شهداء الفضیلة

اشارة

شهداء الفضیلة

شیخ الحفاظ والمحدثین آیة الله المجاهد

الشیخ عبدالحسین الامینی النجفی قدس سره

موسسة الوفاء

بيروت - لبنان

ص: 1

اشارة

شهداء الفضیلة

ص: 2

شهداء الفضیلة

کتاب فنة ، تاریخي ، ادبي ، مبتکرفي موضوعه ، یتضمن تراجم شهداء علمائنا الاعلام من القرن الرابع الهجری الی العصر الحاضروهم ماءه وثلاثون شهیدا.

موسسة الوفاء

بيروت - لبنان

ص: 3

کافة الحقوق محفوظة ومسجلة

الطبعة الثانیة

1403ه - 1983 م

مؤسسة الوفاء - بيروت - لبنان - صرب ، 1457 - هاتف : 386868

ص: 4

بسم الله الرحمن الرحیم

المقدمة

حمدا لمن خص ذوي الشهادة بالسعادة ، و الصلوة والسلام على نبيه و آله خیر سادة . و بعد) فهذا ما بذلت في جمع شتاته الجهد ، وصرفت في سبيل ترصيفه الأوقات الثمينة ، من تأريخ الشهداء من علائنا الأعلام الذين بذلوا مهجم في سبيل الحقايق الدينية ، أقدمه لطلاب الفضائل ، ورواد الكمال ، إحياء لذكرى أولئك الكرام ، ولما كان العلاء المستشهدون في القرون الثلاثة الأولى من الهجرة المقدسة قد دونت أخبارم في المعاجم الكثيرة لأصحابنا و غیره ابتدأت في كتابنا هذا من شهداء القرن الرابع إلى العصر الحاضر، وذيلت غير واحد من القرون ببعض مشاهیر شهدائنا من الأعيان و السادة الفضلاء ممن لم يكن لهم شهرة علمية و رأیت لذكره أهمية ، راجيا من الباري تعالى أن يجعل عملي هنا خالصا لوجهه الكريم والله الهادي إلى سواء السبيل .

عبد الحسين الأميني

ص: 5

ص: 6

القرن الرابع و شهداء علمائه

السيد الامام أبو محمد الحسن

ابن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبى طالب عليهم السّلام الشهير بالناصر الكبير و يعرف بالأطروش(1)تارة و بالأصم أخرى جد سيدنا المرتضى و الرضي من قبل أمهما.

ضم الى شرفه الوضاح علما جما و الى نسبه العلوي الشريف فضائل كثيرة في نصرة الدين و نشر العلم فجاء منبثق أنوار المناقب و مزدهر غرر المفاخر حتى اعترف بفضله القريب و البعيد و أذعن بكماله العدو و الصديق.

أتاه الفخر من هنّا و هنّا *** فكان له بمجتمع السيول

ص: 7


1- في مجالس المؤمنين للقاضي الشهيد نور اللّه المرعشي أن المترجم صم لجرح وقع على رأسه في مجاهداته و لذلك اشتهر بالأطروش اه و عن صاحب المجدي أن رافع بن هرثمة ضرب الناصر بالسياط حتى ذهب سمعه. يقال في أول مرتبة ثقل السمع وقر فاذا زاد فهو طرش و بعده الصمم و قيل أنه أقل من الطرش فاذا زاد بحيث لا يسمع البتة فهو صلح كسب.

و قد جمع بين السيف و القلم؛ فرفّ عليه العلم و العلم، فهو في الجبهة و السنام من فقهائنا، كما انه معدود من ملوك الشيعة و زعمائها. أضف الى ذلك أدبه الرائق و شعره العسجدي.

قال ابن ابى الحديد في بيان نسب الرضي (رض) ان المترجم شيخ الطالبيين و عالمهم و زاهدهم و أديبهم و شاعرهم ملك بلاد الديلم و الجبل و يلقب بالناصر للحق و جرت له حروب عظيمة مع السامانية.

للمترجم في التاريخ صحيفة بيضاء يقف عليها المتتبع في غضون كتب السير و لصاحب (رياض(1) العلماء) في حرف الحاء من القسم الأول يعني الامامية حول حياته و شهادته و عالميته مباحث ضافية تتضمن أخذا و ردا و نقضا و ابراما و من نتايجها انه من اعاظم علماء الامامية و فقهائهم و انه نقي الديل عن المذهب الزيدي بالرغم عن عقايد زيدية طبرستان الأكيدة فيه و قد نص بذلك شيخنا البهائى (ره) و عزاه الى المحققين من علمائنا في رسالته المعمولة لاثبات وجود الحجة (عج) و يؤكده كتابه في انساب الأئمة و مواليدهم الى صاحب الامر عليه السّلام و سيأتى و صرح النجاشي بأنه كان يعتقد الامامة و صنف فيه كتبا فان هذه اللفظة نص عند علماء الرجال في القول بامامة الاثنى عشر مضافا الى الكتب التي ألّفها في ذلك فهذا هو معنى العبارة لا ما فهم بعضهم من انه كان يعتقد الامامة لنفسه البعيد عن مساق الكلام غايته و قد ترحم عليه النجاشي و قال العلاّمة المجلسي في الوجيزة فيه مدح مع قوله و يقال انهدي

ص: 8


1- للبحاثة الكبير ميرزا عبد اللّه التبريزي الأفندي

ناصر الحق الذى اتخذه الزيدية اماما اه فتراه لم يأبه بتلك المزعمة في حقه فصرح بأن فيه مدحا لثبوت عقيدته الصحيحة عنده و لا منافاة بين اعتقاد القوم امامته و برائته منها فكم له من نظاير فهذا جده أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه كان عبد اللّه بن سبا و لفيفه و من اقتفى اثر الى اليوم من النصيريه يؤلّهونه و هو يبرء من ذلك جهده و ينهاهم عنه فلا ينتهون حتى قتل سلام اللّه عليه ابن سبا و زبائنه اشد قتلة.

و اما خروجه في البلاد فلم يك الاّ لنشر الدعاية الحقة و تبليغ الدين الخالص الى معتنقيه ففي (الكامل(1) كان الحسن بن علي الاطروش قد دخل الديلم بعد قبل محمد بن زيد و أقام بينهم نحو ثلث عشرة سنة يدعوهم الى الاسلام و يقتصر منهم على العشر و يدافع عنهم ابن حسان ملكهم فاسلم منهم خلق كثير و اجتمعوا عليه و بنى في بلادهم مساجد و كان للمسلمين بأزائهم ثغر ثال قزوين و سالوس و غيرهما و كان بمدينة سالوس حصن منيع قديم فهدمه الاطروش حين اسلم الديلم و الجبل ثم أنه جعل يدّعوهم الى الخروج معه الى طبرستان فلا يجيبونه الى ذلك لاحسان بن نوح فاتفق أن الامير احمد عزل ابن نوح عن طبرستان و ولاّها سلاما فلم يحسن سياسة اهلها و هاج عليه الديلم فقاتلهم و هزمهم و استقال عن ولايتها فعزله الامير احمد و اعاد اليها ابن نوح فصلحت البلاد معه ثم انه مات بها و استعمل عليها ابو العباس محمد بن ابراهيم بن صعلوك فغيرل.

ص: 9


1- للمؤرّخ الشهير علي بن ابى الكرم اثير الدين محمد صاحب (اسد الغابة في معرفة الصحابة) توفى سنة 630 بموصل.

رسوم ابن نوح و أساء السيرة و قطع عن رؤساء الديلم ما كان يهديه اليهم ابن نوح فانتهز الحسن بن على الفرصة وهيج الديلم عليه و دعاهم الى الخروج معه فأجابوه و خرجوا معه و قصدهم صعلوك فالتقوا بمكان يسمى (نوروز) و هو على شاطيء البحر على يوم من سالوس فانهزم صعلوك و قتل من اصحابه نحو أربعة آلاف رجلا و حصر الأطروش الباقين ثم آمنهم على انفسهم و اموالهم و اهليهم فخرجوا اليه فآمنهم و عاد عنهم الى آمل و انتهى اليهم الحسن بن القسم الداعي العلوي و كان ختن الأطروش فقتلهم عن آخرهم لأنه لم يكن آمنهم و لا عاهدهم و استولى الاطروش على طبرستان و خرج صعلوك الى الري و ذلك سنة احدى و ثلثمائة ثم سار منها الى بغداد و كان الأطروش قد اسلم على يده من الديلم الذين هم وراء (اسفيدروز) الى ناحية آمل فهم يذهبون مذهب الشيعة و كان الاطروش زيدى(1) المذهب شاعرا مفلقا ظريفا علاّمة اماما في الفقه و الدين كثير المجون حسن النادرة الخ.

و أما كتبه و تآليفه على مذهب الشيعة و اصولها فكتاب في أصول الدين. كتابان في الامامة صغير و كبير. كتاب الخمس. كتاب الطلاق. كتاب فدك. كتاب الشهداء و فضل اهل الفضل منهم.

كتاب فصاحة ابى طالب (ع). كتاب معاذير بني هاشم فيما نقم عليهم.

كتاب انساب الأئمة و مواليدهم الى صاحب الأمر عليه السّلام.

هذه الكتب ذكرها النجاشي في فهرسته و له كتاب المسترشد ذكرهه.

ص: 10


1- عرفت حقيقة الحال فى مذهبه و نص علماء الامامية بها و أهل البيت أدرى بما فيه.

الشيخ البهائي في رسالته التي اوعزنا اليها و يحتمل انه احد كتابيه في الامامة او غيرهما و له كتاب الألفاظ ذكره النسابة العمري و له شعر و منه:

لهفان جم بلابل الصدر *** بين الرياض فساحل البحر

يدعو العباد لرشدهم و هم *** ضربوا الأذان بالوقر

فخشيت أن ألقى الآله و ما *** ابليت في اعدائه عذري

في فتية باعوا نفوسهم *** باللّه بالمعلى من الأجر

ناطوا أمورهم برأي فتى *** مقدامة ذي حرّة شزر

و أما شهادته (قده) فقد ذكرها فخر الدين ابو سليمان بن داود النباكتى صاحب (روضة أولي الألباب) فذكر فيه أن المترجم خرج أيام المقتدر في بلاد الديلم و قتل و نص به صاحب «الرياض» نفسه في باب الألقاب من المجلد الثاني من غير ترديد و أن ناقش فيها في ترجمته المفصلة و يحتمل تحققها عنده بعد ذلك فاثبتها و قد اثبت شهادته بقتله بحائة آل كاشف الغطا فى (الحصون المنيعة) و ترديد صاحب (الرياض) الأول هو الذى أوقف العلامة النوري في (المستدرك) موقف المتردد فقال انه توفى أو استشهد و كأنه (قده) لم يلتفت الى كلامه الأخير و وقعت شهادته سنة 304 بآمل من أعمال طبرستان و هو ابن 79 سنة و قبره بها و عليه قبة معروفة.

و أما عقبه: فخلف عشرة اولاد منهم خمس بنات هن 1 ميمونة 2 مباركة 3 زينب 4 أمّ محمد 5 أمّ الحسن؛ و خمسة ذكور و هم 1 زيد 2 محمد 3 جعفر 4 علي 5 احمد، فأما زيد فلم يعقب و اما محمد

ص: 11

و يكنى ابا علي فأعقب و ولده ابو الحسن علي المحدّث بالأهواز و أما جعفر فيكنى ابا القسم فاولد بشيراز و فارس و بغداد و أما علي فهو ابو الحسن الأعور بطبرستان الشاعر كان لأمّ ولد أولد علي الشاعر هذا ابا الحسن محمدا و قال ابو عبد اللّه بن طباطبا النسابة هو ابو الحسين و له اولاد منهم ببلخ و أما احمد فيكنى ابا الحسين صاحب جيش ابيه و كان وجيها خلف عدة اولادهم فاطمة الكبرى و فاطمة الصغري و علي و له عقب و ابو علي محمد يلقب بالرضا و هو الذي طرب فطرب به فرسه فمات بطبرستان و له عقب و ابو جعفر محمد المعروف بصاحب القلنسوة و هو الناصر الصغير ملك بالديلم و طبرستان و هو الذي قصد ساحل طبرستان سنة 305 و الحسن ابن زيد بها فافرج له حتى لحق بالري و له ولد منتشر بالأهواز و ما يليها و منهم ابو جعفر محمد الخوزستانى ابن خالة المرتضى زوج اخت عصمت الدين و محمد بن أحمد بن الناصر المترجم له عقب و منهم الشريف السيد ابو أحمد محمد ابن الحسين بن محمد بن أحمد بن الناصر مات عن بنات و ابو محمد الحسن الناصر الصغير نقيب بغداد المعروف بناصرك توفى ببغداد سنة 368 و له عقب و من ولده الحسين بن احمد الملقب كيا بن الناصر الصغير بن محمد و من ولده فاطمة بنت الحسن بن احمد خرجت الى ابى احمد الموسوي نقيب النقبا فأولدها المرتضى و الرضي رضي اللّه عنهما اخذناه منقولا عن (المجدي) ملخصا.

ص: 12

شيخ المحدثين ابو الحسن على

ابن محمد بن ابراهيم بن ابان الرازي الكليني الشهير بعلان خال ثقة الاسلام الكليني و شيخ روايته و اكثر الرواية عنه بغير واسطة و هو أحد العدّة الأجلاء الذين يروى بواسطتهم عن سهل بن زياد قال النجاشي(1) انه ثقة عين له كتاب اخبار القائم (عج) أخبرنا محمد قال حدثنا جعفر بن محمد قال حدثنا علي بن محمد و قتل علان بطريق مكة و كان استأذن الصاحب عليه السّلام في الحج فخرج توقف عنه في هذه السنة فخالف اه.

تجد له ذكرى في الخلاصة(2) نقد الرجال(3) تخليص الاقوال(4)

ص: 13


1- هو ابو العباس احمد بن العباس بن محمد بن عبد اللّه بن ابراهيم بن محمد ابن عبد اللّه النجاشي من فطاحل أصحاب الرجال و شيخهم ولد سنه 372 و توفى سنة 450.
2- تأليف آية اللّه جمال الدين ابى المنصور الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي المولود سنة 648 و المتوفى سنة 726 و المدفون في جوار أمير المؤمنين عليه السّلام و قبره معروف يزار.
3- تأليف البحاثة الكبير الأمير مصطفى بن الحسين التفرشي المتوفى سنة 1021.
4- تأليف العلامة المتكلم السيد ميرزا محمد بن علي بن ابراهيم الاسترابادي المتوفى سنة 1028 بمكة المعظمة و هذا رجاله الوسيط.

منهج المقال(1) ايجاز المقال(2) جامع الأقوال(3) خاتمة الوسايل(4)تلخيص المقال(5) رياض العلماء(6) لؤلؤة البحرين(7) توضيح المقال(8) منتهى المقال(9) روضات الجنات(10) إتقان المقال(11)ل.

ص: 14


1- كتاب رجال الاسترابادي الكبير.
2- تأليف العلامة الشيخ فرج اللّه بن محمد الاكبري الحويزي الجزائرى معاصر الشيخ الحر العاملي
3- تأليف العلامة الحجة السيد يوسف بن محمد بن محمد بن زين الدين الحسينى العاملى من علماء القرن العاشر.
4- تأليف المحدث الاكبر و العلم الحجة ابو جعفر محمد بن الحسن بن علي المشعري المتوفى سنة 1104 دفن في جوار الامام على بن موسى الرضا عليه السّلام.
5- تأليف العلامة الحاج محمد بن على الأردبيلي.
6- تأليف البحاثة الاكبر ميرزا عبد اللّه بن ميرزا عيسى بن محمد صالح بيك بن الحاج شاه ولي بيك بن الحاج پير محمد بيك بن خضر شاه التبريزي الأصفهانى الشهير بأفندى من فطاحل تلامذة العلامة المجلسي.
7- تأليف العلاّمة الفقيه الشيخ يوسف بن أحمد بن ابراهيم البحرانى صاحب الحدايق توفى سنة 1186 و دفن في رواق حرم الامام سيد الشهداء (ع)
8- تأليف العلامة الحجة المولى علي الرازي الكني ولد سنة 1220 و توفى 1306 و دفن بحضرة عبد العظيم الحسني سلام اللّه عليه بالري.
9- تأليف الشيخ ابى علي محمد بن اسماعيل الطبرسي الحايري أكبر بحاثة من آل الشيخ الرئيس ابى علي حسين بن سينا المعروف ولد في كربلا المشرفة سنة 1159 و توفى بها سنة 1215 من تلمذة الاستاذ المروّج البهبهانى و السيد صاحب الرياض.
10- تأليف العلامة الشهير ميرزا محمد باقر بن زين العابدين الموسوى الخونساري ولد في 22 صفر سنة 1226 و توفى 8 ج 1 سنة 1313 و دفن في تخت فولاد بأصبهان كتب على قبره: قد طار من غرف الروضات طايرها نحو الجنان و أبقى من مآثره قال المؤرخ في تاريخ رحلته تعطل العلم من فقدان باقره
11- تأليف آية اللّه الحاج الشيخ محمد طه بن المهدي بن محمد رضا التبريزي النجفي ولد سنة 1241 و قيل في تاريخه: حظيء المهدى فينا بسعود و افتخار إذ أتى طه فأرّخ كوكب الفضل أنار و توفى سنة 1313 في 13 شوال.

و تنقيح المقال(1) و وفيات الاعلام(2).

ذكر المترجم بالثقة في جميع هذه الكتب و بالشهادة في كثير منها و ثقته كشهادته من المتسالم عليها بين علماء الرجال و أما حجه فلم يكن عن مخالفة عمدية لأمر الامام عليه السّلام كما صرح به العلاّمة القهپانى في هامش رجاله.

و أحسب أن علان لقب بيته الرفيع فقد ذكروا أئمة الرجال فيي.

ص: 15


1- تأليف العلامة الحاج الشيخ عبد اللّه بن آية اللّه المامقانى ولد في ع 1 سنة 1287 و توفى 16 شوال سنة 1351
2- هو العلامة المعاصر الشيخ محمد محسن المعروف بأقا بزرگ بن الحاج علي بن المولى محمد رضا الرازي.

ترجمة محمد بن ابراهيم الرازى الكليني و الظاهر أنه أبو المترجم و في أحمد ابن إبراهيم الرازي الكليني و الظاهر انه أخوه و انهما يعرفان بعلان و من ذلك يظهر أنه ليس بلقب خاص بالمترجم و إنما يعرف به رجال بيته و ذووه

العلامة الحبر الشيخ الحسن

ابن سليمان بن الحبر الاستاذ ابو علي النافعي الانطاكي المقرى شيخ الاقراء في الديار المصرية احد العمد و الاعيان من العلماء في القرن الرابع من حملة اعباء العلم و الفضل و الادب قال الذهبي(1) في ميزان الاعتدال ج 1 ص 229 قرء بالروايات على أبى الفتح بن بدهن و أبى الفرج الشنبوذى و كان من بحور العلم إلاّ أنه كان يظهر الرفض و كان أبو الفتح بن فارس لا يرضاه في دينه قتله الحاكم العبيدي في سنة 399.

الحافظ الجليل بديع الزمان احمد

بن الحسين بن يحيي بن سعيد الهمدانى، هو الكاتب الشهير المقدم في العلم و الادب مدره مفوّه، و خطيب مصقع، و شاعر مفلق، حلّ من البلاغة وسطا فردّ شاردها، و كبح جماحها، و تقدّم في فنون لم يزل أبو عذرها، و مهما اقتفى أثره المتشدّقون كالحريري و نظرائه فله

ص: 16


1- هو محمد بن أحمد بن عثمان المتوفى سنة 748

فضل السبق، كان من افاضل الامامية و أعاظمهم غير أن انتشار أدبه الفائق و مقاماته البديعة فيه أخفى صيت علمه الغزير.

و اما مذهبه فهو التشيع و صرّح بذلك هو بنفسه في مناظرة جرت بينه و بين الخوارزمي و قال أنا إذا سار غيري في التشيع برجلين، طرت بجناحين، و اذا أمت سواى في موالاة اهل البيت بلمحة دالّة، توسلت بغرّة لايحة، فان كنت أبلغت غير الواجب، فلا يحملنك على ترك الواجب، ثم أن لي فى آل الرسول صلّى اللّه عليه و آله قصايد قد نظمت حاشيتى البر و البحر، و ركبت الأفواه، و وردت المياه، و سارت في البلاد، و لم تسر براد، و طارت في الآفاق، و لم تسر على ساق و لكنى اتسوق بها لديكم، و لا اتنفق بها عليكم، و للآخرة قلتها لا للحاضرة، و للدين ادخرتها لا للدنيا، فقيل انشد بعضها فقلت:

يالمة ضرب الزمان *** على معرّسها خيامه

للّه درّك من خزا *** مى روضة عادت ثغامه

لرزية قامت بها *** للدين أشراط القيامه

لمضرّج بدم النبوة *** ضارب بيد الامامه

متقسم بظبا السيو *** ف مجرّع فيها حمامه

منع الورود و ماؤه *** منه على طرف الثمامه

نصب ابن هند بالقضي *** ب عذابه فرط استضامه

و شدا بنغمته علي *** ه و صب بالفضلات جامه

و الدين أبلج ساطع *** و العدل ذو خال و شامه

ص: 17

يا ويح من ولّى الكتا *** ب قفاه و الدنيا أمامه

ليضر سن يد الندا *** مة يوم لا تغني الندامه

و ليدركن على الغرا *** مة سوء عاقبة الغرامه

و حمى أباح بنو أمي *** ة عن طوائلهم حرامه

حتى استقوا من يوم بد *** ر و استبدوا بالزعامه

لعنوا أمير المؤمنين *** بمثل إعلان الاقامة

لم لا تخرّي يا سما *** ء و لم تصبي يا غمامه

لم لا تزولي يا جبا *** ل و لم تشولى يا نعامه

يا لعنة صارت على *** أعناقهم طوق الحمامه

إن العمامة لم تكن *** للئيم ما تحت العمامه

من سبط هند و ابنها *** دون البتول و لا كرامه

يا عين جودي للبقي *** ع و زرعي بدم رغامه

جودي بمكنون الدمو *** ع و أرسلى بددا نظامه

جودي بمشهد كربلا *** ء فوفري مني ذمامه

جودي بمكنون الدمو *** ع أجد بما جاد ابن مامه

و نص على انه من الشيعة الامامية صاحب(1) نسمة السحر و قال كان البديع متشيعا على مذهب الصاحب و له في هذا الباب

يقولون لى ما تحبّ الوصى *** فقلت الثري بفم الكاذب21

ص: 18


1- هو السيد ضياء الدين يوسف بن يحيي بن الحسين ولد بصنعاء سنة 1078 و توفى بها سنة 1121

احب الوصى و آل النبي *** و اختص آل ابى طالب

و نص ايضا مؤلف(1) امل الأمل و قال فاضل جليل امامي المذهب حافظ اديب منشى له المقالات العجيبة آه

و كذلك نص عليه السيد(2) في الشيعة و فنون الاسلام و قال انه احد اركان الدهر و شهرته تغنى عن نقل ما ذكره العلماء في ترجمته نص الشيخ ابو على على انه من الشيعة الامامية آه

و نص على ذلك ايضا الخونساري فى روضات الجنات. و ابو على فى منتهى المقال. و الخوئي في ملخص المقال وعده من الحسان و المامقانى في تنقيح المقال و ذكره من الاماميين الممدوحين و الرازى في الدر النفيس. و القمي في هدية الاحباب و سفينة النجاة

و اما تاريخ حياته فذكر مفصلا في يتيمة الدهر(3) و فى معجم الادباء(4) و وفيات الاعيان(5) و ذكر مختصرا فى تاريخ اداب اللغة81

ص: 19


1- هو العلامة صاحب الوسائل اوعزنا اليه انفا
2- هو زعيم الشيعة و اكبر اية من ايات اللّه السيد حسن صدر الدين العاملى الكاظمى ولد فى 29 شهر رمضان سنة 1272 و توفى ليلة الخميس 11 ربيع الاول سنة 1354
3- تاليف الثعالبي ابي منصور عبد الملك بن اسمعيل النيسابوري المتوفى فى حدود 429
4- تاليف ياقوت بن عبد اللّه الحموي صاحب معجم البلدان المتوفى سنة 626
5- تاليف المؤرخ الشهير احمد بن محمد المعروف بابن خلكان الاربلى الشافعى من آل برمك توفى 26 رجب سنة 681

العربية(1) ج 2 ص 275. و فى خزانة الادب(2) و تاريخ الخلفاء.

(3) و كشف الظنون.(4) و فهرست المكتبة(5) الرضوية.

و جواهر الادب.

و رسائله البديعه فى موضوعات متنوعة مذكور: كثيرها مع جمله وافية من شعره فى يتيمة الدهر و طبعت رسائله فى هامش خزانة الادب و نكتفى مها بما قال فى وصف العلم و هو

العلم شيء بعيد المرام، لا يصاد بالسهام، و لا يقسم بالازلام(6)،ا.

ص: 20


1- تاليف جرجى زيدان
2- تاليف الشيخ تقى الدين على المعروف بابن حجة الحموي المتوفى 837
3- تاليف جلال الدين عبد الرحمن السيوطى الشافعى المتوفى سنة 910
4- تاليف الكاتب الچلبى مصطفى بن عبد اللّه المتوفى سنة 1068
5- تاليف البحاثة المدقق الحاج عماد الطهرانى نزيل خراسان
6- الأزلام جمع زلم بفتح الزاء كجمل و ضمها كصرد و هي قداح لاريش لها و لا نصل كان العرب يتفاءلون بها فى أسفارهم و أعمالهم يكتب على بعضها امرنى ربى و على بعضها نهانى ربى و بعضها غفل لم يكتب عليه شيء فاذا خرج ما ليس عليه شيء أعادها و كانوا في الجاهلية اذا أرادوا القمار يجتمع العشرة من الرجال فيشترون بعيرا و ينحرونه و يقسموا لحمه ثم اتوا بعشرة أزلام فرسموا على واحد منها خطا و على الثانى خطين و على الثالث ثلاثة و هكذا الى السابع فيرسم عليه سبعة و هو المسمى بالقدح المعلى و تبقى ثلاثة غفلا لا يرسم عليها شيء و هذه القداح العشرة لها اسماء و هي الفذ و له سهم 2 التوام و له سهمان 3 الرقيب و له ثلاثة 4 الحلس و له اربعة 5 النافس و له خمسة 6 المسبل و له ستة 7 المعلى و له سبعة و التي لا أنصباء لها هي 8 السفيح 9 المنيح 10 الوغد قال الشاعر: هي فذّ و توام و رقيب ثم حلس و نافس ثم مسبل و المعلى و الوغد ثم سفيح و منيح و ذي الثلاثة تهمل و قال الصاحب بن عباد: إن القداح امرها عجيب الفذّ و التوأم و الرقيب و الحلس ثم النافس المصيب و المفصح المشتهر النجيب هاك فقد جاء بها الترتيب و كانوا يجعلون القداح في خريطة و يضعونها على يد من يثقون به فيحركها و يدخل يده فى تلك الخريطة و يخرج باسم كل قدحا فمن خرج له قدح من الاقداح التى لا انصباء لها لم يأخذ شيئا و ألزم بأداء ثلث قيمة البعير فلا يزال يخرج واحد بعد واحد حتى يأخذ اصحاب الأنصباء انصبائهم و يغرم الذين لا انصباء لهم قيمة البعير و هذا هو القمار الذي حرّم اللّه تعالى و قال و ان تستقسموا بالأزلام الآية و نهى عنه في اخبار الأئمة الأطهار عليهم السّلام و التفصيل المذكور موجود فيها.

و لا يرى في المنام، و لا يضبط باللجام، و لا يكتم باللئام، و لا يورث عن الآباء و الأعمام، و زرع لا يزكو إلا متى صادف من الحزم ثرى طيبا، و من التوفيق مطرا صيبا، و من الطبع جوا صافيا، و من الجهد روحا دائما، و من الصبر سقيا نافعا، و غرض لا يصاب إلا بافتراش

ص: 21

المدر، و استناد الحجر، و رد الضجر، و ركوب الخطر، و إدمان السهر، و اصطحاب السفر، و كثرة النظر، و إعمال الفكر.

في يتيمة الدهر ما ملخصه أنه كان صاحب بدايع فمنها أنه كان ينشد القصيدة الكبيرة التي لم يسمعها قط فيحفظها كلها و يؤديها من غير نقص حرف و اخلال معنى و ينظر في أوراق أربعة أو خمسه من كتاب نظرة واحدة خفيفة ثم يهد بها عن ظهر قلبه هدا و كان ربما يكتب الكتاب المقترح عليه فيبتدئ بآخر سطر منه هلمّ جرّا الى الأول و يتمه فى أحسن هيئة و أجملها اه.

ولد المترجم فى همدان سنة 353 و هاجر الي نيسابور سنة 380 و أنشأ فيها أربع مقالة و اتصل بالصاحب بن العباد و كان من خواصه و أخذ اللغة عن احمد بن فارس ثم يمم هراة و اقام بها إلى أن استشهد مسموما سنة 398 قال الثعالبي فقامت عليه نوادب الأدب، و انثلم حد القلم، و فقدت عين الفضل قرّتها، و جبهة الدهر غرتها، و بكاه الأفاضل مع الفضايل و رثاه الأكارم مع المكارم:

شهادته مذكورة في غير واحد من الكتب التي اخذنا الترجمة منها و أوعزنا اليها.

ص: 22

المتكلم البارع ابو الحسن على

ابن عبد اللّه بن الوصيف الناشي(1) الأصغر البغدادي من باب الطاق نزيل مصر المعروف بالحلاّء بفتح الحاء و تشديد اللام لأن أباه كان يعمل حلية السيوف فسمي حلاّء و الناشي الكبير هو ابو العباس عبد اللّه بن محمد الأنباري المعروف بابن سرشر الشاعر المشهور متكلم معتزلي منطقى عروضي.

و المترجم احد نوابغ علم الكلام متضلع في الفن و أما القريض فهو سابق حلبته و له في الفضايل كلها قدحها المعلى روي عنه شيخنا الامام المفيد [ره] و أخذ العلم عن أبى سهل اسماعيل بن علي بن نوبخت من أعاظم متكلمي الشيعة و كان مجاهرا في مدائح أهل بيت الوحي سلام اللّه عليهم كما في معالم العلماء لابن شهراشوب و ذكر النجاشى أن له كتابا في الامامة و ذكر الشيخ في الفهرست أن له كتبا و قال ابن خلكان ان له تصانيف كثيرة و أنه من الشعراء المحسنين و له في أهل البيت قصايد كثيرة و كان متكلما بارعا اه و عن الوافي بالوفيات انه يروى عن المبرد و ابن المعتز و يروى عنه ابن فارس اللغوي و عبد اللّه بن احمد بن محمد بن روزبة الهمدانى و غيرهما و إن شعره مدوّن و أنه لا يحصى كثرة في مدح أهل البيت حتى عرف بهم و لقب بشاعر اهل البيت و كان مولده سنه 271

ص: 23


1- في انساب السمعانى ان الناشي يقال لمن نشأ في فن من فنون الشعر و اشتهر به و المشهور بهذه النسبه علي بن عبد اللّه.

و توفى سنه 366 و أبلغ في الثناء عليه في نسمة السحر و الشيعة و فنون الاسلام و قال ابن خلكان ان المترجم خرج الى الكوفه سنة 325 و أملى شعره بجامعها و كان المتنبي و هو صبى يحضر مجلسه بها كتب من املائه لنفسه من قصيدة:

كان سنان ذابله ضمير *** فليس عن القلوب له ذهاب

و صارمه كبيعته نجم *** معاقده من الناس الرقاب

و نظم المتنبي هذا و قال.

كان الهام في الهيجاعيون *** و قد طبعت سيوفك من رقاد

و قد صغت الأسنة من هموم *** فما يخطرن إلاّ في فؤاد اه

عثرنا على ترجمة الناشي (الشهيد) في فهرست الشيخ(1) معالم العلماء(2)رجال ابن داود(3). رجال النجاشى. يتيمة الدهر. أنساب السمعانى(4). وفيات الأعيان. الخلاصة. نقد الرجال. مجالس62

ص: 24


1- هو شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي هو اكبر زعيم من أصحاب التحقيق من تلمذة الامام محمد بن النعمان المفيد ولد في شهر رمضان سنة 385 و توفى 22 محرم سنة 460 بالنجف الأشرف و دفن بداره و قبره الآن مزار معروف.
2- تأليف العلاّمة الكبير محمد بن علي بن شهراشوب السروي المازندرانى من فطاحل أصحاب الحديث و رجالات التحقيق توفى 22 شعبان سنه 588
3- هو علم العلم و عيلم التحقيق الشيخ حسن بن علي بن داود الحلي من تلمذة الامام المحقق الحلي و العلم الحجة أحمد بن طاوس ولد 15 ج 2 سنة 647.
4- هو الحافظ الشافعي الفقيه أبو سعد عبد الكريم بن محمد المروزي السمعانى نسبة الى سمعان بطن من تميم توفى سنة 562

المؤمنين(1) جامع الرواة. تخليص الاقوال. منتهى المقال. نسمة السحر. امل الآمل. خاتمة الوسايل. رياض العلماء. ملخص المقال ذكره في الحسان. الحصون المنيعة. الشيعة و فنون الاسلام. تلخيص المقال. تأسيس الشيعة. روضات الجنات. تنقيح المقال. هدية الأحباب. وفيات الأعلام. الطليعة(2) في شعراء الشيعة. بغيه الطالب(3) فيمن رأى الامام الغايب.

و إما شهادته ففى معالم العلماء و غير واحد من هذه الكتب انه أحرق بالنار و تاريخه سنه 366 و ذكر في المعاجم كثير من شعره الرايق سيما في المناقب لابن شهراشوب و منه قصيدته التى اخذ منها المتنبي في مدح سيف الدولة و منها.

بآل محمد عرف الصواب *** و في أبياتهم نزل الكتاب

و هم حجج الآله على البرايا *** بهم و يجدهم لا يستراب

و لا سيما أبو حسن علي *** له في الحرب منزلة تهاب

طعام حسامه مهج الاعادى *** و فيض دم الرّقاب له شراب

كأن سنان ذابله ضمير *** فليس عن القلوب له ذهابى.

ص: 25


1- تأليف العلامة الشهيد القاضي نور اللّه المرعشي الآتى ذكره
2- تأليف البحاثة المعاصر القاضي الشيخ محمد السماوي المولود سنة 1295
3- تأليف العلامة الحجة الشيخ محمد باقر بن المولى محمد حسن القايني البرجندى.

و صارمه كبيعته نجم *** معاقده من الخلق الرقاب

هو البكاء في المحراب ليلا *** هو الضحاك إن جدّ الضراب

هو النبأ العظيم و فلك نوح *** و باب اللّه و انقطع الخطاب

«النحوى الشاعر محمد»

اشارة

أبو القاسم أو ابو الحسن بن هانى الاندلسى الازدي و يعرف بتتنبي الغرب بعث المنصور احد اجداده و هو يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب الى المغرب لحرب الاباضية فولد له هناك فكان هانى والد المترجم من إحدى قرى المهدية بافريقية شاعرا أديبا هبط الاندلس فولد له محمد باشبيلية سنة 326 و نشأ بها نشأة راقية تحظى فيها بأدب وافر و حفظ أشعار العرب و أخبارها و اتصل بصاحب اشبيلية و حظى عنده و غادرها و هو ابن 27 سنة و لحق (بالمسيلة) فبالغ والياها جعفر بن يحيى و أخوه في إكرام وفادته ثم طلبه المعز لدين اللّه فانتهى اليه و لقى منه حفاوة و جميلا و خرج معه الى الديار المصرية ثم استأذنه في العود الى المغرب ليأتى بعائلته فلما وصل الى برقه أقام عند رجل من أهلها أياما فقيل أنهم عربدوا عليه فقتلوه و قيل وجد في سانية من سوانى برقه مخنوقا و ذلك بكرة الأربعاء لسبع ليال بقين من رجب سنة 362.

و في شهرة ابن هانى و نبوغه في الأدب العربى و قرض الشعر غني عن اي إطراء و ثناء و لقد تواترت مدايح مهرة الفن له و إذعانهم بعبقريته حتى قيل فيه:

ص: 26

إن تكن فارسا فكن كعلي *** أو تكن شاعرا فكن كابن هاني

راجع معالم العلماء، و تاريخ ابن خلكان، و نسمة السحر، و أمل الآمل، و الشيعة و فنون الاسلام، و تاسيس الشيعة، و اعيان الشيعة، و ديوان شعره المشهور من انفس الآثار الادبية و هو من المجاهرين بالتشيع كما ذكره ابن شهراشوب و عدّه من شعراء اهل البيت عليهم السّلام و في (الأمل) انه فاضل شاعر اديب صحيح الاعتقاد و نزهه سيدنا العلامة الحجة الصدر في (التاسيس) عن كل ما يرمى به من غلو و غيره و ذكر انه من الآيات و النوادر و انه قتل على التشيع و ولائه الخالص و من شعره

و لم اجد الانسان الاّ ابن سعيه *** فمن كان اسعى كان بالمجد اجدرا

و بالهمة العلياء يرقى الى العلى *** فمن كان اعلى همة كان اطهرا

و لم يتأخر من اراد تقدما *** و لم يتقدم من اراد تأخرا

و لشهرة شعره و ديوانه ضربنا الصفح عنه و عن ذكره

تذييل

و ممن قتل فى القرن الرابع من اعيان الشيعة ملك البلاغة و الادب من آل حمدان ابو فراس الحارث بن سعيد بن حمدان الحمدانى قال الثعالبي في يتيمة الدهر كان فردد هره، و شمس عصره، ادبا و فضلا و كرما و نبلا و مجدا و بلاغة و براعة، و فروسية و شجاعة، و شعره مشهور سائر بين الحسن و الجودة و السهولة و الجزالة و العذوبة و الفخامة و الحلاوة و المتانة و معه رواء الطبع و سمة الظرف و عزة الملك و لم تجتمع هذه الخلال قبله الاّ في شعر عبد اللّه بن المعتز و ابو فراس يعد اشعر منه عند اهل الصنعة و نقدة الكلام

ص: 27

و كان الصاحب يقول بدىء الشعر بملك و ختم بملك يعنى إمرء القيس و ابا فراس و كان المتنبي يشهد له بالتقدم و البروز و يتحامى جانبه فلا ينبري لمباراته و لا يجترى على مجاراته و انما لم يمدحه و مدح من دونه من آل حمدان نهيبا له و اجلالا، لا اغفالا و اخلالا الخ، و عدّه ابن شهراشوب في معالم العلماء من شعراء اهل البيت عليهم السّلام و اطراه ابن خلكان و ذكره صاحب الامل و ريض العلماء و الشيعة و فنون الاسلام و غيرهم و ذكروا انه قال سنة 357 بعد ما اسرته الروم مرتين في واقعة جرت بينه و بين موالى اسرته و قتل ابوه سعيد في رجب سنة 323 قتله ابن اخيه ناصر الدولة بالموصل و اطنب الثعالبي فى ذكر شعره و نحن تركناه لشهرة ديوانه المطبوع و انما نذكر له نبذا فى اهل بيت الوحي (ع) قال

يوم بسفح الدار لا انساه *** ارعى له دهرى الذي اولاه

يوم عمرت العمر فيه بفتية *** من نورهم اخذ الزمان بهاه

فكانّ اوجههم ضياء نهاره *** و كانّ اوجههم نجوم دجاه

و مهفهف كالغصن حسن قوامه *** و الظبي منه اذ ارنا عيناه

نازعته كاسا كأن ضيائها *** لما تبدّت فى الظلام ضياه

فى ليلة حسنت لنا بوصاله *** فكان غدت من حسنها اياه

و كانما فيها الثريا اذ بدت *** كف تشير الى الذي تهواه

و البدر منتصف الضياء كأنه *** متبسم بالكف تستر فاه

ظبي لو ان البدر مرّ نحده *** من دون لحظة ناظر ادماه

ان لم يكن اهواه او اهوى الردى *** فى العالمين لكل ما يهواه

ص: 28

فحرمت قرب الوصل منه مثل ما *** حرم الحسين الماء و هو يراه

اذ قال اسقونى فعوّض بالقنا *** من شرب عذب الماء ما ارواه

فاحتز رأس طال ما من حجره *** ادنته كفا جده و يداه

و منها

يوم عليه تغيرت شمس الضحى *** و بكت دما مما رأته سماه

لا عذر فيه لمهجة لم تنفطر *** اوذى بكاء لم تفض عيناه

تبا لقوم تابعوا اهوائهم *** فيما يسوئهم غدا عقباه الخ

و من شعره السائر ميميته المعروفة التي جابه بها محمد بن سكرة الهاشمى على قصيدة كان يفاخر بها الطالبيين و مطلع قصيدة ابى فراس

الحق مهتضم و الدين مخترم *** و فيء آل رسول اللّه مقتسم

و لشهرتها و تداولها في المكتب و توارد الشروح عليها لم نذكرها

و ممن قتل فى القرن الرابع من رجال الشيعة و اعيانها ابو الحسن على بن الفرات عده صاحب. الشيعة و فنون الاسلام. من رجال علم الكتابة و قال انه تولى الوزارة ثلاث دفعات للمقتدر قال الصولى، و بنو الفرات من اجلّ الناس فضلا و كرما و نبلا و وفاء و مروءة و كانت ايامه مواسم للناس و ما زال ينتقل في الوزارة الى المرة الثالثة فقض عليه و قتل سنة 312 انتهى و ذكره صاحب اعيان الشيعة

ص: 29

القرن الخامس و شهداء علمائه

العالم الكاتب الاديب ابو الحسن التهامى

على بن محمد بن الحسن بن محمد بن عبد العزيز العاملى الشامي.

في الرعيل الاول من حاملى الوية البلاغة واحد شيوخ الشيعة الناهضين بنشر الادب، و له في العلم قنن راسية و قدم راسخة غير ان تراجم الادباء له و تعريفهم اياه باديه الباهر و قريضه الخسروانى غطت ذكره العلمى و ها نحن نقوم في ترجمته هذه بالحقين جميعا «في امل الآمل» كان فاضلا عالما شاعرا اديبا منشيا بليغا له ديوان شعر حسن اه و في وفيات الأعيان قال ابن بسام فى حقه، كان مشتهر الاحسان، ذرب اللسان، مخلى بينه و بين ضروب البيان، يدل شعره على فوز القدح، دلالة برد النسيم على الصبح، و يعرب عن مكانه من العلوم اعراب الدمع عن سر الهوى المكتوم، و له ديوان شعر صغير اكثره نخب و من لطيف نظمه قوله من جملة قصيدة مدح بها الوزير ابا القاسم بن المغربي

قلت لخلىّ و ثغور الربا *** مبتسمات و ثغور الملاح

ص: 30

ايهما احلى ترى منظرا *** فقال لا اعلم كلّ اقاح

و له في المديح و قد بالغ فيه

اعطى و اكثر فاستقل هباته *** فاستحيت الأنواء و هى هوامل

فاسم السحاب لديه و هو كنهدر *** آل و اسماء البحور جداول

«الى ان قال» و كان التهامى المذكور قد وصل الى الديار المصرية مستخفيا و معه كتب كثيرة من حسان بن مفرج بن دغفل البدوى و هو متوجه الى بنى قرّة فظفروا به فقال انا من بنى تميم فلما انكشف حاله عرف انه التهامى فاعتقل في خزانة البنود و هو سجن بالقاهرة المحروسة و ذلك لاربع بقين من شهر ربيع الآخر سنة 416 ثم قتل سرا في سجنه فى تاسع جمادى الاولى من السنة المذكورة رحمه اللّه تعالى و بعد موته رآه بعض اصحابه في النوم فقال له ما فعل اللّه بك فقال غفر لى فقال باي الأعمال فقال بقولى في مرثية ولدي الصغير

جاورت اعدائي و جاور ربّه *** شتان بين جواره و جواري

اه و في (دمية القصر) ص 44 هو و ان توّج هامة تهامة بالانتساب اليها، و طرزكم الصناعة بالاشتمال عليها، فان معانه لم يزل بالشام، حتى انتقل من جوار بنيها الكرام، الى جوار اللّه ذى الجلال و الاكرام، و له شعر ادق من دين الفاسق، وارق من دمع العاشق، كانما روح بالشمال او علل بالشمول، فجاء كنيل البغية في درك المأمول «الى ان قال» ثم انه غدر به بعض اصحابه فصار ذلك سببا للظفر به و اودع السجن في موضع يعرف بالمنسي حتي مضى لسبيله الخ و من شعره:

ص: 31

لقد شرّف الرحمن قدرك في الورى *** كما في الليالى شرّفت ليلة القدر

و ان كنت من جنس البرايا وفقهم *** فلا مسك نشر ليس يوجد للعطر

و له

تنافس في الدنيا غرورا و انما *** قصارى غناها ان يعود الى الفقر

و انّا لفى الدنيا كوكب سفينة *** نظن وقوفا و الزمان بنا يجرى

و له الرائية المشهورة في رثاء ولده و قد مات صغيرا و هى غاية في الحسن و الجزالة و فخامة المعنى وجودة السرد و الاشتمال على معانى متنوعة و هى

حكم المنية في البرية جاري *** ما هذه الدنيا بدار قرار

بينا يرى الانسان فيها مخبرا *** حتى يرى خبرا من الأخبار

طبعت على كدر و انت تريدها *** صفوا من الأقدار و الأكدار

و مكلف الايام ضد طباعها *** متطلب في الماء جذوة نار

و اذا رجوت المستحيل فانما *** تبنى الرجاء على شفير هار

فالعيش نوم و المنية يقظة *** و المرء بينهما خيال سار

فاقضوا مآربكم عجالا انما *** اعماركم سفر من الأسفار

و تراكضوا خيل الشباب و بادروا *** ان تسترد فانهن عوار

فالدهر يخدع بالمنى و يغص ان *** هنا و يهدم ما بني ببواري

ليس الزمان و ان حرصت مسالما *** خلق الزمان عداوة الاحرار

اني و ترت بصارم ذى رونق *** اعددته لطلابة الاوتار

و النفس ان رضيت بذلك اوابت *** منقادة بازمة المقدار

اثنى عليه باثره و لو انه *** لم يغتبط اثنيت بالآثار

ص: 32

يا كوكبا ما كان اقصر عمره *** و كذاك عمر كواكب الاسحار

و هلال ايام مضى لم يستدر *** بدرا و لم يمهل لوقت سرار

عجل الخسوف عليه قبل اوانه *** فمحاه قبل مظنة الابدار

و استلّ من اترابه ولداته *** كالمقلة استلت من الاشفار

فكان قلبي قبره و كانّه *** فى طيه سرّ من الأسرار

ان يحتقر صغرا فرب مفخم *** يبدو ضئيل الشخص للنظار

ان الكواكب في علوّ محلها *** لترى صغارا و هى غير صغار

ولد المعزي بعضه فاذا مضى *** بعض الفتى فالكل في الأثار

ابكيه ثم اقول معتذرا له *** وفقت حين تركت الأم دار

جاورت اعدائى و جاور ربه *** شتان بين جواره و جواري

اشكو بعادك لي و انت بموضع *** لولا الردى لسمعت فيه مزارى

و الشرق نحو الغرب اقرب شقة *** من بعد تلك الخمسة الاشبار

هيهات قد علقتك اسباب الردى *** و اغتال عمرك قاطع الاعمار

و لقد جريت كما جريت لغاية *** فبلغتها و ابوك في المضمار

فاذا نطقت فانت اول منطقى *** و اذا سكت فانت فى اضمارى

اخفى من البرحاء نارا مثل ما *** يخفى من النار الزناد الوارى

و اخفض الزفرات و هى صواعد *** و اكفكف العبرات و هي جوار

و شهاب نار الحزن ان طاوعته *** لوري و ان عاصيته متواري

و اكفّ نيران الإسى و لربما *** غلب التصبر فارتمت بشرار

ثوب الرياء يشف عما تحته *** و اذا التحفت به فانك عار

ص: 33

قصرت جفونى ام تباعد بينها *** ام صوّرت عيني بلا اشفار

جفت الكرى حتى كان غراره *** عند اغتماض العين و خز غرار

و لو استزارت رقدة لطحابها *** ما بين اجفاني من التيار

احي الليالى التمّ و هى تميتني *** و يميتهن تبلج الأسحار

حتى رايت الصبح تهتك كفه *** بالضوء رفرف خيمة كالقار

و الصبح قد غمر النجوم كانه *** سيل طغى فطفا على النوار

لو كنت تمنع خاض دونك فتية *** منا بحار عوامل و شفار

و دحوا فويق الارض ارضا من دم *** ثم انثنوا فبنوا سمآء غبار

قوم اذا لبسوا الدروع حسبتها *** خلجا تمدّ بها اكف بحار

لو شرعوا ايمانهم فى طولها *** طعنوا بها عوض القنا الخطاّر

جنبوا الجياد الى المطىّ و راوحوا *** بين السروج هناك و الاكوار

و كانما ملؤا عياب دروعهم *** و عمود انصلهم سراب قفار

و كانما صنع السوابغ عزّه *** ماء الحديد فصاغ ماه قرار

زردا فاحكم كل موصل حلقة *** بحبابة فى موضع المسمار

فتسر بلوا بمتون مآء جامد *** و تقنعوا بحباب ماء جار

اسد و لكن يؤثرون بزادهم *** و الأسد ليس تدين بالايثار

يتزين النادى بحسن وجوههم *** كتزين الهامات بالاقمار

يتعطفون على المجاور فيهم *** بالمنفسات تعطف الآظار

من كلّ من جعل الظبي انصاره *** و كرمن و استغنى عن الأنصار

و اذا هو اعتقل القناة حسبتها *** صلاّ تابطه هزبر ضار

ص: 34

و الليث ان ساورته لم يعتمد *** الا على الأنياب و الاظفار

زرد الدلاص من الطعان بريحه *** في الجحفل المتضايق الجرار

ما بين ثوب بالدماء مضمخ *** زلق و نقع بالطراد مثار

و الهون في ظل الهوينا كامن *** و جلالة الأخطار فى الاخطار

تندى اسرة وجهه و يمينه *** فى حالة الاعسار و الايسار

و يمد نحو المكرمات اناملا *** للرزق فى اثنائهن مجارى

يحوى المعالى كاسبا او غالبا *** ابدا يدارى دونها و يدارى

قد لاح في ليل الشباب كواكب *** ان امهات آلت الى الاسفار

و تلهب الاحشاء شيب مفرقى *** هذا الضيآء شواظ تلك النار

شاب القذال و كل غصن صائر *** فينانه الأحوى الى الازهار

و الشبه منجذب فلم بيض الدمى *** عن بيض مفرقه ذوات نفار

و تود لو جعلت سواد قلوبها *** و سواد اعينها خضاب عذار

لا تنفر الظبيات عنه فقد رأت *** كيف اختلاف النبت فى الأطوار

شيئان ينقشعان اول وهلة *** شرخ الشباب و خلة الاشرار

لا حبذا الشيب الوفىّ و حبذا *** ظل الشباب الخائن الغدار

و طرى من الدنيا الشباب و روقه *** فاذا انقضى فقد انقضت اوطاري

قصرت مسافته و ما حسناته *** عندي و لا الاؤه بقصار

نزداد هما كلما ازددنا غني *** و الفقر كل الفقر في الاكثار

مازاد فوق الزاد خلف ضائعا *** فى حادث او وارث اوعار

انيّ لا رحم حاسدىّ لحرّما *** ضمنت صدورهم من الاوغار

ص: 35

نظروا صنيع اللّه بي فعيونهم *** فى جنة و قلوبهم فى نار

لا ذنب لى قدرمت كتم فضائلى *** فكانما برقعت وجه نهار

و سترتها بتواضعى فتطلعت *** اعنانها تعلو علي الأستار

و من الرجال معالم و مجاهل *** و من النجوم غوامض و دراري

و لناس مشتبهون فى ايرادهم *** و تفاضل الاقوام فى الأصدار

عمري لقد اوطأتهم طرق العلا *** فعموا فلم يقفوا على آثاري

لو ابصروا بقلوبهم لاستبصروا *** و عمى البصاير من عمى الابصار

هلا سعوا سعى الكرام فادركوا *** او سلموا لمواقع الاقدار

ذهب التكرّم و الوفاء من الوري *** و تصرّ ما الا من الاشعار

و فشت خيانات انثقات و غيرهم *** حتى اتهمنا رؤية الابصار

و لربما اعتضد الحليم بجاهل *** لا خير في يمنى بغير يسار

و لغير واحد من الشعراء قصايد جاروا بها التهامي «ره» في قصيدته هذه و منهم صاحب نسمة السحر ذكر قصيدته الرائية فى ترجمة صاحب العنوان «التهامي» بكسر التاء نسبة الى تهامة و هى تطلق على مكة و لذلك قيل للنبي ص تهامي لانه منها و يطلق ايضا على جبال تهامة و بلادها و هى خطة متسعة بين الحجاز و اطراف اليمن و سميت تهامة لشدة حرّها و ركوّد ريحها و هو من التهم و هو شدة الحر و الريح يقال تهم الحرّ اذا اشتد و يقال سميت بذلك لتغير هوائها يقال تهم الدهن اذا تغير ريحه و حكي عن الاصمعى انه قال التهمة الارض المتصوبة الى البحر و كانه مصدر من تهامة و في النسبة اليها يقال تهام و تهامي قال المبرد اذا نسبوا الى

ص: 36

تهامة قالوا رجل تهام بفتح التاء و اسقاط ياء النسبة لأن الاصل تهمة فلما زادوا الفا خففوا ياء النسبة كما قالوا رجل يمان و شام في النسبة الى اليمن و الشام و قال اسماعيل بن حماد النسبة الى تهامة تهامي و تهام اذا فتحت التاء لم تشدد الياء كما قالوا رجل يمان و شام الا ان فتحة الألف من تهام من لفظها و الالف من شام و يمان عوض من ياء النسبة قال ابن احمر:

و اكبادهم كابنى سبات تفرقوا *** سبا ثم كانوا متجدا و تهاميا

و القى التهامى منهما بلطاته *** و اخلط هذا لا اريم مكانيا

و قوم تهامون كما يقال يمانون و اتهم الرجل اذا صار الى تهامة و المتهام الكثير الاتيان الى تهامة كذا فى معجم البلدان

علامة النحو و الادب ابو الحسين

ثابت بن اسلم بن عبد الوهاب الحلبي النحوى احد نوابغ النحو و الأدب من علماء حلب قال الذهبي كان من كبار النحاة شيعيا صنف كتابا فى تعليل قرائة عاصم و تولى خزانة الكتب بحلب لسيف الدولة فقال الاسماعيلية هذا يفسد الدعوة لأنه صنف كتابا في كشف عوارهم و ابتداء دعوتهم فحمل الى مصر فصلب في حدود الستين و اربعمائة -، - اخذناه من بغية الوعاة(1) و ذكره صاحب الروضات و عدّه مؤلف الشيعة و فنون الاسلام من نحاة الشيعة.

العلامة الحجة الشيخ عبد الكريم

بن الحسن ابو زرعة بن على بن ابراهيم بن على بن احمد الكرجى القزوينى

ص: 37


1- تاليف الحافظ جلال الدين السيوطى الشافعى المتوفي سنة 911

المكنى بابي القاسم المترجم «ره» احد اعيان علماء قزوين و اكابرهم من الطايفة المعروفة بالكرجية و هو اكبر شهداء هذا البيت الرفيع بيت العلم و الفضل و كان من ائمة الفقه و الحديث و الادب له القدح المعلى من المزايا الروحية، و القسط الاوفر من المحاسن و الفضايل، لم يبرح محدّثا فقيها اصوليا، اماما زعيما روحيا، قائدا دينيا، يحيي امته بصيب علمه، و يقرط الآذان بمآثر فضله، حتى استبيح دمه ظلما و عدوانا

في ضيافة الاخوان(1) انه كان فايقا في علم الحديث و الاصول و الفقه على اكثر اقرانه قال صاحب التدوين في وصفه نبيل كبير علما وجاها و كان اليه امامة الجامع بقزوين و سمع الحديث على ابي منصور المقومي سنة 469 ثم قال و هو ممن عاش سعيدا و مات شهيدا قتلته الملاحدة سنة 498 و رثاه هبة اللّه بن الحسن الكاتب بابيات كثيرة منها

مضى الشيخ الامام و ليت نفسي *** و ان كرمت علىّ له فداء

اريق دم لو ان المسك قال *** له في الطيب ما طرد الظباء

فقلب فيه تقبس منه نار *** و جفن فيه يعرق منه ماء

المحدّث الثقة ابو الحسين

اشارة

احمد بن محمد بن احمد بن طرخان الكندى الجرجرائى الكاتب قال النجاشى المتوفي سنة 450 انه ثقة صحيح السماع(2) و كان صديقنا

ص: 38


1- تاليف صاحب لسان الخواص الآتى ذكره
2- في اتقان المقال قوله صحيح السماع يعنى لا يروى الا عن ثقة او عمن لا يروى الا عن ثقة فيقتضى وثاقة جميع الوسايط ان كان الوصف المزبور باعتبار اصل الخبر المسموع كما هو الظاهر و الافلا

قتله انسان يعرف بابن ابى العباس بزعم انه علوي لأنه انكر عليه نكرة رحمه اللّه و له كتاب ايمان ابي طالب اه

ذكره بالثقة و صحة السماع و الشهادة فى تلخيص الاقوال. نقد الرجال جامع الاقوال. منتهى المقال. ايجاز المقال. تنقيح المقال و غيرها

الجرجرائى بالجيمين المفتوحتين و سكون الراء الاولى نسبة الى جرجرايا و هى بلدة من اعمال النهروان قريب بغداد كانت مدينة و خربت و قد خرج منها جمع من العلماء و الشعراء و ذكر صاحب معجم البلدان جماعة منهم

تذييل

و ممن قتل في القرن الخامس من اعيان الشيعة و رجالها الحسن بن مفضل بن سهلان ابو محمد الرامهرمزى من وزراء سلطان الدولة الديلمى و هو الذي بنى سور حائر الحسين (ع) كما في تاريخ ابن كثير الشامي قتل سنة 412 عدّه السيد العلامة الصدر في الشيعة و فنون الاسلام. من كتاب الشيعة

ص: 39

القرن السادس و شهداء علمائه

الامام العلامة ابو المحاسن

عبد الواحد بن اسمعيل بن احمد بن محمد الرويانى الطبري الشهيد سنة 501 او 502 و مولده سنة 415 او 416 احد ائمة العلم و الحديث من اصحابنا و ان كان لشدة ما التزم به من تقاة حسب اهل السنة انه منهم و انه شافعى المذهب كما في كامل ابن الاثير و وفيات الاعيان و معجم البلدان و ذكره فى الرياض هكذا الشيخ الامام ابو المحاسن القاضي فخر الاسلام الشهيد عبد الواحد و قال بعده ما مفاده انه من اجلة علماء حلب و كان يتقى فظنّ انه من الشافعية و هو فى ابتداء امر الباطنية اخذ يطعن فيهم فلذلك قتلوه و كان من مشايخ السيد فضل اللّه الراوندى و نظرائه و قد نقل بعض الافاضل ان الشيخ ابا المحاسن اول من افتى بالحاد الطائفة الباطنية حيث كانوا يقولون بانه لا بد من معلم يعلم الناس الطريق الى اللّه تعالى و كان ذلك المعلم يقول لا يجب عليكم الاّ طاعتى و ما سوى ذلك ان شئتم فافعلوا و ان شئتم فلا تفعلوا و لمّا جاء هذا الشيخ

ص: 40

الى قزوين افتى بالحادهم و امر اهلها بالتجنب عنهم على حين انه كان بينهم و بين الباطنية اختلاط و قال ان وقع بينكم و بينهم اختلاط ففيهم قوم عندهم حيل يخدعون بعضكم و اذا خدعوا بعضكم وقع الاختلاف و الفتنة فوقع الأمر كما اشار اليه «ره» و قال ان جاء من ذلك الجانب طائر فاقتلوه فلمّا عاد الشيخ الى بلدة رويان بعث الباطنية بعض الفدائية كما هو من شناشهم فقتله غيلة و قد عاش سعيدا و مات حميدا و صرّح ايضا في خمسة مواضع فى الرياض بان المترجم من علماء الشيعة و انما رمى بالشافعية لشدة تقيته

و في الروضات في ترجمة السيد الامام فضل اللّه الراوندي و له مشيخة عظيمة تزيد على عشرين رجلا اكابر من الشيعة الأمامية و عدّ منهم الامام ابو المحاسن الروياني ثم ترحم عليهم اجمعين و قال العلامة النوري فى ذكر مشايخ السيد الامام الراوندى «ره» و يروى هذا السيد الجليل عن جمّ غفير من المشايخ الاجلة نذكر منها ما عثرنا عليه الاول الامام الشهيد ابو المحاسن عبد الواحد الخ و قال السيد الامام الراوندي فى اول (النوادر) اخبرنا الامام الشهيد ابو المحاسن عبد الواحد الروياني اجازة و سماعا اه هذه تصريحات ائمة الفن و تلويحاتهم بان المترجم امام امامي شيعي اذا فلا نأبه بما قذف به من جنوحه الى غير هذا المذهب و انما وقع ذلك لما عرفته من شدة تقاته -، - و اما شهادته فقد صرّح بها غير واحد من المؤرخين قال السمعانى(1) في الانساب كان من رؤس الائمةني

ص: 41


1- هو القاضى ابو سعد عبد الكريم التميمى المروزى السمعاني

و الأفاضل لسانا و بيانا له الجاه العريض و القبول التام فى ديار طبرستان و حميد المساعى و الآثار و التصلب فى المذهب و الصيت المشهور فى البلاد و الافضال على المتابين و القاصدين اليه «الى ان قال» ولد فى ذي الحجة سنة 416 و قتل شهيدا بآمل يوم الجمعة فى الجامع عند ارتفاع النهار الحادي عشر من المحرم سنة 502 آه و فى معجم البلدان و قد نسب الى رويان طائفة من العلماء منهم ابو المحاسن عبد الواحد الروياني الطبرى القاضي الامام احد أئمة الشافعية و وجوه اهل عصره و رؤس الفقهاء فى ايامه بيانا و اتقانا «الى ان قال» و قتل بسبب التعصب شهيدا فى مسجد الجامع.

بآمل طبرستان فى محرم سنة 501 و قيل 502 عن السلفي و مولده سنة 415 اه و قال ابن خلكان له الجاه العظيم و الحرمة الوافرة في تلك الديار و كان الوزير نظام الملك كثير التعظيم له لكمال فضله رحل الى بخارا و اقام بها مدة و دخل غزنة و نيسابور و لقي الفضلاء و حضر مجلس ناصر المروزى و تملق عنه و سمع الحديث و بنى بآمل طبرستان مدرسة ثم انتقل الى الرى و درس بها و قدم اصبهان و املى بجامعها و صنف الكتب المفيدة منها بحر المذهب و هو من اطول كتب الشافعيين. كتاب مناصيص الامام الشافعى. كتاب الكافي. كتاب حلية المؤمن و صنف في الاصول و الخلاف و نقل عنه انه كان يقول لو احترقت كتب الشافعى لأمليتها من خاطرى ذكره القاضى ابو محمد عبد اللّه بن يوسف الحافظ في طبقات ائمة الشافعيين فقال ابو المحاسن الرويانى نادرة العصر امام في الفقه و ذكره الحافظ ابو زكريا يحيي بن مندة و روى الحديث عن خلق كثير في بلاد متفرقة

ص: 42

و كانت ولادته في ذي الحجة سنة 415 ثم نقل عن السلفى انه قتل بآمل في محرم سنة 502 اه و عن الرافعى ان للمترجم كتاب جمع الجوامع و التلخيص و انه استشهد في يوم العاشوراء اه و من مؤلفاته كتاب تكملة السعادات فى تكملة العبادات المسنونات بالفارسية كما فى الرياض

«الروياني» بضم اوله و سكون ثانيه نسبة الى رويان و هى مدينة كبيرة من جبال طبرستان و هى اكبر مدن الجبال قالوا اكبر مدن سهل طبرستان آمل و اكبر مدن جبالها رويان و ذكر بعض ان رويان ليست من طبرستان و انما هي ولاية برأسها و جبال رويان متصلة بجبال الرّى «نادرة» حكى ابن شهراشوب «ره» فى المناقب عن المترجم ابي المحاسن الشهيد انه قال في الاحكام ولد في زمان الخليفة الثانى مولدان ملتصقان احدهما حىّ و الآخر ميت فقال عمر يفصل بينهما بحديد فامر امير المؤمنين ان يدفن الميت و يرضع الحىّ ففعل ذلك فتميز الحىّ من الميت بعد ايام و همّ عمر ان يأخذ حلي الكعبة فقال علي (ع) ان القران انزل على النبي ص و الأموال اربعة اموال المسلمين فقسموها بين الورثة فى الفرايض و الفى فقسمه على مستحقه و الخمس فوضعه اللّه حيث وضعه و الصدقات فجعلها اللّه حيث جعلها و كان حلي الكعبة يومئذ فتركه على حاله و لم يتركه نسيانا و لم يخف عليه مكانه فاقرّه حيث اقرّه اللّه و رسوله فقال عمر لولاك لأفتضحنا و ترك الحليّ بمكانه

الشيخ الاجل السعيد ابو على

محمد بن الحسن بن على بن احمد بن على الفتّال الواعظ النيسابوري صاحب

ص: 43

كتاب روضة الواعظين الدائر و كتاب التنوير فى التفسير من مشايخ ابن شهراشوب هو العلم الخفاق و هضبة الفضيلة الراسية فى القرن السادس كان فى الجبهة و السنام من حملة الفقه و الحديث جامعا بين رتبتى السعادة و الشهادة، اخذا بعضادتى العلم و الزهادة، خطيبا مصقعا واعظا باقواله و افعاله و قد حاز ثقة الكل فجاء و حواليه زمر الثناء، و كراديس المدح و الاطراء

قال الشيخ منتجب الدين في (الفهرست) الشيخ الشهيد محمد بن احمد الفارسى مصنف كتاب روضة الواعظين ثم قال بعد فصل طويل الشيخ محمد بن على الفتّال النيسابوري صاحب التفسير ثقة و اي ثقة اخبرنى جماعة من الثقات عنه بتفسيره اه اقول الظاهر اتحادهما كما افاده صاحب الروضات فراجعه و يرشدك اليه ما قاله ابن شهراشوب فى مقدمات المناقب حدثنى الفتّال بالتنوير في معاني التفسير و بكتاب روضة الواعظين، و انّ ابن داود ذكره في الرجال هكذا محمد بن احمد بن على الفتّال النيسابوري المعروف بابن الفارسى متكلم جليل القدر فقيه عالم زاهد ورع قتله ابو المحاسن عبد الرزاق رئيس نيسابور الملقب بشهاب الأسلام اه و صرّح بشهادته و اطراه صاحب الامل و العلامة المجلسي و النوري و غيرهم غير انى لم اقف على تاريخ شهادته تفصيلا عدا ما فى فهرست المكتبة الرضوية من انه قتل على التشيع

«الفتّال» من اسماء البلبل و الفتل بالفتح شدوه و لعل المترجم لقب به لطلاقة فى لسانه في الخطابة و الوعظ و عذوبة في لهجته ورقة في الفاظه

ص: 44

و يعرف به غير المترجم من علماء اصحابنا الشيخ الحبر جمال الدين حسن بن عبد الكريم الفتّال شيخ ابن ابى جمهور الاحسائي، و العلامة الحجة السيد حسن بن عبد اللّه الفتّال الحسينى النجفى في القرن العاشر، و السيد الفقيه المفسر تلميذ الشهيد الثانى السيد رحمة اللّه الفتّال النجفي و هو الذي كتب اليه الشيخ البهائى سنة الف و واحدة من بلدة قزوين قصيدته الرائية و هى

احبتنا ان البعاد لقتّال *** فهل حيلة للقرب منكم فيحتال

افى كل آن للتنائى نوائب *** و فى كل حين للتهاجر اهوال

ايا دارنا بالأثل لا زال هاميا *** بربعك مسكيّ الغلالة هطال

و يا جيرتى طال البعاد فهل ارى *** يساعدني فى القرب حظ و اقبال

و هل يسعف الدهر الحؤن بزورة *** على رغم ايامي بها يسعد البال

خليلىّ قد طال المقام على القذى *** و حال على ذى الحال يا قوم احوال

يمر زمانى بالامانى و ينقضى *** على غير ما ابقى ربيع و شوال

الى كم أرى فى مربع الذل ثاويا *** و فى الحال اخلال و فى المال اقلال

و نجمى منحوس و ذكرى خامل *** و قدرى مبخوس و جدّى بطّال

فلا ينعشن قلبي قريض اصوغه *** و لا يشرحن صدرى فعول و فعلال

و لا ينعمن بالى بعلم افيده *** و معضلة فيها غموض و اشكال

اميط جلابيب الخفا عن رموزها *** لترفع استار و تذهب اعضال

و يلمع نور الحق بعد خفائه *** فيهدى به قوم عن الحق ضلاّل

سأغسل رجس الذل عني بنهضة *** يقل بها حل و يكثر ترحال

و اركب متن البيد سيرا الى العلا *** و ما كل قوّال اذا قال فعال

ص: 45

أ اقنع بالمر النقيع و ارتوي *** و بالقرب مني سلسبيل و سلسال

اذن لا تندّت بالسماحة راحتى *** و لاثار لى يوم الكريهة قسطال

و لا همّ قلبي بالمعالى و نيلها *** و لا كان بى عن موقف الحتف اجفال

الشيخ العالم الجليل الحسين

نصير الدين ابو عبد اللّه بن الامام قطب الدين سعيد بن هبة اللّه بن الحسن الراوندى ضم الى ذاتي المجد و الحسب. موروث الفضل و المكتسب فهو احد الاعاظم. و العمد و الدعائم، قال الشيخ منتجب الدين في الفهرست عالم صالح شهيد و وصفه غيره من اجلاء المحدّثين و علماء الرجال بالعلم و العمل و الشهادة كما في امل الأمل و الروضات و رياض العلماء و المستدرك

علم العلم و عيلم الادب الحسين

مؤيد الدين ابو اسمعيل بن على بن محمد بن عبد الصمد الاصبهاني المنشي الشهير بالطغرائى من اولاد ابي الاسود الدئلى المعروف صاحب اللامية المشهورة و شاعر العلماء الأمامية -، - إنّ فى شهرة الرجل و سطوع فضله لغنى عن اطراء الواصفين، و هو ممن ارتوى الكل من غير ادبه السائغ، و اعترف الجميع بعلمه الغزير و تقدمه الظاهر، و ملؤ المناظر اشواطه البعيدة و خطواته الواسعة في صياغة القريض، كما ان حشو المسامع اخباره الشيقة و مأثره الجمة، و حكمياته تجرى مع الفلك الدائر كالمثل السائر، و قد أخذت لاميته الشهيرة مأخذها من القلوب و حقها من الظهور،

قال صاحب (الأمل) فاضل عالم صحيح المذهب شاعر ديب قتل

ص: 46

ظلما و قد جاوز ستين سنة و شعره في غاية الحسن و من جملتها لامية العجم المشتملة على الآداب و الحكم و هى اشهر من ان تذكر و له ديوان شعر جيد و من شعره

اذا ما لم تكن ملكا مطاعا *** فكن عبدا لخالقه مطيعا

و ان لم تملك الدنيا جميعا *** كما تهواه فاتركها جميعا

هما نهجان من نسك و فتك *** تحلاّن الفتى الشرف الرفيعا

و قوله

يا قلب مالك و الهوى من بعد ما *** طاب السلوّ و اقصر العشّاق

او ما بدا لك في الافاقة و الأولى *** نازعتهم كاس الغرام افاقوا

مرض النسيم و صحّ و الداء الذي *** اشكوه لا يرجى له افراق

و هدى خفوق النجم و القلب الذي *** ضمت عليه جوانحى خفّاق

و في (الرياض) الشيخ العميد الوزير مؤيد الدين فخر الكتاب ابو اسمعيل الحسين بن على الاصفهاني المنشي المعروف بالطغرائي الامامي الشهيد المقتول ظلما الشاعر الفاضل الجليل المشهور صاحب لامية العجم التى شرحها الصفدي بشرح كبير معروف و كان «قده» مشهورا بمعرفة علم الكيميا و يعتقد صحة ذلك و له فيه تاليف و انما يلقب بالطغرائى لأنه كان يكتب الطغرا في ديباجة الاحكام السلطانية كما هو المتعارف الآن فى بلاد الروم ايضا و فى خطب الصدور في بلاد العجم الخ و ذكر له كتاب مفاتيح الحكمة و مصابيح الرحمة فى علم الاكسير و الكيميا و نحوهما نسبه اليه صاحب كتاب المصباح في علم المفتاح، و قال ابن خلكان كان غزير الفضل

ص: 47

لطيف الطبع فاق اهل عصره بصنعة النظم و النشر ذكره ابو سعد السمعاني في نسبة المنشي من كتاب الانساب و اثنى عليه و اورد له قطعة من شعره في صفة الشمعة و ذكر انه قتل فى سنة خمس عشرة و خمسمائة و للطغرائى المذكور ديوان شعر جيد و من محاسن شعره قصيدته المعروفة بلامية العجم و كان عملها ببغداد فى سنة 505 يصف حاله و يشكو زمانه - الى ان قال - و ذكر العماد الكاتب فى كتاب نصرة الفترة و عصرة القطرة و هو تاريخ الدولة السلجوقية ان الطغرائي المذكور و كان ينعت بالأستاذ كان وزير السلطان مسعود بن محمد السلجوقي بالموصل و انه لما جرى بينه و بين اخيه السلطان محمود المصاف بالقرب من همذان و كانت النصرة لمحمود فاول من اخذ الأستاذ ابو اسمعيل وزير مسعود فاخبر به وزير محمود و هو الكمال نظام الدين ابو طالب على بن احمد بن حرب السميرمي فقال الشهاب اسعد و كان طغرائيا فى ذلك الوقت نيابة عن النصير الكاتب هذا الرجل ملحد يعنى الاستاذ فقال وزير محمود من يكن ملحدا يقتل فقتل ظلما و قد كانوا خافوا منه لأقبال محمود عليه لفضله فاعتمدوا قتله بهذه الحجة و كانت هذه الواقعة سنة ثلاث عشرة و خمسمائة و قيل إنه قتل سنة اربع عشرة و قيل ثمانى عشرة و قد جاوز ستين سنة و في شعره ما يدل على انه بلغ سبعا و خمسين سنة لأنه قال و قد جائه مولود

هذا الصغير الذي وافى على كبر *** اقرّ عيني و لكن زاد فى فكرى

سبع و خمسون لو مرّت على حجر *** لبان تأثيرها فى صفحة الحجر

ص: 48

و اللّه اعلم بما عاش بعد ذلك رحمه اللّه تعالى و قتل الكمال السميرميّ الوزير المذكور يوم الثلثا سلخ صفر سنة ست عشرة و خمسمائة فى السوق ببغداد عند المدرسة النظامية و قيل قتله عبد اسود كان للطغرائى المذكور لأنه قتل استاذه اه

«و من شعره الرايق»

جامل عدوك ما استطعت فانه بالرفق يطمع في صلاح الفاسد

و احذر حسودك ما استطعت فانه ان نمت عنه فليس عنك براقد

انّ الحسود و ان اراد توّددا منه اضرّ من العدوّ الحاقد

و لربما رضى العدوّ اذا رأى منك الجميل فصار غير معاند

و رضا الحسود زوال نعمتك التى اوتيتها من طارف او تالد

فاصبر على غيظ الحسود فناره ترمي حشاه بالعذاب الخالد

او ما رأيت النار تأكل نفسها حتى تعود الى الرماد الهامد

تضغو على المحسود نعمة ربه و يذوب من كمد فؤاد الحاسد

«و له ايضا فى العلم»

من قاس بالعلم الثراء فانّه في حكمه اعمى البصيرة كاذب

العلم تخدمه بنفسك دائما و المال يخدم عنك فيه نائب

و المال يسلب او يبيد لحادث و العلم لا يخشى عليه سالب

و العلم نقش في فؤادك راسخ و المال ظل عن فنائك ذاهب

هذا على الانفاق يغزر فيضه ابدا و ذلك حين تنفق ناضب

«و قال يواسي معين الملك في نكبته»

فضبرا معين الملك ان عنّ حادث فعاقبة الصبر الجميل جميل

ص: 49

الم تر انّ الليل بعد ظلامه *** عليه لاسفار الصباح دليل

الم تر ان الشمس بعد كسوفها *** لها صفحة تغشى العيون صقيل

و ان الهلال النضو يقمر بعد ما *** بدا و هو شخت الجانبين ضئيل

فقد يعطف الدهر العسير قياده *** فيشفى عليل او يبلّ غليل

و يرتاش مقصوص الجناحين بعد ما *** تساقط ريش و استطار نسيل

اسأت الى الايلم حتى وترتها *** فعندك اضغان لها و تبول

و صارمتها فيما ارادت صروفها *** و لولاك كانت تنتحى و تصول

و ما انت الا السيف يسكن غمده *** ليشقى به يوم النزال قتيل

اما لك بالصدّيق يوسف اسوة *** فتحمل وطء الدهر و هو ثقيل

و ما غضّ منك الحبس و الذكر سائر *** طليق له في الخافقين ذميل

«و من شعره»

اما العلوم فقد ظفرت ببغيتى منها فما احتاج من ان يعلما

و عرفت اسرار الحقيقة كلها علما انار لى البهيم المظلما

و دريت هرمس سرّ حكمته التي اضحى بها علم الغيوب مترجما

«و من شعره يصف طلوع الشمس و غروب البدر»

و كانما الشمس المنيرة اذ بدت و البدر يجنح للغروب و ما غرب

متحار بان لذا مجنّ ساغه من فضة و لذا مجنّ من ذهب

و قد تركنا ذكر لاميته لشهرتها

«الفاضل الزاهد الامير كيكاوس»

ابن دشمن ديار بن كيكاوس الديلمى الطبرى شيخ اجازة الشيخ

ص: 50

منتجب الدين صاحب الفهرست فهو من شهداء علماء القرن السادس قال فى الفهرست الامير الشهيد كيكاوس بن دشمن زياد بن كيكاوس الديلمي الطبري زاهد فاضل له كتب فى النجوم و كتاب في اوقات الصلوات الخمس لى عنه اجازة رحمه اللّه و ايانا اه و صرّح بشهادته و اطرائه صاحب الأمل. و ايجاز المقال. و العلامة المجلسي. و صاحب الرياض. و العلامة النورى رحمهم اللّه و قال صاحب ايجاز المقال كيكاوس بالكافين بن دشمش بدال مهملة و الشين المعجمة قبل الميم و بعدها

(امين الاسلام الشيخ ابو على)

الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي هو راية العلم و آية الهدى، و فى الجبهة و السنام من زعماء الدين و عمد المذهب، و ناهيك دلالة على فضله الكثار و مشاركته في العلوم تفسيره (مجمع البيان) المنبثق منه بلج الحق و الق الحقيقة و نور العلم و وضح الوحى الالهي و هو كتاب لاغنى لاي أحد عنه و يليه مختصره الموسوم بجامع الجوامع و له اعلام الورى باعلام الهدى. الوسيط في التفسير. الوجيز في التفسير الوافي في التفسير.

تاج المواليد. الآداب الدينية للخزينة المعينية. غنية العابد و منية الزاهد.

الكاف الشاف عن كتاب الكشاف. كنوز النجاح. عدة السفر و عمدة الحضر. معارج السؤل. اسرار الأئمة. مشكوة الانوار. رسالة حقايق الامور. العمدة في اصول الدين. العمدة فى الفرايض و النوافل بالفارسية. الشواهد. الجواهر في النحو. النور المبين، يروى عنه ولده رضي الدين و ابن شهراشوب و الشيخ منتجب الدين و القطب

ص: 51

الراوندى و شاذان بن جبرئيل و الشيخ عبد اللّه الدوريستى و غيرهم، و يروى هو عن جماعة منهم الشيخ ابو على بن الشيخ الطوسى، و الشيخ عبد الجبار المقرّى الرازى فقيه الاصحاب بالري -، - توجد ترجمة المترجم في معالم العلماء. و رجال السيد المصطفى. و اللؤلؤة. و رياض العلماء. و امل الآمل. و الروضات. و المقابيس للشيخ اسد اللّه الكاظمى. و المستدرك.

و الحصون المنيعة و غيرها و ذكروه جميعهم بالاطراء و الثناء عليه و صرّح بشهادته في الروضات و الرياض و حكى في الاخير انه رأى نسخة من مجمع البيان بخط الشيخ قطب الدين الكيدرى قد قرأها على نصير الدين الطوسى و على ظهرها ايضا بخطه هكذا تاليف الشيخ الامام الفاضل السعيد الشهيد اه و قال العلامة النوري في المستدرك بعد التصريح بشهادته لم يذكر فى كلمات العلماء كيفية شهادته و لعلها كانت بالسمّ و لذا لم يشتهر شهادته اه كان ذلك بسبزوار ليلة النحر سنة ثمان و اربعين و خمسمائة و حمل نعشه الى مشهد الرضا و دفن في مغتسله (ع) و قبره الآن مزار معروف -، - و ذكر صاحب «الرياض» للمترجم قصة لوفاته ربما تعزى الى المولى فتح اللّه الكاشاني المفسر المتوفى سنة 988 و اذ لم تتحقق النسبة ضربنا عنها صفحا

«طبرسى» نسبة الى طبرستان بفتح اوله و ثانيه و كسر الراء و قد يقال في النسبة طبرى قال الحموي النسبة الى طبرية طبراني على غير قياس فكأنه لما كثر النسبة بالطبرى الى طبرستان ارادوا التفرقة بين النسبتين فقالوا طبرانى الى طبرية كما قالوا صنعاني و بهرانى و بحرانى

ص: 52

و طبرستان هى بلاد واسعة كثيرة خرج من نواحيها من لا يحصى كثرة من اهل العلم و لا ادري متى سميت بمازندران فانه اسم لم نجده في الكتب القديمة و لا شك انهما واحد اه و قال ما مفاده انه اجتمع في جيوش بعض الاكاسرة خلق كثير من الجناة وجب قتلهم فامر بحبسهم فى جبال طبرستان و هى يومئذ جبل اشب لا ساكن فيها و بعد حول ارسل من يخبر بخبرهم فوجد وهم احياء لكن بالسوء فسئلوا عما يحتاجون اليه فقالوا (طبرها طبرها) اى نريد اطبارا لاتخاذ البيوت من الاشجار فحمل اليهم ذلك ثم بعد حول سئلوا عما يحتاجون اليه فقالوا (زنان زنان) اي النساء فحمل اليهم من فى الحبوس من النساء فتناسلوا فسميت (طبرزنان) ثم عرّبت فقيل طبرستان و ذكر وجها آخر فراجعه، و فى الرياض انّ الطبرسى معرّب تفرشى نسبة الى بلدة تفرش من توابع قم

«نادرة» فى الروضات روى عن مولانا الصادق (ع) انّ دانيال النبي قال ما دخل طبرستان انسان عاقل الا تجبر و لا سلطان عادل الا تغيّر و ان اهلها مشهورة بالنفاق كالرمان بجنابه و ما دخلها صالح الا و قد فسدو ما خرج منها فاسد الا و قد صلح الفتنة منها تخرج و اليها تعود اوّلها غريق و آخرها حريق

«السيد الامام مجد الدين احمد»

ابو عبد اللّه بن ابى الحسن على بن ابي الغنايم المعمر بن محمد بن احمد بن عبيد اللّه الحسينى هو من مشايخ رواية الامام الفقيه ابن بطريق يحي بن

ص: 53

الحسن الأسدى قد اكثر الرواية عنه فى. العمدة. و اثنى عليه و اطراه في غير موضع من الكتاب و ذكره بالعلم و الجلالة و النقابة و الطهارة و المجد و العز و الفخر و نصّ على شهادته صاحب. الرياض. و المستدرك

(السيد الامام عز الدين ابو القاسم)

يحيى بن شرف الدين ابي الفضل محمد بن ابى القاسم على بن عزّ الاسلام محمد بن العلامة ابى الحسن المطهر بن ذى الحسين على الزكى بن العلامة السلطان محمد شريف المدفون بقم بن السيد العلامة ابي القاسم على بن ابى جعفر محمد بن حمزة القمى بن احمد بن محمد بن اسمعيل بن محمد بن عبد اللّه الباهر بن الامام زين العابدين (ع) قال الشيخ منتجب الدين في اوّل الفهرست فقد حضرت عالى مجلس سيدنا و مولانا الصدر الكبير الامام السيد الاجل الرئيس الأنور الأطهر الاشرف المرتضى المعظم عزّ الدولة و الدين شرف الاسلام و المسلمين رضى الملوك و السلاطين ملك النقباء في العالمين اختيار الايام افتخار الأنام قطب الدولة ركن الملة عماد الأئمة عمدة الملك سلطان العترة الطاهرة عمدة الشريعة رئيس رؤسا، لشيعة و صدر علماء العراق قدوة الاكابر معين الحق حجة اللّه على الخلق ذى الشرفين كريم الطرفين نظام الحضرتين جلال الاشراف سيد امراء السادات شرقا و غربا قوام آل رسول اللّه ابى القاسم يحيى بن شرف الدين محمد (الى اخر النسب) ادام اللّه معاليه و اهلك اعاديه الذي هو ملك السادة و منبع السعادة و كهف الامة و سراج الملة و طود العلم و الدراية و علم الفضل و الأفضال و مقتدي العترة و الآل و سلالة من نجل النبوة

ص: 54

و فرع من أصل الفتوة و عضو من اعضاء الرسول و جزء من اجزاء الوصي و البتول الخ. و قال فى حرف الياء السيد الأجل المرتضي عزّ الدين يحيي بن محمد بن على بن المطهر ابو القاسم نقيب الطالبية بالعراق عالم علم فاضل كبير عليه تدور رحى الشيعة متع اللّه الاسلام و المسلمين بطول بقائه و حراسة حوماته له رواية الاحاديث عن والده المرتضى السيد شرف الدين محمد و عن مشايخه قدس اللّه ارواحهم اه و ذكر في الكتاب انه الفه لأجله، و ذكره صاحب امل الآمل، و قال صاحب الحصون المنيعة بعد اطرائه البالغ ان باسمه الشريف نظم السيد عز الدين على بن السيد الامام ضياء الدين فضل اللّه الحسينى الراوندي (الحسيب النسيب) و لم يزل راقيا اوج السعد و الاقبال ممتطيا صهوة العز و الجلال حتى اصابته عين الكمال و جرى الدهر على عادته فى تبديل الأحوال فختم له بالشهادة و نال من خير الدنيا و الآخرة الحسنى و زيادة و كان سبب شهادته ان الملك خوارزمشاه تكش لما استولى على الري و تلك الاطراف و قتل من بها من الاعيان و الاشراف كان الشريف المذكور ممن عرض على السيف و جرى عليه ذلك الظلم و الحيف و ذلك في سنة 589 و انتقل ولده محمد الى بغداد و معه السيد ناصر بن مهدى الحسني و كان وروده اليها فى شعبان سنة 592 و تلقيا من حضرة الخليفة الناصر لدين اللّه القبول ففوضت نقابة الطالبيين ببغداد الى السيد ناصر المذكور ثم فوضت اليه الوزارة فترك امر النقابة الى محمد بن السيد عز الدين فصار نقيب الطالبيين على رسم ابائه الطاهرين ثم حج و رجع الى بلده رحمهم اللّه اجمعين اه

ص: 55

و اشار الى شهادته العلامة الحجه السيد الصدر فى التأسيس -، - رأيت في بعض كتب الانساب انّ السيد شرف الدين والد المترجم كانت له عدة بنات و ما كان له ابن فلما حملت بيحي عز الدين المترجم امه «قال» شرف الدين رأيت رسول اللّه ص فى المنام فقلت يا رسول اللّه انه سيجييء لك نافلة فما اسميه فقال ص سمه بيحي فلما انتبهت علمت انّ الولد يكون ذكرا و سميته بيحيى مع انه ما كان في نسبهم من يسمى بيحي «قال» و لما قتله خوارزمشاه تنبهت انّ النبي ص انما سماه يحيى تنبيها على انه يستشهد كما ان يحيى كان شهيدا

(الشيخ المحدّث الجليل الحسن)

ابن عبد الكريم بن الحسن المعروف بابي زرعة بن على بن ابراهيم بن على بن احمد القزويني الكرجى من الطائفة المعروفة «بالكرجية» حديث علم المترجم قديم، و نبأ فضله القديم بين ابناه الفضل في كل قرن حديث، خلد بمحاسنه الجمة لنفسه اسما باقيا، و ابقى بعلمه الكثار و فضله الظاهر بعده ذكرى خالدة، ورث من ابيه الامام مزاياه الفاضلة، و حذا في العلم و الأدب حذوه، و اتبع اثره حتى في السعادة بالشهادة، و اقتنى من معالمه فغدا من اعيان الفرقة الناجية و عدّ من اعاظم الاصحاب و مات سعيدا شهيد الاباء و الشهامة قتلته الملاحدة بابهر سنة تسع و عشرين و خمسمائة بعد مضي احدى و ثلثين سنة من شهادة ابيه، كذا ذكر تاريخ شهادته في ضيافة الاخوان

***

ص: 56

(العالم الصالح الشيخ خليفة)

ص: 57

بهمدان سنة 559 فمضى شهيد الفضل فقيد العلم سعيدا، و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل اللّه امواتا بل احيآء عند ربهم يرزقون -، - اخذنا تاريخ شهادته من ضيافة الاخوان

(الفقيه الورع الشيخ زين الدين)

محمد بن أبي جعفر بن الفقيه اميركا بن ابى اللجيم المصدرى (ببرخة) من ارباض قزوين من اعيان السلسلة المشهورة و الطايفة المعروفة بقزوين من آل ابي اللجيم قد مرّت ترجمة عمه الشهيد الشيخ خليفة بن ابي اللجيم و اشرنا الى ذكر جدّه العلاّمة الفقيه و اما والده ابو جعفر فهو معين الدين المصدرى المقيم بقرية (جنيدة) قد وصفه الشيخ منتجب الدين بالعلم و الصلاح و عدّه من المشايخ المعروفين و المصنفين المشهورين

و المترجم هو ثاني الشهيدين من هذا البيت الرفيع في القرن السادس واحد المشايخ المبرّزين المتسالم على فضلهم له في التاريخ صحيفة بيضاء يتداوله الملوان و لم يكرر له مرّ العصور الاّ ذكرا جميلا و فخرا باسقا و قد عاش مرتديا حلل العلم و الفقه مكللا بتيجان العلم و الصلاح و ادرك مع ذلك سعادة الشهادة و قضى في اللّه شهيدا جزاه اللّه عن الاسلام و اهله خيرا و يحتمل قويّا ان يكون قتله بيد الطائفة الأسماعيلية كاكثر اخوانه من شهداء القرن السادس -، - ذكره بالفقه و الصلاح و الشهادة صاحب الفهرست. و الأمل. و المستدرك. و التنقيح

(القاضى الاديب الرشيد ابو الحسين)

احمد بن القاضى الرشيد ابي الحسن علي بن القاضى ابى اسحق ابراهيم

ص: 58

بن محمد بن الحسين بن الزبير الغسّاني الأسواني، احد اعيان عصره كان جمّ الفضائل بارعا في فنون العلوم متجلببا بابراد الفصاحة و البلاغة له كتب و شعر رائق، قال ابن خلكان كان من اهل الفضل و النباهة و الرياسة صنف كتاب «الجنان و رياض الأذهان» ذكر فيه جماعة من مشاهير الفضلاء و له ديوان شعر و لأخيه المهذّب ابي محمد الحسن ديوان شعر ايضا و كانا مجيدين في نظمهما و نثرهما - الى ان قال - و هو اشعر من الرشيد و الرشيد اعلم منه في ساير العلوم و توفّي بالقاهرة سنة احدى و ستين و خمسمائة في رجب و اما القاضي الرشيد فقد ذكره الحافظ ابو طاهر السلفى في بعض تعاليقه و قال ولىّ الثغر بثغر الاسكندرية في الدواوين السلطانية بغير اختياره في سنة تسع و خمسين و خمسمائة ثم قتل ظلما و عدوانا في المحرم سنة 563، و ذكره العماد ايضا في «السيل و الليل» الذى ذيل به الخريدة فقال الخضم الزاخر و البحر العباب ذكرته في الخريدة و اخاه المهذّب قتله شاور ظلما لميله الى اسد الدين شيركوه فى سنة 563 كان اسود الجلدة و سيد البلدة اوحد عصره فى علم الهندسة و الرياضيات و العلوم الشرعيات و الآداب الشرعية و مما انشدنى له الأمير عضد الدين ابو الفوارس مرهف بن اسامة بن منقذ و ذكر انه سمعها منه قوله

جلت لديّ الرزايا بل جلت هممى *** و هل يضرّ جلاء الصارم الذكر

غيري يغيّره عن حسن شيمته *** صرف الزمان و ما ياتى من الغير

لو كانت النار للياقوت محرقة *** لكان يشتبه الياقوت بالحجر

ص: 59

لا تغررنّ باطمارى و قيمتها *** فانما هى اصداف على درر

و لا تظنّ خفاء النجم من صغر *** فالذنب فى ذاك محمول على البصر

و في (معجم الادباء) ج 1 ص 416 كنيته ابو الحسين مات في سنة 562 مخنوقا على ما نذكره و كان كاتبا شاعرا فقيها نحويا لغويا ناشئا عروضيا مؤرخا منطقيا مهندسا عارفا بالطب و الموسيقى و النجوم متفننا قال السلفى انشدنى القاضى ابو الحسين احمد بن على بن ابراهيم الغساني الأسواني لنفسه بالثغر

سمحنا لدنيانا بما بخلت به *** علينا و لم نحفل بجلّ امورها

فيا ليتنا لمّا حرمنا سرورها *** و قينا اذى آفاتها و شرورها

«الى ان قال» و له تآليف و نظم و نثر التحق فيها بالاوائل المجيدين قتل ظلما و عدوانا في محرم سنة 562 و له تصانيف معروفة لغير اهل مصر منها كتاب منية الألمعى و بلغة المدعي تشتمل على علوم كثيرة.

كتاب المقامات. كتاب جنان الجنان و روضة الاذهان في اربع مجلدات يشتمل على شعر شعرا، مصر و من طرأ عليهم. كتاب الهدايا و الطرف. كتاب شفاء الغلة في سمت القبلة. كتاب رسائله نحو خمسين ورقة. كتاب ديوان شعره مائة ورقة، و مولده باسوان و هى بلدة من صعيد مصر و هاجر منها الى مصر فاقام بها - الى ان قال - و اما سبب مقتله فاميله الى اسد الدين شيركوه عند دخوله الى البلاد و مكاتبته له و اتصل ذلك بشاور وزير العاضد فطلبه فاختفى بالاسكندرية و اتفق التجاء الملك صلاح الدين يوسف بن ايوب الى الاسكندرية

ص: 60

و محاصرته بها فخرج ابن الزبير راكبا متقلدا سيفا و قاتل بين يديه و لم يزل معه مدة مقامه بالاسكندرية الى ان خرج منها فتزايد وجد شاور عليه و اشتدّ طلبه له و اتفق ان ظفر به على صفة لم تتحقق لنا فامر باشهاره على جمل و على رأسه طرطور و ورائه جلواز ينال منه و اخبرنى الشريف الادريسي عن ابى الفضل بن ابى الفضل انه رآه على تلك الحال الشنيعة و هو ينشد

ان كان عندك يا زمان بقية *** مما تهين بها الكرام فهاتها

ثم جعل يهمهم شفتيه بالقرآن و امر به بعد اشهاره بمصر و القاهرة ان يصلب شنقا فلما وصل به الى الشناقة جعل يقول للمتولى ذلك منه عجل عجل فلا رغبة لكريم في الحياة بعد هذه الحال ثم صلب، حدثنى الشريف المذكور قال حدثني الثقة حجاج بن المسيح الأسوانى ان ابن الزبير دفن في موضع صلبه فما مضت الأيام و الليالى حتى قتل شاور و سحب فاتفق ان حفر له ليدفن فوجد الرشيد بن الزبير في الحفرة مدفونا فدفنا معا فى موضع واحد ثم نقل كل واحد منهما بعد ذلك الى تربة له بقرافة مصر و القاهرة آه و من شعره من قصيدة

ما للرياض تميل سكرا *** هل سقيت بالمزن خمرا

و منها

افكر بلاء بالعراق *** و كربلاء بمصر اخرى

و له

خذوا بيدى يا آل بيت محمّد *** اذا زالت الأقدام في غدوة الغد

ص: 61

ابى القلب الاّ حبكم و ولائكم *** و ما ذلك الاّ من طهارة مولدي

اخذنا مختصر ما في وفيات الأعيان. و معجم الادباء. و نسمة السحر.

(الشيخ الامام جمال الدين احمد)

ابن الحسين بن محمد بن حمدان الحمداني، هو من شهداء علمائنا في القرن السادس ذكره صاحب الامل. و تلخيص المقال. و ايجاز المقال.

و المستدرك. و غيرهم اخذا عن الشيخ منتجب الدين و وصفوه كما وصفه في الفهرست بالامامة و العلم و الورع و الشهادة -، - هو من دوحة علم كثيرة الاغصان و نشأ في عالم شعت افاقه ببدور نيرة و شموس مضيئة نعم آل حمدان منبت طيب اينعت فيه افنان الفضيلة و زهت ازاهيرها و البلد الطيب يخرج نباته باذن ربه أولئك سروات المجد خدموا العلم و الدين ردحا من الزمن، منهم ابو المترجم الامام ناصر الدين الحسين بن محمد بن حمدان بن محمد القزويني فقيه ثقة -، - و جدّ المترجم الامام ناصر الدين ابو اسمعيل محمد بن حمدان بن محمد عالم واعظ له كتاب الفصول فى ذمّ اعداء الأصول و مناظرات جرت بينه و بين الملاحدة -، - و اخو المترجم الأمام ناصر الدين محمد بن الحسين بن محمد بن حمدان عالم ورع يروي عن السيد الأمام الراوندي -، - و شقيقه الأخر نجم الدين ابو خليفة الحسن بن الحسين بن محمد بن حمدان، صالح -، - و عمّ المترجم الشيخ وجيه الدين ابو طالب على بن ناصر الدين محمد بن حمدان فقيه ورع -، - و عمه الآخر الامام عز الدين عماد بن ناصر الدين محمد بن حمدان فقيه ورع -، - و منهم إمام

ص: 62

الدين على بن ناصر الدين ابى طالب على بن محمد بن حمدان فاضل فقيه -، - و الشيخ نظام الدين ابو المعالى ناصر بن ابي طالب على بن محمد بن حمدان فقيه ثقة -، - و الشيخ الأمام ابو البركات هبة اللّه بن حمدان بن محمد فقيه صالح -، - و الشيخ مظفر بن هبة اللّه بن حمدان بن محمد فقيه دين -، - و الشيخ ناصح الدين ابو جعفر محمد بن المظفر بن هبة اللّه بن حمدان فقيه صالح و هؤلاء كلهم مذكورون فى كثير من المعاجم و نحن اكتفينا بما في الفهرست للشيخ منتجب الدين

(الملك الصالح فارس المسلمين)

نصير الدين ابو الغارات طلايع بن رزيك هو ممن شرفه المولى سبحانه بالدنيا و الدين، و فاز بكلتى الحسنيين الآخرة و الأولى، فهو عالم ناسك. و امير فانك. و حبر ضليع. و شاعر مبدع، و قبل كل شيء امامي متفان فى الولاء زار مشهد امير المؤمنين (ع) فى لمة من الفقراء و باتوا عنده فرأى السيد الأجل ابو الحسن المعصوم(1) بن ابي الطيب احمد في منامه الأمام صلوات اللّه عليه يقول له قد ورد عليك الليلة وفد فقراء من شيعتنا فيهم رجل يقال له طلايع بن رزيك من اكابر محبينا فقل له

ص: 63


1- في تحفة الازهار ان ابا الحسن المعصوم كان سيدا شريفا جليلا عظيم الشأن رفيع المنزلة كان في المشهد الغروي كبيرا عظيما ذا جاه و حشمة و رفعة و عز و احترام عليه سكينة و وقار اه و هو جدّ الاسرة العلوية الكريمة في النجف الاشرف المعروفة ببيت (خرسان) و سبق من رجالها من هو من افذاذ العلم و الادب

اذهب فانّا قد ولّيناك مصر فلما اصبح امر من ينادى من فيكم اسمه طلايع بن رزيك فجاء طلايع الى السيد و سلم عليه فقصّ عليه رؤياه فرحل الى مصر و اخذ امره في الرقى فلما قتل نصر بن العباس الخليفة الظافر اسمعيل استثارت نساء القصر طلايع لاخذ ثاراته بكتاب في طيه شعورهن فحشد طلايع الناس يريد النكبة بالوزير القاتل فلما قرب من القاهرة فرّ الرجل و دخل طلايع المدينة بطمأنينة و سلام فخلعت عليه خلع الوزارة و لقب بالملك الصالح فارس المسلمين نصير الدين فنشر الأمن و احسن السيرة و استقل بالامر لصغر الخليفة الفائز و قام بالامر العاضد لدين اللّه بن محمد و كان صغيرا لم يبلغ الحلم فعظمت شوكة طلايع و قوى مراسه و ازداد تمكنه من الدولة فبهض ذلك اهل القصر فوقف رجال منهم بالدهليز و ضربوه باسيافهم حتى خرّ على وجهه و حمله جريحا لا يعي الى داره فقضى يوم الاثنين 19 شهر الصيام سنة 556 و دفن في القاهرة بدار الوزارة ثم نقله ولده العادل الى القرافة الكبرى

(و يروي) انه لما كانت الليلة هى قتل فى صبيحتها قال هذه الليلة ضرب فى مثلها الأمام امير المؤمنين (ع) و امر بقرائة مقتله و اغتسل و صلى مائة و عشرين ركعة احيى بها ليله و خرج ليركب فعثر و سقطت عمامته و اضطرب لذلك و جلس في دهليز دار الوزارة فاحضر ابن الصيف و كان يلف عمائم الخلفاء و الوزراء و له على ذلك الجارى الثقيل ليصلح عمامته و عند ذلك قال له رجل إن هذا الذى جرى يتطير منه فان رأى مولانا ان يؤخر الركوب فعل فقال الطيرة من الشيطان و ليس الى التاخير سبيل

ص: 64

ثم ركب فكان من امره ما كان

هذا خلاصة ما ذكره المقريزى من حديث قتله و ذكر ابن خلكان انه لما استوزره العاضد بسط يده و استولى على الجل و العقد و كان العاضد في حكم الأسير معه فاعمل الحيلة في قتله و اتفق مع قوم من اجناد الدولة يعرفون باولاد الراعى و عين لهم موضعا في القصر يختفون فيه فاذا مرّ بهم الصالح قتلوه فقعدوا له ليلة لكنه لم يتسنّ لهم ذلك اذ همّ احدهم ان يفتح عليه الباب فاغلقه ثم جلسوا له يوما آخر و تواثبوا عليه اذ دخل القصر و جرحوه بجراحات بعضها في رأسه ثم دخل اصحابه و قتلوا اولئك القوم و حمل طلايع الى داره مجروحا فاقام بعض يوم و مات انتهى ملخصا و قال الفقيه ابو محمد عمارة(1) اليمنى يرثيه من قصيدة

أفي أهل ذا النادى عليم اسائله *** فاني لما بي ذاهب اللب ذاهله

سمعت حديثا احسد الصمّ عنده *** و يذهل واعيه و يخرس قائله

و قدر ابني من شاهد الحال انثى *** اري الدست منصوبا و ما فيه كافله

فهل غاب عنه و استناب سليله *** ام اختار هجرا لا يرجى تواصلهيد

ص: 65


1- - هو ابو محمد عمارة بن ابى الحسين على بن زيد ان نجم الدين الحكمى اليمني نزيل مصر ذكره ابن خلكان في تاريخه و صاحب نسمة السحر و غيرهما و في التاسيس ما ملخصه انه كان من الاثني عشرية و هو صاحب طلايع المذكور و قتله صلاح الدين الايوبى على التشيع سنة 569 يوم السبت 2 شهر رمضان و له تاريخ وزراء مصر و كتاب المفيد في اخبار الملوك بزبيد

فاني ارى فوق الوجوه كآبة *** تدل على انّ الوجوه ثواكله

دعونى فما هذا اوان بكائه *** سيأتيكم طل البكاء و وابله

و لا تنكروا حزنى عليه فانني *** تقشع عني وابل كنت آمله

و لم لا نبكيه و نندب فقده *** و اولادنا ايتامه و ارامله

فيا ليت شعرى بعد حسن فعاله *** و قد غاب عنا ما بنا اللّه فاعله

ايكرم مثوى ضيفكم و غريبكم *** فيمكث ام تطوى ببيني مراحله

للمترجم كتاب الاعتماد في الرد على اهل العناد يتضمن امامة امير المؤمنين (ع) و الكلام على الاحاديث الواردة فيها و ديوانه في مجلدين يشتمل على كل فن من الشعر و كان له منتدى بالليل يردلف اليه الادباء و يدونون شعره و كان اهل العلم يفدون اليه من كل جانب فلا يخيب امل قاصد منهم و يحمل كل سنة الى العلويين الذينهم بالمشاهد المقدسة اموالا طايلة و لاهل الحرمين من الاشراف كل عام ما يحتاجون اليه من الكسوة و غيرها حتى الواح الصبيان التى يكتب فيها و الاقلام و الآت النسخ و جدد الجامع بالقرافة الكبرى و وقف ناحية «المقس» لأن يكون ثلثاها على الاشراف من بنى الحسن و الحسين (ع) و تسعة قراريط منها على اشراف المدينة النبوية و جعل قيراطا منها على مسجد امين الدولة و لم يترك طول مدته غزو الافرنج و تسيير الجيوش لقتالهم في البر و البحر فكانت بعوثه تترى في كل سنة، راجع تفصيل ذلك في وفيات الاعيان و نسمة السحر و من شعره قوله

يا امة سلكت ضلالا بينا *** حتى استوى اقرارها و جحودها

ص: 66

قلتم ألا إنّ المعاصي لم تكن *** الاّ بتقدير الاله وجودها

لو صح ذا كان الاله بزعمكم *** منع الشريعة أن تقام حدودها

حاشا و كلا ان يكون آلهنا *** ينهى عن الفحشاء ثم يريدها

و له

مشيبك قد نفى صبغ الشباب *** و حلّ الباز فى و كر الغراب

و كيف بقاء عمرك و هو كنز *** و قد انفقت منه بلا حساب

تنام و مقلة الحدثان يقظى *** و ما ناب النوائب عنك نابي

القرن السابع و شهداء علمائه

الشيخ الفقيه شهاب الدين الحسين

بن محمد بن علي الميكالي الشهيد في القرن السابع خدن الفضايل الجمة و جامع محاسن العلم و العمل من افاضل فقهاء الامامية منعوت بسعادة الشهادة، في «رياض العلماء» بعد وصفه بالشهادة و السعادة ما نصه فاضل عالم فقيه جليل و هو من معاصري ابن طاووس و نظرائه بل اقدم و قد رأيت بعض الفوايد المنقولة عنه فى عدة مواضع و من مؤلفاته كتاب العمدة في الدعوات و قد صنفه سنة عشر و ستمائة نسب اليه بعض العلماء و نقل عنه بعض الأعمال و وجدت ايضا بخط بعض الافاضل شطرا من الاعمال

ص: 67

و الادعية المذكورة في ذلك الكتاب و الظاهر انّ ذلك الفاضل حكاه عن خط الشهيد «قده» و الشهيد قد نقله من ذلك الكتاب ثم عندنا نسخة من كتاب المصباح الصغير للشيخ الطوسى و على هوامشه اعمال و ادعية كثيرة منقولة بخط بعض العلماء من الكتاب المذكور للميكالى اه و ذكره في موضع اخر ايضا و صرّح بانه من شهداء علمائنا

«آل ميكال» احدى الاسر الشهيرة في خراسان و نواحيها رجالها معروفون بالفضل و الادب فيهم العلمآء و الامرآء و الادبآء تجد ذكرهم فى «يتيمة الدهر» و «دمية القصر» و غيرهما منهم ابو نصر احمد بن على الميكالى، و ولده الامير ابو ابراهيم نصر بن احمد الميكالى، و الامير عبيد اللّه بن احمد الميكالى المتوفى سنة 436 له كتب و رسائل كثيرة و شعر رائق منه

دع الحرص و اقنع بالكفاف من الغنى *** فرزق الفتى ما عاش عند معيشه

و قد يهلك الانسان كثرة ماله *** كما يذبح الطاووس من اجل ريشه

«و لا فى ردّ الشمس لامير المؤمنين عليه السّلام»

من ذا له شمس النهار تراجعت بعد الافول و قد تقضى المطلع

حتى اذا صلى الصلوة لوقتها افلت و نجم عشا الأخيرة يطلع

فى دون ذلك للانام كفاية من فضله و لذى البصيرة مقنع

و الامير ابو محمد عبد اللّه بن اسمعيل، و ولده ابو جعفر الامير محمّد بن عبد اللّه بن اسماعيل الميكالى، و الامير عبد الرحمن بن احمد له كتابات و شعر جيد

ص: 68

(الحافظ العلامة محمد)

اشارة

بن يوسف بن موسى بن ابي بكر المهلبي العرباضي المكي مسكنا و مشهدا و مدفنا كان من اجلة علماء القرن السابع و اعيان حفاظه له في العلم و الفضل مواقف و مقامات سجلها له التاريخ و ابقت له ذكرى خالدة مدى الاحقاب و حياة طيبة باقية عاش في دار امن اللّه سعيدا و مضى الى رضوان اللّه شهيدا (قال) الذهبي في ميزان الاعتدال ج 3 ص 151 كان من بحور العلم و من كبار الحفاظ له اوهام و فيه تشيع و رأيت جماعة يضعفونه و له معجم في ثلاث مجلدات كبار طالعته و علقت منه كثيرا قتل بمكة سنة ثلث و ثلثين و ستمائة اه

تذييل

و ممن قتل في القرن السابع من اعيان الشيعة و زعمائها الشيخ صفي بن محاسن خال الشيخ صفي الدين الحلي الشاعر المعروف، فانه قتل في مسجده غدرا كما ذكره صفي الدين في ديوانه و رثاه بقصايد رنانة فمنها القصيدة التي مطلعها

سلي الرماح العوالي عن معالينا *** و استشهدي البيض هل خاب الرجافينا

و يقول فيها

إنا لقوم أبت اخلاقنا شرفا *** أن نبتدي بالاذى من ليس يؤذينا

بيض صنايعنا سود وقائعنا *** خضر مرابعنا حمر مواضينا

لا يظهر العجز منا دون نيل منى *** و لو رأينا المنايا في امانينا

و قصيدته التي مطلعها

ص: 69

لمن الشوازب كالنعام الجفل *** كسيت جلالا من غبار القسطل

يقول فيها

ما زال صدر الدست صدر الرتبة *** العلياء صدر الجيش صدر المحفل

لو انصفته بنوا محاسن اذ مشوا *** كانت رؤسهم مكان الأرجل

بينا تراه خطيبهم فى محفل *** رحب تراه زعيمهم في جحفل

و التي مطلعها

سلوا بعد تآلى الورى عنكم عني *** فقد شاهدوا ما لم يروا منكم مني

و يقول فيها

و ليس انيسي في الدجا غير صارم *** رقيق شفار الحدّ معتدل المتن

كأنّ دبيب النمل في جون متنه *** و لم ير قوم نجل مازن في المزن

و ذكره صاحب (رياض العلماء) غير انا لم نقف على تفصيل قصته

و «صفي الدين» هذا من مشايخ العلم و الادب مذكور في اكثر المعاجم و شعره الساير الرايق قلّ من لم يقف على شيء منه و ديوانه مطبوع و له في أئمة الدين عليهم السّلام الكثير الطيب و منه

يا عترة المختار يا من بهم *** يفوز عبد يتولاهم

اعرف بالحشر بحبى لكم *** اذ يعرف الناس بسيماهم

و له في امير المؤمنين. صلوات اللّه عليه

امير المؤمنين اراك اما *** ذكرتك عند ذى حسب صفالي

و ان كرّرت ذكرك عند نغل *** تكدر ستره و بغى قتالي

فصرت اذا شككت باصل مره *** ذكرتك بالجميل من المقال

ص: 70

فليس يطيق سمع ثناك الاّ *** كريم الاصل محمود الخلال

فها انا قد خبرت بك البرايا *** فانت محكّ اولاد الحلال

و ممن قتل في القرن السابع كمال الدين اسماعيل بن جمال الدين عبد الرزاق الاصبهاني المتخلص بكمال قال صاحب «الحصون المنيعة» كان من اجلة الشعراء و اعاظم الادباء و اما جد الفصحاء و من اشهر بلغاء اصفهان و كان يلقب بخلاق المعانى و ممتاز ما بين الشعراء بجلالة القدر و رفعة الشأن و رشاقة الكلام و ابتكار المعانى و له ديوان كبير فيه من نظمه بجميع فنون الشعر كنت ملكته فى سالف الزمان ثم خرج من يدى بالهبة الى بعض اصدقائي من وزراء بغداد و لو انتخب مضامينه المبتكرة لصار ديوانا لم يكن له نظير بين الدواوين و من شعره

اى روي تو همچو مشك و زلف تو چو خون *** مي گويم و مي آيمش از عهده برون

مشك است ولى نرفته در نافه هنوز *** خونست ولى آمده از نافه برون

و له

وقت است كه باز بلبل آشوب كند *** فراش چمن ز باد جاروب كند

گل پيرهن دريدۀ خون آلود *** از دست رخ تو بر سر چوب كند

و له

تو را در ديدۀ من جاست گفتم *** كه جويست و تو سروى راست گفتم

قتل في فتنة المغول مع اهل اصبهان فى سنة 635 و دفن بها اه و قال في موضع آخر منه و كان من مشاهير شعراء عصره و فى اواسط عمره ترك العلايق و اختار العزلة كان على طريقة لشيخ شهاب الدين السهروردى

ص: 71

و في خارج اصفهان وقع بيد عسكر المغول و بعد المشاق الكثيرة نال الشهادة على يدهم سنة 635 و من شعره

جائى كه نشان بي نشانست آنجا *** انگشت خيال بر دهانست آنجا

از غمزه خدنك بر كمان است آنجا *** زنهار مرو كه بيم جانست آنجا

و له

شد ديده بعشق رهنمون دل من *** تا كرد پر از غصه درون دل من

زنهار كه گر دلم نماند روزى *** از ديده طلب كنيد خون دل من

و له

در ديدۀ روزگار نم بايستى *** يا با غم او صبر بهم بايستى

يا مايۀ غم چو عمر كم بايستى *** يا عمر باندازۀ غم بايستى

ص: 72

القرن الثامن و شهداء علمائه

السيد العلامة تاج الدين ابو الفضل

محمد الآوى بن مجد الدين الحسين بن على بن زيد بن الداعى بن زيد بن على بن الحسين بن الحسن التج بن ابى الحسن على بن ابي محمد النقيب الرئيس بن على بن محمد بن على بن على الشاعر المعروف بالحورى الذي قتله الرشيد بن الحسن الافطس بن على الاصغر بن الامام زين العابدين عليه السّلام، المترجم هو جد السيد الامام رضى الدين محمد الآوي «ره» صاحب المقامات و الكرامات

«بيت الآوى» من ارفع بيوت العلم و الرياسة في علوية الشيعة و قد اسس على التقوى من اول يوم و تولّى اكثرهم نقابة الاشراف في النجف و المترجم من اعيان هذا البيت الشريف و كان علم المذهب، و عيلم الفضل و الادب، مقتدى الشيعة بعصره، و عزيز مصره، خصه المولى سبحانه يوم اكرمه بكريم النسب و باذخ الشرف، بعلم جم وفقه موصوف و خطوات واسعة في انواع الفضايل، و زعامة و امامة و نقابة و تقى و ورع و هوى غير متبع، فلم يفتأ بخطر في جلل منها قشيبة، و مطارف مزركشة

ص: 73

حتى اودى به شهيدا

«قال صاحب الرياض» ان المترجم من اجلة علماء الامامية، و قال صاحب تاريخ [كزيده] ما معناه و في ثالث ذي الحجة سنة احدى عشرة و سبعمائة(1)قتل السيد تاج الدين الآوي و كان مقتدى الشيعة متبرزا في التشيع قتلوه مع ابنه و جمع آخر لموافقته الخواجه سعد الدين و مخالفته الوزير رشيد الدين اه و قال صاحب(2) عمدة الطالب ص 307 و من بني زيد بن الداعي السيد الجليل الشهيد تاج الدين ابو الفضل محمّد بن مجد الدين الحسين بن على بن زيد المذكور كان اول امره واعظا و اعتقده السلطان او لجايتو محمد و ولاه نقابة نقباء الممالك باسرها العراق و الرى و خراسان و فارس و ساير ممالكه و عانده الوزير رشيد الدين الطبيب و اصل ذلك انّ مشهد ذى الكفل النبي عليه السّلام بقرية بين ملاحا على شط التاجية بين الحلة و الكوفة و اليهود يزورونه و يترددون اليه و يحملون النذور اليه فمنع السيد تاج الدين اليهود من القرية و نصب فى صبيحته منبرا و اقام فيه جمعة و جماعة فحقد ذلك الرشيد الطبيب مع ما كان فى خاطره منه بجاهه العظيم و اختصاصه بالسلطان و كان السيد شمس الدين حسين بن السيد28

ص: 74


1- - ذكر صاحب المجالس ان المترجم استشهد بعد وفات السلطان محمد خدابنده التي هي سنة 716 و في اعيان الشيعة ان المترجم استشهد سنة 717 و عدّ ابن بطولة من نقباء النجف سنة دخوله اليها و هى سنة 725 ابن المترجم المقتول مع ابيه السيد نظام الدين حسين و ذكر انه شاهده فيها
2- - هو النسابة الكبير السيد جمال الدين احمد بن المهنا المتوفى سنة 828

تاج الدين هو المتولي لنقابة العراق و كان فيه ظلم و تغلب فاحقد سادات العراق بافعاله فتوصل الرشيد الطبيب و استمال جماعة من السادات و اوقعوا في خاطر السلطان من السيد تاج الدين و اولاده حكايات ردية فلمّا كثر ذلك على السلطان استشار الرشيد الطبيب في امره و كان به حفيا فاشار عليه انه يدفعه الى العلويين و اوهمه انه اذا سلمه اليهم لم يبق لهم طريق في الشكاية و التشنيع و ليس على السيد تاج الدين من ذلك كثير ضرر فطلب الرشيد الطاهر جلال الدين بن الفقيه و كان سفاكا جريا على الدماء و قرر معه ان يقتل السيد تاج الدين و ولديه و يكون له حكم العراق نقابة و قضاء و صدارة فامتنع السيد جلال الدين من ذلك و قال اني لا اقتل علويا قط ثم توجه من ليلته الى الحلة فطلب الرشيد السيد ابن ابى الفائز الموسوى الحايرى و اطمعه في نقابة العراق على ان يقتل السيد تاج الدين و ولديه فامتنع من ذلك و هرب الى الحائر من ليلته و علق السيد جلال الدين ابراهيم بن المختار في حبالة الرشيد و كان يختصه بعد وفاة ابيه النقيب عميد الدين و يقرّ به و يحسن اليه و يعظمه حتى كان يقول ايّ شغل يريد الرشيد ان يقضيه بالسيد جلال الدين فاطمعه الرشيد في نقابة العراق و سلّم اليه السيد تاج الدين و ولديه شمس الدين حسين و شرف الدين علىّ فاخرجهم الى شاطئ دجلة و امر اعوانه بهم فقتلوهم و قتل ابني السيد تاج الدين قبله عتوّا و تمرّدا موافقة لامر الرشيد و إن لم يكن رشيدا و كان ذلك في ذى القعدة سنة احدى عشرة و سبعمائة و اظهر اعوام بغداد الحنابلة التشفى بالسيد تاج الدين و قطعوه قطعا و اكلوا لحمه و نتفوا شعره و بيعت الطاقة

ص: 75

من شعر لحيته بدينار فغضب السلطان لذلك غضبا شديدا و اسف من قتل السيد تاج الدين و ابنيه و اوهمه الرشيد انّ جميع السادات بالعراق اتفقوا على قتله فامر السلطان بقاضي الحنابلة ان يصلب ثم عفا عنه بشفاعة جماعة من ارباب الدولة فامر ان يركب على حمار اعمى مقلوبا و يطف فى اسواق بغداد و شوارعها و تقدّم بن لا يكون من الحنابلة قاض اه و فى «المجالس» (1) ما ملخص معناه كان سيدا فاضلا ذا همة عالية و اقتدار، و لما صار السلطان محمد خدابنده شيعيا طلب هذا السيد الى حضرته و جعله من مقرّبي مجلسه الخاص و ظهرت من السيد اثار عظيمة فى التعصب الشيعى فساء ذلك جماعة من رجال الدولة من الذين كانوا على خلافه و لما مات السلطان اغتنموا الفرصة و اتهموا السيد بمخالفته لتلك الدولة و موافقته مع مخالفيها و استشهدوه اه و ذكره العلامة النوري (ره) و اطراه و صرّح بشهادته

(الآوي) نسبة الى آوة على وزن ساوة و يقال لها آية و ينتسب اليها بهذه اللفظة الشيخ الفقيه موفق الدين الحسن بن محمد بن الحسن الآبي المدعوّ بخواجه و غيره و هى بلدة صغيرة في عراق العجم من مضافات رديفتها المذكورة و كلتاهما من اعمال قم و كان اهل آوه في العصور التقادمة شيعة و اهل ساوة كانوا من اهل السنة و لذلك كانت بينهما منافرة تامة و لبعضهم في الاشارة الى هذا المعنى

و قائلة اتبغض اهل آية *** و هم اعلام نظم و الكتابةره

ص: 76


1- هو للعلامة الشهيد القاضي نور اللّه المرعشى الآتى ذكره

فقلت اليك غني انّ مثلي *** يعادي كل من عادى الصحابة

و اما اليوم فكلتا القريتين شيعيتان

(السيد العالم جمال الدين ابو طالب)

محمد بن السيد العلامة عميد الدين عبد المطلب بن السيد مجد الدين ابى الفوارس محمد بن علي بن محمد بن احمد بن علي الاعرج «ره» هو احد الشهيدين من هذا البيت الرفيع، قد حوي علما و ادبا لا يستهان بهما؛ و همة قعساه و عزما دونه السيف الرهيف، ورث من الآباء كل مأثرة فائقة فورثها الابناء قدس اللّه روحه و ارواحهم

في عمدة الطالب ص 299 هو المولى السيد العالم الجليل العالى الهمة الرفيع المقدار قضى اللّه له بالشهادة فاخذ بالمشهد الغروى و خنق ظلما اخذ اللّه له بحقه اه و في (تحفة الازهار) انه كان سيدا عظيما نبيلا لديه علم و فضل و ادب ذا همة عالية احرق بالغرى ظلما و عدوانا و خلف ابا الفضل محمد اسعد الدين كان سيدا جليلا عظيما رئيسا عالما فاضلا كاملا الخ

(السيد الاجل بدر الدين)

الحسن نقيب الاشراف بحلب بن محمد بن على بن الحسن بن زهرة بن ابى على الحسن بن ابي المحاسن زهرة بن على بن محمد بن احمد بن محمد بن الحسين بن اسحق المؤتمن بن الامام جعفر الصادق عليه السّلام

«آل زهرة» من اشرف الأسر الكريمة في الملأ الشيعى العلوى نسبا و مذهبا، و اغصانها الباسقة متفرعة من شجرة طيبة اصلها ثابت و فرعها

ص: 77

فى السماء، و لم تزل مشرقة الانوار الى العصر الحاضر في سوريا و العراق و اذربايجان، و قد تبرّز منهم علماء نشروا الفقه و الحديث قرونا عديدة، و شكر المجتمع الديني العلمي منهم كلّ مسعى ناجع، و مأثرة جميلة، و يجد السابر طيات الكتب ذكرى عقدهم المنضد، و يشيم الناظر في افق التاريخ منهم انجما و بدورا «منهم» السيد الاجل ابو المحاسن زهرة بن الحسن بن زهرة. و السيد المحدث الجليل على بن ابي المحاسن. و الفقيه ابو المكارم حمزة بن على بن الحسن بن زهرة صاحب (قبس الانوار في نصرة العترة الاطهار) و غيره المتوفي سنة 585. و السيد ابو القاسم عبد اللّه بن على صاحب التجريد و غيره. و السيد الامام محيي الدين ابو حامد محمّد بن عبد اللّه بن على استاذ المحقق و تلميذ ابيه و ابن شهراشوب و غيرهما صاحب «الاربعين». و السيد الحبر الجليل علاء الدين ابو الحسن على بن ابراهيم بن محمد بن علي بن الحسن بن زهرة المتوفى سنة 775 عن نيف و سبعين سنة و هو الذي كتب العلامة (ره) له و لولده السيد شرف الدين ابى عبد اللّه الحسين و لاخيه الكبير السيد بدر الدين ابى عبد اللّه محمد المتوفى سنة 733 عن نيف و ستين سنة اجازته الكبيرة المعروفة باجازة بنى زهرة. و السيد الجليل ابو طالب شهاب الدين احمد بن محمد بن ابراهيم بن محمد بن على بن الحسن بن زهرة من مشايخ الشيخ الامام الشهيد الاول توفي سنة 795 و له اجازة عن العلامة. و السيد عز الدين ابو محمّد الحسن بن السيد بدر الدين ابي عبد اللّه محمد بن ابراهيم و هو المجاز من العلامة ايضا. و منهم (المترجم) كان عالما جليلا احد اعيان عصره من مشايخ

ص: 78

الحديث و ممن تخرّج عليه حفيده شمس الدين الحسن بن محمد كما صرّح به العسقلاني فى ج 2 من الدرر الكامنة(1) و يمتاز بين رجال اسرته بالفوز بالشهادة و الحياة عند ربه مرزوقا، قال العسقلانى في (الدرر) هو بدر الدين نقيب الاشراف بحلب و ناظر المرستان بها قتل غيلة في محرم سنة اثنتين و ثلثين و سبعمائة اه و تجد ذكره بالأطراه و الشهادة في الرياض و غيره

(الشيخ الاجل السعيد الحسن)

بن محمد بن ابي بكر بن ابى القاسم الهمدانى الدمشقى السكاكينى من اعلام الشيعة و علمائها ذكرته المعاجم بجميل من القول و بديع من المدح، و لئن اودي به فلم يقتل مجده و فضله، او بهتوه فلم يحط ذلك شيئا من رفيع مقامه، فهو مرزوق عند ربه و باق بثان من عمره، فى (الدرر الكامنة) كان ابوه فاضلا في عدة علوم من غير سبّ و لا غلوّ فنشأ ولده هذا غاليا فى الرفض فثبت عليه ذلك عند القاضى شرف الدين المالكي بدمشق و ثبت عليه انه اكفر الشيخين و قذف ابنتيهما و نسب جبرئيل الى الغلط في الرسالة الى غير ذلك فحكم بزندقته و بضرب عنقه فضرب بسوق الخيل حادي عشر من جمادى الأولى سنة أربع و اربعين و سبعمائة اه و في «الرياض» كان من اكابر علماء الشيعة استشهد لاجل تشيعه اه

ص: 79


1- قال ما ملخصه شمس الدين حسن بن محمد بن بدر الدين الحسن ولد في حدود 710 و سمع من جده و حدّث و درّس بالجوزية توفي في ربيع الاول سنة 770 عن ستين سنة

و قد اثنى عليه في المستدرك و ذكره بالشهادة، و نسبة القول بغلط جبرئيل اليه من مفتريات الشهود عليه كما صرّح به في «الرياض» و «المستدرك» و كذلك اكفار الشيخين و قذف ابنتيهما و كم لها في مساقط الهوى و مهاوى الأحقاد من نظير

(السيد الاجل تاج الدين)

نضرة(1) بن كمال الدين صادق بن نظام الدين المجتبى بن شرف الدين ابي الحسن محمد بن فخر الدين المرتضى بن القاسم بن على بن محمد بن الحسين الفقيه بقم بن اسمعيل بن احمد بن الحسين الجذوعي بن احمد بن الحسن بن احمد الشعراني بن ابي الحسن علي العريضي بن الامام جعفر الصادق عليه السّلام.

في (عمدة الطالب) الصغرى المخطوطة انه السيد الجليل الفاضل الوجيه قتله غلام له زنجىّ اسمه ظفر عرض له مثل الجنون بغتة فقتل جماعة السيد تاج الدين سادسهم ثم قتل و احرق و كان ذلك في سابع عشر المحرم سنة اربع و ثمانين و سبعمائة و ابنه السيد قوام الدين المجتبى كان مقداما نجيبا ترشح للوزارة و قتل هو و ابنه فخر الدين يعقوب يوم قتل شاه عصره منصور بن المظفر اليزدي فى الحرب و كانا من جملة اصحابه اه، و فى (عمدة الطالب) الكبيرة المطبوعة في ذكر اولاد علي العريضى و منهم السيد الجليل عميدهم و سيدهم تاج الدين نصرة بن كمال الدين صادق «الى اخر النسب» و ابنه قوام الدين مجتبى و ابنه فخر الدين يعقوب المجتبى قتل دارجا هو

ص: 80


1- في «عمدة الطالب» الكبير نصرة كما فى غيره

و ابوه يوم قتل شاه منصور بن المظفر اليزدي و انقرض تاج الدين الاّ من البنات و قتل تاج الدين بابرقوه(1) قتله غلام له اسود اسمه ظفر و قتل كمال الدين في واقعة الملك الاشرف لما دخل الى ابرقوه و كان لتاج الدين اخ اسمه مبارك شاه يلقب بجلال الدين كان رجلا جيدا و كان له ابنان احدهما الحسين درج و الآخر الحسن كمال الدين اه

(السيد المحقق جلال الدين على)

المكنى بابي القاسم الشهير بباغي بن السيد العلامة فخر الدين عبد الوهاب بن السيد الفاضل ضياء الدين عبد اللّه بن ابي الفوارس محمد بن على بن محمد بن احمد بن على الأعرج (ره) هو ثاني الشهيدين من هذه الاسرة الكريمة، و واسطة العقد المفصل، و قاعدة المجد المؤثل، حوى من الشرف اعلاه و من العلم اغزره، فسار الركبان بحديث فضله كما تداول الملوان ذكرى قديم فخره، في «عمدة الطالب» السيد العالم المحقق جلال الدين ابو القاسم علىّ يلقب بباغي قتل في واقعة بغداد القريبة اه و فى «تحفة الازهار» لديه علم و فضل بتحقيق و تدقيق قتل فى وقعة بغداد سنة 756

«السيد الجليل غياث الدين»

عبد الكريم بن شمس الدين ابى طالب محمد النسابة بن جلال الدين نقيب

ص: 81


1- هى بلدة مشهورة بارض فارس قرب (يزد) على ثلاثة فراسخ منها او اربعة و اهل فارس يسمونها (وركوه) بفتح الواو معناها فوق الجبل

المشهد و الكوفة النسابة عبد الحميد المتوفى سنة 666 بن ابى طالب محمد بن جلال الدين عبد الحميد الأول بن النقي عبد اللّه بن اسامة المتولي للنقابة في العراق بن احمد بن على بن محمد بن عمر الشريف الرئيس الجليل بن يحيي القائم بالكوفة بن الحسين النقيب الطاهر بن ابى عاتقة احمد الشاعر المحدّث بن ابي علي عمر بن ابي الحسين يحيي المقتول سنة 250 بن ابي عاتقة الزاهد الحسين الملقب بذى الدمعة بن زيد الشهيد بن على بن الحسين بن على بن ابى طالب عليهم السّلام وصفه صاحب عمدة الطالب بالشهادة دارجا من دون ذكر كيفيتها و ذكرها معاصره العلامة صفي الدين عبد العزيز بن السرايا الحلي في ديوانه ص 226 و قال قد خرج عليه جماعة من العرب بشط سوراء من العراق فحكموا عليه و سلبوه فمانعهم عن سلب سرواله فضربه احدهم فقتله اه و اشتبه الأمر في الكتابة على العلامة النوري فى خاتمة (المستدرك) و نقل هذه القضية بعينها و لفظها في ترجمة عمّ جدّ المترجم غياث الدين علي بن عبد الحميد الأول و تبعه غير واحد من المعاصرين فى ذلك و الحال انّ غياث الدين عليا ليس بشهيد و انما الشهيد من هذه الاسرة هو رجلان احدهما المترجم و الآخر السيد لطف اللّه بن عبد الرحيم بن غياث الدين عبد الكريم بن تاج الدين على بن مجد الدين محمد بن ابى الفتح على بن عبد الحميد الأول ذكره صاحب «عمدة الطالب» ص 247 و قال قتله السلطان احمد بن السلطان اويس ببغداد اه و يرثى صفي الدين الحلي المترجم و يحرّض النقيب الطاهر شمس الدين الآوي على اخذ ثاره بقوله

ص: 82

هو الدهر مغرى بالكريم و سلبه *** فان كنت في شك بذاك فسل به

ارانا المعالي كيف يتهدّ ركنها *** و كيف يغور البدر من بين شهبه

أبعد (غياث الدين) يطمع صرفه *** بصرف خطاب الناس عن ذم خطبه

و تخطو الى (عبد الكريم) خطوبه *** و يطلب منا اليوم غفران ذنبه

سليل النبي المصطفى و ابن عمه *** و نجل الوصىّ الهاشمي لصلبه

فتى كان مثل الغيث يخشى و باله *** و يرجى لطلاب الندى و بل سحبه

رقيق حواشى العيش في يوم سلمه *** كثيف حواشى الجيش في يوم حربه

فلا يتقي الاسياف الا بوجهه *** و لا يلتقي الاضياف الا بقلبه

و لا ينظر الاشياء الا بعقله *** و لا يسمع الانباء الا بلبه

اذا حال في يوم الردى قيل من له *** و ان جاد في يوم الندى قيل من به

امن بعد ما تمت محاسن بدره *** و دارت على كل الورى كاس حربه

دهته المنايا و هى في حدّ سيفه *** و صرف الليالى و هو من بعض حبه

كان لم يقدها كالأجادل سربا *** و يرفع قبّ الليل من نقع قبه

و لم يقرع الأسماع وقع خطابه *** و لم يطرق الهيجاء موقع خطبه

و لا كان يوم الدست صاحب صدره *** و للجيش يوم الحرب مركز قطبه

اتبتزه الاعداء في يوم لهوه *** فهلا اتوه جحفلا يوم حربه

و لم ار قبل اليوم ليث عريكة *** اذاقته طعم الموت عضة كلبه

و لو كان ما بين الصوارم و القنا *** و فوق متون الخيل ادراك نحبه

لكان جميل الذكر عن حسن فعله *** ينفس عن قلب الفتى بعض كربه

ابىّ قياد النفس آثر حتفه *** و لم يبد يوما للعدى لين جنبه

ص: 83

كانّ بنى (عبد الحميد) لفقده *** ذرى جبل هدت جلاميد هضبه

أ تسلبه الاعداء من بين رهطه *** و تغتاله الايام من دون صحبه

و تفقده فى دولة ظاهرية *** بها الذئب يغدو رائعا بين سربه

بدولة ملك يغضب الليث قوته *** و يقتل من يلقاه شدة رعبه

فلو كان شمس الحق و الدين شاهدا *** لمصرع ذاك الندب ساعة ندبه

بكاه باطراف الاسنة و الظبى *** بدمع من اللبات مسقط سكبه

و شنّ على عرب العذارين غارة *** يضيق بها في البرّ واسع رحبه

فتعجب لبات الكماة بطعنه *** و يعرب هامات الحماة بضربه

فلا نقط الا من سنان قناته *** و لا شكل الا من مضارب عضبه

أبا الحرب بادر و اتخذها صنيعة *** تبدّل مرّ القول فيكم بعذبه

فكم (لغياث الدين) من حق منة *** تطوّق بالانعام اعناق صحبه

قضى نحبه و الذكر منه مخلد *** بافواهنا لم يقض يوما لنحبه

و مذرجعت اترابه من وداعه *** تلقاه في اكفانه عفو ربه

سقى قبره من صيب المزن وابل *** يجر على ارجائه ذيل خصبه

و من عجب انّ السحاب بقبره *** و اسأل من صوب الحيارىّ تربه

(السيد الزعيم نصير الدين الحسن)

بن معية المستشهد في القرن الثامن من اجلة سادات بنى معية في «عمدة الطالب» و من بنى معية السيد نصير الدين الحسن احد رجال العلويين بالعراق و وجوههم كان قبله اهل الفتوة نيابة عن شيخنا

ص: 84

السيد تاج الدين محمد(1) و مال اليه الناس و امتثل امره الخاص و العلم و مات قتيلا بطريق الكوفة توجه زايرا للمشهد الغروي في بعض مواسم الزيارة فخرج عليه في الليل جماعة قطاع الطريق و رموهم بالنشاب فاصابته نشابة و حمل الى المشهد جريحا فتوفي هناك و ترك بنتين لا غير اه «و هذه العبارة» تنم عن مقام منيع للمترجم لا تعدوه الامامة و الزعامة و الكرامة و العلم الغزير و الفضل الكثير

(الحكيم المتبحر السيد شاه فضل)

المشهدي المتخلص بنعيمي توجد ترجمته في (رياض العارفين) و قال صاحب (الحصون) ج 9 كان جامعا للعلوم العقلية و النقلية من السادات الصحيحي النسب و كان متبحرا فى علوم العربية و علم الجفر و علم الحروف و الاسماء و له اليد الطولى في الحكم و هو الذي ربى و كمل السيد نسيمي الشيرازي و له تنسب كرامات و له مصنفات منها جاودان الكبير و جاودان الصغير كان معاصر شاه رخ ميرزا و الامير تيمور و كان عارفا سالكا و كان مقيما في شيروان فاحضره ميران شاه من شيروان و بفتوى جهلاء علماء

ص: 85


1- هو السيد محمد بن القاسم بن معية الحلى شيخ الامام الشهيد الأول و نظرائه (فى روضات الجنات) قل من اشتهر اسمه و بهر رسمه في طرق الاجازات بمثابة هذا الركن الركين و البلد الامين بل لم يعهد مثله في كثرة الاساتيد و المشايخ و جباية العلم الراسخ الباذخ في جميع علمائنا المتقدمين و المتأخرين اه و اثنى عليه و اطراه صاحب «الامل» و «اللؤلؤة» و غيرهما، و له كتب و تآليف كثيرة و شعر رائق

عصره نال الشهادة سنة 796 و كان شاعرا و من شعره

وجودم زماني كه پيدا نبود *** بجز مظهر حق تعالى نبود

بمصر وجود آن زمان آمدم *** كه با يوسف جان زليخا نبود

فرشته مرا سجده آن روز كرد *** كه با آدم اى خواجه حوا نبود

من آندم دم از زندگى ميزدم *** كه در نفس مريم مسيحا نبود

سخن گفت موسى ما با خدا *** زمانيكه گوينده پيدا نبود

چرا ديده ام نقش اشيا درو *** چو در ذات او نقش اشيا نبود

خدا را از ان مى پرستد خدا *** كه علم پرستيدن از ما نبود

(الشيخ السعيد الجليل محمود)

بن ابراهيم بن محسد الشيرازي نزيل دمشق، كان من اعيان علماء القرن الثامن قال العسقلاني في الدرر الكامنة ج 4 كان منقطعا في مدرسة ابو عمر ثم قتل على الرفض بدمشق في جمادي الاخرة سنة 766

الشيخ الامام علم الاسلام شمس الملة و الدين

اشارة

محمد بن الشيخ جمال الدين مكى بن محمد بن حامد بن احمد العاملى النبطى(1) الجزيني(2) المستشهد سنة 786 المنعوت بالشهيد الاول و الشهيد المطلق في كلمات علمائنا و هو اول من اشتهر بهذا اللقب عند

ص: 86


1- نسبة الى نبطية من بلاد عامل
2- نسبة الى جزين قرية «بلبنان» كانت شيعية لا يوجد فيها بيت لغير الشيعة و منذ سبعين سنة عادت نصرانية لا يوجد فيها اليوم بيت اسلامي ازيد من واحد او اثنين

الامامية، كهف الشيعة و علم الشريعة، لم يزل فقهه مستقى علماء الامامية فى نظرياتهم، و كتبه مرجع فقهائهم، و انظاره العلمية مرتكز ارائهم، و شهرته فى الفقه و الاصولين و مشاركته فى العلوم اظهر من ان تخفى فلا اطيل بتنسيق عقود الثناء فاكون كناقل التمر الى هجر،

«في المقابيس» الشيخ الهمام قدوة الانام فريدة الايام، علامة العلماء العظام، مفتي طوايف الاسلام، ملاذ لفضلاء الكرام، خرّيث طريق التحقيق، مالك ازمة الفضل بالنظر الدقيق، مهذّب مسائل الدين الوثيق، مقرب مقاصد الشريعة من كل فجّ عميق، السارح فى مسارح العرفاء و المتألهين، العارج الى اعلى مراتب العلماء الفقهاء المتبحرين، و اقصى منازل الشهداء السعداء المنتجبين، الشيخ شمس الدين ابو عبد اللّه محمّد بن مكي العاملي اعلى اللّه رتبته في حظائر القدس، و بوأه مع مواليه في مقاعد الانس، و له كتب زاهرة فاخرة و مصنفات دائرة باهرة و اكثرها فى الفقه اه و في «اللؤلؤة» فضله اشهر من ان يذكرو اعظم من ان ينكر كان عالما ماهرا فقيها مجتهدا متبحرا فى العقليات و النقليات زاهدا عابدا ورعا فريد دهره و كان والده (ره) ايضا فاضلا و هو الشيخ مكى بن محمد بن حامد اه و فى «المستدرك» تاج الشريعة و فخر الشيعة شمس الملة و الدين ابو عبد اللّه محمد بن الشيخ جمال الدين مكي افقه الفقهاء عند جماعة من الاساتيد جامع فنون الفضايل و حاوي صنوف المعالي و صاحب النفس الزكية القدسية القوية التى ينبىء عنها ما ذكره السيد الجليل السيد الحسين القزويني في مقدمات شرحه على الشرايع قال وجدت بخط الشيخ السيد السعيد صاحب حدايق

ص: 87

الابرار) من احفاد الشارح الفاضل الشهيد الثاني قال وجدت بخط الشيخ ناصر البويهي و هو من الفقهاء المتبحرين و العلماء المتقين ما هذا لفظه انه رأى في منامه كانه في قرية (جزين) التي هي قرية شيخ شمس الدين محمد بن مكي الشهير بالشهيد الاول فى سنة خمس و خمسين و تسعمائة قال ذهبت الى باب الشيخ فطرقته فخرج الشيخ الي فطلبت منه الكتاب الذي صنفه الشيخ جمال الدين بن المطهر في الاجتهاد فدخل بيته و اتانى بالكتاب و معه كتاب اخر و اظنه فى الروايات فناولنيهما و استيقظت و هما معى اه «ولد» رحمه اللّه سنة 734 و استشهد في سنة 786 فكان عمره الشريف اثنين و خمسين سنة و صرّح في اربعينه انّ فخر المحققين اجازه في داره بالحلة سنة 751 و كذا السيد عميد الدين في الحضرة الحايرية و ابن نما بعد هذا التاريخ بسنة و كذا ابن معية بعده بسنة و المطار ابادى بعده بسنة فعلم انه (ره) ارتحل الى العراق و تلمذ على تلامذة العلامة اوايل بلوغه و هم جماعة كثيرة و قال في اجازته لابن الخازن و اما مصنفات العامة و مروياتهم فاني اروي عن نحو من اربعين شيخا من علمائهم بمكة و المدينة و دار السّلام بغداد و مصر و دمشق و بيت المقدس و مقام الخليل ابراهيم عليه السّلام و من تامل في مدة عمره الشريف و مسافرته الى تلك البلاد و تصانيفه الرايقة في الفنون الشرعية و انظاره الدقيقة و تبحره فى الفنون العربية و الاشعار و القصص النافعة كما يظهر من مجاميعه يعلم انه من الذين اختارهم اللّه تعالى لتكميل عباده و عمارة بلاده و ان كلما قيل او يقال في حقه فهو دون مقامه و مرتبته اه

ص: 88

مقتله و شهادته

قال (صاحب الروضات) نقل عن خط ولد الشهيد على ورقة اجازته لأبن الخازن الحايري ما صورته استشهد والدي الامام العلامة كاتب الخط الشريف شمس الدين ابو عبد اللّه محمد بن مكي شهيدا حريقا بعده بالنار يوم الخميس تاسع جمادى الاولى سنة ست و ثمانين و سبعمائة و كل ذلك فعل برحبة قلعة دمشق اه و في (اللؤلؤة) انه قتل بالسيف ثم صلب ثم رجم ثم احرق بالنار ببلدة دمشق في سلطنة (برقوق)(1) بفتوى برهان الدين المالكي و عباد بن جماعة الشافعي و تعصب جماعة كثيرة بعد ان حبس في القلعة الدمشقية سنة كاملة و كان سبب حبسه ان وشى عليه تقى الدين الجبلى و يوسف بن يحيى و كتب يوسف محضرا يشنع فيه على الشيخ المترجم باقاويل شنيعة و عقايد غير مرضية عزاها اليه و شهد فيه سبعون من اهل الجبل من اقوام حناق على المترجم و كتب في هذا ما ينيف على الالف من اهل السواحل من رعرعة الناس و اثبتوا ذلك عند قاضي بيروت و قاضي صيدا و اتوا بالمحضر الى القاضي عباد بن جماعة بدمشق فانفذه الى القاضي المالكي فقال له تحكم فيه بمذهبك و الاعزلتك فجمع الملك بيد مرو الامراء و القضاة و الشيوخ و احضروا شيخنا المترجم و قرئ عليه المحضر فانكر ذلك فلم يقبل و قبل له قد ثبت ذلك عندنا و لا ينتقض

ص: 89


1- هو سيف الدين المقتول سنة 801 و اشهر (ببرقوق) لجحوظ فى عينيه و هو اول ملوك الجراكسة بمصر و الشام و كان ابتداء دولتهم سنة 784 و انقراضهم في سنة 922 و عدتهم 23 ملكا

حكم القاضى فقال الشيخ الغائب على حجته فان اتى بما يناقض الحكم جاز نقضه و الا فلا وها انا ابطل شهادات من شهد بالجرح ولي على كل واحد حجة بينة فلم يسمع ذلك منه و لم يقبل فعاد الحكم الى المالكي فقام و توضا و صلى ركعتين ثم قال قد حكمت باهراق دمه فاكسوه اللباس و فعل به ما قدمناه من القتل و الصلب و الرجم و الاحراق و ممن تعصب و ساعد في احراقه رجل يقال له محمد الترمدي و كان رجلا تاجرا يحقد شيخنا الشهيد اه ملخصا

و للمؤرخ ابي الفلاح عبد الحي بن العماد الحنبلي المتوفى سنة 1089 فى ج 6 من شذرات الذهب ص 294 ما يقضي منه العجب «مما تكاد السموات يتفطرن منه و تنشق الارض و تخرّ الجبال هدّا» قال و فيها (يعنى سنة 786) قتل محمد بن مكي العراقى الرافضى كان عارفا بالاصول و العربية فشهد عليه بدمشق بانحلال العقيدة و اعتقاد مذهب النصيرية و استحلال الخمر الصرف و غير ذلك من القبايح فضربت عنقه بدمشق في جمادى الاولى و ضربت عنق رفيقه عرفة بطرابلس و كان على معتقده اه

و يشهد اللّه و الحقيقة و كتب الفقيد الشهيد انه براء من تلكم النسب و في منتىء عنها غير انّ المؤرخ يتحرى تبرير عمل من ارتكب تلكم الجريرة بنحت اعذار مفتعلة

هذه خلاصة ما ارتكبوه من الفظايع في هذه الفاجعة و ما تشبثوا به مما يبرر اعمالهم عند زيائهم لكن ابن الجماعة كان حنقا عليه منذ مناظرة جرت بينهما و من جرائها كانت تلكم الهلجات و قام الهوس و الهياج

ص: 90

على قدم و ساق كما عرفت؛ ففى «الروضات» رأيت في بعض مؤلفات صاحب(1) مقامع الفضل انه جرى يوما بين شيخنا المترجم و ابن الجماعة كلام في بعض المسائل و كانا متقابلين و بين يدى الشهيد محبرة و كان ابن جماعة رجلا بادنا و اما الشهيد فانه كان صغير الجثة فقال له ابن جماعة في اثناء المناظرة و هو يريد تحقيره اني لا احسّ الا صوتا من وراء الدواة و لا افهم ما يكون معناه فاجابه الشيخ قائلا نعم ابن الواحد لا يكون اعظم من هذا فخجل ابن الجماعة من هذه المقالة كثيرا و امتلأ منه غيظا و حقدا الى ان فعل به ما فعل اه ملخصا، ذكر غير واحد من المترجمين تفاصيل في المقام اقتصرنا منها بهذا الاجمال

اما اثاره العلمية او مئاثره الخالدة على جبهة الدهر اوضاحا و غررا فمنها كتاب الذكرى. كتاب الدروس الشرعية فى فقه الامامية. كتاب غاية المراد في شرح نكت الارشاد. كتاب جامع العين من فوايد الشرحين جمع فيه بين شرحى تهذيب الاصول للسيد عميد الدين و السيد ضياء الدين. كتاب البيان فى الفقه. رسالة فى الباقيات الصالحات. كتاب اللمعة الدمشقية في الفقه. كتاب الاربعين حديثا. رسالة الالفية في فقه الصلوة اليومية. رسالة النفلية. رسالة في قصر من سافر لقصد الافطار و التقصير. كتاب خلاصة الاعتبار في الحج و الاعمار. كتاب القواعد.

رسالة التكليف. كتاب المزار

و يروى قده عن السيد تاج الدين بن معية المتوفى سنة 776 و الشيخا)

ص: 91


1- هو العلامة المتبحر اقا محمد على بن الوحيد المجدّد البهبهانى (قدهما)

رضي الدين علي بن احمد الحلي المتوفى سنة 757 و الشيخ زين الدين على بن احمد المطار ابادي المتوفى سنة 762 و السيد علاء الدين على بن زهرة الحلبي المتوفى سنة 775 و السيد ابو طالب احمد بن زهرة الحلبي المتوفى سنة 795 و السيد شمس الدين محمد بن احمد المتوفى سنة 769 و الشيخ قطب الدين محمد بن محمد الرازي البويهي المتوفى سنة 776 و السيد عميد الدين عبد المطلب بن ابى الفوارس المتوفى سنة 754 و الشيخ فخر الدين محمد بن الامام العلامة الحلي المتوفى سنة 771 «و له» شعر جيد رائق و منه على نقل صاحب خزاين الدرر(1) و المجموع الرايق(2) رواية عن بعض احفاد المترجم مضمنا ابيات من قصيدة الهذلى الشاعر العربى الجاهلي و قد وضعناها بين قوسين

المت بنا و الليل من دونها ستر *** و لاح لنا شمس و قد طلع البدر(3)

فقلت لها من انت قالت تعجبا *** و هل سائل للبدر من انت يا بدر

انا الفضة البيضاء قد نالها جوى *** انا الكوكب الدرى انا الكاعب البكر

فبتنا على رغم الحسود و بيننا *** حديث كنشر المسك شيب به خمر

حديث لو انّ الميت يؤتى ببعضه *** لأصبح حيا بعد ما ضمه القبر

فوسدتها زندى و بت ضجيعها *** و قلت لليلي طل فقد رقد البدر

فلما اضاء الصبح فرّق بيننا *** و ايّ نعيم لا يكدره الدهرئن

ص: 92


1- هو العلامة الحاج الشيخ جعفر (نقدى) صاحب التصانيف الممتعة
2- البحاثة الشريف السيد محمد صادق حفيد آية اللّه بحر العلوم
3- و ما طلعت شمس و ما طلع البدر، على رواية صاحب الخزائن

(أما و الذي ابكى و اضحك و الذي *** امات و احي و الذي امره الامر)

(لقد تركتني احسد الوحش ان ارى *** اليفين منها لا يروعهما ذعر)

(فيا حبها زدنى جوى كل ليلة *** و يا سلوة الايام موعدك الحشر)

(عجبت لسعي الدهر بيني و بينها *** فلما انقضى ما بيننا سكن الدهر)

(و اني لتعروني لذكراك هزة *** كما انتقض العصفور بلله القطر)

و له

عظمت مصيبة عبدك المسكين *** فى نوعه من مهر حور العين

الاولياء تمتعوا بك في الدجى *** بتهجد و تخشع و حنين

فطردتني عن قرع بابك دونهم *** أترى لعظم جرائمي سبقوني

أوجدتهم لم يذنبوا فرحمتهم *** ام اذنبوا فعفوت عنهم دوني

إن لم يكن للعفو عندك موضع *** للمذنبين فاين حسن ظنوني

و مما يعزى اليه

غنينا بنا عن كل من لا يريدنا *** و ان كثرت اوصافه و نعوته

و من صدّ عنا حسبه الصد و القلا *** و من فاتنا يكفيه انّا نفوته

و نقل العلامة المجلسى (ره) عن خط محمد بن على الجباعي جدّ شيخنا البهائى انه وجد بخطه قال الشيخ الامام العلامة محمّد بن مكى انشدني السيد ابو محمد عبد اللّه بن محمد الحسينى لابن الجوزى

اقسمت باللّه و الآلائه *** الية القى بها ربي

انّ علي بن ابي طالب *** امام اهل الشرق و الغرب

من لم يكن مذهبه مذهبي *** فانه انجس من كلب

ص: 93

قال الشيخ محمد بن مكي فعارضته تماما له

لانه صنو بني الهدى *** من سيفه القاطع في الحرب

و قد وقاه من جميع الردى *** بنفسه في الخصب و الجدب

و النص في الذكر و فى (انما *** وليكم) كاف لذى لبّ

من لم يكن مذهبه هكذا *** فانه انجس من كلب

و من شعره برواية السيد محمد الحسيني العاملي فى كتابه (الاثني عشرية)

بالشوق و الذوق نالوا عزة الشرف *** لا بالدلوف و لا بالعجب و الصلف

و مذهب القوم اخلاق مطهرة *** بها تخلقت الاجساد فى النطف

صبر و شكر و ايثار و مخمصة *** و انفس تقطع الانفاس باللهف

و الزهد في كل فان لا بقاء له *** كما مضت سنة الاخيار و السلف

قوم لتصفية الارواح قد عملوا *** و اسلموا عرض الاشباح للتلف

ما ضرّهم رثّ اطمار و لا خلق *** كالدرّ حاضره مخلولق الصلف

لا بالتخلق بالمعروف تعرفهم *** و لا التكلف في شيء من الكلف

يا شقوتى قد توّلت امة سلفت *** حتى تخلفت في خلف من الخلف

ينمقون تزاوير الغرور لنا *** بالزور و البهت و البهتان و السرف

ليس التصوّف عكازا و مسبحة *** كلا و لا الفقر رؤيا ذلك الشرف

و ان تروح و تغدو في مرقعة *** و تحتها موبقات الكبر و السرف

و تظهر الزهد فى الدنيا و انت على *** عكوفها كعكوف الكلب في الجيف

الفقر سرّ و عنك النفس تحجبه *** فارفع حجابك تجلو ظلمة التلف

و فارق الجنس و اقر النفس فى نفس *** و غب عن الحس و اجلب دمعة الاسف

ص: 94

و اتل المثانى و وحد إن عزمت على *** ذكر الحبيب وصف ما شئت و اتصف

و اخضع له و تذلل اذ دعيت له *** و اعرف محلك من آباك و اعترف

وقف على عرفات الذل منكسرا *** و حول كعبة عرفان الصفا فطف

و ادخل الى خلوة الافكار مبتكرا *** وعد الى حالة الاذكار بالصحف

و إن سقاك مدير الراح من يده *** كأس التجلي فخذ بالطاس و اغترف

و اشرب و اسق و لا تبخل على ظمأ *** فان رجعت بلا ريّ فوا اسفي

«و من رائق شعره»

و لا ابتغي الدنيا جميعا بمنة و لا اشتري منّ المواهب بالذل

و اعشق كحلاء المدامع خلقة لئلا ارى في عينها منة الكحل

و لصاحب الجلالة السلطان علي بن مؤيد ملك خراسان فى عهد «المترجم» كتاب ارسله اليه من خراسان هذه صورته كما ذكرها العارف صاحب «العرفان»

سلام كنشر العنبر المتضوع *** يخلف ريح المسك في كل موضع

سلام يباهي البدر في كل منزل *** سلام يضاهي الشمس في كل مطلع

على شمس زين الحق ما دام ظله *** بجد سعيد في نعيم ممتع

(ادام اللّه) مجلس المولى الأمام الهمام، العالم العامل، الفاضل الكامل، السالك الناسك، رضيّ الاخلاق، و في الاعراق، علاّم العالم، مرشد طوائف الامم، قدوة العلماء الراسخين، اسوة الفضلاء المحققين، مضيء الفرق، الفاروق بالحق، حاوي فنون الفضايل و المعالي، حائز قصب السبق في حلبة الاعاظم و الاعالي، وارث علوم الانبياء و المرسلين، محي مراسم

ص: 95

الأئمة الطاهرين، سرّ اللّه في الارضين، مولانا شمس الملة و الحق و الدين، مد اللّه اطناب ظلاله بمحمد و آله في دولة راسية الاوتاد و نعمة متصلة الامداد الى يوم التناد

فالمحب المشتاق مشتاق الى كريم لقائه غاية الاشتياق، و ان يتشرف بعد البعاد بقرب التلاق

حرم الطرف من محياك لكن *** حظي القلب في حمياك ريّا

ننهي الى ذلك الجناب لا زال مرجعا لاولي الالباب ان شيعة خراسان صانها اللّه تعالى من الحدثان متعطشون الى زلال وصاله، و الاغتراف من بحار فضله و افضاله، و افاضل هذه الديار، قد مزقت شملهم ايدى الادوار، و فرق جلهم بل كلهم صنوف صروف الليل و النهار، و قال امير المؤمنين عليه سلام رب العالمين (ثلمة الدين موت العلماء) و إنّا لا نجد فينا من يوثق بعلمه في فتياه، او يهتدى الناس برشده في هداه، و يسئلون اللّه تعالى شرف حضوره، و الاستضائة باشعة نوره، و الاقتداء بعلومه الشريفة، و الاهتداء برسومه المنيفة، و اليقين بكرمه العميم و فضله الجسيم، ان لا يخيب رجاءهم و لا يرد دعائهم، و يسعف مسئولهم، و ينجح مأمولهم، و إذا كان الدعاء لمحض خير على يدي الكريم، فلا يرد امتثالا لما قال اللّه تعالى (وَ اَلَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اَللّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) و لا شك ان اولى الارحام بصلة الرحم الرحم الاسلامية الروحانية، و احرى القربات بالرعاية القرابة الايمانية ثم الجسمانية، فهما عقدتان لا تحلهما الادوار و الاطوار، بل شعبتان لا يهدمهما إعصار الاعصار، و نحن نخاف غضب اللّه

ص: 96

على هذه البلاد، لفقدان المرشد و عدم الارشاد، و الفضول من إنعامه و كرمه أن يتفضل علينا و يتوجه الينا متوكلا على اللّه القديم غير متعال بنوع من المعاذير فانا بحمد اللّه نعرف قدره و نستعظم امره انشاء اللّه تعالى و المتوقع من مكارم صفاته و محاسن ذاته إسبال ذيل العفو على هذا الهفو و السّلام على اهل الاسلام

المحب المشتاق علي بن مؤيد

و ما تيسر له (ره) انجاح مسؤل صاحب الكتاب و اعتذر و صنف له اللمعة و هو بدمشق و ارسلها اليه مع رسول

الاولاد و الاحفاد

و له (ره) اولاد اربعة يذكرون فى المعاجم بكل جميل اكبرهم الشيخ رضي الدين ابو طالب محمد الراوي عن ابيه الشهيد، و ثانيهم الشيخ ضياء الدين ابو القاسم او ابو الحسن علي شيخ ابن عم ابيه شمس الدين محمد بن محمد بن داود المشتهر بابن المؤذن، و ثالثهم الشيخ جمال الدين ابو منصور الحسن، و رابعهم الفقيهة الفاضلة العابدة فاطمة المدعوة بست المشايخ تروي عن ابيها و عن السيد تاج الدين بن معية اجازة و كان ابوها يثني عليها و يامر النساء بالاقتداء بها و الرجوع اليها و هي في فقهها و فضلها ثانية امها العالمة ام علي قال صاحب (الامل) كانت فاضلة تقية فقيهة عابدة و كان الشهيد يثني عليها و يأمر النساء بالرجوع اليها

و له (قده) ذرية طيبة فيهم العلماء و الاجلاء و الادباء نشير الى من وقفنا على ذكر منه (منهم) الشيخ فخر الدين احمد بن شمس الدين

ص: 97

علي بن جمال الدين الحسن بن زين الدين بن محمد بن علي بن شهاب الدين محمد بن احمد بن محمد بن شمس الدين محمد بن بهاء الدين علي بن ضياء الدين بن الشهيد محمد بن مكي؛ وصفه ابن اخيه الشيخ محمد مكي في بعض اجازاته المنقولة عنه بالشيخ الامام الاكبر المعظم و الهمام التحرير المكرم علم الدين و باب الندى منقذ الامة الخ... و الشيخ ابراهيم بن ضياء الدين محمد بن شمس الدين علي بن جمال الدين حسن بن زين الدين من علمائنا الاعلام يروي عنه شقيقه الشيخ محمد مكي... و الشيخ شرف الدين محمد مكي بن ضياء الدين محمد بن شمس الدين علي بن جمال الدين الحسن بن زين الدين (الى آخر نسبه المذكور) يروي عن اخيه الشيخ ابراهيم المذكور و عن الشيخ الحسين الماحوزي له كتاب سفينة نوح جمع فيه من كل شيء احسنه. و الروضة العلية. الدرة المضيئة في الدعوات، و قد اجاز بعض معاصر به منهم العلامة الشيخ محمد رضا و شقيقاه العلمان الشيخ محمد ابراهيم و الشيخ محمد اسماعيل ابناء العلامة المولى عبد المطلب التبريزي صاحب كتاب الشفا في اخبار آل المصطفى و كتب لهم الاجازة سنة 1178... و الشيخ احمد شرف الدين محمد مكي المذكور بن ضياء الدين محمد، فى (امل الآمل) كان فاضلا اديبا شاعرا منشأ سكن الهند مدة ثم جاور مكة سنين و هو من المعاصرين... و الشيخ جواد بن شرف الدين محمد مكي المذكور بن ضياء الدين محمد اطراه السيد العلامة الشريف الرضي محمد(1) بن فلاح الكاظمي و (قال) هو العالمور

ص: 98


1- كان فاضلا اديبا شاعرا مفلقا من سروات بني هاشم و ذوى كراماتهم و له القصيدة الرائية المعروفة (بالكرارية) في مناقب امير المؤمنين (ع) و هي تنوف على اربعمائة و ثلثين بيتا و لجمع كثير من علماء عصره و ادبائه تقاريظ عليها و عندنا منها نسخة و مطلعها نظرت فازرت بالغزال الاحور وسطت فاردت كل ليث قسور

الفاضل الكامل. عمدة الاماثل. الجامع بين الصناعة الشعرية. و العلوم الشرعية. العالم الرباني. و المحقق الثاني. و من شعره مقرضا القصيدة الرائية الكرارية حال ارسالي لها اليه و هو بالنجف الاشرف

وردت فلودت بالظلام الاعكر *** و بدت فاخفت كل ضوء نيّر

نضحت تخبر عن براعة زاخر *** سمحت لدي بكل سرّ مضمر

ينحط مدحي عن حقيقة شأنها *** و يقلّ في نظمي صحاح الجوهر

فكانما القرطاس كاس رايق *** و اللفظ ساقينا بمعنى مسكر

فرشفتها شغفا لما قد اودعت *** من نكتة و بديعة لم تنكر

فسرت حياة فى الفاصل كلها *** و مسرة في قلبي المتكدر

للّه ناظمها فكم في نظمها *** قد فاق كل مقدم و مؤخر

لا زال في ثوب السلامة رافلا *** مذ فاح نشر ختامه المتعطر

و الشيخ ابو المعالي بهاء الدين محمد اخو الشيخ جواد المذكور بن الشيخ شرف الدين محمد مكي من فطاحل علماء عصر السيد بحر العلوم هاجر الى الهند و توفي بها و له هناك مزار معروف... و الشيخ محسن بن الشيخ زين العابدين بن الشيخ ابي المعالي بهاء الدين محمد المترجم بن الشيخ شرف الدين محمد مكي عالم فاضل... و الشيخ بهاء الدين محمد

ص: 99

بن الشيخ محسن المذكور بن الشيخ زين العابدين بن بهاء الدين بن محمد مكي احد العلماء الاجلاء في عصره... و الشيخ رضا بن الشيخ زين العابدين بن الشيخ بهاء الدين بن الشيخ محمد مكي سبط صاحب (مفتاح الكرامة) و شيخ رواية الحاج المولى علي الخليلي الرازي النجفي له شرح على الشرايع... و الشيخ جواد بن الشيخ رضا بن الشيخ زين العابدين بن الشيخ بهاء الدين بن الشيخ محمد مكي قرء على والده العلامة و اية اللّه صاحب (الجواهر)... و الشيخ علي بن الشيخ جواد المذكور بن الشيخ رضا بن زين العابدين... و الشيخ محمد بن الشيخ جواد المذكور بن الشيخ رضا ... و الشيخ خير الدين بن الشيخ عبد الرزاق العاملي نزبل شيراز من معاصري شيخنا البهائي «ره» و اليه ارسل الشيخ كتابه (حبل المتين) لمّا الفه، ذكره صاحب رياض العلماء و اطراه... و الشيخ خير الدين حفيد الشيخ خير الدين المذكور من معاصري صاحب (رياض العلماء) و ذكره في الكتاب و قال مؤمن صالح فاضل خير له كتب في الفقه و الرياضي و غيرهما الخ و قال السيد العلامة في (التكملة) ان سلسلتهم بطهران الى اليوم علماء فضلاء و لهم رتبة شيخ الاسلام... و الشيخ شمس الدين محمد علي بن تقي الدين العاملي نزيل (فوعة) من اعمال حلب من الاعلام الفضلاء المعمرين في غاية الجلالة توفي في حدود سنة 1333 ... و الشيخ محمد امين بن العلامة الشيخ محمد علي المذكور نزيل (فوعة) من الافاضل الاجلاء توفي بفوعة في نيف و ثلثمائة بعد أوبته من النجف الاشرف... و العلامة الضليع الشيخ مهدي بن الشيخ علي آل شمس الدين

ص: 100

العاملي نزيل (مجدل سليم) كان فقيها جامعا وحيد عصره و نابغة زمانه زعيما قائدا روحيا في عامل اديبا شاعرا مفلقا تخرّج على العلامة الشيخ عبد اللّه آل نعمة الجبعى له تآليف و كتب منها، الرد على صاحب المنار المصري. و البستان و الحديقة؛ توفي اثناء الحرب العامة و قد تجاوز عمره الثمانين... و العلامة الشهير الشيخ جواد بن اخي الشيخ مهدي المذكور تخرّج على علماء النجف و اقام بها 22 سنة له كتابات و تآليف ممتعة توفي في حدود الحرب العامة... و الشيخ محمد حسين نزيل (مجدل سليم) فاضل اديب شاعر له من الشعر الكثير الطيب توفي قريبا في بلده عن عمر يناهز الستين و من شعره القصيدة الغديرية في مدح خير البرية طبعت في صيدا و من مطلعها

اليوم اكملت فيه دينكم نزلت *** و نعمة اللّه في الاسلام قد كملت

و السن الشكر آيات الثناء تلت *** إذ حجة المرتضى بالنص فيه علت

يوم الغدير فاضحى للورى عيدا ***

يوم به المصطفى من فوق منبره *** علا و ادنى اليه صنو عنصره

و ظل يتلو عليهم طيب مخبره *** وحيا تنزل فيه من مطهره

فياله من مقام كان مشهودا ***

يوم به قد اقام المرتضى علما *** اذ كان من ذاته العليا يدا و فما

و قال من كنت مولاه فلا جرما *** فالمرتضى هو مولاه الامين كما

اوحى إلي به الرحمن تاييدا ***

«و يقول فيها»

ص: 101

ذاك الذي افرغ الرحمن جوهره *** من طينة القدس صفاه و طهره

و كل ما خلق الرحمن اكبره *** و المصطفى خير خلق اللّه آثره

خير النساء لامر كان معبودا ***

و اللّه في عالم العلوي زوّجه *** بنت النبي و تاج الفخر توجّه

و قد اقام سبيل الرشد منهجه *** ففاطم كفوه و الامر احوجه

و كفوها لم يكن لولاه موجودا ***

من مثله و هو سيف اللّه جرّده *** على العدى و بروح القدس ايّده

و المصطفى قال مني حيث سدّه *** كمثل هرون من موسى و اشهده

اسرار علم تفوق النجم تعديدا ***

«و يقول في آخرها»

عجل لنا الروح يا رحمن و الفرجا بمن اقمت له بين الورى الحججا

بك الرجاء و ما اكدى لديك رجا متى نرى القائم المهدي قد خرجا

يعود عصر مواليه به عيدا

«للمترجم» اليوم احفاد كثيرون منهم علماء و ادباء و شعراء يسكنون حلب و جبال عامل (سوريا) معروفون ببيت شمس الدين و غيرها (منهم) العلامة الشيخ حسن بن سليم بن محمد بن محسن بن ابراهيم بن حامد آل شمس الدين نزيل (حنويه) من اعمال صور اقام في النجف 17 سنة و تخرّج على علمائها و ممن قرء عليه الحاج ميرزا حسين النايني.

ص: 102

على علماء النجف و اقام بها عدة سنين ثم غادرها الى (فوعة) و له في السعي وراء صالح الامة مواقف و مقامات مشكورة ابقت له ذكرى خالدة... و الشيخ ابراهيم شقيق الشيخ امين الحلبي المذكور عالم فاضل شاعر له فى المذهب الشيعي و المناظرة مع مخالفيه اشواط بعيدة و مواقف حسنة... و الفاضل الجليل الشيخ زين العابدين بن الشيخ سليم نزيل النجف الاشرف شقيق الشيخ حسن المذكور... و الشيخ علي بن الشيخ مهدي الآنف ذكره نزيل (مجدل سليم) شاعر مفلق اديب له شعر كثير جيد و له في الذكاء و قوة الحافظة شهرة طايلة

و من هذه الاسرة لكريمة اليوم جمع من رواد العلم في النجف الاشرف

«تذييل»

و قتل من اعيان الشيعة في القرن الثامن علي بن ابي الفضل بن محمد الحلبي نزيل دمشق لم نعرف محله من العلم لكن ذكره العسقلاني في كتابه (الدرر الكامنة) و عدّه من اعيان القرن المذكور و قال انه رافضي قدم دمشق فاظهر الرفض و ظاهر به حتى دخل الجامع الاموي رافعا صوته يسبّ اول من ظلم آل محمد و كان الناس حينئذ في صلوة الظهر فاخذ و اقيم بين يدي (السبكي) فسأله من تلعن قال ابا بكر الصديق ثم رفع صوته قال لعن اللّه فلانا و فلانا و ذكر الخلفاء الثلثة الراشدين يسميهم و عطف عليهم معوية و يزيد و كرر بذلك فامر به الى السجن ثم احضره بعد و عرض عليه التوبة فامتنع فعقد له مجلس فامر المالكي بضربه بالسياط فلم يرجع و اعيد عليه ذلك مرارا و هو يبالغ فيما هو فيه من السبّ

ص: 103

و اللعن الصريح فحكم المالكي بسفك دمه و ذلك في تاسع عشر جمادى الاولى سنة 755 فقتل و احرق العامة جسده و طيف برأسه،

«و قال العسقلاني في موضع اخر علي بن الحسن»

بن ابي الفضل بن ابي جعفر بن محمد بن كثير الحلبي الرافضي قدم دمشق و اقام بها سنوات فاتفق انه شقّ الصفوف و الناس في صلوة جنازة بالجامع و هو يلعن و يسبّ من ظلم آل محمد فنهره عماد الدين بن كثير و اغرى به العامة و قال ان هذا يسبّ الصحابة فحملوه الى القاضي تقي السبكي فاعترف بسب ابي بكر و عمر فعقدوا له مجلسا فحكم نائب المالكي بضرب عنقه بعد ان كررت عليه التوبة ثلاثة ايام فامر فضرب عنقه بسوق الخيل و حرق العوام جسده و ذلك في جمادى الاولى سنة 755 اه

القرن التاسع و شهداء علمائه

السيد العالم الفاضل عماد الدين

اشارة

الشيرازى المتخلص بنسيمي من اجلة سادات شيراز كان عالما فاضلا محققا محدثا عارفا شاعرا مشاركا فى علوم فاق قرنائه بشعره الرايق في (الحصون) ج 9 و كان من العلماء المحققين و الفضلاء المبرزين و كان

ص: 104

على طريقة السيد شاه فضل الشيرازي(1) المتخلص بنعيمي اخذ الطريقة عنه و استشهد سنة 837 مصلوبا في شيراز و مرقده خارج زرقان القريبة الى شيراز و قال بعض انه قتل في حلب و كان شاعرا مفلقا و ديوانه يتجاوز عن ثلاثة الآف بيت و من شعره

چه نكته بود كه ناگه ز غيب پيدا شد *** كه هر كه واقف آن نكته گشت شيدا شد

چه مجلس است و چه بزم اينكه از مي توحيد *** محيط قطره شد آنجا و قطره دريا شد

و له

از مشرق ديدارش انرا كه بود ديده *** انوار تجلي را پيوسته چو ما بيند

ايچشم نسيمي را از روي تو بينائي *** آنرا كه تو منظوري غير از تو كرا بيند

و له

در دايره وجود موجود علي است *** وندر دو جهان مقصد و مقصود عليست

گر خانه اعتقاد ويران نشدي *** من فاش بگفتمي كه معبود علي است

و له

خواهى كه شوي كسي ز هستى كم كن *** ناخورده شراب وصل مستي كم كن

با زلف بتان درازدستى كم كن *** بت را چه گنه تو بت پرستي كم كن

«و ذكر له صاحب رياض العارفين»

من گنج لا مكانم اندر مكان نگنجم *** برتر ز جسم و جانم در جسم و جان نگنجم

وهم و خيال انسان رو سوي من ندارد *** دروهم از ان نيايم در عقل از ان نگنجم

ص: 105


1- هو السيد الشهيد في سنة 796 ذكرناه فى ص 88

القرن العاشر و شهداء علمائه

سيد الحكماء ابو المعالي الامير محمد

الدشتكي الشيرازي المعروف بصدر الدين الكبير بن ابراهيم شرف الملة بن محمد صدر الدين بن اسحق عز الدين بن علي ضياء الدين بن عربشاه فخر الدين بن الأمير عز الدين ابي المكارم بن الامير خطير الدين بن الحسن شرف الدين ابي علي بن الحسين ابي جعفر الغريري بن علي ابى سعيد النصيبيني بن زياد الاعثم ابى ابراهيم بن علي بن ابى شجاع الزاهد بن محمد ابى جعفر بن علي بن الحسين بن جعفر ابى عبد اللّه بن احمد نصير الدين النقيب بن جعفر ابى عبد اللّه الشاعر بن محمد ابى جعفر بن محمد بن زيد الشهيد بن الامام زين العابدين عليه السّلام

«المترجم» من اجداد السيد صاحب (سلافة العصر)، صدر من صدور الامة، و اوحديّ من اعلام الأئمة، ابى له شرفه الجزل الا الدورة و السنام من كل فصل، فجاء ممثل كيان سلفه الطاهر ينبوغه الظاهر، و لا بدع فهو ذلك العبقرى النيقد، و العلم المفرد، الذي عنت له لفطاحل، و طأطأ له الافاضل

ص: 106

قال القاضى الشهيد في (المجالس) ما ملخصه انه يكنى بابى المعالي و يلقب بصدر العلماء و صدر الحقيقة و ان اسلاف المترجم كلهم من جملة حفظة السنة و الحديث و حملة العلوم الا انه كان الغالب على امرهم الالتزام بشدة التقية و لذلك كانوا يقتصرون في تآليفهم بنقل احاديث اهل السنة لكن سيدنا المترجم عدل عن ذلك و صارح بمعتقده من ولاء أئمة آل البيت عليهم السّلام و تولع بالفلسفة العالية فبرع فيها وفاق الاقران و تخرّج في العلوم الشرعية على ابيه و على ابن عمه الأمير نظام الدين احمد المتكلم الفقيه و في الفنون الادبية على ابن عمته الأمير حبيب اللّه المشهور و في مراتب المعقول على السيد الفاضل المسلم الفارسي و قد جرى بينه و بين المولى قوام الدين الكرماني الذى هو من اعاظم تلمذة السيد الشريف الجرجانى مباحثات و مناظرات كثيرة اوضح في مواضع منها بطلان كلمات استاده المذكور و له في قوه العارضة و فلج الحجة و سداد الحاضرة شأ و لم يلحق و لذلك ما كان يناظره احد الافاقة و يحجم عن مقابلته نوابغ العلوم حتى ان المحقق الدوانى على غزارة علمه لم يكن يرى من نفسه الكفاية لمعارضته ذكر الامير غياث الدين(1) المنصور في شرحه على كتاب اثبات الواجب لوالده ان والده ولد صبيحة يوم الثلثا الثانى من شهر شعبان سنة ثمان و عشرين و ثمانمائة و استشهد في صبيحة يوم الجمعة الثانى عشر من شهر رمضان سنة ثلث و تسعمائة بيد التركمان و من جملة اثاره المدرسة المنصورية بشيراز و له كتاب حاشية القديم و الجديد على شرح التجريد و هما الى اواسط مباحث الاعراض.ره

ص: 107


1- هو ولد المترجم و سيأتي ذكره

حاشية القديم للعلامة الدوانى. حاشية على شرح الشمسية. حاشية على الحواشي الشريفية. حاشية على شرح مختصر الاصول لابن الحاجب.

حاشية على تفسير الكشاف. رسالة في علم الفلاحة. رسالة بلسان الفارسي في معرفة الجواهر و خواصها و قيمتها. رسالة اخرى فارسية في بيان كيفية حدوث القوس و القزح، و غيرها من التعاليق اه ملخصا و ذكره بالاطراء و الشهادة صاحب (ايجاز المقال) و (حبيب السير)(1)و قبره رحمه اللّه في شيراز مشهور و في جواره دفن ولده الامير غياث الدين منصور قال صاحب (المجالس) بعد اطرائه فرغ من ضبط العلوم و هو في سن العشرين و ناظر العلامة الدواني قبل ذلك بنحو من ست سنين و كان له منصب الصدارة للسلطان شاه طهماسب الصفوي الموسوي الخ و خلف نجلين جليلين اكبرهما الأمير شرف الدين علي المعروف بالورع و السداد في زمانه، و الثاني الامير محمد المعروف بصدر الدين الثاني له افادات و اجازات و اسفار و حديث توبته النصوح و اثارها الجليلة مذكور في «المجالس» و تجد فيه و في «الروضات» تفاصيل من هذه التراحم

(العالم الجليل السيد عبد الباقى)

سبط السيد نور الدين نعمة اللّه الكرماني المشهور بشاه نعمة اللّه، آباء المترجم كلهم فضلاء اجلاء و هو كان عالما فاضلا متحليا بمكارم الاخلاق و من اهل النسك و الزهد و الورع مجتهدا في العبادة جليلا في عهد السلطان

ص: 108


1- للمؤرخ غياث الدين محمد خواند امير

شاه اسمعيل الصفوي و كان محفله مجمع الفضلاء و الامراء و له المام بالشعر و منه

مسكن شده كوچه ملامت ما را *** ره نيست بوادي سلامت ما را

درويشانيم و ترك دنيا كرده *** اين است طريق تا قيامت ما را

في «رياض العلماء» كان من مشاهير علماء عصره و شعرائهم و اصحاب الانشاء قد نقل سام ميرزا في «تحفة السامي» بعض اشعاره و قال له ديوان شعر بالفارسية في الغزليات و كان قد جمع مع علوّ النسب مراتب شرف الحسب و كان يتخلص في اشعاره بالباقي و قال انه لغاية شهرته لا يحتاج الى تعريف و توصيف و كان مع غلوّ مرتبته ذا همة عظيمة في رعاية جانب الفقراء و قد صار في اوائل ظهور دولة السلطان شاه اسمعيل الماضي الصفوي متقلدا لمنصب صدارته ثم ترقى و صار وكيل الدولة للسلطان المذكور و استقر له الحلّ و العقد في مهام الانام حتى انه كان لا يصدر امر في جميع امور الملك و المال في مملكة ذلك السلطان الاّ برأيه الى ان استشهد في واقعة محاربة ذلك السلطان مع ملك الروم في اوايل رجب سنة عشرين و تسعمائة اه

قد استشهد المترجم في المحاربة الواقعة بين الملكين السلطان شاه اسمعيل الصفوي و السلطان سليم خان العثماني ملك الروم في اذربيجان في محلّ يقال له (چالدران) و هو من اعمال (خوي) بينه و بين تبريز عشرون فرسخا و قتل في تلك المقاتلة جمع كثير من الامراء و الأشراف

(المولى البارع محمد طالب)

كان من روّاد العلم حسن الطبع بارعا فاق الاقران في فنّ الألغاز

ص: 109

و المعميات حاز منصب الصدارة عند السلطان بديع الزمان ميرزا و بعده تقرب الى السلطان ظهير الدين محمد بابر ميرزا و استشهد في وقعة كانت بين السلطان المذكور و عبيد اللّه خان في ماوراء النهر سنة 918 و له رسالة في فن الألغاز في غاية الدقة و من شعره المذكور فيها ملغزا باسم يحيى قوله

چو روي خوب تو ديدم برفت از دل من محبت همه اشيا بغير وجه حسن

اخذنا هذه الترجمة من (حبيب السير) للمؤرخ الشهير غياث الدين محمد خواند امير

(السيد الفاضل الامير غياث الدين)

محمّد الهروي الرازي بن السيد عزيز الدين يوسف بن شمس الدين بن پادشاه علي بن خسرو بن حبيب بن فرامرز بن نجيب الشكرابي «و ينتهي نسبه الى» ابى جعفر احمد بن ابى عبد اللّه جعفر بن محمد بن سيلق بن عبد اللّه بن محمد بن الحسن بن الحسين الاصغر بن علي بن الحسين بن على بن ابى طالب عليهم السّلام اطراه القاضي الشهيد في «المجالس» و نقل ابياتا فارسية للمولى (لساني) الشاعر المفلق فى مدح المترجم و هي

علي حصال و محمد شعار و يوسف خلق *** كه اين سه نور ز اوضاع او بود شاغل

سپهر قدر محمد كه حد نعمت او *** چو شكر واجب تكرار ميكند قابل

بلندمرتبه ذاتي كه رأى روشن او *** چو روح در همه ماهيتي بود داخل

سيادت از نسب سر بلند او عالي *** سعادت از سبب پاى بوس او عاجل

خلاصه بدن خاكي خراسان اوست *** كه سينه است خراسان و ذات او چون دل

«ثم قال» ان اصله رازي سافر والده فى ايام السلطان حسين ميرزا

ص: 110

الى هراة و نشأ السيد في تلك البلاد و اشتغل بتحصيل العلوم المتداولة في حضرة المولى حسين الهروي و شيخ الاسلام التفتازاني ثم تقلد منصب الصدارة و الامارة في بلدة خراسان في زمان السلطان صاحب قران الى ان حكم الأمير خان التركمان والي خراسان بقتله بسعاية بعض من يبغي الفساد فاستشهد يوم الاربعاء ثامن رجب سنة سبع و عشرين و تسعمائة و حكي من ابياته التي كتبها في تلك الايام الى الامير خان حاكم قتله

بناحق ار چه مرا مي كشي و ليك به بين *** كه عاقبت چه كند با تو خون ناحق من

و في «الرياض» السيد الجليل الفاضل الامير غياث الدين محمد بن يوسف الرازي الذي كان صدرا للسلطان شاه طهماسب بخراسان و ان الامير جمال الدين عطاء اللّه المحدّث بهراة ذهب لشفاعته و استخلاصه الى حضرة الخان و لم ينفع التماسه و قتل الامير غياث الدين المذكور اه و في (روضة الصفا) ان بسبب قتله عزل الامير خان عن حكومة خراسان و ذكر فى ذلك تفاصيل، و فى (حبيب السير) ما ملخصه سرد بخطه نسبه في هامش كتاب عمدة الطالب محمد بن يوسف «الى اخر النسب» قرأ عند صغره على عمه الامير فخر الدين بن شمس الدين و بعد وفاته تخرّج على المولى كمال الدين مسعود الشرواني و شيخ الاسلام المولى سيف الدين احمد التفتازاني و غدا في زمان قليل اسوة علماء العالم فافاض العلم و الفه

ز لفظ درفشيانش گشت بي قيل *** مبين معنى آيات تنزيل

ز ابر كلك او بحر معاني *** شدي پر از زلال زندگاني

و كان المترجم له الجاه العريض لدي السلطان حسين ميرزا و كان

ص: 111

مدرسا في مقبرته ناشرا الوية العلم و الفضل و ملك ازمة القضاء فى بلاد خراسان و جمع بين منصبى الصدارة و الامارة و كان في هراة له الأمر و النهى في جميع الامور و المهمات الشرعية فاضرم نفوذه في تلكم الديار الحقد و العداء في خلد امير خان فلمّا حوصرت هراة بيد عبيد اللّه خان عزم السيد بانّ المهاجمين اذا دحروا عن هراة يهاجر الى حضرة السلطان و يشكوه امير خان فاطلع امير خان على قصده هذا و اضمر في نفسه قتله فبعث يوم الثلثا في السادس من رجب جمعا كثيرا من خواصه مع پير احمد بيك و قاسم مهردار و اسحق بيك الى دار السيد فاخذوه الى قلعة اختيار الدولة و نهبوا بيته و اغاروا على صحبه و ملازميه و قيد معه جمع من اصحابه فبقي السيد بقية ذلك اليوم و ليلة الاربعاء محبوسا في تلك القلعة و انشأ شعرا و كتبه الى امير خان و منه

بتيغ ظلم مرا مي كشي و خواهي ديد *** كه عاقبت چه كند با تو خون ناحق من

فلم يؤثر فيه و يمم الامير جمال الحق و الدين عطاء اللّه الى حضرة الخان للشفاعة فلم يشفعه فيه و في يوم الاربعاء سابع رجب بعث قاسم مهردار الى القلعة لقتله فاستشهد في ذلك اليوم

دريغ آن نقابت قبابي كه بود *** دلش كان علم و كفش بحر جود

دريغ آن صدارت پناهى كه مهر *** بخاك ره او همي سود چهر

دريغ آن كه بود از علوّ نسب *** سر دودمان رسول عرب

دريغ آنكه از فيض انعام عام *** دل خلق را شاد كردي مدام

دريغ انكه بود از وفور كمال *** عطا بخش اصحاب جاه و جلال

ص: 112

دريغ انكه بودي ز خلق حسن *** نوازندۀ واقفان سخن

دريغ آنكه از بهر فكر صواب *** عيان ساختي سلك در خوي شاب

دريغ انكه در زير چرخ كبود *** بفضل و هنر مثل او كس نبود

دريغ انكه چشم فلك بعد از اين *** نه بيند نظيرش بروي زمين

«و انشد في هذه الفاجعة»

گفتم كه ز قصه مشكلي بنويسم وز درد فراق حاصلي بنويسم

كو دل كه از آنحال غمي شرح دهم كو دست كزان درددلي بنويسم

و دفنه الخواجه شاه حسين الخياباني و جمع من المسلمين ليلة الخميس بعد الأستجازة من امير خان في مقبرة ابائه الاجلاء في جبل مختار

سر و بالاي تو در خاك دريغست دريغ *** زير خاك آن بدن پاك دريغست دريغ

دامن پيرهن عمر تو اي يوسف عهد *** شده چون دامن گل چاك دريغست دريغ

كان مدة عمره ستا و خمسين سنة و قال الخواجه ضياء الدين فى تاريخ شهادته

چون مير محمد خلف آل عبا *** زين دير فنا رفت سوي دار بقا

تاريخ شهادتش رقم كرد ضيا *** و اللّه شهيد هو يحيى الموتى

«و قال المولى شهاب الدين احمد الحقيري»

چون كرد بتيغ جان ستان چرخ فلك از لوح زمانه نام ميرك راحك

گفتم كه حساب سال اينواقعه چيست دل گفت كه قتل بندگان ميرك

تجد تفصيل هذه الترجمة فى «المجالس» و حبيب السير ج 3 ص 98 ه

(الصدر الكبير الامير السيد شريف)

بن الامير تاج الدين علي بن الامير مرتضى بن الامير تاج الدين علي

ص: 113

الاسترابادي الاصل الشيرازي المنشأ في «رياض العلماء» كان من اجلاء سادات العلماء و مقدمهم و افضلهم و من اسباط السيد شريف العلامة الجرجاني المشهور و من جهة الآباء من احفاد الداعي الصغير محمد بن زيد والي مازندران، و صار صدرا في زمن السلطان شاه اسمعيل الماضي الصفوي سنة 915 و كان في ذلك الوقت لم يرجع منصب الصدارة في الدولة الى غير السادات و ان رجع قبله الى غيرهم و ان له في نشر مبادي الامامية و الدعاية اليها و المثابرة دون ذلك مساعي جليلة حفظها له التاريخ و قتل في معسكر السلطان شاه اسمعيل الصفوي سنة 920 في الحرب الواقعة بين السلطان شاه اسمعيل المذكور و بين السلطان سليم ملك الروم و قتل في تلك الواقعة معه من السادات الأمير عبد الباقي و السيد محمد كمونه قده اه ملخصا من الرياض و «احسن التواريخ» لحسن بيك روملو

(مروج المذهب محيى مراسم الشريعة)

اشارة

نور الدين ابو الحسن علي بن الحسين بن عبد العالي العاملي الكركي المعروف في زمانه بالشيخ العلائي تارة و بالمولى المروّج طورا و بالمحقق الثاني تارة اخرى

هو بيت القصيد، و ملتقى الشرف الطارف و التليد، شيخ الامة و زعيمها الميمون، و فقيهها الاكبر، البحر الاوحد، و العلم المفرد، قدم ايران بطلب من الشاه طهماسب الصفوي فافاض العلم و نشر الدعوة و بث الدين و اقام معالمه و شيد دعايمه و كان السلطان يشد ازره و يقيم امره و يمكنه مما يتحراه من الثقيف و اقامة الامت و الأود و يكتسح له الاشواك

ص: 114

المتكدسة امام سعيه و العراقيل دون مغازيه و بذلك كانت له الموفقية بالحصول على غايات شريفة قلّ من ضاهاه فيها اوانه اختص بها الى عصره و كان الشاه يقدمه على جميع علماء عصره و هو اهل لذلك كله فقدس اللّه روحيهما

«قال» المؤرخ المعاصر للشيخ المترجم الحسن بيك روملو في تاريخه (ما حاصله) انه لم يتح بعد الخواجه نصير الدين الطوسي لأحد من العلماء ما اتيح لشيخنا المروّج من اعلاء كلمة الحق و تشييد المذهب و اكبح جماح المتهتكين و منعهم عن الفجور و زجرهم و ازالة البدع و المنكرات و اقامة الفرايض و السنن و المحافظة على الجمعة و الجماعات و الفحص عن احوال الأئمة و المؤذنين و نشر احكام الدين و دحر عادية المرجفين اه و في (نقد الرجال) شيخ الطايفة و علامة وقته صاحب التحقيق و التدقيق كثير العلم نقي الكلام جيد التصانيف من اجلاء هذه الطايفة و له كتب منها شرح قواعد الحلي اه و في (امل الأمل) امره في الثقة و العلم و الفضل و جلالة القدر و عظم الشأن و كثرة التحقيق اشهر من ان يذكر و مصنفاته كثيرة مشهورة الخ

و في «لؤلؤة البحرين» ما ملخصه انه في الفضل و التحقيق و جودة التحبير و التدقيق اشهر من ان ينكر و كفاك إشتهاره بالمحقق الثاني و كان مجتهدا صرفا اصوليا بحتا، و عن شيخنا الشهيد الثاني في اجازته الكبيرة وصفه بالامام المحقق نادر الزمان و يتيمة الاوان و كان شيخنا المترجم من علماء عهد الشاه طهماسب الصفوي فوض اليه امور المملكة و كتب

ص: 115

رقما الى جميع الممالك بامتثال اوامر الشيخ و انّ اصل الملك انما هو له لأنه نايب الامام عليه السّلام فكان الشيخ يكتب الى جميع البلدان كتبه و دساتيره في الخراج و ما ينبغي تدبيره في امور الرعية حتى انه غيّر القبلة في كثير بلاد ايران باعتبار مخالفتها للمعلوم عنده، و عن السيد الجزائري في شرحه على «غوالي اللئالي» انه لما هبط اصفهان و قزوين مكنه من السلطان و قال له انت احق بالملك لأنك النائب عن الأمام عليه السّلام و انما اكون من عمالك اقوم باوامرك و نواهيك و رأيت للشيخ احكاما و مسائل الى الممالك الشاهية الى عمالها تتضمن قوانين العدل و كيفية سلوك العمال مع الرعية في اخذ الخراج و كميته و مقدار مدّته و امر بان يقرّر في كل بلدة و قرية اماما يصلي بالناس و يعلمهم شرايع الدين و الشاه تغمده اللّه برضوانه كتب الى اولئك العمال يامرهم بامتثال اوامر الشيخ و انه الأصل في تلك الاوامر و النواهي اه

و نقل في «الرياض» و «المستدرك» صورة الحكم الصادر من السلطان الشاه طهماسب المذكور و فيها فوائد لا يستهان بها و هنا نقتطف منها ما يرجع الى الشيخ المترجم المعظم «قده» و هو

[رقم السلطان طهماسب]

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

يا محمد * يا على فرمان همايون شرف نفاذ يافت آنكه چون از بدو طلوع تباشير صبح دولت

ص: 116

ابد پيوند، و ظهور آيات سعادت آيات شوكت ارجمند، كه بدون توافق آن رقم سعادتمندي دست قضا بر صحيفه احوال سعداء نمي كشيد اعلاء اعلام شريعت غراي نبويرا كه آثار ظلام جهالت از فضاي عالم و عالميان از ظهور خورشيد تأثير آن زوال پذير شود از مستمدات اركان سلطنت و قواعد كامكاري ميدانيم و احياي مراسم شرع سيد المرسلين و اظهار طريقه حقه ائمة معصومين صلوات اللّه عليهم كه چون صبح صادق غبار ظلمت اثار بدع مخالفان مرتفع گرداند از جمله مقدمات ظهور آفتاب معدلت گستري و دين پرورى صاحب الامر عليه السّلام مي شماريم و بي شائبه منشأ حصول اين امنيت و مناط وصول بدين نيت متابعت و انقياد و پيروي علماء دين است كه بدستياري دانشوري و دين گستري صيانت و حفظ شرع سيد المرسلين نموده بواسطه هدايت و ارشادشان كافه انام از مضيق ضلالت و گمراهي بساحت اهتدا توانند رسيد و از يمن افادات كثير البركاتشان كدورت و تيرگي جهل از صحايف خواطر اهل تقليد زدوده شود سيما در اين زمان كثير الفيضان عاليشاني كه برتبۀ ائمه هدى عليهم السّلام و الثناء احتضان دارد و متعالي رتبت خاتم المجتهدين، وارث علوم سيد المرسلين، حارس دين امير المؤمنين، قبلة الاتقياء المخلصين، قدوة العلماء الراسخين، حجة الاسلام و المسلمين، هادي الخلايق الي الطريق المبين، ناصب اعلام الشرع المتين، متبوع اعاظم الولاة في الاوان، مقتدى كافة اهل الزمان، مبين الحلال و الحرام، نايب الامام عليه السّلام؛ لازال كاسمه العالي عليا عاليا كه بقوۀ قدسيه ايضاح مشكلات قواعد

ص: 117

ملت و شرايع حقه نموده علماي رفيع المكان اقطار و امصار روي عجز بر آستانه علومش نهاده باستفاده علوم از مقتبسات انوار مشكوة فيض آثارش سرافرازند و اكابر و اشراف روزگار سر اطاعت و انقياد از اوامر و نواهي آن هدايت پناه نپيچيده پيروي احكامش را موجب نجاة مي دانند همگي همت بلند و نيت ارجمند مصروف اعتلاءشان و ارتقاء مكان و ازدياد مراتب آن عاليشان است مقرر فرموديم كه سادات عظام و اكابر و اشراف فخام و امراء و وزراء و ساير اركان دولت قدسي صفات مومى اليه را مقتدا و پيشواى خود دانسته در جميع امور اطاعت و انقياد بتقديم رسانيده آنچه امر نمايد بدان مأمور و آنچه نهي نمايد منهي بوده هر كس را از متصديان امور شرعيۀ ممالك محروسه و عساكر منصوره عزل نمايد معزول و هر كه را نصب نمايد منصوب دانسته در عزل و نصب مذكورين بسند ديگرى محتاج ندانند و هر كس را عزل نمايد مادام كه از جانب آن متعالي منقبت منصوب نشود نصب نكنند و همچنين مقرر فرموديم كه چون مزرعۀ كبيسه و دواليب كه در اراضي آنجا واقع است در نهر نجف اشرف و نهر جديد موسوم براقبه از شتوي و صيفي و مزرعۀ شويحيات و لرّم زيب از اعمال دار الزبيد بحدودها المحدودة في الوثيقة الملية مع اراضي مزرعۀ امّ الغرمات و اراضي كاهن الوعد رماحية كه احياكردۀ مومى اليه است بر مشار اليه وقف صحيح شرعي فرموديم و بعد از او بر اولاد او ما تعاقبوا و تناسلوا بموجبي كه در وقفيه مسطور است (الى ان كتب) چون هدايت

ص: 118

پناه مومى اليه جهت هدايت خلايق احيانا از نجف اشرف متوجه بعضي از ممالك محروسه مي شوند سيما (رماحيه) و جوايز در ذهاب و اياب كمال تعظيم بتقديم رسانند و سر كار مومى اليه و متعلقان او را در غيبت بدستور حضور برقرار دانسته از حوالات و مطالبات مستثنى شناسند و چون در پايۀ سرير فلك مصير كه مجمع اكابر و اشراف و امراء و حكام و اعيان ممالك محروسه است كائنا من كان ملازمت مقتدى الانام مومى اليه نموده مشار اليه بديدن احدي نرفته حكام عراق عرب حفظ اين قاعده مرعي داشته وظايف ملازمت بتقديم رسانيده طمع استقبال و رفتن شيخ الاسلام مومى اليه بديدن ننمايند فكيف كه تكليف حضور مجلس خود نمايند و در جميع ابواب بنوعي رعايت ادب نمايند كه مزيدى بر آن متصور نباشد و مقرر است كه آنچه از مقرّرى سنوات سابقه از دار الضرب باقي مانده باشد بلا تعلل رسانيده و سكّه مدينة المؤمنين حله را نزد وكلاء عالي رتبت مومى اليه سپرده بي حضور ايشان سكّه ننمايند و از مخالفت محترز باشند الخ

و تاريخه سادس عشر ذي الحجة سنة 939 و كتب السلطان طهماسب بخطه في هامشه ما لفظه، احكام مسطوره را و جميع احكام كه درباره مقتدى الانام مومى اليه صادر شده ممضى و منفذ دانسته خلاف كننده را ملعون و مطرود دانند (كتبه طهماسب)

و للمترجم تآليف منها جامع المقاصد في شرح القواعد. نفحات اللاهوت في لعن الجبت و الطاغوت. رسالة الجعفرية. رسالة الرضاع. رسالة

ص: 119

في الخراج. رسالة في اقسام الارضين. رسالة صيغ العقود و الايقاعات.

شرح الشرايع. رسالة الجمعة. شرح الالفية. حاشية الارشاد. حاشية المختلف. رسالة السجود على التربة. رسالة السبحة. رسالة الجنائز.

رسالة احكام السّلام. رسالة النجمية. رسالة المنصورية. رسالة في تعريف الطهارة. رسالة فى العدالة. رسالة في الغيبة. حاشية على تحرير العلامة. رسالة في الحج. حاشية على الدروس. حاشية على الذكرى رسالة في الكر. رسالة في التعقيبات

يروي «قده» عن الشيخ شمس الدين محمد بن داود، و الشيخ علي بن هلال الجزايري، و الشيخ شمس الدين محمد بن خاتون العاملي، و يروى عنه جماعة كثيرة «منهم» الشيخ زين الدين الفقعاني، و الشيخ احمد بن محمد الشهير بابن ابي جامع، و الشيخ نعمة اللّه بن احمد العاملي، و الشيخ برهان الدين ابو اسحق ابراهيم بن علي الأصبهاني، و الشيخ عبد النبي الجزائري، و من تلامذته ايضا الشيخ علي المنشار العاملي، و الشيخ كمال الدين درويش محمد بن الشيخ حسن العاملي، و السيد الامير محمد بن ابي طالب الأسترابادي الموسوي شرح بعض كتب استاذه المترجم، و السيد شرف الدين علي الحسني الأسترابادي النجفي صاحب «الفوايد الغروية» في شرح رسالة الجعفرية لاستاذه

(اما شهادته) فقد صرح بها معاصره ابن العودي في رسالته و قال هذا الشيخ علي بن عبد العالي الكركى يروي عنه شيخنا بلا واسطة توفي مسموما ثاني عشر ذي الحجة سنة خمس و اربعين و تسعمائة و هو في

ص: 120

الغري على مشرفه السّلام اه و ذكر شهادته ايضا صاحب «الرياض» في مواضع كثيرة من كتابه نقلا عن الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي العاملي والد شيخنا البهائي و انه صرح في بعض رسائله بذلك و نقله صاحب «روضات الجنات» في موضعين من الكتاب و نص بها العلامة النوري ره في (نفس الرحمان) و (المستدرك) و يؤيدها ما في تاريخ ذلك العهد من أن بعض رجال الدولة كان ينصب العداء للشيخ المروّج يتحرى الغوائل لقتله و يتربص به الدوائر

«كركي» نسبة الى «كرك» بفتحتين و هي قلعة حصينة في ضواحي الشام من نواحي البلقاء في جبالها و قرية قرب بعلبك يقال لها كرك نوح و ذلك لوجود قبر طويل بها يزعم اهلوها انه قبر نوح عليه السّلام و هو موجود حتى الآن يقصده الزائرون من كل حدب و صوب و يتولى سدانته اليوم سادن الروضة الزينبية بالشام السيد عباس آل مرتضي الموسوي الشامي، و حسب صاحب «الرياض» انها هي التي ضبطها الأمير شريف الدين الشولستاني بسكون الراء لكن خفي عليه انها غيرها فان التي - بالسكون هي قرية باصل جبل «لبنان» ينسب اليها جمع من فضلاء اهل السنة و اما التي يعزى اليها «المترجم» و جمع من علماء الشيعة فهي بالتحريك و ممن نسب اليها(1) ولد شيخنا المترجم الشيخ عبد العالي بن الشيخ علي بن عبد العالي كان فقيها محدثا محققا متكلما عابدا منها

ص: 121


1- تجد تفصيل تراجم المنسوبين الى كرك في «نقد الرجال» و «الامل» و «اللؤلؤة» و «الروضات» و «المستدرك» و امثالها

المشايخ الأجلة يروي عن ابيه و غيره من معاصريه و يروي عنه اجازة الامير محمد باقر الحسينى الداماد له رسالة في القبلة عموما و في قبلة خراسان خصوصا... و ولد المترجم الآخر الشيخ حسن بن علي بن عبد العالي صاحب التصانيف الممتعة

و السيد حسن بن ايوب المشتهر بابن نجم الدين الاعرج الحسينى كان عالما فاضلا صالحا يروي عن الشهيد الاول و يروي عنه من المشايخ الاجلاء الشيخ زين الدين جعفر بن الحسام العينائى(1)

و السيد جعفر بن فخر الدين بن السيد حسن المذكور بن ايوب الحسيني كان من السادة الأجلة و كبرآء الدين و الملة

و السيد العلامة بدر الدين الحسن بن السيد جعفر المذكور بن فخر الدين كان فاضلا جليل القدر من مشايخ شيخنا الشهيد الثاني قرء عليه في كرك و له كتاب «العمدة الجليلة في الاصول الفقهية» و هو ابن خالة الشيخ علي بن عبد العالي المترجم يروي عنه و عن الشيخ علي الميسي و ابلغ في اطرائه شيخنا الشهيد الثاني (قده) في اجازته الكبيرة توفي سنة 933 كما ذكره ابن العودي في رسالته... و السيد حسين بن السيد بدر الدين - الحسن المذكور بن السيد جعفر بن فخر الدين كان عالما فاضلا جليلين

ص: 122


1- بالعين المهملة المفتوحة ثم الياء و النون بعدها الألف و الثاء المثلثة نسبة الى عيناثة قرية من قرى جبل عامل تبعد عن (بنت جبيل) ميلين تقريبا ينسب اليها جمع كثير من العلمآء و يسكنها اليوم بعض الاعلام من سادات آل فضل اللّه الحسنيين

القدر له كتاب سكن اصفهان حتى مات.. و السيد ميرزا حبيب اللّه بن الحسين المذكور بن بدر الدين الحسن الحسيني المعاصر لشيخنا البهائي (قده) كان عالما جليل القدر عظيم الشان كثير العلم و العمل سافر الى اصفهان و تقرب عند الملوك حتى قلدوه منصب الصدارة للعلمآء و الامرآء ... و السيد احمد بن السيد حسين المذكور بن بدر الدين الحسن اخو ميرزا حبيب اللّه كان فاضلا عالما صالحا فقيها من معاصري شيخنا البهائي (ره) قرأ عليه و يروي عنه... و السيد محمد بن الحسين بن بدر الدين الحسن اخو السيد احمد و ميرزا حبيب اللّه المذكورين كان عالما فقيها جليلا فاضلا سكن اصبهان... و السيد ميرزا علي رضا بن ميرزا حبيب اللّه بن الحسين بن الحسن المذكورين كان فاضلا عالما فقيها محققا متكلما جليل القدر عظيم الشأن شيخ الاسلام في اصبهان توفي سنة 1091... و السيد ميرزا محمد مهدي بن ميرزا حبيب اللّه المذكور بن الحسين بن بدر الدين كان عالما فاضلا جليل القدر سكن اصفهان... و السيد ميرزا محمد معصوم بن ميرزا محمد مهدي المذكور بن ميرزا حبيب اللّه كان فاضلا عالما محققا جليل القدر شيخ الاسلام في اصفهان توفي سنة 1095... و السيد حسين بن السيد ضياء الدين ابي تراب حسن بن السيد جعفر بن محمد المعروف بالأمير السيد حسين المجتهد ابن بنت شيخنا المترجم علي بن عبد العالي توفي سنة احدى و الف في بلدة قزوين بطاعون عظيم وقع بها و نقل جسده الشريف الى العتبات له تصانيف و رسائل نفيسة في الفقه و الكلام و حقيقة المذهب و دحض البدع... و السيد محمد بن ناصر الدين كان فقيها فاضلا صالحا

ص: 123

من تلمذة شيخنا الشهيد الثاني (ره)... و السيد بدر الدين بن محمد المذكور بن ناصر الدين كان فقيها فاضلا من تلمذة الشيخ حسن بن شيخنا الشهيد الثاني (ره)... و السيد ابو عبد اللّه حسين بن حيدر بن قمر الحسيني المعروف بالمجتهد تارة و بالمحقق طورا و بالمفتى اخرى صاحب كتاب الأجازات و الرسائل المتفرقة في علوم متنوعة يروي عنه صاحب الذخيرة و المولى المجلسي الأول و هو ابن بنت الشيخ المترجم المحقق الثاني (ره) ... و السيد نور الدين عبد الحميد فاضل جليل يروي عن الشهيد الثاني و يروي عنه الشيخ محمد بن مكي بن عيسى بن الحسن العاملي

و الشيخ محمد بن علي بن محمد الحرفوشي الحريري في «امل الآمل» كان عالما فاضلا اديبا ماهرا محققا مدققا شاعرا منشأ حافظا اعرف اهل عصره بعلوم العربية قرأ على السيد نور الدين علي بن علي بن الحسن الموسوي العاملي في مكة جملة من كتب الخاصة و العامة له كتب كثيرة الفوائد منها كتاب اللآلي السنية في شرح الاجرومية مجلدان. و كتاب مختلف النجاة لم يتم. و شرح الزبدة. و شرح التهذيب في النحو. و شرح الصمدية في النحو. و شرح شرح القطر للفاكهي. و شرح شرح الكافيجي على قواعد الاعراب. و كتاب طرائف النظام و لطائف الانسجام في محاسن الاشعار. و شرح قواعد الشهيد. و رسالة الخال. و ديوان شعره. و رسائل متعددة رأيته في بلادنا مدة ثم سافر الى اصفهان و لمّا توفي رثيته بقصيدة طويلة منها

اقم مأتما للمجد قد ذهب المجد *** و جدّ بقلبي السوء و الحزن و الوجد

ص: 124

و بانت عن الدنيا المحاسن كلها *** و حل بها لون الضحى فهو مسوّد

وسائلة ما الخطب راعك وقعه *** و كادت له الشم الشوامخ تنهدّ

و ما للبحار الزاخرات تلاطمت *** و امواجها ايد و ساحلها خدّ

فقلت نعى الناعي الينا «محمدا» *** فذاب اسى من نعيه الحجر الصلد

مضى فائق الأوصاف مكتمل العلى *** و من هو في طرق السرى العلم الفرد

فكم قلم ملقى من الحزن صامت *** فما عنده للصامتين له ردّ

و طالب علم كان مغتبطا به *** كمغتنم للوصل فاجأه الصدّ

لقد اظلمت طرق المباحث بعده *** و كان كبدر التم قارنه السعد

فاهل المعالي يلطمون خدودهم *** و قد قلّ في ذا الرزه ان يلطم الخدّ

لرزء «الحريري» استبان على العلى *** اسى لم تكن لو لا المصاب به يبدو

و في (سلافة العصر) منار العلم السامي. و ملتزم كعبة الفضل و ركنها الشامي. و مشكاة الفضايل و مصباحها. المنير به مساؤها و صباحها.

خاتمة أئمة العربية شرقا و غربا. و المرهف من كهام الكلام شبا و غربا.

اماط عن المشكلات نقابها. و ذلل صعابها و ملك رقابها. و حلل للعقول عقالها. و اوضح للفهوم قيلها و قالها. فتدفق بحر فوائده و فاض و ملأ بفرائده الوطاب و الوفاض. و الف بتآليفه شتات الفنون. و صنف بتصانيفه الدر المكنون. الى زهد فاق به خشوعا و إخباتا. و وقار لا يوازيه الرواسي ثباتا. و تأله ليس لابن ادهم غرره و اوضاحه. و تقدس ليس للسري سرّه و ايضاحه. و هو شيخ شيوخنا الذي عادت علينا بركات انفاسه. و استضأنا بواسطة من ضياء نبراسه. و كان قد انتقل من

ص: 125

الشام الى بلاد العجم. و قطن بها الى ان وفد عليه المنون و هجم. فتوفي بها في شهر ربيع الثاني سنة 1059 «الى ان قال» و له الادب الذي اينعت ثمار رياضه. و تبسمت ازهار حدايقه و عياضه. فحلا جناها لا ذواق الافهام و تنشق عرفها كل ذي فهم فهام. فمن مطرب كلامه.

الذي سجعت به اغصان أنامله عنادل أقلامه. قوله مادحا شيخه الشيخ شرف الدين الدمشقي سنة 1026

اذا ما منحت جفوني القرارا *** فمر طارق الطيف يدني المزارا

فعلك تثلج قلبا له *** تأجج وجدا و زاد استعارا

و أنى يزور فتى قد براه *** سقام يمض و لوزار حارا

خليليّ عرّج على رامة *** لأنظر سلعا و تلك الديارا

و عج بي على ربع من قد نأى *** لأسكب فيه الدموع الغزارا

فقلبي من منذ رمّ المطيّ *** ترّحل عني الى حيث سارا

فهل ناشد لي وادي العقيق *** عنه فاني عدمت القرارا

بروحي رشا فاتن فاتك *** اذا ما انثنى هام فيه العذارا

و اما رنا باللحاظ انبرت *** قلوب الانام لديه حيارى

و من عجب انها لم تزل *** تعاقب بالحدّ و هي السكارى

و اعجب من ذا رأينا بها *** انكسارا يقود اليها انتصارا

و لم ارض من قبله سافكا *** دماء و لم يخش في القتل ثارا

يعير الغزالة من وجهه *** ضياء و يسلب منها النفارا

و يحمي بمرهف اجفانه *** جنيا من الورد و الجلنارا

ص: 126

تملكني عنوة و الهوى *** اذا ما اغار الحذار الحذارا

يرق العذول اذا ما رأى *** غرامي و يمنحني الاعتذارا

و من رشقته سهام اللحاظ *** فقد عزّ برء و ناء إصطبارا

حنانيك لست باوّل من *** دعاه الغرام فلبىّ جهارا

و لا انت اوّل صبّ جنى *** على نفسه حين اضحى جبارا

ترفق بقلبك و استبقه *** فقد حكم الوجد فيه وجارا

و عج عن حديث الهوى و اقرعن *** الى مدح من في العلى لا يجارى

امام توحّد في المكرمات *** و نال المعالي و الافتخارا

و ادرك شأو العلى يافعا *** و البس شانيه منه الصغارا

سمى في الكلام الى غاية *** و ناهيك من غاية لا تبارى

مناقبه لا يطيق الذكي *** بيانا لمعشارها و انحصارا

غدا كعبة لاقتداء الورى *** و اضحى لباغي الكمال المنارا

اليه المفاخر منقادة *** ابت غيره ان يكون الوجارا

هو البحر لا ينقضى وصفه *** فحدّث عن البحر تلق اليسارا

اذا اظلم البحر عن فكرة *** توقد عاد لديه نهارا

يفيد لراجى المعالي على *** و يمنح عافي نداه النضارا

و بكر تجرر اذيالها *** اليك دلالا و تسعى بدارا

اتتك من الحسن في مطرف *** تثني قواما ابى الاهتصارا

تضوع عبيرا و تختال في *** ملابس وشى ابت أن تعارا

تشكي اليك زمانا جنى *** عليها بنوه و خافوا الذمارا

ص: 127

و همّوا باطفآء مقباسها *** فلم يجدوا حين راموا اقتدارا

فباؤا بخفي حنين و قد *** علاهم خسار و نالوا بوارا

و كيف و انت الذي قد قدحت *** زنادا ذكاها و اوريت نارا

فهاك عروسا ترجى بان *** يكون القبول لديها نثارا

و منك اليك اتت اذ غدت *** لها منشأ واضحا و النجارا

و دم واحد الدهر فرد الورى *** تنال سموّا و تحوي وقارا

مدى الدهر ما لاح شمس الضحى *** و ناوح بلبل روض هزارا

و واصل صبا حبيب و ما *** تذكر نجدا فحنّ ادكارا

(و قوله مادحا الفاضل الاديب عبد اللطيف المنقاري)

يا ليتها إن لم تجد بوصال *** سمحت بوعد او بطيف خيال

(و ذكر القصيدة بطولها ثم ذكر له قصايد اخرى)

و من العلماء المنسوبين الى. كرك. الشيخ الجليل ابراهيم بن محمد المذكور بن على الحرفوشي كان فاضلا صالحا قرأ على ابيه و على غيره توفي بطوس سنة 1080... و الشيخ ابراهيم بن جعفر بن عبد الصمد فاضل عالم فقيه محدّث محقق ثقة عابد له كتب و رسائل في فنون متنوعة سكن بلاد «هراة»(1) من خراسان من معاصري صاحب «الوسائل» و الشيخ عز الدين حسين بن محمد بن هلال كان فقيها عالما جليلا...ان

ص: 128


1- بفتح الهاء مدينة مشهورة كانت من امهات مدن خراسان و الآن تعد من افغان كانت في العصور المتقادمة محشوة بالعلماء و مملوة باهل الفضل و الثراء نكبتها طوارق الحدثان

و الشيخ يحيي بن جعفر بن عبد الصمد العاملي كان من فطاحل فقهاء عصر صاحب «امل الآمل» سكن في نواحي خراسان

و الشيخ حسين بن شهاب الدين بن الحسين بن محمد بن حيدر في (امل الآمل) كان عالما فاضلا ماهرا اديبا شاعرا منشأ من المعاصرين له كتب منها شرح نهج البلاغة كبير. و عقود الدرر في حل ابيات المطوّل و المختصر. و حاشية المطوّل. و كتاب كبير في الطب. و كتاب مختصر فيه. و حاشية البيضاوي. و رسائل في الطب و غيره. و هداية الابرار في اصول الدين. و مختصر الاغاني. و كتاب الأسعاف.

و رسالة في طريقه. و ديوان شعره. و ارجوزة في النحو. و ارجوزة في المنطق و غير ذلك و شعره حسن جيد خصوصا مدائحه لاهل البيت عليهم السّلام سكن اصبهان مدة ثم حيدرآباد سنين و مات بها و كان فصيح اللسان حاضر الجواب متكلما حكيما حسن الفكر عظيم الحفظ و الاستحضار توفي سنة 1076 و كان عمره 67 سنة (و ذكر من شعره) قوله من قصيدة

يطيب عيشي في ربا ظبية *** يقرب ذاك القمر الزاهر

محمد البدر الذي اشراق ا *** لكون بباهر نوره الباهر

كوّنه الرحمن من نوره *** من قبل كون الفلك الدائر

حتى اذا ارسله للهدى *** كالشمس يغشى ناظر الناظر

ايده بالمرتضى حيدر *** ليث الحروب الأردع الكاسر

فكان مذ كان نصيرا له *** بورك في المنصور و الناصر

مجندل الابطال يوم الوغى *** بذى الفقار الصارم الباقر

ص: 129

و ذكره صاحب (سلافة العصر) و اطراه و بالغ في ثنائه و قال انه توفي سنة 1076 عن 64 سنة تقريبا ثم قال و من شعره مادحا الوالد دام مجده و هي من غرر القصايد

بدت لنا و ظلام الليل معتكر *** فقلت شمس الضحى لاحت ام القمر

جاء البشير و قال الشمس قد بزغت *** ليلا فصار عيانا ذلك الخبر

فقل لمن لامني في حبها سفها *** اليك عنّي فاني لست اعتذر

هي الحبيبة ان جادت و ان بخلت *** و كل ذنب جناه الحب مغتفر

سيان عندي اذا صح الوداد لها *** اقلّ في حبها اللاحون ام كثروا

لها المودة مني ما بقيت ولي *** حظ المحب و حظ العاذل الحجر

يا منية النفس ان دام الوصال لنا *** فلا ابالي اغاب الناس ام حضروا

مالذة العيش الا ما سمحت به *** انت الحياة و انت السمع و البصر

لم يلهني عنك مطلوب و لا وطن *** و لا نديم و لا كأس و لا وتر

فقت الحسان وفقت العاشقين معا *** فلو ارادوا لحاقا بي لما قدروا

لا غرو ان انكروا حالي فما سمعوا *** بمثلها في الهوى يوما و لا نظروا

مالي و ما لفتاة الحي قد صرمت *** حبلي و انكرني اترابها الأخر

هيفآء وافرة الارداف مائلة *** الاعطاف ما شانها طول و لا قصر

بيضاء وردية الخدين و جنتها *** يكاد منها سلاف الراح يعتصر

لم يبق لي بعدها صبر و لا جلد *** و لا فؤاد و لا عين و لا اثر

ان كان قد راعها فودي فلا عجب *** ان شاب رأسى ففي الايام معتبر

يا منيتي لا تراعي من ضنا جسدي *** فنارحبك لا تبقي و لا تذر

ص: 130

لا تجزعي من تحولي و انظري هممي *** قد يعجز السيف عما تفعل الابر

فلا تكوني على قرب المزار لنا *** كبقلة الرمل لا ظل و لا ثمر

ما الشيب عار و لا شيء اعار به *** فلا تظنيه ذنبا ليس يغتفر

ان تهجرينى فاني عنك في شغل *** من لذة العيش حيث الماء و الشجر

في ظل اروع ما زالت اوامره *** تجري على وفق ما يجري به القدر

«الى ان ذكر منها»

فقل لمن لا مني في مدحه سفها هل (لابن معصوم) مثل حين يفتخر

من اسرة شهدت غلب الرجال لهم بالغلب حيث يبين النبع و العشر

لا يقبضون من الحسنى اناملهم و لا يجازون بالاسوا اذا قدروا

يبيت في الامن مولاهم و حاسدهم بالويل حشو حشاه الخوف و الحذر

لا ينكر الناس ما عاشوا سوابقهم و لا يساجلهم قوم و ان فخروا

يا ماجدا يهب الدنيا باجمعها عفوا و يعطي الضنايا و هو يعتذر

تهن بالعيد و العام الجديد معا فالعيش مقتبل و الدهر مؤتمر

و دم كرضوى دواما لا زوال له تنهي و تأمر لاعيّ و لا حصر

(و ذكر له شعرا كثيرا ثم قال و قال ايضا)

يا شقيق البدر اخفى فرعك المسدول بدرك

فارحم العشاق و اكشف يا جميل الستر سترك

(و ذكر له)

و لقد تاملت الزمان و اهله فرأيت نار الفضل فيهم خامدة

فتن تجيش و دولة قد حازها اهل الرذالة و العقول الفاسدة

ص: 131

فقلوبهم مثل الحديد صلابة *** و اكفهم مثل الصخور الجامدة

فرأيت ان الاعتزال سلامة *** و جعلت نفسي و او عمرو زايدة

(العالم العارف عماد الدين)

الشيخ فضل اللّه بن خواجه علاء الدين علي بن خواجه كمال الدين نعمة اللّه البرزس آبادي الطوسى اثنى عليه القاضي الشهيد في «المجالس» و افاض القول في ترجمته بما لا يسعه المقام و ذكر من تاليفاته الشريفة شرحا نفيسا لرسالة اللوايح تاليف عبد الرحمن الجامي و قال إنه انشأ بعد شرح كل رباعي من الرسالة رباعيا على منواله و من رباعياته

بر درگه دوست تحفه جرجان نبري *** دردت چو دهند نام درمان نبري

بي درد ز درد عشق نالان گشتي *** خاموش كه عرض دردمندان نبري

و قال انه استشهد في شهور سنة 914 و دفن في المشهد المقدس الرضوي و في تلك الايام اخذ شبيك خان(1) في التمرد و قتل بسيف السلطان اسمعيل الصفوي، يوجد تفصيل ترجمته في «مجالس المؤمنين» و «الحصون المنيعة» و ذكره صاحب «وفيات الأعلام»

(السيد الفاضل خان ميرزا)

ابن الوزير الكبير معصوم بيك الصفوي من مشاهير علماء عهد السلطان شاه اسمعيل و شاه طهماسب الصفويين و كان معروفا بالفضل و الجلالة جم المناقب غزير العلم ممن يشار اليه و ينص عليه و كان والده وزيرا للسلطان

ص: 132


1- يظهر منه ان شبيك خان هو قاتل المترجم الشهيد «ره»

شاه طهماسب و اميرا لديوانه و تشمله العنايات الملوكية كل حين و لمّا وقع الصلح بين هذا السلطان و بين السلطان سليم ملك الروم و تعاقب الحج من الايرانيين يمم الوزير المذكور الحج مع ولده العلامة المترجم باذن من الملكين سنة 976 و بين الحرمين الشريفين وقعت بهم نكبة عزوها الى المتلصصين من اعراب البادية فقتل الوزير و ولده المترجم و رفاقهما و اغير على اموالهم و من جراء تلكم الفاجعة فتك السلطان سليم يجمع من الأعراب ممن انهم بها

تجد تفصيل ذلك في «رياض العلماء» و «الحصون المنيعة» و «المستدرك» و تاريخ «عالم آرا» و غير واحد من تواريخ الصفوية

«العالم الفاضل المولى بنائى»

ابن الاستاذ محمد البناء الخراساني عالم فاضل فصيح بليغ من مشاهير العلماء و الشعراء، و عن العلامة الدواني انه عالم الشعراء و شاعر العلماء و كان في عهد الوزير امير علي شير و اوليات عهد الصفويين و انه كان قد وجد في نفسه موجدة من الوزير علي شير فبارحه الى العراق و لزم حضرة السلطان يعقوب ميرزا و بعد ردح عرّج على وطنه الأصلي خراسان و اقام في هراة مدة ثم تجدّد ما كان يجده بينه و بين الأمير علي شير فغادر هراة الى سمرقند فتلطف به السلطان علي ميرزا و حظا بعده بولده حتى قتل فى ماوراء النهر في القتل العام مع خمسة عشر الف نفس اكثرهم شيعة في زمن السلطان شاه اسمعيل الصفوي بامر الأمير نجم الدين الثاني حين توجه الى تلك البلاد لأجل معاونة السلطان بابر ميرزا اوّل ملوك الهند

ص: 133

و غلب على تلك البلاد عنوة توجد تفصيل هذه الترجمة في (مصائب النواصب(1) و (حبيب السير) و (رياض العلماء) و (الروضة الصفوية) للمؤرخ ميرزا بيك المنشي الجنابذي، و للمترجم ديوان شعر مشهور و من شعره(2) في مدح الشيخ شمس الدين محمد بن يحيى الجيلاني

اى بي گمان نهاده بر اعيان داد و دين *** هر خشت آستان تو آيينۀ يقين

بر سمت اقتدار تو اقطاب را هبر *** با خيمۀ جلال تو اوتاد همنشين

غوث زمانه شيخ (محمد) كه ذات او *** همچون محمد آمده بهر امان امين

تا ديده ام چو مردم چشمت سياه پوش *** النور فى السواد يقين شد مرا يقين

انكو محال داشت بشب نور آفتاب *** در خلعت سياه بيا كو ترا ببين

ندهد نشان ز ملك ولاية جز آنكه او *** شد در ارادت تو سيه پوش چون نگين

خصمت چو نافه ار چه كند جامه را سفيد *** كآمد سياه دل ز خطا همچو مشك چين

قصر جهان ز حوزۀ علم تو با صدا *** گوش فلك ز حلقۀ ذكر تو پرطنين

تصديق منطق تو بحدي معين است *** كز قول او حقايق اشياست مستبين

نطقت معرّفي كه بود قول شارحش *** قولت قضيۀ كه بود صدق او يقين

ماه مسافر از سر خوان تو توشه خواه *** وز خرمن عطاي تو خورشيد خوشه چين

منكر نشد ز شكر نطق تو كام جوي *** تلخ است در مذاق جعل طعم انگبين

گردون براي دانۀ تسبيحت از نجوم *** در رشتۀ شهاب كشد گوهر ثمين

پيش رخ تو سجده بوجهي بود كه هست *** در وي ظهور جبهۀ مجموع عابدينن)

ص: 134


1- تاليف القاضي نور اللّه الشهيد
2- ذكره القاضي نور اللّه المرعشي في (مجالس المؤمنين)

سلطان توئي كه ملكت فترت ميسر است *** خاقان توئي كه ملك تو گرديده ملك دين

روز سفيد چهره تو را چاكر مطيع *** شام سياه چروه ترا هندوي كمين

بر حاصل دو كون زني پست دسترا *** گاهي كه بر سماع برافشاني آستين

شعر تو در لباس خط آن كس كه ديد گفت *** آب حيات بين كه بظلمت شده قرين

خلد است خانقاه تو گر خوانمش بخلق *** ان شاء ادخلوا بسلام و آمنين

شد طرفه تر ز خلد برين خانقاه تو *** وين طرفه تر كه خلد برين است هم برين

رضوان براي روفتن خاك درگهت *** جاروب بسته است ز مژگان حور عين

الى اخر القصيدة و هى مذكورة بتمامها في (المجالس)

العلامه السيد عبد الوهاب

الحسيني التبريزي الشهيد في اعماق السجون، من اعاظم علماء الشيعة و فقهائهم و قد زان عبقريته في العلوم ورع موصوف و غرائز كريمة موروثة عن اسلافه الطاهرين من علماء عهد السلطان اسماعيل و الشاه طهماسب الصفويين تقلد شيخوخة الأسلام باذربيجان على عهد السلطان يعقوب و بعد ظهور دولة الشاه اسماعيل خشيه المترجم فيمم هراة و اتصل بالسلطان حسين ميرزا بايقرا فتحظى عنده و عند اولاده بوجاهة طائلة حتى انهم قدّموه على اكثر سادات خراسان و جعلوا له جرايات و مرتبات و بعد وفاة السلطان المذكور استاذن ولده السلطان بديع الزمان ميرزا للقفول الى تبريز و لمّا احتلها توجه الشاه اسماعيل اليه و تلطف به و أمن مما كان يخشاه من بوادره و في سنة 921 بعثه الشاه اسمعيل سفيرا الى السلطان سليم و اذ بلغ به السير اليه عزره و اكرمه غير انه لم يرخصه للرجوع فاقام في البلاد

ص: 135

الرومية آيسا من الرجوع الى وطنه و المشهور المتداول انه عظمه ملك الروم اولا ثم سجّنه في غيابة الجب الى ان مات بها شهيدا كما نص به صاحب (رياض العلماء) و تجد هذه الترجمة بوجه أبسط في (الرياض) و (حبيب السير) و غيرهما

(المولى المحقق احمد)

ابن نصر اللّه(1) الديبلي التنوي السندي رحمه اللّه تعالى كان ابوه حنفي المذهب متقلدا للقضاء فى تنه و الزعامة في السند كله أما المترجم فهو من اكابر علماء تلكم المناحي حاز شهرة طائلة وجاها و منعة كان على و تيرة ابيه ثم اعتنق مذهب الامامية اخذ الآليات في تنة ثم يمم خراسان و هو ابن 22 سنة و قرء فيها على المولى الشيخ افضل القايني الكلام و الحديث و الفقه و الرياضيات و بعد ردح قصد شيراز و اخذ فيها الطب عن المولى كمال الدين الشيرازي و من عمد اساتذته العالم المتبحر المولى ميرزا جان الشيرازي ثم عرّج على الهند فالقى بها عصى السير فالف و افاد و من تاليفاته رسالة في تحقيق الفاروق و قد حقق فيها كثيرا من المطالب الطبية و الرياضية. و رسالة في الاخلاق. و رسالة تسمى بخلاصة الحيوة في تاريخ حياة الحكماء. و رسالة اخرى في اسرار الحروف و رموز الاعداد نظير كتاب المفاحص. و قد رأى صاحب «رياض العلماء» ثلث عشرة رسالة بخطه. و كتاب الفي في التاريخ يوجد في الخزانة الرضوية كتب من اول الهجرة الى سنة 994 و لم يفتأ «المترجم» يفيض العلم و يهذب

ص: 136


1- نصير الدين في (امل الآمل)

و يدرّب حتى خالسه القضاء الحاتم شهيدا في لاهور و دفن في حظيرة الامير حبيب اللّه و يستنبط من تاريخ مشايخه المذكورين انه من شهداء علماء القرن العاشر اخذنا هذه الترجمة من مجالس المؤمنين. و امل الآمل. و رياض العلمآء. و نجوم السمآء. و في (المجالس) تفصيل تشيعه و اسبابه

«السندي» نسبة الى «سند» بكسر اوله و سكون ثانيه مدن بين بلاد «الهند» و «كرمان» و «سجستان» قالوا السند و الهند كانا اخوين من ولد بوقير بن يقطن بن حام بن نوح يقال في النسبة للواحد سندي و الجمع سند مثل زنجي و زنج و بعض يجعل «مكران» منها و يقال هي خمس كور فاوّلها من قبل (كرمان) مكران ثم طوران ثم السند ثم الهند ثم الملتان و اكبر مدن السند (منصورة) و من بلادها (ديبل) و هي بلدة مشهورة على ساحل بحر الهند و من مدنها (تنه) و هي بلدة كبيرة معروفة ينسب المترجم اليها

(السيد الفاضل الامير ابو الحسن)

الفراهاني(1) الشيرازي من شهداء علماء القرن العاشر في (رياض العلماء) كان من فضلاء عصره غير انه مني بوزارة امام قلي خان حاكم بلاد فارس فى زمن السلطان المبرور شاه عباس الأول و شاه صفيّ الصفويين و قتله الخان المذكور ظلما لتهمة بهتوه بها و له مؤلفات منها شرح فارسي للديوان الفارسي للانوري الشاعر المشهور

ص: 137


1- فراهان و قال بعض فرهان من رساتيق همدان

(الشيخ الامام شرف الاسلام)

اشارة

زين الدين بن الشيخ الامام نور الدين علي بن احمد(1) بن محمد بن جمال الدين بن تقي الدين بن صالح تلميذ العلامة بن شرف(2) الجبعي العاملي الشامي المعروف بابن الحجة المنعوت عند فقهاء الامامية بالشهيد الثاني المستشهد سنة 965 و هو ابن 54 سنة

من اكبر حسنات الدهر، و اغزر عيالم العلم، زين الدين و الملة، و شيخ الفقهاء الأجلة، مشارك في علوم مهمة من حكمة و كلام و فقه و اصول و شعر و ادب و طبيعي و رياضي، و قد كفانا مؤنة التعريف به شهرته الطائلة في ذلك كله فقد تركته اجلى من اي تعريف، فما عسى ان يقول فيه المتشدق ببيانه و كل ما يقوله دون اشواطه البعيدة وصيته الطائر، فسلام اللّه عليه علي ما اسداه الى امته من اياديه الواجبة و نشره فيها من علوم ناجعة

ولد يوم الثلثا ثالث عشر شوال سنة 911 و اخذ الآليات عن والده و بعد وفاته و هي في سنة 925 هاجر الى ميس و اقام بها ردحا من الزمن ثم قفل الى كرك نوح سنة 933 و رجع منها الى جبع سنة 934 ثم هاجر الى دمشق سنة 937 ثم رجع الى جبع سنة 938 و اقام بها الى ان غادرها الى مصر سنة 942 ثم رجع الى جبع سنة 944 ثم يمم الى بيت المقدس سنة 948 و اقام بها و سار بمناحيها الى اواخر سنة 951 ثم رجع إلى عاملة

ص: 138


1- في الدر المنثور احمد بن جمال الدين
2- في الدر المنثور مشرف

اساتذته في الفنون المتنوعة

و تخرّج (المترجم) في تجولاته في البلاد دون ضالته المنشودة «العلم» و سيره طريق بغيته «احياء البشر» على جمع كثير من فطاحل علماء الفريقين في علوم متنوعة نذكر منهم من ذكره حفيده الشيخ على في (الدر المنثور) ملخصا

تخرّج بميس على الشيخ علي بن عبد العالي اليسي المتوفي سنة 938 ... و بكرك نوح على السيد بدر الدين حسن بن السيد جعفر الاعرجي المتوفي سنة 933 و قد ذكرناه ص 116... و بدمشق على الشيخ الفيلسوف المحقق شمس الدين محمد بن مكي... و الشيخ احمد بن جابر الشاطبية قرء عليه في علم القرائة... و الشيخ شمس الدين ابن طولون الدمشقي الحنفي قرأ عليه في علم الحديث... و بمصر على جمع كثير منهم الشيخ شهاب الدين احمد الرملي الشافعي قرء عليه في عدة فنون و له منه اجازة اجازه سنة 943... و الملا حسين الجرجاني قرء عليه في الهيئة و الهندسة و غيرهما... و الملا محمد الاسترابادي قرء عليه في النحو و الادب العربي... و الملا محمد علي الكيلاني قرء عليه جملة من المعاني و المنطق ... و الشيخ شهاب الدين بن النجار الحنبلي قرء عليه في الحديث و غيره و له منه اجازة... و الشيخ ابو الحسن البكري سمع منه التفسير و الفقه ... و الشيخ زين الدين الحري المالكي قرء عليه الفية ابن مالك... و الشيخ المحقق ناصر الدين اللقاني المالكي قرء عليه في التفسير و غيره... و الشيخ ناصر الدين الطلاوي الشافعي قرء عليه في علم القرائة... و الشيخ

ص: 139

شمس الدين محمد بن ابي النحاس قرء عليه في علم القرائة... و الشيخ عبد الحميد السمنهوري قرء عليه في فنون شتى... و الشيخ شمس الدين محمد بن عبد القادر الفرضي الشافعي قرء عليه في الحساب... و الشيخ عميرة ... و الشيخ شهاب الدين بن عبد الحق... و الشيخ شهاب الدين التلفني ... و الشيخ شمس الدين الديروطي... و قرء في بيت المقدس على الشيخ شمس الدين بن اللطف المقدسي في الحديث

ثنآء العلمآء عليه

في «امل الآمل» امره في الثقة و العلم و الفضل و الزهد و العبادة و الورع و التحقيق و التبحر و جلالة القدر و عظم الشان و جميع الفضايل و الكمالات اشهر من ان يذكر و محاسنه و اوصافه الحميدة اكثر من ان تحصى و تحصر و مصنفاته كثيرة مشهورة «الى ان قال» و كان فقيها محدثا نحويا قاريا متكلما حكيما جامعا لفنون العلم و هو اول من صنف من الأمامية في دراية الحديث

و في (المقابس) للفقيه الاكبر الشيخ اسد اللّه الكاظمي انه افضل المتأخرين، و اكمل المتبحرين، نادر الخلف، و بقية السلف، مفتي طوائف الأمم، و المرشد الى التي هي اقوم، قدوة الشيعة، و نور الشريعة، الذي قصرت الاكارم الاجلاء عن استقصاء مزاياه و فضايله السنية، و حارت الاعاظم الالباء في مناقبه و فواضله العلية، الجامع في معارج الفضل و الكمال و السعادة، بين مراتب العلم و العمل و الجلالة و الكرامة و الشهادة، المؤيد المسدّد بلطف اللّه الخفي و الجلي

ص: 140

و في (روضات الجنات) لم الف الى هذا الزمن الذي هو من حدود ثلث و ستين و مائتين بعد الالف احدا من العلماء الاجلة يكون بجلالة قدره و سعة صدره و عظم شانه و ارتفاع مكانه و جودة فهمه و متانة عزمه و حسن سليقته و استواء طريقته و نظام تحصيله و كثرة اساتيده و ظرافة طبعه و لطافة صنعه و معنوية كلامه و تمامية تصنيفاته و تأليفاته بل كاد ان يكون في التخلق باخلاق اللّه تبارك و تعالى تاليا لتلو المعصوم الخ

و للمترجمين في الثناء عليه و ذكر مقاماته الكريمة و علومه الراقية و فضايله الجمة كلمات تامات ضافية ضربنا عنها صفحا روما للاختصار و انما نفيض القول في كيفية شهادته التى هي ضالتنا المنشودة في الكتاب

مقتله و شهادته

في (امل الآمل) كان سبب قتله على ما سمعته من بعض المشايخ و رأيته بنص بعضهم انه ترافع اليه رجلان فحكم لاحدهما على الآخر فغضب المحكوم عليه و ذهب الى قاضي صيدا و اسمه معروف و كان الشيخ في تلك الأيام مشغولا بتأليف شرح اللمعة و في كل يوم يكتب منه غالبا كراسا و يظهر من نسخة الاصل انه الفه في ستة اشهر و ستة ايام فارسل القاضي الى (جبع) من يطلبه و كان مقيما في كرم له مدة منفردا عن البلد متفرغا للتاليف فقال له بعض اهل البلد قد سافر عنا مدة فخطر ببال الشيخ ان يسافر الى الحج و كان قد حج مرارا لكنه قصد الاختفاء فسافر في محمل مغطى و كتب قاضى صيدا الى سلطان الروم انه قد وجد في بلاد الشام رجل مبدع خارج عن المذاهب الأربعة فارسل السلطان رجلا

ص: 141

في طلب الشيخ و قال له إئتني به حيا حتى اجمع بينه و بين علماء بلادي فيبحثوا معه و يطلعوا على مذهبه فيخبروني فاحكم عليه بما يقتضيه مذهبي فجاء الرجل فاخبر ان الشيخ توجه الى مكة فذهب في طلبه فاجتمع به في طريق مكة فقال له تكون معي حتى نحج بيت اللّه ثم افعل ما تريد فرضي بذلك فلما فرغ من الحج سافر معه الى بلاد الروم فلما وصل اليها رآه رجل فسأله عن الشيخ فقال رجل من علماء الشيعة الامامية اريد أن اوصله الى السلطان فقال أو ما تخاف أن يخبر السلطان بانك قصرت في خدمته و آذيته و له هناك اصحاب يساعدونه فيكون سببا لهلاكك بل الرأى أن تقتله و تأخذ برأسه الي السلطان فقتله في مكان من ساحل البحر و كان هناك جماعة من التركمان فرأوا في تلك الليلة انوارا تنزل من السماء و تصعد فدفنوه هناك و بنوا عليه قبة و اخذ الرجل رأسه الى السلطان فانكر عليه و قال امرتك أن تاتينى به حيا فقتلته و سعى السيد عبد الرحيم العباسي(1) في قتل ذلك الرجل فقتله السلطان اه

و في (لؤلؤة البحرين) وجدت في بعض الكتب المعتمدة في حكاية قتله رحمه اللّه تعالى ايضا ما صورته قبض شيخنا الشهيد الثاني طاب ثراه بمكة المشرفة بامر السلطان سليم(2) ملك الروم في خامس شهر ربيع الاولمه

ص: 142


1- هو من اهل الفضل التام مؤلف كتاب معاهد التنصيص في شرح ابيات التلخيص مطبوع في مصر و له كتب و تآليف اخرى
2- هو السلطان سليم الثاني من ملوك العثمانيين ولد سنة 930 و هو ابن امرأة روسية تدعى روكلان و تولى الخلافة سنة 974 و توفى سنة 982 فشهادة المترجم قد وقعت فى ايام ابيه السلطان سليمان القانونى لا في ايامه

سنة 965 و كان القبض عليه بالمسجد الحرام بعد فراغه من صلوة العصر و اخرجوه الى بعض دور مكة و بقي محبوسا هناك شهرا و عشرة ايام ثم ساروا به الى طريق البحر الي قسطنطنية و قتلوه بها في تلك السنة و بقي مطروحا ثلثة ايام ثم القوا جسده الشريف في البحر قدس اللّه روحه كما شرف خاتمته، نقل هذا عن خط نقل عن خط شيخنا الأفضل الاكمل بهاء الملة و الدين محمد العاملي عامله اللّه بلطفه اه

احوال و غرائب

و للمترجم احوال و غرايب و منها ما لا يعدو أن يكون خارقا للعادات ففي رسالة(1) مسائل السيد بدر الدين الحسن بن شدقم الحسيني المدني التي سألها من الشيخ حسين بن عبد الصمد والد شيخنا البهائي ما صورته «سؤال» ما يقول مولانا فيما يروى عن الشهيد الثاني انه مرّ بموضع في اصطنبل و مولانا الشيخ معه فقال يوشك ان يقتل في هذا الموضع رجل له شأن او قال شيئا قريبا من هذا المعنى ثم انه استشهد «ره» في ذلك الموضع و لا ريب ان هذه من كراماته «ره»

«الجواب» نعم هكذا وقع منه قدس اللّه روحه و كان الخطاب للفقير و بلغنا انه استشهد في ذلك الموضع و ذلك ما كشف لنفسه الزكية حشره اللّه مع ائمته الطاهرين اه و فى (الدر المنثور) ان هذه القضية مشهورة في بلادنا و غيرها

و عن بعض مؤلفات شيخنا البهائي (ره) انه قال اخبرنى والدي انه

ص: 143


1- رايتها عند بعض احفاد السيد نعمة اللّه الجزائري في النجف

دخل في صبيحة بعض الايام على شيخنا الشهيد فوجده متفكرا فسأله عن سبب تفكره فقال يا اخي اظن اني اكون ثاني الشهيدين و في رواية ثاني شيخنا الشهيد في الشهادة لأني رأيت البارحة في المناء ان السيد المرتضى علم الهدى (ره) عمل ضيافة جمع فيها علماء الامامية باجمعهم في بيت فلما دخلت عليهم قام السيد المرتضى و رحب بي و قال لي يا فلان اجلس بجنب الشيخ الشهيد فجلست بجنبه فلما استوى بناء المجلس انتبهت من المنام و منامي هذا دليل ظاهر على اني اكون تاليا له في الشهادة

الآثار و المآثر

و اما آثار المترجم التي كلها مثائر فهى تناهز السبعين مؤلفا نقل صاحب (الامل) عن بعض الثقات انه خلف الفي كتاب منها مأتا كتاب كانت بخطه الشريف من مؤلفاته و غيرها اه «و من مؤلفاته»

1 رسالة في عشرة مباحث مشكلة من عشرة علوم

2 منار القاصدين في اسرار معالم احكام الدين

3 رسالة في الولاية و ان الصلوة لا تقبل الا بها

4 روض الجنان في شرح ارشاد الاذهان

5 رسالة الاسطنبولية في الواجبات العينية

6 رسالة في دعوى الاجماع في مسائل من الشيخ و مخالفة نفسه

7 التنبيهات العلية في وظايف الصلوة القلبية

8 جواهر الكلمات في صيغ العقود و الايقاعات

9 رسالة في نجاسة البئر بالملاقات و عدمها

ص: 144

10 المسالك سبع مجلدات 11 جواب المسائل الشامية

12 رسالة اعمال يوم الجمعة 13 جواب المسائل الخراسانية

14 مختصر منية المريد 15 جواب المسائل النجفية

16 رسالة في طلاق الغائب 17 جواب المسائل الهندية

18 رسالة في آداب الجمعة 19 البداية في سبيل الهداية

20 منسك الحج الكبير 21 اجازة الشيخ حسين والد البهائي

22 منسك الحج الصغير 23 رسالة في وجوب صلوة الجمعة

24 رسالة في الاجتهاد 25 حاشية على خلافيات الشرايع

26 الرجال و النسب 27 حاشية القواعد و تمهيد القواعد

28 رسالة في النية 29 رسالة في الحج و العمرة

30 الدراية و شرحها 31 رسالة في احكام الحبوة

32 رسالة في الاجماع 33 رسالة في ميراث الزوجة

34 شرح النفلية 35 العقود فى اسرار معالم الدين

36 رسالة في البسملة 37 تحقيق الاسلام و الايمان

38 رسالة في العدالة 39 حاشية على عقود الارشاد

40 رسالة في احواله 41 منظومة في النحو و شرحها

42 الروضة البهية 43 فتاوى الشرايع و الارشاد

44 حاشية على الشرايع 45 فوائد خلاصة الرجال

46 شرح الالفية 47 تفسير قوله تعالى وَ اَلسّابِقُونَ اَلْأَوَّلُونَ

48 اسرار الصلوة 49 غاية المراد فى شرح الارشاد

ص: 145

50 مسكن الفؤاد 51 رسالة فيمن احدث في اثناء الغسل

52 رسالة الغيبة 53 رسالة في فتوى الخلاف من اللمعة

54 تمهيد القواعد 55 رسالة في عدم جواز تقليد الميت

56 شرح اللمعة 57 عيبة القاصدين في اصطلاحات المحدّثين

58 مختصر الخلاصة 59 شرح حديث الدنيا مزرعة الاخرة

60 فتاوى المختصر 61 مبرد الاكباد في مختصر مسكن الفؤاد

62 منية لنريد 63 رسالة في حكم المقيمين في الاسفار

64 الأجازات 65 سؤالات الشيخ احمد و اجوبتها

66 رسالة في تيقن الطهارة و الحدث و الشك في السابق منهما

67 رسالة في تحريم طلاق الحايض الحاضر زوجها المدخول بها

يروي «ره» عن جمع كثير من علماء الفريقين، و من الاصحاب الشيخ احمد بن محمد بن خاتون العاملي، و السيد بدر الدين حسن بن جعفر الاعرجي الحسينى الكركي، و الشيخ علي ابن عبد العالي الميسي، و يروي عنه جملة من الاكابر منهم السيد نور الدين علي بن الحسين بن ابي الحسن الموسوي والد صاحب (المدارك)، و السيد علي بن ابي الحسن الموسوي الجبعي، و السيد على بن الحسين بن محمد الشبير بالصائغ العاملي الجزيني شارح الشرايع و الارشاد، و الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي والد شيخنا البهائي، و الشيخ علي بن زهرة الجبعى ابن عم الشيخ حسين الحارثي و الشيخ محمد بن الحسين الحرّ العاملي المشغري والد زوجته، و السيد نور الدين بن السيد فخر الدين عبد الحميد الكركي؛ و الشيخ بهاء الدين

ص: 146

محمد بن علي العودي الجزينى و له الرسالة في احوال استاذه سماها ببغية المريد في احوال الشيخ زين الدين الشهيد

«و له» شعر رائق و منه برواية ابن العودي في رسالته قال انه قدس سره كان قد رأى النبي (ص) في منامه بمصر و وعده بالخير قال و لا احفظ صورة المنام الآن فلما وقف على القبر المطهر يعنى به ايام تشرفه بزيارة رسول اللّه في سفر حجه سنة 943 و رآه خاطبه و انشد

صلاة و تسليم على أشرف الورى *** و من فضله ينبو عن الحدّ و الحصر

و من قد رقى السبع الطباق بنعله *** و عوّضه اللّه البراق عن المهر

و خاطبه اللّه العلي بحبه *** شفاها و لم يحصل لعبد و لا حرّ

عدولي عن تعداد فضلك لايق *** يكلّ لساني عنه فى النظم و النثر

و ما ذا يقول الناس في مدح من اتت *** مدائحه الغراء في محكم الذكر

سعيت اليه عاجلا سعي عاجز *** بعبء ذنوب جمة اثقلت ظهري

و لكن ريح الشوق حرّك همتيّ *** و روح الرجا مع ضعف نفسي و مع فقري

و من عادة العرب الكرام بوفدهم *** اعادته بالخير و الحبر و الوفر

و إن بك وفد قد وفوا لنزيلهم *** فكيف و قد اوعدتنى الخير في مصر

فحقق رجائي سيدي في زيارتي *** بنيل منائي و الشفاعة في حشرى

و وصل رابع عشر شهر صفر سنة 944 و كان قدومه الى البلاد كرحمة نازلة، و غيوم هاطلة؛ احي بعلومه نفوسا اماتها الجهل، و ازدحم عليه اولو العلم و الفضل (الى ان قال) و في خلال هذه المدة عمر داره التي انشأها بجمع و قلت امدحها

ص: 147

فيا لك بقعة قد نلت خيرا *** و شرّفك الآله بناز ليك

لقد أصبحت تفتخرين بشرا *** (بزين الدين) اذ قد حل فيك

فكيف و لا افتخار و صرت ظرفا *** و نبع العلم مسكوب بفيك

تمنى الواردون بان يكونوا *** مكانك فى سمار مساميرك

لتقتنصوا غرائب كل فن *** من الاقطار قد جمعن فيك

فلا زال السرور بكل يوم *** يخاطب بالتحية ساكنيك

رثاه الامام المترجم

و تشادقت صاغة القريض يومذاك في رثاه الفقيد و التابين منهم تلميذه العلامة ابن العودى

«قال»

هذي المنازل و الآثار و الطلل مخبرات بانّ القوم قد رحلوا

ساروا و قد بعدت عنا منازلهم فالآن لا عوض منهم و لا بدل

فسرت شرفا و عربا في تطلبهم و كلما جئت ربعا قيل لي رحلوا

فحين ايقنت ان الذكر منقطع و انه ليس لي في وصلهم أمل

رجعت و العين عبرى و الفواد شج و الحزن بي نازل و الصبر مرتحل

و عاينت عيني الأصحاب في وجل و العين منهم بليل الحزن تكتحل

فقلت ما لكم لا خاب فالكم قد حال حالكم و الضرّ مشتمل

هل نالكم غير بعد الالف عن وطن قالوا فجعنا (بزين الدين) يا رجل

اتى من الروم لا اهلا بمقدمه ناع نعاه فنار الحزن تشتعل

فصار حزني أنيسي و البكا سكني و للنوح دأبى و دمع العين ينهمل

لهفي له نازح الاوطان منجدلا فوق الصعيد عليه الترب مشتمل

ص: 148

اشكو الى اللّه رزء ليس يشبهه *** الا مصاب الأولى في كربلا قتلوا

و منهم العلامة السيد رحمة اللّه النجفي المعروف بالقتال من تلامذة المترجم ذكرناه آنفا في ص 39

«قال»

طرق المسامع طارق لا يسمع فالقلب من تسماعة متوجّع

و الروح تزهق لا تطيق سماعه و النفس من اسماعها تتقطع

نعي الامام العالم الحبر الذي بعلومه سمت الشريعة مهيع

رب التقى كنز الحجى علم الهدى لمن اهتدى و المقتدى المتورع

- و منها -

لهفى عليك و قد غدوت مكبلا بالقيد لا حام و لا مستشفع

ذلاتقاد و انت عند اولي الحجى حقا اعز ملوكها و الأرفع

ما للشوامخ لا تمور بارضها غضبا و ما للشهب لا تتقشع

مستعظم مور الجبال لفقد (زين الدين) لابل سجها متوقّع

يا ايها الحبر الجليل و من له الفضل الجزيل و وصله لا يقطع

يا ايها العلم الذي بظهوره اهل الفضايل يقتفيه و يتبع

- و منها -

و انعم و انت لدى الآله منعم حيّ و من الطافه متمتع

أأسرّ في خلب اصابك اذ به حزت الشهادة ام لفقدك اجزع

للّه ايّ معظم قد صغرّوا اوذي حفاظ حقه قد ضيعوا

ما كان ظني و الظنون كثيرة ان الردى لك عر قريب يضاع

ما كان اخوفني عليك من الردى و اليوم قلبي آمن لا ينزع

ص: 149

قد كنت آمل ان دهري يرعوي *** بعد الشموس و شملنا يتجمع

فاليوم قد خاب الرجا و تنغصت *** لذات عيشي حيث فات المطمع

- و منها -

لو كنت ذا قبر بزار و دونه بيض المواضي و العوالي شرّع

لقصدته و لثمت ترب ضريحه و قطعت بيدا لا تكاد تقطع

هذا قليل من عبيد مودّة و الحرّ يرضى بالقليل و يقنع

(و منهم السيد عيد النجفي و من قصيدة رثائه)

لقد هوى من سماء العلم و الحكم *** نجم الهدى فبم التدليج فى الظلم

ثوى الاماء الذى بث العلوم كما *** بث النوال بيوم الجود و الكرم

ذا كعبة الفضل و الطلاب عاكفة *** به عكوف حجيج اللّه بالحرم

اذا اليراع نضاه يوم معضلة *** رايت معنى اسود الغاب فى الاجم

و ان تجد حمرة في الرمح يوم وعى *** فانها حجلة من مرهف القلم

لومت يا دهركم افنيت من عدد *** و كم نقضت بناء غير منهدم

و كم رفعت مضافا للهوان كما *** خفضت كل لبيب مفرد علم

(و قال شيخنا البهائي في تاريخ شهادته)

تاريخ وفاة ذلك الأواه *** الجنة مستقرّة و اللّه

الخلف و الأحفاد

خلف شيخنا المترجم الشهيد (قده) خلفا صالحا و اعقب له احفادا كراما هم علماء اعلام «اما خلفه» فهو العلامة ابو منصور جمال الدين حسن بن زين الدين صاحب المعالم امره فى العلم و الفضل و التبحر و دقة

ص: 150

النظر اشهر من ان يذكر قال صاحب (سلافة العصر) شيخ مشايخ الاجلة، و رئيس المذهب و الملة، الواضح الطريق و السنن، الموضح الفروض و السنن، يمّ العلم الذي يفيد و يفيض، و جم الفضل الذي لا ينضب و لا يغيض، المحقق الذي لا يراع له يراع، و المدقق الذي راق فضله و راع، المتفنن في جميع الفنون، و المفتخر به الآباء و البنون، قام مقام والده في تمهيد قواعد الشرايع، و شرح الصدور بتصنيفه الرائق و تأليفه الرايع، فنشر للفضايل حللا مطرزة الاكمام، و ماط عن مياسم ازهار العلوم لثام الاكمام، و شنف المسامع بفرايد الفوايد، و عاد على الطلاب بالصلات و العوايد الخ و له تآليف قيمة منها كتاب منتقى الجمان في الاحاديث الصحاح و الحسان. كتاب المعالم. حاشية على مختلف العلامة. مشكوة القول السديد في تحقيق معنى الاجتهاد و التقليد. الاجازات. التحرير الطاوسي في الرجال. الاثنا عشرية في الطهارة و الصلوة. ديوان شعره و من شعره(1)

طول اغترابي بفرط الشوق اضناني *** و البين في غمرات الوجد القانى

يا بارقا من نواحي الحيّ عارضنى *** اليك عني فقد هيجت اشجاني

فما رأيتك في الآفاق معترضا *** الا و ذكرتنى اهلي و اوطاني

و لا سمعت شجا الورقآء نائحة *** في الأيك الا و شبت منه نيراني

كم ليلة من ليالي البين بت بها *** ارعي النجوم بطرفي و هي ترعاني

كأن ايدي خطوب الدهر منذ نأوا *** عن ناظري كحلت بالسهد اجفانيما

ص: 151


1- ذكره حفيده في (الدر المنثور) و صاحب (سلافة العصر) و غيرهما

و يا نسيما سرى من حيهم سحرا *** في طيه نشر ذاك الرند و البان

احييت ميتا بارض الشام مهجته *** و في العراق له تخييل جثماني

و كم حييت و كم قدمت من شجن *** ما ذاك اوّل احياء و لا الثانى

شابت نواصي من وجدي فوا اسفي *** على الشباب فشيبي قبل ابّاني

يا لائمي و بهذا اللوم تزعجني *** دعني فلومك قد و اللّه اغراني

لا يسكن الوجد ما دام الشتات و لا *** تصفو المشارب لي الا بلبنان

في ربع انسى الذي حلّ الشتات به *** تمائمي و به صحبي و خلاني

كم قد عهدت بهاتيك المعاهد من *** اخوان صدق لعمري اي اخواني

و كم تقضت لنا بالحيّ آونة *** على المسرة في كرم و بستان

لم ادر حال النوى حتى علقت به *** فغمرتي من وقوعي قبل عرفاني

حتى م دهري على ذا الهون تمسكنى *** هلا جنحت لتسريح باحسان

اقسمت لو لا رجاء القرب يسعفنى *** فكلما مت بالاشواق احياني

لكدت اقضي بها نحبي و لا عجب *** كم اهلك الوجد من شيب و شبان

يا جيرة الحي قلبي بعد بعدكم *** في حيرة بين اوصاب و احزان

يمضي الزمان عليه و هو ملتزم *** بحبكم لم يدنسه بسلوان

باق على العهد راع للذمام فما *** يسوم عهدكم يوما بنسيان

فان براني مقامي او نأى رشدي *** فلاعج الشوق اوهاني و الهاني

و إن بكت مقلتى بعد الفراق دما *** فمن تذكركم يا خير جيراني

و قوله و هو بالعراق لما رأي ركبا متوجها منها الى الشام

فؤادي ظاعن إثر النياق *** و جسمي قاطن ارض العراق

ص: 152

و من عجب الزمان حياة شخص *** ترحل بعضه و البعض باق

و حل السقم في بدني فامسى *** له ليل النوى ليل المحاق

و صبري راحل عما قليل *** لشدة لوعتى و لظى اشتياق

و فرط الوجد اصبح بى خليعا *** و لما ينو في الدنيا فراقي

و تعبث ناره في الروح حينا *** فيوشك أن تبلغها التراقي

و اظمأني النوى و اراق دمعي *** فلا اروي و لا دمعي براق

و قيدني على حال شديد *** فما حرز الرقى منه بواقي

أبى اللّه المهيمن أن تراني *** عيون الخلق محلول الوثاق

أبيت مدى الزمان لنار وجدي *** على جمر يزيد به احتراقي

و ما عيش امرء في بحر غمّ *** يضاهى كربه كرب السياق

يودّ من الزمان صفآء يوم *** يلوذ بظله مما يلاقي

سقتنى نائبات الدهر كاسا *** مريرا من اباريق الفراق

و لم يخطر ببالى قبل هذا *** لفرط الجهل أن الدهر ساق

و فاض الكاس بعد البين حتى *** لعمري قد جرت منه سواقي

فليس لدآء ما القي دوآء *** يؤمك نفعه الا التلاقي

و له لامية هي غاية في الجزالة ذكرها شيخنا البهائي (ره) في (الكشكول)

ما اومض البرق في داج من الظلل *** الا و هاجت شجونى او نمت عللي

و ازداد اضرام وجدي حين ذكرنى *** لذيذ عيش مضى فى الازمن الاوّل

إذ كنت من حادثات الدهر في دعة *** مبلغا من لدنه غاية الأمل

للّه كم ليلة في العمر لي سلفت *** و العيش في ظلها اصفى من العسل

ص: 153

الفيت فيها عيون الدهر غافلة *** عني و صرف الليالي عادم المقل

و الجدّ يسعى بمطلوبى فما ذهبت *** من بعدها برحة حتي تنبه لي

فصوب الغدر نحوي كي يفل به *** صحيح حالي فاضحى منه في فلل

و استأصلت راحتي ايامه و غدا *** ربع اللقا و التداني موحش الطلل

فصرت في غمرة الاشجان منهمكا *** لا حول لي اهتدي منه الى حولي

أمسي و نار الاسى في القلب مضرمة *** لا ينطفى و قدها و الفكر فى شغل

كيف احتيالي و دهري غير معترف *** من جهله قيمة الاحرار بالزلل

حاذرت دهري فلم تنجع محاذرتي *** لمّا رمانى و لا نمت له حيلي

و الحازم السهم من لم يلف آونة *** في عزة فى مهنى عيشه الخضل

و الغر من لم يكن فى طول مدته *** من خوف صرف الليالي دايم الوجل

فالدهر ظل على اهليه منبسط *** و ما سمعنا بظل غير منتقل

كم غرّ من قبلنا قوما فما شعروا *** الا و داعي المنايا جآء فى عجل

و كم رمى دولة الاحرار من سفه *** بكل خطب مهول فادح جلل

و ظل في نصرة الاشراف مجتهدا *** حتى غدوا دولة من اعظم الدول

و هذه شيمة الدنيا و سنتها *** من قبل تحنو على الاوغاد و السفل

و تلبس الحرّ من اثوابها حللا *** من البلايا و اثوابا من العلل

يبيت منها و يضحى و هو فى كمد *** فى مدة العمر لا يفضي الى جذل

فاصبر على مرّ ما تلقى و كن حذرا *** من غدرها فهى ذات الختر و العيل

و اشدد بحبل التقى فيها يديك فما *** يجدي به المرء الا صالح العمل

و احرص على النفس و اجهد فى حراستها *** و لا تدعها بها ترعي مع الهمل

ص: 154

و انهض بها من حضيض النقص منتضيا *** صوارم الحزم للتسويف و الكسل

و اركب غمار المعالي كي تبلغها *** و لا تكن قانعا منهنّ بالبلل

فذروة المجد عندي ليس يدركها *** من لم يكن سالكا مستصعب السبل

و كن أبيا عن الاذلال ممتنعا *** فالذل لا ترتضيه همة الرجل

و إن عراك العنا و الضيم في بلد *** فانهض الى غيره في الارض و انتقل

و اسعد بنيل المنى فالحال معلنة *** بل إدراك شار العز في النقل

و حيث يعييك نقص الحظ فاطوله *** كشحا فليس ازدياد الجدّ بالحيل

و دارنا هذه من قبل قد حكمت *** على حظوظ اهالي الفضل بالخلل

و كن عن الناس مهما اسطعت معتزلا *** فراحة النفس تهوي كل معتزل

و لو خبرت الورى الفيت اكثرهم *** قد استحبوا طريقا غير معتدل

إن عاهدوا لم يفوا بالعهد او وعدوا *** فمنجز الوعد منهم غير محتمل

يحول صبغ الليالي عن مفارقهم *** ليستحيلوا و سوء الحال لم يحل

تقاعدت عن هوى الاخرى عزايمهم *** و في اتباع الهوى حوشوا عن الفشل

و له يمدح النبي و الأئمة من ولده عليه و عليهم الصلوة(1)

عرّج على الأحباب يا ذا الحادي *** أنبئهم أني علي الميعاد

و قل الكئيب لبعدكم غادرته *** كالميت ملقى بين اهل النادي

ذا مقلة اجفانها قد كحلت *** بعد التفرّق و القلا بسهاد

و يقول من ظمأ به وا حسرتي *** حتى متى يروي غليل الصادي

بعدت ديار احبتي فلنأيهم *** قدح الزناد مسعرّ بفؤادىنا

ص: 155


1- ذكر ذلك حفيده الشيخ علي بن الحسن في (الدر المنثور) و هو عندنا

و لقد نذرنا صوم يوم لقائهم *** مع أنه من اكبر الاعياد

روحي الفدا لأحبة من وصلهم *** ذهب الزمان و ما بلغت مرادي

اشكو الزمان و اهله فكأنما *** خلق الزمان و اهله لعنادي

لكنني متمسك بهدايتي *** لولاء اصحاب الكسا الأمجاد

أهل النبوة و الرسالة و الهدى *** للخلق بعد الشرك و الألحاد

أعني النبي المصطفى المبعوث من *** امّ القرى بالحق للارشاد

و الطاهر الحبر الامام المرتضى *** زوج البتول اخا النبي الهادي

و البضعة الزهرآء و الحسنين *** سادات الورى فبهم و بالسجاد

و محمد و بجعفر و بكاظم *** ثم الرضا و محمد و الهادي

و العسكريّ و نجله المهدي من *** يرجوه يروي غلة الاكباد

ننجو اذا وضع الكتاب و لا نرى *** نفعا من الاموال و الاولاد

يا آل احمد حبكم لي منهج *** خلف عن الأبآء و الاجداد

ارجو به عند النزول بحفرتي *** انسا و ذخرا انتم لمعادى

(و من شعره ما رثاه به ابن اخته السيد صاحب «المدارك» و كتبه على قبره)

لهفي لرهن ضريح صار كالعلم *** للجود و المجد و المعروف و الكرم

قد كان للدين شمسا يستضاء بها *** محمد ذو المزايا طاهر الشيم

سقا ثراه و هناه الكرامة و الرّ *** يحان و الروح طرّا باريء النسم

«و ذكر له صاحب الامل»

و لقد عجبت و ما عجب *** ت لكل ذي عين قريرة

و ورائه يوم عظي *** م فيه تنهتك السريرة

ص: 156

هذا و لو علم ابن آدم *** ما يلاقي في الحفيرة

لبكى دما من هول ذ *** لك مدة العمر القصيرة

فاجهد لنفسك في الخلا *** ص فدونه سبل عسيرة

و له شعر جيد فى رثاء العلامة الشيخ محمد بن الشيخ محمد الحر العاملي المتوفى سنة 980 و ذكره صاحب (الامل) و مطلعها

عليك لعمري ليبك البيان *** فقد كنت فيه بديع الزمان

و من منثور كلامه ما قرض به(1) كتاب (فرقد الغرباء و سراج الادباء) للشيخ حسن العاملي الحانينى(2) و هو

الحمد للّه وحده، وقفت على مودعات هذه الاوراق، التي لا يعرفرك

ص: 157


1- وجدناه في كتاب مخطوط لبعض علماء العجم و اشار اليه صاحب «الامل» و انه رأه بخط الشيخ حسن صاحب التقريظ
2- هو العلامة الاكبر، و الشاعر المفلق، و المنشى البديع جمال الدين الشيخ حسن بن علي بن احمد العاملي الحانينى نسبة الى (حانين) من قرى جبل عامل على ثلاثة اميال من (بنت جبيل) قرأ على ابيه و على جماعة من اساتيد عصره منهم صاحب التقريظ و له منه اجازة، و السيد صاحب المدارك و هو مجاز منه، و الشيخ ابراهيم الميسي، و الشيخ نعمة اللّه بن احمد بن خاتون، و الشيخ احمد بن سليمان و له تآليف قيمة منها نظم الجمان في تاريخ الاكابر و الاعيان. و فرقد الغرباء و سراج الادباء. و رسالة في الشفاعة. و كتاب في التاريخ. و رسالة في النحو و ديوان شعره يقرب من سبعين الف بيت و من شعره قصيدة يرثي بها استاذه السيد صاحب المدارك

حقيقتها الا الحذاق؛ فوجدت جداول عباراتها تتدفق بمحاسن الآداب و رياض معانيها تتضوع بنشر الفضل العجاب، و كنوز فوايدها تتعهد باعطآء الاثرآء لمن املق في فنها من اولي الالباب، و رموز مقاصدها تشهد بالارتقاء في صنعتها الى اعلى درجات الادبآء و الكتاب، فاللّه تعالى يحيي بفضل منشأها مامات من آثار الفضل، و يمده من جوده الوافر و كرمه الواسع بهبات الانعام

ولد (ره) سنة 959 و توفي سنة 1011 في جبع و قبره مزار معروف(1)

و خلف الشيخ حسن بن زين الدين هذا الشيخ الفقيه فخر الدين محمد بن الحسن ذكره صاحب «لؤلؤة البحرين» فقال كان فاضلا محققا مدققا ورعام)

ص: 158


1- و على قبره بنية في الجبانة يقصدها الزائرون و عليها صخرة عتيقة كتب عليها اسمه و اسم ابيه و ابيات لم نهتد الى قرائتها لطموسها و بجنب القبر قبر السيد الجليل السيد محمد صاحب (المدارك) و عليه ايضا بنية و صخرة كتب عليها ابيات لم نهتد ايضا الى قرائتها لطموسها و قدمها و لعلها الأبيات المذكورة التى كتها الشيخ حسن صاحب (المعالم) و لكن مما يؤسف عليه جدا ان هذين القبرين مهدومان و لم يبق منهما الا اليسير من الآثار و ما هو إلا من قلة الاعتنآء برجال الدين و ابطال العلم فى هذه الأزمنة الاخيرة كما و انه يوجد في جبع مسجد مهدوم ينسب الى الشهيد الثاني و قد اخنى عليه الدهر و لم يبق منه الا الاحجار المبعثرة فيا حبذا لوسعى بعض اولي الخير لتشييد هذه الآثار و ما ذلك عليهم بعزيز (محمد صادق آل بحر العلوم)

فقيها متبحرا و كان اشتغاله اولا عند والده و السيد محمد صاحب المدارك قرأ عليهما و اخذ عنهما الحديث و الأصولين و غير ذلك من العلوم و قرأ عليهما مصنفاتهما من المنتقى. و المعالم. و المدارك. و ما كتبه السيد على مختصر النافع و لما انتقل الى رحمة اللّه بقي مدة مشتغلا بالمطالعة ثم سافر الى مكة المشرفة و اجتمع فيها بالميرزا محمد الاسترابادي صاحب كتاب الرجال فقرأ عليه الحديث ثم رجع الى بلاده و اقام بها مدة قليلة ثم سافر الى العراق و بقي في كربلا مشتغلا بالتدريس ثم سافر الى مكة المشرفة ثم رجع منها الى العراق و اقام فيها مدة ثم عرض ما يقتضى الخروج منها فسافر الى مكة المشرفة و بقي فيها الى ان توفي الى رحمة اللّه الخ

(و له) مصنفات ذكرها ولده الشيخ علي في كتاب (الدر المنثور) منها شرح الاستبصار برز منه ثلاث مجلدات. و حاشية على شرح اللمعة مجلدان وصل فيها الى كتاب الصلح. حاشية اصول معالم الدين لوالده مجلد متوسط.

حاشية على عبادات من لا يحضره الفقيه. شرح اثنى عشرية والده.

حاشية على مختلف الشيعة. حاشية على المدارك سوى الحواشي التي علقها عليه. حاشية على المطوّل. كتاب روضة الخواطر و نزهة النواظر و هو مشتمل على فوايد و مسائل و اشعار له و لغيره و حكم و غيرها ملتقطة من كتب شتى. رسالة في المفاخرة بين الغني و الفقير. رسالة في تزكية الراوي. رسالة في التسليم في الصلوة حقق فيها ما ترجح عنده. رسالة في التسبيح و الفاتحة فيما عدا الركعتين الأوليين و ترجيح ما ترجح عنده من اختيار التسبيح. كتاب مشتمل على اشعار له و لغيره و مراسلات

ص: 159

بينه و بين من عاصره. كتاب جامع لاكثر اشعاره مشتمل على مواعظ و نصايح و حكم و مراثي و الغاز و مديح و مراسلات شعرية بينه و بين شعراء اهل العصر و اجوبة منه لهم في المديح و الالغاز. كتاب شرح تهذيب الاحكام كان عندي منه قطعة وافرة. رسالة في الطهارة *، * و ذكره صاحب (امل الآمل) و اثنى عليه و له شعر و منه ما رثى به الامام الشهيد عليه السّلام

كيف ترقى دموع اهل الولاء *** و «الحسين» الشهيد في كربلاء

جدّه المصطفى الأمين على *** الوحي من اللّه خاتم الانبياء

و ابوه اخو النبي علي *** آية اللّه سيد الاوصياء

امه البضعة البتول اخوه *** صفوة الاولياء و الاصفياء

يا لها من مصيبة اصبح الدين *** بها في مذلة و شقاء

ليت شعري ما عذر عبد محبّ *** جامد الدمع ساكن الاحشا

و ابن بنت النبي اضحى ذبيحا *** مستهاما مرملا بالدماء

و حريم الوصيّ في اسر ذلّ *** فاقدات الآباء و الأبناء

و عليّ خير العباد اسير *** في قيود العدى حليف العناء

مثل هذا جزاء نصح نبي *** كل عن نعته لسان الثناء

اسس السابقون بيعة غدر *** و بنى اللاحقون شرّ بناء

حرّفوا بدّلوا اضاعوا اقاموا *** بدعا بالعناء و الشحناء

و من شعره يرثي به ابن عمته العلامة الحجة السيد محمد صاحب (المدارك) المتوفى سنة 1009 في جبع ذكره ولده في (الدر المنثور)

ص: 160

صحبت الشجى ما دمت في العمر باقيا *** و طلقت ايام الهنا و اللياليا

و قلت عرا صبري مدى الوجد و انقضى *** سروري و امست لي المنايا أمانيا

و عني تجافى صفو عيشي كما غدا *** يناظر مني الناظر السحب باكيا

و نومي نأى من حين امسى مسامري *** عظيم جوى قد ارسل الدمع جاريا

و لم يبق منّى السقم الا بقية *** على هلكها قد اصبح الخطب واليا

فلي ضرّ ايّوب و احزان آدم *** و بي فرط وجد غادر الجسم باليا

و كم في فؤادي من فم الفكر لسعة *** لها لم اجد ما دمت في العمر راقيا

و قد قلّ عندي كلما صرت واجدا *** بفقد الذي اشحبى الهدى و المعاليا

فتى زانه في الدهر فضل و سؤدد *** الى ان غدا فوق السماكين راقيا

حليم كريم اشرق العصر شانه *** كما شرقت منه الأيادي اياديا

هو السيد المولى الذي تمّ بدره *** فاضحى الى نهج الكرامات هاديا

مضى فاكتست ثوبا من الحزن بعده *** ليالي كان العيش فيهن صافيا

و شقت عليه الشمس جيبا و اعلنت *** تبوح الاسى و البدر قد صار خافيا

و كادت به الاطواد تعفو رسو منها *** بما حملت و البحر قد بات شاكيا

و كم للمعاني مأتم حين شاهدت *** سباسبها قد اقفرت و الفيافيا

و للفقه نوح يترك الصلد ذائبا *** كما سال دمع الحق يحكي الغواديا

فويح المنايا حيث لم ترع قدره *** و شلت يمين الخطب اذ صار راميا

و للّه رزء جلّ حتى لقد غدا *** به كل ذي حزن لشكواه ناسيا

فقد نابه النور الذى لم يزل به *** طريق الهدى للناس في الدهر باديا

إمام بكاء الغيث اذ صار فى الورى *** شقيقا له و الماء قد صار صاديا

ص: 161

لقد كان شمس الدين مغنى و بدره *** كما كان فيه مشرب الفضل صافيا

فهل من معزّ للعلى في مصابه *** بفقد جليل كان في العسر كافيا

و هل مخبر للخطب من أمّ بالردى *** فقد كان حين الرمي لا شك ساهيا

و من لليتامى بعد فقدان كامل *** كفيل و من امسى عن النكر ناهيا

فلا خير في الدنيا اذا لم يدم بها *** سرور و لمّا يأت ما كان ماضيا

و هيهات ان تصفو حيوة لطالب *** و للدهر اهوال تشيب النواصيا

و ما نافع الأنسان فيه سوى الرضا *** بما صار محتوما على الناس جاريا

ولد رحمه اللّه يوم الاثنين العاشر من شعبان سنة 980 و توفي سنة 1030 بمكة المعظمة و هو ابن خمسين سنة و ثلثة اشهر و دفن بها

و خلف الشيخ محمد هذا الشيخ زين الدين بن محمد شيخ صاحب (الوسايل) و استاذه، قال في (امل الآمل) شيخنا الاوحد كان عالما فاضلا متبحرا مدققا محققا ثقة صالحا عابدا ورعا شاعرا منشيا اديبا جامعا حافظا لفنون العلم النقليات و العقليات جليل القدر عظيم المنزلة لا نظير له في زمانه قرأ على ابيه و على الشيخ بهاء الدين العاملي و على مولانا محمد امين الاسترابادي و جماعة من علماء العرب و العجم جاور مكة و توفي بها و دفن عند خديجة الكبرى قرأت عليه جملة من كتب العربية و الرياضي و الحديث و الفقه و غيرها و كان له شعر رايق و فوائد و حواش كثيرة و ديوان شعر صغير رأيته بخطه و لم يؤلف كتابا مدونا لشدة احتياطه و لخوف الشهرة اه و اطراه صاحب (الدر المنثور) و ذكر كثيرا من شعره و قال صاحب (سلافة العصر) انه زين الأئمة، و فاضل

ص: 162

الأمة، و ملث غمام الفضل و كاشف الغمة، شرح اللّه صدره للعلوم شرحا، و بنى له من رفيع الذكر صرحا، الى زهد اسس بنيانه على التقوى، و صلاح اهل به ربعه فما اقوى، و آداب تحمرّ خدود الورد من انفساسها خجلا، و شيم اوضح بها غوامض مكارم الاخلاق وجلا، رأيته بمكة شرفها اللّه تعالى و الفلاح يشرق من محياه، و طيب الأعراق يفوح من نشر رياه، و ما طالت مجاورته بها حتى وافاه الأجل، و انتقل من جوار حرم اللّه الى جوار اللّه عز و جل، فتوفي سنة اثنتين و ستين و الف(1) رحمه اللّه تعالى و له شعر خلب به العقول و سحر، و حسدت رقته انفاس نسيم السحر.

فمنه ما كتب الى الوالد من مكة المشرفة ما دحاله و ذلك عام 1061

شام برقا لاح بالأبرق وهنا *** فصبا شوقا الى الجزع و حنّا

و جرى ذكر أثيلات النقا *** فشكى من لاعج الوجد و أنّا

دنف قد عاقه صرف الردى *** و خطوب الدهر عما يتمنى

شفّه الشوق الى بان اللوى *** فغدا منهمل الدمع معنىّ

اسلمته للردى ايدي الأسى *** عند ما احسن بالأيام ظنا

طالما أمل إلمام الكرى *** طمعا في زورة الطيف و أنى

كلما جنّ الدجى حنّ الى *** زمن الوصل فابدى ما أجنا

و إذا هبّ نسيم من ربا *** حاجر اهدى له سقما و حزنا

يا عريبا بالحمى لولاكم *** ما صبا قلبي الى ربع و مغنى09

ص: 163


1- ذكر شقيقه الشيخ علي في «ألدر المنثور» انه توفي سنة 1064 و مولده سنة 1009

كان لي صبر فاوهاه النوى *** بعدكم يا جيرة الحىّ و افنى

قاتل اللّه النوى كم قرحت *** كبدا من الم الشوق و جفنا

كدرت مورد لذاتي و ما *** تركت لي من جميل الصبر ركنا

قطعت افلاذ قلبي و الحشا *** و كستني من جميل السقم وهنا

فالى كم اشتكى جور النوى *** و اقاسي من هوى ليلي و لبني

قد صمى قلبي من سكر الهوى *** بعد ما ازعجه السكر و عنّى

و نهاني عن هوى الغيد النهى *** و حبانى الشيب احسانا و حسنا

و تفرغت الى مدح فتى *** سنة المعروف و الأفضال سنّا

يجد الريح سوى نيل العلى *** من مواىء المجد خسرانا و غبنا

سيد السادات و المولى الذي *** أمّ إنعاما و إفضالا و منّا

لم يزل في كل حين بابه *** مأمنا من نوب الدهر و حصنا

غمرت سحب أياديه الوري *** نعما فهو للفظ الجود معنى

نسخ الغامر من إفضاله *** حاتما و الفضل ذا الفضل و معنا

ورث السؤدد عن آبائه *** مثل ما قد ورثوا بطنا فبطنا

جلّ من اوج العلا مرتبة *** صار منها النسر و العيوق ادنى

تهزء الأقلام في راحته *** برماح الخط لمّا تتثنى

جادنا من راحتيه سحب *** تمطر العسجد لاماء و مزنا

يا عماد المجد يا من لم تزل *** من معاليه ثمار الفضل تجنى

عضني الدهر بانياب الأسى *** تركتني في يد الآسوآء رهنا

هائما في لجة الفكر ولي *** جسد أنحله الشوق و أضنى

ص: 164

كلما لاح لعيني بارق *** من نواحي الشّام أضناني و عنّا

تتلظى كبدي شوقا الى *** صبية خلفت بالشام و افنى

ركبت آمالنا شوقا الى *** ورد إنعامك و الافضال سقنا

بعد ما أنحلت العيس السرى *** و أبادت في فيافي البيد بدنا

و با كنافك يا كهف الورى *** من تصاريف صروف الدهر لذنا

و تهنىّ مجدك العالي بما *** حازه بل كلما حاز تهنىّ

و ابق يا مولى الموالي بالغا *** من مقامات العلى ما تتمنى

و ذكر شقيقه صاحب (الدر المنثور) كثيرا من شعره و مما ذكره قصيدته الطويلة الخمسة في رثاء الامام الحسين بن علي عليهما السّلام و هي تقرب من مائة و ثلثين بيتا و مطلعها

سلخت لوعتي لذيذ الرقاد *** و كستني ثوب الضنا و السهاد

و رماني دهري بسهم العناد *** و غرامي ما إن له من نفاد

كل يوم و ليلة في ازدياد ***

و للشيخ زين الدين هذا ولدان عالمان احدهما الشيخ علي نزيل اصفهان من فطاحل فضلاء عصر صاحب (الوسايل) له حاشية على تمهيد القواعد و حاشية على كتاب التوحيد من الكافي؛ و له اجازة للشيخ العلامة الحسن بن عباس البلاغي صاحب تنقيح المقال و تاريخها سنة 1102، و الآخر الشيخ حسن نزيل اصبهان تخرّج على عمه و غيره اطراه صاحب (الامل) بالعلم و الفضل و الصلاح توفي سنة 1104 *، * و خلف الشيخ حسن هذا ولدا فاضلا و هو الشيخ محمد بن الشيخ حسن بن الشيخ زين الدين بن

ص: 165

محمد بن الحسن بن الشهيد الثاني

و للشيخ زين الدين المذكور شقيق هو شقيقه في الفضايل الجمة ايضا و هو الشيخ علي بن محمد نزيل اصبهان ولد في سنة 1013 «او» 1014 (1) و توفي باصبهان سنة 1103 و هو في العلم و الفقه اظهر و اجلى من ان يعرّف قرأ على اخيه الشيخ زين الدين و الشيخ نجيب الدين و السيد نور الدين و الشيخ محمد الحرفوشي له تصانيف ممتعة منها حاشية شرح اللمعة مجلدات. شرح الكافي خرج منه كتاب العقل و العلم. كتاب الدر المنثور. رسالة في الرّد على الصوفية سماها السهام المارقة من اغراض الزنادقة رسالة في الرد على من يبيح الغنا. حواشي على (معالم) جدّه.

حواشي على (من لا يحضره الفقيه). كتاب في فنون شتى يقرب من اربعين الف بيت و له شعر جيد منه في رثاء اخيه الشيخ زين الدين

الا يا نسيما قاصدا ارض لبنان *** تحمل رعاك اللّه من بعض اشجاني

وقف وقفة ما بين اهلى و جيرتي *** و قومي و اخواني و تربي و خلاّني

و بث لديهم لوعتي و صبابتي *** و حزبي على من كان عيبي و انساني

و قل لهم إنّ الغريبين قد قضى *** عظيمهما و الحزن قد أسر الثاني

وحيدا كئيبا لا خليل يعينه *** بعبرة ذى وجد و أنّة لهفان

و قل لربوع اقفرت و منازل *** عفت و خلت من خير اهل و سكان

مضى اهل ذاك العلم و الفضل و التقى *** و زعزع ركن ايّ ركن لأيمان

فتى كان يخشى اللّه سرّا و جهرة *** و يعبده عن محض علم و عرفانر)

ص: 166


1- ذكر تاريخ ولادته بالترديد في كتابه (الدر المنثور)

و له قصيدة في رثاء ولده الصغير المتوفى عن اربع سنين محمد الاول(1)و مطلعها

عرفت الليالي غثها و سمينها *** فسيّان عندي سهلها و حزونها

قوافل احزان فؤادي مناخها *** و انهار اشجان عيوني عيونها

و للشيخ علي هذا ولدان جليلان احدهما الشيخ حسين بن علي كان فاضلا صالحا قرأ على ابيه ولد سنة 1056 و توفي في اصفهان سنة 1078 و دفن في المشهد الرضوى ذكره والده في كتاب الدر المنثور و اطراه، و الآخر الشيخ زين الدين بن علي ذكره صاحب (الأمل) و قال فاضل عالم صالح معاصر ولد في اصفهان لما سكن والده بها و قرأ عند والده و غيره اه و عن تكملة العلامة السيد الصدر ان للشيخ علي هذا ولدا آخر و هو الشيخ محيي الدين و كان من العلماء الاتقياء و خلف الشيخ محيي الدين الشيخ علي و هو الذي تزوج بكريمة العلامة السيد صالح بن السيد محمد بن ابراهيم شرف الدين العاملي فرزق منها ولديه العالمين العلمين السيد صدر الدين نزيل اصفهان المتوفى في النجف الاشرف سنة 1263 و اخاه السيد محمد علي نزيل الكاظمية و المتوفى باصفهان في سفر زيارته للإمام على بن موسى عليهما السّلام في سنة 1237 و حمل الى النجف و هو جد سيدنا اية اللّه صاحب «التكملة»ر»

ص: 167


1- عرف بذلك ليمتاز عن شقيقه محمد الثاني بن الشيخ علي المتوفى في صباه و هو ابن ثمان سنين و قد رثاه عمه الشيخ زين الدين و ذكره والده في «الدر المنثور»

فجملة من آل شرف الدين لا كلّهم من ذرية الشهيد الثاني من طرف الأم كما انهم من ذرية العلاّمة الكبير الشيخ الحرّ العاملي صاحب «الوسايل» اذ والدة السيد صالح المذكور كانت كريمة شيخنا الحرّ المذكور

و جملة من آل الحرّ من ذرية الشهيد الثاني لأن شيخنا الشهيد الشيخ على بن محمد الحرّ جد صاحب «الامل» الآتى ذكره تزوج بكريمة الشيخ حسن صاحب «المعالم»

و ذرية المترجم الشهيد الثاني كلهم من آل الحرّ اذ شيخنا زين الدين الشهيد الثانى تزوج بكريمة الشيخ محمد بن الحسين الحرّ الآتي ترجمته في القرن الحادي عشر

و سيدنا الفقيه الاكبر صاحب «المدارك» و ذريته كلهم اسباط الشهيد الثاني اذ كريمته الصالحة تزوج بها علامة الهاشميين السيد نور الدين على بن الحسين الموسوي العاملي الجبعي والد سيدنا صاحب «المدارك» و رزق منها السيد المذكور المولود سنة 946

و للمترجم «الشهيد الثاني» اليوم احفاد في «سوريا» يعرفون ببيت «ظاهر» و ممن يعتنى بشأنه في العلم و الادب من هذه الاسرة الكريمة الشيخ سليمان ظاهر نزيل «النبطية التحتا» عالم مصلح، و شاعر مفلق، و اديب متضلع، له في التاريخ صحيفة بيضآء يطلع عليها السابر صفحات «العرفان» و كتابه «الذخيرة» المطبوع في صيدا اصدق شاهد لعلو مكانته في العلم و الادب العربى و له في السعي دون صالح الأمة و نشر مآثر الطايفة ايادي مشكورة و خطوات واسعة سجلها له

ص: 168

التاريخ و تكون له ذكرى خالدة، ولد في (النبطية التحتا) في المحرم سنة 1290 و عمدة تلمذه على العلامة الضليع السيد حسن يوسف العاملي المتوفى سنة 1324 و له تآليف قيمة منها تاريخ جبل عامل. و ديوان «الشعر العاملي المنسي» و من شعره قصيدة بليغة تحت عنوان (الأنسان بين العقل و النفس و الدين) تنوف على سبعين بيتا نقتطف منها مايلي

المرء منهمك في عيشه الفاني *** و عيشه كالكرى في جفن و سنان

ريّان من خيلآء و المطامع لم *** ترو له غلة من قلب صديان

كأنه بين اهوآء تقاذفه *** هبا تلاعبه في الجوّ ريحان

يمسي و يصبح مغبوطا بلذته *** و ليس يحمل الاّ وزر خسران

و بين جنبيه نفس غير قائمة *** إلا على حسد مزر و اضغان

كأنما قلبه قد قدّ من حجر *** لذاك لم يحنقب عطفا بأسوان

على الاسائة مبسوط اليدين و لم *** يبسط يديه لمعروف و احسان

نشوان طورا تراه من سلافته *** كأنه وسن يطوف باجفان

و تارة طارحا أبراد عفته *** مسلوب لب بقينات و عيدان

تمرّ فيه و لم يعبأ بها عبر *** تحصى اذا اسطعت احصآء لكثبان

يريك عجبا و خفاق النسيم اذا *** سرى نهدّم منه ضعف اركان

إن ينتسب فلصلصال و محتقن *** من آجن يزدريه كل ظمآن

أو يفتخر فبعظم دارس و باموال *** و في زهو عيش ذاهب فاني

دعني و ابناء جيلي انهم خلف *** ساروا على نهج اجيال و ازمان

كأنهم و طباع الشر تجمعهم *** على اختلافهم ابنآء انسان

ص: 169

كأنهم و هم شتى جسومهم *** نفس تناسخ في مجموع ابدان

و ان هم اختلفوا دينا فطبعهم *** أن لا يرى منهم إلفين إثنان

ما الدين ان يتعادى فيه معتقد *** به و ما هو إلا طب وجدان

في كل شيء مشى دآء اختلافهم *** حتى مشى لاعتقادات و أديان

و ملحد مستهين فيه و هو له *** لو يرعوى عاصم من لج طغيان

على النفوس له حكم و سلطنة *** هيهات يبلغها سلطان سلطان

العقل و النفس مشبوب اختلافهما *** على الجسوم و لا مشبوب نيران

العقل يربأ فيها عن غوايتها *** و النفس تقذفها في لج عصيان

و موقف الدين ما بين اختلافهما *** كموقف الحكم استعداه خصمان

و ربما جمحت و الدين ردّ بها *** الى الليان بالجام و إرسان

حسب الأنام عوادي الكون مجلبة *** عليهم خيل اعدآء و حدثان

فلا يثيروا عليهم من نفوسهم *** حربا تدك مباني كل بنيان

كأنهم و الجديدان المطيّ لهم *** مغذّة فيهم انضآء ركبان

و للمترجم الشهيد الثاني شقيق هو شقيقه في العلوم و الفضايل و هو الشيخ عبد النبي بن علي بن احمد كان فقيها صالحا ورعا اديبا شاعرا مفلقا يروي عن اخيه الشهيد و الشيخ علي بن عبد العالي الميسي و يروي عنه ولده العلامة الفقيه الشيخ حسن تلميذ ابن عمه الشيخ حسن صاحب المعالم

(السيد العالم قاضى جهان)

الحسيني السيفي القزويني، من كبار العلمآء من السادات السيفية بقزوين، و نال عند السلطان الشاه طهماسب الصفوي خطوة وجاها

ص: 170

عريضا حتى قلده وزارة الديوان الأعلى بعد ان احرق الوزير جلال الدين محمد سنة 930 و كان مشاركا في العلوم لم يك في الدولة الصفوية وزير جمع ما حواه من الكمال و البراعة و الذكاء و البلاغه و لم يبرح مجدّا في قضاء الحوائج، و انجاح الطلبات؛ و انجاز الرغبات، و نشر الحق و العدل، ابتغآء مرضات ربه حتى قتل سنة 960 في اخريات ايام السلطان المذكور

اخذناه ملخصا من. الرياض. و احسن التواريخ. و روضة الصفا

«الفقيه الشريف السيد عز الدين»

الحسين العاملي بن محمد بن الحسين بن علي بن محمد بن ابي الحسن تاج الدين بن محمد بن عبد اللّه بن احمد بن حمزة بن سعد اللّه بن حمزة بن محمد بن عبد اللّه بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن محمد بن طاهر بن الحسين بن موسى بن ابراهيم بن الامام موسى بن جعفر عليهما السّلام

هو من اسرة عريقة في المجد و الشرف، ترفل منذ القرون و الاحقاب، في حلة الخطر الضافية، و برود من العلم و التقوى قشيبة، كلما خبا للهداية منها نجم نجم اخر و لقد توارثوا أعلام الهدى و الويته كابرا عن كابر و قضوا ادوارا مهمة في خدمة العلم و الادب سجلها لهم التاريخ، و ازدهت بهم ارجآء سورية و اكناف العراق و اقطار فارس، فغدوا في كل تلكم البلاد للحق اعلاما و صوى، و لم ينقطع عنهم العلم في اكثر العصور الماضية و تجد نماذج من ذكرياتهم في كتاب (بغية الراغبين في احوال آل شرف الدين) لعلامة الهاشميين حجة الأسلام السيد عبد الحسين شرف

ص: 171

الدين العاملي(1) بن السيد يوصف بن السيد جواد بن اسمعيل بن محمد بن محمد الكبير بن ابراهيم الملقب بشرف الدين بن زين العابدين بن علي نور الدين بن نور الدين علي المعروف بابن ابي الحسن بن الحسين عز الدين المترجم الشهيد

و «المترجم» اول شهيد من علمآء هذا البيت و فقهائه، في «بغية الراغبين» كان رحمه اللّه من افاضل الرجال و اعاظم الأبدال فقيها اصوليا محققا ماهرا في المعارف الالهية بارعا في جميع الفنون الأسلامية منقطعا بكله الى اللّه تعالى معرضا عن كل ما لا يقر به اليه سبحانه ولد في جبع سنة 906 و قرأ اولا على والد الشهيد الثاني ثم ارتحل الى ميس فقرأ على الشيخ الجليل علي بن عبد العالي الميسي و قرأ في كرك نوح على السيد الأجل السيد حسن بن السيد جعفر الكركي الموسوي و قرأ على الشيخ شمس الدين محمد بن مكي العاملي الشامي احد شيوخ الشهيد الثاني و كان السيد صهره و وقف على جماعة اخرين من الفقهاء و الأصوليين و كان معاصرا للشهيد الثاني و كان الشهيد يقدمه و يعظمه و كان صهره كما اشرنا اليه في المقصد السابق و توفي ليلة التاسع من رجب سنة 963 مسموما مظلوما في صيدا و دفن في جبع47

ص: 172


1- هو طود من اطواد الطايفة و علم من اعلام الدين و ممثل الكيان الهاشمي في العصر الحاضر و يحق للشيعة ان تفتخر به و بعلمه المتدفق و شرفه الوضّاح و ورعه الراسخ و منطقه الذلق و دعوته الناجعة و هو اليوم نزيل «صور» من جبل عامل و مؤلفاته كثيرة قيمة تربو على الثلثين و اشهرها (الفصول المهمة) المطبوع بصيدا سنة 1347

(العالم الورع الشيخ فضل اللّه)

الخراساني شهيد الأنقلاب فى المشهد الرضوي، كان من خيار علماء دولة السلطان الشاه طهماسب الصفوي و من صلحائهم و اتقيائهم، و كان يسكن خراسان و له وظايف من اوقات الحضرة الشريفة و كان في غاية التقوى و الورع و كان يؤّم الناس في المسجد الجامع بخراسان و يأتم به خلق كثير الى ان استشهد عند تغلّب الأوزبكية على تلك البلاد و معه غيره من الصلحاء و الاتقياء من مجاوري الروضة المقدسة سنة 997 ذكره صاحب الرياض. و المستدرك. و وفيات الأعلام. و تاريخ عالم آرا. و غيرهم و وصفوه بالجلالة و النبالة و الصلاح و العلم و الفضل و التقوى و الورع و الشهادة رحمه اللّه تعالى 5، 5 وجدنا في بعض التواريخ انّ المترجم عربيّ نزيل خراسان و لكن لم نعلم انه من ايّ قطر من الأقطار العربية

و اجمال الفاجعة الواقعة في المشهد المقدس الرضوي على ما في التواريخ المعتبرة ان عبد المؤمن خان رئيس (الأوزبكية) يمم خراسان سنة 997 و حاصرها اربعة اشهر حتى استيأس المحضورون من الظفر و النجاح فالتجؤا الى الحرم الشريف فلمّا استولت الأوزبكية على البلدة الشريفة حكم الخان بالقتل العام فقتلوا السادات و العلماء و الزهاد و الاتقياء و الخدمة و الحفاظ و الزوّار و ما رحموا احدا من الصغار و الكبار و هتكوا الستور و ابدوا الفجور و خفروا ذمة الامام عليه السّلام و لم يرقبوا في مؤمن إلاّ و لا ذمة و لاذ الحفاظ بالمصاحف الشريفة و اخذوا بتلاوة آياتها الكريمة لكن القوم اخذوا المصاحف من ايديهم و سحبوهم من دار السيادة و دار الحفاظ

ص: 173

و قتلوهم في المسجد الجامع و كان من اللائذين بالحرم الشريف السيد الاجل الامير محمد حسين كان آخذا بيده الضريح متمسكا بالعروة الوثقى فقطعوا يده و اخرجوه عن ذلك المحل الرفيع و قتلوه و كان من الشهداء في تلك الوقعة من العلماء الاتقياء شيخنا «المترجم» فلما فرغوا من القتل و سفك الدم بسطوا يد النهب و الغارة فنهبوا ذخاير الحرم و اغاروا على ما فيه من الجواهر و القنادل و الظروف و الأواني و جميع الموقوفات و الاثاث و الرياش و الأسفار و الكتب و المصاحف التي كانت بخطوط الائمة المعصومين عليهم السّلام و ما دامت ايّامهم حتى استردّ السلطان الشاه عباس الصفوي البلاد من ايديهم و دحرهم الى بلادهم و تلافى عيثهم في المدينة و ما انتهبوه من الحرم الشريف حتى كايلهم صاعا بصاع، و تفصيل هذه الوقايع مذكور في تواريخ الصفوية منها تاريخ عالم آرا ص 276 الى 398

«المولى الفقيه شهاب الدين»

عبد اللّه بن المولى محمود بن السعيد التستري الخراساني المعبّر عنه في السنة العلماء و المترجمين عدا شيخنا البهائي(1) بالشهيد الثالث، احد العمد و الدعائم من اجلاء علماء دولة السلطان طهماسب الصفوي استشهد سنة 997 ببخارا و أحرق جسده في ميدانها قال صاحب تاريخ (عالم آرا) ما ملخص معناه ان مولده كان بتستر و كان في اوائل امره مشتغلا بتحصيل العلوم العقلية بشيراز حتى غادرها الى بلاد العرب و قرأ على جملة من علمائها من فقهاء جبل عامل و غيرهم فبلغ الغاية في علوم الدين تم توجه الى معسكر السلطان

ص: 174


1- فانه يعبر بالشهيد الثالث عن المحقق الكركي الآنف ذكره و شهادته

و دخل عليه و توافقا على سكنى الشيخ بخراسان فاقام بها ردحا من الزمن مشتغلا بالأفادة و التدريس و الهداية و الأرشاد، محمود النقيبة، سجح الأخلاق، مرضىّ الشيم، و كان يناصح السلطان في اكثر اوقات اقامته بتلك الروضة المقدسة في اوايل جلوسه و كان مكرّما عنده إلى أن تغلبت الأوزبكية على ذلك المشهد الشريف سنة 997 فاخذوا المترجم الى ماوراء النهر و جرت بينه و بين علماء تلك البلاد من العامة مناظرات ادّت الى قتله بالخناجر و المدى و احرق جسده الشريف في ميدان بخارا على التشيع و الولاء

و في (الروضة الصفوية) ما ملخصه انه لما توجه عبد المؤمن خان بن عبد اللّه خان ملك الأوزبك الى مشهد الرضا عليه السّلام و اخذ تلك البلدة عنوة و قتل من في تلك الارض المقدسة و جلس فى صفة أمير علي شير بها و امر بكسر باب الروضة و قتل من فيها اخذت الأوزبكية في حوالي الروضة المولى الجليل خاتم المجتهدين المولى عبد اللّه التسترى فذهبوا به الى عبد المؤمن خان و قالوا إنّ هذا هو رئيس الرفضة فامنه الخان و ارسل المولى الى والده عبد اللّه خان ببخارا و بعد ما اوصل الى بخارا باحث مع علماء بخارا فعجزوا عن معارضته فقالوا لعبد اللّه خان انه ليس لكم شك في حقيقة مذهبكم فما الباعث على مناظرة هذا الرجل و لا بدّ ان يقتل من كان مخالفا لمذهبنا و يجتنب عن مباحثته لئلا يصير باعثا لأخلال العوام فقتلوه رضي اللّه عنه (ثم قال) و برواية اخرى انه كفّ نفسه عن المناظرة معهم و مع ذلك لم ينجعه ذلك فقتل و احرق بالنار اه

و يروي المترجم عن الشيخ ابراهيم بن الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي

ص: 175

الميسى، و يروي عنه الأمير السيد حسين بن حيدر الكركى «ره»، و له كتاب في الامامة الفه على طريقة الشيعة و ارسله الى علمآء ما وراء النهر.

و كتاب الأربعين في فضايل امير المؤمنين عليه السّلام، تجد تفصيل تاريخ حياة المترجم في تاريخ «عالم آرا» و «الروضة الصفوية» و «روضات الجنات» و «نجوم السماء»

(الشيخ الجليل ملا احمد)

الهندي التهتهنى من اعيان الشيعة بالهند في القرن العاشر استشهد بيد (فولاد برلاس) احد قواد عهد اكبر شاه(1) قتله على التشيع بالخناجر اغتاله ليلا بعد ان اخرجه من داره ببعض الحيل فمكث اياما حتى مات بتلك الجروح في اوليات سنة 997 و سرعان ما انتقم اللّه من القاتل فامر به السلطان فاخذ و شدّ برجل الفيل فجرّ في الازقة بلاهور حتى هلك قبل الشهيد بثلثة ايام و اقام الشيخ ابو الفضل المؤرخ الشهيد الآتي ذكره و اخوه الشيخ فيضي حرسا على قبر المترجم خوفا من نبشه لكن بعد ان افاض جيش السلطان عن لاهور الى كشمير اخرجته زبانية الأحقاد فاحرقوا جثته *، * اخذناه من نامه دانشوروان(2)

ص: 176


1- هو جلال الدين محمد اكبر شاه بن محمد همايون شاه بن محمد بابر بن عمر شيخ بن السلطان ابي سعيد بن ميرزا سلطان محمد بن ميرزا اميران شاه بن الامير الكبير صاحبقران امير تيمور كوركان و ذكر تاريخ هذا البيت في «آيين اكبري» تأليف الشهيد الشيخ ابو الفضل الآتي ذكره
2- تأليف المؤرخ الكبير الوزير ميرزا علي خان امين الدولة

القرن الحادى عشر و شهداء علمائه

السيد الامام العلامة ضياء الدين القاضى

نور اللّه بن السيد شريف بن نور اللّه بن محمد شاه بن مبارز الدين مندة بن الحسين بن نجم الدين محمود بن احمد بن الحسين بن محمد بن ابى المفاخر بن علي بن احمد بن ابي طالب بن ابراهيم بن يحيي بن الحسين بن محمد بن ابي علي بن حمزة بن علي بن حمزة بن علي المرعش بن عبد اللّه بن محمد الملقب بالسياق بن الحسن بن الحسين الأصغر بن الامام عليّ زين العابدين بن الأمام الحسين بن امير المؤمنين علي عليهم السّلام اتستري المرعشي صاحب كتاب احقاق الحق و مجالس المؤمنين و غيرهما ولد «قده» سنة 956 و استشهد سنة 1019 و تاريخ شهادته بالفارسية (سيد نور اللّه شهيد شد)

كعبة الدين و مناره، و لجة العلم و تيّاره، بلج المذهب السافر، و سيفه الشاهر، و بنده الخافق، و لسانه الناطق، احد من قيضه المولى للدعوة اليه، و الأخذ بناصر الهدى، فلم يبرح باذلا كله في سبيل ما اختاره له

ص: 177

ربه حتى قضى شهيدا، و بعين اللّه ما هريق من دمه الطاهر، هبط البلاد الهندية فنشر فيها الدعوة و اقام حدود اللّه، و جلا ما هنالك من حلك جهل دامس، ببلج علمه الزاهر، و لعله اوّل داعية فيها الى التشيع و الولاء الخالص تجد الثنآء عليه متواترا في «امل الأمل» و «رياض العلماء» و «روضات الجنات» و «الاجازة الكبيرة» لحفيد السيد الجزائري و «نجوم السماء» و «المستدرك» و «و الحصون المنيعة» و غيرها من المعاجم

كان المترجم من اكابر علماء العهد الصفوي معاصرا لشيخنا البهائي «قده» قرأ في «تستر» على المولى عبد الوحيد التستري و لم نحط خبرا بتفصيل من اخذ عنه العلم غيره غير ما دلّنا على غزارة علمه و عبقريته و مشاركته في العلوم و نبوغه فيها من كتبه الثمينة و اثاره القيمة و اليك اسمائها(1)«الأول» كتاب احقاق الحق و هو الذي اوجب قتله كتاب كبير واسع المادة يتدفق العلم من جوانبه نقد فيه القاضي الفضل بن روزبهان في ردّه على آية اللّه العلامة الحلي في كتاب نهج الحق و كشف الصدق ردّه فيه ردّا منطقيا ببيان واف غير مستعص على الافهام مطبوع

2 مجالس المؤمنين في مشاهير رجال الشيعة من علمآء و ملوك و شعراء و عرفاء

3 شرح دعاء الصباح و المسآء لعلي صلوات اللّه عليه بالفارسية

4 النظر السليم 5 انس الوحيد في تفسير آية العدل و التوحيد

6 خيرات الحسان 7 شرح مبحث حدوث العالم من انموذج الدوانيء)

ص: 178


1- ذكرها البحاثة الكبير الشهير ميرزا عبد اللّه التبريزي في (رياض العلماء)

8 شرح الجواهر 9 حاشية على مبحث اعراض شرح التجريد

10 نور العين 11 حاشية على حاشية تهذيب المنطق لملا جلال

12 ذكر الألقمي 13 شرح على اثبات الواجب القديم لملا جلال

14 كشف العوار 15 حاشية على اثبات الواجب الجديد لملا جلال

16 دافعة الشقاق 17 رسالة في ان الوجود لا مسئلة له (كذا)

18 نهاية الأقدام 19 رسالة في اثبات تشيع السيد محمّد نوربخش

20 دفع القدر 21 رسالة في ردّ مقدمات ترجمة الصواعق

22 حلّ العقال 23 حاشية بحث عذاب القبر من شرح القواعد

24 البحر الغزير 25 رسالة في ردّ رسالة في تصحيح ايمان فرعون

26 عدة الأمراء 27 حاشية على شرح خطبة المواقف

28 تحفة العقول 29 شرح على رباعي الشيخ ابي سعيد بن ابي الخير

30 موائد الانعام 31 رسالة في ردّ شبهة في تحقيق علم الألهي

32 حاشية على رسالة 33 رسالة في المسح على الرجلين و غسلهما

34 اجوبة فاخرة 35 الصوارم المهرقة في نقد الصواعق المحرقة

36 عشرة كاملة 37 حاشية على شرح الشمسية في المنطق

38 سبعة سيارة 39 حاشية على شرح تهذيب الأصول

40 رسالة في الأدعية 41 حاشية على جواهر شرح التجريد

42 الرسالة الجلالية 43 رسالة في الاسطرلاب تشتمل على مائة باب

44 ديوان القصايد 45 حاشية على شرح الهداية في الحكمة

46 سحاب المطر 47 ردّ على حاشية الچلبي على شرح التجريد للاصفهاني

ص: 179

48 كتاب في منشآته (ره) 49 رسالة بالفارسية

50 شرح على تهذيب الحديث 51 حاشية على تفسير البيضاوي

52 حاشية اخرى على تفسير البيضاوي 53 حاشية على المطوّل

54 حاشية على إلهيات شرح التجريد 55 حاشية على الحاشية القديمة

56 حاشية على حاشية شرح التجريد 57 تفسير آية الرؤيا

58 حاشية على شرح الچغميني 59 حاشية على قواعد العلامة

60 حاشية على المختلف للعلامة 61 اللمعة في صلوة الجمعة

62 تفسير آية إِنَّمَا اَلْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ 63 رسالة في بحث التجديد

64 رسالة في بيان انواع كم 65 رسالة في امر العصمة

66 جواب اسئلة السيد حسن 67 رسالة في ردّ الشيطان

68 حاشية على تحرير اقليدس 69 شرح خطبة العضدي القزويني

70 رسالة في ردّ ايرادات 71 حاشية على حاشية الخطائي

72 گوهر شاهوار بالفارسية 73 رسالة في نجاسة الخمر

74 رسالة في مسئلة الفارة 75 رسالة في غسل الجمعة

76 رسالة شرح مختصر العضدي 77 رسالة في ركنية السجدتين

78 رسالة في تعريف الماضي 79 مصائب النواصب

80 رسالة في مسئلة لبس الحرير 81 رسالة كل و سنبل

82 تراجم و ضاعي الحديث 83 رسالة الأنموذج

84 حاشية على الخلاصة و لعلها رجال العلامة او خلاصة الحساب للبهائي

85 مجموع يجري مجرى الموسوعات رآه صاحب (رياض العلماء) بخطه

ص: 180

86 حاشية قديم 87 حاشية على شرح الجامي على كافية ابن الحاجب

88 ديوان شعره 89 حاشية على تحقيق كلام البدخشي

90 النور الانور في مسئلة القضآء و القدر ردّ فيه على رسالة لبعض الهنود من معاصريه و هي في الرد على رسالة استقصآء النظر للإمام العلامة الحلي

91 حاشية على التهذيب و هو تهذيب شيخنا الطوسي او تهذيب العلامة

92 رد ما الف تلميذ ابن همام في اقتداء الجمعة بالشفعوية و لعله يعنى الشافعية

93 رسالة متعلقة بقول العلامة الحلي في آخر كتاب الشهادات من قواعده و هو قوله اذا زاد الشاهد في شهادته او نقص قبل الحكم

94 رسالة في تفسير قوله تعالى فمن يرد اللّه ان يهديه يشرح صدره للأسلام تعرض فيها لدفع كلام النيشابوري في تفسيره و عليها حواشي منه

95 رسالة في رد ما كتب بعضهم في نفي عصمة الأنبياء عليهم السّلام

96 شرح على حاشية التشكيك من جملة الحواشي القديمة

97 رسالة في رد رسالة الكاشي و لعلها ما الف بعض العامة من علمآء كاشان في رد الاماميه

يمم المترجم الهند ايام السلطان اكبر شاه فاعجبه فضله و لياقته فقلده القضاء و جعله قاضي القضاة و قبله السيد و شرط ان يحكم فيه بمؤدى اجتهاده غير أنه لا يخرج فيه عن المذاهب الأربعة فقبل منه ذلك فكان يقضي و يفتي مطبقا له في كل قضية باحد المذاهب الاربعة غير انه كان مؤدى اجتهاده لأنه لم يك ممن يرى انسداد باب الاجتهاد و كان هو من اعاظم المجتهدين ممن منحوا النظر و ملكة الاستنباط و انما كان يتحرى تطبيق

ص: 181

حكمه باحد المذاهب حذرا من شق العصا في ظروفه الحاضرة فاستقر له الامر و طفق يقضي و يحكم و ينقض و يبرم حتى قضى السلطان تحبه و قام مقامه ابنه جهانگير شاه فسعى الوشاة اليه فى امر المترجم و عدم التزامه باحد المذاهب فردهم بانه شرط ذلك علينا يوم تقلد القضاء و لا يثبت بهذا تشيعه فالتمسوا الحيلة في اثبات تشيعه و اخذ حكم قتله من السلطان و رغبوا واحدا في ان يتلمذ عنده و يظهر امره الخفي فالتزمه مدة حتى وقف على كتابه (مجالس المؤمنين) و اخذه بالالحاح و استنسخه و عرضه على اصحابه و وشوا به الى السلطان فلم يزل القتاتون ينحتون له كل يوم ما يشين سمعته عند السلطان حتى احموا غضبه و اثبتوا عنده استحقاقه الحدّ كذبا و زورا و انه يجب ان يضرب بالسياط كمية معينة ففوض ذلك اليهم فبادر علماء السوء الى ذلك حتى قضى المترجم تحت السياط شهيدا على التشيع في اكبرآباد احدى حواضر القطر الهندي (و قيل) ان زبانية الحقد قتلوه في الطريق اذ جردوه عن ثيابه و جلدوه بجرائد شائكة فتقطعت اعضمائه و تناثرت به اشلاء النبوة و اريقت دمائها فلقي جده النبي الأمين صلّى اللّه عليه و آله مضمخا بدمه و قبره باكبرآباد يزار و يتبرك به و في العصور الأخيرة اعيدت الى عمارة بقعته جدته

و له شعر رائق و يتخلص في شعره (نورى) علي ديدن شعراء الفرس و منه في رد قصيدة السيد حسن الغزنوي بالفارسية

شكر خدا كه نور آلهي است رهبرم *** وز نار شوق اوست فروزنده گوهرم

ص: 182

اندر حسب خلاصۀ معنىّ و صورتم *** و اندر نسب سلالۀ زهرا و حيدرم

داراي دهر سبط رسولم پدر بود *** بانوي شر دختر كسرى است مادرم

هان اى فلك چو اين پدرانم بكي بيار *** ياسر به بندگى نه و از آذري برم

شكر خدا كه چون حسن غزنوي نيم *** يعنى نه عاقد والد و نه ننگ مادرم

با دم زبان بريده چو آن ناخلف اگر *** مدح مخالفان علي بر زبان برم

داند جهان كه او بدروغش گواه ساخت *** در آنكه گفت قرۀ عين پيمبرم

شايسته نيست آنهم ار آن ناخلف كه گفت *** شايسته ميوۀ دل زهرا و حيدرم

فرزند را كه طبع پدر در نهاد نيست *** پاكى ذيل مادر او نيست باورم

«و من شعره»

عشق تو نهاليست كه خاري ثمر اوست من خارى از آن باديه ام كاين شجر است

بر مانده عشق اگر روزه گشايي «كذا» هشدار كه صد گونه بلا ماحضر اوست

وه كاين شب هجران تو بر ما چه دراز است گوئى كه مگر صبح قيامت سحر اوست

فرهادصفت اينهمه جان كندن نورى در كوه ملامت بهواى كمر اوست

و له

اى در سر زلف تو صد فتنه بخواب اندر ***

در عشق تو خواب من نقشى است بآب اندر ***

در شرع محبت زان فضل است تيمم را *** كز دامن پاكان هست گردى بتراب اندر

(المرعشي) نسبة الى (مرعش) في (معجم البلدان) مدينة في الثغور بين الشام و بلاد الروم لها سوران و خندق و في وسطها حصن عليه سور يعرف بالمرواني بناه مروان بن محمد الشهير بمروان الحمار ثم احدث

ص: 183

الرشيد بعده سائر المدينة و بها ربض يعرف بالهارونية (الى ان قال) و بلغني عنها في عصرنا هذا شيء استحسنته فاثبته و ذلك ان السلطان قلج ارسلان بن سلجوقي الرومي كان له طباخ اسمه ابراهيم و كان قد خدمه منذ صباه سنين كثيرة و كان حركا و له منزلة عنده فرآه يوما واقفا بين يديه يرتب السماط و عليه البسة حسنة و وسطه مشدود فقال له يا ابراهيم انت طباخ حتى تصل الى القبر فقال له هذا بيدك ايها السلطان فالتفت الى وزيره و قال له وقع له بمرعش و احضر القاضي و الشهود لأشهدهم على نفسي بأنى قد ملكته اياها و لعقبه بعده ففعل ذلك و ذهب فتسلمها و اقام بها مدة ثم مرض مرضا صعبا فرحل الى حلب ليتدارى فمات بها فصارت الى ولده من بعده فهي في يدهم الى يومنا هذا اه

قد يقال (المرعشي) في النسبة الى البلدة المذكورة الشامية و قد يقال نسبة الى السيد علي الملقب بالمرعش حفيد الامام زين العابدين عليه السّلام و كل من انتسب بهذه النسبة علوىّ شريف و بها يعرف المترجم بالمرعشي و قد يشتبه الحال و لا يعلم ان النسبة الى ايهما، و ابناء هذه الأسرة الكريمة المنتمية الى عليّ المرعش اربع فرق 1 مرعشية مازندران 2 مرعشية تستر 3 مرعشية اصبهان 4 مرعشية قزوين، و منهم السيد شريف والد المترجم كان من اكابر علمائنا له كتب و تآليف ينقل فيها عن تاليفات ولده المترجم الشهيد «قدهما»

و السيد ابو محمد الحسن بن حمزة بن علي المرعش كان من اكابر

ص: 184

علمآء الامامية في القرن الرابع توفي سنة 358 و له كتاب «الغيبة» ... و السيد الحبر الورع محمد بن حمزة الحسيني يروي عن ابي عبد اللّه الحسين بن بابويه اخي شيخنا الأمام الصدوق و يروي عنه الشيخ الجليل ابراهيم بن ابي نصر الجرجاني... و السيد العلامة الخليفة سلطان حسين بن محمد بن محمود الحسيني الأملي الأصبهاني الشهير بسلطان العلمآء توفي سنة 1064 في مازندران و حمل الى النجف له تآليف كثيرة ممتعة... و السيد بدر الدين الحسن بن ابي الرضا عبد اللّه بن الحسين بن علي... و السيد الفقيه مير محمد حسين الشهرستاني الحايري... و السيد رضي الدين ابو عبد اللّه الحسين بن ابي الرضا الحسيني فقيه صالح... و السيد شمس الدين ابو محمد الحسن بن علي الحسيني المعروف بالهمدانيّ نزيل «خوارزم»... و السيد ضياء الدين ابو الرضا فضل بن الحسين بن ابي الرضا عبد اللّه بن الحسين فقيه واعظ صالح... و السيد العلامة منتهى بن الحسين بن علي الحسيني عالم ورع... و السيد عز الدين الحسين بن المنتهى المذكور بن الحسين فقيه صالح... و السيد كمال الدين المرتضى بن المنتهى المذكور عالم مناظر، و خطيب مفوه صاحب شرح كتاب (الذريعة)... و السيد عماد الدين الرضي بن المرتضى المذكور بن المنتهى و منهم السيد ابو الرضا عبد اللّه بن الحسين بن علي الحسينى عالم ورع ذكره صاحب «ايجاز المقال» بالشهادة و لم يذكره بها احد من المترجمين غيره

و السيد تاج الدين المنتهى بن المرتضى المذكور من افاضل العلماء له مناظرات

ص: 185

اصولية جرت بينه و بين الأمام سديد الدين الشيخ محمود الحمصي...

و السيد احمد بن ابي محمد بن المنتهى الحسينى عالم صالح... و السيد رضا بن اميركا الحسيني عالم زاهد تخرج على الفقيه الشيخ اميركا بن اللجيم و العلامة الشيخ عبد الجبار الرازي(1)... و السيد قوام الدين علي بن سيف النبي بن المنتهى من العلمآء الصالحين... و السيد نظام الدين محمد بن سيف النبي بن المنتهى صالح دين... و السيد مجد الدين محمد بن الحسن الحسيني عالم صالح... و السيد احمد بن الحسن الحسيني نزيل الجبل... و السيد جلال الدين محمد بن حيدر بن مرعش الحسيني عالم بارع... و السيد علاء الملك بن عبد القادر الحسيني من علمآء عهد السلطان الشاه طهماسب الصفوي

كل هؤلاء من فطاحل علمآء الشيعة و اعيانهم تجد تراجمهم في الفهرست للشيخ منتجب الدين. و جامع الاقوال. و ايجاز المقال. و امل الآمل.

و اللؤلؤة. و الرياض. و الروضات. و المستدرك. و وفيات الاعلام. و غيرها

(العلامة الامير زين العابدين)

بن نور الدين بن مراد بن علي بن مرتضى الحسيني الكاشي نزيل مكة زادها اللّه شرفا و الشهيد بها من عيون الطائفة و صدورها، و من اعاظم شهدائها و كبرائها، اختصه المولى سبحانه على علمه الوافر، و فقهه

ص: 186


1- هو فقيه الأصحاب بالري الشيخ عبد الجبار بن عبد اللّه بن علي المقري قرأ عليه جمع كثير من علمآء عصره و هو من تلمذة الأمام شيخ الطايفة ابي جعفر الطوسي المتوفى سنة 460 عن خمس و سبعين سنة و قرأ على العلمين الحجتين الشيخ حمزة السلار الديلمي المتوفى في «خسرو شاه» من اعمال «تبريز» سنة 448 او 463 و أبن البراج الشيخ عبد العزيز المتوفى سنة 481

الكامل، و شرفه المديد، و مجده المؤثل، باقامة اكبر شعار للأسلام، و تشييد ارفع بناية يقدسها الدين الحنيفي، ألا و هو تأسيسه البيت الحرام بما سيوافيك بيانه انشاء اللّه تعالى فجاء مكللا بهذه الفضيلة الباهرة، و السودد الظاهر، و شاع بذلك امره و بعد صيته، و لم يزل نور فضله كل حين الى النشور، و اشواطه البعيدة في العلم الى الأمام، و هنالك اقوام ينقمون منه تبرزه ذلك و ولاءه الخالص لآل بيت الوحى صلوات اللّه عليهم فشبت فيهم نار الحقد و احتدمت بواعثه حتى اودي به شهيدا على التشيع في حرم اللّه و امنه و دفن في لحد هيأه لنفسه بالمعلىّ بمقربة من المولى محمد امين الاسترابادي و ميرزا محمد الاسترابادي الرجالي و الشيخ محمد حفيد الشهيد الثاني «قده»

اخذ المترجم علم الحديث عن المولى محمد امين الأسترابادي و يروي عنه و يروي عن المترجم السيد الشهيد محمد مؤمن بن دوست محمد الآتي ذكره و بواسطته يروى عنه العلامة المجلسي «قده» و في (الرياض) و (المستدرك) و (نجوم السماء) و (دار السّلام) تراجم ضافية الذيول للمترجم و هو مذكور فى المعاجم بالشهادة على ولائه الخالص

و اما واقعة البيت التي او عزنا اليها ففي (سلافة العصر) في ترجمة فضل بن عبد اللّه الطبري انه لما كان فجر الاربعاء التاسع عشر من شعبان

ص: 187

سنة تسع و ثلاثين و الف نشأت على مكة و اقطارها شرّفها اللّه تعالى سحابة غريبة مدلهمة فلم تزل كذلك الى وقت الزوال فارعدت و ابرقت و اتت بمطر كافواه القرب و استمرت ساعتين و درجتين ثم امسكت فاقبل السيل و دخل المسجد الحرام و اعتلى على باب الكعبة ذراعين عمليين و ربعا فاهلك الأطفال و النساء و الرجال ثم باتت تمطر الى نصف الليل فلما كان قبل الغروب يوم الخميس العشرين من شعبان سقط من البيت الشريف جانباه الشرقي و الشامي فكان الساقط منها قدر نصفها ثم اعقب هذا السبيل في اهل مكة من الفناء ما اشبه الوباء المصري اه

و في «خلاصة الأثر في اعيان القرن الحادي عشر» في ترجمة السلطان مراد(1) من سلاطين آل عثمان و في زمانه وقع السيل العظيم المشهور بمكة المشرفة فى سنة 1039 و دخل المسجد الحرام و طاف بالبيت و وافق تاريخه (رقى الى قفل بيت اللّه) و بسببه انهدمت الكعبة و عمل الناس في ذلك التواريخ و الأشعار و في سنة اربعين كان بناء البيت الشريف و من التواريخ المنثورة فيه (رفع اللّه قواعد البيت) و كانت هذه الفضيلة مما اختصّ بها السلطان مراد و من تاريخ الفارسي لغيره قوله

بنى الكعبة الغراء عشر ذكرتهم *** و رتبتهم حسب الذي اخبر الثقه

ملائكة الرحمن آدم ابنه *** كذاك خليل اللّه ثم العمالقه

و جرهم يتلوهم قصيّ قريشهم *** كذا ابن زبير ثم حجاج لاحقه49

ص: 188


1- هو السلطان مراده الرابع بن السلطان احمد الاول بن السلطان محمد الثالث تولى الخلافة سنة 1032 لما خلع السلطان مصطفى و توفي سنة 1049

(و ذيل ذلك بعضهم بقوله)

و خاتمهم من آل عثمان بدرهم مراد المعالي اسعد اللّه شارقه

(و بيت آخر)

و من بعدهم من آل عثمان قد بنى مراد حماه اللّه من كل طارقه

و وقع بعد تمام العمارة باربع سنين خال في السطح المكرّم فعرض صاحب مكة و شيخ حرمها ذلك الى وزير مصر فعرض ذلك على السلطان المذكور فورد امره بذلك فعين وزير مصر لهذه الخدمة من كان قائما بها و متعاطيا لها قبل ذلك و هو الأمير رضوان الفقاري و أضاف اليه يوسف المعمار مهندس العمارات السابقة فوصلا في موسم سنة اربع و اربعين فلما كان العشر الاخير من ذى الحجة جعل اجتماع الناس بمصلى الشريف زيد بن محسن و حضر فيه هو و قاضي مكة الشيخ أحمد البكري و قاضي المدينة المولى حنفي و الأمير رضوان و غيرهم من العلماء و الأعيان فقرأ و اسورة الفتح ثم تفرقوا ثم في المحرم سنة خمس و أربعين شرع الأمير في تهيئة الحصى للمسجد ففرشه به ثم لما كان سابع عشر شهر ربيع الأول وصل الى باب الكعبة و فتح السادن بابها فقلعوه و ركبوا عوضه بابا من خشب لم يكن عليه شيء من الحلية و انما عليه ثوب من القطنى الأبيض و في يوم الثلثا تاسع عشر الشهر وزنت الفضة التي كانت على الباب المقلوع فكان مجموع ذلك مائة و اربعة و أربعين رطلا خارجا عن الزرافين فوزنها و ما شابهها مما كان على الباب ثمانية عشر رطلا ثم شرع في تهيئة باب جديد و اتمه و ركب عليه حلية الباب السابق و كتب عليه اسم السلطان صاحب الترجمة ثم جيء به

ص: 189

محمولا على أعناق الفعلة فمشى الناس أمام الباب الى ان وصلوا الى الحطيم و به الشريف جالس فوضع بين يديه فقام الشيخ عمر الرسام و دعا للسلطان و الشريف فالبس الشريف جماعة في ذلك المجلس خلعا منهم عمر المذكور و الأمير رضوان و فاتح الباب و الفعلة ثم ادخلوا فردتي الباب الى داخل الكعبة و دخل الشريف و معه الأمير و جماعة من الأعيان الى الكعبة و صعدوا السطح و اشرفوا عليه ثم انفض الجمع فشرع الأمير بعد انفضاض الناس في تركيب الباب فركبه و تم عند غروب الشمس من يوم العشرين من شهر رمضان ثم في الموسم العام المذكور توجه بالباب القديم الى مصر و استلمه وزير مصر و ارسله الى السلطان اه

و اما كيفية التاسيس لبناء البيت فهي على ما اختصره العلامة النوري في (دار السّلام) نقلا عن رسالة المترجم التي الفها في ذلك و سماها «مفرحة الأنام في تاسيس بيت اللّه الحرام» ان يوم الاربعاء تاسع عشر شهر شعبان سنة الف و تسع و ثلاثين دخل المسجد الحرام سيل عظيم من ابوابه ثم دخل الكعبة و ارتفع فيها بقدر قامة و شبر و اصبعين مضمومتين و مات بمكة المعظمة بسببه أربعة الآف و اثنان انسانا منهم معلم و ثلثون طفلا كانوا في المسجد و في يوم الخميس انهدم تمام طرف عرض البيت الذي فيه الميزاب و من طرف الطول الذي فيه الباب من الركن الشمالي الى الباب و من الطول الذي فيه المستجار نصفه تخمينا فتذاكرت مع الشريف في بناء البيت و ان البناء يكون بمال اهل الحق و مباشرتهم و ينتسب في الظاهر الى سلطان الروم فقبل ذلك ثم خوفه الناس فاعرض

ص: 190

عنه فكنت اتضرع الى اللّه تعالى ان لا يحرمني من تلك السعادة فرأى في تلك الأيام مسكين في المنام انه وضع جنازة الامام ابي عبد اللّه الحسين عليه السّلام في قبال الكعبة و صلى عليه خاتم النبيين صلّى اللّه عليه و آله مع جميع الأنبياء عليهم السّلام و انه ص قال لي خذ التابوت و ادفنه جوف الكعبة فلما قصّ علي عبرته بان الامام لا يدفنه إلا الامام و منصب دفن ابي عبد اللّه عليه السّلام كان للأمام زين العابدين (ع) فهو اشارة الى أن وضع الأساس الذي كان من مناصبه قد حوّل الي فاطمئن قلبي و في اليوم الثلثا ثالث جمادى الآخرى سنة 1040 شرعوا في هدم تتمة البناء و كنت اشتغل مع المشتغلين و من عجيب الطاف اللّه تعالى ان جميعهم من الوكيل و المباشر الذين بعثهما سلطان الروم صاروا مريدين لي بحيث كلما اقلت لهم في امر البيت شيئا لم يتخلفوا عني الى أن هدموا اطرافه إلا الركن الذى فيه الحجر فابقوا حجرا فوقه و حجرا تحته فقلت لهم لا بد من حفظه عن وطي الأقدام فصنعوا من الواح الخشب شيئا لحفظه و في ليلة الاحد الثاني و العشرين من الشهر المذكور استقر الأمر على وضع الأساس في صبيحتها فتضرعت الى اللّه تعالى في تلك الليلة و سالت اللّه تعالى أن يجعلني مؤسس بيته «و ذكر ابياتا في ذلك» و كنت متفكرا في انه مع حضور الشريف و شيخ الحرم و القاضي و الوكيل و علماء مكة و خدام البيت كيف اصنع مع ضعفي و اغتسلت وقت السحر و دخلت المسجد و لما كان بعد صلوة الصبح لم يحضر من الأمر الالهي و اعجاز الأئمة (ع) الا المباشر و بعض العملة فلما رآني المباشر قال يا سيد يا زين العابدين إفرأ

ص: 191

الفاتحة فقرأنها و دعوت بعدها بالدعاء الموسوم بدعاء سريع الأجابة المروي في الكافي اوله اللهم اني أسئلك باسمك العظيم الأعظم الخ و دعوت الحجة عجل اللّه فرجه و اخذت الحجر المبارك للركن الغربي و ناولني محمد حسين الابرقوئي و هو من الصلحاء اول طاس فيه الساروج فطرحته في زاوية الركن الغربي و انشرته و قلت، بسم اللّه الرحمن الرحيم، و وضعت الحجر عليه في موضع اساس ابراهيم عليه السّلام قال و في اليوم التاسع من رجب و صلوا الى الحجر و قد باشرت بنفسي مقدار ثلثة اذرع من جهة الارتفاع من تمام العرض الذي فيه الميزاب و الحمد للّه تعالى و اخذوا الحجر الذى فوق الحجر الاسود ثم اجتهدوا لرفع الحجر فلم يقدروا فكانه كان في نظرهم ثعبانا عظيما و اشتغلت في هذا اليوم بقرائة دعاء السيفي فقرأته سبع و عشرين مرة فشكرا للّه فايسوا منه على حفظه و في الثاني و العشرين منه وضعوا الباب و في ثالث عشر شعبان ادخلنا اعمدة سقف البيت و في الخامس عشر منه دخلت الباب بنفسي و وضعت في باطن جدرانها اربعة من الأحجار حجرا في نفس زاوية الحجر الأسود و حجرا في الحطيم و حجرا في مولد امير المؤمنين عليه السّلام و هو بعيد عن زاوية الحجر الأسود بثلثة اذرع من جهة الركن اليماني تخمينا و حجرا قريب زاوية الركن اليماني و في الثامن عشر من هذا الشهر ادخلنا الواحا بين اعمدة السقف و ركبت مع الاعمدة و يوم السلخ منه ركب ميزاب الرحمة و في ثاني شهر رمضان شرعوا في عمل الرخام في سطح الكعبة و في التاسع منه شرعوا في شغل الرخام في باطن

ص: 192

جدران الكعبة و ارضها و في الأربعاء السابع و العشرين منه تم العمل و في الجمعة آخر الشهر المزبور دخلوا الخلق الكعبة و قلت في تاريخ التأسيس. رفع اللّه قواعد البيت. (قال رحمه اللّه) طول البيت من ركن الحجر و هو الركن العراقي الى الركن الشامي خمسة و عشرون ذراعا و مثله الطول الآخر و هو من الركن الغربي الى اليماني و عرضه من الشامي الى الغربى عشرون ذراعا و عليه الميزاب و عرضه الآخر من اليماني الى العراقي احد و عشرون ذراعا و شبر و سمكه ثلثون ذراعا و سقفه على كمال سبع و عشرين ذراعا على ثلثة اعمدة غلاظ على جدار الطول و على ثلثة اساطين ما بين عرضيها فلها سقف ثان لكن ليس عليه عمل إلا ربط استارها الباطنة و أما الثلثة الباقية من السمك فمقدار ثلثي ذراع منها غلظ السقف و الباقي لربط استارها الظاهرة و غلظها اقل و في خلفها اخشاب فيها حلق تربط بها الأستار و الطول الأول من الداخل و هو الوجه سبعة عشر ذراعا و الثاني و هو الظهر ثمانية عشر ذراعا و العرض الشامي خمسة عشر و العرض اليماني ستة عشر و حكمها الى السقف الأول عشرون و منه الى الثاني اثنان و غلظ جدرانها الأصلية الخالية من الرخام اربعة اشبار و اربعة اصابع مضمومة و في بطن الجدار في كل قامة لوح من خشب عريض متين في خمسة مواضع و طول الباب سبعة اذرع و فيه اربع حلق من فضة و في داخل البيت سلم قريب الركن الشامي مستور بجدار من رخام و له بابان الأول من اسفله الى أوسطه و الاخر من اعلاه الى سطحه و هو درج من عود مستدير كالمنارة و عدده تسع و عشرون «ثم ذكر» أن حجر اسمعيل جدار قصير مستدير كنصف

ص: 193

دايرة مقابل العرض الشامي و ارتفاع جداره ذراعان و نصف و عرضه مثل ذلك و طول سعته من جدار عرض الكعبة الى جدار طرف الحجر المقابل للميزاب ست عشر و نصف و عرض سعته من طرفه الآخر عشرون ذراعا و له فجوتان هما باباه سعة كل واحدة ذراعان و نصف و أما الميزاب فهو قطعة خشب عليه صفايح الفضة المذهب من اوله الى آخره و طوله اربعة اذرع و نصف و عرضه ثلثا ذراع و ارتفاعه مثل ذلك و أما الحجر فطوله في الخارج نصف شبر و عرضه شبر و ارتفاعه في الجدار ثلثة اذرع و طوله الأصلي الذي في داخل الجدار ثلثا ذراع بذراع عمل البنائين و على عرضه الذي في داخل الجدار وثائق ثلاث من فضة في ثلاث مواضع و على طوله الذي فى الجدار دايرة من فضة لحفظ الخدشة التي فيه و على طوله و عرضه في الخارج ايضا دايرة فضة و أما الحطيم فهو ما بين باب الكعبة و الحجر الأسود و هو افضل بقاع الارض و اما المستجار فهو مقابله في ظهر الكعبة من الباب المسدود الى الركن اليماني و أما شاذروانها الأصلي المحيط بها فارتفاعه ثلثا شبر و عرضه نصف ذراع و على ظهره جصّ مسند الى جدارها و ارتفاعها ذراع قد صفت عليه الواح رخام طولها ذراع و نصف و هو محدودب لا يثبت عليه رجل الا عند الباب و الحجر «ثم ذكر» ان في دور المطاف ثلثة و ثلثين اسطوانة من صفر مستديرة كاستدارته سعته مأتا و ثمان عشر ذراعا ثم ذكر كيفية مقام ابراهيم و وضع المسجد و كيفية بنائه و ان طوله اربعمائة ذراع و عرضه مأتان و سبعون ذراعا سوى الزايدتين و ان له تسعة عشر بابا ذو منفذ او منفذين و ثلثة و مجموع

ص: 194

المنافذ تسعة و ثلاثون الخ.

إنّ الكعبة المعظمة انهدمت بعد بناء إبراهيم الخليل عليه السّلام مرارا عديدة ثم بنيت فلا بأس بذكر ما وقع منها بعد ولادة نبينا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على وجه الاجمال.

(الأولى) ما وقع سنة خمس و ثلثين بعد ولادة النبي قبل مبعثه صلّى اللّه عليه و آله يوم ثلّت دعائمها بالسيل و هدّت اركانها و ثلمت قوائمها و كان في جوفها بئر تحرز فيها أموالها و ما يهدى اليها من النذور و القربان فسرق رجل يقال له دويك ما كان فيها او بعضه فقطعت قريش يده و اجتمعوا و تشاوروا و اجمعوا على عمارتها و كانت أمواج البحر رمت بسفينة الى مينا جدة فتحطمت فأخذوا خشبها فاستعانوا به على عمارتها و كان بمكة رجل قبطي نجار فسوّى لهم ذلك و بنوها ثمانية عشر ذراعا في (الكافي)(1) علي بن إبراهيم و غيره بأسانيد مختلفة قالوا انما هدمت قريش الكعبة لأن السيل كان يأتيهم من أعلا مكة فيدخلها فانصدعت و سرق من الكعبة غزال من ذهب رجلاه من جوهر و كان حايطها قصيرا و كان ذلك قبل مبعث النبي (ص) بثلاثين سنة فارادت قريش أن يهدموا الكعبة و يبنوها و يزيدوا في عرضها ثم أشفقوا من ذلك و خافوا إن وضعوا فيها المعاول(2) أن تنزل عليهم عقوبة فقال المغيرة بن المغيرة دعوني أبدأ فإن كان للّه رضا لم يصبني شيء و ان كان غير ذلك كففنا فصعد على الكعبة و حرّك منه حجرا فخرجت عليه حية و انكسفت الشمسل.

ص: 195


1- تأليف ثقة الاسلام أبي جعفر الكليني شيخ الشيعة و عميدها المقدم
2- المعول كمنبر الحديدة ينقر بها الجبال.

فلما رأوا ذلك بكوا و تضرعوا و قالوا اللهم إنّا لا نريد إلاّ الصلاح فغابت عنهم الحية فهدموه و نحوّا جحارته حوله حتى بلغوا القواعد التي وضعها إبراهيم (ع) فلما أرداوا أن يزيدوا في عرضه و حرّكوا القواعد التي وضعها إبراهيم (ع) أصابتهم زلزلة شديدة و ظلمة فكفوا عنه و كان بنيان إبراهيم الطول ثلاثون ذراعا و العرض اثنان و عشرون ذراعا و السمك تسعة أذرع فقالت قريش نزيد في سمكها فبنوها فلما بلغ البناء الى موضع الحجر الأسود تشاجرت قريش في وضعه فقال كلّ قبيلة نحن اولى به نحن نضعه فلما كثر بينهم تراضوا بقضاء من يدخل من باب بني شيبة فطلع رسول اللّه صلى عليه و آله فقالوا هذا الأمين قد جاء فحكموه فبسط رداءه و قال بعضهم كساء طاروني(1) كان له و وضع الحجر فيه ثم قال يأتي من كلّ ربع من قريش رجل فكانوا عتبة بن ربيعة بن عبد شمس و الأسود بن المطلب من بني أسد بن عبد العزّى و أبو حذيفة بن المغيرة من بني مخزوم و قيس بن عديّ من بنى سهم فرفعوه و وضعه النبي صلّى اللّه عليه و آله فى موضعه و قد كان بعث ملك الروم بسفينة فيها سقوف و آلات و خشب و قوم من الفعلة إلى الحبشة لتبنى له هناك بيعة فطرحتها الريح الى ساحل الشريعة فبطحت(2)فبلغ قريشا خبرها فخرجوا الى الساحل فوجدوا ما يصلح للكعبة من خشب و زينة و غير ذلك فابتاعوه و صاروا به الى مكة فوافق ذراع ذلك الخشب البناء ما خلا الحجر فلما بنوه كسوها الوصايد و هي الأردية.

في (الكافى) أيضا باسناده عن ابي عبد اللّه عليه السّلام قالا.

ص: 196


1- الطرن بالضم الخز و الطاروني ضرب منه.
2- أي ألفتها على وجهها.

إن قريشا في الجاهلية هدموا البيت فلما أرادوا بناءه حيل بينه و بينهم و ألقى في روعهم الرعب حتى قال قائل منهم ليأتي كل رجل منكم بأطيب ماله و لا تأتوا بمال اكتسبتموه من قطيعة رحم او حرام ففعلوا فخلىّ بينهم و بين بنائه فبنوه حتى انتهوا الى موضع الحجر الأسود فتشاجروا فيه أيّهم يضع الحجر الأسود في موضعه حتى كاد أن يكون بينهم شرّ فحكموا أول من يدخل من باب المسجد فدخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فلما أتاهم امر بثوب فبسط ثم وضع الحجر فى وسطه ثم اخذت القبايل بجوانب الثوب فرفعوه ثم تناوله (ص) فوضعه فى موضعه فخصه اللّه به.

هذا إجمال القضية الواقعة سنة 2075 بعد بناء إبراهيم الخليل (ع)

(الثانية) ما وقع سنة اثنين و ستين بيد حصين بن نمير في أيام يزيد بن معاوية بعد الأولى ب 82 سنة لما اراد أن يأخذ عبد اللّه بن الزبير حين أظهر الخلاف في مكة على يزيد و بايعه في ذلك جمع من أهل الحرمين و بعض العراقيين فوجّه يزيد حصينا مع جيش لجب الى حربه فحاصروا مكة و وضعوا المنجنيق عليها و رموا الحجارة و النار حتى هدموا المسجد و البيت بالقذائف و أحرقوا الكعبة و استارها بإلقاء النار عليها فوضعت الحرب اوزارها بموت يزيد خلال تلك الأيام في 14 ربيع الاول سنة 62 فتواتر خبر موته حتى بلغ حصينا فكف عن القتال و هرب بعد ما اوقد ناره الى الشام بعد هتك حرمة بيت اللّه الحرام و انقاض دعائم الاسلام و مات حصين بعد ذلك بأحد عشر يوما.

(الثالثة) ما وقع بيد عبد اللّه بن الزبير في أيام خلافته لما سمع

ص: 197

ان قريشا تجاوزوا عند بناء البيت عن بناء الخليل عليه السّلام و من هنا قال النبي صلّى اللّه عليه و آله مخاطبا عايشة لو لا قومك حديثو عهد بالكفر لنقضت الكعبة و رددتها على قواعد ابراهيم و جعلت لها بابا شرقيا و بابا غربيا و حدثته به عايشة و قالت سألت النبي (ص) عن الحجر أمن البيت هو قال نعم قالت قلت فما بالهم لم يدخلوه البيت قال إنّ قومك قصرت بهم النفقة قلت فما شأن بابه مرتفعا قال فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاؤا و يمنعوا من شاؤا و لو لا قومك حديثو عهد للاسلام فاخاف أن تنكر قلوبهم لنظرت أن ادخل الحجر في البيت و أن الزق بابه بالارض فادخل ابن الزبير عشرة مشايخ من الصحابة حتى سمعوا ذلك منها ثم امر بهدم الكعبة فاجتمع اليه الناس و ابوا ذلك فابى إلا هدمها فخرج الناس الى فرسخ خوفا من نزول عذاب و عظم ذلك عليهم و لم يجر الا الخير قال مجاهد فخرجنا الى منى فاقمنا بها ثلاثا ننتظر العذاب و ارتقى ابن الزبير على جدار الكعبة هو بنفسه فهدم البيت فلما رأوا أنه لم يصبه شيء اجترؤا على هدمه و بناها على ما حكت عايشة و تراجع الناس *، * هذا و يستظهر من كلمات بعض العلمآء من الامامية أن عبد اللّه بن الزبير انما هدم من البيت ما كان قد بقي سالما من الصدمة الثانية الحصينية لأجل العمارة و الأصلاح لأستناد انهدامه اليه و الى حربه و لا يخفى أن ما ذكرناه من قول بعض المؤرخين اعني كون بناء قريش على خلاف قواعد ابراهيم الخليل عليه السّلام مناف لصريح ما رواه الشيخ الطوسي و الكليني في الفقيه و الكافي مما ذكرناه و لا شك أن الأعتماد على نقلهما فحسب

ص: 198

(الرابعة) ما وقع بيد الحجاج بن يوسف سنة 73 لما بعثه عبد الملك بن مروان الى اخذ ابن الزبير فخرج في شهر رمضان سنة 73 فالتقى الفريقان في الطائف فانهزم ابن الزبير و هرب الى مكة و تحصن فيها فقصده الحجاج فحاصرها تسعة اشهر فوضع المنجنيق على جبل ابي قبيس و هدم البيت بقذائفه فانكسفت الشمس و اغبر الفضا حتى بدت الكواكب و جرت بهم رياح عاصفة من كل جانب و اخذتهم الصاعقة و مات منهم اثنا عشر نفسا فخاف اصحاب الحجاج و ارادوا الرجوع فحرضهم و شجعهم بأنّ هذه آثار نجومية اتفاقية تكون في الحجاز و في ذلك البين اخذت الصاعقة عدّة من الشاميين ايضا و ماتوا بذلك فاستدل الحجاج بذلك على قوله و ابرم حجته فقويت قلوبهم و قست فباشروا الحرب و ضيقوا على اهل الحرم حتى استولى عليهم القحط و الغلا و ضاقت منهم الصدور و ظهر فيهم الوهن و تفرّق اصحاب ابن الزبير إلى أن دخل الشاميون الى المسجد الحرام و قتلوه يوم الثلثا ثالث عشر جمادى الأولى سنة 73 فلما استولى الحجاج على مكة و فرغ من امر ابن الزبير و بعث رأسه مع رؤس جمع من أعيان دولته الى الشام عزم على عمارة البيت في «الكافي» باسناده عن ابان بن تغلب قال لما هدم الحجاج الكعبة فرق الناس ترابها فلما صاروا الى بنائها فارادوا ان يبنوها خرجت عليهم حية فمنعت الناس البناء حتى هربوا فاتوا الحجاج فاخبروه فخاف ان يكون قد منع بناءها فصعد المنبر ثم انشد الناس فقال انشد اللّه عبدا عنده مما ابتلينا به علم لما اخبرنا به قال فقام اليه شيخ فقال ان يكن

ص: 199

عند احد علم فعند رجل رأيته جآء الى الكعبة فاخذ مقدارها ثم مضى فقال الحجاج من هو قال علي بن الحسين عليهما السّلام فقال معدن ذلك فبعث الى علي بن الحسين (ع) فاتاه فاخبره ما كان من منع اللّه اياه البناء فقال له علي بن الحسين عليهما السّلام يا حجاج عمدت الى بناء ابراهيم و اسماعيل فالقيته في الطريق و انتهبته كانك ترى انه تراث لك اصعد المنبر و انشد الناس ان لا يبقي احد منهم اخذ منه شيئا إلا ردّه قال ففعل فانشد الناس ان لا يبقي منهم احد عنده شىء إلا ردّه قال فردوه فلما رأى جمع التراب اتى علي بن الحسين عليهما السّلام فوضع الأساس و أمرهم أن يحفروا قال فتغيبت عنهم الحية و حفروا حتى انتهوا الى موضع القواعد قال لهم علي بن الحسين (ع) تنحوا فتنحوا فدنا منها فغطاها بثوبه ثم بكي ثم غطاها بالتراب بيد نفسه ثم دعا الفعلة فقال ضعوا بناءكم فوضعوا البنآء فلما ارتفعت حيطانها امر بالتراب فقلب فالقى في جوفه فلذلك صار البيت مرتفعا يصعد اليه بالدراج

(الخامسة) ما وقع سنة 317 بيد القرامطة(1) في «معجم البلدان» و لم يزل هذا الحجر في الجاهلية و الأسلام محترما معظما مكرما يتبركون به و يقبلونه الى أن دخل القرامطة لعنهم اللّه في سنة (317) الى مكةية

ص: 200


1- في تاريخ الخطيب البغدادي ج 5 ص 434 في وجه النسبة انما نسبوا الى القرامطة لأن النبي (ص) رأى عامرا جدهم يمشي فقال انه ليقرمط في مشيته اه و في (ايجاز المقال) قرمط رجل من سواد الكوفة يقال لاتباعه القرامطة اه و قيل غير ذلك من وجوه التسمية

عنوة فنهبوها و قتلوا الحجاج و سلبوا البيت و قلعوا الحجر الأسود و حملوه معهم الى بلادهم بالأحساء من ارض البحرين و بذل لهم بحكم التركي الذي استولى على بغداد في ايام الراضى باللّه الوف دنانير على أن يردّوه فلم يفعلوا حتى توسط الشريف ابو علي عمر(1) بن يحيى العلوي بين الخليفة المطيع للّه في سنة 339 و بينهم حتى اجابوا الى ردّه و جاؤا به الى الكوفة و علقوه على الاسطوانة السابعة(2) من أساطين الجامع ثم حملوه و ردّوه الى موضعه و احتجوا و قالوا اخذناه بامر و رددناه بامر فكانت مدة غيبته اثنين و عشرين سنة و قرأت في بعض الكتب ان رجلا من القرامطة قال لرجل من اهل العلم بالكوفة و قد رآه يتمسح به و هو معلق على الأسطوانة السابعة كما ذكرناه ما يؤمنكم ان نكون غببنا ذلك و جئنا بغيره فقال له إن فيه علامة و هو اننا اذا طرحناه في الماء لا يرسب ثم جاء بماء فالقوه فيه فطفا على وجه الماء اهعة

ص: 201


1- هو الزعيم الكبير عمر بن يحيى القائم بالكوفة بن الحسين النقيب الطاهر بن ابي عاتقة احمد المحدّث الشاعر بن ابي علي عمر بن ابى الحسين يحيى المقتول سنة 250 بن ابى عاتقة الحسين ذي الدمعة بن زيد الشهيد بن الأمام زين العابدين عليه السّلام اختصه اللّه بفضيلة ردّ الحجر الى محله و هو الذي بنى قبة جدّه امير المؤمنين صلّى اللّه عليه من خالص ماله
2- فيه تصديق لما روي عن امير المؤمنين عليه السّلام في مغيباته من التنبؤ بذلك فقد روي ائمة الحديث عن امير المؤمنين (ع) انه قال ذات يوم بالكوفة لا بد ان يسلب الحجر الأسود في هذه السارية و اومى الى السارية السابعة

و في (خلاصة الاثر) في حوادث سنة 317 دخل ابو طاهر بن ابى سعيد القرمطي مكة بعسكره يوم التروية و الناس حول الكعبة ما بين مصلّ و طائف و مشاهد فدخل المسجد الحرام بفرسه و ركض بسيفه و هو سكران و وضع هو و جماعته السيف و قتلوا في المطاف الفا و سبعمائة و رموا بهم في بئر زمزم و قتلوا خارج المسجد اكثر من ثلاثين الفا و ملؤا بهم الآبار و الحفر و نهبوا الديار و سبوا الصغار و اخذوا خزانة الكعبة و ما فيها من القناديل و الكسوة و الباب و قسم ذلك بين اصحابه و طلع على الباب و انشد

انا باللّه و باللّه انا *** يخلق الخلق و افنيهم انا

و لم يسلم إلا من اختفى في الجبال و لم يقف بعرفة ذلك العام إلا قليل و امر بقلع الميزاب فطلع الكعبة رجل فاصيب بسهم من ابي قبيس فخر ميتا و طلع آخر فسقط ميتا فهابوا فقال ابو طاهر اتركوه حتى يأتي صاحبه يعني المهدي الذي يزعم انه منهم و اراد اخذ المقام فلم يظفر لأن سدنته غيبوه في بعض الشعاب و صار بزندقته يقول.

فلو كان هذا البيت للّه ربنا *** لصبّ علينا النار من فوقنا صبّا

لانا حججنا حجة جاهلية *** مجللة لم تبق شرقا و لا غربا

و إنا تركنا بين زمزم و الصفا *** جنائز لا تبغي سوى ربها ربّا

و يقال إن عسكره سبعمائة نفس فلم يطق احد ردّه خذلانا من اللّه تعالى و حمل الحجر الأسود معه يريد ان يحوّل الحج الى بيت بناه في هجر و خطب لعبد اللّه المهدي اوّل الخلفاء العبيديين الفاطميين و كان

ص: 202

اول ظهوره و كتب بذلك الى عبد اللّه فكتب جوابه انّ اعجب العجب ارسالك بكتبك الينا ممتنا بما ارتكبت فى بلد اللّه الأمين من انتهاك حرمة بيت اللّه الحرام الذي لم يزل محترما في الجاهلية و الاسلام و سفكت فيها دمآء المسلمين و فتكت بالحجاج و المعتمرين و تجرأت على بيت اللّه تعالى و قلعت الحجر الأسود الذي هو يمين اللّه في ارضه يصافح به عباده و حملته الى منزلك و رجوت أن اشكرك على ذلك فلعنك اللّه ثم لعنك اللّه و السّلام على من سلم المسلمون من لسانه و يده و قدّم في يومه ما ينجو به في غده، فلما وصل الى القرمطي انحرف على طاعته و بعد عود القرمطي الى هجر رماه اللّه في جسده بداء حتى قطعت اوصاله و تناثر الدود من لحمه و طال عذابه و استمر الحجر عندهم نحو عشرين سنة طمعا أن يتحوّل الحج الى بلدهم و بذل لهم بحكم التركي مدير الخلافة خمسين الف دينار في ردّ الحجر فابوا و كذلك ارسل المنصور بن القائم بن المهدي العبيدي الى احمد بن سعيد اخي طاهر بخمسين الف دينار ليردّه فلم يفعل و لما أيست القرامطة من تحويل الحج الى بلادهم ردّوه و حملوه على جمل هزيل فسمن و لما ذهبوا به الى بلدهم مات تحته اربعون جملا و قالوا اخذناه بامر و رددناه بامر اه

و قد استوفى التاريخ ما كان للقرامطة من سيطرة و تغلب على البلاد من الكوفة و البصرة و البحرين و تقلص عيثهم عنها سنة 372

في (مجمع البحرين) نقلا عن شيخنا البهائي أن ممن قتل بيد القرامطة في مكة علي بن بابويه كان يطوف فما قطع طوافه فضربوه

ص: 203

بالسيف فوقع الى الأرض فانشد

ترى المحبين صرعى في ديارهم(1)*** كفتية الكهف لا يدرون كم لبثوا

لا يتوهم ان هذا القتيل هو علي بن بابويه القمي والد شيخنا الصدوق فانه توفي سنة 329 بعد مضي اثني عشر سنة من وقايع القرامطة بمكة في قم و له هناك قبة معروفة و مزار

(و في سنة 1055) دهم السيل مكة المكرمة في ايام الشريف زيد بن محسن ليلة الأربعاء 17 شوال و خرب دورا و ابنية و دخل المسجد الحرام و علا على عتبة باب الكعبة مقدار ذراع و اتلف ما في قبة الفراشين من المضاعف و الرباع و الكتب و امتلأ المسجد بالتراب و القمامات فتصدى الشريف زيد و نادى على العامة بتنظيف المسجد و حضر بنفسه و ساعد شيخ الحرم الامير مصطفى صاحب جدّة و بذل من ماله مالا جزيلا و استمرّ العمل فيه الى النصف من ذي القعدة فتم تنظيفه من ساير جهاته.

(و فى سنة 1074) في يوم السبت بعد الظهر 7 شعبان حصل مطر شديد و سالت اودية مكة و اخذ السيل جملة من الأبنية و العشش و الدور و زاد الماء في الرفعة و العلوّ و كلما مرّ على حيوان اوعشة حمله و اقتلع ما مرّ عليه من خيمة او مكان و لمّا وصل باب أجياد في السير فغلب سيل أجياد و دخل من ساير الأبواب فامتلأ صحن المسجد و استمرّ المطروا

ص: 204


1- و لهذا الشعر تكملة و هي و اللّه لو حلف العشاق انهم صرعى من الحب او موتى لما حنثوا

نحو ثلاثين درجة و بلغ قفل الكعبة و اتلف ما في خلوة الفراشين و ما في الخلاوي القريبة من المسجد من المصاحف و الكتب و امتلأ المسجد من التراب و القمامات و اتلف اموالا كثيرة في البيوت القريبة من المجرى و خرب دورا كثيرة و غرق فيه ست انفس و تعطل المسجد عن الأذان و الجماعة في خمسة اوقات من الظهر فتقيد الشريف زيد في تنظيف المسجد و حضر بنفسه و نادى على العامة و كذلك صاحب جدّة الأمير سليمان و هو يومئذ شيخ الحرم المكي و عمل العلماء و المدرّسون و الخطباء و الاشراف بايديهم و بذل الشريف و الأمير مالا جزيلا و اعملوا همتهم فتم تنظيفه في سبعة ايام

(السيد العلامة محمد مؤمن)

ابن دوست محمد الحسيني الأسترابادي نزيل مكة الشهيد في حرم اللّه و دارأ منه سنة 1088 هو مجتمع الفضايل، و ملتقى انواع المكارم، لم يدع مأثرة الا و حازها، و لا مفخرا إلا و هو إبن بجدته، فهو على ما فيه من شرف العناصر، و طيب الأواصر، سبوق في حلبة العلم لا يشق غباره، و نيقد لا يعدوه ايّ خفية، عالم علم، و بحر علم خضم، و أما مقامه من التقى و الورع، فلا يكاد يبلغه الوصف مهما ابلغ القائل و ابدع

له رسالة في اثبات الرجعة. و رسالة في علم العروض، يروي عنه بالأجازة الشيخ احمد بن محمد بن يوسف البحراني و العلامة المجلسي، و له اجازة منه و يروي هو عن السيد نور الدين على بن الحسين العاملي الموسوي، و السيد الشهيد زين العابدين الآنف ذكره و هو صهر المولى

ص: 205

محمد امين الأسترابادي المحدّث على كريمته

و استشهد بمكة المكرمة سنة 1088 بعد ما اطلع سدنة البيت بتلويثة بالعذرة من كافر الدّ أو (من بسرّ حسوا في ارتغاء) فشاع الخبر و اخذ مأخذه من الأهمية و بلغ الأستياء من عامة الناس كل مبلغ و حق له ذلك و عقدت النوادي و المجتمعات للمفاوضة في الأمر و تحري الملحد الأكوع الذي جنت يداه الأثيمتان تلكم الجناية الفظيعة و اجتمع خاصة اهل مكة و فيهم الشريف بركات و قاضيها محمد ميرزا فلم يهدهم الأخذ و الرد الى مرتكب لها لكنما (قتل الخراصون) اوحت اليهم بواعثهم ان يقذفوا بها الأمامية من نزلآء مكة و اظهروا الجزم به و تقرر عندهم ان يقتل كل منهم من يصادف أىّ احد من الشيعة بعد انفضاض المجلس فدخل جماعة من الأتراك و بعض اهل مكة المسجد فوجدوا فيه خمسة من القوم منهم السيد المترجم فقتلوهم ثم قتلوا من وجدوا منهم في مناحي مكة و كان شيخنا الحرّ العاملي صاحب (الوسائل) يومذاك بمكة و قد اطلع على هواجس القوم و سوء نياتهم قبل ذلك المجتمع و امر اصحابه بالتزام البيوت حتى تهدأ الفورة و اذا وقعت الواقعة خشي على نفسه و التجأ الى السيد موسى بن سليمان احد اشراف مكة الحسنيين فاخرجه مع بعض رجاله الى اليمن

تجد تفصيل حال المترجم في غير واحد من المعاجم كالرياض.

و الأمل. و خلاصة الأثر. و نجوم السماء. و المستدرك. و الحصون المنيعة. و قصص العلماء. و وفيات الأعلام

ص: 206

و من العجب انه ذكر في (نجوم السماء) بعد هذه الترجمة اسما آخر يوافق المترجم في جميع مشخصاته فذكر انه محمد بن دوست محمد الحسيني الأسترابادي و انه من مشايخ العلاّمة المجلسي و انه يروي عن السيد نور الدين العاملي و انه استشهد في المسجد الحرام كما عرفت كل ذلك و نحن لا نعرف احدا بهذه الخصوصيات سوى المترجم إلا أن يكون له اخ يشاركه في ابيه لكن من البعيد غايته موافقتهما في تمام تلكم المقارنات و قد يعبّر العلاّمة المجلسي في البحار عن المترجم بالسيد محمد

(و والد المترجم) الأمير دوست محمد كان عالما فاضلا جليلا تقلد سدانة المكتبة الرضوية بخراسان على العهد الصفوي و كان يتولاها بعده ذريته غالبا الى عهد صاحب «الرياض» و له كتاب عمل السنة بالفارسية و انتخب منه بعض من تأخر عنه اعمال الأشهر الثالثة

«العلامة الخطيب»

المولى سلطان حسين بن المولى سلطان محمد الواعظ الأسترابادي، عالم فاضل مدره، و خطيب مفوّه، ذكر في (الرياض) انه كان فقيها محدّثا متكلما من تلامذة شيخنا البهائي «قده» و له كتاب تحفة المؤمنين في اصول الدين و العبادات و المواعظ فارسي الفه في حيوة استاده سنة 1027 و هو ابن 32 عاما او 33 و به يظهر ان مولده كان سنة 995 او سنة 994 و استشهد مذبوحا لما نهب انوشه خان بلاد أستراباد في اوليات ايام السلطان شاه سليمان الصفوي سنة 1078 و كان قتله

ص: 207

لعلمه الناجع، و تشيعه الظاهر، و ولائه الخالص، و بيانه الشافي انتهى ملخصا و تفصيل وقايع سبزوار و فجايعها مذكور في (عالم آرا) ص 354

(العالم الحكيم الشيخ حسين)

بن ابراهيم الجيلانى التنكابني في (الرياض) ملخصا، عالم فاضل حكيم من تلامذة المولى صدر الدين محمد الشيرازي و الغالب عليه الحكمة على مذهب الأشراقيين بل كان لا يعرف غيرها و اشتهر ان هذا الشيخ لما سمع أن المولى الفاضل القزويني يكفر الحكماء و من يعتقد عقايدهم ما كان يدخل قزوين و يقول أنا محب المولى و لكن لما كان اعتقاده كذلك أخاف أن يتأذى من دخولي في قزوين فارسل المولى المذكور اليه باني اكفرّ من يفهم كلام الحكماء ثم يعتقد آراءهم و أما انت فلا بأس عليك فكان المترجم يقول قوله هذا في شأني اشدّ علي من تكفيره إياى و بعد ما اتفقت الصحبة بينهما و حصل الاجتماع و استحكمت المحبة التمس من المولى المذكور ان يصلي ركتين هدية له حين ما وصل خبر نعيه ثم سافر الشيخ المترجم الي مكة و اقام بها مدة فرأته العامة ملتزما بالمستجار و مستلما للحجر فبهتوه بما يحمل عنه فضربوه ضربا شديدا حتى اشرف على الهلاك ثم خرج من مكة مريضا خائفا يترقب ميمما للمدينة المشرفة فاتفق موته بذلك الضرب بين الحرمين شهيدا و دفن بالربذة عند قبر ابي ذر رضي اللّه عنه و تعرف الربذة بالمر ابن و لما سمع المولى القزويني خبر شهادته صلى له في الحال الركعتين و اهداهما له، و للمترجم حاشية على

ص: 208

الجمال الخفرية لألهيات شرح التجريد. و رسالة في اثبات حدوث العالم و لكن لا على طريقة الحكماء. و رسالة في تحقيق الوجود على نهج قول استاذه مركبا بين التصوف و الحكمية الاشراقية و المشائية و تعليقات على كتاب الشفا للشيخ الرئيس. و غير ذلك من الرسائل و التعليقات، و ولد المترجم الشيخ ابراهيم كان من روّاد العلم شريكنا في الدرس مات في عصرنا باصبهان اه

(العلامة الشيخ ابو الفضل)

بن الشيخ المبارك بن الشيخ خضر من مشاهير علمآء القارة الهندية ايام جلال الدين محمد اكبر شاه ملك الهند كان أسلافه من روّاد العلم و الكمال و من مشايخ الصوفية و هم فئة يمانية لكن اباه الشيخ خضر هاجر منها الى الهند فحازبها شهرة و منعة و أما ابنه المترجم فقد تمكن بعد تسنم عرش العلم بتحصيله المعقول و المنقول من الحصول على زعامة عامة و مرجعية كبرى و تقدم عند السلطان على جميع من يمتّ به او يتزلف اليه حتى ابناء العائلة الملوكية و الف تفسير آية الكرسي باسمه و (آيين اكبرى)(1) في التاريخ المشهور بفصاحة البيان وجودة السرد و بسط فيه القول على حياته و اخبار سلفه و اليه استند اكثر من

ص: 209


1- و هو يوجد في المكتبة الرضوية بخراسان و قد ذكر فيه تاريخ ملوك الهند من اولاد الأمير تيمور كوركان الذين اوعزنا اليهم في ص (170) الى سلطان عهده جلال الدين محمد اكبر شاه بن همايون شاه و ذكر فيه كثيرا من عادات الهنود و قضايا غريبة تاريخية الف سنة 1004

كتب عنه من ارباب المعاجم و منه يظهر تشيعه و انقطاعه الى اهل بيت الوحى صلّى اللّه عليهم و كذلك ابوه الشيخ المبارك من قبل و على ذلك كان ينافره المتعصبون ممن لم يكونوا على مذهبه لكنه كان يدعو الملك الى جمع الكلمة و توحيد صفوف المسلمين فكان من ذلك لمذهب اهل البيت عليهم السّلام تقدّم ظاهر و قصرت عنه عادية المرجفين و من مؤلفاته كتابه الكبير في اربع مجلدات المطبوع الساير في القارة الهندية المعروف ب (دفتر ابو الفضل) ولد سنة 957 و نشأ نشئة راقية، و حوى علوما جمة على غضاضة من شبيبته و اخذ العلم عن ابيه فكان يؤلّف له مختصرات في العلوم و يلقنها إياه و قد افرغ هو و سعه للتعلم فحسب حتى قال من العلم مقامه الشامخ، و تسنم ذروته المنيعة، و حصل على جاء عريض عند العامة و خصوص الملك بعد أن عاثت في المملكة ايدي الدجالين، و عبث بها سماسرة الأهواء لما خلى لهم الجوّ، على حين أن الملك المذكور تمكن من عرش الملك على غرة منه و ميل مع سكرة الشباب، و بلهنية العيش، فعمل القوم ما شاء لهم الهوى، و حدتهم اليه الشهوات، و بدت الضغاين، و اريقت دماء زكية، و هتكت الحرمات، و شاعت الفتاوى المنكرة، لكن «المترجم» تمكن بحكمته العملية و زلفته الى السلطان من كبح جماح القوم و كلائه النفوس المحترمة و تفريق المفسدين الى بلاد شاسعة و حرية المذهب غير أن المراجل كانت تغلي عليه و القوم يرتطمون في حقدهم و غلوائهم حتى قتله على التشيع (راجه نرسكنه ديو) بامر من (پرنس) جهانگير في غرة ربيع الاول سنة 1011

ص: 210

بين قصبة (انترى) و محل القاتل المذكور خرج عليه مع لفيفه مناجزين له فثبت لهم الشيخ و احتدم النضال حتى استشهد رحمه اللّه بطعن الرمح و قتل معه رفاقه و قطع القاتل رأس الشهيد و أخذه الى (برنس) في (اله باس) فجزع له السلطان غاية الجزع و لطم وجهه و حكم باعدام القاتل و قتل ذويه و هدم دوره و عقاره

لخصناه من (نامۀ دانشوران ج 2 ص 639 الى 662) و في مجلة (الحقايق) الهندية الصادرة سنة 1353 ما ملخص معناه انه الوزير الاعظم في القارة الهدية على عهد السلطان اكبر شاه قد احيى بغزارة فهمه آلافا من الشيعة الهندية و هداهم الى الصراط المستقيم و قد اشتبه امره على جمع و بهتوه بما هو براء منه من التصوف و غيره و يستفاد من تآليفه القيمة أنه كان رجلا دينيا روحيا من الفرقة الناجية الاثنى عشرية و كان ينعقد في ليالي الجمعة بمحضر الملك المذكور نادى المناظرة في المذاهب يجتمع فيه علمؤها و زعماء الملل المختلفة و يقيم كل منهم براهين و ادلة على صحة مذهبه بزعمه و كان لشيخنا المترجم و اخيه الشيخ فيضى قصب السبق في المناظرة و قد كتب المؤرخون جملة من تلك المناظرات و من شدة عمله بالقيه توهم بعض انه ليس بامامي كما صرّح به شمس العلمآء مولانا محمد حسين المعروف ب (آزاد) في كتابه (دربار اكبري) ص 491 و نصّ على انّ ما يرمى به المترجم في مذهبه بعيد عن ساحته و لا يقتضيه غزارة علمه و يدل على صحة مذهبه ما كتبه الى (خانخان) في طريق تعليمه ابنه (ايرج) العلوم الدينية

ص: 211

و دخل (سليم) بن محمد اكبر شاه يوما من الأيام دار الشيخ المترجم على حين غفلة منه فرأى اربعين كاتبا يستنسخون تفاسير القرآن المجيد فشبت فيه نار الغضب و امر بالكتاب و آلات كتابتهم أن تحضر عند الملك و شكي المترجم للسلطان و اخبره بالقضية و اعلمه أنّ الشيخ ابا الفضل يكتم خلاف ما يظهره و يبرز عندنا ما لا يوافق مذهبه و عقيدته، و هذه القضية ايضا مما يدل على صحة مذهبه اه

(و للمترجم) اخوة يعرف بعضهم بالعلم و الفضل و الأدب و هم العلامة الشيخ ابو الفيض المتخلص في شعره ب (فيضي) من مبرزي علمآء الهند و أعيان أعلامها كان له تقدم ظاهر على علمآء عصره و في قرض الشعر و إملاء المعاني البديعة له حظ وافر و ينبثك عن ذلك كله تفسيره الموسوم ب (سواطع الألهام) في عدة مجلدات كبيرة طبع في الهند و مما ابدع فيه انه ما استعمل فيه من أوله الى آخره لفظة معجمة ولد سنة 958 و الشيخ ابو المكارم ولد سنة 976 اطراه اخوه المترجم فى تاريخه بجمعه المعقول و المنقول و الشيخ ابو البركات ولد سنة 970 و الشيخ ابو الخير ولد سنة 967 و الشيخ ابو تراب ولد سنة 988 و الشيخ ابو حامد و الشيخ ابو راشد المولودان سنة 1002

(العلامة الشيخ على)

اشارة

بن محمد بن الحسين بن عبد السّلام بن عبد المطلب بن علي بن عبد الرسول بن جعفر بن عبد ربه بن عبد اللّه بن مرتضى بن صدر الدين بن نور الدين بن صادق بن حجازي بن عبد الواحد بن الميرزا شمس الدين بن الميرزا

ص: 212

حبيب اللّه بن علي بن معصوم بن موسى بن جعفر بن الحسن بن فخر الدين بن عبد السّلام بن الحسين بن نور الدين بن محمد بن علي بن يوسف بن مرتضى بن حجازي بن محمد بن باكير بن الحرّ الرياحي المستشهد أمام الامام الحسين بن علي عليهما السّلام يوم الطف

(آل الحرّ) نبغ من هذه الاسرة الكريمة رجال أشغلوا منصة العلم و التقى ردحا طويلا، هم أعلام هداة، هم للدين و الدنيا، هم للزعامة و الامامة، هم للعلم و التقى، و مؤسس الشرف الباذخ، و المجد المؤثل لهذا البيت الرفيع من قديم الأيام هو شهيد الطف (الحرّ) بن يزيد الرياحي الذي آثر الآخرة على الحيوة الدنيا، و اختار الهدى على الضلال لما رأى نفسه بين الجنة و النار، و اعرض عمن تولى و آثر الحيوة الدنيا

أما المترجم فهو جدّ صاحب «الوسائل» و صهر الشيخ حسن صاحب (المعالم) بن الشهيد الثاني على كريمته فجملة من ابنآء هذه الاسرة أسباط الشهيد الثاني، ذكره حفيده في (الامل) و قال كان عالما فاضلا عابدا كريم الأخلاق جليل القدر عظيم الشان شاعرا اديبا منشيا قرأ على الشيخ حسن (صاحب المعالم) و السيد محمد (صاحب المدارك) و غيرهما أروي عن والدي عنه و له شعر لا يحضرني الآن منه شيء و توفي بالنجف مسموما *، * و أطراه صاحب (الرياض) و (الروضات) و (نجوم السماء) و غيرهم و ذكروه بالشهادة بالسم

و خلف المترجم عدّة اولاد منهم الشيخ حسين أمه كريمة صاحب (المعالم) يروي عن شيخنا البهائي و يروي عنه اخوه الشيخ حسن

ص: 213

والد صاحب (الأمل) و اطراه ابن اخيه المذكور بالفضل و العلم و الفصاحة و الشعر و الصلاح توفي بعد وفاة شيخه البهائي بيسير و هي في سنة 1030

و شقيق الشيخ حسين من كريمة صاحب (المعالم) الشيخ محمد ذكره صاحب (سلافة العصر) و أطراه ابن أخيه في (الأمل) و قال كان فاضلا عالما ماهرا محققا مدققا حافظا جامعا عابدا شاعرا منشيا اديبا ثقة قرأت عليه جملة من الكتب العربية و الفقهية و غيرهما توفي سنة 1081 له رسالة في ذكر ما اتفق له في أسفاره سماها «الرحلة» و له حواش و فوائد كثيرة و له ديوان شعر جيد ما رأيت فيه بيتا رديا الخ و من شعره

تنبه فاوقات الصبا عمر ساعة *** و عما قليل سوف تسلبها قسرا

و ما المرء إلا ضيف طيف لأهله *** يقيم قليلا ثم يغدو لهم ذكرا

و إنّ بني الدنيا و إن طال مكثهم *** بها أو علوا ما فوق هام السهى قدرا

كركب أناخوا مستظلين برهة *** و حثوا المطايا نحو منزلة اخرى

و له

إن كان حبي للوصي و رهطه *** رفضا كما زعم الجهول الخائض

فاللّه و الروح الأمين و أحمد *** و جميع أملاك السمآء روافض

و خلف الشيخ محمد هذا الشيخ حسن قال إبن عمه في (الامل) فاضل صالح فقيه عارف بالعربية قرء على ابيه و غيره اه و للشيخ حسن هذا ولد جليل و هو الشيخ احمد امه اخت صاحب (الوسايل) ذكره خاله في «الأمل» و قال عالم فاضل ماهر محقق عارف بالعقليات و النقليات خصوصا الرياضيات الخ

ص: 214

و ممن خلفه المترجم الشيخ الحسن والد صاحب (الوسايل) ذكره ولده في (الامل) و قال كان عالما فاضلا ماهرا صالحا اديبا فقيها ثقة حافظا عارفا بفنون العربية و الفقه و الادب مرجوعا اليه في الفقه خصوصا المواريث قرأت عليه جملة من الكتب العربية و الفقهية و غيرها توفي في طريق المشهد في خراسان و دفن في المشهد سنة 1062 و كان مولده سنة الف الخ

و خلف الشيخ حسن هذا اربعة أولاد

(الأول) الشيخ زين العابدين قال أخوه في «الأمل» كان فاضلا محققا صالحا اديبا شاعرا منشيا عارفا بالعربية و الفقه و الحديث و الرياضي و ساير الفنون له شرح الرسالة الحجية لشيخنا البهائي سماها المناسك المروية في شرح الاثنى عشرية الحجية. و رسالة في الهيئة سماها متوسط الفتوح بين المتون و الشروح. و رسالة في التقية. و تاريخ بالفارسية. و ديوان شعر يقارب خمسه آلاف بيت توفي بصنعآء بعد رجوعه من الحج سنة 1078

(الثاني) من أولاد الشيخ حسن المذكور الشيخ علي أطراه أخوه في «الأمل» بالفضل و الصلاح و الزهد توفي سنة 1078 في طريق مكة قرأ على ابيه و على اخيه صاحب «الأمل»

(الثالث) الشيخ احمد قال أخوه في «الأمل» فاضل صالح عارف بالتواريخ له كتاب تفسير القرآن. و تاريخ كبير. و تاريخ صغير.

و حاشية المختصر النافع. و كتاب جواهر الكلام في الخصال المحمودة في الانام

ص: 215

(الرابع) صاحب الأمل الشيخ محمد هو مجدد شرف بيته الغابر من أعلام المذهب و زعمآء الشيعة تقلد شيخوخة الأسلام على العهد الصفوي إختصه المولى بتوفيق باهر قلّ من ضاهاه فيه فنشر أحاديث أئمة الدين صلوات اللّه عليهم و أعظم مكرمة له من ذلك كتابه الكبير الرائج الدائر المطبوع اربع طبعات الذي عليه تدور رحى الشريعة عند علمآء الشيعة ألا و هو كتابه «الوسايل» و قد أحسن و أجاد اخوه العلامة الشيخ زين العابدين المذكور حيث قال في تقريظة

هذا كتاب علا في الدين رتبته *** قد قصرّت دونها الأخبار و الكتب

ينير كالشمس في جوّ القلوب هدى *** فتنتحي منه عن أبصارنا الحجب

هذا صراط الهدى ما ضلّ سالكه *** إلى المقامة بل تسمو به الرتب

إن كان ذا الدين حقا فهو متبع *** حقا إلى درجات المنتهى سبب

فكتابه هذا بشهرته و تداوله و غزارة علومه مستغنى عن إطراء أيّ أحد و قد رأيته بخطه و له كتب كثيرة مذكوة في كتابه «أمل الأمل» و غيره و له ديوان شعر رأيته بخطه ولد سنة 1033 و توفي في الحادي و العشرين من شهر رمضان سنة 1104 و يروي هو عن شيخنا العلامة المجلسي و المجلسي عنه و له شعر كثير في النبيّ و الائمة صلوات اللّه عليه و عليهم، و قال صاحب «سلافة العصر» بعد إطرائه و لا يحضرني منه ألان غير قوله ناظما لمعنى الحديث القدسي

فضل الفتى بالبذل و الأحسان *** و الجود خير الوصف للانسان

أو ليس إبراهيم لمّا أصبحت *** أمواله وقفا على الضيفان

ص: 216

حتى إذا افنى اللها أخذ إبنه *** فسخا به للذبح و القربان

ثم ابتغى النمر ود إحراقا له *** فسخا بمهجته على النيران

بالمال جاد و بابنه و بنفسه *** و بقلبه للواحد الديّان

أضحى خليل اللّه جلّ جلاله *** ناهيك فضلا خلة الرحمن

صحّ الحديث به فيالك رتبة *** تعلو باخمصها على التيجان

و هذا الحديث رواه ابو الحسن المسعودي في كتاب (اخبار الزمان) قال إن اللّه تعالى أوحى الى ابراهيم (ع) انك لما سلمت مالك للضيفان و ولدك للقربان و نفسك للنيران و قلبك للرحمن إتّخذناك خليلا

و للمترجم الشهيد شقيقان علمان عالمان و هما الشيخ عبد السّلام بن محمد بن الحسين يروي عنه صاحب (الوسايل) قال فى «الأمل» كان عالما عظيم الشأن جليل القدر زاهدا عابدا ورعا فقيها محدثا ثقة لم يكن له نظير في زمانه في الزهد و العبادة قرأ على أبيه و اخيه الشيخ علي و على الشيخ حسن بن الشهيد الثاني العاملي و على السيد محمد بن ابي الحسن العاملي و غيرهم له رسالة سماها ارشاد المنصف البصير الى طريق الجمع بين اخبار التقصير. و رسالة في المفطرات. و رسالة في الجمعة. و غير ذلك من الرسايل و الفوايد المفردة كان ماهرا في الفقه و العربية قرأت عليه و كان عمري نحو عشر سنين و كان حسن التقرير جدا حافظا للمسائل و النكت كفّ بعصره و هو في سنّ الثماتين فحفظ القرآن في ذلك الوقت ثم عمّر حتى جاوز التسعين و لما توفي رثيته بقصيدة طويلة منها

مضى طود حلم بحر علم لفقده *** تكاد الجبال الراسيات تزعزع

ص: 217

و ذكر جملة منها «ثم قال» و رثيته بقصيدة أخرى و ذكر جملة منها ايضا

و شقيق المترجم الآخر الشيخ محمد بن محمد بن الحسين أطراه صاحب «الأمل» بالعلم و الفضل و التحقيق و التدقيق و المهارة في العلوم العربية و غيرها قرأ على ابيه و على شيخنا البهائي و صاحب «المعالم» و السيد صاحب «المدارك» و له تآليف في فنون متنوعة و له شعر و منه ما كتبه إلى صاحب «المعالم» يطلب كتابا و هو

يا سيدا جاز الورى في العلى *** إذ حازها في عنفوان الشباب

طاب ثناه و ذكا نشره *** إذ طهر العنصر منه و طاب

يسأل هذا العبد من منكم *** و طولكم إرسال ذاك الكتاب

لا زلت محفوظا لنا باقيا *** مرّ الليالي أو يشيب الغراب

(فاجابه صاحب «المعالم» بقوله)

يا من أياديه لها في الورى *** فيض تضاهي فيه و دق السحاب

و يا وحيد الدهر انت الذي *** تكشف عن وجه المعالي النقاب

من ذا يجاريك بنيل العلا *** و قد علا كعبك فوق الرقاب

ها خلك الداعي له مهجة *** فيها لنار الشوق أيّ إلتهاب

ينهى اليك العذر إن لم تكن *** تحوي يداه الآن ذاك الكتاب

لا زلت في ظل ظليل و لا *** أفلح من عاداك يوما و خاب

(و من شعره من قصيدة طويلة)

جفا الكرى من مقلتي الجفون *** و فاض من آماق عيني عيون

ص: 218

و شبت النار باحشاى فاز *** ددت إلى أشجان قلبي شجون

فلم أجد في كل شيء بدا *** من عجب قد أعجب المعجبون

أعجب من قوم باهوائهم *** لمقتضى عقلهم ينقضون

يوّحدون اللّه لكنهم *** باللّه مع توحيدهم مشركون

إذ نزّهوا الشيطان عن كل ما *** كان قبيحا بئس ما يحكمون

و نسبوا كل قبيح الى *** ربّ السموات و لا يستحون

ضلت مساعيهم و هم يحسبون *** انهم في صنعهم يحسنون

إن الزموا الحق أجابوا بما *** اجاب من غيّ به الكافرون

آباؤنا من قبل كانوا كذا *** إنّا على آثارهم مقتدون

(و مدحه شيخه البهائي بقصيدتين و من إحداهما)

فوّلت و قد بلّ الندى شملة لها *** كما بلّ كف الحرّ في الفاقة الندى

كريم اذا ما جئته يوم حاجة *** فلا مانعا يلفى و لا فائلا غبدا

يريك بهآء في ذكاء و عفة *** بها نال أعلى رتبة العزّ مفردا

توحد في حوز المكارم و العلى *** لذا صار نظمي في معاليه أوحدا

ليهنك يابن الحرّ نظم مرصع *** بجوهر لفظ في مديحك نضدا

و لا برحت أزهار فضلك تجتنى *** و لا زلت مفضالا مطاعا مسدّدا

و توفي سنة 980 و رثاه صاحب «المعالم» بما ذكره صاحب «الأمل»

و أما والد المترجم الشيخ محمد بن الحسين فهو من فطاحل علمآئنا تزوّج شيخنا الشهيد الثاني بكريمته و توفيت في حياته قرأ على صهره المذكور و له منه اجازة أطراه صاحب (الأمل) و (الروضات)

ص: 219

و غيرهما قال في (الأمل) كان فاضلا عالما فقيها جليل القدر عظيم المنزلة كان أفضل اهل عصره في الشرعيات الخ

و للمترجم أليوم أحفاد علمآء فضلآء ادبآء

ص: 220

القرن الثانى عشر و شهداء علمائه

(العلامة المدرس ابو الفتح)

السيد نصر اللّه بن الحسين بن علي بن اسمعيل الحسيني الموسوي الحايري(1) المعروف بالسيد الشهيد هو ممن جمع اللّه سبحانه له الحسنيين السعادة بالعلم و التقى، و الشهادة دون ما يحب اللّه و يرضى، كما أنه جامع بين الشرفين علوّ النسب، و الفضل المكتسب، فهو عالم فقيه محدّث أديب شاعر مشارك في علوم قلّ من إطلع عليها أجمع

فى (الأجازة الكبيرة) للسيد عبد اللّه حفيد السيد نعمة اللّه الجزايري، السيد الجليل النبيل المحقق المحدّث نصر اللّه بن الحسين الموسوي الحايري المدرس بالروضة المنورة الحسينية قدس اللّه روحه و كان آية في الفهم و الذكاء و حسن التقرير و فصاحة التعبير شاعرا أديبا له ديوان شعر حسن و له اليد الطولى في التاريخ و المقطعات و كان مرضيا مقبولا عند المخالف

ص: 221


1- ذكر في غير واحد من المعاجم نسبه المتصل إلى الامام موسى بن جعفر عليه السّلام و لوقوع الأشتباه فيه ضربنا عنه صفحا

و المؤلف سافر إلى بلاد العجم مرارا و رزق من أهلها الحظ العظيم و قدم إلى بلادنا سنة اثنين و اربعين بعد المائة و الألف و فيه عساكر خراسان و اتصل بقهرمان العسكر فبجله و عظم أمره و صعد معهم إلى بلاد العراق و خراسان ثم رأيته ببلدة قم أو ان إنصرافي إلى زيارة الرضا عليه السّلام و كان يدرّس بالأستبصار و يجتمع في مدرسه جم غفير و جمع كثير من الطلبة و غيرهم إعجابا منهم لحسن منطقه و كان حريصا على جمع الكتب موفّقا في تحصيلها و حدثني أنه اشترى في أصفهان زيادة على ألف كتاب صفقة واحدة بثمن بخس دراهم معدودة و رأيت عده من الكتب الغريبة ما لم أره عند غيره من جملتها تمام مجلدات بحار الانوار فان الموجود المتداول منها كتاب العقل و العلم. و كتاب التوحيد.

و كتاب العدل. و كتاب المعاد. و كتاب النبوة. و كتاب الأمامه و كتاب الأحتجاج. و كتاب الفتن. و كتاب السماء و العالم. و كتاب الطهارة. و كتاب الصلوة. و كتاب المزار و أما بقية الكتب مثل كتاب الدعاء و القرآن. و كتاب الزي و التجمل. و كتاب العشرة و كتاب الأجازات، و تتمة الفروع فيقال انها بقيت في المسودة لم تخرج الى البياض فسألته عن مأخذها فقال ان الميرزا عبد اللّه بن عيسى الأفندي كان له اختصاص ببعض ورثة المولى المجلسي و هو الذي قد صارت هذه الاجزاء في سهمه عند تقسيم الكتب بينهم فاستعارها منه و نقلها الى البياض بنفسه لأنها كانت مغشوشة جدا لا يقدر كل كاتب على نقلها صحيحا و كان يستتر بها مدّة حياته و من ثم لم تنتسخ

ص: 222

و لم تشتهر ثم لما قسمت كتب الميرزا عبد اللّه بين ورثته و حصل لي إختصاص بالذي وقعت هذه الكتب في سهمه ساومته أولا بالبيع فلم يرض فاستعرتها منه و إستكتبتها و كنت يومئذ لا أملك درهما واحدا فسخر اللّه رجلا من ذوي المروّات بذل المؤنة كلها حتى تمت ثم إن هذه الكتب النفيسة بقيت مخزونة عند ورثة السيد نصر اللّه لا ينتفعون بها و لا باثمانها و أظنها قد تلفت إلى الآن لم يبق منها باقية و لما سار إلى مشهد الرضا عليه السّلام حصلت بينه و بين المولى رفيع الدين الجيلاني المقيم بالمشهد منافرة انتهت إلى الهجر و القطيعة لأسباب لا حاجة إلى ذكرها فرجع السيد الى موطنه و رأيته هناك عام تشرفت بالزيارة و هو سنة ثلاث و خمسين بعد الألف و المائة ثم لما دخل سلطان العجم (يعني نادر شاه) المشاهد المشرفة في النوبة الثانية و تقرّب اليه السيد أرسله بهدايا و تحف الى الكعبة فانى البصرة و مشى الها من طريق نجد و أوصل الهدايا و أنى عليه الأمر بالشخوص سفيرا الى سلطان الروم(1) لمصالح تتعلق بامور الملك و الملة فلما وصل الى قسطنطنية وشى به الى السلطان بفساد المذهب و امور اخر فاحضر و استشهد و قد تجاوز عمره الخمسين رحمة اللّه عليه

و له من المصنفات كتاب الروضات الزاهرات في المعجزات بعد الوفاة ناولني منه مجلدا واحدا. و كتاب سلاسل الذهب المربوطة بقناديل العصمة الشامخة الرتب. و رسالة في تحريم التتن و غير ذلك68

ص: 223


1- هو السلطان محمود الاول بن السلطان مصطفى الثاني ولد سنة 1108 و ملك الخلافة سنة 1143 و توفي سنة 1168

و كان رحمه اللّه كثير التعويل على المنامات يطلب لها وجوه الترجيح و التأييد و سألنى يوما في الروضة المنورة عن النافلة المنذورة هل حكمها في الأمور السبعة عشر التي تفرق فيها الفريضة و النافلة كالفرايض الأصلية أو هي على حكمها السابق إلا أنه يجب الأتيان بها بحسب النذر فبينت له الخلاف و ما حضرني من أدلة الطرفين فقال كل هذا قد علمته و نظرت فيه و لكن أخبرني بالذي تعتقده و تعول عليه فرجحت له الأخير فقال هذا إعتقادي و لكني ممتحن بهذه المسئلة فقلّ اعتمادي على ترجيحي فكان هذا من كرم أخلاقه قدس اللّه روحه اه

و في روض النضر. و الروضات. و المستدرك. و الحصون المنيعة.

و وفيات الأعلام. و غيرها جمل ضافية في الثنآء عليه و ترجمته و في بعضها أن المترجم أرسله نادر شاه الى السلطان محمود سنة 1154 فقتل

و له مشايخ كثيرون يروي بالأجازة عنهم ففي «وفيات الأعلام» رأيت جملة من اجازاتهم منها اجازة المولى ابو الحسن الشريف العاملي له في سنة 1127 و اجازة الشيخ احمد بن اسمعيل الجزائري له سنة 1126 و اجارة المولى محمد حسين بن أبي محمد النعمجي له سنة 1125 و اجازة الشيخ محمد باقر بن العلامة المولى محمد حسين النيسابوري المكي له سنة 1130 و اجازة المولى محمد صالح الهرويّ، و اجازة الشريف احمد بن محمد مهدي الخواتون آبادي له سنة 1144 و اجازة المير محمد حسين بن الأمير محمد صالح الخواتون آبادي له سنة 1145 و اجازة الشيخ عبد اللّه بن علي بن احمد البلادي له سنة 1145 و اجازة الشيخ ياسين بن

ص: 224

صلاح الدين سنة 1145 و إجازة السيد رضي الدين بن محمد بن علي بن حيدر العاملي المكي له سنة 1155 اه و يروي ايضا عن السيد عبد اللّه بن نور الدين بن السيد نعمة اللّه الجزايري و عن الشيخ على بن جعفر بن علي البحرانى، و يروي عنه السيد حسين القزوينى صاحب كتاب معارج الأحكام و السيد عبد اللّه الجزايري و المترجم يروي عنه كما ذكرنا و له ديوان شعر رائق إفتتحه بقوله

بسم الذي علمنا بالقلم *** من علّم الأنسان ما لم يعلم

قال الفقير للغني القادر *** نجل الحسين بن علي الحايري

مدرّس الطف العظيم الجاه *** ألموسوي العبد نصر اللّه

أحمد ربي حمد شاعر بما *** به علينا كل حين أنعما

أبدى لنا كواكب المعاني *** زاهرة من فلك البيان

و الهم البديع من مدايحه *** على الذي لم يحص من منايحه

و نظم الرائق من درّ الحكم *** في سلك شعر العرب ارباب الهمم

و صلّ يا ربّ على من سجعا *** بمدحه طير العلى مرّجعا

طه الذي الباري له قد شكرا *** فما يقول في علاه الشعرا

و آله أسباب فوز المذنب *** أوتاد دين اللّه اهل الأدب

و صحبه من نظموا شمل الندى *** مذ نثروا إحسانهم طول المدى

و بعد فالشعر كروض ناضر *** تقطف منه أنمل البصائر

أطياره محاسن الأوصاف *** و قطره الفكر اللطيف الصافي

يسهل فيه كل ما تعسرا *** و يرفع القدر الذي قد حقرا

ص: 225

و خيره ما بادر الأفكارا * *** معناه قبل اللفظ لا ما غارا

منه يلين كلّ قلب قاسى *** و تنزل العصم من الرواسي

لا سيما إن قيل فى مدح الأولى *** منشي البريات لهم قد بجلا

أعني بهم بيت قصيد الشرفا *** و أهل بيت الوحي أرباب الوفا

و كيف لا نمدحهم طول المدى *** و عنهم حثا لنا قد وردا

من قال فينا بيت شعر قد بنى *** له الإله في الجنان مسكنا

فكم نظمت فيهم قصيدة *** خريدة في حسنها فريدة

تهزأ بالشقيق و المنشور *** و بالصبا و اللؤلؤ المنثور

ليس لها في حسنها نظير *** كانها عصر الصبا النضير

لا سيما ذي النفحة القدسية *** في مدح خير الخلق و البرية

عليه صلّى اللّه طول الدهر *** و آله الأطهار أهل الذكر

و له مخمسا قصيدة الفرزدق(1) في مدح الأمام علي بن الحسين صلوات اللّه عليهما أخذناه من ديوانه المخطوط

هذا الذى ضمن الفرقان مدحته *** هذا الذى ترهب الأساد صولته

هذا الذي تحسد الأمطار منحته *** هذا الذى تعرف البطحآء و طأته

و البيت يعرفه و الحلّ و الحرم ***

ص: 226


1- هو الشاعر الكبير المفلق من مشاهير شعراء الشيعة أبو فراس همام بن غالب التميمي من أصحاب الامام زين العابدين عليه السّلام و قد أطراه اكثر اصحاب المعاجم و شهرته تغنينا عن تفصيل ترجمته و أثبت شعره هذا له مكرمة لا يدرك شروه و ذكرها كثير من أئمة الرجال في كتبهم و نحن نذكر ما في رجال الكشي بحذف السند قال في ص 86 انّ هشام بن عبد الملك حجّ في خلافة عبد الملك و الوليد فطاف بالبيت فاراد أن يستلم الحجر فلم يقدر عليه من الزحام فنصب له منبر فجلس عليه و أطاف به أهل الشام فبينا هو كذلك إذ أقبل علي بن الحسين عليهما السّلام و عليه إزار و رداء من أحسن الناس وجها و أطيبهم رايحة بين عينيه سجادة كانها ركبة عير فجعل يطوف بالبيت فاذا بلغ الى موضع الحجر تنحى الناس عنه حثى يستلمه هيبة له و اجلالا فغاظ ذلك هشاما فقال له رجل من أهل الشام يا هشام من هذا الذي قد هابه الناس هذه الهيبة و أفرجوا له عن الحجر فقال هشام لا أعرفه لئلا يرغب فيه أهل الشام فقال الفرزدق و كان حاضرا لكني أعرفه فقال الشامي من هذا يا أبا فراس فقال * هذا الذى تعرف البطحاء و طأته * (الى آخر الشعر) قال فغضب هشام و أمر بحبس الفرزدق فحبس بعسفان بين مكة و مدينة فبلغ ذلك علي بن الحسين عليهما السّلام فبعث اليه باثنى عشر الف درهم و قال أعذرنا يا أبا فراس فلو كان عندنا اكثر من هذا لوصلناك به فردّها و قال يابن رسول اللّه ما قلت الذى قلت إلا غضبا للّه و لرسوله و ما كنت لارزأ عليه شيئا فردّها عليه و قال بحقي عليك لما قبلتها فقد رأى اللّه مكانك و علم نيتك فقبلها فجعل الفرزدق يهجو هشاما و هو في الحبس الخ

هذا ابن من زينوا الدنيا بفخرهم *** و أوضحوا ديننا في صبح علمهم

و أخصبوا عيشنا في قطر جودهم *** هذا ابن خير عباد اللّه كلهم

هذا التقي النقي الطاهر العلم ***

هذا الذي لم يخب في الدهر قاصده *** هذا الذي لم يكذّب قط حامده

هذا الذي ماونى في الحرب ساعده *** هذا الذي احمد المختار والده

و ابن الوصي الذي في سيفه النقم ***

هذا الذى لم يحاك البحر نايله *** هذا الذى فخم الباري فضائله

و شابه الزهر الزاهي شمايله *** هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله

بجده أنبيآء اللّه قد ختموا ***

هذا الذى حلّ منه في العدى كمد *** هذا الذى للموالي دايما عضد

هذا الذي ما حوى إقدامه أسد *** هذا ابن حيدرة الكرار لا احد

إلا لهذا عليه الفضل و الكرم ***به

ص: 227

هذا الذي إن يصل فاللّه عاضده *** هذا الذى إن يقل فالذكر شاهده

هذا الذى جحد الرحمن جاحده *** هذا «علي» أمين اللّه والده

أمست بنور هداه تهتدى الأمم ***

هذا الذى نثرت درا يراعته *** و حيرّت كل ذى عقل براعته

و من قلاه فلم تربح بضاعته *** هذا الامام الذى ترجى شفاعته

يوم المعاد إذا ما النار تضطرم ***

هذا الذى ذاب منه قلب حسده *** هذا الذي قطّ لم يكذب بموعده

هذا الذي فاض بحر الجود من يده *** ما قال لا قطّ إلا في تشهدّه

لولا التشهد كانت لاؤه نعم ***

هذا الذي فيه سيف الحق قد شهدا *** هذا الذي من نحاه لم يصبه أذالخ

ص: 228

و من يعاديه في النيران قد نبذا *** من يعرف اللّه يعرف اوّلية ذا

فالدين من بيت هذا ناله الأمم ***

كالبدر يزهر و الظلما قد إعتكرت *** كالغصن يهتزّ إذريح الثنا خطرت

كالطود يثبت و الأرماح قد شجرت *** ينمي الى ذروة العزّ التي قصرت

عن نيلها عرب الاسلام و العجم ***

هذا ابن من قطّ لم تحجب فضائلهم *** من ذا يفاخرهم من ذا يساجلهم

هذا ابن من عمّ كل الناس نايلهم *** اذا رأته قريش قال قائلهم

الى مكارم هذا ينتهي الكرم ***

هذا الذي فاقت الأقمار طلعته *** هذا الذي ألسن التنزيل تنعته

من ليس ترقى لخوف اللّه دمعته *** مشتقة من رسول اللّه نبعته

طابت عناصره و الخيم و الشيم ***

هذا الذي فاق قسا في فصاحته *** وفاق حاتم طيّ في سماحته

فهل درى البيت من يمشي بساحته *** يكاد يمسكه عرفان راحته

ركن الحطيم اذا ما جآء يستلم ***

تاهت عقول الورى في حسن سيرته *** حارت عيونهم في حسن صورته

إذ الضلال دجا يوما بظلمته *** ينشقّ نور الهدى من نور غرته

كالشمس ينجاب عن اشراقها الظلم ***

هذا الذى لم يماثل في نجابته *** هذا الذى فاز من يعني بطاعته

إذا أتى نحوه العافي بحاجته *** يغضي حياء و يغضى من مهابته

فلا بكلم الا حين يبتسم ***

ص: 229

في مدحه قول كل الناس متفق *** و في محياه بدر الحسن متسق

و من شذاه أريج المسك منتشق *** في كفه خيزران ريحه عبق

من كف أروع في عرنينه شمم ***

برغم مبغضه الرحمن كمله *** و بالبهآء و بالأنوار جمله

و للعلوم اللدّنيات حمله *** من جدّه دان فضل الأنبيآء له

و فضل أمته دانت له الأمم ***

هذا الذي قدره فوق السماك سما *** هذا الذي لم يزل بالمجد متسما

يمينه لم تزل تهمي لنا كرما *** كلتا يديه غياث عمّ نفعهما

يستو كفان فلا يعروهما عدم ***

مفخم كلّ من في الأرض شاكره *** مكرّم خالق الأكوان ناصره

مهذّب ماله مثل يناظره *** سهل الخليقة لا تخشى بوادره

يزينه خصلتان الخلق و الكرم ***

من معشر عن عظيم الجرم قد صفحوا *** حسّاده قط ما فازوا و لا ربحوا

أتباعه في بحار الجود قد سيحوا *** حمال أثقال أقوام اذا فدحوا

حلو الشمايل تحلو عنده نعم ***

قلوب أهل الولا طرّا أسيرته *** و كيف لا و هو قد طابت سريرته

و شابهت سيرة المختار سيرته *** لا يخلف الوعد مأمون نقيبته

رحب لفنآء أريب حين يعتزم ***

له الفضايل في الدارين قد جمعت *** و من محياه شمس اليمن قد طلعت

و راية الجود في كفيه قد رفعت *** عمّ البرية بالاحسان فانقشعت

ص: 230

عنها العماية و الأملاق و العدم ***

في حسن باطنه مع حسن ظاهره *** قد فاق فهو فريد في مفاخره

ففضله ليس ذو علم بحاصره *** فليس قولك من هذا بضائره

ألعرب تعرف من أنكرت و العجم ***

مبجل من أناس جلّ عبدهم *** لأنه قد سما الأفلاك مجدهم

و شاع في ساير الأفق مدحهم *** من معشر حبهم دين و بغضهم

كفر و قربهم منجى و معتصم ***

السيف و الرمح و الأقلام تخدمه *** و اللّه من كيد من عاداه يعصمه

قد سرّ قلب الصفا و الحجر مقدمه *** لو يعلم البيت من قد جآء يلثمه

لظلّ يلثم منه ماوطا القدم ***

من معشر أوضح الباري محجتهم *** و أحكم اللّه بالقرآن حجتهم

و لم يزل قارنا بالصدق لهجتهم *** إن عدّ أهل التقى كانوا ائمتهم

أو قيل من خبر أهل الأرض قيل هم ***

المؤمنون جميعا تحت رايتهم *** قد أبصروا بصباح من هدايتهم

و قد رعوا في رياض من رعايتهم *** لا يستطيع جواد بعد غايتهم

و لا يدانيهم قوم و إن كرموا ***

أفعالهم بالتقى و الرشد قد وسمت *** همّاتهم قد علت فوق السها وسمت

بين الندا و الوغا أيامهم قسمت *** هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت

و الأسد أسد الشرى و الباس محتدم ***

لا يثمر الرشد إلا غصن هديهم *** لا يطلع السعد إلا أفق مدحهم

ص: 231

لا يذبح الفقر إلا سيف بذلهم *** لا ينقص العسر بسطا من أكفهم

سيان ذلك إن اثروا و إن عدموا ***

قد طرّزوا حلل العليا بفخرهم *** و إنقاد كلّ أخي عزّ لعزهم

قوم إذا طرقت أبوابنا النقم *** يستدفع السوء و البلوى بحبهم

و يستزاد به الأحسان و النعم ***

لم تحو شمس الضحى يوما صباحتهم *** كلا و لا حاز ذو علم رجاحتهم

و لا حوى الغيث هطالا سماحتهم *** بأبى لهم أن يحل الذم ساحتهم

خيم كريم و أيد بالندى هضم ***

علومهم حيرتنا في عجائبها *** أكفهم غمرتنا في سحائبها

أنوارهم بهرتنا في ثواقبها *** بيوتهم من قريش يستضاء بها

في النائبات و عند الحكم إذ حكموا ***

أيام أتباعهم خفض بلا نكد *** و كف أعدائهم كف بلا عضد

و شمس علياهم لم تخف عن أحد *** بدر لهم شاهد و الشعب من أحد

و الخندقان و يوم الفتح إذ صدموا ***

يوم البصيرة كم أرضى مناصلهم *** و يوم صفين كم أروي ذوابلهم

و وقعة النهر كم أصفت مناهلهم *** و خيبر و حنين يشهد ان لهم

و في قريضة يوم صيلم قتم ***

يجري بامر إله الخلق أمرهم *** مسلم عند كل الناس فخرهم

بذكرهم صدع القرآن ذكرهم *** مقدّم بعد ذكر اللّه ذكرهم

في كل بدء و مختوم به الكلم***

ص: 232

و للمترجم تلامذة علمآء ادباء منهم السيد محمد بن امير الحاج شارح قصيدة أبي فراس. و الشيخ علي بن احمد العادلي العاملي. و الشيخ أحمد بن الشيخ حسن النحوي توفي سنة 1173 في الحلة و نقل الى النجف الأشرف و دفن بها و له ديوان شعر رائق و منه تخميسه قصيدة استاده الشهيد المترجم في وصف تذهيب قبة الأمام أمير المؤمنين عليه السّلام مؤرخا فيها عام التذهيب و هي طويلة نذكر منها ما يأتي قال في مطلعها

إلى كم تصول الرزايا جهارا *** و توسعنا في الزمان إنكارا

فيا من على الدهر يبغي إنتصارا *** إذا ضامك الدهر يوما و جارا

فلذ بحمى أمنع الخلق جارا ***

تمسك بحب الصراط السويّ *** أخي الفضل رب الفخار الجليّ

امام الهدى ذى البهآء البهي *** علي العلي و صنو النبيّ

و غيث الولي و غوث الحيارى ***

(و منها)

فيا قبة نورها قد زها *** الى حسنها كل طرف سها

يحفّ بها من صنوف اليها *** أحاطت بها حجرات بها

نقوش بزينتها لا تبارى ***

(و منها)

الى نارها مذعشت مقلتي *** و غبت عن الحسّ في حضرتي

أقول و لم أخل من خجلة *** هي النار نار الكليم التي

عليها الهدى قد تبدّى جهارا ***

ص: 233

ألا يا لهيف لها الآن فاصرخ *** و من عرفها المسك طيبا تضمخ

و طف حولها تعل قدرا و تشمخ *** تبدّى سناها عيانا فارخ

ت أنست من جانب الطور نارا (1155) ***

و من تلامذة السيد المترجم الشهيد السيد حسين بن الأمير رشيد الرضوي نزيل النجف الاشرف كان عالما جليلا أديبا بارعا توفي سنة 1156 رأيت ديوان استاده الشهيد المترجم بخطه الجيد و له ديوان شعر رائق و منه مخمسا ابيات أبي نواس(1) الحسن بن هاني في مدح آل النبيّ صلوات اللّه عليه و آله قوله

آل النبي سما فضلا جنابهم *** اذا انتمى لمعاليه انتسابهم

مكرمون مصونات قبابهم *** مطهرون نقيات ثيابهم

تجري الصلاة عليهم اينما ذكروا ***

للّه كم ليل خطب بت أرهبه *** دعوتهم فانجلى في الحال غيهبه

يا من يروم لهم شبها و يطلبه *** من لم يكن علويا حين تنسبه

فماله في قديم الدهر مفتخر ***لة

ص: 234


1- هو الشاعر المبدع الشهير و في شهرته و نبوغه في الادب العربى لغنى عن اطرائه و أبياته هذه أثبتت له مكرمة أبقت له ذكرى أبدية و قد رواها الامام شيخنا الصدوق باسناده عن محمد بن يحيي الفارسي و هى أنه قال نظر أبو نواس الى ابى الحسن الرضا عليه السّلام ذات يوم و قد خرج من عند المأمون على بغلة له فدنى منه ابو نواس في الدهليز فسلم عليه و قال يابن رسول اللّه قد قلت فيك أبياتا فاحبّ أن تسمعها مني قال هات فانشأ يقول * مطهرون نقيات جيوبهم * «الى آخر الابيات» فقال الرضا عليه السّلام يا حسن بن هاني قد جئتنا بأبيات ما سبقك أحد اليها ثم قال يا غلام هل معك من نفقتنا شيء فقال ثلثمأة دينار فقال اعطها اياه ثم قال لعله إستقلها يا غلام سق اليه البغلة

لنورهم في جنان القدس اسكنه *** رب السما و به للعرش زيّنه

و سبق شأوهم في الذكر بينه *** اللّه لما بدا خلقا و بينه

صفاكم و اصطفاكم أيها الخير ***

فخصّ بالوحي و الفرقان جدّكم *** و في عداد اولي القربى أعدكم

و بالخفيات إلهاما أمدّكم *** فانتم الملأ الأعلى و عندكم

علم الكتاب و ما جاءت به السور ***

قوم أياديهم صوب الغمام حكت *** شموس فضل بنا نهج الهدى سلكت

لفقدهم عمد البيت العتيق بكت *** لا أضحك اللّه سنّ الدهر إن ضحكت

و آل احمد مظلومون قد قهروا ***

حق على اللّه إعزاز إنتصارهم *** و الاخذ للمصطفى الهادي بثارهم

جار العدى فهم بعد إقتدارهم *** مشرّدون نفوا عن عقر دارهم

كانهم قد جنوا ما ليس يغتفر ***

(و قال في مشهد الشمس بجانب الحلة الفيحآء)

أيا مشهدا ردّت به الشمس جهرة لحيدرة حتى قضى الفرض و الندبا

فديناك من ربع جلا الهم و الكربا فانك كنت الشرق للشمس و الغربا

(و قال في مدح أهل البيت عليهم السّلام)

ص: 235

يا آل بيت الوحي إنكم *** أسمى لئلا قدرا و أفضلها

و أدقها علما و أوفرها *** حلما و ازكاها و أكملها

تبت يدا فكر لغيركم *** نظمت عقود المدح أنملها

إن الرسالة فى بيوتكم *** و اللّه أعلم حيث يجعلها

و قال مؤرخا تذهيب القبة الشريفة المرتضوية و المنارتين و صدر الايوان المقدس لدن امر به السلطان نادر شاه

أمطلع الشمس قد راق النواظر أم *** نار الكليم بدت من جانب الطور

أم (قبة) المرتضى الهادي بجانبها *** (منارنا) ذكر تقديس و تكبير

و (صدر أيوان) عزّ راح منشرحا *** صدر الوجود به في حسن تصوير

بشائر السعد أبدت من كتابتها *** آي الهدى ضمن تسطير و تحرير

قد بان تذهيبها عن أمر معتضد *** بالنصر للحق سامي القدر منصور

غوث البرايا (شهنشاه) الزمان على *** (النادر) الملك مغوار المغاوير

أدامه اللّه ذو العرش المجيد لنا *** كهفا و دافع عنه كل محذور

فحين تمت و راقت بهجة و أتت *** على المرام بسعي منه مشكور

ثنى الثنا إبتهاجا عطفه و شدا *** شخص السرور بلحن عنه مأثور

يا طالبا عام إبداء البناء لها *** أرّخ تجلى لكم نور على نور

سنة التاريخ 1155 «و له ايضا مخمسا في مدحهم عليهم السّلام»

بنو المصطفى ينجو الأنام بحبهم *** و تزهو رياض الجود من فيض سحبهم

سنا نورهم قد تمّ من نور ربّهم *** اناس إذا الدنيا دجت أشرقت بهم

و إن أجدبت يوما بهم نزل القطر ***

ص: 236

بهم جملة الاشيآء بان وجودها *** و ضاءت باجياد الكمال عقودها

فلاح شقاها فيهم و سعودها *** مشوا فوق ظهر الأرض فاخضر عوّدها

و حلوا ببطن الأرض فاستوحش الظهر ***

(العلامة شيخ الاسلام)

السيد ميرزا مهدي النسابة الشيرازي، أحد رجالات العلم و الفضل و الحسب، كان طائر الصيت، ظاهر الجلالة، بعيد المدى في مكارم الاخلاق، و قد إختار اللّه له على ذلك كله الفوز بالشهادة، و قتل في غايلة شيراز عند استيلاء الأفاغنة عليها سنة 1135

ذكره في لؤلؤة البحرين. و نجوم السماء عن شذور العقيان.

و تذكرة الشيخ علي الحزين. و أطراه و وصفه بالشهادة صاحب الحصون المنيعة. و وفيات الاعلام

و ولد المترجم السيد ميرزا محمد صفي هو الذي كتب الشيخ الفقيه العلامة محمد بن ماجد البحراني رسالة «الروضة الصفوية» في الصلوات اليومية باسمه كما في اللؤلؤة. و قصص العلمآء، و ممن استشهد في فتنة الافغان سمي المترجم الوزير الجليل الأعظم ميرزا مهدي

(الفقيه الحجة ميرزا ابراهيم)

بن ميرزا غياث الدين محمد الأصفهاني الخوزاني قاضي إصبهان ثم قاضي العسكر النادري

من أعيان الشيعة، و سدنة الشريعة، حمل من العلم عبأ ثقيلا،

ص: 237

فكان (شديدا باعباء الامامة كاهله) اثنى عليه في (تتميم الامل) و أطنب و أبدع و وصفه تلميذه العلامة الأقا باقر الهزارجريبي في اجازته لآية اللّه بحر العلوم بالعالم الفاضل الفقيه الجليل المتفقه النبيل طاب رمسه

يروي المترجم عن شيخ الاسلام الأمير محمد حسين الخاتون آبادي و الفقيه التقي الحاج محمد طاهر بن الحاج مقصود علي الأصفهاني. و الشيخ حسين الماحوزي. و المولى محمد قاسم بن محمد رضا الهزارجريبي. و الشيخ بهاء الدين محمد بن تاج الدين حسن بن محمد الاصفهاني المتوفى سنة 1137 و يروي عن المترجم العلامة الحجة آقا باقر الهزار جريبي. و السيد المدرّس الشهيد السيد نصر اللّه الحايري الآنف ذكره و تاريخ اجازته له سنة 1145 -، - و له كتب و رسايل منها رسالة في تحريم الغنا ردا على رسالة العلامة السيد ماجد البحراني. و رسالة في أن الدراهم و الدنانير مثليان أو قيميان. و رسالة في شرعية تلقين ميت الاطفال و رسالة في تفسير قوله تعالى و إذا قرء القرآن فانصتوا له و استمعوا. و توجد الاخيرتان في المكتبة الرضوية بخراسان

قال صاحب تتميم الأمل. و المستدرك. و نجوم السماء. و الحصون المنيعة. و وفيات الأعلام إنه قتل و أدرك سعادة الشهادة و ما ذكروا تفصيلها «الخوزاني» نسبة إلى (خوزان) بضم أوله و زاء معجمة و نون قرية من نواحي هراة و قرية من مناحي خراسان و موضع من قرى أصبهان و المترجم منسوب إلى الاخير منها و ينسب إليها ايضا احمد بن محمد الخوزاني الشاعر و له

خذ في الشباب من الهوى بنصيب *** إن المشيب اليه غير حبيب

ص: 238

و دع إغبرارك بالخضاب و عاره *** فالشيب أحسن من سواد خضيب

و ما في (نجوم السماء) من أن المترجم خوئي منسوب إلى خوي من أعمال (تبريز) ليس في محله كما و أن ما في (المستدرك) من أنه خوراني نسبة الى خوران بالراء المهملة فاني لم أعرف مكانا بهذا الاسم و ما في (وفيات الأعلام) من أنه حويزي سهو من قلمه

«العالم المتبحر الامير محمد باقر»

الأصبهاني الملقب بملا باشي المعروف بخاتون آبادي بن السيد محمد اسماعيل بن الامير محمد باقر بن السيد اسمعيل بن الأمير عماد الدين محمد بن النقيب الأمير حسين بن جلال الدين بن مرتضى بن الحسن بن الحسين بن شرف الدين بن مجد الدين محمد بن تاج الدين حسن بن شرف الدين حسين بن الأمير الكبير عماد الشرف بن عباد بن محمد بن الأمير حسين القمي بن الأمير عليّ بن عمر الأكبر بن الحسن الأفطس بن علي بن الأمام زين العابدين عليه السّلام

هذا البيت الذي أسس على التقوى بناؤه، من أول البيوت و أولاها بالفضيلة و الشرف، فهو ذبالة المجد النبوي، و ألق من ذيالك الفلق، و قد نبغ فيه أعلام هداة، هم للمجد المؤثل، و الشرف الوضاح، هم للدين و الدنيا، هم المعلم و التقى، هم للزعامة و الأمامة، هم للكرم و الأخلاق ما خبا منهم نجم إلا و نجم آخر و سيوافيك الايعاز اليهم انشاء اللّه تعالى

و المترجم عالم فاضل جليل متبحر في فنون العلم له كتب قيمة منها ترجمة مكارم الأخلاق الى الفارسية تخرّج على والده العلاّمة و المحقق الخراساني(1)

ص: 239


1- هو الفقيه المتكلم المولى محمد باقر بن محمد مؤمن السبزواري صاحب ذخيرة المعاد في شرح الأرشاد توفي سنة 1090 و قبره في خراسان في مدرسة ميرزا جعفر

و كان مدرسا في مدرسة چهارباغ باصبهان و استشهد مسموما سنة 1127 و دفن في تخت فولاد في جوار والده و كان يعرف يومذاك بالشهيد الثالث *، *

أخذنا هذا الأجمال من (منتهى الأمال في تواريخ النبى و الآل)

و أبو المترجم الأمير محمد اسماعيل كان عالما عاملا فاضلا جليلا ماهرا في الفقه و الحديث و التفسير و الكلام و الحكمة مدرّسا في جامع اصبهان توفي سنة 1116 عن 85 سنة

و جدّه الامير محمد باقر عالم ورع تقيّ صاحب مقامات و كرامات

و عمه السيد عبد الحسين بن السيد محمد باقر فقيه محدّث تخرّج على المحقق السبزواري و المولى محمد تقي المجلسي ولد سنة 1037 في خواتون آباد و ابن عمه السيد معصوم بن السيد عبد الحسين بن الأمير محمد باقر بن الأمير اسماعيل بن الأمير عماد الدين محمد فاضل جليل توفى سنة 1156

و له ذرية طيبة علماء أجلاء منهم ولده العالم الورع المحدّث المتبحر في علوم متنوعة الأمير محمد اسمعيل *، * و حفيده السيد العالم الوجيه التقي جامع المعقول و المنقول استاد أفاضل عصره الأمير ابو القاسم المدرّس بن الامير محمد اسمعيل بن الأمير محمد باقر المترجم تخرّج على العلاّمة الحجة بحر العلوم الطباطبائي في الفقه و الأصول و الحديث و تلمّذ عنده استاذه السيد بحر العلوم في الكلام و الحكمة اربع سنين و توفي في اصبهانفر

ص: 240

سنة 1202 و هو ابن 75 سنة و حمل الى النجف الأشرف *، *

و العلامة المحدّث الأمير محمد رضا بن الأمير ابو القاسم المدرّس المذكور بن السيد الأمير محمد اسمعيل توفي في رجب سنة 1238 في أصفهان و حمل الى النجف الأشرف *، * و العلامة الحجة شيخ علماء عصره الأمير محمد صادق بن الأمير محمد رضا المذكور بن الامير ابو القاسم تخرّج في الفقه على المحقق القمي و الشيخ محمد تقي صاحب الحاشية على المعالم و أخذ الكلام و الحكمة عن المولى علي النوري و المولى محراب و المولى اسمعيل الخاجوئي توفي رابع عشر رجب سنة 1270 و هو ابن 63 سنة

(الفقيه المجاهد)

الحاج محمد رضي القزويني الشهيد في فتنة الافغان في حدود سنة 1135 قال القزوينى في (تتميم الامل) ملخصا كان من الفضلاء النبلاء، و العلماء الاجلاء، برع في طريقة المولى خليل القزويني و قرأ حواشيه على العدة كملا و كان مايلا الى الاخبارية مع غوره في الفقه و كان زاهدا واعظا آمرا ناهيا و استشهد في جمع كثير في دفاع الافاغنة في قرية (ديال آباد) من قرى (قزوين) و كان يفتي بوجوب قتالهم و دفاعهم أدركته ولي عشر سنين او احد عشر له شرح الطهارة و الصلوة من الوسايل، و رسالة في حرمة الجمعة، و رسالة التوفيق في أفعال الحج

(العلامة المتكلم السيد محمد)

بن السيد محمد صالح بن الأمير عبد الواسع بن السيد محمد صالح

ص: 241

بن السيد اسمعيل بن السيد عماد الدين محمد بن نقيب النقباء الأمير محمد حسين بن جلال الدين - الى اخر النسب الآنف ذكره في ترجمة ابن عمّ المترجم السيد الشهيد الأمير محمد باقر

تسنم المترجم من العلم قبة راسية، و حلق إلى شأو منه لا يلحق، فله الغارب و السنام من كل فضيلة، إن ذكر العلم فهو سابق حلبته، أو اخبر عن التقى فهو ابن بجدته؛ و هو ثاني الشهيدين من بيته الرفيع و كان يلقب بالشهيد و يعرف به في عصر صاحب الروضات

عدّه السيد الجزايري في إجازته الكبيرة من جملة أعيان العلماء الراشدين و زمرة أوتاد الارض و أعلام الدين (و قال) كان فاضلا محققا متكلما جليل القدر عظيم الشان له مصنفات منها حاشية على شرح اللمعة تعرّض فيها لاكثر ما ذكره المحشون و تباحث مع استاده آقا جمال كثيرا اجتمعت به بنيسابور و جرت بيننا مباحثات و رأيته في غاية التحقيق و الانصاف توفي شهيدا بآذربايجان سنة ثمان و اربعين بعد الألف و المائة رحمة اللّه عليه اه و ترجمه صاحب. الروضات. و الحصون المنيعة. و وفيات الأعلام، و ذكروه بالشهادة

و أبو المترجم السيد الأمير محمد صالح عالم جليل صهر العلاّمة المجلسي على كريمته و المجاز منه له كتب منها حدايق المقربين. و الذريعة. و شرح الفقيه و الاستبصار توفي سنة 1116 *، * و جدّه الأمير عبد الواسع كان عالما متبحرا في فنون العلم ورعا توفي سنة 1109 في اصبهان و دفن في مقبرة بابا ركن الدين ثم بعد سنين حمل الى النجف الاشرف

ص: 242

و أخوه الامير محمد حسين عالم فقيه محدّث مفسر ورع توفي سنة 1151 له تآليف ممتعة

***

و من علمآء هذه الأسرة الكريمة العالم الجليل إمام الجمعة في اصبهان السيد محمد مهدي بن السيد الأمير محمد حسين المذكور اخي المترجم

و الفقيه التقي ميرزا ابو القاسم بن السيد محمد مهدي المذكور بن الأمير محمد حسين *، * و السيد العلامة استاذ آية اللّه بحر العلوم الطباطبائي الأمير عبد الباقي بن الأمير محمد حسين المذكور توفى سنة 1211 *، * و السيد الجليل الأمير محمد مهدي المتوفى سنة 1254، و العالم الجليل سلطان العلمآء الحاج الأمير محمد حسين بن الأمير عبد الباقي المذكور توفي سنة 1233 *، * و السيد العالم الأمير محمد إمام الجمعة في أصفهان توفي سنة 1291 *، * و الفقيه المتبحر الأمير محمد حسين المتوفى سنة 1297 *، * و الفقيه المحدّث الأمير محمد علي بن ميرزا جعفر بن الأمير محمد بن الأمير عبد الباقي بن الأمير محمد حسين المذكورين توفي سنة 1300 و دفن في جوار المجلسيين باصبهان *، * و العالم الفاضل الأمير محمد بن الحاج ميرزا حسن والد العلامة الحاج ميرزا هاشم المتوفى سنة 1321

***

«الشيخ الفقيه على»

بن سودون أحد نياقد العلم، و صيارفة الكلام، معدود من فقهائنا الأعلام، في (أمل الآمل) كان فقيها فاضلا صالحا زاهدا عارفا بالعربية من المعاصرين كان معنا في الحجة الأولى سنة الف و مائة و سبع

ص: 243

و خمسين و قتل بعدها بسنتين شهيدا اه

يوجد ذكر هذا الشيخ في غير واحد من كتب الأصحاب موصوفا بالسعادة و الشهادة و فضايل جسيمة و نعوت كريمة

(العلامة المولى على أكبر)

الطالقاني عدّه السيد الجزايري في إجازته الكبيرة من أفراد أعيان العلمآء الراشدين و من أوتاد الأرض و أعلام الدين «فقال» كان فاضلا مدققا في غاية الذكآء و الفراسة و سرعة الانتقال من المبادي الى الغايات و إستقامة السليقة إلا أنه كان ممتحنا بمعاشرة السلطان و مرافقته سفرا و حضرا و كانت اكثر أوقاته ضايعة لا يتفرغ فيها للمطالعة و الاشتغال رأيته أولا بالمشهد الرضوي ثم قدم إلينا سنة ست و اربعين (بعد الالف و المائة) و تجاريت معه في البحث فرأيته جوادا سباقا ثم إجتمعت معه في قزوين و في آذربيجان بالمعسكر مرتين و حضرت مجلس درسه أياما مع مولانا شيخ محمد و جماعة من علماء الاطراف و كان حسن الاخلاق منصفا مهتما بحوائج المؤمنين و له ميل إلى التصوّف و إلى ما ذهب اليه صاحب المفاتيح في مسئلة الغنا و وقع بينه و بين آقا حسين(1) بن آقا ابراهيم المتقدم ذكره و هو شيخ الاسلام في المعسكر مناظرة فى ذلك و إنقطع الكلام بينهما أخيرا على تحكيم ثالث يرضيان به فوقع رضاهما عليّ فستلاني عن ذلك في أثناء المسير و نحن خارجون من سور قزوين متوجهين إلى آذربيجان و إشترط كل منهما على الآخر أن لا يتكلم بحرف

ص: 244


1- هو من شهداء علمائنا في القرن الثاني عشر و سيوافيك ذكره

واحد حتى ينتهى الجواب و كان معنا قاضي العسكر الميرزا حسين(1)بن الميرزا عبد الكريم الشيرازي الأصبهاني فنقلت لهم ما كان يحضرني في الحال من أدلة الطرفين ما قيل أو يمكن أن يقال في وجوه دلالتها إلى أن إنقطع الطريق و نزلنا في المنزل و كل عنهما يقول غفر اللّه لك نصرت مذهبي و نبهتنى على حجج و وجوه من التوجيه و التأويل كنت ذاهلا عنها إلى أن وقع الحكم أخيرا على المولى علي اكبر و سلم ذلك لحسن انصافه و كان لتقربه من السلطان محسودا من بعض الحواشي فقتلوه يوم قتل السلطان بخراسان سنة ستين بعد الالف و المائة رحمة اللّه عليه اه ذكره غير واحد من اصحاب المعاجم بالاطراه و الشهادة

(الطالقاني) نسبة الى طالقان و هو اسم لبلدتين إحداهما بخراسان بين مروروذ و بلخ بينها و بين مروروذ ثلاث مراحل و الاخرى كورة بين قزوين و أبهر و بها عدة قرى يقع عليها هذا الاسم و اليها ينسب أبو القاسم الصاحب بن عباد المعروف المتوفى سنة 385 و المترجم من طالقان خراسان لا طالقان قزوين

(السيد العلامة ميرزا هاشم)

الهمداني المتخلص ب (إحيا) فى نجوم السماء عن (تذكرة) الشيخ علي الحزين ما ملخصه، المؤيد بالفيض الرباني ميرزا هاشم الهمداني كان فاضلا عالما بكل فن فصيحا عذب البيان ذا فكر صحيح و حذق بارعا في العلوم العقلية و النقلية جامعا للنكات فى كل علم ممتازا فى سرعة الفهم

ص: 245


1- هو من الاعلام المستشهدين فى القرن الثاني عشر و سياتيك ذكره

و قوة الحاضرة مولده في همدان و أخذ العلم في أصبهان سنين مجدا مجتهدا و إرتقى ذروة الكمال و برع في علم الطب كانت بينى و بينه موة خالصة و قفل إلى همدان بعد تكميله القرائة و الأخذ و إشتغل بالافادة إلى أن إستولت عساكر الروم على تلك الديار و قتلوا أهلها قتلا عاما أواخر سنة مائة و ست و ثلاثين بعد الألف و استشهد المترجم بين تلكم الغوائل اه

و في ج 9 من (الحصون المنيعة) كان عالما حكيما رياضيا كاملا في الحكمة الطبية و الرياضية توطن في اصبهان مدة عشر سنين و اشتغل بتحصيل العلوم العقلية و النقلية حتى بلغ فيها درجة الكمال سافر الى المشهد المقدّس الرضوي و عاشر علماء ذلك المحل الشريف و استفاد منهم و بعد تكميله للمعقول و المنقول رجع الى وطنه الأصلي همدان ففوّض اليه بالأستحقاق تدريس مدرسة همدان ثم في زمن اختلال الدولة الصفوية استشهد هو و جماعة معه اه و هو مذكور في غير واحد من المعاجم بالاطراء و الشهادة

«العالم الخطيب الحاج زكى»

بن ابراهيم الكرمانشاهي عدّه السيد الجزايري في اجازته الكبيرة من أعيان العلمآء الراشدين و من أوتاد الأرض و أعلام الدين «فقال» كان عالما جامعا زكيا كثير الكد و الاشتغال واعظا أديبا إمام الجمعة و شيخ الاسلام في بلاده الى أن تعرّف الى السلطان فاستصحبه و جعله قاضي العسكر و كان قد اتصلت اليه نسخة من الجبلية(1) الأولى

ص: 246


1- هي رسالة لصاحب الاجازة المترجم بالكسر في أجوبة المسائل الجبلية و هي سبعون مسئلة من المسائل العقلية و النقلية و السائل هو المولى الأجل السيد علي النهاوندي البروجردي و هذه الرسالة تقابل الرسالة الجبلية الثانية له ايضا و هي ثلثون مسئلة متفرقة سألها السيد علي المذكور

من بروجرد فجد في طلب اخوانها و إستنسخها جميعا و اجتمعت معه بالمعسكر بآذربيجان و هي معه فكنا نتفاوض فيها و في ترجمة الكتب الأربعة و كانت نسختها مخزونة في خزانة السلطان و إستأذن القاضي لمطالعتها فأذن له في ذلك و كان يراودني في بعض نكاتها و مواقع اشتباهها توفي مقتولا سنة تسع و خمسين بعد الألف و المائة رحمة اللّه عليه اه

و في تتميم «امل الأمل» للشيخ عبد النبى القزويني ما ملخصه، انه من فحول الرجال البالغين حدّ الكمال في العلم و الفضل و الجلال، تعلم فصار عالما جليلا، و تفقه فصار فقيها نبيها، و تكلم فصار متكلما نبيلا، و زكى نفسه فصار مقتنيا خلقا جميلا، و أطاع أوامر اللّه فرايضها و سننها فصار عابدا جزيلا، و انتهى بنواهيه محرماتها و مكروهاتها فصار عفيفا، تاركا ما يوجب عقابا وبيلا كان أبواه من أهل السنة ففرّ منهما و هو في سابع أعوامه الى همدان و إلتجأ بحاكمها اسمعيل خان فرّباه الحاكم و سلمه الى المعلم فاشتغل حتى برع و اشتهر و علا أمره حتى ولي الحكومة الشرعية و صار شيخ الأسلام في (قرميسين) و كان حسن الوعظ اهتدى به خلق كثير لما في عظته من التأثير و سجع خاتمه (الموفّق للدين القويم محمد زكي بن ابراهيم) ثم طلبه النادر و جعله قاضي عسكره فسعى عليه المولى علي مدد الملقب بالأمام افندي فقتله النادر بسعايته رحمه اللّه و حشره

ص: 247

مع الشهداء وصلت الى خدمته مكررا و جالسته و حاورته الخ

(العلامة المولى محمد على)

بن محمد أمين السكاكي الشيرازي كان سمير العلم، و أليف الفضيلة، عالما فقيها، جامعا مدرّسا متهالكا في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر؛ و قد أغرق نزعا في التهذيب و الأرشاد و الدعاء الى ما فيه نجاح البشر و تسليكهم سبل السّلام **

تخرّج على الشيخ الجليل شاه محمد الشيرازي(1) شارح الصحيفة و الفاضل المولى مسيحا(2) الفسوي و له شعر جيد يتخلص فيه بالشكيب استشهد في غايلة شيراز حين إستيلاء الافاغنة على تلك الديار سنة 1135 في حدود ستين من عمره و دفن في داره *، * و ذكر في نجوم السماء و غيره من المعاجم بالأطراء و الشهادة

لا يخفى أن المولى محمّد السكاكي المترجم في إفادات بعض الفضلاء هو عين المترجم و انما حذف فيما هنالك الجزء الأخير من اسمه المركب يشهد لذلك اتحاد المترجمين في الأب و المشايخ و الشهادة و في غاية البعد الأتفاق فيها مع التعدّد ***

(العلامة آقا محمد مهدي)

بن المولى محمد هادي بن المولى صالح بن أحمد المازندراني، هو

ص: 248


1- هو المولى شاه محمد بن محمد الأصطهباناتي الشيرازي المتخلص بعارف عمّر مأة و ثلثين سنة
2- هو العلامة الحجة المولى محمد مسيح بن اسمعيل الفسائي المعروف بملا مسيحا

جمانة تسميط اسرته الكريمة، و بيت قصييدها، و عماد أخبيتها، رجل الفضيلة، و مثال العلم و العمل، من أعيان حملة الحديث، هو صهر عمه آقا نور الدين بن المولى صالح على كريمته يروي عنه العلامة الحجة الشيخ محمد بن محمد زمان الكاشاني و أثنى عليه في اجازته للعلامة آقا محمد باقر الهزار جريبي فقال و ما قرأته على شيخنا المدقق الفائق على الحاضر و البادي مولانا محمد مهدي بن محمد هادي المازندراني، و أطراه صاحب (نجوم السماء) و له كتاب (وسيلة السعادة) في ترجمة مهج الدعوات لابن طاوس فرغ منه سنة 1123 و حاشية على شرح مختصر الأصول للعضدي، و استشهد في عشر الأربعين بعد الالف و المئة تولى قتله ذنابى أفاغنة قندهار عند استيلائهم على أصبهان **

و أما بيته فمن أرفع البيوت العلمية، و رجالاته من حملة العلم، و وعاة الحديث، و ناشري ألوية الفضل في الدهر

إنّ الذي سمك السمآء بنى له *** بيتا دعائمه أعزّ و أطول

و المترجم من أغصان ذلك الدوح المبارك، و لمع من ألقه، او نفح من عبقه، معمّ مخول، و اليك البيان، ابو المترجم المولى محمد هادي كان فاضلا علامة جليلا محدّثا صاحب تصانيف منها شرح القواعد. و شروح على فروع الكافي. و ترجمة معالم الأصول. و حاشية على تفسير البيضاوي و شرح على الحاشية بالفارسي. و كتاب أنوار البلاغة في المعاني و البيان هو سبط المحدّث العلاّمة التقي المجلسي من كريمته الفاضلة الفقيهة الصالحة التي

ص: 249

هي أكبر اخوات العلامة المجلسي الثاني و له منها اخوة أربعة أجلاء هم أعمام المترجم و هم العالم المولى حسن عليّ و المولى عبد الباقي(1) و المولى محمد حسين و المولى محمد سعيد المتخلص بالأشرف كان سعيدا بالفضل و الفهم فاضلا جليلا شاعرا أديبا بليغا و من شعره على نقل العلامة الحجة النراقي(2) في (الخزاين)

قربان آن غارتگرم *** كو دل نه تنها ميبرد

تاراج جان هم ميكند *** دين هم بيغما ميبرد

آرى طبيب عشق او *** دارد دواي بو العجب

أسوده را غم ميدهد *** صبر از شكيبا ميبرد

نبود به كيش عاشقان *** إخوان يوسف را گنه

آسايش يعقوب را *** شوق زليخا ميبرد

دين و دل و هر چيز را *** آن ترك غارتگر برد

مانده است ما را نيم جان *** آن نيز گويا ميبرد

صدق محبت ميكند *** در چشم مجنون توتيا

هر خاك كان باد صبا *** از كوى ليلى ميبرد45

ص: 250


1- و خلف المولى عبد الباقي هذا المولى محمد صالح كان من أفاضل دهره له كتاب في الأخلاق ذكره صاحب (نجوم السماء)
2- هو الفقيه الاكبر جامع المعقول و المنقول الحاج المولى احمد بن الحاج المولى مهدى يروي عن ابيه الفقيه و استاذه آيتي اللّه بحر العلوم و صاحب كشف الغطاء و العلامة ميرزا مهدي الشهرستاني ولد سنة 1185 و توفى سنة 1245

با انكه تيغ جور آن *** در جسم من زد چاكها

آلوده گشته خنجرش *** ما را بدعوى ميبرد

شوق جمال دلكشت *** حاجي ره گم كرده را

گاهي بيثرب ميكشد *** گاهي به بطحا ميبرد

اي شيخ اين آلوده را *** در سلك پاكان جا مده

كاين رندي من عاقبت *** ناموس تقوى ميبرد

زحمت كشيدن خوش بود *** ليك از براى يار خود

بى عاقبت باشد كه رنج *** از بهر دنيا ميبرد

فارغ دلانرا آورد *** عشرت پرستي سوى شهر

ديوانۀ عشق تو را *** غم سوى صحرا ميبرد

بپذير عذرم چون كنم *** بى طاقتيها در غمت

گر كوه باشد جان من *** اين حسنش از جا ميبرد

اى هوشمندان بر رخش *** آهسته مي بايد نظر

كاين عشوهاى جانستان *** دل بى محابا ميبرد

فرهاد بعد از بى ستون *** زد تيشه بر سر صبر بين

(أشرف) هنوز از بهر آن *** شرمندگيها ميبرد

توفي رحمه اللّه سنة 1116 في بلدة مونگير من توابع عظيم آباد و خلف ولدين جليلين احدهما المولى محمد امين فقيه محقق له شرح مبسوط على تهذيب المولى سعد الدين التفتازاني. و رسالة فى الامامة، و الآخر المولى محمد علي المتخلص ب (دانا) كان فاضلا شاعرا اديبا يحذو حذو

ص: 251

أبيه توفى في مرشدآباد

و جدّ المترجم المولى حسام الدين محمد صالح من مشاهير العلماء و حملة الحديث و هو صهر الشيخ المحدّث العلامة المولى التقي المجلسي له تصانيف كثيرة منها شرح اصول الكافي الدائر السائر. و شرح زبدة الأصول.

و شرح المعالم. و شرح من لا يحضره الفقيه. و حاشية على شرح اللمعة.

توفي سنة 1081 و كتب على لوح مرقده (صالح دين محمد شده فوت) و رجالات هذا البيت مدفونون في اصفهان تجد تراجم المذكورين منهم و غيرهم في (الفيض القدسي) للعلامة النوري

(العالم الفاضل اقا حسين)

بن آقا إبراهيم الخاتون آبادى المشهدي عدّه السيد الجزائري في إجازته الكبيرة من افراد العلماء الراشدين، و من أوتاد الأرض، و أعلام الدين، و أثنى عليه بالعلم و الذكاء (ثم قال) له رسالة في معنى اللطف. رسالة في تحريم الجمعة و ما أصاب فيها على معتقد السيد الجزايري توفي مقتولا فايزا بالشهادة في عشر الستين بعد الالف و المائة، و في تتميم الأمل للقزوينى ملخصا كان ذا فضل باذخ، و علم شامخ، متفننا في العلوم مع ذهن وقاد، و فهم نقاد، و كان شيخ الاسلام في العسكر النادري و عينه لاختبار القضاة فورد تبريز فلقيته و اكثر محاوراته كان في البحث العلمى و اراد النادر قتله لتركه الأكل من مائدته في إناء الذهب و كان يفرغ منه الطعام على الخبز و يأكله و توفي سنة 1159 و حمل الى المشهد الرضوي المقدّس *، * و والد المترجم من فطاحل علمائنا فى «التتميم»

ص: 252

ملخصا أنه كان من مشاهير العلماء في زماننا معروفا بالحكمة و الكلام و الفقه له كتاب في المسائل الحكمية و الكلامية توفي سنة 1148

(الفقيه الصالح الشيخ محمد)

بن يوسف بن علي بن كنبار الضميري النعيمي البلادي مولدا و منشا و مسكنا قال صاحب (لؤلؤة البحرين) كان هذا الشيخ فقيها عابدا صالحا ملازما لمصباح الشيخ و العمل بما فيه و له ديوان شعر حسن في مراثي أهل البيت عليهم السّلام. و له مقتل الحسين عليه السّلام و شعره بليغ نفيس توفي في بلدة القطيف فانه بعد ان كان فيها مضى الى البحرين و هى في أيدي الخوارج لضيق المعيشة في بلدة القطيف فاتفق وقوع فتنة بين الخوارج و عسكر العجم و قتل جميع العجم و جرح هذا الشيخ جروحا فاحشة و نقل الى القطيف فبقى أياما قليلة و توفي إلى رحمة اللّه و دفن في مقبرة الحناكة و ذلك في شهر ذي القعدة سنة الثلثين بعد المائة و الألف اه

و في انوار البدرين(1) وصفه بالعالم الزاهد العابد التقي و نقل عن المحدّث الصالح الشيخ عبد اللّه السماهيجي أن المترجم فقيه فاضل إمام للجماعة معتبر صالح ساع في حوائج اخوانه شديد الأنكار على الفاسقين و قد خدم كثيرا في العلوم و قرأ اكثر الفنون و تلمذ على الشيخ الفقيه الشيخ محمد بن ماجد بن مسعود حتى مات ثم لازم شيخنا حتى مات و له ديوان شعر في مراثي الحسين عليه السّلام الخ و في (فيض القدسي) ما ملخصه انه الشيخ الفقيه العابد الصالح الشاعر استشهد بايدي الخوارج في البحرين

ص: 253


1- تاليف العلامة الشيخ على بن الشيخ حسن بن علي بن سليمان البحراني

سنة 1031 *، * يروي «قدّه» عن الشيخ محمد بن ماجد البحرانى، و الشيخ سليمان بن يوسف بن عبد اللّه، و يروي عنه الشيخ عبد اللّه بن صالح بن جمعة السماهيجي

«العلامة السعيد المولى على»

بن محمد حسين الزنجاني، من أجلاء حملة العلم و الفضيلة، له خبرة بالكلام و الحديث و الفقه و الرجال، تخرّج على السيد قوام الدين(1) القزوينى و المولى خليل بن غازي(2) القزويني شارح الكافي فآب الى زنجان مروجا و ناشرا للاحكام، مبرزا باعلاء كلمة الحق، سالكا نهج الهداية و الارشاد و التهذيب، حتى أستشهد رحمه اللّه تعالى سنة 1136 و ذلك عند تهاجم العثمانيين على إيران و تواطئهم مع الروس على تقسيم بلادها و حكم علماء القسطنطنية بكفر الشيعة و أن بلادهم بلاد حرب و وجوب قتل رجالهم و سبي نسائهم و ذراريهم على التفصيل المذكور في (المنتظم الناصري) ج 2 صحيفة 229 الى 231 و لما اتصلت صولاتهم بنواحي زنجان خرج المترجم مع زرافات من الأهلين للدفاع فالتقت الفئتان في قرية «قمچقاي» من أرباض البلد على ستة أو سبعة فراسخ منه بجنوبه، و احتدم القتال، و إنجلت

ص: 254


1- هو العلامة السيد قوام الدين محمد بن محمد مهدي الحسيني صاحب التحفة القوامية في نظم اللمعة. و الوافية في نظم الشافية. و الصافية في نظم الكافية. و نظم الحساب في نظم الخلاصة توفى في حدود 1115
2- هو العلامة الاكبر المولود سنة 1001 و المتوفي سنة 1089 و قبره بقزوين معروف

الغبرة عن هذا القائد الكريم صريعا، شهيد حمية على الدين، شهيد غيرة على المسلمين، شهيد وطنية و شهامة، شهيد نبل و زعامة، و لما انهى نبأ قتله إلى استاذه العلاّمة السيد قوام الدين أنشأ في تاريخه

مولوي ملا (على) ميرزا كه بود *** در طريق معرفت صاحب رشاد

علم را چون با عمل مقرون نمود *** كرد در راه خدا عزم جهاد

بود در جنگ عدو ثابت قدم *** تا براه حق روان با صدق داد

خامه و انشا بتاريخش نوشت *** (با شهيد كربلا محشور باد)

و للمترجم الشهيد ذرية علمآء اجلاء من رجالات الفضل و الأدب (منهم) ميرزا محمد بن المولى علي الشهيد المترجم كان عالما بالفقه و أصوله ماهرا في الحكمة و الكلام أدرك بحر العلوم(1) و كاشف الغطاء(2)في النجف الأشرف فرجع إلى زنجان متقلدا الزعامة و المرجعية حتى توفيوف

ص: 255


1- هو آية اللّه السيد محمد مهدي بن المرتضى الطباطبائي البروجردي الغروي مؤسس الشرف الباذخ لاسرته الكريمة (آل بحر العلوم) في العراق ولد في كربلا سنة 1155 و توفى في النجف سنة 1212 و دفن في مقبرته المعروفة بجوار مسجد الطوسي و شهرته تغنينا عن ترجمته و اطرائه و إذا استطال الشيء قام بنفسه و صفات ضوء الشمس تذهب باطلا و قد ذكر في جميع المعاجم و أبدع في ترجمته حفيده العلامة السيد محمد صادق آل بحر العلوم فيما نشرته مجلة الهدى العمارية في سنتها الثانية و الثالثة
2- هو الفقيه الاكبر و زعيم الشيعة الميمون الشيخ جعفر بن الشيخ خضر النجفي توفى في النجف الاشرف سنة 1228 و قبره فيها مزار معروف

سنة 1210 له منظومة في الكلام. شرح منظومته يسمى تحفة الأنام.

رسالة كبيرة في الأمامة قرّظها استاذه بحر العلوم و هذا لفظه

بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه و كفى، و سلام على عباده الذين اصطفى، و بعد، فقد اجلت فيما أملاه من هو قوّة نظري نظري، و رددت فيما اسداه من هو نور بصري بصري، فوجدته انضد من لبوس، و ازبن من عروس و أعذب من الماء؛ وارق من الهواء، و إدق من السحر، و أصلب من الصخر، نفع اللّه به المؤمنين، و متع بوجود مصنفه الطالبين، و هذا للبرية شامل، و يرحم اللّه عبدا قال آمينا، حرّر فقيرر به الغني

محمد بن مرتضى المدعو بمهدي الحسني الحسيني و منهم العلامة الحاج ميرزا لطف اللّه بن نصر اللّه بن محمد بن علي المترجم صاحب المقام الشامخ في العلم و الأدب ولد سنة 1233 تلقى الآليات بزنجان و يمم الحاير المقدّس (كربلا المشرفة) في أخريات أيام سيد الضوابط(1) ثم غادرها من جراء القلاقل فيها و تخرّج في قزوين على علمائها قريبا من ثلاثة أعوام ثم هاجر إلى النجف الاشرف و قرأ على صاحب الجواهر(2) و الشيخ مهدي(3) آل كاشف الغطاء و غيرهما88

ص: 256


1- هو العلامة الكبير السيد ابراهيم بن السيد محمد باقر الموسوي القزويني الحايري صاحب كتاب (ضوابط الأصول) توفي سنة 1264 و قبره في كربلا عند باب الصحن الشريف
2- هو الفقيه الكبير و زعيم الشيعة الشهير و فقيدها المقدم الشيخ محمد حسن بن الشيخ باقر الأصبهاني النجفي ولد فى حدود سنة 1206 و توفي سنة 1266 له في النجف قبة خضراء معروفة
3- هو الفقيه الشهير الشيخ مهدي بن الشيخ على بن الشيخ جعفر كاشف الغطاء توفي 14 صفر سنة 1288

و حج البيت و بعد وفاة استاذه صاحب الجواهر قفل الى زنجان و أقام بها إلى سنة سبع و تسعين فحجّ بها ثانيا ثم آب إلى زنجان و توفي سنة 1307 في رجب و له كتب في الفقه و أصوله لم تخرج الى البياض و له اجازات من شيوخه الأجلاء

و منهم شيخ الاسلام ميرزا نصر اللّه بن الحاج ميرزا عبد الرحيم بن نصر اللّه بن محمد بن علي كان أحد الرؤساء الروحيين بزنجان خلفه رجال غير أن العبرة منهم برجلين و هما شيخ الاسلام ميرزا فضل اللّه و شقيقه الحاج ميرزا ابو عبد اللّه أما شيخ الاسلام فولد في شوال سنة 1302 بزنجان أخذ الآيات و المتون من مشيخة زنجان و الفلسفة العالية من العلامة ميرزا عبد المجيد(1) و حضر خارج درس العلامة ميرزا عبد اللّه الزنجاني من فضلاء تلمذة الامام المجدّد الشيرازي يوم عرج زنجان ردحا و في سنة احدى و ثلثين شدّ رحله هو و شقيقه الآتي ذكره الى النجف الاشرف فتخرّجا على آيتي اللّه اليزدي(2) و شيخ الشريعة الأصفهاني و غيرهما و قفلا الى زنجان سنة 1339 له تآليف تنمّ عن فضله الجمّ منها37

ص: 257


1- هو من فطاحل تلمذة آغا علي النوري و ميرزا ابو الحسن جلوه استادي المعقول بعصرهما فيه و العلامة الاشتياني في الأصول
2- هو آية اللّه فقيه العلويين السيد محمد كاظم بن عبد العظيم اليزدي محتدا و الكهنوي مولدا و النجفي مسكنا و مدفنا ولد سنة 1247 و توفي سنة 1337

حاشية على المنطق. شرح منظومة السبزواري. حاشية على اوائل الشوارق الى مبحث الوجود الذهنى. رسالة فى الرّد على قول الحكماء (الواحد البسيط الخ) إنتقادات على رسالة الحدوث لصدر الدين الشيرازي.

علم الكلام و تاريخه في الاسلام. التشيع في التاريخ في تاريخ الشيعة الديني و السياسي و الأدبي نجز منه جلد واحد في التاريخ الدينى. رسالة في الكر و الجمع بين رواياتها. رسالة في تأصل المهيات في التحقق و منشأ القول بتأصل الوجود. تعليقات على منهج المقال للاسترابادي و على تعليقة الوحيد البهبهاني. تراجم رجال زنجان و رواتها. متفرقات مختصرة و مطوّلة و تعاليق غير مدوّنة *، * يروي بالاجازة عن آية اللّه السيد حسن صدر الدين الكاظمي المتوفي سنة 1354 و عن العلامة الكبير السيد محمد الفيروزآبادي المتوفى سنة 1345 و عن آية اللّه شيخ الشريعة الأصبهانى المتوفى سنة 1339 و من العامة عن السيد محمود الألوسي

و أما شقيقه الحاج ميرزا ابو عبد اللّه فولد سنة 1309 تلقى الآليات و اوليات الفقه و اصوله في زنجان و في الفلسفة و الكلام و الرياضيات تخرج على الاستاذ الفيلسوف الميرزا ابراهيم(1) الفلكي و درس في طهران نبذا من العلوم ثم يمم النجف الأشرف كما عرفت و عرج هو و شقيقه الأكبر على زنجان مشفوعين بالشهادات العلمية له رواية عن السيد العلامة الأكبر السيد حسن صدر الدين الكاظمى و من العامة السيد محمود شكريعة

ص: 258


1- هو الحكيم الألهى من افاضل تلمذة ميرزا ابي الحسن جلوه و العلامة الأشتياني توفي سنة 1351 له تصانيف ممتعة

الألوسي و السيد محمد بدر الدين بن يوسف الدمشقى و بعد اوبته الى زنجان حج البيت و زار مدينة الرسول صلّى اللّه عليه و آله و ساح في سورية و فلسطين و القدس و القاهرة و اجتمع برجال فيها للعلم و الأدب له كتاب تاريخ القرآن طبع بمصر حديثا. كتاب علوم القران الأجتماعية. كتاب الأفكار اسلامي فلسفي اجتماعى. كتاب دين الفطرة بالفارسية. كتاب سرّ انتشار الأسلام بالفارسية. شرح رسالة لنصير الدين الطوسي في بقاء النفس طبع بالقاهرة. رسالة في قاعدة أغريقية الأصل فيها قولهم (الواحد البسيط الخ). رسالة في أهل الكتاب طبعت في بغداد حديثا. رسالة في لزوم الحجاب فارسية جوابا عن سؤال أتاه من امريكا طبعت فى النجف الأشرف. كتاب صدر الدين حيوته و اصول فاسفته طبع بدمشق. و ترجمة مقال (توماس كارليل) الفيلسوف الانجليزي في نبينا الأعظم (ص) من كتابه (الابطال) طبع في تبريز

«العالم الجليل آقا محمد رضا»

بن صدر الدين المتأخر محمد بن شرف الدين ابراهيم المتوفى سنة 1070 بن صدر الحكماء و المتألهين المولى صدر الدين محمد المتوفى سنة 1050 بن ابراهيم الشيرازي، في تتمم أمل الامل للقزويني ملخصا انه كان من علماء عصرنا أثنى عليه كل من لقيه لكني لم أحظ بلقائه، و في آخر عصر النادر(1) قطع لسانه لسعاية عليه و توفي قريبا من ذلك و رأيت له شرح حديث النبي صلّى اللّه عليه و آله (لو كان فاطمة لقطعتها) اه

ص: 259


1- قتل نادر شاه سنة 1161

و في خطاب خاص لصاحب (وفيات الأعلام) انّ لآقا محمّد رضا المترجم أخا اسمه الشيخ عبد اللّه بن صدر الدين المتأخر يظهر من خطوط الشيخ عبد اللّه أن صدر الدين المتأخر كان صهر المحقق الفيض على كريمته كما كان الفيض صهر الصدر الكبير على بنته و بنت الفيض كانت بنت عمة صدر الدين المتأخر فتزوّج هو بها ورزق منها الولدين آقا محمد رضا و الشيخ عبد اللّه و هما سبطا المحقق الفيض و لذا يعبّر الشيخ عبد اللّه عن الفيض بالجدّ و مراده جدّه لأمه

(العلامة ميرزا محمد حسين)

بن ميرزا عبد الكريم المشهور بپير في تتميم (امل الامل) للقزوينى كان من الفضلاء و العلماء ذا فكر عميق و ذهن دقيق قد قرأ المتداولات كان قاضي العسكر النادري رأيته بتبريز اذ جاء مع صدقات النادر للفقراء جالسته و حاورته مكررا و كان ذا حسن و جمال و مهابة و جلالة و نباهة فهمّ النادر بقتله لما شاهد منه ذلك و كان لا يمكنه قتله و هو على ذلك اللباس فنزله من القضا و أعطى إليه منصب رياسة اصبهان و كان على ذلك فقتله بعد سنة لمؤاخذة أخذه بها في سنة 1159 رحمه اللّه و حشره مع الشهداء

(العالم البارع الشيخ صادق)

البغدادي الشهيد في طريق كربلا المشرفة، احد العمد و الدعايم في القرن الثاني عشر، و في الجبهة و السنام من حملة أعباء العلم و التقى، ضمّ الى علمه الجمّ، و شرفه الخطير، زهده الموصوف، و ورعه المعروف،

ص: 260

فكانت تلوح عليه سمة الفضل، و شارة النسك، و إمارة العبادة، و كانت تترنح به صهوات المنابر، و تزهو به باحات المحاريب، كما كان هو أسوة للسالكين، و قدوة للمسترشدين، لم يبرح كذلك تستضيء الناس بنور علمه و هداه، و تتهذب بعظاته البالغة، و غرائزه الكريمة، و ملكاته الفاضلة، حتى اودى به شهيدا مهاجرا الى اللّه و رسوله بزيارة الأمام السبط الشهيد صلوات اللّه عليه بكربلا في الطريق عند مهاجمة المتجمهرين على الزوار إبتغاء ما بيدهم من حطام و لقد شقوا به لكنه دامت له السعادة بالشهادة سنة 1185 و أبقت له ذكرى خالدة مدى الأحقاب و من أراد الوقوف على علوّ مقاماته من العلم و العمل فعليه بقصيدة معاصره الفاضل الأديب البارع السيد محمد بن أحمد الزيني المتوفى سنة 1214 و قد رثاه بها و أجاد أخذناها من ديوانه المخطوط

أبرحت خطبا في الأنام شديدا *** و فدحت كربا للكرام مبيدا

و عظمت رزءا للرزايا مبدئا *** و جمعت هما للهموم معيدا

هذي معاهدهم لقد حكم البلا *** فيها فاخلى ربعها المعهودا

جهلت معالمها و لم نجهل لها *** زوّار فضل عندها و وفودا

قف نخبر الربع الذي إن سمته *** وجدا تصوّب زاده تصعيدا

طلعت نجومك بالنحوس و اننى *** قد كنت أحسبهن قبل سعودا

لو كان نشدان الديار يفيدني *** من لوعة وفيتهن نشيدا

أو كان يجديني البكا لبكيت ما *** يبقى بهنّ و بالخدود خدودا

أو هل ترى يشفى غلبلى إن أقل *** عينيّ جودا بالهمول و زيدا

ص: 261

لكنها عدوات دهر نارها *** لا تبتغي إلا القلوب وقودا

بل طعنة نجلاء منه غادرت *** في كل قلب ضربة اخدودا

هنّ المنايا مذ قصدن نفوسنا *** لم تلق إلا قائما و حصيدا

هذا المصاب و لا مصاب مثله *** منع النواظر هجعة و رقودا

هل مسعد فأهيجه بنياحة *** أو منجد فأزيده تعديدا

يا سعد قد شقيت مرامي الجدّ و *** الحظ الذي قد كان قبل سعيدا

إنّا فقدنا (الصادق) الأقوال و *** الحسن الخلال الاحمد المحمودا

من كان تقوى اللّه أفضل زاده *** لا يبتغي من بعد ذاك مزيدا

ظهرت فضايله ظهور الشمس لا *** يبغي دليلا ضوؤها و شهودا

لا غرو إن جمّ الحسود و من يكن *** جمع الفضايلى لم يزل محسودا

و حياة من كان الزمان مباهيا *** بحياته و انصد عنه صدودا

لم أنسه و المؤمنون تحفه *** ملأ المساجد عدّة و عديدا

يتراجعون الذكر و التمجيد و *** التكبير و التهليل و التحميدا

رحمآء بينهم تراهم ركّعا *** للّه في جنح الدجى و سجودا

هي زينة اللّه التي قد أخرجت *** لعباده من لطفه تأييدا

كم بقعة للّه أمست ثاكلا *** من كان فيها يعبد المعبودا

أمسى مع الموتى وحيدا مفردا *** و كذاك في الأحياء كان وحيد

لا يبعدن اللّه عنا راحلا *** ما كان عمن يرتجيه بعيدا

بابي الشهيد و قد غدت أهل السما *** و الأرض تشهد يومه المشهودا

في معرك لم يلو عنه و لم يحد *** إلا طريدا يستمدّ طريدا

ص: 262

مع عصبة الدين الذين عهدتهم *** يوم الكفاح أساودا و اسودا

كاوا الجنود و كم له من عزمة *** كانت له دون الجنود جنودا

ثبت الجنان يصون أبيض عرضه *** من حيث يقتبل المنايا سودا

قصد الشهادة في سبيل اللّه و الا *** جر العظيم فاعطي المقصودا

يا حامي الزوراء باذل جهده *** أللّه يشكر سعيك المجهودا

يا ليتنى معهم قرنت محاميا *** فأفوز فوزا لا يزال حميدا

و لدهو و طود الهدى ثم إغتدى *** للأرض من بعد القرار مميدا

حاشاك باحلف الثريا ان ترى *** ذا اليوم في بطن الثرى ملحودا

قد كنت طالب يوم عد زيارة *** فغدا مصابك للاعادي عيدا

مذهدّت الأيام ركبك شدت *** ركن الهموم بمهجتي تشييدا

أموحّدا عدلت به أيامه *** عنا فجعت العدل و التوحيدا

ألبست من دين الأله مصارفا *** و من الشجاعة و السماح تزودا

و لند جهدت بجمع كل فضيلة *** فأبيت إلا أن تموت شهيدا

أبقيت حسن الذكر بعد فلم يكن *** تدعى و إن كنت الفقيد فقيدا

إني عدت لنائبات بأسرها *** و حمام يومك لم يكن معدودا

اعزز علي بأن أراه و قد خلت *** منه المدارس و اكتسين خمودا

و لقد حضرت فناءهن فلم أجد *** إلا قيام فوادح و قعودا

من للمساجد عامر بصلاته *** و اليوم أمسى بابها مسدودا

من ذا يفيد العلم طالبه و لم *** أعهد له من بعد ذاك مفيدا

يا طالبي الأيمان أين مفيدكم *** و ممهد التقوى لكم تمهيدا

ص: 263

أين الفصيح ترونه لقرائة ال *** قرآن و الذكر المجيد مجيدا

أين استجابات الدعآء و لم أخل *** إلا دعاءا بعده مردودا

أين الحوائج أين قاضيها لكم *** فالدهر قصر ظله الممدودا

يا صارم الدين المجرد للعدى *** مالي رأيتك في الثرى مغمودا

قد الحدوك و مادروا إن الحدوا *** كل الفضايل و التقى و الجودا

تفني السنون و رزؤ يومك جالب *** للناس حزنا لا يزال جديدا

إني نصرتك باللسان و لم أفز *** بسواه هذا ما لدي عتيدا

يا من يؤمّل خير تاريخ له 1185 قل صادق في الحق مات شهيدا

(العلامة مير محمد هاشم شاه)

المشهور بجهان شاه المكنى بابي عبد اللّه بن مير محمد مؤمن العرشي المتخلص بهاشمي الكرماني ينتهي نسبه من طرف الأب الى الشاه نعمة اللّه المعروف و من طرف الأم الى الشاه قاسم الانوار في (الحصون المنيعة ج 9) ما ملخصه إنه كان مقيما في بلدة دهلي مروّجا لاحكام الشريعة الحقة على طريقة الأمامية، دافعا للاباطيل بالقوة الربانية، و النفس الروحانية، كان عالما فاضلا متبحرا في المعقول و المنقول، مجادلا بالتي هي أحسن، ما عارضه أحد من العلماء إلا و كانت الغلبة له عليه، كان محله مرجع الفضلاء و محفله مجمع العرفاء ولد في سنة 1073 و من مؤلفاته نظما مثنوي مظهر الاثار، و قد ذكره اوّلا صاحب آتش كده و قال إنه شيخ الأسلام بخارى ثم ذكره ثانيا في شعراء كرمان متوهما التعدد و الصواب اتحادهما و أنه هو هذا المترجم و أستشهد سنة 1150 و كان

ص: 264

شاعرا بليغا جيد النظم اه و من شعره بنقل صاحب(1) (رياض العارفين في المناجات ***

اي كرمت هم نفس بي كسان *** جز تو كسي نيست كس بي كسان

بى كسم و هم نفس من توئي *** رو بكه آرم كه كس من توئي

اي ز جمال تو جهان غرق نور *** نور بطون تو حجاب ظهور

كون و مكان مظهر نور توأند *** جمله جهان محض ظهور توأند

جز تو كسي نيست ببالا و پست *** ما همه هيجيم توئي هرچه هست

بزم بقا را مي و ساقي توئي *** جز تو همه فاني و باقي توئي

اى دو جهان محو تماشاي تو *** جز تو كسي نيست شناساى تو

كيست كه قايل به ثناى تو نيست *** كيست كه مايل به لقاى تو نيست

ما همه مشغول ثناي توايم *** واله و مشتاق لقاي توايم

روزن جان بر دل ما بار كن *** ديدۀ ما را صدف راز كن

و ذكرنا جملة من شعره في كتابنا (رياض الأنس)

(الفقيه العلامة الشيخ يوسف)

الحصري، في (نشوة السلافه)(2) فاق على البدر كمالا، و ورد من حياض الأدب عذبا زلالا، مشهور بالعفاف و التقوى، و هو من أرباب العلم و الفتوى، و قد مضى شهيدا في مسجد الكوفة، هجم عليه لصوص بالغدر معروفة، فجادلهم حتى قتلوه، و إنتهبوا من كان

ص: 265


1- هو أمير الشعراء رضا قليخان المتخلص بهدايت
2- تأليف العلامة الشيخ محمد علي آل بشارة النجفي

معه معتكفا و سلبوه، فدفن عند باب مغسل امير المؤمنين عليه السّلام المحاذي للمسجد الموصوف بالشرف من ربّ العالمين أظله اللّه فراديس الجنة، و أسبل عليه شأبيب الرحمة، و له من النظم القصايد الحسان، و أحسن فيها غاية الأحسان، فمن جيد شعره الأرجوزة، التي فيها رماح فخره مركوزة، نظم بها قصة الامرأة التقية و الصالحة المرضية المكناة بامّ محمد أسود المشهدي و هي قضية عجيبة و معجزة غريبة لوقوعها في هذا الزمن الغريب و إن كانت من صاحب القبر ليست بعجيب لأنها من أدنى كراماته و أقل معجزاته (ثم ذكر الارجوزة بطولها و نحن نذكر خلاصتها) و هي أن امرئة صالحة على عهد المترجم بليت بداء عيآء حتى اخذ لحمها يتناثر و أعيت حالها نطس الأواسي و ملتها ذووها فرأت في شهر جمادى الأولى سنة 1073 فيما يرى النائم أن ثلث نسوة دخلن عليها فسألن عن حالها و فلن لها ابشري فان شفاءك في شهر رمضان فانتظرت الميعاد حتى وافى 8 شهر الصيام فتهيأت و امرت بتطهير جسدها و البست ثيابا نظيفة فجاءت تلك النسوة باعيانها و بشرنها ثانية فسألتهنّ عن ما به يكون شفائها فقلن إنه عند أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه و أمرنها بالأستعانة من فلانة و فلانة اختين من عنصر طيب و أن تسأل خازن الحرم المقدّس ليفتح الباب ليلة 12 من الشهر لتزوره مع النسوة و تبقى هنالك الى الصباح فعملت بما قلن و أسعفها الخازن بطلبتها و فتحت لها الحضرة الكريمة و حملت اليها و وضعت الى جانب رأس الأمام عليه السّلام الى أن خلت من الناس و بقيت هي و الأختان و غلقت الأبواب فاذا

ص: 266

هي بالنساء الثلث يقلن لها قد أبرءك اللّه من دائك فقامت و ليس بها شيء من المرض و كان الخواص و أعيان الرجال يأتونها و يحفونها السؤال عن قصتها فتخبرهم بالواقعة **

و المترجم و إن لم نقف على تاريخ شهادته بسنتها لكن ذكر بعض أصحاب المعاجم أنه من علماء القرن الثاني عشر باعتبار شهادته فيه

(العلامة الفقيه السيد هبة اللّه)

اشارة

أبو البركات بن السيد صالح(1) بن محمد بن إبراهيم بن زين العابدين بن السيد نور الدين بن علي بن الحسين بن على بن محمد بن ابى الحسن عباس بن محمد بن عبد اللّه بن أحمد بن حمزة الصغير بن سعد اللّه بن حمزة الكبير بن محمد بن ابى الحرث محمد بن ابى الحسن علي بن ابى طاهر عبد اللّه بن ابى الحسن محمد المحدّث بن ابى الطيب طاهر بن الحسين القطعي بن موسى بن ابراهيم بن الامام موسى عليه السّلام *

(في بغية الراغبين) في ترجمة والد المترجم انه أقال في العاملة إلى أن كان من أمر الجزّار مع أهل هذه الديار ما كان مما تشمئزّ منه النفوس، و تستك من ذكره المسامع، حيث لجّ في غوايته، و اوغل في عمايته، و عمه في طغيانه، و ركب متن غروره، فتاه فى شعاب باطله، و مضى في انواع

ص: 267


1- هو العلامة الحجة صهر الشيخ على بن محيي الدين بن الشيخ علي بن الشيخ محمد بن الشيخ حسن صاحب (المعالم) بن شيخنا الشهيد الثانى و رزق من كريمة الشيخ علي المذكور العلمين العالمين شقيقي المترجم السيد صدر الدين و السيد محمد علي الذين اوعزنا اليهما في ص 161

الظلم على غلوائه ضربا و تنكيلا و سحبا و تقتيلا و حبسا و تغريقا و نهبا و تحريقا و مثلة للناظرين، و عبرة في الغابرين، و مثلا و احدوثة في الآخرين، و أولع باستأصال العلمآء، و إجتثاث ارومة الامراء و الرؤساء، فلافوا منه عنتا شاقا؛ و رهقا شديدا، و نصب للسيد حبائل غيه، و أرصد له اهب بغيه، حتى وقع في زبيته هو و شبله الشريف أبو البركات و إسمه هبة اللّه و كان من الفقهاء المجتهدين، و ممن يرجون للدنيا و الدين فلاع الجزّار قلب أبيه بقتله نصب عينه و أرمض بذلك جوانحه ثم اخذ بكظم السيد و ضيق في لومان (عكا) حتى فرج اللّه عنه بتضرعه الى اللّه عزّ و جلّ و إبتهاله بدعآء الطائر الرومي الذي يرويه السيد ابن طاووس في كتابه مهج الدعوات فخرج هاربا الى العراق سنة الف و مائة و سبع و تسعين فاستجار بحرم جدّه باب الحوائج الى اللّه تعالى الخ

واقعة الجزّار في عاملة

كانت العداوة مستحكمة بين ولاة الترك العثمانيين و شعبة عاملة و كان امرآئها في زمن المترجم على غاية من الضعف و الانحلال فاتفق أحمد باشا الملقب ب (الجزّار) - لكثرة ما أهرق من الدم مع بني علي الصغير الوائلى على غزو جبل عامل فجرّد جيشا كبيرا من المغاربة، و الجركس و الفلسطينيين و أتى بهم إلى جبل عامل بطريق مدينة (صور) فاستعد العامليون لقتالهم فجمع امرآء آل شكر و آل الزين أبناء البلاد لمحاربتهم و كان الشيخ علي الزين أحد امرآء جبل عامل الثلاثة الذي يمتد نفوذ حكمه من مدينة (صيدا) إلى (الناقورة) من جهة الساحل و من جهة الجنوب

ص: 268

ينتهي إلى (برعشيت) و كانت السلطنة العثمانية قد فوضت اليه شؤن الحكم في تلك البلاد على أن يدفع اليها ضريبة سنوية معينة و كانت تأتيه التولية من سلاطين آل عثمان على يد ولاة (عكا) المنتدبين من قبل الحكومة العثمانية فكان الشيخ دائما معهم على وفق و تسالم لما كان يظهره الولاة من الثقة بالشيخ فلما جاء الجزّار إلى عكا قاومه في بد، الامر امراء آل شكر و الشيخ علي الزين و لكن تلك المقاومة كانت ضعيفة أمام القوة التي كان يديرها الجزار فلما أدرك الشيخ علي الزين الضعف تحالف مع (نابليوم بونمرت) القنصل الأول للجمهورية الأفرنسية عند محاصرة عكا و تضييقه الخناق على الجزار و لكن لسوء الحظ نكبت العساكر الأفرنسية بالامراض فرجعت عن عكا قبل أن تبلغ مرامها فعند ذلك ظهر غضب الجزار على العامليين فجرّد جيشا ضخما لاكتساح البلاد العاملية فمرّ بطريقه على بلاد كثيرة من الشعب فاحرقها و قتل أهاليها و أحرق مكتباتها و نقل أن أفران عكا عاصمة الجزار أوقدت سبعة أيام من كتب العامليين الدينية و قتل جمعا من علماء تلك الديار و دخل مدينة صور و كان حاكمها الشيخ حسن المكنى بابي طالب من آل الزين عمّ الشيخ علي المذكور فقتل الشيخ حسن و استباح المدينة ثلاثة ايام و قصد بلدة (شحور) مقرّ امرآء آل الزين فانكسر الجيش العاملي قرب قرية (العباسية) و فرّ الشيخ علي الزين و بعض حرمه الى الشام فزحف الجزار بجنده الجرّار على شحور و أحرقها و فعل ما فعل من الجور و العدوان و الضغط على العامليين لا سيما العلمآء و الامراء منهم و ترك الشيخ علي الزين

ص: 269

عائلته بالشام و قصد العراق الى الامير حمود زعيم الخزاعل فمكث عنده مدة يسيرة ثم إرتحل الى الهند و اقام بها ردحا من الزمن ثم غادرها الى وطنه الأصلى و توفي بها سنة 1232 و آل الزين من جبل عامل من ذريته و سيوافيك الايعاز اليهم في القرن الثالث عشر

(الشريف الطاهر السيد احمد)

القدس بن هاشم(1) بن علوي عتیق الحسين عليه السلام بن الحسين(2) الغريني المعروف بالعلامة بن الحسن بن احمد بن عبدالله بن عيسى بن خميس بن احمد بن ناصر بن علي كمال الدين بن سلمان بن جعفر بن ابی المثاثر موسی بن ابی الحمراء محمد بن علي الطاهر بن علي الضخم بن ابي علي الحسن بن أبي الحسن محمد الحايري دفين(3) حي واسط ويعرف اليوم ب ( العقار) وتلهج العامة ( عگار ) بن ابراهيم المجاب(4) دفين الحائر المقدم الحسيني بن محمد المعروف بالعابد دفين

ص: 270


1- (1) هو شقيق العلاّمة الفقيه السيد عبد اللّه البلادي الآتي ذكره في القرن الرابع عشر في ترجمة حفيده الزعيم الشهيد السيد عبد اللّه البهبهاني
2- (2) هو الفقيه الشهير المتوفى سنة 1001 ترجمه صاحب (سلافة العصر) و أطراه و ذكر نبذة من شعره و هو مذكور في غير واحد من المعاجم
3- (3) قد يقال إنه مدفون ب (دير الخابور) في عمان بمقربة من مسقط و له هناك مزار معروف
4- (4) في تحفة الازهار للعلامة ابن شدقم أن ابراهيم هذا قصد قبر جده أمير المؤمنين عليه السّلام زايرا فاجابه الامام (ع) من قبره الشريف فلقب بالمجاب

قمشة بمقربة من أصفهان ابن الامام موسى بن جعفر عليهما السّلام

المترجم ممن إختصه المولى بشرف الارومة، و جعله من رجال بيت هو من أرفع بيوت العلم و الفضيلة في علوية الشيعة، كما شرفه بقداسة النفس و نزاهة الضمير، و حسن السيرة، فهو بشرفه الوضّاح، و مجده المؤثل، و شهرة فضايله الباهرة، في غنى عن إطراء أي أحد، و أما مكانته العلمية فانا و إن لم نقف عليها على التفصيل لكننا إعتمدنا على شهرته بذلك

و أما كيفية شهادته فقد يمم زورة مراقد أجداده الطاهرين بالعراق أئمة الهدى صلوات اللّه عليهم و عارضه اللصوص في هذا المكان و هم يريدون سلبه و سلب عياله فدافع السيد عن نفسه و عياله و رحله و شدّ فيهم و ثبت لهم و إحتدم بينه و بينهم القتال فقتل منهم اناسا حتى قتل هو و حليلته و إبنه و دفنوا في هذا المكان و هو من اراضي (لملوم) مساكن قبيلة (جبور) و (الاقرع) من عشائر العراق الشهيرة و هي بشرقى (الديوانية) من مدن العراق المعروفة و أظهر اللّه سبحانه على قبره الكرامات الباهرة و عرّف بشرفه القريب و البعيد، و قد تصدّى في هذه السنة و هي سنة 1355 بعض أهل الخير و البرّ لبناء ضريح جديد على قبره و قد أرّخه الشيخ إبراهيم إطيمش النجفي بهذه الأبيات

مقامك يابن حيدرة مقام *** به الأملاك تنزل ثم تصعد

تبين به المعاجز كل يوم *** و ضوء الشمس باد ليس يجحد

عكوفا حوله الزوار تتلو *** و خير الذكر (صلّ على محمد)

رقذت من النعيم بخير دار *** و أفضل بقعة و أجل مرقد

ص: 271

تقاصده ذوو الحاجات لما *** به سمعوا فنالوا خير مقصد

أضف عدد الأئمة ثم أرّخ *** (على أوج السماك ضريح أحمد)

و يعرف المترجم أليوم على ألسنة العامة بحمزة الشرقي لانّ في غربي (الديوانية) مدفن وجيه الاصحاب و ثقتهم ابي يعلى حمزة بن القسم بن علي بن حمزة بن الحسن بن عبيد اللّه بن أبى الفضل العباس بن الامام امير المؤمنين علي بن أبى طالب عليهم السّلام

القرن الثالث عشر و شهداء علمائه

(العلامة الضليع السيد محمد)

ابن السيد حسن بن السيد علي آل شكر العاملي، أحد فطاحل علمآء جبل عامل تلمذ في النجف على شيخنا الاكبر شيخ الطايفة كاشف الغطاء مدة 10 سنة ثم قفل الى عامل و سكن قرية (قانا) و كانت أسرته الكريمة تحكم الجزء الجنوبى من عاملة قتله أحمد باشا «الجزّار»(1)سنة 1207 و قد أفتى بقتله قاضي الحنفية في مدينة (صور) بعد أن حبس أربعة اشهر و أخذ «الجزار» كتبه فاحرق منها ما كان يخالف مذهبه و ترك الباقي موقوفا على جامعه بعكا و يوجد الآن في مكتبة ذلك

ص: 272


1- انظر واقعة «الجزّار» في ص 262 من هذا الكتاب

الجامع من تآليفه كتاب (الروضتين في أخبار بني بويه و الحمدانيين) و المترجم هو جدّ آل شكر الموسويين الموجودين الآن في بعلبك و جبل عامل و هم من السادة الصحيحي النسب(1)

(العلم الحجة الشيخ زين)

اشارة

بن الشيخ خليل بن موسى بن يوسف الزين الانصاري الخزرجي العاملي «آل الزين» في مقدمة الاسر الكريمة من شيعة عاملة و من أرفع بيومها و قد شيّد على الزعامة و الامارة، على العلم و الأدب، على المجد و الشرف، و لرجاله في التاريخ صحيفة بيضآء يطلع عليها السابر لاغواره و المترجم من شهداء هذا البيت و قد أعاد الى مجدهم المؤثل جدته بمكانته العلمية، و زعامته الروحية في تلك الديار ولد في قرية «شحور» من من أعمال صور سنة 1160 و نشأ و ترعرع في ظل والده الحاج خليل و ما بلغ الحلم حتى رحل الى النجف الاشرف طلبا للعلم فلبث في النجف ما ينيف على 15 سنة درس في خلالها الاصول و الفقه و علم الحديث على العلامة ميرزا علي الكني أولا ثم تخرّج على آية اللّه بحر العلوم إلى أن أتاه الطلب من أهالى عامل يتحرون قدومه إليهم لارشادهم و حبذ التوجه اليهم استاذه السيد بحر العلوم فلم تبرح تلكم الطلبات حتى قورنت منه

ص: 273


1- هذه الترجمة و ترجمة الشيخ زين الانصاري العاملي و الشيخ صالح العسيلى الأتيين المقتولين بيد «الجزار» أخذناها من «تاريخ جبل عامل» للشيخ محمد الزين الاني ذكره و هو ينقل عن «نزهة النظار» للشيخ حسن خاتون. و تاريخ علمآء عامل للشيخ علي السبيتي

بالقبول و فارق النجف الاشرف مشفوعا بالاجازة عن السيد بحر العلوم فما وطئت قدماه عاملة حتى خفّ العالم و الزعيم لاستقباله و التبرك بلثم أنامله و إزدحم الناس من كل فجّ عميق الى «شحور» حتى أن البلاد لم تشهد مثل هذا الموكب الفخم و كانت قرية شحور في أيامه محجة القصاد من ذوي الحاجات و طلبة العلم و كان المترجم يجلس كل يوم في مسجده للقضاء و الفتيا و إنجاح طلبة السائلين و لم يبرح بها كذلك و يقيم عمد الدين، و يذبّ عنه، و يبثّ الدعوة اليه، و ينشر مآثر الطايفة إلى أن قتله أحمد الجزّار الحاكم التركى في قرية «تبنين» من أعمال صور بقلعتها الموجودة المشهورة سنة 1211 و أحرق جئته و إستولى على مكتبته التي كانت تنيف مجلداتها على ثلثة الاف و أحرفها لكن الصدف حفظت لنا بعضا من مؤلفاته منها كتاب الذريعة في الفقه يشتمل على أبواب الطهارة و الصلوة و القضاء و الحج و المواريث و التجارة و كان هذا الكتاب موجودا عند علمآء آل خواتون و منها كتاب تاريخ قبايل العربية الداخلة على جبل عامل نقل بعض انه يوجد في المكتبة الظاهرية بالشام و منها تاريخ مبدأ التشيع و دخول أبي ذر للشام

اسرة المترجم

والده الحاج خليل كان من أهل الفضل له كتاب. بغية الطالب في فضايل آل ابى طالب. و جدّاه الشيخ موسى و الحاج يوسف فهما من الفضل و العلم بمكانة فقد الف الشيخ موسى - و هو والد أبيه - رسائل كثيرة في الفقه تدعى «بغية القصاد»

ص: 274

خلف «المترجم» الشيخ علي و هو من ذوي المكانة العالية و معدود من امراء الشيعة و حكامها و قد ذكرنا حادثته المشهورة مع الجزّار الحاكم التركي في ص 262 و خلف الشيخ علي الحاج سليمان الزعيم المتوفى سنة 1263 و خلف الحاج سليمان الشيخ حسين المعروف بالشيخ ابي خليل و كان من العلماء الفطاحل موصوفا بالزهد و التقى له مؤلفات في الفقه و النحو و غيرهما إستقدمه صاحب الجلالة ناصر الدين شاه القاجاري لزيارة ايران فلبث فيها ما ينيف على سنة و قد أجازه شيخ الطايفة الأنصاري و كان يسكن قرية «جبع» تارة و «جبشيث» اخرى و توفي بالكاظمية سنة 1317 و نقل الى النجف الاشرف و أعقب ولدين الفاضل الورع الشيخ خليل من تلامذة المرحوم الشيخ موسى شرارة العاملي و له مكانة سامية من التقى و الصلاح عند العامليين توفي في (جبشيث) سنة 1352 و أقامت له الأسرة العلمية العاملية حفلة تأيينية في النجف الاشرف تخليدا لذكراه تكلم فيها غير واحد من الأفاضل العراقية و السورية و أرخة الأديب البارع الشيخ كاظم السوداني بقوله

و نازل حلّ جوار ربّه *** آنس في حسن اللقا نزيله

قد مثل الزهد بتقوى و هدى *** في زمن ليس نرى مثيله

فهو (خليل) اللّه قد لبىّ الى *** خليله موطئا رحيله

ضيف اتى تاريخه لبابه *** (أنزل في جناته خليله)

و ممن خلف الشيخ خليل ولده الشيخ محمد نابغة الفضل و الأدب احد أعلام هذه الاسرة الكريمة له آثار قيمة منها (تاريخ جبل عامل) و قد نقلنا

ص: 275

عنه في هذا الكتاب ترجمة السيد محمد شكر و الشيخ زين و العسيلى و له في الأدب العربي أشواط بعيدة، و في نظم القريض اسلوب متين هاجر من عاملة الى النجف لتحصيل العلم أواخر سنة 1342 و هو لا يزال فيها الى اليوم

و شقيق الشيخ خليل المذكور الشيخ عبد الكريم دام علاه علامة ثقة ورع من حسنات العصر الحاضر يسكن في (جبشيث) له مؤلفات في الفقه و الاصول تخرّج على علمآء النجف الاشرف ردحا من الزمن و له شعر رايق و منه قصيدته البليغة في رثاء الامام المجدّد الشيرازي المتوفى في شهر شعبان سنة 1312 و هي قوله

نعاك الندى و الجود و المجد و الفخر *** و بيض المواضي و المثقفة السمر

و جفّ الندى و استجهلت عرصاته *** و ثلت عروش الدين و انطمس الذكر

مضى طاهر الاثواب غير مدنس *** يعبق في أثوابه الحمد و الشكر

مضى في سبيل اللّه غير مذمّم *** و قد قضيا من بعده العرف و الصبر

مليك له الاملاك تثني رقابها *** إذا ما دهاها الخطب أو اعضل الامر

فلا يرمق الطرف الوقاح رواقه *** مهابة من فيه و إن اسدل الستر

سرى ذكره في كل شرق و مغرب *** و أغدق من بهتانه البحر و البر

فبحر ان من جود و علم تدفقا *** ففي كفه بحر و في صدره بحر

ترحّل و المعروف و الفضل و النهى *** و أنجد و العليآء و العزّ و الفخر

فمن للجياد القب تضبح في الدجا *** لدى الفيلق الجرّار يقدمه النصر

و أين الجفان الراسيات عشية *** يجلجل في أشلائها الذئب و النسر

تبلج للسارين في كلّ فدفد *** إذا ما دجا سفر تنوّرها سفر

ص: 276

و من لك للهلاك إن هبّ شمئل *** و من لك للضلال إن ضمها قفر

فقل للربى بيدي و للارض فارجفي *** فقد زال ذاك الطود و الثغر الثغر

و للوفد قوّض قوّض الجود و الندى *** و صوّح نبت القاع و الورق النضر

و آل نزار حطمي البيض و القنا *** و قرى صغارا خرّ من بينك البدر

فمن للبرايا بعده من مؤمل *** إذا شمل الناس الجهالة و الفقر

ليبك عليه الحلم و العلم و الحجى *** و يبك عليه الضيف و السيف و القطر

ترى الناس سكرى يوم سار سريره *** بيوم كيوم الحشر أودونه الحشر

فمن سافح دمعا و من قابض حشا *** و من نافث وجدا يضيق به الصدر

لقد ابقى ما يبقي و إن غاب جسمه *** مآثر لا تفنى و ان فني الدهر

لئن غاب ذاك البدر عن افق سعده *** فقد لاح في افق الهداية ذا البدر

فهذا غياث العالمين «محمد» *** لقد شدّ للدين الحنيف به الازر

اعاد لنا شخص النبي و هديه *** و أحي كتاب اللّه مذ غلب السحر

فذا فعله فعل النبي و قوله *** و ذا نهيه نهي و ذا أمره أمر

تعز (أبا المهدي) فالليث ان ثوى *** فذا شبله الزاكي (علي) لنا ذخر

له خلق مثل الزلال و همة *** ترد جموح الدهر ان جمح الدهر

و قد مزجت أخلاقه و نواله *** كما مزجا مآء الغمامة و الخمر

و للشيخ عبد الكريم هذا نجل صالح مقيم بالنجف لتحصيل العلم و هو الشيخ محمد حسين من افاضل أعلام هذا البيت الرفيع و مشيدي شرفه الوضاح و له تأليفه القيم (الشيعة في التاريخ) رأيته و وجدته بديعا في موضوعه نشر بعض فصوله فى مجلة (العرفان)

ص: 277

و اعقب الحاج سليمان المذكور الشيخ محمد شقيق الشيخ حسين أبي خليل الأنف ذكره و هو عالم فاضل ذو باع واسع في اللغة العربية و آدابها و له من الشعر الجيد الكثير نشر بعضه في مجلدات (العرفان) و له من للمؤلفات شرح النظام و رسائل في الفقه توفي سنة 1317 و أعقب من الولد العلاّمة الاديب الشيخ محمد رضا الزين تخرّج في النجف الاشرف على علمائها و هو الان يشغل منصة القضاء الجعفري في النبطية التحتا و له شعر كثير من الطبقة العليا نشر بعضه في مجلدات (العرفان) و له من قصيدة منشورة فيها

هاك مني قصيدة زينية *** ملأت حكمة و حسن رويّة

تنظم الدر في مديح امام *** صاغه اللّه رحمة للبرية

نفس طه و صهره و اخوه *** خير من قام بعده بالوصية

علم العلم و البلاغة تعزى *** لمثاني آياته القدسية

فاخرت في صفاته العالم العلو *** ي هاذي العوالم السفلية

من يباري أبا الأئمة فضلا *** و هو فصل القضا بكل قضية

ان من خصه المهيمن بالمد *** حة في آى ذكره العلوية

و رمي بالقصور و العجز عن مد *** ح علاه القرايح (النجفية)

لغني عن أن تصوع به المدحة *** درا خواطر (النبطية)

و ممن اعقب الحاج سليمان المذكور الحاج على الصيداوي الزعيم الشاعر ذو الايادي البيضاء على أهل جبل عامل له شعر كثير طيب نشر بعضه على صفحات (العرفان) و منه قوله

ص: 278

إلهي عبدك العاصي *** مقرّ أنه الجاني

كبير الجرم اوصلني *** الى هلك و خذلان

و أبعدني عن الحسنى *** هوى نفسي و شيطاني

لئن دلست كفرانا *** فما دنست ايماني

و قلبي نير بولا *** خيار الانس و الجان

«محمد» خير من فرحت *** به جنات عدنان

و ليث اللّه ناصره *** «علي» خير عدنان

ولد في صيدا سنة 1270 و توفي سنة 1349 و كان لوفاته رنة كبرى في البلاد العربية حتى أفيمت له الحفلات التأبينية في العراق و سوريا و رثاه كثير من العلماء و الادباء و ممن ارّخ وفاته العلاّمة الشيخ جعفر (نقدي) فقال

صبرا بني الزين أيا *** اهل المعالي و الشرف

غاب «عليّ» منكم *** و «احمد» نعم الخلف

لجنة الخلد مضى *** فارّخوا (حلّ الغرف) 1349

و الحاج علي هذا هو والد المصلح الشهير الشيخ احمد عارف صاحب مجلة (العرفان) الغراء التي هي أقدم و أرقى مجلة عربية إسلامية و قد مضى على تأسيسها حتى الآن ثمان و عشرون سنة فقطعت هذه المرحلة في سبيل نشر الثقافة الاسلامية و الدفاع عن الحق حتى أن المستعمرين قد حاربوها بكل ما عندهم من حول و طول و لقد فازت على رغم الخصوم بقوة ارادة صاحبها و عظم تضحيته التي تعد امثولة خالدة للمجاهدين من العلماء فحيا اللّه صاحبها و حيا شعوره الحي و ترجو من اللّه تعالى له النجاح و الاستمرار

ص: 279

في سبيل خدمة الأمة ولد سنة 1301 في «شحور» و تخرّج في العلوم العربية على أساتذتها و في اصول الفقه على العلاّمة الحجة السيد عبد الحسين شرف الدين و دخل (المدرسة الدينية) التي اشتهر امرها في (النبطية) زمن رئيسها المرحوم السيد حسن يوسف العلاّمة الشهير

و ممن اعقب الحاج سليمان المذكور الحاج اسماعيل الزعيم الكبير ذو الايادي البيضاء على الفقراء و المعوزين اغتالته يد أثيمة في بيروت سنة 1327 و قد ألف له ذكرى بعد وفاته ادرج فيها ترجمته و المراثي التي قيلت فيه سميت (شفاء الغليل من رثاء اسماعيل) طبعت في صيدا، و أعقب من الولد الورع التقي الحاج حسين الزين المحسن الكبير و المحيى للمعهد الديني في «النبطية» من جبل عامل، و الزعيم الكبير يوسف بك المزين ذو السجايا الحميدة و الافعال الطيبة كان عضوا في المجلس النيابى اللبناني و بمساعيه المشكورة إعترفت الحكومة اللبنانية بالمذهب الجعفري رسميا فاسست له القضاة و المفتين في أقطار جبل عامل و قد بذل الأموال الطائلة في سبيل جرّ مياه نبع (عين الطامة) الى النبطية و جملة من القرى التي حواليها و قد أقيمت له حفلة تكريمية قرئت فيها المقالات و القصائد البلغة طبعت في مجموع في «صيدا» يسمى ب «عرفان الجميل» و قد أرّخه جمع من ادباء جبل عامل منهم الشيخ علي مهدي شمس الدين الذي ذكرناه ص 97 قال

ليوسف الزين لا راعته نائبة *** مآثر هي حقا حلية الزمن

أقام أرّخ لكسب العلم مدرسة *** بها الهدى فهي حقا منتهى المنن

1343

ص: 280

و الماء جاء به عفوا بلا طمع *** بل للحياة حياة النفس و الوطن

فقلت إذ تمّ في تاريخه و بدا *** هذي المآثر لاقعبان من لبن

1343

(العالم التقى الشيخ صالح)

ابن الشيخ محمد العسيلي، أحد أعيان علماء جبل عامل الاتقياء، و من مبرزي أعلامه الأبرار، من تلمذة آية اللّه بحر العلوم و له منه إجازة توجد عند آل الزين العامليين كان يسكن قرية «باريش» قرب «صور» قتله أحمد باشا الجزّار لما شهد عليه خمسون نسمة انه يسبّ الشيخين فقتل بذلك سنة 1208 و قبره قرب جسر القاسمية بمقربة من القبة المعروفة ب «النبي قاسم»

(السيد العلامة ميرزا محمد مهدى)

اشارة

ابن ميرزا هداية اللّه الأصفهاني نزيل المشهد الرضوي المقدّس، أحد المهادي الأربعة من تلمذة الأمام المجدّد الوحيد البهبهاني(1) هو المثل

ص: 281


1- هو مجدد المذهب في القرن الثالث عشر أقا محمد باقر بن المولى محمد اكمل البهبهانى الحايري تخرّج عليه اعلام الدين و حملة العلم و رؤساء الملة له في تنقيح الفقه و أصوله بنظراته العميقة و افكاره الذهبية أياد بيضاء و في ازاحة البدع و المنكرات قدم راسخة و قد وقف للدين و العلم موقف الباسل المناضل و ضرب الباطل بيد من حديد حتى عاد كحديث أمس الدابر و ذلك ما خلد له التاريخ من صحيفة ناصعة تضيء مع الشمس المنيرة ولد سنة 1118 و توفي سنة 1206 «أو» 8

الأعلى من العلم و الفقه و التقى، و من أفذاذ علماء الأمة المشاركين في العلوم من معقول و منقول، و نابغة من نوابغ الامامية في جميع الفضايل، و يعرف عند بعض الأجلاء الاعلام بالشهيد الرابع تلمذ على الاستاذ الاكبر البهبهاني و الشيخ مهدي الفتوني و يروي عنهما بالاجازة، له شرح على الدروس و رسالة في صلوة الليل و آدابها كثيرة الفوائد، و هو استاذ آية اللّه السيد بحر العلوم الطباطبائي «ره» في الفلسفة فان السيد لما ورد المشهد المقدس الرضوي أقام هناك ردحا لقرائة الحكمة على السيد المترجم و هو الذي لقبه ب (بحر العلوم) لما وجده بحرا للعلوم متدفقا فلم يلبث حتى شاع ذلك اللقب بين العلماء فوقع منهم موقع التقرير حتى العصر الحاضر لما علموا منه من الاهلية و النبوغ و قد اوعزنا اليه ص 249

ولد (المترجم) سنة 1153 و استشهد على عهد صاحب الجلالة فتحعلى شاه لما طغى نادر ميرزا الأفشار و استولى على خراسان سنة 1217 و تفصيل شهادته أن نادر ميرزا المذكور بن شاه رخ ميرزا سبط السلطان الغازي نادرشاه كان حاكما في المشهد المقدس الرضوي و لما طغى أنى القائد حسين خان و معه جيش لجب من قبل فتحعلي شاه القاجاري و حاصر المشهد فأمر نادر ميرزا بسدّ أبواب القلعة و مرّ على ذلك أيام فضاق الحال بالاهلين و طنبت عليهم أزمة شديدة فاستغاثوا بسيدنا المترجم فبعث السيد من حاشيته من بلغ عنه الى نادر ميرزا تحبيذ الاصلاح و الكف عن القتال و فتح أبواب السور فما قبل منه ذلك فامر السيد بعد الياس منه بعض

ص: 282

الأهلين بفتح أبواب المدينة فاطلع نادر ميرزا على ذلك و ظنّ ان السيد عون لخصمه فغضب و قصده في لمة من زبانيته فوجده في الصحن الشريف يتلو كتاب اللّه العزيز فقال له يا سيد انت تريد أن تفوّض حكومة البلد الى خصمنا و انت داعيهم علينا قال لا فما أصاخ نادر ميرزا الى قيله و ضربه بالسيف و أثبت فيه جروحا دامية فاجتمع عليه الناس و أبعدوه عنه و مات طيب اللّه مرقده بعد ثلثة أيام بتلك الجراحات الواردة عليه و قيل إنه استشهد في تلك الساعة و فرّ قاتله الظالم و خرج من القلعة فاخذوه و قتل و ذاق و بال امره و لعذاب الأخرة أشد و أبقى

هذا ما لخصناه من «مطلع الشمس»(1) و غيره معربا و في بعض التواريخ انه كان مع نادر ميرزا جمع من جلاوزته فامر بضرب السيد الشريف و أولاهم بطاعة ذلك الأمر (تيمور نسقچي) و مات «قده» بعد يومين و دفن فى المسجد الشريف الواقع في الحرم المطهر من وراء رأس الأمام علي بن موسى عليه السّلام

و في (مطلع الشمس) قيل إن السيد الشهيد المترجم كان يزور الحرم المقدّس الرضوي في الليالى و الأسحار في غير اوقاته و تفتح له أبواب الحرم بيد الغيب اه و اما بقية المهادي الاربعة الذين أوعزنا اليهم فهم آية اللّه السيد محمد مهدي بحر العلوم الذي له مقام معلوم، و علم العلم و التحقيق محمد مهدي النراقي، و العلامة الاكبر ميرزا محمد مهدي الشهرستاني من تلامذة الوحيد البهبهاني و غيره من اكابر فقهاء الاعلام في الفقه و اصوله و اخذ الفلسفة العاليةان

ص: 283


1- للمؤرخ اعتماد السلطنة محمد حسن خان

عن الشيخ محمد (البيدآبادي) و الرياضيات عن الشيخ حسين، و هو الذي صلى على آية اللّه السيد بحر العلوم طاب ثراه باخبار منه بذلك قبل وفاته مع أن العلاّمة الشهرستاني «ره» كان وقتئذ في كربلا راجع القصة في «المستدرك» و توفي سنة 1216 و قد جاء في تاريخه «از غياب مهدي آل محمد آه آه» رأيت إجازة(1) بخطه كتبها للسيد ميرزا محمد مهدي بن ميرزا محمد تقى بن ميرزا محمد القاضي الطباطبائي التبريزي المتوفي سنة 1241 و هذه صورتها

هو اللّه سبحانه الحمد للّه الذي وفقنا للشرب من رحيق كأس الاخبار، المروية عن الائمة الابرار، و الصلوة و السّلام على من اليه مرجع سلسلة تلك الأخبار، فهو المبلغ لها عن الملك الجبار، و على آله الحاملين لها على مرور الأدوار، صلّى اللّه عليهم ما اختلف الليل و النهار

(أما بعد) فيقول الفقير الى ربه الكريم محمد مهدي بن ابي القاسم الموسوي لما كان شرف الانسان إنما هو باكتساب العلوم مع انضمام العمل و حيث كانت انواع العلوم متعددة و لكن كان أفضلها و أشرفها العلم باللّه و اليوم الآخر، لما يترتب على ذلك من المنازل العلية و المفاخر، ثم العلم بالكتاب العزيز، ثم العلم بالاخبار المأثورة عن النبي و آله المعصومين صلوات اللّه عليهم أجمعين الى يوم الدين و كان ممن أخذ من هذه العلوم بالحظ الوافر و فاز بالنصيب المتكاثر عمدة السادات الاشراف المتفرّع من دوحة عبد مناف ذي الذهن الثاقب و الفهم الصائب العالم البهى ميرزايز

ص: 284


1- كانت مكتوبة على آخر المجلد الاول من «الفقيه» المخطوط و الكتاب من متملكات السيد المجاز رأيته عند اولاده في تبريز

محمد مهدي أطال اللّه بقاه و دام عزه و علاه و قد إستجازني سلمه اللّه و أبقاه و قد سمع منى بعضا من كتاب التهذيب و بعض الكتب الفقهية المتداولة و برهة من كتاب التفسير فاجبت مسئوله و حققت مأموله فاقول اني قد أجزت له أن يروي عني ما صحت لي روايته عن مشايخي الأعلام رفع اللّه أقدارهم في دار السّلام من كتب أصحابنا في جميع العلوم و رواياتهم و مجازاتهم لا سيما كتب الحديث و الفقه و التفسير و الرجال و غيرها و طرقي الى مشايخي المتقدمين من أصحابنا الأصول كثيرة عديدة بسبب كثرة الوسايط صارت منتشرة إلا أنه لا يسقط الميسور بالمعسور كما هو المثل المشهور «فمنها» ما أخبرني به قرائة و سماعا و إجازة شيخنا العلم العلاّمة و استادنا الفهامة الكامل المنتقل الى جوار ربه الكريم الشيخ يوسف بن أحمد بن ابراهيم البحراني طاب ثراه و جعل الجنة منزله و مثواه عن شيخه و استاده جامع المعقول و المنقول و مستنبط الفروع من الأصول الشيخ حسن الماحوزي عن شيخه علاّمة الزمان و نادرة الأوان الشيخ سليمان الماحوزي عن شيخه و استاذه الشيخ سليمان بن علي بن سليمان المشهور بابن ابي ظبيه عن الشيخ العلم العلاّمة زين الملة و الدين الشيخ علي بن سليمان بن حسن بن سليمان البحراني عن شيخة المحقق الامين محمد المشتهر ببهاء الدين عن والده الفقيه النبيه الشيخ عزّ الدين الحسين بن الشيخ عبد الصمد بن محمد الحارثي الهمداني العاملي و هو يروي عن جملة من مشايخه الكرام أعظمهم و أعلمهم ممهد قواعد الدين زين الملة و الحق و الدين بن علي بن أحمد بن محمد الشهير بالشهيد الثاني اعلى اللّه رتبته و طيب تربته عن شيخه و استاده الشيخ علي

ص: 285

بن عبد العالي الميسي من قرى جبل عامل عن الشيخ السعيد ابن عمّ الشهيد شمس الدين محمد بن محمد المؤذن عن الشيخ ضياء الدين علي بن الشيخ الجليل شمس الدين محمد بن مكي عن والده الشهيد الاول عن جماعة منهم فخر المحققين و زبدة المدققين عن والده اعجوبة الزمان و علامة الأوان الشيخ الأجل جمال الدين ابي منصور الحسن بن يوسف بن على بن المطهر الشهير بالعلاّمة اعلى اللّه مقامه عن جملة من مشايخه منهم بل أعلاهم ذكرا و أسناهم فخرا الشيخ نجم الدين ابو القاسم جعفر بن الحسن بن يحيي بن سعيد الحلي المعروف بالمحقق خال العلاّمة عن شيخه الشيخ نجيب الدين بن نما عن جملة من مشايخه منهم محمد بن إدريس الحلي عن الشيخ عربي بن مسافر العبادي عن شيخه إلياس بن هشام الحائري عن شيخه أبى علي الحسن عن والده شيخ الطايفة المحقة و رئيس الملة الحقة رفع اللّه أقدارهم و اعلى منارهم عن شيخه عمدة أساطين الدين و زبدة حملة شريعة سيد المرسلين الفرد الوحيد أبي عبد اللّه محمد بن النعمان المعروف بالمفيد الذي رثاه صاحب الأمر عليه السّلام حيث وجد مكتوبا على قبره

لا صوّت الناعي بفقدك انه *** يوم على آل الرسول عظيم

إن كنت قد غيبت في جدث الثرى *** فالعدل و التوحيد فيه مقيم

و القائم المهدي يفرح كلما *** تليت عليك من الدروس علوم

عن جماعة من مشايخه منهم جعفر بن محمد بن جعفر بن موسى بن قولويه عن جملة من المشايخ الكرام منهم الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن بابويه عن مشايخه المذكورين في فهرست كتابه الفقيه و عن

ص: 286

ابن قولويه المتقدم عن شيخنا ثقة الاسلام و علم الأعلام و قيم شريعة اهل البيت عليهم السّلام ابي جعفر محمد بن يعقوب. الكليني عن مشايخه المذكورين في كتابه الكافي فاجزت له و إشترطت عليه ما اشترط عليّ مشايخي الأعلام من التمسك بذيل الاحتياط في العلم و العمل، للفوز بالنجاة من الوقوع في مهاوي الخلل و الزلل، و ان لا ينساني من صالح الدعوات في الحيوة و الممات، لا سيما في مظان الاجابات، و اعقاب الصلوات، و كتبه بيمينه الدائرة أعطاه اللّه كتابه بها في الآخرة احوج المربوبين الى رحمة ربه الكريم و أسير جرمه العظيم محمد مهدي بن ابي القاسم الموسوي الشهرستاني وفقه اللّه لمراضيه و جعل مستقبله خيرا من ماضيه في الأرض المقدسة كربلاء بجوار سيد الشهداء على مشرّفها آلاف التحية و الثناء بتاريخ شهر رجب من شهور سنة ثمان و تسعين و مائة بعد الالف من الهجرة النبوية على مهاجرها آلاف السّلام و التحية

(آل المترجم)

و للمترجم قدس سره ذرية طيبة فيها علماء فقهاء أجلاء ادباء ائمة الجمعة و الجماعة عليهم تدور رحى أغلب امور الناس في الدين و الدنيا في المشهد الرضوي المقدس على مشرفه الصلوة و السّلام «منهم» السيد السند الحاج ميرزا داود بن ميرزا محمد مهدي الشهيد كان «ره» من تلامذة العلاّمة الحجة الشيخ محمد تقي الأصبهاني صاحب حاشية المعالم توفي سنة 1240 *-* و السيد البارع الحاج ميرزا عبد الجواد بن السيد الشهيد توفي 1246 و هو ابن 58 سنة *-* و السيد العلاّمة الحجة

ص: 287

الحاج ميرزا هداية اللّه بن السيد الشريف المترجم له كتاب هداية العوام في الفقه. و كتاب في التفسير ولد في رجب سنة 1178 و توفي يوم الثلثا سابع شهر رمضان سنة 1248 و لهذا السيد صاحب التفسير اولاد اكابر علمآء و منهم السيد العالم الشريف الحاج ميرزا محمد العسكري إمام الجمعة و الجماعة في خراسان توفي سنة (1280) *-* و السيد العلاّمة البارع الحاج ميرزا ذبيح اللّه صاحب التصانيف الممتعة منها ترجمة عيون اخبار الرضا عليه السّلام بالفارسية. و شرح زكوة الكفاية للسبزوارى و الخمس منها. و رسالة المواسعة و المضايقة. و رسالة في الطهارة كبيرة و صغيرة *-* و السيد العلاّمة المتبحر الحاج ميرزا هاشم المولود في رجب سنة 1209 و المتوفى سنة 1269 و خلف الحاج ميرزا هاشم هذا ولده السيد العلاّمة المصلح الحاج ميرزا حبيب و هو أصغر من شقيقيه الحاج ميرزا باقر و الحاج ميرزا جعفر رحمهم اللّه و كان هذا البطل الديني عالما فاضلا بارعا عارفا حكيما شاعرا أديبا بليغا من تلمذة الأمام المجدّد(1) الشيرازي في سامراء55

ص: 288


1- هو سيد الطايفة و زعيم الشيعة الميمون مجدّد المذهب في القرن الرابع عشر الامام المؤتمن الحاج ميرزا محمد حسن الشيرازي لم يثبت التاريخ نبأ زعيم دينىّ أكبر منه في القرون الاسلامية و أما غزارة علمه و تحقيقه فحدّث عن البحر و لا حرج، و يوقفك على شيء منه ما نثره تلامذته أساطين الدين من أنظاره في العلوم في بطون الدفاتر أو على صهوات المنابر و يضيق نطاق الوصف عن ذكر فضائله و غرائزه الكريمة و مجاهداته دون الدين ولد سنة 1230 و توفي سنة 1312 بسامراء و حملت جنازته على الاعناق الى النجف الاشرف خلفه على علمه الجمّ و ورعه الموصوف و مجده الأثيل و مناقبه الكثيرة خلفه الصالح آية اللّه العظمى فقيه بيت الوحي و زعيم آل محمد صلّى اللّه عليه و آله السيد ميرزا علي آقا ولد سنة 1287 و توفي قريبا ليلة الاربعاء 18 ربيع الثاني من هذه السنة و هي سنة 1355

و كتب من تقريره رسالة في التعادل و التراجيح و رسالة في اللباس المشكوك فيه و قد نوّه بهما استاذه المجدّد على منبر التدريس و رجّحهما على غيرهما مما الفه أصحابه في المسئلتين عرج على خراسان في حدود 1300 و تقلد فيها زعامة دينيه كبرى و حاز ثقة الناس به و انثيال الخلق عليه للاستفادة من علومه الفائقة فكانت تزدان به صهوات المنابر و محاريب الأمامة و تترنج بمجلسه ذروة دست التدريس و منصة القضاء حتى قضى نحبه سنة نيف و عشرين و ثلثمائة بعد الالف و له ديوان شعر كبير بالفارسية من الطبقة العليا و فيه الكثير من مدايح الائمة الاطهار عليهم السّلام و على جلّ شعره مسحة عرفانية رائقة و هو ينبئ عن غزارة فهمه الوقاد، و جودة طبعه النقاد، و حظّه الأوفر و نصيبه الأوفى من علم الحديث و العرفان و الحكمة و وقوفه على دقايق كلمات أهل بيت العصمة صلوات اللّه عليهم له في مدح مولانا الأمام أمير المؤمنين عليه السّلام قوله

اي اسم تو أصل هر مسمّى *** وى جسم تو جان جمله اشيا

وصف تو برون ز حدّ إمكان *** مدح تو برون ز عد و إحصا

در مدح تو سوره ايست يس *** در وصف تو آيتي ايست طه

مدّاح نبى مديح قران *** گوينده جناب حق تعالى

ص: 289

گيتي همه قالب و تؤش روح *** عالم همه صورت و تو معنى

از خصم تو گفت حق بقران *** چندين بكنايه لات و عزّى

أبروى تو بود أنكه قوسين *** ناميد حق از مقام أدنى

يكجلوه ز چهرۀ تو تابيد *** در بزمگه «دنى تدلى»

در كاخ دوئي تو بودى اوّل *** اين است بيان نقطۀ با

آن خال نهفته زير گيسو *** چون ماه گرفته ليل يلدا

از مهر رخش گرفته پرتو *** وز عكس لبش فزود لالا

تاييد بممكنات نورش *** گرديد عيان ذوات أشيا

از نقطه حروف يافت تركيب *** وز حرف خطوط شد هويدا

زين نقطه كه بود قطب ايجاد *** پس دايره شد عيان و پيدا

زين بيش سخن نميتوان گفت *** اين است كمال عقل دانا

زين تعميه عقل حيرت افزود *** تا لعل تو حل كند معما

چون پاي خرد بگل فرو رفت *** وز سر بگذشت آب دريا

اين سرّ نهان نهفته خوشتر *** وين راز درون نگفته اولى

جبريل بريخت پر در اين كوى *** كنجشك كجا و صيد عنقا

جائيكه بسوخت پاى جبريل *** ما را دل و جان بسوزد آنجا

آنجا كه عقاب پر بريزد ***

از پشۀ لاغرى چه خيزد ***

أى صاحب تخت و بخت و ديهيم *** سلطان سرير هفت إقليم

أى آنكه كنى بيك إشاره *** در حشر بهشت و نار تقسيم

ص: 290

أى جلوۀ از رخ تو جنت *** وى رشحۀ از لب تو تسنيم

آداب حقوق بندگى را *** كردي تو بجبرئيل تعليم

وصفي ز رخ تو بود يس *** نعتي ز لب تو بود حاميم

مقصود تو بودي از فواتح *** مطلوب تو بودي از خواتيم

هر شام و سحر كه خم كند پشت *** چرخت چه گدا براي تعظيم

بخشيش ز مهر دامني نور *** ريزيش ز ماه خرمنى سيم

در روز أزل قلم چه بنمود *** بر لوح نقوش حسن ترقيم

از دور خط تو داشت سرمشق *** و از لعل لب تو داشت ترسيم

از خط تو گرد دورۀ نون *** و از لعل تو بود حلقۀ ميم

از چشم تو بود چشمۀ صاد *** و از زلف تو بود دامن جيم

با حب و عداوت تو ز آغاز *** چون گشت بهشت و نار تقسيم

از خلد عدو چه دارد اميد *** از نار «حبيب» كي كند بيم

روز ازل كادم و عالم نبود ***

جلوۀ از روى (علي) كم نبود ***

آدم اگر چهره نمودي بخاك *** بر در پيرم (علي) آدم نبود

مرغ گل ار يافت به تن جان و دل *** از دم عيسى بجز اين دم نبود

نخلۀ مريم نشدي بارور *** سايه أش ار بر سر مريم نبود

أى كه نه گر كلك تو دادى نظام *** دفتر ايجاد منظم نبود

كعبه ز ميلاد تو اين رتبه يافت *** ورنه باين پايه معظم نبود

در شب معراج كه حق با رسول *** گفت سخن غير تو محرم نبود

ص: 291

كيستي أى آنكه همه عالمي *** گر تو نبودى همه عالم نبود

گر ننهادى تو بهستي قدم *** نام و نشان ز آدم و خاتم نبود

ذكرنا كثيرا من شعره في كتابنا (الرياض) اخذا من ديوانه المخطوط

(الفقيه المتكلم المولى عبد الصمد)

الهمداني نزيل كربلاء و الشهيد بها سنة 1216، أحد أعلام الدين و حملة العلم فقيه محقق محدّث حكيم متكلم لغويّ مشارك في العلوم ماهر فيها زاهد عارف حسن المشرب و الطريقة من تلمذة المروّج البهبهاني الآنف ذكره في ص 275 و السيد صاحب(1) «الرياض» له كتاب كبير في اللغة. و كتاب كبير في شرح المختصر النافع للمحقق الحلي رأيت منه بخطه كتاب الصيد. و الذباحة. و الغصب. و الشفعة. و احياء الموات.

و اللقطة. و الأطعمة و الأشربة. و الارث الى المناسخات، و كتب في آخر كتاب إحياء الموات هذا آخر ما جرى به القلم كتبه مؤلفه الجاني عبد الصمد الهمداني في حاير الحسين على مشرفه الف صلوة و سلام فى شهر المولود و قد مضى من الهجرة النبوية على مهاجرها الصلوة و السّلام سنة 1195 إنتهى و هذا الشرح يشفّ عن تضلع مؤلفه في الفقه و اصوله و الحديث و اللغة و له كتاب «بحر العارف» كتاب علمى ديني اخلاقي فلسفي عرفاني ينم كسابقه عن فضل جامعه الغزير و علمه المتدفق و له شعر و منه

ز كعبه عاقب امر سوي دير شدم *** هزار شكر كه من عاقبت بخير شدم

ص: 292


1- هو الأمير السيد علي الحايري احد اساطين الفقه و التحقيق و ابن اخت استاذه الوحيد البهبهاني ولد سنة 1161 و توفي سنة 12

استشهد رحمه اللّه في هجمة الوهابين على كربلاء المشرفة بعد ما أخرج من داره بالحيل و ذلك في يوم الاربعاء 18 شهر ذى الحجة الحرام يوم الغدير سنة 1216 قال بحاثة آل كاشف الغطاء في «الحصون المنيعة» قيل إن المترجم كان يقول و يكرر «ستخضب شيبتى من دمي» * و ذكره و أطراه غير واحد من أصحاب التواريخ و معاجم الأعلام *

قتل مع المترجم جمع من أعلام الدين و العلم منهم علم العلم و علم الفضل الشيخ محمد و الحبر التقي الشيخ عين علي و العلوي الشريف السيد صادق و الفتى السامي علي، و هؤلاء لم نعلم تفصيل تاريخ حياتهم

(الوهابية) فئة منسوبة الى محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي ولد سنة 1111 و توفي سنة 1206 كان من أعراب نجد مقيما في البصرة تلميذا للشيخ محمد مهدي البصري مخالطا لعلماء عصره محصلا للعلوم فى أول أمره حتى آل أمره إلى اتباع الهوى و الاغترار بالاباطيل و المنى فاخترع مذهبا خارجا عن فرق الاسلام بناه على انقاض ما أسسه ابن تيمية الحراني و تلميذه إبن القيم

و من مذهبهم تحريم الأحتفال بالموتى حتى الانبياء و الائمة عليهم السّلام و تحريم البناء على قبورهم و زيارتهم و التوسل الى اللّه و الاستشفاع بهم و سوق النذور و القرابين التي يتقرّب بها الى اللّه و يهدى ثوابها لهم و الصلوة في تلكم المراقد الشريفة و وجوب المنع عن جميع ذلك و هدم البنايات القائمة على القبور المقدسة و انه يجب اتباع من شهر السيف منهم متسميا بامام المسلمين و أن المتبع هو رأيه حسب مقتضيات الظروف و الاحوال

ص: 293

و لا عبرة بقول ميت أبدا و قد بلغت به الجرءة حتى قال (عصاي خير من محمد فانها تنفع و محمد لا ينفع) و هؤلاء يكفرون فرق المسلمين و ينبزونهم بالشرك و الالحاد و يبيحون دمائهم

ثم إنه تزلف الى عبد العزيز و كان من مشايخ أعراب نجد حنبليا و قد إجتمع عليه خلق كثير فتابع امره و نهب في اوّل أمره ذخاير المدينة المشرفة و هدموا قبور ائمة البقيع و ارتكبوا المآثم و بنوا في نجد حصنا و سموه ب (الدرعية) ثم لما قوى امره و غدا ملك الحرمين الشريفين قصد الاستيلاء على النجف الأشرف و هاجمها مرتين و قاتل ربيون كثير و أعانهم على ذلك شيعة بني خزاعة فدحروهم فردّوا على أعقابهم قهقرى

ثم جاء سعود بن عبد العزيز بايعاز من أبيه فباغت كربلاء المشرفة و هاجمها في ذي الحجة صبيحة يوم الغدير سنة 1216 فورد عليها على حين غفلة من أهلها و معه 12000 الفافا غاروا عليها و نهبوا ما وصلوا اليه و ازهقوا النفوس و هتكوا الحرم و لم يرقبوا للمؤمنين إلا و لا ذمة و أباحوا القتل فيها ست ساعات من النهار قتل فيها سبعة الاف من العلماء و الفضلاء و الاكابر و الأشراف و الملوك و السوقة و من شهداء تلك الواقعة المترجم و من أوعزنا اليه و قد انتهكوا حرمة رسول اللّه بتوهين الحرم القدسي و هدّ أركانه و نهب نفائسه إلى جرائم لا يساعدني على اثباتها الدين و شرف الانسانية *-* ذكر الفاضل الشاعر المفلق الحاج هاشم الكعبي المتوفى سنة 1231 بعض المقتولين في تلك الوقعة الفجيعة في قصيدة نزفها الى مسامعك اخذا من ديوانه المخطوط

ص: 294

أنت الملوم فمن يكون الألوما *** فلك انظما هيهات معسول اللمى

ما طال ليلك بعد ليلي حيرة *** الا و كنت بها كمثلي مغرما

لك في الظعائن سلوة لو أمهلوا *** أنى و قد ساق الركاب و هوّما

أنّى و قد ساق الركاب و أعجل الحا *** دي و أنجد بالفريق و أتهما

أفانت طالب سلوة من بعدهم *** و تكون أنت كما زعمت متيما

يا سعد قف بي في المنازل ساعة *** نبكي فربّة عبرة تشفي ظما

نبكي نفوس تقى تراق على الظبى *** ظلما و أجسادا تغسلها الدما

نبكي لصرعى في التراب تخالها *** في الليل من فوق البسيطة أنجما

نبكي حرائر هتكت أستارها *** بعد الحجاب فاصبحت مثل الأما

نبكي على النفر الذين تتابعوا *** نحو المنون معظما فمعظما

نبكي البدور الكاسفات بنورها *** ليل الضلال إذا ضلال أبهما

نفست بهم ارض الطفوف فلم تزل *** تجنى العظيم و تستفيد الاعظما

و لعت بكسف النيرات فاكسبت *** شرفا عليه الدهر تحسدها السما

قد كنت أحسب أن غاية كربها *** يوم قضى «ابن محمد» فيه ظما

فاذا الرزايا لا تزال بربعها *** فذا تطرّق بالخطوب و توأما

بابي غريب «محمد» و حبيبه *** بابي و قل أبى و جملة من و ما

لم تفت قارعة تحلّ بربعه *** حيا و تزعجه رميما أعظما

كتب البلاء على علاه كانما *** فرض البلاء على علاه و حتما

حيا و ميتا لا يزال مجرعا *** با كف أهل البغي صابا علقما

يوما كذبح الشاة يذبح بالعرى *** بل ربّ شاة منه كانت أكرما

ص: 295

ذبحا على ظمأ الفؤاد من القفا *** أ رأيت شاة و يك نذبح بالظما

و يروح يوما صدره متحطما *** فيهم و يوما قبره متهدّما

خلقا توارثه البغاة و سيرة *** يقفو بها المتأخر المتقدما

أو ما سمعت مصابها الثاني فقد *** جاءت بواحدة المصائب صيلما

تركت رجال اللّه قتلى حيثما *** و حريم آل اللّه ثكلى أينما

لعبت بهم أيدي الخطوب فاصبحوا *** نهبا بايدي الظالمين مقسما

فتراهم فيها كما شآء العدى *** للسمر ريا و الصوارم مطعما

يا للرجال و لا رجال لهذه *** الطخيا التي أقوت من الدين الحمى

لمغسلين بما تفيض نحورهم *** لمكفنين مدارعا لن تلحما

لمطرحين بغير دفن بالعرا *** تغذو السيوف لحومهم و الاعظما

لموحدين آلههم لم يجعلوا *** معه سواه و لا أواما حرّما

للصائمين نهارهم لم يبرحوا *** للقائمين بليلهم ان اعتما

للواصلين هناك رحم نبيهم *** تركوا تنعمهم و عافوا الأنعما

لمهاجرين الى المهيمن حسبة *** جعلوا الشهادة للسعادة سلما

صرعى تنوش جسومهم و حش الفلا *** و الطير تغدو من عليها حوّما

ترد السباع لحومها و جسومها *** فينازع السرحان فيها القشعما

للراكعين الساجدين العابدين *** الحامدين لربهم ربّ السما

يا ليت شعري من أنوح له و من *** ابكي و من أغدو له متألما

لدعائم الأسلام ساعة ضعضعت *** أركانه للدين ساعة هدّما

لشعار أهل الحق يمحق نورها *** بغضا لقبر ابن النبيّ مهدما

ص: 296

لرجال دين اللّه و القوم الاولى *** بضياء نور بيانهم يجلى العمى

«لمحمد» علم العلوم باسرها *** لأخي التقى الفياض غيثا إن همى

للحبر «عين علي» مصباح الدجى *** في ليلة يتلو المبين المحكما

لأخي النهى و الفضل غير مدافع *** علم الكمال العارف المتوسعا

أم للفتى العلوي «صادق» قوله *** بالسيف جسده النجيع و عند ما

أم للفتى السامي «علي» إذ غدا *** ينحو الردى بادي الشجاعة معلما

ما زال يخطر بالحسام مجاهدا *** حتى غدى بالمشرفيّ معمما

بابي و أمي عافرون على الثرى *** يقضى و تحسبهم هنالك نوّما

ظفروا بقصدهم و بتّ معللا *** ما بين ربّتما و بين لعلما

سبقوا الى الجنات في غاياتهم *** سبق الوفود لمنعم لن يسأما

غنموا الجنان و ظلت بعد فراقهم *** حلف المذلة مرغما أو مغرما

ربحوا ببيعهم الذي قد بايعوا *** فاعرف مقامك أين أنت من النما

أفردت نفسك عن سلوك طريقهم *** و رجوت تعدلهم فتأتي توأما

هيهات منتك الأماني ضلة *** و أراك فيما خلته متوهما

فارجع فلست أراك الا خابطا *** فيما تركب تاليا و مقدّما

شأن الغواني صار شأنك لم تكن *** الا تقيم عزا و تنصب مأتما

إن كان همك ليس الا بالبكا *** فتكون نائحة و تسمع مغرما

فلم ادّخرت من السيوف مصمما *** لكريهة و من الرماح مقوّما

ضعفا لرأيك حيث رأيك في البكا *** لا مقدما تلفي و لا مستقدما

ضلت أدلة معشر سودتهم *** إن كنت متخذا حياتك مغنما

ص: 297

يا للرجال ألا تقي عاطف *** يحنو على دين الاله و يرحما

يا للرجال ألا إبن منجية يرى *** أم كلكم يا قوم أبناء الاما

يا للرجال ألا إبن منجية يرى *** دينا فيغضب للاله فيقدما

يا للرجال ألا معوّد شيمة *** إن صحّ قول (سعود) أن لا مسلما

إن صح ما منكم لربّ مسلم *** أ فلم يكن فيكم فتى يحمي الحمى

أ فلم يكن فيكم مراع حرمة *** إن كنتم من ليس يخشى محرما

إن صح أن ولاء آل محمد *** و هواهم قد كان شركا اعظما

إن صح أن الواصلين نبيهم *** في آله يستوجبون جهنما

إن صحّ أن المسلمين باسرهم *** ما فيهم للّه من يحمي حمى

إن صح لا خلفاء بعد نبيهم *** أولا ائمة حرّموا ما حرّما

بل كلهم باغ مضل مبدع *** إلا (سعود) فنوره يجلو العمى

و زمان الفي عام لم يك فيهم *** أحد لوجه الهه قد اسلما

و يقول طه لم يزل في امتي *** بالحق طائفة تقول المحكما

فمن المحق أ «أحمد» في قوله *** أم جاهل و من المصدق منهما

يا ناصر الاسلام يابن محمد *** أكرم به نسبا و أعظم منتمى

يابن الكرام أما تمنّ بلغتة *** عظم البلا و تجاوز الماء الفما

و ترى حسام البغى كيف قد اغتدى *** برقابنا متمكنا متحكما

لا اشيبا تركوا و لا مستضعفا *** كلا و لا متضرعا متسلما

كم حرّة مسحوبة مضروبة *** سلب اللئيم قناعها سلب الاما

مسلوبة الاطمار لم تر ساترا *** في الناس إلا كفها و المعصما

ص: 298

تخشى النهار من العيون اذا بدت *** اذ كان يسترها الدجى ان اظلما

كم ذات خدر اخرجوها عنوة *** من خدرها فغدا حريقا مضرما

قتل الرجال لشركهم في زعمه *** فالطفل أية جرمة قد أجرما

فبمسمع منك الذي قد عاينوا *** و كفاهم يا سيدي أن تعلما

قرّت عيون الكاشحين شماتة *** و افترّ ثغر الشامتين تبسما

و انصاع دين اللّه لعبة لاعب *** فيما يشآء تهجما و تحكما

فالى متى يابن النبي الى متى *** صلى الأله على النبي و سلما

و للحاج محمد رضا(1) بن محمد بن مهدي بن مراد الأزري البغدادي يؤرخ الواقعة بكل شطر منها أخذناها من ديوانه المخطوط

أريحا فقد لاحت طلايع كربلا *** لنقبر أشلاء و نسعد مرملا

لنبكي دورا راعها قارع الردى *** فاوجف منها ما استقر و ما علا

لعمري لقد عبت عليها مصائب *** و جلى عليها الرعب للحتف قسطلا

مبان محا آياتها الويل فانمحت *** و كلل ساريها الردى فتكللا

فكيف و حرف البين عاب بناؤه *** و فلّ برسميه و نوّخ كلكلا

و هبّ بجو الدين يخفق برقه *** مصاب بجون الحزن أضحى مجلجلا

يقلّ بثجاج يزمجر برقه *** بوحف فيثنى الدو بالدم اشكلاضى

ص: 299


1- شاعر مفلق و أديب مبدع ولد سنة الف و مائة و نيف و ثلثين و توفي سنة 1240 و دفن في الكاظمية مع شقيقيه الشيخ الكاظم الشهير صاحب القصيدة الهائية المتوفى سنة 1211 و الشيخ يوسف المتوفى سنة 1212 و مقبرتهم معروفة عند مرقد الأمام الشريف المرتضى

و كيف و قد مدت صواعق رعده *** على طول ربع المصطفى فتزلزلا

فتلكم ربوع الدين قل بها الصدى *** و تلكم بيوت الوحي قد جاشها البلا

نوائب قد فاءت فهاجت نوائبا *** أمدن قنا العلياء في زمن خلا

ليبك التقى يوما به اهب التقى *** و يا لك بينا زاد جسمي ضنى على

فوا لهف قلبي لو شفى لهف ماعرا *** إذ (ابن سعود) جاز أنجد كربلا

و قتل أطفالا و روع حسرا *** و جدل أشياخا و بعد منزلا

و باكر من رأس ابن بنت محمد *** يبارز منه ما استتار و ما علا

فما للورى في حيرة من يبابها *** و أعظم ببؤس ما أجل و اطولا

و هل عاد رزء الطف في الطف ثانيا *** أجل جل ثان تابع اليوم أولا

و يا لقديم الملك للفادح الذي *** على تلعات الدين طال و جللا

لأم شهيد دونهما متشحط *** و سلوتها بعد العزيز تولولا

لأصبية قد قلد السيف نحرها *** و مسترجع قدحن يدعو محوقلا

لهائمة ما إن تجد بركبها *** يرى الركب منها كل زيزاء مقتلا

لحائمه قد زعزع البين شملها *** و أوردها حر الخطوب و انهلا

لبارحة لم يبرح النسك حلفها *** دهاها القضا فيما دهاها و اجفلا

لبانية صاح النفير بعيرها *** و معولة أودت هنالك معولا

لحايرة بالقفر جد بها الجوى *** تأنّ على حزن و تندب منزلا

لوالدة عادت لفقد وليدها *** تحن حنين الملويات الى الطلا

لعارية قد قمص الدم فودها *** و مجلية امسى حشاها مقلقلا

لسائلة من دورها في وعودها *** و ان هدأت عجّ البلاء ممثلا

ص: 300

لأبنية تبكي لها نعم الندى *** إذ العام امسى صاحب الدو ممحلا

لذبح رجال بالمساجد ساجلوا *** بمحكمة التنزيل من امها الى

لخسف بدور في منازل اوجها *** هوت بعد أن سادت محلا و منزلا

و حاموا ببذل النفس جودا لدى العلى *** ألا هكذا فليعل بالجود من علا

لكل عزيز قمص الذل واجما *** و يسمح ان يمسى العزيز مذللا

و إن هي الا لو تعطف عزمة *** بنهلتها احيت فؤادي المعللا

فما للورى في دهشة جد جدها *** أفي كربلا عادت مصائب كربلا

فيا قائد الجيش العرمرم سحبه *** تزاهر عن ليل من النقع اليلا

بحيث لواء النصر اسدل فوقها *** و نص خطيب السيف بالوحي فيصلا

كتائب دلت بالجبال سوائرا *** إذا انماط عنها جحفل مدجحفلا

طحون متى ما الروع جلجل رعده *** تطلبها الفتح الالهي مقبلا

تحج به الاملاك مثنى و موحدا *** و يسعى لها ريح الفتوح مهرولا

الام و ها ضاق الزمان بوافد *** يضج و لا ساح يحير و لا ولا

فمن لي و هل من لي يعود بشأوهم *** و يرجع صرحى بالتداني مكللا

و أسمو بها في حلبة المجد نزلة *** تكاد بها تهوى الزواهر افلا

هناك يعاد الجرح بعد انتفاره *** و يضحى عليه عايد الزهو مسبلا

و اسحبها في روقي الملك بردة *** تكاد بمعناها تمد السجنجلا

و في طرف القرآن في قصص الأولى *** لنا دارس ما إن لها قارىء تلا

و يامر قلا من فوق تلعاء حائل *** تجد هوادي الدوّ مرقى و مرقلا

متى يلمع البرق اليماني ساطعا *** تحوم على ام المتالع اجدلا

ص: 301

من البد ذات الفتل لوزج عمها *** على متلف حاكى الدمقس المفتلا

تدين لها الأعواد من عهد شدقم *** فاحبب به خيما عريفا و موئلا

لك اللّه لو شافهت حومآء (حيدر) *** و شاهدت أنوارا هناك و محفلا

فقف بازاء القبر من منكب الحمى *** و ناد بناديه الكمي المفضلا

ألايا (علي) القدر دعوة مرهج *** يرود بصدر بالهموم قد امتلا

و أدّله مني التحيات زايرا *** و من بعد ما تبدي اساك تململا

و تعلو بهاتيك المعاهد نائحا *** حنانا فانفاسا تجيش الى الطلى

و كيف و قد زال الهدى بمضلل *** لمنزل حكم الدين اضحى مبدلا

ملاذا فقد طال المدى و جلى الندى *** و قام العدى مستسنمى سبق العلا

و كيف ترى مستعصما دون طودكم *** و ملجا سواكم إن بدت أزمة فلا

و ساح بنا بين و حالت مسافة *** ألم يأن أن يسقى الحياذاوي الكلا

و جار و هاء الطف شرّ عصابة *** اذلاء زموا بالمدانس معقلا

فثم (ابن سعد) سنّ أفعال حقده *** و نجل (سعود) قد توطاه لا تلا

فيا صاحبي رحلي أريحا سويعة *** لنبكى بها ظليّ حبيب و منزلا

أنيخا بها عقد النياق لتسألا *** مرابع عفو قد عفتها يد البلا

فيالك من يوم تحدى بشرّه *** و آب على الايام أنكب معضلا

و كيف و عامت في الليالى صروفه *** و زاد عناه في البلاء مضللا

و نادى به ناعي الصلاح مورخا *** (لقد عاودتنا اليوم ارزاء كربلا)

* 1216 *

(و له ايضا يخاطب ابن سعود في هذه الواقعة و يجادله)

ص: 302

ألم يأن أن يصفى الى الحق غافل *** و يسلك نهج الاستقامة مائل

و يصحو ذو سكر و يبصر ذو عمى *** و يبرأ ذو سقم و يعلم جاهل

فهاتيك سبل المسلمين تفرّقت *** و شطت برأى المبدعين المحامل

و جاؤا بها نكراء مجهولة السرى *** موام بها سيد الغواية عاسل

فقل للاولى حادوا عن الدين ضلة *** و بدر الهدى في هالة الدين كامل

تعالوا الى قول سواء فبيننا *** و بينكم ما فيه خلف و باطل

نراجع بما فيه اختلفتا من الهدى *** مذاهبنا اللاتي بها الحق شامل

فان تجنحوا للسلم نجنح لها و ان *** أبيتم فحدّ السيف بالحق فاصل

ترى هل عسيتم ان توليتم بان *** تسنوا سبيلا تقتفيه الأراذل

و لم أدر ذا وحي عن اللّه جاءكم *** حديثا فلم تدرك مداه الأوائل

أم الأمر ممن قد حكمتم بشركهم *** أتاكم و كل في الشريعة باطل

و يا ليت شعري حيث قام زعيمكم *** إذا لم يك الاسلام و الدين زايل

فان قال (ابراهيم) قد كان امة *** فذاك له الوحي السماوي نازل

و إن يدع بالبعض و البعض فليقل *** لنا من اولاك البعض ان هو قائل

و إلا فكل مثل دعواه يدعي *** اذا لم يصحّ نقل ما هو ناقل

و ان يزعموا أن الكتاب دليله *** فكل فريق بالكتاب يجادل

على انه ما نال في العلم شأوهم *** و لا كان من أقرانهم لو تنازلوا

و لا نال ما نالوه من قرب عهدهم *** و شتان ما منه غريب و آهل

و من ير أهل الأعتزال و علمهم *** فنسبتهم منه اياس و باقل

على انه لا تمتري بضلالة *** فماذا عسى بالذكر يغني المجادل

ص: 303

و إن تسألوا عن بعض ما أقترف الورى *** من الاثم فالرحمن لتوب قابل

هبوا أنهم جاؤا بكل كبيرة *** فما ذاك كفر بل فسوق و باطل

بل الكفر تحليل الدماء التي اتى *** بتحريمها الأجماع و الذكر نازل

و لا خلف فيما ذلكم لو علمتم *** و إن كنتم لا تعلمون فسائلوا

و تلكم زيارات القبور تواترت *** نصوص بها مشهورة و دلائل

و جاءت الينا عن يد بيد إلى *** صحابة (طاها) منهج متواصل

و قد دفن الهادي النبي بحجرة *** محجبة تزعى اليها الرواحل

و من بعد حلاّ صاحباه ازاءه *** و بضعته و الدين اذ ذاك كامل

و حلف بغير اللّه لم يجز عندنا *** بحدّ و لا فيه لدى الشرع قائل

و إن جاء أحيانا ففيه كراهة *** به نصّ أهل الأجتهاد الافاضل

و نحن أمرنا باتباع سبيلهم *** و من حاد عن تلك السبيل فجاهل

و من حرّم التتن الذي لم يرد لنا *** بتحريمه نصّ من الشرع فاصل

و ما لم يحرّمه الأله فعندنا *** مباح و فيما ذلكم لا مجادل

و إن يستدل الشيخ في كل مسكر *** حرام فقول الشيخ بالسكر باطل

فتعسا لشيخ خاض في الجبل لجة *** غطامط لا يلفي لها الدهر ساحل

و صيّر امر الدين احبولة الدنا *** و ما تلك للشيطان إلا حبائل

و إن غرّكم ان اجل اللّه نصرنا *** فما ذاك الا للفتوح دلائل

و هيهات يوم الغار من فتح مكة *** ألا انّ نصر المسلمين لآجل

و ان قتل العبد المزنم سيدا *** فليس ببدع ذاك حيث الافاضل

فقد قتل الرجس ابن ملجم (حيدرا) *** و أردى (حسينا) أخبث الناس جاهل

ص: 304

و من فوقت أيدي القضا سهم حتفه *** فكل الذي يلقاه في الدهر قاتل

و غير عجيب ان نبا بك صارم *** و ليس ببدع ان كبابك صاهل

فما لأولاء القوم لم يسمعوا ندا *** إذا ما دعوا للحق و الحق فاصل

و إن أبصروا رشدا تناهوا بغيهم *** و عند التناهي يقصر المتطاول

و لم أدر في الابصار عن غيهم عمى *** فلم يبصروا أم أبصروا و تغافلوا

أفي أي شرع أن تباع هجينة *** بها لولي الامر في الحق طائل

و سيان ان تسرق مها و جمالة *** إذا ما أقام الحدّ قاض و عامل

و هل جايز ذبح الرضيع بسرعة *** فهاتيكم الأديان طرا فسائلوا

و كان (رسول اللّه) في كل حربه *** للاسلام أهل الشرك في الحرب قابل

فان قلتم في ردة بعد فطرة *** ففي الشرك من آبائنا لا نجادل

و في الأمس انتم حاكمون بشركهم *** بناء لعمر اللّه بالنقض هائل

و ان قستم لما رأوا بأسنا بها *** فذاك قياس فارق و مزائل

و لو جاز هذا جاز بالتين حلفنا *** كما حلف الباري قياس مماثل

و قد أورد اللّه الردى اولياءه *** فهل أحد ما يفعل اللّه فاعل

فيا قوم هبوا عن مضاجع جهلكم *** و لبوا لداعي اللّه فالامر هائل

و لا تعبثوا في الارض فاللّه غالب *** على امره سبحانه لا يناضل

و كلمته العليا تعالى بشأنه *** مدّمر عاد إذ عتوا و تطاولوا

و من قبالكم فيها «مسيلمة» عتا *** فدارت عليه الدائرات القواتل

و من قبل أهل (الرس) باؤا بغيهم *** و غالت بها تيك القرون الغوائل

فتلك ديار القوم ينعي بها الصدى *** خلاء بها تعوى الذباب العواسل

ص: 305

كانهم لم يلبثوا غير ساعة *** بلاغ فهل يبغي بها اليوم عاقل

و سرعان نزجيها اليكم سحائبا *** صواعقها بيض الظبى و العوامل

عليها من الفتيان كل موحّد *** أشمّ طويل الساعدين حلاحل

يذبّ بها عن بيضة الدين قائلا *** ألا في سبيل اللّه ما انا فاعل

من القوم لم يرضوا سوى الصعب مركبا *** و ليس لهم الا السيوف وسائل

غطاريف طلاّعون كل ثنية *** تناذر في الاقطار منها القبائل

و اساد غيل غيلها حومة الوغى *** و لا مخلب إلا القنا و المناصل

اذا ما الملوك الصيد طالوا بمفخر *** فما منهم إلا سنام و كاهل

و لو خفقت تحت العجاج بنودهم *** لكانت لها الشم الرعان تهايل

صواد الى شرب الدماء كانهم *** من البزل هيم عارضتها المناهل

يقرّون أن الامر للّه وحده *** و كل له داع و اياه سائل

و لم ينكروا للانبياء مزية *** و لا لرجال اللّه و اللّه فاعل

اولئك هم حزب الآله و جنده *** اذا ما دهى الاسلام افضع نازل

و من قبل دعوى الصيد كادت تغيظها *** فلم تكترث هولا بهم او تطاولوا

بلى منذ و افتنا رسائل من لدى *** صعاليك نجد اضحكتنا الرسائل

و اغلب من جادلت من ليس يرعوى *** و اقتل من حاولت من لا يماثل

و اعلمنا في الدين من هو عالم *** و اجهلنا بالدين من هو جاهل

يمينا بربّ البدن تنحر في منى *** صباح منى و الحج هاد و غافل

و اوّل بيت قام في الناس للذي *** ببكة فيه للعصاة معاقل

و مختلف الاملاك في ملكوتها *** لهم عارج بالامر منه و نازل

ص: 306

لذاك اعتقادي قد امطت حجابه *** و لا منه بدّلي و لا عنه حائل

ورثناه عن اباء صدق افاضل *** حبتهم به آباء صدق افاضل

بهذا تواصت قبلنا قدماؤنا *** و نحن على آثارهم فتناسل

الى مثل ذا فليسع من كان ساعيا *** منازله منه عليه دلائل

فان كان قدحي لم يطش و هو لم يطش *** ستكثر في تلك العراص الثواكل

و يصبح في أيدي القبايل فيأهم *** تقاسمه أيمانهم و الشمائل

و هل آمنوا اهل القرى ان نزورهم *** بغاشية قد ظللتها القساطل

و هل آمنوا أهل القرى أن نحلهم *** بياتا و كل راقد الطرف غافل

و هل آمنوا اهل القرى ان نشلهم *** صباحا و كل في الضلال يجادل

بجلجلة مبراقة الجوّ حشوها *** شفار المواضى و العتاق الصواهل

اذا طالعت نجدا أفلت بشمه *** جحافل حين اردفتها جحافل

تدور بمرداة طحون عليهم *** لها لهوات للجيوش أواكل

و تعرك روقى كل ارعن شاهق *** تكاد تحك السحب منه الاياطل

اذا الحرب عن انيابها العضل كشرت *** و حطت على الآفاق منها الكلاكل

اقلت بها سوداء ضرّ يحوقها *** لفيف من الجند السماوي نازل

تعوم بثجاج من الدم و اطف *** اذا غبّ منه هاطل عبّ هاطل

اذا برقت تحت القتام حسبتها *** بروقا تدلى اورجوما تهايل

تنوء باعباء الردى أحمدية *** لها صاعد تحت السماء و نازل

لها شرر لو طار عن قبساتها *** لكات لها تحكي الجمال البوازل

و يا قوم سمعا ما أقول فانها *** لتذكرة فيها هدى و دلائل

ص: 307

حذار فقد أنذرتكم بزواجر *** تناشد غطفانا فتسمع وائل

فان تنتهوا يغفر لكم ما مضى و ان *** تعودوا فما غير البنود رسائل

و ساء صباح المنذرين إذا هوت *** صواعقها فى أرضكم و الزلازل

و له فى ذكر الواقعة ايضا و رثاء قتلاها و تاريخها و القصيدة طويلة تشتمل على 103 بيتا نذكر بعضها

خطب على الطف قد غشى بطوفان *** فجلّ عن جانبيه كل بنيان

فما انجلت عن ضواحيه غياهبها *** حتى التقى الدم غدرانا بغدران

اللّه اكبر اي القارعات رمت *** جرثومة الدين فانتلت باركان

قتلى ترى الدم يجري حولهم دفعا *** كانهم كثب من حول نهران

و ارحمتا لمروعات ضمائرها *** على مصارع أشياخ و ولدان

لم ندر أي الرزايا نشتكي و لما *** نعجّ هتك حمى ام جر أذقان

من كل عائرة بالذيل من دهش *** حسرى تحوقل عن سرّ و اعلان

يا ليت شعري و ما ليت بنافعتي *** لو يحضر (المصطفى) في ذلك الآن

و ينظر الحائر القدسي مسلخ جزّ *** ار و اولاده جاثين كالضان

كانّ أجسامهم قد ضرّجت بدم *** درّ يناط عليه سمط مرجان

رزء تحار له الرهبان لو سمعت *** من دير سمعان لابل دير سمعان

أو طاق كسرى بن ساسان يعيه إذن *** لصدّع الطاق من كسرى بن ساسان

يا (غيرة اللّه) للارحام جانحة *** لرّضع ما أتوا يوما بعصيان

لنبش قبر ابن بنت المصطفى لدم *** يجري عليه بتشريق و تهتان

لشيبة خضبت بالدم و هي على *** محرابها بين مصباح و قرآن

ص: 308

لفتية دفنوا من غير ما غسلوا *** و لا تزوّد كافور و أكفان

للمرضعات اللواتي كلما هدأت *** ترى مصارع اشياخ و ولدان

للعاريات اللواتي بعد ما سلبت *** ظلت تواري باحقاف و جدران

لكل عشر سليبات تستر في *** عباءة بين اخفاء و اعلان

لمعشر محضوا الايمان و اعتصموا *** بالصبر و الصبر مرسى كل ايمان

لقتل خمسة الآف بآونة *** من النهار سوى المستشرف الفاني

لثار خامس اصحاب الكساء و من *** به المباهل طاها ركب نجران

لثار ريحانة الهادي و سيد شبا *** ن الجنان من الأنسان و الجان

من العزيز على سبط النبي به *** أن يستجار و لا يرعى لجيران

تاللّه لا بخت نصر إذ عتا و بغى *** بمثلها جاء في كفر و طغيان

كلا و لا فعلت أجناد أبرهة *** معشار ما فعلوا من هدم أركان

لم أدر أي رزاياهم أعجّ لها *** لذبح أصبية أم هتك نسوان

مصائب لو اراد الفكر يردفها *** زيادة لانثنى عنها بنقصان

فلا و ربك لم تنظر لها مثلا *** من كل ما جهة في كل أزمان

و من رأى يوم تشريق بغير منى *** و هدية الغرّ من ابناء عدنان

سنّ ابن سعد سبيلا و اقتدى ابن *** سعود الشقي به ضل الشقيان

يقول في رزئها الأدهى مؤرخه *** (في كربلاء دهانا رزؤها الثاني)

1216

و في الليلة التاسعة من صفر سنة 1221 هجم سعود على النجف فقتل كثير من جيشه و رجع خائبا، و في سنة 1222 جاء الى العراق بنحو من عشرين الف

ص: 309

مقاتل فهجم على النجف و كربلاء و رجع خائبا، و استولى على مكة بدون حرب سنة 1218 و هدم القبور و القبب بها و حاصرها سنة 1219، و في سنة 1221 هجم على المدينة المنورة و وردها و هدم القباب التي فيها «و منها» قبة ائمة البقيع عليهم السّلام و نهب ذخاير الحجرة النبوية و انقطع الحج من مصر و الشام و العراق ثلاث سنين من سنة 1220، و للوهابية في التاريخ حروب مع المسلمين تنيف على خمسين من سنة 1205 الى سنة 1220

و تولى رياسة هذه الفئة بعد سعود ابنه عبد اللّه إلى أن انتكث امره بيد الشهم المناضل ابراهيم باشا و بعثه الى القسطنطنية و قتل بها عند باب الهمايون و قطع دابر القوم الذين ظلموا بمسعى محمد علي باشا و الى مصر و صولات ولده ابراهيم باشا سنة 1233

تكفل سرد تفصيل هذه القضايا كتب السير و التواريخ و هذا القتل الذريع الواقع في الطف سنة 1216 هو القتل الثاني في كربلا المقدسة و القتل الأول كان بيد السيد علي بن محمد بن فلاح الواسطي المشعشعي، اما جدّ الرجل «فلاح» فهو اول من ملك من هذه السلسلة كان أول امره سنة 804 و توفي سنة 854

و أما ابوه السيد محمد كان من تلامذة الشيخ الأجل الأوحد أحمد بن فهد الحلي و كان الرجل جامعا للمعقول و المنقول صاحب رياضة و من رياضاته اعتكافه في جامع الكوفة سنة كاملة و كثرت منه الدعاوى الباطلة الى أن افتى استاذه الفقيه الحلي «قده» بقتله و كتب في استحلال دمه كتابا الى الامير منصور بن قيان بن إدريس العبادي فلما وصل كتابه

ص: 310

الى الأمير المذكور أخذ الرجل و قيده و أراد قتله فحلف الرجل بكتاب اللّه اني صوفي عامي و يعاندني كل شيعي امامي فاستخلص نفسه بالغدر و الحيلة و ساعده الأقبال مدة قليلة حتى اجتمعت حوله من الأعراب طوايف شتى و اول قوم بايعه بنوا سلامة و تفأل بذلك الخير و السلامة و استولى أخيرا على بلاد خوزستان و باشر امورا خطيرة و اقام حروبا كثيرة (و في تحفة الازهار) للسيد العلامة ضامن بن شدقم أنه استولى على جميع الأهواز من شاطىء الفرات الى الحلة و كانت جنوده خمس مائة لا يعمل فيهم السلاح و لا غيره لاستعمالهم بعض الاسماء و كان غاليا في المذهب سافر الى العراق و احرق الحجر الدائرة على قبة الأمام علي بن ابى طالب عليه السّلام و جعل القبة مطبخا للطعام الى مضي سته أهله لقوله انه ربّ و الرب لا يموت اه و اوّل قيامه و ظهور امره كان في رجب سنة 844 و توفي سنة 866

و أما نفسه فهو السيد علي المعروف بمولى على كان يحذو حذو أبسه في الفظايع و الطامات و كان من أقسى الناس قلبا و قد يقال أنه بلغ من عدم الحياء الى مرتبة انه ما اجتزأ في آخر امره بدعاوي ابيه الباطلة و ادعى الألوهية و قتل الحجاج في النجف و نهب اموالهم غير متأثم و لا متحرج سنة 858 و استولى على أبيه في آخر عمره و أخذ أزمة الأمور بيده و صار بنفسه رئيس الفئة الباغية و هاجم المشاهد المشرفة بالعراق في حباة أبيه و اغار عليها و نهب ما فيها و أبدى قسوة شائنة و في «الروضات» انه كان حاكما بالجزيرة و البصرة و نهب المشهدين المقدسين و قتل اهلهما

ص: 311

قتلا ذريعا و أسر من بقي منهم الى داري ملكه البصرة و الجزاير اه و تفصيل امر الرجل و كيفية حروبه و شنايع أعماله مذكورة في كتب التواريخ و نحن اقتصرنا على ما فيه غنى لنا في الكتاب، و توفي قتيلا بسهم أصابه في محاصرة قلعة بهبهان سنة 861 و قام مقامه أخوه السلطان محسن استولى على الجزاير و اكثر نواحي بغداد و لما كان مبسوط اليد بالأحسان محبا لأهل الفضل كتب علماء عصره باسمه كتبا و رسائل و استولى الامر بعده ولداه السيد علي و السيد أيوب قد عدلوا عن منهج جدّهم الأدنى بيمن ارشاد السيد الجليل ضياء الدين نور اللّه المرعشي و أقاموا في ترويج شريعة جدّهم الأعلى و اصطفوا طريق المصطفى و رضوا باتباع نهج المرتضى و توفيا قتلا مع جمع من اعيان تلك الطايفة سنة 914 و بلغ الأمر بعدهم الى يد السيد فلاح بن السيد محسن و بعده الى السيد بدران بن السيد فلاح و بعده الى المولى سجاد بن السيد بدران و استولى على الجزيرة و ساير بلاد العراق العربية

و أما القتل الثالث في تلك البقعة «كربلا» المقدسة فقد وقع في عهد السلطان عبد المجيد في ذي الحجة سنة 1258 ففي «الروضات» و أما القتل الثالث فقد اتفق في عصرنا هذا في اواخر سنة 1258 بقتل فظيع كاد أن يبلغ قتلاه عشرة الآف من الرجال و الولدان غير النهب و الغارة الشديدتين و كان هذا القتل بيد نجيب باشا الذي ولي على بغداد و امر بالشىء السيىء و السلوك بالشر مع أهل ذلك المشهد المقدس فجاسوا خلال الديار و كان وعدا مفعولا و قد قتل فى هذه الكرة ايضا جمع كثير

ص: 312

من العلماء و السادات و غير أولي التقصير من المجاورين و الزوّار اه و حكي عمن شهد الواقعة من الثفاة انه لما اقفل العسكر أحصينا القتلى و سألنا الحفارين و تحققنا ذلك فكان ما يزيد على عشرين الفا من رجل و امرئة و صبي و كان يوضع فى القبر الأربعة و الخمسة الى العشرة فيهال عليهم التراب بلا غسل و لا كفن و تفقدنا القتلى منهم كثيرا في الدور و الآباء و وجدنا بالسرداب الذي تحت رواق العباس (ع) من القتلى اكثر من ثلثمائة - تجد تفصيل هذه الواقعة في (العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية)(1)

(العلامة الاكبر الشيخ حسين)

اشارة

بن محمد بن احمد بن ابراهيم المتوفى سنة 1125 - ابن الحاج احمد المتوفي سنة 1075 - ابن صالح بن احمد بن عصفور بن احمد بن عبد الحسين بن عطية بن شيبة

قال صاحب «الانوار»(2) ما ملخصه كان من العلماء الربانيين و الفضلاء المتتبعين، و الحفاظ الماهرين، من أجلة متأخري المتأخرين؛

ص: 313


1- من تآليف العلامة الحجة الزعيم المصلح الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء دام علاه
2- هو العلامة البارع الشيخ علي بن حسن بن على بن سليمان البحراني ولد سنة 1274 و توفي سنة 1340 له تآليف ممتعة تلمذ على جمع من فطاحل أعلام الطايفة منهم العلامة الحجة الشيخ محمد حسين الكاظمي و الفقيه الاكبر الشيخ محمد طه نجف التبريزي النجفي و العلامة السيد مرتضى بن مهدي الكشميري و له منه إجازة الرواية

و اساطين المذهب و الدين، بل عده بعض العلماء الكبار من المجددين المذهب على رأس الف و مائتين، كان يضرب به المثل في قوة الحافظة ملازما للتدريس و التصنيف و المطالعة و التأليف حدّثنى الشيخ ناصر(1)بن نصر اللّه القطيفي عمن يثق به ان المترجم أتى بلاد القطيف في سفر حجه و أجتمع بالسيد محمد الصنديد القطيفي(2) و كان السيد عنده من الكتب النفيسة الكثيرة ما لا توجد عند غيره فرأى الشيخ كتابا في الحديث و التمس أن يصحبه إياه في سفره ليستنسخه و كان السيد لا يسعفه بذلك لعدم وجود نسخته فلم يعطه اياه فبقي الكتاب أياما يسيرة مدة جلوسه في القطيف ثم ردّ اليه الكتاب و سافر فلما قضى مناسكه و رجع و مرّ على القطيف اجتمع بالسيد و امره ان يأتيه بذلك الكتاب فاتى به اليه فاستخرج نسخة جديدة من الكتاب ليقابله معه فقال السيد هل وجدت نسخته فقال لا و لكنى طالعتبه و حفظته و كتبته على حفظي بابوابه و ترتيبه و أسانيده فتعجب السيد و الحاضرون عجبا عظيما و قابله فلم يختلف عنه الا يسيرا لا يذكر و يكفى فى حافظته إملاؤه ثلاثة ايام على تلامذتهن»

ص: 314


1- هو ابن احمد بن نصر اللّه من الأعلام الادباء له شعر كثير طيب توفي سنة 1299 قرأ في العلوم الدينية على اساتذتها و في المعقول على العلامة المحقق السيد حسين بن عبد القاهر البحراني و خلفه ولده العالم الاديب الشيخ عبد اللّه صاحب المنظومة في الامام المنتظر عجل اللّه فرجه
2- ابن ابراهيم بن يحيى الخطي من بيت «الصنديد» أحد اعلام الدين و حملة لعلم له رسالة فى الفقه منها رسالة في الرضاع ذكرت بتمامها في «انوار البدرين»

كتاب «النفحة القدسية في الصلوة اليومية» و فيه قال الشيخ محمد الشويكي الخطى - الأتي ذكره - من قصيدة

حبذا نفحة قدس لاتضاها *** في صلوة أرضت الربّ إلاها

بنت يومين و يوم برزت *** في صدور الطرس تهدي من تلاها

تطرب الرائي و الراوي و لا *** عجب ممن رآها و رواها

«و بالجملة» فهو من اكابر علماء عصره، و أساطين فضلاء دهره، علما و عملا و تقوى و نبلا و نادي بحثه مملوّ من العلماء الكبار من البحرين و القطيف و الاحساء و اطراف تلك الديار و فتاواه و اقواله منقولة مشهورة و له تصانيف كثيرة ذكر هو بعضها في اجازته للشيخ مرزوق(1) بن محمد الشويكى و ذكر بعضها الشيخ عبد المحسن اللويمي(2) في اجازاته و منها

1 الرواشح السبحانية في شرح الكفاية الخراسانية خمس مجلدات

2 السوانح النظرية في شرح البداية الحرية في مجلدين

3 الحقايق الفاخرة في تتميم «الحدايق الناضرة» لعمه الشيخ يوسف

4 الحدق النواظر في تتميم النوادر للفيض الكاشانيزة

ص: 315


1- احد العلماء الابرار له و لابيه العالم الشاعر الشيخ محمد اجازة عن المترجم و هما من «شويكة» احدى قرى القطيف و اصلهما من بحرين
2- احد اعيان الطايفة من تلمذة المترجم يروى عن جماعة منهم المترجم و شيخ احمد بن الحسن الدمستاني البحراني و آية اللّه بحر العلوم و سيدة العلامة الشهرستاني له تآليف في علوم متنوعة و يروي عنه العلم التقي الشيخ علي بن مبارك الاحسائي القطيفي و له منه اجازة

5 رسائل اهل الرسالة و دلائل اهل الدلالة في العبادات من كتب الفقه

6 كتب في وفيات النبي و الائمة عليهم السّلام على عددهم

7 منظومة فى النحو 8 الجنة الواقية في احكام التقية

9 رسالة في الحبوة 10 رسالة الاشراف في المنع عن بيع الاوقاف

11 منظومة في الفقه 12 رسالة باهرة العقول فى نسب الرسول ص

13 النفحة القدسية 14 البراهين النظرية في جواب المسائل البصرية

15 القول الشارح 16 المحاسن النفسانية فى جواب المسائل الخراسانية

17 محاسن الاعتقاد 18 مفاتيح الغيب و التبيان في تفسير القرآن

19 المنسك الكبير 20 رسالة العوامل السماعية و القياسية

21 المنسك الصغير 22 الحجة لثمرات المهجة في المعارف الآلهية

23 المنسك الوسيط 24 السداد في الفقه من الطهارة الى المعاملات

25 الفرحة الانسية 26 مريق الدموع في ليالي الاسبوع

27 المراثي ثلاثين مجلسا 28 شارحة الصدور منظومة في الاصول

29 الجنة الوافية 30 شرح عبارة دعاء الكميل و ما كانت لاحد فيها مقرا

31 ديوان رثاه الحسين 32 الفوادح الحسينية جزء ان في عشر المحرم

33 الانوار اللوامع في شرح مفاتيح الشرايع للمحدّث الفيض الكاشاني

34 الدرة الغراء في وفاة الزهراء الطاهرة عليها السّلام

35 كشف اللثام فى شرح إعلام الانام في التوحيد للشيخ سليمان البحرانى

36 الانوار الوضية فى شرح الاحكام الرضوية و هو كتاب شرايع الدين كتبه الامام الرضا عليه السّلام للمأمون

ص: 316

ثم «قال» و هو يروي عن ابيه الشيخ محمد و عميه الشيخ يوسف و الشيخ عبد العلي و يروي عنه جماعة منهم الشيخ احمد بن زين الدين الاحسائي(1) و الشيخ عبد المحسن اللويمي الاحسائي - الانف ذكره - و الشيخ حسن بن الشيخ عبد المحسن المجاز من ابيه - و الشيخ على بن الشيخ عبد اللّه بن يحيى الجد حفصي(2) و الشيخ محمد بن خلف السري(3)و الشيخ محمد على القطري البلادي البحراني(4) و الشيخ عبد علي بن قضيب القطيفي(5) و الشيخ مرزوق الشويكي الخطي و غيرهمت»

ص: 317


1- أحد فطاحل العلماء يروي عن سيدنا بحر العلوم و الشيخ كاشف الغطاء و السيد صاحب الرياض. و السيد مهدي الشهرستاني. و الشيخ احمد بن الحسن البحراني. و الشيخ احمد بن محمد من آل عصفور، و يروي عنه صاحب الجواهر و الحاج ميرزا ابراهيم الكلباسي صاحب الاشارات توفي سنة 1241
2- من أعيان العلماء له تآليف كثيرة منها كتاب حياة القلوب من الطهارة الى الديات هاجر من بحرين و سكن بلاد مينا و كانت له هناك رياسة طايلة
3- هو الفقيه الكبير صاحب الحاشية على زبدة شيخنا البهائى و قبره في «بلاد» معروف
4- احد الفقهاء الاكابر من تلمذة المترجم و المجاز منه له تآليف منها شرح «الدرة الغروية» منظومة آية اللّه بحر العلوم
5- احد العمد و الدعايم من «آل المقلد» من جزيرة العرب النازلين للقطيف و له اجازة عن المترجم و عن آية اللّه بحر العلوم و سكن اصبهان و استجاز منه جماعة منهم العلامة الاوحد الحاج ميرزا ابراهيم الكلباسي صاحب «الاشارات»

توفي ليلة الاحد الحادية و العشرين من شهر شوال سنة 1216 في بعض الوقائع الواقعة في البحرين و سمعت انه ضربه ملعون من أعداء الدين بحربة في ظهر قدمه فمات شهيدا منها و تاريخ شهادته (طود الشريعة قد وهى و تهدما) و قبره في قرية سكناه «الشاخورة» مزار معروف و قد رثاه الاديب الشاعر المبدع الحاج هاشم بن حردان الكعبي بقصيدتين طويلتين مطبوعتين في آخر الكشكول لصاحب الحدايق

(آل عصفور)

و والد الشهيد المترجم الشيخ محمد احد العلماء المبرزين أطراه صاحب «الانوار» بالعلم و العمل و النضل و الكمال و الورع ولد سنة 1112 له تآليف جيدة منها كتاب مرة لاخبار فى أحكام الاسفار. و رسالة فى الصلوة.

و رسالة في اصول الدين. و رسالة في وفاة أمير المؤمنين عليه السّلام يروي عن العلامة الشيخ حسين الماحوزي و قد اجاز له و لاخويه الشيخ يوسف صاحب الحدايق و الشيخ عبد العلي الآتي ذكرهما و يروي عند ولداه العالمان العلمان المترجم و الشيخ احمد الآتي ذكره و عندنا كثير من شعره فى رثاء الامام الشهيد الحسين بن علي عليهما السّلام و كتب اليه اخوه صاحب «الحدايق» قصيدة فيها أطراؤه ذكرها فى الكشكول ص 70 من الجزؤ الثاني

و جدّ المترجم الشيخ احمد بن ابراهيم من فقهاء الطايفة و أعلامها الفطاحل تخرّج في الفقه و اصوله و الحكمة على الشيخ سليمان الماحوزى(1) و في

ص: 318


1- هو إبن الشيخ عبد اللّه بن على البحراني من زعماء الشيعة في بلاد بحرين و فقيهها الميمون و علامتها في العلوم الكثيرة ولد في سنة 1075 و له من الشعر الكثير الرايق

الرياضيات على الشيخ محمد بن يوسف البحراني(1) له رسائل و كتابات في الفقه و غيره ذكرها ولده في «اللؤلؤة» و أطراه الشيخ عبد اللّه(2)بن صالح بن جمعة البحراني بقوله مولانا عمدة العلماء الأعلام، و قدوة الامناء الكرام، فقيه العصر و مرجع أهله، و موضع عقده و حله، العلاّمة الفهامة، و الحبر العارج على معارج الكرامة، و الناهج مناهج الاستقامة شيخنا المحقق الأوحد الامجد العالم العامل، و الفاضل الكامل اه و ذكره السيد ابن أبي شبانة و أطراه توفي في القطيف سنة 1131 عن عمر يقارب 47 سنة و دفن في المقبرة المعروفة بالحباكة.

(أولاد المترجم)

و للمترجم سبعة اولاد ذكور منهم خمسة علماء فضلاء «أولهم» و أكبرهم الشيخ محمد و هو عالم فاضل توفي سنة 1216 بعد شهادة أبيه بقليل

(الثاني) الشيخ عبد علي و هو من الأفاضل توفي في حياة أبيه و خلف ولده العالم الفاضل الصالح الشيخ خلف كان إمام الجمعة و الجماعة في «أبو شهر» و توفي بها له مصنفات كثيرة منها رسالة في أصول الفقه.

ص: 319


1- هو العلم الحجة المشارك في العلوم المتوفى سنة 1103 يروي عن علي بن سليمان البحراني و يروي عنه ولده العلاّمة الشيخ أحمد المتوفى سنة 1102.
2- احد الفقهاء الاصوليين المشارك في العلوم و صوفا بالصلاح و التقى هاجر إلى أصبهان في الوقعة الثانية من وقايع قدوم الخوارج الى بحرين و تقلد منصب شيخوخة الاسلام فى أصبهان ثم غادرها الى بهبهان و توفي بها سنة 1135 و ذكر طريق روايته في «اللؤلؤة»

و رسالة نحوى جملة من المسائل الفقهية و أعقب ولده العالم المحدّث البارع الشيخ عبد علي قال صاحب «الأنوار» بعد إطرائه ما حاصله اجتمعت به في «أبو شهر» مرة واحدة في بعض أسفاري و عمره يقرب من ثمانين سنة و له في تلك البلاد إمامة و قضاء و له كتابات كثيرة أخبرني بها ابن أخته الشيخ محمد بن الشيخ إبراهيم آل عصفور «و منها» كتاب لئالي الأفكار فى الاصولين مطبوع.

(الثالث) الشيخ حسن و هو من الأعلام الأفاضل هاجر بعد وفاة أبيه إلى «ابو شهر» و حصلت له هناك مكانة طايلة و أشغل فيها منصة القضاء و الامامة و توفي بها و دفن في داره و قبره مزار معروف له تآليف منها رسالة عملية في الطهارة و الصلوة. و شرح منظومة والد في الاصول الخمسة

(الرابع) الشيخ عبد اللّه و هو من العلماء الافاضل و كان له الامامة و الزعامة فى بحرين بعد أبيه و أعقب ولده الشيخ سليمان أحد أعلام هذه الاسرة الكريمة هاجر الى بلاد فارس و سكن بشيراز و له كتاب في تعزية الامام السبط الشهيد عليه السّلام. و منظومة في الكلام و شرحها - ه - و شقيقهم الخامس الشيخ علي كان من العلماء توفي في حياة والده.

و للمترجم شقيقان عالمان أحدهما الشيخ أحمد بن محمد يروي عن أبيه العلاّمة و أخيه الشهيد المترجم و يروي عنه العلاّمة الشيخ أحمد بن زين الدين الاحسائى الآنف ذكره و خلف الشيخ أحمد هذا الشيخ محمد و هو كما في «الأنوار» كان عالما عاملا متكلما ماهرا خطيبا مفوّها له تآليف منها رسالة في استقلال الأب على ابنته البكر البالغ *-* و شقيقه الآخر

ص: 320

الشيخ على أطراه صاحب «الانوار» بالعلم و الفضل و للشيخ علي هذا ولد عالم فاضل صالح و هو الشيخ محمد كان من أئمة الجمعة و الجماعة و القضاء في «الشاخورة» له كتاب في الأصول الخمسة. و رسالة في وجوب الجمعة عينا، و لما توفي قام مقامه في منصة الامامة و القضاء ابن عمه الشيخ محمد بن أحمد الذي أوعزنا اليه.

(عمّ المترجم) الشيخ عبد العلي بن أحمد علم العلم الخفاق أطراه السيد ابن ابى شبانة و غيره من افاضل تلمذة الشيخ محمد(1) بن علي بن عبد النبي المقابي البحراني يروي عن مشايخه الثلاثة الاجلاء الشيخ حسين الماحوزي و الشيخ سليمان الماحوزي، و الشيخ عبد اللّه البلادي، و يروي عنه المترجم الشهيد كما ذكرنا و هو من اساتيد قراءة العلاّمة السيد نعمة اللّه الجزائري و له كتاب (إحياء علوم الدين) فى الفقه ما برز منه ما سوى كتاب الطهارة و توفي في كربلاء المشرفة في شهر رجب سنة 1177 و دفن فى الجانب الشرقي من الصحن الشريف.

و للشيخ عبد العلى هذا ولدان فاضلان أحدهما الشيخ أحمد أطراه السيد ابن ابى شبانة و قال حاز من العلم أكثره، و من الحلم أوفره، و مني.

ص: 321


1- في الرعيل الأول من علماء بحرين إنتهت إليه الرياسة الروحية فى عصره في تلك الديار له تآليف قيمة يروي عن العلاّمة الشيخ حسين الماحوزي و الشيخ حسين بن على بن فلاح و الشيخ حسين بن جعفر و الشيخ عبد اللّه بن على و الشيخ عبد اللّه بن صالح البحرانيين عن شيخهم العلم الحجة الشيخ سليمان بن عبد اللّه البحراني عن مولانا المجلسي.

الادب أغزره و ذكره صاحب «الانوار» و قال بعد إطرائه بالعلم و العمل و لم يبق بعد أبيه إلا قليلا *-* و ولده الآخر الشيخ خلف من أعيان علماء الطايفة و من فضلائها المحققين له حواش كثيرة على المجلد الرابع من بحار شيخنا المجلسي نشأ في بحرين و تخرّج فيها على اساتذتها و سكن قطيف مدة من الزمن ثم هاجر منها بما جرى له مع بعض رؤسائها و نزل المحمرة و نواحي الهند الى أن توفي و له ذرية طيبة علمآء أدبآء.

(و عمّ المترجم) الآخر فقيه الطايفة و محدّثها الكبير الشيخ يوسف بن أحمد و كتابه (الحدايق) الدائر الساير بين الفقهاء ينمّ عن غزارة علم مؤلفه و تضلعه في العلوم و تبحرّه في الفقه و الحديث كما يشفّ كتابه (لؤلؤة البحرين) عن سعة اطلاعه على أحوال الرجال و طرق إجازات المشايخ فلشهرته و تكفل غير واحد من المعاجم ترجمته ضربنا عنها صفحا ولد سنة 1107 و توفي في كربلاء المشرفة سنة 1187 و دفن قريبا من قبر الشهداء سلام اللّه عليهم و أرّخ وفاته سيدنا السند السيد محمد المنتمي الى السيد رزين في قصيدة منها

يا قبر يوسف كيف أوعيت الهدى *** و كنفت في جنبيك من لا يكنف

قامت عليه نوايح من كتبه *** تشكو الظليمة بعده و تأسف

ك (حدايق) العلم التي من زهرها *** كانت أنامل ذي البصائر تقطف

مذغبت عن عين الزمان فكلنا *** يعقوب حزن غاب عنه (يوسف)

فقبضت واحد ذا الزمان فأرخوا *** قرّحت قلب الدين بعدك (يوسف)

1187

ص: 322

و من أعلام هذه الاسرة الكريمة و علمائها الشيخ سليمان بن صالح بن احمد بن عصفور قال صاحب «الأولى» فاضل فقيه محقق أخباري محدّث ورع عابد من المعاصرين اه توفي سنة 1085 في كربلاء المشرفّة و رثاه أخوه الشيخ عيسى الآتي ذكره بقصيدة ذكر بعضها في «اللؤلؤة» -*- و شقيق الشيخ سليمان هذا الشيخ عيسى شاعر مفلق و أديب بارع حكي صاحب الحدايق عن والده العلاّمة أنه لما توفى الشيخ يوسف بن الحسن البحراني(1) و دفن في مقبرة المشهد - مسجد في بحرين - إتفق هدم إحدى منارتيه و سقوطها على قبره فمرّ الشيخ عيسى بامرأة جالسة عند المنارة تتعجب من سقوطها فقال الشيخ عيسى في ذلك

مررت بامرأة قاعدة *** تحولق في هيئة العابدة

و تسترجع اللّه في ذا المنار *** فما بالها فى الثرى راقدة

فقلت لها يابنة الأكرمين *** رأيت أمورا بلا فائدة

ثوى تحتها يوسفي الكمال *** فخرّت لهيبته ساجدة

و من شعره قصيدة جيدة في مدح العلاّمة الشيخ جعفر بن كمال الدين البحراني(2) نزيل هند و هي مذكورة في «كشكول» البحراني ص 447

و من ائمة هذا البيت الشيخ احمد بن صالح بن حاجي بن على بن عبد الحسين88

ص: 323


1- من رجال العلم و الفضل و الشعر و الادب ذكره معاصره صاحب الأمل و أطراه
2- أحد أعلام الدين و حملة أعباء العلم من مشايخ السيد نعمة اللّه الجزائري و يروي عن السيد نور الدين اخي السيد صاحب المدارك توفي في حيدرآباد الهند سنة 1088

بن عطية بن شيبة في الرعيل الاول من علمآء بحرين موصوف بالزهد و الورع هاجر الى شيراز و نزل «جهرم» من اعمالها و كان بها إماما ولد سنة 1075 و توفي سنة 1124 له كتاب في الطب. و رسالة في الاستخارة و كتاب «الحدايق» في احوال النبي و الأئمة عليهم الصلوة و السّلام ذكر كل واحد منهم في حديقة

أخذنا تراجم المذكورين من «آل عصفور» من رياض العلماء و اللؤلؤة. و الامل. و انوار البدرين. و تتميم أمل الآمل للسيد إبن أبي شبانة و الروضات. و غيرها

(العلامة ميرزا محمد)

ابن عنايت احمد خان الكشميري الدهلوي قال صاحب «نجوم السماء» ما ملخص معناه انه كان من أجلاء المتكلمين و حذّاق الأطباء، يقفه الوصف دون تحديد فضله و صلاحه و سداده؛ و يقصر الوهم دون مدى نبله و علمه، و هو أجلى عن أيّ تعريف فلا يحدّ و لا يعرف أطراه سلطان العلماء السيد محمد طاب ثراه في بعض إفاداته بالعالم المدقق، و الفاضل المحقق، العرّيف الاكمل، و التحرير الأبجل، جامع المعقول و المنقول، حاوي الفروع و الاصول، حافظ ثغور الملة القويمة الجعفرية، قالع قلع البدع المحدثة الخ أخذ الطب عن الحكيم شريف خان و العلوم الدينية عن العلاّمة الحجة السيد رحم علي مؤلف كتاب بدر الدجا و ألّف صاحب «شذور العقيان» رسالة فارسية في أحوال المترجم و فيها أنه رأى أجوبة لبعض المسائل الفقهية من إفاداته بخطه يظهر منها أنه كان مجتهدا فى الفقه، له

ص: 324

كتاب نزهة الأثنى عشرية المطبوع بعض مجلداته. تاريخ العلمآء كتاب مبسوط في الرجال. رسالة في علم البديع. رسالة فارسية في علم الصرف.

نهاية الدراية. شرح عربي على الوجيزة لشيخنا البهائي. تنبيه اهل الكمال و الانصاف على اختلال أهل الخلاف. ايضاح المقال في توجيه أقوال. رسالة فارسية في الفلسفة و غيرها من التآليف القيمة و نقل كيفية وفاته مؤلف الرسالة المذكورة عن الفاضل الكامل ميرزا مير علي خان الشاهجهان آبادي تلميذ المترجم قال سمعته يقول انه كان في نواحي دهلي أمير من اقارب السلطان و كان متعصبا جدّا فلما انتشرت مصنفات العلاّمة المترجم في الاقطار طفق يتربّص به الدوائر فأعيته الحيل للوقيعة فيه حتى تمارض أخيرا فارسل السلطان طبيبا اليه ليعالجه لكنه طلب من السلطان مباشرة المترجم لعلاجه فامر السلطان بذلك لكن المترجم إعتذر و استعفاه عن مباشرة امره فلم يقبل منه فاذ علم أنه لا ندحة له من التصدي للمعالجة تعبأ للسفر و كان يقول و يكرر «قد دعاني داعي الأجل فى هذا السفر» و كان كذلك فقد غدره الرجل الشقىّ و قتله مسموما فاحتذى مثال ائمته الاطهار صلوات اللّه عليهم قيل فى تاريخ وفاته بالفارسية «در شيونش بكريه بگو وا محمدا» و هى سنة 1235 *-* و للترجمة بسط واف مذكور في نجوم السماء

(العلامة الضليع السيد محمد على)

المعروف بآقا مجتهد إبن السيد صدر الدين بن صالح بن محمد بن ابراهيم بن زين العابدين الى آخر النسب المذكور في ترجمة عمه ابي البركات ص 261

امّه كريمة الشيخ الاكبر كاشف الغطا قال صاحب «بغية الراغبين»

ص: 325

بعد إطرائه انه كان في البحث و التدقيق و التتبع و التحقيق بما لا مزيد عليه و تخرّج على يده جماعة من أعلام الفقهاء و محققي الاصوليين و له مؤلفات غزيرة المادة جزيلة المباحث منها إحياء التقوى في شرح الدروس لم يكمل.

العلائم فى شرح المراسم غير تام. فرائد الفوائد في أصول الفقه و نفائس الفرائد مختصر منه. منظومة في الوقف و اخرى في الميراث ناقصة. الفيه في النحو لم تكمل. ديوان شعر فارسي و غيرها «إلى أن قال» توفى في أصفهان مسموما ليلة 18 ذي الحجة الحرام سنة 1247 و له 53 سنة و حمل الى النجف و دفن في صحنها الى جنب أبيه و كان يوم دفنه يوما مشهودا و أعقب ولدين فاضلين كاملين السيد الشريف بهاء الدين و السيد محمد جواد

«العلامة الحجة السيد على»

ابن السيد محمد الأمين بن السيد ابى الحسن موسى بن السيد حيدر بن السيد أحمد بن ابراهيم بن احمد بن قاسم بن الحسين بن محمد بن عيسى بن طاهر بن محمد بن ابي الحسن علي المعروف بابن هنفا بن محمد بن احمد الناصر بن ابي الصلب يحيى بن ابي العباس احمد بن ابي الحسن علي بن عيسى بن يحيى بن الحسين ذي الدمعة بن زيد الشهيد بن الأمام زين العابدين

في (الرحيق المختوم)(1) ما ملخصه كان من فحول العلماء المحققين و عظماء الفقهاء المدققين إنتهت اليه الرياسة في البلاد العاملية و جمع بين الرياستين الدينية و الدنيوية و كان زاهدا ورعا تقيا متواضعا عالي النفس رفيع الهمة مهيبا عند الحكام و الامراء و جميع الخلق يمم النجف الاشرف

ص: 326


1- هو ديوان شعر العلامة الشهير حفيد المترجم السيد محسن الامين العاملي

بعد الفراغ عن الآليات مع شقيقه السيد حسن بن السيد محمد الأمين و تخرّج على السيد الطباطبائي صاحب. الرياض. و السيد صاحب. مفتاح الكرامة. و الشيخ الكبير صاحب. كشف الغطاء. و الشيخ اسد اللّه التستري الكاظمي توفي «قده» في سنة 1249 شهيدا بالسمّ و قد ارّخ عام وفاته الشيخ صادق بن الشيخ ابراهيم العاملي بقوله من أبيات

فكم و كم منشد تاريخه لهف *** لقد تهدّم ركن الدين بعد (علي)

و يقال في سبب شهادته ان عبد اللّه باشا كان يصفه في مكاتباته لأميره و يطنب في مدحه فطلب منه أميره إرساله اليه فكتب اليه عبد اللّه باشا بالحضور فبعث المترجم الى بعض أعيان البلاد و ساروا معه الى «عكا» فعاجله الحساد بالسم في قهوة البنّ فشرب منها هو و اصحابه إلاّ واحدا منهم فمات كل من شرب و رجع المترجم من وقته إلى صور فمات بها و حمل على أعناق الرجال الى «شقرا» فدفن بها في مقبرة كان أعدّها لنفسه

و للمترجم كتب و تآليف منها شرح على منظومة بحر العلوم.

و رسالة في التوحيد و رسالة في الحيض. حواشي على شرح الصغير.

مختصر (الرياض) لأستاذه السيد الطباطبائي، انتهى ما اخذناه من (الرحيق) و للمترجم شعر رايق و منه مارثى به استاذه كاشف الغطا المتوفى سنة 1227 **

أ نطلب دنيا بعد فقدك (جعفرا) *** و تطمع فيها أن تكون معمّرا

و تركن للدهر الخؤن سفاهة *** و تغفل عما كنت تسمع أو ترى

و ترغب في الدنيا و تعلم حالها *** و تزهد في اخراك سرا و مجهرا

ص: 327

و تعذلنى يا (جعفري) على البكا *** و تعجب من محمرّ دمعي إذا جرى

ألم تدر أن العلم مات بموته *** و أصح ركن الدين منفصم العرى

و انّ سنام المجد جبّ لفقده *** و وجه الندى من تربه قد تعفرّا

فتى كان عزا للذليل و ناصرا *** و يسرا لمن قد كان في الناس معسرا

له الشيم الغرّ التيّ لو تجسمت *** لكانت لنا شمسا من الشمس أنورا

و إن عدّ اهل الفضل كان إمامهم *** جميعا و (كل الصيد في جانب الفرا)

هو الدهر إلا انه غير خائن *** هو البحر إلا انه ما تكدرا

هو الشمس لم تكف هو البدر لم يغب *** هو الليث إلا انه غير ابخرا

هو الدين و الدنيا هو العلم و التقى *** هو الغيث إلا انه العلم أمطرا

فقدناه فقدان «النبي» و صنوه *** «علي» فيا للّه من فادح عرا

فقدناه فقدان الوليد كفيله *** فهلا فديناه و كان المعمرّا

و لكنه قد فاز بالسبق دوننا *** أبى اللّه يوما أن يكون مؤخرا

فوا عجبا للبحر يحويه قبره *** و وا أسفا للبدر يغرب في الثرى

رعى اللّه قبرا ضمّ أعظم (جعفر) *** و أهداه كافورا و مسكا و عنبرا

سقى عهده صوب من العهد هاطل *** و روّى ثراه رايحا و مبكرا

خلا انه لما مضى لسبيله *** أفاض من العلم الآلهي أبحرا

و «موسى»(1) هو البحر المحيط بعلمه *** فيالك بحرا في الأنام و «جعفرا»

حسودهم خفض عليك فانهم *** بحور هدى من جانب اللّه في الورى41

ص: 328


1- هو اكبر أولاد شيخنا الاكبر كاشف الغطاء و المتربّع على منصته من بعده للزعامة الدينية الكبرى توفي سنة 1241

(العلامة الورع المولى محمد تقى)

ابن محمد البرغاني القزويني المعبر عنه بالشهيد الثالث طورا و بالرابع تارة؛ هو مثال الفقه و التقى، و علم العلم و الهدى، و أحد جهابذة الاسلام النابهين، و علمائه المحققين، و الأوحدي من المجاهدين، الذين شكرهم العلم و الدين. **

ولد في «برغان» من قرى الري تخرّج في بدء تحصيله على علماء قزوين ثم يمم قم المشرفة و حضر فيها بحث العلامة المحقق الميرزا القمي(1) ثم هاجر الى أصفهان و تخرّج على علمائها ثم هبط الحاير الشريف الحسيني و حضر فيه بحث العلامة صاحب الرياض و آب الى قزوين و تقلد فيها الزعامة الروحية شديدا في الامر بالمعروف و النهي عن المنكر خشنا في ذات اللّه لا تأخذه فيه لومة لائم و كان العلماء يزدلفون إلى منبره فيكتبون ما يلقيه اليهم من عظاته البالغة و أنظاره الثمينة و تحقيقاته العلمية و لم يبرح كذلك ناشرا ألوية العلم داعيا إلى سنن الهدى سعيدا في دنياه حتى أتيحت له الشهادة ساجدا فى محراب العبادة في مسجده عن عمر يقدر بما يناهز الثمانين يوم تاهت الفئة الضالة البابية في غلوائها و أقصت زبانية العيث و الفساد و مهملجي نهمة الأطماع لما لهم من مكاء و تصدية فعاثوا في البلاد و أزهقوا

ص: 329


1- هو ميرزا ابو القاسم الجيلاني القمي نيقد من نياقد علماء الامامية و ركن من اركان الدين له الغنائم و القوانين و رسائل كثيرة دينية و علمية و هو معدود من مؤسسى علماء الشيعة في الأصول توفي سنة 1231 في قم و بقعته هناك معروفة و تروى له كرامات باهرات

النفوس المحترمة و أراقوا دماء زكية و أبدوا من الهمجية ما تقشعرّ منها الجلود و تذال لها الدموع و كان من ضحايا ثورتهم في قزوين شيخنا المترجم لما أبداه من الفتوى بتكفير القوم و ردّه على ضلالهم على رؤس الاشهاد و كان ذلك يبهظهم و يفتّ في عضدهم و لم يزالوا يتربصون به الدوائر حتى انه خرج في منتصف ليلة الواقعة على عادته الجارية الى المسجد آخذا فيه بأطراف العبادة و التضرع و البكاء و لما أزف الفجر دخل عليه لمة من طغمة البابية و هو آنئذ يبتهل الى المولى سبحانه بقرائة المناجاة الخمسة عشر و طعنوه بالرمح على رقبته و ثنوه بطعنة اخرى فرفع رأسه من السجود و هو يقول «لم تقتلوني» فأتته طعنة ثالثة على فمه الشريف و أثخنوه بجراحات ثمان فبادر مع ذلك الى الخروج عن المسجد حذار تلويثه بدمه الزاكي و إذ بلغ باب المسجد سقط على الأرض مغشيا عليه ثم حمل الى داره و قضي بعد يومين لم يتسنّ له فيهما الكلام لمكان الجرح في فمه و لسانه لكنه كان يتذكر عطش الامام قتيل الطف صلوات اللّه عليه و يرخي له الدموع حتى توفي على ذلك و له فيه اسوة حسنة سنة 1264 و دفن بجوار البقعة المعروفة «شاهزاده حسين» رثاه العلامة البارع الشيخ درويش علي (1) بن حسين بن علي بن محمد البغدادي

فلا غرو في قتل «التقي» إذا قضى *** قضى و هو محمود النقيبة و الأصل

له اسوة بالطهر «حيدرة» الرضا *** و قاتله ضاهى ابن ملجم بالفعلسن

ص: 330


1- كان عالما فقيها متكلما شاعرا طويل الباع في التفسير و اللغة و علوم الأدب ولد في حدود 1220 و توفي في حدود 1277 و له تآليف ممتعة و شعر حسن

يروي عن استاذه العلاّمة صاحب الرياض و الشيخ الاكبر كاشف الغطاء(1) و له كتب قيمة منها كتاب منهج الاجتهاد في شرح شرايع الأسلام من الطهارة الى الديات كبير جدا حكي أنه اربع و عشرون مجلدا رسالة في قضاء الفوائت من الصلوة. رسالة فى صلوة الجمعة. رسالة في الطهارة و الصلوة و الصوم. كتاب عيون الأصول جزئان. كتاب مجالس المتقين المطبوع المشهور *-* و والد المترجم كان ايضا من العلماء الاجلاء

و أما ذريته الطيبة فمنهم الفقيه ميرزا ابو القاسم الشهيدي كانت له الرياسة التامة في قزوين و الشيخ الجليل آقا محمد من تلمذة صاحب الجواهر و العالم البارع آقا عبد اللّه إنتهت الرياسة الروحية في قزوين اليه و جلس مجلس أخيه بعد وفاته. و الشيخ باقر و الشيخ صادق و الشيخ كاظم و الشيخ عيسى و الحاج ميرزا محمود و الحاج ميرزا حسن و الشيخ جعفر و هو الذي مال الى الشيخية

(العلامة السيد غلام رضا)

الخراساني البيرجندي من فقهاء الطايفة و أعلامها ولد فى «سيدداني» أخذ العلم على عهد شبيبته في خراسان ثم هاجر إلى أصبهان و تخرّج على

ص: 331


1- هو العميد الاكبر و الفقيه الاعظم ينحصر الوصف عن استكناه فضله و نبله و له كرامات باهرات و مقامات علية فى العلم و العمل و أياد ناصعة على الامة جمعآء و قد حاز بوقته مرجعية الشيعة الكبرى و فوق منة البيان وصف آثاره و ماثره توفي سنة 1228

علمائها حتى تمكن من الحصول على غايته القصوى فرجع الى مسقط رأسه و أفلم بها ردحا من الزمن ثم غادرها الى «بيرجند» و استقبله اهلها بجميع طبقاتهم استقبالا باهرا فاشغل هنالك منصة الامامة و التدريس و القضاء و الفتيا و قام برياسة كبرى في تلك الديار قلّ من ضاهاه فيها و نهض باقامة الحدود و بث الدعاية الى اللّه حتى ظهرت دعوة الميرزا علي محمد بن محمد رضا البزاز الشيرازي البابي في تلك النواحي و كان الحلّ و الربط الدينيان منوطين بسيدنا المترجم و العلاّمة الحجة السيد ابي طالب البيرجندي فكافحا تلك البدع المبثوثة بكل ما ملكاه من حول و طول عظة على الأعواد و ايضاحا في النوادي و عملا بالجوارح حتى أوقفا الناس على كفر الرجل و بطلان دعوته و ضؤلة حجته و قتل الأمير علم خان والي تلك الديار بامرهما جماعة من سماسرة الدعوة البابية و من الصدف بين تلك المعامع أن المترجم غادر «بيرجند» الي غرض له فنزل قرية «رهنج» على بعد بريد من المدينة فسقاه بعض البابية لبنا دفّ فيه السمّ فتوفي شهيدا في اوائل سنة 1270 و نيف و نقل الى بيرجند فدفن بها و اظهر اللّه سبحانه على قبره الكرامات الباهرة و خلف

(ولده الشهيد السيد علي)

خلف أباه الشهيد على علمه و فقهه و تقاه و مجده و علاه و شهرته و رياسته إنثالت عليه الناس و علقت به النفوس و أقام الجماعة بمسجد والده و هو أبن نيف و عشرين عاما فمكث غير بعيد لم يبلغ الاربعين يوما و دسّ اليه السمّ بمباشرة زبانية تلك الدعوة القاسية التي أتت على رمق حياة أبيه الطاهر و دفن الى جنبه بمقبرته *-* أخذنا هاتين الترجمتين من

ص: 332

خط العلاّمة البارع العلم المفرد السيد علي مدد القايني دام علاه

(العلامة الشيخ محمد حسين)

الأعسم(1) كان عالما فاضلا ذا فهم وقاد، و ذوق سليم، و فكر مستقيم، تلمذ على مشايخ عصره منهم شيخ الطايفة المرتضى الانصاري و أخذ عنه جماعة منهم العلاّمة الشيخ عباس(2) بن الشيخ حسن و قتل في قرية من قرى الحلة تسمى ب «حسكة» - التي تسمى اليوم بالدغارة - يوم عاشورا سنة 1288 و هو يقرأ مقتل الامام الشهيد عليه السّلام قتله أحد الجنديين على العهد التركي البائد و نقلت جنازته إلى النجف و دفن بها *-* أخذنا ذلك من «الحصون المنيعة» مع تصرف يسير في اللفظ

«آل الأعسم» من الاسر الشهيرة النجفية أصلهم من قبائل الحجاز و قد حمل كثير من رجال هذه الاسرة الكريمة أعبآء الفضيلة و شاركوا في العلوم، و حصلت لهم مكانة راسية في العلم و الادب، و منهم من أشغل منصة الزعامة على الأمة، و ذكرى رجال هذا البيت الرفيع يطفح بها المعاجم و نحن نقتصر هنا بذكر زعيم هذه الأسرة و فقيهها الكبير الشيخ محمد علي بن حسين بن محمد تخرّج على السيد بحر العلوم و له الرواية عنه و بعده على الشيخ كاشف الغطاء و له منظومات خمسة في الفقه و توفي سنة

ص: 333


1- لقب واحد من أجداده بذلك تلميحا نسبة الى «العسمان» و هم فخذ من «حرب» إحدى القبايل الحجازية
2- أحد العلماء المتبحرين من آل كاشف الغطاء إنتهت اليه رياسة بيته الكريم من تلمذة الأمام المجدّد الشيرازي ولد سنة 1253 و توفي سنة 1323 و له آثار علمية بحق إكبارها

1233 و دفن في النجف في مقبرتهم المعروفة في الصحن الشريف و من شعره مخمسا أبيات العلاّمة الشيخ حسين نجف

يا من العقل حار فيه و تاها *** حار في وصف من به اللّه باها

إن يلمني العذول فيك سفاها *** لم ألم فيك من دعاك إلها

و دعا الناس للغلوّ اشتباها ***

صاغ أهل الكمال من واصفيه *** مدحا ما لهم بها من شبيه

و بها بعد ذا قصور بديهي *** حيّر الواصفين ما انت فيه

من علا فيه ذو البصيرة تاها ***

ضلّ اهل الحجى و أبدوا بيانا *** انك اللّه ربهم عز شانا

ربما يعذر المغالون أنا *** شاهدوا قدرة الاله عيانا

فيك فاستأسر الغلو حجاها ***

ما دعى مدّع اليك دنوّا *** في فخار سما و زاد سموا

و إن ازداد في الشقاق عتوا *** قد تعاليت في الفخار علوا

خرق الحجب كلها و علاها ***

نلت ما الانبياء قبلك نالت *** من معال بك اعتلت فاستطالت

قلت و العارفون قبلي قالت *** رتب الأنبياء مهما تعالت

فالثريّا علاك و هي ثراها ***

و لكم مشكل حللت مرارا *** جاعلا ليله لليهم نهارا

مخبرا بالذي يصير و صارا *** قد تجلت لك الغيوب جهارا

دونها في الظهور شمس ضحاها ***

ص: 334

في رقاب العباد حبك دين *** يطلب الكل فيه زين و ثين

خبر صادق و ما فيه مين *** انت للّه في العوالم عين

و يدعمّ كل شيء نداها ***

يابن عمّ النبي فيك صفات *** خرقت عادة الورى معجزات

لخصوص النبي فيك سمات *** لم تشاركك في صفاتك ذات

غير من كنت نفسها و أخاها ***

أيها الحاكم الذي قد اقيما *** حكما فى خصامها و خصيما

و هدى للعباد كي يستقيما *** أنت عين الاله تنظر فيما

يعمل العاملون في دنياها ***

كنت للناس خير مولى يفيهم *** حقهم شاهدا على مجرميهم

و لمن قد اطاع من محسنيهم *** كي تكون الرقيب ما دمت فيهم

و تكون الحسيب يوم جزاها ***

نزلت فيك سورة العاديات *** و ثنا هل أتى بمدحك آت

للندى فيك من جميل الصفات *** و لكم في الكتاب من بينات

أفصحت من علاك قدرا و جاها ***

قد أتى في الكتاب ذكر جميل *** ما عليه لذي الجلال سبيل

و ثناء عليك فيه طويل *** و الذي جاء في الكتاب قليل

بجميع الصفات لا تتناها ***

من يصفه بحر على كل حال *** ان يف حقه يقولوا مغال

أو يقصر به يقع في ضلال *** ما عسى أن يقال في ذي معال

ص: 335

حار في كنه ذاته ثقلاها ***

ربّ مدح رآه أي نبيل *** قاصرا عنك يا عديم مثيل

ذبّ عن نقصه بعذر جميل *** يقصر المدح عن صفات جليل

أوج عرش الجليل أدنى مداها ***

هذه النيرات منه استمدت *** نورها فانبرت لما قد أعدّت

و لشكر نعماه حيث استعدّت *** أمر الشمس أن تردّ فردّت

ليؤدي الصلوة وقت أداها ***

ردّها مرتين لو شاء عشرا *** لم يخالف له إذا شاء أمرا

و لنالت به لدى اللّه قدرا *** مرّة بالعراق ردّت و أخرى

مثلها في الحجاز في عصر «طاها» ***

لمّ شمل الهدى و كان شتاتا *** و به المسلمون زادوا ثباتا

حاصل الأمر ان كساهم حياة *** ملة الحق قبل كانت مواتا

و «عليّ» بسيفه أحياها ***

كم محى ملة رآى الكفر فيها *** فانمحت لا ترى سوى و اصفيها

قتل الشرك قتلة مشركيها *** و أباد الأوثان مع عابديها

و أتى رسم دارها فمحاها ***

كم كفى المسلمين خطبا ملما *** و جلى عنهم الدجى المدلهما

قد جلاه بنوره فاستتما *** و استغاثت به الشريعة مما

حل فيها من الأذى فحماها ***

ص: 336

(العالم المجاهد الحاج المولى رضا)

الاسترابادي المولد و المسكن و المدفن أحد شهداء علماء القرن الثالث عشر على عهد السلطان صاحب الجلالة ناصر الدين شاه القاجاري في «المآثر و الآثار» انه مشهور بالشهيد و هو من أعاظم رؤساء الدين من أهل الفتوى في أستراباد و جرجان و من اجلاء المجتهدين في حدود تركمان كان رحمه اللّه يجاهد التركمان و يجادلهم حتى استشهد ببغيهم اه و في المحكي عن مظاهر الآثار انه قال في ترجمة الحاج المولى محمد رضا الأسترابادي انه غير المولى الجليل المولى محمد رضا الفوحردي الاسترابادي فانه من فضلاء عصرنا جاهد مع الطايفة الضالة التركمانية فقتل في سبيل ربه في بعض الازمنة السابقة على وقتنا هذا

(سيد العلماء الحاج السيد حسين)

ابن ابراهيم صاحب القبة المعروفة ب «دهدشت» ابن حسين بن زين العابدين بن السيد علي بن السيد على اصغر بن الأمير علي اكبر بن الأمير السيد علي المعروف بسياه پوش دفين همدان الحسيني الموسوي البهبهاني نزيل كربلاء المشرفة و أحد أئمتها الموثوق بهم، و من مبرّزي علمائها المجتهدين، شفع بمجده الطريف شرفا تالدا، و أعقب بقلمه الغزير ذكرا خالدا، ولد في بهبهان سنة 1215 و فيها نشأ و إرتقى و أخذ نبذا وافرة من العلوم قراءة على علمائها ثم هاجر الى العراق و حط عصا السير في النجف الاشرف فاكمل فيها دروسه حتى تأهب للحضور و التلمذة

ص: 337

على شيخ الطايفة الأمام الانصاري فلم يبارح حوزة بحثه مدة حياته حتى حاز من الشيخ الشهادة العالمية «إجازة الاجتهاد» فغادر النجف من يومئذ و هبط الحاير المقدّس «كربلا» مفيضا علمه المتدفق على طلبة العلم بالتدريس و معظما شعائر الدين الحنيف إماما في الصلوات الخمس في مسجده المعروف بمقربة من حرم سيدنا أبي الفضل العباس صلوات اللّه عليه حتى حجّ البيت سنة 1300 و هو ابن 85 سنة و في أوبته من مكة بات مع الحجيج في موضع يسمى ب «بئر درويش» على مرحلة من المدينة و اتفق انه خرج ليلا من خيمته لحاجة له فصادفه و جل من الأعراب و كان قد عرف شيئا من علوّ مقامه و جلاله فضرب رأسه بعمود ضربة كانت فيها حياته و نقل جثمانه إلى المدينة المنورة و دفن في جوار قبور أئمة البقيع صلوات اللّه عليهم و كانت له تآليف قيمة في علوم الدين تلفت في واقعة «حمزة بك» في منصرم العهد التركي البائد لما أغاروا على دار خلفه الصالح السيد كاظم و أضرموا النار فيها و كان خلفه هذا أحد العلماء البارعين في كربلاء المشرّفة إماما في مسجد أبيه حائزا مرتبة علية من العلم و التقى، أخذ العلم عن العلاّمة السيد هاشم القزوينى الحايري، و العلامة الزعيم الحاج ميرزا حسين الخليلي النجفي غير أن ما ألفه في العلوم ذهب بها ما ذهب بكتب أبيه في الواقعة المشار اليها و لم يبق منها إلا رسالة في علم القيافة توفي سنة 1345 *-* و من ولد المترجم العالم الفاضل السيد ابراهيم من تلمذة الامام المجدد الشيرازي من المهاجرين الأولين الى سامراء توفي فى حدود سنة نيف و ثلثمائة و الف و للمترجم أولاد اخر كانوا من روّاد العلم و حملة الفضيلة

ص: 338

(العالم البارع الشيخ ابراهيم)

ابن الشيخ نصر اللّه ابن الشيخ ابراهيم ابن الشيخ يحيى ابن الشيخ فياض عطوة آل يحيى المخزومي العاملي؛ أحد أعلام أسرته الشريفة العريقة في العلم و الأدب، برز من هذه الاسرة للسبق في الفضايل أعلام نبغوا في العلم و فن القريض لم تندثر مآثرهم مهما بعد عهدهم و اليوم منها علماء أفذاذ أدباء طائروا الصيت و يعرفون ب «آل صادق» و قبله من أمم «آل يحيى» و قبلئذ «آل فياض» و الأسبق «آل عطوة» و المترجم أحد علماء هذا البيت الرفيع و أعيانه أوحدي في الأدب، مبدع في الشعر خرج من قريته «الخيام» لزيارة نبي اللّه يوشع بن نون و في أثناء الطريق هجم عليه عدة من الأعراب فقتلوه ظلما و عدوانا و ذلك سنة 1275 و أخذ بثاره أمير البلاد الزعيم الوائلي محمد بك الأسعد فقتل عدة من القوم كان يكتفهم و يرميهم من أعلا جبل شاهق بالقرب من بلد الزعيم المذكور يسمى واديه ب (الفقعاني) - أخذناه مما كتبه حجة الاسلام الشيخ عبد الحسين آل صادق الآتي ذكره في كتابيه الينا، و كتب الينا البحاثة الأديب الشيخ سليمان ظاهر العاملي المذكور في ص 162 من هذا الكتاب انه قتله عرب الفضل المخيمة في الجولات سنة 1271 لما غزا جماعة منهم البلاد العاملية، و نقل لي بعض مؤرخي جبل عامل ما يوافق ذلك.

أبو المترجم الشيخ نصر اللّه عالم علم في الفضل، له ردّ منظوم بليغ على النصيرية توفي في قرية «عثرون» سنة 1183.

و جدّه العلامة الكبير الشيخ ابراهيم من تلمذة بحر العلوم تلقى

ص: 339

الآليات من أبيه و هاجر إلى اصبهان لطلب العلم و آب عنها مزودا باجازتي الرواية و الاجتهاد و أتت على تآليفه العلمية الجمة عادية فتنة الجزّار و فلت منها مجموع رائع يبلغ الفي بيت في الأصولين، هرب من الجزّار إلى دمشق و توفي بها سنة 1220 و له شعر كثير يعدّ في الطبقة العليا منه تخميسه ميمية أبي فراس الحمداني و مطلعها: *

يا للرجال لجرح ليس يلتئم *** عمر الزمان و داء ليس ينحسم

حتى متى أيها الأقوام و الأمم *** الحق مهتضم و الدين مخترم

و فيىء آل رسول اللّه مقتسم ***

و جدّ المترجم الأعلا الشيخ يحيى من صدور علماء القرن الحادي عشر يوجد له مجموع في الأدعية و الأذكار شنفه بشعره *-* و عمّ المترجم الشيخ صادق كان مشاركا في العلوم متضلعا فيها عيلما حبرا كاتبا مجيدا شاعرا و منه تبدل عنوان الأسرة بآل صادق لجلالته و نبوغه ولد سنة 1192 و توفي سنة 1252 و خلف وحيد عصره الشيخ ابراهيم صادق سكن العراق 27 عاما و أخذ العلم عن علمائها الأعلام و رجع إلى عاملة حاملا إجازة الاجتهاد و الرواية من شيخ الطائفة الأنصاري و صاحب أنوار الفقاهة الشيخ حسن آل كاشف الغطاء و كان طيلة هذه المدة لسان النجف الأشرف الناطق و قلمه السيال نظما و نثرا توفي في «الطيبة» ام قرى جبل عامل سنة 1278 و من شعره: *

عليّ مواليه في النشأتين *** له منزل و مقام علي

تصب المكارم في ذي و ذي *** عليه مباركة من عل

ص: 340

وخلف الشيخ ابراهيم هذا الشيخ عبد الحسين صادق أحد الأعلام المبرزين من علاء الدين ، ولأثل الأعلى ، والاوحدي من المصلحين زهر العصر الحاضر منه بعالم كبير ، وعلم محقق ، وخطيب مصقع، وشاعر مفلق ، ولد في النجف الاشرف سنة 1279 وأخذ المقدمات في عاملة وفي صنة 1300 هاجر الى النجف وحضر على أساتذة الوقت مايناهز خمسة عشر عاما وأفل راجع إلى عاملة بالزام من كبار أساتذته وطلب جمهور من العامليين مزودة باجازات العالمية من الامام المجدد الشيرازي والآيتين الميرزا حسين الخليلي والشيخ محمدطه نجف وغيرهم فهبط الخيام ، ومكث بها ثماني سنين وبنى بها مسجد ضخما وأنشأ مدرسة كذلك وفهمت بالطلبة ولم يزل ناهضا بكلائها والتدريس فيها والسعي في صالح الامة حتى اذا استميح تشریفه « النبطية التحتا ، بعد وفاة علامتها الكبير السيد حسن يوسف فاجاب بعد الاصرار واخذ على عاتقه النهوض بصالح الامة وإدارة شئون المدرسين وبنى بالنبطية حسينية في ام الحسينيات في عاءلة وله تألیف قيمة منها المواهب السنية في الفقه مجلدان ومنظومة فقهية أستدلالية ومنظومة كلامية وجوامع الفواید ورسايل علية وتاريخية وأدبية وقد صعده الله باشبال كرام برع منهم في العلم والأدب العلامة البارع الشيخ حسن خريج النجف الاشرف له شمر كثير جيد ومنه ماأبدع فيه حين رأى القمر وهو ابن ثمان لیال قبالة الكف الموضوع على القبة المنورة العلوية قوله

يعمل البدر موجد النور فيه***كف قدس من فوق قبة حيدر

فتبدي مقوم الظهر إجلا***لا نعلياه ظاهرا نصف مظهر

ص: 341

وشقيقه العلى الفرد العلامة الشيخ محمد تقي نزيل النجف الاشرفوله تأليف ممتعة في الفقه والأصول والحكة و شعر رایع بليغ منه قصيدته الرايقة في امان ابي طالب عليه السلام ومنها

أبو طالب أصل المالي ورمزها*** ومبدأ عنوان الهدى وانتماؤه

تو حدفي جمع الفضايل والنهي*** فضم جميع المكرمات رداؤه

أصاخ الى الدين الحنيف ملبيا*** لدعوته لما أتاه نداؤه

وداع با عزاز الشريعة نفسه*** فبورك قدرة بيه وشراؤه

ومن أعلام هذه الأسرة الكريمة العلامة العلم الفرد مثال الورع والتقى الشيخ عبدالكريم صادق نزيل الخيام له شعر رائق في أهل البيت عليهم السلام

( العلامة المولى محل على )

ابن العالم الفاضل المولى محمد القندهاري، أحد علماء الدين و أغلام الذهب في القرن الثالث عشر ، تخرج على علماء المشهد المقدس ثم هاجر الى النجف وتلذ على اساتذتها وغادرها بعد اكمال دروسه الى قندهار وتصدى الزعامة والامامة معظما شعائر الله ، ناشرة ما نر دينه ، ناهضا بالدعاية اليه حتى اخذ بامز الأمير عبد الرحمن خان وحبس في كابل وقتل بها وهو يناهز من العمر الستين وقتل بامر الامير المذكور في حدود سنة 1300 جمع من العلماء وأعيان الطايفة ومنهم المولى على جان بن المولى غلام من العلماء المعروفين في قندهار أخذ مع المترجم الى كابل و حبس بها ثم قتل في السجن وله من العمر ما يقرب خمسة وخمسين عاما ومنهم القاضي شهاب الكابلي

ص: 342

تذييل

وممن قتل في القرن الثالث عشر شهيد الطف الزعيم الكبير الفاضل السيد علي نقي بن السيد محمد تقي بن السيد الرضا بن آية الله السيد بحر العلوم بن السيد مرتضی بن محمد بن عبد الكريم بن مراد بن الشاه اسدالله بن جلال الدين بن الحسن بن مجد الدين بن قوام الدين بن اسمعیل بن عباد بن أبي المكارم بن عباد بن أبي المجد بن عباد بن علي بن حمزة بن طاهر بن علي بن محمد بن أحمد بن محمد بن احمد بن ابراهيم الملقب بطباطبا این اسمعیل

بن ابراهيم الغمر بن الحسن الثي بن الامام المجتبى (ع)(1) للمترجم المنزلة السامية في الرياسة والزعامة امه كريمة العلامة سيدنا صاحب و الرياض ، وله أياد مشكورة على أهالي النجف الاشرف وهو بعد بحق من الزعماء المصلحين أضف الى ذلك مكانته في الفضل قتل في

كربلاء المشرفة في شهر رمضان سنة 1294 فمضى شهيد الاصلاح والدعوة إلى الحق أصابه بعض الأشرار ببندقية وهو في مجلس حاشد فاردته قتيلا وحمل نعشه الى النجف وصار بومه بوما مشهودة رقدره الشعراء والاده منهم الشيخ محمد سعید(2) الاسكافي رثاه بقصيدة نقتطف منها قوله

قبة العلم من أمال بناها*** والمعالي من دك طود علاها

ص: 343


1- في هذا النسب الشريف العلوي منظومة رايقة العلامة السيد محمدصادق آل بحر العلوم وله آثار علية أدبية اخرى ممتعة
2- (2) شاعر بارع كان نایب خازن الروضة الحيدرية ولد في النجف الاشرف سنة 1200 تفي بكربلاء سنة 1319 وله شعر كثیر

ومن ابتز من قصى ماما*** قد سمامن ذرى العلى أقصاها

أي خطب ألوى بال لوي فلوی من بني لوی لواها

نشر الوجد عن ظلوع حرار طوبت والشجون حشو حشاها

بوم قدفل من بني الوحي عضب کم به فل للمواضي شاها

يوم أودي في العلوم فشجي من بي العلم شيخها وفتاها

ذاك يوم بكربلا فيه هاجن الفات الخطوب في كربلاها

تنبت وقعة الطفوف لديه إذ حكته بشجوها وحكاها

قدرت بردة « الشهادة ، فيه و النفي ، ألقى البرود إرتداها

فقضى في ثرى الطفوف شهدا حسبه حيث كان من شهداها

ذو علاء لمرض حيا وميتها من مرافي العلا سوى أعلاها

عاش من عاش شامخ الذكر فردة علا الخافقين عزة وجاها

وارتقي مذله « الشهادة خصت من مراقي الفردوس أعلى ذراها

ومروا في سريره بضجيج كضجيج الحجيج عند مناها

وعليه الأصوات من كل فج رن في هامة التريا صداها

أو يدري ناعيه بوم نعاه أي نفس المكرمات نعاها

لم تزود سوى التقى ولعمري انفس الزاد للنفوس تقاها

بضعة من «محمد، قد أطلت في ليالي شهر الصيام رماها

إن بكنها الانام عجما وعربا كان حقا بان تطيل بكاها

يا عين. سید الرسل و أمة السوء ما انت في شقاها

كيف أدت اجر الرسالة فيها فتكت فيه من عظيم اجتراها

ص: 344

و يرى فتية الفواطم حسرى *** كيف تنعى من آل طاها فتاها

و اعقب و لدين زعيمين كبيرين فاضلين و هما السيد هادي المتوفى سنة 1322 و السيد محمد علي المتوفى يوم 4 المحرم سنة 1355 و امهما كريمة صاحب الجواهر

«و أما» والد المترجم الشهيد السيد محمد تقي فهو درىّ من دراري فلك العلم من هذه السلالة الطيبة حاز على شرفه المعلى علما جما، و ورعا موصوفا، و غرائز كريمة، و شهامة و إباء، و زعامة كبرى، اخذ العلم عن علاّمة الأواخر صاحب «الجواهر» و له كتاب القواعد في أصول الفقه و أما أياديه المشكورة فسجلها له التاريخ ولد سنة 1219 و توفي في كربلاء المشرّفة ليلة القدر سنة 1289 و نقل جثمانه الى النجف في احتفال و احتفاء عظيمين

«و أما» جده السيد الرضا فهو الخلف الصالح لابيه المهدي، خلفه علما و تقى خلفه هديا و هدى، خلفه مجدا و علا، و هو حلقة الاتصال بين الامام المهدي و رجالات بيته الرفيع له شرح اللمعة و الشرايع في ستة مجلدات، و كتابات في الاصول لم تخرج إلى البياض. و كشف القناع في أصحاب الاجماع تخرّج على الشيخ الاكبر كاشف الغطاء و يروى بالاجازة عن الشيخ محمد سعيد بن يوسف الدينوري القرجه داغي و عن السيد محمد بن ميرزا معصوم الرضوي الخراساني الشهير بالسيد محمد القصير تاريخ إجازته منه سنة 1245 و عن الشيخ محمد تقي بن محمد الشهير بملا كتاب الأحمدي اللبياتي ولد سنة 1189 و توفي سنة 1253 و اعقب سبعة اولاد منهم «السيد حسين» أحد نوابغ الفقه و الأدب من تلمذة صاحب «الجواهر» ولد سنة 1221 و توفي سنة 1306 حيث خرّ من أعلى السطح إلى صحن داره و قضى نحبه و أرخه

ص: 345

حفيده العالم الفاضل السيد حسن بقوله من قصيدة

فوافى النذير يعزي بنيه *** بارض الجواد و موسى الكظيم

و نادى بشجو لتاريخه *** فخرّ «الحسين» كموسى الكليم

له شرح درة جده بحر العلوم نظما و له ديوان شعره المعروف رأيته بخط حفيده السيد حسن منضما بديوان السيد بحر العلوم و هو ابو السيد العلاّمة السيد محسن(1) تلميذ الأمامين الأنصاري و الشيرازي و عمه صاحب البرهان له كتابات فقهية و اصولية توفي سنة 1318 و ابو الشاعر المفلق السيد ابراهيم صاحب الديوان المطبوع المتوفى سنة 1319 و قد ارّخ عام وفاته ولده الجليل السيد حسن(2) بقوله من قصيدة

حاز في روض جنان الخلد مأوى بفنا *** جدّه المهدي هادى الحلق للدين القويم

بجوار الملك المنان أرّخت ألا *** نال «ابراهيم» مثوى و مقاما بالنعم

و ممن أعقب السيد الرضا، منبثق أنوار العلم و الفقه «السيد علي» من أعلام تلمذة الشيخ صاحب «الجواهر» و الشيخ علي آل كاشف الغطا و غيرهما و أشهر آثاره التي كلها مآثر كتابه «البرهان القاطع» في الفقه طبع منه ثلثة مجلدات فى الطهارة و الصلوة و رسائل اخرى فقهية إنتهت اليه رياسة كبري فقابلها بحنكة منه و ثقافة موصوفة توفي سنة 1298 و ارخها سيدنا الحسن آل بحر العلوم بقولهن)

ص: 346


1- هو والد العالم الفاضل الاديب السيد مهدي من تلمذة صاحب البلغة السيد محمد آل بحر العلوم و الآخوند الخراساني له حاشية على معالم الاصول و منظومة في الاصول مع شرحها توفي سنة 1335
2- هو العلم المفرد للفضل و الادب له اليد الطولى في التواريخ الشعرية و قد جمعها بخطه في مجموع يحوي جملة من قصائده في الائمة عليهم السّلام و رثاء بعض العلماء ولد سنة 1283 و توفي عصر يوم السبت التاسع عشر من شهر جمادى الاولى سنة 1355 و أرخ عام وفاته العلاّمة الشيخ جعفر نقدي بقوله للّه بدر في سماوات العلا قد أودعته في الثرى كفّ الزمن من (آل بحر العلم) من بعلومهم للناس قد شرحوا الفرائض و السنن في فقده جلّ المصاب فأرخوا (الشرع أصبح نادبا موت الحسن)

سليل «الرضا» بحر العلوم أخو العلى *** له طابت الفردوس و الخلد زخرفت

بجانب باب (المرتضى) اختار بقعة *** به بوركت مذحلّ فيها و شرفت

علت رفعة بابن الرضا علم الهدى *** و خصت له من ذي الجلال و اتحفت

فاكرم بها من بقعة قد سمت على *** بقاع جنان الخلد فخرا و اشرقت

بها زمر الاملاك طافت و أرخت *** ألا ل (علي) جنة العدن ازلفت

و أفتجع بوفاة ولدين عالمين و هما العلاّمة السيد هاشم تلميذ الامام المجدد الشيرازي و مؤلف تقريرات استاذه في الأصول المولود سنة 1255 و المتوفى سنة 1284 و العلامة السيد محمد باقر(1) المتوفى سنة 1291

«و أما» اخوة المترجم فهم «السيد حسن» عالم فاضل مصنف توفي عام الطاعون سنة 1298 و «السيد محمد» صاحب بلغة الفقيه المولود سنة 1261 و المتوفى فجأة سنة 1326 كان من أعلام الدين و عمد العلم89

ص: 347


1- هو والد سيدنا العلاّمة السيد جعفر صاحب شرح دعاء كميل و تحفة العالم في شرح مقدمة المعالم المطبوعين ولد في 12 شهر المحرم سنة 1289

و الفضيلة و كانت له في النجف الاشرف رياسة مطلقة و جاه عريض أخذ الفقه عن الاعلام الهداة عمه المذكور صاحب «البرهان» و الشيخ راضي النجفي و ميرزا عبد الرحيم النهاوندي و الأصول عن آية اللّه الحاج السيد حسين الكوكمري و الفن الاعلى عن الالهي الضليع ميرزا باقر الشكوي النجفي المتوفى سنة 1290 توفي على عهده ولداه العلامة الأوحد السيد مهدي(1) و العالم الفاضل السيد مير علي الذي أطراء والده و تفجع عليه في آخر رسالة الولاية من البلغة و وصفه بالعلم و الفقه و الفضيلة(2)

و «السيد حسين» كانت له الزعامة في النجف الاشرف و الايادي البيضاء على أهلها توفي في طريق الكاظمية سنة 1311 و نقل الى النجف الاشرف و دفن مع أسلافه34

ص: 348


1- كان من حسنات الدهر و أفذاذ العلماء من تلمذة الامام المجدد الشيرازي بسامراء غير ان الحمام رمى غصن قوامه بالذيول سنة 1312
2- و خلف السيد محمد هذا السيد جعفر و هو من أعلام الدين و حملة العلم شارح الصلوة و الارث من نجاة العباد و توفي سنة 1334

القرن الرابع عشر و شهداء علمائه

(العلامة الشيخ محمد تقى)

ابن آقا باقر الهمداني، عالم متضلع، و حبر مجاهد، رجل الدعاية الدينية، وصل علمه الكثار بورعه الموصوف، و زان تقاه بجهاده في سبيل ربّه ولد سنة 1263 في همدان و بها شبّ و نما و قرء الآليات و السطوح على مدرّسيها ثم يمم اصفهان و تخرّج بها على العلامة المولى حسينعلي التوسركاني(1) مدة لا يستهان بها فعرج منها على همدان مشفوعا بالشهادة «إجازة الأجتهاد» من استاذه المذكور فمكث بها ردحا حتى أتيح له التوفيق بزورة المشاهد المقدسة بالعراق فورد النجف الأشرف على عهد شيخ الطايفة الأمام الأنصاري(2) فكان يختلف الى منتدى

ص: 349


1- هو من وجوه الطايفة و اساطين الدين تلمذ على العلاّمة الشيخ محمد تقي و نال في اصبهان رياسة التدريس و القضاء و الافتاء له شرح الشرايع و حاشية على القوانين و فصل الخطاب في اصول الفقه و غيرها توفي سنة 1286
2- هو شيخنا المرتضى بن محمد امين الانصاري الدزفولى المتولد سنة 1214 و المتوفى سنة 1281 شيخ الامة و إمام الفقهاء و استاد أساطين الدين إغترف من فضله المتدفق كل من أتى بعده و ارتوى بنمير تحقيقه ظماء العلوم و ها هي عقود أفكاره الذهبية «كالفرايد و كتاب الطهارة و الصلوة و المكاسب و كتب اخرى في ابواب من الفقه و مسائله» أقراط في المسامع و قراطق في الصدور و أشهى مألكة في الافواه تزدان بتقريرها صهوات المنابر و باحات المدارس

دروسه للتيمن بها و التبرك فلم يلبث كذلك حتى أنس بمصطلحاته قدس سره و رأى نفسه فى حاجة مسيسة إلى التلمذ و الاستفادة منه فولع به و بافاداته و صمم العزم على الاقامة في النجف الأشرف و مكث على ذلك سنين أوصله فيها الجد و الأجتهاد إلى ضالته المنشودة و أخذ يقرّر بحثه للطلبة و كان ثالث مقرري أبحاثه الشريفة و قفل إلى همدان حاملا و سام الشرف و الشهادة العالمية «إجازة الأجتهاد» من شيخه الأستاذ و طفق ينشر العلم و يعظم الشعاير سالكا سنن الثقافة و التهذيب حتى أتاه الطلب من الشيعة النزلاء ب «كردستان» يتحرّون قدومه اليهم لارشادهم و إقامة الأمت و العوج لديهم و حبذّ التوجّه اليهم البارع آقا طاهر إمام الجمعة بهمدان لوالد المترجم آقا باقر و ألحّ عليه فلم تبرح تلكم الطلبات حتى قورنت منه بالقبول فاحتل بلاد الكرد و هبط «سنندج» إحدى حواضرها و أقام بها 29 عاما علما للمذهب، و حامية للدين، ذابا عن حمى الشريعة، و المرجع الوحيد للشيعة خلد له فيها تاريخا مجيدا و صحيفة بيضاء و سبقت له أيام ولاية المغفور له «امير نظام» الكروس و المرحوم الأمير حسين خان الهمداني أعمال مبرورة و مسامع مشكورة في الهداية و التهذيب فعظمه أمره و بعد صيته

ص: 350

حتى حسده غير واحد من أضداده و كانت الحقود تحتدم في صدورهم حتى وافت نوبة الولاية للأمير الأفخم و من جراء ما ظهرت من ولده احتشام الدولة الذي كان صهر صاحب الجلالة مظفر الدين شاه القاجاري ثارت هنالك الفتن و أدت إلى إنقلاب كان من ضحاياه شيخنا المترجم في 29 ع 1 سنة 1314 عن عمر يناهز 63 عاما و نهبت داره و مؤلفاته و لم يبق منها سوى رسالة في الرضاع جزاه اللّه عن الاسلام و اهله خيرا * أخذناه معربا عما أرسله الينا العلاّمة الورع الشيخ آقا محمد بن الشيخ علي رضا الهمداني من ترجمته

(الفقيه العلامة الشيخ على)

بن الشيخ عبد اللّه بن الشيخ علي السرّي البحراني، أحد أعلام الطايفة و فقيهها الميمون، و العلم المفرد من أساطين الدين و أعيان المذهب من تلمذة والده العلامة هاجر في حياة والده من بحرين و سكن مطرح و هدى اللّه به أهل تلك الديار و لا سيما الطايفة المعروفة ب «الحيدرآبادية» فكانوا بيمن وجوده ذوي معرفة و دين بعد أن كانوا أصحاب جهل و تهاون بالدين و أقام بها طويلا من الزمن إماما و قائدا روحيا يعظم شعاير اللّه و ينشر مآثر الطايفة ثم غادرها الى بلدة «لنجة»(1) و سكن بها الي أن استشهد بالسمّ في شهر جمادى سنة 1319

و له تآليف قيمة منها كتاب لسان الصدق في الرد على كتاب لبعض أحبار النصارى مطبوع و كتاب منار الهدى في اثبات النصّ على الائمة المعصومين تعرض فيه لنقض كلام إبن ابي الحديد المعتزلي و لردّ كلام

ص: 351


1- أحد المواني الشمالية لمملكة ايران على خليج فارس

القوشجي في شرح التجريد و قال صاحب «أنوار البدرين» في تقريظه

هذا منار الهدى حقا و ذا علمه *** هذا لسان الهدى حقا و ذا علمه

فالزم محجته و اسلك طريقته *** تلق النجاة يقينا حيث تلتزمه

فالحق نور عليه للهدى علم *** من أمه مستنيرا قاده علمه

و له كتاب قامعة اهل الباطل في الردّ على محرمي عزآء الحسين عليه السّلام. رسالة عملية في الطهارة و الصلوة. و الاجوبة العلية للمسائل المسقطية جمعها ابن اخته الشيخ أحمد بن الحاج محمد بن سرحان البحراني و رتبها على كتب الفقه. رسالة في بعض مسائل التوحيد. رسالة في التقية رسالة في المتعة. رسالة في الفرق بين الاسلام و الايمان. رسالة في نفي الاختيار في الامامة عقلا و نقلا. رسالة في وجوب الاخفات بالبسملة في الاخيرتين و ثالثة الغرب لمن قرأ الفاتحة وفاقا لابن إدريس الحلي على خلاف المشهور و هذه الرسالة قد نقضها العلامة الشيخ أحمد بن صالح البحراني و له في التاريخ و الحديث و الادب و صياغة الشعر أياد بيضاء *-* أخذناه ملخصا عن «أنوار البدرين»

(العلامة الاكبر الحاج ميرزا ابراهيم)

ابن الحسين بن علي بن الغفار الدنبلي الخوئي المولد و المسكن و المشهد شهيد الانقلاب بدستورية فارس سنة 1325 و المتولد سنة 1247

هو في الطليعة من الراسخين في العلم، المتضلعين المشاركين في الفنون من فقه و أصول و كلام و حديث و حكمة و عرفان و رجال و أما الاخلاق فهو قدوة لذويها و به الاسوة فيها ضع يدك على أي من هذه العلوم تجده

ص: 352

ابن بجدته و أبو عذره و شهيدي على ذلك كتبه القيمة من ولائد أفكاره العسجدية و نفثات مزبره كحاشيته على فرائد الامام الانصاري الموجودة بالمكتبة الرضوية ع بخراسان و رسالة في الأصول ذكرها في كتاب الرجال و شرح نهج البلاغة المسمى بالدّرة النجفية و شرح الاربعين حديثا. و ملخص المقال فى علم الرجال. و كتاب في الدعوات و قد طبعت كلها على الحجر عدا الأولين و ذكر بعض أفاضل تبريز في مجموع له من قبيل الموسوعات و فيه تراجم انّ له تلخيص كتاب البحار من أوله إلى آخره، و ما رأيناه من هذه الكتب مفعم بآراء ناضجة، و أنظار علمية، و دقايق فنية، ترتاح اليها النفوس، و تهش اليها الطباع، و بذلك يجزم مزاولها بانه الاستاذ الأوحدي في تلكم العلوم لا أن له في كل قدر مغرفة «حكى» سيد الطايفة آية اللّه السيد ميرزا علي آقا الشيرازى ان العلاّمة المترجم في إحدى وفداته إلى الاعتاب المقدّسة بالعراق ضمته إحدى النوادي مع والده الامام المجدّد الشيرازى فجرت مناظرة بينهما في فرع فقهي قد أفتى السيد فيه بوجه خالفه العلاّمة الخوئي فيه فافترقا على ذلك ثم قفل الشيخ الى الكاظمية و الامام المجدّد عطف على المسئلة نظرة ثانية كشف لديه أن الحق مع مناظره العلاّمة الخوئي و هو قد غادر سامراء فارسل من فوره الى الكاظمية بريدا ينبئه ان الحق معه و ان السيد قد عدل عن نظريته الأولى

تخرّج المترجم على شيخ الطايفة الأمام الانصاري و آية اللّه الكوهكمرى(1)لى

ص: 353


1- هو الحاج السيد حسين بن محمد الكوهكمرى التبريزى اكبر زعيم جادت به اخريات القرن الغابر من تلمذة شيخ الطايفة الأنصاري و العلم المفرد في العلم و التحقيق دوّن من تقرير ابحاثه كتب قيمة مخطوطة و مطبوعة و تآليفه كثيرة الا أن اكثرها قد تلف لردائة خطه و لم يبق منها الا القليل و لعله لا يبلغ العشرة توفي سنة 1299 فى 23 رجب و قبته في النجف الاشرف معروفة و شوهد جسده الشريف بعد ما يقرب من عشرين عاما من وفاته عند دفن حليلته و ابنة عمه الى جنبه و هو غض طري لم يتطرق اليه البلى

و يروي عن الشيخ مهدي النجفي(1) و الشيخ محمد حسين الكاظمي (2) و له في الجود و الكرم و علوّ الطبع و مناعة النفس و الأنفاق في سبيل اللّه مقامات و مواقف سجلها له التاريخ فأبد الشكر له عليها مدى الأعقاب

كما أن أياديه في العلم ابقت له ذكرى خالدة مدى الاحقاب، و حياة طيبة يتداولها كرّ الجديدين، كانت له ثروة طائلة ينفقها حيث يحب اللّه و يرضى، ما ورد منهله العذب أحد إلا روي و ما قصده مؤمل إلا و قد إخضرت رياض امله بصيب جوده، و كان لا ينفق من عوائده كل عام على نفسه إلا نصف عشرها على كثرتها

لم يبرح كذلك يهب و يعطى و يقيم عمد الدين و يعظم شعاير اللّه حتى08

ص: 354


1- هو الفقيه الاكبر ابن الشيخ علي آل الشيخ كاشف الغطا المتوفى 14 صفر سنة 1288 و كانت له زعامة دينية و عمدة مشايخه عمه العلامة الشيخ حسن
2- هو الآية الكبرى و علم الهدى صاحب كتاب هداية الانام في شرح شرايع الاسلام من اوله الى كتاب القضا و رسائل فقهية له في الزهد و الورع اخبار شيقة و مقامات كريمة توفي في المحرم سنة 1308

استشهد بخوي صبيحة سادس شعبان سنة 1325 و هو ابن 78 سنة و اودى بطلقات البنادق عليه في صحن داره فمضى طاهرا من الدنس شهيد دينة و هداه، شهيد رشده و حجاه، شهيد مجده و شرفه

فكان فقده الطامة الكبرى التى أرخت لها الشئون دموعا قانية، و تفطرت القلوب من عظم خطبه القادح، و كربه الممض المرمض، و لعمر الحق أنها مصيبة كبدت الاسلام خسارة لا تتدارك، و أوسعته ثلمة لا تسد، و لقد رثاه العلاّمة البارع ميرزا محمد علي بن حجة الأسلام ميرزا ابو القاسم (1) الاردوبادي

خطب ألّم غداة جاه عظيما *** فاصاب فيها الندب «ابراهيما»

للّه رزء هدّ أركان الهدى *** فانصاع يرقل مقعدا و مقيما

عصفت أعاصير الضلال بربعه *** فالتاح تذروه الرياح هشيما

ما خلت أن الموت في لوح القضا *** يمسي على كهف الأنام رقيما

أو أنّ شيخ المسلمين برغمهم *** يغتاله صرف الردى محتومار)

ص: 355


1- هو احد الفطاحل من علماء القرن الأخير و زعمائه ولد سنة 1274 و توفي سنة 1333 خامس شعبان و له كتب قيمة يتراوح بين الخمسين مجلدا و الستين، و اما ولده صاحب القصيدة فهو العلم المفرد للعلم و التقى المشارك في العلوم له التقدم في كل فضيلة ظاهرة و أما الادب العربي فهو قدوة لذويه و به الاسوة فيه و لقد زان علمه الموصوف بتقى و ورع له رسايل و كتابات دينية علمية أدبية تاريخية منشورة و غير منشورة و هي طافحة بالتحقيق المعجب بحق إكبارها ولد سنة 1312 ذكرنا تفصيل ترجمته في كتابنا (شعراء الغدير)

حتي ارتمت للبندقية طلقة *** صرعت أبا للمؤمنين رحيما

و رقى المنون و يا له من مرتقى *** في كاهل الأسلام كان عظيما

فذوت حدائق علمه و تناثرت *** منه جواهر نظمت تنظيما

أما الكتاب فنكست أعلامه *** و العلم عانى رسمه المهدوما

فقدت به الدنيا مقيل عنارها *** و الدين ركنا منه كان قويما

و المدلجون بكل شدة أزمة *** كفا كوبل الهاطلات هضوما

و العدل أثكل و الشريعة أعولت *** و المجد قد أشجى الهدى المهضوما

و دهى به الشرف المعلى عنوة *** خطب فغادر حبله مجذوما

و الحور يوم تباشرت بقدومه *** ترك البرايا هائمين وجوما

و الفقه ينعى منه كافل أمره *** و يذيل شجوا دمعه المسجوما

يا موحش الدنيا بيوم مغيبه *** و مبهج الاخرى سنا موسوما

غادرت عين الدين يؤلمها القذى *** بحشا يقاسي في المصاب كلوما

و فروعه جنيت و تلك اصوله *** اجتثت بايدى الظالمين جذوما

و بعين جبار السماء شهادة *** لم تقض فيها إذ قضيت مليما

فمضيت لا خوريقيك عن الهدى *** أو نهمة تثنيك عنه كريما

لم يحدك الجشع المنهم للهوى *** حيث الرضيخة قادت المنهوما

يا راحلا و الصبر ملتف به *** خلفت كربا في القلوب جسيما

و تركت أفئدة تشظت لم تجد *** إلفا لها إلا شجى و هموما

و غداة إذ وافى الحمام مفرّقا *** شمل الحقيقة يومك المعلوما

و الخطب غال المسلمين فلم يدع *** فيهم ليوم الحادثات زعيما

ص: 356

بمقيم شرع المصطفى لما هوى *** صعقا على وجه الصعيد كليما

ترك البرية في عذاب مصابه *** مستعذبا هو في الخلود نعيما

و الدهر أنقض يوم قد أودى به *** من دوحه غصن الهدى المدعوما

إن يقض مظلوما فقد علم الورى *** أن قد قضى خير البرية خيما

دأماء فضل من يرم أصدافه *** يجد المكارم لؤلؤا منظوما

«نهج البلاغة» قيله و حديثه *** ما إن يفض عند النديّ علوما

هل كان خلف فيهم إلا العلى *** و شجى غدا بين الضلوع مقيما

أودى الحمام بمفرد عن مثله *** في فضله كان الزمان عقيما

ما كان بالسلس القياد و انما *** أبدى لماثلة القضا تسليما

غصّ الديار مصابه كفخاره *** و طوى القفار مفاوزا و حزوما

لو كان يفدى ميت لتهافتت *** زمر الخلايق سادة و قروما

أو كان يزوي الموت زحف مجالد *** لأروك منه الجحفل المهزوما

لكنه القدر المتاح فيلتقى *** ما إن ألمّ بهالك محتوما

و سقى الحيا جدثا يقل من العلى *** شخص الحقيقة و الفخار سجوما

و حملت جنازته بعد مدة من شهادته الى النجف الأشرف و دفنت في محل عينه لنفسه بمقربة من بقعة العلاّمة الحاج المولى على(1) بن الحاج ميرزا خليل الطهراني

(الفاضل البارع الشيخ جليل)

التبريزي المحتد السنقري الموطن و المشهد، جليل القدر، عظيم المنزلة،

ص: 357


1- هو ابن النطاسي المحنك الورع التقي الحاج ميرزا خليل بن علي الرازي النجفي و المثل الاعلى للفقه و التقى و المرجع الفذ في الدراية و الرجال و له سبق بعيد في السلوك لا يشق غباره و كان أزهد اهل زمانه و شيخ اجازة العلماء الأعلام ولد في سنة 1226 و توفي سنة 1296 و له آثار علمية متنوعة مخطوطة

حلّ من المجد وسطا، و تقدّم في الفضيلة فرطا؛ كان شديدا في الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر متهالكا في نشر الأحكام، و بت الدعاية الدينية، و إرحاض معرّة أهل البدع، و كسح الفجور و الهنات، و إحياء الحق، و اماتة البدع، له مواقف مشهودة في اعلاء كلمة الدين، و في الزهد و الورع مقامات كريمة تتناقلها الألسن و يعرفها القريب و البعيد، «قال والدي العلاّمة مدّ ظله» أنه يمم النجف الاشرف بعد أخذ الآليات في تبريز و أقام فيها مدة و تخرّج على مشايخها ثم رجع الى وطنه و هبط في أوبته بلدة سنقر فطلب أهلوها بقاءه فيها و اقامته لارشادهم الى نهج الحق و ألحوا عليه حتى قورن بالقبول و منّ اللّه عليهم بذلك، رأيته فيها سنة 1319 فوجدته فاضلا متكلما لسنا فطا ذا فراسة متأهلا للزعامة الدينية متصلبا في إنكار البدع و اعلاء كلمة الحق و احياء دوارس الشرع ناشرا ألوية الهداية مجدا مجتهدا في تعظيم شعائر اللّه مشيدا أركان الدين مالكا أزمة الجلالة و الزعامة الروحية مطاعا لدى الأكابر و الأصاغر و لم يبرح كذلك يقيم العمد و يثقف الامت و الأود و يعظم شعائر اللّه حتى استشهد في حدود سنة 1325 بيد سفلة الناس في باب داره و قد خرج من الحمام فمضى الى مولاه سبحانه راشدا ظاهرا من الأرجاس شهيد دينه، شهيد رشده، شهيد هداه *-* و رثاه العلامة الاردوبادي بقوله

ص: 358

قد عضل الداء و جلّ الفادح *** فغصّ منه البيد و الصحاصح

و اعصوصب الأمر فلا من مسكة *** للصبر كي تنحو لها الجوانح

و عمّ بالرزء الورى طارقة *** سيان فيها صانح و بارح

و أوقف الدهر مدى الدهر على *** لفح الجوى من المنايا سارح

و التطمت ضحى أواذي الردى *** و بينها الندب (الجليل) سابح

أردى شواظ البندقيّ ضيغما *** يزوّر عنه الاسد المكافح

كم أرشد الناس بعلم ناجع *** فلم يزل و السعي منه ناجح

و قرّط الآذان في عظاته *** فطبق الأجواء عرف فائح

شابه فيها جهده في المنتهى *** ما جنحت لنيله الفواتح

آثرهم بالنصح حتى قوبلت *** بالغدر منهم تلكم النصائح

مجلها منه وفا سموئل *** جزا سنمار و مكر فاضح

و أنضبوا منه عبابا طاميا *** عليه لجّ المكرمات طافح

و وازنوه في العلى فخففوا *** و «للشهيد» بان وزن راجح

و تاجر المولى بنفس خسروا *** فيها و لكن «الفقيد» رابح

حتى مضى الى الحبيب راشدا *** إذ كرهته الأنفس الكواشح

فغادر الدست و أخلى صدره *** و قد شجاه الخطر المبارح

لم يثكل الخطب مناحي (سنقر) *** يوم أقيمت بينها النوائح

لفقده إلا و في كل ربى *** نائحة عليه يقفو نائح

قضى و للمجد عليه رنة *** و في المعالي صاحت الصوائح

و في الصدور يوم فاض لوعة *** و في العيون الا دمع السوافح

ص: 359

غاب عن الاعين لكن لم يغب *** عن القلوب منه شخص لائح

و من عجيب أن جوهر العلى *** تضمه القبور و الضرائح

و أن ربع الفضل في مغيبه *** يصبح فيه للمنون صائح

و أن صرف الدهر يأتي عنوة *** و ليس يلويه دفاع كابح

فتنجلي الغبرة عن شخص النهى *** ينال منه الأجل المناطح

و ينثني المعروف مرتثا كما *** قد هدأت من الهدى جوارح

لا غرو أن الدهر سيان به *** مقترب من حكمه و نازح

هو القضاء ليس يثنيه إذا *** أقبل يوما جامح أو جانح

و ليس يتجو من أعاصير الردى *** من البرايا صالح أو طالح

و الموت حتم يخرس الكل فلا *** يلفى لديه باغم أو صادح

سقى ثرى «الجليل» من صوب الرضا *** غاد و من سحّ الغمام رائح

(العلامة الحكيم ميرزا محمد باقر)

ابن عبد المحسن بن سراج الدين الاصطهباناتي الشيرازي، باقر العلم و سباق غايته، إكليل الشرف و قلادة جيده، كان من أئمة المعقول و الفلسفة العالية و عليه تخرّج الاساتذة الفنيون فيها كما أن له في علم الدين خطوات واسعة و شوطا بعيدا تخرّج في اصبهان على العلم الحجة الشيخ محمد باقر(1) بن المحقق الشيخ محمد تقى صاحب الهداية فرجع الى شيراز

ص: 360


1- هو استاد الفقهاء و العلم الوحيد في الفقه و اصوله و امه كريمة الشيخ الاكبر كاشف الغطاء تخرج على خاله الشيخ حسن صاحب انوار الفقاهة و العلامة صاحب الجواهر و الامام الانصاري ولد سنة 1235 و توفي في النجف الاشرف في صفر سنة 1301 و كتبه القيمة طافحة بالتحقيق المعجب كمان مؤلفها هو آية من آيات اللّه الباهرة، و أما ابوه فهو ابن ميرزا عبد الرحيم الطهراني الاصفهاني و اخو العلامة صاحب الفصول و استاد المحققين من علماء الدين له كتاب (هداية المسترشدين) في شرح اصول معالم الدين و تآليف ثمينة غيره توفي يوم الجمعة منتصف شوال 1248

مجازا منه ثم هاجر الى سامراء مستفيدا من أبحاث الامام المجدد الشيرازي و هنالك أتم دروسه العالية حتى قضى استاده نحبه سنة 1312 فيمم النجف الاشرف و أقام بها الى حدود 1319 مدرسا و مفيدا يفيض على الطالبين من علمه الجم و يرويهم بنمير فضله الغزير ثم عرّج على شيراز و علا كعبه، و اشتهر امره، و بعد صيته، و دوّخ الأقطار ذكره، له رسالة مبسوطة في احكام الدين توجد في مكتبة استاذه الامام المجدّد الشيرازي و له الرواية عن الاعلام الهداة الحاج المولى علي بن ميرزا خليل الرازي و السيد مهدي(1)القزوينى النجفي و ميرزا محمد هاشم الخونساري الچهارسوقي(2) و المولىها

ص: 361


1- هو من آيات اللّه العظمى الفائزين بالعلم و الفقه و التقى و قد شرف بلقاء الحجة الكبرى الأمام المنتظر عجل اللّه فرجه و تآليفه في الفقه و الاصولين و غيرها من العلوم اكثر من ان يسعها المقام و فضايله اشهر من ان تذكر توفي 12 ع 1 سنة 1300 فى منصرفه عن الحج و قبره بالنجف الأشرف كالشمس في رايعة النهار
2- هو العلم الكبير من آل محمد ص المنتهى اليه الرياسة الدينية فى أصبهان و هو و والده و جدّه الادنى و الأعلى و اخوه صاحب الروضات من اعاظم العلماء جميعا و له في الفقه و الرجال أيادنا صعة و قد استجازه اكثر العلماء المتاخرين ولد سنة 1235 و توفي سنة 1318 له تآليف كثيرة طبعت جملة منها

محمد تقي الهروي(1) و الشيخ محمد تقي «آقا نجفى»(2) بطرقهم المعلومة، استشهد بشيراز فى شهر صفر سنة 1326 في غضون الانقلاب الدستوري بايران قال في رثائه العلاّمة ميرزا محمد على الأردوبادي دام علاه

همّ رسا بالقلب و الحناجر *** مذ صوّت الناعي بفقد «الباقر»

عفت ربوع المجد إذ أودى فلم *** تجد حماه غير رسم دائر

أولاهم النصح فكادوه شقى *** «هذا جزا مجبر امّ عامر»

فقابلوه و الهدى بمهجة *** تغلي عليهما و صدر و اغر

ساموه جزرا و هو بحر لم يزل *** يزخر علما بمديد وافر

و لم يضاهوه علا و لا هم *** كمثله في شرف الأواصر

ليعرفوا منه أخا مأثرة *** تأتي على الأهواء في التفاخر

ربّ حجى يهظ نوكا منهم *** يفتّ في الاحلام و المشاعريه

ص: 362


1- هو من اساطين الدين و الفقهاء الراشدين و تآليفه فى الفقه و الاصول و العقايد و الاخلاق و الحساب كثيرة قيمة توفي سنة 1299 فى كربلاء المشرفة و اساتيذه في القرائة حجة الاسلام الاصبهاني و العلامة الكرباسي و الشيخ محمد تقي صاحب الحاشية
2- هو إبن العلامة الحاج الشيخ محمد الباقر بن العلاّمة الاوحد الشيخ محمد تقي صاحب الحاشية الاصبهاني من أعلام الدين و ناشري الوية الفقه و العلم انتهت اليه الرياسة الدينية فى أصفهان قضى 1331 و هو من تلمذة الامام المجدد الشيرازي و الشيخ مهدى بن الشيخ علي آل كاشف الغطا و الشيخ راضي الفقيه

فردا و كان العلم من أجناده *** حوليه منه زمر العساكر

يفخر فيه و هم ألهاهم *** جهل به في لغط التكاثر

كاثرهم بالفضل لكن كثروا *** بالعار منهم عدد المكاثر

فقد أبادوا سوددا عن وصفه *** قد عجزت ألسنة المزابر

بالفقه منه طالما جلى العمى *** و بالمحيا ظلم الدياجر

حتي إذا عادى السنا خفافش *** رمته منها بشواظ ساعر

و أوسعوا الجرح بجثمان العلى *** حتى تفانى فيه غور السائر

و استبدل الأيام عرقا نابضا *** للعلم و الدين بعضو فاتر

و هل يقال الدهر في مقيله *** إذا كبا فلا لعا للعاثر

يا شوهة بالبندقيات بما *** جنت على الدين بفها الفاغر

أهل درت غداة إذ أودت به *** أن قد أصابت مهجة المفاخر

فمن ينيل الوفد علما ناجعا *** أو يحزل الرفد بسيب هامر

و من مجير للهدى أو ملجأ *** لهارب رما سهم جائر

و من لكشف المعضلات كافل *** فيربط الأسرار بالسرائر

كنا نفيض القول عن عليائه *** حتى غدا حدث أمس الدابر

لا بدع ان تجر العيون أنهرا *** انّ «الفقيد» لجّ تحرز اخر

طوى الزمان للعلى صحيفة *** طوى الزمان نشرها في الغابر

انّ المواليد بكت مهذبا *** أثكل فيه شرف العناصر

و في العقول يوم فاض رنّة *** تندب منها أنفس الذخائر

لقد نحا المعروف في أسفاره *** حتى بدا منها بوجه سفر

ص: 363

و قد قضى و منه ذكر خالد *** تزان فيه صفحة الدفاتر

و حكمة بالغة عنت لها *** حكمة سقراط لفضل ظاهر

و غاب في شهادة قد اودعت *** في القلب لفحة بوجد حاضر

يا و له الدستور كم تخذل دين *** اللّه لكن بمجالي ناصر

تعيث في الأوطان إذ تبدي لها *** نفعا و لكن أنت شرّ ضائر

صبت إليك عصبة في جلد معز *** ى و لها أحشاء ضبع كاسر

تبدي اعتدالا في انقلاب بارز *** و تضمر الغدر بمكر ظاهر

حتى إذا جابههم شخص الهدى *** بعزم شهم منه غير خائر

و آب عنهم رابحا و ارتجعوا *** و فيهم صفقة غمر خاسر

و خلفوا العار و أبقى بعده *** جلائل الآثار و المآثر

أشجى الكتاب منه يوم بائس *** اهين فيه أعظم الشعائر

و أثكل الانصاف و العدل به *** «همّ رسا بالقلب و الحناجر»

و رثاه العلاّمة السيد مرتضى الصدر البهبهاني نزيل «مينا بوشهر» و المتوفى بها سنة 1331

(العلم الحجة الحاج الشيخ فضل اللّه)

اشارة

ابن المولى عباس النوري شهيد الانقلاب الدستوري بطهران في 13 رجب سنة 1327 كان أبوه من العلماء الأفاضل و قد رثي بهذه القصيدة يتخلص ناظمها فيها إلى تعزية المترجم و ذكر خاله العلاّمة النوري و مدح استاده الأمام المجدّد الشيرازي

أرى الموت إن وافى فلا يقبل الرشا *** فكم طلل من ذاك أصبح موحشا

ص: 364

و غاية مسعى العالمين هي الردى *** كما ان نور الشمس غايته العشا

هو الدهر لم يبرح يفوّق قوسه *** يقرطس أغراض المعالي منقشا

و يصرم حبلا لم يطل عهد و صله *** لأول واش من حوادثه وشى

ففي شهده صاب و في صفوه قذى *** و في حلوه سمّ لأرقم أرقشا

عرا فادح أغرى بعيني سيادها *** و حذّر وفاد السرور عن الحشا

و خطب رمى في عيني المجد بالقذى *** و صدر المساعي البيض بالغيظ قد حبشا

لقد مات «عباس» فلا يبسم الهدي *** و أنّى و هذا الفضل يعول مجهشا

أصاب التقى لما اصيب خليله *** مصاب غدا طرف النهى منه أخفشا

فاصح أمر النسك و العلم و التقى *** رهين اضطراب مثل ما اضطرب الرشا

فذاك العلى أبدى لشدة وجده *** كصدغ الملاح الغيد حالا مشوشا

و يظهر وجها من مواقع ظفره *** كطلعتها عند اللحاظ مخمشا

لعمري لئن اودى فقد عاش مجده *** بخير سليل فهو يغدو منعشا

و أبقى فتى ملء المسامع فضله *** و ذلك «فضل اللّه» يؤتيه من يشا

تلفع بردا بالعلاء مطرزا *** و ألبس ثوبا بالكمال مرقشا

فيادوحة من روضة الفضل اعرقت *** و يا غصنا من دوحة الفقه قد نشا

تعزّ و إن أمسى فؤادك مكمدا *** و قد فرّخ التهتام فيه و عششا

و صبرا و إن أمسيت في جال دهى *** تكابد ليلا بالشدائد مغطشا

دهشت فحقت دونه دهشة العلى *** و عهدي و ما كنت الزمان ليدهشا

و ما كنت إن هبت من الخطب صرصر *** على طودك الراسي التضعضع يختشى

و ما زلت ثبتا راسخ اللب صابرا *** حليما حمولا بالوقار معرّشا

ص: 365

و تصبو الى نيل المكارم و العلى *** صبّو أخي وجد الى ناظري رشا

و في خالك الميمون أكرم سلوة *** و غرّته كالفجر و الليل أغبشا

هماما على ملك المآثر قيما *** على رأسه طير السعادة فرّشا

فكم من ورود في رياض علومه *** تفتقن منها نفحة الرشد تنتشى

فمن زهده وجه الهدى متهلل *** و من زكنه دوح الفضايل انعشا

و انت بحمد اللّه ذكرك سائر *** بفضل كوجه الشمس ليس له غشا

و علمك كالوسمي يغدق سافحا *** ذوارفه تروي مدى الدهر عطشا

و يأمل فيك الفقه حمل لوائه *** و تأييده و الوهن في امره فشاء

و يرقب منك الرشد إعلاه ذكره *** و إن كان في اخفائه الغي قد مشى

تخير منك الفضل أروع أبلجا *** إلى ناره المجد المؤثل قد عشا

فهل مات من أصبحت انت خليفة *** له لا و إلا ربع انسي أوحشا

فيم سالما في ذروة المجد صاعدا *** و عش ناعما في راحة العزّ منعشا

و من «حجة الاسلام» و ارف ظله *** تفيأ و أدرك من أياديه ما تشا

ففي خلقه أمن لمن كان حاذرا *** و في بشره أنس لمن قد توحّشا

غزير جناب من أقام ببابه *** بأيمن طبر في المعالى تعيشا

يزبح دياجي الجهل اشراق علمه *** إذا عنّ ليل بالضلالة اغطشا

له كل عين في العلوم روية *** إليها سعى البحر الغطمطم معطشا

تجل على الاسلام من مكرماته *** شموس أقام الفكر فيهن أعمشا

عليه سلام فائح النشر ما غدا *** بمسعاه سهم المكرمات مريشا

«و أما المترجم» فهو شيخ الاسلام و المسلمين، و علم العلم و الدين،

ص: 366

و اكبر زعيم روحي في العاصمة الفارسية «طهران» كان يطفخ الفضل من جوانبه، و يتدفق بين كلمه و مجاري قلمه، كان إبن اخت العلامة النوري و صهره على كريمته ولد سنة 1258 و هاجر الى النجف الاشرف و هو غضّ الشبيبة و قرأ على الفقيه الشيخ راضي(1) ردحا ثم يمم سامراء مع خاله المذكور في أول المهاجرين اليها بعد الامام المجدد الشيرازي سنة 1292 و كان معهم المولى فتحعلي السلطان آبادي(2) حضر المترجم بحث استاذه المجدد سنين و كتب تقرير درسه و في نيف و ثلثمائة قفل الى طهران و لم يبرح بها إماما و قايدا روحيا زعيما دينيا يعظم شعائر اللّه و ينشر مآثر دينه و يرفع أعلام الحق و يبرز كلمة الحقيقة حتى حكمت بواعث العيث و الفساد بشنقه بعد ما جابه الالحاد و المنكر زمنا طويلا فمضى شهيدا بيد الظلم و العدوان، ضحية الدعوة الى اللّه، ضحية الدين، ضحية النهي عن المنكر، ضحية الحمية و الديانة في 13 رجب سنة 1327 و دفن في دار المؤمنين بلدة قم و له الصحيفة المهدوية جمع فيها أدعية الامام المنتظر عجل اللّه فرجه، و له شعر رابق و يتخلص فيه ب «نوري» ذكرنا جملة منهزي

ص: 367


1- هو ابن الشيخ محمد بن الشيخ محسن آل الشيخ خضر النجفي علم الفقه الخفاق و الزعيم الكبير في النجف الاشرف المتوفى سنة 1290 كان معما بآل الشيخ الاكبر كاشف الغطا و لا تكاد تحصى فضايله في علمه و تقاه و تخرّج عليه من لا يستهان بعدّتهم من العلماء
2- المتوفى 4 ع 1 سنة 1318 في الحاير الشريف و نقل الى النجف الاشرف كان قدوة اهل النسك و إماما في الاخلاق صاحب الكرامات الباهرة و المقامات الرفيعة و قد أطنب القول فيه العلامة النوري في دار السّلام و كان من تلمذة شيخنا الانصاري ثم هاجر الى سامراء على عهد الامام المجدد الشيرازي

في كتابنا «رياض الانس» قال في رثائه السيد الأجل شهاب الدين السيد احمد الرضوي الشهير بالأديب الپيشاوري نزيل طهران المتوفى سنة 1349

لا زال من فضل الآله وجوده *** جود يفيض على ثراك همولا

روّى عظامك وابل من سيبه *** يعتاد لحدك بكرة و أصيلا

تلكم عظام كدن أن يأخذن من *** جوّ الى عرش الاله سبيلا

همت عظامك أن تشايع روحها *** يوم الزماع الى الجنان رحيلا

فتصعدت معه قليلا ثم ما *** وجدت لسنة ربها تبديلا

فالروح ترقى و العظام تنزلت *** كالاية اليوحى بها تنزيلا

آمنت إذ حادوا برب «محمد» *** و صبرت في ذات الاله جميلا

فعل الذين برب «موسى» آمنوا *** و رأوا تمتع ذى الحياة قليلا

رفضوا الحياة و آثروا منها الردى *** و علوا جذوعا بسقا و نخيلا

و الفعل يبقى في الزمان حديثه *** ان أذهب الدهر الغشوم فعولا

و رأيت «فضل اللّه» دين محمد *** و سواه زندقة الغواة فضولا

خنقوك لا حنقا عليك و انما *** خنقوك كيما يخنقوا التهليلا

مسكت بالدين القويم و لم يمل *** بك زيغة كالمارقين مميلا

و اظل يوم الابتلاء فلم تكن *** في الدين متهما و لا مدخولا

كالمشرفي مجردا عن غمده *** يهتز في ايدي الكماة صقيلا

ص: 368

فلو أنهم فلقوا به رضوى لما *** وجدوا عليه نبوّة و فلولا

ما كان في حكم القضاء مدلها *** منك الفؤاد و لا اللسان كليلا

ثبت الخطاب و للحتوف هزاهز *** حوليك مائلة اليك مثولا

هل ينفع البرّ التقي بيانه *** في معشر نطقوا الفاهة قيلا

ذو مرّة لم تضطرب أحشاؤه *** و الموت ينسج مبرما و سحيلا

أيقنت أنّ نكالهم بك نازل *** فشربت صاب مصابهم معسولا

و كذك من كان الاله معاذه *** و الحقّ معتصما له و وكيلا

صلى الاله عليك من متصلب *** متخشع صعب القياد ذلولا

(و قال العلاّمة ميرزا محمد على الأردوبادي)

لقد أودى ب «فضل اللّه» خطب *** شديد بطشه خشن القاء

و قد ضاق للثرى عن بحر علم *** تضمن لجه رحب الفضاء

على الأعواد ذا ملك كريم *** أم الأنسان يعرج للسماء

ألا إنّ المشانق قد أقلت *** مثال العلم أو رجل الذكاء

و أربى في الحياة عن الدنايا *** فأرقل في المماة الى اعتلاء

فلم يألف سوى العلياء بدءا *** فاسري نحوها في الإنتهاء

أطلّ على الورى ألقا مضيئا *** فمنبثق سناه إلى سناء

فان نظروا اليه فقل هلال *** و عند بزوغه قل في ذكاء

بظلماء الضلالة يوم تاهت *** بنو الجهل المبير «أبا الضياء»

تهدّم للشريعة أي ركن *** و قوّض للهدى عمد الخباء

و قد أودى فكان كهلك عمرو *** به قد هدّ مرفوع البناء

ص: 369

و إن مخلفا في القلب منه *** رضىّ السمت محمود الرواء

حقيق أن تذال له دموع *** أحالتها المصيبة بالدماء

خسرنا منه مشهور المواضي *** يرفّ عليه منشور اللواء

و لم يخضعه للاقدار إلا *** رضوخ عند مقتبل القضاء

فقد جائى الخطوب فقاومته *** بعضب منه مشهور المضاء

و قد برزت بوجه مكفهر *** تصرّ عليه أنياب الجفاء

و من حوليه ينفث شدق أفعي *** نقيع السمّ في الداء العياء

و بالأخطار يؤذن كل وجه *** تلوح عليه عابسة البلاء

و قد حشرت لمقتله وحوش *** تقفى النعق منها بالرغاء

فسامته الهوان أو المنايا *** فآثر عنده قمص الفناء

و راق لديه منقلب المعالي *** فآثره على ضعة البقاء

فخاض غمارها قصرا عليه *** نسيج المدح منضود الثناء

ربيط الجاش لا خور بثان *** عزيمته و لا فرق القضاء

فقد واخى الهدى زمنا طويلا *** فلم يخفر له ذمم الأخاء

و لم يفصم عراه غداة خانوا *** فقوبلت الخيانة بالوفاء

سعدت أبا الورى دينا و دنيا *** و إن رغمت انوف بني الشقاء

فان ظفرت بك الاعداء يوما *** فلم يك غير محتدم العداء

و ملؤ الثوب منك نهى و فضل *** و هم من خزيهم حشو الرداء

و صدرك للهدى و العلم كنز *** و كان صدورهم علب الدهاء

و لم نك إلفهم في الرأي حتى *** تراعى بينكم علق الولاء

ص: 370

و لا في أمر دينك مثل و غد *** «يسرّ عليه حسوا في ارتغاء»

و إن تنصح غناة أتوا بمكر *** فمما قد حوى نضح الأناء

و لو ردّ المنون بعزم فاد *** لهان و إن جللت عن الفداء

«أبا الهادي» بكاك الدين شجوا *** بمأسأة تجلّ عن البكاء

و تلك المرسلات عليك سكبا *** عقيب الذاريات من البلاء

و أمرض خطبك الأسلام لكن *** بطبك ما استعاض عن الدواء

بيوم منه قد شاهت وجوه *** و وجهك فيه مؤتلق البهاء

ليهنك داعي القران أن قد *** دفنت مع التلاوة و الدعاء

فقد أسمعت إذ واروك ليلا *** قراءة ذلك الحكم النهائي

و حيا العارض الوسمي قبرا *** يقلّ محطّ علم الأنبياء

و عاهده ب «فضل اللّه» سحا *** عهاد منه ممدود الرخاء

(العالم البارع الشيخ على)

ابن الشيخ عبد اللّه بن رمضان الاحسائي، أحد الاعلام المبرزين في العلم ضمّ الى علمه الجمّ ورعه الموصوف، و له من الادب العربي قسطه الاوفى، و في صياغة الشعر له يدقوية قتل شهيدا في احساء على ملك الوهابية ظلما في الثلث الاول من القرن الرابع عشر، ذكره صاحب «الانوار» و أطراه

(العلامة الهمام الشيخ حسين)

الجوقيني نسبة الى جوقين قرية في أرباض زنجان بمقربة من سجاس بجنوب البلد الشرقي، عالم جليل فقيه له من الفقه قسطه الأوفر؛ و نصيبه

ص: 371

الاوفى، تصدّى بعد أن برع في التحصيل، و تسنى له الحصول على غايته القصوى للحكومة الشرعية بزنجان فكان له حكمه الفاصل، و قضاؤه الحاسم، و النظر الصائب في القضايا، حتى اتيحت له السعادة بالشهادة يوم ساد الهرج في تلك الضواحي و جدّ بها و له الدستور فلم يك ممن يهملج مع الهوى أو يستفزه هلجة العيث و الفساد فلم تؤثر على دينه عوامل التهمة و لم يؤثر فيه بواعث الفخفخة أو دواعي الجشع فصادف قوما من مهملجي تهمة الحاكمية أو زبانية الهوى حنقا عليه و على كل حق و كل من يحذو حذوه و لم يزل على ذلك حتى اودى به في سنة 1327 ليلة الخميس سابع جمادى الاولى بطلقة نيران المسدس عليه فمضى شهيد الأبا و الشهامة، فقيد العدل و الاحسان، ضحية العلم و الدين، و نقل أن له تاليفا في المعارف الالهية من الاصول و العقايد بالفارسية

كتب الينا هذه الترجمة العلامة الاردوبادي من النجف الأشرف و قال هو في رثائه

يهيج بالفؤاد خطب قد فشا *** فاحلك الدهر عداة أغطشا

و ضرب الشر بنا جرانه *** فعاث في الاوطان حتى نقشا

أدلى الى الامر الذنابى ضلة *** فاضطربت عند طويّة الرشا

فكم لهم على الهدى من صدمة *** قد أحيت الكفر لهم فانتعشا

و أزهقت ظلما رجالات النهى *** و الدين حتى الربع منهم اوحشا

و ذا إلى (الحسين) وافى طارق *** فكان ما قد كان منه يختشى

و خص في (شهادة) أبرادها *** ضفا له شخص المعالي و وشى

و عاض من طمر الحياة في الدنا *** في الخلد برد عزّه مزركشا

ص: 372

فليهنه الاخذ بأعضاد العلى *** (ذلك فضل اللّه يعطي من يشا)

فالبندقي فيه لم يجرح سوى *** الدين و جثمان المعالي خدشا

و أنضب البحر الخضمّ وقعة *** فردّ رواد الهدى و أعطشا

فغاض منه العلم و المجد معا *** و كان قد أحياهما فانتعشا

و قد سقاه الدين منه قرقفا *** فما حسا كأسا لها إلا انتشى

فاستمرء الموت دوين أمره *** و في ذرى الجنان إذ ذا عشعشا

و كان يقضي الحق ما بين الورى *** فلم يمله للهوى نيل الرشا

حتى اذا لم يعده إلا الهدى *** جثا له صرف الردى و افترشا

فغال من غاب العلوم مزئرا *** شاع به نهج الرسوم و فشا

و ما عليه و هو في الناس ذكا *** ان يعش عنه منهم نذل عشا

فامرح «حسين» المجد في روض الجنا *** ن مستباحا لك حيثما تشا

السيد العلامة الحاج آقا مير

الملقب ببحر العلوم بن الحاج مير عبد الباقي الملقب بشريف العلماء الرشتي، قائد روحي، و زعيم علويّ، حاز القدح المعلى من كل فضيلة، و اكتسي بردة العلم و العمل، له من العلم و الأدب حظه الاوفر و نصيبه الاوفى كان والده من أعيان علماء عصره معروفا بحجة الاسلام هاجر الى النجف الاشرف و تخرّج على الشيخ حسن كاشف الغطا و صاحب الجواهر و غيرهما و أجازوه و توفي في بلدة قم المشرفة، و زفت اليه كريمة الفقيه المقدّم السيد علي آل بحر العلوم صاحب «البرهان القاطع» فاعقب منها المترجم في النجف الاشرف في حدود سنة 1267 و من هنا عرف

ص: 373

ببحر العلوم و لقب به و في صباه أخذه والده معه الى رشت ثم رجع المترجم الى النجف الأشرف فى حدود سنة 1281 و تزوّج بكريمة السيد حسين بحر العلوم، قرأ المبادي على الاستاذ الخراساني و تخرّج فى الغايات على الحاج ميرزا حبيب اللّه الرشتي(1) و الشيخ هادي الطهراني(2) و آب إلى رشت سنة 1311 بعد ما برع في العلوم و صنف كثيرا من تقريرات بحث استاذه فحصلت له فيها الزعامة الدينية و لم يؤثر فيها عمى على هدى و لم يمل من حق الى باطل حتى قادته السعادة الى تجديد العهد بزيارة امير المؤمنين عليه السّلام في شهر اللّه الحرام سنة 1326 فجابهته بها كوارث ملمة ألجئته الى مغادرة النجف الأشرف قبل زيارة الغدير فخرج منها خائفا يترقب ميما للأوبة الى وطنه فما امهلته يد الهوى حتى قبضته ليلا بمقربة من قزوين و اودي به فيها الاجل المحتوم صبيحة يوم الأحد 18 ربيع الثاني سنة 1327 بطلقة نيران البنادق عليه و دفن فيها و قبره الآن معروف يزار و استشهد معهعة

ص: 374


1- هو احد من حقت له العبقرية و النبوغ فى الفقه و اصوله من تلمذة الامام الانصاري و التفت العلماء و الافاضل بمنبر تدريسه صاحب كتاب بدايع الاصول و الكتب القيمة الفقهية و الاصولية الكثيرة المتوفى سنة 1312 و لقد زان علمه الموصوف بتقى و ورع و هوى غير متبع
2- هو ابن المولى محمد امين الطبراني المتوفى سنة 1321 في النجف الاشرف من الفطاحل المعروفين بحدة الفاكرة و جودة التحقيق تخرّج على شيخ الطايفة الانصاري و الامام المجدّد الشيرازي و آية اللّه الفاضل الايرواني و العلاّمة الزعيم الحاج الشيخ عبد الحسين شيخ العراقين الطهراني له كتب فقهية و اصولية و كلامية مطبوعة و غير مطبوعة

بيد الجور و الفساد نجله الجليل اكبر اولاده السيد جواد رحمه اللّه، و رثاهما العلاّمة الأردوبادي بقوله

خطب الّم فافجعا *** الدين و الدنيا معا

و الشرّ اطلع قرنه *** و ذرى الحقيقة ضعضعا

صدع الضلال بامره *** حتى الهداية صدّعا

و أذاب طارقة الردى *** قلبا ترقرق أدمعا

أردت صريخة «هاشم» *** عند الحفيظة و الدعا

و دهى لويا فادح *** عمّ الانام مفجعا

إذ غال منها ضيغما *** جمّ البسالة أروعا

فتصايحت عليا نزا *** ر للمصيبة أجمعا

مذ حزّ مارن أنفها *** فأصاب منها المقطعا

و يمين مجد لم تزل *** للعلم و العليا معا

فجرت مدامع أقطع *** يبكي و يندب أجدعا

و نضا حساما قاضبا *** فيه تفضيلة قطعا

إذ جبّ غارب غالب *** و سنامها و المفزعا

و اغتال من عمر العلى *** صلت الجبين سميدعا

«بحر العلوم» و من به ال *** معروف أضحى مودعا

من كان كهفا للهدى *** عند الخطوب ممنعا

رجل الحفاظ و من غدا *** فيه النهى مستودعا

هو عيبة الشرف المعلى *** و هو للعليا دعا

ص: 375

ضرب المنون بيومه *** ثبج الفخار الأرفعا

و أباح من باحاته *** ذاك الجناب الممرعا

و أطار منه البندقيّ *** ذرى الكمال فافجعا

عثر الزمان بامره *** إذ ذل منه فلا لعا

أورى الفؤاد بارعة *** أحنى عليها الأضلعا

ترك المرابع أرسما *** إذ دكّ فيه الأربعا

أرباض «جيلان» اندبي *** ذاك التقي الاورعا

و أبكى الهزبر و شبله *** ملقى لديه مبضعا

يا قوم إذ تخذا اللحو *** دعن المعالي مضجعا

في الدست أرضل قائل *** أو سامع ما إن وعى

أشجى قريشا منهما *** خطب أذال الأدمعا

و بكت نزار الطارق *** أبكى شجاه مجمعا

أو تستلين ثعالب *** ليث العرين مشجعا

و تجوب آمنة السرى *** ذاك الحريم المسبعا

لا و الذي لم نائمه *** لسوى المهيمن طيعسا

لكنما رجل الفخا *** ر عن الطغام ترفّعا

فتسنموا تلك الذرى *** و حووا حماها الأمنعا

و أتت أعاصير الردى *** تذرو الجهات الأربعا

في حيث لم يترك سوى *** حمر المدامع همعا

و بذاك إذ حل الاسى *** عنه الاسى قد اقلعا

ص: 376

فالليث يقفو الصبر إذ *** تخذ الضرائح مضجعا

و له العوالم كلها *** كالغيث أضحت مدمعا

(العلامة الاوحد الشيخ على)

ابن العالم الزاهد المولى حسين(1) بن المولى محمد على الفومني الرشتى أوحديّ من نياقد العلماء الاعاظم له في علوم الدين أشواط بعيدة، و أنظار عميقة، و تحقيقات شيقة، و أفكار تلفت اليها الأنظار ولد في رشت سنة 1268 و أخذ الآليات عن والده و تلمذ في الفقه و أصوله و الفلسفة و الكلام عند علماء «رشت» و منهم المولى حسنعلي و إمام الجمعة المولى محمد علي و غيرهما توفي والده و المترجم إبن عشرين عاما و يمم العراق لكميل دروسه سنة 1289 و القى عصا السير في كربلاء المشرفة و سكن بها خمس سنين متخرّجا على شيخ الفقهاء الشيخ زين العابدين المازندراني و غيره ثم هبط النجف الاشرف بأمر من المحقق الاكبر الحاج ميرزا حبيب اللّه الرشتي و أخذ عنه و عن غيره العلوم الدينية و الفلسفة و علم الكلام عن أساتذة متخصصين فيهما حتى برع و تسنم ذروة «الاجتهاد المطلق» و كان يروي بالاجازة عن آيات اللّه الحاج ميرزا حبيب اللّه الرشتي، و الشيخ محمد طه نجف

ص: 377


1- كان من زهاد العلماء حايزا ثقة الاهلين في «رشت» و إذ قضى و طره في الاعتاب المقدسة بالعراق نهض باعباء الامامة و التدريس و نشر الاحكام في رشت حتى توفي سنة 1287 و نقل جثمانه ولده المترجم الى كربلاء المشرفة بوصية منه سنة 1289 و كان والده المولى محمد علي قاضيا في مناحي «فومنات»

التبريزي، و الشيخ الحسن المامقاني، و الفاضل الشرابيانى.

و من نفثات يراعه المثقف أربعة مجلدات في أصول الفقه و ثمانية في كتب من الفقه كالصلوة و القضاء و الارث و الاجارة و البيع و الديات، و كتب أبحاثا من تقرير استاذه المحقق الرشتي و إلى الغاية لم يطبع منها شيء

غادر المترجم النجف الاشرف سنة 1312 الى رشت فاشغل فيها منصة الامامة و القضاء و التدريس و أتته مرجعية كبرى فلم بأل جهدا في اعلاء كلمة الدين و تعظيم الشعاير الالهية و الامر بالمعروف و النهي عن المنكر خشنا في ذات اللّه لا تأخذه في اللّه لومة لائم حتى وافت آونة الانقلاب الدستورى بفارس فدخل عليه في داره ليلة الخميس 21 ع 2 سنة 1327 ثلاثة من مهبلجي العيث و الفساد فاطلقوا عليه نيران البندقيات و خرجوا من فورهم غير أن الاصابة ما كانت قتلة من فورها فجيء اليه ببعض الاواسي لمعالجته لكنه لم ير العلاج مجديا فطفق «الشهيد» يعظ اهليه و يوصيهم و يظهر البشر بنيل فضيلة «الشهادة» حتى دخل عليه أواسط الليل رجلان آخران من زبانية القوم مطلقين عليه شواظ البندقيات مرة ثانية و هو يعالج بنفسه و طردوا عنه أهله و ولده و منعوهم من البكاء فقضى نحبه شهيدا مظلوما و هو يذكر المولى و يقرأ قوله «وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ» و اودعت جنازته في رشت ثم بعد عامين نقلت الى كربلاء المشرفة لوصية سابقة له و دفن في حجرة بالزاوية الجنوبية الشرقية من الصحن الحسيني المقدّس

(العلامة الزعيم السيد عبد اللّه)

ابن السيد اسماعيل بن السيد نصر اللّه المولود في بهبهان سنة 1091 و المتوفى

ص: 378

بمرض الوباء في النجف سنة 1269 ابن السيد محمد شفيع المولود في بهبهان سنة 1170 و المتوفى فيها سنة 1248 و المدفون بالنجف إبن السيد يوسف المولود في بهبهان 1150 و المتوفى بها سنة 1218 و المدفون بالنجف إبن السيد حسين المولود في بهبهان سنة 1124 و المتوفى بها سنة 1200 و المدفون بالنجف ابن السيد عبد اللّه البلادي(1) بن السيد علوي(2) بن السيد حسين الغريفي بن الحسن الى آخر النسب المذكور ص 264

هو فقيد الشيعة، و زعيمها المقدّم، و المصلح الكبير في علويتها، صهر العلاّمة السيد صالح الداماد(3) و بيته (آل الغريفى) من أسمى البيوت مجدا و شرفا، و أعلاها نسبا و مذهبا، و أرفعها في المكانة العلمية و الثقافة الدينية، و أشهرها في الملأ الشيعي العلوي، رجاله معروفون بكلمة

ص: 379


1- هو الفقيه الكبير من مشايخ إجازة صاحب «الحدايق» تلمذ على الشيخ احمد الجزايري و الشيخ عبد اللّه بن الحاج صالح البحراني و الشيخ سليمان الماحوزي و الشيخ احمد البحراني والد صاحب الحدايق و له منه اجازة ولد ببلاد سنة 1065 و توفي في بهبهان سنة 1165 و له اخوة ثلاث هم السيد موسى و السيد نور الدين و السيد هاشم والد الشهيد السيد احمد المقدس المذكور ص 264
2- هو من العلماء الاتقياء كما في أنوار البدرين
3- أحد الزعماء المشاهير في الحاير المقدّس ثم في طهران و لقب بالداماد مصاهرته العلامة صاحب «الرياض» توفي في ليلة الجمعة 2 ع 2 سنة 1303 عن عمر يقدّر بالاربع و الثمانين عاما و دفن بالرواق الحسيني صلوات اللّه على مشرفه له تآليف قيمة

فضيلة فيهم علماء فقهاء زعماء ادباء يوجد جميل ذكرهم في كثير من المعاجم و هذه الشجرة الطيبة أصلها ثابت في «غريفة»(1) و فروعها نامية في النجف، و البصرة، و المحمرة، و مينا بوشهر، و شيراز، و طهران، و بهبهان و أوّل من هاجر من بحرين من هذه السلالة الطيبة السيد عبد اللّه البلادي، ولد المترجم فى النجف سنة 1262 و بها شبّ و نما و أخذ دروسه العالية عن الامام المجدّد الشيرازي و آية اللّه «الكوه كمري» و شيخنا الفقيه الشيخ راضي قال صاحب «المآثر و الآثار» انه من أعاظم علماء طهران حاز رتبة عالية من العلوم الشرعية سيما الفقه و كان أبوه من فطاحل المجتهدين و أجلة حماة الدين اه

و في فهرست المكتبة الرضوية ما ملخص معناه أنه فى الرعيل الأول من حملة العلم بطهران و القائد الوحيد للملة الاسلامية كابد فى دستورية ايران الكوارث الملمة و يمم العراق بعد سيادة الأستبداد الصغير بايران ثم عرّج عليها بعد أن اكتسحت العراقيل دونه فهبط العاصمة بكل حفاوة من الأهلين ثم حاول تطبيق القوانين الدستورية بالنواميس الأسلامية المقررة و ارحاض ما الصق بها من البدع فبهظ ذلك سماسرة الأهواء حتى باغتوه باطلاق شواظ البندقية عليه ليلا في داره في شعبان سنة 1328 و له مجموعة في مسائل من الفقه عويصة و عمل لكل مسئلة رسالة فكانت عدّة المسائل و الرسائل خمسا و عشرين الفها سنة 1292ز»

ص: 380


1- بالضم تصغير غرفة قريتان إحداهما من بحرين بجنب «الشاخورة» و اليها ينسب هذا البيت و الثانية من قرى «الماحوز»

و أما أبوه السيد اسماعيل فهو من تلمذة العلاّمة الاكبر الشيخ صاحب الجواهر و شيخنا المرتضى الانصاري و السيد صاحب الضوابط و الشيخ حسن صاحب انوار الفقاهة ولد في بهبهان سنة 1229 و بعد اخذ الآليات فيها هاجر الى النجف الاشرف و بعد تكميله دروسه رجع الى بهبهان ثم غادرها الى النجف الاشرف و كان فيها حتى رغب صاحب الجلالة ناصر الدين شاه القاجاري يوم زار الاعتاب المقدّسة بالعراق في عالم عامل يأخذه معه الى طهران لتعليم معالم الدين فارشد اليه فاخذه معه في حفاوة و تبجيل و اكرام لرفادته و استقرّ به السير في العاصمة في عزّ و جلال و زلفة لدى السلطان حتى أنه كان يقسم بعمامته و حاز ثقة الأهلين و تصدى للامامة و الارشاد و اذ قضى نحبه سنة 1296 ورثه خلفه الاكبر «الشهيد» المترجم على شرفه المعلى و حسبه الوضّاح و زعامته الكبرى و زاد على شهرته الطائلة زعامة كبيرة و لم يزل له صدر الدست و ذرى الفخر و نفوذ الامر حتى كان من امره ما جرت به المقادير من الشهادة في الانقلاب الدستوري و خلفه على منصته ولده البارع السيد محمد الذي هو اليوم في الطراز الأول من رؤساء طهران و قد نقل جثمان والده الشهيد الى النجف الاشرف سنة 1332 و دفنه مع والده العلاّمة في احدى الحجر الشرقية من الصحن المقدّس

(العلامة الحاج ميرزا محمود)

الاميني القزويني نزيل طهران، في «نقباء البشر» ما ملخصه انه الشيخ العالم الجليل الحائز لفضيلتي العلم و المال، و الفقيه الاصولي الأديب العارف بالسير و التواريخ و الرجال، عمدة الاعيان و الاعاظم و الاركان، البالغ

ص: 381

أعلى رتب العزّ و الاقبال من أعيان رجال العصر، و أفاضل علماء الدهر جمع اللّه له الدنيا و الدين و الفقه و العرفان و اليقين؛ عاش معظما سعيدا و مات بالغيلة شهيدا كان جميل السيرة محمود السريرة و من آثاره الباقية طبعه للسابع عشر من البحار، و له خزانة كتب ثمينة كان لا يأنس إلا بها إعراضا و استعفاء لمناصبها و استشهد في ذى الحجة سنة 1329

(العلامة الفذ الحاج ميرزا حسن)

ابن السيد اسمعيل بن السيد عبد الغفور العلوي السبزواري، علم من أعلام الدين، و عبقري من عباقرة الامة، حاز علما جما، و ورعا موصوفا و زهادة مأثورة عن سلفه الأطهار له صدقات جارية ينتفع بها أهل سبزوار ولد في بلده سنة 1255 ه و هاجر الى النجف الاشرف و أعتكف بالعتبة القدسية عشرين عاما مستفيدا برهة غير طويلة من دروس شيخ الطايفة الامام الانصاري و حضر ابحاث آية اللّه الكوه كمري و غيره اعواما متمادية الى ان حجّ البيت ثم اتيح له العود الى وطنه فاحتله قائدا روحيا و زعيما دينيا أبقت الحالة فيها له في القلوب شخصا ماثلا و فى الأفواه ذكرا باقيا حتى قدّر له العود الى حج البيت ثانيا و بعد أداء النسك قتل غيلة بيد اعراب الحرب بين الحرمين اذ كان ميمما شطر المدينة شهيدا مهاجرا الى اللّه و رسوله ص في الليلة الرابعة من المحرم سنة 1332 و كان معه حفيده البارع الحاج ضياء الحق بن السيد ميرزا ابو القاسم بن المترجم الشهيد و هو الذي استفدنا منه هذه الترجمة و نقل الى البقيع و دفن مع أجداده الطاهرين صلوات اللّه عليهم اجمعين

ص: 382

و ابو المترجم الحاج ميرزا اسمعيل عالم عامل و كذلك اجداده علماء أجلاء و شقيقه الحاج ميرزا ابراهيم شريعتمدار من تلمذة العلامة صاحب الجواهر و الامام الانصاري توفي بلا عقب حدود سنة 1316 و قد جاوز عمره التسعين، و خلف المترجم ولدين جليلين و هما العلاّمة ميرزا ابو القاسم و الفاضل ميرزا ابو الفضل

(العالم البارع السيد محمد)

ابن السيد غفار بن السيد عبد اللّه بن السيد محمد الخلخالي(1) الارموي (2) من حاملي أعباء العلم و التقى، و ناشري أعلام الحسب و الأخلاق حاز على شرف نسبه العلويّ مكانة من كل فضيلة، و ثقة من الاهلين في أرمية لا يستهان بها، و لم يأل جهدا في بثّ الحقايق الدينية، و نشر صالح الأمة حتى قضى اللّه عليه بالشهادة

ولد في قرية «هشجين» من قرى «خلخال» من أعمال آذربايجان سنة 1280 فاخذ الآليات عن والده السيد غفار و كان من مبرزي علماء خلخال كوالده العلاّمة السيد عبد اللّه و جده السيد محمد ثم هاجر الى زنجان بامر من والده و نزل مدرسة السيد فتح اللّه ثم انتقل الى مدرسة العلاّمة

ص: 383


1- نسبه الى خلخال مدينة و كورة في طرف اذربيجان في وسط الجبال بينها و بين قزوين سبعة ايام و بين اردبيل يومان
2- نسبة الى «ارمية» بالضم ثم السكون و ياء مفتوحة خفيفة و يجوز تشديدها مدينة عظيمة قديمة بآذربايجان تزعم الناس انها مدينة زرادشت نبيّ المجوس و يقال في النسبة اليها ارموي و ارمي

الاوحد السيد محمد المجتهد و قرأ فيها الاصول و الفقه ردحا على علمائها ثم يمم طهران و هبط مدرسة الصدر و أكمل هنالك دروسه ثم عرّج على خلخال في حدود 1300 لزيارة والده و أقام بها برهة و في حوالي سنة 1305 كاتبه عمه العلاّمة السيد الامير جعفر(1) من «ارميه» يطلب قدومه اليه فلبى طلبه باذن من والده و اذ اطمأنت به الدار لدى عمه المذكور لقي من الاهلين ما يحقّ له من الحفاوة و التبجيل و بعد ردح من اقامته عنده نزل محلة «هزاران» اماما و قائدا روحيا ثم ابتاع دارا في محلة «هفت آسياب» نزلها هو و عايلته و كان يأمّ الناس في مسجدها ليلا و في جامع البلد الكبير نهارا و في سنة 1336 استولت فيها الارمن الاشوريين على تلك الديار فعاثت بها و اهلكت الحرث و النسل و تركت كثيرا من نواحيها ببابا

كان لم يكن بين الحجون الى الصفا *** أنيس و لم يسمر بمكة سامر

و كان من ضحايا تلك الوقايع سيدنا المترجم ففي تاسع عشر من شهر رمضان تسوّروا عليه الدار و هو في تعقيب صلوة الظهر فضربوه بعصاه ضربا عنيفا فاوجس منهم الشرّ و استمهلهم لصلوة العصر فشرع فيها فذبحوه في حال السجود و بادر الى جوار ربه من أقرب المواقف اليه «و هو حال السجود» و مثلوا به و قطعوا اعضاءه و ارتكبوا فظايع لا اطيق ذكرها و أغاروا على داره و تفرقت عائلته و فى يوم العشرين من الشهر جاء لفيف من جيرانه مع عائلته و جمعوا اشلاءه المقطعة الزكية و دفنوها فى داره و لمءه

ص: 384


1- كان في الرعيل الاول من علماء «ارمية» و قد حاز مكانة كبرى عند الاهلين لم يحزها غيره و تبرز هو بالفضل و التقى الى أن اختار اللّه له لقاءه

يتسنّ لهم اخراجها الى الجبانة خوفا من الأرمن ثم بعد سنين حملها ولده الحسيب النسيب الحاج السيد عبد اللّه الى قم المشرفة و دفنها فى جبانة «شيخان» فقدّس اللّه روحه و جزاه عن الاسلام و أهله خيرا

و لم يطل امر الارمن حتى قلب عليهم الدهر ظهر المجنّ بعيد ذلك فاخذوا و قتلوا تقتيلا واضحت ديارهم بلاقع و أرحضت معرّة عيثهم عن اغلب البلاد و لعذاب الاخرة أشد و أبقي

العالم الفاضل الشيخ محمود

ابن الحاج المولى صالح البروجردي نزيل طهران، أحد الاعلام الافاضل تلمذ في المنقول على العلامة الحاج ميرزا محمد حسن الآشتياني(1)و في المعقول على المتأله الحكيم آقا محمد رضا القمشهي(2) له كتاب نخبة الاداب. و حواش على مناقب ابن شهراشوب و له آثار باقية في تصحيح الكتب العلمية من المعقول و المنقول و طبعها، استشهد في رجوعه عن زيارة الاعتاب المقدسة بالعراق بالطريق سنة 1337، أخذناه عن «وفيات الاعلام» و حدثني مؤلفه انه قتله اللصوص بين قصر شيرين و قرميسين «كرمانشاهان»

ص: 385


1- من محققي علمائنا الاواخر من تلمذة الامام الانصاري له حاشيته المعروفة على فرايد استاده مفعمة بعلمه المتدفق و أفكاره الناضجة و عدة تآليف غيرها حاز رياسة كبرى دينية في العاصمة الفارسية «طهران» توفي سنة 1318
2- هو أحد اساتذة المعقول في طهران كان مدرسا في مدرسة الصدر الاعظم توفي سنة 1306 و له كتاب الخلافة الالهية و كتاب الولاية الالهية و حواش على شرح الفصوص و رسائل اخرى في الحكمة

(العالم البارع الشيخ حسن)

اليهودي نسبة الى قرية من قرى قهستان على بعد ثمانية عشر ميلا من بلدة قاين عالم فاضل أديب شاعر له مؤلفات لم تطبع و شعر لم ينشر بعد، أخذ العلم في «قاين» و مشهد الامام الرضا عليه السّلام ثم يمم النجف الاشرف على عهد آية اللّه الشرابياني فتخرّج على أساتذة الوقت حتى كمل وفاق أقرانه فغادرها الى وطنه ناهضا بالدعاية الدينية و نشر شرايع الاسلام و بثّ الحلال و الحرام و إقامة الحدود و كان في قريته جماعة من الصوفية الطاووسية من أتباع الملا سلطان على الجنابذي «الگنابادي» فشدد عليهم النكير و أخذ يمنعهم عن نشر أباطيلهم و يلزمهم بالاحكام الشرعية على الطريقة المثلى و إذ أضرّ بهم الضغط الديني بادر لمة منهم فدخلوا عليه الدار ليلا و هو نائم فقتلوه جرحا و خنفا و قتلوا معه حليلته و هي حامل و أخذوا ما كان في البيت من النقود و الاثاث الثمين و ما أسفر الصباح حتى انتشر الخبر و عمّ الاستيساء و ارتفع الضوضاء غير أنّ حاكم الوقت الامير شوكت الملك محمد ابراهيم خان تصدّى للانتقام فاعترف لديه ثلثة من القوم بمباشرتهم للقتل فقتلوا في «بيرجند» من جراء ما جنت أيديهم الاثيمة و كانت الواقعة في أواخر العشر الرابع بعد 1300 و كان المترجم يناهز بالعمر الستين *-* أخذناه ملخصا من خط سيدنا العلاّمة السيد على مدد القايني نزيل النجف الاشرف

(العالم البارع الشيخ ابو تراب)

إبن الشيخ حسين بن الشيخ عبد علي بن الشيخ علي بن الشيخ حسن بن الشيخ عبد اللّه بن الشيخ سليمان البحراني الماحوزي كان اسلاف المترجم من

ص: 386

جدّه الشيخ عبد علي من فطاحل علماء البحرين هاجر أحد أجداده بلاده الى المرافيء الجنوبية بفارس فكانت له و لولده أياد بيضاء في تلكم المناحي و بجهدهم الاكيد كانت هداية أهالي «دشت» و «دشتستان» و المترجم من أفاضل بيته الرفيع ولد في «برازجان» من قرى دشتستان و مقرّ حكومتها سنة 1032 و أخذ العلم في النجف الاشرف من علمائها الاعاظم خمسة عشر عاما ثم هبط مينا «بوشهر» و حاز شهرة و موقفا لا يستهان بهما و لم يأل جهدا في إقامة معالم الدين و الامر بالمعروف و النهي عن المنكر حتى صادفت خصومة بين رجل من أهل المدينة و آخر من خارجها فرفعت الى علماء البلد و إلى المترجم حتى غاض الأمر الرحل القروي «شير محمد» فباغت الشيخ ابا تراب و رضيعته في داره ببندقية كانت فيها نفسهما و قتل خصمه بالسوق مع رجل آخر سنة 1341 و بعد التنقيب ظهر أنه «أمر دبر بليل»

العلامة الشيخ عبد الغنى

البادكوبي جزاه اللّه عن الاسلام خيرا في «قطف الزهر»(1)انه ضحية الدين، و شهيد الابا، و فقيد الشرف، رحل الحقيقة؛ و بطل الأيمان و داعية الكتاب، أخذ الآليات عن لفيف من المشايخ و أما دروسه العالية فقد أنمها لدى العلمين الشهيرين الحجتين الآيتين المحقق الفاضل الايرواني (2) و العلاّمة الحاج ميرزا حبيب اللّه الرشتي فى النجف الاشرف، و قفل الى

ص: 387


1- تاليف العلامة ميرزا محمد علي الاردوبادي
2- احد شيوخ لشيعة و زعماء الدين مشارك في العلوم المولى محمد بن محمد باقر من تلمذة شيخ الجواهر و صاحب أنوار الفقاهة و العلامة الانصاري تخرّج عليه علماء اعلام و فضائله اكثر من أن تحصى و أخصائيته فى علوم الدين و غيرها من معقول و منقول مما لا ينكرها أحد له تآليف جمة في الفقه و أصوله توفي 3 ع 1 سنة 1306

«بادكوبه» بعد أن كرع من العلم ذلك التيار المتدفق فارتوى، و أخذ من كناز العلم النجفي الناجع نصيبه الأوفى فمذ أناخ بها فاوصه و ألقى عصاه و أستقرّ به النوى «كما قرّ عينا بالأياب المسافر» أخذ ينشر ألوية العلم و الدين، و يبثّ الدعوة الى الكتاب و حكمه، مكتسحا ما هنالك من أشواك متكدّسة و تعاريج معرقلة و قد نصب نفسه مجنا دون ضالته المنشودة، و السائد هنالك يومئذ قوى كافرة و المسلمون فيها يرزحون تحت نير الاضطهاد و بالرغم من تلكم الكوارث الملمة كان المترجم ألق الحق الوضاح، و عبق الحقيقة الفياح، و رمز الآلهيات البارز، و مثال العلم و العمل، و شارة التقى و الورع، و سمة العدل و الانصاف، و عرق الهدى النابض، و لم يزل في حلل من النجاح قشيبة، و مطارف منه ضافية، حتى ابيدت دولة «الروس» بما جنته يداها الأثيمتان و أنت عليها نواياها السيئة و أعمالها الوبيئة على الدين فاجتاحت أصولها و قمت جذورها و لعذاب الآخرة أشدّ و أبقى و ما عتمت الحالة أن سادت القلاقل و الهرج في البلاد الروسية الداخلة من جراء المبادي الاشتراكية البلشفية «كمنست» التي كانت أساطير في طيات الكتب منذ طحنت الحقيقة «مزدك» مبدعها و زبانيته بيد الملك العادل «أنوشروان» كسرى و حبذ لنوارة الجشع من الصعاليك و وثابة نهمة الحاكمية من شراذم تلك البلاد شيطانها نبش ما طمته الليالى من رمّة هاتيك المباديء التعيسة فأعيدت لها جدّتها ثم هجموا بها على البلاد القوقاسية

ص: 388

فلم تجد ندحة من الاستسلام لذلك المعول الهدام بعد أن قامت الفتن على قدم و ساق و أتى منها ما لا قبل لهابه و كان ممن يضاد تلك الجراثيم الخبيثة التي ما مني الاسلام باكبر منها في النزعات الاهوائية «شيخنا المترجم» فلم يبرح يناطح و يكافح و يناضل و ينازل ذلك اللغط السائد و يقاسي عليها المحن و الكوارث و حوله لفيف من الدينيين يرقبون بوادر القوم حذار أن تصيبه منهم دائرة حتى إذا استفحل العداء و أقبل الشريفيه الفاغر و صدره الواغر ألقى عليه القبض وزّج الى أعماق السجون أربعة أشهر ثم بعدهن و هن أودى به في غضون سنة 1350 فمضى فقيدا للعلم و العمل، فقيدا للتقى و الورع، فقيدا للشهامة و الاباء، فقيدا للمجد و الخطر، فقيدا للدين و الهدي، و له رحمه اللّه شعر رايق باللسانين الفارسي و التركي فكان ينظم الدر و يصوغ التبر و له في قوة العارضة و سرعة البديهة و الجواب الحاضر مقام لا يدرك شأوه و لا يشقّ له غبار

و كان مع المترجم في السجن عالمان جليلان من أعضاد الدعوة الالهية كانا يشاطرانه في الارشاد و التبليغ العلامة البارع السيد محمد و العالم المهذب الشيخ حنيفة فلم يبرحا في خطة التذكير باللّه و القود الى دينه الحنيف و كبج الضلال و وطىء الاهواء باخمص الهدى و الأول كان قد أسس هنالك جامعة علمية إنضم اليها من لا يستهان بعدتهم من الطلبة يدرّ عليهم من سيب يده و يميرهم بعلمه الجم و كان امره كل يوم إلى النشور بالرغم من جهد البلشفيين الأكيد في إطفاء نايرة العلم و الدين و إعفاء رسومهما فلم يبرح هو و زميله الشيخ حنيفة على ما كانا عليه من التهالك في امر الدين حتى غلت

ص: 389

عليهما مراجل الأحقاد و أضطرمت الضغاين فقضا و القيا في السجن مع شيخنا المترجم «الشيخ عبد الغنى» و لمة من العلماء و الدينيين لا تحضرني أسماؤهم جميعا و منهم العلاّمة الشيخ حسين الرمانائي نزيل قرية «بزونا» على بحر الخزر من أرباض بادكوبة، و الخطيب الشيخ المولى كامياب فقتل منهم من قتل و أقصى من أقصى و كان ممن اودى به الأجل الشيخ حنيفة بعيد مقتل الشيخ عبد الغني رضوان اللّه عليهم أجمعين و يسمع ان ممن قتل في هذه الفتنة العالم البارع ميرزا عبد الغفار الأردوبادي كان فاضلا بارعا له في حدّة الفكر و صفاء الذهن مقام موصوف تلمذ في النجف الاشرف على آيتي اللّه الوالد(1) و شيخ الشريعة الأصبهاني(2) ثم آب الى اردوباد و نشر بها عظاته البالغة و علمه الكنار ردحا طويلا و بعد النقض على المترجمين اخذ و زجّ إلى السجن و له كتابات علمية انتهى كلامه دام علاه و قال هو في رثاء الشيخ الشهيد صاحب العنوان «الشيخ عبد الغني»

مضى و للاسلام قلب واجد *** و مدمع عليه غير هاجد

أصات ناعيه فزلزل الهدى *** في ذات و دفين نهبك ماجد

إن تك عين الدين في مصابه *** فهو الفقيد البطل المجاهد

و كم دعى للّه إذ قاد الورى *** حتى مضى في اللّه خير قائد9.

ص: 390


1- اوعزنا الى ترجمته ص 345
2- هو المولى فتح اللّه بن محمد جواد النمازى الشيرازي الاصبهانى آية من آيات اللّه الباهرة و في الطليعة من حملة علوم الدين المشاركين في اكثر الفنون و له التقدم في كل فضيلة ظاهرة و مناقه قد كاثرت الدراري و بذّت الدرر له كتب قيمة توفي في النجف الاشرف 8 ع 2 سنة 1339.

و أصهر الاسلام يومه الذي *** لم يلف في الاحياء طرف راقد

فان أبادوا منه جثمان تقى *** فعمره الثاني بذكر خالد

أو يخل منه الدست يوما فله *** بين القلوب أشرف المقاصد

قد حسدوا على العلى خير فتى *** قد كان بالعلياء غيظ الحاسد

مشى على الأرض و قد شاد له المجد *** علاليه على الفراقد

قضى و لم أسمع ببحر زاخر *** يفيض يوما وسط الجلامد

قضى منار الدين موئل العلى *** و ملجأ الوفد و نجح القاصد

يا واحد الناس لدين «المصطفى» *** يهنيك اذ ذاك بعين الواحد

فقت البرايا بجهاد ناجع *** لم يك فيه قائم كقاعد

حيث ثراك نسمة قدسية *** يمدّ منها ذاهب بعايد

(ختام مسك) و نختم الكتاب بذكرى شهم همام، و شهيد مقدام، ألا و هو الحاج ميرزا عبد الكريم إمام الجمعة بن الحاج ميرزا عبد الرحيم إمام الجمعة بن العلاّمة الاكبر الحاج ميرزا باقر المجتهد بن العلم المفرد ميرزا أحمد المجتهد بن لطفعلي خان بن محمد صادق التبريزي

(تمهيد في اسرته) إن أكبر بيت وضع للناس في آذربيجان لذي بتبريز هو للمجد و العظمة، هو للزعامة و التقدم، هو للعلم و العمل، إن مؤسس الشرف الخالد لهذا البيت الرفيع هو المجتهد الأوحد ميرزا أحمد كان أبوه لطف علي خان من عمال الدولة على العهد الزندي و امه علوية رضوية تسلّل هو عن كتابة

ص: 391

الديوان و اكبّ على القراءة و تلمذ في كربلاء المشرفة عند سيد الرياض هو و اكبر اولاده العلاّمة الحاج ميرزا لطف علي حتى تسنم من العلم ذروة شاهقة و آب الى تبريز فلما أطمئنت به الدار

أتته الزعامة منقادة *** إليه تجرّر أذيالها

فلم تك تصلح إلا له *** و لم يك يصلح إلا لها

فلم يك يومئذ في تبريز زعيم روحي اكبر منه و عرفه بذلك الملوك و السوقة و لم يزل العلماء يذكرون له مساعيه المشكورة و يقدّرونها و يعرفون مقامه العلمي المنيع حتى قضى يوم المبعث 27 رجب سنة 1265 له منهج الرشاد في شرح الأرشاد

و أكبر أنجاله الحاج ميرزا لطفعلى رجع من العراق بعد والده بسنة و قد أخذ عنه و عن سيد الرياض و تقلد إمامة الجمعة على عهد أبيه له أوثق الوسائل في شرح رياض المسائل الى مبحث التيمم مجلد. تفسير كبير مجلدان من اواسط القرآن مع بسط في المسائل الكلامية غالبا. كتاب الزكوة لم يتم. ملاذ الداعي فارسي مجموع في المواعظ و الاخلاق. و طبع له شرح قصيدة كعب بن زهير في مدح النبي «ص» التي مطلعها

بانت سعاد فقلبي اليوم مبتول *** متيم إثرها لم يفد مكبول

توفي فى حيوة أبيه مع اخويه الحاج ميرزا جعفر و ميرزا رضا بالوباء سنة 1262 و نصّ أبوه باجتهاده في إجازة له منه *-* و أخوه الحاج ميرزا جعفر أحد الأعلام الهداة تخرّج على والده و شيخ الفقهاء صاحب «الجواهر» له رسالة مفصلة في العصير العنبي. شرح الشرايع يوجد منه

ص: 392

مجلد في الأغسال و عليه إجازات و تقاريظ من صاحب «الجواهر» و الشيخ حسن(1) آل كاشف الغطاء صاحب «انوار الفقاهة» و الشيخ جواد نجف(2) و غيرهم و قد صرّحوا باجتهاده و رفيع مقامه من العلم

و أخوه العلاّمة الشهير الحاج ميرزا باقر المجتهد جدّ المترجم قرأ على أبيه و على شيخ الجواهر و الأمام المرتضى كان من وجوه الطايفة في الرعيل الأول من زعماء ايران يروي عن والده توفي بطهران 5 رجب سنة 1285

و تقلد الزعامة بعده اخوه العلاّمة الحاج ميرزا جواد و أسس رياسة كبرى روحية لم تتسنّ لغيره و هابته الامراء و الحكام و لان له جماحهم و نهض بأمور عظام فكان له فيها الفوز و الفلج و له يد واجبة فى مؤآزرة الامام المجدّد الشيرازي يوم أفتى بتحريم «التبغ» فكان من اكبر أعضاده و منفذة ذلك الحكم البات قرأ على آية اللّه «الكوه كمري» و توفى سنة 1313 و رثاه جمع من الفضلاء و الادباء منهم الخطيب المصقع و الاديبلح

ص: 393


1- هو العلم المفرد للفقه و التحقيق أدرك من العلم شأوا قل من ادركه و تسنم من الفضيلة ذروة ونى عنه الاكثرون و ناهيك شاهدا لنبوغه و عبقريته كتابه أنوار الفقاهة الذي هو نسيج وحده و قد اشتمل على اكثر ابواب الفقه ولد سنة 1201 و توفي 28 شوال سنة 1262 و أخذ عن والده الشيخ الاكبر و اخيه الشيخ موسى بن جعفر و غيرهما
2- هو ابن علم الفقه و التقى الشيخ حسين بن الحاج نجف التبريزي كان من أوتاد العلماء و ابدالهم تكرر ذكره و اطراه الأعلام في غير واحد من المعاجم توفي سنة 1294 و خلف بعده ذكرى خالدة بورعه و تقاه و عمله الصالح

البارع ابو محمد الشيخ كاظم بن الحسن بن على آل السبتي السهلاني الحميري النجفي رثاه بقصيدة يتخلص بها الى تعزية اولاده و مدح صاحب الجلالة السلطان ناصر الدين شاه(1) و القصيدة طويلة نقتطف منها

يا لقومي من تقصد الوفاد *** جفّ بحر الدى و راح «الجواد»

وردت ربعه لتصدر عنه *** ها عن البحر تصدر الورّاد

و عن يقمع الضلال و فيمن *** يستطبل الهدى و يسمو الرشاد

كل يوم للدين يطوى و يهوي *** علم باذخ و ركن مشاد

سامنا الدهر و الصروف بمالم *** تأت في مثله ثمود و عاد

لو رأينا ما يصنع الدهر بالصيد *** لملت أرواحنا الاجساد

او عقلنا مصيرنا للمنايا *** لأرانا مماتنا الميلاد

فقياما على المناح قياما *** طال ليل الردى و غاب الرقاد

و أمانا من الردى فالمنايا *** ظفرت ب «الجواد» و هو المراد

كان صعب القياد في الدهر لكن *** كل صعب إلى القضا ينقاد

عزّ ندا بين البرية حتى *** «جمعت في صفاته الأضداد»

و لو أن الفداء يقبل عنه *** لفداه طريننا و التلادفر

ص: 394


1- أحد السلاطين القاجارية ولد سنة 1247 و جلس عرش الملك سنة 1264 و قتل سنة 1313 و دفن في جوار شاه زاده «عبد العظيم» الحسني و أرّخ عام وفاته الشاعر المفلق السيد مهدي البغدادي النجفي بقوله إن دين اللّه أضحى باكيا مذ رأى ناصره في اللحد يقبر قال من بعدك من ينصرنا قال بعدي أرّخوا نجلي مظفر

فابكى يا عين مثله و استمدي *** من دم القلب إن عراك النفاد

و يحق البكاء للعين حتى *** بنطاف الدموع يمحى السواد

يا «جوادا» يوم الندى يسبق الري *** ح إذا ما كبت هناك الجياد

لك نار بمهجة الدين شبت *** و على الأفق ذرّ منها الرماد

فاقيمت لك المآتم فيه *** مثل ما فيك قامت الأعياد

فتجلى من نور «أحمد» ما قد *** عشيت فيه و انمحى الألحاد

عيلم الاجتهاد في العلم أضحى *** و عليه الاصدار و الايراد

شبل ذلك الهزبر و الشبل يحمى *** الغاب فيه لو غابت الآساد

يا بنى العلم و القلوب حرار *** و قليل لو فتت الاكباد

كفكفوا الدمع ب «التقي» و قروا *** فهو ممن به تقرّ المهاد

و هو إن أنكلت عويصة امر *** حير فيها فرأيه و السداد

يا إمام التقى أقل قليل *** لك مني الانشاء و الانشاد

نصر اللّه «ناصر الدين» أتم *** بيته المستقيم و هو العماد

رفعت فيكم القواعد منه *** و حمته منه الصفاح الحداد

حيّ ذك اللواء يخفق نصرا *** من إله السما له امداد

طود عزّ الاسلام حامي حماه *** عصمة المسلمين و هو السناد

هو رمح بكفه و حسام *** و هو أمن لثغره و سداد

و هو في الحرب ليث غاب و في *** الجدب محياه كوكب و قاد

أبد اللّه ملكه بمليك *** فيه يحمى الهدى و تحيى العباد

ظافرا بالعدى و لو ثار منها *** تتوالى ملء الفضا اجناد

ص: 395

و كفاه «مظفر الدين» عضوا *** منه في الحرب إذ يقوم الجلاد

فئة العلم و التقى و المعالي *** أنتم العالمون و الزهاد

قد جللتم فجل رزء دهاكم *** وقعه فضّ لو تعيه الصلاد

قد علمتم و العهد فيكم إذا ما *** زال صبر فانتم الأوتاد

فاذكروا من مصائب الطف تنسوا *** كل رزء يذوب منه الفؤاد

أنسيتم بالطف «آل علي» *** نبذوا في العرا و هم أجساد

من جسوم فوق الصعيد تخلى *** و رؤس تنوء فيها الصعاد

أينام الكرام فوق الحشايا *** و «حسين» له التراب و ساد

يا غليل الهدى و يا لهف قلب *** الدين بالرغم غلل «السجاد»

لم لا تطلق الدموع دماء *** و هو في القيد للشئام يقاد

و خلف الحاج ميرزا لطف علي المذكور الحاج ميرزا علي و الحاج ميرزا اسماعيل و الحاج ميرزا محمد و الأول أدرك شيخ الطايفة الانصاري و تخرج على آية اللّه «الكوه كمرى» و كتب سبعة مجلدات فيها جملة من مباحث الأصول من تقريره و بعض تقريرات شيخنا الفقيه الزعيم الشيخ حسن(1)23

ص: 396


1- هو احد الآيات العظام ممن نهضوا باعباء العلم و الدين و تقلدوا الزعامة الدينية و خدموا الحنيفية البيضاء و لم تأخذهم في كلائتها و الذب عنها لومة لائم و دعوا الى سبيل ربهم بالحكمة و الموعظة الحسنة كان قدس سره من تلمذة شيخ الطايفة الأنصارى و آية اللّه الكوهكمرى له بشرى الوصول الى علم الاصول و حاشية على مكاسب استاذه الانصاري و كتاب الطهارة و غيرهما من كتب الفقه ولد سنة 1238 و توفي في 18 محرم سنة 1323

المامقاني توفي بعد سنة 1284 و اخواه المذكوران من أهل العلم و الفضيلة

و خلف الحاج ميرزا جعفر المذكور العلاّمة المحقق الحاج ميرزا موسى كان من تلمذة الامام الانصاري و آية اللّه «الكوه كمري» و اكثر من تقرير أبحاث الأخير و منه كتابه المطبوع الرائج «أوثق الوسايل» في شرح رسائل استاده الانصاري و له حاشية على القوانين دوّنها بعده ابن اخته الحاج ميرزا لطفعلي بن الحاج ميرزا علي المتقدم ذكره

و الحاج ميرزا جواد كان له ولدان الحاج ميرزا أحمد و الحاج ميرزا رضا إمام الجمعة طلبه جلالة السلطان مظفر الدين شاه القاجاري الى طهران لما عاد من النجف الاشرف بعد اقامته بها ردحا لتحصيل العلوم و بعد أن هبط تبريز تهيأت له الامور باسرها لكنه ما مكث إلا أياما حتى اختطفته يد المنون

و أما الحاج ميرزا باقر فتوفي أكبر أولاده الحاج ميرزا محمود بالنجف الاشرف و خلفه العلاّمة الحجة الحاج ميرزا حسن المجتهد و الحاج ميرزا عبد الرحيم إمام الجمعة اما الاول فاخذ عن الامام المجدّد الشيرازي و آية اللّه الكوه كمرى و المحقق المولى علي(1) النهاوندي له تشريح الأصول رسالة في مقدمة الواجب. كتاب الطهارة. رسالة عملية مطبوعة، و كان على عهده اكبر زعيم ديني بآذربايجان و العلم الفذّ في العلم و التقى توفي سنة 1338 فى ج 2 خلفه اناس غير أن العبرة منهم برجلين الحاج ميرزا خليلين

ص: 397


1- هو من العلماء المحققين من تلمذة الشيخ الانصارى مؤسس في أصول الفقه له فيها نظريات ذهبية خاصة به توفي في 1 ع 2 سنة 1322 عن عمر يناهز الثمانين

و هو اليوم في الطبقة العليا من علماء تبريز قرأ على أبيه و على العلامة ميرزا ابو القاسم الاردوبادي و المحقق النهاوندي و الخراساني، و أخوه الحاج ميرزا مصطفى احد أفذاذ الأمة و عباقرة العصر الحاضر ولد بتبريز سنة 1297 و تخرّج على الخراساني و العلاّمة الأردوبادي و شيخ الشريعة الأصبهاني و آية اللّه الطباطبائي اليزدي له حاشية على الكفاية في الأصول لم تتم. رسالة في اللباس المشكوك. رسائل فقهية مختلفة. ارجوزة في علمي العروض و القافية شرحها زميله العلاّمة ابو المجد الرضا الاصبهاني. رسالة في العروض. رسالة في قاعدة الخطئين. حواش على لسان الخواص للعلامة آقا رضى القزويني(1). رسائل مختلفة في الفلكيات و الرياضيات توفي عام وفاة ابيه سنة 1338 مضى فقيد العلم و الأدب، فقيد الذكاء و الحذق، فقيد الفضل و الكمال، فقيد النهى و الأخلاق.

و لقد حوى على مجده الأثيل و شرف بيته المنيع سجاحة في الأخلاق و كرما في النفس، و لباقة في العلوم، و غيرهما مما أبدله الذكر الجميل و الثناء المتواصل و أما هو في الأدب العربي و سرد قريضه فواسطة عقده، و مرتكز لوائه، و لند قال فيه العلاّمة الزعيم المصلح الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطا

تركت سيوف الهند دونك في الفتك على العرب العربا و أنت من الترك96

ص: 398


1- هو رضي الدين محمد بن الحسن القزويني من فطاحل المتكلمين و اصحاب التحقيق اطراه صاحب الامل و النجوم و الروضات له تآليف ممتعة منها ضيافة الاخوان و كحل الأبصار و المسائل الغير المنصوصة و الرسالة النوروزية و الرسالة المولودية في مولد النبي «ص» توفي سنة 1096

تبرزت من «تبريز» ربّ فصاحة *** بها مدنيا قد حسبناك أو مكي

فكم لك من نظم و نثر تزيّنت *** بنفسهما المسكى كافورة المسك

سبكت مياه الحسن في حسن سبكها *** فيا لأبيك الخير من «حسن» السبك

لو الملك الضليل يهدى لمثلها *** لظل يفاديها و إن عزّ بالمسك

و تسليه عن «ذكرى حبيب و منزل» *** و يضحك إعجابا بها من «قفانبك»

إذا رحت تتلوها غدا و هو قائل *** فدينك و اللسن الاعاريب يا تركي

لباب معان يسحر اللبّ لفظها *** فيحسبه نظم اللئالى بلا سلك

و لكن آي «المصطفى» آية العلى *** أثارت فآثرت اليقين على الشك

فتى زاد أيام الضبا سمك رفعة *** تقاصر شأو الشيب عن ذلك السمك

و تلقاك قبل الاختبار مهذبا *** مخائله تغني اللبيب عن المسك

(و للعلاّمة ابي المجد الشيخ محمد رضا الأصبهاني هذه الابيات كتبها اليه)

علوت في الفضل السهى و السماك و أنت بدر و المعالى سماك

لا غرو أن فقت الثريا علا فانت في ذلك تقفو أباك

علمت قلبي مبعدا بعد ما رأيته بين الانام اصطفاك

و مذ حللت القلب اكرمته و كيف لا يكرم مثلي حماك

أخطفه من بين أضلاعه إن همّ أن يعشق شخصا سواك

من البكا أذهبت طرفي و ما أصنع بالطرف الذي لا برك

كلّ بنى الاتراك أهواهم و أصطفى منهم «خليلا» أخاك

(و للعلاّمة المصطفى هذه الحسينية الفريدة)

أناخ على قلبي الكآبة و الكرب عشية زمّ العيس للظعن الركب

ص: 399

و قد فقدت عيني الرقاد بفقدهم *** فلم يلق مذ لم ألقهم هدبا هدب

خليليّ مالي في سوى الحبّ حاجة *** و لا لكما في صاحب شفه الحب

و قائلة لي عزّ قلبك بعدهم *** فقلت أصبت النصح لو كان لي قلب

فقد عاد مني طيع الصبر جامحا *** غداة النوى إذ ذلّ من أدمعي صعب

و قد أرخصت مني الدموع و لم ازل *** اغالي بدمعي كلما استامه خطب

رزية قوم يمموا أرض كربلا *** فعاد عبيرا منهم ذلك الترب

أكارم يروي الغيث و الليث عنهم *** إذا وهبوا ملء الحقائب أوهبوا

إذا نزلوا الاعداء أقفر ربعها *** و إن نزلوا في بلدة عمها الخصب

تخفّ بهم يوم اللقاء خيولهم *** فتحسبها ريحا على متنها الهضب

إذا انتدبوا يوم الكريهة أقبلوا *** يسابق ندبا منهم ماجد ندب

ببيض صقيلات الغرار تخالها *** مرارا فكم للحرب نارا بها شبوا

و ما كنّ لو لا أنهنّ صواعق *** لترسلها أيمانهم و هي السحب

أناخوا بها و المجد ملء دروعهم *** و كل على رغم العدى للعلى ترب

و كل للثم البيض حمرا خدودها *** و ضمّ قدود السمر مامله صب

يكلفهم أبناء هند مذلة *** و يوصيهم بالعزّ هندية قضب

فهبت و هم سفن النجاة بهم الى *** غمار المنايا من سوابحهم نكب

بسابغ صبر دونه ما تدرّعوا *** و صارم عزم دونه الصارم العضب

فاضحى «امام المسلمين» مجردا *** وحيدا فلا آل لديه و لا صحب

فظلّ و ليل النقع داج تحفه *** تصول القنا كالبدر حفت به الشهب

و قد ولي الهندي تفريق جمعهم *** فصحّ «لتقسيم» الجسوم به الضرب

ص: 400

إلى أن قضى ظمأن و الماء دونه *** «مباح على الروّاد منهله العذب»

فيالهفة الاسلام في آل هاشم *** و وا حربا للدين مما جنت حرب

بنفسي يا مولاي خدّك عافرا *** و جسمك مطروحا أضرّ به السلب

فان جعلوا للخيل صدرك مركضا *** فقد علموا أن المجال لها رحب

و إن نهبوا تلك الخيم بكفرهم *** فوفرك قدما بين أهل الرجا نهب

و إن برزت تلك الوجوه فانما *** عليها عن الأبصار من هيبة نقب

توفي عام وفاة والده سنة 1338 و خلف ولده العلامة الميرزا عبد اللّه خلف أباه على علمه و نبوغه و مجده و علاه أخذ المبادي عن علماء تبريز ثم هاجر منها الى قم المشرفة و تخرّج فيها على آية اللّه الحاج الشيخ عبد الكريم زعيم الشيعة و بعد اكمال دروسه هبط تبريز و له في الادب العربي يد غير قصيرة

و أما الحاج ميرزا عبد الرحيم امام الجمعة والد المترجم فكان شهما هماما مطاعا توفي سنة 1300 خلفه على زعامته و زاد عليها ولده المترجم الحاج ميرزا عبد الكريم الشهيد يوم الخميس 8 جمادى الأخرى سنة 1336 هو و نجله بويوك آقا الفتى الكريم المتاهل لمنصة ابيه لو بقي بعده و قتل قبلهما اخو المترجم الحاج ميرزا محمد سنة 1326 كلهم بطلقة نيران البنادق عليهم لأنهم لم يؤمنوا بالبدع المحدثة فبهض ذلك وثابة النهمة و المطامع إذ حسبوهم معاثر في سبيل امنياتهم

و قد انتهت الى المترجم رياسة كبرى في تبريز هابته لها الملوك و السوقة و خضع الناس لأوامره، و عمدة ما هيئت له ذلك على جلالة اسرته كرم

ص: 401

طباعه، و دمائة أخلاقه، و تفانيه في قضاء الحاجات، و كشف الكرب عن الوجوه، و سيبه الهامر، و وفره الطائل المسدي في ازاحة عيلة الفقراء، و وجاهته المبذولة في رفع النكبات عن الناس، و كان ناسكا متعبدا عيورا على نواميس الشرع و طقوس الأسلام و كان التفرنج اكره شي عنده و له في كل ذلك قصص حسنة يطول بذكرها المقام كان يوم قتله و هو يوم النيروز من السنة المذكورة أعظم يوم شوهد في تبريز عمّ فيه الاستياء عامة طبقات الأهلين و اختص العلماء بمزيد الحزن و الأسف بين واجم و نادب و باك و مسترجع الى عبرات متساقطة، و زفرات متصاعدة، و شظايا قلوب متطايرة، و رثاه الفقيه الاكبر آية اللّه ميرزا صادق(1) بن العلاّمة الأوحد ميرزا محمد بن العالم البارع المولى محمد علي التبريزي بهذه القصيدةوة

ص: 402


1- وجه من وجوه الطايفة و أحد أعيان ائمتها المبرزين تقلد في آذربيجان زعامة دينية كبرى سنين متطاولة فلم يلف منه الاحنكة في الأمر، و عدلا في القضاء، و سدادا في الرأى، و ثقافة في الاصلاح، و لم يزل يسير بامته سيرا سجحا مثابرا فيه المحن و الكوارث، غير مكترث بما ينتابه من صروف الدهر و غير الزمان، مجابها ضوضاء الباطل، و جلبة الألحاد بحكمة عملية و عظاة بالغة تدع روعتهما في مدحرة الهوان، هكذا كان المترجم ناهضا باعباء الدعاية و الاصلاح حتى قضى في قم المشرفة يوم الجمعة 5 ذي القعدة الحرام سنة 1351 و بعين اللّه ما كابده في اخريات حياته من الشدايد و الملمات التي قابلها بجاش طامن و لب راجح و في سبيل ربه ما استهانه منها في الدعوة اليه فلم يزل خالدا بعمره الثاني و له في القلوب و بين أحناء الضلوع محتبى و مقام و اقيمت له المآتم فى بلاد ايران عامة له المقالات الغروية فى مباحث الالفاظ. رسالة في المشتق كتاب الصلوة. و شرح التبصرة للعلاّمة لم يتم. رسالة في شرايط العوضين و انتصاف المهر بالموت. رسالة في بعض مسائل الصلوة

أكذا يهدّ الكفر دين محمد *** و المسلمون بمنظر و بمشهد

و يعيث بالأسلام طارق غدره *** إذ لاح يودي بالأمام الاوحد

أودى بمنتجع المكارم و الهدى *** و سليله الفرع الكريم المحتد

من بيت علم شيدت أركانه *** بمعالم موروثة من «أحمد»

و جمال أهل العصر أطيب عنصر *** وافى بمنقطع العلى و السودد

و مفاخر قد عانقت صدر السما *** في طلعة كالكوكب المتوقد

و مطوّق الأعناق بالمنن الجسا *** م مثقلا أكتافهم بالعسجد

يوم السماحة في أنامله الندا *** أمواج بحر بالسبائك مزبد

يأوى الزمان لظله ذلا كما *** يأوي إلى جنح الدجا لتهجد

الدين و الدنيا لقتلهما غدا *** قفرا كرسم المنزل المتأبد

للّه أيّ رزية رزّى الانا *** م بها بعيد بل بيوم أنكد

من بعده العلياء غار بحارها *** و دموع انجم فلكها لم تجمد

من للارامل و اليتامى بعده *** أم من يقوم بحاجة المستنجد

في الضر كانوا لائذين بظله *** مثل اليتامى للولي المنجد

من ذا يعظم للآله شعائرا *** في أرضه و يصونها من ملحد

و يقوّم الاسلام يرفع للسماء *** راياته في محشد أو مشهد

من ذا يناجي اللّه في الظلماء أو *** من ذا لمحراب الصلاة و مسجد

ص: 403

فقدوه فقد الارض هاطل وبلها *** فدموعهم تجري بقلب مكمد

تبكي السماء عليه بالعين التي *** كانت بها تبكى على «ابن محمد»

و سليله في جنبه متضمخا *** بدم اللبوة بل بمهجة «أحمد»

قتلا كما قتل «الحسين» و شبله *** بمرّيش و مسدد و مهند

هذا آخر ما وفقنا اللّه لجمعه من تراجم «شهداء الفضيلة» رضوان اللّه عليهم و قد ضربنا صفحا عن جمع ذكروا في المعاجم بالقتل. ذلك لخروج بعضهم عن موضوع الكتاب، و لثبوت عدم شهادة بعضهم عندنا بعد التتبع

و ليعلم القارىء الكريم أن الكثير من علمائنا الذين قتلوا في الوقايع العامة لم يدوّن لهم التاريخ شيئا من آثارهم، كواقعة أصحاب حسن الصباح المعروفين بالفدائية في كثير من البلاد سنة 488 و واقعة المشهد المقدس الرضوي سنة 997 و واقعة كربلا سنة 1216 و واقعتها الاخرى سنة 1258 و واقعة جزيرة «النبي صالح» من أرباض البحرين في مدرسة الشيخ داود المعروفة من ذلك اليوم بكربلا، و واقعة الجزّار في عاملة في القرن الماضي، و واقعة «مسجد زكريا» في حلب في عهد السلطان سليم العثماني و غير ذلك من الوقايع العظيمة في القرون السالفة

ص: 404

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.