اربعینیات

اشارة

سرشناسه:زنجانی، سیداحمد، 1269 - 1352.

عنوان و نام پديدآور:اربعینیات [کتاب]/ سیداحمد زنجانی .

مشخصات نشر:قم: دفتر حضرت آیه الله شبیری زنجانی، انتشارات مرکز فقهی امام محمد باقر(ع)، 1394 .

مشخصات ظاهری:312 ص.؛ 5/14×21 س م.

شابک:140000 ریال: 978-600-96455-0-3

وضعیت فهرست نویسی:فاپا

یادداشت:کتابنامه: ص. [309]- 312؛ همچنین به صورت زیرنویس.

موضوع:اربعینات -- قرن 14

موضوع:*Arab'inat -- 20th century

موضوع:احادیث شیعه -- قرن 14

موضوع:Hadith (Shiites) -- Texts -- 20th century

شناسه افزوده:دفتر آیت الله العظمی شبیری زنجانی. مرکز فقهی امام محمد باقر(ع)

رده بندی کنگره:BP143/9/ز9الف4 1394

رده بندی دیویی:297/218

شماره کتابشناسی ملی:4230365

ص: 1

اشارة

ص: 2

اربعینیات

حضرت آیه الله شبیری زنجانی

ص: 3

ص: 4

الحمد للَّه ربّ العالمين

والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد

وعلى آله الطيّبين الطاهرين

الذين أذهب اللَّه عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً

ص: 5

ص: 6

المقدّمة

اشارة

أمّا بعد ، فقد استمرّت عادة أصحاب الحديث من مختلف الفِرَق الإسلامية على ضمّ (أربعين حديثاً) مدروساً ومشروحاً في تصنيف واحد وذلك لما روي عن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل بيته الأطهار عليهم السلام أنّ لحفظ الأربعين حديثاً في شؤون الحياة آثاراً دينية ودنيوية فضلاً عن حفظ التراث الإسلامي حيث حفظت طائفة كبيرة من هذا النوع في المؤلّفات التراث الديني وأوصلته غضّاً طريّاً للأجيال اللاحقة على مرّ الزمان الطويل ، والمهم في الأمر هو معرفة الحكمة الداعية لتحديد هذا العدد - الأربعين - دون زيادة أو نقصان فقد وردت نصوص كثيرة في عدد الأربعين تدلّ على اهتمام الشريعة المقدّسة بهذا العدد إهتماماً خاصّاً ، وقد أشار العلّامة المجلسي رحمه الله إلى ذلك فقال : (ظاهر أكثر الأخبار تخصيص الأربعين بما يتعلّق بأُمور الدين من أُصول العقائد والعبادات القلبية والبدنيّة لا ما يعمّها وسائر المسائل من المعاملات والأحكام بل يظهر من بعضها كون تلك الأربعين جامعة لأُمّهات العقائد والعبادات والخصال الكريمة والأفعال الحسنة)(1).

من هذا الباب وتبعاً لعلمائنا الأعلام أشرنا في هذه المقدّمة إلى الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة الواردة عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله والأئمّة الميامين عليهم السلام والمختصّة بهذا الموضوع وعلّلنا بعض الأسباب التي وردت في خصوص هذا العدد ، كما أشرنا إلى لغة الأرقام والأعداد في القرآن الكريم ، والتي هي أحد أدلّة الإعجاز في كتاب اللَّه عزّوجلّ ثمّ تطرّقنا إلى معنى الحديث والرواية والدراية ، وكيف أنّ علمائنا الأعلام اهتمّوا

ص: 7


1- 1. بحار الأنوار : ج 2 ص 157 باب 20. من حفظ أربعين حديثاً .

بالأحاديث وحفظها ونشرها موضّحين أهميّة دورهم في ذلك .

وهذا الكتاب الذي بين يديك عزيزي القارئ يتميّز عن غيره من الكتب التي تناولت موضوع (الأربعون حديثاً) بالشمولية وفي شتّى المجالات إضافةً إلى الدقّة والعمق في الاستدلال .

من جانب آخر فقد تميّز الكتاب باعتماده على الأحاديث الشريفة التي ينبغي لنا كمسلمين أن نعتمدها في حياتنا الفكرية ونتّخذها كمنهج ينظّم حياتنا ويصبغها بلونها الإنساني الكامل في جميع أبعادها بعد القرآن الكريم للتطابق التامّ بين ما ورد عن نبي الرحمة والإنسانية الذي لا ينطق عن الهوى «إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى»(1) وبين ما جاء عن أهل بيته عليهم السلام الذين أكّد القرآن الكريم على عصمتهم وطهارتهم : «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»(2).

الجدير ذكره أنّ الكتاب ضمّ دفتيه لطائفة رائعة من الروايات الشريفة الواردة عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وأهل بيته الأطهار عليهم السلام الذين تمثّل أحاديثهم أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله ، ولأنّ كلّ واحد منهم هو نور مكمّل للنور الذي قبله وإلى ذلك يشير الإمام الصادق عليه السلام قائلاً :

(حديثي حديث أبي ، وحديث أبي حديث جدّي ، وحديث جدّي حديث الحسين ، وحديث الحسين حديث الحسن ، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين عليهم السلام ، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ، وحديث رسول اللَّه قول اللَّه عزّوجلّ)(3)، ولقد أجاد الشيخ جمال الدين أحمد الحلّي رحمه الله :

قل لمن حجّنا بقول سوانا

حيث فيه لم يأتنا بدليل

ص: 8


1- 2. سورة النجم : الآية 4 .
2- 3. سورة الأحزاب : الآية 33 .
3- 4. الكافي : ج 1 ص 53 باب رواية الكتب والحديث ح 14 .

إن دعاك الهوى إلى نقل ما لم

يك عند الثقات بالمقبول

نحن نروي إذا روينا حديثاً

بعد آيات محكم التنزيل

عن أبينا عن جدّنا ذي المعالي

سيّد المرسلين عن جبرئيل

وكذا جبرئيل عن اللَّه

بلا شبهة ولا تأويل

فتراه بأي شي ء علينا

ينتمي غيرنا إلى التفصيل(1)

وحيث إنّهم عليهم السلام أمروا بإحياء أمرهم كما في الحديث الشريف : (أحيوا أمرنا رحم اللَّه من أحيا أمرنا)(2) جاء هذا الكتاب الذي هو ليس إلّا إمتثالاً لأمرهم عليهم السلام وإحياءً لذكرهم عليهم السلام وتقرّباً إليهم ومن بعد ذلك هو نور في الغوامض والظلمات وتبصرة من الحيرة وتعليم وتهذيب لمن رام أن يعرف حقائق الوحي وتوجيهات أولياء اللَّه للضائعين والتائهين في مسالك الدنيا المتشعّبة وأهوائها المختلفة ومغرياتها وأطماع أهلها التي لا تنتهي ، ليمشوا في خطّ مستقيم وطريق قويم يحقّقوا غاياتهم في الدنيا والآخرة إذ أنّ كلامهم عليهم السلام كما في زيارة الجامعة الكبيرة نور وأمرهم رُشد ووصيّتهم التقوى وفعلهم الخير وعادتهم الإحسان وسجيّتهم الكرم ، وشأنهم الحقّ والصدق والرفق وقولهم حكمٌ وحتمٌ ورأيهم علمٌ وحلمٌ وحزمٌ(3).

الحديث في اللغة والسنّة :

الحديث : ما يراد من الكلام وسمّي به لتجدّده وحدوثه شيئاً فشيئاً ..

ففي مجمع البحرين جاء في معنى الحديث في قوله تعالى : «وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ»(4) قيل التحديث بنعمة اللَّه شكرها وإشاعتها وإظهارها .

ص: 9


1- 5. الدمعة الساكبة في أحوال النبي والعترة الطاهرة عليهم السلام : ج 6 ص 199 .
2- 6. وسائل الشيعة : ج 12 ص 20 ح 15532 باب 10. استحباب اجتماع الإخوان ومحادثتهم .
3- 7. الزيارة الجامعة ، البلد الأمين للكفعمي : ص 302 .
4- 8. سورة الضحى : الآية 11 .

وفي الحديث : (من لم يشكر الناس لم يشكر اللَّه ومن لم يشكر القليل لم يشكر الكثير ، والتحديث بنعمة اللَّه شكر وتركه كفر) وقيل أي بالنبوّة مبلّغاً والصحيح أنّه يعمّ جميع النعم ويشمل تعليم القرآن والشرائع .

قوله : «وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ»(1) أي الرؤى جمع الرؤيا وتأويلها عبارتها وتفسيرها وقيل هو معاني كتب اللَّه وسنن الأنبياء وما غمض في الناس من مقاصدها يفسّرها لهم ويشرحها وهو اسم جمع للحديث .

قوله : «وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ»(2) أي أخباراً وعبراً يتمثّل بهم في الشرّ ولا يقال في الخير .

وفي الحديث : (انّ أوصياء محمّد عليه وعليهم السلام محدّثون)(3) أي تحدّثهم الملائكة وفيهم جبرئيل عليه السلام من غير معاينة .

وقال الرسول صلى الله عليه وآله في وصفه لفاطمة الزهراء عليها السلام قائلاً : (أيّتها المحدّثة العليمة) والمحدّث أيضاً الصادق الظنّ و (المحدّث) بخفّة دال وفتحها الذي كان بعد إن لم يكن وهو خلاف القديم .

وفي الخبر : (إيّاكم ومحدثات الأُمور) أي ما لم يكن معروفاً من كتاب أو سنّة أو إجماع .

وفيه : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ مردود) يعني دين الإسلام هو أمرنا الذي نهتمّ له ونشتغل به بحيث لا يخلو عنه شي ء من أقوالنا وأفعالنا فمن أحدث فيه ما ليس في كتاب ولا سنّة ولا إجماع فهو ردّ مردود(4).

ص: 10


1- 9. سورة يوسف : الآية 6 .
2- 10. سورة المؤمنون : الآية 44 .
3- 11. الكافي : ج 1 ص 270 باب أنّ الأئمّة عليهم السلام محدّثون مفهّمون ح 1 .
4- 12. مجمع البحرين : ج 2 ص 244 .

وعليه فالحديث لغةً هو :

الجديد ، والخبر ، والقصص(1)، وقد استعمل القرآن الكريم هذا اللفظ في هذه المعاني ، فمن استعماله الحديث بمعنى الجديد قوله تعالى : «مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ»(2).

ومن استعماله له بمعنى الخبر قوله تعالى : «وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى»(3) وقوله تعالى : «يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوْا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمْ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً»(4).

ويلاحظ في هذا المجال أنّ القرآن الكريم نفسه سمّى آياته حديثاً حيث قال تعالى : «فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً»(5) وقال تعالى : «فَذَرْنِى وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ»(6).

أمّا الحديث في الاصطلاح فهو كلّ ما نقل عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله من قول أو فعل أو تقرير أو صفة ، والمقصود من أفعاله جميع أعماله صلى الله عليه وآله سواء أكانت في الحرب أم في السلم ، في الحضر أم في السفر ، في السرّ أم في العلن ، في أُمور التشريع أم في غيرها .

ومعنى تقريره صلى الله عليه وآله سكوته صلى الله عليه وآله عن أقوال تقال أو أفعال تفعل بحضرته صلى الله عليه وآله سواء أكانت لها علاقة بالتشريع أم لا إذ يفهم من سكوته إقراره لها وأنّها مشروعة بوجه عام . لأنّه صلى الله عليه وآله لا يسكت على باطل .

أمّا صفاته صلى الله عليه وآله فما كان منها خَلقيّاً أو خُلقياً ولعلّ ممّا يقرب بعض صفاته الكريمة

ص: 11


1- 13. القاموس المحيط : ج 1 ص 164 ، لسان العرب : ج 2 ص 438 .
2- 14. سورة الأنبياء : الآية 2 .
3- 15. سورة طه : الآية 9 .
4- 16. سورة النساء : الآية 42 .
5- 17. سورة الكهف : الآية 6 .
6- 18. سورة القلم : الآية 44 .

وخصاله الحميدة ما ورد عن السيّدة خديجة (رضي اللَّه عنها) في وصفها له صلى الله عليه وآله حيث قالت : (... إنّك لتصل الرحم وتحمل الكَلَّ ، وتكسب المعدم ، وتقري الضيف وتعين على نوائب الحقّ)(1).

ولا يخفى أنّ أهمية هذا النوع من الصفات ترجع إلى أنّها موضع الاقتداء والتأسّي برسول اللَّه صلى الله عليه وآله وكذا الحال بالنسبة للأئمّة المعصومين عليهم السلام ، لأنّهم من نور واحد وطريق واحد أيضاً ولأنّهم حجج اللَّه تعالى على عباده وأوصيائه على دينه .

معنى الرواية والدراية :

ينقسم علم الحديث إلى قسمين أساسيين هما :

1. علم الرواية : وهو العلم الذي يهتمّ بطرق نقل أقوال النبي صلى الله عليه وآله والأئمّة عليهم السلام وأفعالهم وتقريراتهم وصفاتهم بالسماع المتّصل وضبطها وتحريرها .

2. علم الدراية : وهو علم يعرف منه حقيقة الرواية وشروطها وأنواعها وأحكامها وحال الرواة وشروطهم ، وأصناف المرويّات وما يتعلّق بها .

وقد أطلق علماء الحديث على علم الحديث دراية اسم (علوم الحديث) واسم (مصطلح الحديث) واسم (أُصول الحديث) وكلّها أسماء لمعنى واحد وهو مجموعة القواعد والمسائل التي يعرف بها حال الراوي والمروي من حيث القبول والردّ قد تناول علماء الحديث تحت هذه العناوين أقسام الحديث الصحيح والحَسِنْ والضعيف ، وطرق التحمّل والأداء والجرح والتعديل وغير ذلك ، ممّا يتعلّق بدراسة كلام المعصوم عليه السلام من حيث السند والدلالة .

الحديث القدسي :

قال في مجمع البحرين فيما يفرّق بين القرآن والحديث القدسي :

ص: 12


1- 19. بحار الأنوار : ج 18 ص 194 باب 1. المبعث وإظهار الدعوة .

إنّ القرآن مختصّ بالسماع من الروح الأمين ، والحديث القدسي قد يكون إلهاماً أو نفثاً في الروح ونحو ذلك .

وأنّ القرآن مسموع بعبارة بعينها وهي المشتملة على الإعجاز بخلاف الحديث القدسي(1).

ويعرف بأنّه كل حديث يضيف فيه الرسول صلى الله عليه وآله قولاً إلى اللَّه عزّوجلّ يسمّى بالحديث القدسي أو الإلهي .

ونسبة الحديث إلى القدس (وهو الطهارة والتنزيه) وإلى الإله أو إلى الربّ عزّوجلّ لأنّه صادر عن اللَّه تبارك وتعالى من حيث أنّ المتكلّم به أوّلاً والمنشئ له وأمّا كونه حديثاً فلأنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله هو الحاكي له عن اللَّه سبحانه وتعالى بخلاف القرآن الكريم فإنّه لا يضاف إلّا إلى اللَّه عزّوجلّ .

والفرق بين الحديث القدسي والأحاديث النبوية الأُخرى أنّ هذه نسبتها إلى الرسول صلى الله عليه وآله وحكايتها عنه وأمّا الحديث القدسي فنسبته إلى اللَّه تعالى والرسول صلى الله عليه وآله يحكيه ويرويه عنه عزّوجلّ ولذلك قيّدت بالقدس أو الإله فقيل فيها أحاديث قدسيّة وأحاديث إلهية نسبةً إلى الذات العليّة وقيّدت الأُخرى بالنبي صلى الله عليه وآله فقيل فيها أحاديث نبويّة نسبةً إلى الرسول صلى الله عليه وآله وإن كانت جميعها صادرة بوحي من اللَّه عزّوجلّ لأنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله لا يقول وهو وحي قال تعالى : «وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى»(2).

فالحديث القدسي ما كان لفظه من عند رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ومعناه من عند اللَّه تبارك وتعالى بالإلهام أو المنام أو الإيداع في الروح ونحو ذلك وقد يكون بوحي جلي وليس الوحي الجلي شرطاً له بخلاف القرآن الكريم فإنّه لا يكون إلّا بوحي جلي أي ينزل به المَلَك من عند اللَّه تعالى بلفظه في حين أنّه لا تنحصر الأحاديث القدسية في كيفية من

ص: 13


1- 20. مجمع البحرين : ج 6 ص 271 .
2- 21. سورة النجم : الآية 3 .

كيفيات الوحي بل يجوز أن تنزل بأي كيفية من كيفياته كرؤيا النوم والإلقاء في الروح وعلى لسان المَلَك(1).

أهميّة الحديث وأصنافه :

لقد وردت الروايات المتظافرة في بيان أهميّة الحديث والمحدّثين بما يدلّ على عظم فضلهما وعلوّ مقامهما وشمول بركاتهما منها ما يلي :

1 - عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال :

(إنّ العلماء ورثة الأنبياء وذاك إنّ الأنبياء لم يورثوا درهماً ولا ديناراً وإنّما أورثوا أحاديث من أحاديثهم فمن أخذ بشي ء منها فقد أخذ حظّاً وافراً فانظروا علمَكم هذا عمّن تأخذونه فإنّ فينا أهل البيت في كل خلفٍ عدولاً لا ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين)(2).

وقد أشار العلّامة المجلسي رحمه الله إلى هذا الحديث وأوضح معناه فقال : قوله عليه السلام : (العلماء ورثة الأنبياء) أي يرثون منهم العلوم والمعارف والحكم إذ هذه عمدة ما يتمتّعون به في دنياهم .

ولذا علّله بقوله : (إنّ الأنبياء لم يورثوا درهماً ولا ديناراً) أي لم يكن عمدة ما يحصلون في دنياهم وينتفع الناس به منهم في حياتهم وبعد وفاتهم الدينار والدرهم ولا ينافي أن يرث وارثهم الجسماني منهم ما يبقى بعدهم من الأموال الدنيوية أو يقال وارثهم من حيث النبوّة المختصّة بهم العلماء فلا ينافي ذلك كون وارثهم من جهة الأنساب الجسمانية يرث أموالهم الظاهرة فأهل البيت عليهم السلام ورثوا النبي صلى الله عليه وآله من الجهتين معاً(3).

ص: 14


1- 22. قواعد التحديث ، للقاسمي : ص 64 - 69 ، أُصول الحديث ، للدكتور الخطيب : ص 28 .
2- 23. الكافي : ج 1 ص 32 باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء ح 2 .
3- 24. مرآة العقول : ج 1 ص 104 ط2 - 1404 طهران .

2 - عن معاوية بن عمّار قال : قلت لأبي عبداللَّه عليه السلام : رجل راوية لحديثكم يبثّ ذلك في الناس ويشدّده في قلوبهم وقلوب شيعتكم ولعلّ عابداً من شيعتكم ليست له هذه الرواية أيّهما أفضل ؟ قال : (الرواية لحديثنا يشدّ به قلوب شيعتنا أفضل من ألف عابد)(1).

وقد كان للعلّامة المجلسي رحمه الله نكات لطيفة في شرح هذا الحديث فقال : قوله (راوية) كثير الرواية والتاء للمبالغة والمراد ببثّ الحديث في الناس نشره بينهم بإيصاله إليهم .

قوله عليه السلام : (يشدّده) أي يوثقه ويجعله مستحكماً في قلوبهم وفي بعض النسخ بالسين المهملة من السداد وهو الاستقامة وعدم الميل أي يقرّره سديداً بتضمين معنى التقرير في قلوب الناس وقلوب شيعتكم من عطف الخاص على العام لزيادة الاهتمام أو المراد بالناس العامّة كما يطلق عليهم كثيراً في الأخبار .

قوله عليه السلام : (يشدّ به) قيل فيه أشعار بأنّ الفضيلة باعتبار النشر بين الشيعة وإخبارهم به لا بالنشر بين غيرهم وإن لم يكن فيه الإخلال بالواجب من التقيّة .

قوله عليه السلام : (من ألف عابد) لعلّ اختلاف مراتب الفضل باعتبار إختلاف العلماء والعبّاد في مراتبهم ومنازلهم(2).

3 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : (رحم اللَّه خلفائي فقيل يارسول اللَّه ومَن خلفاؤك ؟ قال : الذين يحيون سنّتي ويعلّمونها عباد اللَّه)(3).

4 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : (سارعوا في طلب العلم فلحديث صادق خيرٌ ممّا طلعت

ص: 15


1- 25. الكافي : ج 1 ص 33 باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء ح 9 .
2- 26. مرآة العقول ، للمجلسي رحمه الله : ج 1 ص 108 .
3- 27. بحار الأنوار : ج 2 ص 25 باب 8. ثواب الهداية والتعليم ح 83 .

عليه الشمس والقمر)(1).

5 - عن أبي جعفر عليه السلام قال : (سارعوا في طلب العلم فوالذي نفسي بيده لحديث واحد في حلال وحرام تأخذه عن صادق خير من الدنيا وما حملت من ذهب وفضّة وذلك أنّ اللَّه يقول : «مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا» وإن كان عليّ عليه السلام ليأمر بقراءة المصحف)(2).

وفي شرح العلّامة المجلسي رحمه الله للحديث قال : يظهر من استشهاده بالآية أنّ الأخذ فيها شامل للتعلّم والعمل وإن احتمل أن يكون الاستشهاد من جهة أنّ العمل يتوقّف على العلم و (إن) في قوله : (وإن كان) مخفّفة(3).

أمّا بالنسبة إلى أصناف الحديث فقد تناول العلماء تحت اسم علوم الحديث أو مصطلح الحديث أو علم أُصول الحديث أو علم الحديث دراية مسائل كثيرة كأقسام الحديث الصحيح والحَسِن والضعيف وأنواع الحديث الضعيف الكثيرة ، كما تناولوا مباحث الجرح والتعديل وشروط الجارح والمعدّل ومعرفة الرواة وأوطانهم وتمييز الثقات من الضعفاء وغير ذلك وقد جعلوا كل مسألة من هذه المسائل أو كل بحث نوعاً في علوم الحديث ، لهذا كانت علوم الحديث كثيرة ومتنوّعة كما يجدها المتتبّع للكتب المؤلّفة في هذا المجال .

فوائد جمع الأحاديث :

مع الأسف الشديد أنّ الأُمم السابقة لم تعتنِ بنقلها للروايات وتحقيق الاسناد والتحرّي في معرفة الرجال ودرجاتهم من العدالة والضبط فكانت الحوادث التأريخية

ص: 16


1- 28. مستدرك الوسائل : ج 17 ص 300 باب 8. وجوب العمل بأحاديث النبي والأئمّة عليهم السلام ح 21405 .
2- 29. المحاسن : ج 1 ص 227 باب الحثّ على طلب العلم .
3- 30. بحار الأنوار : ج 2 ص 146 باب فضل كتابة الحديث وروايته .

تروى على علّاتها والأديان والمذاهب يُعوّل على التلقّي من أفواه النقلة وكتاباتهم دون سؤال عن الإسناد فضلاً عن دراسة الأسانيد وضبطها .

وحيث إنّ اللَّه تعالى جعل هذا الدين خاتمة للرسالات والأديان وتعهّد بحفظه وصونه فقد اختصّ هذه الأُمّة بأن وفّقها لحفظ كتاب ربّها وصيانة حديث نبيّها فإذا بها تبتكر لحفظ الحديث قواعد علم الحديث على أدقّ منهج علمي لإثبات النصوص المرويّة وتمحيصها (منذ أوّل عهدها بالحياة ومجابهتها لمشاكلها)(1).

وقال الحافظ أبو علي الجياني : (خصّ اللَّه تعالى هذه الأُمّة بثلاثة أشياء لم يعطها من قبلها الإسناد ، والأنساب ، والإعراب)(2).

وفي العصر الحديث اعترف الباحثون الأجانب للمحدّثين بدقّة عملهم وأقرّوا بحسن صنيعهم واتّخذ علماء التاريخ من قواعدهم أُصولاً يتّبعونها في تقصّي الحقائق التأريخية ووجدوا فيها خير ميزان توزن به وثائق التاريخ .

وحقيقة إنّ لجمع الأحاديث الشريفة أهميّة عظيمة في حفظ علوم الإسلام وتعاليمه السماوية في المجالات المختلفة ثمّ نشرها وترويجها بين البشر ، ولذلك فقد ظهر علم أُصول الحديث الذي يهتمّ بهذه الأُمور وهو علم جليل تفرّد به المسلمون دون غيرهم من الأُمم الأُخرى فكان أبرز ما قدّموه إلى الحضارة الإنسانية لما تميّز من دقّة في مسائله وأُصوله وأصالة وقِدَم في قواعده وأُسسه .

وبذلك حفظوا للإنسانية أُموراً عديدة :

1 - حفظ علوم الوحي وحقائقه وإيصاله إلى الإنسانية بأيد أمينة .

2 - حفظ الشريعة من تحريف الساسة وتغيير المتلاعبين .

3 - حفظ شخصية الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل بيته الأطهار عليهم السلام ناصعة وهّاجة لم

ص: 17


1- 31. المدخل إلى علوم الحديث د . نور الدين عتر : ص 13 ط دمشق .
2- 32. كتاب التدريب ، للحافظ أبو علي الجياني : ص 359 ط دمشق .

تنلها يد التشويه التي كانت تستهدفهم في كل زمان ومكان لتضيع النزاهة وإبراز الوجوه المشوّهة للحكّام الظَلَمة ومن لفّ لفّهم كقادة وسادة وقدوات للبشر بدلاً عن رجالات السماء وهذا ما يفسّر لنا الكثير من الأسباب لمنع تدوين السنّة أو روايتها ، فالحديث حفظ سنّة النبي صلى الله عليه وآله وسيرته وأبقاها على حقيقتها لتكون الميزان في تصرّفات البشر ، والمحك الذي يجلي جواهر الناس في أي صعيد ومعترك كانوا ..

عوامل حفظ الرواة للحديث :

إنّ من أهمّ عوامل حفظ الصحابة للحديث هي :

1 - صفاء أذهانهم وقوّة قرائحهم لأنّ العرب كانت أُمّة أُمّيّة لا تقرأ ولا تكتب والأُمّي يعتمد على ذاكرته فتنمو وتقوى لتسعفه حين الحاجة ، كما أنّ بساطة عيشهم وبعدهم عن تعقيد الحضارة ومشاكلها جعلهم ذوي أذهان نقيّة لذا عرفوا بالحفظ النادر والذكاء العجيب .

2 - قوّة الدافع الديني وذلك أنّ العرب أيقنوا أنّ لا سعادة لهم في الدنيا ولا فوز في الآخرة ولا سبيل للمجد والشرف ولا إلى المكانة بين الأُمم إلّا بهذا الإسلام فتلقّوا الحديث النبوي بغاية الاهتمام ونهاية الحرص .

3 - مكانة الحديث في الإسلام فإنّه ركن أساسي حيث دخل في تكوين الصحابة الفكري وسلوكهم العملي والخُلُقي حيث كانوا يأنسون برسول اللَّه صلى الله عليه وآله ويتلقّفون منه الكلمة فتخالط أرواحهم وضمائرهم ثمّ يصوغونها في حياتهم اليومية عملاً وتنفيذاً ، ولا شكّ أنّ هذا يؤدّي إلى الحفظ ويحول دون النسيان .

4 - أنّ النبي صلى الله عليه وآله علم أنّ بعض الصحابة سيخونونه في حمل الأمانة وتبليغ الرسالة فكان يتّبع الوسائل التربوية في إلقاء الحديث إليهم ويسلك سبيل الحكمة كي يجعلهم أهلاً لتحمّل المسؤولية .

5 - جمالية أُسلوب الحديث النبوي ، فقد أُوتي النبي صلى الله عليه وآله فصل الخطاب وجوامع

ص: 18

الكلم التي يندر مثلها في البشر وهذه من أهم العوامل التي ساعدت على حفظها وترويجها .

لولا أهل البيت عليهم السلام

إنّ الكثير من أحاديثنا الصحيحة وغيرها جمعت في أُصولنا الخمسة(1) وأكثر طرقها الواصلة إلينا عن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله هي عن الأئمّة الطاهرين عليهم السلام وقلّ أن يتّفق لنا حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وآله ورد إلينا من غير طريقهم عليهم السلام .

وهذا أحد الأسباب لكون أحاديثنا تصل إلى أضعاف أحاديث العامّة إذ أنّ زمان أئمّتنا عليهم السلام امتدّ طويلاً واشتهر الإسلام وكثر في زمانهم العلماء والنقلة عنهم من المخالفين والمؤلّفين مع أنّ زمانهم كان في الأكثر زمن خوف وتقيّة وإلّا لظهر عنهم أضعاف ذلك .

وفي عهد الإمام الصادق عليه السلام الذي كان الخوف فيه أقلّ حيث عاصر عليه السلام الفترة الانتقالية بين دولة بني أُميّة وأوّل دولة بني العبّاس وكانت تلك فرصة سانحة لترويج علوم الإسلام ونشرها في الآفاق ظهر عنه عليه السلام من العلوم ما لم يظهر عن أحد قبله ولا بعده .

الجدير ذكره أنّ أحاديثهم لا تقبل الخطأ أو البطلان لما عصمهم اللَّه سبحانه من كل ذلك وإلى ذلك يشير الشيخ البهائي قدس سره فقال :

(وإنّما تمسّكنا بهذه الأئمّة الاثني عشر من أهل البيت عليهم السلام ونقلنا أحاديثنا وأُصول ديننا عنهم لما ثبت عندنا من عصمتهم عليهم السلام لوجوب كون الإمام معصوماً ليؤمن من وقوع الخطأ منه ويستقيم النظام وتتمّ الفائدة بنصبه كما تقرّر الكلام وغيرهم ليس بمعصوم إجماعاً .

ولما ثبت عندنا من نصّ كل سابق على لاحقه بالعصمة ووجوب الطاعة بل لنصّ

ص: 19


1- 33. وهي كتاب الكافي ، ومن لا يحضره الفقيه ، ومدينة العلم ، والتهذيب ، والاستبصار .

القرآن العزيز على طهارتهم وعصمتهم بآية التطهير التي قد احتوت من التأكيدات واللطائف على ما لا يخفى على أهل المعاني والبيان)(1).

من آداب الرواية :

روى العلماء الأعلام في مصنّفاتهم طائفة من الروايات في فضل الرواية وآدابها منها ما يلي :

1 - عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : (من أراد الحديث لمنفعة الدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب ومن أراد به خير الآخرة أعطاه اللَّه خير الدنيا والآخرة)(2).

2 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : (من روى عنّي حديثاً وهو يرى أنّه كذب فهو أحد الكاذبين)(3).

3 - عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : (إيّاكم والكذب المفترع قيل له وما الكذب المفترع ؟ قال : أن يحدّثك الرجل بالحديث فترويه عن غير الذي حدّثك به)(4).

4 - عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى : «وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً» قال : فقال : (الاقتراف التسليم لنا والصدق علينا وأن لا يكذب علينا)(5).

5 - وفي وصيّة النبي صلى الله عليه وآله للإمام علي عليه السلام قال : (ياعلي من كذب عليّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار)(6).

ص: 20


1- 34. وصول الأخيار إلى أُصول الأخبار للعاملي ط - قم 1041 .
2- 35. الكافي : ج 1 ص 46 باب المستأكل بعلمه والمباهي به ح 2 .
3- 36. بحار الأنوار : ج 2 ص 158 باب 21. آداب الرواية ح 3 .
4- 37. بحار الأنوار : ج 2 ص 158 باب 21. آداب الرواية ح 4 .
5- 38. بحار الأنوار : ج 2 ص 160 باب 21. آداب الرواية ح 6 .
6- 39. وسائل الشيعة : ج 12 ص 249 باب 139. تحريم الكذب على اللَّه وعلى رسوله وعلى الأئمّة عليهم السلام ح 16223 .

6 - وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : (نصر اللَّه امرءاً سمع منّا حديثاً فأدّاه كما سمع فربّ مبلّغ أوعى من سَامِعٍ)(1).

7 - وقال الإمام علي عليه السلام : (عليكم بالدرايات لا بالروايات)(2).

8 - وقال الإمام علي عليه السلام : (همّة السفهاء الرواية وهمّة العلماء الدراية)(3).

9 - وعن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : (رواة الكتاب كثيرٌ ورعاتَهُ قليل ، فكم من مستنصِحٍ للحديث مستغشّ للكتاب ، والعلماء تحزنهم الدراية والجهّال تحزنهم الرواية)(4).

10 - وعن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : (إذا حدّثتم بحديث فأسندوه إلى الذي حدّثكم فإن كان حقّاً فلكم وإن كان كَذِباً فعليه)(5).

11 - عن الحسن بن محبوب قال : قلت لأبي عبداللَّه عليه السلام : أسمع الحديث فلا أدري منك سماعه أو من أبيك ؟ قال عليه السلام : (ما سمعته منّي فاروه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله)(6).

12 - وقال صلى الله عليه وآله : (اتّقوا الحديث عنّي إلّا ما علمتم فمن كذب عليّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار)(7).

ص: 21


1- 40. مستدرك الوسائل : ج 17 ص 288 باب 8. وجوب العمل بأحاديث النبي وأهل بيته عليهم السلام ح 21373 .
2- 41. بحار الأنوار : ج 2 ص 160 باب 21. آداب الرواية ح 12 .
3- 42. بحار الأنوار : ج 2 ص 160 باب 21. آداب الرواية ح 13 .
4- 43. بحار الأنوار : ج 2 ص 161 باب 21. آداب الرواية ح 14 .
5- 44. وسائل الشيعة : ج 27 ص 81 باب 8. وجوب العمل بأحاديث النبي وأهل بيته عليهم السلام ح 33259 .
6- 45. بحار الأنوار : ج 2 ص 161 باب 21. آداب الرواية ح 16 .
7- 46. مستدرك الوسائل : ج 9 ص 93 باب 121. تحريم الكذب على اللَّه وعلى رسوله وعلى الأئمّة عليهم السلام ح 10315 .

13 - وقال صلى الله عليه وآله : (رحم اللَّه امرءاً سمع مقالتي فوعاها وأدّاها كما سمعها فربّ حامل فقه ليس بفقيه) وفي رواية : (فربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه)(1).

آداب أُخرى :

يستحبّ للعالم والمحدّث إذا أراد حضور مجلس الدرس أو الحديث أن يتطهّر ويتطيّب ويلبس الثياب البيض النظيفة ويجلس بوقار متمكّناً في مجلسه وإذا رفع أحد صوته زبره بما يناسبه ويقبل على الحاضرين كلّهم ويجلس مستدبر القبلة ليستقبلها أصحابه لأنّهم في الأغلب أكثر منه ، ويفتتح مجلسه ويختمه بحمد اللَّه والصلاة على نبيّه وآله والدعاء بما يليق بالحال ، ولا يسرد الحديث سرداً . وكما يستحبّ له أنّه كلّما ذكر النبي صلى الله عليه وآله أو أحد الأئمّة الأطهار عليهم السلام وكذلك خلّص الصحابة وأصحاب الأئمّة وأكابر العلماء أن يصلّي ويسلّم عليهم ويترحّم ويترضّى عنهم .

ويحسن بالمحدّث وغيره الثناء على شيخه باللفظ والكتابة بما هو أهله والدعاء له ، ولا بأس بذكره بلقب أو وصف أو حرفة أو أُمّ إذا عرف بها .

كما ينبغي له إذا روى الحديث عن جماعة قدّم أرجحهم ولينبّه على صحّة الحديث من سقمه ويتطرّق إلى ما فيه من علو أو فائدة أو ضبط مشكل .

وليتجنّب المحدّث أن يحدّث بما لا يحتمله عقول السامعين أو ما لا يفهمونه ، فقد روي عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : (ما كلّم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله العباد بكنه عقله قطّ ، وقال قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : إنّا معاشر الأنبياء أُمرنا أن نكلّم الناس على قدر عقولهم)(2).

ويستحبّ له أن يختم مجلس الدرس والحديث بحكايات ونوادر وإنشادات تناسب الحال في الزهد والآداب ومكارم الأخلاق ونحو ذلك .

ص: 22


1- 47. مستدرك الوسائل : ج 17 ص 288 باب 8. وجوب العمل بأحاديث النبي صلى الله عليه وآله والأئمّة عليهم السلام ح 21369 .
2- 48. الكافي : ج 1 ص 23 كتاب العقل والجهل ح 15 .

إجازة الحديث وأنواعها :

الاجازة : وهي كما قال الحسين بن فارس مأخوذة من جواز الماء الذي تسقاه الماشية أو الحرث ، تقول استجزته فأجازني إذا سقاك ماءً لماشيتك أو أرضك وكذا طالب العلم يستجيز العالم فيجيزه علمه فعلى هذا يجوز أن يقول : أجزت فلاناً مسموعاتي وأجزت له رواية مسموعاتي أو الكتاب الفلاني .

وهي على أضرب :

الأوّل : أن يجيز معيَّناً لمعيَّن ك (أجزتك الكافي) أو (ما اشتمل عليه فهرستي) .

وهذا أعلى أضربها المجرّدة عن المناولة ، وهي أعلى منها .

ومن الاجازة المقرونة بالمناولة أن يقرأ عليه حديثاً من أوّل المجاز وحديثاً من وسطه وحديثاً من آخره ثمّ يجيزه ما قرأ وما بقي منه ، كما ورد الأمر عن الإمام الصادق عليه السلام . عن عبداللَّه بن سنان قال : قلت لأبي عبداللَّه عليه السلام : يَجيئني القوم فيستمعون منّي حديثكم فأضجر ولا أقوى ، قال عليه السلام : (فاقرأ عليهم من أوّله حديثاً ومن وسطه حديثاً ومن آخِرِهِ حديثاً)(1).

والذي استقرّ عليه رأي العامّة والخاصّة جواز الرواية باجازة المعيّن للمعيّن وإن تجرّد عن المناولة والقراءة وقال بعضهم لها حكم المرسل وهو باطل .

الثاني : أن يجيز معيّناً غير معيّن ك (أجزتك مسموعاتي) .

والخلاف فيه أقوى من الأوّل ولكن الجمهور أوجبوا العمل بها وجوّزوا الرواية لكل ما ثبت عنه أنّه سمعه .

الثالث : أن يجيز معيّناً غير معيّن بل يوصف العموم ك (أجزت هذا الحديث أو كتاب الكافي لكل أحد أو لأهل زماني أو لمن أدرك جزءاً من حياتي) .

وفيه خلاف والأقوى أنّه كالأوّلين وقد استعمله أكابر علماءنا .

ص: 23


1- 49. الكافي : ج 1 ص 51 باب رواية الكتب والحديث ح 5 .

الرابع : إجازة غير معيَّن بل بوصف العموم ، ك (أجزت كل أحد مسموعاتي) .

والذي يظهر أنّه جائز أيضاً ولا شبهة أنّه لو لم يكن على العموم ك (أجزت رجلاً) أو (رجلين) أو (زيداً) وهو مشترك بين جماعة لم يجز ، وإن كان المجاز معيَّناً .

وكذا لو أجاز غير معيَّن لمعيَّن ك (أجزتك كتاب المجالس) وهناك كتب متعدّدة .

نعم لو أجاز رجلاً يعرفه باسمه أو بوجه أو جماعة كذلك جاز وإن لم يعرفهم بأعيانهم . ومن الباطل (أجزت لمن يشاء فلان) أو (لمن يشاء الاجازة) .

وبالجملة التعليق مبطل على ما يتعارفه أهل الصناعة .

(ولو كانت في قوّة المطلقة اتّجه الجواز مثل (لمن شاء الاجازة) أو (لفلان إن شاء) أو (لك إن شئت) لأنّ مقتضى كل اجازة تفويض الرواية بها إلى مشيئة المجاز له فكانت حكاية حال لا تعليقاً حقيقياً .

الخامس : إجازة المعدوم ك (أجزت لمن يولد لفلان) والجمهور منّا ومنهم لم يقبلوها ولو عطفها على موجود ك (أجزتك ومن يولد لك) أمكن جوازه وقد فعله جماعة من العلماء .

السادس : إجازة ما لم يتحمّله المجيز بوجه ليرويه المجاز له إذا تحمّله المجيز وأمّا قولهم (أجزت لك ما صحّ أو يصحّ عندك من مسموعاتي) فصحيح يجوز الرواية به لما صحّ عنده سماعه له قبل الاجازة لا بعدها .

السابع : إجازة المجاز ك (أجزتك مجازاتي) وقد منعه بعضهم والأصحّ جوازه(1).

فقد قال في قواعد التحديث : الاجازة المجرّدة عن المناولة وهي أنواع أعلاها أن يجيز لخاص في خاص ، أي يكون المجاز له مُعيَّناً والمجاز به معيَّناً كأجزت لك أن تروي عنّي الخصال ويليه الاجازة لخاص في عام كأجزت لك رواية جميع مسموعاتي ثمّ لعام في خاص نحو أجزت لمن أدركني رواية الكافي ثمّ لعام في عام كأجزت لمن عاصرني

ص: 24


1- 50. وصول الأخيار إلى وصول الأخبار ، للعاملي : ص 135 .

رواية جميع مرويّاتي ثمّ لمعدوم تبعاً لموجود كأجزت لفلان ومن يوجد بعد ذلك من نسله(1).

وقال الدكتور الخطيب في أُصول الحديث : (الاجازة في اللغة مأخوذة من جواز الماء الذي يُسقاه المال من الماشية والحرث ، كذلك طالب العلم يسأل العالم أن يجيزه رواية علمه فيجيزه ذلك ، ولم يجز العلماء المتقدّمون (الاجازة) هكذا من غير قيد ولا شرط بل اشترطوا أن يعرف المحدّث ما يجيز به ، وأن تكون نسخة الطالب معارضة بأصل الراوي حتّى كأنّها هو وأن يكون المستجيز من أهل العلم وعليه سمته حتّى لا يوضع العلم إلّا عند أهله)(2).

وقال أيضاً : (الاجازة على أنواع عدّة وأعلى صورها أن يحمل العالم كتاباً ، وكتباً من كتبه أو مرويّاته ويقول للطالب هذا الكتاب أو هذه الكتب سمعتها من فلان وإنّي أُجيز لك روايتها عنّي ، وهذا ما يسمّونه إجازة من معيَّن وهو الشيخ - لمعيَّن وهو الطالب - في معيَّن وهو الكتاب المجاز به وقد استخرج بعض العلماء ثمانية أنواع من الاجازة وبلغ بعضهم بهذه الأنواع تسعة وكلّها لا تعدو فقد صفة أو أكثر من صفات النوع الأوّل وهو الاجازة من معيَّن لمعيَّن في معيَّن)(3).

ولا يخفى أنّ من الأُمور المهمّة في أُصول الحديث هي الحرص على أداء الحديث كما سمع من غير تبديل ولا تحريف ، ولذا فقد تشدّد بعض المحدّثين والفقهاء والأُصوليين فأوجبوا رواية الحديث بلفظه ولم يجيزوا الرواية بالمعنى مطلقاً ، لما في نقل المعنى من احتمال التغيير والتبديل الذي يشطّ عن حدود اللفظ سعةً وضيقاً أو مطابقة

ص: 25


1- 51. قواعد التحديث ، للقاسمي : ص 203 ، أُصول الحديث ، للخطيب : ص 236 ، وصول الأخيار إلى وصول الأخبار ، للعاملي : ص 136 .
2- 52. أُصول الحديث ، للدكتور الخطيب : ص 237 ، وكذا في قواعد التحديث : ص 202 ، علوم الحديث ومصطلحه ، الدكتور صبحي الصالح : ط السادسة - 1971م بيروت .
3- 53. نفس المصدر .

الإرادة للمعنى المنقول ، والمسألة محل بحث بينهم بما لا يسعنا المجال لتفصيلها .

شرائط لابدّ منها :

إذا لم يكن المحدّث عالماً بحقائق الألفاظ ومجازاتها ومنطوقها ومفهومها ومقاصدها خبيراً بما يختلّ معانيها لم يجز له الرواية بالمعنى بغير خلاف بل يتعيّن اللفظ الذي سمعه إذا تحقّقه وإلّا لم يجز له الرواية(1).

وأمّا إذا كان المحدّث عالماً بذلك فقد قال طائفة من العلماء لا يجوز إلّا باللفظ أيضاً وجوّز بعضهم في غير حديث النبي صلى الله عليه وآله فقط وعلّل ذلك فقال : لأنّه أفصح من نطق بالضاد وفي تراكيبه أسرار ودقائق لا يوقف عليها إلّا بها كما هي ، لأنّ لكل تركيب معنى بحسب الوصل والفصل والتقديم والتأخير وغير ذلك لو لم يراع ذلك لذهبت مقاصدها بل لكل كلمة مع صاحبتها خاصّية مستقلّة كالتخصيص والاهتمام وغيرهما . وكذا الألفاظ المشتركة والمترادفات ولو وضع كل موضع الآخر لفات المعنى المقصود .

ومن ثمّ قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : (نضّر اللَّه عبداً سمع مقالتي ووعاها وأدّاها فربّ حامل فقه غير فقيه ، وربّ حامل فقه إلى مَن هو أفقه منه)(2).

وعن محمّد بن مسلم قال : قلت لأبي عبداللَّه عليه السلام : أسمع الحديث منك فأزيد وأنقص قال عليه السلام : (إن كنت تريد معانيه فلا بأس)(3).

وعن أبي بصير قال : قلت لأبي عبداللَّه عليه السلام : الحديث أسمعه منك أرويه عن أبيك أو أسمعه من أبيك أرويه عنك ، قال عليه السلام : (سواء ، إلّا أنّك ترويه عن أبي أحبّ إليّ) .

وقال عليه السلام لجميل : (ما سمعتَهُ منّي فاروه عن أبي)(4).

ص: 26


1- 54. وصول الأخيار إلى أُصول الأخبار ، للعاملي : ص 151 .
2- 55. سنن ابن ماجه : ج 1 ص 84 ، سنن أبي داود : ج 3 ص 322 .
3- 56. الكافي : ج 1 ص 51 باب رواية الكتب وفضل الكتابة ح 2 .
4- 57. وسائل الشيعة: ج 27 ص 80 باب 8. وجوب العمل بأحاديث النبي صلى الله عليه وآله والأئمّة عليهم السلام ح 33256 .

كيفية رواية الحديث :

شدّد بعضهم في الرواية وأفرطوا وقالوا لا حجّة إلّا فيما يروى من الحفظ وهو عنت بيّن بغير نفع ظاهر بل ربما كان أضرّ وأقبح لأنّ الحفظ لصعوبته وعسره يلزم منه الحرج وتضييق الرواية وتقليلها مع أنّه يتطرّق إليه النسيان والشكّ والوهم وذلك لا يأتي في الكتابة والمكاتبة وإن تطرّق إليها التزوير لكنّه شي ء نادر الوقوع ومع ذلك لا يكاد يخفى .

وقال آخرون : يجوز الرواية من الكتاب إلّا إذا خرج من اليد ، وتساهل البعض فجوّز الرواية من الكتب التي لم تقابل وهذا تفريط لم يقم عليه برهان ولا يساعده وجدان .

والذي يعتمده علماؤنا ومحدّثونا وأكثر علماء العامّة هو جواز كتابة هذه الكتب والرواية منها إذا قام الراوي في الأخذ والتحمّل ضمن الشروط الموضوعة لها فيجوز حينئذ الرواية من أصله إذا كان مصحّحاً مأمون التزوير وإن أعاره أو غاب عن يده لأنّ التغيير نادر الوقوع ولا يكاد يخفى .

وقد ورد الأمر من أئمّتنا عليهم السلام بكتابة العلوم كلّها والحرص عليها ولا شبهة في أنّ الأحاديث من أجلّها وأهمّها .

فعن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : (القلب يتّكل على الكتابة)(1) وعنه عليه السلام قال : (اكتبوا فإنّكم لا تحفظون حتّى تكتبوا)(2) وعنه عليه السلام قال : (احتفظوا بكتبكم فإنّكم سوف تحتاجون إليها)(3) وقال عليه السلام : (اكتب وبثّ علمك في اخوانك فإن مت فأورث كتبك بنيك فإنّه يأتي على الناس زمان هرج لا يأنسون فيه إلّا بكتبهم)(4).

ص: 27


1- 58. الكافي : ج 1 ص 52 باب رواية الكتب والحديث ح 8 .
2- 59. الكافي : ج 1 ص 52 باب رواية الكتب والحديث ح 9 .
3- 60. الكافي : ج 1 ص 52 باب رواية الكتب والحديث ح 10 .
4- 61. الكافي : ج 1 ص 52 باب رواية الكتب والحديث ح 11 .

الشيعة وعلم الحديث :

إنّ أوّل من جمع الحديث النبوي في الإسلام ودوّنه هو أبو رافع مولى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وقد وهم الحافظ الجلال السيوطي في كتابه (تدريب الراوي) حيث زعم أنّ ابتداء تدوين الحديث وقع في رأس المائة قال :

وأمّا ابتداء تدوين الحديث فإنّه وقع في رأس المائة في خلافة عمر ابن عبدالعزيز بأمره ففي صحيح البخاري في أبواب العلم وكتب عمر بن عبدالعزيز إلى أبي بكر بن حزم انظر ما كان من حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فاكتبه فإنّي خفت دروس العلم وذهاب العلماء وأخرجه أبو نعيم في تاريخ أصفهان بلفظ كتب عمر بن عبدالعزيز إلى الآفاق انظروا حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فأجمعوه ، قال في فتح الباري يستفاد من هذا ابتداء تدوين الحديث النبوي ثمّ أفاد أنّ أوّل من دوّنه بأمر عمر بن عبدالعزيز بن شهاب انتهى ما في تدريب الراوي(1).

قلت : كانت خلافة عمر بن عبدالعزيز سنتين وخمسة أشهر مبدئها عاشر صفر سنة ثمان أو تسع وتسعين ومات سنة إحدى ومائة لخمس أو لست مضين وقيل لعشر بقين من رجب ولم يؤرّخ زمان أمره ولا نقل ناقل امتثال أمره بتدوين الحديث في زمانه والذي ذكره في تدريب الراوي من باب الحدس والاعتبار لا من نقل العمل بأمره بالعيان ولو كان له عند أهل العلم بالحديث أثر بالعيان لما نصّوا على أنّ الافراد لحديث رسول اللَّه صلى الله عليه وآله كان على رأس المائتين كما اعترف به شيخ الإسلام وغيره . قال فأوّل من جمع الآثار ابن جريح بمكّة وابن إسحاق أو مالك بالمدينة والربيع بن صبيح أو سعيد بن أبي عروبة أو حمّاد بن سلمة بالبصرة وسفيان الثوري بالكوفة والأوزاعي بالشام وهيثم بواسط ومعمّر باليمن وجرير بن عبدالحميد بالري وابن المبارك بخراسان قال الوافي وابن حجر وكان

ص: 28


1- 62. تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام ، للسيد حسن الصدر : ص 278 ط شركة النشر والطباعة العراقية .

هؤلاء في عصر واحد فلا ندري أيّهم أسبق ؟ قال إلى أنّ رأي بعض الأئمّة تفرّد أحاديث النبي صلى الله عليه وآله خاصّة وذلك في رأس المائتين وعدّد جماعة وقال الطيّبي أوّل من كتبه وصنّف من السلف ابن جريح وقيل مالك وقيل الربيع ابن صبيح ثمّ انتشر التدوين وظهرت فوائده .

ألا تراه لم يذكر تدوين أحد قبل ابن جريح وكذلك الحافظ الذهبي في تذكرة الحفّاظ نصّ أنّ أوّل زمن التصنيف وتدوين السنن وتأليف الفروع بعد انقراض دولة بني أُميّة وتحوّل الدولة إلى بني العبّاس قال ثمّ كثر ذلك في أيّام الرشيد .

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الشيعة أوّل من تقدّم في جمع الآثار والأخبار في عصر خلفاء النبي المختار عليه وعليهم الصلوات والسلام اقتدوا بإمامهم أمير المؤمنين عليه السلام فإنّه عليه السلام صنّف فيه على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله .

قال النجاشي في ترجمة محمّد بن عذافر عن عذافر الصيرفي قال كنت مع الحكم ابن عيينة عند أبي جعفر محمّد بن علي الباقر عليهما السلام فجعل يسأله وكان أبو جعفر له مكرهاً ، فاختلفا في شي ء فقال أبو جعفر : (يابني قم فأخرج كتاب علي ، فأخرج كتاباً مدرجاً عظيماً ففتحه وجعل ينظر حتّى أخرج المسألة ، فقال أبو جعفر هذا خطّ علي واملاء رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وأقبل على الحَكَم وقال : ياأبا محمّد اذهب أنت وسلمة والمقداد حيث شئتم يميناً وشمالاً ، فواللَّه لا تجدون العلم أوثق منه عند قوم كان ينزل عليهم جبرائيل)(1).

أوّل من دوّن الحديث :

إنّ أوّل من دوّن الحديث من الشيعة هو أمير المؤمنين عليه السلام وبعده أبو رافع مولى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قال النجاشي في أوّل كتابه (فهرس أسماء مصنّفي الشيعة) ما نصّه :

(الطبعة الأُولى أبو رافع مولى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله واسمه أسلم كان للعبّاس بن

ص: 29


1- 63. تأسيس الشيعة : ص 279 .

عبدالمطّلب رحمه الله فوهبه للنبي صلى الله عليه وآله فلمّا بشّر النبي صلى الله عليه وآله بإسلام العبّاس أعتقه ، أسلم أبو رافع قديماً بمكّة وهاجر إلى المدينة ، وشهد مع النبي صلى الله عليه وآله مشاهده ولزم أمير المؤمنين عليه السلام من بعده وكان من خيار الشيعة ، وشهد معه حروبه وكان صاحب بيت ماله بالكوفة وابناه عبيداللَّه وعلي كاتباً أمير المؤمنين عليه السلام)(1).

كما أنّ أوّل من صنّف في الآثار أبو عبداللَّه سلمان الفارسي (رضوان اللَّه عليه) صاحب رسول اللَّه صلى الله عليه وآله صنّف كتاب حديث الجاثليق الرومي الذي بعثه ملك الروم بعد النبي صلى الله عليه وآله كما أنّ أوّل من صنّف في الآثار بعد سلمان الفارسي هو أبو ذرّ الغفاري (رضوان اللَّه عليه) .

أئمّة علم الحديث :

وهم طبقات في الصدر الطبقة الأُولى وهم جماعة التابعين :

الطبقة الأُولى : (1) الأصبغ بن نباتة الحنظلي الكوفي قال النجاشي هو من خاصّة أمير المؤمنين عليه السلام وعمر بعده .

(2) عبيداللَّه بن أبي رافع كاتب أمير المؤمنين عليه السلام وأحد خواصّه وكان من خيار الشيعة وشهد مع علي عليه السلام جميع حروبه وله كتاب قضايا أمير المؤمنين عليه السلام .

(3) الحرث بن عبداللَّه الهمداني من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام .

(4) ربيعة بن سميع قال النجاشي في كتابه فهرست أسماء مصنّفي الشيعة عند ذكر الطبقة الأُولى ربيعة بن سميع عن أمير المؤمنين عليه السلام وهو من كبار العلماء التابعين لأمير المؤمنين عليه السلام وله كتاب في زكاة النِعَم .

(5) سليم بن قيس وقال النعماني عنه في كتاب الغيبة (وليس بين جميع الشيعة ممّن حمل العلم ورواه عن الأئمّة خلاف في أنّ كتاب سليم ابن قيس الهلالي أصل من كتب الأُصول التي رواها أهل العلم وحملة حديث أهل البيت عليهم السلام وأقدمها) .

ص: 30


1- 64. تأسيس الشيعة : ص 280 .

(6) علي بن أبي رافع صاحب أمير المؤمنين عليه السلام وخازن بيت ماله وكاتبه وهو من خيار الشيعة .

(7) ميثم التمّار صاحب أمير المؤمنين عليه السلام ومن أعاظم الشهداء في التشيّع .

(8) عبيداللَّه بن الحرّ الجعفي الفارس الفاتك الشاعر التابعي الكوفي بقي إلى أيّام المختار .

(9) محمّد بن قيس البجلي التابعي صاحب أمير المؤمنين عليه السلام له كتاب يرويه عنه عليه السلام .

(10) يعلى بن مرّة له نسخة يرويها عن أمير المؤمنين عليه السلام .

وبعد هؤلاء طبقة ثانية أُخرى من المصنّفين :

الطبقة الثانية :

(1) الإمام السجّاد علي بن الحسين عليهما السلام : وله الصحيفة الكاملة الموصوفة بزبور آل محمّد .

(2) جابر ين يزيد الجعفي التابعي من أصحاب علي بن الحسين وابنه الباقر عليهما السلام.

(3) زيد الشهيد هو زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب له كتاب قراءة أمير المؤمنين عليه السلام .

(4) الحسين بن ثور بن أبي الجهم مولى أُمّ هاني بنت أبي طالب .

(5) زياد بن المنذر أبو الجارود تابعي روى عن الإمام السجّاد والإمام الباقر عليهما السلام .

الطبقة الثالثة :

وبعد هؤلاء طبقة أُخرى في طبقة ابن جريح ومالك بن أنس وأمثالهم ممّن هم في أوّل من جمع الآثار من أهل السنّة في أثناء المائة الثانية .

وهم جماعة أخذوا الحديث عن الإمام زين العابدين وابنه الباقر عليهما السلام وصنّفوا الكتب والأُصول والأجزاء منهم :

ص: 31

(1) يحيى بن القاسم أبو بصير .

(2) عبدالمؤمن بن القاسم بن قيس بن محمّد الأنصاري .

(3) زرارة بن أعين .

(4) محمّد بن مسلم الطائي .

(5) بسّام الصيرفي .

(6) أبو عبيدة الحذّاء الكوفي .

(7) زكريا بن عبداللَّه الفيّاض أبو يحيى .

(8) ثور بن أبي فاخته أبو جهم .

(9) حجر بن المغيرة الطائي .

(10) حجر بن زائدة الحضرمي .

(11) معاوية بن عمّار بن أبي معاوية خباب بن عبداللَّه .

(12) المطّلب الزهري القرشي المدني .

(13) عبداللَّه بن ميمون بن الأسود القدّاح .

الطبقة الرابعة :

وبعد هؤلاء طبقة أُخرى رابعة أخذوا عن أبي عبداللَّه الصادق عليه السلام وصنّفوا وهم فوق حدّ الإحصاء .

قال الإمام الطبرسي الفضل بن الحسن في كتابه أعلام الورى : كان عليه السلام أعلم أولاد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله في زمانه بالاتّفاق ، وأنبههم ذكراً ، وأعلاهم قدراً ، وأعظمهم مقاماً عند العامّة والخاصّة ، ولم ينقل عن أحد من سائر العلوم ما نقل عنه ، فإنّ أصحاب الحديث قد جمعوا أسامي الرواة عنه من الثقات على اختلافهم في المقالات والديانات فكانوا أربعة آلاف رجل(1).

ص: 32


1- 65. أعلام الورى : ص 284 .

الشيعة وعلم الدراية

إنّ أوّل من دوّن علم دراية الحديث هو أبو عبداللَّه الحاكم النيشابوري الإمامي الشيعي رضى الله عنه قال في كشف الظنون ما نصّه (معرفة علوم الحديث أوّل من تصدّى له الحاكم أبو عبداللَّه محمّد بن عبداللَّه الحافظ النيسابوري المتوفّى سنة خمس وأربعمائة أوّله الحمد للَّه ذي المنّ والإحسان والقدرة ، وهو خمسة أجزاء مشتملة على خمسين نوعاً) وتبعه في ذلك ابن الصلاح فذكر من أنواع الحديث خمسة وستّين نوعاً وعلماء الدراية هم أهل العلم بالحديث المتقدّم في ذكر طبقاتهم ، وأوّل من صنّف فيه بعد الحاكم السيّد جمال الدين أحمد بن موسى بن طاووس أبو الفضائل . والذين صنّفوا في علم الدراية كثيرون نذكر منهم علي بن عبدالحميد الحسيني النجفي ، الشيخ زين الدين الشهيد(1).

في ظلال الحديث :

كان بعضهم يقول (العلوم ثلاثة : علم نضج وما احترق وهو علم النحو والأُصول وعلم لا نضج ولا احترق وهو علم البيان والتفسير ، وعلم نضج واحترق وهو علم الثقة والحديث) .

وأنّه لقول ينبئ عن المراحل التي مرّت بها العلوم الإسلامية الكبرى ، ويصوّر النتائج التي انتهى إليها الباحثون بعد الموازنة بين تلك العلوم وبعد المقارنة بين أُصولها المؤصلة ، وقواعدها المقرّرة ومصطلحاتها الدقيقة .

ولقد جعل صاحب هذه الكلمة كلاً في الفقه والحديث علماً واحداً لأنّ فروع الفقه تشعّبت من التراث التشريعي الضخم الذي تركه حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وآله والأئمّة المعصومين عليهم السلام في مختلف أبواب الحياة سواء أكان هذا الحديث تبياناً لمجملات القرآن أم أصلاً تشريعياً مستقلاً بعد كتاب اللَّه . وما من ريب أنّ هذا التداخل الوثيق بين الفقه

ص: 33


1- 66. تأسيس الشيعة : ص 294 .

والحديث قد قارب بين خطواتهما في طريق التطور وقارن بين مراحلهما المتعاقبة في سبيل النماء فما أُرسيت أُصول الفقه إلّا بعد أن وضعت اللبنة الأُولى في بناء (علوم الحديث) وبعد أن مرّ الحديث والفقه بطور التمهيد والتحضير اتّسع البحث فيها وتنوّع ودارت حولهما المدارس الفكرية تنتصر للمأثور تارةً وللاستدلال تارةً أُخرى وللجمع بينهما تارةً ثالثة فنضجا معاً وظلّت الرابطة وثيقة بينهما لتماثلهما في النشأة الأُولى وتشابههما في خطاهما الكبرى واستمرار ثلاثيّهما في خدمة التشريع ، وتعبيد الطريق للتحقيق والتدقيق ، فلولا الحديث لما كان الفقه علماً مذكوراً بتلك الدرجة والسعة والشمولية والدقّة في الكشف عن بعض الملاكات الواقعية للتشريع أحياناً ، ولولا الفقه ربما لم يحفظ الكثير من الحديث في مجالات العلوم المختلفة أنّ العلم الذي نضج ثمّ احترق إذن من كثرة التصنيف فيه هو علم الحديث أو فقه الحديث وإنّ العلوم الأُخرى سواء نضجت ولم تحترق كأُصول النحو أم لم تنضج ولم تحترق كمناهج التفسير قد تأثّرت تأثّراً بتفاوت قوّة وضعفاً واتّساعاً وعمقاً بما وضعه نقّاد الحديث من مقاييس وأرسوه من قواعد وأُصول(1).

ثمّ إنّ للحديث الشريف من جهة السند والدلالة والظهور والنصّ سعة وضيقاً ، فضلاً عن جهة الصدور وحلّ معضلات التعارف وهذا ما يلمسه المتتبّع كثيراً في علوم التفسير والآداب والسنن والتأريخ بل وحتّى العلوم التي لا ترتبط بالدين كثيراً كالفلك والفيزياء والطب .

حيث نجد أنّ للحديث دوراً بارزاً فيها من حيث بيان علل التكوين وبيان أسراره والكشف عن خفايا الارتباط بين الأشياء .

إذ لا إشكال أنّ الحديث الشريف وضع آثاره في كل جانب من جوانب الحياة البشرية وملأ الكثير من الفراغات التي لولاه لما توصّل إليها البشر في العديد من مجالات

ص: 34


1- 67. علوم الحديث ومصطلحه ، الدكتور صبحي الصالح : ط السادسة بيروت 1971م .

المعرفة خصوصاً تلك التي تتعلّق بعالم الغيب والأحكام الشرعية وبيان الكلام الإلهي والتوجيه السماوي إلى البشر .

ولا نبالغ إذا ما قلنا إنّ العديد من العلوم استقلّت وصارت علوماً قائمة بذواتها لها منهاهجها وأُصولها كان منطلقها الأوّل من كلام الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله والأئمّة الطاهرين عليهم السلام وشيئاً فشيئاً تشعّبت هذه العلوم وتفرّعت بجهود البشر ونبوغهم بعد أن استندوا إلى الكلّيات التي وضعوها أهل بيت الوحي في ذلك كما هو الملحوظ في علمي النحو والبلاغة ، والفقه والأُصول والدراية والرواية والكيمياء والطب وغير ذلك . وهذا ما أذعن له الأصدقاء والخصوم قديماً وحديثاً كما لا يخفى على من تتبّع الآثار الأمر الذي يلقى على عاتق أهل الفن والاختصاص المزيد من المسؤولية لبذل الجهد والتحقيق لإظهار ذلك واكساءه حلله العلمية ليأخذ موقعه في المحافل والمجامع العلمية والأكاديمية التي لا زال الكثير منها يشكو من النواقص والحاجة إلى علوم الشريعة في تفسير الكثير من الظواهر الغريبة والأسرار الخفيّة وربما كان لهذا الكتاب بعض المساهمة في هذا المجال عسى اللَّه سبحانه أن يوفّقنا والآخرين لمساهمات أكبر وأوسع وأنفع آمين ربّ العالمين .

روايات في (الأربعون حديثاً)

1 - عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : (من حفظ من أحاديثنا أربعين حديثاً بعثه اللَّه يوم القيامة عالماً فقيهاً)(1).

2 - وعن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : (من حفظ من شيعتنا أربعين حديثاً بعثه اللَّه عزّوجلّ يوم القيامة عالماً فقيهاً ولم يعذّبه)(2).

ص: 35


1- 68. الكافي : ج 1 ص 49 باب النوادر ح 7 .
2- 69. بحار الأنوار : ج 2 ص 153 باب 20. من حفظ أربعين حديثاً ح 1 .

3 - عن أبي الحسن عليه السلام قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : (من حفظ من أُمّتي أربعين حديثاً ممّا يحتاجون إليه من أمر دينهم بعثه اللَّه يوم القيامة فقيهاً عالماً)(1).

4 - عن النبي صلى الله عليه وآله قال : (من حفظ من أُمّتي أربعين حديثاً من السنّة كنت له شفيعاً يوم القيامة)(2).

5 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : (من حفظ عنّي من أُمّتي أربعين حديثاً في أمر دينه يريد به وجه اللَّه عزّوجلّ والدار الآخرة بعثه اللَّه يوم القيامة فقيهاً عالماً)(3).

6 - عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : (من حفظ عنّي أربعين حديثاً في الحلال والحرام بعثه اللَّه يوم القيامة فقيهاً عالماً ولم يعذّبه)(4).

7 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : (من حفظ على أُمّتي أربعين حديثاً ينتفعون بها بعثه اللَّه يوم القيامة فقيهاً عالماً)(5).

8 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : (من حفظ على أُمّتي أربعين حديثاً من أمر دينها بعثه اللَّه تعالى يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء)(6).

9 - الحسين بن علي عليهم السلام قال : أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أوصى إلى أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام وكان فيما أوصى به أن قال له : (ياعلي من حفظ من أُمّتي أربعين

ص: 36


1- 70. وسائل الشيعة : ج 27 ص 94 باب (8) وجوب العمل بأحاديث النبي والأئمّة عليهم السلام ح 33305 .
2- 71. وسائل الشيعة : ج 27 ص 94 باب (8) وجوب العمل بأحاديث النبي والأئمّة عليهم السلام ح 33303 .
3- 72. بحار الأنوار : ج 2 ص 154 باب 20. من حفظ أربعين حديثاً ح 5 .
4- 73. بحار الأنوار : ج 2 ص 154 باب 20. من حفظ أربعين حديثاً ح 6 .
5- 74. مستدرك الوسائل : ج 17 ص 290 باب (8) وجوب العمل بأحاديث النبي صلى الله عليه وآله والأئمّة عليهم السلام ح 21378 .
6- 75. مستدرك الوسائل : ج 17 ص 287 باب وجوب العمل بأحاديث النبي صلى الله عليه وآله ح 21366 .

حديثاً يطلب بذلك وجه اللَّه عزّوجلّ والدار الآخرة حشره اللَّه يوم القيامة مع النبيّين الصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أُولئك رفيقاً . فقال علي عليه السلام : يارسول اللَّه أخبرني ما هذه الأحاديث فقال صلى الله عليه وآله :

1 - أن تؤمن باللَّه وحده لا شريك له .

2 - وتعبده ولا تعبد غيره .

3 - وتقيم الصلاة بوضوء سابغ في مواقيتها ولا تؤخّرها فإنّ في تأخيرها من غير علّة غضب اللَّه عزّوجلّ .

4 - وتؤدّي الزكاة .

5 - وتصوم شهر رمضان .

6 - وتحجّ البيت إذا كان لك مال وكنت مستطيعاً .

7 - وأن لا تعقّ والديك .

8 - ولا تأكل مال اليتيم ظلماً .

9 - ولا تأكل الربا .

10 - ولا تشرب الخمر ولا شيئاً من الأشربة المسكرة .

11 - ولا تزني .

12 - ولا تلوط .

13 - ولا تمشي بالنميمة .

14 - ولا تحلف باللَّه كاذباً .

15 - ولا تسرق .

16 - ولا تشهد شهادة الزور لأحد قريباً كان أو بعيداً .

17 - وأن تقبل الحقّ ممّن جاء به صغيراً كان أو كبيراً .

18 - وأن لا تركن إلى ظالم وإن كان حميماً قريباً .

19 - وأن لا تعمل بالهوى .

ص: 37

20 - ولا تقذف المحصنة .

21 - ولا ترائي فإنّ أيسر الرياء شرك باللَّه عزّوجلّ .

22 - وأن لا تقول لقصير ياقصير ولا لطويل ياطويل تريد بذلك عيبه .

23 - وأن لا تسخر من أحد من خلق اللَّه .

24 - وأن تصبر على البلاء والمصيبة .

25 - وأن تشكر نعم اللَّه التي أنعم بها عليك .

26 - وأن لا تأمن عقاب اللَّه على ذنب تصيبه ، وأن لا تقنط من رحمة اللَّه .

27 - وأن تتوب إلى اللَّه عزّوجلّ من ذنوبك فإنّ التائب من ذنوبه كمن لا ذنب له وأن لا تصرّ على الذنوب مع الاستغفار فتكون كالمستهزئ باللَّه وآياته ورسله .

28 - وأن تعلم أنّ ما أصابك لم يكن ليخطئك وأنّ ما أخطأك لم يكن ليصيبك .

29 - وأن لا تطلب سخط الخالق برضى المخلوق ، وأن لا تؤثر الدنيا على الآخرة لأنّ الدنيا فانية والآخرة باقية ، وأن لا تبخل على اخوانك بما تقدر عليه .

30 - وأن تكون سريرتك كعلانيّتك وأن لا تكون علانيّتك حسنة وسريرتك قبيحة فإن فعلت ذلك كنت من المنافقين .

31 - وأن لا تكذب وأن لا تخالط الكذّابين .

32 - وأن لا تغضب إذا سمعت حقّاً .

33 - وأن تؤدّب نفسك وأهلك وولدك وجيرانك على حسب الطاقة .

34 - وأن تعمل بما علمت ولا تعاملنّ أحداً من خلق اللَّه عزّوجلّ إلّا بالحقّ .

35 - وأن تكون سهلاً للقريب والبعيد وأن لا تكون جبّاراً عنيداً .

36 - وأن تكثر من التسبيح والتهليل والدعاء وذكر الموت وما بعده من القيامة والجنّة والنار .

37 - وأن تكثر من قراءة القرآن وتعمل بما فيه .

38 - وأن تستغنم البرّ والكرامة بالمؤمنين والمؤمنات .

ص: 38

39 - وأن تنظر إلى كل ما لا ترضى فعله لنفسك فلا تفعله بأحد من المؤمنين :

(آ) ولا تملّ من فعل الخير .

(ب) وأن لا تثقل على أحد .

(ج) وأن لا تمنّ على أحد إذا أنعمت عليه .

40 - وأن تكون الدنيا عندك سجناً حتّى يجعل اللَّه لك جنّة .

فهذه أربعون حديثاً من استقام عليها وحفظها عنّي من أُمّتي دخل الجنّة برحمة اللَّه وكان أفضل الناس وأحبّهم إلى اللَّه عزّوجلّ بعد النبيّين والوصيّين وحشره اللَّه يوم القيامة مع النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أُولئك رفيقاً)(1).

مصنّفات في الأربعين

وهم جمع غفير من الأعلام من القدماء والمتأخّرين ذكر جملة منهم العلّامة الطهراني قدس سره في الذريعة مع ذكر أسماء مؤلّفاتهم وهي كالتالي تأليفاً ومؤلّفاً منهم :

1 - الأربعون حديثاً مع الشرح والبيان للعلّامة ميرزا إبراهيم بن الحسين بن علي بن الغفّار الدنبلي الخوئي الشهيد في فتنة الأكراد بخوي سنة 1325 .

2 - الأربعون حديثاً للعلّامة الشيخ إبراهيم بن سليمان القطيفي .

3 - الأربعون حديثاً مع الشرح والبيان للعلّامة السيّد محمد الشهير بالسيّد أبي الحسن الرضوي القمّي الكشميري .

4 - الأربعون حديثاً في مناقب الفقراء والصالحين لأبي سعيد أحمد ابن الحسن الطوسي .

5 - الأربعون حديثاً في فضل الفقراء الصادقين للفاضل الهندي .

6 - الأربعون حديثاً في الفضائل والمناقب لأسعد بن إبراهيم بن الحسن بن علي

ص: 39


1- 76. الخصال : ج 2 ص 543 فيمن حفظ أربعين حديثاً ح 19 .

الحلّي .

7 - الأربعون حديثاً مع الشرح والبيان للعلّامة إسماعيل بن محمّد حسين بن محمّد رضا المازندراني الأصفهاني المعروف بخواجوئي .

8 - الأربعون حديثاً للشيخ إسماعيل بن علي نقي الأرومي التبريزي .

9 - الأربعون حديثاً في الإمامة وشرحها بالفارسيّة للعلّامة المجلسي .

10 - الأربعون حديثاً في الأُصول والفروع والخطب والمواعظ وما يحتاج إليه الناس في أُمور دينهم ، للعلّامة المجلسي .

11 - الأربعون حديثاً مع الشرح والترجمة بالفارسيّة لمحمّد باقر بن محمّد جعفر .

12 - الأربعون حديثاً مع الشرح والبيان للسيّد ميرزا محمّد باقر بن معزّ الدين الحسيني الرضوي النجفي .

13 - الأربعون حديثاً مع الشرح بالفارسية للسيّد مير محمّد تقي بن أبي الحسن الحسيني .

14 - الأربعون حديثاً مع الشرح والبيان للعلّامة محمّد تقي الهروي الأصفهاني الحائري .

15 - الأربعون حديثاً في الأحكام والأخلاق مع الشرح والبيان للشيخ محمّد تقي الهمداني الطهراني النجفي .

16 - الأربعون حديثاً الأربعون حديثاً في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام ومناقبه مع ترجمتها بالفارسية للشيخ محمّد جعفر الاستربادي .

17 - الأربعون حديثاً للفاضل ميرزا نجم الدين جعفر بن العلّامة ميرزا محمّد الطهراني .

18 - الأربعون حديثاً في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام وإثبات إمامته للشيخ عماد الدين الحسن بن علي بن محمّد الطبري المعاصر لخواجه نصير الدين الطوسي .

19 - الأربعون حديثاً للشيخ أبي محمّد الحسن بن محمّد الديلمي صاحب الارشاد

ص: 40

المشهور وغرر الأخبار .

20 - الأربعون حديثاً نبويّاً مع الترجمة بالفارسية المعروف ب (أربعين نور) للميرزا حسين بن حيدر الخراساني الملقّب بنور الدين واعظ .

21 - الأربعون حديثاً في الأخلاق للشيخ عزّ الدين الحسين بن عبدالصمد الجبعي الحارثي الهمداني .

22 - الأربعون حديثاً مع الشرح والبيان للسيّد العلّامة ميرزا محمّد حسين الشهرستاني الحائري .

23 - الأربعون حديثاً في أُصول الدين للشيخ حسين البحراني القطيفي .

24 - الأربعون حديثاً في الفروع أيضاً للشيخ المذكور .

25 - الأربعون حديثاً في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام من طرق العامّة للعلّامة حيدر قلي خان المعروف بسردار الكابلي نزيل كرمانشاه .

26 - الأربعون حديثاً في فضيلة العلم للسيّد دلدار علي بن محمّد معين النصير آبادي .

27 - الأربعون حديثاً مع الشرح والبيان للفاضل رضا الكاشاني .

28 - الأربعون حديثاً للعلّامة محمّد رضا بن القاسم الغراوي النجفي مؤلّف البضاعة المزجاة .

29 - الأربعون حديثاً في الفضائل للشيخ السعيد زين الدين بن علي أحمد الشامي الشهيد سنة 966 .

30 - الأربعون حديثاً للشيخ سعد الإربلي .

31 - الأربعون حديثاً في المعارف مع الشرح المشحون بالتحقيقات للفقيه القاضي محمّد سعيد بن محمّد مفيد القمّي .

32 - الأربعون حديثاً في الإمامة من طرق العامّة وبيان دلالتها مشروحة للشيخ أبي الحسن سليمان بن الشيخ عبداللَّه بن علي بن الحسن ابن عمّار الماحوزي البحراني

ص: 41

صاحب البلغة والمعراج .

33 - الأربعون حديثاً في الطب مع الشرح والبيان للمولى محمّد شريف الخواتون آبادي .

34 - الأربعون حديثاً في فضائل الأئمة الطاهرين عليهم السلام من كتب أهل السنّة وطرقهم للمولى محمّد شفيع الاستربادي .

35 - الأربعون حديثاً لصاحب كتاب هديّة الشرف مير محمّد أشرف .

36 - الأربعون حديثاً في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام للشيخ محمّد صادق الجزائري الشيرازي .

37 - الأربعون حديثاً ودليلاً في إمامة الأئمّة الطاهرين عليهم السلام للمولى محمّد طاهر الشيرازي النجفي القمّي .

38 - الأربعون حديثاً في الأخلاق مترجم بالفارسية للشيخ عبّاس بن محمّد رضا القمّي .

39 - الأربعون حديثاً مترجم بالفارسيّة في أُصول الدين للمتّقي مير محمّد عباس ابن السيّد علي أكبر الموسوي الجزائري التستري اللكهنوي .

40 - الأربعون حديثاً الموسوم بروح الإيمان للمذكور أعلاه .

41 - الأربعون حديثاً في مناقب الأئمّة الطاهرين للشيخ عبدالصمد جدّ الشيخ البهائي وابن الشيخ شمس الدين محمّد الجبعي .

42 - الأربعون حديثاً للعلّامة السيّد عبداللَّه بن أبي القاسم بن علم الهدى البلادي البهبهاني .

43 - الأربعون حديثاً على تريب الحروف الهجائية للعلّامة السيد عبداللَّه بن محمّد رضا شبّر الحسيني الكاظمي .

44 - الأربعون حديثاً للمولى عبداللَّه بن محمود بن سعيد التستري الخراساني المحروق في ميدان بخارى بيد الأوزبكية حين غلبوا على المشهد المقدّس 977 .

ص: 42

45 - الأربعون حديثاً من أحاديث سيد المرسلين في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام للسيد الأمير جمال الدين عطاء اللَّه بن فضل اللَّه الحسيني الفارسي الدشتكي المعروف بالأمير جمال الدين صاحب روضة الأحباب .

46 - الأربعون حديثاً للشيخ علي بن الشيخ حسن البلادي البحراني .

47 - الأربعون حديثاً للسيّد علي حسن اسمه لسان الصادقين .

48 - الأربعون حديثاً مع الشرح والبيان للشيخ علي بن حسين اللطيف الجامعي .

49 - الأربعون حديثاً للمولى الفاضل فتح اللَّه الواعظ .

50 - الأربعون حديثاً للشيخ فخر الدين بن محمّد علي بن طريح الرمّاحي النجفي .

51 - الأربعون حديثاً للسيد ضياء الدين أبي الرضا الحسني الراوندي القاساني .

52 - الأربعون حديثاً في أحوال النصاب والمخالفين للسيّد فيض اللَّه ابن عبدالقاهر الحسيني التفريشي .

53 - الأربعون حديثاً مترجمة بالفارسية مختصراً للمولى محمّد كاظم ابن محمّد شفيع الهزارجريبي الحائري .

54 - الأربعون حديثاً للعلّامة محمّد محسن المشهور بعرفان من تلاميذ صدر الدين الشيرازي .

55 - الأربعون حديثاً في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام للمحقّق محسن الفيض الكاشاني .

56 - الأربعون حديثاً في النصّ على الحجّة (عج) اسمه تبيين المحجّة لميرزا محسن آقا التبريزي .

57 - الأربعون حديثاً في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام للشيخ محمّد بن أحمد النيسابوري بعنوان الأربعون عن الأربعين .

58 - الأربعون حديثاً ممّا يتعلّق بأحوال سيّد الشهداء عليه السلام ولذا سمّي بالأربعين الحسينيّة للعلّامة محمّد تقي أرباب القمّي .

ص: 43

59 - الأربعون حديثاً للشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العاملي .

60 - الأربعون حديثاً مع الشرح والبيان لشيخ الإسلام محمّد بن الشيخ عزّ الدين الحسين العاملي .

61 - الأربعون حديثاً مع الشرح والبيان الموسوم بسلّم درجات الجنّة في معرفة فضائل أبي الأئمّة فارسي لميرزا محمّد بن محمّد القمّي .

62 - الأربعون حديثاً للسيّد محي الدين أبي حامد محمّد بن عبداللَّه الحسيني .

63 - الأربعون حديثاً في مناقب سيّدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام للشيخ رشيد الدين محمّد بن علي بن شهر آشوب السروي المازندراني .

64 - الأربعون حديثاً في أحوال المهدي (عج) الموسوم بكفاية المهتدي للسيّد مير محمّد بن محمّد لوحي الملقّب بالمطهّر والمشهور بالنقيبي الحسيني الموسوي السبزواري الأصفهاني .

65 - الأربعون حديثاً في المناقب لأبي الفوارس محمّد بن مسلم .

66 - الأربعون حديثاً أكثرها في العبادات العامّة البلوى لمزيد الحثّ عليها من املاء الشيخ أبي عبداللَّه شمس الدين محمّد بن جمال الدين مكّي ابن محمّد النبطي العاملي الجزيني .

67 - الأربعون حديثاً في وصية النبي صلى الله عليه وآله إلى أمير المؤمنين عليه السلام في مجلس واحد وهو حديث واحد دوّنه ورواه مستقلاً الشيخ محمّد بن مكّي .

68 - الأربعون حديثاً للفاضل المقداد الشيخ جمال الدين مقداد بن عبداللَّه السيدري الحلّي الأسدي تلميذ الشهيد الأوّل .

69 - الأربعون حديثاً في خصوص المتعة للسيّد محمّد مهدي بن محمّد جعفر الموسوي التنكابني مؤلّف خلاصة الأخبار .

70 - الأربعون حديثاً في غير المتعة للمؤلّف أعلاه .

71 - الأربعون حديثاً في مطلق الأحاديث للمذكور أعلاه .

ص: 44

72 - الأربعون حديثاً في مسح الرجلين من طرق أهل السنّة للفاضل ميرزا نجم الدين جعفر بن العلّامة ميرزا محمّد الطهراني .

73 - الأربعون حديثاً في مناقب فاطمة الزهراء عليها السلام من كتبهم للمؤلّف أعلاه .

74 - الأربعون حديثاً في الأُصول والفروع والأخلاق للمولى محمّد نصير الأصفهاني خادم الروضة الرضوية .

75 - الأربعون حديثاً للسيّد محمّد هادي بن اللوحي الموسوي الحسيني .

76 - الأربعون حديثاً مع الشرح والبيان للعلّامة ميرزا محمّد هاشم بن ميرزا زين العابدين الموسوي الخوانساري الأصفهاني الچهارسوقي (محلّة في أصفهان) .

77 - الأربعون حديثاً للسيّد الواعظ محمّد هاشم الموسوي الخوئي .

78 - الأربعون حديثاً في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام للشيخ جمال الدين الشامي العاملي صاحب الدرّ النظم .

79 - الأربعون حديثاً في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام فيه أربعون حديثاً عن أربعين صحابياً للشيخ محمّد رضا الطبسي .

80 - الأربعون حديثاً عن الأربعين في فضائل أهل البيت عليهم السلام لبعض الأصحاب لم يعرف مؤلّفه .

81 - الأربعون حديثاً عن الأربعين في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام للشيخ المفيد أبي سعيد محمّد بن أحمد الخزاعي صاحب الروضة الزهراء .

82 - الأربعون حديثاً في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام للشيخ منتجب الدين علي بن الشيخ عبيداللَّه بن الشيخ شمس الإسلام الحسن المدعو بحسكا .

83 - الأربعون حديثاً منظوماً بالفارسية لم نعرف ناظمه اسمه توان روان لم يعرف صاحبه .

84 - الأربعون دليلاً لإمامة أمير المؤمنين عليه السلام والأئمّة المعصومين عليهم السلام للمولى محمّد طاهر بن محمّد حسين الشيرازي النجفي القمّي .

ص: 45

85 - الأربعون مسألة في أُصول الدين للشيخ جمال الدين المطهّر الحلّي .

86 - الأربعون مسألة للشيخ شمس الدين محمّد بن مكّي الشهيد سنة 786 .

87 - الأربعونيّات للشيخ حبيب اللَّه بن شيخ الحكماء الملقّب بحكيم باش المشهدي المعروف بترشيزي .

88 - الأربعونيّات مقالة مختصرة للعلّامة النوري .

89 - الأربعونيّات لكشف الأنوار القدسيّات للقاضي محمّد سعيد بن محمّد مفيد القاضي(1).

لماذا الأربعون ؟

في الواقع لا يعرف أحد السرّ الدفين في عدد الأربعين وفلسفته الوجودية وامتيازه على الأعداد الأُخرى والأرقام الثانية حيث نجد في الأحاديث المأثورة عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وأهل بيته الكرام عليهم آلاف التحيّة والسلام تركيزاً كثيراً في شتّى المجالات والمواضيع على هذا العدد (الأربعين) بالذات ممّا يسترعي الانتباه والوقوف أمام هذه الظاهرة الفريدة بين الأعداد والأرقام .

من هنا فقد وجدت من الجدير أن أذكر النكات حول هذا العدد ، فإنّ كمال كل شي ء هو في عدد الأربعين باختلاف الموارد والأشياء ، فكمال العمر في أربعين سنة ، وكمال الدعاء في أربعين مرّة وإذا جالست رجلاً أربعين مجلساً فيمكنك معرفته معرفة كاملة ولا يمكن الحكم على معرفتك إيّاه بالكمال ووصفه بالصدق والأمانة إلّا بعد صحبته وامتحانه أربعين مرّة .

كما أنّ كمال الوعي في موضوع من الموضوعات إنّما يكون بعد دراسة أربعين مادّة حول ذلك الموضوع وهكذا باختلاف الموارد ولعلّ إلى هذا الأصل يستند الوفاء

ص: 46


1- 77. الذريعة ، آقا بزرك الطهراني : ج 1 ص 409 - 434 .

بقولهم (إنّ كل صورة ترتسم في الذهن إذا نظر إليها مدّة أربعين يوماً سواءً أكانت صورة إنسان أو نبات أو جماد وإنّ هذه الصورة تعتبر ضيفاً من اللَّه ويعبّر عنها (بالفيض الإلهي) .

وبشكل عام نحن سنشير إلى بعض الأسباب التي ذكرت في هذا العدد في تفسير الآيات القرآنية ذات الصلة ، وإلى سرّ بعثة الأنبياء عليهم السلام سيّما نبيّنا الأكرم صلى الله عليه وآله في سنّ الأربعين إلّا أنّه يبقى الحديث عن هذا العدد كسرٍّ من الأسرار الإلهية لم يفصح عنها ويؤيّد ذلك أنّ القرآن الكريم تناول الأعداد والأرقام بشكل إعجازي وسرّ من الأسرار الإلهية ، ففي القرآن أرقام عجيبة وتوافقات غريبة وفيها من التساوي والتوازن والتناسب ما يدلّ على أنّ كل ما في القرآن الكريم إنّما يحكمه الميزان ، فمثلاً أنّ اللَّه تعالى يقول : «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ»(1)، ويتكرّر لفظ الشهر 12 مرّة أيضاً أي بقدر عدّة الشهور إذ ورد بلفظ الشهر 10 مرّات في مثل النصّ الكريم : «لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ»(2) ومرّتين بلفظ شهراً في مثل قوله تعالى : «وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً»(3). وأنّ لفظ اليوم تكرّر 349 مرّة في مثل النصّ الشريف : «الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ»(4) وبلفظ يوماً 16 مرّة في مثل النصّ الكريم : «وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ»(5).

وهذه مجموعها 365 أي أنّ اليوم قد تكرّر 365 مرّة بقدر السنة أي بقدر 12 شهراً الذي تكرّر بها ذكر الشهر ، وأنّ لفظ اليوم بالجمع قد تكرّر 23 مرّة بلفظ أيّام بمثل النصّ الشريف : «وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ»(6)، وبلفظ أيّاماً 4 مرّات في مثل النصّ الكريم :

ص: 47


1- 78. سورة التوبة : الآية 36 .
2- 79. سورة القدر : الآية 3 .
3- 80. سورة الأحقاف : الآية 15 .
4- 81. سورة المائدة : الآية 5 .
5- 82. سورة البقرة : الآية 281 .
6- 83. سورة البقرة : الآية 203 .

«سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ»(1).

وبالمثنى تكرّر 3 مرّات بلفظ يومين في مثل قوله تعالى : «فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ»(2) وهذه مجموعها 30 يوماً أي بقدر الشهر أي أنّ اليوم قد تكرّر 365 مرّة أي بقدر سنة وإن جمع اليوم والمثنى لها تكرّر 30 مرّة أي بقدر شهر . وأنّ الشهر تكرّر 12 مرّة بقدر السنة .

ومثال آخر هو مثال السيّئات والصالحات فقد بلغ عدد ذكر الصالحات ومشتقّاتها حوالي (180) مرّة في القرآن الكريم منها اسم علم وهو صالح عليه السلام النبي حيث ورد (4) مرّات ومنها ما جاء بمعنى (عَالَج) وذلك مرّة واحدة كما في قوله تعالى «كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ»(3) أي عالجهم وعدد ذلك هو (13) فيكون عدد ورود مشتقّات الصالحات وهنّ ما تختصّ بالعمل الصالح (167) مرّة وبنفس العدد هذا أي (167) تكرّر ذكر السيّئات بكل مشتقّاتها وبذلك يتساوى عدد ذكر السيّئات والصالحات حيث وردت كل (167) مرّة تماماً .

وهكذا فإنّ القرآن الكريم وردت فيه أعداد وأرقام ما تثير الإعجاب وهذا هو وجه من وجوه الإعجاز وسرّ من الأسرار الإلهية ولعلّ عدد الأربعين الذي نال اهتمام الشريعة الإسلامية فيه من الأسرار والحكمة ما لم تصل إليه أذهاننا .

الأربعون في القرآن الكريم

(1) قال تعالى : «وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً»(4).

ص: 48


1- 84. سورة سبأ : الآية 18 .
2- 85. سورة البقرة : الآية 203 .
3- 86. سورة محمّد صلى الله عليه وآله : الآية 2 .
4- 87. سورة الأعراف : الآية 142 .

(2) وقال تعالى : «وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمْ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ»(1).

وقد جاء في تفسير الميزان في معنى ذلك :

(الميقات قريب المعنى من الوقت ، قال في المجمع الفرق بين الميقات والوقت أنّ الميقات ما قدر ليعمل فيه عمل من الأعمال والوقت وقت الشي ء وقدره ولذلك قيل : مواقيت الحجّ وهي المواضع التي قدّرت للإحرام فيها .

وقد ذكر اللَّه تعالى المواعدة وأخذ أصلها ثلاثين ليلة ثمّ أتمّها بعشر ليال أُخر ثمّ ذكر الفذلكة وهي أربعون أمّا ما ورد في الآية الأُخرى من سورة البقرة فهو المجموع المتحصّل من المواعدتين أعني أنّ آية البقرة تدلّ على أنّ مجموع الأربعين كان عن مواعدة وآية الأعراف على أنّ ما في البقرة مجموع المواعدتين .

وبالجملة يعود المعنى إلى أنّه تعالى وعده ثلاثين ليلة للتقريب والتكليم ثمّ وعده عشراً أُخر لاتمام ذلك فتمّ ميقات ربّه أربعين ليلة ولعلّه ذكر الليالي دون الأيّام - مع أنّ موسى عليه السلام مكث في الطور الأربعين بأيّامها ولياليها والمتعارف في ذكر المواقيت والأزمنة ذكر الأيّام دون الليالي - لأنّ الميقات كان للتقرّب إلى اللَّه تعالى ومناجاته وذكره وذلك أخصّ بالليل وأنسب لما فيه من اجتماع الحواس عن التفرّق وزيادة تهيّؤ النفس للأُنس وقد كان من بركات هذا الميقات نزول التوراة)(2).

وقال آية اللَّه العظمى الشيرازي في تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان في تفسير الآية الشريفة :

(روي أنّ موسى عليه السلام لمّا كان بمصر وعد بني إسرائيل أن إذا أهلك اللَّه عدوّهم أتاهم بكتاب من عند اللَّه فيه بيان ما يأتون وما يذرون فلمّا هلك فرعون سأل موسى ربّه

ص: 49


1- 88. سورة البقرة : الآية 51 .
2- 89. تفسير الميزان ، للطباطبائي : ج 8 ص 235 .

الكتاب فوعد اللَّه موسى أن يأتي إلى الطور ويصوم ثلاثين يوماً ثمّ يعطيه الكتاب الذي فيه الشرائع ولعلّ ذكر ليلة دون يوم لأجل أنّ الليل أقرب إلى المناجاة فإنّ الظلمة تشعّ في النفس الانقطاع والخوف والرجاء ممّا يجعل الإنسان أقرب إلى اللَّه سبحانه من النهار ولذا كان العباد يتّخذونها ميقاتاً لعبادتهم (وأتممناها) أي كمّلنا الثلاثين (بعشر) ليال حتّى صار المجموع أربعين وقد كان ذلك لأجل تهيئة موسى عليه السلام لصلاحية اعطاء الكتاب ولئن يعرف الناس عظمة الكتاب حتّى أنّ مثل موسى عليه السلام لا يعطى له إلّا بعد الصيام والقيام ولا يخفى أنّ الاتمام عشراً لا ينافي وعدة ثلاثين فإنّ المقرّر كان اعطاء الكتاب بعد اتمام الثلاثين لا بمجرّد اكمال ثلاثين وإنّما قال : «فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ» لا لئلّا يوهم أنّ المعنى أكملنا الثلاثين بعشر حتّى كملت ثلاثين نحو كملت العشرة بدرهمين(1).

وفي مجمع البيان قال الطبرسي : (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر ولم يقل أربعين لفائدة زائدة ذكر فيها وجوه إلى قوله : ثالثها أنّ موسى عليه السلام قال لقومه إنّي أتأخّر عنكم ثلاثين يوماً ليتسهّل عليكم ثمّ زاد عليهم عشراً وليس في ذلك خلف لأنّه إذا تأخّر عنهم أربعين ليلة فقد تأخّر ثلاثين قبلها)(2).

وقال الحويزي في تفسيره (نور الثقلين) أثر تفسير الآية : عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال : قلت لهذا الأمر وقت فقال عليه السلام : (كذب الوقّاتون ، كذب الوقّاتون إنّ موسى عليه السلام لمّا خرج وافداً إلى ربّه واعدهم ثلاثين يوماً ، فلمّا زاده اللَّه على الثلاثين عشراً قال قومه قد أخلفنا موسى فصنعوا ما صنعوا فإذا حدّثناكم الحديث فجاء على ما حدّثناكم به فقولوا : صدق اللَّه وإذا حدّثناكم الحديث فجاء على خلاف ما حدّثناكم به فقولوا صدق اللَّه تؤجروا مرّتين) .

وقال نقلاً عن أمالي الصدوق باسناده إلى أبي سعيد الخدري قال : قال رسول

ص: 50


1- 90. تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان ، للشيرازي رحمه الله : ج 9 ص 41 .
2- 91. تفسير مجمع البيان : ج 3 - 4 ص 473 ط بيروت عام 1379 .

اللَّه صلى الله عليه وآله لعلي بن أبي طالب عليه السلام في غزوة تبوك : (اخلفني في أهلي ، فقال علي عليه السلام : يارسول اللَّه إنّي أكره أن تقول العرب خذل ابن عمّه وتخلّف عنه فقال صلى الله عليه وآله : أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى ؟ قال : بلى قال : فاخلفني)(1).

تأمّلات وعبر

إنّ أوّل سؤال ربما يطرح هنا هو :

لماذا لما يبيّن مقدار الميقات بلفظ واحد وهو الأربعين بل ذكر سبحانه وتعالى أنّه واعده ثلاثين ليلة ثمّ أتمّ بعشر في حين أنّه تعالى ذكر ذلك الموعد في لفظ واحد هو أربعين في قوله تعالى : «وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمْ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ» ؟(2).

ذكر بعض المفسّرين تفسيرات عديدة لهذا التفكيك ولكن الجامع لذلك كلّه هو ما ورد عن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال :

(إنّ موسى عليه السلام لمّا خرج وافداً إلى ربّه واعدهم ثلاثين يوماً فلمّا زاده اللَّه على الثلاثين عشراً قال قومه قد أخلفنا موسى فصنعوا ما صنعوا من عبادة العجل) ممّا يدلّ على أنّ التفكيك بينهما نشأ من الاختبار والامتحان لأُمّة موسى عليه السلام أمّا أنّ هذه الأيّام الأربعون صادفت أيّام أي شهر من الشهور الإسلامية فذلك يستفاد من بعض الروايات أيضاً حيث أنّها حدّدت ذلك من أوّل شهر ذى القعدة وختمت باليوم العاشر من شهر ذى الحجّة (عيد الأضحى) .

وقد جاء التعبير في القرآن الكريم بلفظ أربعين ليلة لأربعين يوماً فالظاهر أنّه لأجل أنّ مناجاة موسى لربّه وتكلّمه مع اللَّه تعالى كانت تتمّ في الأغلب في الليالي(3).

ص: 51


1- 92. تفسير نور الثقلين : ج 2 ص 61 - 62 ط قم المقدّسة .
2- 93. سورة البقرة : الآية 51 .
3- 94. تفسير البرهان : ج 2 ص 33 .

ميقات واحد أو مواقيت متعدّدة

كما أنّ هناك سؤالاً آخراً يطرح في المقام وهو : هل ذهب نبي اللَّه موسى عليه السلام إلى ميقات ربّه مرّة واحدة وهي هذه الأربعون يوماً وتلقّى أحكام التوراة وشريعته السماوية ، عن طريق الوحي في هذه الأربعين يوماً كما اصطحب معه جماعة من شخصيات بني اسرائيل كممثّلين عن قومه ليشهدوا نزول أحكام التوراة عليه وليفهمهم أنّ اللَّه لا يدرك بالأبصار أبداً في هذه الأربعين يوماً نفسها أم أنّه كانت له مع اللَّه أربعينيات متعدّدة أحدها لأخذ الأحكام والأُخرى اصطحب كبار قومه وله احتمالاً أربعون ثالثة لمقاصد ومآرب أُخرى غير هذه ؟

هنا أيضاً وقع كلام بين المفسّرين لكن يبدو أنّ الأقرب إلى الذهن خصوصاً مع ملاحظة الآية بالقياس إلى الآيات السابقة عليها واللاحقة لها هو القول بأنّ جميع هذه الأُمور ترتبط بحادثة واحدة لا متعدّدة لأنّه بغضّ النظر عن أنّ عبارة الآية اللاحقة (ولمّا جاء موسى لميقاتنا) تناسب تماماً وحدة هاتين القصّتين فإنّ الآية : «وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْ ءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ»(1) من نفس هذه السورة يستفاد أنّ قصّة الواح التوراة واعلام أحكام هذه الشريعة قد تمّت جميعها في نفس هذا السفر أيضاً .

البلوغ في الأربعين :

(3) قال تعالى : «وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ»(2).

قال الطباطبائي في الميزان : [ (حتّى إذا بلغ أشدّه وبلغ أربعين سنة) : بلوغ الأشد

ص: 52


1- 95. سورة الأعراف : الآية 145 .
2- 96. سورة الأحقاف : الآية 15 .

بلوغ زمان من العمر تشتدّ فيه قوى الإنسان وبلوغ الأربعين ملازم عادة لكمال العقل (1)].

وقد أشار الطباطبائي إلى بلوغ الأشد في تفسير الآية : «وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً»(2) فقال : (بلوغ الأشد أن يعمّر الإنسان ما تشتد به قوى بدنه وتتقوّى به أركانه بذهاب آثار الصباوة ويأخذ ذلك من ثمانية عشر من عمره إلى سنّ الكهولة التي عندها يكمل العقل ويتمّ الرشد . والظاهر أنّ المراد به الانتهاء إلى أوّل سنّ الشباب دون التوسّط فيه أو الانتهاء إلى آخره كالأربعين)(3).

وفي الخصال عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : (إذا بلغ العبد ثلاثاً وثلاثين سنة فقد بلغ أشدّه وإذا بلغ أربعين سنة فقد بلغ منتهاه فإذا ظعن في إحدى وأربعين فهو في النقصان وينبغي لصاحب الخمسين أن يكون كمن كان في النزع)(4).

وعلّق الطباطبائي على ذلك بقوله : لا تخلو الرواية من اشعار بكون بلوغ الأشد ممّا يختلف بالمراتب فيكون الاحتلام وهو غالباً في الست عشرة أوّل مرتبة منها والثلاث والثلاثين وهي بعد مضي ست عشرة أُخرى المرتبة الثانية(5).

وجاء في تفسير الآية : «وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ»(6).

أنّ المراد ببلوغه أشدّه هو البلوغ والرشد كما يدلّ على ذلك قوله تعالى : (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً

ص: 53


1- 97. تفسير الميزان : ج 18 ص 201 .
2- 98. سورة يوسف : الآية 22 .
3- 99. الميزان : ج 11 ص 118 .
4- 100. الخصال : ج 2 ص 545 ح 23 أبواب الأربعين وما فوقه .
5- 101. تفسير الميزان : ج 18 ص 207 .
6- 102. سورة الأنعام : الآية 152 .

وَبِدَاراً أَنْ يَكْبَرُوا)(1).

وقال بعض المفسّرين : أنّ سنّ الرشد بالنسبة إلى اليتم هو البلوغ الذي يستطيع به اليتيم أن يكون قيّماً على نفسه وأمواله من الناحية الفكرية والاقتصادية .

وأشاروا إلى أنّ (أشد) مأخوذة من (شد) على وزن (جدّ) وهي بمعنى (العقدة المحكمة) ثمّ توسّع المعنى فيما بعد ليشمل أي نوع من القوّة الروحية والجسمية والمقصود من كلمة (أشد) في الآية هو الوصول إلى مرحلة البلوغ ولكن ليس البلوغ الجسمي وحسب وإنّما الرشد الفكري والقدرة الاقتصادية التي تؤهّل اليتيم لأنى يحفظ أمواله اختيار كلمة (أشد) في الآية هو لتحقيق كل هذه المعاني مجتمعة والتي يمكن اختبارها بالتجربة(2).

وفي مجمع البيان قال الطبرسي : (اختلف في معنى (حتّى يبلغ أشدّه) فقيل أنّه بلوغ الحلم ، عن الشعبي وقيل : هو أن يبلغ ثماني عشرة سنة وقال السدي : هو أن يبلغ ثلاثين سنة ثمّ نسخها قوله حتّى إذا بلغوا النكاح الآية وقال أبو حنيفة : إذا بلغ خمساً وعشرين سنة دفع المال إليه وقيل : ذلك يمنع منه إذا لم يؤنس منه الرشد وقيل : أنّه لا حدّ له بل هو أن يبلغ ويكمل عقله ويؤنس منه الرشد فيسلّم إليه ماله وهذا أقوى الوجوه)(3).

وفي نور الثقلين : عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : (إذا بلغ الغلام أشدّه ثلاث عشرة سنة ودخل في الأربعة عشر وجب عليه ما وجب على المحتلمين احتلم أو لم يحتلم وكتبت عليه السيّئات وكتبت له الحسنات)(4).

وقال آية اللَّه العظمى السيّد الشيرازي في تقريب القرآن إلى الأذهان : [ (حتّى إذا بلغ

ص: 54


1- 103. سورة النساء : الآية 6 ، الميزان : ج 7 ص 376 .
2- 104. تفسير الأمثل : ج 4 ص 471 .
3- 105. تفسير مجمع البيان : ج 4 ص 384 .
4- 106. تفسير نور الثقلين : ج 1 ص 778 .

أشدّه) استحكم قوّته البدنيّة والعقلية كان يُشدّ من التبعثر وبهذا البلوغ يتمكّن عقله من الفهم على وجوب الإحسان إليهما ويتمكّن بدنه من القيام بخدمتهما وهذه الحالة تمتدّ حتّى (بلغ أربعين سنة) حيث القوّة البدنية تأخذ في الضعف وحيث أنّ الغالب موت الأبوين قبل بلوغ الولد ذلك فلا حاجة لهما إلى خدمة الولد) (1)].

ومن جميع هذه التفاسير يستنتج أنّ بلوغ الأشد منسجم مع بلوغ الأربعين سنة وفي هذا السنّ إشارة إلى البلوغ الفكري والعقلي في الإنسان لأنّ من المعروف أنّ الإنسان يصل إلى مرحلة الكمال العقلي في سنّ الأربعين غالباً . وكما نلاحظ في الروايات أنّ أغلب الأنبياء عليهم السلام قد بعثوا في سنّ الأربعين . ممّا يدلّ على علاقة هذا السنّ بكمال الإنسان وعلاقة هذا الرقم (الأربعين) بنضجه ووصوله إلى مرحلة العطاء ليس في الإنسان فقط بل في أكثر الأشياء كما عرفت ممّا تقدّم .

شمولية عدد الأربعين :

روى علمائنا الأعلام في مصنّفاتهم القيّمة طائفة من الروايات في هذا المجال منها :

1 - عن أبي جعفر عليه السلام قال : (من شرب الخمر فسكر منها لم تقبل صلاته أربعين يوماً فإن ترك الصلاة في هذه الأيّام ضوعف عليه العذاب لترك الصلاة)(2).

2 - عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : (من قدّم أربعين رجلاً من اخوانه فدعا لهم ثمّ دعا لنفسه استجيب له فيهم وفي نفسه)(3).

3 - وعن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : (إذا مات المؤمن فحضر جنازته أربعون رجلاً من المؤمنين فقالوا اللهم إنّا لا نعلم منه إلّا خيراً وأنت أعلم به منّا قال اللَّه تبارك وتعالى إنّي قد

ص: 55


1- 107. تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان للشيرازي رحمه الله : ج 9 ص 33 .
2- 108. الخصال : ج 2 ص 534 باب شارب الخمر لا تقبل صلاته أربعين يوماً ح 1 .
3- 109. الخصال : ج 2 ص 537 باب من قدّم أربعين رجلاً من اخوانه في دعائه ح 3 .

أجزت شهاداتكم وغفرت له ما علمت ممّا لا تعلمون)(1).

4 - وقال صلى الله عليه وآله : (من كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر فلا يترك حلق عانته فوق الأربعين فإن لم يجد فليستقرض بعد الأربعين ولا يؤخّر)(2).

5 - وقال صلى الله عليه وآله : (ختّنوا أولادكم يوم السابع فإنّه أطهر وأطيب وأسرع لنبات اللحم فإنّ الأرض تنجس من بول الأغلف أربعين صباحاً)(3).

6 - عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : (من اتّخذ جارية ولم يأتها في كل أربعين يوماً كان وزر ذلك عليه)(4).

7 - قال عليه السلام : (من اتّخذ جارية فلم يأتها في كل أربعين يوماً ثمّ أتت محرّماً كان وزر ذلك عليه)(5).

8 - عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال في كتاب علي عليه السلام : (ديّة كلب الصيد أربعون درهماً)(6).

9 - وعن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : (ديّة كلب الصيد السلوقي أربعون درهماً ممّا أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وآله به لبني خزيمة)(7).

10 - عن أبي جعفر عليه السلام قال : (أملى اللَّه عزّوجلّ لفرعون ما بين الكلمتين قوله : «أَنَا رَبُّكُمْ الْأَعْلَى»(8) وقوله : «مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي»(9) أربعين سنة ثمّ أخذه اللَّه

ص: 56


1- 110. من لا يحضره الفقيه : ج 1 ص 165 باب الصلاة على الميّت ح 472 .
2- 111. وسائل الشيعة : ج 2 ص 72 باب استحباب الاطلاء في كل خمسة عشر يوماً ح 1517 .
3- 112. الخصال : ج 2 ص 538 باب الأرض تنجّس من بول الأغلف أربعين صباحاً ح 6 .
4- 113. وسائل الشيعة : ج 21 ص 179 باب أنّه يكره أن يتّخذ من الاماء ما لا ينكح ح 26839 .
5- 114. الخصال : ج 2 ص 539 باب فيمن اتّخذ جارية فلم يأتها كلّ أربعين يوم ح 7 .
6- 115. وسائل الشيعة : ج 29 ص 227 باب ما له ديّة من الكلاب وقدر الديّة ح 35514 .
7- 116. الخصال : ج 2 ص 539 باب ديّة كلب الصيد أربعون درهماً ح 10 .
8- 117. سورة النازعات : الآية 24 .
9- 118. سورة القصص : الآية 38 .

نكال الآخرة والأُولى وكان بين أن قال اللَّه عزّوجلّ لموسى وهارون عليهما السلام : «قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا»(1) وبين أن عرّفه اللَّه تعالى الإجابة أربعين سنة ثمّ قال : قال جبرئيل عليه السلام : نازلت ربّي في فرعون منازلة شديدة فقلت ياربِّ تدعه وقد قال : أنا ربّكم الأعلى فقال : إنّما يقول مثل هذا عبد مثلك)(2).

11 - عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : (ما من مؤمن يقترف في يوم وليلة أربعين كبيرة فيقول وهو نادم (أستغفر اللَّه الذي لا إله إلّا هو الحي القيّوم بديع السماوات والأرض ذا الجلال والإكرام وأسأله أن يتوب عليّ) إلّا غفرها اللَّه له ثمّ قال : ولا خير فيمن يقارف كل يوم وليلة أربعين كبيرة)(3).

12 - قال الرضا عليه السلام عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : (لمّا أُسري بي إلى السماء رأيت رحماً متعلّقة بالعرش تشكو رحماً إلى ربّها فقلت لها كم بينك وبينها من أب فقالت نلتقي في أربعين أباً)(4).

13 - عن علي بن الحسين عليهما السلام قال : (إذا قام قائمنا أذهب اللَّه عزّوجلّ عن شيعتنا العاهة وجعل قلوبهم كزبر الحديد وجعل قوّة الرجل منهم قوّة أربعين رجلاً ويكونون حكّام الأرض وسنامها)(5).

14 - عن أبي عبداللَّه عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : (حريم

ص: 57


1- 119. سورة يونس : الآية 89 .
2- 120. الخصال : ج 2 ص 539 ح 11 .
3- 121. وسائل الشيعة : ج 16 ص 67 باب وجوب الاستغفار من الذنب ح 20999 .
4- 122. الخصال : ج 2 ص 540 باب الرحم تلتقي في أربعين أباً ح 13 .
5- 123. الخصال : ج 2 ص 541 باب إذا قام القائم عليه السلام جعل اللَّه عزّوجلّ قوّة الرجل من الشيعة قوّة أربعين رجلاً ح 14 .

المسجد أربعون ذراعاً والجوار أربعون داراً من أربعة جوانبها)(1).

15 - عن الرسول صلى الله عليه وآله قال : (من عمّر أربعين سنة سلم من الأنواع الثلاثة من الجنون والجذام والبرص ومن عمّر خمسين سنة رزقه اللَّه الإنابة إليه ومن عمّر ستين سنة هوّن اللَّه حسابه يوم القيامة ومن عمّر سبعين سنة كتبت حسناته ولم تكتب سيّئاته ومن عمّر ثمانين سنة غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر ومشى على الأرض مغفوراً له وشفع في أهل بيته)(2).

16 - عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : (إنّ اللَّه عزّوجلّ ليكرم ابن الأربعين ويستحي من ابن الثمانين)(3).

17 - وقال أبو عبداللَّه عليه السلام : (إذا بلغ العبد ثلاثاً وثلاثين سنة فقد بلغ أشدّه وإذا بلغ أربعين سنة فقد بلغ منتهاه فإذا طعن في واحد وأربعين فهو في النقصان وينبغي لصاحب الخمسين أن يكون كمن كان في النزع)(4).

18 - عن أبي بصير قال : قال أبو عبداللَّه عليه السلام : (إنّ العبد لفي فسحة من أمره ما بينه وبين أربعين سنة فإذا بلغ أربعين سنة أوحى اللَّه عزّوجلّ إلى ملائكته أنّي قد عمّرت عبدي عمراً وقد طال فغلّظا وشدّدا وتحفّظا واكتبا عليه قليل عمله وكثيره وصغيره وكبيره)(5).

19 - وقال أبو جعفر عليه السلام : (إذا أتت على العبد أربعون سنة قيل له : خذ حذرك فإنّك غير معذور وليس ابن الأربعين سنة أحقّ بالعذر من ابن عشرين سنة فإنّ الذي يطلبهما واحد وليس عنهما براقد ، فاعمل لما أمامك من الهول ودع عنك فضول

ص: 58


1- 124. الخصال : ج 2 ص 544 باب حريم المسجد أربعون ذراعاً والجوار أربعون داراً من أربعة جوانبها ح 20 .
2- 125. الخصال : ج 2 ص 544 فيمن عمّر أربعين سنة فما فوقها ح 21 .
3- 126. الخصال : ج 2 ص 545 فيمن عمّر أربعين سنة فما فوقها ح 22 .
4- 127. وسائل الشيعة : ج 16 ص 102 باب وجوب التحفّظ عند زيادة العمر ح 21093 .
5- 128. الخصال : ج 2 ص 545 فيمن عمّر أربعين سنة فما فوقها ح 24 .

القول)(1).

20 - عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : (إذا بلغ المرء أربعين سنة آمنه اللَّه عزّوجلّ من الأدواء الثلاثة : الجنون والجذام والبرص ، فإذا بلغ الخمسين خفّف اللَّه حسابه ، فإذا بلغ الستّين رزقه الإنابة إليه فإذا بلغ السبعين أحبّه أهل السماء فإذا بلغ الثمانين أمر اللَّه بإثبات حسناته والقاء سيّئاته فإذا بلغ التسعين غفر اللَّه له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر وكتب أسير اللَّه في أرضه)(2).

21 - عن موسى بن جعفر عليهما السلام قال : (من حجّ أربعين حجّة قيل له اشفع فيمن أحببت ويفتح له باب من أبواب الجنّة يدخل منه هو ومن يشفع له)(3).

22 - قال صلى الله عليه وآله : (من أخلص للَّه أربعين يوماً فجّر اللَّه ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه)(4).

23 - وقال الصادق عليه السلام : (ما من رهط أربعين رجلاً اجتمعوا فدعوا اللَّه عزّوجلّ في أمر إلّا استجاب اللَّه لهم فإن لم يكونوا أربعين فأربعة يدعون اللَّه عزّوجلّ عشر مرّات إلّا استجاب اللَّه لهم فإن لم يكونوا أربعة فواحد يدعو اللَّه أربعين مرّة فيستجيب اللَّه العزيز الجبّار له)(5).

24 - عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : (اللحم ينبت اللحم ومن ترك اللحم أربعين يوماً ساء خلقه ومن ساء خلقه فأذّنوا في أُذنه)(6).

25 - عن علي عليه السلام قال : (كلوا اللحم فإنّ اللحم من اللحم واللحم ينبت اللحم ومن

ص: 59


1- 129. المصدر السابق .
2- 130. الخصال : ج 2 ص 546 باب فيمن عمّر أربعين سنة فما فوقها ح 25 .
3- 131. الخصال : ج 2 ص 548 باب ثواب من حجّ أربعين حجّة ح 29 .
4- 132. بحار الأنوار : ج 67 ص 249 باب 54. الاخلاص ومعنى قربة اللَّه تعالى ح 25 .
5- 133. الكافي : ج 2 ص 487 باب الاجتماع في الدعاء ح 1 .
6- 134. الكافي : ج 6 ص 309 باب من لم يأكل اللحم أربعين يوماً ح 1 .

لم يأكل اللحم أربعين يوماً ساء خُلقه ، وإذا ساء خُلق أحدكم من إنسان أو دابّة فأذّنوا في أُذنه الأذان كلّه)(1).

26 - قال صلى الله عليه وآله : (من شرب الخمر لم تقبل منه صلاة أربعين ليلة ، فإن عاد فأربعين ليلة من يوم شربها ، فإن مات في تلك الأربعين ليلة من غير توبة سقاه اللَّه يوم القيامة من طينة خبال)(2).

الأربعون في التاريخ :

في التأريخ الإسلامي حدثان بارزان روعي فيهما عدد الأربعين ولا يمكن اعتبار حدوثهما من قبيل الصّدف والاتّفاق .

الأوّل : بعثة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله عند بلوغه من العمر أربعين عاماً أي عام / 609 للميلاد وفي ذلك قيل :

وأتت عليه أربعون فأشرقت

شمس النبوّة منه في رمضان

وحيث كان سنّ الأربعين يعتبر السنّ التي يبلغ فيها الإنسان ذروة الكمال والعقل فكانت البعثة النبوية الشريفة في العمر الذي تقتضيه الطبيعة البشرية لذلك لا نجد اتّهاماً لمقام النبوّة بالصباوة والحداثة في العمر بالرغم من اتّهامه بغيرها .

الثاني : زيارة الأربعين اثر رجوع آل البيت عليهم السلام من دمشق إلى كربلاء في (20 / صفر / 61ه) أي بعد أربعين يوماً من مقتل سيّد الشهداء أبي عبداللَّه الحسين عليه السلام وأصحابه ، في حادثة كربلاء الرهيبة في العاشر من محرّم نفس العام وهذه الزيارة أيضاً لم تكن اعتباطاً بل كانت مقصودة باعتبار أنّ يوم الأربعين هو نهاية أيّام الحداد والعزاء وبه ينتهي المصاب ومراسم الحداد كما هو المعتاد المعروف بين الناس وذلك أنّ آل

ص: 60


1- 135. وسائل الشيعة : ج 25 ص 42 الباب 12 من أبواب كراهة ترك أكل اللحم أربعين يوماً ح 31113 .
2- 136. وسائل الشيعة : ج 25 ص 280 باب أقسام الخمر المحرّمة ح 31911 .

البيت عليهم السلام لم يكونوا الوحيدين في هذه الزيارة بل زاره في نفس اليوم جماعة من بني هاشم وكذلك جابر بن عبداللَّه الأنصاري الصحابي الجليل .

وقد جاء في الروايات من مستحبّات الدفن للميّت رشّ القبر بالماء مستقبلاً من عند الرأس دوراً ثمّ على وسطه وتكرار الرشّ أربعين شهراً أو أربعين يوماً كل يوم مرّة ، فعن محمّد بن الوليد (إنّ صاحب المقبرة سأله عن قبر يونس بن يعقوب وقال : مَن صاحب هذا القبر ؟ فإنّ أبا الحسن علي ابن موسى الرضا عليهما السلام أوصاني به وأمرني أن أرشّ قبره أربعين شهراً أو أربعين يوماً في كل يوم مرّة)(1).

وجاء في بحار الأنوار : إنّ الوحي احتبس عن النبي موسى عليه السلام أربعين صباحاً فعن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : (إنّ موسى عليه السلام احتبس عنه الوحي أربعين أو ثلاثين صباحاً قال : فصعد على جبل بالشام يقال له أريحا فقال : ياربّ إن كنت حبست عنّي وحيك وكلامك لذنوب بني اسرائيل فغفرانك القديم قال : فأوحى اللَّه عزّوجلّ إليه ياموسى بن عمران أتدري لما اصطفيتك لوحيي وكلامي دون خلقي ؟ فقال : لا علم لي ياربّ فقال : ياموسى إنّي اطّلعت إلى خلقي اطلاعة فلم أجد في خلقي أشدّ تواضعاً لي منك فمن ثمّ خصصتك بوحيي وكلامي من بين خلقي ، قال : وكان موسى عليه السلام إذا صلّى لم ينفتل حتّى يلصق خدّه الأيمن بالأرض والأيسر)(2).

وفي بحار الأنوار عن نبي اللَّه داود عليه السلام أنّ مدّة ملكه كانت أربعين سنة حيث قال : (وكان عمر داود عليه السلام لمّا توفّي مائة ، صحّ ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وكانت مدّة ملكه أربعين سنة)(3) كما أنّ المستفاد من بعض الأخبار أنّ الوحي قد احتبس عن نبيّنا الأعظم صلى الله عليه وآله

ص: 61


1- 137. وسائل الشيعة : ج 3 ص 197 الباب 32 استحباب رشّ القبر بالماء ح 3393 .
2- 138. بحار الأنوار : ج 13 ص 8 ح 9 باب فضائل موسى وهارون عليهما السلام ح 9 .
3- 139. بحار الأنوار : ج 14 ص 15 باب قصص داود عليه السلام .

أربعين يوماً ثمّ نزل عليه ثانية كما جاء في البحار(1).

ومن مجموع ما تقدّم يستفاد الأهمية الكامنة في هذا الرقم ولا يبعد أن يكون للأشياء بعض الخصوصيات التكوينية التي لا تظهر إلّا ببلوغ الأربعين وهذا يكشف عن دور الأربعين في تحقيق الأغراض وإيصال الأشياء إلى كمالاتها إن كنّا لا نعرف حقيقة هذا الدور ولا نتوصّل إلى جوهره ولكنهه لقصور فينا أو لقصور في العلم .

الكتاب الذي بين يديك

الكتاب الذي بين يديك عزيزي القارئ يتضمّن ما يلي :

1 - تناول الكتاب أربعين حديثاً عن كلّ واحد من المعصومين الأربعة عشر عليهم السلام فهو يمثّل مجموعة حديثية متنوّعة وشاملة - في الجملة - مكوّنة من (560) حديثاً .

2 - إنّ هذا الكتاب يختلف عن بقيّة الكتب المؤلّفة في (الأربعون حديثاً) من حيث الشمولية والتنوّع في الروايات والمواضيع المختارة حيث حاولنا التحدّث عن أكبر عدد ممكن من الأبحاث المتنوّعة التي تهمّ حياة الإنسان في دنياه وأُخراه .

3 - إنّ معظم هذه الأحاديث قد تناولتها بالشرح والتحليل في المنابر التي كنت أرتقيها لذكر أهل البيت عليهم الصلاة والسلام فيما مضى من الأعوام .

4 - وقبل أن يتناول الكتاب ذكر الأربعين حديثاً كانت جولة سريعة مع تاريخ نشأة الحديث وأهميّة حفظه وكيف أنّ الأجيال السابقة حفظوا لنا تراث الأحاديث من الضياع .

الهدف من التأليف

كان مظهر الحياة الفكرية عند العرب قبل الإسلام اللغة والشعر والأمثال والقصص ومعرفة الأنساب ، أمّا بعد الإسلام فقد اتّجهت إلى كل ما تعرّض له الإسلام وأصبح مظهر

ص: 62


1- 140. بحار الأنوار : ج 16 ص 136 باب كونه صلى الله عليه وآله يتيماً وضالاً وعائلاً .

الحياة الفكرية عند المسلمين دينيّاً . ولم يتعرّض الإسلام للعقائد والأخلاق والعبادات فحسب بل تعرّض أيضاً للتشريع والقضاء وتنظيم الدولة وعلاقة الناس بعضهم ببعض .

وكان من نتيجة بناء الإسلام للحياة الدنيويّة أن آمن المسلمون بمبدأ عام وهو أنّ الدين مصدر التشريع وحدا بهم هذا الإيمان إلى أن يتّخذوا من الدين أساساً لحياتهم الفكرية بشتّى فروعها وشعبها وبحثوا عن إرادة اللَّه سبحانه وقصد الرسول صلى الله عليه وآله في كلّ مسألة تعرض لهم في الحياة سواء أكانت دينية أم دنيوية ، لأنّ الدين إذا كان مصدر الهداية فيجب أن يكون مصدر المعرفة أيضاً .

والسنّة النبوية الشريفة المتمثّلة بالنبي الكريم صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم آلاف التحيّة والسلام هم مصدر المعرفة ومنبع العلوم وخير مثال لذلك علم الإمام علي عليه السلام وحفيده الإمام الصادق عليه السلام الذي إذا ذكر عليه السلام فقد ذكرت العلوم الإسلامية بشتّى أقسامها وفروعها ، فقد ذاع علومهما عليهم السلام وانتشر وظهر أثره في المؤلّفات والمدارس الإسلامية ، وليس غرضنا الآن أن نترجم لكل إمام من أئمّة أهل البيت عليهم السلام ونبيّن منزلته من العلوم لأنّ كل إمام كان يأخذ العلم عن أبيه إلى أن تنتهي السلسلة إلى الرسول صلى الله عليه وآله ، فقد كان الإمام علي عليه السلام عالماً بأُمور الدين والدنيا التي تعرّض لها القرآن والسنّة ولم يخف عليه شي ء يمتّ إلى الإسلام بسبب قريب أو بعيد وعلمه هذا نتيجة لطول صحبته مع الرسول صلى الله عليه وآله من جانب ولكونه الوصي من بعده من جانب آخر كما دلّت عليه الحجج القاطعة . فكان عليه السلام مرجعاً في جميع العلوم الإسلامية وقدوة لكل مذهب من مذاهب المسلمين ، فلم يكن للمسلمين علوم مدوّنة في عهده ، ولمّا صارت لهم علوم منظّمة لها أبواب وفصول ووضعوا الكتب في الفقه والأُصول والحديث وعلم الكلام وغيره استعان بنور علمه وحكمته كل عالم ومؤلّف واحتجّ بقوله وبلاغته كل أديب وكاتب .

فالإمام علي عليه السلام عنده علم الكتاب ، وعلم الحديث ، وعلم الفقه ، وعلم الكلام ، وعلم النحو ، أمّا علمه عليه السلام بالقرآن فقد ثبت عنه عليه السلام أنّه قال : (لو كسرت لي الوسادة لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم وبين أهل الفرقان بفرقانهم

ص: 63

وما من آية في كتاب اللَّه أُنزلت في سهل أو جبل إلّا وأنا أعلم متى نزلت وفيمن نزلت)(1).

وقال عليه السلام : (علّمني رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ألف باب من العلم يفتح لي من كل باب الف باب)(2). وقال عليه السلام : (لو ثنيت لي الوسادة لذكرت في تفسير بسم اللَّه الرحمن الرحيم حمل بعير)(3). وقال سعيد بن المسيّب : (ما كان أحد من الناس يقول : سلوني غير علي بن أبي طالب)(4).

أمّا علمه عليه السلام بالحديث فقد قيل له [ ما بالك أكثر الأصحاب حديثاً فقال عليه السلام : (إذا سألته أنبأني ، وإذا سكت عنه ابتدأني) (5)].

فالرسول صلى الله عليه وآله أملى حديثه على الإمام علي عليه السلام وعلي ورّث هذا المكتوب وتناقله الأئمّة عليهم السلام بعده كابراً عن كابر ، وفي الحقيقة أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قد خطّط لحفظ حديثه ولم يتركه لإباحة غير مضبوطة وغير مدروسة أي أنّ الرسول صلى الله عليه وآله عيّن كاتباً للوحي الذي لا يتلى كما عيّن كتاباً للوحي الذي يتلى ، فالنبي صلى الله عليه وآله أمّن على كتابة حديثه وتدوينه كما أمّن على كتابة القرآن وتدوينه . أي أنّ النبي صلى الله عليه وآله أملى حديثه وتدوينه على شخص ما يطمئن إلى إيمانه ويقينه وحرصه على الشريعة ومستقبلها ذلك الشخص هو أمير المؤمنين عليه السلام . ولذلك فالإمام علي عليه السلام يعتبر أوّل من دوّن الحديث في مدرسة أهل البيت عليهم السلام بأمر من رسول اللَّه صلى الله عليه وآله حيث كتب الصحيفة التي علّقت بقراب سيف رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ثمّ ورثها منه علي عليه السلام فاشتهرت باسم صحيفة علي بن أبي طالب عليه السلام ، وقد روى عنها الشيعة والسنّة أحاديث وهذه الصحيفة صغيرة فيها العقل ومقادير الديّات وأحكام

ص: 64


1- 141. أعيان الشيعة : ج 3 ص 106 ق 1 ، وشرح نهج البلاغة : ج 6 ص 136 .
2- 142. فرائد السمطين : ج 1 ص 101 .
3- 143. تذكرة الخواص : ص 3 .
4- 144. أُسد الغابة : ج 4 ص 22 ، الأئمّة الاثنا عشر ، لابن طولون : ص 51 ، وبناء المقالة الفاطمية : ص 202 .
5- 145. بحار الأنوار : ج 40 ص 160 باب 93. علمه عليه السلام وأنّ النبي صلى الله عليه وآله علّمه الف باب .

فكاك الأسير وغير ذلك وقد أخرج عنها من العامّة البخاري في صحيحه في كتاب الديّات وباب الديّة على العاقلة وابن ماجه في سننه(1) وأحمد في مسنده(2).

وكتب أمير المؤمنين عليه السلام أيضاً صحيفة كبيرة تسمّى عند أهل البيت عليهم السلام ب (الجامعة) ، ففي الكافي عن أبي بصير قال : دخلت على أبي عبداللَّه عليه السلام فقلت له : جعلت فداك إنّي أسألك عن مسألة فهل هاهنا أحد يسمع كلامي ؟ قال : فرفع أبو عبداللَّه عليه السلام ستراً بينه وبين بيت آخر فاطّلع فيه ثمّ قال : ياأبا محمّد سل عمّا بدا لك قال : قلت جعلت فداك إنّ شيعتك يتحدّثون أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله علّم علياً عليه السلام باباً يفتح منه الف باب إلى قوله : فقال ياأبا محمّد : إنّ عندنا الجامعة وما يدريهم ما الجامعة قال : قلت جعلت فداك وما الجامعة ؟ قال عليه السلام : (صحيفة طولها سبعون ذراعاً بذراع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله واملائه من فلق فيه وخط علي بيمينه فيها كل حلال وحرام وكل شي ء يحتاج إليه الناس حتّى الإرش في الخدش وضرب بيده إليّ فقال : تأذن لي ياأبا محمّد ! قال : قلت جعلت فداك : إنّما أنا لك فاصنع ما شئت قال : فغمزني بيده وقال حتّى أرش هذا كأنّه مغضب قال : قلت هذا واللَّه العلم)(3).

ثمّ أنّ الأئمّة عليهم السلام توارثوا هذا العلم ، فعن جابر بن عبداللَّه رضى الله عنه قال : قال أبو جعفر عليه السلام : (ياجابر واللَّه لو كنّا نحدّث الناس أو حدّثناهم برأينا لكنّا من الهالكين ولكنّا نحدّثهم بآثار عندنا من رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يتوارثها كابر عن كابر ، نكنزها كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضّتهم)(4). ومن هنا يتّضح لنا أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله كان أوّل ناشر للكتابة في الإسلام في مدينته المنوّرة وبين أصحابه المسلمين كما ذكرنا ذلك بالأدلّة التي مرّت ، كما أنّه صلى الله عليه وآله له

ص: 65


1- 146. سنن ابن ماجه : ج 2 ص 887 ح 2658 .
2- 147. مسند أحمد : ج 1 ص 79 .
3- 148. الكافي : ج 1 ص 239 كتاب الحجّة ، باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام ح 1 .
4- 149. بصائر الدرجات : ص 300 باب أنّ الأئمّة عليهم السلام عندهم أُصول العلم ح 6 .

الفضل في تدوين القرآن حيث حثّ المسلمين على تعلّم الكتابة وكتابة القرآن وحفظه وكما ذكرنا أنّ هناك رجالاً من بين صحابته صلى الله عليه وآله مختصّين لكتابة الوحي . ولمّا وقعت غزوة بدر وأسر المسلمون فيها عدداً من المشركين كان فيهم من يعرف الكتابة فجعل رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فكاك أسرهم لقاء تعليمهم عشرة من صبيان المسلمين القراءة والكتابة . إنّ هذه الأدلّة وغيرها تثبت لنا نفي الحديث القائل بالنهي عن تدوين الحديث في أيّام حياته صلى الله عليه وآله حتّى وإن صحّ هذا النهي يمكن حمله على أوائل البعثة النبوية خوفاً من التباس القرآن بغيره لكن يبقى املاء الحديث على أمير المؤمنين عليه السلام ثابتاً وبشكل خاص لأنّه عليه السلام الوصي من بعده وهو الأعلم بكتاب اللَّه عزّوجلّ بعد النبي صلى الله عليه وآله .

وقد مارس أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وشيعته تدوين الحديث كأبي ذرّ وسلمان الفارسي وغيرهم حتّى جاء عصر الإمام الصادق عليه السلام حيث ألقت إليه الأُمّة المسلمة بأفذاذ أكبادها ليرتووا من معين علمه وبلغ عدد طلّاب مدرسته أكثر من أربعة آلاف شخص جمع أسماءهم ابن عقدة في كتاب مستقل(1) وكتبوا من حديث جدّه رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أربعمائة كتاب عرفت عند الشيعة بالأُصول(2) وقد تضمّنتها الموسوعات الحديثة المؤلّفة بعد هذه الفترة وبقية جملة منها إلى هذا الزمان .

وقد بلغ ما دوّنته الشيعة من الحديث الشريف منذ عهد أمير المؤمنين عليه السلام إلى عهد الحسن العسكري عليه السلام(3) ستّة آلاف كتاب وفي عصر الغيبة بدأ علماء الشيعة المدوّنات الحديثة السابقة من الكتب الستّة آلاف والأُصول الأربعمائة فظهرت الكتب الجامعة والتي سمّيت بأسماء مختلفة (لكنّي أُشير هنا أنّ مدرسة أهل البيت عليهم السلام لا تلتزم بالصحّة المطلقة لأي كتاب ما عدا كتاب اللَّه عزّوجلّ فهذه الكتب معرّضة للنقد والتمحيص في

ص: 66


1- 150. الذريعة : ج 2 ص 133 .
2- 151. الإرشاد للمفيد : ص 271 .
3- 152. الوسائل : ج 1 ص 64 تفصيل وسائل الشيعة .

السند والمتن وهذا بخلاف العامّة الذين ألّفوا الصحاح وأضفوا عليها قداسة خاصّة) .

وقد جمع علماء الشيعة الأحاديث الشريفة في الكتب التي سمّيت بالكتب الأربعة(1) والتي أصبحت منذ تأليفها وإلى اليوم مدار البحث في الحلقات التدريسية في الحوزات العلمية وعليها المعوّل في الفتيا والاستنباط .

ونحن هنا في هذا الكتاب كان هدفنا الأوّل هو التأكيد على إحياء سنّة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وإظهاراً لفضله صلى الله عليه وآله وفضل الأئمّة الكرام عليهم آلاف التحيّة والثناء في حفظ وصون الشريعة الإسلامية السمحاء ، ونشراً لعلومهم عليهم السلام التي ملأت الآفاق ، وإحياءً لأمرهم عليهم السلام ممّا حدى بي الأمر أن أقتطف ثمرة من ثمارهم عليهم السلام فممّا قاله صلى الله عليه وآله (من حفظ عنّي من أُمّتي أربعين حديثاً في أمر دينه يريد به وجه اللَّه عزّوجلّ والدار الآخرة بعثه اللَّه يوم القيامة فقيهاً عالماً)(2). وقال أبو عبداللَّه عليه السلام : (من حفظ من أحاديثنا أربعين حديثاً بعثه اللَّه يوم القيامة عالماً فقيهاً)(3). فشمّرت عن ساعدي لأغترف من بحار علومهم عليهم السلام وما وسعته أفكارهم عليهم السلام من تلك الأنوار والأسرار الإلهية وما حديث الأربعين وما تبعه من حوادث وآثار وروايات تشير إلى هذا الرقم بالذات إلّا سرّاً من أسرارهم عليهم السلام لا تدركه العقول فهم أهل بيت النبوّة ومعدن العلم ومستقاه .

وفي الختام فإنّي آمل وأرجو منهم عليهم السلام أن يقبلوا منّي هذا الجهد المتواضع ويعدّونه من ذخائري ليوم لقائي ، بحقّهم عند اللَّه سبحانه هذا .

وآخر دعوانا أن الحمد للَّه ربّ العالمين وصلّى اللَّه على سيّدنا محمّد وعلى أهل بيته الطيّبين الطاهرين .

المؤلّف

ص: 67


1- 153. وهي الكافي ، من لا يحضره الفقيه ، التهذيب ، والاستبصار .
2- 154. بحار الأنوار ج 2 ص 154 باب من حفظ أربعين حديثاً ح 5 .
3- 155. بحار الأنوار : ج 2 ص 153 باب من حفظ أربعين حديثاً ح 2 .

مصادر المقدّمة

1 - القرآن الكريم .

2 - تفسير الميزان للعلّامة الطباطبائي رحمه الله ج 8 ، 11 ، 18 ، 7 ط3 - 1293ه مؤسسة الأعلمي بيروت .

3 - تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان للمرجع الإمام السيّد محمّد الحسيني الشيرازي رحمه الله ج 8 ، 9 .

4 - بحار الأنوار للمجلسي رحمه الله ج 2 ط2 - 1403ه مؤسسة الوفاء بيروت .

5 - الخصال للصدوق ، منشورات جماعة المدرّسين قم - 1403ه .

6 - أُصول الكافي ج 1 ط4 - 1401ه دار التعارف بيروت .

7 - الذريعة آقا بزرگ الطهراني ط2 - 1383ه دار الكتب العلمية قم .

8 - تفسير البرهان ج 2 السيّد هاشم البحراني ط3 - 1403ه مؤسسة الوفاء بيروت .

9 - لسان العرب ط عام 1405ه نشر أدب الحوزة - قم .

10 - من هدى القرآن للعلّامة محمّد تقي المدرّسي ط1 - 1405 دار الهدى .

11 - أسباب ورود الحديث للسيوطي ط1 - 1404ه بيروت .

12 - منهج النقد في علوم الحديث للدكتور نور الدين عتر ط3 - 1401ه دمشق .

13 - مشكلات الأحاديث النبوية وبيانها عبداللَّه القصيمي ط1405ه بيروت .

14 - مشكلة تدوين الحديث في عصر النبي صلى الله عليه وآله غالب الشانبدر ط1 - 1414ه بيروت .

15 - علوم الحديث ومصطلحه الدكتور صبحي الصالح ط6 - 1391ه بيروت .

16 - علوم الحديث لابن الصلاح للشهرزوري ط3 - 1404ه دمشق .

17 - وصول الأخيار إلى أُصول الأخبار للشيخ حسين عبدالصمد العاملي ط1041ه قم .

18 - في الحديث النبوي بحوث ونصوص الدكتور أحمد يوسف سليمان ط1402ه بيروت .

19 - شرح الأربعين النبوية محمّد حسين الجلالي ط3 - 1407ه بيروت .

20 - مفتاح السنّة أو تاريخ فنون الحديث محمّد عبدالعزيز الخوئي ط4 - 1403ه بيروت .

21 - الإعجاز العددي للقرآن الكريم عبدالرزّاق نوفل ط5 - 1407ه بيروت .

22 - تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام للسيّد حسن الصدر ط شركة النشر والطباعة العراقية .

23 - الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث لابن كثير تأليف أحمد محمّد شاكر ط1 - 1403ه بيروت .

24 - وسائل الشيعة للحرّ العاملي ج 1 ، 2 ط1 - 1413ه بيروت .

25 - مرآة العقول للمجلسي ط1 - 1366ه دار الكتب الإسلامية طهران .

ص: 68

محمد بن عبد اللّه

اشارة

ص: 69

ص: 70

نسبه :

محمّد بن عبداللَّه ، بن عبدالمطّلب (شيبة الحمد) ، بن هاشم ، بن عبد مناف ، بن قصي ، بن كلاب بن مرّة ، بن كعب ، بن لؤي ، بن غالب ، بن فهر ، بن مالك ، بن النضر ، بن كنانة ، بن خزيمة ، بن مدركة بن مضر ، بن نزار بن معد ، بن عدنان ... إلى آدم عليه السلام(1).

ولادته صلى الله عليه وآله :

ولد صلى الله عليه وآله يوم الجمعة عند بزوغ الفجر في يوم السابع عشر من ربيع الأوّل عام 570م المسمّى بعام الفيل ، في زمن كسرى أنوشروان ملك الفرس وكانت ولادته صلى الله عليه وآله في مكّة المكرّمة ، وأُمّه آمنة بنت وهب بن عبد مناف ، أرضعته حليمة السعدية في منازل قومها في البادية ، توفّي أبوه وأُمّه حامل به ، فلم يره صلى الله عليه وآله وقد تكفّل بتربيته وتنشئته جدّه عبدالمطّلب (شيبة الحمد) إلى حين وفاته حيث كفله عمّه أبو طالب (عبد مناف) .

كناه صلى الله عليه وآله :

كان صلى الله عليه وآله يكنّى بعدّة كنى وهي : أبو القاسم ، أبو الطاهر ، أبو الطيّب ، أو المساكين ، أبو الدرّتين ، أبو الريحانتين ، أبو السبطين ، أبو الأرامل ، وكنّاه جبرئيل عليه السلام بأبي إبراهيم لمّا ولد إبراهيم .

ألقابه صلى الله عليه وآله :

أمّا ألقابه صلى الله عليه وآله فهي كثيرة منها : حبيب اللَّه ، صفي اللَّه ، عبداللَّه ، خيرة اللَّه ، سيّد المرسلين ، خاتم النبيّين ، رسول الحمّادين ، رحمة العالمين ، خير البريّة ، نبي الرحمة ، مفتاح الجنّة ، خليفة اللَّه في الأرض ، أفصح العرب ، سيّد ولد آدم ، العبد المؤيّد ، الرسول المسدّد ، النبي المهذّب ، الصفي المقرّب ، الحبيب المنتجب ، شمس بين

ص: 71


1- 1. قال صلى الله عليه وآله : « إذا بلغ نسبي إلى عدنان فأمسكوا » راجع مناقب ابن شهر آشوب : ج 1 ص 155 ، وكشف الغمّة : ج 1 ص 15 .

القمرين ، شفيع من في الدارين ، صاحب الفضل والعطاء ، قائد الخلق يوم الجزاء ، سراج الأصفياء ، تاج الأولياء ، خاتم الأنبياء ، صاحب الفناء الرحيب ، صاحب الدين والإسلام ، صاحب الحجّة والبرهان ، صاحب الدين والطاعة ، صاحب الحوض والشفاعة ، صاحب الضياء والنور ، والقلب الشكور ... .

زوجاته صلى الله عليه وآله :

تزوّج صلى الله عليه وآله من خديجة بنت خويلد وبعد وفاتها تزوّج من سودة بنت زمعة ، وعائشة بنت أبي بكر ، وحفصة بنت عمر بن الخطّاب ، وزينب بنت خزيمة ابن الحارث ، وزينب بنت جحش ، وأُمّ حبيبة رملة بنت أبي سفيان ، وميمونة بنت الحارث ، وزينب بنت عميس ، وجورية بنت الحارث ، وصفيّة بنت يحيى بن أخطب ، ومارية ، وريحانة .

أولاده صلى الله عليه وآله :

تزوّج صلى الله عليه وآله من خديجة بنت خويلد أُمّ المؤمنين وأنجب منها بنتاً وهي سيّدة نساء العالمين . ولنعم ما قيل :

هنيئاً مريئاً ياخديجة قد جرت

لك الطير فيما كان منك بأسعدِ

تزوّجتِهِ خير البريّة كلّها

ومن ذا الذي في الناس مثلُ محمّدِ

وبشّرَ به البرَّان عيسى ابن مريم

وموسى بن عمران فياقربَ مَوعِدِ

أقرّت به الكُتَّاب قِدماً بأنّه

رسولٌ من البطحاء هادٍ ومهتدٍ(1)

نزول الوحي :

نزل الوحي على رسولنا الأكرم صلى الله عليه وآله عندما بلغ سنّ الأربعين حسب المصادر المتواترة ، في غار حراء في جبل ثور - النور - بمكّة المكرّمة وذلك في يوم الاثنين السابع والعشرين من شهر رجب الأصب ، فشرع صلى الله عليه وآله بتبليغ رسالة السماء ، وكان أوّل من ناصره في عقيدته من الذكور الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ومن النساء خديجة بنت خويلد رضوان اللَّه تعالى عليها .

ص: 72


1- 2. الكافي : ج 5 ص 375 ح 9 .

الهجرة :

لمّا ضاقت الدنيا في عين رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وازداد أذى قريش له ، قرّر صلى الله عليه وآله الهجرة إلى يثرب ، وكان ذلك يوم الاثنين ، وقضى صلى الله عليه وآله خلال مسيرة ثلاثة أيّام في الغار وقيل ستّة أيّام تخفّياً من ملاحقة عتاة قريش له ، وبات الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام ليلة هجرته صلى الله عليه وآله في فراشه بعد أن أجمعت القبائل آنذاك على اغتياله صلى الله عليه وآله .

غزواته صلى الله عليه وآله :

ذكر أهل السير والمفسّرون أنّ مجموع غزوات وسرايا النبي صلى الله عليه وآله أربعة وثمانون غزوية وسرية .

حجّة الوداع :

قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله في السنة العاشرة للهجرة لأداء فريضة الحجّة ، وسمّيت « حجّة الوداع » ، لأنّه صلى الله عليه وآله لم يحجّ بعدها أبداً ، كما سمّيت ب « حجّة البلاغ » ، لأنّه صلى الله عليه وآله بلّغ فيها أحكام الإسلام ، وبعد أن أتمّ صلى الله عليه وآله حجّه قفل راجعاً نحو المدينة يحيط به مائة ألف أو أكثر من المسلمين أتوا من كل حدب وصوب ، وما أن وصل صلى الله عليه وآله إلى مكان قريب من الجحفة يقال له غدير خم وقبل افتراق الناس ، نزل الوحي عليه بالآية المباركة : «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ»(1).

فنزل صلى الله عليه وآله في ذلك المكان ، وكان يوماً قائظاً شديد الحرّ ، ودعا أمير المؤمنين علياً عليه السلام فرقى معه حتّى قام عن يمينه ، ثمّ خطب في الناس خطبته المشهورة التي نصّب فيها علياً عليه السلام خليفة ووصيّاً له من بعده على الأُمّة ، وقد قال فيها بعد أن وعظ القوم ونعى نفسه : « إنّي قد دعيت ، ويوشك أن أُجيب ، وقد حان منّي خفوق من بين أظهركم ، وإنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي أبداً كتاب اللَّه وعترتي أهل بيتي » ، ثمّ قال : « ألست أولى بكم من أنفسكم ؟ » قالوا : « بلى » فقال لهم بعد أن أخذ بضبعي أمير المؤمنين عليه السلام فرفعهما حتّى بان ابطيهما : « فمن

ص: 73


1- 3. سورة المائدة : آية 67 .

كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله » .

كتّابه :

كان الإمام علي عليه السلام يكتب أكثر الوحي وغيره ، ومن كتّاب الوحي أيضاً : أُبي ابن كعب ، وزيد بن ثابت ، أمّا زيد وعبداللَّه بن الأرقم فكانا يكتبان للملوك ، علاء ابن عقبة وعبداللَّه بن الأرقم يكتبان القبالات وغيرها .

حاجبه :

أنس بن مالك .

خدّامه من الأحرار :

أنس ، وهند ، وأسماء ابنت خارجة الأسلمية ، وأبو الحمراء ، وأبو الخلف .

سيوفه :

ذوالفقار ، الرسوب ، العضب والمنخذم .

نقش خاتمه : محمّد رسول اللَّه .

وفاته :

توفّي صلى الله عليه وآله في يوم الاثنين ، الثامن والعشرون من شهر صفر المظفّر ، سنة 11ه وقد قام بتغسيله وتكفينه أمير المؤمنين علي عليه السلام والفضل بن العبّاس ، وعاونهما جبرئيل عليه السلام ودفن صلى الله عليه وآله في بيته بالمدينة المنوّرة .

ص: 74

خصال تُنزل البلاء

[ 1] - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله :

( إذا عملت أُمّتي خمس عشرة خصلةً حلّ بهم البلاء ، قيل : وما هي يارسول اللَّه ؟ قال : اتّخذوا الفي ء دولاً ، والأمانة مغنماً ، والزكاة مغرماً ، وأطاع الرجل زوجته ، وعقّ أُمّه ، وبرّ صديقه وجفا أباه ، وشرب الخمر ، ولبس الحرير والديباج ، واتّخذوا المعازف والقيان ، وأكرم الرجل مخافة شرّه ، وكان زعيم القوم أرذلهم ، ولعن آخر هذه الأُمّة أوّلها ، وارتفعت الأصوات في المساجد ، فليتوقّعوا خلالاً ثلاثاً : ريحاً حمراء ، وخسفاً ، ومسخاً )(1).

الصلاة لوقتها

[ 2 ] - عن النبي صلى الله عليه وآله قال :

( إذا صلّيت الصلاة لوقتها صعدت ولها نور شعشعاني تفتح لها أبواب السماء حتّى تنتهي إلى العرش فتشفع لصاحبها وتقول حفظك اللَّه كما حفظتني وإذا صلّيت في غير وقتها صعدت مظلمة تغلق دونها أبواب السماء ثمّ تلفّ كما يلفّ الثوب الخلق ويضرب بها وجه صاحبها فتقول ضيّعك اللَّه كما ضيّعتني )(2).

ص: 75


1- 4. مشكاة الأنوار : ص 88 الفصل الرابع ، روضة الواعظين : ج 2 ص 484 ، إرشاد القلوب : ج 1 ص 71 ب 17 ، والخصال : ج 2 ص 500 ح 1 ، بحار الأنوار : ج 6 ص 304 ب 1 ح 4 .
2- 5. إرشاد القلوب : ج 1 ص 190 ب 52 .

خير الدنيا والآخرة

[ 3] - الجعفريّات : أخبرنا عبداللَّه ، أخبرنا محمّد ، حدّثني موسى قال : حدّثنا أبي ، عن أبيه ، عن جدّه جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله :

( أربع من أُعطيهنّ فقد أُعطي خير الدنيا والآخرة : بدناً صابراً ، ولساناً ذاكراً ، وقلباً شاكراً ، وزوجةً صالحةً )(1).

في النور اللَّه الأعظم

[ 4] - حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار رضى الله عنه قال : حدّثنا سعد بن عبداللَّه ، عن أحمد ابن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن يونس بن عبدالرحمن ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبي عبداللَّه ، عن أبيه عليهما السلام قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله :

( أربع من كنّ فيه كان في نور اللَّه الأعظم : من كانت عصمة أمره شهادة أن لا إله إلّا اللَّه وأنّي رسول اللَّه ، ومن إذا أصابته مصيبة قال : إنّا للَّه وإنّا إليه راجعون ، ومن إذا أصاب خيراً قال : الحمد للَّه ربّ العالمين ، ومن إذا أصاب خطيئة قال : أستغفر اللَّه وأتوب إليه )(2).

لكي لا نجفوا اللَّه تعالى

[ 5] - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله :

ص: 76


1- 6. الجعفريات : ص 230 ، وعنه مستدرك الوسائل : ج 2 ص 414 ب 64 ح 2338 .
2- 7. الخصال : ج 1 ص 222 ح 49 ، ومن لا يحضره الفقيه : ج 1 ص 175 ح 514 ، وبحار الأنوار : ج 6 ص 21 ب 20 ح 13 .

(يقول اللَّه تعالى من أحدث ولم يتوضّأ فقد جفاني ومن أحدث وتوضّأ ولم يصلّ ركعتين ولم يدعني فقد جفاني ومن أحدث وتوضّأ وصلّى ركعتين ودعاني فلم أجبه فيما يسأل عن أمر دينه ودنياه فقد جفوته ولست بربّ جافٍ)(1).

خصلتان تورث المحبّة

[ 6 ] - حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه رضى الله عنه قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، عن محمّد ابن أحمد ، عن أبي سعيد الآدمي ، عن إبراهيم بن داود اليعقوبي ، عن أخيه سليمان ابن داود باسناده رفعه قال : قال رجل للنبي صلى الله عليه وآله : يارسول اللَّه علّمني شيئاً إذا أنا فعلته أحبّني اللَّه من السماء وأحبّني الناس من الأرض ، فقال له :

(ارغب فيما عند اللَّه عزّوجلّ يحبّك اللَّه ، وازهد فيما عند الناس يحبّك الناس)(2).

طلب الحوائج من الرحماء

[ 7] - قال النبي صلى الله عليه وآله :

(اطلبوا الحوائج إلى ذي الرحمة من أُمّتي ترزقوا وتنجحوا فإنّ اللَّه عزّوجلّ يقول : رحمتي في ذي الرحمة من عبادي ولا تطلبوا الحوائج عند القاسية قلوبهم ، فلا ترزقوا ولا تنجحوا ، فإنّ اللَّه تعالى يقول : إنّ سخطي فيهم)(3).

ص: 77


1- 8. إرشاد القلوب : ج 1 ص 60 ب 13 ، وبحار الأنوار : ج 77 ص 308 ب 4 ح 18 .
2- 9. الخصال : ج 1 ص 61 ح 84 ، وبحار الأنوار : ج 67 ص 312 ب 58 ح 12 .
3- 10. إرشاد القلوب : ج 1 ص 184 - 185 ب 51 ، مجموعة ورّام : ج 1 ص 9 .

منازل المحبّين إلى اللَّه

[ 8] - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله :

(ألا أُحدّثكم عن أقوامٍ ليسوا بأنبياء ولا شهداء ، يغبطهم يوم القيامة الأنبياء والشهداء بمنازلهم من اللَّه ، على منابر من نور ؟

قيل من هم يارسول اللَّه ؟

قال : هم الذين يحبّبون عباد اللَّه إلى اللَّه ويحبّبون اللَّه إلى عباده . قلنا : هذا حبّبوا اللَّه إلى عباده ، فكيف يحبّبون عباد اللَّه .

إلى اللَّه قال :

يأمرونهم بما يحبّ اللَّه وينهونهم عمّا يكره اللَّه ، فإذا أطاعوهم أحبّهم اللَّه)(1).

أشدّ الناس

[ 9 ] - حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار قال : حدّثنا العبّاس بن معروف قال : حدّثنا محمّد بن يحيى الخزاز عن غياث بن إبراهيم عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عليهم السلام قال : مرّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بقوم يرفعون حجراً فقال : ما هذا ؟ قالوا : نعرف بذلك أشدّنا وأقوانا ، فقال صلى الله عليه وآله :

(ألا أُخبركم بأشدّكم وأقواكم ؟

قالوا : بلى يارسول اللَّه .

قال : أشدّكم وأقواكم الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في إثم ولا باطل ، وإذا

ص: 78


1- 11. روضة الواعظين : ج 1 ص 12 ، مشكاة الأنوار : ص 136 ح 26 ، بحار الأنوار : ج 2 ص 24 ب 8 ح 73 .

سخط لم يخرجه سخطه من قول الحقّ، وإذا قدر لم يتعاط ما ليس له بحقّ)(1).

الأكسل والأبخل والأسرق

[10 ] - وقال صلى الله عليه وآله :

(ألا أدلّكم على أكسل الناس وأبخل الناس وأسرق الناس وأجفى الناس وأعجز الناس ؟

فقالوا : بلى يارسول اللَّه .

فقال : أكسل الناس عبد صحيح فارغ لا يذكر اللَّه بشفة ولا لسان ، وأبخل الناس رجل اجتاز على مسلم فلم يسلّم عليه ، وأمّا أسرق الناس فرجل يسرق من صلاته ، تُلفّ كما تُلَفُّ الثوبُ الخَلَقُ فتُضرب بها وجهه ، وأجفى الناس رجل ذكرت بين يديه فلم يصلّ عليّ ، وأعجز الناس من عجز عن الدعاء)(2).

الدعاء سلاح المؤمن

[ 11 ] - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله :

(ألا أدلّكم على سلاح يُنجيكم من أعدائِكم ويُدِرُّ أرزاقَكُم ؟

قالوا : بلى .

ص: 79


1- 12. معاني الأخبار : ص 366 ح 1 ، روضة الواعظين : ج 2 ص 379 ، بحار الأنوار : ج 72 ص 28 ب 35 ح 16 .
2- 13. إرشاد القلوب : ج 1 ص 80 ب 19 .

قال : تدعون ربّكم بالليل والنهار ، فإنّ سلاحَ المؤمنِ الدعاءُ )(1).

أصناف الأُمّة

[ 12 ] - قال النبي صلى الله عليه وآله :

(أُمّتي على ثلاثة أصناف :

صنف يُشبَّهون بالأنبياء ، وصنف يُشبَّهون بالملائكة ، وصنف يُشبَّهون بالبهائم ، فأمّا الذين يُشبَّهون بالأنبياء فهمتّهم الصلاة والزكاة ، وأمّا الذين يُشبَّهون بالملائكة فهمّتهم التسبيح والتهليل والتكبير ، وأمّا الذين يشبّهون بالبهائم فهمّتهم الأكل والشرب والنوم)(2).

غربة الإسلام

[ 13 ] - نوادر الراوندي : باسناده ، عن جعفر بن محمّد ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله :

(إنّ الإسلام بدا غريباً وسيعود غريباً كما بدا ، فطوبى للغرباء فقيل : ومن هم يارسول اللَّه صلى الله عليه وآله ؟ قال : الذين يصلحون إذا فسد الناس إنّه لا وحشة ولا غربة على مؤمن ، وما من مؤمن يموت في غربته إلّا بكت عليه الملائكة رحمة له ، حيث قلّت بواكيه ، وفسح له في قبره بنور يتلألأ من حيث دفن إلى مسقط رأسه)(3).

ص: 80


1- 14. الكافي : ج 2 ص 468 ح 3 ، مكارم الأخلاق : ص 268 ، عدّة الداعي : ص 16 ب 1 ، بحار الأنوار : ج 90 ص 300 ب 16 .
2- 15. جامع الأخبار : ص 270 ح 733 الفصل 57 ، الإثنا عشرية في المواعظ العدديّة : ص 93 .
3- 16. بحار الأنوار : ج 64 ص 200 ب 12 ح 2 ، عن نوادر الراوندي : ص 9 .

*شجرة البلوى*

[ 14 ] - حدّثنا إبراهيم(1) بن هاشم البغوي ، حدّثنا إسماعيل(2) بن سيف ، حدّثنا جعفر ابن(3) سليمان ، عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة قال : دخلت مع علي بن أبي طالب رضى الله عنه إلى الحسن بن علي نعوده ، فقال له علي رضى الله عنه : كيف أصبحت يابن رسول اللَّه ؟ قال : أصبحت بحمد اللَّه بارئاً ، قال : كذلك إن شاء اللَّه ، ثمّ قال الحسن رضى الله عنه : أسندوني ، فأسنده علي رضى الله عنه إلى صدره ، فقال سمعت جدّي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقول :

(إنّ في الجنّة شجرة يقال لها شجرة البلوى يؤتى بأهل البلاء يوم القيامة ، فلا يرفع لهم ديوان ، ولا ينصب لهم ميزان ، يصبّ عليهم الأجر صبّاً وقرأ : «إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ»(4))(5).

*خصال يُخشى على الأُمّة منها*

[ 15] - حدّثنا أبو الحسن علي بن عبداللَّه الأسواري المذكّر قال : حدّثنا أبو يوسف أحمد بن محمّد بن قيس السجزي المذكّر قال : حدّثنا أبو يعقوب قال : حدّثنا علي

ص: 81


1- 17. إبراهيم بن هاشم بن الحسين البغوي المولود سنة 207. والمتوفّى سنة 297. - تاريخ الإسلام : ص 103 .
2- 18. إسماعيل بن سيف البصري ترجمته توجد في لسان الميزان : ج 1 ص 409 ، وتاريخ الإسلام : ص 103 في وفيّات (231 - 240) .
3- 19. جعفر بن سليمان الضبعي أبو سليمان البصري المتوفّى سنة 178. - التقريب : ص 79 .
4- 20. سورة الزمر : 10 .
5- 21. المعجم الكبير للطبراني : ج 3 ص 93 ، مسكّن الفؤاد للشهيد الثاني المتوفّى (965ه) : ص 43 ب 2 ، وبحار الأنوار : ج 79 ص 137 ب 18 .

ابن خَشرم قال : أخبرنا عيسى ، عن أبي عبيدة عن محمّد بن كعب قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله :

(إنّما أتخوّف على أُمّتي من بعدي ثلاث خصال : أن يتأوّلوا القرآن على غير تأويله أو يتّبعوا زلّة العالم ، أو يظهر فيهم المال حتّى يطغوا ويبطروا ، وسأُنبّئكم المخرج من ذلك : أمّا القرآن فاعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه ، وأمّا العالم فانتظروا فيئته ولا تتبّعوا زلّته ، وأمّا المال فإنّ المخرج منه شكر النعمة وأداء حقّه)(1).

الملائكة يتلقّون الحُجّاج

[ 16] - عن النبي صلى الله عليه وآله قال :

(أنّ الملائكة يقفون على طريق مكّةَ يتلقَّون الحجّاج ، فيسلّمون على أهل المحامل ، ويصافحون أصحابَ الرواحِلِ ، ويعتنقون المشاة اعتناقاً)(2).

صلاح العباد على أقسام

[ 17 ] - محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن محبوب عن داود الرقي عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله :

(قال اللَّه عزّوجلّ : إنّ من عبادي المؤمنين عباداً لا يصلحُ لهم أمرُ دينهم إلّا بالغنى والسعة والصحّة في البدن ، فأبلُوهُم بالغنى والسعة وصحّة البدن فيُصلحُ عليهم أمرَ دينهم ، وإنّ من عبادي المؤمنين لعباداً لا يصلُحُ لهم أمرُ

ص: 82


1- 22. الخصال : ج 1 ص 164 ح 216 ، وعنه بحار الأنوار ج 69 ص 62 ب 95 ح 7 .
2- 23. غوالي اللآلي : ج 4 ص 28 ح 92 ، المستدرك : ج 8 ص 30 ب 21 ح 8992 .

دينهم إلّا بالفاقة والمسكنة والسقم في أبدانهم ، فأبلوهم بالفاقة والمسكنة والسقم ، فيُصلحُ عليهم أمرَ دينهِم وأنا أعلم بما يصلح عليه أمر دين عبادي المؤمنين ، وإنّ من عبادي المؤمنين لمن يجتهد في عبادتي فيقوم من رُقادِهِ ولذيذ وسادِهِ فيتهجَّدُ لي الليالي فيُتعِبُ نفسه في عبادتي فأضربه بالنعاس الليلة والليلتين نظراً منّي له وإبقاءً عليه ، فينامُ حتّى يُصبح ، فيقوم وهو ماقِتٌ لنفسه زارى ءٌ عليها ، ولو أُخلّي بينه وبين ما يريد في عبادتي لدخله العُجب من ذلك فيُصيّرُهُ العجب إلى الفتنة بأعماله ، فيأتيه من ذلك ما فيه هلاكه لعجبه بأعماله ورضاه عن نفسه حتّى يظنّ أنّه قد فاقَ العابدين وجازَ في عبادته حدّ التقصير ، فيتباعد منّي عند ذلك وهو يظنّ أنّه يتقرّب إليّ)(1).

أوّل ما عصي به اللَّه تعالى

[ 18 ] - حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن علي بن معبد ، عن عبداللَّه بن القاسم ، عن عبداللَّه بن سنان ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله :

(أوّل ما عصي اللَّه تبارك وتعالى بستّ خصال :

حبُّ الدنيا ، وحبّ الرئاسة ، وحبّ الطعام ، وحبّ النساء ، وحبّ النوم ، وحبّ الراحة)(2).

ص: 83


1- 24. الكافي : ج 2 ص 60 ح 4 ، التمحيص : ص 57 ، بحار الأنوار : ج 69 ص 327 ب 119 ح 12 ، للحديث ذيلٌ فراجع المصدر إن شئت .
2- 25. الخصال : ج 1 ص 330 ح 27 ، وعنه بحار الأنوار : ج 73 ص 180 ب 38 ح 5 .

المحقّرات من الذنوب

[ 19 ] - أبو علي الأشعريّ ، عن محمّد بن عبدالجبّار ، عن ابن فضّال والحجّال جميعاً ، عن ثعلبة ، عن زياد قال : قال أبو عبداللَّه عليه السلام : إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله نزل بأرض قرعاء فقال لأصحابه :

(ائتوا بحطب ، فقالوا : يارسول اللَّه نحن بأرض قرعاء ما بها من حطب ، قال : فليأت كلّ إنسان بما قدر عليه ، فجاؤوا به حتّى رموا بين يديه بعضه على بعض ، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : هكذا تجتمع الذنوب ، ثمّ قال : إيّاكم والمحقّرات من الذنوب ، فإنّ لكل شي ء طالباً ، ألا وإنّ طالبها يكتب ما قدّموا وآثارَهُم وكلّ شي ء أحصيناه في إمام مبين)(1).

بيان : « بأرض قرعاء » أي لا نبات ولا شجر فيها ، تشبيهاً بالرأس الأقرع وفي القاموس : قرع كفرح ذهب شعر رأسه وهو أقرع ، وهي قرعاء ، والجمع قرع وقرعان بضمّهما ورياض قرع بالضمّ بلا كلأ ، وفي النهاية : القرع بالتحريك هو أن يكون في الأرض ذات الكلاء موضع لا نبات فيها كالقرع في الرأس « حتّى رموا بين يديه » أي كثر وارتفع ، والطالب للذنوب هو اللَّه سبحانه وملائكته « ما قدّموا » أي أسلفوا في حياتهم « وآثارهم » ما بقي عنهم بعد مماتهم يصل إليهم ثمرته إمّا حسنة كعلم علّموه أو حبيس وقفوه ، أو سيّئة كإشاعة باطل وتأسيس ظلم أو نحو ذلك .

والإمام المبين اللوح المحفوظ ، وقيل : القرآن وقيل : كتاب الأعمال ، وفي كثير من الأخبار أنّه أمير المؤمنين عليه السلام وكأنّه من بطون الآية ، وأمّا قوله : « أحصيناه » فيحتمل أن يكون في الأصل أحصاه فصحّف النسّاخ موافقاً للآية ، أو هو على

ص: 84


1- 26. الكافي : ج 2 ص 288 ح 3 ، وعنه بحار الأنوار : ج 70 ص 346 ب 137 ح 31 .

سبيل الحكاية ، وقرأ بعض الأفاضل نكتب بالنون موافقاً للآية فيكون لفظ الآية خبراً أي طالبها هذه الآية على الاسناد المجازي وله وجه ، لكنّه مخالف للمضبوط في النسخ(1).

عبادة طول الدهر ؟

[ 20 ] - ومن الأخبار المروّحة ما رواه الصدوق قدّس اللَّه روحه باسناده إلى أبي بصير قال سمعت الصادق عليه السلام يحدّث عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يوماً لأصحابه :

(أيّكم يصوم الدهر ؟ فقال سلمان أنا يارسول اللَّه ، قال : فأيّكم يحيي الليل ؟ قال سلمان أنا يارسول اللَّه ، قال : فأيّكم يختم القرآن في كلّ يوم ؟ فقال سلمان : أنا يارسول اللَّه فغضب بعض أصحابه وهو عمر بن الخطّاب فقال يارسول اللَّه إنّ سلمان رجل من الفرس يريد أن يفتخر علينا معاشر قريش ، قلت أيّكم يصوم الدهر فقال أنا وهو أكثر أيّامه يأكل ! وقلت أيّكم يحيي الليل فقال أنا وهو أكثر ليله نائم ، وقلت أيّكم يختم القرآن في كل يوم فقال أنا وهو أكثر أيّامه صامت .

فقال النبي صلى الله عليه وآله : يافلان أنّى لك بمثل لقمان الحكيم سله فإنّه ينبئك ، فقال الرجل لسلمان ياأبا عبداللَّه أليس زعمت أنّك تصوم الدهر ؟ فقال نعم فقال رأيتك في أكثر نهارك تأكل ؟ فقال ليس حيث تذهب أنّي أصوم الثلاثة الأيّام في الشهر وقال اللَّه عزّوجلّ : «مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ

ص: 85


1- 27. بحار الأنوار : ج 70 ص 346 ب 137 ذيل ح 31 .

أَمْثَالِهَا»(1) وأُواصل شعبان بشهر رمضان فذلك صوم الدهر ، فقال أليس زعمت أنّك تحيي الليل ؟ فقال نعم قال أكثر ليلتك نائم فقال ليس حيث تذهب ولكنّي سمعت حبيبي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقول من بات على طهر فكأنّما أحيى الليل كلّه وأنا أبيت على طهر فقال أليس زعمت أنّك تختم القرآن في كل يوم ؟ قال نعم ، قال فأنت أكثر أيّامك صامت فقال ليس حيث تذهب ولكنّي سمعت حبيبي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقول لعلي عليه السلام ياأبا الحسن مثلك في أُمّتي مثل قل هو اللَّه أحد فمن قرأها مرّة فقد قرأ ثلث القرآن ، ومن قرأها مرّتين فقد قرأ ثلثي القرآن ومن قرأها ثلاثاً فقد ختم القرآن ، فمن أحبّك بلسانه فقد كمل له ثلث الإيمان ومن أحبّك بلسانه وقلبه فقد كمل له ثلثا الإيمان ومن أحبّك بلسانه وقلبه ونصرك بيده فقد استكمل الإيمان كلّه والذي بعثني بالحقّ ياعلي لو أحبّك أهل الأرض كمحبّة أهل السماء لما عذّب أحد بالنار ، وأنا أقرأ قل هو اللَّه أحد في كلّ يوم ثلاث مرّات ، فقام وكأنّه ألقم حجراً)(2).

عليكم بالقرآن

[ 21 ] - علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبداللَّه عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله :

(ياأيها الناس إنّكم في دار هُدنةٍ ، وأنتم على ظهر سفر ، والسيرُ بكم سريع

ص: 86


1- 28. سورة الأنعام : آية 160 .
2- 29. الأنوار النعمانية : ج 4 ص 69 - 70 ، الأمالي للصدوق : ص 33 المجلس التاسع ح 5 ، معاني الأخبار : ص 234 ح 1 .

وقد رأيتم الليل والنهار ، والشمس والقمر يُبليان كلَّ جديد ، ويقرّبان كلَّ بعيد ، ويأتيان بكل موعود ، فأعدّوا الجهاز لبُعد المجاز .

قال فقام المقداد بن الأسود فقال : ما دارُ الهدنة ؟

قال صلى الله عليه وآله :

دار بلاغ وانقطاع ، فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم ، فعليكم بالقرآن فإنّه شافِعٌ مشفَّع ، وماحِلٌ مصدَّقٌ ، من جعله أمامه قاده إلى الجنّة ، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار ، وهو الدليل يدلّ على خير سبيل ، وهو كتاب فيه تفصيلٌ ، وبيانٌ ، وتحصيل وهو الفصل ليس بالهزل ، وله ظهر وبطن ، فظاهره حكم ، وباطنه علمٌ ، ظاهره أنيق وباطنه عميق له نجوم ، وعلى نجومه نجوم ، لا تحصى عجائبه ، ولا تبلى غرائبه ، فيه مصابيح الهدى ، ومنار الحكمة ، ودليل على المعرفة لمن عرف النصفة ، فليوغ رجل بصره ، وليبلغ النصفة نظره ، ينجو من عَطَبٍ ، ويتخلّص من نَشَبٍ ، فإنّ التفكّر حياة قلب البصير كما يمشي المستنير في الظلمات ، بالنور بحسن التخلّص وقلّة التربّص )(1).

أُطلبوا الرزق بطاعة اللَّه

[ 22 ] - حدّثنا أحمد(2) بن النضر العسكري حدّثنا أحمد بن النعمان الفرّاء المصيصي ، حدّثنا عبدالرحمن(3) بن عثمان الحاطبي ، عن أبيه ، عن عبداللَّه بن محمّد الجهني ،

ص: 87


1- 30. الكافي : ج 2 ص 598 ح 2 .
2- 31. هو أحمد بن النضر بن بحر أبو جعفر العسكري المقرئ توفّي سنة 282. ، تاريخ الإسلام : ص 91 .
3- 32. عبدالرحمن بن عثمان بن إبراهيم بن محمّد بن خاطب الحاطبي المدني ترجمه الذهبي في تاريخ الإسلام في وفيّات (181 - 190) ص 261 .

عن عبداللَّه بن الحسن بن علي عن أبيه قال : صعد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله المنبر يوم غزوة تبوك ، فحمد اللَّه وأثنى عليه ثمّ قال :

(أيّها الناس إنّي واللَّه ما آمركم إلّا بما أمركم اللَّه به ولا أنهاكم إلّا عمّا نهاكم اللَّه عنه ، فأجملوا في الطلب ، فوالذي نفس أبي القاسم بيده إنّ أحدكم ليطلبه رزقه كما يطلبه أجله ، فإن تعسّر عليكم شي ء منه ، فاطلبوه بطاعة اللَّه عزّوجلّ)(1).

*كيف نضمن الجنّة ؟*

[ 23 ] - حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضى الله عنه قال : حدّثنا أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن بهلول القاضي في داره بمدينة السلام قال : حدّثنا علي بن يزيد الصدائي عن أبي شيبة ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله :

(تقبّلوا لي بستّ أتقبّل لكم بالجنّة : إذا حدّثتم فلا تكذبوا ، وإذا وعدتم فلا تخلفوا ، وإذا ائتمنتم فلا تخونوا ، وغضّوا أبصاركم واحفظوا فروجكم وكفّوا أيديكم وألسنتكم)(2).

*حبّ ينفع في سبعة مواطن*

[ 24 ] - حدّثنا الحسن بن عبداللَّه بن سعيد العسكري قال : أخبرنا محمّد بن أحمد بن حمدان القشيري قال : حدّثنا المغيرة بن محمّد بن المهلّب قال : حدّثنا عبدالغفّار محمّد ابن بكير الكلابي الكوفي ، عن عمرو بن ثابت ، عن جابر ، عن أبي

ص: 88


1- 33. المعجم الكبير للطبراني : ج 3 ص 85 .
2- 34. الخصال : ج 1 ص 321 ح 5 .

جعفر عليه السلام ، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله :

(حبّي وحبّ أهل بيتي نافع في سبعة مواطن ، أهوالهنّ عظيمة : عند الوفاة ، وفي القبر ، وعند النشور ، وعند الكتاب ، وعند الحساب ، وعند الميزان ، وعند الصراط)(1).

اللَّه الكريم

[ 25 ] - جاء أعمى إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فقال : يارسول اللَّه ، أُدع اللَّه أن يكشف بصري ، قال :

(إن أحببت أن أدعو فعسى أن يكشف بصرك وإن شئت تلقاه ولا حساب عليك .

فقال : ألقاه ولا حساب عليَّ .

فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : اللَّه أكرم من أن يسلب امرأً كريمتيه ثمّ يعذّبه)(2).

العلم خزائن

[ 26 ] - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله :

( العلم خزائن ومفاتيحه السؤال فاسألوا يرحمكم اللَّه ، فإنّه يؤجر أربعة : السائل والمعلّم والمستمع والمحبّ لهم »(3).

ص: 89


1- 35. الخصال : ج 2 ص 360 ح 49 .
2- 36. مشكاة الأنوار في غرر الأخبار : ص 277 .
3- 37. بحار الأنوار : ج 10 ص 368 ب 20 ح 12 .

غنى الحاضر

27][ - عن القاسم بن يحيى عن جدّه الحسن بن راشد عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال : أتى رجل إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فقال : علّمني يارسول اللَّه ، فقال :

(عليك باليأس عمّا في أيدي الناس فإنّه الغنى الحاضر .

قال : زدني يارسول اللَّه .

قال : إيّاك والطمع فإنّه الفقر الحاضر .

قال : زدني يارسول اللَّه .

قال : إذا هممت بأمر فتدبّر عاقبته ، فإن يك خيراً ورشداً فاتّبعه ، وإن يك غيّاً فدعه)(1).

إخبار النبي صلى الله عليه وآله

28][ - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله :

(أبشر ياأبا اليقظان(2) فإنّك أخو علي في ديانته ومن أفاضل أهل ولايته ومن المقتولين في محبّته ، تقتلك الفئة الباغية ، وآخر زادك من الدنيا صاع(3) من لبن ، ويلحق روحك بأرواح محمّد وآله الفاضلين ، فأنت من خيار شيعتي)(4).

ص: 90


1- 38. المحاسن : ج 1 ص 16 ح 46 ، بحار الأنوار : ج 74 ص 131 ب 6 ح 36 .
2- 39. أبا يقظان كنية عمّار بن ياسر رضى الله عنه .
3- 40. في المصدر [ ضياح ] ، والضيح والضياح : اللبن الممزوج بالماء ولعلّه مصحّف .
4- 41. التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه السلام : ص 85 ، وعنه في بحار الأنوار : ج 22 ص 334 ب 10 ح 48 .

ستّة أشياء

[ 29 ] - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله :

(ستّة أشياء حسن ، ولكن من ستّة أحسن :

العدل حسن وهو من الأُمراء أحسن ، والصبر حسن وهو من الفقراء أحسن ، والورع حسن وهو من العلماء أحسن ، والسخاء حسن وهو من الأغنياء أحسن ، والتوبة حسنة وهي من الشاب أحسن ، والحياء حسن وهو من النساء أحسن ، وأمير لا عدل له كغيم لا غيث له ، وفقير لا صبر له كمصباح لا ضوء له ، وعالم لا ورع له كشجرة لا ثمرة لها ، وغني لا سخاء له كمكان لا نبت له ، وشاب لا توبة له كنهر لا ماء له ، وامرأة لا حياء لها كطعام لا ملح له)(1).

كيف بكم إذا فسدت نساؤكم ؟

[ 30 ] - قال النبي صلى الله عليه وآله :

(كيف بكم إذا فسدت نساؤكم وفسق شبابكم ، ولم تأمروا بمعروف ولم تنهوا عن منكر ؟!

فقيل له : ويكون ذلك يارسول اللَّه ؟

قال: نعم ، وشرّمن ذلك، فكيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف؟

فقيل له : يارسول اللَّه ، ويكون ذلك ؟

قال : نعم ، وشرّ من ذلك ، كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكراً والمنكر

ص: 91


1- 42. إرشاد القلوب : ج 1 ص 193 .

معروفاً ؟!)(1).

زهد النبي صلى الله عليه وآله

[ 31 ] - عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : نزل جبرئيل على رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فقال له : ربّك يقرؤك السلام ويقول لك : هذه بطحاء مكّة تكون لك رضراضة(2) ذهب ولا تنقص ممّا ادّخرت لك شيئاً ، قال : فنظر رسول اللَّه صلى الله عليه وآله إلى البطحاء ، فقال :

(لا ياربّ ، ولكن أشبع يوماً فأحمدك ، وأجوع يوماً فأسألك)(3).

*الفرار من شاهق إلى شاهق*

[ 32 ] - وروى الشيخ الجليل أحمد بن فهد في كتاب التحصين عن ابن مسعود قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله :

(ليأتينّ على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلّا من يفرّ من شاهق إلى شاهق ومن حجر إلى حجر كالثعلب بأشباله قالوا ومتى ذلك الزمان ؟ قال : إذا لم تنل المعيشة إلّا بمعاصي اللَّه فعند ذلك حلّت العزوبة ، قالوا يارسول اللَّه أمرتنا بالتزويج ، قال : بلى ولكن إذا كان ذلك الزمان فهلاك الرجل على يدي أبويه فإن لم يكن له أبوان فعلى يدي زوجته وأولاده ، فإن لم يكن له زوجة ولا ولد فعلى يدي قرابته وجيرانه ، قالوا : وكيف ذلك يارسول اللَّه ؟ قال : يعيّرونه بضيق المعيشة ويكلّفونه ما لا يطيق حتّى يوردوه موارد

ص: 92


1- 43. مشكاة الأنوار : ص 49 .
2- 44. الرضراض : الحصى أو صغارها .
3- 45. سنن الترمذي : ج 4 ص 6 ، مكارم الأخلاق : ص 24 ، بحار الأنوار : ج 16 ص 238 .

الهلكة )(1).

الجهاد الأكبر

[ 33 ] - قال أمير المؤمنين عليه السلام : إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بعث سريّة ، فلمّا رجعوا قال :

(مرحباً بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر ، قيل : يارسول اللَّه وما الجهاد الأكبر ؟ قال : جهاد النفس)(2).

القرآن والعترة

[ 34 ] - وفي المناقب عن عبداللَّه بن الحسن المثنّى ابن الحسن المجتبى ابن علي المرتضى عليهم السلام ، عن أبيه ، عن جدّه الحسن السبط ، قال : خطب جدّي صلى الله عليه وآله يوماً فقال بعد ما حمد اللَّه وأثنى عليه :

(معاشر الناس إنّي أُدعى فأُجيب ، وإنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللَّه وعترتي أهل بيتي ، إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، فتعلّموا منهم ، ولا تعلّموهم ، فإنّهم أعلم منكم ، ولا تخلو الأرض منهم ، ولو خلت لانساخت بأهلها ، ثمّ قال : اللهمّ إنّك لا تخلي الأرض من حجّة على خلقك لئلّا تبطل حجّتك ولا تضلّ أولياءك بعد إذ هديتهم ، أُولئك الأقلّون عدداً والأعظمون قدراً عند اللَّه عزّوجلّ ، ولقد دعوت اللَّه تبارك وتعالى أن يجعل العلم والحكمة في عقبي وعقب عقبي ،

ص: 93


1- 46. الأنوار النعمانية : ج 2 ص 154 عن التحصين : ص 13 ، مستدرك الوسائل : ج 11 ص 387 ب 51 ح 13336 .
2- 47. الكافي : ج 5 ص 12 ح 3 ، معاني الأخبار : ص 160 ، الجعفريات : ص 78 ، الاختصاص : ص 240 ، روضة الواعظين : ج 2 ص 420 ، النوادر : ص 21 ، بحار الأنوار : ج 67 ص 65 ب 45 ح 7 .

وفي زرعي ، وفي زرع زرعي إلى يوم القيامة فاستجيب لي)(1).

*متى تقبل التوبة ؟*

[ 35] - عن أحمد بن محمّد عن ابن فضّال عمّن ذكره عن أبي عبداللَّه عليه السلام ، قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله :

(من تاب قَبْلَ موته بسنة قَبِلَ اللَّه توبته ، ثمّ قال : إنّ سنة لكثير ، من تاب قبل موته بشهر قَبِل اللَّه توبته ، ثمّ قال : إنّ الشهر لكثير ، من تاب قبل موته بجُمْعة قبل اللَّه توبته ، ثمّ قال : إنّ الجمعة لكثير ، من تاب قبل موته بيوم قبل اللَّه توبته .

ثمّ قال :

إنّ يوماً لكثير ، من تاب قبل أن يعاين قبل اللَّه توبته)(2).

*إنّ شجرنا لكثير*

[ 36 ] - ومن الأخبار ما روي عن الصادق عليه السلام قال قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله :

(من قال سبحان اللَّه غرس اللَّه له بها شجرة في الجنّة ، ومن قال الحمد للَّه غرس له بها شجرة في الجنّة ومن قال لا إله إلّا اللَّه غرس له بها شجرة في الجنّة . ومن قال اللَّه أكبر غرس اللَّه له بها شجرة في الجنّة فقال رجل من قريش وهو أبو بكر يارسول اللَّه إنّ شجرنا في الجنّة لكثير ؟ قال بلى ولكن إيّاكم أن ترسلوا عليها نيراناً فتحرقوها وذلك إنّ اللَّه عزّوجلّ يقول : «يَا أَيُّهَا

ص: 94


1- 48. ينابيع المودّة ج 1 ص 73 ح 9 ، غاية المرام : الباب 29 ص 219 ح 7 ، مجمع الزوائد : ج 9 ص 331 .
2- 49. الكافي : ج 2 ص 440 ح 2 ، مشكاة الأنوار : ص 110 ، بحار الأنوار : ج 6 ص 19 ب 20 ح 4 .

الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ»(1))(2).

من مات على حبّ آل محمّد صلى الله عليه وآله

[ 37 ] - وروى الإمام أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره : عن الإمام محمّد بن أسلم الطوسي ، عن يعلى بن عبيد ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، عن جرير ابن عبداللَّه البجلي رضى الله عنه قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله :

(من مات على حبّ آل محمّد مات شهيداً ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مغفوراً له ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد فتح في قبره بابان من الجنّة ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد بشّره ملك الموت بالجنّة ، ثمّ منكر ونكير ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد يزفّ إلى الجنّة كما تزفّ العروس إلى بيت زوجها ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد جعل اللَّه تعالى زوّار قبره ملائكة الرحمة ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات على السنّة والجماعة ، ألا ومن مات على بغض آل محمّد جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة اللَّه ، ألا ومن مات على بغض آل محمّد لم يشمّ رائحة الجنّة)(3).

ص: 95


1- 50. سورة محمّد : آية 33 .
2- 51. الأنوار النعمانية : ج 4 ص 95 ، الأمالي للصدوق : ص 607 المجلس الثامن والثمانون ح 16 ، ثواب الأعمال : ص 11 ، عدّة الداعي : ص 263 .
3- 52. جواهر العقدين : ج 2 ص 254 عن الثعلبي ، فرائد السمطين : ج 2 ص 255 ح 524 ، كما أخرجه الزمخشري والرازي في ذيل آية المودّة ، والشيخ سليمان الحنفي النقشبندي في ينابيع المودّة : ج 1 ص 90 - 91 ، ويشبهه : جامع الأخبار : ص 473 الفصل 131 ح 12 ، سعد السعود : ص 141 ، الطرائف : ج 1 ص 159 ح 248 ، العمدة : ص 54 ، بحار الأنوار : ج 23 ص 233 ب 13 وج 27 ص 111 ب 4 .

اضمنوا لي خمساً

[ 37 ] - حدّثنا عبدالرحمن بن محمّد بن حامد البلخي قال : حدّثنا أبو الفضل العبّاس [ ابن طاهر ] بن طاهر بن ظهير وكان من الأفاضل رحمه الله قال : حدّثنا النصر بن الأصبغ ابن منصور البغدادي المقيم ببلخ(1) قال : حدّثنا موسى بن هلال ، عن هشام بن حسّان ، عن الحسن ، عن تميم الداري(2) قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله :

(من يضمن لي خمساً أضمن له الجنّة ، قيل : وما هي يارسول اللَّه ؟ قال : النصيحة للَّه عزّوجلّ ، والنصيحة لرسوله ، والنصيحة لكتاب اللَّه ، والنصيحة لدين اللَّه والنصيحة لجماعة المسلمين(3))(4).

*صلاح المرضى*

[ 39] - وقال النبي صلى الله عليه وآله :

ص: 96


1- 53. عنونه الخطيب في التاريخ : ج 13 ص 289 .
2- 54. هو تميم بن أوس بن خارجة الداري ، أبو رقية صحابي مشهور انتقل إلى الشام بعد قتل عثمان وسكن بيت المقدس مات قبل سنة أربعين وكان إسلامه سنة تسع وهو أوّل من أسرج السراج في المسجد . يروي عنه الحسن البصري وجماعة .
3- 55. في النهاية : النصيحة كلمة يعبّر بها عن جملة هي إرادة الخير للمنصوح له ، وليس يمكن أن يعبّر هذا المعنى بكلمة واحدة يجمع معناه غيرها ، وأصل النصح في اللغة الخلوص ، يقال : نصحته ونصحت له . ومعنى نصيحة اللَّه : صحّة الاعتقاد في وحدانيّته وإخلاص النيّة في عبادته ومعنى نصيحة رسوله التصديق بنبوّته ورسالته ، والانقياد لما أُمر به ونهى عنه ، والنصيحة لكتاب اللَّه هو التصديق به والعمل بما فيه . ونصيحة عامّة المسلمين : إرشادهم إلى مصالحهم .
4- 56. الخصال : ج 1 ص 294 ح 60 ، وعنه بحار الأنوار : ج 72 ص 65 ب 43 ح 1 ، ومستدرك الوسائل : ج 12 ص 387 ب 21 ح 14366 .

(ياعِبَادَ اللَّهِ أنتم كالمرضى وربّ العالمين كالطبيب ، فصلاح المرضى فيما يعلَمُهُ الطبيب ويدبّره ، لا فيما يشتهيه المريض ويقترحه ، ألا فسلّموا اللَّه أمره تكونوا من الفائزين)(1).

*إنّ مع العزّ ذلّاً*

[ 40 ] - الحسن بن عبداللَّه بن سعيد ، عن محمّد بن الحسن بن دريد عن أبي حاتم ، عن العتبي يعني محمّد بن عبيداللَّه ، عن أبيه قال وأخبرنا عبداللَّه بن شبيب عن زكريّا بن يحيى المنقري ، عن العلا بن محمّد بن الفضل ، عن أبيه ، عن جدّه قال : قال قيس بن عاصم : وفدت مع جماعة من بني تميم إلى النبي صلى الله عليه وآله فدخلت وعنده الصلصال بن الدلهمس(2).

ص: 97


1- 57. عدّة الداعي : ص 37 ، الاحتجاج : ج 1 ص 85 ، وعنه بحار الأنوار : ج 84 ص 61 ، مجموعة ورّام : ج 2 ص 117 ، إرشاد القلوب : ج 1 ص 297 .
2- 58. عنونه ابن حجر في القسم الأول من الإصابة وقال : الصلصال بن الدلهمس بن جندلة بن المحتجب بن الأغر بن الغضنفر بن تيم بن ربيعة بن نزار ، أبو الغضنفر قال ابن حبّان : له صحبة حديثه عند ابن الضو وقال المرزباني : يقال إنّه أنشد النبي صلى الله عليه وآله شعراً . وذكر ابن الجوزي أنّ الصلصال قدم مع بني تميم وأنّ النبي صلى الله عليه وآله أوصاهم بشي ء فقال قيس بن عاصم : وددت لو كان هذا الكلام شعراً نعلّمه أولادنا فقال الصلصال : أنا أنظمه يارسول اللَّه ، فأنشده أبياتاً وأوردها ابن دريد في أماليه عن أبي حاتم السجستاني عن العتبي عن أبيه قال : قال قيس بن عاصم : وفدت مع جماعة من بني تميم فدخلت عليه وعنده الصلصال بن الدلهمس فقال قيس : يارسول اللَّه عظنا عظة ننتفع بها فوعظهم موعظة حسنة فقال قيس : أُحبّ أن يكون الكلام أبياتاً من الشعر نفتخر به على من يلينا وندّخرها فأمر من يأتيه بحسّان فقال الصلصال : يارسول اللَّه ! قد حضرتني أبيات أحسبها توافق ما أراد قيس فقال : هاتها فقال إلى آخر الأبيات مع اختلاف ما ، راجع الإصابة : ج 2 ص 186 .

فقلت يانبي اللَّه عظنا موعظة ننتفع بها ، فإنّا قوم نعمر(1) في البرية . فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله :

(ياقيس إنّ مع العزّ ذلّاً وإنّ مع الحياة موتاً وإنّ مع الدنيا آخرة ، وإنّ لكلّ شي ء حسيباً ، وعلى كل شي ء رقيباً ، وإنّ لكلّ حسنة ثواباً ، ولكلّ سيّئة عقاباً ، ولكلّ أجل كتاباً ، وإنّه لابدّ لك ياقيس من قرين يدفن معك وهو حي وتدفن معه وأنت ميّت فإن كان كريماً أكرمك ، وإن كان لئيماً أسلمك ، ثمّ لا يحشر إلّا معك ، ولا تبعث إلّا معه ولا تسأل إلّا عنه فلا تجعله إلّا صالحاً فإنّه إن صلح أنست به ، وإن فسد لا تستوحش إلّا منه ، وهو فعلك) .

فقال : يانبي اللَّه أُحبّ أن يكون هذا الكلام في أبيات من الشعر نفخر به على من يلينا من العرب وندّخره فأمر النبي صلى الله عليه وآله من يأتيه بحسّان [ بن ثابت ] قال فأقبلت(2) أُفكّر فيما أشبه هذه العظة من الشعر فاستتبّ لي(3) القول قبل مجي ء حسّان فقلت : يارسول اللَّه قد حضرتني أبيات أحسبها توافق ما يريد ، فقلت لقيس [ ابن عاصم ] :

تخيّر خليطاً من فعالك إنّما

قرين الفتى في القبر ما كان يفعل

ص: 98


1- 59. في بعض النسخ كالأمالي والخصال نعبر من العبور وفي المعاني نعير : أي نذهب ونجي ء ونتردّد في البرية وأمّا نعمر فهو الأصحّ يقال : عمر بالمكان أي أقام به ، وعمر بيته أي لزمه ، والمعنى أنّا نسكن في البرية والصحاري ولا يمكننا أن نقدم عليك كل يوم أو نسكن في سائر البلدان العامرة بأهل الديانة فننتفع بمواعظهم فعظنا بموعظة ننتفع بها أيّام إقامتنا في البراري .
2- 60. الصحيح : « قال الصلصال فأقبلت أُفكّر » الخ ، ولذلك يقول بعد ذلك فقلت لقيس ، ولا يكون القائل إلّا الصلصال ، مع ما عرفت من نسخة الإصابة « فقال الصلصال يارسول اللَّه قد حضرتني أبيات أحسبها توافق ما أراد قيس فقال هاتها » .
3- 61. يقال : استتبّ الأمر : اطرد واستقام واستمرّ ، وذلّ له ما أراد .

ولابدّ بعد الموت من أن تعدّه

ليوم ينادي المرء فيه فيقبل

فإن كنت مشغولاً بشي ء فلا تكن

بغير الذي يرضى به اللَّه تشغل

فلن يصحب الإنسان من بعد موته

ومن قبله إلّا الذي كان يعمل

ألا إنّما الإنسان ضيف لأهله

يقيم قليلاً بينهم ثمّ يرحل(1)

ص: 99


1- 62. أمالي الصدوق : ص 3 المجلس الأوّل ح 4 ، معاني الأخبار : ص 233 ح 1 ، الخصال : ج 1 ص 115 ح 93 ، وبحار الأنوار : ج 68 ص 170 ب 64 ح 1 .

ص: 100

الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام

اشارة

ص: 101

ص: 102

نسبه عليه السلام :

هو الإمام الأوّل علي بن أبي طالب (عبد مناف) بن عبدالمطّلب (شيبة الحمد) ابن هاشم بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان .

وأنّ نسبه عليه السلام هو امتداد لنسب الرسول صلى الله عليه وآله .

أُمّه عليه السلام هي فاطمة بنت أسد بن هاشم ، وكانت من رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بمنزلة الأُمّ ، حيث تربّى في حجرها وكانت من سابقات المؤمنات إلى الإيمان برسول اللَّه صلى الله عليه وآله وهاجرت معه إلى المدينة . وقد كفنها النبي صلى الله عليه وآله عند موتها بقميصه وتوسّد في قبرها ولقّنها الإقرار بولاية إبنها كما اشتهرت به الرواية(1) وهي أوّل هاشميّة ولدت هاشمياً .

وكان للإمام عليه السلام ثلاثة أخوة وأُختان هم : طالب ، وعقيل وجعفر وكل واحد منهم أكبر من أخيه بعشر سنين بهذا الترتيب ، وكان الإمام عليه السلام أصغرهم وأُخته الأُولى أُمّ هاني والثانية جمانة .

ولادته عليه السلام :

ولد عليه السلام يوم الجمعة في الثالث عشر من شهر رجب الأصب بعد عام الفيل أو مولد الرسول صلى الله عليه وآله بثلاثين سنة ، وكانت ولادته في الكعبة المشرّفة وهذه فضيلة خصّه اللَّه تعالى بها إجلالاً لمحلّه ومنزلته ، وكان عليه السلام هاشمياً من هاشميين .

كناه عليه السلام:

أبوالحسن، أوالحسين، أبوالسبطين، أبوالريحانتين، أبوتراب وأبو الحسنين.

ألقابه عليه السلام :

أمير المؤمنين ، المرتضى ، يعسوب الدين ، يعسوب المؤمنين ، حيدرة والوصي ، إمام المتّقين ، قائد الغرّ المحجّلين وسيّد العرب .

ص: 103


1- 63. إرشاد المفيد : ج 1 ص 5 ، الفصول المهمّة لابن الصبّاغ : ص 30 و31 ، وأُسد الغابة : ج 5 ص 517 .

إسلامه عليه السلام :

اتّفق جميع المؤرخين والمحدّثين أنّ علياً عليه السلام هو أوّل من أسلم من الرجال قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله في ذلك بعد أن أخذ بيد علي عليه السلام : « أنّ هذا أوّل من آمن بي ، وهذا أوّل من يصافحني يوم القيامة ، وهذا الصدّيق الأكبر » . وقد قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : « ياعلي أنت أوّل المسلمين إسلاماً وأوّل المؤمنين إيماناً » . وقال عليه السلام : « أنا أوّل من صلّى مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله »(1).

زهده عليه السلام :

كان أمير المؤمنين عليه السلام زاهداً في الدنيا ناءٍ عنها ، فلم يعرف في التاريخ حاكماً مثله ، فكان يطحن لنفسه الشعير ويأكل منه خبزاً يابساً ، ويرقع خفّه بيديه ، ولا يكنز من الدنيا قليلاً ولا كثيراً ما دام على وجه الأرض بطون غرثى وأكباد حرّى . وكان يقول عليه السلام : « أأقنع من نفسي بأن يقال هذا أمير المؤمنين ولا أُشاركهم في مكاره الدهر أو أكون أُسوة لهم في جشوبة العيش »(2).

شجاعته عليه السلام :

ذكر ابن أبي الحديد في كتاب شرح نهج البلاغة عن شجاعة الإمام علي عليه السلام فقال : لقد أنسى الناس ذكر من كان قبله ، ومحا اسم من يأتي بعده ، ومقاماته في الحروب مشهورة تضرب بها الأمثال يوم القيامة ، فهو الشجاع الذي ما فرّ في موقف قطّ ، ولا ارتاع من كتيبة ، ولا بارز أحداً إلّا وقتله ، ولا ضرب ضربة واحتاج إلى الثانية فكانت ضرباته وتراً فهو عليه السلام مقدام في الحرب يقدم مهرولاً ولا يلوي على شي ء . وقد شارك أمير المؤمنين علي عليه السلام في غزوات الرسول صلى الله عليه وآله ومعاركه باستثناء بعض منها ، فمن المعارك التي شارك فيها فهي : البدر الكبرى ، أُحد ، الأحزاب ، الحديبية ، خيبر ، حنين ، بني النضير وذات السلاسل .

ص: 104


1- 64. لا يخفى أنّ القول بأنّ أمير المؤمنين عليه السلام أوّل من أسلم مسامحة إذ أنّه لم يكفر باللَّه تعالى طرفة عين حتّى يسلم ، وإنّما كان مؤمناً في عالم الأصلاب .
2- 65. نهج البلاغة : الكتاب رقم 45 ، الجشوبة : الخشونة .

أمّا المعارك التي خاضها عليه السلام بعد أن استلم الخلافة فهي : الجمل ، الصفّين ، النهروان ، في قتاله المارقين والناكثين والقاسطين .

خصائصه عليه السلام :

أنّ فضائل أمير المؤمنين علي عليه السلام ومناقبه وخصائصه كثيرة لا يتّسع لها كتاب ولا يحويها خطاب وليست الشيعة مختصّة بروايتها وإن اختصّت بكثير منها ، فقد روى العامّة أيضاً ما لا يحصى عدده . منها :

1 - ولادته في الكعبة المشرّفة التي لم يولد فيها أحد غيره .

2 - آخى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بينه وبين علي عليه السلام عندما آخى بين المسلمين .

3 - كان حمل لواء الرسول صلى الله عليه وآله .

4 - أمره رسول اللَّه صلى الله عليه وآله في بعض سراياه ، ولم يجعل عليه أميراً .

5 - بلّغ عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله سورة براءة .

6 - نزوله من المصطفى صلى الله عليه وآله منزلة هارون من موسى عليه السلام .

روي عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : « معاشر الناس : إنّ فضائل علي بن أبي طالب عند اللَّه عزّوجلّ وقد أنزلها في القرآن أكثر من أن أُحصيها في مقام واحد فمن أنبأكم بها فصدّقوه »(1).

بيعته عليه السلام :

بويع له بالخلافة في الثامن عشر من ذي الحجّة من السنة العاشرة من الهجرة في غدير خمّ بأمر الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله واستلم الحكم الظاهري في ذي الحجّة من السنة الخامسة والثلاثين من الهجرة .

زوجاته عليه السلام :

أُولى زوجاته عليه السلام فاطمة الزهراء عليها السلام ولم يتزوّج غيرها في حياتها وبعد استشهادها تزوّج أُمامة بنت زينب بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وليلى بنت مسعود الدارمية وأسماء بنت عميس الخثعمية وفاطمة بنت مزاحم بن خالد بن دارم

ص: 105


1- 66. روضة الواعظين : ج 1 ص 99 .

الكلابية (أُمّ البنين) وخولة بنت جعفر بن الحنفية وأُمّ حبيب بنت ربيعة وأُمّ سعيد بنت عروة بن مسعود الثقفي وأُمّ شعيب المخزومية ولمّا استشهد عليه السلام خلّف تسعة عشر أُمّ ولد وأربع حرائر .

أولاده وبناته عليه السلام :

وقد عدّ البعض أولاده عليه السلام سبعة وعشرون ، وقيل : ثمانية وعشرون ، وقيل : ستّة وثلاثين ولداً ذكراً وأُنثى(1).

آثاره عليه السلام : ترك أمير المؤمنين عليه السلام خطباً رائعة في البلاغة عظيمة في المضمون ، وكلماً وأقوالاً قصاراً جمعت في كتاب نهج البلاغة وبالتالي فهو سيّد البلغاء والخطباء مطلقاً بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وهو القائل سلوني عن كتاب اللَّه ، فإنّه ليست آية إلّا وقد عرفت أبليل نزلت أم بنهار ، في سهل أو في جبل .

رايته عليه السلام :

راية رسول اللَّه صلى الله عليه وآله .

كاتبه عليه السلام :

عبداللَّه بن أبي رافع .

عاصمته عليه السلام :

الكوفة .

نقش خاتمه عليه السلام :

اللَّه الملك ، وفي رواية : اللَّه الملك وعلي عبده .

بوّابه عليه السلام :

سلمان الفارسي .

شهادته عليه السلام :

استشهد عليه السلام ليلة الجمعة في 21 رمضان المبارك سنة 40 من الهجرة قتيلاً شهيداً قتله عبدالرحمن بن ملجم المرادي وقد خرج عليه السلام لصلاة الفجر ليلة التاسع عشر من شهر رمضان وهو يناجي (الصلاة الصلاة) في مسجد الكوفة ، فضربه بالسيف على أُمّ رأسه وكان عمره الشريف يوم استشهد ثلاث وستين سنة ، ودفن عليه السلام في النجف الأشرف وكانت تدعى الغري وقام بالصلاة عليه ودفنه نجله الأكبر الإمام الحسن بن علي عليهما السلام .

ص: 106


1- 67. إعلام الورى للطبرسي : ص 203 ، والإرشاد للمفيد : ج 2 ص 354 ، وتاج المواليد للطبرسي : 76 ، وروح الإكسير للواسطي : ص 80 .

موعظة منبّهة

[ 1 ] - قال أمير المؤمنين عليه السلام :

(أطع اللَّه بقدر حاجتك إليه ، واعص اللَّه بقدر طاقتك على عقوبته ، واعمل لدنياك بقدر مقامك فيها ، واعمل لآخرتك بقدر بقائك فيها)(1).

إفعلوا الخير

[ 2 ] - عن أمير المؤمنين عليه السلام :

(افعلوا الخير ولا تحقّروا منه شيئاً فإنّ صغيره كبير وقليله كثير ولا يقولنّ أحدكم إنّ أحداً أولى بفعل الخير منّي فيكون واللَّه كذلك ، إنّ للخير والشرّ أهلاً فما تركتموه منهما كفاكموه أهله)(2).

ثلاث كلمات

[ 3 ] - عن علي عليه السلام :

(امنن(3) على من شئت تكن أميره ، واحتج إلى من شئت تكن أسيره ،

ص: 107


1- 68. جامع الأخبار : ص 511 ح 43 فصل 141 ، الإثني عشرية في المواعظ العددية : ص 162 .
2- 69. والمعنى قيل : ما تركتموه من الخير يقوم أهله بفعله بدلكم ، وما تركتموه من الشرّ يأتي به أهله بدلاً عنكم ، فلا تختاروا أن تكونوا للشرّ أهلاً ، ولا أن يكون عنكم في الخير بدلاً . بحار الأنوار : ج 68 ص 190 ب 64 عن نهج البلاغة قصار الحكم : 422 .
3- 70. منّ عليه بكذا : أنعم عليه به من غير تعب .

واستغن عمّن شئت تكن نظيره)(1).

أخفى أربعة في أربعة

[ 4 ] - حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه رضى الله عنه قال : حدّثنا عمّي محمّد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي ، عن القاسم بن يحيى ، عن جدّه الحسن بن راشد ، عن أبي بصير ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر ، عن أبيه علي ابن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه أمير المؤمنين عليهم السلام قال :

(إنّ اللَّه تبارك وتعالى أخفى أربعة في أربعة : أخفى رضاهُ في طاعته فلا تستصغرنّ شيئاً من طاعته ، فربما وافق رضاه وأنت لا تعلم . وأخفى سخطَهُ في معصيته فلا تستصغرنّ شيئاً من معصيته ، فربما وافق سخطه معصيته وأنت لا تعلم . وأخفى إجابتَهُ في دعوته فلا تستصغرنّ شيئاً من دعائه ، فربما وافق إجابته وأنت لا تعلم . وأخفى وليّه في عباده فلا تستصغرنّ عبداً من عبيد اللَّه ، فربما يكون وليَّهُ وأنت لا تعلم)(2).

إنّ للَّه عباداً

[ 5 ] - قال أمير المؤمنين عليه السلام :

(إنّ للَّه سبحانه وتعالى عباداً يختصُّهُم بالنعم لمنافِعِ العباد يقرُّهَا في أيديهم ما بذلوها فإذا منعوها نزعَهَا منهم وحوّلها إلى غيرهم)(3).

ص: 108


1- 71. الخصال : ج 2 ص 420 ح 14 ، بحار الأنوار : ج 74 ص 402 ب 15 ح 23 .
2- 72. الخصال : ج 1 ص 209 ح 31 ، وبحار الأنوار : ج 66 ص 274 ب 37 ح 7 .
3- 73. وسائل الشيعة : ج 16 ص 325 ب 14 ح 21669 ، شرح نهج البلاغة : ج 20 ص 70 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 141 ح 3155 .

الأمل وإتّباع الهوى

- عن أبي بكر الجعابي ، عن محمّد بن الوليد ، عن عنبر بن محمّد ، عن سَلَمَة بن كُهيل ، عن أبي الطُفيل عامر بن وَاثِلَة الكِنَاني رحمه الله قال : سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول :

(إنّ أخوف ما أخافُ عليهم طولُ الأمل ، واتّباعُ الهوى ، فأمّا طول الأمل فينسي الآخِرة ، وأمّا اتّباع الهوى فَيَصُدُّ عن الحقّ)(1).

من حقّ العالِم

[ 7 ] - حدّثنا أبو القاسم الحسن بن محمّد بن سعيد الهاشمي الكوفي في مسجده بالكوفة قال : حدّثنا محمّد بن إبراهيم القطفانيُّ قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن هشام الورّاق قال : حدّثنا علي بن محمّد السدوسي الفقيه قال : حدّثنا الحسين بن علوان ، عن عبداللَّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن علي ابن أبي طالب عليهم السلام قال :

(إنّ من حقّ العالم أن لا تُكثر السؤال عليه ، ولا تسبقه في الجواب ، ولا تلحّ عليه إذا أعرض ، ولا تأخذ بثوبه إذا كسل ، ولا تشير إليه بيدك ، ولا تغمزه بعينك ، ولا تسارّه في مجلسه ، ولا تطلب عوراته ، وأن لا تقول : قال فلان خلاف قولك ، ولا تفشي له سرّاً ، ولا تغتاب عنده أحداً ، وأن تحفظ له شاهداً وغائباً ، وأن تعمّ القوم بالسلام وتخصّه بالتحيّة ، وتجلس بين يديه ، وإن كانت له حاجة سبقت القوم إلى خدمته ، ولا تملّ من طول صحبته ، فإنّما

ص: 109


1- 74. أمالي الطوسي : ج 1 ص 117 المجلس الرابع ح 37 ، وأمالي المفيد : ص 345 المجلس الحادي والأربعون ح 1 ، وعنهما مستدرك الوسائل : ج 2 ص 106 ح 1554 .

هو مثل النخلة ، فانتظر متى تسقط عليك منها منفعة ، والعالم بمنزلة الصائم القائم المجاهد في سبيل اللَّه ، وإذا مات العالم انثلم في الإسلام ثلمة لا تسدّ إلى يوم القيامة ، وإنّ طالب العلم ليشيّعه سبعون ألف ملك من مقرّبي السماء)(1).

عبادة الأحرار

[ 8 ] - عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال :

(إنّ قوماً عَبَدوا اللَّه رغبةً فتلك عبادَةُ التجّارِ(2)، وإنّ قوماً عبدوا اللَّه رهبةً فتلك عبادَةُ العبيدِ(3)، وإنّ قوماً عبدوا اللَّه شكراً فتلك عبادَةُ الأحرارِ(4))(5).

*الوصايا الخمسة*

[ 9 ] - عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال :

(أُوصيكم بخمس لو ضربتم إليها آباطَ الإبل(6) لكانت لذلك أهلاً : لا يَرجُوَنّ أحدٌ منكم إلّا ربّه ، ولا يخافَنّ إلّا ذنبه ، ولا يستحِيَنّ أحدٌ منكم إذا سئل عمّا لا يَعلمُ أن يقول « لا أعلمُ » ، ولا يستحِيَنَّ أحدٌ إذا لم يعلم الشي ء أن

ص: 110


1- 75. الخصال : ج 2 ص 504 ح 1 .
2- 76. لأنّهم يعبدون لطلب عوض .
3- 77. لأنّهم ذلّوا للخوف .
4- 78. لأنّهم عرفوا حقّاً عليهم فأدّوه وتلك شيمة الأحرار .
5- 79. نهج البلاغة ، قصار الحكم : 237 ، تحف العقول : ص 246 ، وبحار الأنوار : ج 41 ص 14 ب 101 ح 4.
6- 80. الآباط : جمع إبط . وضرب الآباط كناية عن شدّ الرحال وحثّ المسير .

يتعلَّمَهُ ، وعليكم بالصبر فإنّ الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد ، ولا خير في جَسَدٍ لا رأسَ معَهُ ، ولا في إيمانٍ لا صبر مَعَهُ)(1).

ثلاث لا تبقي صاحباً

[ 10 ] - عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عمّن ذكره ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام في وصيّته لابنه محمّد ابن الحنفية :

(إيّاك والعُجْب وسُوءَ الخُلق وقِلّةَ الصبر ، فإنّه لا يستقيمُ لك على هذه الخصالِ الثلاث صاحبٌ ، ولا يَزالُ لك عليها من الناسِ مُجانِبٌ ، والزم نفسك التودّد)(2).

إيّاك وما تعتذر منه

[ 11 ] - قال أمير المؤمنين عليه السلام :

(إيّاك وما تعتذر منه ، فإنّه لا يعتذر من خير ، وإيّاك وكلّ عمل في السرّ تستحي منه في العلانية ، وإيّاك وكلّ عمل إذا ذكر لصاحبه أنكره)(3).

*تقوى اللَّه*

[ 12 ] - عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال :

(الإيمان أن تُؤثِرَ الصدقَ حيثُ يَضُرُّكَ على الكَذِبِ حيث يَنفعُك ، وأن لا

ص: 111


1- 81. نهج البلاغة ، الكلمات القصار 82 ، خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص 94 .
2- 82. بحار الأنوار : ج 74 ص 398 ب 15 ح 16 عن الخصال : ج 1 ص 147 ح 178 .
3- 83. بحار الأنوار : ج 68 ص 369 ح 19 ، عدّة الداعي : ص 228 .

يكون في حديثك فضل عن عملك(1)، وأن تتّقي اللَّهَ في حديثِ غيرك)(2).

*التمسّك بالدين*

[ 13 ] - عن علي عليه السلام :

(أيّها الناس دينكم دينكم ، تمسّكوا به لا يزيلكم أحد عنه ، لأنّ السيّئة فيه خير من الحسنة في غيره لأنّ السيّئة فيه تغفر ، والحسنة في غيره لا تقبل)(3).

*خلقنا للبقاء لا للفناء*

[ 14 ] - قال أمير المؤمنين عليه السلام :

(أيّها الناس إنّا خلقنا وإيّاكم للبقاء لا للفناء ولكنّكم من دار تنقلون فتزوّدوا لما أنتم صائرون إليه وخالدون فيه والسلام)(4).

*شقّوا أمواج الفتن*

[ 15 ] - عن أمير المؤمنين عليه السلام :

ص: 112


1- 84. أي أن لا تقول أزيد ممّا تفعل . وحديث الغير : الرواية عنه . والتقوى فيه : عدم الإفتراء ، أو حديث الغير التكلّم في صفاته نهي عن الغيبة .
2- 85. نهج البلاغة ، قصار الحكم : 458 .
3- 86. بحار الأنوار : ج 65 ص 309 ب 25 ح 1 ، الأمالي للصدوق : ص 351 المجلس السادس والخمسون ح 4 ، معاني الأخبار : ص 185 .
4- 87. بحار الأنوار : ج 74 ص 405 ب 15 ح 31 عن أمالي الطوسي : ص 216 المجلس الثامن ح 29 ، الإرشاد : ج 1 ص 238 .

(أيّها الناس شُقُّوا أمواجَ الفتن بِسُفُن النجاةِ ، وعرِّجُوا عن طريق المنافَرَةِ ، وضَعُوا تيجانَ المفاخَرَة(1). أفلح من نَهَضَ بجَنَاحٍ ، أو استَسلمَ فأراح(2). هذا ماءٌ آجِنٌ(3)، ولُقمةٌ يَغَصُّ بها آكِلُهَا ، ومُجتَني الثمرةِ لغير وقت إيناعِهَا كالزارع بغير أرضه(4)، فإن أقل يقولوا حَرَصَ على الملكِ ، وإن أسكت يَقولوا جَزِعَ من الموت(5). هيهاتَ بعد اللتيا والتي(6)، واللَّه لابن أبي طالبٍ

ص: 113


1- 88. قلب قصد به المبالغة . والقصد ضعوا تيجان المفاخرة عن رؤوسكم وكأنّه يقول طأطئوا رؤوسكم تواضعاً ولا ترفعوها بالمفاخرة إلى حيث تصيبها تيجانها ، ويروى وضعوا تيجان المفاخرة بدون لفظ عن وهو ظاهر . وعرج عن الطريق : مال عنه وتنكّبه .
2- 89. المفلح أحد رجلين إمّا ناهض للأمر بجناح أي بناصر ومعين يصل بمعونته إلى ما نهض إليه ، وإمّا مستسلم يريح الناس من المنازعة بلا طائل وذلك عند عدم الناصر ، وهذا ينحو نحو قول عنترة ، لمّا قيل له إنّك أشجع العرب فقال : « لست بأشجعهم ولكنّي أقدم إذا كان الإقدام عزماً وأحجم إذا كان الإحجام حزماً » .
3- 90. الآجن : المتغيّر الطعم واللون لا يستساغ ، والإشارة إلى الخلافة ، أي إنّ الإمرة على الناس والولاية على شؤونهم ممّا لا يهنأ لصاحبه بل ذلك أمر يشبه تناوله الماء الآجن ولا تحمد عواقبه كاللقمة يغصّ بها آكلها فيموت بها .
4- 91. يشير إلى أنّ ذلك لم يكن الوقت الذي يسوغ فيه طلب الأمر فلو نهض إليه كان كمجتني الثمرة قبل إيناعها ونضجها وهو لا ينتفع بما جنى ، كما أنّ الزارع في غير أرضه لا ينتفع بما زرع .
5- 92. إن تكلّم بطلب الخلافة رماه من لا يعرف حقيقة قصده بالحرص على السلطان وإن سكت وهم يعلمونه أهلاً للخلافة يرمونه بالجزع من الموت في طلب حقّه .
6- 93. أي بعد ظنّ من يرميني بالجزع بعد ما ركبت الشدائد وقاسيت المخاطر صغيرها وكبيرها . قيل إنّ رجلاً تزوّج بقصيرة سيّئة الخُلُق فشقي بعشرتها ثمّ طلّقها وتزوّج أُخرى طويلة فكان شقاؤه بها أشدّ فطلّقها وقال : لا أتزوّج بعد اللتيا والتي يشير بالأُولى إلى الصغيرة وبالثانية إلى الكبيرة فصارت مثلاً في الشدائد والمصاعب صغيرها وكبيرها . وقوله هيهات الخ نفي لما عساهم يظنّون من جزعه من الموت عند سكوته .

آنسُ بالموت من الطفل بثدي أُمّه ، بل اندَمَجْتُ على مكنونِ علمٍ لو بُحتُ به لاضطَرَبتُم اضطرابَ الأرشيةِ في الطَّوِيِّ البَعيدَةِ(1))(2).

ليس عن الموت محيص

[ 16 ] - قال أمير المؤمنين عليه السلام :

(أيّها الناس إنّ الموت لا يفوته المقيم ولا يعجزه الهارب ، ليس عن الموت محيص ومن لم يمت يقتل وإنّ أفضل الموت القتل والذي نفسي بيده لألف ضربة بالسيف أهون عليَّ من ميتة على فراش)(3)

*عوامل السعادة*

[ 17] - عن أمير المؤمنين عليه السلام :

(ثلاث من حافظ عليها سعد :

إذا ظهرت عليك نعمة فاحمد اللَّه ،

وإذا أبطأ عنك الرزق فاستغفر اللَّه ،

وإذا أصابتك شدّة فأكثر من قول لا حول ولا قوّة إلّا باللَّه)(4).

ص: 114


1- 94. أدمجه : لفّه في ثوب فاندمج ، أي انطويت على علم والتففت عليه ، والأرشية جمع رشاء بمعنى الحبل ، والطوي جمع طوية : وهي البئر ، والبعيدة : بمعنى العميقة ، أو هي بفتح الطاء كعلي ، بمعنى السقاء وتكون البعيدة نعتاً سببياً أي البعيدة مقرّها من البئر أو نسبة البعد في العبارة مجاز عقلي .
2- 95. نهج البلاغة : الخطبة 5. ، ذكرها سبط ابن الجوزي في كتابه تذكرة الخواص .
3- 96. الكافي : ج 5 ص 53 ح 4 .
4- 97. بحار الأنوار : ج 75 ص 45 ب 16 ح 51 .

الجلوس في الجامع

[ 18] - عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال :

(الجلسةُ في الجامِعِ خيرٌ لي من الجلسة في الجنّة لأنّ الجنّةَ فيها رضا نفسي ، والجامِع فيه رضا ربّي)(1).

الخير في ثلاث خصال

[ 19] - محمّد بن موسى بن المتوكّل رضى الله عنه قال : حدّثنا علي بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس بن عبدالرحمن عن أبي أيّوب الخزاز عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام :

(جمع الخير كلّه في ثلاث خصال :

النظر ، والسكوت ، والكلام .

فكلّ نظر ليس فيه اعتبار فهو سهو .

وكل سكوت ليس فيه فكرة فهو غفلة .

وكل كلام ليس فيه ذكر فهو لغو .

فطوبى لمن كان نظره عبرة ، وسكوته فكراً ، وكلامه ذكراً ، وبكى على خطيئته ، وأمن الناس شرّه)(2).

ص: 115


1- 98. إرشاد القلوب للديلمي : ص 218 ، وعنه الوسائل : ج 5 ص 199 ح 6325 كتاب الصلاة الباب 3 استحباب الاختلاف إلى المسجد ط بيروت مؤسّسة آل البيت عليهم السلام ، عدّة الداعي : ص 208 .
2- 99. المحاسن : ج 1 ص 5 ح 10 ، تحف العقول : ص 215 ، أمالي الصدوق : ص 27 المجلس الثامن ح 2 ، ثواب الأعمال : ص 177 ، الخصال : ج 1 ص 98 ح 47 ، معاني الأخبار : ص 344 ح 1 ، الفقيه : ج 4 ص 405 ح 5876 ، روضة الواعظين : ج 2 ص 390 ، بحار الأنوار : ج 68 ص 324 ب 80 ح 15 ، مشكاة الأنوار : ص 55 .

العمل والاستقامة

[ 20] - عن أمير المؤمنين عليه السلام قال :

(العَمَلَ العَمَلَ ، ثمّ النهايَةَ النهاية ، والاستقامَةَ الاستقامة ، ثمّ الصبرَ الصبر ، والورع الورع .

إنّ لكم نهايةً فانتهوا إلى نهايتكم ، وإنّ لكم عَلَماً فاهتدوا بعَلَمِكم ، وإنّ للإسلام غايةً فانتهوا إلى غايتِهِ ، واخرُجُوا إلى اللَّه ممّا افترض عليكم من حقّه وبيّن لكم من وظائفه ، أنا شاهدٌ لكم وحجيجٌ يوم القيامة عنكُم ، ألا وإنّ القَدَرَ السابق قد وَقَعَ ، والقضاءَ الماضي قد تَوَرَّد ، وإنّي مُتكلِّمٌ بِعِدَّةِ اللَّه وحجّته .

قال اللَّه تعالى : «إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلَائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ»(1) وقد قلتم ربُّنا اللَّه فاستَقيمُوا على كتابه ، وعلى مِنهَاج أمره ، وعلى الطريقةِ الصالِحَة من عبادته ، ثمّ لا تمرُقُوا منها ، ولا تبتدِعُوا فيها ، ولا تُخَالِفُوا عنها ، فإنّ أهل المُرُوق مُنقَطَعٌ بهم عند اللَّه يوم القيامَةِ الخطبة)(2).

يسدّ باب التوبة

[ 21] - عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال في بعض خطبه :

(فاعمَلُوا وأنتم في نفسِ البقاء ، والصُحُفُ منشورةٌ والتوبَةُ مَبسوطَةٌ ، والمُدْبِرُ يُدعى ، والمُسي ءُ يُرجَى ، قبل أن يَخمُدَ العملُ ، وينقطعَ المَهَلُ ،

ص: 116


1- 100. سورة فصّلت : 30 .
2- 101. نهج البلاغة : الخطبة176 وعنه بحار الأنوار : ج 68 ص 190 - 191 .

وتنقضي المدّة ، ويُسَدُّ بابُ التوبة ، وتَصعَد الملائكةُ ، فأَخَذَ امرُؤٌ من نفسِهِ لنفسه ، وأخذ من حيٍّ لميّت ، ومن فانٍ لباق ، ومن ذاهب لدائم ، امرُؤٌ خاف اللَّه وهو معمَّرٌ إلى أجله ، ومنظور إلى عمله ، امرُؤٌ ألْجَمَ نفسَهُ بلجامِهَا ، وزمَّهَا بِزِمامِهَا فأمسَكَهَا بلجامِهَا من معاصي اللَّه ، وقادها بِزِمَامها إلى طاعَةِ اللَّه)(1).

*أسرار الأحكام*

[ 22] - عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال :

(فَرَضَ اللَّه الإيمانَ تطهيراً من الشركِ ، والصلاةَ تنزيهاً عن الكبر ، والزكاةَ تسبيباً للرزق ، والصيام ابتلاءً لإخلاص الخَلق ، والحجّ تَقرِبَةً للدين(2)، والجهاد عزّاً للإسلام ، والأمرَ بالمعروف مصلحة للعوام ، والنهيَ عن المنكر رَدعاً للسفهاء ، وصِلَةَ الرحم مَنَماةً للعدد(3)، والقصاص حَقناً للدماء واقامةَ الحدود إعظاماً للمحارم ، وترك شربِ الخمر تحصيناً للعقل ، ومجانَبَةَ السرقَةِ إيجاباً للعفّة ، وترك الزنا تحصيناً للنسب ، وترك اللواط تكثيراً للنسل ، والشهادات استظهاراً على الُمجَاحَدَات(4)، وترك الكَذِب

ص: 117


1- 102. بحار الأنوار : ج 68 ص 191 ب 64 ح 56 عن نهج البلاغة : الخطبة 237 .
2- 103. أي سبباً لتقرّب أهل الدين بعضهم من بعض ، إذ يجتمعون من جميع الأقطار ، في مقام واحد ، لغرض واحد ، وفي نسخة تقوية فإنّ تجديد الأُلفة بين المسلمين ، في كل عام ، بالإجتماع ، والتعارف ، ممّا يقوّي الإسلام .
3- 104. فإنّه إذا تواصل الأقرباء على كثرتهم كثر بهم عدد الأنصار .
4- 105. إنّما فرضت الشهادة ، وهي الموت في نصر الحقّ ، ليستعان بذلك على قهر الجاحدين له ، فيبطل جحوده .

تشريفاً للصدق ، والسلام أماناً من المخاوف ، والأمانَةَ نِظَاماً للأُمّة(1)، والطاعَةَ تعظيماً للإمامة)(2).

قوام الدين والدنيا

[ 23] - عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال لجابر بن عبداللَّه الأنصاري :

(ياجابر ؛ قِوَامُ الدين والدنيا بأربعة :

عالِمٍ مستعمِلٍ علمَهُ ، وجاهِلٍ لا يستنكِفُ أن يتعلّم ، وجوادٍ لا يبخل بمعروفه ، وفقير لا يبيعُ آخرتَهُ بدنياهُ .

فإذا ضيّع العالمُ علمَهُ استنكف الجاهل أن يتعلّم وإذا بَخِلَ الغني بمعروفه باع الفقير آخرتَهُ بدنياه(3).

ياجابر ! مَن كَثُرَت نِعَمُ اللَّه عليه ، كثرت حوائجُ الناسِ إليه .

فمن قام للَّه فيها بما يجبُ فيها ، عرّضها للدوام والبقاء(4).

ومن لم يقم فيها بما يجب ، عرّضها للزوال والفناء)(5).

ص: 118


1- 106. لأنّه إذا روعيت الأمانة في الأعمال ، أدّى كل عامل ما يجب عليه ، فتنتظم شؤون الأُمّة ، أمّا لو كثرت الخيانات ، فقد فسدت الأعمال ، وكثر الإهمال فاختلّ النظام .
2- 107. نهج البلاغة : قصار الحكم 252 .
3- 108. لأنّه يضطرّ للخيانة أو الكذب حتّى ينال بهما من الغنى شيئاً .
4- 109. عرّضها : أي جعلها عرضة أي نصبها له .
5- 110. نهج البلاغة : قصار الحكم 372 .

أرجى الشي ء

[ 24] - عن أحمد بن أبي عبداللَّه ، عن علي بن محمّد القاساني ، عمّن ذكره ، عن عبداللَّه ابن القاسم ، عن أبي عبداللَّه ، عن أبيه عن جدّه عليهم السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام :

(كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو فإنّ موسى بن عمران عليه السلام خرج يَقتَبِسُ لأهله ناراً فكلَّمَهُ اللَّه عزّوجلّ ورجع نبيّاً مُرسَلاً ، وخرجت مَلِكَةُ سبأ فأسلمت مع سُلَيمان عليه السلام ، وخرجت سحرةُ فرعون يطلبون العزّ لفرعون فرجعوا مؤمنين)(1).

*كيف أصبحت*

[ 25] - قيل لأمير المؤمنين عليه السلام : كيف أصبحت ؟ قال عليه السلام :

(كيف يصبح من كان للَّه عليه حافظان ، وعلم أنّ خطاياه مكتوبات في الديوان ، إن لم يرحمه ربّه فمرجعه إلى النيران)(2).

*للمسرف ثلاث علامات*

[ 26] - حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار رضى الله عنه ، عن أبيه ، عن محمّد بن أحمد عن محمّد ابن الحسين ، عن محمّد بن خالد ، عن إبراهيم بن محمّد الأشعريّ ، عن أبي إسحاق يرفعه إلى علي بن الحسين عليهما السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام :

(للمسرف ثلاث علامات يأكل ما ليس له ، ويلبس ما ليس له ، ويشتري ما

ص: 119


1- 111. الكافي : ج 5 ص 83 ح 3 ، بحار الأنوار : ج 75 ص 45 ب 16 ح 56 ، جوامع كلم أمير المؤمنين عليه السلام ، الفقيه : ج 3 ص 165 ح 3609 .
2- 112. بحار الأنوار : ج 73 ص 15 ب 99 ح 2 ، جامع الأخبار : ص 237 الفصل التاسع والأربعون ح 3 .

ليس له)(1).

لا تخلفنّ وراءك شيئاً

[ 27] - وممّا قال لابنه الإمام الحسن عليهما السلام :

(لا تخلفنّ وراءك شيئاً من الدنيا ، فإنّك تخلفه لأحد رجلين : إمّا رجلٌ عَمِلَ فيه بطاعةِ اللَّه فسعد بما شقيتَ به ، وإمّا رجل عمل فيه بمعصية اللَّه فشقيَ بما جمعتَ له ، فكنت عوناً له على معصيته ، وليس أحد هذين حقيقاً أن تُؤثرَهُ على نفسك)(2).

أدب الأولاد

[28] - عن أمير المؤمنين عليه السلام :

(لا تقسروا أولادكم على آدابكم ، فإنّهم مخلوقون لزمان غير زمانكم)(3).

*كلمات لها قيمتها*

[ 29] - وقال أمير المؤمنين عليه السلام :

(لا مال أعود من العقل ، ولا وحدة أوحشُ من العُجْب ، ولا عقل كالتدبير ، ولا كرم كالتقوى ، ولا قرين كحُسن الخُلق ، ولا ميراث كالأدب ، ولا قائد

ص: 120


1- 113. الخصال : ج 1 ص 97 ح 45 ، بحار الأنوار : ج 72 ص 303 ب 78 ح 1 .
2- 114. نهج البلاغة : كلمة 416. ، تاريخ دمشق لابن عساكر : في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام بسنده عن أبي العيناء ، عن الأصمعي ، عن شعبة بن سمّاك بن حرب قال : قال الحسن بن علي عليهما السلام : قال لي أبي ... .
3- 115. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج 20 ص 267 ح 102 .

كالتوفيق ، ولا تجارةَ كالعمل الصالح ، ولا رِبْحَ كالثواب ، ولا ورع كالوقوف عند الشبهة ، ولا زهد كالزهد في الحرام ، ولا علم كالتفكّر ، ولا عبادة كأداء الفرائِض ، ولا إيمان كالحياء والصبر ، ولا حَسَبَ كالتواضع ، ولا شرف كالعلم ، ولا عزّ كالحلم ولا مُظَاهَرَةَ أوثَقُ من المُشَاوَرَة)(1).

علائم أهل التقوى

[ 30] - قال أمير المؤمنين عليه السلام :

(لأهل التقوى علامات يعرفون بها :

صدق الحديث ، وأداءُ الأمانة ، والوفاءُ بالعهد ، وقلّة الفخر والبخل ، وصلةُ الأرحام ، ورحمة الضعفاء ، وقلّة المواتاة للنساء ، وبذل المعروف ، وحسن الخُلُق ، وسعة العلم فيما يقرّب إلى اللَّه عزّوجلّ ، طوبى لهم وحسنُ مآب)(2).

شروط الدعاء

[ 31] - قال أمير المؤمنين عليه السلام :

(للدعاء شروط أربعة :

الأوّل إحضار النيّة والثاني إخلاص السريرة ، والثالث معرفة المسؤول ، والرابع الإنصاف في المسألة)(3).

ص: 121


1- 116. نهج البلاغة : قصار الحكم 113 ، وعنه بحار الأنوار : ج 66 ص 409 ب 3 ح 122 .
2- 117. مشكاة الأنوار : ص 45 .
3- 118. إرشاد القلوب : الباب 47 ج 1 ص 149 .

الدنيا فانية والآخرة باقية

[ 32] - عن أمير المؤمنين عليه السلام :

(لو كانت الدنيا ذهباً والآخرة خزفاً لاخترت خزف الآخرة على ذهب الدنيا لأنّه خزف باقٍ وذهب الدنيا فانٍ ، فكيف والآخرة ذهب باقٍ والدنيا خزف فانٍ)(1).

*حقيقة الخير*

[ 33] - عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه سئل عن الخير ما هو ؟ فقال :

(ليس الخيرُ أن يكثُرَ مالُكَ وولدُكَ ، ولكنَّ الخيرَ أن يَكثُرَ علمك ، وَيعظُمَ حلمك ، وأن تباهي الناس بعبادة ربّك ؛ فإن أحسنت حمدتَ اللَّه ، وإن أسأت استغفرتَ اللَّه ، ولا خير في الدنيا إلّا لرجلين : رجُلٍ أذنبَ ذُنُوباً فهو يتداركُهَا بالتوبة ، ورجُلٍ يُسارِعُ في الخيرات)(2).

*دار أوّلها عناء*

[ 34] - قال أمير المؤمنين عليه السلام :

(ما أصف داراً أوّلها عناء وآخرها فناء ! في حلالها حساب وفي حرامها عقاب ، من استغنى فيها فتن ، ومن افتقر فيها حزن ، ومن ساعاها فآتته ، ومن قعد عنها أتته ، ومن أبصر بها بصّرته ، ومن أبصر إليها أعمته)(3).

ص: 122


1- 119. الأنوار النعمانية : ج 3 ص 107 في حبّ الدنيا .
2- 120. نهج البلاغة : قصار الحكم 94 ، مجموعة ورّام : ج 1 ص 24 .
3- 121. روضة الواعظين:ج 2ص 445، بحارالأنوار:ج 70ص 120ب 122ح 111، مشكاة الأنوار: ص 269.

الظلم ينزع النعمة

[ 35] - عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال :

(ما من سلطان آتاه اللَّه قوّة ونعمة فاستعان بها على ظلم عباده إلّا كان حقّاً على اللَّه أن ينزعها منه ، ألم تر إلى قوله تعالى : «إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ»(1))(2).

الصلح مع اللَّه

[ 36] - عن أمير المؤمنين عليه السلام :

(من أصلح ما بينه وبينَ اللَّهِ سبحانه أصلح اللَّه ما بينَهُ وبين الناس ، ومن أصلح أمر آخرته أصلح اللَّهُ له أمر دنياه ، ومن كان له من نفسه واعِظٌ كان عليه مِن اللَّهِ حافظٌ)(3).

المشي في طلب العلم

[ 37] - عن أمير المؤمنين عليه السلام :

(من مشى في طلب العلم خطوتين ، وجلس عند العالم ساعتين ، وسمع من المعلّم كلمتين ، أوجب اللَّه له جنّتين ، كما قال اللَّه تعالى : «وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ»(4))(5).

ص: 123


1- 122. سورة الرعد : 11 .
2- 123. إرشاد القلوب : باب 16 ج 1 ص 68 .
3- 124. نهج البلاغة : قصار الحكم 89 ، وعنه بحار الأنوار : ج 68 ص 367 ب 90 ح 17 .
4- 125. سورة الرحمن : آية 46 .
5- 126. معالم الزلفى : ص 13 ، إرشاد القلوب : ج 1 ص 195 ب 52 .

صلة الرحم

[ 38] - قال أمير المؤمنين عليه السلام :

(من يضمن لي خصلة واحدة أضمن له أربعة : من يضمن لي صلة الرحم أضمن له محبّة أهله ، وكثرة ماله ، وبطول عمره ، وبدخول جنّة ربّه)(1).

*الدهر يومان*

[ 39] - عن أمير المؤمنين عليه السلام قال :

(المنيّةُ ولا الدنيّة ، والتقلُّلُ ولا التوسُّلُ(2)، ومن لم يُعطَ قاعداً لم يُعطَ قائماً(3)، والدهرُ يومان : يومٌ لك ، ويوم عليك ، فإذا كان لك فلا تَبْطَر ، وإذا كان عليك فاصبِر)(4).

*يادنيا .. إليك عنّي*

[ 40] - ومن خبر ضرار بن حمزة الضبائي عند دخوله على معاوية ومسألته له عن أمير المؤمنين عليه السلام ، وقال : فأشهَدُ لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سُدُولَهُ(5) وهو قائم في محرابه قابض على لحيته يتململُ(6)

ص: 124


1- 127. جامع الأخبار : ص 288 الفصل 63 ح 7 .
2- 128. المنيّة أي الموت يكون ولا يكون ارتكاب الدنيّة كالتذلّل والنفاق . والتقلّل أي الاكتفاء بالقليل يرضى به الشريف ولا يرضى بالتوسّل إلى الناس .
3- 129. كنّى بالقعود عن سهولة الطلب وبالقيام عن التعسّف فيه .
4- 130. نهج البلاغة : الكلمات القصار 396 ، بحار الأنوار : ج 75 ص 84 ب 16 ح 89 .
5- 131. أرخى سُدُوله : جمع سَديل وهو ما أسدل على الهودج والمراد حجب ظلامه .
6- 132. يَتَمَلْمَل : لا يستقرُّ من المرض كأنّه على ملة ، وهي الرماد الحارّ .

تملمُلَ السليم(1) ويبكي بكاء الحزين ويقول :

(يادنيا يادنيا ، إليك عنّي ، أَبي تعرّضتِ(2)؟ أم إليَّ تشوَّقتِ ؟ لا حَانَ حِينُكِ(3)! هيهاتَ ! غُرّي غيري ، لا حاجة لي فيك ، قد طلّقتُكِ ثلاثاً لا رجعةَ فيها ! فعيشُكِ قصيرٌ ، وخطرك يسير ، وأملك حقير ، آه من قلَّةِ الزاد ، وطولِ الطريق وبُعدِ السفر ، وعظيمِ المورِدِ(4))(5).

ص: 125


1- 133. السليم : الملدوغ من حيّة ونحوها .
2- 134. يعرِض به : - كتعرّضه - تصدّى له وطلبه .
3- 135. لا حان حينُك) : لا جاء وقتُ وصولك لقلبي وتمكّن حبّك منه .
4- 136. المَورِد : موقف المورود على اللَّه في الحساب .
5- 137. نهج البلاغة : قصار الحكم 77 .

ص: 126

السيّدة فاطمة الزهراء عليها السلام

اشارة

ص: 127

ص: 128

نسبها وأسماؤها عليها السلام :

فاطمة بنت محمّد صلى الله عليه وآله بن عبداللَّه بن عبدالمطّلب (شيبة الحمد) ابن هاشم ، ولفاطمة عليها السلام عدّة أسماء ، وهي إضافة إلى فاطمة : الصدّيقة ، المباركة ، الطاهرة ، الزكيّة ، الراضية ، المرضية ، المحدّثة ، الزهراء ، البتول ، العذراء ، السيّدة ، الحصان ، ويقال لها في السماء النورية السماوية والحانية ، وقد أجمعت الروايات على أنّ اللَّه سبحانه وتعالى هو الذي سمّاها فاطمة ، وسمّيت فاطمة لأنّها فطمت بالعلم من الشرّ ، ولأنّها فطمت هي وشيعتها من النار ، وسمّيت عليها السلام بالزهراء لجمال هيئتها ، والنور الساطع في غرّتها ، حتّى إذا قامت في محرابها زهر نورها لأهل السماء ، كما يزهر الكوكب لأهل الأرض .

ولادتها عليها السلام :

ولدت سلام اللَّه عليها في يوم الجمعة في العشرين من جمادى الثانية سنة 45 بعد عام الفيل ، في مكّة المكرّمة ، بعد النبوّة بخمس سنين ، وأقامت مع أبيها صلى الله عليه وآله في مكّة المكرّمة ثمانية أعوام ، ثمّ هاجرت ، ولمّا قبض النبي صلى الله عليه وآله كان عمرها عليها السلام يوم ذاك ثماني عشرة سنة .

زواجها عليها السلام :

تزوّجت السيّدة الزهراء عليها السلام من أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام وقد اختلفت الروايات في تاريخ زواجها ، فقيل إنّه كان في ليلة إحدى وعشرين من محرّم الحرام سنة ثلاث من الهجرة ، وقيل أنّه في أوّل يوم من ذى الحجّة ، وروي أنّه كان في يوم السادس منه .

أولادها عليها السلام :

الإمام الحسن عليه السلام ، الإمام الحسين عليه السلام ، زينب الكبرى عليها السلام وأُمّ كلثوم عليها السلام والمحسن عليه السلام الذي أُسقط .

صفاتها عليها السلام :

كانت عليها السلام أشبه الناس وجهاً برسول اللَّه صلى الله عليه وآله وكانت كالقمر ليلة البدر ،

ص: 129

أو الشمس كفرت غماماً إذا فرجت من السحاب وإذا نطقت أفرغت عن صوت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ولحنه ، وإذا مشت حكت كريم قوامه .

خصائصها عليها السلام :

1 - هي البنت الوحيدة لرسول اللَّه صلى الله عليه وآله التي بقيت على قيد الحياة بعد وفاة أولاده صلى الله عليه وآله ، فكانت ريحانته من الدنيا كما كان صلى الله عليه وآله يقول ، حوراء إنسيّة .

2 - إبنة خديجة بنت خويلد ، تلك المرأة الصالحة وهي أوّل امرأة آمنت بالإسلام ، وأنفقت كل أموالها في سبيله .

3 - كانت عليها السلام على رغم صغر سنّها صاحبة القلب الكبير والحنان الواسع ، والعقل العظيم ، عوّضت على أبيها رسول اللَّه صلى الله عليه وآله حنان الأُمّ التي حرم منها وهو بعد صغير وعطف الأب الذي مات ولم يولد بعد ، فكانت أُمّ أبيها .

4 - لم يبق لرسول اللَّه صلى الله عليه وآله ذرّية إلّا من فاطمة عليها السلام .

5 - هي الوحيدة من النساء التي عصمها اللَّه سبحانه وتعالى عن الخطأ والزلل وطهّرها من الرجس . ولقد أجاد الشاعر الأديب الأُستاذ عبدالعزيز العندليب حيث قال :

ماذا يقرّر قائلٌ بمقاله

في بنت من (بلغ العُلى بكماله)

ريحانة الهادي الأمين محمّدٍ

وشريكة الكرّار غرّ خصاله

الشمس تكتسب السنا من وجهها

وهو الذي (كشف الدجى بجماله)

بلغت من الأمجاد أعلى مرتقىً

ممّا حباها اللَّه من أفضاله

وحبيبة هي للإله وبضعةٍ

للمصطفى (صلّوا عليه وآله)

نقش خاتمها عليها السلام :

آمن المتوكّلون ، وقيل : اللَّه وليّ عصمتي ، أو نعم القادر اللَّه ، أو سبحان من ألجم الجنّ بكلماته .

ص: 130

المطالبة بفدك :

كان لها عليها السلام مواقف واضحة في المطالبة بحقّها في فدك ، وقد ذكرت كتب التراجم والسير خطبتيها المشهورتين اللتين ألقتهما مبيّنة فيهما حقّها في فدك ، وكان ما كان بعد ذلك ، كما ذكر ذلك أهل التاريخ والسير .

وفاتها واستشهادها عليها السلام :

استشهدت السيّدة فاطمة الزهراء عليها السلام بعد خمس وسبعين يوماً من وفاة أبيها الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله ، وعلى قول بعد خمس وتسعين يوماً ، فعلى الرواية الأُولى في ليلة الثالث عشر من شهر جمادى الأُولى وعلى الثانية في ليلة الثالث من شهر جمادى الثانية من سنة 11ه ، وقد غسلها وكفّنها أمير المؤمنين عليه السلام وساعدته أسماء بنت عميس ، ثمّ صلّى عليها الإمام علي عليه السلام ودفنها في مكان طلبت عليها السلام إخفاءه ، فكان ولا يزال مجهولاً ، فبعض الروايات تصرّح بدفنها في البقيع ، وبعضها تصرّح بدفنها في حجرتها وعند توسيع المسجد النبوي الشريف وقع في المسجد ، والمتّفق عليه أنّها عندما استشهدت عليها السلام كان لها من العمر ثمانية عشر عاماً .

ص: 131

ص: 132

منزل المرأة بيتها

[ 1 ] - سأل رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أصحابه عن المرأة ما هي ؟ قالوا : عورة ، قال : فمتى تكون أدنى من ربّها ؟ فلم يدروا ، فلمّا سمعت فاطمة عليها السلام ذلك قالت :

(أدنى ما تكون من ربّها أن تلزم قعر بيتها ، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : إنّ فاطمة بضعة منّي)(1).

*لا أُخلف الميعاد*

[ 2 ] - ابن المتوكّل ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن محمّد بن مسلم الثقفي ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول لفاطمة عليها السلام : وقفة على باب جهنّم ، فإذا كان يوم القيامة كتب بين عيني كلّ رجل مؤمن أو كافر فيؤمر بمحبّ قد كثرت ذنوبه إلى النار فتقرأ فاطمة بين عينيه محبّاً فتقول :

(إلهي وسيّدي سمّيتني فاطمة وفطمت بي من تولّاني وتولّى ذرّيتي من النار ووعدك الحقّ وأنت لا تخلف الميعاد فيقول اللَّه عزّوجلّ : صدقت يافاطمة إنّي سمّيتك فاطمة وفطمت بك من أحبّك وتولّاك وأحبّ ذرّيتك وتولّاهم من النار ووعدي الحقّ وأنا لا أُخلف الميعاد وإنّما أمرت بعبدي هذا إلى النار لتشفعي فيه فأُشفّعك وليتبيّن ملائكتي وأنبيائي ورسلي وأهل الموقف موقفك منّي ومكانتك عندي فمن قرأت بين عينيه مؤمناً فخذي

ص: 133


1- 138. نوادر الراوندي : ص 14 ، وبحار الأنوار : ج 43 ص 92 ب 4 ضمن ح 16 .

بيده وأدخليه الجنّة)(1).

أي شي ء خير للمرأة ؟

[ 3 ] - وقال النبي صلى الله عليه وآله لها : أي شي ء خير للمرأة ؟ قالت :

(أن لا ترى رجلاً ولا يراها رجل ، فضمّها إليه وقال : ذرّية بعضها من بعض)(2).

حجاب الزهراء

[ 4 ] - عن موسى بن جعفر عليه السلام ، عن آبائه عليهم السلام ، قال : قال علي عليه السلام : استأذن أعمى على فاطمة عليها السلام فحجبته ، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله لها : لِمَ حجبتِهِ وهو لا يراك ؟ فقالت عليها السلام :

(إن لم يكن يراني فإنّي أراه وهو يَشَمُّ الريح فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : أشهد أنّك بضعةٌ منّي)(3).

*تعويذ الحسنين عليهما السلام*

[ 5 ] - حدّثنا يزيد بن سنان ، حدّثنا الحسن بن علي الواسطي ، حدّثنا بشير بن ميمون الواسطي ، حدّثنا عبداللَّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، قال : حدّثتني أُمّي فاطمة بنت الحسين ، عن فاطمة الكبرى بنت محمّد :

(إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله كان يعوّذ الحسن والحسين ويعلّمهما هؤلاء الكلمات

ص: 134


1- 139. بحار الأنوار : ج 43 ص 14 ب 2 ح 11 عن علل الشرائع : ج 1 ص 179 ب 142 ح 6 .
2- 140. المناقب : ج 3 ص 341 ، بحار الأنوار : ج 43 ص 84 ب 4 .
3- 141. نوادر الراوندي : ص 13 ، وعنه بحار الأنوار : ج 43 ص 91 ب 4 ح 16 .

كما يعلّمهما السورة من القرآن ، يقول : أعوذ بكلمات اللَّه التامّة من شرّ كلّ شيطان وهامة ومن كلّ عين لامّة)(1).

جزاء فتح الحجّة على المؤمن

[ 6 ] - قالت فاطمة عليها السلام وقد اختصم إليها امرأتان ، فتنازعتا في شي ء من أمر الدين : إحديهما معاندة ، والأُخرى مؤمنة ، ففتحت على المؤمنة حجّتها ، فاستظهرت على المعاندة ، ففرحت فرحاً شديداً . فقالت فاطمة عليها السلام :

(إنّ فرح الملائكة باستظهارك عليها أشدّ من فرحك وإن حزن الشيطان ومردته بحزنها عنك أشدّ من حزنها . وإنّ اللَّه عزّوجلّ قال للملائكة : أوجبوا لفاطمة بما فتحت على هذه المسكينة الأسيرة من الجنان ألف ألف ضعف ما كنت أعددت لها واجعلوا هذه سنّة في كلّ من يفتح على أسير مسكين ، فيغلب معانداً مثل ألف ألف ما كان له معدّاً من الجنان)(2).

حديث الكساء

[ 7 ] - وفي كتاب من فقه الزهراء عليها السلام للعالم الجليل الثقة آية اللَّه الشيرازي رحمه الله عن والده المقدّس رحمه الله وعن عوالم العلوم روى حديث الكساء بهذا السند :

ص: 135


1- 142. الذرّية الطاهرة : ص 149 ح 191 ، ورواه أحمد بن حنبل في مسنده : ج 1 ص 236 - 270 وج 5 ص 230 عن ابن عبّاس وغيره ، وعنه مسند فاطمة الزهراء عليها السلام : ص 222 ح 120 . والهامة واحد الهوام ، ويقال : هي كلّ نسمة تهتمّ لسوء ، واللامة الملمّة ، وإنّما قال لامة ليوافق لفظة هامة فيكون ذلك أخفّ على اللسان .
2- 143. تفسير الإمام العسكري عليه السلام : ص 346 - 347 ح 229 ، وعنه بحار الأنوار : ج 8 ص 180 ب 23 ضمن ح 137 ، وج 2 ص 8 ب 8 ح 15 ، وعن الاحتجاج : ج 1 ص 18 .

رأيت بخطّ الشيخ الجليل السيّد هاشم ، عن شيخه السيّد ماجد البحراني ، عن الحسن بن زين الدين الشهيد الثاني ، عن شيخه المقدّس الأردبيلي ، عن شيخه علي بن عبدالعالي الكركي ، عن الشيخ علي بن هلال الجزائري ، عن الشيخ أحمد ابن فهد الحلّي ، عن الشيخ علي بن الخازن الحائري ، عن الشيخ ضياء الدين علي ابن الشهيد الأوّل ، عن أبيه ، عن فخر المحقّقين ، عن شيخه العلّامة الحلّي ، عن شيخه المحقّق ، عن شيخه ابن نما الحلّي ، عن شيخه محمّد بن إدريس الحلّي ، عن ابن حمزة الطوسي صاحب ثاقب المناقب ، عن شيخه الجليل الحسن بن محمّد بن الحسن الطوسي ، عن الشيخ الجليل محمّد بن شهر آشوب ، عن الطبرسي - صاحب الاحتجاج - عن أبيه شيخ الطائفة ، عن شيخه المفيد ، عن شيخه ابن قولويه القمّي ، عن شيخه الكليني ، عن علي بن إبراهيم ، [ عن أبيه إبراهيم ] بن هاشم ، عن أحمد ابن محمّد بن أبي نصر البزنطي ، عن قاسم بن يحيى الجلاء الكوفي ، عن أبي بصير ، عن أبان بن تغلب البكري ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن جابر بن عبداللَّه الأنصاري ، عن فاطمة الزهراء عليها السلام بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله .

عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِاللّهِ الأنْصاري عَنْ فاطِمَةَ الزَّهْراءِ عليها السلام بِنْتِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وآله ، قالَ سَمِعْتُ فاطِمَةَ أنَّها قالَتْ :

(دَخَلَ عَلَيَّ اَبِي رَسُولُ اللَّه فِي بَعْضِ الْأَيّامِ فَقالَ الْسَّلامُ عَلَيْكِ يافاطِمَةُ فَقُلْتُ عَلَيْكَ الْسَّلامُ قالَ اِنِّي اَجِدُ فِي بَدَنِي ضُعْفاً فَقُلْتُ لَهُ أُعِيذُكَ بِاللَّه يااَبَتاهُ مِنَ الْضُّعْفِ فَقالَ يافاطِمَةُ فَغَطَّيْتُهُ بِهِ وَصِرْتُ اَنْظُرُ اِلَيْهِ وَاِذا وَجْهُهُ يَتَلأَلَؤُ كَاَنَّهُ الْبَدْرُ فِي لَيْلَةِ تَمامِهِ وَكَمالِهِ فَما كانَتْ اِلّا ساعَةً وَاِذا بِوَلَدِيَ الْحَسَنِ قَدْ اَقْبَلَ وَقالَ الْسَّلامُ عَلَيْكِ ياأُمّاهُ فَقُلْتُ وَعَلَيْكَ الْسَّلامُ ياقُرَّةَ عَيْنِي وَثَمَرَةَ فُؤادِي فَقالَ ياأُمّاهُ اِنِّي اَشَمُّ عِنْدَكِ رائِحَةً طَيِّبَةً كَأَنَّها رائِحَةُ جَدِّي رَسُول اللَّه صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فَقُلْتُ نَعَمْ اِنَّ جَدَّكَ تَحْتَ الْكِساءِ فَاَقْبَلَ الْحَسَنُ نَحْوَ الْكِساءِ وَقالَ الْسَّلامُ عَلَيْكَ ياجَدَّاهُ

ص: 136

يارَسُولَ اللَّه اَتَأْذَنُ لِي اَنْ اَدْخُلَ مَعَكَ تَحْتَ الْكِساءِ فَقالَ وَعَلَيْكَ الْسَّلامُ ياوَلَدِي وَياصاحِبَ حَوْضِي قَدْ اَذِنْتُ لَكَ فَدَخَلَ مَعَهُ تَحْتَ الْكِساءِ فَما كانَتْ اِلّا ساعَةً وَاِذا بِوَلَدِيَ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ الْسَّلام قَدْ اَقْبَلَ وَقالَ الْسَّلامُ عَلَيْكِ ياأُمّاهُ فَقُلْتُ وَعَلَيْكَ الْسَّلامُ ياوَلَدِي وَياقُرَّةَ عَيْنِي وَثَمَرَةَ فُؤادِي فَقالَ لِي ياأُمّاهُ اِنِّي اَشَمُّ عِنْدَكِ رائِحَةً طَيِّبَةً كَأَنَّها رائِحَةُ جَدِّي رَسُولِ اللَّه فَقُلْتُ نَعَمْ اِنَّ جَدَّكَ وَاَخاكَ تَحْتَ الْكِساءِ فَدَنَى الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ الْسَّلام نَحْوَ الْكِساءِ وَقالَ الْسَّلامُ عَلَيْكَ ياجَدَّاهُ الْسَّلامُ عَلَيْكَ يامَنِ اخْتارَهُ اللَّه اَتَأْذَنُ لِي اَنْ اَكُونَ مَعَكُما تَحْتَ الْكِساء فَقالَ وَعَلَيْكَ الْسَّلامُ ياوَلَدِي وَياشافِعَ أُمَّتِي قَدْ اَذِنْتُ لَكَ فَدَخَلَ مَعَهُما تَحْتَ الْكِساءِ فَاَقْبَلَ عِنْدَ ذلِكَ اَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ اَبِي طالِبٍ وَقالَ الْسَّلامُ عَلَيْكِ يابِنْتَ رَسُولِ اللَّه فَقُلْتُ وَعَلَيْكَ الْسَّلامُ يااَبَا الْحَسَنِ وَيااَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقالَ يافاطِمَةُ اِنِّي اَشَمُّ عِنْدَكِ رائِحَةً طَيَّبَةً كَأَنَّها رائِحَةَ اَخِي وَابْنِ عَمِّي رَسُولِ اللَّه فَقُلْتُ نَعَمْ هاهُوَ مَعَ وَلَدَيْكَ تَحْتَ الْكِساءِ فَاَقْبَلَ عَلِيٌّ نَحْوَ الْكِساءِ وَقالَ الْسَّلامُ عَلَيْكَ يارَسُولَ اللَّه اَتَأْذَنُ لِي اَنْ اَكُونَ مَعَكُمْ تَحْتَ الْكِساءِ قالَ لَهُ وَعَلَيْكَ الْسَّلامُ يااَخِي وَياوَصِيِّي وَخَلِيفَتِي وَصاحِبَ لِوائِي قَدْ اَذِنْتُ لَكَ فَدَخَلَ عَلِيٌّ تَحْتَ الْكِساءِ ثُمَّ اَتَيْتُ نَحْوَ الْكِساءِ وَقُلْتُ الْسَّلامُ عَلَيْكَ يااَبَتاهُ يارَسُولَ اللَّه اَتَأْذَنُ لِي اَنْ اَكُونَ مَعَكُمْ تَحْتَ الْكِساءِ قالَ وَعَلَيْكِ الْسَّلامُ يابِنْتِي وَيابَضْعَتِي قَدْ اَذْنِتْ لَكِ فَدَخَلْتُ تَحْتَ الْكِساءِ فَلَمّا اكْتَمَلْنا جَمِيعاً تَحْتَ الْكِساءِ اَخَذَ اَبِي رَسُولُ اللَّه بَطَرَفَيِ الْكِساءِ وَاَوْمَى ءَ بِيَدِهِ الْيمْنى اِلَى الْسَّماءِ وَقالَ اللَّهُمَّ اِنَّ هؤُلاءِ اَهْلُ بَيْتِي وَخاصَّتِي وَحامَّتِي لَحْمُهُمْ لَحْمِي وَدَمُهُمْ دَمِي يُؤْلِمُنِي ما يُؤْلِمُهُمْ وَيُحْزِنُنِي ما يَحْزُنُهُمْ اَنا

ص: 137

حَرْبٌ لِمَنْ حارَبَهُمْ وَسِلْمٌ لِمَنْ سالَمَهُمْ وَعَدُوٌّ لِمَنْ عاداهُمْ وَمُحِبٌّ لِمَنْ اَحَبَّهُمْ اِنَّهُمْ مِنِّي وَاَنا مِنْهُمْ فَاجْعَلْ صَلَواتِكَ وَبَرَكاتِكَ وَرَحْمَتَكَ وَغُفْرانَكَ وَرِضْوانَكَ عَلَيَّ وَعَلَيْهِمْ وَاَذْهِبْ عَنْهُمُ الْرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيراً فَقالَ اللَّه عَزَّوَجَلَّ يامَلائِكَتِي وَياسُكّانَ سَماواتِي اِنِّي ما خَلَقْتُ سَماءً مَبْنِيَّةً وَلا اَرْضاً مَدْحِيَّةً وَلا قَمَراً مُنِيراً وَلا شَمْساً مُضِيئَةً وَلا فَلَكاً يَدُورُ وَلا بَحْراً يَجْرِي وَلا فُلْكاً يَسْرِي اِلّا فِي مَحَبَّةِ هؤُلاءِ الْخَمْسَةِ الَّذِينَ هُمْ تَحْتَ الْكِساءِ فَقالَ الْأَمِينُ جِبْرائِيلُ يارَبِ ّ وَمَنْ تَحْتَ الْكِساءِ فَقالَ عَزَّوَجَلَّ هُمْ اَهْلُ بَيْتِ الْنُّبَوَّةِ وَمَعْدِنُ الْرِّسالَةِ هُمْ فاطِمَةُ وَاَبُوها وَبَعْلُها وَبَنُوها فَقالَ جِبْرائِيلُ يارَبِ ّ اَتَأْذَنُ لِي اَنْ اَهْبِطَ اِلَى الْأَرْضِ لاِكُونَ مَعَهُمْ سادِساً ؟ فَقالَ اللَّه نَعَمْ قَدْ اَذِنْتُ لَكَ فَهَبَطَ الْأَمِينُ جِبْرائِيلُ وَقالَ الْسَّلامُ عَلَيْكَ يارَسُولَ اللَّه الْعَلِيُّ الْأَعْلى يُقْرِئُكَ الْسَّلامَ وَيَخُصُّكَ بِالْتَّحِيَّةِ وَالْإِكْرامِ وَيَقُولُ لَكَ وَعِزَّتِي وَجَلالِي اِنِّي ما خَلَقْتُ سَماءً مَبْنِيَّةً وَلا اَرْضاً مَدْحِيَّةً وَلا قَمَراً مُنِيراً وَلا شَمْساً مُضِيئَةً وَلا فَلَكاً يَدُورُ وَلا بَحْراً يَجْرِي وَلا فُلْكاً يَسْرِي اِلّا لاِجْلِكُمْ وَمَحَبَّتِكُمْ وَقَدْ اَذِنَ لِي اَنْ اَدْخُلَ مَعَكُمْ فَهَلْ تَأْذَنُ لِي يارَسُولَ اللَّه فَقالَ رَسُولُ اللَّه وَعَلَيْكَ الْسَّلامُ يااَمِينَ وَحْيِ اللَّه اِنَّهُ نَعَمْ قَدْ اَذِنْتُ لَكَ فَدَخَلَ جِبْرائِيلُ مَعَنا تَحْتَ الْكِساءِ فَقالَ لاِبِي اِنَّ اللَّه قَدْ اَوْحى اِلَيْكُمْ يَقُولُ اِنَّما يُرِيدُ اللَّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الْرِّجْسَ اَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً فَقالَ عَلِيٌّ لاِبِي يارَسُولَ اللَّه اَخْبِرْنِي ما لِجُلُوسِنا هذا تَحْتَ الْكِساءِ مِنَ الْفَضْلِ عِنْدَ اللَّه فَقالَ الْنَّبِيُّ صَلّى اللَّه عَلَيْهِ وَآلِهِ وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِ ّ نَبِيّاً وَاصْطَفانِي بِالرِّسالَةِ نَجِيّاً ما ذُكِرَ خَبَرُنا هذا فِي مَحْفِلٍ مِنْ مَحافِلِ اَهْلِ الأَرْضِ وَفِيهِ جَمْعٌ مِنْ شِيعَتِنا وَمُحِبِّينا اِلّا وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ الْرَّحْمَةُ وَحَفَّتْ

ص: 138

بِهِمُ الْمَلائِكَةُ وَاسْتَغْفَرَتْ لَهُمْ اِلى اَنْ يَتَفَرَّقُوا فَقالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ الْسَّلامُ اِذاً وَاللَّه فُزْنا وَفازَ شِيعَتُنا وَرَبِ ّ الْكَعْبَةِ فَقالَ اَبِي رَسُولُ اللَّه صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ياعَلِيُّ وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِ ّ نَبِيّاً وَاصْطَفانِي بِالرِّسالَةِ نَجِيّاً ما ذُكِرَ خَبَرُنا هذا فِي مَحْفِلٍ مِنْ مَحافِلِ اَهْلِ الأَرْضِ وَفِيهِ جَمْعٌ مِنْ شِيعَتِنا وَمُحِبِّينا وَفِيهِمْ مَهْمُومٌ إِلّا وَفَرَّجَ اللَّهُ هَمَّهُ وَلا مَغْمُومٌ إِلّا وَكَشَفَ اللَّه غَمَّهُ وَلا طالِبُ حاجَةٍ إِلّا وَقَضى اللَّه حاجَتَهُ فَقالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ الْسَّلامُ اِذاً وَاللَّه فُزْنا وَسُعِدْنا وَكَذلِكَ شِيعَتُنا فازُوا وَسُعِدُوا فِي الْدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَرَبِ ّ الْكَعْبَةِ) .

وهذا السند في منتهى الجلالة ورجاله من كبار ومشاهير العلماء ، أمّا القاسم ابن يحيى فالصحيح عندنا تبعاً لجمع منهم صاحب الجواره والعديد وغيره ، اعتباره إذ هو من شيوخ البزنطي ، والبزنطي صحّ أنّه لا يروي إلّا عن ثقة .

وأمّا جابر ففيه قولان ، وقد اعتبره جمع وهو الأصحّ ، وقد نقل متن حديث الكساء أيضاً العلّامة الثقة فخر الدين الطريحي الأسدي صاحب « مجمع البحرين » في كتاب « المنتخب الكبير » ، وكذلك نقل ما يقرب من نصفه الديلمي صاحب « الإرشاد » في « الغرر والدرر » وكذلك نقله كلّه الحسين العلوي الدمشقي الحنفي وكذلك آخرون ، وهو من الإشتهار بحيث يغني عن تتبّع السند(1).

آداب قبل النوم

[ 8 ] - عن فاطمة عليها السلام أنّها قالت :

(دخل عليَّ أبي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وأنّي قد افترشت الفراش وأردت أن أنام

ص: 139


1- 144. من فقه الزهراء عليها السلام : ج 1 ص 53 .

فقال : يافاطمة ، لا تنامي حتّى تعملي أربعة أشياء : حتّى تختمي القرآن ، وتجعلي الأنبياء شفعاءك ، وتجعلي المؤمنين راضين عنك ، وتعملي حجّة وعمرة . ودخل في الصلاة فتوقّفت على فراشي حتّى أتمّ الصلاة ، فقلت : يارسول اللَّه أمرتني بأربعة أشياء لا أقدر في هذه الساعة أن أفعلها ، فتبسّم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وقال : إذا قرأت « قل هو اللَّه أحد » ثلاث مرّات فكأنّك قد ختمت القرآن ، وإذا صلّيت عليَّ وعلى الأنبياء من قبلي فقد صرنا لك شفعاء يوم القيامة ، وإذا استغفرت للمؤمنين فكلّهم راضون عنك ، وإذا قلت « سبحان اللَّه والحمد للَّه ولا إله إلّا اللَّه واللَّه أكبر » فقد حججت واعتمرت)(1).

أصبحت عائفة لدنياكم

[ 9 ] - وقا سويد بن غفلة(2): لمّا مرضت فاطمة سلام اللَّه عليها ، المرضة التي توفّيت فيها(3) دخلت عليها نساء المهاجرين والأنصار يعدنها ، فقلن لها : كيف أصبحت

ص: 140


1- 145. مسند فاطمة الزهراء عليها السلام : ص 219 .
2- 146. قال العلّامة في الخلاصة : سويد بن غفلة الجعفي قال البرقي : أنّه من أولياء أمير المؤمنين عليه السلام . وفي أُسد الغابة « أدرك الجاهلية كبيراً وأسلم في حياة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ولم يره وأدّى صدقته إلى مصدّق النبي صلى الله عليه وآله ثمّ قدم المدينة فوصل يوم دفن النبي صلى الله عليه وآله وكان مولده عام الفيل وسكن الكوفة ... » . وفي تهذيب التهذيب « أدرك الجاهلية وقد قيل أنّه صلّى مع النبي صلى الله عليه وآله ولا يصحّ وقدم المدينة حين نفضت الأيدي من دفن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وهذا أصحّ ... إلى أن قال : قال ابن معين والعجلي : ثقة ... وقال أبو نعيم مات سنة ثمانين وقال أبو عبيد القاسم بن سلام وغير واحد مات سنة إحدى وثمانين وقال عمرو بن علي وغيره مات سنة 88 .
3- 147. قال ابن أبي الحديد في المجلّد الرابع من شرحه على النهج « قال أبو بكر وحدّثنا محمّد بن زكريا قال حدّثنا محمّد بن عبدالرحمن المهلبي عن عبداللَّه بن حمّاد بن سليمان عن أبيه عن عبداللَّه بن حسين بن حسن عن أُمّه فاطمة بنت الحسين عليه السلام قالت : لمّا اشتدّ بفاطمة بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله الوجع وثقلت في علّتها دخلت عليها ... الخ .

من علّتك يابنة رسول اللَّه ؟ فحمدت اللَّه ، وصلّت على أبيها ، ثمّ قالت :

(أصبحت واللَّه عائفة لدنياكنّ ، قالية لرجالكنّ ، لفظتهم بعد أن عجمتهم(1) وسئمتهم بعد أن سبرتهم(2) فقبحاً لفلول الحدّ ، واللعب بعد الجدّ ، وقرع الصفاة وصدع القناة ، وختل الآراء(3) وزلل الأهواء ، وبئس ما قدّمت لهم أنفسهم أن سخط اللَّه عليهم وفي العذاب هم خالدون ! لا جرم لقد قلّدتهم ربقتها وحمّلتهم أوقتها(4) وشننت عليهم غاراتها(5)، فجدعاً وعقراً وبعداً للقوم الظالمين . ويحهم أنّى زعزعوها عن رواسي الرسالة ، وقواعد النبوّة والدلالة ، ومهبط الروح الأمين ، والطبين بأُمور الدنيا(6) والدين ؟! ألا ذلك هو الخسران المبين ! وما الذي نقموا من أبي الحسن عليه السلام ؟! نقموا واللَّه منه نكير سيفه ، وقلّة مبالاته لحتفه ، وشدّة وطأته ، ونكال(7) وقعته ، وتنمّره في ذات اللَّه(8) وتاللَّه لو مالوا عن المحجّة اللائحة ، وزالوا عن قبول الحجّة

ص: 141


1- 148. لفظتهم : رميت به وطرحتهم بعد أن عجمتهم : أي بعد أن اختبرتهم وامتحنتهم .
2- 149. سئمتهم : مللتهم ، وسبرتهم : جرّبتهم واختبرتهم واحداً واحداً .
3- 150. ختل الآراء : زيفها وخداعها .
4- 151. أوقتها : ثقلها .
5- 152. شننت الغارة عليهم وجّهتها عليهم من كلّ جهة .
6- 153. الطبين : الفطن الحاذق العالم بكلّ شي ء .
7- 154. النكال : ما نكلت به غيرك كائناً ما كان .
8- 155. تنمّر : عبس وغضب .

الواضحة ، لردّهم إليها ، وحملهم عليها ولسار بهم سيراً سجحاً(1) لا يكلّم حشاشه(2) ولا يكلّ سائره(3) ولا يملّ راكبه ، ولأوردهم منهلاً نميراً ، صافياً ، رويّاً ، تطفح ضفتاه ولا يترنّق جانباه ولأصدرهم بطاناً ، ونصح لهم سرّاً وإعلاناً ، ولم يكن يتحلّى من الدنيا بطائل ، ولا يحظى منها بنائل ، غير ري الناهل ، وشبعة الكافل ، ولبان لهم : الزاهد من الراغب والصادق من الكاذب ، ولو أنّ أهل القرى آمنوا واتّقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ، ولكن كذّبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون ، والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيّئات ما كسبوا وما هم بمعجزين ! ألا هلم فاسمع ! وما عشت أراك الدهر عجباً !! وإن تعجب فعجب قولهم !! ليت شعري إلى أي سناد استندوا ؟! وإلى أي عماد اعتمدوا ؟! وبأيّة عروة تمسّكوا ؟! وعلى أيّة ذرّية أقدموا واحتنكوا(4) لبئس المولى ولبئس العشير ، وبئس للظالمين بدلاً ! استبدلوا واللَّه الذنابي بالقوادم(5) والعجز بالكاهل(6) فرغماً لمعاطس(7) قوم يحسبون أنّهم يحسنون صنعاً ، ألا إنّهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون . ويحهم أفمن يهدي إلى الحقّ أحقّ أن يتّبع أم من لا يهدي إلّا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون ؟! أمّا لعمري لقد لقحت ، فنظرة

ص: 142


1- 156. سجحاً : سهلاً .
2- 157. كلّمه : جرحه .
3- 158. يكلّ : يتعب .
4- 159. احتنكه : استولى عليه .
5- 160. الذنابي : ذنب الطائر ، وقوادمه : مقادم ريشه .
6- 161. العجز : مؤخّر الشي ء ، والكاهل : مقدم أعلى الظهر ممّا يلي العنق .
7- 162. المعطس : الأنف .

ريثما تنتج ، ثمّ احتلبوا ملاء القعب دماً عبيطاً(1) وذعافاً مبيداً ، هنالك يخسر المبطلون ، ويعرف الباطلون غبّ(2) ما أسّس الأوّلون ، ثمّ طيبوا عن دنياكم أنفساً ، واطمأنّوا للفتنة جأشاً ، وابشروا بسيف صارم ، وسطوة معتدٍ غاشم ، وبهرج شامل ، واستبداد من الظالمين : يدع فيئكم زهيداً ، وجمعكم حصيداً ، فياحسرتا لكم ! وأنّى بكم وقد عميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون !

قال سويد بن غفلة : فأعادت النساء قولها عليها السلام على رجالهنّ فجاء إليها قوم من المهاجرين والأنصار معتذرين ، وقالوا : ياسيّدة النساء ، لو كان أبو الحسن ذكر لنا هذا الأمر قبل أن يبرم العهد ، ويحكم العقد ، لما عدلنا عنه إلى غيره ، فقالت عليها السلام : إليكم عنّي فلا عذر بعد تعذيركم ، ولا أمر بعد تقصيركم)(3).

إنّها أحقاد بدريّة

[ 10 ] - ودخلت أُمّ سلمة على فاطمة عليها السلام فقالت لها : كيف أصبحت عن ليلتك يابنت رسول اللَّه ؟ قالت :

(أصبحت بين كمد وكرب فقد النبي صلى الله عليه وآله وظلم الوصي هتك واللَّه حجبه أصبحت إمامته مقتصّة على غير ما شرع اللَّه في التنزيل وسنّها النبي في التأويل ولكّنها أحقاد بدرية وترات أُحدية كانت عليها قلوب النفاق

ص: 143


1- 163. القَعْبُ : القدح ، والدم العبيط : الخالص الطري .
2- 164. الغبّ : العاقبة .
3- 165. الاحتجاج : ج 1 ص 108 .

مكتمنة لإمكان الوشاة فلمّا استهدف الأمر أُرسلت علينا شآبيب الآثار من مخيلة الشقاق فيقطع وتر الإيمان من قسي صدورها وليس علي ما وعد اللَّه من حفظ الرسالة وكفالة المؤمنين أحرزوا عايدتهم غرور الدنيا بعد انتصار ممّن فتك بآبائهم في مواطن الكروب ومنازل الشهادات)(1).

البشر والبشاشة

[ 11] - قالت فاطمة الزهراء عليها السلام :

(بِشْرٌ في وجه المؤمن يوجب لصاحبه الجنّة ، وبشر في وجه المعاند المعادي يقي صاحبه عذاب النار)(2).

ثلاث تحبّها الزهراء عليها السلام

[ 12 ] - قالت فاطمة الزهراء عليها السلام :

(حبّب إليّ من دنياكم ثلاث : تلاوة كتاب اللَّه والنظر في وجه رسول اللَّه والإنفاق في سبيل اللَّه)(3).

حديث الثقلين

[ 13 ] - في ينابيع المودّة عن فاطمة الزهراء عليها السلام قالت :

(سمعت أبي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله في مرضه الذي قبض فيه يقول - وقد امتلأت

ص: 144


1- 166. المناقب : ج 2 ص 205 ، وبحار الأنوار : ج 43 ص 156 ب 7 ح 5 .
2- 167. بحار الأنوار : ج 72 ص 401 ب 87 .
3- 168. نهج الحياة في كلمات الصدّيقة الطاهرة عليها السلام : ص 170 ح 137 عن وقائع الأيّام للخياباني مجلّد الصوم : ص 295 .

الحجرة من أصحابه - : أيّها الناس يوشك أن أُقبض قبضاً يسيراً وقد قدّمت إليكم القول معذرة إليكم ، إلّا أنّي مخلف فيكم ، كتاب ربّي عزّوجلّ وعترتي أهل بيتي .

ثمّ أخذ بيد علي فقال : هذا علي مع القرآن والقرآن مع علي لا يفترقان حتّى يردا عليّ الحوض فأسألكم ، ما تخلفوني فيهما .

قال القندوزي : وفي الصواعق المحرقة : روى هذا الحديث ثلاثون صحابياً وإنّ كثيراً من طرقه صحيح وحسن)(1).

ساعة استجابة الدعاء

[ 14 ] - حدّثنا أبو الحسين محمّد بن هارون بن موسى التلعكبري ، قال : أخبرني أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي ، قال : حدّثنا أبو سعيد أحمد بن الحسن القطّان ، قال : حدّثنا أبو العبّاس عبدالرحمن بن محمّد بن حمّاد ، قال : حدّثنا أبو سعيد يحيى بن حكيم ، قال : حدّثنا أبو قتيبة ، قال : حدّثنا الأصبغ ابن زيد ، عن سعيد بن نافع ، عن زيد بن علي ، عن آبائه ، عن فاطمة ابنة النبي صلى الله عليه وآله قالت :

(سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول : إنّ في الجمعة لساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل اللَّه عزّوجلّ فيها خيراً إلّا أعطاه .

قالت : فقلت : يارسول اللَّه أي ساعة هي ؟

قال : إذا تدلّى نصف عين الشمس للغروب .

قال : وكانت فاطمة عليها السلام تقول لغلامها : اصعد على السطح ، فإن رأيت عين

ص: 145


1- 169. ينابيع المودّة : ص 40 .

الشمس قد تدلّى للغروب فاعلمني حتّى أدعو)(1).

تحمّل رقاب الرجال

[ 15] - السندي بن محمّد ، عن أبي البختري ، عن أبي عبداللَّه ، عن أبيه عليهما السلام قال : تقاضى علي وفاطمة إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله في الخدمة ، فقضى على فاطمة :

بخدمةِ ما دون البابِ ، وقضى على علي بما خلفَهُ ، قال : فقالت فاطمةُ :

(فلا يَعلَم ما داخلني من السرور إلّا اللَّه بإكفائي رسولُ اللَّه صلى الله عليه وآله تَحمُّلَ رِقَابِ الرجال) .

توضيح : تحمّل رقاب الرجال أي تحمّل أُمور تحملها رقابهم ، من حمل القِرَب والحطب ، ويحتمل أن يكون كناية عن التبرّز من بين الرجال ، أو المشي على رقاب النائمين عند خروجها ليلاً للاستقاء ، أي التحمّل على رقابهم ، ولا يبعد أن يكون أصله : ما تحمل فأُسقطت كلمة « ما » من النسّاخ . ثمّ اعلم أنّ المعروف في اللغة كفاه لا أكفاه ، ولعلّ فيه أيضاً تصحيفاً(2).

*فضل السلام على الزهراء عليها السلام*

[ 16] - عن يزيد بن عبدالملك النوفلي ، عن أبيه عن جدّه قال : دخلت على فاطمة بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : فبدأتني بالسلام وقالت :

(قال أبي - وهو ذا حي - : إنّ من سلّم عليّ وعليك ثلاثة أيّام فله الجنّة .

ص: 146


1- 170. دلائل الإمامة : ص 4 - 5 .
2- 171. عوالم العلوم والمعارف فاطمة الزهراء عليها السلام : ص 124 - 125 عن قرب الإسناد : ص 25 ، وبحار الأنوار : ج 43 ص 81 ب 4 ح 1 .

فقلت لها : هذا في حياته وحياتك أو بعد موته وموتك ؟

قالت : في حياتنا وبعد موتنا)(1).

رفع القلم عن المريض

[ 17 ] - الدولابي ، عن أحمد بن يحيى الصوفي ، عن عبدالرحمن بن دبيس الملائي ، عن بشير بن زياد الجزري ، عن عبداللَّه بن الحسن ، عن أُمّه فاطمة بنت الحسين ، عن أبيها ، عن فاطمة بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قالت :

(قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله :

إذا مرض العبد أوحى اللَّه إلى ملائكته أن إرفعوا عن عبدي القلم ما دام في وثاقي ، فإنّي حبسته حتّى أقبضه أو أُخلّي سبيله)(2).

السخاء والبخل

[ 18] - حدّثنا أبو المفضّل محمّد بن عبداللَّه ، قال : حدّثنا محمّد بن محمّد ابن معقل العجلي القرمسيني ، قال : حدّثني موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمّد ، عن جدّه علي ابن الحسين ، عن أبيه الحسين ، عن أُمّه فاطمة عليها السلام ، قالت :

(قال لي أبي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : إيّاك والبخل فإنّه عاهة لا تكون في كريم ، إيّاك والبخل فإنّه شجرة في النار وأغصانها في الدنيا ، فمن

ص: 147


1- 172. كشف اليقين : ص 354 ، مسند فاطمة الزهراء سلام اللَّه عليها : ص 212 ح 101 .
2- 173. الذرّية الطاهرة : ص 147 - 148 ح 189 .

تعلّق بغصن من أغصانها أدخله النار ، والسخاء شجرة في الجنّة وأغصانها في الدنيا ، فمن تعلّق بغصن من أغصانها أدخله الجنّة)(1).

*علي عليه السلام أعلم الناس*

[ 19 ] - الدولابي عن أحمد بن يحيى الأزدي ، عن أبي نعيم بن ضرار ، عن أبي يعفور عبدالكريم ، عن جابر ، عن أبي الضحى ، عن مسروق عن عائشة ، قالت : حدّثتني فاطمة عليها السلام قالت :

(قال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : زوجتك أعلم الناس علماً ، وأوّلهم سلماً ، وأفضلهم حلماً)(2).

شرار الأُمّة

[ 20] - عن فاطمة البتول بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قالت :

(قال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : شرار أُمّتي الذين غدوا بالنعيم الذين يأكلون ألوان الطعام ويلبسون ألوان الثياب ويتشدّقون في الكلام(3))-(4).

ص: 148


1- 174. دلائل الإمامة : ص 4 . هذا ورواه توفيق أبو علم في كتابه أهل البيت : ص 11 ح 130 هكذا : عن الحسين عليه السلام ، عن أُمّه فاطمة رضي اللَّه عنها ، قالت : قال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : إيّاك والبخل ، فإنّه عاهة لا تكون في كريم ، إيّاك والبخل فإنّه شجرة في النار وأغصانها في الدنيا ، فمن تعلّق بغصن من أغصانها أدخله النار ، وعليك بالسخاء ، فإنّ السخاء شجرة من شجر الجنّة أغصانها متدليّة إلى الأرض ، فمن أخذ منها غصناً قاده ذلك الغصن إلى الجنّة . وعنه مسند فاطمة الزهراء عليها السلام : ص 214 ح 104 .
2- 175. مسند فاطمة الزهراء عليها السلام : ص 292 ، عن الذرّية الطاهرة : ص 93 برقم 83 ، وروى معناه ابن حنبل في مسنده : ج 1 ص 26 .
3- 176. التشدّق في الكلام : التوسّع فيه من غير طائل .
4- 177. مسند فاطمة الزهراء عليها السلام : ص 214 ح 105 .

الشفاعة الكبرى

[ 21 ] - روي أنّه إذا كان يوم القيامة يبعث إليها ملك ، لم يبعث إلى أحد قبلها ولا يبعث إلى أحد بعدها ، فيقول : إنّ ربّك يقرؤك السلام ويقول : سليني أعطك ، فتقول :

(قد أتمّ نعمته وهنّأني كرامته وأباحني جنّته ، أسأله ولدي وذرّيتي ومن ودّهم) .

وفي رواية : قد أتمّ عليَّ نعمته ، وأباحني جنّته ، وهنّأني كرامته ، وفضّلني على نساء خلقه ، أسأله أن يشفّعني في ولدي وذرّيتي ومن ودّهم بعدي وحفظهم بعدي .

فيطعيها اللَّه ذرّيتها وولدها ومن ودّهم لها وحفظهم فيها ، فتقول :

الحمد للَّه الذي أذهب عنّا الحزن وأقرّ عيني(1).

*أولست من شيعتكم ؟*

[ 22 ] - قال الإمام الحسن العسكري عليه السلام : قال رجل لامرأته : اذهبي إلى فاطمة عليها السلام بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فسليها عنّي ، أنا من شيعتكم ، أولست من شيعتكم ؟ فسألتها ، فقالت عليها السلام : قولي له :

(إن كنت تعمل بما أمرناك ، وتنتهي عمّا زجرناك عنه فأنت من شيعتنا ، وإلّا فلا .

فرجعت فأخبرته .

فقال : ياويلي ومن ينفكّ من الذنوب والخطايا ، فأنا إذن خالد في النار ، فإنّ من ليس من شيعتهم فهو خالد في النار .

فرجعت المرأة فقالت لفاطمة عليها السلام ما قال لها زوجها .

ص: 149


1- 178. صحيفة الزهراء عليها السلام : ص 184 .

فقالت فاطمة عليها السلام : قولي له : ليس هكذا [ فإنّ ] شيعتنا من خيار أهل الجنّة ، وكلّ محبّينا وموالي أوليائنا ، ومعادي أعدائنا ، والمسلّم بقلبه ولسانه لنا ليسوا من شيعتنا إذا خالفوا أوامرنا ونواهينا في سائر الموبقات ، وهم مع ذلك في الجنّة ، ولكن بعد ما يطهّرون من ذنوبهم بالبلايا والرزايا ، أو في عرصات القيامة بأنواع شدائدها ، أو في الطبق الأعلى من جهنّم بعذابها إلى أن نستنقذهم - بحبّنا - منها ، وننقلهم إلى حضرتنا)(1).

قولي ياأبه

[ 23 ] - القاضي أبو محمّد الكرخي في كتابه عن الصادق عليه السلام : قالت فاطمة :

(لمّا نزلت «لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً»(2) هبتُ رسول اللَّه أن أقول له : ياأبه ، فكنت أقول : يارسول اللَّه ، فأعرض عنّي مرّة واثنتين أو ثلاثاً .

ثمّ أقبل عليَّ فقال : يافاطمة ، إنّها لم تنزل فيك ولا في أهلك ولا في نسلك ، أنت منّي وأنا منك .

إنّما نزلت في أهل الجفاء والغلظة من قريش ، أصحاب البذخ(3) والكبر ، قولي ياأبه ، فإنّها أحيا للقلب وأرضى للربّ)(4).

ص: 150


1- 179. تفسير الإمام عليه السلام : ص 308 ح 152 ، وعنه بحار الأنوار : ج 65 ص 154 ب 19 ح 11 ، ولئالي الأخبار : ج 5 ص 156 .
2- 180. سورة النور : آية 63 .
3- 181. البذخ - بالتحريك - : الفخر والتطاول . (مجمع البحرين) .
4- 182. مناقب آل أبي طالب : ج 3 ص 320 .

أدب الصائم

[ 24 ] - عن فاطمة بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أنّها قالت :

(ما يَصنعُ الصائِمُ بصيامه إذا لم يَصُن لسانَهُ وسمعَهُ وبصرَهُ وجوارِحَهُ)(1).

*أفلا تتدبّرون القرآن ؟*

[ 25 ] - قالت فاطمة الزهراء عليها السلام :

(معاشر الناس ، المسرعة إلى القيل الباطل ، المغضية على الفعل القبيح الخاسر ، أفلا تتدبّرون القرآن أم على قلوب أقفالها ، كلّا بل ران على قلوبكم ما أسأتم من أعمالكم ، فأخذ بسمعكم وأبصاركم ، ولبئس ما تأوّلتم ، وساء ما به أشرتم ، وشرّ ما منه اغتصبتم . لتجدنّ واللَّه محمله ثقيلاً ، وغبّه وبيلاً ، إذا كشف لكم الغطاء ، وبان ما وراءه الضرّاء ، وبدا لكم من ربّكم ما لم تكونوا تحتسبون ، وخسر هنالك المبطلون)(2).

*الإخلاص في العبادة*

[ 26 ] - قالت فاطمة الزهراء عليها السلام :

(من أصعد إلى اللَّه خالص عبادته ، أهبط اللَّه عزّوجلّ إليه أفضل

ص: 151


1- 183. مستدرك الوسائل : ج 7 ص 366 ب 10 ح 8431 ، وبحار الأنوار : ج 93 ص 295 ب 36 .
2- 184. الاحتجاج : ج 1 ص 104 ، وبحار الأنوار : ج 29 ص 232 ، عوالم العلوم والمعارف : ج 11 ص 476 ، أعيان الشيعة : ج 1 ص 317 .

مصلحته)(1).

الخوف من سفر القيامة

[ 27 ] - توضّأ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ذات يوم من أيّام حياته الحافلة بالأعمال والحوادث ، في بيت فاطمة عليها السلام ثمّ قال : كيف حالك بُنيّتي فاطمة ؟ قالت :

(واللَّه لقد اشتدّت حزني ، واشتدّ فاقتي ، وطال أسفي)(2).

ابتغوا إليه الوسيلة

[ 28 ] - قالت فاطمة الزهراء عليها السلام :

(واحمدوا الذي لعظمته ونوره يبتغي من في السماوات والأرض إليه الوسيلة ، ونحن وسيلته في خلقه ونحن خاصّته ومحلّ قدسه ونحن حجّته في غيبه ونحن ورثة أنبيائه)(3).

من مقامات العلماء

[ 29 ] - عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام قال : حضرت امرأة عند الصدّيقة فاطمة الزهراء عليها السلام فقالت : إنّ لي والدة ضعيفة ، وقد لُبس عليها في أمر صلاتها شي ء ، وقد بعثتني إليك أسألك ، فأجابتها فاطمة عليها السلام عن ذلك ، ثمّ ثنّت(4) فأجابت ، ثمّ ثلّثت

ص: 152


1- 185. تنبيه الخواطر ، مجموعة ورّام : ج 2 ص 108 ، وعدّة الداعي : ص 233 ، وتفسير الإمام عليه السلام : ص 327 ح 177 ، وبحار الأنوار : ج 67 ص 249 ب 54 .
2- 186. كلمات فاطمة الزهراء عليها السلام : ص 69 ح 40 .
3- 187. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج 16 ص 211 .
4- 188. أي : سألتها ثانية .

فأجابت إلى أن عشّرت فأجابت ، ثمّ خجلت من الكثرة ، فقالت : لا أشُقُّ عليك يابنت رسول اللَّه ، قالت فاطمة عليها السلام :

(هاتي وسلي عمّا بدا لك ، أرأيت من اكتُرِيَ يوماً يصعد إلى سطح بحمل ثقيل وكراؤه مائة الف دينار أيثقُلَ عليه ذلك ؟ فقالت : لا فقالت : اكتُرِيتُ أنا لكلّ مسألة بأكثر من مل ء ما بين الثرى إلى العرش لؤلؤاً ، فأحرى أن لا يثقل عليَّ . سمعت أبي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقول : إنّ علماء شيعتنا يُحشرون فيُخلَعُ عليهم من خِلَعِ الكرامات على قدر كثرة علومِهِم وجِدِّهِم في إرشاد عباد اللَّه ، حتّى يُخلَع على الواحِدِ منهم الف الف خلعة(1) من نور ، ثمّ ينادي منادي ربّنا عزّوجلّ : أيّها الكافلون لأيتام آل محمّد الناعشون(2) لهم عند انقطاعهم عن آبائهم الذين هم أئمّتهم ، هؤلاء تلامِذَتُكُم ، والأيتام الذين كفلتموهم ونعشتموهم ، فاخلَعُوا عليهم كما خلعتموهم خلع العلوم في الدنيا ، فيُخلَعون على كلّ واحد من أُولئك الأيتام على قدر ما أخذوا عنهم من العلوم ، حتّى أنّ فيهم - يعني في الأيتام - لمن يخلع عليه مائة الف خلعة ، وكذلك يخلع هؤلاء الأيتام على مَن تعلّم منهم .

ثمّ إنّ اللَّه تعالى يقول : أعيدوا على هؤلاء العلماء الكافلين للأيتام حتّى تتمّوا لهم خلعهم وتضعّفوها فيتمّ لهم ما كان لهم قبل أن يخلعوا عليهم ويضاعف لهم ، وكذلك من بمرتبتهم ممّن يخلع عليه من مرتبتهم .

وقالت فاطمة عليها السلام : ياأمة اللَّه ، إنّ سلكاً من تلك الخلع لأفضل ممّا طلعت

ص: 153


1- 189. الخلعة : الثوب الذي يعطى منحة .
2- 190. نعشهُ : رفعه وأقامه ، تداركه بعد هلكة .

عليه الشمس(1) الف الف مرّة ، وما فضل ، فإنّه مشوب بالتنغيص(2) والكدر)(3).

الكعبة تؤتى ولا تأتي

[ 30 ] - عن محمود بن لبيد - في كلام طويل له - قال : قلت : ياسيّدتي فما باله (يعني به أمير المؤمنين عليه السلام) قعد عن حقّه ؟ قالت :

(ياأبا عمر لقد قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : مثل الإمام مثل الكعبة إذ تؤتى ولا تأتي . - أو قالت - : مَثَل علي)(4).

*الخشية من النار*

[ 31 ] - عندما نزل على رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قوله تعالى : «وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ * لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ»(5) وهو يحمل إنذاراً شديداً بعذاب أليم . بكى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وبكى أصحابه أيضاً . فعرفت الزهراء عليها السلام ببكاء والدها صلى الله عليه وآله سألته قائلة :

(ياأبت فديتك ما الذي أبكاك ؟ فذكر لها ما نزل به جبرئيل من الآيتين المتقدّمتين قال : فسقطت فاطمة عليها السلام على وجهها وهي تقول :

ص: 154


1- 191. أي : الدنيا .
2- 192. تنغّص العيش : تكدّر .
3- 193. تفسير الإمام عليه السلام : ص 340 ح 216 ، عنه منية المريد : ص 116 ، والمحجّة البيضاء : ج 1 ص 30 ، وبحار الأنوار : ج 2 ص 3 ب 8 ح 3 .
4- 194. كفاية الأثر : ص 199 ، وعنه بحار الأنوار : ج 36 ص 353 ب 41 ح 224 .
5- 195. سورة الحجر : 43 و44 .

الويل ثمّ الويل لمن دخل النار)(1).

الجار ثمّ الدار

[ 32 ] - عن علي بن محمّد بن الحسن القزويني المعروف بابن مقبرة ، عن محمّد بن عبداللَّه الحضرمي ، عن جندل ابن والق عن محمّد بن عمر المازني ، عن عبادة الكلبي ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن علي بن الحسين ، عن فاطمة الصغرى ، عن الحسين ابن علي ، عن أخيه الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال : رأيت أُمّي فاطمة قامت في محرابها ليلة جُمُعَتِهَا فلم تزل راكعة ساجدة حتّى اتّضح عمود الصبح ، وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسمّيهم وتُكثِرُ الدعاء لهم ولا تدعو لنفسها بشي ء ، فقلت لها : ياأُمَّاه لِمَ لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك ؟ فقالت :

(يابنيَّ الجارُ ثمّ الدَّارُ)(2).

*نصائح عامّة*

[ 33 ] - أخبرنا القاضي أبو بكر محمّد بن عمر الجِعَابي ، قال : أخبرنا أبو عبداللَّه محمّد بن العبّاس بن محمّد بن أبي محمّد يحيى المبارك ، اليزيدي ، قال : حدّثنا الخليل بن أسد - أبو الأسود - النُّوشجَاني . قال : حدّثنا رُوَيْمُ بن يزيد المنقري ، قال : حدّثنا سَوَّار ابن مُصعَب الهمداني ، عن عمرو بن قيس ، عن سَلَمَةَ بن كُهَيل ، عن شقيق بن سلمة ، عن ابن مسعود قال : جاء رجل إلى فاطمة عليها السلام فقال : ياابنة رسول اللَّه هل

ص: 155


1- 196. بحار الأنوار : ج 8 ص 303 ب 24 ح 62 ، وج 43 ص 88 ب 4 ح 9 ، من كتاب الدروع من كتاب زهد النبي صلى الله عليه وآله لأبي جعفر القمّي الصدوق .
2- 197. بحار الأنوار : ج 43 ص 81 ب 4 ح 3 عن علل الشرائع : ج 1 ص 181 الباب 145 ح 1 ، وكشف الغمّة : ج 1 ص 468 .

ترك رسول اللَّه صلى الله عليه وآله عندك شيئاً فطوّقينيه(1)؟ فقالت :

(ياجارية هات تلك الجريدة(2)، فطلبتها ، فلم تجدها . فقالت : ويحك اطلبيها (فإنّها تعدل عندي حسناً وحسيناً)(3)، فطلبتها ، فإذا هي قد قمّمتها(4) في قمامتها ، فإذا فيها قال محمّد النبي صلى الله عليه وآله : ليس من المؤمنين من لم يأمن جارُهُ بوائقَهَ ، ومن كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر ، فلا يؤذي جاره ، ومن كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر ، فليقل خيراً أو يسكت ، إنّ اللَّه يحبّ الخيّر الحليم المتعفّف ويبغض الفاحش(5) البذّاء(6) السائل(7) الملحف ، إنّ الحياء من الإيمان والإيمان في الجنّة ، وإنّ الفُحش من البذاء والبذاء في النار)(8).

من سيرة الأنبياء عليهم السلام

[34 ] - جاءت فاطمة سلام اللَّه عليها إلى النبي صلى الله عليه وآله فقالت :

ص: 156


1- 198. في سفينة البحار : فطوّقنيه .
2- 199. في دلائل الإمامة : الحريرة .
3- 200. في العبارة تأمّل ! وإن صحّت فتحمل على سبيل المجاز لتبيان أهميّة الوصيّة .
4- 201. أي جعلتها في القمامة .
5- 202. في دلائل الإمامة بعد الفاحش يوجد : الضنين .
6- 203. كلمة البذّاء ليست في سفينة البحار .
7- 204. في دلائل الإمامة : السئّال .
8- 205. مستدرك الوسائل : ج 12 ص 80 ب 71 ح 13571 عن دلائل الإمامة : ص 1 ، وعنه سفينة البحار : ج 1 ص 229 ، وروى معناه السيوطي في مسند فاطمة : ص 113 عن (طبّ ابن مسعود عن فاطمة الزهراء عليها السلام) .

(يارسول اللَّه إنّي وابن عمّي ما لنا فراش إلّا جلد كبش ننام عليه ونعلف عليه ناضحنا(1) بالنهار فقال صلى الله عليه وآله : يابنيّة إصبري فإنّ موسى بن عمران أقام مع امرأته عشر سنين ما لهما فراش إلّا عباءة قطوانية أي بيضاء كثيرة الخمل)(2).

الحمد والشكر

[ 35 ] - تفسير الثعلبي ، عن جعفر بن محمّد عليهما السلام ، وتفسير القشيري ، عن جابر الأنصاري : أنّه رأى النبي صلى الله عليه وآله فاطمة وعليها كساء من أجلّة الإبل ، وهي تطحن بيديها وترضع ولدها ، فدمعت عينا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فقال : يابنتاه ، تعجّلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة ، فقالت :

(يارسول اللَّه الحمد للَّه على نعمائه ، والشكر للَّه على آلائه ، فأنزل اللَّه : «وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى»(3))(4).

ياأبت .. ورّثهما

[ 36 ] - روي أنّ فاطمة عليها السلام أتت بابنيها الحسن والحسين عليهما السلام إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله في شكواه التي توفّى فيها فقالت :

(يارسول اللَّه هذان إبناك فورّثهما شيئاً ، فقال : أمّا الحسن فإنّ له هديي

ص: 157


1- 206. الناضح : البعير الذي يسقى عليه .
2- 207. العوالم ، سيّدة النساء : ج 1 ص 468 .
3- 208. سورة الضحى : 5 .
4- 209. المناقب لابن شهر آشوب : ج 3 ص 342 ، وعنه بحار الأنوار : ج 43 ص 85 ب 4 ، والعوالم : ج فاطمة الزهراء عليها السلام ص 133 .

وسؤددي وأمّا الحسين فإنّ له جودي وشجاعتي) .

ورواه الجنابذي : أمّا الحسن فله هيبتي وسؤددي ، وأمّا الحسين فله جرأتي وجودي(1).

المتهاون بالصلاة

[ 37 ] - قالت فاطمة الزهراء عليها السلام :

(ياأبتاه ما لمن تهاون بصلاته من الرجال والنساء ؟

قال : يافاطمة من تهاون بصلاته من الرجال والنساء ابتلاه اللَّه بخمس عشرة خصلة : ستّ منها في دار الدنيا ، وثلاث عند موته ، وثلاث في قبره ، وثلاث في القيامة إذا خرج من قبره .

فأمّا اللواتي تصيبه في دار الدنيا : فالأُولى يرفع اللَّه البركة من عمره ، ويرفع اللَّه البركة من رزقه ، ويمحو اللَّه عزّوجلّ سيماء الصالحين من وجهه ، وكل عمل يعمله لا يؤجر عليه ، ولا يرتفع دعاؤه إلى السماء والسادسة ليس له حظّ في دعاء الصالحين .

وأمّا اللواتي تصيبه عند موته فأُولاهنّ أنّه يموت ذليلاً والثانية يموت جائعاً ، والثالثة يموت عطشاناً فلو سقي من أنهار الدنيا لم يرو عطشه .

وأمّا اللواتي تصيبه في قبره فأُولاهنّ يوكّل اللَّه به ملكاً يزعجه في قبره ، والثانية يضيّق عليه قبره ، والثالثة تكون الظلمة في قبره .

وأمّا اللواتي تصيبه يوم القيامة إذا خرج من قبره : فأُولاهنّ أن يوكّل اللَّه به ملكاً يسحبه على وجهه والخلائق ينظرون إليه ، والثانية يحاسب حساباً

ص: 158


1- 210. المحجّة البيضاء : ج 4 ص 216 .

شديداً ، والثالثة لا ينظر اللَّه إليه ولا يزكّيه وله عذاب أليم)(1).

من وصايا الزهراء عليها السلام

[ 38 ] - عن أبي جعفر عليه السلام قال : إنّ فاطمة بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : مكثت بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ستّين يوماً ثمّ مرضت فاشتدّت عليها فكان من دعائها في شكواها :

(ياحيُّ ياقيّومُ برحمتك أستغيث فأغثني اللهمّ زحزحني عن النار ، وأدخلني الجنّة ، وألحِقني بأبي محمّد صلى الله عليه وآله فكان أمير المؤمنين عليه السلام يقول لها : يُعَافِيكِ اللَّه ويُبقيكِ ، فتقول : ياأبا الحسن ما أسرع اللحاقَ باللَّه ، وأوصت بصَدَقَتِهَا ومَتَاعِ البيت ، وأوصته أن يتزوّج أُمامةَ بنتَ أبي العاص ، وقالت : بنت أُختي وتحنّن على ولدي قال : ودفنها ليلاً)(2).

يتزوجن بالدراهم

[ 39 ] - قالت فاطمة الزهراء عليها السلام :

(يارسول اللَّه ، إنّ بنات الناس يتزوّجنّ بالدراهم ، فما الفرق بيني وبينهنّ ؟ أسألك أن تردّها ، وتدعو اللَّه أن يجعل مهري الشفاعة في عصاة أُمّتك)(3).

ص: 159


1- 211. فلاح السائل : ص 22 الفصل 1 أروي بحذف الإسناد عن سيّدة النساء فاطمة ابنة سيّد الأنبياء صلوات اللَّه عليها وعلى أبيها وعلى بعلها وعلى أبنائها الأوصياء أنّها سألت أباها محمّداً صلى الله عليه وآله ، وبحار الأنوار : ج 80 ص 21 ب 6 ح 39 .
2- 212. بحار الأنوار : ج 43 ص 217 ب 7 ح 49 .
3- 213. الجنّة العاصمة : ص 179 ، (نقلاً عن أحمد بن يوسف الدمشقي القرماني في أخبار الدول وآثار الأُول ، (المتوفّى 1019) : ص 88 ط بغداد) .

دعاء النور

[ 40] - وروي أنّ فاطمة الزهراء عليها السلام علّمت سلمان الفارسي رضى الله عنه هذه الكلمات وقالت :

(من واظب على الدعاء بها لم تمسّه الحمّى وهي : بسم اللَّه النور ، بسم اللَّه نور النور ، بسم اللَّه نور على نور ، بسم اللَّه الذي هو مدبّر الأُمور ، بسم اللَّه خالق النور من النور ، الحمد للَّه الذي خلق النور ، وأنزل النور على الطور ، في كتاب مسطور ، بقدر مقدور ، على نبي محبور ، الحمد للَّه الذي هو بالعزّ مذكور وبالفخر مشهور ، وعلى السرّاء والضرّاء مشكور ، وصلّى اللَّه على سيّدنا خير خلقه محمّد وآله الطاهرين الميامين المباركين الأطهار وسلّم تسليماً دائماً كثيراً)(1).

ص: 160


1- 214. الدعوات للراوندي : ص 208 ح 564 .

الإمام الحسن بن علي عليهما السلام

اشارة

ص: 161

ص: 162

نسبه عليه السلام :

هو الإمام الحسن بن الإمام علي بن أبي طالب (عبد مناف) بن عبدالمطّلب (شيبة الحمد) بن هاشم ، وهو السبط الأوّل ، والإمام الثاني بعد أبيه أمير المؤمنين عليه السلام .

وأُمّه فاطمة الزهراء عليها السلام بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله .

ولادته وتسميته عليه السلام :

ولد الإمام الحسن عليه السلام ليلة الثلاثاء في اليوم الخامس عشر من شهر رمضان المبارك ، السنة الثالثة للهجرة في المدينة المنوّرة وقد سمّاه اللَّه سبحانه وتعالى الحسن ، فقد ورد في الروايات أنّ جبرئيل عليه السلام هبط على رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وطلب منه صلى الله عليه وآله تسميته ب (شبّر) فقال صلى الله عليه وآله : لساني عربي ، فقال جبرائيل : سمّه الحسن(1).

وفور ولادته عليه السلام أذّن الرسول صلى الله عليه وآله في أُذنه اليمنى ، وأقام في اليسرى ، وفي اليوم السابع عقّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله عنه بكبشين أملحين ، وحلق شعر رأسه وتصدّق بوزنه ورقاً .

ولا يخفى أنّ الحسن والحسين إسمان من أسامي أهل الجنّة ولم يكونا في الدنيا .

وقال النبي صلى الله عليه وآله : سمّي الحسن حسناً لأنّ بإحسان اللَّه قامت السماوات والأرضون ، واشتق الحسين من الإحسان ، وعلي والحسن اسمان من أسماء اللَّه تعالى : والحسين تصغير الحسن(2).

ص: 163


1- 215. بحار الأنوار : ج 43 ص 238 باب ولادتهما ، وأسمائهما وعللها ح 3 .
2- 216. بحار الأنوار : ج 43 ص 252 باب ولادتهما وأسمائهما وعللها ح 30 .

وعن النبي صلى الله عليه وآله قال : « أُمرت أن أُسمّي ابني هذين حسناً وحسيناً »(1)، وإنّ اللَّه حجب اسم الحسن والحسين حتّى سمّى بهما النبي صلى الله عليه وآله ابنيه .

كنيته عليه السلام : أبو محمّد .

ألقابه عليه السلام : وهي كثيرة منها : التقي ، الطيّب ، الزكي ، السيّد ، الوزير ، القائم ، الحجّة ، السبط ، الولي ، فكلّ هذه الألقاب كانت له ولكن أكثرها شهرة : التقي ، وأعلاها رتبة وأولاها به ما لقّبه به رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وخصّه به وهو السيّد .

زوجاته عليه السلام : تزوّج عدّة نساء هنّ :

هند بنت سهيل بن عمرو ، حفصة بنت عبدالرحمن بن أبي بكر ، خولة بنت منظور بن زياد الفزارية ، أُمّ إسحاق بنت طلحة بن عبداللَّه ، أُمّ بشر بنت أبي مسعود الأنصاري ، جعدة بنت الأشعث ، وامرأة من بنات علقمة بن زرارة ، وامرأة من بني شيبان من آل همام بن مرّة .

أولاده عليه السلام :

زيد بن الحسن ، الحسن بن الحسن ، عمرو بن الحسن ، القاسم ، عبداللَّه ، الحسين الملقّب بالاثرم ، طلحة ، عقيل ، عمر ، أبو بكر ، عبدالرحمن ، أحمد ، إسماعيل ، والحسن الأصغر .

وبناته عليه السلام :

أُمّ الحسن ، أُمّ الحسين ، فاطمة ، أُمّ عبداللَّه ، فاطمة أُمّ سلمة ، رقيّة .

فضائله عليه السلام :

كان عليه السلام من كبار الأجواد ، وله الخاطر الوقّاد وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يحبّه حبّاً شديداً ، وكان عاقلاً حليماً ، محبّاً للخير ، وكان أكثر الأسباط شبهاً بجدّه رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فكان الحسن عليه السلام أشبه الناس برسول اللَّه صلى الله عليه وآله خلقاً وسؤدداً وهدياً .

ص: 164


1- 217. مناقب آل أبي طالب : ج 3 ص 397 فصل في معالي أُمورهما عليهما السلام .

أبرز معالم حياته عليه السلام :

خاض الإمام الحسن عليه السلام مع أبيه الإمام علي عليه السلام حروبه الثلاثة : الجمل ، صفّين ، النهروان ، وبعد استشهاد أبيه أمير المؤمنين عليه السلام وتسلّم الإمامة من بعده ، وقد بويع له بالخلافة في الحادي والعشرين من شهر رمضان سنة 40 من الهجرة .

وكانت من أبرز معالم حياته صلحه الذي عقده مع معاوية بن أبي سفيان في النصف من جمادى الأُولى سنة 41ه بعد أن لمس وهن أصحابه وتفكّك بيته وانحياز معظم قادته لأسباب مادّية لجانب معاوية وقد ذكرت كتب التاريخ بنود الصلح إلّا أنّ معاوية بن أبي سفيان أخلّ بوعده ، ولم يعمل بأي من هذه البنود ، وكانت مدّة إمامته عليه السلام عشر سنين .

وقد كان عمره عليه السلام لمّا قام بالأمر بعد أبيه عليه السلام سبع وثلاثون سنة .

بوّابه عليه السلام :

سفينة (مولى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله) .

كتابه عليه السلام :

عبداللَّه بن أبي رافع .

نقش خاتمه عليه السلام : العزّة للَّه .

استشهاده عليه السلام :

فمن الأخبار التي جاءت بسبب وفاة الحسن بن علي عليه السلام ما رواه عيسى ابن مهران ، عن مغيرة قال :

لمّا تمّت لمعاوية عشر سنين من امارته وعزم على البيعة لابنه يزيد ، أرسل إلى جعدة بنت الأشعث بن قيس أنّي مزوّجك ابني يزيد ، على أن تسمّي الحسن ، وبعث إليها مائة الف درهم ففعلت وسمّت الحسن عليه السلام فسوّغها المال ولم يزوّجها من يزيد(1)، واستشهد الإمام عليه السلام على اختلاف الروايات يوم الخميس في السابع من صفر الأحزان سنة 50ه أو في يوم 28 من صفر سنة خمسين هجرية وله يومئذ ثمان

ص: 165


1- 218. بحار الأنوار : ج 44 ص 155 باب جمل تواريخه وأحواله ح 25 .

وأربعون سنة ، وكانت إمامته عشر سنين .

وجهّزه سيّد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام وغسّله وكفّنه وصلّى عليه في مسجد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله ودفنه في البقيع عند جدّته فاطمة بنت أسد بن هاشم بعد أن عارضوا دفنه عند جدّه رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بوصية منه عليه السلام .

ص: 166

احترام الأُمّ

[ 1 ] - كان الحسن لا يأكل مع فاطمة ، فسألته عن ذلك فقال :

(أخاف أن آكل شيئاً سبق إليه نظرك فأكون عاقّاً لك .

فقالت : كل وأنت في حلّ)(1).

ممّن نطلب الحوائج ؟

[ 2 ] - وقال الحسن بن علي عليهما السلام :

(إذا طلبتُمُ الحوائجَ فاطلبوها من أهلها ، قيل يابن رسول اللَّه ومن أهلها ؟ قال : الذين قصّ اللَّهُ في كتابه وذكرهم ، فقال : «إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ» . قال : هم أُولوا العُقُول)(2).

إنّ للمعروف أهلاً

[ 3 ]- وذكروا أنّه أتاه رجل في حاجة فقال :

(إذهب فاكتب حاجتك في رقعة وارفعها إلينا نقضها لك ، قال : فرفع إليه

ص: 167


1- 219. رواه القوم : منهم الشيخ عبدالرحمن بن عبدالسلام الصفوري الشافعي البغدادي المتوفى بعد 884 في كتابه نزهة المجالس : ج 1 ص 199 طبع القاهرة ، وعنه ملحقات الإحقاق : ج 11 ص 110 .
2- 220. بحار الأنوار : ج 1 ص 141 ب 4 ، وج 78 ص 302 ب 25 ، والآية في سورة الرعد : 19 ، وأورده الكليني في الكافي : ج 1 ص 19 كتاب العقل والجهل وصيّة الإمام موسى بن جعفر وحكمه عليهما السلام وفيه : قال الحسن بن علي عليهما السلام ... الخبر .

حاجته ، فأضعفها له ، فقال بعض جلسائه : ما كان أعظم بركة الرقعة عليه يابن رسول اللَّه ، فقال : بركتها علينا أعظم حين جعلنا للمعروف أهلاً ، أما علمت أنّ المعروف ما كان ابتداءً من غير مسألة ، فأمّا من أعطيته بعد مسألة فإنّما أعطيته بما بذل لك من وجهه)(1).

في فضل القرآن

[ 4 ] - عن الإمام الحسن المجتبى عليه السلام :

(إنّ هذا القرآن فيه مصابيح النور ، وشفاء الصدور ، فليجل جَالٍ بصره ، وليلجم الصفة قلبه ، فإنّ التفكير حياةُ قلب البصير ، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور)(2).

هكذا العبودية

[ 5 ] - عن محمّد بن علي عليه السلام قال : قال الحسن عليه السلام :

(إنّي لأستحي من ربّي أن ألقاه ولم أمش إلى بيته ، فمشى عشرين مرّة من المدينة على رجليه)(3).

ص: 168


1- 221. رواه القوم : منهم البيهقي في المحاسن والمساوي : ص 55 ط بيروت قال : وذكروا ... الخبر . وعنه ملحقات الإحقاق : ج 11 ص 147 .
2- 222. أورده في كشف الغمّة : ج 1 ص 573 ، عنه بحار الأنوار : ج 75 ص 112 ب 19 ضمن ح 6 ، وفي مقصد الراغب : ص 127 (مخطوط) . وروى مثله في الكافي : ج 2 ص 600 ح 5 باسناده عن أبي عبداللَّه عليه السلام ، وعنه الوسائل : ج 6 ص 170 ب 3 ح 7655 .
3- 223. كشف الغيبة : ج 1 ص 567 .

لماذا لا تردّ سائلاً ؟

[ 6 ]- قيل للإمام الحسن عليه السلام لأيّ شي ء نراك لا تردّ سائلاً وإن كنت على فاقة فقال :

(إنّي للَّه سائل وفيه راغب وأنا أستحي أن أكون سائلاً وأردّ سائلاً وإنّ اللَّه تعالى عوّدني عادة عوّدني أن يفيض نعمه عليّ وعوّدته أن أفيض نعمه على الناس فأخشى أن قطعت العادة أن يمنعني العادة وأنشد يقول :

إذا ما أتاني سائل قلت مرحباً

بمن فضله فرض عليّ معجّل

ومن فضله فضل على كلّ فاضل

وأفضل أيّام الفتى حين يسأل)(1)

*استعدّ لسفرك*

[ 7]- عن محمّد بن وهبان ، عن داود بن الهيثم ، عن جدّه إسحاق بن بهلول ، عن أبيه بهلول بن حسّان ، عن طلحة بن زيد الرقي عن الزبير بن عطاء عن عمير بن هاني العيسي ، عن جنادة بن أبي أُميّة عن جنادة بن أبي أُميّة ، قال : دخلت على الحسن ابن علي بن أبي طالب عليهما السلام في مرضه الذي توفّي فيه .. - إلى أن قال - : فقلت له : يابن رسول اللَّه عظني ، قال :

(نعم ، استعدّ لسفرك وحصّل زادك قبل حلول أجلك ، واعلم أنّك تطلب الدنيا والموت يطلبك ، ولا تحمل همّ يومك الذي لم يأت على يومك الذي أنت فيه ، واعلم أنّك لا تكسب من المال شيئاً فوق قوّتك إلّا كنت خازناً فيه لغيرك ، واعلم أنّ في حلالها حساب ، وفي حرامها عقاب ، وفي الشبهات

ص: 169


1- 224. الكنز المدفون للسيوطي : ص 434 ط مصر ، الحسن والحسين سبطا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : ص 10 ط القاهرة لمحمّد رضا المصري المالكي ، ورواه عنهما العلّامة السيّد النجفي المرعشي قدس سره في ملحقات الإحقاق : ج 11 ص 238 .

عتاب ، فأنزل الدنيا بمنزلة الميتة ، خذ منها ما يكفيك ، فإن كان ذلك حلالاً كنت قد زهدت فيها ، وإن كان حراماً لم يكن فيه وزرٌ ، فأخذت كما أخذت من الميتة ، وإن كان العتاب فإنّ العتاب يسير . واعمل لدنياك كأنّك تعيش أبداً ، واعمل لآخرتك كأنّك تموت غداً ، وإذا أردت عزّاً بلا عشيرة ، وهيبة بلا سلطان فاخرج من ذلّ معصية اللَّه إلى عزّ طاعة اللَّه عزّوجلّ ، وإذا نازعتك إلى صحبة الرجال حاجة فاصحب مَن إذا صحبته زانك ، وإذا خدمته صانك ، وإذا أردت منه معونةً أعانك ، وإن قلت صدّق قولك وإن صلت شدّ صولك ، وإن مددت يدك بفضل مدّها ، وإن بدت عنك ثلمة سدّها ، وإن رأى منك حسنة عدّها ، وإن سألته أعطاك ، وإن سكتّ عنه ابتداك ، وإن نزلت إحدى الملمّات به ساءك ، من لا تأتيك منه البوائق ، ولا يختلف عليك منه الطرائق ولا يخذلك عند الحقائق ، وإن تنازعتما منقسماً آثرك) .

قال : ثمّ انقطع نفسه ، واصفرّ لونه حتّى خشيت عليه ، ودخل الحسين عليه السلام ، والأسود بن أبي الأسود ، فانكبّ عليه حتّى قبّل رأسه وبين عينيه ، ثمّ قعد عنده وتسارّا جميعاً .. الخ(1).

كيف أصبحت ؟

[ 8 ]- قيل للإمام الحسن عليه السلام : كيف أصبحت يابن رسول اللَّه ؟ فقال :

(أصبحت ولي ربّ فوقي ، والنار أمامي ، والموت يطلبني ، والحساب محدق بي ، وأنا مرتهن بعملي لا أجد ما أُحبّ ، ولا أدفع ما أكره ، والأُمور بيد

ص: 170


1- 225. كفاية الأثر للخزاز : ص 226 ، وعنه بحار الأنوار : ج 44 ص 138 ب 22 ح 6 .

غيري فإن شاء عذّبني ، وإن شاء عفى عنّي ، فأي فقير أفقر منّي)(1).

حكمة الخلقة

[ 9 ]- عن الإمام الحسن المجتبى عليه السلام :

(اعلموا أنّ اللَّه لم يخلقكم عبثاً ، وليس بتارككم سدىً ، كتب آجالكم وقسّم بينكم معائشكم ليعرف كلّ ذي لبّ منزلته ، وأنّ ما قدّر له أصابه وما صرف عنه فلن يصيبه ، قد كفاكم مؤونة الدنيا وفرغكم لعبادته ، وحثّكم على الشكر وافترض عليكم الذكر ، وأوصاكم بالتقوى ، وجعل التقوى منتهى رضاه والتقوى باب كل توبة ورأس كل حكمة وشرف كل عمل ، بالتقوى فاز من فاز من المتّقين .

قال اللَّه تبارك وتعالى : «إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً»(2) وقال : «وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمْ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ»(3) فاتّقوا اللَّه عباد اللَّه واعلموا أنّه من يتّق اللَّه يجعل له مخرجاً من الفتن ويسدّده في أمره ويهيّئ له رشده ويفلجه بحجّته ويبيضّ وجهه ويعطه رغبته مع الذين أنعم اللَّه عليهم من النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أُولئك رفيقاً)(4).

ص: 171


1- 226. العدد القوية : ص 35 اليوم الخامس عشر ، وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 113 ب 19 ضمن ح 7 .
2- 227. سورة النبأ : آية 31 .
3- 228. سورة الزمر : آية 61 .
4- 229. تحف العقول : ص 232 (حكم الإمام الحسن عليه السلام ومواعظه) ، وعنه المجلسي في بحار الأنوار : ج 75 ص 110 - 111 ح 5 باب 19 مواعظ الحسن عليه السلام .

هكذا أدّبنا اللَّه

[ 10 ] - قال أنس : كنت عند الحسن بن علي عليهما السلام فدخلت جارية بيدها طاقة ريحان فحيّته بها ، فقال لها :

(أنت حرّة لوجه اللَّه ، فقلت له : حيّتك جارية بطاقة ريحان لا خطر لها فأعتقتها ، فقال : كذا أدّبنا اللَّه تعالى : «إِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا»(1)، وكان أحسن منها إعتاقها)(2).

الأخذ بالزينة

[ 11 ]- عن خيثمة بن أبي خيثمة قال : كان الحسن بن علي عليه السلام إذا قام إلى الصلاة لبس أجود ثيابه فقيل له : يابن رسول اللَّه لِمَ تلبس أجود ثيابك ؟ فقال :

(إنّ اللَّه جميل يحبّ الجمال ، فأتجمّل لربّي ، وهو يقول : «خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ»(3) فأُحبّ أن ألبس أجود ثيابي)(4).

أشدّ الناس حسرةً

[ 12 ] - عن الإمام الحسن المجتبى عليه السلام :

(إنّ أشدّ الناس حسرةً يوم القيامة رجلان : رجلٌ نظر إلى ماله في ميزان

ص: 172


1- 230. سورة النساء : آية 86 .
2- 231. رواه القوم : منهم الزمخشري في ربيع الأبرار : ص 251 (مخطوط) ، وأورده ابن شهر آشوب في المناقب : ج 4 ص 18 ، وعنه بحار الأنوار : ج 43 ص 343 ب 16 ضمن ح 15 ، وج 81 ص 273 ب 17 ، وفي ملحقات الإحقاق : ج 11 ص 149 عن ربيع الأبرار .
3- 232. سورة الأعراف : آية 31 .
4- 233. تفسير العياشي : ج 2 ص 14 ح 29 ، وعنه بحار الأنوار : ج 80 ص 175 ح 2 .

غيره سعد به وشقي هو به ، ورجل نظر إلى علمه في ميزان غيره سعد به وشقي هو به)(1).

فضل تعلّم العلم

[ 13] - قال الإمام الحسن عليه السلام :

(إنّكم صغار قوم ، ويوشك أن تكونوا كبار قوم آخرين ، فتعلّموا العلم ، فمن لم يستطع منكم أن يحفظه فليكتبه وليضعه في بيته)(2).

*من أخلاق المؤمن*

[ 14 ] - قال الإمام الحسن المجتبى عليه السلام :

(إنّ من أخلاق المؤمنين قوّة في دين ، وكرماً في لين ، وحزماً في علم ، وعلماً في حلم ، وتوسعة في نفقة ، وقصداً في عبادة ، وتحرّجاً في طمع ،

ص: 173


1- 234. رواه في جامع بيان العلم وفضله : ص 251 ط دار الكتب الحديثية بالقاهرة ، ملحقات الإحقاق : ج 19 ص 357 .
2- 235. بحار الأنوار : ج 2 ص 152 ب 19 ح 37 ، منية المريد : ص 340 ، الفقه الأكبر : ج 2 ص 11 ، ملحقات الإحقاق : ج 11 ص 235 . فيها : دعا بنيه وبني أخيه فقال : إنّكم ... الخ . ورواه السيّد عبداللَّه العلوي الشعراني في الطبقات الكبرى : ج 1 ص 23 . وفيه : تعلّموا العلم فإن لم تستطيعوا حفظه فاكتبوه وضعوه في بيوتكم . وأخرجه الخطيب البغدادي في موضّح أوهام الجمع والتفريق : ج 2 ص 554 باسناده عن محمّد بن أحمد ابن رزق ، عن عثمان بن الدقّاق ، عن حنبل بن إسحاق ، عن أبي غسّان عن يونس بن عبداللَّه بن أبي فورة ، عن شرحبيل أبي سعد قال : دعا الحسن بن علي بنيه وبني أخيه فقال : يابنيّ وبني أخي إنّكم صغار قوم ... الخبر .

وبرّاً في استقامة ، لا يحيف على من يبغض ، ولا يأثم فيمن يحبّ ، ولا يدّعي ما ليس له ، ولا يجحد حقّاً هو عليه ، ولا يهمز ولا يلمز ولا يبغي ، متخشّع في الصلاة متوسّع في الزكاة ، شكور في الرخاء ، صابر عند البلاء ، قانع بالذي له ، لا يطمع به الغيظ ، ولا يجمع به الشحّ ، يخالط الناس ليعلم ، ويسكت ليسلم ، يصبر إن بغي عليه ليكون إلهه الذي يجزيه ينتقم له)(1).

القرآن قائد وسائق

[ 15] - روي عن الإمام الحسن عليه السلام :

(إنّ هذا القرآن يجي ء يوم القيامة قائداً وسائقاً يقود قوماً إلى الجنّة أحلّوا حلاله وحرّموا حرامه وآمنوا بمتشابهه ، ويسوق قوماً إلى النار ضيّعوا حدوده وأحكامه واستحلّوا محارمه)(2).

لنا العاقبة

[ 16 ] - عن محمّد بن سيرين قال : سمعت غير واحد من مشيخة أهل البصرة يقولون : لمّا فرغ علي بن أبي طالب عليه السلام من الجمل عرض له مرض وحضرت الجمعة فتأخّر عنها ، وقال لابنه الحسن عليه السلام : انطلق يابُني ، فجمع بالناس . فأقبل الحسن عليه السلام إلى المسجد ، فلمّا استقلّ على المنبر حمد اللَّه وأثنى عليه وتشهّد وصلّى على رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قال :

(أيّها الناس ، إنّ اللَّه اختارنا بالنبوّة ، واصطفانا على خلقه ، وأنزل علينا

ص: 174


1- 236. جامع الأخبار : ص 339 الفصل الثمانون ح 2 .
2- 237. إرشاد القلوب : الباب 19 ج 1 ص 79 .

كتابه ووحيه ، وأيمُ اللَّه لا ينتقصنا أحدٌ من حقّنا شيئاً إلّا تنقصه اللَّه في عاجل دنياه وآجل آخرته ، ولا يكون علينا دولة إلّا كانت لنا العاقبة «وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ»(1) ثمّ جمع بالناس وبلغ أباه كلامه ، فلمّا انصرف إلى أبيه عليه السلام نظر إليه وما ملَكَ عبرته أن سالت على خدّيه ، ثمّ استدناه إليه فقبّل بين عينيه وقال : بأبي أنت وأُمّي «ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ»(2))(3).

*ثلاث لا حساب فيها*

[ 17 ] - قال الإمام الحسن عليه السلام :

(ثلاث ليس على ابن آدم فيهنّ حساب ، طعام يقيم صلبه ، وبيت يسكنه ، وثوب يواري عورته ، فما فوق ذلك فكلّه حساب)(4).

*من المروءة*

[ 18 ]- عن سعد ، عن البرقي ، عن إسماعيل بن مهران ، عن أيمن بن محرز ، عن معاوية ابن وهب ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : كان الحسن بن علي عليهما السلام في نفر من أصحابه عند معاوية فقال له : ياأبا محمّد خبّرني عن المُروءَةِ ، فقال :

(حفظُ الرجل دينَهُ ، وقيامُهُ في إصلاح ضَيعتِهِ ، وحُسنُ مُنازَعَتِهِ ، وإفشاءُ السلام ، ولينُ الكلام ، والكفُّ والتحبُّبُ إلى الناس)(5).

ص: 175


1- 238. سورة ص : آية 88 .
2- 239. سورة آل عمران : آية 34 .
3- 240. أمالي الشيخ الطوسي : ص 82 م 3 ح 30 وعنه بحار الأنوار : ج 32 ص 228 ب 4 ح 179 .
4- 241. فردوس الأخبار : ج 2 ص 145 ح 2313 قال الحسن بن علي عليهما السلام : الخبر .
5- 242. بحار الأنوار : ج 76 ص 312 ب 59 ح 4 ، عن معاني الأخبار : ص 257 ح 3 باسناده عن أبيه .

الحمد في التعزية

[ 19 ]- عن الإمام الحسن المجتبى عليه السلام ، وقد سأله رجل صدقة ، ولم يكن معه شي ء ، فاستحيى أن يردّه بلا عطاء ، فقال :

(ألا أدلّك على شي ء يحصل لك منه البرّ ؟ قال : بلى ما هو ؟ قال عليه السلام : إذهب إلى الخليفة ، فإنّ إبنته توفّيت وانقطع عليها ، وما سمع من أحد تعزية فعزّه بقولك : الحمد للَّه الذي سترها بجلوسك على قبرها ، وما هتكها بجلوسها على قبرك) .

فذهب الرجل فعزّى مثل ما أمره ، فسرّى عن الخليفة حزنه وأمر له بجائزة وقال : أكلامك هذا ؟ قال : بل كلام الحسن عليه السلام ، قال : قد صدقت فإنّه معدن الكلام الفصيح وأمر له بجائزة أُخرى(1).

*ذلكم اللَّه ربّ العالمين*

[ 20 ] - عن ابن الوليد ، عن محمّد العطّار وأحمد بن إدريس ، عن الأشعري عن بعض أصحابه رفعه قال : جاء رجل إلى الحسن بن علي عليهما السلام فقال له : يابن رسول اللَّه صف لي ربّك حتّى كأنّي أنظر إليه ، فأطرق الحسن بن علي عليهما السلام مليّاً ، ثمّ رفع رأسه فقال :

(الحمدُ للَّه الذي لم يكن له أوّلٌ معلومٌ ولا آخِرٌ مُتَناهٍ ، ولا قبلٌ مَدركٌ ، ولا بَعدٌ محدودٌ ، ولا أمد بحتّى ، ولا شخص فيتجزّأ ، ولا اختلاف صفة فيتناهى

ص: 176


1- 243. علّموا أولادكم محبّة آل النبي صلى الله عليه وآله ، للدكتور محمّد عبده يماني : ص 126 ، وقال في ذيله : كان في استطاعة الحسن عليه السلام أن يعتذر للسائل بأن ليس له شي ء يعطيه ، ويكون عذره وقتئذ مقبولاً لكنّه التمس له طريقة أُخرى يفرّج بها كربة السائل فأشار عليه بما تقدّم .

فلا تدرك العقول وأوهامها ، ولا الفكر وخطراتها ، ولا الألباب وأذهانها صفته ، فتقول : متى ؟ ولا بدى ء ممّا ، ولا ظاهِرٌ على ما ، ولا باطن فيما ، ولا تارك فهلّا ، خلق الخلق فكان بديئاً بديعاً ، ابتدأ ما ابتدع ، وابتدع ما ابتدأ ، وفعل ما أراد ، وأراد ما استزاد ، ذلكم اللَّه ربّ العالمين)(1).

التوحيد والمعاد والولاية

[ 21 ] - من الكلمات القيّمة للإمام الحسن المجتبى عليه السلام ، روي أنّ أباه علياً عليه السلام قال له عليه السلام : قم فاخطب لأسمع كلامك ، فقام عليه السلام فقال :

(الحمد للَّه الذي من تكلّم سمع كلامه ، ومن سكت علم ما في نفسه ، ومن عاش فعليه رزقه ، ومن مات فإليه معاده ، أمّا بعد ، فإنّ القبور محلّتنا ، والقيامة موعدنا ، واللَّه عارضنا ، إنّ علياً باب ، من دخله كان مؤمناً ، ومن خرج عنه كان كافراً فقام إليه علي عليه السلام فالتزمه فقال بأبي أنت وأُمّي «ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ»)(2).

التفكّر في المعقولات

[ 22 ] - عن الإمام الحسن المجتبى عليه السلام :

(عجبت لمن يتفكّر في مأكوله ، كيف لا يتفكّر في معقوله ، فيجنّب بطنه ما يؤذيه ، ويودع صدره ما يرديه)(3).

ص: 177


1- 244. بحار الأنوار : ج 4 ص 289 ب 4 ح 20 ، عن توحيد الصدوق : ص 45 ب 2 ح 5 .
2- 245. كشف الغمّة : ج 1 ص 572 ، وبحار الأنوار : ج 75 ص 112 ب 19 ضمن ح 6 وص 114 ح 8 ، العدد القويّة : ص 38 ح 48 اليوم الخامس عشر .
3- 246. بحار الأنوار:ج 1ص 218ب 6ح 43، عن دعوات الراوندي:ص 144ح 375، وفيه: عجب لمن يتفكّر.

من مكارم الأخلاق

[ 23 ]- قال الإمام الحسن المجتبى عليه السلام :

(العقل حفظ قلبك ما استودعته ، والحزم أن تنتظر فرصتك وتعاجل ما أمكنك ، والمجد حمل المغارم وابتناء المكارم ، والسماحة إجابة السائل وبذل النائل ، والرقّة طلب اليسير ومنع الحقير ، والكلفة التمسّك لمن لا يؤاتيك والنظر بما لا يعنيك ، والجهل سرعة الوثوب على الفرصة قبل الإستمكان منها والإمتناع عن الجواب ، ونعم العون الصمت في مواطن كثيرة وإن كنت فصيحاً)(1).

*آداب المائدة*

[ 24 ]- عن محمّد بن علي ماجيلويه رضى الله عنه عن عمّه محمّد بن أبي القاسم عن محمّد بن علي الكوفي عن محمّد ابن سنان عن إبراهيم الكرخي عن أبي عبداللَّه عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال : قال الحسن بن علي عليهما السلام :

(في المائدة اثنتي عشرة خصلة يجب على كلّ مسلم أن يعرفها : أربع منها فرض ، وأربع منها سنّة ، وأربع منها تأديب ، فأمّا الفرض : فالمعرفة والرضا ، والتسمية ، والشكر ، وأمّا السنّة : فالوضوء قبل الطعام ، والجلوس على الجانب الأيسر ، والأكل بثلاث أصابع ، ولعق الأصابع ، وأمّا التأديب : فالأكل ممّا يليك ، وتصغير اللقمة ، والمضغ الشديد ، وقلّة النظر في وجوه الناس)(2).

ص: 178


1- 247. العدد القويّة : ص 32 اليوم الخامس عشر .
2- 248. الخصال : ج 2 ص 485 ح 60 ، وعنه بحار الأنوار : ج 63 ص 413 - 415 ب 17 ح 13 .

القريب والبعيد

[ 25 ] - قال الإمام الحسن عليه السلام :

(القريب من قرّبته المودّة وإن بعد نسبه ، والبعيد من بعدته المودّة وإن قرب نسبه ، لا شي ء أقرب إلى شي ء من يد إلى جسد ، وإنّ اليد تغلّ فتقطع ، وتقطع فتحسم)(1).

قبول المعذرة

[ 26 ] - قال الإمام الحسن المجتبى عليه السلام :

(لا تعاجل الذنب بالعقوبة ، واجعل بينهما للاعتذار طريقاً)(2).

لماذا نكره الموت ؟

[ 27 ] - قال مولانا الحسن عليه السلام حين سئل ، يابن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ما بالنا نكره الموت وأنتم لا تكرهونه ؟ فقال عليه السلام :

(لأنّكم عمّرتم منازلكم هذه وخرّبتم تلك المنازل فلا تحبّون الانتقال من عمران إلى خراب ، وأمّا نحن فنقلنا كلّ ما عندنا من الأثاث إلى تلك الدار فخرّبنا هذه وعمّرنا تلك ، فنحن نحبّ الانتقال من خراب إلى عمران ، مع أنّ هذه الحياة ممّا جبلت الطبيعة على حبّها وطلبها ، ولذا لا ترى أحداً يطلب الموت إلّا إذا تضايقت عليه أسباب الحياة ، إمّا بفقر أو بكبر سنّ أو بخوف

ص: 179


1- 249. وسائل الشيعة : ج 12 ص 52 ب 29 ح 15621 .
2- 250. ملحقات الإحقاق : ج 11 ص 230 عن نهاية الأرب : ج 3 ص 232 ط القاهرة ، وأورده العلّامة المجلسي قدس سره في بحار الأنوار : ج 75 ص 113 ب 19 ح 7 ، عن العدد القويّة : ص 37 اليوم الخامس عشر .

من عدوّ أو نحو ذلك ، وأمّا وقت اتّساع أسباب الحياة فهو ممّا لا يخطر بباله بوجه من الوجوه ، ومن هنا كان صلى الله عليه وآله يقول : اللهمّ اجعل رزق محمّد وآل محمّد كفافاً لا كثيراً فأطغى ولا قليلاً فأشقى ، وقد دعا إلى رجل أساء إليه بكثرة الرزق ، ودعا لرجل أحسن إليه بالكفاف ، فقيل له في ذلك ! فقال أما سمعتم قوله تعالى : «إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَءَاهُ اسْتَغْنَى»(1))(2).

*أجر عيادة المريض*

[ 28 ] - عن حمويه بن علي البصري ، عن محمّد بن بكر ، عن الفضل بن حباب ، عن محمّد بن كثير ، عن شعبة ، عن الحكم بن عبداللَّه بن نافع أنّ أبا موسى عاد الحسن ابن علي عليهما السلام فقال الحسن عليه السلام :

(أعائداً جئت أو زائراً ؟ فقال : عائداً ، فقال : ما من رجل يعود مريضاً ممسياً إلّا خرج معه سبعون الف ملك يستغفرون له حتّى يصبح ، وكان له خريف(3)

ص: 180


1- 251. سورة العلق : آية 6 و7 .
2- 252. الأنوار النعمانية : ج 4 ص 201 .
3- 253. قال في النهاية : في الحديث عائد المريض على مخارف الجنّة حتّى يرجع المخارف جمع مخرف بالفتح ، وهو الحائط من النخل أي أنّ العائد فيما يحوزه من الثواب كأنّه على نخل الجنّة يخترف ثمارها ، وقيل : المخارف جمع مخرفة وهي سكّة بين صفّين من نخل ، يخترف من أيّهما شاء أي يجتني ، وقيل : المخرفة الطريق ، أي أنّه على طريق يؤدّيه إلى الجنّة ، وفي حديث آخر عائد المريض في خرافة الجنّة أي في اجتناء ثمرها يقال : خرفت النخلة أخرفها خرافاً وخرافاً ، وفي حديث آخر عائد المريض على خرفة الجنّة الخرفة بالضمّ اسم ما يخترف من النخل حين يدرك ، وفي حديث آخر : عائد المريض له خريف في الجنّة أي مخترف من ثمرها ، فعيل بمعنى مفعول انتهى . وفُسِّرَ الخريف في أخبارنا بمعنى آخر ، وهو ما رواه الكليني عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن فضّال ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال : أيّما مؤمن عاد مؤمناً خاض الرحمة خوضاً ، فإذا جلس غمرته الرحمة ، فإذا انصرف وكّل اللَّه به سبعين ألف ملك يستغفرون له ويترحّمون عليه ، ويقولون طبت وطابت لك الجنّة إلى تلك الساعة من غد ، وكان له ياأبا حمزة خريف في الجنّة ، قلت : ما الخريف جعلت فداك ؟ قال : زاوية في الجنّة يسير الراكب فيها أربعين عاماً . (بحار الأنوار : ج 78 ص 216) .

في الجنّة)(1).

مصائب الدنيا

[ 29] - روى عن الحسن بن علي عليهما السلام أنّه قال :

(مصائب الدنيا أربع : موت الوالد ، وموت الولد ، وموت الأخ ، وموت المرأة . فموت الوالد قاصم الظهر ، وموت الولد صدع الفؤاد ، وموت الأخ قصّ الجناح ، وموت المرأة حزن ساعة)(2).

عليكم بطلب الآخرة

[ 30 ] - عن الإمام الحسن عليه السلام :

(معاشر الشباب : عليكم بطلب الآخرة ، فواللَّه رأينا أقواماً طلبوا الآخرة فأصابوا الدنيا والآخرة ، وواللَّه ما رأينا من طلب الدنيا فأصاب الآخرة)(3).

ص: 181


1- 254. بحار الأنوار : ج 78 ص 215 ب 4 ح 7 ، عن أمالي الطوسي : ص 403 المجلس الرابع عشر ح 49 .
2- 255. معدن الجواهر ورياض الخواطر للكراجكي : ص 42 .
3- 256. عن الإمام الحسن عليه السلام : ص 16 ، لآلئ الأخبار : ج 1 ص 51 ، مجموعة ورّام : ج 1 ص 78 .

*فضيلة محبّة أهل البيت عليهم السلام*

[ 31 ] - عن الشريف أبي محمّد الحسن بن حمزة ، عن أحمد بن عبداللَّه ، عن جدّه أحمد بن عبداللَّه ، عن أبيه عن داود بن النعمان ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبيه ، عن الحسن بن علي عليهما السلام أنّه قال :

(من أحبّنا بقلبه ، ونصرنا بيده ولسانه فهو معنا في الغرفة التي نحن فيها ، ومن أحبّنا بقلبه ونصرنا بلسانه فهو دون ذلك بدرجة ، ومن أحبّنا بقلبه وكفّ بيده ولسانه فهو في الجنّة)(1).

الطريق إلى العزّة

[ 32 ] - قال الإمام الحسن عليه السلام :

(من أخرجه اللَّه عزّوجلّ من ذلّ المعاصي إلى عزّ التقوى أغناه اللَّه بلا مال ، وأعزّه بلا عشيرة ، وآنسه بلا بَشَرٍ ، ومن لم يستحي من طلب المعيشة رخّى اللَّه باله ، ونعّم عياله ، ومن زهد في الدنيا ثبّت اللَّه الحكمة في قلبه ، وأنطق بها لسانه وبصّرَهُ داءَها ودواءَها وعيوبها ، وأخرجهُ اللَّه سالماً إلى دار السلام)(2).

أبعاد المعرفة

[ 33 ] - عن الإمام الحسن عليه السلام :

(مَن عَرَف اللَّه أحبّه ، ومن عرف الدنيا زهد فيها ، والمؤمن لا يلهو حتّى

ص: 182


1- 257. أمالي المفيد : المجلس الرابع ص 33 ح 8 باسناده .
2- 258. فردوس الأخبار لشيرويه بن شهردار الديلمي : ج 4 ص 212 ح 6178 .

يغفل فإذا تفكّر حزن)(1).

نحن أُناس نوالنا خَضِل

[ 34 ] - وجاء والإمام الحسن عليه السلام بعض الأعراب فقال :

(أعطوه ما في الخزانة فوجد فيها عشرون الف دينار فدفعها إلى الأعرابي فقال الأعرابي : يامولاي ألا تركتني أبوح بحاجتي وأنشر مدحتي . فأنشأ الحسن عليه السلام :

نحن أُناس نوالنا(2) خضل(3)

يرتع فيه الرجاء والأمل

تجود قبل السؤال أنفسنا

خوفاً على ماء وجه من يسل

لو علم البحر فضل نائلنا

لغاض من بعد فيضه خجل)(4)

بيان : فانظر عزيزي القارئ إلى جود كريم أهل البيت عليهم السلام ، فهو يجود على المحتاج قبل السؤال ليصون بذلك ماء وجهه .

ولا يخفى أنّ في أبياته إشارة إلى ذلك إذ أنّه عليه السلام قال : نحن أُناس نوالنا خضل ، أي عطايانا نديّة تترشّح على المحتاجين وكلّ من يؤمّلنا ويتأمّل عطائنا .

علماً أنّ هذا العطاء يكون قبل السؤال وإراقة ماء وجه السائل وهنا يتجلّى جود وكرم وعظمة أهل البيت عليهم السلام فهم ينفقون ولكن لا يريدون بذلك جزاءً ولا شكوراً .

ص: 183


1- 259. تنبيه الخواطر ونزهة النواظر : ج 1 ص 52 .
2- 260. النوال : العطاء . راجع كتاب العين : ج 8 ص 332 .
3- 261. الخضل : كلّ شي ء ند يترشّش من نداه ، كتاب العين : ج 4 ص 177 .
4- 262. بحار الأنوار : ج 43 ص 341 ب 16 ضمن ح 14 .

كلمات في الشكر

[ 35 ] - قال أبو الحسن الماوردي : قال الحسن بن علي عليهما السلام :

(نعم اللَّه أكثر من أن تُشكر إلّا ما أعان عليه ، وذنوب ابن آدم أكثر من أن تغفر إلّا ما عفى عنه ، وإذا كنت عن شكر نعمه عاجزاً فكيف بك إذا قصّرت فيما أمرك ، أو فرّطت فيما كلّفك ونفعه عائد إليك لو فعلتَه ، هل تكون لنعمه إلّا كفوراً ، فقد قال تعالى : «يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا»(1))(2).

*هلاك الناس في ثلاث*

[ 36 ]- عن الإمام الحسن عليه السلام :

(هلاك الناس في ثلاث :

الكبر والحرص والحسد ، فالكبر هلاك الدين وبه لعن إبليس ، والحرص عدوّ النفس وبه أُخرج آدم من الجنّة ، والحسد رائد السوء ومنه قتل قابيل هابيل)(3).

هل مررت على الصراط

[ 37 ] - ومرّ الإمام الحسن عليه السلام بشاب يضحك فقال :

(هل مررت على الصراط ؟

ص: 184


1- 263. سورة النحل : آية 83 .
2- 264. أدب الدين والدنيا لأبي الحسن علي بن محمّد بن حبيب الماوردي المتوفّى 450. : ص 32 ط دار الصحابة للتراث طنطا ، وعنه ملحقات الإحقاق : ج 33 ص 495 .
3- 265. بحار الأنوار : ج 75 ص 111 ب 19 ضمن ح 6 ، عن كشف الغمّة : ج 1 ص 571 ، ورواه العلّامة السيّد المرعشي قدس سره في ملحقات الإحقاق : ج 19 ص 354 ، عن مرآة المؤمنين : ص 212 (مخطوط) .

قال : لا .

قال : وهل تدري إلى الجنّة تصير أم إلى النار ؟

قال : لا .

قال : فما هذا الضحك ؟

قال : فما رؤي هذا الضاحك بعد ضاحكاً)(1).

العفاف والقناعة

[ 38 ]- عن الإمام الحسن المجتبى عليه السلام :

(يابن آدم عَفْ عن محارم اللَّه تكن عابداً ، وارض بما قسم اللَّه سبحانه تكن غنيّاً ، وأحسن جوار من جاورك تكن مسلماً)(2).

يابن آدم .. مَن مثلك

[ 39 ] - عن الإمام الحسن المجتبى عليه السلام :

(يابن آدم : مَن مثلُكَ وقد خلّى ربّك بينه وبينك ؟ متى شئت أن تدخُلَ إليه ، توضّأت وقمت بين يديه ، ولم يجعل بينك وبينه حجاباً ولا بوّاباً ، تشكو إليه هُمومَك وفاقتَك ، وتطلب منه حوائِجَك ، وتستعينُه على أُمورِكَ)(3).

ص: 185


1- 266. مجمع البيان : ج 3 ص 526 ، جامع الأخبار : ص 262 الفصل الرابع والخمسون ح 35 .
2- 267. ملحقات الإحقاق : ج 19 ص 352 ، عن التذكرة الحمدونيّة : ص 100 ط بيروت ، ورواه المجلسي في بحار الأنوار : ج 75 ص 112 ب 19 ضمن ح 6 ، وفيه : « وصاحب الناس بمثل ما تحبّ أن يصاحبوك به تكن عدلاً » .
3- 268. إرشاد القلوب : ج 1 ص 77 ب 18 .

في معنى الشيعة

[ 40 ] - قال رجل للحسن بن علي عليهما السلام : يابن رسول اللَّه أنا من شيعتكم ، فقال الحسن ابن علي عليهما السلام :

(ياعبدَ اللَّه إن كنت لنا في أوامرنا وزواجرنا مطيعاً فقد صدقت ، وإن كنت بخلاف ذلك فلا تَزِد في ذنوبك بدعواك مرتبة شريفة لست من أهلها ، لا تقل : أنا من شيعتكم ، ولكن قل : أنا من مواليكم ومحبّيكم ومعادي أعدائكم ، وأنت في خير ، وإلى خير)(1).

ص: 186


1- 269. تفسير الإمام عليه السلام : ص 308 ح 153 ، وعنه تنبيه الخواطر : ج 2 ص 106 .

الإمام الحسين بن علي عليهما السلام

اشارة

ص: 187

ص: 188

نسبه عليه السلام :

الإمام الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب بن عبدالمطّلب ابن هاشم وأُمّه سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام وأحد سبطي وريحانتي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وقرّتي عينيه وهو وأخوه سيّدا شباب أهل الجنّة .

ولادته وتسميته عليه السلام :

ولد الإمام الحسين عليه السلام يوم الخميس في الثالث من شهر شعبان المعظّم في السنة الرابعة للهجرة ، في المدينة المنوّرة .

وقد سمّاه اللَّه سبحانه وتعالى ب (الحسين) عندما هبط جبرائيل عليه السلام من عند العلي الأعلى ليقرئ الرسول صلى الله عليه وآله السلام ، ويطلب منه أن يسمّيه (شبيراً) فقال صلى الله عليه وآله : لساني عربي ، فقال جبرائيل عليه السلام : سمّه الحسين(1).

ولمّا ولد عليه السلام أذّن الرسول صلى الله عليه وآله في أُذنه اليمنى وأقام في اليسرى وفي اليوم السابع عقّ عنه بكبشين أملحين ، وحلق شعر رأسه وتصدّق بوزن شعره ورقاً(2).

وقد هنّأ اللَّه تعالى النبي صلى الله عليه وآله بحمل الحسين عليه السلام وولادته وعزّاه بقتله ، فعرفت الصدّيقة فاطمة عليها السلام ، فكرهت ذلك فنزلت «حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً»(3).

كناه عليه السلام :

كنّي بأبي عبداللَّه ، وفي بعض الروايات أنّه كنّي بأبي علي وكنّاه الناس بعد استشهاده بأبي الشهداء وأبي الأحرار .

ألقابه عليه السلام :

ومن ألقابه عليه السلام الشهيد السعيد ، السبط الثاني ، الإمام الثالث ، المبارك ، التابع لمرضاة اللَّه ، المتحقّق بصفات اللَّه ، الدليل على ذات اللَّه ، أفضل ثقات

ص: 189


1- 270. بحار الأنوار : ج 43 ص 240 باب ولادتهما وأسمائهما وعللها ح 8 .
2- 271. اعلام الورى : ص 218 فصل في ذكر بعض خصائصه ومناقبه عليه السلام .
3- 272. سورة الأحقاف : آية 15 .

اللَّه ، المشغول ليلاً ونهاراً بطاعة اللَّه ، الثاري بنفسه للَّه ، الناصر لأولياء اللَّه ، المنتقم من أعداء اللَّه ، الإمام الشهيد ، الإمام المظلوم ، الأسير المحروم ، الشهيد المرحوم ، القتيل المرجوم ، الولي الرشيد ، الوصي السديد ، السديد الفريد ، البطل الشهيد ، الطيّب الوفي ، سيّد شباب أهل الجنّة ، عبرة كلّ مؤمن ومؤمنة ، المقتول بكربلاء ، منبع الأئمّة ، شافع الأُمّة ، صاحب المحنة الكبرى ، والواقعة العظمى ، المقتول بأيدي شرّ البرية ، سبط الأسباط .

زوجاته عليه السلام :

إحداهنّ شهربانو أو شاه زنان والثانية الرباب بنت امرئ القيس ، والثالثة ليلى بنت مرّة بن عروة بن مسعود الثقفي ، أُمّ إسحاق بنت طلحة بن عبيداللَّه التميمي والرابعة عاتكة .

أولاده عليه السلام :

الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام وأُمّه شاه زنان ، وعلي بن الحسين الأكبر وأُمّه ليلى وعبداللَّه علي الأصغر الرضيع وأُمّه رباب ، وجعفر ، وسكينة وأُمّها الرباب ، وفاطمة بنت الحسين وأُمّها أُمّ إسحاق ، ومحمّد وزينب ، ورقيّة .

حياته مع أبيه وأخيه عليهم السلام :

لازم الإمام الحسين عليه السلام أباه أمير المؤمنين عليه السلام واشترك معه في حروبه الثلاثة : الجمل ، صفّين ، والنهروان وكانت مدّة خلافته وإمامته بعد أخيه إحدى عشر سنة وعاش مع أخيه الحسن عليه السلام مدّة عشر سنوات .

نقش خاتمه عليه السلام :

كان لديه خاتمان : إحداهما من عقيق وقد نقش عليه (إنّ اللَّه بالغ أمره) والثاني وهو الذي سلب منه يوم استشهاده ونقش عليه (لا إله إلّا اللَّه عدد لقاء اللَّه) وقد ورد أنّ من تختّم بمثله كان له حرز من الشيطان وفي رواية أنّ نقش خاتمه حسبي اللَّه .

وكان بوّابه عليه السلام :

رشيد الهجري .

ص: 190

في شهادته عليه السلام :

لمّا مات معاوية وانقضت مدّة الهدنة التي كانت تمنع الحسين عليه السلام من الدعوة إلى نفسه ، أظهر أمره بحسب الإمكان وأبان حقّه للجاهلين به حالاً بعد حال إلى أن اجتمع له في الظاهر الأنصار فخرج عليه السلام من المدينة المنوّرة ومعه أهله وأنصاره قاصداً مكّة المكرّمة تاركاً فيها أخاه محمّد بن الحنفيّة ، بعد أن رفض مبايعة يزيد بن معاوية ووصل إلى مكّة المكرّمة في اليوم الثالث من شعبان سنة 60ه ، فأقام فيها بقيّة شعبان ، ورمضان ، وشوال ، وذي القعدة ، وخرج من مكّة في اليوم الثامن من ذي الحجّة بعد أن اجتمعت لديه آلاف الرسائل من أهل الكوفة تبايعه وتدعوه إلى القدوم ، وفي بعض الروايات أنّ الحسين عليه السلام تلقّى رسائل أيضاً من أهل البصرة والمدائن وغيرها ، بالإضافة إلى وفود أتته من العراق واليمن وغيرها من المناطق الإسلامية .

فأرسل إليهم عليه السلام ابن عمّه مسلم بن عقيل إلى الكوفة لاستطلاع أوضاع أهلها ، فإن رآهم على مثل ما جاءت به كتبهم أخبره بذلك ليكون على أثره فبايعه أهل الكوفة على ذلك ، وعاهدوه وضمنوا له النصرة والتضحية ، ثمّ لم تطل المدّة بهم حتّى نكثوا بيعته وخذلوه وأسلموه ، فقتل بينهم ولم يمنعوه ، وقتل كذلك هاني ابن عروة ، الذي آواه وأحسن ضيافته وفي اليوم الثاني من محرّم الحرام وصل الإمام الحسين عليه السلام إلى كربلاء التي استشهد فيها مع أولاده وأنصاره في الواقعة المشهورة بعد أن حصروه ومنعوه المسير إلى بلاد اللَّه وحالوا بينه وبين ماء الفرات حتّى تمكّنوا منه ، فقتلوه ، فمضى عليه السلام ظمآناً مجاهداً ، صابراً ، محتسباً ، مظلوماً ، بعد أن نكثت بيعته وانتهكت حرمته ولم يوف له بعهد ، ولا رعيت فيه ذمّة ، وذلك في اليوم العاشر من المحرّم الحرام سنة 61ه بعد صلاة الظهر وعمره يومئذ ثمان وخمسين سنة .

ص: 191

وقد حمل رأسه الشريف إلى يزيد بن معاوية وسبيت عياله إلى الشام ، ثمّ تولّى الإمام زين العابدين عليه السلام دفنه في اليوم الثالث عشر من شهر محرّم الحرام كما تشير الروايات ، وقبره في كربلاء المقدّسة ويؤمّه اليوم الملايين من محبّيه ومواليه لزيارته والتبرّك به .

ص: 192

ماذا يقول السائل ؟

[ 1 ] - عن الحسين بن علي عليهما السلام : أنّ سائلاً كان يسألُ يوماً فقال عليه السلام :

(أتدرون ما يقول ؟ قالوا لا ، يابن رسولِ اللَّه ، قال عليه السلام : يقول :

أنا رَسُولُكُم إن أعطيتموني شيئاً أخذتُهُ وحملتُهُ إلى هناك ، وإلّا أردُ إليه وكفّي صفرٌ)(1).

صفات شيعتنا

[ 2 ]- قال رجل للحسين بن علي عليهما السلام : ياابن رسول اللَّه أنا من شيعتكم قال عليه السلام :

(اتّق اللَّه ولا تدّعينّ شيئاً يقول اللَّه تعالى لك كذبت وفجرت في دعواك ، إنّ شيعتنا من سلمت قلوبهم من كلّ غشّ وغلّ ودغل ولكن قل : أنا من مواليكم ومن محبّيكم)(2).

الاخوان أربعة

[ 3 ]- عن الحسين عليه السلام :

(الاخوان أربعة : فأخ لك وله ، وأخ لك ، وأخ عليك ، وأخ لا لك ولا له .

فسئل عن معنى ذلك ؟ فقال عليه السلام : الأخُ الذي هو لك وله فهو الأخ الذي يطلب بإخائه بقاءَ الإخاء ، ولا يطلُبُ باخائه موتَ الاخاء ، فهذا لك وله لأنّه إذا تمّ

ص: 193


1- 273. مستدرك الوسائل : ج 7 ص 203 ح 13 باب 20 كراهة ردّ السائل ولو ظنّ غناه .
2- 274. تفسير الإمام العسكري عليه السلام : ص 309 ح 154 .

الإخاءُ طابت حياتُهُمَا جميعاً ، وإذا دخل الإخاء في حال التناقُضِ بطل جميعاً .

والأخ الذي هو لك فهو الأخ الذي قد خرج بنفسه عن حال الطمع إلى حال الرغبة ، فلم يطمع في الدنيا إذا رَغِبَ في الاخاء ، فهذا مُوفِّرٌ عليك بكُلِّيتِهِ ، والأخ الذي هو عليك فهو الأخ الذي يتربّص بك الدوائر ويُغشِي السرائر ، ويَكِذبُ عليك بين العشائر ، وينظُرُ في وجهك نظر الحاسد ، فعليه لعنةُ الواحد ، والأخ الذي لا لك ولا له فهو الذي قد ملأهُ اللَّه حُمقاً فأبعدَهُ سُحقاً ، فتراهُ يُؤْثِرُ نفسه عليك ويطلُبُ شُحّاً ما لديك)(1).

مع معلّمي القرآن

[ 4 ] - قيل إنّ عبدالرحمن السلمي علّم ولد الحسين عليه السلام « الحمد » فلمّا قرأها على أبيه أعطاه ألف دينار ، وألف حلّه ، وحشا فاه درّاً ، فقيل له في ذلك ، قال :

(وأين يقع هذا من عطائه يعني تعليمه .

وأنشد الحسين عليه السلام :

إذا جادت الدنيا عليك فجد بها

على الناس طرّاً قبل أن تتفلّت

فلا الجود يفنيها إذا هي أقبلت

ولا البخل يبقيها إذا ما تولّت)(2)

أصبحت كثير الذنوب

[ 5 ] - أخبرنا أبو الحسن محمّد بن محمّد بن يحيى بن حكيم ، قال : أخبرنا أبو الفرج يحيى ابن ياقوت بن عبداللَّه ، قال : أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، قال : أخبرنا

ص: 194


1- 275. تحف العقول : ص 247 ، وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 119 ب 20 ضمن ح 2 .
2- 276. مناقب ابن شهر آشوب : ج 4 ص 66 ، وعنه بحار الأنوار : ج 44 ص 191 ب 26 ضمن ح 3 .

أبو الحسين بن النقور ، قال : أخبرنا أبو عبداللَّه الحسين بن إسماعيل الضبي ، قال : وجدت في كتاب والدي رحمه الله : حدّثني أبو الحسن علي بن جعفر بن زيد ، من ولد عقيل بن أبي طالب ، قال : قيل للحسين عليه السلام :

(أصبحت كثير الذنوب قبيح العيوب ، فلا أدري أيّهما أشكر ، أقبيح ما يستر أم عظيم ما يغفر ؟)(1).

موارد الصبر

[ 6 ] - قال الإمام الحسين عليه السلام :

(اصبر على ما تكرَهُ فيما يُلزِمُكَ الحقّ ، واصبِر عمّا تحبّ فيما يدعوك إليه الهوى)(2).

علّموا أولادكم الحِكَمْ

[ 7 ]- حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق رضى الله عنه ، قال : حدّثنا محمّد بن سعيد بن يحيى البزوفري ، قال : حدّثنا إبراهيم بن الهيثم (عن أُميّة) البلدي ، قال : حدّثنا أبي ، عن معافى بن عمران ، عن اسرائيل ، عن المقدام بن شريح بن هاني عن أبيه شريح قال : سأل أمير المؤمنين عليه السلام إبنه الحسن بن علي عليهما السلام (عن أشياء) : ... ثمّ أقبل صلوات اللَّه عليه على الحسين ابنه عليه السلام فقال له : يابني ما السؤدد ؟ قال :

(اصطناع العشيرة واحتمال الجريرة ، قال : فما الغِنى ؟ قال : قلّة أمانيك ، والرضا بما يكفيك ، قال : فما الفقر ؟ قال : الطمع وشدّة القنوط ، قال : فما

ص: 195


1- 277. بغية الطلب في تاريخ حلب : ج 6 ص 2589 ط دمشق ، ملحقات الإحقاق : ج 27 ص 193 .
2- 278. نزهة الناظر وتنبيه الخاطر : ص 85 ح 18 .

اللؤم ؟ قال : إحراز المرء نفسه وإسلامه عرسه ، قال : فما الخرق ؟ قال : معاداتك أميرك ومن يقدر على ضرّك ونفعك .

ثمّ التفت إلى الحارث الأعور فقال : ياحارث علّموا هذه الحكم أولادكم فإنّها زيادة في العقل والحزم والرأي)(1).

افعل خمسة أشياء

[ 8 ] - روي أنّ الحسين بن علي عليهما السلام جاءه رجل وقال : أنا رجل عاص ولا أصبر عن المعصية ، فعظني بموعظة فقال عليه السلام :

(افعل خمسة أشياء واذنب ما شئت ، فأوّل ذلك : لا تأكل رزق اللَّه واذنب ما شئت ، والثاني : أُخرج من ولاية اللَّه واذنب ما شئت ، والثالث : أُطلب موضعاً لا يراك اللَّه واذنب ما شئت ، والرابع : إذا جاء ملك الموت ليقبض روحك فادفعه عن نفسك واذنب ما شئت ، والخامس : إذا أدخلك مالك في النار فلا تدخل في النار واذنب ما شئت)(2).

عند التزام الركن

[ 9 ] - روي أنّ الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام التزم الركن ، فقال :

(الهي أنعمت عليّ فلم تجدني شاكراً ، وابتليتني فلم تجدني صابراً ، فلا أنت سلبت النعمة بترك الشكر ، ولا أنت أدمت الشدّة بترك الصبر ، إلهي ما

ص: 196


1- 279. معاني الأخبار : ص 401 ح 62 ، وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 101 ب 19 ح 1 .
2- 280. بحار الأنوار : ج 75 ص 126 ب 20 ح 7 عن جامع الأخبار : ص 359 الفصل التاسع والثمانون ح 3 ، وفيه : عن علي بن الحسين عليهما السلام .

يكون من الكريم إلّا الكرم)(1).

أئمّة الناس

[ 10 ]- ورد على الحسين عليه السلام في الثعلبية رجل يقال له بشر بن غالب ، فقال : يابن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أخبرني عن قول اللَّه عزّوجلّ : «يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ»(2) قال :

(إمام دعا إلى هدى فأجابوه إليه ، وإمام دعا إلى ضلالة فأجابوه إليها ، هؤلاء في الجنّة وهؤلاء في النار ، وهو قوله عزّوجلّ : «فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ»(3))(4).

المحاسن والمساوي

[ 11 ] - عن الإمام الحسين عليه السلام :

(إنّ الحلم زينة ، والوفاء مروءة ، والصلة نعمة ، والاستكبار صَلِفٌ ، والعجلة سفَهٌ ، والسفهَ ضعف ، والغلوّ وَرْطَةٌ ، ومجالسة أهلِ الدناءَةِ شرّ ،

ص: 197


1- 281. ملحقات الإحقاق : ج 11 ص 595 نقلاً عن توفيق أبي علم في كتابه أهل البيت : ص 437 ط القاهرة . صحيفة الحسين للقيّومي الأصفهاني : ص 51 عن حقائق أجلّاء النقشبندية : ص 33 ، ولكن العلّامة المجلسي في بحار الأنوار : ج 96 ص 197 ب 35 ح 13 نسبها إلى الإمام الحسن عليه السلام وأيضاً العدد القوية : ص 35 اليوم الخامس عشر .
2- 282. سورة الإسراء : آية 71 .
3- 283. سورة الشورى : آية 7 .
4- 284. أمالي الصدوق : ص 153 ، المجلس 30 ، ضمن ح 1 ، وعنه بحار الأنوار : ج 44 ص 313 ب 37 ضمن ح 1 .

ومجالسةَ أهلِ الفسقِ رَيْبَةٌ)(1).

*من شروط المسألة*

[ 12 ]- أتاه رجل فسأله فقال الإمام الحسين عليه السلام :

(إنّ المسألة لا تصلح إلّا في غُرم فادح ، أو فقر مُدقع ، أو حمالة مفظعة)(2).

فقال الرجل : ما جئت إلّا في إحداهنّ ، فأمر له بمائة دينار(3).

*سعادة الشهادة*

[ 13 ] - قام الإمام الحسين عليه السلام خطيباً في أصحابه فحمد اللَّه وأثنى عليه ثمّ قال :

(إنّه قد نزل [لنا ] من الأمر ما قد ترون ، وإنّ الدنيا تغيّرت وتنكّرت وأدبر معروفها [واستمرت حذّاء (4)] ولم يبق منها إلّا صبابة كصبابة الإناء ، وخسيس عيش كالمرعى الوبيل ، ألا ترون إلى الحقّ لا يعمل به وإلى الباطل لا يتناهى عنه ، ليرغب المؤمن في لقاء ربّه محقّاً محقّاً فإنّي لا أرى الموت إلّا سعادة والحياة مع الظالمين إلّا برما)(5).

ص: 198


1- 285. نور الأبصار : ص 138 ، بحار الأنوار : ج 75 ص 122 ب 20 ح 5 ، وكشف الغمّة : ج 2 ص 30 .
2- 286. الحمالة : الديّة والغرامة .
3- 287. تحف العقول : ص 246 ، بحار الأنوار : ج 75 ص 118 ب 20 ضمن ح 2 .
4- 288. ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر ، وقال ابن الأثير في النهاية : ج 1 ص 356 : « حذّاء » أي خفيفة سريعة .
5- 289. عوالم العلوم ، الإمام الحسين عليه السلام : ص 231 ، بحار الأنوار : ج 44 ص 381 ب 37 ، واللهوف : ص 79 .

أيّهما أحبُّ إليك ؟

[ 14 ] - قال الحسين بن علي عليهما السلام لرجل :

(أيّهما أحبّ إليك ؟ رجل يروم قتل مسكين قد ضعف ، تنقذه من يده ؟ أو ناصب يريد إضلال مسكين [مؤمن ] من ضعفاء شيعتنا تفتح عليه ما يمتنع [المسكين ] به منه ويفحمه ويكسره بحجج اللَّه تعالى ؟ قال : بل إنقاذ هذا المسكين المؤمن من يد هذا الناصب . إنّ اللَّه تعالى يقول : «وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً»(1) [ أي ] ومن أحياها وأرشدها من كفر إلى إيمان ، فكأنّما أحيا الناس جميعاً من قبل(2) أن يقتلهم بسيوف الحديد)(3).

رضا اللَّه دائماً

[ 15 ] - قال الصادق عليه السلام : حدّثني أبي عن أبيه عليهما السلام أنّ رجلاً من أهل الكوفة كتب إلى أبي الحسين بن علي عليهما السلام ياسيّدي أخبرني بخير الدنيا والآخرة فكتب صلوات اللَّه عليه :

(بسم اللَّه الرحمن الرحيم ، أمّا بعد ، فإنّ من طلب رِضَى اللَّه بسخطِ الناس كفاهُ اللَّهُ أُمورَ الناس ، ومن طلب رِضَى الناس بسخط اللَّه وكَّلَهُ اللَّهُ إلى الناس والسلام)(4).

ص: 199


1- 290. سورة المائدة : آية 32 .
2- 291. بكسر القاف وفتح الباء أي من جهة قتلهم بالسيوف ويحتمل فتح القاف وسكون الباء ، قاله المجلسي قدس سره .
3- 292. تفسير الإمام عليه السلام : ص 348 ح 231 ، وعنه بحار الأنوار : ج 2 ص 9 ب 8 ح 17 .
4- 293. الاختصاص : ص 225 ، أمالي الصدوق : ص 200 ، المجلس 36 ، ح 11 ، وبحار الأنوار : ج 75 ص 126 ب 20 ح 8 .

أقسام الجهاد

[ 16 ]- أنّه سئل عن الجهاد سنّة أو فريضة ؟ فقال الحسين عليه السلام :

(الجهاد على أربعة أوجه : فجهادان فرض ، وجهاد سنّة لا يقام إلّا مع فرض ، وجهاد سنّة : فأمّا أحد الفرضين فجهاد الرجل نفسه عن معاصي اللَّه وهو من أعظم الجهاد ، ومجاهدة الذين يلونكم من الكفّار فرض ، وأمّا الجهاد الذي هو سنّة لا يقام إلّا مع فرض ، فإنّ مجاهدة العدو فرض على جميع الأُمّة ولو تركوا الجهاد لأتاهم العذاب وهذا هو من عذاب الأُمّة وهو سنّة على الإمام وحدّه أن يأتي العدو مع الأُمّة فيجاهدهم وأمّا الجهاد الذي هو سنّة فكل سنّة أقامها الرجل وجاهد في إقامتها وبلوغها وإحيائها فالعمل والسعي فيها من أفضل الأعمال لأنّها إحياء سنّة وقد قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : من سنّ سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أُجورهم شي ء)(1).

شوق الشهادة

[ 17 ]- روي أنّ الحسين عليه السلام لمّا عزم على الخروج إلى العراق قام خطيباً فقال :

(الحمد للَّه وما شاء اللَّه ولا حول ولا قوّة إلّا باللَّه وصلّى اللَّه على رسوله وسلّم ، خطّ الموت على ولد آدم مخطّ القلادة على جيد الفتاة وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف ، وخيّر لي مصرع أنا لاقيه ، كأنّي بأوصالي يتقطّعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء فيملانّ منّي أكراشاً جوفاً ، وأجربة سغباً ، لا محيص عن يوم خطّ بالقلم ، رضى اللَّه رضانا

ص: 200


1- 294. تحف العقول : ص 243 .

أهل البيت ، نصبر على بلائه ويوفّينا أُجور الصابرين ، لن تشذّ عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله لحمته ، وهي مجموعة له في حظيرة القدس ، تقرّ بهم عينه ، وينجز لهم وعده ، من كان فينا باذلاً مهجته وموطّناً على لقاء اللَّه نفسه فليرحل معنا فإنّي راحل مصبحاً إن شاء اللَّه)(1).

من أحبّك نهاك

[ 18 ] - عن الإمام الحسين عليه السلام :

(دراسة العلم لقاح المعرفة ، وطول التجارب زيادة في العقل والشرف ، التقوى والقنوع راحة الأبدان ، ومن أحبّك نهاك ، ومن أبغضك أغراك)(2).

شرّ خصال الملوك

[ 19 ]- كان الإمام الحسين عليه السلام يقول :

(شرّ خصال الملوك : الجبنُ من الأعداء ، والقسوةُ على الضعفاء ، والبخلُ عند الإعطاء)(3).

في حقيقة الموت

[ 20 ] - قال علي بن الحسين عليهما السلام : لمّا اشتدّ الأمر بالحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام نظر إليه من كان معه فإذا هو بخلافهم لأنّهم كلّما اشتدّ الأمر تغيّرت ألوانهم

ص: 201


1- 295. كشف الغمّة : ج 2 ص 29 ، واللهوف : ص 60 ، مثير الأحزان : ص 41 ، وبحار الأنوار : ج 44 ص 366 ب 37 .
2- 296. أعلام الدين : ص 298 ، وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 128 ب 20 ضمن ح 11 .
3- 297. المناقب لابن شهر آشوب : ج 4 ص 65 ، بحار الأنوار : ج 44 ص 189 ب 26 ح 2 .

وارتعدت فرائصهم ووجبت (البحار ... ووجلت) قلوبهم وكان الحسين عليه السلام وبعض من معه من خصائصه تشرق ألوانهم وتهدئ جوارحهم وتسكن نفوسهم ، فقال بعضهم لبعض : انظروا لا يبالي بالموت ! فقال لهم الحسين عليه السلام :

(صبراً بني الكرام - فما الموت إلّا قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضرّ ، إلى الجنان الواسعة ، والنعم الدائمة .

فأيّكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر ؟ وهو لأعدائكم كمن ينتقل من قصر إلى سجن وعذاب .

إنّ أبي حدّثني بذلك عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : « الدنيا سجن المؤمن وجنّة الكافر ، والموت جسر هؤلاء إلى جنّاتهم ، وجسر هؤلاء إلى جحيمهم » - ما كذِبتُ ولا كُذّبت -)(1).

الكذب والصدق

[ 21 ] - قال الإمام الحسين عليه السلام :

(الصدق عزّ ، والكذب عجز ، والسرّ أمانة ، والجِوارُ قَرابَةٌ ، والمعونة صَداقة ، والعمل تجرَبَة ، والخُلق الحَسَنُ عبادَةٌ ، والصمت زَين ، والشحُّ فقر ، والسخاء غِنىً ، والرِفق لبٌّ)(2).

كتاب اللَّه تعالى على أربعة

[ 22] - قال الحسين بن علي عليهما السلام :

ص: 202


1- 298. معاني الأخبار : ص 288 - 289 ح 3 ، بحار الأنوار : ج 44 ص 297 ب 35 ح 2 .
2- 299. تاريخ اليعقوبي : ج 2 ص 246 .

(كتاب اللَّه عزّوجلّ على أربعة أشياء :

على العبارة ، والإشارة ، واللطائف ، والحقائق ، فالعبارة للعوام ، والإشارة للخواص ، واللطائف للأولياء ، والحقائق للأنبياء عليهم السلام)(1).

حقوق الإخوان

[ 23] - عن الإمام الحسين عليه السلام :

(لولا التقيّةُ ما عُرِفَ وليُّنَا من عدوِّنَا ، ولولا معرفَةُ حقوقِ الإخوان ما عُرِفَ من السيّئات شي ء إلّا عوقب على جميعها ، لكنّ اللَّه عزّوجلّ يقول : «وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ»(2))(3).

كُلِ المال قبل أن يأكُلَك

[ 24 ] - عن الإمام الحسين عليه السلام :

(مالُك إن يكن لك كنت له منفقاً ، فلا تبقه بعدك فيكن ذخيرة لغيرك ، وتكون أنت المطالب به المأخوذُ بحِسابه ، واعلم أنّك لا تبقى له ، ولا يبقى عليك ، فكله قبل أن يأكلك)(4).

ص: 203


1- 300. جامع الأخبار : ص 116 الفصل الحادي والعشرون ح 15 ، الدرّة الباهرة : ص 33 .
2- 301. سورة الشورى : آية 30 .
3- 302. تفسير الإمام العسكري عليه السلام : ص 321 ح 165 ، وجامع الأخبار : ص 252 الفصل الثالث والخمسون ح 6 ، والوسائل : ج 16 ص 222 ح 21413 وليس فيه ذكر الآية ، وبحار الأنوار : ج 72 ص 415 ب 87 ضمن ح 68 .
4- 303. أعلام الدين : ص 298 ، بحار الأنوار : ج 75 ص 128 ب 20 ضمن ح 11 .

أشرف الناس

[ 25 ]- ومن كلامه عليه السلام حين قال له رجل : من أشرف الناس ؟ فقال الإمام الحسين عليه السلام :

(من اتّعظ قبل أن يوعظ ، واستيقظ قبل أن يوقظ) .

فقال : أشهد أنّ هذا هو السعيد(1).

ثمرة المعصيّة

[ 26 ] - عن شريف بن سابق ، عن الفضل بن أبي قرّة ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : كتب رجل إلى الحسين عليه السلام : عظني بحرفين ، فكتب إليه :

(من حاوَلَ أمراً بمعصية اللَّه تعالى كان أفوتَ لما يَرجُو ، وأسرع لَِمجي ءِ ما يحذَرُ)(2).

من دخل المقابر

[ 27 ]- عن الإمام الحسين عليه السلام من دخل المقابر فقال :

(اللهمّ ربّ هذِهِ الأرواح الفانية ، والأجساد البالية ، والعظام النَّخِرَةِ ، التي خَرَجَت من الدنيا وهي بك مؤمنة أَدْخِل عليهم رَوْحَاً منك وسلاماً منّي ،

ص: 204


1- 304. محاضرات الأُدباء للراغب الأصفهاني : ج 4 ص 402 ط بيروت ، وعنه ملحقات الإحقاق : ج 11 ص 590 عن الحسين عليه السلام .
2- 305. الكافي : ج 2 ص 373 ح 3 ، تحف العقول : ص 248 ، بحار الأنوار : ج 78 ص 120 ب 20 ح 2 وفيهما « أسرع لما يحذر » ، معادن الحكمة : ج 2 ص 45 ح 101 ، وسائل الشيعة : ج 16 ص 153 ب 11 ح 21222 .

كتب اللَّه له بعدد الخلق من لَدُن آدَمَ إلى أن تقومَ الساعَةُ حسناتٍ)(1).

الصدقة المقبولة

[ 28 ]- ذكر عنده عليه السلام رجل من بني أُميّة تصدّق بصدقة كثيرة فقال الإمام الحسين عليه السلام :

(مثله مثل الذي سرق الحاج وتصدّق بما سرق ، إنّما الصدقة صدقة من عرق فيها جبينه واغبرّ فيها وجهه مثل علي عليه السلام ، ومَن تصدّق بمثل ما تصدّق به ؟)(2).

فوائد صلة الرحم

[ 29 ] - أبو جعفر محمّد بن علي بن بابويه القمّي قال : حدّثنا أبي رضى الله عنه عن سعد بن عبداللَّه وعبداللَّه بن جعفر الحميري ، قالا حدّثنا إبراهيم بن هاشم ، عن الحسن بن الجهم قال : سمعت أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام ، يقول : قال الحسين عليه السلام :

(من سرّه أن يُنسأ في أجله ويُزادَ في رزقه فليصل رَحِمَهُ)(3).

علامات العلم والجهل

[ 30 ] - قال الإمام الحسين عليه السلام :

(من دلائل علامات القبول : الجلوس إلى أهل العقول ، ومن علامات أسباب الجهل : المُماراةُ لغير أهل الفكر ، ومن دلائل العالم : انتقاده لحديثه

ص: 205


1- 306. بحار الأنوار : ج 102 ص 300 - 301 ب 6 ح 31 .
2- 307. دعائم الإسلام : ج 1 ص 244 .
3- 308. عيون أخبار الرضا : ج 2 ص 48 ح 157 ، وبحار الأنوار : ج 74 ص 91 ح 15 .

وعلمه بحقائق فنون النظر)(1).

*من أتانا أهل البيت عليهم السلام*

[ 31 ] - قال الإمام الحسين عليه السلام :

(من أتانا لم يعدم خصلة من أربع : آية محكمة ، وقضيّة عادلة ، وأخاً مستفاداً ، ومجالسة العلماء)(2).

الناس عبيد الدنيا

[ 32 ] - عن الحسين عليه السلام أنّه لمّا نزل بكربلاء في اليوم الثاني من المحرّم سنة 61 فجمع ولده واخوته وأهل بيته ونظر إليهم وبكى ... ثمّ أقبل على أصحابه فقال :

(الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درّت معايشهم ، فإذا محّصوا بالبلاء قلّ الديّانون)(3).

مواعظه عليه السلام لابن عبّاس

[ 33 ] - روى عبداللَّه بن عبّاس ، قال لي الحسين بن علي عليهما السلام :

(يابن عبّاس ، لا تتكلّمنّ بما لا يُعنيك فإنّني أخاف عليك الوزر ، ولا تتكلّمنّ بما يُعنيك حتّى ترى له موضعاً ، فربّ متكلّم قد تكلّم بحقّ فعيب ، ولا تُمارِيَنَّ حليماً ولا سفيهاً ، فإنّ الحليم يقليك ، والسفيه يرديك ، ولا

ص: 206


1- 309. تحف العقول : ص 247 ، بحار الأنوار : ج 75 ص 119 ب 20 ضمن ح 2 .
2- 310. بحار الأنوار : ج 44 ص 195 ب 26 ح 9 ، عن كشف الغمّة : ج 2 ص 32 .
3- 311. بحار الأنوار : ج 44 ص 383 ب 37 ، تحف العقول : ص 245 ، ومقتل الحسين ، المقرّم : ص 193 ، والطبري في تاريخه : ج 5 ص 233 ، وابن الأثير في الكامل : ج 4 ص 20 .

تقولنّ خلف أحد إذا توارى عنك ، إلّا مثل ما تحبّ أن يقول عنك إذا تواريت عنه ، واعمل عمل عبد يعلم أنّه مأخوذٌ بالإجرام مجزي بالإحسان ، والسلام)(1).

آداب طلب الحاجة

[ 34 ]- جاءه رجل من الأنصار يريد أن يسأله حاجة ، فقال الإمام الحسين عليه السلام :

(ياأخا الأنصار صن وجهك عن بذلَةِ المسألة ، وارفع حاجتك في رقعة ، فإنّي آتٍ فيها ما سارّك إن شاء اللَّه .

فكتب : ياأبا عبداللَّه إنّ لفلان عليّ خمسمائة دينار ، وقد ألحّ بي ، فكلّمه ينظرني إلى ميسرة . فلمّا قرأ الحسين عليه السلام الرقعة دخل إلى منزله فأخرج صرّة فيها ألف دينار وقال عليه السلام له :

أمّا خمسمائة فاقض بها دَينك ، وأمّا خمسمائة فاستعن بها على دهرك ، ولا ترفع حاجتك إلّا إلى أحد ثلاثة : إلى ذي دِين ، أو مُرُوءَةٍ ، أو حَسَب ، فأمّا ذو الدين فيصونُ دينَهُ وأمّا ذو المروءة فإنّه يستحيي لمروءته ، وأمّا ذو الحسب فيعلم أنّك لم تُكرم وجهك أن تبذله له في حاجتك فهو يصون وجهك أن يَرُدَّك بغير قضاء حاجتك)(2).

المعروف بقدر المعرفة

[ 35 ]- وفي أسانيد أخطب خوارزم أورده في كتاب له في مقتل آل الرسول : أنّ أعرابياً

ص: 207


1- 312. كنز الفوائد : ج 2 ص 32 ، أعلام الدين : ص 145 ، بحار الأنوار : ج 75 ص 127 ب 20 ح 10 .
2- 313. تحف العقول : ص 247 ، وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 118 ب 20 ضمن ح 2 .

جاء إلى الحسين بن علي عليهما السلام وقال : يابن رسول اللَّه قد ضمنت ديّة كاملة وعجزت عن أدائها ، فقلت في نفسي أسأل أكرم الناس ، وما رأيت أكرم من أهل بيت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله . فقال الحسين عليه السلام :

(ياأخا العرب ، أسألك عن ثلاث مسائل ، فإن أجبت عن واحدة أعطيتُك ثلث المال ، وإن أجبتَ عن اثنتين أعطيتُك ثلثي المال ، وإن أجبتَ عن الكل أعطيتك الكل . فقال الأعرابي : يابن رسول اللَّه ، أمثلك يسأل عن مثلي ، وأنت من أهل بيت العلم والشرف ؟! فقال الحسين عليه السلام :

بلى ، سمعت جدّي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقول : المعروف بقدر المعرفة .

فقال الأعرابي : سل عمّا بدا لك ، فإن أجبتُ وإلّا تعلّمتُ منك ، ولا قوّة إلّا باللَّه .

فقال الحسين عليه السلام : أي الأعمال أفضل ؟

فقال الأعرابي : الإيمان باللَّه .

فقال الحسين عليه السلام : فما النجاة من المهلكة ؟

فقال الأعرابي : الثقة باللَّه .

فقال الحسين عليه السلام : فما يزين الرجل ؟

فقال الأعرابي : علم معه حلم .

فقال : فإن أخطأ ذلك ؟

فقال : مال معه مروءة .

فقال : فإن أخطأ ذلك ؟

ص: 208

فقال : فقر معه صبر .

فقال الحسين عليه السلام : فإن أخطأ ذلك ؟

فقال الأعرابي : فصاعقة تنزل من السماء فتحرقه فإنّه أهل لذلك .

فضحك الحسين عليه السلام ورمى بصرّة إليه فيها ألف دينار ، وأعطاه خاتمه وفيه فصّ قيمته مائتا درهم ، وقال : ياأعرابي اعط الذهب إلى غرمائك ، واصرف الخاتم في نفقتك . فأخذه الأعرابي وقال : «اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ» الآية(1))(2).

من نعم اللَّه عليكم

[ 36 ] - عن الإمام الحسين عليه السلام :

(ياأيّها الناس نافسوا في المكارم ، وسارعوا في المغانم ، ولا تحتسبوا بمعروف لم تعجلوا ، واكسبوا الحمد بالنجح ، ولا تكتسبوا بالمطل ذمّاً فمهما يكن لأحد عند أحد صنيعة له رأي أنّه لا يقوم بشكرها فاللَّه له بمكافأته فإنّه أجزل عطاءً ، وأعظم أجراً .

واعلموا أنّ حوائج الناس إليكم من نعم اللَّه عليكم فلا تملّوا النعم فتحور نقماً(3).

واعلموا أنّ المعروف مكسب حمداً ، ومعقب أجراً ، فلو رأيتم المعروف رجلاً رأيتموه حسناً جميلاً يسرّ الناظرين ، ولو رأيتم اللؤم رأيتموه سمجاً(4) مشوّهاً تنفّر منه القلوب وتغضّ دونه الأبصار .

ص: 209


1- 314. سورة الأنعام : آية 124 .
2- 315. جامع الأخبار : ص 381 الفصل السادس والتسعون ح 3 ، وعنه بحار الأنوار : ج 44 ص 196 ب 26 ح 11 .
3- 316. حار يحور حوراً : رجع .
4- 317. السمج : القبيح .

أيّها الناس من جاد ساد ، ومن بخل رذل ، وإنّ أجود الناس من أعطى من لا يرجوه ، وإنّ أعفى الناس من عفى عن قدرة ، وإنّ أوصل الناس من وصل من قطعه ، والأُصول على مغارسها بفروعها تسمو ، فمن تعجّل لأخيه خيراً وجده إذا قدم عليه غداً ، ومن أراد اللَّه تبارك وتعالى بالصنيعة إلى أخيه كافأه بها في وقت حاجته ، وصرف عنه من بلاء الدنيا ما هو أكثر منه ، ومن نفّس كربة مؤمن فرّج اللَّه عنه كرب الدنيا والآخرة ، ومن أحسن أحسن اللَّه إليه ، واللَّه يحبّ المحسنين)(1).

الصبر على الحقّ

[ 37 ] - عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبداللَّه ، عن إسماعيل بن مهران ، عن دُرُسْت بن أبي منصور ، عن عيسى بن بَشير ، عن أبي حمزة ، قال : قال أبو جعفر عليه السلام : لمّا حَضَرَت أبي علي بن الحسين عليهما السلام الوفاةُ ، ضمّني إلى صدرِهِ وقال : يابنيّ أُوصيك بما أوصاني به أبي حين حَضَرَتْهُ الوفاةُ ، وممّا ذكر أنّ أباه أوصاه به :

(يابنيّ اصبِر على الحقِّ وإن كان مُرَّاً)(2).

وصيّته لابنه السجّاد عليهما السلام

[ 38 ] - عدّة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبداللَّه ، عن إسماعيل بن مِهران ، عن درست ابن أبي منصور ، عن عيسى بن بشير ، عن أبي حمزة الُّثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال : لمّا حضر علي بن الحسين عليهما السلام الوفاةُ ضمّني إلى صدره ثمّ قال : يابنيّ أُوصيك بما

ص: 210


1- 318. كشف الغمّة : ج 2 ص 29 ، وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 121 ب 20 ح 4 .
2- 319. الكافي : ج 2 ص 91 ح 13 ، بحار الأنوار : ج 68 ص 76 ب 62 ح 10 .

أوصاني به أبي عليه السلام حين حضرته الوفاة ، وممّا ذكر أنّ أباه أوصاه به ، قال :

(يابُنيّ إيّاك وظُلم من لا يجدُ عليك ناصِراً إلّا اللَّه)(1).

التعامل مع السائل

[ 39 ] - قدم أعرابي المدينة فسأل عن أكرم الناس بها ، فدلّ على الحسين عليه السلام ، فدخل المسجد فوجده مصلّياً فوقف بازائه وأنشأ :

لم يخب الآن من رجاك ومن

حرّك من دون بابك الحلقة

أنت جواد وأنت معتمد

أبوك قد كان قاتل الفسقة

لولا الذي كان من أوائلكم

كانت علينا الجحيم منطبقة

قال : فسلّم الحسين وقال :

(ياقنبر هل بقي من مال الحجاز شي ء ؟

قال : نعم أربعة آلاف دينار .

فقال : هاتها قد جاء من هو أحقّ بها منّا ، ثمّ نزع برديه ولفّ الدنانير فيها وأخرج يده من شقّ الباب حياءً من الأعرابي وأنشأ :

خذها فإنّي إليك معتذر

واعلم بأني عليك ذو شفقة

لو كان في سيرنا الغداة عصا

أمست سمانا عليك مندفقة

لكنّ ريب الزمان ذو غير

والكفّ منّي قليلة النفقة

قال : فأخذها الأعرابي وبكى .

فقال له : لعلّك استقللت ما أعطيناك ؟

ص: 211


1- 320. الكافي : ج 2 ص 331 ح 5 ، بحار الأنوار : ج 46 ص 153 ب 10 ح 16 .

قال : لا ، ولكن كيف يأكل التراب جودك)(1).

الإجمال في الطلب

[ 40 ] - عن الحسين عليه السلام أنّه قال لرجل :

(ياهذا ! لا تجاهد في الرزق جهاد المغالب ولا تتّكل على القدر اتّكال مستسلم ، فإنّ ابتغاءَ الرزق من السنّة ، والإجمالَ في الطلبِ من العفّة ، ليست العفّة بمانعةٍ رزقاً ، ولا الحرص بجالِبٍ فضلاً ، وإنّ الرزقَ مقسومٌ ، والأجل محتوم ، واستعمالَ الحرصِ طلبُ المأثم)(2).

ص: 212


1- 321. مناقب ابن شهر آشوب : ج 4 ص 65 - 66 ، وعنه بحار الأنوار : ج 44 ص 190 ب 26 ضمن ح 2 .
2- 322. أعلام الدين : ص 428 ، وعنه بحار الأنوار : ج 100 ص 27 ب 2 ح 41 .

الإمام علي بن الحسين عليهما السلام

اشارة

ص: 213

ص: 214

نسبه عليه السلام :

هو الإمام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبدالمطّلب بن هاشم ، وأُمّه شاه زنان (ملكة النساء) بنت يزدجرد بن شهريار بن كسرى ملك الفرس ويقال لها : شهر بانويه . ولكمال فضلها وتبصّرها في الأُمور ومعرفتها بمقام أهل البيت عليهم السلام سمّاها أمير المؤمنين عليه السلام (مريم) تشبيهاً لها بمريم الكبرى ويقال سمّاها فاطمة ، وكانت تدعى سيّدة النساء .

وإلى ذلك يشير النبي صلى الله عليه وآله بقوله : إنّ للَّه من عباده خيرتان ، فخيرته من العرب قريش ومن العجم فارس(1).

وفيه يقول أبو الأسود الدؤلي :

وإن غلاماً بين كِسرَى وهَاشِمٍ

لأكرَمُ مَن نِيطَت عليهِ الَّتمَائِمُ(2)

ولادته عليه السلام :

ولد الإمام زين العابدين عليه السلام بالمدينة المنوّرة في الخامس من شعبان سنة ثمان وثلاثين من الهجرة فبقي مع جدّه أمير المؤمنين عليه السلام سنتان ، ومع عمّه الحسن عشر سنين ، ومع أبيه الحسين عليه السلام إحدى عشر سنة ، (وكانت إمامته أربعاً وثلاثين سنة) .

كناه عليه السلام :

ومن كناه عليه السلام أبو الحسن ، والخاص أبو محمّد وفي رواية أبو الحسين .

ألقابه عليه السلام :

ومنها : زين العابدين ، سيّد العابدين ، زين الصالحين ، وارث علم النبيين ، وصي الوصيين ، خازن وصايا المرسلين ، إمام المؤمنين ، منار القانتين ، الخاشع ، المتهجّد ، الزاهد ، العابد ، العدل ، البكّاء ، السجّاد ، ذو الثفنات ، إمام الأُمّة ، أبو

ص: 215


1- 323. مناقب آل أبي طالب : ج 4 ص 167 فصل في سيادته عليه السلام .
2- 324. الكافي : ج 1 ص 467 ح 1 .

الأئمّة والأمين .

صفاته عليه السلام :

كان عليه السلام وسيماً ، جميلاً ، من أحسن الناس وجهاً ، وأطيبهم رائحة ، بين عينيه سجّادة أي أثر السجود كان بادياً بين عينيه عليه السلام قال في وصفه الشاعر الفرزدق في قصيدته المشهور :

ينشق ثوب الدجى عن نور غرّته

كالشمس تنجاب عن إشراقها الظلم

وكان عليه السلام إذا مشى كأنّ الطير على رأسه ، لا يسبق يمينه شماله ، ولا يخطر بيده ، عليه السكينة والوقار ، كان أفضل أهل زمانه في أخلاقه وصدقاته ، وعطفه على الفقراء ، معظّماً ، مهاباً عند القريب والبعيد .

فضائله عليه السلام :

كان عليه السلام شديد الورع ، كثير العبادة ، يخفي البرّ على الفقير والغني ، وكان على ظهره كهيئة الجبال السود للحمل على ظهره إلى الفقراء بالليل ، وكان يقوّت بيوتاً كثيرة من أهل المدينة وهم لا يعلمون ، فلمّا مات فقدوا أثره ، وكان يعجبه أن يحضر طعامه جماعة من اليتامى والأضراء ، ويلبسهم الثياب ، وينفق على عيالهم ، وكان عليه السلام إذا قصده سائل يقول له : مرحباً بمن يحمل زادي إلى الآخرة(1).

وكان عليه السلام إذا توضّأ أصفرّ لونه ، فيقول أهله : ما هذا الذي يغشاك ؟ فيقول : أتدرون لمن أتأهّب للقيام بين يديه .

آثاره عليه السلام :

الصحيفة السجّادية في الأدعية المشتملة على أنوار حقائق المعرفة وثمار حدائق الأُمّة ، وفيها عبق من كلام النبوّة ، وقبس من نور الإمامة ، والأثر الثاني : رسالة الحقوق التي تعرف الأُمّة ما يلزمهم من الحقوق المشروعة في حقّهم ، ومن يتمعّن في هذه الرسالة تبدو له أُصول الشريعة الحافظة للعباد ، وتشتمل على خمسين مادّة .

ص: 216


1- 325. بحار الأنوار : ج 46 ص 98 ب 5 ح 86 .

في كربلاء :

رافق أباه الإمام الحسين عليه السلام إلى كربلاء وشهد المأساة لكنّه لم يشارك في القتال ، لأنّه كان طريح الفراش من شدّة مرضه ، وقد واكب عليه السلام بعد ذلك مسيرة السبايا وحرم الحسين عليه السلام إلى الكوفة ، ثمّ الشام ، ثمّ المدينة المنوّرة ، وعاش بعد أبيه الحسين عليه السلام أربعاً وثلاثين سنة ، وهي مدّة إمامته عليه السلام وكانت إقامته في المدينة المنوّرة . وقيل له عليه السلام : ما آن لحزنك أن ينقضي ، فقال : شكا يعقوب إلى ربّه في أقلّ ممّا رأيت حين قال : ياأسفى على يوسف وإنّه فقد إبناً واحداً وإنّي رأيت أبي وجماعة أهل بيتي يذبحون حولي(1).

أولاده عليه السلام :

الإمام محمّد الباقر عليه السلام ، عبداللَّه الباهر والحسن والحسين وزيد وعمر الأشرف والحسين الأصغر ، وعبدالرحمن ، سليمان وعلي ، محمّد الأصغر ، خديجة ، فاطمة ، علية ، وأُمّ كلثوم .

زوجاته عليه السلام :

أُمّ عبداللَّه فاطمة بنت الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام وذكرها الإمام الصادق عليه السلام فقال : كانت صدّيقةً لم تدرك في آل الحسن امرأة مثلُهَا(2) وكانت له نساء أُخريات كنّين بأُم ولد .

نقش خاتمه عليه السلام :

الحمد للَّه العلي ، وقيل : وما توفيقي إلّا باللَّه ، وقيل : خزي وشقي قاتل الحسين بن علي عليهما السلام .

بوّابه عليه السلام :

أبو جبلة ، أبو خالد الكابلي ، يحيى المطعمي .

الخلفاء الذين عاصرهم :

وقد عاصر من الخلفاء الأُمويين معاوية بن أبي سفيان ويزيد ابن معاوية ومعاوية بن يزيد ، مروان بن الحكم ، عبدالملك بن مروان ، والوليد بن عبدالملك .

ص: 217


1- 326. مستدرك الوسائل : ج 2 ص 466 باب جواز البكاء على الميّت والمصيبة ح 2480 .
2- 327. الكافي : ج 1 ص 469 ح 1 .

استشهاده عليه السلام :

استشهد عليه السلام في الخامس والعشرين من محرّم الحرام سنة خمس وتسعين للهجرة ، وله يومئذ سبع وخمسون سنة ، وقد مات مسموماً سمّه الوليد بن عبدالملك .

ودفن عند جدّه الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام في المدينة المنوّرة في البقيع الغرقد .

ص: 218

اتّقوا الكذب

[ 1 ]- عن أحمد بن محمّد بن خالد عن إسماعيل بن مِهران عن سيف بن عميرة عمّن حدّثه عن أبي جعفر عليه السلام قال : كان علي بن حسين صلوات اللَّه عليه يقول لولدِهِ :

(اتّقوا الكذب الصغير منه والكبير في كلِّ جِدٍّ وهَزل فإنّ الرجل إذا كذب في الصغير اجترأ على الكبير ، أمَا علمتم أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قال : ما يزالُ العبدُ يصدُقُ حتّى يكتُبَهُ اللَّه صِدّيقاً ، وما يزالُ العبد يكذِبُ حتّى يكتبه اللَّه كذّاباً)(1).

أحبّونا حبّ الإسلام

[ 2 ] - عن أبي محمّد الحسن بن محمّد العلوي ، عن جدّه ، عن محمّد بن ميمون البزاز ، عن سفيان بن عيينة ، عن ابن شهاب الزهري قال : حدّثنا علي بن الحسين عليه السلام وكان أفضل هاشمي أدركناه قال :

(أحبّونا حبّ الإسلام ، فما زال حبّكم لنا حتّى صار شيناً علينا)(2).

بيان : لعلّ المراد النهي عن الغلو ، أي أحبّونا حبّاً يكون موافقاً لقانون الإسلام ولا يخرجكم عنه ، ولا زال حبّكم كان لنا حتّى أفرطتم وقلتم فينا ما لا

ص: 219


1- 328. الكافي : ج 2 ص 338 ح 2 ، وعنه بحار الأنوار : ج 69 ص 235 ب 114 ح 2 .
2- 329. إرشاد المفيد : ج 2 ص 141 ، وأخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء : ج 3 ص 136 بتفاوت ، وكشف الغمّة : ج 2 ص 85 ، وروضة الواعظين : ج 1 ص 197 .

نرضى به ، فصرتم شيناً وعيباً علينا ، حتّى يعيبوننا الناس بما تنسبون إلينا(1).

الدنيا قنطرة

[3 ] - قال الإمام زين العابدين عليه السلام يوماً لأصحابه :

(إخواني ، أُوصيكم بدار الآخرة ، ولا أُوصيكم بدار الدنيا ، فإنّكم عليها حريصون وبها متمسّكون ، أما بلغكم ما قال عيسى بن مريم عليه السلام للحواريين ، قال لهم : الدنيا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها ، وقال : أيّكم يبني على موج البحر داراً ، تلكم الدار الدنيا فلا تتّخذوها قراراً)(2).

كمال الإسلام

[ 4 ] - حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور رضى الله عنه قال : حدّثنا الحسين بن محمّد بن عامر ، عن عمّه عبداللَّه بن عامر ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي أيّوب ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال علي بن الحسين عليهما السلام :

(أربع من كنّ فيه كمل إسلامه ومحصت عنه ذنوبه(3) ولقي ربّه عزّوجلّ وهو عنه رَاضٍ : من وفى للَّه عزّوجلّ بما يجعل على نفسه للناس ، وصدّق لسانه مع الناس ، واستحيى من كلّ قبيح عند اللَّه وعند الناس ، وحسن خُلقه مع أهله)(4).

ص: 220


1- 330. راجع بحار الأنوار : ج 46 ص 73 ب 5 ذيل ح 58 .
2- 331. أمالي الشيخ المفيد : ص 43 المجلس السادس ح 1 ، وبحار الأنوار : ج 70 ص 107 ب 122 ح 108 .
3- 332. محص الشي ء : نقّصه بالشدّ - يقال : محص اللَّه عن فلان ذنوبه أي نقّصها وطهّره منها .
4- 333. الخصال : ج 1 ص 222 ح 50 ، وبحار الأنوار : ج 72 ص 93 ب 47 ح 6 .

أشدّ الساعات

[ 5 ]- عن سعد ، عن القاسم بن محمّد ، عن سليمان بن داود ، عن عبدالرزاق ، عن معمّر ، عن الزهري قال : قال علي بن الحسين عليهما السلام :

(أشدّ ساعات ابن آدم ثلاث ساعات : الساعة التي يعاين فيها ملك الموت ، والساعة التي يقوم فيها من قبره ، والساعة التي يقف فيها بين يدي اللَّه تبارك وتعالى ، فإمّا إلى الجنّة وإمّا إلى النار ، ثمّ قال : إن نجوت يابن آدم عند الموت فأنت أنت ، وإلّا هلكت ، وإن نجوت يابن آدم حين توضع في قبرك فأنت أنت وإلّا هلكت ، وإن نجوت يابن آدم في مقام القيامة فأنت أنت وإلّا هلكت ، وإن نجوت ياآدم حين يحمل الناس على الصراط فأنت أنت وإلّا هلكت ، وإن نجوت يابن آدم حين يقوم الناس لربّ العالمين فأنت أنت وإلّا هلكت ، ثمّ تلا : «وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ»(1) قال : هو القبر وإنّ لهم فيه لمعيشة ضنكاً ، واللَّه إنّ القبر لروضة من رياض الجنّة أو حفرة من حفر النار ، ثمّ أقبل على رجل من جلسائه فقال له : قد علم ساكن السماء ساكن الجنّة من ساكن النار ، فأي الرجلين أنت وأي الدارين دارك)(2).

*أصبحت مطلوباً بثمان*

[ 6 ]- جماعة ، عن أبي المفضّل ، باسناده إلى شقيق البلخي عمّن أخبره من أهل العلم قال : قيل لعلي بن الحسين عليه السلام : كيف أصبحت يابن رسول اللَّه ؟ قال :

ص: 221


1- 334. سورة المؤمنون : آية 100 .
2- 335. الخصال : ج 1 ص 119 ح 108 ، وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 148 ب 21 ح 10 .

(أصبحت مطلوباً بثمان : اللَّه تعالى يطلبني بالفرائض ، والنبي صلى الله عليه وآله بالسنّة والعيال بالقوت ، والنفس بالشهوة ، والشيطان باتّباعه ، والحافظان بصدق العمل ، وملك الموت بالروح ، والقبر بالجسد ، فأنا بين هذه الخصال مطلوب)(1).

مواعظ ثمينة

[ 7 ] - كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول :

(أظهر اليأس من الناس فإنّ ذلك من الغنى ، وأقلّ طلب الحوائج إليهم فإنّ ذلك فقر حاضر ، وإيّاك وما يعتذر منه ، وصلّ صلاة مودّع ، وإن استطعت أن تكون اليوم خيراً منك أمس وغداً خيراً منك اليوم فافعل)(2).

للعبد أربع أعين

[ 8 ]- حدّثنا سعد بن عبداللَّه ، عن القاسم بن محمّد الأصبهاني ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال في حديث طويل يقول فيه :

(ألا إنّ للعبد أربع أعين : عينان يبصر بهما أمر دينه ودنياه ، وعينان يبصر بهما أمر آخرته ، فإذا أراد اللَّه بعبد خيراً فتح له العينين اللتين في قلبه فأبصر بهما الغيب في أمر آخرته وإذا أراد به غير ذلك ترك القلب بما فيه)(3).

ص: 222


1- 336. بحار الأنوار : ج 46 ص 69 ب 5 ح 42 عن أمالي الطوسي : ص 641 المجلس 32 ح 16 .
2- 337. بحار الأنوار : ج 75 ص 152 ب 21 ح 14 عن أمالي المفيد : ص 183 المجلس الثالث والعشرون ح 6 .
3- 338. الخصال : ج 1 ص 240 ح 90 وعنه بحار الأنوار : ج 67 ص 53 ب 44 ح 16 .

موقف جميل

[ 9 ] - عن سفيان قال جاء رجل إلى علي بن الحسين فقال له : إنّ فلاناً قد وقع فيك بحضوري فقال له (انطلق بنا إليه) فانطلق معه وهو يرى أنّه سينتصر لنفسه منه فلمّا أتاه قال له :

(ياهذا إن كان ما قلته فيّ حقّاً فأنا أسأل اللَّه أن يغفر لي وإن كان ما قلت فيّ باطلاً فاللَّه تعالى يغفره لك ثمّ ولّى عنه)(1).

التقرّب إلى اللَّه

[ 10 ] - عن علي بن الحسين عليهما السلام قال :

(إنّ أحبّكم إلى اللَّه أحسنكم عملاً ، وإنّ أعظمكم عند اللَّه عملاً أعظمكم فيما عند اللَّه رغبة ، وإنّ أنجاكم من عذاب اللَّه أشدّكم خشية للَّه ، وإنّ أقربكم من اللَّه أوسعكم خُلقاً ، وإنّ أرضاكم عند اللَّه أسبغكم على عياله ، وإنّ أكرمكم على اللَّه أتقاكم للَّه)(2).

أبناء الدنيا والآخرة

[ 11 ] - عن السجّاد عليه السلام قال :

(إنّ الدنيا قد ارتحلت مدبرة . وإنّ الآخرة قد ترحّلت مقبلة ، ولكلّ واحد منهما بنون ، فكونوا من أبناء الآخرة ، ولا تكونوا من أبناء الدنيا ، فكونوا من الزاهدين في الدنيا ، والراغبين في الآخرة ، لأنّ الزاهدين اتّخذوا أرض

ص: 223


1- 339. نور الأبصار للشبلنجي : ص 245 .
2- 340. بحار الأنوار : ج 75 ص 136 ب 21 ضمن ح 3 عن تحف العقول : ص 279 .

اللَّه بساطاً ، والتراب فراشاً ، والمدر وساداً ، والماء طيباً ، وقرّضوا المعاش من الدنيا تقريضاً .

اعلموا أنّه من اشتاق إلى الجنّة سارع إلى الحسنات وسلا عن الشهوات(1) ومن أشفق من النار بادر بالتوبة إلى اللَّه من ذنوبه ، وراجع عن المحارم . ومن زهد في الدنيا هانت عليه مصائبها ولم يكرهها .

وإنّ للَّه عزّوجلّ لعباداً قلوبهم معلّقة بالآخرة وثوابها ، وهم كمن رأى أهل الجنّة في الجنّة مخلّدين منعّمين ، وكمن رأى أهل النار في النار معذّبين ، فأُولئك شرورهم وبوائقهم عن الناس مأمونة ، وذلك أنّ قلوبهم عن الناس مشغولة بخوف اللَّه فطرفهم عن الحرام مغضوض ، وحوائجهم إلى الناس خفيفة ، قبلوا اليسير من اللَّه في المعاش وهو القوت ، فصبروا أيّاماً قصارى لطول الحسرة يوم القيامة)(2).

باللسان نثاب ونعاقب

[ 12 ]- حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار عن محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري ، عن محمّد بن السندي ، عن علي بن الحكم ، عن إبراهيم بن مهزم الأسدي ، عن أبي حمزة ، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال :

(إنّ لسان ابن آدم يُشرِفُ كلَّ يوم على جوارحه فيقول : كيف أصبحتم ؟ فيقولون : بخير إن تركتنا ، ويقولون : اللَّه اللَّه فينا ، ويُناشِدُونَهُ ، ويقولون : إنّما

ص: 224


1- 341. سلا عن الشي ء : نسيه وهجره . وأشفق : خاف وحذر .
2- 342. بحار الأنوار : ج 75 ص 139 - 140 ب 21 ضمن ح 3 ، ورواه الكليني في الكافي : ج 2 ص 132 بأدنى تفاوت .

نُثَابُ بك ، ونُعَاقَبُ بك)(1).

كمال دين المسلم

[ 13 ]- حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رضى الله عنه قال : حدّثنا عبداللَّه بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي ولّاد [ الحنّاط ] ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول :

(إنّ المعرفة بكمال دين المسلم تركه الكلام فيما لا يعنيه ، وقلّة المراء وحلمه وصبره وحسن خلقه)(2).

من أخلاق المؤمن

[ 14 ]- عن الإمام السجّاد عليه السلام :

(إنّ من أخلاق المؤمن الإنفاق على قدر الإقتار ، والتوسّع على قدر التوسّع ، وإنصاف الناس من نفسه ، وابتداءه إيّاهم بالسلام)(3).

علامات المؤمن والمنافق

[ 15]- عن الإمام زين العابدين عليه السلام قال :

(إنّ المنافق ينهى ولا ينتهي ، ويأمر ولا يأتي ، إذا قام إلى الصلاة

ص: 225


1- 343. الخصال : ج 1 ص 5 ح 15 .
2- 344. الخصال : ج 1 ص 290 ح 50 ، الكافي : ج 2 ص 240 باب المؤمن وعلاماته وصفاته ح 34 ، وبحار الأنوار : ج 66 ص 378 ب 38 ح 34 .
3- 345. تحف العقول : ص 282 ، وبحار الأنوار : ج 75 ص 140 ب 21 ضمن ح 3 .

اعترض ، وإذا ركع ربض ، وإذا سجد نقر(1) يمسي وهمّه العشاء ولم يصم(2) ويصبح وهمّه النوم ولم يسهر ، والمؤمن خلط عمله بحلمه ، يجلس ليعلم(3) وينصت ليسلم ، ولا يحدّث بالأمانة الأصدقاء ، ولا يكتم الشهادة للبعداء ، ولا يعمل شيئاً من الحقّ رئاءً ، ولا يتركه حياءً . إن زكّي خاف ممّا يقولون ، ويستغفر اللَّه لما لا يعلمون ، ولا يضرّه جهل من جهله)(4).

الإبتهاج بالذنب

[ 16 ]- عن الإمام زين العابدين عليه السلام :

(إيّاك والإبتهاج بالذنب فإنّ الإبتهاج به أعظمُ من ركوبه)(5).

الترغيب والتزهيد

[ 17 ]- عن الحميري ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب عن عبداللَّه بن غالب ، عن أبيه ، عن سعيد بن المسيّب قال : كان علي بن الحسين عليهما السلام يعظ الناس يزهّدهم في

ص: 226


1- 346. رواه الكليني في الكافي : ج 2 ص 396 عن أبي حمزة عنه عليه السلام وفيه : « يأمر بما لا يأتي وإذا قام إلى الصلاة اعترض ، قلت : يابن رسول اللَّه وما الاعتراض ؟ قال : الالتفات . وإذا ركع ربض - الخ » . والربوض استقرار الغنم وشبهه على الأرض وكأنّ المراد أنّه يسقط نفسه على الأرض من قبل أن يرفع رأسه من الركوع كإسقاط الغنم عند ربوضه . والنقر التقاط الطائر الحبّ بمنقاره . أي خفّف السجود . ورواه الصدوق رحمه الله في الأمالي : المجلس 74 بتقديم وتأخير مع زيادة .
2- 347. العشاء - بالفتح : الطعام الذي يتعشّى به .
3- 348. رواه الكليني في الكافي : ج 2 ص 231 وفيه « يصمت ليسلم وينطق ليغنم ، لا يحدّث أمانته الأصدقاء ولا يكتم شهادته من البعداء - إلى أن قال - : لا يغُرُّهُ قول من جهله ويخاف أحصاء ما عمله » .
4- 349. بحار الأنوار : ج 75 ص 138 ب 21 ضمن ح 3 ، وتحف العقول : ص 280 .
5- 350. بحار الأنوار : ج 75 ص 159 ب 21 ضمن ح 19 ، وكشف الغمّة : ج 2 ص 108 .

الدنيا ، ويرغّبهم في أعمال الآخرة بهذا الكلام في كلّ جمعة في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله وحفظ عنه وكتب ، وكان يقول :

(أيّها الناس اتّقوا اللَّه واعلموا أنّكم إليه ترجعون فتجد كلُّ نفس ما عملت في هذه الدنيا من خير مُحضراً ، وما عملت من سوء تودّ لو أنّ بينها وبينه أمداً بعيداً ، ويحذرّكم اللَّه نفسه ويحك ابن آدم الغافل وليس بمغفول عنه ، ابن آدم إنّ أجلك أسرع شي ء إليك ، قد أقبل نحوك حثيثاً(1) يطلبك ، ويوشك أن يدركك ، وكأن قد أوفيت أجلك ، وقبض الملك روحك ، وصرت إلى منزل وحيداً فردّ إليك فيه روحك ، واقتحم عليك فيه ملكاك منكر ونكير لمساءلتك ، وشديد امتحانك ، ألا وإنّ أوّل ما يسألانك عن ربّك الذي كنت تعبده ، وعن نبيّك الذي أُرسل إليك ، وعن دينك الذي كنت تدين به ، وعن كتابك الذي كنت تتلوه ، وعن إمامك الذي كنت تتولّاه ، ثمّ عن عمرك فيما أفنيته ، ومالك من أين اكتسبته ، وفيما أتلفته ، فخذ حذرك وانظر لنفسك ، وأعدّ للجواب قبل الامتحان ، والمساءلة والاختبار ، فإن تك مؤمناً تقياً عارفاً بدينك ، متّبعاً للصادقين ، موالياً لأولياء اللَّه لقّاك اللَّه حجّتك ، وأنطق لسانك بالصواب فأحسنت الجواب ، فبشّرت بالجنّة والرضوان من اللَّه والخيرات الحسان واستقبلتك الملائكة بالروح والريحان وإن لم تكن كذلك تلجلج لسانك ، ودحضت حجّتك ، وعييت عن الجواب(2) وبشّرت بالنار ، واستقبلتك ملائكة العذاب ، بنزل من حميم وتصلية جحيم(3).

ص: 227


1- 351. الحثيث : السريع . اقتحم المنزل : هجمه ، والأمر : رمى نفسه فيه بشدّة ومشقّة .
2- 352. التلجلج : التردّد في الكلام . والدحض : الإبطال ، والعي : العجز عن الكلام .
3- 353. النُزل - بضم النون - : ما يعد للضيف . والحميم النار .

فاعلم ابن آدم إنّ من وراء هذا ما هو أعظم وأفظع وأوجع للقلوب يوم القيامة «ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ»(1) ويجمع اللَّه فيه الأوّلين والآخرين ذلك يوم ينفخ في الصور وتبعثر فيه القبور ، ذلك يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين(2) ذلك يوم لا تقال فيه عثرة ، ولا تؤخذ من أحد فيه فدية ، ولا تقبل من أحد فيه معذرة ، ولا لأحد فيه مستقبل توبة ، ليس إلّا الجزاء بالحسنات ، والجزاء بالسيّئات ، فمن كان من المؤمنين عمل في هذه الدنيا مثقال ذرّة من خير وجده ومن كان عمل من المؤمنين في هذه الدنيا مثقال ذرّة من شرّ وجده .

فاحذروا أيّها الناس من المعاصي والذنوب فقد نهاكم اللَّه عنها وحذّركموها في الكتاب الصادق والبيان الناطق ولا تأمنوا مكر اللَّه وشدّة أخذه عندما يدعوكم إليه الشيطان اللعين من عاجل الشهوات واللذّات في هذه الدنيا فإنّ اللَّه يقول : «إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ»(3) فاشعروا قلوبكم - للَّه أنتم - خوف اللَّه ، وتذكّروا ما قد وعدكم اللَّه في مرجعكم إليه من حسن ثوابه ، كما قد خوّفكم من شديد العقاب ، فإنّه من خاف شيئاً حذره ، ومن حذر شيئاً نكله ، فلا تكونوا من الغافلين المائلين إلى زهرة الحياة الدنيا فتكونوا من الذين مكروا السيّئات ، وقد قال اللَّه تعالى : «أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمْ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ

ص: 228


1- 354. سورة هود : الآية 103 .
2- 355. أزف الرحيل : قرب . وفي المصدر « لدى الحناجر كاظمة » .
3- 356. سورة الأعراف : آية 201 . والطائف : الخيال أو الوسوسة من يقال له بالفارسية .

فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ»(1).

فاحذروا ما قد حذّركم اللَّه ، واتّعظوا بما فعل بالظلمة في كتابه ، ولا تأمنوا أن ينزل بكم بعض ما تواعد به القوم الظالمين في الكتاب ، تاللَّه لقد وعظتم بغيركم ، وإنّ السعيد من وعظ بغيره ، ولقد أسمعكم اللَّه في الكتاب ما فعل بالقوم الظالمين من أهل القرى قبلكم حيث قال : «وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ * فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ (يعني يهربون) لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ (فلمّا آتاهم العذاب) * قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ»(2) وأيم اللَّه إنّ هذه لعظة لكم وتخويف إن اتّعظتم وخفتم .

ثمّ رجع إلى القول من اللَّه في الكتاب على أهل المعاصي والذنوب . فقال : «وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ»(3) فإن قلتم أيّها الناس : إنّ اللَّه إنّما عنى بهذا أهل الشرك فكيف ذاك وهو يقول : «وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ»(4)؟

ص: 229


1- 357. سورة النحل : آية 45 - 47 وتقلّبهم أي إذا كانوا في أسفارهم أو مشغولين في تجاراتهم . وقوله : « على تخوّف » أي تنقّص شيئاً فشيئاً حتّى يهلك الجميع .
2- 358. سورة الأنبياء : الآية 11 - 15 . وفي المصحف « وكم قصمنا » وقوله : « أترفتم » أي متّعتم . وقوله « خامدين » أي ميّتين كخمود النار إذا طفئت .
3- 359. سورة الأنبياء : الآية 46 وقوله : « نفحة » أي وقعة خفيفة .
4- 360. سورة الأنبياء : آية 47 .

اعلموا عباد اللَّه أنّ أهل الشرك لا تنصب لهم الموازين ، ولا تنشر لهم الدواوين وإنّما تنشر الدواوين لأهل الإسلام ، فاتّقوا اللَّه عباد اللَّه واعلموا أنّ اللَّه لم يختر هذه الدنيا وعاجلها لأحد من أوليائه ، ولم يرغّبهم فيها وفي عاجل زهرتها ، وظاهر بهجتها ، وإنّما خلق الدنيا وخلق أهلها ليبلوهم أيّهم أحسن عملاً لآخرته ، وأيّم اللَّه لقد ضرب لكم فيها الأمثال ، وصرّف الآيات لقوم يعقلون ، فكونوا أيّها المؤمنون من القوم الذين يعقلون ولا قوّة إلّا باللَّه ، وازهدوا فيما زهّدكم اللَّه فيه من عاجل الحياة الدنيا فإنّ اللَّه يقول وقوله الحقّ : «إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنْ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ» الآية(1) فكونوا عباد اللَّه من القوم الذين يتفكّرون ، ولا تركنوا إلى الدنيا فإنّ اللَّه قد قال لمحمّد نبيّه صلى الله عليه وآله ولأصحابه : «وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ»(2) ولا تركنوا إلى زهرة الحياة الدنيا وما فيها ركون من اتّخذها دار قرار ومنزل استيطان ، فإنّها دار قلعة وبلغة ، ودار عمل فتزوّدوا الأعمال الصالحة منها قبل أن تخرجوا منها ، وقبل الإذن من اللَّه في خرابها ، فكأن قد أخربها الذي عمّرها أوّل مرّة وابتدأها وهو ولي ميراثها .

وأسأل اللَّه لنا ولكم العون على تزوّد التقوى ، والزهد فيها ، جعلنا اللَّه وإيّاكم من الزاهدين في عاجل زهرة الحياة الدنيا ، والراغبين العاملين لأجل ثواب الآخرة فإنّما نحن به وله)(3).

ص: 230


1- 361. سورة يونس : آية 24 .
2- 362. سورة هود : آية 113 .
3- 363. بحار الأنوار : ج 75 ص 143 - 146 ب 21 ح 6 ، عن أمالي الصدوق : ص 503 المجلس السادس والسبعون ح 1 .

ثلاث منجيات للمؤمن

[ 18 ] - روي عن الإمام زين العابدين عليه السلام أنّه قال :

(ثلاث منجيات للمؤمن : كفّ لسانه عن الناس وإغتيابهم ، واشغالُه نفسَه بما ينفعه لآخرته ودنياه ، وطول البكاء على خطيئته)(1).

الزهد عشرة أجزاء

[ 19 ] - وقال له رجل : ما الزهد ؟ فقال الإمام زين العابدين عليه السلام :

(الزهد عشرة أجزاء : فأعلى درجات الزهد أدنى درجات الورع ، وأعلى درجات الورع أدنى درجات اليقين ، وأعلى درجات اليقين أدنى درجات الرضى . وإنّ الزهد في آية من كتاب اللَّه : «لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ»(2))(3).

المذلّة والغنى

[ 20]- روي عن الإمام السجّاد عليه السلام أنّه قال :

(طلب الحوائج إلى الناس مذلّة للحياة ومذهبة للحياء، واستخفاف بالوقار، وهو الفقر الحاضر ، وقلّة طلب الحوائج من الناس هو الغنى الحاضر)(4).

ص: 231


1- 364. تحف العقول : ص 282 ، وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 140 ب 21 ضمن ح 3 ، ومعدن الجواهر : ص 34 .
2- 365. سورة الحديد : آية 23 .
3- 366. ورواه في بحار الأنوار : ج 75 ص 136 ب 21 ضمن ح 3 ، عن تحف العقول : ص 278 .
4- 367. تحف العقول : ص 279 ، وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 136 ب 21 ضمن ح 3 .

العجب كلّ العجب

[ 21 ]- عن الحسين بن إبراهيم القزويني ، عن محمّد بن وهبان ، عن أحمد بن إبراهيم ، عن الحسن بن علي الزعفراني ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام ابن سالم ، عن الثمالي قال : سمعت علي بن الحسين عليهما السلام وهو يقول :

(عجباً للمتكبّر الفخور الذي كان بالأمس نطفة وهو غداً جيفة ، والعجب كلّ العجب لمن شكّ في اللَّه وهو يرى الخَلق ، والعجب كلّ العجب لمن أنكر الموت وهو يموت في كل يوم وليلة ، والعجب كلّ العجب لمن أنكر النشأة الأُخرى وهو يرى النشأة الأُولى ، والعجب كلّ العجب لمن عمل لدار الفناء وترك دار البقاء)(1).

علامات المؤمن خمس

[ 22 ]- حدّثنا عبداللَّه بن النضر بن سمعان التميمي رضى الله عنه قال : حدّثنا أبو القاسم جعفر بن محمّد المكّي قال : حدّثنا أبو الحسن عبداللَّه بن محمّد عمر الخراني عن صالح بن زياد ، عن أبي عثمان عبد بن ميمون السكوني عن عبداللَّه بن معن الأزدي عن عمران بن سليمان عن طاووس بن اليمان قال : سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول :

(علامات المؤمن خمس ، قلت : وما هنّ يابن رسول اللَّه ؟ قال : الورع في الخلوة والصدقة في القلّة ، والصبر عند المصيبة ، والحلم عند الغضب ، والصدق عند الخوف)(2).

بيان: (عند الخوف)كأنّه محمول على خوف لم يصل إلى حدّ وجوب التقيّة(3).

ص: 232


1- 368. بحار الأنوار : ج 75 ص 142 ب 21 ح 4 عن أمالي الشيخ : ص 663 المجلس 35 ح 31 .
2- 369. الخصال : ج 1 ص 269 ح 4 .
3- 370. راجع بحار الأنوار : ج 64 ص 293 ب 14 ذيل ح 15 .

برهان الربّ تعالى

[ 23 ] - عن علي بن الحسين عليه السلام: في قول اللَّه عزّوجلّ:«لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ»(1) قال:

(قامت امرأة العزيز إلى الصنم فسترته وقالت إنّه يرانا [ فقال لها يُوسُفُ : ما هذا ؟ فقالت : أستحي من الصنم أن يراني ] ، فقال يوسف : أتستحين ممّن لا يسمع ولا يَبصُر ولا ينفَع ولا يضرّ ، ولا تستحين ممّن خلق الأشياء وعَلِمَها فذلك قوله تعالى : «لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ»)(2).

في القول الحسن

[ 24 ]- حدّثنا يحيى بن زيد بن العبّاس بن الوليد البزّاز بالكوفة قال : حدّثنا عمّي علي ابن العبّاس ، قال : حدّثنا إبراهيم بن بشر بن خالد العبدي قال : حدّثنا عمرو بن خالد قال : حدّثنا أبو حمزة الثمالي ، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال :

(القولُ الحَسَنُ يُثري المالَ ، وينمّي الرِّزق ، ويُنسِئُ في الأجل ، ويُحبّبُ إلى الأهلِ ، ويُدخِلُ الجَنَّةَ)(3).

إنّها شرائع الدين

[ 25 ] - حدّثنا جعفر بن علي بن الحسن بن علي بن عبداللَّه بن المغيرة الكوفي قال : حدّثني جدّي الحسن بن علي ، عن عمرو بن عثمان الثقفي ، عن سعيد بن شرحبيل ، عن ابن لهيعة عن أبي مالك قال : قلت لعلي بن الحسين عليهما السلام : أخبرني بجميع شرائع

ص: 233


1- 371. سورة يوسف : آية 24 .
2- 372. صحية الإمام الرضا عليه السلام : ص 82 ح 185 .
3- 373. الخصال : ج 1 ص 317 ح 100 .

الدين ، قال :

(قولُ الحقّ ، والحُكمُ بالعدل ، والوفاءُ بالعهد)(1).

من حكمه عليه السلام

[ 26 ] - قال الإمام علي بن الحسين عليهما السلام :

(كم من مفتون بحُسن القول فيه ، وكم من مغرور بحسن الستر عليه ، وكم من مستدرج بالإحسان إليه)(2).

المعاداة والصداقة

[ 27 ] - عن الإمام زين العابدين عليه السلام :

(لا تعادينّ أحداً وإن ظننت أنّه لا يضرّك ، ولا تزهدنّ في صداقة أحد وإن ظننت أنّه لا ينفعك ، فإنّ لا تدري متى تخاف عدوّك ومتى ترجو صديقك)(3).

أبغض الناس إلى اللَّه

[ 28 ]- حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رضى الله عنه قال : حدّثنا عبداللَّه بن جعفر الحميري قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطيّة ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال :

(لا حسب لقرشي ولا لعربي إلّا بتواضُعٍ ، ولا كَرَمَ إلّا بتقوى ، ولا عَمَلَ إلّا

ص: 234


1- 374. الخصال : ج 1 ص 113 ح 90 ، وبحار الأنوار : ج 72 ص 26 ب 35 ح 10 .
2- 375. بحار الأنوار : ج 78 ص 139 ب 21 ضمن ح 3 عن تحف العقول : ص 281 .
3- 376. بحار الأنوار : ج 75 ص 160 ب 21 ضمن ح 22 ، عن أعلام الدين : ص 299 .

بنيّة ، ألا وإنّ أبغض الناس إلى اللَّه عزّوجلّ من يقتدي بسنّة إمام ولا يَقتدي بأعماله)(1).

المؤمن بين ثلاث

[ 29 ] - عن الإمام السجّاد عليه السلام :

(لا يهلك مؤمن بين ثلاث خصال : شهادة أن لا إله إلّا اللَّه وحده لا شريك له ، وشفاعة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسعة رحمة اللَّه عزّوجلّ)(2).

بين الدنيا والآخرة

[ 30 ] - النضر عن أبي سيّار ، عن مروان ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : قال علي بن الحسين عليهما السلام :

(ما عرض لي قطّ أمران أحدهما للدنيا والآخر للآخرة فآثرت الدنيا إلّا رأيت ما أكره قبل أن أمسي)(3).

أحبّ الخطوات عند اللَّه عزّوجلّ

[ 31 ] - عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور بن يونس ، عن الثمالي قال : سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول :

(ما من خطوة أحبّ إلى اللَّه عزّوجلّ من خطوتين : خطوة يسدّ بها المؤمن صفّاً في اللَّه ، وخطوة إلى ذي رحم قاطع ، وما من جرعة أحبّ إلى اللَّه

ص: 235


1- 377. الخصال : ج 1 ص 18 ح 62 .
2- 378. بحار الأنوار : ج 75 ص 159 ب 21 ضمن ح 19 .
3- 379. بحار الأنوار : ج 46 ص 92 ب 5 ح 81 ، عن كتاب الزهد : ص 50 ح 135 .

عزّوجلّ من جرعتين : جرعة غيظ ردّها مؤمن بحلم ، وجرعة مصيبة ردّها مؤمن بصبر ، وما من قطرة أحبّ إلى اللَّه عزّوجلّ من قطرتين : قطرة دم في سبيل اللَّه ، وقطرة دمعة في سواد الليل ، لا يريد بها عبد إلّا اللَّه عزّوجلّ)(1).

كيف نصنع بالناس ؟

[ 32 ]- علي بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر قال : قال علي بن الحسين عليهما السلام :

(ما ندري كيف نصنع بالناس ؟! إن حدّثناهم بما سمعنا من رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ضَحِكُوا ، وإن سكتنا لم يسعنا . قال : فقال ضمرةُ بنُ مَعبد : حدّثنا فقال : هل تدرون ما يقولُ عدوّ اللَّه إذا حُمل على سريره ؟ قال : فقلنا : لا ، قال : فإنّه يقول لحملته : ألا تسمعون ؟ إنّي أشكو إليكم عدوَّ اللَّه ، خدعني وأوردني ثمّ لم يُصدِرْني ، وأشكو إليكم إخواناً وآخيتُهُم فخذلوني ، وأشكو إليكم أولاداً حاميت عنهم فخذلوني ، وأشكو إليكم داراً أنفقت فيها حريبتي فصار سكّانها غيري ، فارفُقُوا بي ولا تَستعجلوا ، قال ضمرةُ : ياأبا الحسن ، إن كان هذا يتكلّم بهذا الكلام يُوشِكُ أن يثب على أعناق الذين يحملونه ، قال : فقال علي بن الحسين عليهما السلام : اللهم إن كان ضمرةُ هزأ من حديثِ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فخذه أخذة أسف .

قال : فمكث أربعين يوماً ثمّ مات ، فحضره مولى له قال : فلمّا دفن أتى علي ابن الحسين عليهما السلام فجلس إليه فقال له : (من أين جئت يافلان ؟) قال : من جنازة ضمرة ، فوضعت وجهي عليه حين سوّى عليه فسمعت صوته - واللَّه

ص: 236


1- 380. بحار الأنوار : ج 66 ص 377 ب 38 ح 31 .

أعرفه كما كنت أعرفه وهو حي - وهو يقول : ويلك ياضمرة بن معبد ! اليوم خذلك كلُّ خليل ، وصار مصيرك إلى الجحيم فيها مسكنُك ومبيتك والمقيل ، قال : فقال علي بن الحسين عليهما السلام : أسأل اللَّه العافية ، هذا جزاءُ من يهزأ من حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وآله)(1).

التضاهي بإبراهيم الخليل عليه السلام

[ 33 ] - عن الباقر عليه السلام قال : قال علي بن الحسين عليهما السلام :

(مرضت مرضاً شديداً ، فقال لي أبي عليه السلام : ما تشتهي ؟

فقلت أشتهي أن أكون ممّن لا أقترح على اللَّه ربّي ما يدبّره لي .

فقال عليه السلام لي :

أحسنت ، ضاهيت إبراهيم الخليل صلوات اللَّه عليه ، حيث قال له جبرئيل عليه السلام هل من حاجةٍ ؟ فقال : أقترحُ على ربّي ، بل حسبيَ اللَّه ونعمَ الوكيل)(2).

مسكين ابن آدم

[ 34 ]- جاء رجل إلى علي بن الحسين عليهما السلام يشكو إليه حاله فقال عليه السلام :

(مسكين ابن آدم ، له في كلّ يوم ثلاث مصائب لا يعتبر بواحدة منهنّ ، ولو اعتبر لهانت عليه المصائب وأمر الدنيا ، فأمّا المصيبة الأُولى : فاليوم الذي ينقص من عمره قال : وإن ناله نقصان في ماله اغتمّ به ، والدرهم يخلف عنه

ص: 237


1- 381. بحار الأنوار : ج 6 ص 259 ب 8 ح 96 وج 46 ص 142 ب 8 ح 25 ، الكافي : ج 3 ص 234 ح 4 ، إثبات الهداة : ج 3 ص 8 .
2- 382. الدعوات : ص 168 ح 468 ، وعنه بحار الأنوار : ج 46 ص 67 ب 5 ح 34 .

والعمر لا يردّه شي ء ، والثانية : أنّه يستوفي رزقه فإن كان حلالاً حوسب عليه ، وإن كان حراماً عوقب عليه .

قال : والثالثة أعظم من ذلك . قيل : وما هي ؟

قال : ما من يوم يمسي إلّا وقد دنا من الآخرة مرحلة لا يدري على الجنّة أم على النار)(1).

من سعادة المرء

[ 35 ]- عن علي بن الحسين عليهما السلام قال :

(من سعادة المرء أن يكون متجرُه في بلاده ، ويكون خلطاؤه صالحين ، ويكون له ولدُ يستعين به ، ومن شقاء المرء أن يكون عنده امرأةٌ يعجب بها وهي تخونه في نفسها)(2).

خير الناس وأعبدهم وأورعهم

[ 36 ] - عن ابن مهزيار ، عن ابن محبوب ، عن الثمالي قال : سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول :

(من عمل بما افترض اللَّه عليه فهو من خير الناس ، ومن اجتنب ما حرّم اللَّه عليه فهو من أعبد الناس ومن أورع الناس ومن قنع بما قسم اللَّه له فهو من أغنى الناس)(3).

ص: 238


1- 383. بحار الأنوار : ج 75 ص 160 ب 21 ح 21 عن الاختصاص : ص 342 .
2- 384. مشكاة الأنوار : ص 262 .
3- 385. بحار الأنوار : ج 75 ص 153 ب 21 ح 16 عن أمالي المفيد : ص 184 المجلس الثالث والعشرون ح 9 .

لا تزال بخير

[ 37 ]- قال الإمام زين العابدين عليه السلام :

(يابن آدم ، إنّك لا تزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك ، وما كانت المحاسبة من همّك ، وما كان الخوف لك شعاراً والحزن لك دثاراً ، يابن آدم ، إنّك ميّت ومبعوث ومسؤول فأعد جواباً)(1).

خمسة لا تصاحبهم

[ 38 ] - قال الإمام زين العابدين عليه السلام لبعض بنيه :

(يابنيّ انظر خمسة فلا تصاحبهم ولا تحادثهم ولا ترافقهم في طريق ، فقال : ياأبه من هم(2)؟ قال عليه السلام : إيّاك ومصاحبة الكذّاب ، فإنّه بمنزلة السراب يقرّب لك البعيد ، ويبعّد لك القريب . وإيّاك ومصاحبة الفاسق فإنّه بايعك بأُكلة(3) أو أقلّ من ذلك ، وإيّاك ومصاحبة البخيل فإنّه يخذلك في ماله أحوج ما تكون إليه . وإيّاك ومصاحبة الأحمق ، فإنّه يريد أن ينفعك فيضرّك ، وإيّاك ومصاحبة القاطع لرحمه ، فإنّي وجدته ملعوناً في كتاب اللَّه)(4).

ص: 239


1- 386. تحف العقول : ص 280 ، بحار الأنوار : ج 75 ص 137 ب 21 ضمن ح 3 ، مشكاة الأنوار : ص 118 .
2- 387. في الكافي : ج 2 ص 641 « ياأبه من هم عرفنيهم » .
3- 388. الأُكلة - بضمّ الهمزة - : اللقمة .
4- 389. رواه الكليني رحمه الله في الكافي : ج 2 ص 641 وفيه : فإنّي وجدته ملعوناً في كتاب اللَّه عزّوجلّ في ثلاثة مواضع : قال اللَّه عزّوجلّ : «فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ» . وقال عزّوجلّ : «الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ» وقال في البقرة : «الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ» . والحديث من بحار الأنوار : ج 75 ص 137 ب 21 ضمن ح 3 عن تحف العقول : ص 279 .

مَن هو الشيعي ؟

[ 39 ] - قال رجل لعلي بن الحسين عليهما السلام : يابن رسول اللَّه أنا من شيعتكم الخلّص فقال له :

(ياعبداللَّه فإذن أنت كإبراهيم الخليل عليه السلام الذي قال اللَّه فيه : «وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ * إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ»(1) فإن كان قلبك كقلبه فأنت من شيعتنا وإن لم يكن قلبك كقلبه ، وهو طاهر من الغشّ والغلّ [ فأنت من محبّينا ] وإلّا فإنّك إن عرفت أنّك بقولك كاذب فيه ، إنّك لمبتلى بفالج لا يفارقك إلى الموت أو جذام ليكون كفّارة لكذبك هذا)(2).

معصية العارف

[ 40 ] - الطالقاني والعسكري معاً ، عن الجلودي ، عن الجوهري ، عن علي بن حكيم ، عن الربيع بن عبداللَّه ، عن عبداللَّه بن الحسن ، عن زيد بن علي عن أبيه عليه السلام قال :

(يقول اللَّه عزّوجلّ : إذا عصاني من خلقي من يَعرفني ، سَلَّطتُ عليه من لا يعرفني)(3).

ص: 240


1- 390. سورة الصافات : آية 83 - 84 .
2- 391. تفسير الإمام عليه السلام : ص 309 ح 155 .
3- 392. بحار الأنوار : ج 70 ص 347 ب 137 ح 35 عن أمالي الصدوق : ص 229 المجلس الأربعون ح 12 .

الإمام محمّد الباقر عليه السلام

اشارة

ص: 241

ص: 242

نسبه عليه السلام :

هو الإمام محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبدالمطّلب (شيبة الحمد) بن هاشم ، وهو الإمام الخامس وخليفة أبيه علي بن الحسين عليهما السلام ووصيّه والقائم بالإمامة من بعده.وأُمّه أُمّ عبداللَّه بنت الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام، وهوأوّل من اجتمعت له ولادة الحسن والحسين عليهما السلام وكانت أُمّه أُمّ عبداللَّه من سيّدات نساء بني هاشم ، وكان الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام يسمّيها (الصدّيقة).

ولادته عليه السلام :

ولد الإمام محمّد الباقر عليه السلام يوم الاثنين ، الأوّل من رجب الأصب سنة سبع وخمسين من الهجرة في المدينة المنوّرة وقد ولد قبل استشهاد الإمام الحسين عليه السلام بثلاث سنين . وسمّاه جدّه رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بمحمّد ، وكنّاه بالباقر قبل أن يخلق بعشرات السنين ، وكان ذلك من أعلام نبوّته كما يقول بعض المحقّقين ، وقد استكشف صلى الله عليه وآله من وراء الغيب ما يقوم به سبطه من نشر العلم وإذاعته بين الناس ، فبشّر به أُمّته كما بعث إليه سلامه عبر الصحابي الجليل جابر بن عبداللَّه الأنصاري .

كنيته عليه السلام :

أمّا كنيته فهي أبو جعفر ولا كنية له غيرها .

ألقابه عليه السلام :

هي : الأمين ، الشبيه ، لأنّه كان يشبه جدّه رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ، الشاكر ، الهادي ، الصابر ، الشاهد ، الباقر ، وهذا من أكثر ألقابه شيوعاً وانتشاراً وسمّاه رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وعرّفه بباقر العلم .

فضائله عليه السلام :

كان عليه السلام منذ نعومة أظفاره آية من آيات العظمة والقداسة ، وقد عرف الصحابة ما يتمتّع به الإمام من سعة الفضل والعلم الغزير ، فكانوا يرجعون إليه في المسائل التي لا يهتدون إليها وقد بهر جابر بن عبداللَّه الأنصاري من سعة علوم الإمام ومعارفه فقال : ياباقر أشهد باللَّه أنّك قد أُوتيت الحكم صبيّاً(1).

ص: 243


1- 393. بحار الأنوار : ج 46 ص 225 باب مناقبه صلوات اللَّه عليه ح 4 .

آثاره عليه السلام :

أسّس الإمام الباقر عليه السلام جامعة أهل البيت في مسجد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله في المدينة المنوّرة التي كانت تعقد فيها الحلقات من مختلف الأقطار لدراسة الفقه والحديث والفلسفة والتفسير واللغة وغير ذلك من مختلف العلوم ، وتخرّج منها آلاف العلماء ، وقد أحصيت مؤلّفات المتخرّجين عن تلك الجامعة ، فبلغت ستّة آلاف كتاب . ومن آثاره كذلك كتاب التفسير الذي ذكره ابن النديم ، رسالة إلى سعد الخير من بني أُميّة ، كتاب الهداية ، وأشار عليه السلام على عبدالملك بن مروان بضرب الدراهم وعلّمه كيفية ذلك .

بوّابه عليه السلام :

جابر الجعفي .

نقش خاتمه :

العزّة للَّه ، وفي بعض الروايات العزّة للَّه جميعاً .

أولاده عليه السلام :

أبو عبادللَّه جعفر بن محمّد ، عبداللَّه بن محمّد ، إبراهيم وعبيداللَّه ، علي وزينب وأُمّ سلمة .

زوجاته عليه السلام : أُمّ فروة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر وأُمّ حكيم بنت أسيد بن المغيرة الثقفية .

والعقب من الإمام الباقر عليه السلام منحصر في ابنه جعفر الصادق عليه السلام .

استشهاده عليه السلام :

استشهد يوم الاثنين في السابع من ذي الحجّة الحرام سنة أربع عشرة ومائة في المدينة المنوّرة وسنّه يومئذ سبع وخمسون سنة وقبره بالبقيع من المدينة المنوّرة إلى جانب تربة أبيه زين العابدين عليه السلام وعمّه الحسن بن علي عليه السلام وكان سبب وفاته عليه السلام السم من قبل الخليفة الأُموي إبراهيم بن الوليد بن يزيد . وأوصى عليه السلام أن يكفّن في قميصه الذي كان يصلّي فيه . وعاش عليه السلام ، مع جدّه الحسين عليه السلام ثلاث سنين ، ومع أبيه أربعاً وثلاثين سنة وبعد أبيه تسع عشرة سنة وهي مدّة إمامته .

حكّام عصره :

عاصر من الحكّام الوليد بن يزيد ، سليمان ، عمر بن عبدالعزيز ، يزيد ابن عبدالملك ، وهشام بن عبدالملك ، وإبراهيم بن الوليد بن يزيد .

ص: 244

الإبقاء على العمل

[ 1 ]- عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن أسباط ، عن بعض أصحابه ، عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال :

(الإبقاء على العمل أشدُّ من العمل) .

قال : وما الإبقاءُ على العمل ؟ قال :

(يصل الرجل بصِلَةٍ ويُنفِقُ نَفَقَةً للَّه وحده لا شريك له فكُتِبَ له سرّاً ثمّ يذكُرها وتمحى فتُكتب له علانيةً ، ثمّ يذكرها فتُمحى وتُكتَب له رياءً)(1).

مقياس الخير

[ 2 ] - عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن ابن العرزمي ، عن أبيه ، عن جابر الجُعفي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :

(إذا أردتَ أن تعلم أنَّ فيك خيراً فانظُر إلى قلبك فإن كان يُحبُّ أهل طاعةِ اللَّه [عزّوجلّ ] ويُبغِضُ أهل معصيته ففيك خيرٌ ، واللَّه يُحبُّكَ وإن كان يبغض أهل طاعة اللَّه ويحبّ أهل معصيته فليس فيك خيرٌ ، واللَّه يُبغِضُك والمرء مع من أحبّ)(2).

ص: 245


1- 394. الكافي : ج 2 ص 296 ح 16 ، بحار الأنوار : ج 69 ص 292 ب 116 ح 16 .
2- 395. الكافي : ج 2 ص 126 - 127 ح 11 ، والمحاسن : ج 1 ص 263 ب 34 ح 331 ، وعلل الشرائع : ج 1 ص 117 ب 96 ح 16 ، بحار الأنوار : ج 66 ص 247 ب 36 ح 22 .

أداء الفريضة تامّة

[ 3 ] - علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد ، ومحمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد عن حمّاد بن عيسى ، عن حَرِيز ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال :

(إذا ما أدّى الرجُلُ صلاةً واحدةً تامّة قُبِلت جميعُ صلاتِهِ وإن كُنَّ غيرَ تامّات ، وإن أفسدَهَا كُلَّهَا لم يُقبَل منه شي ءٌ منها ، ولم يُحسَب له نَافِلَة ولا فريضة ، وإنّما تقبل النافلة بعد قبول الفريضة ، وإذا لم يؤدّ الرجُلُ الفريضة لم تُقَبل منه النافلة وإنّما جعلت النافلة ليتمّ بها ما أُفسدَ من الفريضة)(1).

من كنوز البرّ

[ 4 ] - عن أبي جعفر الباقر عليه السلام أنّه قال :

(أربع من كنوز البرّ : كتمان الحاجة ، وكتمان الصدقة ، وكتمان الوجع ، وكتمان المصيبة)(2).

أصبحنا في نعمة

[ 5 ]- أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضّل ، عن غياث بن مصعب ، عن محمّد بن حمّاد ، عن حاتم الأصم ، عن شقيق بن إبراهيم البلخي ، عمّن أخبره من أهل العلم ، قال : قيل لمحمّد بن علي [ الباقر ]عليه السلام كيف أصبحت ؟ قال :

(أصبحنا غرقى في النعمة ، موفورين بالذنوب ، يتحبّب إلينا إلهنا بالنعم ،

ص: 246


1- 396. الكافي : ج 3 ص 269 ، وعنه جامع الأحاديث : ج 4 ص 89 ح 5397 ، ووسائل الشيعة : ج 4 ص 31 ب 8 ح 4433 .
2- 397. تحف العقول : ص 295 ، وبحار الأنوار : ج 75 ص 175 ب 22 ضمن ح 5 .

ونتمقّت إليه بالمعاصي ، ونحن نفتقر إليه ، وهو غني عنّا)(1).

تطوّلت عليك بثلاث

[ 6 ]- حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن محمّد بن عيسى العبيدي ، عن زكريا المؤمن ، عن علي بن أبي نعيم ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :

(إنّ اللَّه تبارك وتعالى يقول : [ يا ] ابن آدم تطوَّلتُ عليك بثلاثٍ : سترتُ عليك ما لو يَعلَمُ به أهلُكَ ما واروك ، وأوسعت عليك فاستقرضتُ منك فلم تُقدّم خيراً ، وجَعَلتُ لك نظرةً عند موتِكَ في ثُلُثِك فلم تقدّم خيراً)(2).

كن أحد هؤلاء

[ 7 ] - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد وعدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد جميعاً، عن ابن محبوب ، عن أبي أيّوب ، عن محمّد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه السلام قال:

(أنّ للَّه عزّوجلّ جنّة لا يدخُلُها إلّا ثلاثة : رجل حَكَمَ على نفسه بالحقِّ ، ورجل زارَ أخاه المؤمن في اللَّه ، ورَجُلٌ آثر أخاهُ المؤمن في اللَّه)(3).

*إنّ للَّه ملك ينادي*

[ 8 ] - عن علي بن الحكم عن الحكم بن أيمن عن داود لأبزاري قال قال أبو جعفر :

ص: 247


1- 398. أمالي الشيخ الطوسي : ص 641 م 32 ح 17 ، وبحار الأنوار : ج 46 ص 303 ب 6 ح 52 .
2- 399. الخصال : ج 1 ص 136 ح 150 ، وبحار الأنوار : ج 100 ص 198 ب 1 ح 23 .
3- 400. الكافي : ج 2 ص 178 ح 11 ، وبحار الأنوار : ج 71 ص 348 ب 21 ح 11 .

(ملك ينادي كلّ يوم ابن آدم لِدْ للموت واجمع للفناء وابنِ للخراب)(1).

مداهنة أهل المعاصي

[ 9 ]- عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن بعض أصحابنا ، عن بشر ابن عبداللَّه ، عن أبي عصمة قاضي مرو ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام :

(أوحى اللَّه عزّوجلّ إلى شعيب النبي عليه السلام أنّي معذِّبٌ من قومك مائةَ الفٍ : أربعين الفاً من شِرارِهِم ، وستّين الفاً من خيارهم .

فقال عليه السلام : ياربّ هؤلاء الأشرار فما بالُ الأخيار ؟

فأوحى اللَّه عزّوجلّ إليه : داهنوا أهلَ المعاصي ولم يغضبوا لغضبي)(2).

الذكر على كل حال

[ 10 ]- حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار رضى الله عنه قال حدّثني أبي عن الحسين بن إسحاق التاجر عن علي بن مهزيار عن فضالة عن إسماعيل بن أبي زياد عن أبي عبداللَّه عن أبيه عليهما السلام ، قال :

(أوحى اللَّه تبارك وتعالى إلى موسى (على نبيّنا وآله وعليه السلام) : لا تفرح لكثرة المال ، ولا تدع ذكري على كلّ حال ، فإنّ كثرة المال تنسي الذنوب ، وترك ذكري يقسي القلوب)(3).

ص: 248


1- 401. الكافي : ج 2 ص 131 ح 14 . وقد أخذ أبو العتاهية هذه الكلمة فنظمها في مطلع القصيدة له : لدوا للموت وابنوا للخراب فكلّكم يصير إلى ذهاب لمن نبني ونحن إلى تراب نصير كما خلقنا من تراب ؟
2- 402. بحار الأنوار : ج 12 ص 386 ب 11 ح 12 عن الكافي : ج 5 ص 55 ح 1 .
3- 403. الخصال : ج 1 ص 39 ح 23 ، وبحار الأنوار : ج 90 ص 150 ب 1 ح 1 .

الكسالة والضجر

[ 11 ]- عن أبي جعفر الباقر عليه السلام :

(إيّاك والكسل والضَّجَرَ ، فإنّهما مِفتَاحُ كلِّ شرّ ، من كسل لم يؤدّ حقّاً ومن ضَجِرَ لم يَصبِر على حقّ)(1).

من آثار الإحسان

[ 12 ]- حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قال حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن أحمد بن أبي عبداللَّه ، عن أبيه ، عن صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن غالب ، عمّن حدّثه ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :

(البرُّ والصدَقَةُ ينفيانِ الفقر ، ويَزيدان في العُمر ، ويدفعان سبعين ميتةَ سَوءٍ)(2).

المنجيات

[ 13 ]- حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار قال : حدّثنا أحمد بن أبي عبداللَّه البرقي عن أبيه ، عن هارون بن الجهم ، عن ثوير بن أبي فاختة عن أبي جميلة ، عن المفضّل بن صالح ، عن سعد بن طريف ، عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر عليه السلام قال :

(ثلاثٌ درجاتٌ ، وثلاث كفَّارَات ، وثلاث مُوبِقات ، وثلاث مُنجِيَات ، فأمّا الدرجات فافشاءُ السلام ، وإطعامُ الطعام ، والصلاةُ بالليل والناس نيام ،

ص: 249


1- 404. تحف العقول : ص 295 ، وبحار الأنوار : ج 75 ص 175 ب 22 ضمن ح 5 .
2- 405. الخصال : ج 1 ص 48 ح 53 ، وبحار الأنوار : ج 93 ص 119 ب 14 ح 17 .

والكفّارات إسباغُ الوضوء في السبرات ، والمشيُ بالليل والنهار إلى الصلوات ، والمحافَظَةُ على الجماعات ، وأمّا الثلاث الموبقات فَشُحٌّ مُطَاعٌ ، وهوى متّبعٌ ، وإعجابُ المرء بنفسه ، وأمّا المنجيات فخوفُ اللَّه في السرّ والعلانية ، والقَصْدُ في الغنى والفقر ، وكلمةُ العدل في الرضا والسخط)(1).

ثلاث قاصمات الظهر

[ 14 ] - حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن محمّد بن عبدالحميد ، عن عامر بن رباح ، عن عمرو بن الوليد ، عن سعد الاسكاف ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :

(ثلاثٌ قاصماتُ الظهر : رجُل استكثر عملَهُ ، ونسي ذُنُوبَهُ ، وأُعجِبَ برأيِهِ)(2).

ثلاث لا رخصة فيها

[ 15 ] - علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، ومحمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد جميعاً ، عن ابن محبوب ، عن مالك بن عطيّة ، عن عنبسة بن مُصعَب ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :

(ثلاثٌ لم يجعَلِ اللَّهُ عزّوجلّ لأحد فيهنّ رُخصةً : أداءُ الأمانةِ إلى البرّ والفاجر، والوفاءُ بالعهدِ للبرّوالفاجروبرُّالوالدين بَرَّين كانا أو فاجِرَين)(3).

ص: 250


1- 406. الخصال : ج 1 ص 83 - 84 ح 10 ، والمحاسن : ج 1 ص 4 ح 4 ، وبحار الأنوار : ج 67 ص 5 ب 41 ح 1. السبرات : جمع سبْرة بسكون الباء وهي شدّة البرد ، مجمع البحرين : ج 3 ص 322 (سبر) .
2- 407. الخصال : ج 1 ص 111 ح 85 ، روضة الواعظين : ج 2 ص 381 ، مشكاة الأنوار : ص 226 .
3- 408. الكافي : ج 2 ص 162 ح 15 ، وبحار الأنوار : ج 71 ص 56 ب 2 ح 15 .

من أشدّ الخصال

[ 16 ]- حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه رضى الله عنه ، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبداللَّه البرقي ، عن أبيه ، عن عبداللَّه بن المغيرة ، عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :

(ثلاث مِن أشدّ ما عمل العباد : إنصاف المؤمن من نفسه ، ومواساة المرء أخاه ، وذكر اللَّه على كلّ حال وهو أن يذكر اللَّه عزّوجلّ عند المعصية يهمّ بها فيحول ذكر اللَّه بينه وبين تلك المعصية ، وهو قول اللَّه عزّوجلّ : «إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ»(1))(2).

ما ينبغي طلبه من اللَّه

[ 17 ] - الطوسي عن الغضائري عن التلعكبري ، عن محمّد بن همام عن علي بن الحسين الهمداني ، عن البرقي ، عن أبي قتادة ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام عن أبيه عليه السلام أنّه قال :

(ثلاثة لم يسأل اللَّه عزّوجلّ بمثلهنّ أن تقول : اللهمّ فقّهني في الدين ، وحبّبني إلى المسلمين ، واجعل لي لسان صدقٍ في الآخرين)(3).

من مكارم الدارين

[ 18 ] - روي عن أبي جعفر الباقر عليه السلام أنّه قال :

(ثلاثة من مكارم الدنيا والآخرة : أن تعفو عمّن ظلمك ، وتصل من قطعك ،

ص: 251


1- 409. سورة الأعراف : آية 201 .
2- 410. الخصال : ج 1 ص 131 ح 138 ، وبحار الأنوار : ج 66 ص 379 ب 38 ح 36 .
3- 411. أمالي الطوسي : ص 303 المجلس الحادي عشر ح 50 .

وتحلم إذا جهل عليك)(1).

الصبر ثمن الجنّة

[ 19 ] - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن عبداللَّه ابن بُكَير ، عن حمزة بن حُمرَان ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :

(الجنّةُ محفوفةٌ بالمكاره والصبرِ ، فمن صبر على المكاره في الدنيا دخل الجنّة ، وجهنّمُ محفوفةٌ باللذّات والشهوات ، فمن أعطى نفسه لذَّتَهَا وشهوتَهَا دخل النار)(2).

الصبر الجميل

[ 20 ] - عن جابر قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : ما الصبر الجميل ؟ فقال :

(ذاك الصبر الذي ليس فيه شكوى إلى أحد من الناس ، إنّ إبراهيم بعث يعقوب إلى راهب من الرهبان عابدٍ من العبّاد في حاجة ، فلمّا رآهُ الراهبُ حَسِبَهُ إبراهيم فوَثَبَ إليه فاعتنقه ، ثمّ قال : مرحباً بخليلِ الرَّحمان ، قال : لا ، ولكن يعقوبُ بنُ إسحاقَ بنِ إبراهيم ، فقال له الراهبُ : فما بلغ بك ما أرى بك الكِبَرِ ؟ فقال : الهَمُّ والحَزَنُ والسَّقَمُ ، فما جاوز عتبةَ الباب حتّى أوحى اللَّه إليه : يايعقوب ، تشكوني إلى عبدي فخرّ ساجداً عند الباب ، فقال : لا ياربّ لا أعودُ ، فأوحى اللَّه إليه : إنّي قد غفرتُ لك فلا تَعُد لمثلها ، فما شكا ممّا أصابه من نوائب الدنيا إلّا أنّه قال يوماً «إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ

ص: 252


1- 412. تحف العقول : ص 293 ، وبحار الأنوار : ج 75 ص 173 ب 22 ضمن ح 5 .
2- 413. الكافي : ج 2 ص 89 - 90 ح 7 ، وبحار الأنوار : ج 68 ص 72 ب 62 ح 4 .

وَأَعْلَمُ مِنْ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ»(1))(2).

الظلم ثلاثة

[ 21 ] - عن سعد بن عبداللَّه ، عن أحمد بن أبي عبداللَّه البرقي ، عن أبيه ، عن هارون بن الجهم ، عن المفضّل بن صالح ، عن سعد بن طريف ، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال :

(الظلمُ ثلاثةٌ : ظلم يغفرُهُ اللَّهُ ، وظلم لا يغفره اللَّه ، وظلم لا يَدَعُهُ اللَّه ، فأمّا الظلم الذي لا يغفره اللَّه عزّوجلّ فالشرك باللَّه ، وأمّا الظلم الذي يغفره اللَّه عزّوجلّ فظلم الرجل نفسه فيما بينه وبين اللَّه عزّوجلّ ، وأمّا الظلم الذي لا يدعُهُ اللَّه عزّوجلّ فالمُدَايَنَةُ بين العباد)(3).

شمعة تزيل الظلام

[ 22 ] - قال محمّد بن علي الباقر عليهما السلام :

(العالم كمن معه شمعة تضي ء للناس ، فكل من أبصر بشمعته دعا له بخير ، كذلك العالم معه شمعة تزيل ظلمة الجهل والحيرة . فكلّ من أضاءت له فخرج بها من حيرة أو نجى بها من جهل ، فهو من عتقائه من النار ، واللَّه يعوّضه عن ذلك بكلّ شعرة لمن أعتقه ما هو أفضل [ له ] من الصدقة بمائة ألف قنطار على غير الوجه الذي أمر اللَّه عزّوجلّ به ، بل تلك الصدقة وبال على صاحبها ، لكن يعطيه اللَّه ما هو أفضل من مائة الف ركعة بين يدي

ص: 253


1- 414. سورة يوسف : الآية 86 .
2- 415. مشكاة الأنوار : ص 276 ، التمحيص : ص 63 ، تفسير العيّاشي : ج 2 ص 188 ح 57 ، وبحار الأنوار : ج 68 ص 93 ب 62 ح 47 عن سعد السعود : ص 120 .
3- 416. أمالي الصدوق : ص 253 المجلس الرابع والأربعون ح 2 ، وبحار الأنوار : ج 72 ص 311 ب 79 ح 15 .

الكعبة)(1).

العبد بين ثلاثة

[ 23 ]- حدّثنا سعد بن عبداللَّه ، عن أحمد بن أبي عبداللَّه عن أبي القاسم عبدالرحمن بن حمّاد ، عن أبي عمران عمرو بن مصعب العرزمي ، عن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول :

(العبد بين ثلاثة : بلاء وقضاء ونعمة فعليه في البلاء من اللَّه الصبر فريضة ، وعليه في القضاء من اللَّه التسليم فريضة ، وعليه في النعمة من اللَّه عزّوجلّ الشكر فريضة)(2).

التصدّق بالرغيف

[ 24 ]- عن محمّد بن يحيى العطّار ، عن محمّد بن أحمد ، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي رفعه عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :

(عبد اللَّه عابد ثمانين سنة ثمّ أشرف على امرأة فوقعت في نفسه ، فنزل إليها فراوَدَهَا عن نفسها فطاوعته فلمّا قضى منها حاجته طرقه مَلَكُ الموت فاعتُقِلَ لسانُهُ فمرّ سائِلٌ فأشار إليه أن خُذ رغيفاً كان في كسائِهِ فأحبَطَ اللَّه عمل ثمانين سنة بتلك الزّنيةِ ، وغفر اللَّه له بذلك الرغيف)(3).

ص: 254


1- 417. منية المريد : ص 116 ، والمحجّة البيضاء : ج 1 ص 31 ، في بحار الأنوار : ج 2 ص 4 ب 8 ح 7 عن الاحتجاج : ج 1 ص 17 ، وفي تفسير الإمام عليه السلام : ص 342 ح 220 .
2- 418. الخصال : ج 1 ص 86 ح 17 ، وبحار الأنوار : ج 68 ص 43 ب 61 ح 41 .
3- 419. ثواب الأعمال : ص 139 ثواب الصدقة ، بحار الأنوار : ج 93 ص 123 ب 14 ح 31 .

اقبل هديّة اللَّه

[ 25 ] - عن أبي جرير ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :

(الفقير هدية اللَّه إلى الغني ، فإن قضى حاجته فقد قبل هديّة اللَّه وإن لم يقض حاجته فقد ردّ هدية اللَّه عزّوجلّ عليه)(1).

قلوب الملوك بيدي

[ 26 ]- عن الباقر عليه السلام قال :

(قال اللَّه تبارك وتعالى : إنّي (أنا) اللَّه لا إله إلّا أنا ملك الملوك ، وقلوب الملوك بيدي ، فأي قوم أطاعوني جعلت الملوك عليهم رحمة ، وأي قوم عصوني جعلت الملوك عليهم نقمة ، ألا لا تشغلوا أنفسكم بسبّ الملوك ، توبوا إليّ أعطف قلوبهم عليكم)(2).

قرّاء القرآن ثلاثة

[ 27 ] - حدّثنا علي بن أحمد بن عبداللَّه بن أحمد بن أبي عبداللَّه البرقي ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن إسماعيل بن مهران ، عن عبيس بن هشام ، عن غير واحد ، عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر عليه السلام قال :

(قرّاء القرآن ثلاثة : رجل قرأ القرآن ، فاتّخذه بضاعة واستجر به الملوك ، واستطال به على الناس ، ورجل قرأ القرآن فحفظ حروفه وضيّع حدوده .

ص: 255


1- 420. التمحيص : ص 47 ب 5 ح 70 ، وعنه بحار الأنوار : ج 93 ص 170 ب 19 ح 3 .
2- 421. مجمع البيان : ج 2 ص 366 ، بحار الأنوار : ج 72 ص 327 ضمن ح 57 ، وص 340 ب 81 ح 21 ، ومشكاة الأنوار : ص 317 .

ورجل قرأ القرآن فوضع دواء القرآن على داء قلبه وأسهر به ليله ، وأظمأ به نهاره ، وقام به في مساجده ، وتجافى به عن فراشه فبأُولئك يدفع اللَّه عزّوجلّ البلاء ، وبأُولئك يديل اللَّه من الأعداء وبأُولئك ينزل اللَّه الغيث من السماء ، واللَّه لهؤلاء في قرّاء القرآن أعزّ من الكبريت الأحمر)(1).

الكمال كلّ الكمال

[ 28 ] - عن أبي جعفر الباقر عليه السلام أنّه قال :

(الكمالُ كلُّ الكمالِ : التفقُّهُ في الدين والصبرُ على النائبةِ ، وتقديرُ المعيشةِ)(2).

الحاجة إلى الخلق

[ 29 ] - عن الإمام الصادق عليه السلام قال : كان رجل جالساً عند أبي فقال : اللهمّ اغننا عن جميع خلقك ، فقال له أبي عليه السلام :

(لا تقل هكذا ، ولكن قل : اغننا عن شرار خلقك ، فإنّ المؤمن لا يستغني عن أخيه)(3).

*اذكرني في ثلاثة مواطن*

[ 30 ]- حدّثنا سعد بن عبداللَّه ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أبي عبداللَّه محمّد بن

ص: 256


1- 422. أمالي الصدوق : ص 202 المجلس السادس والثلاثون ح 15 ، وبحار الأنوار : ج 89 ص 178 ب 19 ح 4 .
2- 423. تحف العقول : ص 292 ، وبحار الأنوار : ج 75 ص 172 ب 22 ضمن ح 5 .
3- 424. مستدرك الوسائل : ج 5 ص 263 ب 55 ح 5830 .

خالد البرقي،عن أحمدبن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفرعليه السلام قال:

(لمّا دعا نوح عليه السلام ربّه عزّوجلّ على قومه أتاه إبليس لعنه اللَّه فقال : يانوح إنّ لك عندي يداً أُريد أن أُكافيك عليها ، فقال نوح : واللَّه إنّي لبغيض إلى أن يكون لك عندي يد فما هي ؟ قال : بلى دعوت اللَّه على قومك فأغرقتهم فلم يبق أحد أُغويه ، فأنا مستريح حتّى ينشأ قرن آخر فأُغويهم ، فقال له نوح : ما الذي تريد أن تكافئني به ؟ قال له : اذكرني في ثلاثة مواطن فإنّي أقرب ما أكون إلى العبد إذا كان في إحداهنّ : اذكرني إذا غضبت ، واذكرني إذا حكمت بين اثنين ، واذكرني إذا كنت مع امرأة خالياً ليس معكما أحد)(1).

كلمتان من الدعاء

[ 31 ] - حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار ، عن سعد بن عبداللَّه ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن جعفر بن بشير ، عن أبان ، عن عبدالرحمن بن أعين ، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام أنّه قال :

(لقد غفر اللَّه عزّوجلّ لرجل من أهل البادية بكلمتين دعا بهما قال : اللهمّ إن تُعذِّبني فأهلُ ذلك أنا ، وإن تَغفِر لي فأهلُ ذلك أنت ، فغفر اللَّهُ له)(2).

حقّ المؤمن على اللَّه

[ 32 ] - حدّثنا سعد بن عبداللَّه ، عن أحمد بن أبي عبداللَّه البرقي قال : حدّثني محمّد بن

ص: 257


1- 425. الخصال : ج 1 ص 132 ح 140 .
2- 426. أمالي الصدوق : ص 397 المجلس الثاني والستون ح 8 ، وأمالي الطوسي : ص 437 المجلس الخامس عشر ح 35 .

عبداللَّه بن مهران قال : حدّثني علي بن الحسين بن عبيداللَّه اليشكري قال : حدّثني محمّد بن المثنّى الحضرمي، عن عثمان بن زيد، عن جابربن يزيد، عن أبي جعفرعليه السلام قال:

(للمؤمن على اللَّه عزّوجلّ عشرون خصلة يفي له بها ، على اللَّه تبارك وتعالى أن لا يفتنه ولا يضلّه ، وله على اللَّه أن لا يعريه ولا يجوعه ، وله على اللَّه أن لا يشمت به عدوّه ، وله على اللَّه أن لا يخذله ويعزله ، وله على اللَّه أن لا يهتك ستره ، وله على اللَّه أن لا يميته غرقاً ولا حرقاً ، وله على اللَّه أن لا يقع على شي ء ولا يقع عليه شي ء ، وله على اللَّه أن يقيه مكر الماكرين ، وله على اللَّه أن يعيذه من سطوات الجبّارين ، وله على اللَّه أن يجعله معنا في الدنيا والآخرة ، وله على اللَّه أن لا يسلّط عليه من الأدواء ما يشين خلقته ، وله على اللَّه أن يعيذه من البرص والجذام وله على اللَّه أن لا يميته على كبيرة ، وله على اللَّه لا ينسيه مقامه في المعاصي حتّى يحدث توبة ، وله على اللَّه أن لا يحجب عنه معرفته بحجّته ، وله على اللَّه أن لا يعزّز في قلبه الباطل ، وله على اللَّه أن يحشره يوم القيامة ونوره يسعى بين يديه ، وله على اللَّه أن يوفّقه لكل خير ، وله على اللَّه أن لا يسلّط عليه عدوّه فيذلّه ، وله على اللَّه أن يختم له بالأمن والإيمان ويجعله معنا في الرفيق الأعلى . هذه شرائط اللَّه عزّوجلّ للمؤمنين)(1).

معيار الثواب

[ 33 ]- عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبي علي الواسطي ، عن الحسين بن أبان ، عمّن ذكره عن أبي جعفر عليه السلام قال :

ص: 258


1- 427. الخصال : ج 2 ص 516 ح 2 ، وعنه بحار الأنوار : ج 64 ص 145 ب 6 ح 1 .

(لو أنّ رجلاً أحبّ رجلاً للَّه لأثابه اللَّهُ على حبّه إيّاهُ ، وإن كان المحبوبُ في علم اللَّه من أهلِ النار ، ولو أنّ رَجُلاً أبغض رجلاً للَّه ، لأثابه اللَّهُ على بُغضِهِ إيّاه ، وإن كان المُبْغَضُ في عِلمِ اللَّه من أهل الجنّة)(1).

الإخلاص للَّه أربعين يوماً

[ 34 ]- عن ابن عُيينة ، عن السندي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :

(ما أخلص عبد الإيمان باللَّه أربعين يوماً - أو قال : ما أجمل عبد ذَكرَ اللَّه أربعين يوماً - إلّا زهّده اللَّه في الدنيا ، وبصّره داءَهَا ودواءَهَا ، وأثبت الحكمة في قلبه وأنطق بها لسانه . ثمّ تلا : «إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ»(2) فلا ترى صاحب بدعة إلّا ذليلاً ، أو مفترياً على اللَّه عزّوجلّ وعلى رسوله وأهل بيته عليهم السلام إلّا ذليلاً)(3).

القلب والخطيئة

[ 35 ]- حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه رضى الله عنه ، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبداللَّه ، عن أبيه ، عن عبداللَّه بن المغيرة ، ومحمّد بن سنان معاً ، عن طلحة بن زيد ، عن أبي عبداللَّه الصادق عليه السلام قال كان أبي عليه السلام يقول :

ص: 259


1- 428. الكافي : ج 2 ص 127 ح 12 والمحاسن : ج 1 ص 265 ب 34 ح 342 ، وبحار الأنوار : ج 66 ص 248 ب 36 ح 23 .
2- 429. سورة الأعراف : آية 152 .
3- 430. بحار الأنوار : ج 67 ص 240 ب 54 ح 8 ، الكافي : ج 2 ص 16 ح 6 ، روضة المتّقين : ج 13 ص 18 ، نور الثقلين : ج 2 ص 74 ، جامع أحاديث الشيعة : ج 15 ص 357 .

(ما شي ءٍ أفْسَدَ للقلب من الخطيئةِ ، إنّ القلبَ لَيُوَاقِعُ الخطيئةَ فما تزالُ به حتّى تغلب عليه فَيُصَيِّرَ أسفلَهُ أعلاه وأعلاه أسفَلَه)(1).

القرآن في الصلاة

[ 36 ] - عن أحمد بن محمّد وسهل بن زياد وعلي بن إبراهيم عن أبيه جميعاً عن ابن محبوب عن عبداللَّه بن سنان ، عن معاذ بن مسلم ، عن عبداللَّه بن سليمان عن أبي جعفر عليه السلام قال :

(من قرأ القرآن قائماً في صلاته كتب اللَّه له بكلّ حرف مائةَ حسنةٍ ومن قرأه في صلاته جالساً كتب اللَّهُ له بكل حرف خمسين حسنة ومن قرأه في غير صلاتِهِ كتب اللَّه له بكلِّ حرف عَشْرَ حسنات)(2).

كن في حاجة أخيك

[ 37 ] - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عثمان بن عيسى ، عن رجل ، عن أبي عُبيدة الحذّاء قال : قال أبو جعفر عليه السلام :

(من مشى في حاجةِ أخيه المسلم أظلّه اللَّه بخمسةٍ وسبعين الف ملك ولم يرفع قدماً إلّا كتب اللَّه له حسنةً ، وحطّ عنه بها سيّئة ، ويَرفَعُ له بها درجة ، فإذا فَرَغَ من حاجته كتب اللَّه عزّوجلّ له بها أجر حاجٍّ ومُعتَمِرٍ)(3).

ص: 260


1- 431. أمالي الصدوق : ص 397 المجلس الاثني والستّون ح 9 ، وبحار الأنوار : ج 70 ص 348 ب 137 ح 37 .
2- 432. الكافي : ج 2 ص 611 ، ثواب الأعمال : ص 101 ، والدعوات : ص 217 ح 588 ، وبحار الأنوار : ج 89 ص 200 ب 23 ح 16 .
3- 433. الكافي : ج 2 ص 197 ح 3 ، وبحار الأنوار : ج 71 ص 332 ب 20 ح 107 .

انصر أخاك

[ 38 ] - حدّثني محمّد بن موسى بن المتوكّل ، عن عبداللَّه بن جعفر الحميري ، عن محمّد ابن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي الورد ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :

(من اغتيب عنده أخوه المؤمنُ فنصره وأعانه نصره اللَّه في الدنيا والآخرة ، ومن اغتيب عنده أخوه المؤمن فلم ينصره (ولم يُعِنْهُ) ولم يدفع عنه وهو يقدر على نصرته وعونه إلّا خفضه اللَّه في الدنيا والآخرةِ)(1).

كنز اليتيمين

[ 39 ]- عن سعد بن عبداللَّه عن محمّد بن عبدالحميد العطّار عن العلاء بن رزين عن محمّد بن مسلم الثقفي عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللَّه عزّوجلّ : «وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَهُمَا»(2) قال :

(واللَّه ما كان من ذهب ولا فضّة ، وما كان إلّا لوحاً فيه كلمات أربع : إنّي أنا اللَّه لا إله إلّا أنا ، ومحمّد رسولي ، عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح قلبه ، وعجبت لمن أيقن بالحساب كيف يضحك سنّه ، وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف يستبطئ اللَّه في رزقه ، وعجبت لمن يرى النشأة الأُولى كيف ينكر النشأة الأُخرى)(3).

ص: 261


1- 434. ثواب الأعمال : ص 148 وص 250 ، والمحاسن : ج 1 ص 103 ب 41 ح 81 ، وبحار الأنوار : ج 72 ص 255 ب 66 ضمن ح 38 .
2- 435. سورة الكهف : آية 82 .
3- 436. الخصال : ج 1 ص 236 ح 79 ، وبحار الأنوار : ج 13 ص 295 ب 10 ح 10 .

أوصاف الشيعة

[ 40 ]- حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه ، قال : حدّثنا أحمد بن أبي عبداللَّه البرقي عن أبيه عن أحمد بن النضر الخزاز عن عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد الجعفي قال : قال أبو جعفر محمّد بن علي الباقر عليه السلام :

(ياجابر أيكتفي من انتَحَلَ التشيُّعَ أن يقول بحبّنا أهلَ البيت فواللَّه ما شيعتُنَا إلّا من اتّقى اللَّه وأطاعَهُ وما كانوا يعرفون ياجابِرُ إلّا بالتواضع والتخشّع وكثرةِ ذكر اللَّه والصومِ والصلاةِ والتعهّد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والأيتام وصدقِ الحديث وتلاوة القرآن وكفِّ الألسُنِ عن الناس إلّا من خير وكانوا أُمناءَ عشائِرِهِم في الأشياء ، فقال جابر :

يابن رسولِ اللَّه لستُ أعرف أحداً بهذه الصفة ، فقال عليه السلام : ياجابر لا تذهبنّ بك المذاهبُ حَسْبُ الرجل أن يقول أُحبّ علياً وأتولّاهُ فلو قال إنّي أُحبّ رسول اللَّه ورسول اللَّه خيرٌ من عليٍ ثمّ لا يعمل بعمله ولا يتّبع سنّته ما نفعه حبُّهُ إيّاه شيئاً فاتّقوا اللَّه واعمَلُوا لما عندَ اللَّه ليس بين اللَّه وبين أحد قَرَابَةٌ ، أحبُّ العباد إلى اللَّه وأكرَمُهُم عليه أتقاهُم له وأعملُهُم بطاعَتِهِ ، واللَّه ما يتقرّب إلى اللَّه جلّ ثناؤه إلّا بالطاعة ما معنا براءةٌ من النار ولا على اللَّهِ لأحدٍ مِن حجّةٍ مَن كان للَّه مطيعاً فهو لنا ولي ومن كان للَّه عاصياً فهو لنا عدوٌ ولا تُنَالُ ولايَتُنَا إلّا بالورع والعمل)(1).

ص: 262


1- 437. أمالي الصدوق : ص 625 المجلس الحادي والتسعون ح 3 ، وروضة الواعظين : ج 2 ص 294 .

الإمام جعفر الصادق عليه السلام

اشارة

ص: 263

ص: 264

نسبه عليه السلام :

هو الإمام جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عبد مناف) ابن عبدالمطّلب (شيبة الحمد) بن هاشم ، وهو الإمام السادس بعد أبيه الباقر عليه السلام .

أُمّه :

أُمّ فروة فاطمة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر وكانت أُمّ فروة من الصالحات القانتات ومن أتقى نساء أهل زمانها وكان أبوها القاسم من ثقات أصحاب الإمام زين العابدين عليه السلام .

ولادته عليه السلام :

كان مولده عليه السلام يوم الاثنين في السابع عشر من ربيع الأوّل سنة ثلاث وثمانين من الهجرة بالمدينة المنوّرة ، وهو اليوم الذي ولد فيه رسول اللَّه صلى الله عليه وآله .

كناه عليه السلام :

يكنّى عليه السلام بأبي عبداللَّه وبأبي موسى ، بأبي إسماعيل .

ألقابه عليه السلام :

ومن ألقابه عليه السلام الصادق ، الفاضل ، الطاهر ، القائم ، الكافل ، المنجّي ، وعمود الشرف ، الكامل .

جامعة أهل البيت عليهم السلام :

تولّى الإمام الصادق عليه السلام بعد أبيه الإمام الباقر عليه السلام إدارة جامعة أهل البيت التي تتابعت الوفود إليها من جميع المدن والقرى ، ونشطت الحركة العلمية في عهده إلى أبعد الحدود ، وبلغ عدد المنتمين إليها أربعة آلاف كما تذكر الروايات ، وصنّف المئات من تلاميذه في مختلف العلوم والمعارف والفنون وما روي عنه بلا واسطة ثمانون كتاباً ، أمّا الكتب التي روت عنه بواسطة فهي سبعون كتاباً .

فمن كلام للجاحظ قال فيه : جعفر بن محمّد الذي ملأ الدنيا علمه وفقهه(1)

ص: 265


1- 438. رسائل الجاحظ : ص 106 .

والجدير ذكره أنّ الشيعة نسبت بالجعفرية لانتسابهم إلى الإمام جعفر الصادق عليه السلام . ولنعم ما قال الخطيب الشيخ عبدالزهراء الكعبي رحمه الله :

لأبي الكاظم الإمام أيادٍ

سابغات تعمّ كلّ البرية

أظهر اللَّه فيه شرعة طه

بعد إخفائها فعادت بهيّة

رويت عنه للأنام علوم

هي كانت من قبل ذاك خفيّة

فحفظنا تلك العلوم ومن ذا

قد عُرفنا بالفرقة الجعفرية

مناظراته ومواقفه من الزنادقة :

كانت للإمام الصادق عليه السلام مناظرات عديدة مع العلماء المتكلّمين ، كما ناظر الزنادقة ، والملحدين والمعتزلة والمجسّمة والقدرية والخوارج وغيرهم بأُسلوب رصين ومدعم بالحجج والبراهين . (وكان المنصور العبّاسي على صلة به في عهد الأُمويين ، فكان يجالسه ويستمع إلى أحاديثه) ، ولكن لمّا استقرّت الخلافة له سعى مرّات عدّة لقتله ، بحيث إنّه عليه السلام واجه الكثير من المحن والشدائد في عهده وكانت مواقفه عليه السلام تتّسم بالشدّة اتّجاه ولاة المنصور .

بوّابه عليه السلام :

المفضّل بن عمر .

نقش خاتمه عليه السلام :

ما شاء اللَّه ، وقيل : لا قوّة إلّا باللَّه ، وقيل : استغفر اللَّه ، وقيل أيضاً : اللَّه خالق كلّ شي ء .

حكّام عصره :

عاصر الإمام الصادق عليه السلام من الحكّام الأُمويين ، هشام بن عبدالملك ، الوليد بن يزيد بن عبدالملك ، يزيد بن الوليد بن عبدالملك الملقّب بالناقص ، وإبراهيم بن الوليد ، ومروان بن محمّد الملقّب بالحمار ومن الحكّام العبّاسيين ، أبو العبّاس السفّاح ، وأبو جعفر المنصور .

زوجاته عليه السلام :

فاطمة بنت الحسين بن الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام وقيل : فاطمة بنت الحسين الاثرم بن الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام ، أُمّ حميدة

ص: 266

أو حميدة المصفاة البربرية ، أُمّ وهب بن وهب أبي البختري ، أُمّ سالمة وكان له زوجات أُخرى .

أولاده عليه السلام :

إسماعيل ، عبداللَّه ، والإمام موسى الكاظم عليه السلام ، وإسحاق ، محمّد الديباج والعبّاس وعلي العريضي ، ويحيى ، وأسماء وفاطمة .

استشهاده عليه السلام :

استشهد عليه السلام في يوم الاثنين في 25 شوال المكرّم سنة ثمان وأربعون ومائة وله خمس وستون سنة ، ودفن بالبقيع عند أبيه وجدّه وعمّه الحسن عليهم السلام وقد مات مسموماً على يد الخليفة العبّاسي أبو جعفر المنصور وكان مقامه مع جدّه علي ابن الحسين عليهما السلام اثنتي عشر سنة ومع أبيه مضى أربع عشرة سنة ، وبقي بعد وفاة أبيه أربعاً وثلاثين سنة وهي مدّة إمامته عليه السلام .

ص: 267

ص: 268

مداد العلماء أفضل

[ 1 ]- عن الصادق عليه السلام قال :

(إذا كان يومُ القيامة جمعَ اللَّهُ عزّوجلّ الناسَ في صعيدٍ واحد ، ووُضِعَت الموازينُ فتوزنُ دماءُ الشهداءِ مع مِدَادِ العُلَمَاءِ فَيُرجَّحُ مدادُ العلماء على دماءِ الشهداء)(1).

لا أشدّ من شحّ النفس

[ 2 ] - عن الفضل بن أبي قرّة قال : رأيت أبا عبداللَّه عليه السلام يطوفُ من أوّل الليل إلى الصباح ، وهو يقول :

(اللَّهُمَّ قِنِي شُحَّ نَفسِي .

فقلت : جعلت فداك ما سمعتك تدعو بغير هذا الدعاء .

قال : وأيُّ شي ءٍ أشدّ من شُحِّ النفس إنّ اللَّه يقول : «وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»)(2).

ص: 269


1- 439. أمالي الصدوق : ص 168 المجلس الثاني والثلاثون ح 1 ، وعنه بحار الأنوار : ج 7 ص 226 ب 8 ح 145 .
2- 440. تفسير القمّي : ج 2 ص 372 ، وعنه بحار الأنوار : ج 70 ص 301 ب 136 ح 1 ، والآية في سورة التغابن : 16 .

موازين اجتماعية

[ 3 ]- حدّثنا جعفر بن الحسين، عن محمّد بن جعفربن بطّة، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه، عن محمّدبن سنان، عن عبداللَّه بن مسكان، عن أبي عبداللَّه الصادق عليه السلام قال:

(إنّ أحقّ الناس بأن يتمنّى للناس الغنى البخلاء ، لأنّ الناس إذا استغنوا كفّوا عن أموالهم ، وإنّ أحقّ الناس بأن يتمنّى للناس الصلاح أهل العيوب لأنّ الناس إذا صلحوا كفّوا عن تتبّع عيوبهم ، وإنّ أحقّ الناس بأن يتمنّى للناس الحلم أهل السفه الذين يحتاجون أن يعفى عن سفههم ، فأصبح أهل البخل يتمنّون فقر الناس ، وأصبح أهل العيوب يتمنّون معائب الناس ، وأصبح أهل السفه يتمنّون سفه الناس ، وفي الفقر الحاجة إلى البخيل ، وفي الفساد طلب عورة أهل العيوب ، وفي السفه المكافاة بالذنوب)(1).

انقلاب النِعم والمصائب

[ 4 ] - قال الصادق عليه السلام :

(إنّ اللَّه عزّوجلّ أنعم على قوم بالمواهب فلم يشكروا فصارت عليهم وَبَالاً ، وابتلى قوماً بالمصائب فصبروا فصارت عليهم نعمةً)(2).

العاملين لغير اللَّه

[ 5 ] - وروي عن الصادق عليه السلام قال :

ص: 270


1- 441. الخصال : ج 1 ص 152 - 153 ح 188 ، أمالي الصدوق : ص 387 المجلس الحادي والستون .
2- 442. تحف العقول : ص 359 ، أمالي الصدوق : ص 302 المجلس الخمسون ح 4 ، التهذيب : ج 6 ص 377 ح 222 ، روضة الواعظين : ج 2 ص 473 ، بحار الأنوار : ج 68 ص 41 ب 23 ح 31 .

(إنّ اللَّه يأمر بادخال جماعة إلى النار ، ويقول لمالك يامالك قل للنار لا تحرق لهم أيدياً لأنّهم كانوا يرفعونها إلى أوقات الصلوات ؛ وقل للنار لا تحرق لهم وجوهاً لأنّهم كانوا يسبغون الوضوء ، وقل للنار ولا تحرق لهم أرجلاً لأنّهم كانوا يمشون بها إلى المساجد ، فيأتي إليهم مالك فيقول لهم ياأشقياء ما كانت أعمالكم التي دخلتم بها النار ؟ فيقولون إنّا كنّا نعمل لغير اللَّه ، فتخطف النار قلوبهم ، فهؤلاء أيضاً لا تمسّ النار لهم أبداناً)(1).

تأثير الذنوب

[ 6 ] - عن أبي علي الأشعري ، عن محمّد بن عبدالجبّار ، عن ابن فضّال عن ابن بكير ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال :

(إنّ الرجل يَذنِبُ الذنبَ فيُحرَمُ صلاة الليلِ ، وإنّ العمل السيّى ء أسرعُ في صاحبِهِ من السكّين في اللحم) .

بيان : « الذنب » منصوب مفعول مطلق واللام للعهد الذهني « أسرع » أي نفوذاً أو تأثيراً في صاحبه وكما أنّ كثرة نفوذ السكّين في المرء يوجب هلاكه البدني فكذا كثرة الخطايا يوجب هلاكه الروحاني(2).

*امتحنوا أنفسكم*

[ 7 ] - حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار رضى الله عنه قال : حدّثني أبي ، عن أحمد بن محمّد ابن عيسى ، عن عثمان بن عيسى ، عن عبداللَّه بن مسكان ، عن أبي عبداللَّه

ص: 271


1- 443. الأنوار النعمانية : ج 3 ص 46 .
2- 444. بحار الأنوار : ج 70 ص 230 ب 137 ح 13 عن الكافي : ج 2 ص 272 ح 16 .

الصادق عليه السلام قال :

(إنّ اللَّه تبارك وتعالى خصّ رسوله صلى الله عليه وآله بمكارم الأخلاق فامتحنوا أنفسكم ، فإن كانت فيكم فاحمَدُوا اللَّه عزّوجلّ وارغبوا إليه في الزيادة منها ، فَذَكَرَها عشرةً : اليقينَ ، والقَنَاعَةَ ، والصبر والشُكر، والرضا [ الحلم ]، وحُسْنَ الخُلُق ، والسخاءَ ، والغيرة ، والشجاعة ، والمروءة)(1).

كلّ يعمل على شاكلته

[ 8 ]- القاساني ، عن الأصبهاني ، عن المنقري ، عن أحمد بن يونس عن أبي هاشم قال : سألت أبا عبداللَّه عليه السلام عن الخلود في الجنّة والنار فقال :

(إنّما خُلِّدَ أهلُ النار في النار ، لأنّ نيّاتهم كانت في الدنيا أن لو خُلِّدُوا فيها أن يَعْصُوا اللَّه أبداً ، وإنّما خلّد أهل الجنّة في الجنّة لأنّ نيّاتِهِم كانت في الدنيا أن لو بَقُوا فيها أن يُطيعوا اللَّه أبداً ، فبالنيّات خلّد هؤلاء وهؤلاء ، ثمّ تلا قولَهُ : «قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ»(2) أي على نيّته)(3).

من كانت فيه ثلاث خصال

[ 9 ] - حدّثنامحمّدبن الحسن رضى الله عنه قال: حدّثنامحمّدبن يحيى العطّارقال: حدّثني محمّد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمّد بن أبي عمير رفعه إلى أبي عبداللَّه عليه السلام قال:

ص: 272


1- 445. أمالي الصدوق : ص 221 المجلس التاسع والثلاثون ح 8 ، الخصال : ج 2 ص 431 ح 12 ، معاني الأخبار : ص 191 - 192 ، وبحار الأنوار : ج 66 ص 368 ب 38 ح 5 .
2- 446. سورة الإسراء : آية 84 .
3- 447. بحار الأنوار : ج 67 ص 209 ب 53 ح 30 عن المحاسن ج 2 ص 330 ، تفسير العياشي : ج 2 ص 316 ح 158 .

(إنّما يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر من كانت فيه ثلاث خصال : عامل بما يأمر به وتارك لما ينهى عنه ، عادل فيما يأمر عادل فيما ينهى ، رفيق فيما يأمر ورفيق فيما ينهى)(1).

خشوع الأشياء للمؤمن

[ 10 ] - عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال :

(إنّ المؤمن يخشع له كلّ شي ء ويهابه كلّ شي ء ثمّ قال : إذا كان مخلصاً للَّه أخاف اللَّه منه كلّ شي ء حتّى هوام الأرض وسباعها وطير السماء)(2).

الأورع والأعبد والأزهد

[ 11 ] - حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه رضى الله عنه ، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبداللَّه ، عن العبّاس بن معروف ، عن أبي شعيب يرفعه إلى أبي عبداللَّه عليه السلام قال :

(أورَعُ الناسِ من وَقَفَ عندَ الشبهةِ ، أعبَدُ الناسِ من أقَام الفرائِضَ ، أزهَدُ الناس من ترك الحرام ، أشدُّ الناس اجتهاداً من ترك الذنوب)(3).

علائم المنافق

[ 12 ]- عن أبي عبداللَّه عليه السلام :

(ثلاث من كنّ فيه فهو منافق وإن صام وصلّى : من إذا حدّث كذب ، وإذا

ص: 273


1- 448. الخصال : ج 1 ص 109 ح 79 ، وبحار الأنوار : ج 97 ص 91 ب 1 ح 79 .
2- 449. جامع الأخبار : ص 268 الفصل السادس والخمسون ح 5 ، وعنه بحار الأنوار : ج 67 ص 248 ب 54 ح 21 .
3- 450. الخصال : ج 1 ص 16 ح 56 ، وبحار الأنوار : ج 75 ص 192 ب 23 ح 5 .

وعد أخلف ، وإذا ائتمن خان)(1).

لم يسأل بمثلهنّ

[ 13 ]- أبو قتادة ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام ، عن أبيه عليه السلام أنّه قال :

(ثلاث لم يسأل اللَّه عزّوجلّ بمثلهنّ : أن تقول :

اللهمّ فقّهني في الدين ، وحبّبني إلى المسلمين ، واجعل لي لسان صدق في الآخرين)(2).

ثلاثة في ظلّ العرش

[ 14 ] - حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار رضى الله عنه قال : حدّثنا سعد بن عبداللَّه ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن سنان قال : حدّثنا الخضر بن مسلم الصيرفي قال : سمعت أبا عبداللَّه عليه السلام يقول :

(ثلاثة في ظلّ عرش اللَّه عزّوجلّ يوم لا ظلّ إلّا ظلّه : رجل أنصف الناس من نفسه ورجل لم يقدّم رجلاً ولم يؤخّر أُخرى حتّى يعلم أنّ ذلك للَّه عزّوجلّ رضى أو سخط ، ورجل لم يعب أخاه بعيب حتّى ينفي ذلك العيب من نفسه ، فإنّه لا ينفي منها عيباً إلّا بدا له عيب آخر ، وكفى بالمرء شغلاً بنفسه عن الناس)(3).

ص: 274


1- 451. تحف العقول : ص 315 ، وبحار الأنوار : ج 75 ص 229 ب 23 ح 107 .
2- 452. الأمالي للطوسي : المجلس الحادي عشر ص 303 ح 50 ، وعنه بحار الأنوار : ج 92 ص 351 ب 129 ح 5 .
3- 453. الخصال : ج 1 ص 81 ح 4 ، وبحار الأنوار : ج 72 ص 46 ب 40 ح 2 .

أقرب الخلق إلى اللَّه

[ 15 ] - حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن عبداللَّه بن مسكان عن محمّد بن مسلم ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال :

(ثلاثةٌ هم أقربُ الخلق إلى اللَّه يوم القيامة حتّى يَفرُغَ [ الناس ] من الحساب : رجل لم تدعُهُ قدرتُهُ في حال غضبه إلى أن يحيفَ على من تحت يديه ، ورجل مشى بين اثنين فلم يَمِل مع أحدهِمَا على الآخر بشعيرةٍ ، ورجل قال الحقّ فيما له وعليه)(1).

الجنّة والنار بلا حساب

[ 16 ] - حدّثناعبداللَّه بن جعفرالحميري،عن إبراهيم بن مهزيار،عن أخيه علي بن مهزيار، عن فضالة بن أيّوب، عن سليمان بن درستويه، عن عجلان، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال:

(ثلاثة يدخلهم اللَّه الجنّة بغير حساب ، وثلاثة يدخلهم اللَّه النار بغير حساب ، فأمّا الذين يدخلهم اللَّه الجنّة بغير حساب فإمام عادل ، وتاجر صدوق ، وشيخ أفنى عمره في طاعة اللَّه عزّوجلّ ، وأمّا الثلاثة الذين يدخلهم اللَّه النار بغير حساب فإمام جائر ، وتاجر كذوب ، وشيخ زان)(2).

ثلاثة يشكون إلى اللَّه

[ 17 ] - حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رضى الله عنه قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، عن

ص: 275


1- 454. الخصال : ج 1 ص 81 ح 5 ، وبحار الأنوار : ج 72 ص 26 ب 35 ح 7 . والحيف هو الجور والظلم .
2- 455. الخصال : ج 1 ص 80 ح 1 ، وبحار الأنوار : ج 72 ص 336 ب 81 ح 5 .

[ محمّد بن ] أحمد ، عن موسى بن عمر [ وسعد بن عبداللَّه ، عن أحمد بن أبي عبداللَّه ]عن ابن فضّال ، عمّن ذكره ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال :

(ثلاثة يشكون إلى اللَّه عزّوجلّ : مسجد خراب لا يصلّي فيه أهله ، وعالم بين جهّال ، ومصحف معلّق قد وقع عليه غبار لا يقرأ فيه)(1).

حُسْن الخلق

[ 18 ] - محمّد بن سنان ، عن إسحاق بن عمّار قال : سمعت أبا عبداللَّه عليه السلام يقول :

(الخُلق منحة يمنحُهَا اللَّه من شاء من خَلقه ، فمنه سجيّةٌ ومنه نيّة ، قلت : فأيُّهُمَا أفضل ؟ قال : صاحبُ النيّة أفضل ، فإنّ صاحب السجيّة هو المجبول على الأمر الذي لا يستطيعُ غيره ، وصاحب النيّة هو الذي يتصبّر على الطاعة فيصبر فهذا أفضل)(2).

خصال لا تكون

[ 19 ] - حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار رضى الله عنه قال : حدّثنا سعد بن عبداللَّه ، عن محمّد ابن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن جعفر بن بشير ، عن أبان بن عثمان عن الحارث بن المغيرة النضري ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال :

(سمعته يقول : ستّةٌ لا تكونُ في المؤمنِ : العسرُ ، والنَّكَدُ(3)، واللَّجَاجَةُ ، والكَذِبُ ، والحَسَدُ ، والبغيُ)(4).

ص: 276


1- 456. الخصال : ج 1 ص 142 ح 163 ، وبحار الأنوار : ج 80 ص 385 ب 8 ح 63 .
2- 457. بحار الأنوار : ج 68 ص 395 ب 92 ح 72 عن كتاب الزهر : ص 29 .
3- 458. في بعض النسخ « النكر » . والنكد - بضمّ النون - . البخل ، وقلّة العطاء وبفتحها منع الخير .
4- 459. الخصال: ج 1 ص 325 ح 15 ، وأعلام الدين: ص 129، وبحار الأنوار : ج 69 ص 193 ب 105 ح 12.

شرف المؤمن وعزّه

[ 20 ] - حدّثني علي بن موسى بن جعفر بن أبي جعفر الكميداني(1) ومحمّد بن يحيى العطّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن عبداللَّه بن سنان ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال :

(شَرَفُ المؤمنِ صلاتُهُ بالليلِ ، وعِزُّهُ كفُّ الأذى عن النَّاس)(2).

حدود الصداقة

[ 21 ] - حدّثنا سعد بن عبداللَّه ، قال حدّثنا الهيثم بن أبي مسروق النهدي ، عن أبيه ، قال حدّثني يزيد بن مخلد النيسابوري عمّن سمع الإمام الصادق عليه السلام يقول :

(الصَدَاقَةُ محدودة فمن لم تكن فيه تلك الحدودُ فلا تنسبه إلى كمالِ الصداقةِ ومن لم يكن فيه شي ء من تلك الحدود ، فلا تنسبه إلى شي ء من الصداقة أوّلُهَا : أن تكون سريرتُهُ وعلانِيَتُهُ لك واحدة ، والثانيةُ أن يَرى زينَكَ زَيْنَهُ ، وشَيْنَكَ شَيْنَهُ ، والثالِثَةُ لا يغيِّرَهُ عنك مالٌ ولا ولايةٌ ، والرابعة : أن لا يمنعك شيئاً ممّا تَصِلُ إليه مقدرتُهُ ، والخامسة : أن لا يُسلِمَكَ عِندَ النَكَباتِ)(3).

*ممّا نفزع(4)؟*

ص: 277


1- 460. قال في نخبة المقال نقلاً عن « صه » كمنذان بضم الكاف والميم وإسكان النون وفتح الذال المعجمة قرية من قرى قم ، وفي حواشي نقد الرجال أنّ المشهور اليوم بالياء التحتانية المثنّاة والدال . وفي حواشي الوسائل مثله مع إعجام الذال نسبة إلى كميذان محلة انتهى .
2- 461. الخصال : ج 1 ص 6 ح 18 ، وبحار الأنوار : ج 84 ص 141 ب 6 ح 10 .
3- 462. الخصال : ج 1 ص 277 ح 19 ، أمالي الصدوق : ص 669 المجلس الخامس والتسعون ح 7 ، وبحار الأنوار ج 71 ص 173 ب 11 ح 1 .
4- 463. فزع إليه أي لجأ واستغاث . وفزع منه : خاف .

[ 22 ] - حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور رضى الله عنه قال : حدّثنا الحسين بن محمّد بن عامر ، عن عمّه عبداللَّه بن عامر ، عن محمّد بن أبي عمير قال : حدّثنا جماعة من مشايخنا منهم أبان بن عثمان ، وهشام بن سالم ، ومحمّد بن حمران ، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام قال :

(عجبت لمن فزع من أربع كيف لا يفزع إلى أربع : عجبت لمن خاف كيف لا يفزع إلى قوله عزّوجلّ : «حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ» فإنّي سمعت اللَّه جلّ جلاله يقول بعقبها : «فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ»(1) وعجبت لمن اغتمّ كيف لا يفزع إلى قوله عزّوجلّ : «لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ» فإنّي سمعت اللَّه عزّوجلّ يقول بعقبها : «فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنْ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ»(2) وعجبت لمن مكر به كيف لا يفزع إلى قوله : «وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ» فإنّي سمعت اللَّه جلّ وتقدّس يقول بعقبها : «فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا»(3) وعجبت لمن أراد الدنيا وزينتها كيف لا يفزع إلى قوله تبارك وتعالى : «مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ» فإنّي سمعت اللَّه عزّ اسمه يقول بعقبها : «إِنْ تَرَنِي أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالاً وَوَلَداً * فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِي خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ»(4)

ص: 278


1- 464. سورة آل عمران : آية 173 .
2- 465. سورة الأنبياء : آية 87 .
3- 466. سورة غافر : آية 44 .
4- 467. سورة الكهف : آية 39 .

وعسى موجبة(1))(2).

عليكم بالمكارم

[ 23 ] - حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه رحمه الله ، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبداللَّه البرقي ، عن أبيه محمّد بن خالد ، عن محمّد بن سنان ، عن المفضّل بن عمر ، عن الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام أنّه قال :

(عليكم بمكارم الأخلاق ، فإنّ اللَّه عزّوجلّ يحبّها ، وإيّاكم ومذام الأفعال ، فإنّ اللَّه عزّوجلّ يبغضها ، وعليكم بتلاوة القرآن فإنّ درجات الجنّة على عدد آيات القرآن ، فإذا كان يوم القيامة يقال لقارئ القرآن : اقرأ وارقَ ، فكلّما قرأ آية رقى درجة ، وعليكم بحسن الخُلُق فإنّه يبلغ بصاحبه درجة الصائم القائم، وعليكم بحسن الجوارفإنّ اللَّه أمربذلك، وعليكم بالسواك فإنّها مطهّرة وسنّةحسنة،وعليكم بفرائض اللَّه فأدّوها،وعليكم بمحارم اللَّه فاجتنبوها)(3).

ليسوا في قبضة إبليس

[ 24 ] - الفامي ، عن ابن بطّة ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن صفوان بن يحيى رفعه إلى أبي عبداللَّه عليه السلام أنّه قال :

ص: 279


1- 468. يعني كلمة « عسى » في الآية للإيجاب والاثبات لا للترجّي أو الإشفاق . والظاهر أنّه من كلام المصنّف (صاحب الخصال) .
2- 469. الخصال : ج 1 ص 218 ح 43 ، الفقيه : ج 4 ص 392 ح 5835 ، روضة الواعظين : ج 2 ص 450 ، بحار الأنوار : ج 90 ص 184 ب 4 ح 1 ، مشكاة الأنوار : ص 119 .
3- 470. أمالي الصدوق : ص 359 المجلس السابع والخمسون ح 10 ، وبحار الأنوار : ج 66 ص 370 ب 38 ح 11.

(قال إبليس : خمسة ليس لي فيهنّ حيلة ، وسائر الناس في قبضتي : من اعتصم باللَّه عن نيّة صادقة واتّكل عليه في جميع اُموره ، ومن كثر تسبيحه في ليله ونهاره ، ومن رضي لأخيه المؤمن ما يرضاه لنفسه ، ومن لم يجزع على المصيبة حتّى تصيبه ، ومن رضي بما قسم اللَّه له ولم يهتمّ لرزقه)(1).

دعاة الناس

[ 25 ] - وعن ابن أبي يعفور قال : قال لي أبو عبداللَّه عليه السلام :

(كونوا دعاة الناس بغير ألسنتكم ليروا منكم الإجتهاد والصدق والورع)(2).

الإيثار والشكر

[ 26 ] - وروي أنّ الصادق عليه السلام قال لشقيق :

(كيف أنتم في بلادكم ؟ فقال : بخير يابن رسول اللَّه ، ان أُعطينا شكرنا ، وإن منعنا صبرنا ، فقال له : هكذا كلاب حجازنا ياشقيق ، فقال له : كيف أقول : فقال له : هلّا كنتم إذا أُعطيتم آثرتم ، وإذا منعتم شكرتم)(3).

الثواب على قدر العقل

[ 27 ] - عن الديلمي عن أبيه قال : قلت لأبي عبداللَّه عليه السلام : فلان من عبادته ودينه وفضله كذا ، فقال : « كيف عقله ؟ » قلت : لا أدري ، فقال :

ص: 280


1- 471. بحار الأنوار : ج 90 ص 177 ب 3 ح 4 عن الخصال : ج 1 ص 285 ح 37 وفيه : حين تصيبه .
2- 472. مشكاة الأنوار : ص 46 .
3- 473. إرشاد القلوب : ج 1 ص 123 ب 36 وعنه معالم الزلفى : ص 80 .

(إنّ الثواب على قدر العقل ، إنّ رجلاً من بني اسرائيل كان يعبد اللَّه في جزيرة من جزائر البحر ، خضراء نضرة ، كثيرة الشجر ، طاهرة الماء ، وإنّ ملكاً من الملائكة مرّ به فقال : ياربّ أرني ثواب عبدك هذا ، فأراه اللَّه ذلك فاستقلّه الملك ، فأوحى اللَّه إليه : أن اصحبه ، فأتاه الملك في صورة إنسي فقال له : من أنت ؟ فقال : أنا رجل عابد ، بلغني مكانك وعبادتك في هذا المكان فأتيتك لأعبد اللَّه معك ، فكان معه يومه ذلك ، فلمّا أصبح قال له الملك : أنّ مكانك لنزه وما يصلح إلّا للعبادة ، فقال له العابد : إنّ لمكاننا هذا عيباً ، فقال له : وما هو ؟ قال : ليس لربّنا بهيمة ، فلو كان له حمار ، رعيناه في هذا الموضع ، فإنّ هذا الحشيش يضيع ! فقال له الملك : وما لربّك حمار ؟ فقال : لو كان له حمار ما كان يضيع مثل هذا الحشيش ، فأوحى اللَّه إلى ذلك الملك : إنّما أُثيبه على قدر عقله)(1).

الأعمال المردودة

[ 28 ] - عن ابن فضّال ، عن محمّد ، عن الثمالي ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال :

(لونظرالناس إلى مردودِالأعمال من السماءِ،لَقَالوا:مايَقبَلُ اللَّهُ مِن أحدٍعَمَلاً)(2).

أربع كلمات حكم

[ 29 ] - حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، عن محمّد بن أحمد ، عن يعقوب بن يزيد ، عن

ص: 281


1- 474. بحار الأنوار : ج 14 ص 506 ب 32 ح 31 وقصص الأنبياء للجزائري : ص 472 عن الكافي : ج 1 ص 11 - 12 ح 8 .
2- 475. بحار الأنوار : ج 67 ص 208 ب 53 ح 25 عن محاسن البرقي : ج 1 ص 132 ب 1 ح 4 .

محمّد ابن جعفر باسناده قال : قال أبو عبداللَّه عليه السلام :

(ليس للبحر جار ، ولا للملك صديق ، ولا للعافية ثمن ، وكم من منعم عليه وهو لا يعلم)(1).

المروءة مروءتان

[ 30 ] - عن سعد بن عبداللَّه عن أحمد بن أبي عبداللَّه البرقي عن اليهتم بن عبداللَّه النهدي عن أبيه ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال :

(المروءَةُ مروءَتَان : مروءَةُ الحضر ، ومروءَةُ السفر ، فأمّا مروءَةُ الحَضَر فتلاوةُ القرآنِ ، وحُضُورُ المَسَاجِدِ ، وصُحبَةُ أهلِ الخير ، والنظر في الفقه ، وأمّا مُرُوءَةُ السفر فبذلُ الزادِ ، والمِزَاحُ في غيرِ ما يُسخِطُ اللَّه ، وقلّةُ الخلافِ على من صَحِبَكَ وتركُ الروايَةِ عليهم إذا أنت فارقتَهُم)(2).

تخفيف سكرات الموت

[ 31 ] - حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار رحمه الله عن أبيه عن محمّد بن عبدالجبّار عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن داود بن كثير الرقي قال سمعت أبا عبداللَّه الصادق عليه السلام يقول :

(من أحبّ أن يخفّف اللَّه عزّوجلّ عنه سكرات الموت فليكن لقرابته وصولاً ، وبوالديه بارّاً ، فإذا كان كذلك هوّن اللَّه عليه سكرات الموت ، ولم

ص: 282


1- 476. الخصال : ج 1 ص 223 ح 51 ، وبحار الأنوار : ج 75 ص 193 ب 23 ح 8 .
2- 477. معاني الأخبار : ص 258 ح 8 ، بحار الأنوار : ج 81 ص 12 ب 8 ح 88 .

يصبه في حياته فقر أبداً)(1).

من برئ من ثلاثة

[ 32 ] - قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام :

(من برئ من ثلاثة نال ثلاثة :

مَن برئ مِن الشرّ نال العزّ ، ومن برئ من الكبر نال الكرامة ، ومن برئ من البخل نال الشرف)(2).

من طلب ثلاثة

[ 33 ] - قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام :

(من طلب ثلاثة بغير حقّ حرم ثلاثة بحقّ : من طلب الدنيا بغير حقّ حرم الآخرة بحقّ ، ومن طلب الرئاسة بغير حقّ حرم الطاعة له بحقّ ، ومن طلب المال بغير حقّ حرم بهاؤه له بحقّ)(3).

أهميّة السيّئة

[ 34 ] - عن أبي علي الأشعري ، عن ابن فضّال ، عن ابن بكير ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال :

(من همّ بسيّئة فلا يَعْمَلْهَا ، فإنّه ربما يعمل العبد السيّئة فيراه الربّ تبارك وتعالى فيقول : وعزّتي وجلالي لا أغفرُ لك بعد ذلك أبداً) .

ص: 283


1- 478. الأمالي للصدوق : ص 389 المجلس الحادي والستون ح 14 ، وبحار الأنوار : ج 71 ص 66 ب 2 ح 33 .
2- 479. تحف العقول : ص 315 ، وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 229 ب 23 ضمن ح 107 .
3- 480. تحف العقول : ص 319 ، وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 235 ب 23 ضمن ح 107 .

بيان : « السيّئة » أي نوعاً من السيّئة تكون مع تحقيرها والاستهانة بها أو غير ذلك ، والعزّة القدرة والغلبة ، والجلال الكبرياء والعظمة « لا أغفر لك » أي يستحقّ لمنع اللطف وعدم التوفيق للتوبة ، ولا يستحقّ المغفرة ، وفيه تحذير عن جميع السيّئات ، فإنّ كلّ سيّئة يمكن أن تكون هذه السيّئة(1).

أربعة أبيات في الجنّة

[ 35 ] - حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رضى الله عنه قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن سنان ، عن معاوية بن وهب ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال :

(من يضمن لي أربعة بأربعة أبيات في الجنّة ؟ من أنفق ولم يخف فقرأ ، وأنصف الناس من نفسه ، وأفشى السلام في العالم ، وترك المِرَاء وإن كان محقّاً)(2).

بين مخافتين

[ 36 ] - علي بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يُونُس بن فُضَيل بن عثمان ، عن أبي عبيدة الحَذَّاء ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال :

(المؤمن بين مخافتين : ذنب قد مضى لا يدري ما صنع اللَّه فيه ، وعُمُرٍ قد بقي لا يدري ما يَكتَسِبُ فيه من المهالِك ، فهو لا يُصبِحَ إلّا خائفاً ولا يُصلحُهُ إلّا الخوفُ)(3).

ص: 284


1- 481. بحار الأنوار : ج 70 ص 331 ب 137 ح 14 عن الكافي : ج 2 ص 272 ح 17 .
2- 482. الخصال : ج 1 ص 223 ح 52 ، وعنه بحار الأنوار : ج 2 ص 128 ب 17 ح 9 .
3- 483. الكافي : ج 2 ص 71 ح 12 ، وعنه بحار الأنوار : ج 67 ص 365 ب 59 ح 10 .

الناس أربعة أصناف

[ 37 ] - حدّثنا أحمد بن محمّد بن عبدالرحمن المقرى ء قال : حدّثنا أبو عمرو محمّد بن جعفر المقرى ء الجرجاني قال : حدّثنا أبو بكر محمّد بن الحسن الموصلي ببغداد قال : حدّثنا محمّد بن عاصم الطريفي قال : حدّثنا أبو زيد عيّاش بن زيد بن الحسن بن علي الكحّال مولى زيد بن علي قال : أخبرني زيد بن الحسن قال : حدّثني موسى ابن جعفر ، عن أبيه الصادق جعفر بن محمّد عليهم السلام قال :

(الناس على أربعة أصناف :

جاهل متردّي معانق لهواه ، وعابد متقوّي كلّما ازداد عبادة ازداد كبراً ، وعالم يريد أن يوطأ عقباه ويحبّ محمدة الناس . وعارف على طريق الحقّ يحبّ القيام به فهو عاجز أو مغلوب ، فهذا أمثل أهل زمانك وأرجحهم عقلاً)(1).

علم الناس في أربع

[ 38 ] - حدّثنا سعد بن عبداللَّه ، عن القاسم بن محمّد الأصبهاني ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن سفيان بن عيينة قال : سمعت أبا عبداللَّه عليه السلام يقول :

(وجدت علم الناس كلّهم في أربع أوّلُهَا أن تعرفَ ربّك ، والثاني أن تعرفَ ما صنع بك ، والثالث أن تعرف ما أراد منك ، والرابعُ أن تعرف ما يُخرجُكَ من دِينِك)(2).

ص: 285


1- 484. الخصال : ج 1 ص 262 ح 139 ، وعنه بحار الأنوار : ج 2 ص 49 ب 11 ح 13 .
2- 485. الخصال : ج 1 ص 239 ح 87 ، والكافي : ج 1 ص 50 ح 11 ، والمحاسن : ج 1 ص 233 ب 20 ح 188 .

عطاء اللَّه تعالى

[ 39 ] - عن سعد ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام أنّه قال :

(يامعاوية من أُعطي ثلاثة لم يحرم ثلاثة من أُعطي الدعاء أُعطي الإجابة ، ومن أُعطي الشكر أُعطي الزيادة ، ومن أُعطي التوكّل أُعطي الكفاية ، فإنّ اللَّه عزّوجلّ يقول في كتابه : «وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ»(1) ويقول : «لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ»(2) ويقول : «ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ»(3))(4).

إيّاك والذنوب

[ 40 ] - عن أبي عبداللَّه الصادق عليه السلام ، قال لمفضّل بن عمر :

([ يامفضّل ] إيّاك والذنوب ! وحذّر شيعتَنَا من الذنوب ، فواللَّه ما هي إلى شي ء أسرع منه إليكم ، واللَّه إنّ أحدكم لَيُرمَى بالسقم في بدنه ، وما هو إلّا بذنوبه ، وإنّ أحدَكُم لَيُحجَبُ من الرزق ، فيقول : ما لي وما شأني ! وما هو إلّا بذنوبه ، وإنّه لَتُصيبُهُ المعرَّةُ من السلطان ، فيقول : ما لي ! وما هو إلّا بالذنوب ، واللَّه إنّكم لا تؤاخَذُونَ بها في الآخرة)(5).

ص: 286


1- 486. سورة الطلاق : آية 3 .
2- 487. سورة إبراهيم : آية 7 .
3- 488. سورة غافر : آية 60 .
4- 489. الخصال : ج 1 ص 50 ح 16 ، بحار الأنوار : ج 68 ص 43 ب 61 ح 43 .
5- 490. مشكاة الأنوار : ص 275 ، وعنه مستدرك الوسائل : ج 11 ص 332 ب 40 ح 24 .

الإمام موسى الكاظم عليه السلام

اشارة

ص: 287

ص: 288

نسبه عليه السلام :

هو الإمام موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ابن عبدالمطّلب (شيبة الحمد) بن هاشم .

وأُمّه حميدة بنت صاعد المغربي وكانت بربرية ، وقيل أندلسية أُمّ ولد ، تكنّى لؤلؤة ، وكانت على درجة عالية من الصلاح والتقوى ، وكانت من المتقيّات الثقات ، ويظهر من بعض الروايات أنّ الإمام الصادق عليه السلام كان يأمر النساء في أخذ الأحكام إليها .

ولادته عليه السلام :

ولد الإمام موسى بن جعفر عليه السلام في ذي الحجّة سنة سبعة وعشرين ومائة من الهجرة(1) في منطقة الأبواء وهو منزل بين مكّة والمدينة ، وقيل أيضاً سنة ثمان وعشرين ومائة من الهجرة(2).

كناه عليه السلام :

أبو الحسن الأوّل ، أبو الحسن الماضي ، أبو إبراهيم ، أبو علي ، أبو إسماعيل .

ألقابه عليه السلام :

العبد الصالح ، النفس الزكية ، زين المجتهدين ، الوفي ، الصابر ، الأمين ، الزاهر ، وسمّي بذلك لأنّه زهر بأخلاقه الشريفة وكرمه المضي ء التامّ ، وقد سمّي بالكاظم لكظمه الغيظ وغضّه البصر عمّا فعله الظالمون به .

فضائله عليه السلام :

كان الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام أجلّ ولد أبي عبداللَّه الصادق عليه السلام قدراً وأعظمهم محلاً ، وأبعدهم في الناس صيتاً ، ولم ير في زمانه أسخى منه ولا أكرم نفساً وعشرة وكان أعبد أهل زمانه وأورعهم وأجلّهم وأفقههم .

ص: 289


1- 491. دلائل الإمامة : ص 146 عنه كتاب الدرّ النظيم : ص 649 .
2- 492. الإرشاد : ج 2 ص 215 .

واجتمع جمهور شيعة أبيه على القول بإمامته والتعظيم لحقّه والتسليم لأمره .

فعن محمّد بن الوليد قال : سمعت علي بن جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام يقول : سمعت أبي جعفر بن محمّد يقول لجماعة من خاصّته وأصحابه : استوصوا بموسى ابني خيراً ، فإنّه أفضل ولدي ومن أُخلّف من بعدي ، وهو القائم مقامي ، والحجّة للَّه تعالى على كافّة خلقه من بعدي(1).

بوّابه عليه السلام :

محمّد بن المفضّل .

نقش خاتمه عليه السلام : الملك للَّه وحده ، وقيل : حسبي اللَّه .

أولاده عليه السلام :

علي بن موسى الرضا عليه السلام ، إبراهيم ، العبّاس ، القاسم ، إسماعيل ، جعفر ، هارون ، الحسين ، أحمد ، محمّد ، حمزة ، عبداللَّه ، إسحاق ، عبيداللَّه ، زيد ، الحسين ، سليمان ، الحسن ، فاطمة الكبرى ، فاطمة الصغرى ، رقيّة ، حكيمة ، أُمّ أبيها ، رقية الصغرى (كلثوم) ، أُمّ جعفر ، لبابة ، زينب ، خديجة ، عليّة ، آمنة ، حسنة ، بويهة ، عائشة (عباسة) أُمّ سلمة ، ميمونة ، وأُمّ كلثوم .

استشهاده عليه السلام :

استشهد عليه السلام يوم الجمعة في يوم الخامس والعشرين من رجب المرجّب سنة ثلاث وثمانين ومائة ، وله يومئذ خمس وخمسون سنة في سجن السندي بن شاهك ، وكان هارون العبّاسي قد حمله من المدينة لعشر ليال بقين من شوال سنة تسع وسبعين ومائة على قول ، ثمّ شخص هارون إلى الحجّ وحمله معه ، ثمّ انصرف على طريق البصرة فحبسه عند عيسى بن جعفر ثمّ أشخصه إلى بغداد ، فحبسه عند السندي بن شاهك فقضى مسموماً في حبسه إذ قضى فترة من عمره في السجن ، إذ سجنه المهدي العبّاسي وهارون العبّاسي في البصرة عند عيسى بن جعفر كما أشرنا ثمّ عند الفضل بن الربيع في بغداد ، ثمّ عند السندي ابن شاهك

ص: 290


1- 493. بحار الأنوار : ج 48 ص 20 باب 3. النصوص عليه صلوات اللَّه عليه ح 30 .

ودفن في جانب الكرخ في مقابر قريش في باب التين ، وكانت هذه المقبرة لبني هاشم والأشراف من الناس قديماً .

أقام عليه السلام مع أبيه عشرون سنة ، وكانت مدّة خلافته ومقامه في الإمامة بعد أبيه عليهما السلام خمساً وثلاثين سنة .

حكّام عصره : من الحكّام الذين عاصرهم في سني إمامته بقية ملك المنصور ، ثمّ المهدي عشر سنين . ثمّ الهادي سنة ثمّ هارون العبّاسي خمس عشرة سنة .

وقد أجاد السيّد مهدي بحر العلوم في مدحه عليه السلام حيث قال :

ياسمي الكليم جئتك أسعى

والهوى مركبي وحبّك زادي

مسّني الضرّ والنتحى بي فقري

نحو مغناك قاصداً من بلادي

ليس تقضى لنا الحوائج إلّا

عند باب الحوائج المعتاد

عند بحر الندى ابن جعفر موسى

عند باب الرجاء جدّ الجواد

ص: 291

ص: 292

لا تكن امّعة

[ 1 ] - قال الإمام الكاظم عليه السلام لفضل بن يونس(1):

(أبلغ خيراً وقل خيراً ولا تكن إمّعة(2) قلت : وما الإمّعة ؟ قال : لا تقل : أنا مع الناس ، وأنا كواحد من الناس . إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قال : ياأيّها الناس إنّما هما نجدان نجد خير ونجد شرّ ، فلا يكن نجد الشرّ أحبّ إليكم من نجد الخير(3))(4).

ص: 293


1- 494. فضل بن يونس الكاتب البغدادي عدّه الشيخ من أصحاب الكاظم عليه السلام وقال : أصله كوفي تحوّل إلى بغداد مولى واقفي . انتهى . ووثّقه النجاشي ، وروى الكشّي ما يدلّ على غاية إخلاصه للإمام الكاظم عليه السلام قال : وجدت بخطّ محمّد بن الحسن بن بندار القمّي في كتابه حدّثني علي بن إبراهيم عن محمّد بن سالم قال : لمّا حمل سيّدي موسى بن جعفر عليهما السلام إلى هارون جاء إليه هشام بن إبراهيم العبّاسي فقال له ياسيّدي قد كتبت لي صك إلى الفضل بن يونس فتسأله أن يروّج أمري فركب إليه أبو الحسن فدخل عليه حاجبه وقال : ياسيّدي ! أبو الحسن موسى عليه السلام بالباب فقال : إن كنت صادقاً فأنت حرّ ولك كذا وكذا ، فخرج الفضل حافياً يعدو حتّى وصل إليه فوقع على قدميه يقبّلهما ، ثمّ سأله أن يدخل فقال : اقض حاجة هشام بن إبراهيم فقضاها ، ثمّ قال : ياسيّدي قد حضر الغذاء فتكرمني أن تتغذّى عندي فقال : هات فجاء بالمائدة وعليها البوارد فأجال أبو الحسن عليه السلام يده في البارد ثمّ قال : البار تجال اليد فيه وجاؤوا بالحار فقال أبو الحسن عليه السلام : الحار حمّى .
2- 495. الإمّع والإمّعة - بالكسر فالتشديد - قيل : أصله « إنّي معك » .
3- 496. النجد : الطريق الواضح المرتفع . وقوله عليه السلام : « إنّما هما نجدان » فالظاهر إشارة إلى قوله في سورة البلد آية 10 «وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ» .
4- 497. بحار الأنوار : ج 75 ص 324 ب 25 ضمن ح 3 عن تحف العقول : ص 413 .

الزمان أربع ساعات

[ 2 ] - قال الإمام الكاظم عليه السلام :

(اجتهدوا في أن يكون زمانكم أربع ساعات : ساعة لمناجات اللَّه ، وساعة لأمر المعاش ، وساعة لمعاشرة الإخوان والثقات الذين يعرّفونكم عيوبكم ويخلصون لكم في الباطن ، وساعة تخلون فيها للذّاتكم في غير محرّم ، وبهذه الساعة تقدرون على الثلاث ساعات . لا تحدّثوا أنفسكم بفقر ولا بطول عمر ، فإنّه من حدّث نفسه بالفقر بخل ، ومن حدّثها بطول العمر يحرص ، اجعلوا لأنفسكم حظّاً من الدنيا باعطائها ما تشتهي من الحلال وما لا يثلم المروّة وما لا سرف فيه . واستعينوا بذلك على أُمور الدين ، فإنّه روي : ليس منّا من ترك دنياه لدينه أو ترك دينه لدنياه)(1).

التقيّة وحقوق الإخوان

[ 3 ] - قال موسى بن جعفر عليهما السلام : وقد حضره فقير مؤمن يسأله سدّ فاقته فضحك في وجهه ، وقال :

(أسألك مسألة ، فإن أصبتها أعطيتك عشرة أضعاف ما طلبت ، وإن لم تصبها أعطيتك ما طلبت - وقد كان طلب منه مائة درهم يجعلها في بضاعة يتعيّش بها - .

فقال الرجل : سل .

فقال موسى عليه السلام : لو جعل إليك التمنّي لنفسك في الدنيا ماذا كنت تتمنّى ؟

قال : كنت أتمنّى أن أُرزق التقيّة في ديني ، وقضاء حقوق إخواني .

ص: 294


1- 498. بحار الأنوار : ج 75 ص 321 ب 25 ضمن ح 3 عن تحف العقول : ص 409 .

قال : فما بالك لم تسأل الولاية لنا أهل البيت ؟ قال : ذاك قد أعطيته ، وهذا لم أعطه ، فأنا أشكر على ما أُعطيت ، وأسأل ربّي عزّوجلّ ما منعت .

فقال : أحسنت ، أعطوه ألفي درهم(1)، وقال : اصرفها في كذا - يعني العفص -(2) فإنّه متاع يابس وسيقبل [ بعد ] ما أدبر ، فانتظر به سنة ، واختلف إلى دارنا وخذ الاجراء في كل يوم . ففعل ، فلمّا تمّت له سنة ، فإذا قد زاد في ثمن العفص للواحد خمسة عشر ، فباع ما كان اشترى بألفي درهم بثلاثين الف درهم)(3).

اشتداد مؤونة الدارين

[ 4 ]- قال الإمام الكاظم عليه السلام :

(اشتَدَّت مؤونَةُ الدنيا والدين : فأمّا مؤونة الدنيا فإنّك لا تَمُدُّ يَدَكَ إلى شي ء منها إلّا وَجَدْتَ فاجراً قد سبقك إليه ، وأمّا مؤونَةُ الآخرة فإنّك لا تجد أعواناً يُعِينُونَكَ عليه)(4).

أفضل المقرّبات

[ 5 ] - عن أبي الحسن الأوّل الإمام الكاظم عليه السلام :

(أفضل ما يتقرّب به العبد إلى اللَّه بعد المعرفة به ، الصلاة ، وبرّ الوالدين ،

ص: 295


1- 499. وهذا يدلّل على مدى كرمهم عليهم السلام ومساعدتهم للمحتاجين ، وأيضاً على إعجابه بالجواب .
2- 500. هو حمل شجرة البلوط ، وهو دواء قابض مجفّف ، يديغ به ويتّخذ منه الحبر . وهو مولد ليس من كلام أهل البادية ، يقال له بالفارسية : مازو .
3- 501. تفسير الإمام عليه السلام : ص 322 ح 169 ، وبحار الأنوار : ج 72 ص 415 ب 87 ضمن ح 68 .
4- 502. بحار الأنوار : ج 75 ص 320 ب 25 ضمن ح 3 .

وترك الحسد ، والعُجب ، والفخر)(1).

الزهد والخوف

[ 6 ] - حدّثنا سعد بن عبداللَّه ، عن القاسم بن محمّد الأصبهاني ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث النخعي قال : سمعت موسى بن جعفر عليهما السلام عند قبر حضره :

(إنّ شيئاً هذا آخرُهُ لحقيقٌ أن يُزهَدَ في أوّلِهِ ، وإنّ شيئاً هذا أوّلُهُ لَحَقيقٌ أن يُخَافَ آخرِهِ)(2).

غنى الموالاة

[ 7 ] - أبو جعفر الطبري باسناده عن أبي الحسن محمّد بن أحمد بن عبيداللَّه المنصوري قال : حدّثني عمر بن أبي موسى عيسى بن أحمد قال : حدّثني الإمام علي بن محمّد عليهما السلام قال حدّثني أبي محمّد بن علي قال : حدّثني أبي علي بن موسى قال : حدّثني أبي موسى بن جعفر قال :

(إنّ رجلاً جاء إلى سيّدنا الصادق عليه السلام فشكا إليه الفقر .

فقال : ليس الأمر كما ذكرت وما أعرفك فقيراً . قال : واللَّه ياسيّدي ما كذبت وذكر من الفقر قطعة ، والصادق عليه السلام يكذّبه إلى أن قال له أخبرني لو أعطيت بالبراءة منّا مائة دينار كنت تأخذ ؟ قال : لا ، إلى أن ذكر له الوف الدنانير

ص: 296


1- 503. بحار الأنوار : ج 75 ص 306 ب 25 ح 1 عن تحف العقول : ص 390 .
2- 504. معاني الأخبار : ص 343 ح 1 ، وروى في بحار الأنوار : ج 75 ص 320 ب 25 ضمن ح 3 عن تحف العقول : ص 408 .

والرجل يحلف أنّه لا يفعل ، فقال من معه : يعطى بها هذا المال لا يبيعها هو فقير)(1).

الجواد

[ 8 ] - عن الإمام الكاظم عليه السلام وقد سأله رجل عن الجواد ؟ فقال عليه السلام :

(إنّ لكلامك وجهين ، فإن كنت تسأل عن المخلوقين ، فإنّ الجواد ، الذي يؤدّي ما افترض اللَّه عليه ، والبخيل من بخل بما افترض اللَّه ، وإن كنت تعني الخالق فهو الجواد إن أعطى وهو الجواد إن منع ، لأنّه إن أعطاك أعطاك ما ليس لك وإن منعك منعك ما ليس لك)(2).

من حقّ أخيك

[ 9 ] - عن أبي الحسن الأوّل عليه السلام أنّه قال :

(إنّ من واجب حقّ أخيك أن لا تكتمه شيئاً تنفعه به لأمر دنياه وآخرته ، ولا تحقد عليه وإن أساء ، وأجب دعوته إذا دعاك)(3).

قل الحقّ ودع الباطل

[ 10 ] - عن الإمام الكاظم عليه السلام أنّه قال لبعض شيعته :

(أي فلان ! اتّق اللَّه وقل الحقّ وإن كان فيه هلاكك فإنّ فيه نجاتك ، أي

ص: 297


1- 505. بشارة المصطفى : ص 190 ، وأمالي الشيخ : ص 297 المجلس الحادي عشر ح 31 ، وبحار الأنوار : ج 64 ص 147 ب 7 ح 1 .
2- 506. بحار الأنوار : ج 75 ص 319 ب 25 ضمن ح 3 عن تحف العقول : ص 408 .
3- 507. بحار الأنوار : ج 75 ص 332 ب 25 ضمن ح 7 عن الكافي : ج 8 ص 125 ح 95 .

فلان ! اتّق اللَّه ودع الباطل وإن كان فيه نجاتك ، فإنّ فيه هلاكك)(1).

بئس العبد المنافق

[ 11 ]- عن أبي الحسن الأوّل عليه السلام :

(بئس العبدُ عبدٌ يكون ذا وجهين وذا لسانين يُطري أخاه إذا شاهده ، ويأكله إذا غاب عنه إن اُعطي حسده ، وإن ابتلي خذله)(2).

فضل الفقهاء

[ 12 ] - عن أبي الحسن الأوّل عليه السلام قال :

(تفقّهوا في دين اللَّه فإنّ الفقه مفتاح البصيرة وتمام العبادة والسبب إلى المنازل الرفيعة والرتب الجليلة في الدين والدنيا ، وفضل الفقيه على العابد كفضل الشمس على الكواكب . ومن لم يتفقّه في دينه لم يرض اللَّه له عملاً)(3).

آداب التخلّي

[ 13 ] - قال أبو حنيفة(4) حججت في أيّام أبي عبداللَّه الصادق عليه السلام فلمّا أتيت المدينة

ص: 298


1- 508. بحار الأنوار : ج 75 ص 319 ب 25 ضمن ح 3 ن تحف العقول : ص 408 ، ومجموعة ورّام : ج 1 ص 12 .
2- 509. بحار الأنوار : ج 75 ص 309 ب 25 ضمن ح 1 عن تحف العقول : ص 395 .
3- 510. بحار الأنوار : ج 78 ص 321 ب 25 ضمن ح 3 عن تحف العقول : ص 410 .
4- 511. هو نعمان بن ثابت بن زوطي أحد الأئمّة الأربعة كان جدّه من الفرس من موالي تيم اللَّه بن ثعلبة فمسّه الرق فاعتق فكان أبو حنيفة من أبناء الفرس ولد سنة 80 بالكوفة وكان خزّازاً يبيع الخز ، صاحب الرأي والقياس والفتاوى المعروفة في الفقه وقال هو بالقياس والاستحسان حتّى أنّه قاس في أُمور معاشه أيضاً ، وهو أوّل من قاس في الإسلام ، وقيل : أجاز وضع الحديث على وفق مذهبه وعدوّه أيضاً من المرجئة الذين يقولون لا تضرّ مع الإيمان معصية ؛ ردّ على رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أربعمائة حديث أو أكثر فقال : لو أدركني رسول اللَّه لأخذ بكثير من قولي ، ونقل الخطيب في تاريخ بغداد بعضها ويعاب عليه بقواعد العربية . مات سنة 150 واتّفق أنّه في يوم وفاته ولد الشافعي ودفن في مقبرة الخيزران ببغداد وهي مشهورة معروفة عند العامّة بالإمام الأعظم وبنى شرف الملك أبو سعد محمّد بن منصور .

دخلت داره فجلست في الدهليز أنتظر إذنه إذ خرج صبي يدرج(1)، فقلت : ياغلام أين يضع الغريب الغائط من بلدكم ؟ قال : على رسلك(2). ثمّ جلس مستنداً إلى الحائط . ثمّ قال :

(توقّ شطوط الأنهار ومساقط الثمار وأفنية المساجد وقارعة الطريق(3). وتوار خلف جدار ، وشل ثوبك(4) ولا تستقبل القبلة ولا تستدبرها ، وضع حيث شئت ، فأعجبني ما سمعت من الصبي فقلت له : ما اسمك ؟ فقال : أنا موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب . فقلت له : ياغلام ممّن المعصية ؟ فقال عليه السلام : إنّ السيّئات لا تخلو من إحدى ثلاث : إمّا أن تكون من اللَّه - وليست منه - فلا ينبغي للربّ أن يعذّب العبد على ما لا يرتكب ، وإمّا أن تكون منه ومن العبد - وليست كذلك - فلا ينبغي للشريك القوي أن يظلم الشريك الضعيف ، وإمّا أن تكون

ص: 299


1- 512. درج الصبي : مشى قليلاً في أوّل ما يمشي .
2- 513. الرسل والرسلة : الرفق والتمهّل . يقال : على رسلك يارجل أي على مهلك .
3- 514. قارعة الطريق : أعلاه ومعظمه وهي موضع قرع المارّة .
4- 515. أي ارفع ثوبك : من شال يشول شولاً الشي ء أي رفعه .

من العبد - وهي منه - فإن عفا فبكرمه وجوده ، وإن عاقب فبذنب العبد وجريرته ، قال أبو حنيفة : فانصرفت ولم ألق أبا عبداللَّه عليه السلام واستغنيتُ بما سمعت)(1).

ثلاثة من المنجيات

[ 14 ]- حدّثنا سعد بن عبداللَّه ، عن أحمد بن أبي عبداللَّه ، عن النهيكي ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال :

(ثلاثةٌ يستظلّون بظلِّ عرشِ اللَّه يومَ لا ظلّ إلّا ظلّه : رجلٌ زوّج أخاه المسلم ، أو أخدَمَهُ أو كَتَمَ لَهُ سِرّاً)(2).

المعاصي تخرّب الديار

[ 15 ] - عن الحسين بن محمّد ، عن محمّد بن أحمد النهدي ، عن عمرو بن عثمان ، عن رجل ، عن أبي الحسن عليه السلام قال :

(حقٌّ على اللَّه أن لا يُعصَى في دار إلّا أضحَاهَا للشمس ، حتّى تُطَهِّرَهَا)(3).

بيان : « حقّ على اللَّه » أي جعلها اللَّه سبحانه واجباً لازماً على نفسه « أن لا يعصى » كأنّ المراد كثرة وقوع المعاصي فيها « إلّا أضحاها » أي خرّبها وأظهر أرضها للشمس « حتّى » تشرق عليها و « تطهّرها » من النجاسة المعنوية ، وهي كناية عن أنّ المعاصي تخرّب الديار ، وفيه إشعار بأنّ الشمس تطهّر الأرض وفي

ص: 300


1- 516. بحار الأنوار : ج 75 ص 322 ب 25 ضمن ح 3 عن تحف العقول : ص 411 .
2- 517. الخصال : ج 1 ص 141 ح 162 وعن بحار الأنوار : ج 71 ص 356 ب 22 ح 2 .
3- 518. الكافي : ج 2 ص 272 ح 18 .

القاموس أضحى الشي ء أظهره ، وضحا ضحواً برز للشمس وكسعى ورضي أصابته الشمس ، وأرض مضحاة لا تكاد تغيب عنها الشمس ، وضحى الطريق ضحواً بدا وظهر(1).

السخاء وحسن الخُلُق

[ 16 ] - عن أبي الحسن الأوّل عليه السلام قال :

(السَّخِيُّ الحَسَنُ الخُلُق في كَنَفِ اللَّهِ ، لا يتخلّى اللَّه عنه حتّى يُدخِلَهُ الجنّة . وما بَعَثَ اللَّهُ نبيّاً إلّا سخيّاً . وما زال أبي يوصيني بالسخاء وحسن الخُلُق حتّى مضى)(2).

الصبر على الوحدة

[ 17 ] - عن أبي الحسن الأوّل عليه السلام :

(الصبرُ على الوحدةِ علامَةُ قُوَّةِ العقل ، فمن عَقَلَ عن اللَّهِ تبارك وتعالى إعتزل أهلَ الدنيا والراغبين فيها ورَغِبَ فيما عند ربّه وكان اللَّهُ آنسه في الوَحْشَةِ وصاحِبَهُ في الوحدة ، وغِنَاهُ في العَيْلَةِ ، ومُعِزَّهُ في غيرِ عَشِيْرَةٍ)(3).

الصنيعة التامّة

[ 18 ] - روي عن موسى بن جعفر عليهما السلام قال :

(الصنيعة لا تتمّ صنيعة عند المؤمن لصاحبها إلّا بثلاثة أشياء : تصغيرها

ص: 301


1- 519. بحار الأنوار : ج 70 ص 331 ب 137 ذيل ح 15 .
2- 520. بحار الأنوار : ج 75 ص 324 ب 25 ضمن ح 3 عن تحف العقول : ص 412 .
3- 521. بحار الأنوار : ج 75 ص 299 ب 25 ضمن ح 1 عن تحف العقول : ص 387 .

وسترها وتعجيلها ، فمن صغّر الصنيعة عند المؤمن فقد عظّم أخاه ، ومن عظم الصنيعة عنده فقد صغّر أخاه ، ومن كتم ما أولاه(1) من صنيعة فقد كرم فعاله ، ومن عجّل ما وعد فقد هنى ء(2) العطيّة)(3).

حسن المعاشرة

[ 19 ]- روي أنّه مرّ برجل من أهل السواد دميم المنظر(4)، فسلّم عليه ونزل عنده وحادثه طويلاً . ثمّ عرض عليه السلام عليه نفسه في القيام بحاجة إن عرضت له ، فقيل له : يابن رسول اللَّه أتنزل إلى هذا ثمّ تسأله عن حوائجه ، وهو إليك أحوج ؟ فقال عليه السلام :

(عبد من عبيد اللَّه وأخ في كتاب اللَّه وجار في بلاد اللَّه ، يجمعنا وإيّاه خير الآباء آدم عليه السلام وأفضل الأديان الإسلام ولعلّ الدهر يردّ من حاجاتنا إليه ، فيرانا - بعد الزهو عليه(5)- متواضعين بين يديه ، ثمّ قال عليه السلام :

نواصل من لا يستحقّ وصالنا

مخافة أن نبقى بغير صديق)(6)

شراء الأحرار

[ 20 ] - عن العالم عليه السلام : أنّه قال :

ص: 302


1- 522. يقال : أولاه معروفاً أي صنعه إليه .
2- 523. هنى الطعام - من باب علم - : تهنّأ به أي ساغ له الطاعم ولذّ . وفي بعض النسخ « هنوء » - من باب شرف - : صار هنيئاً . وفي بعضها « فقد هنأ » من باب التفعيل .
3- 524. تحف العقول : ص 403 ، وعنه في بحار الأنوار : ج 75 ص 326 ب 25 ضمن ح 4 .
4- 525. دميم المنظر أي قبيح المنظر من دمّ دمامة : كان حقيراً وقبح منظره .
5- 526. الزهو : الفخر والكبر .
6- 527. بحار الأنوار : ج 75 ص 324 ب 25 ضمن ح 3 عن تحف العقول : ص 413 .

([ عجبتُ ] لمن يشتري العبيدَ بمالِهِ فَيُعتِقُهُم كيف لا يشتري الأحرارَ بحُسنِ خُلْقِهِ)(1).

عليك بالجدّ

[ 21 ] - أخبرنا محمّد بن محمّد قال : أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمّد عن محمّد بن يعقوب عن محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن سعد بن أبي خلف عن أبي الحسن عليه السلام أنّه قال :

(عليك بالجدّ ، ولا تُخرِجَنَّ نفسك من حدّ التقصيرِ في عبادةِ اللَّه وطاعتِهِ ، فإنّ اللَّه تعالى لا يُعبَدُ حقّ عبادتِهِ)(2).

فضل الفقيه

[ 22 ]- قال موسى بن جعفر عليهما السلام :

(فقيه واحد ينقذ يتيماً من أيتامنا المنقطعين عنّا وعن مشاهدتنا بتعليم ما هو محتاج إليه ، أشدّ على إبليس من الف عابد .

لأنّ العابد همّه ذات نفسه فقط ، وهذا همّه مع ذات نفسه ذات عباد اللَّه وإمائه لينقذهم من يد إبليس ومردته . ولذلك هو أفضل عند اللَّه من الف الف عابد)(3).

ص: 303


1- 528. بحار الأنوار : ج 68 ص 392 ب 92 ح 60 عن فقه الرضا عليه السلام : ص 354 ب 95 . والمقصود بالعالِم الإمام الكاظم عليه السلام .
2- 529. الأمالي للشيخ الطوسي: ص 211 المجلس الثامن ح 17 وعنه بحار الأنوار : ج 68 ص 228 ب 67 ح 3.
3- 530. تفسير الإمام عليه السلام : ص 343 ح 222 عنه منية المريد : ص 116 ، والمحجّة البيضاء : ج 1 ص 31 ، وعنه في بحار الأنوار : ج 2 ص 5 ب 8 ح 9 ، وعن الاحتجاج : ج 2 ص 395 .

تأثير البرّ والإحسان

[ 23 ] - وعن أبي الحسن موسى (صلوات اللَّه عليه) قال :

(كان في بني اسرائيل رجل صالح وكانت له امرأة صالحة ، فرأى في النوم أنّ اللَّه قد وقّت لك من العمر كذا وكذا سنة وجعل نصف عمرك في سعة ، وجعل النصف الآخر في ضيق ، فاختر لنفسك أمّا النصف الأوّل أو النصف الآخر ؟ فقال الرجل : إنّ لي زوجة صالحة وهي شريكتي في المعاش ، فأُشاورها في ذلك وتعود إلي فأُخبرك ، فلمّا أصبح الرجل قال لزوجته : رأيت في النوم كذا وكذا ، فقالت : يافلان خذ النصف الأول وتعجّل العافية لعلّ اللَّه سيرحمنا ويتمّ لنا النعمة ، فلمّا كان في الليلة الثانية أتى الآتي ، فقال : ما اخترت ؟ فقال : اخترت النصف الأول ، فقال : ذلك لك ، فأقبلت الدنيا عليه من كل وجه ولمّا ظهرت نعمته قالت له زوجته : قرابتك والمحتاجون فصلهم وبرهم وجارك وأخوك فلان فهبهم ، فلمّا مضى نصف العمر وجاز حدّ الوقت ، رأى الرجل الذي رآه أوّلاً في النوم فقال : إنّ اللَّه تعالى قد شكر لك ذلك ، ولك تمام عمرك سعة ما مضى)(1).

*الإحسان*

[ 24 ]- قال الإمام موسى الكاظم عليه السلام لعلي بن يقطين(2):

ص: 304


1- 531. قصص الأنبياء ، للجزائري : ص 463 عن قصص الأنبياء للراوندي : ص 182 ح 221 كما في بحار الأنوار : ج 14 ص 491 - 492 ب 32 ح 10 .
2- 532. هو علي بن يقطين بن موسى مولى بني أسد كوفي الأصل سكن بغداد من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام قال الشيخ في الفهرست : علي بن يقطين رحمه الله ثقة جليل القدر له منزلة عظيمة عند أبي الحسن موسى عليه السلام ، عظيم المكان في الطائفة . وكان يقطين من وجوه الدعاة . فطلبه مروان فهرب ، وابنه علي ابن يقطين هذا رحمه الله ولد بالكوفة سنة 124 وهربت به أُمّه وبأخيه عبيد بن يقطين إلى المدينة فلمّا ظهرت الدولة الهاشمية ظهر يقطين وعادت أُمّ علي بعلي وعبيد فلم يزل يقطين بخدمة السفّاح وأبي جعفر المنصور ومع ذلك كان يتشيّع ويقول بالإمامة وكذلك ولده وكان رحمه الله يحمل الأموال إلى أبي عبداللَّه جعفر الصادق عليه السلام ونمّ خبره إلى المهدي فصرف اللَّه عنه كيدهما وتوفّى علي بن يقطين بمدينة السلام ببغداد سنة 182 وسنّه يومئذ 57 سنة وصلّى عليه ولي العهد محمّد بن الرشيد ، وتوفّى أبوه بعده سنة 185 ولعلي بن يقطين كتب منها كتاب ما سأل عن الصادق عليه السلام من الملاحم وكتاب مناظرة الشاكّ بحضرته . انتهى . وكان وفاة علي بن يقطين في أيّام كان أبو الحسن عليه السلام محبوساً في سجن هارون ببغداد وبقى عليه السلام أربع سنين فيه بعد علي بن يقطين . وله أيضاً مسائل عن أبي الحسن عليه السلام واستأذنه في ترك عمل السلطان فلم يأذن له وقال عليه السلام : « لا تفعل فإنّ لنا بك أُنساً ولاخوانك لك عزّاً وعسى أن يجبر اللَّه بك كسراً ويكسر بك نائرة المخالفين عن أوليائه ياعلي كفّارة أعمالكم الإحسان إلى اخوانكم » . وضمن علي بن يقطين لأبي الحسن عليه السلام أن لا يأتيه ولي له إلّا أكرمه . فضمن أبو الحسن عليه السلام له ثلاث خصال : لا يظلّه سقف سجن أبداً ولا يناله حدّ سيف أبداً ولا يدخل الفقر فيه أبداً .

(كفّارَةُ عملِ السلطان الإحسان إلى الاخوان)(1).

الكفر والشرك

[ 25 ]- قال أبو أحمد الخراساني لأبي الحسن الأوّل عليه السلام : الكفر أقدم أم الشرك(2)؟ فقال عليه السلام له :

ص: 305


1- 533. بحار الأنوار : ج 75 ص 321 ب 25 ضمن ح 3 عن تحف العقول : ص 410 .
2- 534. رواه الكليني في الكافي : ج 2 ص 385 عن موسى بن بكر الواسطي والعياشي في تفسيره : ج 1 ص 34 ح 19 . عنه قال : سألت أبا الحسن موسى عليه السلام عن الكفر والشرك أيّهما أقدم - إلى آخر الآية - .

(ما لك ولهذا ما عهدي بك تكلّم الناس . قلت : أمرني هشام بن الحكم(1) أن أسألك . [ ف ] -قال : قل له : الكفر أقدم ، أوّل من كفر إبليس «أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ»(2) والكفر شي ء واحد والشرك يثبت واحداً ويشرك معه غيره)(3).

كفى بالتجارب تأديباً

[ 26 ]- أخبرنا محمّد بن محمّد قال : أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمّد عن أبيه عن سعد ابن عبداللَّه عن محمّد بن عيسى عن صدقة الأحدب عن داود الابزاري قال : سمعت موسى بن جعفر عليه السلام يقول :

(كفى بالتجارب تأديباً وبمرّ الأيّام عظة وبأخلاق من عاشرت معرفة وبذكر الموت حاجزاً من الذنوب والمعاصي ، والعجب كل العجب للمحتمين من الطعام والشراب مخافة الداء أن ينزل بهم كيف لا يحتمون من الذنوب مخافة النار إذا اشتعلت في أبدانهم)(4).

الذنوب مستتبعة للبلاء

[ 27]- عن الإمام الكاظم عليه السلام قال :

(كلّما أحدث الناس من الذنوب ما لم يكونوا يعملون ، أحدث اللَّه لهم من

ص: 306


1- 535. وكذا في تفسير العياشي ولكن في الكافي « هشام بن سالم » .
2- 536. سورة البقرة : آية 34 .
3- 537. بحار الأنوار : ج 75 ص 322 ب 25 ضمن ح 3 عن تحف العقول : ص 412 .
4- 538. الأمالي للشيخ الطوسي : ص 203 المجلس السابع ح 49 .

البلاء ما لم يكونوا يعدّون)(1).

نصائح أبي الحسن عليه السلام

[ 28]- عدّةٌ من أصحابِنَا ، عن أحمد بن محمّد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال : سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول :

(لا تستكثروا كثيرَ الخير ، ولا تستقلُّوا قليلَ الذنوب ، فإنّ قليل الذنوب يجتَمِعُ حتّى يكونَ كثيراً ، وخافوا اللَّه في السرّ حتّى تُعطوا من أنفُسِكُم النَّصَفَ)(2).

بيان : « في السرّ » أي في الخلوة أو في القلب وعلى الأوّل التخصيص لأنّ الإخلاص فيه أكثر ، ولاستلزامه الخوف في العلانية أيضاً « حتّى تعطوا » أي حتّى يبلغ خوفكم درجة تصير سبباً لاعطاء الإنصاف والعدل من أنفسكم للناس ، ولا ترضون لهم ما لا ترضون لأنفسكم أو حتّى تعطوا الإنصاف من أنفسكم أنّكم تخافون اللَّه وليس عملكم لرئاء الناس وكأنّ الأوّل أظهر(3).

الخوف والرجاء

[ 29 ] - عن أبي الحسن الأوّل عليه السلام :

(لا يكون الرجل مؤمناً حتّى يكون خائفاً راجياً ولا يكون خائفاً راجياً حتّى

ص: 307


1- 539. بحار الأنوار : ج 75 ص 322 ب 25 ضمن ح 3 عن تحف العقول : ص 410 .
2- 540. الكافي : ج 2 ص 287 ح 2 .
3- 541. بحار الأنوار : ج 70 ص 346 ب 137 ذيل ح 30 .

يكون عاملاً لما يخاف ويرجو)(1).

محاسبة النفس

[ 30 ] - عن أبي الحسن الأوّل عليه السلام :

(ليس منّا من لم يحاسب نفسه في كلّ يوم فإن عمل حسناً استزاد منه ، وإن عمل سيّئاً استغفر اللَّه منه وتاب إليه)(2).

شرف التعقّل

[ 31 ] - عن أبي الحسن عليه السلام :

(ما بعث اللَّه أنبيائه ورسله إلى عباده إلّا ليعقلوا عن اللَّه ، فأحسنهم استجابة أحسنهم معرفة للَّه ، وأعلمهم بأمر اللَّه أحسنهم عقلاً وأعقلهم أرفعهم درجة في الدنيا والآخرة)(3).

أمثال الأنبياء

[ 32 ] - حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن علي بن أسباط ، عن الحسن بن الجهم ، عن أبي الحسن الأوّل عليه السلام قال :

(ما بقي من أمثال الأنبياء إلّا كلمة :

إذا لم تستحي فاعمل ما شئت .

ص: 308


1- 542. بحار الأنوار : ج 75 ص 309 ب 25 ضمن ح 1 عن تحف العقول : ص 395 .
2- 543. بحار الأنوار : ج 75 ص 311 ب 25 ضمن ح 1 عن تحف العقول : ص 395 .
3- 544. بحار الأنوار : ج 75 ص 299 ب 25 ضمن ح 1 عن تحف العقول : ص 383 .

وقال : أما إنّها في بني أُميّة)(1).

ليس كلّ من يدّعي

[ 33 ] - قيل لموسى بن جعفر عليهما السلام :

(مررنا برجل في السوق وهو ينادي : أنا من شيعة محمّد وآل محمّد الخلّص ، وهو ينادي على ثياب يبيعها : على من يزيد . فقال موسى عليه السلام :

ما جهل ولا ضاع امرؤ عرف قدر نفسه ، أتدرون ما مثل هذا ؟

هذا كمن قال : « أنا مثل سلمان وأبي ذرّ والمقداد وعمّار » وهو مع ذلك يباخس(2) في بيعه ، ويدلّس(3) عيوب المبيع على مشتريه ، ويشتري الشي ء بثمن فيزايد الغريب يطلبه فيوجب له ، ثمّ إذا غاب المشتري قال : لا أُريده إلّا بكذا بدون ما كان يطلبه [ منه ] ، أيكون هذا كسلمان وأبي ذرّ والمقداد وعمّار ؟ حاش للَّه أن يكون هذا كهم ولكن لا نمنعه(4) من أن يقول : « أنا من محبّي محمّد وآل محمّد ، ومن موالي أوليائهم ومعادي أعدائهم)(5).

من هو الملعون

ص: 309


1- 545. الخصال : ج 1 ص 20 ح 69 .
2- 546. وفي بعض النسخ : يناجش - والبخس من الظلم أن تبخس أخاك حقّه فتنقصه كما يبخس الكيّال مكياله فينقصه - وتناجش القوم في البيع : تزايدوا .
3- 547. التدليس في البيع : كتمان عيب السلعة عن المشتري .
4- 548. في بحار الأنوار : ما يمنعه ؟
5- 549. تفسير الإمام عليه السلام : ص 312 ح 158 ، وعنه بحار الأنوار : ج 65 ص 157 ب 19 ضمن ح 11 .

[ 34 ] - عن أبي الحسن الأوّل عليه السلام :

(ملعون من إتّهم أخاه ، ملعون من غشّ أخاه ، ملعون من لم ينصح أخاه ، ملعون من إغتاب أخاه)(1).

كمال العقل

[ 35 ]- عن أبي الحسن الأوّل عليه السلام :

(من أراد الغنى بلا مال ، وراحةَ القلبِ من الحسد ، والسلامة في الدين فليتضرّع إلى اللَّه في مسألتِهِ بأن يُكَمِّلَ عقله ، فمن عقل قنع بما يكفيه ، ومن قَنِعَ بما يكفيه استغنى ومن لم يقنع بما يكفيه لم يدركه الغنى أبداً)(2).

إعانة المؤمنين

[ 36 ]- قال موسى بن جعفر عليهما السلام :

(من أعان محبّاً لنا على عدوّ لنا ، فقوّاه وشجّعه حتّى يخرج الحقّ الدالّ على فضلنا بأحسن صورته ، ويخرج الباطل - الذي يروم به أعداؤنا دفع حقّنا - في أقبح صورة ، حتّى يتنبّه الغافلون ، ويستبصر المتعلّمون ويزداد في بصائرهم العاملون(3) بعثه اللَّه تعالى يوم القيامة في أعلى منازل الجنان ، ويقول : ياعبدي الكاسر لأعدائي ، الناصر لأوليائي ، المصرّح بتفضيل محمّد خير أنبيائي وبتشريف علي أفضل أوليائي ، وتناوى إلى من

ص: 310


1- 550. أعلام الدين : ص 305 ، وعنه بحار الأنوار : ج 72 ص 262 ب 66 ح 70 .
2- 551. بحار الأنوار : ج 75 ص 302 ب 25 ضمن ح 1 عن تحف العقول : ص 387 .
3- 552. العالمون » في بحار الأنوار .

ناواهما(1)، وتسمّي بأسمائهما وأسماء خلفائهما وتلقّب بألقابهما ، فيقول ذلك ، ويبلّغ اللَّه جميع أهل العرصات .

فلا يبقى ملك ولا جبّار ولا شيطان إلّا صلّى على هذا الكاسر لأعداء محمّد صلى الله عليه وآله ولعن الذين كانوا يناصبونه في الدنيا من النواصب لمحمّد وعلي عليهما السلام)(2).

موجبات هدم العقل

[ 37 ] - عن أبي الحسن الأوّل عليه السلام :

(من سلّط ثلاثاً على ثلاث فكأنّما أعان هواه على هدم عقله : من أظلم نور فكره بطول أمله ، ومحى طرائف حكمته بفضول كلامه ، وأطفأ نور عبرته بشهوات نفسه فكأنّما أعان هواه على هدم عقله ومن هدم عقله أفسد عليه دينه ودنياه)(3).

مواعظ غالية

[ 38 ]- قال الآبي في كتاب نثر الدرر : سمع موسى عليه السلام رجلاً يتمنّى الموت فقال له :

(هل بينك وبين اللَّه قرابة يحاميك لها ؟ قال : لا ، قال : فهل لك حسنات قدّمتها تزيد على سيّئاتك ؟ قال : لا ، قال : فأنت إذاً تتمنّى هلاك الأبد .

وقال عليه السلام : من استوى يوماه فهو مغبون ، ومن كان آخر يوميه شرّهما فهو

ص: 311


1- 553. وناواه : عاداه .
2- 554. تفسير الإمام عليه السلام : ص 350 ح 235 ، وعنه بحار الأنوار : ج 2 ص 10 ب 8 ح 20 ، وج 7 ص 224 ب 8 ضمن ح 144 .
3- 555. بحار الأنوار : ج 75 ص 299 ب 25 ضمن ح 1 عن تحف العقول : ص 383 .

ملعون ، ومن لم يعرف الزيادة في نفسه فهو في نقصان ، ومن كان إلى النقصان فالموت خير له من الحياة)(1).

مواعظ قيّمة

39][ - عن أبي الحسن الأوّل عليه السلام قال لبعض ولده :

(يابني إيّاك أن يراك اللَّه في معصية نهاك عنها ، وإيّاك أن يفقدك اللَّه عند طاعة أمرك بها ، وعليك بالجدّ ، ولا تخرجنّ نفسك من التقصير في عبادة اللَّه وطاعته ، فإنّ اللَّه لا يعبد حقّ عبادته ، وإيّاك والمزاح ؛ فإنّه يذهب بنور إيمانك ويستخفّ مروّتك ، وإيّاك والضجر والكسل ، فإنّهما يمنعان حظّك من الدنيا والآخرة)(2).

العفو والإصلاح

[ 40] - قال الإمام الكاظم عليه السلام :

(ينادي منادٍ يوم القيامة : ألا من كان له على اللَّه أجر فليقم ، فلا يقوم إلّا من عفا ، وأصلح فأجره على اللَّه)(3).

ص: 312


1- 556. كشف الغمّة : ج 2 ص 252 ، وعنه في بحار الأنوار : ج 75 ص 327 ب 25 ح 5 .
2- 557. بحار الأنوار : ج 75 ص 320 - 321 ب 25 ضمن ح 3 عن تحف العقول : ص 409 .
3- 558. بحار الأنوار : ج 75 ص 324 ب 25 ضمن ح 3 عن تحف العقول : ص 412 .

الإمام علي الرضا عليه السلام

اشارة

ص: 313

ص: 314

نسبه عليه السلام :

هو الإمام علي بن موسى الرضا بن جعفر الصادق بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عبد مناف) بن عبدالمطّلب (شيبة الحمد) بن هاشم .

أُمّه تكتم وقد تجلّت بجميع مزايا الشرف والفضيلة التي تسمو بها المرأة المسلمة من العفّة والطهارة ، وسمو الذات ، وهي من السيّدات الخالدات في الإسلام وكانت من أشرف العجم وقد ملكتها السيّدة حميدة أُمّ الإمام موسى الكاظم عليه السلام وهي من أفضل النساء في عقلها ودينها ، بلغ من شدّة تعظيمها لمولاتها السيّدة حميدة أنّها ما جلست بين يديها منذ ملكتها إجلالاً وإعظاماً لها ، وقد قالت حميدة لإبنها الإمام موسى عليه السلام : يابني إنّ تكتم جارية ، ما رأيت جارية قطّ أفضل منها ولست أشكّ أنّ اللَّه تعالى سيطهر نسلها ، وقد وهبتها لك فاستوص بها خيراً(1).

وسمّيت أيضاً الخيزران أو أروى ، نجمة ، أُمّ البنين ، والظاهر أنّه كنية لها . وسمّاها الإمام الكاظم عليه السلام عندما أنجبت له الإمام الرضا عليه السلام الطاهرة .

ولادته عليه السلام :

كانت ولادته عليه السلام بالمدينة المنوّرة ، يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي القعدة سنة ثمان وأربعين ومائة من الهجرة . وسمّى الإمام الكاظم عليه السلام وليده المبارك باسم جدّه الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام تبرّكاً وتيمّناً بهذا الإسم .

كناه عليه السلام :

أبو الحسن ، قيل إنّ كنيته الخاصّة هي أبو علي وقيل أبي بكر كما في مقاتل الطالبيين(2).

ألقابه عليه السلام :

سراج اللَّه ، نور الهدى ، قرّة عين المؤمنين ، مكيدة الملحدين ، كفو الملك ،

ص: 315


1- 559. بحار الأنوار : ج 49 ص 4 باب 1. ولادته عليه السلام وألقابه وكناه ونقش خاتمه ح 7 .
2- 560. مقاتل الطالبيين : ص 453 .

كافي الخلق ، ربّ السرير ، رءّاب التدبير ، الفاضل ، الصابر ، الصدّيق ، الوفي ، الزكي ، الرضي ، الرضا وإنّما سمّي الرضا لأنّه كان رضي اللَّه تعالى في سمائه ورضي لرسوله والأئمّة عليهم السلام بعده في أرضه .

ونقل عن الإمام الجواد عليه السلام أنّه أشار إلى هذه التسمية : لأنّه رضي به المخالفون من أعدائه ، كما رضي به الموافقون من أوليائه(1).

هيبته عليه السلام :

أمّا هيبة الإمام أبي الحسن فكانت تعنو لها الجباه ، حيث بدت عليه هيبة الأنبياء والأوصياء الذين كساهم اللَّه بنوره ، فما رآه أحد إلّا هابه وكان من هيبته أنّه إذا جلس للناس أو ركب لم يقدر أحد أن يرفع صوته من عظيم هيبته .

الإمام الرضا عليه السلام والتشريع :

قلّما يجد الباحث باباً من أبواب الفقه أو فصلاً من فصوله ليس للإمام الرضا عليه السلام حديث فيه أو رأي ، وقد يجد المرء عشرات الأحاديث ، وقد نسب إليه بعض العلماء كتاباً في الفقه يعرف (بالفقه الرضوي) وقد نسب إليه المحدّثون كل من : رسالة في الطب ، صحيفة الرضا ، كتاب محض الإسلام ، وشرائع الدين ، وقد عدّ آخرون من مؤلّفاته أجوبة مسائل ابن شاذان ، وعلل ابن شاذان وغير ذلك .

ولقد أجاد أبو نواس في مدح الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام :

قيل لي أنت أوحد الناس طرّاً

في علوم الورى وشعر البديه

لك من جوهر الكلام نظام

يُثمر الدرّ في يدي مجتنيه

فعلى ما تركت مدح ابن موسى

والخصال التي تجمّعن فيه

قلت لا أهتدي لمدح إمام

كان جبريل خادماً لأبيه(2)

ص: 316


1- 561. عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج 1 ص 13 باب العلّة التي من أجلها سمّي علي بن موسى الرضا عليه السلام ح 1 .
2- 562. المناقب لابن شهر آشوب : ج 4 ص 342 .

بوّابه عليه السلام :

محمّد بن الفرات .

نقش خاتمه عليه السلام :

ما شاء اللَّه ، وقيل : لا حول ولا قوّة إلّا باللَّه ، وقيل كان يتختّم بخاتم أبيه عليه السلام ونقشه : حسبي اللَّه .

زوجاته عليه السلام : أُمّ حبيب أو أُمّ حبيبة بنت المأمون العبّاسي وسبيكة من أهل بيت مارية زوجة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وأُمّ ولده إبراهيم .

أولاده عليه السلام :

محمّد الجواد ، الحسن ، أبو جعفر الثاني ، جعفر ، إبراهيم ، الحسين ، عائشة ، فاطمة ، موسى ، رقيّة ، حكيمة .

استشهاده عليه السلام :

استشهد الإمام عليه السلام بطوس من أرض خراسان والأشهر في تاريخ استشهاده أنّه كان سنة 203- في شهر صفر وقال ابن الأثير والطبرسي وجمع آخر أنّه كان في اليوم الأخير منه .

وقال صاحب كتاب العدد وصاحب مسار الشيعة أنّها كانت في اليوم 23 من شهر ذي القعدة وذلك اليوم يستحبّ زيارته عليه السلام ، للقريب والبعيد كما نقله السيّد ابن طاووس في الإقبال وقال المرحوم الشيخ عبدالزهراء الكعبي :

مزاياك اللطاف بكلّ وادي

أضاءت كالنجوم بلا عداد

فياحصني وذخري في المعاد

حثثت لك الركاب أبو الجوادِ

رجائي أن تشفّع في مرادي

لزائركم ضمنتم دار خلدٍ

وحزتم في البرايا كلّ مجدٍ

فها أنا جئتكم من بَعد بُعدٍ

ولو كنت الآبق وشرّ عبدٍ

فأنتم باب إصلاح الفساد

وله يومئذ خمس وخمسون سنة وكانت مدّة إمامته وقيامه بعد أبيه في خلافته عشرين سنة وقد قضى نحبه مسموماً في سمّ دسّه له المأمون العبّاسي في

ص: 317

شراب الرمّان ، فكان ذلك سبب وفاته .

ومن الحكّام الذين عاصرهم في سني إمامته هم : بقيّة ملك هارون العبّاسي ، ملك الأمين ثلاث سنين وملك المأمون عشرين سنة وأخذ البيعة في ملكه للرضا عليه السلام بعهد المسلمين من غير رضى في الخامس من شهر رمضان سنة 201ه وزوّجه إبنته أُمّ حبيب في أوّل سنة 202ه .

ص: 318

أحسن ظنّك باللَّه

[ 1 ] - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيغ ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال :

(أَحْسِنِ الظَّنَّ باللَّهِ فإنّ اللَّه عزّوجلّ يقولُ : أنا عندَ ظنّ عَبدِيَ المؤمن بي ، إن خيراً فخيراً وإن شرّاً فشرّاً)(1).

إذا أراد اللَّه أمراً

[ 2 ] - عن أبي الحسن الرضا عليه السلام :

(إذا أراد اللَّه أمراً سلب العباد عقولهم : فانفذ أمره وتمّت إرادته فإذا أنفذ أمره ردّ إلى كل ذي عقل عقله ، فيقول : كيف ذا ومن أين ذا)(2)؟

أصبحت بأجل منقوص

[ 3 ]- قيل للإمام أبي الحسن الرضا عليه السلام : كيف أصبحت ؟ فقال عليه السلام :

(أصبحتُ بأجلٍ منقوصٍ ، وعملٍ محفوظٍ ، والموتُ في رقابنا ، والنار من ورائنا ، ولا ندري ما يُفعَل بنا)(3).

ص: 319


1- 563. الكافي : ج 2 ص 72 ح 3 وعنه بحار الأنوار : ج 67 ص 366 ب 59 ح 15 .
2- 564. تحف العقول : ص 442 وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 335 ب 26 ضمن ح 1 .
3- 565. بحار الأنوار : ج 75 ص 339 ب 26 ضمن ح 1 عن تحف العقول : ص 446 .

خيار العباد

[ 4]- سئل الإمام أبو الحسن الرضا عليه السلام عن خِيَارِ العِبَادِ ؟ فَقَالَ عليه السلام :

(الذين إذا أحسَنُوا استَبشَرُوا ، وإذا أسَاؤوا استَغْفَرُوا وإذا أُعطُوا شَكَرُوا ، وإذا ابتُلُوا صَبَرُوا ، وإذا غَضِبُوا عَفَوْا)(1).

حقيقة الورع

[ 5] - عن أبي الحسن الرضا عليه السلام :

(إعلم أنّه لا ورع أنفع من تجنّب محارم اللَّه ، والكفّ عن أذى المؤمن ، ولا عيش أهنأ من حسن الخُلْق ، ولا مال أنفع من القنوع ، ولا جهل أضرّ من العُجب)(2).

مَنِ الفقيه ؟

[ 6 ] - عن أبي الحسن الرضا عليه السلام :

(ألا إنّ الفقيه مَن أفاض على الناس خيره ، وأنقذهم من أعدائهم ، ووفّر عليهم نعيم جنان اللَّه وحصّل لهم رضوان اللَّه تعالى)(3).

الدعاء عند الإفطار

[ 7] - عن الإمام الرضا عليه السلام :

ص: 320


1- 566. بحار الأنوار : ج 75 ص 338 ب 26 ضمن ح 1 عن تحف العقول : ص 445 .
2- 567. فقه الرضا عليه السلام : ص 356 وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 348 ب 26 ضمن ح 5 .
3- 568. منية المريد : ص 116 ، وبحار الأنوار : ج 2 ص 5 ب 8 ضمن ح 10 .

(مَن قال عند إفطاره : اللهمّ لك صُمنَا بتوفيقِكَ وعلى رزقِكَ أفطرنَا بأمرك فتقبَّلْهُ منّا واغفر لنا إنّك أنت الغفورُ الرحيمُ ، غفر اللَّه له ما أَدْخَلَ على صومه من النُّقصَانِ بذُنُوبِهِ)(1).

ثلاثة مقرونة بثلاثة

[ 8 ] - حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه رضى الله عنه قال : حدّثني أبي ، عن أحمد بن أبي عبداللَّه البرقي ، عن السياري ، عن الحارث بن الدلهاث ، عن أبيه ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال :

(أنّ اللَّه عزّوجلّ أمر بثلاثةٍ مَقرونٍ بها ثَلَاثَةٌ أُخرى : أمر بالصلاةِ والزكاةِ ، فمن صَلَّى ولم يُزَكِّ لم يقبل منه صلاته ، وأمر بالشكر له وللوالدين فمن لم يَشكُر والِدَيْهِ لم يَشْكُرِ اللَّهَ ، وأمر باتّقاءِ اللَّهِ وصِلَةِ الرَّحِمِ ، فمن لم يَصِل رحمَهُ لم يتّق اللَّه عزّوجلّ)(2).

الأئمّة عليهم السلام شفعاء

[ 9 ]- عن أبي الحسن الرضا عليه السلام :

(إنّ لكلّ إمامٍ عهداً في أعناق شيعته ، وإنّ من تمام وفاء العهد وحسن الأداء زيارة قبورهم ، فمن زارهم رغبة في زيارتهم كانوا شفعاءه يوم

ص: 321


1- 569. فضائل الأشهر الثلاثة : ص 96 ح 81 وص 106 ح 98 ، وبحار الأنوار : ج 93 ص 312 ب 38 ضمن ح 6.
2- 570. عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج 1 ص 258 ب 26 ح 13 ، والخصال : ج 1 ص 156 ح 196 ، وبحار الأنوار : ج 93 ص 12 ب 1 ح 17 .

القيامة)(1).

إقبال القلب وإدباره

[ 10]- عن أبي الحسن الرضا عليه السلام :

(إنّ للقلوب إقبالاً وإدباراً ونشاطاً وفتوراً ، فإذا أقبلت بصرت وفهمت ، وإذا أدبرت كلّت وملّت ، فخذوها عند إقبالها ونشاطها ، واتركوها عند إدبارها وفتورها)(2).

الحرص والحسد والبخل

[ 11 ] - عن الإمام أبي الحسن الرضا عليه السلام أنّه قال :

(إيّاكم والحرصَ والحسدَ فإنّهما أهلكا الأُمم السالفة ، وإيّاكم والبُخْلَ فإنّها عاهَةٌ لا تكونُ في حرّ ولا مؤمن إنّها خلاف الإيمان)(3).

الإيمان فوق الإسلام

[ 12 ] - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن الرضا عليه السلام قال :

(الإيمانُ فَوْقَ الإسلامِ بِدَرَجَةٍ ، والتقوى فوق الإيمان بدرجةٍ ، واليقين

ص: 322


1- 571. جامع الأخبار : ص 97 الفصل السادس عشر ح 3 ، المقنعة : ص 486 ، وكتاب المزار : ص 201 ب 18 ح 1 .
2- 572. أعلام الدين : ص 307 ، بحار الأنوار : ج 75 ص 357 ب 26 ضمن ح 12 .
3- 573. بحار الأنوار : ج 75 ص 346 ب 26 ضمن ح 4 عن فقه الرضا عليه السلام : ص 338 .

فوق التقوى بدرجة ، ولم يُقسَم بين العباد شي ءٌ أقلُّ من اليقينِ)(1).

ثمانية من قضاء اللَّه

[ 13 ] - قال الإمام الرضا عليه السلام :

(ثمانية أشياء لا تكون إلّا بقضاء اللَّه وقدره : النوم ، واليقظة ، والقوّة ، والضعف ، والصحّة ، والمرض ، والموت ، والحياة)(2).

خمسة من المكارم

[ 14 ] - عن أبي الحسن الرضا عليه السلام :

(خمسٌ من لم تكن فيه فلا ترجوه لشي ء من الدنيا والآخرة : من لم تعرف الوثاقة في أُرومته ، والكرم في طباعه ، والرصانة في خُلقه ، والنبل في نفسه والمخافة لربّه)(3).

كن سخيّاً

[ 15 ] - حدّثنا محمّد بن جعفر بن مسرور رضى الله عنه ، عن الحسين بن محمّد بن عامر ، عن معلّى بن محمّد البصري ، عن الحسن بن علي الوشاء قال : سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول :

(السخيّ قريبٌ من اللَّهِ ، قريبٌ من الجنّة ، قريبٌ من الناس ، بعيد من النار ، والبخيل [بعيد من اللَّه ] بعيد من الجنّة ، بعيد من الناس ، قريب من النار .

ص: 323


1- 574. الكافي : ج 2 ص 52 ح 6 وعنه بحار الأنوار : ج 67 ص 139 ب 52 ح 5 .
2- 575. بحار الأنوار : ج 5 ص 95 ب 3 ح 17 .
3- 576. تحف العقول : ص 446 وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 339 ب 26 ضمن ح 1 .

قال : وسمعته يقول : السخاء شجرة في الجنّة أغصانها في الدنيا من تعلّق بغصن من أغصانها دخل الجنّة)(1).

من حقوق النعمة

[ 16] - عن الرضا عليه السلام قال :

(صاحبُ النعمة يجب عليه حقوقٌ ، منها : الزكاة في ماله ، ومنها : المواساة لإخوانه ، ومنها : الصلة لرحمه ، والتوسعة لعياله ، وغير ذلك من الحقوق .

ثمّ قال عليه السلام : ربما صارت إليّ النعمة فما أتهنّى بها حتّى أعلم أنّي قد أدّيتُ ما يجب عليّ فيها)(2).

الصديق الحقيقي

[ 17 ]- عن أبي الحسن الرضا عليه السلام :

(صديق كلّ امرئ عقله ، وعدوّه جهله ، العقلُ حباء من اللَّه عزّوجلّ ، والأدب كلفة فمن تكلّف الأدب قدر عليه ، ومن تكلّف العقل لم يزده إلّا جهلاً)(3).

الواجب تجاه الخالق

[ 18 ] - عن أبي الحسن الرضا عليه السلام :

(الصغائر من الذنوب طرق إلى الكبائر ، ومن لم يخف اللَّه في القليل لم

ص: 324


1- 577. عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج 2 ص 12 ب 30 ح 27 .
2- 578. مشكاة الأنوار : ص 273 .
3- 579. بحار الأنوار : ج 75 ص 355 ب 26 ضمن ح 9 عن العدد القوية : ص 299 .

يخفه في الكثير ، ولو لم يخوّف اللَّه الناس بجنّة ونار لكان الواجب أن يطيعوه ولا يعصوه ، لتفضّله عليهم ، وإحسانه إليهم وما بدأهم به من إنعامه الذي ما استحقّوه)(1).

صلة الرحم

[ 19 ] - عن أبي الحسن الرضا عليه السلام : قال :

(صل رَحِمَكَ ولو بِشَرْبَةٍ من ماء ، وأفضَلُ ما تُوصَلُ به الرحِم كفُّ الأذى عنها ، وقال : في كتاب اللَّه : «لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى»(2))(3).

الحجّة على الخلق

[ 20] - قال له ابن السكّيت(4): ما الحجّةُ عَلى الخَلْقِ اليَوْمَ ؟ فقال الإمام الرضا عليه السلام :

ص: 325


1- 580. عيون الأخبار : ج 2 ص 180 ب 44 آخر ح 4 وعنه بحار الأنوار : ج 70 ص 353 ب 137 ح 55 .
2- 581. سورة البقرة : آية 264 .
3- 582. بحار الأنوار : ج 75 ص 338 ب 26 ضمن ح 1 عن تحف العقول : ص 445 .
4- 583. هو أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الدورقي الأهوازي من رجال الفرس ، المعروف بابن السكّيت كان أحد أعلام اللغويين وجهابذة المتأدّبين ، حامل لواء علم العربية والأدب والشعر واللغة ويتصرّف في أنواع العلوم ، ثقة جليل القدر عظيم المنزلة وكان من عظماء الشيعة ومن خواص أصحاب الإمام التاسع والعاشر ، وكان المتوكّل الخليفة العبّاسي قد ألزمه تأديب أولاده وكان في أوّل أمره يؤدّب مع أبيه بمدينة السلام في درب القنطرة صبيان العامّة حتّى احتاج إلى الكسب فجعل يتعلّم النحو . وكان أبوه رجلاً صالحاً وأديباً عالماً وكان من أصحاب الكسائي ، حسن المعرفة بالعربية وحكى عنه أنّه كان قد حجّ فطاف بالبيت وسعى وسأل اللَّه تعالى أن يعلّم ابنه العلم . كان لابن السكّيت تصانيف جيّدة مفيدة منها إصلاح المنطق في اللغة ، ونقل عن ابن خلّكان أنّه قال بعد نقل كلام : « ولا شكّ أنّه من الكتب النافعة الممتعة الجامعة لكثير من اللغة ولا يعرف في حجمه مثله في بابه وقد عنى به جماعة واختصره الوزير أبو القاسم الحسين بن علي المعروف بابن المغربي . وهذّبه الخطيب أبو زكريا التبريزي - إلى أن قال - : ولم يكن بعد ابن الأعرابي أعلم باللغة من ابن السكّيت الخ». كان مولده رحمه الله في حوالي سنة 185 وعاش نحو ثمان وخمسين سنة وقتله المتوكّل العبّاسي وسببه أنّ المتوكّل قال له يوماً : أيّما أحبّ ابناي هذان أي المعتزّ والمؤيّد أم الحسن والحسين عليهما السلام ؟ فقال ابن السكّيت : واللَّه إنّ قنبراً خادم علي بن أبي طالب خير منك ومن ابنيك . فقال المتوكّل للأتراك : سلّوا لسانه من قفاه ، ففعلوا فمات . وقيل : أثنى على الحسن والحسين عليهما السلام ، ولم يذكر ابنيه فأمر المتوكّل فداسوا بطنه فحمل إلى داره فمات بعد غد ذلك اليوم رحمة اللَّه عليه . وقيل له (ابن السكّيت) لكثرة سكوته ، ومن الغريب أنّه وقع فيما حذرهُ من عثرات اللسان بقوله قبل ذلك بيسير : يصاب الفتى من عثرة بلسانه وليس يصاب المرء من عثرة الرِّجلِ فعثرته في القول تذهب رأسه وعثرته في الرجل تبرأ عن مَهْلِ

(العقل يُعرَفُ بِهِ الصادِقُ على اللَّهِ فَيُصدِّقُهُ ، والكَاذِبُ على اللَّهِ فَيُكذِّبُهُ . فقال ابن السكّيت : هذا واللَّه هو الجواب)(1).

*تعلّموا من الديك*

[ 21 ]- حدّثنا أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن أحمد ، عن إبراهيم بن حمويه ، عن محمّد ابن عيسى اليقطيني قال : قال الرضا عليه السلام :

(في الديكِ الأبيضِ خَمْسُ خِصَالٍ من خصال الأنبياءِ عليهم السلام : معرفَتُهُ بأوقاتِ الصلاة ، والغَيْرَةُ ، والسخاءُ والشجاعةُ ، وكثرَةُ الطروقَةِ)(2).

ص: 326


1- 584. بحار الأنوار : ج 75 ص 342 ب 26 ضمن ح 1 عن تحف العقول : ص 450 .
2- 585. الخصال : ج 1 ص 298 - 299 ح 70 ، وعيون أخبار الرضا عليه السلام : ج 1 ص 277 ب 28 ح 15 ، وبحار الأنوار : ج 62 ص 3 ب 2 ح 1 .

القناعة

[ 22 ]- سئل الإمام الرضا عليه السلام عن القناعة ؟ فقال :

(القناعة تجتمع إلى صيانة النفس ، وعزّ القدر ، وطرح مؤن الاستكثار ، والتعبّد لأهل الدنيا ولا يسلك طريق القناعة إلّا رجلان : إمّا متعلّل يريد أجر الآخرة ، أو كريم متنزّه عن لئام الناس)(1).

حديث النفس

[ 23] - عن أبي الحسن الرضا عليه السلام :

(لا تحدّثوا أنفسكم بالفقر ، ولا بطول العمر ، فإنّه مَن حدّث نفسه بالفقر بخل ، ومن حدّثها بطول العمر حرص)(2).

لا تَدَعُوا العمل الصالح

[ 24] - عن الإمام أبي الحسن الرضا عليه السلام أنّه قال :

(لا تدعوا العمل الصالح ، والاجتهاد في العبادة إتّكالاً على حبّ آل محمّد عليهم السلام)(3).

خصال تجمع المال

ص: 327


1- 586. كشف الغمّة : ج 2 ص 306 ، وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 349 ب 26 ح 6 .
2- 587. فقه الرضا عليه السلام : ص 337 ، وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 346 ب 26 ضمن ح 4 .
3- 588. فقه الرضا عليه السلام : ص 338 وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 346 ب 26 ضمن ح 4 .

[ 25 ] - أحمد بن هارون الفامي عن محمّد بن جعفر بن بطة عن محمّد بن علي بن محبوب عن محمّد بن عيسى عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع قال سمعت الرضا عليه السلام يقول : قال الرضا عليه السلام :

(لا يجتمعُ المَالُ إلّا بِخِصَالٍ خَمْسٍ ، بِبُخلٍ شديدٍ ، وأملٍ طَوِيلٍ ، وحِرصٍ غَالِبٍ ، وقَطِيْعَةِ الرحم ، وإيثارِ الدُّنيا عَلى الآخِرَةِ)(1).

المؤمن حقّاً

[ 26 ] - عن أحمد بن إدريس عن محمّد بن أحمد عن سهل بن زياد عن الحارث بن الدلهاث مولى الرضا عليه السلام قال سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول :

(لا يكون المؤمن مؤمناً حتّى يكون فيه ثلاث خصال : سنّة من ربّه وسنّة من نبيّه وسنّة من وليّه ، فالسنّة من ربّه كتمان سرّه قال اللَّه عزّوجلّ : «عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ»(2)، وأمّا السنّة من نبيّه صلى الله عليه وآله فمداراة الناس فإنّ اللَّه عزّوجلّ أمر نبيّه صلى الله عليه وآله بمداراة الناس فقال : «خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ»(3)، وأمّا السنّة من وليّه فالصبر في البأساء والضرّاء فإنّ اللَّه عزّوجلّ يقول : «وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ»(4))(5).

ص: 328


1- 589. الخصال : ج 1 ص 282 ح 29 ، عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج 1 ص 276 ب 28 ح 13 ، بحار الأنوار : ج 70 ص 138 ب 123 ح 5 ، مشكاة الأنوار : ص 272 .
2- 590. سورة الجنّ : آية 26 و27 .
3- 591. سورة الأعراف : آية 199 .
4- 592. سورة البقرة : آية 177 .
5- 593. الخصال : ج 1 ص 82 ح 7 ، وبحار الأنوار : ج 72 ص 417 ب 87 ح 71 ، وأعلام الدين : ص 111 ، الأمالي للصدوق : ص 329 المجلس الثالث والخمسون ح 8 .

درجات التوكّل

[ 27 ] - عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنّه سأله رجل عن آية : «وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ»(1):

(للتوكّل درجات : منها أن تثق به في أمرك كلّه فيما فعل بك ، فما فعل بك كنت راضياً ، وتعلم أنّه لم يألُك خيراً ونظراً ، وتعلم أنّ الحكم في ذلك له فتتوكّل عليه بتفويض ذلك إليه ، ومن ذلك الإيمان بغيوب اللَّه التي لم يحط علمك بها فوكّلت علمها إليه وإلى أُمنائه عليها ووثقت به فيها وفي غيرها)(2).

العُجْب المفسد

[ 28 ]- سئل الإمام أبو الحسن الرضا عليه السلام عن العُجب الذي يفسد العمل ؟ فقال عليه السلام :

(للعُجْبُ درجاتٌ : منها أن يُزَيَّنَ للعبد سُوءُ عملِهِ فيراهُ حَسَنَاً فيُعْجِبَهُ ويَحْسَبَ أنّه يُحسِنُ صُنْعَاً ، ومنها أن يُؤمِنَ العبدُ بربّه فَيَمُنَّ على اللَّه وللَّه المنّة عليه فيه)(3).

التدبّر في القرآن

ص: 329


1- 594. سورة الطلاق : آية 3 .
2- 595. بحار الأنوار : ج 75 ص 336 ب 26 ضمن ح 1 ، عن تحف العقول : ص 443 .
3- 596. بحار الأنوار : ج 75 ص 336 ب 26 ضمن ح 1 عن تحف العقول : ص 444 ، ورواه الكليني في الكافي : ج 2 ص 313 .

[ 29 ] - عن أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي عن محمّد بن يحيى الصولي عن أبو ذكوان قال : سمعت إبراهيم بن العبّاس يقول : ما رأيت الرضا عليه السلام يسأل عن شي ء قطّ إلّا علمه ، ولا رأيت أعلم منه بما كان في الزمان الأوّل إلى وقته وعصره وكان المأمون يمتحنه بالسؤال عن كل شي ء فيجيب فيه ، وكان كلامه كلّه وجوابه وتمثّله انتزاعات من القرآن وكان يختمه في كلّ ثلاثة ، ويقول :

(لو أردت أن أختمه في أقلّ من ثلاثة لختمت ولكنّي ما مررت بآية قطّ إلّا فكّرت فيها وفي أيّ شي ء أُنزلت ، وفي أي وقت فلذلك صرت أختم في كلّ ثلاثة أيّام)(1).

التكبيرات الخمس

[ 30 ]- عن محمّد بن الحسن عن الصفّار عن محمّد بن عيسى عن الحسين بن النضر قال : قال الرضا عليه السلام :

(ما العلّة في التكبير على الميّت خمس تكبيرات ؟

قال : رووا أنّها اشتُقّت من خَمسِ صلوات .

فقال عليه السلام : هذا ظاهِرُ الحديث ، فأمّا في وجهٍ آخَرَ فإنّ اللَّه فرض على العباد خمس فرائض : الصلاة والزكاة والصوم والحجّ والوَلَايَةَ ، فجعل للميّت من كلّ فريضَةٍ تكبيرَةً واحِدَةً ، فمن قبل الولاية كبّر خمساً ، ومن لم يقبلِ الولاية كبّر أربعاً ، فمن أجل ذلك تُكبّرون خمساً ومن خالَفَكُم يُكبّر أربعاً)(2).

ص: 330


1- 597. عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج 2 ص 180 ب 44 ح 4 ، وأمالي الصدوق : ص 660 المجلس الرابع والتسعون ح 14 ، وبحار الأنوار : ج 49 ص 90 ب 7 ح 3 .
2- 598. وسائل الشيعة : ج 3 ص 76 - 77 ب 5 ح 3061 .

ما أحسن الصبر ؟

[ 31 ] - حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي السمرقندي عن جعفر بن محمّد بن مسعود ، عن أبي صالح خلف بن حمّاد الكشّي ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن الحسين ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال : قال الرضا عليه السلام :

(ماأحسن الصبروانتظارالفَرَج،أماسمعت قول اللَّه تعالى:«وَارْتَقِبُواإِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ»(1)وقوله عزّوجلّ:«فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنْ الْمُنتَظِرِينَ»(2) فعليكم بالصبرفإنّه إنّمايجي ءالفرج على اليأس فقدكان الذين من قبلكم أصبرمنكم)(3).

ما بين الطلوعين

[ 32 ] - وقال الإمام الرضا عليه السلام في قول اللَّه عزّوجلّ : «فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً»(4):

(الملائكةُ تُقسِّمُ أرزاقَ بني آدَمَ ما بينَ طُلُوعِ الفَجْر إلى طُلُوعِ الشمسِ ، فمن يَنَامُ فيما بينَهُمَا ينامُ عن رزقِهِ)(5).

*محاسب النفس رابح*

[ 33 ] - عن أبي الحسن الرضا عليه السلام :

(من حاسب نفسه ربح ، ومن غفل عنها خسر ومن خاف أمن ، ومن اعتبر

ص: 331


1- 599. سورة هود : آية 93 .
2- 600. سورة الأعراف : آية 71 .
3- 601. كمال الدين : ج 2 ص 645 ب 55 ح 5 ، وتفسير العياشي : ج 2 ص 20 ح 52 ، وبحار الأنوار : ج 52 ص 129 ب 22 ح 23 .
4- 602. سورة الذاريات : آية 4 .
5- 603. من لا يحضره الفقه : ج 1 ص 504 باب كراهية النوم بعد الغداة ح 1450 .

أبصر ، ومن أبصر فهم ، ومن فهم علم)(1).

يخلّص زائره

[ 34 ] - عن علي بن أحمد بن موسى رضى الله عنه عن محمّد بن أبي عبداللَّه الكوفي عن أحمد بن محمّد بن صالح الرازي عن حمدان الديواني قال : قال الإمام الرضا عليه السلام :

(من زارني على بعد داري أتيته يوم القيامة في ثلاث مواطن حتّى أُخلّصه من أهوالها:إذاتطايرت الكتب يميناًوشمالاً،وعندالصراط،وعندالميزان)(2).

التوحيد

[ 35 ] - عن محمّد بن موسى بن المتوكّل رحمه الله عن علي بن الحسين السعدآبادي عن أحمد بن أبي عبداللَّه البرقي عن داود بن القاسم قال سمعت علي بن موسى الرضا عليه السلام يقول:

(من شبّه اللَّه بخلقه فهو مشرك ، ومن وصفه بالمكان فهو كافر ، ومن نسب إليه ما نهى عنه فهو كاذب ، ثمّ تلا هذه الآية : «إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَاذِبُونَ»(3))(4).

من علامات الفقه

[ 36 ]- محمّد بن عيسى ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن الإمام الرضا عليه السلام قال :

(من علامات الفقه ، الحلم والعلم والصمت ، أنّ الصمت باب من أبواب

ص: 332


1- 604. العدد القويّة 292 ، وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 352 ب 26 ح 9 .
2- 605. الخصال : ج 1 ص 167 - 168 ح 220 ، وبحار الأنوار : ج 99 ص 34 ب 4 ح 14 .
3- 606. سورة النحل : آية 105 .
4- 607. التوحيد : ص 68 ح 25 وعنه بحار الأنوار : ج 3 ص 299 ب 13 ح 28 .

الحكمة ، أنّ الصمت يكسب المحبّة وهو دليل على الخير)(1).

مع الغني والفقير

[ 37]- حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمّد بن مالك الكوفي ، عن محمّد بن أحمد المدائني ، عن فضل بن كثير ، عن علي بن موسى الرضا عليه السلام قال :

(من لقي فقيراً مسلماً فسلّم عليه خلاف سلامه على الغني لقي اللَّه عزّوجلّ يوم القيامة وهو عليه غضبان)(2).

المذبذبون

[ 38 ] - حدّثنا محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن ابن فضّال قال : سمعت الرضا عليه السلام يقول :

(من واصَلَ لنا قاطعاً أو قطع لنا واصِلاً أو مدح لنا عائباً أو أكرم لنا مُخَالِفَاً فليس مِنَّا ولَسْنَا منهُ)(3).

المؤمنون أكفاء

[ 39 ]- حدّثنا القاسم بن محمّد بن علي بن إبراهيم النهاوندي ، عن صالح بن راهويه ، عن أبي حيون مولى الرضا ، عن الرضا عليه السلام قال :

ص: 333


1- 608. قرب الإسناد : ص 162 وعنه بحار الأنوار : ج 68 ص 276 ب 78 ح 8 .
2- 609. أمالي الصدوق : ص 442 المجلس الثامن والستّون ح 5 ، وروضة الواعظين : ج 2 ص 454 ، وبحار الأنوار : ج 69 ص 38 ب 94 ح 31 .
3- 610. صفات الشيعة : ص 7 ح 10 وعنه بحار الأنوار : ج 72 ص 391 ب 85 ح 11 .

(نزل جبرئيل على النبي صلى الله عليه وآله فقال : يامحمّد إنّ ربّك يقرئك السلام ، ويقول : إنّ الأبكار من النساء بمنزلة الثمر على الشجر فإذا أينع الثمر فلا دواء له إلّا اجتناؤه وإلّا أفسدته الشمس ، وغيّرته الريح ، وإنّ الأبكار إذا أدركن ما يدرك النساء فلا دواء لهنّ إلّا البعول وإلّا لم يؤمن عليهنّ الفتنة ، فصعد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله المنبر فخطب الناس ثمّ أعلمهم ما أمر اللَّه تعالى به . فقالوا : ممّن يارسول اللَّه ؟ فقال : من الأكفاء ، فقالوا : ومَن الأكفاء ؟ فقال : المؤمنون بعضهم أكفاء من بعض ، ثمّ لم ينزل حتّى زوّج ضباعة المقداد بن الأسود الكندي ثمّ قال : أيّها الناس إنّي زوّجت إبنة عمّي المقداد ليتضعَ النكاح)(1).

لا تدع الطيب

[ 40 ] - قال الإمام الرضا عليه السلام :

(ينبغي للرجل أن لا يَدَعَ أن يَمَسَّ شيئاً من الطيب في كُلِّ يوم ، فإن لم يقدر فيومٌ ويومٌ لا ، فإن لم يقدر ففي كُلِّ جُمُعَةٍ لا يَدَعُ ذلك)(2).

ص: 334


1- 611. علل الشرائع : ج 2 ص 578 ب 385 ح 4 وعنه بحار الأنوار : ج 16 ص 223 ب 9 ح 22 .
2- 612. من لا يحضره الفقيه : ج 1 ص 425 باب وجوب الجمعة ح 1256 ، ومكارم الأخلاق : ص 43 .

الإمام محمّد الجواد عليه السلام

اشارة

ص: 335

ص: 336

نسبه عليه السلام :

هو الإمام محمّد الجواد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبدالمطّلب (شيبة الحمد) بن هاشم .

أُمّه : أُمّ ولد ، يقال لها :

سبيكة نوبية ، وقيل أيضاً أنّ اسمها كان خيزران وروي أنّها كانت من أهل بيت مارية أُمّ إبراهيم بن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله .

ونقل أنّها تدعى درّة وكانت مريسية ثمّ سمّاها الإمام الرضا عليه السلام خيزران ويقال : ريحانة وتكنّى أُمّ الحسن وقيل سكينة المرسية . وكانت من أفضل نساء زمانها ، وأشار إليها النبي صلى الله عليه وآله بقوله : بأبي ابن خيرة الإمام ابنُ النوبية الطيّبة(1).

ولادته عليه السلام :

ولد عليه السلام بالمدينة المنوّرة في يوم الجمعة في 10 رجب المرجّب سنة خمس وتسعين ومائة للهجرة .

كناه عليه السلام :

أبو جعفر وكنيته الخاصّة أبو علي وابن الرضا .

ألقابه عليه السلام :

المختار ، المرضي ، المتوكّل ، المتّقي ، الزكي ، التقي ، المنتجب ، المنتخب ، المرتضى ، القانع ، الجواد ، العالم ، الربّاني ، ظاهر المعاني ، قليل التواني .

فضائله عليه السلام :

روي عن أبي يحيى الصنعاني قال : كنت عند أبي الحسن عليه السلام فجي ء بابنه أبي جعفر عليه السلام وهو صغير ، فقال : هذا المولود الذي لم يولد مولود أعظم على شيعتنا بركة منه ، وأنشد الشيخ البهائي رحمه الله ثلاثة أبيات في مدح الإمامين موسى بن جعفر ومحمّد الجواد عليهما السلام وهو من أحسن أبيات قيلت في مدحهما :

ألا ياقاصداً الزوراء عرّج

على الغربي من تلك المغاني

ونعليك اخلعن واسجد خضوعاً

إذا لاحت لديك القبّتان

ص: 337


1- 613. الكافي : ج 1 ص 322 باب الاشارة والنصّ على أبي جعفر الثاني عليه السلام ح 14 .

فتحتهما لعمرك نار موسى

ونور محمّد متقابلان

بوّابه عليه السلام :

عمر بن الفرات ، عثمان بن سعيد السمّان .

نقش خاتمه عليه السلام :

نعم القادر اللَّه ، ومن كثرت شهواته دامت حسراته ، وقيل : المهيمن عضدي .

زوجاته عليه السلام :

سمانة المغربية وأُمّ الفضل بنت مأمون العبّاسي .

أولاده عليه السلام :

الإمام علي الهادي عليه السلام ، وموسى المعروف بالمبرقع ، فاطمة ، أُمامة وحكيمة وخديجة ، زينب ، أُمّ محمّد ، ميمونة والحسين وأبو موسى عمران وأُمّ كلثوم .

عودته إلى المدينة :

تذكر الروايات أنّ الإمام الجواد عليه السلام بعد أن تزوّج من إبنة المأمون العبّاسي ، رجع إلى المدينة المنوّرة ومعه زوجته أُمّ الفضل وأقام فيها حتّى مات المأمون .

وروده عليه السلام إلى بغداد :

سبب وروده إلى بغداد هو إقصاء المعتصم له من المدينة المنوّرة ، فورد بغداد لليلتين بقيتا من المحرّم سنة (220ه) وأقام بها حتّى توفّي عليه السلام .

استشهاده عليه السلام :

استشهد عليه السلام ببغداد في آخر ذي القعدة الحرام سنة عشرين ومائتين وله يومئذ خمس وعشرون سنة وكانت مدّة خلافته لأبيه وإمامته من بعده سبع عشرة سنة . ولا يخفى أنّ الإمام الجواد عليه السلام لمّا رجع إلى بغداد بطلب من المعتصم بقي المعتصم وجعفر بن المأمون وأعوانهما يدبّرون لقتله عليه السلام ، وفي بعض الروايات أنّهم تمكّنوا اغواء زوجته أُمّ الفضل بنت المأمون ودفعها إلى ذلك ، فوضعت له السمّ في العنب . وقد دفن عليه السلام في مقابر قريش ببغداد إلى جانب جدّه أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام .

حكّام عصره :

عاصر الإمام الجواد عليه السلام من الحكّام المأمون والمعتصم .

ص: 338

أفضل العبادة

[ 1 ] - قال محمّد بن الجواد عليهما السلام :

(أفضل العبادة الإخلاص)(1).

*ثواب قراءة إنّا أنزلناه*

[ 2 ]- عن سعد بن عبداللَّه ، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي ، عن إسماعيل بن سهل قال : كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام علّمني شيئاً إذا أنا قُلتُهُ كنت معكم في الدنيا والآخرة ، قال : فكتب بخطّه أعرِفُهُ :

(أكثِر من تِلَاوَةِ إنّا أنزلناهُ ، ورَطِّب شَفَتَيك بالاستغفَار)(2).

المرء مع صاحبه

[ 3 ]- عن الإمام الجواد عليه السلام أنّه كتب إلى بعض أوليائه :

(أمّا هذه الدنيا فإنّا فيها مغترفون ولكن من كان هواه هوى صاحبه ودان بدينه فهو معه حيث كان ، والآخرة هي دار القرار)(3).

ص: 339


1- 614. تفسير الإمام عليه السلام: ص 329 ح 186 ، وعنه بحار الأنوار : ج 67 ص 245 ب 54 ح 19، تنبيه الخواطر: ج 2 ص 109 ، وفي عدّة الداعي : ص 233 ، وعنه بحار الأنوار : ج 67 ص 249 ب 54 ضمن ح 25 .
2- 615. ثواب الأعمال : ص 165 ، دعوات الراوندي : ص 49 ح 121 ، مكارم الأخلاق : ص 313 ، وبحار الأنوار : ج 90 ص 279 ب 15 ح 14 .
3- 616. تحف العقول : ص 456 وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 358 ب 27 ضمن ح 1 .

فضل العلماء والهداة

[ 4 ] - عن الإمام أبي جعفر الجواد عليه السلام أنّه كتب رسالة إلى سعد الخير ، وفيها :

(إنّ اللَّه عزّوجلّ جعل في كلٍّ من الرُّسُلِ بقايا من أهل العلم يدعون من ضَلَّ إلى الهدى ، ويصبِرُون مَعَهُم على الأذى يجيبون داعي اللَّه ، ويَدعُون إلى اللَّه ، فَأبْصِرْهُم رَحِمَكَ اللَّهُ فإنّهم في منزلةٍ رفيعةٍ وإن أصابتهم في الدنيا وَضِيعَةٌ ، إنّهم يُحيُونَ بكتابِ اللَّه الموتى ، ويُبَصِّرُنَّ بنورِ اللَّهِ مِنَ العَمَى ... الخ)(1).

الصبر عند المكاره

[ 5 ] - روي أنّه حمل لأبي جعفر محمّد بن علي الجواد عليه السلام حمل بزّ له قيمة كثيرة فسلّ في الطريق فكتب إليه الذي حمله يعرّفه الخبر ، فوقّع بخطّه :

(إنّ أنفسنا وأموالنا من مواهب اللَّه الهنيئة ، وعواريه المستودعة يمتّع بما متّع منها في سرور وغبطة ، ويأخذ ما أخذ منها في أجر وحسبة فمن غلب جزعه على صبره حبط أجره ونعوذ باللَّه من ذلك)(2).

أيتام آل محمّد صلى الله عليه وآله

[ 6 ]- عن الإمام الجواد عليه السلام :

(إنّ من تكفّل بأيتام آل محمّد صلى الله عليه وآله المنقطعين عن إمامهم ، المتحيّرين في جهلهم ، الأُسراء في أيدي شياطينهم ، وفي أيدي النواصب من أعدائنا ،

ص: 340


1- 617. الكافي : ج 8 ص 56 ح 17 وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 362 ب 27 ح 3 .
2- 618. تحف العقول : ص 456 وعنه بحار الأنوار : ج 50 ص 103 ب 5 ح 17 .

فاستنقذهم منهم وأخرجهم من حيرتهم ، وقهر الشياطين بردّ وساوسهم ، وقهر الناصبين بحجج ربّهم ودليل أئمّتهم ، ليفضّلون عند اللَّه تعالى على العابد بأفضل المواقع بأكثر من فضل السماء على الأرض ، والعرش والكرسي والحجب على السماء ، وفضلهم على هذا العابد كفضل القمر ليلة البدر على أخفى كوكب في السماء)(1).

التولّي والتبرّي

[ 7 ]- وقال الإمام الجواد عليه السلام :

(أوحى اللَّه إلى بعض الأنبياء : أمّا زهدك في الدنيا فتعجّلك الراحة ، وأمّا انقطاعك إليّ فيعزّزك بي ، ولكن هل عاديت لي عدوّاً وواليت لي وليّاً)(2).

أحوج المحتاجين

[ 8 ] - عن الإمام أبي جعفر الجواد عليه السلام :

(أهل المعروف إلى اصطناعه أحوج من أهل الحاجة إليه ، لأنّ لهم أجره وفخره وذكره ، فمهما اصطنع الرجل من معروف فإنّما يبتدأ فيه بنفسه)(3).

ص: 341


1- 619. تفسير المنسوب بالإمام العسكري عليه السلام : ص 344 ح 224 ، وعنه منية المريد : ص 118 ، وبحار الأنوار : ج 2 ص 6 ب 8 ح 11 .
2- 620. تحف العقول : ص 455 وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 358 ب 27 ضمن ح 1 .
3- 621. نور الأبصار : ص 160 ط الشعبية بمصر ، وعنه ملحقات الإحقاق : ج 19 ص 602 ، وكشف الغمّة : ج 2 ص 347 .

مصاحبة الشرّير

[ 9 ]- عن الإمام أبي جعفر الجواد عليه السلام :

(إيّاك ومُصَاحَبَة الشَّرِّيرِ ، فإنَّهُ كالسيف المَسْلُولِ يَحْسُنُ مَنْظَرُهُ ، ويَقْبُحُ أَثَرُهُ)(1).

أُوصيك بالتقوى

[ 10 ] - كتب الإمام أبو جعفر الجواد عليه السلام إلى سعد الخير :

(بسم اللَّه الرحمن الرحيم ، أمّا بعدُ فإنّي أُوصيك بتقوى اللَّه ، فإنّ فيها السلامَةَ من التَّلَفِ ، والغنيمَةَ في المنقَلَبِ ، إنّ اللَّه عزّوجلّ يَقِي بالتقوى عن العَبدِ ما عَزَبَ عنهُ عَقلُهُ ، ويُجْلِي بالتقوى عنهُ عَمَاهُ وجهلَهُ وبالتقوى نجى نوحٌ ومن معه في السفينةِ ، وصالِحٌ ومن معه من الصاعِقَةِ ، وبالتقوى فاز الصابرون ... الخ)(2).

جالبات المودّة

[ 11 ] - عن الإمام أبي جعفر الجواد عليه السلام :

(ثلاث خصال تجلب بهنّ المودّة :

الإنصاف في المعاشرة ، والمواساة في الشدّة ، والانطواء على قلب سليم)(3).

ص: 342


1- 622. بحار الأنوار : ج 71 ص 198 ب 14 ضمن ح 34 .
2- 623. الكافي : ج 8 ص 52 ح 16 وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 358 ب 27 ح 2 .
3- 624. نور الأبصار : ص 160 ، وعنه ملحقات الإحقاق : ج 19 ص 604 .

ثلاث لا ندامة فيها

[ 12 ] - عن الإمام أبي جعفر الجواد عليه السلام :

(ثلاث من كنّ فيه لم يندم:ترك العجلة،والمشورة،والتوكّل على اللَّه عندالعزيمة)(1).

كلمات منبّهة

[ 13 ] - عن الإمام أبي جعفر الجواد عليه السلام :

(تأخيرُ التوبةِ إغترارٌ ، وطولُ التسوِيف حَيْرَةٌ ، والإعتلالُ على اللَّه هَلَكَةٌ ، والإصرارُ عَلى الذنبِ أمنٌ لِمَكرِ اللَّهِ ، «فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ»(2))(3).

وصيّة عالية غالية

[ 14 ]- قال للإمام الجواد عليه السلام رجلٌ : أوصني ، فقال عليه السلام :

(وتقبل ؟ قال : نعم . قال : توسَّدِ الصبرَ ، واعتنِق الفقرَ ، وارفض الشَهوات ، وخالف الهوى ، واعلم أنّك لن تخلو من عين اللَّه فانظر كيف تكون)(4).

من أخلاق المؤمن

[ 15 ]- عن الإمام أبي جعفر الجواد عليه السلام :

(حسب المرء من كمال المروءة أن لا يلقى أحداً بما يكره ، ومن حسن خُلْق

ص: 343


1- 625. ملحقات الإحقاق : ج 19 ص 604 ، عن نور الأبصار : ص 160 .
2- 626. سورة الأعراف : آية 99 .
3- 627. تحف العقول : ص 456 وعنه بحار الأنوار : ج 6 ص 30 ب 20 ح 36 .
4- 628. بحار الأنوار : ج 75 ص 358 ب 27 ح 1 عن تحف العقول : ص 455 .

الرجل كفّه أذاه ، ومن سخائه برّه بمن يجب حقّه عليه ، ومن كرمه إيثاره على نفسه ومن صبره قلّة شكواه ، ومن عقله إنصافه من نفسه ، ومن إنصافه قبول الحقّ إذا بان له ، ومن نصحه نهيه عمّا لا يرضاه لنفسه ، ومن حفظه لجوارك تركه توبيخَك عند اشنانك مع علمه بعيوبك ، ومن حسن صحبته لك إسقاطه عنك مؤونَة التحفّظ ، ومن علامة صداقته لك كثرة موافقته لك وقلّة مخالفته ، ومن شكره معرفته إحسان من أحسن إليه ... الخ)(1).

قضاء حقوق الإخوان

[ 16 ] - قيل لمحمّد بن علي الجواد عليهما السلام : إنّ فلاناً نقب في جواره على قوم ، فأخذوه بالتهمة ، وضربوه خمسمائة سوط .

قال محمّد بن علي عليهما السلام :

(ذلك أسهل من مائة الف الف سوط في النار ، [ نبّه ]على التوبة حتّى يكفّر ذلك .

قيل : وكيف ذلك يابن رسول اللَّه [ صلّى اللَّه عليك وعلى آلك ] ؟

قال : إنّه في غداة يومه الذي أصابه ما أصابه ضيّع حقّ أخ مؤمن ، وجهر بشتم أبي الفصيل(2) وأبي الدواهي وأبي الشرور وأبي الملاهي ، وترك التقيّة ، ولم يستر على إخوانه ومخالطيه ، فاتّهمهم عند المخالفين ،

ص: 344


1- 629. الفصول المهمّة : ص 256 ط الغري ، نور الأبصار : ص 220 ط مصر ، وراجع كشف الغمّة : ج 2 ص 347 .
2- 630. الفضيل » بعض النسخ .

وعرّضهم للعنهم وسبّهم ومكروههم وتعرّض هو أيضاً ، فهم الذين سوّوا(1) عليه البليّة ، وقذفوه بهذه التهمة .

فوجّهوا إليه وعرّفوه ذنبه ليتوب ، ويتلافى ما فرّط منه ، فإن لم يفعل ، فليوطّن نفسه على ضرب خمسمائة سوط [ وحبس ] في مطبق لا يفرّق [ فيه ] بين الليل والنهار .

فوجّه إليه ، فتاب وقضى حقّ الأخ الذي كان قد قصّر فيه ، فما فرغ من ذلك حتّى عثرباللصّ،وأخذمنه المال،وخلّى عنه،وجاءه الوشاةيعتذرون إليه)(2).

راكب الشهوات

[ 17 ]- عن أبي جعفر الجواد عليه السلام :

(راكب الشهوات لا تقال عثرته)(3).

الشرف والسؤدد

[ 18 ]- عن الإمام أبي جعفر الجواد عليه السلام :

(الشريف كلّ الشريف من شرّفه علمه والسؤدد كل السؤدد لمن اتّقى اللَّه ربّه)(4).

ص: 345


1- 631. بهتوا » بعض النسخ والبهت والبهتان : الكذب والإفتراء .
2- 632. بحار الأنوار : ج 72 ص 415 ب 87 ضمن ح 68 .
3- 633. بحار الأنوار : ج 75 ص 364 ب 27 ضمن ح 5 عن أعلام الدين : ص 309 .
4- 634. نور الأبصار : ص 160 ط الشعبية بمصر ، وعنه ملحقات الإحقاق : ج 19 ص 605 ، وكشف الغمّة : ج 2 ص 350 .

زينة المكارم

[ 19 ] - عن الإمام أبي جعفر الجواد عليه السلام :

(العفاف زينةالفقر،والشكرزينةالبلاء والتواضع زينة الحسب، والفصاحة زينة الكلام ، والحفظ زينة الرواية ، وخفض الجناح زينة العلم ، وحسن الورع زينةالورع،وبسطالوجه زينةالقناعة،وترك مالايعنى زينةالورع)(1).

التوكّل على اللَّه

[ 20 ] - قال عليه السلام :

(كيف يضيع مَن اللَّه كافله ؟ وكيف ينجو من اللَّه طالبه ؟ ومن انقطع إلى غير اللَّه وكّله اللَّه إليه ، ومَن عمل على غير علم أفسد أكثر ممّا يصلح)(2).

لا تعادينّ أحداً

[ 21 ]- عن أبي جعفر الجواد عليه السلام :

(لا تعاد أحداً حتّى تعرف الذي بينه وبين اللَّه تعالى ، فإن كان محسناً لم يسلمه إليك ، وإن كان مسيئاً فإنّ علمك به يكفيكه فلا تعاده)(3).

لا تفسد الظنّ

[ 22 ]- عن أبي جعفر الجواد عليه السلام :

ص: 346


1- 635. نور الأبصار : ص 160 ط الشعبية بمصر ، وعنه ملحقات الإحقاق : ج 19 ص 603 ، وراجع كشف الغمّة : ج 2 ص 347 .
2- 636. أعلام الدين : ص 309 ، الفصول المهمّة : ص 289 ، بحار الأنوار : ج 75 ص 364 ب 27 ح 5 .
3- 637. أعلام الدين : ص 309 .

(لا تُفسِدِ الظنَّ على صديقٍ قد أصلحك اليقين له)(1).

سخط الجائر

[ 23 ] - قال الإمام الجواد عليه السلام :

(لا يضرّك سخط من رضاه الجور ، وقال عليه السلام : كفى بالمرء خيانة أن يكون أميناً للخونة)(2).

جزاء المحبّة

[ 24 ]- وقال محمّد بن علي [ بن موسى ] عليهم السلام حين قال رجل بحضرته : إنّي لأُحبّ محمّداً وعلياً حتّى لو قطّعت إرباً إرباً ، أو قرّضت لم أزل عنه . قال محمّد بن علي عليهما السلام :

(لا جرم إنّ محمّداً وعلياً يعطيانك من أنفسهما ما تعطيهما [ أنت ] من نفسك إنّهما ليستدعيان لك في يوم فصل القضاء ما لا يفي ما بذلته لهما بجزء من مائة الف الف جزء من ذلك)(3).

الدعاء الملحون

[ 25 ] - قد ورد عن أبي جعفر الجواد عليه السلام أنّه قال :

(ما استوى رَجُلَانِ في حَسَبٍ ودِينٍ قَطُّ إلّا كان أفضلُهُمَا عندَ اللَّه عزّوجلّ

ص: 347


1- 638. الفصول المهمّة : ص 257 ط الغري ، نور الأبصار : ص 221 ط مصر ، وراجع كشف الغمّة : ج 2 ص 249 .
2- 639. بحار الأنوار : ج 72 ص 380 ب 82 ح 45 عن الدرّة الباهرة .
3- 640. تفسير الإمام عليه السلام : ص 332 ح 199 ، وعنه بحار الأنوار : ج 36 ص 8 ب 26 ضمن ح 11 .

آدَبُهمَا .

قال : قلت : جعلت فداك قد علمت فضلَهُ عند الناس في النادي والمجالس فما فضلُهُ عند اللَّه عزّوجلّ ؟

قال عليه السلام : بقراءة القرآن كما أُنزِلَ ودُعَائِهِ اللَّه عزّوجلّ من حيثُ لا يلحَنُ وذَلِكَ أنّ الدعاءَ الملحونَ لا يَصعَدُ إلى اللَّهِ عزّوجَلّ)(1).

الإطّلاع على العباد

[ 26 ]- عن أبي جعفر الجواد عليه السلام :

(ما أنعم اللَّه عزّوجلّ على عبد نعمة فعلم أنّها من اللَّه إلّا كتب اللَّه على اسمه شكرها قبل أن يحمده عليها .

ولا أذنب عبد ذنباً فعلم أنّ اللَّه مطّلع عليه إن شاء عذّبه ، وإن شاء غفر له إلّا غفر له قبل أن يستغفره)(2).

قضاء حوائج الناس

[ 27 ]- عن أبي جعفر الجواد عليه السلام :

(ما عَظُمَت نِعمَةٌ اللَّه على أحد إلّا عَظُمَت إليه حوائج الناس ، فمن لم يتحمّل تلك المؤونَةَ عرض تلك النعمة للزوال)(3).

ص: 348


1- 641. عدّة الداعي : ص 23 .
2- 642. نور الأبصار : ص 160 ، وعنه ملحقات الإحقاق : ج 19 ص 605 .
3- 643. الفصول المهمّة : ص 255 ط الغري وفيه : ما عظمت نعم اللَّه ، نور الأبصار : ص 160 ط الشعبية بمصر ، وعنه ملحقات الإحقاق : ج 19 ص 602 ، وراجع كشف الغمّة : ج 2 ص 346 .

الشيعة الخلّص

[ 28 ] - قال عليه السلام دخل رجل على محمّد بن علي بن موسى الرضا عليهم السلام وهو مسرور ، فقال :

(ما لي أراك مسروراً ؟

قال : يابن رسول اللَّه ، سمعت أباك يقول : أحقّ يوم بأن يسرّ العبد فيه يوم يرزقه اللَّه صدقات ومبرّات وسدّ خلّات من إخوان له مؤمنين ، وإنّه قصدني اليوم عشرة من إخواني [ المؤمنين ] الفقراء لهم عيالات ، قصدوني من بلد كذا وكذا ، فأعطيت كل واحد منهم فلهذا سروري .

فقال محمّد بن علي عليهما السلام : لعمري إنّك حقيق بأن تسرّ إن لم تكن أحبطته أو لم تحبطه فيما بعد .

فقال الرجل : وكيف أحبطته وأنا من شيعتكم الخلّص ؟

قال : هاه(1) قد أبطلت برّك باخوانك وصدقاتك .

قال : وكيف ذاك يابن رسول اللَّه ؟

قال له محمّد بن علي عليهما السلام : اقرأ قول اللَّه عزّوجلّ : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى»(2).

قال الرجل : يابن رسول اللَّه ما مننت على القوم الذين تصدّقت عليهم ولا آذيتهم !

قال له محمّد بن علي عليهما السلام : إنّ اللَّه عزّوجلّ إنّما قال : «لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ

ص: 349


1- 644. هه : كلمة تَذَكُّر ، وتكون بمعنى التحذير أيضاً ، فإذا مددتها وقلت : هاه كانت وعيداً في حال ، وحكاية لضحك الضاحك في حال . (لسان العرب : ج 13 ص 551) .
2- 645. سورة البقرة : آية 264 .

بِالْمَنِّ وَالْأَذَى» ولم يقل لا تبطلوا بالمنّ على من تتصدّقون عليه ، [وبالأذى لمن تتصدّقون عليه ] وهو كلّ أذى ، أفترى أذاك للقوم الذين تصدّقت عليهم أعظم ، أم أذاك لحفظتك وملائكة اللَّه المقرّبين حواليك ، أم أذاك لنا ؟

فقال الرجل : بل هذا يابن رسول اللَّه .

فقال : فقد آذيتني وآذيتهم وأبطلت صدقتك . قال : لماذا ؟

قال : لقولك « وكيف أحبطته وأنا من شيعتكم الخلّص » ويحك ، أتدري من شيعتنا الخلّص ؟ [ قال : لا .

قال : شيعتنا الخلّص ] حزقيل(1) المؤمن ، مؤمن آل فرعون ، وصاحب يس الذي قال اللَّه تعالى [ فيه ] : «وَجَاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى»(2) وسلمان وأبو ذرّ والمقداد وعمّار ، أسوّيت نفسك بهؤلاء ؟ أما آذيت بهذا الملائكة ، وآذيتنا .

فقال الرجل : أستغفر اللَّه وأتوب إليه ، فكيف أقول ؟

قال : قل : أنا من مواليكم ومحبّيكم ، ومعادي أعدائكم ، وموالي أوليائكم .

فقال : كذلك أقول ، وكذلك أنا يابن رسول اللَّه ، وقد تبت من القول الذي أنكرته ، وأنكرته الملائكة ، فما أنكرتم ذلك إلّا لانكار اللَّه عزّوجلّ .

فقال محمّد بن علي بن موسى الرضا عليهم السلام : الآن قد عادت إليك مثوبات صدقاتك وزال عنها الإحباط)(3).

ص: 350


1- 646. في بعض المصادر : حزبيل .
2- 647. سورة يس : آية 20 .
3- 648. تفسير الإمام العسكري عليه السلام : ص 314 ح 160 ، وبحار الأنوار : ج 65 ص 159 ب 19 ضمن ح 11 .

اختيار القرابة الدينية

[ 29 ] - قال محمّد بن علي الرضا عليهما السلام :

(من اختار قراباتِ أبَوَي دينه : محمّد وعلي عليهما السلام على قراباتِ أبوي نسبه اختارَهُ اللَّهُ تعالى على رُؤُوس الأشهاد يوم التَّنَاد وشهَّرَهُ بِخِلَعِ كراماته ، وشَرَّفَهُ بها على العِبَادِ إلّا من سَاوَاهُ في فَضَائِلِهِ أو فَضْلِهِ)(1).

الإصغاء إلى الناطق

[ 30 ] - وقال عليه السلام :

(من أصغى إلى ناطِقٍ فقد عَبَدَهُ ، فإن كان النَّاطِقُ عن اللَّه فقد عَبَدَ اللَّه ؛ وإن كان الناطِقُ ينطق عن لسان إبليس فقد عَبَدَ إبليس)(2).

من رفق الرجل

[ 31 ] - عن الإمام الجواد عليه السلام أنّه قال :

(مِن رِفْقِ الرجل بِأخيه ترك توبيخه بحضرةِ مَن يكره)(3).

زيارة قبر المؤمن

[ 32 ] - قال الكشي :

وجدت في كتاب محمّد بن الحسن بن بندار القمّي بخطّه حدّثني محمّد بن

ص: 351


1- 649. تفسير الإمام عليه السلام : ص 336 ح 210 ، وبحار الأنوار : ج 23 ص 263 ب 15 ضمن ح 8 .
2- 650. تحف العقول : ص 456 .
3- 651. الفصول المهمّة : ص 256 ط الغري ، نور الأبصار : ص 220 ط مصر مع تفاوت يسير .

يحيى العطّار عن محمّد بن أحمد بن يحيى قال : كنت بفيد فقال لي محمّد بن علي بن بلال : مرّ بنا إلى قبر محمّد بن إسماعيل بن بزيع لنزوره ، فلمّا أتيناه جلس عند رأسه مستقبل القبلة والقبر أمامه .

ثمّ قال : أخبرني صاحب هذا القبر - يعني محمّد بن إسماعيل بن بزيع - أنّه سمع أبا جعفر عليه السلام يقول :

(من زار قبر أخيه المؤمن فجلس عند قبره واستقبل القبلةَ ووضع يَدهُ على القبر وقرأ إنّا أنزلناه في ليلةِ القدر سَبْعَ مَرَّاتٍ أمِنَ من الفزع الأكبر)(1).

من كره ورضى

[ 33 ] - وقال الإمام الجواد عليه السلام :

(من شهد أمراً فكرهَهُ كان كمن غاب عنه ، ومن غاب عن أمر فرضيه كان كمن شهدَهُ)(2).

النجاة بالتقوى

[ 34 ]- عن أبي جعفر الجواد عليه السلام :

(من وثق باللَّه واتّكل عليه نجّاه اللَّه من كلّ سوء ، وحرزه من كلّ عدو ، ولو كانت السماوات والأرض رتقاً على عبد ثمّ اتّقى اللَّه تعالى لجعل اللَّه له منها مخرجاً)(3).

ص: 352


1- 652. رجال الكشي : ص 564 وعنه الوسائل : ج 3 ص 227 ب 57 ح 3477 .
2- 653. تحف العقول : ص 456 وعنه بحار الأنوار : ج 97 ص 81 ب 1 ح 38 .
3- 654. ملحقات الإحقاق : ج 19 ص 605 ، عن نور الأبصار : ص 160 .

كيف تعض أخيك

[ 35 ] - عن أبي جعفر الجواد عليه السلام :

(من وعظ أخاه سِرَّاً فقد زانه ومَن وعظَهُ علانيّة فقد شانه)(1).

*أهمية المداراة*

[ 36] - عن أبي جعفر الجواد عليه السلام قال :

(من هجر المداراة قارنه المكروه ، ومن لم يعرف الموارد أعيته المصادر ، ومن إنقاد إلى الطمأنينة قبل الخبرة فقد عرض نفسه للهلكة وللعاقبة المتعبة)(2).

ثلاث خصال للمؤمن

[ 37 ]- عن أبي جعفر الجواد عليه السلام :

(المؤمنُ يحتَاجُ إلى ثَلَاثِ خِصَالٍ : توفيقٍ مِنَ اللَّهِ ، وواعِظٍ من نفسه وقَبُولٍ ممّن ينصَحُهُ)(3).

الأُخوّة للَّه

[ 38 ]- عن أبي جعفر الجواد عليه السلام :

(الناس أشكال ، وكلّ يعمل على شاكلته والناس إخوان فمن كانت أُخوّته

ص: 353


1- 655. نور الأبصار : ص 180 ، وراجع كشف الغمّة : ج 2 ص 349 .
2- 656. أعلام الدين : ص 309 وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 364 ب 27 ضمن ح 5 .
3- 657. تحف العقول : ص 457 ، وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 358 ب 27 ضمن ح 1 .

في غير ذات اللَّه فإنّها تعود عداوة ، وذلك قوله تعالى : «الْأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ»(1))(2).

آتيناه الحكم صبيّاً

[ 39 ]- روى أبو سليمان ، عن ابن أسباط قال : خرج عليَّ أبو جعفر عليه السلام فجعلت أنظر إليه وإلى رأسه ورجليه لأصف قامتَهُ بمصرَ ، فلمّا جلس قال :

(ياعلي ، إنّ اللَّه احتجّ في الإمامة بمثل ما احتجّ في النبوّة ، قال اللَّه تعالى : «وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً»(3) «وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ»(4) «وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً»(5)، فقد يجوزُ أن يعطى الحكمَ صبيّاً ويَجوزُ أن يُعطى وهو ابنُ أربعين سنة)(6).

يوم العدل على الظالم

[ 40 ]- عن أبي جعفر الجواد عليه السلام :

(يَومُ العدلِ على الظالِمِ أَشَدُّ مِنْ يَومِ الجَوْرِ عَلَى المَظْلُومِ)(7).

ص: 354


1- 658. سورة الزخرف : آية 67 .
2- 659. الفصول المهمّة : ص 256 ط الغري ، نور الأبصار : ص 160 ، وعنه ملحقات الإحقاق : ج 19 ص 605 .
3- 660. سورة مريم : آية 12 .
4- 661. سورة يوسف : آية 22 ، وسورة القصص : آية 14 .
5- 662. سورة الأحقاف : آية 15 .
6- 663. بحار الأنوار : ج 50 ص 20 ب 2 ح 6 وص 37 ب 3 ح 1 وج 25 ص 100 ب 4 ح 1 ، الخرائج : ج 1 ص 381 ، بصائر الدرجات : ص 238 ب 10 ح 10 ، الكافي : ج 1 ص 494 ح 3 وص 384 ح 7 ، نور الثقلين : ج 5 ص 13 وص 325 ، إثبات الهداة : ج 3 ص 329 باب 27 .
7- 664. الفصول المهمّة : ص 256 ط الغري ، وكشف الغمّة : ج 2 ص 348 .

الإمام علي الهادي عليه السلام

اشارة

ص: 355

ص: 356

نسبه عليه السلام :

هو الإمام علي الهادي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبدالمطّلب (شيبة الحمد) بن هاشم .

أُمّه :

أُمّ ولد يقال لها سمانة المغربية . وقد تولّى الإمام الجواد عليه السلام تربيتها وتهذيبها فاستقرّت في بيت الإمامة وكانت من القانتات المجتهدات ، والتاليات لكتاب اللَّه ، ومن العابدات الزاهدات وقد قال الإمام أبو الحسن الهادي عليه السلام في حقّها : أُمّي عارفة بحقّي وهي من أهل الجنّة .

ولادته عليه السلام :

ولد عليه السلام في صريّا وهي ضاحية من ضواحي المدينة المنوّرة للنصف من ذي الحجّة سنة اثنتين عشرة ومائتين وقيل ولد يوم الجمعة في 3 رجب المرجّب أو الخامس منه .

كنيته عليه السلام :

أبو الحسن ، وقد يعبّر عنه في الأحاديث المرويّة بأبي الحسن الثالث أو أبي الحسن الأخير للفرق بينه وبين الإمام أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام والإمام أبي الحسن الرضا عليه السلام .

ألقابه عليه السلام :

الهادي ، النقي ، النجيب ، المرتضى ، العالم ، الفقيه ، الأمين ، الناصح ، المفتاح ، المؤتمن ، الطيّب ، المتوكّل ، العسكري ، أو فقيه العسكري .

وكان الإمام عليه السلام يأمر أصحابه أن يعرضوا عن تلقيبه بالمتوكّل لكونه يومئذ لقباً للحاكم العبّاسي جعفر المتوكّل ابن المعتصم .

وقد يعبّر عن الإمام الهادي عليه السلام ب (الفقيه العسكري) أو (العسكري) أو (صاحب العسكر) لأنّه أُقصي عن المدينة المنوّرة إلى سر من رأى ، فأسكنوه بها وكانت تسمّى العسكر ، فعرف بالعسكري .

ص: 357

فضائله عليه السلام :

كان بعد الإمام أبي جعفر الجواد ابنه أبا الحسن علي بن محمّد الهادي لاجتماع خصال الإمامة فيه ولتكامل فضله وعلمه ، وأنّه لا وارث لمقام أبيه سواه ولثبوت النصّ عليه من أبيه . وكان عابداً فقيهاً ، صاحب وقار وسكون وهيبة وطمأنينة ، وعفّة ونزاهة وكان عليه السلام وارث أبيه علماً وسخاءً .

دور الإمام الهادي عليه السلام في التشريع :

انصرف الإمام الهادي عليه السلام كآبائه عليه السلام إلى الدفاع عن أُصول الإسلام وفروعه ، فناظر عليه السلام المشكّكين والملحدين وردّ أسئلتهم بأُسلوبه الرصين والهادي المدعم بالبراهين والحجج ، فكان المشكّكون والملحدون يخرجون من عنده مؤمنين قائلين : اللَّه يعلم حيث يجعل رسالته ، وفيما يعود إلى التشريع كان العلماء والرواة يعودون إليه فيما يشتبه عليهم عن طريق المراسلة .

بوّابه عليه السلام :

عثمان بن سعيد العمري ، وابنه محمّد بن عثمان .

نقش خاتمه عليه السلام :

اللَّه ربّي وهو عصمتي من خلقه ، وقيل : حفظ العهود مورد الخلود ، وقيل : من لانت كلمته وجبت محبّته .

حياته مع أبيه ومدّة إمامته عليه السلام :

أقام مع أبيه ثمان سنوات وبعده ثلاثة وثلاثين سنة . وقد توفّي والده وتولّى الإمامة وله من العمر تسعة سنوات .

الحكّام الذين عاصرهم هم :

المعتصم والواثق والمتوكّل والمنتصر والمعتزّ .

رحلته عليه السلام إلى سامراء :

في السنة الثالثة من استيلاء جعفر بن محمّد بن هارون المعروف بالمتوكّل في سنة 233ه وشى زبانية المتوكّل وادّعوا أنه يجمع السلاح والرجال ، فأرسل إليه المتوكّل يستدعيه إلى سامراء : فرحل إلى سامراء وبقي فيها طيلة حكم المتوكّل والمنتصر والمعتصم والمعتزّ حتّى وفاته عليه السلام وقد أقام الإمام الهادي عليه السلام في سامراء إلى أن توفّي ، عشرين سنة وأشهر .

ص: 358

زوجاته عليه السلام :

سليل ، حديثة ، سوسن وحربية .

أولاده عليه السلام :

أبو محمّد الحسن عليه السلام ، الحسين ، محمّد ، جعفر ، زيد ، موسى وعبداللَّه وعائشة وقيل إسمها علية .

استشهاده عليه السلام :

استشهد الإمام عليه السلام بسرّ من رأى في 3 رجب سنة 254ه وفي كتب التاريخ والسيرة أنّه عليه السلام مات مسموماً على يد المعتزّ العبّاسي وله يومئذ من العمر إثنان وأربعون سنة .

ص: 359

ص: 360

زمان العدل وزمان الجور

[ 1 ]- قال الإمام الهادي عليه السلام :

(إذا كان زمانٌ العدلُ فيه أغلَبُ من الجور فحرام أن يَظُنّ بأحدٍ سُوءاً حتّى يعلَم ذلك منه ، وإذا كان زمانٌ الجور أغلب فيه من العدل فليس لأحد أن يَظُنَّ بأحد خيراً ما لم يعلم ذلك منه)(1).

حسن النيّة

[ 2 ]- قال أبو الحسن الثالث عليه السلام لرجل وقد أكثر من إفراط الثناء عليه :

(أقبل على شأنك ، فإنّ كثرة الملق يهجم عليَّ الظنّة ، وإذا حللت من أخيك في محلّ الثقة ، فاعدل عن الملق إلى حسن النيّة)(2).

أدنى المعرفة

[ 3 ]- حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه رحمه الله قال : حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن مختار بن محمّد بن مختار الهمداني ، عن الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسن عليه السلام، قال : سألتُهُ عن أدنى المعرفةِ ، فقال :

(الإقرارُ بأنّه لا إله غيرُهُ ولا شبه له ولا نظيرَ وأنّه قديمٌ مُثبَتٌ مَوجُودٌ غيرُ

ص: 361


1- 665. بحار الأنوار : ج 75 ص 370 ب 28 ضمن ح 4 عن أعلام الدين : ص 312 .
2- 666. بحار الأنوار : ج 70 ص 295 ب 134 ح 4 .

فَقِيدٍ وأنّه ليس كمثله شي ءٌ)(1).

*الزم الاستغفار*

[ 4 ]- عن محمّد بن الريّان قال : كتبت إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام أسأله أن يعلّمني دعاء للشدائد والنوازل والمهمّات ، وأن يخصّنيْ كما خصّ آباؤه عليهم السلام مواليهم فكتب إليّ :

(الزم الاستغفار)(2).

شكر النعم

[ 5 ] - عن أبي الحسن الثالث عليه السلام :

(إلقَوُا النعمَ بحُسنِ مجاوَرَتِهَا ، والَتمِسُوا الزيادة فيها بالشكر عليها ، واعلموا أنّ النفس أقبل شي ء لما أُعطيت وأمنع شي ء لما منعت)(3).

ثواب الآخرة

[ 6 ]- عن الإمام الهادي عليه السلام أنّه قال :

(إنّ اللَّه جعل الدنيا دار بلوى والآخرة دار عقبى وجعل بلوى الدنيا لثواب الآخرة سبباً وثواب الآخرة من بلوى الدنيا عوضاً)(4).

ص: 362


1- 667. التوحيد : ص 283 ، والكافي : ج 1 ص 86 ح 1 ، وبحار الأنوار : ج 3 ص 267 ب 10 ح 1 .
2- 668. بحار الأنوار : ج 90 ص 283 ب 15 ضمن ح 30 عن دعوات الراوندي : ص 49 .
3- 669. بحار الأنوار : ج 75 ص 370 ب 28 ضمن ح 4 عن أعلام الدين : ص 312 .
4- 670. تحف العقول : ص 483 وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 365 ب 28 ضمن ح 1 .

محالّ مشيّة اللَّه تعالى

[ 7 ]- الصفّار قال : حدّثنا بعض أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد السيّاري قال : حدّثني غير واحد من أصحابنا قال : خرج عن أبي الحسن الثالث عليه السلام أنّه قال :

(إنّ اللَّه جعل قلوب الأئمّة مورداً لإرادته فإذا شاء اللَّه شيئاً شاؤه وهو قول اللَّه «وَمَا تَشَاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ»(1))(2).

التجاء الأئمّة عليهم السلام إلى اللَّه

[ 8 ] - عن أبي الحسن الثالث عليه السلام :

(إنّ اللَّه تعالى علم منّا أنّا لا نلجأ في المهمّات إلّا إليه ، ولا نتوكّل في الملمّات إلّا عليه ، وعوّدنا إذا سألناه الإجابة ونخاف أن نعدل فيعدل بنا)(3).

إنّ اللَّه لا يوصف

[ 9 ] - عن أبي الحسن الثالث الإمام الهادي عليه السلام قال :

(إنّ اللَّه لا يوصف إلّا بما وصف به نفسه ؛ وأنّى يوصف الذي تعجز الحواسُّ أن تدركه والأوهام أن تناله والخطرات أن تحدّه والأبصار عن الإحاطة به . نأى في قربه وقرب في نأيه ، كيّف الكيف بغير أن يقال : كيف ، وأيّن الأين بلا أن يقال : أين ، هو منقطع الكيفية والأينية ، الواحد الأحد ، جلّ جلاله

ص: 363


1- 671. سورة الإنسان : آية 30 ، سورة التكوير : آية 29 .
2- 672. بصائر الدرجات : ص 517 ب 18 ح 47 وعنه بحار الأنوار : ج 25 ص 372 ب 13 ح 23 .
3- 673. بحار الأنوار : ج 50 ص 127 ب 3 ح 5 عن أمالي الشيخ : ص 285 المجلس الحادي عشر ح 2 .

وتقدّست أسماؤه)(1).

صلة الرحم

[ 10]- روي عن الحسن بن علي ، عن أبي الحسن عليه السلام قال : قال :

(إنّ الرجل ليكون قد بقي من أجله ثلاث سنين فيكون وصولاً لقرابته وصولاً لرحمه ، فيجعلها اللَّه ثلاثاً وثلاثين سنة ، وإنّه ليكون قد بقي من أجله ثلاث وثلاثون سنة فيكون عاقّاً لقرابته ، قاطعاً لرحمه ، فيجعلها اللَّه ثلاث سنين)(2).

الظالم الحالم

[ 11 ] - عن الإمام الهادي عليه السلام قال :

(إنّ الظالم الحالم يكاد أن يُعفى على ظلمه بحلمه . وإنّ المحقّ السفيه يكاد أن يطفى ء نور حقّه بسفهه)(3).

آثار الصلوات

[ 12 ]- أحمد بن محمّد الشيباني رضى الله عنه عن محمّد بن أحمد الأسدي الكوفي ، عن سهل بن زياد الآدمي ، عن عبدالعظيم بن عبداللَّه الحسني ، قال سمعت علي بن محمّد العسكري عليه السلام يقول :

(إنّما اتّخذ اللَّه عزّوجلّ إبراهيم خليلاً ، لكثرة صلاته على محمّد وأهل بيته

ص: 364


1- 674. تحف العقول : ص 482 وعنه بحار الأنوار : ج 4 ص 303 ب 4 ح 30 .
2- 675. بحار الأنوار : ج 71 ص 103 ب 3 ح 60 .
3- 676. تحف العقول : ص 483 وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 365 ب 28 ضمن ح 1 .

صلوات اللَّه عليهم)(1).

حديثنا لا يحتمله ملك

[ 13 ]- عن محمّد بن يحيى وغيره ، عن محمّد بن أحمد عن بعض أصحابنا .

قال : كتبت إلى أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام : جعلت فداك ما معنى قول الصادق عليه السلام :

حديثُنَا لا يحتملُهُ مَلَكٌ مقرّب ولا نبيٌ مرسَلٌ ولا مؤمن امتحن اللَّه قلبه للإيمان ؟

فجاء الجوابُ :

(إنّما معنى قولِ الصادق عليه السلام أي : (لا يحتمله مَلَكٌ ولا نبي ولا مؤمنٌ) أنّ المَلَكَ لا يحتمله حتّى يُخرِجَهُ إلى مَلَكٍ غَيرِهِ ، والنبيُّ لا يحتمِلُهُ حتّى يُخرِجَهُ إلى نبي غيره ، والمؤمن لا يحتمله حتّى يخرجه إلى مؤمن غيره فهذا معنى قول جدّي عليه السلام)(2).

التوبة النصوح

[ 14 ]- حدّثنا محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن أحمد ، أنّ أحمد ابن هلال قال : سألت أبا الحسن الأخير عليه السلام عن التوبة النصوح ما هي ؟ فكتب عليه السلام :

(أن يكون الباطنُ كالظاهرِ وأفضَلُ من ذلك)(3).

ص: 365


1- 677. علل الشرائع : ج 1 ص 34 ب 32 ح 4 وعنه بحار الأنوار : ج 91 ص 54 ب 29 ح 23 .
2- 678. الكافي : ج 1 ص 401 ح 4 .
3- 679. معاني الأخبار : ص 174 ح 1 وعنه بحار الأنوار : ج 6 ص 22 ب 20 ح 20 .

إيّاك والحسد

[ 15 ] - عن أبي الحسن الثالث عليه السلام :

(إيّاك والحسد فإنّه يَبِينُ فيك ولا يَعمَلُ في عَدِوِّكَ)(1).

تأويل الأيّام

[ 16 ] - عن أبي الحسن الثالث عليه السلام : سأله الصقر بن أبي دلف الكرخي عن معنى حديث « لا تعادوا الأيّام فتعاديكم » ؟ فقال عليه السلام :

(الأيّام نحن ما قامت السماوات والأرض فالسبت اسم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ، والأحد كناية عن أمير المؤمنين عليه السلام ، والاثنين الحسن والحسين ، والثلاثاء علي بن الحسين ومحمّد بن علي وجعفر بن محمّد ، والأربعاء موسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمّد بن علي ، وأنا ، والخميس ابني الحسن بن علي ، والجمعة ابن ابني ، وإليه تجمع عصابة الحقّ ، وهو الذي يملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً . فهذا معنى الأيّام فلا تعادوهم في الدنيا فيعادوكم في الآخرة)(2).

جواز التكنية للكفّار

[ 17 ] - عن كتاب الإستدراك : قال : نادى المتوكّل يوماً كاتباً نصرانياً أبا نوح فأنكروا كنى الكتابيّين فاستفتى فاختلف عليه فبعث إلى أبي الحسن فوقّع عليه السلام :

(«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ» ، فعلم المتوكّل أنّه يحلّ

ص: 366


1- 680. بحار الأنوار : ج 75 ص 370 ب 28 ضمن ح 4 عن أعلام الدين : ص 311 .
2- 681. أعلام الورى : ص 437 ، بحار الأنوار : ج 50 ص 194 ب 74 ضمن ح 7 .

ذلك لأنّ اللَّه قد كنّى الكافر)(1).

الجدال في القرآن

[ 18 ] - عن سعد بن عبداللَّه ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد اليقطيني قال : كتب علي بن محمّد بن علي بن موسى الرضا عليهم السلام إلى بعض شيعته ببغداد :

(بسم اللَّه الرحمن الرحيم عصمنا اللَّه وإيّاك من الفتنة ، فإن يفعل فأعظم بها نعمة وإلّا يفعل فهي الهلكة ، نحن نرى أنّ الجدال في القرآن بدعة ، اشترك فيها السائل والمجيب ، فتعاطي السائل ما ليس له وتكلّف المجيب ما ليس عليه ، وليس الخالق إلّا اللَّه وما سواه مخلوق والقرآن كلام اللَّه ، لا تجعل له اسماً من عندك فتكون من الضالّين ، جعلنا اللَّه وإيّاك من الذين يخشون ربّهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون)(2).

نصيحة إبليس لنوح عليه السلام

[ 19 ]- عن ابن موسى ، عن الأسدي ، عن سهل عن عبدالعظيم الحسني ، عن علي بن محمّد العسكري عليه السلام قال :

(جاء إبليس إلى نوح فقال :

إنّ لك عندي يداً عظيمة فانتصحني فإنّي لا أخونك .

فتأثّم نوح بكلامه ومساءلته ، فأوحى اللَّه إليه أن كلّمه وسله فإنّي سأُنطقه

ص: 367


1- 682. بحار الأنوار : ج 10 ص 391 ب 23 ح 4 ، والآية 1 من سورة المسد .
2- 683. أمالي الصدوق : ص 546 م 81 ح 14 ، والتوحيد ص 224 ب 30 ح 4 ، وروضة الواعظين : ج 1 ص 38 ، وبحار الأنوار : ج 89 ص 118 ب 14 ح 4 .

بحجّة عليه .

فقال نوح : تكلّم .

فقال إبليس : إذا وجدنا ابن آدم شحيحاً أو حريصاً أو حسوداً أو جبّاراً أو عجولاً تلقّفناه تلقّف الكرة ، فإن اجتمعت لنا هذه الأخلاق سمّيناه شياطناً مريداً فقال نوح صلوات اللَّه عليه : ما اليد العظيمة التي صنعت ؟

قال : إنّك دعوت اللَّه على أهل الأرض فألحقتهم في ساعة بالنار ، فصرت فارغاً ولولا دعوتك لشغلت بهم دهراً طويلاً)(1).

آثار الأخلاق السيّئة

[ 20 ] - قال أبو الحسن الثالث عليه السلام :

(الحسد ماحق الحسنات ، والزهو جالب المقت ، والعجب صارف عن طلب العلم داع إلى الغمط والجهل ، والبخل أذمّ الأخلاق ، والطمع سجيّة سيّئة)(2).

خير من الخير

[ 21 ]- عن أبي الحسن الثالث عليه السلام :

(خير من الخير فاعله ، وأجمل من الجميل قائله وأرجح من العلم حامله ، وشرّ من الشرّ جالبه وأهول من الهول راكبه)(3).

ص: 368


1- 684. بحار الأنوار : ج 69 ص 195 ب 105 ح 17 عن القصص للراوندي : ص 85 ح 77 .
2- 685. بحار الأنوار : ج 69 ص 199 ب 105 ضمن ح 27 .
3- 686. أعلام الدين : ص 311 ، بحار الأنوار : ج 75 ص 370 ب 28 ضمن ح 4 .

الدنيا سوق

[ 22 ]- عن الإمام الهادي قال عليه السلام :

(الدنيا سوق ، ربح فيها قوم وخسر آخرون)(1).

السهر والجوع

[ 23 ]- قال الإمام الهادي عليه السلام :

(السهر ألذّ للمنام ، والجوع يزيد في طيب الطعام (يريد به الحثّ على قيام الليل وصيام النهار)(2).

سعادة الشاكر

[ 24 ] - عن الإمام الهادي عليه السلام قال :

(الشاكر أسعد بالشكر منه بالنعمة التي أوجبت الشكر ، لأنّ النعم متاع . والشكر نعم وعقبى)(3).

كيف يعلم اللَّه ؟

[ 25 ] - حدّثنا علي بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقّاق رحمه الله ، قال : حدّثنا محمّد بن يعقوب ، عن الحسين بن محمّد بن عامر ، عن معلّى بن محمّد ، قال : سئل العالم عليه السلام كيف علم اللَّه ؟ قال :

ص: 369


1- 687. تحف العقول : ص 483 وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 366 ب 28 ضمن ح 1 .
2- 688. أعلام الدين : ص 311 وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 369 ب 28 ضمن ح 4 .
3- 689. تحف العقول : ص 483 ، وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 365 ب 28 ضمن ح 1 .

(علم ، وشاء ، وأراد ، وقدّر ، وقضى ، وأبدى فأمضى ما قضى ، وقضى ما قدّر ، وقدّر ما أراد ، فبعلمه كانت المشيّة ، وبمشيّته كانت الإرادة وبإرادته كان التقدير ، وبتقديره كان القضاء ، وبقضائه كان الإمضاء .

فالعلم متقدّم المشيّة والمشيّة ثانية ، والإرادة ثالثة ، والتقدير واقع على القضاء بالإمضاء ، فلله تبارك وتعالى البداء فيما علم متى شاء وفيما أراد لتقدير الأشياء ، فإذا وقع القضاء بالإمضاء فلا بداء .

فالعلم بالمعلوم قبل كونه ، والمشيّة في المنشأ قبل عينه ، والإرادة في المراد قبل قيامه ، والتقدير لهذه المعلومات قبل تفصيلها وتوصيلها عياناً وقياماً ، والقضاء بالإمضاء هو المبرم من المفعولات ذوات الأجسام .

المدركات بالحواسّ من ذي لون وريح ووزن وكيل وما دبّ ودرج من إنس وجنّ وطير وسباع وغير ذلك ممّا يدرك بالحواس ، فلله تبارك وتعالى فيه البداء ممّا لا عين له ، فإذا وقع العين المفهوم المدرك فلا بداء .

واللَّه يفعل ما يشاء ، وبالعلم علم الأشياء قبل كونها ، وبالمشيّة عرف صفاتها وحدودها وأنشأها قبل إظهارها وبالإرادة ميّز أنفسها في ألوانها وصفاتها وحدودها ، وبالتقدير قدّر أوقاتها وعرف أوّلها وآخرها ، وبالقضاء أبان للناس أماكنها ودلّهم عليها ، وبالإمضاء شرح عللها ، وأبان أمرها ، وذلك تقدير العزيز العليم)(1).

ص: 370


1- 690. التوحيد : ص 334 ح 9 ، والكافي : ج 1 ص 148 ح 16 ، وبحار الأنوار : ج 5 ص 102 ب 3 ح 27 .

مواعظ مفيدة

[ 26 ]- عن أبي الحسن الثالث عليه السلام :

(الغنى قلّة تمنّيك والرضا بما يكفيك والفقر شرة النفس وشدّة القنوط والدقّة اتّباع اليسير والنظر في الحقير)(1).

ارتباط القلوب

[ 27 ]- عن أبي الحسن الثالث عليه السلام : قال للمتوكّل :

(لا تطلب الصفا ممّن كدّرت عليه ولا الوفاء ممّن غدرت به ، ولا النصح ممّن صرفت سوء ظنّك إليه ، فإنّما قلب غيرك لك كقلبك له)(2).

علم اللَّه بالأشياء

[ 28 ]- حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار رضى الله عنه قال : حدّثنا سعد بن عبداللَّه ، عن أيّوب بن نوح أنّه كتب إلى أبي الحسن عليه السلام يسأله عن اللَّه عزّوجلّ أكان يعلم الأشياء قبل أن خلق الأشياء وكوّنها ، أو لم يعلم ذلك حتّى خلقها وأراد خلقها وتكوينها ، فعلم ما خلق عندما خلق وما كوّن عندما كوّن ؟ فوقّع عليه السلام بخطّه :

(لم يزل اللَّه عالماً بالأشياء قبل أن يخلق الأشياء كعلمه بالأشياء بعد ما خلق الأشياء)(3).

ص: 371


1- 691. الدرّة الباهرة : ص 41 ، وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 368 ب 28 ح 3 .
2- 692. نزهة الناظر للحلواني : ص 142 ، الدرّة الباهرة : ص 42 ، راجع بحار الأنوار : ج 75 ص 370 ب 28 ضمن ح 4 .
3- 693. التوحيد : ص 145 ح 13 ، والكافي : ج 1 ص 107 ح 4 ، وبحار الأنوار : ج 4 ص 88 ب 2 ح 25 .

لم يزل اللَّه موجوداً

[ 29 ]- سئل أبو الحسن الهادي عليه السلام عن التوحيد ؟ فكتب عليه السلام :

(لم يزل اللَّه موجوداً ، ثمّ كوّن ما أراد ، لا رادّ لقضائه ، ولا معقّب لحكمه ، تاهت أوهام المتوهّمين ، وقصر طرف الطارفين وتلاشت أوصاف الواصفين ، واضمحلّت أقاويل المبطلين عن الدرك لعجيب شأنه أو الوقوع بالبلوغ على علوّ مكانه ، فهو بالموضع الذي لا يتناهى ، وبالمكان الذي لم يقع عليه عيون بإشارة ، ولا عبادة ، هيهات هيهات)(1).

أيّ وادي نسلك

[ 30 ]- قال علي بن محمّد عليهما السلام :

(لو سلك الناس وادياً وشعباً لسلكت وادي رجل عبد اللَّه وحده خالصاً مخلصاً)(2).

لولا العلماء لارتدّ الناس

[ 31 ]- عن أبي الحسن الثالث عليه السلام :

(لولا من يبقى بعد غيبة قائمكم عليه السلام من العلماء الداعين إليه والدالّين عليه والذابّين عن دينه بحجج اللَّه والمنقذين لضعفاء عباد اللَّه من شباك إبليس ومردته ومن فخاخ النواصب لما بقى أحد إلّا ارتدّ عن دين اللَّه ، ولكنّهم

ص: 372


1- 694. الاحتجاج : ج 2 ص 449 وعنه بحار الأنوار : ج 4 ص 160 ب 1 ح 4 .
2- 695. تفسير الإمام عليه السلام : ص 329 ح 187 ، وعنه بحار الأنوار ج 67 ص 245 ب 54 ذيل ح 19 ، وفي ص 112 ذيل ح 4 أخرجه عن عدّة الداعي : ص 233 .

الذين يمسكون أزمّة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكّانها ، أُولئك الأفضلون عند اللَّه عزّوجلّ)(1).

معنى الرجيم

[ 32 ]- حدّثنا محمّد بن أحمد الشيباني رضى الله عنه قال : حدّثنا محمد بن أبي عبداللَّه الكوفي ، قال : حدّثنا سهل بن زياد ، عن عبدالعظيم بن عبداللَّه الحسني قال : سمعت أبا الحسن علي بن محمّد العسكري عليهم السلام يقول :

(معنى الرجيم أنّه مرجوم باللعن ، مطرود من مواضع الخير ، لا يذكره مؤمن إلّا لعنه وأنّ في علم اللَّه السابق أنّه إذا خرج القائم عليه السلام لا يبقى مؤمن في زمانه إلّا رجمه بالحجارة .

كما كان قبل ذلك مرجوماً باللعن)(2).

الإطاعة والتقوى

[ 33 ] - قال الإمام الهادي عليه السلام :

(من اتّقى اللَّه يُتّقى . ومن أطاع اللَّه يُطاع .

ومن أطاع الخالق لم يبال سخط المخلوقين .

ومن أسخط الخالق فلييقن أن يحلّ به سخط المخلوقين)(3).

ص: 373


1- 696. الاحتجاج : ج 1 ص 18 ، وتفسير الإمام عليه السلام : ص 344 ح 225 ، وبحار الأنوار : ج 2 ص 6 ب 8 ح 12 وفيه (قائمنا) .
2- 697. معاني الأخبار : ص 139 ح 1 وعنه بحار الأنوار : ج 60 ص 242 ب 3 ح 91 .
3- 698. تحف العقول : ص 482 وعنه بحار الأنوار : ج 68 ص 182 ب 64 ح 41 .

كلمات لها قيمتها

[ 34 ]- عن الإمام الهادي عليه السلام قال :

(من أمن مكر اللَّه وأليم أخذه تكبّر حتّى يحلّ به قضاؤه ونافذ أمره . ومن كان على بيّنة من ربّه هانت عليه مصائب الدنيا ولو قرض ونشر)(1).

مواعظ وحِكَم

[ 35 ] - قال أبو الحسن الثالث عليه السلام :

(من رضي عن نفسه كثر الساخطون عليه ، الغنى قلّة تمنّيك والرضا بما يكفيك ، والفقر شرّة النفس وشدّة القنوط ، والراكب الحرون أسير نفسه والجاهل أسير لسانه ، الناس في الدنيا بالأموال وفي الآخرة بالأعمال)(2).

*أنت ولّينا حقّاً*

[ 36 ] - قال : حدّثنا علي بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقّاق رحمه الله وعلي بن عبداللَّه الورّاق ، قالا : حدّثنا محمّد بن هارون الصوفي ، قال : حدّثنا أبو تراب عبيداللَّه بن موسى الروياني ، عن عبدالعظيم بن عبداللَّه الحسني ، قال : دخلت على سيدي علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام فلمّا بصر بي قال لي :

(مرحباً بك ياأبا القاسم أنت وليّنا حقّاً .

قال : فقلت له : يابن رسول اللَّه إنّي أُريد أن أعرض عليك ديني ، فإن كان

ص: 374


1- 699. تحف العقول : ص 483 .
2- 700. بحار الأنوار : ج 75 ص 368 ب 28 ح 3 ، والحرون : الشموس .

مرضيّاً أثبت عليه حتّى ألقى اللَّه عزّوجلّ .

فقال : هات ياأبا القاسم .

فقلت : إنّي أقول : إنّ اللَّه تبارك وتعالى واحد ، ليس كمثله شي ء ، خارج عن الحدّين حدّ الإبطال وحدّ التشبيه ، وإنّه ليس بجسم ولا صورة ولا عرض ولا جوهر .

بل هو مجسّم الأجسام ، ومصوّر الصور ، وخالق الأعراض والجواهر ، وربّ كلّ شي ء ، ومالكه وجاعله ومحدثه ، وإنّ محمّداً عبده ورسوله خاتم النبيين فلا نبي بعده إلى يوم القيامة .

وأقول : إنّ الإمام والخليفة وولي الأمر من بعده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، ثمّ الحسن ، ثمّ الحسين ، ثمّ علي بن الحسين ، ثمّ محمّد بن علي ، ثمّ جعفر بن محمّد ، ثمّ موسى بن جعفر ، ثمّ علي بن موسى ، ثمّ محمّد بن علي ، ثمّ أنت يامولاي ، فقال عليه السلام : ومن بعدي الحسن ابني ، فكيف للناس بالخلف من بعده ، قال : فقلت : وكيف ذاك يامولاي ؟ قال : لأنّه لا يرى شخصه ولا يحلّ ذكره باسمه حتّى يخرج فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً .

قال : فقلت : أقررت ، وأقول إنّ وليهم ولي اللَّه ، وعدوّهم عدوّ اللَّه ، وطاعتهم طاعة اللَّه ، ومعصيتهم معصية اللَّه ، وأقول : إنّ المعراج حقّ ، والمساءلة في القبر حقّ ، وإنّ الجنّة حقّ ، وإنّ النار حقّ ، والصراط حقّ ، والميزان حقّ ، وإنّ الساعة آتية لا ريب فيها ، وإنّ اللَّه يبعث من في القبور .

أقول : إنّ الفرائض الواجبة بعد الولاية الصلاة ، والزكاة ، والصوم ، والحجّ ، والجهاد ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فقال علي بن محمّد عليهما السلام :

ص: 375

ياأبا القاسم هذا واللَّه دين اللَّه الذي ارتضاه لعباده ، فاثبت عليه ، ثبّتك اللَّه بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة)(1).

ما الحلم ؟

[ 37 ] - سئل أبي الحسن الثالث عليه السلام عن الحلم ؟ فقال :

(هو أن تَمِلكَ نفسك وتَكْظِمَ غيظك ، ولا يكونُ ذلك إلّا مع القدرَةِ)(2).

*أي النعم يؤدّى شكرها ؟*

[ 38 ] - حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رضى الله عنه قال : حدّثنا أبي ، عن محمّد بن أحمد العلوي قال : حدّثني أحمد بن القاسم ، عن أبي هاشم الجعفري قال : أصابتني ضيقة شديدة فصرت إلى أبي الحسن علي بن محمّد عليهما السلام فأذن لي ، فلمّا جلست قال :

(ياأبا هاشم أي نعم اللَّه عزّوجلّ عليك تريد أن تؤدّي شكرها .

قال أبو هاشم : فوجمت فلم أدر ما أقول له .

فابتدأ عليه السلام فقال : رزقك الإيمان فحرم به بدنك على النار ورزقك العافية فأعانتك على الطاعة ، ورزقك القنوع فصانك عن التبذّل ، ياأبا هاشم إنّما ابتدأتك بهذا لأنّي ظننت أنّك تريد أن تشكو إليّ من فعل بك هذا وقد أمرت لك بمائة دينار فخذها)(3).

ص: 376


1- 701. التوحيد : ص 81 ح 37 ، وأمالي الصدوق : ص 338 المجلس الرابع والخمسون ح 24 ، وبحار الأنوار : ج 3 ص 268 ب 10 ح 3 .
2- 702. مستدرك الوسائل : ج 11 ص 291 ب 26 ح 16 .
3- 703. أمالي الصدوق : ص 412 المجلس الرابع والستّون ح 11 ، الفقيه : ج 4 ص 401 ح 5863 ، وبحار الأنوار : ج 50 ص 129 ب 3 ح 7 .

أخذ اللَّه على أنبياءه

[ 69 ] - عن علي بن عبداللَّه بن مروان ، عن أيّوب بن نوح ، قال : قال لي أبو الحسن العسكري عليه السلام وأنا واقف بين يديه بالمدينة ابتداءً من غير مسألة :

(ياأيّوب أنّه ما نبأ اللَّه من نبي إلّا بعد أن يأخذ عليه ثلاث خصال : شهادة أن لا إله إلّا اللَّه ، وخلع الأنداد من دون اللَّه ، وأنّ للَّه المشيّة يقدّم ما يشاء ويؤخّر ما يشاء ، أما إنّه إذا جرى الاختلاف بينهم لم يزل الاختلاف بينهم إلى أن يقوم صاحب هذا الأمر)(1).

ليس للأيّام ذنب

[ 40 ] - قال الحسن بن مسعود : دخلت على أبي الحسن علي بن محمّد عليهما السلام وقد نكبت إصبعي . وتلقّاني راكب وصدم كتفي ودخلت في زحمة فخرّقوا عليّ بعض ثيابي ، فقلت : كفاني اللَّه شرّك من يوم فما أيشمك . فقال عليه السلام لي :

(ياحسن هذا وأنت تغشانا ترمي بذنبك من لا ذنب له .

قال الحسن : فأصاب إليّ عقلي وتبيّنت خطائي .

فقلت : يامولاي أستغفر اللَّه .

فقال : ياحسن ما ذنب الأيّام حتّى صرتم تتشئّمون بها إذا جوزيتم بأعمالكم فيها .

قال الحسن : أنا أستغفر اللَّه أبداً وهي توبتي يابن رسول اللَّه ؟

قال عليه السلام : واللَّه ما ينفعكم ولكنّ اللَّه يعاقبكم بذمّها على ما لا ذمّ عليها فيه .

أما علمت ياحسن أنّ اللَّه هو المثيب والمعاقب والمجازي بالأعمال عاجلاً

ص: 377


1- 704. تفسير العياشي : ج 2 ص 215 ح 56 وعنه بحار الأنوار : ج 4 ص 118 ب 3 ح 51 .

وآجلاً ؟

قلت : بلى يامولاي .

قال عليه السلام : لا تعدّ ولا تجعل للأيّام صنعاً في حكم اللَّه .

قال الحسن : بلى ؛ يامولاي)(1).

ص: 378


1- 705. تحف العقول : ص 482 .

الإمام الحسن العسكري عليه السلام

اشارة

ص: 379

ص: 380

نسبه عليه السلام :

هو الإمام الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبدالمطّلب (شيبة الحمد) بن هاشم .

أُمّه :

سليل وكانت من العارفات الصالحات ، وفي بعض الروايات أنّ أُمّه أُمّ ولد ويقال لها حديثة ، وقيل أُمّ ولد ويقال لها حريبة ويقال إنّها حُدَيْثٌ ، وقيل سوسن(1).

وقد أثنى عليها زوجها الإمام الهادي عليه السلام ثناءً عطراً وأشار بمكانتها وسمو منزلتها ، فقال سليل (وهو اسمها) مسلولة من الآفات والأنجاس .

وكانت في غاية الجلالة والإيمان ، حتّى أنّ أحمد بن إبراهيم سأل السيّدة الجليلة حكيمة بنت الإمام الجواد عليه السلام : إلى من تفزع الشيعة فقالت له : إلى الجدّة ، أُمّ أبي محمّد(2).

ولادته عليه السلام :

ولد عليه السلام في المدينة المنوّرة يوم الجمعة في 8 ربيع الثاني سنة 232ه وقيل مولده في سنة 231ه .

كنيته عليه السلام :

أبو محمّد وهو اسم ولده الإمام المنتظر (عجّل اللَّه فرجه) .

ألقابه عليه السلام :

الصامت ، الهادي ، الرفيق ، الزكي ، النقي ، المضي ء ، الشافي ، السراج ، العسكري (وكان أبوه وجدّه عليهما السلام كل منهم يعرف في زمانه بأبي الرضا) .

والجدير بالذكر أنّ لقب العسكري إذا أطلق فإنّه ينصرف إلى الإمام الحسن العسكري عليه السلام لا إلى أبيه حسب ما نصّ عليه بعض المؤرخين .

حياته عليه السلام مع أبيه ومدّة إمامته :

انتقل مع أبيه عليه السلام إلى سامراء بعد أن استدعاه

ص: 381


1- 706. الكافي : ج 1 ص 503 باب مولد أبي محمّد الحسن بن علي عليهما السلام .
2- 707. بحار الأنوار : ج 46 ص 19 باب 2. النصوص على الخصوص على إمامته عليه السلام ح 9 .

المتوكّل إليها وكان له من العمر يومئذ سنتان على أشهر الروايات ، وبقي مع أبيه عليه السلام ثلاثاً وعشرين سنة وبعد أبيه ست سنين وهي فترة إمامته عليه السلام .

حكّام عصره :

المعتزّ العبّاسي ، المهتدي والمعتمد .

بوابّه عليه السلام :

عثمان سعيد العمري وإبنه محمّد بن عثمان .

نقش خاتمه عليه السلام :

سبحان من له مقاليد السموات والأرض ، وفي بعض الروايات : أنا اللَّه الشهيد .

من آثاره عليه السلام :

كتاب التفسير .

فضائله عليه السلام :

كان الإمام الهادي عليه السلام يرى في ولده الزكي امتداداً ذاتياً للإمامة الكبرى والنيابة العظمى عن النبي صلى الله عليه وآله فاهتمّ بأمره وأشاد بفضله قائلاً فيه : أبو محمّد ابني ، أصح آل محمّد صلى الله عليه وآله غريزة وأوثقهم حجّة وهو الأكبر من ولدي وهو الخلف ، وإليه ينتهي عرى الإمامة وأحكامها(1). فكان الإمام العسكري مناقبه وفضائله وكراماته لا تحصى ... وإنّ المنقبة العليا التي خصّه اللَّه بها وقلّده بها أنّ المهدي عليه السلام هو ولده .

من زوجاته عليه السلام :

نرجس أو مليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم وأُمّها من ولد الحواريين ، وتنسب إلى وصي المسيح عليه السلام شمعون .

أولاده عليه السلام :

الأقوال في عدد أولاده متضاربة وكثيرة منها أنّ له أولاد وهم : الحجّة وموسى وفاطمة وعائشة . ومنها أنّه كان له ولد وتوفّي قبل ولادة الحجّة ومنها أنّه عليه السلام كان له ذكر وأُنثى لا غير . والقول الآخر أنّه عليه السلام خلّف ولدين أحدهما الحجّة القائم عليه السلام والآخر موسى .

والدليل على ذلك قصّتين رويتا في كتاب إكمال الدين ج 2 / ص 445 ب 43

ص: 382


1- 708. بحار الأنوار : ج 50 ص 245 باب 2. النصوص على الخصوص عليه عليه السلام ح 18 .

ح 19 وأيضاً ص 465 والقول الأخير أنّه لم يكن للإمام العسكري ولد سوى الحجّة المنتظر عليه السلام واللَّه العالم .

استشهاده عليه السلام :

استشهد عليه السلام يوم الجمعة في 8 ربيع الأوّل سنة 260 من الهجرة النبوية وله يومئذ ثمان وعشرون سنة فقد كان في ربيع شبابه وزهوته ، وذهبت الروايات إلى أنّه مات مسموماً على يد المعتمد العبّاسي ودفن في داره بسرّ من رأى في البيت الذي دفن فيه أبوه عليه السلام .

ص: 383

ص: 384

أحسن ظنّك

[ 1 ]- عن المعمر بن غوث السنبسي قال الإمام الحسن العسكري عليه السلام :

(أحسن ظنّك ولو بحجر يطرح اللَّه شرّه فيه فتتناول حظّك منه ، فقلت : أيّدك اللَّه حتّى بحجر ؟ قال : أفلا ترى حجر الأسود)(1).

لا تعجّل بحوائجك

[ 2 ]- عن الإمام العسكري عليه السلام قال :

(ادفع المسألة ما وجدت التحمّل يمكنك ، فإنّ لكلّ يوم رزقاً جديداً ، واعلم أنّ الإلحاح في المطالب ، يسلب البهاء ، ويورث التعب والعناء ، فاصبر حتّى يفتح اللَّه لك باباً يسهل الدخول فيه .

فما أقرب الصنيع من الملهوف ، والأمن من الهارب المخوف ، فربما كانت الغير نوع من أدب اللَّه ، والحظوظ مراتب ، فلا تعجل على ثمرة لم تدرك ، فإنّما تنالها في أوانها .

واعلم أنّ المدبّر لك أعلم بالوقت الذي يصلح حالك فيه ، فثق بخيرته في جميع أُمورك يصلح حالك ، فلا تعجل بحوائجك قبل وقتها ، فيضيق قلبك وصدرك ويغشاك القنوط)(2).

ص: 385


1- 709. بحار الأنوار : ج 53 ص 253 ، وغوالي اللآلي : ج 1 ص 24 ح 7 .
2- 710. بحار الأنوار : ج 75 ص 378 ب 29 ضمن ح 4 ، عن أعلام الدين : ص 313 .

حقوق الإخوان

[ 3 ]- قال الحسن بن علي عليهما السلام :

(أعرف الناس بحقوق إخوانه ، وأشدّهم قضاءً لها ، أعظمهم عند اللَّه شأناً ، ومن تواضع في الدنيا لإخوانه فهو عند اللَّه من الصدّيقين ، ومن شيعة علي بن أبي طالب عليه السلام حقّاً .

ولقد ورد على أمير المؤمنين عليه السلام اخوان له مؤمنان : أب وابن ، فقام إليهما وأكرمهما ، وأجلسهما في صدر مجلسه ، وجلس بين أيديهما ، ثمّ أمر بطعام ، فأحضر فأكلا منه ، ثمّ جاء قنبر بطست ، وإبريق [ من ] خشب ، ومنديل لليبس ، وجاء ليصبّ على يد الرجل ماءً .

فوثب أمير المؤمنين عليه السلام ، فأخذ الابريق ليصبّ على يد الرجل ، فتمرّغ الرجل في التراب وقال : ياأمير المؤمنين اللَّه يراني وأنت تصبّ الماء على يدي ؟

قال : اقعد ، واغسل يديك ، فإنّ اللَّه عزّوجلّ يراك وأخاك الذي لا يتميّز منك ولا يتفضّل عنك ويزيد بذلك في خدمه في الجنّة مثل عشرة أضعاف عدد أهل الدنيا وعلى حسب ذلك في ممالكه فيها . فقعد الرجل .

فقال له علي عليه السلام : أقسمت عليك بعظيم حقّي الذي عرفته وبجّلته ، وتواضعك للَّه حتّى جازاك عنه بأن ندبني لما شرّفك به من خدمتي لك لما غسلت مطمئناً كما كنت تغسل لو كان الصابّ عليك قنبراً . ففعل الرجل [ ذلك ] .

فلمّا فرغ ، ناول الإبريق محمّد بن الحنفية وقال :

يابني لو كان هذا الابن حضرني دون أبيه لصببت [ الماء ] على يده ، ولكن

ص: 386

اللَّه عزّوجلّ يأبى أن يسوّى بين ابن وأبيه إذا جمعهما مكان ، لكن قد صبّ الأب على الأب ، فليصبّ الابن على الابن ، فصبّ محمّد بن الحنفية على الابن .

قال الحسن بن علي عليهما السلام : فمن اتّبع علياً عليه السلام على ذلك فهو الشيعي حقّاً)(1).

حِكَم لها دلالاتها

[ 4 ] - قال أبو محمّد العسكري عليه السلام :

(إنّ للسخاء مقداراً فإن زاد عليه فهو سرف ، وللحزم مقداراً فإن زاد عليه فهو جبن ، وللاقتصاد مقداراً فإن زاد عليه فهو بخل ، وللشجاعة مقداراً فإن زاد عليه فهو تهوّر ، كفاك أدباً تجنّبك ما تكره من غيرك ، احذر كلَّ ذكيِّ ساكن الطرف ، ولو عقل أهل الدنيا خربت ، خير اخوانك من نسى ذنبك إليه ، أضعف الأعداء كيداً من أظهر عداوته ، حسن الصورة جمال ظاهر ، وحسن العقل جمال باطن ، من أنس باللَّه استوحش من الناس ، من لم يتّق وجوه الناس لم يتّق اللَّه ، جعلت الخبائث في بيت وجعل مفتاحه الكذب ، إذا نشطت القلوب فأودعوها وإذا نفرت فودِّعوها ، اللحاق بمن ترجو خير من المقام مع من لا تأمن شرّه .

من أكثر المنام رأى الأحلام . (الظاهر أنّه عليه السلام يعني إنّ طلب الدنيا كالنوم وما

ص: 387


1- 711. تفسير الإمام الحسن العسكري عليه السلام : ص 325 ح 173 ، تنبيه الخواطر : ج 2 ص 107 ، وفي بحار الأنوار : ج 72 ص 117 ب 51 ح 1 ، والاحتجاج : ج 2 ص 460 ، وأورده في مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب : ج 2 ص 105 ، وحلية الأبرار : ج 1 ص 367 .

يصير منها كالحلم)(1).

لكلامنا فضل

[ 5 ] - قال أبو هاشم : سمعت أبا محمّد عليه السلام يقول :

(إنّ لكلام اللَّه فضلاً على الكلام كفضل اللَّه على خلقه . ولكلامنا فضل على كلام الناس كفضلنا عليهم)(2).

أجر افحام الناصبي

[ 6 ] - اجتمع قوم من الموالين والمحبّين لآل رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بحضرة الحسن بن علي عليهما السلام ، فقالوا : يابن رسول اللَّه إنّ لنا جاراً من النصّاب يؤذينا ويحتجّ علينا في تفضيل الأوّل والثاني والثالث على أمير المؤمنين عليه السلام ، ويورد علينا حججاً لا ندري كيف الجواب عنها والخروج منها ؟

فقال الحسن عليه السلام :

(أنا أبعث إليكم من يفحمه عنكم ، ويصغّر شأنه لديكم .

فدعا برجل من تلامذته وقال :

مر بهؤلاء إذا كانوا مجتمعين يتكلّمون فتسمّع إليهم ، فيستدعون منك الكلام فتكلّم ، وأفحِم صاحبَهُم ، واكسر عزّته ، وفلّ حدّه ولا تبق له باقية .

فذهب الرجل ، وحضر الموضع وحضروا ، وكلّم الرجل فأفحمه ، وصيره لا يدري في السماء هو ، أو في الأرض ؟

ص: 388


1- 712. بحار الأنوار : ج 75 ص 377 ب 29 ح 3 عن الدرّة الباهرة .
2- 713. كشف الغمّة : ج 2 ص 421 .

[ قالوا : ] ووقع علينا من الفرح والسرور ما لا يعلمه إلّا اللَّه تعالى ، وعلى الرجل والمتعصّبين له من الحزن والغمّ مثل ما لحقنا من السرور .

فلمّا رجعنا إلى الإمام قال لنا : إنّ الذي في السماوات من الفرح والطرب بكسر هذا العدو للَّه كان أكثر ممّا كان بحضرتكم ، والذي كان بحضرة إبليس وعتاة مردته - من الشياطين - من الحزن والغمّ أشدّ ممّا كان بحضرتهم .

ولقد صلّى على هذا [ العبد ] الكاسر له ملائكة السماء والحجب والكرسي ، وقابلها اللَّه بالإجابة ، فأكرم إيّابه ، وعظّم ثوابه .

ولقد لعنت تلك الأملاك عدو اللَّه المكسور ، وقابلها اللَّه بالإجابة فشدّد حسابه وأطال عذابه)(1).

أهل المعروف

[ 7 ]- قال أبو هاشم رحمه الله : سمعته (أي الإمام الحسن العسكري عليه السلام) يقول :

(إنّ في الجنّة باباً يقال له المعروف لا يدخله إلّا أهل المعروف ، فحمدت اللَّه في نفسي وفرحت بما أتكلّف من حوائج الناس ، فنظر إليّ وقال : نعم ، فدُم على ما أنت عليه فإنّ أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة ، جعلك اللَّه منهم ، ياأبا هاشم ورحمك)(2).

ص: 389


1- 714. تفسير المنسوب إلى الإمام عليه السلام : ص 352 - 353 ح 239 ، وعنه بحار الأنوار ج 2 ص 11 ب 8 ح 23 ، والاحتجاج : ج 1 ص 19 .
2- 715. المناقب : ج 4 ص 432 ، وكشف الغمّة : ج 2 ص 420 ، وبحار الأنوار : ج 50 ص 258 ب 3 ح 16 ، وأعلام الورى : ص 375 .

مواعظ مُنبِّهَة

[ 8 ] - عن الإمام العسكري عليه السلام قال :

(إنّكم في آجال منقوصة ، وأيّام معدودة ، والموت يأتي بغتة ، من يزرع خيراً يحصد غبطة ، ومن يزرع شرّاً يحصد ندامة ، لكلّ زارع ما زرع ، لا يسبق بطيى ءٌ بحظّه ، ولا يدرك حريصٌ ما لم يقدّر له ، من أُعطي خيراً فاللَّه أعطاه ، ومن وقي شرّاً فاللَّه وقّاه)(1).

الناس على طبقات

[ 9 ]- وكتب إليه بعض شيعته يعرّفه اختلاف الشيعة ، فكتب الإمام العسكري عليه السلام :

(إنّما خاطب اللَّه العاقل . والناس فيّ على طبقات : المستبصر على سبيل نجاة ، متمسّك بالحقّ ، متعلّق بفرع الأصل ، غير شاكّ ولا مرتاب ، لا يجد عنّي ملجأ . وطبقة لم تأخذ الحقّ من أهله ، فهم كراكب البحر يموج عند موجه ويسكن عند سكونه . وطبقة استحوذ عليهم الشيطان ، شأنهم الردّ على أهل الحقّ ودفع الحقّ بالباطل حسداً من عند أنفسهم . فدع من ذهب يميناً وشمالاً ، فإنّ الراعي إذا أراد أن يجمع غنمه جمعها بأهون سعي . وإيّاك والإذاعة وطلب الرئاسة ، فإنّهما يدعوان إلى الهلكة)(2).

مداراة أعداء اللَّه

[ 10 ]- قال الإمام العسكري عليه السلام :

ص: 390


1- 716. بحار الأنوار : ج 75 ص 373 ب 29 ضمن ح 1 عن تحف العقول : ص 489 .
2- 717. تحف العقول : ص 486 ، وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 371 ب 29 ضمن ح 1 .

(إنّ مداراة أعداء اللَّه من أفضل صدقة المرء على نفسه وإخوانه . كان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله في منزله إذ استأذن عليه عبداللَّه بن أُبي بن سلول ، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : بئس أخو العشيرة ، ائذنوا له . فأذنوا له .

فلمّا دخل أجلسه وبشّر في وجهه ، فلمّا خرج قالت له عائشة : يارسول اللَّه قلت فيه ما قلت ، وفعلت به من البشر ما فعلت !

فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : ياعويش ياحميراء ، إنّ شرّ الناس عند اللَّه يوم القيامة من يكرم اتّقاء شرّه)(1).

أُوصيكم بتقوى اللَّه

[ 11 ]- قال الإمام العسكري عليه السلام لشيعته :

(أُوصيكم بتقوى اللَّه ، والورع في دينكم ، والاجتهاد للَّه ، وصدق الحديث ، وأداء الأمانة إلى من ائتمنكم من برّ أو فاجر ، وطول السجود ، وحسن الجوار ، فبهذا جاء محمّد صلى الله عليه وآله ، صلّوا في عشائرهم واشهدوا جنائزهم وعودوا مرضاهم وأدّوا حقوقهم ، فإنّ الرجل منكم إذا ورع في دينه وصدق في حديثه ، وأدّى الأمانة وحسن خلقه مع الناس قيل : هذا شيعي فيسرّني ذلك .

اتّقوا اللَّه وكونوا زيناً ولا تكونوا شيناً ، جرّوا إلينا كلّ مودّة ، وادفعوا عنّا كل قبيح ، فإنّه ما قيل فينا من حسن فنحن أهله ، وما قيل فينا من سوء فما نحن كذلك . لنا حقّ في كتاب اللَّه ، وقرابة من رسول اللَّه ، وتطهير من اللَّه لا يدّعيه

ص: 391


1- 718. تفسير الإمام عليه السلام : ص 354 ح 241 ، وعنه بحار الأنوار : ج 72 ص 401 ب 87 ضمن ح 42 ، ومستدرك الوسائل : ج 9 ص 36 ب 104 ح 3 .

أحد غيرنا إلّا كذّاب . أكثروا ذكر اللَّه وذكر الموت وتلاوة القرآن والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله ، فإنّ الصلاة على رسول اللَّه عشر حسنات . احفظوا ما وصّيتكم به ، وأستودعكم اللَّه ، وأقرأ عليكم السلام)(1).

شرافة البسملة

[ 12 ]- قال الإمام الحسن العسكري عليه السلام :

(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيْمِ أقربُ إلى اسم اللَّه الأعظم من سوادِ العين إلى ها)(2).

الجرأة والعقوق

[ 13 ]- عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام أنّه قال :

(جرأة الولد على والده في صغره تدعو إلى العقوق في كبره)(3).

حبّ الأبرار

[ 14 ] - عن الإمام العسكري عليه السلام قال :

(حبُّ الأبرار للأبرار ثوابٌ للأبرار . وحبّ الفجّار للأبرار فضيلةٌ للأبرار . وبغضُ الفجّار للأبرار زينٌ للأبرار ، وبغضُ الأبرار للفجّار خزيٌ على

ص: 392


1- 719. بحار الأنوار : ج 75 ص 372 ب 29 ضمن ح 1 عن تحف العقول : ص 487 .
2- 720. كشف الغمّة : ج 2 ص 420 ، تحف العقول : ص 487 ، مهج الدعوات : ص 317 ، وبحار الأنوار : ج 89 ص 257 ب 29 ح 52 .
3- 721. تحف العقول : ص 489 ، وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 374 ب 29 ضمن ح 1 .

الفجّار)(1).

خصلتان عظيمتان

[ 15 ]- عن الإمام العسكري عليه السلام :

(خصلتان ليس فوقَهُمَا شي ءٌ : الإيمانُ باللَّه ونفع الإِخَوان)(2).

خير الإخوان

[ 16 ] - عن الإمام العسكري عليه السلام قال :

(خير إخوانك من نسي ذنبك ، وذكر إحسانك إليه)(3).

كلمات من نور

[ 17 ] - عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام أنّه قال :

(خير من الحياة ما إذا فقدته أبغضت الحياة ، وشرّ من الموت ما إذا نزل بك أحببت الموت)(4).

عمى القلوب

[ 18 ] - عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام أنّه قال في كتاب كتبه إلى إسحاق بن إسماعيل النيسابوري :

ص: 393


1- 722. بحار الأنوار : ج 75 ص 372 ب 29 ضمن ح 1 عن تحف العقول : ص 487 .
2- 723. تحف العقول : ص 489 ، وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 374 ب 29 ضمن ح 1 .
3- 724. أعلام الدين : ص 313 ، وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 379 ب 29 ضمن ح 4 .
4- 725. تحف العقول : ص 489 ، وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 374 ب 29 ضمن ح 1 .

(فاعلم يقيناً ياإسحاق أنّه من خرج من هذه الدنيا أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضلّ سبيلاً . ياإسحاق ليس تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ، وذلك قول اللَّه في محكم كتابه حكاية عن الظالم ، إذ يقول : «لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى»(1).

وأيّ آية أعظم من حجّة اللَّه على خلقه وأمينه في بلاده وشهيده على عباده من بعد ما سلف من آبائه الأوّلين النبيين وآبائه الآخرين الوصيين عليهم أجمعين السلام ورحمة اللَّه وبركاته)(2).

من أسرار الصوم

[ 19 ]- روى الحافظ عبدالعزيز عن رجاله قال القاضي أبو عبداللَّه الحسين بن علي بن هارون الضبّي إملاءً قال : وجدت في كتاب والدي حدّثنا جعفر بن محمّد بن حمزة العلوي قال : كتبت إلى أبي محمّد الحسن بن علي بن محمّد بن الرضا عليهم السلام : أسأله لِمَ فرض اللَّه تعالى الصوم ؟ فكتب إلي :

(فرض اللَّه تعالى الصوم ليجد الغنيُّ مسَّ الجوعِ لَِيحْنُو على الفقير)(3).

الفرقة الناجية

[ 20 ]- وجد بخطّ الإمام العسكري عليه السلام مكتوباً على ظهر كتاب :

ص: 394


1- 726. سورة طه : آية 125 و126 .
2- 727. تحف العقول : ص 484 ، وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 374 ب 29 ضمن ح 2 .
3- 728. كشف الغمّة : ج 2 ص 403 وعنه بحار الأنوار : ج 93 ص 339 ب 46 ح 2 .

(قد صعدنا ذرى الحقائق بأقدام النبوّة والولاية ، ونوّرنا السبع الطرائق بأعلام الفتوّة ، فنحن ليوث الوغى وغيوث الندى ، وفينا السيف والقلم في العاجل ، ولواء الحمد والعلم في الآجل ، وأسباطنا خلفاء الدين وحلفاء اليقين ومصابيح الأُمم ومفاتيح الكرم ، فالكليم أُلبس حلّة الاصطفاء لما عهدنا منه الوفاء ، وروح القدس في جنان الصاقورة(1) ذاق من حدائقنا الباكورة ، وشيعتنا الفئة الناجية والفرقة الزاكية صاروا لنا ردءاً وصوناً وعلى الظلمة ألباً وعوناً ، وسينفجر لهم ينابيع الحيوان بعد لظى النيران ، لتمام الطواوية والطواسين من السنين)(2).

العلماء إذا صلحوا

[ 21 ] - قال الإمام الحسن العسكري عليه السلام :

(قيل لأمير المؤمنين عليه السلام : مَن خير خلق اللَّه بعد أئمّة الهدى ومصابيح الدجى ؟

قال : العلماء إذا صلحوا .

قيل : فمن شرّ خلق اللَّه بعد إبليس وفرعون ونمرود وبعد المتسمّين بأسمائكم والمتلقّبين بألقابكم ، والآخذين لأمكنتكم ، والمتأمّرين في ممالككم ؟

قال : العلماء إذا فسدوا هم المظهرون للأباطيل ، الكاتمون للحقائق وفيهم

ص: 395


1- 729. كذا ، والصاقورة : السماء الثالثة ، وباطن القحف المشرف على الدماغ والمراد الأوّل . والباكورة : أوّل ما يدرك من الفاكهة ، وأوّل كلّ شي ء .
2- 730. بحار الأنوار : ج 75 ص 378 ب 29 ضمن ح 3 .

قال اللَّه عزّوجلّ : «أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا» الآية)(1).

تفسير المصطفين

[ 22 ] - سأل أبو هاشم الجعفري عن أبي محمّد العسكري عليه السلام عن قوله تعالى : «ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ»(2) قال عليه السلام :

(كلّهم من آل محمّد : الظالم لنفسه الذي لا يقرّ بالإمام ، والمقتصد العارف بالإمام ، والسابق بالخيرات الإمام .

فجعلت أُفكّر في نفسي عظم ما أعطى اللَّه آل محمّد صلى الله عليه وآله ، وبكيت ، فنظر إليّ وقال : الأمر أعظم ممّا حدّثت به نفسك من عظم شأن آل محمّد صلى الله عليه وآله فاحمد اللَّه أن جعلك اللَّه متمسّكاً بحبلهم ، تدعى يوم القيامة بهم إذا دعي كل أُناس بإمامهم ، إنّك على خير)(3).

لا يشغلك رزق مضمون

[ 23 ] - عن الإمام الحادي عشر عليه السلام أنّه قال :

ص: 396


1- 731. تفسير الإمام عليه السلام : ص 302 ح 144 ، الاحتجاج : ج 2 ص 458 ، بحار الأنوار : ج 2 ص 88 ب 14 ضمن ح 12 ، والآية 159 - 160 من سورة البقرة .
2- 732. سورة فاطر : آية 32 .
3- 733. الخرائج : ج 2 ص 687 ، كشف الغمّة : ج 2 ص 418 ، وعنهما بحار الأنوار : ج 50 ص 258 - 259 ب 3 ح 18 .

(لا يشغلك رزق مضمون عن عمل مفروض)(1).

لا تمازح

[ 24 ] - قال الإمام الحسن العسكري عليه السلام :

(لا تُمَارِ فَيَذهَب بهاؤُك ، ولا تُمَازح فيُجترأ عليك)(2).

الشاكر العارف

[ 25 ] - قال الإمام الحسن بن علي العسكري عليه السلام :

(لا يعرف النعمة إلّا الشاكر ولا يشكر النعمة إلّا العارف)(3).

جزاء الإخلاص

[ 26 ] - عن الإمام العسكري عليه السلام :

(لو جعلت الدنيا كلَّهَا لقمة واحدة لقمتها من يعبُدُ اللَّه خالصاً لرأيتُ أنّي مقصِّرٌ في حقّه .

ولو منعت الكافر منها حتّى يموت جوعاً وعطشاً ، ثمّ أذقته شربة من الماء لرأيت أنّي قد أسرفت)(4).

ص: 397


1- 734. تحف العقول : ص 489 ، وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 374 ب 29 ضمن ح 1 .
2- 735. تحف العقول : ص 486 ، بحار الأنوار : ج 75 ص 370 ب 29 ح 1 .
3- 736. بحار الأنوار : ج 75 ص 378 ب 29 ضمن ح 4 .
4- 737. تفسير الإمام عليه السلام : ص 329 ح 188 ، وأخرجه في بحار الأنوار : ج 67 ص 250 ب 54 ضمن ح 25 عن عدّة الداعي : ص 234 .

حقيقة العبادة

[ 27 ]- قال الإمام الحسن العسكري عليه السلام :

(ليَستِ العبادةُ كثرةَ الصيام والصلاة ، وإنّما العبادة كثرةُ التفكّرِ في أمرِ اللَّه)(1).

عزّة الحقّ

[ 28 ]- قال الإمام الحسن العسكري عليه السلام :

(ما ترك الحقّ عزيزٌ إلّا ذلّ ، ولا أخذ به ذليلٌ إلّا عزّ)(2).

المقادير والأرزاق

[ 29 ] - قال الإمام الحسن العسكري عليه السلام :

(المقادير الغالبة لا تدفع بالمغالبة ، والأرزاق المكتوبة لا تنال بالشره ولا تدفع بالإمساك عنها)(3).

من التواضع

[ 30 ] - قال الإمام الحسن العسكري عليه السلام :

(مِن التواضع السلام على كلِّ من تمرّ به ، والجلوس دون شرف

ص: 398


1- 738. تحف العقول : ص 488 ، بحار الأنوار : ج 75 ص 373 ب 29 ضمن ح 1 ، مستدرك الوسائل : ج 11 ص 184 ب 5 ح 12690 .
2- 739. تحف العقول : ص 489 ، بحار الأنوار : ج 75 ص 374 ب 29 ضمن ح 1 .
3- 740. أعلام الدين : ص 314 ، وبحار الأنوار : ج 75 ص 374 ب 29 ضمن ح 4 .

المجلس)(1).

التهاون بالذنوب

[ 31 ] - عن سعد ، عن أبي هاشم الجعفري قال : سمعت أبا محمّد عليه السلام يقول :

(من الذنوب التي لا تغفر قول الرجل :

ليتني لا أُؤاخذ إلّا بهذا ، فقلت في نفسي :

إنّ هذا لهو الدقيق ، ينبغي للرجل أن يتفقّد من أمره ومن نفسه كلّ شي ء ، فأقبل عليّ أبو محمّد عليه السلام فقال :

ياأبا هاشم صدقت فالزم ما حدّثت به نفسك فإنّ الاشراك في الناس أخفى من دبيب الذرّ على الصفا في الليلة الظلماء ، ومن دبيب الذرّ على المسح الأسود)(2).

التواضع في الجلوس

[ 32 ]- عن الإمام العسكري عليه السلام قال :

(من رضي بدون الشرف من المجلس لم يزلِ اللَّهُ وملائكتُهُ يصلُّونَ عليه حتّى يقوم)(3).

ص: 399


1- 741. بحار الأنوار : ج 75 ص 372 ب 29 ضمن ح 1 ، تحف العقول : ص 487 .
2- 742. غيبة الشيخ الطوسي : ص 207 ، وعنه في بحار الأنوار : ج 70 ص 359 ب 137 ح 78 ، وأعلام الورى : ص 374 ، وكشف الغمّة : ج 2 ص 420 .
3- 743. تحف العقول : ص 486 ، وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 371 ب 29 ضمن ح 1 .

الاستيناس باللَّه

[ 33 ]- عن أبي محمّد العسكري عليه السلام أنّه قال :

(الوحشة من الناس على قدر الفطنة بهم)(1).

الارتداد بعد البرهان

[ 34 ]- وكتب أبي محمّد العسكري عليه السلام إلى رجل سأله دليلاً :

(من سأل آية أو برهاناً فأُعطي ما سأل . ثمّ رجع عمّن طلب منه الآية عذّب ضعف العذاب . ومن صبر أُعطي التأييد من اللَّه . والناس مجبولون على حيلة إيثار الكتب المنشّرة . نسأل اللَّه السداد(2) فإنّما هو التسليم أو العطب وللَّه عاقبة الأُمور)(3).

الورع والكرم والحلم

[ 35 ]- عن الإمام العسكري عليه السلام أنّه قال :

(من كان الورع سجيّته ، والكرم طبيعته ، والحلم خلّته ، كثر صديقه ، والثناء عليه ، وانتصر من أعداءه بحسن الثناء عليه)(4).

اليتم الحقيقي

[ 36 ] - عن الإمام العسكري عليه السلام :

ص: 400


1- 744. عدّة الداعي : ص 232 وعنه بحار الأنوار : ج 67 ص 111 ب 49 ضمن ح 14 .
2- 745. أي من عادة الناس أن يكتبوا كتباً مزوّرة وينتشرونها . والعطب : الهلاك .
3- 746. بحار الأنوار : ج 75 ص 371 ب 29 ضمن ح 1 ، عن تحف العقول : ص 486 .
4- 747. بحار الأنوار : ج 75 ص 379 ب 29 ضمن ح 4 عن أعلام الدين : ص 314 .

(وأشدّ من يتم هذا اليتيم ، يتيم [ ينقطع ] عن إمامه لا يقدر على الوصول إليه ، ولا يدري كيف حكمه فيما يبتلي به ، من شرائع دينه .

ألا فمن كان من شيعتنا عالماً بعلومنا ، وهذا الجاهل بشريعتنا المنقطع عن مشاهدتنا يتيم في حجره ، ألا فمن هداه وأرشده وعلّمه شريعتنا كان معنا في الرفيق الأعلى .

حدّثني بذلك أبي ، عن آبائه ، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله)(1).

فضل قارئ القرآن

[ 37 ]- عن الإمام العسكري عليه السلام قال :

(والذي نفس محمّد صلى الله عليه وآله بيده ، لسامع آية من كتاب اللَّه ، وهو معتقد أنّ المورد له عن اللَّه تعالى ، محمّد الصادق في كلّ أقواله ، الحكيم في كلّ أفعاله ، المودع ما أودعه اللَّه عزّوجلّ من العلوم ، أمير المؤمنين علياً عليه السلام ، للإنقياد له فيما يأمر ويرسُم ، أعظم أجراً من ثَبير(2) ذهباً يتصدّق به من لا يعتقد هذه الأُمور ، بل تكون صدقته وبالاً عليه ، ولقارى ء آية من كتاب اللَّه معتقداً لهذه الأُمور ، أفضل ممّا دون العرش إلى أسفل التخوم .

- إلى أن قال عليه السلام - أتدرون متى يتوفّر على هذا المستمع وهذا القارى ء هذه المثوبات العظيمات ؟ إذا لم يَغُلُّ(3) في القرآن ، أنّه كلام مجيد ، ولم

ص: 401


1- 748. تفسير الإمام عليه السلام : ص 339 ح 214 ، وبحار الأنوار : ج 66 ص 344 ب 38 ، ومنية المريد : ص 114 .
2- 749. ثبير : جبل معروف عند مكّة (النهاية : ج 1 ص 207) .
3- 750. الغلول ... وهو الخيانة (النهاية : ج 3 ص 380) .

يستخف(1) عليه ، ولم يستأكل به ولم يراءِ به)(2).

المسكين الحقيقي

[ 38 ] - عن الإمام العسكري عليه السلام قال :

(وإنّ من محبّي محمّد [ وعلي ] مساكين ، مواساتهم أفضل من مواساة مساكين الفقراء ، وهم الذين سكنت جوارحهم ، وضعفت قواهم عن مقاتلة أعداء اللَّه الذين يعيّرونهم بدينهم ، ويسفّهون أحلامهم ، ألا فمن قوّاهم بفقهه وعلمه حتّى أزال مسكنتهم ، ثمّ سلّطهم على الأعداء الظاهرين : النواصب ، وعلى الأعداء الباطنين : إبليس ومردته ، حتّى يهزموهم عن دين اللَّه ، ويذودوهم عن أولياء آل رسول اللَّه صلى الله عليه وآله . حوّل اللَّه تعالى تلك المسكنة إلى شياطينهم ، فأعجزهم عن إضلالهم .

قضى اللَّه تعالى بذلك قضاءً حقّاً على لسان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله)(3).

علّموا أولادكم القرآن

[ 39 ]- تفسير العسكري عليه السلام : في قوله تعالى : «وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ»(4):

(وذلك أنّ القرآن يأتي يوم القيامة بالرجل الشاب يقول لربّه عزّوجلّ :

ص: 402


1- 751. في نسخة : يجف .
2- 752. مستدرك وسائل الشيعة : ج 4 ص 248 ب 7 ح 1 عن تفسير الإمام العسكري عليه السلام : ص 13 ح 1 ، وعنه في بحار الأنوار : ج 89 ص 182 ب 19 ح 18 .
3- 753. تفسير الإمام العسكري عليه السلام : ص 349 ح 227 ، والاحتجاج : ج 1 ص 18 ، وبحار الأنوار : ج 2 ص 7 ب 8 ضمن ح 13 .
4- 754. سورة البقرة : آية 97 .

يارب هذا أظمأت نهاره ، وأسهرتُ ليلَهُ ، وقوّيتُ في رحمتك طمعَهُ ، وفسحت في رحمتك أملَهُ ، فكن عند ظنّي فيك وظنّه .

يقول اللَّه تعالى : اعطوه الملك بيمينه والخلد بشماله ، وأقرنوه بأزواجه من الحور العين ، واكسوا والديه حلّة لا تقوم لها الدنيا بما فيها ، فينظر إليهما الخلائق فيعظمونهما ، وينظران إلى أنفسهما فيعجبان منهما .

فيقولان : ياربّنا أنّى لنا هذه ؟ ولم تبلغها أعمالنا .

فيقول اللَّه عزّوجلّ : ومع هذا تاج الكرامة ، لم ير مثله الراؤون ، ولم يسمع بمثله السامعون ، ولا يتفكّر في مثله المتفكّرون .

فيقال : هذا بتعليمِكُمَا وَلَدَكُمَا القرآن ، وبتبصيرِكُمَا إيّاه بدين الإسلام ، وبرياضَتِكُمَا إيّاه على حبّ محمّد رسول اللَّه ، وعلي ولي اللَّه صلوات اللَّه عليهما ، وتَفقُّهِكُمَا إيّاه بفقهِهِمَا ، لأنّهما اللذان لا يَقبَلُ اللَّهُ لأحدٍ عملاً إلّا بولَايتِهِمَا ، ومُعَادَاةِ أعدائِهِما ، وإن كان ما بين الثرى إلى العرش ذهباً يتصدَّقُ به في سبيل اللَّه) الخبر(1).

ياأسمع السامعين

[ 40 ] - عن أبي هاشم الجعفري قال : كتب إلى أبي محمّد عليه السلام بعض مواليه يسأله أن يعلّمه دعاءً فكتب عليه السلام إليه :

(أن أُدع بهذا الدعاء :

ياأسمع السامعين وياأبصر المبصرين ، وياعزّ الناظرين ، وياأسرع

ص: 403


1- 755. مستدرك وسائل الشيعة : ج 4 ص 246 ب 6 ح 1 ، تفسير الإمام العسكري عليه السلام : ص 449 ح 297 ، وبحار الأنوار : ج 89 ص 31 ب 1 ص 34 .

الحاسبين ، وياأرحم الراحمين ، وياأحكم الحاكمين صلّ على محمّد وآل محمّد ، وأوسع لي في رزقي ، ومدّ لي في عمري ، وامنن عليّ برحمتك واجعلني ممّن تنتصر به لدينك ، ولا تستبدل بي غيري)(1).

ص: 404


1- 756. كشف الغمّة : ج 2 ص 421 ، وبحار الأنوار : ج 50 ص 298 ب 3 ضمن ح 72 .

الإمام الحجّة بن الحسن عليه السلام

اشارة

ص: 405

ص: 406

نسبه عليه السلام :

هو الإمام محمّد بن الحسن بن علي الهادي بن محمّد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي السجّاد بن الحسين بن علي ابن أبي طالب بن عبدالمطّلب (شيبة الحمد) بن هاشم .

أُمّه :

السيّدة نرجس أو مليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم وهي من ولد الحواريين ومن أسماءها سوسن ، صقيل ، أو صُقيل ، حديثة ، حكيمة ، ريحانة وخمط وأمّا أشهر أسمائها نرجس ... .

وكنيتها :

أُمّ محمّد وقد أثنى عليها الإمام علي عليه السلام بقوله : بأبي ابن خيرة الإماء(1).

ولادته عليه السلام : ولد عليه السلام في يوم الجمعة 15 شعبان المعظّم سنة 255ه في سامراء المقدّسة .

كنيته :

كنية رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : أبو القاسم .

ألقابه عليه السلام :

المهدي ، لأنّه يهدي إلى كل أمر خفي ، أو لأنّ اللَّه تعالى يهديه ويرشده إلى الأُمور الخفيّة التي لا يطلع علهيا أحد .

والقائم لأنّه يقوم بأمر عظيم والمنتظر وصاحب الزمان ، الحجّة ، الخاتم ، صاحب الدار ، صاحب الأمر .

نقش خاتمه عليه السلام :

أنا حجّته وخاصّته أو حجّة اللَّه .

غيبته الأُولى عليه السلام :

وتسمّى الصغرى ، وكانت مدّتها تسع وستّون سنة ، نصب فيها أربعة سفراء وكان الإمام عليه السلام يتّصل بشيعته ومواليه من خلالهم ويعالج المسائل

ص: 407


1- 757. أعلام الورى : ص 465 .

الفقهية والمالية بل والقضايا الشخصية أيضاً عن طريقهم .

سفراء الإمام المهدي عليه السلام وهم النوّاب الأربعة التالي ذكرهم :

1 - عثمان بن سعيد بن عمرو الأسدي العسكري وكان يلقّب بالسمّان والزيّات ويكنّى بأبي عمرو .

2 - أبو جعفر محمّد بن عثمان الأسدي الذي صار النائب الخاصّ بعد وفاة أبيه عثمان بن سعيد وقد قام أبو جعفر قريب أربعين عاماً عاصر فيها خلافة المعتمد والمعتضد ، والمكتفي والمقتدر وكان يلقّب بالعمري والزيّات والعسكري وتوفّي سنة 305ه في بغداد .

3 - أبو القاسم حسين بن روح النوبختي صار سفير الحجّة عليه السلام قرابة واحد وعشرين عاماً وتوفّي في شعبان سنة 326ه في بغداد .

وكان يلقّب بالنوبختي .

4 - أبو الحسن علي بن محمّد السمري المتوفّى سنة 329ه في بغداد وكان يلقّب السمري .

وبوفاته انتهت مدّة الغيبة الصغرى التي كانت ما يقارب سبعون عاماً وابتدأت الغيبة الكبرى .

وكلاؤه عليه السلام : كان لسفرائه عليه السلام وكلاء في كثير من البلاد الإسلامية يقومون بدور كبير في تسهيل مهمّة السفراء وهؤلاء الوكلاء هم :

1 - حاجز بن يزيد الملقّب بالوشّاء .

2 - أبو هاشم الجعفري داود بن القاسم بن إسحاق بن عبداللَّه بن جعفر بن أبي طالب عليه السلام .

ص: 408

3 - إبراهيم بن مهزيار (أبو إسحاق الأهوازي) .

4 - محمّد بن إبراهيم بن مهزيار .

5 - أحمد بن إسحاق الأشعري القمّي .

6 - محمّد بن جعفر الأسدي .

7 - القاسم بن العلاء .

8 - الحسن بن القاسم بن العلاء .

9 - محمّد بن شاذان النعيمي .

وهناك آخرون لم تشتهر وكالتهم بين المحدّثين أو لم تثبت وكالتهم .

2 - الغيبة الثانية الكبرى : انتهت الغيبة الصغرى وبدأت الغيبة الكبرى للإمام المهدي المنتظر عليه السلام بوفاة سفيره الرابع السمري قد امتدّت هذه الغيبة حتّى يومنا هذا وذلك بعد أن صدر توقيع من الإمام عليه السلام إلى السمري قبل وفاته بستّة أيّام جاء فيه :

(بسم اللَّه الرحمن الرحيم ، ياعلي بن محمّد السمري :

أعظم اللَّه أجر اخوانك فيك ، فإنّك ميّت ما بينك وبين ستّة أيّام ، فاجمع أمرك ، ولا توصي إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك ، فقد وقعت الغيبة التامّة ، فلا ظهور إلّا بعد طول الأمد وقسوة القلوب ، وامتلاء الأرض جوراً ...) وتستمر الغيبة الكبرى حتّى ظهور الإمام عليه السلام الذي سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً وسيكون خروجه في مكّة المكرّمة وبيعته بين الركن والمقام علماً أنّ عدد أنصاره 313- رجلاً من خواص أصحابه وأنّ ملكه سيستمر على أكثر الروايات أقلّ من عشر سنين .

ص: 409

والروايات التي تتحدّث عن الإمام المنتظر عليه السلام كثيرة عند محدّثي السنّة والشيعة فقد روى أحاديث المهدي إضافة إلى محدّثي الشيعة جماعة من محدّثي السنّة في صحاحهم المشهورة .

نسأل اللَّه أن يعجّل فرجه وأن يجعلنا من أنصاره وأعوانه إنّه قريب مجيب .

ص: 410

الحقّ والباطل

[ 1 ]- عن الإمام الغائب الحجّة سلام اللَّه عليه :

(أبى اللَّه عزّوجلّ للحقّ إلّا إتماماً وللباطل إلّا زهوقاً)(1).

في التسليم لهم

[ 2 ] - عن الإمام الغائب الحجّة سلام اللَّه عليه :

(اتّقوا اللَّه وسلّموا لنا ، وردّوا الأمر إلينا فعلينا الإصدار كما كان منّا الإيراد ولا تحاولوا كشف ما غطّي عنكم)(2).

كلامه عليه السلام بعد ولادته

[ 3 ]- عن الإمام الغائب الحجّة سلام اللَّه عليه :

(أشهد أن لا إله إلّا اللَّه وحده لا شريك له ، وأنّ جدّي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ، وأنّ أبي أمير المؤمنين ... ثمّ عدّ الأئمّة عليهم السلام إلى أن بلغ إلى نفسه ، فقال : اللهمّ أنجز لي وعدي ، وأتمم لي أمري ، وثبّت وطأتي ، واملأ الأرض بي عدلاً

ص: 411


1- 758. بحار الأنوار : ج 53 ص 193 ب 31 ضمن ح 21 ، غيبة الطوسي : ص 287 ، الاحتجاج : ج 2 ص 468 .
2- 759. بحار الأنوار : ج 53 ص 178 ب 31 ضمن ح 9 ، الاحتجاج : ج 2 ص 466 ، وغيبة الطوسي : ص 285 .

وقسطاً)(1).

التعويذ من الضلال

[ 4 ] - عن الإمام الغائب الحجّة سلام اللَّه عليه :

(أعوذ باللَّه من العمى بعد الجلاء ومن الضلالة بعدَ الهدى ومن موبقاتِ الأعمال ومُرديات الفتن)(2).

السؤال عمّا لا يعني

[ 5 ]- عن الإمام الغائب الحجّة سلام اللَّه عليه :

(أغلقوا أبواب السؤال عمّا لا يعنيكم ولا تتكلّفوا عِلْمَ ما قد كفيتم)(3).

أقدار اللَّه لا تغالب

[ 6 ] - عن الإمام الغائب الحجّة سلام اللَّه عليه :

(أقدار اللَّه عزّوجلّ لا تغالب ، وإرادته لا تُردّ وتوفيقه لا يُسبق)(4).

الدعاء لتعجيل الفرج

[ 7 ] - عن الإمام الغائب الحجّة سلام اللَّه عليه :

ص: 412


1- 760. بحار الأنوار : ج 51 ص 13 ب 1 ضمن ح 14 ، كمال الدين : ج 2 ص 428 ب 42 ضمن ح 2 .
2- 761. بحار الأنوار : ج 53 ص 190 ب 31 ضمن ح 19 ، كمال الدين : ج 2 ص 510 ضمن ح 42 .
3- 762. بحار الأنوار : ج 53 ص 180 ب 31 ضمن ح 10 ، كمال الدين : ج 2 ص 483 ب 45 ضمن ح 4 ، الغيبة : ص 290 ، والاحتجاج : ج 2 ص 469 .
4- 763. بحار الأنوار : ج 53 ص 190 ب 31 ضمن ح 19 ، كمال الدين : ج 3 ص 510 ضمن ح 42 .

(أكثروا الدعاء لتعجيل الفرج فإنّ في ذلك فرجكم)(1).

كذب الوقّاتون

[ 8 ] - عن الإمام الغائب الحجّة سلام اللَّه عليه :

(أمّا ظهور الفرج فإنّه إلى اللَّه تعالى ذكره كذب الوقّاتون)(2).

بقيّة اللَّه في أرضه

[ 9 ]- عن الإمام الغائب الحجّة سلام اللَّه عليه :

(أنا بقيّة اللَّه في أرضه ، والمنتقم من أعداءه)(3).

في وصف نفسه عليه السلام

[ 10 ] - عن الإمام الغائب الحجّة سلام اللَّه عليه :

(أنا المهدي ، أنا قائم الزمان ، أنا الذي أملأها عدلاً كما ملئت جوراً)(4).

مراعاة الشيعة

[ 11 ] - عن الإمام الغائب الحجّة سلام اللَّه عليه :

ص: 413


1- 764. بحار الأنوار : ج 53 ص 180 ب 31 ضمن ح 10 ، الاحتجاج : ج 2 ص 469 ، والخرائج : ج 3 ص 1113 .
2- 765. كمال الدين : ج 2 ص 483 ب 45 ضمن ح 4 ، وأعلام الورى : ص 452 ، وكشف الغمّة : ج 2 ص 531 .
3- 766. كمال الدين : ج 2 ص 384 ضمن ح 1 ، بحار الأنوار : ج 52 ص 23 ب 18 ضمن ح 16 .
4- 767. بحار الأنوار : ج 52 ص 1 ب 18 ضمن ح 1 ، كمال الدين : ج 2 ص 444 ب 43 ضمن ح 18 ، وغيبة الطوسي : ص 253 .

(إنّا غير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم ، ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء ، وإصطلمكم الأعداء)(1).

الأرض لا تخلو من حجّة

[ 12 ] - عن الإمام الغائب الحجّة سلام اللَّه عليه :

(إنّ الأرض لا تلخو من حجّة إمّا ظاهراً ، وإمّا مغموراً)(2).

الخلق لا يكون عبثاً

[ 13 ]- عن الإمام الغائب الحجّة سلام اللَّه عليه :

(إنّ اللَّه تعالى لم يخلق الخلق عبثاً ولا أهملهم سدى)(3).

سعادة أهل الجنّة

[ 14 ] - وسئل الإمام الغائب الحجّة سلام اللَّه عليه : عن أهل الجنّة هل يتوالدون إذا دخلوها أم لا ؟ فأجاب عليه السلام :

(إنّ الجنّة لا حمل فيها للنساء ولا ولادة ، ولا طمث ولا نفاس ولا شقاء بالطفولية ، وفيها ما تشتهي الأنفس وتلذّ الأعين ، كما قال سبحانه(4)، فإذا اشتهى المؤمن ولداً خلقه اللَّه عزّوجلّ بغير حمل ولا ولادة على الصورة

ص: 414


1- 768. بحار الأنوار : ج 53 ص 174 ب 31 ضمن ح 7 ، الاحتجاج : ج 2 ص 495 .
2- 769. بحار الأنوار : ج 53 ص 190 ب 31 ضمن ح 19 ، كمال الدين : ج 2 ص 510 ضمن ح 42 .
3- 770. بحار الأنوار : ج 53 ص 193 ب 31 ضمن ح 21 ، الغيبة : ص 287 ، الاحتجاج : ج 2 ص 468 .
4- 771. سورة الزخرف : آية 71 ، ونصّ الآية : «وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ» .

التي يريد ، كما خلق آدم عبرة)(1).

أمان لأهل الأرض

[ 15 ] - عن الإمام الغائب الحجّة سلام اللَّه عليه :

(إنّي أمان لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء)(2).

يامفتح الأبواب

[ 16 ]- ومن دعاء للإمام الحجّة عجّل اللَّه فرجه الشريف :

(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيْمِ ، يامالك الرقاب ، وياهازم الأحزاب ، يامفتح الأبواب ، يامسبّب الأسباب ، سبّب لنا سبباً لا نستطيع له طلباً بحقّ لا إله إلّا اللَّه محمّد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وعلى آله أجمعين)(3).

فضل التوحيد والقدر

[ 17 ] - روي أنّه سئل الإمام الغائب الحجّة سلام اللَّه عليه عن العالم عليه السلام : أنّه روى أنّ من قرأ في فرائضه « الهُمَزَة » أُعطي من الثواب قدر الدنيا ، فهل يجوز أن يقرأ « الهمزة » ويدع سورتي التوحيد والقدر مع ما قد روي أنّه لا تقبل صلاة ولا تزكو إلّا بهما ؟

فورد التوقيع :

ص: 415


1- 772. الاحتجاج : ج 2 ص 487 ، وبحار الأنوار : ج 53 ص 162 ب 31 ضمن ح 4 .
2- 773. بحار الأنوار : ج 75 ص 380 ب 30 ضمن ح 1 ، كمال الدين : ج 2 ص 483 ب 45 ضمن ح 4 ، الاحتجاج : ج 2 ص 469 .
3- 774. مهج الدعوات : ص 45 ، مصباح الكفعمي : ص 305 ، وبحار الأنوار : ج 91 ص 365 ب 50 ح 1 .

(الثواب في السور على ما قد روي ، وإذا ترك سورة ممّا فيها الثواب وقرأ « قل هو اللَّه أحد ، وإنّا أنزلناه » لفضلهما أُعطي ثواب ما قرأ وثواب السور التي ترك ، ويجوز أن يقرأ غير هاتين السورتين ، وتكون صلاته تامّة ولكن يكون قد ترك الفضل)(1).

العاقبة الحميدة

[ 18 ]- عن الإمام الغائب الحجّة سلام اللَّه عليه :

(العاقبة بجميل صنع اللَّه سبحانه تكون حميدة لهم ، ما اجتنبوا المنهيّ عنه من الذنوب)(2).

كلمات في أهل البيت عليهم السلام

[ 19 ] - عن الإمام الغائب الحجّة سلام اللَّه عليه :

(عصمهم - اللَّه - من الذنوب ، وبرأهم من العيوب ، وطهّرهم من الدنس ، ونزّههم من اللبس ، وجعلهم خزّان علمه ، ومستودع حكمته ، وموضع سرّه ، وأيّدهم بالدلائل)(3).

الإحاطة بالشيعة

[ 20 ]- عن الإمام الغائب الحجّة سلام اللَّه عليه :

ص: 416


1- 775. الاحتجاج : ج 2 ص 481 ، وبحار الأنوار : ج 53 ص 153 ب 31 .
2- 776. بحار الأنوار : ج 53 ص 176 ب 31 ضمن ح 8 ، الاحتجاج : ج 2 ص 498 .
3- 777. بحار الأنوار : ج 53 ص 193 ب 31 ضمن ح 21 ، الغيبة : ص 287 ، الاحتجاج : ج 2 ص 468 .

(فإنّا نحيط علماً بأنبائكم ، ولا يعزب عنّا شي ء من أخباركم)(1).

متى يكون الظهور ؟

[ 21 ] - ممّا جاء من الناحية المقدّسة على رابع سفراءه وهو علي بن محمّد السمري :

(فلا ظهور إلّا بعد إذن اللَّه تعالى ذكره وذلك بعد طول الأمد ، وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جوراً)(2).

وظيفتنا في زمن الغيبة

[ 22 ] - عن الإمام الحجّة صاحب الأمر سلام اللَّه عليه :

(فليعمل كل امرئٍ منكم بما يَقرُب به من محبّتنا ويتجنّب ما يدنيه من كراهتِنا وسخطنا فإنّ أمرنا بغتة فجأة ، حين لا تنفعه توبةٌ ولا ينجيه من عقابنا ندمٌ على حوبةٍ)(3).

قلوبهم أوعية لمشيّة اللَّه

[ 23 ]- عن الإمام الغائب الحجّة سلام اللَّه عليه :

(قلوبنا أوعية لمشيّة اللَّه فإذا شاء شئنا)(4).

ص: 417


1- 778. بحار الأنوار : ج 53 ص 174 ب 31 ضمن ح 7 ، الاحتجاج : ج 2 ص 495 .
2- 779. بحار الأنوار : ج 53 ص 318 ، الاحتجاج : ج 2 ص 478 ، الغيبة : ص 395 .
3- 780. بحار الأنوار : ج 53 ص 174 ب 31 ضمن ح 7 ، الاحتجاج : ج 2 ص 495 .
4- 781. بحار الأنوار : ج 52 ص 50 ب 18 ضمن ح 35 ، غيبة الطوسي : ص 246 .

علّة تأخير الظهور

[ 24 ] - عن الإمام الغائب الحجّة سلام اللَّه عليه :

(لو أنّ أشياعَنا - وفّقهم اللَّه لطاعته - على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم ، لما تأخّر عنهم اليُمُن بلقائنا ، ولتعجّلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حقّ المعرفة ، وصدقها منهم بنا)(1).

مَن أنكرني

[ 25] - عن الإمام الغائب الحجّة سلام اللَّه عليه :

(ليس بين اللَّه عزّوجلّ وبين أحد قرابة ومن أنكرني فليس منّي)(2).

فضل الصلاة

[ 26 ] - عن الإمام الغائب الحجّة سلام اللَّه عليه :

(ما أرغَمَ أنفَ الشيطانِ شي ءٌ أفضلُ من الصلاةِ فصلِّها ، وأرغِم الشيطانَ أنفه)(3).

*عدم التوفيق لزيارته*

[ 27 ] - عن الإمام الغائب الحجّة سلام اللَّه عليه :

ص: 418


1- 782. الاحتجاج : ج 2 ص 498 ، بحار الأنوار : ج 53 ص 176 ب 31 ضمن ح 8 .
2- 783. بحار الأنوار : ج 53 ص 180 ب 31 ضمن ح 10 ، كمال الدين : ج 2 ص 483 ب 45 ضمن ح 4 .
3- 784. بحار الأنوار : ج 53 ص 182 ب 31 ضمن ح 11 ، كمال الدين : ج 2 ص 520 ضمن ح 49 ، الغيبة : ص 295 ، والاحتجاج : ج 2 ص 479 .

(ما يحبسنا عنهم إلّا ما يتّصل بنا ممّا نكرهه ولا نؤثره منهم)(1).

*الصلاة في وقتها*

[ 29 ]- عن الزهري قال : طلبت هذا الأمر طلباً شافياً حتّى ذهب لي فيه مال صالح ، فوقعت إلى العمري وخدمته ولزمته وسألته بعد ذلك عن صاحب الزمان عليه السلام ، قال لي : ليس إلى ذلك وصول فخضعت له ، فقال لي : بكّر بالغداة ، فوافيت فاستقبلني ومعه شاب من أحسن الناس وجهاً وأطيبهم رائحة ، وفي كمّه شي ء كهيئة التجّار .

فلمّا نظرت إليه دنوت من العمري فأومأ إليه ، فعدلت إليه ، وسألته فأجابني عن كل ما أردت ثمّ مرّ ليدخل الدار ، وكانت من الدور التي لا يكترث بها ، فقال العمري : إن أردت أن تسأل سل فإنّك لا تراه بعد ذا ، فذهبت لأسأل فلم يستمع ودخل الدار وما كلّمني بأكثر من أن قال :

ص: 419


1- 785. الاحتجاج : ج 2 ص 498 ، بحار الأنوار : ج 53 ص 176 ب 31 ضمن ح 8 .

(ملعون ملعون من أخّر العشاء إلى أن تشتبك النجوم ، ملعون ملعون من أخّر الغداة إلى أن تنقضي النجوم) ودخل الدار(1).

التصريح باسم الحجّة عليه السلام

[ 29 ] - عن المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي رضى الله عنه عن جعفر بن محمّد بن مسعود وحيدر بن محمّد بن السمرقندي عن أبي النضر محمّد بن مسعود عن آدم بن محمّد البلخي عن علي بن الحسن الدقّاق وإبراهيم بن محمّد عن علي بن عاصم الكوفي يقول : خرج في توقيعات صاحب الزمان عليه السلام :

(ملعون ملعون من سمّاني في محفل من الناس)(2).

كذب مدّعي المشاهدة

[ 30 ] - عن الإمام الغائب الحجّة سلام اللَّه عليه :

(من ادّعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذّاب مفتر)(3).

الأكل من أموال الأئمّة عليهم السلام

[ 31 ] - عن الإمام الغائب الحجّة سلام اللَّه عليه :

(مَن أكل من أموالنا شيئاً فإنّما يأكل في بطنه ناراً وسيصلى سعيراً)(4).

فيمن ظلمهم

[ 32 ]- عن الإمام الغائب الحجّة سلام اللَّه عليه :

(من ظلمنا كان في جملة الظالمين لنا ، وكانت لعنة اللَّه عليه لقوله عزّوجلّ : «أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ»)(5).

ص: 420


1- 786. الاحتجاج : ج 2 ص 479 ، وغيبة الطوسي : ص 271 ، وبحار الأنوار : ج 52 ص 15 ب 18 ح 13 .
2- 787. كمال الدين : ج 2 ص 482 ب 45 ح 1 ، وبحار الأنوار : ج 53 ص 184 ب 31 ح 13 . قال علي بن عيسى الإربلي : من العجب أنّ الشيخ الطبرسي والمفيد رحمهما الله قالا : إنّه لا يجوز ذكر اسمه ولا كنيته ، ثمّ يقولان : إنّ اسمه اسم النبي وكنيته صلى الله عليه وآله ، وهما يظنّان أنّهما لم يذكرا اسمه ولا كنيته ، وهذا عجيب ، والذي أراه أنّ المنع من ذلك إنّما كان في وقت الخوف عليه والطلب له والسؤال عنه ، وأمّا الآن فلا ، واللَّه أعلم . انتهى . (كشف الغمّة : ج 2 ص 519) .
3- 788. بحار الأنوار : ج 52 ص 151 ب 23 ضمن ح 1 ، الاحتجاج : ج 2 ص 478 ، الغيبة : ص 395 .
4- 789. بحار الأنوار : ج 53 ص 182 ب 31 ضمن ح 11 ، والاحتجاج : ج 2 ص 479 وكمال الدين : ج 2 ص 520 ضمن ح 49 .
5- 790. الآية من سورة هود: 8 ، بحار الأنوار : ج 53 ص 183 ب 31 ضمن ح 11 ، الاحتجاج : ج 2 ص 479 .

إنّهم صنايع ربّهم

[ 33 ]- عن الإمام الغائب الحجّة سلام اللَّه عليه :

(نحن صنايع ربّنا والخلق بعدُ صنائعنا)(1).

علّة أخذ الخمس

[ 34 ] - عن الإمام الغائب الحجّة سلام اللَّه عليه :

(وأمّا أموالكم فلا نقبلها إلّا لتطهّروا فمن شاء فليصل ، ومن شاء فليقطع)(2).

الرجوع إلى العلماء

[ 35 ] - عن الإمام الغائب الحجّة سلام اللَّه عليه :

(وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حاديثنا ، فإنّهم حجّتي عليكم ، وأنا حجّة اللَّه عليهم)(3).

علّة غيبة الحجّة عليه السلام

[ 36 ]- عن الإمام الغائب الحجّة سلام اللَّه عليه :

(وأمّا علّة ما وقع من الغيبة فإنّ اللَّه عزّوجلّ يقول : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا

ص: 421


1- 791. بحار الأنوار : ج 53 ص 178 ب 31 ضمن ح 9 ، الاحتجاج : ج 2 ص 466 .
2- 792. بحار الأنوار : ج 53 ص 180 ب 31 ضمن ح 10 ، كمال الدين : ج 2 ص 483 ، والاحتجاج : ج 2 ص 469 .
3- 793. بحار الأنوار : ج 53 ص 180 ، الغيبة : ص 290 ، كمال الدين : ج 2 ص 483 ، الاحتجاج : ج 2 ص 469 .

تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ»(1) إنّه لم يكن لأحد من آبائي عليهم السلام إلّا وقد وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه ، وإنّي أخرج حين أخرج ولا بيعة لأحد من الطواغيت في عنقي)(2).

وجه الانتفاع بالإمام عليه السلام

[ 37 ] - عن الإمام الغائب الحجّة سلام اللَّه عليه :

(وأمّا وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالإنتفاع بالشمس إذا غيّبها عن الأبصار السحابُ)(3).

الميل إلى غيرهم

[ 38 ]- عن الإمام الغائب الحجّة سلام اللَّه عليه :

(ولا تميلوا عن اليمين وتعدلوا إلى اليسار واجعلوا قصدكم إلينا بالمودّة على السنّة الواضحة)(4).

الحقّ معهم وفيهم

[ 39 ] - عن الإمام الغائب الحجّة سلام اللَّه عليه :

ص: 422


1- 794. سورة المائدة : الآية 101 .
2- 795. كمال الدين : ج 2 ص 483 ب 45 ضمن ح 4 ، وبحار الأنوار : ج 53 ص 180 ب 31 ضمن ح 10 ، والاحتجاج : ج 2 ص 469 .
3- 796. بحار الأنوار : ج 53 ص 180 ب 31 ضمن ح 10 ، كمال الدين : ج 2 ص 483 ب 45 ضمن ح 4 ، الاحتجاج : ج 2 ص 469 .
4- 797. بحار الأنوار : ج 53 ص 178 ب 31 ضمن ح 9 ، والاحتجاج : ج 2 ص 466 .

(وليعلموا أنّ الحقّ معنا وفينا ، ولا يقول ذلك سوانا إلّا كذّاب مفتر ، ولا يدّعيه غيرنا إلّا ضالّ غويّ)(1).

من الهمّ مخرج

[ 40 ] - قال الإمام الحجّة بن الحسن عليه السلام :

(يانور النور ، يامدبّر الأُمور ، ياباعث من في القبور صلّ على محمّد وآل محمّد واجعل لي ولشيعتي من الضيق فرجاً ومن الهمّ مخرجاً وأوسع لنا المنهج وأطلق لنا من عندك ما يفرج وافعل بنا ما أنت أهله ياكريم)(2).

ص: 423


1- 798. بحار الأنوار : ج 53 ص 190 ب 31 ضمن ح 19 ، كمال الدين : ج 2 ص 510 ضمن ح 42 .
2- 799. مصباح الكفعمي : ص 305 ، وبحار الأنوار : ج 91 ص 187 ب 35 .

ص: 424

مصادر الكتاب

1 - القرآن الكريم .

2 - إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات ، للحرّ العاملي (ت 1104ه) المطبعة العلمية قم المقدّسة .

3 - الإثنا عشرية في المواعظ العددية ، للمحدّث محمّد بن الحسن الحسيني .

4 - الاحتجاج على أهل اللجاج ، للشيخ الطبرسي (ت 620ه) .

5 - إحقاق الحقّ ، للسيّد القاضي التستري (1019ه) .

6 - الإختصاص ، للشيخ المفيد (ت 413ه) .

7 - الإرشاد في معرفة حجج اللَّه على العباد ، للشيخ المفيد (ت 413ه) مؤسّسة آل البيت عليهم السلام ، قم المقدّسة .

8 - إرشاد القلوب ، للديلمي (ت 711ه) مؤسّسة الأعلمي .

9 - أُسد الغابة في معرفة الصحابة ، لابن الأثير الجزري (ت 630ه) .

10 - أعلام الدين في صفات المؤمنين ، للديلمي (ت 711ه) مؤسّسة آل البيت عليهم السلام ، قم المقدّسة .

11 - إعلام الورى بأعلام الهدى ، للشيخ الطبرسي (ت 548ه) .

12 - أمالي الصدوق ، للشيخ الصدوق (ت 381ه) .

13 - أمالي الطوسي ، للشيخ الطوسي (ت 460ه) .

ص: 425

14 - أمالي المفيد ، للشيخ المفيد (ت 413ه) .

15 - الأنوار النعمانية ، للسيّد الجزائري (ت 1112ه) مطبعة تبريز .

16 - بحار الأنوار ، لشيخ الإسلام المجلسي (ت 1110ه) ط بيروت .

17 - بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ، للطبري (ت 525ه) .

18 - بصائر الدرجات ، لأبي جعفر الصفّار القمّي (ت 290ه) .

19 - تاريخ الطبري (تاريخ الأُمم والملوك) ، للطبري (ت 310ه) .

20 - تاريخ اليعقوبي ، لليعقوبي (ت 284ه) .

21 - تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام ، للسيّد الصدر ، (ت 1354ه) طبعة شركة النشر العراقية .

22 - التحصين .

23 - تحف العقول عن آل الرسول صلى الله عليه وآله ، لابن شعبة (ت 381ه) .

24 - تذكرة الخواص ، لابن الجوزي (ت 654ه) .

25 - ترتيب كتاب العين ، للفراهيدي (ت 175ه)

26 - تفسير الإمام الحسن العسكري عليه السلام ، طبعة مدرسة الإمام المهدي عليه السلام بقم المقدّسة .

27 - تفسير البرهان ، للسيّد البحراني ، (ت 1107ه) .

28 - تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان ، للسيّد الشيرازي .

29 - تفسير العياشي ، للسمرقندي المعروف بالعياشي (ت 320ه) .

30 - تفسير القمّي ، لأبي الحسن القمّي (ت 307ه) .

31 - تفسير مجمع البيان ، للطبرسي (ت 548ه) طبعة بيروت 1379 .

ص: 426

32 - تفسير نور الثقلين ، للشيخ الحويزي (ت 1112ه) طبعة قم المقدّسة .

33 - التمحيص ، للإسكافي المعروف بابن همام (ت 336ه) .

34 - تنبيه الخواطر ونزهة النواظر (مجموعة ورّام) ، لورّام بن أبي فراس (ت 605ه) .

35 - التوحيد ، للشيخ الصدوق (ت 381ه) .

36 - تهذيب الأحكام في شرح المقنعة ، لشيخ الطائفة الطوسي (ت 460ه) .

37 - ثواب الأعمال وعقاب الأعمال ، للشيخ الصدوق (ت 381ه) .

38 - جامع أحاديث الشيعة .

39 - جامع الأخبار (معارج اليقين في أُصول الدين) ، للسبزواري (القرن السابع الهجري) مؤسّسة آل البيت عليهم السلام ، قم المقدّسة .

40 - الجعفريات (الأشعثيات) للكوفي (القرن الرابع الهجري) .

41 - الجنّة العاصمة في تاريخ فاطمة ، للسيّد مير جهاني .

42 - حلية الأبرار في أحوال محمّد وآله الأطهار عليهم السلام ، للسيّد البحراني (ت 1107ه) .

43 - حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ، لأبي نعيم الأصبهاني (ت 430ه) .

44 - الخرائج والجرائح ، للراوندي (ت 573ه) .

45 - خصائص الأئمّة عليهم السلام ، للموسوي (ت 406ه) .

46 - الخصال ، للشيخ الصدوق (ت 381ه) .

47 - الدرّ النظيم في مناقب الأئمّة اللهاميم ، للشيخ الشامي (القرن السابع الهجري) .

48 - الدعوات ، للراوندي (ت 573ه) .

ص: 427

49 - دلائل الإمامة ، للطبري (ق 4ه) .

50 - الدمعة الساكبة في أحوال النبي والعترة الطاهرة عليهم السلام ، للبهبهاني (ت 1285ه) مؤسّسة الأعلمي .

51 - ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ، للطبري (ت 693ه) .

52 - الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، للشيخ الطهراني (ت 1389ه) دار الأضواء .

53 - ربيع الأبرار ، للزمخشري (ت 528ه) .

54 - روضة المتّقين ، لوالد العلّامة المجلسي (ت 1070ه) .

55 - روضة الواعظين ، للنيشابوري (ت 508ه) .

56 - رياض النضرة في مناقب العشرة ، للطبري (ت 693ه) .

57 - سنن ابن ماجة ، لابن ماجة القزويني (ت 275ه) .

58 - سنن أبي داود ، للسجستاني الأزدي (ت 275ه) .

59 - سنن الترمذي (الجامع الصحيح) للترمذي (ت 279ه) .

60 - شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد المعتزلي (ت 656ه) دار إحياء التراث ، بيروت .

61 - صحيفة الزهراء عليها السلام ، للقيومي الاصفهاني .

62 - صفات الشيعة ، للشيخ الصدوق (ت 381ه) .

63 - عدّة الداعي ونجاة الساعي ، لابن فهد الحلّي (ت 841ه) .

64 - العدد القوية لدفع المخاوف اليومية ، لابن المطهّر الحلّي (القرن الثامن الهجري) طبعة قم المقدّسة 1408ه .

65 - علل الشرائع ، للشيخ الصدوق (ت 381ه) .

ص: 428

66 - العوالم ، للشيخ البحراني (ق 12ه) ، طبعة مدرسة الإمام المهدي عليه السلام بقم المقدّسة .

67 - عيون أخبار الرضا عليه السلام ، للشيخ الصدوق (ت 381ه) .

68 - عيون الحكم والمواعظ ، للشيخ الواسطي (القرن السادس الهجري) .

69 - غاية المرام ، للسيّد البحراني (ت 1107ه) .

70 - الغدير في الكتاب والسنّة والأدب ، للأميني (ت 1390ه) . دار الكتاب العربي ، بيروت .

71 - غوالي اللآلي ، لابن أبي جمهور الاحسائي (ق 10ه) .

72 - الغيبة ، للطوسي (ت 460ه) .

73 - فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين والأئمّة من ذريتهم عليهم السلام ، للجويني (ت 730ه) .

74 - الفصول المهمّة في معرفة أحوال الأئمّة عليهم السلام ، لابن الصباغ المالكي (ت 855ه) مؤسّسة الأعلمي بيروت .

75 - فضائل الأشهر الثلاثة ، للشيخ الصدوق (ت 381ه) .

76 - فقه الرضا عليه السلام .

77 - فلاح السائل ، للسيّد علي بن طاوس الحلّي (ت 664ه) .

78 - القاموس المحيط ، للفيروزآبادي .

79 - قصص الأنبياء ، للراوندي (ت 573ه) .

80 - قصص الأنبياء ، للجزائري (ت 1112ه) .

81 - الكافي ، لثقة الإسلام الكليني (ت 329ه) .

ص: 429

82 - الكمّل في التاريخ ، لابن الأثير (ت 630ه) .

83 - كشف الغمّة في معرفة الأئمّة ، للإربلي (ت 687ه) .

84 - كفاية الأثر في النصّ على الأئمّة الاثني عشر ، لأبي القاسم الخزاز القمّي (القرن الرابع الهجري) .

85 - كمال الدين وتمام النعمة ، للشيخ الصدوق (ت 381ه) .

86 - كنز الفوائد ، للكراجكي (ت 449ه) .

87 - لئالي الأخبار ، للتويسركاني (ت 1320ه) مكتبة العلّامة ، قم المقدّسة .

88 - لسان العرب ، لابن منظور المصري (ت 711ه) .

89 - اللهوف ، للسيّد علي بن طاوس الحلّي (ت 664ه) .

90 - مجمع البحرين ، للطريحي (ت 1085ه) .

91 - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ، للهيثمي (ت 807ه) .

92 - المحاسن ، للبرقي (ت 280ه) .

93 - محاضرات الأُدباء ، للراغب الاصفهاني .

94 - المحجّة البيضاء ، للفيض الكاشاني (ت 1091ه) .

95 - مرآة العقول ، لشيخ الإسلام المجلسي (ت 1110ه) .

96 - مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل ، للشيخ النوري (ت 1320ه) مؤسّسة آل البيت عليهم السلام قم المقدّسة .

97 - مسكّن الفؤاد عند فقد الأحبّة والأولاد ، للشهيد الثاني (965ه) مؤسّسة آل البيت عليهم السلام قم المقدّسة .

98 - مسند أحمد ، للشيباني (ت 241ه) .

ص: 430

99 - مسند فاطمة الزهراء عليها السلام .

100 - مشكاة الأنوار في غرر الأخبار ، للطبرسي (القرن السابع الهجري) .

101 - معاني الأخبار ، للشيخ الصدوق (ت 381ه) .

102 - المعجم الكبير ، للطبراني (ت 360ه) .

103 - معدن الجواهر ورياض النواظر ، للكراجكي (ت 449ه) .

104 - مقاتل الطالبيين ، لأبي الفرج الاصبهاني (ت 356ه) .

105 - مقتل الحسين عليه السلام ، للمقرّم .

106 - مكارم الأخلاق ، للطبرسي (ت 548ه) .

107 - مناقب آل أبي طالب ، لابن شهر آشوب (ت 588ه) .

108 - المناقب ، لابن المغازلي (ت 483ه) .

109 - من فقه الزهراء عليها السلام ، للسيّد الشيرازي .

110 - من لا يحضره الفقيه ، للشيخ الصدوق (ت 381ه) .

111 - منية المريد في آداب المفيد والمستفيد ، للشهيد الثاني (ت 965ه) .

112 - مهج الدعوات ، للسيّد علي بن طاوس الحلّي (ت 664ه) .

113 - النوادر ، للراوندي (ت 573ه) .

114 - نور الأبصار ، للشبلنجي (توفّي بعد سنة 1308ه) .

115 - نهاية الإرب في فنون الأدب للنويري (ت 732ه) ط القاهرة .

116 - النهاية في غريب الحديث والأثر ، لابن الأثير (ت 606ه) .

117 - نهج البلاغة ، ما اختاره أبو الحسن الشريف الرضي من كلام أمير المؤمنين عليه السلام (ت 406ه) .

ص: 431

118 - وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة ، للحرّ العاملي (ت 1104ه) مؤسّسة آل البيت عليهم السلام .

119 - وصول الأخيار إلى أُصول الأخبار ، للعاملي ، ط قم المقدّسة .

120 - ينابيع المودّة لذوي القربى ، للقندوزي الحنفي (ت 1294ه) .

ص: 432

فهرس الكتاب

فهرس الكتاب

المقدّمة 7

الحديث في اللغة والسنّة 9

وعليه فالحديث لغةً هو 11

معنى الرواية والدراية 12

الحديث القدسي 12

أهميّة الحديث وأصنافه 14

فوائد جمع الأحاديث 16

عوامل حفظ الرواة للحديث 18

لولا أهل البيت عليهم السلام 19

من آداب الرواية 20

آداب أُخرى 22

إجازة الحديث وأنواعها 23

شرائط لابدّ منها 26

كيفية رواية الحديث 27

الشيعة وعلم الحديث 28

أوّل من دوّن الحديث 29

أئمّة علم الحديث 30

ص: 433

الطبقة الأُولى 30

الطبقة الثانية 31

الطبقة الثالثة 31

الطبقة الرابعة 32

الشيعة وعلم الدراية 33

في ظلال الحديث 33

روايات في (الأربعون حديثاً) 35

مصنّفات في الأربعين 39

لماذا الأربعون ؟ 46

الأربعون في القرآن الكريم 48

تأمّلات وعبر 51

ميقات واحد أو مواقيت متعدّدة 52

البلوغ في الأربعين 52

شمولية عدد الأربعين 55

الأربعون في التاريخ 60

الكتاب الذي بين يديك 62

الهدف من التأليف 62

الرسول الأعظم محمّد بن عبداللَّه صلى الله عليه وآله 69

خصال تُنزل البلاء 75

الصلاة لوقتها 75

خير الدنيا والآخرة 76

ص: 434

في النور اللَّه الأعظم 76

لكي لا نجفوا اللَّه تعالى 76

خصلتان تورث المحبّة 77

طلب الحوائج من الرحماء 77

منازل المحبّين إلى اللَّه 78

أشدّ الناس 78

الأكسل والأبخل والأسرق 79

الدعاء سلاح المؤمن 79

أصناف الأُمّة 80

غربة الإسلام 80

شجرة البلوى 81

خصال يُخشى على الأُمّة منها 81

الملائكة يتلقّون الحُجّاج 82

صلاح العباد على أقسام 82

أوّل ما عصي به اللَّه تعالى 83

المحقّرات من الذنوب 84

عبادة طول الدهر ؟ 85

عليكم بالقرآن 86

أُطلبوا الرزق بطاعة اللَّه 87

كيف نضمن الجنّة ؟ 88

حبّ ينفع في سبعة مواطن 88

ص: 435

اللَّه الكريم 89

العلم خزائن 89

غنى الحاضر 90

إخبار النبي صلى الله عليه وآله 90

ستّة أشياء 91

كيف بكم إذا فسدت نساؤكم ؟ 91

زهد النبي صلى الله عليه وآله 92

الفرار من شاهق إلى شاهق 92

الجهاد الأكبر 93

القرآن والعترة 93

متى تقبل التوبة ؟ 94

إنّ شجرنا لكثير 94

من مات على حبّ آل محمّد صلى الله عليه وآله 95

اضمنوا لي خمساً 96

صلاح المرضى 96

إنّ مع العزّ ذلّاً 97

الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام 101

موعظة منبّهة 107

إفعلوا الخير 107

ثلاث كلمات 107

أخفى أربعة في أربعة 108

ص: 436

إنّ للَّه عباداً 108

الأمل وإتّباع الهوى 109

من حقّ العالِم 109

عبادة الأحرار 110

الوصايا الخمسة 110

ثلاث لا تبقي صاحباً 111

إيّاك وما تعتذر منه 111

تقوى اللَّه 111

التمسّك بالدين 112

خلقنا للبقاء لا للفناء 112

شقّوا أمواج الفتن 112

ليس عن الموت محيص 114

عوامل السعادة 114

الجلوس في الجامع 115

الخير في ثلاث خصال 115

العمل والاستقامة 116

يسدّ باب التوبة 116

أسرار الأحكام 117

قوام الدين والدنيا 118

أرجى الشي ء 119

كيف أصبحت 119

ص: 437

للمسرف ثلاث علامات 119

لا تخلفنّ وراءك شيئاً 120

أدب الأولاد 120

كلمات لها قيمتها 120

علائم أهل التقوى 121

شروط الدعاء 121

الدنيا فانية والآخرة باقية 122

حقيقة الخير 122

دار أوّلها عناء 122

الظلم ينزع النعمة 123

الصلح مع اللَّه 123

المشي في طلب العلم 123

صلة الرحم 124

الدهر يومان 124

يادنيا .. إليك عنّي 124

الصدّيقة الكبرى فاطمة الزهراء عليها السلام 127

منزل المرأة بيتها 133

لا أُخلف الميعاد 133

أي شي ء خير للمرأة ؟ 134

حجاب الزهراء 134

تعويذ الحسنين عليهما السلام 134

ص: 438

جزاء فتح الحجّة على المؤمن 135

حديث الكساء 135

آداب قبل النوم 139

أصبحت عائفة لدنياكم 140

إنّها أحقاد بدريّة 143

البشر والبشاشة 144

ثلاث تحبّها الزهراء عليها السلام 144

حديث الثقلين 144

ساعة استجابة الدعاء 145

تحمّل رقاب الرجال 146

فضل السلام على الزهراء عليها السلام 146

رفع القلم عن المريض 147

السخاء والبخل 147

علي عليه السلام أعلم الناس 148

شرار الأُمّة 148

الشفاعة الكبرى 149

أولست من شيعتكم ؟ 149

قولي ياأبه 150

أدب الصائم 151

أفلا تتدبّرون القرآن ؟ 151

الإخلاص في العبادة 151

ص: 439

الخوف من سفر القيامة 152

ابتغوا إليه الوسيلة 152

من مقامات العلماء 152

الكعبة تؤتى ولا تأتي 154

الخشية من النار 154

الجار ثمّ الدار 155

نصائح عامّة 155

من سيرة الأنبياء عليهم السلام 156

الحمد والشكر 157

ياأبت .. ورّثهما 157

المتهاون بالصلاة 158

من وصايا الزهراء عليها السلام 159

يتزوجن بالدراهم 159

دعاء النور 160

الإمام الحسن بن علي عليه السلام 161

احترام الأُمّ 167

ممّن نطلب الحوائج ؟ 167

إنّ للمعروف أهلاً 167

في فضل القرآن 168

هكذا العبودية 168

لماذا لا تردّ سائلاً ؟ 169

ص: 440

استعدّ لسفرك 169

كيف أصبحت ؟ 170

حكمة الخلقة 171

هكذا أدّبنا اللَّه 172

الأخذ بالزينة 172

أشدّ الناس حسرةً 172

فضل تعلّم العلم 173

من أخلاق المؤمن 173

القرآن قائد وسائق 174

لنا العاقبة 174

ثلاث لا حساب فيها 175

من المروءة 175

الحمد في التعزية 176

ذلكم اللَّه ربّ العالمين 176

التوحيد والمعاد والولاية 177

التفكّر في المعقولات 177

من مكارم الأخلاق 178

آداب المائدة 178

القريب والبعيد 179

قبول المعذرة 179

لماذا نكره الموت ؟ 179

ص: 441

أجر عيادة المريض 180

مصائب الدنيا 181

عليكم بطلب الآخرة 181

فضيلة محبّة أهل البيت عليهم السلام 182

الطريق إلى العزّة 182

أبعاد المعرفة 182

نحن أُناس نوالنا خَضِل 183

كلمات في الشكر 184

هلاك الناس في ثلاث 184

هل مررت على الصراط 184

العفاف والقناعة 185

يابن آدم .. مَن مثلك 185

في معنى الشيعة 186

الإمام الحسين بن علي عليه السلام 187

ماذا يقول السائل ؟ 193

صفات شيعتنا 193

الاخوان أربعة 193

مع معلّمي القرآن 194

أصبحت كثير الذنوب 194

موارد الصبر 195

علّموا أولادكم الحِكَمْ 195

ص: 442

افعل خمسة أشياء 196

عند التزام الركن 196

أئمّة الناس 197

المحاسن والمساوي 197

من شروط المسألة 198

سعادة الشهادة 198

أيّهما أحبُّ إليك ؟ 199

رضا اللَّه دائماً 199

أقسام الجهاد 200

شوق الشهادة 200

من أحبّك نهاك 201

شرّ خصال الملوك 201

في حقيقة الموت 201

الكذب والصدق 202

كتاب اللَّه تعالى على أربعة 202

حقوق الإخوان 203

كُلِ المال قبل أن يأكُلَك 203

أشرف الناس 204

ثمرة المعصيّة 204

من دخل المقابر 204

الصدقة المقبولة 205

ص: 443

فوائد صلة الرحم 205

علامات العلم والجهل 205

من أتانا أهل البيت عليهم السلام 206

الناس عبيد الدنيا 206

مواعظه عليه السلام لابن عبّاس 206

آداب طلب الحاجة 207

المعروف بقدر المعرفة 207

من نعم اللَّه عليكم 209

الصبر على الحقّ 210

وصيّته لابنه السجّاد عليهما السلام 210

التعامل مع السائل 211

الإجمال في الطلب 212

الإمام علي بن الحسين عليه السلام 213

اتّقوا الكذب 219

أحبّونا حبّ الإسلام 219

الدنيا قنطرة 220

كمال الإسلام 220

أشدّ الساعات 221

أصبحت مطلوباً بثمان 221

مواعظ ثمينة 222

للعبد أربع أعين 222

ص: 444

موقف جميل 223

التقرّب إلى اللَّه 223

أبناء الدنيا والآخرة 223

باللسان نثاب ونعاقب 224

كمال دين المسلم 225

من أخلاق المؤمن 225

علامات المؤمن والمنافق 225

الإبتهاج بالذنب 226

الترغيب والتزهيد 226

ثلاث منجيات للمؤمن 231

الزهد عشرة أجزاء 231

المذلّة والغنى 231

العجب كلّ العجب 232

علامات المؤمن خمس 232

برهان الربّ تعالى 233

في القول الحسن 233

إنّها شرائع الدين 233

من حكمه عليه السلام 234

المعاداة والصداقة 234

أبغض الناس إلى اللَّه 234

المؤمن بين ثلاث 235

ص: 445

بين الدنيا والآخرة 235

أحبّ الخطوات عند اللَّه عزّوجلّ 235

كيف نصنع بالناس ؟ 236

التضاهي بإبراهيم الخليل عليه السلام 237

مسكين ابن آدم 237

من سعادة المرء 238

خير الناس وأعبدهم وأورعهم 238

لا تزال بخير 239

خمسة لا تصاحبهم 239

مَن هو الشيعي ؟ 240

معصية العارف 240

الإمام محمّد الباقر عليه السلام 241

الإبقاء على العمل 245

مقياس الخير 245

أداء الفريضة تامّة 246

من كنوز البرّ 246

أصبحنا في نعمة 246

تطوّلت عليك بثلاث 247

كن أحد هؤلاء 247

إنّ للَّه ملك ينادي 247

مداهنة أهل المعاصي 248

ص: 446

الذكر على كل حال 248

الكسالة والضجر 249

من آثار الإحسان 249

المنجيات 249

ثلاث قاصمات الظهر 250

ثلاث لا رخصة فيها 250

من أشدّ الخصال 251

ما ينبغي طلبه من اللَّه 251

من مكارم الدارين 251

الصبر ثمن الجنّة 252

الصبر الجميل 252

الظلم ثلاثة 253

شمعة تزيل الظلام 253

العبد بين ثلاثة 254

التصدّق بالرغيف 254

اقبل هديّة اللَّه 255

قلوب الملوك بيدي 255

قرّاء القرآن ثلاثة 255

الكمال كلّ الكمال 256

الحاجة إلى الخلق 256

اذكرني في ثلاثة مواطن 256

ص: 447

كلمتان من الدعاء 257

حقّ المؤمن على اللَّه 257

معيار الثواب 258

الإخلاص للَّه أربعين يوماً 259

القلب والخطيئة 259

القرآن في الصلاة 260

كن في حاجة أخيك 260

انصر أخاك 261

كنز اليتيمين 261

أوصاف الشيعة 262

الإمام جعفر الصادق عليه السلام 263

مداد العلماء أفضل 269

لا أشدّ من شحّ النفس 269

موازين اجتماعية 270

انقلاب النِعم والمصائب 270

العاملين لغير اللَّه 270

تأثير الذنوب 271

امتحنوا أنفسكم 271

كلّ يعمل على شاكلته 272

من كانت فيه ثلاث خصال 272

خشوع الأشياء للمؤمن 273

ص: 448

الأورع والأعبد والأزهد 273

علائم المنافق 273

لم يسأل بمثلهنّ 274

ثلاثة في ظلّ العرش 274

أقرب الخلق إلى اللَّه 275

الجنّة والنار بلا حساب 275

ثلاثة يشكون إلى اللَّه 275

حُسْن الخلق 276

خصال لا تكون 276

شرف المؤمن وعزّه 277

حدود الصداقة 277

ممّا نفزع ؟ 278

عليكم بالمكارم 279

ليسوا في قبضة إبليس 279

دعاة الناس 280

الإيثار والشكر 280

الثواب على قدر العقل 280

الأعمال المردودة 281

أربع كلمات حكم 281

المروءة مروءتان 282

تخفيف سكرات الموت 282

ص: 449

من برئ من ثلاثة 283

من طلب ثلاثة 283

أهميّة السيّئة 283

أربعة أبيات في الجنّة 283

بين مخافتين 284

الناس أربعة أصناف 285

علم الناس في أربع 285

عطاء اللَّه تعالى 286

إيّاك والذنوب 286

الإمام موسى الكاظم عليه السلام 287

لا تكن امّعة 293

الزمان أربع ساعات 294

التقيّة وحقوق الإخوان 294

اشتداد مؤونة الدارين 295

أفضل المقرّبات 295

الزهد والخوف 296

غنى الموالاة 296

الجواد 297

من حقّ أخيك 297

قل الحقّ ودع الباطل 297

بئس العبد المنافق 298

ص: 450

فضل الفقهاء 298

آداب التخلّي 298

ثلاثة من المنجيات 300

المعاصي تخرّب الديار 300

السخاء وحسن الخُلُق 301

الصبر على الوحدة 301

الصنيعة التامّة 301

حسن المعاشرة 302

شراء الأحرار 302

عليك بالجدّ 303

فضل الفقيه 303

تأثير البرّ والإحسان 304

الإحسان 304

الكفر والشرك 305

كفى بالتجارب تأديباً 306

الذنوب مستتبعة للبلاء 306

نصائح أبي الحسن عليه السلام 307

الخوف والرجاء 307

محاسبة النفس 308

شرف التعقّل 308

أمثال الأنبياء 308

ص: 451

ليس كلّ من يدّعي 309

من هو الملعون 309

كمال العقل 310

إعانة المؤمنين 310

موجبات هدم العقل 311

مواعظ غالية 311

مواعظ قيّمة 312

العفو والإصلاح 312

الإمام علي الرضا عليه السلام 313

أحسن ظنّك باللَّه 319

إذا أراد اللَّه أمراً 319

أصبحت بأجل منقوص 319

خيار العباد 320

حقيقة الورع 320

مَنِ الفقيه ؟ 320

الدعاء عند الإفطار 320

ثلاثة مقرونة بثلاثة 321

الأئمّة عليهم السلام شفعاء 321

إقبال القلب وإدباره 322

الحرص والحسد والبخل 322

الإيمان فوق الإسلام 322

ص: 452

ثمانية من قضاء اللَّه 323

خمسة من المكارم 323

كن سخيّاً 323

من حقوق النعمة 324

الصديق الحقيقي 324

الواجب تجاه الخالق 324

صلة الرحم 325

الحجّة على الخلق 325

تعلّموا من الديك 326

القناعة 327

حديث النفس 327

لا تَدَعُوا العمل الصالح 327

خصال تجمع المال 327

المؤمن حقّاً 328

درجات التوكّل 329

العُجْب المفسد 329

التدبّر في القرآن 329

التكبيرات الخمس 330

ما أحسن الصبر ؟ 331

ما بين الطلوعين 331

محاسب النفس رابح 331

ص: 453

يخلّص زائره 332

التوحيد 332

من علامات الفقه 332

مع الغني والفقير 333

المذبذبون 333

المؤمنون أكفاء 333

لا تدع الطيب 334

الإمام محمّد الجواد عليه السلام 335

أفضل العبادة 339

ثواب قراءة إنّا أنزلناه 339

المرء مع صاحبه 339

فضل العلماء والهداة 340

الصبر عند المكاره 340

أيتام آل محمّد صلى الله عليه وآله 340

التولّي والتبرّي 341

أحوج المحتاجين 341

مصاحبة الشرّير 342

أُوصيك بالتقوى 342

جالبات المودّة 342

ثلاث لا ندامة فيها 343

كلمات منبّهة 343

ص: 454

وصيّة عالية غالية 343

من أخلاق المؤمن 343

قضاء حقوق الإخوان 344

راكب الشهوات 345

الشرف والسؤدد 345

زينة المكارم 346

التوكّل على اللَّه 346

لا تعادينّ أحداً 346

لا تفسد الظنّ 346

سخط الجائر 347

جزاء المحبّة 347

الدعاء الملحون 347

الإطّلاع على العباد 348

قضاء حوائج الناس 348

الشيعة الخلّص 349

اختيار القرابة الدينية 351

الإصغاء إلى الناطق 351

من رفق الرجل 351

زيارة قبر المؤمن 351

من كره ورضى 352

النجاة بالتقوى 352

ص: 455

كيف تعض أخيك 353

أهمية المداراة 353

ثلاث خصال للمؤمن 353

الأُخوّة للَّه 353

آتيناه الحكم صبيّاً 354

يوم العدل على الظالم 354

الإمام علي الهادي عليه السلام 355

زمان العدل وزمان الجور 361

حسن النيّة 361

أدنى المعرفة 361

الزم الاستغفار 362

شكر النعم 362

ثواب الآخرة 362

محالّ مشيّة اللَّه تعالى 363

التجاء الأئمّة عليهم السلام إلى اللَّه 363

إنّ اللَّه لا يوصف 363

صلة الرحم 364

الظالم الحالم 364

آثار الصلوات 364

حديثنا لا يحتمله ملك 365

التوبة النصوح 365

ص: 456

إيّاك والحسد 366

تأويل الأيّام 366

جواز التكنية للكفّار 366

الجدال في القرآن 367

نصيحة إبليس لنوح عليه السلام 367

آثار الأخلاق السيّئة 368

خير من الخير 368

الدنيا سوق 369

السهر والجوع 369

سعادة الشاكر 369

كيف يعلم اللَّه ؟ 369

مواعظ مفيدة 371

ارتباط القلوب 371

علم اللَّه بالأشياء 371

لم يزل اللَّه موجوداً 372

أيّ وادي نسلك 372

لولا العلماء لارتدّ الناس 372

معنى الرجيم 373

الإطاعة والتقوى 373

كلمات لها قيمتها 374

مواعظ وحِكَم 374

ص: 457

أنت ولّينا حقّاً 374

ما الحلم ؟ 376

أي النعم يؤدّى شكرها ؟ 376

أخذ اللَّه على أنبياءه 377

ليس للأيّام ذنب 377

الإمام الحسن العسكري عليه السلام 379

أحسن ظنّك 385

لا تعجّل بحوائجك 385

حقوق الإخوان 386

حِكَم لها دلالاتها 387

لكلامنا فضل 388

أجر افحام الناصبي 388

أهل المعروف 389

مواعظ مُنبِّهَة 390

الناس على طبقات 390

مداراة أعداء اللَّه 390

أُوصيكم بتقوى اللَّه 391

شرافة البسملة 392

الجرأة والعقوق 392

حبّ الأبرار 392

خصلتان عظيمتان 393

ص: 458

خير الإخوان 393

كلمات من نور 393

عمى القلوب 393

من أسرار الصوم 394

الفرقة الناجية 394

العلماء إذا صلحوا 395

تفسير المصطفين 396

لا يشغلك رزق مضمون 396

لا تمازح 397

الشاكر العارف 397

جزاء الإخلاص 397

حقيقة العبادة 398

عزّة الحقّ 398

المقادير والأرزاق 398

من التواضع 398

التهاون بالذنوب 399

التواضع في الجلوس 399

الاستيناس باللَّه 400

الارتداد بعد البرهان 400

الورع والكرم والحلم 400

اليتم الحقيقي 400

ص: 459

فضل قارئ القرآن 401

المسكين الحقيقي 402

علّموا أولادكم القرآن 402

ياأسمع السامعين 403

الإمام الحجّة بن الحسن عليه السلام 405

الحقّ والباطل 411

في التسليم لهم 411

كلامه عليه السلام بعد ولادته 411

التعويذ من الضلال 412

السؤال عمّا لا يعني 412

أقدار اللَّه لا تغالب 412

الدعاء لتعجيل الفرج 412

كذب الوقّاتون 413

بقيّة اللَّه في أرضه 413

في وصف نفسه عليه السلام 413

مراعاة الشيعة 413

الأرض لا تخلو من حجّة 414

الخلق لا يكون عبثاً 414

سعادة أهل الجنّة 414

أمان لأهل الأرض 415

يامفتح الأبواب 415

ص: 460

فضل التوحيد والقدر 415

العاقبة الحميدة 416

كلمات في أهل البيت عليهم السلام 416

الإحاطة بالشيعة 416

متى يكون الظهور ؟ 417

وظيفتنا في زمن الغيبة 417

قلوبهم أوعية لمشيّة اللَّه 417

علّة تأخير الظهور 418

مَن أنكرني 418

فضل الصلاة 418

عدم التوفيق لزيارته 418

الصلاة في وقتها 419

التصريح باسم الحجّة عليه السلام 419

كذب مدّعي المشاهدة 420

الأكل من أموال الأئمّة عليهم السلام 420

فيمن ظلمهم 420

إنّهم صنايع ربّهم 421

علّة أخذ الخمس 421

الرجوع إلى العلماء 421

علّة غيبة الحجّة عليه السلام 421

وجه الانتفاع بالإمام عليه السلام 422

ص: 461

الميل إلى غيرهم 422

الحقّ معهم وفيهم 422

من الهمّ مخرج 423

مصادر الكتاب 425

فهرس الكتاب 433

ص: 462

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.