاكيد لخلافة عثمان قطيعته لعثمان، وبدأ الخصوم یذکرون من سيرة النبي صلي الله عليه و آله واحاديثه ما يضعفون به جانب عثمان وبني أمية، وبذلك انكسرت سیاسة منع الحديث وضعفت سيطرة السلطة.

حركة علي عليه السلام لإحياء السنة النبوية:

في مثل هذا الظرف السياسي قرر علي عليه السلام البدء بحركته الاحيائية لسنة النبي صلي الله عليه و آله في المجتمع، وأعلن عن عزمه الحج تلك السنة، ولبى بحج التمتع الذي أمر به النبي وحرمته الخلافة القرشية،(1) وأوعز الى اصحاب النبي صلي الله عليه و آله الذين على رأيه وهم ابوذر وعمار

ص: 37


1- روی مالك في الموطأ: «ان المقداد بن الاسود دخل على عليه السلام بالسقيا وهوينجع بكرات له دقیقا وخبطا، فقال: هذا عثمان بن عفان ينهي ان يقرن بين الحج والعمرة، فخرج علي عليه السلام وعلى يديه اثر الدقيق والخبط، فما أنسى اثر الدقيق والخبط على ذراعيه، حتى دخل على عثمان، فقال: أنت تنهی عن ان يقرن بين الحج والعمرة؟ ! فقال عثمان: ذلك رأيي، فخرج علي عليه السلام مغضبا وهو يقول: لبيك اللهم لبيك بحجة وعمرة معا ».وفي سنن النسائي ومستدرك الصحيحين ومسند احمد واللفظ للاول عن سعيد بن المسيب قال: «حج علي وعثمان، فلما كنا ببعض الطريق نهی عثمان عن التمتع، فقال علي: إذا رأيته ارتحل فارتحلوا فلبي علي وأصحابه بالعمرة... ».قال الامام السندي بهامشه: «قال (إذا رأيتموه قد ارتحل فارتحلوا) أي ارتحلوا معه ملبين بالعمرة ليعلم أنكم قدمتم السنة على قوله، وانه لا طاعة له في مقابل السنة ».وفي صحيح البخاري وسنن النسائي وسنن الدارمي وسنن البيهقي و مسند احمد ومسند الطيالسي وغيرها عن علي بن الحسين (عليهما السلام) عن مروان بن الحكم قال: «شهدت عثمان وعليا وعثمان ينهى عن المتعة وان يجمع بينهما فلما رأى علي أهل بهما لبيك بعمرة وحجة معا قال: ما كنت لادع سنة النبي صلي الله عليه و آله لقول أحد ».وفي لفظ النسائي: «فقال عثمان: أتفعلها وأنا أنهی عنها؟ فقال علي: لم اكن لادع سنة رسول الله لاحد من الناس ».انظر تفصيل المصادر في كتابنا شبهات وردود ط 214/4-224بحث متعة الحج

ومقداد و نظراؤهم ان يبدءوا نشر الحديث النبوي ويعرفوا الناس بمفتاح العلم والهداية بعد النبي وهم اهل بیته.

انتهى الانشقاق الداخلي لقريش بنجاح طرف عائشة وطلحة في التحريض على عثمان، ثم نجاحهم في قتل عثمان، وكانوا يترقبون ان يتجه الناس إلى طلحة ليبايعوه، غير انهم فوجئوا أن الناس اتجهوا إلى علي يقودهم عمار وابو الهيثم بن التيهان وابي سعيد الخدري وغيرهم من الصحابة الأنصار، ومعهم مالك الأشتر و نظراؤه من التابعين، واصروا على علي عليه السلام ان يبايعوه.

وقام علي عليه السلام بواجبه کوصي للنبي صلي الله عليه و آله، وإمام هدی بامر الله تعالى، وشاهد الهي على الناس، مسؤول عن حفظ الرسالة ونشرها في المجتمع خير قيام، حين نهض بالامر بعد قتل عثمان وبيعة الأمة له، فأكمل عمله الذي بدأه في أخريات عهد عثمان، اکمل نشر سنة النبي صلي الله عليه و آله وإحياء العمل بها، ولحث على تدوينها، ولمنع من التحديث بالاساطير الإسرائيلية، وتثقف الناس ثقافة اسلامية صحيحة، ولم تطب قریش بذلك نفسا فنکثت بيعة علي، وعملت على تفريق الأمة وتصدى لذلك وجوه قریش آنذاك، وهم عائشة وطلحة والزبير ومعاوية، وحاربوه في البصرة في الحرب المعروفة بحرب الجمل، ولما انكسروا فيها التفوا حول معاوية في الشام وحاربه في صفين، ثم وقعت الفتنة

ص: 38

في جيش علي عليه السلام وتجمهر الاوفياء لسنن عمر في العبادة وغيرها (1). فحاربوه في

النهروان.

استطاع معاوية أن يطوق نهضة علي عليه السلام، وحصرت عملية احياء سنة النبي صلي الله عليه و آله ونشرها بين اهل البلاد المفتوحة في الجانب الشرقي من البلاد الاسلامية وصارت الكوفة مرکز تلك النهضة الاحيائية لسنة النبي صلي الله عليه و آله والعمل بها،

ص: 39


1- افتتن قسم من المسلمين الذين في جيش علي عليه السلام بعد ان رفع معاوية واصحابه القرآن داعين إلى الاحتكام اليه، وانطلت عليهم حيلة معاوية وعمرو بن العاص، وهذا القسم كان قد تعود على السنن التي أجراها عمر وخالف فيها الرسول، ولم يستجيبوا للتصحيح الذي قاده علي عليه السلام في احياء السنة النبوية، وقد روي لنا الكليني في الكافي ج59/8 قطعة من كلام علي يتحدث عن هؤلاء: (قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول الله صلي الله عليه و آله متعمدين لخلافه، ناقضين لعهده، مغيرين لسنته، ولوحملت الناس على تركها وحولتها إلى مواضعها وإلى ما كانت في عهد رسول الله صلي الله عليه و آله لتفرق عني جندي حتى أبقى وحدي أو قليل من شيعتي الذين عرفوا فضلي وفرض إمامتي من كتاب الله عزوجل وسنة رسول الله صلي الله عليه و آله، أرأيتم لو أمرت بمقام إبراهيم عليه السلام فرددته إلى الموضع الذي وضعه فيه رسول الله صلي الله عليه و آله، ورددت فدك إلى ورثة فاطمة عليها السلام ورددت صاع رسول صلي الله عليه و آله كما كان...، ورددت دار جعفر إلى ورثته، وهدمتها من المسجد، ورددت قضايا من الجور قضي بها، ونزعت نساء تحت رجال بغير حق فرددتهن إلى أزواجهن، واستقبلت بهن الحكم في الفروج والارحام.. ومحوت دواوین العطايا وأعطيت كما كان رسول الله صلي الله عليه و آله يعطي بالسوية ولم أجعلها دولة بين الأغنياء... وسويت بين المناكح وأنفذت خمس الرسول كما أنزل الله عز وجل وفرضه، ورددت مسجد رسول صلي الله عليه و آله إلى ما كان عليه، وسددت ما فتح فيه من الأبواب، وفتحت ما سد منه، وحرمت المسح على الخفين، وحددت على النبيذ، وأمرت باحلال المتعتين (وأمرت بالتكبير على الجنائز خمس، تکبیرات وألزمت الناس الجهر ببسم الله الرحمن الرحیم...، وحملت الناس على حكم القرآن وعلى الطلاق على السنة، وأخذت الصدقات على أصنافها وحدودها، ورددت الوضوء والغسل والصلاة إلى مواقيتها وشرائعها ومواضعها،... إذا لتفرقوا عني، والله لقد أمرت الناس أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلا في فريضةوأعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل بدعة فتنادي بعض أهل عسکري ممن يقاتل معي: يا أهل الاسلام غيرت سنة عمر، ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوعا، ولقد خفت أن يثوروا في ناحية جانب عسکري ما لقيت من هذه الأمة...). اقول: كلامه عليه السلام في أواسط خلافته قبل قصة النهروان

اما الجانب الغربي من البلاد الاسلامية فقد بقيت منغلقة على هذه النهضة، وتبنت الشام محاربة علي والكيد له، ومحاربة الأحاديث النبوية الصحيحة، وشوه معاوية عن طريق الاخبار الكاذبة صورة علي لدى الشاميين، وصوره لهم شخصا مجرما بحق الاسلام، وان دم عثمان بعهدته، وسوغ لهم لعنه ومحاربته، نظير ما فعلت قريش المشركة مع النبي صلي الله عليه و آله لما هاجر إلى المدينة. وصار يشن الغارات على اطراف بلاد علي عليه السلام لسلب الأموال وارعاب الناس ليطوق تجربة علي عليه السلام الاحيائية للسنة النبوية، ويحدها من الانتشار، واستشهد علي وهويعبئ الناس لخوض معركة جديدة مع معاوية.

صلح الحسن عليه السلام لحفظ وحدة القبلة وتثقيف اهل الشام بالسنة:

بایع اهل العراق الحسن عليه السلام تبعا للنصوص النبوية الواردة في حق أهل البيت عليهم السلام التي تعينهم ائمة هدى وحجج الهيين بعد النبي صلي الله عليه و آله التي أحبی نشرها علي عليه السلام، (و كانت حکومته مشروعة لان بيعة الأمة وقعت في محلها الشرعي، وبايع أهل الشام معاوية ولم تكن بيعة مشروعة لانها.)

انقسمت الأمة بذلك إلى كيانين سياسيين احدهما: کیان سیاسي عراقي يرأسه الحسن عليه السلام الموصول بكتاب الله وسنة نبيه وهو عازم على مواصلة مسيرة ابيه في احياء السنة النبوية والعمل بها ونشرها بين المسلمين،

وثانيهما: کیان سیاسي شامي يرأسه معاوية الموصول بسيرة أبي بكر وعمر وعثمان وهو عازم على احيائها من جديد.

عرض معاوية الصلح على الحسن عليه السلام لحقن الدماء، وان يبقى كل طرف على لبلاد التي بايعته واقتنعت به،

وكان الحسن عليه السلام أمام هذا العرض بين احراجين:

فهوان رفض اطروحة الصلح يكون قد سجل على نفسه أمام الشاميين مخالفة لقوله تعالى «أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ

ص: 40

وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ...وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا»الأنفال/60-61، ويكون بذلك قد امدهم بمبرر قوي لحربه،

وهو إن اقر اطروحة معاوية في الصلح يكون قد كرس جهل أهل الشام بالاحادیث النبوية في حق علي عليه السلام وجهلهم بسيرته التي هي سيرة رسول الله صلي الله عليه و آله، مضافا إلى ذلك فان اطروحة معاوية في الصلح تستبطن اجراءا سوف يتخذه معاوية مستقبلا يقضي بمنع اهل الشام من الذهاب الى مكة، حتى لا يختلطوا بالعراقيين ويتعلموا منهم احادیث النبي في حق علي عليه السلام ، ولا يتعرفوا على سيرته المشرقة، وهذه الخطوة سوف تجر إلى تبني القبلة الأولى (بيت القدس) في قبال مكة، وحذف آیات نسخها من القرآن، وبذلك تعدد القبلة ويتعدد الكتاب، و كذلك تجر الى امور اخرى، (1).

ومن هنا قدم الحسن عليه السلام اطروحة جديدة للصلح، تستند إلى اطروحة جده النبي صلي الله عليه و آله في صلحه مع قريش، مع تطوير يناسب المقام ويحقق الأهداف كاملة، وتمثلت هذه الأطروحة الحسنية بان يسلم الأمر كله لمعاوية لقاء شروط يصوغها الحسن عليه السلام وفوجئ معاوية بهذه الأطروحة وطار لها فرحا، لم يكن يصدق ذلك.

ارسل معاوية للحسن عليه السلام الصحيفة بيضاء موقعة من طرفه یکتب شروطه عليها،

وكان من هذه الشروط: أن يكون الأمر للحسن عليه السلام بعد معاوية،

ومنها: ان يترك لعن علي عليه السلام ،

ومنها: ان يسير معاوية بالكتاب والسنة،

ومنها: امان كل شيعة علي.

وغير ذلك،

وحاول معاوية أن يستثني عشرة من شيعة علي من الأمان، ولكن الحسن عليه السلام رفض

ص: 41


1- من قبيل الاقتتال فيما بينهم، ثم طمع الروم فيهم وزوال الدولة الاسلامية مبكرا

ذلك، واستجاب معاوية اخيرا للشروط، واتضح لاهل الشام جليا أن معاوية كان يقاتل على الملك، وليس من اجل دم عثمان، بدليل انه لما عرض عليه الملك بشرط امان الناس كلهم بما فيهم من هو متهم من قبل الاعلام الاموي في دم عثمان رضي به بل طار له فرحا(1).

عاشت الامة عشر سنوات من الصلح سنوات أمان تام، وتحرك اصحاب علي عليه السلام من العراقيين ينشرون سنة النبي صلي الله عليه و آله، واختلطوا باهل الشام في موسم الحج والعمرة، ومن خلال الوفود الى الشام نفسها،

وانتشرت احاديث النبي صلي الله عليه و آله في علي عليه السلام، وعرف الشاميون موقعه في الاسلام، وعرفوا سيرته المشرقة المتطابقة مع سيرة النبي صلي الله عليه و آله، وأحب الناس جميعا الحسن عليه السلام لما حقق لهم من الأمان ولما رأوا من أخلاقه وعبادته وعلمه من خلال موسم الحج الذي احياه بالحج ماشيا عشر سنوات بعد الصلح (2) ومن خلال سفراته إلى الشام، وادرك الناس بعمق كلمة النبي صلي الله عليه و آله في حق الحسن عليه السلام حين قال: ان ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين(3).

ضلالة بني أمية:

لم يرق لمعاوية أن يموت ويترك الأمور ممهدة للحسن بن علي عليهما السلام، الذي برزته الاحداث اعظم مصلح في الأمة، ثم يستمر الأمر من بعده للحسين بن علي عليهما السلام والائمة من ذريته عليهم السلام شهداء على الناس وائمة هدى يقودون الناس إلى الله تعالى، وخطط

ص: 42


1- روی آن معاوية حج سنة 44 ولما دخل المدينة وزار بیت عثمان استقبلته عائشة بنت عثمان صائحة واعثماناه...
2- يذكر المترجمون للحسن عليه السلام انه حج خمسا وعشرين حجا ماشيا علي قدميه، فتكون هذه في السنوات الماضية من حياته عليه السلام
3- اوردتها كتب الصحاح والمسانید

معاوية ليستولي على الأمور، وليكون هوونسله اولى بالنبي صلي الله عليه و آله وبدين ابراهيم، وان يعرضوا انفسهم على الناس انهم ائمة الهدى، وخلفاء الله وشفعاؤه في خلقه، وان يعرض عليا عليه السلام واهل بيته عليهم السلام ملحدين في الدين استوجبوا اللعنة والبراءة على لسان النبي صلي الله عليه و آله وبذلك يثأر لأسلافه الذين قتلوا في معركة بدر على الشرك، ويحقق ما لم يخطر على بال امه هند من صور الانتقام.

كانت العقبة الكؤود امام هذا المخطط الرهيب هو وجود الحسن عليه السلام، ومحبة الناس له، والكوفة قلعة الولاء لعلي عليه السلام، والاحاديث النبوية الصحيحة في حق علي واهل بیته عليهم السلام ، و تاریخ بني أمية في حرب النبي صلي الله عليه و آله ومخالفات الخلفاء السابقين لسنة النبي صلي الله عليه و آله التي انتشرت اخبارها بين المسلمين جميعا.

كانت ركائز خطة معاوية هي:

اغتيال الحسن عليه السلام بالسم.

المنع من رواية فضائل علي واهل بيته عليهم السلام.

وضع احادیث تطعن بعلي عليه السلام وتشوه سيرته وتسوغ لعنه والبراءة منه.

وضع احاديث في فضائل معاوية والخلفاء السابقين توجب الولاء لهم والتقرب بهم إلى الله تعالى والطاعة المطلقة لهم.

قتل وجوه اصحاب علي باعتبارهم سيقفون معارضين لتلك السياسة، وتفريغ الكوفة من شيعة علي باشغالهم بالفتوح، وتحويل الكوفة إلى بلد مطيع لبني أمية. وجد معاوية وصرف كل قدراته في تنفيذ تلك الخطوات.

شهد الحسين عليه السلام نقض معاوية لشروط الحسن عليه السلام بعد وفاته، وحركته التحريفية التي استهدفت (تفريغ) الاسلام من محتواه المحمدي الأصيل، الذي يقوم على الولاء لله ولرسوله ولعلي والأئمة عليهم السلام من ولده بصفتهم اولى بالنبي صلي الله عليه و آله وبدین ابراهیم، و(استبداله) بمحتوی اموي يقوم على البراءة من علي عليه السلام ، ولعنه بصفته ملحدا في الدين،

ص: 43

ثم الولاء لبني أمية بصفتهم أولى بالنبي صلي الله عليه و آله وبدين إبراهيم عليه السلام، وانهم ائمة هدي وانهم خلفاء الله وشفعاؤه في خلقه.

جدد وجوه الكوفيين العهد مع الحسين عليه السلام بعد وفاة الحسن عليه السلام وعرضوا عليه النهوض في وجه معاوية لنقضه الشروط، أجابهم الحسين عليه السلام أن رأيه ان يكونوا احلاس بيوتهم ريثما يموت معاوية (1) وطلب منهم العمل سرا على مواصلة نشر الحديث النبوي الصحيح، وتكررت لقاءاتهم مع الحسين عليه السلام

لاخذ التوجيه منه وكان اخر لقاء له معهم هو قبل موت معاوية بسنة، حيث جمعهم في مؤتمر سري تدارس فيه معهم الخطة بعد موت معاوية.

عين معاوية ولده يزيد خليفة من بعده، واخذ البيعة له من الناس وحاول اخذ البيعة له من وجوه كان يخشى أن لا تبایعه بعده منها الحسين عليه السلام وعبد الله بن الزبير وغيرهما ولم ينجح معهم.

المعركة حول الهداية:

يتضح من ذلك أن المعركة الاساسية بين الحسين عليه السلام وبين يزيد لم تكن معركة حول السلطة بل كانت حول الهداية، نظير المعركة بين النبي صلي الله عليه و آله وقريش لما بعث في مكة، حيث

ص: 44


1- روى اليعقوبي في تاريخه قال: ولما توفي الحسن وبلغ الشيعة ذلك، اجتمعوا بالكوفة في دار سلیمان بن صرد، وفيهم بنو جعدة بن هبيرة، فكتبوا إلى الحسين بن علي يعزونه على مصابه بالحسن: (بسم الله الرحمن الرحيم، للحسين بن علي من شيعته وشيعة أبيه أمير المؤمنين، سلام عليك، فإنا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فقد بلغنا وفاة الحسن بن علي... ما أعظم ما أصيب به هذه الأمة عامة، وأنت وهذه الشيعة خاصة بهلاك ابن الوصي وابن بنت النبي، علم الهدى، ونور البلاد المرجو لاقامة الدين، وإعادة سير الصالحين، فاصبر رحمك الله... فإن فيك خلفا ممن كان قبلك، وإن الله يؤتي رشده من يهدى بهديك، ونحن شيعتك المصابة بمصيبتك، المحزونة بحزنك، المسرورة بسرورك، السائرة بسيرتك، المنتظرة لامرك، شرح الله صدرك، ورفع ذكرك، وأعظم أجرك، وغفر ذنبك، ورد عليك حقك)

كانت قريش بعد وفاة عبد المطلب /بعد ان ميزه الله تعالى بقصة الفيل وابرزه اولى بابراهيم ودينه /قد عرضت نفسها على انها أولى الناس بمقام ابراهیم وبدينه، ومن ثم يتعين على الناس اخذ احكام الحج من قريش، وخضعت الناس لقريش في ذلك حتى بعث الله تعالی محمدا صلي الله عليه و آله ومیز بني هاشم على غيرهم مرة اخرى.

وهي ايضا نظير المعركة بين موسى وفرعون في مصر، معركة حول التوحيد وليست حول السلطة، فقد عرض فرعون نفسه على انه خليفة الله وشفيعه والهادي إلى دينه ورضاه في قبال آل يعقوب، واستضعف ذرية يعقوب لاجل عدم خضوعهم له في ذلك، وبعث الله تعالى موسى ليميز آل يعقوب من جديد ولينقذهم من العذاب المهين يفتح الطريق لامامتهم الهادية.

وكذلك المعركة الاساسية بين علي عليه السلام والخلفاء القرشيين الثلاثة فقد كانت حول الهداية وليس حول السلطة، علي يرفض بيعة أبي بكر ولووجد اربعین ذوي عزم لجاهد وكذلك ليس لأجل الملك بل لاجل حفظ رسالة النبي صلي الله عليه و آله من أن تعبث بها قريش المسلمة قريش التي جعلت من سيرة ابي بكر وعمر في عداد كتاب الله وسيرة النبي صلي الله عليه و آله وقد رفض علي ان يبايع ويصبح حاكما على اساس ذلك، ولما وجد الانصار نهض وقاتل كما فعل النبي صلي الله عليه و آله. وانتشرت سنة النبي صلي الله عليه و آله من جديد في الجيل الذي حرم منها ولولا علي عليه السلام لم تنتشر.

وكذلك المعركة بين معاوية والحسن عليه السلام لم تكن حول السلطة، بمعنى أن الحسن عليه السلام لم يصالح معاوية من اجل ان يرجع اليه الملك، وان كان هذا الملك من حقه، ولكنه صالح حتى يعالج انشقاق معاوية الذي كان يستبطن تحريف الدين، إذ لولا الصلح لتعددت القبلة وتعدد الكتاب.

وكذلك الأمر بين الحسين عليه السلام ومعاوية ويزيد، لم يكن رفض البيعة من الحسين عليه السلام ثم اخذ البيعة من أهل الكوفة لاجل الملك، كما فعل ابن الزبير حين رفض بيعة يزيد

ص: 45

واخذ البيعة من أهل مكة لاجل الملك بل رفض الحسين عليه السلام البيعة ليزيد وقال (لولم يكن الي ملجأ لما بایعت یزید) لان البيعة ليزيد تعني السكوت عن اخطر عملية تحريف للسنة النبوية (حيث تجعل من علي عليه السلام رمزا للالحاد في الاسلام والانحراف عنه ويكون لعنه من افضل القربات عند الله)، (ويجعل من الخليفة الأموي رمزا للهداية وتكون طاعته من افضل الطاعات)، وبقي الحسين عليه السلام على موقفه حتى حين حوصر وفصل بينه وبين انصاره، وهذا النوع من الانحراف لم يكن حتى زمن الخلفاء الثلاثة.

وفيما يلي تفصيل جهود معاوية في تحريف سنة النبي صلي الله عليه و آله وجهود الحسين عليه السلام الانقاذها. والتأييد الالهي الذي حظيت به حركة الحسين.

ص: 46

باب الثاني : الانقلاب الأموي

الفصل الأول : معاوية ينقض عهده مع الحسن عليه السلام

اشارة

الفصل الثاني : خطة معاوية لتصفية التشيع في الكوفة

الفصل الثالث : مقتل حجر بن عدي وأصحابه رضوان الله عليهم

الفصل الرابع : أطروحة معاوية للحكم

ص: 47

ص: 48

الفصل الأول : معاوية ينقض عهده مع الحسن عليه السلام

بنو أمية في حديث النبي صلي الله عليه و آله:

وقال تعالى: «وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ ۚ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ۚ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا»الإسراء/ 60.

قال السيوطي:

أخرج ابن جرير عن سهل بن سعد قال: رأى رسول الله صلي الله عليه و آله بني فلان ينزون على منبره نزو(1). القردة، فساءه ذلك، فما استجمع ضاحكا حتى مات، وأنزل الله «وَمَا جَعَلْنَا الرؤيا التى أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ».

وأخرج ابن أبي حاتم عن يعلى بن مرة قال قال رسول الله صلي الله عليه و آله: رأيت بني أمية على منابر الارض، وسيتملكونكم، فتجدونهم أرباب سوء، واهتم رسول الله لذلك، فانزل الله «وَمَا جَعَلْنَا الرؤيا التى أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ».

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن سعید بن المسيب قال: رأى رسول الله صلي الله عليه و آله بني أمية على المنابر فساءه ذلك، فاوحى الله انما هي دنيا

ص: 49


1- النزو: الوثوب، ينزون على منبره: أي يصعدون عليه

أعطوها، فقرت عينه، وهي قوله «وَمَا جَعَلْنَا الرؤيا التى أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ»يعني بلاء للناس.

وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لمروان بن الحكم: سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله يقول لابيك وجدك انكم الشجرة الملعونة في القرآن.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلي الله عليه و آله قال: رأيت ولد الحكم بن أبي العاص على المنابر كأنهم القردة، وأنزل الله في ذلك «وَ مَاجَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرآنِ»، يعني الحكم وولده(1).

وقال السيوطي ايضا:

أخرج الخطيب في تاريخه عن ابن عباس قال: رأى رسول الله صلي الله عليه و آله بني أمية على منبره، فساءه ذلك، فاوحى الله إليه انما هو ملك يصيبونه ونزلت «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ *لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ»القدر /1-3 واخرج مثله عن ابن المسيب.

وأخرج الترمذي وضعفه وابن جرير والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن يوسف بن مازن الرؤاسي قال: قام رجل إلى الحسن بن علي عليه السلام بعدما بایع معاوية، فقال: سودت وجوه المؤمنين، فقال: لا تؤنبني رحمك الله فإن النبي صلي الله عليه و آله رأي بني أمية يخطبون على منبره فساءه ذلك، فنزلت «إنَّا أعطَيناكَ الكَوثَرَ»یا محمد، ونزلت «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ *لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ»القدر /1-3، يملكها بعدك بنو أمية يا محمد(2).

ص: 50


1- الدر المنثور جلد 191/4
2- جامع الترمذي 444/5، المعجم الكبير 89/3

قال الحاكم هذا إسناد صحيح، وهذا القائل للحسن بن علي هذا القول هوسفیان بن الليل صاحب أبيه (1).

أقول:

من الجدير ذكره، أننا إذا حسبنا ملك بني أمية من سنة الصلح الذي تم بين الحسن عليه السلام ومعاوية يكون مجموع الاشهر الفا واثنين وتسعين شهرا. واذا حسبناها من بعد وفاة الحسن عليه السلام وقد توفي آخر سنة 49 يكون مجموع الاشهر تسع مائة وست وتسعون شهرا وهي اقرب الى الالف من الأولى.

في ضوء ذلك تكون الألف شهر التي تملكها بنو أمية هي الفترة من وفاة الحسن عليه السلام بداية سنة 50 هجرية وليس من بداية الصلح وحتى سنة 132 هجرية.

ص: 51


1- المستدرك على الصحيحين 186/3 . أقول: وفي ضعفاء العقيلي 175/2:سفیان بن الليل: كوفي كان ممن يغلو في الرفض ولا يصح حدیثه، حدثني يحيى بن عثمان بن صالح قال حدثنا نعیم بن حماد قال: حدثنا محمد بن فضيل عن السري بن إسماعيل عن الشعبي قال حدثني سفيان بن الليل قال: لما قدم الحسن بن على من الكوفة الى المدينة أتيته، فقلت: يا مذل المؤمنين (قال لا تقل ذاك يا سفيان، فإني سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لا تذهب الأيام والليالي حتى يملك رجل وهو معاوية، والله ما أحب أن لي الدنيا وما فيها وانه يهراق في محجمة من دم. وسمعت أبي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم يقول: من أحبنا بقلبه وأعاننا بيده ولسانه كنت أنا وهو في عليين، ومن أحبنا بقلبه وأعاننا بلسانه و كف يده فهو في الدرجة التي تليها، ومن أحبنا بقلبه وكف عنا لسانه ويده فهو في الدرجة التي تليها. قال البدري: الشعبي متهم بالوضع على الشيعة. وقال في لسان الميزان في ترجمة سفیان: آن حديثه انفرد به السري بن إسماعيل أحد الهلکی عن الشعبي، وقال أبوالفتح الأزدي: سفیان بن الليل له حديث لا تمضي الأمة حتى يليها رجل واسع البلعوم، قال: وفي لفظ آخر واسع السرم بالسين يأكل ولا يشبع، قال: وسفیان مجهول والخبر منكر، انتهى. وبقية كلام الأزدي: وسفیان مجهول لا يحفظ له غير هذا، قال النباتي: حديثه لا يرويه الا السري وهولا شيء. وفي الطبقات 369/6:السري بن إسماعيل الهمداني من الصائديين من أنفسهم، و كان كاتبا للشعبي، وروى عنه الفرائض وغير ذلك، وولي السري قضاء الكوفة، و كان قليل الحدیث، قال ابن حبان في المجروحين ( 355/1 ) قال : كان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل
معاوية ينقض عهوده مع الحسن عليه السلام:

قال تعالى:

«وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ *

وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ*

وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ *

وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ *

وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ *

مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ »النحل/90-96.

لقد كان معاوية مصداقا لنقض الأيمان المؤكدة التي أشارت اليها الآيات الكريمة، إذ يعلم الجميع أن معاوية كان قد اعطى للحسن عليه السلام عهدا غليظا انه يلتزم الشروط التي يطلبها، ولم يشترط الحسن عليه السلام على معاوية الا ما كان فيه لله ولرسوله رضا وللمؤمنين صلاح، وقد اظهر معاوية التزامه بهذه الشروط على كره منه مدة عشر سنوات تقريبا، وعاش المجتمع الاسلامي في ظل هذه الشروط حياة حرة كريمة آمنة، وقد فصلنا في معالمها وأحداثها في كتابنا عن صلح الحسن عليه السلام، ولكن معاوية أبت أصوله التي تربي في

ص: 52

ظلها إلا الغدر(1)، فأقدم على نقض كل شرط اعطاه للحسن عليه السلام، ووضع خطة تحقق له ذلك، وكان مفتاح الامر هو ان يغتال الحسن عليه السلام، اذ لم يكن باستطاعته نقض الشروط والحسن عليه السلام حي، فاحتال ودس السم بواسطة بنت الأشعث إحدى زوجات الامام الحسن (2). ثم تحرك

معاوية وفق سياسة عامة و كانت أهم بنودها ما يلي:

1.لعن علي عليه السلام وشتمه على منابر المسلمين ليربو عليه الصغير ويهرم عليه الكبير،

ص: 53


1- حيث نقض ابوه ابوسفیان عهد الحديبية مع النبي صلي الله عليه و آله
2- قال في الاستيعاب في ترجمة الحسن عليه السلام: قال قتادة وابوبکر بن حفص :سم الحسن بن علي سمته جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي، وقالت طائفة: كان ذلك منها بتدسیس معاوية اليها وما بذله لها في ذلك وكان لها ضرائر. وروى الذهبي عن الواقدي قال: وقد سمعت من يقول: كان معاوية قد تلطف لبعض خدم الحسن ان يسقيه سما. وروى ايضا عن أبي عوانة عن مغيرة عن ام موسی آن جعدة بنت الاشعث بن قيس سقت الحسن السم. سیر اعلام النبلاء 274/3. قال البدري: وقد عرف معاوية أنه كان يستعمل السم للتخلص من خصومه فقد روى الطبري 96/5 في حوادث سنة 38 أن معاوية طلب من الحايستار رجل من أهل الخراج ان يحتل لقتل مالك الاشتر لما بعثه علي عليه السلام واليا إلى مصر فدس له السم، وروى الطبري ايضا (227/5) حوادث سنة 46 قال: حدثني عمر قال: حدثني علي عن مسلمة ابن محارب: أن عبد الرحمن بن خالد بن الوليد كان قد عظم شأنه بالشام ومال إليه أهلها لما كان عندهم من آثار أبيه خالد بن الوليد و لغنائه عن المسلمين في أرض الروم وبأسه، حتى خافه معاوية وخشي على نفسه منه الميل الناس إليه، فأمر ابن أثال أن يحتال في قتله، وضمن له إن هوفعل ذلك أن يضع عنه خراجه ما عاش وأن يوليه جباية خراج حمص، فلما قدم عبد الرحمن بن خالد حمص منصرفا من بلاد الروم دس إليه ابن أثال شربة مسمومة مع بعض مماليكه، فشربها فمات بحمص، فوفي له معاوية بما ضمن له وولاه خراج حمص ووضع عنه خراجه. قال: وقدم خالد بن عبد الرحمن بن خالد بن الوليد المدينة، فجلس يوما إلى عروة بن الزبير، فسلم عليه، فقال له عروة: من أنت قال: أنا خالد بن عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، فقال له عروة: ما فعل ابن أثال؟ فقام خالد من عنده و شخص متوجها إلى حمص، ثم رصد بها ابن أثال فرآه يوما راكبا، فاعترضله خالد بن عبد الرحمن، فضربه بالسيف فقتله، فرفع إلى معاوية، فحبسه أياما وأغرمه ديته ولم يقده منه. ورجع خالد إلى المدينة، فلما رجع إليها أتی عروة فسلم عليه، فقال له عروة: ما فعل ابن أثال، فقال: قد كفيتك ابن أثال ولكن ما فعل ابن جرموز؟ فسكت عروة

ويستهدف هذا البند تهديم موقع علي كإمام هدى وحجة على الناس معين من الله ورسوله بشكل مباشر.

2. المنع من رواية فضائل علي وأهل بيته عليهم السلام، ويستهدف هذا البند تغييب الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي أشادت بعلي عليه السلام وبينت امامته الهادية بإذن الله ورسوله.

3. اختلاق أخبار قبيحة في علي وأهل بيته عليهم السلام، ويستهدف هذا البند بناء قاعدة فكرية تبرر لعن علي عليه السلام .

4. اختلاق الفضائل للخلفاء وبني أمية، ويستهدف هذا الأساس بناء القاعدة الفكرية التي تطرح الخلفاء وبني أمية على انهم ائمة هدي والحجة على الناس بعد الرسول.

5. ترويع شيعة علي عليه السلام قتلا وسجنا ونفيا وتهجيرا، ويستهدف هذا البند تصفية نخبة الأمة التي حملت احادیث النبي صلي الله عليه و آله وأخبار سيرة علي عليه السلام ونشرها بين الناس، وكذلك تصفية الوجود البشري الواسع الذي انفتح على علي عليه السلام بصدق واخلاص وتعلم منه وجعله الحجة بينه وبين الله تعالى بعد النبي صلي الله عليه و آله.

ثم خص العراق بسياسة معينة.

وكان قبل ذلك قد اعتمد على رجال ركنوا إلى الدنيا، أمثال عمرو بن العاص،المغيرة بن شعبة، ومروان بن الحكم، والضحاك بن قيس الفهري، وزياد بن عبيد الثقفي الذي الحقه بنسبه فقیل زیاد بن ابي سفيان، وسمرة بن جندب، وعمروبن حریث، وغيرهم حيث ولاهم اهم البلدان والمناصب لكي يضبط تطبيق هذه السياسة.

ص: 54

ونحن حين ننعم النظر في بنود تلك السياسة، نجدها جميعا مما خالف فيه معاوية الكتاب وسنة النبي صلي الله عليه و آله.

فلعن علي عليه السلام، وتربية الناس على بغضه مخالفة صريحة، لما أمر به الله ورسوله في ایجاب مودته وولايته.

والنهي عن رواية أحاديث النبي في فضل علي عليه السلام ومنزلته، مخالفة صريحة لأمرالنبي بتبلیغ سنته الى من لم يسمعها.

ووضع الحديث في ذم علي عليه السلام، ومد ح اناس لم يمدحهم النبي صلي الله عليه و آله، كذب متعمد على الرسول صلي الله عليه و آله، يستحق فاعله النار لقول النبي صلي الله عليه و آله :(من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار)(1).

وترويع المؤمنين، وإخافتهم، وسجنهم، وقتلهم، لأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر مخالفة لكتاب الله ورسوله، استحق فاعلها النار بنص من القرآن«إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ»آل عمران/21.

هذا مضافا إلى مخالفات صريحة اخرى لكتاب الله وسنة نبيه من قبيل: استلحاقه زياد بن عبيد، وهورد صريح لقضاء رسول الله صلي الله عليه و آله.

ومن قبيل امره بترك التلبية نهار عرفة قبل الزوال (2).وهورد صریح لسنة النبي في التلبية في الحج.

ص: 55


1- صحيح البخاري ج 81/2 ج118/7 طبعة دار الفكر ، صحیح مسلم ج 8/1 طبعة دار الفكر
2- روى النسائي في السنن الكبرى والحاكم في المستدرك 636/1:عن ميسرة بن حبيب عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير قال: كنا مع ابن عباس بعرفات فقال: مالي لا أسمع الناس يلبون؟ فقلت: يخافون من معاوية، فخرج ابن عباس من فسطاطه فقال: لبيك اللهم لبيك، فإنهم قد تركوا السنة من بعد علي. قال في تقريب التهذيب: ميسرة بن حبيب النهدي بفتح النون أبوحازم الكوفي صدوق من السابعة بخ دت س

ومن قبيل امره بتحريم متعة الحج، وهو مخالفة صريحة لكتاب الله وسنة النبي.

ومن قبیل تعطیله حد السرقة في سارق لتشفع ام السارق فيه(1).

ومن قبيل حرمان قربى النبي صلي الله عليه و آله من خمس الغنائم وهومخالفة صريحة للقرآن وسنة النبي صلي الله عليه و آله.

و من قبيل امره لقادة الفتوح بان يستصفوا له ذهب الغنائم وفضتها قبل القسمة. وغير ذلك.

وفيما يلي الحديث عن بنود تلك السياسة وجملة من تلك المخالفات.

استلحاق زیاد

قال محمود أحمد شاكر في كتابه (العهد الأموي /24-27): (واتهم معاوية بادعاء زیاد بن ابيه ونسبته إلى أبي سفيان فكيف قبل زیاد هذا الكلام أمامه؟ وكيف قبل معاوية؟ و كيف رضي المسلمون بهذه المخالفة الصريحة من الامام؟ فهل ضاع الاحساس وضاع الدين ولا يزال الصحابة أحياء؟) (2).

وهذا الكاتب، كما نلاحظ، يحاول أن ينكر مسألة استلحاق معاوية لزياد، وجعلها تهمة عليه وليست حقيقة.

وقد رد عليه احد الباحثين المعاصرين (3). من ابناء مذهبه قائلا: أن استلحاق زیاد ثابت عند اهل العلم والمحدثين. ثم أورد کلام ابن حجر و کلام الشوكاني.

قال ابن حجر: وهو يشرح ما ورد في البخاري (قوله أن زياد بن أبي سفيان): كذا وقع في الموطأ و كأن شيخ مالك حدث به كذلك في زمن بني أمية، وأما بعدهم فما كان

ص: 56


1- روى البلاذري ق 4ج 123/1قال: أتي معاوية بشاب قد سرق، فأمر بقطع يده، فقال شعرا يستعطفه،ثم جاءت امه وهي تبكي وتطلب منه ان يعفو عنه فخلى سبيله
2- انقاذ التاريخ الاسلامي /30
3- هوالاستاذ حسن فرحان المالكي في كتابه نحوانقاذ التاريخ الاسلامي

يقال له إلا زیاد بن أبيه (1)، وقبل استلحاق معاوية له كان يقال له زیاد بن عبيد، و كانت أمه سمية مولاة الحارث بن كلدة الثقفي تحت عبيد المذكور فولدت زیادا على فراشه فكان ينسب إليه، فلما كان في خلافة معاوية، شهد جماعة على إقرار أبي سفيان، بأن زیادا ولده، فاستلحقه معاوية لذلك، وزوج ابنه ابنته، وأمر زیادا على العراقين البصرة والكوفة، جمعهما له، ومات في خلافة معاوية سنة ثلاث وخمسين(2).

قال الشوكاني بعد ان اورد نظیر کلام ابن حجر: وقد انكر هذه الواقعة على معاوية من أنكرها ... وقد أجمع أهل العلم على تحريم نسبته إلى أبي سفيان، وما وقع في زمان بني أمية فانما هو تقية (3).

أقول: قال العلامة عبد الرحمن بن أبي بكر (ت911 هجرية) في شرحه لصحيح مسلم: (لما ادعي زیاد) بضم الدال مبني للمجهول، أي ادعاه معاوية وألحقه بأبيه أبي سفیان بعد أن كان يعرف بزیاد بن أبيه لأن أمه ولدته على فراش عبيد، وهذه أول قضية غير فيها الحكم الشرعي في الإسلام (4).

وقوله (اول قضية غير فيها الحكم الشرعي): إشارة إلى ما عرف من قضاء النبي صلي الله عليه و آله في مثل هذه القضية حيث هدم حكم الجاهلية.

قال الخطابي وتبعه عياض والقرطبي وغيرهما: كان أهل الجاهلية يقتنون الولائد

ص: 57


1- بقي بعضهم يسميه زیاد بن ابي سفيان من قبيل يحيى بن معين في تاريخه345/3في ترجمة أبي الحواري قال يحيي: مولى لولد زیاد بن أبي سفيان. والمزي في تهذيب الكمال في ترجمة قزعة بن يحي ويقال بن الأسود أبو الغادية البصري مولی زیاد بن أبي سفيان
2- فتح الباري 547/3
3- نيل الأوطار للشوكاني
4- الديباج علی صحیح مسلم (84/1طبعة السعودية 416) اقول: يصدق كلامه إذا قيدناه بفترة ما بعد علي والحسن والا فإن قبلهما قد غيرت احكام كثيرة علنا من قبل السلطة، من قبيل تغییر حکم متعة الحج وغيره

ويقررون عليهن الضرائب، فيكتسبن بالفجور، و كانوا يلحقون النسب بالزناة إذا ادعوا الولد. وكان لزمعة أمة، وكان يلم بها، فظهر بها حمل زعم عتبة بن أبي وقاص أنه منه، وعهد إلى أخيه سعد أن يستلحقه، فخاصم فيه عبد بن زمعة، فقال له سعد: هوابن أخي على ما كان عليه الأمر في الجاهلية، وقال عبد: هو أخي على ما استقر عليه الأمر في الإسلام، فأبطل النبي صلى الله عليه و آله وسلم حكم الجاهلية وألحقه بزمعة وقال: الولد للفراش وللعاهر الحجر(1).

ص: 58


1- روى البخاري قال: حدثنا يحيى بن قزعة حدثنا مالك عن بن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: كان عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص أن ابن وليدة زمعة مني فاقبضه، قالت: فلما كان عام الفتح أخذه سعد بن أبي وقاص وقال: ابن أخي قد عهد إلي فيه، فقام عبد بن زمعة فقال: أخي وابن وليدة أبي ولد على فراشه فتساوقا إلى النبي صلى الله عليه و آله وسلم، فقال سعد: یا رسول الله ابن أخي كان قد عهد إلي فيه فقال عبد بن زمعة: أخي وابن وليدة أبي ولد على فراشه، فقال رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم، هولك يا عبد بن زمعة، ثم قال النبي صلى الله عليه و آله وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر ثم قال لسودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه و آله وسلم: احتجبي منه لما رأى من شبهه بعتبة فما رآها حتى لقي الله (مختصر صحيح البخاري 724/2 ) وروی ابوداود حدثنا موسی بن إسماعيل ثنا مهدي بن میمون أبويحيي ثنا محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب عن الحسن بن سعد مولى الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه عن رباح قال: زوجني أهلي أمة لهم رومية، فوقعت عليها فولدت غلاما أسود مثلي، فسميته عبد الله، ثم وقعت عليها فولدت غلاما أسود مثلي، فسميته عبيد الله، ثم طبن لها غلام لأهلي رومي يقال له: يوحنه، فراطنها بلسانه فولدت غلاما كأنه وزغة من الوزغات، فقلت لها: ما هذا؟ فقالت: هذا ليوحنه، فرفعنا إلى عثمان أحسبه قال مهدي، قال: فسألهما، فاعترفا، فقال لهما أترضيان أن أقضي بينكما بقضاء رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم؟ إن رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم قضى أن الولد للفراش وأحسبه قال فجلدها وجلده وكان مملوكين (سنن ابي داود ( 283/2 )) وروی احمد قال حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا سعيد ويزيد بن هارون عن سعيد عن قتادة عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن عمروبن خارجة قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم مني وهو على راحلته... فقال:... الولد للفراش وللعاهر الحجر، الا ومن ادعى إلى غير أبيه أوتولى غير مواليه رغبة عنهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا (مسند احمد 238/4)

قال ابن الأثير:

کان استلحاق معاوية لزياد اول ما ردت أحكام الشريعة علانية، ثم ذكر اعتذار البعض عن معاوية ثم علق عليه قائلا: وهذا مردود لاتفاق المسلمين على انکاره ) (1).

روی ابن عساكر عن سعيد بن المسيب انه قال: اول من رد قضاء رسول الله دعوة معاوية في زياد(2).

معاوية يستصغي الذهب والفضة من الغنائم:

روى الطبراني (3). قال: استعمل الغفاري على خراسان، فبلغ ذلك عمران بن الحصين فطلب الحكم حتى لقيه، فقال: ما زلت أطلبك منذ اليوم، إنك بعثت على أمر عظيم، أتذكر يوم قال رسول الله صلي الله عليه و آله : لا طاعة لمخلوق في معصية الله ؟! قال: نعم، قال عمران الله أكبر، حسبت نسيت.

وفي رواية أحمد عن الحسن أن زيادا استعمل الحكم بن عمرو الغفاري على جيش فلقيه عمران بن حصين في دار الإمارة بين الناس، فقال: هل تدري فيما جئتك؟ أما تذكر أن رسول الله صلي الله عليه و آله لما بلغه الذي قال له أميره، فقم فقع في النار، فقام الرجل ليقع فأدرك فأمسك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لووقع فيها لدخلا النار، لا طاعة لمخلوق في معصية الله تبارك وتعالى (4).

ويتضح الهدف من تذکیر عمران للحكم من الرواية التالية:

روى الحاكم قال: حدثني أبو بكر بن بالویه ثنا محمد بن أحمد بن النضر ثنا معاوية بن عمروعن أبي إسحاق الفزاري عن هشام عن الحسن قال: بعث زیاد الحكم بن

ص: 59


1- الكامل في التاريخ 445/3
2- مختصر تاریخ دمشق 78/9
3- في المعجم الكبير184/18
4- المسند احمد بن حنبل 501/3،66/5

عمرو الغفاري على خراسان، فأصابوا غنائم كثيرة فكتب إليه: أما بعد فإن أميرالمؤمنين كتب أن يصطفي له البيضاء والصفراء ولا تقسم بين المسلمين ذهبا ولا فضة، فكتب إليه الحكم أما بعد: فإنك كتبت تذکر کتاب أمير المؤمنين، وإني وجدت كتاب الله قبل کتاب أمير المؤمنين، وإني أقسم بالله لو كانت السماوات والأرض رتقا على عبد فاتقي الله، لجعل له من بينهم مخرجا والسلام.

ثم أمر الحكم مناديا فنادى أن اغدوا على فيئكم فقسمه بينهم، وأن معاوية لما فعل الحكم في قسمة الفيء ما فعل وجه إليه من قيده وحبسه، فمات في قيوده ودفن فيها، وقال: إني مخاصم).(1).

قال ابن حجر في الإصابة: الحكم بن عمرو أبو عمرو الغفاري أخو رافع، ويقال له: الحكم بن الأقرع، وروي عن النبي صلى الله عليه و آله وسلم وحديثه في البخاري والأربعة، روى عنه أبوالشعثاء وأبوحاجب وعبد الله بن الصامت والحسن وابن سیرین وغيرهم، قال ابن سعد: صحب النبي صلي الله عليه و آله حتى مات، ثم نزل البصرة وولاه زیاد خراسان فمات بها، وروي عن أوس بن عبد الله بن بريدة عن أبيه: أن معاوية عتب عليه في شيء، فأرسل عاملا غيره فقیده، فمات في القيد سنة خمس وأربعين، وقال المدائني: مات سنة خمسين وقال العسكري: سنة إحدى وخمسين.

قال ابن حبان في مشاهير علماء الأمصار 60/1 : الحكم بن عمروبن مجدع الغفاري له صحبة خرج إلى خراسان غازيا، وله قصة طويلة ليس غرض الكتاب يحتملها، حتى أمر معاوية بقيده، فقيد بمرو، فبقي في قيده حتى مات سنة خمسين في ولاية معاوية، وأوصى أن يدفن بقیده ليخاصم أبا عبد الرحمن (أي معاوية) في القيامة، فدفن بقیده بمرو، وقبره بجنب بريدة الأسلمي.

ص: 60


1- المستدرك 501/1
لعن علي عليه السلام وسبه على المنابر:

أوردت الصحاح كتب الحديث المعتبرة، احاديث نبوية صحيحة تفرض حب علي عليه السلام وولايته و تنهی عن إيذائه وبغضه وتصف فاعل ذلك بالنفاق والحرب الله ولرسوله وفيما يلي بعضها:

روى الطبراني: عن أبي عبد الله الجدلي قال: قالت لي أم سلمة: أيسب رسول الله صلي الله عليه و آله فيكم على رؤوس الناس؟ فقلت: سبحان الله وأني يسب رسول الله صلي الله عليه و آله ؟ فقالت: أليس يسب علي بن أبي طالب ومن يحبه؟ فأشهد ان رسول الله صلي الله عليه و آله له كان يحبه (1).

وفي رواية قالت: سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله يقول من سب عليا فقد سبني (2).

روى أحمد في مسنده: عن عمروبن شاس الأسلمي قال: (وكان من أصحاب الحديبية) قال خرجت مع علي إلى اليمن، فجفاني في سفري ذلك، حتى وجدت في نفسي عليه، فلما قدمت أظهرت شکایته في المسجد، حتى بلغ ذلك رسول الله صلي الله عليه و آله، فدخلت المسجد ذات غدوة ورسول الله صلي الله عليه و آله في ناس من أصحابه، فلما رآني أبدني عينيه، يقول: حدد إلى النظر حتى إذا جلست، قال: يا عمرو والله لقد آذيتني، قلت: أعوذ بالله أن أوذيك یا رسول الله، قال: بلی! من آذى عليا فقد آذاني.(3)

وروى ابویعلی: عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه، قال: كنت جالسا في المسجد أنا ورجلين معي، فنلنا من علي، فأقبل رسول الله صلي الله عليه و آله غضبان يعرف في وجهه الغضب، فتعوذت بالله من غضبه، فقال: ما لكم ومالي، من آذى عليا فقد آذاني (4).

ص: 61


1- المعجم الصغير83/2 السنن الکبری 133/5، مسند ابی یعلی 444/12، المستدرك على الصحيحين 130/3
2- مسند احمد 323/6، فضائل الصحابة594/2
3- مسند احمد 483/3
4- مسند أبي يعلى 109/2

وروى مسلم: عن عدي بن ثابت عن زر قال: قال علي عليه السلام : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، إنه لعهد النبي الأمي إلى، أن لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق (1).

وروى الطبراني: عن فطر بن خليفة عن أبي الطفيل، قال سمعت أم سلمة تقول: أشهد أني سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله يقول: من أحب عليا فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله، ومن أبغض عليا فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله (2).

وروى ابویعلی عن أبي الجارود عن الحارث الهمداني قال: رأيت عليا جاء حتى صعد، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: قضاء قضاه الله على لسان نبيكم صلي الله عليه و آله النبي الأمي أنه لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق، وقد خاب من افترى.

قال: قال النضر: وقال علي عليه السلام : أنا أخو رسول الله صلي الله عليه و آله وابن عمه، لا يقولها أحد بعدي (3).

وقد روى البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب . (4).

وروى احمد عن عائشة قالت: قال رسول الله صلي الله عليه و آله : قال الله عزوجل: من أذل لي وليا فقد استحل محاربتي (5).

ص: 62


1- صحیح مسلم 86/1 ، السنن الكبرى 47/5 ، مسند أبي يعلى 251/1
2- المعجم الكبير 380/23
3- مسند ابی یعلی 347/1
4- الجامع الصحيح المختصر 2384/5
5- مسند احمد 256/6

أقول:

وإذا ضممنا إلى هذه النصوص، الاحاديث التي ترفع من شأن الصحابة ككل،المنتشرة في كتب الحديث، لم يكن من السهل على الكثير من المعاصرين أن يقبل ما يعتقده الشيعة في بني أمية من امور، منها انهم كانوا قد سنوا سنة لعن علي عليه السلام وسبه، وغفل هولاء، عن حقيقة ان الاخبار والروايات في هذه القضية بالذات من الكثرة بحيث لم يستطع أن يغفلها اصحاب الصحاح انفسهم.

قال الدكتور عبد الحليم عويس: (لا يعقل ما يشاع عن بني أمية، من انهم كانوا يسبون عليا على المنابر) (1). ، وقد وافقه آخرون أمثال محب الدين الخطيب (2) ومحمود شاكر(3) وابراهيم شعوط (4) وغيرهم وزاد بعضهم قوله (ولم يردنا بطريق صحیح) (5).

وقد رد على هؤلاء اناس من غير الشيعة ايضا (6). بذکر اخبار من كتب الصحاح وفيما يلي بعضها:

روى البخاري: قال حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه (سلمة بن دینار) أن رجلا جاء إلى سهل بن سعد فقال: هذا فلان لأمير المدينة يدعو عليا عند المنبر قال: فيقول ماذا؟ قال يقول له: أبو تراب فضحك، قال: والله ما سماه إلا النبي وما كان والله له اسم أحب إليه منه (7).

ص: 63


1- نحوانقاذ التاريخ الاسلامي حسن فرحان المالكي (20 عن صحيفة مرآة الجامعة العدد110
2- في تعليقاته على كتاب العواصم من القواصم
3- في موسوعته التاريخ الاسلامي المجلد الخاص بالخلفاء الراشدين والعهد الأموي
4- كقوله (فلم يصح ابدا عن معاوية انه سب عليا او لعنه مرة واحدة فضلا عن التشهير به على المنابر(أباطيل يجب ان تمحى من التاريخ /204)
5- نحوانقاذ التاريخ الاسلامي /27
6- منهم الاستاذ حسن فرحان المالكي الحجازي (وهو سني المذهب، بالاحاديث التي أوردناها في المتن)
7- الجامع المختصر 1358/3.صحيح البخاري ج 207/4

وهذه الرواية عند مسلم في صحيحه أكثر وضوحا، قال سهل بن سعد: أن رجلا أتاه فقال: هذا فلان -لأمير من أمراء المدينة - يدعوك غدا فتسب عليا على المنبر، قال: فأقول ماذا؟ قال: تقول أبوتراب، فضحك سهل، ثم قال: والله ما سماه إياه الا رسول الله صلي الله عليه و آله و الله ما كان من اسم أحب إليه منه (1).

قال في فتح الباري:

قوله (هذا فلان لأمير المدينة): أي عني أمير المدينة ولم أقف على اسمه صريحا (2).

وروى مسلم قال: حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز يعني أبن أبي حازم، عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال: استعمل على المدينة رجل من آل مروان قال: فدعا سهل بن سعد، فأمره أن يشتم عليا، قال: فأبي سهل، فقال له: أما إذا أبيت فقل: لعن الله أبا التراب؟ فقال سهل: ما كان لعلي اسم أحب إليه من أبي التراب وإن كان ليفرح إذا دعی بها (3).

وقال في ارشاد الساري: ان هذا الوالي هو مروان بن الحكم (4).

وروى مسلم ايضا قال: حدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن عباد، وتقاربا في اللفظ قالا:

ص: 64


1- مسلم 4/1871، المعجم الكبير 150/6، الاحاد والمثاني 167/1صحیح ابن حبان 368/15
2- فتح الباري72/7
3- صحیح مسلم 4/1874، سنن البيهقي 446/2. وتكملة الرواية: فقال له: أخبرنا عن قصته! لم سمي أبا تراب؟ قال: جاء رسول الله صلي الله عليه و آله بيت فاطمة عليها السلام فلم يجد عليا عليه السلام في البيت فقال: أين ابن عمك؟ فقالت: كان بيني وبينه شيء فغاضبني فلم يقل عندي، فقال رسول الله صلي الله عليه و آله لإنسان: أنظر أين هو فجاء فقال: يا رسول الله هو في المسجد راقد، فجاءه رسول الله صلي الله عليه و آله وهو مضطجع قد سقط رداؤه عن شقه فأصابه تراب، فجعل رسول الله صلي الله عليه و آله يمسحه عنه ويقول: قم أبا التراب. قم أبا التراب.. قال ابن حجر: وروى ابن أبي إسحاق من طريقه وأحمد من حديث عمار بن یاسر قال: نمت انا وعلي في غزوة العشيرة في نخل، فما أفقنا الا بالنبي صلي الله عليه و آله يحركنا برجله يقول لعلي: قم يا أبا تراب، لما يرى عليه من التراب. (فتح الباري 72/7)
4- ارشاد الساري 112/6

حدثنا حاتم وهو بن إسماعيل عن بکیر بن مسمار، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا (1) فقال: ما منعك أن تسب أبا تراب؟ فقال: أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله صلي الله عليه و آله فلن اسبه (2) لان تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم، سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله يقول له وقد خلفه في بعض مغازيه، فقال له علي: يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان فقال له رسول الله صلي الله عليه و آله : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي وسمعته يقول يوم خيبر: لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، قال: فتطاولنا لها، فقال: ادعوا لي عليا، فأتي به ارمد، فبصق في عينه ودفع الراية إليه، ففتح الله عليه

ولما نزلت هذه الآية: «تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ »دعا رسول الله صلي الله عليه و آله عليا وفاطمة وحسنا وحسينا ، فقال: اللهم هؤلاء أهلي (3).

وروى احمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن حصين عن هلال بن يساف عن عبد الله بن ظالم قال: خطب المغيرة بن شعبة فنال من علي، فخرج سعید بن زید فقال: ألا تعجب من هذا يسب عليا رضي اله عنه؟ (4).

وروى النسائي عن شقیق بن أبي عبد الله قال: حدثنا أبو بكر بن خالد بن عرفطة قال: رأيت سعد بن مالك بالمدينة فقال: ذكر أنكم تسبون عليا؟ قلت: قد فعلنا، قال: لعلك سببته، قلت: معاذ الله، قال: لا تسبه، فإن وضع المنشار على مفرقي على أن أسب عليا ما سببته، بعد ما سمعت من رسول الله صلي الله عليه و آله ما سمعت(5).

ص: 65


1- الذي يظهر أن هذا كان سنة خمسين لما حج معاوية بعد وفاة الحسن عليه السلام ، وهي السنة التي توفي فيها سعد ايضا (انظر ابن الأثير471/3
2- وفي مسند ابی یعلی114/2 قال: والذي نفس سعد بيده لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم يقول في علي شيئا لو وضع المنشار على مفرقي على أن أسبه ما سببته أبدا
3- صحیح مسلم 4/1871، الترمذي 638/5
4- مسند احمد بن حنبل 188/1، السنن الكبرى للنسائي 58/5
5- السنن الكبرى 133/5

اقول:

يتضح من هذه الروايات الصحيحة وفق مسلك اهل السنة في تصحيح الرواية، وقد وردت في اهم مصادرهم الحديثية، أن معاوية وولاته (مروان والمغيرة) كانوا يسبون عليا على المنابر .

وفي المصادر التاريخية تفصيل اكثر نورد طرفا منه فيما يلي:

قال ابن عبد ربه: لما مات الحسن بن علي حج معاوية (1) فدخل المدينة وأراد أن يلعن عليا على منبر رسول الله صلي الله عليه و آله، فقيل له: ان ههنا سعد بن أبي وقاص ولا نراه يرضى بهذا، فابعث اليه وخذ رأيه، فأرسل اليه وذكر له ذلك،فقال: ان فعلت لاخرجن من المسجد ثم لا أعود اليه، فامسك معاوية عن لعنه حتى مات سعد، فلما مات لعنه على المنبر، وكتب إلى عماله ان يلعنوه ففعلوا، فكتبت ام سلمة زوج النبي صلي الله عليه و آله: انكم تلعنون علي بن ابي طالب ومن احبه، وانا اشهد ان الله احبه ورسوله فلم يلتفت إلى كلامها(2)

وفي مقاتل الطالبيين أن الحسن وسعد ماتا في نفس السنة ويرى الناس أن معاوية سقاهما السم (3).

وفي تاريخ ابن الأثير سنة 51 قال: وفيها توفي سعد بن أبي وقاص وقيل توفي سنة اربع وخمسين وقيل سنة خمس وخمسين(4).

"قال ابو عثمان الجاحظ (5): أن معاوية كان يقول في آخر خطبة الجمعة: اللهم ان ابا تراب ألحد في دينك وصد عن سبيلك، فالعنه لعنا وبيلا وعذبه عذابا أليما".

ص: 66


1- قال المسعودي (25/3): وقد كان معاوية حج سنة خمسين
2- العقد الفرید 366/4
3- مقاتل الطالبيين /48
4- تاریخ ابن الأثير471/3
5- هو عمروبن بحر الليثي البصري اللغوي النحوي، كان مائلا الى النصب

وكتب بذلك إلى الآفاق، فكانت هذه الكلمات يشار بها على المنابر، وصار ذلك سنة في ايام بني أمية، إلى أن قام عمر بن عبد العزيز فأزاله(1) .

وقال ايضا: وما كان عبد الملك مع فضله وأناته وسداده ورجحانه، ممن يخفى عليه فضل علي، وان لعنه على رؤوس الأشهاد، وفي اعطاف الخطب، وعلى صهوات المنابر ، مما يعود عليه نقصه ويرجع اليه وهنه، لانهما جميعا من بني عبد مناف، والأصل واحد، ولكنه أراد تشييد الملك و تأكيد ما فعله الاسلاف، وان يقرر في انفس الناس ان بني هاشم لا حظ لهم في هذا الأمر، وان سیدهم الذي يصولون به ويجولون، وبفخره يفخرون، هذا حاله وهذا مقداره، فيكون من انتمى اليه ويدلي به عن الأمر ابعد، وعن الوصول اليه اشحط (2).

وقد بلغ الأمر ببني أمية انهم لا يحتملون لشخص أن يجمع بين اسم علي وكنيته.

ص: 67


1- شرح النهج ج 4 ص 56/ الخطبة 57. قال كثير بن عبد الرحمن يمدح عمر ويذكر قطعه للسب: وليت فلم تشتم عليا ولم تخف*** بريا ولم تقبل اساءة مجرم (الاغاني 258/9 طبعة الدار). وقال الشريف الرضي: یابن عبد العزيز لو بكت*** العين فتى من امية لبكيتك غير اني اقول انك قد طبت*** وان لم يطب ولم يزك بيتك انت نزهتنا عن السب والقذف*** فلو امكن الجزاء جزيتك (دیوانه). وقد ذكر البلاذري في انساب الاشراف 195/8 رواية المدائني عن عمر بن عبد العزيز قوله: نشأت على بغض علي لا اعرف غيره، و كان ابي يخطب فإذا ذكر عليا ونال منه تلجلج، فقلت: يا أبه انك تمضي في خطبتك فإذا اتيت على ذكر على عرفت منك تقصيرا، قال: أفطنت لذلك؟ قلت: نعم ! قال : يا بني ان الذين من حولنا لونعلمهم من حال علي ما نعلم تفرقوا عنا (وفي ج 184/8) قال: كتب عمر إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زید بن الخطاب عامله على الكوفة: اما بعد فقد بلغني أن من قبلك يسبون الحجاج فانههم عن ذلك
2- شرح النهج 57/4

روی ابن سعد في ترجمة علي بن عبد الله بن عباس قال: ويكنى أبا محمد، ولد ليلة قتل علي بن أبي طالب رحمة الله عليه في شهر رمضان سنة أربعين، فسمي باسمه وكني بكنيته أبي الحسن، فقال له عبد الملك بن مروان: لا والله لا أحتمل لك الاسم والكنية جميعا، فغير أحدهما فغير کنیته فصيرها أبا محمد(1).

ثم تمادی بهم الامر الى انهم صغروا كل علي فقالوا علي.

قال ابن حبان في ترجمة علي بن رباح اللخمي :(2) وهو الذي يقال له: علي بن رباح،وكان يقول: من قال لي علي ليس مني في حل، وذاك أن أهل الشام كانوا

يصغرون كل علي، لما في قلوبهم لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (3).

ونقل العلامة ابن عقیل رحمه الله عن الحافظ السيوطي: انه كان في ايام بني أمية اكثرمن سبعين الف منبر، يلعن عليها علي بن ابي طالب بما سنه لهم معاوية من ذلك (4)

ص: 68


1- الطبقات الكبرى312/5. اقول: كان هذا من عبد الملك في ايام خلافته وتوفي علي بن عبد الله بن عباس سنة 118
2- علي بن رباح (بخ م 4 البخاري في الأدب المفرد و مسلم والأربعة) روی عن عمرو بن العاص وسراقة بن مالك بن جعشم وفضالة بن عبيد والمستورد بن شداد وعتبة بن النذر ومعاوية بن أبي سفيان ومعاوية بن حديج، وفد على معاوية وعلى عبد الملك بن مروان، ذكره خليفة بن خیاط في الطبقة الأولى من أهل مصر، وقال عمر: وذكره محمد بن سعد في الطبقة الثانية وقال: كان ثقة. وقال سلمة بن شبيب: سمعت أبا عبد الرحمن المقرئ يقول: كانت بنو أمية إذا سمعوا بمولود اسمه علي قتلوه، فبلغ ذلك رباحا فقال: هو علي، وكان يغضب من علي ويحرج على من سماه به. وقال أبو سعيد بن يونس: ولد سنة خمس عشرة عام اليرموك، و كان أعور ذهبت عينه يوم ذي الصواري في البحر مع عبد الله بن سعد بن أبي سرح سنة أربع وثلاثين، و كان يفد لليمانية من أهل مصر على عبد الملك بن مروان، وكانت له من عبد العزيز بن مروان منزلة وهوالذي زف أم البنين ابنة عبد العزيز بن مروان إلى الولید بن عبدالملك. مات سنة 114.(تهذيب التهذيب). اقول والظاهر أن قوله: قتلوه مصحف غيروه
3- مشاهير علماء الأمصار لابن حبان
4- النصائح الكافية /104 وفيه:وفي ذلك يقول العلامة احمد الحفظي الشافعي في ارجوزته: سبعون الف منبر وعشرة ***من فوقهن يلعنون حيدرة وهذه في جنبها العظائم*** تصغر بل توجه اللوائم فهل ترى من سنها يعادی ***ام لا وهل يستر ام يهادی او عالم يقول عنه نسکت*** احب فاني للجواب منصت وليت شعري هل يقال اجتهدا ***كقولهم في بغيه ام الحدا اليس ذا يؤذيه ام لا فاسمعن ***أن الذي يؤذيه يؤذي من ومن بل جاء في حديث ام سلمة ***هل فيكم الله يسب مه لمه عاون اخا العرفان بالجواب*** وعاد من عادی ابا تراب وقد حكى الشيخ السيوطي أنه* قد كان فيما جعلوه سنة

وقد بقيت أثار هذه التربية عند بعض اتباع بني أمية من حملة الحديث حتى بعد زوال حکم بني أمية كما يذكر اصحاب التراجم عن حریز بن عثمان.

قال ابن حجر: حریز بن عثمان أبوعون الحمصي (1)(خ 4 البخاري والأربعة) قال أحمد: حریز صحیح الحديث إلا أنه يحمل على علي عليه السلام ، وقال المفضل بن غسان: يقال في حريز مع تثبته أنه كان سفیانیا، وقال العجلي: شامي، ثقة و كان يحمل على علي، وقال عمروبن علي كان ينتقص عليا وينال منه، وقال في موضع آخر: ثبت شدید التحامل على علي، وقال ابن عمار: يتهمونه أنه كان ينتقص عليا ويروون عنه ويحتجون به ولا يتركونه، وقال أحمد بن سعيد الدارمي عن أحمد بن سليمان المروزي سمعت إسماعيل بن عياش، قال: عادلت حریز بن عثمان من مصر إلى مكة فجعل يسب عليا ويلعنه، قال إسماعيل بن عياش: سمعت حریز بن عثمان يقول: هذا الذي يرويه الناس عن النبي صلي الله عليه و آله، أنه قال لعلي: (أنت مني بمنزلة هارون من موسی) حق ولكن أخطأ السامع، قلت: فما هو؟ فقال: إنما هوأنت مني بمنزلة قارون من موسی، قلت: عمن ترويه؟ قال: سمعت الوليد بن عبد الملك يقوله وهو على المنبر، وقال ابن عدي: وحريز من الاثبات في الشاميين ويحدث عن الثقات منهم، وقد وثقه القطان وغيره، وإنما وضع منه ببغضه لعلي، قال یزید بن عبد ربه:(2) قال ابن حجر: و

حكى الأزدي في الضعفاء: أن حریز بن عثمان

ص: 69


1- ولد سنة 80 وتوفي في سنة 163
2- مولده سنة 80 ومات سنة 163

روى أن النبي صلي الله عليه و آله لما أراد أن يركب بغلته جاء علي بن أبي طالب فحل حزام البغلة ليقع النبي صلي الله عليه و آله، قال الأزدي: من كانت هذه حاله لا يروى عنه، قال ابن حجر: لعله سمع هذه القصة أيضا من الوليد، وقال غنجار قيل ليحيى بن صالح: لم لم تكتب عن حريز؟ فقال: كيف اكتب عن رجل صليت معه الفجر سبع سنين فكان لا يخرج من المسجد حتى يلعن عليا سبعين مرة، وقال ابن حبان: كان يلعن عليا بالغداة سبعين مرة وبالعشي سبعين مرة فقيل له في ذلك ، فقال: هوالقاطع رؤوس آبائي وأجدادي، وكان داعية إلى مذهبه يتنكب حديثه انتهى. قال ابن حجر: وإنما أخرج له البخاري لقول أبي اليمان (1) أنه رجع عن النصب كما مضى نقل ذلك عنه والله أعلم(2).

أقول:

وقد بقیت آثار التربية ايضا في بعض البلدان فلم يعد أهلها يتحملون سماع فضيلة العلي عليه السلام حتى من محدثيهم.

روى الذهبي في ترجمة ابن السقاء: الحافظ الامام محدث واسط أبو محمد عبد الله بن محمد بن عثمان الواسطي، وقال علي بن محمد الطيب الجلابي في تاريخه ابن السقاء من أئمة الواسطيين والحفاظ المتقنين، توفي في جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين وثلاث مائة، قال السلفي: سألت الحافظ خميسا الحوزي عن ابن السقاء؟ فقال: هومن مزينة مضر ولم يكن سقاء بل لقب له من وجوه الواسطيين وذوي الثروة والحفظ، رحل به أبوه فأسمعه من أبي خليفة وأبي يعلى وابن زیدان البجلي والمفضل بن الجندي، وبارك الله في سنه وعلمه، واتفق انه أملى حديث الطير فلم تحتمله نفوسهم، فوثبوا به وأقاموه وغسلوا

ص: 70


1- ابوالیمان الحكم بن نافع البهراني الحمصي، ولد في حمص سنة 221 وتوفي وهو ابن 83 سنة، قال الذهبي: روی عن اسماعيل بن عياش وحریز بن عثمان واخرین وعنه البخاري والدارمي وابوزرعة وأبو حاتم استقدمه المأمون لیوليه قضاء حمص. وروايته أن حریز رجع عن النصب من اجل ان يبرئ ساحة شيخه في الرواية، وقد اثبتنا في كتابنا علم الرجال المقارن انه لم يرجع عن النصب
2- تهذيب التهذيب ترجمة حريز

موضعه فمضى ولزم بيته، فكان لا يحدث أحدا من الواسطيين، فلهذا قل حديثه عندهم وتوفي سنة إحدى وسبعين وثلاث مائة. قال الذهبي: حدثني ذلك شيخنا أبو الحسن المغازلي(1).

وقد بقيت تربية الإنحراف في دمشق عن علي عليه السلام بشكل ظاهر، بعد اكثر من قرن ونصف من قيام الدولة العباسية، قال الامام النسائي (2). (لما سئل عن سبب تصنیف کتابه الخصائص) قال: (دخلت دمشق والمنحرف بها عن علي كثير، وصنف کتاب الخصائص رجاء أن يهديهم الله) (3).

المنع من نشر حديث النبي صلي الله عليه و آله في حق علي عليه السلام:

قال المدائني: كتب معاوية نسخة واحدة إلى عماله بعد وفاة الحسن عليه السلام سنة 51:

(الا برئت الذمة ممن روى حديثا في مناقب علي واهل بيته)(4).

وروی سلیم بن قيس قال: مر معاوية بحلقة من قریش، فلما رأوه قاموا اليه غير عبدالله بن عباس، فقال له: يا ابن عباس ما منعك من القيام كما قام اصحابك الا لموجدة علي بقتالي ايا كم يوم صفين؟ یا ابن عباس أن ابن عمي عثمان قتل مظلوما، قال ابن عباس: فعمر بن الخطاب قد قتل مظلوما فسلم الامر الى ولده، وهذا ابنه. قال: ان عمر قتله مشرك، قال ابن عباس: فمن قتل عثمان؟ قال: قتله المسلمون، قال: فذلك ادحض لحجتك، ان كان المسلمون قتلوه وخذلوه فليس الا بحق. قال: فانا كتبنا الى الافاق ننھی عن ذكر مناقب علي واهل بيته، فكف لسانك يا ابن عباس.

ص: 71


1- تذكرة الحفاظ965/3
2- کتابه في الحديث يعتبر احد الكتب الستة المعتبرة عن اهل السنة توفي سنة 303 هجرية
3- انظر ابن حجر في تهذيب (ج1ص33): ترجمه النسائي
4- شرح النهج 44/11

قال: فتنهانا عن قراءة القرآن؟ قال: لا، قال: فتنهانا عن تأويله؟ قال: نعم، قال: فنقرأه ولا نسأل عما عني الله به؟ قال: نعم، قال: فأيهما أوجب علينا قراءته اوالعمل به؟ قال: العمل به، قال: فكيف نعمل به حتى نعلم ما عني الله بما انزل علينا؟

قال سل عن ذلك من يتأوله على غير ما تتأوله انت وأهل بيتك، قال: إنما أنزل القرآن على اهل بيتي فأسأل عنه آل ابي سفيان وآل أبي معيط؟!

قال: فاقرأوا القرآن ولا ترووا شيئا مما انزل الله فيكم ومما قال رسول الله، وارو وا ما سوى ذلك!

قال ابن عباس: قال الله تعالى: «يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ»التوبة /32.

قال معاوية: یا ابن عباس اكفني نفسك وكف عني لسانك، وإن كنت لابد فاعلا فليكن سرا ولا تسمعه احدا علانية! (1).

إختلاق أخبار قبيحة في علي وأهل بيته عليهم السلام:

قال أبو جعفر الاسكافي (ت 220):

أن معاوية وضع قوما من الصحابة وقوما من التابعين على رواية أخبار قبيحة في علي عليه السلام، تقتضي الطعن فيه والبراءة منه، وجعل لهم على ذلك جعلا يرغب في مثله، فاختلقوا ما أرضاه، منهم أبو هريرة، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، ومن التابعين عروة بن الزبير (2).

ص: 72


1- کتاب سلیم بن قیس(ج 782/2)
2- ومرة الهمداني والأسود بن یزید و مسروق الاجدع وأبووائل شقيق بن سلمة وأبو عبد الرحمن السلمي القاريء وقيس بن حازم وسعيد بن المسيب والزهري ومكحول و حریز بن عثمان وغيرهم، انظر شرح نهج البلاغة لابن ابی الحدید ج 67/4-110

أقول: وفيما يلي نماذج من هذه الأحاديث:

روى الزهري أن عروة بن الزبير حدثه، قال: حدثتني عائشة، قالت: كنت عند رسول الله صلي الله عليه و آله أذ أقبل العباس وعلي، فقال: يا عائشة أن هذين يموتان على غير ملتي، أو قال: دیني.

وروى عبد الرزاق عن معمر، قال: كان عند الزهري حدیثان عن عروة عن عائشة في علي عليه السلام، فسألته عنهما يوما، فقال: ما تصنع بهما وبحديثهما، الله أعلم بهما إني لأتهمهما في بني هاشم.

قال ابن ابی الحدید: فاما الحديث الأول فقد ذكرناه.

واما الحديث الثاني فهو: أن عروة زعم آن عائشة حدثته، قالت: كنت عند النبي صلي الله عليه و آله اذ أقبل العباس وعلي، فقال: يا عائشة أن سرك أن تنظري إلى رجلين من أهل النار فانظري إلى هذين قد طلعا، فنظرت فإذا العباس وعلي بن ابي طالب.

وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما مسندا متصلا بعمروبن العاص، قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله يقول: أن آل أبي طالب لیسوا لي باولياء انما ولي الله وصالح المؤمنين(1)

ص: 73


1- رواه البخاري2233/5(ط الموسوعة الذهبية)، مسلم 197/1 ، مسند أحمد 203/4 وفيها (آل أبي فلان)، قال ابن حجر في فتح الباري 423/10 قال أبو بكر بن العربي في سراج المريدين: كان في أصل حدیث عمرو بن العاص أن آل أبي طالب فغير آل أبي فلان كذا جزم به. و تعقبه بعض الناس وبالغ في التشنيع عليه ونسبه إلى التحامل على آل أبي طالب ولم يصب هذا المنكر، فإن هذه الرواية التي أشار إليها ابن العربي موجودة في مستخرج أبي نعيم من طريق الفضل بن الموفق عن عنبسة بن عبد الواحد بسند البخاري عن بیان بن بشر عن قيس بن أبي حازم عن عمرو بن العاص رفعه: أن لبني أبي طالب رحما أبلها ببلاها، وقد أخرجه الإسماعيلي من هذا الوجه أيضا لكن أبهم لفظ طالب و كأن الحامل لمن أبهم هذا الموضع ظنهم أن ذلك يقتضي نقصا في آل أبي طالب وليس كما توهموه كما سأوضحه إن شاء الله تعالى، قوله (ليسوا بأوليائي) كذا للأكثر، وفي نسخة من رواية أبي ذر (بأولياء)، فنقل ابن التين عن الداودي أن المراد بهذا النفي من لم يسلم منهم، أي فهو من إطلاق الكل وإرادة البعض، والمنفي على هذا المجموع لا الجميع، وقال الخطابي: الولاية المنفية ولاية القرب والاختصاص لا ولاية الدين، ورجح ابن التين الأول وهو الراجح، فإن من جملة آل أبي طالب عليا وجعفر وهما من أخص الناس بالنبي صلى الله عليه وسلم لما لهما من السابقة والقدم في الإسلام ونصر الدين، وقد استشكل بعض الناس صحة هذا الحديث لما نسب إلى بعض رواته من النصب وهوالانحراف عن علي وآل بيته، قال ابن حجر: أما قيس بن أبي حازم فقال يعقوب بن شيبة: تكلم أصحابنا في قيس، فمنهم من رفع قدره وعظمه وجعل الحديث عنه من أصح الأسانيد حتى قال بن معين: هو أوثق من الزهري، ومنهم من حمل عليه، وقال: له أحاديث مناكير، وأجاب من أطراه بأنها غرانب وافراده لا يقدح فيه، ومنهم من حمل عليه في مذهبه وقال: كان يحمل على علي، ولذلك تجنب الرواية عنه كثير من قدماء الكوفيين، وأجاب من اطراه بأنه كان يقدم عثمان على علي فقط، قال ابن حجر: والمعتمد عليه أنه ثقة ثبت مقبول الرواية وهو من كبار التابعين سمع من أبي بكر الصديق فمن دونه، وقد روى عنه حديث الباب إسماعيل بن أبي خالد وبیان بن بشر وهما کوفیان ولم ينسبا إلى النصب، لكن الراوي عن بیان وهو عنبسة بن عبد الواحد أموي قد نسب إلى شيء من النصب، وأما عمرو بن العاص وان كان بينه وبين علي ما كان فحاشاه أن يتهم، وللحديث محمل صحيح لا يستلزم نقصا في مؤمني آل أبي طالب وهو أن المراد بالنفي المجموع كما تقدم ويحتمل أن يكون المراد بآل أبي طالب أبوطالب نفسه وهو إطلاق سائغ.

وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة الحديث الذي معناه ان عليا عليه السلام خطب ابنة أبي جهل في حياة رسول الله صلي الله عليه و آله، فأسخطه، فخطب على المنبر، وقال: لاها الله، لا تجتمع ابنة ولي الله وابنة عدوالله أبي جهل، إن فاطمة بضعة مني يؤذيني ما يؤذيها، فان كان علي پرید ابنة أبي جهل فليفارق ابنتي وليفعل ما يريد (أو كلاما هذا معناه)(1).

قال ابن أبي الحديد: هذا الحديث مخرج في صحيحي مسلم والبخاري عن المسور بن مخرمة الزهري.

ولشياع هذا الخبر وانتشاره ذکره مروان بن أبي حفصة (2). في قصيدة يمدح بها الرشید

ص: 74


1- انظر البخاري المختصر 1364/4 ، مسلم 1903/4
2- مروان بن ابي حفصة ولد سنة 105 هجرية، شاعر، كان جده ابوحفصة مولى لمروان بن الحكم اعتقه يوم الدار، ادرك زمنا من العهد العباسي، فقدم بغداد ومدح المهدي والرشيد توفي ببغداد سنة 182هجرية

ويذكر فيها ولد فاطمة عليها السلام وينحي عليهم ويذمهم، وقد بالغ حين ذم عليا عليه السلام ونال منه وأولها:

ويا حبذا جمل وان صرمت حبلي ***سلام على جمل وهيهات من جمل

ثم يقول فيها:

أباه ذوو الشوری و کانوا ذوي عدل*** ابوكم علي كان افضل منكم

وساء رسول الله أن ساء بنته ***بنت اللعين أبي جهل

اراد على بنت النبي تزوجا*** ببنت عدوالله يا لك من فعل؟

فذم رسول الله صهر ابيكم ***على منبر الاسلام بالمنطق الفضل

وحكم فيها حاكمين ابوكم ***هما خلعاه خلع ذي النعل للنعل

وقد باعها من بعده الحسن ابنه ***فقد أبطلت دعواكم الرثة الحبل

وخليتموها وهي في غير اهلها*** وطالبتموها حين صارت إلى أهل (1)

ص: 75


1- الاغاني (لأبي الفرج الأصفهاني ج 214/23-215) والأصفهاني يرويها لمروان بن أبي حفصة الأصغر وهو مروان بن أبي الجنوب بن مروان الأكبر بن أبي حفصة، وانه انشدها للمتوكل العباسي وانها من مشهور شعره، اما ابن ابي الحديد (في شرح النهج ج 4 ص 63-64) فيرويها لجده مروان الأكبر، والذي يظهر انها للجد، اذ ان الحفيد كان يروي شعر جده ويتشبه به في الشعر ويتقرب إلى المتوكل بهجاء آل ابي طالب كما ذكر الأصفهاني، ولما افضت الخلافة الى المنتصر تجنب مذهب أبيه وطرد مروان الأصغر، وقال والله لا أذنت للكافر ابن الزانية، اليس هو القائل: (وحكم فيها حاكمين ابو كم هما خلعاه خلع ذي النعل للنعل) الاغاني ج 214/23 ،219. قال المسعودي في مروج الذهب (ج 51/4-52): وكان آل أبي طالب قبل خلافة المنتصر في محنة عظيمة وخوف على دمائهم، قد منعوا زيارة قبر الحسين والغري من أرض الكوفة، وكذلك منع غيرهم من شيعتهم حضور هذه المشاهد، و كان الأمر بذلك من المتوكل سنة ست وثلاثين ومائتين، وفيها أمر المعروف باذيريج بالسير إلى قبر الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهما وهدمه ومحو أرضه وإزالة أثره، وأن يعاقب من وجد به، فبذل الرغائب لمن تقدم على هذا القبر، فكل خشي العقوبة، وأحجم، فتناول الباذيریج مسحاة وهدم أعالي قبر الحسين، فحينئذ أقدم الفعلة فيه... ولم تزل الأمور على ما ذكرنا إلى أن استخلف المنتصر سنة 247 هجرية، فأمن الناس، وتقدم بالكف عن آل أبي طالب، وترك البحث عن أخبارهم، وأن لا يمنع أحد زيارة الحيرة لقبر الحسين رضي الله تعالى عنه، ولا قبر غيره من آل أبي طالب، وأمر برد فدك إلى ولد الحسن والحسين، وأطلق أوقاف آل أبي طالب وترك التعرض لشيعتهم ودفع الأذي عنهم... وفي ذلك يقول یزید بن محمد المهلي و كان من شيعة آل أبي طالب وما كان امتحن به الشيعة في ذلك الوقت واغريت بهم العامة: ولقد بررت الطالبية بعدما*** ذموا زمانأ بعدها وزمانا ورددت ألفة هاشم، فرأيتهم ***بعد العداوة بينهم إخوانا آنست ليلهم وجدت عليهم ***الرأوك أثقل من بها میزانا لويعلم الأسلاف کیف بررتهم*** حتى نسوا الأحقاد والأضغانا
اختلاق الفضائل في الخلفاء الاوائل وفي بني أمية:

قال ابن أبي الحديد قد روى ابن عرفة المعروف ب-(نفطويه)(1).وهو من اکابر المحدثين واعلامهم في تاريخه قال: ان اكثر الاحادیث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في ايام بني أمية) (2).

قال المدائني:

کتب معاوية الى عماله: انظروا من قبلكم من شيعة عثمان الذين يروون فضائله ومناقبه، فادنوا مجالسهم وقربوهم واکر موهم، واكتبوا الي بما يروي كل رجل منهم واسمه واسم أبيه، وعشيرته ".

ففعلوا ذلك حتى اكثروا في فضائل عثمان ومناقبه لما كان يبعث اليهم معاوية من الصلات والكسا، والحباء والقطائع ويفضيه في العرب منهم والموالي، فكثر ذلك في كل مصر، وتنافسوا في المنازل والدنيا، فليس يجيئ أحد مردود من الناس عاملا من عمال

ص: 76


1- قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (ج75/5): هو الامام الحافظ النحوي العلامة الاخباري ابراهيم بن محمد بن عرفة بن سليمان العتكي الأزدي الواسطي، ولد سنة 244 وتوفي سنة 323 هج صاحب التصانیف، و كان ذا سنة و دین، من تصانيفه (تاریخ الخلفاء)
2- شرح النهج ج 11 ص 44

معاوية فيروي في عثمان فضيلة أو منقبة الا كتب اسمه وقربه وشفعه، فلبثوا في ذلك حينا.

قال المدائني:

ثم كتب إلى عماله: أن الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كل مصر وفي كل وجه وناحية، فإذا جاء کم کتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة، والخلفاء الأولين، ولا تتركوا خبرا پرویه احد من المسلمين في ابي تراب، الآ واتوني بمناقض له في الصحابة فإن هذا احب الي وأقر لعيني وأدحض لحجة ابي تراب و شیعته واشد عليهم من مناقب عثمان وفضله.

فقرئت كتبه على الناس، فرویت اخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة، لا حقيقة لها، وجرى الناس في رواية ما يجري هذا المجرى، حتى اشادوا بذكر ذلك على المنابر، والقي الى معلمي الكتاتيب، فعلموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع، حتى رووه وتعلموه كما يتعلمون القرآن، وحتى علموه بناتهم ونساءهم وخدمهم وحشمهم ... ومضى على ذلك الفقهاء والقضاة والولاة (1).

أقول: ومما وضع في فضل معاوية:

ما رواه احمد قال: حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن بحر ثنا الوليد بن مسلم (ت سنة 195) ثنا سعید بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عن عبد الرحمن بن أبي عميرة الأزدي عن النبي صلي الله عليه و آله و انه ذکر معاوية وقال: اللهم اجعله هاديا مهديا واهد به (2).

ص: 77


1- المصدر السابق
2- مسند احمد 216/4 ، جامع الترمذی 687/5، المعجم الاوسط 380/1،الآحاد والمثانی 358/2،مسند الشاميين 181/1

ترويع شيعة علي عليه السلام :

قال المدائني: كتب معاوية إلى قضاته وولاته في الامصار أن لا يجيزوا لأحد من شيعة علي الذين يروون فضله ويتحدثون بمناقبه شهادة.

ثم كتب ايضا: انظروا من قامت عليه البينة أنه يجب عليا واهل بيته فامحوه من الديوان.

ثم كتب كتابا آخر من اتهمتموه ولم تقم عليه بينة فأقتلوه! (1).

ص: 78


1- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج45/11

الفصل الثاني: خطة معاوية لتصفية التشيع في الكوفة

عقبتان امام مخطط معاوية بعد وفاة الحسن عليه السلام :

كان للكوفة في نظر معاوية اكثر من جرم، فقد انطلقت منها الشرارة الأولى في الاعتراض على سياسة ولاة عثمان، ثم هي مرکز انصار علي وشیعته، وهي القاعدة الصلبة التي استند اليها الحسن عليه السلام لتحقيق اهدافه في الصلح، وجعلت معاوية يعاني جهدا نفسيا كبيرا مدة تسع سنوات، ليظهر بمظهر الحليم، ويتحمل انتشار احادیث النبي صلي الله عليه و آله في حق علي عليه السلام ، وانتشار سيرته المشرقة في الشام وغيرها، ويكرم وجوه اصحابه وهم ألد اعدائه.

وضع معاوية في حسابه أن يبذل كل جهده لتغيير وجهة الولاء الفكري والسياسي في الكوفة الذي كان لصالح علي وولده الطاهرين عليهم السلام، وتحويلها إلى مدينة موالية لبني أمية، وليس من شك انه امر عسير جدا، ودونه عقبات كؤود أهمها عقبتان اثنتان بعد ان تخلص من الحسن عليه السلام وهما: ..

1.الجيش (1). والشرطة فان النسبة الغالبة منهم ان لم يكونوا كلهم شيعة علي عليه السلام .

2. الوجوه البارزة في المجتمع واغلبهم من الشيعة وفيهم رموز العلم والتقوى امثال: حجربن عدي الكندي وعمروبن الحمق الخزاعي وغيرهما من الصحابة والتابعين.

ص: 79


1- كانت مجموع المقاتلة ستين الف و كان المقاتلة الفعليون كل سنة عشرة الاف
الجيش والشرطة:

اعتمد معاوية في خطته لغربلة الجيش وقوى الامن الداخلي في الكوفة من كل شيعي فيه واستبداله بشيعة بني أمية بمرحلتين أساسيتين:

المرحلة الاولى في حياة الحسن عليه السلام:

ويبدو أن أهم وسيلة اعتمدها معاوية في هذه المرحلة، هي مقاتلة الخوارج وملاحقتهم، فان المخلصين والواعين من الشيعة كانوا يمتنعون من مقاتلة الخوارج، للكلام المأثور عن علي عليه السلام : (لا تقاتلوا الخوارج بعدي، فانه ليس من طلب الحق فاخطأه كمن عرف الباطل وأصابه)(1).، وقال عليه السلام: (إن خرجوا على إمام عادل فقاتلوهم، وإن خرجوا على إمام جائر فلا تقاتلوهم فان لهم بذلك مقالا) (2).

المرحلة الثانية بعد وفاة الحسن عليه السلام:

و كان اسلوب الغربلة في هذه المرحلة يعتمد على سياسة الدولة في لعن علي عليه السلام

ص: 80


1- قال ابن عبد البر في الاستيعاب بترجمة خالد بن عرفطة: (لما سلم الامر الحسن لمعاوية) خرج عليه عبدالله بن أبي الحوساء في جمادی سنة 41 بالنخيلة، فبعث اليه معاوية خالد بن عرفطة العذري حليف بن زهرة في جمع من اهل الكوفة (ايضا تاریخ خليفة بن خياط /203) ثم خرج حو ثرة بن وداع، فسرح اليه معاوية عبد الله بن عوف بن أحمر في الف، فقتل حوثرة في جمادي الآخرة سنة 41 (تاریخ ابن خیاط /204)، ثم خرج فروة بن نوفل على المغيرة بعد رحيل معاوية فوجه اليه المغيرة شبث بن ربعي (ويقال : معقل بن قيس) فقتله، ثم خرج شبيب بن بجرة خرج على المغيرة بالقف قريب الكوفة فبعث اليه المغيرة خالد بن عرفطة فقتله (وفي رواية ابن خیاط وجه اليه كثير بن شهاب الحارثي فقتله في أذربيجان)، ثم خرج ابومريم مولى بني الحارث بن کعب فوجه اليه المغيرة جابرا البجلي فقتله، ثم خرج ابو لیلی ومعه ثلاثون من الموالي بعث اليه المغيرة معقل بن قيس الرياحي فقتله (ابن الأثير 411/3-412) ثم خرج المستورد بن غلفة غرة شعبان سنة 43، فبعث اليه المغيرة معقل بن قیس فقتله (ابن الأثير 421/3 ). ثم خرج سهم بن غالب الهجيمي ومعه زیاد بن مالك الخطيم بناحية البصرة، فخرج اليهم عبد الله بن عامر (تاریخ ابن خياط 204)
2- مصنف ابن ابي شيبة 738/8

والبراءة منه، فمن يرفض لعن علي عليه السلام وسبه كان نصيبه أن يسقط اسمه من دیوان العطاء، بل كان نصيب كل متهم بحب علي هو ان يسقط اسمه من ديوان العطاء، وليس من شك أن المخلصين والواعين من الشيعة لا تطيب نفوسهم بسب علي عليه السلام حتى في حالات الضرورة المسموح بها فضلا عن البراءة وهي غير مسموح بها لانها امر قلبي، وقد كان هذا الأسلوب الذي استخدمه معاوية اقوى اسلوب لتصفية الجيش وقوى الأمن الداخلي من الشيعة بل من كل متهم بحب علي.

اجراءات زياد بن عبيد الثقفي في الكوفة:

كان زیاد بن عبيد الثقفي الذي غير نسبه معاوية في قصة معروفة إلى زياد بن ابي سفیان، يعتبر بحق باني الجيش الأموي في العراق وقوى الامن الداخلي فيه. وكانت من اهم اجراءاته في هذا السبيل إلى جنب صرامته في تطبيق السياسة العامة التي اشرنا اليها آنفا) أربعة امور اساسية هي:

الأول : احياء الخروج الالزامي للغزو، وهو اول اجراء اتخذه عند قدومه الكوفة، قال البلاذري: لما استعمل معاوية زيادا حين هلك المغيرة (1) على الكوفة جاء حتى دخل المسجد ثم خطب، فقال: ... واي رجل مكتبه بعيد فأجله سنتان ثم هو أمير نفسه، وأي رجل مكتبه قریب فاجله سنة ثم هو أمير نفسه (2).

ص: 81


1- هلك سنة 50 هجرية وقيل سنة 51 هجرية
2- انساب الاشراف ق 4 ج 198/1 . كان نظام التجنيد على عهد الرسول صلي الله عليه و آله اختياريا و كذلك في عهد أبي بكر وشطرا من عهد عمر، ثم صيره عمر الزاميا ونقل الطبري (478/3 ) عن عمر قوله: (ولا تدعوا في ربيعة أحدا ولا مضر ولا حلفائهم أحدا من أهل النجدات ولا فارسا إلا اجتلبتموه، فإن جاء طائعا وإلا حشرتموه). وذكر المقريزي: ان الامير قبل ذلك كان يقري البعوث على قدر المسافة ان كان بعيدا فسنة وان كان دون ذلك فستة اشهر، فإذا أخل الرجل بثغره نزعت عمامته و اقيم في مسجد حيه، فقيل هذا فلان قد أخل (الادارة في العصر الأموي نجدت خماش /268 عن المقريزي172/1)

الثاني: تغيير نظام الأسباع الذي كان على عهد الامام علي عليه السلام (1) إلى نظام الأرباع، وفي هذا النظام جعل تعبئة قبيلة همدان مع قبيلة تميم ربعا، وعليهم خالد بن عرفطة (2)، وربيعة وكندة ربعا وعليهم قیس بن خالد، ومذحج واسد ربعا وعليهم ابو بردة بن أبي موسى الأشعري (3)، واهل المدينة ربعا، وعليهم عمرو بن حریث

ص: 82


1- كان ترتیب الاسباع على عهد علي عليه السلام كما يلي: 1. همدان وحمير 2. مذحج واشعر ومعهم طئ (ولكن رايتهم خاصة بهم) 3. قيس و عبس وذبيان ومعهم عبد القيس 4. کندة وحضرموت وقضاعة و مهرة. 5. الازد و بجيلة وخثعم والأنصار. 6. بکر وتغلب وبقية بطون ربيعة (عدا عبد القيس) 7. قریش و كنانة واسد وتميم وضبة والرباب. (البلاذري في فتوح البلدان، الطبري ج 4 ص 317 وايضا الدينوري في الأخبار الطوال ونصر بن مزاحم في وقعة صفين
2- قال ابن حجر في الإصابة في ترجمته: خالد بن عرفطة (بضم المهملة والفاء بینهما راء ساكنة) بن أبرهة(بفتح الهمزة والراء بينهما موحدة ساكنة) بن سنان الليثي ويقال العذري وهو الصحيح، وهو حليف بني زهرة، وولاه سعد القتال يوم القادسية، أخرج حديثه الترمذي بإسناد صحيح، روى عنه أبوعثمان النهدي وعبد الله بن يسار ومسلم مولاه و أبو إسحاق السبيعي وغيرهم، و كان خالد مع سعد بن أبي وقاص في فتوح العراق، وكتب إليه عمر يأمره أن يؤمره واستخلفه سعد على الكوفة، ولما بايع الناس لمعاويه و دخل الكوفة خرج عليه عبد الله بن أبي الحوساء بالنخيلة فوجه إليه خالد بن عرفطة هذا فحاربه حتى قتله، وعاش خالد إلى سنة ستين، وقيل مات سنة إحدى وستين، قال في تهذيب الكمال في ترجمته: وقال أبوالقاسم الطبراني: كان خليفة سعد بن أبي وقاص على الكوفة ثم استعمله زیاد على الكوفة. قال ابن حجر: وذكر بن المعلم المعروف بالشيخ المفيد الرافضي في مناقب علي من طريق ثابت الثمالي عن أبي إسحاق عن سويد بن غفلة قال: جاء رجل إلى علي فقال إني مررت بوادي القرى فرأيت خالد بن عرفطة بها مات فاستغفر له فقال: إنه لم يمت ولا يموت حتى يقود جيش ضلالة ويكون صاحب لوائه حبيب بن حمار، فقام رجل فقال يا أمير المؤمنين إني لك محب وأنا حبیب بن حمار، فقال لتحملنها و تدخل بها من هذا الباب وأشار إلى باب المقبل فاتفق أن بن زیاد بعث عمر بن سعد إلى الحسين بن علي، فجعل خالدا على مقدمته وحبيب بن حمار صاحب رایته، فدخل بها المسجد من باب المقبل
3- قال ابن سعد (في الطبقات (268/6) أبو بردة بن أبي موسى الأشعري واسمه عامر بن عبد الله بن قیس قال: أخبرنا محمد بن حميد العبدي عن معمر عن سعيد بن أبي بردة عن أبي بردة قال: أرسلني أبي إلى عبد الله بن سلام أتعلم منه، فجئته فسألني: من أنت؟ فأخبرته فرحب بي، فقلت: إن أبي أرسلني إليك الأسألك وأتعلم منك، وقال أبونعیم: قد ولي أبوبردة قضاء الكوفة بعد شریح قال محمد بن عمر وقد روى أبو بردة عن أبيه وقد ولي قضاء الكوفة: وقال محمد بن عمر وغيره: توفي أبو بردة بالكوفة سنةثلاث ومائة

المخزومي، ومن الواضح أن الهدف من هذا التغيير هو تطويق القبائل المعروفة بتشيعها(1).

الثالث: تسيير خمسين الف مقاتل عراقي مع عوائلهم إلى خراسان(2). ، منهم خمس وعشرون الف من الكوفة، عين عليهم عبد الله بن عقيل، والباقون من البصرة، عين عليهم الربيع بن زياد الحارثي (3)، كما عينه على الجميع (4)، وكان فيهم بريدة بن الحصيب الاسلمي، وبمرو توفي ايام یزید بن معاوية، وكان فيهم أيضا ابوبرزة الأسلمي عبد بن نضلة، وبها مات واسكنهم دون النهر(5).

الرابع: اعتماد الحمراء مادة اساسية في قوى الامن الداخلي، والحمراء كانوا يعملون مع الجيش الفارسي وأصلهم من الديلم (6).، كان منهم مع رستم يوم القادسية

ص: 83


1- وقد التفت الى هذا الهدف ايضا المسشرق لامانس المعروف بميوله للامويين. انظر خطط الكوفة للعلامة ماسینیون ترجمة. المصعبي ص 16
2- قال الخربوطلي في كتابه العراق في العهد الأموي/ وهو رسالة دكتوراه /في ص 298: ولا شك أن معظمهم من الشيعة الذين اراد زیاد التخلص من معارضتهم الدائمة
3- قال في الاصابة: الربيع بن زياد الحارثي، قال أبو عمر: له صحبة ولا أعرف له رواية، كذا قال، وقال أبو أحمد العسكري: أدرك الأيام النبوية ولم يقدم المدينة إلا في أيام عمر، وذكره البخاري وابن أبي حاتم وابن حبان في التابعين، وقال بن حبان: ولاه عبد الله بن عامر سجستان سنة تسع وعشرين ففتحت على يديه وقال المبرد في الكامل كان عاملا لأبي موسى على البحرين وفد على عمر فسأله عن سنه؟ فقال خمس وأربعون، وقص قصة في آخرها أنه كتب إلى أبي موسى أن يقره على عمله واستخلفه أبو موسى على حرب مناذر سنة تسع عشرة فافتتحها عنوة، وقتل بها أخوه المهاجر بن زیاد، وله مع عمر أخبار كثيرة: منها أن عمر قال لأصحابه دلوني على رجل إذا كان في القوم أميرا فكأنه ليس بأمير وإذا لم يكن بأمير فكأنه أمير فقالوا: ما نعرفه إلا الربيع بن زیاد، قال: صدقتم.ذکرها بن الكلبي، و كان الحسن البصري کاتبه، وولي خراسان لزياد إلى أن مات.
4- ادارة العراق في صدر الاسلام لرمزية عبد الوهاب الخير و ص 143 و 239 نقلا عن الطبري (ج 4ص 170) عن المدائني
5- فتوح البلدان 507
6- فتوح البلدان /344

اربعة الاف، ویسمون جند شاهنشاه، فاستأمنوا على ان ينزلوا حيث احبوا، ويحالفوا من احبوا، فاعطاهم سعد ذلك، وحالفوا زهرة بن حوية السعدي من بني تميم ونزلوا الكوفة (1).

قال المرحوم آیة الله الشيخ راضي آل ياسين في كتابه صلح الحسن عليه السلام: والحمراء شرطة زياد الذين فعلوا الافاعيل بالشيعة سنة 51 وحواليها (2).

ونقل الجاحظ عن زياد قوله: ينبغي أن يكون صاحب الشرطة زميتا قطوبا ابيض اللحية اقني احنى ويتكلم بالفارسية(3).

وذكر الطبري ان الشرطة في عهد زياد في البصرة قد بلغ عددهم اربعة آلاف (4).اقول: من المؤكد ان عددهم في الكوفة اكثر من ذلك.

وفي قصة عبد الله بن خليفة الطائي من اصحاب حجر لما طلبه زیاد قال الطبري: (فبعث اليه الشرط وهم أهل الحمراء يومئذ فأخذوه) (5).، وفي قصة حجر بن عدي الكندي قال ابن سعد: (فأرسل ابن زياد الى حجر الشرط والبخارية وأتي به الى زياد وباصحابه) (6).

قال عمر بن شبة: وكان زیاد أول من شد أمر السلطان وأكد الملك لمعاوية وألزم الناس الطاعة و تقدم في العقوبة وجرد السيف وأخذ بالظنة وعاقب على الشبهة وخافه الناس في سلطانه خوفا شديدا(7).

ص: 84


1- فتوح البلدان /343-344
2- صلح الامام الحسن /72
3- العراق في العهد الأموي /62 عن الجاحظ في البيان والتبيين ج95/1
4- تاريخ الطبري 222/5
5- تاريخ الطبري 281/5
6- الطبقات الکبری 217/6، سیر اعلام النبلاء464/3
7- تاريخ الطبري 222/5

استعان زياد في البصرة بعدة من أصحاب النبي صلي الله عليه و آله، منهم سمرة ابن جندب (1) وأنس

ص: 85


1- قال في تهذيب الكمال: سمرة بن جندب الفزاري، صاحب النبي صلي الله عليه و آله ، نزل البصرة، حليف الأنصار،روي عن النبي صلي الله عليه و آله وعن أبي عبيدة بن الجراح، روى عنه الحسن البصري وابناه سعد بن سمرة بن جندب وسليمان بن سمرة بن جندب وعامر الشعبي، قال أبو عمر بن عبد البر: وكان زیاد يستخلفه عليها ستة اشهر وعلى الكوفة ستة اشهر. وكان شديدا على الحرورية، كان إذا اتي بواحد منهم قتله ولم يقله، فالحرورية ومن قاربهم من مذهبهم يطعنون عليه وينالون منه. قال الطبري: فحدثني عمر قال: حدثني إسحاق بن إدريس قال: حدثني محمد ابن سلیم قال: سألت أنس بن سیرین: هل كان سمرة قتل أحدا؟ قال: وهل يحصى من قتل سمرة بن جندب؟ استخلفه زیاد على البصرة وأتى الكوفة فجاء وقد قتل ثمانية آلاف من الناس، فقال له: هل تخاف أن تكون قد قتلت أحدا بريئا؟ قال: لوقتلت إليهم مثلهم ما خشیت، أو كما قال وروی ایضا عن عمر قال: حدثني موسی بن إسماعيل قال: حدثنا نوح بن قيس عن أشعث الحمداني عن أبي سوار العدوي قال: قتل سمرةمن قومي في غداة سبعة وأربعين رجلا قد جمع القرآن. وروى ايضا عن عمر قال: حدثني علي بن محمد عن جعفر الصدفي عن عوف قال: أقبل سمرة من المدينة، فلما كان عند دور بني أسد خرج رجل من بعض أزقتهم ففجأ أوائل الخيل، فحمل عليه رجل من القوم فأوجره الحربة. قال: ثم مضت الخيل، فأتي عليه سمرة بن جندب وهو متشحط، في دمه فقال: ما هذا؟ قيل: أصابته أوائل خيل الأمير، قال: إذا سمعتم بنا قد ركبنا فاتقوا أسنتنا (تاریخ الطبري ج: 5 ص: 237 سنة 50). قال الطبري: فحدثني عمر بن شبة قال: حدثني علي قال: مات زیاد و على البصرة سمرة بن جندب خليفة له وعلى الكوفة عبد الله بن خالد بن أسيد، فأقر معاوية سمرة على البصرة ثمانية عشر شهرا. قال عمر: وبلغني عن جعفر بن سليمان الضبعي قال: أقر معاوية سمرة بعد زیاد ستة أشهر، ثم عزله فقال سمرة: لعن الله معاوية، والله لو أطعت الله كما أطعت معاوية ما عذبني أبدا (تاريخ الطبري 291/5). قال في تهذيب الكمال: وكان الحسن وابن سیرین و فضلاء أهل البصرة يثنون عليه ويحملون عنه وقال عبد الله بن صبيح عن محمد بن سیرین: كان سمرة فيما علمت عظيم الأمانة صدق الحديث يحب الإسلام وأهله، قال أبو عمر: وكان سمرة من الحفاظ المكثرين عن رسول الله صلي الله عليه و آله ، مات في آخر خلافة معاوية آخر سنة تسع وخمسين أو أول سنة ستين بالكوفة وقيل بالبصرة سنة ثمان وخمسين، كان أصابه قزاز شدید و کان لا يكاد ان يدفأ فأمر بقدر عظيمة فملئت ماء وأوقد تحتها واتخذ فوقها مجلسا فكان يصعد اليه بخارها فيدفأه فبينا هو كذلك إذ خسف به (فسقط فيها) فمات، فكان ذلك تصديقا لقول رسول الله صلي الله عليه و آله له ولأبي هريرة و ثالث معهما: آخر کم موتا في النار، روی له الجماعة

بن مالك (1).

اما في الكوفة فقد استعان بالصحابي عمرو بن حریث المخزومي (2) وغيره.

قال الطبري: وقيل: إن زیادا أول من سير بين يديه بالحراب، ومشي بين يديه بالعمد، واتخذ الحرس رابطة خمسمائة واستعمل عليهم شیبان صاحب مقبرة شيبان من

ص: 86


1- قال الطبري: حدثني عمر بن شبة قال: حدثنا علي بن محمد قال: استعان زیاد بعدة من أصحاب النبي صلي الله عليه و آله منهم عمران بن الحصين الخزاعي، ولاه قضاء البصرة، والحكم بن عمرو الغفاري ولاه خراسان، وسمرة بن جندب وأنس بن مالك وعبد الرحمن بن سمرة، فاستعفاه عمران فأعفاه. واستقضى عبد الله بن فضالة الليثي ثم أخاه عاصم بن فضالة ثم زرارة بن أوفي الحرشي و كانت أخته لبابة عند زیاد
2- قال المزي في تهذيب الكمال: عمرو بن حریث القرشي المخزومي أبو سعيد الكوفي، له صحبة، روی عن النبي صلى الله عليه و آله وسلم وعن أخيه سعید بن حریث و سعید بن زید بن عمروبن نفيل وعبد الله بن مسعود وعدي بن حاتم وعلي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب وأبي بكر الصديق روی عنه إسماعيل بن أبي خالد ومولاه أصبغ وابنه جعفر بن عمرو بن حريث والحسن العرني و خلف بن خليفة تم رآه رؤية وخليفة والد فطر بن خليفة وسعيد بن مردانبة وسوقة والد محمد بن سوقة وأبوهمام عبد الله بن يسار الكوفي وعبد الملك بن عمير وعطاء بن السائب وابن أخيه عمرو بن عبد الملك بن حریث والمغيرة بن سبيع ومولاه أبوموسی هارون بن سلمان الفراء الكوفي والوليد بن سریع وأبو الأسود المحاربي قال الواقدي توفي النبي صلى الله عليه و آله وسلم وهو ابن اثنتي عشرة سنة. وعن محمد بن سیرین: أن عمروبن حریث تزوج بنت عدي بن حاتم على حكم عدي، فندمه الناس وقالوا لعله يحكم فيكثر، فحكم عدي اثنتي عشرة أوقية، فأرسل إليه عمرو ببدرة فيها عشرة آلاف. قال البخاري وغيره: توفي سنة خمس وثمانين، روی له الجماعة. وقال ابن حجر في الاصابة: قال ابن حبان: ولد في أيام بدر وقال غيره: قبل الهجرة بسنتين وعند ابن أبي داود عنه: خط لي رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم دارا بالمدينة، وهذا يدل على أنه كان كبيرا في زمانه، وقد روي عن النبي صلى الله عليه و آله وسلم وأبي بكر وعمر وعلي عليه السلام وابن مسعود وغيرهم، روی عن أخيه سعید بن حريث وله صحبة وروى عنه ابنه جعفر وآخرون من أهل الكوفة، من أصغرهم فطر بن خليفة، وكان قد ولي إمرة الكوفة نيابة لزياد ولابنه عبد الله بن زیاد

بني سعد فكانوا لا يبرحون المسجد (1).

اقول: مراد من قال ذلك العراق، والا فان اول من سير الحراب بين يديه هومعاوية في الشام.

ص: 87


1- المصدر السابق

الفصل الثالث : مقتل حجر بن عدي وأصحابه رضوان الله عليهم

ترجمة حجر:

ذکر اصحاب التراجم عن حجر انه: وفد على النبي صلي الله عليه و آله هو وأخوه هانئ بن عدي (1). وشهد واقعة القادسية، وشهد مع مالك الأشتر موت أبي ذر بالربذة، وأنه شهد بعد ذلك حروب الجمل وصفين والنهروان. وانه قتل صبرا بمرج عذراء (2) بأمر معاوية(3) وكان له ابنان، عبد الله وعبد الرحمن، كانا مع المختار، قتلهما مصعب بن الزبير صبرا (4). قال ابن عساکر و كانا يتشیعان (5).

ص: 88


1- وشهد حجر حجة الوداع كما يظهر من رواية الحاكم: حدثنا أبو علي الحافظ أنا محمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني ثنا محمد بن مسكين اليمامي ثنا عباد بن عمر ثنا عكرمة بن عمار ثنا مخشي بن حجر بن عدي عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه و آله وسلم خطبهم، فقال: أي يوم هذا؟ قالوا: يوم حرام، قال: فأي بلد هذا، قالوا: البلد الحرام، قال: فأي شهر ، قالوا: شهر حرام، قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا كحرمة شهر كم هذا كحرمة بلدكم هذا، ليبلغ الشاهد الغائب، لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض. (اقول: ومعنى ذلك أنه شهد حادثة الغدير)
2- مرج راهط بمقربة من دمشق بينهما اثنا عشر ميلا. (الروض المعطار للحميري)
3- انظر الاصابة لابن حجر
4- المستدرك 531/3. الاصابة
5- تاریخ ابن عساکر ترجمة حجر

وقال ابن سعد: كان ثقة عينا، ولم يروعن غير علي شيئا (1).

أقول: أي لم يروعن الصحابة الآخرين، فهو اما يروي عن النبي صلي الله عليه و آله، او عن علي عليه السلام .

وقال ابن عبد البر: كان من فضلاء الصحابة وصغر سنه عن كبارهم، وكان على كندة يوم صفين، وكان على الميسرة يوم النهروان (2).

وقال أحمد: قلت ليحيى بن سليمان: ابلغك ان حجرا كان مستجاب الدعوة؟ قال:نعم، و كان من افاضل اصحاب النبي صلي الله عليه و آله (3).

وقال ابن الأثير: وكان من فضلاء الصحابة واعيانهم.

وقال ابن كثير: وفد الى رسول الله وكان من عباد الله وزقادهم، و كان بارا بأمه (4) وكان كثير الصلاة والصيام، وما احدث الا توضأ وما توضأ الا صلی.

وقال الذهبي: لحجر صحبة ووفادة، و كان صالحا عابدا يلازم الوضوء ويكثر الامربالمعروف والنهي عن المنكر. كان شريفا مطاعا، من شيعة علي، شهد صفين أميرا(5).

سبب قتل حجر:

قال الحاكم النيسابوري: سمعت أبا علي الحافظ، يقول: سمعت ابن قتيبة يقول: سمعت إبراهيم بن يعقوب،(6).يقول: قد أدرك حجر بن عدي الجاهلية وأكل الدم فيها، ثم صحب رسول الله صلي الله عليه و آله وسمع منه وشهد مع علي بن أبي طالب عليه السلام الجمل وصفين وقتل في موالاة علي (7)

ص: 89


1- الطبقات الكبرى ترجمة حجر
2- الاستيعاب ترجمة حجر
3- الاستيعاب ترجمة حجر
4- قال عبد الكريم بن رشيد: كان حجر يلمس فراش امه بيده، فيتهم غلظ يده، فينقلب على ظهره فإذا امن ان يكون عليه شئ أضجعها. تاریخ ابن عساکر ترجمة حجر
5- سیر اعلام النبلاء و تاریخ الاسلام
6- هو المعروف بالجوزجاني على الاكثر
7- المستدرك 534/3

اقول: قوله (وقتل في موالاة علي) يريد ما ورد في كتب التاريخ من أن جلاوزة معاوية قالوا لحجر واصحابه: انا قد أمرنا أن نعرض عليكم البراءة من علي واللعن له فان فعلتم تركناكم وان ابيتم قتلناكم، فقالوا: انا لسنا فاعلي ذلك فقتلوا.

اما قول الذهبي في حجر أنه (كان يكثر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر): فهو السبب المباشر الذي جعل معاوية وزياد لا يتورعان عن قتل حجر، وملخص ذلك ما رواه الطبري عن أبي مخنف قال :

كان المغيرة إذا لعن عليا على المنبر قام حجر، وقال: بل إياكم فذمم الله ولعن، ثم قام، فقال: إن الله عز وجل يقول: (كونوا قوامین بالقسط شهداء لله) وأنا أشهد أن من تذمون و تعيرون لأحق بالفضل وأن من تزكون وتطرون أولى بالذم (1).

وكانت سياسة الدولة هي عدم استخدام العنف مع المنكرين في المرحلة الاولى من اجل تشخیص أبعاد ردود الفعل والقائمين بها ليتسنى تصفيتهم بشكل هادئ ومدروس، ومن هنا لم يتورط المغيرة بأي رد فعل قاس إزاء حجر واصحابه.

ومات المغيرة اخريات سنة خمسين او اوائل سنة 51 هجرية، والانقلاب الأموي بعد وفاة الحسن في أيامه الأولى)، وضم معاوية الكوفة إلى زياد بعدما أثبت كفاءة خاصة في إدارة البصرة.

وجاء زیاد واتخذ اجراءاته التي ذكرناها آنفا واستعد لخوض مرحلة المواجهة الحادة مع حجر واصحابه المنكرين على بني أمية سياستهم.

ولم يسجل حجر ولا اصحابه طوال هذه المدة أي موقف يسوغ للسلطة قتلهم من قبيل خلع الحاكم وحمل السيف ضده، واكتفوا بالمواجهة اللسانية والفكرية استجابة لتوجيه الامام الحسين عليه السلام لهم كما سيأتي بيانه، ولم يكن امام زیاد والحالة هذه الا ان

ص: 90


1- الطبري ج 4 ص 188

يلفق على حجر واصحابه تهمة نكث بيعة معاوية والخروج عليه بشهادات الزور ولم يكن معاوية بعيدا عن مثل هذه الخطة.

قال الطبري: حدثنا مسلم الجرمي قال: حدثنا مخلد بن الحسن عن هشام عن محمد بن سیرین قال: خطب زیاد يوما في الجمعة فأطال الخطبة وأخر الصلاة فقال له حجر بن عدي: الصلاة! فمضى في خطبته، ثم قال: الصلاة! فمضى في خطبته، فلما خشي حجر فوت الصلاة ضرب بيده إلى كف من الحصا وثار إلى الصلاة وثار الناس معه، فلما رأى ذلك زیاد نزل فصلي بالناس، فلما فرغ من صلاته كتب إلى معاوية في أمره وكثر عليه، فكتب إليه معاوية :أن شده في الحديد ثم احمله إلي، فلما أن جاء كتاب معاوية أراد قوم حجر أن يمنعوه فقال: لا ولكن سمعا وطاعة، فشد في الحديد ثم حمل إلى معاوية (1).

قال هشام بن محمد عن أبي مخنف وحدثني المجالد بن سعيد عن الشعبي وزکریا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق :أن حجرا لما قفي به من عند زیاد نادى بأعلى صوته: اللهم إني على بيعتي لا أقيلها ولا أستقيلها سماع الله والناس. وكان عليه برنس في غداة باردة فحبس عشر ليال وزیاد ليس له عمل إلا طلب رؤساء أصحاب حجر حتى جمع اثني عشر رجلا في السجن.

شهادة الزور وشهداء الزور:

ثم إنه دعا رؤوس الأرباع فقال: اشهدوا على حجر بما رأيتم منه وكان رؤوس الأرباع يومئذ:

عمرو بن حریث على ربع أهل المدينة.

وخالد بن عرفطة على ربع تمیم و همدان.

وقيس بن الوليد بن عبد شمس بن المغيرة على ربع ربيعة و كندة.

ص: 91


1- تاريخ الطبري ج: 5 ص: 257 سنة 51

وأبو بردة بن أبي موسى على مذحج وأسد.

فشهد هؤلاء الأربعة أن حجرا جمع إليه الجموع وأظهر شتم الخليفة ودعا إلى حرب أمير المؤمنين وزعم أن هذا الأمر لا يصلح إلا في آل أبي طالب، ووثب بالمصر وأخرج عامل أمير المؤمنين وأظهر عذر أبي تراب والترحم عليه والبراءة من عدوه وأهل حربه وأن هؤلاء النفر الذين معه هم رؤوس أصحابه وعلى مثل رأيه وأمره.

ونظر زیاد في شهادة الشهود فقال: ما أظن هذه الشهادة قاطعة وإني لأحب أن يكون الشهود أكثر من أربعة.

قال المدائني: شهدوا أن حجرا واصحابه شتموا عثمان ومعاوية وبرئوا منهما فقال: ما هذه بقاطعة، فقام ابو بردة فشهد انهم خلعوا الخليفة وفارقوا الجماعة ودعوا إلى الحرب وكفروا بالله وشهد رؤساء الأرباع على مثل شهادته.

وفي رواية أبي مخنف: فحدثني الحارث بن حصيرة عن أبي الكنود وهو عبد الرحمن بن عبيد وأبو مخنف عن عبد الرحمن بن جندب وسليمان بن أبي راشد عن أبي الكنود بأسماء هؤلاء الشهود:

بسم الله الرحمن الرحیم. هذا ما شهد عليه أبو بردة بن أبي موسى لله رب العالمين، شهد أن حجر بن عدي خلع الطاعة وفارق الجماعة ولعن الخليفةودعا إلى الحرب والفتنة وجمع إليه الجموع يدعوهم إلى نكث البيعة وخلع أمير المؤمنين معاوية وكفر بالله عز وجل كفرة صلعاء.

فقال زیاد: على مثل هذه الشهادة فاشهدوا، أما والله لأجهدن على قطع خيط عنق الخائن الأحمق، فشهد رؤوس الأرباع الثلاثة الآخرون على مثل شهادته و كانوا أربعة.

ثم إن زیادا دعا الناس فقال: اشهدوا على مثل شهادة رؤوس الأرباع. فقرأ عليهم الكتاب، فقام أول الناس عناق بن شرحبيل بن أبي دهم التيمي تيم الله بن ثعلبة فقال:

بینوا أسمي.

ص: 92

فقال زیاد: ابدءوا بأسامي قريش، ثم اكتبوا اسم عناق في الشهود و من نعرفه ويعرفه أمير المؤمنين بالنصيحة والاستقامة.

فشهد: إسحاق بن طلحة بن عبيد الله (التيمي)(1) و موسي بن طلحة (2)، وإسماعیل بن

ص: 93


1- قال المزي (في تهذيب الكمال 362/2): إسحاق بن طلحة بن عبيد الله القرشي التيمي المدني أخو إسماعيل بن طلحة ويعقوب بن طلحة وأمهم أم أبان بنت عتبة بن ربيعة، خاله معاوية بن أبي سفیان، روی عن أبیه طلحة بن عبيد الله وعبد الله بن عباس وعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم روى عنه ابنا أخيه إسحاق بن يحيى بن طلحة، وطلحة بن يحيى بن طلحة وابنه معاوية بن إسحاق بن طلحة، ذكره محمد بن سعد في الطبقة الأولى من أهل المدينة وذكر محمد بن جرير الطبري عن عمر بن شبة عن علي بن محمد المدائني عن محمد بن حفص: أن معاوية بن أبي سفيان ولی سعید بن عثمان بن عفان حرب خراسان، وولي إسحاق بن طلحة خراجها، قال: وكان إسحاق بن خالة معاوية، فلما صار بالري مات إسحاق بن طلحة فولي سعيد خراج خراسان وحربها وكان ذلك في سنة ست وخمسين على ما ذكر الطبري، وقال خليفة، بن خیاط في سنة ست وخمسين: وفيها مات إسحاق بن طلحة بن عبيد الله بخراسان وقال في موضع آخر ولي سعيد بن عثمان إسحاق بن طلحة بن عبيد الله الخراج فمات إسحاق بالري، وذكر الزبير بن بکار أنه بقي إلى زمن يزيد بن معاوية فالله أعلم، روی له الترمذي وابن ماجة
2- قال ابن حجر (في تهذيب التهذيب 266/6): موسی بن طلحة بن عبيد الله التيمي، يكنى أبا عیسی، وقيل كنيته أبو محمد، ونزل الكوفة وأمه خولة بنت القعقاع بن معبد بن زرارة، قال بن عساکر: ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فسماه، وأخرج البخاري في التاريخ الصغير من طريق العقدي عن إسحاق بن يحيى عن موسى بن طلحة قال: صحبت عثمان اثنتي عشرة سنة، ولموسی رواية في الصحيح والسنن عن أبيه وعثمان وعلي والزبير وأبي ذر وأبي أيوب وغيرهم روى عنه ابنه عمران وحفيده سلیمان بن عیسی وابن أخيه إسحاق بن يحي وابن أخيه الآخر موسی بن إسحاق، وروی عنه أبو إسحاق السبيعي وعبد الملك بن عمير وسماك بن حرب وآخرون، قال: الزبير: كان من وجوه آل طلحة، وقال العجلي: تابعي ثقة، وكان خيارا. قال المزي (في تهذيب الكمال 82/29 ): وقال الأسود بن شيبان عن خالد بن سمير : لما ظهر الكذاب بالكوفة (يعني المختار بن أبي عبيد) هرب منه ناس من وجوه أهل الكوفة، فقدموا علينا البصرة وكان فيمن قدم موسی بن طلحة بن عبيد الله (و كان في زمانه يرون أنه المهدي)، فغشيه الناس وغشيته فيمن يغشاه من الناس، فغشينا رجلا طویل السكوت شديد الكآبة والحزن. وقال عبد الملك بن عمير كان فصحاء الناس (یعني في عصرهم) أربعة فعد منهم موسى بن طلحة، قال بن أبي شيبة وابن أبي عاصم : مات سنة ست ومائة، وقال الهيثم بن عدي وابن سعد : مات سنة ثلاث، وقال أبونعيم وأحمد: مات سنة أربع

طلحة بن عبيد الله.

والمنذر بن الزبير بن العوام (1).

وعمارة بن عقبة بن أبي معيط(2).

وعبد الرحمن بن هناد.

عمر بن سعد بن أبي وقاص (3).

ص: 94


1- قال ابن حجر (في تعجيل المنفعة 411/1) المنذر بن الزبير بن العوام الأسدي أبوعثمان، شقيق عبد الله وعروة، وروي عن أبيه وعنه ابنه محمد و فلیح بن محمد بن المنذر، ذكره بن حبان في ثقات، التابعي. وذكر مصعب الزبيري :أن المنذر غاضب اخاه عبد الله فخرج عن مكة إلى معاوية، فأجازه بجائزة عظيمة واقطعه أرضا بالبصرة، وروى مالك في الموطأ عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه : أن عائشة رضي الله تعالى عنها زوجت حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر المنذر بن الزبير وعبد الرحمن غائب، فلما قدم انكر ذلك ثم اقره، وذكر الزبير أن المنذر فارقها وتزوجها الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما، فاحتال المنذر، عليه حتى طلقها فتزوجها عاصم بن عمر فاحتال عليه المنذر حتى طلقها فأعادها المنذر وأن المنذر بن الزبير كان عند عبید الله بن زیاد لما امتنع عبد الله بن الزبير من بيعة يزيد فكتب یزید، إلى عبيد الله أن يقبض على المنذر، فبلغ المنذر فهرب إلى مكة فقتل المنذر في الحصارالأول بعد وقعة الحرة سنة أربع وستين
2- قال ابن حجر: عمارة بن عقبة بن أبي معيط القرشي الأموي، أخو الوليد، قال أبو عمر : كان هو وأخوه الوليد وخالد من مسلمة الفتح (الإصابة)، وقال ابومخنف: ولما قدم زياد الكوفة أتاه عمارة بن عقبة بن أبي معيط فقال: إن عمرو بن الحمق يجتمع إليه من شيعة أبي تراب. قال: ويقال: إن الذي رفع على عمرو بن الحمق وقال له: قد أنغل المصرین یزید بن رويم، فقال عمرو بن الحريث: ما كان قط أقبل على ما ينفعه منه اليوم، فقال زیاد لیزید بن رويم: أما أنت فقد أشطت بدمه وأما عمرو فقد حقن دمه، ولو علمت أن مخ ساقه قد سال من بغضي ما هجته حتى يخرج علي (تاريخ الطبري ج: 5 ص: 236سنة 50)
3- قال المزي في تهذيب الكمال356/21: عمر بن سعد بن أبي وقاص القرشي الزهري أبو حفص المدني، سكن الكوفة، أخوعامر بن سعد وإخوته، روی عن أبیه سعد بن أبي وقاص وأبي سعيد الخدري، روى عنه ابنه إبراهيم بن عمر بن سعد ويزيد بن أبي مريم السلولي وسعد بن عبيدة والعيزار بن حریث وقتادة و محمد بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري والمطلب بن عبد الله بن حنطب ويزيد بن أبي حبيب المصري و أبو إسحاق السبيعي وابن ابنه أبو بكر بن حفص بن عمر بن سعد، قال خليفة بن خیاط أمه ماوية بنت قیس بن معدي كرب بن الحارث من، كندة وقال بعضهم، مارية (بالراء) وقال بن البرقي :أمه رملة بنت أبي الأنياب من كندة وذكره محمد بن سعد في الطبقة الثانية من أهل الكوفة، وقال أحمد بن عبد الله العجلي : كان يروي عن أبيه أحادیث وروى الناس عنه: وهو الذي قتل الحسين عليه السلام وهو تابعي ثقة، وقال أبو بكر بن أبي خيثمة سألت يحيى بن معين عن عمر بن سعد: أثقة هو؟ فقال: كيف يكون من قتل الحسين عليه السلام ثقة، وقال الحاكم أبوأحمد: سمعت أبا الحسين الغازي يقول: سمعت أبا حفص عمروبن علي يقول سمعت يحيى بن سعيد يقول: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد قال: حدثنا العيزار بن حریث عن عمر بن سعد فقال له رجل من بني ضبيعة: (يقال له موسی): يا أبا سعيد هذا قاتل الحسين عليه السلام ، فسكت، فقال : عن قاتل الحسين تحدثنا فسكت، وقال عبد الرحمن بن يوسف بن خراش : حدثنا أبوحفص هو الفلاس، قال: سمعت يحيى بن سعيد القطان وحدثنا عن شعبة وسفيان عن أبي إسحاق عن العيزار بن حريث عن عمر بن سعد فقام إليه رجل فقال: أما تخاف الله تروي عن عمر بن سعد!؟ فبكى وقال: لا أعود أحدث عنه أبدا، وقال الحميدي: حدثنا سفيان عن (سالم إن شاء الله ) قال: قال عمر بن سعد للحسين عليه السلام: إن قوما من السفهاء يزعمون أني أقتلك، فقال: الحسين عليه السلام ليسوا بسفهاء ولكنهم حلماء، ثم قال: والله إنه ليقر بعيني أنك لا تأكل بر العراق بعدي إلا قليلا. وقال أبو بكر بن أبي خيثمة: حدثنا عبد السلام بن صالح قال حدثنا بن عيينة عن عبد الله بن شريك قال: أدركت أصحاب الأردية المعلمة وأصحاب البرانس من أصحاب السواري إذا مر بهم عمر بن سعد قالوا: هذا قاتل الحسين عليه السلام وذلك قبل أن يقتله. وروي عن محمد بن سیرین عن بعض أصحابه قال: قال علي لعمر بن سعد كيف أنت إذا قمت مقاما تخير فيه بين الجنة والنار فتختار النار؟! روی له النسائي، قال ابن سعد (في الطبقات: 168/5): فكان عمر بن سعد بالكوفة قد إستعمله عبيد الله بن زیاد على الري وهمذان وقطع معه بعثا، فلما قدم الحسين بن علي عليه السلام العراق أمر عبيد الله بن زیاد عمر بن سعد أن يسير إليه، وبعث معه أربعة آلاف من جنده وقال له : إن هوخرج إلي ووضع يده في يدي وإلا فقاتله، فأبي عمر عليه، فقال: إن لم تفعل عزلتك عن عملك وهدمت دارك فأطاع بالخروج إلى الحسين عليه السلام فقاتله حتى قتل الحسين عليه السلام فلما غلب المختار بن أبي عبيد على الكوفة قتل عمر بن سعد وابنه حفصا (تهذيب التهذيب لابن حجر ترجمة عمر بن سعد). قال ابن حبان (في معرفة الثقاة 166/2 ) عمر بن سعد بن أبي وقاص، مدني ثقة كان يروي عن أبيه أحاديث وروى الناس عنه. وهو الذي قتل الحسين عليه السلام. قال ابن حبان: كان أمير الجيش ولم يباشرقتله. وفي الجرح والتعديل ( 111/6) قال بكر بن أبي خيثمة : سألت يحيى بن معين عن عمر بن سعد: أثقة هو؟ فقال : كيف يكون من قتل الحسين بن علي رضي الله تعالى عنه ثقة

ص: 95

وعامر بن مسعود بن أمية بن خلف (1).

و محرز بن جارية بن ربيعة بن عبد العزى بن عبد شمس.

وعبيد الله بن مسلم بن شعبة الحضرمي

وعناق بن شرحبيل بن أبي دهم.

ووائل بن حجر الحضرمي (2).

و كثير بن شهاب بن حصين الحارثي(3)

ص: 96


1- قال ابن حجر في تهذيب التهذيب: الترمذي: عامر بن مسعود بن أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح الجمحي، مختلف في صحبته، كان عاملا لابن الزبير على الكوفة. قال في الاصابة: و كان عامر يلقب دحروجة الجعل لأنه كان قصيرا، ثم اتفق عليه أهل الكوفة بعد موت یزید بن معاوية فأقره بن الزبير قليلا ثم عزله بعد ثلاثة أشهر وولاها عبدالله بن يزيد الخطمي، ويقال : إنه خطب أهل الكوفة فقال : إن لكل قوم شرابا فاطلبوه في مظانه وعليك بما يحل ويحمد واكسروا شرابكم بالماء وفي ذلك يقول الشاعر: من ذا يحرم ماء المزن خالطه*** في قعر خابية ماء العناقيد إني لأكره تشديد الرواة لنا*** فيها ويعجبني قول بن مسعود وكثير من الناس يظن أن الشاعر عنى عبد الله بن مسعود وليس كذلك وإنما عنى هذا. وقال في ترجمة ابيه مسعود بن أمية بن خلف الجمحي: قتل أبوه يوم بدرولولده عامر بن مسعود رواية عن النبي صلي الله عليه و آله والأكثرون قالوا: إن حدیثه مرسل، فتكون الصحبة لأبيه وكان من مسلمة الفتح أومات على كفره قبيل الفتح وولد له عامر قبل الفتح، بقليل فلذلك لم يثبت له صحبة السماع من النبي صلي الله عليه و آله، وإن كان معدودا في الصحابة لأن له رؤية
2- قال ابن حبان (في مشاهير علماء الأمصار: 1/44) وائل بن حجر الحضرمي، مات في آخر ولاية معاوية. قال ابن حجر في تهذيب التهذيب: سكن الكوفة وعقبة بها وذكره بن سعد فيمن نزل الكوفة من الصحابة
3- قال ابن سعد (في الطبقات الکبری:149/6) کثیر بن شهاب بن الحصين، ذي الغصة، سمي بذلك لغصة كانت في حلقه، من مذحج و کان سید مذحج بالكوفة، وكان بخيلا، وقد روي عن عمر بن الخطاب وولي الري لمعاوية بن أبي سفيان. وفي الطبري: كان من رجال عبيد الله بن زياد في التعبئة العامة ضد الحسين عليه السلام

وقطن بن عبد الله بن حصين الحارثي (1).

والسري بن وقاص الحارثي، وكتب شهادته وهو غائب في عمله.

والسائب بن الأقرع الثقفي(2).

و شبث بن ربعي (3).

وعبد الله بن أبي عقيل الثقفي.

ومصقلة بن هبيرة الشيباني.

ص: 97


1- ذكره الطبري ضمن المروانية في الكوفة الذين كتب اليهم عبد الملك( 156/6)
2- قال ( في تاريخ بغداد: 202/1): السائب بن الأقرع الثقفي، ولاه عمر قبض الأخماس من غنائم الفرس،وورد المدائن واليا عليها
3- قال ابن حجر في الإصابة: شبث (بفتح أوله والموحدة ثم مثلثة) بن ربعي التميمي اليربوعي أبوعبد القدوس، له إدراك ورواية عن حذيفة وعلي، روى عنه محمد بن کعب القرظي وسليمان التيمي، قال الدارقطني: يقال إنه كان مؤذن سجاح التي ادعت النبوة ثم راجع الإسلام، وقال بن الكلبي: كان من أصحاب علي ثم صار مع الخوارج ثم تاب ثم كان فيمن قاتل الحسين، وقال المدائني: ولي بعد ذلك شرطة القباع بالكوفة. والقباع هو الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي أخوعمر الشاعر، كان واليا على الكوفة لعبد الله بن الزبير قبل أن يغلب عليها المختار، وقال العجلي: كان أول من أعان على قتل عثمان وبئس الرجل هو، وقال معتمر ، عن أبيه عن أنس، قال شبث: أنا أول من حرر الحرورية،ومات شبث في حدود السبعين. اقول: وفي المستدرك على الصحيحين 130/3 بکیر بن عثمان البجلي قال سمعت أبا إسحاق التميمي يقول: سمعت أبا عبد الله الجدلي يقول حججت وأنا غلام فمررت بالمدينة وإذا الناس عنق واحد فاتبعتهم فدخلوا على أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فسمعتها تقول یا شبيب بن ربعي فأجابها رجل جلف جاف لبيك يا أمتاه، قالت: أيسب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناديكم؟ قال: وأني ذلك؟ قالت: فعلي بن أبي طالب، قال: إنا لنقول أشياء نريد عرض الدنيا، قالت: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: من سب عليا فقد سبني ومن سبني فقد سب الله تعالى. قال ابو مخنف: جعله عمر بن سعد في واقعة الطف على الرجالة

والقعقاع بن شور الذهلي (1)

وحجار بن أبجر العجلي (2).

وعمرو بن الحجاج الزبيدي(3).

ولبيد بن عطارد التميمي (4).

ومحمد بن عمیر بن عطارد التميمي(5).

وسوید بن عبد الرحمن التميمي من بني سعد.

وشمر بن ذي الجوشن العامري(6).

ص: 98


1- ذكره ابومخنف في قصة مسلم من رجالات عبيد الله ابن زیاد
2- احد الستة الذين كتبوا للحسين عليه السلام، وكان في جيش عمر بن سعد، ثم كان احد قادة الجيش الذي قاتل المختار، ثم فر الى مصعب وصار في جيشه، و كان عبد الملك قد کاتبه و استجاب له
3- قال في الاصابة: عمروبن الحجاج الزبيدي، ذكره وثيمة في كتاب الردة وقال: كان مسلما في عهد النبي صلی الله عليه وسلم وله مقام محمود حين أرادت زبید الردة، إذ دعاهم عمرو بن معد يكرب إليها، فنهاهم عمروبن الحجاج وحثهم على التمسك بالإسلام. وقال أبو مخنف: كان احد الستة الذين كتبوا للحسين، جعله عمر بن سعد في واقعة الطف على ميمنة الجيش
4- قال في الإصابة لبيد بن عطارد بن حاجب التميمي. قال ابن عبد البر كان أحد الوفد القادمين على رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني تميم وأحد وجوههم، أسلم سنة تسع ولا أعلم له خبرا غير ذلك، وذكر الآمدي في كتاب الشعراء: ان لبید بن عطارد بن حاجب أدرك الجاهلية وأنشد له في ذلك شعرا، وقال ابن عساکر: کان من وجوه أهل الكوفة ولم يذكر ان له صحبة
5- احد الستة الذين كتبوا إلى الحسين عليه السلام وكان آخر من کتب، وزملاؤه الخمسة كانوا من قادة جيش عمربن سعد. كان احد المروانية في الكوفة الذين كتب اليهم عبد الملك واجابه وشرط عليه ولاية اصفهان
6- قال ابن حجر في لسان الميزان: شمر بن ذي الجوشن أبوالسابغة الضبابي روي عن أبيه وعنه أبو إسحاق السبيعي، ليس باهل للرواية فإنه أحد قتلة الحسين رضي الله تعالى عنه، وقد قتله اعوان المختار، روی أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق قال : كان شمر يصلي معنا ثم يقول : اللهم انك تعلم اني شريف فاغفر لي، قلت : كيف يغفر الله لك وقد اعنت على قتل ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ويحك فكيف نصنع ان امراءنا هؤلاء أمرونا بأمر فلم نخالفهم ولو خالفناهم كنا شرا من هذه الحمر الشقاء،قال ابن حجر : قلت ان هذا لعذر قبیح فانما الطاعة في المعروف انتهى. قال ابومخنف: جعله عمر بن سعد في واقعة الطف علی میسرة الجيش

وشداد و مروان ابنا الهيثم الهلاليان.

ومحفز بن ثعلبة من عائذة قريش (1).

وعبد الرحمن بن قيس الأسدي.

والحارث و شداد ابنا الأزمع الهمدانيان ثم الوادعيان.

و کریب بن سلمة بن یزید الجعفي.

وعبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي(2).

وزحر بن قیس الجعفي (3).

و قدامة بن العجلان الأزدي.

ص: 99


1- قال ابو مخنف: ثم إن عبيد الله أمر بنساء الحسين عليه السلام وصبيانه فجهزن، وأمر بعلي ابن الحسين عليهماالسلام فغل بغل إلى عنقه، ثم سرح بهم مع محفز بن ثعلبة العائذي عائذة قريش، ومع شمر بن ذي الجوشن فانطلقا بهم حتى قدموا على یزید. (تاریخ الطبري ج: 5 ص: 460)
2- كان على ربع مذحج واسد في معسكر عمر بن سعد يوم العاشر من المحرم
3- قال أبو مخنف: ثم إن عبيد الله بن زیاد نصب رأس الحسين عليه السلام بالكوفة، فجعل يدار به في الكوفة، ثم دعا زحر بن قيس فسرح معه برأس الحسين عليه السلام ورؤوس أصحابه إلى يزيد بن معاوية وكان مع زحر أبو بردة بن عوف الأزدي، وطارق بن أبي ظبيان الأزدي، فخرجوا حتى قدموا بها الشام على یزید بن معاوية. قال هشام: فحدثني عبد الله بن یزید بن روح بن زنباع الجذامي عن أبيه عن الغاز بن ربيعة الجرشي من حمير قال: والله إنا لعند یزید بن معاوية بدمشق إذ أقبل زحر بن قیس حتى دخل علی یزید بن معاوية فقال له يزيد: ويلك ما وراءك وما عندك؟ فقال: أبشر يا أمير المؤمنين بفتح الله ونصره، ورد علينا الحسين بن علي عليه السلام في ثمانية عشر من أهل بيته وستين من شیعته، فسرنا إليهم، فسألناهم أن يستسلموا وينزلوا على حكم الأمير عبيد الله بن زياد أو القتال فاختاروا القتال على الاستسلام... (تاریخ الطبري ج: 5 ص: 460 سنة 61) و كان احد المروانية في الكوفة الذين كاتبهم عبد الملك. وفي الاصابة: زحر بن قيس بن مالك بن معاوية بن سعنة (مهملة ونون) الجعفي له إدراك وكان من الفرسان

وعزرة بن عزرة الأحمسي(1).

وعمر بن قیس ذي اللحية. وهانىء بن أبي حية الوادعيان.

فشهد عليه سبعون رجلا.

وكتبت شهادة هؤلاء الشهود في صحيفة ثم دفعها إلى وائل بن حجر الحضرمي وكثير بن شهاب الحارثي وبعثهما عليهم وأمرهما أن يخرجا به.

وكتب في الشهود شریح ابن الحارث القاضي وشریح بن هانىء الحارثي، فأما شریح فقال: سألني عنه فأخبرته أنه كان صواما قواما، وأما شریح بن هاني الحارثي فكان يقول: ما شهدت ولقد بلغني أن قد كتبت شهادتي فأكذبته ولمته، وجاء وائل بن حجر و کثیر بن شهاب فأخرج القوم عشية وسار معهم صاحب الشرطة حتى أخرجهم من الكوفة.

فلما انتهوا إلى جبانة عرزم نظر قبيصة بن ضبيعة العبسي إلى داره وهي في جبانة عرزم فإذا بناته مشرفات، فقال لوائل وكثير: ائذنا لي فأوصي أهلي، فأذنا له فلما دنا منهن وهن يبكين سكت عنهن ساعة ثم قال: اسكتن! فسكتن، فقال: اتقين الله عز وجل واصبرن، فإني أرجو من ربي في وجهي هذا إحدى الحسنيين: إما الشهادة وهي السعادة

ص: 100


1- في رواية البلاذري عن المدائني عزرة بن قیس الاحمسي وهو الصحيح. قال ابومخنف: قال حبيب بن مظاهر: أما والله لبئس القوم عند الله غدا قوم يقدمون عليه قد قتلوا ذرية نبيه صلي الله عليه و آله وعترته وأهل بیته عليهم السلام وعباد أهل هذا المصر المجتهدين بالأسحار والذاکرین الله كثيرا، فقال له عزرة بن قيس: إنك التز کی نفسك ما استطعت، فقال له زهير: یا عزرة إن الله قد زكاها وهداها فاتق الله يا عزرة فإني لك من الناصحين، أنشدك الله يا عزرة أن تكون ممن يعين الضلال على قتل النفوس الزكية، قال: یا زهير ما كنت عندنا من شيعة أهل هذا البيت، إنما كنت عثمانيا قال: أفلست تستدل بموقفي هذا أني منهم؟ أما والله ما كتبت إليه كتابا قط، ولا أرسلت إليه رسولا قط ولا وعدته نصرتي قط ولكن الطريق جمع بيني وبينه فلما رأيته ذكرت به رسول الله صلي الله عليه و آله ومكانه منه وعرفت ما يقدم عليه من عدوه وحزبكم فرأيت أن أنصره وأن أكون في حزبه، وأن أجعل نفسي دون نفسه حفظا لما ضيعتم من حق الله وحق رسوله صلي الله عليه و آله، وكان على الخيل في المعركة. (تاریخ الطبري ج: 5 ص: 417سنة 61)

وإما الانصراف إليكن في عافية، وإن الذي كان يرزقكن ويكفيني مؤنتكن هو الله تعالى وهو حي لا يموت أرجو ألا يضيعكن وأن يحفظني )(1).

حجر ومن معه في مرج عذراء:

كان الذين مع حجر بن عدي بن جبلة الكندي هم:

الأرقم بن عبد الله الكندي من بني الأرقم.

وشريك بن شداد الحضرمي.

وصيفي بن فسيل.

وقبيصة بن ضبيعة بن حرملة العبسي (2).

و کریم بن عفيف الخثعمي من بني عامر بن شهران ثم من قحافة.

وعاصم بن عوف البجلي.

وورقاء بن سمي البجلي.

و کدام بن حیان وعبد الرحمن بن حسان العنزيان من بني هميم.

ومحرز بن شهاب التميمي من بني منقر.

وعبد الله بن حوية السعدي من بني تميم.

فمضوا بهم حتى نزلوا مرج عذراء، فحبسوا بها. ثم إن زیاد اتبعهم برجلين آخرين مع عامر بن الأسود العجلي، بعتبة بن الأخنس من بني سعد بن بكر بن هوازن، وسعيد بن نمران الهمداني ثم الناعطي. فتموا أربعة عشر رجلا،فبعث معاوية إلى وائل بن حجر و كثير بن شهاب فأدخلهما وفض كتابهما، فقرأه على أهل الشام فإذا فيه: بسم الله

ص: 101


1- تاريخ الطبري ج: 5 ص: 269 سنة 51
2- قال ابن سعد في الطبقات 231/6 ) قبيصة بن ضبيعة العبسي: روی عن علي بن أبي طالب عليه السلام و كان قليل الحدیث، اقول: كل اصحاب حجر من الرواة عن علي عليه السلام غير ان كتب التراجم أهملت ترجمتهم

الرحمن الرحیم. لعبد الله معاوية أمير المؤمنين من زیاد بن أبي سفيان. أما بعد فإن الله قد أحسن عند أمير المؤمنين البلاء، فكاد له عدوه و كفاه مؤنة من بغى عليه. إن طواغیت من هذه الترابية السبئية (1). رأسهم حجر بن عدي خالفوا أميرالمؤمنين وفارقوا جماعة المسلمين ونصبوا لنا الحرب فأظهرنا الله عليهم وأمكننا منهم، وقد دعوت خيار أهل المصر وأشرافهم وذوي السن والدين منهم فشهدوا عليهم بما رأوا وعملوا، وقد بعثت بهم إلى أمير المؤمنين و كتبت شهادة صلحاء أهل المصر وخيارهم في أسفل كتابي هذا.

فلما قرأ الكتاب وشهادة الشهود عليهم قال: ماذا ترون في هؤلاء النفر الذين شهد عليهم قومهم بما تستمعون؟ فقال له يزيد بن أسد البجلي: أرى أن تفرقهم في قرى الشام فيكفيكهم طواغيتها.

ودفع وائل بن حجر کتاب شریح بن هانىء إلى معاوية فقرأه فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم لعبد الله معاوية أمير المؤمنين من شريح بن هانيء: أما بعد فإنه بلغني أن زیادا كتب إليك بشهادتي على حجر بن عدي، وأن شهادتي على حجر أنه ممن يقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويديم الحج والعمرة، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، حرام الدم والمال، فإن شئت فاقتله وإن شئت فدعه.

فقرأ كتابه على وائل بن حجر وكثير فقال: ما أرى هذا إلا قد أخرج نفسه من شهادتكم، فحبس القوم بمرج عذراء وكتب معاوية إلى زياد: أما بعد فقد فهمت ما اقتصصت به من أمر حجر وأصحابه وشهادة من قبلك عليهم فنظرت في ذلك فأحيانا أرى قتلهم أفضل من تركهم وأحيانا أرى العفو عنهم أفضل من قتلهم. والسلام(2).

فكتب إليه زیاد مع یزید بن حجية بن ربيعة التيمي: أما بعد فقد قرأت كتابك

ص: 102


1- الترابية نسبة الى ابي تراب، وهو لقب علي الذي اشاعه الأمويون، والسبائية هنا تشير الى القبائل اليمانية
2- تاریخ الطبری ج: 5 ص: 273 سنة 51

وفهمت رأيك في حجر وأصحابه، فعجبت لاشتباه الأمر عليك فيهم وقد شهد عليهم بما قد سمعت من هو أعلم بهم، فإن كانت لك حاجة في هذا المصر فلا تردن حجرا وأصحابه الي.

فأقبل یزید بن حجية حتى مر بهم بعذراء، فقال: يا هؤلاء أما والله ما أری براء تكم، ولقد جئت بكتاب فيه الذبح، فمروني بما أحببتم مما ترون أنه لكم نافع أعمل به لكم وأنطق به! فقال حجر: أبلغ معاوية أنا على بيعتنا لا نستقبلها ولا نقيلها، وإنه إنما شهد علينا الأعداء والأظناء، فقدم يزيدبالكتاب إلى معاوية فقرأه، وبلغه یزید مقالة حجر فقال معاوية: زياد أصدق عندنا من حجر.

وأقبل عامر بن الأسود العجلي وهو بعذراء يريد معاوية ليعلمه علم الرجلين اللذين بعث بهما زیاد.

فلما ولي ليمضي قام إليه حجر بن عدي يرسف في القيود، فقال: یا عامر اسمع مني (أبلغ معاوية أن دماءنا عليه حرام، وأخبره أنا قد أومنا، وصالحنا وصالحناه، وانا لم نقتل احدا من اهل القبلة فيحل له دماؤنا.)(1).فليتق الله ولينظر في أمرنا، فقال له: نحوا من هذا الكلام فأعاد عليه حجر مرارا.

البراءة من علي عليه السلام أو القتل:

فجاء رسول معاوية إليهم بتخلية ستة وبقتل ثمانية. فقال لهم رسول معاوية:

(إنا قد أمرنا أن نعرض عليكم البراءة من علي واللعن له، فإن فعلتم تركناكم وإن أبيتم قتلناكم).

وإن أمير المؤمنين يزعم أن دماءكم قد حلت له بشهادة أهل مصر کم عليكم غير أنه قد عفا عن ذلك فابرءوا من هذا الرجل نخل سبیلکم،

قالوا: اللهم إنا لسنا فاعلي ذلك.

ص: 103


1- ابن الأثير ج 484/3

فأمر بقبورهم فحفرت، وأدنيت أكفانهم، وقاموا الليل كله يصلون.

فلما أصبحوا قال أصحاب معاوية: یا هؤلاء لقد رأيناكم البارحة قد أطلتم الصلاة وأحسنتم الدعاء فأخبرونا ما قولكم في عثمان؟ قالوا: هو أول من جار في الحكم وعمل بغير الحق فقال أصحاب معاوية: أمير المؤمنين كان أعلم بكم.

ثم قاموا إليهم فقالوا: تبرؤون من هذا الرجل؟ قالوا: بل نتولاه ونتبرأ من تبرأ منه.

فأخذ كل رجل منهم رجلا ليقتله، ووقع قبيصة بن ضبيعة في يدي أبي شريف البدي، فقال له قبيصة: إن الشر بين قومي وقومك آمن فليقتلني سواك، فقال له: برتك رحم، فأخذ الحضرمي فقتله، وقتل القضاعي قبيصة بن ضبيعة.

وقال عبد الرحمن بن حسان العنزي و کریم بن عفيف الخثعمي: ابعثوا بنا إلى أمير المؤمنين فنحن نقول في هذا الرجل مثل مقالته، فبعثوا إلى معاوية يخبرونه بمقالتهما، فبعث إليهم أن ائتوني بهما.

فلما دخلا عليه قال الخثعمي: الله الله يا معاوية فإنك منقول من هذه الدار الزائلة إلى الدار الآخرة الدائمة ثم مسئول عما أردت بقتلنا وفيم سفكت دماءنا.

فقال معاوية: ما تقول في علي؟

قال: أقول فيه قولك، أتبرأ من دين علي الذي كان يدين الله به؟

فسكت، و کره معاوية أن يجيبه.

وقام شمر بن عبد الله من بني قحافة فقال: يا أميرالمؤمنين هب لي ابن عمي، قال: هولك غير أني حابسه شهرا، فكان يرسل إليه بين كل يومين فيكلمه وقال له: إني لأنفس بك على العراق أن يكون فيهم مثلك. ثم إن شمرا عاوده فيه الكلام فقال: نمرك على هبة ابن عمك، فدعاه فخلى سبيله على ألا يدخل إلى الكوفة ما كان له سلطان، فقال: تخير أي بلاد العرب أحب إليك أن أسيرك إليها؟، فاختار الموصل، فكان يقول: لوقد مات معاوية قدمت المصر، فمات قبل معاوية بشهر.

ص: 104

ثم أقبل على عبد الرحمن العنزي فقال: إيه يا أخا ربيعة ما قولك في على؟ قال: دعني ولا تسألني فإنه خير لك، قال: والله لا أدعك حتى تخبرني عنه، قال: أشهد أنه كان من الذاکرین الله كثيرا ومن الآمرين بالحق والقائمين بالقسط والعافين عن الناس.

قال: فما قولك في عثمان؟ قال: هو أول من فتح باب الظلم وارتج أبواب الحق، قال: قتلت نفسك، قال: بل إياك قتلت ولا ربيعة بالوادي يقول حين كلم شمر الخثعمي في کریم بن عفيف الخثعمي ولم يكن له أحد من قومه يكلمه فيه، فبعث به معاوية إلى زیاد و کتب إليه: أما بعد فإن هذا العنزي شر من بعثت فعاقبه عقوبته التي هو أهلها، واقتله شر قتلة، فلما قدم به علی زیاد بعث به زیاد إلى قس الناطف فدفن به حيا (1).

قال ابومخنف: ولما حمل العنزي والخثعمي إلى معاوية قال العنزي لحجر: یا حجر لا يبعدنك الله فنعم أخو الإسلام كنت، وقال الخثعمي: لا تبعد ولا تفقد فقد كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر. ثم ذهب بهما.

وروى أحمد في الزهد والحاكم (2) من طريق ابن سیرین آن حجرا قال: لا تطلقوا عني حديدا ولا تغسلوا عني دما فإني لاق معاوية بالجادة وإني مخاصم.

قال البلاذري: حدثني هشام بن عمار عن شرحبيل بن مسلم قال: أوصى حجر، قال: ادفنوني وما أصاب الأرض من دمي ولا تطلقوا حديدي فاني سألقى معاوية غدا اني والله ما قتلت احدا ولا احدثت حدثا ولا آویت محدثا(3).

اصداء قتل حجر:

روی أبن أبي الدنيا والحاكم وعمر بن شبة من طريق أبن عون عن نافع، قال: لما

ص: 105


1- تاريخ الطبري ج: 5 ص: 277 حوادث سنة 51
2- في المستدرك 533/3
3- انساب الاشراف القسم الرابع الجزء الاول /262

انطلق بحجر بن عدي كان ابن عمر يتخبر عنه، فأخبر بقتله وهو بالسوق، فأطلق حبوته وولي و هویبکی(1).

وروى الطبري وغيره: أن معاوية حين حج سنة 56هجرية / مر على عائشة فاستأذن عليها، فأذنت له، فلما قعد قالت له: يا معاوية أأمنت أن أخبئ لك من يقتلك؟؟! قال: بيت الأمن دخلت، قالت: یا معاوية أما خشیت الله في قتل حجر وأصحابه؟ قال: لست أنا قتلتهم إنما قتلهم من شهد عليهم.

وفي رواية ابن عساکر: فقال لها : يا ام المؤمنين اني رأيت قتلهم صلاحا للامة وان بقاءهم فسادا للامة، فقالت: سمعت رسول الله يقول: سيقتل بعذراء اناس يغضب الله لهم واهل السماء(2).

وكانت عائشة تقول في حجر: أما والله إن كان ما علمت المسلما حجاجا معتمرا(3).

وروي عن عثمان البري قال: كان الحسن (البصري) إذا ذكر معاوية قال: ويل معاوية من حجر وأصحاب حجر، يا ويله (4).

قال ابن سیرین: بلغنا أن معاوية لما حضرته الوفاة جعل يقول: يومي منك ياحجر طويل (5).

وقال سفيان الثوري: قال معاوية :ما قتلت احدا الا وانا اعلم فيم قتلته الا حجر

ص: 106


1- الاستيعاب ترجمة حجر
2- انساب الاشراف القسم الرابع الجزء الأول /266، تهذیب تاریخ دمشق لابن عساکر ج 241/6 ترجمة حجر. وفيه ايضا وفي دلائل البيهقي و تاریخ یعقوب بن سفيان عن عبد الله بن زرير الغافقي قال: سمعت علي بن ابي طالب يقول: يا اهل العراق سيقتل منكم سبعة نفر بعذراء مثلهم كمثل اصحاب الاخدود
3- تاریخ الطبري 279/5
4- البلاذري ق ج265/1. الطبري، ابن الأثير
5- ابن الاثير 488/3

فاني لا اعرف فيم قتلته.(1).

قيل لأبي اسحق السبيعي :متی ذل الناس؟ قال: حين مات الحسن وادعي زیاد وقتل حجر(2).

اقول: بموت الحسن عليه السلام دخل الذل على كل الأقطار حين سن معاوية سنة لعن علي عليه السلام وسبه على المنابر، والكوفة عاشت الذل الخاص بكونها مرکز نصرة علي عليه السلام.

اما الذل الذي دخل الكوفة بسبب استلحاق زیاد فهو ان يكون الوالي عليها وإمام جمعتها ابن زنا وهذا الذل تشترك فيه مع البصرة.

اما الذل الذي دخل عليها بعد قتل حجر فهو: لعن علي عليه السلام او القتل صبرا و هواشد انواع الذل التي مرت به الكوفة، وقد بدأ بقتل حجر إذ لم يقتل احد بسبب ذلك قبله.

قال البلاذري: قال الربيع بن زیاد و کان بناحية خراسان لما قتل حجر: هل من ثائر هل من معين؟ هل من منكر؟ قال ذلك مرارا فلم يجبه أحد، فقال: أما إذا ابيتم فستبتلون بالقتل صبرا على الظلم (3).

قال الطبري قال علي: وأخبرني محمد بن الفضل عن أبيه، قال: بلغني أن الربيع ابن زیاد ذکر يوما بخراسان حجر بن عدي، فقال: لا تزال العرب تقتل صبرا بعده، ولونفرت عند قتله لم يقتل رجل منهم صبرا ولكنها أقرت فذلت. فمكث بعد هذا الكلام جمعة (4).ومات في العام الذي مات فيه ابن زیاد.

اقول:

کلام الربيع كلام من لم يعرف خطة معاوية، ولا خطة الحسين عليه السلام في مواجهتها.

ص: 107


1- تاریخ دمشق 242/6
2- شرح النهج، الطبري
3- انساب الاشراف القسم الرابع الجزء الاول /267
4- تاريخ الطبري 279/5

اما معاوية: فقد كان يريد بكل وسيلة أن يتورط المخلصون من شيعة علي في الكوفة بشئ من هذا القبيل حتى يقتلهم بتهمة الخروج (1) وتطغى على تهمة الولاء العلي عليه السلام .

وقد كانت خطة الحسين عليه السلام في قبال ذلك: أن يصبر الشيعة، ويواصلون نشر فضائل علي عليه السلام، ولو كانوا على اعواد المشانق (2)، وان يفوتوا على معاوية خطته في استدراج الشيعة ليكونوا خوارج على السلطة، ومن ثم يسفك دماءهم بلا كلفة عليه، وسيأتي تفصيل ذلك.

الكوفة بعد قتل حجر رضي الله عنه:

بقي زیاد بعد قتل حجر واصحابه ما يقرب من ثلاث سنوات، جد فيها بوحشية منقطعة النظير في تصفية الوجوه البارزة من شيعة علي عليه السلام، التي تصدت للامربالمعروف والنهي عن المنكر لسانیا، تنكر اللعن و تنشر فضائل علي عليه السلام وتترحم عليه.

قال سليم: اشتد البلاء بالامصار كلها على شيعة علي عليه السلام واهل بيته، وكان اشد الناس بلية اهل الكوفة لكثرة من بها من الشيعة، واستعمل عليها زیادا.

وجمع له العراقين، كان يتبع الشيعة ... فقتلهم على التهم والظن والشبه تحت كل کوکب، وتحت كل حجر ومدر واحلاهم واخافهم، وقطع الأيدي والأرجل منهم، وصلبهم على جذوع النخل، وسمل اعينهم، وطردهم وشردهم(3).

ص: 108


1- خرج علی زیاد سنة 52 زیاد بن خراش العجلي في ثلاثمائة، فاتی ارض مسكن من السواد، فسير اليه زیاد سعد بن حذيفة اوغيره فقتلوهم. وخرج عليه ايضا معاذ الطائي، فأتى نهر عبد الرحمن بن ام الحكم سنة 52 فبعث اليه زیاد من قتله. (ابن الأثير) وفي سنة 53 خرج قریب وزحاف في سبعين بالكوفة وزياد بالبصرة وخرج اخرون ...
2- کما صنع مع رشید الهجري وميثم التمار وجويرية بن مسهر ونظرائهم
3- شرح النهج 43/15

قال ابن أبي الحديد: وقد روي عن أبي جعفر محمد الباقر عليه السلام انه قال لبعض أصحابه: يا فلان قتلت شیعتنا بكل بلدة وقطعت الأيدي والأرجل على الظنة، وكان من يذكر بحبنا والانقطاع الينا سجن او نهب ماله اوهدمت داره(1).

بدأ ابن زیاد بالذين حصبوه في صلاة الجمعة يوم كان حجر على رأسهم وقطع ايدي ثلاثين وقيل ثمانين(2).

ثم نفي صعصعة بن صوحان إلى الجزيرة اوالى البحرين، وقيل إلى جزيرة بني کاوان فمات بها(3).

وسير آمنة بنت الشريد زوجة عمرو بن الحمق الخزاعي (4). إلى معاوية فسجنها ولما ألقي القبض على عمروبن الحمق في الموصل بعد اختفاء طویل وقتل،

أرسل زیاد رأسه.

ص: 109


1- شرح النهج 43/15
2- تاریخ ابن الأثير462/3. الطبري 235/5
3- الاصابة ترجمة صعصعة. وفيه ان الذي تفاه هوالمغيرة، ولكنا نرجح ان الذي نفاه بامر معاوية هوابن زیاد لما ذكرناه من أن مرحلة القتل والنفي والتشريد بدئ بها في عهد زیاد لا المغيرة
4- قال في الاصابة : عمرو بن الحمق (بفتح أوله و کسر الميم بعدها قاف) بن کاهل ويقال: الكاهن، بن حبیب بن عمروبن القين بن رزاح بن عمرو بن سعد بن کعب بن عمرو الخزاعي الكعبي قال ابن السكن: له صحبة، وقال أبو عمر :هاجر بعد الحديبية، وقيل : بل أسلم بعد حجة الوداع، والأول أصح، قال ابن حجر : قد أخرج الطبراني من طريق صخر بن الحكم عن عمه عن عمرو بن الحمق قال: هاجرت إلى النبي صلي الله عليه و آله، فبينا أنا عنده فذكر قصة في فضل علي وسنده ضعيف، قال أبو عمر :سکن الشام ثم كان يسكن الكوفة ثم كان ممن قام على عثمان مع أهلها وشهد مع علي حروبه ثم قدم مصر. وذكر الطبري عن أبي مخنف : أنه كان من أعوان حجر بن عدي، فلما قبض زیاد على حجر بن عدي وأرسله مع أصحابه إلى الشام هرب عمرو بن الحمق، وقال خليفة : قتل سنة إحدى وخمسين، وأن عبد الرحمن بن عثمان الثقفي قتله بالموصل وبعث برأسه، وذكر ابن السكن بسند جيد إلى أبي إسحاق السبيعي عن هنيدة الخزاعي قال: أول رأس أهدي في الإسلام رأس عمرو بن الحمق بعث به زیاد إلى معاوية

إلى معاوية وهو اول رأس يحمل في الاسلام، بعث به معاوية إلى آمنة، فقالت: لقد نفيتموه (الصحيح غیبتموه) طويلا، واهديتموه قتيلا، فمرحبا به من هدية غير مقلية، ونفاها معاوية الى حمص فماتت بحمص (1).

وكان آخر ما عزم على فعله زیاد في الكوفة سنة ثلاث وخمسين هو أن جمع الناس، فملأ منهم المسجد والرحبة والقصر ليعرضهم على البراءة من علي عليه السلام (2). فمن أبي ذلك عرضه على السيف(3).

ولكن الله تعالى قد سلط عليه الطاعون اشغله عنهم ومات بعدها بايام (4).

رشيد الهجري:

كان ممن صلبه زیاد على باب دار عمرو بن حریث وقطع لسانه (5).

ص: 110


1- انساب الاشراف القسم الرابع الجزء الاول /273
2- مختصر تاریخ دمشق 88/9 ترجمة زیاد
3- مروج الذهب للمسعودي 26/3
4- قال البلاذري (في انساب الاشراف ق 4ج 278/1): كان زیاد عند معاوية وقد وقع الطاعون بالعراق،فقال له : اني اخاف عليك يا ابا المغيرة الطاعون، فلما صار إلى العراق طعن، فمکث شهرا فمات، قال عبد الرحمن بن السائب: فإني لمع نفر من الأنصار والناس في أمر عظيم قال : فهو مت تهوية (التهويم: ان ياخذ الرجل النعاس حتى يهتز الرأس) فرایت شیئا مثل عنق البعير أهدب اهدل (الاهدل الساقط الشفة، وبعير هدل إذا كان طويل المشفر مسترخيه) فقلت : ما أنت ؟ قال : أنا النقاد ذو الرقبة بعثت الى صاحب هذا القصر فاستيقظت فزعا، فقلت لاصحابي :هل رأيتم ما رأيت؟ قالوا: لا، فاخبرتهم، قال: ويخرج علينا خارج من القصر، فقال : ان الأمير يقول لكم انصرفوا عني فاني عنكم مشغول، وإذا الطاعون قد ضربه. فانشأ عبد الرحمن بن السائب يقول: ما كان منتهيا عما اراد بنا*** حتى تناوله النقاد ذوالرقبة فأثبت الشق منه ضربة ثبتت ***كما تناول ظلما صاحب الرحبة قال المسعودي يعني بصاحب الرحبة علي بن ابي طالب عليه السلام (مروج الذهب6/3)
5- قاموس الرجال ترجمة رشید الهجري. انساب السمعاني قال الهجري (بفتح الهاء والجيم) هذه النسبة إلى هجر بلدة من اليمن معروفة ينسب اليها كثير منهم رشيد الهجري كان يؤمن بالرجعة، قطع زیاد السانه وصلبه. وكذلك لسان الميزان لابن حجر. وفي تذكرة الحفاظ للذهبي قال: قتل زیاد رشیدا الهجري لتشیعه، فقطع لسانه وصلبه

روی ابن ابي الحديد قال: قال إبراهيم: وحدثني إبراهيم بن العباس النهدي، حدثني مبارك البجلي، عن أبي بكر بن عياش، قال: حدثني المجالد، عن الشعبي، عن زياد بن النضر الحارثي، قال: كنت عند زياد، وقد أتي برشيد الهجري، وكان من خواص أصحاب علي عليه السلام، فقال له زیاد: ما قال خليلك لك إنا فاعلون بك؟ قال: تقطعون يدي ورجلي، وتصلبوني.

فقال زیاد: أما والله لأكذبن حديثه. خلوا سبيله، فلما أراد أن يخرج قال: ردوه لانجد شيئا أصلح ما قال لك صاحبك، إنك لا تزال تبغي لنا سوءا إن بقيت، اقطعوا يديه ورجليه. فقطعوا يديه ورجليه، وهو يتكلم.

فقال: اصلبوه خنقا في عنقه.

فقال رشید: قد بقي لي عندكم شئ ما أراكم فعلتموه.

فقال زیاد: اقطعوا لسانه، فلما أخرجوا لسانه ليقطع.

قال: نفسوا عني أتكلم كلمة واحدة فنفسوا عنه.

فقال: هذا والله تصدیق خبر أمير المؤمنين، أخبرني بقطع لساني. فقطعوا لسانه وصلبوه.

جويرية بن مسهر:

وروى إبراهيم بن میمون الأزدي عن حبة العرني، قال: كان جويرية بن مسهر العبدي صالحا، وكان لعلي بن أبي طالب صديقا، وكان علي يحبه، ونظر يوما إليه وهو يسير، فناداه، یا جويرية الحق بي، فإني إذا رأيتك هويتك. قال: فركض نحوه، فقال

ص: 111

له: إني محدثك بأمور فاحفظها، ثم اشتركا في الحديث سرا، فقال له جويرية: يا أمير المؤمنين، إني رجل نسي، فقال له: إني أعيد عليك الحديث لتحفظه، ثم قال له في آخر ما حدثه إياه: یا جويرية، أحبب حبيبنا ما أحبنا، فإذا أبغضنا فابغضه، وابغض بغيضنا ما أبغضنا، فإذا أحبنا فأحبه. قال حبة : دخل جويرية على علي عليه السلام يوما، وهو مضطجع، وعنده قوم من أصحابه، فناداه جويرية: أيها النائم، استيقظ، فلتضربن على رأسك ضربة تخضب منها لحيتك.

قال: فتبسم أمير المؤمنين عليه السلام، قال: وأحدثك يا جويرية بأمرك، أما والذي نفسي بيده لتعتلن (1). إلى العتل الزنيم، فليقطعن يدك ورجلك وليصلبنك تحت جذع کافر.

قال: فوالله ما مضت الأيام على ذلك حتى أخذ زیاد جويرية، فقطع يده ورجله وصلبه إلى جانب جذع ابن مکعبر(2) ، وكان جذعا طويلا، فصلبه على جذع قصير إلى جانبه(3).

نجاح تخطيط معاوية في الكوفة:

نجح تخطيط معاوية في الكوفة من خلال ابن زیاد، و كبت الحق واهله فيها، وتحقق ما

ص: 112


1- يقال: عتله عتلا، إذا أخذه بمجامعه وحره جرا عنيفا
2- قال ابن أبي الحديد (في شرح نهج البلاغة ج 5 ص 31): وحکی أبوعبيدة، قال: بينا نحن على أشراف الكوفه وقوف، إذ جاء أسماء بن خارجة الفزاري فوقف، وأقبل ابن مکعبر الضبي، فوقف متنحيا عنه،فأخذ أسماء خاتما كان في يده، فصه فيروزج أزرق، فدفعه إلى غلامه، وأشار إليه أن يدفعه إلى ابن مکعبر، فأخذ ابن مکعبر شسع نعله، فربطه بالخاتم، وأعاده إلى أسماء، فتمازحا ولم يفهم أحد من الناس ما أرادا، أراد أسماء بن خارجة قول الشاعر: لقد زرقت عيناك يا بن مکعبر*** كذا كل ضبي من اللؤم أزرق وأراد ابن مکعبر قول الشاعر: لا تأمنن فزاریا خلوت به على قلوصك*** واكتبها بأسيار كانت فزارة تعير بإتيان الابل
3- شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد 290/2

أخبر عنه علي عليه السلام حين قال لخواص اصحابه:

(الا وان اخوف الفتن عندي عليكم فتنة بني أمية، فانها فتنة عمياء مظلمة، عمت خطتها، وخصت بلیتها، واصاب البلاء من ابصر فيها، واخطأ البلاء من عمي عنها.

وايم الله لتجدن بني أمية لكم ارباب سوء بعدي، كالناب الضروس، تعذم بفيها، وتخبط بيدها، وتزبن برجلها، وتمنع درها.

لا يزالون بكم حتى لا يتركوا منكم الا نافعا لهم، وغير ضائر بهم، ولا يزال بلاؤهم عنكم حتى لا يكون انتصار احدكم منهم الا كانتصار العبد من ربه، والصاحب من مستصحبه.

ترد عليكم فتنتهم شوهاء مخشية، وقطعا جاهلية، ليس فيها منار هدى، ولا علم يرى نحن اهل البيت منها بمنجاة، ولسنا فيها بدعاة(1).

عادت الكوفة بعد تهجير الآلاف وتصفية البارزين من شيعة علي عليه السلام إمثال او كحجر وأصحابه، بقوة السيف بستانا لقريش كما كانت على عهد عثمان، وولاها معاوية بعد ابن زیاد لصديقه وخليله الضحاك بن قيس الفهري القرشي (2) الشامي الذي.

ص: 113


1- نهج البلاغة الخطبة 93. واولها: قوله عليه السلام: [أيها الناس، فاني فقأت عين الفتنة، ولم يكن ليجترئ عليها احد غيري، بعد أن ماج غيهبها، واشتد كلبها، فاسألوني قبل أن تفقدوني، فوالذي نفسي بيده لا تسألوني عن شيء فيما بينكم وبين الساعة، ولا عن فئة تهدي مئة وتضل مئة الا أنبأتكم بناعقها وقائدها وسائقها، ومناخ و کابها، ومحط رحالها، ومن يقتل من اهلها قتلا، ومن يموت منهم موتا. ان الفتنة اذ اقبلت شبهت، واذا ادبرت نبهت، ینکرن مقبلات ويعرفن مدبرات، يحمن حوم الرياح، يصبن بلدا ويخطئن بلدا... وآخرها قوله: ثم يفرجها الله عنكم كتفريج الأديم بمن يسومهم خسفا، ويسوقهم عنفا، ويسقيهم بكأس مصبرة لا يعطيهم الا السيف، ولا يحلسهم الا الخوف، فعند ذلك تود قریش - بالدنيا وما فيها - لويرونني مقاما واحدا، ولوقدر جزر جزور، لاقبل منهم ما اطلب اليوم بعضه فلايعطونیه
2- قال ابن حجر في الاصابة: الضحاك بن قيس الفهري أبو أنيس وأبو عبد الرحمن أخوفاطمة بنت قیس،قال البخاري : له صحبة، وروى له النسائي حديثا صحيح الإسناد من رواية الزهري عن محمد بن سوید الفهري عنه، استبعد بعضهم صحة سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم، ولا بعد فيه فإن أقل ما قيل في سنه عند موت النبي صلي الله عليه و آله أنه كان بن ثمان سنين، وقال الطبري : مات النبي صلي الله عليه و آله وهو غلام یافع، وقول الواقدي وزعم غيره أنه سمع من النبي صلي الله عليه و آله. قال المزي: وشهد فتح دمشق، وسكنها إلى حين وفاته، وشهد صفين مع معاوية، وكان على أهل دمشق يومئذ وهم القلب. وفي تاريخ الطبري (135/5) وفيها أيضا (أي في سنة 39) وجه معاوية الضحاك بن قيس وأمره أن يمر بأسفل (واقصة) تشرح: منزل في طريق مكة بعد القرعاء نحو مكة، وأن يغير على كل من مر به ممن هو في طاعة علي من الأعراب و وجه معه ثلاثة آلاف رجل، فسار فأخذ أموال الناس، وقتل من لقي من الأعراب، ومر بالثعلبية فأغار على مسالح علي، وأخذ أمتعتهم ومضى حتى انتهى إلى القطقطانة (موقع قرب الكوفة) فاتی عمرو بن عميس بن مسعود و كان في خيل لعلي وأمامه أهله وهو يريد الحج، فأغار على من كان معه وحبسه عن المسير، فلما بلغ ذلك علیا سرح حجر بن عدي الكندي في أربعة آلاف وأعطاهم خمسين خمسين، فلحق الضحاك بتدمر فقتل منهم تسعة عشر رجلا وقتل من أصحابه رجلان وحال بينهم الليل، فهرب الضحاك وأصحابه ورجع حجر ومن معه. قال ابن حجر: قال الزبير :کان الضحاك بن قيس مع معاوية بدمشق، و كان ولاه الكوفة، ثم عزله، ثم ولاه دمشق، وحضرموت معاوية فصلی عليه وبايع الناس ليزيد، فلما مات یزید بن معاوية ثم معاوية بن يزيد، دعا الضحاك إلى نفسه. وقال خليفة :لما مات زیاد سنة ثلاث وخمسين استخلف على الكوفة عبد الله بن خالد بن أسيد، فعزله معاويه و ولي الضحاك بن قيس، ثم عزله و ولي عبدالرحمن بن ام الحكم ، ثم ولي معاويه الضحاك دمشق، فأقره يزيد حتى مات، فدعا الضحاك إلى ابن الزبير وبايع له حتى مات معاوية بن يزيد، وقال غيره، خدعه عبيد الله بن زياد، فقال: أنت شیخ قریش و تبایع لغيرك ؟ فدعا إلى نفسه، فقاتله مروان، ثم دعا إلى بن الزبير، فقاتله مروان، فقتل الضحاك بمرج راهط سنة أربع وستين أوسنة خمسين، وقال الطبري : كانت الوقعة في نصف ذي الحجة سنة أربع، و به جزم بن منده.

كان مع معاوية في صفين يقاتل ضد علي ويشن الغارات على اطراف الكوفة، دامت ولايته على الكوفة اربع سنوات واصل فيها سياسة معاوية وزياد وهو الخبير بهذه السياسة، ثم احتاج اليه ليوليه شرطته في دمشق فعزله وولى الكوفة بعده لابن اخته عبد الرحمن بن ام الحكم واعاد هذا الى ذاكرة الناس بسيرته الفاجرة الى ذاكرة الناس سيرة الولید بن عقبة والي عثمان من قبل مما فرض على معاوية أن يعزله سريعا.

قال هشام بن الكلبي والهيثم بن عدي: كان سبب عزل معاوية ابن اخته ام الحكم وهو عبد الرحمن بن عبد الله الثقفي انه قيل لمعاوية أن ابن اختك خطب في يوم الجمعة

ص: 114

قاعدا وان كعب بن بجرة رآه فقال الا ترون الى هذا الاحمق وما فعل، والله يقول:(وتر کوك قائما) (1) وانه اشتد في أمر الخراج حتى قتل ابن صلوبا، وكان صاحب شراب يشرب مع سعد بن هبار من ولد أسد بن عبد العزى بن قصي، فقال حارثة بن بدر الغداني فيه:

نهاره في قضايا غير عادلة*** وليله في هوى سعد بن هبار

لا يسمع الناس أصواتا لهم خفيت*** الا دویا دوي النحل في الغار

فيصبح القوم اطلاحا أضر بهم*** سير المطي وما كانوا بسفار

لا يرقدون ولا تغضي عيونهم*** ليل التمام وليل المدلج الساري

فبلغ الشعر خاله معاوية وقدم ابو بردة بن أبي موسى الأشعري على معاوية فقال له: ایشرب عبد الرحمن؟ فقال: لا، قال: أفيسمع الغناء؟ قال : لا، قال : فما تنقمون عليه؟ قال: انکاره بيعة يزيد بن أمير المؤمنين وظنه أن الفئ له وانه احق به، قال معاوية: فما تصنع بابیات ابن همام؟ قال : كذب عليه، قال :انشدني اياها ان كنت ترويها، فانشده، فقال معاوية: شر بها والله، اراد الخبيث، وعزله وولى النعمان بن بشير الأنصاري الكوفة(2).

والنعمان بن بشير الانصاري(3)هذا كان معروفا بعثمانيته فهو من آحاد الأنصار

ص: 115


1- الجمعة آية رقم 11
2- انساب الاشراف ق 4ج 137/1
3- قال ابن سعد في الطبقات 53/6: و كان النعمان بن بشير والي الكوفة لمعاوية بن أبي سفيان وأقام بها وكان عثمانیا، / قال في الاصابة: قال أبومسهر عن شعبة بن عبد العزيز : كان قاضي دمشق بعد فضالة بن عبيد، وقال سماك بن حرب : استعمله معاوية على الكوفة، (في الجرح والتعديل : كانت ولايته لها تسعة أشهر، وقيل: سبعة اشهر) وقال الهيثم : نقله معاوية من إمرة الكوفة الى إمرة حمص، وضم الكوفة إلى عبيد الله بن زیاد. وفي تاريخ الطبري (ج: 4ص: 430 سنة 35) قال الطبري: حدثني عمر قال: حدثنا أبو الحسن قال: أخبرنا شیخ من بني هاشم عن عبد الله بن الحسن قال: لما قتل عثمان بایعت الأنصار عليا إلا نفيرا يسيرا منهم حسان بن ثابت و كعب بن مالك ومسلمة بن مخلد وأبوسعید الخدري ومحمد بن مسلمة والنعمان بن بشير وزيد بن ثابت ورافع بن خديج وفضالة بن عبيد و کعب بن عجرة كانوا عثمانية. (وفي ج: 5 ص: 133): ثم دخلت سنة تسع وثلاثين ذكر ما كان فيها من الأحداث فمما كان فيها من الأحداث المذكورة: تفریق معاوية جيوشه في أطراف علي، فوجه النعمان بن بشير فيما ذكر علي بن محمد بن عوانة في ألفي رجل إلى عين التمر وبها مالك بن کعب مسلحة لعلي في ألف، رجل فأذن لهم، فأتوا الكوفة وأتاه النعمان

الذين لم يبايعوا عليا والتحق بمعاوية حاملا معه قميص عثمان وأصابعه، وكان ايضا أحد القادة الذين دفع بهم معاوية ليغيروا على اطراف الكوفة سنة 39 قتلا ونهبا ثم الهروب.

وكما عادت الكوفة بستانا لقريش كذلك عادت كما كانت على عهد عمر منطقة سامعة مطيعة للخليفة تعمل بأمره وترى رؤيته.

روى الطبري قال: ودنا عمرو بن الحجاج من أصحاب الحسين (والمعركة دائرة) يقول: يا اهل الكوفة الزموا طاعتكم وجماعتكم ولا ترتابوا في قتل من مرق من الدين وخالف الامام (1)

أقول: ومراده بالامام: الخليفة یزید.

و روی ایضا: ان اصحاب الحسين عليه السلام طلبوا من جیش عمر بن سعد ان يكفوا عنهم حتى يصلوا، فقال لهم الحصين بن تمیم: انها لا تقبل(2).

وروى ايضا: ان یزید بن معقل أحد جنود معسكر ابن سعد قال لبریر بن خضير هل تذکر وانا اماشيك في بني لوذان وانت تقول أن عثمان بن عفان كان على نفسه مسرفاء وان معاوية بن أبي سفيان ضال مضل، وان امام الهدى والحق علي بن ابي طالب؟ فقال بریر: اشهد ان هذا رأيي وقولي، فقال له يزيد بن معقل: فاني اشهد انك من الضالين (3).

وفي البحث الآتي توضيح اكثر عن هذه المسألة.

ص: 116


1- تاريخ الطبري 331/4 (طبعة الأعلمي بيروت)..
2- تاريخ الطبري 334/4
3- تاريخ الطبري 328/4

الفصل الرابع : أطروحة معاوية للحكم

الحاكم الأموي خليفة الله:

من الحقائق الثابتة التي اتفقت كتب التاريخ على روايتها، هي: أن عبد الملك ومن بعده من الخلفاء الأمويين وصفوا انفسهم بانهم خلفاء الله في الأرض وفيما يلي طرف من هذه النصوص:

روی ابوداود عن سليمان الاعمش، قال: جمعت مع الحجاج فخطب خطبة قال فيها فاسمعوا وأطيعوا الخليفة الله وصفيه عبد الملك بن مروان (1).

قال قيس بن عبد الله الرقيات يمدح عبد الملك:

خليفة الله فوق منبره*** جفت بذلك الاقلام والكتب (2).

وقال الفرزدق يمدح عبد الملك بن مروان:

فالارض الله ولاها خلیفته ***وصاحب الله فيها غير مغلوب

فأصبح الله ولي الأمر خيرهم*** بعد اختلاف وصدع غير مشعوب

وقال جرير:

ص: 117


1- الفرق الاسلامية في بلاد الشام حسن عطوان /218
2- طبقات فحول الشعراء 2/655

الله طوقك الخلافة والهدى***والله ليس لما قضی تبدیلولی

الخلافة والكرامة اهلها ***فالملك افيح والعطاء جزيل

وقال:

انت الامين امين الله لا سرف*** فيما وليت ولا هيابة ورع

انت المبارك يهدي الله شیعته ***إذا تفرقت الأهواء والشيع

یا آل مروان ان الله فضلكم ***فضلا عظيما على من دينه البدع (1).

وقال جرير للوليد بن عبد الملك:

يكفي الخليفة أن الله سربله*** سربال ملك به تزجي الخواتيم (2) .

یا آل مروان أن الله فضلكم*** فضلا قديما وفي المسعاة تقديم

وقال يمدح ایوب بن سليمان بن عبد الملك:

إن الإمام الذي ترجی نوافله*** بعد الامام ولي العهد ایوب

انت الخليفة للرحمن يعرفه***أهل الزبور وفي التوراة مکتوب(3).

عهد الوليد بن يزيد بن عبد الملك:

ومن أفضل الوثائق في هذا الموضوع کتاب الوليد بن یزید بن عبد الملك إلى رعيته:

أما بعد فإن الله تعالى اختار الإسلام دينا لنفسه، وجعله دین خيرته من خلقه، ثم اصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس، فبعثهم به وأمرهم به و كان بينهم وبين من مضى من الأمم وخلا من القرون قرنا فقرنا، يدعون إلى التي هي أحسن، ويهدون إلى صراط مستقیم، حتى انتهت كرامة الله في نبوته إلى محمد صلي الله عليه و آله، على حين دروس من العلم، وعمى من الناس، وتشتيت من الهوى، وتفرق من السبل، وطموس من أعلام الحق،

ص: 118


1- الفرق الاسلامية في بلاد الشام حسن عطوان /218
2- تزجی: تیسر
3- انظر كتاب الفرق الاسلاميه في بلاد الشام د. حسين عطوان/ فقد ورد في كتابه الكثبر من ذلك

فأبان الله به الهدى، و کشف به العمي، واستنقذ به من الضلالة والردي، وأبهج به الدين، وجعله رحمة للعالمين، وختم به وحيه.

ثم استخلف خلفاءه على منهاج نبوته حين قبض نبيه صلي الله عليه و آله، وختم به وحيه لإنفاذ حكمه وإقامة سنته وحدوده ....

فتتابع خلفاء الله على ما أورثهم الله عليه من أمر أنبيائه، واستخلفهم عليه منه لا يتعرض لحقهم أحد إلا صرعه الله، ولا يفارق جماعتهم أحد إلا أهلکه الله، ولا يستخف بولايتهم ويتهم قضاء الله فيهم أحد إلا أمكنهم الله منه، وسلطهم عليه، وجعله نکالا وموعظة لغيره. وكذلك صنع الله من فارق الطاعة التي أمر بلزومها، والأخذ بها.

فبالخلافة أبقى الله من أبقى في الأرض من عباده، وإليها صيره، وبطاعة من ولاه إياها سعد من أكرمها ونصرها.

فمن أخذ بحظه منها، كان لله وليا، ولأمره مطیعا...

ومن تركها ورغب عنها وحاد الله فيها، أضاع نصيبه، وعصى ربه، وخسر دنياه وآخرته، وكان ممن غلبت عليه الشقوة، واستحوذت عليه الأمور الغاوية التي تورد أهلها أفظع المشارع، وتقودهم إلى شر المصارع، فيما يحل الله بهم في الدنيا من الذلة والنقمة، وصيرهم فيما عندهم من العذاب والحسرة.

والطاعة رأس هذا الأمر، وذروته، وسنامه، وملاكه، وزمامه، وعصمته، وقوامه، بعد كلمة الإخلاص التي ميز الله بها بين العباد.

وبالطاعة نال المفلحون من الله منازلهم واستوجبوا عليه ثوابهم...

وبترك الطاعة والإضاعة لها والخروج منها، والإدبار عنها، والتبذل للمعصية بها،أهلك الله من ضل، وعتي، وعمي، وغلي، وفارق مناهج البر والتقوى.

فالزموا طاعة الله فيما عراكم ونالكم وألم بكم من الأمور، وناصحوها، واستوثقوا عليها، وارعوا إليها، وخالصوها، وابتغوا القربة إلى الله بها، فإنكم قد رأيتم مواقع الله

ص: 119

لأهلها في إعلائه إياهم، وإفلاجه حجتهم، ودفعه باطل من حادهم وناواهم وساماهم، وأراد إطفاء نور الله الذي معهم. وخبرتهم مع ذلك ما يصير إليه أهل المعصية، من التوبيخ لهم، والتقصير بهم، حتى يؤول أمرهم إلى تبار وصغار وذلة و بوار، وفي ذلك لمن كان له رأي و موعظة، عبرة ينتفع بواضحها، ويتمسك بحظوتها، ويعرف خيرة قضاء الله لأهلها.

ثم إن الله وله الحمد والمن والفضل، هدى الأمة لأفضل الأمور عاقبة لها، في حقن دمائها، والتئام ألفتها، واجتماع كلمتها، واعتدال عمودها، وإصلاح دهمائها، وذخر النعمة عليها في دنياها، بعد خلافته التي جعلها لهم نظاما، ولأمرهم قواما، وهو العهد الذي أهم الله خلفاءه (1) تو کیده، والنظر للمسلمين في جسيم أمرهم فيه، ليكون لهم عند ما يحدث بخلفائهم ثقة في المفزع،وملتجأ في الأمر، ولما للشعث، وصلاحا لذات البين، و تثبيتا لأرجاء الإسلام، وقطعا لنزغات الشيطان، فيما يتطلع إليه أولياؤه، ويوثبهم عليه من تلف هذا الدين وانصداع شعب أهله، واختلافهم فيما جمعهم الله عليه منه، فلا يريهم الله في ذلك إلا ما ساءهم، وأكذب أمانيهم، ويجدون الله قد أحكم بما قضى لأوليائه من ذلك، عقد أمورهم، ونفى عنهم من أراد فيها إدغالا ... فأكمل الله بها لخلفائه وحزبه البررة، الذين أودعهم طاعته أحسن الذي عودهم ...

فأمر هذا العهد من تمام الإسلام، و كمال ما استوجب الله على أهله من المنن العظام، ومما جعل الله فيه لمن أجراه على يديه، وقضى به على لسانه، ووفقه لمن ولاه هذا الأمر عنده، أفضل الذخر، وعند المسلمين أحسن الأثر، فيما يؤثر بهم من منفعته، ويتسع لهم من نعمته، ويستندون إليه من عزه، ويدخلون فيه من وزره، الذي يجعل الله لهم به منعة، ويحرزهم به من كل مهلكة، ويجمعهم به من كل فرقة، ويقمع به أهل النفاق، ويعصمهم به من كل اختلاف و شقاق.

ص: 120


1- يرید به ما صنعه ابوبکر حین استخلف، وما صنعه معاوية حين استخلف، وجرى الخلفاء من بعده على منواله

فاحمدوا الله ربكم الرؤوف بكم الصانع لكم في أمور كم، على الذي دلكم عليه من هذا العهد، الذي جعله لكم سكنا ومعولا تطمئنون إليه، وتستظلون في أفنانه، في أمر دینکم ودنیاکم، فإن لذلك خطرا عظيما من النعمة ... فأنتم حقیقون بشكر الله فيما حفظ به دینکم، وأمر جماعتكم من ذلك، جديرون بمعرفة كنه واجب حقه فيه، وحمده على الذي عزم لكم منه، فلتكن منزلة ذلك منكم وفضيلته في أنفسكم على قدر حسن بلاء الله عندكم فيه، إن شاء الله ولا قوة إلا بالله (1).

وخلاصة هذا العهد امور:

1.ان الحاكم خليفة الله تعالى ووارث امر النبي صلي الله عليه و آله.

2. بوجود الخليفة يبقى من يبقى من الناس.

3. طاعة الحاكم رأس الطاعات بعد كلمة التوحيد.

4. من يطع الحاكم كان الله وليا، واستحق من الله ثوابه، ومن يعصه كان لله عدوا واستحق من الله نقمته وسخطه.

5. ان من عصى خليفة الله وخرج عليه، امکنه الله منه، وجعله نکالا لغيره.

6. أن نظام تولية العهد الهام من الله تعالى الخلفائه في حفظ الدين والامة من الاختلاف.

(والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو هل ان مبتدع هذه البدعة بتسمية الحاكم خليفة الله هو عبد الملك ومن جاء بعده) ام أن المسألة تتجاوزهم إلى معاوية مؤسس الدولة الاموية؟

ادعاء معاوية الخلافة عن الله تعالى:

وإذا رجعنا إلى كتب التاريخ وكتب الشعر نجد ما يلي:

ص: 121


1- تاريخ الطبري ج:7 ص: 223 (سنة 125)

روى البلاذري قال: حدثني محمد بن سعد عن الواقدي عن يزيد بن عیاض، قال:قال معاوية: الأرض لله، وانا خليفة الله، فما أخذت فلي، وما تركته للناس، فبفضل مني (1).

وقال مسكين الدارمي يخاطب معاوية يستحثه على ترشيح يزيد:

بني خلفاء الله مهلا فانما*** يبؤها الرحمن حیث يرید

إذا المنبر الغربي خلاه ربه*** فإن أمير المؤمنين يزيد (2).

وقال عبد الله بن همام السلولي ليزيد بن معاوية:

اصبر يزيد فقد فارقت ذا ثقة*** واشكر عطاء الذي بالملك اصفا کا

اعطيت طاعة أهل الأرض كلهم ***فانت ترعاهم والله يرعاكا

وقال ايضا (3).

خلافة ربكم حاموا عليها*** اذا غمزت نابسة اسودا (4).

وفي ضوء ذلك يتضح: أن معاوية هوالمؤسس لهذه البدعة في الحكم وقد استفاد من اصل اسلامي صحيح اشار اليه القرآن في قوله تعالى: (یاداود انا جعلناك خليفة في الارض فاحكم بما اراك الله). واشارت اليه الاحاديث النبوية الصحيحة التي انتشرت في عهد علي عليه السلام وولده الحسن عليه السلام وهو توصيف الانبياء و اوصیائهم بكونهم خلفاء الله في الأرض يبينون للناس دينه نيابة عنه، ومن هنا كانت طاعة هؤلاء الانبياء و اوصیائهم

ص: 122


1- انساب الاشراف ق 4 ج 20/1
2- الفرق الاسلامية في بلاد الشام /249 عن الشعر والشعراء 544/1 . الاغاني 212/2 ، خزانة الادب 59/3، شعر مسكين الدارمي /33
3- الفرق الاسلامية في بلاد الشام /217عن طبقات فحول الشعراء /627
4- يريد اذا استضعفها مجترئ فطمع في ان ينال منها، والخنابسة جمع خنبسة وهوالجري الشديد الثابت. المصدر السابق (حسن عطوان)

رأس الدين، سواء كانوا في موقع الحكم والسلطة فعلا ام لم يكونوا، لانهم المفتاح الى معرفة دين الله تعالى، وصار المطيع لهم وليا لله، والعاصي لهم عاصيا لله تعالى.

حرف معاوية ومن جاء بعده هذا المفهوم الاسلامي الصحيح، حين جعلوا الحاكم بمجرد كونه حاكما خليفة الله تعالى، وطاعته رأس الدین(1).

روایات موضوعة لاسناد الأطروحة الأموية:

وقد أسند هذا الطرح الأموي باحادیث وضعت على لسان النبي صلي الله عليه وآله ضمن الثورةالثقافية المضادة التي أرسى دعائمها معاوية، وفيما يلي طرف من هذه الأحاديث:

روى مسلم في صحيحه عن حذيفة قال:

قال رسول الله صلي الله عليه و آله : يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستتون بستتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس.

قال: قلت: كيف أصنع یا رسول الله إن أدركت ذلك؟.

قال: تسمع وتطيع للأمير، وإن ضرب ظهرك واخذ مالك فاسمع وأطع (2).

وفي رواية الطيالسي واحمد بن حنبل انه صلي الله عليه و آله قال: (فإن رأيت يومئذ لله عز وجل في الأرض خليفة فألزمه وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك.(3).

روى البخاري: قال حدثنا عثمان بن صالح قال: أخبرنا عبد الله بن وهب قال: حدثنا أبوهاني الخولاني عن أبي على الجنبي عن فضالة بن عبيد (4) عن النبي صلى الله عليه و آله وسلم قال:

ص: 123


1- تماما كما صنع السامري في بني اسرائيل واشار اليه قوله تعالى: (فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها طه 96) أي حرفتها
2- مختصر صحیح البخاري 1319/3 ، صحیح مسلم 1476/3
3- مسند أبي داود الطيالسي /59. مسند احمد 403/5
4- قال ابن حجر في الإصابة: فضالة بن عبيد الأنصاري الأوسي، أبو محمد، اسلم قديما ولم يشهد بدرا وشهد أحدا فما بعدها، وشهد فتح مصر والشام قبلها، ثم سكن الشام وولى الغزو وولاه معاوية قضاء دمشق بعد أبي الدرداء، وقال ابن حبان : مات في خلافة معاوية وكان معاوية ممن حمل سريره، و كان معاوية استخلفه على دمشق في سفرة سافرها، وأرخ المدائني وفاته سنة ثلاث وخمسين، و كذا قال بن السكن، وقال : مات بدمشق. قال المزي في تهذيب الكمال: صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، شهد أحدا وبايع تحت الشجرة وشهد خيبر مع النبي صلي الله عليه و آله وولاه معاوية على الغزو ثم ولاه قضاء دمشق،وكان خليفة معاوية على دمشق إذا غاب عنها، روی له البخاري في المفردوالباقون

ثلاثة لا تسأل عنهم، رجل فارق الجماعة وعصى إمامه فمات عاصيا فلا تسأل عنه، وأمة أوعبد أبق من سيده، وامرأة غاب زوجها و كفاها مؤنة الدنيا فتبرجت وتمرجت بعده (1).

اقول: المراد بالامام في الرواية الحاكم الأعلى للمسلمين.

وروى مسلم عن أبي قيس بن ریاح عن أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه و اله أنه قال: (من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات، مات ميتة جاهلية) (2).

وروى احمد بن حنبل عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من نزع يدا من طاعة فلا حجة له يوم القيامة، ومن مات مفارقا للجماعة فقد مات ميتة جاهلية.) (3)

وروى ايضا عن عبد الله بن عامر بن ربيعة العدوي عن أبيه قال: قال رسول الله صلی الله عليه وسلم: (من مات وليست عليه طاعة مات ميتة جاهلية، فإن خلعها من بعد عقدها في عنقه لقي الله تبارك وتعالى وليست له حجة.) (4).

ص: 124


1- الأدب المفرد /207، مسند احمد 19/6، صحیح ابن حبان422/10 ، المستدرك على الصحيحين 206/1، المعجم الكبير للطبراني 306/18
2- صحیح مسلم 1476/3
3- مسند احمد بن حنبل 70/2
4- مسند احمد 93/2. وقال النووي في شرحه بباب لزوم طاعة الأمراء في غير معصية: (وقال جماهير أهل السنة من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين: لا ينعزل بالفسق والظلم وتعطيل الحقوق، ولا يخلع ولا يجوز الخروج عليه بذلك، بل يجب وعظه و تخويفه للأحاديث الواردة في ذلك). وقال قبله: (وأما الخروج عليهم وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين وإن كانوا فسقة ظالمين، وقد تظاهرت الأحاديث بمعنى ما ذكرته، واجمع أهل السنة أنه لا ينعزل السلطان بالفسق). قال القاضي أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني (ت: 403ه-) في كتاب التمهيد في باب ذكر ما يوجب خلع الإمام وسقوط فرض طاعته ما ملخصه: (قال الجمهور من أهل الإثبات واصحاب الحدیث: لا ينخلع الإمام بفسقه وظلمه بغصب الأموال، وضرب الأبشار، وتناول النفوس المحرمة، وتضييع الحقوق، وتعطيل الحدود، ولا يجب الخروج عليه، بل يجب وعظه و تخويفه وترك طاعته في شيء مما يدعو إليه من معاصي الله. واحتجوا في ذلك باخباركثيرة متظافرة عن النبي وعن الصحابة في وجوب طاعة الأئمة وإن جاروا واستأثروا بالأموال،)
فتوح البلدان غطاء عام للانقلاب الأموي:

تعطلت حركة الفتوح في عهد علي عليه السلام بسبب حرب الجمل وصفين والنهروان وغارات معاوية بعد التحكيم على الأطراف التابعة لعلي عليه السلام، وكان اهم ما نهض به معاوية بعد ابرام الصلح مع الحسن عليه السلام هواحياء حركة الفتوح لتحقيق مكاسب عديدة منها:

• اقناع الناس أن السلطة الأموية تعمل من أجل إعلاء كلمة الاسلام ونشره الى بلاد جديدة.

• اشغال المعارضة عن متابعة السلطة ومراقبة اعمالها الداخلية وتوجيه النقد اليها وكذلك ابعاد من تريد ابعاده بطريقة ذكية غير مثيرة.

• الحصول على موارد جديدة من المال والثروات او القوات الخاصة لحفظ الأمن الداخلي (1)

قال سعيد بن عبد العزيز: لما قتل عثمان، ووقع الاختلاف، لم يكن للناس غزوحتى اجتمعوا على معاوية، فأغزاهم مرات (2).

ص: 125


1- روى الطبري عن المدائني أن البخارية الذين قدم بهم عبيد الله بن زياد البصرة ألفان كلهم جيد الرمي بالنشاب. اقول: وهم من نتائج فتح بخاری علی بده حينما كان واليا على خراسان سنة 53، ولما ولاه معاوية البصرة اصطحبهم معه وكانوا حرسه الخاص، وهولاء اضيفوا الى الاربعة آلاف الذين اصطنعهم ابوه زیاد شرطة للبصرة. وفي انساب الاشراف (ق 4 ج 179/1): لما خرج طواف بن علاق بالبصرة ندب عبيد الله الشرط والبخارية فاتوهم و واقعوهم وهزموهم وقتلوهم..
2- سير أعلام النبلاء مجلد 150/3 تاریخ دمشق لابي زرعة 188/1 ، 346، تاریخ دمشق لابن عساكر 2/16

ومن الطبيعي أن يامر معاوية القصاصين في المساجد وخطباء الجمعة بالتركيز على أحاديث الجهاد والغزولجعل الاشتراك بالغزوهو المقياس الاعلى للاعمال الصالحة.

روى البخاري ومسلم والدارمي والترمذي وغيرهم عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: أي العمل أفضل؟ فقال: إيمان بالله ورسوله، قيل: ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله، قيل: ثم ماذا؟قال: حج مبرور (1).

وفي رواية أخرى عن أبي هريرة ايضا: قال سئل رسول الله صلي الله عليه و آله : أي الأعمال أفضل؟ وأي الأعمال خير؟ قال: إيمان بالله ورسوله، قال: ثم أي يا رسول الله؟ قال: الجهاد في سبيل الله سنام العمل، قال: ثم أي يا رسول الله ؟ قال: حج مبرور(2)

وفي رواية أخرى عنه ايضا قال: جاء رجل إلى النبي صلي الله عليه و آله؟ فقال: يا رسول الله علمني عملا يعدل الجهاد، قال: لا أجده، قال: هل تستطيع إذا خرج المجاهد ان تدخل مسجدا فتقوم لا تفتر وتصوم لا تفطر قال: لا أستطيع، قال: قال أبو هريرة: ان فرس المجاهد يستن(3) في طوله فيكتب له حسنات(4).

ص: 126


1- البخاري المختصر 18/1 صحیح مسلم 88/1 . وكذلك رواية عن هشام بن عروة عن أبيه عن ابي المراوح عن أبي ذر (الدارمي 397/2 )، بينما الرواية عن غيره تجعل الجهاد بعد الصلاة وبر الوالدين (انظر المجتبى من السنن للنسائي 292/1 ) وفي مسند احمد 163/2 : حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبيد ثنا محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن ناعم مولى أم سلمة عن عبد الله بن عمرو قال : حججت معه حتى إذا کنا ببعض طرق مكة رأيته تیمم، فنظر حتى إذا استبانت جلس تحتها، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت هذه الشجرة إذ أقبل رجل من هذا الشعب فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال : يا رسول الله! اني قد أردت الجهاد معك ابتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة، قال :هل من أبويك حي؟ قال : نعم يا رسول الله کلاهما، قال : فارجع ابرر أبويك، قال : فولی راجعا من حيث جاء، وفي (165/2) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا مسعر عن حبیب بن أبي ثابت عن أبي العباس عن عبدالله بن عمرو، قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد، فقال : أحي والداك ؟ قال : نعم، قال : ففيهما فجاهد
2- مسند احمد 287/2
3- استن الفرس :أي عدا في مرحه شوطا او شوطين ولا راكب عليه
4- مسند احمد 344/2

وفي رواية مسلم عنه ايضا: عن أبي هريرة قال: قيل للنبي صلي الله عليه و آله: ما يعدل الجهاد في سبيل الله عز وجل؟ قال: لا تستطيعوه، قال: فأعادوا عليه مرتين أو ثلاثا كل ذلك يقول لا تستطيعونه، وقال في الثالثة: مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله، لا يفتر من صيام ولا صلاة حتى يرجع المجاهد في سبيل الله تعالى (1).

وروى أحمد عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن أبي سعيد الخدري قال: أخذ رسول الله صلي الله عليه و آله بيدي فقال: يا أبا سعيد ثلاثة من قالهن دخل الجنة، قلت: ما هن یا رسول الله؟ قال: من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا، ثم قال: يا أبا سعيد والرابعة لها من الفضل كما بين السماء إلى الأرض وهي الجهاد في سبيل الله (2).

وروى البخاري عن أبي هريرة ايضا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تكفل الله لمن جاهد في سبيله لا يخرجه إلا الجهاد في سبيله وتصديق كلماته بأن يدخله الجنة أويرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر أو غنيمة(3).

روی احمد عن ابن عون قال: كتبت إلى نافع أسأله ما أقعد بن عمر عن الغزو؟ فكتب إلي : أن ابن عمر قد كان يغزو ولده ويحمل على الظهر، وكان يقول: إن أفضل العمل بعد الصلاة الجهاد في سبيل الله تعالى، وما أقعد بن عمر عن الغزو إلا وصايا لعمر وصبيان صغار وضيعة كثيرة (4).

وجعل معاوية ابنه يزيد سنة خمسين على رأس جيش لغزو القسطنطينية، وبعد رجوعه من الغزو وضع عمير بن الأسود العنسي الشامي حديثا على لسان ام حرام زوجة عبادة بن الصامت سنة 34 تقول: أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا ، قالت أم حرام قلت: يا رسول الله أنا فيهم؟ قال:

ص: 127


1- صحیح مسلم 1498/3
2- مسند احمد14/3
3- الجامع المختصر 344/2
4- مسند احمد 32/2، سنن البيهقي48/9

أنت فيهم، ثم قال النبي صلي الله عليه و آله : أول جیش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم ، فقلت: أنا فيهم یا رسول الله؟ قال: لا(1).

قال العيني في شرحه للحديث: قوله (اول جیش من امتي يغزون البحر): اراد به جیش معاوية، وقال المهلب: معاوية اول من غزا البحر، وهي غزوة قبرص زمن عثمان سنة 27 أو 28 أو 33 و كانت ام حرام معهم، وقال ابن الجوزي في جامع المسانید: انها غزت مع عبادة بن الصامت، فوقصتها بغلة لها فوقعت فماتت(2).

قال ابن حجر في شرحه للحديث: قوله: (يغزون مدينة قيصر) يعني القسطنطينية.

وقال ابن تيمية: ویزید اول من غزا القسطنطينية، غزاها في خلافة أبيه معاوية، ثم ذکر رواية البخاري (3).

وقال ابن حجر: قال المهلب (4): في هذا الحديث منقبة لمعاوية، لأنه أول من غزا

ص: 128


1- صحيح البخاري المختصر 1069/3 ، قال البخاري: حدثنا إسحاق بن یزید الدمشقي حدثنا يحيى بن حمزة قال: حدثني ثور بن یزید عن خالد بن معدان، أن عمير بن الأسود العنسي حدثه أنه أتى عبادة بن الصامت و هونازل في ساحة حمص وهو في بناء له ومعه (امرأته) أم حرام ، قال عمير: فحدثتنا أم حرام أنها... قال ابن حجر في فتح الباري 103/6) قوله : عن خالد بن معدان (بفتح الميم وسكون المهملة) والإسناد كله شامیون، وإسحاق بن یزید شیخ البخاري، فيه وهو إسحاق بن إبراهيم بن یزید الفراديسي نسب، لجده قوله عمیر بن الأسود العنسي بالنون والمهملة وهوشامي قديم يقال أسمه عمرو، وعمير بالتصغير لقبه، و كان عابدا مخضرما، و كان عمر يثني عليه، ومات في خلافة معاوية، قال ابن حجر في تهذيب التهذيب في ترجمة عمروبن الأسود العنسي: قال ابن حبان في الثقاة كان من عباد اهل الشام وزهادهم، وكان يقسم على الله فيبره، (وروى الطبراني) في مسند الشاميين :ان عمروبن الاسود قدم المدينة، فرآه عبد الله بن عمر يصلي، فقال: من سره أن ينظر إلى اشبه الناس برسول الله فلينظر الى هذا
2- عمدة القاري في شرح صحيح البخاري 198/14
3- سوال في يزيذ بن معاويه لابن تيميه مجله المجمع العلمي بدمشق العدد 455/134
4- اقول: لعله المهلب بن الأخطل بن المهلب بن الرواد بن عبدة بن أيوب بن جابر الأزدي العتكي أبو محمد من أهل تست /أول من أظهر السنة بتست /ودعا إليها الناس على عبادة دائمة وورع شدید سمع أبا نعیم و عبد الرزاق بن همام وغيرهما، مات بتست في سنة تسع وخمسين ومائتين

البحر، ومنقبة لولده يزيد، لأنه أول من غزا مدينة قيصر(1).

قال ابن حجر: كان يزيد أمير ذلك الجيش بالإتفاق، و كانت غزوة يزيد المذكورة في سنة اثنتين وخمسين من الهجرة.

وقوله: (قد أوجبوا): أي فعلوا فعلا وجبت لهم به الجنة.

وتوجد بعض الاخبار تشير الى تسمية جيش الغزوب (خيل الله):

روی ابوداود قال حدثنا محمد بن داود بن سفيان حدثني يحيى بن حسان أخبرنا سليمان بن موسى أبوداود ثنا جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب حدثني حبيب بن سليمان عن أبيه سليمان بن سمرة عن سمرة بن جندب: أما بعد فإن النبي صلي الله عليه و آله و سمی خیلنا خيل الله إذا فزعنا، وكان رسول الله صلي الله عليه و آله يأمرنا إذا فزعنا بالجماعة والصبر والسكينة وإذا قاتلنا(2).

وروى الطبري عن أبي مخنف قال :ان عمر بن سعد نهض عشية الخميس لتسع من المحرم ونادى: ياخيل الله اركبي وابشري، وزحف نحو الحسين عليه السلام (3).

جيش خليفة الله:

ومن المفيد أن نتذكر هنا أن خيل الله هذه وجيش الفتوح هذا قد اولاه معاوية وولاته عناية خاصة ليكون جيشا مطيعا للخليفة الأموي، يسمع كلمته، ويرى رؤيته في الحكام وفي بني أمية من جهة بصفتهم ائمة هدی وحماة الدين و اولیاء النبي صلي الله عليه و آله ، وفي علي واهل بيته عليهم السلام بصفتهم ائمة ضلالة واعداء الله ورسوله. جيشا خاليا من أي متهم بحب علي عليه السلام فضلا عن كونه من شیعته.

ص: 129


1- قال العيني :(يرد على المهلب واي منقبة كانت لیزید و حاله مشهور. الثقاة لابن حبان 208/3
2- سنن أبي داوود 25/3، ايضا المعجم الكبير للطبراني 269/7
3- تاریخ الطبري 315/4

وكان هذا الأمر في مدينة كالشام امرا سهلا لم يكلف معاوية كثير جهد، ولم يحبس او يقتل من أجله احدا، وبخلاف ذلك كان الأمر في الكوفة وهي مركز شيعة على عليه السلام، حيث لم يستطع زياد أن ينجح في بناء جيش للدولة الاموية إلا بعد بذل ما ذكرناه من خطط، وبعد قام ما قام به من قتل مثل حجر وعمروبن الحمق الخزاعي، ونفي مثل صعصة بن صوحان، وما قام به من قتل على التهم والظن والشبه تحت کل کو کب، وتحت كل حجر ومدر، وقطع الأيدي والأرجل منهم، وصلبهم على جذوع النخل، وسمل أعينهم، طردهم وشردهم.

وفي ضوء هذه التربية لم يكن مستغربا ما صدر من جيش الشام بقيادة مسلم بن عقبة إزاء اهل المدينة بعد واقعة الحرة، وكذلك ما صدر من جيش الدولة الأموية في الكوفة إزاء الحسين صلي الله عليه و آله وأصحابه، وذلك لأن التربية واحدة والقيادة واحدة.

روى أحمد بن اعثم في فتوحه: إن مسلم بن عقبة (1) قائد الجيش الأموي الذي بعثه يزيد الى مدينة الرسول صلي الله عليه و آله واباحها ثلاثة ايام للجند - بعد واقعة الحرة - قال في وصيته عند موته: اللهم انك تعلم أني لم أعص خليفة قط، اللهم اني لم اعمل عملا ارجوبه النجاة

ص: 130


1- قال ابن حجر في الاصابة: مسلم بن عقبة المري، أبوعقبة، الأمير من قبل یزید بن معاوية على الجيش الذين غزوا المدينة يوم الحرة، ذكره بن عساکر وقال : أدرك النبي، وشهد صفين مع معاوية و كان على الرجالة، وعمدته في إدراكه أنه استند إلى ما أخرجه محمد بن سعد في الطبقات عن الواقدي بأسانیده قال: لما بلغ یزید بن معاوية أن أهل المدينة أخرجوا عامله من المدينة وخلعوه، وجه إليهم عسكرا أمر عليهم مسلم بن عقبة المري وهو يومئذ شیخ بن بضع وتسعين سنة ، فهذا يدل على أنه كان في العهد النبوي کهلا، وقد أفحش مسلم القول والفعل بأهل المدينة وأسرف في قتل الكبير والصغير حتى سموه مسرفا، وأباح المدينة ثلاثة أيام لذلك والعسكر ينهبون ويقتلون ويفجرون، ثم رفع القتل وبايع من بقي على أنهم عبید لیزید بن معاوية، و توجه بالعسكر إلى مكة ليحارب ابن الزبير لتخلفه عن البيعة ليزيد ، فعوجل بالموت فمات بالطريق وذاك سنة ثلاث وستين ، واستمر الجيش إلى مكة فحاصروا ابن الزبير ونصبوا المنجنیق على أبي قبيس، فجاءهم الخبر موت یزید بن معاوية وانصرفوا والقصة معروفة في التواريخ

قط الا ما فعلت باهل المدينة (1).

وفي رواية اليعقوبي: اللهم ان عذبتني بعد طاعتي لخليفتك یزید بن معاوية وقتل اهل الحرة فاني إذن لشقي (2).

قال ابن حجر: روى أبوبكر بن عياش عن أبي إسحاق قال: كان شمر يصلي معنا ثم يقول: اللهم انك تعلم اني شريف فاغفر لي ، قلت: كيف يغفر الله لك وقد اعنت على قتل أبن رسول الله صلي الله عليه و آله؟ قال: ويحك فكيف نصنع ان امراءنا هؤلاء أمرونا بأمر فلم نخالفهم، ولو خالفناهم كنا شرا من هذه الحمر الشقاء (3).

وقد انتهت هذه التربية في العراق بعد مقتل الحسين عليه السلام ولم يستطع بنو أمية فرضها من جديد على اهل العراق حين حكموا العراق بعد قتل مصعب بن الزبير الى تمام ستين سنة من ملك بني مروان، ولكنها استمرت في الشام من خلال إصرار خلفاء بني أمية على عرض انفسهم على انهم ائمة مقربون عند الله تعالى يشفعون لأوليائهم.

روى البلاذري عن المدائني: أنه لما مات الحجاج ذكره الوليد وذكر قرة بن شريك فترحم عليهما وقال: كانا منقادين لأمرنا ، والله لأشفعن لهما عند ربي ولأسألنه أن يدخلهما الجنة، يا أهل الشام أحبوا الحجاج فإن حبه إيمان وبغضه كفر (4).

ويتضح من ذلك ايضا: إن ما جرى من قتل الحسين علليه السلام وحمل رأسه ورؤوس أهل بيته وأصحابه مع عياله أسرى إلى الشام، وما جرى من قتل أهل مدينة النبي في واقعة

ص: 131


1- فتوح ابن اعثم 301/5
2- تاريخ اليعقوبي 251/2
3- لسان المیزان ترجمة شمر بن ذي الجوشن
4- الحجاج بن يوسف الثقفي / تالیف :احسان صدقي العمد ص 536 نقلا عن مخطوطة انساب البلاذري (م 78 ورقة 1247 وورقة 1219 مصورة دار الكتب المصرية رقم 1103) رسالة ماجستير من كلية الآداب جامعة الكويت، باشراف الدكتور حسين مؤنس، أجيزت سنة 1972، طبعت سنة1973 بيروت

الحرة، واباحة المدينة ثلاثة ايام للجند، وضرب بیت الله بالمنجنيق، كان نتيجة طبيعية للتربية المنحرفة التي أرسى دعائمها معاوية وولاته ومن سار في ركبه من وضاعي الحديث وخطباء الجمعة والقصاصين (1).

خلاصة بما قام به معاوية وولاته :

1.بني معاوية بشكل عام قوة عسكرية وأجهزة ضبط داخلي (الشرطة خالصة الولاء له معادية لعلي واهل بيته عليهم السلام.

2. عني بالكوفة مركز التشيع لعلي عليه السلام عناية خاصة فغير نظام الأسباع فيها إلى نظام الأرباع، وأخلاها من وجوه اصحاب علي البارزين قتلا وسجنا ونفيا، وصفاها من كثافتها الشيعية بتهجير خمس وعشرين الف بعوائلهم، كما صفا جيشها من كل متهم بحب علي فضلا عن كل شيعي، واعتمد الحمراء والبخارية مادة اساسية لجهاز الشرطة فيها.

3. أوجد حركة دينية فكرية وسياسية واجتماعية مضادة لعلي وأهل بيته عليه السلام تقوم على اساسين:

الأول: لعن علي عليه السلام والبراءة منه بعد كل صلاة جمعة بصفته ملحدا في الدين (أي محرفا فيه). والمنع من ذكر أحاديث النبي صلي الله عليه و آله في علي وأهل بيته عليهم السلام المني في المدارس والمحافل العامة والمساجد، والحث على وضع روايات على لسان النبي صلي الله عليه و آله؛ تمدح معاوية وعثمان وبني أمية وغيرهم، ووضع احادیث کاذبة في علي واهل بيته عليهم السلام تسوغ لعنهم والبراءة منهم.

ص: 132


1- لم يكن يسمح معاوية لقاص يقص من دون إجازة منه، روى البلاذري (ق 4 ج 45/1) بسنده عن أبي عامر الهوزني قال : حججنا مع معاوية، فلما قدمنا مكة أخبر برجل قاص يقص على أهل مكة و كان مولی لبني مخزوم، فقال له معاوية : أمرت بالقصص؟ قال: لا، قال: فما حملك على أن تقص بغير إذن؟ قال: انما ننشر علما علمناه الله، قال: لو کنت تقدمت اليك لقطعت طابقا منك

الثاني: الحط من مقام شيعة علي عليه السلام اجتماعيا، فلا تقبل شهادة لشيعي، ويحرم من العطاء ليكون فقيرا ويخمل ذكره ، وفي المقابل تقبل شهادة المحب لعثمان ويزاد في عطائه ليشرف في المجتمع و يعلو ذكره.

4. عرض الحاكم الأموي على انه خليفة الله وان طاعته رأس الدین ومفتاحه ، وكون المطيع له ولي الله والعاصي له عدو الله.

5.غالى في امر الجهاد والغزو، وعرضه على انه افضل عمل بعد الايمان بالله ورسوله، أي جعله المقياس الاعلى للاعمال الصالحة والدخول للجنة، وامات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ووضع الأحاديث في ذلك.

6. عين ابنه يزيد ولي عهده، من اجل ان يواصل رعاية مشروعه التحريفي للاسلام على الأصول التي بناها عليه.

خلاصة بمعالم الضلال الاموي :

1.إظهار حجج الله تعالى الذين نص عليهم الرسول بامر الله تعالى على أنهم أعداء لله ولرسوله وأنهم ائمة ضلال، وذلك من خلال لعن اول هؤلاء الحجج وهو علي عليه السلام وسبه في خطب الجمعة على منابر المسلمين، والنهي عن ذكر فضائله ورواية احادیث وضعت على لسان النبي صلي الله عليه و آله تطعن فيه.

2. سجن ونفي وقتل ابرار الصحابة والتابعين من شيعة علي عليه السلام، و كذلك سجن ونفي النساء المؤمنات لا لشئ إلا لأنهم لم يوافقوا معاوية على لعن علي والبراءة منه ، كحجر بن عدي وعمروبن الحمق الخزاعي وزوجته آمنة بنت الشريد وصعصعة بن صوحان العبدي و امثالهم (رضوان الله عليهم).

3.إظهار بني أمية على انهم ائمة الهدى بعد النبي، وفرض طاعتهم وولايتهم، ووضع الأحاديث الكاذبة فيهم تمدحهم وتثني عليهم ، بينما كان بنو أمية الاعداء الالداء للرسول،

ص: 133

وقد دخلوا الاسلام بعد الفتح، وجعلهم القرآن كطبقة ثانية (1).، ولعن الرسول رموزهم بعد دخولهم الاسلام لما ظهر منهم (2)

ص: 134


1- قال تعالى:«لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ ۚ أُولَٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا ۚ وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ»الحديد /10
2- قال في الاصابة: الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس القرشي الأموي، عم عثمان بن عفان و والد مروان قال ابن سعد: أسلم يوم الفتح وسكن المدينة، ثم نفاه النبي صلي الله عليه و آله إلى الطائف، ثم أعيد إلى المدينة في خلافة عثمان ومات بها، روى الفاكهي من طريق حماد بن سلمة حدثنا أبوسنان عن الزهري و عطاء الخراساني أن أصحاب النبي صلي الله عليه و آله دخلوا عليه وهو يلعن الحكم بن أبي العاص ، فقالوا: یا رسول الله ماله؟ قال: دخل على شق الجدار وأنا مع زوجتي فلانة فكلح في وجهي، فقالوا: أفلا نلعنه نحن؟ قال: كأني أنظر إلى بنيه يصعدون منبري وينزلونه، فقالوا: يا رسول الله ألا نأخذهم؟ قال: لا. ونفاه رسول الله صلي الله عليه و آله، وروى الطبراني من حديث حذيفة قال: لما ولى أبوبكر كلم في الحكم أن يرده إلى المدينة ، فقال: ما كنت لأحل عقدة عقدها رسول الله صلي الله عليه و آله ، وروى أيضا من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر قال: كان الحكم بن أبي العاص يجلس عند النبي صلي الله عليه و آله، فإذا تكلم اختلج، فبصر به النبي صلي الله عليه و آله فقال: كن كذلك ، فما زال يختلج حتى مات ، في إسناده نظر، وأخرجه البيهقي في الدلائل من هذا الوجه وفيه ضرار بن صرد وهو منسوب للرفض، وأخرج أيضا من طريق مالك بن دینار حدثني هند بن خديجة زوج النبي صلي الله عليه و آله:مر النبي صلى الله عليه وسلم بالحكم فجعل الحكم يغمز النبي صلي الله عليه و آله بأصبعه ، فالتفت فرآه ، فقال :اللهم اجعله وزغا، فزحف مكانه ، وقال الهيثم بن عدي عن صالح بن حسان قال قال الأحنف لمعاوية: ما هذا الخضوع لمروان؟ قال: إن الحكم كان ممن قدم مع أختي أم حبيبة، لما زفت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتولى نعلها ، فجعل رسول الله صلي الله عليه و آله يحد النظر إلى الحكم فلما خرج من عنده ، قيل له: يا رسول الله أحددت النظر إلى الحكم؟ فقال ابن المخزومية: ذاك رجل إذا بلغ ولده ثلاثين أو أربعين ملكوا الأمر ، وروينا في جزء بن نجيب من طريق زهير بن محمد عن صالح بن أبي صالح حدثني نافع بن جبیر بن مطعم عن أبيه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فمر الحكم بن أبي العاص فقال النبي صلي الله عليه و آله : ويل لأمتي ما في صلب هذا وروی بن أبي خيثمة من حديث عائشة أنها قالت لمروان (في قصة أخيها عبد الرحمن لما امتنع من البيعة ليزيد بن معاوية): أما أنت يا مروان فأشهد أن رسول الله صلي الله عليه و آله لعن أباك وأنت في صلبه. وفي مسند احمد 421/4، ومسند أبي يعلى عن أبي برزة قال: كنا مع رسول الله صلي الله عليه و آله في سفر فسمع رجلين يتغنیان وأحدهما يجيب الآخر وهويقول: لا يزال حواري تلوح عظامه*** زوى الحرب عنه أن يجن فيقبرا فقال النبي صلي الله عليه و آله : انظروا من هما؟ قال فقالوا: فلان وفلان، قال فقال النبي صلي الله عليه و آله: اللهم أر كسهما رکسا ودعهما إلى النار دعا. وفي المعجم الكبير للطبراني38/11 عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه قال: سمع رسول الله صلي الله عليه و آله یا صوت رجلين وهما يقولان: لا يزال حواري تلوح عظامه ***زوی الحرب عنه أن يجن فيقبرا فسأل عنهما، فقيل معاوية وعمرو بن العاص ، فقال : اللهم ار کسهما في الفتنة ركساودعهما إلى النار دعا

4. عرض الحاكم على انه خليفة الله في الأرض ، وان طاعته وولايته رأس الدين وأن معصيته والخروج عليه/ مهما كانت سيرته سيئة / محبطة للاعمال، يموت صاحبها ميتة جاهلية، ووضع الاحاديث النبوية الكاذبة في ذلك.

5. تفسير القرآن بما يوافق البنود الآنفة الذكر وتثقيف الأمة صغارا وكبارا على ذلك. فأهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم هم أزواج النبي وليس عليا وفاطمة والحسن والحسين، وقرابة النبي الذين أوجب الله تعالى مودتهم أجرا للرسالة هم بنو أمية وليس أهل البيت والشاهد في قوله تعالى (ويتلوه شاهد منه) ليس عليا عليه السلام بل جبرئیل عليه السلام وغير ذلك.

وقد تحقق ما قاله علي عليه السلام لخاصة اصحابه يخبرهم عن هذا العهد:

(وانه سيأتي عليكم من بعدي زمان ليس فيه شئ أخفى من الحق، ولا أظهر من الباطل، ولا اكثر من الكذب على الله ورسوله.

وليس عند اهل ذلك الزمان سلعة أبور من الكتاب اذا تلي حق تلاوته (اي اذا فسر تفسيراٌ صحيحاٌ) ولا انفق منه اذا حرف عنه مواضعه (اي فسر تفسیراٌ باطلاٌ) ...

كأنهم ائمة الكتاب وليس الكتاب امامهم.

فلم يبق عندهم منه الا اسمه، ولا يعرفون الا خطه وزبره) (1).

ص: 135


1- شرح نهج البلاغة خ 147

ص: 136

البلاب الثالث :حركة الحسين عليه السلام في مواجهة الانقلاب الأموي

اشارة

الفصل الأول: المرحلة الاولى السكوت والعمل السري في زمن معاوية

الفصل الثاني: المرحلة الثانية النهضة للتغيير بعد موت معاوية

الفصل الثالث: طرف من اخبار شهادة الحسين عليه السلام واهل بيته وأصحابه

ص: 137

ص: 138

الفصل الأول: المرحلة الأولى السكوت والعمل السري في عهد معاوية

خلاصة خطة معاوية:

استهدف معاوية من انقلابه أساسأ أمرين اثنين:

الأمر الأول: دمج موقع الامامة الدينية في موقع الحاكمية ليصبح حاكما له سلطة تشريعية كالتي برز بها عمر في خلافته حين كان ينهى عن كثير من سنن النبي صلي الله عليه و آله فيطاع (1) ، ثم اراد معاوية أن يضمن استمرار الخلافة بهذه الصفة لولده يزيد وذريته.

الأمر الثاني: محو الذكر الطيب والموقع الهدايتي الخاص الذي منحه الله ورسوله لعلي ولاهل بيته المعصومين عليهم السلام من بعده بغضا وحقدا ولكونه يتعارض مع هدفه الأول.

و كانت امامه ثلاث عقبات لتحقيق ذلك وهي:

1. وجود الحسن عليه السلام وقد برزته سنوات الصلح مصلحا رساليا بمستوى جده النبي صلي الله عليه و آله بما أعاد لذاكرة المسلمين من تشابه بين صلحه و صلح الحديبية من جهات عديدة مر ذكرها. وما أخبر النبي من حدث الصلح، وما ظهر من مکنون أخلاق الحسن عليه السلام وسيرته من خلال معاشرته للناس في موسم الحج للسنوات العشر ماشيا وفي غير موسم الحج وقبل ذلك بما انتشر من أحاديث النبي صلي الله عليه و آله فيه وفي اخيه الحسين عليهاالسلام .

ص: 139


1- انظر معالم المدرستين ج 1 للسيد مرتضى العسكري

هذا مضافا إلى أن أحد بنود الصلح الذي ينص على أن الأمر للحسن عليه السلام بعد موت معاوية فإن حدث بالحسن عليه السلام فإن الأمر للحسين وليس لمعاوية أن يعهد لأحد من بعده.

2. الكوفة بوصفها مرکز شيعة علي عليه السلام وبوصفها مركز الثقل في أهل العقد والحل الذين بايعوا الحسن عليه السلام بيعة مشروعة قامت على إيمانهم بالنص ومن ثم كانت هذه البيعة عدة الحسن عليه السلام في مشروع صلحه العظيم، كما كانت بيعة أهل المدينة مع النبي صلي الله عليه و آله عدته في مشروع صلحه العظيم مع قريش.

3. انتشار الاحاديث النبوية في فضل علي وأهل بيته عليهم السلام ، و في ذم معاويةوبني أمية في الشام مرکز شيعة معاوية فضلا عن غيرها. ومن جانب آخر انتشار اخبار سيرة النبي صلي الله عليه و آله وسيرة علي عليه السلام الشخصية وأخبار سيرتهما في الحكم والحروب وهي سيرة واحدة ونور واحد (علي مني وانا منه) (انا من رسول الله كالصنومن الصنوو كلذراع من العضد) وفي قبالها انتشار سيرة الخلفاء الثلاثة في الحكم وفي الحروب وهي سيرة مغايرة السيرة النبي وعلي (متعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا احرمهما).

وكانت أجراءات معاوية التي اتخذها لتحقيق هدفيه الآنفي الذكر كما يلي:

الإجراء الأول: التخلص من الحسن عليه السلام بدس السم إليه عن طريق زوجته بنت الأشعث ، وكذلك التخلص من بعض الشخصيات التي تشكل عقبة كعبد الرحمن بن خالد بن الوليد في الشام وسعد بن أبي وقاص في المدينة.

الإجراء الثاني: لعن علي عليه السلام وسبه على منابر المسلمين بعد صلاة الجمعة، لتربية الناشئة عليه.

الإجراء الثالث: تغيير نظام التعبئة من الأسباع إلى الأرباع، وتغيير الكثافة السكانية الشيعية بتسيير خمسين ألف من اهل الكوفة والبصرة بعيالاتهم إلى خراسان واشغالهم بالغزو.

ص: 140

الإجراء الرابع: قتل حجر وأصحابه بتلفيق التهم عليهم بانهم خلعوا معاوية وخرجوا على واليه في الكوفة.

الإجراء الخامس: تصفية الجيش في الكوفة من خلال عرض الناس على البراءة من علي ولعنه وقتل من يأبى ذلك واسقاط اسم المتهم بحب علي من ديوان العطاء، واعتماد الحمراء والبخارية ليكونوا شرطة بدلا من أهل القبائل.

الإجراء السادس : المنع من نشر احاديث النبي صلي الله عليه و آله في فضل علي وأهل بيته عليهم السلام، وكل حديث فيه ذم لبني أمية، وحث الطامعين في الدنيا في الكذب على النبي صلي الله عليه و آله ووضع أحاديث تمدح بني أمية وغيرهم وتطعن في علي واهل بيته عليهم السلام، وكذلك وضع احادیث تنزل من شخصية الرسول لتجعله بمستوى الانسان الذي تصدر منه الاخطاء الفاضحة.

الإجراء السابع: اطلاق صفة خليفة الله (الخاصة بالمعصومين من الأنبياء واوصیائهم) على الحاكم الأموي، ووضع الأحاديث الكاذبة في السكوت على الظلم والجور، وتحريف الوصية الخاصة بالاوصياء واستبدالها بولاية العهد والغاء دور الكتاب والسنة في تشخيص من له حق الحكم، ومصادرة دور الأمة في ممارسة البيعة لمن نص عليه الكتاب والسنة.

الإجراء الثامن: تولية العهد لولده يزيد المعروف بفسقه و فجوره واخذ البيعة من الأمة له قهرا

رد فعل الأمة إزاء غدر معاوية:

حکم معاوية عشرين سنة، كانت السنوات العشر الأولى منها في ظل حياة الحسن عليه السلام ، و كان معاوية فيها مجبورا على العودة باهل الشام الى جسم الامة والتقيد بالشروط التي اشترطها للحسن عليه السلام وبسبب ذلك لم يروع معاوية أي شيعي في هذه السنوات العشر بل كان يكرم وجوه الشيعة ويتحمل صراحتهم ويظهر التودد والترحم

ص: 141

على علي عليه السلام في المجالس العامة كما في قصة ضرار وغيره، وليس من شك انه كان يستبطن غير ذلك. (1).

وكانت السنوات العشر الثانية بعد وفاة الحسن عليه السلام، سنوات نقض الشروط و تعطیل الحدود وقتل الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، وقد تدرج معاوية بخطة مدروسة نفذ مقدماتها في السنوات العشر الأولى التي كانت تستهدف تثبيت دعائم السلطة وملاحقة الخوارج و تعبئة الجو العام باتجاه الفتوح.

كان الناس علی اصناف أربعة إزاء إعلان السب لعلي عليه السلام (بوصفه رأس الحربة في الانقلاب):

الصنف الأول: الخوارج، وهؤلاء كانوا مسرورين من ذلك، لانهم ممن يعلن البراءة من علي عليه السلام أيضا، الا انهم يرون معاوية، امتدادا لعثمان الذي يتبرأون منه كما يتبرأون من علي بل يرون مواصلة الخروج على معاوية وقد توالى خروجهم عليه منذ بداية الصلح ولم ينقطع.

الصنف الثاني: قريش وأنصارها، ويتوزع قريشا محوران هما:

1. بنو أمية و كلهم موتور من علي عليه السلام ، مبغض له.

2. عبد الله بن الزبير وشیعته، وهو معروف ببغضه عليا عليه السلام وقد تناول عليا وتنقصه في فترة حكمه للحجاز.

الصنف الثالث: الحسين عليه السلام وبنوهاشم ومر کزهم المدينة، وشيعة علي الذين تربوا على يديه امثال حجر وعمرو بن الحمق و حبیب بن مظاهر وغيرهم، ومركزهم الكوفة، وهذا الصنف يدرك تخطيط معاوية بعمق ويعمل على احباطه بحكمة ويقدم من أجل ذلك اغلى التضحيات.

ص: 142


1- وقد فصلنا ذلك في كتابنا (صلح الامام الحسن عليه السلام قراءة جديدة)

الصنف الرابع: من عرف فضل علي عليه السلام ووجوب محبته وحرمة بغضه من خلال أحاديث النبي صلي الله عليه و آله التي انتشرت، ولكنه لم يكن راسخا في موالاته، وأكثر هذا الصنف من عامة الناس ورعاعهم، وأغلبهم يتأثر بالجو العام وينعق مع الناعق المتسلط فيه، وبشكل عام فان أفاضل هذا الصنف من الصحابة والتابعين لم يكونوا يقطنون إلى الابعاد الكاملة الخطة معاوية وظنوا ان اعلان السب لعلي هو فورة سرعان ما تهدأ.

الحسين عليه السلام بين موقفين:

كان أمام الحسين عليه السلام أحد موقفين إزاء معاوية:

الموقف الأول:

ان يتعامل مع معاوية في ضوء معرفته الخاصة ومعرفة خلص اصحابه بتخطيط معاوية ونواياه وبخاصة بعد ان دس السم للحسن عليه السلام، فيبادر إلى الكوفة مركز شيعة ابيه ويعلن عن تمرد عسكري ، ثم يخوض معركة الجهادضد معاوية، وكان هذا الموقف قد عرضه وجوه أصحاب ابيه وأخيه الحسن بعد وفاته.

والذي لا شك فيه أن هذا الموقف سابق لأوانه و تواجهه مشکلات كثيرة، بسبب عدم وضوح مبرر هذا الفعل لدى الأمة ككل، وقدرة معاوية على احتوائه، سواء انتهى بقتل الحسين عليه السلام أوانتهى بانتصاره المحدود وتأسيسه دولة في الكوفة. وذلك لانه في حالة انتهائه بالقتل سیکون مشابها لخرجات الخوارج التي تكررت في السنوات العشر الاولى (خاصة من حکم معاوية)، وانتهت بقتل قادتها، ويستطيع معاوية هنا معالجة كون المقتول هوالحسين حفيد النبي بوضع أحاديث كذب تبرر لمعاوية قتله.

أما إذا انتهى بالانتصار المحدود فإن هذا الانتصار له حالتان معقولتان:

الأولى: انتصار يملك مقومات استمرار دولة الكوفة الى جنب دولة الشام وهذا سوف يعيد للواقع الخطر الذي دفعه الحسن بصلحه وهو خطر انشقاق الامة الى امتين ودولتين ثم

ص: 143

إلى قبلتين وكتابين، ولا يترقب من الحسين عليه السلام ان يرضى بذلك، شأنه شأن أخيه الحسن علیه السلام (1).

الثانية: انتصار مؤقت ينتهي بقتل الحسين على يد معاوية كما قتل ابن الزبير على يد عبد الملك بعد سبع سنوات من حكمه، وهذا القتل تؤكده الاخبار الغيبية الواردة عن النبي صلي الله عليه و آله.

وخلاصة القول في الموقف الاول: انه اما ان ينتهي إلى عودة انشقاق الأمة وما يستلزمه من اختلاف القبلة والكتاب، أو ينتهي بقتل الحسين عليه السلام مع قدرة معاوية على تشويه حركة الحسين وخلط أوراقها يساعده على ذلك الجو العام الذي صنعه معاوية لاحياء حركة الفتوح والغزوو تعبئة الأمة بشكل عام إزاءه هذا مع عدم ظهور كل نوايا معاوية العدوانية وأضغانه و موبقاته.

الموقف الثاني:

ان يؤجل الحسين قيامه وتصديه إلى ما بعد وفاة معاوية، ويكتفي بقيام وجوه شيعة ابيه كحجر بن عدي وعمروبن الحمق واصحابهما بالانكار اللساني ثم ممارسة التبليغ الفكري سرا، وهذا الموقف هو الذي اختاره الحسين وأمر به غالبية اصحابه حين قال لهم: كونوا احلاس بيوتكم (2) وبعبارة أخرى فإن هذا الموقف يتكون من مرحلتين:

الأولى: تسجيل الانکار اللساني من قبل الوجوه كحجر وأمثاله ومواصلة التبليغ الفكري سرا.

الثانية: المواجهة الفكرية والسياسية المعلنة من الحسين عليه السلام بعد وفاة معاوية وطلب النصرة من المسلمين لحمايته حتى يواصل تبليغه والاطاحة بسلطة بني أمية كما صنع جده النبي صلي الله عليه و آله مع قريش.

ص: 144


1- وقد تناولنا الحديث مفصلا عن هذا الاحتمال في بحثنا عن صلح الحسن عليه السلام
2- کونوا أحلاس بيوتكم :أي الزموها ولا تبرحوها

وليس من شك أن الموقف الثاني هذا سوف يجنب الحسين عليه السلام المشكلات التي يثيرها له الموقف الاول ويفتح أمامه عطاءات و آثار مهمة للقيام والنهوض غير قابلة للاحتواء، سواء انتهت حرکته بشهادته او انتهت بالنصر المؤزر.

وذلك: لاتضاح مبررات قيام الحسين عليه السلام وأن قيامه ليس من أجل الملك بل من أجل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، و تبلیغ حديث رسول الله صلي الله عليه و آله في أهل بيته الذي محي من الساحة العامة في المجتمع ، وحل محله الكذب على النبي صلي الله عليه و آله و تحرير الاسلام والامة من أخطر عدو أخبر عنه الله ورسوله.

وسيأتي كيف أن الله تعالى جعل البركة والعطاء العظيم في هذه الشهور الخمسة من حركة الحسين التبليغية العامة التي انتهت بشهادته.

وفيما يلي الحديث عن هذه الخطة وآثارها.

ص: 145

خطة الحسين عليه السلام في التغيير:

ليس من شك أن خروج الحسين عليه السلام وثورته وقيامه لا يشبه خروج طلحة والزبير، لانه لم يرتبط بعهد بيعة ثم نقضه، ولا تشبه خروج وثورة الخوارج لانه لا يكفر المسلمين، ولا يبادئ اهل القبلة بقتال كما كان يصنعون، واما الذي تبناه من نشاطات واهداف هوالأمور التالية:

1. العمل السري بين الامة لنشر الاحاديث الصحيحة التي عمل النظام الاموي على طمسها وإماتتها في المجتمع، وكان آخر نشاط في هذا الصدد هو المؤتمر السري الذي عقده في موسم الحج قبل موت معاوية بسنة، وسيأتي الحديث عنه.

2. کسر الطوق الاجتماعي والسياسي المفروض على الأحاديث النبوية الصحيحة بالمبادرة إلى التحديث بها علنا من قبل الحسين عليه السلام بعد موت، معاوية لإسماع من لم يسمعها وتذكير من كان قد سمعها ثم تناساها صاحبها خشية أن تناله اعظم العقوبة بسببها، وهذا الهدف يناسبه أن يمارسه الحسين في بقعة يتواجد فيها المسلمون من كل الأطراف، وليس مثل مكة بلد في هذه الصفة، إذ هي قبلة المسلمين جميعا ومهوى أفئدتهم في موسم العمرة والحج.

3. إفهام المسلمين جميعا ان السلطة الأموية مصممة على قتله، لانه مصمم على عدم الاستجابة لسياستها في كتمان الحق، بل مصمم على توعية الأمة باحادیث جده فيه وفي ابيه وفي بني أمية وفي احكام الاسلام التي غيروها، ثم يعرض عليهم أن يحموه وتحمي عملية التبليغ عن جده، وليس من شك أن أفضل مكان يستطيع الحسين عليه السلام فيه ان يلتقي باخیار المسلمين من كل الأقطار هومكة وبخاصة في موسم العمرة والحج.

4. ان تتوفر له حماية اولية تسمح له أن يمارس في ظلها حركته التبليغيةالمعلنة في مرحلتها الأولى ريثما يحصل على انصار في بلد يتبني نصرته وحمايته. وقد تمثلت هذه

ص: 146

الحماية ببني هاشم (حيث هم للحسين عليه السلام في هذه المرحلة كما كان آباؤهم للنبي صلي الله عليه و آله من قبل).

5. أن يهاجر إلى بلد النصرة والحماية ليقوم بتوعية أهله باحاديث النبي الصحيحة وإقامة العدل فيهم، ثم جهاد السلطة الأموية وتطويق سياستها الضالة الظالمة ومن ثم الاطاحة بها. وقد تمثل هذا البلد بالكوفة، حيث وجد فيها انصار للحسين عليه السلام قادرون على حمايته ويقاتلون دونه، كما وجد للنبي من قبل انصار في المدينة حموه وقاتلوا دونه.

6. باعتبار الاخبار الالهية بواسطة النبي صلي الله عليه و آله ان الحسين سوف يستشهد في خروجه ذالك، و هو امر معروف عند الامة، و قد اخبر به الحسين عليه السلام مواطن عدة، و فهو عليه السلام لابد ان يطلع خواص اصحابه على خطته، ويعهد إلى بعضهم بمواصلة تنفيذ ما بقي منها.

وسياتي الحديث عن هذا الجزء

نشاط الحسين عليه السلام زمن معاوية:

من المؤسف اننا لا نملك معلومات كثيرة عن نشاط الحسين عليه السلام في هذه المرحلة، ولعل مرد ذلك إلى السرية التامة التي طبعت أغلب نشاطاته فيها، الا أن المحفوظ منها على قتله كاف في تسليط الضوء علي طبيعة موقف الحسين و نشاطه في هذه المرحله.

روى البلاذري قال:

لما توفي الحسن بن علي عليه السلام اجتمعت الشيعة ومعهم بنو جعدة بن هبيرة بن أبي وهب المخزومي - وأم جعدة هي ام هانئ بنت أبي طالب - في دار سلیمان بن صرد، فكتبوا للحسين کتابا بالتعزية وقالوا في كتابهم: أن الله قد جعل فيك أعظم الخلف ممن مضى ونحن شيعتك المصابة بمصيبتك، المحزونة بحزنك، المسرورة بسرورك، المنتظرة لامرك.

وكتب اليه بنو جعدة يخبرونه بحسن حال رأي أهل الكوفة فيه وحبهم لقدومه وتطلعهم اليه وان قد لقوا من أنصاره وإخوانه من يرضي هديه ويطمأن إلى قوله ويعرف

ص: 147

نجدته وبأسه، فأفضوا اليهم ما هم عليه من شنآن ابن أبي سفيان والبراءة منه، ويسألونه الكتابة اليهم برأيه.

فكتب الحسين عليه السلام اليهم: اني لارجوان يكون راي اخي - رحمه الله- في الموادعه ورأيي في جهاد الظلمة رشدا وسدادا، فالصقوا بالارض واخفوا الشخص واكتموا الهوى واحترسوا من الاظناء (1). ما دام ابن هند حيا، فإن يحدث به حدث وأنا حي يأتكم رأيي ان شاء الله (2).

وفي كلام له عليه السلام مع محمد بن بشر الهمداني وسفیان بن ليلي الهمداني:

ليكن كل امرئ منكم حلسا من أحلاس بیته ما دام هذا الرجل حيا، فإن يهلك (ونحن) وانتم أحياء رجونا ان يخير الله لنا ويؤتينا رشدنا ولا يكلنا الى أنفسنا، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون (3).

رسالة الحسين عليه السلام إلى معاوية بعد قتل حجر وأصحابه :

روی ابن قتيبة والكشي: أن مروان بن الحكم كتب إلى معاوية (وهو عامله على المدينة):. ان رجالا من اهل العراق ووجوه أهل الحجاز يختلفون الى الحسين بن علي وانه لا يؤمن وثوبه. وقال: وقد بحثت عن ذلك فبلغني انه يريد الخلافة... (4).

وفي رواية البلاذري: وكان رجال من أهل العراق واشراف أهل الحجاز يختلفون الى الحسين يجلونه ويعظمونه ويذكرون فضله ويدعونه الى انفسهم ويقولون انا لك عضد وید، ليتخذوا الوسيلة اليه، وهم لا يشكون في ان معاوية إذا مات لم يعدل الناس بحسين

ص: 148


1- جمع الظنين: وهو المتهم الذي تظن به التهمة ومصدرها الظنة يقال منه: اظنه واطنه بالطاء والظاء إذا اتهمه. ورجل ظنين: متهم من قوم أظناء. (لسان العرب)
2- انساب الاشراف تحقيق المحمودي ج151/3-152، الاخبار الطوال للدينوري /222
3- انساب الاشراف 150/3
4- الإمامة والسياسة لابن قتيبة ص، اختیار معرفة الرجال للطوسي ص

أحدا، فلما كثر اختلافهم اليه اتی عمروبن عثمان بن عفان مروان بن الحكم وهو إذ ذاك عامل معاوية على المدينة، فقال له : قد كثر اختلاف الناس إلى الحسين عليه السلام ، والله لاری ان لكم منه يوما عصيبا.

فكتب مروان ذلك إلى معاوية.

فكتب اليه معاوية: ان اترك حسينا ما تركك ، ولم يظهر لك عداوته ، ولم يبد لك صفحته واکمن له کمون الشرى (1).

وكتب معاوية إلى الحسين عليه السلام : قد انتهت الي امور عنك ان كانت حقا فاني ارغب بك عنها، وإن كانت باطلا فأنت أسعد الناس بجانبتها، وبحظ نفسك تبدأ و بعهد الله توفي، فلا تحملني على قطيعتك والاساءة اليك.

فمتى تنكرني انكرك ومتى تكدني اكدك، فاتق الله في شق عصا هذه الأمة وان تردهم الى فتنة.

فكتب اليه الحسين عليه السلام: (... اما ما ذكرت انه رقي اليك عني فأنه انما رقاه اليك الملاقون المشاؤون بالنميمة... ما اردت لك حربا ، ولا عليك خلافا ، واني لأخشى الله في ترك ذلك منك ومن الاعذار فيه اليك والى اوليائك الفاسقين الملحدين حزب الظلمة.

ألست القاتل حجر بن عدي اخا کنده واصحابه المصلين العابدين الذين كانوا ينكرون الظلم ويستفضعون البدع، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ولا يخافون في الله لومة لائم؟ ثم قتلتهم ظلما وعدوانا من بعد ما اعطيتهم الأمان المغلظة والمواثيق المؤكدة.. جرأة على الله واستخفافا بعهده.

أولست القاتل عمروبن الحمق صاحب رسول الله صلي الله عليه و آله، العبد الصالح الذي ابلته العبادة فنحل جسمه واصفر لونه، فقتلته بعدما امنته واعطيته ما لو فهمته العصم لنزلت من رؤوس الجبال؟

ص: 149


1- أي راقبه في خفاء

اولست المدعي زیاد بن سمية المولود على فراش عبيد بن ثقيف، فزعمت انه ابن ابيك وقد قال رسول الله صلي الله عليه و اله : (( الولد للفراش وللعاهر الحجر))، فتركت سنة الرسول تعمدا و تبعت هواك بغير هدى من الله، ثم سلطته على أهل الإسلام يقتلهم ويقطع ایدیهم وارجلهم، ويسمل اعينهم ويصلبهم على جذوع النخل، كأنك لست من هذه الأمة وليسوا منك.

أولست صاحب الحضرميين الذين كتب فيهم انهم على دين علي عليه السلام ، فكتبت اليه:ان اقتل كل من كان على دين علي، فقتلهم ومثل بهم بأمرك، ودين علي هودین ابن عمه عليه السلام الذي كان يضرب عليه اباك وضربك عليه وبه جلست مجلسك الذي انت فيه...

وقلت فيما قلت :انظر لنفسك ودينك ولامة محمد عليه السلام، واتق شق عصا هذه الأمة وان تردهم الى فتنة، واني لا اعلم فتنة على هذه الأمة أعظم من ولايتك عليها ولا اعظم نظرأ لنفسي ولديني ولأمة محمد افضل من أن أجاهدك، فأن فعلت فانه قربة الى الله تعالى وان تركته فأني استغفر الله لديني وأسأله توفيقه لارشاد امري.

وقلت فيما قلت اني ان انكرتك تنكرني، وان اكدك تكدني، فكدني ما بدا لك، فأني ارجوان لا يضرني کيدك وان لا يكون على احد اضر منه على نفسك، لأنك قد ركبت جهلك وتحرصت على نقض عهدك.

ولعمري ما وفيت بشرط، ولقد نقضت عهدك بقتلك هؤلاء النفر الذين قتلتهم بعد الصلح والايمان والعهود والمواثيق، فقتلتهم من غير أن يكونوا قاتلوك ونقضوا عهدك، ولم تفعل ذلك بهم الا لذكرهم فضلنا وتعظيمهم حقنا.

فقتلتهم مخافة امر لعلك لولم تقتلهم مت قبل أن يفعلوا، أو ماتوا قبل أن يدر کوا.

فابشر يا معاوية بالقصاص وايقن بالحساب...

وليس الله بناس لاخذك بالظنة، وقتلك اولياءه على التهم، ونفيك اياهم من دورهم إلى دار الغربة، واخذك الناس ببيعة ابنك غلام حدث يشرب الشراب ويلعب بالقرود)(1)

ص: 150


1- رجال الكشي ترجمة عمرو بن الحمق، طبقات ابن سعد ترجمة الامام الحسين عليه السلام، انساب الاشراف ترجمة معاوية، مختصر تاریخ دمشق ترجمة الامام الحسين عليه السلام.

الولید بن عتبة يحجب أهل العراق عن الحسين بعد سنة 57 هجرية:

روى البلاذري عن العتبي قال: حجب الولید بن عتبة بن أبي سفيان (1). أهل العراق عن الحسين، فقال له الحسين: يا ظالما لنفسه عاصيا لربه، علام تحول بيني وبين قوم عرفوا من حقي ما جهلته أنت وعمك؟ فقال الوليد: ليت حلمنا عنك لا يدعو جهل غيرنا اليك فجناية لسانك مغفورة ما سكنت يدك، فلا تخطر بها فنخطر بك(2).

مؤتمر الشيعة في الحج قبل موت معاوية بسنة:

وروی سلیم بن قيس: لما كان قبل موت معاوية بسنة، حج الحسين بن علي عليهما السلام وعبد الله بن عباس وعبد الله بن جعفر، فجمع الحسين بني هاشم ثم رجالهم ونساءهم ومواليهم ومن حج من الأنصار ممن يعرفه الحسين واهل بيته عليهم السلام ،ثم ارسل رسلا: لا تدعون احدا حج العام من اصحاب رسول الله صلي الله عليه و آله المعروفين بالصلاح والنسك الا اجمعوهم لي، فاجتمع اليه منى اكثر من سبعمائة رجل وهم في سرادقه، عامتهم من التابعين و نحو من مائتي رجل من اصحاب النبي صلي الله عليه و آله، فقام فيهم خطيبا:

فحمد الله واثنى عليه ثم قال:

اما بعد فان الطاغية قد فعل بنا وبشيعتنا ما قد رأيتم وعلمتم وشهدتم واني اريد ان اسألكم عن شيء فان صدقت فصدقوني وان كذبت فكذبوني، اسمعوا مقالتي، واكتبوا قولي، ثم ارجعوا الى امصار کم وقبائلكم فمن آمنتم من الناس، ووثقتم به فادعوهم إلى ما تعلمون من حقنا فاني اتخوف ان يدرس (3). هذا الامر و يذهب الحق و يغلب و الله متم نوره ولو كره الكافرون.

ص: 151


1- كان أميرا على المدينة لمعاوية سنة 57-60
2- انساب الاشراف 3ج ترجمة الحسين /157،و انساب الاشراف ترجمة معاوية ج 4 ق 302/1
3- دروس الشيء: انمحاؤه

وما ترك شيئا مما انزله الله فيهم من القرآن الا تلاه وفسره، ولا شيئا مما قال رسول الله في ابيه واخيه وامه وفي نفسه وأهل بيته الا رواه... وفي كل ذلك يقول اصحابه، اللهم نعم وقد سمعنا وشهدنا ويقول التابعي: اللهم قد حدثني به من اثق به وائتمنه من الصحابة فقال: انشدكم الله الا حدثتم به من تثقون به وبدينه(1).

ص: 152


1- کتاب سلیم بن قیس

الفصل الثاني : نهضة الحسين عليه السلام للتغيير بعد موت معاوية

الحسين عليه السلام لا يبايع ليزيد:

أقول: الثابت في كل كتب التاريخ أن الحسين عليه السلام خرج من المدينة إلى مكة مع اهل بيته ولم يعط بيعة ليزيد.

ماذا تعني البيعة؟

ومما لا شك فيه أن إعطاء البيعة كمفهوم عام معناه الموافقة على سياسة الدولة والطاعة لرأس الهرم وإمتداداته فيها.

وعدم إعطاء البيعة يعني أحد حالتين:

الأولى: رفض سياسة الدولة ورفض الطاعة لرأس الدولة معا.

الثانية: عدم منح الثقة لرأس الدولة وعدم الموافقة على سياسة الدولةونظامهاالفكري المتبع.

ومن المهم جدا أن نعرف موقف الحسين عليه السلام الرافض للبيعة من أي حالة هو؟

خلاصة السياسة الأموية:

وهذا لا يتيسر لنا إلا إذا تذكرنا على الأقل بعض بنود السياسة العامة والنظام الفكري المتبع في الدولة الاموية، وهي كما يلي:

ص: 153

دین الدولة الرسمي هو الاسلام، والاسلام يؤخذ من كتاب الله وسنة الرسول صلي الله عليه و آله . وهذا مما لا خلاف فيه، ولكنها تبنت سياسة لعن علي عليه السلام وسبه على المنابر بصفته رجلا ملحدا في الدين وهي سياسة مخالفة لقوله تعالى:«قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ»الشورى /23 وكذلك مخالفة لقوله صلي الله عليه و آله لعلي عليه السلام: (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك الا منافق)(1) ومن أجل أن تضلل الدولة شعبها عن هذه المخالفة الشرعية تتبنى سیاسة أخرى، وهي المنع من ذکر احاديث النبي صلي الله عليه و آله في بيان منزلة علي عليه السلام وفضله وافتعال أحاديث كاذبة على لسان النبي صلي الله عليه و آله تبرر للدولة لعنه وسبه والبراءة منه.

وتبنت سياسة أن يلقب الحاكم بألقاب، منها لقب خليفة النبي صلي الله عليه و اله، وهذا اللقب يقتضي أن يكون الحاكم مقتديا بهدي النبي صلي الله عليه و آله وسيرته، ولكن الحاكم الأموي يصعب عليه ذلك أو لا يريد ذلك اساسا، فتتبنى الدولة سياسة منع الاحاديث الصحيحة في سيرة النبي صلي الله عليه و اله وافتعال احادیث کاذبة تظهرالنبي صلي الله عليه و اله كأي شخص عادي في سلو که يسب و يشتم حين يغضب، ولا يصبر عن النساء فيصطحب زوجه من زوجاته في الحروب. ومنها سياسة تلقيب الحاكم بخليفة الله لتكون طاعته طاعة لله ومعصيته معصية لله.

وتبنت الدولة سيرة الجور وهدر كرامة الانسان واستلاب حقوقه سواء كان معارضا أم لم يكن ، والقرآن والسنة يامران بالانكار على الحاكم الجائر جوره في كل ذلك، ومن أجل أن تنق الدولة الأثر السلبي لذلك تنهی عن رواية الأحاديث النبوية الصحيحة، وتعمل على افتعال أحادیث کذب تأمر المسلم المظلوم بالسكوت والصبر وانتظار ثواب الآخرة، وتجعل ظلم الحاكم من قضاء الله وقدره لتبرر الظلم والسكوت.

وخلاصة الكلام في السياسة الأموية: أنها سياسة تقوم على الكذب على الله ورسوله، وتشويه الاسلام وتاريخه، (والمنع من ذكر علي عليه السلام بخير في المجتمع، علي عليه السلام

ص: 154


1- صحیح مسلم 86/1 ، السنن الكبرى 47/5 ، مسند أبي يعلى 251/1

الذي له اروع السابقات في الاسلام واعظم المنزلة عند الله ورسوله ، وملاحقة من يعرف بحبه وولائه له).

(واقل ما يقال في يزيد بن معاوية: انه رجل طالب ملك ودنيا، ورجل شهوات وملذات) و تعتبر هذه السياسة هي الطريق الوحيد لكي يتبوأ موقع الحكم في المجتمع الاسلامي والدولة الاسلامية المترامية الأطراف، وبالتالي فهوسوف لن يتساهل في تطبيق هذه السياسة لان الملك عقيم كما يقال، وسوف يقتل أي شخص معارض لتلك السياسة مهما كانت منزلته. وبين يديه تجربة ابيه حين قتل الصحابي حجر بن عدي جهارا ، وحجر قد اجمعت كلمة علماء المسلمين قاطبة على إجلاله وإحترامه، ولم يكن له ذنب سوى انه عارض هذه السياسة بلسانه لا غير.

الموقف المترقب من الحسين عليه السلام إزاء السياسة الأموية:

وليس من شك ان الحسين عليه السلام وهو في منزلته المعروفة من النبي صلي الله عليه و آله، الذي يقول فيه (حسين مني وأنا من حسين) ، لا يترقب منه ان يقر تلك السياسة، أويقف منها موقفه زمن معاوية، بل المترقب منه هورفضها، والعمل على كسرها مهما كان ثمن الرفض غاليا.

ومن هنا كان موقفه واضحا من اليوم الأول، وهو رفض بيعة يزيد (لولم يكن في الدنيا ملجأ ولا مأوى لما بایعت یزید)(1).

ومما لا شك فيه ان ثمن هذا الموقف الرافض للبيعة هو القتل ، إلا أن يتوفر له أهل بلد من البلدان الاسلامية يبايعونه على حمايته ونصرته ، وهذا معناه ان يتعرض ذلك البلد الى جيش أهل الشام ويجري عليه ما جرى على أهل المدينة حين ثاروا بقيادة عبد الله بن حنظلة على يزيد وأخرجوا واليه ومن كان بالمدينة من بني أمية أوينصره الله تعالى كما نصر نبيه على قريش بعد عدة وقائع جرت بينه وبينها.

ص: 155


1- فتوح ابن اعثم ج 32/5 ، مقتل الخوارزمي

ويتضح من ذلك أن الحسين عليه السلام امام ثورة على السلطة - كما يعبر بلغة العصر - أو خروج - كما يعبر بلغة تاريخية - فما هو يا ترى هدفه من الثورة أو الخروج؟ وما هي خطته لتحقيق ذلك وبخاصة وقد سبقه خروج الخوارج المتكرر على معاوية خلال عشرين سنة من حكمه؟.

أشرنا فيما مضى الى الهدف والخطة ولا بأس باستذکارها هنا:

1. استهدف الحسين عليه السلام من خروجه کسر الطوق الاجتماعي والسياسي المفروض على الأحاديث النبوية الصحيحة بالمبادرة إلى التحديث بها علنا لإسماع من لم يسمعها و تذکیر من كان قد سمعها ثم تناساها صاحبها خشية أن تناله اعظم العقوبة بسببها، وهذا الهدف يناسبه أن يمارسه الحسين عليه السلام في بقعة يتواجد فيها المسلمون من كل الأطراف وليس مثل مكة بلد في هذه الصفة إذ هي قبلة المسلمين آنذاك جميعا ومهوى أفئدهم في موسم العمرة والحج.

2. إفهام المسلمين جميعا أن السلطة الأموية مصممة على قتله لانه مصمم على عدم الاستجابة لسياستها، وهو مصمم على توعية الامة باحادیث جده صلي الله عليه و آله فيه وفي ابيه وفي بني امية وفي أحكام الاسلام التي غيروها، ثم يعرض عليهم أن يحموه ليواصل التبليغ عن جده النبي ، وليس من شك ان أفضل مكان يستطيع الحسين عليه السلام فيه ان يلتقي باخیار المسلمين من كل الأقطار هومكة وبخاصة في موسم العمرة والحج.

3. أن تتوفر له حماية اولية تسمح له ان يمارس في ظلها حركته التبليغية المعلنة في مرحلتها الأولى ريثما يحصل على انتصار في بلد يتبني نصرته وحمايته ليحقق اهدافه كاملة من تبليغ الاسلام الصحيح والتربية عليه واقامة دولة الحق ، وقد تمثلت هذه الحماية ببني هاشم حيث صاروا للحسين عليه السلام في هذه المرحلة كما كان آباؤهم للنبي صلي الله عليه و اله من قبل.

4. أن يهاجر إلى بلد النصرة والحماية ليقوم بتوعية أهله باحاديث النبي الصحيحة

ص: 156

وإقامة العدل فيهم، ثم جهاد السلطة الأموية و تطويق سياستها الضالة الظالمة ومن ثم الاطاحة بها. وقد تمثل هذا البلد بالكوفة حيث وجد فيها انصارا للحسين عليه السلام قادرون على حمايته ويقاتلون دونه، كما وجد للنبي صلي الله عليه و آله من قبل انصار في المدينة حموه وقاتلوا دونه. وعند استشهاده كما المتوقع في ضوء اخبار النبي صلي الله عليه و آله يواصل خواص اصحابه تنفيذ ما بقي من الخطة وقد ودت الاخبار انها تشخص المختار لهذا الدور كما سيأتي.

الحسين عليه السلام لا يبايع ليزيد:

قال الطبري: ولي يزيد في هلال رجب سنة ستين وأمير المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان وأمير الكوفة النعمان ابن بشير الأنصاري وأمير البصرة عبيد الله بن زیاد وأمير مكة عمروبن سعید بن العاص.

وكتب يزيد إلى الوليد يحثه على اخذ البيعة ممن لم يبايع، ومنهم الحسين عليه السلام، وبعث الوليد الى الحسين عليه السلام ليأخذ منه البيعة.

روی خليفة بن خياط في تاريخه قال: حدثني وهب قال: حدثني جويرية بن أسماء قال: سمعت أشياخنا من أهل المدينة ما لا أحصي يحدثون: أن معاوية توفي وفي المدينة يومئذ الولید بن عتبة بن أبي سفيان، فأتاه موته فبعث إلى مروان بن الحكم وأناس من بني أمية فأعلمهم الذي أتاه، فقال مروان: ابعث الساعة إلى الحسين وابن الزبير فإن بايعا وإلا فاضرب أعناقهما ، وقد هلك عبد الرحمن بن أبي بكر قبل ذلك ، فأتاه ابن الزبير فنعى له معاوية و ترحم عليه وجزاه خيرا. فقال له: بایع ! قال: ما هذه ساعة مبايعة ولا مثلي يبايعك هاهنا فترقى المنبر فأبايعك ويبايعك الناس علانية غير سر، فوثب مروان فقال: اضرب عنقه فإنه صاحب فتنة وشر، قال: إنك لهتاك یا بن الزرقاء واستبا، فقال الوليد: أخرجوهما (عني و كان رجلا رفيقا سریا کریما) فأخرجا عنه، فجاء الحسين بن علي عليهما السلام على تلك الحال فلم يكلم في شيء حتى رجعا جميعا ...وخرج الحسين عليه السلام من ليلته (1).

ص: 157


1- تاریخ خليفة بن خياط 232-233

وفي رواية الطبري عن أبي مخنف أن الوليد طلب من الحسين عليه السلام البيعة، فقال له الحسين عليه السلام قال: إن مثلي لا يعطي بيعته سرا ولا أراك تجتزیء بها مني سرا دون أن نظهرها على رؤوس الناس علانية، قال: أجل، قال: فإذا خرجت إلى الناس فدعوتهم إلى البيعة دعوتنا مع الناس فكان أمرا واحدا ، فقال له الوليد و كان يحب العافية : فانصرف على اسم الله حتى تأتينا مع جماعة الناس، فقال له مروان: والله لئن فارقك الساعة ولم يبايع لا قدرت منه على مثلها أبدا حتى تكثر القتلى بينكم وبينه، احبس الرجل ولا يخرج من عندك حتى يبايع أو تضرب عنقه، فوثب عند ذلك الحسين عليه السلام فقال: يا بن الزرقاء أنت تقتلني أم هو؟ كذبت والله وأثمت، ثم خرج فمر بأصحابه فخرجوا معه حتى أتى منزله فقال مروان للوليد: عصيتني لا والله لا يمكنك من مثلها من نفسه أبدا، قال الوليد: وبخ غيرك يا مروان، إنك اخترت لي التي فيها هلاك ديني، والله ما أحب أن لي ما طلعت عليه الشمس وغربت عنه من مال الدنيا وملكها وإني قتلت حسینا، سبحان الله أقتل حسينا إن قال لا أبايع؟ والله إني لا أظن امرأ يحاسب بدم حسين الخفيف الميزان عند الله يوم القيامة (1)

وفي رواية البلاذري: ان الوليد لما بعث إلى الحسين عليه السلام لم يأته الحسين عليه السلام وامتنع بأهل بيته ومن كان على رأيه، وفعل ابن الزبير مثل ذلك وبعث الحسين عليه السلام ؟ إن كف حتى ننظر وتنظروا ونری و تروا، وخرج الحسين عليه السلام ليلة الأحد ليومين بقيا من رجب سنة ستين(2).

وفي رواية الواقدي قال: لما دعي الحسين عليه السلام وابن الزبير إلى البيعة ليزيد أبيا وخرجا من ليلتهما إلى مكة... (3).

ص: 158


1- تاریخ الطبری ج 340/5
2- انساب الاشراف ق 4ج 300/1
3- تاریخ الطبري 343/5

روی ابو مخنف عن عبد الملك بن نوفل بن مساحق عن أبي سعيد المقبري قال :لما سار الحسين عليه السلام نحو مكة قال:«فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ».فلما دخل مكة قال: «وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ »(1).

قال الطبري: وعزل يزيد الولید بن عتبة عن المدينة، عزله في شهر رمضان فأقر عليها عمروبن سعيد الأشدق.

الحسين عليه السلام في مكة:

اشارة

بیت بني هاشم زمن الحسين عليه السلام له موقع متميز في المجتمع الاسلامي بحكم كونه البيت الذي انجب النبي صلي الله عليه و آله، وهو كباقي البيوت الشاخصة له قدرة على حماية الفرد المنتسب اليه، شأنه في ذلك شأن البيوتات المعروفة وكانوا آنذاك أكثر من اربعين رجلا وكان البارزون في هذا البيت زمن الحسين عدة، منهم:

عبد الله بن عباس:

وهوابرز شخصية علمية اسلامية بعد الحسين عليه السلام ، وقد كان من المقربين إلى الخليفة عمر وعينه في وقته مقرئا لكبار الصحابة امثال عبد الرحمن بن عوف وغيره. ثم برز على عهد علي عليه السلام حين كان واليه على البصرة طيلة عهده، ثم كانت له بعد وفاة علي عليه السلام مع معاوية صلات قوية و محاورات ذكرتها كتب التاريخ.

عبد الله بن جعفر بن أبي طالب:

من الشخصيات الاجتماعية البارزة آنذاك المعروفة بالكرم وقضاء الحوائج و كانت له علاقات قوية جدا مع معاوية (2)، ويزيد ورجالات بني أمية.

ص: 159


1- تاريخ الطبري 343/5
2- روى البلاذري (ج 312/2) قال : قدم معاوية المدينة، فأمر حاجبه أن يأذن للناس، فخرج فلم ير احدا فأعلمه، قال: فأين الناس؟ قيل: عند عبدالله بن جعفر في مأدبه له،فأتاه معاويه... الي آخر الخبر
محمد بن علي بن أبي طالب عليه السلام المعروف بابن الحنفية:

من الشخصيات العلمية الاسلامية البارزة، كان صاحب راية جيش أبيه في حرب الجمل.

العباس بن علي بن ابي طالب عليه السلام :

امه ام البنين بنت حزام بن ربيعة، أخي الشاعر لبيد بن ربيعة والعباس يعرف مكانته من موقعه في جيش الحسين عليه السلام ، حيث كان حامل اللواء ولا يحمل اللواء الا الاشجع عادة و من قول الامام السجاد عليه السلام : كان عمي العباس نافذ البصيرة.

مسلم بن عقيل بن أبي طالب عليه السلام:

كان ابوه عقیل اسن من علي عليه السلام بعشرين سنة وكان شخصية جاهلية واسلامية بارزة، وكان أحد اربعة في قريش يوقف عند قولهم في النسب. و كانت قريش تهابه الذكره مثالبها. اما مسلم فقد ذكروا عنه انه أرجل ولد عقيل، ولجلالة قدره اعتمده الحسين عليه السلام سفيرا عنه إلى الكوفة ولوعيه باهداف الحسين عليه السلام و تقواه رفض ان يغتال عبيد الله حين زار شريكا في بيت هاني لما أمكنته الفرصة منه.

وهولاء نظراء الرعيل الأول من بني هاشم ابي طالب والعباس وحمزة وعبيد الله بن الحارث بن المطلب بن هاشم يوم وقفوا مع الرسول يحمونه في حركته التبليغية في مكة.

ولما وصل الحسين عليه السلام إلى مكة نزل دار العباس بن عبد المطلب واتخذها مقرا له يحفه بنوهاشم لا يفارقه عدة منهم کالعباس وأخوته واولاد عبد الله بن جعفر وأولاد عقيل خوفا عليه وحماية له.

أحاديث الحسين عليه السلام في مكة:

قال ابن كثير: لما أخذت البيعة ليزيد في حياة معاوية كان الحسين عليه السلام ممن امتنع من

ص: 160

مبايعته هو وابن الزبير وعبد الرحمن بن أبي بكر وابن عمر وابن عباس، ثم مات عبدالرحمن ابن أبي بكر وهو مصمم على ذلك ، فلما مات معاوية سنة ستين وبويع ليزيد بایع ابن عمر وابن عباس، وصمم على المخالفة الامام الحسين عليه السلام وابن الزبير وخرجا فارين إلى مكة، فقاما بها ونزل الحسين عليه السلام دار العباس (1)، فعكف الناس على الحسين عليه السلام يفدون اليه ويقدمون عليه ويجلسون حواليه ويستمعون كلامه حين سمعوا بموت معاوية وخلافة يزيد، واما ابن الزبير فإنه لزم مصلاه عند الكعبة وجعل يتردد في غبون(2) ذلك الى الحسين عليه السلام في جملة الناس ولا يمكنه ان يتحرك بشئ مما في نفسه مع وجود الحسين عليه السلام لما يعلم من تعظيم الناس له وتقديهم إياه(3).

وفي رواية الطبري عن أبي مخنف: فاقبل الحسين عليه السلام حتى نزل مكة فأقبل أهلها يختلفون اليه ويأتونه ومن كان بها من المعتمرين وأهل الآفاق.

أقول:

بقي الحسين عليه السلام في مكة شهر شعبان ورمضان وشوال وذي القعدة و ثمانية أيام من ذي الحجة، ومما لا شك فيه ان الحسين عليه السلام في هذه الفترة وفي حلقاته مع المعتمرين وأهل الآفاق، كان قد كسر الطوق الذي فرضه معاوية على الحديث النبوي الصحيح في علي وأهل بيته عليهم السلام، أو في ذم بني أمية او في بيان احکام متعة الحج وغير ذلك، وبدأ يذكر الناس ويسمع من لم يسمع منهم احاديث النبي صلي الله عليه و اله في تفسير القرآن وفي فضل ابيه علي عليه السلام وفي فضله وفضل أخيه الحسن عليه السلام وفي ذم بني أمية ونزوهم على منبر الرسول صلي الله عليه وآله وفي الموقف الصحيح عند ظهور الظلم والبدع وغير ذلك من قبيل:

ص: 161


1- البداية والنهاية 162/8، اقول هي دار هاشم وعبد المطلب وهي اشهر دار في مكة تقع في قبال زمزم وباب البيت، ثم سمیت بدار العباس في عهد العباسيين
2- غبن الرجل يغبنه غبنا: مر به وهو مائل فلم ير ولم يفطن له (لسان العرب مادة غين)
3- البداية والنهاية 151/8

حديث الغدير (1).

وحديث الدار،

وحديث المنزلة

وحديث الثقلين،

وحديث الكساء،

وحدیث رؤيا النبي والشجرة الملعونة في القرآن،

وقوله صلي الله عليه و اله : من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله، ناكثا لعهد الله مخالفا لسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يغير عليه بفعل ولا قول كان حقا على الله أن يدخله مدخله (2).

ثم يذكرهم بجرائم بني أمية ومخالفاتهم لأحكام الله وسنة رسوله صلي الله عليه و آله وتعطيلهم الحدود ، وقتلهم الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر كحجر بن عدي وعمروبن الحمق، ونفي الأخيار والنساء كصعصعة بن صوحان العبدي وآمنة بنت الشريد زوجة عمروبن الحمق بعد ان كانت رهينة الحبس لحين يسلم زوجها نفسه.

ومن ذلك قوله عليه السلام: ألا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعةالرحمن، وأظهروا الفساد وعطلوا الحدود واستأثروا بالفيء وأحلوا حرام الله وحرموا حلاله وأنا أحق من غير (3).

ص: 162


1- روی ابن عساكر في ترجمة علي عليه السلام من تاريخه بسنده عن أحمد بن علي بن مهدي عن أبيه عن علي بن موسی الرضا عليه السلام أنبأنا أبي عن ابيه جعفر الصادق حدثني أبي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه عن جده علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله : من کنت مولاه، فعلي مولاه اللهم وال من والاه عاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله
2- تاريخ الطبري 403/5
3- تاریخ الطبري 403/5

وقوله: ألا ترون الى الحق لا يعمل به والى الباطل لا يتناهی عنه ليرغب المؤمن في لقاء الله، فإني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما(1).

وقوله: إني أدعوكم إلى إحياء معالم الحق وإماتة البدع (2).

ثم يذكرهم بقول النبي صلي الله عليه و آله فيه: حسين مني وأنا من حسین، احب الله من أحب حسینا، وقوله صلي الله عليه و آله فيه وفي أخيه: الحسن والحسين سبطان من الأسباط، الحسن والحسين سیدا شباب أهل الجنة.

ولابد انه صلي الله عليه و آله قد ذكرهم وأخبرهم بما اعلنه النبي صلي الله عليه و آله منذ ولادة الحسين عليه السلام بانه يقتل بارض العراق فمن ادر که فلينصره(3).

وكان عليه السلام يقول: وأيم الله لو كنت في جحر هامة من هذه الهوام لاستخرجوني حتى يقضوا في حاجتهم، ووالله ليعتدن علي كما اعتدت اليهود في السبت(4).

أقول: وذلك لما قتلوا يحيى عليه السلام، وقد قال العبد الله بن عمر: اما علمت ان من هوان الدنيا على الله أن رأس يحيي بن زکریا أهدي إلى بغي من بغايا بني إسرائيل ... فلم يعجل عليهم بل أخذهم بعد ذلك أخذ عزيز مقتدر، ثم قال له: اتق الله يا أبا عبد الرحمن ولا تدعن نصرتي(5)

ص: 163


1- تاریخ ابن عساکر 217/14 عن الزبير بن بكار، تاریخ الطبري 404/5
2- الأخبار الطوال للدينوري 321/
3- انظر رواية انس بن الحارث وغيره في ذخائر العقبى لاحمد بن محمد الكبري المكي (ت 694هجرية) تحقیق اكرم البوشي طبع مكتبة الصحابة جدة 1415 هجرية/ و في مجمع الزوائد ج 9 ص 19) ومعجم الطبراني (120/3) قال النبي صلي الله عليه و آله: واها لفراخ آل محمد بن خليفة مستخلف مترف يقتل خلفي وخلف الخلف. واحاديث النبي صلي الله عليه و آله في قتل الحسين عليه السلام في المصادر السنية والشيعية بل والكتابية كثيرة جدا
4- تاريخ الطبري 289/4طبعة الأعلمي، تاریخ ابن الأثير 4/ الناقص من طبقات ابن سعد 1/433 عن معاوية بن قرة، تاریخ ابن عساكر216/14 عن معاوية بن قرة
5- فتوح ابن اعثم 42/5

ومما أثر عنه عليه السلام قوله أيضا: كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس و کربلا فيملأن مني اكراشا جوفا وأجربة سغبا لا محيص عن يوم خط بالقلم رضا الله رضانا أهل البيت ويوفينا أجور الصابرين لن تشذ عن رسول الله لحمته (1).

لقد كان الحسين عليه السلام يحدث بهذا وأمثاله ويبصر المسلمين ويستنهض به هممهم ويطلب نصرتهم ويذكرهم بتكليفهم الشرعي سرا وعلانية في جومن الاستضعاف والخوف والارهاب نظير ما عاشه جده رسول الله صلي الله عليه و آله في مكة يوم استضعفته قريش وعذبت اصحابه ، فقتل من قتل، وسجن من سجن، وتشرد من تشرد.

وليس من شك أن هذه الحركة التبليغية العامة من الحسين عليه السلام تقوم على اساس ما أمر به النبي صلي الله عليه و آله من تبلیغ حديثه إلى الناس، وما أمر به الله تعالى ورسوله صلي الله عليه و آله من إظهار العلم عند ظهور البدع، وقد تخير لها الحسين عليه السلام بتوفيق الهي خاص ظرفها المناسب، وهذا يعني في الوقت نفسه كما بينا أن السلطة الاموية في الشام سوف لن تسكت على مثل هذه الحركة، بل سيكون موقفها منها هو العمل على القضاء عليها وبكل وسيلة ممكنة، وبأقسى مايتصور من العقوبة لتكون نکالا للآخرين و عبرة.

أن السلطة حين أرادت من الحسين عليه السلام ان يبايع يعني انها ارادت منه ان يوافق على سیاستها وضلالها وإضلالها للناس، وهذا الأمر لا يقره الدين للعالم القادر على التغيير، والحسين عليه السلام لا ينافسه احد ممن هوفي عصره في العلم بالشريعة والقدرة على التغيير، وفي ضوء ذلك فليس من المترقب من الحسين المطهر الذي قال فيه النبي صلي الله عليه و آله : (حسين مني وأنا من حسين) أن يبايع ليزيد ويقره على سياسة تحريف الدين واضلال الامة حتى لوكلفه ذلك دمه الزكي، بل شعاره في ذلك (لولم يكن في الدنيا ملجأ ولا مأوى لما بایعت یزید) (2).، وهو في ذلك نظير جده النبي صلي الله عليه و آله حين قال لعمه ابي طالب: (یاعم والله لووضعوا

ص: 164


1- اللهوف لابن طاووس 38
2- فتوح ابن اعثم ج 5 ص 23

الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه) (1).، والقضية واحدة عند النبي صلي الله عليه و آله وعند الحسين عليه السلام ، قریش ارادت من النبي صلي الله عليه و آله أن يترك دعوة التوحيد ويقر عبادة الأصنام، وبنو أمية يريدون من الحسين صلي الله عليه و آله أن يترك أحاديث جده في أهل بيته الذين عينهم بأمر الله تعالی حججا على الناس وائمة هدى لتموت، وتحل بدلها أحادیث کاذبة قيلت على لسانه في خلفاء بني امية على انهم حجج الله وأئمة الهدى ليتدين بها الناس على انها الحق.

الكوفة المستضعفة تستجيب للحسين عليه السلام :

وكما كان جد الحسين عليه السلام النبي الاكرم صلي الله عليه و آله يعرض نفسه على القبائل في موسم الحج فلم يستجب له غير أهل المدينة وفازوا بنصرته ، وبعث النبي صلي الله عليه و آله معهم مصعبا، فأوجد جوا عاما في المدينة وجاء وجوههم وبايعوا النبي صلي الله عليه و آله على النصرة والقتال ودعوه إلى المدينة، ولما عرفت قریش بذلك صممت على قتل النبي صلي الله عليه و آله غيلة، وأوحى الله تعالى له بذلك ، فترك مكة ليلا وسار أياما وبعثت قریش خلفه أناسا ليقتلوه، ثم أدر که الطلب، فالتجأ إلى غار ثور وبعث الله تعالى الحمامة والعنكبوت لتنسج على باب الغار، وبذلك أنقذ الله تعالى نبيه من قتل محتم، ووصل النبي صلي الله عليه و آله ، إلى أنصاره وقاتل بهم قريشا حتى نصره الله تعالى وبلغ رسالته.

كذلك قيض الله تعالى للحسين عليه السلام بقایا وجوه شيعة ابيه من أهل الكوفة ، هؤلاء الذين كانوا عماد حركته التبليغية السرية زمن معاوية، وتحملوا القتل والسجن والتشريد من أجلها، دعوه الى بلدهم، وبعث معهم ابن عمه مسلم بن عقيل يتحرك باسمه بين الناس سرا (2) وأوجد جوا عاما لنصرة الحسين عليه السلام، ثم خرج إلى مكة وجوه منهم يبايعون

ص: 165


1- تاریخ الطبري ج 2ص 67
2- قال ابن سعد (في الناقص من الطبقات 458/1 ) : فقدم مسلم بن عقيل الكوفة مستخفيا، وأتته الشيعة.واكد ذلك القاضي النعمان المغربي في كتابه (شرح الاخبار ج 143/3 ): قال : وكان مسلم بن عقیل رحمه الله قد بايع له جماعة من اهل الكوفة في استتارهم

الحسين عليه السلام عن اخوانهم، ويرافقونه في هجرته اليهم أمثال: برير الهمداني (1)، وعابس بن حبيب الشاكري الهمداني ، وشوذب مولی عابس وحجاج بن مسروق الجعفي(2)ویزید بن مغفل المذحجي الجعفي و الصحابي أنس بن الحارث (3) وغيرهم، وبقیت وجوه

ص: 166


1- من بقايا اصحاب علي عليه السلام ومن شيوخ القراء في الكوفة له كتاب القضايا والاحكام يرويه عن على وعن الحسن عليهماالسلام ، و كتابه من الأصول المعتبرة، سار من الكوفة إلى مكة وجاء مع الحسين عليه السلام إلى کربلاء
2- کان من أصحاب علي عليه السلام، أقبل مع الحسين عليه السلام من مكة الى كربلاء
3- قال ابن حجر في الإصابة :أنس بن الحارث بن نبيه، قال بن منده :عداده في أهل الكوفة، وقال البخاري: أنس بن الحارث قتل مع الحسين بن علي عليه السلام ، سمع النبي صلي الله عليه و آله ، قاله محمد عن سعيد بن عبد الملك الحراني عن عطاء بن مسلم، حدثنا أشعث بن سحيم عن أبيه سمعت أنس بن الحارث، ورواه البغوي وابن السكن وغيرهما من هذا الوجه، و متنه: سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله يقول : إن ابني هذا (يعني الحسين عليه السلام يقتل بأرض يقال لها كربلاء، فمن شهد ذلك منكم فلينصره، قال: فخرج أنس بن الحارث إلى كربلاء فقتل بها مع الحسين عليه السلام، قال البخاري: يتكلمون في سعيد يعني راويه، وقال البغوي: لا أعلم رواه غيره، وقال بن السكن: ليس يروى إلا من هذا الوجه ولا يعرف لأنس غيره، قال ابن حجر: وسيأتي ذكر أبيه الحارث بن نبيه في مكانه، ووقع في التجريد للذهبي : لا صحبة له وحديثه مرسل، وقال المزي: له صحبة فوهم، انتهى، ولا يخفي وجه الرد عليه مما اسلفناه و كيف يكون حدیثه مرسلا، وقد قال : سمعت، وقد ذكره في الصحابة البغوي وابن السكن وابن شاهين والدغولي وابن زبر والباوردي وابن منده وأبونعيم وغيرهم. قال البدري: تكلموا في سعيد بسبب رواياته الأخرى، قال ابن حجر في لسان المیزان : سعید بن عبد الملك بن واقد الحراني عن أبي المليح الرقي، قال أبوحاتم: يتكلمون فيه، روی أحاديث كذب، أخبرنا بن علان كتابة أخبرنا أبو اليمان الكندي انا أبو منصور القزاز انا الخطيب أنا أبو العلاء الواسطي انا الدارقطني وعمر بن شاهين قالا حدثنا محمد بن مخلد ثنا الحسن بن موسی بن ناصح الرسغني ثنا سعید بن عبد الملك الحراني ثنا الوليد بن مسلم عن أبي إسحاق الفزاري عن بن جريج عن عطاء عن بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: خرج رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم وبلال، فقال: ناد في الناس أن الخليفة أبوبكر وان الخليفة من بعده عمر ثم عثمان، ثم قال: يا بلال امض أبي الله الا ذاك فهذا موضوع والرسغني محله إن شاء الله الصدق، انتهى، قال المؤلف: من المحتمل أن الوضع في هذه الرواية وأمثالها من إبراهيم بن محمد أبي إسحاق الفزاري كوفي،قالوا في ترجمته ثقة وكان رجلا صالحا قائما بالسنة، وقال في موضع آخر: إبراهيم بن محمد أبو إسحاق الفزاري كوفي نزل الثغر بالمصيصة وكان ثقة، رجلا صالحا صاحب سنة وهو الذي أدب أهل الثغر وعلمهم السنة وكان يأمرهم وينهاهم وإذا دخل الثغر رجل مبتدع أخرجه، وكان كثير الحديث، أمر سلطانا يوما ونهاه، فضربه مائة سوط، فغضب له الأوزاعي فتكلم في أمره

أخرى مع مسلم بن عقيل التحقت بالحسين عليه السلام وهو في الطريق، أو أيام المهادنة بينه وبين عمر بن سعد منهم: أبو الشعثاء یزید بن زیاد بن مهاصر البهدلي الكندي (1) وعمروبن خالد الصيداوي (2)، وحبیب بن مظاهر الاسدي (3) ومسلم بن عوسجة الأسدي وأبو ثمامة الصائدي (4) ونافع بن هلال الجملي وغيرهم (5).

ص: 167


1- خرج من الكوفة الى الحسين عليه السلام فصادفه في الطريق قبل أن يلاقيه الحر
2- خرج بعد قتل مسلم هو ومولاه سعد بن مجمع بن عبد الله وابنه عائذ ودليلهم الطرماح، قال ابن الأثير:لما رآهم الحر حجزهم، فقال له الحسين عليه السلام: هؤلاء أصحابي ولأمنعنهم مما أمنع منه نفسي، فكف عنهم الحر
3- قال ابن حجر في لسان الميزان: حبیب بن مظاهر الأسدي، روی عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، ذكره الطوسي في رجال الشيعة، وقال أبو عمرو الكشي : كان من أصحاب علي ثم كان من أصحاب الحسن والحسين وذكر له قصة مع ميثم التمار ، ويقال :أن حبیب بن مظاهر قتل مع الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهم
4- كان من اصحاب علي عليه السلام الذين شهدوا معه مشاهده كلها، وبعده صحب الحسن، ثم بقي في الكوفة إلى أن هلك معاوية، ثم بعد اجتمع مع من اجتمع من وجوه الشيعة في دار سلیمان بن صرد خرج مع نافع بن هلال بعد قتل مسلم والتحق بالحسين عليه السلام
5- ويذكر الطبري (354/5)) عن أبي مخنف انه قال: قد بلغ ابن زیاد إقبال الحسين، فكتب إلى عامله بالبصرة أن يضع المناظر، وقال: خرج يزيد بن نبيط و هومن عبد القيس إلى الحسين عليه السلام وكان له بنون عشرة، فقال: أيكم يخرج معي؟ فانتدب معه ابنان له عبد الله وعبيد الله، فتقدي في الطريق حتى انتهى إلى الحسين عليه السلام فدخل في رحله بالأبطح وبلغ الحسين عليه السلام مجيئه، فجعل يطلبه وجاء الرجل إلى رحل الحسين عليه السلام فقيل له: قد خرج إلى منزلك فأقبل في أثره، ولما لم يجده الحسين عليه السلام جلس في رحله ينتظره، وجاء البصري فوجده في رحله جالسا فقال: بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا، قال: فسلم عليه وجلس إليه فخبره بالذي جاء له فدعا له بخير، ثم أقبل معه حتى أتي، فقاتل معه فقتل معه هو وابناه. (تقدي في الطريق أي لزم سنن الطريق جادته)

موقف السلطة الأموية من حركة الحسين عليه السلام :

نمي خبر حركة الحسين عليه السلام في مكة الى يزيد ودس للحسين عليه السلام من يقتله فيها غيلة، ووصل الخبر للحسين عليه السلام عن طريق شخص نظير مؤمن آل فرعون حين اوصل خبر عزم فرعون على قتل موسى الى موسى، وخرج الحسين عليه السلام في الثامن من ذي الحجة متوجها إلى الكوفة.

روی ابن قولویه بسنده عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام، قال: قال عبد الله بن الزبير للحسين عليه السلام: ولو جئت (1). إلى مكة فكنت بالحرم؟! فقال الحسين عليه السلام: لا نستحلها ولا تستحل بنا، ولان اقتل على تل اعفر(2) ، أحب إلي من أن أقتل بها. وعن أبي سعيد عقیصا (3) قال: سمعت الحسين بن علي عليهما السلام يقول: يقول لي ابن الزبير: كن حماما من حمام الحرم، ولان اقتل وبيني وبين الحرم باع أحب إلي من أن أقتل وبيني وبينه شبر، ولان اقتل بالطف أحب إلي من أن أقتل بالحرم (4) وفي رواية القاضي أبي حنيفة النعمان: ثم قال عليه السلام : والله لو

كنت في حجر هامة لاخرجوني حتى يقضوا في حاجتهم، والله ليعتدوا في كمااعتدت اليهود في السبت (5).

وروى ابن قولویه بسنده عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: كتب الحسين بن علي من مكة إلى محمد بن علي : بسم الله الرحمن الرحيم من الحسين بن علي إلى محمد بن

ص: 168


1- الذي احتمله جدا انه مصحفة عن رجعت أي لورجعت الى مكة والتزمت الحرم لا تخرج منه
2- الاعفر الرمل الاحمر.(يشير الى كربلاء) كما في الرواية التي بعدها
3- عقیصا ابو سعيد التيمي (التميمي)، اسمه دینار، يروي عن علي عليه السلام، يعد في موالى بني تيم، ذكره ابن حبان في الثقات في عقيصا، فقال صاحب الكرابیسی: روی عن علي وعمار، وعنه محمد بن جحادة. وقد أخرج له الحاكم في المستدرك وقال: ثقة مأمون، وقال ابوحاتم: هولين وهو احب إلى من أصبغ بن نباتة. لسان المیزان، میزان الاعتدال
4- کامل الزیارات - جعفر بن محمد بن قولویه ص 150
5- شرح الأخبار للقاضي أبي حنيفة النعمان المغربي (ج 14/3) تحقيق السيد الجلالي، (طبعة مؤسسة النشر الاسلامي قم)

علي ومن قبله من بني هاشم أما بعد فإن من لحق بي استشهد ومن لم يلحق بي لم يدرك الفتح، والسلام(1).

قال ابو مخنف - حدثني الحارث بن کعب الوالبي عن عقبة بن سمعان قال: لما خرج الحسين من مكة اعترضته رسل عمرو بن سعید بن العاص، عليهم یحیی بن سعید، فقالوا له: انصرف این تذهب؟ فأبي عليهم ومضى، وتدافع الفريقان، فاضطربوا بالسياط، ثم ان الحسين واصحابه امتنعوا منهم امتناعا قويا، ومضى الحسين عليه السلام علي وجهه، فنادوه: یا حسين! الا تتقي الله ؟! تخرج من الجماعة و تفرق بين هذه الأمة؟ فتأول حسين قول الله عزوجل: «وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ ۖ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ»يونس/41(2).

روى الطبري، قال هشام عن عوانة بن الحكم عن لبطة بن الفرزدق بن غالب عن أبيه قال: حججت بأمي، فأنا أسوق بعيرها حين دخلت الحرم في أيام الحج وذلك في سنة ستين إذ لقيت الحسين بن علي عليه السلام خارجا من مكة معه أسيافه وأتراسه(3).، فقلت: لمن هذا القطار ؟ فقيل: للحسين بن علي عليه السلام ، فأتيته فقلت: بأبي وأمي يا بن رسول الله ما أعجلك عن الحج ؟ فقال: لولم أعجل لأخذت (4).

ص: 169


1- کامل الزیارات ص 157
2- قال ابومخنف بعد هذه الرواية: ثم ان الحسين اقبل حتى مر بالتنعيم فلقي بها عيراقد اقبل بها من اليمن بعث بها بحير بن ريسان الحميري إلى يزيد بن معاوية، و كان عامله على اليمن وعلى العير الورس والحلل ينطلق بها إلى يزيد فاخذها الحسين، فانطلق بهم قال لاصحاب الابل: لا اكرهكم من احب أن يمضي معنا إلى العراق او فينا كراءه وأحسنا صحبته ومن احب ان يفارقنا من مكاننا هذا اعطيناه من الكراء على قدر ما قطع من الأرض، قال: فمن فارقه منهم حوسب فأوفي حقه ومن مضى منهم معه اعطاء کراءه و کساه. (تاریخ الطبري ج 4 ص 290) اقول: يبعد جدا ان يتصرف الحسين عليه السلام مثل هذا التصرف
3- حملة هذه الاسياف والاتراس هم بنو هاشم و من بايعه على النصرة من أصحابه لحمايته في الطريق
4- تاريخ الطبري 386/5

وروى البسوي كتاب ابن عباس الى يزيد بعد قتل الحسين وواقعة الحرة جاء فيه: (... فما أنس من الاشياء فلست بناس اطرادك حسينا رضي الله عنه من حرم رسول الله صلي الله عليه و آله إلى حرم الله تعالى (1)، وتسييرك اليه الرجال لتقتله في الحرم، فما زلت بذلك وعلى ذلك حتى اشخصته الى العراق، فخرج خائفا يترقب، فتزلزلت به خيلك عداوة لله ولرسوله ولاهل بيته عليهم السلام الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا(2).

وفي رواية اليعقوبي: فما زلت بذلك كذلك حتى أخرجته من مكة إلى ارض الكوفة تزأر به خيلك وجنودك زئير الأسد عداوة منك لله ولرسوله ولاهل بیته عليهم السلام ثم كتبت إلى ابن مرجانة ان يستقبله بالخيل والأسنة والسيوف (3)

قتل مسلم وهانئي:

لما بلغ يزيد حركة مسلم بن عقيل في الكوفة وضعف واليها النعمان بن بشير في مواجهة حركة الثورة فيها، عزله عنها وضمها إلى عبيد الله بن زياد والي البصرة، و كلفه بالبحث عن مسلم ومن معه وسجنهم اوقتلهم.

وجاء ابن زیاد إلى الكوفة وهووارث خبرة أبيه وقسوته ودرايته، واجتمع بالعرفاء والمناكب (4) والشرطة (5) وشدد عليهم وهددهم، ودس الرجال ليتعرفوا له خبر مسلم،

ص: 170


1- يفيد هذا النص: ان الحسين عليه السلام لو كان قد بقي في المدينة لاخذته جلاوزة السلطة الاموية هناك. ويؤكد ذلك ما رواه الطبري ان یزید کتب الى والى المدينة الوليد بن عتبة رسالة خاصة يقول له فيها: أما بعد فخذ حسينا وعبدالله بن عمر وعبدالله بن الزبير بالبيعة اخذا شديدا ليست فيه رخصة حتى يبايعوا والسلام
2- المعرفة والتاريخ /532
3- تاريخ اليعقوبي 247/2
4- جاء في لسان العرب لابن منظور مادة (نکب): منكب القوم رأس العرفاء، على كذا وكذا عريفا منکب، ويقال: له لتکابة في قومه. والنكاية: كالعرافة والنقابة
5- الشرطة، والشرطة: سموا بذلك لانهم اعدوا لذلك واعدوا انفسهم بعلامات، وهم اول كتيبة تشهد الحرب وتتهيأ للموت. ومنه شرطة الخميس أي مقدمة الجيش. لسان العرب

وقطع الطريق الى الحج (1)، ثم سجن على التهمة والظن ما يزيد على عشرة الاف(2)وكان منهم المختار بن ابي عبيد الثقفي (3)، ثم استطاع أن يمسك بمسلم وهاني ويقتلهما (4) ثم وضع المسالح (5) على منافذ العراق المؤدية إلى الكوفة وسرح بالكتائب لتستقبل ركب الحسين عليه السلام واهل بيته الآتي من مكة.

قال ابن سعد: وجمع ابن زیاد المقاتلة وأمر لهم بالعطاء، وأعطى الشرط (6).

قال الطبري كتب ابن زیاد بعد أن قتل مسلما وهانئا: أخبر أمير المؤمنين أكرمه الله أن مسلم بن عقیل لجأ إلى دار هانيء بن عروة المرادي وإني جعلت عليهما العيون ودسست إليهما الرجال (7) وكدتهما حتى استخرجتهما، وأمكن الله تعالى منهما، فقدمتهما فضربت أعناقهما، وقد بعثت إليك برؤوسهما مع هانيء بن أبي حية الهمداني

ص: 171


1- لم تذكر لنا كتب المقاتل ولا كتب التاريخ حوادث التقاء بين الحجاج من الكوفيين والبصريين وغيرهم من اهل العراق الا ما جرى بين زهير بن القين مع الحسين عليه السلام ، وهو يفيد ان ابن زیاد کان قد اتخذ اجراء منع أهل الكوفة والبصرة من الحج وهو ما تقتضيه طبيعة الأشياء أيضا
2- قال الدكتور الخربوطلي في كتابه المختار ابن أبي عبيد الثقفي (/74): سجن ابن زیاد اثني عشر الفا من الشيعة ولم يترك واحدا من زعمائهم طليقا
3- قال اليعقوبي: أقبل المختار في جماعة يريدون نصر الحسين عليه السلام، فأخذه عبيد الله بن زیاد فحبسه وضربه بالقضيب حتی شتر عينه، فكتب فيه عبد الله بن عمر الى يزيد و كتب يزيد الى عبيد الله، فخلى سبيله ونفاه، فخرج المختار إلى الحجاز فكان مع ابن الزبير / تاریخ اليعقوبي (7/2 طبعة النجف)
4- لم نتطرق الى قصة مسلم في الكوفة وشهادته لانها تحتاج الى بحث تفصيلي خاص بها، لعلنا نفرد لها کتابا في مستقبل الايام ان شاء الله تعالى
5- جمع مسلحة، وهم القوم على الثغور وعلى مفاصل الطرق الكبيرة يحفظونها سموا مسلحة لانهم يحملون السلاح
6- الطبقات لابن سعد (462/1)
7- وذلك لان حركة مسلم لم تكن حركة علنية بل كانت سرية، روى الطبري (354/5) قال: ثم دعا مسلم بن عقيل فسرحه مع قيس بن مسهر الصيداوي وعمارة بن عبيد السلولي وعبد الرحمن بن عبد الله بن الكدن الأرحبي، فأمره بتقوى الله وكتمان أمره واللطف فإن رأى الناس مجتمعين مستوسقين عجل إليه بذلك

والزبير بن الأروح التميمي وهما من أهل السمع والطاعة والنصيحة،فليسألهما أمير المؤمنين عما أحب من أمر، فإن عندهما علما و صدقا وفهما وورعا والسلام (1)

قطع الطرق ومحاصرة الحسين عليه السلام:

قال الطبري: ولما بلغ عبيد الله إقبال الحسين عليه السلام من مكة إلى الكوفة كتب إلى عامله بالبصرة أن يضع المناظر (2)، ويأخذ الطرق (3)

قال ابن سعد: ووجه حصین بن تميم الطهوي (4)إلى القادسية، وقال له :أقم بها فمن أنكرته فخذه، و كان الحسين عليه السلام قد وجه قيس بن مسهر الاسدي الى مسلم بن عقیل قبل أن يبلغه قتله، فأخذه حصين فوجه به الى عبيد الله، فقال له عبيد الله : قد قتل الله مسلما، فقم في الناس فاشتم الكذاب بن الكذاب، فصعد قيس المنبر، فقال: ایها الناس اني تركت الحسين عليه السلام بالحاجر(5) وأنا رسوله اليكم و هویستنصر كم (6)، فأمر به عبيد الله فطرح من فوق القصر فمات (7).

وروى البلاذري عن هلال بن یساف قال: أمر ابن زیاد فأخذ ما بين واقصة إلى طريق الشام الى طريق البصرة(8).

ص: 172


1- تاريخ الطبري (380/5)
2- المناظر هي التلال والروابي في الأراضي المنبسطة لمراقبة الطرق
3- تاریخ الطبري (353/5)
4- صاحب شرطة عبيد الله بن زیاد، و في الارشاد واللهوف هو حصین بن نمير
5- الحاجر (من بطن الرمة) : واد معروف لعالية نجد
6- في الطبري عن أبي مخنف ان قيسا قال: أيها الناس إن هذا الحسين بن علي خير خلق الله ابن فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و آله وأنا رسوله إليكم، وقد فارقته بالحاجر، فأجيبوه، ثم لعن عبيد الله بن زیاد وأباه واستغفر لعلي بن أبي طالب
7- الطبقات (463/1)، وفي رواية الطبري عن أبي مخنف: فأمر به عبيد الله فألقي من فوق القصر إلى الأرض فكسرت عظامه وبقي به رمق فأتاه رجل يقال له عبد الملك بن عمير اللخمي فذبحه فلما عيب ذلك عليه قال: إنما أردت أن أريحه
8- انساب الاشراف تحقيق المحمودي 173/3

قال ابن سعد: وجعل الرجل والرجلان والثلاثة يتسللون إلى الحسين عليه السلام من الكوفة فبلغ ذلك عبید الله فخرج وعسكر بالنخيلة، واستعمل على الكوفة عمروبن حریث وأخذ الناس بالخروج إلى النخيلة وضبط الجسر فلم يترك أحدا يجوزه(1).

وروى البلاذري ايضا قال: ووضع ابن زياد المناظر (2) على الكوفة لئلا يجوز أحد من العسكر مخافة لان يلحق الحسين مغيثا له، ورتب المسالح(3).حولها وجعل على حرس الكوفة زحر بن قیس الجعفي (4)

قال أبو مخنف: ... ثم أقبل الحسين سيرا إلى الكوفة ... حتى كان بالماء فوق زرود. قال أبو مخنف: فحدثني السدي عن رجل من بني فزارة قال: كنا مع زهير بن القين البجلي حين أقبلنا من مكة نساير الحسين عليه السلام، فلم يكن شيء أبغض إلينا من أن نسايره في منزل، فإذا سار الحسين عليه السلام تخلف زهير بن القين، وإذا نزل الحسين عليه السلام تقدم زهیر، حتى نزلنا يومئذ في منزل لم نجد بدا من أن ننازله فيه، فنزل الحسين عليه السلام في جانب ونزلنا في جانب، فبينا نحن جلوس نتغدى من طعام لنا إذ أقبل رسول الحسين عليه السلام حتى سلم ثم دخل، فقال: یا زهير بن القين إن أبا عبد الله الحسين بن علي بعثني إليك لتأتيه، قال: فطرح كل إنسان ما في يده حتى كأننا على رؤوسنا الطير.

ص: 173


1- الطبقات 466/1
2- المناظر: أشراف الأرض لأنه ينظر منها، المنظرة المرقبة. (لسان العرب)
3- المسلحة: قوم في عدة بموضع رصد قد و كلوا به بإزاء ثغر واحد هم مسلحي والجمع المسالح، والمسلحة:كالثغر والمرقب. قال ابن شميل: مسلحة الجند خطاطيف لهم بين أيديهم ينفضون لهم الطريق ويتجسسون خبر العدو ويعلمون علمهم لئلا يهجم عليهم ولايدعون واحدا من العدويدخل بلاد المسلمين وإن جاء جيش أنذرو المسلمين المسلحة: القوم الذين يحفظون الثغور من العدو سموا مسلحة لأنهم يكونون ذوي سلاح أولأنهم يسكنون المسلحة وهي كالثغر والمرقب يكون فيها أقوام يرقبون العدو لئلا يطرقهم على غفلة فإذا رأوه أعلموا أصحابهم ليتأهبوا له. (لسان العرب)
4- انساب الاشراف(178/3)

قال أبو مخنف: فحدثتني دلهم بنت عمرو امرأة زهير بن القين قالت: فقلت له: أيبعث إليك ابن رسول الله ثم لا تأتيه؟ سبحان الله لوأتيته فسمعت من كلامه ثم انصرفت، قالت: فأتاه زهير بن القين فما لبث أن جاء مستبشرا قد أسفر وجهه، قالت: فأمر بفسطاطه وثقله ومتاعه فقدم وحمل إلى الحسين عليه السلام، ثم قال لامراته: أنت طالق الحقي بأهلك، فإني لا أحب أن يصيبك من سبي إلا خير، ثم قال لأصحابه: من أحب منكم أن يتبعني وإلا فإنه آخر العهد، إني سأحدثكم حديثا غزونا بلنجر(1)، ففتح الله علينا وأصبنا غنائم، فقال لنا سلمان الباهلي (2). أفرحتم بما فتح الله عليكم وأصبتم من الغنائم ؟! فقلنا: نعم، فقال لنا: إذا أدركتم شباب آل محمد فكونوا أشد فرحا بقتالكم معهم منكم بما أصبتم من الغنائم فأما أنا فإني أستودعكم الله قال: ثم والله ما زال في أول القوم حتى قتل (3).

قال أبو مخنف: وفي الثعلبية (4) بلغه خبر قتل مسلم بن عقيل وهانیء بن عروة، ثم

ص: 174


1- قال الحموي: بلنجر (بفتحتين، وسكون النون، وجيم مفتوحة): مدينة ببلاد الخزر خلف باب الأبواب، قالوا: فتحها عبد الرحمن بن ربيعة واستشهد ثم أخذ الراية أخوه سليمان بن ربيعة الذي رجع ببقية المسلمين على طريق جیلان...
2- الإصابة - ابن حجر ج 3 ص 117: سلمان بن ربيعة بن يزيد بن عمرو بن سهم بن ثعلبة الباهلي،مختلف في صحبته، قال أبو حاتم : له صحبة، يكنى أبا عبد الله، وقال أبو عمر: ذكره العقيلي في الصحابة وهو عندي كما قال أبو حاتم. شهد فتوح الشام ثم سكن العراق وولي غزوأرمينية في زمن عثمان فأستشهد قبل الثلاثين أوبعدها (الاصابة ترجمة سلمان بين ربيعة). قال المؤلف: (بلنجر من اعمال ارمينية) قال البلاذري (في فتوح البلدان ص 240-241): قتل سلمان بن ربيعة الباهلي خلف نهر البلنجر في أربعة آلاف من المسلمين، وكان مع سلمان ببلنجر قرضة بي كعب الأنصاري وهوجاء بنعيه إلى عثمان. (والظاهر من رواية سيف أن استشهاده سنة 33هجرية). (انظر الردة والفتوح لسيف بن عمر). قال المؤلف: وفي ضوء ذلك يتضح أن رواية سلمان عن النبي: خير قتل شباب ال محمد في كربلاء انما كان في النصف الثاني من عهد عثمان حين ضعفت سياسة المنع من نشر الحديث وتصدي أبي ذرونظرائه لاحياء احاديث النبي صلي الله عليه و آله في أهل بيته عليهم السلام
3- تاريخ الطبري (ج: 5 ص: 397) سنة 60
4- الثعلبية: منزل من منازل مكة كانت قرية فخربت، وهي بعد زود و قبل زبالة

ارتحل عليه السلام حتى انتهى إلى زبالة وفيها سقط إليه (1) مقتل رسوله عبد الله بن بقطر، ثم سار حتى مر ببطن العقبة، فنزل بها، ثم سار حتى نزل شراف(2)، فلما كان في السحر أمر فتيانه فاستقوا من الماء فأكثروا، ثم ساروا منها حتى التقى مع الحر بن یزید التميمي اليربوعي في ألف فارس مع الحر، وكان مجيء الحر بن یزید و مسيره إلى الحسين من القادسية، وذلك أن عبيد الله بن زیاد لما بلغه إقبال الحسين بعث الحصين ابن تميم التميمي وكان على شرطه فأمره أن ينزل القادسية وأن يضع المسالح فينظم ما بين القطقطانة إلى خفان، وقدم الحر بن یزید بين يديه في هذه الألف من القادسية فيستقبل حسینا عليه السلام.

وقال الحر للحسين عليه السلام: قد أمرنا إذا نحن لقيناك ألا نفارقك حتى نقدمك على عبید الله بن زیاد، فإذا أبيت فخذ طريقا لا تدخلك الكوفة ولا تردك إلى المدينة تكون بيني وبينك نصفا، حتى أكتب إلى ابن زیاد و تكتب أنت إلى يزيد بن معاوية إن أردت أن تكتب إليه أو إلى عبيد الله بن زیاد إن شئت، فلعل الله إلى ذاك أن يأتي بأمر يرزقني فيه العافية من أن أبتلي بشيء من أمرك، ثم إن الحسين عليه السلام سار في أصحابه والحر يسايره.

قال أبو مخنف: عن عقبة بن أبي العيزار أن الحسين عليه السلام خطب أصحابه وأصحاب الحر بالبيضة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم قال: من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله ناكثا لعهد الله مخالفا لسنة رسول الله يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يغير عليه بفعل ولا قول كان حقا على الله أن يدخله مدخله. ألا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتر کوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلوا حرام الله، وحرموا حلاله، وأنا أحق من غير(3).

وقال عليه السلام في ذي حسم: إنه قد نزل من الأمر ما قد ترون، وإن الدنيا قد تغيرت

ص: 175


1- اي بلغه
2- ما بين واقصة والقرعاء
3- اجتزأنا من الخطبة ما نراه صحيحا منها وقد بينا تقييمنا لكتاب ابي مخنف وما نأخذه منه وما ندع

وتنكرت وأدبر معروفها، واستمرت جدا فلم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء وخسیس عیش کالمرعى الوبيل. ألا ترون أن الحق لا يعمل به، وأن الباطل لا يتناهی عنه لیرغب المؤمن في لقاء الله محقا، فإني لا أرى الموت إلا شهادة ولا الحياة مع الظالمين إلا برما.

قال ابو مخنف: فقام زهير بن القين البجلي فقال لأصحابه: تكلمون أم أتكلم؟ قالوا: لا بل تكلم، فحمد الله فأثنى عليه ثم قال: قد سمعنا - هداك الله - يا بن رسول الله مقالتك، والله لو كانت الدنيا لنا باقية و كنا فيها مخلدين إلا أن فراقها في نصرك ومواساتك لآثرنا الخروج معك على الإقامة فيها. قال: فدعا له الحسين عليه السلام ثم قال له خيرا.

وأقبل الحر يسايره وهويقول له: يا حسين إني أذكرك الله في نفسك فإني أشهد لئن قاتلت لتقتلن ولئن قوتلت لتهلكن فيما أرى.

فقال له الحسين عليه السلام : أفبالموت تخوفني؟ وهل يعدوبكم الخطب أن تقتلوني؟ ما أدري ما أقول لك؟ ولكن أقول كما قال أخوالأوس لابن عمه ولقيه وهويريد نصرة رسول الله صلي الله عليه و آله فقال له: أين تذهب فإنك مقتول ؟ فقال:

سأمضي وما بالموت عار على الفتي ***إذا ما نوى حقا وجاهد مسلما

وآسى الرجال الصالحين بنفسه*** وفارق مثبورا يغش ويرغم

قال: فلما سمع ذلك منه الحر تنحى عنه، وكان يسير بأصحابه في ناحية وحسين في ناحية أخرى حتى انتهوا إلى عذيب الهجانات، وكان بها هجائن (1) النعمان ترعى هنالك، فإذا هم بأربعة نفر قد أقبلوا من الكوفة على رواحلهم يجتبون فرسا (2) لنافع بن هلال يقال له الكامل ومعهم دليلهم الطرماح بن عدي على فرسه.

قال: فلما انتهوا إلى الحسين عليه السلام أنشدوه هذه الأبيات، فقال: أما والله إني لأرجو أن يكون خيرا ما أراد الله بنا، قتلنا أم ظفرنا، قال: وأقبل إليهم الحر بن یزید فقال: إن هؤلاء

ص: 176


1- الهجائن: هي الابل البيض الكريمة
2- اي يسيرون بجانبهم فرسالنافع ليس عليه راكب

النفرالذين من أهل الكوفة ليسوا من أقبل معك وأنا حابسهم أورادهم فقال له الحسين عليه السلام : لأمنعنهم مما أمنع منه نفسي إنما هؤلاء أنصاري وأعواني وقد كنت أعطيتني ألا تعرض لي بشيء حتى يأتيك كتاب من ابن زیاد.

فقال: أجل لكن لم يأتوا معك، قال: هم أصحابي وهم بمنزلة من جاء معي، فإن تمت على ما كان بيني وبينك وإلا ناجزتك.

قال: فكف عنهم الحر.

قال: ثم قال لهم الحسين عليه السلام: أخبروني خبر الناس وراء كم؟

فقال له مجمع بن عبد الله العائذي وهو أحد النفر الأربعة الذين جاءوه: أما أشراف الناس فقد أعظمت رشوتهم، وملئت غرائرهم، يستمال ودهم ويستخلص به نصيحتهم، فهم (ألب واحد عليك)(1)

قال: أخبروني فهل لكم برسولي إليكم؟ قالوا: من هو؟ قال: قيس بن مسهر الصيداوي فقالوا: نعم أخذه الحصين بن تميم فبعث به إلى ابن زیاد فأمره ابن زیاد أن يلعنك ويلعن أباك، فصلى عليك وعلى أبيك ولعن ابن زیاد وأباه ودعا إلى نصرتك، وأخبرهم بقدومك فأمر به ابن زیاد فألقي من طمار القصر(2).

فترقرقت عينا الحسين عليه السلام ولم يملك دمعه ثم قال: «فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا»، اللهم اجعل لنا ولهم الجنة نزلا واجمع بيننا وبينهم في مستقر من رحمتك ورغائب مذخور ثوابك.

قال أبو مخنف: حدثني جميل بن مرثد من بني معن عن الطرماح ابن عدي أنه دنا من

ص: 177


1- (الب واحد عليك: أي مجتمعين عليك) اشراف الكوفة في عهد ابن زیاد هم الوجوه الاجتماعية التي كانت ركائز النفاق على عهد على علي ولم تستجب لهديه ومن ثم اعتمدها زیاد في تنفيذ مخطط معاوية لتصفية التشيع في الكوفة. وهم رؤوس الجيش الذي حارب الحسين عليه السلام
2- اي اعلى القصر

الحسين عليه السلام فقال له: والله إني لأنظر فما أرى معك أحدا ولولم يقاتلك إلا هؤلاء الذين أراهم ملازميك لكان كفي بهم، وقد رأيت قبل خروجي من الكوفة إليك بيوم ظهر الكوفة وفيه من الناس ما لم تر عيناي في صعيد واحد جمعا أكثر منه، فسألت عنهم؟ فقيل: اجتمعوا ليغضوا ثم يسرحون إلى الحسين فأنشدك الله إن قدرت على ألا تقدم عليهم شبرا إلا فعلت فإن أردت أن تنزل بلدا يمنعك الله به حتى ترى من رأيك ويستبين لك ما أنت صانع فسر حتى أنزلك مناع جبلنا الذي يدعى أجا، امتنعنا والله به من ملوك غسان وحمير ومن النعمان بن المنذر ومن الأسود والأحمر، والله إن دخل علينا ذل قط فأسير معك حتى أنزلك القرية ثم نبعث إلى الرجال ممن بأجا(1) وسلمى من طيء فوالله لا يأتي عليك عشرة أيام حتى تأتيك طيء رجالا وركبانا، ثم أقم فينا ما بدا لك فإن هاجك هيج فأنا زعيم لك بعشرين ألف طائي يضربون بين يديك بأسيافهم، والله لا يصلوا إليك أبدا وفيهم عين تطرف.

فقال له: جزاك الله وقومك خيرا، إنه قد كان بيننا وبين هؤلاء القوم قول لسنا نقدر معه على الانصراف ولا ندري علام تتصرف بنا وبهم الأمور في عاقبة.

قال أبو مخنف: ومضى الحسين عليه السلام حتى انتهى إلى قصر بني مقاتل فنزل به.

قال أبو مخنف: حدثني عبد الرحمن بن جندب عن عقبة بن سمعان قال: لما كان في آخر الليل أمر الحسين عليه السلام بالاستقاء من الماء ثم أمرنا بالرحيل، ففعلنا، قال: فلما ارتحلنا من قصر بني مقاتل وسرنا ساعة خفق الحسين عليه السلام برأسه خفقة. ثم انتبه وهويقول: إنا لله وإنا إليه راجعون والحمد لله رب العالمين، قال: ففعل ذلك مرتين أو ثلاثا.

فأقبل إليه ابنه علي بن الحسين عليه السلام على فرس له فقال: يا أبت جعلت فداك مم حمدت الله واسترجعت؟؟

ص: 178


1- ممن بأجأ: أي ممن هم في طريقة واحدة ونهج واحد

قال: يا بني إني خفقت برأسي خفقة فعن لي فارس على فرس فقال: القوم يسيرون والمنايا تسري إليهم فعلمت أنها أنفسنا نعيت إلينا.

قال له: يا أبت لا أراك الله سوءا، ألسنا على الحق؟ قال: بلى والذي إليه مرجع العباد. قال: يا أبت إذا لا نبالي نموت محقين. فقال له: جزاك الله من ولد خير ما جزى ولدا عن والده.

قال ابومخنف: فلما انتهوا إلى نينوى (المكان الذي نزل به الحسين عليه السلام) قال: فإذا راكب على نجيب له وعليه السلاح متنكب قوسا مقبل من الكوفة، فدفع إلى الحر كتابا من عبيد الله ابن زیاد فإذا فيه: أما بعد فجعجع بالحسين عليه السلام حين يبلغك كتابي ويقدم عليك رسولي، فلا تنزله إلا بالعراء في غير حصن وعلى غير ماء، وقد أمرت رسولي أن يلزمك ولا يفارقك حتى يأتيني بإنفاذك أمري والسلام.

فلما قرأ الكتاب قال لهم الحر: هذا كتاب الأمير عبيد الله بن زیاد يأمرني فيه أن أجعجع بكم في المكان الذي يأتيني فيه كتابه، وهذا رسوله وقد أمره إلا يفارقني حتى أنفذ رأيه وأمره.

وأخذ الحر بن یزید القوم بالنزول في ذلك المكان على غير ماء ولا في قرية، فقالوا: دعنا ننزل في هذه القرية (يعنون نيوي) (1) أوهذه القرية (يعنون الغاضرية) أوهذه الأخرى (يعنون شفية). فقال: لا والله ما أستطيع ذلك هذا رجل قد بعث إلي عينا.

فقال له زهير بن القين: يا بن رسول الله إن قتال هؤلاء أهون من قتال من يأتينا من بعدهم، فلعمري ليأتينا من بعد من ترى ما لا قبل لنا به.

ص: 179


1- قال الحموي في معجم البلدان : نینوی بسواد الكوفة منها كربلا التي قتل بها الحسين، قال المؤلف: ورد اسم نینوی لمدينة في جنوب العراق في الكتابات المسمارية في المكتشفة في وادي الرافدين قبل نینوی الموصل بقرون

فقال له الحسين عليه السلام: ما كنت لأبدأهم بالقتال.

(وفي رواية ابن عساکر: وعدل الحسين إلى كربلاء)،(1) ثم نزل. وذلك يوم الخميس وهو اليوم الثاني من المحرم (2)سنة إحدى وستين.

روى السيد ابن طاووس قال : قال الحسين عليه السلام لما نزل کربلاء: إنزلوا هاهنا محط رحالنا، ومسفك دمائنا، وهنا محل قبورنا، بهذا حدثني جدي رسول الله صلي الله عليه و اله وسلم، فنزلوا جميعا (3).

قال ابو مخنف: فلما كان من الغد قدم عليهم عمر بن سعد بن أبي وقاص من الكوفة في أربعة آلاف.

قال: وكان سبب خروج ابن سعد إلى الحسين عليه السلام، أن عبيد الله بن زیاد بعثه على

ص: 180


1- تاریخ ابن عساکر ترجمة الحسين عليه السلام
2- هذا هو المشهور بين المؤرخين، وفي الأخبار الطوال للدينوري ص 253 قال: ان الحسين نزل کربلاء يوم الأربعاء غرة شهر المحرم سنة أحدى وستين
3- اللهوف في قتلي الطفوف - السيد ابن طاووس الحسني ص 49. اقول: وقد تواترت الأخبار بذلك عن النبي صلي الله عليه و آله ، منها ما روي عن عليه السلام: قال ابن كثير قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن عبيد، ثنا شراحيل بن مدرك، عن عبدالله بن نجي، عن أبيه أنه سار مع علي - وكان صاحب مطهرته - فلما جاؤوا نینوی و هومنطلق إلى صفين فنادى علي:‘‘صبرا أبا عبدالله، صبرا أبا عبدالله، بشط الفرات قلت: وماذا تريد؟ قال: " دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وعيناه تفيضان، فقلت: ما أبكاك يا رسول الله؟ قال: بلى، قام من عندي جبريل قبل، فحدثني أن الحسين يقتل بشط الفرات، قال فقال: هل لك أن أشمك من تربته؟ قال: فمد يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها فلم أملك عيني أن فاضتا ". قال ابن كثير تفرد به أحمد (البداية والنهاية مجلد: 217/8 ،مسند أحمد85/1 ، الأحاد والمثاني 308/1 ). قال ابن كثير وروی محمد بن سعد: عن علي بن محمد، عن یحیی بن زکریا، عن رجل عن عامر الشعبي، عن علي مثله. وروی نصر بن مزاحم في كتابه (وقعة صفين /142) عن سعید بن حکیم العبسي عن الحسن بن كثير عن أبيه: أن عليا أتی کربلاء فوقف بها، فقيل يا أمير المؤمنين، هذه کربلاء قال:‘‘ذات کرب وبلاء ". ثم أومأ بيده إلى مكان فقال: هاهنا موضع رحالهم، ومناخ ركابهم وأومأ بيده إلى موضع آخر فقال: هاهنا مهراق دمائهم

اربعة آلاف من أهل الكوفة يسير بهم إلى دستبى (1) ، وكانت الديلم قد خرجوا إليها وغلبوا عليها، فكتب إليه ابن زیاد عهده على الري وأمره بالخروج. فخرج معسكرا بالناس بحمام أعين (2)، فلما كان من أمر الحسين عليه السلام ما كان وأقبل إلى الكوفة دعا ابن زیاد عمر بن سعد فقال: سر إلى الحسين عليه السلام، فإذا فرغنا ما بيننا وبينه سرت إلى عملك. فأقبل في أربعة آلاف حتى نزل بالحسين عليه السلام من الغد من يوم نزل الحسين عليه السلام نینوی.

قال: فبعث عمر بن سعد إلى الحسين عليه السلام عزرة بن قيس الأحمسي فقال: ائته فسله ما الذي جاء به وما ذا يريد، وكان عزرة ممن كتب إلى الحسين عليه السلام فاستحيا منه أن يأتيه.

قال: فعرض ذلك على الرؤساء الذين كاتبوه فكلهم أبي و كرهه.

قال: وقام إليه كثير بن عبد الله الشعبي وكان فارسا شجاعا ليس يرد وجهه شيء فقال: أنا أذهب إليه والله لئن شئت لأفتكن به، فقال له عمر بن سعد: ما أريد أن يفتك به ولكن ائته فسله ما الذي جاء به؟ قال: فأقبل إليه، فلما رآه أبوثمامة الصائدي قال للحسين عليه السلام : أصلحك الله أبا عبد الله قد جاءك شر أهل الأرض وأجرؤهم على دم وأفتکه، فقام إليه فقال: ضع سيفك إقال: لا والله ولا كرامة، إنما أنا رسول فإن سمعتم مني أبلغتكم ما أرسلت به إليكم وإن أبيتم انصرفت عنكم، فقال له: فإني آخذ بقائم سيفك ثم تكلم بحاجتك، قال: لا والله لا تمسه، فقال له: أخبرني ما جئت به وأنا أبلغه عنك ولا أدعك تدنو منه فإنك فاجر، قال: فاستبا ثم انصرف إلى عمر بن سعد فأخبره الخبر.

قال: فدعا عمر قرة بن قيس الحنظلي فقال له: ويحك يا قرة الق حسینا فسله ما جاء به وما ذا يريد؟ فأتاه قرة بن قيس فلما رآه الحسين عليه السلام مقبلا قال: أتعرفون هذا؟ فقال حبیب بن مظاهر: نعم هذا رجل من حنظلة تميمي، وهو ابن أختنا، ولقد كنت أعرفه

ص: 181


1- منطقة كبيرة كانت مقسومة بين الري وهمذان. او دستوا: بلدة بفارس وقيل بلدة بالاهواز
2- منطقة مشهورة بالكوفة، واعين مولي سعد بن ابی وقاص

بحسن الرأي وما كنت أراه يشهد هذا المشهد، فجاء حتى سلم على الحسين عليه السلام وأبلغه رسالة عمر بن سعد إليه له.

فقال الحسين عليه السلام: كتب إلى أهل مصر كم هذا أن أقدم، فأما إذا كرهوني فأنا أنصرف عنهم.

قال: ثم قال له حبیب بن مظاهر: ويحك يا قرة بن قيس أني ترجع إلى القوم الظالمين،انصر هذا الرجل الذي بآبائه أيدك الله بالكرامة وإيانا معك، فقال له قرة: ارجع إلى صاحبي بجواب رسالته وأرى رأيي، قال: فانصرف إلى عمر بن سعد فأخبره الخبر، فقال له عمر بن سعد: إني لأرجو أن يعافيني الله من حربه وقتاله.

قال هشام عن أبي مخنف قال: حدثني النضر بن صالح بن حبیب ابن زهير العبسي عن حسان بن فائد بن بكير العبسي قال: أشهد أن كتاب عمر بن سعد جاء إلى عبيد الله بن زیاد وأنا عنده فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد فإني حيث نزلت بالحسين بعثت إليه رسولي فسألته عما أقدمه وماذا يطلب ويسأل، فقال: كتب إلى أهل هذه البلاد وأتنني به رسلهم فسألوني القدوم ففعلت، فأما إذ كرهوني فبدا لهم غير ما أتتني به رسلهم فأنا منصرف عنهم، فلما قرىء الكتاب على ابن زیاد قال:

الآن إذ علقت مخالبنا به*** يرجو النجاة ولات حين مناص

وكتب إلى عمر بن سعد: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فقد بلغني كتابك وفهمت ما ذكرت، فأعرض على الحسين أن يبايع ليزيد بن معاوية هوى وجميع أصحابه، فإذا فعل ذلك رأَينا رأيَنا والسلام.

فلما أتى عمر بن سعد الكتاب قال: قد حسبت ألا يقبل ابن زياد العافية.

قال أبو مخنف: حدثني سليمان بن أبي راشد عن حمید بن مسلم الأزدي قال: جاء من عبيد الله بن زیاد کتاب إلى عمر بن سعد: أما بعد فحل بين الحسين وأصحابه وبين الماء ولا يذوقوا منه قطرة، كما صنع بالتقي الزكي المظلوم أمير المؤمنين عثمان بن عفان.

ص: 182

فبعث عمر بن سعد عمرو بن الحجاج على خمسمائة فارس، فنزلوا على الشريعة وحالوا بين حسين وأصحابه وبين الماء أن يسقوا منه قطرة، وذلك قبل قتل الحسين بثلاث. قال: ونازله عبد الله بن أبي حصين الأزدي وعداده في بجيلة فقال: يا حسين إلا تنظر إلى الماء كأنه كبد السماء والله لا تذوق منه قطرة حتى تموت عطشا، فقال حسين: اللهم اقتله عطشا ولا تغفر له أبدا.

قال حميد بن مسلم: والله لعدته بعد ذلك في مرضه، فوالله الذي لا إله إلا هولقد رأيته يشرب حتى بغر ثم يقيء ثم يعود فيشرب حتى يبغر(1) فما يروى فما زال ذلك دأبه حتى لفظ عصبه (2)، يعني نفسه.

قال حميد: ولما اشتد على الحسين وأصحابه العطش، دعا العباس بن علي بن أبي طالب أخاه فبعثه في ثلاثين فارسا وعشرين راجلا، وبعث معهم بعشرين قربة، فجاءوا حتى دنوا من الماء ليلا، واستقدم أمامهم باللواء نافع بن هلال الجملي فقال عمروبن الحجاج الزبيدي: من الرجل ؟ فجيء فقال: ماجاء بك؟ قال: جئنا نشرب من هذا الماء الذي حلاتمونا (3) عنه، قال: فاشرب هنيئا، قال: لا والله لا أشرب منه قطرة وحسين عطشان ومن ترى من أصحابه فطلعوا عليه، فقال: لا سبيل إلى سقي هؤلاء إنما وضعنا بهذا المكان لنمنعهم الماء، فلما دنا منه أصحابه قال لرجاله: املئوا قربكم فشد الرجالة فملئوا قربهم، وثار إليهم عمرو بن الحجاج وأصحابه فحمل عليهم العباس بن علي ونافع بن هلال فكفوهم ثم انصرفوا إلى رحالهم وجاء أصحاب حسين بالقرب فأدخلوها عليه.

قال أبو مخنف: حدثني أبوجناب عن هانىء بن ثبیت الحضرمي وكان قد شهد قتل الحسين قال: بعث الحسين عليه السلام إلى عمر بن سعد عمرو بن قرظة بن كعب الأنصاري: أن

ص: 183


1- بغر الرجل يبر: إذا اكثر من شرب الماء ولم يرو لداء به
2- في لسان العرب: لفظ عصبه أي ريقه
3- يقال :حلاه عن الماء أي طرده ومنعه منه

القني الليل بين عسكري وعسكرك. فخرج عمر بن سعد في نحو من عشرين فارسا وأقبل حسين في مثل ذلك، فلما التقوا أمر حسين أصحابه أن يتنحوا عنه وأمر عمر بن سعد أصحابه بمثل ذلك.

قال: فانکشفنا عنهما بحيث لا نسمع أصواتهما ولا كلامهما، فتكلما فأطالا حتى ذهب من الليل هزیع، ثم انصرف كل واحد منهما إلى عسكره بأصحابه وتحدث الناس فيما بينهما ظنا يظنونه أن حسينا قال لعمر بن سعد: اخرج معي إلى يزيد بن معاوية وندع العسکرين قال عمر: إذن تهدم داري، قال: أنا أبنيها لك، قال: إذن تؤخذ ضیاعي، قال: إذن أعطيك خيرا منها من مالي بالحجاز. قال: فتكره ذلك عمر، قال: فتحدث الناس بذلك وشاع فيهم من غير أن يكونوا سمعوا من ذلك شيئا ولا علموه.

قال أبو مخنف: وأما ما حدثنا به المجالد بن سعيد والصقعب بن زهير الأزدي وغيرهما من المحدثين فهو ما عليه جماعة المحدثين قالوا: إنه قال: اختاروا مني خصالا ثلاثا: إما أن أرجع إلى المكان الذي أقبلت منه، وإما أن أضع يدي في يد یزید بن معاوية فيرى فيما بيني وبينه رأيه، وإما أن تسيروني إلى أي ثغر من ثغور المسلمين شئتم فأكون رجلا من أهله، لي ما لهم وعلي ما عليهم.

قال أبو مخنف: فأما عبد الرحمن بن جندب فحدثني:

" عن عقبة بن سمعان قال: صحبت حسینا فخرجت معه من المدينة إلى مكة ومن مكة إلى العراق ولم أفارقه حتى قتل، وليس من مخاطبته الناس كلمة بالمدينة ولا بمكة ولا في الطريق ولا بالعراق ولا في عسكر إلى يوم مقتله إلا وقد سمعتها. لا والله ما أعطاهم ما يتذاكر الناس وما يزعمون من أن يضع يده في يد یزید بن معاوية ولا أن يسيروه إلى ثغر من ثغور المسلمين ولكنه قال: دعوني فلأذهب في هذه الأرض العريضة حتى ننظر ما يصير أمر الناس".

ص: 184

الفصل الثالث : طرف من أخبار شهادة الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه (رضوان الله عليهم)

اشارة

شاء الله تعالى أن يحبس النصر عن الحسين عليه السلام، وخير الحسين بين البيعة ليزيد او القتال، واختار القتال، وآثر أن يخوض معركة غير متكافئة مع عسلان الفلوات ذئاب الفرات وطلائع جيش بني أمية، وهو جيش الكوفة الذي نجح زياد في تصفيته من كل متهم بحب علي عليه السلام فضلا عن تشیعه، ونجح معاوية في تربيته على البغض والحقد على علي عليه السلام وأهل بيته، ومحض المودة والطاعة لمعاوية ويزيد. ويسقط الحسين عليه السلام قتيلا بعد ان وفي اصحابه بما بايعوه عليه من القتال بين يده، ووفي اهل بيته حين قتلوا بين يديه، ويبدي بنوامية وشيعتهم ابشع مستوى من الحقد والبغض لآل الرسول، وفيما يلي طرف من أخبار هذه المعركة:

شمر يأخذ الأمان للعباس واخوته:

روى الطبري عن أبي مخنف قال: نهض عمر بن سعد إلى الحسين عشية الخميس لتسع مضين من المحرم وجاء شمر حتى وقف على أصحاب الحسين، فقال: أين بنو أختنا؟ فخرج إليه العباس وجعفر و عثمان بنو علي، فقالوا له: ما لك وما تريد؟ قال: أنتم يا بني أختي آمنون، وكان قد أخذ لهم أمانا من ابن زیادا.

فقال له الفتية: لعنك الله ولعن أمانك، لئن كنت خالنا أتؤمننا وابن رسول الله لا أمان له.

ص: 185

خليل الله تستعد لغزو الحسين عليه السلام :

قال: ثم إن عمر بن سعد نادی:

"يا خيل الله اركبي وأبشري"

فركب في الناس ثم زحف نحوهم بعد صلاة العصر.

فبعث اليهم الحسين عليه السلام أخاه العباس في نحو من عشرين فارسا فيهم زهير بن القين و حبیب ابن مظاهر وقال لهم العباس: ما بدا لكم وما تريدون؟ قالوا: جاء أمر الأمير بأن نعرض عليكم أن تنزلوا على حكمه أوننازلكم.

قال: فلا تعجلوا، حتى أرجع إلى أبي عبد الله فأعرض عليه ما ذكرتم، فانصرف العباس راجعا إلى الحسين يخبره بالخبر ووقف أصحابه يخاطبون القوم.

فقال حبیب ابن مظاهر لزهير بن القين: كلم القوم إن شئت. وإن شئت كلمتهم،

فقال له زهير: أنت بدأت بهذا فكن أنت تكلمهم.

فقال لهم حبیب بن مظاهر : أما والله لبئس القوم عند الله غدا قوم يقدمون عليه قد قتلوا ذرية نبيه صلي الله عليه و آله وعترته وأهل بيته عليهم السلام وعباد أهل هذا المصر المجتهدين بالأسحار والذاکرین الله كثيرا.

فقال له عزرة بن قيس: إنك لتزكي نفسك ما استطعت.

فقال له زهير: يا عزرة إن الله قد زكاها وهداها، فاتق الله يا عزرة فإني لك من الناصحين، أنشدك الله يا عزرة أن تكون ممن يعين الضلال على قتل النفوس الزكية.

قال: یا زهير ما كنت عندنا من شيعة أهل هذا البيت إنما كنت عثمانیا.

قال: أما والله قد جمع الطريق بيني وبينه ودعاني الى نصرته وتذكرت حدیث سلمان الباهلي وذكرت بالحسين رسول الله صلي الله عليه و آله ومكانه منه، فرأيت أن أنصره وأن أكون في حزبه وأن أجعل نفسي دون نفسه حفظا لما ضيعتم من حق الله وحق رسوله صلي الله عليه و آله.

ص: 186

الحسين عليه السلام يطلب إمهاله ليلة العاشر من المحرم:

وأقبل العباس بن علي حتى انتهى إليهم فقال: يا هؤلاء إن أبا عبد الله يسألكم أن تنصرفوا هذه العشية حتى ينظر في هذا الأمر، فإذا أصبحنا التقينا إن شاء الله فإما رضيناه فأتينا بالأمر الذي تسألونه وتسومونه أو كرهنا فرددناه.

فلما أتاهم العباس بن علي بذلك قال عمر بن سعد: ما تری یا شمر؟ قال: ما ترى أنت؟ أنت الأمير والرأي رأيك، قال: قد أردت إلا أكون، ثم أقبل على الناس فقال: ماذا ترون؟

فقال عمرو بن الحجاج بن سلمة الزبيدي: سبحان الله والله لو كانوا من الديلم ثم سألوك هذه المنزلة لكان ينبغي لك أن تجيبهم إليها، وقال قيس بن الأشعث: أجبهم إلى ما سألوك فلعمري ليصبحنك بالقتال غدوة، فقال: والله لوأعلم أن يفعلوا ما أخرتهم العشية.

قال: وكان العباس بن علي حين أتی حسینا با عرض عليه عمر بن سعد قال:

ارجع إليهم فإن استطعت أن تؤخرهم إلى غدوة وتدفعهم عند العشية لعلنا نصلي لربنا الليلة وندعوه ونستغفره، فهو يعلم أني قد كنت أحب الصلاة له وتلاوة كتابه و كثرة الدعاء والاستغفار.

كلام الحسين عليه السلام مع اصحابه ليلة العاشر :

قال أبو مخنف: حدثني الحارث بن حصيرة عن عبد الله بن شريك العامري (1) عن

ص: 187


1- قال الذهبي في ميزان الاعتدال ج 439/2: عبدالله بن شريك العامري. حدث عن ابن عمر، وجماعة. وكان في أوائل أمره من أصحاب المختار، ولكنه تاب. وثقه أحمد، وابن معين، وغيرهما، ولينه النسائي وقال الجوزجاني: كذاب. وقال ابن عيينة: جالسنا عبدالله بن شريك و هو ابن مائة سنة، و كان ممن جاء إلى ابن الحنفية عليهم أبو عبد الله الجدلي. الحمیدی، حدثنا سفيان، عن عبد الله بن شريك، قال: قال الحسين: نبعث نحن وشیعتنا کهاتين - وأشار بالسبابة والوسطى. وقال إبراهيم بن عرعرة، عن سفیان: كان مختاريا، وان لايحدث عنه. قال: وكان عبدالرحمن بن مهدی قد ترك الحديث عنه

علي بن الحسين عليه السلام (1) قال: جمع الحسين أصحابه بعد ما رجع عمر بن سعد وذلك عند قرب المساء.

قال علي بن الحسين عليه السلام: فدنوت منه لأسمع وأنا مريض، فسمعت أبي وهو يقول لأصحابه: أثني على الله تبارك وتعالى أحسن الثناء وأحمده على السراء والضراء، اللهم إني أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوة، وعلمتنا القرآن، وفقهتنا في الدين، وجعلت لنا أسماعا وأبصارا و أفئدة، ولم تجعلنا من المشركين، أما بعد فإني لا أعلم أصحابا أولى ولا خيرا من أصحابي، ولا أهل بيت أبر ولا أوصل من أهل بيتي، فجزاكم الله عني جميعا خيرا، ألا وإني أظن يومنا من هؤلاء الأعداء غدا، ألا وإني قد رأيت لكم، فانطلقوا جميعا في حل ليس عليكم مني ذمام، هذا الليل قد غشیکم فاتخذوه جملا، ثم ليأخذ كل رجل منکم بید رجل من أهل بيتي و تفرقوا في سوادکم و مدائنکم حتى يفرج الله، فإن القوم إنما يطلبوني ولوقد أصابوني لهوا عن طلب غيري.

فقال له إخوته وأبناؤه وبنو أخيه وابنا عبد الله بن جعفر: لم نفعل لنبقى بعدك، لا أرانا الله ذلك أبدا، بدأهم بهذا القول العباس بن علي.

وقام مسلم بن عوسجة الأسدي فقال: أنحن نخلي عنك ولا نعذر إلى الله في أداء حقك ؟ أما والله حتى أكسر في صدورهم رمحي، وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي ولا أفارقك، ولو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة دونك حتى أموت معك.وقال سعيد بن عبد الله الحنفي: والله لا تخليك حتى يعلم الله أنا حفظنا غيبة رسول الله صلي الله عليه و آله فيك، والله لوعلمت أني أقتل ثم أحيا ثم أحرق حيا ثم أذر يفعل ذلك في سبعين

ص: 188


1- قال الطبري في ذيل المذيل :وشهد علي بن الحسين الأصغر وهو ابن ثلاث وعشرين سنة، و كان مريضا نائما على فراش

مرة ما فارقتك حتى ألقى حمامي دونك، فكيف لا أفعل ذلك وإنما هي قتلة واحدة، ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبدا.

وقال زهير بن القين: والله لوددت أني قتلت ثم نشرت ثم قتلت حتى أقتل كذا ألف قتلة وإن الله يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن أنفس هؤلاء الفتية من أهل بيتك.

و تکلم جماعة من أصحابه بكلام يشبه بعضه بعضا في وجه واحد فقالوا: والله لا تفارقك ولكن أنفسنا لك الفداء، نقيك بنحورنا وجباهنا وأيدينا فإذا نحن قتلنا کنا وفينا وقضينا ما علينا.

قال أبو مخنف: عن عبد الله بن عاصم عن الضحاك بن عبد الله المشرقي قال: فلما أمسى الحسين عليه السلام وأصحابه ، قاموا الليل كله يصلون ويستغفرون ويدعون ويتضرعون.

قال ابومخنف: فلما صلى عمر بن سعد الغداة يوم السبت، وقد بلغنا أيضا أنه كان يوم الجمعة (1) وكان ذلك اليوم يوم عاشوراء خرج فيمن معه من الناس.

سرور برير الهمداني بالشهادة:

قال أبو مخنف: أمر الحسين عليه السلام بفسطاط، فضرب، ثم أمر بمسك فميث في جفنة عظيمة أو صحفة قال: ثم دخل الحسين عليه السلام ذلك الفسطاط فتطلي بالنورة. قال : وكان عبد الرحمن بن عبد ربه (2) و بریر بن خضير الهمداني على باب الفسطاط تحتك مناكبهما

ص: 189


1- المشهور ان يوم العاشر سنة 61 كان يوم الجمعة. (ویؤید روایات السبت ما ورد في كامل الزيارات عن صفوان، عن يعقوب بن شعيب، عن حسين بن أبي العلاء:... وقتل يوم السبت يوم عاشوراء. وما وردفي التهذيب (334/4) للطوسي عن الباقر عليه السلام قال: يخرج القائم عليه السلام يوم السبت يوم عاشوراء اليوم الذي قتل فيه الحسین عليه السلام)
2- عبد الرحمن بن عبد ربه الأنصاري صحابي، ذكره بن عقدة في كتاب الموالاة فيمن روی حدیث من کنت مولاه فعلی مولاه وساق من طريق الاصبغ بن نباتة قال: لما نشد علي الناس في الرحبة من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدیر خم ما قال إلا قام ولا يقوم إلا من سمع، فقام بضعة عشر رجلا منهم أبوأيوب وأبوزينب وعبد الرحمن بن عبد رب فقالوا :نشهد أنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله وليي وأنا ولي المؤمنين فمن کنت مولاه فعلی مولاه ، وفي سنده من لا يعرف. الاصابة 328/4

فازدحما أيهما يطلي على أثره، فجعل بریر یهازل عبد الرحمن، فقال له عبد الرحمن: دعنا فوالله ما هذه بساعة باطل، فقال له بریر: والله لقد علم قومي أني ما أحببت الباطل شابا ولا کهلا ولكن والله إني لمستبشر بما نحن لاقون، والله إن بيننا وبين الحور العين إلا أن يميل هؤلاء علينا بأسيافهم ولوددت انهم قد مالوا علينا بأسيافهم.

تعبئة الحسين عليه السلام أصحابه:

قال: وعبأ الحسين عليه السلام أصحابه وصلى بهم صلاة الغداة وكان معه اثنان وثلاثون فارسا وأربعون راجلا(1)

فجعل زهير بن القين في ميمنة أصحابه.

و حبیب بن مظاهر في ميسرة أصحابه.

وأعطى رايته العباس بن علي أخاه.

وجعلوا البيوت في ظهورهم وأمر بحطب وقصب كان من وراء البيوت يحرق بالنارمخافة أن يأتوهم من ورائهم.

قال: وكان الحسين عليه السلام أتي بقصب وحطب إلى مكان من ورائهم منخفض كأنه ساقية، فحفروه في ساعة من الليل، فجعلوه كالخندق، ثم ألقوا فيه ذلك الحطب والقصب

ص: 190


1- وفي رواية عمار الدهني (الطبري 292/4): أنه لما عليه السلام معه خمسة وأربعين فارسا ومائة راجل قال المؤلف: هؤلاء الرجالة سواء كانوا اربعین اومائة فهم الذين خرجوا من الكوفة بشق الأنفس خفية ايام المهادنة. وهذا قرينة اكيدة على أن خطة مسلم مع انصار الحسين بعد اعتقال هانئ بن عروة في الكوفة هي اللحاق بالحسين عليه السلام كل بحسب قدرته وتمکنه ولم تكن خطته ان يثور باهل الكوفة ضد ابن زیاد

وقالوا: إذا عدوا علينا فقاتلونا ألقينا فيه النار کیلا نؤتى من ورائنا وقاتلنا القوم من وجه واحد. ففعلوا و كان لهم نافعا.

تعبئة عمر بن سعد جيشه:

قال أبو مخنف: حدثني فضيل بن خديج الكندي عن محمد بن بشر عن عمرو الحضرمي قال: لما خرج عمر بن سعد بالناس،

كان على ربع أهل المدينة يومئذ عبد الله بن زهير بن سليم الأزدي.

وعلى ربع مذحج وأسد عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي. وعلى ربع ربيعة وكندة قيس بن الأشعث بن قیس.

وعلى ربع تمیم و همدان الحر بن یزید الرياحي.

فشهد هؤلاء كلهم مقتل الحسين عليه السلام، إلا الحر بن یزید فإنه عدل إلى الحسين عليه السلام وقتل معه.

وجعل عمر على ميمنته عمروبن الحجاج الزبيدي.

وعلی میسرته شمر بن ذي الجوشن.

وعلى الخيل عزرة بن قيس الأحمسي.

وعلى الرجالة شبث بن ربعي الرياحي.

وأعطى الراية دويدا (1) مولاه.

دعاء الحسين عليه السلام يوم العاشر:

قال أبو مخنف عن بعض أصحابه عن أبي خالد الكاهلي قال: لما أصبحت خیل الحسين عليه السلام رفع الحسين عليه السلام يديه فقال: اللهم أنت ثقتي في كل كرب، ورجائي في كل شدة، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة، كم من هم يضعف فيه الفؤاد وتقل فيه الحيلة

ص: 191


1- دوید: تصغير داود

ويخذل فيه الصديق ويشمت فيه العدو، أنزلته بك وشکوته إليك، رغبة مني إليك عمن سواك، ففرجته و کشفته، فأنت ولي كل نعمة وصاحب كل حسنة ومنتهی كل رغبة.

خطاب الحسين عليه السلام يوم العاشر:

ثم اتجه إلى القوم وخاطبهم: أيها الناس اسمعوا قولي ولا تعجلوني حتى أعظكم بما لحق لكم علي وحتى أعتذر اليكم من مقدمي عليكم، فإن قبلتم عذري وصدقتم قولي وأعطيتموني النصف کنتم بذلك أسعد ولم يكن لكم علي سبيل، وإن لم تقبلوا مني العذر ولم تعطوا النصف من أنفسكم فأجمعوا أمركم وشرکاء کم ثم لا يكن أمر کم علیکم غمة ثم اقضوا الي ولا تنظرون، إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين...

وحمد الله وأثنى عليه وذكر الله بما هو أهله وصلى على محمد صلى الله عليه وعلى ملائكته وأنبيائه فذكر من ذلك ما الله أعلم وما لا يحصي ذكره.

قال : فوالله ما سمعت متكلما قط قبله ولا بعده أبلغ في منطق منه.

ثم قال :عباد الله اتقوا الله او کونوا من الدنيا على حذر، فإن الدنيا لو بقيت لأحد وبقي عليها أحد كانت الأنبياء أحق بالبقاء وأولى بالرضا وأرضى بالقضاء، غير أن الله تعالى خلق الدنيا للبلاء وخلق أهلها للفناء، فجديدها بال ونعيمها مضمحل وسرورها مكفهر، والمنزل بلغة والدار قلعة، فتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقوا الله لعلكم تفلحون (1).

ثم قال: أما بعد فانسبوني فانظروا من أنا؟ ثم ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها فانظروا هل يحل لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟

ألست ابن بنت نبيكم صلى الله عليه وسلم وابن وصيه وابن عمه وأول المؤمنين بالله والمصدق لرسوله بما جاء به من عند ربه؟.

ص: 192


1- تاریخ مدينة دمشق - ابن عساکر ج 41 ص 218

أوليس حمزة سيد الشهداء عم أبي؟ أوليس جعفر الشهيد الطيار ذوالجناحين عمي؟

أولم يبلغكم قول مستفيض فيكم أن رسول الله صلى الله تعالى عليه و آله وسلم قال لي ولاخي: هذان سیدا شباب أهل الجنة؟(1).

فإن صدقتموني ما أقول وهو الحق والله ما تعمدت كذبا مذ علمت أن الله يمقت عليه أهله ويضر به من اختلقه، وإن كذبتموني فان فيكم من إن سألتموه عن ذلك أخبركم.

سلوا جابر بن عبد الله الانصاري أو أبا سعيد الخدري أوسهل بن سعد الساعدي أوزيد بن أرقم أو أنس بن مالك يخبروكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لي ولاخي، أفما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي؟

فقال له شمر بن ذی الجوشن :هو يعبد الله على حرف إن كان يدري ما تقول.

فقال له حبیب بن مظاهر : والله إني لأراك تعبد الله على سبعين حرفا، وأنا أشهد أنك صادق، ما تدري ما يقول، قد طبع الله على قلبك، ثم قال لهم الحسين : فإن کنتم في شك من هذا القول أفتشكون أثرا ما أني ابن بنت نبيكم؟ فوالله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبی غیری منکم ولا من غير کم، أنا ابن بنت نبيكم خاصة.

أخبروني ! أتطلبوني بقتيل منكم قتلته أومال لكم استهلكته أو بقصاص من جراحة؟ قال : فأخذوا لا يكلمونه.

قال : فنادی :یا شبث بن ربعي، ویا حجار بن أبجر، ويا قيس بن الأشعث، و یا یزید بن الحارث، ألم تكتبوا إلى أن قد أينعت الثمار، واخضر الجناب وطمت الجمام (2) وإنما تقدم على جندك لك مجند فأقبل؟.

ص: 193


1- من المؤكد ان الحسين عليه السلام قد ذكر لهم حديث الغدير وحديث الثقلين وحديث الكساء وقول النبي: (رحم الله من احب حسینا، حسين مني وانا من حسين) ولكن ابا مخنف لم تكن سياسته في وضع كتابه أن يذكر ذلك مسايرة لهدف بني العباس
2- طم الماء: علا وغمر، والجمام : جمع جمة، وهو المكان الذي يجتمع فيه الماء

قالوا له :لم نفعل. فقال عليه السلام: سبحان الله بلی والله لقد فعلتم

ثم قال : أيها الناس إذ كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم إلى مأمني من الارض.

قال : فقال له قيس بن الأشعث :أولا تنزل على حكم بني عمك، فإنهم لن يروك إلا ما تحب ولن يصل إليك منهم مكروه.

فقال له الحسين :أنت أخوأخيك أتريد أن يطلبك بنوهاشم بأكثر من دم مسلم بن عقيل. لا والله لا أعطيهم بیدی إعطاء الذليل ولا أقر اقرار العبيد عباد الله إني عذت بربي وربكم أن ترجمون أعوذ بربي وربكم من كل متکبر لا يؤمن بيوم الحساب(1)

ثم قال: لا والله لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر إقرار العبيد(2)

ثم التفت الى العسكر قائلا:

تبا لكم أيتها الجماعة وترحا... تداعيتم إلينا کتداعي الفراش هلعا وذلة لطواغيت الأمة، وشذاذ الأحزاب، ونبذة الكتاب، وغضبة الآثام، وبقية الشيطان، ومحر في الكلام، ومطفئي السنن الذين جعلوا القرآن عضين. لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون. فهؤلاء تعضدون وعنا تتخاذلون.

ألا وإن (ابن الدعي) قد رکن (رکز) بين اثنتين بين المسألة والذلة، وهيهات منا الدنية (الذلة)، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون وحجور طابت (وطهرت)..... وأنوف حمية ونفوس أبية أن تؤثر مصارع الكرام على ظئار اللئام (3)، ثم تمثل:

فإن نهزم فهزامون قدما*** وإن نهزم فغير مهز مینا

وما إن طبنا جبن ولكن*** منایانا وطعمة آخرينا (4)

ص: 194


1- تاريخ الطبري - الطبري ج 4 ص 322
2- تاریخ ابن عساکر 219/14
3- ظئار :اللئام اظهار حبهم وعطفهم
4- يختلف نص الخطبة عند أبي مخنف عن نصها عند ابن عساكر في تاريخ دمشق219/14. وقد اخترنا من الخطبتين المقاطع التي نرى انها صحيحة

ندم الحر وتوبته:

قال أبو مخنف: عن أبي جناب الكلبي عن عدي بن حرملة قال: ثم إن الحر بن یزید لما زحف عمر بن سعد قال له: أصلحك الله مقاتل أنت هذا الرجل؟ قال: إي والله قتالا أيسره أن تسقط الرؤوس وتطيح الأيدي.

قال: فأقبل حتى وقف من الناس موقفا ومعه رجل من قومه يقال له قرة بن قیس فقال: يا قرة هل سقیت فرسك اليوم؟ قال: لا، قال: أما تريد أن تسقيه؟ قال: فظننت والله أنه يريد أن يتنحى فلا يشهد القتال، و کره أن أراه حين يصنع ذلك فيخاف أن أرفعه عليه فقلت له: لم أسقه وأنا منطلق فساقيه، قال: فاعتزلت ذلك المكان الذي كان فيه، قال: فوالله لوأنه أطلعني على الذي يريد لخرجت معه إلى الحسين عليه السلام.

قال: فأخذ يدنو من الحسين عليه السلام قليلا قليلا، فقال له رجل من قومه يقال له (المهاجر) ابن أوس: ما تريد يا أبن يزيد؟ أتريد أن تحمل؟ فسكت، وأخذه مثل العرواء، فقال له : يا بن يزيد والله إن أمرك لمريب، والله ما رأيت منك في موقف قط مثل شيء أراه الآن ولو قيل لي: من أشجع أهل الكوفة رجلا؟ ما عدوتك، فما هذا الذي أرى منك؟ قال: إني والله أخير نفسي بين الجنة والنار ووالله لا أختار على الجنة شيئا ولو قطعت و حرقت.

ثم ضرب فرسه فلحق بالحسين عليه السلام فقال له: جعلني الله فداك يا بن رسول الله أنا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع و سایر تك في الطريق وجعجعت بك في هذا المكان، والله الذي لا إله إلا هوما ظننت أن القوم يبلغون منك هذه المنزلة. وإني قد جئتك تائبا مما كان مني إلى ربي ومواسيا لك بنفسي حتى أموت بين يديك، أفترى لي توبة؟؟

قال: نعم ان تبت يتوب الله عليك ويغفر لك.

فاستقدم أمام أصحابه ثم قال: أيها القوم: بئسما خلفتم محمدا في ذريته، هاهم أولاء قد صرعهم العطش، حلاتموهم عن ماء الفرات الجاري الذي يشربه اليهود والمجوس والنصاری و تمرغ فيه خنازير السواد و کلابه.

ص: 195

فحملت عليه رجالة لهم ترميه بالنبل فأقبل حتى وقف أمام الحسين عليه السلام.

الحسين عليه السلام يكره ان يبدأهم بقتال:

قال أبو مخنف: فحدثني عبد الله بن عاصم قال: حدثني الضحاك المشرقي قال: لما أقبلوا نحونا فنظروا إلى النار تضطرم في الحطب والقصب الذي كنا ألهبنا فيه النار من ورائنا لئلا يأتونا من خلفنا، إذ أقبل إلينا منهم رجل يركض على فرس كامل الأداة، فلم يكلمنا حتى مر على أبياتنا، فنظر إلى أبياتنا فإذا هولا يرى إلا حطبا تلتهب النار فيه، فرجع راجعا فنادى بأعلى صوته: يا حسين استعجلت النار في الدنيا قبل يوم القيامة.

فقال الحسين عليه السلام: من هذا؟ كأنه شمر بن ذي الجوشن، فقالوا: نعم أصلحك الله هو هو.

فقال: يا بن راعية المعزى! أنت أولى بها صليا، فقال له مسلم بن عوسجة: يا بن رسول الله جعلت فداك إلا أرميه بسهم فإنه قد أمكنني وليس يسقط مني سهم فالفاسق من أعظم الجبارين.

فقال له الحسين عليه السلام: لا ترمه إفإني أكره أن أبدأهم.

شهادة عبد الله بن عمير الكلبي:

قال أبو مخنف: خرج يسار مولی زیاد بن أبي سفيان وسالم مولى عبيد الله بن زیاد فقالا: من يبارز؟ ليخرج إلينا بعضكم.

قال: فوثب حبیب بن مظاهر و بریر بن حضیر، فقال لهما الحسين عليه السلام: اجلسا.

فقام عبد الله بن عمير الكلبي فقال: أبا عبد الله رحمك الله ائذن لي لأخرج إليهما، فرأى الحسين رجلا آدم طويلا، شديد الساعدين، بعيد ما بين المنكبين، فقال الحسين عليه السلام: إني لأحسبه للأقران قتالا، اخرج إن شئت، فخرج إليهما وقتلهما.فأخذت أم وهب امرأته عمودا ثم أقبلت نحوزوجها تقول له: فداك أبي وأمي، قاتل

دون الطيبين ذرية محمد فأقبل إليها يردها نحو النساء فأخذت تجاذب ثوبه.

ص: 196

ثم قالت: إني لن أدعك دون أن أموت معك، فناداها حسين عليه السلام؟ فقال: جزيتم من أهل بيت خيرا، ارجعي رحمك الله إلى النساء فاجلسي معهن فإنه ليس على النساء قتال، فانصرفت إليهن.

شهادة برير:

قال أبو مخنف: وحدثني يوسف بن يزيد عن عفيف بن زهير بن أبي الأخنس و کان قد شهد مقتل الحسين عليه السلام قال: وخرج یزید بن معقل من بني عميرة بن ربيعة وهوحليف لبني سليمة من عبد القيس فقال: یا بریر بن خضير، كيف ترى الله صنع بك؟ قال: صنع الله والله بي خيرا وصنع الله بك شرا.

قال: كذبت، وقبل اليوم ما كنت كذابا، هل تذكر وأنا أماشيك في بني لوذان وأنت تقول: إن عثمان بن عفان كان على نفسه مسرفا وإن معاوية بن أبي سفيان ضال مضل وإن إمام الهدى والحق علي بن أبي طالب؟؟

فقال له برير: اشهد أن هذا رأيي وقولي، فقال له يزيد بن معقل: فإني أشهد أنك من الضالين.

فقال له بریر بن خضير: هل لك فلاباهلك ولندع الله أن يلعن الكاذب وأن يقتلاالمبطل ثم اخرج فبارزك؟؟

قال: فخرجا فرفعا أيديهما إلى الله يدعوانه أن يلعن الكاذب وأن يقتل المحق المبطل ثم برز كل واحد منهما لصاحبه، فاختلفا ضربتين، فضرب یزید بن معقل بریر بن حضير ضربة خفيفة لم تضره شيئا وضربه بریر بن خضير ضربة قدت المغفر وبلغت الدماغ، فخر كأنما هوی من حالق وإن سيف ابن حضير لثابت في رأسه، فكأني أنظر إليه ينضنضه من رأسه، وحمل عليه رضي بن منقذ العبدي واعتر کا ووقعا على الأرض، فجاء كعب بن جابر بن عمر والأزدي وطعنه بالرمح حتى وضعه في ظهره، ثم أقبل عليه يضربه بسيفه حتى قتله.

ص: 197

قال عفيف: كأني أنظر إلى العبدي الصريع قام ينفض التراب عن قبائه ويقول:

أنعمت علي يا أخا الأزد نعمة لن أنساها أبدا.

عمرو بن قرظة الأنصاري:

وخرج عمرو بن قرظة الأنصاري يقاتل دون الحسين عليه السلام وهويقول:

قد علمت كتيبة الأنصار*** إني سأحمي حوزة الذمار

ضرب غلام غیر نکس شاري*** دون حسين مهجتي وداري

قال أبو مخنف عن ثابت بن هبيرة :فقتل عمرو بن قرظة بن كعب وكان مع الحسين عليه السلام و كان علي أخوه مع عمر بن سعد، فنادى علي بن قرظة: يا حسين يا كذاب ابن الكذاب بأضللت أخي وغررته حتى قتلته. قال عليه السلام: إن الله لم يضل أخاك ولكنه هدى أخاك وأضلك قال: قتلني الله إن لم أقتلك أوأموت دونك فحمل عليه فاعترضه نافع بن هلال المرادي فطعنه فصرعه فحمله أصحابه فاستنقذوه فدوري بعد فبرأ.

شهادة مسلم بن عوسجة:

قال: ثم إن عمرو بن الحجاج حمل على الحسين عليه السلام في ميمنة عمر بن سعد من نحو الفرات، فاضطربوا ساعة، فصرع مسلم بن عوسجة الأسدي أول أصحاب الحسين عليه السلام ، ثم انصرف عمرو بن الحجاج وأصحابه وارتفعت الغبرة، فإذا هم به صريع، فمشى إليه الحسين عليه السلام فإذا به رمق، فقال: رحمك ربك یا مسلم بن عوسجة«فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا»(1).

ودنا منه حبیب بن مظاهر فقال: عز علي مصرعك يا مسلم، أبشر بالجنة، فقال له مسلم قولا ضعيفا: بشرك الله بخير.

ص: 198


1- الأحزاب/23

فقال له حبيب: لولا أني أعلم أني في أثرك لاحق بك من ساعتي هذه لأحببت أن توصيني بكل ما أهمك حتى أحفظك في كل ذلك بما أنت أهل له في القرابة والدين.

قال: بل أنا أوصيك بهذا رحمك الله، (وأهوى بيده إلى الحسين عليه السلام) أن تموت دونه قال: أفعل ورب الكعبة.

شهادة عابس بن شبيب:

وجاء عابس بن أبي شبيب الشاكري ومعه شوذب مولی شاکر.

فقال: یا شوذب ما في نفسك أن تصنع؟

قال: ما أصنع؟ أقاتل معك دون ابن بنت رسول الله صلي الله عليه و آله حتى أقتل.

قال: ذلك الظن بك أملا، فتقدم بين يدي أبي عبد الله حتى يحتسبك كما احتسب غيرك من أصحابه وحتى أحتسبك أنا فإنه لو كان معي الساعة أحد أنا أولى به مني بك السرني أن يتقدم بين يدي حتى أحتسبه، فإن هذا يوم ينبغي لنا أن نطلب الأجر فيه بكل ما قدرنا عليه فإنه لا عمل بعد اليوم وإنما هوالحساب.

قال: فتقدم، فسلم على الحسين عليه السلام، ثم مضى فقاتل حتى قتل.

ثم قال عابس بن أبي شبيب: يا أبا عبد الله أما والله ما أمسى على ظهر الأرض قريب ولا بعيد أعز علي ولا أحب إلي منك ولوقدرت على أن أدفع عنك الضيم والقتل بشيء أعز علي من نفسي ودمي لفعلته، السلام عليك يا أبا عبد الله، أشهد الله أني على هديك وهدي أبيك. ثم مشى بالسيف مصلتا نحوهم و به ضربه على جبينه.

قال أبو مخنف: حدثني نمير بن وعلة عن رجل من بني عبد من همدان يقال له :ربيع بن تمیم (شهد ذلك اليوم) قال: لما رأيته مقبلا عرفته، وقد شاهدته في المغازي و كان أشجع الناس، فقلت: أيها الناس هذا الأسد الأسود، هذا ابن أبي شبيب لا يخرجن إليه أحد منکم. فأخذ ينادي: إلا رجل لرجل؟ فقال عمر بن سعد: أرضخوه بالحجارة، قال: فرمي بالحجارة من كل جانب، فلما رأى ذلك ألقى درعه ومغفره ثم شد على الناس، فوالله

ص: 199

الرأيته يطرد أكثر من مائتين من الناس ثم إنهم تعطفوا عليه من كل جانب فقتل، قال: فرأيت رأسه في أيدي رجال ذوي عدة، هذا يقول: أنا قتلته، وهذا يقول: أنا قتلته فأتوا عمر بن سعد فقال: لا تختصموا هذا لم يقتله سنان واحد، ففرق بينهم بهذا القول.

شهادة نافع:

قال هشام بن محمد عن أبي مخنف قال: حدثني يحيى بن هانىء بن عروة أن نافع بن هلال كان يقاتل يومئذ وهويقول:

أنا الجملي أنا*** على دين علي

قال: فخرج إليه رجل يقال له: مزاحم بن حریث، فقال: أنا على دين عثمان فقال له: أنت على دین شیطان، ثم حمل عليه فقتله.

ثم حمل فقتل اثني عشر من أصحاب عمر بن سعد سوى من جرح، ثم تكاثروا عليه وأخذوه اسيرا، حتى أتي به عمر بن سعد، فقال له عمر بن سعد: ويحك يا نافع ما حملك على ما صنعت بنفسك؟ قال: إن ربي يعلم ما أردت. ثم قال له والدماء تسيل على لحيته: والله لقد قتلت منكم اثني عشر سوی من جرحت وما ألوم نفسي على الجهد ولو بقيت لي عضد وساعد ما أسرتموني.

قال له شمر: أقتله أصلحك الله؟ قال: أنت جئت به، فإن شئت فاقتله، قال: فانتضی شمر سيفه فقال له نافع: أما والله أن لو كنت من المسلمين لعظم عليك أن تلقى الله بدمائنا فالحمد لله الذي جعل منایانا على يدي شرار خلقه، فقتله.

هجوم جيش ابن سعد على اصحاب الحسين عليه السلام:

ثم صاح عمرو بن الحجاج بالناس: يا حمقى أتدرون من تقاتلون؟ تقاتلون فرسان المصر، قوما مستميتين لا يبرزن لهم منكم أحد فإنهم قليل وقلما يبقون، والله لولم ترموهم إلا بالحجارة لقتلتموهم، فقال عمر بن سعد: صدقت الرأي ما رأيت، وأرسل إلى الناس

ص: 200

يعزم عليهم إلا يبارز رجل منکم رجلا منهم.

(قال أبو مخنف: حدثني الحسين بن عقبة المرادي، قال الزبيدي): إنه سمع عمروبن الحجاج حين دنا من أصحاب الحسين يقول:

يا أهل الكوفة الزموا طاعتكم وجماعتكم ولا ترتابوا في قتل من مرق من الدين وخالف الإمام.

فقال له الحسين عليه السلام: يا عمرو بن الحجاج أعلي تحرض الناس؟ أنحن مرقنا وأنتم ثبتم عليه؟ أما والله لتعلمن لوقد قبضت أرواحكم ومتم على أعمالكم أينا مرق من الدين ومن هو أولى بصلي النار.

قال ابو مخنف: (وقاتلوهم حتى انتصف النهار اشد قتال خلقه الله، واخذوا لا يقدرون أن يأتوهم الا من وجه واحد لاجتماع ابنيتهم وتقارب بعضها مع بعض، فلا يزال الرجل من أصحاب الحسين عليه السلام قد قتل فإذا قتل منهم الرجل والرجلان تبين فيهم وأولئك كثير لا يتبين فيهم ما يقتل منهم.

أخر صلاة للحسين عليه السلام وأصحابه (رضوان الله عليهم):

قال: فلما رأى ذلك أبوثمامة عمروبن عبد الله الصائدي قال للحسين عليه السلام : يا أبا عبد الله نفسي لك الفداء، إني أرى هؤلاء قد اقتربوا منك ولا والله لا تقتل حتى أقتل دونك إن شاء الله وأحب أن ألقى ربي، وقد صليت هذه الصلاة التي دنا وقتها.

قال: فرفع الحسين عليه السلام رأسه، ثم قال:

"ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلين الذاکرین، نعم هذا أول وقتها، ثم قال: سلوهم أن يكفوا عنا حتى نصلي ".

ص: 201

فقال لهم الحصين بن تمیم: إنها لا تقبل.

فقال له حبیب بن مظاهر: لا تقبل زعمت الصلاة من آل رسول الله صلي الله عليه و آله وتقبل منك یا حمار؟.

ثم صلوا الظهر، وصلى بهم الحسين عليه السلام صلاة الخوف.

شهادة حبیب بن مظاهر:

وحمل حصين بن تميم على اصحاب الحسين فخرج إليه حبیب بن مظاهر فضرب وجه فرسه بالسيف فشب ووقع عنه، وحمله أصحابه، فاستنقذوه وأخذ حبيب يقول:

أنا حبيب وأبي مظاهر*** فارس هيجاء وحرب تسعر

أنتم أعد عدة وأكثر*** ونحن أوفي منكم وأصبر

ونحن أعلى حجة وأظهر*** حقا وأتقى منكم وأعذر

وقاتل قتالا شديدا، فحمل عليه رجل من بني تميم، فضربه بالسيف على رأسه فقتله، وكان يقال له: بدیل بن صريم من بني عقفان، وحمل عليه آخر من بني تميم فطعنه فوقع فذهب، ليقوم فضربه الحصين بن تميم على رأسه بالسيف فوقع، ونزل إليه التميمي فاحتز رأسه.

فقال له الحصين: إني لشريكك في قتله. فقال الآخر: والله ما قتله غيري! فقال الحصين: أعطنيه أعلقه في عنق فرسي كيما يرى الناس ويعلموا أني شرکت في قتله! ثم خذه أنت بعد فامض به إلى عبيد الله بن زیاد، فلا حاجة لي فيما تعطاه على قتلك إياه. قال: فأبي عليه فأصلح قومه فيما بينهما على هذا فدفع إليه رأس حبیب بن مظاهر ، فجال به في العسكر قد علقه في عنق فرسه، ثم دفعه بعد ذلك إليه.

قال أبو مخنف: حدثني محمد بن قيس قال: لما قتل حبیب بن مظاهر هد ذلك حسينا وقال عند ذلك: أحتسب نفسي وحماة أصحابي.

ص: 202

شهادة الحنفي:

ثم اقتتلوا بعد الظهر، فاشتد قتالهم، ووصل إلى الحسين عليه السلام، فاستقدم الحنفي أمامه،فاستهدف لهم يرمونه بالنبل يمينا وشمالا قائما بين يديه، فما زال برمی حتی سقط.

شهادة زهير بن القين:

وقاتل زهير بن القين قتالا شديدا وأخذ يقول:

أنا زهير وأنا ابن القين*** أذودهم بالسيف عن حسين

قال: وأخذ يضرب على منكب الحسين عليه السلام ويقول:

أقدم هديت هاديا مهديا*** فاليوم تلقى جدك النبيا

وحسنا والمرتضى عليا*** وذا الجناحين الفتى الكميا

قال: فشد عليه كثير بن عبد الله الشعبي ومهاجر بن أوس فقتلاه.

شهادة بقية الأصحاب الحسين عليه السلام :

قال: فلما رأى أصحاب الحسين انهم قد كثروا وانهم لا يقدرون على أن يمنعوا حسينا ولا أنفسهم تنافسوا في أن يقتلوا بين يديه، وجاء الفتيان الجابریان: سيف بن الحارث بن سريع ومالك بن عبد بن سريع وهما ابنا عم وأخوان لأم فأتيا حسينا فدنوا منه وهما يبكيان.

فقال: أي ابني أخي ما يبكيكما؟ فوالله إني لأرجو أن تكونا عن ساعة قريري عين، قالا: جعلنا الله فداك لا والله ما على أنفسنا نبكي ولكنا نبكي عليك نراك قد أحيط بك ولا نقدر على أن نمنعك.

فقال: جزاكما الله يا بني أخي بوجد كما من ذلك ومواساتكما إياي بأنفسكما أحسن جزاء المتقين.

ص: 203

قال: وجاء حنظلة بن أسعد الشبامي فقام بين يدي الحسين عليه السلام فأخذ ينادي:«وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ»*«مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ ۚ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ»*«وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ»*«يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ ۗ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ»غافر /30-33 یا قوم لا تقتلوا حسينا فيسحتكم الله بعذاب وقد خاب من افتری.

فقال له الحسين عليه السلام: يا ابن أسعد رحمك الله، إنهم قد استوجبوا العذاب حين ردوا عليك ما دعوتهم إليه من الحق ونهضوا إليك ليستبيحوك وأصحابك، فكيف بهم الآن وقد قتلوا إخوانك الصالحين؟ قال: صدقت، جعلت فداك، أنت أفقه مني وأحق بذلك، أفلا نروح إلى الآخرة ونلحق بإخواننا؟ فقال: رح إلى خير من الدنيا وما فيها وإلى ملك لا يبلى، فقال: السلام عليك أبا عبد الله، صلى الله عليك وعلى أهل بيتك وعرف بيننا وبينك في جنته، فقال: آمين آمين، فاستقدم فقاتل حتى قتل. شهادة ذرية الرسول صلى الله عليه وسلم وآل أبي طالب:

قال: وكان أول قتيل من بني أبي طالب يومئذ علي الأكبر بن الحسين بن علي عليهم السلام وأمه ليلى ابنة أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي وذلك أنه أخذ يشد على الناس وهويقول:

أنا علي بن حسين بن علي*** نحن ورب البيت أولى بالنبي

تالله لا يحكم فينا ابن الدعي

ففعل ذلك مرارا.

فبصر به مرة بن منقذ العبدي فقال: علي آثام العرب إن مر بي يفعل مثل ما كان يفعل إن لم أثكل أباه، فمر يشد على الناس بسيفه، فاعترضه مرة بن منقذ فطعنه، فصرع واحتوشه الناس فقطعوه بأسيافهم.

ص: 204

قال أبو مخنف: حدثني سليمان بن أبي راشد عن حمید بن مسلم الأزدي قال: سماع أذني يومئذ من الحسين عليه السلام يقول: قتل الله قوما قتلوك يا بني ما أجرأهم على الرحمن وعلى انتهاك حرمة الرسول، على الدنيا بعدك العفاء.

وأقبل الحسين عليه السلام إلى ابنه وأقبل فتيانه إليه فقال: احملوا أخاكم فحملوه من مصرعه حتى وضعوه بين يدي الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه.

قال: ثم إن عمرو بن صبيح الصائدي رمی عبد الله بن مسلم بن عقیل بسهم فوضع کفه على جبهته فأخذ لا يستطيع أن يحرك كفيه، ثم انتحى له بسهم آخر ففلق قلبه،

فاعتورهم الناس من كل جانب.

فحمل عبد الله بن قطبة الطائي على عون بن عبد الله ابن جعفر بن أبي طالب فقتله.

وخرج محمد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وهو يقول:

قد بدلوا معالم الفرقان*** فعال قوم في الردى عميان

نشكو إلى الله من العدوان*** ومحكم التنزيل والتبيان

فحمل عليه عامر بن نهشل التيمي فقتله.

وشد عثمان بن خالد ابن أسير الجهني وبشر بن سوط الهمداني ثم القابضي على عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب فقتلاه.

ورمی عبد الله بن عزرة الخثعمي جعفر بن عقيل بن أبي طالب فقتله.

قال أبو مخنف: حدثني سليمان بن أبي راشد عن حمید بن مسلم قال: خرج إلينا غلام كان وجهه شقة قمر، في يده السيف، عليه قميص وإزار ونعلان، قد انقطع شسع أحدهما ما أنسى أنها اليسرى.

فقال لي عمرو بن سعد بن نفيل الأزدي: والله لأشدن عليه، فقلت له: سبحان الله وما تريد إلى ذلك؟ يكفيك قتله هؤلاء الذين تراهم قد احتوشوه.

ص: 205

قال: فقال: والله لأشدن عليه، فشد عليه، فما ولى حتى ضرب رأسه بالسيف فوقع الغلام لوجهه.

فقال: يا عماه! قال: فجلى الحسين عليه السلام كما يجلي الصقر، ثم شد شدة ليث غضب، فضرب عمرا بالسيف فاتقاه بالساعد فأطنها من لدن المرفق فصاح ثم تنحى عنه، وحملت خيل لأهل الكوفة ليستنقذوا عمرا من الحسين عليه السلام، فاستقبلت عمرا بصدورها، فحرکت حوافرها و جالت الخيل بفرسانها علیه فوطئته حتى مات.

وانجلت الغبرة، فإذا أنا بالحسين عليه السلام القائم على رأس الغلام والغلام يفحص برجليه، والحسين عليه السلام يقول: بعدة لقوم قتلوك، ومن خصمهم يوم القيامة فيك جدك، ثم قال: عز والله على عمك أن تدعوه فلا يجيبك، أو يجيبك ثم لا ينفعك، صوت والله كثر واتره وقل ناصره. ثم احتمله فكأني أنظر إلى رجلي الغلام يخطان في الأرض وقد وضع الحسين عليه السلام صدره على صدره، فجاء به حتى ألقاه مع ابنه علي بن الحسين عليه السلام وقتلی قد قتلت حوله من أهل بيته.

قال: فسألت عن الغلام؟ فقيل: هو القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام.

قال: وشد هانیء بن ثبیت الحضرمي على عبد الله بن علي بن أبي طالب فقتله.

ثم شد على جعفر بن علي فقتله.

ورمی خولي بن يزيد الأصبحي عثمان بن علي بن أبي طالب بسهم، ثم شد عليه رجل من بني أبان بن دارم فقتله.

ورمی رجل من بني أبان بن دارم محمد بن علي بن أبي طالب فقتله.

شهادة العباس بن علي بن ابي طالب عليه السلام

وبقي العباس بن علي عليه السلام قائما أمام الحسين عليه السلام يقاتل دونه ويميل معه حيث مال،

وكان لواء الحسين بيده، فخرج، فحملوا عليه وحمل عليهم وهويقول:

ص: 206

لا أرهب الموت إذا الموت رقي*** إني أنا العباس أغدوا بالسقا

نفسي لنفس المصطفى الطهر وقا ***حتى أواري في المصاليت لقا

ولا أخاف الشر يوم الملتقى

ففرقهم، فكمن له زید بن الورقاء الجهني من وراء نخلة، وعاونه حکیم بن الطفيل السنبسي، فضربه على يمينه فاخذ السيف بشماله وحمل عليه وهویر تجز:

والله إن قطعتم يميني*** إني أحامي أبدا عن ديني

وعن إمام صادق اليقين*** نجل النبي الطاهر الامين

فقاتل حتى ضعف، وضربه حکیم بن الطفيل على شماله فقطعها وضربه بعمود من حدید فقتله.

وقال الحسين عليه السلام: الآن انكسر ظهري وقلت حيلتي.

شهادة عبد الله الرضيع:

قال أبو مخنف: قال عقبة بن بشير الاسدي: قال لي ابوجعفر محمد بن علي بن الحسين: وأتي الحسين بصبي له في الرضاع، فهو في يده إذ رماه أحدكم يا بني أسد بسهم فذبحه فتلقى الحسين عليه السلام دمه فلما ملأ كفيه صبه في الأرض ثم قال:

"رب إن تك حبست عنا النصر من السماء فاجعل ذلك لما هو خير وانتقم لنا من هؤلاء الظالمين ".

شهادة الامام الحسين عليه السلام:

قال أبو مخنف: عن الحجاج عن عبد الله بن عمار بن عبد يغوث البارقي عن عبد الله بن عمار قال:

" فوالله ما رأيت مکثورا قط قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشا ولا أمضى جنانا ولا أجرأ

ص: 207

مقدما منه، والله ما رأيت قبله ولا بعده مثله، إن كانت الرجالة لتنكشف عن يمينه وشماله انکشاف المعزى إذا شد فيها الذئب."

قال هشام: حدثني عمروبن شمر عن جابر الجعفي قال: عطش الحسين عليه السلام حتى اشتد عليه العطش فدنا ليشرب من الماء، فرماه حصین بن تميم بسهم فوقع في فمه، فجعل يتلقى الدم من فمه ويرمي به إلى السماء ثم حمد الله وأثنى عليه، ثم جمع يديه فقال: اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تذر على الأرض منهم أحدا.

قال هشام عن أبيه محمد بن السائب عن القاسم بن الأصبغ بن نباتة قال: حدثني من شهد الحسين عليه السلام في عسكره، أن حسینا حين غلب على عسكره، ركب المسناة يريد الفرات، فضربه رجل من بني أبان بن دارم بسهم فأثبته في حنك الحسين عليه السلام: فانتزع الحسين السهم، ثم بسط کفیه فامتلأت دما، ثم قال الحسين عليه السلام: اللهم إني أشكو إليك ما يفعل بابن بنت نبيك.

قال أبو مخنف في حديثه: إن شمر بن ذي الجوشن أقبل في نفر نحو من عشرة من رجالة أهل الكوفة قبل منزل الحسين عليه السلام الذي فيه ثقله وعياله، فمشی نحوه، فحالوا بينه وبين رحله.

قال الحسين عليه السلام:

ویلکم: يا شيعة آل ابي سفيان! إن لم يكن لكم دين، و کنتم لا تخافون يوم المعاد، فكونوا أحرارا في دنیا کم هذه، ذوي أحساب امنعوا عتاتكم وطغاتكم (طغامكم) عن التعرض لحرمي.

ص: 208

فقال ابن ذي الجوشن: ذلك لك يا ابن فاطمة، وأقدم عليه بالرجالة فأخذ الحسين عليه السلام يشد عليهم فينكشفون عنه.

ثم إنهم أحاطوا به إحاطة وقد او ثقته السهام فحملوا عليه من كل جانب.

قال: ومکث الحسين عليه السلام طويلا من النهار، كلما انتهى إليه رجل من الناس انصرف عنه و کره أن يتولى قتله وعظيم إثمه عليه، قال: وإن رجلا من كندة يقال له مالك بن النسير من بني بداء، أتاه فضربه على رأسه بالسيف وعليه برنس له، فقطع البرنس وأصاب السيف رأسه، فأدمي رأسه فامتلأ البرنس دما، فقال له الحسين: لا أكلت بها ولا شربت وحشرك الله مع الظالمين.

قال ابومخنف: فوالله إنه لكذلك إذ خرجت زینب ابنة فاطمة أخته (سلام الله عليها) وهي تقول: ليت السماء تطابقت على الأرض وقد دنا عمر بن سعد من الحسين عليه السلام ، فقالت: یا عمر بن سعد أيقتل أبوعبد الله وأنت تنظر إليه قال: فكأني أنظر إلى دموع عمر وهي تسيل على خديه ولحيته، قال: وصرف بوجهه عنها.

قال: ولقد مکث طويلا من النهار، ولوشاء الناس أن يقتلوه لفعلوا ولكنهم كان يتقي بعضهم ببعض، ويحب هؤلاء أن يكفيهم هؤلاء.

قال: فنادی شمر في الناس: ويحكم ماذا تنتظرون بالرجل؟ اقتلوه ثكلتكم أمهاتكم، قال: فحمل عليه من كل جانب، فضربت كفه اليسرى ضربة ضربها زرعة بن شريك التميمي وضرب على عاتقه ثم انصرفوا وهو ينوء ويكبو قال: وحمل عليه في تلك الحال سنان بن أنس بن عمروالنخعي فطعنه بالرمح فوقع.

قال: ثم قال شمر لخولي بن يزيد الأصبحي: احتز رأسه فأراد أن يفعل فضعف فأرعد. فنزل اليه سنان بن أنس فذبحه واحتز رأسه، ثم دفعه إلى خولي بن یزید وقد ضرب قبل ذلك بالسيوف.

قال علي بن أسباط عن بعض اصحابه عن أبي جعفر الباقر عليه السلام: لقد قتلوه قتلة نهی

ص: 209

رسول الله انه ان يقتل بها الكلاب، لقد قتل بالسيف وبالحجارة والخشب وبالعصا(1).

قال أبو مخنف عن جعفر بن محمد بن علي قال: وجد بالحسين عليه السلام حين قتل ثلاث وثلاثون طعنة وأربع وثلاثون ضربة.

الخيول تطأ جسد الحسين عليه السلام:

قال ابو مخنف: ثم إن عمر بن سعد نادي في أصحابه: من ينتدب للحسين ويوطئه فرسه، فانتدب عشرة، فأتوا، فداسوا الحسين بخيولهم حتى رضوا ظهره وصدره.

يدفنون قتلاهم ويتركون الحسين عليه السلام وقتلاه:

وصلى عمر بن سعد على قتلاه و دفنهم، وترك الحسين عليه السلام واهل بيته وأصحابه.

بنات الحسين عليه السلام واخواته سبايا:

وأقام عمر بن سعد يومه ذلك والغد، ثم أمر حميد بن بكير الأحمري فأذن في الناس بالرحيل إلى الكوفة، وحمل معه بنات الحسين وأخواته ومن كان معه من الصبيان وعلي بن الحسين عليه السلام وهو مريض.

قال ابو مخنف: ولما مرت النسوة بالحسين وأهله وولده صحن ولطمن وجوههن، فما نسيت من الأشياء لا أنس قول زينب ابنة فاطمة عليها السلام حين مرت بأخيها الحسين صريعا وهي تقول:

یا محمداه یا محمداه! صلی عليك ملائكة السماء، هذا الحسين بالعراء، مرمل بالدماء، مقطع الأعضاء.

یا محمداه! وبناتك سبايا، وذريتك مقتلة تسفي عليها الصبا.

قال: فأبكت والله كل عدو وصديق.

ص: 210


1- بحار النوار 91/45

قال: وقطف رؤوس الباقين، فسرح باثنين وسبعين رأسا مع شمر بن ذي الجوشن وقيس بن الأشعث وعمروبن الحجاج وعزرة بن قيس، فأقبلوا حتى قدموا بها على عبید الله بن زیاد.

وروی نوح بن دراج، قال: حدثني قدامة بن زائدة، عن أبيه، قال: قال علي بن الحسين (عليهما السلام): ... انه لما اصابنا بالطف ما اصابنا وقتل أبي عليه السلام وقتل من كان معه من ولده واخوته وسائر أهله، وحملت حرمه ونساؤه على الاقتاب يراد بنا الكوفة، فجعلت أنظر إليهم صرعى ولم يواروا، فعظم ذلك في صدري، واشتد لما ارى منهم قلقي، فكادت نفسي تخرج، وتبينت ذلك مني عمتي زينب الكبري بنت علي عليه السلام، فقالت: مالي أراك تجود بنفسك یا بقية جدي وابي واخوتي؟!

فقلت: وكيف لا أجزع وأهلع وقد أري سيدي واخوتي وعمومتي وولد عمي واهلي مضرجين بدمائهم، مرملين بالعري، مسلبين، لا يكفنون ولا يوارون، ولا يعرج عليهم احد، ولا يقربهم بشر، كأنهم اهل بیت من الديلم والخزر؟؟!

فقالت: لا يجزعنك ما تري، فو الله أن ذلك لعهد من رسول الله صلي الله عليه و آله الى جدك وابيك وعمك، ولقد اخذ الله میثاق أناس من هذه الأمة لا تعرفهم فراعنة هذه الأمة، وهم معروفون في أهل السماوات انهم يجمعون هذه الاعضاء المتفرقة فيوارونها، وهذه الجسوم المضرجة وينصبون لهذا الطف علما لقبر ابيك سيد الشهداء، لا يدرس اثره ولا يعفورسمه على كرور الليالي والأيام، وليجتهدن ائمة الكفر و اشیاع الضلالة في محوه و تطمیسه، فلا يزداد اثره الا ظهورا، وأمره الا علوا(1)

ص: 211


1- کامل الزيارات - جعفر بن محمد بن قولویه ص 444. وفي الرواية بقية، تقول زینب: (ان ام ايمن حدثتها ان رسول الله صلي الله عليه و آله زار منزل فاطمة عليها السلام في يوم من الأيام، فعملت له حريرة وأتاه عليه السلام بطبق فيه تمر، ثم قالت ام ایمن: فأتيتهم بعس فيه لبن وزبد، فأكل رسول الله صلي الله عليه و آله وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهما السلام من تلك الحريرة، وشرب رسول الله صلي الله عليه و آله وشربوا من ذلك اللبن، ثم اكل واكلوا من ذلك التمر والزبد، ثم غسل رسول الله صلي الله عليه و آله يده وعلي يصب عليه الماء، فلما فرغ من غسل يده مسح وجهه، ثم نظر إلى علي وفاطمة والحسن و الحسين نظرا عرفنا به السرور في وجهه، ثم رمق بطرفه نحو السماء مليا، ثم وجه وجهه نحو القبلة وبسط يديه ودعي، ثم خر ساجدا و هوینشج، فأطال النشوج وعلا نحيبه وجرت دموعه، ثم رفع رأسه واطرق الى الارض ودموعه تقطر كأنها صوب المطر، فحزنت فاطمة وعلي والحسن والحسين عليهم السلام وحزنت معهم لما رأينا من رسول الله صلي الله عليه و آله وهبناه ان نسأله، حتى إذا طال ذلك قال له علي وقالت له فاطمة: ما يبكيك يا رسول الله؟ لا أبکی الله عينيك، فقد اقرح قلوبنا ما نری من حالك، فقال: يا اخي سررت بكم سروراما سررت مثله قط واني لأنظر اليكم واحمد الله على نعمته فيكم، إذهبط على جبرئيل فقال: يا محمد ان الله تبارك و تعالی اطلع على ما في نفسك و عرف سرورك باخيك وابنتك وسبطيك فاكمل لك النعمة وهناك العطية، بان جعلهم وذرياتهم ومحبيهم وشيعتهم معك في الجنة، لا يفرق بينك وبينهم، يحبون كما تحبي ويعطون كما تعطى، حتى ترضى وفوق الرضا على بلوى كثيرة تنالهم في الدنيا و مکاره تصيبهم بايدي اناس ينتحلون ملتك ويزعمون انهم من أمتك برءا من الله ومنك، خبطا خبطا وقتلا قتلا، شتی مصارعهم نائية قبورهم، خيرة من الله لهم ولك فيهم، فاحمد الله عز وجل على خيرته وارض بقضائه، فحمدت الله ورضيت بقضائه بما اختاره لكم. ثم قال لي جبرئیل: يا محمد ان اخاك مضطهد بعدك، مغلوب على امتك، متعوب من اعدائك، ثم مقتول بعدك، يقتله اشر الخلق والخليقة واشقي البرية، يكون نظير عاقر الناقة، ببلد تكون إليه هجرته، وهو مغرس شیعته وشيعة ولده. وان سبطك هذا - واو مي بيده الى الحسين عليه السلام - مقتول في عصابة من ذريتك واهل بيتك واخبار من امتك بضفة الفرات بارض يقال لها: كربلاء وهي اطيب بقاع الأرض واعظمها حرمة، وانها من بطحاء الجنة... ثم يبعث الله قوما من أمتك لا يعرفهم الكفار، لم يشركوا في تلك الدماء بقول ولا فعل ولا نية، فيوارون أجسامهم ويقيمون رسما لقبر سيد الشهداء بتلك البطحاء، يكون علما لاهل الحق وسببا للمؤمنين إلى الفوز، و تحفه ملائكة من كل سماء مائة الف ملك في كل يوم وليلة، ويصلون عليه ويسبحون الله عنده، ويستغفرون الله لمن زاره، ويكتبون اسماء من يأتيه زائرا من امتك متقربا إلى الله تعالى واليك بذلك، واسماء آبائهم وعشائرهم وبلدانهم... وسيجتهد اناس ممن حقت عليهم اللعنة من الله والسخط أن يعفوا رسم ذلك القبر ويمحوااثره، فلا يجعل الله تبارك وتعالى لهم الى ذلك سبيلا. ثم قال رسول الله صلي الله عليه و آله: فهذا أبكاني وأحزني..

وأدخلت السبايا على عبيد الله بن زیاد والتفت عبید الله الى زينب فقال لها: الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم وأكذب أحدوثتكم.

ص: 212

فقالت: الحمد لله الذي أكرمنا بمحمد صلي الله عليه و آله وطهرنا تطهيرا، لا كما تقول أنت، إنما يفتضح الفاسق و یکذب الفاجر.

قال: فكيف رأيت صنع الله بأهل بيتك؟ قالت: كتب عليهم القتل، فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم، فتحاجون إليه و تخاصمون عنده.

قال: فغضب ابن زیاد و استشاط.

قال: فقال له عمرو بن حریث: أصلح الله الأمير إنما هي امرأة، وهل تؤاخذ المرأة بشيء من منطقها، إنها لا تؤاخذ بقول ولا تلام على خطل.

فقال لها ابن زیاد: قد أشفي الله نفسي من طاغيتك والعصاة المردة من أهل بيتك.

قال: فبكت، ثم قالت: لعمري لقد قتلت کهلي وأبرت أهلي وقطعت فرعي واجتثثت أصلي فإن يشفك هذا فقد اشتفيت.

قال أبو مخنف عن المجالد بن سعيد: أن عبيد الله بن زیاد لما نظر إلى علي بن الحسين عليه السلام؟ قال لشرطي: انطلقوا به فاضربوا عنقه! فقال له علي عليه السلام: إن كان بينك وبين هؤلاء النسوة قرابة فابعث معهن رجلا يحافظ عليهن، فتعلقت به عمته زینب وقالت لزياد حسبك منا ما رویت من دمائنا؟ وهل ابقيت منا احدا؟. فقال ابن زیاد عجبا للرحم والله اني لأظنها ودت لو أني لو قتلته قتلتها معه، دعوا الغلام (1)

شهادة عبد الله بن عفيف الازدي:

قال حميد بن مسلم: لما دخل عبيد الله القصر ودخل الناس نودي: الصلاة جامعة فاجتمع الناس في المسجد الأعظم فصعد المنبر ابن زیاد فقال: الحمد لله الذي أظهر الحق وأهله ونصر أميرالمؤمنین یزید بن معاوية وحزبه وقتل الكذاب ابن الكذاب الحسين بن علي وشیعته.

ص: 213


1- کان عليه السلام ابن خمس وعشرين، ولكن مرض الاسهال جعله بمنظر الغلمان

فلما فرغ ابن زیاد من مقالته وثب إليه عبد الله بن عفيف الأزدي ثم الغامدي ثم أحد بني والبة (وكان من شيعة علي و كانت عينه اليسرى ذهبت يوم الجمل مع علي فلما كان يوم صفين ضرب على رأسه ضربة وأخرى على حاجبه فذهبت عينه الأخرى فكان لا يكاد يفارق المسجد الأعظم يصلي فيه إلى الليل ثم ينصرف).

فلما سمع مقالة ابن زیاد قال: يا بن مرجانة إن الكذاب ابن الكذاب أنت وأبوك والذي ولاك وأبوه یا بن مرجانة أتقتلون أبناء النبيين و تتكلمون بكلام الصديقين؟! فقال ابن زیاد: علي به.

فوثبت عليه الجلاوزة، فأخذوه: فنادی بشعار الأزد: یا مبرور إقال: وعبد الرحمن بن مخنف الأزدي جالس فقال: ويح غيرك أهلكت نفسك وأهلكت قومك، قال: وحاضر الكوفة يومئذ من الأزد سبعمائة مقاتل، قال: فوثب إليه فتية من الأزد، فانتزعوه فأتوا به أهله فأرسل إليه من أتاه به فقتله وأمر بصلبه في السبخة فصلب هنالك.

موقف زيد بن أرقم:

قال الطبري: لما وضع رأس الحسين عليه السلام بين يدي ابن زیاد أخذ ينكت بقضيب بين ثنيتيه ساعة، فلما رآه زيد بن أرقم: لا ينجم (1) عن نکته بالقضيب قال له: اعل بهذا القضيب عن هاتين الثنيتين، فوالذي لا إله غيره، لقد رأيت شفتي رسول الله صلي الله عليه و آله على هاتين الشفتين يقبلهما، ثم انفضخ الشيخ يبكي. وفي رواية الذهبي عن أبي داود السبيعي فقال له ابن زیاد ما يبكيك أيها الشيخ؟ قال: يبكيني ما رأيت من رسول الله رسول الله صلي الله عليه و آله رأيته يمص موضع هذا القضيب ويلثمه ويقول: اللهم اني احبه فاحبه (2).

فقال له ابن زیاد: أبكى الله عينيك، فوالله لولا أنك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك، قال: فنهض فخرج.

ص: 214


1- لا ينجم: اي استمرينكته بالقضيب
2- سير اعلام النبلاء 315/3

تسيير الرؤوس و عيال الحسين عليه السلام الى الشام:

قال أبو مخنف: ثم إن عبيد الله بن زیاد نصب رأس الحسين بالكوفة، فجعل يدار به في الكوفة، ثم دعا زحربن قيس فسرح معه برأس الحسين ورؤوس أصحابه إلى يزيد بن معاوية، وكان مع زحر أبو بردة بن عوف الأزدي وطارق بن أبي ظبيان الأزدي، فخرجوا حتى قدموا بها الشام علی یزید بن معاوية.

قال هشام: فحدثني عبد الله بن يزيد بن روح بن زنباع الجذامي عن أبيه عن الغاز بن ربيعة الجرشي من حمير قال: والله إنا لعند یزید ابن معاوية بدمشق إذ أقبل زحر بن قيس حتى دخل على یزید بن معاوية، فقال له يزيد: ويلك ما وراءك وما عندك؟ فقال: أبشر يا أمير المؤمنين بفتح الله ونصره.

قال: ثم إن عبيد الله أمر بنساء الحسين وصبيانه، فجهزن وأمر بعلي ابن الحسين فغل بغل إلى عنقه، ثم سرح بهم مع محفز بن ثعلبة العائذي عائذة قريش ومع شمر بن ذي الجوشن، فانطلقا بهم حتى قدموا على يزيد.

علي بن الحسين عليه السلام يواصل عمله التبليغي وهو أسير:

روی ابن اعثم الكوفي قال: وأتي بحرم رسول الله صلي الله عليه و آله حتى أدخلوا مدينة دمشق من باب يقال له: باب توما، ثم أتي بهم حتى وقفوا على درج باب المسجد حيث يقام السبي، وإذا شیخ قد أقبل حتى دنا منهم وقال: الحمد لله الذي قتلكم وأهلككم وأراح الرجال من سطوتكم وأمكن أمير المؤمنين منکم!

فقال له علي بن الحسين: يا شيخ هل قرأت القرآن؟ فقال: نعم قد قرأته، قال: فعرفت هذه الاية «قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ۗ » ؟

قال الشيخ: قد قرأت ذلك،

ص: 215

قال علي بن الحسين رضي الله عنه: فنحن القربی یا شیخ.

قال: فهل قرأت في سورة بني اسرائيل «وآتِ ذَا القُربي حَقَّه ؟

قال الشيخ: قد قرأت ذلك،

فقال علي رضي الله عنه: نحن القربي يا شيخ،

ولكن هل قرأت هذه الاية:«وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ »؟

قال الشيخ: قد قرأت ذلك،

قال علي عليه السلام: فنحن ذوالقربي يا شيخ، ولكن هل قرأت هذه الاية:«إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهيرًا»؟

قال الشيخ: قد قرأت ذلك،

قال علي عليه السلام: فنحن أهل البيت الذين خصصنا بآية التطهير.

قال: فبقي الشيخ ساعة ساكتا نادما على ما تكلمه، ثم رفع رأسه إلى السماء وقال: اللهم إني تائب إليك مما تكلمته ومن بغض هؤلاء القوم، اللهم إني أبرأ إليك من عدومحمد وآل محمد من الجن والانس (1).

ص: 216


1- الفتوح /احمد بن اعثم242/5-243، وذكرها الطبري متفرقة في تفسير الآيات بتفسيره. جامع البيان ج 8/10: قال حدثني محمد بن عمارة، قال: ثنا إسماعيل بن أبان، قال: ثنا الصباح بن يحي المزني، عن السدي، عن ابن الديلمي، قال: قال علي بن الحسين رضي الله عنه لرجل من أهل الشام: أما قرأت في الأنفال: واعلموا أنا غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول... (الأنفال 41)؟ قال: نعم، قال: فإنكم لأنتم هم؟ قال: نعم. وفي ج 12/22 : قال حدثني محمد بن عمارة، قال: ثنا إسماعيل بن أبان، قال: ثنا الصباح بن يحيى المري، عن السدي، عن أبي الديلم، قال: قال علي بن الحسين لرجل من أهل الشام: أما قرأت في الاحزاب: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا قال: ولأنتم هم؟ قال: نعم. وفي (ج 33/25 ): قال حدثني محمد بن عمارة، قال: ثنا إسماعيل بن أبان، قال: ثنا الصباح بن يحيى المري، عن السدي، عن أبي الديلم قال: لما جئ بعلي بن الحسين رضي الله عنهما أسيرا، فأقيم على درج دمشق، قام رجل من أهل الشام فقال: الحمد لله الذي قتلكم واستأصلكم،وقطع قرني الفتنة، فقال له علي بن الحسين عليه السلام: أقرأت القرآن؟ قال: نعم، قال: أقرأت أل حم؟ قال: قرأت القرآن ولم أقرأ آل حم، قال: ما قرأت قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربي (الشوری 23)؟ قال: وإنكم لأنتم هم؟ قال: نعم

يزيد يستقبل الرؤوس وسبايا آل محمد صلي الله عليه و آله :

وجلس یزید بن معاوية لاستقبالهم ودعا أشراف أهل الشام فأجلسهم حوله، ثم دعا بعلي بن الحسين عليه السلام وصبيان الحسين ونساءه فأدخوا عليه والناس ينظرون.

وروی سبط ابن الجوزي وغيره وقالوا: أن الصبيان والصبيات من بنات رسول الله كانوا موثقين في الحبال(1)

قال أبو مخنف: حدثني الصقعب بن زهير عن القاسم بن عبد الرحمن مولی یزید بن معاوية قال: لما وضعت الرؤوس بين يدي يزيد، رأس الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه قال يزيد:

يفلقن هاما من رجال أعزة***علينا وهم كانوا أعق وأظلما

فقال يحيى بن الحكم أخو مروان:

لهام بجنب الطفّ أدني قرابة من ***ابن زياد العبد ذي الحسب الوغل

سمية أمسى نسلها عدد الحصى*** وبنت رسول الله ليس لها نسل

فضرب يزيد في صدر يحي وقال: اسكت (2).

احد أحبار اليهود يستنكر على يزيد:

في فتوح ابن اعثم، قال: فالتفت حبر من أحبار اليهود وكان حاضرا فقال: من هذا الغلام يا أمير المؤمنين؟

فقال: هذا، صاحب الرأس أبوه.

ص: 217


1- تذكرة خواص الأمة ص 149، وفي اللهوف، و مثیر الاحزان ص 79 واللفظ للتذكرة
2- الطبري ج 4 ص 352

قال: ومن هو صاحب الرأس يا أمير المؤمنين؟

قال: الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام،

قال: فمن أمه؟ قال: فاطمة بنت محمد صلي الله عليه و آله.

فقال الحبر: يا سبحان الله هذا ابن (بنت) نبيكم قتلتموه في هذه السرعة؟ بئس ما خلفتموه في ذريته... فارقكم نبيكم بالامس فوثبتم علی ابن نبيكم فقتلتموه. سوءة لكم من امة!

قال: فأمر يزيد بكر(1) في حلقه

فقال الحبر: ان شئتم فاضربوني أوفاقتلوني أوقرروني، فاني أجد في التوراة أنه من قتل ذرية نبي لا يزال مغلوبا أبدا ما بقي، فإذا مات يصليه الله نار جهنم(2).

يزيد يتمثل بابيات ابن الزبعری:

روی ابن اعثم والخوارزمي وابن كثير وغيرهم، أن خليفة المسلمين يزيد جعل يتمثل بابیات ابن الزبعری:

ليت أشياخي بدر شهدوا*** جزع الخزرج من وقع الأسل

الأهلوا واستهلوا فرحا*** ثم قالوا يا يزيد لا تشل

قد قتلنا القرم (3) من ساداتهم ***وعدلنا ميل بدر فاعتدل

قال ابن اعثم ثم زاد فيها هذا البيت من نفسه:

لست من عتبة ان لم أنتقم ***من بني أحمد ما كان فعل

وفي تذكرة خواص الامة: المشهور عن يزيد في جميع الروايات أنه لما حضر الرأس

ص: 218


1- الكر: الحبل الغليظ
2- فتوح ابن اعثم 246/5
3- القرم: السيد المعظم

بين يديه جمع أهل الشام وجعل ينكت عليه بالخيزران ويقول أبيبات ابن الزبعری:

ليت أشياخي ببدر شهدوا ***جزع الخزرج من وقع الأسل

قد قتلنا من ساداتهم*** وعدلنا ميل بدر فاعتدل

وقال: قال الشعبي: وزاد عليها يزيد فقال:

لعبت هاشم بالملك فلا*** خبر جاء ولا وحي نزل

لست من خندف ان لم أنتقم***من بني أحمد ما كان فعل(1)

قال العلامة العسكري: لما كانت أبيات ابن الزبعری مشهورة ترويها الرواة قبل تمثل یزید ببعضها، ثم تمثل بها يزيد وأضاف إليها الابيات الثاني والرابع والخامس فأخذها الرواة عنه وأحيانا أضافوا إلى ما أنشده یزید ما كان في ذاكرتهم من أصل الأبيات، ومن ثم حصل بعض الاختلاف في الفاظ الروايات (2)

خطبة زينب في مجلس الخلافة:

روی ابن طيفور(3) قال: فلما مثلوا بين يديه أمر برأس الحسين فأبرز في طست،فجعل ينكت ثناياه بقضيب في يده (4)وهو يقول:

ص: 219


1- ان أبيات ابن الزبعرى جاءت في سيرة ابن هشام (97/3 )، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (382/2)
2- معالم المدرستين (ج 3 ص 162)
3- بلاغات النساء 20-23
4- روي قصة نكت یزید راس الحسين بقضيبه الذهبي في سير أعلام النبلاء (319/3 ). عن احمد بن محمد بن يحي بن حمزة عن أبيه عن جده قال: أخبرني أبي حمزة بن یزید الحضرمي، قال :رایت امرأة من اجمل النساء واعقلهن يقال لها ریا حاضنة يزيد، يقال : بلغت مئة سنة قال : دخل رجل على يزيد، فقال : ابشر فقد أمكنك الله من الحسين وجئ برأسه، قال : فوضع في طست فامر غلام فكشف، فحين رآه خمر وجهه كأنه شم منه، فقلت لها :أقرع ثناياه بقضيب؟ قالت: أي والله. ثم قال حمزة :وقد حدثني بعض اهلنا انه رأى رأس الحسين مصلوبا بدمشق ثلاثة ايام. وروی (ص 320) عن كثير بن هشام قال: حدثنا جعفر بن برقان عن يزيد بن أبي زياد، قال : لما اتي يزيد برأس الحسين جعل ينكت سنه ويقول: ما كنت اظن ابا عبد الله بلغ هذا السن، واذا لحيته وراسه قد نصل من الخضاب

يا غراب البين اسمعت فقل*** انما تذكر شيئا قد فعل

ليت اشياخي ببدر شهدوا ***جزع الخزرج من وقع الأسل

حين حكت بقباء برکھا ***واستحر القتل في عبد الأشل

لأهلوا واستهلوا فرحا ***ثم قالوا يایزید لا تشل

فجزيناهم ببدر مثلها*** وأقمنا میل بدر فاعتدل

لست للشيخين أن لم أثأر*** من بني أحمد ما كان فعل

فقالت زینب بنت علي عليه السلام:

صدق الله سبحانه (حيث يقول) «ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَىٰ أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ»ثم أورد ابن طيفور تمام خطابها رضي الله عنها، ونحن نورد الخطبة برواية ابن طاووس لانها افصح واتم في بعض الموارد

أظننت يا یزید حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء، فأصبحنا نساق كما تساق الاساری ؛ ان بنا على الله هوانا، وبك عليه كرامة، وان ذلك لعظم خطرك عنده؟ فشمخت بأنفك، ونظرت في عطفك، جذلان مسرورا، حين رأيت الدنيا لك مستوسقة، والامور متسقة، وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا فمهلا مهلا، أنسيت قول الله تعالى:«وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ ۚ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا ۚ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ»؟

«أمن العدل يا ابن الطلقاء، تخديرك حرائرك وإماءك وسوقك بنات رسول الله سبابا؟ قد هتكت ستورهن، وأبدیت وجوههن، تحدوبهن الاعداء من بلد إلى بلد، ويستشرفهن أهل المناهل والمعاقل، ويتصفح وجوههن القريب والبعيد، والدني والشريف، ليس معهن من حماتهن حمي ولا من رجالهن ولي، وكيف يرتجي مراقبة من

ص: 220

لفظ فوه أكباد الازکیاء، ونبت لحمه من دماء الشهداء؟ وكيف يستبطأ في بغضنا أهل البيت من نظر الينا بالشنف والشنآن، والإحن والأضغان؟ ثم تقول غير متأثم ولا مستعظم

لاهلوا واستهلوا فرحا*** ثم قالوا يا يزيد لا تشل

منحنيا على ثنايا أبي عبدالله سيد شباب أهل الجنة تنكتها بمخصرتك، وكيف لا تقول ذلك، وقد نكأت القرحة، وأستاصلت الشأفة، بإراقتك دماء ذرية محمد صلي الله عليه و آله ونجوم الأرض من آل عبد المطلب، وتهتف بأشياخك زعمت أنك تناديهم فلتردن وشیکا موردهم، ولتودن أنك شللت وبكمت ولم تكن قلت ما قلت وفعلت ما فعلت»؟!

اللهم خذلنا بحقنا، وانتقم ممن ظلمنا، واحلل غضبك بمن سفك دماءنا، وقتل حماتتا۔

فوالله ما فریت إلا جلدك، ولا حززت إلا لحمك، ولتردن على رسول الله صلي الله عليه و آله بما تحملت من سفك دماء ذريته، وانتهكت من حرمته في عترته ولحمته، حيث يجمع الله شملهم، ويلم شعثهم ويأخذ بحقهم،«وَلا تَحسَبَنَّ الَّذينَ قُتِلوا في سَبيلِ اللَّهِ أَمواتًا ۚ بَل أَحياءٌ عِندَ رَبِّهِم يُرزَقونَ».

«وحسبك بالله حاكما، وبمحمد صلي الله عليه و آله خصيما، وبجبريل ظهيرا، وسيعلم من سول لك ومكنك من رقاب المسلمين بئس للظالمين بدلا، وأيكم شر مكانا واضعف جندا، ولئن جرت علي الدواهي مخاطبتك، إني لاستصغر قدرك واستعظم تقريعك، واستكثر توبيخك، ولكن العيون عبری، والصدور حرى. ألا فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النجباء، بحزب الشيطان الطلقاء، فهذه الأيدي تنطف من دمائنا، والافواه تتحلب من الحومنا، وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل، وتعفرها أمهات الفراعل، ولئن اتخذتنا مغنما، لتجدنا وشیکا مغرما، حين لا تجد إلا ما قدمت يداك وما ربك بظلام للعبيد، وإلى الله المشتکی و عليه المعول». .

ص: 221

«فکد کيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا يرحض عنك عارها، وهل رأيك إلآ فند، وأيامك إلآ عدد، وجمعك إلا بدد؟ يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين».

«والحمد لله رب العالمين، الذي ختم لاولنا بالسعادة والمغفرة، ولأخرنا بالشهادة والرحمة، ونسأل الله أن يكمل لهم الثواب، ويوجب لهم المزيد، ويحسن علينا الخلافة، انه رحیم ودود، وهو حسبنا ونعم الوكيل».

فقال يزيد:

یا صيحة تحمد من صوائح*** ما أهون النوح على النوائح

وفي سير أعلام النبلاء و تاریخ ابن كثير وغيرهما: أن رأس الحسين عليه السلام صلب بمدينة دمشق ثلاثة أيام(1).

خطبة السجاد عليه السلام في مسجد دمشق:

وفي فتوح ابن اعثم ومقتل الخوارزمي: أن يزيد أمر الخطيب أن يرقى المنبر ويثني على معاوية ويزيد وينال من الامام علي والامام الحسين عليهما السلام ، فصعد الخطيب المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وأكثر الوقيعة في علي والحسين عليهماالسلام، وأطنب في تقريظ معاوية ويزيد.

فقال علي بن الحسين: یا یزید ائذن لي حتى أصعد هذه الاعواد، فأتكلم بكلمات فيهن لله رضا، ولهؤلاء الجالسين أجر وثواب، فأبی یزید.

ص: 222


1- سير أعلام النبلاء (216/3 )، ومقتل الخوارزمي (75/2 )، و تاریخ ابن کثیر(204/8 )، و تاریخ ابن عساكر الحديث (296)، وراجع خطط المقريزي (289/2 )، والاتحاف بحب الاشراف ص23

فقال الناس: يا أمير المؤمنين أئذن له ليصعد، فعلنا نسمع منه شيئا، فقال لهم: آن صعد المنبر هذا لم ينزل إلا بفضيحتي وفضيحة آل أبي سفيان.

فقالوا: وما قدر ما يحسن هذا؟ فقال: أنه من أهل بيت قد زقوا العلم زقا ولم يزالوا به حتى أذن له بالصعود، فصعد المنبر، فحمد الله واثني عليه وقال:

أيها الناس، أعطينا ستا وفضلنا بسبع: أعطينا العلم، والحلم، والسماحة والفصاحة، والشجاعة والمحبة في قلوب المؤمنين، وفضلنا بأن منا النبي المختار محمدا صلي الله عليه و آله، ومنا الصديق، ومنا الطيار، ومنا أسد الله وأسد الرسول، ومنا سيدة نساء العالمين فاطمة البتول، ومنا سبطا هذه الأمة وسيدا شباب أهل الجنة ؛ فمن عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي:

أنا ابن مكة ومني، أنا ابن زمزم والصفا، أنا ابن من حمل الركن بأطراف الرداء، أنا ابن خير من انتزر وارتدى، أنا ابن خير من انتعل واحتفى، أنا ابن خير من طاف وسعی، أنا ابن من حج ولبي، أنا ابن من حمل على البراق في الهواء، أنا ابن من أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، فسبحان من أسرى، أنا ابن من بلغ به جبرئيل إلى سدرة المنتهى، أنا ابن من دنا فتدلی فکان قاب قوسين أو أدنى، أنا ابن محمد المصطفی.

أنا ابن من ضرب خراطيم الخلق حتى قالوا لا إله إلا الله، أنا ابن من بايع البيعتين،وصلى القبلتين، وقاتل ببدر وحنين، ولم يكفر بالله طرفة عين، يعسوب المسلمين، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، سمح سخي، بهلول زكي، ليث الحجاز و كبش العراق، مكي مدني، أبطحي تهامي، خيفي عقبي، بدري، أحدي، شجري مهاجري، أبي السبطين الحسن والحسين علي بن أبي طالب.

أنا ابن فاطمة الزهراء، أنا ابن سيدة النساء، أنا ابن بضعة الرسول...

قال: ولم يزل يقول أنا أنا حتى ضج الناس بالبكاء والنحيب، وخشي يزيد أن تكون فتنة.

ص: 223

فأمرالمؤذن أن يؤذن، فقطع عليه الكلام وسكت. فلما قال المؤذن: الله أكبر.

قال علي بن الحسين : كبرت كبيرا لا يقاس، ولا يدرك بالحواس، ولا شيء أكبر من الله.

فلما قال: أشهد أن لا إله إلا الله.

قال علي: شهد بها شعري وبشري، ولحمي ودمي ومخي وعظمي.

فلما قال أشهد أن محمدا رسول الله.

التفت علي من أعلى المنبر إلى يزيد وقال: یا یزید! محمد هذا جدي أم جدك؟ فان زعمت أنه جدك فقد كذبت، وان قلت انه جدي فلم قتلت عترته؟.

قال وفرغ المؤذن من الأذان والاقامة فتقدم يزيد وصلى الظهر (1)

حديث علي بن الحسين عليه السلام مع المنهال:

قال ابن اعثم: خرج علي بن الحسين عليه السلام ذات يوم، فجعل يمشي في أسواق دمشق،فاستقبله المنهال بن عمرو الصحابي فقال له: كيف أمسيت يا ابن رسول الله؟

قال: أمسينا كبني اسرائيل في آل فرعون، يذبحون أبناءهم ويستحيون نساءهم، یا منهال أمست العرب تفتخر على العجم بان محمدا منهم، وأمست قريش تفتخر على سائر العرب بأن محمدا منها، وأمسينا أهل بيت محمد ونحن مغصوبون مظلومون مقهورون مقتلون مثبورون مطردون، فانا لله وإنا إليه راجعون على ما أمسينا فيه يا منهال (2).

انكسار حاجز الخوف عند البعض:

قال ابن الأثير وروى الأوزاعي عن شداد بن عبيد الله قال : سمعت واثلة بن الأسقع

ص: 224


1- فتوح ابن اعثم 247/5-249، و مقتل الخوارزمي 69/2-71، وقد أوجزنا لفظ الخطبة
2- فتوح ابن اعثم 249/5-250

وقد جئ برأس الحسين، فلعنه رجل من أهل الشام ولعن أباه، فقام واثلة وقال: والله لا أزال أحب عليا والحسن والحسين وفاطمة بعد أن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيهم ما قال، لقد رأيتني ذات يوم وقد جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أم سلمة فجاء الحسن فأجلسه على فخذه اليمنى وقبله، ثم جاء الحسين فأجلسه على فخذه اليسرى وقبله، ثم جاءت فاطمة فأجلسها بين يديه، ثم دعا بعلي، ثم قال «إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهيرًا»،

قال شداد: قلت لواثلة: ما الرجس؟

قال: الشك في الله عز وجل (1).

خبر قتل الحسين عليه السلام في المدينة:

قال هشام : حدثني عوانة بن الحكم قال: لما قتل عبيد الله بن زياد الحسين بن علي عليه السلام وجيء برأسه إليه، دعا عبد الملك بن أبي الحارث السلمي فقال : انطلق حتى

ص: 225


1- أسد الغابة 19/2 . وفي مصنف ابن ابي شيبة (ج 72/12 / شواهد التنزيل الحسكاني 42/2 ) مسند أحمد ( 104/4 )، واللفظ للأخير : حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن مصعب قال : ثنا الأوزاعي عن شداد أبي عمار قال : دخلت على واثلة بن الأسقع وعنده قوم، فذكروا عليا (وفي رواية ابن ابي شيبة والحسكاني: فشتموا، فشتمته معهم، فلما قاموا : قال شتمت هذا الرجل؟ قلت : رأيت القوم شتموه، فشتمته معهم) فلما قاموا قال لي ألا أخبرك بما رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت : بلى، قال :أتيت فاطمة رضي الله تعالى عنها أسألها عن علي، قالت توجه إلى رسول الله صلی الله عليه وسلم، فجلست انتظر حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه علي وحسن وحسين رضي الله تعالى عنهم، آخذ كل واحد منهما بيده حتى دخل، فأدني عليا وفاطمة فأجلسهما بين يديه واجلس حسنا وحسينا كل واحد منهما على فخذه، ثم لف عليهم ثوبه (أو قال : کساء) ثم تلا هذه الآية «إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهيرًا»وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وأهل بيتي أحق. قال ابن أبي شيبة: قال أبو أحمد العسكري : يقال ان الأوزاعي لم يرو في الفضائل حدیثا غير هذا، والله أعلم، قال : وكذلك الزهري لم يرو فيها الا حدیثا واحدا، كانا يخافان بني أمية

تقدم المدينة على عمروبن سعید بن العاص فبشره بقتل الحسين عليه السلام (وكان عمرو بن سعید بن العاص أمير المدينة يومئذ).

قال: فذهب ليعتل له، فزجره وكان عبيد الله لا يصطلي بناره، فقال: انطلق حتى تأتي المدينة ولا يسبقك الخبر، وأعطاه دنانير وقال: لا تعتل وإن قامت بك راحلتك فاشتر راحلة.

قال عبد الملك: فقدمت المدينة فلقيني رجل من قريش فقال: ما الخبر فقلت:

الخبر؟ عند الأمير. فدخلت على عمروبن سعيد فقال: ما وراءك.

فقلت: ما سر الأمير، قتل الحسين بن علي عليه السلام.

فقال: ناد بقتله، فناديت بقتله، فلم أسمع والله واعية قط مثل واعية نساء بني هاشم في دورهن على الحسين عليه السلام. فقال عمرو بن سعید وضحك:

عجت نساء بني زياد عجة*** كعجيج نسوتنا غداة الأرنب

والأرنب: وقعة كانت لبني زبيد على بني زياد من بني الحارث بن كعب من رهط عبد المدان وهذا البيت لعمروبن معدیکرب.

ثم قال عمرو: هذه واعية بواعية عثمان بن عفان، ثم صعد المنبر فأعلم الناس بقتله (1).

إرجاع ذرية الرسول صلي الله عليه و آله إلى مدينة جدهم:

روى الطبري: ان یزید بن معاوية كلف النعمان بن بشير بأن يجهزهم بما يصلحهم،ويبعث معهم رجلا من أهل الشام أمينا صالحا، وابعث معه خيلا وأعوانا فيسير بهم إلى المدينة.

ص: 226


1- تاريخ الطبري (ج: 5 ص: 466) سنة 61

وصول آل الرسول إلى كربلاء:

وفي مثیر الاحزان واللهوف: أن آل الرسول لما بلغوا العراق طلبوا من الدليل ان يمر بهم على كربلاء، فلما وصلوا مصرع الشهداء وجدوا جابر بن عبد الله الأنصاري، وجماعة من بني هاشم قدموا لزيارة قبر الحسين عليه السلام، فوافوا في وقت واحد فتلاقوا بالحزن والبكاء، واجتمع إليهم نساء ذلك السواد وأقاموا على ذلك أياما ، ثم انفصلوا من کربلاء قاصدين مدينة جدهم.

إقامة العزاء في مدينة النبي صلي الله عليه و آله:

روی بشير بن حذام قال: لا قربنا من المدينة حط علي بن الحسين عليه السلام رحله وضرب فسطاطه وأنزل نساءه، وقال: يا بشير! رحم الله أباك لقد كان شاعرا فهل تقدر على شيء منه؟ فقال: بلی یا ابن رسول الله صلي الله عليه و آله اني لشاعر. فقال عليه السلام: ادخل المدينة وانع أبا عبد الله.

قال بشير: فركبت فرسي وركضت حتى دخلت المدينة، فلما بلغت مسجد النبي صلي الله عليه و آله رفعت صوتي بالبكاء وأنشأت أقول:

يا أهل يثرب لا مقام لكم ***بها قتل الحسين فأدمعي مدرار

الجسم منه بكربلاء مضرج*** والرأس منه على القناة يدار

قال: ثم قلت: هذاعلي بن الحسين عليه السلام مع عماته وأخواته قد حلوا بساحتكم ونزلوا بفنائکم وأنا رسوله إليكم أعرفكم مكانه.

قال: فلم يبق في المدينة مخدرة ولا محجبة إلآ برزن من خدورهن وهن بين باكية ونائحة ولاطمة، فلم ير يوم أمر على أهل المدينة منه، وسألوه: من أنت؟ قال: فقلت: أنا بشیر ابن حذل، وجهني علي بن الحسين و هونازل في موضع كذا وكذا مع عيال أبي عبد الله ونسائه، قال: فتر کوني مكاني وبادروني، فضربت فرسي حتى رجعت إليهم فوجدت

ص: 227

الناس قد أخذوا الطرق والمواضع فنزلت عن فرسي وتخطيت رقاب الناس حتى قربت من باب الفسطاط، وكان علي بن الحسين عليه السلام داخلا فخرج وبیده خرقة يمسح بها دموعه و خادم معه کرسي، فوضعه وجلس وهو مغلوب على لوعته، فعزاه الناس فأومأ إليهم أن اسكتوا فسكنت فورتهم، فقال: الحمد لله رب العالمين مالك يوم الدين، باری، الخلائق أجمعين، الذي بعد فارتفع في السموات العلى، وقرب فشهد النجوی، نحمده على عظائم الأمور وفجائع الدهور، وجليل الرزء و عظیم المصائب. أيها القوم أن الله وله الحمد ابتلانا بمصيبة جليله، و ثلمة في الاسلام عظيمة، قتل أبو عبد الله وعترته، وسبي نساؤه وصبيته، وداروا برأسه في البلدان من فوق عالي السنان، أيها الناس فأي رجالات يسرون بعد قتله؟ أية عين تحبس دمعها و تضن عن انهمالها؟ فلقد بكت السبع الشداد لقتله، وبكت البحار والسموات والارض والاشجار والحيتان، والملائكة المقربون وأهل السموات أجمعون. أيها الناس أي قلب لا ينصدع لقتله؟ أم أي فؤاد لا يحن إليه؟ أم أي سمع يسمع هذه الثلمة التي ثلمت في الاسلام فلا يصم؟

أيها الناس أصبحنا مطرودين مشردين، كأنا أولاد ترك أو کابل، من غير جرم اجتر مناه، ولا مكروه ارتكبناه، والله لو أن النبي صلي الله عليه و آله تقدم إليهم في قتالنا كما تقدم إليهم في الوصاية بنا لما زادوا على ما فعلوه، فانا لله وإنا إليه راجعون.

فقام صوحان بن صعصعة بن صوحان، و كان زمنا فاعتذر إليه فقبل عذره و شکر له، وترحم على أبيه(1).

ص: 228


1- مثیرالاحزان ص 90-91، واللهوف 77-76

الباب الرابع : آثار نهضة الحسين عليه السلام وشهادته

اشارة

مقدمة الباب

الفصل الاول: ردود الفعل السريعة

الفصل الثاني: تتابع الثورات وانهيار الحكم الأموي

الفصل الثالث: إعادة انتشار أحاديث النبي صلي الله عليه و آله في أهل بيته عليهم السلام والروايات الصحية في السيرة والتاريخ

الفصل الرابع: حركة الأئمة من ذرية الحسين عليه السلام

ص: 229

ص: 230

مقدمة الباب : الواقع السياسي والفكري وحال الامة خلال سبعين سنة من قتل الحسين عليه السلام :

كانت حركة الحسين عليه السلام نورا هاديا لمن أراد الهداية، وزلزلا مدمرا لكيان بني أمية ولخطتهم في تحریف دین محمد الله صلي الله عليه و آله، وقد ظنوا انهم باعتقال انصار الحسين عليه السلام في الكوفة، على الشبهة والظن، ومن ثم محاصرته عليه السلام وقتله وسي نسائه، سوف يطفئون النور، ويوقفون الزلزال، ويقضون عليه، وما دروا أن القيام المخلص لله والقتل في سبيله، هو من اعظم الوسائل التي يتألق بها نور الهداية، ويستحكم بها الزلزال على المنحرفين، وتظهر معالمه جلية واضحة في كل البلاد الاسلامية.

- فقد ثار أهل المدينة على یزید بعد سنتين (63 هجرية) من قتل الحسين عليه السلام.

- واعلن أهل مكة تمردهم في غضون ذلك.

- وعاجل الله تعالى يزيد فأماته مبكرا، واستقال ولده معاوية الثاني، ومات بعد استقالته بأيام، وتمزقت الدولة الاموية شر ممزق.

- فاقتتل أهل الشام بينهم من أجل الملك، حتى صفا الامر لمروان بن الحكم بعد وقعة مرج راهط، التي اهلكت آلاف الناس، ومن بعده لابنه عبد الملك.

- واقتتل اهل خراسان، قال المدائني: لما مات یزید بن معاوية، وثب أهل خراسان بعمالهم، فأخرجوهم، وغلب كل قوم على ناحية، ووقعت الفتنة، وغلب عبد الله بن

ص: 231

خازم على خراسان، ووقعت الحرب (1)، وأقر عبد الله بن الزبير عبد الله بن خازم على خراسان، و كاتبه عبد الملك ليبايع له فرفض، فثار علیه و کیع بن الدورقية وقتله (2).

- وفي البصرة، روی ابو مخنف قال: وثب الناس بعبيد الله بن زیاد، و كسر الخوارج أبواب السجون، وخرجوا منها (3)، وقادهم نافع بن الأزرق، ومن بعده عبيد الله بن الماحوز وجرت بينهم وبين اهل البصرة حروب كثيرة، ثم هزمهم المهلب بن أبي صفرة عن الاهواز.

- وفي الكوفة وثب رؤساء الجيش والشرط بعمرو بن حریث خليفة ابن زیاد و مدیر شرطته، و كان هواهم مع ابن الزبير، فأخرجوه من القصر واصطلحوا على عامر بن مسعود بن أمية الجمحي القرشي، وبايعوا لابن الزبير، ثم كسرت السجون وخرج الشيعة.

- واقتتل اهل اليمن فيما بينهم كذلك.

- وكان البلد الوحيد الذي وجدت فيه حركة تحمل خط الحسين عليه السلام ونهجه، هوالكوفة بزعامة سليمان بن صرد، ثم بزعامة المختار الثقفي، ولكن عبد الله بن الزبير لا يحتمل ذلك، وبخاصة وان الكوفة كانت تابعة له، فبعث اخاه مصعب بأهل البصرة وبقايا

ص: 232


1- تاريخ الطبري (546/5)
2- قال ابن حجر في تهذيب التهذيب: عبد الله بن خازم السلمي أبوصالح البصري، أمير خراسان، يقال له :صحبة ورواية، روى عنه سعد بن عثمان الرازي وسعيد بن الأزرق، قال أبو أحمد العسكري : كان من أشجع الناس، ولي خراسان عشر سنين وافتتح الطبسين، ثم ثار به أهل خراسان فقتلوه، و كان الذي تولى قتله وکیع بن الدورقية، وحمل رأسه إلى عبد الملك بن مروان، وقال صالح بن الرحبية قتل سنة 71، وقال السلامي في تاريخه :لما وقعت فتنة بن الزبير كتب إليه بن خازم بطاعته، فأقره على خراسان، فبعث إليه عبد الملك بن مروان يدعوه إلى طاعته، فلم يقبل، فلما قتل مصعب بعث إليه عبد الملك برأسه، فغسله وصلى عليه، ثم ثار علیه وکیع بن الدورقية وغيره فقتلوه، ومعنى ذلك حکی أبو جعفر الطبري، وزاد: (وكان قتله في سنة 72)
3- تاریخ الطبري 567/5عن أبي مخنف

الجيش الذي قاتل الحسين عليه السلام الذي خرج من الكوفة فارا من المختار، وطوق الكوفة وقتل المختار، وقتل بعد ذلك زوجة المختار لانها لم تتبرأ منه ومعها ستة الاف صبرا ممن كان مع المختار في القصر

- ولئن استطاع عبد الملك بعد عشرين سنة أن ينتصر على المعارضة والثوار في انحاء البلاد الإسلامية، وان يستعيد وحدة الدولة الاموية وفرض السياسة التي اختطها معاوية من جديد، فإن حرارة الزلزال في الكوفة والمغتربين من ابنائها في خراسان لم تكن قد انتهت، فكانت ثورة زيد في الكوفة، وكان قدره فيها كقدر جده الحسين عليه السلام ان يكون وقودا وزيتا للثائرين، ثم كانت ثورة العباسيين بالكوفيين المغتربين ومن معهم من اهل خراسان، وانهار على ایدیهم الحكم الأموي والاطروحة الأموية للاسلام المبني على لعن علي عليه السلام إلى غير رجعة،حيث لم يجئ حكم بعد ذلك يتبنى العن علي عليه السلام إلى اليوم ولن يجئ إلى آخر الدنيا.

- وانتشرت الأحاديث النبوية التي عمل بنوامية على طمسها، وكتمانها وتحريفها،واهتدى بها من اراد الهداية من الأمة، وهي محفوظة في كتب المسلمين جميعا الى اليوم.

- واید الله تعالى الحسين تاییدا خاصا حين بتر نسل یزید فلا يوجد اليوم من ينتسب اليه، وبارك الله تعالى في نسل الحسين عليه السلام فهويملأ الدنيا، ورزقه منهم تسعة ائمة هدى اسباطا، اعلام هداية نشروا ما كان يحمله الحسين عليه السلام من تراث نبوي كتبه علي عليه السلام بيده الكريمة الطاهرة، وأملاه النبي صلي الله عليه و آله من فيه الشريف المطهر، والتف حولهم شيعة ياخذون عنهم هذا التراث الالهي، ويحملون ظلامة الحسين عليه السلام غضة طرية كل عام في عاشوراء، ليهتدي بهديها من شاء من الناس.

- وفي فيما يلي الحديث عن طرف من اخبار الذين استاءوا لقتله اوندموا على مقاتلته اوندموا لخذلانه.

- ثم الحديث عن أهم الثورات التي توالت على الحكم الأموي حتى أطاحت به.

ص: 233

- ثم الحديث عن انتشار احاديث النبي في اهل بيته، وفشل خطة بني امية في طمسها.

- ثم الحديث عن الأئمة من ذرية الحسين عليه السلام، السجاد والباقر والصادق عليه السلام ونشرهم التراث النبوي الذي وصلهم من خلال ابيهم الحسين عليه السلام وتأسيس الشيعة عليه، حيث برزوا كيانا علميا متزامنا مع انهيار دولة بني أمية استطاع أن يشق طريقه الى اليوم، رغم خطة بني العباس في تذويبه واحتوائه.

ص: 234

الفصل الأول : ردود الفعل السريعة لمقتل الحسين عليه السلام

المسلمون زمن الحسين عليه السلام إما ناصرون وإما خاذلون وإما قاتلون:

اما الناصرون: فكان غالبيتهم من اهل الكوفة، وقد سجن منهم ما يقرب من اثني عشر الف (1)، واختفى عدد آخر، ولم يمكنه أن يخترق المفارز التي وضعت على الطرق ليلحق بالحسين، وكان قد سبق وجوه منهم إلى الحسين وبقوا معه في مكة، ثم رافقوه حتى وصوله کربلاء، فقاتلوا بين يديه حتى قتل، وهؤلاء لم يتجاوزوا الستين رجلا، بعد أن انضاف اليهم ما دون العشرة ممن لم يسجن، واستطاع أن يخترق المفارز التي وضعت على الطرق، وليس من شك ان هؤلاء المسجونين والمختفين، حين بلغهم قتل الحسين عاشوا في حزن عميق واسی ملأ عليهم كيانهم ووجودهم. وقد سارع بعضهم للاستنكار على ابن زیاد ممن كان معذورا من اللحاق بالحسين عليه السلام لفقدانه البصر، ولازم المسجد للعبادة كعبد الله بن عفيف الازدي، فقتل ومضى شهيدا على ما مضى عليه الحسين عليه السلام. اما بقيتهم كالمختار وسليمان بن صرد والمسيب بن نجبة ورفاعة بن شداد وغيرهم فقد

ص: 235


1- قال المظفر في تاريخ الشيعة ص 34: آن عبيد الله بن زیاد سجن اثني عشر الفا من الشيعة ولم يترك واحدا (من زعمائهم طليقا). انظر ايضا المختار بن عبيد الثقفي للدكتور علي حسني الخربوطلي ص 74-75

تريث حتى تتهيأ اسباب القيام بعمل نافع في الظرف المناسب وفق خطة الحسين عليه السلام التي اطلعوا عليها مسبقا حين التقوا الحسين وهو في مكة.

اما الخاذلون: فهم كل المسلمين الذين كانوا في مكة ممن بلغته حركة الحسين ووصلهم نداؤه ولم يجيبوه، نعم يوجد منهم من اجازه الحسين عليه السلام بالبقاء كابن عباس وابن الحنفية ونظرائهم من حملة الحديث النبوي الصحيح، ومما لا شك فيه ان قسما من الخاذلين سواء من الكوفيين أو من غيرهم حين بلغهم نبأ شهادة الحسين قد ندموا ندما شدیدا، ونموذجهم ولسان حالهم عبيد الله بن الحر، وسيأتي الحديث عنه.

اما القاتلون: فهم جيش بني امية من ابناء الكوفة، هذا الجيش الذي بناه معاوية بشكل خاص في فترة حكمه بعد وفاة الحسن عليه السلام،وقد مر الحديث عنه وعن تربيته في الباب الأول، ووجوه هؤلاء شبث بن ربعي، وحجار بن ابجر، ومحمد بن الأشعث، وعمر بن سعد، وشمر بن ذي الجوشن، وغيرهم، وهم المعروفون بأشراف الكوفة في لغة ابي مخنف وغيره من كتب عن الحسين من الرواة في العهد العباسي. ولم يندم من هؤلاء الوجوه احد، نعم ندم البعض ممن كان في الجيش ولم يشترك بقتال وهم قليل.

وفيما يلي طرف من اخبار من استاء لقتله ومن ندم على خذلانه:

نماذج ممن استاء لقتله عليه السلام:

زوجة خولي:

قال هشام: فحدثني أبي عن النوار بنت مالك قالت: أقبل خولي برأس الحسين فوضعه تحت إجانة في الدار، ثم دخل البيت، فآوى إلى فراشه، فقلت له: ما الخبر ما عندك؟

قال: جئتك بغنى الدهر، هذا رأس الحسين معك في الدار،

قالت: فقلت: ويلك جاء الناس بالذهب والفضة وجئت برأس ابن رسول الله صلي الله عليه و آله ؟!!

لا والله لا يجمع رأسي ورأسك بيت أبدا.

ص: 236

زوجة كعب بن جابر:

قال الطبري: لما رجع كعب بن جابر قالت له امرأته (أو أخته النوار بنت جابر ):

أعنت علی ابن فاطمة وقتلت سید القراء؟! لقد أتيت عظيما من الأمر والله لا أكلمك من رأسي كلمة أبدا.

فقال كعب بن جابر:

سلی تخبري عني وأنت ذميمة*** غداة حسين والرماح شوارع

ألم آت أقصى ما كرهت ولم يخل*** علي غداة الروع ما أنا صانع

معي يزني لم تخنه كعوبه*** وأبيض مخشوب الغرارین قاطع

فجردته في عصبة ليس دينهم*** بديني وإني بابن حرب القانع

ولم تر عيني مثلهم في زمانهم ***ولا قبلهم في الناس إذ أنا يافع

أشد قراعا بالسيوف لدى الوغى*** ألا كل من يحمي الذمار مقارع

وقد صبروا للطعن والضرب حسرا*** وقد نازلوا لوأن ذلك نافع

قتلت بریرا ثم حملت نعمة*** أبا منقذ لما دعا من يماصع

قال أبو مخنف: حدثني عبد الرحمن بن جندب قال: سمعته في إمارة مصعب بن الزبير وهو يقول: يا رب إنا قد وفينا، فلا تجعلنا يا رب كمن قد غدر.

أقول: يريد كعب بقوله: انه وفي ببيعته للخليفة یزید. ویرید بمن غدر ببيعته ليزيد انصار الحسين عليه السلام الذين قتلوا بين يديه، والذين سجنهم ابن زیاد، ثم خرجوا من السجن بعد ذلك وتحركوا مع سليمان بن صرد والمختار.

مرجانة ام عبيد الله:

قالت لابنها حين قتل الحسين عليه السلام: ويلك ماذا صنعت وماذا ركبت؟

عبد الله بن الزبير: روى الطبري عن هشام عن أبي مخنف عن عبد الملك بن نوفل قال: حدثني أبي قال:

ص: 237

لما قتل الحسين عليه السلام قام ابن الزبير في أهل مكة وعظم مقتله وقال:

رحم الله حسینا وأخزى قاتل الحسين عليه السلام...

لقد اختار الحسين الميتة الكريمة على الحياة الذميمة ...

أفبعد الحسين عليه السلام نطمئن إلى هؤلاء القوم ونصدق قولهم ونقبل لهم عهدا؟ لا ولا نراهم لذلك أهلا.

أما والله لقد قتلوه، طويلا بالليل قيامه، كثيرا في النهار صيامه، أحق بما هم فيه منهم وأولى به في الدين والفضل.

أما والله ما كان يبدل بالقرآن الغناء، ولا بالبكاء من خشية الله الحداء، ولا بالصيام شرب الحرام، (ولا بالمجالس في حلق الذكر/ الركض في طلاب الصيد) /يعرض بیزید/ فسوف يلقون غیا.).

فثار إليه أصحابه فقالوا له: أيها الرجل أظهر بيعتك فإنه لم يبق أحد/ إذ هلك الحسين /يناز عك هذا الأمر. وقد كان يبايع الناس سرا ويظهر أنه عائذ بالبيت.

فقال لهم: لا تعجلوا(1)

عثمان بن زياد أخو عبيد الله:

قال الطبري قال عثمان بن زیاد أخو عبد الله: والله لوددت أنه ليس من بنی زیاد رجل إلا وفي أنفه خزامة إلى يوم القيامة، وأن حسينا لم يقتل.

ممن ندم على خذلانه عبيد الله بن الحر:

قال الطبري :روى أحمد بن زهير عن علي بن محمد عن علي بن مجاهد: أن عبيد الله بن الحر كان رجلا من خيار قومه صلاحا وفضلا وصلاة واجتهادا، فلما قتل عثمان وهاج الهيج بين علي ومعاوية قال: أما إن الله ليعلم أني أحب عثمان ولأنصرنه میتا

ص: 238


1- تاريخ الطبري 475/5

فخرج إلى الشام فكان مع معاوية، وخرج مالك بن مسمع إلى معاوية على مثل ذلك الرأي في العثمانية، فأقام عبيد الله عند معاوية وشهد معه صفين، ولم يزل معه حتى قتل علي عليه السلام فلما قتل علي قدم الكوفة.

اقول: قدم الكوفة بعد أن تم الصلح بين معاوية والحسن عليه السلام وصارت الكوفة تابعة المعاوية.

قال ابن سعد: لقي عبيد الله بن الحر الحسين بن علي عند قصر مقاتل، فدعاه حسين الى نصرته والقتال معه، فأبي وقال : قد أبيت أباك قبلك.(1)

قال ابن سعد: فندم عبيد الله بن الحر على تر که نصرة حسين عليه السلام (2)

قال أبو مخنف: حدثني عبد الرحمن بن جندب الأزدي أن عبيد الله ابن زیاد بعد قتل الحسين عليه السلام تفقد أشراف أهل الكوفة فلم ير عبيد الله بن الحر، ثم جاءه بعد أيام حتى دخل عليه فقال: أين كنت یا بن الحر؟

قال: كنت مريضا، قال: مريض القلب أو مريض البدن؟

قال: أما قلبي فلم يمرض، وأما بدني فقد من الله علي بالعافية، فقال له ابن زیاد: كذبت ولكنك كنت مع عدونا، قال: لو كنت مع عدوك لرئي مکاني، وماكان مثل مكاني يخفی.

قال: وغفل عنه ابن زیاد غفلة، فخرج ابن الحر فقعد على فرسه.

فقال ابن زیاد: أين ابن الحر؟ قالوا: خرج الساعة، قال: علي به فحضرته الشرطة فقالوا له: أجب الأمير، فدفع فرسه، ثم قال: أبلغوه أني لا آتيه والله طائعا أبدا، ثم خرج حتى أتی منزل أحمر بن زياد الطائي، فاجتمع إليه في منزله أصحابه، ثم خرج حتى أتی کربلاء فنظر إلى مصارع القوم، فاستغفر لهم هو وأصحابه، ثم مضى حتى نزل المدائن

ص: 239


1- تاريخ الطبري 407/5
2- طبقات ابن سعد المفقود 513/1

وقال في ذلك:

يقول أمير غادر حق غادر ***ألا کنت قاتلت الشهيد ابن فاطمة

فيا ندمي إلا أكون نصرته*** ألا كل نفس لا تسدد نادمه

وإني لأني لم أكن من حماته***لذوحسرة ما إن تفارق لازمة

سقى الله أرواح الذين تأزروا*** على نصره سقيا من الغيث دائمة

وقفت على أجداثهم ومجالهم *** فكاد الحشا ينفض والعين ساجمة

لعمري لقد كانوا مصاليت في الوغی*** سراعا إلى الهيجا حماة خضارمة

تأسوا على نصر ابن بنت نبيهم ***بأسيافهم آساد غيل ضراغمة

فإن يقتلوا فكل نفس تقية ***على الأرض قد أضحت لذلك واجمة

وما أن رأى الراؤون أفضل منهم***لدى الموت سادات و زهرا قماقمة

أتقتلهم ظلما وترجو ودادنا ***فدع خطة ليست لنا ملائمة

لعمري لقد راغمتمونا بقتلهم ***فكم ناقم منا عليكم وناقمة

أهم مرارا أن أسير بجحفل ***إلى فئة زاغت عن الحق ظالمة

فكفوا وإلا ذدتكم في كتائب ***أشد عليكم من زحوف الديالمة (1)

وقال أيضا:

أيرجو ابن الزبير اليوم نصري ***بعاقبة ولم أنصر حسينا

وكان تخلفي عنه تبابا*** وتركي نصره غبنا وحينا (2).

ولو أني أواسيه بنفسي ***أصبت فضيلة وقررت عينا

وقال أيضا:

یا لك حسرة ما دمت حيا***تردد بين حلقي والتراقي

ص: 240


1- تاريخ الطبري 470/5الطبقات 515/1
2- التباب: الخسران، الحين بفتح الحاء: الهلاك

حسين حين يطلب بذل نصري*** على أهل العداوة والشقاق

ولو أني أواسيه بنفسي*** لنلت كرامة يوم التلاق

مع ابن المصطفى نفسي فداه*** فولی ثم ودع بالفراق

غداة يقول لي بالقصر قولا*** أتتركنا وثزمع بانطلاق

فلو فلق التلهف قلب حي ***لهم اليوم قلبي بانفلاق

فقد فاز الألى نصروا حسينا*** وخاب الآخرون أولي النفاق(1)

(ومن الجدير ذكره ان حسرة عبيد الله ابن الحر وندمه على ترك نصرة الحسين عليه السلام لم ترتفع به إلى وعي هدف حركة الحسين عليه السلام وشهادته)، ومن هنا لم يصبح في صف الشيعة الثائرين لمواصلة خطة الحسين عليه السلام، بل اختار عبد الله بن الزبير مرة، وعبد الملك بن مروان اخرى، ثم قتل وهومن انصار عبد الملك بن مروان(2)

ممن ندم على مقاتلته:

حفظت لنا كتب التاريخ كلمات وابيات للمشاركين في قتل الحسين عليه السلام تكشف لنا عن ندمهم.

منهم رضي بن منقذ العبدي وينسب اليه قوله:

لو شاء ربي ما شهدت قتالهم*** ولا جعل النعماء عندي ابن جابر

لقد كان ذاك اليوم عارا وسبة ***يعيره الأبناء بعد المعاشر

فيا ليت أني كنت من قبل قتله***ويوم حسين كنت في رمس قابر(3)

كانت هذه ردود فعل سريعة و انتهت سریعا ايضا.

ص: 241


1- الطبقات 516/1
2- انظر تفاصيل ذلك في تاريخ الطبري ج129/6-136
3- تاريخ الطبري 433/5

قال ابن اعثم: لما قتل الحسين عليه السلام استوسق العراقان جميعا (الكوفة والبصرة) لعبيد الله بن زیاد واوصله يزيد بالف الف درهم جائزة، ثم علا امره وارتفع قدره وانتشر ذکره وبذل الأموال واصطنع الرجال ومدحته الشعراء حتى قال فيه المليح بن الزبير الاسدي:

اليك عبيد الله تهوی رکابنا*** تسعف اخوان الفلاة وتداب

إذا ذكروا فضل امرئ ونواله***ففضل عبيد الله اسني واطيب(1).

اقول:

استمر الحال كذلك إلى قريب من سنتين حتى ثار اهل المدينة، ولم تكن ثورتهم لاجل احياء خطة الحسين، بل كانت تأثرا بثورته وشهادته.

واقتص منهم يزيد بقسوة متناهية.

ثم غزا البيت الحرام حيث كان عبد الله بن الزبير قد اعلن ثورته هناك، ورماه بالمنجنیق.

ثم بتر الله عمر يزيد «هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ»يونس /56 فمات بعد قتل الحسين بثلاث سنوات.

واستقال ابنه معاوية الثاني بعد ان جائته البيعة من الافاق «وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ»الأنفال/24.

واقتتل اهل الشام على السلطة.

و تزلزلت الارض تحت بني امية حتى انهار حكمهم سنة 132 هجرية كما سنبينه في الفصل الاتي.

ص: 242


1- الفتوج ج 252/5

الفصل الثاني : تتابع الثورات وانهيار الحكم الأموي

سير الحوادث خلال سبعين سنة من قتل الحسين عليه السلام:

1. عهد يزيد.

- عاش یزید بعد قتل الحسين عليه السلام ثلاث سنوات وشهر وبضعة ايام، كانت اهم أعماله فيها:

- غزو المدينة واباحتها ثلاثة ايام للجند الشامي غزو الكعبة ورميها بالمنجنيق حتى اصابها الضرر.

2. بعد موت یزید.

- بويع لمعاوية بن يزيد بعد موت ابيه، غير انه استقال، ثم توفي بعد ذلك بمدة يسيرة، وبذلك انتهت اسرة معاوية.

- و تصدعت الدولة وتمزقت وعاشت (من سنة 64 هجرية إلى سنة 83 هجرية) حالة من التمزق والحروب الداخلية، ثم استقر الأمر لعبد الملك بن مروان سنة 83 هجرية.

- اقتتال اهل الشام بعد موت یزید و استقالة ابنه معاوية (1).

ص: 243


1- انتهى أخر اختلاف لاهل الشام وفلسطين اخر سنة 66، قال المسعودي في مروج الذهب 97/3-98:وقد كان عبد الملك بن مروان سار في جيوش اهل الشام، فنزل بطنان (من اعيان قرى مصر قريبة من الفسطاط - معجم البلدان ينتظر ما يكون من أمر ابن زیاد، فأتاه مقتله ومقتل من كان معه وهزيمة الجيش بالليل. واتاه في تلك الليلة مقتل حبيش بن دلجة، وكان على الجيش بالمدينة لحرب ابن الزبير.(ثم جاءه خبر دخول ناتل بن قيس فلسطين من قبل ابن الزبير ومسیر مصعب بن الزبير من المدينة الى فلسطين.) ثم جاءه خبر دمشق وان عبيدها واوباشها ودعارها قد خرجوا على اهلها ونزلوا الجبل. ثم أتاه أن من في السجن بدمشق فتحوا السجن وخرجوا منه مكابرة، وان خيل الاعراب اغارت على حمص وبعلبك والبقاع، وغير ذلك من المفظعات في تلك الليلة، فلم ير عبد الملك في ليلة قبلها اشد ضحكا ولا احسن وجها ولا ابسط لسانا ولا اثبت جنانا منه تلك الليلة تجلدا و سیاسة للملوك، وترك اظهار الفشل. وبعث باموال وهدايا إلى ملك الروم فشغله وهادنه، وسار إلى فلسطين وبها ناتل بن قيس على جيش ابن الزبير، فالتقوا باجنادین (موضع معروف بالشام من فلسطين من الرملة من كورة ببيت جبرین وبه للمسلمين مع الروم يوم مشهور) فقتل ناتل بن قيس وعامة اصحابه وانهزم الباقون، و نمي خبر مقتله وهزيمة الجيش الي مصعب بن الزبير وهو في الطريق، فولی راجعا الى المدينة، ورجع عبد الملك على دمشق فنزلها

- اقتتال اهل الحجاز مع اهل الشام وانتصار ابن الزبير لمدة سنوات. ثم انتصار عبد الملك عليه سنة 73.

- اقتتال اهل البصرة، ثم استقرار الأمر لابن الزبير.

- ثورة المختار وقتالهم لأهل الشام ثم قتال مصعب للمختاروانتصاره عليه، ثم قتل عبد الملك المصعب وانتصاره عليه.

۔ اختلاف اهل اليمن واقتتالهم وانتصار خط ابن الزبير، ثم البيعة لعبد الملك بن مروان. اختلاف اهل خراسان واقتتالهم والبيعة لابن الزبير ثم لعبد الملك بن مروان سنة.

3. عهد عبد الملك بن مروان وولده الوليد (86-72).

- ثورة ابن الأشعث

4. الدولة الاسلامية في عهد عمر بن عبد العزيز (99-101).

5. الوضع السياسي في عهد هشام بن عبد الملك (101-122).

ص: 244

ص: 245

ثورة أهل المدينة

رواية زهير بن أبي خيثمة وخليفة بن خياط:

روى أحمد بن زهير بن أبي خيثمة (1)، قال: حدثنا أبي زهير(2) قال: حدثنا وهب بن جریر:

ص: 246


1- قال ابن حجر في لسان الميزان: (أحمد بن زهير بن حرب بن شداد النسائي الأصل البغدادي أبوبكر بن أبي خيثمة الحافظ الكبير بن الحافظ) ولد سنة خمس ومائتين، سمع أباه وأبا نعیم و عفان و مسلم بن إبراهيم وأبا سلمة التبوذكي في عدد كثير وصنف التاريخ فجرده، روى عنه أبو القاسم البغوي وأبو محمد بن صاعد و محمد بن مخلد وأبو بكر بن کامل وإسماعيل الصفار وأبوزياد القطان وقاسم بن أصبغ وآخرون، قال الخطيب : كان ثقة عالما متقنا حافظا بصيرا بأيام الناس وأئمة الأدب، أخذ علم الحديث عن أبيه ويحيى بن معين فأكثر عنه وعن أحمد بن حنبل وغيرهم، وأخذ علم النسب عن مصعب الزبيري، وأيام الناس عن أبي الحسن المدائني، والأدب عن محمد بن سلام الجمحي، قال الخطيب : ولا أعرف اغزر فوائد من تاريخه، و كان لا يحدث به إلا كاملا، وقد أجاز روايته لجمع كبير، وقال الفرغاني مات في آخر سنة 98 بعد مائتين، وكانت له معرفة بأيام الناس وأخبارهم، وله مذهب، كان الناس ينسبونه إلى القول بالقدر وكان مختصا بعلي بن عيسى، انتهى كلامه. وأرخ غيره وفاته في جمادى الأولى
2- قال ابن حجر في التهذيب: زهير بن حرب بن شداد الحرشي أبو خيثمة النسائي (خ م د س ق البخاري ومسلم وأبي داود والنسائي وابن ماجة)، نزيل بغداد، مولى بني الحريش بن کعب، وكان اسم جده اشتال فعرب شدادا، روى عنه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجة، وروى له النسائي بواسطة أحمد بن علي بن سعيد المروزي وابنه أبو بكر بن أبي خيثمة وأبو زرعة وأبو حاتم وبقي بن مخلد وإبراهيم الحربي و موسی بن هارون وابن أبي الدنيا ويعقوب بن شيبة وأبو يعلى الموصلي وجماعة، قال معاوية بن صالح عن بن معين : ثقة، وقال علي بن الجنيد عن بن معين : يكفي قبيلة، وقال أبو حاتم صدوق، وقال الآجري :قلت لأبي داود : كان أبو خيثمة حجة في الرجال؟ قال : ما كان أحسن علمه، وقال النسائي : ثقة مأمون، وقال الحسين بن فهم : ثقة ثبت، وقال أبو بكر الخطيب : كان ثقة ثبتا حافظا متقنا، قال محمد بن عبد الله الحضرمي وغيره : مات سنة 234، وقال أبو القاسم البغوي : كتبت عنه، وقال بن قانع : كان ثقة ثبتا، وقال صاحب الزهرة :روی عنه مسلم ألف حديث ومائتي حديث وإحدى وثمانين حديثا، وقال بن أبي حاتم في الجرح والتعديل :سئل أبي عنه ؟ فقال : ثقة صدوق، وقال بن وضاح : ثقة من الثقات لقيته ببغداد، وقال بن حبان في الثقات : كان متقنا ضابطا من أقران أحمد ويحيى بن معين

وروى خليفة بن خياط (1) قال: حدثنا وهب بن جرير (2)، قال: حدثنا جويرية بن أسماء (3)قال: سمعت أشياخ أهل المدينة يحدثون أن معاوية لما حضرته الوفاة دعا یزید،

ص: 247


1- قال ابن حجر في تقريب التهذيب: خليفة بن خياط العصفري (بضم العين المهملة وسكون الصاد المهملة وضم الفاء) أبوعمر البصري، لقبه شباب (بفتح المعجمة وموحدتين الأولى خفيفة)، صدوق ربما أخطأ،وكان أخباريا علامة من العاشرة، مات سنة أربعين وماتین، روی له البخاري
2- قال الذهبي في تذكرة الحفاظ (336/1): وهب بن جریر بن حازم المحدث الحافظ أبو العباس الأزدي.مولاهم البصري، أحد الأثبات، وقال ابن حجر في تهذيب التهذيب :روی له الستة، روى عنه أحمد بن حنبل وعلي بن المديني ويحيى بن معين وإسحاق بن راهويه وأبو خيثمة وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني وآخرون، وقال النسائي : ليس به بأس، وذكره بن حبان في الثقات، وقال العجلي :بصري ثقة كان عفان يتكلم فيه وقال بن سعد مات سنة ست ومائتين قلت وقال كان ثقة. وقال في التقريب وهب بن جریر بن حازم بن زيد أبوعبد الله الأزدي البصري ثقة من التاسعة، مات سنة ست و مائتين،روی له الستة
3- قال ابن حجر في تهذيب التهذيب :جويرية بن أسماء بن عبيد بن مخارق، ويقال: مخراق الضبعي أبو مخارق ويقال أبوأسماء البصري) م د س ق البخاري ومسلم وأبي داود والنسائي وابن ماجة) روی عن أبيه ونافع والزهري وبديح مولى عبد الله بن جعفر ومالك بن أنس وهو من أقرانه و غيرهم، وعنه حبان بن هلال وحجاج بن منهال وابن أخته سعید بن عامر الضبعي وابن أخيه عبد الله بن محمد بن أسماء وأبو عبد الرحمن المقري وأبو سلمة ويحبي القطان ويزيد بن هارون ومسدد وأبو الوليد وغيرهم، قال بن معين :ليس به بأس، وقال أحمد ثقة ليس به بأس، وقال أبو حاتم :صالح، قال ابن حجر :أرخ البخاري وغيره وفاته سنة 173، و كذلك بن حبان في الثقات، وقال بن سعد : كان صاحب علم کثير، وذكره بن المديني في الطبقة السابعة من أصحاب نافع. وقال ابن حبان في مشاهير الامصار159/1: جويرية بن أسماء بن عبيد من متقني البصريين، كنيته أبو مخراق، مات سنة ثلاث وسبعين ومائة، وكان متقنا

فقال له: إن لك من أهل المدينة يوما، فإن فعلوا فارمهم بمسلم بن عقبة فإنه رجل قد عرفت نصيحته.

فلما هلك معاوية وفد إليه وفد من أهل المدينة (1)وكان ممن وفد عليه عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر، وكان شريفا فاضلا سيدا عابدا معه ثمانية بنين له،فأعطاه مائة ألف درهم وأعطى بنيه لكل واحد منهم عشرة آلاف سوى كسوتهم وحملانهم، فلما قدم المدينة عبد الله بن حنظلة أتاه الناس.

فقال له اهل المدينة: ما وراءك قال: جئتكم من عند رجل، والله لولم أجد إلا بني هؤلاء الجاهدته بهم. قالوا: قد بلغنا أنه أجداك وأعطاك وأكرمك.

قال: قد فعل وما قبلت منه إلا لأتقوى به، وحضض الناس فبايعوه.

فبلغ ذلك يزيد، فبعث مسلم بن عقبة إليهم. فقتل عبد الله بن حنظلة وبنوه وانهزم الناس. ودخل مسلم بن عقبة المدينة، (فدعا الناس للبيعة على انهم خول ليزيد بن معاوية يحكم في دمائهم وأموالهم وأهليهم ما شاء)(2).

رواية محمد بن سعد:

وقال ابن سعد في ترجمة عبد الله بن حنظلة الغسيل: هوابن أبي عامر الراهب، من الأوس وأمه جميلة بنت عبد الله بن أبي بن سلول، وكان حنظلة بن أبي عامر لما أراد

ص: 248


1- كان ذلك بعد قتل الحسين عليه السلام،حيث عزل يزيد الوليد بن عتبة، وعين بدله عثمان بن محمد بن ابي سفيان
2- تاريخ الطبري 495/5، تاریخ خليفة بن خياط / 237

الخروج إلى أحد وقع على امرأته جميلة بنت عبد الله بن أبي سلول، فعلقت بعبد الله بن حنظلة في شوال على رأس اثنين وثلاثين شهرا من الهجرة، وقتل حنظلة بن أبي عامر يومئذ شهيدا، وولدت جميلة عبد الله بن حنظلة بعد ذلك بتسعة أشهر، فقبض رسول الله صلي الله عليه و آله وهو بن سبع سنين، وذكر بعضهم أنه قد رأى رسول الله صلي الله عليه و آله وأبا بكر وعمر وقد روي عن عمر.

قال: وحدثنا سعيد بن محمد عن عمرو بن يحي عن عباد بن تميم عن عمه عبد الله بن زید وعن غيرهم أيضا كل قد حدثني قالوا :لما وثب أهل المدينة ليالي الحرة فأخرجوا بني أمية عن المدينة وأظهروا عیب یزید بن معاوية وخلافه، أجمعوا على عبد الله بن حنظلة، فأسندوا أمرهم إليه، فبايعهم على الموت وقال:

یا قوم اتقوا الله وحده لا شريك له، فو الله ما خرجنا على يزيد حتى خفنا أن نرمي بالحجارة من السماء، إن رجلا ينكح الأمهات والبنات والأخوات، ويشرب الخمر ويدع الصلاة، والله لولم يكن معي أحد من الناس لأبليت لله فيه بلاء سنا.

فتواثب الناس يومئذ يبايعون من كل النواحي، وما كان لعبد الله بن حنظلة تلك الليالي مبيت إلا المسجد، وما كان يزيد على شربة من سويق يفطر عليها إلى مثلها من الغد يؤتى بها في المسجد يصوم الدهر وما رئي رافعا رأسه إلى السماء إخباتا. فلما دنا أهل الشام من وادي القرى صلى عبد الله بن حنظلة بالناس الظهر ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:

أيها الناس إنما خرجتم غضبا لدينكم فابلوا لله بلاء حسنا ليوجب لكم به مغفرته ويحل به عليكم رضوانه، قد خبرني من نزل مع القوم السويداء وقد نزل القوم اليوم ذا خشب ومعهم مروان بن الحكم والله إن شاء الله محينه بنقضه العهد والميثاق عند منبر رسول الله صلي الله عليه و آله .

ص: 249

فتصايح الناس وجعلوا ينالون من مروان ويقولون :الوزغ بن الوزغ. وجعل بن حنظلة يهدئهم ويقول :أن الشتم ليس بشيء ولكن اصدقوهم اللقاء، والله ما صدق قوم قط إلا حازوا النصر بقدرة الله.

ثم رفع يديه إلى السماء واستقبل القبلة وقال : اللهم إنا بك واثقون، بك آمنا وعليك توكلنا وإليك ألجأنا ظهورنا.

ثم نزل وصبح القوم المدينة، فقاتل أهل المدينة قتالا شدیدا (حتى كثرهم أهل الشام) ودخلت المدينة من النواحي كلها، فلبس عبد الله بن حنظلة يومئذ در عين وجعل يحض أصحابه على القتال، فجعلوا يقاتلون وقتل الناس، فما ترى إلا راية عبد الله بن حنظلة ممسكا بها مع عصابة من أصحابه وحانت الظهر، فقال لمولى له :احم لي ظهري حتى أصلي! فصلى الظهر أربعا متمكنا، فلما قضى صلاته، قال له مولاه :والله يا أبا عبد الرحمن ما بقي أحد فعلام نقيم؟ ولواؤه قائم ما حوله خمسة، فقال : ويحك إنما خرجنا على أن نموت، ثم انصرف من الصلاة وبه جراحات كثيرة، فتقلد السيف ونزع الدرع ولبس ساعدين من دیباج، ثم حث الناس على القتال وأهل المدينة كالأنعام الشرد وأهل الشام يقتلونهم في كل وجه، فلما هزم الناس طرح الدرع وما عليه من سلاح وجعل يقاتلهم وهو حاسر حتى قتلوه، ولما قتل عبد الله بن حنظلة لم يكن للناس مقام فانكشفوا في كل وجه، وكان الذي ولي قتل عبد الله بن حنظلة رجلان شرعا فيه جميعا وحزا رأسه وانطلق به أحدهما إلى مسرف وهو يقول : رأس أمير القوم، فأومأ مسرف بالسجود وهو على دابته، و كانت الحرة في ذي الحجة سنة ثلاث وستين(1).

رواية أبي مخنف:

قال هشام (2): قال أبو مخنف: ثم إن خيل مسلم ورجاله أقبلت نحوعبد الله ابن

ص: 250


1- طبقات ابن سعد 65/5
2- تاريخ الطبري (ج: 5 ص:490)سنة 63

حنظلة الغسيل ورجاله بعده كما حدثني عبد الله بن منقذ حتى دنوا منه و ر کب مسلم بن عقبة فرسا له، فأخذ يسير في أهل الشام ويحرضهم ويقول: يا أهل الشام إنكم لستم بأفضل العرب في أحسابها ولا أنسابها ولا أكثرها عددا ولا أوسعها بلدا ولم يخصصكم الله بالذي خصكم به من النصر على عدوكم وحسن المنزلة عند أئمتكم إلا بطاعتكم واستقامتكم، وإن هؤلاء القوم وأشباههم من العرب غيروا فغير الله بهم، فتموا على أحسن ما کنتم عليه من الطاعة يتمم الله لكم أحسن ما ینیلکم من النصر والفلج. ثم جاء حتى انتهى إلى مكانه الذي كان فيه وأمر الخيل أن تقدم على ابن الغسيل وأصحابه، فأخذت الخيل إذا أقدمت على الرجال فثاروا في وجوهها بالرماح.

مقتل معقل بن سنان الأشجعي:

قال الحاكم في مستدرك الصحيحين (533/3): كان معقل بن سنان بن مطهر بن عركي بن فتیان بن سبيع بن بكر بن أشجع شهد الفتح مع رسول الله صلي الله عليه و آله، فحدثني أبو عبد الرحمن بن عثمان بن زیاد الأشجعي عن أبيه قال : كان معقل بن سنان الأشجعي قد صحب النبي صلي الله عليه و آله و حمل لواء قومه يوم الفتح وكان شابا طريا، وبقي بعد ذلك حتى بعثه الوليد بن عتبة بن أبي سفيان و كان على المدينة، فاجتمع معقل بن سنان و مسلم بن عقبة الذي يعرف بمسرف، (فقال معقل لمسرف :وقد كان آنسه و حادثه إلى أن ذکر معقل یزید بن معاوية).

فقال معقل: إني خرجت كرها لبيعة هذا الرجل، وقد كان من القضاء والقدرخروجي إليه، هو رجل يشرب الخمر ويزني بالحرم، ثم نال منه وذكر خصالا كانت فيه، ثم قال لمسرف : أحببت أن أضع ذلك عندك.

فقال مسرف :أما أن أذكر ذلك لأمير المؤمنين يومي هذا فلا والله لا أفعل، ولكن الله علي عهد و میثاق لا تمكنني يداي منك ولي عليك مقدرة إلا ضربت الذي فيه عيناك.

ص: 251

فلما قدم مسرف المدينة وأوقع بهم أيام الحرة (وكان معقل بن سنان يومئذ صاحب المهاجرين ) فأتي به مسرف مأسورا.

فقال له : يا معقل بن سنان أعطشت؟ قال نعم أصلح الله الأمير، قال : خوضوا له مشربة بلور، قال : فخاضوها له، فقال : أشربت ورويت ؟ قال : نعم قال أما والله لا تشتهي بعدها بما يفرح، یا نوفل بن مساحق (1)قم فاضرب عنقه! فقام إليه فقتله صبرا، وكانت الحرة في ذي الحجة سنة ثلاث وستين.

وروى الطبري (2)قال: قال هشام: وأما عوانة بن الحكم فذكر أن مسلم بن عقبة بعث عمرو بن محرز الأشجعي، فأتاه بمعقل بن سنان، فقال له مسلم: مرحبا بأبي محمد، أراك عطشانا؟! قال: أجل! قال: شوبوا له عسلا بالثلج الذي حملتموه معنا (وكان له

ص: 252


1- في تهذيب التهذيب: هو نوفل بن مساحق بن عبد الله الأكبر بن مخرمة بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي القرشي العامري أبوسعد، ويقال : أبو مساحق المدني القاضي، روي عن أبيه وعمر و سعید بن زیدوعثمان بن حنیف وأم سلمة، وعنه ابنه عبد الملك وسالم أبو النضر وعمر بن عبد العزيز وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين و صالح بن کیسان ومنذر بن الجهم، ذكره بن سعد في الطبقة الثانية من المدنيين وقال ولي القضاء بالمدينة، وقال النسائي : ثقة وذكره بن حبان في الثقات وقال أنه مات في إمرة عبد الملك بن مروان سنة أربع وسبعين، وفيه نظر لأن الزبير بن بكار حکی أن الوليد بن عبد الملك قدم المدينة وهو خليفة، فاجلس نوفلا معه على السرير، قال: وحدثني عمي مصعب قال کان نوفل من أشراف قریش و كانت له ناحية من الوليد، وكان الوليد يطير الحمام، فأدخل نوفلا عليه وقال له : خصصتك بهذا المدخل، فقال : بل خسستني، إنما هذه عروة، فغضب عليه و سيره إلى المدينة وكان يلي المساعي ولا يرفع إلى الأمراء منها شيئا يقسمها ويطعمها، قال : وقد ذكر البخاري وأبو حاتم الرازي أن نوفلا هذا مات في أول ولاية عبد الملك وهذا موافق لما قال بن حبان، (لأن بن الزبير قتل في أواخر سنة ثلاث وسبعين واجتمع الناس إذ ذاك على عبد الملك) ولعل الذي اتفق لنوفل مع الوليد كان في حياة عبد الملك، (ويكون قول الزبير في خلافته و هما) وزعم الواقدي أن نوفلا هذا كان على شرطة مسلم بن عقبة المري في وقعة الحرة وأنه قتل معقل بن سنان الأشجعي صبرا بأمر مسلم والله تعالى أعلم. أقول: ونوفل هذا والد عبد الملك احد رواة ابي مخنف الأزدي
2- تاريخ الطبري ج: 5 ص: 494 سنة 63

صديقا قبل ذلك)، فشابوه له، فلما شرب معقل قال له: سقاك الله من شراب الجنة، فقال له مسلم: أما والله لا تشرب بعدها شرابا أبدا حتى تشرب من شراب الحميم، قال: أنشدك الله والرحم، فقال له مسلم: أنت الذي لقيتني بطبرية ليلةخرجت من عند يزيد فقلت:

(سرنا شهرا ورجعنا من عند يزيد صفرا نرجع إلى المدينة فنخلع هذا الفاسق ونبايع لرجل من أبناء المهاجرين فيم غطفان وأشجع من الخلع والخلافة) إني آليت بيمين لا ألقاك في حرب أقدر فيه على ضرب عنقك إلا فعلت ثم أمر به فقتل.

قال هشام: قال عوانة: وأتی یزید بن وهب بن زمعة فقال: بایع، قال: أبايعك على سنة عمر قال: اقتلوه، قال: أنا أبايع، قال: لا والله لا أقيلك عثرتك، فكلمه مروان بن الحكم لصهر كان بينهما فأمر بمروان (فوجئت) عنقه، ثم قال:

بایعوا على أنكم خول ليزيد بن معاوية، ثم أمر به فقتل (1)

علي بن الحسين عليه السلام لم يشترك في واقعة الحرة:

روى الطبري (2)عن أبي مخنف قال : قال عبد الملك بن نوفل: وفصل ذلك الجيش من عند یزید، و عليهم مسلم بن عقبة، وقال له: إن حدث بك حدث فاستخلف على الجيش حصین بن نمير السكوني، وقال له: ادع القوم ثلاثا، فإن هم أجابوك وإلا فقاتلهم، فإذا أظهرت عليهم فأبحها ثلاثا، فما فيها من مال أو رقة أوسلاح أوطعام فهو للجند، فإذا مضت الثلاث فاكفف عن الناس، وانظر علي بن الحسين عليه السلام فاكفف عنه، واستوص به خيرا وادن مجلسه، فإنه لم يدخل في شيء مما دخلوا فيه، وقد أتاني کتابه. وعلي عليه السلام لا يعلم بشيء مما أوصى به یزید بن معاوية مسلم بن عقبة، وقد كان علي بن الحسين عليه السلام

ص: 253


1- تاريخ الطبري ج: 5 ص: 493 سنة 63
2- تاريخ الطبري ج: 5 ص: 485 سنة 63

لما خرج بنو أمية نحو الشام آوى إليه ثقل مروان بن الحكم وامرأته عائشة بنت عثمان بن عفان وهي أم أبان بن مروان.

قال الطبري: وقد حدثت عن محمد بن سعد عن محمد بن عمر قال: لما أخرج أهل المدينة عثمان بن محمد من المدينة كلم مروان بن الحكم ابن عمر أن يغيب أهله عنده،، فأبي ابن عمر أن يفعل، وكلم علي بن الحسين عليه السلام وقال: يا أبا الحسن إن لي رحما وحرمي تكون مع حرمك، فقال: افعل! فبعث بحرمه إلى علي بن الحسين عليه السلام، فخرج بحرمه وحرم مروان حتى وضعهم بينبع، و كان مروان شاكرا لعلي بن الحسين عليه السلام مع صداقة كانت بينهما قديمة(1).

وروى الطبري قال، قال هشام: قال عوانة عن أبي مخنف قال: قال عبد الملك بن نوفل بن مساحق: ثم إن مروان أتی بعلي بن الحسين عليه السلام وقد كان علي بن الحسين عليه السلام حين أخرجت بنو أمية منع ثقل مروان وامرأته و آواها، ثم خرجت إلى الطائف فهي أم أبان ابنة عثمان بن عفان فبعث ابنه عبد الله معها، فشكر ذلك له مروان...

قال هشام: وقال عوانة بن الحكم: لما أتي بعلي بن الحسين عليه السلام إلى مسلم قال: من هذا؟ قالوا: هذا على بن الحسين عليه السلام، قال: مرحبا وأهلا، ثم أجلسه معه على السرير والطنفسة، ثم قال: إن أمير المؤمنين أوصاني بك قبلا وهو يقول: إن هؤلاء الخبثاء شغلوني

ص: 254


1- أقول: لعلها محرف حميمة، او صميمة أي صداقة قوية وشديدة، وسر هذه الصداقة يوضحه قول الراوي (وكان مروان شاكر العلي بن الحسين عليه السلام) إذ لم يجد مروان لعائلته مأمنا في قضية الحرة ولم يقبلها حتى ابن عمر وقبلها الامام السجاد عليه السلام وقد استغل الامام السجاد عليه السلام هذه العلاقة فيما بعد لينتزع بعض الروايات المهمة من مروان من قبيل ما رواه البخاري عن علي بن الحسين عليه السلام عن مروان قال :اختلف علي عليه السلام ، وعثمان في متعة الحج... وكذلك قوله ما رواه الماوردي بسنده عن جعفر بن محمد عن ابیه عن جده علي بن الحسين عليه السلام قال : دخل علي مروان، فقال لي : ما رأيت اکرم غلبة من أبيك، ما كان الا ان ولينا يوم الجمل حتى نادى منادیه، الا لا يتبع مدبر ولا يذفف على جريح) کتاب قتال أهل البغي من كتاب الحاوي الكبير للماوردي ص 111

عنك وعن وصلتك، ثم قال لعلي عليه السلام: لعل أهلك فزعوا؟ قال: إي والله، فأمر بدابته فأسرجت، ثم حمله فرده عليها.

روى الذهبي عن الواقدي عن أبي بكر بن ابي سبرة عن يحيى بن شبل عن أبي جعفر سأله عن يوم الحرة هل خرج فيها أحد من بني عبد المطلب؟ قال لا لزموا بيوتهم، فلما قدم مسرف وقتل الناس سأل عن أبي أحاضر هو؟ قالوا : نعم قال : ما لي لا أراه؟ فبلغ ذلك أبي فجاءه ومعه ابنا محمد بن الحنفية، فرحب بهم وأوسع لأبي على سريره وقال : كيف أنت؟ أن أمير المؤمنين أوصاني بك خيرا(1).

موت مسرف بن عقبة:

قال الطبري: ثم دخلت سنة أربع وستين، ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث، قال أبو جعفر: فمن ذلك مسير أهل الشام إلى مكة لحرب عبد الله بن الزبير، ومن كان على مثل رأيه في الامتناع على یزید بن معاوية.

ولما فرغ مسلم بن عقبة من قتال أهل المدينة وإنهاب جنده أموالهم ثلاثا،شخص بمن معه من الجند متوجها إلى مكة.

قال أبو مخنف: حتى إذا انتهى مسلم بن عقبة إلى المشلل (ويقال: إلى قفا المشلل) نزل به الموت وذلك في آخر المحرم من سنة أربع وستين، فدعا حصين بن نمير السكوني فقال له: يا بن برذعة الحمار، أما والله لو كان هذا الأمر إلى ما وليتك هذا الجند، ولكن أمير المؤمنين ولاك بعدي وليس لأمر أمير المؤمنين مرد، خذ عني أربعا: أسرع السير وعجل الوقاع وعم الأخبار ولا تمكن قرشيا من إذنك. ثم إنه مات فدفن بقفا المشلل.

قال هشام بن محمد الكلبي: (وذكر عوانة أن مسلم بن عقبة شخص يريد ابن الزبير حتى إذا بلغ ثنية (هرشی) نزل به الموت، فبعث إلى رؤوس الأجناد فقال: إن أمير

ص: 255


1- في تاريخ الاسلام 28/5

المؤمنين عهد إلي إن حدث بي حدث الموت، أن أستخلف عليكم حصين بن نمير السكوني، والله لو كان الأمر إلى ما فعلت ولكن أكره معصية أمر أمير المؤمنين عند الموت، ثم دعا به فقال: انظر یا ابن برذعة الحمار فاحفظ ما أوصيك به عم الأخبار ولا ترع سمعك قريشا أبدا ولا تردن أهل الشام عن عدوهم ولا تقيمن إلا ثلاثا حتى تناجز ابن الزبير الفاسق ثم قال:

"اللهم إني لم أعمل عملا قط بعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله أحب إلي من قتلي أهل المدينة ولا أرجى عندي في الآخرة".

ولما مات خرج حصين بن نمير بالناس، فقدم على ابن الزبير مكة وقد بايعه أهلها وأهل الحجاز.

وفي فتوح ابن اعثم، أن مسلم بن عقبة قال في وصيته للحصين بن نمير: فانظر أن تفعل في أهل مكة وفي عبد الله بن الزبير كما رأيتني فعلت بأهل المدينة. ثم جعل يقول:

"اللهم انك تعلم أني لم أعص خليفة قط، اللهم اني لا أعمل عملا أرجو به النجاة إلا ما فعلت بأهل المدينة ".

ثم اشتد به الأمر فمات. فغسلوه وكفنوه ودفنوه، وبايع الناس للحصين بن نمير السكوني من بعده، وسار القوم بریدون مكة، وخرج أهل ذلك المنزل فنبشوه من قبره وصلبوه على نخلة. وبلغ ذلك أهل العسكر، فرجعوا إلى أهل ذلك المنزل، فوضعوا السيف فيهم، فقتل منهم من قتل وهرب الباقون، ثم أنزلوه من النخلة فدفنوه، ثم أجلسوا على قبره من يحفظه(1).

ص: 256


1- فتوح ابن اعثم 301/5
جيش الخلافة يحرق الكعبة :

قال المسعودي: فسار الحصين حتى أتي مكة وأحاط بها، وعاذ ابن الزبير بالبيت الحرام، ونصب الحصين في من معه من أهل الشام المجانيق والعرادات على البيت، ورمي مع الاحجار بالنار والنفط ومشاقات الكتان وغير ذلك من المحروقات فانهدمت الكعبة واحترقت البنية.

ووقعت صاعقة فأحرقت من أصحاب المنجنيق أحد عشر رجلا، فكان ذلك يوم السبت لثلاث خلون من ربيع الاول وقبل وفاة يزيد بأحد عشر يوما، واشتد الأمر على أهل مكة وابن الزبير(1).

وقال اليعقوبي: رمی حصين بن نمير بالنيران حتى أحرق الكعبة، و كان عبيد الله بن عمير الليثي قاص ابن الزبير إذا تواقف الفريقان قام على الكعبة فنادى بأعلى صوته: يا أهل الشام! هذا حرم الله الذي كان مأمننا في الجاهلية، يأمن فيه الطير والصيد، فاتقوا الله يا أهل الشام، فيصيح الشاميون: الطاعة الطاعة، الكرة الكرة، الرواح قبل المساء، فلم يزل على ذلك حتى احترقت الكعبة. فقال أصحاب ابن الزبير: نطفيء النار فمنعهم وأراد أن يغضب الناس للكعبة. فقال بعض أهل الشام :إن الحرمة والطاعة اجتمعتا فغلبت الطاعة الحرمة(2).

وفي تاريخ الخميس و تاریخ الخلفاء للسيوطي: واحترقت من شرارة نيرانهم استارالكعبة وسقفها وقرنا الكبش الذي فدى الله اسماعيل وكان معلقا في الكعبة (3).

وقال الطبري وغيره: أقاموا عليه يقاتلونه بقية المحرم وصفر كله، حتى إذا مضت ثلاثة أيام من شهر ربيع الأول يوم السبت (سنة 64ه-) قذفوا البيت بالمجانيق، وحرقوه

ص: 257


1- مروج الذهب71/3-72
2- تاريخ اليعقوبي 251/2-252
3- تاریخ الخميس 303/2، تاريخ السيوطي ص 9

بالنار.. قالوا: واستمر الحصار إلى مستهل ربيع الآخر حين جاءهم نعي يزيد وأنه قد مات لاربع عشرة ليلة خلت من ربيع الاول (1).

وفي تاريخ الطبري وغيره: بينا حصين بن نمير يقاتل ابن الزبير إذ جاء موت یزید،

فصاح بهم ابن الزبير وقال: ان طاغيتكم قد هلك ؛ فمن شاء منكم أن يدخل في ما دخل فيه الناس فليفعل، فمن کره فليلحق بشامه، فغدوا عليه يقاتلونه.

فقال ابن الزبير للحصين بن نمير: أدن مني أحدثك. فدنا منه فحدثه فجعل فرس أحدهما يجفل، (الجفل: الروث) فجاء حمام الحرم يلتقط من الجفل فكف الحصين فرسه عنهن.

فقال له ابن الزبير: ما لك؟

قال: أخاف أن يقتل فرسي حمام الحرم.

فقال له ابن الزبير: أتحرج من هذاو تريد أن تقتل المسلمين؟!

فقال: لا أقاتلك ؛ فاذن لنا نطف بالبيت وننصرف عنك. ففعل،

قالوا: فأقبل الحصين بمن معه نحو المدينة.

قالوا: واجترأ أهل المدينة وأهل الحجاز على أهل الشام، فذلوا حتى كان لا ينفرد منهم رجل إلا أخذ بلجام دابته ثم نكس عنها؛ فكانوا يجتمعون في معسكرهم فلا يفترقون، وقالت لهم بنو أمية: لا تبرحوا حتى تحملونا معكم إلى الشام ففعلوا، فمضى ذلك الجيش حتى دخل الشام(2).

ص: 258


1- تاريخ الطبري 14/7-15، وابن الأثير 49/4 ، وابن كثير 225/8 . قال الطبري: حدثني عمر بن شبة قال: حدثنا محمد بن يحي عن هشام بن الوليد المخزومي أن الزهري کتب لجده (أسنان الخلفاء) فكان فيما كتب من ذلك: ومات یزید بن معاوية وهو ابن تسع وثلاثين و كانت ولايته ثلاث سنين وستة أشهر في قول بعضهم ويقال: ثمانية أشهر
2- تاريخ الطبري 16/7-17

حركة عبد الله بن الزبير64-73

ترجمة عبد الله بن الزبير:

قال ابن عبد البر: قال علي بن زید الجدعاني: كان عبد الله بن الزبير كثير الصلاة، كثير الصيام، شديد البأس، کریم الجدات والأمهات والخالات، إلا أنه كانت فيه خلال لا تصلح معها الخلافة، لأنه كان بخيلا ضيق العطاء، سيء الخلق، حسودا، كثير الخلاف، أخرج محمد بن الحنفية وعبد الله بن عباس إلى الطائف، و كانت بيعته بعد موت معاوية بن یزید، واجتمع على طاعته أهل الحجاز واليمن والعراق وخراسان، وحج بالناس ثماني حجج، وقتل رحمه الله في أيام عبد الملك، يوم الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من جمادی الأولى، وقيل جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين وهو ابن ثنتين وسبعين سنة وصلب بعد قتله بمكة، وبدأ الحجاج بحصاره من أول ليلة من ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين، فحاصره ستة أشهر وسبعة عشر يوما إلى أن قتل في النصف من جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين.

وقال ابن عبد البر قال : علي بن ابي طالب رضي الله عنه: ما زال الزبير يعد ما أهل البيت حتى نشأ عبد الله، وبويع لعبد الله بن الزبير بالخلافة سنة أربع وستين، هذا قول أبي معشر وقال المدائني : بويع له بالخلافة سنة خمس وستين (1).

ص: 259


1- الاستيعاب ترجمة عبد الله بن الزبير

قال ابن ابی الحدید: وكان شيخنا ابوالقاسم البلخي اذا ذكر عنده عبد الله بن الزبير يقول: لا خير فيه، وقال مرة لا يعجبني صلاته وصومه وليسا بنافعين له مع قول رسول الله صلي الله عليه و آله لعلي عليه السلام: لا يبغضك الا منافق، وقال أبو عبد الله البصري رحمه الله (لما سئل عنه): ما صح عندي انه تاب من يوم الجمل ولكنه استكثر مما كان عليه (1).

وقال: توصل عبد الله بن الزبير الى امرأة عبد الله بن عمر وهي أخت المختار بن ابي عبيد الثقفي في أن تكلم بعلها عبد الله بن عمر ان يبايعه، فكلمته في ذلك وذكرت صلاته وقيامه وصيامه، فقال لها: أما رأيت البغلات الشهب(2) التي كنا نراها تحت معاوية بالحجر اذا قدم مكة؟ قالت : بلى، قال : فإياها يطلب ابن الزبير بصومه وصلاته(3)

وقال ابن أبي الحديد: لما نزل علي عليه السلام بالبصرة ووقف جيشه بإزاء جيش عائشة،

قال الزبير: والله ما كان امر قط الا عرفت این اضع قدمي فيه الا هذا الأمر، فاني لا ادري أمقبل أنا فيه أم مدبر؟ فقال له ابنه عبد الله: كلا ولكنك فرقت سيوف ابن ابي طالب، وعرفت ان الموت الناقع تحت راياته، فقال الزبير: ما لك أخزاك الله من ولد ما أشأمك؟!

وكان عبد الله بن الزبير يبغض عليا عليه السلام وينتقصه وينال من عرضه(4)

وقال: وروى عمر بن شبة وابن الكلبي والواقدي وغيرهم من رواة السير انه مکث ایام ادعائه الخلافة اربعين جمعة لا يصلي فيها على النبي صلي الله عليه و آله، وقال : لا يمنعني من ذكره الا ان تشمخ رجال بانافها.

وفي رواية محمد بن حبيب وابي عبيدة معمر بن المثنى أن له أهيل سوء ينغضون رؤوسهم (5) عند ذكره.

ص: 260


1- شرح نهج البلاغة 326/1
2- الشهبة في لون الخيل هي ان تشق معظم لونه خيط من الشعر الابيض
3- شرح نهج البلاغه 326/1
4- شرح نهج البلاغة 166/2
5- يغضون رؤوسهم : أي يحر کونها

وروی سعید بن جبير أن عبد الله بن الزبير قال لعبد الله بن عباس :ما حديث اسمعه عنك ؟ قال : وما هو؟ قال تأنيبي و ذمي؟

فقال : اني سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله يقول : بئس المرء المسلم يشبع ويجوع جاره. فقال ابن الزبير :اني لأكتم بغضکم اهل هذا البيت منذ اربعين سنة...(1)

وقال :روی عمر بن شبة ايضا عن سعيد بن جبير قال: خطب عبد الله بن الزبير فنال من علي عليه اسلام ، فبلغ ذلك محمد بن الحنفية، فجاء اليه وهو يخطب، فوضع له کرسی فقطع عليه خطبته وقال: يا معشر العرب! شاهت الوجوه، أينتقص علي وانتم حضور؟! ان عليا كان يد الله على اعداء الله، وصاعقة من أمره، أرسله على الكافرين والجاحدين لحقه، فقتلهم بكفرهم فشنئوه، وأبغضوه وأضمروا له الشنف والحسد وابن عمه صلي الله عليه و آله و حي بعد لم يمت، فلما نقله الله إلى جواره واحب له ما عنده اظهرت له رجال احقادها وشفت اضغانها، فمنهم من ابتز حقه، ومنهم من الئتمر به ليقتله، ومنهم من شتمه وقذفه بالاباطيل،... والله ما يشتم عليا الا کافر يسر شتم رسول الله صلي الله عليه و آله ويخاف أن يبوح به فيكني بشتم علي عليه السلام عنه،

اما انه قد تخطت المنية منكم من امتد عمره وسمع قول رسول الله صلي الله عليه و آله فيه : (لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).

فعاد ابن الزبير الى خطبته وقال: عذرت بني الفواطم يتكلمون فما بال ابن الحنفية.

فقال محمد: يا ابن ام رومان وما لي لا اتكلم وهل فاتني من الفواطم الا واحدة، ولم يفتني فخرها لانها ام اخوي، انا ابن فاطمة بنت عمران بن عائذ بن مخزوم جدة رسول الله صلي الله عليه و آله، وانا ابن فاطمة بنت اسد بن هاشم كافلة رسول الله صلي الله عليه و آله والقائمة مقام امه، اما والله لولا خديجة بنت خویلد ما تركت في بني اسد بن عبد العزى عظما الا هشمته.

ثم قام فانصرف(2).

ص: 261


1- شرح نهج البلاغه 62/4-63
2- شرح نهج البلاغه 62/4 - 63

وقال: أن عبد الله بن الزبير استنصر على يزيد بن معاویه بالخوارج واستدعاهم إلى ملکه فقال فيه الشاعر:

یا بن الزبير اتهوى فتية قتلوا***ظلما أباك ولما تنزع الشكك(1).

ضحوا بعثمان يوم النحر ضاحية ***اطيب ذاك الدم الزاكي الذي سفكوا

فقال ابن الزبير لوشايعني الترك والديلم على محاربة بني امية لشايعتهم وانتصرت بهم (2).

قال ابن أبي الحديد: روی ابوالفرج علي بن الحسين الأصبهاني في كتاب مقاتل الطالبيين ان يحيى بن عبد الله بن الحسن بن علي بن ابي طالب عليه السلام لما امنه الرشید بعد خروجه بالديلم وصار اليه، بالغ في اكرامه، وبره، فسعی به بعد مدة عبد الله بن مصعب الزبيري (3) إلى الرشید و كان يبغضه، وقال له :انه قد عاد يدعو الى نفسه سرا وحسن له

ص: 262


1- الشكك: الأدعياء
2- شرح نهج البلاغة 131/5
3- عبد الله بن مصعب الزبيري : مبغض للطالبين، احد بطانة هارون الرشيد، وقد استغل هذه العلاقة للوقيعة بمن قدر عليه منهم، وابنه مصعب كان على سر ابيه ايضا. قال ابن الأثير (في حوادث سنة 236): كان مصعب بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام منحرفا عن علي قال العلامة المقرم رحمه الله (في كتابه السيدة سكينة /44): ان اول من وضع الاحاديث الشائنة في ابنة الحسين سكينة مصعب الزبيري (المتوفي سنة 236 هجرية) في كتابه نسب قریش لينصرف المغنون والشعراء عن ابنتهم سكينة بنت خالد بن مصعب بن الزبير التي تجتمع مع ابن أبي ربيعة الشاعر والمغنيات يغنين لهم، وزاد عليها الزبير بن بكار وابنه. وقال العلامة الحلي (في كشف اليقين / 94 ط ایران): كان الزبير بن بكار بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام من اشد الناس عداوة لامير المؤمنين وولده. وقال الشيخ المفيد (في المسائل السروية /61): لم يكن الزبير بن بکار مأمونا في الحديث ولا موثوق النقل فيما يرويه من القذائف في حق اهل البيت، ومنه تزویج عمر بأم كلثوم لبغضه امير المؤمنين عليه السلام وتحامله عليه

نقض امانه، فاحضره وجمع بينه وبين عبد الله بن مصعب لیناظره فيما قذفه به، ورفعه عليه فجبهه ابن مصعب بحضرة الرشيد وادعى عليه الحركة في الخروج وشق العصا.

فقال يحيي : يا أمير المؤمنين أتصدق هذا علي وتستنصحه؟

وهو ابن عبد الله بن الزبير الذي ادخل اباك عبد الله وولده الشعب واضرم عليهم النار حتى خلصه ابو عبد الله الجدلي صاحب علي بن ابي طالب عليه السلام منه عنوة،

وهو الذي ترك الصلاة على رسول الله صلي الله عليه و آله واربعين جمعة في خطبته، فلما التاث(1) عليه الناس قال: ان له اهیل سوء، اذا صلیت علیه اوذکرته اتلعوا (2) أعناقهم واشرأبوا لذكره، فأكره أن أسرهم أو أقر اعينهم،

وهو الذي كان يشتم أباك ويلصق به العيوب حتى ورم کبده، ولقد ذبحت بقرة يوما لابيك فوجدت كبدها سوداء قد نقبت، فقال علي ابنه : أما ترى كبد هذه البقرة يا أبت،فقال : يا بني هكذا ترك ابن الزبير كبد ابيك، ثم نفاه الى الطائف فلما حضرته الوفاة، قال لابنه علي :يا بني اذا مت فالحق بقومك من بني عبد مناف بالشام، ولا تقم في بلد لابن الزبير فيه امره، فاختار له صحبة يزيد بن معاوية على صحبة عبد الله بن الزبير،

ووالله ان عداوة هذا يا أمير المؤمنين لنا جميعا بمنزلة سواء، ولكنه قوي علي بك وضعف عنك، فتقرب بي اليك، ليظفر منك بي بما يريد اذ لم يقدرعلى مثله منك، وما ينبغي لك أن تسوغه ذلك في فان معاوية بن أبي سفيان وهو ابعد نسبا منك الينا ذکر الحسن بن علي عليه السلام يوما فسبه، فساعده عبد الله بن الزبير على ذلك فزجره وانتهره فقال انما ساعدتك يا امير المؤمنين؟ فقال :ان الحسن لحمي آكله ولا أوكله (3)

ص: 263


1- التاث: اي هاج عليه الناس
2- اتلعوا أعناقهم: اي مدوها
3- شرح نهج البلاغه ( 91/19 ) وبقية كلامه قوله: ومع هذا فهو الخارج مع اخي محمد على ابيك المنصور ابي جعفر والقائل لاخي في قصيدة طويلة اولها: ان الحمامة يوم الشعب من وثن*** هاجت فؤاد محب دائم الحزن يحرض اخي فيها على الوثوب والنهوض الى الخلافة ويمدحه ويقول له: لا عز رکنا نزار عند سطوتها*** ان اسلمتك ولا ركنا ذوي يمن الست اکرمهم عودا اذا انتسبوا*** يوما واطهرهم ثوبا من الدرن؟ واعظم الناس عند الناس منزلة ***وأبعد الناس من عيب ومن وهن قوموا ببيعتكم ننهض بطاعتها*** أن الخلافة فيكم يا بني حسن انا لنأمل أن ترتد الفتنا*** بعد التدابر والبغضاء والاحن حتى يثا على الاحسان محسننا*** ويأمن الخائف المأخوذ بالدمن وتنقضي دولة احكام قادتها فينا*** کاحکام قوم عابدي وثن فطالما قد بروا بالجور اعظمنا*** بري الصناع قداح النبع بالسفن فتغير وجه الرشید عند سماع هذا الشعر، وتغيظ على ابن مصعب، فابتدأ ابن مصعب يحلف بالله الذي لا اله الا هو وبايمان البيعة أن هذا الشعر ليس له وانه لسدیف، فقال يحي : والله يا امير المؤمنين ما قاله غيره وما حلفت كاذبا ولا صادقا بالله قبل هذا، وان الله عز وجل اذا مجده العبد في يمينه فقال والله الطالب الغالب الرحمن الرحيم استحيا ان يعاقبه، فدعني ان احلفه بيمين ما حلف بها احد قط كاذبا الا عوجل، قال : فحلفه قال : قل برئت من حول الله وقوته واعتصمت بحولي وقوتي و تقلدت الحول والقوة من دون الله استكبارا على الله واستعلاء عليه واستغناء عنه ان كنت قلت هذا الشعر، فامتنع عبد الله من الحلف بذلك. فغضب الرشید وقال للفضل بن الربيع : ما له لا يحلف ان كان صادقا؟ هذا طیلساني علي وهذه ثيابي لوحلفني بهذه اليمين انهالي لحلفت، فوكز الفضل عبد الله برجله و كان له فيه هوی وقال له : احلف ويحك !فجعل يحلف بهذه اليمين ووجهه متغير وهو يرعد، فضرب يحي بين كتفيه وقال : يا بن مصعب قطعت عمرك لا تفلح بعدها ابدا. قالوا : فما برح من موضعه حتى عرض له اعراض الجذام واستدارت عيناه وتفقأ وجهه، وقام الى بيته، فتقطع و تشقق لحمه وانتثر شعره ومات بعد ثلاثه ايام، وحضر الفضل بن الربيع جنازته فلما جعل في القبر انخسف اللحد به حتى خرجت منه غبرة شديدة، وجعل الفضل يقول : التراب التراب فطرح التراب وهويهوى فلم يستطيعوا سده حتى سقف بخشب وطم عليه، فكان الرشيد يقول بعد ذلك للفضل : أرأيت يا عباسي ما اسرع ما اديل ليحي من ابن مصعب؟!

ص: 264

الحرب بين ابن الزبير والحجاج :

قال ابن الأثير: أرسل عبد الملك بن مروان الحجاج لحرب ابن الزبير بمكة فنزل الطائف، وأمده بطارق فقدم المدينة في ذي القعدة سنة 72 ه- وأخرج عامل ابن الزبير عنها وجعل عليها رجلا من أهل الشام اسمه ثعلبة. (1)

وقال: قدم الحجاج مكة في ذي القعدة وقد أحرم بحجة، فنزل بئر میمون وحج بالناس في تلك السنة الحجاج إلا أنه لم يطف حول الكعبة ولا سعى بين الصفا والمروة، منعه ابن الزبير من ذلك.

قال: ولم يحج ابن الزبير ولا أصحابه لانهم لم يقفوا بعرفة ولم يرموا الجمار.

قال: ولما حصر الحجاج ابن الزبير، نصب المنجنيق على أبي قبيس ورمی به الكعبة،وكان عبد الملك ينكر ذلك أيام یزید بن معاوية، ثم أمر به. (2)

وقال الذهبي: وألح عليه الحجاج بالمنجنيق وبالقتال من كل وجه، وحبس عنهم الميرة فجاعوا، و كانوا يشربون من زمزم، فتعصبهم وجعلت الحجارة تقع في الكعبة(3)

قال ابن كثير: وكان معه خمس مجانيق، فالح عليها بالرمي من كل مكان. ثم ذكر مثل قول الذهبي (4)

وفي فتوح ابن أعثم: أمر الحجاج أصحابه أن يتفرقوا من كل وجه، من ذي طوى، ومن أسفل مكة، ومن قبل الأبطح، فاشتد الحصار على عبد الله بن الزبير وأصحابه، فنصبوا المجانيق وجعلوا يرمون البيت الحرام بالحجارة وهم يرتجزون بالاشعار.

قال: فلم يزل الحجاج وأصحابه يرمون بیت الله الحرام بالحجارة حتى انصدع

ص: 265


1- تاریخ ابن الأثير 3/ 135
2- تاریخ ابن الأثير 136/4
3- تاریخ الاسلام للذهبي 114/3
4- ابن کثیر 329/8

الحائط الذي على بئر زمزم عن آخره، وانتقضت الكعبة من جوانبها. (1)

مقتل ابن الزبير:

قال الطبري: فلم تزل الحرب بين ابن الزبير والحجاج حتى كان قبيل مقتله، وقد تفرق عنه أصحابه، وخرج عامة أهل مكة إلى الحجاج في الأمان، وخذله من معه خذلانا شديدا حتى خرج إلى الحجاج نحو من عشرة آلاف، وفيهم ابناه حمزة وخبیب، فأخذا منه لأنفسهما أمانا۔

وبعث الحجاج برأس ابن الزبير ورأس عبد الله ابن صفوان وعمارة بن عمرو بن حزم إلى المدينة فنصبت بها، ثم ذهب بها إلى عبد الملك بن مروان (2)

وفي تاريخ ابن كثير: وأرسل بالرؤوس مع رجل من الازد، وأمرهم إذا مروا بالمدينة أن ينصبوا الرؤوس بها ثم يسيروا بها إلى الشام، ففعلوا ما أمرهم،وأعطاهم عبد الملك خمسمائة دينار، ثم دعا بمقراض، فأخذ من ناصيته ونواصي أولاده فرحا بمقتل ابن الزبير قال: ثم أمر الحجاج بجثة ابن الزبير، فصلبت على ثنية كداء عند الحجون، يقال:منگسة. ثم أنزل عن الجذع ودفن هناك (3)

قال الذهبي: واستوسق الأمر لعبد الملك بن مروان، واستعمل على الحرمين الحجاج بن يوسف، فنقض الكعبة التي من بناء ابن الزبير وكانت تشعثت من المنجنيق، وانفلق الحجر الاسود من المنجنيق فشعبوه (4)

ص: 266


1- فتوح ابن اعثم 275/6 - 276
2- تاريخ الطبري 202/8 - 205
3- تاریخ ابن کثیر 332/8 ، وفي فتوح ابن اعثم 279/6 أكد أنه صلبه منكوسا.
4- تاریخ الاسلام للذهبي (115/3 ): وشعبوه هنا بمعنى ضموا اجزاءه بعضها إلى بعض
الحجاج يختم أعناق أصحاب النبي صل الله علیه و اله :

وقال الطبري بعده: ثم انصرف إلى المدينة في صفر، فأقام بها ثلاثة أشهريتعبث بأهل المدينة ويتعنتهم، وبنى بها مسجدا في بني سلمة فهو ينسب إليه، واستخف فيها بأصحاب رسول صل الله علیه و اله فختم في أعناقهم، وكان جابر بن عبد الله مختوما في يده وأنس مختوما في عنقه يريد أن يذله بذلك. وأرسل إلى سهل بن سعد فدعاه فقال: ما منعك أن تنصر أمير المؤمنين عثمان بن عفان؟ قال: قد فعلت، قال: كذبت، ثم أمر به فختم في عنقه برصاص(1)

ص: 267


1- تاريخ الطبري 206/7 في ذکر حوادث سنة 74ه-

حركة الشيعة في الكوفة (سنة 65 -67)

الكوفة بعد موت يزيد:

كان عبيد الله بن زیاد حين يذهب إلى البصرة يستخلف على الكوفة الصحابي عمرو بن حریث، و كان مدير شرطته فيها، ومعاونه في ملاحقة انصار الحسين وسجنهم قبل مجيئه الى كربلاء. مات يزيد في ربيع الاول سنة 64هجرية، وكان عبيد الله بن زیاد في البصرة، وعلى الكوفة خليفته عمروبن حریث. ولما بايع اهل البصرة لعبيد الله ريثما يجتمع الناس على خليفة(1) ، كتب الى ابن حریث یامره بالدعوة إلى بيعته، غير ان يزيد بن رويم الشيباني احد رؤوس الجيش الكوفي قال: لا حاجة لنا في بني امية ولا في ابن مرجانة وهي ام عبيد الله، أما البيعة لاهل الحجر - يعني اهل الحجاز -فخلع اهل الكوفة ولاية بني امية وامارة ابن زیاد، وارادوا أن ينصبوا لهم اميرا

فقال جماعة(2) : عمر بن سعد بن أبي وقاص يصلح لها، فلما هموا بتأميره، اقبل نساء همدان وغيرهن من نساء كهلان، والأنصار، وربيعة، والنخع، حتى دخلن المسجد الجامع صارخات بأكيات معولات يندبن الحسين، ويقلن: اما رضي عمر بن سعد يقتل الحسين

ص: 268


1- روى المسعودي (في مروج الذهب 84/3 ): ان اشراف البصرة منهم الاحنف بن قيس التميمي وقيس بن الهيثم السلمي ومسمع بن مالك العبدي بايعوا عبيد الله و تبعهم اهل البصرة
2- هم زملاء یزید بن رويم امثال شبث بن ربعي وحجار بن ابجر ومحمد بن الأشعث، وكان عمر بن سعد قائدهم العام.

حتى اراد ان يكون اميرا علينا، فبكى الناس واعرضوا عن عمر، وكان المبرزات في ذلك نساء همدان، وقد كان علي عليه السلام مائلا إلى همدان مؤثرا لهم وهو القائل:

فلوکنت بوابا على باب جنة*** لقلت لهمدان ادخلوا بسلام(1)

ثم اصطلحوا على عامر بن مسعود بن أمية بن خلف الجمحي القرشي وبايعوا لابن الزبير.

قال ابن حجر: وكان عامر يلقب دحروجة الجعل لأنه كان قصيرا، ثم اتفق عليه أهل الكوفة بعد موت یزید بن معاوية، فأقره ابن الزبير قليلا، ثم عزله بعد ثلاثة أشهر، وولاها عبد الله بن يزيد الخطمي.

ويقال إن دحروجة الجعل هذا خطب أهل الكوفة فقال إن لكل قوم شرابا فاطلبوه في مظانه، وعليكم بما يحل ويحمد، واکسروا شرابكم بالماء، وفي ذلك يقول الشاعر:

من ذا يحرم ماء المزن خالطه*** في قعر خابية ماء العناقيد

إني لأكره تشديد الرواة لنا*** فيها ويعجبني قول بن مسعود

وكثير من الناس يظن أن الشاعر عنى عبد الله بن مسعود وليس كذلك وإنما عنى هذا (2)

قال ابن أبي الحديد: وكان عامر بن مسعود مع عائشة في حرب الجمل، وهرب فنجا من القتل، وله ولغيره من بني جمح يقول علي علیه السلام : (وأفلتتني أعيار بني جمح)، (والعير: الحمار) (3)وقد عاش حتى ولاه زیاد صدقات بكر بن وائل، وولاه عبد الله بن الزبير بن العوام الكوفة فكان يصلي بالناس.

ص: 269


1- مروج الذهب 3/ 85
2- الاصابة 603/3
3- جاء في شرح نهج البلاغة 126/11 آن عامر بن مسعود بن امیه بن خلف كان يسمى دحروجه الجعل لقصره وسواده.

اقول:

ودحروجة الجعل هذا هو احد شهود الزور على حجر بن عدي رض الله عنه في الرسالة التي بعثها زیاد الى معاوية.

قال ابن ابي ابي الحديد: وقدم عبد الله بن يزيد الأنصاري الخطمي(1) من قبل عبد الله بن الزبير أميرا على الكوفة على حربها و ثغرها، وقدم معه من قبل ابن الزبير إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله الأعرج أميرا على خراج الكوفة، وكان قدوم عبد الله بن يزيد الأنصاري الخطمي يوم الجمعة لثمان بقين من شهر رمضان سنة أربع وستين.

خطة الشيعة في التحرك

يتضح مما مضى أن الشيعة (اصحاب علي واولادهم علیهم السلام ) كانوا قد اكلتهم المحنة والسجون والتشرد والتهجير، فلم يبق منهم وجود ظاهر، صار حالهم كما اخبر عنه على علیه السلام : (الا وان اخوف الفتن عندي عليكم فتنة بني امية، فانها فتنة عمياء مظلمة عمت خطتها، وخصت بلیتها، واصاب البلاء من ابصر فيها، واخطأ البلاء من عمي عنها. وايم الله لتجدن بني أمية لكم ارباب سوء بعدي، كالناب الضروس تعذم بفيها، وتخبط بيدها، وتزبن برجلها، وتمنع درها. لا يزالون بكم حتى لا يتركوا منكم الا نافعا لهم، وغير

ص: 270


1- ابن حجر في الاصابة ( 267/4 ) والمزي في تهذيب الكمال ( 301/16 ): عبد الله بن یزید بن زید بن حصن بن عمرو بن الحارث بن خطمة بن جشم بن مالك بن الأوس الأنصاري الخطمي، له ولأبيه صحبة، وشهد بيعة الرضوان وهو صغير، وكان يكنى أبا موسی، روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وشهد الجمل وصفين و النهروان مع علي بن أبي طالب، وحديثه عنه في الترمذي وغيره، وعن البراء بن عازب وحديثه عنه في الصحيحين وعن أبي أيوب وأبي مسعود وحذيفة وقيس بن سعد وزيد بن ثابت وغيرهم، روى عنه ابنه موسى وسبطه عدي بن ثابت والشعبي وأبوإسحاق وابن سیرین وآخرون، وولي إمرة مكة من عبد الله بن الزبير يسيرا واستمر مقيما بها، وكان شهد قبل ذلك مع علي مشاهده، وقال بن حبان : كان الشعبی کاتبه لما كان أمير الكوفة، قال البغوي : سكن الكوفة وابتنى بها دارا، ومات في زمن بن الزبير.

ضائر بهم. ولا يزال بلاؤهم عنكم حتى لا يكون انتصار احدكم منهم الا كانتصار العبد من ربه، والصاحب من مستصحبه). وانما كانت حركة الحسين عليه السلام بالبقية الباقية المستترة ليبعث الحياة في الكوفة من جديد، وينقذها من مخطط التذويب الذي وضعه لها معاوية، ونفذه ابن زیاد.

من المؤسف جدا أن المصادر المتوفرة لدينا التي تتحدث عن شيعة الكوفة في هذه الفترة تكاد تنحصر بروايات أبي مخنف، وهي غير كافية لتكوين صورة صادقة عن واقع شيعة الكوفة بعد مقتل الحسين ولا بعد وفاة يزيدلكثرة التحريف الذي اصابها، فهي تذكر ان حركة سليمان كانت منفصلة عن حركة المختار، بل تفيد ان المختار كان يخذل عن حركة سليمان في اول امرها.

ان الذي تقتضيه طبيعة الحوادث والاوضاع ان يطلع الحسين علیه السلام خواص اصحابه على خطتة، ليواصلوا الحركة بعد استشهاده واقامة الحكم في الكوفة حين يتيسر اسبابه لهم ومقاتلة بني امية، وتفيد الاخبار أن ميثم التمار كان قد اخبر المختار انه سوف يفلت من السجن ويقتل ابن زیاد وسياتي الحديث عن ذلك، ونحن نحتمل (والله العالم) أن خطة الثورة في الكوفة بعد الحسين تقاسمها سليمان بن صرد والمختار على محورين:

المحور الأول: أن يتحرك سليمان بعدد من الشيعة باتجاه الشام تنفيذا لخطة الحسين عليه السلام فيما لو كان قد قدم الكوفة، نظير ما فعل النبي صل الله علیه و اله حين قدم المدينة، لتثبيت ان العدو المركزي هم أهل الشام، ولطمأنة ابن مطيع والي عبد الله بن الزبير ورؤساء الجيش الذين كانوا أداة زياد وابنه في قمع اصحاب علي علیه السلام وان الشيعة لا يستهدفونهم في خروجهم وثورتهم.

المحور الثاني: أن يبقى المختار في الكوفة ينظم بقية الشيعة ويهيء للثورة على ابن الزبير.

روی البلاذری(381/6)عن ابی محنف ان عمر بن سعد ویزید بن الحارث بن دردیم

ص: 271

وشبث بن ربعي قالوا لعبد الله بن يزيد الخطمي وابراهيم الاعرج: ان سلیمان بن صرد يريد قتال اعدائكما وان المختار یرید الوثوب بكما والافساد عليكما، فأخذاه فحبساه وقيداه.

والذي تجدر الاشارة اليه (هو أن هناك تشويها لحق بحركة سلیمان بن صرد وزملائه) العبارة حين نسبت اليه بعض الروايات كلمات من قبيل ما نسب إلى المسيب بن نجبة قوله : (أما بعد فقد ابتلينا بطول العمر ... وقد بلا الله اخبارنا فوجدنا كاذبين في أمر ابن ابنة نبينا، وقد بلغتنا كتبه وقد اتتنا رسله وسألنا نصره عودا وبدءا وعلانية وسرا فبخلنا بانفسنا حتى قتل الى جانبنا، فلا نحن نصرناه بأيدينا ولا جادلنا عنه بالسنتنا ولاقويناه باموالنا ولا طلبنا له النصرة الى عشائرنا...) وما نسب الي سليمان بن صرد بعد ان قلده الثائرون رئاستهم قوله: (إني أخاف الا نكون أخرنا إلى هذا الدهر الذي نكدت فيه المعيشة و عظمت فيه الرزية لما هو خير لنا انا كنا نمد اعناقنا الى آل بنينا ونمنيهم النصر ونحثهم على القدوم فلما قدموا علينا ونينا وعجزنا وداهنا وتربصنا حتى قتل...) وانهم بکوا عند قبر الحسين علیه لسلام ونادوا : یالثارات الحسين واظهروا التوبة من خذلانه).

ان هذه الروايات والكلمات وغيرها التي اكثر منها ابو مخنف في كتابه وعنه انتشرت، مما ينبغي التريث في قبوله، اذ أن أبا مخنف الف كتابه هذا في زمن تبنى فيه ابوجعفر المنصور حملة اعلامية التي تبناها معاوية في زمانه، استهدفت حملة معاوية تکریس النيل من علي علیه السلام وهذه استهدفت النيل من شيعة علي في الكوفة خاصة، وقد اشرنا الى ذلك في المقدمة (1)

ص: 272


1- اشرنا الى طرف من هذا الانقلاب في كتابنا المدخل إلى دراسة مصادرالسيرة والتاريخ / الباب الثالث /الفصل السادس: العوامل المؤثرة في التدوين التاريخي عند المسلمين /469-489

حركة سليمان بن صرد

قال الطبري: وفي هذه السنة (سنة 64 هجرية) تحركت الشيعة بالكوفة، واتعدوا للاجتماع بالنخيلة في سنة خمس وستين للمسير إلى أهل الشام للطلب بدم الحسين بن علي و تکاتبوا في ذلك (1)

قال المزي: سليمان بن صرد.. الخزاعي، أبومطرف الكوفي، له صحبة.

روي عن النبي صل الله علیه و اله ، وعن أبي بن كعب (دسي) وجبير بن مطعم (خ م د س ق) والحسن بن علي بن أبي طالب، وأبيه علي بن أبي طالب علیه السلام .

روى عنه تميم بن سلمة، وشقير العبدي، وشمر، وضبثم الضبي، وعبد الله بن يسار الجهني (س)، وعدي بن ثابت (خ م د سي)، وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي، وأبو الضحی مسلم بن صبيح، ويحيى بن يعمر (د)، وأبو حنيفة والد عبد الأكرم بن أبي حنیفة (ق)، وأبو عبد الله الجدلي.(2)

قال أبو عمر بن عبد البر: كان خيرا فاضلا له دين وعبادة، كان اسمه في الجاهلية يسارا فسماه رسول الله صل الله علیه و اله سلیمان، سكن الكوفة وابتنى بها دارا في خزاعة، وكان

ص: 273


1- تاريخ الطبري ج: 5 ص: 552 سنة 64، انساب الاشراف ج366/6 وفيه ان ابتداء امر التوابين كان في اخر سنة احدى وستين و كان مهلك يزيد في شهر ربيع الاول سنة أربع وستين و كان اجل الشيعة الذي ضربوه لمن كتبوا اليه في شهر ربيع الاخر سنة خمس وستين.
2- تهذيب الكمال ترجمة سليمان بن صرد.

نزوله بها في أول ما نزلها المسلمون، وكانت له سن عالية وشرف في قومه، وشهد مع علي علیه السلام صفين (1)

قال ابن حجر: وكان خيرا فاضلا، شهد صفين مع علي علیه السلام وقتل حوشبا مبارزة، ثم كان ممن كاتب الحسين علیه السلام ثم تخلف عنه، ثم قدم هو والمسيب بن نجبة في آخرین فخرجوا في الطلب بدمه وهم أربعة آلاف، فالتقاهم عبيد الله بن زیاد بعين الوردة بعسکر مروان فقتل سليمان ومن معه، وذلك في سنة خمس وستين في شهر ربيع الآخر، وكان لسليمان يوم قتل ثلاث وتسعون سنة وكان الذي قتل سليمان يزيد بن الحصين بن نمير، رماه بسهم فمات، و حمل رأسه ورأس المسيب إلى مروان(2)

أقول:

قول ابن حجر (كان ممن كاتب الحسين علیه السلام ثم تخلف عنه): تعلیقنا عليه هو: أن الذين كاتبوا الحسين علیه السلام قسمان:

الأول : شيعة علي علیه السلام : وهؤلاء لم يتخلفوا، وانما سجن اغلبهم على التهمة والظن في الفترة التي قتل فيها مسلم وهانئ، واختفى بعضهم محاولا اللحاق بالحسين علیه السلام ، وقد وفق بعضهم في اللحاق كحبیب بن مظاهر ومسلم بن عوسجة وغيرهما، ولم يوفق القسم الآخر بسبب قطع الطرق، فبقي مختفيا و كان منهم سليمان بن صرد والمسيب بن نجبة وغيرهما.

الثاني :وجوه الجيش: امثال حجار بن أبجر، وشبث بن ربعي، ويزيد بن الحارث بن رویم، وقطن بن عبد الله بن حصين، ومحمد بن قيس بن الأشعث، وغيرهم، وهؤلاء عرفوا بنفاقهم وميلهم إلى الدنيا عندما اشتركوا في شهادة الزور على حجر ارضاء لعبيد الله بن زیاد، ولم يكونوا محسوبين من شيعة علي عليه السلام وحملة علمه وحديثه، وقد كتبوا

ص: 274


1- الاستيعاب في مؤتة الاصب ترجمة سليمان بن صرد
2- الإصابة في معرفة الصحابة ترجمة سلیمان بن صرد.

الحسين علیه السلام / ان صدقنا رواية الكتب / لما تمي اليهم أن حركة مسلم آخذة بالاتساع، وقدروا أن حركة الحسين سوف تنجح، وهم طلاب دنیا، وعندما استطاع ابن زیاد آن يقضي على حركة مسلم، ويسجن الناس على التهم والظن، انکر هؤلاء أنهم كتبوا للحسين عليه السلام واخذوا مواقعهم في الجيش الذي قاتل الحسين علیه السلام ، وقد بقي هؤلاء على موقفهم واصراراهم على الاثم حتى بعد قتل الحسين عليه السلام وموت يزيد، وقد كان هواهم مع ابن الزبير وبايعوا له، ولم يتب منهم احد، وقد قاتلوا المختار عند قيامه، ثم انهز مزا إلى البصرة ولجأوا إلى مصعب وجاؤا معه لقتال المختار وقضوا عليه.

ص: 275

حركة المختار بن أبي عبيد الثقفي

ترجمة المختار :

توجد في التراث الشيعي في حق المختار روایات تمدح واخرى تقدح.

فمن الروايات التي تمدح ما رواه الكشي عن حمدويه، قال: حدثني يعقوب، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن المثنى، عن سدير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا تسبوا المختار، فإنه قتل قتلتنا، وطلب بثأرنا، وزوج أراملنا، وقسم فينا المال على العسرة.

وايضا ما رواه عن محمد بن الحسن، وعثمان بن حامد، قالا: حدثنا محمد بن يزداد، عن محمد ابن الحسين، عن موسی بن يسار، عن عبد الله بن الزبير، عن عبد الله بن شريك، قال: دخلنا على أبي جعفر عليه السلام يوم النحر، وهو متكئ، وقد أرسل إلى الحلاق، فقعدت بين يديه، إذ دخل عليه شيخ من أهل الكوفة، فتناول يده ليقبلها فمنعه، ثم قال: من أنت؟ قال: أنا أبو محمد الحكم بن المختار بن أبي عبيدة الثقفي و كان متباعدا من أبي جعفر علیه السلام - فمد يده إليه حتى كاد يقعده في حجره بعد منعه يده، ثم قال: أصلحك الله ! إن الناس قد أكثروا في أبي وقالوا والقول والله قولك، قال: وأي شئ يقولون؟ قال: يقولون كذاب، ولا تأمرني بشئ إلا قبلته. فقال: سبحان الله.. أولم يبن دورنا، وقتل قاتلينا، وطلب بدمائنا؟..... رحم الله أباك رحم الله أباك، ما ترك لنا حقا عند أحد إلا طلبه، قتل قتلتنا، وطلب بدمائنا.

ص: 276

ومن الروايات التي تقدح وتطعن ما رواه الكشي ايضا: عن محمد بن الحسن، وعثمان بن حامد، قالا: حدثنا محمد بن يزداد الرازي، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن عبد الله المزخرف، عن حبيب الخثعمي، عن أبي عبد الله علیه السلام قال: كان المختار يكذب على علي بن الحسين علیه السلام .

وعن جبرئيل بن أحمد، حدثني العبيدي، قال: حدثني محمد بن عمرو، عن يونس ابن يعقوب، عن أبي جعفر علیه السلام قال: كتب المختار بن أبي عبيدة إلى علي بن الحسين عليه السلام وبعث إليه بهدايا من العراق، فلما وقفوا على باب علي بن الحسين دخل الاذن يستأذن لهم، فخرج إليهم رسوله فقال: أميطوا عن بابي فإني لا أقبل هدايا الكذابين...(1)

قال السيد الخوئي رحمه الله : وأما الروايات الذامة فهي ضعيفة الاسناد جدا، ولو صحت فهي لا تزيد على الروايات الذامة الواردة في حق زرارة ومحمد بن مسلم وبرید وأضرابهم... ويكفي في حسن حال المختار، إدخاله السرور في قلوب أهل البيت سلام الله عليهم بقتله قتلة الحسين عليه السلام ، وهذه خدمة عظيمة لاهل البيت علیهم السلام يستحق بها الجزاء من قبلهم، ثم أن خروج المختار وطلبه بثارالحسين علیه السلام كان قد أخبره میثم التمار(2)، لما كانا في حبس عبيد الله بن زیاد، بأنه يفلت ويخرج ثائرا بدم الحسين علیه السلام (3)

ص: 277


1- اختیار معرفة رجال الكشي 34/1
2- قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (ج 293/2 ) :وروی إبراهيم في كتاب الغارات عن أحمد بن الحسن الميثمي، قال: كان ميثم التمار مولى علي بن أبي طالب عليه السلام عبدا لامرأة من بني أسد رحمه الله فاشتراه علي ال منها وأعتقه... وقد أطلعه علي علیه السلام على علم كثير، وأسرار خفية من أسرار الوصية، فكان میثم يحدث ببعض ذلك، فيشك فيه قوم من أهل الكوفة وينسبون عليا علیه السلام في ذلك إلى المخرقة والايهام والتدليس، حتى قال له يوما بمحضر من خلق كثير من أصحابه، وفيهم الشاك والمخلص: یا میثم، إنك تؤخذ بعدي و تصلب، فإذا كان اليوم الثاني ابتدر منخراك وفمك دما حتى تخضب لحيتك، فإذا كان اليوم الثالث طعنت بجربة يقضى عليك، فانتظر ذلك. والموضع الذي تصلب فيه على باب دار عمرو بن حریث، إنك لعاشر عشرة، أنت أقصرهم خشبة، وأقربهم من المطهرة (یعنی الأرض)، و لأرينك النخلة التي تصلب على جذعها، ثم أراه إياها بعد ذلك بيومين، وكان میثم يأتيها، فيصلي عندها، ويقول: بورکت من نخلة، لك خلقت، ولي نبت، فلم يزل يتعاهدها بعد قتل علي علیه السلام . حتى قطعت، (فكان يرصد جذعها، ويتعاهده ويتردد إليه، ويبصره)، وكان يلقي عمرو بن حریث، فيقول له: إني مجاورك فاحسن جواري، فلا يعلم عمر وما يريد، فيقول له: أتريد أن تشتري دار ابن مسعود، أم دار ابن حکیم؟. قال: وحج في السنة التي قتل فيها، فدخل على أم سلمة رضي الله عنها، فقالت له: من أنت؟ قال: عراقي، فاستنسبته، فذكر لها أنه مولى علي بن أبي طالب، فقالت: أنت هیثم؟ قال: بل أنا میثم، فقالت: سبحان الله ! والله لربما سمعت رسول الله صل الله علیه و اله يوصي بك عليا في جوف الليل، فسألها عن الحسين بن علي؟ فقالت: هو في حائط له، قال: أخبريه أني قد أحببت السلام عليه، ونحن ملتقون عند رب العالمين، إن شاء الله، ولا أقدر اليوم على لقائه، وأريد الرجوع، فدعت بطيب، فطيبت الحيته، فقال لها: أما إنها ستخضب بدم، فقالت: من أنباك هذا؟ قال: أنبأني سيدي، فبكت أم سلمة وقالت له: إنه ليس بسيدك وحدك، هو سيدي وسيد المسلمين، ثم ودعته. فقدم الكوفة، فأخذ وأدخل على عبيد الله بن زیاد وقيل له: هذا كان من آثر الناس عند أبي تراب. قال: ويحكم هذا الاعجمي؟! قالوا: نعم، فقال له عبيد الله: أين ربك؟ قال: بالمرصاد، قال: قد بلغني اختصاص أبي تراب لك، قال: قد كان بعض ذلك، فما تريد؟ قال: وإنه ليقال إنه قد أخبرك بما سيلقاك، قال نعم، إنه أخبرني أنك تصلبني عاشر عشرة وأنا أقصرهم خشبة، وأقربهم من المطهرة، قال: لأخالفنه، قال: ويحك! كيف تخالفه، إنما أخبر عن رسول الله صل الله علیه و اله ، وأخبر رسول الله عن جبرائيل، وأخبر جبرائیل عن الله، فكيف تخالف هؤلاء؟! أما والله لقد عرفت الموضع الذي أصاب فيه أين هو من الكوفة؟ وإني لاول خلق الله ألجم في الاسلام بلجام كما يلجم الخيل. فحبسه وحبس معه المختار بن أبي عبيدة الثقفي، فقال ميثم للمختار وهما في حبس ابن زیاد: إنك تفلت وتخرج ثائرا بدم الحسين علیه السلام فتقتل هذا الجبار الذي نحن في سجنه، وتطأ بقدمك هذا على جبهته وخديه. فلما دعا عبيد الله بن زیاد بالمختار ليقتله طلع البريد بكتاب یزید بن معاوية إلى عبيد الله بن زیاد يأمره بتخليت سبيله، وذاك أن أخته كانت تحت عبد الله بن عمر بن الخطاب، فسألت بعلها أن يشفع فيه إلى يزيد، فشفع فأمضى شفاعته، وكتب بتخلية سبیل المختار على البريد، فوافي البريد، وقد أخرج ليضرب عنقه، فاطلق. وأما میثم فأخرج بعده ليصلب. وقال عبيد الله: لامضين حكم أبي تراب فيه، فلقيه رجل، فقال له: ما كان أغناك عن هذا یا میثم؟ فتبسم، وقال: لها خلقت، ولی غذيت، فلما رفع على الخشبة اجتمع الناس حوله على باب عمروبن حریث، فقال عمرو: لقد كان يقول لي: إني مجاورك، فكان يأمر جاريته كل عشية أن تکنس تحت خشبته وترشه، وتجمر بالمجمر تحته، فجعل میثم يحدث بفضائل بني هاشم، ومخازي بني أمية، وهو مصلوب على الخشبة. فقيل لابن زیاد: قد فضحكم هذا العبد. فقال: ألجموه، فألجم فكان أول خلق الله ألجم في الاسلام، فلما كان في اليوم الثاني فاضت منخراه وفمه دما، فلما كان في اليوم الثالث طعن بحربة فمات. وكان قتل میثم قبل قدوم الحسين علي علیه السلام العراق بعشرة أيام.
3- معجم رجال الحديث - السيد الخوئي ج 91 ص 102

ص: 278

أقول: اما في كتب الرجال السنية فان المختار مذموم جدا ولا توجد رواية واحدة تثني عليه.

قال ابن الأثير(1)وقد نقل كلام ابن عبد البر القرطبي: المختار بن أبي عبيد بن مسعود الثقفي أبو اسحاق، كان أبوه من أجلة الصحابة، ولد المختار عام الهجرة. وأخباره أخبار غير مرضية، وذلك من طلب الإمارة إلى أن قتله مصعب بن الزبير بالكوفة سنة سبع وستين، وكان قبل ذلك معدودا في أهل الفضل والخير، يرائي بذلك كله ویکتم الفسق، فظهر منه ما كان يضمر والله أعلم.(2)

قال ابن حجر في الاصابة: روی موسی بن إسماعيل عن أبي عوانة عن مغيرة عن ثابت بن هرمز، قال: حمل المختار مالا من المدائن من عند عمه إلى علي، فأخرج کیسا فيه خمسة عشر درهما، فقال :هذا من أجور المومسات، فقال له على :ويلك مالي وللمومسات؟! ثم قام وعليه مقطعة حمراء فلما سلم، قال علي: ما له قاتله الله ؟ لوشق عن قلبه الآن لوجد ملان من حب اللات والعزى.

ومما ورد في ذلك ما أخرجه أحمد في مسند عمروبن الحمق من طريق السدي عن رفاعة القتباني قال دخلت على المختار، فألقى إلي وسادة، وقال لولا أن أخي جبرائیل قام عن هذه، وأشار إلى أخرى عنده، لالقيتها لك(3)

وقال ابن حبان في ترجمة صفية بنت أبي عبيد في كتابه الثقات: هي أخت المختار المتنبي (4) بالعراق

ص: 279


1- أسد الغابة ترجمة المختار بن ابي عبيد الثقفي.
2- الاستیعاب ج: 4 ص: 1465
3- رواها ابن عدي في الكامل ج 4 ص 172: قال أخبرنا الفضل بن الحباب ثنا مسلم بن إبراهيم عن عبد الله بن میسرة الحارثي الواسطي ثنا أبو عكاشة: أن رفاعة دخل على المختار بن أبي عبيد، فقال :انصرف عني جبریل آنفا
4- المتنبي: أي الذي ادعى النبوة

قال ابن حجر: وأقوى(1) ما ورد في ذمه، ما أخرجه مسلم في صحيحه عن أسماء بنت أبي بكر، أن رسول الله صلى الله عليه واله قال يكون في ثقيف كذاب ومبير، فشهدت أسماء أن الكذاب هوالمختار المذكور.

وذكر ابن سعد عن الواقدي بأسانيده، أن أبا عبيد والد المختار قدم من الطائف، في زمن عمر حين ندب الناس إلى العرق، فخرج أبو عبيدة فاستشهد يوم الجسر، وبقي ولده بالمدينة، وتزوج عبد الله بن عمر، صفية بنت أبي عبيد، واقام المختار بالمدينة منقطعا إلى بني هاشم، ثم كان مع علي بالعراق، وسكن البصرة بعد علي، وله قصة مع الحسن بن علي لما ولي الخلافة (2)

اقول:

يريد بقصته مع الحسن علیه السلام ما رواه الطبري قال : حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: حدثنا عثمان بن عبد الحميد أو ابن عبد الرحمن المجازي الخزاعي أبوعبد الرحمن، قال: حدثنا إسماعيل بن راشد، قال: بايع الناس الحسن بن علي علیه السلام بالخلافة، ثم خرج بالناس حتى نزل المدائن، وبعث قیس بن سعد على مقدمته في اثني عشر ألفاء وأقبل معاوية في أهل الشام حتى نزل مسكن(3)، فبينا الحسن في المدائن إذ نادى مناد في العسكر، ألا إن قیس بن سعد قد قتل، فانفروا، فتفروا ونهبوا سرادق الحسن عليه السلام ، حتى نازعوه بساطا كان تحته، وخرج الحسن حتى نزل المقصورة البيضاء بالمدائن، وكان عم المختار بن أبي عبيد عاملا على المدائن، وكان اسمه سعد بن مسعود، فقال له المختار (وهو غلام شاب): هل لك في الغني والشرف؟ قال : وما ذاك ؟ قال : توثق الحسن وتستأمن

ص: 280


1- أي اقوى سندا
2- الإصابة - ابن حجر ج 6 ص 275
3- اسم للطسوج الذي منه أوانا ، من اعمال دجيل والموضع الذي به قبر مصعب على جانب الآن (مراصد الاطلاع)

به إلى معاوية، فقال له سعد عليك لعنة الله، أثب على ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأوثقه، بئس الرجل أنت(1).

وروى ابن عساکر: بسنده عن يعقوب بن سفیان (صاحب كتاب المعرفة والتاريخ) حدثني أبو عثمان (يحيى بن سعيد الأموي ت سنة 194 هجرية) أخبرنا أبي (سعید بن العاص بن سعید بن العاص الاموي اخبرنا مجالد (ت سنة 144 هجرية) عن عامر الشعبي قال : كنت اجالس الأحنف بن قيس، فأفاخر اهل البصرة بأهل الكوفة، فبلغ منه كلامي ذات يوم وانا لاأدري، فقال : يا جارية هاتي ذلك الكتاب، فجاءت به فقال : اقرأ، (وما يدري احد من القوم ما فيه)، قال: فقرأته فإذا فيه، بسم الله الرحمن الرحيم من المختار بن أبي عبيد الى الأحنف بن قيس ومن قبله من ربيعة ومضر... ولقد بلغني انكم تكذبوني وتؤذون رسلي وقد كذبت الانبياء واوذوا من قبلي، فلست بخير من كثير منهم والسلام. فلما قرأته قال أخبرني عن هذا من اهل البصرة أو من اهل الكوفة؟ قلت : يغفر الله لك ابا بحر انما کنا نمزح ونضحك، قال : لتخبرني من هو، قلت: يغفر الله لك يا ابا بحر، قال التخبرني، قلت: من اهل الكوفة، قال : فكيف تفاخر اهل البصرة وهذا منكم (2)

وقال الذهبي: المختار بن أبي عبيد الثقفي الكذاب، كان من كبراء ثقيف، وذوي الرأي، والفصاحة، والشجاعة، والدهاء، وقلة الدين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " يكون في ثقيف كذاب ومبير " (3) فكان الكذاب هذا، ادعى أن الوحي يأتيه، وأنه يعلم الغيب، (وكان المبير الحجاج) قبحهما الله (4)

ص: 281


1- تاريخ الطبري - الطبري ج 4 ص 121
2- تاریخ مدينة دمشق - ابن عساکر ج 43 ص 484
3- أخرجه مسلم (2545) في فضائل الصحابةمن حديث أسماء بنت أبي بكر، وأخرجه أحمد 62/2والترمذي (2220) و( 3944) من حديث ابن عمر.
4- في سير أعلام النبلاء - الذهبي ج 3 ص 538

وقال: المختار بن أبي عبيد الثققى الكذاب، لا ينبغي أن يروى عنه شئ، لانه ضال مضل. كان يزعم أن جبرائيل علیه السلام ينزل عليه. وهو شر من الحجاج أو مثله (1)

قال أحمد بن حنبل: حدثنا ابن نمير، حدثنا عیسی بن عمر، حدثنا السدي، عن رفاعة الفتياني قال: دخلت على المختار، فألقى لي وسادة، وقال: لولا أن جبريل قام عن هذه، لا لقيتها لك، فأردت أن أضرب عنقه، فذكرت حديثا حدثنيه عمروبن الحمق، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أيما مؤمن أمن مؤمنا على دمه فقتله، فأنا من القاتل برئ " (2)

المختار يكمل بقية الأشواط في خطة الحسين علیه السلام :

أن الروايات الانفة الذكر وامثاله التي تطعن بالمختار كلها مطعون بسندها، ومضامينها افتراء مبين.

ان سبب هذا التشويه على المختار هوانه رحمه الله وفق لاكمال شوطين مقطعيين مهمين في خطة الحسين علیه السلام ، الخطة التي كانت ترمي إلى احياء مدرسة علي علیه السلام الفكرية والسياسية في الأمة.

الشوط الأول: اقامة الحكم العادل نظير حكم النبي صل الله علیه و اله وعلي عليه السلام في الكوفة لينفتح الجيل الجديد فيها الذي حرم في عهد معاوية من معرفة السنة النبوية الصحيحة وحقائق التاريخ الاسلامي،الشوط الثاني: محاربة الطغمة الاموية في الشام راس الضلالة والاطاحة بها.

ومن الطبيعي أن الحسين عليه السلام كان قد اطلع خواص اصحابه ومنهم المختار وسليمان بن صرد على مفاصل خطته واشواطها العملية، كما اطلعهم على مصير الشهادة المحتوم له

ص: 282


1- في ميزان الاعتدال - الذهبي ج 4 ص 80
2- " المسند " 223/5 ، وأخرجه أحمد ، وابن ماجه (2688) من طريقين، عن عبدالملك بن عمير،عن رفاعة بن شداد الفتياني.

ولأهل بيته واصحابه الذي يكونون معه، كما اطلع المختار وبقية الخواص على دوره في انفاذ الشوطين الباقيين وان الخطة لا تتعطل بشهادته علیه السلام ، وقد مر علينا آنفا قول میثم التمار للمختار، لما كانا في حبس عبيدالله بن زیاد، بأنه يفلت ويخرج ثائرا بدم الحسين علیه السلام (1)وانه يقتل عبيد الله.

وقد نهض المختار بالشوط الثاني وقدر له أن يقتل قتلة الحسين علیه السلام ويقتص منهم فعلا بفعل، وحركة بحركة، ويحقق انتصارا عظيما لمدرسة علي عليه السلام في الكوفة ومدنها، والجزيرة وفي شمال العراق وقراها مدة ستة عشر شهرا انبعثت فيها احادیث النبي الصحيحة في أهل بيته وانتشرت الحقائق الصحيحة عن السيرة وتاريخ الخلفاء وسيرة علي علیه السلام .

وكان هذا النصر على حساب حركة عبد الله بن الزبير واطروحته الفكريةوالسياسية وموقفها من علي ومدرسته في عني عن البيان، وقد مرت الاشارة الى طرف منها، لقد اقتطع المختار الكوفة وما يتبعها من القرى والمدن من مملكة ابن الزبير، مضافا الى انه نصر ابن الحنفية وابن عباس لما حصر هما ابن الزبير في الحرم، ليضرم عليهما الحطب.

وكان ايضا على حساب عبد الملك بن مروان في الشام واطروحته الفكرية والسياسية وهي اطروحة معاوية، وكان المختار قد بعث جيشا لقتال أهل الشام الذين بعثهم عبدالملك بقيادة عبيد الله بن زیاد، فهزم الجيش وقتل ابن زیاد.

وقد قدر لابن الزبير أن يقضي على المختار وحركته، ويقتل سبعة الاف صبرا من الشيعة كما سيأتي، وصارت الكوفة كلها لابن الزبير من النصف من رمضان سنة 67 هجرية إلى جمادى الأولى سنة 72، وتحرك الاعلام الزبيري لمدة خمس سنوات في

ص: 283


1- كما في خبر ميثم التمار وقوله للمختار في السجن انه سوف يفلت ويقتل عبيد الله، وان میثم یرزق الشهادة.

العراق والحجاز يشوه من حركة المختار وشخصيته.

ثم واصل الاعلام الاموي منذ قتل مصعب حتى نهاية بني أمية تلك المسيرة الاعلامية بشكل اشد.

ثم انضاف إلى ذلك الاعلام العباسي في عهد المنصور، وبخاصة بعد تحرك محمد و ابراهیم ابني عبد الله بن الحسن المثنى رحمهم الله. قال المنصور يخاطب اهل الكوفة بعد قتل ابراهيم بن عبد الله بن الحسن سنة 145 هجرية: (يا اهل الكوفة عليكم لعنة الله وعلى بلد انتم فيه... سبئية ،(1) خشبية(2)!! قائل يقول: جاءت الملائكة وقائل يقول جاء جبریل...)(3).

ومن ثم تكرست الصورة السيئة على المختار في كتب الرواية التاريخية التي ظهرت في العهد العباسي وتبنت في قليل او كثير سياسة الاعلام انذاك، ثم أخذ بتلك الروايات الكثير ممن جاء بعدهم الى اليوم من دون نقد و تمحيص.

(وفيما يلي طرف من اخبار حركة المختار تنخلناها من مجموع روایات الطبري بعد آن استبعدنا ما تحتويه من التهم والافتراءات مما لا نطمئن على صحته):

خلاصة حركة المختار:

قال الطبري: ثم دخلت سنة ست وستين: ذكر الخبر عن الكائن الذي كان فيها من الامور الجليلة، فمما كان فيها من ذلك وثوب المختار بن ابي عبيد بالكوفة طالبا بدم الحسين بن علي بن ابي طالب علیه السلام واخراجه منها عامل ابن الزبير عبد الله بن مطيع العدوي

ص: 284


1- اي اتباع عبد الله بن سبأ الذي ادعي له انه مبتدع الوصية لعلي علیه السلام المشابهة لوصية موسی لیوشع علیه السلام ،الذي يترتب عليها البراءة من تجاوز على موقعه
2- في " النهاية " لابن الأثير: الخشبية: هم أصحاب المختار بن أبي عبيد، ويقال لضرب من الشيعة: الخشبية. وفي " المشتبه " للذهبي: الخشبي: هو الرافضي في عرف السلف
3- مرت فقرات اخرى من خطبة المنصور ومصدرها في البحوث التمهيدية.

ذکر هشام بن محمد عن أبي مخنف أن فضيل بن خديج حدثه عن عبيدة بن عمرو إسماعيل بن كثير من بني هند أن أصحاب سلیمان بن صرد لما قدموا (رفاعة بن شداد، والمثنى بن مخربة العبدي، وسعد بن حذيفة بن اليمان، ويزيد بن أنس، وأحمر بن شميط الأحمسي، وعبد الله بن شداد البجلي، وعبد الله بن کامل)، لما قدموا الكوفة من عين الوردة، كتب المختار اليهم وهو محبوس اما بعد: فمرحبا بالعصبة الذين حكم الله لهم بالاجر حين رحلوا، ورضي انصرافهم حين اقبلوا، ان سلیمان بن صرد رحمه الله قضى ما عليه وتوفاه الله اليه، فجعل روحه مع ارواح الانبياء والصديقين والشهداء والصالحين... أعدوا واستعدوا، فاني ادعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه، والطلب بدماء اهل البيت، والدفع عن الضعفة وجهاد المحلين).، فأجابوه إلى ما دعاهم اليه، وقالوا : ان شئت اخرجناك من محبسك، فقال : انا اخرج من محبسي في ايامي هذه، و كانت صفية بنت عبید اخته امراة عبد الله بن عمر، فكتب إلى عبد الله بن عمر يعلمه ان عبد الله بن يزيد وابن محمد بن طلحة حبساه لغير جناية، فكتب اليهما يسألهما إخراجه فأخرجاه. (1)

قال الطبري: ولما نزل المختار داره عند خروجه من السجن اختلف إليه الشيعة واجتمعت عليه واتفق رأيها على الرضا به، وكان الذي يبايع له الناس وهو في السجن خمسة نفر: السائب بن مالك الأشعري ويزيد بن أنس وأحمر بن شميط ورفاعة بن شداد الفتياني وعبد الله بن شداد الجشمي.

قال: فلم تزل أصحابه يكثرون وأمره يقوي ويشتد حتى عزل ابن الزبير عبد الله بن يزيد وإبراهيم بن محمد بن طلحة، وبعث عبد الله بن مطيع على عملهما إلى الكوفة.

قال: وقدم عبد الله بن مطيع الكوفة في رمضان سنة خمس وستين يوم الخميس لخمس بقين من شهر رمضان، وأقام على الصلاة والخراج، وبعث على شرطته إياس بن مضارب العجلي

ص: 285


1- انساب الاشراف 374/6

وجاء إياس بن ضارب إلى ابن مطيع فقال له: لست من المختار، فابعث إليه فليأتك، فإذا جاءك فاحبسه في سجنك حتى يستقيم أمر الناس، فإن عيوني قد أتتني فخبرتني أن أمره قد استجمع له و كأنه قد وثب بالمصر.

قال: فبعث إليه ابن مطيع زائدة بن قدامة وحسين بن عبد الله البرسمي من همدان فدخلا عليه فقالا: أجب الأمير، فتعلل لهما بوعكة أصابته، فأقبلا إلى ابن مطیع فأخبراه بعلته وشكواه، فصدقهما ولها عنه.

الثورة الشعبية للمستضعفين من شيعة علي علیه السلام :

قال الطبري: وفي هذه السنة/ سنة 66/وثب المختار بمن كان بالكوفة من قتلة الحسين علیه السلام والمشايعين على قتله، فقتل من قدر عليه منهم، وهرب من الكوفة بعضهم فلم يقدر عليه.

اجتمع رأي المختار واصحابه على أن يخرجوا ليلة الخميس لأربع عشرة من ربيع الأول سنة ست وستین.

نمي الخبر الى إياس بن مضارب العجلي، وهوصاحب شرطة عبد الله بن مطيع، فدخل عليه، وقال له : ان المختار خارج عليك لا محالة، فارسل ابن مطيع إلى قواده وجمعهم وطلب منهم أن يكفي كل رجل منهم ناحيته.

بعث زحر بن قيس إلى جبانة كندة.

وبعث شمر بن ذي الجوشن إلى جبانة سالم.

وبعث یزید بن الحارث بن رويم أبا حوشب إلى جبانة مراد.

وبعث شبث بن ربعي إلى السبخة. وبعث غيرهم الى اماكن اخرى.

وامر المختاربان ينادی بشعار: یا لثارات الحسين.

وخرج إبراهيم بن الأشتر بكتيبة وهو يقول:

ص: 286

اللهم إنك تعلم أنا غضبنا لأهل بیت نبيك، وثرنا

لهم فانصرنا على من قتلهم وتمم لنا دعوتنا.

وأقبل إبراهيم في أصحابه حتى مر بمسجد الأشعث، ثم مضى حتی أتی دار المختار، فوجد الأصوات عالية والقوم يقتتلون، وقد جاء شبث بن ربعي من قبل السبخة، فعبی له المختار یزید بن أنس.

وجاء حجار بن أبجر العجلي فجعل المختار في وجهه أحمر بن شميط فالناس يقتلون

وجاء إبراهيم من قبل القصر، فبلغ حجارا وأصحابه أن إبراهيم قد جاءهم من ورائهم، فتفرقوا قبل أن يأتيهم إبراهيم وذهبوا في الأزقة والسكك.

وجاء قيس بن طهفة في قريب من مائة رجل من بني نهد من أصحاب المختار، فحمل على شبث بن ربعي وهويقاتل يزيد بن أنس، فخلى لهم الطريق حتى اجتمعوا جميعا.

ثم إن شبث بن ربعي ترك لهم السكة وأقبل حتى لقي ابن مطيع فقال: ابعث إلى أمراء الجبابين، فمرهم فليأتوك، فاجمع إليك جميع الناس، ثم انهد إلى هؤلاء القوم فقاتلهم، وابعث إليهم من تثق به فليكفك قتالهم، فإن أمر القوم قد قوي وقد خرج المختار وظهر واجتمع له أمره.

خرج المختار في جماعة من أصحابه حتى نزل في ظهر دیر هند مما يلي بستان زائدة في السبخة، ثم لحق به بقية اصحابه، فاستجمعوا له قبل انفجار الفجر، فأصبح قد فرغ من تعبیته

بعث ابن مطيع إلى أهل الجبابين، فأمرهم أن ينضموا إلى المسجد، وقال لراشد بن إياس بن مضارب: ناد في الناس فليأتوا المسجد، فنادى المنادي: ألا برئت الذمة من رجل لم يحضر المسجد الليلة، فتوافي الناس في المسجد، فلما اجتموا

ص: 287

بعث ابن مطيع شبث بن ربعي في نحومن ثلاثة آلاف.

وبعث راشد بن إياس في أربعة آلاف من الشرط

وحجار بن ابجر العجلي في ثلاثة الاف والشمر بن ذي الجوشن في ثلاثة الاف... وجاء شبث حتى أحاط بالمختار واصحابه، وبعث ابن مطیع یزید بن الحارث بن رؤيم في ألفين من قبل سكة لحام جرير، فوقفوا في أفواه تلك السكك، وولي المختار یزید بن أنس خيله وخرج هو في الرجالة وهو يقول:

يا معشر الشيعة! قد كنتم تقتلون، وتقطع أيديكم

وأرجلكم، و تسمل أعينكم، وترفعون على جذوع

النخل في حب أهل بیت نبيكم، وأنتم مقيمون في

بيوتكم وطاعة عدو کم، فما ظنكم بهؤلاء القوم إن

ظهروا عليكم اليوم؟ إذا والله لا يدعون منكم عينا

تطرف، ويقتلونکم صبرا، ولترون منهم في

أولادكم وأزواجكم وأموالكم ما الموت خير منه،

والله لا ينجيكم منهم إلا الصدق والصبر والطعن

الصائب في أعينهم والضرب الدراك على هامهم،

فتيسروا للشدة وتهيئوا للحملة.

واقتتل الناس فاشتد قتالهم، وقتل راشد بن ایاس، وانهزم أصحابه، وأقبل إبراهيم بن الأشتر وخزيمة بن نصر ومن كان معهم بعد قتل راشد نحو المختار، وبعث النعمان بن أبي الجعد يبشر المختار بالفتح علیه و بقتل راشد.

قال الحارث بن كعب: أن إبراهيم لما أقبل نحونا رأينا شبثا وأصحابه ينكصون وراءهم رويدا (1)رويدا، فلما دنا إبراهيم من شبث وأصحابه حمل عليهم، وأمرنا یزید بن

ص: 288


1- تاريخ الطبري ج:6ص: 28 سنة 66

أنس بالحملة عليهم، فحملنا عليهم، فانكشفوا حتى انتهوا إلى أبيات الكوفة.

قال عمرو بن الحجاج الزبيدي لابن مطیع: أيها الرجل لا يسقط في خلدك ولا تلق بيدك، اخرج إلى الناس فاندبهم إلى عدوك فاغزهم، فإن الناس كثير عددهم و كلهم معك إلا هذه الطاغية التي خرجت على الناس، والله مخزيها ومهلكها، وأنا أول منتدب، فاندب معي طائفة ومع غيري طائفة.

فخرج ابن مطيع، فقام في الناس فحمد الله وأثنى

عليه ثم قال: أيها الناس إن من أعجب العجب

عجز كم عن عصبة منكم قليل عددها، خبيث

دينها، ضالة مضلة.

قال حصيرة بن عبد الله قال: إني لأنظر إلى ابن الأشتر حين أقبل في أصحابه حتى إذا دنا منهم قال لهم: لا يهولنكم أن يقال: جاء کم شبث بن ربعي وآل عتيبة بن النهاس وآل الأشعث وآل فلان وآل یزید بن الحارث،... قال: فسمي بیوتات من بيوتات أهل الكوفة ثم قال: إن هؤلاء لو قدوجدوا لهم حر السيوف قد انصفقوا عن ابن مطيع انصفاق المعزى عن الذئب.

وانتهت المعارك بهرب شبث بن ربعي ومحمد بن الأشعث ونظرائهم الى البصرة، وقتل المختار ثلة من قتلة الحسين، شمر وعمر بن سعد وخولي وغيرهم. وأخرج ابن مطيع إلى الحجاز.

بيعة عامة الكوفيين للمختار:

قال الطبري وابن اعثم: ثم نادى المختار في الناس: (الصلاة جامعة)، فاجتمعت الناس الى المسجد الأعظم، وخطب فيهم وبايعوه على كتاب الله وسنة نبيه والطلب بدماء أهل البيت وجهاد المحلين والدفع عن الضعفاء.

ص: 289

المختاريولي الولاة:

قال أبو مخنف: حدثني حصيرة بن عبد الله الأزدي وفضيل بن خديج الكندي والنضر بن صالح العبسي قالوا:

أول رجل عقد له المختار راية عبد الله بن الحارث أخو الأشتر، عقد له على أرمينية. وبعث محمد بن عمير بن عطارد على آذربيجان،

وبعث عبد الرحمن بن سعيد بن قيس على الموصل،

وبعث إسحاق بن مسعود على المدائن وأرض جوخی،

وبعث قدامة بن أبي عسى بن ربيعة النصري وهو حليف لثقيف على بهقباذ الأعلى، وبعث محمد بن کعب بن قرظة على بهقباذ الأوسط،

وبعث حبیب بن منقذ الثوري على بهقباذ الأسفل وبعث سعد بن حذيفة بن اليمان على حلوان.

امر المختار مع شريح بن هانئ:

قال ابن أبي الحديد: لما قام المختار بن ابي عبيد قال لشريح :ما قال لك امير المؤمنين عليه السلام يوم كذا؟ قال : انه قال لي: كذا، قال فلا والله لا تقعد حتى تخرج الى بانقيا تقضي بين اليهود فسيره اليها فقضى بين اليهود شهرين.(1)

المختار يخلص ابن الحنفية من ارهاب ابن الزبير:

قال الطبري: وفي هذه السنة قدمت الخشبية مكة، ووافوا الحج وأميرهم أبوعبد الله الجدلي(2)

ص: 290


1- شرح نهج البلاغه 98/4
2- قال ( في الإصابة 111/5 ): ابو عبد الله الجدلي مشهور بكنيته، وقيل اسمه : عبد الرحمن، قال بن منده :هو قديم، ثم ذكر في الصحابة ولا يصح، قال ابن حجر : أرسل شيئا وهو معدود في التابعين، ذكره بن سعد في الطبقة الأولى من تابعي أهل الكوفة، وروي عن سلمان الفارسي وعن علي عليه السلام وعائشة وغيرهم، روى عنه الشعبي وأبو إسحاق السبيعي وسعيد بن خالد الجدلي وآخرون، ووثقه أحمد وابن معين و العجلی

وكان السبب في ذلك فيما ذكر هشام عن أبي مخنف وعلي بن محمد عن مسلمة ابن محارب أن عبد الله بن الزبير حبس محمد بن الحنفية ومن معه من أهل بيته وسبعة عشر رجلا من وجوه أهل الكوفة بزمزم، و كرهوا البيعة لمن لم تجتمع عليه الأمة وهربوا إلى الحرم، وتوعدهم بالقتل والإحراق وأعطى الله عهدا إن لم يبايعوا أن ينفذ فيهم ما توعدهم به وضرب لهم في ذلك أجلا، فأشار بعض من كان مع ابن الحنفية عليه أن يبعث إلى المختار وإلى من بالكوفة رسولا يعلمهم حالهم وحال من معهم وما توعدهم به ابن الزبير. فوجه ثلاثة نفر من أهل الكوفة إلى المختار وأهل الكوفة يعلمهم حاله وحال من معه وما توعدهم به ابن الزبير من القتل والتحريق بالنار، فقدموا على المختار.

فوجه المختار أبا عبد الله الجدلي في سبعين راكبا من أهل القوة.

ووجه ظبيان ابن عمارة أخا بني تميم ومعه أربعمائة.

وأبا المعتمر في مائة وهانیء بن قيس في مائة.

وعمير بن طارق في أربعين ويونس بن عمران في أربعين.

وكتب إلى محمد بن علي مع الطفيل بن عامر ومحمد بن قيس بتوجيه الجنود إليه.

فخرج الناس بعضهم في أثر بعض، وجاء أبو عبد الله حتى نزل ذات عرق في سبعين راكبا، ثم لحقه عمير بن طارق في أربعين راكبا، ويونس ابن عمران في أربعين راكبا، فتموا خمسين ومائة، فسار بهم حتى دخلوا المسجد الحرام وهم ينادون: يا لثارات الحسين !حتى انتهوا إلى زمزم، وقد أعد ابن الزبير الحطب ليحرقهم، وكان قد بقي من الأجل يومان.

فطردوا الحرس وكسروا أعواد زمزم، ودخلوا على ابن الحنفية فقالوا له: خل بيننا

ص: 291

وبين عدو الله ابن الزبير فقال لهم: إني لا أستحل القتال في حرم الله .

فقال ابن الزبير: أتحسبون أني مخل سبيلهم دون أن يبايع ويبايعوا؟ فقال أبو عبد الله الجدلي: إي ورب الركن والمقام ورب الحل والحرام لتخلين سبيله أو لنجالدنك بأسيافنا جلادا پرتاب منه المبطلون.

فقال ابن الزبير: والله ما هؤلاء إلا أكلة رأس، والله لوأذنت لأصحابي ما مضت ساعة حتى تقطف رؤوسهم، فقال له قيس بن مالك: أما والله إني لأرجو أن رمت ذلك أن يوصل إليك قبل أن ترى فينا ما تحب.

فكف ابن الحنفية أصحابه وحذرهم الفتنة، ثم قدم أبوالمعتمر في مائة، وهانيء بن قيس في مائة، وظبيان بن عمارة في مائتين ومعه مال حتى دخلوا المسجد فكبروا: یا الثارات الحسين فلما رآهم ابن الزبير خافهم، فخرج محمد بن الحنفية ومن معه إلى شعب على وهم يسبون ابن الزبير ويستأذنون ابن الحنفية فيه، فيأبى عليهم، فاجتمع مع محمد بن علي في الشعب أربعة آلاف رجل، فقسم بينهم ذلك المال.

الحرب مع اهل الشام:

روى الطبري عن هشام بن محمد عن عوانة بن الحكم: أن مروان بن الحكم لما استوسقت له الشام بالطاعة، بعث جيشين أحدهما إلى الحجاز عليه حبيش بن دلجة القيني، وقد ذكرنا أمره وخبر مهلکه قبل، والآخر منهما إلى العراق عليهم عبيد الله بن زیاد، وقد ذكرنا ما كان من أمره وأمر التوابين من الشيعة بعين الوردة. وكان مروان جعل العبيد الله بن زیاد إذ وجهه إلى العراق ما غلب عليه. وأمره أن ينهب الكوفة إذا هو ظفر بأهلها ثلاثا.

قال الطبري: ثم دخلت سنة سبع وستين: ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث فمما كان فيها من ذلك مقتل عبيد الله بن زیاد و من كان معه من أهل الشام.

ص: 292

ذکر هشام بن محمد عن أبي مخنف قال: حدثني أبوالصلت عن أبي سعيد الصيقل قال: مضينا مع إبراهيم بن الأشتر ونحن نريد عبيد الله بن زياد ومن معه من أهل الشام، فخرجنا مسرعين لا ننثني، نريد أن نلقاه قبل أن يدخل أرض العراق.

قال المسعودي: ثم التقى الجيشان بالخازر، فكانت ببنهم وقعة عظيمة قتل فيها عبید الله بن زياد، والحصين بن نمير السكوني، وشرحبيل بن ذي الكلاع، وابن حوشب ذي الظليم، وعبد الله بن ایاس السلمي، وابو اشرس، وغالب الباهلي، واشراف اهل الشام.

قال الطبري: قال ابن الأشتر لاصحابه: قتلت رجلا وجدت منه رائحة المسك، شرقت يداه وغربت رجلاه، تحت راية منفردة على شاطیء نهر خازر، فالتمسوه فإذا هو عبيد الله بن زیاد.

المختار يحيي مدرسة علي علیه السلام في الكوفة:

ثار المختار في 14 ربيع الاول سنة 66 وقتل رحمه الله في 14رمضان سنة 67، وقال ابن خیاط :سنة 68ه- فكانت مدة ولايته ثمانية عشر شهرا(1)، وهي قصيرة جدا، غير انها حققت اعظم الانجازات على مستوى خطة الحسين علیه السلام :

1. فقد اقامت تجربة حكم عادلة في الكوفة، استعادت فيها مدرسة علي في الكوفة والبلاد التابعة لها شمالا وشرقا انفاسها بعد اختناق كاد يقضي عليهادام خمس عشرة سنة تقريبا، ونشطت البقية الباقية من اصحاب النبي صل الله علیه و اله الذي اتبعوا عليا، والبقية الباقية ممن تربى على يد علي ونهل من علمه ليثقفوا الجيل الجديد باحاديث النبي صل الله علیه و اله في أهل بیته علیهم السلام وبسيرة النبی صل الله علیه و اله الصحيحة وسيرة علي علیه السلام . وبسبب هذه الفترة القصيرة امتد البناء الثقافي العلوي للكوفة وعبر اخطر عملية تذويب واحتواء قام بها ابن الزبير والحجاج من بعده في العراق وبقيت الكوفة تحتل الثقل الأكبر في رواية أحاديث النبي في فضل اهل البيت عليهم السلام ورواية تراث علي علیه السلام وخطبه

ص: 293


1- تاریخ خليفة بن خیاط.

2. الاقتصاص من قتلة الحسين علیه السلام عمر بن سعد وشمر وخولي وعبيد الله بن زیاد ونظرائهم ولم يفلت منهم القليل.

3. حرب رأس ضلالة بني امية في الشام، وقتل عبيد الله بن زياد وهزيمة الجيش الشامي.

4. نصرة ابن الحنفية وابن عباس في الحجاز، وانقاذهم من القتل الذي كان ينتظرهم. وذلك لان ابن الزبير كانت اطروحته الفكرية هي احياء سيرة الشيخين في الحج وغيره، وكان ابن عباس وابن الحنفية يفتیان بمتعة الحج احياء المدرسة علي وسنة النبي صل الله علیه و اله ، ولم يجد ابن الزبير طريقا لتطويق ابن عباس وابن الحنفية الا ان يفرض عليهما بيعته ليتقيدا بسياسته، ولم يعطياه ذلك، فحصرهم عند زمزم، وامهلهم لمدة معينة. ثم فك الحصار عنهما كما مر علينا.

وفيما يلي بعض شواهد احياء مدرسة علي علیه السلام :

موقف الزبير من متعة الحج:

قال المسعودي : حدثنا ابن عمار عن علي بن محمد بن سليمان النوفلي قال : حدثني این عائشة والعتبي جميعا عن ابويهما (والفاظهما متقاربة) قالا :خطب ابن الزبير فقال: ما بال اقوام يفتون في المتعة وينتقصون حواري الرسول وام المؤمنين عائشة؟ ما بالهم اعمى الله قلوبهم كما اعمي ابصارهم يعرض بابن عباس؟ فقال ابن عباس : يا غلام اصمدني صمده فقال يا ابن الزبير

قد انصف القارة من راماها*** انا اذا ما فئة نلقاها

نرد اولاها على اخراها

اما قولك في المتعة، فسل امك تخبرك، فان متعة سطع مجمرها لمجمر سطع بين امك وابيك، (یرید متعة الحج).

واما قولك :(ام المؤمنين) فبنا سمیت ام المؤمنين وبنا ضرب الله عليها الحجاب.

ص: 294

واما قولك: (حواري رسول الله) فقد لقيت أباك في الزحف مع امام هدی، فان يكن على ما اقول فقد كفر بقتالنا، وان يكن على ما تقول فقد كفر بهربه عنا، فانقطع ابن الزبير ودخل على امه اسماء فاخبرها، فقالت صدق .(1)

بعض روایات زید بن ارقم (ت 68) ايام المختار:

تربی زید بن ارقم الأنصاري الخزرجي في حجر عبد الله بن رواحة، وتوفي النبي وهوابن العشرينات، شهد مع النبي سبع عشرة غزوة. (أبوعمروويقال أبو عامر، ويقال أبوعمارة، ويقال أبوأنيسة، ويقال أبو حمزة، ويقال أبوسعد، ويقال أبو سعيد المدني، نزل الكوفة، شهد صفين مع علي علیه السلام ، قال ابن عبد البر: وكان من خواص أصحاب علي. قال خليفة بن خیاط :مات بالكوفة أيام المختار سنة ست وستین: وقال الهيثم بن عدي وغير واحد مات سنة ثمان وستين. قال المزي: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن علي بن أبي طالب.

روى عنه: أنس بن مالك خ فيما كتب إليه، وإياس بن أبي رملة الشامي د س ق، وثمامة بن عقبة المحلمي س، وحبيب بن أبي ثابت (ت 119)، وحبيب بن يسار الكندي ت س، وأبو عمرو سعد بن إياس الشيباني خ م دت س، وصبيح مولى أم سلمة ت ق ويقال مولى زيد بن أرقم، وطاووس بن كيسان م س، وأبوحمزة طلحة بن یزید مولی الأنصارخ دت س، وأبو الطفيل عامر بن واثلة الليثي ت س (ت 100) روی حدیث الثقلين، وعبد الله بن الحارث البصري نسیب بن سیرین م س، وعبد الله بن الخليل الحضرمي الكوفي د س، وعبد خير الهمداني د س ق، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ع، وأبوالمنهال عبد الرحمن بن مطعم خ م س، وأبو عثمان عبد الرحمن بن مل النهدي م ت وعطاء بن أبي رباح دس، وعطية العوفي، وأبو إسحاق عمروبن عبد الله السبيعي خ م د

ص: 295


1- مروج الذهب ج 81/3

ت س، والقاسم بن عوف الشيباني م سي ق، ومحمد بن کعب القرظي خ ت س، وميمون أبوعبد الله ت س ق، والنضر بن أنس بن مالك مدت سي ق، ونفيع أبوداود الأعمى ق. و یزید بن حيان التيمي م دس روى حديث الثقلين، وأبو سعيد الأزدي ت، وأبومسلم البجلي د سي، وأبو وقاص دت أحد المجهولين(1)

انطلق زيد وهو ابن الثمانينات في عهد المختار يحدث عن النبي صل الله علیه و اله ، وعن علي علیه السلام ،

وفيما يلي طرف مما عثرنا على احاديثه:

قال الطبراني: حدثنا علي بن عبد العزيز، ثنا أبوغسان مالك بن إسماعيل، ثناإسرائيل، عن عثمان بن المغيرة، عن علي بن ربيعة، قال: لقيت زيد بن أرقم داخلا على المختار أوخارجا (2)، قال قلت: حديثا بلغني عنك : سمعت رسول الله صل الله علیه و اله يقول إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي؟ قال : نعم(3)

وقال ايضا: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا جعفر بن حمید، ح حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة حدثنا النضر بن سعيد أبو صهيب قالا: ثنا عبد الله بن بكير عن حكيم بن جبير، عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم قال: نزل النبي صل الله علیه و اله يوم الجحفة، ثم أقبل على الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إني لا أجد لنبي إلا نصف عمر الذي قبله، وإني أوشك أن أدعى فأجيب، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نصحت، قال: أليس تشهدون أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن الجنة حق، والنار حق، وأن البعث بعد الموت حق قالوا: نشهد، قال: فرفع يديه فوضعهما على صدره، ثم قال: وأنا أشهد معكم، ثم قال: ألا تسمعون؟ قالوا: نعم، قال: فإني فرطكم على الحوض، وأنتم واردون علي الحوض، وإن عرضه أبعد ما بين صنعاء وبصرى، فيه أقداح عدد النجوم من فضة، فانظروا كيف

ص: 296


1- تهذيب الكمال
2- المعرفة والتاريخ، مسند احمد 371/4 ، مشکل الآثار 368/4 ، ينابيع المودة 368/1 .
3- المعجم الكبير 186/5

تخلفوني في الثقلين؟ فنادى مناد؛ وما الثقلان یا رسول الله؟ قال: كتاب الله طرف بيد الله عز وجل وطرف بأيديكم، فاستمسكوا به لا تضلوا، والآخر عترتي، وإن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، وسألت ذلك لهما ربي، فلا تقدموهما فتهلكوا، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم، ثم أخذ بيد علي رضي الله تعالى عنه، فقال: من کنت أولى به من نفسي فعلي وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه (1).

وقال ايضا: حدثنا أبوحصين القاضي ثنا يحيى الحماني ثنا أبوإسرائيل الملائي عن الحكم عن أبي سلمان المؤذن عن زيد بن أرقم قال :نشد علي الناس : أنشد الله رجلا سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( من کنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه)؟ فقام اثنا عشربدریا، فشهدوا بذلك، قال زيد :و كنت أنا فيمن كتم، فذهب بصري (2)

وقال ايضا: حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو نعيم ثنا العلاء بن صالح ثنا أبوسلمان المؤذن أنه صلى مع زيد بن أرقم على جنازة فكبر عليها خمس تكبيرات، فقلت :أوهمت أم عمدا؟ فقال بل عمدا، إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصليها(3)

أقول: كان ذلك أيام المختار، وذلك لما ذكروا أن اباسلمان هذا هو مؤذن الحجاج.

وروى ايضا قال: حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا شعبة عن الحكم عن بن أبي ليلى قال : صليت خلف زيد بن أرقم على جنازة، فكبر عليها أربعا، ثم صليت خلفه على أخرى، فكبر عليها خمسا، فسألته ؟ فقال : کان رسول الله صلی الله علیه وسلم يكبرها (4)

ص: 297


1- المعجم الكبير 166/5
2- المعجم الكبير 175/5
3- المعجم الكبير174/5
4- المعجم الكبير 168/5

أقول: كان يصلي اربعا ایام زیاد وغيره لفتوى السلطة، وصلاها خمسا ایام المختار احياء للسنة النبوية.

روی احمد حدثنا إبراهيم قثنا أبو الوليد قثنا شعبة عن عمر(ويعني بن مرة) قال : سمعت أبا حمزة يقول : سمعت زيد بن أرقم يقول : أول من صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب(1)

وقال: حدثنا علي بن الحسين قثنا إبراهيم بن إسماعيل قثنا أبي عن أبيه عن سلمة بن كهيل عن أبي ليلى الكندي(2) انه حدثه قال: سمعت زيد بن أرقم يقول: ونحن ننتظر جنازة، فسأله رجل من القوم، فقال أبا عامر: أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدیر خم لعلي : من کنت مولاه فعلي مولاه؟ قال: نعم، قال أبوليلى : فقلت لزيد بن (أرقم : قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم قد قالها له أربع مرات؟

ص: 298


1- الفضائل 609/2
2- قال ابن حجر في تقريب التهذيب: أبوليلي الكندي مولاهم الكوفي، يقال هوسلمة بن معاوية، وقيل بالعكس، وقيل سعيد بن بشر، وقيل المعلی، ثقة من الثانية بخ دق. تهذيب الكمال: بخ دق أبولیلی الكندي يقال : مولاهم الكوفي، قيل : اسمه سلمة بن معاوية ، وقيل : معاوية بن سلمة، وقال أبو حاتم عن زکریا بن عدي :اسمه سعيد بن أشرف بن سنان، وقيل عن أبي سعيد الأشج :اسمه المعلی، روی عن حجر بن عدي بن الأدبر وحريز (أو أبي) حريز وله صحبة، و خباب بن الأرت ق و سوید بن غفلة دق وسلمان الفارسي بخ وعثمان بن عفان وأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه عبد الملك بن أبي سليمان و عثمان بن أبي زرعة الثقفي دق وأبو إسحاق السبيعي ق وأبو جعفر الفراء بخ، قال أحمد بن سعد بن أبي مريم عن يحيى بن معين : ثقة مشهور، وفرق الحاكم أبو أحمد بن أبي ليلى الكندي سلمة بن معاوية ويقال معاوية بن سلمة، روى عن سلمان وروى عنه أبوإسحاق وبين أبي ليلى الكندي، روی عن سويد بن غفلة، وروى عنه عثمان بن أبي زرعة، وذكر الراوي عن سويد بن غفلة فيمن لم يقف على اسمه، وقال :ضعفه يحيى بن معين، وقال : حدثني علي بن محمد بن سختویه قال : سمعت محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال : سمعت يحي (يعني بن معين) وسئل عن أبي ليلى الكندي؟ فقال: كان ضعيفا، روی له البخاري في الأدب وأبوداود وابن ماجة. قال ابن حجر في التهذيب: قلت وقال العجلي أبوليلي الكندي كوفي تابعي ثقة

فقال: نعم (1).

وروى الطبراني قال: حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو نعيم ثنا کامل أبو العلاء قال :سمعت حبيب بن أبي ثابت يحدث عن يحيى بن جعدة (2) عن زيد بن أرقم قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهينا إلى غدیر خم، أمر بدوح فكسح، في يوم ما أتي علينا يوم كان أشد حرا منه، فحمد الله وأثنى عليه وقال : يا أيها الناس إنه لم يبعث ني قط إلا عاش نصف ما عاش الذي كان قبله، وإني أوشك أن أدعى فأجيب وإني تارك فيكم ما لن تضلوا بعده كتاب الله، ثم قام وأخذ بيد علي رضي الله تعالى عنه فقال :يا أيها الناس من أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال :من کنت مولاه فعلي مولاه (3) أقول: لم يذكر الراوي قول النبي صل الله علیه و اله : (وعترتي بعد قوله و کتاب الله )على سبيل الاشارة للحديث، إذ لم يكن بصدد ذكر تمام الرواية، وهذا دیدن لاهل الرواية معروف. وروى الحاكم قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر البزاز ببغداد ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا عوف عن ميمون أبي عبد الله عن زيد بن أرقم قال : كانت لنفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبواب شارعة في المسجد،

ص: 299


1- الفضائل 613/2
2- تهذيب الكمال: د تم س ق يحي بن جعدة بن هبيرة بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم القرشي المخزومي، وأم هانئ بنت أبي طالب أخت علي بن أبي طالب جدته أم أبيه، روی عن خباب بن الأرت وزيد بن أرقم وعبد الله بن عمرو بن عبد القاري س ق وعبد الله بن مسعود وعبد الرحمن بن عبد القارىء و کعب بن عجرة وأبي الدرداء وأبي هريرة د وجدته أم هانئ بنت أبي طالب تم س ق، روى عنه ثوير بن أبي فاختة وحبيب بن أبي ثابت وعلي بن زید بن جدعان وعمرو بن دینار مدس ق ومجاهد بن جبر المكي ومحمد بن الحارث بن سفیان بن عبد الأسد المخزومي وأبو العلاء هلال بن خباب تم س ق وأبوالزبير المكي، د قال أبو حاتم والنسائي : ثقة، وذكره بن حبان في كتاب الثقات،روی له أبوداود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة.
3- المعجم الكبير 171/5

فقال يوما :سدوا هذه الأبواب إلا باب علي، قال :فتكلم في ذلك ناس، فقام رسول الله صلی الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد فإني أمرت بسد هذه الأبواب غير باب علي، فقال فيه قائلكم، والله ما سددت شيئاولا فتحته، (ولكن أمرت بشيء فاتبعته هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه) (1).

المعجم الكبير 40/3 حدثنا محمد بن راشد ثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ثنا حسين بن محمد ثنا سليمان بن قرم عن أبي الجحاف عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن صبیح مولى أم سلمة رضي الله تعالى عنها عن جده عن زيد بن أرقم قال :مر النبي صلى الله عليه وسلم على بيت فيه فاطمة وعلي وحسن وحسين رضي الله تعالى عنهم، فقال أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم.

الترمذي 699/5 / حدثنا سليمان بن عبد الجبار البغدادي حدثنا علي بن قادم حدثنا أسباط بن نصر الهمداني عن السدي عن صبيح مولى أم سلمة عن زيد بن أرقم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي وفاطمة والحسن والحسين :أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم.

قال أبو عیسی :هذا حديث غريب، إنما نعرفه من هذا الوجه، وصبيح مولى أم سلمة ليس معروف

أقول: (روی احمد في مسنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا تليد بن سلیمان قال ثنا أبو الحجاف عن أبي حازم عن أبي هريرة قال : نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي والحسن والحسين وفاطمة فقال : أنا حرب لمن حاربکم وسلم لمن سالمکم.

المستدرك 3/ 139/ حدثنا بكر بن محمد الصيرفي بمروثنا إسحاق ثنا القاسم بن أبي شيبة ثنا يحيى بن يعلى الأسلمي ثنا (تاریخ دمشق 242/42بسنده عن) عمار بن زريق عن أبي إسحاق (المعجم الكبير 194/5 ) عن زياد بن مطرف عن زيد بن أرقم رضي الله

ص: 300


1- المستدرك 135/3 السنن الکبری 118/5، فضائل الصحابة 581/2

تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من يريد أن يحيي حياتي ويموت موتي ويسكن جنة الخلد التي وعدني ربي فليتول علي بن أبي طالب، فإنه لن يخرجکم من هدى ولن يدخلكم في ضلالة، (هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه).

الطبقات الکبری 23/3 / روح بن عبادة قال أخبرنا عون عن ميمون عن البراء بن عازب وزيد بن أرقم قالا لما كان عند غزوة جيش العسرة وهي تبوك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب، إنه لا بد من أن أقيم أو تقيم فخلفه فلما فصل رسول الله صلى الله عليه وسلم غازيا، قال ناس :ما خلف عليا إلا لشيء کرهه منه فبلغ ذلك عليا فاتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى إليه، فقال له : ما جاء بك يا علي؟ قال : لا يا رسول الله إلا أني سمعت ناسا يزعمون أنك إنما خلفتني لشيء كرهته مني، فتضاحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : يا علي أما ترضى أن تكون مني کهارون من موسی غير أنك لست بنبي؟ قال : بلی یا رسول الله، قال : فإنه كذلك.

الفضائل 645/2 / حدثنا الفضل بن الحباب قثنا إبراهيم بن بشار الرمادي نا سفيان قثنا الأجلح بن عبد الله الكندي عن الشعبي عن عبد الله بن الخليل عن زيد بن أرقم قال أتى علي باليمن بثلاثة نفر وقعوا على جارية في طهر واحد فولدت ولدا فادعوه، فقال علي لأحدهم : تطيب به نفسا لهذا؟ قال : لا، وقال لآخر : تطيب به نفسا لهذا؟ قال : لا وقال للآخر : تطيب به نفسا لهذا؟ قال :لا، فقال : أراكم شرکاء متشاكسون، إني مقرع بينكم فأيكم أصابته القرعة أغرمته ثلثي القيمة وألزمته الولد، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال ما أجد فيها إلا ما قال علي.

الفضائل 664/2 / حدثنا الحسن قثنا الحسن بن علي بن راشد نا شريك قثنا الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله صلی الله عليه وسلم من أحب أن يستمسك بالقضيب الأحمر الذي غرسه الله عز وجل في جنة عدن بيمينه فليتمسك بحب علي بن أبي طالب.

ص: 301

وروى ابن دیزیل، قال: حدثنا يحيى بن زکریا، قال: حدثنا علي بن القاسم، عن سعید بن طارق، عن عثمان بن القاسم، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أدلكم على ما إن تساءلتم عليه لم تهلكوا؟ إن ولیکم الله، وإن إمامكم على بن أبي طالب، فناصحوه وصدقوه، فإن جبريل أخبرني بذلك (1)

وعن إسمعيل السدي، عن زيد بن أرقم، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وهو في الحجرة يوحى إليه ونحن ننتظره حتى اشتد الحر، فجاء علي بن أبي طالب ومعه فاطمة و حسن و حسین علیهم السلام ، فقعدوا في ظل حائط ينتظرونه، فلما خرج رسول الله صل الله علیه و اله ، رآهم فأتاهم ووقفنا نحن مكاننا، ثم جاء إلينا وهويظلهم بثوبه، ممسكا بطرف الثوب، وعلى مسك بطرفه الآخر، وهو يقول: (اللهم إني أحبهم، فأحبهم، اللهم إني سلم لمن سالمهم، وحرب لمن حاربهم) قال: فقال ذلك ثلاث مرات (2)

وروى المدائني عن زيد بن أرقم: قال: خرج الحسن عليه السلام وهو صغير، وعليه بردة ورسول اللهصل الله علیه و اله يخطب، فعثر فسقط، فقطع رسول الله صل الله علیه و اله الخطبة ونزل مسرعا إليه، وقد حمله الناس، فتسلمه وأخذه على كتفه، وقال: إن الولد لفتنة، لقد نزلت إليه وما أدري! ثم صعد فأتم الخطبة (3)

قال الواقدي: فحدثني ابن أبي سبرة، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن رافع بن إسحاق، عن زيد بن أرقم :أن رسول الله صل الله عليه واله خطبهم فأوصاهم فقال: أوصيكم بتقوى الله وبمن معكم من المسلمين خيرا، اغزوا باسم الله وفي سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، لا تغدروا ولا تغلوا ولا تقتلوا وليدا، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث فأيتهن أجابوك إليها فاقبل منهم، واكفف عنهم، ادعهم إلى الدخول في

ص: 302


1- شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد ج 3 ص 98
2- شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد ج 3 ص 208
3- شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد ج 61 ص 27

الاسلام، فإن فعلوا فاقبل واكفف. ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى المهاجرين، فإن فعلوا فأخبرهم أن لهم ما للمهاجرين، وعليهم ما على المهاجرين. وإن دخلوا في الاسلام واختاروا دارهم فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يجرى عليهم حكم الله، ولا يكون لهم في الفيء ولا في الغنيمة شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فان أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية فإن فعلوا فاقبل منهم واكفف عنهم، فإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم، وإن أنت حاصرت أهل حصن أو مدينة فأرادوا أن تستنزلهم على حكم الله فلا تستنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك، فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا! وإن حاصرت إهل حصن أو مدينة وأرادوا أن تجعل لهم ذمة الله وذمة رسول الله فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة رسول الله، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أبيك وأصحابك، فإنكم إن تخفروا (1)ذممكم وذمم آبائكم خير لكم من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله (2)

قال ابن أبي الحديد: وروي عن زيد بن أرقم من طرق مختلفة أنه قيل له: بأي شئ كفرتم عثمان؟ فقال: بثلاث: جعل المال دولة بين الأغنياء، وجعل المهاجرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنزلة من حارب الله ورسوله، وعمل بغیر کتاب الله (3)

وكذلك روايات عبد الرحمن بن أبي ليلى وعامر بن واثلة وعطية ونظرائهم وستاتي في فصل قادم من هذا الكتاب.

الحرب بين مصعب والمختار:

قال الطبري: وفي هذه السنة (67ه-) سار مصعب بن الزبير إلى المختار فقتله.

قال هشام بن محمد عن أبي مخنف حدثني حبيب بن بديل قال: لما قدم شبث على مصعب بن الزبير البصرة وتحته بغلته له قد قطع ذنبها وقطع طرف أذنها وشق قباءه

ص: 303


1- الاخفار: عدم الوفاء للمجير، والخفارة : الذمة. كتاب العين مادة خفر
2- شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد ج 15 ص 64
3- شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد ج 3 ص 51.

وهوينادي: یا غوثاه ایا غوثاه افأتی مصعب فقيل له: إن بالباب رجلا ينادي: یا غوثاه یا غوثاه مشقوق القباء من صفته كذا وكذا، فقال لهم: نعم هذا شبث بن ربعي، لم يكن ليفعل هذا غيره، فأدخلوه، فأدخل عليه وجاءه أشراف الناس من أهل الكوفة، فدخلوا عليه فأخبروه بما أصيبوا به وسألوه النصر لهم والمسير إلى المختار معهم.

أقول: ولابد أن شبث واصحابه قالوا لمصعب: ان المختار واصحابه قد أظهر هو وسبائیته البراءة من الأسلاف الصالحين (1)

قال أبو مخنف: فحدثني أبو يوسف بن یزید :أن المصعب لما أراد المسير إلى الكوفة حين أكثر الناس عليه قال لمحمد بن الأشعث: إني لا أسير حتى يأتيني المهلب بن أبي صفرة. فكتب مصعب إلى المهلب وهو عامله على فارس: أن أقبل إلينا لتشهد أمرنا فإنا نريد المسير إلى الكوفة.

فخرج المهلب وأقبل بجموع كثيرة وأموال عظيمة معه.

وخرج مصعب، فقدم أمامه عباد بن الحصين الحبطي من بني تميم على مقدمته، وبعث عمر بن عبيد الله بن معمر على ميمنته، وبعث المهلب بن أبي صفرة على ميسرته، وجعل مالك بن مسمع على خمس بكر بن وائل، ومالك بن المنذر على خمس عبد القيس

ص: 304


1- روى الطبري قال قال أبو مخنف : فحدثني قدامة بن حوشب قال: جاء شبث ابن ربعي وشمر بن ذي الجوشن و محمد بن الأشعث وعبد الرحمن بن سعید بن قیس، حتى دخلوا على كعب بن أبي كعب الخثعمي، فتکلم شبث وقال فيما يعتب المختار: إنه زعم أن ابن الحنفية بعثه إلينا، وقد علمنا أن ابن الحنفية لم يفعل، وأظهر هو وسبائیته البراءة من أسلافنا الصالحين (تاريخ الطبري - الطبري ج 4 ص 518). اقول :ان ابا مخنف يجعل هذه الواقعة في الكوفة بعد روايته قيام ثورة ضد المختار من قبل شبث واصحابه من قتلة الحسين، ولم يكن قد بدأ بقتلهم، غير اننا نرى ان المختار حين قام وجرت معركة بينه وبين شبث، واصابه وابن مطيع مع المختار واصحابه لم يؤمن قتلة الحسين، بل قتلهم في تلك الواقعة واقتص منهم، ثم هرب شبث واصحابه إلى البصرة، وشبث يعرف أن اطروحة المختار واصحابه هي اطروحة علي، (وموقف علي علیه السلام من الحكام الذين قبله معروف). والسبائية في النص لقب ظهر في العهد العباسي الاول يشير الى الشيعة القائلين بالنص لعلي علیه السلام الذي يترتب عليه البراءة من عدوه.

والأحنف بن قيس على خمس تميم، وزياد بن عمر والأزدي على خمس الأزد وقيس بن الهيثم على خمس أهل العالية. ومعهم بقية الجيش الذي قاتل الحسين الذين فروا إلى البصرة منهم شبث بن ربعي ومحمد بن الأشعث وزحر بن قیس و حجار بن ابجر وغيرهم، ومنهم ايضا عبيد الله بن الحر الجعفي.

وبلغ ذلك المختار، فقام في أصحابه، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:

يا أهل الكوفة !! يا أهل الدين وأعوان الحق!

وأنصار الضعيف، وشيعة الرسول و آل الرسول، إن

فراركم الذين بغوا عليكم أتوا أشباههم من

الفاسقين، فاستغووهم عليكم ليمصح(1) الحق

وينتعش الباطل، ويقتل أولياء الله، والله لو تهلكون

ما عبد الله في الأرض إلا بالفري على الله واللعن

الأهل بیت نبیه صل الله علیه و اله .

ثم التقى اصحاب مصعب مع اصحاب المختار، وجرت بينهما وقعات كثيرة انتهت بقتل المختار وقتل سبعة الاف من المقاتلين وغيرهم ممن تحصنوا بالقصر، ثم استؤمنوا ثم قتلوا جميعا.

مصعب يقتل سبعة الاف من الشيعة صبرا:

قال بجير بن عبد الله المسلي احد المحصورين في القصر حين أتي به مصعب ومعه منهم ناس كثير يخاطب مصعبا:

(الحمد لله الذي ابتلانا بالإسار وابتلاك بأن تعفو عنا، وهما منزلتان إحداهما رضا الله والأخرى سخطه، من عفا عفا الله عنه وزاده عزا، ومن عاقب لم يأمن القصاص.

ص: 305


1- مصح الشيء يصح مصوحا ، اذا رسخ. كتاب العين.

يا ابن الزبير، نحن أهل قبلتكم وعلى ملتكم، ولسنا تركأ ولا ديلما، فإن خالفنا إخواننا من أهل مصرنا، فإما أن نكون أصبنا وأخطئوا، وإما أن نكون أخطأنا وأصابواء فاقتتلنا كما اقتل أهل الشام بينهم، فقد اختلفوا واقتتلوا ثم اجتمعوا، وكما اقتتل أهل البصرة بينهم فقد اختلفوا واقتتلوا، ثم اصطلحوا واجتمعوا، وقد ملكتم فاسجحوا (1) وقد قدرتم فاعفوا).

فما زال بهذا القول ونحوه، حتى رق لهم الناس ورق لهم مصعب، وأراد أن يخلي سبيلهم.

فقام عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، فقال: تخلي سبيلهم، اخترنا یا بن الزبيرأواخترهم.

ووثب محمد بن عبد الرحمن بن سعيد بن قيس الهمداني فقال: قتل أبي وخمسمائة من همدان وأشراف العشيرة، وأهل المصر، ثم تخلي سبيلهم ودماؤنا ترقرق في أجوافهم اخترنا أواخترهم.

ووثب كل قوم وأهل بيت كان أصيب منهم رجل، فقالوا نحوا من هذا القول. فلما رأي مصعب بن الزبير ذلك أمر بقتلهم.

فنادوه بأجمعهم: يا ابن الزبير لا تقتلنا اجعلنا مقدمتك إلى أهل الشام غدا، فوالله ما بك ولا بأصحابك عنا غدا غنى إذا لقيتم عدو کم، فإن قتلنا لم نقتل حتى نرقهم لكم، وإن ظفرنا بهم كان ذلك لك ولمن معك.

فأبي عليهم وتبع رضا العامة.

قال أبو مخنف: وحدثني أبي قال: حدثني أبوروق :أن مسافر بن سعيد بن نمران قال لمصعب بن الزبير:

ص: 306


1- الاسجاح : حسن العفو . کتاب العين

(یا بن الزبير ما تقول الله إذا قدمت عليه وقد قتلت أمة من المسلمين صبرا؟ حکموك في دمائهم فكان الحق في دمائهم ألا تقتل نفسا مسلمة بغير نفس مسلمة، فإن كنا قتلنا عدة رجال منكم فاقتلوا عدة من قتلنا منكم، وخلوا سبيل بقيتنا، وفينا الآن رجال كثير لم يشهدوا موطنا من حربنا وحربكم يوما واحدا، كانوا في الجبال والسواد يجبون الخراج ويؤمنون السبيل)

فلم يستمع له.

قال أبو جعفر: وحدثني عمر بن شبة قال: حدثنا علي بن محمد قال: لما قتل المختار شاور مصعب أصحابه في المحصورين الذين نزلوا على حكمه، فقال عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث ومحمد بن عبد الرحمن ابن سعيد بن قيس وأشباههم ممن وترهم المختار: اقتلهم.

وضجت ضجة وقالوا: دم منذر بن حسان؟!

فقال عبيد الله بن الحر: أيها الأمير ادفع كل رجل في يديك إلى عشيرته تمن عليهم بهم فإنهم إن كانوا قتلونا فقد قتلناهم، ولا غنى بنا عنهم في ثغورنا...، فأمر مصعب بالقوم جميعا فقتلوا، و كانوا ستة آلاف.

فقال عقبة الأسدي:

قتلتم ستة الآلاف صبرا*** مع العهد الموثق مكتفينا

وما كانوا غداة دعوا فغروا*** ذلولا ظهره للواطئينا

جعلتم ذمة الحبطي جسرا*** بعهدهم بأول خائنینا

قال أبو مخنف: حدثني محمد بن يوسف أن مصعبا لقي عبد الله عمر، فسلم عليه وقال له: أنا ابن أخيك مصعب.

ص: 307

فقال له ابن عمر: نعم أنت القاتل سبعة آلاف (1)من أهل القبلة في غداة واحدة، عش ما استطعت.

فقال مصعب: إنهم كانوا كفرة سحرة.

فقال ابن عمر: والله لو قتلت عدتهم غنما من تراث أبيك لكان ذلك سرفا.

ثم إن مصعب أمر بكف المختار فقطعت، ثم سمرت بمسمار حديد إلى جنب المسجد،فلم يزل على ذلك حتى قدم الحجاج بن یوسف فنظر إليها، فقال: ما هذه؟ قالوا: كف المختار، فأمر بنزعها.

مصعب يقتل زوجة المختار بفتوى اخيه عبد الله:

قال المسعودي: وكان من جملة من ادر که الاحصاء ممن قتله مصعب مع المختار سبعة الاف رجل، كل هؤلاء طالبون بدم الحسين وقتلة اعدائه،فقتلهم مصعب وسماهم الخشبية.

وتتبع مصعب الشيعة بالقتل بالكوفة وغيرها.

اتي بحرم المختار فدعاهن الى البراءة منه ففعلن، الا حرمتين له:

احداهما بنت سمرة بن جندب الفزاري والثانية ابنة النعمان بن بشير الانصاري، وقالتا كيف نبرأ من رجل يقول ربي الله؟ كان صائم نهاره، قائم لیله، قدم دمه لله ولرسوله في طلب قتلة ابن بنت رسول الله صل الله علیه و اله ؟ واهله وشیعته فأمكنه الله منهم حتى شفي النفوس.

فكتب مصعب الى اخيه عبد الله بخبرهما وما قالتاه.

فكتب اليه: ان هما رجعتا عما هما عليه وتبرأتا منه والا فاقتلهما.

فعرضهما مصعب على السيف، فرجعت بنت سمرة ولعنته وتبرأت منه وقالت

ص: 308


1- قال ابن قتيبة في الأمامة والسياسة (ج 20/2 ): انهم كانوا ثمانية الأف

لودعوتني إلى الكفر مع السيف لكفرت، أشهد أن المختار کافر.

وأبت ابنة النعمان بن بشير، وقالت: شهادة ارزقها فأتركها؟ كلا! انها موتة ثم الجنة والقدوم على الرسول واهل بيته، والله يكون، آتي مع ابن هند فاتبعه واترك علي بن ابي طالب؟ اللهم اشهد اني متبعة لنبيك وابن بنته واهل بيته و شیعته، ثم قدمها فقتلت صبرا(1).فقال عمر بن أبي ربيعة القرشي في قتل مصعب عمرة بنت النعمان بن بشير:

إن من أعجب العجائب*** عندي قتل بيضاء حرة عطبول

قتلت هكذا على غير جرم*** إن لله درها من قتيل

كتب القتل والقتال علينا*** وعلى المحصنات جر الذيول

فقال سعيد بن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت في ذلك:

ألم تعجب الأقوام من قتل حرة*** من المحصنات الدين محمودة الأدب

من الغافلات المؤمنات بريئة من*** الذم والبهتان والشك والكذب

عجبت لها إذ كفنت وهي حية ألا*** أن هذا الخطب من أعجب العجب

بعث مصعب عماله على الجبال والسواد، ثم إنه كتب إلى ابن الأشتر يدعوه إلى طاعته ويقول له: إن أنت أجبتني ودخلت في طاعتي فلك الشام وأعنة الخيل وما غلبت عليه من أرض المغرب ما دام لآل الزبير سلطان.

وكتب عبد الملك بن مروان من الشام إليه يدعوه إلى طاعته ويقول: إن أنت أجبتني ودخلت في طاعتي فلك العراق. فدعا ابراهيم أصحابه، فقال: ما ترون؟ فقال بعضهم: تدخل في طاعة عبد الملك، وقال بعضهم: تدخل مع ابن الزبير في طاعته، فقال ابن الأشتر: ذاك لولم أكن أصبت عبيد الله بن زیاد ولا رؤساء أهل الشام تبعت عبد الملك مع أني لا أحب أن أختار على أهل مصري مصرا ولا على عشيرتي عشيرة. فكتب إلى مصعب، فكتب إليه مصعب :أن أقبل، فأقبل إليه بالطاعة.

ص: 309


1- مروج الذهب 99/3 -100

استخلف مصعب على الكوفة القباع وكان واليا من قبله على البصرة، وامره آن يجعل عمرو بن حریث خليفته وولى القباع شرطه شبث بن ربعي

عبد الله بن الزبير يحيي سيرة الشيخين في الكوفة:

صفا الجولعبد الله بن الزبير في الحجاز والعراق واليمن وجزء من فارس مدة خمس سنوات. ونفذ سياسته الاعلامية(1) التي يريد ضد علي علیه السلام وشیعته بأسلوبين.

الأسلوب الأول: استخدمه في الحجاز، وهو المنع من العمل بمدرسة علي في احياء السنة النبوية، والمنع من نشر احادیث النبي في اهل بيته، و تطويق ابن عباس وابن الحنفية وأصحابهم، ثم ابعادهم أخيرا الى الطائف، وقد استمرت هذه السياسة بعد قتل ابن الزبير، حین حکم بنوا امية الحجاز وبقي الحجاز وفي ضوء ذلك كان محبوا اهل البيت في الحجاز في تلك الفترة قليلين، روی أبو عمر النهدي قال: سمعت علي بن الحسين علیه السلام يقول: ما بمكة والمدينة عشرون رجلا يحبنا(2).

ص: 310


1- كانت سياسة عبد الله بن الزبير الاعلامية ذات شقين : الأول يرتبط بالموقف من مدرسة علي وهوما ذكرنها في المتن، الثاني يرتبط بالموقف من بني أمية ويرتكز على تبني نشر احادیث النبي صل الله علیه و اله في بني امية.
2- قال بن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة:ج 4 ص 101 كان سعيد ابن المسيب منحرفا عن أميرالمؤمنين، وجبهه محمد بن علي في وجهه بكلام شديد: روی عبد الرحمن بن الأسود، عن أبي داود الهمداني قال: شهدت سعید بن المسيب و أقبل عمر بن علي بن أبي طالب، فقال له سعيد: يا ابن أخي ما أراك تكثر غشیان مسجدرسول الله صل الله علیه و اله كما تفعل إخوتك وبنوعمك؟ فقال عمر: يا ابن المسيب أكلما دخلت المسجد أجئ فاشهدك ؟ فقال سعيد : ما أحب أن تغضب، سمعت أباك يقول: إن لي من الله مقاما لهوخير لبني عبد المطلب مما على الأرض من شئ، فقال عمر: وأنا سمعت أبي يقول: ما كلمة حكمة في قلب منافق فيخرج من الدنيا حتى يتكلم بها، فقال سعيد: يا ابن أخي جعلتني منافقا؟ فقال:هوما أقول، ثم انصرف. و كان الزهري من المنحرفين عنه، وروی جریر بن عبد الحميد عن محمد بن شيبة قال: شهدت مسجدالمدينة، فإذا الزهري وعروة بن الزبير جالسان يذكران عليا فنالا منه، فبلغ ذلك علي بن الحسين عليه السلام فجاء حتى وقف عليهما، فقال: أما أنت یا عروة فان أبي حاكم أباك إلى الله فحكم لأبي على أبيك، وأماأنت يا زهري فلو کنت بمكة لأريتك کرامتك (بحار الأنوار - العلامة المجلسي ج 64 ص 143)

الأسلوب الثاني: استخدمه في العراق وبخاصة في الكوفة، وهو اعلان البراءة من المختار ووضع الاحادیث الكاذبة ضده ثم عرض الناس على البراءة او القتل، وقد افتتح ابن الزبير عهده في الكوفة بعد قتل المختار بقتل سبعة الاف من الشيعة صبرا بعد ان امنهم على نفوسهم، ولم يتورع عبد الله بن الزبير أن يأمر أخاه مصعبا بعرض زوجتي المختار على البراءة من المختار او القتل، فتبرأت ابنة سمرة بن جندب خوفا، ولم تتبرأ ابنة النعمان بن بشیر رغبة في الشهادة.

لقد اعادت ولاية مصعب وسياسته الى الذاكرة في الكوفة عهد زیاد وابنه عبيد الله فيها.

بقي ابن الزبير يكره اهل العراق ولا يخفي ذلك عنهم.

عبد الله بن الزبير يطعن اهل العراق:

قال ابن قتيبة: قدم مصعب على اخيه عبد الله بن الزبير في سنة احدى وسبعين ومعه رؤساء اهل العراق ووجوهم واشرافهم، فقال: يا أمير المؤمنين! قد جئتك برؤساء اهل العراق واشرافهم كل مطاع في قومه، وهم الذين سارعوا إلى بيعتك وقاموا باحياء دعوتك، ونابذوا اهل معصيتك، وسعوا في قطع عدوك ...(1).

فقال له عبد الله بن الزبير اسكت:

فوالله لوددت أن لي بكل عشرة من اهل العراق

واحدا من أهل الشام، صرف الدينار بالدراهم.

فقال أبو حاضر الاسدي: يا أمير المؤمنين أن لنا ولك مثلا افتأذن في ذكره؟

قال :نعم.

ص: 311


1- الامامة والسياسة 20/2

قال: مثلنا و مثلك ومثل اهل الشام قول الاعشی:

علقتها عضا، وعلقت رجلا غيري*** وغلق اخرى غيرها الرجل

احبك اهل العراق واحببت اهل الشام،واحب اهل الشام عبد الملك، فما تصنع(1).

اقول:

يريد المتكلم باهل العراق في حديثه: اهل البصرة، ورؤوس الجيش الكوفي الذين قاتلوا الحسين، شبث بن ربعي وحجار بن أبجر ومحمد بن الأشعث، ونظراؤهم الذين بایعوا لدحروجة الجعل واليا لعبد الله بن الزبير بعد موت یزید.

قال البلاذري: ولما جاء عبد الله بن الزبير خبر مقتل اخيه مصعب اضرب عن ذكره ایاما، ثم صعد المنبر فجلس عليه مليا لا يتكلم والكآبة بادية في وجهه، ثم قال:... انه أتانا خبر من العراق أحزننا... أن أهل العراق أهل الغدر والنفاق، أسلموه وباعوه بأقل ثمن وأخسه.. (2)

أقول:

ان اهل الغدر هؤلاء الذين يشير اليهم ابن الزبير، هم الذين عرفوا بنفاقهم وارتباطهم ببني امية ايام علي علیه السلام ، ثم تولوا الامور بعد وفاة الحسن علیه السلام ، ونفذوا خطة معاوية وابنه يزيد في تصفية مدرسة علي علیه السلام ، كما مر بحثه في فصل خطة معاوية في تصفية التشيع في الكوفة.

وهل يترقب عبد الله بن الزبير من الوجوه التي شهدت على حجر بن عدي زورا لقتله، او قتلت الحسين علیه السلام وصحبه واهل بيته أن تكون وفية له ولأخيه مصعب وهي تری مصعبا لا يتورع عن قتل سبعة الاف من المسلمين صبرا ولا يتورع عن قتل زوجة المختار لانها لم تتبرأ من زوجها وشهدت بقيامه الليل وصيامه النهار؟

ص: 312


1- شرح نهج البلاغة75/7
2- انساب الاشراف 103/7

وليس من شك أن التعميم ليس في محله، لان ابراهيم الأشتر الذي وفي بعهده مع مصعب وقتل معه وقد نبه مصعبا بان الوجوه التي معه سوف يغدرون به، هومن وجود العراق وغالبية من قتل من اصحاب الحسين عليه السلام هم من وجوه اهل العراق، وسليمان بن صرد وصحبه الذين استشهدوا في عين الوردة هم من وجوه اهل العراق، والمختار ومن استشهد معه هم من وجوه اهل العراق.

ص: 313

العراق تحت امرة بني مروان

اشارة

قال عوانة: لما صح عند مصعب وصول عبد الملك يريده، بعث الى ابن الأشتر فاقدمه عليه وجعله على مقدمته، وكاتب عبد الملك وجوه اهل الكوفة والبصرة ورغبهم في الأموال والاعمال، وكتب عبد الملك إلى ابراهيم بن الأشتر فجعل له ولاية العراقين، فاخذ كتابه فدفعه الى مصعب، وقال له : أن عبد الملك لم يكتب إلي، الآ وقد كتب إلى هؤلاء الوجوه بمثله، وقد افسدهم عليك، فأنا أرى أن تأخذ وجوه أهل المصرين فتشدهم بالحديد، فقال له : يا أبا النعمان أتأخذ الناس بالظنة؟ قال : فأجمعهم في ابيض المدائن لئلا يشهدوا الحرب معك، قال : إذا افسد قلوب عشائرهم؟ قال : فأبعثهم الى اخيك بمكة، فقال :ليس هذا براي، قال فان لقيت العدو فلا تمدني بواحد منهم واتهمهم. (1)

وقال الهيثم بن عدي: كتب عبد الملك إلى ابراهيم بن الاشتر وهو مع مصعب كتابا فاتی به إلى مصعب قبل أن يقرأه، فلما قرأه مصعب قال له : يا أباالنعمان اتدري ما فيه؟ قال : لا، قال : يعرض عليك ما سقت دجلة او ما سقى الفرات، فإن أبيت جمعهما لك وان هذا لما يرغب فيه، فقال ابراهيم : ما كنت لا تقلد الغدر والخيانة، وما عبد الملك من احد بأياس منه مني، وما ترك احدا من معك الا وقد كتب اليه... وذكر مثل خبر عوانة، ولم يقبل مصعب براي ابراهيم فيهم وقال له: ووالله لولم اجد الا النمل لقاتلت به اهل الشام.

ص: 314


1- انساب الاشراف 90/7 طبعة دار الفکر بیروت

فلما اصطف الناس مال عتاب بن ورقاء فذهب، وكان على خيل اهل الكوفة وجعل ابراهيم يقول لرجل رجل : تقدم، فيأبون عليه، فتقدم هو وقاتل حتى قتل، ثم تقدم مصعب فقال لحجار بن ابجر: تقدم یا ابا اسید الى هؤلاء الانتان، قال : ما تتأخر اليه انتن، ثم قال للغضبان بن القبعثری تقدم يا أبا السمط، فقال : ما أرى، ثم التفت الى قطن بن عبد الله الحارثي وهو على مذحج واسد، فقال تقدم: فقال: اسفك دماء مذحج في غير شيء(1).

قال المدائني: سار مصعب وحوله نفر يسير، وقد خذله اهل العراق لعدة عبد الملك ایاهم ووعد حجار بن أبجر ولاية اصبهان، ووعدها غضبان بن القبعثری وعتاب بن ورقاء وقطن بن عبد الله الحارثي ومحمد بن عمیر بن عطارد.(2)

مقتل مصعب وانتصار عبد الملك:

قال عروة بن المغيرة :خرج مصعب يسير، فوقعت عينه علي. فقال ياعروة : كيف صنع الحسين عليه السلام؟ فاخبرته بإبائه النزول على حكم ابن زیاد و عزمه على الحرب.

فقال:

ان الاولى بالطف من آل هاشم*** تأسوا فسنوا للكرام التأسيا

والبيت لسليمان بن قتة.

فقاتل مصعب حتى قتل (3). كان ذلك سنة اثنتين وسبعين، قتل في مسكن.

قال ابونعیم: قتل مصعب وهوابن ست وثلاثين سنة.

ثم وجه عبد الملك الحجاج إلى عبد الله بن الزبير وجعل على شرط الكوفة قطن بن

ص: 315


1- انساب الاشراف 94/7
2- و نقل البلاذري في انساب الاشراف: ان عمرو بن حریث و كان خليفة مصعب على الكوفة ممن كاتب عبد الملك، و كان مائلا اليه
3- انساب الاشراف 98/7

عبد الله بن الحصين الحارثي، وكان عثمانیا، لم يل إلى عبد الملك احد میله (اقول: وكان احد شهود الزور على حجر ایام ولاية زياد). و جعل ولايتها لبشر بن مروان.

وولي عبد الله بن خالد بن اسید من بني أمية البصرة، ثم عزله عنها وضمها الى بشر.ثم جمع العراقين لبشر(1)

وروى الذهبي في ميزان الاعتدال (ج 4 /146) في ترجمة عمار الدهني قال:قال علي بن المديني قال: سفيان بن عيينة قطع بشر بن مروان عرقوبيه(2) في التشیع.وهذا يفيدنا أن عبد الملك بدأ بمواصلة خطة سلفه معاوية وخطة عبد الله بن الزبير في اضطهاد الشيعة بمجرد استلامهم الحكم في العراق

ص: 316


1- انساب الاشراف 106/7، انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء (وتوفي بالبصرة وله نیف واربعون سنة).
2- عرقوبيه : تثنية عرقوب وهو العصبة الناتئة من القصب إلى الساق

العراق تحت إمرة الحجاج

اشارة

قتل عبد الله بن الزبير على يد الحجاج، وولي عبد الملك الحجاج الحجاز واليمن واليمامة مدة سنتين (ابتدات بقتل ابن الزبير في 17 جمادی الثانية سنة 73 هجرية وانتهت برجب سنة 75هجرية)، وبعدها جعله عبد الملك واليا على العراق بعد وفاة اخيه بشر بن مروان في رجب سنة 75هجرية واستمرت ولايته (الى شوال سنة 95هجرية).

روى اليعقوبي أن عبد الملك كتب الى الحجاج: اما بعد یا حجاج، فقد وليتك العراقين صدقة، فاذا قدمت الكوفة فطأها وطأة يتضاءل منها اهل البصرة (1).

ولما قدم الحجاج العراق استعان بولد المغيرة بن شعبة

فولی عروة بن المغيرة الكوفة.

وولی حمزة بن المغيرة همدان.

وولی مطرف بن المغيرة المدائن.

وفي أول خطبة خطبها الحجاج بالكوفة قال لهم:

... إنكم أهل بغي وخلاف و شقاق و نفاق، طالما اوضعتم في

الضلال وسننتم سنن البغي... واياي وهذه الزرافات والجماعات

وكان ويكون، وما انتم وذاك، اني ارى الدماء بين العمائم واللحى

والذي نفس الحجاج بيده لتسلکن طريق الحق

ص: 317


1- تاريخ اليعقوبي 273/2

ولتستقيمن عليه او لأجعلن لكل امرئ منكم شغلا في جسده...

ألا لا يركبن احد منكم الا وحده... وقد بلغني رفضكم

للمهلب و اقبالكم الى مصر كم عصاة مخالفين واقسم بالله لا اجد

رجلا بعد ثلاثة من أخل بمركزه الا ضربت عنقه.

ثم دعا بالعرفاء، فقال لهم الحقوا الناس بالمهلب وأتوني بكتبه بموافاتهم ولااستبطئكم فاضرب اعناقكم. (1)

قال البلاذري: ثم امر منادیه آن برئت الذمة من عاص مخل بمر کزه وجدناه بالكوفةبعد ثلاث فالحقوا ببعث المهلب وبمكاتبكم من الثغور و مغازیكم للخوارج.

وجاء عمير بن ظابئ بن الحارث البرجمي التميمي (وكان سيد الحي)(2)، فقال : اصلح الله الأمير، اني شيخ كبير عليل، وهذا ابني حنظلة وليس في بني تميم رجل أشد منه ظهرا وبطشا فان، رایت ان تخرجه مکاني بديلا فافعل... فقال الحجاج :اضربوا عنقه، فضربوا عنقه، فلما ضربت عنق عمير تطايرت عصاة الجيوش الى مكاتبهم التي رفضوها ولحق كل مخل بثغره ومركزه. وكان الحجاج اول من ضرب اعناق العصاة.

ثم عين أخاه لأمه عروة بن المغيرة بن شعبة نائبا عنه طوال مدة غيابه.

وخرج الى البصرة وخطب وهدد بذلك ايضا، فأتاه شريك بن عمرو اليشكري (و كان به فتق و كان اعور يضع على عينه قطنة فسمي ذا الكرسف)، فقال له :اصلح الله الامير اني عرضت على بشر بن مروان فأمر العراض ان يوقعوا على اسمي (زمنا) واعطوني، فهذا عطائي قد جئتك به لترده الى بيت المال. فأمر به فضربت عنقه لاستعفائه، وكان عريفا فلم يبق بالبصرة عاص الا لحق بالمهلب ومكتبه.

وجيئ برجل وقت غداء الناس عند الحجاج، فقيل له : هذا عاص، فقال الرجل : والله

ص: 318


1- انساب الاشراف 274/7
2- تاريخ الطبري ج 208/6

ما شهدت عسكرا قط ولا اثبت لي اسم قط في ديوان وانما انا نساج، فضرب عنقه.... (1)

ثورات العراقيين على الحجاج:

ثار على الحجاج جنده من اهل البصرة سنة 76 هجرية بقيادة عبد لله بن الجارود. ثم ثار علیه جنده من اهل الكوفة سنة 77 هجرية بقيادة مطرف بن المغيرة. ثم ثار علیه جنده من المصرين في البصرة والكوفة بقيادة عبد الرحمن بن محمد بن الاشعث سنة 81 هجرية ولم يستطع الحجاج اخضاع التمرد الأخير الا بواسطة جند اهل الشام وبقي محتفظا بجند اهل الشام ليضبط ولايته، وبنى لهم مدينة واسط لكي لا يختلطوا بالعراقيين فيتأثروا بهم.

وفيما يلي موجز عنها:

تمرد عبد الله بن الجارود:

كان هذا التمرد محدودا و كان يستهدف الحجاج خاصة دون خلع بني امية، وانتهى التمرد بقتل ابن الجارود، ولما كتب الحجاج إلى عبد الملك بخبره أجابه: (اذا رابك من أهل العراق ریب فاقتل أدناهم یرعب منك أقصاهم)(2)

ثورة مطرف بن المغيرة بن شعبة:

حاول مطرف في ثورته ان يحيي منهج ابن الزبير بشكل عام، فقد اعلن ثورته عام 77 هجرية وخلع عبد الملك والحجاج، ويروي البلاذري عن أبي عبيدة وابن الهيثم ان مطرفا سمع الحجاج يقول :أرسول أحدكم أكرم أم خليفته؟ فوجم وقال : کافر، والله والله أن قتله حلال.

ص: 319


1- انساب الاشراف 280/7
2- انساب الاشراف 292/7

وكان مما خطب به مطرف اصحابه: أن الله كتب الجهاد على خلقه وأمر بالعدل والاحسان، وقال فيما انزل علينا، (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2، وإني أشهد الله أني قد خلعت عبد الملك بن مروان والحجاج بن يوسف، فمن أحب منکم صحبتي وكان على مثل رأي فليتابعني فان له الأسوة وحسن الصحبة ومن أبى فليذهب حيث شاء، فاني لست أحب أن يتبعني من ليست له نية في جهاد أهل الجور، أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نییه وإلى قتال الظلمة فإذا جمع الله لنا أمرنا كان هذا الأمر شوری بین المسلمين يرتضون الانفسهم من أحبوا

وكان مما يكتبه الى الاخرين:

أما بعد فإنا ندعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه وإلى جهاد من عند عن الحق واستأثربالفيء وترك حكم الكتاب.(1)

انتهت هذه الثورة بمقتل مطرف على يد قوات الحجاج على مقربة من اصفهان.

ثورة عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قیس 81-84 هجرية:

في عام 78 جعل عبد الملك بن مروان إقليمي خراسان وسجستان ولايتين تابعتين للحجاج، وعين الحجاج المهلب بن أبي صفرة على خراسان، وعین عبيد الله بن أبي بكرة الثقفي البصري عاملا على سجستان

ولما قدم عبيد الله بن أبي بكرة سجستان امتنع زونبيل صاحب الترك عن دفع الجزية، فأمره الحجاج ان يغزوه، فقاد ابن أبي بكرة جيشا قوامه عشرين الفا من اهل الكوفة والبصرة الذين كانوا يرابطون في سجستان، ولما وصلوا على مقربة من كابل وقعوا في كمائن نصبت لهم ولم ينج منهم سوى خمسةالاف رجل (وذلك عام 79

ص: 320


1- تاريخ الطبري - الطبري ج 5 ص 111

هجرية)، و كان بضمنهم عبيد الله بن أبي بكرة نفسه و كان معظم القتلى من اهل الكوفة.

وبعث الحجاج بعد ان اخذ موافقة عبد الملك جيشا اخر قوامه اربعين الفاء عشرین الف من الكوفة ومثلهم من البصرة بقيادة عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قیس الكندي وقدم ابن الأشعث سجستان (اواخر عام 79 هجرية) ونجح في فتح المدن التابعة لزونبيل، وآثر ابن الأشعث الاكتفاء بذلك لسنته تلك، وكتب الى الحجاج بذلك، غير ان الحجاج لم يوافقه وبعث اليه بكتاب يسفه رأيه، ويأمره بالتوغل في ارض زونبيل، وقرر ابن الاشعث عدم تنفيذ امر الحجاج واتهمه بالعمل على التغرير به كما غرر بجيش عبید الله بن أبي بكرة، وانبرى عدد من الخطباء يذمون الحجاج ويتهمونه بالعمل على هلاكهم. (قال أبو مخنف: (1)فحدثني مطرف بن عامر بن واثلة الكناني أن أباه كان أول متکلم يومئذ، و كان شاعرا خطيبا فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه:

أما بعد فان الحجاج والله ما یری بكم إلا ما رأي القائل الأول، إذ قال لاخيه : احمل عبدك على الفرس فإن هلك هلك، وإن نجي فلك، إن الحجاج والله ما يبالي أن يخاطر بكم فيقحمكم بلادا كثيرة اللهوب واللصوب(2) فإن ظفرتم فغنمتم كل البلاد وحاز المال، وكان ذلك زيادة في سلطانه، وإن ظفر عدوكم كنتم أنتم الاعداء البغضاء الذي لا يبالي عنتهم ولا يبقى عليهم، اخلعوا عدوالله الحجاج وبايعوا عبد الرحمن فإني أشهدكم أني أول خالع، فنادى الناس من كل جانب : فعلنا فعلنا، قد خلعنا عدو الله.

فوثب الناس إلى عبد الرحمن فبايعوه.

فقال : تبايعوني على خلع الحجاج عدو الله وعلى النصرة لي وجهاده معي حتى ينفيه الله من أرض العراق، فبايعه الناس.

ولما دخل الناس فارس اجتمع الناس بعضهم إلى بعض، وقالوا : إنا إذا خلعنا

ص: 321


1- تاريخ الطبري - الطبري ج 5 ص 146
2- اللهوب: الجبال الوعرة. واللصوب : المسالك الضيقة بين الجبال.

الحجاج عامل عبد الملك فقد خلعنا عبد الملك، فاجتمعوا إلى عبد الرحمن فبايعوه و کانت بیعته: تبايعون على كتاب الله وسنة نبيه وخلع أئمة الضلالة وجهاد المحلين، فإذا قالوا : نعم، بایع.

فلما بلغ الحجاج خلعه و کتب إلى عبد الملك يخبره خبر عبد الرحمن بن محمد بن الاشعث، ويسأله أن يعجل بعثه الجنود إليه.

قال أبو مخنف حدثني فضيل بن خدیج ان مكتبه کان بکرمان و كان بها أربعة آلاف فارس من أهل الكوفة وأهل البصرة، فلما مر بهم ابن محمد بن الأشعث انجفلوا معه.

هزيمة الحجاج:

وعزم الحجاج رأيه على استقبال ابن الأشعث، فسار بأهل الشام حتى نزل تستر.

وقدم بين يديه مطهر بن حر العكي أو الجذامي وعبد الله بن رميثة الطائي ومطهر على الفريقين، فجاءوا حتى انتهوا إلى دجيل وقد قطع عبد الرحمن بن محمد خيلا له عليها عبد الله بن أبان الحارثي في ثلثمائة فارس، وكانت مسلحة له وللجند، فلما انتهى إليه مطهر بن حر أمر عبد الله بن رميثة الطائي فأقدم عليهم.

قال أبو مخنف: فحدثني أبوالزبير الهمداني قال كنت في أصحاب ابن محمد إذ دعا الناس وجمعهم إليه، ثم قال :اعبروا إليه من هذا المكان، فأقحم الناس خيولهم دجيل من ذلك المكان الذي أمرهم به، فوالله ما كان بأسرع من أن عبر معظم خيولنا، فما تکاملت حتی حملنا على مهر بن حر والطائي فهزمناهما يوم الاضحى في سنة 81 وقتلناهم قتلا ذریعا وأصبنا عسكرهم.

وأتت الحجاج الهزيمة وهو يخطب، فصعد إليه أبو كعب بن عبيد بن سرجس فأخبره بهزيمة الناس، فقال : أيها الناس ارتحلوا إلى البصرة إلى معسكر ومقاتل وطعام ومادة فإن هذا المكان الذي نحن به لا يحمل الجند، ثم انصرف راجعا وتبعته خيول أهل العراق، فكلما أدر کوا منهم شاذا قتلوه وأصابوا ثقلا حووه. ومضى الحجاج لا يلوى على شئ

ص: 322

حتى نزل الزاوية، وبعث إلى طعام التجار الكلاء فأخذه فحمله إليه وخلى البصرة لاهل العراق، و كان عامله عليهم الحكم بن أيوب ابن الحكم بن أبي عقيل الثقفي وجاء أهل العراق حتى دخلوا البصرة وقد كان الحجاج حين صدم تلك الصدمة وأقبل راجعا دعا بكتاب المهلب فقرأه، ثم قال الله أبوه، (أي صاحب حرب هو) أشار علينا بالرأي ولكنا لم نقبل.

وقال غير أبي مخنف: كان عامل البصرة يومئذ الحكم بن أيوب على الصلاة والصدقة وعبد الله بن عامر بن مسمع على الشرط فسار الحجاج في جيشه حتى نزل رستقباذ(1) وهي من دسبتي من كور الاهواز، فعسکر بها وأقبل ابن الأشعث فنزل تستر وبينهما نهر، فوجه الحجاج مطهر بن حر العكي في ألفي رجل فأوقعوا بمسلحة لابن الاشعث وسار ابن الأشعث مبادرا فواقعهم وهي عشية عرفة من سنة 81، فيقال : إنهم قتلوا من أهل الشام ألفا وخمسمائة، وجاءه الباقون منهزمين ومعه يومئذ مائة وخمسون ألف ففرقها في قواده وضمنهم إياها، وأقبل منهزما إلى البصرة، وخطب ابن الاشعث أصحابه فقال : أما الحجاج فليس بشيء ولكنا نريد غزو عبد الملك. وبلغ أهل البصرة هزيمة الحجاج فأراد عبد الله بن عامر بن مسمع أن يقطع الجسر دونه فرشاه الحكم ابن أيوب مائة ألف فكف عنه ودخل الحجاج البصرة فأرسل إلى ابن عامر فانتزع المائة الف منه.

فلما دخل عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث البصرة بايعه على حرب الحجاج وخلع عبد الملك جميع أهلها من قرائها و کهولها، وخندق الحجاج علیه وخندق عبد الرحمن على البصرة وكان دخول عبد الرحمن البصرة في آخر ذي الحجة من سنة 81

قال ابو مخنف: حدثني أبوالزبير الهمداني :وخرج أهل الكوفة يستقبلون ابن الاشعث حين أقبل، فاستقبلوه بعد ما جاز قنطرة زبارة (2)، فلما دخل الكوفة مال إليه أهل الكوفة

ص: 323


1- موضع من ارض دستوا (مراصد الاطلاع)
2- ناحية بالكوفة

كلهم وبايعوه وسقط إليه أهل البصرة و تقوضت إليه المسالخ والثغور، وجاءه فيمن جاءه من أهل البصرة عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب وعرف بذلك، وكان قد قاتل الحجاج بالبصرة بعد خروج ابن الأشعث ثلاثا، وأقبل الحجاج من البصرة فسار في البر حتى مر بين القادسية والعذيب ومنعوه من نزول القادسية، وبعث إليه عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث عبد الرحمن بن العباس في خیل عظيمة من خیل المصرين فمنعوه من نزول القادسية، ثم سایروه حتى ارتفعوه على وادي السباع، ثم تسايروا حتى نزل الحجاج دیر قرة ونزل عبد الرحمن بن العباس دير الجماجم، ثم جاء ابن الاشعث فنزل بدير الجماجم والحجاج بدير قرة.

وجاءت الحجاج أيضا أمدادات من قبل عبد الملك من قبل أن ينزل دیر قرة، جاءه عبد الله بن عبد الملك بن مروان في عشرين الف من اهل الشام، ومحمد بن مروان في عشرين الف من اهل الجزيرة (1)

وقعة دير الجماجم وفشل ثورة ابن الأشعث:

وبعث ابن الأشعث عبد الله بن اسحاق بن الأشعث الحشر الناس من الكوفة وامر کمیل بن زیاد ان يحرض الناس فأخرج وهو شيخ كبير فحمل حتى اقعد على المنبر، فخطب خطبة طويلة منها قوله: انه والله لا ينفي عنكم الظلم والعدوان الا التناصح والتأسي واجتماع الكلمة وصلاح ذات البين والصبر على الطعان بالرماح والضرب بالسيوف (2)...

واجتمع أهل الكوفة وأهل البصرة وأهل الثغور والمسالح بدير الجماجم والقراء من أهل المصرين (الكوفة والبصرة) فاجتمعوا جميعا على حرب الحجاج، وجمعهم عليه

ص: 324


1- انساب الاشراف 336/7
2- انساب الاشراف339/7

بغضهم والكراهية له، وهم إذ ذاك مائة ألف مقاتل ممن يأخذ العطاء، ومعهم مثلهم من مواليهم.

فكانوا يخرجون في كل يوم فيقتتلون واشتد القتال بينهم.

فلما بلغ ذلك رؤوس قریش وأهل الشام قبل عبد الملك ومواليه قالوا إن كان إنما يرضي أهل العراق أن تنزع عنهم الحجاج فإن نزع الحجاج أيسر من حرب أهل العراق، فانزعه عنهم تخلص لك طاعتهم وتحقن به دماءنا ودماءهم، فبعث ابنه عبد الله بن عبد الملك وبعث إلى أخيه محمد بن مروان بأرض الموصل يأمره بالقدوم عليه فاجتمعا جميعا عنده كلاهما في جنديهما، فأمرهما أن يعرضا على أهل العراق نزع الحجاج عنهم وأن يجري عليهم أعطياتهم كما تجري على أهل الشام وأن ينزل ابن محمد أي بلد من العراق شاء يكون عليه واليا ما دام حيا، (و كان عبد الملك واليا) فإن هم قبلوا ذلك عزل عنهم الحجاج، (وكان محمد بن مروان أمير العراق) وإن أبوا أن يقبلوا،فالحجاج أمير جماعة أهل الشام وولي القتال ومحمد بن مروان وعبد الله بن عبد الملك في طاعته، فلم يأت الحجاج أمر قط كان أشد عليه ولا أغيظ له ولا أوجع لقلبه منه مخافة أن يقبلوا فيعزل عنهم

فكتب إلى عبد الملك : يا أمير المؤمنين والله لئن أعطيت أهل العراق نزعي لا يلبثون إلا قليلا حتى يخالفوك ويسيروا اليك ولا يزيدهم ذلك إلا جرأة عليك، ألم تر وتسمع بوثوب أهل العراق مع الاشتر علی ابن عفان؟ فلما سألهم ما یریدون؟ قالوا نزع سعيد بن العاص، فلما نزعه لم تتم لهم السنة حتى ساروا إليه فقتلوه إن الحديد بالحديد يفلح، خار الله لك فيما ارتأيت، والسلام عليك.

فأبي عبد الملك إلا عرض هذه الخصال على أهل العراق إرادة العافية من الحرب، فلما اجتمعا مع الحجاج خرج عبد الله بن عبد الملك فقال يا أهل العراق أنا عبد الله بن أمير المؤمنين وهويعطيكم كذا وكذا، فذكر هذه الخصال التي ذكرنا وقال محمد بن مروان

ص: 325

:أنا رسول أمير المؤمنين اليكم وهو يعرض عليكم كذا وكذا، فذكر هذه الخصال.

قالوا :نرجع العشية، فرجعوا فاجتمعوا عند ابن الأشعث، فلم يبق قائد ولا رأس قوم ولا فارس إلا أتاه، فحمد الله ابن الأشعث وأثنى عليه ثم قال : أما بعد فقد أعطيتم أمرا انتهاز كم اليوم إياه فرصة ولا آمن أن يكون على ذي الرأي غدا حسرة وإنكم اليوم على النصف وإن كانوا اعتدوا بالزاوية فأنتم تعتدون عليهم بيوم تستر، فاقبلوا ما عرضوا عليكم وأنتم أعزاء أقوياء والقوم لكم هائبون

فوثب الناس من كل جانب فقالوا: إن الله قد أهلكهم، فأصبحوا في الضنك والمجاعة والقلة والذلة ونحن ذووا العدد الكثير والمادة القريبة، لا والله لا نقبل، فأعادوا خلعه ثانية. وكان اجتماعهم على خلعه بالجماجم أجمع من خلعهم إياه بفارس.

فرجع محمد بن مروان وعبد الله بن عبد الملك إلى الحجاج فقالا شأنك بعسكرك وجندك، فاعمل برأيك فانا قد أمرنا أن نسمع لك و نطيع.

وبرزوا للقتال، فجعل الحجاج على ميمنته عبد الرحمن بن سليم الكلبي وعلى میسر ته عمارة بن تميم اللخمي وعلى خيله سفيان بن الأبرد الكلي وعلى رجاله عبد الرحمن بن حبيب الحكمي.

وجعل ابن الأشعث على ميمنته الحجاج ابن جارية الخثعمي وعلی میسرته الابرد بن قرة التميمي وعلى خيله عبد الرحمن بن عباس بن ربيعة بن الحارث الهاشمي وعلى رجاله محمد بن سعد بن أبي وقاص وعلى مجففته عبد الله رزام الحارثی وجعل على القراء جبلة بن زحر بن قیس الجعفي

وكان معه خمسة عشر رجلا من قريش.

وكان فيهم عامر الشعبي وسعيد بن جبير وأبوالبختري الطائي وعبد الرحمن بن أبي لیلی.

ثم إنهم أخذوا يتزاحفون في كل يوم ويقتتلون، وأهل العراق تأتيهم موادهم من

ص: 326

الكوفة ومن سوادها فيما شاؤا من خصبهم وإخوانهم من أهل البصرة وأهل الشام في ضيق شديد قد غلقت عليهم الاسعار وقل عندهم الطعام، وفقدوا اللحم، وكانوا كأنهم في حصار، وهم على ذلك يغادون أهل العراق ويراوحونهم، فيقتتلون أشد القتال، وكان الحجاج يدني خندقه مرة وهؤلاء أخرى حتى كان اليوم الذي أصيب فيه جبلة بن زحر.

ثم إن ابن الأشعث بعث إلى كميل بن زياد النخعي وكان رجلا رکینا وقورا، عند الحرب له بأس وصوت في الناس، وكانت كتيبته تدعى كتيبة القراء يحمل عليهم فلا يكادون يبرحون ويحملون فلا يكذبون فكانوا قد عرفوا بذلك.

قال الطبري: ثم دخلت سنة ثلاث وثمانين ذكر الأحداث التي كانت فيها فما كان فيها من ذلك هزيمة عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بدير الجماجم.

ذکر هشام بن محمد عن أبي مخنف قال: حدثني أبوالزبير الهمداني قال كنت في خيل جبلة بن زحل فلما حمل عليه أهل الشام مرة بعد مرة نادانا عبدالرحمن بن أبي ليلى الفقيه فقال:

يا معشر القراء إن الفرار ليس بأحد من

الناس بأقبح منه بكم، إني سمعت (عليا رفع

الله درجته في الصالحين وأثابه أحسن ثواب

الشهداء والصديقين) يقول: يوم لقينا أهل

الشام أيها المؤمنون إنه من رأي عدوانا

يعمل به و منکرا یدعى إليه فأنكره بقلبه فقد

سلم وبرئ، ومن أنكر بلسانه فقد أجر

وهو أفضل من صاحبه، ومن أنكر بالسيف

لتكون كلمة الله العليا وكلمة الظالمين

السفلى فذلك الذي أصاب سبيل الهدى

ص: 327

ونور في قلبه باليقين، فقاتلوا هؤلاء المحلين

المحدثين المبتدعين الذين قد جهلوا الحق فلا

يعرفونه وعملوا بالعدوان فليس ينكرونه.

وقال أبوالبختري: أيها الناس ! قاتلوهم على دينكم ودنیاکم، فوالله لئن ظهروا عليكم ليفسدن علیکم دینکم وليغلبن على دنياكم.

وقال سعيد بن جبير: قاتلوهم ولا تأثموا من قتالهم بنية ويقين، وعلى آثامهم قاتلوهم على جورهم في الحكم وتجبرهم في الدين و استذلالهم الضعفاء وإماتتهم الصلاة.أقول: وقدر لاهل العراق في هذه المعركة التي استمرت اكثر من ثلاثة شهور ابتداء من مطلع ربيع الأول إلى الرابع عشر من جمادى الآخرة /الهزيمة ومضی عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث مع ابن جعدة ابن هبيرة ومعه أناس من أهل بيته ثم جاء حتى انتهى إلى بيته وعليه السلاح وهو على فرسه لم ينزل عنه، ثم ودع أهله وخرج من الكوفة.(قال هشام) : حدثني أبو مخنف عن أبي يزيد السکسکی قال : خرج محمد بن سعد بن أبي وقاص بعد وقعة الجماجم حتى نزل المدائن، واجتمع إليه ناس كثير وخرج الحجاج فبدأ بالمدائن فأقام عليها خمسا حتى هيأ الرجال في المعابر، فلما بلغ محمد بن سعد عبورهم إليهم خرجوا حتى لحقوا بابن الأشعث جميعا، وأقبل نحوهم الحجاج، فخرج الناس معه إلى مسكن على جيل، وأتاه أهل الكوفة والفلول من الاطراف و تلاوم الناس على الفرار وبايع أكثرهم بسطام بن مصقلة على الموت، وانهزم أهل العراق أيضا(1)، وقتل أبوالبختري الطائي وعبد الرحمن بن أبي ليلى. ومضى ابن الأشعث والفل(2) من المنهزمين معه، وتجمعت بعض فلول ابن الأشعث وحاربوا المهلب في خراسان

ص: 328


1- قال خليفة: قال أبو الحسن: قال عوانة: قتل الحجاج بمسكن خمسة آلاف أسير أو أربعة آلاف
2- الفل : المنهزم والجمع الفلول، کتاب العين.

وانهزموا ايضا (1)

وأخذ عدد من الأسرى فيهم محمد بن سعد بن أبي وقاص، وعمروبن موسی بن عبيد الله بن معمر، وعياش بن الأسود بن عوف الزهري، والهلقام بن نعيم بن القعقاع بن معبد بن زرارة، وفيروز حصين، وأبوالعلج مولى عبيد الله بن معمر، ورجل من آل أبي عقيل، وسوار بن مروان، وعبد الرحمن بن طلحة بن عبد الله بن خلف، وعبد الله بن فضالة الزهراني، ولحق الهاشمي بالسند وأتى ابن سمرة مرو، ثم انصرف يزيد إلى مرووبعث بالاسرى إلى الحجاج مع سبرة بن نخف بن أبي صفرة وخلى عن ابن طلحة وعبد الله بن فضاله. وقال محمد بن سعد بن أبي وقاص ليزيد ان يخلي سبيله فلم يستجب له.

وقيل : إن الحجاج لما أتی بهؤلاء الأسرى من عند يزيد بن المهلب قال لحاجبه إذا دعوتك بسيدهم فأتني بفيروز فأبرز سريره، (وهوحينئذ بواسط القصب قبل أن تبنى مدينة واسط) ثم قال الحاجبه : جئني بسيدهم، فقال لفيروز :قم إفقال له الحجاج :أبا عثمان ما أخرجك مع هؤلاء؟ فوالله ما لحمك من لحومهم ولا دمك من دمائهم، قال :فتنة عمت الناس فكنا فيها، قال : اكتب لي أموالك ! قال : ثم ماذا؟ قال : اكتبها أول، قال : ثم أنا آمن على دمي؟ قال : اكتبها ثم أنظر، قال :اكتب يا غلام ألف ألف ألفي ألف (فذكر مالا كثيرا) فقال الحجاج :أين هذه الأموال؟ قال : عندي، قال : فأدها، قال : وأنا آمن على دمی؟ قال : والله لتؤدينها ثم لاقتلنك، قال : والله لا تجمع مالي ودمي، فقال الحجاج : اللحاجب نحه، فنحاه.

ثم قال : ائتني بمحمد بن سعد بن أبي وقاص، فدعاه، فقال له الحجاج : (أيها باطل

ص: 329


1- اختلفت المصادر في ذكر الطريقة التي لقي فيها ابن الاشعث مصرعه بعد ان اجمعت انه لجأ إلى رتبيل في سجستان وان الاخير استجاب لضغوط الحجاج واغرائاته بتسليم ابن الأشعث. تذكر بعض المصادر انه بعث به مقيدا وان ابن الأشعث رمى بنفسه من فوق جبل فمات، ثم احتز راسه، وبعث به إلى الحجاج، وبعضها تذكر ان رتبيل قتله وبعث براسه سنة 84 هجرية.

الشيطان )أعظم الناس تيها و كبرا اتأبي بيعة یزید ابن معاوية تشبها بحسين، ثم تتابع حوالك كندة؟ وجعل يضرب بعود في يده رأسه حتى أدماه. فقال له محمد أيها الرجل ملکت فأسجح، فضرب عنقه.

ثم أمر بفيروز فعذب، فكان فيما عذب به أن كان يشد عليه القصب الفارسی المشقوق ثم يجر عليه حتى يخرق جسده، ثم ينضح عليه الخل والملح، فلما أحس بالموت قال لصاحب العذاب :إن الناس لا يشكون أني قد قتلت، ولي ودائع أموال عند الناس لا تؤدي اليكم أبدا، فأظهروني للناس ليعلموا أني حي فيؤدوا المال، فأعلم الحجاج، فقال أظهروه فأخرج إلى باب المدينة، فصاح في الناس : من عرفني فقد عرفني ومن أنكرني فأنا فيروز حصين، إن لي عند أقوام مالا، فمن كان لي عنده شئ فهوله وهومنه في حل، فلا يؤدین منه أحد در هما، ليبلغ الشاهد الغائب فأمر به الحجاج فقتل (1)

قال البلاذري: وكان ممن خرج مع ابن الأشعث وهو عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب فلحق بعمان وهو شيخ كبير فمات بها.

انتقام الحجاج من اهل الكوفة:

وجاء الحجاج حتى دخل الكوفة وخطب فيها قائلا:

یا اهل العراق !ان الشيطان قد استبطنكم فخالط

اللحم منكم والعصب والاعضاء والاطراف... الستم

اصحابي بالاهواز حين رمتم النكر وسعيتم بالغدر...

ويوم الزاوية بما كان من فشلكم وتخاذلكم ويوم

دير الجماجم...؟ فما الذي اذكر منکم یا اهل العراق

وما الذي اتوقع وما الذي استبقيكم له؟ ان بعثتم الى

ص: 330


1- تاريخ الطبري. اقول: وقد روي عن النضر بن شميل تاريخ الطبري ج 5 ص 182 عن هشام بن حسان أنه قال بلغ ما قتل الحجاج صبرا مائة وعشرين أو مائة وثلاثين ألفا

الثغور جبنتم وان امنتم رجعتم وان خفتم نافقتم...

هل استنبحكم نابح واستغواكم غاو واستخفكم

ناکث واستفز کم عاص الا بایعتموه وتابعتموه؟

وهل شغب شاغب ونعب ناعب وظهر کاذب الا

کنتم اشیاعه وانصاره؟ ثم يا اهل الشام انا لكم

كالظليم المحافظ على فراخه، ينفي عنهن القذر

ويباعد المدر ويحرسهن من الذباب، انتم العدة

والجنة ان حارب محارب وجانب مجانب(1).

و كتب: عبد الملك إلى الحجاج : أن أدع الناس إلى البيعة، فمن أقر بالكفر فخل سبيله، إلا رجلا نصب راية أو شتم أمير المؤمنين (2)

وأجلس مصقلة بن كرب بن رقبة العبدي إلى جنبه و كان خطيبا فقال : اشتم كل امرئ بما فيه ممن كنا أحسنا إليه، فاشتمه بقلة شكره ولؤم عهده، ومن علمت منه عيبا فعبه بما فيه وصغر إليه نفسه، وكان لا يبايعه أحد إلا قال له : أتشهد انك قد كفرت؟ فإذا قال : نعم، بایعه وإلا قتله.

فجاء إليه رجل من خثعم (قد كان معتزلا للناس جميعا من وراء الفرات) فسأله عن حاله، فقال : ما زلت معتزلا وراء هذه النطفة، منتظرا أمر الناس حتى ظهرت فأتيتك الأبايعك مع الناس.

قال : أمتربص؟ أتشهد أنك كافر؟

قال : بئس الرجل، أنا ان كنت عبدت الله ثمانين سنة ثم أشهد على نفسي بالكفر؟

ص: 331


1- انساب الاشراف 345/7، شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد ج 1 ص 344، والخطبة في البيان والتبيين 2: 138، العقد : 115، نهاية الأرب 7: 245
2- تاریخ خليفة بن خياط العصفري ص 217

قال : إذن أقتلك، قال : وان قتلتني فوالله ما بقي من عمري إلا ظم، حمار(1)، وإني لأنتظر الموت صباح مساء

قال : اضربوا عنقه.

فضربت عنقه.

مقتل كميل بن زياد:

قال ابن أبي الحديد(2): هو کمیل بن زیاد بن سهيل بن هیثم بن سعد بن مالك بن الحارث بن صهبان ابن سعد بن مالك بن النخع، كان من أصحاب علي علیه السلام وشیعته وخاصته، وقتله الحجاج على المذهب فيمن قتل من الشيعة.

وقال ابن حجر (3): کمیل بن زياد النخعي التابعي الشهير، له إدراك، قال بن أبي خيثمة وخليفة بن خیاط مات سنة اثنتين وثمانين من الهجرة، زاد بن أبي خيثمة :وهوبن سبعين سنة بتقديم السين فيكون قد أدرك من الحياة النبوية ثماني عشرة سنة، وروي عن عمر وعلي وابن مسعود وغيرهم، قال ابن سعد شهد صفين مع علي وكان شريفا مطاعا ثقة قليل الحديث، ووثقه بن معين وجماعة، وقال ابن عمار: كان من رؤساء الشيعة واخرج بن أبي الدنيا من طريق الأعمش قال : دخل الهيثم بن الأسود على الحجاج فقال له: ما فعل کمیل بن زیاد؟ قال شيخ كبير في البيت، قال : فأين هو؟ قال : ذلك شیخ كبير خرف، فدعاه، فقال له أنت صاحب عثمان؟ قال ما صنعت بعثمان؟ لطمني فطلبت القصاص فأقادني فعفوت، قال : فأمر الحجاج بقتله.

وقال جرير عن مغيرة : طلب الحجاج کمیل بن زیاد فهرب منه، فحرم قومه عطاءهم، فلما رأی کمیل ذلك قال : أنا شيخ كبير قد نفد عمري لا ينبغي ان احرم قومي

ص: 332


1- ظم، حمار : أي شيء يسير وانما خص الحمار لانه اقل الدواب صبرا عن الماء.
2- شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد ج 17 ص149
3- الإصابة - ابن حجر ج 5 ص 485.

عطاءهم، فخرج إلى الحجاج، فلما رآه قال له کمیل : انه ما بقي من عمري الا القليل، فاقض ما أنت قاض، فان الموعد الله، وقد أخبرني أمير المؤمنين على انك قاتلي، قال : بلى قد كنت فيمن قتل عثمان، اضربوا عنقه، فضربت عنقه (1)

وهرب عبد الرحمن بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب الى السد(2) فمات بها (3)

قال خليفة بن خياط: كانت بينهم بالجماجم إحدى وثمانين وقيعة، كلها على الحجاج إلا آخر وقعة كانت على ابن الأشعث، فانهزم. وقتل من القراء بدير الجماجم أبوالبختري سعد مولى حذيفة وأبوالبختري الطائي. وانكشف ابن الأشعث من دیر الجماجم، فأتى البصرة وتبعه الحجاج، فخرج منها إلى مسكن من أرض دجيل الأهواز، واتبعه الحجاج فالتقوا بمسكن، فانهزم ابن الأشعث، وقتل من أصحابه ناس كثير وغرق ناس كثير، افتقد ليلة دجيل بمسكن عبد الرحمن بن أبي ليلي وعبد الله بن شداد بن الهاد وابو عبيدة بن عبد الله بن مسعود. وأسر الحجاج ناسا كثيرا منهم: عمران بن عصام العنزي، وعبد الرحمن بن ثروان، وأعشی همدان، وفيروز حصين. قال أبو اليقظان: حدثني سلم بن الجارود بن أبي سبرة الهذلي قال: أتي الحجاج بعمران بن عصام العنزي، فقال: عمران؟ قال: نعم. قال: ألم أقدم العراق فأوفدتك إلى أمير المؤمنين ولا يوفد مثلك؟ قال: بلى. قال: وزوجتك سيد قومها ماوية بنت مسمع ولم تكن لها بأهل؟ قال: بلى. قال: فما حملك على الخروج مع عدو الله ابن الأشعث؟ قال: أخرجني باذان. قال: فأين كنت عن حجلة أهلك؟ قال: أخرجني باذان. قال: فأين كنت على خرب البصرة؟ فأمربه فضربت عنقه، ثم سار ابن الأشعث يريد خراسان، وتبعه الفل فتركهم، وسار إلى رتبيل

ص: 333


1- الاصابة 653/5 . اقول :تهمة کمیل بن زیاد بعثمان اصلها من رواية سيف بن عمر انظر تاریخ الطبري 430/3
2- وهو اسم لماء سماء في حزم بني عوال ، جبیل لغطفان
3- انساب الاشراف351/7

بسجستان، فقام بأمر الناس عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، فلقيه المفضل بن المهلب بهراة وهو وال لأخيه يزيد فهزمه، وأسر ناسا من أصحابه منهم محمد بن سعد بن مالك والهلقام بن نعيم. أول وقعة كانت بينهم يوم تستر یوم النحر آخر سنة إحدى وثمانين، والوقعة الثانية بالزاوية في المحرم أول سنة اثنتين وثمانين، والوقعة الثالثة بظهر المربد في صفر يوم الأحد سنة اثنتين وثمانين، والوقعة الرابعة بدير الجماجم، كانت الهزيمة في جمادى لأربع عشرة ليلة خلت منه سنة اثنتين وثمانين، والوقعة الخامسة في شعبان سنة اثنتين وثمانين ليلة دجيل.

قال خليفة: تسمية القراء الذين خرجوا مع ابن الأشعث : مسلم بن يسار مزني وعقبة بن عبد الغافر العوذي قتل في المعركة، وعقبة بن وساج البرساني قتل في المعركة وعبد الله بن غالب الجهضمي قتل في المعركة، والنضر بن أنس بن مالك، وأبو الجوزاء قتل في المعركة، وعمران بن عصام الضبعي قتل صبرا، وسيار بن سلامة أبوالمنهال الرياحي، ومالك بن دينار، ومرة بن دباب الهرادي، وأبو نجيد الجهضمي، وأبوشيخ الهنائي، والحسن بن أبي الحسن أخرج كرها لم يقتل. ومن أهل الكوفة: سعيد بن جبير، وعامر الشعبي، وعبد الله بن شداد بن الهادي فقد ليلة دجيل، وعبد الرحمن بن أبي ليلى فقد ليلة دجيل. وحدثني غندر قال: حدثني شعبة عن حصين قال: رأيت ابن أبي ليلى يحضض الناس ليالي الجماجم. وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود والمعرور بن سويد، ومحمد بن سعد بن مالك قتل صبرا، وطلحة بن مصرف الأيامي، وزبيد بن الحارث الأيامي، وعطاء بن السائب مولی ثقيف، وأبوالبختري الطائي قتل في المعركة.

قال خليفة: عن الحسن الجفري عن مالك بن دینار قال: خرج مع ابن الأشعث خمسمائة من القراء كلهم يرون القتال، وقتل طفيل بن عامر بن واثلة (1)

ص: 334


1- تاریخ خليفة بن خياط 216-222

وكتب عبد الملك إلى الحجاج ايضا: أن جمر اهل العراق، وتابع عليهم البعوث، واستعن عليهم بالفقر، فانه جند الله الأكبر، ففعل ذلك بهم سنتين. ثم اعطاهم بعد ذلك عطاءهم (1)

الكوفة على عهد الوليد:

قال اليعقوبي: وكتب الوليد إلى خالد بن عبدالله القسري (عامله على الحجاز) يأمره بإخراج من بالحجاز من أهل العراقين، وحملهم إلى الحجاج بن يوسف، فبعث خالد إلى المدينة عثمان بن حيان المري لاخراج من بها من أهل العراقين، فأخرجهم جميعا، وجماعاتهم في الجوامع إلى الحجاج، ولم يترك تاجرا ولا غير تاجر، ونادى: ألا برئت الذمة من آوى عراقيا، وكان لا يبلغه أن أحدا من أهل العراق في دار أحد من أهل المدينة إلا أخرجه (2)

قال ابن عساکر : أنبأنا أبو بكر محمد بن عبدالباقي عن أبي محمد الجوهري عن أبي عمر بن حيوية أنا سليمان بن إسحاق نا الحارث بن أبي أسامة نا محمد بن سعد أنا محمد بن عمر الواقدي قال : فحدثني محمد بن عبدالله بن أبي حرة عن عمه قال: رأيت عثمان بن حيان أخذ عبيدة بن رباح ومنقذ العراقي في أناس من أهل العراق فحبسهم، ثم بعث بهم في جوامع إلى الحجاج بن يوسف ولم يترك بالمدينة أحدا من أهل العراق تاجرا ولا غير تاجر من كل بلد إلا أخرجوا فرأيتهم في الجوامع ... وسمعته يخطب على المنبر وهو يقول بعد حمد الله: أيها الناس إذا وجدنا أهل غش لأمير المؤمنين في قديم الدهر وحديثه وقرضوا إليكم من لا يزيد كم إلا خبالا أهل العراق هم أهل الشقاق والنفاق وهم والله عش النفاق وبيضته التي أنفلقت عنه، والله ما سبرت عراقيا قط فوجدت عنده

ص: 335


1- انساب الاشراف 358/7
2- لا نعلم في أي سنة، ولكن اليعقوبي كان قد ذكر قبله حوادث سنة 92 وذكره بعده حوادث سنة 95 هجرية

دینا وإن أفضلهم حالا عند نفسه الذي يقول في آل أبي طالب ما يقول وما هم لهم بشيعة إنهم لأعداء لهم ولغيرهم. ولكن لما يريد الله من سفك دمائهم والتقرب إليه بذلك منهم وإني والله لا أؤتى بأحد منكم أكرى أحدا منهم منزلا ولا أنزله إلا هدمت منزله وأحللت به ما هو أهله. إن البلدان مصرها عمر بن الخطاب وهو مجتهد على ما يصلح رعيته، فجعل يمر عليه من يريد الجهاد فيستشيره : الشام أحب إليك أم العراق؟ فيقول : الشام أحب إلي.

إني رأيت العراق داء عضالا وبها فرخ الشيطان، والله لو عضلوا أبي وأني لأراني سأفرقهم في البلدان ثم أقول لوفرقتهم لأفسدوا من دخلوا عليه مع جدل وحجاج، و كيف ولم وسرعة وجيف(1) في الفتنة فإذا خبروا عند السيف لم يخبر منهم طائل ولم يصلحوا على عثمان و هومن بعد الإمام المظلوم الشهيد فلقي منهم الأمرين و كانوا هم أول الناس فتق هذا الفتق ونقضوا عرى الإسلام عروة عروة وانفلوا البلدان.

والله إني لأتقرب إلى الله بكل ما افعل بهم لما أعرف من رأيهم ومذاهبهم ثم وليهم أمير المؤمنين فلم يصطلحوا عليه ثم یزید بن معاوية فلم يصطلحوا ووليهم رجل الناس جلدا يعني عبد الملك فبسط علیهم السيف وأخافهم فاستقاموا له أحبوا أو كرهوا وذلك أنه خبرهم فعرفهم (2)

قال ابن عساکر: وأنا محمد بن عمر حدثني خالد بن القاسم عن سعيد بن عمرو قال رأيت منادي عثمان بن حیان ينادي برئت ذمة اله ممن آوى عراقيا، وكان عندنا رجل من أهل البصرة له فضل يقال له : سوادة، من العباد فقال : والله ما أحب أن أدخل عليكم مکروها بلغوني مأمني.

قال : قلت لا خير لك في الخروج، إن الله يدفع عنا وعنك.

ص: 336


1- وجف: الوجف : سرعة السير. كتاب العين
2- تاریخ دمشق 344/38

قال : فأدخلته بيتي وبلغ عثمان بن حیان، فبعث أحراسا فأدخلته إلى بيت آخر، فما قدروا على شيء (وكان الذي سعى بي عدوا) فقلت أصلح الله ألامير، تؤتي بالباطل فلا تعاقب عليه، قال : فضرب الذي سعى بي عشرين سوطا

وأخرجنا العراقي، فكان يصلي معنا، ما يغيب عنا يوما واحدا وحدب عليه أهل دارنا وقالوا :نموت دونك، فما برح معنا في بني أمية بن زيد حتى عزل الخبيث (1).

اقول: نزع سليمان عثمان بن حيان عن المدينة لتسع ليال بقين من رمضان سنة ست وتسعين و كانت إمارته على المدينة ثلاث سنين إلا سبع ليال، وولی سلیمان ابن حزم على المدينة.(2)

قال إسحاق بن الأشعث بن قيس الكندي : قال : كنت في صحابة عمر بن عبد العزيز فاستأذنته في الانصراف إلى أهلي بالكوفة، فقال لي عمر : إذا أتيت العراق فأقرهم ولا تستقرهم، وعلمهم ولا تتعلم منهم، وحدثهم ولا تسمع حديثهم.

قال المؤلف: وكان من بين هؤلاء العراقيين المختفين في الحجاز سعید بن جبير الذي قتله الحجاج بعد سلمه اليه خالد القسري، وكان من بين هؤلاء سعيد بن جبير الذي قتله الحجاج بعد سلمه اليه خالد القسري.

ص: 337


1- تاریخ دمشق لابن عساكر 38/ 345
2- قال ابن عساکر : وفي سنة أربع وتسعين نزع الوليد عمر بن عبد العزيز عن أهل المدينة وولاها عثمان بن حیان القرشي، قال : وفي سنة ست وتسعين نزع عثمان بن حیان عن أهل المدينة وأمر أبو بكر بن حزم الأنصاري. وقال: کان عثمان بن حيان أميرا على المدينة في خلافة الوليد بن عبد الملك قال وكان ابن حزم يومئذ قاضيا، قال : فعزل عثمان بن حیان بعد ذلك وولي أبو بكر بن حزم بعده

ثورة زيد بن علي علیه السلام :

اشارة

قال البلاذري وهويترجم لزيد بن علي علیه السلام : وقرأت في كتب سالم كاتب هشام کتابا نسخته:

(أما بعد فقد عرفت حال أهل الكوفة في حبهم أهل البيت ووضعهم إياهم في غير مواضعهم لإفتراضهم على أنفسهم طاعتهم ووظفوا عليهم شرائع دينهم) ونحلتهم إياهم عظیم ما هو كائن مما استأثر الله بعلمه دونهم حتى حملوهم على تفريق الجماعة والخروج على الأئمة. وقد قدم زید بن علي على أمير المؤمنين في خصومة فرأى رجلا جدلا لسنا حولا قلبا (1) خليقا بصوغ الكلام وتويهه واجترار الرجال بحلاوة لسانه و كثرة مخارجه في حججه وما يدلي به عند الخصام من العلو على الخصم بالقوة المؤدية إلى الفلج رحمه الله به فعجل إشخاصة إلى الحجاز ولا تدعه المقام قبلك، فإنه إن أعاره القوم أسماعهم فحشاها من لين لفظه وحلاوة منطقه مع ما يدلي به من القرابة برسول الله صل الله علیه و اله وجدهم میلا الیه ؟ (2) غير متئدة قلوبهم ولا ساكنة أحلامهم ولا مصونة عندهم أديانهم، وبعض التحامل عليه فيه أذى له وإخراجه وتر که مع السلامة للجميع والحقن للدماء والأمن للفرقة أحب إلي من أمر فيه سفك دمائهم وانتشار کلمتهم وقطع نسلهم، والجماعة حبل الله المتين ودين الله القويم وعروته الوثقی، فادع إليك أشراف أهل المصر وأوعدهم العقوبة

ص: 338


1- رجل حول : ذو حيل ، کتاب العين
2- إلى هنا ينتهي نص الكتاب لدى البلاذري ج 3/ 434

في الأبشار واستصفاء الأموال، فإن من له عقد أو عهد منهم سيبطىء عنه ولا يخف معه إلا الرعاع وأهل السواد ومن تنهضه الحاجة استلذاذا للفتنة، وأولئك ممن يستعيد إبليس وهويستعبدهم. فبادرهم بالوعيد، واعضضهم بسوطك وجد فيهم سيفك وأخف الأشراف قبل الأوساط والأوساط قبل السفلة. واعلم أنك قائم على باب ألفة وداع إلى طاعة وحاض على جماعة ومشمر لدين الله فلا تستوحش لكثرتهم واجعل معقلك الذي تأوي إليه وصغوك الذي تخرج منه الثقة بربك والغضب لدينك والمحاماة عن الجماعة ومناصبة من أراد کسر هذا الباب الذي أمرهم الله بالدخول فيه والتشاح عليه فإن أمير المؤمنين قد أعذر إليه وقضى من ذمامه فليس له منزى إلى ادعاء هوله ظلمه من نصيب نفسه أو فيء أوصلة لذي قربي إلآ الذي خاف أمير المؤمنين من حمل بادرة السفلة على الذي عسى أن يكونوا به أشقى وأضل ولهم أمر ولأمير المؤمنين أعز وأسهل إلى حياطة الدين والذب عنه فإنه لا يحب أن يرى في أمته حالا متفاوتا نکالا لهم مفنيا فهو يستديم النظرة ويتأتى للرشاد ويجتنبهم على المخاوف ويستجرهم إلى المراشد ويعدل بهم عن المهالك، فعل الوالد الشفيق على ولده والراعي الحدب على رعيته. واعلم أن من حجتك عليهم في استحقاق نصر الله لك عند معاندتهم توفيتك أطماعهم وأعطية ذريتهم ونهيك جندك أن ينزلوا حريمهم ودورهم، فانتهز رضا الله فيما أنت بسبيله فإنه ليس ذنب أسرع تعجيل عقوبة من بغي وقد أوقعهم الشيطان ودلاهم فيه ودلهم عليه والعصمة بتارك البغي أولى فأمير المؤمنين يستعين الله عليهم وعلى غيرهم من رعیته ويسأل إلهه ومولاه ووليه أن يصلح منهم ما كان فاسدا وأن يسرع بهم إلى النجاة والفوز إنه سميع قریب(1)

قال البلاذري: وكتب زيد إلى أهل الآفاق کتبا يصف فيها جور بني أمية وسوء سيرتهم ويحضهم على الجهاد ويدعوهم إليه وقال: لا تقولوا : خرجنا غضبا لكم، ولكن قولوا: (خرجنا غضبا لله ودينه).

ص: 339


1- تاريخ الطبري (ج 170/7- 171) ولم يذكر الطبري مصدره الذي أخذ الرواية عنه.

وكان (زید) إذا بويع قال: أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه وجهاد الظالمين والدفع عن المستضعفين وإعطاء المحرومين وقسم هذا الفي على أهله ورد المظالم وإقفال المجمرة ونصرنا أهل البيت على من نصب لنا الحرب، أتبايعون على هذا؟ فيبايعونه ويضع يده على يد الرجل؟ ثم يقول : عليك عهد الله وميثاقه لتفين لنا ولتنصحن في السر والعلانية والرخاء والشدة والعسرة واليسرة فيماسح على ذلك(1) . قال البلاذري: وبعث يوسف بن عمر إلى ام إمرأة لزيد أزدية، فهدم دارها وحملت إليه، فقال لها : أزوجت زیدا؟ قالت: نعم زوجته وهو سامع مطيع، ولوخطب إليك إذ كان كذلك لزوجته. فقال شقوا عليها ثيابها، فجلدها بالسياط وهي تشتمه وتقول: ما أنت بعربي تعريني وتضربني لعنك الله، فماتت تحت السياط، ثم أمر بها فألقيت في العراء، فسرقها قومها ودفنوها في مقابرهم.

وأخذ إمرأة قوت زيدا على أمره، فأمر بها أن تقطع يدها ورجلها.. وضرب عنق زوجها.

وضرب إمرأة أشارت على أمها أن تؤوي ابنة لزيد خمسمائة سوط.

وهدم دورا كثيرة.

وأتي يوسف بعبد الله بن يعقوب السلمي من ولد عتبة بن فرقد (و كان زوج ابنته من يحيى بن زید) فقال له يوسف: ائتني بابنتك، قال : وما تصنع بها جارية عاتق (2)في البيت؟ قال : أقسم لتأتيني بها أولأضربن عنقك، (وقد كان كتب إلى هشام يصف طاعته) فأبي أن يأتيه بابنته فضرب عنقه، وأمر العريف أن يأتيه بابنة عبد الله بن يعقوب فأبى، فأمر به فدقت.

قال البلاذري: ولما فرغ يوسف من أمر زيد صعد منبر الكوفة فشتم أهلها وقال: يا

ص: 340


1- انساب الأشراف (ج/3 434-435)
2- العاتق: الجارية أول ما أدرکت

أهل المذرة الخبيثة ! (والله ما يقعقع لي بالشنان ولا تقرن بي الصعبة) لقد هممت أن أخرب بلدكم وأن أحربكم بأموالكم، والله ما أطلت منبري إلا لأسمعكم عليه ما تكرهون، فإنكم أهل بغي وخلاف، ولقد سألت أمير المؤمنين أن يأذن لي فيكم ولو فعل لقتلت مقاتلتكم وسبيت نساء كم. إن يحي بن زيد (1) ليتنقل في حجال نسائكم كما كان أبوه، يفعل، وما فيكم مطيع إلا حکیم بن شريك المحاربي، والله لو ظفرت بیحیاکم لعرقت خصییه کما عرقت خصيتي أبيه(2)

قصيدة الفضل بن عبد الرحمن المطلبي:

قال الفضل بن عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب لما قتل زید بن علي علیه السلام في سنة اثنتين وعشرين ومائة في خلافة هشام بن عبد الملك

وذلك أن هشاما كتب إلى عامله بالبصرة - وهو القاسم بن محمد الثقفي - أن يشخص كل من بالعراق من بني هاشم إلى المدينة خوفا من خروجهم. وكتب إلى عامل المدينة أن يحبس قوما منهم، وأن يعرضهم في كل أسبوع مرة، ويقيم لهم الكفلاء على ألا يخرجوا منها.

فقال الفضل بن عبد الرحمن من قصيدة له طويلة:

كلما حدثوا بأرض نقيقا*** ضمنونا السجون أو سيرونا

أشخصونا إلى المدينة أسرى*** لا كفاهم ربي الذي يحذرونا

خلفوا أحمد المطهر فينا*** بالذي لايحب، واستضعفونا

قتلونا بغير ذنب إليهم*** قاتل الله أمة قتلونا!

ص: 341


1- ترجم البلاذري ليحي بن زيد وحركته ومقتله في الجوزجان في انساب الاشراف (ج 453/3 -458)
2- انساب الأشراف ج448/3 -450

ما رعوا حقنا ولا حفظوا***فینا وصاة الاله بالاقربینا

جعلونا أدني عدو إليهم***فهم فی دمائنا یسبحونا

أنكروا حقنا وجاروا علينا***و علی غیر احنة ابغضونا

غير أن النبي منا وأنا***لم نزل فی صلاتهم راغبینا

إن دعونا إلى الهدى لم يجيبونا***وکانوا عن الهدی ناکبینا

أو أمرنا بالعرف لم يسمعوا منا***وردوا نصیحة الناصحینا

ولقدما ما رد نصح ذوي الرأي*** فلم یتبعهم الجاهلونا

فعسى الله أن يديل أناسا*** من اناس فیصبحوا ظاهرینا

فتقر العيون من قوم سوء***قد اخافوا وقتلوا المومنینا

ليت شعري هل توجفن بي*** الخیل علیها الکماة مستلئمینا (1)

من بني هاشم ومن كل حي*** ینصرون الاسلام مستنصرینا

في أناس آباؤهم نصروا الدين*** و کانوا لربهم ناصرینا

تحكم المرهفات في الهام***منهم باکف المعاشر الثائرینا (2)

أين قتلى منا بغيتم عليهم***ثم قتلتموهم ظالمینا

إرجعوا هاشما وردوا ابا اليق-***--ظان و ابن البدیل فی اخرینا

وارجعوا ذا الشهادتين وقتلی***انتم فی قتالهم فاجرونا

ثم ردوا حجرا وأصحاب حجر***یوم انتم فی قتلهم معتدونا

ثم ردوا أبا عمير وردوا لي***رشیدا و میثما و الذینا

قتلوا بالطف يوم حسين***من بنی هاشم وردوا حسینا

أين عمرو وأين بشر و قتلى***معهم بالعراء ما یدفنونا

ص: 342


1- الکماة:الشجعان و المستلئم:لابس اللامة و هی:الدرع فی الحرب
2- المرهفات: السيوف، والهام:الرؤوس.

ارجعوا عامرا وردوا زهير*** ثم عثمان، فارجعوا عازمینا

وارجعوا الحر وابن قين وقوما*** قتلوا حين جاوزوا صفينا

وارجعوا هانئا وردوا إلينا***مسلما والرواع في آخرينا

ثم ردوا زيدا إلينا وردوا***كل من قد قتلتم أجمعينا

لن تردوهم إلينا ولسنا*** منكم غير ذلكم قابلينا

ص: 343

ثورة العباسيين وسقوط دولة بني امية مشاهد من انهيار دولة بني امية على يد العباسيين

هزيمة مروان الحمار ومقتله:

سار عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس للقاء مروان بن محمد بن مروان،(وهو آخر خلفاء الأمويين)، فالتقيا بالزاب(1) من أرض الموصل، فهزم مروان، واستولى عبد الله بن علي على عسكره، وقتل من أصحابه خلقا عظيما، فأتی مروان حران (2) وكانت داره و مقامه، ثم هرب منها ونزلها عبد الله بن علي، فهدم قصر مروان بها، وكان قد أنفق على بنائه عشرة آلاف ألف درهم، واحتوى على خزائن مروان وأمواله. وعبر مروان الفرات حتى أتي الشام وعبد الله يتبعه، فسار مروان بأهله وعترته من بني أمية وخواصه، حتى نزل بنهر أبي فطرس (3) من بلاد فلسطين، ثم عبر الى مصر. وسار عبد الله بن علي حتى نزل دمشق ونواحيها وقتل من بني أمية قريبا من ثمانين رجلا، قتلهم مثلة (4)

ص: 344


1- هوالزاب الأعلى، بين الموصل وإربل
2- مدينة قديمة قصبة ديار مضر ، بينها وبين الرها يوم (مراصد الاطلاع)
3- فطرس، ضبطه صاحب مراصد الاطلاع بضم الفاء وسكون الطاء وضم الراء وسين مهملة، وقال: موضع قرب الرملة من أرض فلسطين
4- يقال: مثل فلان بالقتيل مثلة و مثلا، أي جدعه و ظهرت آثار فعله عليه .

وعبر مروان الفرات حتى أتى الشام وعبد الله يتبعه، فسار مروان بأهله وعترته من بني أمية وخواصه، حتى نزل بنهر أبي فطرس من بلاد فلسطين،

وقتل عبد الله بن علي بدمشق خلقا كثيرا من أصحاب مروان وموالي بني أمية وأتباعهم، ونزل عبد الله على نهر أبي فطرس، فقتل من بني أمية هناك بضعا وثمانين رجلا، قتلهم مثلة، وذلك في ذي القعدة من سنة ثنتين وثلاثين ومائة(1)

واحتذى أخوه داود بن علي بالحجاز فعله، فقتل منهم قريبا من هذه العدة بأنواع المثل.

وصل مروان إلى مصر، فاتبعه عبد الله بجنوده، فقتله (ببوصير(2) الاشمونين) من صعيد مصر، وقتل خواصه وبطانته وشاهد من بقي منهم أنواع الشدائد و ضروب المكاره، ووقع عبيد الله بن مروان في عدة ممن نجی معه في أرض البجة(3) وقطعوا البحر إلى ساحل جدة، وتنقل فيمن نجی معه من أهله ومواليه في البلاد مستترین راضين أن يعيشوا سوقة بعد أن كانوا ملوكا، فظفر بعبد الله أيام السفاح، فحبس فلم يزل في السجن بقية أيام السفاح وأيام المنصور وأيام المهدي وأيام الهادي وبعض أيام الرشيد، وأخرجه الرشيد وهو شيخ ضرير، فسأله عن خبره، فقال: يا أمير المؤمنين، حبست غلاما بصيراء وأخرجت شيخا ضريرا !

فقيل : إنه هلك في أيام الرشيد، وقيل: عاش إلى أن أدرك خلافة الأمين.

مما قيل من الشعر في التحريض على قتل بني أمية :

وروى أبو الفرج أيضا، عن محمد بن خلف وكيع، قال: دخل سدیف مولى آل أبي لهب على أبي العباس بالحيرة، وأبو العباس جالس على سريره، وبنوهاشم دونه على

ص: 345


1- شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد ج 7 ص 120
2- اسم لاربع قرى مصر ( مراصد الاطلاع)
3- البجة : مدينة بين فارس واصبهان (مراصد الاطلاع) التنبيه والاشراف للمسعودي ص 285

الكراسي وبنو أمية حوله على وسائد قد ثنيت لهم، وكانوا في أيام دولتهم يجلسونهم والخليفة منهم على الأسرة، ويجلس بنوهاشم على الكراسي، فدخل الحاجب، فقال: يا أمير المؤمنين! بالباب رجل حجازي أسود راكب على نجيب متلثم، يستأذن ولا يخبر باسمه، ويحلف لا يحسر اللثام عن وجهه حتى یری أمير المؤمنين! فقال: هذا سدیف مولانا، أدخله، فدخل فلما نظر إلى أبي العباس وبنو أمية حوله حسر اللثام عن وجهه، ثم أنشد:

أصبح الملك ثابت الأساس*** البهاليل من بني العباس(1)

بالصدور المقدمين قديما*** والبحور القماقم الرؤاس

يا إمام المطهرين من الذم*** ويا رأس منتهى كل راس

أنت مهدي هاشم وفتاها*** كم أناس رجوك بعد أناس

لا تقيلن عبد شمس عثارا*** واقطعن کل رقلة وغراس

أنزلوها بحيث أنزلها الله*** بدار الهوان والانعاس

خوفها أظهر التودد منها*** وبها منكم كحز المواسي

واذکرن مصرع الحسين وزيد*** بالسيف شأفة الأرجاس

أقصهم أيها الخليفة واحسم عنك*** وقتيلا بجانب المهراس

والقتيل الذي بحران أمسى*** ثاويا بين غربة وتناس (2)

فلقد ساءني وساء سوائي*** قربهم من نمارق وكراسي(3)

نعم كلب الهراش مولاك شبل*** لونجا من حبائل الافلاس

ص: 346


1- قال في الكامل : الأساس: جمع أس، وتقديرها" فعل " (بضم العين وسكون اللام)، و" إفعال ، وقد يقال للواحد أساس، وجمعه أسس. والبهلول: الضحاك. وقال المرصفي: الاجود تفسيره بالعزيز الجامع لكل خير.
2- القتيل الذي بحران هو إبراهيم بن محمد بن علي، وهو الذي يقال له الامام.
3- سوائي: أي سواي، والنمارق: واحدتها نمرقة، وهي الوسائد

قال: فتغير لون أبي العباس، وأخذه زمع(1) ورعدة، فالتفت بعض ولد سلیمان بن عبد الملك إلى آخر فيهم كان إلى جانبه، فقال: قتلنا والله العبد!

فأقبل أبو العباس عليهم، فقال: يا بني الزواني، لا أرى قتلاكم من أهلي قد سلفوا وأنتم أحياء تتلذذون في الدنيا، خذوهم، فأخذتهم الخراسانية (بالكافر کوبات) فأهمدوا إلا ما كان من عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، فإنه استجار بداود بن علي، وقال إن أبي لم يكن كآبائهم، وقد علمت صنيعته إليكم فأجاره واستوهبه من السفاح وقال له : قد علمت صنيع أبيه إلينا، فوهبه له، وقال: لا يريني وجهه، وليكن بحيث نأمنه، وكتب إلى عماله في الآفاق بقتل بني أمية (2)

فأما أبو العباس المبرد، فإنه روى في الكامل(3) هذا الشعر على غير هذا الوجه، ولم ينسبه إلى سدیف، بل إلى شبل مولى بني هاشم . قال أبو العباس: دخل شبل بن عبد الله مولى بني هاشم على عبد الله بن علي، وقد أجلس ثمانين من بني أمية على سمط الطعام، فأنشده :

أصبح الملك ثابت الأساس*** بالبهاليل من بني العباس

طلبوا وتر هاشم وشفوها*** بعد ميل من الزمان و یاس (4)

لا تقیلن عبد شمس عثارا*** واقطعن کل رقلة وأواسي(5)

ذلها أظهر التودد منها***وبها منكم كحز المواسي (6)

ولقد غاظني وغاظ سوائي*** قربها من نمارق وكراسي

أنزلوها بحيث أنزلها الله*** بدار الهوان والاتعاس

ص: 347


1- الزمع: شدة الرعدة
2- الاغانی (244:4--246 )
3- الكامل (8: 134، 135) بشرح المرصفي.
4- الكامل (8: 134، 135) بشرح المرصفي
5- مروج الذهب (3: 261) وما بعدها
6- مروج الذهب (3: 261) وما بعدها

واذكروا مصرع الحسين وزيد*** وقتيلا بجانب المهراس

والقتيل الذي بحران أضحى*** ثاويا بين غربة وتناسي

نعم شبل الهراش مولاك شبل*** لونجی من حبائل الافلاس(1)

فأمر بهم عبد الله فشد خوا بالعمد، وبسطت البسط عليهم، وجلس عليها، ودعابالطعام، وإنه ليسمع أنين بعضهم حتى ماتوا جميعا.

وقال الشبل: لولا أنك خلطت شعرك بالمسألة لاغنمتك أموالهم، ولعقدت لك على جميع موالى بني هاشم.

قال أبو العباس: فأما سدیف، فإنه لم يقم هذا المقام، وإنما قام مقاما آخر، دخل على أبي العباس السفاح، وعنده سلیمان بن هشام بن عبد الملك، وقد أعطاه يده فقبلها وأدناه، فأقبل على السفاح، وقال له:

لا يغرنك ما ترى من رجال*** إن تحت الضلوع داء دويا

فضع السيف وارفع السوط حتى*** لا ترى فوق ظهرها أمويا

فقال سليمان: ما لي ولك أيها الشيخ قتلتني قتلك الله!

فقام أبو العباس، فدخل وإذا المنديل قد ألقي في عنق سلیمان، ثم جر فقتل.

فأما سلیمان بن یزید بن عبد الملك بن مروان فقتل بالبلقاء، وحمل رأسه إلى عبد الله ابن علي.

أخبار متفرقة في انتقال الملك من بني أمية إلى بني العباس :

وذكر صاحب مروج الذهب أنه أرسل عبد الله أخاه صالح بن علي ومعه عامر بن إسماعيل أحد الشيعة الخراسانية إلى مصر، فلحقوا مروان ببوصير، فقتلوه وقتلوا كل من

ص: 348


1- قال أبو العباس: الرقلة النخلة الطويلة، والاواسي: جمع آسية، وهي أصل البناء كالاساس. وقتیل المهراس: حمزة علیه السلام ، والمهراس: ماء بأحد. وقتیل حران: إبراهيم الامام

كان معه من أهله وبطانته، وهجموا على الكنيسة التي فيها بناته ونساؤه، فوجدوا خادما بيده سيف مشهور یسابقهم على الدخول، فأخذوه وسألوه عن أمره، فقال: إن أمير المؤمنين أمرني إن هو قتل أن أقتل بناته ونساءه كلهن قبل أن تصلوا إليهن، فأرادوا قتله، فقال: لا تقتلوني، فإنكم إن قتلتموني فقد تم میراث رسول الله صل الله علیه و اله

فقالوا: وما هو؟ فأخرجهم من القرية إلى كثبان من الرمل، فقال: اكشفوا ها هنا، فإذا البردة والقضيب وقعب (1)(ومخصر)(2)، مخضب قد دفنها مروان ضنا بها أن تصير إلى بني هاشم. فوجه به عامر بن إسماعيل إلى صالح بن على، فوجه به صالح إلى أخيه عبد الله، فوجه به عبد الله إلى أبي العباس، وتداوله خلفاء بني العباس من بعد.

وأدخل بنات مروان وحرمه ونساؤه على صالح بن علي، فتكلمت ابنة مروان الكبرى، فقالت: يا عم أمير المؤمنين، حفظ الله لك من أمرك ما تحب حفظه، وأسعدك في أحوالك كلها، وعمك بخواص نعمه، وشملك بالعافية في الدنيا والآخرة نحن بناتك وبنات أخيك وابن عمك، فليسعنا من عدلكم ما وسعنا من جور کم. قال: إذا لا نستبقي منكم أحدا، لانكم قد قتلتم إبراهيم الأمام، وزيد بن علي، ويحيى بن زید، و مسلم بن عقيل، وقتلتم خير أهل الأرض حسینا وإخوته وبنيه وأهل بيته، وسقتم نساءه سبايا - كما يساق ذراري الروم - على الأقتاب إلى الشام.

فقالت: يا عم أمير المؤمنين، فليسعنا عفو كم إذن.

قال: أما هذا فنعم، وأن أحببت زوجتك من ابني الفضل بن صالح،

قالت: يا عم أمير المؤمنين، وأي ساعة عرس تری؟ بل تلحقنا بحران، فحملهن إلى حران (3). فعلت أصواتهن عند دخولهن بالبكاء على مروان، و شققن جيوبهن، وأعولن

ص: 349


1- القعب : القدح الغليظ. كتاب العين
2- المخصرة: عصا او نحوها بيد صاحبها. كتاب العين.
3- مروج الذهب 261:3 -263.

بالصياح النحيب، حتی ارتب العسكر بالبكاء منهن على مروان.

كان عبد الرحمن بن حبيب بن مسلمة الفهري عامل إفريقية لمروان، فلما حدثت الحادثة، هرب عبد الله والعاص ابنا الوليد بن یزید بن عبد الملك إليه،فاعتصما به فخاف على نفسه منهما، ورأی میل الناس إليهما فقتلهما.

وكان عبد الرحمن بن معاوية بن هشام ابن عبد الملك يريد أن يقصده ويلتجئ إليه، فلما علم ما جرى لابني الوليد بن یزید خاف منه، فقطع المجاز بين: إفريقية والاندلس، وركب البحر حتى حصل بالأندلس، فالأمراء الذين ولوها كانوا من ولده. ثم زال أمرهم ودولتهم على أيدي بني هاشم أيضا، وهم بنو حمود الحسنيون، من ولد إدريس بن الحسن علیه السلام .

ولما أتی أبوالعباس برأس مروان، سجد فأطال، ثم رفع رأسه، وقال: الحمد لله الذي لم يبق ثأرنا قبلك وقبل رهطك، الحمد لله الذي أظفرنا بك، وأظهرنا عليك. ما أبالي متى طرقني الموت، وقد قتلت بالحسين علیه السلام ألفا من بني أمية، وأحرقت شلو هشام بابن عمي زید بن علي كما أحرقوا شلوه! وتمثل(1)

الويشربون دمي لم يروشاربهم ولا دماؤهم جمعا ترويني.

ثم حول وجهه إلى القبلة فسجد ثانية ثم جلس، فتمثل:

أبي قومنا أن ينصفونا فأنصفت*** قواطع في أيماننا تقطر الدما

إذا خالطت هام الرجال تركتها*** كبيض نعام في الثرى قد تحطما

ثم قال: أما مروان فقتلناه بأخي إبراهيم، وقتلنا سائر بني أمية بحسين، ومن قتل معه وبعده من بني عمنا أبي طالب (2)

وروى المسعودي في كتاب مروج الذهب عن الهيثم بن عدي قال: حدثني عمروبن هاني الطائي قال: خرجت مع عبد الله بن علي لنبش قبور بني أمية في أيام أبي العباس

ص: 350


1- مروج الذهب 2: 271-272
2- مروج الذهب 2: 271-272

السفاح، فانتهينا إلى قبر هشام بن عبد الملك، فاستخرجناه صحيحا، ما فقدنا منه إلا عرنين أنفه، فضربه عبد الله بن علي ثمانين سوطا ثم أحرقه، واستخرجنا سليمان بن عبد الملك من أرض دابق فلم نجد منه شيئا إلا صلبه ورأسه وأضلاعه فأحرقناه، وفعلنا مثل ذلك بغيرهما من بني أمية، وكانت قبورهم بقنسرين، ثم انتهينا إلى دمشق، فاستخرجنا الوليد بن عبد الملك، فما وجدنا في قبره قليلا ولا كثيرا، واحتفرنا عن عبد الملك فما وجدنا إلا شئون(1) رأسه، ثم احتفر نا عن یزید بن معاوية فلم نجد منه إلا عظما واحدا، ووجدنا من موضع نحره إلى قدمه خطا واحدا أسود، كأنما خط بالرماد في طول لحده، و تتبعنا قبورهم في جميع البلدان، فأحرقنا ما وجدنا فيها منهم

قال ابن أبي الحديد: قرأت هذا الخبر على النقيب أبي جعفر يحيى بن أبي زيد العلوي بن عبد الله في سنة خمس وستمائة، وقلت له: أما إحراق هشام بإحراق زید فمفهوم، فما معنی جلده ثمانين سوطا؟ فقال رحمه الله تعالى: أظن عبد الله بن علي ذهب في ذلك إلى حد القذف لانه يقال: إنه قال لزيد: يا بن الزانية، لما سب أخاه محمدا الباقر علیه السلام ، فسبه زید، وقال له: سماه رسول الله صل الله علیه و اله الباقر وتسميه أنت البقرة؟! لشدة ما اختلفتما! ولتخالفنه في الآخرة كما خالفته في الدنيا فيرد الجنة وترد النار. وهذا استنباط لطيف.

قال مروان لكاتبه عبد الحميد بن يحيى حين أيقن بزوال ملکه: قد احتجت إلى أن تصير مع عدوي وتظهر الغدر بي؛ فإن إعجابهم ببلاغتك وحاجتهم إلى كتابتك تدعوهم إلى اصطناعك و تقریبك، فإن استطعت أن تسعى لتنفعني في حياتي، وإلا فلن تعجز عن حفظ حرمي بعد وفاتي

لما أشرف عبد الله بن على يوم الزاب في المسودة، وفي أوائلهم البنود السود، تحملها الرجال على الجمال البخت، وقد جعل لها بدلا من القنا خشب الصفصاف(2) والغرب،

ص: 351


1- الشئون: موصل قبائل الرأس، واحد شأن
2- الصفصاف :نوع من الشجر

قال مروان لمن قرب منه: أما ترون رماحهم كأنها النخل غلظا ؟! أما ترون أعلامهم فوق هذه الابل كأنها قطع الغمام السود؟! فبينما هو ينظرها ويعجب، إذ طارت قطعة عظيمة من الغربان السود، فنزلت على أول عسكر عبد الله بن على، واتصل سوادها بسواد تلك الرايات والبنود ومروان ينظر، فازداد تعجبه وقال: أما ترون إلى السواد قد اتصل بالسواد، حتى صار الكل كالسحب السود المتكاثفة! ثم أقبل على رجل إلى جنبه فقال: ألا تعرفني من صاحب جيشهم؟ فقال: عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب. قال: ويحك! أمن ولد العباس هو؟ قال: نعم، قال: والله لوددت أن علي بن أبي طالب علیه السلام مكانه في هذا الصف،

قال: يا أمير المؤمنين، أتقول هذا لعلي مع شجاعته التي ملأ الدنيا ذكرها؟!

قال: ويحك إن عليا مع شجاعته صاحب دین، وإن الدين غير الملك، وإنا نروي عن قديمنا أنه لا شئ لعلي ولا لولده في هذا

ثم قال: من هومن ولد العباس؟

قال لما كان سایر عبد الله بن علي في آخر أيام بني أمية عبد الله بن حسن بن حسن، ومعهما داود بن علي، فقال داود لعبد الله بن الحسن: لم لا تأمر ابنيك بالظهور؟ فقال عبد الله بن حسن: لم يأن لهما بعد، فالتفت إليه عبد الله بن علي، فقال: أظنك ترى أن ابنيك قاتلا مروان! فقال عبد الله بن حسن: إنه ذلك،

قال: هيهات! ثم تمثل:

سيكفيك الجعالة مستميت*** خفيف الحاذ من فتيان جرم

أنا والله أقتل مروان وأسلبه ملکه، لا أنت ولا ولداك!

وروى أبو الفرج أيضا : أن أبا العباس دعا بالغداء حين قتلوا، وأمر ببساط، فبسط عليهم، وجلس فوقه يأكل وهم يضطربون تحته، فلما فرغ قال: ما أعلم أني أكلت أكلة

ص: 352

قط كانت أطيب ولا أهنأ في نفسي من هذه. فلما فرغ من الاكل قال: جروا بأرجلهم وألقوهم في الطريق ليلعنهم الناس أمواتا، كما لعنوهم أحياء.

قال: فلقد رأينا الكلاب تجرهم بأرجلهم، وعليهم سراويلات الوشي حتى أنتنوا، ثم حفرت لهم بئر فألقوا فيها.

وروى أبو الفرج في الكتاب المذكور أن سديفا أنشد أبا العباس، وعنده رجال من بني أمية، فقال:

یا بن عم النبي أنت ضياء*** استبنا بك اليقين الجليا

جرد السيف وارفع العفو حتى*** لا ترى فوق ظهرها أمويا

قطن البغض في القديم وأضحى*** ثابتا في قلوبهم مطويا

وهي طويلة، فقال أبو العباس: یا سدیف، خلق الانسان من عجل! ثم أنشدأبو العباس متمثلا:

أحيا الضغائن آباء لنا سلفوا*** فلن تبيد وللآباء أبناء

ثم أمر بمن عنده فقتلوا

وروى أبو الفرج أيضا، عن علي بن محمد بن سليمان النوفلي، عن أبيه، عن عمومته، أنهم حضروا سليمان بن على بالبصرة، وقد حضر جماعة من بني أمية عنده، عليهم الثياب الموشاة(1) المرتفعة . قال أحد الرواة المذكورين: فكأني أنظر إلى أحدهم وقد أسود شيب في عارضيه من الغالية - فأمر بهم فقتلوا وجروا بأرجلهم، فألقوا على الطريق، وإن عليهم لسروايلات الوشی والكلاب تجرهم بأرجلهم.

وروى أبو الفرج الأصفهاني، قال: أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهري عن عمر بن شبة، قال: قال سديف لابي العباس يحضه على بني أمية، ويذكر من قتل مروان وبنو أمية من أهله:

ص: 353


1- الموشاة: الوشي هو نقش الثوب ويكون كل من لون

كيف بالعفو عنهم وقديما*** قتلوكم وهتكوا الحرمات؟

أين زيد وأن يحي بن زید !؟*** يا لها من مصيبة وترات!

والامام الذي أصيب بحران*** إمام الهدى ورأس الثقات

قتلوا آل أحمد لا عفى الذنب*** لمروان غافر السيئات

قال أبو الفرج: وأخبرني علي بن سليمان الاخفش، قال: أنشدني محمد بن یزید المبرد لرجل من شيعة بني العباس، يحضهم على بني أمية:

إياكم أن تلينوا لاعتذارهم*** فليس ذلك إلا الخوف والطمع

لو أنهم أمنوا أبدوا عداوتهم*** لكنهم قمعوا (1)بالذل فانقمعوا

أليس في ألف شهر قد مضت*** لهم سقيتم جرعا من بعدها جرع

حتى إذا ما انقضت أيام مدتهم*** متوا إليكم بالارحام التي قطعوا

هیهات لابد أن يسقوا بكأسهم ريا*** وأن يحصدوا والزرع الذي زرعوا

إنا وإخواننا الانصار شيعتكم*** إذا تفرقت الأهواء والشيع(2)

قال أبو الفرج: وروى ابن المعتز في قصة سديف مثل ما ذكرناه من قبل، إلا أنه قال فيها: فلا أنشده ذلك التفت إليه أبو الغمر سليمان بن هشام، فقال: يا ماص بظر أمه، أتجبهنا بمثل هذا ونحن سروات الناس؟!

فغضب أبو العباس - وكان سليمان بن هشام صديقه قديما وحديثا، يقضي حوائجه في أيامهم ویبره - فلم يلتفت إلى ذلك، وصاح بالخراسانية: خذوهم (3)؛ فقتلوهم جميعا إلا سليمان بن هشام،

فأقبل عليه أبو العباس، فقال: يا أبا الغمر! ما أرى لك في الحياة بعد هؤلاء خيرا!؟

ص: 354


1- قمعت فلانا فانقمع: أي ذللته فذل
2- بعده في الاغاني 4: 351 : إياكم أن يقول الناس : إنهم قد ملكوا ثم ما ضروا ولا نفعوا
3- من الاغاني 4: 351 وانظر طبقات الشعراء لابن المعتز 39، 40

قال: لا والله، قال: فاقتلوه، (وكان إلى جنبه) فقتل وصلبوا في بستانه، حتى تأذي جلساؤه بريحهم، فكلموه في ذلك، فقال: والله إن ريحهم عندي لألذ وأطيب من ريح المسك والعنبر، (غيظا عليهم [ وحنقا ]).

لما ضرب عبد الله بن علي أعناق بني أمية، قال له قائل من أصحابه: هذا والله جهد البلاء، فقال عبد الله: كلا، ما هذا وشرطة حجام إلا سواء، إنما جهد البلاء فقر مدقع، بعد غني موسع.

خطب سلیمان بن علي لما قتل بني أمية بالبصرة، فقال:

(ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون)(الانبياء 105) قضاء فصل، وقول مبرم، فالحمد لله الذي صدق عبده، وأنجز وعده، وبعدا للقوم الظالمين، الذين اتخذوا الكعبة غرضا، والدین هزوا، والفيء إرثا، والقرآن عضين، لقد حاق بهم ما كانوا به يستهزئون. ذلك بما قدمت أيديهم، وما ربك بظلام للعبيد.

أمهلهم حتى اضطهدوا العترة، ونبذوا السنة،

ثم أخذهم فهل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا!؟

ضرب الوليد بن عبد الملك علي بن عبد الله بن العباس بالسياط، وشهره بين الناس يدار به على بعير، ووجهه مما يلي ذنب البعير، وصائح يصيح أمامه: هذا علي بن عبد الله الكذاب، فقال له قائل (وهو على تلك الحال): ما الذي نسبوك إليه من الكذب يا أبا محمد؟ قال: بلغهم قولي: أن هذا الأمر سيكون في ولدي، والله ليكونن فيهم حتى يملکه عبيدهم الصغار العيون، العراض الوجوه، الذين كأن وجوههم المجان المطرقة(1)

وروي أن علي بن عبد الله دخل على هشام ومعه ابنا ابنه الخليفتان أبو العباس

ص: 355


1- المجان المطرقة ما يكون بين جلدين احدهما فوق الاخر والذي جاء في الحديث : (كأن وجوههم المجان المطرقة ) أي التراس التي البست العقبة شيئا فوق الشيء، اراد انهم عراض الوجوه غلاظها . لسان العرب ج 10 ص 220

وأبو جعفر، فكلمه فيما أراد، ثم ولى فقال هشام: إن هذا الشيخ قد خرف وأهتر، يقول: إن هذا الأمر سينتقل إلى ولده! فسمع علي بن عبد الله كلامه، فالتفت إليه، وقال: إي والله ليكونن ذلك، وليملكن هذان.

وقد روى أبو العباس المبرد في كتاب " الكامل " هذا الحديث، فقال: دخل علي بن عبد الله بن العباس علی سلیمان بن عبد الملك فيما رواه محمد بن شجاع البلخي، ومعه ابنا ابنه الخليفتان بعد: أبو العباس وأبو جعفر، فأوسع له على سريره وبره، وسأله عن حاجته، فقال: ثلاثون ألف درهم علي دين، فأمر بقضائها، قال واستوص بابني هذين خيرا، ففعل، فشكره علي بن عبد الله، وقال: وصلتك رحم، فلما ولی قال سليمان لاصحابه: إن هذا الشيخ قد اختل وأسن وخلط، وصار يقول: إن هذا الأمر سينتقل إلى ولده. فسمع ذلك علي بن عبد الله، فالتفت إليه، وقال: إي والله ليكونن ذلك، وليملكن هذان. قالأبو العباس المبرد: وفي هذه الرواية غلط، لان الخليفة في ذلك الوقت لم يكن سليمان، وإنما ينبغي أن يكون دخل على هشام، لان محمد بن علي بن عبد الله بن العباس كان يحاول التزویج في بني الحارث بن کعب، ولم يكن سلیمان بن عبد الملك يأذن له، فلما قام عمر بن عبد العزيز جاء فقال: إني أردت أن أتزوج ابنة خالي من بني الحارث ابن کعب، فتأذن لي؟ فقال عمر بن عبد العزيز: تزوج يرحمك الله من أحببت. فتزوجها فأولدها أبا العباس السفاح، وعمر بن عبد العزيز بعد سلیمان

وأبو العباس ينبغي ألا يكون تهيأ لمثله أن يدخل على خليفة حتى يترعرع، ولا يتم مثل هذا إلا في أيام هشام ابن عبد الملك

قال أبو العباس المبرد: وقد جاءت الرواية أن أمير المؤمنين عليا علیه السلام لما ولد لعبد الله بن العباس مولود فقده وقت صلاة الظهر.

فقال: ما بال ابن العباس لم يحضر؟

قالوا: ولد له ولد ذکر، يا أمير المؤمنين.

ص: 356

قال: فأمضوا بنا إليه، فأتاه فقال له: شكرت الواهب، وبورك لك في الموهوب! ما سميته؟

فقال: يا أمير المؤمنين، أو يجوز لي أن أسميه حتى تسميه؟

فقال: أخرجه إلي، فأخرجه، فأخذه فحنکه ودعا له ثم رده إليه، وقال: خذ إليك أباالأملاك، قد سميته عليا، وكنيته أبا الحسن.

قال: فلما قدم معاوية خليفة، قال لعبد الله بن العباس: لا أجمع لك بين الاسم والكنية، قد كنيته أبا محمد، فجرت عليه.

قلت: سألت النقيب أبا جعفر يحيى بن محمد بن أبي زيد رحمه الله تعالى، فقلت له: من أي طريق عرف بنو أمية أن الأمر سينتقل عنهم، وأنه سیلیه بنوهاشم، وأول من يلي منهم يكون اسمه عبد الله؟ ولمم منعوهم عن مناكحة بني الحارث بن كعب لعلمهم أن أول من يلي الأمر من بني هاشم تكون أمه حارثية؟ وبأي طريق عرف بنوهاشم أن الأمر سيصير إليهم، ويملکه عبيد أولادهم، حتى عرفوا صاحب الامر بعينه، كما قد جاء في الخبر!

فقال: أصل هذا كله محمد بن الحنفية، ثم ابنه عبد الله المكنى أبا هاشم. قلت له: أفكان محمد بن الحنفية مخصوصا من أمير المؤمنين علیه السلام بعلم يستأثر به على أخويه حسن وحسين عليهما السلام؟ قال: لا، ولكنهما کتما وأذاع.

ثم قال: قد صحت الرواية عندنا عن أسلافنا وعن غيرهم من أرباب الحديث أن عليا علیه السلام لما قبض أتی محمد ابنه أخويه حسنا وحسينا عليهما السلام، فقال لهما: أعطياني ميراثي من أبي، فقالا له: قد علمت أن أباك لم يترك صفراء ولا بيضاء، فقال: قد علمت ذلك، وليس ميراث المال أطلب، إنما أطلب ميراث العلم.

قال أبو جعفر رحمه الله تعالى: فروى أبان بن عثمان عمن يروي له ذلك، عن جعفر بن محمد علیه السلام قال: فدفعا إليه صحيفة، لو أطلعاه على أكثر منها لهلك، فيها ذكر دولة بني العباس.

ص: 357

قال أبو جعفر: وقد روى أبو الحسن علی بن محمد النوفلي، قال: حدثني عیسی ابن علي بن عبد الله بن العباس، قال: (لما أردنا الهرب من مروان بن محمد، لما قبض على) إبراهيم الامام جعلنا نسخة الصحيفة التي دفعها أبوهاشم بن محمد بن الحنفية إلى محمد بن علی ابن عبد الله بن العباس، وهي التي كان آباؤنا يسمونها صحيفة الدولة، في صندوق من نحاس صغير، ثم دفناه تحت زیتونات بالشراة (1) لم يكن بالشراة من الزيتون غيرهن، فلما أفضى السلطان إلينا، وملكنا الأمر، أرسلنا إلى ذلك الموضع فبحث وحفر، فلم يوجد فيه شيء، فأمرنا بحفر جريب من الأرض في ذلك الموضع، حتى بلغ الحفر الماء ولم نجد شيئا.

قال أبو جعفر : وقد كان محمد بن الحنفية صرح بالامر لعبد الله بن العباس وعرفه تفصيله، ولم يكن أمير المؤمنين علیه السلام قد فصل لعبد الله بن العباس الأمر، وإنما أخبره به كان يسكنها ولد علی بن عباس في أيام بني مروان، كقوله في هذا الخبر: " خذ إليك أبا الاملاك "، ونحوذلك مما كان يعرض له به، ولكن الذي كشف القناع وأبرز المستور عليه هو محمد بن الحنفية. وكذلك أيضا ما وصل إلى بني أمية من علم هذا الأمر، فإنه وصل من جهة محمد ابن الحنفية، وأطلعهم على السر الذي علمه، ولكن لم يكشف لهم كشفه لبني العباس، فإن كشفه الأمر لبني العباس كان أكمل.

قال أبو جعفر: فأما أبوهاشم، فإنه قد كان أفضى بالأمر إلى محمد بن علي بن عبد الله ابن العباس وأطلعه عليه، وأوضحه له، فلما حضرته الوفاة عقيب انصرافه من عند الولید ابن عبد الملك مر بالشراة، وهو مريض ومحمد بن على بها، فدفع إليه كتبه، وجعله وصيه، وأمر الشيعة بالاختلاف إليه.

قال أبو جعفر: وحضر وفاة أبي هاشم ثلاثة نفر من بني هاشم: محمد بن على هذا

ص: 358


1- الشراة: صقع بالشام بين المدينة ودمشق، ومن بعض نواحيه القرية المعروفة بالحمية. یاقوت /صفحة 150/ مجملا.

ومعاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن الحارث بن نوفل ابن الحارث بن عبد المطلب، فلما مات خرج محمد بن معاوية بن عبد الله بن جعفر من عنده، وكل واحد منهما يدعي وصايته، فأما عبد الله بن الحارث فلم يقل شيئا.

قال أبو جعفر رحمه الله تعالى: وصدق محمد بن علي، أنه إليه أوصى أبوهاشم، وإليه دفع كتاب الدولة، وکذب معاوية بن عبد الله بن جعفر، لكنه قرأ الكتاب، فوجد لهم فيه ذكرا يسيرا، فادعى الوصية بذلك، فمات وخرج ابنه عبد الله بن معاوية يدعي وصاية أبيه، ويدعي لابيه وصاية أبي هاشم، ويظهر الانکار على بني أمية، وكان له في ذلك شيعة يقولون بإمامته سرا حتى قتل.

دخلت إحدى نساء بني أمية على سليمان بن على، وهويقتل بني أمية بالبصرة، فقالت: أيها الأمير، إن العدل ليمل من الاكثار منه، والاسراف فيه، فكيف لا تمل أنت من الجور وقطيعة الرحم؟

فأطرق ثم قال لها:

سننتم علينا القتل لا تنكرونه*** فذوقوا کماذقنا على سالف الدهر

ثم قال:

يا أمة الله وأول راض سنة من يسيرها

ألم تحاربوا عليا وتدفعوا حقه؟

ألم تسموا حسنا و تنقضوا شرطه؟

ألم تقتلواحسينا وتسيروا رأسه؟

ألم تقتلوا زيدا و تصلبوا جسده؟

ألم تقتلوا يحي وتمثلوا به؟

ألم تلعنوا عليا على منابر كم؟

ألم تضربوا أبانا علي بن عبد الله بسیاطكم؟

ص: 359

ألم تخنقوا الأمام بجراب النورة في حبسكم؟

ثم قال: ألك حاجة؟ قالت :قبض عمالك أموالي، فأمر برد أموالها عليها.

كان مروان سديد الرأي، ميمون النقيبة، حازما، فلما ظهرت المسودة ولقيهم، كان ما يدبر أمرا إلا كان فيه خلل، ولقد وقف يوم الزاب، وأمر بالأموال فأخرجت، وقال للناس: اصبروا وقاتلوا، وهذه الأموال لكم، فجعل ناس يصيبون من ذلك المال ويشتغلون به عن الحرب، فقال لابنه عبد الله: سر في أصحابك فامنع من يتعرض لاخذ المال، فمال عبد الله برایته، ومعه أصحابه، فتنادي الناس: الهزيمة! الهزيمة! فانهزموا وركب أصحاب عبد الله بن علي أكتافهم

لما قتل مروان ببوصير، قال الحسن بن قحطبة: أخرجوا إلى إحدى بنات مروان، فأخرجوها إليه وهي ترعد، قال: لا بأس عليك!

قالت: وأي بأس أعظم من إخراجك إياي حاسرة، ولم أر رجلا قبلك قط؟

فأجلسها ووضع رأس مروان في حجرها، فصرخت واضطربت

فقيل له: ما أردت بهذا؟ قال: فعلت بهم فعلهم بزید بن علي لما قتلوه، جعلوا رأسه في حجر زینب بنت علي بن الحسين علیه السلام

بويع أبو العباس السفاح بالخلافة يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلون من شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين ومائة، فصعد المنبر بالكوفة فخطب، فقال: الحمد لله الذي اصطفى الاسلام لنفسه، و کرمه وشرفه وعظمه، واختاره لنا، وأيده بنا، وجعلنا أهله و كهفه، وحصنه والقوام به، والذابين عنه، والناصرين له، وخصنا برحم رسول الله صل الله علیه و اله وأنبتنا من شجرته، واشتقنا من نبعته، وأنزل بذلك كتابا يتلى، فقال سبحانه: « قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ» (الشورى 23 ) ، فلما قبض رسول الله صل الله علیه و اله ، قام بالامر أصحابه «وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ» (الشوری 38) فعدلوا، وخرجوا خماصا، (1)ثم

ص: 360


1- خماصا: جياعا

وثب بنو حرب وبنومروان فابتزوها وتداولوها، واستأثروا بها، وظلموا أهلها، فأملى الله لهم حينا، فلما آسفوه(1) انتقم منهم بأيدينا، ورد علينا حقنا، فأنا السفاح المبيح، والثائر المبير(2)

وكان موعوکا فاشتدت عليه الوعكة، فجلس على المنبر ولم يستطع الكلام،

فقام عمه داود بن علي (و كان بين يديه)، فقال: يا أهل العراق! إنا والله ما خرجنا النحفر نهرا، ولا لنکنز (الجينا ولا عقيانا)، وإنما أخرجتنا الانفة من ابتزاز الظالمين حقنا، ولقد كانت أمور كم تتصل بنا فترمضنا ونحن على فرشنا، لكم ذمة الله وذمة رسوله وذمة العباس أن نحكم فيكم بما أنزل الله، ونعمل فيكم بكتاب الله، ونسير فيكم بسنة رسول الله صل الله علیه و اله . واعلموا أن هذا الأمر ليس بخارج عنا حتى نسلمه إلى عيسى بن مريم.

يا أهل الكوفة! إنه لم يخطب على منبر كم هذا خليفة حق إلا علي بن أبي طالب وأمير المؤمنين هذا، فاحمدوا الله الذي رد إليكم أمور كم. ثم نزل.

وقد روی حدیث خطبة داود بن علي برواية أخرى، وهي الأشهر، قالوا: لما صعد أبوالعباس منبر الكوفة، حصر فلم يتكلم، فقام داود بن علي، وكان تحت منبره حتى قام بين يديه تحته بمرقاة، فاستقبل الناس، وقال: أيها الناس، إن أمير المؤمنين يكره أن يتقدم قوله فعله، ولاثر الفعال أجدی علیکم من تشقيق المقال، وحسبكم كتاب الله تمثلا فيكم، وابن عم رسول الله صل الله علیه و اله خليفة عليكم، أقسم بالله قسما برا ما قام هذا المقام أحد بعد رسول الله صل الله علیه و اله أحق به من علي بن أبي طالب وأمير المؤمنين هذا فليهمس هامسكم، ولينطق ناطقكم. ثم نزل.

ومن خطب داود التي خطب بها بعد قتل مروان:

شكرا شكرا ! أظن عدو الله أن لن يظفر به، أرخى له في زمامه، حتى عثر في فضل

ص: 361


1- آسفوه: أغضبوه
2- الجبير: المهلك، وقد وردت هذه الخطبة برواية أوسع من هذه في الطبري

خطامه، فالآن عاد الحق إلى نصابه، وطلعت الشمس من مطلعها، وأخذ القوس باريها، وصار الأمر إلى النزعة(1)، ورجع الحق إلى مستقره، أهل بیت نبيكم، أهل الرأفة والرحمة.وخطب عیسی بن علي بن عبد الله بن العباس، لما قتل مروان، فقال: الحمد لله الذي لا يفوته من طلب، ولا يعجزه من هرب، خدعت والله الاشقر نفسه، إذ ظن أن الله ممهله، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون، فحتى متى، وإلى متى! أما والله لقد كرهتهم العيدان (2) التي افترعوها(3)، وأمسكت السماء درها(4) والارض ريعها(5) وقحل (6) الضرع، وحفز الفنيق(7)، وأسمل(8) جلباب الدين، وأبطلت الحدود، وأهدرت الدماء، وكان ربك بالمرصاد، فدمدم(9) عليهم ربهم بذنبهم فسواها، ولا يخاف عقباها، وملكنا الله أمركم. عباد الله لينظر كيف تعملون، فالشكر الشكر، فإنه من دواعي المزيد، أعاذنا الله وإياكم من مضلات الاهواء، وبغتات الفتن فإنما نحن به وله!

لما أمعن داود بن علي قتل بني أمية بالحجاز قال له عبد الله بن الحسن: یابن عمي، إذا أفرطت في قتل أكفائك فمن تباهي بسلطانك! وما يكفيك منهم أن يروك غاديا ورائحا فيما يسرك وسؤهم!

كان داود بن علي مثل ببني امية، يسمل العيون، ويبقر البطون، ويجدع الأنوف ويصطلم الآذان

ص: 362


1- النزعة: جمع نازع، وهو الرامي يشد إليه السهم، يريد: رجع الحق إلى أهله
2- العيدان: یرید أعواد المنابر
3- وافترعوا: اعتلوها.
4- درها، أي مطرها.
5- الريع: النماء
6- قحل: يبس جلده على لحمه
7- الفنيق: الفحل المکرم لا يؤذي لكرامته، والحفز: السرعة في المشي
8- أسمل: خلق وبلی
9- دمدم عليهم: طحنهم فأهلكهم.

وكان عبد الله بن علي بنهر أبي فطرس يصلبهم منكسين، ويسقيهم النورة والصبر،والرماد والخل، ويقطع الأيدي الأرجل. (وكان سليمان بن علي في البصرة يضرب الاعناق).

خطب السفاح في الجمعة الثانية بالكوفة، فقال:

يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود، والله لا أعدكم شيئا ولا أتوعدكم إلا وفيت بالوعد والوعيد، ولاعملن اللين حتى لا تنفع إلا الشدة، ولاغمدن السيف إلا في إقامة حد أوبلوغ حق، ولأعطینکم حتى أرى العطية ضياعا. إن أهل بيت اللعنة والشجرة الملعونة في القرآن كانوا لكم أعداء لا يرجعون معكم من حالة إلا إلى ما هو أشد منها، ولا يلي عليكم منهم وال إلا تمنيتم من كان قبله، وإن كان لا خير في جميعهم، منعو کم الصلاة في أوقاتها، وطالبوكم بأدائها في غير وقتها، وأخذوا المدبر بالمقبل والجار بالجار، وسلطوا شراركم على خياركم، فقد محق الله جورهم، وأزهق باطلهم بأهل بیت نبیکم، فما نؤخر لكم، عطاء ولا نضيع لاحد منكم حقا، ولا نجهز كم في بعث ولا نخاطر بكم في قتال، ولا نبذلكم دون أنفسنا، والله على ما نقول وكيل بالوفاء والاجتهاد، وعلیکم بالسمع والطاعة. ثم نزل.

لما صعد السفاح منبر الكوفة يوم بيعته، وخطب الناس قام إليه السيد الحميري فأنشده:

دونكموها یا بني هاشم*** فجددوا من آيها الطامسا(1)

دونكموها لا علا كعب*** من أمسى عليكم ملكها نافسا

دونكموها فالبسوا تاجها*** لا تعدموا منكم له لابسا

خلافة الله وسلطانه*** وعنصر كان لكم دارسا

قد ساسها من قبلكم ساسة*** لم يتركوا رطبا ولا يابسا

ص: 363


1- الابيات في الاغاني 7: 240 (طبع الدار)

لوخير المنبر فرسانه*** ما اختار إلا منکم فارسا

والملك لو شوور في سائس*** لما ارتضی غیر کم سائسا

لم يبق عبد الله بالشام من*** آل أبي العاص امرأ عاطسا

فلست من أن تملكوها إلى*** هبوط عیسی منکم آیسا

ما استوثق الامر لابي العباس السفاح وفد إليه عشرة من أمراء الشام) فحلفوا له بالله وبطلاق نسائهم وبأيمان البيعة بأنهم لا يعلمون - إلى أن قتل مروان - أن الرسول الله صل الله علیه و اله أهلا ولا قرابة إلا بني أمية.

وروى أبو الحسن المدائني، قال: حدثني رجل قال: كنت بالشام، فجعلت لا أسمع أحدا يسمى أحدا أويناديه: يا علي ویا حسن أو یا حسين، وإنما أسمع: معاوية والوليد ويزيد، حتى مررت برجل، فاستسقيته ماء، فجعل ينادي: يا علي، یا حسن، یا حسين، فقلت: يا هذا إن أهل الشام لا يسمون بهذه الاسماء! قال: صدقت، إنهم يسمون أبناءهم بأسماء الخلفاء، فإذا لعن أحدهم ولده أو شتمه فقد لعن اسم بعض الخلفاء، وأنا سمیت أولادي بأسماء أعداء الله، فإذا شتمت أحدهم أولعنته، فإنما ألعن أعداء الله !!

كانت أم إبراهيم بن موسی بن عیسی بن موسی بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس أموية من ولد عثمان بن عفان. قال إبراهيم: فدخلت على جدي عیسی بن موسی مع أبي موسى، فقال لي جدي: أتحب بني أمية؟ فقال له موسي (أبي): نعم، إنهم أخواله،

فقال: والله لو رأيت جدك علي بن عبد الله بن العباس يضرب بالسياط ما أحببتهم، ولورأيت إبراهيم بن محمد يكره على إدخال رأسه في جراب النورة لما أحببتهم، وسأحدثك حديثا إن شاء الله أن ينفعك به نفعك: لما وجه سليمان بن عبد الملك ابنه أيوب بن سليمان إلى الطائف وجه معه جماعة، فكنت أنا ومحمد بن علي بن عبد الله جدي معهم، وأنا حينئذ حديث السن، وكان مع أيوب مؤدب له يؤدبه، فدخلنا عليه

ص: 364

يوما أنا وجدي، وذلك المؤدب يضربه، فلما رآنا الغلام، أقبل على مؤدبه فضربه، فنظر بعضنا إلى بعض، وقلنا: ما له قاتله الله ! حين رآنا کره أن نشمت به، ثم التفت أيوب إلينا، فقال: ألا أخبر کم یا بني هاشم بأعقلكم وأعقلنا؟!

أعقلنا من نشأ منا يبغضكم، وأعقلكم من نشأ منكم يبغضنا،

وعلامة ذلك أنكم لم تسموا بمروان، ولا الوليد، ولا عبد الملك،

ولم نسم نحن بعلي ولا بحسن ولا بحسين(1).

خطب أبومسلم بالمدينة في السنة التي حج فيها في خلافة السفاح، فقال: الحمد لله الذي حمد نفسه، واختار الاسلام دينا لعباده، ثم أوحي إلى محمد رسول الله صلى الله عليه من ذلك ما أوحى، واختاره من خلقه، نفسه من أنفسهم، وبيته من بيوتهم، ثم أنزل عليه في كتابه الناطق الذي حفظه بعلمه، وأشهد ملائكته على حقه، قوله: « إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا»(2) ثم جعل الحق بعد محمد صل الله علیه و اله في أهل بيته، فصبر من صبر منهم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه على اللاواء والشدة، وأغضی على الاستبداد والاثرة. ثم إن قوما من أهل بيت الرسول صلى الله عليه، جاهدوا على ملة نبيه وسنته بعد عصر من الزمان من عمل بطاعة الشيطان وعداوة الرحمن، بين ظهراني قوم آثروا العاجل على الآجل، والفاني على الباقي، إن رتق جور فتقوه، أو فتق حق رتقوه، أهل خمور وماخور(3) وطنابير (4) ومزامير، إن ذكروا لم يذكروا، أوقدموا إلى الحق أدبروا، وجعلوا الصدقات في الشبوهات، والمغانم في المحارم، والفيء في الغي، هكذا كان زمانهم، وبه كان يعمل سلطانهم. وزعموا أن غير آل محمد أولى بالامر منهم

ص: 365


1- شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد ج 7 ص 160
2- سورة الأحزاب 33
3- الماخور: بیت الريبة
4- و الطنابير: جمع طنبور، وهو آلة من آلات الطرب، ذو عنق طويل وستة أوتار من نحاس

فلم وبم أيها الناس! ألكم الفضل بالصحابة دون ذوي القرابة الشركاء في النسب، والورثة في السلب(1) مع ضربهم على الدين جاهلكم، وإطعامهم في الجدب جائعكم! والله ما اخترتم من حيث اختار الله لنفسه ساعة قط، وما زلتم بعد نبیه تختارون تیمیا مرة وعدویا مرة، وأمويا مرة، وأسد یا مرة، وسفيانيا مرة، ومروانیا، مرة حتى جاءكم من لا تعرفون اسمه ولا بيته، يضر بكم بسيفه، فأعطيتموها عنوة وأنتم صاغرون. ألا إن آل محمد أئمة الهدى، ومنار سبيل التقى، القادة الذادة السادة، بنوعم رسول الله، ومنزل جبريل بالتنزیل، کم قصم الله بهم من جبار طاغ، وفاسق باغ، شيد الله بهم الهدى، وجلی بهم العمى، لم يسمع بمثل العباس! و كيف لا تخضع له الامم لواجب حق الحرمة؟ أبو رسول الله بعد أبيه، وإحدى يديه، وجلدة بين عينيه. أمينه يوم العقبة وناصره بمكة، ورسوله إلى أهلها، وحاميه يوم حنين عند ملتقى الفئتين، لا يخالف له رسما، ولا يعصى له حكما، إن في هذا أيها الناس لعبرة لأولى الأبصار؟ باستدراج الله إياهم آمنين مكره، مطرحين صيانة الخلافة، مستخفين بحق الرياسة، ضعيفين عن رسوم السياسة، فسلبهم الله العزة، وألبسهم، الذلة، وأزال عنهم النعمة.

وقد جاءنا في بعض الروايات: أن السفاح لما أراد أن يقتل القوم الذين انضموا إليه من بني أمية جلس يوما على سرير بهاشمية الكوفة (2) وجاء بنو أمية وغيرهم من بني هاشم والقواد والكتاب، فأجلسهم في دار تتصل بداره و بينه وبينهم ستر مسدول، ثم أخرج إليهم أبا الجهم بن عطية وبیده کتاب ملصق، فنادى بحيث يسمعون: أين رسول الحسين ابن علي بن أبي طالب علیه السلام ؟ فلم يتكلم أحد، فدخل ثم خرج ثانية فنادى: أين رسول زید بن علي بن الحسين؟ فلم يجبه أحد، فدخل ثم خرج ثالثة، فنادى: أين رسول يحيى بن زید بن علي؟ فلم يرد أحد عليه، فدخل ثم خرج رابعة، فنادى: أين رسول

ص: 366


1- السلب: ما يسلب
2- هاشمية الكوفة: مدينة بناها السفاح

إبراهيم بن محمد الامام؟ والقوم ينظر بعضهم إلى بعض، وقد أيقنوا بالشر، ثم دخل وخرج، فقال: لهم إن أمير المؤمنين يقول لكم: هؤلاء أهلي ولحمي، فماذا صنعتم بهم؟ ردوهم إلى أوفأقيدوني من أنفسكم. فلم ينطقوا بحرف، وخرجت الخراسانية بالاعمدة فشد خوهم عن آخرهم (1)

ص: 367


1- شرح نهج البلاغة ج 7 ص 164.

الفصل الثالث : إعادة انتشار أحاديث النبي صل الله علیه و اله في أهل بيته عليهم السلام و الرويات الصحية في السيرة والتاريخ

تحقق اهداف الحسين علیه السلام :

«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ ۖ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ ۖ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَىٰ عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ» الصف / 14.

قال الحسين عليه السلام يوم عاشوراء:

اللهم ان كنت حبست عنا النصر، فاجعل ذلك لما

هو خير في العاقبة، وانتقم لنا من القوم الظالمين(1).

شاء الله أن يحبس النصر عن الحسين علیه السلام ، فیسجن انصاره في الكوفة ويقتل مسلم وهاني، ثم يحاصر هو وأهل بيته وانصاره ويقتل مظلوما مدافعا عن نفسه وعياله، ويقتل معه أهل بيته وانصاره الذين بايعوه على النصرة بين يديه، وقد ضربوا أروع المثل في الوفاء، ثم سيقت الرؤوس ونساء الحسين علیه السلام سبايا إلى الكوفة ثم إلى الشام.

ص: 368


1- الطبقات ( 471/1 )

وفي قبال ذلك استوسق الملك ليزيد وصفا له الجوسنتان الا سبع وثلاثون يوما بعد قتل الحسين (1)

وظاهر ذلك ان الحسين عليه السلام قد فشل في تحقيق ما كان يستهدفه من هدف.

فهل كان الأمر كذلك؟ ام ان الحسين علیه السلام كان قد نجح كل النجاح في حركته وتحقق له هدفه في حركته تلك واستجيب دعاؤه بأن يكون الخير كل الخير في عاقبة الحركة التي بدأها وقتل من أجلها مضافا الى انتقام الله له من الظالمين؟

ونرى من الضروري قبل الاجابة على السؤال ان نستذكر الأمر الذي استهدفه من حرکته ودفع الحسين عليه السلام حياته ثمنا له وهو قضيتان:

القضية الأولى:

كسر الطوق المفروض على الحديث النبوي الصحيح في أهل بيته علیهم السلام وبيان عظيم منزلتهم عند الله ورسوله، والحديث النبوي الصحيح في توهين بني امية، وكذلك الحديث الصحيح في السنن والاحكام التي خالفها الخلفاء بعد النبي صل الله علیه و اله ، ثم انتشار تلك الاحادیث من جديد ليأخذ اهل البيت مقامهم في المجتمع بوصفهم ائمة هدى منصوص عليهم، ليتمكنوا من نشر حديث النبي صل الله علیه و اله الذي كتبه علي علیه السلام بيده، ثم ليلتف حولهم ويواليهم ويأخذ عنهم معالم الدين من شاء أن يفعل ذلك دون حرج أو خوف.

القضية الثانية:

افهام المسلمين جميعا أن طاعة بني امية ليست من الدين في شيء، بل على العكس من ذلك، فإن الدين يدعو الى البراءة منهم والوقوف بوجههم ومجاهدتهم والاطاحة بهم. ونحن حين ننظر إلى مجريات الحوادث في الواقع التاريخي خلال سبعين سنة بعد قتل الحسين علیه السلام نجد أن كلا القضيتين قد حقق الحسين علیه السلام بداياتها الأساسية في الشهور

ص: 369


1- قتل الحسين علیه السلام في 10 محرم سنة 61 هجرية و كانت وقعة الحرة في الثالث من ذي الحجة سنة 63 هجریة

الخمسة من تصديه المعلن الذي انتهى بشهادته المرتقبة من قبله ومن قبل الامة، ثم جعل الله تعالى شهادة الحسين عليه السلام وظلامته اوسع الأبواب لتتحرك تلك البدايات باتجاه تحقیق تينك القضيتين بأتم درجة مرجوة وفيما يلي بيان مختصر عن ذلك

ونفضل البدء بالحديث عن القضية الثانية أولا:

تفهیم الامة ان الذين يدعو إلى الاطاحة ببني أمية:

يتضح تحقق هذا الهدف من معرفة حال حركة الامة ووضع الدولة الأموية خلال السنوات السبعين التي تلت قتل الحسين عليه السلام .

لقد كان حال الأجيال الجديدة آنذاك/ وهم اكثرية الامة /قبل حركة الحسين علیه السلام هو التأثر بالضلال الأموي، ومن ثم التعامل مع الحاكم الأموي على انه خليفة الله وحجته وان طاعته هي الدين، ومن هؤلاء من هو رعية، ومنهم من هو في الجيش والشرطة والادارة، ونموذج هذا القسم الثاني شمر بن ذي الجوشن، إذ كان يدعو الله بعد الصلاة ليغفر له فيقول له صاحبه كيف يغفر لك وقد اعنت على قتل ابن رسول الله صل الله علیه و اله ؟ قال : ويحك !فكيف نصنع؟ ان امراءنا هؤلاء أمرونا بأمر فلم نخالفهم، ولو خالفناهم كنا شرا من هذه الحمر الشقاء(1)، (يريد ان معصية خليفة الله توجب النار).

وأما حال الاجيال السابقة فإن أكثرهم يفهم الانحراف على انه تعطيل الأحكام والاستئثار بالفيء، غير انهم يخشون صولة النظام وبطشه، وقلة منهم/ وهم شيعة علي الذين صب النظام الاموي جام غضبه عليهم/ يفهمون أن الذي يجري إنما هو محق لرسالة النبي صل الله علیه و اله

وبإزاء هذا الوضع ليس من راية للتغيير أو ثائر على النظام الا الخوارج، وهؤلاء لا يتعاطف معهم أحد لانهم يكفرون كل الناس من جهة ويبادئون الأبرياء بالقتال من جهة

ص: 370


1- لسان المیزان (ترجمة شمر بن ذي الجوشن)

أخرى. هذا مضافا إلى أن النظام الأموي كان قد تبنى نشر أحاديث النبي صل الله علیه و اله التي تدین الخوارج الذين خرجوا على علي عليه السلام خاصة في النهروان و ترفع من شأن من يقاتلهم مع

حذف ما يرتبط بعلي عليه السلام بصفته المحور في تلك الأحاديث وجعلها احادیث عامة موجهة

إلى كل من يخرج على الخليفة (1)

ص: 371


1- من قبيل ما رواه البخاري (في المختصر) (3541/6) قال : حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا عبد الواحد حدثنا الشيباني حدثنا يسير بن عمر وقال : قلت لسهل بن حنیف هل سمعت النبي صل الله علیه و اله يقول في الخوارج شیئا؟ قال : سمعته يقول (وأهوى بيده قبل العراق): يخرج منه قوم يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية. وما رواه الطبراني في المعجم الكبير 268/8 قال حدثنا بشر بن موسی ثنا الحميدي ثنا سفیان ثنا أبوغالب قال : رأيت أبا أمامة الباهلي أبصر رؤوس الخوارج على درج دمشق فقال سمعت رسول الله صل الله علیه و اله يقول: كلاب أهل النار كلاب أهل النار كلاب أهل النار، ثم بكى وقال : شر قتلی تحت أديم السماء وخير قتلی من قتلوه، والرواية الأولى محرفة بالنقيصة والثانية محرفة بالزيادة، أما أصل الرواية فهي ما رواه أبو داود في سننه 244/4 قال: حدثنا الحسن بن علي علیه السلام ثنا عبد الرزاق عن عبد الملك بن أبي سليمان عن سلمة بن كهيل قال : أخبرني زید بن وهب الجهني أنه كان في الجيش الذين كانوا مع علي علیه السلام الذين ساروا إلى الخوارج، فقال علي علیه السلام : أيها الناس ! إني سمعت رسول الله صل الله علیه و اله يقول : يخرج قوم من أمتي يقرأون القرآن ليست قراءتكم إلى قراءتهم شيئا، ولا صلاتكم إلى صلاتهم شيئا ولا صيامكم إلى صيامهم شيئا يقرأون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم، لا تجاوز صلاتهم تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لويعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قضي لهم على لسان نبيهم صل الله علیه و اله لنكلوا على العمل، وآية ذلك أن فيهم رجلا له عضد وليست له ذراع على عضده مثل حلمة الثدي عليه شعرات بيض، أفتذهبون إلى معاوية وأهل الشام وتتر کون هؤلاء يخلفونكم في ذراریكم وأموالكم ؟ والله إني الأرجو أن يكونوا هؤلاء القوم فإنهم قد سفكوا الدم الحرام وأغاروا في سرح الناس، فسيروا على اسم الله، قال سلمة بن کھیل : فنزلني زيد بن وهب منزلا منزلا حتى مر بنا على قنطرة، قال : فلما التقينا وعلى الخوارج عبد الله بن وهب الراسبي فقال لهم ألقوا الرماح وسلوا السيوف من جفونها فإني أخاف أن يناشدو كم كما ناشدو کم یوم حروراء قال، فوحشوا برماحهم، واستلوا السيوف و شجرهم الناس برماحهم، قال : وقتلوا بعضهم على بعضهم قال وما أصيب من الناس يومئذ إلا رجلان، فقال علي علیه السلام : التمسوا فيهم المخدج فلم يجدوا قال فقام علي عليه السلام بنفسه حتى أتی ناسا قد قتل بعضهم على بعض، فقال : أخرجوهم، فوجدوه مما يلي الأرض، فكبر وقال : صدق الله وبلغ رسوله فقام إليه عبيدة السلماني، فقال : يا أمير المؤمنين والله الذي لا إله إلا هو لقد سمعت هذا من رسول الله صل الله علیه و اله فقال إي والله الذي لا إله إلا هو، حتى استحلفه ثلاثا وهويحلف.

والذي حصل بعد حركة الحسين عليه السلام وشهادته هواتضاح حقيقة الحاكم الأموي،

وان طاعته ليست من الدين في شئ، بل الدين يدعو الى القيام والثورة بوجهه، وذلك من خلال أحاديث النبي صل الله علیه و اله الصحيحة التي انتشرت، واقترافه الجريمة البشعة بقتل الحسين عليه السلام الذي أخبر النبي صل الله علیه و اله عنه وبكاه منذ ولادته، ومن هنا نجد ثورة اهل المدينة ضد یزید، ثم ثورة أهل مكة، وقد جاءت الطريقة المروعة التي تعامل بها الأمويون مع ثوار المدينة ومكة، وغزوهم مكة، ورمي البيت الحرام بالمنجنيق، ووقوع الحريق فيه مؤكدة لما بدأه الحسين مع بني أمية انهم ليسوا من اهل الدين وان الدين يأمر بحربهم والنهوض ضدهم، واستمرت الثورات بعد ذلك على بني امية بعد يزيد من قبل اهل العراق خاصة كثورة سلیمان بن صرد ثم ثورة المختار ثم ثورة زيد بن علي ثم ثورة عبد الله بن معاوية بن جعفر بن ابي طالب ثم ثورة العباسيين أخيرا الذين استطاعوا القضاء على حكم بني أمية بشعار الثار للحسين عليه السلام سنة 132.

انكسار الطوق المفروض على حديث النبي صل الله علیه و اله في أهل بيته علیهم السلام :

لقد كسر الحسين علیه السلام بنفسه هذا الطوق في مكة مدة اربعة اشهر وأيام، حين لم يعر أهمية لقرار السلطة بالمنع عن نشر احاديث النبي صل الله علیه و اله في أهل بيته عاليهم السلام ، حيث أخذ يذكر ويسمع القادمين من الآفاق للعمرة او للحج، ثم يدفعهم ليسألوا من بقايا أخيارصحابة النبي صل الله علیه و اله الذين بين أظهرهم بما قاله النبي صل الله علیه و اله في اهل البيت علیهم السلام بشكل عام، اوما قاله في ابيه علي عليه السلام أو في أخيه الحسن عليه السلام أوفيه خاصة، سواء في بيان عظیم منزلتهم عند الله ورسوله، او في بيان شهادته علیه السلام .

وما يجري عليه من بني أمية وأعوانهم الظلمة، والثواب العظيم لمن يوفق لنصرته والقتل بين يديه. ثم ختمت تلك الأيام العامرة بنشاط الحسين عليه السلام واصحابه فكريا وسیاسیا بالخروج من مكة اضطرارا حين علم أن السلطة قد دست اليه من يقتله في مكة، و كره الحسين علیه السلام أن تستباح به حرمة الحرم

ص: 372

وليس من شك فان قضية اخبار النبي صل الله علیه و اله بشهادة الحسين عليه السلام ، وما يرتبط بها من أحاديث النبي صل الله علیه و اله في أهل بيته علیهم السلام ، سوف تكون الشغل الشاغل لهؤلاء الحجاج، حيث سينقلونها إلى قرباهم ومن يثقون به من أصدقائهم، ومن ثم سوف يترقب الجميع تحقق النبوءة، لأن النبي صل الله علیه و اله لا يكذب، وحين يصلهم خبر تحققها وبشاعة ما جرى على الحسين علیه السلام من قبل بني امية وجندهم، وما ظهر من الحسين علیه السلام من اصرار على موقفه في إحياء احادیث جده وتوعية الامة بها، ثم تضحيته بكل غال ونفيس من أجل ذلك، أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر، ليس من شك أن ذلك سيؤدي إلى انتشار اكبر لتلك الأحاديث،ومن الطبيعي أن يكون ذلك سرا في بادئ الأمر تفاديا لعقوبة النظام وشراسته في هذه المسألة خاصة، أما حين تتصدع وحدة الدولة بعد موت یزید، ويختلف أهل الشام ويقتتلون فيما بينهم كما حصل بين مروان بن الحكم ومن معه والضحاك بن قيس الفهري ومن معه وهما من ابرز وجوه النظام العاملين على تقويه، ويضاف إلى ذلك استقلال الحجاز والبصرة بقيادة ابن الزبير، واستقلال الكوفة وما والاها بقيادة المختار، واستقلال اليمن بقيادة نجدة الخارجي، واستقلال خراسان بقيادة عبد الله بن خازم، ليس من شك آن وضعا كهذا سوف تغيب فيه رقابة السلطة على الحديث النبوي الصحيح، ويبدأ الناس يحدثون بما عندهم ومن الطبيعي أن يكون الحديث المرتبط باهل البيت وعلى علیهم السلام الذي كانت الدولة تلعنه على المنابر، والحسين عليه السلام الذي قتل وسير رأسه ورؤوس أهل بيته واصحابه إلى الشام وإخبار النبي صل الله علیه و اله بشهادة الحسين علیه السلام وبكائه عليه منذ ولادته هومن أهم تلك الاحادیث.

وإذا عرفنا أن الدولة الأموية لم تسترجع قوتها ووحدتها ومن ثم فرض سیاستها السابقة كما كانت عليه زمن معاوية ويزيد الا بعد عشرين سنة تقريبا استطعنا أن ندرك بسهولة كيف أن الله تعالى هيأ لحركة الحسين عليه السلام التبليغية القصيرة جدا الظرف المناسب لتمتد وتتسع بعد شهادته مدة عشرين سنة تقريبا في ظل الاختلاف السياسي الشامل

ص: 373

الذي عم البلاد الاسلامية بعد موت یزید، حيث اتيحت الفرصة لصحابة النبي صل الله علیه و اله ممن حمل حديثه عنه وعن علي عليه السلام في مدن إقامتهم أن ينشروا احاديث النبي صل الله علیه و اله في أهل بیته علیهم السلام خاصة وكذلك الأحاديث الصحيحة في متعة الحج وغيرها وكذلك سيرة علي علیه السلام :

فمن الصحابة في المدينة: أم سلمة (ت 61) و ابوسعید الخدري (ت 54)،وعبد الله بن عباس (ت 68) بالمدينة ومكة والطائف وتوفي بها وله نیف وسبعون سنة، وجابر بن عبد الله الانصاري نت 74 عن 94 سنة، وسلمة بن الاکوع ت 74، وسهل بن سعد الساعدي ت 91.

وفي الكوفة: سليمان بن صرد قتل سنة 66 وزيد بن ارقم ت 68 وعدي بن حاتم ت67 والبراء بن عازب ت 72 وعامر بن واثلة ت 110 مكة منفيا من الكوفة منذ تولي الحجاج الكوفة وهو آخر من توفي من الصحابة.

وفي البصرة: مالك بن الحويرث ت 74 وأنس بن مالك أخذ يحدث بفضائل علي لما أصابته دعوة علي علیه السلام ت 90،

وفي مرو وخراسان : بريدة بن الحصيب ت 62، وأبي برزة الأسلمي ت 64

وفي الشام: واثلة بن الاسقع ت 85 عن ثمان وتسعين سنة وهو آخر من مات من الصحابة بدمشق.

ومن التابعين وهم بقية اصحاب علي واغلبهم کوفیون امثال: الحارث الاعور الهمداني ت 65، وسعد بن حذيفة بن اليمان (من رجال عهد المختار) والاصبغ بن نباتة (ت بعد سنة 70) وحبة بن جوین ت76، أبي البختري قتل 82، زاذان ت 82، زر بن حبیش ت 81، عبد الله بن الحارث بن نوفل ت 84، عبد الرحمن بن أبي ليلى ق 82 فضالة بن ابي فضالة (ت 70-80)، کمیل بن زیاد (قتله الحجاج 82)، قيس بن عباد( قتله الحجاج 83)، وزيد بن وهب الجهني (ت 84 وقيل 96) ومسلم بن صبيح ت 100 رحمهم الله .

ص: 374

ومنهم بصريون مثل أبي الأسود الدؤلي وخلاس الهجري(1).

ومنهم مدنيون امثال: عمر بن أبي سلمة ت 83، وإياس بن سلمة بن الأكوع ت119، ویزید بن امية (ت 70-80).

وهكذا يتضح أن الهدف الأساس للحسين علیه السلام في ثورته وهو كسر الطوق المفروض على الحديث النبوي الصحيح وانقاذه من الاندثار في المجتمع بتهيئة الجو الذي يسمح الرواتها المسنين من الصحابة والتابعين بنشرها من جديد في الأمة قد تحقق على مرحلتين الأولى في عهد الحسين مدة خمسة شهور الثانية بعد شهادته عليه السلام مدة عشرين سنة تقريبا.وفيما يلي نماذج ممن نهض بإحياء حديث النبي صل لله علیه و اله في أهل بيته علیهم السلام خاصة:

روايات أم سلمه ت61:

فضائل الصحابة (لاحمد بن حنبل) 648/2 : حدثنا عبد الله قثنا أحمد بن عمران الأخنسي قال: سمعت محمد بن فضيل قثنا أبونضر (2) عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري عن مساور الحميري عن أمه عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله صل الله علیه و اله يقول لعلي علیه السلام : لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق.

السنن الكبرى 261/4 : أنبأ محمد بن قدامة قال: جرير عن المغيرة عن أم موسی قالت: قالت أم سلمة: والذي تحلف به أم سلمة ان كان لأقرب الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم علي عليه السلام ، قالت: لما كان غداة قبض رسول الله صل الله علیه و اله أرسل إليه رسول الله وكأن أرى في حاجة أظنه، بعثه فجعل يقول: جاء علي ثلاث مرات، فجاء قبل طلوع الشمس، فلما أن جاء عرفنا أن له إليه حاجة، فخرجنا من البيت و كنا عدنا

ص: 375


1- كان من شرطة علي علیه السلام وله صحيفة كتبها عنه يحدث بها، توفي قبيل المائة بتقدير الذهبي نقلا عن ابن حجر في تهذيب التهذيب
2- في كتاب السنة لابن مخلد / 1319: عن أبي نصر عبد الله بن عبد الرحمن... :لا يبغض عليا مؤمن ولايحبه منافق.

رسول الله صل الله علیه و اله يومئذ في بيت عائشة، فكنت في آخر من خرج من البيت ثم جلست أدناهن من الباب فأكب عليه علي علیه السلام فكان آخر الناس عهدا جعل يساره ویناجيه.

الترمذي 325/5 : حدثنا عبد بن حميد حدثنا عفان بن مسلم حدثنا حماد بن سلمة أخبرنا علي بن زید عن أنس بن مالك أن رسول الله صل الله علیه و اله كان يمر بباب فاطمة علیها السلام ستة أشهر إذا خرج إلى صلاة الفجر يقول: الصلاة يا أهل البيت «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا» قال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، إنما نعرفه من حديث حماد بن سلمة، قال: وفي الباب عن أبي الحمراء ومعقل بن يسار وأم سلمة.

سنن البيهقي 65/7 : أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان أنبأ أحمد بن عبيد الصفار نا محمد بن يونس ثنا الفضل بن دکین نا بن أبي غنية عن أبي الخطاب الهجري عن محدوج الذهلي عن جسرة عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت: خرج رسول الله صل الله علیه و اله فوجه هذا المسجد فقال: ألا لا يحل هذا المسجد لجنب ولا لحائض إلا لرسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين، ألا قد بينت لكم الأسماء أن لا تضلوا

المعجم الكبير 308/23 : حدثنا إبراهيم بن دحيم ثنا موسی بن يعقوب حدثني هاشم بن هاشم (1)عن وهب بن عبد الله بن زمعة(2) قال: أخبرتني أم سلمة أن رسول

ص: 376


1- مشاهير علماء الأمصار 138/1 : هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص من سادات المدنيين وقدماء مشايخهم، مات سنة أربع وأربعين ومائة. وفي تهذيب التهذيب ع الستة: هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص الزهري المدني ويقال: هاشم بن هاشم بن هاشم وهوأصح، لأن هاشم بن عتبة قتل بصفين سنة سبع وثلاثين، فيبعد أن يكون صاحب الترجمة ابنه لبعد ما بين وفاتيهما، روی عن سعيد بن المسيب وعامر وعائشة ابني سعد بن أبي وقاص و عبد الله بن وهب بن زمعة و عبد الله بن نسطاس وإسحاق بن عبد الله بن الحارث بن كنانة وأبي صالح مولى السعديين، وعنه مالك والداروردي ويحیى بن أبي زائدة و موسی بن يعقوب الزمعي وأبوأسامة وأبو ضمرة وشجاع بن الوليد وعبد الله بن نمير ومروان بن معاوية وصفوان بن عيسى وإبراهيم بن حميد الراسبي وأحمد بن بشير الكوفي ومكي بن إبراهيم. قال صالح بن أحمد عن أبيه: ليس به بأس، وقال بن معين والنسائي: ثقة، ذكره بن حبان في الثقات، وقال: مات سنة أربع وأربعين ومائة، وقال البخاري عن مكي: سمعت منه سنة أربع، وقال أحمد بن حنبل عن مكي: سمعت منه سنة سبع وأربعين، قلت: (وقال ابن سعد في الطبقة الخامسة من أهل المدينة: هاشم بن هاشم بن عتبة أمه أم ولد، فولد هاشم بن هاشم هاشما وأمه أم عمروبنت سعد، وقد روی هاشم عن عامر بن سعد وغيره، وروى عنه ابن نمير وأبو ضمرة) انتهى، فكلامه محتمل لأن يكون الراوي هوهاشم بن هاشم أو ابنه وهو الأقرب، ويترجح ما ظنه المؤلف، وقال العجلي: هاشم بن هاشم بن عتبة مدني ثقة، وقال البزار: ليس به بأس.
2- قال في مشاهير علماء الأمصار 71/1 : وهب بن عبد الله بن زمعة بن الأسود من عباد أهل المدينة قتل يوم الحرة.

الله إضطجع ذات يوم للنوم، فاستيقظ وهوخائر النفس، فاضطجع فرقد، فاستيقظ وفي يده تربة حمراء يقبلها، فقلت: ما هذه التربة يا رسول الله؟ قال: أخبرني جبريل أن هذا يقتل بأرض العراق وأشار إلى الحسين علیه السلام فقلت لجبريل: أرني تربة الأرض التي يقتل فيها، فهذه تربتها.

روى القندوزي والسمهودي بسنده قال: أخرج بن عقدة من طريق عمروبن سعید بن عمروبن جعدة بن هیبرة عن أبيه عن جده عن أم سلمة قالت: أخذ رسول الله صل الله علیه و اله بید علي علیه السلام بغدیر خم، فرفعها حتى رأينا بیاض إبطيه، فقال: من کنت مولاه فعلي مولاه، ثم قال: أيها الناس إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ولن يتفرقا حتى یردا علي الحوض، ورواه عنها السمهودي الشافعي في جواهر العقدين كما في ينابيع المودة ص40. المستدرك 20/4 : أخبرنا أبوعبد الله الصفار ثنا أحمد بن مهران أنبأ عبد الله بن موسی أنبأ إسماعيل بن نشيط قال: سمعت شهر بن حوشب قال: أتيت أم سلمة أعزيها بقتل الحسين بن علي

التاريخ الكبير 324/3، تهذيب الكمال 186/9 : واللفظ الأخير عن أبي سعيد

ص: 377

الأشج قال: حدثنا أبوخالد الأحمر قال حدثني رزین (1) قال حدثني سلمى قالت: دخلت على أم سلمة وهي تبكي، فقلت: ما يبكيك؟؟ قالت: رأيت رسول الله صل الله علیه و اله في المنام وعلى رأسه ولحيته التراب، فقلت: مالك يا رسول الله؟؟ قال: شهدت قتل الحسين علیه السلام آنفا

روایات مصعب بن عبد الرحمن بن عوف:

معرفة الثقات 411/5 : مصعب بن عبد الرحمن بن عوف الزهري القرشي، کنیته أبوزرارة، يروي عن أبيه، روى عنه أهل المدينة، قتل يوم الحرة سنة ثلاث وستين وكان على قضاء مكة، أمه أم ولد.

الطبقات الكبرى 175/5 : مصعب بن عبد الرحمن بن عوف ... وكانت وفاة مصعب بن عبد الرحمن بمكة في سنة أربع وستين، وكان ثقة قليل الحديث.

مصنف ابن أبي شيبة 65/12 الحديث رقم 12135: عن عبيد الله عن طلحة بن جبير عن المطلب بن عبد الله بن مصعب بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن عوف قال: لما افتتح رسول الله صل الله علیه و اله مكة انصرف إلى الطائف، فحاصرها تسع عشرة أوثمان عشرة، فلم يفتحها، ثم ارتحل روحة أوغدوة، فنزل ثم هجر، ثم قال: أيها الناس! إني فرط لكم

ص: 378


1- رزین بن حبيب الجهني ويقال: البكري الكوفي الرماني ويقال: التمار ويقال: البزاز، بياع الأنماط، روی عن الأصبغ بن نباتة وعامر الشعبي وأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين وأبي الرقاد العبسي وسلمى البكرية ت، روى عنه إسماعيل بن زکریا وحبان بن علي العنزي وسفيان الثوري وأبوخالد سليمان بن حيان الأحمرت وعبد الله بن المبارك وعبيد الله بن موسی و عیسی بن يونس وأبونعيم الفضل بن دكين ومروان بن معاوية الفزاري ووكيع بن الجراح، قال أبو بكر الأثرم عن أحمد بن حنبل وإسحاق بن منصور عن يحيى بن معين: رزین بیاع الرمان ثقة، وقال أبو حاتم: صالح الحديث ليس به بأس وهو أحب إلي من إسحاق بن خلید مولی سعید بن العاص، ومنهم من فرق بين رزين بياع الأنماط یروي عن الأصبغ بن نباته ويروي عنه عیسی بن يونس وبين رزین بن حبيب الجهني بياع الرمان ومنهم من جعلهما واحدا والله أعلم، روی له الترمذي حديثا واحدا.

وأوصيكم بعترتي خيرا وإن موعد كم الحوض، والذي نفسي بيده لتقيمن الصلاة ولتؤتن الزكاة أولأبعثن إليكم رجلا مني أو لنفسي فليضربن أعناق مقاتليهم وليسبين ذراريهم، فرأى الناس أنه أبو بكر اوعمر، فأخذ بيد علي علیه السلام فقال: هذا !!!

روايات أبي سعيد الخدري ت 64:

الكامل في الضعفاء 169/1: معمر بن سهل حدثنا أبوسمرة أحمد بن سالم حدثناشريك عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد عن النبي صل الله علیه و اله قال: علي خير البرية.

الكامل في الضعفاء 144/2 : ثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل تنا جعفر بن سلیمان ثنا أبوهارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال: كان لعلي أحسبه، (قال): من النبي صل الله علیه و اله مدخلا لم يكن لأحد من الناس.

الصواعق المحرقة /89: قال أخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري أن النبي صل الله علیه و اله قال: «وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ» عن ولاية علي. قال الواحدي: روي في قوله تعالى:«وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ» أي عن ولاية علي

المستدرك على الصحيحين للحسكاني /307: بسنده عن خلف عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال: سألت رسول الله صل الله علیه و اله عن قوله تعالى: «وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْکِتاب»قال: ذاك أخي علي بن أبي طالب.

المستدرك للحسكاني /338: بسنده عن فضیل بن مرزوق عن عطية عن أبي سعيد قال: لما نزلت «وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ » أعطى رسول الله صل الله علیه و اله لفاطمة عليها السلام فدكا.

شواهد التنزيل للحسكاني / 365: بسنده عن الفضيل بن مرزوق عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صل الله علیه و اله لعلي: يا أبا الحسن قل: اللهم اجعل لي عندك عهدا واجعل لي في صدور المؤمنين مودة، فنزلت هذه الآية: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا» قال: لا تلقى رجلا مؤمنا إلا في قلبه حبا العلي بن أبي طالب.

ص: 379

رسول الله صل الله علیه و اله يوم غدیر خم في علي بن أبي طالب علیه السلام .

الدر المنثور ج 3 ص 259: تفسير قوله تعالى: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ » أخرج أبن مردويه وأبن عساکر کلاهما عن أبي سعيد الخدري قال: لما نصب رسول الله عليا يوم غدیر خم فنادى له بالولاية، هبط جبرائیل بهذه الآية: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ ...»

الحافظ أبونعيم الأصبهاني المتوفي 430، روى في كتابه " ما نزل من القرآن في علي علیه السلام " قال: حدثنا محمد بن أحمد بن علي بن مخلد (المحتسب المتوفی 357) قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: حدثني يحيى الحماني قال: حدثني قيس بن الربيع عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري رضی الله عنه : أن النبي صل الله علیه و اله دعا الناس إلى علي علیه السلام في غدیر خم، فأمر بما تحت الشجرة من الشوك فقم وذلك يوم الخميس، فدعا عليا علیه السلام فأخذ بضبعيه فرفعهما حتى نظر الناس إلى بياض إبطي رسول الله صل الله علیه و اله ، ثم لم يتفرقوا حتى نزلت هذه الآية: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ » الآية، فقال رسول الله صل الله علیه و اله : ألله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضا الرب برسالتي، وبالولاية لعلي عليه السلام من بعدي. ثم قال: (من کنت مولاه فعلي مولاه، أللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله)، فقال حسان: ائذن لي يا رسول الله أن أقول في علي عليه السلام أبياتا تسمعهن. فقال: قل على بركة الله. فقام حسان فقال: يا معشر مشيخة قريش أتبعها قولي بشهادة من رسول الله في الولاية ماضية. ثم قال:

يناديهم يوم الغدير نبيهم*** بخم فاسمع بالرسول منادیا

يقول: فمن مولاكم ووليكم؟*** فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا

إلهك مولانا وأنت ولينا*** ولم تر منا في الولاية عاصيا

فقال له : قم يا علي فإنني*** رضيتك من بعدي إماما وهاديا

ص: 380

فمن کنت مولاه فهذا وليه*** فكونوا له أنصار صدق مواليا

هناك دعا : أللهم وال ولیه*** وكن للذي عادا عليا معاديا

الحافظ أبن مردويه الإصفهاني المتوفي (410 ه-)، روی من طريق أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري: إنها نزلت على رسول الله صل الله علیه و اله يوم غدیر خم حين قال العلي:(من کنت مولاه فعلي مولاه)، ثم رواه عن أبي هريرة وفيه: إنه اليوم الثامن عشر من ذي الحجة، يعني مرجعه صل الله علیه و اله من حجة الوداع.(1)

المعجم الكبير 52/3 : حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو نعيم ثنا فضیل بن مرزوق عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري عن أم سلمة قالت: نزلت هذه الآية في بيتي « إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا»( الاحزاب 33) وهي جالسة على الباب فقلت: يا رسول الله ألست من أهل البيت؟؟ قال: أنت إلى خير.

مسند أحمد 3/ 14: عن أسود بن عامر عن أبي إسرائيل إسماعيل بن أبي إسحق الملائي، (7/3) عن أبي النضر عن محمد بن أبي طلحة عن الأعمش، ( 26/3 /3 /59 ) عن أبن نمير عبد الملك بن أبي سليمان، كلهم عن عطية عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صل الله علیه و اله : ( إني قد ترکت فیکم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعدي الثقلين أحدهما أكبر من الآخر کتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ألا وإنهما لن يفترقا حتى یردا علي الحوض).

الدر المنثور 209/3 : وأخرج إبن حبان وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضی الله عنه قال: بعث رسول الله صل الله علیه و اله : أبا بكر رضی الله عنه يؤدي عنه براءة ، فلما أرسله بعث إلى علي علیه السلام فقال: يا علي إنه لا يؤدي عني إلا أنا أو أنت، فحمله على ناقته العضباء، فسار حتى لحق بأبي بكر رضی الله عنه فأخذ منه براءة، فأتی أبوبكر الني صل الله علیه و اله وقد دخله من ذلك مخافة أن يكون

ص: 381


1- (تفسير ابن كثير ج 2 ص 14)

قد أنزل فيه شيء، فلما أتاه قال: مالي يا رسول الله؟ قال: خير ، أنه لا يبلغ عني غيري أورجل مني.

الدر المنثور 66/6 : أخرج ابن مردويه وابن عساكر عن أبي سعيد الخدري رضی الله عنه في قوله: «وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ»قال: ببغضهم علي بن أبي طالب.

الدر المنثور 66/6 : وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضی الله عنه قال: ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله صل الله علیه و اله إلا ببغضهم علي بن أبي طالب علیه السلام

المعجم الكبير 221/6 : حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا إبراهيم بن الحسن الثعلبي ثنا يحيى بن يعلى عن ناصح بن عبد الله عن سماك بن حرب (1)عن أبي سعيد الخدري عن سلمان قال: قلت: يا رسول الله لكل نبي وصي فمن وصيك؟؟ فسكت عني، فلما كان بعد رآني، فقال: يا سلمان إفأسرعت إليه، قلت: لبيك، قال: تعلم من وصي موسی؟؟ قلت: نعم يوشع بن نون، قال: لم ؟؟ قلت: لأنه كان أعلمهم، قال: فإنه وصيي وموضع سري وخير من أترك بعدي وينجز عدتي ويقضي ديني علي بن أبي طالب علیه السلام ، قال أبو القاسم: قوله (وصيي) يعني أنه أوصاه في أهله لا بالخلافة، وقوله (خير من أترك بعدي) يعني من أهل بيته صل الله علیه و اله .

السنن الکبری 158/5 : أخبرنا عبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى قال : حدثنا

ص: 382


1- مشاهير علماء الأمصار: سماك بن حرب أبو المغيرة، مات في آخر ولاية هشام بن عبد الملك. طبقات خليفة سماك بن حرب الذهلي أيضا بن أوس بن خالد بن نزار بن معاوية بن حارثة بن ربيعة بن عامر بن ذهل بن ثعلبة یکنی: أبا المغيرة، مات في ولاية يوسف بن عمر. قال ابن عدي في الكامل 460/3 : أخبرنا أبوخليفة ثنا محمد بن عبد الله الخزاعي ثنا حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن أنس أن رسول الله صل الله علیه و اله بعث ببراءة مع أبي بكر إلى مكة، فلما بلغ ذي الحليفة بعث إليه فرده فقال: لا يذهب بها الا رجل من أهل بيتي، فبعث عليا، قال بن عدي: لا أعلم يرويه عن سماك غير حماد بن سلمة، قال ابن عدي: ولسماك حدیث کثیر مستقیم إن شاء الله كلها، وقد حدث عنه الأئمة وهو من كبار تابعي الكوفيين وأحاديثه حسان عن من روى عنه، وهو صدوق لا بأس به.

محاضر بن المورع قال: حدثنا الأجلح عن حبيب أنه سمع الضحاك المشرقي يحدثهم ومعهم سعيد بن جبير وميمون بن أبي شبيب وأبوالبختري وأبوصالح وذر الهمداني والحسن العرني أنه سمع أبا سعيد الخدري يروي عن رسول الله صل الله عیله و اله في قوم يخرجون من هذه الأمة فذكر من صلاتهم وزكاتهم وصومهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لا يجاوز القرآن تراقيهم يخرجون في فرقة من الناس يقاتلهم أقرب الناس إلى الحق.

مسند أحمد 33/3 : حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا عكرمة بن عمار عن عاصم بن شيخ عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذاحلف واجتهد في اليمين قال: لا والذي نفس أبي القاسم بيده ليخرجن قوم من أمتي تحقرون أعمالكم مع أعمالهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما یمرق السهم من الرمية، قالوا: فهل من علامة يعرفون بها ؟؟ قال: فيهم رجل ذو يديه أو ثدیه، محلقي رؤوسهم، قال أبو سعيد: فحدثني عشرون أو بضع وعشرون من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن عليا رضي الله تعالى عنه ولي قتلهم، قال: فرأيت أبا سعيد بعد ما كبر ويداه ترتعش يقول: قتالهم أحل عندي من قتال عدتهم من الترك.

السنن الكبرى 154/5 : أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن قدامة واللفظ له عن جرير عن الأعمش عن إسماعيل بن رجاء عن أبيه عن أبي سعيد الخدري قال كنا جلوسا ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج إلينا قد انقطع شسع نعله، فرمی بها إلى علي فقال: إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله، فقال أبوبكر: أنا؟ قال: لا، قال عمر: أنا؟ قال: لا، ولكن صاحب النعل.

مسند أبي الجعد /301: وبه قال ثنا فضيل عن عطية قال : انا أبو سعيد قال: غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزاة تبوك وخلف عليا في أهله، فقال بعض الناس: ما منعه أن يخرج به إلا أنه كره صحبته، فبلغ ذلك عليا، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه

ص: 383

وسلم فقال: يا بن أبي طالب أما ترضى أن تنزل مني بمنزلة هارون من موسی؟!

السنن الكبرى 149/5 : أخبرنا عمروبن منصور قال: حدثنا أبو نعيم قال حدثنا یزید بن مردانبة عن عبد الرحمن بن أبي أنعم(1) عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.

سنن الترمذي 663/5: محمد بن فضيل عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد الخدري قال: قال النبي: إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر کتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما؟؟.

سنن الترمذي 5/ 635: حدثنا قتيبة حدثنا جعفر بن سليمان عن أبي هارون عن أبي سعيد الخدري قال: إنا كنا لنعرف المنافقين نحن معشر الأنصار ببغضهم علي بن أبي طالب، قال: هذا حديث غريب إنما نعرفه من حديث أبي هارون وقد تكلم شعبة في أبي هارون وقد روي هذا عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد. حدثنا واصل بن عبد الأعلى حدثنا محمد بن فضيل عن عبد الله بن عبد الرحمن أبي النصر عن المساور الحميري عن أمه قالت: دخلت على أم سلمة فسمعتها تقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحب عليا منافق ولا يبغضه مؤمن، قال: وفي الباب عن علي وهذا حدیث حسن غريب من هذا الوجه وعبد الله بن عبد الرحمن هو أبونصر الوراق وروی عنه سفيان الثوري.

ابن عساکر / تاریخ دمشق 33/38 : بسنده عن جعفر بن سلیمان قال: سمعت أبا هارون العبدي يتحدث عن أبي سعيد الخدري قال: كانت لعلي من رسول الله دخلة لم

ص: 384


1- المعجم الكبير 39/3 :حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا منجاب بن الحارث ثنا علي بن مسهر عن عبد الرحمن بن زیاد بن أنعم عن معاوية بن قرة عن أبيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما.

تكن لأحد من الناس.

أحمد في الفضائل 661/2 : حدثنا محمد بن هشام بن البختري قثنا الحسين بن عبید الله العجلي قثنا الفضيل بن مرزوق عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطيت في علي خمسا هن أحب إلي من الدنيا وما فيها، أما واحدة فهو تكأتي بين يدي الله عز وجل حتى يفرغ من الحساب، وأما الثانية فلواء الحمد بید آدم علیه السلام ؟ ومن ولد تحته، وأما الثالثة فواقف على عقر حوضي يسقي من عرف من أمتي، وأما الرابعة فساتر عورتي ومسلمي إلى ربي عز وجل، وأما الخامسة فلست أخشى عليه أن يرجع زانيا بعد إحصان ولا كافرا بعد إيمان.

التاريخ الكبير 193/4 : سهم بن حصين الأسدي حدثني يوسف بن راشد نا علي بن قادم الخزاعي أنا إسرائيل عن عبد الله بن شريك عن سهم بن حصين الأسدي: قدمت مكة أنا وعبد الله بن علقمة (1) قال بن شريك: وكان بن علقمة سبابا لعلي، فقلت: هل لك في هذا (يعني أبا سعيد الخدري) فقلت: هل سمعت لعلي منقبة؟ قال: نعم، فإذا حدثتك فسل المهاجرين والأنصار وقريشا، قام النبي صلى الله عليه وسلم يوم غدیر خم فأبلغ، فقال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟؟ أدن يا علي!! فدني فرفع يده ورفع النبي صلى الله عليه وسلم يده حتى نظرت إلى بياض إبطيه فقال: من کنت مولاه فعلي مولاه، سمعته أذناي، قال بن شريك: فقدم عبد الله بن علقمة وسهم، فلما صلينا الفجر قام بن علقمة قال: أتوب إلى الله من سب علي، قال أبو عبد الله: وسهم مجهول ولا يدري.

شرح نهج البلاغه 110/4 : قال ابن أبي الحديد: روی جعفر بن زياد عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال: كنا بنور إيماننا نحب علي بن أبي طالب علیه السلام فمن

ص: 385


1- الإصابة: علقمة بن خالد بن الحارث بن أبي أسيد بن رفاعة بن ثعلبة بن هوازن بن أسلم، أبوأوفي الأسلمي، مشهور بكنيته وهو والد عبد الله، له صحبة، قال بن مندة: كان أبو أوفي من أصحاب الشجرة.

أحبه عرفنا أنه منا

المطالب العالية بالزوائد الثمانية (3974): عن أبي يعلى بسنده عن أبي سعيد: كنت عند النبي في نفر من المهاجرين والأنصار، فخرج علينا رسول الله فقال: ألا أخبركم بخيار كم؟ قالوا: بلى، قال: فإن خيار كم الموفون المطيبون ... قالوا: مر علي بن أبي طالب فقال: إن الحق مع ذا، إن الحق مع ذا.

المعجم الكبير 405/22 : حدثنا محمد بن حيان المازني ثنا كثير بن يحي ثنا سعید بن عبد الكريم بن سليط وأبو عوانة عن داود بن أبي عوف أبي الجحاف عن عبد الرحمن بن أبي زياد أنه سمع عبد الله بن الحارث بن نوفل يقول: ثنا أبو سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على فاطمة ذات يوم وعلي نائم وهي مضطجعة وأبنائها إلى جنبها، فاستسقی الحسن، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى لقحة فحلب لهم فأتی به، فاستيقظ الحسين فجعل يعالج أن يشرب قبله حتى بکی، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن أخاك استسقى قبلك، فقالت فاطمة: كأن الحسن آثر عندك ؟! قال: ما هوبأثر عندي منه وإنما هما عندي بمنزلة واحدة وإني وإياك وهما وهذا النائم لفي مكان واحد يوم القيامة.

ذخائر العقبى محب الدين الطبري ص 25:عن أبي سعيد رضی الله عنه : لما نزلت هذه الآية : «فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ» دعى رسول الله عليا وفاطمة وحسنا وحسينا وقال: اللهم هؤلاء أهلي.

روايات عبد الله بن عباس ت68:

تاریخ بغداد 221/6 : إسماعيل بن محمد بن عبد الرحمن المدائني حدث عن جويبر بن سعيد، روى عنه سلام بن سليمان المدائني أخبرنا أبويعلي أحمد بن عبد الواحد الوكيل حدثنا كوهي بن الحسن الفارسي حدثنا أحمد بن القاسم أخو أبي الليث

ص: 386

الفرائضي حدثنا محمد بن حبش المأموني حدثنا سلام بن سليمان الثقفي حدثنا إسماعيل بن محمد بن عبد الرحمن المدائني عن جويبر عن الضحاك عن بن عباس قال: نزلت في علي ثلاثمائة آية.

الدر المنثور 379/6 : وأخرج ابن مردويه عن علي قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألم تسمع قول الله «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ»و أنت وشيعتك وموعدي وموعد كم الحوض، إذا جائت الأمم للحساب تدعون غرا محجلين.

الدر المنثور ج 3 ص 389 : « اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ» قال: وأخرج ابن زردويه عن ابن عباس في قوله « اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ» قال: مع علي بن أبي طالب علیه السلام .

شواهد التنزيل الحسكاني ج 1 ص 483: بسنده عن حصين (1) وابن عباس قال: سمعت أسماء بنت عمیس تقول: سمعت رسول الله يقول: اللهم إني أقول كما قال أخي موسی بن عمران: اللهم اجعل لي وزيرا من أهلي علي بن أبي طالب.

تاریخ بغداد ج 15/5 روى الخطيب بسنده عن ابن عباس «قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ »بفضل الله علي وبرحمته علي

الدر المنثور ج 100/2 : وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن عساكر من طريق عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس في قوله: «الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً » قال: نزلت في علي بن أبي طالب، كانت له أربعة دراهم فأنفق بالليل درهما وبالنهار درهما وسرا درهما وعلانية درهما

ص: 387


1- الجرح والتعديل للرازي 198/3 : حصين بن يزيد التغلبي أو الثعلبي، روی عن بن مسعود وأسماء بنت عمیس، روى عنه أبو اليقظان و عمران بن سليمان المرادي، سمعت أبي يقول ذلك.

في قول الله: «الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ» نزلت في علي

الواحدي اسباب النزول /331: عن عطاء عن ابن عباس، المحب الطبري في الرياض النضرة 227/2 سورة هل أتي في علي

الدر المنثور 45/4 : وأخرج ابن جرير وابن مردويه وأبونعيم في المعرفة والديلمي وابن عساكر وابن النجار قال: لما نزلت «إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ ۖ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ» وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدره فقال: أنا المنذر وأومأ بيده إلى منكب علي رضي الله عنه، فقال: أنت الهادي يا علي، بك يهتدي المهتدون من بعدي

الدر المنثور 178/5 : أخرج أبو الفرج الأصبهاني في كتاب الأغاني والواحدي وابن عدي وابن مردويه والخطيب وابن عساكر من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال الوليد بن عقبة لعلي بن أبي طالب رضی الله عنه : أنا أحد منك سنانا وأبسط منك لسانا وأملا للكتيبة منك، فقال له علي علیه السلام : أسكت فإنما أنت فاسق فنزلت «أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا ۚ لَا يَسْتَوُونَ» یعنی بالمؤمن عليا و بالفاسق الولید بن عقبة بن أبي معيط. معرفة علوم الحديث للحاكم النيسابوري /49: حدثنا علي بن عبد الرحمن بن عيسى الدهقان بالكوفة قال: حدثنا الحسين بن الحكم الحبري قال: ثنا الحسن بن الحسين العربي قال ثنا حبان بن علي العنزي عن الكلبي عن أبي صالح عن بن عباس وفي قوله عز وجل « فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ... الْكَاذِبِينَ »(نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى نفسه ونساءنا ونساء كم في فاطمة وأبناءنا وأبناء كم في الحسن والحسين والدعاء على الكاذبين نزلت في العاقب والسيد وعبد المسيح وأصحابهم).

قال الحاكم: وقد تواترت الأخبار في التفاسير عن عبد الله بن عباس وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ يوم المباهلة بيد علي والحسن والحسين وجعلوا

ص: 388

فاطمة وراءهم ثم قال: هؤلاء أبناءنا وأنفسنا ونساؤنا فهلموا أنفسكم وأبناءكم ونساء كم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين.

الدر المنثور 290/3 : أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله «اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ» قال: مع علي بن أبي طالب.

الدر المنثورة 6/203: أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ» الآية قال: نزلت في رجل كان مع النبي صلی الله عليه وسلم بالمدينة من قریش کتب إلى أهله وعشيرته بمكة يخبرهم وينذرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سائر إليهم، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصحيفته، فبعث علي بن أبي طالب رضی الله عنه فأتاه بها.

الدر المنثورة 244/6 أخرج ابن أبي حاتم بسند ضعیف عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله «وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ» قال: هو علي بن أبي طالب.

الدر المنثور 199/5 : أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: شهدنا

رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة أشهر يأتي كل يوم باب علي بن أبي طالب رضی الله عنه عند وقت كل صلاة فيقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهل البيت «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا» الصلاة رحمكم الله كل يوم خمس مرات.

الدر المنثور 220/5: أخرج الحاكم عن ابن أبي مليكة قال: جاء رجل من أهل الشام فسب عليا رضی الله عنه عند ابن عباس رضي الله عنهما، فحصبه ابن عباس رضي الله عنهما وقال: يا عدو الله آذیت رسول الله «إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَ» لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حيا لآذيته.

الدر المنثور 7/6 : أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردویه بسند ضعيف من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية «وقُل لا

ص: 389

أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَ» قالوا: يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت مودتهم؟؟ قال: علي وفاطمة وولداها.

المستدرك 162/3 : حدثنا مكرم بن أحمد القاضي ثنا أحمد بن علي الأبار ثنا إسحاق بن سعيد بن أركون الدمشقي ثنا خليد بن دعلج أبو عمرو السدوسي أظنه عن قتادة عن عطاء عن بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق وأهل بيتي أمان لأمتي من الإختلاف فإذا خالفتها قبيلة من العرب إختلفوا فصاروا حزب إبليس، هذا حديث صحيح الإسناد ولم

يخرجاه.

المعجم الكبير 46/3 : حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا مسلم بن إبراهيم ثنا الحسن بن أبي جعفر عن أبي الصهباء عن سعيد بن جبير عن بن عباس رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجی ومن تخلف عنها غرق.

الدر المنثور180/3 : وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: شرى على رضی الله عنه نفسه ولبس ثوب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم نام مكانه وكان المشركون يحسبون أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت قريش تريد أن تقتل النبي صلى الله عليه وسلم، فجعلوا يرمقون عليا ويرونه النبي صلى الله عليه وسلم وجعل علي رضی الله عنه يتصور، فإذا هو علي رضی الله عنه ، فقالوا: إنك للئيم، إنك لتتصور وكان صاحبك لا يتصورك ولقد استنكرناه منك.

الدر المنثور 210/3 : أخرج سعید بن منصور وابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وصححه ابن المنذر والنحاس والحاكم وصححه ابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن زید بن تبيع رضی الله عنه قال: سألنا عليا رضی الله عنه بأي شيء بعثت مع أبي بكررضی الله عنه في الحج؟ قال: بعثت بأربع :لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يجتمع مؤمن و کافر

ص: 390

بالمسجد الحرام بعد عامه هذا ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فعهده إلى مدته ومن لم يكن له عهد فاجله أربعة أشهر.

المعجم الكبير 73/11 : حدثنا الحسن بن علوية القطان ثنا أحمد بن محمد السكري ثنا موسی بن أبي سليم البصري ثنا مندل ثنا الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: خرجت أنا والنبي صلى الله عليه وسلم وعلي رضي الله تعالی عنه في حشان المدينة، فمررنا بحديقة، فقال علي رضي الله تعالی عنه: ما أحسن هذه الحديقة یا رسول الله !!! فقال: حديقتك في الجنة أحسن منها، ثم أومأ بيده إلى رأسه ولحيته ثم یکی حتى على بكاؤه، قيل: ما يبكيك؟ قال: ضغائن في صدور قوم لا يبدونها لك حتى يفقدوني.

البزار في كشف الأستار 2646: عن الحسين بن عیسی عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس قال: كان الحسين رضی الله عنه جالسا في حجر رسول الله صل الله علیه و اله فقال جبريل: أتحبه؟ فقال: وكيف لا أحبه وهو ثمرة فؤادي؟ فقال: أما إن إمتك ستقتله، لأريك من موضع قبره، فقبض قبضة فإذا هي تربة حمراء.

المجتبى من السنن 153/5 : أخبرنا محمد بن علي بن الحسين بن شقيق قال: أنبأنا أبي قال: أنبأنا أبو حمزة عن مطرف عن سلمة بن كهيل عن طاوس عن بن عباس قال: سمعت عمر يقول: والله إني لأنهاكم عن المتعة وإنها لفي كتاب الله ولقد فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم (يعني العمرة في الحج).

صحیح مسلم 1110/2 : وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب واللفظ لأبي بكر قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد سمع عبید بن حنين وهو مولى العباس قال: سمعت بن عباس يقول: كنت أريد أن أسأل عمر عن المرأتين اللتين تظاهرتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلبثت سنة ما أجد له موضعا حتى صحبته إلى مكة، فلما كان بمر الظهران ذهب يقضى حاجته، فقال: أدركني بإدارة من ماء، فأتيته بها

ص: 391

فلما قضى حاجته ورجع ذهبت أصب عليه وذكرت فقلت له: يا أمير المؤمنين من المرأتان ؟؟ فما قضيت كلامي حتى قال: عائشة وحفصة.

سنن الترمذي642/5 : حدثنا محمد بن حمید حدثنا إبراهيم بن المختار عن شعبة عن أبي بلج عن عمرو بن میمون عن ابن عباس قال: أول من صلى علي، قال: هذا حدیث غريب من هذا الوجه لا نعرفه من حديث شعبة عن أبي بلج إلا من حديث محمد بن حميد، وأبوبلج إسمه يحيى بن سليم، وقد اختلف أهل العلم في هذا، فقال: بعضهم أول من أسلم أبوبكر الصديق، وقال بعضهم: أول من أسلم علي وقال بعض أهل العلم: أول من أسلم من الرجال أبو بكر وأسلم علي وهو غلام بن ثمان سنين وأول من أسلم من النساء خديجة.

المستدرك99/4 : أخبرنا حمزة ابن العباس العقبي ببغداد ثنا العباس بن محمد الدوري ثنا شبابة بن سوار ثنا ورقاء بن عمر عن مسلم عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن عليا، فقال: علمهم الشرائع وأقض بينهم قال: لا علم لي بالقضاء، فدفع في صدره فقال: اللهم أهده للقضاء هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

السنن الكبرى 112/5 : أخبرنا محمد بن المثنى قال حدثنا يحيى بن (حماد قال : مسند أحمد 330/1 المعجم الكبير 97/12 ) حدثنا الوضاح وهو أبو عوانة قال: حدثنا يحيى قال: حدثنا عمرو بن میمون قال: إني لجالس إلى بن عباس إذ أتاه تسعة رهط (فقالوا: إما أن تقوم معنا وإما أن تخلونا یا هؤلاء) وهو يومئذ صحيح قبل أن يعمى قال: أنا أقوم معكم فتحدثوا فلا أدري ما قالوا فجاء وهوينفض ثوبه وهو يقول: أف وتف يقعون في رجل له عشر: وقعوا في رجل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لأبعثن رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله) لا يخزيه الله أبدا فأشرف من استشرف فقال: أين علي؟ فقالوا: هو في الرحا يطحن، وما كان أحدكم ليطحن، فدعاه وهو أرمد ما یکاد أن يبصر، فنفث في عينيه

ص: 392

ثم هز الراية ثلاثا فدفعها إليه، فجاء بصفية بنت حيي.

وبعث أبا بكر بسورة التوبة وبعث عليا خلفه فأخذها منه فقال: لا يذهب بها إلا رجل هومني وأنا منه.

ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين وعليا وفاطمة، فمد عليهم ثوبا فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا

وكان أول من أسلم من الناس بعد خديجة.

ولبس ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونام، فجعل المشركون يرمون كما یرمون رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يحسبون أنه نبي الله صلى الله عليه وسلم، فجاء أبوبكر فقال: يا نبي الله !! فقال علي: إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قد ذهب نحو بئر میمون، فأتبعه فدخل معه الغار وكان المشركون يرمون عليا حتى أصبح

وخرج بالناس في غزوة تبوك فقال علي: أخرج معك؟ فقال: لا، فبكى، فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنك لست بنبي. إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي.

قال: وقال له رسول الله : أنت وليي في كل مؤمن بعدي.

وقال: سدوا أبواب المسجد غير باب علي فكان يدخل المسجد وهو جنب وهو فيطريقه ليس له طریق غیره.

وقال (فيه)صل الله علیه و اله : من کنت ولیه فعلي وليه (من کنت مولاه فإن مولاه علي).

قال ابن عباس: وقد أخبرنا الله في القرآن أنه قد رضي عن أصحاب الشجرة فهل حدثنا بعد أنه سخط عليهم (1)قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر حين قال: ائذن لي فلأضرب عنقه يعني حاطبا وقال: ما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل بدر

ص: 393


1- لايبعد ان هذا المقطع ليس من كلام ابن عباس بل هو من اضافة بعض الرواة و تفصيل الكلام ليس هذا محله

فقال: إعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.

السنن الكبرى 119/5 : أخبرني محمد بن وهب قال حدثنا مسكين قال حدثنا شعبة عن أبي بلج عن عمرو بن میمون عن بن عباس وأبوبلج هويحيي بن أبي سليمان قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبواب المسجد فسدت إلا باب علي

المعجم الكبير 282/10 : حدثنا عبيد العجلي ثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ثنا حسین بن محمد المروذي عن سليمان بن قرم عن محمد بن سعيد عن داود بن علي بن عبد (الله بن عباس) عن أبيه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم بطير فقال: اللهم إئتني بأحب خلقك إليك، فجاء علي، فقال: اللهم وإلي.

المعجم الكبير 122/12 : حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا عون سلام ثنا بشر بن عمارة عن أبي روق عن الضحاك (1) عن بن عباس في قوله «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا

ص: 394


1- الضعفاء العقيلي 218/2 : الضحاك بن مزاحم خرساني حدثنا محمد بن موسى قال: حدثنا صالح بن أحمد قال: حدثنا علي بن عبد الله قال: سمعت يحيى يقول: كان شعبة ينكر أن يكون الضحاك بن مزاحم القي بن عباس قط، قال يحي: وكان الضحاك بن مزاحم عندنا ضعیف، حدثنا محمد قال: حدثنا صالح قال: سمعت يحي قال: كان شعبة لا يحدث عن الضحاك بن مزاحم، حدثنا محمد قال: حدثنا صالح حدثنا علي قال: سمعت أبا داود قال: أخبرنا شعبة قال: سمعت عبد الملك بن میسرة يقول: الضحاك بن مزاحم لم يلق ابن عباس، إنما لقي سعيد بن جبير فأخذ عنه التفسير حدثنا محمد قال: حدثنا صالح قال: حدثنا علي قال: سمعت سلم بن قتيبة قال: حدثني شعبة قال: قلت لمشاش الضحاك: سمع من أبن عباس؟ قال: لا ولا كلمة. مشاهير علماء الأمصار 194/1 : الضحاك بن مزاحم الهلالي أبو القاسم وقد قيل أبو محمد، مولده ببلخ و كان يقيم بمرومدة ويبلخ زمانا وربما أقام ببخارا وبسمرقند حينا، وهم إخوة ثلاثة مسلم ومحمد والضحاك، فأما الضحاك فإن أمه كانت حاملا به سنتين وولد وله سنان اثنتان و کا ممن عنى بعلم القرآن عناية شديدة مع لزوم الورع و كان معلم کتاب يعلم الصبيان فلا يأخذ منهم شيئا إما يحتسب في تعليمهم مات سنة خمس ومائة، لم يسمع من ابن عباس ولا من أحد من الصحابة شيئا. ورواية أبي إسحاق السبيعي عن الضحاك قال: قلت لابن عباس: وهم وهم فيه شريك؟ كيف يقول لابن عباس ولم يره؟؟ وإنما لقي سعيد بن جبير بالري فأخذ عنه التفسير الكامل في الضعفاء 94/4 : حدثنا محمد بن أحمد بن حماد حدثني صالح ثنا علي: سمعت يحيي يقول: كان شعبة لا يحدث عن الضحاك بن مزاحم قال: وكان شعبة ينكر أن يكون الضحاك بن مزاحم لقي بن عباس قط. ثنا بن حماد ثناصالح ثنا علي قال: سمعت أبا داود يقول: ثنا شعبة سمعت عبد الملك بن ميسرة يقول الضحاك بن مزاحم لم يلق بن عباس إنما لقي سعيد بن جبير بالري وأخذ عنه التفسير. الكاشف 509/1 : الضحاك بن مزاحم الهلالي الخراساني عن أبي هريرة وابن عباس وابن عمر وأنس وطاووس، وعنه علي بن الحكم البناني وقرة بن خالد ومقاتل بن حيان. وثقه أحمد وابن معين قال عبد الملك بن ميسرة: قلت له: أسمعت من بن عباس؟ قال: لا، وقال شعبة: كان عندنا ضعيفا، وأما أبو جناب الكلبي فروى عن الضحاك قال:جاورت بن عباس سبع سنين، مات 105.

الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا» قال: المحبة في صدور المؤمنين، نزلت في علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.

شواهد التنزيل للحسكاني ج1 /ص 365 بسنده عن يعقوب بن جعفر بن سليمان قال: حدثني أبي عن أبيه علي بن عبد الله عن ابن عباس في قوله: «أَفَمَنْ كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ » قال النبی و« وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ» قال: هو علي بن أبي طالب.

المعجم الكبير 122/12 : حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا يوسف بن محمد بن سابق ثنا أبو مالك الجنبي عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال:لماعقد رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء لعلي يوم خيبر دعى له هنيهة فقال: اللهم أعنه وأعز به وارحمه وارحم به وانصره به اللهم وال من والاه وعاد من عاداه

المعجم الكبير 66/11 : حدثنا عبد الرحمن بن خلاد الدورقي ثنا ملحان بن سليمان الدورقي ثنا عبد الله بن داود الخريبي ثنا الأعمش عن مجاهد عن بن عباس قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على علي وفاطمة وهما يضحكان، فلما رأيا النبي سکتا، فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: ما لكما کنتما تضحكان فلما رأيتماني سكتما؟؟ فبادرت فاطمة فقالت: بأبي أنت يا رسول الله، قال هذا: أنا أحب إلى رسول الله منك، فقلت: بل أنا أحب إلى رسول الله منك، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا بنية لك رقة الولد وعلى أعز على منك.

ص: 395

المعجم الكبير 65/11 : حدثنا المعمري ومحمد بن علي الصائغ المكي قالا: ثنا عبد السلام بن صالح الهروي ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأته من بابه .البزار في كشف الأستار 2525/:عن محمد بن المثنى عن يحيى بن حماد عن أبي عوانة عن أبي بلج عن عمرو بن میمون عن ابن عباس : أن النبي قال لعلي: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي.

الرياض النضرة 166/2: عن ابن عباس أنه مر بعد ما حجب بصره بمجلس من مجالس قريش وهم يسبون عليا فقال لقائده: ما سمعت هؤلاء يقولون؟ قال: يسبون عليا فرجع إليهم وقال لهم: أيكم الستاب الله؟ قالوا: سبحان الله من سب الله فقد أشرك، قال: أيكم الستاب لرسول الله؟ قالوا: سبحان الله من سب رسول الله فقد كفر، قال: فأيكم الساب لعلي؟ قالوا: أما هذا فقد كان، قال: فأنا أشهد بالله لسمعت رسول الله يقول: من سب عليا فقد سبني ومن سبني فقد سب الله ومن سب الله أكبه الله على منخره، ثم تولى عنهم ... قال: أخرجه أبو عبد الله الملا.

المستدرك 120/3 : حدثني أبوعمرو محمد بن عبد الواحد الزاهد صاحب (ثعلب إملاء ببغداد)ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا زکریا بن يحي المصري حدثني المفضل بن فضالة حدثني سماك بن حرب عن عكرمة عن بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: لعلي أربع خصال ليست لأحد:

هو أول عربية وأعجمي صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي كان لواؤه معه في كل زحف، والذي صبر معه يوم المهراس، وهو الذي غسله وأدخله قبره. مسند أحمد 368/1 : عن مقسم عن ابن عباس قال: راية النبي كانت مع علي. قال ابن حجر في التهذيب 475/3 عن مقسم عن ابن عباس: كانت راية النبي في المواطن كلها مع علي

ص: 396

مصنف ابن أبي شيبة 86/12 رقم 12190: عبد الله بن نمير عن حجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس: أن النبي قال لعلي: أنت أخي وصاحبي.

المعجم الصغير 161/2 : حدثنا محمد بن سهل بن الصباح الصفار الأصبهاني حدثنا أحمد بن الفرات الرازي حدثنا سهل بن عبد ربه السندي الرازي حدثنا عمروبن أبي قيس عن مطرف عن طريف عن المنهال بن عمرو عن التميمي عن ابن عباس قال: كنا نتحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم عهد إلى علي علیه السلام سبعين عهدا لم يعهدها إلى غيره، (لم يروه عن مطرف إلا عمرو بن قيس ولا عن عمرو بن سهل) تفرد به أحمد بن الفرات واسم التميمي أربدة

تاریخ بغداد 218/4 : عبد الله بن عثمان بن خثيم عن عبد الرحمن بن بهمان قال: سمعت جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أخذ بضبع علي يوم الحديبية وهو يقول: هذا أمير البررة قاتل الفجرة منصور من نصره مخذول من خذله (مد بها صوته)، قال أبو الفتح: تفرد به عبد الرزاق وحده، قلت: ولم يروه عن عبد الرزاق غير أحمد بن عبد الله هذا وهو أنكر ما حفظ عليه والله اعلم. (1)

تاریخ بغداد 4/ 39: أبو الأزهر أحمد بن الأزهر وأخبرنا محمد بن عمر بن بكير المقرئ واللفظ له حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار حدثنا أبو الأزهر حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد

ص: 397


1- قال المحدث أحمد بن محمد الحسني في فتح الملك العلي/58: وليس كما قال الخطيب بل تابعه عليه أحمد بن طاهر بن حرملة بن يحيى بن عبد الرزاق كما ذكره ابن عدي وابن الجوزي، ثم إنه لإنكاره في تفرد أبي جعفر السامري عن عبد الرزاق مثل هذا الحديث فإن عبد الرزاق كان يعلم أن من حدث بفضائل علي يجرح ويبدع ويتهم ويكذب، فكان لا يحدث بها إلا أهلها، وقد قال في حقه الذهبي (میزان الاعتدال 609/2 ): إنه كان يعرف الأمور فلا يتجاسر أن يحدث بها، سامح الله الذهبي يسمي التحديث بفضائل علي جسارة.

الله عن ابن عباس قال: نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي علیه السلام فقال: أنت سيد في الدنيا سيد في الآخرة ومن أحبك فقد أحبني وحبيبي حبيب الله وعدوك عدوي وعدو الله، والويل لمن أبغضك من بعدي، قال أبو الفضل: فسمعت أبا حاتم يقول: سمعت أبا الأزهر يقول: خرجت مع عبد الرزاق إلى قريته فكنت معه في الطريق، فقال لي: يا أبا الأزهر! أفيدك حديثا ما حدثت به غيرك، قال: فحدثني بهذا الحديث : أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب أخبرنا محمد بن نعيم الضبي قال: سمعت أبا علي الحسين بن علي الحافظ يقول: سمعت أحمد بن يحيى بن زهير التستري يقول: لما حدث أبوالأزهر النيسابوري بحديثه عن عبد الرزاق في الفضائل أخبر يحيى بن معين بذلك فبينا هو عنده في جماعة أهل الحديث إذ قال يحيى بن معين: من هذا الكذاب النيسابوري الذي حدث عن عبد الرزاق بهذا الحديث؟ فقام أبوالأزهر فقال: هوذا أنا، فتبسم يحيى بن معين وقال : أما إنك لست بكذاب (وتعجب من سلامته) وقال : الذنب لغيرك في هذا الحديث، قال ابن نعيم وسمعت أبا أحمد الحافظ يقول سمعت أبا حامد الشرقي وسئل عن حديث أبي الأزهر عن عبد الرزاق عن معمر في فضائل علي فقال أبو حامد هذا حديث باطل والسبب فيه أن معمرا كان له ابن أخ رافضي وكان معمر يمكنه من كتبه فادخل عليه هذا الحديث، وكان معمر رجلا مهيبا لا يقدر عليه أحد في السؤال والمراجعة فسمعه عبد الرزاق في كتاب ابن اخي معمر قال ابن نعيم: فسمعت محمد بن حامد البزار يقول سمعت مكي بن عبدان يقول سمعت أبا الأزهر يقول خرج عبد الرزاق إلى قريته فبكرت إليه يوما حتى خشيت على نفسي من البكور فوصلت إليه قبل أن يخرج لصلاة الصبح فلما خرج رآني فقال: كنت البارحة ها هنا؟؟ قلت: لا ولكتي خرجت في الليل، فأعجبه ذلك، فلما فرغ من صلاة الصبح دعاني وقرأ علي هذا الحديث وخصني به دون أصحابي قلت: وقد رواه محمد بن حمدون النيسابوري عن محمد بن علي بن سفيان النجار عن عبد الرزاق فبرئ أبوالأزهر من عهدته إذ قد توبع على روايته والله اعلم

ص: 398

الاستیعاب ج 3 / ص 1104 بسنده عن جويبر عن الضحاك بن مزاحم عن عبد الله بن عباس قال: والله لقد أعطي علي بن أبي طالب تسعة أعشار العلم وأيم الله لقد شار کكم في العشر العاشر.

الاستیعاب ج 3 / ص 40 عن طاووس عن ابن عباس: كان علي والله قد ملئ علما وحلما.

المستدرك 119/3 حدثنا محمد بن صالح بن هانئ ثنا أحمد بن نصر أخبرنا محمد بن علي الشيباني بالكوفة ثنا أحمد بن حازم الغفاري وأنبأ محمد بن عبد الله العمري ثنا محمد بن إسحاق ثنا محمد بن يحي وأحمد بن يوسف قالوا: ثنا أبو نعيم ثنا بن أبي غنية عن الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن بريدة الأسلمي رضي الله تعالى عنه قال: غزوت مع علي إلى اليمن، فرأيت منه جفوة فقدمت على رسول الله فذكرت عليا فتنقصته فرأيت وجه رسول يتغير فقال: يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلى يا رسول الله، فقال: من کنت مولاه فعلي مولاه، وذكر الحديث هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.

الكامل في الضعفاء 228/4 :ثنا علي ثنا عبد الله ثنا أبي عن الأعمش عن عباية الأسدي عن ابن عباس قال: ستكون فتنة فإن أدركها أحد منكم فعليه بخصلتين: كتاب الله وعلي بن أبي طالب، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (وهو آخذ بيد علي): هذا أول من آمن بي وأول من يصافحني وهو فاروق هذه الأمة، يفرق بين الحق والباطل وهو يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظلمة وهو الصديق الأكبر وهو بابي الذي أوتي منه وهو خليفتي من بعدي.

المستدرك 197/3 : حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالویه ثنا أبومسلم إبراهيم بن عبد الله ثنا حجاج بن نصير ثنا قرة بن خالد ثنا عامر بن عبد الواحد عن أبي الضحى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: ما كنا نشك وأهل البيت متوافرون أن الحسين بن علي يقتل بالطف.

ص: 399

شواهد التنزيل الحسكاني /52: بسنده عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال: ما أنزل الله آية «يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا» إلا وعلي رأسها وأميرها، وفي رواية ولقد عاتب الله أصحاب محمد في غير مكان وما ذكر عليا إلا بخير.

الحسكاني /58: عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله لعلي بن أبي طالب: أنت الطريق الواضح وأنت الصراط المستقيم وأنت یعسوب المؤمنين.

روایات جابر بن عبد الله الأنصاري ت74:

الدر المنثور مجلد 210/3 أخرج اسحق بن راهويه والدارمي والنسائي وابن خزيمة وابن حبان وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن جابر رضی الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر على الحج، ثم أرسل عليا رضی الله عنه ببراءة فقرأها على الناس في موقف الحج حتى ختمها.

الدر المنثور 18/6 :أخرج ابن مردويه من طريق محمد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى «فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ» الزخرف/41 نزلت في علي بن أبي طالب أنه ينتقم من الناكثين والقاسطين بعدي.

تفسير ابن كثير: قال جابر: وفيهم نزلت« فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ...» قال جابر: أنفسنا وأنفسكم رسول الله وعلي بن أبي طالب، وأبناءنا الحسن والحسين ونساءنا فاطمة (1)

ص: 400


1- اقول: وقال في فتح القدير للشوكاني (ج 316/1 ) قال جابر: أنفسنا وأنفسكم رسول الله وعلي ... ورواه الحاكم من وجه آخر عن جابر وصححه وأخرج مسلم والترمذي وابن المنذر والحاكم والبيهقي عن سعد بن أبي وقاص قال: لما نزلت (قل تعالوا...الآية) دعا رسول الله عليا وفاطمة وحسنا وحسينأ وقال: اللهم هؤلاء أهلي.

الدر المنثور 379/6 : وأخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد الله قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فاقبل علي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده إن هذا و شیعته هم الفائزون يوم القيامة، ونزلت: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ »فكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا أقبل علي قالوا: جاء خير البرية.

أحمد بن حنبل في الفضائل 564/2عن وكيع عن الأعمش عن عطية بن سعد العوفي قال: دخلنا على جابر بن عبد الله وقد سقط حاجباه على عينيه فسألناه عن علي، فقلت: أخبرني عنه، قال: فرفع حاجبيه بيده فقال: ذاك من خير البشر.

أحمد بن حنبل فضائل الصحابة 671/2 : حدثنا الهيثم بن خلف قثنا عبد الملك بن عبد ربه أبو إسحاق الطائي نا معاوية بن عمار عن أبي الزبير قال: قلت لجابر : كيف كان علي فيكم؟؟ قال: ذلك من خير البشر، ما كنا نعرف المنافقين إلا ببغضهم إياه.

الحسكاني في شواهد التنزيل ج 3 / ص 417: بسنده عن وكيع بن الجراح حدثنا الأعمش عن عطية العوفي قال: دخلنا على جابر بن عبد الله الأنصاري وقد سقط حاجباه على عينيه من الكبر، فقلنا: أخبرنا عن علي، فرفع حاجبيه بيده ثم قال: ذاك من خير البرية (1).

فضائل الصحابة 665/2 : حدثنا أبويعلي حمزة بن داود الأبلي بالأبلة قثنا سليمان بن الربيع النهدي الكوفي قثنا كادح بن رحمة قال: حدثنا مسعر عن عطية عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت على باب الجنة مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله علي أخورسول الله.

مسند أحمد بن حنبل فضائل الصحابة 666/2 : حدثنا أبویعلی حمزة قثنا سليمان

ص: 401


1- رواه البلاذري 113/3 عن المدائني عن يونس بن ارقم عن محمد بن عبد الله بن عطية العوفي

بن الربيع قثنا كادح قال :نا الحسن بن أبي جعفر عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فذكر الحديث وقال في آخره) : علي أخي وصاحب لوائي.

المستدرك 138/3 : حدثني أبو بكر محمد بن علي الفقيه الإمام الشاشي القفال ببخارا وأنا سألته حدثني النعمان بن الهارون البلدي ببلد من أصل كتابه ثنا أحمد بن عبد الله بن يزيد الحراني ثنا عبد الرزاق ثنا سفيان الثوري عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب.المستدرك 140/3 حدثني أبو بكر محمد بن علي الفقيه الإمام الشاشي ببخارا ثنا النعمان بن هارون البلدي ثنا أبو جعفر أحمد بن عبد الله بن يزيد الحراني ثنا عبد الرزاق ثنا سفيان الثوري عن عبد الله بن عثمان بن خثيم (1)عن عبد الرحمن بن عثمان (2)قال:

ص: 402


1- مشاهير الامصار 87/1 :عبد الله بن عثمان بن خثيم من القارة، أبوعثمان، ممن صحب أبا الطفيل عامر بن واثلة زمانا و كان من أهل الفضل والنسك والفقه والحفظ مات سنة اثنتين وثلاثين ومائة. تهذیب الكمال، خت م 4 عبد الله بن عثمان بن خثيم القاري من القارة أبو عثمان المكي حليف بني زهرة، روی عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة بخ ت ق وسعيد بن جبير خت 4 وسعيد بن أبي راشد ت ق وشهر بن حوشب بخ ت ق وطلحة بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله وأبي الطفيل عامر بن واثلة دت ق وعبد الله بن سلمان الأغر وعبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة م وعبد الله بن كثير الداري وعبد الرحمن بن بهمان ق وعبد الرحمن بن سابط ت وعبد الرحمن بن نافع بن لبينة الطائفي وعبيد الله بن عیاض عخ وعثمان بن جبير ق و عطاء بن أبي رباح خت وعلي الأزدي وعمروبن عبد الله بن عمرو بن عبد القاري والقاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود ق ومجاهد بن جبر المكي سي ومحمد بن الأسود بن خلف الخزاعي وأبي الزبير محمد بن مسلم المكي 4 ونافع بن سرجس مولی بن سباع ونافع مولى بن عمرت ووهب بن منبه ويوسف بن ماهك المكي دت ق ويونس بن خباب ق وصفية بنت شيبة د وقيلة أم بني أنمار ق ولها صحبة، روى عنه إسماعيل بن علية وإسماعيل بن عياش ت ق وبشر بن المفضل بخ ت و جریر بن عبد الحميدت وحفص بن غیاث و حماد بن سلمة دق و داود بن عبد الرحمن العطار د س وروح بن القاسم وزائدة بن قدامة وزهير بن معاوية بخ د وسفيان الثوري وسفیان بن عيينة وعبد الله بن إدريس وعبد الله بن رجاءالمكي ر د ق وعبد ربه بن عطاء القرشي صد وعبد الرحمن بن عبد الله المسعودي وعبد الرحيم بن سلیمان خت ق وعبد الملك بن حریج س وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ت وعدي بن الفضل وعلي بن صالح المكي ت وعلي بن عاصم وفضيل بن سلیمان ت ق والقاسم بن يحيى بن عطاء بن مقدم خت و محمد بن أبي الضيف ق ومعمر بن راشد د ت ق والوضاح أبوعوانة ووهیب بن خالد سي ويحيى بن سليم الطائفي عخ م دق ويعلي بن شبيب ق، قال أحمد بن سعد بن أبي مريم عن يحيى بن معين: ثقة، حجة، وقال العجلي: ثقة، وقال أبو حاتم: ما به بأس صالح الحديث، وقال النسائي: ثقة، وقال في موضع آخر ليس بالقوي، وذكره بن حبان في كتاب الثقات قال: عمروبن علي مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة استشهد به البخاري في الصحيح وروى له في القراءة خلف الامام وغيره وروى له الباقون.
2- (أقول: عثمان تصحيف بهمان كما في تهذيب التهذيب) عبد الرحمن بن بهمان حجازي، روى عن جابر وعبد الرحمن بن حسان بن ثابت، وعنه عبد الله بن عثمان بن خثيم، قال ابن المديني: لا نعرفه وذكره بن حبان في الثقات، له حديث يأتي في، بن حسان، قلت: ووثقه العجلي

سمعت جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بضبع علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وهو يقول: هذا أمير البررة قاتل الفجرة منصور من نصره مخذول من خذله، ثم مد بها صوته، هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

(جامع الترمذي 662/5 : حدثنا نصر بن عبد الرحمن الكوفي المعجم الكبير 66/3) : حدثنا زید بن الحسن هوالأنماطي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب فسمعته يقول: يا أيها الناس إني قد ترکت فیکم ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي، قال: وفي الباب عن أبي ذر وأبي سعيد وزيد بن أرقم وحذيفة بن أسيد قال : وهذا حديث حسن غريب من هذا الوجه قال: وزيد بن الحسن قد روى عنه سعید بن سليمان وغير واحد من أهل العلم. قال في كنز العمال: أخرجه ابن أبي شيبة والخطيب في المتفق والمفترق عن جابر.

بقي بن مخلد /1356: أبو بكر بن أبي شيبة عن المطلب بن زياد عن عبد الله بن محمد

ص: 403

بن عقيل عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله: من کنت مولاه فعلي مولاه.

ذخائر العقبى للمحب الطبري ص 18:عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله: لايحبنا أهل البيت الا مؤمن تقي ولا يبغضنا الا منافق شقي.

المعجم الكبير 3/ 39:وحدثنا أحمد بن عمرو القطراني ثنا محمد بن الطفيل حدثنا شريك عن جابر عن عبد الرحمن بن سابط عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلی الله عليه وسلم: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.

سنن البيهقي 206/7: أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ أنبأ عبد الله بن محمد بن موسی ثنا محمد بن أيوب أنبأ موسی بن إسماعيل ثنا همام عن قتادة عن أبي نضرة عن جابر رضي الله تعالى عنه قال: قلت: إن ابن الزبير ينهى عن المتعة وأن ابن عباس يأمر بها، قال: على يدي جرى الحديث، تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر رضي الله تعالى عنه، فلما ولي عمر خطب الناس فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الرسول وإن هذا القرآن هذا القرآن وإنهما كانتا متعتان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أنهی عنهما وأعاقب عليهما، إحداهما متعة النساء ولا أقدر على رجل تزوج امرأة إلى أجل إلا غيبته بالحجارة، والأخرى متعة الحج أفصلوا حجكم من عمرتكم فإنه أتم لحجكم وأتم لعمر تكم، أخرجه مسلم في الصحيح من وجه آخر عن همام قال الشيخ: ونحن لا نشك في كونها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لكنا وجدناه نهى عن نكاح المتعة عام الفتح بعد الإذن فيه، ثم لم نجده أذن فيه بعد النهي عنه حتى مضى لسبیله صلى الله عليه وسلم، فكان نهي عمر بن الخطاب رضي الله تعالی عنه عن نكاح المتعة موافقا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذنا به ولم نجده صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة الحج في رواية صحيحة عنه ووجدنا في قول عمر رضي الله تعالى عنه ما دل على أنه أحب أن يفصل بين الحج والعمرة ليكون أتم لهما، فحملنا نهیه عن متعة الحج عن التنزيه وعلى إختيار الأفراد على غيره لا على التحريم وبالله التوفيق.

ص: 404

الترمذي 640/5 : حدثنا خلاد بن أسلم أبوبكر البغدادي حدثنا النضر بن شميل أخبرنا عوف الأعرابي عن عبد الله بن عمروبن هند الجملي قال: قال علي: كنت إذا سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاني وإذا سكت ابتدأني. قال أبو عيسى: هذا حدیث حسن غريب من هذا الوجه. وفي الباب عن جابر وزيد بن أسلم وأبي هريرة وأم سلمة.

مسند أبي يعلى 118/4 : حدثنا أبوهشام حدثنا بن فضیل (کتاب السنة بقي بن مخلد 1321 عن وهبان بن بقية عن خالد) حدثنا الأجلح عن أبي الزبير عن جابر: قال لماكان يوم الطائف ناجی رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا فأطال نجواه فقال بعض أصحابه: لقد أطال نجوى بن عمه، فبلغه ذلك فقال: ما أنا انتجيته بل الله أنتجاه.

مسند أحمد بن حنبل في الفضائل 775/2 : حدثنا عبد الله قثنا أبي قثنا وكيع عن ربیع بن سعيد عن بن سابط قال: دخل الحسين بن علي عليهما السلام المسجد، فقال جابر بن عبد الله: من أحب أن ينظر إلى سيد شباب الجنة فلينظر إلى هذا، سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الكامل في الضعفاء 255/3: نا علي بن أحمد يعرف بابن أبي قرية ثنا عباد بن يعقوب أخبرنا علي بن هاشم عن سليمان بن قرم عن يزيد بن أبي زياد عن سالم بن أبي الجعد عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا وهذا يعني عليا نجيء يوم القيامة كهاتين وجمع بين أصبعيه السبابتين

المستدرك 163/2: أخبرني الحسين بن علي التميمي حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد حدثنا هارون بن حاتم أنبأ عبد الرحمن بن أبي حماد حدثني إسحاق بن يوسف عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي: يا علي الناس من شجر شتى وأنا وأنت من شجرة واحدة، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ

ص: 405

صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ » هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

مجمع الزوائد 33/4 :عن البزار عن عباد بن يعقوب حدثنا علي بن هاشم بن البريد عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن عبد الرحمن عن جابر:أن رسول الله قال لعلي: إن الله أمرني أن أعلمك ولا أجفوك وأن أذنيك ولا أقصيك.

المطالب العالية (3977): عن أحمد بن منيع بسنده إلى جابر قال: جاء رسول الله ونحن مضطجعون في المسجد، فضربنا بعسيب كان بيده رطبا وقال: ترقدون في المسجد؟ إنه لا يرقد فيه، فانجفلنا وانجفل معنا علي، فقال له رسول الله: تعال يا علي إنه يحل لك في المسجد ما يحل لي، والذي نفسي بيده إنك لتذود عن حوضي يوم القيامة كما يذاد البعير الضال عن المال بعصا من عوسج ولكأني أنظر مقامك من حوضي.

الحسكاني شواهد التنزيل76/1: بسنده عن جابر بن یزید عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله : إن الله جعل عليا وزوجته وأبناءه حجج الله على خلقه وهم أبواب العلم في أمتي من اهتدى بهم هدي إلى صراط مستقیم

روايات سلمة بن الأكوع ت74:

المعجم الكبير 13/7 : حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبوحذيفة ح وحدثنا أبوخليفة ثنا أبو الوليد الطيالسي قالا: ثنا عكرمة بن عمار(1) ثنا إياس بن سلمة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر: لأعطين الراية اليوم رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، قال: فبعثني إلى علي وهو أرمد، فجئت به أقوده، فتفل في عينه، فبرأ وأعطاه الراية.

المعجم الكبير 22/7 :المصنف لابن أبي شيبة ومسند أبي يعلى واللفظ للأول: حدثنا

ص: 406


1- لسان الميزان: عكرمة بن عمار الحنفي العجلي أبوعمار اليمامي البصري، أحد الأئمة، عن عطاء وطاوس، وعنه شعبة والسفيانان. قال خليفة :توفي 159أو 169

حفص بن عمر الرقي ثنا قبيصة بن عقبة ثنا سفيان عن موسى بن عبيدة الربذي عن إياس بن سلمة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: النجوم جعلت أمانا لأهل السماء وإن أهل بيتي أمان لأمتي.

روايات سهل بن سعد الساعدي ت91:

البخاري 1096/3 : حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد

بن عبد الله بن عبد القاري (مسلم 1872/4 ) عن أبي حازم قال: أخبرني سهل رضي الله تعالى عنه (يعني ابن سعد) قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر: لأعطين الراية غدا رجلا يفتح على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، فبات الناس ليلتهم أيهم يعطي، فغدوا كلهم يرجونه، فقال: أين علي؟؟ فقيل: يشتكي عينيه، فبصق في عينيه ودعا له، فبرأ كأن لم يكن به وجع، فأعطاه، فقال صل الله علیه و اله : أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟؟ فقال: انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا خير لك من أن يكون لك حمر النعم.

روايات زيد بن أرقم ت 68:

الفضائل 609/2 : حدثنا إبراهيم قثنا أبو الوليد قثنا شعبة عن عمر ويعني بن مرة قال: سمعت أبا حمزة يقول: سمعت زید بن أرقم يقول: أول من صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب.

الفضائل613/2:حدثنا علي بن الحسين قثنا إبراهيم بن إسماعيل قثنا أبي عن أبيه عن سلمة بن كهيل عن أبي ليلى الكندي(1) أنه حدثه قال: سمعت زيد بن أرقم يقول:

ص: 407


1- قال ابن حجر في تقريب التهذيب: أبوليلي الكندي مولاهم الكوفي يقال: هوسلمة بن معاوية، وقيل بالعكس، وقيل سعيد بن بشر، وقيل المعلی، ثقة من الثانية بخ دق. تهذيب الكمال: بخ دق أبولیلی الكندي يقال: مولاهم الكوفي قيل اسمه سلمة بن معاوية وقيل معاوية بن سلمة وقال أبو حاتم عن زکریا بن عدي اسمه سعيد بن أشرف بن سنان وقيل عن أبي سعيد الأشج اسمه المعلی روی عن حجر بن عدي بن الأدبر وحريز أو أبي حريز وله صحبة، وخباب بن الأرت ق وسويد بن غفلة دق وسلمان الفارسي بخ و عثمان بن عفان وأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه عبد الملك بن أبي سليمان و عثمان بن أبي زرعة الثقفي دق و أبو إسحاق السبيعي ق وأبو جعفر الفراء بخ قال أحمد بن سعد بن أبي مريم عن يحيى بن معين: ثقة مشهور، وفرق الحاكم أبو أحمد بن أبي ليلى الكندي سلمة بن معاوية ويقال: معاوية بن سلمة روى عن سلمان وروى عنه أبو إسحاق، وبين أبي ليلى الكندي روی عن سويد بن غفلة وروى عنه عثمان بن أبي زرعة، وذكر الراوي عن سويد بن غفلة فيمن لم يقف على اسمه، وقال: ضعفه يحيى بن معين، وقال: حدثني علي بن محمد بن سختویه قال: سمعت محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: سمعت يحيي يعني بن معين وسئل عن أبي ليلى الكندي فقال: كان ضعيفا روی له البخاري في الأدب وأبوداود وابن ماجة. قال ابن حجر في التهذيب:قلت: وقال العجلي: أبوليلي الكندي : كوفي تابعي ثقة

ونحن ننتظر جنازة فسأله رجل من القوم، فقال أبا عامر: أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدیر خم لعلي: من کنت مولاه فعلي مولاه؟ قال: نعم، قال أبولیلی: فقلت لزيد بن أرقم: قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟؟ قال:نعم (قلت: قد قالها له أربع مرات) فقال: نعم.

المعجم الكبير 171/5 : حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو نعيم ثنا کامل أبو العلاء قال: سمعت حبيب بن أبي ثابت يحدث عن يحي بن جعدة(1)عن زيد بن أرقم قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهينا إلى غدیر خم، أمر بدوح فكسح،

ص: 408


1- تهذيب الكمال: د تم س ق يحيى بن جعدة بن هبيرة بن أبي وهب بن عمروبن عائذ بن عمران بن مخزوم القرشي المخزومي وأم هانئ بنت أبي طالب أخت علي بن أبي طالب جدته أم أبيه، روی عن خباب بن الأرت وزيد بن أرقم وعبد الله بن عمرو بن عبد القاري س ق وعبد الله بن مسعود وعبد الرحمن بن عبد القاريء و کعب بن عجرة وأبي الدرداء وأبي هريرة د وجدته أم هانئ بنت أبي طالب تم س ق، روى عنه ثویر بن أبي فاختة وحبيب بن أبي ثابت وعلي بن زید بن جدعان وعمروبن دینار مدس ق ومجاهد بن جبر المكي ومحمد بن الحارث بن سفیان بن عبد الأسد المخزومي و أبو العلاء هلال بن خباب تم س ق وأبوالزبير المكي د، قال أبو حاتم والنسائي : ثقة، وذكره بن حبان في كتاب الثقات، روی له أبوداود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة

في يوم ما أتي علينا يوم كان أشد حرا منه، فحمد الله وأثنى عليه وقال: يا أيها الناس إنه لم يبعث نبي قط إلا عاش نصف ما عاش الذي كان قبله، وإني أوشك أن أدعى فأجيب، وإني تارك فيكم ما لن تضلوا بعده كتاب الله ثم قام وأخذ بيد علي رضي الله تعالى عنه فقال: يا أيها الناس من أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: من کنت مولاه فعلي مولاه.

أقول: لم يذكر الراوي قول النبي (وعترتي بعد قوله و کتاب الله) على سبيل الأشارة

للحديث إذ لم يكن بصدد ذكر تمام الرواية وهذا دیدن لأهل الرواية معروف.

المستدرك 135/3 :أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر البزاز ببغداد ثنا عبد الله بن أحمد

بن حنبل حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا عوف (عن السنن الكبرى 118/5 ، فضائل

الصحابة581/2) میمون أبي عبد الله عن زيد بن أرقم قال: كانت لنفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبواب شارعة في المسجد فقال يوما: سدوا هذه الأبواب إلا باب علي، قال: فتكلم في ذلك الناس، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإني أمرت بسد هذه الأبواب غير باب علي، فقال فيه قائلكم، والله ما سددت شيئا ولا فتحته ولكن أمرت بشيء فاتبعته. هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

المعجم الكبير 186/5 : حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبوغسان مالك بن إسماعيل ثنا إسرائيل عن عثمان بن المغيرة عن علي بن ربيعة قال: لقيت زيد بن أرقم داخلا على المختار أوخارجا (1)، قال: قلت: حديثا بلغني عنك سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي؟ قال: نعم.

المعجم الكبير 166/5 : حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا جعفر بن حمید ح حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة حدثنا النضر بن سعيد أبو صهيب قالا: ثنا عبد الله بن

ص: 409


1- المعرفة والتاريخ، مسند أحمد 371/4 ، مشکل الآثار 368/4 ، ينابيع المودة 368/1

بكير عن حکیم بن جبير عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم قال: نزل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجحفة، ثم أقبل على الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إني لا أجد لنبي إلا نصف عمر الذي قبله، وإني أوشك أن أدعى فأجيب فما أنتم قائلون؟ قالوا: نصحت، قال: أليس تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأن الجنة حق والنار حق وأن البعث بعد الموت حق؟؟ قالوا: نشهد، قال: فرفع يديه فوضعهما على صدره ثم قال: وأنا أشهد معكم، ثم قال: ألا تسمعون؟ قالوا: نعم، قال: فإني فرطکم على الحوض وأنتم واردون علي الحوض وإن عرضه أبعد ما بين صنعاءوبصرى، فيه أقداح عدد النجوم من فضة، فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين؟ فنادى مناد: وما الثقلان یا رسول الله؟ قال: كتاب الله طرف بيد الله عز وجل وطرف بأيديكم فاستمسكوا به لا تضلوا والآخر عترتي، وإن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يتفرقا حتى یردا علي الحوض وسألت ذلك لهما ربي، فلا تقدموهما فتهلكوا ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم، ثم أخذ بيد علي رضي الله تعالى عنه فقال: من کنت أولى به من نفسي فعلي وليه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

المعجم الكبير 175/5 : حدثنا أبوحصين القاضي ثنا يحيى الحماني ثنا أبوإسرائيل الملائي عن الحكم عن أبي سلمان المؤذن(1)عن زيد بن أرقم قال: نشد علي الناس أنشد

ص: 410


1- تهذيب الكمال 368/33 أبوسلمان المؤذن مؤذن الحجاج اسمه یزید بن عبد الله، يروي عن زيد بن أرقم ويروي عنه الحكم بن عتيبة و عثمان بن المغيرة الثقفي ومسعر بن کدام، ومن عوالي حديثه ما أخبرنا به أبوالحسن بن البخاري وأحمد بن شيبان وإسماعيل بن العسقلاني وفاطمة بنت علي بن القاسم بن الحافظ أبي القاسم بن عساکر وزينب بنت مكي قالوا: أخبرنا أبوحفص بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب بن غيلان قال أخبرنا أبو بكر الشافعي قال حدثنا محمد بن سليمان بن الحارث قال حدثنا عبيد الله بن موسى قال حدثنا أبوإسرائيل الملائي عن الحكم عن أبي سلمان المؤذن عن زيد بن أرقم أن عليا انشد الناس: من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من کنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ فقام ستة عشر رجلا فشهدوا بذلك وكنت فيهم ذكرناه للتمييز بينهما. أقول: لم يذكر المزي بقية الرواية وهي قول زید: و كنت أنا فيمن كتم فذهب بصري.

الله رجلا سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:من کنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟! فقام إثنا عشر بدریا فشهدوا بذلك، قال زيد: و كنت أنا فيمن كتم

فذهب بصري.

المعجم الكبير 174/5 : حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو نعيم ثنا العلاء بن صالح ثنا أبوسلمان المؤذن أنه صلى مع زيد بن أرقم على جنازة فكبر عليها خمس تكبيرات فقلت: أوهمت أم عمدا؟ فقال: بل عمدا، إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصليها.

أقول: كان ذلك أيام المختار وذلك لما ذكروا أن أبا سلمان هذا هو مؤذن الحجاج. المعجم الكبير 168/5: حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى قال: صليت خلف زيد بن أرقم على جنازة فكبر عليها أربعا ثم صليت خلفه على أخرى فكبر عليه خمسا، فسألته، فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبرها.

أقول: كان يصلي أربعة أيام زیاد و غيره وصلاها خمسا أيام المختار.

المعجم الكبير 40/3 : حدثنا محمد بن راشد ثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ثنا حسین بن محمد ثنا سليمان بن قرم عن أبي الجحاف عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن صبیح مولى أم سلمة رضي الله تعالى عنها عن جده عن زيد بن أرقم قال: مر النبي صلی الله عليه وسلم على بيت فيه فاطمة وعلي والحسن والحسين رضي الله تعالى عنهم فقال: أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم.

الترمذي 699/5 : حدثنا سليمان بن عبد الجبار البغدادي حدثنا علي بن قادم حدثنا أسباط بن نصر الهمداني عن السدي عن صبيح مولى أم سلمة عن زيد بن أرقم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام : أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم.

قال أبو عيسى: هذا حديث غريب إنما نعرفه من هذا الوجه وصبيح مولى أم سلمة

ص: 411

ليس بمعروف.

أقول: روی مسند أحمد 442/2 حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا تليد بن سليمان قال ثنا أبو الحجاف عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي والحسن والحسين وفاطمة فقال: أنا حرب لمن حاربکم وسلم لمن سالمكم.

شرح نهج البلاغه 207/3: وروى ابن ديزيل عن يحي عن يعلى بن عبيد الحنفي عن إسماعيل السدي عن زيد بن أرقم قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحجره يوحى إليه ونحن نتظره حتى اشتد الحر، فجاء علي بن أبي طالب ومعه فاطمة والحسن والحسين علیهم السلام، فقعدوا في ظل حائط ينتظرونه فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم رآهم، فأتاهم ووقفنا نحن مكاننا، ثم جاء إلينا وهو يظلهم بثوبه ممسكا بطرف الثوب وعلي ممسك بطرفه الآخر وهو يقول: اللهم إني أحبهم فأحبهم اللهم إني سلم لمن سالمهم وحرب لمن حاربهم، قال: فقال: ذلك ثلاث مرات.

المستدرك 3/ 139: حدثنا بكر بن محمد الصيرفي بمروثنا إسحاق ثنا القاسم بن أبي

شيبة ثنا يحيى بن يعلى الأسلمي ثنا (تاریخ دمشق 242/42 بسنده عن) عمار بن زريق

عن أبي إسحاق (المعجم الكبير 194/5 ) عن زياد بن مطرف عن زيد بن أرقم رضي الله تعالی عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يريد أن يحيي حياتي ويموت موتي ويسكن جنة الخلد التي وعدني ربي فليتول علي بن أبي طالب فإنه لن يخرجكم من هدى ولن يدخلكم في ضلالة، هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

الطبقات الكبرى 23/3 : روح بن عبادة قال: أخبرنا عون عن ميمون عن البراء بن عازب وزيد بن أرقم قالا: لما كان عند غزوة جيش العسرة وهي تبوك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب: إنه لا بد من أن أقيم أو تقيم فخلفه، فلما فصل رسول الله صلى الله عليه وسلم غازيا قال ناس ما خلف عليا إلا لشيء كرهه منه، فبلغ ذلك عليا، فاتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى إليه فقال له: ما جاء بك يا

ص: 412

علي؟ قال: لا یا رسول الله إلا أني سمعت ناسا يزعمون أنك إنما خلفتني لشيء كرهته مني، فتضاحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا علي أما ترضى أن تكون مني کھارون من موسی غير أنك لست بنبي؟ قال: بلی یا رسول الله، قال: فإنه كذلك.

الفضائل 2/:645/ حدثنا الفضل بن الحباب قثنا إبراهيم بن بشار الرمادي نا سفیان قثنا الأجلح بن عبد الله الكندي عن الشعبي عن عبد الله بن الخليل عن زید بن أرقم قال: أتى علي باليمن بثلاثة نفر وقعوا على جارية في طهر واحد فولدت ولدا فادعوه، فقال علي لأحدهم: تطيب به نفسا لهذا؟ قال: لا، وقال لآخر: تطيب به نفسا لهذا؟ قال: لا، وقال لآخر: تطيب به نفسا لهذا؟ قال: لا ، فقال: أراكم شرکاء متشاكسون إني مقرع بينكم فأيكم أصابته القرعة أغرمته ثلثي القيمة وألزمته الولد، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما أجد فيها إلا ما قال علي

الفضائل 664/2 /حدثنا الحسن قثنا الحسن بن علي بن راشد نا شريك قثنا الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب أن يستمسك بالقضيب الأحمر الذي غرسه الله عز وجل في جنة عدن بيمينه فليتمسك بحب علي بن أبي طالب.

روايات البراء بن عازب ت72:

مسند أحمد 281/4 : حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنا علي بن زيد عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزلنا بغدیر خم، فنودي فينا الصلاة جامعة و كسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين، فصلى الظهروأخذ بيد علي رضي الله تعالى عنه فقال: ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى، قال: ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى، قال: فأخذ بيد علي فقال: من کنت مولاه فعلي مولاه اللهم

ص: 413

وال من ولاه وعاد من عاداه، قال: فلقيه عمر بعد ذلك فقال له: هنيئا يابن أبي طالب

أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة.

سنن البيهقي 369/2 ": أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي أنبأ أبو عبد الله أحمد بن على الجوزجاني ثنا أبو عبيدة بن أبي السفرح وأخبرنا أبو عمرو الأديب أنبأ أبوبكر الإسماعيلي أخبرني عبد الله بن زیدان و محمد بن إبراهيم بن محمد بن خالد أبو جعفر القماط الكوفيان قالا: ثنا أبو عبيدة بن أبي السفر قال :سمعت إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق عن أبيه عن أبي إسحاق عن البراء قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الإسلام فلم يجيبوه، ثم أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث علي بن أبي طالب وأمره أن يقفل خالدا ومن كان معه إلا رجلا ممن كان مع خالد أحب أن يعقب مع علي رضي الله تعالى عنه فليعقب معه، قال البراء: فكنت ممن عقب معه، فلما دنونا من القوم خرجوا إلينا، فصلی بنا علي رضي الله تعالى عنه وصفنا صفا واحدا، ثم تقدم بين أيدينا فقرأ عليهم کتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلمت همدان جميعا، فكتب علي رضي الله تعالى عنه إلى رسول الله صلىالله عليه وسلم بإسلامهم، فلما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب خر ساجدا ثم رفع رأسه فقال: السلام على همدان، السلام علی همدان، أخرج البخاري صدر هذا الحديث عن أحمد بن عثمان عن شریح بن مسلمة عن إبراهيم بن يوسف، فلم يسبقه بتمامه و سجود الشكر في تمام الحديث، صحيح على شرطه.

سنن الترمذي 635/5 : حدثنا سفيان بن وكيع حدثنا أبي عن إسرائيل وحدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي بن أبي طالب: أنت مني وأنا منك، وفي الحديث قصة، قال أبو عیسی : هذا حديث حسن غريب.

قال ابن كثير في التفسير 372/1 : وقد روي عن البراء نحو ذلك (أي نزول آية

ص: 414

المباهلة في النبی صل الله علیه و اله وعلي والحسن والحسين وفاطمة علیهم السلام).

الطبقات الكبرى 23/3 :روح بن عبادة قال أخبرنا عون عن ميمون عن البراء بن عازب وزيد بن أرقم قالا: لما كان عند غزوة جيش العسرة (وهي تبوك) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب: إنه لا بد من أن أقيم أو تقيم، فخلفه فلما فصل رسول الله صلى الله عليه وسلم غازيا قال ناس: ما خلف عليا إلا لشيء کرهه منه، فبلغ ذلك عليا فاتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى إليه، فقال له: ما جاء بك يا علي؟ قال: لا يا رسول الله إلا أني سمعت ناسا يزعمون أنك إما خلفتني لشيء كرهته مني، فتضاحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا علي أما ترضى أن تكون مني کھارون من موسی غير أنك لست بنبي؟ قال: بلی یا رسول الله، قال: فإنه كذلك.

الحسكاني /360:بسنده عن حمزة الزيات عن أبي اسحاق السبيعي عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله لعلي: يا علي قل: اللهم اجعل لي عندك عهدا واجعل لي في صدور المؤمنين مودة، فأنزل الله «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا»

قال: نزلت في علي

تاریخ دمشق / الحسكاني /420:عن زکریا بن میسرة عن أبي إسحاق عن البراء قال: لما نزلت «وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ» جمع رسول الله بني عبد المطلب ... :من يؤاخيني منكم ويؤازرني ويكون وليي ووصيي من بعدي وخليفتي في أهلي ويقضي دیني؟ ...

روايات عامر بن واثلة ت 110:

ابن عساكر في تاريخ دمشق عن أبي الطفيل عنه، وابن كثير في البداية والنهاية ج 5 ص 209 وج 7 ص 348 قال: وقد رواه معروف بن خربوذ عن أبي الطفيل عن حذيفة بن اسيد قال: لما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع نهى أصحابه عن

ص: 415

شجرات بالبطحاء متقاربات أن ينزلوا حولهن ثم بعث إليهن فصلی تحتهن، ثم قام فقال: أيها الناس؟ قد نبأني اللطيف الخبير أنه لم يعمر نبي إلا مثل نصف عمر الذي قبله وإني لأظن أن يوشك أن أدعى فأجيب وإني مسئول وأنتم مسئولون، فماذا أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت، ونصحت، وجهدت، فجزاك الله خيرا، قال: ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأن جنته حق، وأن ناره حق، وأن الموت حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور؟ قالوا: بلی نشهد بذلك، قال: أللهم اشهد، ثم قال: يا أيها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم، من کنت مولاه فهذا مولاه أللهم وال من والاه، وعاد من عاداه. ثم قال: أيها الناس إني فرطكم وأنكم واردون علي الحوض، حوض أعرض مما بين بصری وصنعاء، فيه آنية عدد النجوم قدحان من فضة، وإني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيها؟ الثقل الأكبر: کتاب الله سبب طرفه بيد الله وطرف بأيديكم فاستمسكوا به، لا تضلوا ولا تبدلوا، والثقل الأصغر: عترتي أهل بيتي فإنه قد نبأني اللطيف الخبير إنهما لن يفترقا حتى یردا علي الحوض، رواه ابن عساکر بطوله من طريق معروف.

مسند أحمد 370/4 : حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين بن محمد وأبونعيم المعنى قالا: ثنا فطر عن أبي الطفيل قال: جمع علي رضي الله تعالى عنه الناس في الرحبة ثم قال لهم :أنشد الله كل امرئ مسلم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدیر خم ما سمع لما قام، فقام ثلاثون من الناس، وقال أبو نعيم : فقام ناس كثير، فشهدوا حين أخذه بيده فقال للناس: أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: من کنت مولاه فهذا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، قال: فخرجت وكأن في نفسي شيئا، فلقيت زيد بن أرقم فقلت له: إني سمعت عليا رضي الله تعالى عنه يقول كذا وكذا!! قال: فما تنكر قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك له.

المعجم الكبير 67/3: حدثنا محمد بن الفضل السقطي ثنا سعيد بن سليمان وحدثنا

ص: 416

محمد بن عبد الله الحضرمي وزكريا بن يحيى الساجي قالا: ثنا نصر بن عبد الرحمن الوشاء ثنا زید بن الحسن الأنماطي ثنا معروف بن خربوذ(1) عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد الغفاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيها الناس إني فرط لكم واردون علي الحوض، حوض أعرض ما بين صنعاء وبصرى فيه عدد النجوم قدحان من فضة وإني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما؟ السبب الأكبر كتاب الله عز وجل سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فاستمسكوا به ولا تضلوا ولا تبدلواء وعترتي أهل بيتي فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن ينقضيا حتى یردا علي الحوض.

المعجم الكبير 380/23 : حدثنا يحيى بن عبد الباقي الأذني ثنا محمد بن عوف الحمصي ثنا أبوجابر محمد بن عبد الملك ثنا الحكم بن محمد شیخ مكي عن فطر بن خليفة عن أبي الطفيل قال: سمعت أم سلمة تقول: أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أحب عليا فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله ومن أبغض عليا فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله.

شرح نهج البلاغه 83/4 : روی عبد الكريم بن هلال عن أسلم المكي عن أبي الطفيل قال: سمعت عليا علیه السلام وهو يقول: لوضربت خياشيم المؤمن بالسيف ما أبغضني، ولونثرت على المنافق ذهبا وفضة ما أحبني، إن الله أخذ ميثاق المؤمنين بحبي وميثاق المنافقين ببغضي، فلا يبغضني مؤمن ولا يحبني منافق أبدا.

وفي رواية الأزرقي في تاريخ مكة 18/1 عن وهب بن عبد الله عن أبي الطفيل قال شهدت علي بن أبي طالب وهو يخطب على المنبر وهو يقول: سلوني فوالله لا تسألوني عن

ص: 417


1- قال العقيلي في الضعفاء 220/4 : حدثنا محمد بن إسماعيل قال: حدثنا الحسن بن علي قال: سمعت أبا عاصم قال: معروف بن خربوذ شيعيا يحب عليا وكان شيخا قديما، وكان أبوجعفر يطلبه، وهذا من قوله: ما أنا إلا بين حاذف وقاذف وبين ستوق وبين زائف. وفي الكاشف 280/2 : معروف بن خربوذ المكي عن أبي الطفيل والباقر، وعنه أبو داود وأبوعاصم وعدة،ضعفه بن معين وقواه غيره، وقال أبو حاتم: یکتب حدیثه خ م دق.

شيء يكون إلى يوم القيامة إلا أخبرتكم به، وسلوني عن كتاب الله فوالله ما منه آية إلا وأنا أعلم بليل نزلت أم بنهار أم بسهل أم بجبل.

تفسیر ابن جرير الطبري 117/26 روی بسنده عن أبي الطفيل قال: سمعت عليا يقول: لا تسألوني عن كتاب ناطق ولا سنة ماضية إلا حدثتكم. وفي رواية أبي الصهباء: لا يسألني أحد عن آية من كتاب الله إلا أخبرته فقام ابن الكوا فسأله عن « وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا» ، قال: الرياح.

الكامل في الضعفاء ابن عدي 436/2 : ثنا محمد بن علي بن مهدي ثنا الحسن بن سعد بن عثمان ثنا أبومريم يعني عبد الغفار بن القاسم ثنا حمران بن أعين (1) ثنا أبو الطفيل عامر بن واثلة قال: خطب علي بن أبي طالب في عامة فقال: يا أيها الناس إن العلم اليقبض قبضا سريعا وإني أوشك أن تفقدوني فسلوني فلن تسألوني عن آية من كتاب الله إلا نبأتكم بها وفيما أنزلت وإنكم لن تجدوا واحدا من بعدي يحدثكم

شرح نهج البلاغه 104/4 : روی جابر عن أبي الطفيل قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: اللهم إني أستعديك على قريش فإنهم قطعوا رحمي وغصبوني حقي وأجمعوا على منازعتي أمرا کنت أولى به ثم قالوا: إن من الحق أن نأخذه ومن الحق أن تتر که.

المطالب العالية (4004): أبو الطفيل انه رأى أباذر قائما على الباب وهوينادي:

يأيها الناس أتعرفوني؟ من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا جندب صاحب رسول الله أبو ذر الغفاري سمعت يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجی ومن تخلف عنها، غرق، وإن مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة بني إسرائيل.

ص: 418


1- الكامل في الضعفاء 436/2 : حمران بن أعين كوفي مولى لبني شيبان، حدثنا محمد بن علي تنا عثمان بن سعید سألت يحيي عن حمران بن أعين كيف هو؟ قال: ضعيف، ثنا بن حماد وابن أبي بكر عن بن عباس قال: سمعت يحيي يقول: حمران بن أعين ليس بشيء، وحمران هذا له غير ما ذكرنا من الحديث وليس بالكثير ولم أر له حديثا منكرا جدا فيسقط من أجله، وهوغریب الحديث ممن یکتب حديثه.

شواهد التنزيل ج 1 ص 39: بسنده عن جابر عن أبي الطفيل عن أنس قال: قال النبي: علي أعلم الناس بعدي من تأويل القرآن ما لا يعلمون.

روايات أنس بن مالك ت90:

المعجم الكبير 125/3 : حدثنا أبو مسلم الكشي ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زید عن أنس بن مالك قال: لما أتي برأس الحسين بن علي إلى عبيد الله بن زیاد جعل ینكت بقضيب في يده ويقول: إن كان الحسن الثغر فقلت: والله لأسوءنك لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل موضع قضيبك من فيه.

الترمذي 352/5 حدثنا عبد بن حميد حدثنا عفان بن مسلم حدثنا حماد بن سلمة أخبرنا علي بن زيد (1) عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمر بباب فاطمة ستة أشهر إذا خرج إلى صلاة الفجر يقول: الصلاة يا أهل البيت «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا» قال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه إنما نعرفه من حديث حماد بن قال وفي الباب عن أبي الحمراء ومعقل بن يسار وأم سلمة.

الترمذي 275/5 :حدثنا محمد بن بشار حدثنا عفان بن مسلم وعبد الصمد بن عبد الوارث قالا: حدثنا حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن أنس بن مالك قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم ببراءة مع أبي بكر ثم دعاه فقال: لا ينبغي لأحد أن يبلغ هذا إلا

ص: 419


1- علي بن زید بن جدعان، الإمام أبوالحسن التيمي القرشي البصري الأعمى، عالم البصرة، عن أنس بن مالك وسعيد بن المسيب و أبي عثمان النهدي وعروة بن الزبير وخلق، وعنه قتادة وشعبة والسفیانان والحمادان وعبد الوارث و إسماعيل بن علية، ولد أعمى وهو من أوعية العلم وفيه تشیع، قال أبو زرعة: وأبو حاتم ليس بقوي، وقال أحمد ويحيي: ضعيف، وقال الترمذي: صدوق، ربما رفع الموقوف، قال منصور بن زاذان، قلنا لعلي بن زيد: لما مات الحسن أجلس موضعه قلت: لم يحتج به الشيخان لكن قرنه مسلم بغيره، ومات سنة تسع وعشرين ومائة وقيل سنة إحدى وثلاثين ومائة رحمه الله تعالى (تذکرة الحفاظ 140/1 ).

رجل من أهلي، فدعا عليا فأعطاه إياه، قال: هذا حديث حسن غريب من حديث أنس بن مالك.

الترمذي 636/5 : حدثنا سفيان بن وكيع حدثنا عبيد الله بن موسى عن عیسی بن عمر عن السدي عن أنس بن مالك قال: كان عند النبي صلى الله عليه وسلم طير، فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي هذا الطير ، فجاء علي فأكل معه، قال أبو عيسی هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث السدي إلا من هذا الوجه، وقد روي من غير وجه عن أنس وعیسی بن عمر هو كوفي والسدي إسماعيل بن عبد الرحمن وسمع من أنس بن مالك ورأى الحسين بن علي وثقه شعبة وسفيان الثوري وزائدة، ووثقه يحيي بن سعيد القطان

المستدرك على الصحيحين 141/3 : حدثني أبو علي الحافظ أنبأ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أيوب الصفار وحميد بن يونس بن يعقوب الزيات قالا: ثنا محمد بن أحمد بن عياض بن أبي طيبة ثنا أبي ثنا يحيى بن حسان عن سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم لرسول الله فرخ مشوي فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير قال: فقلت: اللهم اجعله رجلا من الأنصار، فجاء علي رضي الله تعالى عنه فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم على حاجة ثم جاء فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم على حاجة، ثم جاء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إفتح، فدخل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما حبسك علي؟؟ فقال: إن هذه آخر ثلاث كرات يردني أنس يزعم إنك على حاجة، فقال: ما حملك على ما صنعت؟ فقلت: يا رسول الله سمعت دعاءك فأحببت أن يكون رجلا من قومي، فقال رسول الله: إن الرجل قد يحب قومه، هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقد رواه عن أنس جماعة من أصحابه زيادة على ثلاثين نفسا ثم صحت الرواية عن علي وأبي سعيد الخدري وسفينة وفي

ص: 420

حدیث ثابت البناني عن أنس زیادة ألفاظ.

المعجم الكبير 106/3 : حدثنا بشر بن موسی ثنا عبد الصمد بن حسان المروذي ح وحدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ومحمد بن محمد التمار البصري وعبدان بن أحمد قالوا: ثنا شيبان بن فروخ قالا: ثنا عمارة بن زاذان الصيدلاني قالا: ثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك قال: إستأذن ملك المطر ربه عز وجل أن يزور النبي صلى الله عليه وسلم فأذن له، فجاءه وهو في بيت أم سلمة، فقال: يا أم سلمة احفظي علينا الباب لا يدخل علينا أحد، فبينما هم على الباب إذ جاء الحسين، ففتح الباب فجعل يتقفز على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم والنبي صلى الله عليه وسلم يلتئمه ويقبله، فقال له الملك: تحبه یا محمد؟ قال: نعم، قال: أما إن أمتك ستقتله وإن شئت أن أريك من تربة المكان الذي يقتل فيها، قال: فقبض قبضة من المكان الذي يقتل فيه فأتاه بسهلة حمراء فأخذته أم سلمة، فجعلته في ثوبها. قال ثابت : کنا تقول إنها كربلاء

المعجم الكبير 265/3 : حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد بن حسان قال: أنا عمارة يعني بن زاذان عن ثابت عن أنس قال: استأذن ملك المطر أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فأذن له، فقال: لأم سلمة إحفظي علينا الباب لا يدخل أحد، فجاء الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهما فوثب حتى دخل فجعل يصعد على منكب النبي صلى الله

عليه وسلم فقال له الملك: أتحبه؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم، قال: فإن أمتك تقتله وإن شئت أريتك المكان الذي يقتل فيه، قال: فضرب بيده فأراه ترابا أحمر، فأخذت أم سلمة ذلك التراب، فصرته في طرف ثوبها قال: فكنا نسمع يقتل بكربلاء.

المعجم الكبير 65/11 : حدثنا المعمري ومحمد بن علي الصائغ المكي قالا: ثنا عبد السلام بن صالح الهروي ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد(1) ، عن ابن عباس قال:

ص: 421


1- تذكرة الحفاظ: مجاهد بن جبر، الإمام أبو الحجاج المخزومي، مولاهم المكي المقري المفسر الحافظ مولى السائب بن أبي السائب المخزومي، سمع سعدا وعائشة وأبا هريرة وأم هانئ وعبد الله بن عمر وابن عباس ولزمه مدة وقرأ عليه القرآن، وكان أحد أوعية العلم، روى عنه قتادة والحكم بن عتيبة وعمرو بن دینار ومنصور والأعمش وأيوب وابن عون وعمر بن ذر وخلق، قال مجاهد :عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات، أقف عند كل آية أسأله فيم نزلت؟ وكيف كانت قرأ؟ على مجاهد بن كثير وأبو عمرو بن العلاء وابن محیصن، قال قتادة: أعلم ممن بقي بالتفسير مجاهد، وقال بن جریج:لأن أكون سمعت من مجاهد أحب إلي من أهلي ومالي، وقال خصيف :أعلمهم بالتفسير مجاهد، وروى إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد قال: ربما أخذ لي بن عمر رضي الله تعالى عنهما بالركاب وقال الأعمش: کنت إذا رأيت مجاهدا (از دریته مبتذلا كأنه خربندج قد ضل حماره) (في صفوة الصفوة : خربندج كلمة فارسية لم توردها المعجم العربية ومعناها قربنده ومعناها مؤجد الحمار) وهو مهتم لذلك فإذا انطق خرج من فيه اللؤلؤ، وقال حميد الأعرج: كان مجاهد يكبر من والضحی قال غير واحد: توفي سنة ثلاث ومائة وروی الواقدي عن بن جريج قال: بلغ ثلاثا وثمانين سنة ذكر محمد بن حمید أخبرنا عبد الله بن عبد القدوس عن الأعمش قال: كان مجاهد لا يسمع بأعجوبة إلا ذهب لينظر إليها ذهب إلى حضرموت ليرى بئر برهوت وذهب إلى بابل وعليه وال فقال له مجاهد: تعرض على هاروت و ماروت فدعا رجلا من السحرة فقال: اذهب به فقال اليهودي : بشرط أن لا تدعوالله عندهما قال: فذهب به إلى قلعة فقطع منها حجرا، ثم قال: خذ برجلي، فهوی به حتى انتهى إلى جوبة ( الجوبة من الارض : الداره في المكان المبني بالوطي من الأرض القليل الشجر) فإذا هما معلقين منكسين کالجبلين، فلما رأيتهما قلت: سبحان الله خالقكما افاضطربا فكأن الجبال تد کد کت، فغشي علي وعلى اليهودي، ثم أفاق قبلي فقال: قد أهلكت نفسك وأهلكتني.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأته من بابه.

روی ابن المغازلي في مناقب علي /51: بسنده عن عبدالملك بن عمير(1) عن أنس

ص: 422


1- تذكرة الحفاظ 135/1 :ع عبد الملك بن عمير الإمام أبو عمرو اللخمي الكوفي، حدث عن جابر بن سمرة وجندب بن عبد الله وعدي بن حاتم وابن الزبير وربعي بن حراش وخلق، وعنه زائدة والسفيانان وإسراءیل و عبيدة بن حميد وزياد البكائي وآخرون، ولي قضاء الكوفة بعد الشعبي و كان من العلماء الأعلام، قال النسائي وغيره: ليس به بأس واحتج به الشيخان، وقال أبو حاتم: ليس بحافظ، وقال يحيى بن معين: هو مختلط ، قلت: ما اختلط الرجل ولكنه تغير تغيرالكبر، وضعفه أحمد بن حنبل لغلطه، عاش أزيد من مائة عام، مات في ذي الحجة سنة ست وثلاثين ومائة بلا نزاع وقع لي من عواليه. تهذيب الكمال 370/18 ع:عبد الملك بن عمير بن سوید بن جارية القرشي ويقال: اللخمي،أبوعمرو ويقال: أبوعمر الكوفي المعروف بالقبطي، رأى علي بن أبي طالب وأبا موسى الأشعري وروي عن أسيد بن صفوان فق و كان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، والأشعث بن قيس وإياد بن القيط تم س وجابر بن سمرة خ م س و جبر بن عتيك الأنصاري س و جریر بن عبد الله البجلي وجندب بن عبد الله البجلي خ م س و حصین بن أبي الحر العنبري س وحصين بن قبيصة س ق ويقال بن عقبة الفزاري وخالد بن ربعي الأسدي وربعي بن حراش خ م دت ق والربيع بن عملية ورفاعة بن شداد س ق وزياد أبي الأوبر الحارثي وزيد بن عقبة الفزاري دت س وسعيد بن حریث ق وسعيد بن فيروز الديلمي وشبيب بن نعيم س و عبد الله بن الحارث بن نوفل خ م وعبد الله بن الزبير بن العوام س وعبد الله بن معقل بن مقرن مد وعبد الرحمن بن أبي بكرة الثقفي ع وعبد الرحمن بن سعيد بن وهب الهمداني بخ وعبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود ت س وعبد الرحمن بن أبي ليلی م سي وعبيد الله بن جریر بن عبد الله البجلي وعثمان بن سليمان بن أبي حثمة عخ والعريان بن الهيثم النخعي س وعطية القرظي ع وعلقمة بن وائل بن حجر الحضرمي م وعمروبن حریث خ م ت س ق وعمروبن میمون الأودي خ ت س وقبيصة بن جابر بخ وقزعة بن يحي خ م ت ق ومحارب بن دثار و محمد بن المنتشر م س ق ومصعب بن سعد بن أبي وقاص خ م ت س والمغيرة بن شعبة والمنذر بن جریر بن عبد الله البجلي م ق وموسی بن طلحة بن عبيد الله م ت ص والنعمان بن بشیر ووراد كاتب المغيرةبن شعبة خ م س وأبي الأحوص الجشمي بخ م وأبي بردة بن أبي موسى الأشعري خ م وأبي بكر بن عمارة بن رويبة الثقفي م وأبي سلمة بن عبد الرحمن م 4 وأم عطية الأنصارية د وأم العلاء الأنصارية د، روى عنه إبراهيم بن محمد بن مالك الهمداني وأسباط بن محمد القرشي وإسحاق بن الصباح الأشعثي الكبير وإسرائيل بن يونس م وإسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر ق وإسماعيل بن أبي خالد وإسماعيل بن مجالد بن سعیدت وأسيد بن القاسم الكناني وجرير بن حازم و جریر بن عبد الحميد خ م و حبان بن علي العنزي والحسين بن واقد المروزي س وحماد بن سلمة م وداود بن نصير الطائي س وزائدة بن قدامة خ م و زکریا بن أبي زائدة م وزهير بن معاوية وزياد بن عبد الله البكائي م وزيد بن أبي أنيسة وسفيان الثوري خ م وسفیان بن عيينة م ت وسليمان التيمي وسليمان الأعمش وشريك بن عبد الله م ت وشعبة بن الحجاج خ م شعيب بن صفوان م تم س وشهر بن حوشب م (وهو من أقرانه) و شیبان بن عبد الرحمن م وعبد الحكيم بن منصور ت وعبد الرحمن بن عبد الله المسعودي وعبد الرحمن بن محمد المحاربي وعبيد الله بن عمرو الرقي خت م ت ق وعبيدة بن حمید خ وعلي بن الحكم البناني وعلي بن سليمان بن کیسان الكيساني وعمر بن عبيد الطنافسي م س وعمر بن الهيثم الهاشمي فق وعمرو بن قيس الملائي وقرة بن خالد السدوسي س و محمد بن حسان د ومحمد بن شبيب الزهراني م س و مروان بن معاوية الفزاري ومسعر بن کدام م ومعتمر بن سليمان وابنه موسی بن عبد الملك بن عمير وهشيم بن بشير م وأبو عوانة الوضاح بن عبد الله خ م والوليد بن أبي ثور عخ وأبوالمحياة يحي بن يعلى التيمي ت ق ویزید بن زیاد بن أبي الجعد سي وأبو بكر بن عياش وأبو حمزةالسكري س. روی في الطبقات الکبری ( 315/6): أنه ولد في ثلاث سنين بقين من خلافة عثمان، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس عن أبي بكر بن عياش قال: قال لي عبد الملك بن عمير يوما وأنا عنده: أتى علي مائة و ثلاث سنين، قال: وقال سفيان بن عيينة: (هما كبيرا أهل الكوفة يومئذ)، هذا بن مائة وهذا بن مائة، (يعني عبد الملك بن عمير وزياد بن علاقة) قالوا: وولي عبد الملك بن عمير القضاء بالكوفة قبل الشعبي وكان يلقب القبطي، وتوفي بالكوفة في ذي الحجة سنة ست وثلاثين ومائة

ص: 423

.بن مالك قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده جماعة من أصحابه فقالوا: والله يا رسول الله إنك أحب إلينا من أنفسنا وأولادنا، قال: فدخل حینئذ علي، فنظر إليه النبي وقال له: كذب من زعم أنه يبغضك ويحبني (1)

تاریخ بغداد 173/11 : عیسی بن محمد بن عبيد الله أبو موسى حدث بدمشق عن الحسين بن إبراهيم البابي روى عنه بن عدي أيضا أخبرنا أبوسعد الماليني قراءة أخبرنا عبد لله بن عدي الحافظ بجرجان حدثنا عیسی بن محمد بن عبد الله أبو موسى البغدادي بدمشق حدثنا الحسين بن إبراهيم البابي حدثنا حميد الطويل عن أنس بن مالك قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لما عرج بي رأيت على ساق العرش مکتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته بعلي، نصرته بعلي

تاریخ بغداد 91/12 : علي بن محمد بن شداد أبو الحسن المطرز حدث عن محمد بن محمد الباغندي وأبي القاسم البغوي حدثنا عنه عبيد الله بن محمد بن عبيد الله النجار أخبرنا النجار حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن شداد المطرز حدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي حدثنا أبوسهيل القطيعي حدثنا حماد بن زید بمكة وعیسی بن واقد عن أبان بن أبي عياش عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما مثلي ومثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجی ومن تخلف عنها غرق.

ص: 424


1- أخرجه أيضا الذهبي في ميزان الاعتدال وابن حجر في لسان الميزان، ابن عدي في الكامل 363/2

المستدرك 132/3 : حدثنا عبدان بن یزید بن يعقوب الدقاق من أصل كتابه ثنا إبراهيم بن الحسين بن دیزیل ثنا أبو نعيم ضرار بن صرد ثنا معتمر بن سلیمان قال: سمعت أبي يذكر عن الحسن عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي: أنت تبين لأمتي ما اختلفوا فيه من بعدي هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

الترمذي 215/6 ثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا علي بن بحر ثنا سلمة بن الفضل الأبرش ثنا عمران الطائي قال: سمعت أنس بن مالك يقول: قال رسول الله صلی الله عليه وسلم: إن الجنة تشتاق إلى أربعة علي بن أبي طالب وعمار بن یاسر وسلمان الفارسي والمقداد بن الأسود رضي الله تعالى عنهم.

روايات بريدة بن الحصيب ت 12:

مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 128/9 عن بريدة قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا اميرا على اليمن وبعث خالد بن الوليد على الجبل فقال: إن اجتمعتما فعلي على الناس، فالتقوا وأصابوا من الغنائم ما لم يصيبوا مثله وأخذ علي جارية من الخمس فدعا خالد بن الوليد بريدة فقال: إغتنمها، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم ما صنع، فقدمت المدينة ودخلت المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم في منزله وناس من اصحابه على بابه فقالوا: ما الخبر یا بريدة؟ فقلت: خيرا فتح الله على المسلمين فقالوا: ما اقدمك؟؟ قلت: جارية اخذها علي من الخمس فجئت لأخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فانه يسقط من عين النبي صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع الكلام فخرج مغضبا فقال: ما بال اقوام ينتقصون عليا، من تنقص عليا فقد تنقصني ومن فارق عليا فقد فارقني، إن عليا مني وأنا منه، خلق من طينتي وخلقت من طينة إبراهيم وأنا أفضل من إبراهيم (ذرية بعضها من

ص: 425

بعض والله سميع عليم) آل عمران / 34 یا بريدة !أما علمت أن لعلي أكثر من الجارية التي أخذ وأنه وليكم بعدي؟؟ فقلت: يا رسول الله بالصحبة ألا بسطت يدك فبايعتني على الإسلام جديدا، قال: فما فارقته حتى بايعته على الإسلام. رواه الطبراني في الأوسط.

مسند أحمد 361/5 :حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا الأعمش عن سعد بن عبيدة عن بن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من کنت وليه فعلي وليه. المعجم الاوسط 229/1 :حدثنا أحمد بن رشدين قال: حدثنا محمد بن أبي السري العسقلاني قال: حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن بن طاووس عن أبيه عن بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي : من کنت مولاه فعلي مولاه، لم ير وهذا الحديث عن طاووس إلا ابنه ولا عن ابن طاووس إلا معمر وابن عيينة تفرد به عبد الرزاق

السنن الكبرى 109/5 :أخبرنا محمد بن بشار قال: حدثنا محمد بن جعفر قال:

حدثنا عوف عن ميمون عن أبي عبد الله أن عبد الله بن بريدة حدثه عن بريدة الأسلمي قال: لما كان حيث نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بحضرة أهل خيبر أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء عمر، فنهض معه من نهض من الناس فلقوا أهل خيبر فانكشف عمر وأصحابه فرجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأعطين اللواء رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله فلما كان من الغد تصادر أبو بكر وعمر فدعيا عليا وهو أرمد، فتفل في عينيه ونهض معه من الناس من نهض فلقي أهل خيبر فإذا مرحب پر تجز وهويقول:

قد علمت خیبر أني مرحب*** شاك السلاح بطل مجرب

أطعن أحيانا وحينا أضرب*** إذا الليوث أقبلت تلهب

فاختلف هووعلي ضربتين فضربه علي على هامته حتى عض السيف منها أبيض

ص: 426

رأسه وسمع أهل العسكر صوت ضربته، فما تتام آخر الناس مع علي حتى فتح الله له ولهم. الدر المنثور قوله تعالى: «فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ» أخرج ابن مردويه عن بريدة قرأ رسول الله الاية فقام إليه رجل فقال: أي بيوت هذه یا رسول الله؟ قال: بيوت الأنبياء، فقام إليه أبو بكر فقال: یارسول الله هذا البيت منها ؟ قال: نعم من أفاضلها، (قال المؤلف: أشار إلى بيت علي وفاطمة علیهما السلام ).

أقول: روى النسائي في الخصائص ص107 بسنده عن سعيد بن عبيد قال: جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن علي، قال: لا أحدثك عنه ولكن انظر إلى بيته من بيوت رسول الله، قال: فإني أبغضه، قال: أبغضك الله.

وفي مصنف ابن أبي شيبة 82/12 رقم 12176: خلف بن خليفة عن أبي هارون قال: كنت مع ابن عمر جالسا إذ جاءه ابن الأزرق، فقام على رأسه فقال: والله إني الأبغض علیا، فرفع إليه ابن عمر رأسه فقال: أبغضك الله تبغض رجلا سابقة من سوابقه خير من الدنيا وما فيها؟

تاریخ بن عساکر ج 42، ص 132 : بسنده عن المفضل بن صالح عن جابر الجعفي عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن رسول الله قال لفاطمة: أما ترضين أني زوجتك أقدمهم سلما وأكثرهم علما وأفضلهم حلما، والله إن بنيك لمن شباب أهل الجنة(1)

المستدرك 168/3: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا العباس بن محمد الدوري ثنا شاذان الأسود بن عامر ثنا جعفر بن زیاد الأحمر عن عبد الله بن عطاء عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: كان أحب النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة ومن الرجال على هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

ص: 427


1- أقول: الفقرة الأخيرة من الحديث محرفة وصحيحها سيدا شباب أهل الجنة

المستدرك 143/3: حدثنا أبو بكر بن إسحاق أنبأ بشر بن موسی ثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني ثنا شريك وأخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي ثنا الأسود بن عامر وعبد الله بن نمير قالا: ثنا شريك عن أبي ربيعة الأيادي عن بن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله أمرني بحب أربعة من أصحابي وأخبرني أنه يحبهم قال: قلنا: من هم یا رسول الله وكلنا نحب أن نكون منهم فقال: ألا أن عليا منهم ثم سكت ثم قال: أما أن عليا منهم ثم سكت هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.

روايات أبي برزة الأسلمي ت14:

الدر المنثور 45/4 : وأخرج ابن مردويه عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنما أنت منذر، ووضع يده على صدر نفسه، ثم وضعها على صدر علي ويقول: ولكل قوم هاد.

أخرج ابن أبي حاتم في التفسير عن أبي برزة الأسلمي: أن النبي قال لعلي: إني أمرت أن أدنيك ولا أقصيك واعلمك وأن تعي، وحق لك أن تعي وحق لك أن تعي، قال: فنزلت هذه الآية «وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ»

روايات واثلة بن الأسقع ت 85:

أسد الغابة 19/2 : وروى الأوزاعي عن شداد بن عبيد الله قال: سمعت واثلة بن الاسقع وقد جيء برأس الحسين فلعنه رجل من أهل الشام ولعن أباه، فقام واثلة وقال: والله لا أزال أحب عليا والحسن والحسين وفاطمة بعد أن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيهم ما قال، لقد رأيتني ذات يوم وقد جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أم سلمة فجاء الحسن فأجلسه على فخذه اليمنى وقبله، ثم جاء الحسين فأجلسه على فخذه اليسرى وقبله، ثم جاءت فاطمة فأجلسها بين يديه، ثم دعي بعلي ثم قال:

ص: 428

« إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهيرًا» قلت لواثلة: ما

الرجس؟ قال: الشك في الله عز وجل.

مصنف ابن أبي( شيبة 72/12 / الحسكاني 42/2 مسند أحمد 104/4 )، واللفظ للأخير: حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن مصعب قال: ثنا الأوزاعي عن شداد أبي عمار قال: دخلت على واثلة بن الأسقع وعنده قوم فذكروا عليا (وفي رواية ابن أبي شيبة والحسكاني: فشتموا فشتمته معهم، فلما قاموا قال: شتمت هذا الرجل؟ قلت: رأيت القوم شتموه فشتمته معهم) فلما قاموا قال لي: ألا أخبرك بما رأيت من رسول الله صلی الله عليه وسلم قلت: بلى قال: أتيت فاطمة رضي الله تعالى عنها أسألها عن علي قالت: توجه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلست انتظر حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه علي وحسن وحسين رضي الله تعالى عنهم آخذ كل واحد منهما بيده حتى دخل، فأدني عليا وفاطمة فأجلسهما بين يديه واجلس حسنا وحسينا كل واحد منهما على فخذه ثم لف عليهم ثوبه (أو قال: كساء) ثم تلا هذه الآية « إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهيرًا» وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وأهل بيتي أحق.

قال ابن أبي شيبة قال أبو أحمد العسكري: يقال أن الأوزاعي لم يرو في الفضائل حديثا غير هذا والله أعلم قال: وكذلك الزهري لم يروفيها إلا حديثا واحدا، كانا يخافان بني أمية.

روايات الحارث الاعور الهمداني ت 65:

قال البزار في كشف الاستار / 2612 حدثنا الحسين بن علي بن جعفر حدثناعلي بن ثابت حدثنا سعيد بن سليمان عن أبي اسحق عن الحارث عن علي قال: قال رسول الله: اني مقبوض واني قد ترکت فیکم الثقلين يعني كتاب الله وأهل بيتي، وانكم لن تضلوا بعدهما.

ص: 429

مسند أبي يعلى 347/1 حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري حدثنا جعفر بن سليمان حدثني النضر بن حميد الكوفي عن أبي الجارود عن الحارث الهمداني قال: رأيت عليا جاء حتى صعد، فحمد وأثنى عليه ثم قال: قضاء قضاه الله على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم، النبي الأمي أنه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق وقد خاب من افترى قال: قال النصر: وقال علي: أنا أخو رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمه لا يقولها أحد بعدي. المعجم الكبير 53/3، حدثنا عبيد بن غنام ثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.

المعجم الكبير 47/3 حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا محمد بن حفص بن راشد الهلالي ثنا الحسين بن علي ثنا ورقاء بن عمر عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: للحسين بن علي من أحب هذا فقد أحبني.

الخطيب في تلخيص المتشابه بسنده عن أبي اسحاق عن الحارث عن علي قال: قال

رسول الله: أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب (1) تاریخ دمشق ج 360/42 بسنده عن ضمرة عن عطاء عن أبي اسحاق عن الحارث

عن علي قال رسول الله : على بينة من ربه وأنا الشاهد منه (2).

روايات الأصبغ بن نباتة (ت بعد سنة 70):

المستدرك 150/3حدثناه أبوبكر بن بالویه ثنا محمد بن يونس القرشي ثنا عبد

ص: 430


1- فتح الملك العلی/54
2- وفي ترجمة علي علیه السلام لابن عساکر تحقيق المحمودي ج 421/2 قال: وقد رواه الحافظ الحسكاني في تفسير الآية بسند آخر عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي علیه السلام

العزيز بن الخطاب ثنا علي بن غراب بن أبي فاطمة عن الأصبغ بن نباتة عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لعلي بن أبي

طالب: تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين بالطرقات والنهروانات وبالشعفات، قال

أبو أيوب: قلت: يا رسول الله مع من تقاتل هؤلاء الأقوام؟ قال: مع علي بن أبي طالب.

الرياض النضرة 222/2 :عن الاصبغ قال: اتينا مع علي فمررنا بموضع قبر الحسين فقال علي :ها هنا مناخ ركابهم وها هنا موضع رحالهم وها هنا مهراق دمائهم، فتية من آل محمد يقتلون بهذه العرصة تبكي عليهم السماء والارض.

ابو نعيم في حلية الأولياء وابوالحسن الحربي في أماليه بسنده عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن علي قال: قال رسول الله : أنا مدينة العلم وعلي بابها كذب من زعم انه يدخلها من غير بابها (1)

روی ابن الأثير في اسد الغابة ج 3 ص 307 وج 5 ص 205 عن الحافظ ابن عقدة عن محمد بن إسماعيل بن إسحاق الراشدي، حدثنا محمد بن خلف النميري، حدثنا علي بن الحسن العبدي عن الاصبغ قال: نشد علي الناس في الرحبة من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يوم غدیر خم ما قال إلا قام ولا يقوم إلا من سمع رسول الله يقول، فقام بضعة عشر رجلا فيهم أبو أيوب الأنصاري، وأبوعمرة بن عمرو بن محصن، وأبوزينب (ابن عوف الأنصاري) وسهل بن حنیف، وخزيمة بن ثابت، وعبدالله بن ثابت الأنصاري، وحبشي بن جنادة الصلولي، وعبيد بن عازب الأنصاري، والنعمان بن عجلان الأنصاري، و ثابت بن وديعة الأنصاري، وأبو فضالة الأنصاري(2) ، وعبدالرحمن بن عبد

ص: 431


1- فتح الملك ج 55/1 الغدير 71/3
2- تعجيل المنفعة 513/1 أبوفضالة الأنصاري عن علي رضي الله تعالى عنه وعنه ابنه فضالة، قال أبو حاتم بله صحبة وشهد بدرا وقتل مع على بصفين، قلت: ذلك في نفس المسند من وجه لين قال أحمد:حدثنا هاشم بن القاسم ثنا محمد بن راشد واخرج بن أبي خيثمة واللفظ له عن عارم عن محمد بن راشد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن فضالة بن أبي فضالة الأنصاري قال: خرجت مع أبي عائدا العلي بن أبي طالب من مرض أصابه ثقل منه فقال له أبي:ما يقيمك بمنزلك هذا لو أصابك أجلك؟ لم يلك إلا اعراب جهينة تحمل إلى المدينة فإن أصابك أجلك وليك أصحابك وصلوا عليك، فقال علي: إن النبي صلى الله عليه وسلم عهد الي لا اموت حتى اؤمر ثم تخضب هذه(يعنى لحيته) من هذه (يعني هامته) فقال فضالة: فقتل وقتل معه أبوفضالة بصفين قال: وكان أبوفضالة من أهل بدر، و كذا أخرجه أسد بن موسى في فضائل الصحابة عن محمد بن راشد مطولا وقال في آخره: قال فضالة: فصحبه أبي إلى صفين وقتل معه، وذكره البخاري من طريق محمد بن راشد مختصرا وأخرجه الحارث بن أبي أسامة عن الحسن بن موسى عن محمد بن راشد مطولا أيضا. ايضا في الإصابة 322/7 بترجمة أبي فضالةالأنصاري. تعجيل المنفعة 333/1 افضالة بن أبي فضالة الأنصاري كوفي، عن أبيه وله صحبة، وعنه عبد الله بن محمد بن عقيل، وثقه بن حبان، وقال بن خراش: لأبيه صحبة وهو مجهول، وقال أبو حاتم : كان أبوه بدرياء وروی هوعن أبيه وعن علي رضي الله تعالى عنه، قلت: الذي في المسند روايته عن علي وفيه قصة لأبيه مع علي وفيها أنه قتل مع علي بصفين و على روايته عن علي اقتصر بن حبان في الثقات.

رب الأنصاري، فقالوا: نشهد أنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ألا من کنت مولا فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وأحب من أحبه وأبغض من أبغضه، وأعن من أعانه.

شرح نهج البلاغه 195/2قال نصر: وحدثنا عمر بن سعد قال: حدثنا سعد بن طريف عن الأصبغ ابن نباته قال: قال علي: ما يقول الناس في هذا القبر؟ (وفي النخيله وبالنخيله قبر عظيم يدفن اليهود موتاهم حوله) فقال الحسن بن علي: يقولون هذا قبر هود لما عصاه قومه جاء فمات ها هنا، فقال: كذبوا لانا اعلم به منهم، هذا قبر یهودا بن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم بكر يعقوب ثم قال: هاهنا احد من مهره؟ فأتي بشيخ كبير فقال: این منزلك؟ قال: على شاطىء البحر، قال: أين أنت من الجبل؟ قال: أنا قريب منه قال: فما يقول قومك فيه قال: يقولون أن فيه قبر ساحر قال: كذبوا ذاك قبر هود النبي وهذا قبر یهودا بن يعقوب، ثم قال : يحشر من ظهر الكوفه سبعون الفا على غرة الشمس يدخلون الجنة بغير حساب.

ص: 432

شرح نهج البلاغه 258/5 قال نصر: وحدثنا يحيى بن يعلى عن الأصبغ بن نباته قال: جاء رجل إلى علي فقال: يا أمير المؤمنين هؤلاء القوم الذين نقاتلهم الدعوه واحده والرسول واحد والصلاه واحده والحج واحد فما ذا نسميهم؟ قال: سمهم بما سماهم الله في كتابه قال: ما كل ما في الكتاب اعلمه، قال: أما سمعت الله تعالى يقول: « تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ... وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَٰكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ» فلما وقع الاختلاف كنا نحن أولى بالله وبالكتاب وبالنبي وبالحق، فنحن الذين آمنوا وهم الذين كفروا وشاء الله قتالهم فقاتلهم بمشيئته وارادته.

روايته لوصية أمير المؤمنين لولده الحسن: روى أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري في كتاب الزواجر والمواعظ وقد ذكر عدة طرق لروايتها منها: ما ذكره بسنده إلى الحسن بن طریف بن ناصح عن الحسن بن علوان عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة (1)

روايته لعهد امير المؤمنين إلى مالك الأشتر، رواه النجاشي في الفهرست عن ابن الجندي عن علي بن همام عن الحميري عن هارون بن مسلم عن الحسين بن علوان عن سعد بن طريف عن الأصبغ.

الحسكاني في شواهد التنزيل ج 1 / ص 57 بسنده عن زکریا بن میسرة (2) عن الاصبغ بن نباتة قال: قال علي: نزل القرآن أرباعا فربع فينا وربع في عدونا وربع تفسير سنن وأمثال وربع فرائض وأحكام ولنا کرائم القرآن.

ص: 433


1- کشف المحطة إلى ثمرة المهجة الفصل 154 ص 154
2- تهذيب الكمال 374/9 ق زکریا بن میسرة البصري روي عن النهاس بن قهم ق عن أنس في الحجامة وعن أبي غالب الترس عن عبد الرحمن بن أبي بكرةعن أبيه في الفتن وروى عنه عثمان بن مطرق ويونس بن عبید و روی له ابن ماجة. أقول : من الرواة عنه أبو حمزة الثمالي كما في تفسير فرات

الحسكاني ج 198/263 بسنده عن حسين بن علوان عن سعد بن طريف عن الاصبغ بن نباتة قال: كنت جالسا عند علي فأتاه عبد الله بن الكوا فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن قول الله و بينهما حجاب« وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ» فقال: ويحك يا بن الكوا نحن نوقف يوم القيامة بين الجنة والنار فمن ينصرنا عرفناه بسيماه فأدخلناه الجنة ومن أبغضنا عرفنا بسيماه فأدخلناه النار.

الحسكاني 524/1 بسنده عن حسن بن حسن بن علوان عن سعد الاسكاف عن الأصبغ عن علي في قول الله تعالى «وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ» قال: عن ولايتنا.

ابن الجوزي في اللئالي 192/1 ، الحسكاني عن محمد بن كثير عن الأصبغ بن نباتة قال: «إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ» يعني بهم عليا وفاطمة والحسن والحسين، يوفون بالنذر: علي وفاطمة ثم ساق قصة مرض الحسن والحسين ونذر علي وفاطمة الصوم لشفائهما.

الطبقات الكبرى 5/6 قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباته عن علي قال: الكوفة جمجمة الإسلام و كنز الإيمان و سیف الله ورمحه يضعه حيث يشاء، وأيم الله لينصرن الله بأهلها في مشارق الأرض ومغاربها كما انتصر بالحجاز.

عاصم بن أبي ضمرة ت74:

المستدرك 3/ 164 أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بطة الأصبهاني ثنا عبد الله بن محمد بن زكريا الأصبهاني ثنا إسماعيل بن عمرو البجلي ثنا الأجلح بن عبد الله الكندي عن حبيب بن ثابت عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله تعالى عنه قال: أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أول من يدخل الجنة أنا وفاطمة والحسن والحسين قلت: يا رسول الله!فمحبونا؟ قال: من ورائكم. صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

ص: 434

روى الخطيب في تلخيص المتشابه بسنده عن أبي اسحق عاصم بن ضمرة عن علي

قال: قال رسول الله: أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن اراد العلم فليأت الباب(1)

مصنف ابن أبي شيبة 68/12رقم 12143:شريك عن أبي اسحاق عن عاصم بن ضمرة قال: خطب الحسن بن علي حين قتل علي فقال: يا أهل العراق! لقد كان فيكم بين أظهر كم رجل قتل الليلة وأصيب اليوم لم يسبقه الاولون بعلم ولا يدر که الآخرون، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعثه في سرية أن جبريل عن يمينه و میکائیل عن يساره فلا يرجع حتى يفتح الله عليه.

روايات حبة بن جوين العرني ت 76:

السنن الكبرى 105/5 :أخبرنا أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي

قال: أخبرنا محمد بن المثنى قال: حدثنا عبد الرحمن يعني بن مهدي (مسند أحمد 141/1

عن يزيد) (الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم 149/1 عن شبابة) قال: حدثنا شعبة عن سلمة بن كهيل قال: سمعت حبة العرني قال: سمعت عليا يقول: أناأول من صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الدر المنثور 329/3 :أخرج أبو الشيخ عن حبة العرني قال: جاء رجل إلى علي رضی الله عنه ، فقال: إني قد إشتريت راحلة وفرغت من زادي أرید بیت المقدس لأصلي فيه فإنه قد صلى فيه سبعون نبيا ومنه فار التنور يعني مسجد الكوفة.

أسد الغابة 367/1 :حبة بن جوين البجلي ثم العرني أبو قدامة كوفي من أصحاب علي رضی الله عنه ، ذكره ابو العباس بن عقدة في الصحابة وروي عن يعقوب بن يوسف بن زیاد وأحمد بن الحسين بن عبدالملك قالا: أخبرنا نصر بن مزاحم أخبرنا عبدالملك بن مسلم الملائي عن أبيه عن حبة بن جوين العرني البجلي قال: لما كان يوم غدیر خم دعا النبي

ص: 435


1- فتح الملك /54

صلى الله عليه وسلم الصلاة جامعة نصف النهار قال: فحمد الله واثنى عليه ثم قال: أيها التاس أتعلمون أني أولی بكم من أنفسكم؟ قالوا: نعم، قال: فمن کنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وأخذ بيد علي حتى رفعها حتى نظرت إلى أباطهما وأنا يومئذ مشرك. أخرجه أبوموسی.

قال ابن الأثير: لم يكن لحبة بن جوین صحبة، وإنما كان من أصحاب على وابن مسعود، وقوله انه شهدهما وهو مشرك فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا في حجة الوادع ولم يحج تلك السنة مشرك لأن النبي صلى الله عليه وسلم سير عليا سنة تسع إلى مكة في الموسم وأمره أن ينادي أن لايحج بعد العام مشرك وحج النبي صلى الله عليه وسلم سنة عشر حجة الوداع والاسلام قد عم جزيرة العرب.

واما نسب حبة فهو حبة بن جوین بن علي بن عبد بهم بن مالك بن غانم بن مالك

بن هوازن بن عرينة بن نذیر بن قسر بن عبقر بن انمار بن اراش البجلی ثم العرني.

أقول: حبة راوي مناشدة علي ولم يكن شاهدا لوقعة الغدير ومن المحتمل أن الراوي قد خلط كلام حبة وهو قوله (وانا يومئذ مشرك) مع كلام احد شهود الوقعة وهو قوله حتى نظرت إلى أباطهما).

روى الحافظ ابن المغازلي الشافعي في المناقب /20بسنده عن الجراح الكندي (1)أبي اسحاق الهمداني عن عبد خير وعمر ذي مرة وحبة العرني) قالوا سمعنا علي بن أبي طالب ينشد الناس في الرحبة: من سمع رسول الله يقول: من کنت مولاه؟ فقام إثنا عشر رجلا من أهل بدر منهم: زيد بن أرقم فقالوا: نشهد أنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدیر خم: من کنت مولاه فعلي مولاه.

ص: 436


1- قال في التقريب: الجراح بن الضحاك بن قيس الكندي الكوفي، صدوق من السابعة ت. وفي الكاشف: الجراح الكندي بالري عن علقمة بن مرثد وجماعة، وعنه جرير وإسحاق بن سليمان، صالح الحديث

أقول: ذکر زید بصفته أحد الذين قاموا، يناقضه ما روي أن زيدا كان قد كتم وأصابته دعوة علي. هذا مضافا إلى أن زيدا كانت أولى مشاهده مع النبي هي الخندق لصغر سنه، ومن هنا فإن ذکره لزيد سهوا من أحد الرواة عن أبي اسحق أومن أبي اسحق نفسه وهو الأرجح، حيث ذكروا انه اختلط في آخر عمره أو نسي، والظاهر أن الجراح الكندي روي عن أبي اسحق في أخريات عمرة بدلیل هومن الطبقة السابعة.

شرح نهج البلاغه 291/2روی ابراهیم بن میمون الأزدي عن حبة العرني قال: كان جویریه بن مسهر العبدي صالحا وكان لعلي بن ابي طالب صديقا و كان على يحبه ونظر يوما إليه وهويسير، فناداه :يا جويرية الحق بي فاني اذا رايتك هويتك، قال اسماعیل بن ابان: فحدثني الصباح عن مسلم عن حبه العرني قال: سرنا مع علي علیه السلام يوما، فالتفت فاذا جويرية خلفه بعيدا فناداه یا جویریه الحق بي لا ابالك الا تعلم اني اهواك واحبك قال: فركض نحوه فقال له: اني محدثك بامور فاحفظها ثم اشتركا في الحديث سرا فقال له جویریه: يا أمير المؤمنين اني رجل نسي فقال له: اني اعيد عليك الحديث لتحفظه ثم قال له في آخر ما حدثه اياه: یا جویریه احبب حبيبنا ما احبنا فاذا ابغضنا فابغضه، وابغض بغيضنا ما ابغضنا فاذا احبنا فاحبه قال: فكان ناس ممن يشك في امر علي عليه السلام يقولون أتراه جعل جویریه وصيه كما يدعی هومن وصية رسول الله صل الله عليه و اله قال: يقولون ذلك لشده اختصاصه له حتى دخل على علي علی علیه السلام يوما وهو مضطجع وعنده قوم من اصحابه فناداه جويرية أيها النائم استيقظ فلتضربن على راسك ضربه تخضب منها لحيتك قال: فتبسم امير المؤمنين علیه السلام وقال: احدثك یا جویریه بامرك، أما والذي نفسي بيده لتعتلن إلى العتل الزنيم، فليقطعن يدك ورجلك وليصلبنك تحت جذع کافر، قال: فوالله ما مضت إلا ايام على ذلك حتى اخذ زیاد جویریه فقطع يده ورجله وصلبه إلى جانب جذع ابن مکعبر، و كان جذعا طويلا فصلبه على جذع قصير إلى جانبه.

شرح نهج البلاغه 276/2روی ابراهیم بن دیزیل في كتاب صفين عن مسلم الضبي

ص: 437

عن حبة العرني قال: كان رجلا اسود منتن الريح، له ثدی کثدى المرأة اذا مدت، كانت بطول اليد الأخرى، واذا تركت اجتمعت و تقلصت وصارت كثدي المرأة عليها شعرات مثل شوارب الهرة، فلما وجدوه قطعوا يده ونصبوها على رمح، ثم جعل علي علیه السلام ينادي: صدق الله وبلغ رسوله، لم يزل يقول ذلك هو واصحابه بعد العصر إلى أن غربت الشمس أو كادت.

شرح نهج البلاغة 205/3 -207 قال نصر: فروی حبة أن عليا علیه السلام لما نزل على الرقة نزل بموضع يقال له: البليخ على جانب الفرات، فنزل راهب هناك من صومعته، فقال لعلي علیه السلام : أن عندنا كتابا توارثناه عن آبائنا كتبه اصحاب عیسی بن مریم، اعرضه عليك؟ قال: نعم، فقرا الراهب الكتاب : بسم الله الرحمن الرحيم الذي قضى فيما قضى وسطر فيما كتب انه باعث في الأميين رسولا منهم يعلمهم الكتاب والحكمه ويدلهم على سبيل الله لا فظ ولا غليظ ولا صخاب في الاسواق ولا يجزى بالسيئه السيئه، بل يعفو ويصفح امته الحمادون الذين يحمدون الله على كل نشر وفي كل صعود وهبوط تذل السنتهم بالتكبير والتهليل والتسبيح وينصره الله على من ناواه فاذا توفاه الله اختلفت امته من بعده ثم اجتمعت فلبثت ما شاء الله ثم اختلفت فيمر رجل من امته بشاطیء هذا الفرات يامر بالمعروف وينهى عن المنكر ويقضى بالحق ولا يرکس حکم الدنيا أهون عليه من الرماد في يوم عصفت به الريح، والموت اهون عليه من شرب الماء على الظمان، يخاف الله في السر وينصح له في العلانيه، لا يخاف في الله لومة لائم، فمن أدرك ذلك النبي من أهل هذه البلاد فأمن به كان ثوابه رضواني والجنة، ومن ادرك ذلك العبد الصالح فلينصره فان القتل معه شهاده. ثم قال له: أنا مصاحبك فلا أفارقك حتى يصيبني ما اصابك فبکی علیه السلام ثم قال: الحمد لله الذي لم اكن عنده منسيا، الحمد لله الذي ذكرني عنده في كتب الابرار، فمضى الراهب معه فكان فيما ذكروا يتغدي مع امير المؤمنين ويتعشى حتى اصيب يوم صفين، فلما خرج الناس يدفنون قتلاهم قال علیه السلام : اطلبوه إفلما وجدوه

ص: 438

صلى عليه ودفنه، وقال: هذا منا أهل البيت واستغفر له مرارا.

قال ابن أبي الحديد: روى هذا الخبر نصر بن مزاحم في كتاب صفين عن عمر بن سعد عن مسلم الاعور عن حبه العرني، ورواه ایضا ابراهیم بن ديزيل الهمداني بهذا الاسناد عن حبه ايضا في كتاب صفين.

شرح نهج البلاغه 4/ 83 قال ابن أبي الحديد: وروی حبه العرني عن على علیه السلام

أنه قال: إن الله عز وجل أخذ ميثاق كل مؤمن على حبي وميثاق كل منافق على بغضي فلوضربت وجه المؤمن بالسيف ما ابغضني ولوصببت الدنيا على المنافق ما احبني.

روايات أبي البختري قتل 82:

سنن ابن ماجة 774/2: حدثنا علي بن محمد ثنا يعلى وأبو معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن علي قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقلت: يا رسول الله ! تبعتني وأنا شاب أقضي بينهم ولا أدري ما القضاء؟ قال: فضرب بيده في صدري ثم قال: اللهم اهد قلبه وثبت لسانه، قال: فما شككت بعد في قضاء بين اثنين. السنن الكبرى 142/5 أخبرنا محمد بن المثنى قال: حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن علي قال: كنت إذا سألت أعطيت وإذا سکت ابتديت.

نهج البلاغة 104/4 روی سفيان الثوري عن عمرو بن مره عن أبي البختري قال: اثني رجل على علي بن ابي طالب في وجهه وكان يبغضه فقال علي:أنا دون ما تقول وفوق ما في نفسك. .

مصنف ابن أبي شيبة (ط. الرياض 537/7 ) حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا مسعود بن سعد الجعفي عن عطاء بن السائب عن أبي البختري قال: لما انهزم أهل الجمل قال

ص: 439

علي: لا يطلبن عبد خارجا من العسكر وما كان من دابة أوسلاح فهولكم، وليس لكم أم ولد، والمواريث على فرائض الله، وأي امرأة قتل زوجها فلتعتد أربعة أشهر وعشرا، قالوا: يا أمير المؤمنين تحل لنا دماؤهم ولا تحل لنا نساؤهم؟ قال: فخاصموه، فقال: كذلك السيرة في أهل القبلة، قال: فهاتوا سهامكم واقرعوا على عائشة، فهي رأس الأمر وقائدهم قال: ففرقوا وقالوا: نستغفر الله قال: فخاصمهم علي

الاستیعاب 2/698 عن ابي اسحاق السبيعي عن أبي البختري عن حجر بن عدي عن شراحيل ابن مرة الكوفي سمع رسول الله عليه صلى الله عليه وسلم يقول لعلي رضی الله عنه : ابشر فإن حياتك وموتك معي.

روايات زاذان ت82:

الفضائل 585/2، حدثنا عبد الله قثنا أبي قثنا بن نمير نا عبد الملك عن أبي عبد الرحيم الكندي عن زاذان أبي عمر قال: سمعت عليا في الرحبة وهوينشد الناس من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدیر خم وهو يقول ما قال؟ فقام ثلاثة عشر رجلا فشهدوا انهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: من کنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

فضائل الصحابة 647/2 حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثني جدي قثنا حجاج بن محمد قثنا بن جریح قثنا كذا أبوحرب بن أبي الأسود عن أبي الأسود قال: بن جریح ورجل آخر عن زاذان قالا: سئل علي عن نفسه؟ فقال: إني أحدث بنعمة ربي، كنت والله إذا سألت أعطيت وإذا سكت ابتديت، فبين الجوانح مني علم جم

الحسكاني 401/1 بسنده عن إسماعيل بن سليمان عن يعمر زاذان عن ابن الحنفية

في قوله تعالى «وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ»قال: هو علي بن أبي طالب.

المعجم الكبير 76/9حدثنا عبيد بن كثير التمار الكوفي ثنا محمد بن الجنيد ثنا يحي

ص: 440

بن سالم عن هاشم بن البريد عن بیان بن أبي بشر عن زاذان عن عبد الله قال: قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة وختمت القرآن على خير الناس علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه.

الكامل في الضعفاء: حدثنا جعفر بن أحمد بن علي بن بيان الغافقي ثنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إسحاق الكوفي الأنصاري ثنا أبوخالد عمروبن خالد الواسطي عن أبي هاشم الرماني عن زاذان بن عمر عن سلمان الفارسي قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب فخذ علي بن أبي طالب وصدره وسمعته يقول: محبك محبي ومحبي محب الله ومبغضك مبغضي ومبغضي مبغض الله.

المعجم الكبير 241/6 حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي والحسين بن إسحاق التستري قالا: ثنا يحيى الحماني ثنا قيس بن الربيع عن محمد بن رستم عن زاذان عن سلمان رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب الحسن والحسين أحببته ومن أحببته أحبه الله ومن أبغضهما أبغضته ومن أبغضته أبغضه الله.

الحسكاني 17/2 بسنده عن أبي اليقظان(1) عن زاذان عن الحسن بن علي قال: لما

ص: 441


1- تهذيب التهذيب 132/7 عثمان بن عمير البجلي أبو اليقظان الكوفي الأعمى ويقال: بن قيس ويقال: بن أبي حميد، روى عن أنس وزيد بن وهب وأبي الطفيل وأبي وائل وعدي بن ثابت وأبي حرب بن الأسود وغيرهم، وعنه حصين بن عبد الرحمن وهو من أقرانه والأعمش وشعبة والثوري وشريك ومهدي بن میمون وآخرون، قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: قال أبي عثمان بن عمير (أبو اليقظان) ويقال عثمان بن قيس ضعيف الحديث، كان بن مهدي ترك حديثه وقال أبي:خرج في الفتنة مع إبراهيم بن عبد الله بن حسن، وقال عمروبن علي:لم يرض يحي ولا عبد الرحمن أبا اليقظان، وقال الدوري عن بن معين: ليس حديثه بشيء، وقال بن أبي حاتم: ثنا أبي سألت محمد بن عبد الله بن نمير عن عثمان بن عمير فضعفه، قال: وسألت أبي عنه؟ فقال: ضعيف الحديث، منکر الحديث، كان شعبة لا يرضاه، وذكر أنه حضره فروى عن شيخ فقال له شعبة: كم سنك؟ فقال: كذا فإذا قد مات الشيخ وهو بن سنتين، وقال إبراهيم بن عرعرة عن أبي أحمد الزبيري: كان الحارث بن حصين وأبو اليقظان يؤمنان بالرجعة ويقال: كان يغلو في التشيع، قلت: نسبه أحمد بن حنبل فقال: هو عثمان بن عمیر بن عمرو بن قيس البجلي، وقد ينسب إلى جد أبيه ذكره البخاري في الأوسط في فصل من مات ما بين العشرين ومائة إلى الثلاثين، وقال: منكر الحديث ولم يسمع من أنس وقال في الكبير: كان يحیي وعبد الرحمن لا يحدثان عنه وهو بن قيس البجلي وهو عثمان بن أبي حميد الكوفي، وقال الجوزجاني عن أحمد: منكر الحديث وفيه ذلك الداء، قال: وهو على المذهب منكر الحديث وقال البرقاني عن الدارقطني: متروك، وقال الحاكم عن الدارقطني: زائغ لم يحتج به، وقال بن عبد البر: کلهم ضعفه، وقال أبوأحمد الحاكم: ليس بالقوي عندهم، وقال بن حبان: اختلط حتى كان لا يدري ما يقول، لا يجوز الاحتجاج به، وقال بن عدي: رديء المذهب غال في التشيع يؤمن بالرجعة ويكتب حديثه مع ضعفه (تقريب التهذيب ج 1 ص 663) (عثمان بن عمير بالتصغير ويقال: بن قيس، والصواب أن قيساجد أبيه وهو عثمان بن أبي حميد أيضا البجلي أبو اليقظان الكوفي الأعمى ضعيف، واختلط و كان يدلس ويغلو في التشيع، من السادسة مات في حدود الخمسين ومائة دت ق)

نزلت جمعنا رسول الله وإياه في كساء خيبري ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب الرجس عنهم وطهرهم تطهيرا.

الحسكاني 143/2 تاريخ إصبهان 165/2 بسنده عن أبي هاشم الرماني عن زاذان عن علي قال: أنه لا يحفظ مودتنا إلا كل مؤمن ثم قرأ «قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى»

روايات زر بن حبیش ت81 وهو ابن مائة واثنتان وعشرون سنة:

صحیح مسلم 86/1 بقي بن مخلد (1325) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع وأبو معاوية عن الأعمش ح وحدثنا يحيى بن يحي واللفظ له أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن عدي بن ثابت عن زر قال: قال علي: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إلى أن لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق.

المستدرك على الصحيحين 18/3 حدثنا أبو سعيد عمروبن محمد بن منصور العدل ثنا السري بن خزيمة ثنا عثمان بن سعيد المري ثنا علي بن صالح عن عاصم عن زر عن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحسن والحسين

ص: 442

سیدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما، هذا حديث صحيح بهذه الزيادة ولم يخرجاه.الاصابة 15/2 حبيب بن بدیل بن ورقاء الخزاعي له ولأبيه ولأخيه عبد الله صحبة ذكره بن شاهين في الصحابة، وروی حدیثه بن عقدة في كتاب الموالاة بإسناد ضعيف من رواية أبي مريم عن زر بن حبیش قال: قال علي: من ها هنا من أصحاب رسول الله صلی الله عليه وسلم؟ فقام اثنا عشر رجلا منهم قيس بن ثابت وحبيب بن بدیل بن ورقاء فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من کنت مولاه فعلی مولاه.

قال في الإصابة في ترجمة الحسن: وعند أبي يعلى من طريق عاصم عن زر عن عبد الله كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره فإذا أرادوا أن يمنعوهما أشار إليهم أن دعوهما، فإذا قضى الصلاة وضعهما في حجره فقال: من أحبني فليحب هذين.

روی أبن الأثير في اسد الغابة 1 ص 368 عن كتاب الموالاة لابن عقدة باسناده عن أبي مريم زر بن حبيش قال: خرج علي بن القصر فاستقبله ركبان متقلدي السيوف فقالوا: السلام عليك يا أمير المؤمنين؟! السلام عليك يا مولانا؟! ورحمة الله وبرکاته فقال علي علیه السلام : من ههنا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقام إثني عشر منهم: قيس بن ثابت بن شماس، وهاشم بن عتبة، وحبيب بن بدیل بن ورقاء، فشهدوا أنهم سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من کنت مولاه فعلي مولاه.

روايات عبد الله بن الحارث بن نوفل ت84 :

السنن الكبرى 151/5 أخبرنا عبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى قال: حدثنا علي بن ثابت قال: حدثنا منصور بن أبي الأسود عن يزيد بن أبي زياد عن سليمان بن عبد الله بن الحارث عن جده عن علي قال: مرضت فعادني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل علي وأنا مضطجع، فاتكأ إلى جنبي، ثم سجاني بثوبه، فلمارآني قد هديت

ص: 443

قام إلى المسجد يصلي، فلما قضى صلاته جاء فرفع الثوب عني وقال: قم يا علي ! فقد برئت، فقمت كأنما لم أشتك شيئا قبل ذلك، فقال: ما سألت ربي شيئا في صلاتي إلا أعطاني وما سألت لنفسي شيئا إلا وقد سألت لك.

خالفه جعفر بن زیاد الأحمر فقال: عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث عن علي

أقول: في كتاب السنة لبقي بن مخلد /1323عن محمد بن عبد الرحيم أبي يحي وسليمان بن عبد الجبار قالا: حدثنا علي بن قادم عن جعفر بن زیاد الأحمر عن يزيد بن زياد عن عبد الله بن الحارث ... وفي آخره قال صل الله علیه و اله : الا أعطانيه، الا انه قال لي: لا نبي بعدك. قال القاضي: لا أعرف في فضيلة على حديثا أفضل منه.

مصنف ابن أبي شيبة 503/7 معاوية بن هشام قال : ثنا عمار عن الأعمش عن المنهال عن عبد الله بن الحارث عن علي قال: انما مثلنا في هذه الأمة كسفينة نوح و کباب حطة في بني اسرائيل.

تاريخ الطبري 320/2 : حدثنا أبن حميد قال: حدثنا سلمة قال: حدثني محمد بن إسحاق عن عبد الغفار بن القاسم عن المنهال بن عمرو عن عبد الله أبن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب عن عبد الله بن عباس عن علي بن أبي طالب قال: لما نزلت هذه الآية على رسول الله صل الله علیه و اله : «وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ» دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: يا علي إن الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين فضقت بذلك ذرعا وعرفت أني متى أباديهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره، فصمت عليه حتى جاءني جبرئيل فقال: يا محمد إنك إلا تفعل ما تؤمر به يعذبك ربك، فاصنع لنا صاعا من طعام واجعل عليه رجل شاة واملالنا عسا من لبن ثم اجمع لي بني عبد المطلب حتى أكلمهم وأبلغهم ما أمرت به ففعلت ما أمرني به. ثم دعوتهم له وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أوينقصونه فيهم أعمامه: أبوطالب وحمزة والعباس وأبولهب، فلما اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي

ص: 444

صنعت لهم فجئت به فلما وضعته تناول رسول الله صل الله علیه و اله حذية من اللحم فشقها بأسنانه ثم ألقاها في نواحي الصحفة. ثم قال: خذوا بسم الله فأكل القوم حتى ما لهم بشيء حاجة وما أرى إلا موضع أيديهم وأيم الله الذي نفس علي بيده وإن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمت لجميعهم. ثم قال: اسق القوم فجئتهم بذلك العس فشربوا منه حتى رووا منه جميعا وأيم الله إن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله فلما أراد رسول الله صل الله علیه و اله أن يكلمهم بدره أبولهب إلى الكلام فقال: لهد ما سحر کم صاحبكم فتفرق القوم ولم يكلمهم رسول الله صل الله علیه و اله قال: الغد يا علي إن هذا الرجل سبقني إلى ما قد سمعت من القول فتفرق القوم قبل أن أكلمهم فعد لنا من الطعام بمثل ما صنعت ثم أجمعهم إلي. قال: ففعلت ثم جمعتهم ثم دعاني بالطعام فقربته لهم ففعل كما فعل بالأمس فأكلوا حتى ما لهم بشيء حاجة. ثم قال: اسقهم! فجئتهم بذلك العس فشربوا حتى رووا منه جميعا ثم تكلم رسول الله صل الله علیه و اله فقال: يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم قال: فأحجم القوم عنها جميعا وقلت وإني لأحدثهم سنا وأرمصهم عينا وأعظمهم بطنا وأحمشهم ساقا أنا يا نبي الله أكون وزیرك عليه. فأخذ برقبتي ثم قال: إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا. قال: فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لأبنك و تطيع(1)

المعجم الكبير 405/22 حدثنا محمد بن حیان المازني ثنا كثير بن يحيى ثنا سعید بن عبد الكريم بن سلیط وأبوعوانة عن داود بن أبي عوف أبي الجحاف عن عبد الرحمن بن أبي زناد أنه سمع عبد الله بن الحارث بن نوفل يقول: ثنا أبو سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على فاطمة ذات يوم وعلي نائم وهي مضطجعة وأبناؤها إلى

ص: 445


1- تاريخ الطبري 321/2

جنبها فاستسقى الحسن فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى لقحة، فحلب لهم فأتی به، فاستيقظ الحسين فجعل يعالج أن يشرب قبله حتى بکی، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن أخاك استسقى قبلك فقالت فاطمة: كأن الحسن آثر عندك؟ قال: ما هوبا ثر عندي منه وإنما هما عندي بمنزلة واحدة وإني وإياك وهما وهذا النائم لفي مكان واحد يوم القيامة.

روايات عبد الرحمن بن أبي ليلى قتل 82:

الدر المنثور 178/5 أخرج ابن أبي حاتم عن عبدالرحمن بن أبي ليلی رضی الله عنه في قوله «أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا ۚ لَا يَسْتَوُونَ» قال: نزلت في علي بن أبي طالب رضی الله عنه ، والوليد بن عقبة.

السنن الكبرى 108/5 أخبرنا أحمد بن سلیمان قال: حدثنا عبید الله قال: أخبرنا بن أبي ليلى عن الحكم والمنهال عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه أنه قال لعلي و كان يسير معه: إن الناس قد أنكروا منك أنك تخرج في البرد في الملاءتين وتخرج في الحر في الحشو والثوب الغليظ قال: أولم تكن معنا بخيبر؟ قال: بلى، قال: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر وعقد له لواء فرجع وبعث عمر وعقد له لواء فرجع بالناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ليس بفرار، فأرسل إلي وأنا أرمد قلت: إني أرمد، فتفل في عيني وقال: اللهم اكفه أذى الحر والبرد، فما وجدت حرا بعد ذلك ولا بردا.

المستدرك 524/2أخبرني عبد الله بن محمد الصيدلاني حدثنا محمد بن أيوب أنبأ يحيى بن المغيرة السعدي حدثنا جرير عن منصور عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: قال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد ولا يعمل بها أحد بعدي آية النجوى «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ

ص: 446

آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً» قال: كان عندي دینار فبعته بعشرة دراهم، فناجيت النبي صلى الله عليه وسلم، فكنت كلما ناجيت النبي صلى الله عليه وسلم قدمت بين يدي نجواي درهما ثم نسخت فلم يعمل بها أحد فنزلت «أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ» هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

السنن الكبرى 204/6 أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا العوام قال: حدثني عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي رضي الله تعالى عنه قال: أتی رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وضع قدمه بيني وبين فاطمة، فعلمنا ما نقول إذا أخذنا مضجعنا ثلاثا وثلاثين تسبيحة و ثلاثا وثلاثين تحميدة وأربعا وثلاثين تكبيرة، قال علي: فما تركتها بعد، قال له رجل : ولا ليلة صفين؟ قال ولا ليلة صفين.

المعجم الكبير 77/7 حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا ضرار بن صرد أبو نعيم ثنا علي بن هشام عن عبد الملك بن أبي سليمان عن أبي فروة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، فدعى عليا، فأعطاه إياها.

مسند أحمد 119/1 حدثنا عبد الله حدثني عبيد الله بن عمر القواريري ثنا يونس بن أرقم ثنا يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: شهدت عليا رضي الله تعالى عنه في الرحبة، ينشد الناس : نشد الله من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدیر خم: من کنت مولاه فعلی مولاه لما قام؟ فشهد قال عبد الرحمن: فقام اثنا عشر بدریا كأني أنظر إلى أحدهم فقالوا: نشهد إنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدیر خم: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجي أمهاتهم؟ فقلنا: بلی یا رسول الله، قال: فمن کنت مولاه فعلی مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

مسند أحمد 119/1 حدثنا عبد الله ثنا أحمد بن عمر الوکیعي ثنا زید بن الحباب ثنا

ص: 447

الوليد بن عقبة بن نزار العنسي حدثنا سماك بن عبيد بن الوليد العبسي قال: دخلت على عبد الرحمن بن أبي ليلى فحدثني أنه شهد عليا رضي الله تعالى عنه في الرحبة قال: أنشد الله رجلا سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم و شهده يوم غدیر خم الا قام ولا يقوم إلا من قد رآه فقام اثنا عشر رجلا فقالوا: قد رأيناه وسمعناه حيث أخذ بيده يقول: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله فقام إلا ثلاثة لم يقوموا فدعى عليهم فأصابتهم دعوته.

شرح نهج البلاغه 11/14 قال أبو مخنف: فحدثني موسى بن عبد الرحمن بن ابي ليلي عن أبيه قال: ...لما دخل الحسن وعمار الكوفه اجتمع اليهما الناس فقام الحسن فاستنفر الناس فحمد الله وصلی علی رسوله ثم قال: أيها الناس إلا جئنا ندعوكم إلى الله وإلى كتابه وسنة رسوله وإلى أفقه من تفقه من المسلمين وأعدل من تعدلون وأفضل من تفضلون وأوفي من تبايعون، من لم يعبه القرآن ولم تجهله السنة ولم تقعد به السابقة، إلى من قربه الله تعالى إلى رسوله قرابتين قرابة الدين وقرابة الرحم، إلى من سبق الناس إلى كل مأثره، إلى من كفى الله به رسوله والناس متخاذلون، فقرب منه وهم متباعدون وصلی معه وهم مشركون وقاتل معه وهم منهزمون و بارز معهم وهم محجمون وصدقه وهم يكذبون، إلى من لم ترد له رواية ولا تكفا له سابقة، وهويسالكم النصر ويدعوكم إلى الحق ويامركم بالمسير إليه لتوازروه و تنصروه على قوم نكثوا بيعته وقتلوا أهل الصلاح من أصحابه ومثلوا بعماله وانتهبوا بيت ماله، فاشخصوا إليه رحمكم الله فمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر واحضروا بما يحضر به الصالحون.

شرح نهج البلاغه 305/19 وروى ابن جرير الطبري في تاريخه عن عبد الرحمن بن أبي ليلي الفقيه وكان ممن خرج لقتال الحجاج مع أبن الاشعث انه قال فيما كان يحض به الناس على الجهاد: اني سمعت عليا رفع الله درجته في الصالحين واثابه ثواب الشهداء والصديقين يقول يوم لقينا أهل الشام: أيها المؤمنون إنه من رأى عدوانا يعمل به و منکرا يدعى إليه فانکره بقلبه فقد سلم وبري، ومن أنكره بلسانه فقد اجر وهو أفضل من

ص: 448

صاحبه ومن انكره بالسيف لتكون كلمة الله هي العليا و كلمة الظالمين السفلي، فذلك الذي أصاب سبيل الهدى وقام على الطريق ونور في قلبه اليقين (1)

تفسير الطبري 126/26 حدثنا محمد بن بشار قال: ثنا عبد الرحمن قال: ثنا سفيان عن هلال الوزان عن عبد الرحمن بن أبي ليلى في قوله (يا أيها الذين آمنوا إن جاء کم فاسق بنبإ فتبينوا) الحجرات /6، قال: نزلت في الولید بن عقبة بن أبي معيط.

روايات قیس بن عباد (قتله الحجاج 82) :

البخاري 1485/4 حدثني محمد بن عبد الله الرقاشي حدثنا معتمر قال: سمعت أبي يقول: حدثنا أبومجلز عن قيس بن عباد عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه قال: أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة، وقال قيس بن عباد: وفيهم أنزلت «هَٰذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ۖ فَالَّذِينَ » قال: هم الذين تبارزوا يوم بدر، حمزة. وعلي وعبيدة (أو أبو عبيدة بن الحارث) وشيبة بن ربيعة و عتبة بن ربيعة والوليد بن

عتبة.

روایات زيد بن وهب الجهني (ت84 وقيل 96):

السنن الكبرى أخبرني زکریا بن يحيى قال: حدثنا عثمان قال: حدثنا عبد الله بن نمير قال: حدثنامالك بن مغول (المصنف لابن أبي شيبة ج 62/12 الحديث رقم

ص: 449


1- شرح نهج البلاغه 306/19 قال ابن أبي الحديد: وقال علیه السلام في كلام له غير هذا يجري هذا المجري: فمنهم المنكر للمنكر بيده ولسانه وقلبه فذلك المستكمل الخصال الخير، ومنهم المنكر بلسانه وقلبه والتارك بيده فذلك متمسك بخصلتين من خصال الخير ومضيع خصلة ومنهم المنكر بقلبه والتارك بيده ولسانه فذاك الذي ضيع اشرف الخصلتين من الثلاث وتمسك بواحدة ومنهم تارك لانكار المنكر بلسانه وقلبه ويده فذلك ميت الأحياء، وما اعمال البر كلها والجهاد في سبيل الله عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا كنفثة في بحر لجي وان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقربان من اجل ولا ينقصان من رزق، وأفضل من ذلك كله كلمة عدل عند امام جائر

/12128 عبد الله بن نمير) عن الحارث بن حصيرة عن أبي سليمان الجهني قال: سمعت عليا على المنبر يقول: أنا عبد الله وأخورسوله صلى الله عليه وسلم لا يقولها إلا كذاب مفتري، فقال رجل: أنا عبد الله وأخورسوله صلى الله عليه وسلم فخنق فحمل.

السنن الكبرى 163/5 أخبرنا العباس بن عبد العظيم قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان عن سلمة بن كهيل قال: حدثنا زيد بن وهب أنه كان في الجيش الذين كانوا مع علي الذين ساروا إلى الخوارج، فقال علي: أيها الناس إلي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سيخرج قوم من أمتي يقرأون القرآن ليس قراءتكم إلى قراءتهم شيئا ولا صلاتكم إلى صلاتهم شيئا ولا صيامكم إلى صيامهم شيئا، يقرأون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم، لا تجاوز صلاتهم تراقيهم، يمرقون من الإسلام

كما يمرق السهم من الرمية، لو يعلمون الجيش الذي يصيبونهم ما قضى لهم على لسان نبيهم صلى الله عليه وسلم لاتكلوا عن العمل، وآية ذلك أن فيهم رجلا له عضد وليست له ذراع، على رأس عضده مثل حلمة ثدي المرأة عليه شعرات بيض، فتذهبون إلى معاوية وأهل الشام وتتركون هؤلاء يخلفونكم في ذراریكم وأموالكم، والله إني لأرجوان يكونوا هؤلاء القوم فإنهم قد سفكوا الدم الحرام وأغاروا في سرح الناس فسيروا على اسم الله، قال سلمة: فنزلني زيد منزلا منزلا حتى مررنا على قنطرة فلما التقينا على الخوارج عبد الله بن وهب الراسبي فقال لهم: ألقوا الرماح وسلوا سيوفكم من جفونها فإني أخاف أن يناشدوكم قال: فسلوا السيوف وألقوا جفونها وشجرهم الناس (يعني برماحهم)، فقتل بعضهم على بعض وما أصيب من الناس يومئذ إلا رجلان قال علي: التمسوا فيهم المخدج فلم يجدوه، فقام علي بنفسه حتى أتی ناسا قتلى بعضهم على بعض، قال: جردوهم، فوجدوه مما يلي الأرض فكبر علي وقال: صدق الله وبلغ صلى الله عليه وسلم، فقام إليه عبيدة السلماني فقال: يا أمير المؤمنين والله الذي لا إله إلا هوسمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أي والله الذي لا إله إلا هو!

ص: 450

لسمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى استحلفه ثلاثا وهويحلف له.

شرح نهج البلاغه 276/2روی ابراهیم بن دیزیل في كتاب صفين عن الأعمش عن زيد بن وهب قال: لما شجرهم علي علیه السلام بالرماح قال: اطلبوا ذا الثديه، فطلبوه طلبا شدیدا حتى وجدوه في وهدة من الأرض تحت ناس من القتلى، فاتي به واذا رجل على ثديه مثل سبلات السنور، فكبر علي عليه السلام وكبر الناس معه سرورا بذلك.

المعجم الكبير 183/10 حدثنا عبدان بن أحمد ثنا يحيى بن حاتم العسكري ثنا بشر بن مهران ثنا شريك عن عثمان بن المغيرة عن زيد بن وهب عن بن مسعود قال: أول شيء علمت من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قدمت مكة في عمومة لي، فأرشدنا على العباس بن عبد المطلب، فانتهينا إليه وهو جالس إلى زمزم فجلسنا إليه، فبينا نحن عنده إذ (أقبل رجل من باب الصفا أبيض تعلوه حمرة له وفرة جعد إلى أنصاف أذنيه، أشم، أقنى أذلف، براق الثنايا، أدعج العينين، كث اللحية، دقيق المسربة، شثن الكفين والقدمين، عليه ثوبان أبيضان كأنه القمر ليلة البدر) يمشي على يمينه غلام أمرد حسن الوجه مراهق أو محتلم، تقفوهم امرأة قد سترت محاسنها حتى قصد نحو الحجر، فاستلمه ثم استلم الغلام ثم استلمت المرأة، ثم طاف بالبيت سبعا والغلام والمرأة يطوفان معه، ثم استلم الركن ورفع يديه و كبر وقام الغلام عن يمينه ورفع يديه وقامت المرأة خلفهما فرفعت يديها و كبرت وأطال القنوت ثم ركع فأطال الركوع ثم رفع رأسه من الركوع فقنت وهو قائم، ثم سجد وسجد الغلام والمرأة معه يصنعان مثل ما يصنع ويتبعانه، قال: فرأينا شيئا لم يكن نعرفه بمكة فأنكرنا، فأقلبنا على العباس فقلنا: يا أبا الفضل إن هذا الدين لم نكن نعرفه فيكم، أشيء حدث؟ قال: أجل والله، أما تعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا ابن أخي محمد بن عبد الله والغلام علي بن أبي طالب والمرأة خديجة بنت خويلد أما والله ما على ظهر الأرض أحد يعبد الله على هذا الدين إلا هؤلاء الثلاثة.

المعجم الكبير 171/5 حدثنا إبراهيم بن نائلة الأصبهاني ثنا إسماعيل بن

ص: 451

عمرو البجلي ثنا أبو إسرائيل الملائي عن الحكم عن أبي سليمان زيد بن وهب عن زید بن أرقم قال: ناشد علي الناس في الرحبة :من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الذي قال له؟ فقام ستة عشر رجلا فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم من کنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، قال زيد بن أرقم: فكنت فيمن كتم فذهب بصري، وكان علي رضي الله تعالى عنه دعی علی من کتم.

فتح الباري 57/13 أخرج البزار من طريق زيد بن وهب قال: بينا نحن حول حذيفة إذ قال: كيف أنتم وقد خرج أهل بیت نبیکم فرقتين يضرب بعضكم وجوه بعض بالسيف؟ قلنا: يا أبا عبد الله فكيف نصنع إذا أدركنا ذلك قال: انظروا إلى الفرقة التي تدعو إلى أمر علي بن أبي طالب فانها على الهدى.

تاريخ الطبري 16/5 قال أبو مخنف: حدثني مالك بن أعين عن زيد بن وهب الجهني أن أبن بديل قام في أصحابه فقال: ألا إن معاوية ادعي ما ليس أهله ونازع هذا الأمر من ليس مثله وجادل بالباطل ليدحض به الحق وصال عليكم بالأعراب والأحزاب، قد زین لهم الضلالة وزرع في قلوبهم حب الفتنةولبس عليهم الأمر وزادهم رجسا إلى رجسهم وأنتم على نور من ربكم وبرهان مبين. فقاتلوا الطغاة الجفاة ولا تخشوهم فكيف تخشونهم وفي أيديكم كتاب الله عز وجل طاهرا مبرورا؟ أتخشونهم؟ فالله أحق أن تخشوه إن کنتم مؤمنين قاتلوهم، يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين، وقد قاتلناهم مع النبي صل الله علیه و اله مرة، وهذه ثانية، والله ما هم في هذه با تقی ولا أز کی ولا أرشد قوموا، إلى عدو کم بارك الله عليكم، فقاتل قتالا شديدا هو وأصحابه. تاريخ الطبري 25/5 قال أبو مخنف: حدثني مالك بن أعين الجهني عن زيد بن وهب أن عليا لما رأى ميمنته قد عادت إلى مواقعها ومصافها و كشفت من بإزائها من عدوها حتى ضاربوهم في مواقفهم ومراكزهم أقبل حتى انتهى إليهم فقال: إني قد رأيت

ص: 452

جولتكم وانحياز كم عن صفوفكم يحوز كم الطغاة الجفاة وأعراب أهل الشام وأنتم لهاميم (1)العرب والسنام الأعظم وعمار الليل بتلاوة القرآن وأهل دعوة الحق إذ ضل الخاطئون، فلولا إقبالكم بعد أدبار کم و کر کم بعد انحياز کم وجب عليكم ما وجب على المولى يوم الزحف دبره و کنتم من الهالكين ولكن هون وجدي وشفي بعض أحاح نفسي إني رأيتكم بأخرة حزتموهم كما حازو كم وأزلتموهم عن مصافهم كما أزالوكم تحسونهم بالسيوف تركب أولاهم أخراهم كالإبل المطردة اليهم فالآن فاصبروا نزلت عليكم السكينة. وثبتكم الله عز وجل باليقين ليعلم المنهزم أنه مسخط ربه وموبق نفسه إن في الفرار موجدة الله عز وجل عليه والذل اللازم والعار الباقي واعتصار الفيء من يده وفساد العيش عليه. وإن الفار منه لا يزيد في عمره ولا يرضي ربه، فموت المرء محقا قبل إتيان هذه لخصال خير من الرضا بالتأنيس لها والإقرار عليها.

تاريخ الطبري ( 4/ 37) قال الطبري: حدثت عن هشام بن الكلبي عن أبي مخنف قال: حدثني مالك بن أعين الجهني عن زيد بن وهب الجهني أن عمار بن یاسر رحمه الله قال يومئذ: أين من يبتغي رضوان الله عليه ولا يؤوب إلى مال ولا ولد؟ فأتته عصابة من الناس فقال: أيها الناس اقصدوا بنا نحوهؤلاء الذين يبغون دم أبن عفان ويزعمون أنه قتل مظلوما، والله ما طلبتهم بدمه ولكن القوم ذاقوا الدنيا فاستحبوها واستمر ءوها وعلموا أن الحق إذا لزمهم حال بينهم وبين ما يتمرغون فيه من دنياهم ولم يكن للقوم سابقة في الإسلام يستحقون بها طاعة الناس والولاية عليهم فخدعوا، أتباعهم أن قالوا: إمامنا قتل مظلوما ليكونوا بذلك جبابرة ملوکا و تلك مكيدة بلغوا بها ما ترون، ولولا هي ما تبعهم من الناس رجلان. اللهم إن تنصرنا فطالما نصرت وإن تجعل لهم الأمر فادخر لهم بما أحدثوا في عبادك العذاب الأليم. ثم مضى ومضت تلك العصابة التي أجابته حتى دني من عمرو فقال: يا عمرو بعت دینك بمصر؟ تبا لك إتبا طالما بغيت في الإسلام عوجا.

ص: 453


1- لها ميم: جمع لهميم: وهو السابق الجواد من الخيل

وقال لعبيد الله أبن عمر بن الخطاب: صرعك الله بعت دینك من عدو الإسلام وأبن عدوه.

الحسكاني 1/ 36 بسنده عن الأعمش عن زيد بن وهب عن حذيفة، أن أناسا

تذاكروا فقالوا: ما نزلت آية في القرآن فيها«يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا» إلا في أصحاب محمد فقال حذيفة: مانزلت في القرآن «يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا» إلا كان لعلي لُبُّها ولُبابها.

الحسكاني 259/2 بسنده عن زيد بن وهب عن حذيفة في قوله «وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ»قال: هو علي بن أبي طالب.

تاریخ دمشق 242/42أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم أنا أبو القاسم بن أبي العلاء أنا أبو بكر محمد بن عمر بن سليمان النصيبي بها نا أبو بكر أحمد بن يوسف بن خلاد نا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المهوي نا بشر بن مهران الفراء أنا شريك عن الأعمش عن زيد بن وهب عن حذيفة قال: قال رسول الله: من أحب أن يحي حياتي ويموت موتي ...ولیتول علي بن أبي طالب بعدي.

روایات مسلم بن صبيح ت100:

المستدرك 160/3 حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين بن مصلح الفقيه بالري ثنا محمد بن أيوب ثنا يحيى بن المغيرة السعدي ثنا جرير بن عبد الحميد عن الحسن بن عبد الله النخعي عن مسلم بن صبيح عن زيد بن أرقم رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وأهل بيتي وإنهما لن يتفرقا حتى یردا علي الحوض هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

المستدرك 197/3 حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه ثنا أبومسلم إبراهيم بن عبد الله ثنا حجاج بن نصیر ثنا قرة بن خالد ثنا عامر بن عبد الواحد عن أبي الضحى عن بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: ما كنا نشك وأهل البيت متوافرون أن الحسين بن علي يقتل بالطف.

ص: 454

الفصل الرابع : حركة الأئمة من ذرية الحسين عليهم السلام

أهل البيت علیهم السلام يعرضون على الأمة من جديد :

بانتشار حديث الغدير وحديث الثقلين وحديث المباهلة وحديث الكساء وغيرها

من الأحاديث النبوية الصحيحة في اهل البيت.

عرفت الأجيال الجديدة من الامة موقع اهل البيت في الاسلام وانهم امتداد رسالي للنبي وائمة هدى وحجج على الناس، وتحرك الناس لموالاتهم واتجهوا عمليا نحو ذرية الحسن والحسين بصفتهم البقية الباقية عمليا من ذرية النبي صل الله علیه و اله من ابنته الزهراء علیها السلام ولم يكن انذاك غير شخصيتين بارزتين هما: الحسن المثنى بن الحسن بن علي، وعلي بن الحسين بن علي، وكلاهما كان بقية ملحمة کربلاء، ارتث الاول واخذه أخواله فنجا من القتل، ومرض علي بن الحسين عليه السلام قبل المعركة بالذرب،(1) فتعذر عليه ان يقاتل وصار العدو يرثي لحاله، لشدة مرضه، وبذلك أنجاه الله تعالى من القتل.

ص: 455


1- الذرب: وهوالاسهال

وكانت ذرية الحسن عليه السلام من الحسن المثنى، من ولده: عبد الله المحض وابراهيم الغمروالحسن المثلث و داود وجعفر، و من زید من ولده: الحسن (1)

وكانت ذرية الحسين علیه السلام من علي بن الحسين علیه السلام، من ستة من ولده وهم: محمدالباقر عليه السلام وعبد الله الباهر وعمر الاشرف وزيد والحسين الأصغر وعلي

ص: 456


1- قال السيد علي بن محمد العلوي العمري النسابة في المجدي من أعلام القرن الخامس في انساب الطالبيين /202 العقب من ولد الحسن بن علي من اربعة رجال وهم الحسن وزید وعمر والحسين الأثرم، انقرض اثنان وهما عمر والحسين. وقال في ص 203: وما وجدت انا لزيد بن الحسن الا بنتا واما محمد الحسن الذي منه عقبه وهم سبعة رجال وهم القاسم وعلي واسماعيل وابراهيم وزید وعبد الله واسحاق

ذرية الحسن بن علي عليه السلام

اشارة

من المفيد جدا أن نورد ترجمة لكل من الحسن بن الحسن وزيد بن الحسن.

الحسن المثنى بن الحسن علیه السلام :

اورد العلامة الأبطحي في موسوعته الرجالية(1) ترجمة وافية للحسن المثنى نورداکثرها فيما يلي، قال:

أبو محمد الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب علیه السلام، أمه خولة بنت منظور الفزازية، ذكرها بنسبها مع قصة تزويج الامام الحسن السبط علیه السلام بها أرباب السير والتراجم والنسب(2)

قال المفيد (3). وأما الحسن عليه السلام فكان جليلا، رئيسا، فاضلا، ورعا، وكان يلي صدقات أمير المؤمنين علیه السلام في وقته.. ومضى الحسن بن الحسن علیه السلام ولم يدع الامامة، ولا إدعاها له مدع كما وصفناه من حال أخيه زيد رحمه الله.

وقال ابن زهرة الحسيني في غاية الاختصار (58): وأما الحسن المثني الجليل أمه

ص: 457


1- تهذيب المقال - السيد محمد على الأبطحی ج 2 ص 301
2- منهم الشيخ المفيد في الارشاد، وابن عنبة في عمدة الطالب، والبخاري في سر السلسلة، وابن زهرة في غاية الاختصار، وابن عساكر في تاريخ دمشق، وابن سعد في الطبقات ج 315/5
3- الارشاد ج 2 ص 25

خولة بنت منظور.... وكان الحسن المثنى من رواة الحديث في الفقه وغيره، روی عنه أصحابنا والعامة بطرقهم. وروي عن أبيه الامام أبي محمد الحسن علیه السلام(1)

وروى الحسن المثني عن فاطمة بنت الحسين عليها السلام، وعبد الله بن جعفر،وجماعة. روى عنه أبنه عبدالله، وابن عمه الحسن بن محمد ابن الحنفية، وابراهيم بن الحسن، وسهل بن أبي صالح، وحنان بن سدير الكوفي، وجماعة ذكره ابن عساکر وابن حجر.

وقد روى ابن عساکر وغيره أخبارا مكذوبة مفتعلة موضوعة مما نسب إليه كما وضع الكذابون أخبارا فيما ينافي مذهب أهل البيت علیهم السلام ثم نسبوها بأئمة أهل البيت علیهم السلام مما لا يخفى على المتتبع في أخبارهم ولا يسع المقام لتحقيق ذلك.

ذكر المؤرخون وأصحاب السير والحديث والانساب وغيرهم (2): أن الحسن بن الحسن أبا محمد حضر مع عمه الحسين عليه السلام يوم الطف وشهد المعركة، وواسی عمه في الصبر على السيوف والرماح حتى أثخن بالجراح ووقع على الأرض بين القتلى، و كان به رمق فبرء. وهم بين من ذكر أنه أسر مع السبايا وحمل معهم(3) ، وبين من ذكر أنه انتزع منهم ولم يحمل معهم، وبين من أهمل ذلك واتفقوا على أنه بری ولحق بالمدينة وعاش مدة.

قال أبو الفرج(4) : وحمل أهله علیه السلام أسرى وفيهم عمرو وزيد والحسن بنوالحسن بن علي بن أبي طالب علیه السلام ، و كان الحسن بن الحسن بن علي قد أرتث جريحا فحمل معهم..

ص: 458


1- قال الأبطحي ذكره ابن عساكر في التاريخ، وابن حجر في تهذيب التهذيب ج 262/2 والذهبي في سير أعلام النبلاء ج 164/3 وغيرهم. وروى الصدوق (رحمة الله علیه) في الخصال ج 94/2 باب (16) باسناده عنه علیه السلام في حق العالم. وروی الاربلي في كشف الغمة ج 175/2 عن الحسن المثني عن أبيه علیه السلام قال قال رسول الله صل الله علیه واله : ان من واجب المغفرة إدخالک السرور على أخيك المسلم. ورواه بطريق آخر عنه علیه السلام في ج 203/2 . وقد ذكرناه في طبقات أصحاب أبيه علیه السلام، وأصحاب عمه الحسين علیه السلام ، وأصحاب السجاد علیه السلام
2- انفرد ابومخنف من بين الرواة واصحاب السير حین ذکران الحسن بن الحسن يوم الطف كان طفلا
3- قال ابو مخنف :واستصغر الحسن بن الحسن فلم يقتل. الطبري 359/4
4- في مقاتل الطالبيين /79

وقال الشيخ المفيد.(1) وكان الحسن بن الحسن عليه السلام حضر مع عمه الحسين عليه السلام الطف. فلما قتل الحسين علیه السلام وأسر الباقون من أهله، جاءه أسماء بن خارجة فانتزعه من بين الاساری، وقال: والله لا يصل إلى ابن خولة أبدا، فقال عمر بن سعد: دعوا لابي حسان ابن أخته. ويقال: انه أسر، وكان به جراح قد أشفي منه...

وقال ابن عنبة (2). وكان الحسن بن الحسن علیه السلام شهد الطف مع عمه الحسين علیه السلام وأثخن بالجراح، فلما أرادوا أخذ الرؤوس وجدوا به رمقا، فقال اسماء بن خارجة بن عيينة بن خضر بن حذيفة بن بدر الفزاري: دعوه لي فان وهبه الامير عبيد الله بن زیاد (لعنه الله) لي، والا رأي رأيه فيه، فتركوه له فحمله إلى الكوفة، وحكوا ذلك لعبيد الله بن زیاد، فقال: دعوا لابي حسان ابن أخته، وعالجه اسماء حتى برئ، ثم لحق بالمدينة.

وقال السيد ابن طاووس صاحب اللهوف: كان الحسن بن الحسن المثني قد واسی عمه في الصبر على السيوف، وطعن الرماح، وكان قد نقل من المعركة وقد أثخن بالجراح و به رمق فبرء...

وقال ابن حمزة الحسيني النقيب في غاية الاختصار (59): وشهد الحسن بن الحسن

الطف مع عمه الحسين عليه السلام فأفلت...

وقال الذهبي (3): ولم يفلت من أهل بيت الحسين عليه السلام سوى ولده علي الاصغر،فالحسينية من ذريته، وكان مريضا، وحسن بن حسن بن علي علیه السلام وله ذرية

قال المفيد (4): روي أن الحسن بن الحسن عليه السلام خطب إلى عمه الحسين عليه السلام احدی ابنتيه فقال له الحسين علیه السلام :اختر یا بني أحبهما إليك، فاستحي الحسن ولم يحر جوابا،

ص: 459


1- الارشاد ج 2 ص 25
2- عمدة الطالب /100
3- سیر اعلام النبلاء ج 203/3
4- في الارشاد ج 3 ص 25

فقال له الحسين علیه السلام : فاني قد اخترت لك ابنتي فاطمة، فهي أكثرهما شبها بأمي فاطمة بنت رسول الله صل الله علیه و اله(1)

وكان الحسن المثنى رضی الله عنه يتولى صدقات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام في عصره، وكان تولی صدقاته وصدقات فاطمة الزهراء سلام الله عليها ايضا من بعد علي علیه السلام للحسن ثم للحسين ثم من بعده لاكبر ولدها إذا كان يرضى بهديه واسلامه وامانته كما في أخبارها. وقد ذكره أصحابنا وجمهور المخالفين بتولي صدقاته علیه السلام(2) وكان توليه الصدقات أيام عبدالملك بن مروان كما صرحوا بذلك.

قال المفيد(3) باسناده عن عبدالملك بن عبد العزيز قال: لما ولي عبدالملك بن مروان الخلافة رد إلى علي بن الحسين عليهما السلام صدقات رسول الله صل الله علیه و اله وصدقات علي بن أبي طالب علیه السلام

ص: 460


1- قال الأبطحي ورواه نحوه ابن زهرة الحسيني في (غاية الاختصار) (41) وفيه: فهي أكبرهما سناواكثرهما شبها الخ. وفي عمدة الطالب (ص 99) نحوه مع تفاوت يسير. وقال البخاري في سر السلسلة (ص 6): خطب الحسن بن الحسن ابن علي علیه السلام إلى عمه الحسين علیه السلام إحدى بناته فأبرز إليه فاطمة وسكينة وقال يا بن اخي اختر أيتهما شئت، فاختار فاطمة بنت الحسين علیه السلام ، وكانت أشبه الناس بفاطمة بنت رسول الله صل الله علیه واله فزوجه.. واشار إلى قوله هذا ابن عنبة في العمدة. وقال في غاية الاختصار (41): و كان الحسن بن الحسن عليه السلام خطب إلى عمه الحسين عليه السلام فقال الحسين علیه السلام: يا بن أخي قد كنت انتظر هذا منك انطلق معي، فجاء به حتى أدخله منزله، فخيره في ابنتيه فاطمة وسكينة، فاختار فاطمة، فزوجه إياها. قال المؤلف: وفي التبيين في انساب القرشيين (تاليف المقدسي ت 620 هجرية /106): ان الحسن بن الحسن لما توفي أبوه اخذه عمه الحسين إلى منزله فاخرج له ابنتيه فاطمة وسكينة فاختار فاطمة وزوجه اياها.
2- كما في ارشاد الشيخ المفيد، وغاية الاختصار لابن زهرة، وعمدة الطالب، وأنساب الاشراف لاحمد بن يحي البلاذري (ج 1 ق 226/1)، و تاریخ ابن عساکر ج 106/11 و تهذيب التهذيب ج 263/2
3- في الارشاد ج 2 ص 149

قال ابن عنبة(1) . وكان الحسن بن الحسن يتولى صدقات امير المؤمنين علي علیه السلام ، ونازعه فيها زین العابدين علي بن الحسين عليه السلام، ثم سلمها له.

قال الأبطحي: الظاهر أن ما ذكره في عمدة الطالب غير صحيح، فان الولي لها شرعا حسب وقف اربابها هو علي بن الحسين علیه السلام، كما أن الحكومة الخارجية أثبتتها وأرجعتها إليه كما صرحوا بذلك، ولعله كان بأمره وإذنه علیه السلام تفضلا منه.

وروى الكليني(2) في باب النص على أبي جعفر علیه السلام بطرق فيها الحسن کالصحیح وغيره عن أبي عبدالله عليه السلام يقول: أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى ابن حزم (واليه على القضاء بالمدينة) أن يرسل إليه بصدقة علي علیه السلام وعمر وعثمان، وابن حزم بعث إلى زيد بن الحسن و كان أكبرهم، فسأله عن الصدقة؟ فقال زيد: ان الوالي كان بعد علي علیه السلام الحسن، وبعد الحسن الحسين وبعد الحسين علي بن الحسين وبعد علي بن الحسين محمد بن علي فابعث إليه...

ولما ولى عبد الملك الحجاج بن يوسف على مكة والمدينة واليمن، واتصل به عمر بن علي علیه السلام فسأله أن يدخله في صدقات امير المؤمنين علیه السلام، فقال الحسن: لا أغير شرط علي علیه السلام ولا أدخل فيها من لم يدخل، فقال له الحجاج: إذا أدخله أنا معك، فتوجه الحسن إلى عبد الملك بالشام ودخل عليه فأخبره بقول الحجاج، فقال :ليس له ذلك، وكتب إلى الحجاج كتابا في ذلك.

وروى ابن عساکر بسنده عن الزبير بن بکار قال: وكان الحسن بن الحسن وصي أبيه وولي صدقة علي بن أبي طالب في عصره وكان الحجاج بن يوسف قال له يوما وهو يسايره في موكبه بالمدينة (وحجاج يومئذ أمير المدينة): أدخل عمك عمر بن علي معك في صدقة علي فإنه عمك وبقية أهلك، قال : لا أغير شرط علي ولا أدخل فيها من

ص: 461


1- في عمدة الطالب /99
2- اصول الكافي ج 305/1

لم يدخل، قال إذا أدخله معك، فنکص عنه الحسن حين غفل الحجاج، ثم كان وجهه إلى عبد الملك حتى قدم عليه، فوقف ببابه يطلب الإذن، فمر به يحي بن الحكم، فلما رآه يحي عدل إليه فسلم عليه وسأله عن مقدمه وخبره وتحفي به، ثم قال : إني سأنفعك عند أمير المؤمنين (يعني عبد الملك) فدخل الحسن على عبد الملك فرحب به وأحسن مساءلته (وكان الحسن بن الحسن قد أسرع إليه الشيب) فقال له عبد الملك :لقد أسرع إليك الشيب؟ (ويحي بن الحكم في المجلس) فقال له يحي: وما يمنعه يا أمير المؤمنين شيبه أماني أهل العراق؟ كل عام يقدم عليه ركب يمنونه الخلافة، فأقبل عليه الحسن بن الحسن فقال بئس والله الرفد رفدت وليس كما قلت ولكنا أهل بيت يسرع إلينا الشيب وعبد الملك يسمع، فأقبل عليه عبد الملك، فقال :هلم ما قدمت له فأخبره بقول الحجاج، فقال ليس ذلك له اكتبوا له كتابا لا يجاوزه، فوصله و كتب له فلما خرج من عنده لقيه يحي بن الحكم فعاتبه الحسن على سوء محضره وقال ما هذا الذي وعدتني، فقال له يحي : إيها عنك !والله لا يزال يهابك ولولا هيبته إياك ما قضى لك حاجة وما ألوتك رفدا(1)

قال الأبطحي: يظهر من ذلك عدم صحة ما نسب إليه في دعوى الإمامة ولذلك سعي

عليه كذبا إلى عبد الملك بن مروان و ولید بن عبدالملك.

قال ابن عنبة عند ذكر الحسن بن الحسن علیه السلام(2) . وكان عبد الرحمان بن الأشعث قددعا إليه وبايعه، فلما قتل عبد الرحمان توارى الحسن...

وقيل لعبد الملك : أن أهل العراق يدعونه إلى الخروج معهم عليك، فعاتب الحسن بن الحسن عليه السلام، فجعل يعتذر إليه ويحلف له، فكلمه خالد بن یزید بن معاوية في قبول

عذره(3)

ص: 462


1- تاریخ دمشق ابن عساکر ترجمة الحسن بن الحسن
2- في عمدة الطالب /100
3- الاغاني لأبي الفرج 15/13

ولما أمره هشام بن اسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة والي عبدالملك على المدينة أن يشتم آل علي عليا عليه السلام وآل الزبير عبدالله بن الزبير، وأبوا جميعا وكتبوا وصاياهم، فأمر الوالي بارشاد أخته أن يشتم آل علي آل الزبير وآل الزبير آل علي، فكان الحسن بن الحسن عليه السلام أول من أقيم إلى جانب المنبر، و كان رجلا رقيق البشرة عليه يومئذ قميص کتان رقيق فأمره هشام بسب آل الزبير فامتنع، وقال: أن لال الزبير رحما، یا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار؟ فأمر هشام حرسيا عنده آن اضربه فضربه سوطا واحدا من فوق قميصه فخلص إلى جلده فسرحه حتی سال دمه تحت قدمه في المرمر(1) .

وقيل لولید بن عبدالملك: أن الحسن بن الحسن علیه السلام يكاتب أهل العراق، فكتب إلى عامله بالمدينة عثمان بن حيان المري: انظر الحسن بن الحسن عليه السلام فاجلده مائة ضربة، وقفه للناس يوما، ولا أراني إلا قاتله، فجيء بالحسن والخصوم بين يديه، فقام إليه علي بن الحسين علیه السلام فقال: أخي تكلم بكلمات الفرج يفرج الله عنك : " لا إله إلا الله الحكيم الكريم سبحان الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين "، فلما قالها انفرجت فرجة من الخصوم، فرآه عثمان فقال: أرى وجه رجل قد إفتريت عليه كذبة خلوا سبيله وأنا كاتب إلى أمير المؤمنين بعذره فان الشاهد يرى مالا يراه الغائب، وقيل: ان والي المدينة كان يومئذ هشام بن اسماعيل (2)

قال المفيد (3): وقبض الحسن بن الحسن عليه السلام وله خمس وثلاثون سنة رحمه الله

وأخوه زید بن الحسن حي، ووصى إلى أخيه من امه ابراهيم بن محمد بن طلحة.

وروى ابن عساكر في تاريخ دمشق ج 110/11 باسناده عن مصعب قال: وتوفي

الحسن بن الحسن فأوصى إلى إبراهيم بن محمد بن طلحة وهوأخوه لامه

ص: 463


1- ذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق ج 108/11
2- ذكره ابن عساكر في ترجمته ج 107/11 ورواه نحوه بطريق آخر لكن فيها: أن الوالي كان هشام بن اسماعيل. ورواه النسائي في كلمات الفرج كما في تهذيب التهذيب.
3- في الارشاد /197

وقال في عمدة الطالب (100): دس إليه الولید بن عبدالملك من سقاه سما، فمات وعمره إذ ذاك خمس وثلاثون سنة، وكان يشبه برسول الله صل الله علیه و اله

قال الأبطحی: انه رضی الله عنه ادرك أباه علیه السلام وروى عنه، ولا تصح روايته عنه الا إذا كان له من العمر ما يصح في مثله الرواية، وقد مضى أبوه الامام السبط أبو محمد الحسن علیه السلام شهيدا في صفر سنة خمسين كما صرح بذلك المفيد في الارشاد وابن عنبة في عمدة الطالب(1). وقد حضر مع عمه کربلا سنة 61. وعانده الحجاج أیام امارته على الحجاز سنة 73 أو بعدها في توليه الصدقات، وفي تشييع جنازة جابر الأنصاري الصحابي ودخوله قبره سنة 78 قبل دخول عبدالملك المدينة وعزله الحجاج عن الحجاز. وروی عن الحسن المثنى الحسن المثلث ابنه المولود سنة 77 على ما يأتي، ولا تصح روايته الا بعد سنين من ولادته. وفي سنة 85 أوما يقاربها اقيم بأمر هشام بن اسماعيل والى المدينة إلى جانب منبر مسجد النبي صل الله علیه و اله وأمره بسبب الزبير فامتنع فضرب بسوط حتى سال الدم تحت قدمه في المرمر كما تقدم، ولعل ذلك كان حين ما أمر عبدالملك واليه بأخذ البيعة من الناس عند عقده العهدمن بعده لولده وعند ذلك ضرب سعید بن المسيب ستين سوطا وصمم. ذكره اليافعي في سنة 85، وبويع لولید بن عبدالملك سنة 86 وكتب إلى عثمان بن حیان عامله بالمدينة أن أجلد الحسن بن الحسن علیه السلام مائة ضربة وقفه للناس يوما ولا أراني الا قاتله (الحديث كما تقدم)، ولعله لذلك ذكر في العمدة كما تقدم: آن الولید دس من سقاه سما. وقال في تهذيب التهذيب ج 263/3 في ترجمته: قرأت بخط الذهبي : مات سنة 97. قال: فان صح ذلك فهذا في ايام سلیمان بن عبدالملك فقد مات الولید سنة 96. وقد ظهر من ذلك كله ان ما في الارشاد وعمدة الطالب في مدة عمر الحسن بن الحسن عليه السلام غير مستقيم ولعله كان فيهما تصحيفا من النساخ.

ص: 464


1- قال الأبطحي وفيه أقوال أخر: سنة 44 أو 49 أو 51 أو 56 أو 58 أو 59

قال الشيخ المفيد: ومضى الحسن بن الحسن ولم يدع الامامة ولا ادعاها له مدع كماوصفناه في حال أخيه زيد رحمه الله (1)

أقول: وأعقب الحسن المثنى من خمسة رجال: عبد الله المحض، وابراهيم الغمر، والحسن المثلث، وأمهم فاطمة بنت الحسين بن علي، ومن داود، وجعفر، وأمهما أم ولد رومية تدعى جيبة(2) فعقبه خمسة أسباط (3)

زيد بن الحسن بن علي علیه السلام:

قال ابن عنبة: و كان زيد يكنى أبالحسين، وقال الموضح النسابة: أبا الحسن، وكان يتولى صدقات رسول الله صل الله علیه و اله وتخلف عن عمه الحسين فلم يخرج معه إلى العراق، وبايع بعد قتل عمه الحسين عبد الله بن الزبير لان اخته لامه وأبيه كانت تحت عبد الله ابن الزبير. قاله أبو النصر البخاري. فلما قتل عبد الله أخذ زيد بيد أخته ورجع إلى المدينة وله في ذلك مع الحجاج قصة، و كان زيد بن الحسن جوادا ممدوحا، عاش مائة سنة، وقيل خمسا وتسعين، وقيل تسعين، ومات بين مكة والمدينة بموضع يقال له: حاجر وأم زيد فاطمة بنت أبي مسعود

قال الشيخ المفيد: زید بن الحسن رضی الله عنه فكان على صدقات رسول الله صل الله علیه و اله وأسن وكان جلیل القدر کریم الطبع كثير البر، ومدحه الشعراء وقصده الناس من الآفاق لطلب فضله.

فذكر أصحاب السيرة: أن زید بن الحسن کان یلي صدقات رسول الله صل الله علیه و اله ، فلما ولي سليمان بن عبد الملك كتب إلى عامله بالمدينة: أما بعد فإذا جاءك كتابي هذا، فاعزل

ص: 465


1- الارشاد 26/2
2- وهي التي علمها الامام الصادق علیه السلام الدعاء المعروف بدعاء أم داوود و کان به خلاص ابنها داود من الحبس
3- عمدة الطالب - ابن عنبة ص 101

زيدا عن صدقات رسول الله صل الله علیه و اله وادفعها إلى فلان ابن فلان - رجل من قومه - وأعنه على ما استعانك عليه، والسلام.

فلما استخلف عمر بن عبد العزيز إذا كتاب قد جاء منه: أما بعد فإن زید بن الحسن شریف بني هاشم وذوسنهم، فإذا جاءك كتابي هذا، فاردد إليه صدقات رسول الله صل الله علیه و اله واعنه على ما استعانك عليه، والسلام.

وفي زید بن الحسن يقول محمد بن بشير الخارجي:

إذا نزل ابن المصطفى بطن تلعة(1)*** نفی جدبها واخضر بالنيت عودها

وزید ربيع الناس في كل شتوة*** إذا أخلفت أنواؤها(2) ورعودها

وروى ابن عساكر عن ابن وهب حدثني يعقوب بن عبد الرحمن الزهري قال: بلغني أن الولید بن عبد الملك كتب إلى زيد بن حسن بن علي يسأله أن يبايع لعبد العزيز بن الوليد ويخلع سليمان بن عبد الملك ففرق زید بن الحسن من الوليد فأجابه، فلما استخلف سليمان وجد کتاب زید بن حسن إلى الوليد بذلك، فكتب إلى أبي بكر بن حزم (وهو أمير المدينة) ادع زید بن حسن وأقرءه هذا الكتاب فإن عرفه فاكتب إلي بذلك، وإن هونکل فقدمه فاصبر يمينه على منبر رسول الله صل الله علیه و اله ما كتب بهذا الكتاب ولا أمر به.

قال : فأرسل إليه أبو بكر بن حزم، فأقرأه الكتاب.

فقال : أنظرني ما بيني وبين العشاء أستخير الله عز وجل.

قال : فأرسل زید بن حسن إلى القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله يستشيرهما في ذلك، قال فأقاما ربيعة معهما، فذكر لهما ذلك وقال لهما : إني لم أكن آمن الوليد على دمي لولم أجبه، فقد كتبت هذا الكتاب فيرون أن أحلف، فقالوا: لا تحلف ولا تبارز الله عند

ص: 466


1- التلعة: مسيل ماء من أعلى الأرض إلى بطن الوادي.
2- الانواء: جمع نوء، وهوسقوط نجم وطلوع نجم، و كانت العرب تنسب المطر إلى الأنواء، فتقول: مطرنا بنو كذا

منبر رسول الله صل الله علیه و اله ، فإنا نرجو أن ينجيك الله بالصدق، فأقر بالكتاب ولم يحلف، فكتب بذلك أبوبكر، فكتب سليمان إلى أبي بكر أن يضربه مائة سوط ويدر عنه عباءة ويمشيه حافيا.

قال: فحبس عمر بن عبد العزيز الرسول في غسل سليمان وقال : لا تخرج حتى أكلم

أمير المؤمنين فيما كتب في زید بن حسن العلي، أستطيب نفسه فيترك هذا الكتاب.

قال : فجلس الرسول ومرض سليمان، فقال للرسول :لا تخرج فإن أمير المؤمنين مریض، قال : إلى أن رمي في جنازة سليمان وأفضى الأمر إلى عمر بن عبد العزيز فدعی

بالكتاب فحرقه (1)

قال ابن عنبة: وكان لزید ابنة اسمها نفيسة خرجت إلى الولید بن عبد الملك بن مروان فولدت منه، ماتت بمصر ولها هناك قبر یزار " وهي التي تسميها أهل مصر (الست نفيسة) ويعظمون شأنها ويقسمون بها، وقد قيل إن صاحبة القبر بمصر نفيسة بنت الحسن بن زید، وإنها كانت تحت اسحاق بن جعفر الصادق.

توفي زيد بالبطحاء على ستة أميال من المدينة سنة 120 وله تسعون سنةوحمل إلى البقيع، فرثاه جماعة من الشعراء وذكروا مآثره ويحكوا فضله، فممن رثاه قدامة بن موسی الجمحي فقال:

فإن يك زيد غالت الارض شخصه*** فقد بان معروف هناك وجود

وإن يك أمسي رهن رمس فقد ثوى*** به وهو محمود الفعال فقید

سميع إلى المعتر يعلم أنه*** سيطلبه المعروف ثم يعود

وليس بقوال وقد حط رحله*** لملتمس المعروف أين تريد؟

إذا قصر الوغد الديني نما به*** إلى المجد آباء له وجدود

مباذيل للمولى محاشيد للقرى*** وفي الروع عند النائبات أسود

ص: 467


1- تاریخ مدينة دمشق - ابن عساکر ج 19 ص 379

إذا انتحل العز الطريف فإنهم*** لهم إرث مجد ما يرام تليد

إذا مات منهم سيد قام سید*** کریم يبني بعده ويشيد

والعقب منه في ابنه الحسن بن زید، ويكنى أبا محمد، كان أمير المدينة من قبل المنصور الدوانیقي وعمل له على غير المدينة، ايضا وكان مظاهرا لبني العباس على بني عمه الحسن المثنى، وهو أول من لبس السواد من العلويين وبلغ من السن ثمانين سنة، وتوفي - على ما قال ابن الخداع - بالحجاز سنة ثمان وستين ومائة وأدرك زمن الرشید، ولا عقب لزيد إلا منه.

أعقب الحسن بن زید بن الحسن من سبعة رجال وهم القاسم وعلي واسماعيل وابراهيم وزید وعبد الله واسحاق (1)

قال الشيخ المفيد رحمه الله: وخرج زید بن الحسن رضی الله عنه من الدنيا ولم يدع الامامة،ولا ادعاها له مدع من الشيعة ولا غيرهم، وذلك أن الشيعة رجلان: إمامي وزيدي.

فالإمامي يعتمد في الامامة النصوص، وهي معدومة في ولد الحسن عليه السلام باتفاق، ولم

يدع ذلك أحد منهم لنفسه فيقع فيه ارتياب.

والزيدي يراعي في الامامة بعد علي والحسن والحسين عليهم السلام الدعوة والجهاد، وزید بن الحسن رحمة الله عليه كان مسالما لبني أمية و متقلدا من قبلهم الأعمال، وكان رأيه التقية لاعدائه والتألف لهم والمداراة، وهذا يضاد عند الزيدية علامات الامامة كما

حكيناه(2)

ص: 468


1- انظر المجدي في انساب الطالبيين للسيد علي بن محمد العلوي العمري النسابة أعلام القرن الخامس /202، وايضا عمدة الطالب
2- الارشاد - الشيخ المفيد ج 2 ص 20

ذرية الحسين عليه السلام

علي بن الحسين علیه السلام :

على بن الحسين، المعروف بزین العابدين وأيضا بالسجاد علیه السلام. وذرية الحسين منه، وقد سجلت له كتب التراجم السنية سيرة عبقة متميزة في الورع والعبادة والعلم. كما سجلت لولده الباقر علیه السلام وحفيده الصادق علیه السلام السيرة نفسها.

قال جمال الدين في عمدة الطالب عن کتاب مناقب بني هاشم للجاحظ انه قال في حق زین العابدين علي بن الحسين علیه السلام ما نصه: واما علي بن الحسين بن علي فلم أر الخارجي في امره الا كالشيعي ولم أر الشيعي الا كالمعتزلي، ولم أر المعتزلي الا كالعامي ولم أر العامي الا كالخاصي، ولم اجد احدا يتماري في تفضيله ويشك في تقديمه(1)

قال ابن حجر: علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي زين العابدین ثقة ثبت عابد فقیه فاضل مشهور (2)

وقال أبو بكر بن البرقي :ونسل الحسين بن علي كله من قبل علي الأصغر وأمه أم

ولد و كان أفضل أهل زمانه (3)

ص: 469


1- مناهل الضرب للاعرجي ص 388
2- تقريب التهذيب
3- تهذيب الكمال

وقال ابن حبان: علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أبوالحسن، من فقهاء أهل البيت (1)

روی ابن عساكر عن الزهري قال : كان علي بن الحسين من أفضل أهل بيته وأفقههم وأحسنهم طاعة وأحبهم إلى مروان بن عبد الحكم وعبد الملك بن مروان (2)

وروي عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال:لم أدرك من أهل البيت أفضل من

علي بن الحسين.

وروي عن زيد بن أسلم قال ما جالست في أهل القبلة مثله (يعني علي بن الحسين)(3)

وروي عن أبي حازم انه كان يقول: ما رأيت هاشميا أفضل من علي بن الحسين (4)

وروي عن مالك أنه قال : لم يكن في أهل بیت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مثل

علي بن الحسين (5)

وقال ابن سعد: كان علي بن حسين ثقة مأمونا كثير الحديث عاليا رفيعا ورعا. وهو عند يحيى بن سعيد الأنصاري: أفضل هاشمي رآه بالمدينة(6)

وهو عند سعید بن المسيب: أورع من رآه.

وقال مصعب بن عبد الله الزبيري عن مالك : ولقد أحرم علي بن الحسين، فلما أراد أن يقول : لبيك إقالها فأغمي عليه حتى سقط من ناقته، فهشم، ولقد بلغني أنه كان يصلي في كل يوم وليلة ألف ركعة إلى أن مات وكان يسمى بالمدينة زين العابدین لعبادته.

ص: 470


1- مشاهير علماء الأمصار 63/1
2- تاریخ مدينة دمشق - ابن عساکر ج 14 ص 371
3- تاريخ مدينة دمشق - ابن عساکر ج 14 ص 373
4- تاريخ مدينة دمشق - ابن عساکر ج 14 ص 373
5- تاريخ مدينة دمشق - ابن عساکر ج 14 ص 373
6- تهذيب الكمال. ترجمة علي بن الحسين بن ابي طالب.

وقال سفيان بن عيينة عن أبي حمزة الثمالي: أن علي بن الحسين كان يحمل الخبز بالليل على ظهره يتتبع المساكين في ظلمة الليل ويقول: إن الصدقة في سواد الليل تطفئ غضب الرب(1)

وقال جرير بن عبد الحميد عن عمرو بن ثابت: لما مات علي بن الحسين وجدوا بظهره أثرا، فسألوا عنه؟ فقالوا: هذا مما كان ينقل الجرب بالليل على ظهره إلى منازل الأرامل.

وقال محمد بن زكريا الغلابي حدثنا عبيد الله بن محمد بن عائشة قال: حدثني أبي وغيره أن هشام بن عبد الملك حج في خلافة عبد الملك أو الوليد، فطاف بالبيت وأراد أن يستلم الحجر فلم يقدر عليه من الزحام، فنصب له منبر،فجلس عليه وأطاف به أهل الشام فبينا، هو كذلك إذ أقبل علي بن الحسين عليه إزار ورداء، أحسن الناس وجها وأطيبهم رائحة بين عينيه سجادة كأنها ركبة عنز فجعل يطوف بالبيت، فإذا بلغ إلى موضع الحجر تنحى له الناس عنه حتى يستلمه هيبة له وإجلالا، فغاظ ذلك هشاما، فقال رجل من أهل الشام لهشام : من هذا الذي قد هابه الناس هذه الهيبة فأفرجوا له عن الحجر؟ فقال هشام: لا أعرفه، (لئلا يرغب فيه أهل الشام) فقال الفرزدق (وكان حاضرا): ولكني أعرفه، فقال الشامي من هو یا أبا فراس؟ فقال الفرزدق: قصيدته المشهورة (2)

ص: 471


1- تاریخ الاسلام للذهبي 433/7 /حلية الاولياء 135/3، صفوة الصفوة 96/2
2- تاریخ دمشق ج 1 ص 401. ومنها قوله: هذا الذي تعرف البطحاء وطأته*** والبيت يعرفه والحل والحرم هذا بن خير عباد الله كلهم*** هذا التقي النقي الطاهر العلم إذا رأته قريش قال قائلها*** إلى مكارم هذا ينتهي الكرم مشتقة من رسول الله نبعته*** طابت عناصره والخيم والشيم ینجاب نور الهدى عن نور غرته*** كالشمس ینجاب عن إشراقها العتم حمال أثقال أقوام إذا فدحوا*** حلو الشمائل تحلو عنده نعم هذا بن فاطمة إن كنت جاهله*** بجده أنبياء الله قد ختموا وغضب هشام وأمر بحبس الفرزدق، فحبس بعسفان بين مكة والمدينة، فبلغ ذلك علي بن الحسين فبعث إلى الفرزدق باثني عشر ألف درهم، وقال :اعذر أبا فراس إفلو كان عندنا أكثر منها لوصلناك بها، فردها وقال : يا بن رسول الله ما قلت الذي قلت إلا غضبا لله ولرسوله وما كنت لأرزأ عليه شيئا،فردها إليه وقال بحقي عليك لما قبلتها، فقد رأى الله مكانك و علم نیتك، فقبلها.
محمد الباقرعلیه السلام :

اما عن ولده محمد الباقرعلیه السلام:

فقد قال الذهبي فيه: أبو جعفر الباقر محمد بن علي بن الحسين، الإمام الثبت الهاشمي العلوي المدني، أحد الأعلام. وكان سيد بني هاشم في زمانه، اشتهر بالباقر من قولهم بقر العلم يعني شقه فعلم أصله و خفیه (1)

وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث.

وقال ابن البرقي: كان فقيها فاضلا.

وقال محمد بن المنكدر(2)ما رأيت أحدا يفضل على علي بن الحسين حتى رأيت ابنه محمدا.(3)

جعفر الصادق علیه السلام :

أما عن حفيده جعفر الصادق علیه السلام فقد قال ابن حجر فيه: جعفر بن محمد بن علي بن

الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي أبو عبد الله المعروف بالصادق، صدوق فقيه إمام.

ص: 472


1- تذکرة الحفاظ 124/1
2- قال بن حبان مشاهیر علماء الأمصار ص 107 : محمد بن المنكدر بن عبد الله القرشي أبو عبد الله وهم اخوة ثلاثة أبوبكر ومحمد وعمر وكان محمد من سادات قریش وعباد أهل المدينة وقراء التابعين،مات سنة ثلاثين ومائة وقد نيف على السبعين، وكان يصفر لحيته ورأسه بالحناء
3- سیر اعلام النبلاء ترجمة محمد بن علي.

قال إبراهيم بن محمد الرماني (أبو نجيح) سمعت حسن بن زیاد يقول : سمعت أبا حنيفة وسئل : من أفقه من رأيت؟ فقال: ما رأيت أحدا أفقه من جعفر بن محمد(1). لما أقدمه المنصور الحيرة بعث إلي، فقال: يا أبا حنيفة بان الناس قد فتنوا بجعفر بن محمد فهيء له من مسائلك تلك الصعاب، فقال: فهيأت له أربعين مسألة، ثم بعث إلي أبوجعفر، فأتيته بالحيرة، فدخلت عليه وجعفر جالس عن يمينه، فلما بصرت بهما دخلني لجعفر من الهيبة ما لم يدخلني لأبي جعفر فسلمت واذن لي أبو جعفر، فجلست، ثم التفت الي جعفر فقال : يا أبا عبد الله تعرف هذا؟ قال : نعم هذا أبو حنيفة، ثم أتبعها : قد أتانا، ثم قال : يا أبا

حنيفة اهات من مسائلك سل أبا عبد الله، فابتدأت أسأله، قال : فكان يقول في المسألة أنتم تقولون فيها كذا وكذا، وأهل المدينة يقولون كذا، ونحن نقول كذا، فربما تابعنا وربما تابع أهل المدينة وربما خالفنا جميعا حتى أتيت على أربعين مسألة ما أخرج منها مسألة ثم قال أبو حنيفة : أليس قد روينا أن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس(2)

تحرك هؤلاء الأئمة الثلاثة من ذرية الحسين علیه السلام في الأجواء التي صنعتها شهادة الحسين وظلامته، لا باتجاه تعريف الناس بتكليفهم إزاء السلطة الأموية الذي تبلور و تعمق بما فيه الكفاية، بل باتجاه أمرين آخرين كانا بحاجة إلى بلورة و تأسیس و هما:

البكاء على الحسين علیه السلام لا والحزن عليه:

1. البكاء على الحسين علیه السلام والحزن عليه كحالة لا تبرد بمرور الزمن، وسلوك يثاب عليه فاعله لبكاء النبي صل الله علیه و اله وبكاء الانبياء السابقين عليه، في قبال البكاء اوالحزن الذي يبرد بمرور الزمن لانه سلوك مبني على الانفعال العاطفي ليس إلا. وقد جسد الأئمة ذلك بقولهم وسلوكهم.

ص: 473


1- الكاشف للذهبي 295/1 تذكرة الحفاظ 166/1
2- الكامل في الضعفاء لابن عدي 131/2 . تهذيب الكمال 74/5

روى المزي قال أبو حمزة محمد بن يعقوب بن سوار عن جعفر بن محمد سئل علي بن الحسين عن كثرة بكائه؟ فقال : لا تلوموني فإن يعقوب فقد سبطا من ولده فبکی حتی ابيضت عيناه ولم يعلم أنه مات، ونظرت أنا إلى أربعة عشر رجلا من أهل بيتي ذبحوا في غداة واحدة فترون حزنهم يذهب من قلبي؟ أبدا(1)

وقال الباقر علیه السلام : كان ابي يقول: أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين علیه السلام دمعة حتى تسيل على خده بوأه الله بها في الجنة غرفا يسكنها أحقابا(2)

وقال ابوعمارة المنشد: ما ذكر الحسين علیه السلام عند أبي عبد الله جعفر بن محمدعلیه السلام في يوم قط فرأي أبو عبد الله ذلك اليوم مبتسما قط إلى الليل.

وروي عنه علیه السلام أنه كان يقول: ان البكاء والجزع مكروه للعبد في كل ما جزع، ما

خلا البكاء والجزع على الحسين علیه السلام فإنه فيه مأجور (3)

وروي عن الرضا علیه السلام قال: كان ابي إذا دخل المحرم لایری ضاحكا، حتى إذا كان

يوم العاشر كان ذلك يوم مصيبته وحزنه وبكائه(4)

نشر أحاديث علي علیه السلام عن النبي صل الله علیه و اله :

2. نشر أحاديث الجامعة وغيرها مما كتبه علي علیه السلام بيده وأملاه النبي صل الله علیه و اله من فلق فيه وكان الحسين علیه السلام قد أودع هذه الكتب عند ام سلمة قبل خروجه إلى مكة، ولما رجع علي بن الحسين سلمتها له ثم صارت الى الباقر عليه السلام دون اخوته بوصية خاصة من ابيه زین العابدین عليه السلام، ثم صارت الى الامام الصادق علیه السلام. و كان الصادق أكثر من توفرت له الفرصة والظرف المناسب لنشر احادیث النبي صل الله علیه و اله كما كتبها علي علیه السلام وذلك بعد سقوط

ص: 474


1- تهذيب الكمال ترجمة علي بن الحسين علیه السلام
2- کامل الزیارات /100
3- کامل الزیارات
4- أمالي الشيخ الصدوق 111

حکم بني أمية وبداية حكم بني العباس، حيث كانوا منشغلين بتثبيت ملكهم وسلطانهم، وكتب أصحاب الصادق عنه اربعمائة مصنف عرفت عند الشيعة بالاصول الأربعمائة التي اعتمدها المحمدون الثلاثة في تاليف موسوعاتهم الحديثية الأربعة المعروفة وهي الكافي لمحمد بن يعقوب الكليني (ت 329) ومن لا يحضره الفقيه لمحمد بن علي بن بابویه الصدوق (ت381) والتهذيب والاستبصار لمحمد بن الحسن الطوسي (ت 460)

حصة الكوفة من نشاط الائمة علیهم السلام :

اولى هؤلاء الأئمة الكوفة عناية خاصة بصفتها مركز الثقل لشيعتهم، واستطاعوا

ان يعيدوا البناء الشيعي فيها كما كان على عهد علي والحسن عليهم السلام، هذا البناء الذي عمل معاوية على محوه والقضاء عليه واستهدفه في جملة ما استهدفه من اهداف. وبسبب ذلك لم يتخذ العباسيون الكوفة عاصمة لهم لوضوح ولائها للحسنيين والحسينيين.

روی حنان بن سدير عن أبيه قال : دخلت أنا وأبي وجدي وعمي حماما بالمدينة، فإذا رجل في بيت المسلخ، فقال :لنا من القوم؟ فقلنا من أهل العراق، فقال : وأي العراق؟ قلنا کوفیون، فقال : مرحبا بكم يا أهل الكوفة، أنتم الشعار دون الدثار، فسألنا عنه؟ فإذا هو علي بن الحسين عليه السلام (1)

عن محمد الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام: ان الله عرض ولايتنا على اهل الأمصار فلم يقبلها الا اهل الكوفة(2)

وروي عن الصادق علیه السلام في فضل الكوفة قال: تربه تحبنا ونحبها.

وعن عبد الله بن الوليد قال: دخلنا على أبي عبد الله علیه السلام فسلمنا عليه وجلسنا بين يديه، فسألنا: من انتم؟ فقلنا: من اهل الكوفة. فقال: أما إنه ليس بلد من البلدان اکثر محبا لنا من أهل الكوفة ... إن الله هداكم لأمر جهله الناس، أحببتمونا وأبغضنا الناس

ص: 475


1- الوسائل ج 368/1 عن الكافي ورواه الصدوق (من لایحضره الفقيه118/1 ) ایضا.
2- کامل الزیارات ص 313، بصائر الدرجات ص 96

وصدقتموناو كذبنا الناس واتبعتمونا وخالفنا الناس، فجعل الله محياكم محیانا ومماتكم

مماتنا(1)

وروى الطبري قال: لما ظهر محمد وإبراهيم ابنا عبد الله بن الحسن أرسل أبوجعفر إلى عبد الله بن علي بن عباس وهو محبوس عنده: أن هذا الرجل قد خرج، فإن كان عندك رأي فأشر به علينا (و كان ذا رأي عندهم) فقال: إن المحبوس محبوس الرأي فأخرجني حتى يخرج رأيي، فأرسل إليه أبو جعفر: لوجاءني حتى يضرب بابي ما أخرجتك، وأنا خير لك منه وهو ملك أهل بيتك. فأرسل إليه عبد الله: ارتحل الساعة حتى تأتي الكوفة، فأجثم على أكبادهم فإنهم شيعة أهل هذا البيت وأنصارهم(2)

وروى المزي عن إبراهيم بن محمد الرماني (أبو نجيح) قال : سمعت حسن بن زیاد يقول : سمعت أبا حنيفة وسئل من أفقه من رأيت فقال ما رأيت أحدا أفقه من جعفر بن محمد. لما أقدمه المنصور الحيرة بعث إلي فقال يا أبا حنيفة أن الناس قد فتنوا بجعفر بن محمد فهيء له من مسائلك تلك الصعاب (3)

خلاصة:

وخلاصة الكلام أن الهدف الأول من قيام الحسين علیه السلام وهو إحياء مدرسة ابيه علي علیه السلام بأحياء أحاديث جده في أهل البيت علیهم السلام لينفتح الطريق للأئمة من ذرية الحسين علیه السلام والبقية الباقية من شيعة علي ليبلغوا أحاديث علي علیه السلام عن النبي صل الله علیه و اله واحياء مدرسته، وقد تحققت كما أراده الحسين علیه السلام وعمل به وجعل الله (تعالى شهادته الطريق الأوسع لنشر ذلك ومعلم هذا التحقق ظاهرتان):

ص: 476


1- الكافي ج 8 ص 236
2- تاريخ الطبري 565/7
3- الكامل في الضعفاء لابن عدي 131/2 . تهذيب الكمال 74/5

الظاهرة الاولى:

وجود أحاديث النبي صل الله علیه و اله في تعظيم أهل بيته عليهم السلام، وأحاديثه في ذم بني أمية في كل الكتب السنية المعتبرة كالصحاح الستة ونظرائها كمسند أحمد بن حنبل ومسند ابن ابي شيبة والمعجم الكبير والأوسط والصغير للطبراني والمستدرك على الصحيحين وغيرها، وقد دونت هذه الموسوعات الحديثية في القرنين الأوليين بعد انهيار النظام الاموي.

الظاهرة الثانية:

انتشار أحاديث النبي صل الله علیه و اله برواية علي في كتابه الصحيفة الجامعة وغيرها في الكتب الأربعة وهي المصادر المعتبرة لدى الشيعة، هذه الأحاديث التي تكون المضمون الديني الأساسي بعد القرآن عند الشيعة هذه الأحاديث التي نشرها علي علیه السلام حين أقبلت الأمة عليه ونصرته وبايعته، وعمل معاوية على محاربتها بتصفية حملتها من الشيعة ثم، أراد الحسين اعادة نشرها وتهيئة الأجواء الآمنة لحملتها ورواتها، ثم قتل ولم يتيسر له ذلك، وانما تيسر للبقية الباقية من شيعة أبيه فنشروا أحاديث النبيصل الله علیه و اله في أهل بيته علیهم السلام كما تیسر للائمة من ذرية الحسين من بعده وبخاصة الباقر والصادق عليه السلام ليكونوا اجيالا شيعية جديدة تأخذ معالم دينها من أهل بيت النبي عملا بوصية النبي صل الله علیه و اله وأمر الله تعالى فيهم وبرز فيهم علماء امثال زرارة ومحمد بن مسلم ويونس بن عبد الرحمن ومحمد بن أبي عميرونظرائهم يحملون حديث علي وفتاواه ثم فتاوی ذريته الطاهرين علیهم السلام، كما كان حجر بن عدي وعمروبن الحمق الخزاعي وميثم الثمار ورشيد الهجري وحبيب بن مظاهر وبرير الهمداني ونافع بن هلال ومسلم بن عوسجة وسليمان بن صرد والمختار بن عبيد الثقفي و کمیل بن زیاد ونظراؤهم من وجوه وعلماء شيعة علي علیه السلام الذين عمل على تصفيتهم النظام الأموي والنظام الزبيري بسبب نشاطهم في نشر الحديث النبوي الصحيح، وقد استمر خط التشيع لآل البيت علیهم السلام إلى اليوم على الرغم من محاولات أثيمة جرت لاستئصاله ويأبى الله إلا أن يتم نوره.

ص: 477

ومما لا شك فيه ان كلتا الظاهرتين ما كانتا لتوجدا على الساحة الاسلامية العامة في ظل استمرار السياسة الأموية وغياب حركة الحسين علیه السلام ، بل هما الأثر المباشر لحركته في مكة، ثم اتسع الاثر و تعمق بعد مقتله صلوات الله عليه في سبيل ذلك.

ص: 478

الباب الخامس : خلاصة وخاتمة

اشارة

الحسين عليه السلام المعلوم الفاتح حركة الواقع السياسي والاجتماعي التغییر المطلوب الحسين علیه السلام هو الوحيد المعني بالتغيير المطلوب القادر عليه الحسين علیه السلام عدة الهية لتحقيق التغير المطلوب خطةالحسين علیه السلام لتحقيق التغييرمعالم التغيير بعد شهادة الحسين

ص: 479

ص: 480

الحسين عليه السلام المظلوم الفاتح

مفردات الواقع السياسي والاجتماعي الذي تحرك فيه الحسين علیه السلام :

أولا: دولة معاوية القوية بجيشها وقوى أمنها الداخلي: عُني معاوية خلال السنوات العشر الأولى من حكمه ببناء الجيش من خلال عودته الى سياسة الفتوح، ثم بني قوى الامن الداخلي من خلال متابعة الخوارج واستطاع بعد ذلك أن يستفيد منها في تثبیت منهجه التربوي والثقافي الجديد والسيطرة على الاعلام و مؤسسات التربية الدينية والثقافية كالمساجد والكتاتيب والمؤسسات الاقتصادية والعسكرية تبنت هذه الدولة في إعلامها اليومي ومنهجها الفكري والثقافي لمدة عشر سنوات من سنة 50 وهج إلى سنة 60هج / تربية الأمة على إسلام يبتني على ثلاثة أمور أساسية:

أ. البغض لعلي علیه السلام ولعنه على منابر المسلمين، وترويج الأحاديث الكاذبة في ذمه، والمنع من ذكر أي رواية عن النبي في فضله، ومعاقبة المخالف بالقتل والتهجير والسجن وقطع الأيدي والنفي والحرمان من العطاء

قال ابو عثمان الجاحظ(1) : أن معاوية كان يقول في آخر خطبة الجمعة: اللهم العن ابا تراب ألحد في دينك وصد عن سبيلك، فالعنه لعنا وبيلا وعذبه عذابا أليما. وكتب بذلك

ص: 481


1- هو عمرو بن بحر الليثي البصري اللغوي النحوي، كان مائلا إلى النصب

إلى الآفاق، فكانت هذه الكلمات يشار بها على المنابر .

قال أبو جعفر الاسكافي (ت 220)(1) : أن معاوية وضع قوما من الصحابه و قوما من التابعين على رواية أخبار قبيحة في علي علیه السلام تقتضي الطعن فيه والبراءة منه وجعل لهم على ذلك جعلا يرغب في مثله، فاختلقوا ما أرضاه، منهم أبوهريرة وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة ومن التابعين عروة بن الزبير ومرة الهمداني والأسود بن یزید و مسروق الاجدع وأبو وائل شقيق بن سلمة وأبو عبد الرحمن السلمي القاريء وقيس بن حازم وسعيد بن المسيب والزهري ومكحول و حریز بن عثمان وغيرهم (2)

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما مسندا متصلا بعمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صل الله علیه و اله يقول :ان آل ابي طالب لیسوا لي باولياء، انما وليي الله وصالح المؤمنين (3)

ص: 482


1- قال الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ج 416/5 : محمد بن عبد الله أبو جعفر الاسكافي أحد المتكلمين من معتزلة البغداديين، له تصانیف معروفة و كان الحسين بن يزيد الكرابيسي صاحب الشافعي يتكلم معه ويناظره
2- شرح النهج ج 56/4-110.
3- رواه البخاري 2233/5 (الموسوعة الذهبية)، مسلم 197/1 ، مسند أحمد203/4 وفيها (آل أبي فلان) قال في فتح الباري 423/10 قال أبو بكر بن العربي في سراج المریدین : كان في أصل حدیث عمرو بن العاص أن آل أبي طالب فغير آل أبي فلان، كذا جزم به. وتعقبه بعض الناس وبالغ في التشنيع عليه ونسبه إلى التحامل على آل أبي طالب، ولم يصب هذا المنكر فإن هذه الرواية التي أشار إليها، بن العربي موجودة في مستخرج أبي نعيم من طريق الفضل بن الموفق عن عنبسة بن عبد الواحد بسند البخاري عن بیان بن بشر عن قيس بن أبي حازم عن عمرو بن العاص رفعه : أن لبني أبي طالب رحما أبلها ببلاها، وقد أخرجه الإسماعيلي من هذا الوجه أيضا لكن أبهم لفظ طالب وكأن الحامل لمن أبهم هذا الموضع ظنهم أن ذلك يقتضي نقصا في آل أبي طالب وليس كما توهموه کما سأوضحه إن شاء الله تعالى، قوله : ليسوا بأوليائي كذا للأكثر وفي نسخةمن رواية أبي ذر : بأولياء فنقل بن التين عن الداودي أن المراد بهذا النفي من لم يسلم منهم، أي فهو من إطلاق الكل وإرادة البعض، والمنفي على هذا المجموع الا الجميع، وقال الخطابي : الولاية المنفية ولاية القرب والاختصاص لا ولاية الدين، ورجح بن التين الأول وهو الراجح، فإن من جملة آل أبي طالب عليا وجعفر، أو هما من أخص الناس بالنبي صلى الله عليه وسلم لما لهما من السابقة والقدم في الإسلام ونصر الدين، وقد استشكل بعض الناس صحة هذا الحديث لما نسب إلى بعض رواته من النصب وهو الانحراف عن علي وآل بيته، قلت : أما قیس بن أبي حازم فقال : يعقوب بن شيبة تكلم أصحابنا في قيس فمنهم من رفع قدره وعظمه وجعل الحديث عنه من أصح الأسانيد حتى قال بن معين : هو أوثق من الزهري، ومنهم من حمل عليه وقال : له أحاديث مناكير، وأجاب من أطراه بأنها غرائب وافراده لا يقدح فيه، ومنهم من حمل عليه في مذهبه وقال : كان يحمل على علي ولذلك تجنب الرواية عنه كثير من قدماء الكوفيين، وأجاب من اطراه بأنه كان يقدم عثمان على علي فقط، قلت : والمعتمد عليه أنه ثقة ثبت مقبول الرواية وهو من كبار التابعين، سمع من أبي بكر الصديق فمن دونه، وقد روى عنه حديث الباب إسماعيل بن أبي خالد وبیان بن بشر وهما کوفیان ولم ينسبا إلى النصب، لكن الراوي عن بیان وهو عنبسة بن عبد الواحد أموي قد نسب إلى شيء من النصب، وأما عمرو بن العاص وان كان بينه وبين على ما كان فحاشاه أن يتهم، وللحديث محمل صحيح لا يستلزم نقصا في مؤمني آل أبي طالب وهو أن المراد بالنفي المجموع كما تقدم، ويحتمل أن يكون المراد بال أبي طالب أبو طالب نفسه وهو إطلاق سائع

روی ابوالحسن علي بن محمد بن ابي سيف المدايني في كتاب الأحداث، قال : كتب معاوية نسخة واحدة إلى عماله: (أن برئت الذمة من روی شیئا من فضل ابي تراب واهل بیته) (فقامت الخطباء في كل كورة وعلى كل منبر يلعنون عليا ويبرءون منه ويقعون فيه وفي اهل بيته). قال الباقر علیه السلام: وكان عظم ذلك و كبره زمن معاویه بعد موت الحسن علیه السلام، فقتلت شیعتنا بكل بلدة، وقطعت الأيدي والأرجل على الظنة، وكان من يذكر بحبنا والانقطاع الينا سجن اونهب ماله اوهدمت داره، ثم لم يزل البلاء يشتد ويزداد الى زمان عبيد الله بن زیاد قاتل الحسين(1)

ب. الولاء لمعاوية : ومن يجيء بعده من الحكام وتوصيفه بخليفة الله، واعتبار طاعته أعظم طاعات الله ومعصيته اعظم معاصي الله و ترویج الاحاديث الكاذبة التي تحط من شخصية النبي بما يوافق الحكام، ومدح معاوية وإكرام فاعل ذلك بالعطاء والتشفيع والتولية والتوظيف في مرافق الدولة.

- روى الترمذي بسنده عن سعيد بن عبد العزيز (راوي شامي) عن ربيعة بن يزيد

ص: 483


1- شرح نهج البلاغه 44/11

(راوي شامي) عن عبد الرحمن بن أبي عميرة (صحابي سكن الشام)(1)عن النبي صل الله علیه و اله أنه قال لمعاوية: اللهم اجعله هاديا مهديا واهد به (2)

- ورووا انه قال: ائتمن الله على وحيه ثلاثة جبرئيل في السماء ومحمدا في الأرض

ومعاوية بن أبي سفيان (3)

ج. السكوت على الظلم مهما بلغت شدته وقسوته من خلال ترویج احادیث كاذبة تدعو الى ذلك.

- فرووا عن النبي أنه قال: تسمع وتطع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك(4)

- وأنه قال: فإن رأيت يومئذ لله عز وجل في الأرض خليفة فألزمه وإن ضرب

ظهرك وأخذ مالك (5)

ص: 484


1- عبد الرحمن بن أبي عميرة المزني، قال أبو حاتم وابن السكن : له صحبة، ذكره البخاري وابن سعد وابن البرقي وابن حبان وعبد الصمد بن سعيد في الصحابة، وذكره أبوالحسن بن سميع في الطبقة الأولى من الصحابة الذين نزلوا حمص و كان اختارها سكن الشام وحديثه عند أهلها، وأخرج الترمذي والطبراني وغيرهما من طريق سعید بن عبد العزيز (الشامي) عن ربيعة بن یزید (الشامي) عن عبد الرحمن بن أبي عميرة المزني (وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاوية :اللهم علمه الكتاب والحساب وقه العذاب "لفظ الطبراني ولفظ الترمذي : اللهم اجعله هاديا مهديا واهد به، وأخرج بن قانع من طريق الوليد بن مسلم عن سعيد بن عبد العزيز أنه سمعه يحدث عن يونس بن ميسرة (الشامي) عن عبد الرحمن بن أبي عميرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو اللفظ الثاني وأخرجه البخاري في التاريخ قال : قال لي أبومسهر (فذكره بالعنعنة ليس فيه) و كان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وذكره من طريق مروان عن سعيد فقال فيه :سمع عبد الرحمن سمع النبي صلى الله عليه وسلم (الاصابة لابن حجر).
2- جامع الترمذي687/5 ، مسند احمد 216/4 ، مسند الشاميين 181/1 ، الآحاد والمثاني 358/2المعجم الاوسط للطبراني 380/1 ، وقد رواه عن عن سعيد بن عبد العزيز عن يونس بن ميسرة بن حلبس عن عبد الرحمن بن أبي عميرة.
3- سیر اعلام النبلاء للذهبي و تاریخ دمشق لابن عساکر ترجمة معاوية.
4- صحيح مسلم 1476/3
5- مسند أحمد 403/5

د.الطاعة المطلقة للخليفة واعتبارها رأس الطاعات.

- ورووا عن النبي أنه قال: من خرج من الطاعة وفارق الجماعة مات ميتة جاهلية(1)

- وانه قال: ثلاثة لا تسأل عنهم رجل فارق الجماعة وعصى إمامه فمات عاصيا فلا تسأل عنه، وأمة (أو عبد) أبق من سيده، وامرأة غاب زوجها و كفاها مؤنة الدنيا فتبرجت وتمرجت بعده.(2) أقول المراد بالامام في الرواية الحاكم الأعلى للمسلمين.

ثانيا: على أساس تلك السياسة صار الجيل الجديد في الأمة يبغض عليا ويلعنه.

نشأ على اساس تلك التربية والمنهج جيل جديد في الأمة مابين سن الخامسة عشر وسن الخامسة والعشرين، وقد كان هذا الجيل المادة الأساسية للجيش وقوى الشرطة وبقية المواقع الاجتماعية والادارية. أما معلموه فهم جماعة من الصحابة الذين حاربوا عليا في الجمل وصفين او الذين أغراهم معاوية بالمال، وجماعة من التابعين الذين ساروا على منهجهم.

- من هؤلاء الصحابة مسلم بن عقبة المري(3)، قائد جيش اهل الشام في واقعة الحرة

ص: 485


1- صحیح مسلم 1476/3
2- الأدب المفرد /207، وفيه قال حدثنا عثمان بن صالح قال أخبرنا عبد الله بن وهب قال حدثنا أبوهانئ الخولاني عن أبي على الجنبي عن فضالة بن عبيد عن النبي صل الله علیه و اله انه قال ...، مسند احمد 19/6 ،صحیح ابن حبان 422/10، المستدرك على الصحيحين 206/1 المعجم الكبير للطبراني 306/18
3- قال ابن حجر في الاصابة: مسلم بن عقبة المري أبو عقبة الأمير من قبل یزید بن معاوية على الجيش الذين غزوا المدينة يوم الحرة، ذكره بن عساکر وقال أدرك النبي وشهد صفين مع معاوية و كان على الرجالة، وعمدته في إدراكه أنه استند إلى ما أخرجه محمد بن سعد في الطبقات عن الواقدي بأسانیده قال : لما بلغ یزید بن معاوية أن أهل المدينة أخرجوا عامله من المدينة وخلعوه وجه إليهم عسکرا، أمر عليهم مسلم بن عقبة المري (وهو يومئذ شیخ بن بضع وتسعين سنة فهذا يدل على أنه كان في العهد نبوي کهلا) وقد أفحش مسلم القول والفعل بأهل المدينة وأسرف في قتل الكبير والصغير حتى سموه مسرفا، وأباح المدينة ثلاثة أيام لذلك والعسكر ينهبون ويقتلون ويفجرون ثم رفع القتل وبايع من بقي على أنهم عبید لیزید بن معاوية و توجه بالعسكر إلى مكة ليحارب بن الزبير لتخلفه عن البيعة ليزيد، فعوجل بالموت فمات بالطريق وذاك سنة ثلاث وستين، واستمر الجيش إلى مكة فحاصروا ابن الزبير ونصبوا المنجنيق على أبي قبيس فجاءهم الخبر بموت یزید بن معاوية وانصرفوا، والقصة معروفة في التواريخ.

في المدينة. قال في وصيته عند موته: اللهم انك تعلم اني لم اعص خليفة، قط، اللهم اني لم أعمل عملا أرجو به النجاة قط الا ما فعلت باهل المدينة (1). وفي رواية اليعقوبي: اللهم ان عذبتني بعد طاعتي لخليفتك یزید بن معاوية وقتل اهل الحرة فاني إذن لشقي(2)

- ومن التابعين شمر بن ذي الجوشن قاتل الحسين، قال ابو اسحق : كان يصلي معنا

ثم يقول: اللهم انك تعلم اني شريف فاغفر لي، قلت : كيف يغفر الله لك وقد اعنت على قتل ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال : ويحك فكيف نصنع؟ ان امراءنا هؤلاء أمرونا بأمر فلم تخالفهم، ولو خالفناهم كنا شرا من هذه الحمر الشقاء (3)

ثالثا: شيعة علي علیه السلام يتعرضون للتصفية

وهم طبقة من المحدثين فيهم مئات من الصحابة وآلاف التابعين لهم معتقد بعلي، قام على اساس أحاديث النبي صل الله علیه و اله وسيرته مع علي علیه السلام ، و كذلك قام هذا المعتقد على أساس أحاديث علي علیه السلام وسيرته في المجتمع خلال السنوات الخمس التي حكم فيها وهي سيرة أحيت المعطل من كتاب الله والمكتوم من سنة النبي وتذوق خلالها الناس كرامة الحياة التي يدعو الانبياء اليها.

ص: 486


1- فتوح أعثم 301/5
2- تاريخ اليعقوبي 251/2
3- لسان المیزان ترجمة شمر بن ذي الجوشن وفيه: شمر بن ذي الجوشن أبو السابغة الضبابي، عن أبيه وعنه أبو إسحاق السبيعي ليس بأهل للرواية فإنه أحد قتلة الحسين رضي الله تعالى عنه وقد قتله اعوان المختار. أقول : إنماصار ليس بأهل للرواية بعد قتله الحسين علیه السلام

. تركز شيعة علي في الكوفة بصفتها البلد الذي شهد حركة علي الفكريةوالتربوية والسياسية.

. حمل شيعة علي كل ذكرياتهم عن علي وما تعلموه منه/ وهو كل الاسلام الذي

جاء به النبي صل الله علیه و اله ، ووعاه علي وعيا تاما دون غيره من الصحابة /ونشروه في البقاع التي لم تعرف عن علي علیه السلام وسيرته وبخاصة الشام أيام سنوات الصلح بين الحسن ومعاوية.

. صار الشيعة وبخاصة في العراق غرضا لخطة معاوية في التصفية والإبادة والتطويق بصفتهم العقبة الكؤود امام منهجه التربوي الجديد، ومن هنا سجلت في الكوفة مظالم لم تسجل في غيرها من بلاد المسلمين :

-تهجير خمسين ألف بعيالاتهم من الكوفة والبصرة الى خراسان سنة 50

هجرية، كان فيهم الصحابي بريدة بن الحصيب والصحابي أبوبرزة الاسلمي وغيرهما ممن عرف بولائه لعلي (1).

-قتل حجر بن عدي الكندي وعمروبن الحمق الخزاعي واصحابهمابتلفيق تهمة الخروج على الدولة.

-نفي صعصعة بن صوحان العبدي(2) وآمنة بنت الشريد زوجة عمروبن الحمق (3) كان معاوية قد سجنها رهينة حتى يسلم زوجها نفسه ولماقتل نفاها إلى حمص وماتت بها وغيرهما.

-قتل رشید الهجري وميثم التمار وجويرية بن مسهر ونظرائهم.

ص: 487


1- فتوح البلدان ج 2ص 507
2- الإصابة ترجمة صعصعة. وفيه ان الذي نفاه هوالمغيرة ولكنا نرجح ان الذي نفاه بامر معاوية هو ابن زیاد لما ذكرناه من أن مرحلة القتل والنفي والتشريد بدئ بها في عهد زیاد لا المغيرة.
3- انساب الاشراف القسم الرابع الجزء الاول /273

- قطع أيدي ثمانين حصبوه بالحجارة على لعنه عليا(1).

- قال سليم: اشتد البلاء بالامصار كلها على شيعة علي واهل بيته، وكان اشد الناس بلية اهل الكوفة لكثرة من بها من الشيعة، واستعمل عليها زیادا، وجمع له العراقيين، كان يتتبع الشيعة ... فقتلهم على التهم والظن والنسبه تحت کل کو کب وتحت كل حجر، ومدر، واحلاهم واخافهم، وقطع الأيدي والأرجل منهم، وصلبهم على جذوع النخل، وسمل اعينهم، وطردهم وشردهم(2)

- وكان آخر ما عزم على فعله زیاد في الكوفة سنة ثلاث وخمسين هو ان جمع الناس فملأمنهم المسجد والرحبة والقصر ليعرضهم على البراءة

ص: 488


1- تاریخ ابن الأثير 462/3 . الطبري 235/5
2- شرح النهج 43/15

من علي علیه السلام (1) فمن أبي ذلك عرضه على السيف (2) ولكن الله تعالى قد سلط عليه الطاعون اشغله عنهم ومات بعدها بأيام (3)

ص: 489


1- مختصر تاریخ دمشق 88/9 ترجمه زیاد
2- مروج الذهب للمسعودي 26/3 قال عبد الرحمن بن السائب : فإني لمع نفر من الأنصار والناس في أمر عظيم، قال : فهومت تهويمة (التهويم: ان ياخذ الرجل النعاس حتى يهتز الرأس) فرایت شیئا مثل عنق العير أهدب اهدل (الاهدل : الساقط الشفة، وبعير هدل إذا كان طويل المشفر مسترخيه) فقلت :ما أنت ؟ قال :أنا النقاد ذو الرقبة بعثت إلى صاحب هذا القصر فاستيقظت، فزعا، فقلت لاصحابي :هل رايتم ما رایت؟ قالوا : لا، فاخبرتهم، قال : ويخرج علينا خارج من القصر فقال ان الامير يقول لكم انصرفوا عني فاني عنكم مشغول، وإذا الطاعون قد ضربه. فانشأ عبد الرحمن بن السائب يقول: ما كان منتهيا عما اراد بنا*** حتى تناوله النقاد ذوالرقبة فاثبت الشق منه ضربة بتت*** كما تناول ظلما صاحب الرحبة قال المسعودي: يعني بصاحب الرحبة علي بن ابي طالب علیه السلام (مروج الذهب 26/3)
3- قال البلاذري في انساب الاشراف ق4 ج 278/1 : کان زياد عند معاوية وقد وقع الطاعون بالعراق،فقال له :اني اخاف عليك يا ابا المغيرة الطاعون فلما صار الى العراق طعن فمكث شهرافمات.

حركة الواقع السياسي والاجتماعي

استطاع معاوية أن يحكم قبضته على حركة المجتمع لتحقيق أربعة أهداف هي:

1. القضاء على شيعة علي المنتشرين في البلاد الاسلامية وتحويل الكوفة بصفتها مركز التشيع لعلي إلى سابق عهدها قبل هجرة علي اليها مدينة موالية للخليفة سامعة مطيعة له.

2. تكوين اجيال جديدة توالي الأمويين بصفتهم أئمة الدين وحماته، وتبغض أهل البيت علیهم السلام وعلياعلیه السلام بصفتهم أعداء الله ورسوله وتحفظ روايات كاذبة عن النبي صل الله علیه و اله في ذم علي وأهل بيته علیهم السلام وروايات كاذبة في الحط من سيرة النبي صل الله علیه و اله بما يوافق هوی الحكام ومدح معاوية وأهل بيته.

3. حصر الملك في ذريته واسرته.

4. تحريف السنة النبوية وتفسير القرآن بما ينسجم مع الاهداف الآنفة الذكر

ص: 490

التغيير المطلوب

مما لا شك فيه أن المطلوب اسلاميا في وضع سياسي وأجتماعي كهذا هو تحقيق

ثلاثة امور وهي:

أ: کسر الطوق السياسي والاجتماعي المفروض على الحديث النبوي الصحيح في أهل البيت وعلي علیه السلام خاصة ليطرح أهل البيت عليهم السلام وعلي عليه السلام في الأمة من جديد امتدادا رساليا للنبي ومحورا للولاء ومصدرا مطهرا للتثقيف بعد الرسول.

ب: انقاذ شيعة الكوفة بصفتهم حملة علم علي عليه السلام وسيرته من حالة التصفية والاختناق والحصار الاجتماعي والسياسي التي يعيشونها.

ج: تفهيم الأمة أن السكوت على ظلم بني أمية ليس من الدين في شيء بل الدين يدعو إلى قتالهم والاطاحة بهم بصفتهم قد بلغوا القمة في الظلم والانحراف وإقامة حكومة إسلامية تستهدي تجربة علي علیه السلام وتجربة النبي صل الله علیه و اله

ص: 491

الحسين علیه السلام هو الوحيد المعني بالتغيير المطلوب القادر عليه

ومما لا شك فيه أن الشخص الوحيد المعني بالتغيير المطلوب القادر عليه هو الحسين بن علي علیه السلام وذلك: لأنه سيد بني هاشم الذين يعيشون المحنة بعميدهم علي علیه السلام وهو مرجع شيعة أبيه وأخيه الممتحنين في العراق، ولأنه ذيتبوأ في المجتمع الاسلامي أرفع مقام اجتماعي وديني لكونه حفيد النبي صل الله علیه و اله

وفي قبال الحسين علیه السلام: هناك الخوارج وعبد الله بن الزبير، وكلاهما معني بتغيير السلطة والمنهج التربوي الذي يخص الولاء لبني امية، أما فيما يرتبط بعلي وشیعته فهم والامويون مدرسة واحدة وموقف واحد (1)

ص: 492


1- أما عبد الله بن الزبير فموقفه من علي معروف بدءا من حرب الجمل وانتهاء بفترة حكمه، حيث اظهر بغض علي وتناوله في خطبه وتصدى له في بعضها محمد بن الحنفية وابن عباس، وتذكر المصادرالتاريخية انه جمع الحطب ليحرقهم ان لم يبايعوه ثم نفاهم إلى الطائف. اما موقفه من شيعة علي فيكفي فيه ما صنعه بأصحاب المختار بعد قتل المختار حیث قتل منهم سبعة آلاف صبرا، منهم زوجة المختار إذ رفضت ان تتبرأ من المختار وسجنها مصعب ثم استشار اخاه عبد الله في شأنها فأمره بقتلها. اما الخوارج فموقفهم من علي وشيعته لا يحتاج الى بیان.

الحسين عليه السلام عدة إلهية لتحقيق التغير المطلوب

كان الانقلاب الفكري الذي قام به معاوية والوضع الاجتماعي والفكري الذي انتجه خطيرا جدا، فهو يشبه الى حد كبير الوضع الذي صنعه فرعون مع بني اسرائيل والمجتمع المصري و دين الله الذي جاء به يوسف من قبل، الوضع الذي اقتضت الحكمة الالهية معه أن يبعث موسى لينقذ بني اسرائيل ويجدد دین یوسف ويقيم الحجة على المجتمع المصري ليحيي من حي عن بينةويهلك من هلك عن بينة. وكذلك الحال مع الوضع الذي صنعه معاوية مع أحاديث النبي صل الله علیه و اله والمجتمع الاسلامي عامة وشيعة علي خاصة، ولما كانت النبوة قد ختمت بمحمد صل الله علیه و اله اقتضت الحكمة الالهية أن يقوم اوصیاؤه (وهم ليسوا بأنبياء) بما كان يقوم به اوصياء الأنبياء الذين كانوا في الغالب أنبياء أيضا.

اقتضت الحكمة الالهية أن يعرف النبي باوصیائه من بعده ويعرف أيضا بأبرز ما يقومون به ويحدد الموقف منه لتعرف الأمة كيف تنظر إلى فعل هذا الوصي و كيف تتعامل معه، ومن ذلك أمر النبي صل الله علیه و اله لعلي علیه السلام : ان يقاتل الناكثين والقاسطين والمفسدين من بعده، وقوله للزبير ستقاتل عليا وانت له ظالم(1)، وقوله لعائشة: تنبحها كلاب الحوأب (2)

ص: 493


1- فتح الباري 1/13 وعن كتاب عمر بن شبة في أخبار البصرة: قال: أخرج ابن إسحاق من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن عبدالسلام (ت 145) رجل من حيه قال : خلاعلي بالزبير يوم الجمل فقال: أنشدك الله هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (وأنت لاوي يدي) لتقاتلنه وأنت ظالم له ثم لينصرن عليك؟ قال : قد سمعت لاجرم لا أقاتلك.
2- روی ابویعلی في مسنده 282/8 حدثنا عبد الرحمن بن صالح حدثنا محمد بن فضيل عن اسماعیل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال : مرت عائشة بماء لبني عامر يقال له :الحوأب، فنبحت عليه الكلاب، فقالت: ما هذا قالوا ماء لبني عامر، فقالت : ردوني! ردوني! إسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كيف بإحداكن إذا نبحت عليها كلاب الحوأب؟!

وقوله في الحسن علیه السلام : ان ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين(1)وكذلك ومما لا شك فيه ان هذه الأقوال من النبي تفتح القلوب لفعل الوصي الذي يجيئ في ظرف فتنة واختلاف و تشوش في الرؤية عند غالبية المسلمين. ومن ذلك قوله في الحسين علیه السلام: انه يقتل مظلوما وقد استقبل ولادته بذرف الدموع الساخنة عليه. وليس من شك يأتي قول النبي هذا وبكاؤه تاییدا لموقف الحسين و تصويبا لموقفه الذي يتألف من ركنين هما :رفضه لبيعة يزيد وخروجه باهله الى العراق ثم يحاصر هناك ويعرض عليه البيعة أو الموت فيختار الموت على البيعة، في قبال من يحاول أن يضع اللوم على الحسين في عدم تقديره للظرف و تعریضه لنفسه ولاهل بيته لنكبة قل نظيرها في التاريخ (2)

ص: 494


1- المعجم الكبير للطبراني ج 3 ص 34
2- يراجع امثال ابن العربي وصاحب کتاب اباطيل يجب أن تمحى من التاريخ، وايضا الذهبي في المنتقی 74

خطة الحسين علیه السلام لتحقيق التغيير

ارتكزت خطة الحسين علیه السلام لتحقيق التغيير على أمرين أساسيين هما:

اولا: السكوت في عهد معاوية والعمل سرا لنشر أحاديث النبي صل الله علیه و اله في اهل البيت ريثما یموت معاوية، نعم تذكر المصادر التاريخية أن معاوية بعث برسالة تهدید إلى الحسين علیه السلام بعد قتل حجر وتردد العراقيين على بيته، فبعث الحسين برسالة يرد فيها على معاوية. وكان آخر نشاط سري نوعي في هذه المرحلة هوالمؤتمر السري الذي عقده بحضور بني هاشم وعدد من الصحابةوالتابعين قبل موت معاوية بسنة.

- كتب معاوية إلى الحسين علیه السلام: ...فمتى تنكرني انكرك ومتى تكدني اكدك فاتق الله في شق عصا هذه الأمة وان تردهم الى فتنة.

فكتب إليه الحسين عليه السلام .... اما ما ذكرت انه رقي اليك عني فأنه انما رقاه اليك الملاقون المشاؤون بالنميمة... ما اردت لك حربا ولا عليك خلافا واني لاخشى الله في ترك ذلك منك ومن الاعذار فيه اليك والى اوليائك الفاسقين الملحدين حزب الظلمة.

الست القاتل حجر بن عدي اخا کنده واصحابه المصلين العابدين الذين كانوا ينكرون الظلم ويستفضعون البدع ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ولا يخافون الله لومة لائم؟! |

ثم قتلتهم ظلما وعدوانا من بعد ما اعطيتهم الايمان المغلظة والمواثيق المؤكدة.. جرأة على الله واستخفافا بعهده.

ص: 495

ولعمري ما وفيت بشرط ولقد نقضت عهدك بقتلك هؤلاء النفر الذين قتلتهم بعد الصلح والأيمان والعهود والمواثيق، فقتلتهم من غير أن يكونوا قاتلوك ونقضوا عهدك، ولم تفعل ذلك بهم الا لذكرهم فضلنا وتعظيمهم حقنا.

فابشر یا معاوية بالقصاص وايقن بالحساب..

وليس الله بناس لاخذك بالظنه، وقتلك أولياءه على التهم، وتفيك اياهم من دورهم

إلى دار الغربة. (1)

- قال سليم بن قيس: لما كان قبل موت معاوية بسنة، حج الحسين بن علي وعبد الله بن عباس وعبد الله بن جعفر، فجمع الحسين بني هاشم، ثم رجالهم ونساءهم ومواليهم ومن حج من الأنصار من يعرفه الحسين عليه السلام واهل بيته، ثم ارسل رسلا: لا تدعون احدا حج العام من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله المعروفين بالصلاح والنسك الا اجمعوهم لي، فاجتمع اليه بمني اكثر من سبعمائة رجل وهم في سرادقه، عامتهم من التابعين، ونحومن مائتي رجل من أصحاب النبي صل الله علیه و اله، فقام فيهم خطيبا، وقال: اما بعد فإن هذا الطاغية قد فعل ما قد رأيتم وعلمتم وشهدتم اسمعوا مقالتي، واكتبوا قولي، ثم ارجعوا إلى امصار کم وقبائلكم فمن آمنتم من الناس، ووثقتم به فادعوهم إلى ما تعلمون من حقنا فاني اتخوف أن يدرس (2)هذا الامر ويذهب الحق ويغلب، والله متم نوره ولو كره الكافرون.

وما ترك شيئا مما انزله الله فيهم من القرآن الا تلاه وفسره، ولا شيئا مما قال رسول الله صل الله علیه و اله في ابيه واخيه وامه وفي نفسه واهل بيته الا رواه.. وكل ذلك يقول اصحابه، اللهم نعم وقد سمعنا وشهدنا ويقول التابعي: اللهم قد حدثني به من اثق به وأئتمنه من الصحابة

ص: 496


1- رجال الكشي ترجمة عمرو بن الحمق، طبقات ابن سعد ترجمةالامام الحسين، انساب الاشراف ترجمة معاوية، مختصر تاریخ دمشق ترجمة الامام الحسين
2- دروس الشيء: إنمحاؤه.

فقال: انشدكم الله الا حدثتم به من تثقون به وبدينه (1).

ثانيا: التحرك العلني للحسين علیه السلام بعد موت معاوية

وكانت خطواته الأساسية ثلاث هي:

أولا: الاعلان عن عدم اعطاء بيعة ليزيد وإن كلفه ذلك حياته:

وذلك لان بيعته تعني اقرار المنهج التحريفي للاسلام الذي نهض به بنوامية وتعني اقرارهم على منع نشر الحديث الصحيح في اهل البيت وعلي علیه السلام

- قال : لولم يكن في الدنيا ملجأ ولا مأوى لما بایعت یزید(2). وهو في ذلك نظير جده الني صل الله علیه و اله حين قال لعمه ابي طالب (یاعم والله لووضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا لأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه)(3) والقضية واحدة عند النبي صل الله علیه و اله وعند الحسين عليه السلام، قریش تريد من النبي صل الله علیه السلام أن يترك دعوة التوحيد ويقر عبادة الأصنام، وبنو أمية تريد من الحسين أن يترك أحاديث جده في أهل بيته الذين عينهم بامر الله تعالی حججا على الناس تموت وتحل بدها أحاديث كاذبة قيلت على لسانه في بني امية والخلفاء منهم على انهم حجج الله وأئمةالهدى.

ثانيا: الانطلاق من مكة في الحركة:

وذلك بصفتها المكان الوحيد الذي يقصده المسلون من كل الأقطار للعمرة والحج،والحسين علیه السلام بأمس الحاجة إلى مكان كهذا من أجل كسر الطوق المفروض على الحديث الصحيح هذا مضافا إلى تحركه على اخيار الأمة القادمين من الآفاق لطلب نصرتهم. وقد بقي في مكة اربعة اشهر/ شعبان ورمضان وشوال وذو القعدة، وايام من ذي الحجة /التف حوله المعتمرون والقادمون للحج يسمعون منه حديثه عن جده في فضل ابيه او في فضله او في جهاد الظالمين أو فيما سوف يرتكب منه وقتله مظلوما بشط الفرات.

ص: 497


1- کتاب سليم بن قيس (تحقیق محمد باقر الانصاري ص 321)
2- فتوح ابن اعثم ج 31/5 ، مقتل الخوارزمي
3- الطبري ج 3 ص 67

قال الطبري: فاقبل الحسين حتى نزل مكة فأقبل أهلها يختلفون اليه ويأتونه ومن كان بها من المعتمرين وأهل الآفاق. وقال ابن كثير: فعكف الناس على الحسين يفدون اليه ويقدمون عليه ويجلسون حواليه ويستمعون كلامه حين سمعوا بموت معاوية وخلافة یزید واما ابن الزبير فإنه لزم مصلاه عند الكعبة وجعل يتردد في غبون(1) ذلك الى الحسين في جملة الناس ولا يمكنه أن يتحرك بشئ مما في نفسه مع وجود الحسين لما يعلم من تعظيم الناس له و تقديمهم إياه (2)

أقول: بقي الحسين علیه السلام في مكة شهر شعبان ورمضان وشوال وذي القعدةوثمانية أيام من ذي الحجة، ومما لا شك فيه أن الحسين في هذه الفترة وفي حلقاته مع المعتمرين وأهل الآفاق كان قد كسر الطوق الذي فرضه معاوية على الحديث النبوي الصحيح في علي وأهل بيته او في ذم بني أمية او في بيان احکام متعة الحج وغير ذلك، وبدأ يذكر الناس ويسمع من لم يسمع منهم احاديث النبي في تفسير القرآن وفي فضل ابيه علي وفي فضله وفصل اخيه الحسن وفي ذم بني امية ونزوهم على منبر الرسول و في الموقف الصحيح عندظهور الظلم والبدع وغير ذلك.

من قبيل: حديث الغدير، وحديث الدار، وحديث المنزلة، وحديث الثقلين، وحديث

الكساء، وحديث رؤيا النبي والشجرة الملعونة في القرآن، وغيرها.

ومن قبيل قوله صل الله علیه و اله: من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله ناكثا لعهد الله مخالفا لسنة رسول الله يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يغير عليه بفعل ولا قول كان حقا على الله أن يدخله مدخله(3)

ثم يذکرهم بجرائم بني أمية ومخالفاتهم لأحكام الله وسنة رسوله وتعطيلهم الحدود وقتلهم الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر كحجر بن عدي وعمروبن الحمق

ص: 498


1- غبن الرجل يغبنه غبنا: مر به وهومائل فلم يره ولم يفطن له (لسان العرب مادة غين).
2- البداية والنهاية 151/8
3- تاريخ الطبري 403/5

وغيرهم ونفي الأخیار والنساء كصعصعة بن صوحان العبدي وآمنة بنت الشريد زوجة عمرو بن الحمق بعد ان كانت رهينة الحبس الحين يسلم زوجها نفسه.

ويقول لهم: ألا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان وترکوا طاعة الرحمن وأظهروا الفساد وعطلوا الحدود واستأثروا بالفيء وأحلوا حرام الله وحرموا حلاله وأنا أحق من غير(1) ويقول لهم: إلا ترون أن الحق لا يعمل به والى الباطل لا يتناهی عنه ليرغب المؤمن في لقاء الله، فإني لا أرى الموت إلا سعادة ولا الحياة مع الظالمين إلا برما (2)

ويقول لهم: إني أدعوكم الى إحياء معالم الحق وإماتة البدع(3)

ثم يذكرهم بقول النبي فيه: حسين مني وأنا من حسين(4)، أحب الله من أحب حسينا(5) ، وبقوله صل الله علیه و اله فيه وفي أخيه: الحسن والحسين سبطان من الاسباط،(6) الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة (7)

ولابد انه صل الله علیه و اله قد ذكرهم وأخبرهم بما اعلنه النبي صل الله علیه و اله منذ ولادة الحسين علیه السلام بانه تقتله الفئة الباغية (8)، ظلما وعدوانا.

ثم يقول لهم: وأيم الله لو كنت في جحر هامة من هذه الهوام لاستخرجوني حتى يقضوا في حاجتهم ووالله ليعتدن علي كما اعتدت اليهود في السبت (9) ويقول لهم: كأني

ص: 499


1- تاريخ الطبري 403/5
2- تاریخ بن عساکر 217/14 عن الزبير بن بكار، تاریخ الطبري 4.4/5
3- الأخبار الطوال للدينوري 231
4- مسند احمد ج 4 ص 173
5- مسند احمد ج 4 ص 173
6- التاريخ الكبير للبخاري ج 8 ص 415
7- مسند احمد ج 3 ص 3
8- ذخائر العقبى ج 9 ص 190 وفي مجمع الزوائد ومعجم الطبراني قال النبي: واها لفراخ آل محمد من خليفة مستخلف مترف بقتل خلفي وخلف الخلف. واحاديث النبي في قتل الحسين في المصادر السنية والشيعية بل والكتابية كثيرة جدا.
9- الطبري 4/ 289 ابن الأثير 38/4 الناقص من طبقات ابن سعد 1/ 33 4 عن معاوية بن قرة، تاریخ ابن عساکر 216/14 عن معاوية بن قرة، وابن كثير 8/، أقول: وذلك لما قتلوا يحیی علیه السلام. وفي فتوح أعثم 42/5 ان الحسين قال لعبد الله بن عمر: اما علمت ان من هوان الدنيا على الله ان راس يحي بن زکریا أهدي إلى بغي من بغايا بني إسرائيل ...فلم يعجل عليهم بل أخذهم بعد ذلك أخذ عزیز مقتدر، ثم قال له: اتق الله يا أبا عبد الرحمن ولا تدعن نصرتي.

بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس و کربلا فيملان مني اکراشا جوفا وأجربة سغبا لا محيص عن يوم خط بالقلم رضا الله رضانا أهل البيت ويوفينا أجور الصابرين لن تشذ عن رسول الله لحمته (1) لقد كان الحسين يحدث بهذا وأمثاله سرا وعلانية في جو من الاستضعاف والخوف والارهاب، يبصر المسلمين ويستنهض هممهم ويطلب نصرتهم، ويذکرهم بتكليفهم الشرعي، نظير ما كان يصنعه جده رسول الله في مكة يوم استضعفته قریش وعذبت اصحابه فقتل من قتل وسجن من سجن وتشرد من تشرد.

وليس من شك أن هذه الحركة التبليغية العلنية من الحسين علیه السلام تقوم على اساس ما أمر به النبي صل الله علیه و اله من تبلیغ حديثه إلى الناس وما أمر به الله ورسوله من إظهار العلم عند ظهور البدع، وقد تخير لها الحسين علیه السلام بتوفيق الهي خاص ظرفها المناسب، وهي تعني في الوقت نفسه أن السلطة الأموية في الشام سوف لن تسكت على مثل هذه الحركة بل سيكون موقفها منها هو العمل على القضاء عليها بكل وسيلة ممكنة وبأقسى ما يتصور من العقوبة لتكون للآخرين نکالا وعبرة.

ثالثا: الهجرة إلى الكوفة :

الكوفة بصفتها البلد الممتحن وفيها بقية تلاميذ علي علیه السلام وحملة خطبه وأحاديثه وأقضيته وأخبار سيرته والخطة هي أن يهاجر اليها وينطلق بأهلها في مواجهة الأمويين وتطويق إنحرافهم والإطاحة بهم

ص: 500


1- اللهوف لابن طاووس، ص38

جاء الى الحسين عليه السلام (وهو في مكة) ثلة من وجوه الشيعة الكوفيين: برير الهمداني وعابس بن حبيب الشاكري الهمداني (1)وشوذب مولی عابس (2) وحجاج بن مسروق الجعفي ویزید بن مغفل المذحجي الجعفي (3)والصحابي أنس بن الحارث وغيرهم انهی عددهم الذهبي الى ستين شيخا(4) وبقوا مع الحسين حماية له اضافة الى بني هاشم. أرسل الحسين ابن عمه مسلم بن عقيل الى الكوفة يتحرك لتهيئة الأجواء وأمره أن ينزل على هانيء بن عروة شیخ مذحج أهم وأقوى شخصية اجتماعية وسياسية في الكوفة(5)وكتب مسلم للحسين يخبره ان الاجواء مهيأة لقدومه.

ص: 501


1- من أصحاب علي علیه السلام واشترك في حروبه و كان من وجوه الشيعة التحق بالحسين في مكة ثم قدم معه،كان من أشجع الناس.
2- اشترك مع علي علیه السلام في حروبه و كان من وجوه الشيعة وأخذ عنه أهل الكوفة العلم والحديث صحب مولاه عابسا الي مكة بعد قدوم مسلم وجاء معه من مكة الى كربلاء
3- كان قد أدرك النبي وشهد القادسية في عهد عمر وكان احد الشجعان من الشيعة والشعراء المجيدين وكان من اصحاب علي حارب معه في صفين وبعثه في حرب الخريت و كان مع الحسين في مجيئه من مكة
4- قال الذهبي ج 3 ص 305: فسار (الحسين) في اله، وفي ستين شيخا من أهل الكوفة في عشر ذي الحجة. فسار في آله، وفي ستين شيخا من أهل الكوفة في عشر ذي الحجة.
5- قال ابن حجر في الاصابة: هانئ بن عروة بن الفضفاض بن نمران بن عمرو بن قماس بن عبد يغوث المرادي ثم الغطيفي مخضرم سكن الكوفة و كان من خواص علي ولما بايع أهل الكوفة مسلم بن عقیل بن أبي طالب للحسين بن علي نزل على هاني المذكور فلما قدم عبيد الله بن زياد قتل مسلم بن عقیل وقتل هانئ بن عروة وهوبن بضع وتسعين سنة فيكون أدرك من الحياة النبوية فوق الأربعين. وتحت عنوان عروة بن الفضفاض قال: وكان ابنه هانئ بن عروة من رؤساء أهل الكوفة وهو الذي نزل مسلم بن عقيل بن أبي طالب عنده لما أرسله الحسين بن على لأخذ البيعة على أهل الكوفة فقبض عبد الله بن زیاد عليهما فقتلهما وفي ذلك يقول الشاعر فان كنت لا تدرين ما الموت فانظري إلى هانئ في السوق وابن عقيل و كان من معالم قوته الاجتماعية انه قال لابن زیاد لما انكشف امره قد أمنتك على نفسك ومالك (الامامة والسياسة 5/2، العقد الفريد 377/4 ) وفي رواية قال له هانئ: یابن أخي انه قد جاء حق هو أحق من حقك وحق أهل بيتك (طبقات ابن سعد المفقود 460/1 ) فضرب ابن زیاد وجهه بعصابيده ثم قدمه فضرب عنقه.

نمي الخبر الى یزید فعزل النعمان بن بشير خوفا من أن لا يقدم على الحسين عليه السلام (1)وضم الكوفة إلى عبيد الله بن زياد وطلب منه الذهاب اليها ومواجهة حركة مسلم واستطاع ابن زیاد ان يسيطر على الحركة الشعبية الكامنة في الخفاء بواسطة قوى الشرطة والأمن الداخلي الموالية للنظام، ثم ألقى القبض على هانيء ومسلم وقتهلما وزج في السجون آلاف (2)من المستضعفين على الشبهة والظنة وقطع الطرق المؤدية إلى الكوفة (3)بالجيش والشرطة الذين ربوا على الولاء لبني امية والطاعة للنظام منذ عشرين سنة

بعث يزيد الى مكة من يقتل الحسين علیه السلام غيلة ويصل الخبر إلى الحسين ويقترن ذلك مع وصول کتاب مسلم الذي يخبر فيه أن الأجواء مهيأة للحسين علیه السلام

خرج الحسين يوم الثامن من ذي الحجة من مكة خوفا من أن يغتال في الموسم اويقتل في الحرم وتستباح به حرمة الحرم (4)، وقد حاول والي مكة منعه من الخروج ولم يفلح.

ص: 502


1- طبقات ابن سعد المفقود 459/1
2- قدر الدكتور الخربوطلي المصري في كتابه المختار بن عبيد الثقفي (74 -79) ان عدد الذين سجنهم ابن زیاد يبلغ اثني عشر الفا من الشيعة منهم المختار نفسه ثم اطلق ونفي الى الحجاز
3- قال ابن سعد في الجزء المفقود 466/1: وجعل الرجل والرجلان والثلاثة يتسللون الى حسين من الكوفة فبلغ ذلك عبيد الله فخرج فعسكر بالنخيلة واستعمل على الكوفة عمر بن حريث وأخذالناس بالخروج الى النخيلة وضبط الجسر فلم يترك أحدا يجوزه
4- روى الطبري 386/5 قال هشام عن عوانة بن الحكم عن لبطة بن الفرزدق بن غالب عن أبيه قال: حججت بأمي فأنا أسوق بعيرها حين دخلت الحرم في أيام الحج وذلك في سنة ستين إذ لقيت الحسين بن علي خارجا من مكة معه أسيافه وأتراسه فقلت: لمن هذا القطار فقيل: للحسين بن علي فأتيته فقلت: بأبي وأمي يا بن رسول الله ما أعجلك عن الحج فقال: لولم أعجل لأخذت. وروى البسوي في کتاب المعرفة والتاريخ /532 کتاب ابن عباس الى يزيد بعد قتل والحسين وواقعة الحرة جاء فيه: فما انس من الاشياء فلست بناس اطرادك حسينارضی الله عنه من حرم رسول الله الى حرم الله و تسييرك اليه الرجال لتقتله في الحرم فما زلت بذلك وعلى ذلك حتى اشخصته الى العراق فخرج خائفا يترقب فتزلزلت به خيلك عداوة لله ولرسوله ولاهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. وفي رواية اليعقوبي 247/2: فما زلت بذلك كذلك حتى أخرجته من مكة الى ارض الكوفة تزأر به خيلك وجنودك زئير الأسد عداوة منك لله ولرسوله ولاهل بيته ثم كتبت الى ابن مرجانة ان يستقبله بالخيل والاسنة والسيوف.

دخل الحسين ارض العراق وتحصره طلائع جيش النظام بقيادة الحر بن یزید الرياحي ولا تدعه يدخل الكوفة ولا يخرج عن ارض العراق وانتهى المطاف بحصره في کربلاء واجتمعت عليه كتائب جيش النظام الأموي بقيادة عمر بن سعد وعرضوا عليه البيعة و تسليم نفسه للسلطة اويقاتلوه.

اختار الحسين عليه السلام الموت على البيعة اوالتسليم وهو شعاره منذ اليوم الأول من حركته و كذلك كان موقف من معه من أهل بيته واصحابه من الكوفيين من الذين صحبوه من مكة ومن الذين استطاعوا الفرار من الكوفة واللحاق به أمثال عمروبن خالد الصيداوي (1)وأبي الشعثاء يزيد بن زياد بن مهاصر البهدلي الكندي (2)وحبيب بن مظاهر الاسدي ومسلم بن عوسجة الاسدي (3) وأبي ثمامة الصائدي(4) ونافع بن هلال الجملي وغيرهم (5)

قتل الحسين واصحابه وأهل بيته جميعا بعد معركة غير متكافئة وقطعت رؤوسهم

وسیرت الى الكوفة مع عيال الحسين ومن هناك سيروا الى الشام.

ص: 503


1- خرج من الكوفة بعد قتل مسلم هو ومولاه سعد بن مجمع بن عبد الله وابنه عائذ ودليلهم الطرماح قال ابن الأثير في الكامل : لما رآهم الحر حجزهم فقال له الحسين هؤلاء أصحابي ولأمنعنهم مما أمنع منه نفسي فكف عنهم الحر
2- خرج من الكوفة الى الحسين فصادفه في الطريق قبل أن يلاقيه الحر
3- كان هو وحبيب مع مسلم بن عقيل ثم خرج مع حبيب بعد قتل مسلم والتحقا بالحسين علیه السلام
4- كان من اصحاب علي علیه السلام الذين شهدوا معه مشاهده كلها وبعده صحب الحسن علیه السلام ثم بقي في الكوفة الى ان هلك معاوية ثم بعد أن اجتمع مع من اجتمع من وجوه الشيعة في دار سلیمان بن صرد خرج مع نافع بن هلال بعد قتل مسلم والتحق بالحسين علیه السلام
5- ويذكر الطبري 354/5عن أبي مخنف قال: خرج یزید بن نبيط و هومن عبد القيس إلى الحسين علیه السلام وكان له بنون عشرة فقال: أيكم يخرج معي فانتدب معه ابنان له: عبد الله وعبيد الله، فتقدي في الطريق حتى انتهى إلى حسين علیه السلام فدخل في رحله بالأبطح ثم أقبل معه حتى أتى فقاتل معه فقتل معه هو وابناه

معالم التغيير بعد شهادة الحسين عليه السلام

لئن شاء الله تعالى أن يقتل الحسين علیه السلام بعد خمسة شهور من حركته الهادية فقد شاء ايضا ان يتحرك الواقع السياسي والاجتماعي بعد الحسين علیه السلام بالاتجاه الذي يخدم الأهداف التي تحرك الحسين عليه السلام لها وقتل من أجلها ثم يتحقق كل ما أراد تحقيقه وبیان ذلك كما يلي:

اولا:

تفهمت الأمة أن الطاعة المطلقة للخليفة ليست من الدين في شئ وان الدین يدعو مجاهدة سلطة بني امية والاطاحة بهم ومن ثم نهضت ثائرة تحت لواء هذا القائد أو ذاك من مختلف الاتجاهات وقد استمرت الثورات عليهم حتى سقطوا على يد بني العباس ولم تعد سلطة بعد ذلك تتبنى لعن علي والتربية على بغضه.

ثانیا:

تنفس الشيعة /الصحابة والتابعون / من جديد في الكوفة بشكل عام حين ارتفع الضغط الخاص عليهم مدة عشر سنوات تقريبا بعد موت یزید ایام بيعتها لابن الزبير ( 67 -64 )، وايام المختار بشكل خاص لمدة سنة ونصف (14 ربیع الاول 66 - 14رمضان 67) حين استطاعوا أن يطهروا المجتمع الكوفي من قتلة الحسين علیه السلام - الذين كانوا يمثلون قمة الانحراف وبؤرة الفساد فيه - ويعيدوا التثقيف الصحيح باتجاه علي عليه السلام

ص: 504

وأهل بيته، وعلى الرغم من قصر مدة حكم المختار وقتله على يد مصعب الزبيري وقتل سبعة الاف شيعي صبرا بعده بضمنهم عمرة بنت النعمان بن بشير زوجة المختار لانها لم تتبرأ من زوجها المختار، ثم ظلم الحجاج وتتبعه لشيعة علي بقيت الكوفة قلعة صامدة على التشيع أبية على الترويض مما اضطر الحجاج في حركة ابن الأشعث (سنة 80-83) ان يستعين بجيش شامي للقضاء عليها، ولم يسكن الكوفة بعد ذلك خوفا على جيش اهل الشام من التأثر بفكرهم فبنى واسط خاصة لهم واستطاع الأئمة من ذرية الحسين وبخاصة الباقر والصادق علیهما السلام أن يثقفوا قواعدهم الشعبية الكوفية من جديد وبذلك عادت الكوفة كسابق عهدها ايام علي علي قلعة للتشيع ورواية اهل البيت علیهم السلام

ثالثا:

تصدعت وحدة الدولة وغابت السلطة المركزية (1) لبني امية التي كانت تلاحق المحدثين الصادقين ولم تسترجع سيطرتها كاملة الا بعد خمس وعشرين سنة من قتل الحسين وبذلك كسر الطوق المفروض على الحديث الصحيح، وطرح علي والمطهرون من ذريته من جديد أئمة هداة في المجتمع. وذلك حين انطلق خلال هذه الفترة بقية الصحابة والتابعين من شيعة علي وغيرهم في المدينة ومكة والكوفة والبصرة والشام وخراسان

ص: 505


1- استقل ابن الزبير في مكة والمدينة والعراق، ثم ثار المختار في الكوفة واقتطعها عن ابن الزبير مدة سنة ونصف من 14 ربيع الاول سنة 66 إلى 14رمضان سنة 67/ثم رجعت له بعد قتل المختار علي يد مصعب وأهل البصرة وجيش المهلب وفلول الجيش الذي قتل الحسين علیه السلام/. اختلف أهل الشام وصاروا رایتین راية تدعولابن الزبير وراية تدعو لمروان واقتتلوا بسبب ذلك ثم غلبة مروان، واقتتل اهل خراسان لسنين ثم بيعتهم أخيرا لعبد الملك. استقل نجدة الخارجي في اليمن ثم قتل نجدة من قبل اصحاب ابن الزبير. قتل عبد الله بن الزبير من قبل اصحاب عبد الملك بن مروان و صفا الملك لبني أمية من جديد. ثار العراقيون من جديد بقيادة ابن الأشعث (81-85). واستقر الملك لعبد لبني امية لمدة اربعين سنة تقريبا وأزعج مرة اخرى من قبل العراقيين بقيادة زيد وقتل سنة 122، ثم مات هشام سنة 125 ولم يستقر الملك لبني امية بعد ذلك إذ اختلفت كلمتهم ثم زالت دولتهم علي يد بني العباس سنة 132.

ظروفه.

فمن الصحابة في المدينة أم سلمة ت61 وابوسعيد الخدري ت 64، وعبد الله بن عباس ت68 بالمدينة ومكة والطائف وتوفي بها وله نیف وسبعون سنة وجابر بن عبد الله الانصاري ت 74 عن 94 سنة وسلمة بن الأكوع ت 74 وسهل بن سعد الساعدي ت 91.

وفي الكوفة سليمان بن صرد قتل سنة 66 وزيد بن ارقم ت 68 وعدي بن حاتم

ت67 والبراء بن عازب ت 72 وعامر بن واثلة ت 110 مكة منفيا من الكوفة منذ تولى الحجاج الكوفة وهو آخر من توفي من الصحابة.

وفي البصرة: مالك بن الحويرث ت 74 وأنس بن مالك أخذ يحدث بفضائل علي لماأصابته دعوة علي علیه السلام ت 90

وفي مرووخراسان: بريدة بن الحصيب ت 62، وابوبرزة الاسلمی ت 64

وفي الشام: واثلة بن الأسقع ت 85 وهو آخر من مات من الصحابة بدمشق.

ومن التابعين وهم بقية اصحاب علي واغلبهم کوفیون امثال: الحارث الاعور الهمداني ت 65، سعد بن حذيفة بن اليمان (من رجال عهد المختار) والاصبغ بن نباتة (ت بعد سنة 70) وحبة بن جوین ت76، أبي البختري قتل 82، زاذان ت 82 زر بن حبيش ت 81، عبد الله بن الحارث بن نوفل ت 84، عبد الرحمن بن ابی لیلی ق 82، فضالة بن ابي فضالة (ت 70-80)، کمیل بن زیاد (قتله الحجاج 82)، قيس بن عباد (قتله الحجاج 83)، وزيد بن وهب الجهني (ت 84 وقيل 96) ومسلم بن صبيح ت 100، ومنهم بصريون مثل أبي الأسود الدؤلي ت و خلاس الهجري (1)

ص: 506


1- كان من شرطة علي علیه السلام ت وله صحيفة كتبا عنه يحدث بها، توفي قبيل المائة بتقدير الذهبي نقلا عن ابن حجر في تهذيب التهذيب.

ومنهم مدنيون أمثال: عمر بن أبي سلمة ت 83، وإياس بن سلمة بن الأكوع ت119، ویزید بن امية (ت 70-80).

ولولا هذه السنوات الخمس والعشرين من غياب من السلطة المركزية التي انتجتها حركة الحسين وشهادته لما استطاع أولئك الصحابة والتابعون من نشرهم حديث النبي في بیان منزلة علي وأهل بيته أوذم بني أمية او نشر هم حديث علي وخطبه التي نجدها اليوم في كتب الحديث والتاريخ لدى عامة المسلمين.

ولولا انتشار أحاديث النبي صل الله علیه و اله في أهل بيته لما استطاع الأئمة من ذرية الحسين ان ينشروا سنة النبي برواية علي علیه السلام

ص: 507

خلاصة

قال الله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ ۖ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ ۖ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَىٰ عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ» الصف / 14.

وروى البخاري أن أعرابيا قال للنبي صل الله علیه و اله : الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل ليذكر ويقاتل ليرى مكانه في سبيل الله، فقال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله (1)

وجه الحسين علیه السلام أصحابه في المرحلة السرية من حركته في مواجهة الانقلاب الفكري لمعاوية (50-59) ليواصلوا نشر الاحاديث النبوية الصحيحة في علي واهل البيت علیهم السلام بين من يثقون به من الناس، وكان آخر نشاط نوعي في هذا السبيل هو المؤتمر السري الذي عقده الحسين عليه السلام في مكة في موسم الحج لسنة 59 هجرية، أي قبل موت معاوية بسنة، وحضره عدد كبير من الصحابة والتابعين، وكانت المادة الأساسية في هذا المؤتمر هي خطاب الحسين عليه السلام الذي أطلع المؤتمرين انذاك على خطورة الوضع الفكري

ص: 508


1- صحيح البخاري (المختصر) 1137/3

والسياسي ثم حثهم على نشر الحقائق الدينية في علي واهل البيت علیهم السلام وقد استهل خطابه بقوله: اني خفت دروس هذا الامر (أي امر ولاية اهل البيت).

اعلن الحسين علیه السلام بعد موت معاوية عن حركته التبليغية ليقاوم بدعتين سادتا وانتشرتا انتشارا مطبقاء

الأولى: التربية العامة على بغض علي ولعنه والبراءة منه، ورواية الأحاديث

الكاذبة في ذمه والطعن عليه ومعاقبة من يظهر خلافه لهذه السياسة.

الثانية: التربية العامة على الولاء المطلق للخليفة والتقرب إلى الله بطاعته ومحبته، ورواية الأحاديث الكاذبة في فضل بني أمية وإكرام من يتجاوب مع هذه السياسة.

اختار الحسين عليه السلام مكة قاعدة ينطلق منها في حركته تلك، يحيط به بنوهاشم لحمايته من اجل ان يقوم بممارسته التبليغية ونشر احادیث النبي في علي عليه السلام، الممارسة التي تعاقب الدولة عليها بعقوبة الاعدام كما يقال بلغة العصر. وتحرك الحسين عليه السلام على أخبار المسلمين القادمين من مختلف البلاد الإسلامية لأداء العمرة والحج يحدث الجيل الجديد منهم ما حرمت الدولة الحديث به فلم يسمعوه، ويستنهض الجيل القديم ويذكرهم بتكليفهم الشرعي إزاء ظهور البدع، ومن ثم يطلب النصرة من الجميع ليحموه من دولة الضلال، لكي يواصل هو واخبار الصحابة والتابعين تبليغ احادیث جده وسنته للامة.

تجاوب مع الحسين علیه السلام وجوه شيعة أبيه في العراق، وبخاصة في الكوفة الممتحنة في السنوات السابقة من النظام الأموي، وبايعوه على النصرة ودعوه إلى البلد لينهض به في مقاومة بني امية كما نهض جده النبي بأهل المدينة لمقاومة قريش، وشاء الله تعالى أن تنكشف الحركة في الكوفة وتسحق في مهدها، ويسجن أنصار الحسين فيها ويقتل هانئ أبرز وجه في الكوفة وأقواه سياسيا واجتماعيا، ويقتل بعده مسلم بن عقيل، وتقطع الطرق المؤدية إلى الكوفة لقطع الطريق على المختفين من أنصار الحسين علیه السلام من أن

ص: 509

يلحقوا به، ويطوق الركب الحسيني القادم من مكة خوفا من أن تستحل حرمتها به حيث كان يزيد قد دس الرجال ليقتلوا الحسين غيلة في الموسم.

عرض جيش الدولة على الحسين علیه السلام أن يسلم نفسه للسلطة وأبي الحسين ومن معه ذلك، وجرت معركة غير متكافئة، وقتل الحسين وأهل بيته واصحابه ورفعت رؤوسهم على الرماح وداست الخيل صدر الحسين علیه السلام وأخذت نساوه وأطفاله أسرى إلى الشام.

صفا الجوليزيد وبني امية سنتين تقريبا بعد قتل الحسين، وقدروا انهم اطفأوا النور الحسيني، وان زلزال الخطر عليهم وعلى خطتهم زال إلى غير رجعة، وما دروا أن القيام المخلص لله والقتل في سبيله، هومن اعظم الوسائل التي يتألق بها نور الهداية، ويستحکم بها الزلزال على المنحرفين، و تظهر معالمه جلية واضحة في كل البلاد الاسلامية.

- فقد ثار اهل المدينة على یزید بعد سنتين (63هجرية) من قتل الحسين علیه السلام

- واعلن أهل مكة تمردهم في غضون ذلك.

- وعاجل الله تعالى يزيد فأماته مبكرا، واستقال ولده معاوية الثاني، ومات بعد استقالته بایام، وتمزقت الدولة الاموية شر ممزق.

- فاقتتل أهل الشام بينهم من أجل الملك وصاروا رایتین راية تدعولابن الزبير واخرى تدعو لمروان ثم صفا الامر لمروان بن الحكم بعد وقعة مرج راهط، التي اهلكت آلاف الناس، ومن بعده لابنه عبد الملك.

- واقتتل اهل خراسان، قال المدائني لما مات یزید بن معاوية، وثب أهل خراسان

بعمالهم، فأخرجوهم وغلب كل قوم على ناحية، ووقعت الفتنة، وغلب عبد الله بن حازم على خراسان، ووقعت الحرب (1)وأقر عبد الله بن الزبير عبد الله بن خازم على

ص: 510


1- تاريخ الطبري 6/5 54

خراسان، و کاتبه عبد الملك ليبايع له فرفض، فثار علیه وکیع بن الدورقية وقتله (1).

- وفي البصرة روی ابومخنف قال: وثب الناس بعبيد الله بن زیاد و کسر الخوارج أبواب السجون، وخرجوا منها (2)، وقادهم نافع بن الازرق ومن بعده عبيد الله بن الماحوزی وجرت بينهم وبين اهل البصرة حروب كثيرة، ثم هزمهم المهلب بن أبي صفرة عن الاهواز.

- وفي الكوفة وثب رؤساء الجيش والشرط، بعمروبن حريث خليفة ابن زیاد و مدیر شرطته، وكان هواهم مع ابن الزبير، فأخرجوه من القصر واصطلحوا على عامر بن مسعود بن أمية الجمحي القرشي، وبايعوا لابن الزبير ثم كسرت السجون وخرج الشيعة.

- واقتتل اهل اليمن فيما بينهم كذلك.

- و كان البلد الوحيد الذي وجدت فيه حركة تحمل خط الحسين علیه السلام ونهجه، هوالكوفة

ص: 511


1- قال ابن حجر في تهذيب التهذيب : عبد الله بن خازم بن أسماء بن الصلت بن حبيب بن حارثة بن هلال بن حرام بن السمال بن عوف بن امرئ القيس بن بهثة بن سليم السلمي أبوصالح البصري أمير خراسان، يقال : له صحبة ورواية، روى عنه سعد بن عثمان الرازي وسعيد بن الأزرق، قال أبو أحمد العسكري : كان من أشجع الناس، ولي خراسان عشرسنين، وافتتح الطبسين(تثنية طبس، قصبة ناحية بين نيسابور واصبهان تسمى قهستان) مراصد الاطلاع، ثم ثار به أهل خراسان فقتلوه و کان الذي تولى قتله وکیع بن الدورقية، وحمل رأسه إلى عبد الملك بن مروان، وقال خليفة ابن خیاط قام بأمر الناس في وقعة قازن بباذغيس (ناحية تشمل على قرى اعمال هراة ومرو) و كتب إلى بن عامر بالفتح فأقره على خراسان حتى قتل عثمان، وقال صالح بن الرحبية بقتل سنة 71، وقال السلامي في تاريخه لما وقعت فتنة بن الزبير كتب إليه بن خازم بطاعته فأقره على خراسان، فبعث إليه عبد الملك بن مروان يدعوه إلى طاعته فلم يقبل، فلما قتل مصعب بعث إليه عبد الملك برأسه فغسله وصلی علیه ثم ثار عليه، وکیع بن الدورقية و غيره فقتلوه. وبمعنى ذلك حکی أبو جعفر الطبري وزاد و كان قتله في سنة 72.
2- تاریخ الطبري 567/5 عن أبي مخنف.

بزعامة سليمان بن صرد ثم بزعامة المختار الثقفي، ولكن عبد الله بن الزبير لا يحتمل ذلك وبخاصة وان الكوفة كانت تابعة له، فبعث اخاه مصعب بأهل البصرة وبقايا الجيش الذي قاتل الحسين عليه السلام الذي خرج من الكوفة فارا من المختار، وطوق الكوفة وقتل المختار، وقتل بعد ذلك زوجة المختار لانها لم تتبرأ منه ومعها ستة الاف صبرا ممن كان مع المختار في القصر.

- ولئن استطاع عبد الملك بعد عشرين سنة أن ينتصر على المعارضة والثوار في انحاء البلاد الإسلامية، وان يستعيد وحدة الدولة الاموية وفرض السياسة التي اختطها معاوية من جديد، فإن حرارة الزلزال في الكوفة، والمغتربين من ابنائها في خراسان لم تكن قد انتهت، فكانت ثورة زيد في الكوفة، وكان قدره فيها كقدر جده الحسين عليه السلام ان يكون وقودا وزيتا للثائرين، ثم كانت ثورة العباسيين بالكوفيين المغتربين ومن معهم من اهل خراسان، وانهار على ايديهم الحكم الأموي والاطروحة الاموية للاسلام، المبني على لعن علي علیه السلام

إلى غير رجعة، حيث لم يجيء حكم بعد ذلك يتبنى لعن علي علیه السلام إلى اليوم ولن يجيء إلى آخر الدنيا.

- وانتشرت الأحاديث النبوية التي عمل بنوامية على طمسها وكتمانها وتحريفها،

واهتدى بها من اراد الهداية من الأمة، وهي محفوظة في كتب المسلمين جميعا الى اليوم.

- وايد الله تعالى الحسين تاییدا خاصا حين بتر نسل یزید فلا يوجد اليوم من ينتسب اليه، وبارك الله تعالى في نسل الحسين فهو يملأ الدنيا، ورزقه منهم تسعة أئمة هدی اسباطا، اعلام هداية، نشروا ما كان يحمله الحسين من تراث نبوي كتبه علي عليه السلام بيده الكريمة الطاهرة، واملاه النبي من فيه الشريف المطهر، والتف حولهم شيعة ياخذون عنهم هذا التراث الالهي، ويحملون ظلامة الحسين علیه السلام غضة طرية كل عام في عاشوراء، ليهتدي بهديها من شاء من الناس.

ص: 512

الأعلام المترجم لهم في الكتاب

إبراهيم بن محمد أبي إسحاق الفزاري، 166

إبراهيم بن محمد بن عرفة الواسطي، 76

أبو اليمان الحكم بن نافع الحمصي، 70

أبو ثمامة الصائدي، 503

أبو سلمان المؤذن، 410

أبو ليلى الكندي، 298

أبو مخنف لوط بن يحيى الأزدي، 16

أبو عبد الله الجدلي، 290

أحمد بن زهير بن أبي خيثمة، 246

إسحاق بن طلحة بن عبيد الله (التيمي)، 93

أنس بن الحارث نبيه، 166

برير الهمداني، 166

بكير بن عثمان البجلي، 97

جعفر الصادق علیه السلام، 472

جويرية بن أسماء بن عبيد بن مخارق، 247

جويرية بن مسهر، 111

حبیب بن مظاهر الاسدي، 167

حجار بن أبجر العجلي، 98

حجر بن عدي الكندي، 88

حریز بن عثمان أبو عون الحمصي، 69

الحسن المثنى بن الحسن علیه السلام، 457

حصین بن تميم الطهوي، 172

حصين بن يزيد التغلبي أو الثعلبي، 387

الحكم بن أبي العاص، 134

الحكم بن عمرو أبو عمرو الغفاري، 60

حمران بن أعين، 418

خلاس الهجري، 375

خليفة بن خیاط، 247

الربيع بن زياد الحارثي، 83

رزین بن حبيب الجهني، 378

رشید الهجري، 110

زحر بن قیس الجعفي، 99

زهير بن حرب بن شداد الحرشي، 246

زید بن ارقم، 295

زید بن الحسن بن على علیه السلام ، 465

سعید بن عبد الملك بن واقد الحراني، 166

سفیان بن الليل، 51

سلمان بن ربيعة بن يزيد الباهلی، 174

سلیمان بن صرد، 273

سماك بن حرب، 382

سمرة بن جندب الفزاري، 85

شبث بن ربعي، 97

شمر بن ذي الجوشن العامري، 98

الضحاك بن مزاحم، 394

عابس بن حبيب الشاكري الهمداني، 501

عامر بن مسعود بن أمية بن خلف، 96

العباس بن علي بن ابي طالب علیه السلام160

عبد الرحمن بن أبي أنعم، 384

عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي، 99

عبد الرحمن بن أبي عميرة، 484

عبد الرحمن بن بهمان، 403

عبد الرحمن بن عبد ربه، 189

عبد الله بن الزبير، 237

عبد الله بن جعفربن أبي طالب، 159

عبد الله بن حنظلة الغسيل، 248

الله بن خازم السلمي، 510

ص: 513

عبد الله بن شريك العامري، 187

عبد الله بن عباس، 159

عبد الله بن عثمان بن خثيم، 402

عبد الله بن مصعب الزبيري، 262

عبد الملك بن عمير، 422

عزرة بن عزرة الأحمسي، 100

عقیصا ابوسعید التيمي، 168

عكرمة بن عمار الحنفي العجلي، 406

علقمة بن خالد بن الحارث، 385

علي بن الحسين، 469

علي بن رباح اللخمي، 68

علي بن زید بن جدعان، 419

علي بن عبد الله بن عباس، 68

عمارة بن عقبة بن أبي معيط الأموي، 94

عمر بن سعد بن أبي وقاص القرشي، 94

عمر بن سعد بن أبي وقاص، 94

عمرو بن الحمق الخزاعي، 109

عمرو بن بحر الليثي اللغوي النحوي، 481

عمرو بن حریث القرشي المخزومي، 86

عمرو بن الحجاج الزبیدي، 98

عمرو بن خالد الصيداوي، 167

فضالة بن عبيد الأنصاري، 123

قبيصة بن ضبيعة العبسی، 101

قطن بن عبد الله بن حصين الحارثي، 97

القعقاع بن شور الذهلي، 98

قیس بن أبي حازم، 438

کثیر بن شهاب بن حصين الحارثي، 96

لبيد بن عطارد التمیمی، 98

محفز بن ثعلبة من عائذة قريش، 99

محمد الباقرعلیه السلام ، 472

محمد بن عبد الله أبو جعفر الاسكافي، 482

محمد بن علي بن أبي طالب علیه السلام 160

محمد بن عمير بن عطارد التميمي، 98

مروان بن أبي حفصة، 74

مروان بن الحكم، 36

مسلم بن عقبة المري، 130

مسلم بن عقیل بن ابي طالب علیه السلام160

مصعب بن عبد الرحمن بن عوف ، 378

معروف بن خربوذ، 417

المنذر بن الزبير بن العوام، 94

ميسرة بن حبيب النهدي، 55

نفطويه، 76

نوفل بن مساحق بن عبد الله الأكبر، 252

هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، 376

هانئ بن عروة، 501

وائل بن حجر الحضرمي، 96

وأبو ثمامة الصائدي، 167

والسائب بن الأقرع الثقفي، 97

و شوذب مولی عابس، 501

ومسلم بن عوسجة الأسدي، 503

وموسی بن طلحة التميمي، 93

وهب بن جریر بن حازم، 247

وهب بن عبد الله بن زمعة، 376

يحيى بن جعدة بن هبيرة، 299

یزید بن زیاد بن مهاصر البهدلي، 167

یزید بن مغفل المذحجی الجعفی، 501

ص: 514

المصادر والمراجع

القرآن الكريم

نهج البلاغة

اباطيل يجب ان تمحى من التاريخ / ابراهيم شعوط

الاتحاف بحب الاشراف / الشبراوي

الأحاد والمثاني / ابن أبي عاصم الضحاك / وفاة: 387 / ط دار الدراية

الأخبار الطوال / الدينوري / وفاة: 282 /ط:داراحياء الكتاب العربي / 1960

اختیار معرفة الرجال / الطوسي /ط: مؤسسة آل البيت / قم 1404

ادارة العراق في صدر الإسلام رمزية عبد الوهاب الخير و

الادب المفرد / البخاری / وفاة 356 /ط: 1406 / مؤسسة الكتب الثقافية / بيروت

ارشاد الساري في شرح صحيح البخاري العسقلاني

الاستيعاب / ابن عبد البر / وفاة: 463 / ط1413 /ط: دار الجيل

اسد الغابة في معرفة الصحابة / ابن الأثير / وفاة:63/ط: دار الكتاب العربي بيروت

الاصابة في تمييز الصحابة / ابن حجر العسقلاني / وفاة: 853 / ط: دار الكتب العلمية / 1415

الاغاني / الأصبهاني / وفاة: 356 / ط: دار الكتب العلمية / بيروت /1412

الامام الحسن عليه السلام المصلح العظيم (مخطوط) قراءة جديدة / السيد سامي البدري

الإمامة والسياسة / ابن قتيبة / وفاة:276/ ط: مؤسسة الحلبي

انساب الاشراف / البلاذری / وفاة: 279/ ط: مؤسسة الأعلمی /سنة 1394

انساب الطالبيين / علي بن محمد بن علي العلوي وفاة: 709/ط: كلية السيد المرعشي/1409

بحار الانوار / العلامة المجلسي / وفاة: 1111/ط: مؤسسة الوفاء بيروت /1403

البخاري / محمد بن اسماعيل البخاري / وفاة: 256/ط: دار الفکر للطباعة /1401

البداية والنهاية / ابن كثير وفاة:256 / ط:دار الفكر للطباعة /1401

بلاغات النساء / ابن طيفور وفات: 380/ ط: مکتبة بصيرتي

البيان والتبيين / الجاحظ / وفاة: 255 / مكتبة ارومية / قم / 1345

تاریخ الاسلام / الذهبي

تاريخ الخميس / الديار بكري

تاريخ السيوطي / السيوطي

تاريخ الشيعة / الشيخ محمد حسين المظفر

تاريخ الطبري / ابو جعفر محمد بن جرير الطبري / وفاة: 310/ط: مؤسسة الأعلمی بیروت /1403

التاريخ الكبير / البخاري / وفاة: 256 /ط: المكتبة الاسلامية / دیار بکر ترکیا

تاريخ اليعقوبي / احمد بن ابي يعقوب / وفاة: 463/دار الکتب العلمیة بیروت /1417 تاریخ بغداد / الخطيب البغدادی / وفاة: 463/ ط:دار الكتب العلمية بيروت /17 14

تاريخ بن خیاط / خليفة بن خياط / وفاة: 240/ ط: دار الفكر للطباعة والنشر

تاريخ يحيى بن معين / يحيى بن معين / وفاة: 233/ ط:دار القلم

تذكرة الحفاظ / الذهی / وفاة: 748/ط: دار احياء التراث بيروت

تذكرة خواص الامة / سبط ابن الجوزي

تعجيل المنفعة / ابن حجر العسقلاني / وفاة: 853/ ط: دار الكتاب العربي

التعديل والتجريح / الحافظ الباجي / وفاة: 474/ ط: وزارة الاوقاف المصرية

تقريب التهذيب / ابن حجر العسقلاني / وفاة: 853 /ط: دار المكتبة العلمية / 1415 التنبيه والاشراف / المسعودي / دار صعب / بيروت

ص: 515

تهذيب التهذيب / ابن حجر العسقلاني / وفاة: 853 / ط: دار الفکر بیروت / 14.4

تهذيب الكمال / المذي / وفاة: 743/ط: مؤسسة الرسالة بيروت 1406

تهذيب المقال / السيد محمد علي الأبطحي / معاصر /ط: ابن المؤلف

تهذیب تاریخ دمشق / ابن عساكر /تحقیق: روحية النحاس / ط: دار الفكر دمشق 1404

تیسیر اعلام النبلاء / الذهبي / وفاة:748/ط: مؤسسة الرسالة بيروت

جامع البيان / ابو جعفر محمد بن جرير الطبري / وفاة: 310/ط: دار الفکر بیروت - 1415

الجامع الصحيح المختصر / البخاري / وفاة:256/ ط: الموسوعة الذهبية

الجمل / الشيخ المفيد / وفاة:13 4/ط: مکتبة الداوري / قم

حاشية السندي على النسائي / الامام السندي / وفاة: 1138/ط: دار الكتب العلمية

الحاوي الكبير / الماوردي

الحجاج بن يوسف الثقفي / احسان صدقي العمد / ط: دار الكتب المصرية

حلية الأولياء / ابو نعيم الأصبهاني / وفاة: 430/ط: دار الفكر

خزانة الادب / عبد القادر البغدادي / وفاة: 1093 / ط: دار الكتب العلمية بيروت / 1998

الخصال / الشيخ الصدوق / وفاة: 281 /ط: جامعة المدرسين / قم 1403

خطط المقريزي / المقريزي / ط: مکتبة مدبولي القاهرة 1998

الخوارج والشيعة / يوليوس فلهوزن / ترجمة عبد الرحمن البدوي / الكويت 1978

الدر المنثور / السيوطي / وفاة 911 / ط: دارالمعارف للنشر / بيروت

الدولة الأموية / الشيخ محمد الخضري / ط: دار المعرفة بيروت / بيروت 1418

الديباج على صحيح مسلم / السيوطي / وفاة 911 /ط: دار ابن عفان /1416

ديوان الشريف الرضي / الشريف الرضی

ذخائر العقبي / احمد بن محمد المكي / وفاة: 694/ط:مکتبة القدسي القاهرة /1356

الروض المعطار / الحميري

سر السلسلة / ابو نصر البخاري / وفاة: 341/ ط:الشريف الرضي /1413

السنة لابن مخلد / ابن مخلد

سنن ابو داوود / ابن الأشعث السجستاني / وفاة: 275 / ط: دار الفكر /1410

سنن البيهقي / البيهقي / وفاة: 458/ط:دار الفكر

سنن الترمذي / الترمذي / وفاة: 379 /ط: دار الفکر بیروت 1403

سنن الدارمی/ عبد الله بن بهرام الدارمی/ وفاة: 355 / ط: مطبعة الاعتدال / دمشق 1349

السنن الصغرى / النسائي / وفاة: 303

السنن الكبرى / النسائي / وفاة: 303 / ط:دارالكتب العلمية / بيروت /1411

سنن النسائي / النسائي / وفاة:303/ط: دار الكتب العلمية 1411

السيدة سكينة / للمقرم

السيرة النبوية / ابن هشام الحميري / وفاة: 218/ ط: مكتبة محمد علي صبيح / 1383

شبهات وردود / السيد سامي البدري

شرح الاخبار / القاضي النعمان المغربي / وفاة:363 /ط: جامعة المدرسين 1414

شرح نهج البلاغة / ابن ابی الحدید / وفاة: 656/ ط:دار احیاء الكتب العربية 1378

شواهد التنزيل / الحسكاني /وفاة: ق 5/ط:مؤسسةالطبع و النشر التابعة لوزارة الثقافة والاثار الايرانية /1411

صحیح ابن حبان / ابن حبان / وفاة: 354/ط: مؤسسة العرب

صحیح مسلم / الامام مسلم /وفاة: 261/ط: دار الفکر بیروت

.صفوة الصفوة / ابو فرج ابن الجوزي

الضعفاء / العقیلی / وفاة: 322/ ط: دار الكتب العلمية / بيروت 1418

ص: 516

طبقات ابن سعد المفقود / ابن سعد

الطبقات الكبرى / ابن سعد / وفاة: 230 / ط: دار صادر بیروت

طبقات فحول الشعراء / ابن المعتز

العراق في العهد الأموي (رسالة دكتوراه) / الخربوطلي / ط: دار المعارف بمصر 1959

العقد الفرید / احمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي

عمدة الطالب في انساب آل ابي طالب / أبن عتبة / وفاة:828/ط: المطبعة الحيدرية النجف / 1380

غاية الاختصار / ابن زهرة الحسيني

الغدير / العلامة الاميني / وفاة: 1392 / ط:دار الكتاب العربي / بيروت 1397

فتح الباري / ابن حجر العسقلاني / وفاة:853/ ط: دار المعرفة بیروت

فتح القدير / للشوكاني / وفاة: 1255 /ط: عالم الكتب

فتح الملك العلي /احمد بن صديق المغربي /ط: مكتبة امير المؤمنين اصبهان 1403

الفتوح / ابن اعثم / وفاة: 314/ط:دار الاضواء / 1411

فتوح البلدان / البلاذري / وفاة: 279 / ط: مکتبة النهضة المصرية

الفضائل / احمد بن حنبل

قاموس الرجال / التستري / معاصر / جامعة المدرسين قم /1419

الكافي / الكليني / وفاة: 329/ ط: دار الكتب الاسلامية / 14.5

کامل الزیارات / ابن قولویه / وفاة: 367/ ط: مؤسسة النشر والثقافة /1417

الكامل في التاريخ / ابن الأثير / وفاة: 630 / دارصادر بيروت /1386

الكامل في الضعفاء / عبد الله ابن عدی /وفاة: 365 /ط: دار الفكر للطباعة والنشر / 1409

کتاب سلیم ابن قیس / سليم ابن قیس / وفاة: 90/ تحقیق: محمد باقر الأنصاري

کشف الغمة / الاربلی / وفاة:693/ط: دارالأضواء بيروت / 1405

کشف المحجة إلى ثمرة المهجة / ابن طاووس / وفاة: 664/ط: المطبعة الحيدرية النجف /1370

کشف اليقين / الحلي

كنز العمال / المتقي الهندي / وفاة: 975 /1409 مؤسسة الرسالة بيروت

لسان العرب / لابن منظور /وفاة:711/ط: نشرادب الحوزة قم /1455

لسان الميزان / ابن حجر العسقلاني / وفاة:853/ ط: مؤسسة الأعلمي بيروت / 1395

اللهوف في قتلي الطفوف / السيد ابن طاووس /: وفاة: 664/ط: انوار الهدى / 1417

مثير الاحزان / نجم الدين جعفر بن محمد بن نما / وفاة: 645/ط: الحيدرية / النجف / 1369

المجروحين / ابن حبان / وفاة: 354/ تحقیق محمود ابراهیم زاید /ط: دار الباز للنشر والتوزيع

مجلة المجمع العلمي بدمشق العدد 134 /455 /

مجمع الزوائد / الهيثمي / وفاة: 807/ط: دارالكتب العلمية بيروت 1408

المختار بن عبيد الثقفي /الدكتور الخربوطلي /ط:وزارة الثقافة والارشاد القومي المؤسسة المصريةالعامة للنشر

مختصر صحیح البخاري /طبعة الموسوعة الذهبية

المدخل الى دراسة مصادر السيرة والتاريخ / السيدسامي البدري

مراصد الاطلاع صفي الدين البغدادي وفاة: 739/ ط: دار المعرفة بیروت

مروج الذهب / المسعودي / وفاة:364 / ط:دار الاندلس بیروت 1385

المسائل السروية / الشيخ المفيد / وفاة:13 4/ط:دار المفيد /1414

المستدرك على الصحيحين /الحاكم النيسابوري /وفاة: 4.5 /تحقيق يوسف المرعشلی /ط: دار المعرفة بيروت

ص: 517

مسند ابي داوود الطيالسي / سليمان بن داوود الطيالسي / وفاة: 304/ط: دار المعرفة بيروت

مسند ابی یعلی / ابو یعلی / وفاة: 307/ط: تحقیق حسین سلیم اسد / دار المأمون

مسند احمد ابن حنبل / احمد بن حنبل / وفاة: 241/ ط: دار صادر بیروت

مسند الشاميين / الطبراني / وفاة:360 / مؤسسة الرسالة بيروت / 1417

مشاهير علماء الأمصار / ابن حبان / وفاة: 354/ ط:دار الوفاء / المنصورة /1411

مشکل الآثار / الطحاوي / وفاة: 321/ط:مجلس دائرة المعارف النظامية / حیدر آباد / الهند / 1333

المصنف ابن ابی شیبة / وفاة: 235 / ط: دار الفكر1409

مصنف ابي شيبة / ابي شيبة / وفاة: 235/ ط: دار الفكر بيروت /1459

المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية / ابن حجرالعسقلاني / تحقيق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي

معالم المدرستين / العلامة العسكري / مؤسسة النعمان بيروت 1410

المعجم الكبير / الطبراني / وفاة: 340/ ط:دار احياء التراث العربي

معجم رجال الحديث / الخوئي / وفاة: 1411 /ط: الخامسة 13 14

معرفة الثقاة / ابن حبان / وفاة: 354/

المعرفة والتاريخ / للبسوي / وفاة:377/ ط: مطبعة الأرث بغداد

مقاتل الطالبيين / ابو فرج الأصبهاني / وفاة:356 /ط: المكتبة الحيدرية / 1385

مقتل الامام الحسين / ابو مخنف / وفاة: 157/ط:المطبعة العلمية قم

مقتل الخوارزمي / للخوارزمي

المقنعة / الشيخ المفيد / وفاة: 413/ط:جامعةالمدرسين / 1410

من لایحضره الفقيه / الصدوق / وفاة: 381/ط:جامعة المدرسين قم

مناهل الضرب / الاعرجي

موجز التاريخ الاسلامي / احمد محمود العسيري : موسوعة التاريخ الاسلامي / الشيخ محمد هادي اليوسفي الغروي /ط: مجمع الفكر الاسلامی / 1430

الموطأ / للامام مالك / وفاة 179/ط: دار احياء التراث /1406

نحو انقاذ التاريخ الاسلامي / حسن فرحان المالكي /ط: مؤسسة اليمامة /1417

النصائح الكافية / محمد بن عقيل العلوي / وفاة 1350 / ط:دار الثقافة والطباعة /1412

النهاية / ابن الأثير وفاة: 606/ط: مؤسسة اسماعیلیان / قم /14.6

نهج البلاغة / الشريف الرضي / وفاة: /ط:دارالذخائر ایران 1413

نیل الاوطار / الشوكاني / وفاة: 1255 / ط: دار الجيل بيروت 1973

وسائل الشيعة / الحر العاملي / وفاة: 1104/ ط: مدرسة ال البيت / 1414

وقعة صفين / ابن مزاحم / وفاة: 212/ ط:الموسوعة العربية الحديثة / 1382 القاهرة

ينابيع المودة / القندوزي / وفاة: 1294/ط: دار الأسوة / ایران / 1416

ص: 518

المحتويات

المقدمة...9

الباب الأول : بحوث تمهيدية

1. الأطروحات الأساسية التي عرفت بالحسين عليه السلام ...13

الأطروحة الأموية - الحسين علیه السلام مارق عن الدين ...13

الأطروحة العباسية - الحسين علیه السلام ثائر شرعي غير أنه أخطأ في تقديره الأمور ...14

أطروحة الأئمة من ذرية الحسين علیه السلام - الحسین علیه السلام وارث الأنبياء وإمام هدی...14

2.كتاب أبي مخنف حول مقتل الحسين علیه السلام وحركة المختار...16

2.الوظيفة الالهية للائمة الاثني عشرعلیهم السلام ...24

الامامة الالهية لاهل البيت عليهم السلام لها نظير في الأمم السابقة...24

التناظر التكويني بين الائمة من اهل البيت والائمة من بني اسرائيل...25

ما هي الوظيفة الالهية لاهل البيت علیهم السلام بعد النبي صل الله علیه و اله ؟...26 نظرية الحكم الإسلامي في الفكر الأمامي الاثني عشري ...27

المراحل التاريخية لعمل الأئمة علیهم السلام في مواجهة الفتن والضلالات الأساسية. .. 29

4.خلاصة بالواقع التاريخي لسيرة النبي صل الله علیه السلام وعلي والحسن عليهما السلام في أداء وظيفتهم الالهية قبل حركة الحسين عليه السلام...31

عهد النبوة الخاتمة...31

عهد خلافة قريش المسلمة...34

حركة على علیه السلام لاحياء السنةالنبوية...37

صلح الحسن عليه السلام لحفظ وحدة القبلة وتثقيف اهل الشام بالسنة...40

ضلالةبني أمية ...42

المعركة حول الهداية ...44

الباب الثاني : الإنقلاب الأموي

الفصل الأول : معاوية بنقض عهده مع الحسن علیه السلام ...49

ص: 519

بنو أمية في حديث النبي صل الله علیه و اله ...49

معاوية ينقض عهوده مع الحسن علیه السلام ...52

استلحاق زیاد...56

معاوية يستصفي الذهب والفضة من الغنائم ...59

العن علي علیه السلام وسبه على المنابر ...61

المنع من نشر حديث النبي صل الله علیه و اله في حق علي علیه السلام ...71

إختلاق أخبار قبيحة في علي وأهل بيته علیهم السلام ...72

اختلاق الفضائل في الخلفاء الاوائل وفي بني أمية...76

ترويع شيعة علي علیه السلام...78

الفصل الثاني: خطة معاوية لتصفية النشيع في الكوفة...79

عقبتان امام مخطط معاوية بعد وفاة الحسن عليه السلام...79

الجيش والشرطة ...80

المرحلة الأولى في حياة الحسن عليه السلام...80

المرحلة الثانية بعد وفاة الحسن علیه السلام ... 80

اجراءات زیاد بن عبيد الثقفي في الكوفة...81

الفصل الثالث : مقتل حجر بن عدي وأصحابه...88

ترجمة حجر ...88

سبب قتل حجر ...89

شهادة الزور وشهداء الزور...91

حجر ومن معه في مرج عذراء...101

البراءة من على علیه السلام أو القتل...103

أصداء قتل حجر ...105

الكوفة بعد قتل حجررضی الله عنه ...108

رشید الهجري ...110

جويرية بن مسهر...111

نجاح تخطيط معاوية في الكوفة ...112

الفصل الرابع : أطروحة معاوية للحكم...117

الحاكم الأموي خليفة الله ...117

عهد الولید بن يزيد بن عبد الملك ...118

وخلاصة هذا العهد امور ...121

ادعاء معاوية الخلافة عن الله تعالى ...121

ص: 520

روایات موضوعة لاسناد الأطروحة الاموية ...123

فتوح البلدان غطاء عام للانقلاب الأموي ...125

جيش خليفة الله ...129

خلاصة بما قام به معاوية وولاته...132

خلاصة بمعالم الضلال الأموي ...133

الباب الثالث : حركة الحسين علیه السلام في مواجهة الإنقلاب الأموي

الفصل الأول: السكوت والعمل السري في عهد معاوية...139

خلاصة خطة معاوية ...139

رد فعل الأمة إزاء غدر معاوية...141

الحسين عليه السلام بين موقفين ...143

خطة الحسين علیه السلام في التغيير ...146

نشاط الحسين علیه السلام زمن معاوية...147

رسالة الحسين عليه السلام إلى معاوية بعد قتل حجر وأصحابه ...148

الولید بن عتبة يحجب أهل العراق عن الحسين بعد سنة 57 هجرية ...151

مؤتمر الشيعة في الحج قبل موت معاوية بسنة...151

الفصل الثاني : نهضة الحسين علیه السلام للتغيير بعد موت معاوية...153

الحسين عليه السلام لا يبايع ليزيد...153

ماذا تعني البيعة؟ ...153

خلاصة السياسة الأموية ...153

الموقف المترقب من الحسين عليه السلام إزاء السياسة الأموية...155

الحسين علیه السلام لا يبايع ليزيد...157

الحسين عليه السلام في مكة...159

عبد الله بن عباس ...159

عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ...159

محمد بن علي بن أبي طالب علیه السلام المعروف بابن الحنفية ...160

العباس بن علي بن ابي طالب علیه السلام ...160

مسلم بن عقيل بن أبي طالب علیه السلام...160

أحاديث الحسين علیه السلام في مكة ...160

الكوفة المستضعفة تستجيب للحسين عليه السلام ...165

موقف السلطة الأموية من حركة الحسين علیه السلام...168

ص: 521

قتل مسلم وهانئ...170

قطع الطرق ومحاصرة الحسين علیه السلام...172

الفصل الثالث : طرف من أخبار شهادة الحسين علیه السلام وأهل بيته وأصحابه (رضوان الله عليهم)... 185

شمر يأخذ الأمان للعباس واخوته ...185

خيل الله تستعد لغزو الحسين علیه السلام...186

الحسين علیه السلام يطلب إمهاله ليلة العاشر من المحرم ...187

كلام الحسين علیه السلام مع اصحابه ليلة العاشر ...187

سرور برير الهمداني بالشهادة ...189

تعبئة الحسين علیه السلام أصحابه ...190

تعبئة عمر بن سعد جيشه ...191

دعاء الحسين علیه السلام يوم العاشر...191

خطاب الحسين علیه السلام يوم العاشر...192

ندم الحر وتوبته...195

الحسين علیه السلام يكره ان يبدأهم بقتال....196

شهادة عبد الله بن عمير الكلبي...196

شهادة برير ...197

عمرو بن قرظة الأنصاري ...198

شهادة مسلم بن عوسجة ...198

شهادة عابس بن شبيب ...199

شهادة نافع...200

هجوم جيش ابن سعد على اصحاب الحسين عليه السلام ...200

آخر صلاة للحسين علیه السلام واصحابه ...201

شهادة حبیب بن مظاهر ...202

شهادة الحنفی...203

شهادة زهير بن القين ...203

شهادة بقية الأصحاب الحسين علیه السلام...203

شهادة ذرية الرسول صل الله علیه و اله وآل أبي طالب...204

شهادة العباس بن علي بن ابي طالب علیه السلام ...206

شهادة عبد الله الرضيع ...207

شهادة الامام الحسين علیه السلام...207

الخيول تطأ جسد الحسين علیه السلام...210

ص: 522

يدفنون قتلاهم ویتر کون الحسين علیه السلام وقتلاه...210

بنات الحسين عليه السلام واخواته سبایا ...210

زینب وابن زیاد ...212

شهادة عبد الله بن عفيف الازدي...213

موقف زيد بن أرقم...214

تسيير الرؤوس وعيال الحسين عليه السلام إلى الشام ...215

علي بن الحسين عليه السلام يواصل عمله التبليغي وهو أسير...215

یزید يستقبل الرؤوس وسبايا آل محم أحدصل الله علیه و اله 217

احد أحبار اليهود يستنكر على یزید...217

يزيد يتمثل بابیات ابن الزبعری...218

خطبة زينب في مجلس الخلافة...219

خطبة السجاد علیه السلام في مسجد دمشق ...222

حدیث على بن الحسين عليه السلام مع المنهال ...224

انكسار حاجز الخوف عند البعض ...224

خبر قتل الحسين علیه السلام في المدينة ...225

إرجاع ذرية الرسول عليه السلام إلى مدينة جدهم ...226

وصول آل الرسول إلى كربلاء...227

إقامة العزاء في مدينة النبي صل الله علیه و اله ...227

الباب الرابع : آثار نهضة الحسين علیه السلام وشهادته

مقدمة الباب : الواقع السياسي والفكري وحال الأمة خلال سبعين سنة من قتل الحسين علیه السلام ...231

الفصل الأول : ردود الفعل السريعة لمقتل الحسين علیه السلام...235

المسلمون زمن الحسين علیه السلام إما ناصرون وإما خاذلون وإما قاتلون...235

نماذج ممن استاء لقتله علیه السلام...236

زوجة خولي...236

زوجة كعب بن جابر ...237

مرجانة ام عبید الله ...237

عبد الله بن الزبير ...237

عثمان بن زیاد أخو عبيد الله ...238

ممن ندم على خذلانه عبيد الله بن الحر...238

ممن ندم على مقاتلته...241

ص: 523

الفصل الثاني : نتابع الثورات وانهيار الحكم الأموي...243

سير الحوادث خلال سبعين سنة من قتل الحسين عليه السلام...243

ثورة أهل المدينة ...246

رواية زهير بن أبي خيثمة وخليفة بن خياط ...246

رواية محمد بن سعد ...248

رواية أبي مخنف ...250

مقتل معقل بن سنان الأشجعي ...251

علي بن الحسين عليه السلام لم يشترك في واقعة الحرة...253

موت مسرف بن عقبة...255

جیش الخلافة يحرق الكعبة ...257

حركة عبد الله بن الزبير 64-73...259

ترجمة عبد الله بن الزبير ...259

الحرب بين ابن الزبير والحجاج ...265

مقتل ابن الزبير ...266

الحجاج يختم أعناق أصحاب النبي صل الله علیه و اله ... 267

حركة الشيعة في الكوفة (سنة65-67)...268

الكوفة بعد موت یزید ...268

خطة الشيعة في التحرك ...270

حركة سليمان بن صرد ...273

حركة المختار بن أبي عبيدالثقفي...276

ترجمة المختار...276

المختار يكمل بقية الأشواط في خطة الحسين عليه السلام...282

خلاصة حركة المختار ...284

الثورة الشعبية للمستضعفين من شيعة على علیه السلام...286

بيعة عامة الكوفيين للمختار ...289

المختار یولي الولاة ...290

امر المختار مع شريح بن هانئ ...290

المختار يخلص ابن الحنفية من ارهاب ابن الزبير ...290

الحرب مع اهل الشام ...292

المختار يحيي مدرسة علي عليه السلام في الكوفة ...293

موقف الزبير من متعة الحج ...294

ص: 524

بعض روایات زید بن ارقم (ت 68) ایام المختار...295

الحرب بين مصعب والمختار...303

مصعب يقتل سبعة الاف من الشيعةصبرا...305

مصعب يقتل زوجة المختار بفتوى اخيه عبد الله...308

عبد الله بن الزبير يحيي سيرة الشيخين في الكوفة ...310

عبد الله بن الزبير يطعن اهل العراق...311

العراق تحت امرة بني مروان ...314

مقتل مصعب وانتصار عبد الملك ...315

العراق تحت إمرة الحجاج ...317

ثورات العراقيين على الحجاج ...319

تمرد عبد الله بن الجارود...319

ثورة مطرف بن المغيرة بن شعبة...319

ثورة عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قیس 81-84 هجرية ...320

هزيمة الحجاج...322

وقعة دير الجماجم وفشل ثورة ابن الاشعث...324

انتقام الحجاج من اهل الكوفة ...330

مقتل کمیل بن زیاد ...332

الكوفة على عهد الوليد ...335

ثورة زيد بن علي رحمه الله ...338

قصيدة الفضل بن عبد الرحمن المطلبي ...341

ثورة العباسيين وسقوط دولة بني امية مشاهد من انهيار دولة بني امية على يد العباسيين... 344

هزيمة مروان الحمار ومقتله ...344

مما قيل من الشعر في التحريض على قتل بني أمية...345

أخبار متفرقة في انتقال الملك من بني أمية إلى بني العباس ...348

الفصل الثالث : إعادة انتشار أحاديث النبي صل الله علیه و اله في أهل بيته علیهم السلام والروايات الصحيحة في السيرة والتاريخ ...368

تحقق اهداف الحسين علیه السلام...368

تفهیم الامة ان الذين يدعو إلى الاطاحة ببني أمية...370

انکسار الطوق المفروض على حديث النبی صل الله علیه و اله فی أهل بيته علیهم السلام...372

روايات أم سلمه ت 61...375

روایات مصعب بن عبد الرحمن بن عوف ...378

روايات أبي سعيد الخدري ت 64 ...379

ص: 525

روايات عبد الله بن عباس ت 68...386

روایات جابر بن عبد الله الأنصاري ت 74...400

روایات سلمة بن الأكوع ت 74...406

روایات سهل بن سعد الساعدي ت 91 ...407

روایات زيد بن أرقم ت 68...407

روایات البراء بن عازب ت 72...413

روایات عامر بن واثلة ت 110 ...415

روايات أنس بن مالك ت 90...419

روایات بريدة بن الحصيب ت 62...425

روايات أبي برزة الأسلمي ت 64 ...428

روایات واثلة بن الاسقع ت 85...428

روايات الحارث الاعور الهمداني ت 65 ...429

روایات الأصبغ بن نباتة (ت بعد سنة 70)...430

عاصم بن أبي ضمرة ت74...434

روایات حبة بن جوين العرني ت76...435

روايات أبي البختري قتل 82...439

روایات زاذان ت 82...440

روایات زر بن حبیش ت81 وهو ابن مائة واثنتان وعشرون سنة ... 442

روايات عبد الله بن الحارث بن نوفل ت 84...443

روايات عبد الرحمن بن أبي ليلى قتل 82...446

روایات قیس بن عباد (قتله الحجاج 83) ...449

روایات زید بن وهب الجهني (ت 84 وقيل 96)...449

روایات مسلم بن صبيح ت 100 ...454

الفصل الرابع : حركة الأئمة من ذرية الحسين علیهم السلام...455

أهل البيت علیهم السلام يعرضون على الأمة من جديد...455

ذرية الحسن بن علي عليه السلام...457

الحسن المثنى بن الحسن علیه السلام ...457

زید بن الحسن بن علي علیه السلام...465

ذرية الحسين عليه السلام...469

علي بن الحسين عليه السلام...469

محمد الباقر علیه السلام...472

ص: 526

جعفر الصادق علیه السلام...472

البكاء على الحسين عليه السلام والحزن عليه...473

نشر أحاديث علي عليه السلام عن النبي صل الله علیه و اله...474

حصة الكوفة من نشاط الائمة علیهم السلام...457

خلاصة...476

الباب الخامس : خلاصة وخاتمة

الحسين عليه السلام المظلوم الفاتح ...481

حركة الواقع السياسي والاجتماعي...490

التغيير المطلوب...491

الحسين علیه السلام هو الوحيد المعني بالتغيير المطلوب القادر عليه...492

الحسین علیه السلام عدة إلهية لتحقيق التغير المطلوب...493

خطة الحسين علیه السلام لتحقيق التغيير ...495

معالم التغيير بعد شهادة الحسين عليه السلام ...504

خلاصة...508

الأعلام المترجم لهم في الكتاب ...513

المصادر والمراجع ...515

المحتويات...519

ص: 527

بحوث في التاريخ والحديث :

1. المدخل الى دراسة مصادر السيرة النبوية والتاريخ الاسلامي ، مطبوع.

2. السيرة النبوية تدوین مختصر مع تحقیقات واثارات جديدة ، مطبوع

3. علي علیه السلام في مواجهة الانقلاب القرشي واحياء سنة النبي صل الله علیه و اله ، تحت الطبع .

4.الحسن علیه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي ونشر سيرة النبي صل الله علیه و اله وعلي علیه السلام في الشام الكبرى ، تحت الطبع .

5.الحسين علیه السلام في مواجهة الضلال الأموي و احیاء سيرة لنبي صل الله علیه و اله وعلي علیه السلام مطبوع .

6.معجم روایات النبي صل الله علیه و اله في اهل بيته علیهم السلام في القرن الأول الهجري . تحت الطبع .

7. أصول علم الرجال المقارن ، تحت الطبع

ص: 528

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.