الامام المهدي «عج» فی الادیان

اشارة

الامام المهدي «عج» فی الادیان

ابحاث علمیه حول فكرة المهدی فی الادیانحث علمی استدلالی

في الفكرالمسیحى - اليهودی- الفراعنه

الهندوش-صیینی -الهندی-الادیان قبل الاسلام

الشیخ مهدی خلیل جعفر

دارالمحجه البیضاء

خیراندیش دیجیتالی : انجمن مددکاری امام زمان (عج) اصفهان

ص: 1

اشارة

الامام المهدي «عج» فی الادیان

ص: 2

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 3

حقوقه الطبع محفوظه

الطبع الاولی

1429 ه - 2008م

الرويس - خلف محفوظ ستورز - بناية رمال

للطباعة والنشر والتوزيع

بيروت - لبنان

ص.ب:14/5479 - هاتف: 03/287179-01/541211- تلفاكس: 01/552847

E-mail:almahajja@terra.net.lb

www.daralmahaja.com

info@daralmahaja.com

ص: 4

الإهداء

إلى مراجعنا الكرام أصحاب الفكر الأصبل صناع المجد والثقافة والحضارة من العراق إلى لبنان وسوريا وإيران نواب المهدي المنتظر أهدي إليهم هذا المجد المتواضع إلى الأموات منهم والأحياء سائلا المولى القبول

خادم اهل البيت

الشيخ مهدي جعفر

ص: 5

ص: 6

المهدي الموعود علیه السلام وغيبته في بشارات الأديان

عراقة الإيمان بالمصلح العالمي

اشارة

يعتبر الإيمان بحتمية ظهور المصلح الديني العالمي وإقامة الدولة لإلهية العادلة في كل الأرض من نقاط الاشتراك البارزة بين جميع الأديان(1)، والاختلاف فيما بينها إنما هو في تحديد هوية هذا المصلح لديني العالمي الذي يحقق جميع أهداف الأنبياء علیهم السلام.

وقد استعرض الدكتور محمد مهدي خان في الأبواب الستة الأولى من كتابه «مفتاح باب الأبواب» آراء الأديان الستة المعروفة بشأن ظهور النبي الخاتم صلی الله علیه وآله، ثم بشأن المصلح العالمي المنتظر وبين أن كل دين منها بشر بمجيء هذا المصلح الإلهي في المستقبل أو في آخر الزمان ليصلح العالم وينهي الظلم والشر ويحقق السعادة المنشودة للمجتمع البشري(2). كما تحدث عن ذلك الميرزا محمد الاسترابادي في كتابه «ذخيرة الأبواب» بشكل تفصيلي، ونقل طرفا من نصوص وبشارات الكثير من الكتب السماوية لمختلف الأقوام بشأنه .

وهذه الحقيقة من الواضحات التي أقر بها كل من درس عقيدة المصلح العالمي حتى الذين أنكروا صحتها أو شككوا فيها کبعض المستشرقين مثل

ص: 7


1- راجع مثلا کتاب آية الله الشيخ محمد أمين زين الدين، مع الدكتور أحمد أمين في حديث المهدي والمهدوية : 13 .
2- ملحقات إحقاق الحق لآية الله المرعشي النجفي ، 29: 621- 622.

جولد زبهر المجري في كتابه «العقيدة والشريعة في الإسلام(1)، فاعترفوا بأنها عقيدة عريقة للغاية في التأريخ الديني وجدت حتى في القديم من كتب ديانات المصريين والصينيين والمغول والبوذيين والمجوس والهنود والأحباش فضلا عن الديانات الكبرى الثلاث: اليهودية والنصرانية والإسلامية (2).

البشارات بالمنقذ في الكتب المقدسة:

والملاحظ في عقائد هذه الأديان بشأن المصلح العالمي أنها تستند إلى نصوص واضحة في كتبهم المقدسة القديمة وليس إلى تفسيرات عرضها علماؤهم لنصوص غامضة حمالة لوجوه تأويلية متعددة (3).

وهذه الملاحظة تكشف عراقة هذه العقيدة وكونها تمثل أصلا مشتركاً في دعوات الأنبياء - صلوات الله عليهم -، حيث إن كل دعوة نبوية - وعلى الأقل الدعوات الرئيسة والكبرى - ثمثل خطوة على طريق التمهيد لظهور المصلح الديني العالمي الذي يحقق أهداف هذه الدعوات كافة(4).

كما أن للتبشير بحتمية ظهور هذا المصلح العالمي تأثيراً على هذه الدعوات فهو يشكل عامل دفع لاتباع الأنبياء للتحرك باتجاه تحقيق أهداف

ص: 8


1- العقيدة والشريعة في الإسلام: 218 حيث وصفها بأنها من الأساطير ذات الجذور غير الإسلامية لكنه قال أيضا باتفاق كلمة الأديان عليها المصدر : 192، والإنكار الحديث للفكرة مصدره المستشرقون وتابعهم بعض المتأثرين بهم من المسلمين أمثال أحمد أمين .
2- راجع أيضا الإمامة وقائم القيامة للدكتور مصطفى غالب: 270.
3- راجع النصوص الخاصة بالمهدي الموعود من کتاب «بشارات العهدين» للشيخ محمد الصادقی.
4- لمعرفة تفصيلات هذا التمهيد يراجع كتاب تاريخ الغيبة الكبرى للسيد الشهيد محمد الصدر رحمه الله ، في حديثه عن التخطيط الإلهي لليوم الموعود قبل الإسلام: 251 وما بعدها .

رسالتهم والسعي للمساهمة في تأهيل المجتمع البشري لتحقيق أهداف جميع الدعوات النبوية كاملة في عصر المنقذ الديني العالمي.

ولذلك كان التبشير بهذه العقيدة عنصرا أصيلا في نصوص مختلف الديانات والدعوات النبوية .

رسوخ الفكرة في الديانتين اليهودية والنصرانية

إن الإيمان بفكرة ظهور المصلح ثابت عند اليهود مدون في التوراة والمصادر الدينية المعتبرة عندهم، وقد فضل الحديث عن هذه العقيدة عند اليهود كثير من الباحثين المعاصرين خاصة في العالم الغربي مثل جورج رذرفورد في كتابه «ملايين من الذين هم أحياء اليوم لن يموتوا أبدا»، والسناتور الأميركي بول منزلي في كتابه (من يجرؤ على الكلام ) والباحثة غريس هالسل في كتابها «النبوة والسياسة». وغيرهم كثير(1).

فكل من درس الديانة اليهودية التفت إلى رسوخ هذه العقيدة فيها. والنماذج التي ذكرناها آنفا من هذه الدراسات اختصت بعرض هذه العقيدة بالذات عند اليهود والآثار السياسية التي أفرزتها نتيجة لتحرك اليهود إنطلاقاً من هذه العقيدة، وفي القرون الأخيرة خاصة بهدف الاستعداد لظهور المنقذ العالمي الذي يؤمنون به.

وسبب هذا التحرك هو أن عقيدة اليهود في هذا المجال تشتمل على تحديد زمني لبدء مقدمات ظهور المنقذ العالمي؛ الذي يبدأ من عام (1914) للميلاد - وهو عام تفجر الحرب العالمية الأولى كما هو معروف -، ثم عودة الشتات اليهودي إلى فلسطين وإقامة دولتهم التي يعتبرونها من المراحل التمهيدية المهمة لظهور المنقذ الموعود، ويعتقدون بأن العودة إلى فلسطين

ص: 9


1- راجع أيضا أهل البيت المقدس، أحمد الواسطي : 121 - 123.

هي بداية المعركة الفاضلة التي تنهي وجود الشر في العالم ويبدأ حينئذ حكم الملكوت في الأرض لتصبح الأرض فردوسا»(1).

وبغض النظر عن مناقشة صحة ما ورد من تفصيلات في هذه العقيدة عند اليهود، إلا أن المقدار الثابت هو أنها فكرة متأصلة في تراثهم الديني وبقوة بالغة مكنت اليهودية - من خلال تحريف تفصيلاتها ومصادیقها - أن تقيم على أساسها تحركاً إستراتيجياً طويل المدى وطويل النفس، استقطبت له الطاقات اليهودية المتباينة الأفكار والاتجاهات، ونجحت في تجميع جهودها وتحريكها باتجاه تحقيق ما صوره قادة اليهودية لأتباعهم بأنه مصداق التمهيدلظهور المنقذ الموعود.

وواضح أن الإيمان بهذه العقيدة لو لم يكن راسخاً ومستنداً إلى جذور عميقة في التراث الديني اليهودي لما كان قادراً على إيجاد مثل هذا التحرك الدؤوب ومن مختلف الطاقات والاتباع، فمثل هذا لا يتأتی من فكرة عارضة أو طارئة لا تستند إلى جذور راسخة مجمع عليها.

كما آمن النصارى بأصل هذه الفكرة استنادا إلى مجموعة من الآيات والبشارات الموجودة في الإنجيل والتوراة. ويصرح علماء الإنجيل بالإيمان بحتمية عودة عيسى المسيح في آخر الزمان ليقود البشرية في ثورة عالمية کبری یعم بعدها الأمن والسلام كل الأرض كما يقول القس الألماني فندر في كتابه «میزان الحق» (2) وأنه يلجأ إلى القوة والسيف لإقامة الدولة العالمية العادلة . وهذا هو الاعتقاد السائد لدى مختلف فرق النصاری.

ص: 10


1- صحيفة العهد اللبنانية العدد: 685، مقال تحت عنوان «حركة شهوديهوه» النشأة، التنظيم، المعتقد.
2- بشارات العهدين : 261، نقلا عن کتاب میزان الحق للقس الألماني فندر : 271.

الإيمان بالمصلح العالمي في الفكر غير الديني؛

الملاحظ أن الإيمان بحتمية ظهور المصلح العالمي ودولته العادلة التي تضع فيها الحرب أوزارها ويعم السلام والعدل في العالم لا يختص بالأديان السماوية بل يشمل المدارس الفكرية والفلسفية غير الدينية أيضا . فنجد في التراث الفكري الإنساني الكثير من التصريحات بهذه الحتمية، فمثلا يقول المفكر البريطاني الشهير برتراند رسل: «إن العالم في انتظار مصلح يوحده تحت لواء واحد وشعار واحد»(1). ويقول العالم الفيزياوي المعروف ألبرت اینشتاین صاحب النظرية النسبية : (إن اليوم الذي يسود العالم كله فيه السلام والصفاء ويكوث الناس متحابين متآخين ليس ببعيد)(2).

وأدق وأصرح من هذا وذاك ما قاله المفكر الإيرلندي المشهور برناردشو، فقد بشر بصراحة بحتمية ظهور المصلح وبلزوم أن يكون عمره طويلا يسبق ظهوره؛ بما يقترب من عقيدة الإمامية في طول عمر الإمام المهدي علیه السلام ؛ ويرى ذلك ضرورياً لإقامة الدولة الموعودة، قال في كتابه الإنسان السوبر مان» - وحسب ما نقله عنه الدكتور عباس محمود العقاد في كتابه عن برناردشو- في وصف المصلح بأنه: «إنسان حي ذو بنية جسدية صحيحة وطاقة عقلية خارقة، إنسان أعلى يترقى إليه هذا الإنسان الأدنی بعد جهد طويل، وأنه يطول عمره حتى ينيف على ثلاثمائة سنة ويستطيع أن ينتفع بما استجمعه من أطوار العصور وما استجمعه من أطوار حياته الطويلة»(3).

ص: 11


1- المهدي الموعود ودفع الشبهات عنه، للسيد عبد الرضا الشهرستاني: 6.
2- المهدي الموعود ودفع الشبهات عنه، للسيد عبد الرضا الشهرستاني : 7.
3- برناردوشو، للأستاذ عباس محمود العقاد، 124 - 125، وعلق الأستاذ على كلمة برناردشو بالقول: «يلوح لنا أن سوبرمان شو» ليس بالمستحيل، وأن دعوته لا تخلو من حقيقة «ثابتة» نقلا عن كتاب المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي: 9، وقد نقلها عن العقاد الشيخ محمد حسن آل ياسين في كتابه المهدي المنتظر بين التصور والتصديق : 81.

طول عمر المصلح في الفكر الإنساني:

إن الأوصاف التي يذكرها المفكر الإيرلندي للمصلح العالمي من الكمال الجسمي والعقلي وطول العمر والقدرة على استجماع خبرات العصور والأطوار بما يمكنه من إنجاز مهمته الإصلاحية الكبرى قريبة من الأوصاف التي يعتقد بها مذهب أهل البيت عليهم السلام فی المهدي المنتظر علیه السلام وغيبته .

وقضية طول العمر في هذا المصلح العالمي التي أكد ضرورتها برناردشو؛ تشير إلى إدراك الفكر الإنساني لضرورة أن يكون المصلح العالمي مستجمعاً عند ظهوره لتجارب العصور لكي يكون قادراً على إنجاز مهمته(1)، وهذه الثمرة متحصلة من غيبة الإمام المهدي علیه السلام الطويلة حسب عقيدة الإمامية الاثني عشرية، ولكن الفرق هو أن عقیدتنا في الإمام المعصوم تقول بأنه مستجمع منذ البداية لهذه الخبرة والثمار المرجوة من طول عمره فهو علیه السلام مؤهل بدءاً لأداء مهمته الإصلاحية الكبرى ومسدد إلهية لإنجازها، قادر عليها متى ما تهيأت الأوضاع الملائمة لظهوره، وأن طول الغيبة يؤدي إلى اكتساب أنصاره والمجتمع البشري واقتطافهم لهذه الثمار فيستجمعونها جيلا بعد آخر (2).

الإيمان بالمهدي علیه السلام تجسيد لحاجة فطرية

إثر ظهور الإيمان بفكرة حتمية ظهور المنقذ العالمي في الفكر الإنساني عموما يكشف عن وجود أسس متينة قوية تستند إليها تنطلق من الفطرة

ص: 12


1- راجع توضيح هذه النقطة في البحث القسم الذي كتبه آية الله الإمام الشهيد الصدر حول المهدي : 41- 48، ط 3 دار التعارف.
2- لمزيد من التوضيح راجع تاريخ الغيبة الكبرى: 276 وما بعدها .

الإنسانية، بمعنى أنها تعبر عن حاجة فطرية عامة يشترك فيها بنو الإنسان عموما، وهذه الحاجة تقوم على ما جبل عليه الإنسان من تطلع مستمر للكمال بأشمل صوره وأن ظهور المنقذ العالمي وإقامة دولته العادلة في اليوم الموعود يعبر عن وصول المجتمع البشري إلى كماله المنشود .

يقول العلامة الشهيد السيد محمد باقر الصدر قدس سره: «ليس المهدي علیه السلام تجسيداً لعقيدة إسلامية ذات طابع ديني فحسب، بل هو عنوان لطموح اتجهت إليه البشرية بمختلف أديانها ومذاهبها، وصياغة لإلهام فطري أدرك الناس من خلاله - على تنوع عقائدهم ووسائلهم إلى الغيب - أن للإنسانية يوماً موعوداً على الأرض تحقق فيه رسالات السماء مغزاها الكبير وهدفها النهائي، وتجد فيه المسيرة المکدودة للإنسان على مر التاريخ استقرارها وطمأنينتها بعد عناء طويل.

بل لم يقتصر هذا الشعور الغيبي، والمستقبل المنتظر على المؤمنين دينياً بالغيب، بل امتد إلى غيرهم أيضا وانعكس حتى على أشد الإيديولوجيات والإتجاهات ورفضا للغيب، كالمادية الجدلية التي فسرت التاريخ على أساس التناقضات وآمنت بيوم موعود، تصفى فيه كل تلك التناقضات ويسود فيه الوثام والسلام.

وهكذا نجد أن التجربة النفسية لهذا الشعور والتي مارستها الإنسانية على مر الزمن من أوسع التجارب النفسية وأكثرها عموما بين بني الإنسان(1).

إذن فالإيمان بالفكرة التي يجسدها المهدي الموعود هي من أكثر وأشد الأفكار انتشارا بين بني الإنسان كافة لأنها تستند إلى فطرة التطلع للكمال بأشمل صوره، أي إنها تعبر عن حاجة فطرية، ولذلك فتحققها حتمي؛ لأن الفطرة لا تطلب ما هو غير موجود كما هو معلوم .

ص: 13


1- بحث حول المهدي : 7-8

موقف الفكر الإنساني من غيبة المهدي علیه السلام :

إن الفكر الإنساني لا يرى مانعاً من طول عمر هذا المصلح العالمي الذي يتضمنه الإيمان بغيبته وفقا لمذهب أهل البيت علیهم السلام، بل يرى طول عمره أمرا ضرورياً للقيام بمهمته الإصلاحية الكبرى كما لاحظنا في کلام المفكر الإيرلندي برناردشو . وعليه فالفكر الإنساني العالمي لا يرفض مبدئياً الإيمان بالغيبة إذا كانت الأدلة المثبتة لها مقبولة عقلياً .

وقد تناول العلماء إيضاح الإمكان العقلي لطول عمر الإمام المهدي وعدم تعارضه مع أي واحد من القوانين العقلية، كما فعل الشيخ المفيد في کتاب «الفصول العشرة في الغيبة» والسيد المرتضى في رسالته «المقنع في الغيبة» والعلامة الكراجكي في رسالته «البرهان على طول عمر إمام الزمان علیه السلام » التي تضمنها كتابه کنز الفوائد في جزئه الثاني، والشيخ الطبرسي في «أعلام الوری»، والسيد الصدر في بحثه عن المهدي وغيرهم كثير، بل قلما يخلوكتاب من کتب الغيبة عن مناقشة هذا الموضوع والاستدلال عليه.

الفكر الديني يؤمن بظهور المصلح العالمي بعد غيبة

إن الإجماع على حتمية ظهور المصلح العالمي مقترن بالإيمان بأن ظهوره يأتي بعد غيبة طويلة، فقد آمن اليهود بعودة عزير أو منحاس بن العازر بن هارون، وآمن النصارى بغيبة المسيح وعودته، وينتظر مسیحیو الأحباش عودة ملكهم تیودور کمهدي في آخر الزمان، وكذلك الهنود آمنوا بعودة فيشنوا، والمجوس بحياة أوشيدر، وينتظر البوذيون عودة بوذا ومنهم من ينتظر عودة إبراهيم علیه السلام وغير ذلك(1).

ص: 14


1- راجع مثلا کتاب «دفاع عن الكافي» للسيد العميدي : 1/ 181، وإحقاق الحق : 13/ 3-4.

إذن قضية الغيبة قبل ظهور المصلح العالمي ليست مستغربة لدى الأديان السماوية، ولا يمكن المنصف أن يقول بأنها كلها قائمة على الخرافات والأساطير، فالخرافات والأساطير لا يمكن أن توجد فكرة متأصلة بين جميع الأديان دون أن ينكر أي من علمائها أصل هذه الفكرة، فلم ينكر أحد منهم أصل فكرة الغيبة وإن أنكر مصداق الغائب المنتظر في غير الدين الذي اعتنقه وآمن بالمصداق الذي ارتضاه .

إن انتشار أصل هذه الفكرة في جميع الأديان السماوية كشاف عن أرضية اعتقادية مشتركة رسخها الوحي الإلهي فيها جميعا، ودعمتها تجارب الأنبياء علیهم السلام التي شهدت غيبات متعددة مثل غيبة إبراهيم الخليل وعودته، وغيبة موسى عن بني إسرائيل وعودته إليهم بعد السنين التي قضاها في مدين، وغيبة عیسی علیه السلام وعودته في آخر الزمان التي أقرتها الآيات الكريمة واتفق عليها المسلمون من خلال ورودها في الأحاديث النبوية الشريفة، وغيبة نبي الله إلياس التي قال بها أهل السنة كما صرح بذلك مفتي الحرمين الكنجي الشافعي في الباب الخامس والعشرين من كتابه «البيان في أخبار صاحب الزمان» وصرح كذلك بإيمان أهل السنة بغيبة الخضرعلیه السلام وهي مستمرة إلى ظهور المهدي علیه السلام قال في آخر الزمان حيث يكون وزيره(1).

بل إن انتشار فكرة غيبة المصلح العالمي في الأديان السابقة قد تكون مؤشراً على وجود نصوص سماوية صريحة بذلك كما سنلاحظ ذلك في نموذج النبوة الواردة في سفر الرؤيا من الكتاب المقدس والتي طبقها الباحث السني سعيد أيوب على المهدي الإمامي.

أما الإختلاف في تشخيص هوية المصلح الغائب فهو ناشئ من الخلط بين النصوص المخبرة عن غيبات بعض الأنبياء علیه السلام وبين النصوص المتحدثة عن غيبة المصلح العالمي، بدوافع عديدة سنشير إليها لاحقا .

ص: 15


1- البيان في أخبار صاحب الزمان : 149 - 150.

الإختلاف في تشخيص هوية المنقذ العالمي

إذن فالإجماع قائم في أديان السماوية على حتمية اليوم الموعود، وكما قال العلامة المتتبع آية الله السيد المرعشي النجفي في مقدمة الجزء الثالث عشر من«إحقاق الحق» : «وليعلم أن الأمم والمذاهب والأديان اتفقت كلمتهم - إلا من شذ وندر - على مجيء مصلح سماوي إلهي ملكوتي لإصلاح ما فسد من العالم وإزاحة ما يرى من الظلم والفساد فيه وإنارة ما غشيه من الظلم، غاية الأمر أنه اختلفت كلمتهم بين من يراه عزيراً، وبين من يراه مسیحا، ومن يراه خليلا، ومن يراه - من المسلمين - من نسل الإمام مولانا أبي محمد الحسن السبط ومن يراه من نسل الإمام مولانا أبي عبد الله الحسين السبط الشهيد»..

وإذا اختلفت الأديان بل الفرق والمذاهب المتشعبة عنها في تحديد هوية المصلح العالمي رغم اتفاقهم على حتمية ظهوره وعلى غيبته قبل عودته الظاهرة، فما هو سر هذا الإختلاف؟.

يبدو أن سبب هذا الإختلاف يرجع إلى تفسير النصوص والبشارات السماوية وتأويلها استنادا إلى عوامل خارجة عنها وليس إلى تصريحات أو إشارات في النصوص نفسها، وإلى التأثر العاطفي برموز معروفة لاتباع كل دین أو فرقة وتطبيق النصوص عليها ولو بالتأويل، بمعنى إن تحديد هوية المصلح الموعود لا ينطلق من النصوص والبشارات ذاتها بل ينطلق من انتخاب شخصية من الخارج ومحاولة تطبيق النصوص عليها . يضاف إلى ذلك عوامل أخرى سياسية كثيرة لسنا هنا بصدد الحديث عنها، ومعظمها واضح معروف فيما يرتبط بالأديان السابقة وفيما يرتبط بالفرق الإسلامية ، ومحورها العام هو : إن الإقرار بما تحدده النصوص والبشارات السماوية والنبوة نفسها ينسف قناعات لدى تلك الأديان وهذه الفرق يسلبها مبرر بقائها الاستقلالي، ومسوغ إصرارها على عقائدها السالفة .

ص: 16

أما بالنسبة للعامل الأول فنقول: إن النصوص والبشارات السماوية وأحاديث الأنبياء وأوصيائهم علیهم السلام بشأن المصلح العالمي تتحدث من قضية ذات طابع غيبي وهو شخصية مستقبلية وعن دور تاريخي كبير يحقق أعظم إنجاز للبشرية على مدى تاريخها ويحقق في اليوم الموعود أسمی طموحاتها، والإنسان بطبعه ميال لتجسيد القضايا الغيبية في مصادیق ملموسة يحس بها، هذا من جهة. ومن جهة أخرى فكل قوم يتعصبون لشريعتهم ورموزهم وما ينتمون إليه ويميلون أن يكون صاحب هذا الدور

التأریخي منهم.

لذا كان من الطبيعي أن يقع الإختلاف في تحديد هوية المصلح العالمي، لأن من الطبيعي أن يسعى أتباع كل دين إلى اختيار مصداق للشخصية الغيبية المستقبلية التي تتحدث عنها النصوص والبشارات الثابتة في مراجعهم المعتبرة والمعتمدة عندهم ممن يعرفون ويحبون من زعمائهم، يدفعهم لذلك التعصب الشعوري أو اللاشعوري لشريعتهم ورموزها، والرغبة الطبيعية العارمة في أن يكون لهم افتخار تحقق ذاك الدور التأريخي على يد شخصية تنتمي إليهم أو ينتمون إليها .

الخلط بين البشارات وتأويلها

من هنا أخذت كل طائفة تسعى لتطبيق الصفات التي تذكرها تلك النصوص والبشارات المروية لدى كل منها على الشخصية المحبوبة لديها أو أقرب رموزها إلى الصفات المذكورة؛ فإذا وجدت بعض تلك الصفات صريحة في عدم انطباقه على الشخصية التي اختارتها عمدت إلى معالجة الأمر بالتأويل والتلفيق، أو بتغييبها أو تحريفها لتنطبق على من انتخبته سابقاً أو الخلط بين النصوص والبشارات السماوية - الواردة بشأن النبي اللاحق أو المنقذ للعالم في برهة معينة أو المصحح لانحراف أمة معينة -

ص: 17

وبين النصوص والبشارات الخاصة بالحديث عن المصلح العالمي الذي يقيم الدولة العادلة على كل الأرض في آخر الزمان ويحقق أهداف الأنبياء والأوصياء علیهم السلام جميعاً .

منهج لحل الإختلاف

وحيث اتضح سبب الإختلاف في تحديد هوية المصلح العالمي؛ أمكن معرفة سبيل حله والتوصل الإستدلالي لمصداقه الحقيقي بصورة علمية سليمة ومقنعة، ويمكن تلخيص مراحله على النحو التالي:

1- تمييز البشارات والنصوص الخاصة بالمصلح العالمي الموعود في آخر الزمان عن غيرها الواردة بشأن نبي أو وصي معين، استنادا إلى دلالات نصوص البشارات نفسها ومن مصادرها الأصلية، وكذلك استنادا إلى ما تقتضيه المبادئ الأولية المرتبطة بمهام الأنبياء والأوصياء علیهم السلام وسيرهم والواقع التاريخي الثابت، وكذلك ما تقتضيه معرفة الثابت من دوره ومهمته الكبرى كمصلح عالمي .

2 - تحديد الصفات والخصائص التي تحددها النصوص والبشارات نفسها للمصلح الموعود وبصورة مجتمعة وتوضيح الصورة التي ترسمها له قبل افتراض سابق لمصداق لها، لكي لا تكون الصورة المرسومة له متأثرة بالمصداق المفترض سلفا.

3- وبعد اكتمال الصورة التجريدية المستفادة، تبدأ عملية التعرف على الصفات والخصائص والحقائق التاريخية المذكورة كمصاديق للمصلح العالمي الموعود، ثم عرضها على الصورة التي ترسمها له نصوص البشارات نفسها، والمتحصلة من المرحلتين السابقتين، ليتم بذلك تبيان عدم انسجام صفات المصادیق غير الحقيقية مع تلك الصورة وبالتالي التعرف على المصداق الحقيقي من بينها .

ص: 18

المهدي الإمامي وحل الاختلاف:

من المؤكد أن البشارات السماوية الواردة في الكتب المقدسة تهدي إلى المهدي المنتظر الذي يقول به مذهب أهل البيت علیهم السلام كما سنشير لذلك لاحقا، وأثبتته دراسات متعددة في نصوص هذه البشارات(1).

إذن فالتعريف بعقيدة أهل البيت علیهم السلام في المهدي المنتظر لي يفتح آفاقاً أوسع للاهتداء للمصداق الحقيقي للمصلح العالمي الذي بشرت به كل الديانات طبقا لدلالات نصوص البشارات الواردة في الكتب المقدسة حتى لو كان الإيمان الجديد من خلال قناعات أتباع الديانات السابقة.

وكنموذج على تأثير هذا التعريف نشير إلى نتيجة تحقيق القاضي جواد الساباطي من أعلام القرن الثاني عشر الهجري، إذ كان في بداية أمره عالماً نصرانياً ثم تعرف على الإسلام واعتنقه على المذهب السني الذي كان أول ما عرف من الفرق الإسلامية، وألف كتابه المعروف «البراهين الساباطية» في رد النصارى وإثبات نسخ شرائعهم إستنادا إلى ما ورد في نصوص كتبهم

المقدسية (2)

ص: 19


1- أنظر کتاب بشارات العهدين للشيخ محمد الصادقي وترجمته العربية بقلم المؤلف نفسه المطبوع باسم : «البشارات والمقارنات» ومثله بالفارسية : بشارات صحق آسماني به ظهور حضرت مهدي علیه السلام لعلي أكبر شعفي أصفهاني، والعربية: المهدي المنتظر والعقل لمحمد جواد مغنية .
2- کشف الأستار للميرزا حسن النوري : 84، وأولى منه كتاب في ست مجلدات بعنوان : أنيس الأعلام في نصرة الإسلام. لعالم نصراني أرميني كبير اعتنق الإسلام على مذهب أهل البيت علیهم السلام وكتب ذلك الكتاب بالفارسية استجابة لاقتراح علماء الإسلام، من أواخر القرن الثاني عشر وأوائل الثالث عشر، سيأتي ذكره آنفاً باسم الشيخ محمد صادق فخر الإسلام، وهذا ما لقبه به علماء أصفهان يومئذ تقديرا لجهوده في مجلدات كتابه القيم.

رأي القاضي الساباطي

تناول القاضي الساباطي إحدى البشارات الواردة في كتاب أشعيا من العهد القديم من الكتاب المقدس بشأن المصلح العالمي، ثم ناقش تفسير اليهود والنصارى لها ودحض تأويلات اليهود والنصارى لها ليخلص إلى قوله: «وهذا نص صريح في المهدي رضی الله عنه حيث أجمع المسلمون إنه لا يحكم بمجرد السمع والظاهر، ومجرد البينة بل لا يلاحظ إلا الباطن، ولم يتفق ذلك لأحد من الأنبياء والأولياء».

ثم يقول بعد تحليل النص: «... وقد اختلف المسلمون في المهدي، فأما أصحابنا من أهل السنة والجماعة قالوا: إنه رجل من أولاد فاطمة علیها السلام ، اسمه محمد واسم أبيه عبد الله واسم أمه آمنة.

وقال الإماميون : بل هو محمد بن الحسن العسكري الذي ولد سنة خمس وخمسين ومائتين من جارية للحسن العسكري علیه السلام اسمها نرجس في (سر من رأى) في عصر المعتمد ثم غاب سنة(1). ثم ظهر ثم غاب وهي الغيبة الكبرى ولا يرجع بعدها إلا حين يريد الله تعالی.

ولما كان قولهم أقرب لما يتناوله هذا النص وإن هدفي الدفاع عن أمة محمد صلی الله علیه وآله مع قطع النظر عن التعصب لمذهب؛ لذلك ذكرت لك أن ما يدعيه الإمامية يتطابق مع هذا النص»(2).

فنلاحظ هنا أن هذا العالم الخبير بالنصرانية يصرح بانطباق البشارة مورد البحث على المهدي المنتظر طبق ما يعتقده مذهب أهل البيت علیهم السلام ،

ص: 20


1- الثابت أن غيبة الإمام المهدي بعد وفاة أبيه - علیه السلام - استمرت 69 سنة. فلعل الساباطي ترك بياضا ليتأكد من المدة ثم نسي ملء الفراغ فانتشر الكتاب كذلك.
2- المصدر السابق : 85، وذكر أن كتاب البراهين الساباطية قد طبع قبل أكثر من ثلاثين من تاریخ تأليف كتابه کشف الأستار .

على الرغم من عدم انتمائه إلى المذهب الشيعي بعد اعتناقه الإسلام، فخالف رأي المذهب الذي ينتمي إليه في هذا المجال ورجح رأي مذهب أهل البيت علیهم السلام وصرح بانطباق بشارة كتاب أشعيا على هذا الرأي.

والذي أوصله إلى الإهتداء للمصداق الحقيقي هو التعرف على رأي الإمامية في المهدي المنتظر علیه السلام ، وبدون التعرف على هذا الرأي لعله لم يكن ليتوصل إلى المصداق الذي تنطبق عليه البشارات المذكورة ولولا ذلك لكان يقتصر إما على رد أقوال النصارى بشأن البشارة المذكورة أو إغفالها أصلا أو تأويل بعض دلالتها لتنطبق على رأي المذهب الذي كان ينتمي إليه في المهدي الموعود.

والملاحظة نفسها نجدها في دراسات علماء آخرين من أهل الكتاب بشأن هذه البشارات، فقد أصبح من اليسير عليهم معرفة المصداق الذي تتحدث عنه عندما تعرفوا على رأي مذهب أهل البيت علیهم السلام في المهدي المنتظر وخاصة الذين اعتنقوا الإسلام وتهيأت لهم فرصة التعرف على هذا الرأي، وقد آثارهم شدة انطباق ما تذكره البشارات التي عرفوها في كتب دياناتهم السابقة على المهدي المنتظر علیه السلام الذي تؤمن به الإمامية؛ الأمر الذي دفعهم إلى دراسة هذه البشارات في كتبهم.

والنموذج الآخر هو: ما فعله العلامة محمد صادق فخر الإسلام الذي كان نصرانياً واعتنق الإسلام وانتمى لمذهب أهل البيت علیهم السلام وألف كتابه الموسوعي «أنيس الأعلام» في رد اليهود والنصارى (1) وتناول فيه دراسة هذه البشارات وانطباقها على الإمام محمد المهدي بن الحسن العسكري علیه السلام . مثل ما فعله العلامة محمد رضا رضائي الذي أعرض عن

ص: 21


1- بشارات العهدین: 232، وذكر أن العالم المذكور كان من متتبعي علماء النصارى و محققيهم واعتنق الإسلام بعد دراسة معمقة استغرقت أمداً وألف عدة كتب منها الكتاب المذكور الذي يوصف بأنه أفضل ما ألف في الرد على اليهود والنصاری .

اليهودية - وقد كان من علمائها- واعتنق الإسلام وألف كتاب «منقول رضائي» الذي بحث فيه أيضا موضوع تلك البشارات وأثبت النتيجة نفسها .

البشارات السماوية لا تنطبق على غير المهدي الإمامي

إن من الواضح لمن يمعن النظر في نصوص تلك البشارات السماوية أنها تقدم مواصفات للمصلح العالمي لا تنطبق على غير المهدي المنتظر الإمامي طبقا لعقيدة مدرسة أهل البيت علیهم السلام لذلك فإن من لم يتعرف على هذه العقيدة لا يستطيع التوصل إلى المصداق الذي تتحدث عنه كما نلاحظ ذلك مثلا في أقوال مفسري الإنجيل بشأن الآيات (1- 17) من سفر الرؤيا الفصل الثاني عشر «مکاشفات يوحنا اللاهوتي» فهم يصرحون بأن « الشخص الذي تتحدث عنه البشارة الواردة في هذه الآيات لم يولد بعد، لذا فإن تفسيرها الواضح ومعناها البين موکول للمستقبل والزمان المجهول الذي سيظهر فيه»(1)، في حين أن هذه الآيات تتحدث بوضوح عن الحكومة الإلهية التي يقيمها هذا الشخص في كل العالم ويقطع دابر الأشرار والشياطين وهي المهمة التي حددتها البشارات الأخرى بأنها محور حركة المصلح العالمي. لكن مفسري الإنجيل لم يستطيعوا تطبيقها على المصداق الذي اختاروه لهذا المصلح وهو السيد المسيح عيسى ابن مريم علیه السلام لأن البشارة واردة عن يوحنا اللاهوتي عن السيد المسيح فهو المبشر بمجيء هذا المنقذ، كما أنهم لم يتعرفوا على عقيدة أهل البيت علیهم السلام في المهدي المنتظر علیه السلام ، لذلك لم يستطيعوا الاهتداء إلى مصداق تلك الآيات.

ص: 22


1- بشارات العهدین: 264.

البشارات وغيبة الإمام الثاني عشر:

وهناك باحث من أهل السنة استطاع الاهتداء إلى المصداق الذي تتحدث الآيات المشار إليها عندما تعرف على عقيدة أهل البيت في المهدي المنتظر - سلام الله عليهم أجمعين - وهو الأستاذ سعيد أيوب حيث يقول في كتابه «المسيح الدجال» عن هذه الآيات نفسها : «ويقول كعب: مکتوب في أسفار الأنبياء: المهدي ما في عمله عيب» ثم علق على هذا النص بالقول: «وأشهد أني وجدته كذلك في كتب أهل الكتاب، لقد تتبع أهل الكتاب أخبار المهدي كما تتبعوا أخبار جده صلی الله علیه وآله ، فدلت أخبار سفر الرؤيا إلى امرأة، يخرج من صلبها اثنا عشر رجلا ، ثم أشار إلى امرأة أخرى: أي التي تلد الرجل الأخير الذي هو من صلب جدته، وقال السفر: إن هذه المرأة ستحيط بها المخاطر، ورمز للمخاطر باسم «التنين» وقال: والتنين وقف أمام المرأة العتيدة حين تلد، يبتلع ولدها متى ولدت»(1).

أي إن السلطة كانت تريد قتل هذا الغلام، ولكن بعد ولادة الطفل، يقول باركلي في تفسيره: «عندما هجمت عليها المخاطر اختطف الله ولدها وحفظه». والنص: واختطف الله ولدها(2)، أي : إن الله غيب هذا الطفل كما في قول باركلي.

وذكر السفر أن غيبة الغلام ستكون ألفا ومائتين وستين يوما(3)، وهي مدة لها رموزها عند أهل الكتاب، ثم قال : باركلي عن نسل المرأة الأولى عموما : «إن التنين سيعمل حربا شرسة مع نسل المرأة كما قال في السفر : فغضب التنين على المرأة، وذهب ليضع حرباً مع باقي نسلها

ص: 23


1- سفر الرؤيا 3:12 .
2- سفر الرؤيا : 12: 5.
3- المدة رمزية وقد وردت في الأصل العبري بتعبير : «وسيغيب عن التنين زمانا وزمانین ونصف زمان». راجع بشارات العهدين : 263.

الذين يحفظون وصايا الله »(1).

وعقب الأستاذ سعيد أيوب على ما تقدم بالقول: هذه هي أوصاف المهدي، وهي نفس أوصافه عند الشيعة الإمامية الاثني عشرية، ودعم قوله بتعليقات أوردها في الهامش بشأن انطباق الأوصاف على مهدي آل البيت علیهم السلام (2).

البشارات وخصوصيات المهدي الإمامي

ويلاحظ في هذه البشارات الإنجيلية تناولها لخصوصيات في المصلح العالمي لا تنطبق إلا على أبرز ما يميز عقيدة مدرسة أهل البيت علیهم السلام والواقع التاريخي الذي مرت به .

إن تناول هذه الخصوصيات الظاهرة بالذات يشير إلى حكمة ربانية في هداية الآخرين إلى المصداق الحقيقي للمصلح العالمي بأبلغ حجة من خلال الإشارة إلى أبرز خصوصياته الظاهرة والمعروفة لكي يكون الاهتداء إليها أيسر، فمثلا نلاحظ فيها الإشارة إلى تعرض مدرسة أهل البيت علیهم السلام نظر لمخاطر التصفية والإبادة التي تؤدي بالتالي إلى غيبة الإمام الثاني عشر منهم، ثم التأكيد على أن هذا الإمام محفوظ بالرعاية الإلهية في غيبته حتى يحين موعد ظهوره المبارك. ومعلوم أن القول بغيبة الإمام الثاني عشر هو أهم ما يميز عقيدة الإمامية في المهدي المنتظر ولذلك وردت الإشارة إليها بالذات تسهيلا للاهتداء إلى المصداق الحقيقي للمنقذ العالمي.

كما وردت إشارات إلى مميزات معروفة أخرى تختص بها عقيدة أئمة

ص: 24


1- سفر الرؤيا 12 : 13.
2- المسيح الدجال، سعيد أيوب: 379 - 370/ نقلا عن المهدي المنتظر في الفكرالإسلامي، إصدار مركز الرسالة : 13 - 14.

أهل البيت علیهم السلام ، مثل القول بأن الإمام المهدي هو الإمام الثاني عشر من سلسلة مباركة متصلة كما تشير لذلك الآيات المتقدمة وبشارات أخرى واردة في الكتب المقدسة، نظير ما ورد في سفر التكوين من الأصل العبري»(1)، من الوعد على لسان الرب تعالی خطاباً لإبراهيم الخليل علیه السلام ، بالمباركة والتكثير في صلب إسماعيل بمحمد صلی الله علیه وآله والأئمة الاثني عشر من عترته علیهم السلام (2). ومعلوم أن مصداق الأئمة الاثني عشر من صلب إسماعيل لم يتحقق بالصورة المتسلسلة المشار إليها في البشارات إلا في الأئمة الاثني عشر من أهل البيت علیهم السلام كما يثبت ذلك الواقع التاريخي فضلا عن الأحاديث النبوية المتفق على صحتها بين المسلمين (3)، فهي خاصة بهم حتى أصبحت ظاهرة واضحة في التاريخ الإسلامي أطلقت على المذهب المنتمي لأهل البيت فسمي مذهب الإمامية الاثني عشرية .

وعليه يتضح أن تلك البشارات تهدي إلى حقيقة هي: أن المهدي هو خاتم هؤلاء الاثني عشر.

البشارات و اوصاف المهدي الإمامية

وردت في البشارات أيضا إشارات إلى ألقاب اختص بها المهدي

ص: 25


1- سفر التكوين: 17 : 20، و 22 - 23.
2- أهل البيت في الكتاب المقدس، أحمد الواسطي : 105-107.
3- راجع الفصل الأول من كتاب منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر لآية الله الشيخ لطف الله الصافي، فقد نقل فيه (271) حديثاً من المصادر الحديثية المعتبرة عند مختلف طوائف المسلمين تشتمل على إخبار النبي صلی الله علیه وآله باتصال الإمامة في هؤلاء الأئمة الاثني عشر من أهل بيته علیهم السلام إلى يوم القيامة وفيها أحاديث تنص صراحة على أسمائهم أو تحدد أولهم الإمام علي علیه السلام وآخرهم الإمام المهدي علیه السلام ، وللشيخ الصافي في هذا الفصل تعليقة استقرائية تاريخية تثبت عدم صدق هذه الأحاديث على غير الأئمة الاثني عشر من عترة آل الرسول صلی الله علیه وآله .

الإمامي علیهم السلام مثل وصف «القائم»(1) فمثلا نلاحظ البشارة التالية من سفر أشعيا النبي التي تحدث القاضي جواد الساباطي عن دلالتها على المهدي وفق عقيدة الإمامية الاثني عشرية : «2 - ويحل عليه روح الرب، وروح الحكمة والفهم، وروح المشورة، والقوة، وروح المعرفة ومخافة الرب. 3 - ولذته في مخافة الرب، ولا يقضي بحسب مرأى عينيه ولا بحسب مسمع أذنيه، 4 - ويحكم بالإنصاف لبائسي الأرض، ويضرب الأرض بقضيب فمه ويميت المنافق بنفخة شفتيه .. 6 - ويسكن الذئب والخروف، ويربض النمر مع الجدي، والعجل والشبل معاً وصبي صغير يسوقها.. 9 - لا يسيئون ولا يفسدون في كل جبل قدسي لأن الأرض تمتلئ من معرفة الرب كما تغطي المياه البحر. 10 - وفي ذلك اليوم سيرفع «القائم» راية الشعوب والأمم التي تطلبه وتنتظره ويكون محله مجداً»(2).

ومثل وصف «صاحب الدار» المعدود من ألقاب الإمام المهدي علیه السلام (3) ، فقد وردت ضمن بشارات عن انتظار المنقذ العالمي الذي لا يختص به المسيحيون إشارة إلى عدم هذا الاختصاص وتحدثت عن ظهوره المفاجئ وهي في «إنجيل مرقس، 13 : 35»(4).

ومثل وصف «المنتقم لدم الحسين علیه السلام المستشهد عند نهر الفرات» كما ورد في بشارة في «سفر أرميا، 46 /2-11».

وقد صرح بذلك الأستاذ الأردني عودة مهاوش في دراسته «الكتاب

ص: 26


1- إختص هذا اللقب بأئمة العترة الطاهرة، وإذا أطلق كان المراد منه الإمام الثاني عشر المهدي المنتظر علیه السلام ، راجع كتاب النجم الثاقب لآية الله الميرزا حسين النوري 1: 211، من الطبعة المترجمة إلى العربية، وقد ذكر الميرزا النوري أن هذا اللقب مذكور في الزبور الثالث عشر وغيره، ونقل ذلك عن كتاب ذخيرة الألباب للشيخ محمد الإسترابادي .
2- أهل البيت في الكتاب المقدس: 123-127.
3- النجم الثاقب: 2/ 198.
4- بشارات العهدین: 277.

المقدس تحت المهجر» وذكر أنها تتعلق بالمهدي المنتقم لدم الحسن علیه السلام (1).

وهناك نظائر كثيرة لا يتسع المقام لذكرها.

الاهتداء إلى هوية المنقذ على ضوء البشارات

إذن معرفة هذه الخصوصيات تقودنا إلى إثبات أن المصلح العالمي الذي بشرت به جميع الديانات هو المهدي بن الحسن العسكري علیه السلام كما تقوله عقيدة أهل البيت علیهم السلام لأن البشارات السماوية لا تنطبق على العقائد الأخرى، فتكون النتيجة هو أن الديانات السابقة لم تبشر بظهور المنقذ العالمي في آخر الزمان بعنوانه العام وحسب بل شخصت أيضا هويته الحقيقية من خلال تحديد صفات وتفصيلات لا تنطبق على غيره علیه السلام ، وهكذا تكون هذه البشارات دليلا إضافياً على صحة عقيدة أهل البيت علیهم السلام بهذا الشأن .

ونكتفي هنا بالإشارة إلى بعض البشارات الواردة في العهدين القديم والجديد «أسفار التوراة والأناجيل» بهذا الصدد، بحكم كونها معتبرة عند أكبر وأهم الديانات السابقة على الإسلام أي اليهودية والنصرانية؛ ولأن هذين العهدين الموجودين حالياً قد مرا بالكثير من التحقيق والتوثيق عند علماء اليهود والنصارى وأجريت بشأنهما الكثير من الدراسات ودونت الكثير من الشروح لهما، ونسخهما كثيرة ومتداولة بترجمات كثيرة لمختلف اللغات، غير أن الاعتماد على الأصول العبرية أدق لوقوع أخطاء وليس في الترجمات.

فالاقتصار عليهما لا يعني انحصار البشارات التي لا يمكن تفسيرها

ص: 27


1- الكتاب المقدس تحت المهجر : 155 ، نقلا عن کتاب دفاع عن الكافي للسيد ثامر العميدي : 1، وراجع بشارات، هذه البشارة، أهل البيت في الكتاب المقدس: 1/ 185- 186.

بغير المهدي المنتظر علیه السلام طبق عقيدة مذهب أهل البيت علیهم السلام ، بل على العكس فإن أمثالها موجودة في مختلف کتب الأديان الأخرى وبتصريحات ودلالات أوضح ذكرتها الدراسات المتخصصة في هذا الباب (1). ولكنها غير مشهورة عند الجميع ونسخها غير متداولة وأغلبها لم تترجم عن لغاتها الأم إلا قليلا . على أن الاقتصار على النماذج المتقدمة من العهدين القديم والجديد فيه الكفاية في الاستدلال على المطلوب، والتفصیلات موكولة للمراجع المتخصصة المشار إليها في طيات البحث.

الأستاذ إلى بشارات الكتب السابقة ومشكلة التحريف

وتبقى هنا قضيتان من الضروري التطرق لهما قبل تثبيت النتائج المتحصلة من البحث.

القضية الأولى: هي مناقشة السؤال التالي: كيف يمكن الاستناد إلى کتب الديانات الأخرى في إثبات قضية مهمة مثل قضية تشخيص هوية المصلح العالمي المنتظر وإثبات أنها للمهدي بن الحسن العسكري علیه السلام ، وإثبات صحة هذه العقيدة وانتمائها الإلهي مع اتفاق المسلمين على وقوع التحريف في هذه الكتب؟.

نعتقد أن الإجابة على هذا التساؤل ممكنة بقليل من التدبر في حيثيات الموضوع، ويمكن تلخيصها بما يلي:

ا- إن إثبات عقيدة منهج أهل البيت علیهم السلام في المهدي المنتظر علیه السلام يستند إلى الكثير من البراهين العقلية والآيات القرآنية وما اتفق عليه المسلمون من صحاح الأحاديث النبوية والواقع التاريخي لسيرة أئمة أهل

ص: 28


1- راجع مثلا ما نقله الشيخ الصادقي - في كتابه بشارات العهدين - من كتب الأديان الأخرى .

البيت علیهم السلام ، كما هو مشهور في الكتب العقائدية التي تناولت هذا الموضوع.

أما الاستناد إلى البشارات الواردة في كتب الأديان المقدسة فهو من باب الدليل الإضافي أو الشواهد المؤيدة فلا تسقط النتيجة المتحصلة منه بسقوط أو بطلان الأساس؛ لأن هذه العقيدة قائمة على أسس أخرى أيضا ، إذن لا مجال للاعتراض على صحة هذه العقيدة حتى مع افتراض بطلان بعض أسسها باعتبار القول بتحريف تلك الكتب.

2 - ثمة ثمار مهمة لدراسة وتوثيق هذا الدليل، وهي هداية اتباع الديانات الأخرى إلى الحق وإلى المصلح الإلهي الحقيقي بالاستناد إلى كتبهم نفسها وفي ذلك حجة كاملة عليهم؛ هذا أولا، وثانياً فإن مثل هذه الدراسة تؤكد الجانب العالمي في القضية المهدوية، وتوفرمحوراً جديداً للوفاق بين الأديان المختلفة بشأن المصلح العالمي الذي ينتظرونه جميعا .

3- وليس ثمة من يقول بأن جميع ما في كتب الأديان السابقة محرف، بل إن المتفق عليه بين المسلمين وقوع التحريف في بعضها وليس في كلها . لذلك فإن ما صدقته النصوص الشرعية الإسلامية - قرآناً وسنة - مما في الكتب السابقة محكوم بالصحة وعدم تطرق التحريف إليه ؛ وهذا واضح.

الاستناد إلى ما صدقه الإسلام من البشارات

1- من الثابت إسلامياً أن الرسول الأكرم صلی الله علیه وآله قد بشر بالمهدي الموعود من أهل بيته ومن ولد فاطمة - سلام الله عليها(1)-، لذلك فإن

ص: 29


1- بل أثبتت دراسات عدد من علماء أهل السنة تواتر هذه الأحاديث الشريفة، مثل كتاب «التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح» للإمام الشوكاني، وكتاب «الإشاعة في أشراط الساعة» للبرزنجي، وكتاب «التصريح» للكشميري وغيرها .

البشارات الواردة في كتب الأديان السابقة من هذا النمط الذي لم تطاله أيدي التحريف ما دامت منسجمة مع ما صرح في النصوص الشرعية الإسلامية . إذن لا مانع من الاستناد إليه والاحتجاج به .

2- يضاف إلى ذلك أن القرآن الكريم نفسه قد بشر بالدولة الإلهية العالمية وإقامتها في آخر الزمان كما صرحت بذلك آياته الكريمة التي دل عدد منها على المهدي الموعود وحتمية وجوده وغيبته ، كما سنوضح ذلك في بحث لاحق إن شاء الله تعالى. وهذا يعني تصديق ما ورد في بشارات الأديان السابقة الواردة بالمضمون نفسه، الأمر الذي يعني صدورها من نفس المصدر الذي صدر منه القرآن الكريم، وبالتالي الحكم بصحتها وعدم تطرق التحريف إليها ، فلا مانع حينئذ من الاستناد إليها والاحتجاج بها في إطار المضامين التي صدقها القرآن الكريم.

3 - إن بعض هذه البشارات ترتبط بواقع خارجي معاش أو ثابت تاريخياً، بمعنى أن الواقع الخارجي الثابت جاء مصدقاً لها. فمثلا البشارات التي تشير إلى أن المصلح العالمي هو الإمام الثاني عشر من ذرية إسماعيل وأنه من ولد خيرة الإماء وأن ولادته تقع في ظل أوضاع سیاسية خانقة ومهددة لوجوده فيحفظه الله ويغيبه عن أعين الظالمين إلى حين موعد ظهوره وأمثالها، كلها تنبأت بحوادث ثابتة تاريخياً، وهذا يضيف دليلا آخر على صحتها، ما دام أن من الثابت علمياً أنها مدونة قبل وقوع الحوادث التي أخبرت عنها، ففي هذه الحالة تثبت إنها من أنباء الغيب التي لا يمكن أن تصدر إلا ممن له ارتباط بعلام الغيوب تبارك وتعالى. وبذلك يمكن الحكم بصحتها وعدم تطرق التحريف إليها، وبالتالي يمكن الاستناد إليها والاحتجاج بها(1)

ص: 30


1- هذا الحكم يصدق أيضا على الأحاديث الشريفة المروية عن الرسول الأكرم وأئمة العترة - صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين - والتي تنبات بولادة المهدي من الحسن العسكري وغيبته، فثبوت صدورها وتدوينها قل وقوع الولادة والغيبة بما يزيد على القرن وأكثر لم تحقق ما أخبرت عنه عملياً يثبت صحتها حتى لو كان ثمة نقاش في بعض أسانيدها ؛ لأن تصدیق الواقع لها دليل على صحة صدروها من ينابيع الوحي المتصلة بالله تبارك وتعالى لا يعلم الغيب ولا يطلع على غيبه، إلا من ارتضى، وقد استدل العلماء بهذا الدليل الوجداني على صحة الغيبة وصحة إمامة المهدي ابن العسكري علیه السلام مثل الشيخ الصدوق في إكمال الدين : 1/ 19، والشيخ الطوسي في كتاب الغيبة: 101 - 107، والطبرسي في إعلام الوری، وابن طاوس في كشف المحجة وغيرهم.

تأثير البشارات في صياغة العقيدة المهدوية

أما القضية الثانية : فهي ترتبط بالاعتراض القائل بأن الاستناد إلى هذه البشارات في إثبات عقيدة أهل البيت علیهم السلام في المهدي المنتظر علیه السلام يفتح باب التشكيك والادعاء بأن هذه العقيدة تسللت إلى الفكر الإسلامي من الإسرائيليات ومحرفات الأديان السابقة.

والجواب على هذا الاعتراض يتضح من الإجابة السابقة، فهو يصح إذا كانت العقيدة الإمامية المهدوية تستند إلى تلك البشارات وحدها في حين أن الأمر ليس كذلك.

ولو قلنا بأن كل فكرة إسلامية لها نظير في الأديان السابقة هي من الأفكار الدخيلة في الإسلام؛ لأدى الأمر إلى إخراج الكثير من الحقائق والبديهيات الإسلامية التي أقرها القرآن الكريم وصحاح الأحاديث الشريفة وهي موجودة في الأديان السابقة، وهذا واضح البطلان ولا يخفى بطلانه على ذي لب. فالمعيار في تشخيص الأفكار الدخيلة على الإسلام هو عرضها على القرآن والسنة والأخذ بما وافقهما ونبذ ما خالفهما، وليس عرضها على ما في كتب الديانات السابقة ونبذ كل ما وافقها مع العلم بأن فيها ما لم تتطرق له يد التحريف وفيه ما ثبت صدوره عن المصدر الذي صدر عنه القرآن الكريم.

يضاف إلى ذلك أن عقيدة الإمامية في المهدي المنتظر علیه السلام تستند إلى

ص: 31

واقع تأریخي ثابت، فكون الإمام المهدي هو الثاني عشر من أئمة أهل البيت علیهم السلام ثابت تاريخياً وحتى ولادته الخفية من الحسن العسكري علیه السلام قد سجلها المؤرخون من مختلف المذاهب الإسلامية وأقرها علماء مختلف المذاهب حتى الذين لم يذعنوا أنه هو المهدي الموعود وإن كان عدد الذين صرحوا بأنه هو المهدي من علماء أهل الستة غير قليل أيضا (1).

نتائج البحث

نصل إلى القسم الأخير من البحث، وهو تسجيل النتائج الحاصلة منه في النقاط التالية :

1- إن أصل فكرة الإيمان بالمصلح العالمي في آخر الزمان وإقامة الدولة العادلة التي تحقق السعادة الحقة للبشرية جمعاء تستند إلى جذور فطرية في الإنسان تنبع من فطرة تطلعه إلى الكمال، ولذلك لاحظنا إجماع مختلف التيارات الفكرية الإنسانية حتى المادية منها على حتمية تحقق هذا اليوم الموعود. أما الفكر الديني فهو مجمع عليها لتواتر البشارات السماوية في كتب الأديان المختلفة بذلك. فلا يمكن قبول ما زعمه بعض المستشرقين بأن هذه الفكرة المجمع عليها تستند إلى الخرافات والأساطير.

2 - إن القول بوجود المهدي الموعود بالفعل وغيبته - وهو الذي

ص: 32


1- ذكر الشيخ القندوزي الحنفي في ينابيع المودة الكثير من علماء أهل السنة القائلين بأن المهدي الموعود هو ابن الحسن العسكري وأنه حي وغائب، كما ذكر الميرزا النوري في کتاب کشف الأستار بعين عالماً منهم ونقل تصريحاتهم في ذلك، وكذلك فعل العلامة نجم الدين العسكري في كتابه المهدي الموعود المنتظر علیه السلام عند علماء أهل السنة والإمامية، وجمع أقوالهم وتصريحاتهم السيد ثامر العميدي في الجزء الأول من كتابه (دفاع عن الكافي). وكذلك السيد الأمين العاملي في ج 5 من المجالس السنية والأستاذ الاختيل في: الإمام المهدي علیه السلام .

يؤمن به مذهب أهل البيت علیهم السلام ويتميز عن عقيدة أهل السنة في المهدي الموعود - غير مستبعد لا في الفكر الإنساني الذي يرى أن من الضروري أن يكون عمر المصلح العالمي طويلا، ولا من الفكر الديني الذي اقترن إيمانه بالمصلح العالمي بالإيمان بأنه يعود بعد غيبة . بل إن وقوع الغيبات في تاريخ الأنبياء علیهم السلام يدعم هذا القول ويعززه.

3 - إن إجماع الأديان السماوية على الإيمان بالمصلح العالمي وغيبته قبل الظهور اقترن بالاختلاف الشديد في تحديد هويته، وهو اختلاف ناشئ من جملة من العوامل، منها: إن البشارات الواردة في الكتب المقدسة بشأنه تتحدث عن قضية غيبية، والإنسان بطبعه ميال لتجسيد الحقائق الغيبية في مصادیق محسوسة يعرفها. ومنها : أن التعصب المذهبي والرغبة في الفوز بافتخار الانتماء لصاحب هذا الدور التاريخي المهم دفعت اتباع كل دين إلى تأويل تلك البشارات أو خلطها بالبشارات الواردة بشأن نبي أو وصي معين غير المصلح العالمي أو تحريفها لتطبيقها على الأقرب من المواصفات التي تذكرها من زعمائهم ورموزهم الدينية. فالاختلاف ناشئ من سوء تفسير وتطبيق البشارات السماوية وليس من نصوص البشارات نفسها.

4 - إن سبيل حل الاختلاف هو تمييز البشارات الواردة بشأن المصلح العالمي عن غيرها المرتبطة بغيره من الأنبياء والأوصياء علیهم السلام ، ثم تحديد الصورة التي ترسمها بنفسها للمصلح العالمي بعيداً عن التأثر بالمصادیق المفترضة سلفا. ثم عرض المصادیق عليها لمعرفة هويته الحقيقية استنادا إلى الواقع التاريخي القابل للإثبات وبعيداً عن حصر هذه المصادیق المفترضة برموز دين معين، بل عرض كل مصداق مرشح من قبل أي دين أو مذهب على الصورة التي ترسمها نصوص البشارات بصورة تجريدية .

5- إن تلك البشارات السماوية تهدي- بناء على هذا المنهج العلمي - إلى معرفة حقيقية هي أن المصلح العالمي الذي بشرت به هو الإمام

ص: 33

الثاني عشر من عترة خاتم الأنبياء - صلوات الله عليه وآله - وهو صاحب الغيبة التي يضطر إليها بسبب تربص الظلمة به لتصفيته، أي إنها تهدي إلى المهدي الإمامي الذي يقول به مذهب أهل البيت علیهم السلام ، وقد صرحت تلك البشارات بالهداية إليه من خلال ذكر صفات لا تنطبق على غيره، ومن خلال ذكر خصائص فيه امتاز بها واشتهرت عنه كما لاحظنا.

6 - إن الاستناد إلى هذه البشارات في إثبات صحة عقيدة أهل البيت علیهم السلام في المهدي المنتظر علیه السلام بشكل دليلا آخر في إثبات هذه العقيدة يضاف إلى الأدلة العقلية والقرآنية وما صح لدى المسلمين من الأحاديث الشريفة، ولا مانع من الاستدلال بهذه البشارات بعدما ثبت أن التحريف في الديانات السابقة لم يشمل كل نصوصها الموحاة، فيمكن الاستناد إلى ما صدقته النصوص الشرعية الإسلامية مما ورد في كتب الديانات السابقة ؛ وكذلك ما صدقه الواقع التاريخي الكاشف عن صحة ما أخبرت عنه باعتباره من أنباء الغيب التي لا يعلمها سوى الله تعالى، ومنها أخبار المهدي علیه السلام .

7- إن في الاستناد إلى بشارات الأديان السابقة في إثبات صحة عقيدة أهل البيت علیهم السلام في المهدي الموعود وإضافته إلى الأدلة الشرعية والعقلية الأخرى ثماراً عديدة، منها: الكشف عن أهمية هذه العقيدة وترسيخ الإيمان بما لدى اتباعها، ومنها : إعانة اتباع الديانات والمذاهب الأخرى على الاهتداء لمعرفة هوية المصلح العالمي الذي بشرت به نصوص كتبهم المقدسة ودعوتهم إلى الإسلام عن هذا الطريق، والاحتجاج عليهم بالنصوص المعتبرة عندهم وهو احتجاج أبلغ في الدلالة، ومنها : إيجاد محور توحيدي لدعاة الإصلاح الديني من اتباع مختلف الديانات يعزز جهودهم وينسقها، يقوم على أساس الإيمان بهذا المصلح العالمي ووجوده فعلا ورعايته لجهود الممهدين لظهوره طبقا للعقيدة الإسلامية الأوسع شمولية وتفصيلا في عرض هذه الفكرة العريقة في الفكر الديني والإنساني .

ص: 34

يقول العلامة الشهيد آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر : وإذا كانت فكرة المهدي أقدم من الإسلام وأوسع منه، فإن معالمها التفصيلية التي حددها الإسلام جاءت أكثر إشباعاً لكل الطموحات التي انشدت إلى هذه الفكرةمنذ فجر التأريخ الديني، وأغنى عطاء وأقوى إثارة لأحاسيس المظلومين والمعذبين على مر التاريخ. وذلك لأن الإسلام حول الفكرة من غيب إلى واقع، ومن مستقبل إلى حاضر، ومن التطلع إلى منقذ تمخض عنه الدنيا في المستقبل البعيد المجهول إلى الإيمان بوجود المنقذ فعلا، وتطلعه مع المتطلعين إلى اليوم الموعود إلى اكتمال كل الظروف التي تسمح له بممارسة دوره العظيم.

فلم يعد المهدي علیه السلام فكرة ننتظر ولادتها، ونبوءة نتطلع إلى مصداقها، بل واقعاً قائماً ننتظر فاعليته، وإنسانا معينا يعيش بيننا بلحمه ودمه ، نراه ویرانا، ويعیش آمالنا وآلامنا ويشاركنا أحزاننا وأفراحنا، ويشهد كل ما تزخر به الساحة على وجه الأرض من عذاب المعذبين وبؤس البائسين وظلم الظالمين، ويكتوي بذلك من قريب أو بعيد، وينتظر بلهفة اللحظة التي يتاح له فيها أن يمد يده إلى كل مظلوم وكل محروم وكل بائس ويقطع دابر الظالمين.

وقد قدر لهذا القائد أن لا يعلن عن نفسه ولا يكشف للآخرين هويته ووجوده على الرغم من أنه يعيش معهم انتظاراً للحظة الموعودة.

ومن الواضح أن الفكرة بهذه المعالم الإسلامية تقرب الهوة الغيبية بين المظلومين كل المظلومين والمنقذ المنتظر، وتجعل الجسر بينهم وبينه في شعورهم النفسي قصيراٌ مهما طال الانتظار .

ونحن حينما يراد منا أن نؤمن بفكرة المهدي بوصفها تعبيرا عن إنسان حي محدد يعيش فعلا كما نعيش، ويترقب كما نترقب، يراد الإيحاء إلينا بأن فكرة الرفض المطلق لكل ظلم وجور، والتي يمثلها المهدي، تجسدت

ص: 35

فعلا في القائد الرافض المنتظر، الذي سيظهر وليس في عنقه بيعة لظالم كما في الحديث، وإن الإيمان به إيمان بهذا الرفض الحي القائم فعلا ومواكبة له»(1).

ص: 36


1- بحث حول المهدي : 12- 14

المهدي في الأحاديث

اشارة

النصوص الواردة عن الأئمة علیهم السلام بحق المهدي (عج) کثرت الروايات منه عجل الله تعالی فرجه الشریف:

لا يخفى أن الأحاديث والروايات الواردة عن الباري عزّوجل وعن رسوله الكريم رسول الله صلی الله علیه وآله وعن الأئمة الطاهرين علیهم السلام في الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف كثيراً جدا . نشير إلى بعضها وهي :

النصوص الواردة عن الباري عزّوجل في حق المهدي (عج)

1- في حديث عن رسول الله صلی الله علیه وآله ليلة المعراج، قال الله تعالی : وأعطيتك أن أخرج من صلبه أحد عشر مهديا كلهم من ذريتك من البكر البتول، وآخر رجل منهم يصلي خلفه عيسى ابن مريم، يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجوراً، أنجي به من الهلكة، وأهدي به من الضلالة، وأبرق به من العمى، وأشفي به المريض، فقلت : إلهي وسيدي متى يكون ذلك؟ فأوحى الله عزّوجل: يكون ذلك إذا رفع العلم، وظل الجهل، وكثر القراء، وقل العمل، وكثر القتل، وقل الفقهاء الهادون، وكثر الفقهاءالضلالة والخونة، وكثر الشعراء، واتخذ أمتك قبورهم مساجد، الضلالة والخونة، وزخرفت المساجد، أمتك قبورهم مساجد، وحليت المصاحف، وزخرفت المساجد، وكثر الجور والفساد، وظهر المنكر وأمر أمتك به ونهوا عن المعروف، واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء، وصارت

ص: 37

الأمراء كثرة، وأولياؤهم فجرة، وأعوانه ظلمة، وذوي الرأي منهم فسقة.

2 - وفي حديث آخر عنه صلی الله علیه وآله قال عزّوجل ليلة المعراج: «ارفع رأسك فرفعت رأسي وإذا أنا بأنوار علي وفاطمة والحسن والحسين، وعلي ابن الحسين ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسی بن جعفر، وعلي ابن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، و(محمد) بن الحسن القائم في وسطهم كأنه كوكب دري قلت: يا رب ومن هؤلاء قال : هؤلاء الأئمة وهذا القائم الذي يحلل حلالي ويحرم حرامي؟ وبه أنتم من أعدائي، وهو راحة لأوليائي، وهو الذي يشفي قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين، فيخرج اللات والعزى طريين فيحرقهما، فلفتنة الناس يومئذ بها أشد من فتنة العجل والسامري».

النص الوارد عن رسول الله صلی الله علیه وآله

3- قال رسول الله صلی الله علیه وآله : «علي مني وأنا من علي وهو زوج ابنتي وأبو سبطي الحسن والحسين، ألا وإن الله تبارك وتعالى جعلني وإياهم حججا على عباده، وجعل من صلب الحسين أئمة يقومون بأمري، ويحفظون وصيتي، التاسع منهم قائم أهل بيتي،ومهدي أمتي، أشبه الناس بي في شمائله وأقواله وأفعاله يظهر بعد غيبة طويلة وحيرة مضلة، فيعلن أمر الله، ويظهر دين الله عزّوجل، يؤيد بنصر الله وينصر بملائكة الله ، فيما الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جوراً وظلماً»..

4 - وقال رسول الله صلی الله علیه وآله : «الأئمة بعدي اثنا عشر أولهم أنت يا علي وآخرهم «القائم» الذي يفتح الله عزّوجل على يديه مشارق الأرض ومغاربها».

5- وقال رسول الله صلی الله علیه وآله : «المهدي من ولدي، اسمه اسمی، وکنیته کنیتي، أشبه الناس بي خلقا وخلقاً، تكون به غيبة وحيرة تضل فيها الأمم،

ص: 38

ثم يقبل کالشهاب الثاقب يملاها عدلاً وقسطا وكما ملئت جوراً وظلماً».

6- وقال رسول الله صلی الله علیه وآله : «المهدي من ولدي تكون له غيبة وحيرة وتضل فيها الأمم، يأتي بذخيرة الأنبياء علیهم السلام فيملأها عدلاً وقسطا كما ملئت جوراً وظلماً».

المهدي (عج) في أحاديث النبي صلی الله علیه وآله

- عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلی الله علیه وآله : «إن خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي لاثنا عشر، أولهم أخي وآخرهم ولدي. قيل : یا رسول الله ومن أخوك ؟ قال : علي بن أبي طالب، قيل : ومن ولدك؟ قال: المهدي الذي يملؤها - أي يملأ الأرض - قسطاً وعدلا كما ملئت جوراً وظلماً، والذي بعثني بالحق بشيراً لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج منه ولدي المهدي، فينزل روح الله عيسى ابن مريم فيصلي خلفه، وتشرق الأرض بنور بها، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب».

2- عن حذيفة قال: قال رسول الله صلی الله علیه وآله : «المهدي رجل من ولدي، وجهه کالكوكب الدري».

3- عن حذيفة أيضا قال: قال رسول الله صلی الله علیه وآله : «المهدي رجل من ولدي، وجهه كالكوكب الدري، اللون لون عربي، والجسم جسم إسرائيلي، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جوراً، يرضى في خلافته أهل السماء، والطير في الجو، يملك عشرين سنة» .

4 - عن الإمام محمد بن علي الباقر عن آبائه عن أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (صلوات الله عليهم أجمعين) قال : قال رسول الله صلی الله علیه وآله : « المهدي من ولدي، يكون له غيبة، وحيرة تضل فيها الأمم، يأتي بذخيرة الأنبياء علیهم السلام فيملؤها عدلاً وقسطا كما ملئت جوراً وظلماً».

ص: 39

5- روى القندوزي الحنفي عن أبي بصير عن الصادق جعفر بن محمد عن آبائه عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام قال : قال رسول الله صلی الله علیه وآله : «المهدي من ولدي، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، وهو أشبه الناس بي خلقاً وخلقاً، يكون له غيبة وحيرة في الأمم حتى تضل الخلق عن أديانهم، فعند ذلك يقبل کالشهاب الثاقب، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجوراً».

6- روى المجلسي عن الشيخ المفيد عن أبي أيوب الأنصاري قال:قال رسول الله صلی الله علیه وآله - لفاطمة - (في مرضه): «والذي نفسي بيده لا بد لهذه الأمة من مهدي، وهو والله من ولدك».

7- عن مكحول عن علي بن أبي طالب علیه السلام قال : قلت يا رسول الله أمنا - آل محمد - المهدي أم من غيرنا؟ فقال رسول الله صلی الله علیه وآله : «لا، بل منا، بنا يختم الله الدين كما فتح الله بنا، وبنا ينقذون عن الفتنة كما أنقذوا من الشرك، وبنا يؤلف الله بين قلوبهم بعد عداوة الفتنة إخوانا كما ألف بين قلوبهم بعد عداوة الشرك، وبنا يصبحون بعد عداوة الفتنة إخوانا كما أصبحوا بعد عداوة الشرك إخواناً».

إن سؤال الإمام أمير المؤمنين من رسول الله صلی الله علیه وآله من قبيل تجاهل العارف، فهو يسأل عما يعلم وكأنه لا يعلم وذلك لغرض يقصده، وهذا النوع من الكلام وارد في القرآن والأحاديث بل وفي العرف أيضا قال تعالى: «وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى» [طه: 17]

8- عن هشام بن سالم عن الإمام الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علیهم السلام قال : قال رسول الله صلی الله علیه وآله : القائم من ولدي، اسمه اسمي، وكنيته کنیتي، وشمائله شمائلي، وسنته سنتي، يقيم الناس على ملتي وشريعتي، ويدعوهم إلى كتاب الله عزّوجل ، من أطاعه أطاعني، ومن عصاه عصاني، ومن أنكره في غيبته فقد أنكرني، ومن كذبه فقد كذبني، ومن

ص: 40

صدقه فقد صدقني، إلى الله أشكو المكذبين لي في أمره، والجاحدين القولي في شأنه،« وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ» [الشعراء: 227].

9- عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلی الله علیه وآله : علي بن أبي طالب إمام أمتي، وخليفتي عليهم بعدي، ومن ولده القائم المنتظر الذي يملأ الله عزّوجل لا به الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جوراً وظلماً، والذي بعثني بالحق بشيراً : إن الثابتين على القول به - في زمان غيبته - لأعز - أي أقل واندر - من الكبريت الأحمر. فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاري فقال : یا رسول الله وللقائم من ولدك غيبة؟ فقال:«وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ» [آل عمران: 141] یا جابر إن هذا لأمر من أمر الله ، وسر من سر الله ، مطوي - أي مستور - عن عباده، فإياك والشك في أمر الله فهو كفر.

10 - عن أبي سعيد الخدري - في حديث طويل - قال: قال رسول الله صلی الله علیه وآله - لفاطمة - : يا بنية إنا أعطينا - أهل البيت - سبعا لم يعطها أحد قبلنا :

1 - نینا خير الأنبياء، وهو أبوك .

2- ووصينا خير الأوصياء وهو بعلك .

3- وشهيدنا خير الشهداء وهو عم أبيک حمزة .

4 - ومنا من له جناحان خضیبان يطير بهما في الجنة وهو ابن عمك جعفر .

5و6 - ومنا سبطا هذه الأمة وهما ابناك الحسن والحسين.

7- ومتا - والله الذي لا إله إلا هو - مهدي هذه الأمة، الذي يصلي خلفه عيسى ابن مريم، ثم ضرب بيده على منكب الحسين علیه السلام فقال : من

ص: 41

هذا، ثلاثاً، أي قال صلی الله علیه وآله : «من هذا» ثلاث مرات. وفي كتاب (البيان) للشافعي الكنجي، قال صلی الله علیه وآله : «من هذا مهدي هذه الأمة».

11 - عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قال رسول الله صلی الله علیه وآله «ينزل عيسى ابن مريم علیه السلام فيقول أميرهم المهدي : تعال صل بنا، فيقول: ألا إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة من الله عزّوجل لهذه الأمة».

12 - في كتاب فرائد السمطين، عن الإمام علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه صلی الله علیه وآله قال : قال رسول الله صلی الله علیه وآله : «من أحب أن يتمسك بديني ويركب سفينة النجاة بعدي فليقتد بعلي بن أبي طالب، وليعاد عدوه، وليوال وليه، فإنه وصيي وخليفتي على أمتي، في حياتي وبعد وفاتي، وهو إمام كل مسلم، وأمير كل مؤمن بعدي، قوله قولي، وأمره أمري، ونهيه نهيي، وتابعه تابعي، وناصره ناصري، وخاذله خاذلي؛ ثم قال صلی الله علیه وآله : من فارق علياً بعدي لم يرني ولم أره يوم القيامة، ومن خالف علياً حرم الله عليه الجنة وجعل مأواه النار، ومن خذل علياً خذله الله يوم يعرض عليه، ومن نصر علياً نصره الله يوم يلقاه، ولقنه حجه عند المسألة.

ثم قال صلی الله علیه وآله : الحسن والحسين إماما أمتي بعد أبيهما، وسيدا شباب أهل الجنة، أمهما سيدة نساء العالمين، وأبوهما سيد الوصيين، ومن ولد الحسين تسعة أئمة، تاسعهم القائم من ولدي، طاعتهم طاعتي، ومعصيتهم معصيتي.

إلى الله أشكو المنکرین لفضلهم، والمضيعين لزمتهم بعدي، وكفى بالله وليا وناصراً لعترتي وأئمة أمتي، ومنتقما من الجاحدين حقهم، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين.

13 - وقال صلی الله علیه وآله في خطبة يوم الغدير وبحضور 120 ألف مسلم - «... معاشر الناس : النور من الله عزّوجل ، في مسلوك، ثم في علي، ثم في

ص: 42

النسل منه إلى القائم المهدي، الذي يأخذ بحق الله وبكل حق هو لنا ... إلى آخر الخطبة الشريفة.

لقد مر عليك - في الأحاديث النبوية - أن الرسول صلی الله علیه وآله يحلف بالله ، ويقول: «والذي بعثني بالحق بشيراً أو «والذي نفسي بيده» أو «منا - والله الذي لا إله إلا هو - مهدي هذه الأمة كل ذلك تأكيدا لهذه الحقيقة، وتثبيتا للموضوع، ولا يكتفي الرسول الصادق الأمين صلی الله علیه وآله بهذا حتى يقول: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد... ويقصد صلی الله علیه وآله أن هذا الأمر كائن قطعاً وبلا شك، وحتى إذا طالت الأزمنة، بل وحتى لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد فلا بد وأن يظهر الإمام المهدي علیه السلام وهذا منتهى المبالغة في التأكيد والتحقيق.

وقد سمعت وقرأت أن الرسول صلی الله علیه وآله يتحدث عن الإمام المهدي بأنه يملأ الأرض قسطا وعدلا ، بعد ما ملئت ظلما وجوراً، ولهذه الكلمة تحقیق وشرح يأتيك في المستقبل القريب.

وأما ذكر الظلم والجور معا، والقسط والعدل معاً - كما مر عليك الأحاديث - فمن الممكن أن يكون المقصود من قوله : «تملأ ظلماً وجوراً» انتشار الظلم من عامة الناس، وانتشار الجور من الحكام. وأن يكون المقصود من قوله: «يملؤها قسطا وعدلا» القسط من الحکام والعدل من عامة الناس، وسيأتيك مزيد من التفصيل في فصل: حياة المجتمع في عصره.

وقد مر عليك كلام رسول الله صلی الله علیه وآله و حول الإمام المهدي علیه السلام : «اللون لون عربي والجسم جسم إسرائيلي» أي إنه مثل بني إسرائيل في طول القامة، فإن الكثيرمن الساكنين في بلاد الأردن وفلسطين طوال القامة وهم من بقايا بني إسرائيل، أي من ذرية يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن علیه السلام وليس جسمه علیه السلام كأجسام اليابانيين أو أهل الصين أو ساكني بلاد شرق آسيا، فإن أجسامهم، على الأغلب - قصيرة أو متوسطة .

ص: 43

دلائل وجود الإمام المهدي علیه السلام في فكر الإنساني

اشارة

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم يا سالكي خط الولاية، السلام على العاشقين لمحمد وآل محمد صلى الله عليه وآله، السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته .

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطاهرين.

الحديث عن الإمام المهدي علیه السلام حديث شيق ومهم ومشرق، ولماذا لا يكون لذيذاً وشيقاً ونحن نقرأ عن النبي صلی الله علیه وآله أن الإمام المهدي حين يظهر يقسم المال صحاحاً، قيل يا رسول الله : وما صحاحاً؟ قال : أن يقسم المال بالسوية ، فيقول للناس : هلموا وخذوا ... فلا يأتي أحد، ثم يأتي شخص فيقول له الإمام : اذهب إلى السادن - أي أمين الصندوق - فيحثو له المال حيثاً، فيأخذ ويخرج ثم يندم ويقول: كنت أشجع أمة محمد صلی الله عليه وآله، فيرجع المال فيقولون له: نحن لا نرجع الأموال التي تعطيها(1).

هكذا مستقبل تمتلىء الأرض فيه قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجوراً :

«لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلا من ولدي اسمه اسمي وکنیته کنیتي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلماً وجوراً»(2).

ص: 44


1- لاحظ : کنز العمال: 262/14 ، الدر المنثور: 6/ 57، بحار الأنوار : 92/51 ، معجم أحاديث الإمام المهدي : 1/ 92.
2- الكافي ج1/ 338.

لا شك أن الحديث عن مثل هذا المستقبل والغد المشرق للبشرية حدیث لذيذ وشيق، أما أنه حديث مهم لأنه يرتبط بمسألة الإمامة الإلهية وبخط الإمامة الربانية في الحياة.

لا أحب أن أطيل في موضوعي وبحثي، وإنما أركز بشكل سريع على مسألتين فقط من دون الدخول في التفاصيل :

المسألة الأولى: أصل فكرة الإمام المهدي علیه السلام :

من أين أتت الفكرة؟

هل إنها فكرة شيعية محضة؟ أم أن بقية المسلمين يشاركون الشيعة فيها؟

قد يتصور بعض الناس أن الفكرة قد اختلقها الشيعة وليست فكرة إسلامية، ولكننا حين نرجع إلى كتب الأحاديث والتاريخ نرى أن من ألف في المهدي من علماء السنة أكثر من علماء الشيعة، وقد نص علماء المسلمين، بل أكدوا على تواتر أحاديث الإمام المهدي عجل الله فرجه .

أقرأ لكم كلمات بعض العلماء

قال ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة:

«قد وقع اتفاق من المسلمين أجمعين على أن الدنيا والتكليف لا ينقضي إلا عليه» (1) يعني على المهدي ..

وقال بعضهم في حاشيته على صحيح الترمذي:

«قال الشيخ عبد الحق في اللمعات : قد تظاهرت الأحاديث البالغة حد التواتر في كون المهدي من أهل البيت من أولاد فاطمة»(2).

ص: 45


1- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج96/10
2- حاشية صحيح الترمذي، ج2، 46.

وقال الصبان في إسعاف الراغبين :

«وقد تواترت الأخبار عن النبي صلی الله علیه وآله بخروج المهدي وأنه من أهل بيته وأنه يملأ الأرض عدلا»(1).

وقال الشبلنجي في نور الأبصار :

«تواتر الأخبار عن النبي أن المهدي من أهل بيته وأنه يملأ الأرض عدلا» (2).

وقال ابن حجر في الصواعق :

«قال أبو الحسن الإبري: قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفی بخروج المهدي، وأنه من أهل بيته ، وأنه يملك سبع سنين، وأنه يملأ الأرض، وأنه يخرج من عيسى فيساعده على قتل الدجال بباب لد بأرض فلسطين، وأنه يؤم هذه الأمة فيصلي عیسی خلفه»(3).

وقال السيد أحمد بن دحلان مفتي الشافعية في الفتوحات الإسلامية :

«والأحاديث التي جاء فيها ذكر المهدي كثيرة متواترة. فيها ما هو الصحيح، وفيها ما هو حسن، وفيها ما هو ضعيف، وهو الأكثر لكنها لكثرتها وكثرة مخرجيها يقوي بعضها بعضا حتى صارت تفيد القطع، لكن المقطوع به أنه لا بد من ظهوره، وأنه من ولد فاطمة، وأنه يملأ الأرض عدلاً، نبه على ذلك العلامة السيد محمد ابن رسول البرزنجي في آخر الإشاعة، وأما تحديد ظهوره بسنة معينة فلا يصح لأن ذلك غيب لا يعلمه إلا الله ، ولم يرد نص من الشارع بالتحديد»(4).

ص: 46


1- إسعاف الراغبين للصبان، ج2، 140.
2- نور الأبصار للشبلنجي: 170 - 189.
3- الصواعق المحرقة لابن حجر، ج 2: 480.
4- الفتوحات الإسلامية، لزيني دحلان ج2 : 338.

المهدي في الفكر الإسلامي عند السنة

المهدي في الصحاح:

وهناك كلمات أخرى موجودة أعرض عنها الآن وأقرأ لكم بعض أحاديث صحيح الترمذي في باب (ما جاء في المهدي):

حدثنا عبيد بن أسباط بن محمد القرشي، حدثنا أبي، حدثنا سفيان الثوري عن عاصم بن ...؟ عن زر عن عبد الله قال: قال رسول الله صلی الله علیه وآله : «لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي، یواطیء اسمه اسمي».

قال الترمذي : وفي الباب عن علي وأبي سعيد وأم سلمة وأبي هريرة ، وهذا حديث حسن صحيح(1).

وفي صحيح الترمذي أيضا :

حدثنا محمد بن بشار عن محمد بن جعفر عن شعبة، قال : سمعت زیدا العمي قال: سمعت أبا الصديق الناجي يحدث عن أبي سعيد الخدري قال : خشينا أن يكون بعد نبينا حدث فسألنا نبي الله قال: «فقال : إن في أمتي المهدي، يخرج ويعيش خمساً أو سبعاً أو تسعاً . زیداً الشاك - يعني ليس النبي شاكاً في مدة حكم المهدي، وإنما الراوي شاك ربما لم يسمع جيداً - قال: قلنا: وماذا ذلك ؟ قال : سنين، قال : فيجيء إليه الرجل: فيقول: يا مهدي أعطني أعطني، قال: فيعطي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله.

ص: 47


1- شرح أصول الكافي ج6 ص 256، الترمذي ج3: 343.

قال: هذا حديث حسن، ورواه أحمد بن حنبل في مسنده عن أبي سعيد.. إلى آخره(1).

صحيح أبي داود :

حدثنا أحمد بن إبراهيم عن عبد الله بن جعفر الرقي أبو المليح الحسن بن عمر عن زياد بن بيان عن علي بن مثيل عن سعید بن مسیب عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله صلی الله علیه وآله يقول: «المهدي من عترتي من ولد فاطمة» (2).

ورواه ابن ماجه في سنته في الجزء الثاني في باب خروج المهدي من أبواب الفتن .. إلى آخره.

صحيح البخاري :

بعضهم يقول: حديث المهدي ليس وارداً في صحيح البخاري، ولن تعلمون يا أخوة الأحاديث يفسر بعضها بعضا ، انظروا البخاري ماذا يقول في كتاب (بدء الخلق - الجزء الثاني - في باب ظهور عيسى ابن مریم):

حدثنا ابن بکیر، حدثنا الليث عن يونس عن ابن شهاب عن نافع مولى أبي قتادة الأنصاري أن أبا هريرة قال: قال رسول الله صلی الله علیه وآله : «كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم».

الروايات المتقدمة وكلمات العلماء التي قرأتها عليكم تقول: إن المهدي يؤم هذه الأمة وأن عيسى يصلي خلفه، فحديث البخاري يفسر تلك الأحاديث أو تفسره تلك الأحاديث، كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم، يعني عيسى يصلي خلف المهدي.

إلى هذا نعرف أن الفكرة ليست شيعية وإنما إسلامية، فكرة

ص: 48


1- شرح أصول الكافي ج 6: 256، مسند أحمد ج3 ص 22.
2- شرح أصول الكافي ج1: 258، سنن ابن ماجه ج2/ 1368 .

المهدي علیه السلام في الإسلام مثل فكرة الصلاة والصوم، إذا تمكن أحد أن ينكر الصلاة والحج في الإسلام فله أن ينكر المهدي.

وليس الأحاديث فقط، القرآن فشر بالإمام المهدي علیه السلام أيضا، قال تعالى: «هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ »[التوبة: 33]

تريد الآية أن تقول: إن الله بعث خاتم الأنبياء محمدا صلی الله علیه وآله و بدین الإسلام كي ينتصر على الأديان والمذاهب كافة.

هل حدث ذلك في التاريخ؟

کلا، لأن النبي صلی الله علیه وآله ومن بعده لم يستطيع أن يحقق نصراً على كل المذاهب والأديان، لأنه لم يأت للحرب إنماءات للسلام.

إذن لا بد أن يتحقق هذا اليوم في حياة البشرية. تأتي الروايات المتواترة والقطعية عن النبي تؤكد أن انتصار الإسلام سيكون انتصاراً غيبياً ، وسوف لن يتحقق إلا على يد ولد علي وفاطمة وولد رسول الله محمد المهدي الإمام الثاني عشر علیه السلام .

المسألة الثانية: ولادته علیه السلام :

صحيح أن الأمة الإسلامية متفقة على فكرة الإمام المهدي علیه السلام ، لكن هناك اختلاف بين السنة والشيعة في تفاصيلها، فالسنة يقولون: إن المهدي غير مولود وغير موجود وسوف يوجد في المستقبل، سوف يولد في يوم من الأيام ويظهره الله تعالی.

أما الشيعة فيقولون: المهدي هو الإمام محمد بن الحسن العسكري علیه السلام المولود ليلة 15 شعبان سنة 255 هم في مدينة سامراء في الفترة الأخيرة أخذوا يحاربوننا ويحاربون التشيع بكل شيء وسبيل،

ص: 49

ولم يكفهم ذلك فأتوا من الداخل وخلقوا عملاء لهم من الشيعة كي يحاربوا التشيع.

مثلا هذا أحمد الكاتب وهو صعلوك لم يدرس ولا ثقافة لديه وتاريخه معلوم لا يناقش بشكل علمي وإنما بشكل استفزازي، وواضح العمالة في مواقفه وكلماته فيقول:

الشيعة يعتقدون بالإمام المهدي عجل الله فرجه ودليلهم على ذلك النواب الأربعة، وليس معلوماً أنهم صادقون، وفكرة الإمام المهدي ليس متفقاً عليها، فلان اختلقها .. وما شابه من هذه الكلمات .

نتساءل ونقول : عقيدتنا بالإمام المهدي هي أنه مولود ليلة 15 شعبان، والآن هو يعيش الساحة، يعيش آمالنا وآلامنا، لكن نحن محرومون من الوصول إلى خدمته، والقيادة والإمامة الحقيقية هي للمهدي حددتها الآية الكريمة : « أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ »[النساء: 59].

والأمر هم محمد وآل محمد. نحن مجبورون في زمن الغيبة - حيث لا مرجع ولا ملجا وقد حرمنا الظالمون من بركات المهدي - على اللجوء إلى العلماء.

أدلة الولادة:

ما هي أدلتنا على ولادة الإمام المهدي؟

أشير إلى بعض الأدلة بشكل سريع :

أولا : الرواية المتواترة بين المسلمين أن النبي صلی الله علیه وآله قال: «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية»(1).

ص: 50


1- إكمال الدين وإتمام النعمة (409 كفاية الأثر/ 296، وسائل الشيعة / 246/16 / الحديث 21475، العمدة لابن بطريق/ 471/ الحدیث 991).

من هو هذا الإمام الذي إذا لم نعرفه فإننا نموت ميتة جاهلية!

هل الناس يختارون هذا الإمام؟ هل هو حسني مبارك، أم صدام؟

إنه الإمام الذي وصل إلى درجة القمة من النظافة واللياقة والتقوى والكمال الإنساني والنقاء والشموخ والصعود في رحاب الله والطهارة والعرفان لله بحيث إذا لم تعرفه تموت ميتة جاهلية.

هذا الإنسان الذي يكون بهذا المستوى هل الناس يختارونه أم الله يعينه؟ لا يمكن للناس أن يختاروه، بل الله يجب أن يعينه .

إذن ثبت أن لكل زمان إماماً معيناً من قبل الله ، وثبت أن لكل زمان إماماً معصوماً.

أنتم الذين تنكرون المهدي، من هو البديل الذي تضعونه؟!

نحن الشيعة : نقول: من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ، وامام زماننا هو محمد بن الحسن العسكري علیه السلام ، أنتم من هو إمامكم؟

ثانيا : حديث الثقلين المتواتر القطعي بين المسلمين.

إن حديث الثقلين أكثر الأحاديث بركة، ولا يستطيع أحد أن ينكره من المسلمين، ولا شك في صدوره عن لسان الوحي:

«إني مخلف فيكم الثقلين، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا»(1).

هذا الحديث يدل على أن العترة معصومة لأن النبي قرن العترة بالقرآن، والقرآن معصوم.

لا أريد أن أفضل أكثر من هذا، فالأمر يحتاج إلى عدة محاضرات حول حديث الثقلين، لكن اسمع التكملة لقول النبي صلی الله علیه وآله ، قال: «وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض» فماذا يعني؟

ص: 51


1- تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي ج 1: 29، شرح أصول الكافي ج6 ص 422، صحيح الترمذي : 5/ 37 والحديث 2874، السنن الكبرى للنسائي : 5/ 45 الحديث 8168.

يعني أنهما لا يفترقان إلى يوم القيامة، يعني إذاكان القرآن موجوداً في يوم القيامة فالعترة موجودة أيضا.

ولكن أي عترة هي المقصودة هنا؟ هل كل سید نستطيع أن نسميه العترة الباقية؟ كلا .

إن العترة الموجودة مع القرآن إلى يوم القيامة هي العترة المعصومة. لأن حديث الثقلين يؤكد على عصمة أهل البيت علیهم السلام .

وهذا عين ما نعتقده من أن محمد المهدي علیه السلام موجود إلى أن يظهر قبل يوم القيامة، وهذا المعنى ليس أنا الذي أقوله، بل قاله ابن حجر في الصواعق المحرقة، حيث قال :

إن حديث الثقلين «وإنهما لن یفترقا حتى يردا علي الحوض» يدل على أن القرآن والسنة وواحد من أهل البيت العلماء بالقرآن والسنة موجودون إلى يوم القيامة(1).

طبعا نحن نقول العلماء بالقرآن والسنة ليس كل عالم وإنما العالم المعصوم من العترة .

ثالثا : قوله تعالى : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ»[التوبة : 119]

انتبهوا يا شباب جيداً :

إن الآية لم تقل: وكونوا من الصادقين، بل قالت: وكونوا مع الصادقين، وهذا يعني أن الصادقين فئة خاصة معينة وجماعة محددة اتبعوها وكونوا معها.

هنا مسألتان:

المسألة الأولى: الآية تدل على عصمة الصادقين . لماذا ؟

ص: 52


1- الصواعق المحرقة لابن حجر، ج2: 438.

إنها أمرتنا أن نكون معهم وأن نتبعهم تبعية مطلقة، وكيف يأمر الله تعالى بتبعية إنسان غير معصوم؟ لا يمكن حاشا لله.

المسألة الثانية : هل جاء القرآن مؤقت أم خالداً؟ جاء خالداً .

وقوله تعالی : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ»[توبه 119] هل هو مخصوص في زمان النبي أم شامل لكل الأزمان؟

شامل طبعاً، هذا المعنى الذي أقوله ليس أنا الذي أقوله، حتى الرازي إمام المشككين في السنة يعترف بهاتين الحقيقتين، يقول : الأمر بتبعية الصادقين تبعية مطلقة تدل على عصمة الصادقين، وأوامر القرآن أوامر خالدة ودائمة(1).

النتيجة لا بد من وجود صادق في كل زمان، والصادق من هو؟

إنه المعصوم، فلا بد من وجود معصوم في كل زمان، ويتمثل في زماننا في الإمام الثاني عشر محمد المهدي عجل الله فرجه .

المعروف في الروايات أن الإمام المهدي يأتي بالإسلام الواقعي، حتى الناس يقولون : جاء بدين جديد، لماذا؟

السبب أننا انفصلنا عن النبي والأئمة، والعلماء عندهم اجتهادات مختلفة في أحكام الشريعة، ولا تمثل اجتهاداتهم صميم الإسلام بل الأحكام الظاهرية .

من هو الذي يحمل الحكم الواقعي؟

الإمام المعصوم هو الذي يعلم بالحكم الواقعي كيف؟

الإمام المهدي علیه السلام يأتي بالحكم الواقعي في الإسلام مدعوم من الغيب والسماء، بحيث يحقق انتصارا ساحقا على كل الفئات والمذاهب .

ص: 53


1- راجع التفسير الكبير للفخر الرازي، ج 3: 632 - 636.

وهذا لا بد لنا من سؤال :

الإمام المهدي علیه السلام إذا لم يكن ابن الحسن العسكري علیه السلام ولم يكن من سلسلة الاثني عشر الذين ورثوا العلم عن رسول الله، وتقولون: يوجد في المستقبل فمن أين يأتي بالإسلام الواقعي؟ يرتبط بمن؟

نحن نعتقد بأنه مرتبط بالغيب وبالله ، لأنه ابن الحسن العسكري علیه السلام ورث العلم عن أبيه، وورث أبوه العلم عن آبائه، عن علي أمير المؤمنين علیه السلام الذي قال:

«علمني رسول الله ألف باب من العلم يفتح لي من كل باب ألف باب من العلم»(1).

والذي قال بحقه رسول الله صلی الله علیه وآله :

«أنا مدينة العلم وعلي بابها »(2).

هذا العلم من النبي، العلم الواقعي للإسلام وصل إلى صدر المهدي سلام الله عليه.

فإذا تقولون إن المهدي لم يولد وسوف يولد في المستقبل فمن أين يأتي بالإسلام الواقعي، إذ إنه ليس بنبي، فمن أين يأتي به؟

إذا قلنا بأن الإمام المهدي مدعوم من الغيب ويأتي بالإسلام الواقعي فلا بد أن نقول منطقياً بولادة الإمام المهدي، وأنه ابن الحسن العسكري علیه السلام وأنه الإمام الثاني عشر من الأئمة المعصومين سلام الله عليهم.

رابعا : اتفاق الشيعة الإمامية قائم مع لفيف من علماء الشنة على ولادة الإمام المهدي.

ص: 54


1- الخصال للشيخ الصدوق : 647، الاختصاص/ للشيخ المفيد: 283.
2- الاحتجاج: ج1: 102.

المرحوم السيد محسن الأمين يذكر في كتابه (المجالس السنية) اثني عشر عالماً من علماء السنة يعترفون بولادة المهدي ليلة 15 شعبان.

وسماحة الشيخ لطف الله الصافي في كتابه (منتخب الأثر) يذكر (65) عالما عبر القرون : الشبلنجي، ابن حجر، ابن صباغ المالكي، ... يوافقون الشيعة على ولادة الإمام المهدي ليلة (15) شعبان، بعد ذلك ماذا تقولون: لماذا التشكيك؟

كتبة في كل مكان: إن الأمة الإسلامية متفقة اليوم على بعثة النبي محمد ، فلو أتي الشخص مسيحي أو يهودي يقول: أنتم المسلمون تكذبون فإن محمدا ليس له وجود، نقول له اذهب وصحح أفكارك وعقلك أنت مجنون، لأن الأمة الإسلامية بكافة أجيالها متفقة على وجود النبي محمد صلی الله علیه وآله .

الآن هؤلاء الذين يشككون بأن المهدي ليس موجوداً الآن، نقول لهم : الشيعة بأجيالها وعلماؤها كافة متفقون على ولادة المهدي مع لفيف من علماء السنة، فما هو الفرق لو كان الإجماع إجماع الأمة أو إجماع الشيعة، إجماع الشيعة وهذا المذهب والكيان كله على هذه الحقيقة ليس فقط هذا الكيان، بل مع عشرات من علماء السنة يقرون بهذه الحقيقة : بأن الإمام المهدي مولود سلام الله عليه ، فهذا التشكيك إذن تشكيك مقابل بديهة وحقيقة مادية، وحقيقة وجدانية، وحقيقة تأريخية.

يعني أنت لم تناقش في حديث ولا في سند، ولا في حقيقة عقلية، بل في وجود إنسان.

أقول لك: إن علماء المذهب مع لفيف من علماء السنة يعترفون بولادةهذا الإنسان، فمن لم يعترف لعل له مصالح.

على أية حال عندنا روایات تقول : إن الإمام المهدي سوف لن يظهر حتى يرتد أكثر الناس، ويشكك أكثر الناس فيه. في الرواية : «سوف

ص: 55

تميزون وتمحصون وتغربلون» تطول غيبته حتى أن أكثر الناس يشكك بهذه الحقيقة .

قصة الولادة:

أما كيفية ولادة الإمام كما نقلها التاريخ والمؤرخون، ففي مثل هذه الليلة، تقول حكيمة عمة الإمام الحسن العسكري: كنت عند أبي محمد ليلة النصف من شعبان، فقال : عمة باتي هذه الليلة عندنا ، قلت له : لماذا؟ - قال : في هذه الليلة سيرزقني الله ولدا، قلت: يا ابن أخي ممن؟ قال: من = نرجس أو صیقل الجارية أو مليكة، تقول حکيمة : جئت فقلبتها ظهرا = البطن، فلم أجد بها أثرا للحمل، قلت: يا سيدي ليس فيها أثر للحمل، - قال : يا عمة إن مثلها مثل أم موسى لم يظهر أثر الحمل بها إلا عند الولادة.

تقول: بث تلك الليلة في بيت الإمام الحسن العسكري إلى أن انتصف الليل شككت في الأمر، وإذا بصوت الإمام الحسن العسكري من حجرته:۔ یا عمة لا تعجلي، تقول: حتى إذا قرب الفجر وإذا بنرجس أم الإمام المهدي ترتعد فرائصها ، تقول : جئت إليها وأنا أقرأ آية الكرسي وسورة الإخلاص وسورة الحمد وإذا بي أسمع صوت الجنين يردد معي آیات - القرآن، بينا أن كذلك إذ أضاء البيت بنور الإمام المهدي وسقط إلى - الأرض ساجدة وهو يقول: الحمد لله رب العالمين، فنادى الإمام الحسن العسكري: يا عمة آتيني بولدي، جثته بولده، فأذن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى، ثم قال: تكلم يا بني بإذن الله، وإذا بالإمام المهدي ينطق :بسم الله الرحمن الرحيم «وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ» [القصص: 5].

تقول: ورأيت مكتوباً في ذراعه الأيسر :

ص: 56

«وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» [الإسراء: 81].

ثم قال يا عمة رديه إلى أمه كي تقر به عينها(1).

يا سيدي يا أبا صالح! لقد ضاقت صدورنا متى الفرج؟

إننا نعتقد بك عقيدة تزول الجبال ولا نزول عنها، لأن أدلتنا وبراهيننا كالشمس في رابعة النهار، العقل يحكم لا بد للحياة من وجود إنسان کامل، الشريعة تحكم لا بد من وجود إمام للزمان.

ولكن يا سيدي يا أبا صالح! لقد ضاقت صدورنا، ومللنا الحياة ، صحيح إننا بعينك تعيش آمالنا وآلامنا، ولكننا لا نملك الطاقة الإيمانية وطاقة الصبر التي تملكها أنت، ونحن نعلم قطعا أن نهضتك محددة ومعينة وموقوتة بأمر من الله تعالى. ولكن مع ذلك نشكو إليك ما نعيشه من آلام ومصائب في هذه الحياة .

وفي الوقت نفسه نعتذر إليك يا أبا صالح، لأننا في الحياة مجدنا وخدمنا زيداً وعمرواً، وكان الجدير أن يكون المدح والخدمة لك وحدك يا إمام الزمان.

ص: 57


1- كمال الدين للصدوق: ج1 424، الغيبة للشيخ الطوسي: 204-234.

المهدي المنتظر في الأديان السماوية والملل والنحل

اشارة

نسمع بين حين وآخر من يقول بأن نظرية المهدي المنتظر ليست مبنية على عقيدة، هذا القول مغلوط كلياً، هو كالقول بأن الفكرة من صنع العباسيين أو بعض رجال الدين المنتفعين، أو إنها تتسبب في تطور الحكم إلى الدكتاتورية.

عقيدة المهدي قائمة منذ التاريخ الأول. وأول من نادي بها وثبتها هم العراقيون الأوائل. السومريون مهديهم المخلص دو مو سین (تموز) الذي بعد موته كل عام في (تموز) شهر الحر والجفاف، كان ينبثق من جديد في أول الربيع في (21 نیسان) ليجلب معه الحياة والخضرة والخصب. وظل تموز مخلص العراقيين طيلة حوالي الثلاثة آلاف عام خلال عصور السلالات العراقية المختلفة الأكدية والأمورية والآشورية والكلدانية. ومع الزمن راح يتخذ أسماء مختلفة. مثل (إيل) أي العالي ومن مشتقاته (الله والله وعلي) كذلك اسم بعل، الخ. والسينيون (عبدة الإله سين - القمر) ومن بقاياهم (اليزيديون) وهم الديانة الباقية من ذلك الزمن السومري السحيق لا زالوا يؤمنون بهذا المخلص وينتظروه وإن باسم (خضر الياس)، والمنداء (الصابئة) الديانة الثانية بالقدم بعد السينيين (وهي نشأت في منتصف آلاف الثالثة قم) تؤمن بالمهدي المنتظر وهو السيد سيتيل (الإله سیت) وهو شیت بن آدم علیه السلام وغالبا ما يرد اسمه بصفته العينية (عاذيمون) التي تعني ابن الإله. ومخلص اليهود حسب آخر سفر في العهد القديم

(سفر ملاخي) هو إيليا، الذي ينتظروه إلى اليوم ومخلص المسيحيين هو المسيح ذاته، وإن ظهر بأسماء من قبيل مار الياس أو مار جرجس، وهو

ص: 58

عينه مخلص الإسلام السني (حديث ينتظرون ظهوره بصحبة الأعور الدجال)، بينما مخلص الإسلام الشيعي هو الإمام الثاني عشر، الحسن العسكري.

ومن هنا فعقيدة المهدي المخلص هي عقيدة لازمت الفكر البشري منذ بواكيره، والعراقيون بالذات هم أول من اعتقد بهذه الفكرة. إنها إحدى المسلمات الرئيسية التي يمثل نقضها نقض الإيمان ذاته، لكل الديانات السماوية تقريبا. وللمتابع حرية الخيار إما أن يصدق مسلمات هذه الديانات وإجماعها على المهدي المخلص أو يكذبها .

وللعلم فحتى الماركسيين يؤمنون بمخلص، وإن يسمونه سلطة المستضعفين (دكتاتورية البروليتاريا) التي ستنهي الاضطهاد الطبقي فيحل بواسطتها العدل والرخاء والسلام بين الشعوب إلى الأبد .

لحظات الظهور:

إن المهدي رافق المخيلة البشرية منذ وعيها الأول. وقد ظهر بأسماء عديدة منها: يس، یاسین، سث، شیت، زوس، دوموزي، سنبل، هلال، عاذيمون، أمانوئيل، مار إيل يس (مار الياس - يس بن نیل) جي ار جي يس جرجیس، مقه، خضر، إله الظلام، الخ.

أما متى نحتاجه، أو متی نتوقع ظهوره، فهذا برسم الغيب. لكن من مراجعة التاريخ عموما سنشخص حالتين، يبرز فيهما الحديث عن المهدي أو لنقلها بصورة أعم المبعوث المخلص.

اللحظة الأولى :

هي لحظة ولادة منظور فلسفي ومن ثم حضاري جديد. وفي هذا المساق يقع الرسول محمد صلی الله علیه وآله والمسيح علیه السلام . سوى أن كفة المسيح علیه السلام المخلصية تعلو على كفته الرسالية، لسبب واحد، وهو أنه

ص: 59

قتل (أو ألغي من الوجود المحسوس) ضحية رسالته. وحقيقة فرسالة محمد أمضى فعلا في التغيير وأكثر تكاملا في محتواها الاجتماعي. لكن ولكون الرسول نجح، فلا مجال للحزن عليه، أو الرثاء لحالته كما حدث مع السيد المسيح علیه السلام والإمام الحسين الشهيد علیه السلام .

اللحظة الثانية :

هي لحظة انتكاس الحضارة. وهنا فلا بد ويبرز من يحاول إعادتها إلى سابق مجدها، وانتكاس الحضارة ليس بالأمر الهين. لذا، فمن يأخذ على عاتقه محاولة إنهاضها فقد وضع روحه على أكفه. وهو قد ينجح ويبقى على قيد الحياة، فيكون وضعه کوضع الرسول محمد صلی الله علیه وآله ، وقد يقتل دون مسعاه، فسيخلد كمخلص من نوع المسيح علیه السلام والحسين علیه السلام حتى وإن نجح مسعاه على يد تابعية بعد حين.

وعلى خلفية هاتين اللحظتين، ظهر مخلصو شنعار، مثل نابونید وحزقيال وجوديا وسرجون العظيم، الخ.

لكن تاریخ شنعار تحدث عن مخلصین تميزاً بقصة فائقة الغرابة . وقصتهما إما لا علاقة لها بانهيار الحضارة أو قيام حضارة جديدة .أو لها علاقة، لكنها تحدثت عن معاییر حضارية سابقة لم نفهمها كليا بعد.

وهذين المخلصين هما الإلهين السومريين (إيليا) و(سين).

والرمز الكوني لكلا هذين الإلهين هو كوكب القمر. والإله إيليا ورد أول الأمر في الرقيمات الطينية باسم «لولو» الذي يذكر المنظور الأكدي أن ذبح فخلط دمه ولحمه مع الطين ليصنع منه الإنسان الحالي (متون سومر ص 86 و 160 وغيره من كتب التراث) ثم تسهل لفظياً أيضا فأصبح ينطق بشكل «نیل یا» أو «إيليا» و«عليان» و«امانویل». وعمانوئيل هو بالمناسبة اسم السيدالمسيح علیه السلام ويعني «استجب يا إيل» بينما إيليا هو الاسم الصحيح للإمام علي .

ص: 60

وقد أسر الإله إيليا في منطقة الآبسو (الأهوار) بعد حرب مع جيوش الأم تعامة التي أحدثت فتنة بين الآلهة، ثم اقتيد إلى بابل وذبح بقرار من الآلهة، ليصنع منه الإنسان الذي سيتحمل عن الآلة عبء العمل والعناء. وهكذا ذبح إيليا ونتيجة استقامت حياة الآلهة حيث من دمه صنع الإنسان الذي خلصها من العمل والكدح. لكن الآلهة سرعان ما ندمت على قتله، لذا بكته كثيراً وتأسفت معتبرة إياه ذهب مغدوراً.

هل كانت قصة (وي لاه) حقيقية وفاجعية بهذا الشكل، أم هي حادثة عابرة تعاظمت مع الزمن، أو هي حادثة من الخيال. فكل هذا لا يهم، ازاء قوة حبكها وشدة استثارتها لأحزان شنعار على مر العصور. حتى لقد صار اسم الإله (وي لاه!) صرخة للتوجع والحزن، ولازمة تبدأ بها المناعي والأغاني على السواء في شنعار .

ومعلوم أن الحزن هو أحد المكانين المجهولة التي لا بد للنفس البشرية أن تستنهضها دورياً لتستقيم طبيعتها. وربما لهذا السبب نحن بحاجة أحيانا إلى ما يثير أحزاننا في اليقظة، وإلا فسنستدع الحزن في الحلم لنبكي . وربما كان الآلهة الشنعاريون على طبيعة مخلوقيهم. أي هم مثلها وأيضا بحاجة إلى الحزن. لذا جعلوا إيليا رمزا لهذا الحزن، أو إنهم حقا اكتشفوا مظلوميته، لذا بكوه وفي كل مرة يبكون يتصارخون بأحد أسمائه (وي لاه، یا ویل، یا دیل) وكأنه يطلبون عفوه أو يستنجدوه أن يرفع عنهم عذاب الشعور بالذنب تجاهه. أو كأنه يرجوه أن يعود إلى الحياة لينصروه، أو یعذرهم، أو ينقذهم (يختصهم من عذاب النفس الذي يعانوه جراء جريرتهم بحقه .

والعزيز المظلوم لا ينسى. وذو الجريرة الظالم الشاعر بجريرته، يتمنی لو عاد المظلوم إلى الحياة ثانية لينصفه أو يفديه ولو بنفسه. ولا يعود المظلوم.ويتراكم الزمن. فيتحول تمتي عودة المظلوم إلى رجاء تتوق النفس الظالمة للخلاص به. فيندب المظلوم ليظهر ويأتي معه الخلاص.

ص: 61

لذا شبه الشنعاريون إيليا ينسغ النبات الذي يسري في العروق صاعدا إلى الأوراق، كما شبهوه أيضأ بحبة الحنطة عند بذارها حيث تخرج من الأرض ثم تنمو ثم تصفر وتموت ثم تبذر من جديد، أي الدورة ما بين العالم الأسفل المحجوب وعالم النمو المعلوم. وشبهوه بالإله أبو إله النبات عموما حيث تنبت وتموت وتنبت. وبالثور الذي يذهب صباحا إلى المرعى ويعود مساء إلى مأواه، وبالدورة ما بين الأرض وما خلفها من المجهول وعالم السماء النير المعلوم، تلك الدورة التي يمثلها القمر وغيره من الكواكب. أي صار المظلوم المغدور علة غادرة، ومخلصه من عذاب جريرته. وبالمحصلة النهاية صار للمخلوق إمكانية للخلاص.

العراقيون والتشيع عقيدة الخلاص.

عقيدة الخلاص هذه هي حقيقة ثالث أهم إبداعات الميراث العراقي الإنسانية. وإبداعها الأول هو القول إن الخلق تم بسبب الفعل (کن) والثانية هي عقيدة البداء التي تلغي اليأس من أمر مقدر سلفاً ولا فكاك منه.

لكن الندبة تستمر، وتستمر، انتظاراً لذلك العود والخلاص. فتتعدد أشكالها ومضامينها ، حتى أصبحنا نرى هذه الندبة تظهر كإشارة لعذاب النفس ولازمة للتوجع (يا ويلي !) ومعيناً على الشدائد بندبة الشنعاريون الجنوبيون بالكلمة (يا علي!).

جذور فواجع الشيعة:

الغريب في فاجعة الإله إيليا، أنها تتجدد بين الحين والآخر إما عينيا بأشخاص حقيقيين عاشوا في شنعار وماتوا لأجله، أو أسطورياً حين يستبد اليأس، ولا بد من الحزن فيستذكرون قصة إيليا ويبكون ويستغيثون، عسی ولعل الحال تتغير .

استان و تا

المهدي المنتظر في الأديان السماوية والملل والنحل

ص: 62

وحسب التراث الشنعاري الإسطوري فالشخص الثاني الذي جرى عليه ما جرى على إيليا. هو ابنه أو حفيد الإله سين أو كما تعودنا على تسميته : الإله تموز (دو مو سین) التي تعني الإله الابن سین.

وقد طغت فاجعة الإله سين على فاجعة إيليا . ولهذا بكاه الشنعاريون قروناً وقروناً، حتى أيام النبي حزقيال (القرن السادس ما قبل الميلاد) حين ذكر في الإصحاح الثامن من سفره، أن: «ووجدت نساء يبكين على تموز» .

لكن التجسيد الأكبر في قصة الإله المخلص حدثت في القرن السابع الميلادي.

وحين أقول تجسيد فهذا إيمان شخصي وللقارىء الكريم أن يستخدم أي توصيف آخر، أو ليقل إنه ليس تجسيد وإنما حدث مصادفة.

ففي العام 658م، جاء إلى کوثي (الكوفة) الإمام علي بن أبي طالب فغدر به وقلت. وقد لا أجزم بسبب هجره لموطنه مكة والمدينة وتوجهه إلى کوثي. هل هو حقا افتراض کثرة الناصر والمعين في العراق. وهو المعروف بالحصافة والفراسة وبما يكفي لمطالعة محيطه، أن إنه سار دون علمه يدفعه قدره، الذي هو قدر إيليا المخلص الأول. المهم إنه جاء إثر فتنة كبرى لم تكن المرأة بمعزل عنها .

وبالمناسبة فأبو بكر الصديق استهدف فتنة الردة وخلص الإسلام منها ونجح، بينما الإمام علي استهدف الفتنة الكبرى لكن استشهد. ونحن نخلد أبا بكر كقائد بينما الإمام علي كمخلص.

وفي هذا التجسيد أو التكرار نجد تطابق الاسمين الإله المخلص إيليا والإمام المخلص إيليا . ونجد أن الفتنة التي قتلت الأول جاءت من تعامة، والفتنة التي أودت بحياة الإمام إيليا سببتها العامة، التي قتلت الخليفة عثمان . وإيليا الإله وإيليا الإمام ليسا أبناء بابل، لأن ساقهما قدرهما إليها.

ص: 63

لكن هذا التجسيد أو التكرار، يبقى أقل حرفية من تجسيد فاجعة الإله المخلص سین في فاجعة الإمام الذي نشد الخلاص لأمته، الحسين.

ولا مراء في الاختلاف بین معنی اسم إله سين ومعنى اسم الحسین،حيث الأول هو اسم القمر، بينما الثاني من الحسن (والقمر مثال الحسن أيضا). لكن الصدفة جمعت بين النقطتين بحيث جعلت نطقهما يكاد يكون واحداً، خصوصا في لسان شنعار - مسرح فاجعتهما . فالتقارب بين (إله سین) و (الحسين) في لهجات شنعار هو كالتقارب بين الاسمين الأهواز والأحواز، حيث تتبادل الهاء والحاء النطق دائما .

وسين هو ابن أو حفيد الإله إيليا . والحسين هو ابن الإمام إيليا .

والإله سين هو أول من حمل هذا الاسم بين الإلهة الشنعارية، وفيما بعد تولدت أسماء من إضافة اسم أو صفة إلى اسمه. كمیا سياوي، موسين، سینیاء.. الخ. ولم يطلق اسم الحسين على أحد من العرب قبل ابن الإمام على هذا. ومن أطلقه عليه هو شخص لا يشك أحد بنبوءته، ألا وهو رسول الله محمد صلی الله علیه وآله . فكان هذا الرسول النبي ألهم بالاسم الغريب على جزيرة العرب وقتها، وأطلقه على حفيده، كمقدمة إخبارية لكون هذا الحفيد، هو النسخة الثانية (أو البشرية) من إله سين.

وإنه سين وهو سليل ألهة، لو شاء لاعتزل شؤون الدنيا ، وجاءه المجد والغني وهو في مقره. والحسين سليل إمامة ونبوة. لو شاء لاعتزل شؤون الدنيا والسياسة وأتاه المجد والغني وهو في بيته .

وقد اختارت ألهة شنعار الإله سين واستدعته لينقذ عشتار من ورطتها وهي في العالم الأسفل، فذهب ضحية ذلك الإنقاذ. والحسين استدعاه ذات الشعب الشنعاوي. لإنقاذ الأمة من بقية الفتنة، فراح ضحية رسالته.

وقبل رحيله إلى مكان قتله رأي الإله سين حلما بأن الآلهة تدعوه أن يقدم إليها على عجل، وقص الحلم على أخته الإلهة کشتنينا التي تکنی

ص: 64

أحيانا بالاسم (بي ليلى) الذي يعني : الحزينة. والحسين أيضا وقبل رحيله إلى كربلاء رأى حلما بأن جده رسول الله يناديه بالقول: «العجلة العجلة یا حسین !» فقص الحلم على أخته زینب، التي تلقب وإلى اليوم بالحزينة . ناهيك عن عدم غرابة الاسم ليلى عن الحسين حيث هو اسم إحدى زوجاته .

والحزينة أخت سین، فسرت الحلم وقالت له إنك مقتول، ومع ذلك شجعته على الرحيل، لأنه قدره الذي لن يفلت منه. وزينب أيضا فسرت الحلم وقالت لأخيها إنك مقتول، ومع ذلك شجعته على الرحيل إلى قدر أراده له الله .

وقد جاء الإله سين إلى بابل في شهر سین (تموز) واعتقدته عفاريت الشر ومنعت عن الأكل والشرب حتى مقتله بعد أيام. ومقتله كان في شهر سین (تموز) وفي يوم سين (الاثنين) وفي بابل. (ويوم الاثنين يعني يوم القمر ومنه جاء الاسم مولدي). وهو المصدر ذاته الذي لاقاه الحسین، الذي قتل ممنوعاً من الماء والزاد وفي شهر تموز وفي يوم الاثنين، وفي كربلاء التي يعني اسمها (ضاحية بابل الجنوبية).

وعشتار حين أدركت خذلانها ليس وتوريطها له، بكت وصرخت نادبة : «ويلاه ويلاه! ويلي عليك يا ولدي وأخي سين! لقد اختلط دمك بالتراب وعفر وجهك الأرض، يا فتيات! مزقن جيوبكن والطمن صدورکن، لقد قتل الفتی سین، یا فتی یا سین! یا فتی یا سین !» (فراس السواح لغز عشتار و غیره) وبقيت صرختها حتى زمن النبي حزقيان (ق7 قم). وهي العبارات ذاتها نصاً وروحاً التي يرددها الشنعاريون حتى اليوم ومنذ شعورهم بجزيرة خذلانهم للحسين.

وقد نعى إله سين لأكثر من أربعة آلاف عام، أو هو أكثر شخص نعي في تاريخ شنعار القديم. وها هو الحسين ينعي منذ 1400 سنة، ولا زال .

ص: 65

وحين لا نجزم بشخصانية الإلهين إيليل وسين، فنحن أمام حالة ترافق التاريخ البشري وهي ظهور مخلصين حقيقيين بين الفينة والفينة. أو تكرار تجسيد حالة المخلص الإله إيليا على البشر. فمن يجزم بأن هذا التكرار انتهى؟ ومن يجزم أن لا يأتي مخلص أيا كان، ليجسد شخصانية الإله إيليا؟

وهذا التجسيد الشبه تام ما بين سين والحسين، هل هو مصادقة عابرة أم به سر نجهله؟!

والتجسيد الشبه تام ما بين إيليا الإله وإيليا الإمام، تبعه، تجسيد أكثر كمالاً بين الإله سین (ابن إيليا الإله) والحسين (ابن إيليا الإمام). ولم يبق على أن يكون التجسيد تاما كاملا كل الكمال، إلا أن يأتي شخص من مثل الحسين ولكن يمؤهل (اللاموت) أي إنه يحمل مؤهل التغلب على التلف العضوي. وحين يظهر شخص لم يمت، أو هو مات وسيعود يبعث، وله ذات الصفات التي في الحسين، عندها سيكون سين قد بعث من جديد.

إما أن يكون هذا الشخص هو أحد أحفاد الحسين أو غيره، فهذا ما لا علاقة لنا به.

ونحن إذ نترقب تكرار هذا التجسيد، نعد العدة له أيضا ؟! نعدها، أن نعلن استعدادنا أن نكون من جنده، ومن ناصريه وأن نطبق التسامح الأقصى تجاه بعضنا البعض ونحيي العدل ونمحي الظلم ونساعده في تعميم الخلاص النهائي للبشرية؟!

يبقى السؤال الأخير : هل نحن مستعدون فعلا لأن نكون جند المخلص الجديد، ولن نخذله ؟! أو هل نحن حقا مهيأون نفسياً لهكذا خلاص؟!

ص: 66

انتظار المنقذ عند غير المسلمين

لم يكن انتظار المنقذ عقيدة خاصة بالمسلمين، بل هو اعتقاد آمنت به الديانات السابقة، ومعظم الشعوب والقوميات والكثير من الفلاسفة وعباقرة العرب على اختلاف أفكارهم وآرائهم ومنسباتهم العقائدية والفلسفية والسياسية، وهو عنوان لطموح البشرية منذ القدم، ولا زال هذا الطموح قائماً، وهذا الاعتقاد لا يبعد أن يكون من تبشير الأديان بظهورالمهدي علیه السلام اسمه أو نسبه عنادا وتكبراً. كما أخفي اسم رسول الله صلی الله علیه وآله المبشر به في التوراة والإنجيل وغيرها السماوية(1).

ويدل على هذا الانتظار أو التبشير ما ورد في أسفار التوراة في المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي: 9، عن : المهدي الشبهات عنه : 7،6.

(6) عمر أمة الإسلام: 37، أمين محمد جمال الدين، مكتبة المجد العربي، القاهرة. 1417 ه.

(7) عمر أمة الإسلام: 52، عن كتاب: النبوءة والسياسة : 50.

أيتها الخيل، ونوري يا مركبات، وليبرز المحاربون من رجال كوش وفوط... فهذا اليوم هو يوم قضاء السيد الرب القدير يوم الانتقام لنفسه من أعدائه، فيلتهم السيف ويشبع ويرتوي من دمائهم؛ لأن للسيد الرب القدير ذبيحة في أرض الشمال إلى جوار نهر الفرات .

ص: 67


1- الكتاب المقدس، العهد القديم : 950، بیروت، 1988م.

وقد استفيد من هذا النص ظهور الإمام المهدي علیه السلام كما نقله الكاتب عودة مهاوش الأردني في كتابه (الكتاب المجهر)(1).

ودلت أخبار سفر الرؤيا على امرأة تلد من يحكم الأمم، وفيما يلي نص النبوءة: (وظهرت في السماء آية عظيمة ؛ امرأة لابسة والقمر تحت قدميها، وعلى رأسها تاج من اثني عشر نجماً ... وظهرت في السماء آية أخرى: تنين عظيم ... ثم وقف التنين أمام تلد، ليبتلع طفلها بعد أن تلده ، وولدت المرأة ابناً ذكراً، وهو الذي سيحكم الأمم كلها بعصا من حديد، ورفع الطفل إلى حضر عرشه)(2).

والنصارى يؤمنون بعودة عيسی علیه السلام ، وهو مطابق لما نؤمن به من ظهور عيسى في زمن المهدي والزرادشتيون ينتظرون عودة (بهرام شاه).

وينتظر المجوس (اشيدر بابي) أحد أعقاب زرادشت .

ويترقب مسيحيو الأحباش عودة ملكهم (تيودور).

ويعتقد الهنود بعودة (فيشنو).

وينتظر البوذيون ظهور (بوذا)(3).

وينتظر الأسباب ملكهم (روذريق).

وقد جاء هذا المعتقد عند قدامى المصريين. كما وجد في القديم من كتب الصينيين (4).

وتقول الكاتبة الأمريكية جرس هالسل: (إننا نؤمن - کمسيحيين - أن تاريخ الإنسانية سوف ينتهي بمعركة تدعى (هرمجدون، المعركة سوف تتوج

ص: 68


1- الكتاب المقدس تحت المجهر : 7، عودة مهاوش، عن سفر أرميا 46: 2.
2- الكتاب المقدس، العهد الجديد : 383.
3- المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي: 9، عن: المهدية في الإسلام: 43.
4- المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي: 9، عن: المهدي الموعود ودفع الشبهات عنه: 6، 7.

بعودة المسيح الذي سيحكم بعودته على جميع الأحياء والأموات على حد سواه)(1).

أما هال لندس فيقول: (الجبل الذي ولد منذ عام 1948 سوف يشهد العودة الثانية للمسيح)(2).

فالبشرية تنتظر منقذاً لها سيظهر في آخر الزمان لينقذها من الواقع المأساوي الذي تعيشه، ولا اختلاف في أصل الاعتقاد بل إنما الاختلاف في مصداقه العملي. فالنصارى يرون أنه المسيح، والمسلمون يرون أنه المهدي علیه السلام . وهم في نفس الوقت ظهور المسيح علیه السلام بل يرونه مسانداً للإمام المهدي علیه السلام بل تابعاً له، كما أشارت إليه روايات الشيعة والسنة سواء .

ص: 69


1- عمر أمة الإسلام: 37، أمين محمد جمال الدين، مكتبة المجد العربي، القاهرة 1417 ه.
2- عمر أمة الإسلام: 52، عن كتاب : النبوءة والسياسة : 50.

المهدي في الأديان السماوية والملل والنحل

اشارة

فجميع الأديان والملل والنحل كان لها منقذ مستقل أو مشترك سموه بأسماء مختلفة منها:

آرثر، أودين، كالويبرك، مارکو کر اليويج، بوخص، بوریان بو روبهم و.... يعتقدون أنهم حينما يظهرون سينشرون العدالة في الأرض.

منذ تقادم العصور وازدياد الظلم بين البشرية، كانت الأمم تتطلع إلى رجل مصلح يظهر ليحررها من نير الذل والعبودية والاضطهاد، وظلت ترنيمة المخلص الموعود ترددها البشرية وتلهج بها الشعوب.

وقد وصل بأيدينا من آثار السلف الماضي ما يدل على أن القرون الماضية كانت تتطلع بلهفة وشوق إلى ذلك المصلح الموعود، بل البشرية جمعاء، فقضية ظهور المصالح وإنقاذ الإنسان من العبودية للمخلوق والتوجه إلى العبودية المطلقة لله تعالى هي أصل مسلك عند جميع الأديان السماوية، ولكن تجد هذه القضية أكثر جلاء وأوضح استدلالاً في ديننا الإسلامي الحنيف الذي جعل من هذه القضية أصلا اعتقادياً تتوقف عليه جملة من الأمور وقد نص على أهمية هذا الموضوع كتاب الله العظيم ورسوله الكريم والأئمة الطاهرين وكذا السلف والخلف.

وبشائر وتنبوءات كثيرة حول المهدي الموعود، وظهوره نجدها في ما وقع بأيدينا من الكتب السماوية المقدسة وآثار السلف الأخرى وما وصلنا من مقولات الحكماء القدامى، وقد جمع بعض المتتبعين قسماً من هذه

ص: 70

البشائر والمقولات. بل حتى الآثار المصرية القديمة توجد منها دلالات وإشارات حول المصلح والمنقذ.

وللتأكيد على هذا المطلب نعرض هنا مجموعة من البشائر التي ذكرتها الكتب المقدسة عند الأديان.

المهدي في الديانة اليهودية:

الملة اليهودية من قبل أن يبعث النبي عيسی علیه السلام وبعد بعثته أيضا كانت ولا تزال تنتظر موعودها المؤمل، فقد أشير باستمرار إلى الموعود في آثار الديانة اليهودية ... وأسفار التوراة وكتب أخرى تشير إلى ذلك.

وإذا أردنا الاعتماد على الأفكار التي جاءت في كتاب (نبوءة هيلد) معناها وحي الطفل. فسوف نضع اليد على أفكار كثيرة بصدد ظهور الرسول الأكرم صلی الله علیه وآله ومقاطع من تاريخه وسيرته وتوابع ومستلزمات بعثته وبعض مؤشرات آخر الزمان لشخصية الإمام المهدي أرواحنا فداه ، بل هناك إشارات أيضا يمكن أن نلحظها حول واقعة عاشوراء (واقعة الطف الخالدة) .

وحيث إن الشعب اليهودي لم يؤمن بالسيد المسيح علیه السلام ورسالته بل خيل لهم بأنهم قتلوه وصلبوه فموعودهم لم يظهر حتى الآن، وإذا تأملنا في مجموع التراث اليهودي المقدس نجد فيه تصويراً لملامح موعودين ثلاثة : السيد المسيح علیه السلام ، الرسول الأعظم محمد صلی الله علیه وآله ، الإمام المهدي (عج) .

ومع وضوح هذه الرؤية وتلك الملامح الواضحة للموعودين الثلاثة في الفكر اليهودي، ولم نر اليهود يتابعون أيا من المسيح علیه السلام ، والرسول محمد صلی الله علیه وآله ، ومن هنا فإنهم سيظلون قلقين أزاء قضية الموعود ومفهوم الانتظار، وعلى هذا الأساس فعليهم أن يمروا على كل البشائر والإشارات التي وردت في نصوصهم وكتبهم مرور الكرام.

فالملة اليهودية لا بد وأن تكون أشد انتظاراً من المنتظرين الآخرين،

ص: 71

وأن يعكفوا بشكل أكبر على تأمل مفهوم الانتظار، والاستعداد ليوم الظهور، وأن يرفعوا اليد عن كل ألوان الظلم والخيانة التي مارسوها وما زالوا بحق البشرية، ويخشوا عواقب الظلم والعدوان، فهؤلاء لم يذعنوا لموعودیهم المسيح ابن مريم علیه السلام والرسول محمد صلی الله علیه وآله .

إلا أنهم سوف لا ينجون من سطوة الموعود الثالث وعدله .. ولذا يرد في الروايات أن جماعة من اليهود تلتف حول (الدجال) وتسنده، وبظهور المهدي ونزول السيد المسيح إلى الأرض يقتل هؤلاء قتلا لتعود ساحة التاريخ والإنسانية نقية من وجود هذه الجرثومة الملوثة، وهذا نموذج آخر لخبث وانحطاط هؤلاء القوم، فحتى في آخر الزمان لن يخضعوا للحق، بل سوف ينضمون إلى زمرة أنصار الدجال.

وأريد أن أشير هنا إلى أن البشائر المذكورة في آثار اليهود المقدسة بأجمعها واقعية وصحيحة، وقد تحقق قسم منها، والقسم الآخر سيتحقق، إلا أن اليهود لم يقبلوا منطق الحق لا من النبي عيسى علیه السلام ولا من الرسول محمد صلی الله علیه وآله ،(رغم أن البشائر بهذين النبيين العظيمين قد وردت في كتب اليهود أنفسهم)، إلا أنهم سيقبلون بحد سيف الإمام المهدي (أرواحنا فداه) كما يصرح بذلك القرآن الكريم والسنة الشريفة.

وبغض النظر عن حقانية وعدمها، وتسليمهم لمنطق الحق وعدمه ، فقد جاء بعد نبي الله موسی علیه السلام نبي الله عيسى ابن مریم علیه السلام ونسخ دین موسى وأضحت الديانة اليهودية ديانة منسوخة وشريعة مهملة عملياً .

ومنذ فجر الإسلام وحتى اليوم وإلى قيام الساعة ينفرد الإسلام على وجه الأرض بوصفه الدين السماوي المبني على أساس الوحي والنبوة ولا يقبل سواه قال تعالى : «وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ » [آل عمران: 80]، وكتاب الله بين الناس يبقى على الدوام (القرآن) والموعود اليوم هو الإمام المهدي (أرواحنا فداه).

ص: 72

وبهذه تكون البشائر والإشارات التي وصلتنا عن طريق الأنبياء والأئمة وكبار السلف الصالح صادقة بحق الإمام المهدي (ارواحنا فداه و عجل الله فرجه الشریف) وهي تنظر إليه وتقصده وتلحظ ظهوره فهو المصداق الواقعي لها جميعا .

وهذه مجموعة من كتب اليهودية والعهد القديم التي ورد فيها الحديث عن المنتظر الموعود:

1- کتاب دانيال النبي.

2- کتاب حجي (حكي) (حقي) النبي .

3- کتاب حفينا النبي .

4 - كتاب أشعيا النبي.

وقد جاء في زبور داود علیه السلام أيضا أفكار بهذا الصدد كما تحدث القرآن، وثبت مبدأ غلبة الصالحين حيث قال: «وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ»[الأنبياء: 105].

المهدي في الديانة المسيحية:

لقد بشرنا سيدنا عيسى علیه السلام بظهور نبي آخر الزمان وبأوصيائه الاثنا عشر (صلوات الله عليهم أجمعين) وبقي ذلك راسخا في التراث المسيحي، والأمر يعود في ذلك إلى أسباب عديدة منها :

1- لأن الديانة المسيحية هي الأقرب إلى الإسلام من غيرها.

2- ولأن المسيحية هي آخر الديانات قبل الإسلام فتكون الدلالات محفوظة فيها أكثر.

3- وكذلك لأن قضية رفع الله تعالى المسيح وطول عمره يقر بها

ص: 73

المسيحيون لذا إذا واجهتهم قضية شبيه لذلك فهم لا يرفضوها من الأصل بل يحاولون أن يدرسوها ويتمعنوا فيها .

4 - خط آثار المسيحية من التحريف أقل نسبياً مما عليه من آثار الملل السابقة، وترتبط هذه القضية بالزمن أيضا، إذ إن آثار اليهود المقدسة ابتداء من مرحلة نزولها وصدورها قطعت زمنا أكبر مما قطعته الآثار المسيحية.

وقد كان هذا الأمر سببأ في عدم إتاحة الفرصة ليد التحريف والتعمية لتلعب الدور نفسه الذي لعبته في آثار اليهودية وتراثها، بالإضافة إلى الجهد الذي بذله علماء المسيحية في هذا الصدد وأخذهم ظاهرة التحريف بعين الاعتبار في قبولهم وردهم للأناجيل.

ولهذا، فإننا نجد هذه البشائر بالمخلص الموعود حاضرة في التراث المسيحي بشكل واضح، ونشير هنا إلى بعض الكتب التي وردت فيها تلك البشائروالإشارات حول ظهوره في آخر الزمان: إنجيل متى، إنجيل لوقا، إنجيل مرقس، مکاشفات يوحنا، إنجيل برنابا .

ففي الفصل السادس والتسعون من إنجيل برنابا المترجم من الإنجليزية . يسأل الكاهن السيد المسيح علیه السلام : هل أنت مسیح الله الذي ننتظره؟

أجاب يسوع: حقا أن الله وعد هكذا ولكني لست هو لأنه خلق قبلي وسيأتي بعدي.

أجاب الكاهن : إننا نعتقد من كلامك وآياتك على كل حال أنك نبي وقدوس الله لذلك أرجوك باسم اليهودية كلها وإسرائيل أن تفيدنا حبا في الله بأية كيفية سيأتي (مسيا)؟ أجاب يسوع: لعمر الله الذي تقف بحضرته نفسي إني لست (مسياً) الذي تنتظره كل قبائل الأرض كما وعد الله أبانا إبراهيم قائلا : بنسلك أبارك كل قبائل الأرض ولكن عندما يأخذني الله من العالم سيثير الشيطان مرة أخرى هذه الفتنة الملعونة بأن يحمل عدم التقوى

ص: 74

على الاعتقاد بأني الله وابن الله، فيتنجس بسبب هذا كلامي وتعليمي حتى لا يبقى ثلاثون مؤمناً، حينئذ يرحم الله العالم ويرسل رسوله الذي خلق كل الأشياء لأجله، الذي سيأتي من الجنوب بقوة، وسيبيد الأصنام وعبدة الأصنام، وسينزع من الشيطان سلطته على البشر، وسيأتي برحمة الله لخلاص الذين يؤمنون به، وسيكون من يؤمن به مباركاً .

وجاء في الفصل السابع والتسعون: ومع أني لست مستحقاً أن أحل سیر حذائه ، وقد نلت نعمة ورحمة من الله لأراه...

ثم يستطرد قائلا : إن اسم (مسياً) عجیب لأن الله نفسه سماه لما خلق نفسه ووضعها في بهاء سماوي.

وقد ورد في المزمور 72 من مزامير داود علیه السلام ذكر النبي محمد صلی الله علیه وآله ، والإمام المهدي المنتظر (أرواحنا فداه) فإن صياغته شبيهة بالأدعية والتوسل إلى الله عزّوجل ، حيث ننقل نص الترجمة العربية لهذا المزمور كما وردت في (كتاب المقدس) الصادر عن دار الكتاب المقدس في الشرق الأوسط فقد جاء في هذا المزمور:

اللهم اعط شريعتك للملك وعدلك لابن الملك ...

لیحكم بين شعبك بالعدل ولعبادك المساكين بالحق...

فلتحمل الجبال والآكام السلام للشعب في ظل العدل ...

ليحكم المساكين الشعب بالحق ويخلص البائسين ويسحق الظالم !...

يخشونك ما دامت الشمس وما أثار القمر على مر الأجيال والعصور!...

سيكون كالمطر يهطل على العشب وكالغيث الوارف الذي يروي الأرض العطشی!...

بشرق في أيامه الأبرار ويعم السلام إلى يوم يختفي القمر من الوجود ...

ص: 75

ويملك من البحر إلى البصر ومن النهر إلى أقاصي الأرض...

أمامه يجثوا أهل الصحراء ويلحس أعداؤه التراب ...

ملوك ترسيس والجزائر يدفعون الجزية، وملوك سبأ وشبا يقدمون الهدايا ...

يسجد له كل الملوك، وتخدمه كل الأمم...

لأنه ينجي الفقير المستغيث به والمسكين الذي لا معين له...

يشفق على الضعفاء والبائسين ويخلص أنفس الفقراء...

ويحررهم من الظلم والجور وتكرم دماؤهم في عينيه ...

فليعش طويلا وليعط له ذهب سبأ، وليصل عليه دائما وليبارك كل يوم ...

فليكثر القمح والبر في البلاد حتى أعالي البلاد. ولتتمايل سنابل القمح كأشجار جبل لبنان! وليشرق الرجال في المدينة كحشائش الحقول!...

ويبقى اسمه أبد الدهر، وينشر ذكره واسمه أبدا ما بقيت الشمس مضيئة!

وليتبارك به الجميع، وجميع الأمم تنادي باسمه سعيدة ...

يقول الأستاذ تامر میر مصطفى: اضطررنا للاستغاثة بالترجمة الفرنسية التي استفدنا منها هي من ترجمة : LECHANOINE.A. CRAMPON .

ويستطرد قائلا : ينسب بعض مترجمي ومفسري العهد القديم من اليهود والنصارى هذا المزمور إلى نبي الله داود علیه السلام ، كما ينسبه البعض الآخر منهم إلى ابنه سليمان علیه السلام ، وقد اختلف اليهود والنصارى في تعيين الشخصيتين المتوسل إلى الله تعالى بهما في بداية هذا المزمور بأن يرسلهما لإنقاذ المستضعفين من الناس وللعمل بشريعة الله وإقامة عدله في الأرض،

ص: 76

فقالت اليهود بأن المقصود بالملك في هذا المزمور هو نفسه نبي الله داود علیه السلام وبابن الملك سليمان ابنه، ولكن النصارى قالوا بأن المقصود بالملك هنا عيسى علیه السلام وبأن جميع ما جاء في هذا المزمور جاء بشارة به علیه السلام ، ولكنهم لم يعطوا أي تفسير بما يخص (ابن الملك).

أما نحن فنقول: بأن ادعاء الفريقين واضح البطلان ولتبيين ذلك نبدأ بما يدعيه اليهود من أن المقصود (بالملك) هو داود نفسه وأن (ابن الملك) هو سليمان علیه السلام فادعاؤهم هذا باطل من عدة وجوه :

أولا : إن النبي داود علیه السلام لم يكن صاحب شريعة لكي يقول: اللهم اعط شریعتك للملك لأنه علیه السلام لم يأت بشريعة بل كان نفسه خاضعاً لشريعة موسی علیه السلام .

ثانيا : لا يعقل أن يسمي داود علیه السلام نفسه بالملك وهو في مقام تذلل وتضرع وخشوع أمام ملك الملوك وخالق السموات والأرض، فإن ذلك لا يصدر عن أكثر الناس جهلا بمقام الربوبية فضلا عن أن يصدر عن نبي من أنبياء الله تعالی.

كما أن المعروف عن نبي الله داود علیه السلام هو خضوعه وخشوعه التامان الله عزّوجل خصوصا في أوقات الدعاء كما دلت الكتب المقدسة، ولذا نستعيد أن يكون نبي الله داود قد کنی عن نفسه بالملك وهو في حال التذلل والتضرع أمام الله عزّوجل .

ثالثا : إن ما جاء في الفقرة الخامسة من هذه البشارة : يخشونك ما دامت الشمس وما أنار القمر على مر الأجيال والعصور وأيضا ما جاء في الفقرة الحادية عشرة : يسجد له كل الملوك وتخدمه كل الأمم لا ينطبق على النبي داود علیه السلام . حيث لم يعرف أن الأمم والشعوب خارج فلسطين كانت وما تزال تخشاه على مر العصور والأجيال ولا إن الملوك والأمم من خارج فلسطين كانت تطيعه وتخدمه.

ص: 77

ونحن إذا ما أخذنا بما جاء في الفقرة الخامسة عشرة، والفقرة السابعة عشرة لجدنا أن أياً من الصفات لا تنطبق على نبي الله داود علیه السلام ، وإنما تشير إلى أن وعد الله لإبراهيم علیه السلام بأن يجعل جميع الأمم تتبارك به قد تحقق بظهور هاتين الشخصيتين العظيمتين من نسله والتي يناجي داود علیه السلام ربه لكي يرسلهما للناس لينشرا شریعته ويقيما عدله على الأرض بين الناس.

رابعا : هو أنه بعد أن دعا نبي الله داود علیه السلام ربه لكي يرسل تلك الشخصية العظيمة المعبر عنها بالملك بالشريعة الإلهية ليحكم بها بين الناس، شرع بالتحدث بصيغة الغائب مصوراً لنا المستقبل بعد مجيء هذا المبشر به الذي سيحمل شريعة الله إلى الناس حيث ستخضع لها الشعوب والأمم وسيقوم ابنه أو (حفيده) بإقامة عدل الله في الأرض بحسب قوانین هذه الشريعة الإلهية الخاتمة.

إذن إن هاتين الشخصيتين العظيمتين ستأتيان بعد عصر داود علیه السلام وهذا ما يبطل ادعاء علماء اليهود من كون المقصود بالملك هو داود علیه السلام .

وإذا بطل بالتحقيق كون الشخصية الأولى (أي الملك) هي داود علیه السلام بطل بالنتيجة الثانية (أي ابن الملك) هو سلیمان علیه السلام .

ويمكن أيضا إبطال دعواهم من كون المقصود بابن الملك هو سلیمان علیه السلام من وجهين:

الوجه الأول : بحسب اعتقاد أهل الكتاب وتصریح کتابهم المقدس فإن سليمان علیه السلام قد ارتد من عبادة الله تعالى وعكف على عبادة الأوثان. (ونعوذ بالله من افتراءاتهم الباطلة على أنبياء الله ورسله).

حيث أقام معابد مرتفعة للأصنام مقابل هيكل الرب وكانت زوجاته يعبدن الأصنام في بيته فأي ظلم أعلم وأشنع من هذا الظلم؟!

ص: 78

كما أنب نبي الله أشعيا علیه السلام بني إسرائيل لانحرافهم عن دين التوحيد وجعلهم شركاء مع الله تعالى فقد لهم:... فبمن تشبهون الله، وأي شبه تعادلون به؟! ألا تعلمون؟! الله هو الرب إلى الأبد.

وجاء في القرآن الكريم على لسان لقمان وهو يعظ ابنه: «یا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم».

ينطبق أيضا جميع ما أوردناه أعلاه عدم خصوصية هذه البشارة بداود علیه السلام على ابنه سلیمان علیه السلام .

الوجه الثاني: ربما احتج بعضهم بأن أوصاف هذا الملك العظيم الواردة في هذه البشارة يمكن لها أن تنطبق على ملك سليمان علیه السلام حيث جاء في القرآن الكريم أن دعا ربه قائلا: « وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي ۖ إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ» [ص: 35].

ويقولون إن سليمان علیه السلام دعا الله تعالى أن لا يؤتي مثل ما أوتيه من الملك لأحد من العالمين غيره. ولكن الحق كما ذكره العلامة المرحوم محمد حسين الطباطباني حيث قال: ... ويدفعه أن فيه سؤال ملك يختص به لا سؤال أن يمنعن غيره عن مثل ما أتاه ويحرمه، ففرق بين أن يسأل أوتيه ملكا اختصاصها وأن يسأل الاختصاص بملك أوتيه.

كما أن الواقع التاريخي يثبت لنا أن مملكة سليمان لم تزدد سعة عما كانت عليه أيام أبيه داود علیه السلام ، وسلطته لم تكن إلا على بني إسرائيل فقط، فهو لم يملك مصر ولا العراق ولا حتى سورية، بل كان على علاقات ودية في غالب الأحيان مع الممالك المجاورة لمملكته.

ومجيء بلقيس ملكة سبأ إليه كان لكثرة ما سمعته عن حكمته ودين التوحيد الذي كان يدعو الناس إليه، فقد كان نبيا ملكاً، أتاه الله تعالی من الحكمة والعلم ما لم يؤته أحداً في زمانه .

ص: 79

ومما يدل على ذلك ما جاء في سفر الملوك الأول في قصة ورود الملكة بلقيس على سليمان علیه السلام : وسمعت ملكة سبأ بخبر سليمان واسم الرب فقدمت لتختبره بأحاجي ... وقالت للملك : حقا كان الكلام الذي بلغني في أرضي عن أقوالك وعن حكمتك ولم أصدق ما قيل لي حتى قدمت وعاينت بعيني فإذا إني لم أخبر بالنصف فقد زدت حكمة وصلاحا على الخبر الذي سمعته ... تبارك الرب إلهك الذي رضي منك وأجلسك على عرش إسرائيل. وقولها له: تبارك الرب إلهك الذي رضي منك وأجلسك على عرش إسرائيل دليل على أن سلطته كانت على بني إسرائيل فقط وليس على بقية الشعوب والأمم.

فدعاؤه علیه السلام كان بأن لا يهب الله تعالی ملکه الذي أعطاه إياه لأحد من بعده، وذلك لما أطلعه الله على فساد الذين سيرثونه من بعده .

وقد استجاب الله عزّوجل دعاءه فسرعان ما انقسمت مملكته من بعده فاختص ابنه (رجیعام) بجزء صغير من مملكة أبيه سليمان علیه السلام ، وأسس فيه مملكة إسرائيل في منطقة نابلس التي كانت تسمى (السامرة) ونتيجة للحروب التي قامت بين مملكة يهوذا في القدس ومملكة إسرائيل في السامرة فقد ضعفتا وأصبحنا هدفا لاجتياح الإمبراطوريات والممالك المجاورة لهما كالفراعنة والأشوريين والبابليين حتى تلاشتا من الوجود، وبذلك استجاب الله تعالی دعاء سليمان إياه بأن لا يهب ملكه لأحد من بعده فلم يملك أحد من بني إسرائيل ملكا كملك سليمان من بعده .

وبهذا ظهر لنا بطلان ادعاء اليهود من أن البشارة الواردة في المزمور 72 جاءت بحق داود وابنه سليمان عليهماالسلام .

وأما ادعاء النصارى بأن هذه البشارة قد وردت بحق عیسی المسيح علیه السلام فإنه ادعاء باطل أيضا من عدة وجوه :

الوجه الأول: عيسى ابن مريم علیه السلام لم يكن صاحب ملك ولم يحكم

ص: 80

ولا يوما واحداً بل على العكس كان لليهود السلطة عليه فقد أخذوه وأهانوه وضربوه واستهزؤوا به وقتلوه على حسب زعمهم.

كما إنه لم يكن له ابن فهو لم يتزوج في حياته حتى يقال بأن الدعاء: واعط عدلك لابن الملك، جاء بحقه.

وأيضا فإن السيد المسيح علیه السلام لم يأت بأحكام جديدة حتى يقال بأن ما جاء في هذا الدعاء: وأعط شریعتك للملك مختص به علیه السلام ، وهذا بشهادة الأناجيل الأربعة الموجودة بين أيدي الناس اليوم فإنها تكاد تكون خالية من الأحكام، فالسيد المسيح علیه السلام اعترف بنفسه قائلا : لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء، ما جئت لأنقض بل لأكمل.

كما أن معظم الصفات الواردة في هذا المزمور الثاني والسبعين لا تنطبق على عيسى المسيح علیه السلام.

وهكذا وبعد أن بينا بطلان ادعاءات كل من اليهود والنصارى حول هذه البشارة نقول بأن جميع الأوصاف الواردة فيها تشير وبدون تكلف إلى رسول الله محمد صلی الله علیه وآله الذي تم التعبير عنه في هذا المزمور بالملك وإلى حفيده الإمام المهدي المنتظر علیه السلام المعبر عنه بابن الملك.

فالفقرة الأولى من هذه البشارة والتي جاءت على شكل دعاء: اللهم اعط شریعتك للملك وعدلك لابن الملك. تشير إلى أنه سوف تظهر بعد زمن داود علیه السلام شخصيتان عظيمتان : إحداهما سوف تحمل شريعة الله إلى الناس كافة، أما الثاني وهو ابن الملك فليس بنبي ولا صاحب شريعة إنما سيكلف من قبل الباري عزّوجل بإقامة العدل في الأرض على أساس الشريعة الإلهية التي بعث بهاذلك النبي المرسل، إذا وابن الملك سيكون بمثابة إمام يهدي الناس إلى الله ويحكم بينهم بالعدل على أساس شريعة ذلك النبي المرسل، أما بقية الصفات الواردة في هذه البشارة مشتركة بين النبي الملك صاحب الشريعة والإمام ابن الملك الذي سيقيم العدل على الأرض

ص: 81

بقي أن نعرف بأن بين هاتين الشخصيتين العظيمتين يوجد نسب قرابة حيث عبر عنهما (بالملك) و (ابن الملك) وهذا ينطبق على رسول الله صلی الله علیه وآله المعبر عنه (بالملك) وعلى حفيده وابنه الإمام المهدي المنتظر المعبر عنه (بابن الملك).

وفي الحقيقة فإن ما جاء في المزمور 72 يعد من أقوى البشارات في حق كل من رسول الله صلی الله علیه وآله، وحفيده المهدي المنتظر عجل الله فرجه حيث جمعت خلاصة أمريهما صلوات الله عليهما، ولم يستطع التحريف الذي أحدث فيها من أن ينال منها وظلت متماسكة البناء واضحة المعاني والدلالات .

ولمزيد من الإيضاح نقوم بتسليط الضوء بشيء من التفصيل على الأوصاف الواردة في هذه البشارة لنرى كيف لها أن تشير بوضوح إلى كل من رسول الله صلی الله علیه وآله، وحفيده الإمام المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف. فالفقرة الأولى منها تشير إلى أن المبشر به سيكون له سلطان على الناس حيث عبر عنه بالملك وسيكون صاحب شريعة وأحكام لجميع الناس حيث يلزم على جميع الشعوب والأمم الانضواء تحت رايتها .

ومن المعلوم أن هذه الصفة لا تنطبق إلا على رسول الله محمد صلی الله علیه وآله صاحب الشريعة المستقلة عن جميع الشرائع السابعة وصاحب السلطة الإلهية على جميع البشر حيث أرسله الله تعالى للناس كافة حيث قال : «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ»[سبا: 28]. وجعله رحمة للعالمين، حيث قال سبحانه وتعالى :«وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ» [الأنبياء: 107].

بينما أرسل بقية الأنبياء برسالة خاصة كل إلى قومه؛ فقد جاء في سفر الملوك الأول أن الله تعالى منع أنبياء بني إسرائيل وقومهم من الدخول على الأقوام الأخرى خشية أن تميل قلوبهم إلى آهلة تلك الأقوام والشعوب،

ص: 82

وأحب الملك سليمان نساء غريبات كثيرة مع بنت فرعون: موآبيات وعمونيات وأدوميات وصيدونيات وحثيات من الأمم الذين قال عنهم الرب لبني إسرائيل: لا تدخلون إليهم وهم لا يدخلون إليكم لأنهم يميلون قلوبكم وراء آلهتهم.

كما صرح عيسى ابن مريم علیه السلام أنه لم يرسل إلا إلى خراف بني إسرائيل الضالة، ولذا تم التعبير عن رسول الله محمد صلی الله علیه وآله بالملك لأن شريعته ستحكم جميع الشعوب والأمم.

وهذا ما دعا نبي الله دانيال علیه السلام إلى الإشارة إلى رسول الله صلی الله علیه وآله بأنه صاحب السلطان والمملكة التي ستبقى إلى الأبد، فقد ورد في كتاب دانیال ما نصه: وفي أيام هؤلاء الملوك يقيم إله السموات مملكة أي شريعة لن تنقرض أبدا وملكها لا يترك لشعب آخر، وتسحق وتفنى كل هذه الممالك وهي تثبت إلى الأبد.

كما تنبأ دانیال علیه السلام مرة ثانية بمجيء محمد رسول الله صلی الله علیه وآله ، وبأن شريعته لن تنمحي أبدا فقال: «كنت أرى في رؤى الليل وإذا مع سحاب السماء مثل ابن إنسان أتی وجاء إلى القديم الأيام فقربوه قدامه فأعطى سلطاناً ومجدا وملكوتا لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة، سلطانه سلطان أبدي ما لن يزول وملكوته ما لا ينقرض.

كما نادي نبي الله يحيي علیه السلام ببني إسرائيل وهو يعمدهم بأن يتوبوا إلى الله ويعدوا أنفسهم ويعدوا الناس لاستقبال شريعة الله الخاتمة والخالدة التي عبر عنها بملكوت السموات فقال لهم: توبوا لأنه قد اقترب ملکوت السموات فإن هذا هو الذي تكلم عنه النبي أشعيا قائلا : صوت صارخ في الصحراء أعدوا طريق الرب، اصنعوا سبله مستقيمة.

ومعلوم أن هذا الصوت الصارخ في الصحراء والذي دعا إلى عقيدة التوحيد الخالص وإلى التمسك بصراط الله المستقيم هو محمد رسول الله صلی الله علیه وآله

ص: 83

وأيضا ما جاء على لسان زكريا علیه السلام من بشارة تنطبق على تلك الشخصيتين العظيمتين المبشر بهما في المزمور الثاني والسبعين من مزامیر داود علیه السلام والتي أثبتنا أعلاه أنهما محمد رسول الله صلی الله علیه وآله ، وحفيده الإمام المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف، فقد نسب إلى زکریا علیه السلام القول:

ابتهجي جداً يا ابنة صهيون، اهتفي يا بنت أورشليم، هو ذا ملكك قادم إليك هو عادل ومنصور.

وهاتان الصفتان العادل والمنصور هما صفتان مشترکتان لرسول الله صلی الله علیه وآله ، ولحفيده الإمام المهدي عجل الله تعالی فرجه.

ولكن النصارى يدعون أن بشارة زكريا هذه جاءت خاصة بعيسى المسيح علیه السلام ، إلا أن ادعاءهم هذا باطل لأن عيسى علیه السلام لم يكن صاحب سلطة يحكم بها ولا خاض حربا ما حتى يوصف بالمنصور، ولهذا السبب تردد مترجمو العهد القديم من النصارى إلى اللغة الفرنسية في كلمة منصور فلم يختاروا ما يقابلها بالفرنسية (vainqueur) لما رأوا أن هذا الوصف لا يناسب وضع نبي الله عیسی علیه السلام ولذا عمدوا إلى تحريف المعنى وترجموها من قبل الله protege DE DIEU.

ومن ذلك فإن هذه الصفة الجديدة المحمي من قبل الله لا تنطبق على عیسی علیه السلام وذلك لما ذكر في أناجيلهم من أن الله لم يحمه من کید و مکر أعدائه، بل تركه فريسة سهلة لحقدهم عليه وإيذائهم له حتى اضطر أن يصرخ.. كما يزعمون - قائلا إيلي إيلي لما شبقتني أي إلهي إلهي لم تركتني. وبهذايظهر لنا أن بشارة زکریا علیه السلام هذه ليست خاصة بنبي الله عيسى ابن مريم علیه السلام بل جاءت بخصوص محمد خاتم الأنبياء والمرسلين صلی الله علیه وآله الذي أنقذ البشرية بنور شريعة الإسلام الإلهية وأخرجهم من ظلمات العبودية لغير الله إلى نور العبودية لله الواحد الأحد، وأيضا

ص: 84

تنطبق هاتان الصفتان على حفيد رسول الله صلی الله علیه وآله والإمام المهدي المنتظر (عجل الله تعالی فرجه الشريف) الذي سينقذ البشرية من ظلمات الظلم والجور والاستغلال وينشر العدل في الأرض على أساس شريعة الإسلام الإلهية حيث ستكون معركته الحاسمة مع القوى المادية الصهيونية والاستكبار العالمي محرراً بذلك أرض فلسطين والمسجد الأقصى من براثينهما الخبيثة .

ومن الواضح تاريخياً أن رسول الله صلی الله علیه وآله ، دخل حروبا كثيرة نصره الله فيها جميعا على أعدائه حتى هابته الرؤساء والملوك وأذعن الكثير منهم لإرادته، وقد وردت في القرآن الكريم آيات كثيرة تشير إلى نصر الله تعالی لرسوله محمد صلی الله علیه وآله نذكر منها:

«وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا» [الفتح: 3]

وقال أيضا : «لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ » [التوبة: 25] .

وقال : «ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ»[التوبة : 26]

وحتی عدول النصارى عن كلمة (منصور) الواردة في بشارة زکریا علیه السلام وتحويلها إلى المحمي من قبل الرب لا يجعلها تنطبق على عیسی علیه السلام كما بينا ذلك أعلاه، بل إن هذه الصفة الجديدة (المحمي) هي أيضا من صفات رسول الله محمد صلی الله علیه وآله الذي حماه الله من جميع المؤامرات التي حيكت ضده من قبل الكفار والمشركين والمنافقين واليهود .

فقد تكفل الله تعالى بحمايته من مكائد الناس ومكرهم به فقال عزّوجل مخاطباً رسوله الكريم : «وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ »[المائدة :67]

ص: 85

وعودة إلى البشارات الواردة في المزمور 72 فإن جميع ما ورد فيه جاء مشتركاً بين رسول الله محمد صلی الله علیه وآله وحفيده المهدي المنتظر (عجل الله تعالی فرجه الشریف). إلا بما يخص الرسالة والنبوة فإنها من خصوصيات رسول الله محمد صلی الله علیه وآله .

فالصفات الواردة في كل من الفقرات 2 و3 و4 مشتركة بين رسول الله محمد صلی الله علیه وآله وحفيده المهدي المنتظر عجل الله فرجه حيث إن مهمتهما بعد دعوة الناس إلى طاعة الله وعبوديته رفع الظلم عن كاهل الشعوب وردع الظالمين وسحقهم ونصرة المظلومين والفقراء والمساكين وحربا على الظالمين والمستكبرين.

وهكذا سيكون حفيده المهدي المنتظر عجل الله فرجه ، فإنه سينشر القسط والعدل على الأرض بعد أن تكون قد ملئت ظلما وجوراً، كما ورد في الأحاديث النبوية المتواترة عند المسلمين.

أما ما ورد في الفقرة الخامسة : ويخشونك ما دامت الشمس وما أنار القمر على مر الأجيال والعصور فإنها حقيقة واضحة فالذين آمنوا برسالة الإسلام التي حملها رسول الله صلی الله علیه وآله يخشون أن يخالفوا أوامر شريعته فيخسرون يوم القيامة شفاعته وينالهم بذلك عذاب الله وسخطه .

أما الطواغيت والمستكبرون کفروا برسالته فإنهم يخافون دوما وأبدا من أن يحكموا يوما بشريعته لأنها تقف سدا منيعا أمام طغيانهم واستكبارهم وأطماعهم وتمنعهم من استغلال الآخرين من المستضعفين والفقراء والمساكين، ولذلك قال عنه السيد المسيح علیه السلام مبشراً بقدومه صلی الله علیه وآله :

ومتى جاء ذلك (البرکلیت = أحمد) فإنه سیبکت العالم على خطيئة وعلى بر وعلى دينونة .

وهذا أيضا ينطبق على الإمام المهدي المنتظر علیه السلام وما سيقوم به من حروب ضد الظالمين والمستكبرين، فإن أقطاب الكفر والاستكبار العالمي

ص: 86

يخشون حتى من ذكر اسمه ويحاولون إيهام الناس بأن موضوع الإمام المهدي هو مجرد فكرة خرافية وذلك لأنهم يعلمون بأن أول ما سيقوم به هو محاربتهم وتخليص العباد من ظلمهم وجورهم.

وأما ما ورد في الفقرة السادسة :

سيكون كالمطر يهطل على العشب كالغيث الوارف الذي يروي الأرض العطشی .

فكما جاء في هذه الفقرة يمثل وصفاً صادقاً لوضع البشرية المخزي أثناء بعثة رسول الله صلی الله علیه وآله حيث كانت الإنسانية متعطشة إلى الرحمة والعدالة والعيش في ظل شريعة سمحة، فكان صلی الله علیه وآله بالنسبة لها كالغيث الهاطل والمطر الوارف الذي يسقي الأرض العطشى حاملا معه الرحمة والعدالة والمساواة ضمن قوانین شريعة إلهية سمحاء ليخرجهم بها من ظلمات الجهل والظلم والانحراف إلى نور التوحيد والمعرفة والعدل .

وكذلك الأمر بالنسبة للإمام المهدي المنتظر عجل الله فرجه فإنه قبل ظهوره الشريف سيعم الظلم والكفر بالله ونوع من الفوضى في المعاملات وبين بني البشر على سطح الأرض وعندها سوف يأذن الله عزّوجل له بالظهور والقيام لتطهير الأرض من كافة أنواع الظلم والكفر وجميع المفاسد التي ظهرت بين الناس، ويقيم القسط والعدل وينشر راية التوحيد والإسلام الصحيح لينعم الناس بظل عدالته الوارفة وبهذا سيكون ظهوره عجل الله فرجه بالنسبة للإنسانية كالغيث المنهمر على أرض عطشی .

وكذلك بالنسبة لما ورد في الفقرات من 7 إلى 14 فإنها جميعها تنطبق على رسول الله صلی الله علیه وآله ، وكذلك على حفيدة المهدي المنتظر عجل الله تعالی فرجه الشريف وإن ما جاء في هذه الفقرات الثماني ليعد أفضل وصف لما سيكون في أيام المهدي المنتظر عجل الله تعالی فرجه الشريف من عدول واستقامة حيث سيشرق الأبرار والصالحون في أيامه وسيعم ملکه وعدله

ص: 87

على جميع اليابسة بعد أن يقضي على حكم الظالمين والمستكبرين ويمحو من الأرض آثار طغيانهم وجبروتهم ويخضعهم لسلطانه ويرتفع بشأن الفقراء والمستضعفين ويصلح حالهم وينعمون بحياة حرة كريمة بعد أن عانوا على مدى أجيال عديدة من ظلم الظالمين وحكم الطغاة والجائرين.

أما ما ورد في الفقرات 15 و16 و17 فإن جميع ما جاء فيها من بشارات إنما جاء بخصوص رسول الله صلی الله علیه وآله فعبارة : ليصل عليه دائما وليباركك كل يوم خاصة برسول الله محمد صلی الله علیه وآله لم يشاركها فيها أحد من الناس ولا من الخلائق أجمعين.

فهو يصلي عليه من قبل أتباعه (البالغ عددهم أكثر من مليار مسلم) المنتشرين في كافة أقطار الأرض، حيث يذكر اسمه كل يوم أثناء الأذان في كافة أنحاء العالم ويصلى عليه كلما تم ذكر اسمه على شفة ولسان.

وأيضا عبارة: ويبقى اسمه أبد الدهر، ما بقيت الشمس مضيئة،وليبارك به الجميع وجميع الأمم تنادي باسمه سعيدة .

فإنها من خصوصيات رسول الله محمد صلی الله علیه وآله لم يشاركه فيها أحد من الأنبياءوالمرسلين ولا من الخلائق أجمعين، فاسمه صلی الله علیه وآله باق أبد الدهر، كما يزداد انتشار اسمه في أوساط الناس من جميع الشعوب والأمم حيث كل يوم يعنتق دين الإسلام الكثير من الناس أفرادا وجماعات، الذين ما إن ينطقوا بالشهادتين : (أشهد أن لا إله الله وأشهد أن محمد رسول الله) حتى تظهر آثار السعادة والبشر على محياهم ويبدؤون ينادون باسمه الشريف متبرکين به في كل أذان وكل إقامة.

وأيضا توجه الناس من المسلمين على اختلاف درجاتهم وطبقاتهم، فقيرهم وغنيهم، حاكمهم ومحکومهم لزيارة مرقده الطاهر ومسجده المبارك في المدينة المنورة في أرض الحجاز، كل يصلي عليه ويلتمس منه الشفاعة عند الله يوم القيامة.

ص: 88

فصلاة الله وسلامه عليك يا سيدي يا رسول الله ، یا رسول الله الرحمة والعدالة والاستقامة یا منقذ البشرية من ظلمات الجاهلية والضلال ومخرجهم بإذن ربك إلى نور الحق والهداية، وعلى آل بيتك الطاهرين والبررة من أصحابك المنتجبين خصوصا ابنك الإمام المهدي المنتظر (عج) الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجوراً .

المهدي في معتقدات الزرادشتية:

هناك مجموعة من الكتب الزرادشتية جاء فيها من الأخبار الكثيرة حول آخر الزمان، وعن ظهور الموعود الذي سيخلص البشرية من الكبت والحرمان ومن ضغوط الحكام الطواغيت الذين يسعون في الأرض فساداً ومن جملة هذه الكتب :

کتاب اوستا - کتاب زند - کتاب رسالة جاماست - کتاب قصة دينيك - کتاب رسالة زرادشت .

وقد طرحت الديانة الزرداشتية موعودين يطلق على كل منهم اسم «سوشیانت». وكان هؤلاء الموعودون ثلاثة، أكثرهم أهمية الموعود الثالث، وقد كانوا يلقبونه «سوشیانت المنتصر» وسوشیانت هذا هو الموعود حيث قالوا:

إن سوشیانت المزدية بمثابة كریشناي البراهمة، وبوذا الخامس لدى البوذية ، والمسيح لدى اليهودية، وفارقلیط عند العيسوية، وبمنزلة المهدي لدى المسلمين.

وجاء في كتاب شابوهرجان، من الكتب المانوية المقدسة عندهم:

.... خرد شهر إيزد لا بد أن يظهر في آخر الزمان وينشر العدل في العالم ... سوشیانت، من الكتب الزرادشتية المقدسة جاء فيه:

ص: 89

... استوت إرت، سوشیانت أو المنقذ العظيم. سوشیانس، أو موعود آخر الزمان .. وسيلة وعلاج جميع الآلام به، يقتلع جذور الألم والمرض والعجز والظلم والكفر، يهلك ويسقط الرجال الأنجاس .. .

رسالة جاماسب، صفحة 121:

... سينشر (سوشیانت، المنقذ) الدين في العالم فكراً وقولاً وسلوكا .

المهدي في المعتقدات الهندية:

جاء الحديث حول المنقذ والموعود في أعراف الهنود وكتبهم، مثل کتاب (مهابهارتا) وكتاب (بورانها) حيث قالوا:

تذهب الأديان جميعاً إلى أنه في نهاية كل مرحلة من مراحل التاريخ يتجه البشر نحو الانحطاط المعنوي والأخلاقي وحيث يونون في حال هبوط قطري وابتعاد عن المبدأ، ويمضون في حركتهم مضي الأحجار الهابطة نحو الأسفل فلا يمكنهم أنفسهم أن يضعوا نهاية لهذه الحركة التنازلية والهبوط المعنوي والأخلاقي، إذن لا بد من يوم تظهر فيه شخصية معنوية على مستوى رفيع تستلهم مبدأ الوحي وتنتشل العالم من ظلمات الجهل والضياع والظلم والتجاوز، وقد أشير لهذه الحقائق في تعاليم كل دين إشارة رمزية منسجمة مع المعتقدات والقيم الأخرى انسجاما كاملا.

فمثلا : في الديانة الهندية وفي كتب بورانا (Burana) شرح تفصيلي حول مرحلة العصر الكالي (kali) يعني : آخر مرحلة قبل ظهور أوتاراي ويشنو العاشر.

ص: 90

المهدي في المعتقدات البوذية:

فقد ورد في بعض المصادر والدراسات أن مسألة الانتظار قضية مطروحة في الديانة البوذية (ففي الأعراف البوذية) كان هناك انتظار، والمنتظر هو بوذا الخامس.

إن كل أمة من الأمم وشعب من الشعوب له معتقداته الخاصة وثقافته التي ورثها وأمله الذي ينتظره ليخلصه من محنه وآلامه، فكما أن الديانات الأخرى لها منقذها ومخلصها الذي سيظهر في آخر الزمان، كذلك البوذيين فإن مخلصهم ومنقذهم هو بوذا الخامس.

المهدي في المعتقدات الصينية

جاء في كتاب أو بانیشاد، المقدمة صفحة 54 ما نصه :

حينما يمتلىء العالم بالظلم يظهر الشخص الكامل الذي يسمى (يترتنكر: المبشر) ليقضي على الفساد ويؤسس للعدل والطهر ... سینجي کریشنا العالم حينما يظهر البراهميتون.

وجاء في كتاب ريك ودا، ماندالاي ص 4 و 24:

يظهر ويشنو بين الناس .. يحمل بيده سيفا كما الشهاب المذنب ويضع في اليد الأخرى خاتماً براقاً، حينما يظهر تکسف الشمس، ويخسف القمر وتهتز الأرض.

فجميع الأديان والملل والنحل كان لها منقذ مستقل أو مشترك سموه بأسماء مختلفة منها :

آرثر، أودين، ك الوبيرك، ماركو كر البويج،بوخص، بوریان بو رویهم و... يعتقدون أنهم حينما يظهرون سينشرون العدالة في الأرض.

ص: 91

المهدي في الديانة اليهودية

الملة اليهودية من قبل أن يبعث النبي عيسی علیه السلام بعثته أيضا كانت ولا تزال تنتظر موعودها المؤمل، فقد أشير باسم الموعود في آثار الديانة اليهودية .. وأسفار التوراة وكتب أخرى ذلك.

وإذا أردنا الاعتماد على الأفكار التي جاءت في كتاب (نبوءة هي وحي الطفل. فسوف نضع اليد على أفكار كثيرة بصدد ظهوره الأكرم صلی الله علیه وآله ومقاطع من تاريخه ومستلزمات بعثته وبعض مؤشرات آخر الزمان لشخصية الإمام (أرواحنا فداه) بل هناك إشارات أيضا يمكن أن نلحظها عاشوراء (واقعة الطف الخالدة).

وحيث إن الشعب اليهودي لم يؤمن بالسيد المسيح علیه السلام ورسالته بل خيل لهم بأنهم قتلوه وصلبوه فموعودهم لم يعد الآن، وإذا تأملنا في مجموع التراث اليهودي المقدس نجد في الملامح موعودين ثلاثة : السيد المسيح علیه السلام ، الرسول محمد صلی الله علیه وآله ، الإمام المهدي (عج).

ومع وضوح هذه الرؤية وتلك الملامح الواضحة للموعودين الثلاثة اليهودي، ولم ير اليهود يتابعون أياً من المسيح علیه السلام محمد صلی الله علیه وآله، ومن هنا فإنهم سيظلون قلقين الموعود ومفهوم الانتظار، وعلى هذا الأساس فعليهم أن لا كل البشائروالإشارات التي وردت في نصوصهم وكتبهم مرور فالملة اليهودية لا بد وأن تكون أشد انتظاراً من المنتظرين يعكفوا بشكل أكبر على تأمل مفهوم الانتظار، والاستعداد وأن يرفعوا اليد عن كل ألوان الظلم والخيانة التي مارسوها البشرية، ويخشوا عواقب الظلم والعدوان،

ص: 92

فهؤلاء لم يذعنوا المسيح ابن مريم علیه السلام والرسول محمد صلی الله علیه وآله إلا أنهم سوف لا ينجون من سطوة الموعود الثالث وعدله .. الروايات أن جماعة من اليهود تلتف حول (الدجال) وتسند المهدي ونزول السيد المسيح إلى الأرض يقتل هؤلاء قتلاً ساحة التاريخ والإنسانية نقية من وجود هذه الجرثومة نموذج آخر لخبث وانحطاط هؤلاء القوم، فحتى في آخر الزمان للحق، بل سوف ينضمون إلى زمرة أنصار الدجال.

وأريد أن أشير هنا إلى أن البشائر المذكورة في آثار اليهود بأجمعها واقعية وصحيحة، وقد تحقق قسم منها، سيتحقق، إلا أن اليهود لم يقبلوا منطق الحق لا من عيسی علیه السلام ولا من الرسول محمد صلی الله علیه وآله البشارة بهذين النبيين العظيمين قد وردت في كتب اليهود أنهم سيقبلون بحد سيف الإمام المهدي (أرواحنا فداه) كما القرآن الكريم والسنة الشريفة.

وبغض النظر عن حقانية اليهود وعدمها، وتسليمهم وعدمه، فقد جاء بعد نبي الله موسى علیه السلام نبي ابن مريم علیه السلام ونسخ دین موسى وأضحت الديانة ديانة منسوخة وشريعة مهملة عملياً .

ومنذ فجر الإسلام وحتى اليوم وإلى قيام الساعة ينفرد وجه الأرض بوصفه الدين السماوي المبني على أساس ولا يقبل سواه قال تعالى : «وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ » [آل عمران: 85]، وكتاب الله بين الناس يبقى على الدوام (القرآن) والموعود الإمام المهدي (أرواحنا فداه).

وبهذه تكون البشائر والإشارات التي وصلتنا عن طريق وكبار السلف الصالح صادقة بحق الإمام المهدي (أرواحنا فداه تعالی فرجه الشریف) وهي تنظر إليه وتقصده وتلحظ ظهوره فهو الواقعي لها جميعا .

وهذه مجموعة من كتب اليهودية والعهد القديم التي ورد فيها عن المنتظر الموعود:

1- کتاب دانيال النبي .

ص: 93

2- کتاب حجي (حكي) (حقي) النبي .

3- کتاب حفينا النبي .

4 - كتاب أشعيا النبي.

وقد جاء في زبور داود علیه السلام أيضا أفكار بهذا الصدد القرآن، وثبت مبدأ غلبة الصالحين حيث قال: «وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ»[ الأنبياء: 105]

ص: 94

المهدي في كتب السلف

اشارة

منذ الأيام السالفة وقصة ظهور مصلح آخر الزمان أصل لقاعدة أساسية رددته البشرية الماضية باستمرار.

يهدينا اليوم لواقعية هذا الأصل في حياة السلف ما نجده عبر الإنسان القديم من آثار، فتورسیم fotorism. وتعني الاعتقاد بمرحلة آخر الزمان وترقب ظهور منقذ، تمثل أصلا مسلماً من حيث الأساس عند الأديان السماوية كاليهودية والمسيحية (بمذاهبها الأساسية الثلاثة : الكاثوليك ، البروتستانت، والأرثوذكس) وحتى لدى مدعي النبوة، وفي الإسلام علي وقد بسط الحديث بهذا الصدد في أبحاث علم الأديان.

بشائر وتنبؤات كثيرة حول المهدي، وظهوره نجدها في ما وقع بأيدينا من الكتب المقدسة وآثار السلف الأخرى، وما وصلنا من القدامى، وقد جمع بعض المتتبعين قسماً من هذه البشائر والمقولات. وقيل إن هناك بعض الأقوال بهذا الصدد في آثار مصر القديمة ونشير هنا إلى مجموعة من مصادر بشائر الماضين وأبناء الزمن الدائر.

1- في أفق الزرادشتية:

وردت أفكار كثيرة حول آخر الزمان، وظهور الموعود في كتب وآثار زرادشتية. ومن جملة هذه الآثار :

کتاب اوستا .

ص: 95

کتاب زندي.

کتاب رسالة جاماسب .

کتاب رسالة قصة دينيك.

کتاب رسالة زرادشت.

طرحت الديانة الزرادشتية موعودين يطلق على كل منهم اسم (سوشیانت). وكان هؤلاء الموعودون ثلاثة، أكثرهم أهمية الموعود كانوايلقبونه ب (سوشیانت المنتصر) وسوشیانت هذا هو الموعود حيث قالوا:

إن سوشیانت المزدية بمثابة كریشناي البراهمة، وبوذا الخامس لدى البوذية، والمسيح لدى اليهودية، وفارقلیط عند العيسوية المهدي لدى المسلمين.

سوف نشير إلى أنه كلما طرق حديث (الموعود) في كل زمن ولدي كل قوم وأمة، وفي كل أرض وبلسان أي نبي أو حكيم جاء متناسباً في لغة تعبيره واصطلاحاته وأسمائه مع طبيعة الشعب الذي أثير الحديث في أوساطه. والمقصود النهائي من التعابير والإشارات هو موعود آخر الزمان.

وهذا الموعود هو المهدي، والمهدي الموعود .

2- في أفق البوذية:

جاء في بعض المصادر والدراسات أن مسألة الانتظار قضية مطروحة في الديانة البوذية ، ففي هذا العرف (أي العرف البوذي) کان والمنتظر هو (بوذا الخامس).

واضح أن التعبير الوارد عن هذه البشائر والإشارات وألوان الانتظار والموعودين يتناسب مع ثقافة شعوب كل دين جاءت في سياقه الديانة الزرادشتية (سوشیانت المنتصر) وفي العرف الهندي (أوتارا) وفي البوذية (بوذا الخامس).

ص: 96

3- في الأفق اليهودي:

اليهود الذين يرون أنفسهم أتباع موسى الكليم علیه السلام ينتظرون موعوداً أيضا. فقد أشير باستمرار إلى الموعود في آثار الديانة اليهودية التوراة وكتب أخرى لأنبيائهم، وإذا أردنا الاعتماد على الأفكار التي جاءت في کتاب (نبوءة هيلد) وحي الطفل، فسوف نضع اليد كثيرة بصدد ظهور الرسول الأكرم صلی الله علیه وآله ومقاطع من تاريخ وسيرة النبي وملابسات بعثته، وبعض مؤشرات آخر الزمان، والرجعة لشخصية الإمام الحجة ابن الحسن المهدي علیه السلام بل نضع اليد أيضا على إشارات حول واقعة عاشوراء .

على أية حال، فحيث إن اليهود لم يؤمنوا بالسيد المسيح علیه السلام فموعودهم لم يظهر حتى الآن، وإذا تأملنا في مجموع التراث اليهودي نجد فيه تصوير لملامح موعودين ثلاثة :

السيد المسيح علیه السلام .

الرسول الخاتم محمد صلی الله علیه وآله .

الإمام المهدي علیه السلام .

في ضوء هذا الأفق بلون الانتظار في اليهودية بلون خاص. فحيث إن هذه الملة لم تتابع أيا من السيد المسيح علیه السلام ، والرسول محمد لا بن بد أن تظل قلقة حساسة إزاء قضية الموعود، ومفهوم الانتظار. وعليها أن لا تمر على كل البشائر والإشارات التي وردت في نصوصها وكتبها مرور عابر سبيل غافل.

اليهود، لا بد أن يكونوا أشد انتظاراً من المنتظرين الآخرين، وأن يعكفوا بشكل أكبر على تأمل مفهوم الانتظار، والاستعداد ليوم يرفعوا اليد عن كل ألوان الظلم والخيانة التي يمارسونها بحق البشرية، ويخشوا عواقب الظلم والعدوان، فهؤلاء لم يذعنوا لموعود علیه السلام والرسول صلی الله علیه وآله ، إلا

ص: 97

أنهم سوف لا ينجون من سطوة الموعود الثالث وعدله.. ولذا يرد في الروايات أن جماعة من اليهود تلتف حوله وتسنده، وبظهور المهدي ونزول المسيح إلى الأرض يقتل هؤلاء قتلاً جماعياً لتعود ساحة التاريخ والإنسانية نقية من وجود هذ الملوثة.

وإليك أسماء جملة من كتب اليهودية والعهد القديم، التي ورد فيها الحديث عن الموعود:

کتاب دانيال النبي .

کتاب حجي (حكي) النبي .

کتاب صفينا النبي .

كتاب أشعيا النبي.

وقد جاءت في زبور داود علیه السلام أيضا أفكار بهذا الصدد كما تحدث القرآن عن الزبور، وتثبيت مبدأ غلبة الصالحين فيه: «وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ»[الأنبياء: 105].

أشير هنا إلى أن البشائر المذكورة في آثار اليهود المقدسة بأجمعها واقعية وصحيحة، وقد تحقق قسم منها، والقسم الآخر هؤلاء يعني -اليهود- لم يقبلوا منطق الحق لا من المسيح علیه السلام ، ولا من الرسول صلی الله علیه وآله - [رغم أن البشارة بهذين النبيين العظيمين قد كتب اليهود [لأنفسهم]، إلا أنهم سيقبلون بفعل حسام المهدي ..

ونحن على أمل أن يستوفي أبناء الإسلام الراشدون - قبل حسام المهدي - ثمن كل ألوان القتل والخيانة والفساد والانحطاط والتي صنعته يد المفسدين والظالمين والخونة من هذه الملة المشؤومة المتجاوزة .

وبغض النظر عن حقانية اليهود وعدمها، وتسليمهم لمنطق الحق وعدمه، فقد جاء بعد موسى علیه السلام سيدنا المسيح علیه السلام ونسخ وأضحت

ص: 98

الديانة اليهودية ديانة منسوخة وشريعة مهملة عملياً. وبعد السيد المسيح ظهر محمد بن عبد الله علیه السلام نبينا الأكرم (النبي عيسى المسيح)علیه السلام بقدومه أيضا ونسخ الدين المسيحي أيضا. وأوضحت الديانة المسيحية ديانة منسوخة، وشريعة ملغاة .

ومنذ فجر الإسلام وحتى اليوم وإلى قيام الساعة ينفرد الإسلام على وجه الأرض بوصفه الدين السماوي المبتني على والنبوة. وكتاب الله بين الناس يبقى على الدوام (القرآن). والموعود اليوم هو المهدي علیه السلام ، وتضحي كل البشائر والإشارات التي طريق الأنبياء وكبار السلف صادقة بحق المهدي علیه السلام . وهي تنظر إليه وتلحظ ظهوره، والمهدي هو المصداق الواقعي لها جميعا ...

5- في عرف المسيحية:

في عرف المسيحية أو في كتب هذا العرف المقدسة قد وصلت إلينا بشائر أوضح وأوفر بصدد موعود آخر الزمان، ومنشأ هذا الأمر.

أولا، القرب الزماني، إذ إنه بظهور السيد المسيح علیه السلام اقترب أمر ظهور المهدي علیه السلام وفق مقياس الزمن العام.

المنشأ الآخر لهذا الأمر هو : أن حظ آثار المسيحية من التحريف أقل نسبياً مما عليه آثار الملل السابقة. ويرتبط هذا المنشأ بالزمن آثار اليهود المقدسة بدءا من مرحلة نزولها وصدورها قطعت زمنا أكبر مما قطعته آثار المسيحية بدءا من رحلة نزولها وصدورها.

وقد كان هذا الأمر باعثاً لعدم إتاحة الفرصة ليد التحريف والتعمية لتلعب نفس الدور الذي لعبته في آثار اليهودية وتراثها رغم الجهد علماء

ص: 99

المسيحية في هذا الصدد، وأخذهم ظاهرة التحريف بنظر الاعتبار في قبولهم وردهم للأناجيل، وقد كان نصيب (إنجيل برنابا) التأیید.

على أية حال، فقد جاءت هذه البشائر أيضا في تراث المسيحية الديني، ونشير هنا إلى بعض الكتب التي وردت فيها البشائر والظهور الموعود في آخر الزمان :

إنجيل متى .

إنجيل لوقا .

إنجيل مرقس .

إنجيل برنابا .

مکاشفات يوحنا .

ص: 100

من هو المهدي في فكر الهندي (براهمية - مندوس - سیخ)

اشارة

يوجد ارتباط كبير بين الديانات الهندية المتعددة كالبراهمية والهندوسية والسيخ، فهناك الكثير من المعتقدات المشتركة بينها. ومن بين هذه المعتقدات الاعتقاد بالمنجي أو الموعود المنقذ في آخر الزمان، وقد تناولت كتبهم الحديث عن هذا المخلص الموعود نظیر کتاب (مهابهارتا) وكتاب (بورانها) وقد قالوا في هذا الصدد

تذهب الأديان جميعاً إلى أنه في نهاية كل مرحلة من مراحل التاريخ يتجه البشر صوب الانحطاط المعنوي والأخلاقي، بحيث يكونون في حال هبوط فطري وابتعاد عن المبدأ، ويمضون في حركتهم مضي الأحجار الهابطة نحو الأسفل، فلا يمكنهم، هم أنفسهم، أن يضعوا نهاية لهذه الحركة التنازلية والهبوط المعنوي والأخلاقي، إذن فلا بد من يوم تظهر فيه شخصية معنوية على مستوى رفيع تستلهم مبدأ الوحي وتنتشل العالم من ظلمات الجهل والضياع والظلم والتجاوز. وقد أشير إلى هذه الحقائق في تعاليم كل دين إشارة رمزية منسجمة مع المعتقدات والقيم الأخرى انسجاما کاملا.

ويعتقد البراهمة أن كریشناي المخلص هو المنقذ في آخر الزمان .

وفي كتب بورانا (Purana) شرح تفصيلي حول مرحلة العصر الكالي (kall)، يعني آخر مرحلة قبل ظهور أوتاري ويشنو العاشر.

المعني بالعصر الكالي آخر الزمان، فتعد المرحلة المعاصرة «العصرالكالي» .

ص: 101

إذا نحن الآن في عصر ظهور المخلص الموعود بحسب تفسيرات رهبانهم لأننا في «العصر الكالي».

الموعود في البوذية

تنسب البوذية إلى سدهارتا جوتاما الملقب ببوذا (560 - 480 ق.م) وكلمة بوذا تعني العالم، ويلقب أيضا بسكياموني أي المعتکف. وقد نشا بوذا في بلدة على حدود النيبال، وكان أميراً شاباً مترفاً في النعيم تزوج باكرا ولكنه هجر زوجته وتوجه إلى الزهد والتقشف والتأمل في الكون ورياضة النفس، عزم على أن يعمل على تخليص الإنسان من آلامه التي منبعها الشهوات، حتى أصبح له أتباع كثر.

يعتقد البوذيون أن بوذا هو المخلص للبشرية من مآسيها وآلامها، وأنه يتحمل عنهم جميع خطاياهم. ويقولون إنه قد دل على ولادة بوذا نجم ظهر في أفق السماء ويدعونه نجم بوذا ، كما ويعتقد البوذيون أن هيئة بوذا تغيرت في آخر أيامه، وقد نزل عليه نور أحاط برأسه كما أضاء من جسده نور فقال بعضهم ما هذا بشر إن هو إلا إله (الفلسفة الهندية - د. علي زيعور).

كما يعتقدون بالجنة والنار والحساب، وأن بوذا هو الذي سيحاسبهم، وأنه أسس لهم طريق مملكة الدين على الأرض، ولديهم صلوات خاصة بهم، ونظام أخلاقي، ونظریات فلسفية، ويؤمنون بالرجعة لبوذا في آخر الزمان مرة أخرى ليعيد السلام والبركة إليهم.

ولكنهم ذكروا في كتبهم : تبتاکا وسواترس (موسوعة تاريخ الحضارات في العالم، منشورات عويدات - بيروت - إشراف موریس کروزیه، نقله إلى العربية فرید داغر وفؤاد أبو ریحان)، أن هناك مخلصاً سيظهر في آخر الزمان، ويلقبونه ببوذا الخامس، يحقق العدل والسعادة على الأرض،

ص: 102

ويوصل النفس إلى الكمال الأسمى والسعادة القصوى مع إطلاقها من أسر المادة والخلاص من سجن الرغبة والمعاناة، واكتساب صفاء الدين والروح، والتحرر من أسر العبودية واللذة، وانبثاق نور المعرفة، وهو هدف البوذية الأسمي.

ويعتقد البوذيون أننا الآن في عصر ظهور بوذا الخامس.

دالاي لاما : لن يستقر العالم حتى يظهر الموعود به منذ مئات السنين (المقلب) ببوذا الخامس فنعيش بسلام إلى الأبد.

المخلص عند الصابئة

تعتبر الصابئة إحدى الديانات السماوية التي تؤمن بالأنبياء واليوم لآخر.

وتدل تراتيلهم وصلواتهم على أنهم يعبدون إلها واحداً أزلياً. وأن لديهم شريعة وبرنامجا أخلاقياً . وهم يعتبرون أنفسهم أتباع نبي الله يحيي . يعتقد الصابئة بأنهم توارثوا كتبهم المقدسة بصورها الحالية عن آدم وشيث، ومنهما انحدرت إلى نوح، وبعد الطوفان إلى سام، ثم إلى ولده رام، حتى وصلت إلى يحيى بن زكريا.

وقد تناولت كتبهم العديدة الحديث عن المستقبل وعن الموعود الذي سيأتي في آخر الزمان، وأبرز كتبهم :

1- کنزاريا أو الكنز العظیم (سورة ربه): ويعتقدون أنها صحف آدم.

2- دراشهة أويهيا (سدرا ديهي: أو تعالیم یحیی)، ويقولون إن جبرائیل أوصى يحيى أن يضع هذا الكتاب ويسميه بهذا الاسم.

3- سیدرة آدتشمانه: أو سر المعمودية المقدسة، ويعتقدون أنها تعاليم نزلت على آدم علیه السلام ، وفيه شروحات عن الروح والجسد وعالم الأنوار، ونزل بواسطة جبرائیل مجموعة من الصحف.

ص: 103

4 - اسفر ملواشه:

کتاب البروج، وهذا الكتاب يتحدث عن المستقبل بجميع تفاصيله .

وقد أخبر الباحث الإيراني د. رؤوف سبهاني أن جماعة الصابئة المندائية يؤمنون بوجود مخلص في آخر الزمان ينشر العدالة والنور في العالم، وقد التقى هو شخصياً بكبار علمائهم، وأكدوا له أنهم بانتظار ظهور هذا الموعود عما قريب.

وأما أحد أهم الآثار التي اكتشفت سنة 1947 قرب البحر الميت فهي مخطوطات قديمة تعود لأتباع ديانة الصابئة الذين عاشوا زمن اليهود في فلسطين، وكانوا مضطهدين من اليهود. وقد تنبأ فيها يوحنا الذي سيحكم العالم في آخر الزمان سيحكم بعقوبة النار. (إن أعاصير الشيطان الرجيم سوف تلتهم بالنار حتى أسس الجبال).

وتشير المخطوطات إلى حرب آخر الزمان «حرب أبناء النور مع أبناء الظلام». وأن الملائكة الصالحين هم مع جيش أبناء الحق. ومن النبوءات في آخر الزمان معركة في القدس تؤدي إلى زوال اليهود، وأن الله سوف يسوق محاربين أجانب يغزون البلاد ويدمرونها .

أما إحدى اللفائف والقطع المكتشفة سنة 1949 فتشير إلى المخلص الذي سيحول العالم إلى خير مطلق في آخر الزمان.

«إن الأشرار في الأيام الغابرة تجاهلوا تحذير الله، ولذلك هلكوا والنصر مؤكد للنور على الظلام، وسجن الملائكة الأشرار، ثم يشرق العدل كالشمس، ويمتلئ العالم بالمعرفة، بينما يهلك الأشرار إلى الأبد.

والجدير ذكره أن الصابئة يعتقدون أننا الآن نعيش في زمن ظهورالمنقذ.

ص: 104

المخلص في ديانة جبال النيبال

في أواسط القرن التاسع عشر كتب أحد المراسلين الإنكليز الذي كان مرافقاً لضابط في الجيش البريطاني أيام الاستعمار على الهند قصة في غاية العجب، وقد تحولت هذه القصة فيما بعد إلى فيلم أنتجته هوليوود، ولاقي رواجا كبيراً عندما عرض في صالات العرض العالمية، وذلك في بداية الثمانينات من القرن العشرين، وهو فيلم «The Man Who will be the King» «الرجل الذي سيصبح ملكاً».

. وهذا الفيلم مأخوذ عن قصة حقيقية للمراسل الإنكليزي الذي دون أحداث القصة بعد المشاهدة العينية لأحد الضباط الذي أراد أن يستكشف منطقة مليئة بالكنوز تقع خلف الجبال الشاهقة بين الهند والنيبال والصين .

وقد انطلق بعد أن سمع من بعض الهنود البسطاء أن كنوزا عظيمة مدفونة في البلاد الواقعة خلف تلك الجبال. فعزم (ذلك الضابط) على استكشاف تلك البلاد بمرافقة المراسل. وأخذ معه رمزا يؤمن به سكان تلك البلاد، وهو عبارة عن عين ترمز إلى عين ذي القرنين الذي فتح تلك البلاد ونشر فيها معتقده. وبعد رحلة شاقة ومهلكة استمرت الأيام وليال، استطاع الوصول إلى أول مدينة من تلك البلاد، فاستقبله السكان بريبة كبيرة، ولكنهم عندما رأوا في رقبته رمز معتقدهم خضعوا له وظنوا أنه المخلص الموعود استقبله كهنة المعبد الذين يؤمنون بأن ذا القرنين كان المخلص الأول الذي فتح العالم بأسره، وأنه سيظهر مخلص آخر في آخر الزمان ليخلصهم ويقودهم ليفتح العالم ويحقق لهم السعادة والرخاء. فاستغل هذا الضابط سذاجة القوم ليقودهم ضد أعدائهم من المدن الأخرى فخضعوا له بسبب انتشار الإشاعة أن المخلص قد ظهر، ونصبوه ملكا عليهم وأعطوه من الكنوز التي خبأها كهنة المعبد للمخلص ويدينون له بالطاعة، ولكن الكاهن الكبير للمعبد کشف زيف وادعاء الضابط فقاموا

ص: 105

بقتله. وقد دون المراسل جميع ما حصل أثناء تلك الرحلة حتى نهايتها، وما زال هؤلاء القوم يدخرون كنوزهم وينتظرون الملك القادم خليفة ذي القرنين ليوجدهم ويوصلهم إلى السعادة والطمأنينة (للمزيد يرجى مراجعة الفيلم). وقد ورد في روايات أهل البيت علیه السلام أن ملك الإمام المهدي سيتسع أكثر من سليمان علیه السلام وذي القرنين علیه السلام ، وسيرتقي في الأسباب ، كما ذو القرنين وأفضل.

عن الإمام الباقر أما أن ذا القرنين قد خير بين السحابين فاختار الذلول وذخر لصاحبكم الصعب، فقيل له: وما الصعب؟ قال ما كان فيه المد وصاعقة أو برق، فصاحبكم يركبه، أما أنه يركب السحاب ويرقي الأسباب، أسباب السماوات السبع والأرضين السبع ...

لذا فإن أتباع هذه الديانة ينتظرون الإمام المهدي (عج) خليفة ذي القرنین.

ص: 106

الإمام المهدي (عج) في كتب علماء السنة

المخلص في العقيدة المصرية القديمة

تعتبر الحضارة المصرية من أكثر الحضارات المليئة بالأسرار والمعتقدات الغريبة التي لم يتم اكتشافها حتى الآن، لكن المعلومات التي وصلت حتى اليوم تشير إلى أنه كان هناك اختلاف في العقيدة بين كل الفراعنة الذين حكموامصر، فمنهم من دعا إلى عبادة إله واحد كأمنحوتب الرابع، ومنهم من دعا إلى عبادة آلهة متعددة كمسا، ومنهم من دعا إلى عبادة نفسه کرمسيس الثاني.

ولكن هناك عدة إشارات وجدت في آثار تلك الحضارة :

1 - اعتقادهم باليوم الآخر.

2 - اعتقادهم بالرجعة بعد الموت.

1 - اعتقادهم بوجود أسباب للارتقاء إلى السماء .

2- بناء الأهرامات لتكون قاعدة مليئة بالأسرار .

3- دفن الكنوز لغاية ما، وحراستها بطرق مليئة بالتعقيد.

4 - وجود أنبياء أثروا في المعتقدات المصرية .

وبالتفصيل :

1 - اعتقد الفراعنة بأن الروح تحاسب بعد موت الجسد وتوضع في الميزان وتحملها الملائكة إما إلى مكان السعادة وإما إلى مكان العذاب.

2- اعتقدوا أن كبار القوم والوجهاء سيعودون إلى الحياة لغاية ما، لذا كانوا يحنطون موتاهم ويدفنون معهم أسلحتهم وكل ما يدخرون .

ص: 107

3- وجدت بعض الرسوم التي تشير إلى صحون طائرة في السماء، وحتى رمسيس الذي ادعى الألوهية، فقد طلب إنشاء صرح يستطيع من خلاله الارتقاء في الأسباب والوصول إلى الفضاء.

4 - تعتبر الأهرامات قاعدة دينية مليئة بالأسرار، وقد اعتبرت من العجائب لأن طريقة بنائها من الأمورالمحيرة، كما أن العدد من العجائب والأسرار تحيط بهذا المكان.

5 - دفنت الكنوز في عدة أماكن، بالإضافة إلى حمايتها بالطرق الروحية، حتى ظن الكثير من المستكشفين أن هناك لعنة تصيب كل من يحاول الوصول إلى تلك الكنوز.

6- عايشت الحضارة المصرية إبراهيم الخليل الذي دخل مصر والتقى بأحد فراعنتها والذي أهداه السيدة هاجر.تأثرت المعتقدات المصرية بنبي الله يوسف الذي تشير الآيات إلى أنه كان الحاكم الثاني بعد الملك، واستطاع أن يمتلك خزائن مصر، وقد دعا يوسف إلى معتقد الانتظار والصبر «إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ » [يوسف: 90] فإن الصبر يشير إلى شيء. كما أنه نقل نبي الله يعقوب علیه السلام وأولاده جميعا إلى مصر، واستطاعوا أن يؤثروا في تلك المعتقدات. وعلى مر السنين، من نبي الله موسی علیه السلام ، وأخيه هارون علیه السلام ، وقبلهم كان الملك أمنحوتب الرابع الذي أطلع على نفسه اسم أختانون أي الخاضع لله .

كل هذا التعاقب للأنبياء والموحدين على الحضارة المصرية أثر في الديانة المصرية على مر الأزمان حتى وجدنا ارتباطاً بين ادخار الكنوز لشخص ما أو لأمر ما وظهور المخلص في آخر الزمان فيستخرج هذه الكنوز . وكانوا يعتقدون بالرجعة التي تبدأ بعد ظهور الإمام، واعتقادهم بأن

ص: 108

هناك من يرتقي الأسباب إلى السماوات، عن الإمام الباقر : .... أما أنه سیرکب السحاب ويرقي في الأسباب أسباب السماوات السبع ...

لكن المفاجأة الكبرى كانت الرموز الهيروغليفية (ص 108 - 109) والرسوم المتكررة التي تشير إلى الإمام المهدي ومنها أ - ل - م .

- ألف : بالهيروغليفية تعني الإمام أو النبي.

- اللام: تعني المهموم بهموم الرسالة.

- والميم: تعني الدراف للدمع، فيكون المعنى الإمام المهموم الذراب للدمع.

ومن المعروف أن الإمام صاحب الزمان هو الباكي على جده الحسين، المهموم بهموم البشرية حتى مجيء الفرج. وهناك المزيد من الرموز والآثار التي تشير إلى الإمام المهدي في الحضارة المصرية سوف نكشف عنها إن شاء الله في المستقبل القريب.

ذکر کلام لابن تيمية وغيره من علماء المسلمين في المهدي المنتظر :

ذكر ابن تيمية في رسالته: (فضل أهل البيت وحقوقهم تعليق أبي تراب الظاهري). أن فضائل أهل البيت خروج المهدي منهم في آخر الزمان وهو الذي يملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت جوراً . قال : (فأما المهدي الذي بشر به النبي صلی الله علیه وآله ، فقد رواه أهل العلم العالمون بأخبار النبي صلی الله علیه وآله الحافظون لها الباحثون عنها وعن رواتها مثل أبي داود والترمذي وغيرهما ورواه الإمام أحمد في مسنده .

فعن عبد الله بن مسعود رضی الله عنه قال : قال رسول الله صلی الله علیه وآله : (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلا من أهل بيتي ، يواطيء اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجوراً . وروي هذا المعنى من حديث أم سلمة وغيرهما وعلي

ص: 109

ابن أبي طالب رضی الله عنه قال: (المهدي من ولد هذا وأشار إلى الحسن. وقال يكون من آخر الزمان خليفة يحثو المال حثوا وهو حديث صحيح).

وقال ابن حجر: (أحاديث المهدي كثيرة تبلغ حد التواتر المعنوي كما قال العلماء وهو منصوص على اسمه وعلى أنه من ذرية فاطمة). وقال ابن الصبان في إسعاف الراغبين : (وقد تواترت الأخبار عن النبي صلی الله علیه وآله من أهل بيته وأنه يملأ الأرض عدلا) وقال الشيخ عبد الحق في اللمعات (حاشية صحيح الترمذي): وقد تظاهرت الأحاديث البالغة حد التواتر في كون المهدي من أهل البيت من أولاد فاطمة.

وقال ابن خلدون في المقدمة : (اعلم أن المشهور بين الكافة من أهل الإسلام على ممر الأعصار أنه لا بد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيد الدين ويظهر العدل ويسمى بالمهدي).

فعلماء أهل السنة يعترفون بظهور رجل من أهل البيت في آخر الزمان يملأ الأرض قسطا وعدلا والاختلاف بين الشيعة والسنة في ولادته أو أنه لم يولد أما الشيعة فتقول بأنه ولد وهو الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت والسنة يقولون سيولد وإن كان هناك من العلماء من أهل السنة يعترف بولادته وأنه ابن الحسن العسكري علیه السلام ومن هؤلاء العلماء ما يلي :

1- ابن حجر التيمي يقول في الصواعق المحرقة: (أبي القاسم محمد الحجة وعمره عند وفاة أبيه خمس سنين ولكن أتاه الله العلم والحكمة ويسمى القائم المنتظر لأنه ستر وغاب فلم يعرف أين ذهب.

2- محيي الدين بن العربي في فتوحاته المكية.

3 - سبط ابن الجوزي في كتابه تذكرة الخواص .

4 - عبد الوهاب الشعراني في كتابه عقائد الأكابر

5 - ابن الخشاب في كتابه تواريخ مواليد الأئمة ووفياتهم .

ص: 110

6 - محمد البخاري الحنفي في كتابه فصل الخطاب.

7- أحمد بن إبراهيم البلاذري في كتابه الحديث المتسلسل.

8- ابن الصباع المالكي في الفصول المهمة.

9 - العارف عبد الحسن في كتابه مرآة الأسرار .

10 - كمال الدين بن طلحة في كتابه مطالب السؤل في مناقب آل الرسول.

11 - القندوزي الحنفي في ينابيع العودة، وغيرهم كثير .

يقول ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب ج2 ص 141.

وفيها (أي سنة 260 هجري) توفي الحسن بن علي بن محمد الجواد ابن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق العلوي الحسيني أحد الاثني عشرالذين تعتقد الرافضة فيهم العصمة وهو والد المنتظر محمد صاحب السرداب. فهو يعترف بولادة ابن للحسن العسكري علیه السلام وهو محمد المنتظر عجل الله فرجه الشريف.

وإليك أقوال أخرى حول ولادة المهدي المنتظر :

إثبات ولادة المهدي علیه السلام ! وقد كان أئمة آل البيت يبشرون بالمهدي، ويقولون أنه ابن الحسن العسكري علیه السلام حتى ساد هذا الاعتقاد بین الشعراء.

يقول دعبل الخزاعي : لما أنشدت مولاي الرضا الإمام الثامن هذه القصيدة وهي قصيدة طويلة تعرف بالتائية وانتهيت فيها إلى قول:

خروج إمام لا محالة خارج *** يقوم على اسم الله والبركات

يميز فينا كل حق وباطل *** ويجزي على النعماء والنقمات

بکی الرضا ثم رفع رأسه إلي وقال: «يا خزاعي، لقد نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين. كانت هذه القصيدة في زمن الرضا علیه السلام المولود سنة 148 ه والمتوفى سنة 203 ه. والمهدي ولد سنة 255 ه.

ص: 111

قال الطبرسي الإمامي: «إن أخبار الغيبة قد سبقت زمان الحجة علیه السلام بل زمان أبيه وجده، وإن المحدثين من الشيعة خلدوها في أصولهم المؤلفة في أيام السيدين الباقر والصادق چچ وأثروها عن النبي والأئمة واحداً بعد واحد». .

إن القول بولادة المهدي علیه السلام وأنه ابن الحسن العسكري هو القول الصحيح، فإن عدم ولادته إلى الآن لا يتناسب مع مهمته الملقاة عليه . فمن المتفق عليه أن المهدي يحيي شريعة الرسول صلی الله علیه وآله ، ويأتي بالإسلام الخالص كما أنزله الله ، فلو قلنا إن المهدي لم يولد بعد، فكيف يمكنه الإتيان بالإسلام الخالص بعد انقطاع الوحي؟! كيف سيحرز الإسلام الصحيح وسط هذه الاختلافات بينالمذاهب وبعد ضياع السنة؟!!

فقول الإمامية : إن الإمام المهدي الذي أملاه الرسول صلی الله علیه وآله علي علي علیه السلام وكتبه بخطه، هو القول المناسب والصحيح. وقد ذهب كثير من جهابذة علماء أهل السنة إلى الاعتقاد بولادة المهدي علیه السلام .

يقول الدكتور مصطفى الرافعي: «ولد الإمام المهدي في سامراء عام 255 ه وكان يوم الجمعة وفي ليلة النصف من شعبان وذلك أثر عهد المعتز العباسي المعروف بأنه كان شديد القسوة على الإمام العسكري، وحريصاً على القضاء عليه قبل أن ينجب آخر قادة أمة الإسلام وخاتم أوصياء نبي الإسلام المهدي المنتظر. ويشاء القدر أن يطاح بالمعتز العباسي ويبايع بالخلافة لمحمد المهتدي وتتم ولادة الإمام العسكري لوليده القائم المنتظر، ولما يؤمل فيه من خير عميم للإسلام والمسلمين، أنه أمر أن يتصدق شكرا لله على ما أنعم بعشرة آلاف رطل من الخبز ومثلها من اللحم، وأن يعق عنه ثلاثمائة رأس من الغنم».

قال: «وقبل أن أعرض لفكرة المهدي في ضوء الكتاب والسنة والعقل والحكمة، أود أن أشير إلى أن القائلين بظهور المهدي وأنه الآن على قيد

ص: 112

الحیاة أليسوا الشيعة الإمامية وحدهم، بل إن كثيراً من علماء السنة وافقوهم في اعتقادهم هذا ...».

وقد تتبع علماء الشيعة أقوال علماء السنة الذين قالوا بولادة الإمام المهدي علیه السلام . وقام الأستاذ تامر هاشم العميدي بجمع وترتيب أسماء هؤلاء العلماء بحسب القرون فكانوا (128) عالماً اخترت منهم :

1 - محمد بن هارون أبو بكر الروياني في كتابه المسند (مخطوط).

2- أبو نعيم الأصبهاني في: الأربعين حديثا في المهدي.

3- أحمد بن الحسين البيهقي في : شعب الإيمان.

4 - الخوارزمي الحنفي في: مقتل الإمام الحسين علیه السلام ، كما في الإمام المهدي في نهج البلاغة.

5 - محيي الدين بن العربي في: الفتوحات المكية، باب 366 في المبحث الخامس والستين كما في الیواقیت والجواهر للشعراني

6 - كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي في: مطالب السؤل .

7- سبط ابن الجوزي الحنبلي، في: تذكرة الخواص.

8- محمد بن يوسف أبو عبد الله الكنجي الشافعي في كتابه : كفاية الطالب.

9 - الجويني الحموئي الشافعي في: فرائد السمطين 2/ 337، طبع بیروت .

10 - نور الدين علي بن محمد بن الصباغ المالكي، في : الفصول المهمة .

11 - جلال الدين السيوطي في رسالته: أحياء الميت بفضائل أهل البيت علیهم السلام.

12 - الشيخ حسن العراقي دفن قرب كوم الريش بمصر، كما في يواقيت الشعراني، في المبحث الستين .

ص: 113

13 - عبد الوهاب بن أحمد الشعراني الشافعي في: اليواقيت والجواهر.

14 - الشاه ولي الله أحمد بن عبد الرحيم الدهلوي الحنفي في : المسلسلات المعروف بالفضل المبين.

قال مصطفى الرافعي بعد ذكره لسبعة من علماء السنة الذين قالوا بولادة المهدي علیه السلام : «وكثير غيرهم من علماء السنة الأجلاء الذين ذاع صيتهم ويذكرون بكل إعجاب وتقدير . هؤلاء وكثير غيرهم ممن لا يتسع المقام لذكرهم يقولون بمقولة الإمامية من أن المهدي هو محمد بن الحسن العسكري وإنه حي.. ولا يجدون في مقولتهم هذه مما يناهض العقل، وبخاصة إذا اعتبرت حياة المهدي من الأمور الخارقة للعادة كالتي أجراها الله معجزة لبعض أنبيائه أو كرامة لبعض أوليائه، وذلك كحياة المسيح والخضر من الأتقياء وإبليس والدجال من الأشقياء.

قال الشيخ محمد بن يوسف الكنجي الشافعي في كتابه : «البيان في أخبار الزمان»: «من الأدلة على كون المهدي حياً باقياً بعد غيبته وإلى الآن، إنه لا امتناع من بقائه بقاء عيسى ابن مريم والخضر والياس من أولياء الله وبقاء الأعور الدجال وإبليس اللعين من أعداء الله تعالى وهؤلاء قد ثبت بقاؤهم بالكتاب والسنة». .

وقال الشعراني في (الیواقیت والجواهر) عن الإمام علیه السلام : «ومولده ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، وهو باق إلى أن يجتمع بعيسى ابن مريم علیه السلام ، وهكذا أخبرني الشيخ حسن العراقي ... ووافقه على ذلك سيدي علي الخاص».

وقال الشيخ سليمان القندوزي الحنفي: «المحقق عند الثقات أن ولادة القائم علیه السلام كانت ليلة الخامس عشر من شعبان، سنة خمس وخمسين ومائتين في بلدة سامراء» .

ص: 114

وتقول المدرسة الإمامية : «أن للمهدي غيبتين». قال الرافعي: «هذا وللمهدي حسب أخبار أئمة أهل البيت غيبتان: صغرى وكبرى، فالصغرى مدتها أربع وسبعون سنة، تمتد من تاريخ إلى حين انقطاع السفارة بينه وبين شیعته، ولادته وأن هؤلاء السفراء كانوا يرونه وينقلون منه وإليه الأسئلة والأجوبة ...

وعدد هؤلاء السفراء في زمن الغيبة الصغرى أربعة لا غير، هم: عثمان ابن سعید بن عمرو العمري، ومحمد بن عثمان بن سعيد العمري، والحسين ابن روح بن أبي النوبختي، وعلي بن محمد السمري رضوان الله عليهم.

وأما الغيبة الكبرى فهي التي تحصل بعد الأولى وفي آخرها يقوم بالسيف».

وقال: «وبهذا يكون الأرجح صحة فكرة المهدي باعتبارها أحد الأمور الخارقة للعادة، كالنار التي جعلها الله برداً وسلاماً على إبراهيم، والعصا التي صيرها ثعبانا لموسى ... ومن هنا يكون الأولى بكل مسلم والأحوط الدينه أن يعتقد وجود المهدي حياً إلى حين ظهوره ثانية !!...

ولا نقبل الاعتراض بان المهدي من المستحيل بقاؤه حياً ما ينيف على ألف سنة، لأن طول العمر هذا جلى لغيره من قبله، کنبي الله نوح علیه السلام الذي لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما ...

روى أنس بن مالك عن النبي قوله : «إن نوحا عاش ألفا وأربعمائة وخمسين سنة، وأن آدم عاش تسعمائة وثلاثين سنة، وأن نبي الله شیث عاش تسعمائة واثنتي عشرة سنة. وكذلك لا يقبل الاعتراض على وجود المهدي بأنه لم يشاهده أحد بعد غيبته الثانية، إذ ليس كل موجود بقدرة الله يقتضي رؤيته . فالملائكة والجن من العوالم الموجودة بيننا دون أن نراها،

ص: 115

بل الله سبحانه موجود وهو معنا أينما كنا ولكنه لا تدركه الأبصار. فهل عدم رؤيته من جانبنا دليل على عدم وجوده؟». .

«نعم، ليس هناك أية غرابة في وجود المهدي . ومن ينكر بقاءه حياً يلزمه إنكار حياة عيسى والخضر، وهما قبل المهدي بآلاف السنين .

ومن ينكر وجود المهدي لكونه غائباً فلینکر وجود إبليس فهو أيضا غائب عن أنظارنا، فغيبة الإمام ليست دليلا على عدم وجوده، كما أن غياب الخضروعيسى وإبليس والدجال ليس دليلا على عدم وجودهم.

أما لماذا غاب الإمام؟ فهذا أمره إلى الله ولا تظهر الحكمة من ذلك إلا بعد ظهوره، كما أن الحكمة لم تظهر لموسى علیه السلام من قتل الخضر للصبي وحرقه للسفينة... وهدمه الجدار إلا فيما بعد، ولكن ينبغي الالتفات إلى حقيقة مهمة وهي: أن غيبة الإمام ليست من الله ولا من الإمام نفسه. بل غيبته منا. هذا رسول الله صلی الله علیه وآله اختفى في الغار وإن كان لفترة قصيرة فهل كان غيابه عن الناس من نفسه أو أن الله حرم الناس رؤيته المباركة؟ أو أن الناس هم السبب في غيابه إذ لاحقوه ورفضوا عودته؟!

وهؤلاء أصحاب الكهف تواروا عن أعين الخلق وذلك بسبب الناس .وكذا الحال مع المهدي الذي كان محط أنظار الحكم العباسي.

وقد ضرب أحد العلماء مثلا لتقريب الوصفة فقال: لو أعطاك الطبيب وصفة وقال لك اصرفها فرميتها في البحر، فليس على الطبيب ذنب إذا تضاعف مرضك وإنما الذنب ذنبك. وهكذا الحال مع الأمة فالذنب ذنبها إذ رفضت الوصفة الإلهية في اتباع آل البيت.

وخلاصة القول: «إنه لا يسوغ لمسلم أن يعتقد بأن فكرة المهدي المنتظر خرافة من نسج الخيال، بل الأولى به والأجدر والأحوط لدينه اعتقادها حقيقة ما دامت قد اعترفت بها جميع الكتب السماوية».

ص: 116

(ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون)، (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلم الوارثون). المصدر كتاب شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي، کتاب وركبت السفينة لمروان خلیفات .

ص: 117

المهدي في الفكر الإسلامي

قال سيدنا ونبينا رسول الله صلی الله علیه وآله : «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلا من أهل بيتي اسمه اسمي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجوراً»(1).

من الأمور الحتمية التي تلقى أنباءها المسلمون من عهد رسول الله صلى الله عليه وآله، ومن عهد الصحابة إلى عهد التابعين إلى عهد العلماء وما بعدهم قضية ظهور الإمام المهدي المنتظر عجل الله فرجه .

ولكثرة ما كان النبي يخبر عن الإمام المنتظر فقد جمع الصحابة والعلماء مئات الأحاديث عن النبي في هذا الأمر، حتى أصبح عندنا أكثر من سبعين من الصحابة الذين تروى عنهم روايات في الإمام المنتظر عجل الله فرجه، وهذا ما يسمى بالزاوية المتواترة، باعتبار توجد روایات آحاد، وهي عبارة عن رواية أو خبر أو حديث أو قول أو فعل ينقله شخص واحد أو شخصان عن رسول الله صلی الله علیه وآله، وتوجد أخبار صحيحة، مثلا يؤكد الخبر من قبل شخصين أو ثلاثة من العدول من الثقات، لكن توجد بعض الأخبار والروايات - وهي قليلة - تسمى بالروايات المتواترة أو الخبر المتواتر أو الحديث.

ص: 118


1- سنن أبي داود: 309/2 الحديث 4282 ،سنن الترمذي : 3/ 343 الحديث 2331 - 2332، الدرالمنثور للسيوطي : 6/ 58، کنز العمال: 14/ 264 الحدیث 38661...

فالمتواتر يعني الحديث الذي يرويه جماعة عن جماعة عن جماعة، إلى أن يصل إلى النبي صلی الله علیه وآله.

عندما نأتي ونفتح أي كتاب من كتب الحديث عند السنة أو الشيعة أو أي كتاب من كتب التفسير أو أي كتاب من كتب التاريخ الإسلامي نری أحاديث كثيرة واردة في ظهور المهدي وفي علامات المهدي وفي أوصافه، الدقة الموجودة بالنسبة إلى النبي وما تحدث به عن الإمام المهدي المنتظر عجل الله فرجه فوق ما يتصور، فإن عشرات الأحاديث تعطي وضعه الجسمي، شكل العينين، شكل أنفه، شعره، طوله، حتى أسنانه ... إلى آخره(1)... صفات تعطى بالنسب إلى أخلاقه وروايات بالنسبة إلى أيام ظهوره و روایات تعطى عن أواخر الأيام - التي هي علامات الظهور - ماذا يكون من حوادث في العالم وكيف ينهي حكمة العادل وكيف أن الله سبحانه يبعثه وينصر الحق وأهل الحق به، ثم حكمة العادل.

فمثلا يتحدث النبي صلی الله علیه وآله، يقول : يقسم المال صحاحا، قالوا له : ما معنی صحاحاً ؟ قال : أي بالسوية (2).

وإن الله سبحانه يملأ قلوب أمة محمد صلی الله علیه وآله غني في زمانه، وهو هذا المهم، فإننا الآن في زماننا توجد أموال تسع كل العالم إذا أرادوا أن يقسموها بالسوية والعدالة تسع كل الناس، لكن الحرص والشح والبخل واللؤم الموجود عند بعض الناس بحيث لا يعطي حتى الحقوق الشرعية ، وهذا هو الذي يجعل المجتمع فيه الفقير والغني والمحتاج وغير المحتاج ، أما إذا ملأ الله سبحانه وتعالى قلوب الناس بالغني، فيحصل نوع

ص: 119


1- انظر : سنن أبي داود: 2/ 310 الحدي4285،المستدرك على الصحيحين للحاكم: 557/4، البيان للشافعي: 515 الباب 19، الفتن لابن حماد:101، وغير ذلك الكثير .
2- المستدرك على الصحيحين: 4/ 558، مسند أحمد: 3/ 37، مجمع الزوائد للهيثمي :313/7

من القناعة ونوع من الرضى بما قسم الله لهم، فالأموال لا يوجد لها تلك الأهمية التي يموت الإنسان من أجلها .

ومن ثم الحديث يضيف إلى هذا سمة أخرى، يقول: «ويكون المال کدوسا»(1) یعني كثيراً مكدساً.

ولا أحد يحتاجه، إلى درجة أن الإمام المهدي عجل الله فرجه ينادي في الناس : من له حاجة في الأموال، لا أحد يتكلم، يقول : رجل يأتي إلى الإمام يقول: أنا لي حاجة، فيقول : اذهب إلى السادن قال له: يقول لك المهدي أعطني أموالا ، وهذا هو، لا يحتاج إلى ورقة وإمضاء وعدد، يقول: فيذهب إليه ويبلغه كلام الإمام، فيقول له: خذ ما تشاء ثم يحثو له حثواً، فيحمل المال فيمضي قليلا فيندم، يقول : إني أحرص أمة محمد الناس كلهم نادي الإمام فيهم هل من محتاج إلى المال لا أحد تكلم فقط أنا، فيندم، يرجع إلى الخازن يقول : لا أريد، فيلتفت إليه يقول: إنا إذا أعطينا شيئا لا تسترجعه(2).

فبهذه الحالة وبهذه الصورة وبهذه الدقة يصف النبي صلی الله علیه وآله تلك الأيام، وكيف أن الأرض تخرج بركاتها، وكيف تكون النعمة متوفرة في العالم، وكيف الله سبحانه يجمع القلوب على المحبة والرحمة والخير والهدی والصلاح، وأمثال هذه الروايات.

فكرة واقعية:

هذه ليست أفكاراً خيالية كما يقول البعض، لأن بعض الناس يؤمنون

ص: 120


1- المستدرك على الصحيحين: 4/ 558، سنن ابن ماجه: 1366/2الحديث 4083 ، مسند أحمد: 3/ 22.
2- انظر: مسند احمد: 3/ 52، الدر المنثور للسيوطي : 57/6 ، کنز العمال للمتقي الهندي : 14 - 261 الحدیث 38653

بأشياء خيالية، فإن الماركسية في بعض الأيام كانت تقول بأن العالم إذا مشى بالشيوعية أو بالاشتراكية سوف يصل البشر إلى درجة بحيث لا حاكم ولا محکوم ويديرون أنفسهم بأنفسهم ولا تحصل أي مخالفات، في الوقت الذي كان رؤساء الشيوعية هم أبخل الناس، يجمعون الأموال ويسكنون القصور العالية في نفس الوقت الذي يطالبون - ظاهراً – بحقوق العمال والمستضعفين والفقراء حتى يقولون - على سبيل المثال - أن برجنيف سأل أمه قال لها : كيف وضعنا نحن؟ قالت له : وضعك جيد لكن أخاف عليك من الشيوعية، تعني أن الشيوعيين إذا جاؤوا يأخذون أموالك وأنتم دائما تهددون الناس وأهل الأموال بالشيوعية، وكان هو رئيس الشيوعية في ذلك الوقت .

إذن توجد كلمات خيالية، لكن هذا ليس خيالا، بل هو واقع، وهذا ينطق به رسول الله الذي أخبرنا عن أخبار السماء، الذي أخبرنا عن أخبار الآخرة، الذي أخبرنا عن أخبار الأمم الماضية، فهو يخبرنا أيضا عن المستقبل، مثلا أخبرنا عن قضية الحسين (1) مثلما أخبرنا عن قضايا دقيقة مثل أن أمير المؤمنين كيف يغصب حقه (2)وكيف يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقین (3) وكيف يقتل في محرابه ، (4) كل هذه الأخبار بدقة وكلها طبقت كلها وقعت وتحققت، كذلك أخباره عندما يخبر عن الإمام الحجة عجل الله فرجه .

على كل حال، مع الأسف الشديد إن البعض ممن يدعي الإسلام

ص: 121


1- انظر : البداية والنهاية لابن كثير : 217/8 ، الإصابة لابن حجر: 1/ 371، تاریخ دمشق : 223/14.
2- انظر : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 20/ 326، تأريخ البخاري : 2/ 174، تذكرة الحفاظ للذهبي: 3/ 995.
3- انظر : المستدرك على الصحيحين للحاكم : 3/ 139
4- انظر: مجمع الزوائد للهيثمي: 9/ 136، کنز العمال للمتقي الهندي : 13 / 192 الحديث 36571

عندما تواجههم بالواقع وعندما تخبرهم عن أن النبي صلی الله علیه وآله، أخبر بصورة حتمية عن ظهور الإمام المنتظر عجل الله فرجه وعن تفاصيل ذلك، ينكرون ذلك لا اعتمادا على عقل ولا اعتمادا على حديث ولا اعتمادا على قول صحيح، وإنما تعصباً .

فمثلا ابن خلدون ينكر قضية الإمام المهدي(1).

وعبد الحسیب طه حميدة مثلا في كتاب أدب الشيعة يقول: فكرة المهدي وعقيدة المهدي فكرة خلقتها الظروف الصعبة التي مرت بالبيعة، خصوصا بعد قتل الحسين، باعتبار أنه بعد قتل الحسين علیه السلام ضعفت الشيعة فخافوا أن تتبعثر فرقتهم وطائفتهم وجماعتهم لذلك جعلوا أحاديث عن قضية الإمام المهدي وأنالحكم سيكون بأيديهم وأيدي أئمتهم ويعود إليهم ويحكمون العالم، وأمثال هذه الكلمات التي تقال حتى لا تتفكك الجماعة الشيعية ولا تنهار معنوياتهم.

أو أحمد أمين المصري الذي يتهم الأحاديث التي وردت في الإمام المهدي عجل الله فرجه(2) بينما عقيدة المهدي عقيدة إسلامية بحتة، عقيدة وفكرة متأصلة وضع أساسها رسول الله صلی الله علیه وآله.

المهدي في كتب المسلمين:

ولهذا من جهة إلزام الآخرين أذكر بعض الكتب وبعض المقالات الخاصة بالإمام المهدي كتب إخواننا السنة.

لكن نأتي إلى الكتب المستقلة التي ألفت من قبل علماء إخواننا السنة، ومؤلفوها هم علماء موثوقون وعلماء أعلام يعتمد عليهم وليسوا أناساً

ص: 122


1- انظر : تاریخ ابن خلدون: 1/ 311.
2- انظر: المهدي والمهدوية : 108.

صغاراً أو قليلي العقل لكي نحتاج لأن نرى الحق مع من، وهل أن قضية الإمام المنتظر بدعة عقائدية خلقتها الشيعة أو فكرة جديدة أوردها الشيعة وليس لها أصل في الإسلام؟ أم هي متأصلة في الإسلام وعلماء الحديث كتبوا عنها الشيء الكثير؟

إذن نحن وما كتبه إخواننا علماء السنة في الإمام المنتظر عجل الله فرجه من كتب، على نحو الاستطراد والسرعة :

1- أبو نعيم الأصفهاني، من كبار العلماء، عنده ثلاثة كتب: مناقب المهدي، نعت المهدي، كتاب الأربعين حديثا في المهدي.2

2 - جلال الدين السيوطي، صاحب الكتب والتفسير المعروف، عنده کتابان : العرف الوردي في أخبار المهدي، وعلامات المهدي .

3- حماد بن يعقوب الزواجني، عنده کتاب : أخبار المهدي .

4 - ابن حجر العسقلاني، عنده کتاب : القول المختصر في علامات لمهدي المنتظر .

5- محمد بن يوسف الكنجي الشافعي، عنده كتاب : البيان في أخبار صاحب الزمان.

6 - ملا علي المتقي الهندي، صاحب کتاب کنز العمال، وهو أحد الكتب المهمة عند أبناء العامة، عنده : البرهان في علامات مهدي آخر الزمان.

7- علي بن سلطان الهروي الحنفي، عنده: المشرب الوردي في أخبار المهدي.

8- وفي الرد على ابن خلدون الذي ينكر قضية الإمام المهدي کتب بعض علماء إخواننا السنة كتبا في هذا الباب في الرد عليه، فمثلا أحمد بن محمد بن الصديق المغربي كتب كتاب «إبراز الوهم المكنون من كلام ابن

ص: 123

خلدون» وأيضا له اسم ثان «المرشد المبدي لفساد طعن ابن خلدون في أحاديث المهدي».

9- كما أن شهاب الدين الحلاوني الشافعي صنع له منظومة تشتمل على خمسة وخمسين بيتا حول أوصاف الإمام المهدي المستفادة من الأحاديث النبوية الشريفة، سماه: القطر الشهدي في أوصاف المهدي

10 - المحدث محمد البلبيس الشافعي، جاء إلى منظومة القطر الشهدي فشرحها، اسم الكتاب الذي شرح المنظومة : العطر الوردي بشرح القطر الشهدي.

11 - ثم شمس الدين السفاريني النابلسي، يوجد عنده كتاب: لوائح الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأخروية، هذا شرح لأرجوزة في الإمام المهدي أسماه: الدرة المضية في عقيدة الفرقة المرضية لشمس الدين السفاريني، يذكر فيها ويقول:

فكله حق بلا شطاط *** وما أتي في النص من أشراط

محمد المهدي والمسيح *** منها الإمام الخاتم الفصيح

بباب لدخل عن جدال *** وأنه يقتل الدجال

... إلى آخر ما قال.

12 - الشيخ البهائي عنده قصيدة في الإمام المهدي معروفة بوسيلة الفوز والأمان في مدح صاحب الزمان، فجاء أحمد بن علي الحنفي المنيني - أحد علماء إخواننا السنة - وشرح قصيدة الشيخ البهائي وسمى الكتاب : فتح المنان في شرح قصيدة الشيخ البهائي المعروفة بوسيلة الفوز والأمان في مدح صاحب الزمان.

هذه إلمامة سريعة عن الكتب.

أولا : مقالة بعنوان: نظرة في أحاديث المهدي، لمحمد الخضر حسين

ص: 124

المصري، نشرتها مجلة التمدن الإسلامي التي تصدرها جمعية التمدن الإسلامي في دمشق السورية بتأريخ محرم الحرام سنة 1370.

ثانيا : مقالة حول المهدي، للشيخ ناصر الدين الألباني، هي جواب عن سؤال لبعض قراء مجلة التمدن الإسلامي الدمشقية، بتأريخ ذي القعدة 1375ه، وفيها رد على السيد محمد رشيد رضا ومحمد عبد الله السمان.

ثالثا : مقالة نشرتها مجلة رابطة العالم الإسلامي، التي تصدر في مكة المكرمة، لسكرتير الرابعة الأستاذ محمد صالح القزاز، في جوابه على سؤال ورد من أبي محمد من كينيا حول المهدي المنتظر .

رابعا : مقالة بعنوان : عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر، للشيخ عبد المحسن بن حمد العباد عضو هيئة التدريس في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، وذيلها الشيخ عبد العزيز بن باز رئیس الجامعة الإسلامية في ذلك الوقت والعالم المعروف اليوم، نشرتها مجلة الجامعة الإسلامية في العدد الثالث ذو القعدة 1388 ه.

خامسا : أيضا مقالة بعنوان : الرد على من كتب بالأحاديث الصحيحة الواردة في المهدي، لعبد المحسن بن حمد العباد، ردا على الشيخ عبد الله ابن زید المحمود رئيس المحاكم الشرعية في دولة قطر في رسالته التي أنكر فيها المهدي المنتظر بعد حوادث سنة 1400ه لاقتحام المسجد الحرام، فهذا كان كاتباً مقالة ضد المهدية وضد المهدي وإلى آخره، فأجابه عبد المحسن بن حمد العباد ورد عليه .

والمقالة موجودة، نشرتها مجلة الجامعة الإسلامية الصادرة في المدينة المنورة في العدد الأول من السنة الثانية عشر 1400ه.

أما الشعر:

فقد قال ابن العربي الحاتمي، من كبار علماء إخواننا السنة :

وعن إمام العالمين فقيد *** ألا إن ختم الأولياء شهيد

ص: 125

هو الصارم الهندي حين يبيد *** هو السيد المهدي من آل أحمد

هو الوابل الوسمي حين يجود(1) *** هو الشمس يجلو كل غم وظلمة

وقال محمد بن طلحة الشافعي، في كتابه مطالب السؤل في مناقب آل الرسول :

هداه منهج الحق وأنا سجاياه *** فهذا الخلف الحجة قد أيده الله

وأتاه حلى فضل عظیم فتحلاه *** وأعلى في ذري العلياء بالتأييد مرقاه

وذو العلم بما قد قال إذ أدرك معناه *** وقد قال رسول الله قولا قد رويناه

وقد أبداه بالنسبة والوصف وسماه *** یرى الأخبار في المهدي جاءت بمسماه

فمن قالوا هو المهدي ما مانوا بما فاهوا (2)*** ولن يبلغ ما أوتيه أمثال وأشباه

ابن أبي الحديد، عنده مقطوعة من جملتها يقول:

مهدیكم وليومه أتوقع *** ولقد علمت بأنه لا بد من

كاليم أقبل زاخراً يتدفع(3) *** تحميه من جند الإله كتائب

هذه إلمامة سريعة عما ورد عن إخواننا السنة في الإمام المنتظر من كتب ومقالات وبعض القصائد والأشعار.

بالله عليك كل هؤلاء العلماء السنة أنفسهم يكتبون عن الإمام المهدي المنتظر، أو ليس هذا دليلا على أن قضية الإمام المنتظر قضية إسلامية أصلية واقعية ليس للشيعة دخل فيها؟!

الشيعة يروون عن رسول الله صلی الله علیه وآله روایات ويأخذونها بعين القبول ما دامت صحيحة، علما أنه لم ترد روایات متواترة وأخبار في مناسبات وقضايا أخرى بهذا المقدار وبهذا التأكيد.

ص: 126


1- الفتوحات المكية لابن عربي : 3/ 327.
2- مطالب السؤل لابن طلحة الشافعي: 89 الباب 12.
3- شرح القصائد العلويات لابن أبي الحديد: 143.

على كل حال، فالإمام المهدي عجل الله فرجه ظهوره حتم، إلى درجة أن الإمام يتحدث عنه النبي الكريم فيقول: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلا من أهل بيتي اسمه اسمي - في بعض الروايات كنيته کنيتي شمائله شمائلي - يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا(1)

التحريف في الحديث:

هنا ألفت النظر إلى شيء .

أولا : بعض من يروي هذا الحديث يضيف إليه: «اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي»(2) في الوقت الذي نحن نعلم أن اسم أبيه الحسن العسكري علیه السلام ، بينما اسم والد رسول الله صلی الله علیه وآله عبد الله ، فإذن كيف نجمع بين هذين ؟! إذا أراد الباحث أن يرجع إلى أصل الأخبار يرى أن هذه الكلمة «واسم أبيه اسم أبي» أضيفت إلى حديث النبي ولم تكن موجودة في الأصل .

فإنه يوجد بعض الأحاديث الصحيحة التي جاء الوضاعون فأضافوا إليها، فالذي يأتي بعد يتصور أنها من الأصل، مثل حديث: «نحن معاشر الأنبياء لا نورث ذهبا ولا فضة ولا دارا ولا عقاراً، وإنما نورث العلم والحكمة» هذا في باب الحكمة والعلم، أنه الوراثة الأصلية هذه، وليس معناه أننا إذا تركنا شيئا لا يصل إلى الورثة.

ص: 127


1- سنن الترمذي : 3/ 2331، مسند أحمد: 1/ 376، المعجم الكبير للطبراني : 10/ 133 . الحديث 10214 - 10222.
2- انظر: سنن أبي داود: 2/ 309 الحديث 4282، شرح الأخبار : 3/ 322، کنز العمال : 14/ 366 الحدیث 38669.

لكن أضافوا إليها «وما تركناه صدقة»(1) وهذه ليست من الأصل، لكن الناس لا تلتفت.

هنا عندما يرجع الإنسان إلى التاريخ يرى الحسنيين - مع احترامنا لسادتهم المؤمنین - عندهم حركة باسم حركة المهدية، لأنه من كثرة ما تلقى الناس أخبار المهدي وأنه يملأ الأرض قسطا وعدلا ويقضي على الظالمين، فكلما كان يحصل الظلم والعدوان، ويأتي من يدعو إلى تعديل الأمور وإلى القضاء على الظلم والعدوان والظالمين كانوا يقولون: هذا المهدي، إلى هذا الحد كانت الناس مستبشرة بالمهدي.

فكانت حركة ضد بني أمية أواخر أيام بني أمية قام بها الحسنيون وعلى رأسهم محمد بن عبد الله المحض، فبايعه حتى المنصور والسفاح وجماعة العباسيين على أنه المهدي المنتظر، كما بایعه جماعة من العلويين، ما عدا الأئمة والذين يعتقدون عقيدتهم في أن الإمام المهدي المنتظر هو الثاني عشر من أئمة أهل البيت علیهم السلام .

ولذا عبد الله بن الحسن طلب إحضار الإمام الصادق وطلب منه أن يبايع ابنه باعتبار أنه المهدي فقال له الإمام علیه السلام بأن هذا ليس هو المهدي المنتظر، أما قضية أنه يثور ضد الظلم والظالمين فذاك معنى آخر.

فادعوا أنه المهدي، لكن كيف يرتبون القضية؟! فقالوا: اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي، حتى يكون محمد بن عبد الله.

واللعبة هذه قام بها المنصور أيضا، فالمنصور الدوانيقي لما استولی على الحكم وأراد أن يقضي على حركة محمد لقب ابنه محمد بالمهدي وأكد أنه هو اسمه عبد الله - لأنه أمر مستغرب أخوان : سفاح اسمه عبد الله والمنصور اسمه عبد الله - المهم أنه صار محمد المهدي بن عبد الله، فكان يدعي أن محمد بن عبد الله الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا هو ابني.

ص: 128


1- انظر: صحيح البخاري: 4/ 42، صحیح مسلم: 5/ 152.

فهذه الإضافة في الواقع غلط وليست صحيحة، ولا قال النبي : أن اسم أبيه اسم أبي بل الأحاديث عندنا صحيحة على أن اسم الإمام الحسن العسكري علیه السلام (1).

الشبهات:

وتوجد بعض الشبهات أيضا ترد في قضية الإمام المهدي يجب أن نلتفت إليها :

مثلا شبهة أن الإمام المهدي يعتقد الشيعة بأنه غاب في السرداب، فابن خلدون عندما يأتي إلى الأئمة الاثنا عشر يذكرهم بقول عن الإمام الثاني عشر : يدعي الشيعة أن إمامهم الثاني عشر غاب في السرداب في الحلة، واللطيف أن الحلة في ذلك اليوم لم يكن لها وجود تأريخياً، فإن الحلة قد شيدت من بعد مائتين أو أكثر من السنين.

وآخر يقول سرداب في بغداد، آخر يقول في سامراء.

ثم يضيفون إلى هذا أن الشيعة يأتون كل ليلة ويأتون بجواد مسرج ويقفون بباب السرداب وينادون: اخرج إلينا يا مولانا مدة ساعة، لا يخرج فيرجعون(2).

بالله عليكم نحن شيعة وآباؤنا وأجدادنا، ونحن لا نعيش في جنوب إفريقيا، بل نحن مع المسلمين نعيش في كل مكان، إلى الآن لم نسمع أن أحدا قال أجدادنا أو جماعة منهم كانوا يأتون إلى السرداب ويقولون هكذا .

ص: 129


1- انظر : حديث الصحيفة الذي يذكر اسماء الأئمة علیهم السلام جميعا بما فيهم الحجة المهدي المنتظر علیه السلام : إكمال الدين وإتمام النعمة : 305 الحدیث 1 ، مناقب آل ابي طالب لابن شهر آشوب: 1/ 255.
2- تاریخ ابن خلدون: 1/ 199.

لماذا هذا الكذب؟! لماذا يفرقون بين المسلمين بالأكاذيب؟!

ثم آتونا بسند من مصدر أو كتاب يقول بأن الشيعة يعتقدون أن الإمام غاب في السرداب! لا يوجد هذا الشيء عندنا.

نعم، هذا السرداب هو من بيت الإمامين الهادي والعسكري وثم الإمام المهدي، وتعرفون أن بيوت سامراء كبيرة جدا، وإذا رجعنا إلى التحقيق نرى أن بيت الإمام الهادي علیه السلام بيت كبير، فهو يضم قسما من الصحن من مكان دفن الإمام علیه السلام إلى السرداب، وغالبا توجد سراديب، بسبب حرارة الجو في ذلك الوقت فيتوقون الحر بالنزول إلى السرداب.

وهذا السرداب قبل 250 سنة كان متصلا، وكان هناك طريق طويل من الرواق إلى السرداب، ثم بعد ذلك رأوا أنه طريق طويل، لذلك ترى في بعض الزيارات القديمة يذكرون زيارة الإمامين العسكريين ثم زيارة الإمام المهدي عجل الله فرجه قبل زيارة نرجس وحكيمة باعتبار أن باب السرداب من هناك.

ثم قطعوا هذا الطريق وصنعوا له طريقاً جديداً هذا الصحن والقبة كله جديد.

وفي كل مكان إذا كان الإمام وضع قدمه أو صلى فيه سمي مقام الإمام، وليس عندنا فقط مسجد الكوفة ومسجد السهلة، بل عندنا مقام جبرائیل وعندنا مقام النبي ومقام نوح وغيرهم، وهذا معناه أن هؤلاء أتوا إلى هذا المكان فتبرك بهم أكثر.

نحن نعتقد أن الإمام نور الله في الأرض وحجة الله في الأرض، فعندما يحل في مكانه تحل فيه البركة، فثلاثة من الأئمة يعيشون في هذا المكان: الإمام الهادي عشرين سنة عاش فيه ومن بعده الإمام العسكري إلى أن توفي ثم الإمام المهدي إلى أن غاب بوفاة والده، فهؤلاء عاشوا في هذا المكان ليالي وأياماحتى يحفظوا أنفسهم من الحر، والإمام كثير الذكر

ص: 130

- بل هو أعبد الناس - فهؤلاء عندما يعبدون الله في هذا المكان يكون مكاناً مقدساً مباركاً، وإن وجدت أدعية وما شابه ذلك للإمام الحجة فإنه أين ما تقرأها فهو صحيح، سواء على السطح أم تحت، لكنه باعتبار أن هذا المكان كان يضمهم فهذا أفضل من غيره.

وإلا فإنه لا يوجد هذا الشيء، ولا يوجد مصدر واحد من مصادر الشيعة يقول بأن الإمام المهدي غاب في السرداب وأن الشيعة تعتقد أن الإمام غاب في السرداب.

وبعض شعراءهم يقول:

له الفضل عن أم الفرى وله الفخر *** فما أسعد السرداب في سر من رأى

إن اتخذ السرداب برجا له البدر(1)*** فيا للأعاجيب الذي من عجيبها

هذا عنده قليل من التأدب . آخر ليس له أدب، ويطعننا بالصميم يقول:

صبرتموه بزعمكم إنساناً*** ما أن للسرداب أن يلد الذي

تلتئم العنقاء والغيلانا(2) *** فعلى عقولكم العفا فإنكم

في الوقت الذي يؤكد فيه علماؤنا على أنه لا توجد هكذا عقيدة عندنا ، ولا عندنا مستند على أن الإمام غاب في السرداب، وإنما توجد رواية أحمد الجاني الحنفي من علماء إخواننا السنة - وليست عندنا - أن الخليفة العباسي بعد وفاة الإمام الحسن العسكري أمر جماعة أن يهجموا على دار الإمام الحسن العسكري وأن يلقوا القبض على من يجدونه هناك من الذكور، فيقول: أقبلنا وإذا بصوت تلاوة قرآن وإذا توجد باب إلى

ص: 131


1- هذه الأبيات لأحد العلماء من الآلوسين، وقد رد عليه جماعة كبيرة من علمائنا، وللمزيد :راجع: إلزام الناصب لليزدي الحائري: 2/ 324، ديوان السيد رضا الهندي : 26.
2- انظر : الصواعق المحرقة لابن حجر : 100.

السرداب ، فنزلنا هناك وإذا بالسرداب مملوء ماء وعلى الماء سجادة وعليها شاب واقف يصلي، فنزل أحدهم أراد أن يلقي القبض عليه فغرق فاستنجد بنا فأخذناه من يده والثاني كذلك، فقلنا : نعتذر إليك إلى آخره(1)..

فلعل هذه الرواية هي التي جعلتهم يقولون سرداب الغيبة .

وإذا عوام الناس قالوا شيئا فلا يوجد دليل، حتى أن الشيخ عباس القمي في مفاتيحه يؤكد على أنه لا يوجد عندنا دليل على أن الإمام غاب في السرداب وإنما هذا المكان مقدس لأنه محل و مقام الأئمة علیهم السلام؟(2)

حتى أن السيد محسن الأمين يوجد عنده قصيدة في الرد على قصيدة رائية وردت إلى النجف الأشرف قبل عشرات السنين، أيام كان هو ومجموعة من كبار العلماء، هذه القصيدة الرائية التي منها:

«فما أسعد السرداب في سر من رأى». .

فأجابه جماعة من جملتها قضية السرداب، يقول في أسطورة الغيبة في السرداب:

وأسعد منه البيت والركن والحجر *** فما أسعد السرداب في سر من رأى

بدار تناهي عندها العز والفخر*** وماشرف السرداب إلا لأنه

من الآل يستسقى بذكرهم القطر *** تشرف مبناها بسكنا ثلاثه

وذكر اسمه فيها فطاب بها الذكر*** وقد أذن الباري تعالی برفعها

من الحجة المهدي حار لها الفكر *** وقد كان في السرداب أعظم آيه

وعاقبة البغي الندامة والثبر *** أرادوا به سوءاً فخيب سعيهم

لمن خاضه منهم وكانوا ولا بحر (3)*** رأوا دونهم بحراً من الماء مغرقا

عن السادة الأطهار يعطي بها الأجر *** وقد جاء للمهدي فيه زیاره

ص: 132


1- کتاب الغيبة للشيخ الطوسي : 249، الخرائج والجرائح للرواندي: 1/ 460.
2- الخرائج والجرائح: 2/ 942.
3- هذه إشارة لرواية الجامي الحنفي، وأثبر يغني الطعن والطرد .

به ولهم من خوفه أوجه صفر*** وكم عبد الرحمن آل محمد

وفي نسبة السرداب هذا هو السر *** ففي شرف السرداب هذا الذي أتی

توارى عن الأبصار إذ ناله الضر *** وما غاب في السرداب قط وإنما

لناناسباً هذا فقولته هذر *** ولا اتخذ السرداب برجا ومن يكن

ومنه على أقطارنا یعبق النثر *** بلى أمست الدنيا به مستديره

ومن نفعها لم يحرم البحر والبر *** فكان كمثل الشمس بالسحب حجبت

ففي البيت من أم القرى يطلع البدر(1) ***وإن زهر السرداب بالبدر برهه

ويعلن له بالطاعة العبد والحر*** يبايع ما بين المقام ورکنه

مقالة إخوان لنا لهم قدر *** فيا للأعاجيب التي من عجيبها

وعابوا بما لم يجر منا له ذكر *** لنانسبوا شيئا ولسنا نقوله

وأمسى مقيماً فيه ما بقي الدهر *** بأن غاب في السرداب صاحب عصرنا

بذلك لا يعروه خوف ولا ذعر *** ويخرج منه حين يأذن ربه

وهل ضم هذا القول من كتبنا سفر *** أبينوا لنا من قال منا بهذه

نسبتم وإن تأبوا فموعدنا الحشر (2)*** وإلا فأنتم ظالمون لنا بما

ص: 133


1- إشارة إلى أن الإمام يخرج في مكة ويبايع بين الركن والمقام.
2- راجع: إلزام الناصب لليزدي الحائري: 2/ 324، ديوان السيد رضا الهندي : 26.

دعوة الشيخ مهدي جعفر إلى أصحاب الفكر المهدوي

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجمع كلمة المسلمين على الحق والهدى،وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه والباطل باطل ويرزقنا اجتنابه.

الإنسان يجب أن يتوخى الحذر فإذا وجد حديثاً أو أثراً، خصوصا من رسول الله صلی الله علیه وآله الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، فلا ينكره للعصبية أوللجهل أو للعناد، وإنما يذعن له ويعترف بأن الذي جاء به رسول الله حق وسيتحقق حتما، فالمهدي هو الذي يخرج ويملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجوراً .

اللهم عجل فرجه وسهل مخرجه واجعلنا من أنصاره وأعوانه .

یا غائبا لم تغب عنا رعايته *** ولا يزال بعين اللطف يرعانا

قرب الفرج حتما ويجب أن نعد أنفسنا لاستقباله إن شاء الله، لأن أكثر العلامات تدل على أن الموعد قريب وللانتظار معنی وثواب الإنسان يستعد بنفسه وماله كأنه ينتظر ضيفا عزيزاً فلا تذهب وتنام بالبيت وإنما تهييء البيت والغداء لأنه يأتيكم بغتة، فلا تقول: إذا أتى أتوب وأستغفر وأعطي الحقوق الشرعية، فهذا ليس فيه فائدة، بل من الآن يجب أن يقوم الإنسان بواجباته الشرعية وإعطاء حقوق الناس وحق الله يقوم الإنسان من الطاعات والعبادات، يأمر بالمعروف حسب قدرته، وينهى عن المنكر حسب قدرته .

وإلا ليس معنى هذا أن الإمام يصلح الأمور ونحن نعمل ما نشاء إلى أن يأتي ويصلح الأمور، نحن يجب أن نهيىء الأمور أيضا، نحن يجب أن نكون في حال ترقب.

ص: 134

اللهم عجل فرجه، هذه الآلام التي تمر على المسلمين أملنا بالإمام الحجة المنتظر هو الذي يقضي على الظالمين وهو الذي يقطع دابر الظالمين وهو الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا ...

سقينا الردي من ظلم أعدائكم جهرا *** يا بن الهدی عجل إلينا فإننا

غياثاً لنا يا خير من وطأ الغبرا *** أغثنا رعاك الله إنك لم تزل

وسبطية والغر الميامين والزهرا *** فنقسم بالهادي عليك وصهره

شتات ووجه العدل أصبح مغبرا *** تحنن علينا وارفع الجور فالهدی

وطوعك ما في هذه الدار والأخرى *** اتهضمنا الأعداء وأنت إمامنا

أيا بن الهداة الغر منقد سموا قدرا *** فأندبه والدمع يسبق منطقي

غريبة ومنه القوم قد هشموا الصدرا *** أما أن آخذ الثأر للبسط إذ قضى

ص: 135

المهدي (عج) في أحاديث الإمام علي علیه السلام

روى الشيخ الصدوق في (إكمال الدين) بسنده عن أبي جعفر الثاني (الإمام محمد الجواد) عن آبائه عن أمير المؤمنين علیه السلام قال: للقائم منا غيبة . أمدها طويل، كأني بالشيعة يجولون جولان النعم في غيبته، يطلبون المرعي فلا يجدونه.

ألا: فمن ثبت منهم على دينه ولم يقس قلبه لطول أمد إمامه فهو معي في درجتي يوم القيامة، ثم قال: إن القائم منا إذا قام لم يكن لأحد في عنقه بيعة، فلذلك تخفى ولادته ويغيب شخصه.

وروى الصدوق أيضا عن الإمام الرضا عن آبائه عن أمير المؤمنين علیه السلام أنه قال - للحسين علیه السلام - : التاسع من ولدك يا حسين هو القائم بالحق، المظهر للدين، الباسط للعدل، قال الحسين علیه السلام : فقلت یا أمير المؤمنين وإن ذلك لكائن؟ ... فقال : إي والذي بعث محمدأ بالنبوة واصطفاه على جميع البرية، ولكن بعد غيبة وحيرة، لا يثبت فيها على دينه إلا المخلصون المباشرون لروح اليقين، الذين أخذ الله میثاقهم بولايتنا، وكتب في قلوبهم الإيمان، وأيدهم بروح منه.

وفي كتاب نهج البلاغة : قال علیه السلام : فانظروا أهل بیت نبیکم فلئن لبدوا فالبدوا وإن استنصروكم فانصروهم، فليفرجن الله الفتنة برجل منا أهل البيت، بابي ابن خيرة الإماء، لا يعطيهم إلا السيف هرجا هرجا موضوعاً على عاتقه ثمانية أشهر، حتى تقول قریش : لو كان هذا من ولد فاطمة لرحمنا .

ص: 136

وفي كتاب (ینابیع المودة) للقندوزي الحنفي ص 512 قال : خطب علي بعد انقضاء أمر النهروان، فذكر طرفاً من الملاحم، وقال : ذاك أمر الله ، وهو كائن، وقتاً مريحاً، فيا ابن خيرة الإماء متی تنظر؟ أبشر بنصر قريب من رب رحيم، فبأبي وأمي عدة قليلة أسماؤهم في الأرض مجهولة .

وفي (ينابيع المودة) أيضا (ص 467) عن مولانا أمير المؤمنین علیه السلام أنه قال : سيأتي الله بقوم يحبهم الله ويحبونه، ويملك من هو بينهم غریب، فهو المهدي، أحمر الوجه، بشعره صهوبة يملأ الأرض عدلا بلا صعوبة ، يعتزل في صغره من أمه وأبيه، ويكون عزيزاً في مرباه، فيملك بلاد المسلمين بأمان، ويصفو له الزمان، ويسمع كلامه، ويطيعه الشيوخ والفتيان، ويملأ الأرض عدلا كما ملئت جوراً، فعند ذلك كملت إمامته وتقررت خلافته، والله يبعث من في القبور فأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم، وتعمر الأرض وتصفو وتزهو بمهدیها، وتجري به أنهارها، وتعدم الفتن والغارات، ويكثر الخير والبركة .

وفي كتاب (منتخب الأثر) عن كتاب تذکرة الخواص، عن أمير المؤمنين علیه السلام في خطبة في مدح النبي والأئمة علیهم السلام قال : فنحن أنوار السماوات والأرض، وسفن النجاة، وفينا مکنون العلم، وإلينا مصير الأمور، ومنتهى النور، وغامض السّر، فليهنأ من استمسك بعروتنا وحشر على محبتنا .

وأيضا في كتاب (منتخب الأثر) عن (ينابيع المودة) للقندوزي الحنفي عن الإمام أمير المؤمنين علیه السلام : يظهر صاحب الراية المحمدية، والدولة الأحمدية،القائم بالسيف والحال الصادق في المقال، يمهد الأرض، ويحيي السنة والقرض.

وفي كتاب عقد الدرر: قال علي بن أبي طالب: إذا نادى مناد من

ص: 137

السماء : إن الحق في آل محمد. فعند ذلك يظهر المهدي على أفواه الناس يشربون ذكره، فلا يكون لهم ذكر غيره.

في كتاب (إكمال الدين) للشيخ الصدوق بإسناده عن أبي جعفر (الإمام محمد الباقر) عن أبيه عن جده علیهم السلام قال : قال أمير المؤمنين علیه السلام - وهو على المنبر -. يخرج رجل من ولدي في آخر الزمان، أبيض اللون، مشرب بالحمرة شبح البطن عريض الفخذين، عظیم مشاش المنكبين، بظهره شامتان : شامة على لون جلده، وشامة على شبه شامة النبي صلی الله علیه وآله.

له اسمان : إسم يخفی واسم يعلن: فأما الذي يخفي فأحمد، وأما الذي يعلن : محمد فإذا هو رأيته أضاء لها ما بين المشرق والمغرب، ويوضع يده على رؤوس العباد فلا يبقى مؤمن إلا صار قلبه أشد من زبر الحديد، وأعطاه الله قوة أربعين رجلا، ولا يبقى ميت من المؤمنين إلا دخلت عليه تلك الفرحة في قلبه وهو في قبره، وهم يتزاورون في قبورهم، يتباشرون بقيام القائم علیه السلام .

ص: 138

المهدي (عج) في أحاديث الإمام الحسين علیه السلام

لقد مر الإمام بظروف صعبة ومؤلمة جدا لكن مع كل هذه الصعوبات لم يترك الحديث عن المهدي (عج) فجاء عنه أحاديث تخبر عن المهدي إليكم بعضها.

يقول علیه السلام لعبد الله بن عمر :لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله عزّوجل ذلك اليوم حتى يخرج رجل من ولدي يملأها عدلاً وقسطا كما ملئت جوراً وظلماً .

ويقول علیه السلام - لرجل من همدان - قائم هذه الأمة هو التاسع من ولدي، وهو صاحب الغيبة، وهو الذي يقسم ميراثه وهو حي.

وفي كتاب (عِقد الدُرر) بسنده عن الحسين بن علي علیه السلام قال : لو قام المهدي لأنكره الناس، لأنه يرجع إليهم شاباً وهم يحسبونه شیخا كبيراً .

1- وروى الشيخ الصدوق في (إكمال الدين) بإسناده عن عبد الرحمن ابن سليط قال : قال الحسين بن علي بن أبي طالب علیه السلام : منا اثنا عشر مهدياً، أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وآخرهم التاسع من ولدي، وهو الإمام القائم بالحق، يحيي الله به الأرض بعد موتها، ويظهر به دين الحق على الدين كله ولو كره المشركون، له غيبة يرتد فيها أقوام، ويثبت فيها على الدين آخرون، فيؤدون ويقال لهم: «متى هذا الوعد إن کنتم صادقين».

أما إن الصابر - في غيبته - على الأذى والتكذيب بمنزلة المجاهدبالسيف بين يدي رسول الله صلی الله علیه وآله.

ص: 139

وروى الصدوق أيضا عن عيسى الخشاب قال: قلت للحسين بن علي علیه السلام : أنت صاحب هذا الأمر؟

قال : لا ... ولكن صاحب الأمر الطريد الشريد، الموتور بأبيه، المكني بعمه يضع سيفه على عاتقه ثمانية أشهر.

ص: 140

المهدي (عج) في أحاديث الإمام زين العابدين علیه السلام

لقد بشر الإمام زین العابدين بالمهدي في عدة مراحل وهي :

الأولى: في كربلاء بعد شهادة أبيه سيد الشهداء الإمام الحسين علیه السلام .

الثانية : في الكوفة، وفي مجلس عبيد الله بن زیاد، حين أمر ابن زیاد بقتل الإمام.

الثالثة : في الشام، لما عزم يزيد على قتله، وحتى أنه أمر أن يحفر قبرللإمام ليدفن فيه بعد تنفيذ حكم الإعدام عليه.

ولكن الله تعالى كفاه شرهم، ودفع عنه السوء، وحقظه من القتل؛ وفي يوم جمعة من تلك الأيام حضر يزيد بن معاوية ليؤم الناس في أداء صلاة الجمعة في الجامع الأموي بدمشق، وأمر يزيد خطيباً أن يتولى خطبة صلاة الجمعة، إذ إنه كان عارياً عن الثقافة الدينية، وبمعزل عن وعظ الناس وإرشادهم، ولكنه أعطى للخطيب رؤوس الأقلام التي تدور عليها الخطبة .

أمر يزيد الخطيب أن يمدح بني أمية وعلى رأسهم معاوية ويزيد، وأن يذكر آل رسول الله (صلوات الله عليهم) بكل سوء، ونفذ الخطيب المأجور هذه الخطّة القذرة.

كل هذا والإمام زین العابدین علیه السلام حاضر يسمع تلك الترهات والأباطيل، فينهض الإمام ليكسر أقفال الصمت، وليصرخ في وجه الخطيب صرخة يدوي صداها مسامع الجماهير المتجمهرة في الجامع الأموي لأداء صلاة الجمعة قائلا: «ويلك أيها الخاطب!! اشتريت مرضاة

ص: 141

المخلوق بسخط الخالق فتبوأ مقعدك من النار» ثم يستأذن الإمام زين العابدین علیه السلام من یزید ليأذن له ليرقى المنبر، وبعد محاولات كثيرة وإلحاح من الحاضرين أذن له يزيد مكرهاً، وصعد الإمام المنبر، وبعد مقدمات وكلمات في المواعظ جلب انتباه الحاضرين وملكقلوبهم ومشاعرهم: - في ضمن خطبته -:

«أيها الناس: أعطينا سنا، وفضلنا بسبع: أعطينا العلم، والحلم، والسماحة، والفصاحة، والشجاعة، والمحبة في قلوب المؤمنين؛ وفضلنا : بأن منا النبي المختار، ومنا الصديق، ومنا الطيار، وما أسد الله وأسد رسوله، وما سبطي هذه الأمة، ومنا مهذي هذه الأمة ... إلى آخر الخطبة».

1- في كتاب (إكمال الدين) : قال الإمام علي بن الحسین زین العابدين علیه السلام : القائم منا تخفى ولادته على الناس حتى يقولوا : لم يولد بعد، ليخرج حين يخرج وليس لأحد في عنقه بيعة.

2 - وأيضا في (إكمال الدين) عن أبي خالد الكابلي - وهو من أصحاب الإمام زین العابدین علیه السلام - .... قال أبو خالد: فقلت : يا بن رسول الله إن ذلك لكائن .

فقال: إي وربي، إن ذلك لمكتوب عندنا في الصحيفة التي فيها ذكر المحن التي تجري علينا بعد رسول الله صلی الله علیه وآله قال أبو خالد: فقلت یا بن رسول الله ثم يكون ماذا؟

قال علیه السلام : ثم تمتد الغيبة ولي الله عزّوجل الثاني عشر من أوصياء رسول الله صلی الله علیه وآله والأئمة بعده.

يا أبا خالد: إن أهل زمان غيبته، القائلين بإمامته، والمنتظرین ظهوره أفضل من أهل كل زمان، لأن الله تبارك وتعالى أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة، وجعلهم في

ص: 142

ذلك الزمان ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة، وجعلهم في ذلك الزمام بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله صلی الله علیه وآله بالسيف، أولئك المخلصون حقا، وشیعتنا صدقاً، والدعاة إلى الله عزّوجل سرا وجهراً.

3- وفي كتاب (إكمال الدين) بإسناده عن سعيد بن جبير قال : سمعت زین العابدين علي بن الحسين علیه السلام يقول:

في القائم منا سنن من الأنبياء، سنة من أبينا آدم علیه السلام وسنة من نوح، وسنة من إيراهيم، وسنة من موسى، وسنة من عيسى، وسنة من أيوب، وسنة من محمد صلوات الله عليهم.

فاما من إبراهيم : فخفاء الولادة واعتزال الناس .

واما من موسی: فالخوف والتقية .

واما من عیسی : فاختلاف الناس فيه .

وأما من أيوب: فالفرج بعد البلوي .

وأما من محمد صلی الله علیه وآله: فالخروج بالسيف.

ص: 143

المهدي (عج) في أحاديث الإمام الباقر علیه السلام

1- في كتاب (بحار الأنوار) نقلا عن كتاب (الغيبة) للنعماني بإسناده عن أبي حمزة الثمالي قال : كنت عند أبي جعفر محمد بن علي الباقر علیه السلام ذات يوم، فلما تفرق من كان عنده قال لي : يا أبا حمزة من المحتوم الذي حتمه الله قيام قائمنا، فمن شك فيما أقول لقي الله وهو به کافر، ثم قال : بأبي وأمي المسمى باسمي، والمكئى بکنيتي، السابع من بعدي، بأبي من يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجوراً، يا أبا حمزة من أدرکه فيسلم له ما سلم لمحمد وعلي فقد وجبت له الجنة، ومن لم يسلم فقد حرم الله عليه الجنة، ومأواه النار، وبئس مثوى الظالمين.

2 - وفي (إكمال الدين) للشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن أم هانئ الثقفية قالت: غدوت على سيدي محمد بن علي الباقر علیه السلام فقلت له: يا سيدي ! آية في كتاب الله عزّوجل عرضت بقلبي فأقلقتني وأسهرتني. قال: فاسألي يا أم هانیء... قالت: قلت: قول الله عزّوجل : «فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْکُنَّسِ (16) » [التكوير: 15 - 16] قال : نعم المسألة سألتني يا أم هانيء، هذا مولود في آخر الزمان، هو المهدي من هذه العترة، تكون له حيرة وغيبة يضل فيها أقوام، ويهتدي فيها أقوام، فيا طوبى لك إن أدركتيه، ويا طوبى لمن أدركه».

3- وأيضا في (إكمال الدين) عن أبي الجارود عن أبي جعفر الباقر علیه السلام قال : قال لي: يا أبا الجارود إذا دار الفلك وقال الناس : مات القائم أو هلك، بأي واد سلك، وقال الطالب : أتى يكون ذلك وقد بليت عظامه فعند ذلك فأرجوه، فإذا سمعتم به فأتوه ولو حبوا على الثلج.

ص: 144

المهدي (عج) في أحاديث الإمام الصادق علیه السلام

1- في كتاب (بحار الأنوار) نقلا عن كتاب (أمالي الصدوق) بإسناده عن ابن أبي عمير عمن سمع أبا عبد الله - الصادق - علیه السلام يقول:

لكل أناس دولة يرقبونها *** ودولتنا في آخر الدهر تظهر

2 - في كتاب (إكمال الدين) بإسناده عن صفوان بن مهران عن الإمام الصادق جعفر بن محمد علیه السلام أنه قال: من أقر بجميع الأئمة علیهم السلام وجحد یابن رسول الله فمن المهدي؟ من ولدك؟

قال علیه السلام : الخامس من ولد السابع، يغيب عنكم شخصه، ولا يحل لكم تسميته .

3- وأيضا في (إكمال الدين) عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله - الصادق - علیه السلام يقول: «إن سنن الأنبياء علیهم السلام وما وقع عليهم من الغيبات جارية - وفي نسخة: حادثة - في القائم منا أهل البيت، «حذوَ النعل بالنعل، والقذه بالقذه» .

قال أبو بصير : فقلت له : يا بن رسول الله ! ومن القائم منكم أهل البيت؟

فقال : يا أبا بصير هو الخامس من ولد ابني موسى، ذلك ابن سيدة الإماء، يغيب غيبة فيها المبطلون، ثم يظهره الله عزّوجل ، فيفتح عليه مشارق الأرض ومغاربها، وينزل روح الله عيسى ابن مريم علیه السلام فيصلي خلفه، وتشرق الأرض بنور ربها، ولا تبقى في الأرض بقعة عبد فيها غير الله عزّوجل إلا عبد الله فيها، ويكون الدين كله لله ولو كره المشركون.

ص: 145

المهدي (عج) في أحاديث الإمام الكاظم علیه السلام

1- في كتاب (إكمال الدين) بإسناده عن محمد بن زياد الأزدي، قال : سألت سيدي موسى بن جعفر - الكاظم - علیهم السلام عن قول الله عزّوجل :« وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً» [لقمان: 20]؟ فقال: النعمة الظاهرة : الإمام الظاهر، والباطنة : الإمام الغائب .

فقلت: ويكون في الأئمة من يغيب؟

قال: نعم، يغيب عن أبصار الناس شخصه، ولا يغيب عن قلوب المؤمنين ذكره، وهو الثاني عشر منا، يسهل الله له كل عسير، ويذلل له كل صعب،ويظهر له کنوز الأرض، ويقرب له كل بعيد، ويبير - أي يهلك - به كل جبار عنيد، ويهلك على يده كل شيطان مريد.

ذلك ابن سيدة الإماء الذي تخفى على الناس ولادته، ولا يحل لهم تسميته حتى يظهره الله عزّوجل فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جوراً وظلماً .

2 - وأيضا في (إكمال الدين) بإسناده عن يونس بن عبد الرحمن قال: دخلت على موسی بن جعفر - الكاظم - علیه السلام فقلت له : يا بن رسول الله أنت القائم بالحق؟

فقال : أنا القائم بالحق، ولكن القائم الذي يطهر الأرض من أعداء الله ويملأها عدلا كما ملئت جوراً هو الخامس من ولدي، له غيبة يطول أمدها خوفا على نفسه، يرتد فيها أقوام ويثبت فيها آخرون.

ص: 146

ثم قال علیه السلام : طوبى لشيعتنا المتمسكين بحبلنا - وفي نسخة: بحبنا - في غيبة قائمنا ، الثابتين على موالاتنا والبراءة من أعدائنا، أولئك منا ونحن منهم، قد رضوا بنا أئمة ورضينا بهم شيعة، وطوبى لهم، هم - والله - معنا في درجتينا يوم القيامة .

ص: 147

المهدي (عج) في أحاديث الإمام الرضا علیه السلام

فقال الإمام : يا دعبل.. الإمام بعدي : محمد ابني، وبعد محمد : ابنه علي، وبعد علي: ابنه الحسن، وبعد الحسن : ابنه الحجة القائم المنتظر في غيبته، المطاع في ظهوره، لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جوراً .

وأضاف علیه السلام قائلا :

وأما متى ... فإخبار عن الوقت، ولقد حدثني أبي عن أبيه عن آبائه عن علي علیه السلام : أن النبي صلی الله علیه وآله قيل له : يا رسول الله متى يخرج القائم من ذُرّيتك؟.

فقال : مثله مثل الساعة (القيامة) لا يجليها لوقتها إلا هو، ثقلت في السماوات والأرض، لا يأتيكم إلا بغتة.

وفي إكمال الدين عن أبي الصلت الهروي قال: قلت للرضا علیه السلام : ما علامة القائم منكم إذا خرج؟

فقال : علامته أن يكون شيخ السِن شابّ المَنظر، حتى أن الناظر إليه ليحسبه ابن أربعين سنة أو دونها، وإن من علاماته أن لا يهرم بمرور الأيام والليالي حتى يأتيه أجله.

ص: 148

المهدي (عج) في أحاديث الإمام الجواد علیه السلام

1- في كتاب (بحار الأنوار) ج 51 نقلا عن (إكمال الدين) بسنده عن السيد عبد العظيم الحسني قال: دخلت على سيدي محمد بن علي - الجواد - علیهماسلام وأنا أريد أن أسأله عن القاسم أهو المهدي أم غيره؟

فابتدأني - علیه السلام فقال: يا أبا القاسم إن القائم ما هو المهدي الذي يجب أن ينتظر في غيبته، ويطاع في ظهوره، وهو الثالث من ولدي .

والذي بعث محمداً صلی الله علیه وآله بالنبوة، وخصّنا بالإمامة إن لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جوراً وظلماً، وإن الله تبارك وتعالى يصلح له أمره في ليلة، كما أضلح أمر كليمه موسی علیه السلام إذ ذهب ليقتبس لأهله ناراً فرجع وهو رسول نبي.

ثم قال علیه السلام : أفضل أعمال شیعتنا انتظار الفرج.

2 - وفي (بحار الأنوار) أيضا عن عبد العظيم الحسني قال: قلت لمحمد ابن علي بن موسى علیهم السلام : إني لأرجو أن تكون القائم من أهل بيت محمد صلی الله علیه وآله الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جوراً وظلماً.

فقال علیه السلام : ما منا إلا وهو قائم بأمر الله ، وهاد إلى دين الله، ولكن القائم الذي يطهر الله عزّوجل به الأرض من أهل الكفر والجحود، ويملأها عدلاً وقسطاً : هو الذي تخفى عن الناس ولادته، ويغيب عنهم شخصه، ويحرم عليهم تسميته، وهو سمیُّ رسول الله وكنيته، وهو الذي تطوى له الأرض، ويذل له كل صعب ... إلى آخر الحديث .

ص: 149

المهدي (عج) في أحاديث أبيه الإمام الحسن العسكري علیه السلام

1 - في كتاب (بحار الأنوار) نقلا عن كتاب (الخرائج) بسنده عن عیسی بن صبيح قال: دخل الحسن العسكري علیه السلام الحبس، وكنت به عارفاً، فقال لي: لك خمس وستون سنة وشهر ويومان، وكان معي کتاب دعاء عليه تاريخ مولدي، وإني نظرت فيه فكان كما قال :

وقال علیه السلام : هل رزقت ولداً؟

فقلت : لا.. فقال : اللهم ارزقه ولدا يكون له عضداً، فنعم العضد الولد، ثم تمثل علیه السلام .

من كان ذا ولد يدرك ظلامته *** إن الذليل الذي ليست له عضد

قلت : ألك ولد؟ قال : علیه السلام إي والله سيكون لي ولد يملأ الأرض قسطاً، فأما الآن فلا - أي فليس لي ولد - ثم تمثل:

لعلك يوما إن تراني كأنما *** بني حوالي الأسود الوابد

فإن تميماً قبل أن يلد الحصا *** أقام زمانا وهو في الناس واحد

2- عن كتاب (إكمال الدين) : بسنده عن أحمد بن إسحاق قال : سمعت أبا محمد الحسن بن علي العسكري علیه السلام يقول: الحمد لله الذي لم يخرجني من الدنيا حتى أراني الخلف من بعدي، أشبه الناس برسول الله صلی الله علیه وآله خلقا وخلقا ، يحفظه الله تبارك وتعالى في غيبته، ثم يظهره فيملا الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جوراً وظلماً.

ص: 150

النص الوارد عن أمير المؤمنين علیه السلام

ا- في حديث عن الأصبغ بن نباتة قال: (أتيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام فوجدته متفكراً ينكت في الأرض، فقلت : يا أمير المؤمنين مالي أراك متفكراً تنكت الأرض أرغبت فيها؟ قال: لا والله ما رغبت فيها ولا في الدنيا يوما قط ولكن فكرت في مولود من ظهر الحادي عشر من ولدي، هو المهدي يملاها عدلا كما ملئت جوراً وظلماً، تكون له حيرة وغيبة، يضل فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون).

2- وعن أمير المؤمنين علیه السلام أنه ذكر القائم عجل الله تعالی فرجه الشريف فقال: (أما ليغيبن حتى يقول الجاهل: ما لله في آل محمد حاجة).

3- وعن أمير المؤمنين علیه السلام قال: (للقائم منا غيبة أمدها طويل كاني بالشيعة يجولون جولان النعم في غيبته، يطلبون المرعى فلا يجدونه، إلا من ثبت منهم على دينه ولم يقس قلبه لطول أمد غيبة إمامه فهو معي في درجتي يوم القيامة، ثم قال علیه السلام : إن القائم منا إذا قام لم يكن لأحد في عنقه بيعة فلذلك فخفي ولادته ويغيب شخصه).

ص: 151

النص الوارد عن فاطمة الزهراء عليهاالسلام

1 - عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال (دخلت على فاطمة علیهاالسلام وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء من ولدها فعددت اثني عشر آخرهم القائم ثلاثة منهم محمد، وأربعة منهم علي صلوات الله عليهم أجمعين). 2- وعن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صلی الله علیه وآله: أنا سید النبيين، وعلي بن أبي طالب سید الوصیین، وإن أوصيائي بعدي اثنا عشر أولهم علي بن أبي طالب، وآخرهم «القائم»).

3- وعن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: (دخلت على مولاتي فاطمة عليهاالسلام فإذا هي بصحيفة بيدها من درة بيضاء، فقرأت فإذا فيها : (أبو القاسم محمد بن عبد الله المصطفى، أمه آمنة بنت وهب، أبو الحسن علي ابن أبي طالب المرتضى، أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، أبو محمد بن علي البر. أبو عبد الله الحسين بن علي التقي، أمه فاطمة بنت محمد صلی الله علیه وآله، أبو محمد علي بن الحسين العدل، أمه شهربانوية بنت يزدجرد ابن شاهنشاه، أبو جعفر محمد بن علي الباقر، أمه أم عبد الله بنت الحسن بن علي بن أبي طالب، أبو عبد الله بن جعفر محمد الصادق، أمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر.

أبو إبراهيم موسی بن جعفر الثقة، أمه جارية اسمها نجمة، أبو جعفر محمد بن علي الزكي، أمه جارية اسمها خيزران، أبو الحسن علي بن محمد الأمين، أمه جارية اسمها سوسن أبو محمد الحسن بن علي الرفيق، أمه جارية اسمها سمانة وتكنى بأم الحسن، أبو القاسم محمد بن الحسن،

ص: 152

هو حجة الله تعالى على خلقه «القائم» أمه جارية اسمها نرجس صلوات الله عليهم أجمعين».

4 - وفي حديث آخر عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: (دخلت على فاطمة وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء، فعددت اثنی عشر اسماً آخرهم «القائم» ثلاثة منهم محمد، وأربعة منهم علي صلوات الله عليهم أجمعين).

ص: 153

النص الوارد عن الإمام الحسن علیه السلام

1- في حديث: (أما علمتم أنه ما منا أحد إلا ويقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه إلا «القائم» الذي يصلي روح الله عيسى ابن مريم علیه السلام خلفه ، فإن الله عزّوجل يخفي ولادته، ويغيب شخصه لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا أخرج، ذلك التاسع من ولد أخي الحسين ابن سيدة الإماء، يطيل الله عمره في غيبته، ثم يظهره بقدرته في صورة شاب دون أربعين سنة، ذلك ليعلم أن الله على كل شيء قدير).

ص: 154

النص الوارد عن الإمام الحسين علیه السلام

1- قال الإمام الحسين علیه السلام : (في التاسع من ولدي سنة من يوسف، وسنة من موسی بن عمران وهو قائمنا أهل البيت، يصلح الله تبارك وتعالی أمره في ليلة واحدة).

2 - وقال الحسين بن علي بن أبي طالب علیه السلام : (منا اثنا عشر مهدياً أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وآخرهم التاسع من ولدي، وهو الإمام «القائم» بالحق، يحيي الله به الأرض بعد موتها، ويظهر به دین الحق على الدين كله ولو كره المشركون، له غيبة يرتد فيها أقوام ويثبت فيها على الدين آخرون، فيؤذون ويقال لهم : «مَتَى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ» [يونس: 48] أما أن الصابر في غيبته على الأذى والتكذيب بمنزلة المجاهد بالسيف بين يدي رسول الله صلی الله علیه وآله).

ص: 155

النص الوارد عن الإمام زين العابدين علیه السلام

1- عن سعد بن جبير قال : سمعت سید العابدين علي بن الحسين علیه السلام يقول: (في «القائم» سنة من نوح وهو طول العمر).

2 - وقال علي بن الحسين سيد العابدین علیه السلام : («القائم» منا تخفی ولادته على الناس حتى يقولوا: لم يولد بعد، ليخرج حيث يخرج وليس لأحد في عنقه بيعة).

3- وعن الإمام زین العابدین علیه السلام: (إن «القائم» منا غیبتين إحداهما أطول من الأخرى، أما الأولى فستة أيام، أو ستة أشهر، أو ستة سنين، وأما الأخرى فيطول أمدها حتى يرجع عن هذا الأمر أكثر من يقول به فلا يثبت عليه إلا من قوي يقينه وصخت معرفته ولم يجد في نفسه حرجا مما قضينا، وسلم لنا أهل البيت).

ص: 156

النص الوارد عن الإمام الباقر علیه السلام

1- عن محمد بن مسلم الثقفي قال : سمعت أبا جعفر محمد بن على الباقر يقول: («القائم» منا منصور بالرعب، مؤيد بالنصر، تطوى له الأرض وتظهر له الكنوز، يبلغ سلطانه المشرق والمغرب، ويظهر الله عزّوجل به دینه على الدين كله ولو كره المشركون فلا يبقى في الأرض خراب إلا قد عمر، وينزل روح الله عيسى ابن مريم علیه السلام فيصلي خلفه، قال: قلت: يا بن رسول الله متى يخرج «قائمكم»؟ قال: إذا تشبه الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء، وركب ذوات الفروج السروج، وقبلت شهادات الزور، وردت شهادات العدول، واستخف الناس بالدماء وارتكاب الزنا وأكل الربا ... الحديث).

2 - وعن أبي أيوب المخزومي قال: ذكر أبو جعفر محمد بن علي الباقر سير الخلفاء الاثني عشر الراشدین (صلوات الله عليهم) فلما بلغ آخرهم قال : الثاني عشر الذي يصلي عیسی ابن مریم علیه السلام خلفه بسنته والقرآن الكريم .

ص: 157

النص الوارد عن الإمام الصادق علیه السلام

1 - الصادق جعفر بن محمد علیه السلام قال: «أما والله ليغيبن عنكم مهدیكم حتى يقول الجاهل منكم: ما الله في آل محمد حاجة، ثم يقبل كالشهاب الثاقب فيملأها عدلا وقسطا كما ملئت جوراً وظلماً».

2 - وعن السيد ابن محمد الحميري - في حديث طويل - يقول فيه:« قلت للصادق جعفر بن محمد علیه السلام : يا بن رسول الله قد روي لنا أخبار عن آبائك في الغيبة وصحة كونها فأخبرني بمن تقع؟ فقال علیه السلام : إن الغيبة ستقع بالسادس من ولدي، وهو الثاني عشر من الأئمة الهداة بعد رسول الله صلی الله علیه وآله، أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وآخرهم «القائم» بالحق، بقية الله في الأرض، وصاحب الزمان والله لو بقي في غيبته ما بقي نوح في قومه لم يخرج من الدنيا حتى يظهر فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جوراً وظلماً».

3- وعن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله علیه السلام يقول: إن سنن الأنبياء بما وقع بهم من الغيبات حادثة في « القائم» منا أهل البيت حذو النعل والقذة بالقذة.

4 - قال أبو بصير : فقلت: يا بن رسول الله ومن «القائم» منكم أهل البيت؟ فقال : يا أبا بصير هو الخامس من ولد ابني موسى، ذلك ابن سيدة الإماء، يغيب غيبة يرتاب فيها المبطلون، ثم يظهره الله عزّوجل فيفتح الله على يده مشارق الأرض ومغاربها، وينزل روح الله عيسى ابن مريم علیه السلام فيصلي خلفه وتشرق الأرض بنور ربها، ولا يبقى في الأرض بقعة عبد فيها غير الله عزّوجل إلا عبد الله فيها، ويكون الدين كله لله ولو كره المشركون.

ص: 158

النص الوارد عن الإمام الكاظم علیه السلام

1- عن علي بن جعفر علیه السلام ، عن أخيه موسی بن جعفر علیه السلام قال : (إذا فقد الخامس من ولد السابع فالله الله في أديانكم لا يزيلنكم أحد عنها ، يا بني : إنه لا بد لصاحب هذا الأمر من غيبة حتى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به ، إنما هي محنة من الله عزّوجل امتحن بها خلقه ، ولو علم آباؤكم وأجدادكم دينا أصح من هذا لاتبعوه.

فقلت : يا سيدي وما الخامس من ولد السابع؟ فقال : يا بني عقولكم تضعف عن ذلك وأحلامكم تضعف عن حمله ولكن إن تعيشوا فسوف تدركونه).

2 - وعن يونس بن عبد الرحمن قال: (دخلت على موسی بن جعفر علیه السلام فقلت له: يا بن رسول الله أنت «القائم» بالحق؟ فقال : أنا «القائم» بالحق ولكن «القائم» الذي يطهر الأرض من أعداء الله عزّوجل ويملأها عدلا كما ملئت جوراً وظلماً هو الخامس من ولدي له غيبة يطول أمدها على نفسه، يرتد فيها أقوام ويثبت فيها آخرون.

3- ثم قال علیه السلام: طوبى لشيعتنا، المتمسكين بحبلنا في غيبة قائمنا، الثابتين على موالاتنا والبراءة من أعدائنا، أولئك، منا ونحن منهم، قد رضوا بنا أئمة، ورضينا بهم شيعة، فطوبى لهم طوبى لهم، وهم والله معنا في درجاتنا يوم القيامة).

ص: 159

النص الوارد عن الإمام الرضا علیه السلام

1- عن دعبل بن علي الخزاعي قال: أنشدت مولاي الرضا علي بن موسی علیه السلام قصيدتي التي أولها :

مدارس آیات خلت من تلاوة *** ومنزل وحي مقفز العرصات

فلما انتهيت إلى قولي :

خروج إمام لا محالة خارج *** يقوم على اسم الله والبركات

يميز فينا كل حق وباطل *** ويجزي على النعماء والنقمات

2 - بکی الرضا علیه السلام بكاء شديداً، ثم رفع رأسه إلي فقال لي : يا خزاعي نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين، فهل تدري من هذا الإمام ومتى يقوم؟ فقلت : لا يا مولاي إلا أني سمعت بخروج إمام منکم يطهر الأرض من الفساد ويملأها عدلا (كما ملئت جورا) فقال علیه السلام : يا دعبل الإمام بعدي محمد ابني، وبعد ابنه علي، وبعد علي ابنه الحسن، وبعد الحسن ابنه الحجة «القائم» المنتظر في غيبته، المطاع في ظهوره، لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله عزّوجل ذلك اليوم حتى يخرج فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جوراً .

3- وعن الريان بن الصلت قال: قلت للرضا علیه السلام : أنت صاحب هذا الأمر؟ فقال : أنا صاحب هذا الأمر ولكني لست بالذي أملاها عدلاً كما ملئت جوراً، وكيف أكون ذلك على ما ترى من ضعف بدني، وإن القائم هو الذي إذا خرج كان في سن الشيوخ ومنظر الشبان، قوياً في بدنه

ص: 160

حتى لو مد يده إلى أعظم شجرة على وجه الأرض لقلعها، ولو صاح بين الجبال لتدكدكت صخورها، يكون معه عصا موسى علیه السلام ، وخاتم سليمان علیه السلام . ذاك الرابع من ولدي، يغيبه الله في ستره ما شاء، ثم يظهره فيملأ به الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جوراً وظلماً .

ص: 161

النص الوارد عن الإمام الجواد علیه السلام

1- عن عبد العظيم بن عبد الله الحسين قال : (دخلت على سيدي محمد بن علي وأنا أريد أن أسأله عن

«القائم» منا هو المهدي أو غيره فابتدأني فقال لي : يا أبا القاسم إن «القائم» منا هو المهدي الذي يجب أن ينتظر في غيبته، ويطاع في ظهوره، وهو الثالث من ولدي، والذي بعث محمداً صلی الله عليه وآله وسلم بالنبوة وخصنا بالإمامة إنه لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جوراً وظلماً، وإن الله تبارك وتعالى ليصلح له أمره في ليلة، كما أصلح أمر كليمه موسی علیه السلام إذ ذهب ليقتبس لأهله ناراً فرجع وهو رسول نبي، ثم قال صلی الله علیه وآله : أفضل أعمال شیعتنا انتظار الفرج).

2 - وعن الصقر بن أبي دلف قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي الرضا علیه السلام يقول : إن الإمام بعدي ابني علي، أمره أمري، وقوله قولي، وطاعته طاعتي، والإمام بعده ابنه الحسن، أمره أمر أبيه، وقوله قول أبيه ، وطاعته طاعة أبيه، ثم سكت، فقلت له: يا بن رسول الله فمن الإمام بعد الحسن؟ فبكي علیه السلام بكاء شديداً ، ثم قال : إن من بعد الحسن ابنه «القائم» بالحق المنتظر. فقلت له: يا بن رسول الله لم سمي «القائم» ؟ قال : لأنه يقوم بعد موت ذكره وارتداد أكثر القائلين بإمامته، فقلت له : ولم سمي المنتظر؟ قال : لأن له غيبة يكثر أيامها ويطول أمدها فينتظر خروجه المخلصون وينكره المرتابون ويستهزيء بذكره الجاحدون، ويكذب فيها الوقاتون، ويهلك فيها المستعجلون، وينجو فيها المسلمون.

ص: 162

النص الوارد عن الإمام الهادي علیه السلام

1- عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري قال : (سمعت أبا الحسن صاحب العسكري علیه السلام يقول: الخلف من بعدي ابني الحسن فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟ فقلت: ولم جعلني الله فداك؟ فقال: لأنكم لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه، قلت : فكيف نذكره؟ قال : الحجة من آل محمد صلی الله علیه وآله ).

ص: 163

النص الوارد عن الإمام العسكري علیه السلام

1- عن أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري قال: (دخلت على أبي محمد الحسن بن علي علیه السلام وأنا أريد أن أسأله عن الخلف من بعده، فقال لي مبتدئا : يا أحمد بن إسحاق إن الله تبارك وتعالى لم يخل الأرض منذ خلف آدم علیه السلام ولا يخليها إلى أن تقوم الساعة من حجة الله على خلقه، به يدفع البلاء عن أهل الأرض، وبه ينزل الغيث، وبه يخرج بركات الأرض. قال : فقلت له: يا بن رسول الله فمن الإمام والخليفة بعدك؟ فنهض علیه السلام مسرعاً فدخل إلى البيت، ثم خرج وعلى عاتقه غلام كأن وجهه القمر ليلة البدر من أبناء الثلاث سنين، فقال : يا أحمد بن إسحاق لولا كرامتك على الله عزّوجل وعلى حججه ما عرضت عليك ابني هذا، إنه سمي رسول الله صلی الله علیه وآله وكنيه، الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جوراً وظلماً).

ص: 164

روايات عن طريق أهل السنة

1- وقد روى أهل السنة روايات كثيرة جدا، في الإمام المهدي (عج) منها :

ما رواه مسلم في صحيحه عن جابر أنه قال : سمعت النبي صلی الله علیه وآله، يقول :( لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة، قال : فينزل عيسى ابن مريم علیه السلام ، فيقول أميرهم: تعال صل لنا، فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمه من الله لهذه الأمة). ومثله في مسند أحمد.

2- ومنها : ما رواه البخاري ومسلم وأحمد في صحاحهم عن رسول الله صلی الله علیه وآله قال : (كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم).

والمراد بكون الإمام منهم الإمام المهدي علیه السلام .

3- وعن عبد الله بن مسعود کما رواه أبو داود عن النبي صلی الله علیه وآله، قال :( لو لم يبق من الدنيا إلا يوم، لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله فيه رجلا مني أو من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجوراً).

(لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي).

4 - وفي رواية (لا تنقصني الدنيا).

5- وفي رواية أبي هريرة أنه صلی الله علیه وآله قال: «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله عزّوجل كل ذلك اليوم حتى يأتي رجل من أهل بيتي يواطيء اسمه اسمي» .

ص: 165

6- وفي سنن أبي داود عن علي علیه السلام عن النبي صلی الله علیه وآله: «لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملأها عدلا كما ملئت جوراً».

7- وفي سنن أبي داود أيضا عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله صلی الله علیه وآله يقول: «المهدي من عترتي من ولد فاطمة».

8- وفي سنن ابن ماجه عن سعيد بن المسيب قال: كنا عند أم سلمة فتذاكرنا المهدي علیه السلام فقالت: سمعت رسول الله صلی الله علیه وآله يقول: (المهدي من ولد فاطمة).

9- وفي رواية أبي داود أيضا، قال رسول الله صلی الله علیه وآله: «المهدي مني، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جوراً وظلماً يملك سبع سنين».

10 - وفي رواية أخرى للترمذي عن أبي سعيد الخدري أنه قال: «خشينا أن يكون بعد نبينا حدث، فسألنا نبي الله صلی الله علیه وآله فقال إن في أمتي المهدي».

11 - والترمذي في سننه بسنده عن عبد الله قال : « بينما نحن عند رسول الله صلی الله علیه وآله إذ أقبل فتية من بني هاشم، فلما رآهم النبي صلی الله علیه وآله اغرورقت عيناه وتغير لونه ، قال فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئا نكرهه، فقال: إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريداً وتطريداً حتى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رایات سود فيسألون الخير فلا يعطونه فيقاتلون فينصرون فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملؤها قسطا كما ملؤوها جوراً فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج».

12 - وفي حديث آخر بسنده عن أبي سعيد الخدري : أن النبي صلی الله علیه وآله قال : «يكون في أمتي المهدي إن قصر فسبع وإلا فتسع فتنعم فيه أمتي نعمة لم ينعموا مثلها قط تؤتي أكلها ولا تدخر منهم شيئا والمال يومئذ كدوس فيقوم الرجل فيقول يا مهدي أعطني فيقول خذ».

ص: 166

13 - وفي حديث آخر بسنده عن ثوبان قال : قال رسول الله صلی الله علیه وآله :«... فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج فإنه خليفة الله المهدي» .

14 - وفي حديث آخر بسنده عن علي علیه السلام قال : قال رسول الله صلی الله علیه وآله: «المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة».

15 - وفي حديث آخر بسنده عن سعيد بن المسيب قال كنا عند أم سلمة فتذاكرنا المهدي، فقالت سمعت رسول الله صلی الله علیه وآله يقول : «المهدي من ولد فاطمة». .

16 - وفي حديث آخر بسنده عن أنس بن مالك قال سمعت رسول الله صلی الله علیه وآله يقول: «نحن ولد عبد المطلب سادة أهل الجنة أنا وحمزة وعلي وجعفر والحسن والحسين والمهدي».

17 - وفي مستدرك الصحیحین روی بسنده عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلی الله علیه وآله : «لا تقوم الساعة حتى تملأ الأرض ظلماً وجوراً وعدوانا، ثم يخرج من أهل بيتي من يملأها قسطا» ورواه أبو نعيم أيضا في حليته باختلاف يسير في اللفظ.

18 - وفي کنز العمال : قال عن علي علیه السلام أنه قال للنبي صلی الله علیه وآله: «أمنا آل محمد المهدي أم من غيرنا یا رسول الله؟ قال: بل منا، يختم الله به كما فتح بنا». الحديث.

قال: أخرجه نعیم بن حماد والطبراني وأبو نعيم والخطيب، وذكره الهيثمي أيضا في مجمعه بنحو أبسط فقال : وعن علي بن أبي طالب علیه السلام أنه قال: (أمنا المهدي أم من غيرنا یا رسول الله؟ قال: بل منا بنا يختم الله كما بنا فتح، وبنا يستنقذون من الشرك، وبنا يؤلف بين قلوبهم) الحديث .

قال : رواه الطبراني في الأوسط إلى غيرها وغيرها .

ص: 167

المهدي في أحاديث علماء السنة

1 - محمد بن طلحة الحلبي الشافعي في كتابه (مطالب السؤل في مناقب آل الرسول) قال: الباب الثاني عشر في أبي القاسم محمد بن الحسن ... المهدي المحجة الخلف الصالح المنتظر ... فأما مولده فسر من رأى ... إلى آخر كلامه .

وقال أيضا : المهدي هو ابن أبي محمد الحسن العسكري، ومولده بسامراء ... إلى آخر كلامه .

2 - محمد بن يوسف الكنجي الشافعي في كتابه (البيان في أخبار صاحب الزمان) ص 336 قال: إن المهدي ولد الحسن العسكري، فهو حي موجود، باق منذ غيبته إلى الآن.

3- محمد بن أحمد المالكي المعروف بابن الصباغ في (الفصول المهمة) ص 273 في الباب الثاني عشر قال : ولد أبو القاسم محمد الحجة ابن الحسن الخالص بسر من رأى في النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين للهجرة ... إلى آخر كلامه ...

4 - سبط ابن الجوزي الحنفي في كتابه (تذکرة الخواص) قال: وأولاده (أي وأولاد الإمام الحسن العسكري): محمد الإمام. ثم قال۔ تحت عنوان (فصل في ذكر الحجة المهدي) -: هو محمد بن الحسن بن علي ... وكنيته : أبو القاسم، وهو الخلف الحجة، صاحب الزمان، القائم، والمنتظر، وهو آخر الأئمة ... إلى آخر كلامه.

5- أحمد بن حجر في كتابه (الصواعق المحرقة) عند ذكره للإمام

ص: 168

الحسن العسكري قال : ولم يخلف غير ولده: أبي القاسم محمد الحجة، وعمره عند وفاة أبيه خمس سنين، أتاه الله الحكمة ... إلى آخر كلامه.

6- الشبراوي الشافعي في (الإتحاف بحب الأشراف) قال : الحادي عشر من الأئمة : الحسن الخالص ويُلقّب بالعسكري ... ويكفيه شرفا أن الإمام المهدي المنتظر من أولاده .. ثم قال : ولد الإمام محمد الحجة ابن الإمام الحسن الخالص بشر من رأى، ليلة النصف من شعبان سنة 255 ... إلى آخر كلامه.

7- عبد الوهاب الشعراني في (الیواقیت والجواهر) ذكر أشراط الساعة فقال : كخروج المهدي، ثم قال : وهو من أولاد الإمام حسن العسكري، ومولده ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، وهو باق إلى أن يجتمع بعيسى ابن مريم علیه السلام إلى آخر كلامه.

8- عبد الله بن محمد المطيري الشافعي (في الرياض الزاهرة) - بعد ذكر الأئمة والإمام العسكري - قال: إن ابنه الإمام الثاني عشر، اسمه: محمد القائم المهدي ... إلى آخر كلامه.

9 - سراج الدين الرفاعي في (صحاح الأخبار) قال: ... أما الإمام الحسن العسكري فأغقب صاحب السرداب، الحجة المنتظر، ولي الله ، الإمام المهدي.

10 - الأستاذ بهجت أفندي في (كتاب المحاكمة) قال - في ذكر ولادة الإمام المهدي علیه السلام - : ولد في الخامس عشر من شعبان سنة 255، وإن اسم أمه نرجس.. إلى آخر كلامه.

11 - الحافظ محمد بن محمد الحنفي النقشبندي في (فصل الخطاب) قال : وأبو محمد الحسن العسكري ولده م ح م د معلوم عند خاصة أصحابه، ثم ذكر ودلاته في النصف من شعبان سنة 255 على رواية السيدة حكيمة بنت الإمام الجواد علیه السلام .

ص: 169

12 - سليمان القندوزي الحنفي في كتابه (ینابیع المودة) ذکر ولادة الإمام المهدي علیه السلام كما هي مروية في كتب الشيعة عن السيدة حكيمة بنت الإمام الجواد علیه السلام ثم قال : الخبر المعلوم المحقق عند الثقات: إن ولادة القائم كانت ليلة الخامس عشر من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، في بلدة سامراء .

13 - الشبلنجي الشافعي في كتابه (نور الأبصار) قال: وكانت وفاة أبي محمد الحسن بن علي في يوم الجمعة لثمان خلون - أي مضين - من شهر ربيع الأول سنة ستين ومائتين، وخلف من الولد: محمداً : إلى آخر

كلامه .

14 - ابن خلكان في (وفيات الأعيان) قال : كانت ولادته يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، ولما توفي أبوه - وقد سبق ذكره - كان عمره خمس سنين، واسم أمه خَمط - وقيل نَرجِس.

15 - ابن الخشاب في كتابه (تاريخ مواليد الأئمة): الخلف الصالح من ولد أبي محمد الحسن بن علي، وهو صاحب الزمان، وهو المهدي.

16 - عبد الحق الدهلوي في رسالته في أحوال الأئمة قال : وأبو محمد الحسن العسكري ولده محمد معلوم عند خواص أصحابه وثقاته .... ثم قال: الخلف الصالح من ولد أبي محمد الحسن بن علي، وهو صاحب الزمان.

17 - محمد أمين البغدادي السويدي في كتابه (سبائك الذهب) قال: محمد المهدي، وكان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين... إلى آخر كلامه ...

18 - المؤرخ ابن الوردي قال في (تاريخه): ولد محمد بن الحسن الخالص سنة خمس وخمسين ومائتين .

ص: 170

هذه نبذة من المصادر غير الشيعية التي صرحت بولادة الإمام المهدي علیه السلام في النصف من شهر شعبان سنة 255، وصرّحت أنه ابن الإمام الحسن العسكري علیه السلام ولو أردنا جمع الأقوال في هذا الكتاب لطال الكلام إلى حد الملل والسأم.

ص: 171

أدلة أهل السنة والجماعة بوجوده الآن غائبا وأنه سيظهر

الأول : كمال الدين محمد ذكر في كتابه أبو القاسم (محمد) بن الحسن بن علي - إلى - علي بن أبي طالب، المهدي الحجة الخلف الصالح المنتظر.

الثاني : محمد بن يوسف الكنجي الشافعي في كتابة كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب علیه السلام بعد ذکر تاریخ ولادة أبي محمد ووفاته، وصف ابنه وهو الإمام المنتظر.

وفي كتابه البيان في أخبار صاحب الزمان بعد ذكر الأئمة من ولد علي علیه السلام : وخلف - يعني علي الهادي - من الولد أبا محمد الحسن ابنه ثم ذكر تاریخ ولادته ووفاته وقال : ابنه وهو الحجة الإمام المنتظر وكان قد أخفى مولده وستر أمره لصعوبة الوقت وخوف السلطان. والباب الرابع والعشرون في الدلالة على جواز بقاء المهدي مذ غيبته حياً إلى الآن وأنه لا امتناع في بقائه كبقاء عيسى ابن مريم والخضر وإلياس من أولياء الله وبقاء الأعور الدجال وإبليس اللعين من أعداء الله قد ثبت بقاؤهم بالكتاب والسنة، إلى أن يقول: وأما بقاء المهدي فقد جاء في الكتاب والسنة.

أما في الكتاب فقد قال سعيد بن جبير في تفسير قوله تعالى: «لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ»[التوبة : 33] قال : هو المهدي من ولد فاطمة.

أما من قال بأنه عيسى فلا تنافي بين القولين، إذا هو مساعد للمهدي على ما تقدم. إلى آخر كلامه الذي ذكرناه مفصلا في الفرع الثاني من الغصن الرابع في ذكر المعمرين.

ص: 172

الثالث: سبط ابن الجوزي شمس الدين يوسف بن قزعلي بن عبد الله البغدادي الحنفي سبط العالم الواعظ أبي الفرج عبد الرحمن بن جوزي في آخر كتابه المرسوم بتذکرة الخواص بعد ترجمة العسكري ذكر أولاده منهم محمد الإمام ابن الحسن بن علي - إلى - علي بن أبي طالب، وكنيته أبو عبد الله وأبو القاسم وهو الخلف الحجة صاحب الزمان القائم والمنتظر والتالي وهو آخر الأئمة.

الرابع : الشيخ الأكبر محيي الدين بن العربي في الفتوحات: لا بد من خروج المهدي علیه السلام لكنه لا يخرج حتى تمتلئ الأرض جوراً وظلماً فيملأها قسطا وعدلا ، ولو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد طول الله ذلك اليوم حتى يلي ذلك الخليفة، وهو من عترة رسول الله صلی الله علیه وآله من ولد فاطمة جده الحسين بن علي ووالده الحسن العسكري ابن الإمام علي النقي إلى أن يقول: يضع الجزية على الكفار ويدعو إلى الله بالسيف ويرفع المذاهب عن الأرض فلا يبقى إلا الدين الخالص، أعداؤه مقلدة العلماء، أهل الاجتهاد، لما يرونه يحكم بخلاف ما ذهب إليه أئمتهم فيدخلون کرها تحت حكمه خوفا من سيفه إلى أن يقول: ولولا أن السيف بيده لأفتى الفقهاء بقتله ولكن الله يظهره بالسيف والكرم، إلى آخر كلامه [وقد] ذكرنا في الفرع الثالث من الغصن السابع في أخبار أهل العرفان والحساب والكهنة بظهوره وعلائمه تمام کلماته .

الخامس: الشيخ العارف عبد الوهاب بن علي بن أحمد بن علي الشعراني في كتابه المسمى باليواقيت في بيان أن جميع أشراط الساعة التي أخبرنا بها الشارع حق لا بد أن تقع كلها قبل قيام الساعة وذلك كخروج

المهدي علیه السلام ثم الدجال ثم نزول عيسى، إلى أن قال: إلى انتهاء الألف : ثم أخذ في ابتداء الاضمحلال إلى أن يصير الدين غريبا كما بدیء، وذلك الاضمحلال يكون بدايته من مضي ثلاثين سنة من القرن الحادي عشر فهناك

ص: 173

يترقب خروج المهدي وهو من أولاد الإمام الحسن العسكري علیه السلام ، ومولده علیه السلام ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، وهو باق إلى أن يجتمع بعيسى ابن مريم فيكون عمره إلی وقتنا هذا وهو سنة ثمان وخمسين وتسعمائة وسبعمائة وثلاث سنين .

السادس : نور الدين علي بن محمد بن صباغ المالكي في الفصول المهمة : أبو القاسم الحجة الخلف الصالح ابن أبي محمد الحسن الخالص إلى أن يقول: إن له غيبتين إحداهما أطول من الأخرى ويجب التمسك بالآيات والأخبار.

السابع : شهاب الدين المعروف بملك العلماء شمس الدين بن عمر الهندي صاحب تفسير البحر المواج في كتابه الموسوم به «هداية السعداء» عن جابر بن عبد الله دخلت على فاطمة بنت رسول الله صلی الله علیه وآله ، وبين يديها ألواح فيها أسماء أئمة ولدها، إلى أن قال: أولهم زین العابدين - أي التسعة من ولد الحسين علیهم السلام - والثاني الإمام محمد الباقر، إلى أن قال : والتاسع الإمام حجة الله القائم الإمام المهدي ابنه، وهو غائب وله عمر طويل كما بين المؤمنين عيسى وإلياس وخضر وفي الكافرين الدجال والسامري .

الثامن : الشيخ العالم المحدث علي المتقي ابن حسام الدين ابن القاضي عبد الملك ابن قاضي خان القرشي، من كبار العلماء وقد مدحوه في التراجم في كتابه البرهان في علامات مهدي آخر الزمان عن أبي عبد الله الحسين بن علي علیهم السلام قال : لصالح هذا الأمر - يعني المهدي - غیبتان إحداهما تطول حتى يقول بعضهم: مات، وبعضهم ذهب لا يطلع على موضعه أحد من ولي.

وفي كتابه المرقاة في بيان الاثني عشر : محمد المهدي بن الحسن العسكري علیه السلام .

ص: 174

التاسع: العالم المعروف فضل بن روزبهان عند شرح قول العلامة في نهج الحق : المطلب في زوجته وأولاده إلى أن يقول: نعم ما قلت فيهم منظوماً :

سلام على المصطفى المجتبی *** سلام على السيد المرتضی

العاشر: عن عبد الله بن محمد المطري عن الإمام جمال الدين السيوطي في رسالة إحياء الميت بفضائل أهل البيت أن من ذرية الحسين بن علي المهدي علیه السلام المبعوث في آخر الزمان، إلى أن قال : الحادي عشر ابنه محمد القائم المهدي وقد سبق النص عليه في ملة الإسلام من النبي صلی الله علیه وآله ؛ وهو صاحب السيف القائم المنتظر، إلى آخر ما قال.

ص: 175

الدلائل على وجود المهدي من القرآن والعترة

الجزء الأول : الآيات الواردة التي تعتبر أدلة على وجود المهدي (عج) أدلة القرآن حول القائم وظهوره وبعض الآيات المؤولة في فصل آخر سيأتي بعد هذه الآيات

الآية الأولى : قوله عزّوجل : في سورة البقرة :«الم (1) ذَلِکَ الْکِتَابُ لَا رَیْبَ ۛ فِیهِ ۛ هُدًی لِّلْمُتَّقِینَ (2) الَّذِینَ یُؤْمِنُونَ بِالْغَیْبِ وَیُقِیمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ یُنفِقُونَ (3) » [البقرة: 1-3].

عن الصادق علیه السلام المتقون شيعة علي والغيب هو الحجة علیه السلام .

وشاهد ذلك قوله تعالى : «وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ ۖ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ»[يونس: 20]

عن رسول الله صلی الله علیه وآله : طوبى للصابرين في غيبته، طوبي للمقيمين على محبتهم أولئك من وصفهم الله في كتابه فقال تعالى : «الَّذِینَ یُؤْمِنُونَ بِالْغَیْبِ » [البقرة: 3] قال : أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم الغالبون .

الآية الثانية : قوله تعالى : «فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا » [البقرة: 148].

عن أبي عبد الله علیه السلام : يعني أصحاب القائم عجل الله فرجه الثلاثمائة والبضعة عشر، قال علیه السلام : هم والله الأمة المعدودة يجتمعون والله في ساعة واحدة قزع كقزع الخريف، فبايعوه بين الركن والمقام ومعه عهد من رسول الله صلی الله علیه وآله وقد توارثوا الأبناء من الآباء.

ص: 176

وفي ذيل هذه الآية نقل رحمه الله عن كتاب مسند فاطمة سلام الله عليها أسماء الأصحاب وبلدهم وعددهم وذكرناها في الفرع الرابع من الغصن السابع لا حاجة بذكرهم.

وفي غيبة النعماني : قال الصادق علیه السلام : نزلت الآية في القائم وأصحابه يجمعون على غير ميعاد.

في المجمع عنهم: إن المراد به أصحاب المهدي في آخر الزمان .

وعن الرضا علیه السلام : وذلك والله أن لو قام قائمنا يجمع الله جميع شیعتنا من جميع البلدان.

الآية الثالثة: آية أخرى جعلتها رابعة والرابعة خامسة وهكذا قوله تعالى: «وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ » [البقرة : 124].

في الخصال عن مفضل بن عمر عن الصادق علیه السلام قال: سألته عن قول الله عزّوجل :«وَإِذِ ابْتَلَی إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ » [البقرة: 124] ماهذه الكلمات؟ قال : هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه وهو أنه قال : يا رب أسألك بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علي، فتاب الله عليه إنه هو التواب الرحيم، فقلت : يابن رسول الله فما يعني عزّوجل بقوله : «فَأَتَمَّهُنَّ » [البقرة : 124]؟ قال : يعني فأتمهن إلى القائم اثنا عشر إماما تسعة من ولد الحسين. الحديث.

الآية الرابعة قوله تعالى : «مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ » [البقرة: 261].

في تفسير البرهان عن العياشي عن الفضل بن محمد الجعفي عن الصادق علیه السلام قال : الحبة فاطمة والسبعة السنابل سبعة من ولدها سابعها قائمهم ، قلت : الحسن، قال: إن الحسن إمام من الله مفترض الطاعة ولكن ليس من السنابل السبعة أولهم الحسين وآخرهم القائم .

ص: 177

الآيات الواردة فيه

قلت : قوله : « فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ» [البقرة: 261] فقال : يولد الرجل منهم في الكوفة مائة من صلبه وليس ذاك إلا هؤلاء السبعة. أقول: ينافي هذا الخبر من أن الحسين والتسعة من ولده عشرة وعاشرهم قائمهم: أن يحمل السبعة سبعة أسماء وهم حسين وعليون ثلاث ومحمدان اثنان وجعفر وموسى والحسن والقائم.

قوله تعالى: «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ» [البقرة : 155].

عن أبي عبد الله علیه السلام : لا بد وأن يكون قدام قيام القائم سنة يجوع فيها الناس ويصيبهم خوف شديد من القتل، ونقص من الأموال والأنفس والثمرات؛ وإن ذلك في كتاب الله لبين .

وعن أبي جعفر علیه السلام : الجوع جوع خاص وجوع عام، فأما العام فهو بالشام فإنه عام، وأما الخاص بالكوفة يخص ولا يعم ولكن يخص بالكوفة أعداء آل محمد فيهلكهم الله بالجوع، وأما الخوف فإنه عام بالشام وذلك الخوف إذا قام القائم وأما الجوع فقبل قيام القائم علیه السلام .

في الإكمال عن محمد بن مسلم سمعت أبا عبد الله علیه السلام : إن لقيام القائم علامات تكون من الله عزّوجل للمؤمنين، قلت: وما هي جعلني الله فداك؟ قال : قول الله عزّوجل : «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ» [البقرة : 155] يعني المؤمنين قبل خروج القائم «بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ» [البقرة : 155] قال : نبلوهم بشيء من «الْخَوْفِ» ملوك بني فلان

ص: 178

في آخر سلطانهم«وَالْجُوعِ» بغلاء أسعارهم «وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ» قال : كساد التجارات وقلة الفضل«وَالْأَنْفُسِ» قال: موت ذريع «نَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ » [الأعراف: 130] قلة ريع ما يزرع «وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ»[البقرة: 155] عند ذلك بخروج القائم.

الآية الرابعة : في أواخر سورة البقرة قوله تعالی : «مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ »[البقرة : 249]. في غيبة النعماني عن أبي عبد الله علیه السلام قال : إن أصحاب طالوت ابتلوا بالنهر الذي قال الله تعالی : «مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ » وإن أصحاب القائم علیه السلام يبتلون بمثل ذلك.

قوله تعالى في سورة آل عمران: «وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ» [آل عمران: 83].

عن أبي الحسن علیه السلام : أنزلت في القائم إذا خرج باليهود والنصاری والصابئين والزنادقة وأهل الردة والكفار في شرق الأرض وغربها فعرض علیه السلام عليهم الإسلام فمن أسلم طوعا أمره بالصلاة والزكاة وما يؤمر به المسلم ويوحد الله، ومن لم يسلم ضرب عنقه حتى لا يبقى في المشارق والمغارب أحد إلا وحد الله ، قلت: جعلت فداك إن الخلق أكثر من ذلك؟ فقال : إن الله إذا أراد أمرا قلل الكثير وكثر القليل .

قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» [آل عمران: 200]

عن الباقر علیه السلام : اصبروا على أداء الفرائض وصابروا عدوكم ورابطوا إمامكم المنتظر .

قال الله تعالى :«وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ» [آل عمران: 140].

في البحار عن أبي عبد الله علیه السلام : ما زال منذ خلق الله ، آدم دولة لله ودولة لإبليس فأين دولة الله؟ ما هو إلا قائم واحد.

ص: 179

قال الله تعالى في سورة النساء :«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا » [النساء: 47].

عن أبي جعفر علیه السلام لجابر الجعفي : الزم الأرض ولا تحرك يداً ولا رجلا حتى ترى علامات أذكرها لك وما أراك تدرك ذلك، ولكن حدث به بعدي إلى أن يقول: ولا يفلت منهم إلا ثلاثة نفر يحول الله وجوههم في أقفيتهم وهم من كلب، وفيهم نزلت هذه الآية :«یَا أَيُّهَا الَّذِينَ» [البقرة: 104] الخ.

قال الله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ » [النساء: 59].

عن جابر بن یزید الجعفي قال : سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري يقول : لما أنزل الله على نبيه محمد و«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» الخ قلت: يا رسول الله عرفنا الله ورسوله فمن أولي الأمر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك؟ فقال : هم خلفائي يا جابر وأئمة المسلمين من بعدي، أولهم علي بن أبي طالب ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي المعروف في التوراة بالباقر ستدرکه یا جابر فإذا لقيته فأقرأه مني السلام، ثم الصادق جعفر بن محمد ثم موسی بن جعفر ثم علي بن موسي ثم محمد ابن علي ثم علي بن محمد ثم الحسن بن علي ثم سميي وكنيي حجة الله في أرضه وبقيته في عباده ابن الحسن بن علي علیهم السلام ، ذاك الذي يفتح الله تعالی ذكره مشارق الأرض له، ذاك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلا من امتحن الله قلبه للإيمان.

قال جابر : قلت له: يا رسول الله فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته؟ فقال علیه السلام : إي والذي بعثني بالنبوة إنهم يستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن تجلاها سحاب، یا جابر هذا من مکنون سر الله ومخزون علمه فاكتمه إلا عن أهله .

ص: 180

قال الله تعالى: «وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا» [النساء: 69].

في الدمعة عن تفسير القمي عن الصادق علیه السلام : النبيين رسول الله والصديقين علي والشهداء الحسن والحسين والصالحين الأئمة «وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا» [النساء: 69] القائم من آل محمد.

قوله تعالى : «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ»[النساء: 77] إلى قوله تعالى :«لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ» [النساء: 77]

عن أبي جعفر علیه السلام قال : والله، الذي صنعه الحسن بن علي كان خيراً لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس، فوالله لقد نزلت هذه الآية :«أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ» إنما هي طاعة الإمام وطلب القتال فلما كتب عليهم القتال مع الحسين علیه السلام «وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ»[ النساء: 77]، «نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ » [إبراهيم: 44] أرادوا تأخير ذلك إلى القائم.

قوله تعالى: «وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا» [النساء: 159]

عن الباقر علیه السلام إن عيسى قبل القيامة ينزل إلى الدنيا فلا يبقى أهل ملة يهودي ولا غيره إلا من آمن قبل موته ويصلي خلف المهدي علیه السلام .

قوله تعالى في سورة المائدة : «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ » [المائدة: 3].

في البحار: يوم يقوم القائم يئس بنو أمية فهم الذين كفروا يئسوا من آل محمد صلی الله علیه وآله.

قال الله تعالى:«وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ » [المائدة: 14].

ص: 181

عن أبي عبد الله علیه السلام : لا تشتروا من السودان أحداً فإن كان ولا بد فمن النوبة فإنهم «وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ » [المائدة : 14] أنه ستذكرون ذلك الحظ وسيخرج مع القائم هنا عصابة منهم، ولا تنکحوا من الأكراد أحداً فإنهم جنس من الجن کشف عنهم الغطاء.

قوله تعالى :«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ »[المائدة : 54].

عن أبي عبد الله علیه السلام : إن صاحب هذا الأمر محفوظ له، لو ذهب الناس جميعا أتى الله بأصحابه وهم الذين قال الله : «أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ۚ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ» [الأنعام: 89] وهم الذين قال الله «فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ»[المائدة : 54].

قوله تعالى في الأنعام : «فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ»[الأنعام: 44] .

عن أبي جعفر علیه السلام : أما قوله :«فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ» [الأنعام: 44] يعني دولتهم في الدنيا وما بسط لهم فيها، وأما قوله : « حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ» [الأنعام: 44] يعني قيام القائم.

قوله تعالى : «أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ۚ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ» [الأنعام: 89.]

عن أبي عبد الله علیه السلام : أهل هذه الآية هم أهل تلك الآية أي قوله : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ» [المائدة: 54].

قوله تعالى:« هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ

ص: 182

آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ» [الأنعام: 158].

عن أبي عبد الله علیه السلام : الآيات الأئمة المنتظرة القائم فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل قيامة بالسيف وإن آمنت بما تقدمه من آبائه .

قوله تعالى في الأعراف :«المص»[الأعراف: 1].

في البحار والدمعة والمحجة عن أبي جعفر علیه السلام لأبي لبيد : إنه يملك من ولد العباس اثنا عشر يقتل بعد الثامن منهم أربعة فتصيب أحدهم الذبحة فتذبحه فئة قصيرة أعمارهم، قليلة مدتهم، خبيثة سيرتهم منهم الفويسق الملقب بالهادي والناطق والغاوي.

یا لبيد إن في حروف القرآن المقطعة لعلماً جماً، إن الله تعالى أنزل:

« الم (1) ذَلِکَ الْکِتَابُ» [البقرة: 1-2] فقام محمد حتى ظهر نوره وثبتت كلمته، وولد يوم ولد وقد مضى من الألف السابع مائة سنة وثلاث سنين، ثم قال: وتبيانه في كتاب الله في الحروف المقطعة إذا عددتها من غیر تکرار، وليس من الحروف المقطعة حرف لا ينقضي الأيام إلا وقائم من بني هاشم عند انقضائه ، ثم الألف واحد«واللام» ثلاثون «والميم» أربعون «والصاد» تسعون، فذلك مائة وإحدى وستون، ثم كان به وخروج الحسين بن علي« الم» [البقرة : 1] الله فلما بلغت مدته قام قائم ولد العابس من عند «المص» [الأعراف: 1] ويقوم قائمنا عند انقضائها . الآية التاسعة عشرة: قوله تعالى: «قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ۚ » [الأعراف: 32]، عن كتاب التحصين لابن فهد الحلي صاحب العدة في صفات العارفين في القطب الثالث منه عن كتاب زهد النبي صلی الله علیه وآله بإسناده عن عميرة بن نفيل قال : سمعت النبي صلی الله علیه وآله يقول: وأقبل على أسامة بن زيد فقال : يا أسامة، وساق الحديث إلى أن قال : ثم

ص: 183

بکی رسول الله صلی الله علیه وآله حتی علا بكاؤه واشتد نحيبه وزفيره وشهيقه، وهاب القوم أن يكلموه فظنوا أنه لأمر قد حدث من السماء، ثم إنه رفع رأسه فتنفس الصعداء ثم قال: أوه أوه، بؤسنا لهذه الأمة، ماذا يلقى منهم من أطاع الله ، ويضربون ويكذبون من أجل أنهم أطاعوا الله فأذلوهم بطاعة الله، ألا ولا تقوم الساعة حتى يبغض الناس من أطاع الله ويحبون من عصا الله .

الآية العشرون : قوله تعالی :

«قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا ۖ إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ» [الأعراف: 128].

الآية الواحدة والعشرون : قوله تعالى : «الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» [الأعراف: 157].

عن أبي جعفر علیه السلام قال :«الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ »[الأعراف: 157] يعني النبي والوصي والقائم علیهم السلام ، يأمرهم بالمعروف إذا قام وينهاهم عن المنكر، والمنكر من أنكر فضل الإمام وجحده «وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ» أخذ العلم من أهله « وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ» قول من خالف «وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ» وهي الذنوب التي كانوا يقولون مما لم يكونوا أمروا به من ترك فضل الإمام فلما عرفوا فضل الإمام «وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ» [الأعراف: 157]والإصر الذنوب ثم نسبهم فقال : «الَّذِينَ آمَنُوا » [البقرة : 14] يعني بالإمام «وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» [الأعراف: 157] يعني الذين اجتنبوا الجبت والطاغوت أن يعبدوها، والجبت والطاغوت

ص: 184

فلان وفلان وفلان، والعبادة طاعة الناس لهم، ثم قال:«وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ» [الزمر: 54] ثم جزاهم فقال : «لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ » [يونس: 64] والإمام يبشرهم بقيام القائم وبظهوره وبقتل أعدائهم وبالنجاة في الآخرة والورود على محمد الصادقين على

الحوض .

الآية الثانية والعشرون : قوله تعالى: «وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ» [الأعراف: 159].

عن المفضل بن عمر، قال أبو عبد الله علیه السلام ، إذا ظهر القائم من ظهر هذا البيت بعث الله معه سبعة وعشرين رجلا، منهم أربعة عشر رجلا من قوم موسی .

الآية الثالثة والعشرون : قوله تعالى في سورة الأنفال : «وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ۚ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» [الأنفال: 39].

عن أبي جعفر علیه السلام : لم يجيء تأويل هذه الآية، ولو قام قائمنا بعد سیری من يدرك ما يكون من تأويل هذه الآية ليبلغن دین محمد صلی الله علیه وآله ما بلغ الليل حتى لا يكون شرك على ظهر الأرض.

الآية الرابعة والعشرون : قوله تعالى :«إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ» [القلم: 15].

في البحار: يعني تكذيبه بقائم آل محمد، إذ يقول له: لسنا نعرفك ولست من ولد فاطمة كما قال المشركون لمحمد صلی الله علیه وآله.

الآية الخامسة والعشرون : قوله تعالى في سورة البراءة : «وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ» [التوبة: 3].

في البحار، قال: خروج القائم وأذان دعوته إلى نفسه .

الآية السادسة والعشرون : قوله تعالى : «هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ

ص: 185

بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ» [التوبة: 33 ]

عن أبي عبد الله علیه السلام : والله ما أنزل تأويلها حتى يخرج القائم، فإذا خرج القائم لم يبق كافر بالله ولا مشرك بالإمام إلا كره خروجه، حتى لو كان كافر في بطن صخرة قالت : يا مؤمن في بطني كافر فاکسرني واقتله.

الآية السابعة والعشرون : قوله تعالى : «وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ» [التوبة: 34].

في البحار والمحجة والمدمعة عن أبي عبد الله علیه السلام : موسع على شیعتنا أن ينفقوا مما في أيديهم بالمعروف، فإذا قام قائمنا حرم على كل ذي كنز کنزه حتى يأتيه فيستعين على عدوه، وهو قول الله عزّوجل لا في كتابه : «وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ» [التوبة: 34].

الآية الثامنة والعشرون: قوله تعالى : «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ » [التوبة: 36].

عن جابر الجعفي: سألت أبا جعفر علیه السلام عن تأويل قول الله عزّوجل : «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ »[التوبة: 36] قال : فتنفس سيدي الصعداء ثم قال علیه السلام : يا جابر أما السنة جدي رسول الله صلی الله علیه وآله وشهورها اثنا عشر شهرا فهو أمير المؤمنين علیه السلام وأبي وأنا وابني جعفر وابنه موسي وابنه علي وابنه محمد وابنه علي وإلى ابنه الحسن وإلى ابنه محمد الهادي المهدي اثنا عشر إماماً ، حجج الله على خلقه وأمناؤه على وحيه وعلمه.

والأربعة الحرم الذين هم الدين القيم أربعة منهم يخرجون باسم واحد

ص: 186

علي أمير المؤمنين وأبي علي بن الحسين وعلي بن موسی وعلي بن محمد، فالإقرار بهؤلاء هو الدين القيم «فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ» [التوبة: 36] أي قولوا بهم جميعا تهتدوا .

الآية التاسعة والعشرون : قوله تعالى : «وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً » [التوبة: 36].

عن أبي جعفر علیه السلام : قاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة حتى لا يكون شرك ويكون الدين كله لله ، فقال : ولم يجيء تأويل هذه الآية، ولو قد قام قائمنا بعد سیری من یدرکه ما یکون من تأويل هذه الآية، وليبلغن دین محمد ما بلغ الليل حتى لا يكون شرك على ظهر الأرض كما قال الله تعالی.

الآية الثلاثون: قوله تعالى في سورة يونس علیه السلام : «وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ ۖ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ» [يونس: 20].

الآية الحادية والثلاثون: «قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ» [يونس: 50].

في الدمعة عن أبي جعفر علیه السلام : فهو عذاب ينزل في آخر الزمان على فسقة أهل القبلة وهم يجحدون نزول العذاب عليهم.

الآية الثانية والثلاثون : «حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ۚ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» [يونس: 24].

عن الصادق علیه السلام : قال : نزلت في بني فلان ثلاث آیات : قوله عزّوجل :«حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ » [یونس: 24] الی « أَوْ نَهَارًا» يعني القائم بالسيد «فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ » [يونس: 24]. وقوله عزّوجل : «

ص: 187

«فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُکِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَیْهِمْ أَبْوَابَ کُلِّ شَیْءٍ حَتَّی إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ (44) فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِینَ ظَلَمُوا ۚ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ (45)»[الأنعام: 44 - 45] قال أبو عبد الله علیه السلام : بالسيف، وقوله عزّوجل : « فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ(12)لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ»:[الأنبياء: 12 - 13] يعني القائم يسأل بني فلان عن كنوز بني أمية .

الآية الثالثة والثلاثون: قوله تعالى : «قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ ۚ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ» [يونس: 35].

عن عبد الرحمن بن مسلمة الجريري قلت لأبي عبد الله علیه السلام : يوبخوننا ويكذبوننا أنا نقول: صيحتان يكونان، يقولون: من أين يعرف المحقة من المبطلة إذا كانتا؟ فما تردون عليهم؟ قلت : ما ترد عليهم شيئا، قال : قولوا يصدق بها إذا كان من يؤمن بها من قبل إن الله عزّوجل يقول :«مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ ۚ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ» [يونس: 35].

الآية الرابعة والثلاثون : قوله تعالى في سورة هود: «۞ مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ ۚ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ» [هود: 24]

الآية الخامسة والثلاثون : قوله تعالى: «قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ» [هود: 80].

عن أبي عبد الله علیه السلام قال: «قوة» القائم و«الركن الشديد» الثلاثمائة والثلاثة عشر أصحابه ، وقال علیه السلام : ما كان قول لوط علیه السلام لقومه : «قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ»[هود: 80] إلا تمنياً لقوة القائم، ولا الركن إلا شدة أصحابه فإن الرجل منهم يعطى قوة أربعين رجلا وإن قلبه

ص: 188

أشد من زبر الحديد، لو مروا بالجبال الحديد لتدكدکت، لا يكفون سيوفهم حتى يرضى الله عزّوجل .

الآية السادسة والثلاثون: «حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ ۖ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ»[يوسف: 110].

عن أبي عبد الله علیه السلام : جاء رجل إلى أمير المؤمنين علیه السلام فشكا إليه طول دولة الجور فقال له أمير المؤمنين علیه السلام : والله لا يكون ما تأملون حتى يهلك المبطلون ويضمحل الجاهلون ويأمن المتقون، وقليل ما يكون حتى لا يكون لأحدكم موضع قدمه، وحتى تكونوا على الناس أهون من الميتة عند صاحبها، فبينا أنتم كذلك «إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ» [النصر: 1] وهو قول ربي عزّوجل في كتابه : «حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا »[يوسف: 110].

الآية السابعة والثلاثون: في سورة إبراهيم علیه السلام قوله تعالى : «وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ» [إبراهيم: 5].

عن أبي جعفر علیه السلام يقول: أيام الله ثلاثة، يوم القائم ويوم الكرة ويوم القيامة .

الآية الثامنة والثلاثون : قوله تعالى: «وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ» [النساء: 77] «نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ ۗ» إبراهيم:44].

عن أبي جعفر علیه السلام : أرادوا تأخير ذلك إلى القائم.

الآية التاسعة والثلاثون: قوله تعالى : «وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ »[إبراهيم: 45].

عن غير واحد ممن حضر عند أبي عبد الله علیه السلام رجل يقول: قد بنيت دار صالح ودار عیسی بن علي وذكر دور العباسية، فقال رجل: أرانا الله

ص: 189

خرابها أو خربها بأيدينا، فقال له أبو عبد الله علیه السلام : لا تقل هكذا، بل یکون مساكن القائم وأصحابه، أما سمعت الله يقول : «وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ » [إبراهيم: 45].

الآية الأربعون : قوله تعالى : «وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ» [إبراهيم: 46].

عن أبي عبد الله علیه السلام : إن مكر بني العباس بالقائم لتزول منه قلوب الرجال.

الآية الحادية والأربعون : قوله تعالى في سورة الرعد: «شَدِيدُ الْمِحَالِ» [الرعد: 13].

في غيبة النعماني عن علي علیه السلام : إن بين يدي القائم سنین خداعة، يكذب فيها الصادق ويصدق فيها الكاذب، ويقرب فيها الماحل ويتعلق فيها الرويبضة، قلت : ما الرويبضة؟ وما الماحل؟ قال علیه السلام : أما تقرأون القرآن قوله : «وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ» [الرعد: 13] قال: قلت: وما الماحل؟ قال : يريد المكار الآية.

قوله تعالى: «أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ۚ وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ۚ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ» [الرعد: 41].

الآية الثانية والأربعون : قوله تعالى في سورة الحجر :«قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِی إِلَی یَوْمِ یُبْعَثُونَ (36) قَالَ فَإِنَّکَ مِنَ الْمُنظَرِینَ (37) إِلَی یَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (38) » [الحجر:36-38].

عن الصادق علیه السلام : أي وقت قيام قائمنا فيأخذ بناصيته ويضرب عنقه ، فذلك إلى يوم الوقت المعلوم.

الآية الثالثة والأربعون : قوله تعالى : «وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ» [الحجر: 87].

ص: 190

عن أبي عبد الله علیه السلام قال : إن ظاهرها الحمد وباطنها ولد المولد والسابع منها القائم علیه السلام .

الآية الرابعة والأربعون: من سورة النحل قوله تعالى: « أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ» [النحل: 1].

عن أبي عبد الله علیه السلام : إن أول من يبايع القائم علیه السلام جبرائيل، ينزل بصورة طير أبيض فيبايعه، ثم يضع رجلا على بيت الله الحرام ورجلا على بیت المقدس، ثم ينادي بصوت ذلق فيسمع الخلائق «أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ »[النحل : 1]

وفي غيبة النعماني عن الصادق علیه السلام قال : هو أمرنا أمر الله علیه السلام : فلا تستعجل به، يؤيده بثلاثة أجناد بالملائكة وبالمؤمنين وبالرعب، وخروجه كخروج رسول الله صلی الله علیه وآله، وذلك قوله عزّوجل : «كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ» [الأنفال: 5].

الآية الخامسة والأربعون : قوله تعالى : «وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ ۙ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ ۚ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ»[النحل : 38] .

الآية السادسة والأربعون : قوله تعالى : «أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ» [النحل: 45]

سئل أبو عبد الله عن قول الله هذه الآية، قال : هم أعداء الله وهم يمسخون ويقذفون ويسبحون في الأرض.

الآية السابعة والأربعون : قوله تعالى في سورة بني إسرائيل:«وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا» [ الإسراء: 4] «ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ » [الإسراء: 6] إلى قوله تعالى:

« وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا»[الإسراء: 6].

ص: 191

عن أبي عبد الله لي في هذه الآية: «ِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ » [الإسراء: 4] قال : قتل أمير المؤمنين علیه السلام وطعن الحسن بن علي «وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا» [الإسراء: 4] قال : قتل الحسين، والكرة الرجعة.

الآية الثامنة والأربعون : «عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا» [الإسراء: 8]

عن الصادق علیه السلام :«عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ» أن ينصركم على عدوكم ثم خاطب بني أمية فقال : «وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا» عني عدتم بالسفياني عدنا بالقائم من آل محمد صلی الله علیه وآله « وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا» [الإسراء: 8].

الآية التاسعة والأربعون : قوله تعالى:«وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا» [الإسراء: 33]

. سئل أبو عبد الله علیه السلام عن قوله تعالى: «وَمَنْ قَتَلَ » [النساء: 92] إلى « إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا» [الإسراء: 33] قال علیه السلام: ذلك قائم آل محمد صلوات الله عليه يخرج فيقتل بدم الحسين، فلو قتل أهل الأرض لم يكن مسرفاً وقوله : «فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ» [الإسراء: 33] أي لم يكن ليضيع شيئا فيكون مسرفاً، ثم قال أبو عبد الله علیه السلام : يقتل والله ذراري قتلة الحسين علیه السلام بفعال آبائهم.

الآية الخمسون : سورة بني إسرائيل قوله تعالى: «وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» [الإسراء: 81].

الآية الحادية والخمسون : قوله تعالى : «قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا ۚ حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا»[مریم: 75].

الآية الثانية والخمسون : قوله تعالى في سورة طه: «يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا» [طه: 110]

ص: 192

عن الصادق علیه السلام : قال : ما بين أيديهم ما مضى من أخبار الأنبياء، وما خلفهم من أخبار القائم.

الآية الثالثة والخمسون :«وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا» [طه: 115].

عن أبي جعفر علیه السلام قال: أخذ الله الميثاق على النبيين وقال : «أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى» [الأعراف: 172] وأن هذا محمدا رسولي، وأن علياً أمير المؤمنين والأوصياء من بعده ولاة أمري وخزان علمي، وأن المهدي انتصر به لديني وأظهر به دولتي فأنتقم به من أعدائي وأعبد به طوعا وكرها قالوا أقررنا ربنا وشهدنا ولم يجحد آدم ولم يقر فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة في المهدي ولم يكن لآدم عزيمة على الإقرار وهو قول الله تعالى : «وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا» [طه: 115].

الآية الرابعة والخمسون: «فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى»[طه: 135].

عن موسی بن جعفر علیه السلام : سألت أبي عن هذه الآية قال : الصراط هو القائم، والمهدي ومن اهتدى إلى طاعته، ومثلها في كتاب الله : «وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى» [طه: 82] قال : إلى ولايتنا.

وفي كثير من الروايات أنها في الأئمة وولايتهم.

الآية الخامسة والخمسون : قوله تعالى : «وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ» [الأنبياء: 11] إلى قوله : « لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ» [ الأنبياء: 13] إلى قوله تعالى : « خَامِدِينَ»[الأنبياء: 15].

عن أبي جعفر علیه السلام يقول في قول الله عزّوجل : « فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ(12)لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ» [الأنبياء: 12-13] قال : إذا قام القائم وبعث إلى بني أمية بالشام هربوا

ص: 193

إلى الروم فيقول لهم الروم: لا تدخلنكم حتى تنتصروا فيعلقون في أعناقهم الصلبان فيدخلونهم، فإذا نزل بحضرتهم أصحاب القائم طلبوا الأمان والصلح، فيقول أصحاب القائم علیه السلام : لا تفعل حتى تدفعوا إلينا من قبلكم، قال: فيدفعونهم إليهم فذلك قوله : «لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ» [الأنبياء: 13 ] قال : يسألونهم الكنوز ولهم علم بها، قال فيقولون: «قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ(14) فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ(15)» [الأنبياء: 14-15] بالسيف، وهو سعيد بن عبد الملك الأموي صاحب سعید بالرحبة .

الآية السادسة والخمسون : قوله تعالى :« وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ» [الأنبياء: 105].

عن الصادق علیه السلام : الكتب كلها ذكر الله : «أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ» [الأنبياء: 105] «أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ» قال : القائم علیه السلام وأصحابه .

وعن أبي جعفر علیه السلام : «أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ» هم أصحاب المهدي في آخر الزمان.

الآية في سورة الأنبياء: « أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ۚ أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ» [الأنبياء: 44].

الآية السابعة والخمسون : قوله تعالى في سورة الحج : «أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَی نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ» [الحج: 39] .

عن أبي جعفر علیه السلام : في القائم علیه السلام وأصحابه .

وعن الصادق علیه السلام : العامة يقولون نزلت في رسول الله لما أخرجته قریش من مكة، وإنما هو القائم علیه السلام إذا خرج يطلب بدم الحسين علیه السلام ، وهو قوله: نحن أولياؤكم في الدم وطلب الدية .

ص: 194

الآية الثامنة والخمسون : قوله تعالى: «الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ» [الحج: 41].

عن أبي جعفر عليه قال : هذه لآل محمد صلی الله علیه وآله ، المهدي وأصحابه يملكهم الله مشارق الأرض ومغاربها ويظهر الدين ويميت الله علیه السلام به وأصحابه البدع والباطل كما أمات السفهة الحق حتى لا يرى أثر من الظلم، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ولله عاقبة الأمور.

الآية التاسعة والخمسون : قوله تعالى: «وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ ۚ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ» [الحج: 47].

في البحار في باب النصوص من الله ومن آبائهم علیه السلام عن كعب الأحبار قال في الخفاء: هم اثنا عشر فإذا كان عند انقضائهم وأتى طبقة صالحة مد الله لهم في العمر، كذلك وعد الله هذه الأمة ثم قرأ: «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ » [النور: 55] قال : وكذلك فعل الله عزّوجل بني إسرائيل، وليس بعزيز أن يجمع هذه الأمة يوما أو نصف يوم «وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ» [الحج: 47]

الآية الستون : قوله تعالى: « ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ» [الحج: 60].

في تفسير علي بن إبراهيم هو رسول الله صلی الله علیه وآله أخرجته قریش من مكة وهرب منهم إلى الغار وطلبوه ليقتلوه فعاقبهم الله يوم بدر، فقتل عتبة وشيبة والوليد وأبا جهل وحنظلة بن أبي سفيان وغيرهم فلما قبض رسول الله صلی الله علیه وآله وطلب بدمائهم فقتل الحسين علیه السلام وآل محمد صلی الله علیه وآله بغياً وعدوانا.

الآية الحادية والستون : قوله تعالى في سورة المؤمنون: «فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ» [المؤمنون: 101].

ص: 195

عن أبي الحسن موسى علیه السلام : إن الله تبارك وتعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام ثم خلق الأبدان بعد ذلك، فما تعارف منها في السماء تعارف في الأرض وما تناكر منها في السماء تناكر في الأرض، فإذا قام القائم ورث الأخ في الدين ولم يورث الأخ في الولادة، وذلك قول الله عزّوجل في كتابه : «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ» [المؤمنون: 1] «فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ» [المؤمنون: 101].

الآية الثانية والستون : قوله تعالى في سورة النور:« اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ» [النور : 35] الی قوله تعالی :«يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ »[النور : 35]

الآية الثالثة والستون : قوله تعالى : « وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ» [النور: 55].

عن أبي عبد الله علیه السلام : نزلت في علي بن أبي طالب علیه السلام والأئمة من ولده «وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ»[ النور: 55] قال : عنى به ظهور القائم.

في كنز الواعظين للفاضل المحدث البرغاني عن غيبة النعماني عن الصادق علیه السلام : إذا كان ليلة الجمعة أهبط الرب تعالی ملائكة إلى سماء الدنيا، فإذا طلع الفجر نصب لمحمد وعلي والحسن والحسين منابر من نور عند البيت المعمور فيصعدون عليها ويجمع لهم الملائكة والنبيين والمؤمنين وتفتح أبواب السماء، فإذا زالت الشمس قال رسول الله : يا رب، میعادك الذي وعدت في كتابك وهو هذه الآية : «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ» [النور: 55] الخ.

ويقول الملائكة والنبيون مثل ذلك ، ثم يخر محمد وعلي والحسن والحسين سجدأ ثم يقولون: يا رب. اغضب فإنه قد هتك حريمك وقتل أوصياؤك وأذل عبادك الصالحون، فيفعل الله ما يشاء وذلك وقت معلوم

ص: 196

الآية الرابعة والستون: قوله تعالى: «بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا» [الفرقان : 11]. الآيات الواردة في القرآن عن الإمام المهدي (عج).

عن مفضل قلت لأبي عبد الله : ما قول الله في هذه الآية؟ قال: الليل اثنتا عشر ساعة والشهور اثنتا عشر شهراً والأئمة اثنا عشر إماماً والنقباء اثنا عشر نقيبا ، وإن علياً ساعة من اثنتي عشرة ساعة وهو قول الله عزّوجل : «بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا» [الفرقان : 11].

وعنه علیه السلام : إن الليل والنهار اثنتي عشر ساعة وإن علي بن أبي طالب أشرف ساعة من اثنتي عشرة ساعة وهو قوله تعالى: «بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ ۖ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا»

الآية الخامسة والستون : «الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ ۚ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا» [الفرقان : 26].

عن محمد بن الحسن عن علي بن أسباط قال : روى أصحابنا في قول الله «الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ » [الحج: 56] الخ، قال : الملك للرحمن اليوم وقبل اليوم وبعد اليوم، ولكن إذا قام القائم صلی الله علیه وآله لم يعبد إلا الله عزّوجل .

الآية السادسة والستون : قوله تعالى في سورة الشعراء : «إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ» [ الشعراء: 4].

عن عبد الله بن سنان قال : كنت عند أبي عبد الله علیه السلام فسمعت رجلا من همدان يقول: إن هؤلاء العامة يغيرون ويقولون : إنكم تزعمون أن منادياً ينادي باسم صاحب هذا الأمر، وكان متكئا فغضب وجلس، ثم قال: لا ترووه عني وارووه عن أبي، ولا حرج عليكم في ذلك، أشهد أني سمعت أبي يقول: والله إن ذلك في كتاب الله عزّوجل ؛ لبين حيث يقول:«إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ» [الشعراء: 4] فلا يبقى في الأرض يومئذ إلا خضع وذلت رقبته، فيؤمن أهل الأرض إذا سمعوا

ص: 197

الصوت من السماء، ألا إن الحق في علي بن أبي طالب علیه السلام وشیعته، قال: فإذا كان من الغد صعد إبليس في الهواء حتى يتوارى عن أهل الأرض ثم ينادي ألا إن الحق في عثمان بن عفان فإنه قتل مظلوماً فاطلبوا بدمه، قال : «يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ۚ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ» [إبراهيم: 27] على الحق وهو النداء الأول، ويرتاب يومئذ الذين في قلوبهم مرض، والمرض والله عداوتنا، فعند ذلك يتبرؤون منا ويتناولوننا ويقولون :«وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ» [القمر: 2].

الآية السابعة والستون : قوله تعالى : «أَفَرَأَیْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِینَ (205) ثُمَّ جَاءَهُم مَّا کَانُوا یُوعَدُونَ (206) » [الشعراء: 205 - 206]

عن أبي عبد الله علیه السلام قال: في هذه الأمة خروج القائم علیه السلام : «مَا أَغْنَی عَنْهُم مَّا کَانُوا یُمَتَّعُونَ (207) » [الشعراء : 207] قال : هم بنو أمية الذين متعوا بدنياهم.

الآية الثامنة والستون : قوله تعالى: «وَسَیَعْلَمُ الَّذِینَ ظَلَمُوا أَیَّ مُنقَلَبٍ یَنقَلِبُونَ » [الشعراء: 227].

عن النبي صلی الله علیه وآله: من أحب أن يتمسك بديني ويركب سفينة النجاة بعدي فليقتد بعلي بن أبي طالب وليعاد عدوه وليوال وليه ، فإنه خليفتي ووصيي على أمتي في حياتي وبعد وفاتي، وهو أمير كل مسلم وأمير كل مؤمن بعدي، قوله قولي وأمره أمري ونهيه نهيي وتابعه تابعي وناصره ناصري وخاذله خاذلي، ثم قال صلی الله علیه وآله : من فارق علياً بعدي لم يرني ولم أره يوم القيامة، ومن خالف علياً حرم الله عليه الجنة وجعل مأواه النار، ومن خذل علياً خذله الله يوم يعرض عليه، ومن نصر علياً نصره الله يوم يلقاه ولقاه حجته عند المنازلة .

ثم قال صلی الله علیه وآله : الحسن والحسين إماما أمتي بعد أبيهما وسيدا شباب

ص: 198

أهل الجنة، وأمهما سيدة نساء العالمين، وأبوهما سيد الوصيين، وولد الحسين علیه السلام تسعة أئمة، تاسعهم القائم علیه السلام من ولدي، طاعتهم طاعتي ومعصيتهم معصيتي، إلى الله أشكو المنکرین لفضلهم والمضيعين لحقهم بعدي وكفى بالله ولياً وكفى بالله نصيراً لعترتي وأئمة أمتي ومنتقما من الجاحدين لحقهم «وَسَیَعْلَمُ الَّذِینَ ظَلَمُوا أَیَّ مُنقَلَبٍ یَنقَلِبُونَ » [الشعراء: 227].

الآية التاسعة والستون : قوله تعالى في سورة النمل : «أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ » [النمل: 62] أول المضطر بالمهدي.

عن أبي عبد الله علیه السلام قال: إن القائم علیه السلام إذا خرج المسجد الحرام فيستقبل القبلة ويجعل ظهره إلى المقام، ثم يصلي ركعتين، ثم يقوم فيقول : يا أيها الناس أنا أولى الناس بآدم، يا أيها الناس أنا أولى الناس بإبراهيم، يا أيها الناس أنا أولى الناس بإسماعيل، يا أيها الناس أنا أولى الناس بمحمد صلی الله علیه وآله ، ثم يرفع يديه إلى السماء ويدعو ويتضرع حتى يقع على وجهه وهو قول الله عزّوجل : «أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ» [النمل: 62].

الآية السبعون : قوله تعالى في سورة القصص: «وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ» [القصص: 5].

عن الباقر والصادق علیه السلام : إن فرعون وهامان ها هنا، هما شخصان من جبابرة قريش يحييهما الله تعالی عند قيام القائم علیه السلام من آل محمد. في آخر الزمان فينتقم منهما بما أسلفا.

والروايات في أن هذه الآية نزلت في الأئمة من آل محمد صلی الله علیه وآله كثيراً، ذکر جلها السيد الأجل المحدث البحراني في تفسير البرهان وغيره .

الآية الحادية والسبعون : قوله تعالى في سورة العنكبوت : «الم(1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2)» [العنكبوت: 1-2]

ص: 199

روی المفيد في الإرشاد عن أبي الحسن الرضا علیه السلام قال : لا يكون ما تعدون إليه أعناقكم حتى تميزوا وتمحصوا، فلا يبقى منكم إلا ندر ثم قرأ قوله : «الم(1) أَحَسِبَ النَّاسُ » [العنكبوت: 1-2].

الآية الثانية والسبعون : قوله تعالى :«وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ » [العنكبوت: 10] يعني القائم علیه السلام «لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ ۚ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ» [العنكبوت : 10].

الآية الثالثة والسبعون :قوله تعالی فی سورة الروم « الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِی أَدْنَی الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَیَغْلِبُونَ (3)» [الروم: 1-3] إلى قوله تعالى: «فِی بِضْعِ سِنِینَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ ۚ وَیَوْمَئِذٍ یَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ ۚ یَنصُرُ مَن یَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَزِیزُ الرَّحِیمُ (5)» [الروم:4-5].

عن أبي عبد الله علیه السلام حين سئل عن تفسير : «الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) » [الروم:1-2] قال علیه السلام : هم بنو أمية وإنما أنزلها الله عزّوجل : «الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) » بنو أمية «الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِی أَدْنَی الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَیَغْلِبُونَ (3) فِی بِضْعِ سِنِینَ ۗ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَیَوْمَئِذٍ یَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ »[الروم: 1-5] عند قيام القائم علیه السلام.

وعن علي علیه السلام قوله تعالى : « الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2)» [الروم: 1-2 ] فينا وفي بني أمية .

الآية الرابعة والسبعون : قوله تعالى : «وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ»[السجدة : 21].

عن أبي عبد الله علیه السلام : الأدني عذاب السفر والأكبر المهدي علیه السلام بالسيف في آخر الزمان.

الآية الخامسة والسبعون : قوله تعالى : «قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ» [السجدة: 29].

عن أبي عبد الله علیه السلام قال : يوم الفتح يوم تفتح الدنيا على

ص: 200

القائم عليه السلام ، لا ينفع أحداً تقرب بالإيمان ما لم يكن قبل ذلك مؤمنا وبعد هذا الفتح موقنا، فذلك الذي ينفعه إيمانه، ويعظم الله عنده قدره وشأنه، ویزخرف له يوم القيامة والبعث جنانه، وتحجب عنه نيرانه، وهذا أجر الموالين لأمير المؤمنين عليه السلام ولذريته الطيبين.

الآية السادسة والسبعون : في سورة لقمان: و«وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً » [لقمان: 20].

في الدمعة عن الكفاية عن محمد بن زیاد الأزدي قال: سألت سيدي موسی بن جعفر علیه السلام عن هذه الآية قال علیه السلام : النعمة الظاهرة الإمام الظاهر والباطنة الإمام الغائب، قال: فقلت له : فيكون في الأثمة من يغيب؟ قال : نعم يغيب عن أبصار الناس شخصه ولا يغيب عن قلوب المؤمنین ذكره، وهو الثاني عشر منا، يسهل الله تعالى له كل عسیر، ويذلل كل صعب، ويظهر له كنوز الأرض، ويقرب عليه كل بعيد.

الآية السابعة والسبعون : قوله تعالى في سورة الأحزاب: «سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ ۖ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا» [الأحزاب: 62].

في كنز البرغاني عن ابن أبي الحديد في شرح خطبة نهج البلاغة المشتملة على ذكر بني أمية ثم قال : ومنها فانظروا أهل بیت نبيكم، فإن لبدوا فالبدوا، وإن استنصروكم فانصروهم، ليفرجن الله برجل منا أهل البيت، بأبي ابن خيرة الإماء لا يعطيهم إلا السيف هرجا هرجا موضوعاً على عاتقه ثمانية حتى تقول قريش لو كان هذا من ولد فاطمة لرحمنا، يغريه الله ببني أمية حتى يجعلهم حطاماً ورفاتا «مَّلْعُونِینَ ۖ أَیْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِیلًا (61) سُنَّةَ اللَّهِ فِی الَّذِینَ خَلَوْا مِن قَبْلُ ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِیلًا (62) »[الأحزاب: 61-62]

ثم قال ابن أبي الحديد: فإن قيل : من هذا الرجل الموعود؟ قيل : أما الإمامية فيزعمون أنه إمامهم الثاني عشر وأنه ابن أمة اسمها نرجس، وأما

ص: 201

أصحابنا فيزعمون أنه فاطمي يولد في مستقبل الزمان لأم ولد وليس موجوداً الآن.

فإن قيل: فمن يكون من بني أمية في ذلك الوقت موجوداً حتى يقول علیه السلام في أمرهم ما قال من انتقام هذا الجل منهم؟

قال : أما الإمامية فيقولون بالرجعة ويزعمون أنه سيعاد قوم بأعيانهم من بني أمية وغيرهم إذا ظهر إمامهم المنتظر وأنه يقطع أيدي أقوام وأرجلهم ويسمل عيون بعضهم ويصلب قوما آخرين وينتقم من أعداء آل محمد صلی الله علیه وآله المتقدمين والمتأخرين إلى آخر كلامه.

الآية قوله تعالى في سورة الأحزاب: «يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ ۚ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا» [الأحزاب: 63] .

في تفسير مفتاح الجنان عن البحار عن المفضل عن الصادق علیه السلام هل للمأمول المنتظر المهدي من وقت مؤقت يعلمه الناس؟ فقال : حاش لله أن يؤقت ظهوره بوقت يعلمه شيعتنا، قلت: يا سيدي لم ذلك؟ قال : لأنه هو الساعة التي قال الله تعالى : «يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي ۖ لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ۚ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ » [الأعراف: 187]، وهو الساعة التي قال الله تعالى : «َیسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا » [الأعراف: 187] وقال :«وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ » [الزخرف: 85] ولم يقل إنها عند واحد، وقال: «فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً ۖ فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا » [محمد: 18] وقال :«اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ» [القمر: 1] وقال : «وَمَا یُدْرِیکَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِیبٌ (17) یَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِینَ لَا یُؤْمِنُونَ بِهَا ۖ وَالَّذِینَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَیَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ ۗ أَلَا إِنَّ الَّذِینَ یُمَارُونَ فِی السَّاعَةِ لَفِی ضَلَالٍ بَعِیدٍ (18) »[ الشوری: 17-18] قلت: فما معنى يمارون؟ قال: يقولون: متى ولد؟ ومن رأى؟ وأين يكون؟ ومتى يظهر؟ كل ذلك استعجالا لأمر الله وشكا في قضائه . الخبر .

ص: 202

وعن الكافي مسنداً عن الصادق علیه السلام في حديث : أما قوله : «حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ» [مريم: 75] فهو خروج القائم علیه السلام وهو الساعة، فسيعلمون ذلك اليوم وما نزل بهم من الله على يدي قائمه - الخبر -.

«قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ » [الأعراف: 187] لا يعلمها غيره «وَمَا يُدْرِيكَ» [الأحزاب: 63] يا محمد أي: أي شيء يعلمك عن الساعة متى يكون قيامها، أي أنت لا تعرفه، ثم قال: «لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا» [الأحزاب: 63] أي قريب مجيئها .

قوله تعالی فی سورة سبا«وَجَعَلْنَا بَیْنَهُمْ وَبَیْنَ الْقُرَى الَّتِی بَارَکْنَا فِیهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِیهَا السَّیْرَ سِیرُوا فِیهَا لَیَالِیَ وَأَیَّامًا آمِنِینَ»[سبأ: 18].

عن محمد بن صالح الهمداني كتبت إلى صاحب الزمان: إن أهل بيتي يؤذونني ويقرعونني بالحديث الذي روي عن آبائك أنهم قالوا : خدامنا وقوامنا شرار خلق الله ، فكتب: ويحكم أما تقرؤون ما قال الله :«وَجَعَلْنَا بَیْنَهُمْ وَبَیْنَ الْقُرَى الَّتِی بَارَکْنَا فِیهَا قُرًى ظَاهِرَةً » [سبأ: 18] فنحن والله القرى التي بارك الله فيها وأنتم القرى الظاهرة .

الآية الثامنة والسبعون : قوله تعالى : «وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَکَانٍ قَرِیبٍ (51) وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَکَانٍ بَعِیدٍ (52)» [سبأ: 51-52] إلى آخر السورة .

عن أبي جعفر علیه السلام : يكون لصاحب هذا الأمر غيبة، وذكر حديثا طويلا يتضمن غيبة صاحب الأمر وظهوره إلى أن قال - فيدعو الناس - يعني القائم علیه السلام - إلى كتاب الله وسنة نبيه والولاية لعلي بن أبي طالب عليه السلام والبراءة من عدوه، ولا يستمر أحداً حتى ينتهي إلى البيداء فيخرج إليه جیش السفياني فيأمر الله الأرض فتأخذهم من تحت أقدامهم وهو قول الله تعالى: «وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَکَانٍ قَرِیبٍ (51) وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ » [سبأ: 51-52] يعني بقائم آل محمد «وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ »

ص: 203

[سبا: 53] يعني بقائم آل محمد صلی الله علیه واله إلى آخر السورة، فلا يبقى منهم إلا رجلان يقال[ لهما]: وتر ووتيرة من مراد، وجوههما في أقفيتهما يمشيان القهقرى فيخبران الناس بما فعل بأصحابهم. والحديث طويل اكتفينا بقدر الحاجة.

الآية في سورة يس : «وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ» [يس: 33].

عن كتاب الغيبة للسيد علي عن السجاد علیه السلام قال: يقتل القائم من أهل المدينة حتى ينتهي إلى الأجفر ويصيبهم مجاعة شديدة، قال علیه السلام : فيصبحون وقد نبتت لهم ثمرة يأكلون منها ويتزودون وهو قوله تعالى: «وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ» [يس: 33] الخبر .

الآية التاسعة والسبعون : قوله تعالى في سورة الصافات :«وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ» [الصافات: 83] .

سأل جابر بن یزید الجعفي جعفر بن محمد الصادق علیه السلام عن تفسير هذه الآية، فقال : إن الله سبحانه لما خلق إبراهيم کشف له عن بصره فنظر فرأى نوراً إلى جنب العرش فقال : إلهي ما هذا النور؟ فقيل له: هذا نور محمد صفوتي من خلقي، ورأی نورا إلى جنبه فقال : إلهي ما هذا النور؟ فقيل له : هذا نور علي بن أبي طالب عليه السلام ناصر دینی، ورأى إلى جنبهما ثلاثة أنوار فقال : إلهي وما هذه الأنوار؟ فقيل: هذه فاطمة فطمت محبيها من النار، ونور ولديها الحسن والحسين ، فقال : إلهي وأرى تسعة أنوار قد حفوا بهم؟ قيل: يا إبراهيم هؤلاء الأئمة من ولد علي وفاطمة، فقال إبراهيم: بحق هؤلاء إلا ما عرفتني من التسعة، فقال: يا إبراهيم أولهم علي بن الحسين وابنه محمد وابنه جعفر وابنه موسي وابنه علي وابنه محمد وابنه علي وابنه الحسن والحجة القائم ابنه .

ص: 204

فقال إبراهيم: إلهي وسيدي أرى أنواراً قد أحدقوا بهم لا يحصي عددهم إلا أنت؟ قيل: يا إبراهيم هؤلاء شيعتهم، شيعة أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام ، فقال إبراهيم: وبما تعرف شيعتهم؟ قال: بصلاة إحدى وخمسين والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم والقنوت قبل الركوع والتختم في اليمين، فعند ذلك قال إبراهيم: اللهم اجعلني من شيعة أمير المؤمنين، قال: فأخبر الله في كتابه فقال : « وَإِنَّ مِنْ شِیعَتِهِ لإبْرَاهِیمَ » [ الصافات : 83. ]

الآية الثمانون: قوله تعالى في سورة ص : «وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ» [ص: 88.]

عن أبي جعفر عليه السلام قال : عند خروج القائم.

الآية الحادية والثمانون : قوله تعالى في سورة الزمر : «وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا » [الزمر: 69].

عن مفضل عن أبي عبد الله علیه السلام : « رَبِّهَا» أي رب الأرض، أي إمام الأرض، قلت: فإذا خرج يكون ماذا؟ قال : إذن يستغني الناس عن ضوء الشمس ونور القمر ويحتفظون بنور الإمام.

وعنه علیه السلام : إن قائمنا إذا قام أشرقت الأرض بنور ربها واستغنى العباد عن ضوء الشمس وصار الليل والنهار واحداً وعاش الرجل في زمانه ألف سنة، يولد له كل سنة غلام لا يولد له جارية، يكسوه الثوب فيطول عليه كلما طال، ويكون عليه أي لون شاء

الآية الثانية والثمانون: قوله تعالى في سورة حم السجدة :«وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى» [فصلت : 17].

عن أبي عبد الله علیه السلام قال: «كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا» [الشمس: 11] قال : ثمود رهط من الشيعة فإن الله سبحانه يقول : «وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا

ص: 205

الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ »

[فصلت:17] فهو السيف إذا قام القائم.

الآية الثالثة والثمانون :«سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ» [فصلت: 53].

عن أبي عبد الله علیه السلام قال : أي إنه القائم علیه السلام .

وسئل أبو جعفر علیه السلام عن تفسير قوله عزوجل : «سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا» إلى «أَنَّهُ الْحَقُّ » [البقرة : 26] فقال علیه السلام: يريهم الله في أنفسهم المسخ ويريهم في الآفاق انتفاض الآفاق عليهم، فيرون قدرة الله في أنفسهم وفي الآفاق، وقوله«حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ» [فصلت: 53] يعني بذلك خروج القائم وهو الحق من الله عزوجل ، يراه هذا الخلق لا بد منه .

الآية الرابعة والثمانون : قوله تعالى في سورة الشوری: «حم (1)عسق(2)» [الشورى: 1-2]

عن أبي جعفر علیه السلام قال: «حم (1) عسق(2)» عدد سني القائم و(ق) جبل محيط بالدنيا من زمرد أخضر، وخضرة السماء من ذلك الجبل وعلم كل شيء في «عسق(2)» [الشوری: 2]

وعنه علیه السلام : (حم) حتم وعين عذاب وسين سنون كسنين يوسف وق قذف ومسخ يكون في آخر الزمان بالسفياني وأصحابه ، وناس من كلب خال السفياني، وبنو كلب وبنو خالد ثلاثون ألفا يخرجون معه وذلك حين يخرج القائم بمكة، وهو مهدي هذه الأمة.

الآية الخامسة والثمانون: قوله تعالى: « وَمَنْ کَانَ یُرِیدُ حَرْثَ الدُّنْیَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِی الآخِرَةِ مِنْ نَصِیبٍ» [الشوری: 20].

في الصافي عن أبي عبد الله علیه السلام : ليس له في دولة الحق مع القائم نصيب.

ص: 206

الآية السادسة والثمانون : قوله تعالى: « یَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِینَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَیَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ» [الشوری : 18].

عن أبي عبد الله علیه السلام المفضل بن عمر : يا مفضل كيف يقرأ أهل العراق هذه الآية؟ قال: قلت: يا سيدي وأي آية؟ قال علیه السلام : قول الله تعالى : « یَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِینَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ » [الشوری : 18] فقلت: يا سيدي كذا تقرأ، فقال : كيف تقرأ؟ فقلت: « یَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِینَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَیَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ» [الشوری : 18] قال : ويحك أتدري ما هي؟ فقلت: الله ورسوله وابن رسوله أعلم، فقال علیه السلام : والله ما هي إلا قيام القائم، فكيف يستعجل به من لا يؤمن به؟ والله ما يستعجل به إلا المؤمنون ولكنهم حرفوها حسداً لكم، فاعلم ذلك يا مفضل. إلى آخر الحديث.

الآية السابعة والثمانون : «اللَّهُ لَطِیفٌ بِعِبَادِهِ یَرْزُقُ مَنْ یَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِیُّ الْعَزِیزُ (19) مَنْ کَانَ یُرِیدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِی حَرْثِهِ وَمَنْ کَانَ یُرِیدُ حَرْثَ الدُّنْیَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِی الآخِرَةِ مِنْ نَصِیبٍ (20)» [الشورى: 19-20].

عن أبي بصير قلت لأبي عبد الله علیه السلام قال : «اللَّهُ لَطِیفٌ بِعِبَادِهِ یَرْزُقُ مَنْ یَشَاءُ » [الشوری : 19] قال : ولاية أمير المؤمنین علیه السلام ، قلت :«مَنْ کَانَ یُرِیدُ حَرْثَ الآخِرَةِ» [الشورى: 20]، قال : معرفة أمير المؤمنين والأئمة،«نَزِدْ لَهُ فِی حَرْثِهِ» [الشوری: 20]، قال : نزيده فيها، قال : يستوفي نصيبه من دولتهم «مَنْ کَانَ یُرِیدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِی حَرْثِهِ وَمَنْ کَانَ یُرِیدُ حَرْثَ الدُّنْیَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِی الآخِرَةِ مِنْ نَصِیبٍ » [الشوری: 20] قال: ليس له في دولة الحق مع القائم علیه السلام نصیب . الآية الثامنة والثمانون : قوله تعالى :« وَلَوْلا کَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِیَ بَیْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِینَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِیمٌ» [الشوری : 21].

ص: 207

عن أبي جعفر علیه السلام : لولا ما تقدم فيهم من أمر الله علیه السلام: ما أبقى منهم القائم أحد.

الآية التاسعة والثمانون: قوله تعالى : «أَمْ یَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ کَذِبًا فَإِنْ یَشَأِ اللَّهُ یَخْتِمْ عَلَى قَلْبِکَ وَیَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَیُحِقُّ الْحَقَّ بِکَلِمَاتِهِ» [الشورى: 24] .

عن أبي جعفر علیه السلام : جاءت الأنصار إلى رسول الله فقالوا : إنا قد آوینا ونصرنا فخذ طائفة من أموالنا استعن بها على ما أنابك، فأنزل الله : «قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا » [الأنعام: 90] يعني على النبوة «إِلا الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبَى» [الشوری: 23] أي في أهل بيته، ثم قال : ألا ترى أن الرجل يكون له صدیق، وفي ذلك شيء على أهل بيته فلا يسلم صدره، فأراد الله أن لا يكون في نفس رسول الله صلی الله علیه وآله شيء على أمته ففرض عليهم المودة، فإن أخذوا أخذوا مفروضاً وإن تركوا تركوا مفروضاً، قال: فانصرفوا من عنده وبعضهم يقول : عرضنا عليه أموالنا فقال : قاتلوا عن أهل بيتي، وقال طائفة : ما قال هذا رسول الله صلی الله علیه وآله ، وجحدوا وقالوا كما حكى الله «أَمْ یَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ کَذِبًا» [الشوری: 24] فقال الله «وَیَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ» [الشوری: 24] قال: «وَیُحِقُّ الْحَقَّ بِکَلِمَاتِهِ» [الشوری: 24] يعني سيبطله «وَیُحِقُّ الْحَقَّ بِکَلِمَاتِهِ» [الشوری: 24] يعني بالأئمة والقائم من آل محمد « ۗ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ» [ الأنفال : 43] ثم قال :«وَهُوَ الَّذِی یَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَیَعْفُو عَنِ السَّیِّئَاتِ» [الشوری : 25] إلى قوله : «وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ» [النساء: 173] يعني الذين قالوا : القول ما قال رسول الله ، ثم قال : والكافرون لهم عذاب شديد، والروايات من طرق الخاصة والعامة كثيرة إن الآية نزلت في مودة أهل البيت.

الآية التسعون : قوله تعالى: «وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِکَ مَا عَلَیْهِمْ مِنْ سَبِیلٍ » [الشورى: 41]

عن أبي جعفر علیه السلام قال : «وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ»يعني القائم وأصحابه

ص: 208

«فَأُولَئِکَ مَا عَلَیْهِمْ مِنْ سَبِیلٍ » والقائم إذا قام انتصر من بني أمية ومن المكذبين والنصاب هو وأصحابه، وهو قول الله تبارك وتعالى: «إِنَّمَا السَّبِیلُ عَلَى الَّذِینَ یَظْلِمُونَ النَّاسَ وَیَبْغُونَ فِی الأرْضِ بِغَیْرِ الْحَقِّ أُولَئِکَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِیمٌ » [الشوری : 42] .

الآية الحادية والتسعون : «وَتَرَاهُمْ یُعْرَضُونَ عَلَیْهَا خَاشِعِینَ مِنَ الذُّلِّ یَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِی »[الشوری : 45].

عن أبي جعفرعلیه السلام : « مِنْ طَرْفٍ خَفِی» [الشوری : 45] يعني القائم علیه السلام .

الآية الثانية والتسعون : «وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ» [الزخرف: 28]

عن جابر بن یزید عن الباقر عليه السلام قال : قلت له: يا بن رسول الله إن قوماً يقولون إن الله تبارك وتعالى جعل الأئمة في عقب الحسن دون الحسين عليه السلام ، قال : كذبوا والله أو لم يسمعوا أن الله تعالى ذكره يقول: «وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ» [الزخرف: 28] فهل جعلها إلا في عقب الحسين عليه السلام ، فقال : يا جابر إن الأئمة هم الذين نص عليهم رسول الله بالإمامة، وهم الذين قال رسول الله صلی الله علیه وآله: لما أسري بي إلى السماء وجدت أسماءهم مكتوبة على ساق العرش بالنور اثني عشر اسماً، منهم علي وسبطاه وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن والحجة القائم عليه السلام ، فهذه الأئمة من أهل بيت الصفوة والطهارة، والله ما يدعيه أحد غيرنا إلا حشره الله تعالى مع إبليس وجنوده، ثم تنفس علیه السلام وقال : لا رعی حق هذه الأمة فإنها لم ترع حق نبيها ، والله لو تركوا الحق على أهله لما اختلف في الله اثنان، ثم أنشأ يقول:

إن اليهود لحبهم لنبيهم *** أمنوا بوایق حادث الأزمان

وذوو الصليب بحب عيسى أصبحوا *** يمشون صحوا في قرى نجران

والمؤمنون بحب آل محمد *** يرمون في الآفاق بالنيران

ص: 209

قلت : يا سيدي أليس هذا الأمر لكم؟ قال: نعم، قلت: فلم قعدتم عن حقكم ودعواكم وقد قال الله تبارك وتعالى :«وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ » [الحج: 78] فما بال أمير المؤمنين قعد عن حقه؟ قال: فقال : حيث لم يجد ناصراً، ألم تسمع الله يقول في قصة لوط «قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ» [هود: 80]. ويقول حكاية عن نوح عليه السلام : «فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ» [القمر: 10] ويقول في قصة موسى علیه السلام : « إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ» [المائدة: 25] فإذا كان النبي هكذا فالوصي أعذر، یا جابر مثل الإمام مثل الكعبة تؤتي ولا تأتي.

وعن علي بن أبي طالب عليه السلام : فينا نزلت هذه الآية : «وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ» [الزخرف: 28] فالإمامة في عقب الحسين إلى يوم القيامة، وإن للغائب منا غيبتين، إحداهما أطول من الأخرى : أما الأولى فستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنين، وأما الأخرى فيطول أمدها حتى يرجع عن هذا الأمر أكثر من يقول له، فلا يثبت عليه إلا من قوي يقينه وصحت معرفته ولم يجد في نفسه مخرجا مما قضينا وسلم لنا أهل البيت.

الآية الثالثة والتسعون : «هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ» [الزخرف: 66].

عن أبي جعفر علیه السلام : هي ساعة القائم تأتيهم بغتة .

الآية الرابعة والتسعون : قوله تعالى في سورة الدخان: «حم (1) وَالْکِتَابِ الْمُبِینِ (2) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِی لَیْلَةٍ مُبَارَکَةٍ إِنَّا کُنَّا مُنْذِرِینَ (3) فِیهَا یُفْرَقُ کُلُّ أَمْرٍ حَکِیمٍ (4)» [الدخان: 1-4].

عن أبي عبد الله وأبي الحسن علیه السلام : الليلة المباركة ليلة القدر وأنزل الله القرآن فيها إلى البيت المعمور جملة واحدة، ثم نزل من البيت المعمور على النبي صلی الله علیه وآله في طول عشرين سنة «فِیهَا یُفْرَقُ کُلُّ أَمْرٍ حَکِیمٍ» [الدخان : 4] يعني في ليلة القدر كل أمر حكيم، أي يقدر الله كل أمر من الحق والباطل،

ص: 210

وما يكون في تلك السنة، وله فيها البداء والمشية، يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء من الآجال والأرزاق والبلايا والأمراض، ويزيد فيها ما يشاء وينقص ما يشاء، ويلقيه رسول الله إلى أمير المؤمنين ويلقيه أمير المؤمنين إلى الأئمة حتى ينتهي ذلك إلى صاحب الزمان، ويشترط له ما فيه البداء والمشية و التقديم والتأخير.

الآية الخامسة والتسعون : قوله تعالى في سورة الجاثية: «قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ» [الجاثية:14]

عن أبي عبد الله علیه السلام : الأيام المرجوة ثلاثة : يوم قيام القائم ويوم الكرة ويوم القيامة، كما ذكر في ذيل آية : «وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ ۚ » [إبراهيم: 5] في سورة إبراهيم.

الآية في سورة الأحقاق : «فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ » [الأحقاف: 35].

عن الكراجي عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى : «وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا» [ المزمل : 10] یا محمد من تكذيبهم إياك، فأنا منتقم منهم برجل منك وهو قائمي الذي سلطته على دماء الظلمة.

الآية السادسة والتسعون : قوله تعالى في سورة محمد صلی الله علیه وآله :«فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً ۖ فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا ۚ فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ» [محمد: 18].

عن مفضل بن عمر : سألت سيدي أبا عبد الله الصادق عليه السلام : هل للمأمول المنتظر المهدي وقت مؤقت تعلمه الناس؟ فقال : حاش لله أن يؤقت له وقتا، قال: قلت: مولاي ولم ذلك؟ قال : لأنه الساعة التي قال الله تعالى: «يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي ۖ لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ۚ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً ۗ يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ» [الأعراف: 187] وقوله :« وَعِنْدَهُ

ص: 211

عِلْمُ السَّاعَةِ » [الزخرف: 85] ولم يقل : عند أحد دونه، وقوله : «فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً ۖ فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا ۚ فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ» [محمد: 18] وقوله : «اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ» [القمر: 1] وقوله : « اللَّهُ الَّذِی أَنْزَلَ الْکِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِیزَانَ وَمَا یُدْرِیکَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِیبٌ (17) یَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِینَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَیَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِینَ یُمَارُونَ فِی السَّاعَةِ لَفِی ضَلالٍ بَعِیدٍ (18)» [الشوری: 17-18] قلت: يا مولاي ما معنى يمارون؟ قال: يقولون: متی ولد؟ ومن رآه؟ وأين هو؟ ومتى يظهر؟ كل ذلك استعجالا لأمره وشكا في قضائه وقدرته، أولئك الذين خسروا أنفسهم في الدنيا والآخرة وإن للكافرين لشر مآب.

قال المفضل: يا مولاي فلا توقت له وقت؟ قال علیه السلام : يا مفضل لا توقت فإنه من وقت لمهدينا وقتا فقد شارك الله في عمله وادعى أنه أظهره على علمه وسره.

الآية السابعة والتسعون: قوله تعالى في سورة الفتح: «لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا» [الفتح: 25].

عن أبي عبد الله علیه السلام لرجل قال له : أصلحك الله ألم يكن علي قوياً في دين الله؟ قال: بلى، قال : فكيف ظهر عليه القوم؟ وكيف لم يدفعهم؟ وما منعه من ذلك؟ قال: آية في كتاب الله عز وجل : منعته ، قال : وأي آية؟ قال : قوله : «لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا» [الفتح: 25] إنه كان الله عزوجل : ودائع مؤمنين، في أصلاب قوم کافرین و منافقین، فلم يكن علي ليقتل الأباء حتى تخرج الودائع، فلما خرج الودائع ظهر علي على من ظهر وقاتله، وكذلك قائمنا أهل البيت لن يظهر أبدا حتى تظهر ودائع الله عزوجل ، فإذا ظهرت على من ظهر فقتله .

الآية الثامنة والتسعون : قوله تعالى : «هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ» [التوبة: 33].

ص: 212

عن الصادق علیه السلام : هو الإمام الذي يظهره على الدين كله، فيملا الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جوراً وظلماً، وهذا من تأويله بعد تنزيله .

الآية التاسعة والتسعون : قوله تعالى في سورة ق: « وَاسْتَمِعْ یَوْمَ یُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَکَانٍ قَرِیبٍ (41) یَوْمَ یَسْمَعُونَ الصَّیْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِکَ یَوْمُ (42)» [ق: 41-42].

عن الصادق عليه السلام: ينادي المنادي باسم القائم واسم أبيه . قوله :« یَوْمَ یَسْمَعُونَ الصَّیْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِکَ یَوْمُ الْخُرُوجِ» [ق: 42] قال: صيحة القائم من السماء، وذلك يوم الخروج.

الآية المائة : قوله تعالى في سورة الذاريات : «وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ» [الذاريات : 22].

عن ابن عباس: هو خروج المهدي .

الآية الحادية والمائة : قوله تعالى :«فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ» [الذاريات: 23].

عن علي بن الحسين عليه السلام قوله : « إِنَّهُ الْحَقُّ » [هود: 17] قیام القائم عليه السلام ، وفيه نزلت: «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ» [النور: 55].

الآية الثانية ومائة : قوله تعالى في سورة الطور:«وَالطُّورِ (1) وَکِتَابٍ مَسْطُورٍ (2) فِی رَقٍّ مَنْشُورٍ (3) » [الطور: 1-3].

عن أبي عبد الله علیه السلام قال : وأمير المؤمنين وجبرائيل على حری فيقول له جبرائيل أجب فيخرج رسول الله صلی الله علیه وآله رقاً من حجرة أزراه فيدفعه إلى علي فيقول: اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم، عهد من الله ومن رسوله ومن علي بن أبي طالب لفلان ابن فلان باسمه واسم أبيه، وذلك قول الله عزوجل :في كتابه: «وَالطُّورِ (1) وَکِتَابٍ مَسْطُورٍ (2) فِی رَقٍّ مَنْشُورٍ(3) »

ص: 213

وهو الكتاب الذي كتبه علي بن أبي طالب علیه السلام والرق المنشور الذي أخرجه رسول الله صلی الله علیه وآله من حجرة أزراه قلت : والبيت المعمور أهو رسول الله؟ قال: نعم المملي رسول الله صلی الله علیه وآله ، والكاتب علي علیه السلام .

الآية الثالثة ومائة : قوله تعالى في سورة القمر : «اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ(1) » [القمر: 1].

قد جاء الحديث في ذلك من سورة محمد صلی الله علیه وآله.

الآية الرابعة ومائة : قوله تعالى: «وَإِنْ یَرَوْا آیَةً یُعْرِضُوا وَیَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (2)» [القمر: 2]

قد مر الحديث في ذلك من سورة الشعراء، في ذيل آية :«إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ » [الشعراء: 4].

الآية الخامسة ومائة : « يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ» [الرحمن: 41].

عن أبي عبد الله علیه السلام قال : الله يعرفهم، ولكن هذه أنزلت في القائم وهو يعرفهم بسيماهم فيخطبهم بالسيف هو وأصحابه خبطاً .

وعن معاوية الدهني عن أبي عبد الله علیه السلام في قول الله تعالى : «يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ» فقالعلیه السلام : يا معاوية ما يقولون في هذا؟ قلت: يزعمون أن الله تبارك وتعالى يعرف المجرمون بسيماهم في القيامة ، فيأمر بهم، فيؤخذ بنواصيهم وأقدامهم فيلقون في النار، فقال لي : وكيف يحتاج تبارك وتعالى إلى معرفة خلق أنشأهم وهو خلقهم؟ فقلت : جعلت فداك وما ذلك؟ قال : ذلك لو قام قائمنا أعطاه السيماء فيأمر بالكافر فيؤخذ بنواصيهم وأقدامهم ثم يخبط بالسيف خبطاً، وقرأ أبو عبد الله علیه السلام : هذه جهنم التي كنتما بها تكذبان وتصليانها، لا تموتان ولا تحييان.

الآية السادسة ومائة : قوله تعالى في سورة الحديد: «وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ

ص: 214

أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ» [الحديد: 16]

عن أبي عبد الله علیه السلام : نزلت هذه الآية في القائم ومن أهل زمان الغيبة وأيامها دون غيرهم، والأمد أمد الغيبة.

الآية السابعة ومائة : قوله تعالى : «اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا »[الحديد : 17]

عن أبي جعفر: «يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ » [الروم: 50] بكفر أهلها، والكافر ميت فيحييها الله بالقائم عليه السلام فيعدل فيها فيحيي الأرض ويحيي أهلها بعد موتهم.

وعن ابن عباس :«اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا» [الحديد: 17] يعني: يصلح الله الأرض بقائم آل محمد صلی الله علیه وآله بعد موتها، يعني من بعد جور أهل مملكتها «قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ َ» [آل عمران: 118] بقائم آل محمد«وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ» [غافر : 67].

عن أبي إبراهيم عليه السلام في قول الله عزوجل : «يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ» [ الروم : 50]. قال : ليس يحييها بالقطر ولكن يبعث الله عزوجل رجالا فيحيون العدل فتحيي الأرض لإحياء العدل، ولإقامة العدل فيها أنفع في الأرض من القطر أربعين صباحأ .

الآية الثامنة ومائة : قوله تعالى في سورة الممتحنة : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ» [ الممتحنة : 13].

عن علي عليه السلام : العجب كل العجب بين جمادي ورجب، فقام رجل وقال : يا أمير المؤمنين ما هذا العجب الذي لا تزال تتعجب منه؟ فقال علیه السلام : ثكلتك أمك وأي العجب أعجب من أموات يضربون كل عدو

ص: 215

لله ولرسوله ولأهل بيته وذلك تأويل هذه الآية : «َا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا » [الممتحنة : 13] إلى « مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ» [الممتحنة : 13] فإذا اشتد القتل قلتم: مات وهلك وأي واد سلك؟ وذلك تأويل هذه الآية : «ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا» [الإسراء: 6].

الآية التاسعة ومائة : قوله تعالى في سورة الصف: «يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ» [الصف: 8].

عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضي قال : سألته عن الآية قال : يريدون ليطفئوا ولاية أمير المؤمنين بأفواههم، قلت :« وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ » [الصّف : 8]. قال : والله متم الإمامة لقوله عزوجل : «فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا ۚ » [التغابن: 8] فالنور هو الإمام، قلت:«هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ » [التوبة: 33] قال : هو أمر رسوله محمد بالولاية لوصية، والولاية هي دين الحق، قلت : «لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ » [التوبة : 33] قال : يظهره على جميع الأديان عند قيام القائم، قال: يقول الله «وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ» [الصف: 8] بولاية القائم « وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ» [التوبة: 32] بولاية علي، قلت: هذا تنزیل، قال: نعم، أما هذا الحرف تنزیل، أما غيره فتأويل .

الآية العاشرة ومائة : قوله تعالى:«وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا ۖ نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ » [الصف: 13].

في تفسير الإمام يعني في الدنيا يفتح القائم علیه السلام.

الآية الحادية عشرة ومائة : قوله تعالى: «هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ» [التوبة: 33]

عن أبي بصير سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الآية فقال: والله ما نزل تأويلها، قلت: جعلت فداك ومتى ينزل تأويلها؟ قال: حتى يقوم إن شاء

ص: 216

الله، فإذا خرج القائم لم يبق كافر ومشرك إلا كره خروجه، حتى لو أن کافراً أو مشركاً في بطن صخرة لقالت الصخرة : يا مؤمن في بطني كافر أو مشرك فاقتله فيجيبه فيقتله .

الآية الثانية عشرة ومائة : قوله تعالى في سورة الملك :«قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ» [الملك: 30]، عن علي بن جعفر عن أخيه موسی بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن هذه الآية ، فقال : إذا فقدتم إمامكم فلم تروه، فماذا تصنعون؟

وعن عمار بن یاسر قال: كنت مع رسول الله في بعض غزواته، وقتل على أصحاب الألوية وفرق جمعهم وقتل جمعاً، أتيت رسول الله صلی الله علیه وآله فقلت له : یا رسول الله إن علياً قد جاهد في الله حق جهاده. فقال صلی الله علیه وآله: لأنه مني وأنا منه وإنه وارث علمي وقاضي ديني ومنجز وعدي والخليفة من بعدي، ولولاه لم يعرف المؤمن المحض بعدي، حربه حربي وحربي حرب الله وسلمه سلمي وسلمي سلم الله ، ألا إنه أبو سبطي والأئمة، من صلبه يخرج الله تعالى الأئمة الراشدين ومنهم مهدي هذه الأمة.

فقلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله من هذا المهدي ؟ قال صلی الله علیه وآله: يا عمار إن الله تبارك وتعالى عهد إلى أنه يخرج من صلب الحسين أئمة تسعة والتاسع من ولده يغيب عنهم وذلك قوله عزوجل : «قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ» [الملك: 30]، يكون له غيبة طويلة يرجع عنها قوم ويثبت عليها آخرون، فإذا كان في آخر الزمان يخرج فيملأ الدنيا قسطاً وعدلا كما ملئت ظلما وجوراً، ويقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل، وهو سميي وأشبه الناس بي.

یا عمار سيكون بعدي فتنة فإذا كان ذلك فاتبع علياً واصحبه فإنه مع الحق والحق معه.

یا عمار إنك ستقاتل بعدي مع علي صنفين : الناكثين والقاسطين ثم

ص: 217

تقتلك الفئة الباغية، قال : يا رسول الله أليس ذلك على رضا الله ورضاك؟ قال : نعم على رضا الله ورضاي، ويكون آخر زادك من الدنيا شربة من لبن تشربه

فلما كان يوم صفين خرج عمار بن یاسر إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: يا أخا رسول الله أتأذن لي في القتال؟ فقال: مهلا رحمك الله ، فلما كان بعد ساعة أعاد عليه الكلام فأجابه بمثله، فأعاد عليه ثالثا فبكى أمير المؤمنین علیه السلام فنظر إليه عمار فقال: يا أمير المؤمنين إنه اليوم الذي وصفه لي رسول الله صلی الله علیه وآله، فنزل علي أمير المؤمنين علیه السلام عن بغلته وعانق عماراً وودعه ثم قال : يا أبا اليقظان جزاك الله عن نبيك وعني خيراً، فنعم الأخ کنت ونعم الصاحب کنت ثم بکی علیه السلام وبکی عمار ثم قال : والله يا أمير المؤمنين ماتبعتك إلا ببصيرة فإني سمعت رسول الله يقول يوم خيبر : یا عمار ستكون بعدي فتنة فإذا كان ذلك فاتبع علياً وحزبه فإنه مع الحق والحق معه، وستقاتل بعدي الناكثين والقاسطين، فجزاك الله يا أمير المؤمنين عن الإسلام أفضل الجزاء فلقد أديت وأبلغت ونصحت .

ثم ركب وركب أمير المؤمنين عليهالسلام ثم برز إلى القتال ثم دعا بشربة من ماء، فقيل : ما معنا ماء، فقام إليه رجل من الأنصار وسقاه شربة من لبن فشربه فقال : هكذا عهد إلي رسول الله أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة لبن، ثم حل على القوم فقتل ثمانية عشر نفساً فخرج إليه رجلان من أهل الشام فطعناه وقتل رحوه الله .

فلما كان في الليل طاف أمير المؤمنين عليه السلام في القتلى فوجد عماراً ملقى بين القتلى فجعل رأسه على فخده ثم بكى عليه وأنشأ يقول:

ألا أيها الموت الذي ليس تاركي *** أرحني فقد أفنيت كل خليل

أيا موت كم هذا التفرق عنوة *** فلست تبقي خلة لخليل

أراك بصيراً بالذين أحبهم *** كأنك تمضي نحوهم بدلیل

ص: 218

الآية الثالثة عشرة ومائة : قوله تعالى في سورة القلم : « إِذَا تُتْلَى عَلَیْهِ آیَاتُنَا قَالَ أَسَاطِیرُ الأوَّلِینَ» [القلم: 15].

في تفسير الإمام عليه السلام : إذا تتلى عليه قال : كني عن الثاني، أساطير الأولين أي أكاذيب الأولين « سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ» [القلم: 16] قال : في الرجعة إذا رجع.

وفي الدمعة عن تأويل الآيات:« إِذَا تُتْلَى عَلَیْهِ آیَاتُنَا قَالَ أَسَاطِیرُ الأوَّلِینَ» [القلم: 15] يعني تكذيبه بقائم آل محمد، إذ يقول له: لسنا نعرفك ولست من ولد فاطمة، كما قال المشركون لمحمد صلی الله علیه وآله.

الآية الرابعة عشرة ومائة : قوله تعالى في المعارج: «سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1) لِلْکَافِرینَ لَیْسَ لَهُ دَافِعٌ (2)مِنَ اللَّهِ ذِی الْمَعَارِجِ (3)» [المعارج: 1-3] .

سئل أبو جعفر علیه السلام عن معنى هذا، قال: نار تخرج من المغرب وملك يسوقها من خلفها حتى تأتي دار سعد بن همام عند مسجدهم، فلا تدع داراً لبني أمية إلا أحرقتها وأهلها، ولا تدع داراً فيها وتر لآل محمد إلا أحرقتها وذلك المهدي .

الآية الخامسة عشرة ومائة : قوله تعالى : «وَالَّذِینَ یُصَدِّقُونَ بِیَوْمِ الدِّینِ» [المعارج: 26]

عن أبي جعفر عليه السلام قال: بخروج القائم.

الآية السادسة عشرة ومائة : قوله تعالى :«خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِکَ الْیَوْمُ الَّذِی کَانُوا یُوعَدُونَ» [المعارج: 44].

عن أبي جعفر عليه السلام : يعني يوم خروج القائم.

الآية السابعة عشرة ومائة : قوله تعالى في سورة الجن : «حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا» [الجن: 24].

عن أبي جعفر عليه السلام : يعني بذلك القائم وأنصاره.

وعن الصادق عليه السلام : «إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ » [مريم: 75] قال : القائم وأمير

ص: 219

المؤمنين في الرجعة «فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا» [الجن : 24] قال هو أمير المؤمنين عليه السلام لزفر: والله يا بن ضحاك لولا عهد من رسول الله وعهد من الله سبق لعلمت أينا أضعف ناصراً وأقل عدداً ، قال : فلما أخبرهم رسول الله صلی الله علیه وآله ما يكون من الرجعة، قالوا: متى يكون هذا؟ قال : قل يا محمد إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمداً.

الآية الثامنة عشرة ومائة : قوله تعالى في صورة المدثر : «إِذَا نُقِرَ فِی النَّاقُورِ (8) فَذَلِکَ یَوْمَئِذٍ یَوْمٌ عَسِیرٌ (9) عَلَى الْکَافِرِینَ غَیْرُ یَسِیرٍ(10)» [المدثر: 8-10]

عن أبي عبد الله علیه السلام [وقد سئل] عن هذه الآية قال : إن منا إماماً مظفراً مستتراً، فإذا أراد الله عزوجل : إظهار أمره نكت في قلبه نكتةفظهر فقام بأمر الله.

الآية التاسعة عشرة ومائة : قوله تعالى :«ذَرْنِی وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِیدًا(11)»[ المدثر: 11] عن أبي جعفر علیه السلام : يعني بهذه الآية إبليس اللعين، خلقه وحيداً من غير أب ولا أم، وقوله : « وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَمْدُودًا(12)» [المدثر: 12] يعني هذه الدولة إلى يوم الوقت المعلوم يوم يقوم القائم بين شهودا«وَبَنِینَ شُهُودًا (13) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِیدًا (14) ثُمَّ یَطْمَعُ أَنْ أَزِیدَ (15) کَلا إِنَّهُ کَانَ لآیَاتِنَا عَنِیدًا(16)» :[ 13-16] يقول: معاند الأشمة يدعو إلى غير سبيلها ويصد الناس عنها وهي آيات الله.

الآية العشرون ومائة : قوله تعالى : «فَقُتِلَ کَیْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ کَیْفَ قَدَّرَ(20) » [المدثر: 19-20].

عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله «ذَرْنِی وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِیدًا(11)» [المدثر : 11] قال :الوحید ولد الزنا وهو زفر «وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَمْدُودًا(12)» [المدثر : 12] قال: أجل ممدود إلى مدة «وَبَنِینَ شُهُودًا» [المدثر : 13] قال : أصحابه الذين شهدوا أن رسول الله لا يورث «وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِیدًا» [المدثر: 14] ملکه

ص: 220

الذي ملك ملكته مهدته له « ثُمَّ یَطْمَعُ أَنْ أَزِیدَ (15)کَلا إِنَّهُ کَانَ لآیَاتِنَا عَنِیدًا (16) »[المدثر:15-16] قال: لولاية أمير المؤمنين عليه السلام جاحداً معانداً لرسول الله«سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (17) إِنَّهُ فَکَّرَ وَقَدَّرَ(18)» [المدثر: 17-18] فيما أمر به من الولاية، وقدر أي مضى رسول الله لا يسلم أمير المؤمنين البيعة الذي بایعه بها على عهد رسول الله « فَقُتِلَ کَیْفَ قَدَّرَ(19)» [المدثر: 19] قال: عذاب بعد عذاب يعذبه القائم، ثم نظر إلى رسول الله وأمير المؤمنين « ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ» [المدثر: 22] فيما أمر به «ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَکْبَرَ » [المدثر : 23] وقال : «فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ یُؤْثَرُ» [المدثر: 24] قال : إن زفر قال: رسول الله سحر الناس لعلي «إِنْ هَذَا إِلا قَوْلُ الْبَشَرِ(25)» [المدثر : 25] أي ليس بوحي من الله عزوجل : «سَأُصْلِیهِ سَقَرَ» [المدثر: 26] إلى آخر الآية، فيه نزلت.

الآية الحادية والعشرون ومائة : «وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ» [المدثر : 34] المراد بالصبح لأهل المشرق والمغرب، والملائكة هم الذين يملكون علم آل محمد.

قوله: «وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلا فِتْنَةً لِلَّذِینَ کَفَرُوا » [المدثر: 31] قال: يعني المرجئة.

وقوله : «لِیَسْتَیْقِنَ الَّذِینَ أُوتُوا الْکِتَابَ » [المدثر: 31] قال : هم الشيعة وهم أهل الكتاب وهم الذين أوتوا الكتاب والحكم والنبوة.

وقوله تعالى :«وَیَزْدَادَ الَّذِینَ آمَنُواإِیمَانًا وَلا یَرْتَابَ الَّذِینَ أُوتُوا الْکِتَابَ» [المدثر : 31] أي لا يشك الشيعة في أمر القائم «وَلِیَقُولَ الَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ» [المدثر : 31] يعني بذلك الشيعة وضعفاءها والكافرين « مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا » [البقرة : 26] فقال الله عزوجل لهم: «کَذَلِکَ یُضِلُّ اللَّهُ مَنْ یَشَاءُ وَیَهْدِی مَنْ یَشَاءُ »[المدثر: 31] فالمؤمن يسلم والكافر يشك .

وقوله تعالى: «وَمَا یَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّکَ إِلا هُوَ» [المدثر: 31] فجنود ربك هم الشيعة وهم شهداء الله في الأرض.

ص: 221

وقوله : «وَمَا هِیَ إِلا ذِکْرَى لِلْبَشَرِ» [المدثر: 31] « لِمَنْ شَاءَ مِنْکُمْ أَنْ یَتَقَدَّمَ أَوْ یَتَأَخَّرَ» [المدثر : 37] عنه .

وقوله : «کُلُّ نَفْسٍ بِمَا کَسَبَتْ رَهِینَةٌ (38) إِلا أَصْحَابَ الْیَمِینِ(39)» [المدثر: 38 -39] قال : هم أطفال المؤمنين، قال الله تبارك وتعالی: «وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ » [الطور: 21] قال : إنه بالميثاق .

وقوله «وَکُنَّا نُکَذِّبُ بِیَوْمِ الدِّینِ(46)» [المدثر : 46] قال: بيوم الدين خروج القائم وقولهم« فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْکِرَةِ مُعْرِضِینَ (49)» [المدثر : 49] قال : بالتذكرة ولاية أمير المؤمنين «کَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (50) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (51)» [المدثر: 50-51] قال: كأنهم حمر وحش فرت من قسورة أي الأسد حين رأته وكذلك المرجئة إذا سمعت بفضل آل محمد تعرت عن الحق، ثم قال الله تعالی : «بَلْ یُرِیدُ کُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ یُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً» [المدثر: 52] قال : يريد كل رجل من المخالفين أن ينزل عليهم كتاباً من السماء ثم قال الله تعالى : «کَلا بَلْ لا یَخَافُونَ الآخِرَةَ» [المدثر : 53] قال : هي دولة القائم، ثم قال تعالى بعد أن عرفهم [أن] التذكرة هي الولاية «کَلا إِنَّهُ تَذْکِرَةٌ (54) فَمَنْ شَاءَ ذَکَرَهُ (55) وَمَا یَذْکُرُونَ إِلا أَنْ یَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ(56)» [المدثر: 54-56] فالتقوى هي النبي والمغفرة [علي] أمير المؤمنين علیه السلام.

الآية الثانية والعشرون مائة : قوله تعالى في سورة التكوير : «فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْکُنَّسِ(16)»[التكوير: 15-16].

عن أبي جعفر عليه السلام : الخنس إمام يخنس في زمانه عند انقطاع عن عمله عند الناس سنة ستين ومائتين، ثم يبدو كالشهاب الثاقب في ظلمة الليل، فإن أدركت ذلك قرت عيناك .

الآية الثالثة والعشرون ومائة : قوله تعالى في سورة الانشقاق : « لَتَرْکَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ » [الانشقاق: 19].

عن أبي عبد الله عليه السلام : إن للقائم منا غيبة يطول أمدها فقلت له : ولم

ص: 222

ذاك يا بن رسول الله؟ قال: إن الله عزوجل : أبي أن لا يجري فيه سنن الأنبياء في غيباتهم، وإنه لا بد له یا سدیر من استيفاء مدد غيباتهم، قال الله عزوجل : « لَتَرْکَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ » [الانشقاق : 19] أي على سنن من كان قبلكم.

الآية الرابعة والعشرون ومائة : قوله تعالى في سورة البروج : «وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ» [البروج: 1].

عن الأصبغ عن ابن عباس عن النبي صلی الله علیه وآله: ذكر الله عزوجل عبادة وذكري عبادة وذكر علي عبادة وذكر الأئمة من ولده عبادة، والذي بعثني بالنبوة وجعلني خير البرية إن وصيي لأفضل الأوصياء، وإنه لحجة الله على عباده وخليفته على خلقه، ومن ولده الأئمة الهداة، بهم يحبس الله العذاب عن أهل الأرض، وبهم يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، وبهم يمسك الجبال أن تميد بهم، وبهم يسقي خلقه الغيث، وبهم يخرج النبات ، أولئك أولياء الله حقا وخلفاؤه صدقاً، وعدتهم عدة الشهور وهي اثنا عشر شهراً، وعدتهم عدة نقباء موسی بن عمران ثم تلا هذه الآية «وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ» [البروج: 1] ثم قال : بقدر یا بن عباس إن الله يقسم بالسماء ذات البروج يعني به السماء وبروجها ! قلت: يا رسول الله فما ذاك؟ قال صلی الله علیه وآله: فأما السماء فأنا، وأما البروج فالأئمة بعدي أولهم علي وآخرهم المهدي .

الآية الخامسة والعشرون ومائة : قوله تعالى في سورة الطارق : « إِنَّهُمْ یَکِیدُونَ کَیْدًا (15) وَأَکِیدُ کَیْدًا(16) » [الطارق: 15-16].

عن أبي بصير في قوله : « فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ» [الطارق : 10] قال : ما قوة يقوى بها على خالقه، ولا ناصر من الله ينصره إن أراد به سوءاً، قلت :« إِنَّهُمْ یَکِیدُونَ کَیْدًا (15) وَأَکِیدُ کَیْدًا(16) » [الطارق: 15-16]؟ قال : كادوا رسول الله وكادوا علياً وكادوا فاطمة فقال:يا فاطمة إنهم يكيدون كيداً وأكيد کيداً فمهل الكافرين يا محمد أمهلهم رویدا، الوقت بعد بعث القائم فينتقم من الجبابرة والطواغيت من قريش وبني أمية وسائر الناس .

ص: 223

الآية السادسة والعشرون ومائة : قوله تعالى في سورة الغاشية : «هَلْ أَتَاکَ حَدِیثُ الْغَاشِیَةِ (1) وُجُوهٌ یَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (3) تَصْلَى نَارًا حَامِیَةً(4)» [الغاشية : 1-4].

عن سهل بن محمد عن أبيه عن أبي عبد الله قال: قلت: «هَلْ أَتَاکَ حَدِیثُ الْغَاشِیَةِ » [الغاشية: 1] قال : يغشاهم القائم بالسيف قال : قلت : «وُجُوهٌ یَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ» [الغاشية : 2] لا تطيق الامتناع، قال: قلت: «عَامِلَةٌ»

[ الغاشية: 3] قال : عملت بغير ما أنزل الله، قال: قلت: «نَاصِبَةٌ» [الغاشية : 3] قال : نصبت غير ولاة الأمر، قال: قلت: «تَصْلَى نَارًا حَامِیَةً» [الغاشية: 4] قال: تصلى نار الحرب في الدنيا على عهد القائم، وفي

الآخرة نار جهنم.

الآية السابعة والعشرون ومائة : قوله تعالى في سورة الفجر: «وَالْفَجْرِ (1) وَلَیَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3) وَاللَّیْلِ إِذَا یَسْرِ (4) » [الفجر: 1-4].

عن أبي عبد الله علیه السلام قال : قوله عزوجل : «وَالْفَجْرِ» الفجر هو القائم والليالي العشر الأئمة من الحسن إلى الحسين «وَالشَّفْعِ» أمير المؤمنین وفاطمة «وَالْوَتْرِ» هو الله وحده لا شريك له «وَاللَّیْلِ إِذَا یَسْرِ» هي دولة جبت فهي تسري إلى دولة القائم.

الآية الثامنة والعشرون ومائة : قوله تعالى في سورة الشمس «وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاهَا (3) وَاللَّیْلِ إِذَا یَغْشَاهَا (4)» [الشمس: 1-4].

عن سليمان الديلمي عن أبي عبد الله علیه السلام قال: سألت عن قول الله عز وجل : «وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا» قال : الشمس رسول الله أوضح للناس دينهم، قلت : «وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا» قال : ذاك أمير المؤمنين تلا رسول الله صلی الله علیه واله «وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاهَا» قال : ذلك الإمام من ذرية فاطمة نسل رسول الله فيجلي ظلام الجور والظلم، فحكى الله سبحانه عنه وقال : «وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاهَا»يعني به

ص: 224

القائم علیه السلام ، قلت : «وَاللَّیْلِ إِذَا یَغْشَاهَا» قال: ذاك أئمة الجور الذين استبدوا بالأمور دون آل الرسول صلی الله علیه وآله وجلسوا مجلسا كان الرسول أولى به منهم، فغشوا دين الله بالجور والظلم فحكى الله سبحانه فعلهم فقال : «وَاللَّیْلِ إِذَا یَغْشَاهَا»

عن أبي عبد الله علیه السلام قال : «وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا» أمير المؤمنین علیه السلام وضحاها قيام القائم علیه السلام ، لأن الله سبحانه قال : « وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى» [طه: 59] «وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا» الحسن والحسين عليه السلام «وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاهَا» هو قيام القائم عليه السلام «وَاللَّیْلِ إِذَا یَغْشَاهَا» الجبت ودولته قد غشا عليه الحق، وما قوله: « وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا » [الشمس: 5] قال : هو محمد هو السماء الذي یسیمون إليه الخلق في العلم، وقوله : «وَالأرْضِ وَمَا طَحَاهَا» [الشمس: 6] قال : الأرض الشيعة «وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا » [الشمس: 7] قال : هو المؤمن المستوي على الخلق، وقوله : «فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا» [الشمس: 8] قال: عرفت الحق من الباطل فذلك قوله : «وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا »« قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَکَّاهَا » [الشمس: 9] قد أفلحت نفس زكاها الله «وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا» [الشمس: 10] وقوله: « کَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا » [الشمس: 11] قال : ثمود رهط من الشيعة فإن الله تعالى يقول: « کَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا » قال: ثمود رهط من الشيعة فإن الله تعالى يقول: «وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ» [فصلت : 17] فهو السيف إذ قام القائم عليه السلام ، وقوله : «فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْیَاهَا » [الشمس: 13] قال: الإمام الناقة الذي فهم عن الله، وسقياها أي عنده منتقى العلم « فَکَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَیْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا » [الشمس: 14] قال: في الرجعة « وَلا یَخَافُ عُقْبَاهَا» [الشمس: 15] قال : لا يخاف من مثلها إذا رجع.

الآية التاسعة والعشرون ومائة : قوله تعالى في سورة الليل : «وَاللَّیْلِ إِذَا یَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2)» [الليل: 1-2].

ص: 225

عن أبي عبد الله عليه السلام «وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى» [الليل : 1 ] قال : دولة إبليس لعنه الله إلى يوم القيامة وهو قيام القائم «وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2)» [الليل: 2] وهو القائم إذا قام، وقوله: «فَأَمَّا مَنْ أَعْطَی وَاتَّقَى» [الليل: 5] أعطى نفسه الحق واتقى الباطل «فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7)» [الليل: 7]«وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8)» [ اللیل: 8] یعني بنفسه عن الحق واستغنى بالباطل عن الحق، وكذب بالحسني بولاية علي بن أبي طالب والأئمة من بعده «فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى(10)» [ الليل : 10] يعني النار، وأما قوله «إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (12)» [الليل : 12] يعني إن علياً هو الهدى « وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَالأولَى (13) فَأَنْذَرْتُکُمْ نَارًا تَلَظَّى (14)» [الليل: 13 - 14] قال : القائم عليه السلام إذا قام بالغضب فيقتل من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين«لا یَصْلاهَا إِلا الأشْقَى» [الليل: 15] قال : هو عدو آل محمد «وَسَیُجَنَّبُهَا الأتْقَى» [الليل : 17]: ذاك أمير المؤمنين وشیعته .

وعن أبي قال : الليل في هذا الموضع الثاني يغشى أمير المؤمنين عليه السلام في دولته التي جرت له عليه، وأمير المؤمنين عليه السلام يصير في دولتهم حتى تنقضي قال : «وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2)» [الليل: 2] قال : النهار هو القائم علیه السلام منا أهل البيت إذا قام غلبت دولته الباطل، والقرآن ضرب فيه الأمثال وخاطب نبيه ونحن، فليس يعلمه غيرنا.

الآية الثلاثون ومائة : قوله تعالى في سورة القدر : «سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ» [القدر: 5].

عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أبو محمد: قرأ علي بن أبي طالب علیه السلام : «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ» [القدر: 1] وعنده الحسن والحسين فقال الحسنان: يا أبتا كأن بها فيك من حلاوة، قال له: يا بن رسول الله وابني، اعلم أني أعلم فيها ما لم تعلم، إنها لما أنزلت بعث إلي جدك رسول الله فقرأها علي فضرب على كتفي الأيمن وقال: يا أخي ووصيي ووليي على أمتي وحرب أعدائي إلى يوم يبعثون، هذه السورة لك من بعدي

ص: 226

ولولديك من بعدك، إن جبرائيل أخي من الملائكة أحدث إلي أحداث أمتي في سنتها وإنه ليحدث ذلك إليك كأحداث النبوة، ولها نور ساطع في قلبك وقلوب أوصيائك إلى مطلع فجر القائم.

وسئل أبو عبد الله عن ما يفرق في ليلة القدر، هل هو ما يقدر سبحانه وتعالى فيها؟ قال: لا توصف قدرة الله تعالی سبحانه لأنه يحدث ما يشاء، وأما قوله : «لَیْلَةُ الْقَدْرِ خَیْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ» [القدر: 3] يعني فاطمة .

وقوله تعالی : «تَنَزَّلُ الْمَلائِکَةُ وَالرُّوحُ فِیهَا» [القدر: 4] والملائكة في هذا الموضع المؤمنون الذين يملكون علم آل محمد، والروح روح القدس وهي فاطمة «تَنَزَّلُ الْمَلائِکَةُ وَالرُّوحُ فِیهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ کُلِّ أَمْرٍ (4) سَلامٌ هِیَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ(5)» [القدر: 4-5] يقول: كل أمر سلمه حتى مطلع الفجر يعني حتى يقوم القائم علیه السلام . الآية الحادية والثلاثون ومائة : قوله تعالى في سورة البينة : «وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ» [البينة: 5].

عن أبي عبد الله عليه السلام : «وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ» هو ذلك دین القائم علیه السلام .

الآية الثانية والثلاثون ومائة : قوله تعالى في سورة العصر: «وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الإنْسَانَ لَفِی خُسْرٍ (2)إِلا الَّذِینَ آمَنُوا » [العصر: 1-3].

عن مفضل: سألت الصادق عليه السلام عن قول الله عز وجل : «وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الإنْسَانَ لَفِی خُسْرٍ (2)» [العصر: 1-2] فقال : العصر عصر القائم علیه السلام « إِنَّ الإنْسَانَ لَفِی خُسْرٍ» يعني أعداءنا «إِلا الَّذِینَ آمَنُوا » [الشعراء: 227] بآیاتنا «وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ» [البقرة : 25] يعني بمواساة الإخوان « وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ » [ العصر : 3] يعني بالإمامة «وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ » [البلد: 17] يعني في الفترة.

الآية الثالثة والثلاثون ومائة : «إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ(1)»

ص: 227

[النصر : 1] من المواضع التي أول بزمان قيام القائم عليه السلام كما عن كتاب تنزيل وتحريف لأحمد بن محمد السيار في آية : «إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ(1)» فتح قائم آل محمد صلیالله علیه وآله.

ص: 228

الآيات المؤولة بعلامات الظهور

الآية الأولى: من سورة البقرة قوله تعالى:«وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ» [البقرة : 155].

عن الإكمال عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام يقول : إن لقيام القائم علامات تكون من الله عز وجل للمؤمنين قلت: وما هي جعلني الله فداك؟

قال عليه السلام : قول الله عز وجل : «وَلَنَبْلُوَنَّكُم» يعني المؤمنين قبل خروج القائم « بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ» [البقرة : 155] قال : نبلوهم بشيء من الخوف من ملوك بني فلان في آخر سلطانهم والجوع بغلاء أسعارهم «وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ» قال : كساد التجارات وقلة الفضل ونقص من الأنقص قال: موت ذريع ونقص من الثمرات : قلة ريع ما يزرع، « وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ» عند ذلك بتعجيل خروج القائم (عج).

الآية الثانية: من سورة آل عمران قوله تعالى : «مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ » [آل عمران: 179].

عن أبي عبد الله علیه السلام قال : لا تمضي الأيام والليالي حتى ينادي مناد من السماء يا أهل الحق اعتزلوا يا أهل الباطل اعتزلوا، فيعزل هؤلاء من هؤلاء وهؤلاء من هؤلاء قلت : أصلحك الله يخالط هؤلاء وهؤلاء بعد ذلك النداء ؟ قال : كلا إنه يقول في الكتاب : «مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَر» [آل عمران :179]

ص: 229

الآية الثالثة : من سورة النساء قوله تعالى : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا » [النساء: 47].

عن أبي جعفر علیه السلام لجابر الجعفي : الزم الأرض ولا تحرك يداً ولا رجلا حتى ترى علامات أذكرها لك وما أراك تدرك ذلك ولكن حدث به بعدي - وساق الحديث إلى آخره -: ولا يفلت منهم إلا ثلاثة نفر يحول الله وجوههم في أقفيتهم وهم من كلب وفيهم نزلت هذه الآية : «یَا أَيُّهَا الَّذِينَ» [ النساء : 47].

الآية الرابعة: من سورة الأنعام: « ثُمَّ قَضَى أَجَلا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ»[الأنعام: 2]

عن حمران بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام قال: إنهما أجلان أجل محتوم وأجل موقوف، قال له حمران : ما المحتوم؟ قال: الذي لا يكون غيره، قال : وما الموقوف؟ قال : هو الذي لله فيه المشيئة، قال حمران: إني لأرجو أن يكون السفياني من الموقوف فقال أبو جعفر عليه السلام : لا والله إنه من المحتوم.

الآية الخامسة : قوله تعالى:«قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ یُنَزِّلَ آیَةً وَلَکِنَّ أَکْثَرَهُمْ لا یَعْلَمُونَ » [الأنعام: 37] .

ص: 230

الآيات المؤولة بخروج الإمام المهدي (عج)

عن القمي عن أبي جعفر علیه السلام في قوله تعالى : « إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ یُنَزِّلَ آیَةً» [الأنعام: 37] وسيريك في آخر الزمان آیات منها دابة الأرض والدجال ونزول عيسى ابن مريم وطلوع الشمس من مغربها.

الآية السادسة: «قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ یَبْعَثَ » [الأنعام: 65] إلى « لَعَلَّهُمْ یَفْقَهُونَ» [الأنعام: 65].

عن القمي عن أبي جعفر علیه السلام في قوله :«قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ یَبْعَثَ عَلَیْکُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِکُمْ» هو الدجال والصيحة « أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِکُمْ» [الأنعام: 65] وهو الخسف «أَوْ یَلْبِسَکُمْ شِیَعًا » [الأنعام: 65] وهو اختلاف في الدين وطعن بعضكم على بعض «وَیُذِیقَ بَعْضَکُمْ بَأْسَ بَعْضٍ » [الأنعام: 65] وهو أن يقتل بعضكم بعضا وكل هذا في أهل القبلة بقول الله :«انْظُرْ کَیْفَ نُصَرِّفُ الآیَاتِ لَعَلَّهُمْ یَفْقَهُونَ» [الأنعام: 65].

الآية السابعة: من سورة يس قوله تعالى: «قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ» [يونس: 50].

عن أبي جعفر علیه السلام : فهو عذاب ينزل في آخر الزمان على فسقه أهل القبلة وهم يجحدون نزول العذاب عليهم.

الآية الثامنة : من سورة يس علیه السلام قوله تعالى : « حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» [یونس: 24].

ص: 231

عن غيبة النعماني عن محمد بن بشير قال : سمعت محمد ابن الحنفية أن قبل رایتنا راية لآل جعفر وأخرى لآل مرداس بنو مرداس كناية عن بني العباس فأما راية آل جعفر فليست بشيء ولا إلى شيء، فغضبت وكنت أقرب الناس إليه فقلت: جعلت فداك أن قبل راياتكم؟ قال: إي والله أن البني مرداس ملكاً موطداً لا يعرفون في سلطانهم شيئا من الخير ، سلطانهم عسر ليس فيه يسر، يدنون فيه البعيد ويقصون فيه القريب حتى إذا أمنوا مکر الله وعقابه صیح بهم صيحة لم يبق لهم مناد يسمعهم ولا جماعة يجتمعون إليها وقد ضربهم الله مثلا في كتابه :«حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا » [يونس: 24]، ثم حلف محمد ابن الحنفية بالله أن هذه الآية تلت فيهم.

فقلت: جعلت فداك لقد حدثني عن هؤلاء بأمر عظيم فمتى يهلكون؟ فقال: ويحك يا محمد إن الله خالف علمه علم الموقتين، وإن موسى وعد قومه وكان في علم الله زيادة عشرة أيام لم يخبر بها موسى فكفر قومه واتخذوا العجل من بعده لما جاز عنهم الوقت، وإن يونس وعد قومه العذاب وكان في علم الله أن يغفو عنهم وكان من أمره ما قد علمت، ولكن إذا رأيت الحاجة قد ظهرت وقال الرجل بت بغير عشاء حتى يلقاك الرجل بوجه ثم يلقاك بوجه آخر قلت هذه الحاجة قد عرفتها والأخرى أي شيء هي حتى يلقاك بوجه طلق فإذا جئت تستقرضه قرضا لقيك بغير ذلك الوجه فعند ذلك تقع الصيحة من قريب.

الآية التاسعة: قوله تعالى : «أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى ۖ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ» [يونس: 35]

في روضة الكافي عن عبد الرحمن بن مسلمة الجريري قال: قلت لأبي عبد الله علیه السلام يوبخوننا ويكذبوننا أنا نقول: صيحتان تكونان، يقولون: من أين يعرف المحقة من المبطلة إذا كانتا؟ قال : فماذا تردون عليهم؟ قلت :

ص: 232

ما نرد عليهم شيئا ، قال : قولوا: يصدق بها إذا كانت من كان يؤمن بها من قبل، إن الله عزوجل يقول: «قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ ۚ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ ۗ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى ۖ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ»[يونس: 35].

الآية العاشرة: من النحل قوله تعالى: «أَفَأَمِنَ الَّذِینَ مَکَرُوا السَّیِّئَاتِ أَنْ یَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الأرْضَ أَوْ یَأْتِیَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَیْثُ لا یَشْعُرُونَ (45) أَوْ یَأْخُذَهُمْ فِی تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِینَ (46)» [النحل: 45-46] .

ص: 233

الوعد من الله بخروج الموعود

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ

1- قال الله تعالى: «وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً وَعْدَ اللَّهِ حَقّاً وَ مَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً »[النساء: 122].

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ

2- قال الله تعالى : «إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا ۖ وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا ۚ إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ ۚ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ»[يونس: 4].

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ

3 - قال الله تعالى: «وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (48)قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۗ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ۚ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ(49)»[يونس: 48-49] .

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ

4 - قال الله تعالى: «أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ(55)هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ(56)» [يونس:55-56]

ص: 234

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ

5 - قال الله تعالى : «فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ۖ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ» [هود: 65].

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ

6 - قال الله تعالى : «وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَىٰ ۗ بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا ۗ أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا ۗ وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ» [الرعد: 31].

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ

7- قال الله تعالى: «مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۖ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا ۚ تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا ۖ وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ(35) وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ ۖ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ ۚ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ ۚ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ(36)» [الرعد: 35-36] .

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ

8- قال الله تعالى: «وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ۖ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ»[إبراهيم: 22].

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ

9 - قال الله تعالى: «وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا(4)فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا

ص: 235

أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا(5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا(6) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا(7) [الإسراء: 4-7].

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ

10 - قال الله تعالى :«وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا(108)وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109)قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ ۖ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ۚ وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا(110)» [الإسراء108-110]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ

11 - قال الله تعالى: «وَكَذلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ ۖ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا ۖ رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ ۚ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا»[الكهف: 21].

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ

12 - قال الله تعالى: «قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي ۖ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ ۖ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا» [الكهف: 98].

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ

13 - قال الله تعالى : «حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ(96)وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ(97)إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ(98)» [الأنبياء: 96-98]

ص: 236

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ

14- قال الله تعالى : «خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ ۚ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ(37)وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ(38)لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ(39)» [الأنبياء: 37-39].

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ

10- قال تعالى : «فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ» [القصص: 13].

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ

16- قال الله تعالى : «الم (1)غُلِبَتِ الرُّومُ(2) فِی أَدْنَى الأرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَیَغْلِبُونَ (3) فِی بِضْعِ سِنِینَ لِلَّهِ الأمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَیَوْمَئِذٍ یَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ یَنْصُرُ مَنْ یَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِیزُ الرَّحِیمُ (5) وَعْدَ اللَّهِ لا یُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَکِنَّ أَکْثَرَ النَّاسِ لا یَعْلَمُونَ (6) یَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَیَاةِ الدُّنْیَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7)» [الروم: 1-7].

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ

17 - قال الله تعالى: «وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِی هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ کُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآیَةٍ لَیَقُولَنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلا مُبْطِلُونَ (58) کَذَلِکَ یَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِینَ لا یَعْلَمُونَ (59) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا یَسْتَخِفَّنَّکَ الَّذِینَ لا یُوقِنُونَ (60) » [الروم:58-60].

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ

18 - قال الله تعالى: « وَمَا أَرْسَلْنَاکَ إِلا کَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِیرًا وَنَذِیرًا

ص: 237

وَلَکِنَّ أَکْثَرَ النَّاسِ لا یَعْلَمُونَ (28) وَیَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ کُنْتُمْ صَادِقِینَ (29) قُلْ لَکُمْ مِیعَادُ یَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ (30)»[سبأ: 28-30]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ

19 - قال الله تعالى: «یَا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّکُمُ الْحَیَاةُ الدُّنْیَا وَلا یَغُرَّنَّکُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (5) إِنَّ الشَّیْطَانَ لَکُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا یَدْعُو حِزْبَهُ لِیَکُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِیرِ (6) الَّذِینَ کَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِیدٌ وَالَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ کَبِیرٌ(7)»[فاطر: 5-7].

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ

20- قال الله تعالى : «الَّذِینَ یَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَیَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِکَ الَّذِینَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِکَ هُمْ أُولُو الألْبَابِ (18) أَفَمَنْ حَقَّ عَلَیْهِ کَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِی النَّارِ (19) لَکِنِ الَّذِینَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِیَّةٌ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لا یُخْلِفُ اللَّهُ الْمِیعَادَ(20)» [الزمر: 18-20]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ

21 - قال الله تعالى:« وَلَقَدْ آتَیْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِی إِسْرَائِیلَ الْکِتَابَ (53) هُدًى وَذِکْرَى لأولِی الألْبَابِ (55) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِکَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّکَ بِالْعَشِیِّ وَالإبْکَارِ(55)» [غافر:53-55]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ

22- قال الله تعالى: «وَوَصَّیْنَا الإنْسَانَ بِوَالِدَیْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ کُرْهًا وَوَضَعَتْهُ کُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِینَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِی أَنْ أَشْکُرَ نِعْمَتَکَ الَّتِی أَنْعَمْتَ عَلَیَّ وَعَلَى وَالِدَیَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِی فِی ذُرِّیَّتِی إِنِّی تُبْتُ إِلَیْکَ وَإِنِّی مِنَ الْمُسْلِمِینَ(15) أُولَئِکَ الَّذِینَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ

ص: 238

أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَیِّئَاتِهِمْ فِی أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِی کَانُوا یُوعَدُونَ (16) وَالَّذِی قَالَ لِوَالِدَیْهِ أُفٍّ لَکُمَا أَتَعِدَانِنِی أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِی وَهُمَا یَسْتَغِیثَانِ اللَّهَ وَیْلَکَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَیَقُولُ مَا هَذَا إِلا أَسَاطِیرُ الأوَّلِینَ (17)» الأحقاف: [10-17].

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ

23 - قال الله تعالى :

«وَاذْکُرْ فِی الْکِتَابِ إِسْمَاعِیلَ إِنَّهُ کَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَکَانَ رَسُولا نَبِیًّا (54) وَکَانَ یَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّکَاةِ وَکَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِیًّا (55)» [مریم:54-55]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ

24 - قال الله تعالى :وَالذَّارِیَاتِ ذَرْوًا (1) فَالْحَامِلاتِ وِقْرًا (2) فَالْجَارِیَاتِ یُسْرًا (3) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا (4) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ (5) وَإِنَّ الدِّینَ لَوَاقِعٌ (6) وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُکِ (7) إِنَّکُمْ لَفِی قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ (8) یُؤْفَکُ عَنْهُ مَنْ أُفِکَ (9) قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ(10) » [الذاریات: 1-10]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ

25 - قال الله تعالى: «قُلْ لا أَجِدُ فِی مَا أُوحِیَ إِلَیَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ یَطْعَمُهُ إِلا أَنْ یَکُونَ مَیْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِیرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَیْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَیْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّکَ غَفُورٌ رَحِیمٌ (145)وَعَلَى الَّذِینَ هَادُوا حَرَّمْنَا کُلَّ ذِی ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَیْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَایَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِکَ جَزَیْنَاهُمْ بِبَغْیِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (146)» [الأنعام: 145-146].

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ

26- قال الله تعالى : «وَاسْأَلِ الْقَرْیَةَ الَّتِی کُنَّا فِیهَا وَالْعِیرَ الَّتِی أَقْبَلْنَا فِیهَا

ص: 239

وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (82)قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَکُمْ أَنْفُسُکُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِیلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ یَأْتِیَنِی بِهِمْ جَمِیعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِیمُ الْحَکِیمُ (83) »

[يوسف: 82- 83].

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ

27- قال الله تعالى: «فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ (61) قَالَ إِنَّکُمْ قَوْمٌ مُنْکَرُونَ (62)قَالُوا بَلْ جِئْنَاکَ بِمَا کَانُوا فِیهِ یَمْتَرُونَ (63)وَأَتَیْنَاکَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (64) فَأَسْرِ بِأَهْلِکَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّیْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلا یَلْتَفِتْ مِنْکُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَیْثُ تُؤْمَرُونَ(65)» [الحجر: 61-65] .

ص: 240

فصل في علامات اليوم الموعود

يوم سيخرج فيه القائم

وهو الدليل الأعظم على وجود المهدي (عج)

ص: 241

ص: 242

المهدي... يوم سيخرج فيه

ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض، ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين؛ هم آل محمد، يبعث الله مهديهم بعد جهدهم، فيعزهم ويذل عدوهم.

(أمير المؤمنين علیه السلام)

قال رسول الله صلی الله علیه وآله:

- لا يخرج القائم إلا في وتر من السنين : سنة إحدى أو ثلاث، أو خمس، أو سبع، أو تسع. (وجاء عنه صلی الله علیه وآله ):

- إذا كانت الصيحة في رمضان، فإنها تكون معمعمة في شوال وتميرالقائل وتتحارب في ذي القعدة (أي تأخذ كل قبيلة ضريبة الدم من أبنائها فتجندهم للحرب) ويسلب الحاج وتسفك الدماء في ذي الحجة. والمحرم، وما المحرم؟!. هيهات، هيهات .. يقتل الناس هرجا هرجا !. ثم ينادي مناد من السماء: ألا إن فلاناً ابن فلان هو المهدي قائم آل محمد، فاسمعوا له وأطيعوا !. وذلك الصوت صوت جبرائيل حين يدعو للبيعة في صبيحة يوم الخلاص. (حيث يخرج الإمام علیه السلام يوم عاشوراء ليكون الفرج وليشفي الله صدور قوم مؤمنين. وفي هذا الحديث تصريح بالفتن وتنويه بسفك الدماء في مني، وفي الحرم - دم النفس الزكية - وفي مجزرة يثرب، وغيرها كمذابح السفياني ... ثم قال صلی الله علیه وآله في حديث له مع أم شريك تناول فيه هذا الموضوع).

ص: 243

-.. ويدعي ذلك اليوم يوم الخلاص. فقالت أم شريك : فأين العرب يومئذ یا رسول الله؟ قال : هم يومئذ قليل، وجلهم ببیت المقدس، إمامهم المهدي، رجل صالح. قالت: يا رسول الله : أنهلك وفينا الصالحون؟ . قال: نعم، إذا كثر الخبث.

(ونلاحظ في هذا الخبر الشريف وما سبقه أن الأخبار كثيرا ما تذكر اسم العرب بدلا من ذكر المسلمين، لأنها تتكلم بلسان عصرنا الحاضر، ولأن قائليها يعلمون اندراس الإسلام في آخر الزمان، ويعرفون نشوء القومية العربية في مقابل العنصريات الأخرى، مما يكون سببا لتخاذل المسلمين وضعفهم أمام الصهيونية العالمية وغيرها من غزاة الإسلام الشرقيين والغربيين، ولذلك قال صلی الله علیه وآله عن الحجة القائم علیه السلام الذي يعارضه عرب مسلمون ويقاتلونه).

- المهدي رجل من عترتي، يقاتل على سنتي، كما قاتلت أنا على الوحي. (وقال صلی الله علیه وآله :)

- لا تقوم الساعة، حتى يقوم القائم منا، وذلك حين يأذن الله عزّوجل له. ومن تبعه نجا، ومن تخلف عنه هلك ... الله الله عباد الله ، فأتوه ولو حبواً على الثلج فإنه خليفة الله عزّوجل وخليفتي. (وقال، وقد نظر سبطه الشهيد علیه السلام في حديث نقتطف منه :)

- ... ثم يظهر أمير الأمرة، وقاتل الكفرة، السلطان المأمول الذي تتحير في غيبته العقول، وهو التاسع من ولدك يا حسين . يظهر بين الرکنين (أي بجانب الكعبة) يظهر على الثقلين (أي ينتصر على الإنس والجن ) ولا يترك في الأرض الأذنين (أي أقاربه المنحرفين عن جادة الدين). طوبی للمؤمنين الذين أدركوا زمانه، ولحقوا أوانه، وشهدوا أيامه، ولاقوا أقوامه!. وقال النبي صلی الله علیه وآله؛ عن أهل بلادنا - بلاد الشام عامة كما حددناها سابقا -).

ص: 244

- یرسل الله على أهل الشام من يفرق جماعتهم، حتى لو قاتلتهم الثعالب لقتلتهم. (وقد كان ما قلته يا سيدي، إذ أرسل الله دولة إسرائيل التي مزقت مسلمي الشرق الأوسط، وفرقت الدول العربية وجعلت وحدتها مستحيلة، وباعدت بين قادتها ورؤسائها. واليهود فيها يهددون ويبرقون ويرعدون ونحن في غفلتنا سادرون!. والأمل، كل الأمل بما وعدت به یا سيدي في تتمة حديثک الشريف .. وقد ورد أيضا عن الباقر علیه السلام حديث يتناول فيه فتنة البلاد الشامية قال فيه :)

- تكون قبل المهدي فتنة تحصر الناس حصراً . فلا تسبوا أهل الشام بل ظلمتهم، فإن الأبدال منهم. وسيرسل الله سببا من السماء فيفرقهم حتى لو قاتلتهم الثعالب غلبتهم. ثم يبعث الله المهدي في اثني عشر ألفا إن قلوا وخمسة عشر ألفا إن كثروا. وعلامتهم أنهم إذا هجموا صرخوا : أمت أمت، ثم يظهر (أي ينتصر) فيرد إلى المسلمين ألفتهم ونعمتهم.. (نعم، إن فتنة إسرائيل حصرت العرب حصراً بين فكي الشرق والغرب، وجعلتهم يعيشون في قلق دائم، وهي السبب الذي أرسله الله تعالی ففرق شملهم بعد أن تكفلت الصهيونية بتركهم مفككين متفرقين .. ثم تحدث صلی الله علیه وآله عنه في مناسبة ثانية فقال :)

- يستخرج الزبور من بحيرة طبرية، فيها مما ترك آل موسى وهارون، تحمله الملائكة وفيها الألواح وعصا موسی علیه السلام . (فيكون ذلك مدعاة لإيمان بعض اليهود الباقين في تلك الأصقاع. وقد روي عن أمير المؤمنين علیه السلام بهذا الموضوع قوله :)

- يستخرج الكنوز، ويفتح مدائن الشرك. (وقوله) :

- إنما سمي المهدي لأنه يهدي إلى أمر قد خفي، ويستخرج التوراة والإنجيل من أرض يقال لها أنطاكية. (روي مثله عن الصادقين والجواد علیه السلام .. وعن الصادق أيضا بهذا المعنى :)

ص: 245

... وإنما سمي القائم مهدياَ، لأنه يهدي إلى أمر مضلول عنه، وسمي بالقائم، لأنه يقوم بالحق. (وعن الباقر علیه السلام :)

- .. يستخرج التوراة وسائر كتب الله عزّوجل من غار في أنطاكية . (وقيل :)

- إن المهدي يستخرج تابوت السكينة من غار أنطاكية، وأسفار التوراة من جبل بالشام، يحاج به اليهود فيسلم كثير منهم.. (وجاء عن أمير المؤمنين علیه السلام :)

- إن في غار ثور . في جبلها (وقيل : غار غيران)، رضراضا من ألواح موسى وكسر عصاه، ورضراضأ فيه تابوت السكينة، فليس تمر سحابة شرقية ولا غربية ولا كوفية ولا قبلية إلا أحبت أن تلقي بركتها . ولا تمضي الأيام والليالي حتى يستخرجها المهدي . (أما الباقر علیه السلام فقال :)

- أول ما يبدأ القائم علیه السلام بأنطاكية، فيستخرج منها التوراة من غار فيه عصا موسى وخاتم سليمان. (وقال :)

- وفي بيت المقدس (أي أثناء وجوده في القدس) يستخرج تابوت السكينة وخاتم سليمان بن داود والألواح التي نزلت على موسى. (وستری تفصيلا وافياً لهذا الموضوع في كلام كل من الباقرين علیهما السلام . ثم قال رسول الله صلی الله علیه وآله:)

يظهر على يديه تابوت السكينة من بحيرة طبرية، يحمل فيوضع بين يديه ببیت المقدس، فإذا نظرت إليه اليهود أسلمت إلا قليلا منهم. (وهذا مروي عن الباقرين علیهماالسلام . وقال الصادق في حديث آخر :)

- كانت عصا موسی قضیب آس من غرس الجنة، أتاه بها جبرائیل علیه السلام لما توجه بلقاء مدین وهي تابوت آدم في بحيرة طبرية. ولن يبليا ولن يتغيرا حتى يخرجهما القائم إذا قام. (ثم عن الصادق علیه السلام أيضا :)

ص: 246

- إن المهدي يستخرج کتبا من غار أنطاكية، ويستخرج الزبور من بحيرة طبرية، فيها مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة، وفيها الألواح وعصا موسى.

(وهكذا نرى أن صاحب الأمر علیه السلام هو الذي ينهي الوجود اليهودي في الشرق بعد أن يسلم من سيفه من يؤمن به منهم. وهذه بشارة بقرب فرجه بدليل الآية الكريمة : «هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ۚ» [الحشر: 2]: أي أخرجهم بعد أن أباد بختنصر منهم من أباد وسبی من سبی، ثم جاء الإسلام فحاربوه وحاربهم وأبقاهم مشتتین خارج ديارهم عبر تاريخ طويل. ثم جاءت مقدمة الفرج بوعد (بلفور) الذي أخذ اليهود يتجمعون - بموجبه - في (أرض الميعاد) لیکن حشرهم - جمعهم-فيها في أول الحشر : أي قبيل يوم القيامة.

وقد بين الله تعالى ذلك في آية ثانية تصف تشريدهم، وتذکر جمعهم في هذا الوقت بالذات، حيث يقول عز من قائل: «فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ» [الإسراء: 7] - أي الضربة الآخرة والأخيرة لليهود - « جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا» [الإسراء: 104] - أي: جمعناكم من أطراف الأرض جمعاً، ليتم سحق من بقي منكم مصرا على العناد!!!

هكذا قال الله عزّوجل.. وهذا وعده .. قبل وعد (بلفور)..

وهو الذي بلغه رسول الله صلی الله علیه وآله ونقله أوصياؤه، منذ ألف وأربعمائة سنة ..

وهو يجري خطوة خطوة نحو تحقيق ما قالوا.. وستجد شرحا وافياً لهذه الآية الكريمة وما سبقها من آيات بشأن اليهود في مكان آخر من هذا الكتاب .. وسنبين توهم المفسرين، ونكشف جديداً، لم يستعص عليهم إلا لعدم توفر أدلتهم ووسائلهم آنذاك .. ثم قال الصادق علیه السلام :)

ص: 247

- يكون معه عصا موسى، وخاتم سليمان. وذكر الباقر علیه السلام عصا موسی علیه السلام مرة فقال :)

- كانت عصا موسى لآدم، فصارت إلى شعیب، ثم صارت إلى موسى ابن عمران، وإنها لعندنا. وإن عهدي بها خضراء كهيئتها حين انتزعت من شجرها. وإنها لتنطق إذا استنطقت. أعدت لقائمنا يصنع كما كان يصنع موسی بها!.. وإنها لتروع وتلقف ما يأفكون. وإنها لتصنع ما تؤمر . تفتح لها شعبتان : إحداهما في الأرض والأخرى في السقف، تلقف ما يؤفكون بلسانها!!! (وقد روي عن الصادق علیه السلام مثله ، وزاد :)

- ألواح موسى عندنا، وعصا موسى عندنا، ونحن ورثة النبيين .

(ولا معارضة بين استخراج بعض مواریث الأنبياء من الأرض، وبين وجود بعض نسخا عند الأئمة علیهم السلام : فالمقصود هو إخراج ما كان عند الأنبياء علیهم السلام على يدي القائم الشريفتين، واستخراج ما كان بين أيدي أممهم..).

وقيل : إنه - سلام الله عليه - يقتل خطيبهم يوم الجمعة في التاسع من المحرم ويتخفى في الحرم حتى یجن الليل، فيصعد سطح الكعبة وينادي أنصاره فيلبون من مشرق الأرض ومغربها. ثم يصبح نهار السبت في العاشر من المحرم فيدعو الناس إلى بيعته .. وقد روي عن أمير المؤمنین وعن ابنه الصادق علیه السلام قسمها العظيم :)

والله لكأني أنظر إليه دخل مكة، وعليه بردة رسول الله، وعلى رأسه عمامة صفراء، وفي رجليه نعل رسول الله المخصوفة، وفي يده هراوته، يسوق بين يديه أعنزاً عجافاً حتى يصل بها نحو البيت - أي الكعبة أعزها الله - ليس ثم أحد يعرفه .. (وأتم الصادق علیه السلام :)

- ويصبح الناس في مكة فيقولون من هذا الرجل الذي بجانب الكعبة ،

ص: 248

وما هذا الخلق الذي معه، وما هذه الآية التي رأيناها الليلة ولم تر مثلها؟ . فيقول بعضهم لبعض: هذا صاحب العنيزات .

قال أمير المؤمنين علیه السلام:

يظهر في شبهة ليستبين، فيعلو ذکره ، ويظهر أمره، وينادي باسمه وكنيته ونسبه. ويكثر ذلك على أفواه المحقين والمبطلين، والموافقين والمخالفين، لتلزمهم الحجة بمعرفتهم به !. على أنه قد قصصنا ودللنا عليه، ونسبناه وسميناه وکنيناه، وقلنا سمي جده رسول الله وکنیه، لئلا يقول الناس : ما عرفنا له اسما ولا کنية ولا نسباً. والله ليتحقق الإيضاح به وباسمه وكنيته على ألسنتهم حتى ليسميه بعضهم لبعض، كل ذلك للزوج الحجة عليهم. ثم يظهره الله كما وعد به جده صلی الله علیه وآله في قوله عزّوجل : «هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ» [التوبة: 33]... (روي بلفظه عن الصادق علیه السلام وقال مرة ثانية بعد تلاوة آية الكريمة :)

- هو الإمام الذي يظهر على الدين كله. وهذا تأويله بعد تنزيله. (ثم قال أمير المؤمنين علیه السلام مرة عند ذكر بني أمية :)

- وأيم الله لو فرقوكم تحت كل حجر، لجمعكم الله لشر يوم لهم !. فانظروا أهل بيت نبيكم، فإن لبدوا فالبدوا، وإن استنصروكم فانصروهم فليفرجن الله بغتة برجل منا أهل البيت!. بأبي ابن خيرة الإماء!. لا يعطيهم إلا السيف هرجا هرجا - أي قتلا - موضوعاً على عاتقه ثمانية أشهر، حتى تقول قریش : لو كان هذا من ولد فاطمة لرحمنا ..

« مَلْعُونِینَ أَیْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِیلا(61) سُنَّةَ اللَّهِ فِی الَّذِینَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِیلا(62) » [الأحزاب:61-62].

فهو يبشر القلة التي تبقى ليوم الظهور المبارك بالجمع والتجميع

ص: 249

والنصر، ويأمرها بلزوم السكوت ما زال القائم المنتظر علیه السلام ساكتاً.. ثم كأنه عرف أين حقيقة أمره وحثّنا على اليقظة بقوله :)

- إن لنا أهل البيت راية، من تقدمها سرق، ومن تأخر عنها زهق، ومن تبعها لحق. يكون مكتوباً في رايته : ألبيعة لله !.

- اللهم فاجعل بيعته خروجاً من الغمة، واجمع به شمل الأمة (وقال علیه السلام أيضا :)

- إذا هز رايته أضاء لها ما بين المشرق والمغرب، ووضع الله يده - أي يد المهدي علیه السلام على رؤوس العباد - أي سلطه عليهم- فلا يبقى مؤمن إلا صار قلبه أشد من زبر الحديد، وأعطي قوة أربعين رجلا. (وجاء عن الباقر علیه السلام مثله بزيادة : فلا يبقى مؤمن إلا دخلت الفرحة إلى قلبه !.. ثم روي عن أبي الحسن علیه السلام أيضا :)

- رايته مرط مخملة سوداء، مربعة فيها جمم، لم تنشر منذ توفي رسول الله صلی الله علیه وآله ولا تنشر حتى يخرج المهدي. يمده الله بثلاثة آلاف من الملائكة يضربون وجوه أعدائه وأدبارهم (روي قريب منه عن الصادقين علیهماالسلام مع اختلاف في اللفظ، كمثل: يضربون وجوه من خالفهم وأدبارهم... وقال علیه السلام :)

- ينشر راية رسول الله السوداء، فيسير الرعب قدامها شهراً، وعن يمينها شهراً، وعن يسارها شهراً. ويكون عليه قميص رسول الله الذي كان يرتديه في أحد، ودرعه السابغة. وعلى رأسه عمامة رسول الله صلی الله علیه وآله السحاب، وبيده سيفه ذو الفقار، يجرده ثمانية أشهر .. (وسير الرعب دلیل على شدة وطأة ثورته المباركة التي لا يقف في وجهها شيء مطلقا، لأنها تكون على الكافرين عذابا صبا !. وقد جاء مثله عن الصادق علیه السلام بلفظ :)

- إنه يخرج مؤتوراً غضبان أسفاً لغضب الله على الخلق، عليه قميص رسول الله صلی الله علیه وآله الذي كان عليه يوم أحد، وعمامته السحاب، ودرع رسول

ص: 250

الله السابغة، وسيف رسول الله ذو الفقار. يجرد السيف على عاتقه ثمانية أشهر، يقتل هرجاً. (وقال أمير المؤمنين علیه السلام :)

- بعد أن يخرج، يخرج إليه سبع رايات من الشام - أي من بلادنا الشامية بكاملها - فيهزمهم. (ولا بد أنها تكون فلول جيوش العرب المتفرقين شيعاً أحزابا .. ثم جاء عنه ما يبين به الفرق بين حرب القائم علیه السلام وحروبه ، بقوله :)

- كان لي أن أقتل المولى، وأجهز على الجريح. ولكن تركت ذلك للعاقبة من أصحابي - أي شيعته عبر التاريخ - إن جرحوا لم يقتلوا . والقائم له أن يقتل المولى ويجهز على الجريح. (ولذلك نجد الصادق علیه السلام يقول :)

- يسير فيهم يسيرة رسول الله، ويعمل فيهم بعمله. (ويسأله، يوما ما، صاحبه المعلی بن خنیس : أيسير المهدي علیه السلام إذا خرج بخلاف سيرة علي علیه السلام فيقول:)

- نعم، ذلك أن عليا سار بالمن والك، لأنه علم أن شيعته سيظهر عليهم من بعده. وإن القائم إذا قام، سار فيهم بالسيف والسبي، وذلك لأنه يعلم أن شيعته لم يظهر عليهم من من بعده أبدا. (وقد سئل الصادق علیه السلام مرة ثانية :)

- يسير القائم بسيرة علي بن أبي طالب في أهل السواد؟ . فقال : لا. وأمر إصبعه على حلقه ، فقال : هكذا - يعني الذبح - ثم قال : إن لكل أهل بيت نجيباً شاهداً شافعاً لأمثالهم.

(ومن تتمة حديث لأمير المؤمنين علیه السلام مر معنا في الموضوع السابق نذكر وصف بيعة الأنصار للمهدي علیه السلام الوارد في قوله :)

- ... يبايعون على أن لا يسرقوا، ولا يزنوا، ولا يسبوا مسلماً، ولا

ص: 251

يقتلوا مجرماً، ولا يهتكوا حريماً محرماً، ولا يهجموا منزلا، ولا يضربوا أحداً إلا بالحق، ولا يكنزوا ذهبا ولا فضة ولا برا ولا شعيراً، ولا يأكلوا مال اليتيم، ولا يشهدوا بما لا يعلمون، ولا يخرجوا مسجداً ، ولا يشربوا مسكراً، ولا يلبسوا الخزّ ولا الحرير، ولا يتمنطقوا بالذهب، ولا يقطعوا طريقاً، ولا يخيفوا سبيلا ، ولا يفسقوا بغلام، ولا يحبسوا طعاما من بر ولا شعير. ويرضون بالقليل ويشتمون على الطيب، ويكرهون النجاسة، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويلبسون الخشن من الثياب، ويتوسدون التراب على الخدود، ويجاهدون في الله حق جهاده .. ويشترط على نفسه لهم : أن يمشي حيث يمشون، ويلبس كما يلبسون، ويركب كما يركبون، ويكون من حيث يريدون، ويرضى بالقليل، ويملأ الأرض بعون الله عدلا كما ملئت جوراً، يعبد الله حق عبادته، ولا يأخذ حاجبا ولا بواباً ...

(وروي عنه هذا الحديث بغير هذا الترتيب. ولكن بنفس الشروط.. وجاء عن النبي صلی الله علیه وآله؛ قوله بالنسبة لجيش السفياني الذي يخرب المدينة ويتوجه إلى مكة لمحاربة المهدي علیه السلام :)

- يبعث الله جبرائيل فيقول : يا جبرائيل اذهب فأبدهم. فيضربها برجله ضربة يخسف الله بهم عندها، ولا يفلت منهم إلا رجلان من جهينة. (أي إنه يضرب أرض البيداء فتنخسف بالجيش وتطوية الأرض في بطنها ولا ينجو سوى اثنين .. وقال أمير المؤمنين علیه السلام في حديث له عن ذلك الجيش :)

- .. ويخرج رجل من الجيش في طلب ناقة له، ثم يرجع إلى الناس فلا يجد منهم أحداً ولا يحس بهم. وهو الذي يحدث الناس بخبرهم . (وقال علیه السلام مفصلا :)

- ثم يقبل على القائم رجل وجهه إلى قفاه، ويقف بين يديه ، ويقول: يا سيدي، أنا بشير، أمرني ملك من الملائكة أن ألحق بك فأبشرك بهلاك

ص: 252

جيش السفياني بالبيداء. فيقول القائم : بين قصتك وقصة أخيك، فيقول الرجل : كنت وأخي في جيش السفياني وخربنا الدنيا من دمشق إلى الزوراء وتركناها جماء، وخربنا الكوفة، وخربنا المدينة وكسرنا المنبر في حضرة الرسول، وراثت بغالنا في مسجده. وخرجنا منها وعددنا ثلاثون ألف رجل، نرید خراب البيت (الكعبة) وقتل أهل مكة. فلما صرنا في البيداء عرسنا فيها، فصاح بنا صائح : يا بيداء، أبيدي القوم الظالمين !.فانفجرت الأرض وابتلعت كل الجيش، ووالله ما بقي على وجه الأرض عقال ناقة فما سواه غيري وغير أخي. فإذا نحن بملك قد ضرب وجهينا فصارا إلى الوراء كما ترى. فقال لأخي : ويلك يا نذیر، امض إلى السفياني بدمشق فأنذره بظهور المهدي من آل محمد، وعرفه أن الله قد أهلك جيشه بالبيداء، وقال لي: يا بشير، إلحق بالمهدي بمكة، وبشره بهلاك الظالمين، وثب على يده فإنه يقبل توبتك. فيمر القائم يده على وجهه فيرده سالما سويا كما كان، ويبايعه ويكون معه. (وقد روي هذا عن الصادق علیه السلام أيضا.. ولا عجب في معجزته هذه، فهو مؤيد قال فيه جده أمير المؤمنين علیه السلام :)

- يبعث الله رجلا في آخر الزمان وکلب من الدهر وجهل من الناس، يؤيده الله بملائكته ويعصم أنصاره، وينصره بآياته، ويظهره على الأرض حتى يدينوا طوعا أو كرها، يملأ الأرض عدلا وقسطاً ونوراً وبرهانا ، یدین اله عرض البلاد وطولها. لا يبقى کافر إلا آمن، ولا طالح إلا صلح.( وقد روي خبر الخسف عن الصادق علیه السلام هكذا :)

- إذا بعث السفياني جيشه من اثني عشر ألف رجل يطلب المهدي من المدينة إلى مكة . تنخسف به البيداء. (وقال عن نهاية السفياني :)

- تقع حرب عظيمة، يفنی بها جیش السفياني إلا شرذمة يهرب هو معها، فيلحقه قائد من قواد المهدي اسمه صاح فيأسره ويأتي به إلى

ص: 253

المهدي في صلاة العشاء الآخرة. فيستشير المهدي أصحابه بشأنه فيرون قتله، ثم يقودونه إلى ظل شجرة مدلاة الأغصان، ويذبح كما تذبح الشاة... (ثم قال يصف هذه المعركة النهائية :)

- .. فيخرج بخيله وقومه ورجاله وجيشه، ومعه مائة ألف وسبعون ألفا، فينزل بحيرة طبرية. ويسير إليه المهدي في الليل ويكمن في النهار والناس يتبعونه حتى يواقع السفياني على بحيرة طبرية، فيغضب الله على السفياني، ويغضب خلق الله لغضب الله تعالى فترشقهم الطير بأجنحتها، والجبال بصخورها، والملائكة بأصواتها، ولا تكون ساعة حتى يهلك الله أصحاب السفياني كلهم، ولا يبقى على الأرض غيره وحده، فيأخذه المهدي علیه السلام فيذبحه تحت الشجرة التي أغصانها مدلاة على بحيرة طبرية ، ويملك مدينة دمشق. وقال علیه السلام :)

- إذا اشتد القتل قلتم: مات أو هلك في أي واد سلك، ذلك تأويل الآية: «ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا» [الإسراء: 6]. (فسينكرون كونه القائم المهدي لشدة فتكه وعدم هوادته مع العصاة.. ثم حدث عن بقية خطواته يوم الفتح فقال :)

- ثم يأمر المهدي بإنشاء مراكب، يبني أربعمائة سفينة في ساحل عکا. ويوافي المهدي طرطوس فيفتحها، ويتقدم إلى أنطاكية فيفتحها .. ويهاجم القسطنطينية فيفتحها، ويتوجه إلى بلاد الروم فيفتح رومية مع أصحابه .. (ثم جاء عنه في وصف الفتوحات، مؤكداً بجزمه المعتاد:)

- لأبنینّ بمصر منبراً، ولأنقضن دمشق حجراً حجراً، ولأخرجن اليهود من كل كور العرب (أي من جميع الأقاليم) ولأسوقن العرب بعصاية هذه، يفعله رجل مني.

(وفي هذا الحديث دليل على أن اليهود قد يحتلون من بلاد العرب أكثر من إقليم بالدهاء والمماطلة وكسب الوقت وتفويت الفرصة على أعدائهم

ص: 254

كما هو شأنهم، ثم تنتهي الغوغاء التي نعيشها ويكون مكر اليهود كالزبد يذهب جفاء.. كما يعلمون من کتبهم التي يقدسونها .. (وقال علیه السلام :)

- كأني به قد عبر وادي السلام إلى مسجد السهلة على مقربة من نجف الكوفة، وقد لبس درع رسول الله صلی الله علیه وآله يركب على فرس أدهم محجل له شمراخ يزهر - أي له غرة بيضاء - ينتفض به انتفاضة لا يبقى أهل بلاد إلا وهم يرونه أنه معهم في بلادهم، يدعو ويقول: لا إله إلا الله حقاً ، حقا ، لا إله إلا الله إيمانا وصدقاً، لا إله إلا الله تعبدا ورقا. اللهم معزّ كل مؤمن وحيد، ومذل كل جبار عنيد، أنت كنفي حين تغييني المذاهب وتضيق علي الأرض بما رحبت. اللهم خلقتني وكنت غنياً عن خلقي، ولولا نصرك إياي لكنت من المغلوبين .. يا منشر الرحمة من مواضعها، ومخرج البركات من معادنها. ويا من خص نفسه بشموخ الرفعة فأولياؤه بعزة يتعززون. یا من وضعت له الملوك نير المذلة على أعناقهم، فهم من سطوته خائفون، أسألك باسمك الذي فطرت به خلقك فكلّ لك مذعنون، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تنجز لي أمري، وتعجل الفرج، وتكفيني وتعاقبني، وتقضي لي حوائجي الساعة الساعة الليلة الليلة، إنك على كل شيء قدير .. (روي عن الرضا علیه السلام القسم الأول بلفظه. وجاء عن الباقر علیه السلام بلفظ :)

- كأني أنظر القائم على ظهر النجف، ليس درع رسول الله تتقلص عليه، ثم ينتفض بها فتستدير عليه، ثم يغشى بثوب إستبرق، ثم يركب فرسا أدهم أبلق بين عينيه شمرخ، فينتفض به انتفاضة حتى لا يبقى أهل بلد إلا أتاهم نور ذلك الشمراخ فيظنون أنه معهم في بلادهم، حتى تكون آية .

(وبهذا اللفظ ورد عن الصادق علیه السلام . وقد تكون الرؤية بواسطة التلفزيون الذي يطلعنا يوميا على أحداث الدنيا ووقائعها، إذا لم يكن في الأرض آية تفوف آية التلفزيون سيهتدي إليها الناس، أو سيختص بها المهدي علیه السلام .. ثم ورد هذا الوصف عن الصادق علیه السلام مرة ثانية بلفظ :)

ص: 255

- كأني أنظر إلى القائم على نجف الكوفة، عليه خداجة من إستبرق - أي قطعة ديباج - يلبس درع رسول الله صلی الله علیه وآله، فإذا لبسها انتفضت به انتفاضة حتى تستدير عليه. ثم يركب فرساً أدهم أبلق بين عينيه شمراخ، بين يديه راية رسول الله صلی الله علیه وآله.. إلخ...

(فمن من المخلوقات يتجرأ أن يقول ما قاله النبي صلی الله علیه وآله، وأوصياؤه، ويملك قدرةالقول بهذا الجزم منذ أربعة عشر قرنا : لا يبقى أهل بلد إلا وهم يرون أنه معهم في بلادهم؟!.

أم من يتمكن أن يقول: فيظنون أنه معهم في بلادهم؟! أو يتكلم عن الحصان وشمراخه ويصف لباسه وكلامه وموقفه كأنه شاهده منذ لحظات!!! .

ألا إن هذا من أعلام النبوة، وهو وحده دليل ينادي على نفسه بالصدق!. وانتظر أيها القاريء أعجب من ذلك فيما يلي، حيث تشعر بأن النبي صلی الله علیه وآله وأهل بيته كأنهم قد عايشونا وحادثونا وعاشرونا فوصفونا ووصفوا حياتنا أدقّ وصف.. أما عن نهاية حروبه فقال أبو الحسن علیه السلام :)

- ثم يتوجه المهدي إلى القدس الشريف بألف مركب، فينزلون الشام - يعني جماعته وجيشه - وفلسطين بين صور وعكا وغزة وعسقلان... وينزل المهدي بيت المقدس. (وقال علیه السلام :)

- ويتوجه إلى الآفاق، فلا يبقى مدينة وطئها ذو القرنين إلا حلها وأصلحها، ولا يبقى کافر إلا هلك على يديه، ويشفي الله قلوب أهل الإسلام.

قال الإمام زين العابدین علیه السلام :

كأني بصاحبكم علا فوق نجفكم بظهر كوفان، معه أنصار أبيه تحت

ص: 256

راية رسول الله قد نشرها، فلا يهوي بها إلى قوم إلا أهلكهم الله عزّوجل . (ولا يخفى أن هلاك القوم يكون بحماة الراية ومن التف حولها من أبطال، لا بالراية نفسها، فهي رمز قوتهم وشدة وطأتهم، ولذلك كانت ترعب من یری خفقانها الذي يوع الإنذارات بالموت كاسمى ما تكون عليه راية حق تدمع الباطل وتزهقه!. فسيكون مجرد توجيهها نحو الأعداء إيذانا بتدميرهم بهذا المعنى،وبمعنی عدائهم لها واعتقادهم بأنها تحمل القاضية وتصب جام غضب الله وسخطه على عصاة أمره!!! وقد ورد عن الباقر علیه السلام وصف لموقف القائم في الكوفة قال فيه :)

- كأني بقائم أهل بيتي قد أشرف على نجفكم هذا - وأومأ بيده إلى ناحية الكوفة - فإذا هو أشرف نشر راية رسول الله ، فإذا هو نشرها انحطت عليه ملائكة بدر ... عودها من عمد عرش الله ورحمته ، وسائرها من نصر الله، لا يهوي بها إلى شيء إلا أهلکه الله !. يأتيه بها جبرائيل علیه السلام :)

(فما أروع هذا التشبيه الذي يجعل للراية الكريمة الهيبة العلوية والهالة القدسية!. وليس الله تعالی عرش من عيدان، ولكن راية النبي صلی الله علیه وآله محاطة بعناية الله ، محفوفة برحمته، مؤزرة بقدرته ... ثم قال سید الساجدين علیه السلام أيضا :)

- أما إن ذا القرنين قد خير بين السحابين، فاختار الذلول وذخر لصاحبكم الصعب. فقيل له: وما الصعب؟ فقال: ما كان من سحاب فيه رعد وصاعقة وبرق فصاحبكم يركبه !. أما إنه سيركب السحاب، ويرقي في الأسباب : أسباب السماوات السبع والأرضين السبع : خمس عوامر واثنتان خربتان!.

(وأيضا كأن الأئمة علیهم السلام يمسكون بأصابعنا في هذا الزمان ليضعوها على علامات ظهور القائم علامة بعد علامة!. فلصاحب الأمر علیه السلام ركوب الطائرة التي فيها رعد وصاعقه وبرق!. هذا إذا لم يكن قد أعد الله

ص: 257

تعالی له ما هو أكثر رعبا وأسرع فتكاً.. ولكننا سنبقى على الأرض ونتكلم كأهل الأرض .. وسيكون سيره في الأجواء وسيرقى الأسباب، وسيجوز عنان السماء ككل واحد منا في عصر الطيران لا أكثر.. ففي وسائلنا صوت (راعد) ونور (خاطف) وصوت (صاعق).

هذا وقد كشف لنا هذا الحديث عن ناحية هامة جداً، تدل على سبق حرب نووية ستدمر قارتين من الكرة الأرضية! وأعتقد - في شبه جزم - أنهما أميركا وأوقيانيا اللتان لم يرد ذكرهما في خبر من الأخبار، إلى جانب ما يخرب من غربي وشمالي أوروبا، ومن شمالي آسیا بدلیل عدم ذكر تلك المناطق في أي خبر من الأخبار في حروب القائم علیه السلام أو في تحديد دولته ..) .

قال الإمام الباقر علیه السلام :

(جاء عنه في تأويل الآية : «وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» [الإسراء: 81.]

- إذا قام القائم ذهبت دولة الباطل. (ومن ذاق مرارة دولة الباطل كما ذقت یا مولاي وكما ذاق آباؤك وأجدادك وأبناؤك؟!. فلا عجب أن تزف إلينا هذه البشري، وتعدنا فيها بزوال کابوس الباطل التي ترزح تحته الإنسانية في عصرنا الحاضر ... ثم قال علیه السلام :)

- القائم منا منصور بالرعب، مؤيد بالنصر، ظؤى له الأرض، وتظهر له الكنوز، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب .. (وقد روي عن الصادق علیه السلام مثله . وما أحرى الأرض بأن تطوي لنا حين نثب بالطائرة من قارة إلى قارة كالبرق الخاطف ! . وبذلك تقصر المسافات، وتنعدم المشقات، كما أنها تقصر بالسيارة وتزداد قصراً - وطيا - بالمركبة الفضائية، بل إن الصاروخ ليطوي الأرض كلها بأقل مما يرتد إلينا طرفنا.. هذا مضافاً إلى ما في أمر المهدي علیه السلام وأمر أنصاره من عناية إلهية وتأیید رباني سيذلل كل صعب

ص: 258

ويسهل كل عسير، فيدمغ بعض العقول التي أصبحت رجوماً وبروجاً للشياطين !!! وتم الباقر علیه السلام وصف حروبه بقوله :)

- يجرد السيف على عاتقه ثمانية أشهر هرجا - أي قتلا - حتى يرضى الله . (ثم تابع في حديث آخر قائلا :)

- إن رسول الله سار في أمته باللين والمن وكان يتألف الناس. والقائم يسيربالقتل ولا يستتيب أحداً .. بذلك أمر في الكتاب الذي معه. ويل لمن ناواه!. (وروي عن الصادق علیه السلام مثله. ولا اختلاف بين الحديثين، فإنه يسير بسيرة رسول الله حيث العدل وإحقاق الحق، ولكنه مأمور بالفتك في المعاندين والعصاة .. وقال الباقر علیه السلام :)

يسند ظهره إلى الحجر - أي الحجر الأسود المبارك في ركن الكعبة أعزها الله - ويهز الراية المغلبة. (وقيل : هي راية رسول الله المعلمة. والتحريف في كلا الحالين من كثرة النقل. وقال :)

- يظهر في آخر الزمان. على رأسه غمامة بيضاء تظله من الشمس، فيها ملك ينادي بلسان عربي فصيح : هذا المهدي فاتبعوه. (وقد روي قريب منه عن النبي صلی الله علیه وآله .. ومن ألطف ما مر معي من التحريف في النقل القول: يلبس عمامة بيضاء، فيها ملك ينادي : البيعة الله !!!. فقد استعمل الناقل لفظة (عمامة) بدل لفظه (غمامة) وأجلس الملك في العمامة سامحه الله !!! ثم قال الباقر علیه السلام يصف هؤل المواقع :)

- يظهر بالسيف! ولو استقامت الأمور لأحد، لاستقامت لرسول الله صلی الله علیه وآله حيث أدمنت رباعيته وشج في وجهه. والذي نفسي بيده حتى نمسح نحن وأنتم العرق والعلق (أي الدم) والقوم على السروج. (وجاء عن الصادق علیه السلام مثله، وعن الرضا علیه السلام قريب منه: ولعل في استعماله الأئمة للفظة السروج إشارة إلى فرش المراكب الحديثة التي تشبه السروج

ص: 259

إذا كانوا لم يقصدوا الخيول بالذات، وسینکشف واقع ذلك قريبا بإذن الله .. ثم قال علیه السلام :)

- من أدركها منكم كان عندنا في السنام الأعلى، وإن قبضه الله قبل ذلك خار له. (وأكمل البيان في حديث آخر جاء فيه :)

- لو قد خرج قائم آل محمد، لنصره الله بالملائكة المسومین والمردفين والمنزلين والكروبيين. يكون جبرائيل على مقدمته، ومیکائیل على ساقته، وإسرافيل عن يساره، والرعب يسير أمامه وخلفه وعن يمينه وشماله، والملائكة المقربون خدامه. أول من يبايعه شيعة محمد وعلي . يأتي ولله سيف مخترط (أي مسلول) يفتح الله له الروم والصين والترك والسد والهند وکابل شاه والخزر!. (وقال مدللا على أن الأئمة علیهم السلام أولهم وآخرهم واحد من جهة، وعلى أن القائم علیه السلام هو ثمال الباقين :)

- من أدرك منكم قائمنا فليقل حين يراه : السلام عليكم يا أهل البيت النبؤة. ومعدن العلم، وموضع الرسالة .. (وقال :)

- إذا ظهر قائمنا أهل البيت، قال للناس : «فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ» [الشعراء: 21] (لا مرسلا برسالة جديدة، بل لإحياء الدين ونشر لواء العدل وإحقاق الحق وإبطال الباطل): خفتكم على نفسي، وجئتكم لما أذن ربي وأصلح أمير. (روي مثله عن الصادق علیه السلام وقال الباقر أيضا):

- ينتهي إلى المقام فيصلي ركعتين، وينشد الله ويقول:«أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ»[النمل: 62]. (روي هذا بلفظه عن الصادق علیه السلام ثم ختمه قائلا :)

- نزلت في القائم. والله هو المضطر، يجيبه الله ويكشف عنه السوء، ويجعله خليفة في الأرض. (وقال الصادق علیه السلام أيضا :)

ص: 260

- إن القائم إذا خرج دخل المسجد الحرام، فيستقبل القبلة ويجعل ظهره إلى المقام ثم يصلي ركعتين، ثم يقوم فيقول: يا أيها الناس، أنا أولى بآدم، أنا أولى الناس بإبراهيم، أنا أولى بإسماعيل، أنا أولى الناس بمحمد.. ويدعو ويتضرع. (وقال الباقر علیه السلام مفصلا :)

- والله لكأني أنظر إليه وقد أسند ظهره إلى الحجر، ثم يقول : يا أيها الناس، إنا نستنصر الناس على من ظلمنا وسلب حقنا. إنا أهل بیت نبیکم محمد صلی الله علیه وآله، ونحن أولى الناس بمحمد. من يحاجنا في الله فإنا أولى الناس بالله، ومن يحاجنا في آدم فإنا أولى الناس بادم، ومن يحاجنا بنوح فإنا أولى الناس بنوح، ومن يحاجنا بإبراهيم فإنا أولى الناس بإبراهيم، ومن يحاجنا بمحمد فإنا أولى الناس بمحمد، ومن يحاجنا بالنبيين فإنا أولى الناس بالنبيين، ومن يحاجنا في كتاب الله فإنا أولى الناس بكتاب الله، أليس يقول الله في محكم كتابه : «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِیمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِینَ (33) ذُرِّیَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ (34)» [آل عمران:33-34]

فأنا بقية من آدم، وذخيرة من نوح، ومصطفى من إبراهيم، وصفوة من محمد صلی الله علیه وآله.. ألا ومن حاجني في سنة رسول الله فأنا أولى الناس بسنة رسول الله ، فأنشد الله من سمع كلامي اليوم، لما بلغ الشاهد منكم الغائب. وأسألكم بحق الله ورسوله وبحقي فإن لي عليكم حق القربي من رسول الله، إلا اغتنمونا ومنعتمونا ممن يظلمنا، فقد أخفنا وظلمنا، وطردنا من ديارنا وأبنائنا، وبغي علينا ودفعنا عن حقنا، فافترى أهل الباطل علينا ..

فالله الله فينا لا تخذلونا، وانصرونا ينصركم الله، إنا نستنصر اليوم كل مسلم. ثم يدعو الناس إلى كتاب الله وسنة نبيه والولاية، ومع عهد رسول الله صلی الله علیه وآله. فيقوم رجل فينادي : أيها الناس، هذا طلبتكم قد جاءكم يدعوكم

ص: 261

إلى ما دعاكم إليه رسول الله صلی الله علیه وآله. فيقوم هو فيقول: - أنا ابن نبي الله ، أدعوكم إلى ما دعاكم إليه نبي الله .. (ثم قال علیه السلام :)

أول من يبايعه جبرائیل علیه السلام ، ثم الأنصار.

- وقد سئل عن تأويل الآية : «سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ» [المعارج: 1]، فقال : نار (أي حرب) تخرج من المغرب (أي مغرب الحجاز، يعني مكة) وملك يسوقها من خلفها، فلا تدع داراً لبني أمية إلا أحرقتها وأهلها ، ولا تدع داراً فيها وتر لآل محمد إلا أحرقتها، ذلك هو المهدي (ثم قال مبيناً عدد أفراد جيشه بعد هذه المدة الوجيزة :)

- ثم يخرج من مكة حين يكون في مثل الحلقة: عشرة آلاف رجل، جبرائیل عن يمينه ومیکائیل عن شماله. ثم يهزّ راية رسول الله، وعليه درعه، وبيده سيفه ذو الفقار. (وقد روي هذا عن الصادق علیه السلام بلفظه ، وروي عنه أيضا بهذا المعنى :)

- أول ما ينطق به هذه الآية : «بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ » [هود: 86]، ثم يقول: أنا بقية الله وحجته وخليفته عليكم، فلا يسلم عليه مسلم إلا قال: السلام عليك يا بقية الله في أرضه. فإذا اجتمع عليها لعقد: وهو عشرة آلاف رجل، لم يبق في الأرض معبود دون الله عزّوجل من صنم أو وثن أو غيره إلا وقعت فيه نار فأحرقته.. (ووقوع النار هنا إن لم تكن من السماء فهي نار حربه التي تحرق الأوثان الحجرية والخشبية والبشرية من المترببین من الناس !!! ثم قال علیه السلام ساعة انطلاق جيش الله من بيت الله ويصف زاد جیش الهدی وتموينه وما يحمله معه :)

- إذا قام بمكة وأراد أن يتوجه إلى الكوفة نادى مناديه : ألا لا يحملن أحد طعاماً ولا شراباً . ويحمل معه حجر موسی بن عمران علیه السلام وهو وقر بعير، فلا ينزل منزلا إلا انفجرت منه عيون، فمن كان جائعاً شبع، ومن كان ظامئاً روي، ورويت دوابهم. فهو زادهم حتى ينزلوا النجف من ظهر

ص: 262

الكوفة. فيخرج بها بضعة عشر ألفاً يدعون التبرئة منه ويقولون : ارجع من حيث أتيت، فلا حاجة لنا في بني فاطمة، فيضع فيهم السيف حتى يأتي على آخرهم، فيقتل كل مرتاب، ويقتل مقاتليه، ثم ينزل النجف...

(وأصحاب التبرئة هؤلاء ليسوا من الكوفة وحدها، ولا من النجف فقط، ولكنهم يتجمعون من صفوف من تبرأوا من علي بن أبي طالب، والعياذ بالله، على يد جيش السفياني، ومن ألطف تحريفات النقل أن بعض النساخ كتب : (يدعون البترية) بدل: (يدعون التبرئة) ثم فسّر ذلك وأتعب نفسه في نسبتهم إلى فلان الأبتر، وضاع وأضاع غيره ممن تبعه في النقل عنه، واضطر لأن يعقد فصلا خاصا لهذه الطائفة وارتبك في محل إقامتها وكيفية تجميعها هناك يومذاك !!! فتأمل ..

ثم قال علیه السلام في وصف الخسف بجيش السفياني قبيل خروجه من مكة :)

- ويبعث السفياني بعثاً إلى المدينة، فيفر المهدي منها إلى مكة. فيبلغ أمير الجيش أن المهدي قد خرج إلى مكة، فيبعث جيشا على أثره فلا يدركه حتى يدخل مكة خائفاً يترقب على سنة موسی بن عمران. وينزل أمير جيش السفياني البيداء، فينادي مناد من السماء : یا بیداء أبيدي القوم، فيخسف بهم فلا يفلت منهم إلا ثلاثة نفر يحول الله وجوههم إلى أقفيتهم.. (وورد بلفظ :)

- فإذا جاء إلى البيداء، يخرج إليه جیش السفياني، فيأمر الله الأرض فتأخذهم من تحت أقدامهم، وهو قول الله عزّوجل : ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت، وأخذوا من مكان قريب. وقالوا : آمنا به (يعني القائم علیه السلام ) وأني لهم التناوش من مكان بعيد، وقد كفروا به من قبل، ويقذفون بالغيب من مكان بعيد، وجيل بينهم وبين ما يشتهون، كما فعل بأشياعهم من قبل، إنهم كانوا في شك مريب فلا يبقى منهم إلا رجلان: وتر ووتيرة من مراد (أي قبيلة مراد) وجه كل منهما في قفاه، يمشيان القهقري، يخبران الناس

ص: 263

بما فعل بأصحابهما. (كما بينا فيما سبق عن بشير ونذير .. ثم قال يبين ما ينزل بالمردة والعتاة وكفرة الناس :)

- لو علم الناس ما يصنع المهدي إذا خرج، لأحب أكثرهم أن لا يراه مما يقتل من الناس!. أما إنه ليبدأ بقريش، فلا يأخذ منها إلا السيف ، ولا يعطيها إلا السيف، حتى يقول كثير من الناس : ما هذا من آل محمد، لو كان من آل محمد لرعم. (عزّوجلوي بلفظه عن الصادق علیه السلام ثم قال الباقر علیه السلام عن قريش التي جرعت النبي صلی الله علیه وآله الأذى في حياته وبعد لحوقه بربه :)

- ما بقاء قريش، إذا قدم القائم المهدي منهم خمسمائة فضرب أعناقهم، ثم قدم خمسمائة فضرب أعناقهم صبراً، ثم خمسمائة فضرب أعناقهم، وإن مولى القوم منهم. (أي إن من بين المضروبة أعناقهم صبراً لا أثناء المعركة يكون مولاهم السفياني .. ولا تعجب فقد جاء عنه علیه السلام في تأويل :)

- «إِنَّهُمْ یَکِیدُونَ کَیْدًا (15) وَأَکِیدُ کَیْدًا (16) فَمَهِّلِ الْکَافِرِینَ أَمْهِلْهُمْ رُوَیْدًا (17) » [ الطارق: 15-17]، قال : أمهل الكافرين يا محمد رویدا، لو بعث القائم فينتقم من الجبارين والطواغيت من قريش وبني أمية وسائر الناس .. (وقال الباقر علیه السلام يصف الخطوات الأولى للثورة المباركة :)

- ... ويستعمل على مكة - أي يعين عاملاً، حاکماً- ثم يسير نحو المدينة، فيبلغه أن عامله قتل، فيرجع إليهم فيقتل المقابلة ولا يزيد على ذلك. ثم ينطلق فيدعو الناس ما بين المسجدين - المسجد الحرام، ومسجد النبي صلی الله علیه وآله - إلى كتاب الله وسنة رسوله والولاية لعلي بن أبي طالب والبراءة من عدوه ، حتى يبلغ البيداء فيخرج إليه جيش السفياني فيخسف بهم .. (ثم يكمل الباقر علیه السلام وصف المراحل بقوله :)

- يخرج عائداً إلى المدينة حتى يمر بالبيداء، فيقول هذا مكان القوم

ص: 264

الذين خسف بهم، وهي الآية التي قال الله : «أَفَأَمِنَ الَّذِینَ مَکَرُوا السَّیِّئَاتِ أَنْ یَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الأرْضَ أَوْ یَأْتِیَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَیْثُ لا یَشْعُرُونَ (45) أَوْ یَأْخُذَهُمْ فِی تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِینَ(46)» [النحل: 45-46]؟!. (ثم قال في حديث ثان :)

- ثم يدخل المدينة (يثرب) وتقاومه قريش وغيرها، فيمنحه الله أكتافهم ويمكنه منهم. (وقال يصف وجوده بجوار جده صلی الله علیه وآله:)

- يقول في المدينة مخاطباً جده صلی الله علیه وآله: یا جداه، وصفتني ودللت علي، ونسبتين وسميتني وکنیتني، فجحدتني الأمة وقال : ما وُلد، ولا كان، وأين هو؟ ومتى كان؟ وأين يكون؟. وقد مات ولم يعقب (أي أبوه) ولو كان صحيحا ما أخره الله تعالى إلى هذا الوقت المعلوم، فصبرت محتسباً، وقد أذن الله لي فيها بإذنه . (ثم قال متابعاً التحركات الميمونة :)

- يخرج من الحجاز ... حتى يستوي على منبر دمشق. (وعن فرحة الموالين قال :)

- .... فيخرج من مكة متوجها إلى الشام، يفرح به أهل السماء وأهل الأرض، والطير في الهواء والحيتان في البحر. (وعن صدى الزحف الكريم قال :)

- ... وتقع الصيحة بدمشق : إن أعراب الحجاز قد جمعوا لكم. فيقول السفياني لأصحابه : ما يقول هؤلاء القوم؟. فيقال له: هؤلاء أصحاب تمر وإبل، ونحن أصحاب خيل وسلاح، فاخرج بنا إليهم. فيخرج السفياني بخيله وقومه ورجاله وجيشه، ومعه مائة وسبعون ألفا . فينزل بحيرة طبرية.. ويسير إلى المهدي، يسير في الليل ويكمن في النهار، والناس يتبعونه، حتى يواقع السفياني على بحيرة طبرية، فيغضب الله على السفياني ويغضب خلق الله لغضب الله تعالى، فترشقهم الطير بأجنحتها ، والجبال بصخورها، والملائكة بأصواتها،ولا تكون ساعة حتى يهلك الله أصحاب السفياني كلهم، ولا يبقى على وجه الأرض غيره وحده، فيأخذه

ص: 265

المهدي فيذبحه تحت الشجرة التي أغصانها مدلاة على بحيرة طبرية قرب مدينة دمشق. (وروي عن النبي صلی الله علیه وآله قوله المختصر في وصف هذه الواقعة :)

- ويبعث السفياني إليه - أي إلى المهدي علیه السلام - بعثاً، فيظهرون عليهم. وذلك بعث كلب، والخيبه لمن لم يشهد غنيمة كلب . (ثم روي عن الباقر علیه السلام في وصف متابعة الأحف المقدس :)

- ثم يسير حتى يأتي العذراء هو ومن معه وقد ألحق به ناس كثير، والسفياني يومئذ بوادي الرملة. حتى إذا التقوا يخرج أناس كانوا مع السفياني من شيعة آل محمد، ويخرج أناس كانوا مع آل محمد إلى السفياني فهم من شيعته حتى يلتقوا بهم، ويخرج كل أناس إلى رايتهم، وهو يوم الأبدال. ويقتل يومئذ السفياني ومن معه حتى لا يدرك منهم من خبر . والخائب يومئذ من خاب من غنيمة کلب. ثم يقبل إلى الكوفة فيكون منزله فيها.. (وغنيمة کلب هي أسلاب قبيلة کلب التي تربطها الخؤولة بالسفياني، وأسلاب السفياني أيضا وجميع من كانوا معه .. ثم روي قريب منه عن الصادق علیه السلام ختمه بقوله :)

- ثم ينشأ رجل من قريش أخواله من کلب، فيبعث بعثاً فيظهرون عليهم، وذلك بعث كلب، والخيبة لمن لم يشهد غنيمة کلب . (وجاء عنه أيضا قوله علیه السلام :)

- إذا قام القائم وبعث بجيشه إلى بني أمية، هربوا إلى الروم، فيقول لهم الروم : لا ندخلكم حتى تدخلوا في ديننا، فيفعلون. ويدخلونهم..

(يدخلونهم في دينهم : أي في مبدئهم السياسي المجسد في حرب الإمام) فإذا نزل بحضرتهم أصحاب القائم طلبوا الأمان والصلح، فيقول أصحاب القائم : لانفعل حتى تدفعوا إلينا أهل متنا، فيدفعونهم إليهم. وذلك قول الله تعالى :«فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا یَرْکُضُونَ (12) لا تَرْکُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا

ص: 266

أُتْرِفْتُمْ فِیهِ وَمَسَاکِنِکُمْ لَعَلَّکُمْ تُسْأَلُونَ (13) قَالُوا یَا وَیْلَنَا إِنَّا کُنَّا ظَالِمِینَ(14) فَمَا زَالَتْ تِلْکَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِیدًا خَامِدِینَ(15)» [الأنبياء: 12-15] بالسيف . وقد روي عن الصادق علیه السلام مثله بزيادة : القائم يسأل بني فلان عن كنوز بني أمية . ثم قال في تأويل الآية الكريمة :)

- «وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ» [الشورى: 41]، والقائم إذا قام انتصر من بني أمية ومن المكذبين والنصاب، هو وأصحابه . وهو قول الله تبارك وتعالى : «إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ۚ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» [الشوری : 42].

- وقال في تفسير الآية : «يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ» [الرحمن: 33] : ينزل القائم يوم الرجعة بسبع قباب من نور ولا يعلم في أيها هو ، حتى ينزل ظهر الكوفة.

(وفي هذا التأويل دليل على أنه - بعد الخسف بجيش السفياني والخروج من يثرب - ينزل العراق بسرب طائرات تخترق أنوارها الأجواء لیلا بحسب ظاهر الكلام، ويكون نزوله في موكب مؤلف من سبع طائرات، بدليل القول بأن للقائم في الهواء خيل مسرجة ملجمة، ولها أجنحة. أفنريد أوضح من وصفها الذي لم يترك ذكر الأجنحة؟!. هذا وإن التاريخ لم يغفل عن ذكر خيل النبي سليمان علیه السلام ذوات الأجنحة كما سترى قريبا .

ووالله إن العاقل ليقف خاشعاً أمام مثل هذه الأخبار التي حكيت منذ ثلاثة عشر قرنا، ويجمجم نطفه الإكبار لمثل هذه الشخصيات الفذة التي طمسها ظلم التاريخ المزور على يد أعداء الإنسانية ، لأن قائليها لم يكونوا - ولا كانوا في الحقيقة وواقع الأمر - لطائفة دون طائفة ولا لأصحاب عقيدة دون غيرهم .. ولكنهم على كل حال ما ضاعوا ولن يضيعوا، ولن

ص: 267

يزدادوا إلا رفعة، ولم يضع علمهم ولن يضيع، ولا يزاد إلا تألقاً ووضوحا وانکشافاً لكل ذي بصيرة !!!.

هذه؛ ولن ننسى الإشارة إلى أنه ربما ركب سرير النبي سليمان بن داود علیه السلام - أي بساط الريح المشهور - في ذلك السرب - لأنه جاء عن الباقر علیه السلام نفسه بصراحة :)

- ... ويسير نحو الكوفة، وينزل على سرير النبي سليمان علیه السلام و بيمينه عصا موسى، وجليسه الروح الأمين وعيسى ابن مريم، متشحاً ببرد النبي، متقلداً بذي الفقار، ووجهه كدائرة القمر في ليالي كماله، يخرج من بين ثناياه نور کالبرق الساطع، على رأسه تاج من نور.( الأمر الذي يدل على أن سرير سليمان علیه السلام يكون معه بعد أن استخرجه من القدس أثناء وجوده فيها. وبذلك قرب الباقر علیه السلام كيفية ركوب القائم علیه السلام الريح، وكيفية سيره في الجو : إما على بساط الريح الذي يحمل سكان مدينة بكاملها مع زادهم وأسلحتهم وأمتعتهم، وإما على الخيل المسرجة الملجمة، وإما - بحسب واقعنا الحالي - على متون الطائرات، وإما - بالأخير - على ظهور الصحون الطائرة التي تتراءى للعالم بين الفينة والفينة، والتي لا تزال لغزاً مجهولا بمصدرها ومصدريها ومستعمليها.. وقد قال أمير المؤمنين علیه السلام :)

- إن ملکنا أعظم من ملك سليمان بن داود، وسلطاننا أعظم من سلطانه!. (وقيل أيضا : إن خيل سليمان النبي كانت لها أجنحة تطير بها ! . هذا وقد قال الباقر علیه السلام :)

- كأني بالقائم على نجف الكوفة، وقد سار إليها من مكة بخمسة آلاف من الملائكة : جبرائیل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، وشعيب بن صالح على مقدمته، والمؤمنون بين يديه، وهو يفرق الجنود في الأمصار، فيفتح القسطنطينية والصين وجبال الديلم. (ثم قال يصف موقعه جيش التبرئة الذي سبق ذكره، وتصفية جو الكوفة :)

ص: 268

- ... حتى إذا صعد النجف قال لأصحابه : تعبدوا ليلتكم هذه، فيبيتون بين راكع وساجد يتضرعون إلى الله، حتى إذا أصبح قال : خذوا بنا طريق النخيلة، وعلى الكوفة خندق مخندق، حتى ينتهي إلى مسجد إبراهيم علیه السلام بالنخيلة، فيصلي فيه ركعتين، فيخرج إليه من كان بالكوفة من مرجئة وغيرهم من جيش السفياني، فيقول لأصحابه : استطردوا لهم، ثم يقول : کروا عليهم، فلا يجوز الخندق منهم مخبر، ويدخل الكوفة . وقال علیه السلام في نفس الموضوع :)

- إذا دخل القائم الكوفة لم يبق مؤمن إلا وهو بها يجيء إليها. فيقول القائم : سيروا بنا إلى هذا الطاغية، فيسيرون إليه. (والطاغية الذي عناه ، هو قائد فلول جیش الضلال المرسل من قبل السفياني للتنكيل بأهل العراق.. وقد جاء عنه علیه السلام :)

- ثم ينطلق، حتى إذا بلغ (الثعلبية) قام إليه رجل من صلب أبيه، هو أشد الناس ببدنه وأشجعهم بقلبه ما خلا صاحب هذا الأمر، فيقول: يا هذا، ما تصنع؟. فوالله إنك لتجفل الناس إجفال النعم!. أفبعهد من رسول الله أم بماذا؟!. فيقول القائم: اسكت يا فلان. إي والله إن معي عهداً من رسول الله . هات لي يا فلان الغيبة (أي المحفظة) فيأتيه بها، فيقرأ العهد من رسول الله صلی الله علیه وآله فيقول الرجل : جعلني الله فداك، أعطني رأسك أقبله . فيعطيه رأسه فيقبل بينعينيه، ثم يقول : جعلني الله فداك، جدد لنا بيعة، فيجدد لهم بيعة.

(وهذا المتكلم هو الحسيني - الخراساني - كما سترى، وهو يطلب الحجة والدليل حيث كان لا يزال منتظراً ومرابطاً فيما بين الكوفة وكربلاء.. ثم قال الباقر علیه السلام أيضا :)

- يطلع عليكم كما تطلع الشمس أينما تكونون، فإياكم والشك والارتياب. انفوا عن أنفسكم الشكوك، وقد حذرتكم فاحذروا.. (فلا بد

ص: 269

أنه طالع علينا في يوم من الأيام على شاشة أكبر تلفزيون في العالم، يشرق وتشع طلعته كالشمس الساطعة.. هذا إذا لم يكن لديه وسيلة غير عادية تجعله يشرق من حالق كما قلنا وكأن الآفاق كلها شاشة تلفزيون بديهية لا نستغربها بعد أن يكون الإنسان قد توصل إلى اكتشاف طريقتها أو بعد أن يطورها القائم علیه السلام فيجعلها ذلك. والشك في ذلك لا يرقى إلى مثل کلام الصادق وكلام آبائه وأبنائه علیهم السلام . ولكنه يحذر من يوم الخروج ويوم العدل فيقول:)

- ما تستعجلون بخروج القائم؟. فوالله ما لباسه إلا الغليظ، وما طعامه إلا الجشب، وما هو إلا السيف، والموت تحت ظل السيف!. يسير بسيرة رسول الله صلی الله علیه وآله ولا يعيش إلا عيش أمير المؤمنين علیه السلام .. (والطعام الجشب هو الطعام الغليظ بلا أدم... وقال علیه السلام :)

- إذا تمنى أحدكم القائم فليتمنه في عافية . فإن الله بعث محمدا صلی الله عليه وآله رحمة، ويبعث القائم نقمة. (نقمة على الظالمین لا غيرهم كما قدمنا.. ذلك أن المهدي علیه السلام يقيم أمر الله تبارك وتعالى ويحيي الأحكام ويقيم الحدود... ثم قال علیه السلام يحدد الوقت الميمون :)

- ینادي باسم القائم علیه السلام في ليلة الجمعه لثلاث وعشرين من شهر رمضان ، ويقوم فييوم عاشوراء، وهو اليوم الذي قتل فيه الحسين علیه السلام لكأني به يوم السبت العاشر من المحرم قائماً بين الركن والمقام، عن يمينه جبرائیل ينادي : البيعة البيعة!. (وورد عنه بلفظ :)

- ينادي باسم القائم في ليلة الجمعة لثلاث وعشرين من شهر رمضان، ويقوم في يوم عاشوراء، وهو اليوم الذي قتل فيه الحسين علیه السلام ، يكون النهار نهار سبت حين يقوم بين الركن والمقام، فتصير إليه الشيعة من أطراف الأرض. (وقد روي عن الباقر علیه السلام تعيين يوم خروجه ذاك كذلك تماما .. ثم قال علیه السلام في تأويل :)

ص: 270

-«وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ ۚ»[إبراهيم: 5]: يوم القائم، ويوم الموت، ويوم القيامة .. (فقد قرن الله تعالى أهوال هذه الأيام الثلاثة بعضها ببعض، وساوى بينها لشدتها، وثقل وطأتها على الإنسان ... وقد أغذر من أنذر! . (وقال في تأويل :)

- ليظهره على الدين كله : في هذا اليوم هو المهدي، (وقال :)

نحن على منهاج رسول الله حتى يأذن الله لنا في إظهار دينه بالسيف، وندعو الناس إليه، فنضربهم عليه عوداً كما ضربهم رسول الله بدءاً .

- (وقال في تأويل قوله تعالی :)

- «هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ» [التوبة: 33] : والله ما نزل تأويلها بعد، ولا ينزل تأويلها حتى يخرج القائم علیه السلام . فإذا خرج القائم لم يبق كافر ولا مشرك بالإمام إلا كره خروجه، حتى لو كان كافر أو مشرك في بطن صخرة لقالت: يا مؤمن في بطني كافر فاقتله!. (وهذا كناية عن شدة خوف أعداء الله منه .. فكأن الكافر يتخيل الصخرة تشي به للمؤمنين فيقتلونه، لأن القائم علیه السلام وأنصاره شديدون على الكافرين، فلا مساومة ولا مداهنة في الدين .. وسترى حديثاً مفضلا عن ذلك في موضوع آخر من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى .. ثم قال يصف تباشیر ساعة الصفر المباركة :)

- يظهر وحده، ويأتي البيت وحده، ويلج الكعبة وحده، ويجن الليل عليه وحده. فإذا نامت العيون وغسق الليل نزل إليه جبرائیل و میکائیل والملائكة صفوفاً، فيقول جبرائیل: يا سيدي قولك مقبول وأمرك جائر.. فيمسح يده على وجهه ويقول :«وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ ۖ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ» [الزمر: 74] ثم يقف بين الركن والمقام فيصرخ قائلا : يا معاشر نقبائي، وأهل خاصتي، ومن ذخرهم الله لنصرتي قبل ظهوري على وجه الأرض: ائتوني طائعين! فنرد

ص: 271

الصيحة عليهم وهم في محاريبهم وعلى فرشهم في شرق الأرض وغربها، فيسمعونه في صيحة واحدة في أذن كل رجل، فيجيئون نحوها، ولا يمضي إلا كلمحة بصر حتى يكونوا كلهم بين يديه. ويكون هذا قبيل طلوع الشمس.

(وورود الصيحة عليهم في محاريبهم وعلى فرشهم، لا يتعب حله ذهناً من أذهان المعاصرين لزمننا العلمي الحديث، لما نمارسه من وسائل لا تجعلنا نستهجن الأمر.. ومثله حضورهم بين يديه في لمحة بصر لأنهم موجودون آنئذ في الحرم يتعبدون، وهم على موعد مع ساعة الصفر هذه ، يعرفونها أكثر مما نعرفها نحن وسائر الناس، ويترصدونها، بل هم مرصودون لها .. وقد ورد عن الصادق علیه السلام قوله :)

- إذا أذن الله تعالى للقائم بالخروج، صعد المنبر فدعا الناس إلى نفسه،وناشدهم الله، ودعاهم إلى حقه وأن يسير فيهم بسنة رسول الله ويعمل فيهم بعمله.. (ثم قال يصف البيعة): - فيقول جبرائیل : أنا أول من يبايعك. أبسط يدك. فيمسح على يده. (وورد عنه بلفظ): - أول من يبايع القائم جبرائیل، فينزل في صورة طير أبيض فيبايعه. ثم يضع رجلا على البيت الحرام ورجلا على المسجد الأقصى وينادي بصوت طلق ذلق تسمعه الخلائق : «أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ»[النحل: 1]. (وهذا أول إنذار تنخلع له القلوب !). ثم يصيح صائح بالخلائق من عين الشمس بلسان عربي يسمع من في السماوات ومن في الأرضين: يا معاشر الخلائق، هذا مهدي آل محمد صلی الله علیه وآله بايعوه ولا تخالفوا أمره..

(والصياح من عين الشمس أيضا لم يعد غريباً یعد أن اقتنى الناس آلات البث وعرفوا قدرتها على الإرسال عبر الأجواء الشاسعة بقوة تجعل الصوت يقطع ملايين الكيلومترات، وبعد أن ألفوا الأقمار الصناعية والآلات اللاقطة، فصار السماع لديهم من عين الشمس غير عجيب، بل

ص: 272

صار العالم يتمكن من إصلاح الخلل في المركبة الفضائية وهي في كوكب الزهرة، والعالم قابع على الأرض في مختبره يغير اتجاهها كيف شاء، ويصور بواسطتها ما شاء متى شاء، ثم ینزلها حين شاء وأينما شاء بالرغم من بعدها عنه ملايين الكيلومترات !!! فكيف بالمعجزة الإلهية التي تتعدى حدود المعقول عند البشر ؟؟؟

(وأتم قائلا في وصف البيعة المباركة : - يسند القائم ظهره إلى الحرم، ويمد يده إلى البيعة فترى بيضاء من غير سوء، لدى طلوع الشمس، ويقول: هذه يد الله، وعن الله، وبأمر الله !. ثم يتلو الآية : «إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ۚ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ ۖ» [الفتح : 10]. فيكون أول من يبايعه جبرائیل، ثم الملائكة وجباء الجن، ثم نقباؤه وأصحابه . (وورد عنه في تأويل الآية الكريمة : «أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ ۚ» [النحل: 1]

- هو أمرنا أمر الله عزّوجل أن لا نستعجل به. يؤيده الله بثلاثة أجناد : بالملائكة، وبالمؤمنين، وبالرعب. (ومعنى ذلك أنه لن يرتاح لخروجه من كان يخاف على نفسه من حد سیف الحق. فقد نعته الإمام الصادق علیه السلام بأنه ولي الدم والترة لآبائه وأجداده المظلومين، وهو الذي يتولى الاقتصاص ممن ظلمهم. ثم قال): - فلا يبقى أحد ممن قاتلنا فظلمنا ورضي بما جرى علينا إلا قتل في ذلك اليوم. (ولذا قال في تأويل :)

- «خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ» [القلم: 43] : يعني خروج القائم. (فهو المفرج الكرب عن شيعته بعد ضنک شديد وبلاء طويل وجزع وخوف .. ثم جاء عنه ما يدل على استطالة الغيبة وعلى الفرح بالفرح :)

- يأتي على فترة من الأئمة، كما أن محمدا صلی الله علیه وآله، بعث على فترة من الرسل. عند ذلك «یَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ» [الروم: 4-5]: عند قيام القائم علیه السلام . (وقال علیه السلام يصف مشاهد الظهور :)

ص: 273

- رايته راية رسول الله ، ما لا هي من قطن ولا كتان ولا خز ولا حریر .. هي من ورق الجنة، نشرها رسول الله صلی الله علیه وآله يوم بدر ثم لفها ودفعها إلى علي فلم تزل عنده حتى كان يوم البصرة، فنشرها ففتح الله عليه، ثم لفها. وهي عندنا لا ينشرها أحد حتى يقوم القائم علیه السلام فإذا قام نشرها فلم يبق في المشرق أو في المغرب أحد إلا لعنها !. (ولا تعجبن من لعنها فقد علله الصادق علیه السلام بحديث قال فيه :)

- إذا ظهرت راية الحق لعنها أهل المشرق وأهل المغرب، للذي يلقى الناس من أهل بيته قبل خروجه، ولما يلقون من بني هاشم .. (فلن يلعنها إلا أهل الباطل.. وهم - الناس- في لسان الأخبار.. أما المؤمن فيفيء إلى ظلها الوارف، ويهفو إليها ليل نهار!. ثم تكلم عن بدء الزحف فقال :)

- يقبل صاحب الأمر نحو العراق، ويبعث جيشا نحو المدينة فيأمن أهلها ويرجعون إليها. (لأنهم يكونون قد هربوا من وجه جيش السفياني وتنكيله .. ثم قال علیه السلام :)

- إذا ظهر المهدي، بعث أصحاب الرايات السود له بالبيعة، وهم بالكوفة (وهؤلاء هم أصحاب الخراساني كما ستری).

- وسئل الإمام الصادق علیه السلام : متى فرج شيعتكم؟ . فقال : إذا خرج صاحب هذا الأمر من المدينة إلى مكة بتراث رسول الله صلی الله علیه وآله. فقال السائل : ما تراث رسول الله ؟. قال : سيف رسول الله ودرعه وعمامته وبرده، وقضيبه ورايته ولامته وسرجه، حتى ينزل مكة فيخرج السيف من غمده، ويلبس الدرع والبردة والعمامة، حتى ينزل مكة فيخرج السيف من غمده، ويلبس الذرع والبردة والعمامة، وينشر الراية ويتناول القضيب بيده ، ويستأذن الله عزّوجل في ظهوره. (وهذا التراث النبوي الشريف يتواريه الأئمة واحداً بعد واحد كما رأيت سابقاً، وبدليل قول الصادق علیه السلام الصريح :)

ص: 274

وإن عندي لسيف رسول الله . وإن عندي لدرع رسول الله ولامته ومغفره. وعندي ألواح موسی وعصاه وخاتمه.

وروي عنه علیه السلام وصف لقوة شيعة المهدي علیه السلام وأنصاره بعد خروجه قال فيه :)

- إن الله ينزع الخوف من قلوب شيعته، ويسكنه في قلوب أعدائه ! . إذا قام قائمنا وظهر مهدینا كان الرجل أمضى من سنان وأجرأ من ليث، يطعن عدوه برمحه ويضربه بسيفه ويدوسه بقدمه !. (وورد عنه بلفظ :)

- إن الله يلقي في قلوب محبينا الرعب من عدونا . فإذا وقع أمرنا وخرج مهدینا كان الرجل من شيعتنا أجرأ من الليث - أي أسرع جرياً من الأسد - وأمضى من سنان. يطأ عدونا برجليه، ويضربه بكفيه. وذلك عند نزول رحمة الله وخروجه على الميعاد. وهذا مصداق قوله تعالى: «بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ »

[الإسراء: 5]: القائم وأصحابه! (وقد عزّوجلوي بلفظه عن الكاظم علیه السلام.

وبحسب هذا التأويل لا يتم النصر الكامل على اليهود إلا على أيدي القائم علیه السلام وأنصاره الذين هم عباد الله أولو البأس الشديد، والضمير في - عليهم - يعود إلى بني إسرائيل لأن الآية فيهم.. ثم قال عن موعد ظهوره :)

- إذا صلى العشاء - بعد ظهوره - نادى بأعلى صوته: أذكركم أيها الناس مقامكم بين يدي الله عزّوجل ، فقد أكمل المحجة، وبعث الأنبياء، وأنزل الكتب، وأمركم ألا تشركوا به شيئا، وأن تحافظوا على طاعة الله ورسوله، وأن تحيوا ما أحيا القرآن، وتمیتوا ما أمات القرآن، وتكونوا أعوانا على الهدى، فإن الدنيا قد دنا فناؤها وآذنت بوداع!. وإني أدعوكم إلى الله ورسوله والعمل بكتابه ، وإماتة الباطل، وإحياء سننه.

(ثم قال معيناً موعد الفتح المبارك الذي ينتج عن الثورة :)

ص: 275

- جمادى فيها الفتح من أولها إلى آخرها... (فمن بدء ظهوره حتى أول جمادی يكون قد انتهى من معارك الحجاز وبلاد الشام والعراق، ثم يسير جيوشه لفتح الأمصار في هذا الشهر فيكون فتح بقية أقطار المعمور على رأس نهاية ثمانية أشهر يحمل فيها السيف. وبعد ذلك يخيم الهدوء والعدل على وجه البسيطة .. وتحدث عن قوة جيشه وأنصاره، فقال - كما مر سابقاً بمعناه - :)

- يكون قوياً في بدنه، حتى لو مد يده إلى أعظم شجرة على وجه الأرض لقلعها ؛ ولو صاح بين الجبال لتدكدكت صخورها!. (وورد بلفظ :)

- يخرج بجيش لو استقبل به الجبال لهدمها واتخذ فيها طريقاً ! . (والجبال تهدمها اليوم الجرافات، وتنسفها المتفجرات، فلا غرو أن يهدم جيش الإمام الجبال ويفجر الأرض براكين، وقد حذر الإمام الصادق علیه السلام الناس منه ومن جيشه الذي يبتر أعداء الله . وقال في تأويل قوله تعالى :)

- ويوم يأتي بعض مايتي ربك لا ينفع نفسا إيما لم تكن مامنت من قبل أو كتبت في إيميها خيرا لي انظروا إنا ننظرونه«يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ» [الأنعام: 158]: يعني خروج القائم علیه السلام فإذا ظهر لم يقبل توبة المخالف. (وقال أمير المؤمنین علیه السلام تعليقا على هذه الآية الشريفة :)

- فعند ذلك ترفع التوبة، فلا توبة تقبل، ولا عمل يرفع، ولا ينفع علیه السلام نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل .. (ثم قال الصادق علیه السلام في تأويل :)

- «حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ» [مريم: 75]: فهو خروج القائم، «إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ »[مریم: 75]: وهو الساعة، «فَسَيَعْلَمُونَ» [مريم: 75]: ذلك اليوم، وما نزل بهم على يد قائمه،« مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا » [مريم: 75]: يعني عند القائم ، «وَأَضْعَفُ جُنْدًا(15)وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى ۗ» [مريم:

ص: 276

76-75] یزیدهم ذلك اليوم هدى على هدی باتباعهم القائم حيث لا يجحدونه ولا ينكرونه .. (وقال يصف تصرفاته :)

- يعز الله به الإسلام بعد ذلة، ويحييه بعد موته . ويضع الجزية - أي یبطلها ولا يقبلها ممن يريد البقاء على دينه - ويدعو إلى الله بالسيف، من أبي قتل، وممن نازعه خذل، يظهر من الذين ما هو عليه الدين في نفسه ، ما لو كان رسول الله صلی الله علیه وآله يحكم به. يرفع المذاهب من الأرض فلا يبقى إلا الدين الخالص.(ثم قال علیه السلام :)

- إذا خرج القائم لم يكن بينه وبين العرب والفرس إلا السيف!. لا يأخذها إلا بالسيف، ولا يعطيها إلا السيف. (وقال عن معارضي الحجة عجل الله تعالی فرجه :)

- إن قائمنا إذا قام استقبل من جهلة الناس أشد مما استقبله رسول الله صلی الله علیه وآله من الجاهلية. فقيل له : كيف ذلك؟. فقال : إن رسول الله أتی الناس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان والخشب المنحوتة. وإن قائمنا إذا قام أتى الناس وكلهم يتأولون عليه كتاب الله، ويحتج عليه به، ويقاتله عليه!. أما والله ليدخلن عليهم عدله جوف بيوتهم كما يدخل الحر والقر!! (وقال علیهم السلام أيضا :)

- أعداؤه مقلدة الفقهاء، أهل الاجتهاد، لما يرونه يحكم بخلاف ما ذهب إليه أئمتهم. ولولا أن السيف بيده لأفتى الفقهاء بقتله .. ولكن الله يظهره بالسيف والكرم فيطيعونه، ويخافون فيتقبلون حكمه من غير إيمان، بل يضمرون خلافه!.. إذا خرج فليس له عدو مبين إلا الفقهاء خاصة!. هو والسيف أخوان!. (ثم جار عنه علیه السلام بنفس الموضوع :) .

- يخرج على فترة من الدين، ومن أبى قتل، ومن نازعه خذل! . يظهر من الدين ما هو الدين عليه في نفسه، ما لو كان رسول الله سيحكم به ... أعداؤه الفقهاء المقلدون. يدخلون تحت حكمه خوفا من سيفه وسطوته،

ص: 277

ورغبة فيما لديه، يبايعه العارفون بالله تعالى من أهل الحقائق عن شهود وكشف بتعريف إلهي. (أي عن دليل لديهم مثل هذا الذي ننقله عن أسلافنا الأبرار مروياً عن النبي والعترة الأطهار صلوات الله عليهم. وقد قاله هؤلاء للناس - جميع الناس، وعامتهم - فأخذه خاصة هدى الله قلوبهم للإيمان... ثم قال :)

- إنه أول قائم يقوم منا أهل البيت. يحدثكم بحديث لا تحتملونه ، فتخرجون عليه برميلة الدّسکرة فتقاتلونه فيقتلكم. وهي آخر خارجة تكون .

(وإذا تسارعت الأفكار إلى وضع علامات الاستفهام... وإذا حامت الأذهان حول هذا الحديث الذي لا نحتمله فلا نعدم الجواب القريب، لأن سلوكنا العملی كله مخالف للقرآن والسنة. فلو حدثنا - مثلا - بتغيير ترتیب القرآن وجعله حسب نزوله، أو بإقامة الحدود، أو بهدم المسجد الحرام ورده إلى أساسه، بل لو حدثنا بأي فرض من فروض الشرع، لقامت قيامة الناس ولجردوا جميع الأبواق ووسائل الإعلام، ولشحذوا السيوف وأعلنوا قتال من يأمر بالحق... وهو هنا إنما يحدث عن شيء : لم يألفه المسلمون، وعن إنهاء الوجود اليهودي وسائر الكفار عن وجه الأرض، لأنه ورد عنه أيضا بلفظ :)

- ثم لا يلبث قليلا حتى تخرج عليه مارقة من الموالي برميلة الدسكرة ، فيدعو رجلا من الموالي فيقلده سيفه فيخرج إليهم حتى لا يبقى أحداً.

- وقال في قوله تعالى : «يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ» [ الرحمن: 41]: كيف يحتاج الجبار تعالى إلى معرفة خلق أنشأهم وهم خلفه؟. لو قام قائمنا أعطاه الله السيمياء، فيأمر بالكافر ثم يخبط بالسيف خبطاً .. (وفي هذا الحديث تصريح واضح بإعطائه السيمياء وجعله يعرف وليه من عدوه بالتوسّم فلا يحتاج إلى بينة ولا إلى شهود ليأخذ المجرم بسيفه .. ثم قال في المعنى السابق :)

.

ص: 278

- إذا قام القائم هدم المسجد الحرام حتى يرده إلى أساسه، وحول المقام - مقام إبراهيم علیه السلام - إلى الموضع الذي كان فيه، وقطع أيدي بني شيبة وعلقها على باب الكعبة وكتب عليها : هؤلاء سراق الكعبة!. (وهذا من الأشياء التي لا يحتملها المسلمون بحسب وضعهم الحالي... وقال علیه السلام :)

- بعد أن تعقد له البيعة بمكة، يسير من مكة حتى يأتي الكوفة، فينزل نجفها على قرب منها. ثم يفرق الجند في الأمصار. (ثم قال يصف خطواته الجبارة :)

- ثم يسير المهدي إلى مدينة جدي رسول الله ، فإذا وردها كان له فيها مقام عجیب، يظهر فيها سرور المؤمنين وخزي الكافرين!. (ثم ألقى ضوءاً خافتاً على -المقام العجيب - الذي يكون له في المدينة، فقال :) |

- يدخل المدينة فيغيب عنهم عند ذلك قريش - أي إنه يتوارى عن جيشه كل من ناصر جيش السفياني - وهو قول علي علیه السلام : والله لودت قريش أن لي عندها موقفا جزر جزور - أي مدة نحر الجمل - بكل ما طلعت عليه الشمس أو غربت !!! (وجاء عنه ما يزيد إيضاحا لموقفه عن أعدائه علیه السلام في يثرب فقال :)

- ... ثم يحدث حدثا .. فإذا فعل قالت قريش: اخرجوا بنا إلى هذا الطاغية، فوالله لو كان محمدياً ما فعل !. ولو كان علوياً ما فعل!. ولو كان فاطمياً ما فعل!. فيمنحه الله أكتافهم - أليس أنهم يولون مدبرين بين يديه - فيقتل المقاتلة ويسبي الذرية!.

(فالله أعلم بالذي سنكره عليهم حتى يسبي ذريتهم حين إنكارهم أنه محمدی علوي فاطمي، وليس في الأرض أصح منه نسبة إلى محمد وعلي وفاطمة علیهم السلام !!! أما الحدث فهو بلا شك تقتيل وتدمير، بل حرق ومحو للظالمين وآثارهم.. ثم قال علیه السلام :)

ص: 279

- ثم يظهر بأصحابه ، فيفتح الله له الحجاز،ويخرج من كان في السجون من بني هاشم، ويسير حتى ينزل بيت المقدس. (وجاء عنه أيضا :)

- أول لواء يعقده المهدئ، يبعثه إلى الترك فيهزمهم، ويأخذ ما معهم من السبي والأموال. ثم يسير إلى الشام فيفتحها، ثم يعتق كل مملوك ويعوض على أصحابه ...

وقال الباقر علیه السلام من قبله :)

- يقاتل السفياني الترك، ثم يكون استئصالهم على يد المهدي. وأول لواء يعقده المهدي يبعث إلى الترك . (وقال الصادق علیه السلام في حديث :)

- .. (ويستخرج) حلية بيت المقدس، والتابوت الذي فيه السكينة، ومائدة بني إسرائيل، ورضاضة الألواح، وعصا موسى، ومنبر سلیمان وقفيزاً من المن الذي أنزل على بني إسرائيل أشد بياضا من اللبن .

(وحليه بيت المقدس من أعظم كنوز الأرض المدفونة.. وإن أقل ما هو عليه التابوت من سر إلهي - أيها القارىء العزيز - إنه يوجه نحو المدينة فيحرقها بمن فيها، كالقنبلة الذرية على الأقل !. بل قيل إنه لو وجه إلى دولة مترامية الأطراف لأعدم فيها الحياة كأشد مما تفعل القنابل الهيدروجينية والنيترونية والصواريخ النووية التي صنعها الإنسان.. فقد سبقنا الله إلى صنع جهاز واحد يغني عن آلاف آلاف الأجهزة المنتشرة في المعمور، تعينه عصا موسى وسيف صاحب السيف المنتظر عجل الله تعالی فرجه .

أما أمير المؤمنين علیه السلام فقال :)

- ويسير إلى البصرة حتى يشرف على بحرها، ومعه التابوت وعصا موسى فيعزم عليه - يعني على التابوت - فيزفر في البصرة زفرة فتصير بحراً لجيا، لا يبقى فيها غير مسجدها کجؤجؤ السفينة على ظهر الماء !!!.

ص: 280

(ومن يتعجب من ذلك نسأله عن عدم تعجبه مما صنع الإنسان. ونطلب إليه تبرير عدم التعجب من هذا، وسبب التعجب من ذاك في آن واحد؟. ثم قال عن موقعته الأميرية مع اليهود :)

- ومن الغد - عند الظهر تتلون الشمس وتصفر فتصير مظلمة!. ويوم الثالث يفرق الله بين الحق والباطل، وتخرج دابة الأرض، وتنزل الروم إلى ساحل البحر عند کهف الفتنة - قرب عكا - فيبعث الله الفتية من كهفهم مع کلبهم. منهم رجل يقال له: ملیخاء، وآخر : حملاها، وهما الشاهدان المسلمان للقائم. قال الله تعالى : «إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ» [غافر: 51] وهؤلاء هم الأشهاد : أي الشهود الذين يسلمون على القائم باسمه .. (وورد عن أمير المؤمنين علیه السلام بلفظه منذ عبارة يفرق الله بين الحق والباطل. غير أن الشاهد الثاني ورد اسمه : كمسليما. بدل : حملاها .. وفي هذين الخبرين دليل قاطع على بقاء قسم من اليهود في ساحل فلسطين الغربي بعد تخریب دولة إسرائيل، يقيمون حوالي عكا لأن كهف الفتنة هناك.

والظاهر أن مقتلة اليهود تكون في اليوم الثالث من دخول القائم علیه السلام إلى القدس، حيث يكون ذلك اليوم يوماً مظلماً كئيباً على أعداء الله .. والآية السابقة تشمل نصر صاحب الأمر علیه السلام عليهم بدلیل ذکر : الذين آمنوا - وهو المقصود بها - وبدليل الأشهاد من فتنة الكهف.. وجاء عنه بالمعنى السابق :)

- يبعث المهدي بعثا لقتال الروم - أي اليهود قطعا كما سترى عند تحقيق اللفظة في موردها - ويرسل معه عشرة تستخرج تابوت السكينة من غار أنطاكية (؟؟؟) فيه التوراة التي أنزلت على موسى، والإنجيل الذي أنزل على عيسى، يحكم بين أهل التوراة بتوراتهم، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم فيسلمون. (بمعنى أنه يحتج عليهم جميعا بكتابيهم المقدسين ويجعلهما

ص: 281

الوسيلة لهداية أتباعهما إلى الدين الإسلامي، لا أنه يترك أتباعهما على معتقداتهم ويرتضي لهم الشريعة المنسوخة التي اعتنقوها فيفتيهم بحسبها ..

أما تابوت السكينة فلا يستخرجونه من غار أنطاكية، وفي ذلك وهم من كثرة النقل والنسخ... ثم قال يصف الزحف المبارك :)

- يكون أهل همدان وزراءه، وخولان جنوده، وحمير أعوانه، ومصرقواده ويكثر الله جمعه ويشد ظهره، فيسير بالجيوش حتى يصير إلى العراق والناس خلفه وأمامه !. (ثم قال بعد ذكر البيعة العامة والأبدال والنجباء والأخیار :)

- ... ثم يسير السفياني وجيشه، فيقاتلهم ويقتلهم. ويأسر جيشه السفياني، فيذبحه بيده .. (وجاء عنه في وصف جيش المهدي علیه السلام :)

- كأني أنظر إلى القائم وأصحابه في نجف الكوفة، كأن على رؤوسهم الطير، قد فنيت أزوادهم وخلقت ثيابهم - بليت - وقد أثر السجود بجباههم. ليوث بالنهار، رهبان بالليل. (وقال الباقر علیه السلام في تأويل :)

«وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ » [البقرة : 193] .

- لم يجئ تأويلها. فإذا جاء تأويلها يقتل المشركون حتى يوحد الله عزّوجل ، ولا يكون شرك. ذلك في قيام قائمنا، إنه يقتل المنافقين والكافرين!. (وفي تأويل آخر قال علیه السلام :)

- ولا يبقى أرض إلا نودي فيها شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا رسول الله . (وجاء عن الصادق علیه السلام بلفظه ... وقال علیه السلام عن بقية الخطوات :)

- ويبعث جنداً إلى القسطنطينية.. ويدخلونها فيحكمون فيها مايريدون. (وقال :)

- يفتح قسطنطينية ورومية وبلاد الصين. (وقال :)

ص: 282

- يفتح أرمينية والقسطنطينية ويقسم المال. ثم يعود إلى بيت المقدس ويستخرج ذخائر الأنبياء. (ثم جاء عنه قوله الذي یلقي الأضواء على تحركاته الميمونة :)

- يمشي الخضر بين يديه، ويقفو أثر رسول الله .. له ملك يسدده من حيث لا يراه .. يفتح المدينة الرومية بالتكبير مع سبعين ألفا من المسلمين يشهدون الملحمة العظمی، مأدبة الله بمرج عكا، يبيد الظلم وأهله، يقيم الدين (وقد يخدش مع الكثيرين فتح مدينة بالتكبير!. والتكبير المذكور يعني أن الهجوم الصاعق يكون مصحوباً به للتشجيع بمبدأ التوحيد عن النزال، ولتخويف الأعداء، ورص الصفوف وتفجير العزائم!. وليس معناه أن التكبير هو سلاح النصر بمقدار ما هو الصرخة بالشعار المشجع المقوي .. وقال علیه السلام :)

- ثم يسير إلى مصر فيدخلها، ويصعد منبرها فيخطب الناس، فتستبشر الأرض بالعدل، وتعطي السماء مطرها، والشجر ثمرها، والأرض نباتها وتتزيين لأهلها .. ويقول القائم علیه السلام : «كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ» [الحاقة : 24] (وقال :)

- ثم يسير إلى مدينة الزنج ويفتحها - يعني إلى شمالی إفريقيا وبعض أقسامها الوسطى - ويعود إلى سواحل فلسطين، ويمر بعكا وبغزة وعسقلان، ويقترب من القدس. (واقترابه هذا من القدس يكون للمرة الثانية كما لا يخفی).

قال الإمام الكاظم علیه السلام :

يفرح بخروجه المؤمنون وأهل السماوات. ولا يبقی کافر ولا مشرك إلا كره خروجه!.( وقال الإمام الصادق علیه السلام :)

- المهدي إذا خرج، يفرح به جميع المسلمين خاصتهم وعامتهم. (بل قال علیه السلام معمماً :)

-

ص: 283

- يفرح به أهل السماء وأهل الأرض، والطير في الهواء، والحيتان في البحر. (ثم قال الإمام الكاظم علیه السلام :)

- يقول الله : «وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ » [الصف: 8]: بولاية القائم: «وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ» [التوبة: 32]: بولاية تخفق على أثناء أعطافك ما بين الحطيم وزمزم!. وكأنك بترادف البيعة، وتصادف الولي، يتناظم عليك الدّر في مثاني العقود وتصافف الأكف على جنبات الحجر الأسود تلوذ بفناك، من ملا برأهم الله في طهارة الولادة ونفاسة التربة، مقدسة قلوبهم من دنس النفاق، مهذبة أفئدتهم من رجس الشقاق، لينة عرائکهم للدين، خشنة ضرائبهم على المعتدين، واضحة بالقبول وجوههم، نضرة بالفضل عيونهم، يدينون بدين الحق وأهله .. فإذا اشتدت أركانهم، وتقومت أعمدتهم، قدمت بمكانفتهم طبقات الأمم إلى مبايعتك، في ظلال دوحة بسقت غصونها على حافات بحيرة الطبرية - فعندها يتلألأ صبح الحق، وينجلي ظلام الباطل، ويقصم الله بك الطغيان، ويعيد معالم الإيمان. فيطهر بك أقسام الآفاق، ويظهر بك اللام للرفاق ! . يو الطفل في المهد لو استطاع إليك نهوضاً .. ونواشط الوحش لو وجد نحوك مجازا. تهتز بك أطراف الدنيا بهجة، وتهتز بك أعطاف العز نضرة، وتستقر بواقي الحق في قرارها، وتؤوب شوارد الدين إلى أوكارها.. تتهاطل عليك سحائب الظفر، ويخنق كل عدو، وينصركل ولئ، فلا يبقى على وجه الأرض جيار قاسط، ولا جاحد غامط، ولا شانئ مبغض، ولا معاند كاشح - « وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا» [الطلاق: 3]..

المبالغة .. ولكنه يتطلع فإذا عبقريته قزم أمام عظمتها، وإذا مدحه عادي أمام شموخها؛ وإذا ألفاظه التي نحتها بكراً ومعانيه التي ابتدعها ابتداعاً، ألفاظ عاجزة ومعان قاصرة عن شأوها !!. فقد يجرب أن يكتب

ص: 284

بالنبي أو أهل بيته سفراً .. ويطنب.. ويفصِّل .. وإذا به لا يزال في التمهيد لفهم معانيهم، وفي السفح من هرم مجدهم، وفي ظل غصن من فروع شجرة نبوءة وإمامة .. كل قول فيها قليل !!!.

ولا تعجب من بلاغة لغة الخبر السابق، ولا من سمو معناه ومبناه، فقد قيل إنه وجد نص بخط الإمام العسكري علیه السلام على جلد کتاب، هو أرقَی لُغَة، وأرفع أسلوباً ، وأسمَى بلاغة، وهو قوله :)

- قد صعدنا ذرى الحقائق بأقدام النبوءة والولاية، وذُدنا سبع طرائق بأعلام الفتوة والهداية، ونحن ليوث الوغَي وغيوث الندى!. وفينا السيف والقلم في العاجل، وسواد الحد في الأجل - أي إن أتباعهم أهل الحمد يكونون تحت راية الحمد يوم القيامة - أسباطنا خلفاء الدين، وحلفاء اليقين، ومصابيح الأمم، ومفاتيح الكرم.. فتكلم لابس حلة الاصطفاء، لما عهدنا منه الوفاء، روح القدس في جنان الصاغورة، ذاق من حدائقنا الباكورة.. شيعتنا الفئة الناجية والفرقة الزاكية، صاروا لنا ردءاً وصوتا، وعلى الظلمة إلبا وعونا . سیفجّر لهم ينابيع الحيوان - أي سيخرج غائبهم - بعد لظى مجتمع النيران - أي بعد الفتن والحروب المبيدة - لتمام الروضة والطواسين من السنين .

(وورد: لتمام آلم والطواسين من السنين .. وينابيع الحيوان : مصدر الخيروالسعادة .. وفي الحديث ألغاز ترمز إلى تاريخ معين للظهور، ولكنه صعب الحل، لأن الحروف التي ذكرها الإمام علیه السلام والتي هي في افتتاحیات بعض سور القرآن، لها حساب خاص - يسمى : حساب الجمل، نعرفه ويعرفه الكثيرون من الناس، وهو هنا يستلزم جمعاً كثيراً واختزالا كثيراً لبعض الحروف المتكررة دون بعضها الآخر، مما يجعل معرفة حل الرمز مستعصية، بل مستحيلة، فيبقى علمها عند الله والراسخين في العلم).

ص: 285

قال الحجة المنتظر علیه السلام :

( قال علیه السلام لبعض من حظي برؤيته الكريمة :)

- علامة ظهور أمري كثرة الهرج والمرج والفتن. وآتي مكة فأكون في المسجد الحرام، فيقول الناس: انصبوا لنا إماما .. ويكثر الكلام، حتى يقول رجل من الناس ينظر في وجهي : يا معشر الناس هذا هو المهدي! . انظروا إليه !.

فيأخذون بيدي، وينصبوني بين الركن والمقام، فيبايع الناس بعد أياسهم متي.. (أي بعد أن كانوا يائسين .. وفي الأخبار: أن الذي يرشد إليه هو جبرائیل علیه السلام وإذا كان رجلا من الناس كما ورد في هذا الخبر، فإن الرجل قد عرفه - لما أمر الله بظهوره - من صفاته وعلاماته المميزة التي مر ذكرها، والتي هي فيه دون غيره من سائر المخلوقات .

ثم كتب لبعض نوابه أو مواليه في كتاب مثبت في الكتب المعتبرة، يبين إحدى علامات ظهوره:)

- إنه إذا فقد الصيني، و... إلخ.. (وسترى الحديث بكامله في موضوع : الفتن الأجنبية) فأخرج بين الصفا والمروة في ثلاثمائة وثلاثة عشر ... فأجيء إلى الكوفة فأهدم مسجدها وأبنيه على بنائه الأول . وأهدم ما حوله من بناء الجبابرة، وأحج حجة الإسلام، وأجيء إلى يثرب.. فينادي منادي الفتنةفي السماء : يا سماء انبذي.. ويا أرض خذي ! . فيومئذ لا يبقى على وجه الأرض إلا مؤمن قد أخلص قلبه للإيمان.

(وقد أجمل هنا، فلم يذكر خطوات ظهوره المبارك بالترتیب، بل استأنف الكلام مرة بعد مرة لغاية مقصودة .. وقد أشرنا إلى الصيني في موضوع الفتن الأجنبية حين ذكر الحديث، ووفقنا الله تعالى لتمييز هويته ... ثم كتب للشيخ المفيد، رضوان الله عليه، في موضوع ظهوره، فقال بعد البسملة والتوحيد والتحميد والصلاة على النبي صلی الله علیه وآله :)

ص: 286

- من عبد الله المرابط في سبيله: إلى ملهم الحق ودليله: وبعد: فقد نظرنا مناجاتك، عصمك الله بالسبب الذي وهب لك من أوليائه ، وحرسك من كيد أعدائه .. ويوشك أن يكون هبوطنا إلى صحصح من غير بعد من الدهر ولا تطاول من الزمان. ويأتيك نبأ ما يتجدد لنا من حال، فتعرف بذلك ما تعتمده من الولفة إلينا بالأعمال، والله موفقك لذلك برحمته .

ونحن نعهد إليك أيها الولي المخلص المجاهد فينا الظالمين، أيدك الله بنصره الذي أيد به السلف من أوليائه الصالحين، أنه من اتقى ربه من إخوانه في الدين، وخرج مما عليه إلى مستحقيه، كان آمناً من الفتنة المظلة - أي المهيمنة - ومحنها المظلمة المضلة. ومن بخل منهم بما أعاره الله من نعمته، على من أمر بصلته ، فإنه سيكون خاسراً بذلك لأولاه وآخرته .

(يعني أن من دفع الحقوق الشرعية من ماله الذي جعله الله مستخلفاً فيه، ودفع خمسه إلى المستحقين من السادة والفقراء، أنجاه الله تعالی من فتن آخر الزمان، ومن فتنة الإلحاد في الدين وما تؤدي إليه من الهلاك ومما يحرق ويغرق ..).

ص: 287

فضائل المهدي (عج) في أحاديث أهل البيت علیهم السلام

- موفق بن أحمد هذا بالإسناد السابق عن الإمام محمد بن أحمد بن علي بن شاذان قال : حدثنا محمد بن علي بن الفضل عن محمد بن القاسم عن عباد بن یعقوب عن موسى بن عثمان قال: حدثني أبو إسحاق عن الحارث وسعيد بن بشير عن علي بن أبي طالب صلی الله علیه وآله قال: «قال رسول الله صلی الله علیه وآله: أنا واردكم على الحوض، وأنت يا علي الساقي، والحسن الذائد، والحسين الآمر، وعلي بن الحسين الفارض، ومحمد بن علي الناشر، وجعفر بن محمد السائق، وموسی بن جعفر محصي المحبين والمبغضين وقامع المنافقين، وعلي بن موسی مزين المؤمنين، ومحمد بن علي منزل أهل الجنة في درجاتهم، وعلي بن محمد خطیب شیعته ومزوجهم الحور العين، والحسن بن علي سراج أهل الجنة يستضيئون به، والمهدي شفيعهم يوم القيامة حيث لا يأذن الله إلا لمن شاء ويرضى». .

- أبو الحسن محمد بن أحمد بن شاذان الفقيه من طريق العامة بحذف الإسناد عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه علیهم السلام قال : «قال رسول الله صلی الله علیه وآله: حدثني جبرائيل عن رب العزة جل جلاله أنه قال: من علم أن لا إله إلا أنا وحدي، وأن محمدا عبدي ورسولي، وأن علي بن أبي طالب خليفتي، وأن الأئمة من ولده حججي أدخلته الجنة برحمتي، ونجيته من النار بعفوي، وأبحت له جواري، وأوجبت له کرامتي، وأتممت عليه نعمتي، وجعلته من خاصتي وخالصتي، إن ناداني لبيته وإن دعاني أجبته، وإن سألني أعطيته وإن سكت ابتدأته وإن أساء رحمته وإن فر مني دعوته وإن رجع إلى قبلته، وإن قرع بابي فتحته ، ومن لم يشهد أن لا إله إلا

ص: 288

أنا وحدي، أو شهد بذلك ولم يشهد أن محمدا عبدي ورسولي. أو شهد بذلك ولم يشهد أن علي بن أبي طالب خليفي، أو شهد بذلك ولم يشهد أن الأئمة من ولده حججي فقد جحد نعمتی وصغر عظمتي وكفر بآياتي وكتبي ورسلي، إن قصدني حجبته، وإن سألني حرمته، وإن ناداني لم أسمع نداءه، وإن دعاني لم استجب دعاءه، وإن رجاني خيبت رجاءه مني، وما أنا بظلام للعبيد.

فقام جابر بن عبد الله الأنصاري فقال : يا رسول الله ومن الأئمة من ولد علي بن أبي طالب؟

قال: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، ثم سيد العابدين في زمانه علي بن الحسين، ثم الباقر محمد بن علي وستدرکه یا جابر فإذا أدركته فأقرأه مني السلام، ثم الصادق جعفر بن محمد، ثم الكاظم موسی ابن جعفر، ثم الرضا علي بن موسى، ثم التقي محمد بن علي، ثم التقي علي بن محمد ثم الزكي الحسن بن علي، ثم ابنه القائم بالحق مهدي أمتي الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جوراً وظلماً، وهؤلاء یا جابر خلفائي وأوصيائي وأولادي وعترتي، من أطاعهم فقد أطاعني ومن عصاهم فقد عصاني ومن أنكرهم أو أنكر واحداً منهم فقد أنكرني، وبهم يمسك الله السماء أن تقع على الأرض وبهم يحفظ الله الأرض أن تميد بأهلها .

- الحمويني قال: أخبرني شيخنا نجم الدين عثمان بن الموفق بقراءتي عليه، أنبأنا عبد الحميد بن محمد بن إبراهيم الخوارزمي إجازة، أنبأنا أبو العلاء الحسن بن أحمد العطار الهمداني، أنبأنا الإمام برهان الدين ناصر ابن أبي المكارم المطرزي كتابة ، أنبأنا الإمام ضياء الدين أخطب الخطباء أبي المؤيد موفق بن أحمد المكي الخوارزمي إجازة إن لم يكن سماعًة ، أنبأنا قاضي القضاة نجم الدين فخر الإسلام محمد بن الحسين بن محمد البغدادي فيما كتب إلي من همدان، أنبأنا الشريف الإمام نور الهدى أبو

ص: 289

طالب الحسين بن محمد بن علي الزبيبي، عن الإمام محمد بن أحمد بن علي بن شاذان، عن علي بن الفضل، عن محمد بن أبي القاسم، عن عباد ابن يعقوب، عن موسى بن عثمان، عن الأعمش، أنبأنا أبو الحسن إسحاق، عن الحارث وسعيد بن بشير ، عن علي بن أبي طالب علیه السلام قال :« قال رسول الله صلی الله علیه وآله : أنا واردكم على الحوض، وأنت يا علي الساقي والحسن الذائد والحسين الآمر.... ».

- الحمويني قال: وبهذا الإسناد عن أمير المؤمنين علیه السلام قال : قال رسول الله صلی الله علیه وآله : «أفضل العبادة انتظار الفرج».

- أبو جعفر بن بابویه قدس الله سبحانه وتعالى روحه في كتاب كمال الدين وتمام النعمة في غيبة الإمام علیه السلام قال: حدثنا الحسن بن محمد ابن سعيد الهاشمي قال : حدثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي قال : حدثنا محمد بن علي بن أحمد الهمداني قال: حدثني أبو الفضل العباس بن عبد الله البخاري قال: حدثنا محمد بن القاسم بن عبد الله بن إبراهيم بن القاسم ابن محمد بن أبي بكر قال : حدثنا عبد السلام بن صالح الهروي، عن علي ابن موسی الرضا علیه السلام عن أبيه موسی بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب علیه السلام قال : قال رسول الله صلی الله علیه وآله : ما خلق الله خلقاً أفضل مني ولا أكرم عليه مني». .

قال علي علیه السلام : فقلت: يا رسول الله فأنت أفضل أم جبرائيل؟

فقال صلی الله علیه وآله: يا علي إن الله تبارك وتعالی فضل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقربين، وفضلني على جميع النبيين والمرسلين، والفضل بعدي لك يا علي وللأئمة من بعدك، فإن الملائكة لخدامنا وخدام محبينا ، يا علي الذين يحملون العرض ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا بولايتنا.

ص: 290

يا علي لولا نحن ما خلق الله آدم و حواء ولا الجنة ولا النار ولا السماء ولا الأرض، وكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سبقناهم إلى التوحيد ومعرفة ربنا عزّوجل وتسبيحه وتقديسه وتهليله؛ لأن أول ما خلق الله عزّوجل أرواحنا فأنطقنا بتوحيده وتمجيده، ثم خلق الملائكة، فلما شاهدوا أرواحنا نوراً واحداً استعظموا أمورنا فسبحنا لتعلم الملائكة أنا خلق مخلوقون وأنه منزه عن صفاتنا، فستحت الملائكة بتسبيحنا ونزهته عن صفاتنا، فلما شاهدوا عظم شأننا هللنا لتعلم الملائكة أن لا إله إلا الله، فلما شاهدوا كبير محلنا كبرنا الله لتعلم الملائكة أن الله أكبر من أن ينال وأنه عظيم المحل، فلما شاهدوا ما جعله الله لنا من العزة والقوة قلنا : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم لتعلم الملائكة أن لا حول ولا قوة إلا بالله : فقالت الملائكة : لا حول ولا قوة إلا بالله ، فلما شاهدوا ما أنعم الله به علينا وأوجبه لنا من فرض الطاعة قلنا : الحمد لله لتعلم الملائكة ما لحق الله تعالى ذكره علينا من الحمد على نعمه .

فقالت الملائكة : الحمد لله فينا اهتدوا إلى معرفة الله تعالى وتسبيحه وتهليله وتحميده وتمجيده .

ثم إن الله تعالى خلق آدم وأودعنا صلبه، وأمر الملائكة بالسجود له تعظيما لنا وإكراماً، وكان سجودهم لله عزّوجل عبودية ، ولآدم إكراماً وطاعة لكوننا في صلبه، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سجدوا لآدم كلهم أجمعون، وإنه لما عرج بي إلى السماء أذن جبرائیل مثنی مثنی.

ثم قال : تقدم یا محمد فقلت : يا جبرائيل أتقدم عليك؟

قال: نعم، لأن الله تبارك اسمه فضل أنبياءه على ملائكته أجمعين، وفضلك خاصة، فتقدمت وصليت بهم لا فخر، فلما انتهيت إلى حجب النور قال لي جبرائيل علیه السلام : تقدم یا محمد، وتخلف عني، فقلت: ياجبرائيل في مثل هذا الموضع تفارقني؟

ص: 291

قال : يا محمد إن هذا انتهاء حدي الذي وضعه الله لي في هذا المكان فإن تجاوزته احترقت أجنحتي لتعدي حدود ربي جل جلاله، فزخ بي زخة في النور حتى انتهيت إلى حيث ما شاء الله عزّوجل من ملكوته، فنودیت: یا محمد، فقلت: لبيك وسعديك تباركت وتعاليت.

فنودیت : يا محمد أنت عبدي وأنا ربك فإياي فاعبد وعلي فتوكل فإنك نوري في عبادي ورسولي إلى خلقي وحجتي في بريتي، لمن تبعك خلقت جنتي، ولمن خالفك خلقت ناري ولأوصيائك أوجبت كرامتي ولشيعتك أوجبت ثوابي .

فقلت : يا رب ومن أوصيائي؟ فنودیت : يا محمد أوصياؤك المکتوبون على ساق العرش، فنظرت وأنا بين يدي ربي إلى ساق العرش فإذا اثنا عشر نوراً، في كل نور سطر أخضر مكتوب عليه اسم كل وصي من أوصيائي، أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم مهدي أمتي فقلت : يا رب أهؤلاء أوصيائي من بعدي؟ فنودیت : يا محمد هؤلاء أوليائي وأحبائي وأصفيائي وحججي بعدك على بريتي، وهم أوصياؤك وخلفاؤك وخير خلقي بعدك، وعزتي وجلالي لأظهر بهم ديني، ولأعلين بهم كلمتي، ولأطهرن الأرض بآخرهم من أعدائي، ولأمكنه مشارق الأرض ومغاربها، ولأسخرن له الرياح، ولأذللن له الرقاب الصعاب، ولأرقينه في الأسباب ولأنصرنه بجندي، ولأمدته بملائكتي حتى يعلن دعوتي ويجمع الخلق على توحيدي، ثم لأدیمن ملکه ولأدولن الأيام بين أوليائي إلى يوم القيامة». .

- ابن بابویه قال : حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق قال : حدثنا أحمد بن بندار قال : حدثنا أحمد بن هلال عن محمد بن أبي عمير عن المفضل بن عمر عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه علیهم السلام عن أمير المؤمنين علیه السلام قال: «قال رسول الله صلی الله علیه وآله : لما أسري بي إلى السماء أوحي إلي ربي جل جلاله وقال : يا محمد إني اطلعت إلى الأرض اطلاعة

ص: 292

اخترتك منها فجعلتك نبياً وشققت لك من اسمي اسماً فأنا المحمود وأنت محمد، ثم اطلعت الثانية فاخترت منها علياً وجعلته وصيك وخليفتك وزوج ابنتك وأبا ذريتك وشققت له اسماً من أسمائي فأنا العلي الأعلى وهو علي، وخلقت فاطمة والحسن والحسين من نوركما، ثم عرضت ولايتهم على الملائكة، فمن قبلها كان عندي من المقربين، یا محمد لو أن عبداً عبدني حتى ينقطع ويصير کالشن البالي ثم أتاني جاحداً لولايتهم فما أسكنته جنتي ولا أظللته تحت عرشي، یا محمد تحب أن تراهم؟

قلت : نعم يا رب.

فقال عزّوجل : ارفع رأسك فرفعت رأسي فإذا أنا بأنوار علي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسی بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن ابن علي والمهدي بن الحسن القائم في وسطهم كأنه كوكب دري.

قلت : يا رب ومن هؤلاء؟

قال : الأئمة وهذا القائم الذي يحلل حلالي ويحرم حرامي، وبه أنتقم من أعدائي، وهو راحة لأوليائي وهو الذي يشفي قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين، ويخرج اللات والعزى طريين فيحرقهما ، فلفتنة الناس يومئذ بهما أشد من فتنة العجل والسامري». .

- ابن بابویه قال : حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن عبد الله البرقي عن أبيه عن جده أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه محمد بن خالد عن محمد بن داود عن محمد بن جارود العبدي عن الأصبغ بن نباتة قال : خرج علينا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام ذات يوم ويده في يدا ابنه الحسن علیه السلام وهو يقول: «خرج علينا رسول الله ذات يوم ويده في يدي هكذا وهويقول: خير الخلق بعدي وسيدهم أخي هذا، وهو إمام كل مسلم ومولي كل مؤمن بعد وفاتي، ألا وإني أقول: خير الخلق بعدي

ص: 293

وسيدهم ابني هذا وهو إمام كل مؤمن بعد وفاتي، ألا وإنه سيظلم بعدي كما ظلمت بعد رسول الله صلی الله علیه وآله، وخير الخلق وسيدهم بعد الحسن ابني أخوه الحسين المظلوم بعد أخيه، المقتول في أرض كربلاء، أما إنه وأصحابه من سادة الشهداء يوم القيامة، ومن بعد الحسين تسعة من صلبه خلفاء الله في أرضه وحججه على عباده وأمناؤه على وحيه وأئمة المسلمين وقادة المؤمنين وسادة المتقين، وتاسعهم القائم الذي يملأ الله به الأرض نوراً بعد ظلمتها، وعدلا بعد جورها، وعلما بعد جهلها، والذي بعث محمداً أخي بالنبوة واختضني بالإمامة لقد نزل بذلك الوحي من السماء على لسان الروح الأمين جبرائيل، ولقد سئل رسول الله صلی الله علیه وآله وأنا عنده عن الأئمة بعده فقال للسائل : «» [البروج: 1] إن عددهم بعدد البروج، ورب الليالي والأيام والشهور إن عدتهم كعدة الشهور .

فقال السائل : فمن هم یا رسول الله؟ فوضع رسول الله يده على رأسي فقال : أولهم هذا وآخرهم المهدي، ومن والاهم فقد والاني ومن عاداهم فقد عاداني ، ومن أحبهم فقد أحبني ومن أبغضهم فقد أبغضني، ومن أنكرهم فقد أنكرني ومن عرفهم فقد عرفني، بهم يحفظ الله دینه وبهم يعمر بلاده، وبهم يرزق عباده وبهم ينزل القطر من السماء، وبهم تخرج برکات الأرض، هؤلاء أصفيائي وخلفائي وأئمة المسلمين وموالي المؤمنين».

- ابن بابویه قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رحمه الله قال: حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن سعيد عن الحسين بن خالد عن علي ابن موسی الرضا علیه السلام عن آبائه علیهم السلام قال: «قال رسول الله صلی الله علیه وآله: من أحب أن يستمسك بديني ويركب سفينة النجاة بعدي فليقتد بعلي بن أبي طالب، وليعاد عدوه وليوال وليه، فإنه وصيي وخليفتي على أمتي في حياتي وبعد وفاتي، هو إمام كل مسلم وأمير كل مؤمن بعدي، قوله قولي وأمره أمري ونهيه نهيي وتابعه تابعي وناصره ناصري وخاذله خاذلي، ثم

ص: 294

قال : من فارق علياً بعدي لم يرني ولم أره يوم القيامة، ومن خالف علياً حرم الله عليه الجنة وجعل مأواه النار، ومن خذل علياً خذله الله يوم يعرض عليه، ومن نصر عليا نصره الله يوم يلقاه ولقنه حجته عند المساءلة .

ثم قال صلی الله علیه وآله : الحسن والحسين إماما أمتي بعد أبيهما وسيدا شباب أهل الجنة، وأمهما سيدة نساء العالمين، وأبوهما سيد الوصيين، ومن ولد الحسين تسعة أئمة تاسعهم القائم من ولدي، طاعتهم طاعتي ومعصيتهم معصيتي، إلى الله أشكو المنکرین لفضلهم والمضيعين لحقهم بعدي وكفى بالله وليا وناصراً وأئمة أمتي، ومنتقما من الجاحدين لحقهم،«» [الشعراء: 227].

- ابن بابویه قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن علي بن معبد عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا علیه السلام عن أبيه عن آبائه علیهم السلام قال : قال رسول الله : صلی الله علیه وآله وأنا سید من خلق الله عزّوجل ، وأنا خير من جبرائیل وميكائيل وإسرافيل وحملة العرش وجميع ملائكة الله المقربين وأنبياء الله المرسلين، وأنا صاحب الشفاعة والحوض الشريف، وأنا وعلى أبوا هذه الأمة، من عرفنا فقد عرف الله عزّوجل ومن أنكرنا فقد أنكر الله عزّوجل ، ومن على سبطا أمتي وسيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين ومن ولد الحسين تسعة أئمة طاعتهم طاعتي ومعصيتهم معصيتي، تاسعهم القائم ومهديهم.

- ابن بابویه قال: حدثنا حمزة بن محمد بن أحمد وجعفر بن أحمد بن زید بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب علیه السلام قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: أخبرني القاسم بن محمد بن حماد قال: حدثنا غياث ابن إبراهيم قال : حدثنا الحسين بن زید بن علي بن جعفر بن محمد عن آبائه قال: قال رسول الله صلی الله علیه وآله : «أبشروا ثم أبشروا، ثلاث مرات، إنما مثل أمتي كمثل غيث لا يدري أوله خير أم آخره، إنما مثل اُمتي كمثل

ص: 295

حديقة أطعم منها فوج عاماً ثم أطعم منها فوج عاماً لعل آخرها فوجاً أن يكون أعرضها بحراً وأعمقها طولا وفرعا وأحسنها جنى، وكيف تهلك أمة أنا أولها واثنا عشر من بعدي من السعداء وأولي الألباب والمسيح عيسی ابن مریم آخرها ولكن بهلك بين ذلك نتج الهرج، ليسوا مني ولست منهم» .

- ابن بابویه قال : حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رحمه الله قال : حدثنا أبي عن محمد بن عبد الجبار عن أبي أحمد محمد بن زياد الأزدي عن أبان بن عثمان عن ثابت بن دینار عن سيد العابدين علي بن الحسين عن سيد الشهداء الحسين بن علي عن سيد الأوصياء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام قال : قال رسول الله صلی الله علیه وآله: «الأئمة بعدي اثنا عشر، أولهم أنت يا علي وآخرهم القائم الذي يفتح الله عزّوجل على يديه مشارق الأرض ومغاربها».

- ابن بابویه قال : حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن المتوكل رضی الله عنه قالا: حدثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر ومحمد بن يحيى العطار جميعا قالوا: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى وإبراهيم بن هاشم قالوا : حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب جميعا قالوا : حدثنا أبو علي الحسن بن محبوب السراد عن داود بن الحصين عن أبي بصير عن الصادق جعفر بن محمد عن آبائه قال : قال رسول الله صلی الله علیه وآله: والمهدي من ولدي، اسمه اسمي وکنیته کنيتي، أشبه الناس بي خلقا وخلقاً، تكون له غيبة وحيرة حتى تضل الخلق عن أديانهم فعند ذلك يقبل کالشهاب الثاقب فيملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجوراً».

- ابن بابویه قال : حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطار النيسابوري قال: حدثنا حمدان بن سليمان النيسابوري عن محمد بن إسماعيل بن بزیع عن صالح بن عقبة عن أبيه عن أبي جعفر محمد بن علي

ص: 296

الباقر عن أبيه سيد العابدين علي بن الحسين عن أبيه سيد الشهداء الحسين ابن علي عن أبيه سيد الأوصياء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قال: «قال رسول الله صلی الله علیه وآله: المهدي من ولدي، تكون له غيبة وحيرة تضل فيها الأمم، ياتي بذخيرة الأنبياء علیه السلام فيملأها عدلاً وقسطا كما ملئت جوراً وظلماً».

- ابن بابویه بهذا الإسناد عن أمير المؤمنين علیه السلام قال : وقال رسول الله صلی الله علیه وآله : «أفضل العبادة انتظار الفرج».

- ابن الأعثم الكوفي في كتاب الفتوح عن أمير المؤمنين علیه السلام ، أنه قال: «ويحاً للطالقان فإن لله تعالى كنوزاً ليست من ذهب ولا فضة، ولكن بها رجال مؤمنون، وعرفوا الله حق معرفته، وهم أيضا أنصار المهدي في آخر الزمان».

- قال الشعبي وهو من المنحرفين عن أمير المؤمنين علیه السلام من علماء العامة : اعلم أن روایاتنا نحن وأكثر أهل الإسلام أيضا أن نبينا علیه السلام قال : «لا بد من مهدي من ولد فاطمة ابنته علیها السلام يظهر فيملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت [من غيره] ظلما وجوراً» قال السيد ابن طاوس : وقد روى ذلك أيضا جماعة من رجال الأربعة المذاهب في كتبهم وأجمع عليه أهل الإسلام، ثم ذكر من رواياتهم الكثيرة ما رويناه هنا وغيره.

- الأربعين بإسناده عن علي بن أبي طالب علیه السلام قال: «قلت: يا رسول الله أمنا آل محمد المهدي أم من غيرنا؟

فقال النبي صلی الله علیه وآله : منا، يختم الله به الدين كما فتح، بنا ينقذون من الفتن كما أنقذوا من الشرك، ربنا يؤلف الله بين قلوبهم بعد عداوة الفتنة إخوانا كما ألف بينهم بعد عداوة الشرك إخوانا في دينهم».

- أبو محمد هذا قال عن علي علیه السلام عن النبي صلی الله علیه وآله ؛ أنه قال : «المهدي منا أهل البيت، يصلحه الله عزّوجل في ليلة» .

ص: 297

- ومن الجمع بين الصحاح السنة بالإسناد قال : عن علي علیه السلام أن رسول الله صلی الله علیه وآله قال : لو لم يبق من الدهر إلا يوم ليبعث الله رجلا من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جوراً».

- الكنجي بإسناده عن علي علیه السلام عن النبي صلی الله علیه وآله : «لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملأها عدلا كما ملئت جورا» هكذا أخرجه أبو داود في سننه .

- الكنجي بإسناده عن علي علیه السلام قال : قال رسول الله صلی الله علیه وآله: «المهدي منا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة».

- بالإسناد عن علي بن أبي طالب علیه السلام قال: قلت: يا رسول الله أمنا آل محمد المهدي أم من غيرنا؟

فقال صلی الله علیه وآله: لا ، بل ما يختم الله به الدين كما فتح بنا، وبنا ينقذون من الفتن كما أنقذوا من الشرك، وبنا يؤلف الله بين قلوبهم بعد عداوة الفتن إخوانا كما ألف بينهم بعد عداوة الشرك إخوانا في دينهم» قال : حديث حسن، قال: ورواه الحفاظ في كتبهم، فأما الطبراني فقد ذكره في المعجم الأوسط، وأما أبو نعيم فرواه في حليته، وأما عبد الرحمن بن حماد فقد ساقه في غواليه.

- ابن بابویه قال : حدثنا أبو الحسن محمد بن علي ابن الشاه الفقيه المرواردي بمرو الروذ قال : حدثنا أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسین قال : حدثنا أبو يزيد أحمد بن خالد الخالدي قال : حدثنا محمد بن أحمد ابن صالح التميمي قال: حدثنا محمد بن حاتم القطان عن حماد بن عمر عن الإمام جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب علیه السلام في حديث طويل ووصية النبي صلی الله علیه وآله يذكر فيها أن رسول الله صلی الله علیه وآله قال له : « يا علي واعلم أن أعجب الناس إيمانا وأعظمهم يقينا قوم يكونون في آخر الزمان لم يلحقوا النبي، وحجبت عنهم الحجة فآمنوا بسواد على بياض».

ص: 298

- أبو نعيم هذا من الجزء الثالث من حلية الأولياء أيضا من حديث أبي القاسم محمد ابن الحنفية عن أبيه علي بن أبي طالب علیه السلام .

قال : وقال رسول الله صلی الله علیه وآله : المهدي منا أهل البيت، يصلحه الله عزّوجل رجلا في ليلة - أو قال: في يومين -» .

- الحمويني قال بالإسناد إلى ابن بابویه قدس الله روحه قال : أنبأنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطار النيسابوري قال: أنبأنا علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري قال: أنبأنا حمدان بن سلمان النيسابوري قال: قال: أنبأنا علي بن محمد بن إسماعيل بن بزیع عن صالح بن عقبة، عن أبيه، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه سيد العابدين علي بن الحسين، عن أبيه، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه سيد العابدين علي بن الحسين، عن أبيه ، سید الشهداء الحسين بن علي بن أبي طالب ، عن أبيه سيد الأوصياء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام صلوات الله عليهم أجمعين قال : قال رسول الله صلی الله علیه وآله: «المهدي من ولدي، تكون له غيبة وحيرة تضل فيها الأمم، يأتي بذخيرة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فيملأها قسطا وعدلا كما ملئت جوراً وظلماً».

- الحمويني قال: أخبرني الشيخان شرف الدين أبو الفضل أحمد بن هبة الله ابن عساكر الشافعي وبدر الدين أبو علي الحسن بن علي بن الحلال بقراءتي عليهما منفردين بدمشق المحروسة قلت لكل واحد منهما : أخبرك الشيخ الصالح أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد بن علي الحافظ السلامي إذنا قال: أنبأنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي قال : أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان قراءة عليه في رجب سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة قال : أنبأنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن عبد الله قراءة عليه في منزله بدرب الضفادع قال: أنبأنا عبد الملك بن محمد قال: أنبأنا أبو نعيم، أنبأنا

ص: 299

ياسين العجلي وكان يجالسنا عن إبراهيم بن محمد ابن الحنفية رضی الله عنه عنه عن أبيه علي بن أبي طالب علیه السلام قال : قال رسول الله صلی الله علیه وآله : «المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة». .

أخرج أبو داود بسنده في صحيحه، يرفعه إلى علي علیه السلام قال : قال رسول الله صلی الله علیه وآله: «لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملأها عدلا كما ملئت جوراً».

- أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي قال: لتملأن الأرض ظلماً وجوراً حتى لا يقول أحد: الله الله ، يستعلق به، ثم لتملأن بعد ذلك قسطا وعدلا ، كما ملئت ظلما وجوراً.

- في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنین علیه السلام حدیث طويل وفيه : وغاب صاحب هذا الأمر بإيضاح العذر له في ذلك ، لاشتمال الفتنة على القلوب حتى يكون أقرب الناس إليه أشدهم عداوة له، وعند ذلك يؤيده الله بجنود لم تروها، ويظهر دين نبيه صلی الله علیه وآله علی يديه على الدين كله ولو كره المشركون.

- وبالإسناد إلى أمير المؤمنين علیه السلام أنه قال : التاسع من ولدك يا حسين هو القائم بالحق، والمظهر للدين والباسط للعدل، قال الحسين : فقلت له يا أمير المؤمنين وإن ذلك لكائن؟

فقال علیه السلام : أي والذي بعث محمدا بالنبوة، وأطفاه على البرية، ولو بعد غيبة وحيرة، ولا يثبت فيها على دينه إلا المخلصون المباشرون لروح اليقين، الذين أخذ الله عزّوجل میثاقهم بولايتنا وكتب في قلوبهم الإيمان «وَ اَیَدَهُم بِرُوحِ مِنهُ» [المجادلة : 22].

- ابن عساكر قال: أنبأنا أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون المعروف بأبي -في كتابه - عن محمد بن علي بن الحسن بن الحسني، أنا محمد بن عبد الله الجعفي، أنا محمد بن عمار العطار، أنا علي بن محمد

ص: 300

ابن خبية، نا عمرو بن حماد بن طلحة، أنا إسحاق يعني ابن إبراهيم الأزدي، عن فطر، عن أبي الطفيل، عن علي قال : سمعت علياً يقول: إذا قام قائم آل محمد جمع الله له أهل المشرق وأهل المغرب، فيجتمعون كما يجتمع فزع الخريف. فأما الرفقاء فمن أهل الكوفة، وأما الأبدال فمن أهل الشام.

- ابن عساكر قال: أخبرنا أبو البرکات عمر بن إبراهيم بن محمد الزيدي، أنا أبو الفرج محمد بن أحمد بن علان، أنا أبو الحسن محمد بن جعفر بن محمد، أنا محمد بن القاسم بن زکریا ، أنا عباد بن یعقوب، أنا عمر بن شبيب، عن محمد بن سلمة بن کهيل، عن أبيه عن أبي إدريس، عن المسيب بن نجبة عن علي قال : ألا إني محدثكم عن أهل بيتي ، ألا لا يغرنكم ابنا عباس [من شيء] ألا ولا ابن جعفر، ألا وإني أراكم تطيفون بحسن، والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، لو قد التقت حلقة البطان ما أغنى عنكم في الحرب حبالة عصفور، ألا وأما حسين فإنه منكم وأنتم منه، ألا إن هؤلاء القوم سيظهرون علیکم باجتماعهم على باطلهم وبخذلكم عن حقكم، فليتعبدونكم كما يتعبد الرجل عبده إذا شهد خدمه ، وإذا غاب عنه سبه حتى يقوم الباكيان الباكي لدينه والباكي لدنياه، وأيم الله ، لو قد فرقوكم تحت كل حجر لجمعكم الله لشر يوم لهم، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو لم يبق من الدنيا غير [ليوم] واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يملك فيه رجل منا، فإن رأيتم ذلك اليوم ولم ترموا بسهم، ولم ترموا بحجر، ولم تطعنوا برمح فاحمدوا الله ، فإن العاقبة للمتقين، ألا وإن رأيتم أحداً من بني أمية غريقا في بحر إلا فطؤوا على رأسه، فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو لم يبق من بني أمية إلا رجل لبغي لدين الله شراً.

- في عيون أخبار الرضا علیه السلام من طرق الشيعة هكذا، إلا أن فيه : لقد حدثني أبي عن أبيه عن آبائه عن علي علیه السلام عن النبي صلی الله علیه وآله ، قيل له: يا رسول الله متى يخرج القائم من ذريتك؟

ص: 301

فقال مثله مثل الساعة لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في الأرض لا تأتيكم إلا بغتة.

- في إثبات الهداة للشيخ الحر عامله الله بالخير عن الرضا علیه السلام عن أبيه عن آبائه عن علي علیه السلام قال : قال رسول الله صلی الله علیه وآله: والذي بعثني بالحق بشيراً ليغيبنّ القائم من ولدي بعهد معهود إليه مني حتى يقول أكثر الناس : ما الله في آل محمد حاجة، ويشك آخرون في ولادته، فمن أدرك زمانه فليتمسك بدينه ولا يجعل للشيطان عليه سبيلا بشکه فيزيله عن ملتي ويخرجه عن ديني، فقد أخرج أبويكم من الجنة من قبل، وإن الله عزّوجل جعل الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون.

- فيه عن علي علیه السلام في نهج البلاغة : الزموا الأرض واصبروا على البلاء ولا تحركوا بأيديكم وسيوفكم وهوى ألسنتكم، ولا تستعجلوا بما لم يعجله الله لكم، فإنه من مات منكم على فراشه وهو على معرفة ربه وحق رسوله وأهل بيته مات شهيداً، ووقع أجره على الله فاستوجب ثواب ما نرى من صالح عمله وقامت النية مقام إصلائه بسيفه فإن لكل شيء مدة وأجلاً .

- عن علي علیه السلام في غيبة النعماني يقول: كأني بالعجم فسأطيطهم في مسجد الكوفة، يعلمون الناس القرآن كما أنزل . قيل : يا أمير المؤمنین أوليس هو كما أنزل؟

قال: لا، محي عنه سبعون من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم وما ترك اسم أبي لهب إلا ازدراء لرسول الله لأنه عمه.

- عن الأصبغ بن نباتة قال : أتيت أمير المؤمنين علیه السلام فوجدته متفكراً ينكت في الأرض فقلت: يا أمير المؤمنين مالي أراك متفکراً تنكت في الأرض، رغبة منك فيها؟

فقال: لا والله ما رغبت فيها ولا في الدنيا يوما قط، ولكن فكرت في مولود يكون من ظهري الحادي عشر من ولدي هو المهدي الذي يملأ

ص: 302

الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جوراً وظلماً، يكون له غيبة وحيرة، تضل فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون. فقلت : يا أمير المؤمنين وكم تكون الحيرة والغيبة؟

قال : ستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنين، فقلت: وإن هذا لكائن؟

قال: نعم، كما أنه مخلوق، وأتى لك بهذا الأمر يا أصبغ؟ أولئك خیار هذه الأمة مع خيار أبرار هذه العترة. فقلت: ثم ما يكون بعد ذلك؟

فقال: ثم يفعل الله ما يشاء فإن له بداءات وإرادات وغايات ونهايات.

- قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضی الله عنه قد وصف المهدي فقال: (إن مولده بالمدينة من أهل بيت النبي صلی الله علیه وآله واسمه اسم (أبيه)، ومهاجره بیت المقدس، كث اللحية، أكحل العينين، براق الثنايا، في وجهه خال، أثنى، أجلى، في كتفه علامة النبي صلی الله علیه وآله ، يخرج براية النبي صلی الله علیه وآله من مرط مخملة سوداء مربعة [فيها حجر لم ينشر منذ توفي رسول الله صلی الله علیه وآله ، ولا ينشر حتى يخرج المهدي] يمده الله بثلاثة آلاف من الملائكة، يضربون وجوه من خالفهم).

- عن علي بن أبي طالب رضی الله عنه قال: قلت: (یا رسول الله المهدي منا أئمة الهدى، أم من غيرنا؟).

قال : (بل منا، بنا يختم الدين كما بنا فتح، وبنا يستنقذون من ضلالة الفتنة كما أستنقذوا من ضلالة الشرك، وبنا يؤلف الله بين قلوبهم في الدين بعد عداوة الفتنة كما ألف الله بين قلوبهم ودينهم بعد عداوة الشرك).

- في عيون أخبار الرضا علیه السلام من طرق الشيعة هكذا، إلا أن فيه : لقد حدثني أبي عن أبيه عن آبائه عن علي علیه السلام عن النبي صلی الله علیه وآله قيل له: يا رسول الله متى يخرج القائم من ذريتك ؟

فقال : مثله مثل الساعة لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في الأرض لا تأتيكم إلا بغتة.

ص: 303

أهل البيت يمدحون المهدي (عج)

- عن علي علیه السلام في الجفر : (ووالله لو شئت أن أسمي أعداء المهدي بأسمائهم لسميت، وأن أومیء إليهم بأعيانهم يوم يبعثه الله فيبعث به الدين لأومأت. فاعلموا معاشر الناس أنه هدية الله لأمة حبيب الله محمد صلی الله علیه وآله وسلم، فاعلموا معاشر الناس ذلك فيه، وافهموه، واعلموا أن الله قد نصبه لكم ولياً، وعلى الأرض ملكا وخليفة، وللدين إماما، فرض طاعته على البادي والحاضر، وعلى الأعجمي والعربي، ويتبعه من الأولين كثر ويحاربه كثر، ويتبعه منكم ويحاربه كثر، ألا أنه سيد علي العجم والديلم والسند والهند والأمارك والإجلز والصغير والكبير،والأبيض والأسود، جاد قوله، نافذ أمره، ملعون من خالفه، مرحوم من تبعه وصدقه ، قد غفر الله له ولمن سمع منه وأطاع، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله والعن من أنكره، واغضب على من جحد حقه .

النور من الله عزّوجل مسلوك فيه، وفي حكمه يهدي الله به، ويأخذ بحق الله من كل خلق الله، وبكل حق هو لآل البيت، ويجعله الله حجة على الجاحدين والآثمين والخائنين والظالمين والغاصبين والمعاندین والمغضوب عليهم والضالين، من جميع العالمين، حتى لا تخلوا أرض الله من راية له مرفوعة، ولم يكن الله ليذركم على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب، وما من قرية في أرض الله مصدقها وعده، عطاء بإيمان أو إهلاكا بتكذيب.

معشر آل البيت، إني أبين لم وأفهمكم، يبعث الله مهدينا عدواً لمن

ص: 304

ذمه الله ولعنه، ألا إنه لمنتقم من الظالمين، فاتح الحصون، وغالب كل قبيلة من أهل الشرك وهاديها لدين الله، ولا غالب له ولا منصور عليه، فافهموا إنه رشید سدید، مشيد لأمر الله آياته ، يزلزل الله له الأرض زلزالا عظيماً ويقذف باطنها ناراً، وترمي السماء شهبا وجبالا ونحاساً وحديداً ،«وَیْلٌ یَوْمَئِذٍ لِّلْمُکَذِّبِینَ » [المرسلات : 15] بالجانب الغربي من مشرق الإسلام،يرى أهل المغرب هولا، وتسمع الإنس والجن قرقعة وصداماً تهتز له الدوائر، وتنحرف المحاور، وتخرج العذراء من خدرها، ويبكي الجنين في جوفها، وتصمم أسماعها وتنثقب طبولها، وتحشد نساؤها وتهرب رجالها، فقد أعذر الله للأرض إعذارها، وأنذرها إنذارها، وبدا النجم الثاقب، يرونه أهل المشارق وأهل المغارب، واقرأوا إن شئتم «َا أَیُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّکُمْ ۚ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَیْءٌ عَظِیمٌ (1) یَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ کُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ کُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَی النَّاسَ سُکَارَی وَمَا هُم بِسُکَارَی وَلَکِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِیدٌ (2) وَمِنَ النَّاسِ مَن یُجَادِلُ فِی اللَّهِ بِغَیْرِ عِلْمٍ وَیَتَّبِعُ کُلَّ شَیْطَانٍ مَّرِیدٍ (3) کُتِبَ عَلَیْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ یُضِلُّهُ وَیَهْدِیهِ إِلَی عَذَابِ السَّعِیرِ (4) » [الحج: 1-4].

هناك يخنس المجادل الكذاب، ويتحير أولو الألباب، فلا تشكوا ولا تجحدوا، فقد جاءكم الفرج، يمحو الله بالمهدي كل الهرج والمرج، ومن بايع فإنما يبايع الله ، تراه الأرض في كل زواياها في وقت واحد، ليل أو نهار، وتطوى له الأرض ولأصحابه، يرفع الله له كل منخفض من الأرض ويخفض له كل مرتفع حتى النمله في جحرها تعلم أنه جاء زمن ولي الله.

(وما يكون من باب مغلق إلا يفتحه الله للمهدي، ولو كانت وراء الباب بحار وأنهار وجيوش وقعاقع سلاح لا تعرفون مثله اليوم، أترون النسر والصقر والبوم وكل طير، مثلها وبأسمائها تقذف السحاب ناراً وأهوالا، وما كان من سحاب صعب، فيه رعد و برق فصاحبكم المهدي

ص: 305

يركبه، يعلمه الله فوق ما تعلمه الذي عنده علم من الكتاب، ويكذب الكذاب في الكتاب، ودعاوى رؤوس على أبواب جهنم، كلام كثير يسمعه الناس في كل مكان يرون المتكلم به وقائل يقول: العالم الجديد، وما هو بجديد، وداع من أرض يقال لها الجديدة وما هي بجديدة لكنهاقديمة، سكنها أصحاب الوجوه الحمراء، واسم الرجل منهم أحمر، يعرفهم بعوث يسلم ملوكهم لله ، يعبرون بحر الظلمات، ويزرعون الشجرة الطيبة التي يحرق فروعها المسيح الدجال ولا يقلع جذورها، ولكن يحارب من الأرض العظيمة كل بذور غرسها صالحون إلا ما شاء الله ، ذليلا يعيش ليعلم أنه مقهور وكذاب وأن الأمر الله جميعا، لكنه جل جلاله يضل من يشاء، فيعلم أقواما لا يتأثم أحدهم من الذنب ولا يتحرج من لمس العورة وعمل صنم لها، يسيرون وراء كذاب إسرائيل، ويكون منهم أئمة الضلالة والدعاة إلى جهنم، يركب مركبهم ملوك وأمراء جعلوهم حکاماً على رقاب فأكلوا بهم الدنيا والله لو شئت لسميتهم بأسمائهم وآل فلان وآل النون وآل العود، والمتبرك والمتعرف، والمتيمن والمتمصر، والقاذف بالكلام، والصادم بالنار، والفاتن بالفتن، ومنهم الملك والقيل والأمير والرأس والوالي والزعيم.

في زمنهم يضيع المسجد الأقصى، ويعود مع صحابي مصر، وجمع ابن مصر قبله لقاضي إسرائيل مع قاضي القدس، لكن إسرائيل تعلو بالفساد والنفير والنار، والعرب غثاء كغثاء السيل كما أخبر رسول الله صلی الله علیه وآله ، فيخرج صاحب مصر من خفاء وصمت طويل، ويفتح کهف الأسرار وينادي بالثار الثار، ويمهد للمهدي، وإنما الناس مع الملوك والدنيا، والدين مع الغرباء، فطوبى لهم حتى يخرج لهم مهدي آل البيت، بعد ما يزلزل الله أرض الحمر المسروقة، ويتمنى الناس العدل.

وعلي الله شأن محمد، يظهر بلال ومن تحنف، في نجوم خمسين

ص: 306

ليست في السماء، إنما هي بالأرض العظيمة، لكن نجمة بني إسرائيل المرسومة في خطوط الدرع تبلعهم جميعا زمان وعد الآخرة لهم، الذين يسوون فيه وجوه كل العرب، وتبكي أمة خالفت رسولها وأطفأت بيدها مصباحها ....).

اللهم اجعلنا من أعوانه وأنصاره والمطيعين له بمحمد وآله وآخر دعوانا اللهم اجعل هذا الكتاب ذخرا للمسلمين خادم بقية الله الأعظم

الشيخ مهدي خليل جعفر

بعلبك: 07/871631

ص: 307

ص: 308

المصادر

1- القرآن الكريم.

2- الكتاب المقدس: العهد القديم، العهد الجديد .

3- تنبوءات النبي والأئمة للشيخ مهدي جعفر ط دار المحجة البيضاء لبنان .

4- الاختصاص : الشيخ المفيد (طبع إيران سنة 1379 ه).

5- الإرشاد: الشيخ المفيد (طبع طهران سنة 1358 ه).

6- إلزام الناصب في إثبات حجية الغائب : الشيخ علي اليزدي الحائري (طبع طهران سنة 1351 ه.).

7- إسعاف الراغبين في سيرة المصطفى وأهل بيته الطاهرين: الشيخ محمد الصبان، حاشية على كتاب نور الأبصار (طبع مصر سنة 1380 ه).

8 - الأعلاق النفيسة : أحمد بن عمر بن رستم (طبع ليون سنة 1891م).

9- إعلام الوری بأعلام الهدى : الطبرسي (طبع إيران سنة 1338 ه).

10 - الإمام المهدي: علي محمد علي دخیل (طبع النجف).

11 - أمل الآمل : الحر العاملي (طبع بغداد سنة 1385 ه).

12 - بحار الأنوار: المجلسي (طبع طهران سنة 1385 ه).

13 - بشارة الإسلام: السيد مصطفى الكاظمي (طبع النجف سنة 1382 ه) .

14 - البلدان : ابن الفقيه (طبع ليون سنة 1302ه).

15 - البيان والتبيين : الجاحظ (طبع مصر سنة 1366 ه. 1967م.).

16 - البيان في أخبار صاحب الزمان: الكنجي الشافعي (طبع النجف 1324 ه وطبع 1362 ه).

17 - تاریخ سني ملوك الأرض والأنبياء : حمزة بن الحسن الأصبهاني (طبع بیروت 1382 ه. و 1962م).

18 - تحف العقول عن آل الرسول : الحسن بن علي الحراني (طبع بیروت سة 1969م).

ص: 309

19 - تقويم البلدان : أبو الفداء (طبع باريس سنة 1840م).

20 - الحاوي للفتاوی: للسيوطي (طبع مصر سنة 1959م).

21 - جامع أحاديث الشيعة: للطباطبائي البُرُجُردي (طبع طهران سنة 1380 ه) .

22 - جامع الأخبار : السبزواري (طبع إيران سنة 1382 ه).

23 - جنة الماوی (مع بحار الأنوار) : النوري (طبع إيران سنة 1385 ه).

24 - حقائق الإيمان : الشيخ يوسف الفقيه.

25- حضارة العرب : مصطفى الرافعي (طبع بیروت سنة 1980م).

26 - ذخائر العقبي في مناقب ذوي القربي : أحمد بن عبد الله الطبري (طبع مصر سنة 1356ه).

27 - سفينة بحار الأنوار : مادة قمم (طبع النجف سنة 1385 ه).

28 - شرح نهج البلاغة : ابن أبي الحديد (طبع مصر سنة 1329 ه) .

29 - صحيح البخاري، (طبع مصر سنة 1372 ه).

30 - صحیح مسلم، (طبع مصر سنة 1384 ه).

31 - الصواعق المحرقة : ابن حجر (طبع مصر سنة 1375ه).

32 - عيون أخبار الرضا: الصدوق (طبع النجف سنة 1390ه. و 1970م).

33 - الغيبة : الطوسي (طبع النجف سنة 1358ه. وطبع طهران 1385 ه) .

34 - غيبة النعماني.

35 - الفصول المهمة : ابن الصباغ (طبع النجف سنة1950م).

36 - الفطرة من بحار النبي والعترة: السيد أحمد المستنبط (طبع النجف سنة ال 1375 ه. و 1958م).

37 - الكافي : الكليني (طبع إيران سنة 1388 ه).

38 - الكامل : ابن الأثير الجزري (طبع مصر سنة 1303 ه).

39 - کتاب الفتن : السليلي الحسائي (طبع النجف سنة 1382 ه. و 1963م).

40 - الكشكول: البهائي العاملي .

ص: 310

41 - الكنى والألقاب: الشيخ عباس القمي (طبع النجف سنة 1376 ه) و1956م).

42 - کشف الغمة في معرفة الأئمة : الحسن الإربلي (طبع إيران سنة 1382 ه).

43 - لمعان الأنوار : أبو الحسن النجفي المرندي (طبع إيران سنة 1340 ه).

44 - مثير الأحزان : الشيخ يوسف الجواهري (طبع النجف سنة 1373 ه).

45 - مجمع البحرین، (طبع النجف سنة 1381 ه).

46 - المحجة البيضاء : محمد بن المرتضى الكاشاني (طبع إيران سنة 1340 ه).

47 - المخلاة : البهائي العاملي.

48 - مسند أحمد بن حنبل.

49 - مشتهى كل الأمم: القس عبد الله صائغ (طبع بیروت سنة 1957م).

50 - معاني الأخبار : الصدوق (طبع إيران سنة 1379 ه).

51 - معجم البلدان : یاقوت الحموي (طبع مصر سنة 1324ه. و1906م).

52 - معاجم لغة وأدب مختلفة.

53 - الملاحم والفتن : ابن طاوس (طبع النجف سنة 1382 ه. و 1963م).

54 - منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر : لطف الله الصافي (طبعتان: طهران سنة 1324ه. و1373 ه).

55 - المهدي: السيد صدر الدين الصدر (طبع إيران سنة 1358ه).

56 - موجز تواريخ أهل البيت : محمد الشيخ طاهر السماوي (طبع النجف سنة1385ه. و1965م).

57 - نخبة الدهر في عجائب البر والبحر : محمد بن أبي طالب الأنصاري (طبع ليبزغ سنة 1923م).

58 - نهج البلاغة، (طبع بیروت - المكتبة الأهلية).

59 - نهج الفصاحة ، (طبع إيران سنة 1341 ه).

60 - نوائب الدهر في علائم الظهور : محمد حسن مهاجري جرقوئي (طبع طهران سنة 1383 ه).

ص: 311

61 - نور الأبصار في مناقب آل النبي المختار: السيد مؤمن الشبلنجي (طبع مصر سنة 1380 ه).

62 - نور الأنوار : أبو الحسن المرندي (طبع إيران سنة 1328ه).

63 - وسائل الشيعة : الحر العاملي (طبع بیروت سنة 1391 ه).

64 - وفاة العسكري : الشيخ حسين البحراني (طبع النجف سنة 1393ه).

65 - ينابيع المودة: القندوزي (طبع إسلامبول سنة 1301ه).

ص: 312

الفهرس

الإهداء ... 5

عراقة الإيمان بالمصلح العالمي ... 7

المهدي الموعود علیه السلام وغيبته في بشارات الأديان ... 7

البشارات بالمنقذ في الكتب المقدسة ... 8

رسوخ الفكرة في الديانتين اليهودية والنصرانية ... 9

الإيمان بالمصلح العالمي في الفكر غير الديني ... 11

طول عمر المصلح في الفكر الإنساني ... 12

الإيمان بالمهدي علیه السلام تجسيد لحاجة فطرية ... 12

موقف الفكر الإنساني من غيبة المهدي علیه السلام ... 14

الفكر الديني يؤمن بظهور المصلح العالمي بعد غيبة ... 14

الإختلاف في تشخيص هوية المنقذ العالمي ... 16

الخلط بين البشارات وتأويلها ...17

منهج لحل الإختلاف ... 18

المهدي الإمامي وحل الاختلاف ... 19

رأي القاضي الساباطي ... 20

البشارات السماوية لا تنطبق على غير المهدي الإمامي ... 22

البشارات وغيبة الإمام الثاني عشر... 23

البشارات وخصوصيات المهدي الإمامي ... 24

البشارات وأوصاف المهدي الإمامية ...25

ص: 313

الاهتداء إلى هوية المنقذ على ضوء البشارات ... 27

الأستاذ إلى بشارات الكتب السابقة ومشكلة التحريف ... 28

الاستناد إلى ما صدقه الإسلام من البشارات ... 29

تأثير البشارات في صياغة العقيدة المهدوية ... 31

نتائج البحث ... 32

المهدي في الأحاديث ... 37

النصوص الواردة عن الباري عزّوجل في حق المهدي (عج) ... 37

دلائل وجود الإمام المهدي علیه السلام في فكر الإنساني ... 44

المسألة الأولى : أصل فكرة الإمام المهدي علیه السلام ... 45

المهدي في الصحاح ... 47

المهدي في الفكر الإسلامي عند السنة ... 47

المسألة الثانية : ولادته علیه السلام ... 49

أدلة الولادة ...50

قصة الولادة ... 56

المهدي المنتظر في الأديان السماوية والملل والنحل ... 58

لحظات الظهور ... 59

جذور فواجع الشيعة ... 62

انتظار المنقذ عند غير المسلمين ... 67

المهدي في الأديان السماوية والملل والنحل ... 70

المهدي في الديانة اليهودية ... 71

المهدي في الديانة المسيحية ... 73

المهدي في معتقدات الزرادشتية ... 89

المهدي في المعتقدات الهندية ... 90

ص: 314

المهدي في المعتقدات البوذية ...91

المهدي في المعتقدات الصينية ... 91

المهدي في الديانة اليهودية ...92

المهدي في كتب السلف ... 95

1- في أفق الزرادشتية ...95

2 - في أفق البوذية ... 96

3- في الأفق اليهودي ... 97

5 - في عرف المسيحية ... 99

من هو المهدي في فكر الهندي (براهمية - مندوس - سیخ) ... 101

الموعود في البوذية ... 102

المخلص عند الصابئة ... 103

المخلص في ديانة جبال النيبال ... 105

المخلص في العقيدة المصرية القديمة ... 107

المهدي في الفكر الإسلامي ... 118

الإمام المهدي (عج) في كتب علماء السنة ... 118

فكرة واقعية ... 120

المهدي في كتب المسلمين ... 122

التحريف في الحديث ...127

الشبهات ... 129

دعوة الشيخ مهدي جعفر إلى أصحاب الفكر المهدوي ... 134

المهدي (عج) في أحاديث الإمام علي علیه السلام ...136

المهدي (عج) في أحاديث الإمام الحسين علیه السلام ...139

المهدي (عج) في أحاديث الإمام زین العابدین علیه السلام ...141

ص: 315

المهدي (عج) في أحاديث الإمام الباقر علیه السلام ...144

المهدي (عج) في أحاديث الإمام الصادق علیه السلام ... 145

المهدي (عج) في أحاديث الإمام الكاظم علیه السلام ...146

المهدي (عج) في أحاديث الإمام الرضا علیه السلام ...148

المهدي (عج) في أحاديث الإمام الجواد علیه السلام ...149

المهدي (عج) في أحاديث أبيه الإمام الحسن العسكري علیه السلام ...150

النص الوارد عن أمير المؤمنين علیه السلام ...151

النص الوارد عن فاطمة الزهراء علیهاالسلام ...152

النص الوارد عن الإمام الحسن علیه السلام ...154

النص الوارد عن الإمام الحسين علیه السلام ...155

النص الوارد عن الإمام زین العابدین علیه السلام ...156

النص الوارد عن الإمام الباقر علیه السلام ... 157

النص الوارد عن الإمام الصادق علیه السلام ...158

النص الوارد عن الإمام الكاظم علیه السلام ...159

النص الوارد عن الإمام الرضا علیه السلام ...160

النص الوارد عن الإمام الجواد علیه السلام ...162

النص الوارد عن الإمام الهادي علیه السلام ...163

النص الوارد عن الإمام العسكري علیه السلام ...164

روايات عن طريق أهل السنة ...165

المهدي في أحاديث علماء السنة ... 168

أدلة أهل السنة والجماعة بوجوده الآن غائبا وأنه سيظهر ... 172

الدلائل على وجود المهدي من القرآن والعترة ... 176

الآيات الواردة فيه ... 178

الآيات المؤولة بعلامات الظهور ... 229

ص: 316

الآيات المؤولة بخروج الإمام المهدي (عج) ...231

الوعد من الله بخروج الموعود ...234

فصل في علامات اليوم الموعود، يوم سيخرج فيه القائم ...241

المهدي... يوم سيخرج فيه ...243

فضائل المهدي (عج) في أحاديث أهل البيت علیهم السلام...288

أهل البيت يمدحون المهدي (عج) ...304

الفهرس ...313

ص: 317

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.