التشیع
نويسنده:غریفی، عبدالله
زبان:عربی
ناشر:موسسة العارف للمطبوعات - بیروت - لبنان
سال نشر:1421 هجری قمری
سال نشر:2000 میلادی
کد کنگره:BP 239 /غ 4 ت 5
ص: 1
ص: 2
التشیع
نويسنده:عبدالله غریفی
ص: 3
ص: 4
بسم الله الرحمن الرحیم
ص: 5
ص: 6
هذه بضاعة مزجاة...
أضعها-و أنا خجل-بين يدي قمّة الشموخ
و الصمود و الجهاد...
بطلة كربلاء...
زينب بنت أمير المؤمنين عليهما السّلام
سائلا المولى الكريم أن يتقبّل منّي هذا المجهود الضئيل
يوم لا ينفع مال و لا بنون
إلاّ من أتى اللّه بقلب سليم...
عبد اللّه الغريفي
ص: 7
ص: 8
الحمد للّه ربّ العالمين و الصّلاة و السلام على سيدنا محمد المصطفى الأمين و على آله الهداة الميامين...
و بعد...
فمنذ أن صدرت الطبعة الأولى من كتاب«التشيع»و أنا أجد في نفسي رغبة ملحّة-و بناء على ملاحظات الكثير من الأحبة-في أن أعيد معالجة بعض الموضوعات المضغوطة بشكل أكثر تفصيلا.
إلاّ أنّ تلك الرغبة لا زالت مخنوقة في داخلي رغم صدور الطبعة الرابعة من الكتاب...
غير أنّ هذه الطبعة توفّرت على بعض الإضافات:-
أولا:أضفنا مبحثا جديدا بعنوان«المصادرة التاريخية لمواقع أهل البيت عليهم السلام في حياة الأمة»...
و قد تناولنا في هذا المبحث ثلاثة أبعاد:-
البعد الأول:مصادرة موقع القيادة السّياسية.
البعد الثاني:مصادرة موقع المرجعية الفكرية.
البعد الثالث:مصادرة موقع الزعامة الروحية و الاجتماعية.
و جاء هذا المبحث ليشكل«المبحث الثالث»من مباحث«الفصل الثالث»من فصول«القسم الأول»في هذا الكتاب...
ثانيا:في الطبعات السّابقة توفّر الكتاب على عدة مصادر لم يتسنّ لنا الرجوع إليها مباشرة،فنقلنا عنها بالواسطة،إلاّ أنّ هذه الطبعة قد تميزت باعتماد
ص: 9
المصادر مباشرة إلاّ النادر جدا،كما تميّزت بإضافة مصادر جديدة،مما أعطى للكتاب«قوة مرجعية أكبر».
و قد قام بهذا الجهد التوثيقي الكبير للمصادر المعتمدة في هذه الطبعة،ولدنا المهذّب الثقة فضيلة السيد علي النوري حفظه اللّه تعالى،حيث تحمل بكل صدق و إخلاص و صبر عناء البحث و التدقيق و المراجعة،فجزاه اللّه خير جزاء العاملين المخلصين...
نسأل اللّه تعالى أن يقبل منا هذا العمل اليسير...
و الحمد للّه ربّ العالمين...
عبد اللّه الغريفي في السابع عشر من ربيع الأول سنة 1417 ه
ص: 10
تعتبر قضية التشيع و الشيعة التي تنتظمها عقيدة«الإمامة»واحدة من القضايا الكبيرة الأهمية في الإسلام و تأريخه،كونها تشكل جزءا لا يتجزأ من بنيته العقائدية و الفكرية و السياسية و الاجتماعية،و كونها تمثل أيضا رؤية تقول بأنّها الصيغة الأسلم و الأصح لفهم الإسلام و تجسيده بأصوله و أركانه و فروعه،و قد تحددت هذه الرؤية في أصل نشوء التشيع بالاستناد إلى مبادئ الإسلام،و القرآن الكريم،و السنة النبوية الشريفة،و إلى نهج و ممارسة الأئمة من أهل البيت عليهم السلام،و مكانتهم في الإسلام.
إنّ كثيرا من الدراسات و البحوث و في مختلف المجالات قد كتبت عن التشيع و الحالة الشيعية التي تجسده،منها ما كتبها الشيعة أنفسهم،و منها ما كتبها آخرون،من مواقع فكرية و انتماءات مذهبية مختلفة،و هو الأمر الذي يدلل و بصرف النظر عن مضمون تلك الكتابات من حيث موضوعيتها أو عدم موضوعيتها.و مقدار قيمتها العلمية،على الأهمية الكبيرة لهذه القضية في بنية الإسلام،و المجتمع الإسلامي.
لكن و بالرغم من ذلك فإن هذه القضية كانت و ما تزال،و ستظل بحاجة دائمة إلى المزيد من الدراسات و البحوث التي تعمق مضمون التشيع و ركائزه،و تحقق المزيد من إستجلاء معالمه،و دلالاته منذ نشوئه و حتى الآن،و من ثم تجيب عن الأسئلة و القضايا التي تطرحها المسيرة المتواصلة للحياة بمتطلباتها و مستجداتها،هذا فضلا عما تؤديه من دور في توضيح و تصحيح الكثير من المواقف و النظرات الخاطئة إزاء التشيع، و الحالة الشيعية.
إنّ هدف هذا البحث هو المساهمة في دراسة التشيع و الحالة الشيعية التي تجسده في جذورها و منطلقاتها،و في ركائزها و مقوماتها،و في مسارها و حركتها و امتداداتها.
ص: 11
غير أنّ هذا النوع من الدراسات ربما يثير بعض الإشكالات و الإعتراضات التي ترى في هذا النوع من الدراسات أنّه يحمل صيغة مذهبية خاصة،لا معالجة لجزء من بنية الحالة الإسلامية العامة،و من هذه الإعتراضات أو الإشكالات:
أولا: إن الطروحات المذهبية تكرّس الحالة الخلافية بين المسلمين على كل المستويات الفكرية،و الشعورية،و الاجتماعية،و السياسية.
ثانيا: إنّ تأصيل الحالة المذهبية سيؤدي إلى بروز سلبيات كبيرة تتناقض بشكل واضح مع المشروع الإسلامي التوحيدي،الذي بدأ تحركه يأخذ زخما جديدا بانبعاث الصحوة الإسلامية الجديدة.
ثالثا: إن التعاطي مع القضايا و المفردات المذهبية يضعنا أمام أجواء منغلقة، تصادر حالات الانفتاح و التقارب،و التفاهم،و تعمّق الحواجز الفكرية،و النفسية داخل الأمة.
رابعا: إنّ معالجة هذا النوع من الموضوعات يستثير حساسيات تاريخية،جديرة بأن تنسى و تطوى ملفاتها في ظل الظروف الاستثنائية الصعبة التي تمر بها أمة الإسلام.
خامسا: إنّ مسألة الإمامة و الخلافة هي قضية تاريخية لا جدوى أو لا مردودات عملية من إثارتها،و تناولها في واقعنا المعاصر.
سادسا: إنّ التأكيد على الهوية الإنتمائية المذهبية يولّد في الذهنيات حالة التخلي عن الهوية الإسلامية العامة،و يخلق في وعي الآخرين هذا اللون من الفهم.
إن هذه الاعتراضات أو الإشكالات و رغم الوجاهة التي تبدو فيها،و حق أصحابها في التعبير عنها و إثارتها،لكنها لا تملك قوة الدليل و الحجة للبرهان عليها، و لتوضيح ذلك نشير إلى الأسباب التالية:
السبب الأول: لا يمكن تجميد حالات الخلاف و التوتر في داخل الأمة إلاّ من خلال خلق جو من الحوار الموضوعي الواعي،و في ظل هذا الحوار المنفتح تتحول
ص: 12
الكثير من بؤر التوتر إلى نقاط هادئة،و تتحرك حالات الخلاف في اتجاه التلاؤم و الوفاق.
إنّ غياب الحوار الهادف يدفع بالكثير من حالات الخلاف إلى مواقع المواجهة، و يكرّس عوامل التوتر،و التأزم،و التشتت في داخل الأمة.
و إنّ الخوف من إثارة مسألة الإمامة التي هي الناظم لقضية التشيع،خشية استثارة تاريخ طويل من الخلافات،و الصراعات،و الحساسيات أمر لا مبرر له و ذلك لعدة اعتبارات:
1-إنّ من القصور اعتبار الحديث عن الإمامة و دراستها في التصور الشيعي هو أمر يثير الخلاف،كونها مسألة واقعية و موجودة في البنية الإسلامية،تماما كما هو الحال في الحديث عن مسألة الخلافة و دراستها،و إنّ مسألة الإمامة كما الخلافة تطرح مسألة القيادة في الإسلام،و هي مسألة كبيرة الأهمية،بل مسألة المسائل.
2-إنّ أساليب المعالجة و الدراسة لأمثال هذه المسائل،غالبا ما تكون هي المسؤولة عن كثير من الإثارات و الحساسيات و الخلافات،و ليس المسائل نفسها،فمتى ما توافرت تلك الأساليب و المعالجات على الموضوعية و المنهجية فإنّ عوامل الإثارة و التوتر تتجمد و تقف.
3-إنّ الخلافات التي تتحرك في الساحة الإسلامية يقف وراءها عدة عوامل:- أ-نقص أو قلة المعرفة و المعلومات.
ب-التعصب.
ج-العناصر السيئة أو عديمة المسؤولية في الأمة.
د-السياسات المنحرفة.
ه-القوى الاستكبارية الكافرة.
فإذا طوقت هذه العوامل ضمنا لمكوّنات الوحدة الإسلامية أن تتحرك في الأجواء الطبيعية الصالحة،و أعطينا للحوارات الفكرية مساراتها الموضوعية النظيفة.
ص: 13
السبب الثاني: إن الساحة الفكرية المعاصرة تزخر بألوان من النتاجات ذات الصبغة التشويهية للحالة الشيعية مما يسبب تشويشا للمفاهيم و التصورات،و بالتالي يعقّد الصيغ التوحيدية في داخل الأمة،فلا بد من طرح الرؤى الصحيحة للمسألة و توضيحها و إزالة الإشكالات المزروعة في الذهنيات لخلق الآفاق المنفتحة أمام الإتجاهات الخيرة الطامحة إلى تعميق الأخوة بين أبناء الأمة الواحدة.
السبب الثالث: إنّ مسألة الإمامة التي تنتظم قضية التشيع مسألة بالغة الأهمية و الخطورة على عدة أصعدة:
أولا:الصعيد الفكري:
فمسألة الإمامة تشكل جزءا هاما في بنية الإسلام الفكرية،فالمنهجية الشمولية في الدراسات الإسلامية تفرض التعاطي مع هذه المسألة التي تملك عمقها في داخل البنية الإسلامية،فالمسألة بكل صيغها و تصوراتها المختلفة تمثل بعدا خطيرا في منظومة الفكر الإسلامي،و هذا يفرض الحاجة إلى معالجة موضوعية جادة من أجل بلورة رؤية واعية حول مفهوم الإمامة.
ثانيا:الصعيد السياسي:
إن مسألة الإمامة تجسّد في أهم أبعادها المضمون القيادي بما يحمله من دلالات سياسية خطيرة،و إنّ إغفال مفردة هامة كمفردة الإمامة يحدث خللا واضحا في الرؤية السياسية،و بالتالي يحدث خللا في الرؤية الإسلامية العامة،فلا بد من استيعاب هذه المسألة لإنجاز المضمون الإسلامي الشامل بكل مفرداته العقائدية و الفكرية،و الأخلاقية و الاجتماعية و السياسية.
ثالثا:الصعيد التاريخي:
إن مسألة الإمامة تدخل في صميم البحث التاريخي و ضمن مفرداته الأساسية، فالرؤية التاريخية الموضوعية لكي تعالج المسألة التاريخية و هي مسألة خطيرة على
ص: 14
مستوى حركة الرسالة و الدعوة و الأمة،يجب أن تستوعب كل الأحداث و الملابسات السياسية و الإجتماعية التي تفاعلت في داخل الساحة الإسلامية في مرحلة من أخطر مراحل المسيرة و التي تتمثل في مقطعين تاريخيين هامين:عصر الرسالة،و عصر الخلافة في الفترة التاريخية التي تلت عصر الرسالة مباشرة حيث شكلت هذه الفترة المخاض العسير الذي أنجب أخطر المعطيات السياسية و الإجتماعية في مسيرة الأمة.
رابعا:الصعيد التشريعي:
إن مسألة الإمامة لا تتجمد في الموقع التاريخي بل تتفاعل مع الحركة التشريعية في منطلقاتها التاريخية و في امتداداتها العملية المتلاحمة مع المسيرة في كل أشواطها، تمنحها الروية الشرعية في مواجهة كل المستجدات و المتغيرات،و ترشدّ خطواتها على كل المستويات الفكرية و الفقهية و الإجتماعية و السياسية.
السبب الرابع: إن إثارة مسألة التشيع على مستوى الدراسات و البحوث حاجة علمية تواجه الفراغ الفكري الذي عاشته أجيال الأمة حول هذه المسألة،هذا الفراغ الذي ترسخ في ذهنية الأمة من خلال:
أ-الإنحسار التاريخي للحالة الشيعية على المستوى القيادي.
ب-التطويق الفكري و الإعلامي.
ج-الحصار السياسي.
و أمام هذا الإختناق الفكري الذي فرض حول مسألة التشيع يتحتم تنشيط الفعاليات العلمية و الثقافية الجادة لملء الفراغات الكبيرة في ذهنية أجيال المسلمين مع التأكيد على ضرورة التوافر على الروح العملية الموضوعية في معالجة هذه المسألة.
ص: 15
السبب الخامس:الحديث عن الهوية الإنتمائية الخاصة يؤكّد المنحى الذي اعتمده الأئمة من أهل البيت عليه السلام في تعاملهم مع القضية الإسلامية حيث تحركوا ضمن مسارين:
المسار الأول:
تأصيل خط الإمامة بكل ما يحمله من مفاهيم و أفكار،و أهداف،و توجهات، و خصائص و مميزات.
المسار الثاني:
تأصيل الحالة الإنتمائية العامة من خلال التأكيد على العناصر المشتركة التي تشكل مرتكزات الوحدة في داخل الأمة.و بالتالي فإن معالجة مسألة الإمامة لا تعبر عن نزعة مذهبية ضيقة،و لا تشكل حالة من التنافي مع المشروع التوحيدي في حركة الأمة، فالمسألة في منحاها الأصيل تجسّد المضمون الإسلامي بكل دلالاته و معطياته.و بكل مرتكزاته و مقوماته،و خصائصه و مميزاته.
إنّ فكرة الدراسة التي بين أيدينا تتجه إلى بلورة وعي توحيدي يعتمد الوضوح في الرؤية،و إزالة كل الإشكالات التي تعقّد حالة التلاحم الفكري و النفسي و العملي في مسيرة الأمة.
إنّ الجهود التوليفية و التوفيقية التي لا تعتمد الوعي و الفهم و البصيرة لا يمكن أن تنجز مشروعا توحيديا أصيلا يحمل مقومات البقاء و الثبات،و يواجه مخططات التجزئة و التفريق.
ص: 16
و أما خطة البحث فتشتمل على:مقدمة،و ثلاثة أقسام،و خاتمة.
(1)المقدمة:
و تناولت هدف البحث،و موضوعه،و أهميته،و الأسباب التي تقف وراء إختياره،و الخطة المعتمدة في إنجازه...
(2)القسم الأول:
و يعالج مسألة التشيع في نشوئه و مراحله و ذلك من خلال ثلاثة فصول...
يتناول الفصل الأول الآراء و التفسيرات التي حاولت أن تؤرخ للظاهرة الشيعية في نشوئها و ولادتها،و العوامل،و الأسباب التي انتجت تلك الظاهرة.
و يتناول الفصل الثاني الرؤية التي يتبناها البحث حول نشوء التشييع و مراحله، التي تجسّدت في:
أ-مرحلة التأصيل و التجذير.
ب-مرحلة التجسيد و التطبيق.
ج-مرحلة الوضوح و الإمتداد.
و يتناول الفصل الثالث مسألة الإمامة و هي العقيدة التي تنتظم قضية التشيع...
و عالج هذا الفصل مسألة الإمامة من خلال النصوص و الأحاديث.و قد تضمن الفصل ثلاثة مباحث أساسية:
المبحث الأول:
يدوّن نصوص الإمامة،و يضعها ضمن ثلاث منظومات رئيسية:
ص: 17
-المنظومة الأولى:النصوص المباشرة.
-المنظومة الثانية:الدلالة الإلتزامية.
-المنظومة الثالثة:المؤشرات العامة.
المبحث الثاني:
يعالج موقف مدرسة الخلفاء من نصوص الإمامة و يناقش هذا الموقف علي مستويين:
الأول:مستوى صحة النصوص.
الثاني:مستوى دلالة النصوص.
المبحث الثالث:
المصادرة التاريخية لمواقع أهل البيت عليهم السلام في حياة الأمة.و قد تناولنا في هذا المبحث ثلاثة أبعاد:
البعد الأول:مصادرة موقع القيادة السياسية.
البعد الثاني:مصادرة موقع المرجعية الفكرية.
البعد الثالث:مصادرة موقع الزعامة الروحية و الإجتماعية.
(3)القسم الثاني:
يبحث هذا القسم دور الأئمة من أهل البيت عليهم السلام،في الحفاظ على الصيغة الإسلامية الأصيلة و يضم هذا القسم فصلين:
الفصل الأول:يتناول التغييرات الطارئة في الصيغة الإسلامية و المتجسّدة في المجالات التالية:
أ-العقيدة.
ب-التفسير القرآني.
ج-السنة النبوية.
ص: 18
د-التاريخ الإسلامي.
الفصل الثاني:يتناول الأدوار التي مارسها الأئمة من أهل البيت عليهم السلام، في الحفاظ على الصيغة الإسلامية الأصيلة و ذلك من خلال المستويات التالية:-
أ-المستوى العقائدي.
ب-المستوى الروحي.
ج-المستوى السياسي.
د-المستوى التشريعي.
(4)القسم الثالث:
و يعالج أبرز المستويات التي تكوّن المقومات الأساسية للحالة الشيعية...
و يتناول هذا القسم ثلاثة مستويات رئيسية ضمن ثلاثة فصول:
الفصل الأول:المستوى العقائدي:
و يشتمل على مبحثين:-
المبحث الأول:المستوى العقائدي العام و يتناول الأصول العقائدية العامة:
التوحيد،النبوة،المعاد.
المبحث الثاني:المستوى العقائدي الخاص و يتناول عقيدة الإمامة من خلال النصوص التي حددت عدد الأئمة من أهل البيت عليهم السلام.
الفصل الثاني:المستوى الروحي:
و يتناول هذا الفصل مبدأ«الولاء لأهل البيت»من خلال ثلاثة مباحث:- المبحث الأول:تأصيل المبدأ الولائي لأهل البيت عليهم السلام.
المبحث الثاني:الدلالات الكبيرة لمبدأ الولاء.
ص: 19
المبحث الثالث:المضمون الحقيقي للولاء.
الفصل الثالث:المستوى العملي:
و يتناول المضمون العملي الذي تجسّده الحالة الشيعية في الالتزام بنهج الأئمة من أهل البيت عليهم السلام.
و يشتمل هذا الفصل على ثلاثة مباحث:
المبحث الأول:النهج القيادي.
المبحث الثاني:النهج السلوكي.
المبحث الثالث:النهج الفقهي.
(5)الخاتمة:
نتائج البحث:
و هي عبارة عن تلخيص و تكثيف لموضوعات البحث الأساسية، و استخلاص بعض الاستنتاجات المهمة.
ص: 20
مصادر البحث و الدراسة
و في معالجة أفكار هذا البحث و الدراسة حاولنا جهد الإمكان إعتماد النص الإسلامي في مرافده الأصيلة:
-القرآن الكريم.
-السنة النبوية.
-أحاديث الأئمة من أهل البيت عليهم السلام.
و حاولنا كذلك بقدر ما أمكن التوافر عليه الرجوع إلى مصادر الحديث المعتمدة عند علماء المسلمين.
فمن المصادر المعتمدة عند علماء مدرسة أهل البيت عليهم السلام،رجعنا بشكل أساس إلى:-
-«الكافي»لثقة الإسلام أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني المتوفى سنة (328 ه).
-«وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة»للمحدث الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي المتوفى سنة(1104 ه).
و من المصادر المعتمدة عند علماء مدرسة الخلفاء رجعنا إلى:
-«صحيح البخاري»لأبي عبد اللّه محمد بن اسماعيل البخاري المتوفى سنة (256 ه).
-«صحيح مسلم»لأبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري المتوفى سنة (261 ه).
-«الجامع الصحيح»لأبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي المتوفى سنة(297 ه).
ص: 21
-«سنن ابن ماجه»لأبي عبد اللّه محمد بن يزيد القزويني ابن ماجه المتوفى سنة(275 ه).
-«مسند أحمد بن حنبل»لأبي عبد اللّه أحمد بن حنبل بن هلال الشيباني المتوفى سنة(241 ه).
-«المستدرك على الصحيحين»لأبي عبد اللّه محمد بن محمد الحاكم النيسابوري المتوفى سنة(405 ه).
و مصادر أخرى كثيرة في الحديث،و التفسير،و السيرة و التاريخ،و الفقه و اللغة.
و اللّه نسأل أن يمنحنا التوفيق و السداد،و أن يرشدنا إلى ما يحبه و يرضاه،و هو ولي التوفيق.
السيدة زينب عليها السلام-دمشق غرة ذي القعدة 1410 ه
عبد اللّه الغريفي
ص: 22
القسم الأوّل التشيّع في نشوئه و مراحله
الفصل الأول:
آراء و تفسيرات حول نشوء التشيع
الفصل الثاني:
رؤيتنا حول نشوء التشيع و مراحله
الفصل الثالث:
الإمامة من خلال النصوص و الأحاديث
ص: 23
ص: 24
يتجه بعض الكتّاب و الباحثين و المؤرخين إلى تفسير التشيع باعتباره ظاهرة طارئة أفرزتها مجموعة عوامل إجتماعية،و سياسية،و تاريخية.
و في تحديد العوامل التي أنتجت الظاهرة الشيعية،و في التأريخ لبداياتها تعددت الآراء،و تباينت التفسيرات.
و نحاول أن نضع بين يدي القارئ أبرز الآراء و التفسيرات التي تناولت هذه الظاهرة و أرّخت لها.
يؤرخ لولادة التشيع بالمرحلة التاريخية المبكرة التي أعقبت وفاة الرسول صلى اللّه عليه و آله مباشرة.
و نلمس هذا الرأي في كلمات بعض الباحثين و المؤرخين منهم:-
حيث قال:
«و تخلف عن بيعة أبي بكر قوم من المهاجرين و الأنصار،و مالوا مع علي بن أبي طالب منهم:العباس بن عبد المطلب و الفضل بن العباس،و الزبير بن العوام،و خالد بن سعيد،و المقداد بن عمرو،و سلمان الفارسي،و أبو ذر الغفاري،و عمار بن ياسر، و البراء بن عازب،و أبي بن كعب» (1).
ص: 25
حيث قال:
«و كانت البذرة الأولى للشيعة،الجماعة الذين رأوا بعد وفاة النبي صلى اللّه عليه و آله أنّ أهل بيته أولى الناس أن يخلفوه» (1).
حيث قال:
«و كان علي بن أبي طالب يرى في الخلافة حقا شرعيا له فهو ابن عم رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و زوج ابنته فاطمة و أول من آمن بالرسالة،و التف حوله أتباع كانوا يرون الخلافة يجب أن تؤول إلى آل البيت و على رأسهم علي بن أبي طالب» (2).
حيث يرى أن التشيع نشأ بعد وفاة النبي صلى اللّه عليه و آله و بالضبط بعد حادثة السقيفة،حيث قال:
نشأ بين كبار الصحابة،منذ بدأت مشكلة الخلافة،حزب نقم على الطريقة التي انتخب بها الخلفاء الثلاثة الأول و هم أبو بكر و عمر و عثمان،الذين لم يراع في انتخابهم درجة القرابة من أسرة النبي صلى اللّه عليه و آله و قد فضل هذا الحزب بسبب هذا الاعتبار،أن يختار للخلافة علي بن أبي طالب ابن عم النبي صلى اللّه عليه و آله و أدنى قريب له،و الذي كان فضلا عن ذلك زوجا لابنته فاطمه.
و لم يجد هذا الحزب فرصة مواتية يسمع فيها صوته عاليا (3).
يفترض ولادة التشيع في عصر الخليفة الثالث عثمان بن عفان
نتيجة أحداث و تناقضات برزت في داخل المجتمع الإسلامي،هيأت جوا ملائما لنشوء الفرق و الأحزاب و الانتماءات.
ص: 26
«و من الذاهبين لذلك جماعة من المؤرخين و الباحثين منهم:ابن حزم و جماعة آخرون ذكرهم بالتفصيل يحيى هاشم فرغل في كتابه(عوامل و أهداف نشأة علم الكلام ج 105/1)و قد استند إلى مبررات شرحها» (1).
ينسب ولادة التشيع إلى أيام خلافة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام،
حيث توافرت الظروف الملائمة لبروز هذه الحالة.
و قد أشار إلى هذا الرأي الشهيد الصدر حيث قال:
«و منهم من يرد ظاهرة التشيع إلى عهد خلافة الإمام علي عليه السلام،و ما هيأه ذلك العهد من مقام سياسي و اجتماعي على مسرح الأحداث» (2).
و نجد عند ابن النديم في(الفهرست)هذا اللون من التوجه في تفسير الظاهرة الشيعية،حيث قال:
«و لما خالف طلحة و الزبير عليا عليه السلام،و أبيا إلاّ الطلب بدم عثمان بن عفان،و قصدهما علي عليه السلام،ليقاتلهما حتى يفيئا إلى أمر اللّه جل اسمه،تسمى من اتبعه على ذلك،الشيعة فكان يقول:شيعتي» (3).
و هناك من الباحثين من يفترض ولادة التشيع يوم واقعة صفين،من هؤلاء عبد العزيز الدهلوي حيث قال:
ظهر لقب الشيعة في سنة 37 ه (4).و في هذه السنة حصلت واقعة صفين (5).
ص: 27
يعتبر التشيع ظاهرة تمخضت عن الظروف و الملابسات التي أنتجتها واقعة
كربلاء،
و ما أفرزته من تطورات جديدة في داخل السّاحة الإسلامية.
و يمكن أن نلمس هذا الاتجاه عند:-
حيث قال:
«على أننا نرى أن التشيع السياسي،و إن كان ظهر في الفترة التي افترضها الباحثون السابقون،إلاّ أنّ دلالة الإصطلاح(شيعة)على الكتلة التي ندرسها من المسلمين و انصرافه إليهم دون غيرهم،قد بدأ بحركة التوابين التي ظهرت سنة 61 ه و انتهت بالفشل سنة 65 ه و كان قائد الحركة يلقب بشيخ الشيعة» (1).
حيث يرى أن مقتل الحسين عليه السلام أعطى للفكرة الشيعية طابعا جديدا متطورا،إذ قال:
«و الحق أن ميتة الشهداء التي ماتها الحسين و التي لم يكن لها أيّ أثر سياسي،قد عجلت في التطور الديني للشيعة حزب علي،الذي أصبح في ما بعد ملتقى جميع النزعات المناوئة للعرب (2).
و هنا أرى من الضرورة وضع ملاحظتين حول كلام بروكلمان و ليس بهدف نقد و تقويم هذا الرأي،فذلك متروك لنتائج و خلاصات البحث،و إنّما هو التنبيه العابر الذي يوجّه ذهنية القارئ إلى بعض الإلتفاتات الفورية التي لا يحسن إرجاؤها.
ص: 28
الملاحظة الأولى:
لا نتفق مع بروكلمان في نفيه الأثر السياسي لثورة كربلاء،فالواقع التاريخي يؤكد عمق الأثر السياسي الذي أنتجته هذه الثورة في الساحة الإسلامية فمن نتائجها السياسية:-
1-الوعي السياسي الجديد الذي بدأ يتكون في ذهنية الأمة و ما يحمله هذا الوعي من رؤى و تصورات حول أنظمة الحكم القائمة،و الكيانات السياسية المتسلطة.
2-الحس الثوري الذي أخذ يتفاعل مع وجدان الجماهير و ينمّي في داخل الأمة حالات الرفض و التصدي.
3-الإنتفاضات و الثورات التي تفجرت في مراحل تاريخية تالية،عبّرت عن صحوة سياسية كبيرة أحدثتها ثورة الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء (1).
الملاحظة الثانية:
إنّنا نرفض مقولة بروكلمان بأنّ حزب علي أصبح ملتقى جميع النزعات المناوئة للعرب فهي مقولة لا تملك أيّ مبرر موضوعي و لا تحمل أيّ مستند علمي و إنّما تعبر عن إحدى حالات التحريف التاريخي التي شوشت الكثير من الرؤى و المفاهيم و الأفكار.
يعطي لظاهرة التشيع إنتماء إلى جذور خارجية...
و أصحاب هذا الاتجاه ينحون منحيين مختلفين:-
يحاول تنسيب الظاهرة إلى الأصول اليهودية.
و من المؤرخين و الباحثين الذين تبنوا هذا المنحى:-
ص: 29
حيث قال:
«عن سيف عن عطية عن يزيد الفقعسي قال:
كان عبد اللّه بن سبأ يهوديا من أهل صنعاء،أمه سوداء فأسلم زمان عثمان،ثم تنقل في بلدان المسلمين يحاول ضلالتهم،فبدأ بالحجاز ثم البصرة ثم الكوفة ثم الشام» (1)...
و تحدث الطبري عن بعض أفكار عبد اللّه بن سبأ:
«ثم قال لهم:
إنه كان ألف نبي و لكل نبي وصي،و كان علي وصي محمد،محمد خاتم الأنبياء و علي خاتم الأوصياء» (2).
حيث قال:
«و كان ابن السوداء(عبد اللّه بن سبأ)في الأصل يهوديا من أهل الحيرة،فأظهر الإسلام و أراد أن يكون له عند أهل الكوفة سوق و رياسة،فذكر لهم أنه يجد في التوراة أنّ لكل نبي وصيا،و أن عليا وصي محمد...» (3).
و أمام هذا الرأي أضع الملاحظات العابرة التالية كتنبيهات عاجلة،تاركا الرؤية التقويمية التفصيلية إلى الخلاصات التي يتمخض عنها هذا البحث...
و ملاحظاتنا العاجلة على هذا المنحى:-
أولا:المصدر التاريخي الأول الذي دوّن قضية«عبد اللّه بن سبأ»هو الطبري، و منه استقت بقية المصادر الأخرى القديمة و الحديثة.
ثانيا:الأساس الوحيد الذي اعتمد الطبري في تدوين هذه القضية هو«روايات سيف بن عمر»
ص: 30
ثالثا:فإذا استطاع البحث العلمي:-
آ-أن يسقط وثاقة«سيف بن عمر»على مستوى الرواية.
ب-و أن يثبت اسطورية«ابن سبأ»على مستوى الواقع التاريخي فإنّ هذا المنحى ينهار من أساسه.
و فعلا توافر هذا الموضوع على دراسات علمية مستوعبة أكدّت الحقيقتين الآنفتين» (1).
يحاول تنسيب الظاهرة إلى الأصول الفارسية...
و هذا الاتجاه نجد له صدى واضحا في كتابات و دراسات أكثر المستشرقين،كما نجد له تلميحات و إيحاءات عند بعض الكتّاب من المسلمين كأبي زهرة في كتابه«تاريخ المذاهب الإسلامية»،حيث قال:
و في الحق،إنا نعتقد أن الشيعة قد تأثروا بالأفكار الفارسية حول الملك و وراثته، و التشابه بين مذهبهم و نظام الملك الفارسي واضح و يزكي هذا أن أكثر أهل فارس إلى الآن من الشيعة،و أن الشيعة الأولين كانوا من الفرس (2).
و نجد كذلك عند أحمد عطية اللّه في كتابه«القاموس الإسلامي»حيث قال:
تشتمل تعاليم السبئية على جذور العقيدة الشيعية التي نبعت من أصول يهودية و تأثرت بالمزدكية (3)الفارسية،فرأس هذه الفرقة يهودي يمني الأصل،بينما شاعت
ص: 31
بعض العقائد الفارسية كالمزدكية إبان الاحتلال الفارسي لبعض أهل الجزيرة العربية لهذا صادفت السبئية هوى لدى بعض أهل العراق المجاورين للفرس.
و قال أيضا:
الحق الإلهي،و هي نظرية انتقلت إلى السبئية و الشيعة عامة من الفرس،و تقوم على أن عليا هو الخليفة بعد النبي صلى اللّه عليه و آله و أنه استمد حقه في الإمامة من اللّه و ينتقل هذا الحق بالوراثة إلى أهل بيته (1).
و قال فان فلوتن في كتابه السيادة العربية:
ظهرت منذ أيام المختار أفكار جديدة كان لها أثر كبير في نفوس الكثيرين من الشيعة.
و يظهر أن هذه الأفكار التي نشأت في مبدأ أمرها في البيئات غير العربية إنما كانت بقية من عبادة الملوك،تلك العبادة التي كانت مشهورة عند قدماء الفرس بعد أن خالطها بعض العقائد الاشراقية (2).
و يؤرخ لولادة التشيع بزمن الإمام جعفر الصادق عليه السلام
الإمام السادس من أئمة أهل البيت عليهم السلام...
يقول الدكتور محمد عمارة في كتابه(الإسلام و فلسفة الحكم):
تأريخ نشأة الشيعة مقترن بالفترة الزمنية التي نشأت فيها عقيدة النص و دعوى الوصية من الرسول صلى اللّه عليه و آله إلى علي بن أبي طالب عليه السلام.و من هنا كان صواب ما ذهب إليه المعتزلة عندما قالوا:
إن فترة إمامة جعفر الصادق عليه السلام،و هي التي نهض فيها هشام بن الحكم بدور واضع قواعد التشيع و مهندس بنائه الفكري،هي الفترة التي يؤرخ بها لهذه النشأة (3).
ص: 32
القسم الأوّل
رؤيتنا حول نشوء التشيّع و مراحله
المراحل الأساسية للتشيع:
المرحلة الأولى:
مرحلة التأصيل و التجذير
المرحلة الثانية:
مرحلة التجسيد و التطبيق
المرحلة الثالثة:
مرحلة الوضوح و الامتداد
ص: 33
ص: 34
في هذه المرحلة تمّ إنجاز هدفين على يديّ الرسول الأكرم صلى اللّه عليه و آله:- 1-تأصيل الصيغة الإصطلاحية.
2-تأصيل الصيغة المضمونية«القيادة و الإمامة»
من خلال قراءة المصادر التاريخية،و كتب الحديث و التفسير و اللغة نستطيع أن نتعرّف على البدايات الأولى لولادة مصطلح«الشيعة».
ففي مناسبات عدة طرح الرسول صلى اللّه عليه و آله هذا المصطلح،و جذّره في وعي الأمة،و أصلّه في ذاكرتها و عمّقه في وجدانها.
و بحجم ما أكدّت توجيهات الرسول صلى اللّه عليه و آله،و خطاباته هذا المصطلح،فقد تكوّنت نخبة متميزة من صحابة الرسول صلى اللّه عليه و آله كسلمان الفارسي،و أبي ذر الغفاري،و عمار بن ياسر،و المقداد،تحمل هوى و حبا نحو علي بن أبي طالب،و في أيام الرسول صلى اللّه عليه و آله حتى أصبح لفظ«الشيعة»لقبا لهؤلاء الصحابة.
ص: 35
ذكر أبو حاتم في كتاب(الزينة):
«إن أول اسم لمذهب ظهر في الإسلام هو الشيعة،و كان هذا لقب أربعة من الصحابة:أبو ذر،و عمار،و مقداد،و سلمان الفارسي...» (1).
و قال الخونساري في روضات الجنات:
اختص باسم الشيعة أولا سلمان الفارسي،و أبو ذر الغفاري،و مقداد بن الأسود،و عمار بن ياسر في عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله لملازمتهم علي بن أبي طالب عليه السلام. (2)
عن جابر بن عبد اللّه قال:كنا عند النبي صلى اللّه عليه و آله فأقبل علي عليه السلام،فقال النبي صلى اللّه عليه و آله:
«و الذي نفسي بيده إنّ هذا و شيعته لهم الفائزون يوم القيامة»
فنزل قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (3).
عن ابن عباس قال:
لما أنزل اللّه تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ.
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام:
ص: 36
«هم أنت و شيعتك تأتي أنت و شيعتك يوم القيامة راضين مرضيين،و يأتي عدوك غضابا مقمحين» (1).
عن أم سلمة رضي اللّه عنها قالت:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«علي و شيعته هم الفائزون يوم القيامة» (2).
عن ابن عباس قال:
لما نزلت الآية: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (3).
قال النبي صلى اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام:
«أنت و شيعتك تأتي يوم القيامة أنت و هم راضين مرضيين و يأتي أعداؤك غضابا مقمحين» (4).
أخرج بالإسناد إلى علي عليه السلام،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«يا علي ألم تسمع قول اللّه تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ هم شيعتك و موعدي و موعدك الحوض يدعون غرا محجلين» (5).
ص: 37
عن جابر بن عبد اللّه،قال:
كنا عند النبي صلى اللّه عليه و آله،فأقبل علي بن أبي طالب عليه السلام،فقال النبي صلى اللّه عليه و آله:
قد أتاكم أخي،ثم التفت إلى الكعبة فضربها بيده،ثم قال:و الذي نفسي بيده إن هذا و شيعته هم الفائزون يوم القيامة،ثم إنه أولكم إيمانا،و أوفاكم بعهد اللّه،و أقومكم بأمر اللّه و أعدلكم في الرعية،و أقسمكم بالسوية،و أعظمكم عند اللّه مزية،قال:
و نزلت إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (1).
عن جابر،قال:
كنا عند النبي صلى اللّه عليه و آله و أقبل علي عليه السلام،فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
قد أتاكم أخي،ثم التفت إلى الكعبة فضربها بيده،ثم قال:
و الذي نفسي بيده إن هذا و شيعته هم الفائزون يوم القيامة،ثم قال:
إنه أولكم إيمانا معي و أوفاكم بعهد اللّه و أقومكم بأمر اللّه و أعدلكم في الرعية و أقسمكم بالسوية و أعظمكم عند اللّه مزية،قال:
و نزلت فيه إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ، قال:
فكان أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله إذا أقبل علي عليه السلام قالوا:
قد جاء خير البرية (2).
ص: 38
عن محمد بن علي،قال:
لما نزلت الآية إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
أنت يا علي و شيعتك (1).
عن علي،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله لي:
ألم تسمع قول اللّه تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ، أنت و شيعتك و موعدي و موعدكم الحوض إذا جاءت الأمم للحساب تدعون غرّا محجلين (2).
ذكر أن شيعة علي هم الفائزون (3).
و ذكرت كثير من المصادر هذه الألفاظ منها:-
1-ابن الصباغ المالكي:الفصول المهمة ص /107ط.بيروت.
2-الشوكاني:فتح القدير ج 5 ص /398ط.بيروت.
3-الزرندي:نظم درر السمطين ص /92ط.بيروت.
4-البلاذري:أنساب الأشراف ص /182ط.بيروت.
5-الألوسي:روح المعاني ج 16 ص /370ط.بيروت.
6-السبط بن الجوزي:تذكرة الخواص ص /27ط.بيروت.
7-السيوطي:الدر المنثور ج 6 ص /379ط.بيروت.
ص: 39
«تأصيل مضمون الإمامة»:
لتناول هذا الجانب إسلوبان:
الأول:اعتماد النصوص و الأحاديث.
الثاني:الدراسة التحليلية العقلية.
و نؤجل الأسلوب الأول،إلى الفصل القادم،و نطرح هنا الأسلوب الثاني، لاستكشاف دور الرسول صلى اللّه عليه و آله في تأصيل الصيغة القيادية الإمتدادية...
كيف تعامل الرسول صلى اللّه عليه و آله مع مستقبل الدعوة و القيادة؟
نعني بمستقبل الدعوة و القيادة،مرحلة ما بعد انتقال الرسول الأكرم صلى اللّه عليه و آله إلى الرفيق الأعلى...
و أمام هذا التساؤل ثلاثة احتمالات:
الأول:السلبية«الصمت و اللامبالاة».
الثاني:تفويض الإختيار إلى الأمة«مبدأ الشورى».
الثالث:النص و التعيين.
السلبية«الصمت و اللامبالاة»:
هذا الاحتمال مرفوض،لأنه يستبطن ثلاث دلالات خاطئة:
غياب الرؤية المستقبلية عند الرسول صلى اللّه عليه و آله:
ص: 40
و هذا يتنافى:
(1)مع التصور الإيماني لشخصية الرسول صلى اللّه عليه و آله بما تحمله من خصوصية النبوة و الإتصال الغيبي.
(2)مع الواقع الموضوعي الذي برهن على توافر هذه الرؤية.
و قد أكّدت ذلك النصوص التي تحدث عن حالة الإرتداد في داخل الأمة،كما روت مصادر الحديث:-
1-البخاري في صحيحه بالإسناد إلى أبي وائل،قال:
قال عبد اللّه:
قال النبي صلى اللّه عليه و آله:
«أنا فرطكم على الحوض ليرفعن إلي رجال منكم حتى إذا أهويت لأناولهم إختلجوا دوني فأقول:أي ربي أصحابي،فيقول:لا تدري ما أحدثوا بعدك» (1).
2-صحيح البخاري:
عن أبي حازم قال:
سمعت سهل بن سعد يقول:
سمعت النبي صلى اللّه عليه و آله يقول:
«أنا فرطكم على الحوض من ورده شرب منه و من شرب منه لم يظمأ بعده أبدا،ليرد عليّ أقوام أعرفهم و يعرفوني ثم يحال بيني و بينهم» (2).
3-صحيح مسلم:
عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله أنّه قال:
«إني على الحوض حتى أنظر من يرد عليّ منكم و سيؤخذ أناس دوني فأقول:
يا رب!منّي و من أمتي،فيقال:ه.
ص: 41
أما شعرت ما عملوا بعدك،و اللّه ما برحوا بعدك يرجعون على أعقابهم» (1).
4-صحيح مسلم:
عن النبي صلى اللّه عليه و آله قال:
«أنا فرطكم على الحوض،و لأنازعنّ أقواما ثم لأغلبنّ عليهم فأقول:يا رب! أصحابي..أصحابي...
فيقال:إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك» (2).
5-صحيح مسلم:
عن النبي صلى اللّه عليه و آله قال:
«ليردنّ عليّ الحوض رجال ممن صاحبني حتى إذا رأيتهم و رفعوا إليّ،اختلجوا دوني،فلأقولنّ:أي رب أصحابي أصحابي،فليقالنّ لي:إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك» (3).
مستقبل الدعوة و الأمة لا يدخل ضمن اهتمامات الرسول صلى اللّه عليه و آله
و هذا يتناقض:
(1)مع الاعتقاد بخاتمية الرسالة الإسلامية و عالميتها.
(2)مع الإيمان بالجانب الرسالي في شخصية الرسول صلى اللّه عليه و آله.
(3)مع الواقع التاريخي الذي برهن على اهتمامات الرسول صلى اللّه عليه و آله بقضايا الرسالة المستقبلية...
ص: 42
و من الشواهد التاريخية على هذا الاهتمام:
«كان صلى اللّه عليه و آله على فراش الموت و قد ثقل مرضه،و هو يحمل همّ معركة كان قد خطط لها،و جهز جيش أسامة لخوضها،فكان يقول:
«جهّزوا جيش أسامة،أرسلوا بعث أسامة...و يكرر ذلك و يغمى عليه بين الحين و الحين» (1).
دوّنت هذه القضية أهم مصادر الحديث:-
1-صحيح البخاري:
وردت قضية الدواة و الكتف في عدة مواقع من صحيح البخاري:-
(آ)صحيح البخاري:
عن ابن عباس قال:
لما اشتد بالنبي صلى اللّه عليه و آله وجعه،قال:
إيتوني بكتاب،أكتب لكم كتابا لا تضلّوا بعده،قال عمر:
إنّ النبي صلى اللّه عليه و آله غلبه الوجع،و عندنا كتاب اللّه،حسبنا،فاختلفوا و كثر اللغط،قال:
قوموا عني و لا ينبغي عندي التنازع،فخرج ابن عباس يقول:
إنّ الرزية كل الرزية ما حال بين رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و بين كتابه (2).
(ب)صحيح البخاري:
عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أنّه قال:
يوم الخميس و ما يوم الخميس ثم بكى حتى خضب دمعه الحصباء،فقال:
ص: 43
اشتدّ برسول اللّه صلى اللّه عليه و آله وجعه يوم الخميس فقال:
إئتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلّوا بعده أبدا،فتنازعوا و لا ينبغي عند نبي تنازع،فقالوا:
هجر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله قال:
دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه» (1).
(ج)صحيح البخاري:
«عن سعيد بن جبير قال:
قال ابن عباس رضي اللّه عنهما:
يوم الخميس و ما يوم الخميس ثم بكى حتى بل دمعه الحصى،قلت:
يا ابن عباس و ما يوم الخميس،قال:
اشتدّ برسول اللّه صلى اللّه عليه و آله وجعه فقال:
ائتوني بكتف أكتب لكم كتابا لا تضلّوا بعده أبدا فتنازعوا و لا ينبغي عند نبي تنازع،فقالوا:
ماله أهجر استفهموه فقال:
«ذروني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه» (2).
(د)صحيح البخاري:
عن ابن عباس قال:
لما حضر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و في البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب، قال النبي صلى اللّه عليه و آله:
هلمّ أكتب لكم كتابا لا تضلّوا بعده.
فقال عمر:إنّ النبي صلى اللّه عليه و آله قد غلب عليه الوجع و عندكم القرآن، حسبنا كتاب اللّه.فاختلف أهل البيت فاختصموا منهم من يقول:ت.
ص: 44
قربوا يكتب لكم النبي صلى اللّه عليه و آله كتابا لن تضلّوا بعده و منهم من يقول ما قال عمر،فلما أكثروا اللغو و الإختلاف عند النبي صلى اللّه عليه و آله قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
قوموا،قال عبيد اللّه:
فكان ابن عباس يقول:
«إنّ الرزية كل الرزية ما حال بين رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و بين أن يكتب لهم الكتاب من اختلافهم و لغطهم» (1).
2-صحيح مسلم:
ذكرها بثلاث طرق:
آ-عن سعيد بن جبير قال:
قال ابن عباس:
يوم الخميس ما يوم الخميس ثم بكى حتى بل دمعه الحصى.فقلت:
يا ابن عباس ما يوم الخميس؟قال:
اشتدّ برسول اللّه صلى اللّه عليه و آله وجعه فقال:
«ائتوني أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعدي».
فتنازعوا و ما ينبغي عند نبي تنازع و قالوا:
ما شأنه؟أهجر،استفهموا قال صلى اللّه عليه و آله:
«دعوني فالذي أنا فيه خير» (2).
ب-عن طلحة بن مصرف عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:
يوم الخميس ما يوم الخميس،ثم جعل تسيل دموعه حتى رؤيت على خديه كأنها نظام اللؤلؤ،قال:ت.
ص: 45
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«ايتوني بالكتف و الدواة[اللوح و الدواة]أكتب لكم كتابا لن تضلّوا بعده أبدا».فقالوا:
إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يهجر (1).
ج-عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة عن ابن عباس قال:
«لما حضر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و في البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب،فقال النبي صلى اللّه عليه و آله:
هلمّ أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده.فقال عمر:
إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله قد غلب عليه الوجع و عندكم القرآن،حسبنا كتاب اللّه.
فاختلف أهل البيت فاختصموا،فمنهم من يقول:
قربوا يكتب لكم رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله كتابا لن تضلّوا بعده،و منهم من يقول ما قال عمر،فلمّا أكثروا اللغو و الإختلاف عند رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
قوموا» (1).
الإعتقاد بأنّ الأمة وحدها قادرة على احتواء الموقف بكل تناقضاته الحادة،بنحو
يحمي الدعوة من خطر الإنهيار،
و يصون المسيرة من منزلقات الإنحراف.
و هذا الإعتقاد غير وارد:-
(2)لأنّ خلو الساحة من قائد بمستوى النبي صلى اللّه عليه و آله يضع الأمة أمام صدمة عنيفة تفقدها القدرة على اتخاذ القرار الصائب.
ص: 46
(2)الأمة لم تكتمل صياغتها بالدرجة التي تؤهلها أن تمارس دورها بدون ترشيد و تخطيط من قبل القيادة المتمثلة في الرسول صلى اللّه عليه و آله.
(3)وجود مجموعة أخطار تهدد مستقبل الدعوة و الرسالة:
-التناقضات التي تعيش في داخل الأمة.
-طابور المنافقين المتستر.
-إرهاصات الإرتداد و ادعاءات النبوة التي بدأت تتحرك هنا و هناك.
من خلال ما مرّ من نقاط،يتّضح لنا فساد«الإحتمال الأول».
تفويض الإختيار إلى الأمة«مبدأ الشورى»:
هذا الاحتمال يفترض أنّ الرسول صلى اللّه عليه و آله قد منح الأمة صلاحية إختيار القيادة الفكرية و الروحية و السياسية التي ترعى المسيرة و تصون التجربة،و ذلك من خلال مبدأ الشورى.
و لنا حول هذا الاحتمال عدة مناقشات و إشكالات:-
عدم توافر النص الذي يدعم هذا الاتجاه:
فليس في الروايات التي بين أيدينا و المدونّة في مصادر الحديث المعتمدة ما يشير إلى ذلك،في حين أن المسألة في هذا الاتجاه لو كانت مطروحة من قبل الرسول صلى اللّه عليه و آله لكان لها وجود واضح في خطابات الرسول صلى اللّه عليه و آله و بياناته لتوافر الدواعي و الأسباب لذكرها و عدم إخفائها و مصادرتها:-
آ-فهي تخدم الإتجاه الذي تسلّم زعامة الأمة.
ص: 47
ب-حداثة هذا المبدأ في ذهنية الأمة مما يفرض توعية مكثفة و طرحا مركزا.
فغياب النص يلغي هذا الاحتمال تماما.
قد يقال بأنّ آيات الشورى التي وردت في القرآن تدعم هذا الاتجاه...
فأمامنا نصّان قرآنيان يتحدثان عن الشورى:-
النص الأول:
قوله تعالى:
فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللّهِ لِنْتَ لَهُمْ،وَ لَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ،فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَ شاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ،فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (1) .
النص الثاني:
قوله تعالى:
وَ الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَ أَقامُوا الصَّلاةَ،وَ أَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وَ مِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (2) .
فهل النصّان يطرحان«مبدأ الشورى»كصيغة سياسية لاختيار القيادة؟
نجيب عن هذا التساؤل ضمن النقاط التالية:-
1-النصان أجنبيان عن موضوع القيادة و الخلافة:
فالنص الأول توجيه للرسول صلى اللّه عليه و آله أن يدعو المسلمين إلى القتال بأسلوب المشاورة،مع تأكيد النص بأن الموقف مناط بعزم الرسول صلى اللّه عليه و آله و قناعاته لا بمشورة المسلمين،و قد برهنت حالات المشاورة على صوابية إختيار الرسول صلى اللّه عليه و آله كما حدث في غزوة بدر (3).
ص: 48
و أمّا النص الثاني فلا يستفاد منه أكثر من رجحان التشاور بين المؤمنين في أمورهم (1).
2-التشاور لا يمكن أن يكون في القضايا التي ورد فيها تحديد شرعي،فليس لأحد صلاحية في قبال تشريعات اللّه تعالى...
قال اللّه تعالى:
وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ (2) .
و قال تعالى:
وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ،وَ مَنْ يَعْصِ اللّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً (3) .
و مسألة الإمامة تدخل ضمن المساحة المحددة شرعا،كما سنثبت ذلك،فهي بالتالي تكون خارجة عن الدائرة التي تعالجها آيات الشورى...
3-قضية القيادة و الإمامة لا يمكن أن تناط بالأمة لعدة اعتبارات:-
آ-الإعتبار الشرعي:
حيث حددت النصوص مسألة الإمامة كما سنرى...
ب-الإعتبار الفكري:
حيث تمثل الإمامة«المرجعية»التي تموّن الأمة بالرؤى و الأفكار و التصورات و التشريعات،فلا يمكن أن يعطى للأمة صلاحية تحديدها و إختيارها.
ج-الإعتبار النفسي:
فقضية القيادة تملك حساسية كبيرة و تتأثر بانفعالات الناس و عواطفهم و توجهاتهم الفكرية و النفسية و إنتماءاتهم العقائدية و الإجتماعية و السياسية،فمن الصعب أن تترك لإختياراتهم.6.
ص: 49
د-الإعتبار العقلي:
فالأمة مهما توافرت على أعلى المستويات من النزاهة و الموضوعية و التحرر من المؤثرات الشعورية و اللاشعورية،فإنها تبقى محكومة للرؤية العقلية المحدودة العاجزة عن«إختيار الأصلح».
و يواجه صيغة الشورى إشكال«الغموض التشريعي»و نعني به عدم وضوح
المعالم التشريعية لهذه الصيغة،
فلا نملك بين أيدينا تحديدا تشريعيا لهذا المبدأ السياسي الجديد.
-معناه و حدوده و تفاصيله؟
-موازينه و مقاييسه و ضوابطه؟
-أدواته التنفيذية و وسائله التطبيقية؟
فالقول بأنّ الرسول صلى اللّه عليه و آله قد طرح هذا المبدأ و ألزم الأمة بتنفيذه يفرض:-
أولا:أن يقوم الرسول صلى اللّه عليه و آله بتحديد معالمه الواضحة.
ثانيا:أن يمارس صلى اللّه عليه و آله إعدادا فكريا و روحيا و سياسيا للتعاطي مع هذا المبدأ.
ثالثا:أن يهيء نماذج متعددة مؤهلة لتولي زعامة التجربة و قيادتها،و الإشراف على التشريع و تنفيذه.
فهل نجد في النصوص و الأحاديث المدوّنة في المصادر المعتمدة عند المسلمين ما يجيب عن تلك التساؤلات و يملأ تلك الفراغات؟
نقول بكل جزم أن النصوص لا تسعفنا في الإجابة،و لا نلمس من خلالها أي إشارة تحاول أن تعالج تلك الإبهامات و الإشكالات،و تنفي كل ألوان الغموض التي
ص: 50
تواجه نظام الشورى،كمبدأ سياسي يمس أخطر قضية في البنية الفكرية و الاجتماعية و السياسية.
الإشكالية الثالثة التي تواجه أطروحة الشورى أنّها لم تتوافر على أي لون من
ألوان التطبيق في واقع التجربة التي مارست السلطة و زعامة الأمة بعد الرسول صلى اللّه
عليه و آله.
و رغم أنّ الاتجاه الذي تولّى السلطة السياسية في هذه المرحلة هو صاحب التنظير لإطروحة الشورى إلاّ أنّنا لا نجد لها أيّ صدى في الممارسة العملية لاختيار القيادة و تعيين الزعامة.
1-المهاجرون و الأنصار الذين حضروا«اجتماع السقيفة»لم يفكروا إطلاقا بذهنية الشورى،بل لم يرد هذا المصطلح في الخطابات السياسية التي طرحت في ملتقى السقيفة،و هذا واضح من خلال المداولات و المناقشات و الممارسات التي طغت على أجواء هذا اللقاء السياسي الأول من نوعه في تاريخ المسلمين،و الذي تمخّض عنه اختيار أبي بكر للخلافة و قيادة المسيرة.
و إنّ قراءة متأنية في الأوراق التاريخية التي احتفظت لنا بالملفات الوثائقية لوقائع اجتماع السقيفة،تمنحنا القناعة بصحة الرؤية المطروحة من قبلنا.
2-الخليفة الأول أبو بكر حينما حدّد خليفته في زعامة المسلمين لم يتعاط مع نظام الشورى،حيث حكّم الضرورة السياسية في الإنفراد باتخاذ القرار في تعيين القيادة و السلطة بالنصّ المباشر على عمر بن الخطاب.
3-الخليفة الثاني عمر بن الخطاب أوكل أمر التعيين إلى ستة من الصحابة، ضمن شروط و ضوابط حدّدها لهم،و لم يجعل لبقية الأمة أيّ دور حقيقي في
ص: 51
الاختيار،بل كان يتمنى إدراك أحد رجلين ليسند إليه الأمر،فحينما طلب منه الناس الاستخلاف قال:
«لو أدركني أحد رجلين لجعلت هذا الأمر إليه،لوثقت به،سالم مولى أبي حذيفة،و أبي عبيدة بن الجراح،و لو كان سالم حيا ما جعلتها شورى» (1).
في ضوء ما أوردناه من ملاحظات و إشكالات نتجه إلى رفض(الاحتمال الثاني).
و للتعمّق أكثر في فهم هذا الاتجاه و مناقشاته يمكن قراءة الكتب التالية:-
(1)بحث حول الولاية للمفكر الإسلامي الكبير الشهيد السيد محمد باقر الصدر.
(2)السقيفة للحجة الشيخ محمد رضا المظفر.
(3)معالم المدرستين للبحاثة السيد مرتضى العسكري.
(4)السقيفة و الخلافة للأستاذ عبد الفتاح عبد المقصود.
النص و التعيين:
و هذا الاحتمال هو الذي يملك عناصر القبول و الاختيار:
أولا:لأنه الاحتمال المتعين بعد إلغاء الاحتمالين الآخرين،فالقسمة العقلية تحصر الاحتمالات في ثلاثة:-
آ-السلبية...
ب-التفويض للأمة...
ص: 52
ج-النص و التعيين...
فإذا سقط الاحتمالان الأول و الثاني بقي الاحتمال الثالث هو المتعين...
ثانيا:و لتوافر النصوص الصريحة(كما سنرى)الدالة على إمامة علي بن أبي طالب عليه السلام و الأئمة من ذريته عليهم السلام.
فمن خلال هذين العنصرين:-
الأول:الذي يؤكد صحة مبدأ النص و التعيين.
و الثاني:الذي يحدد المصاديق القيادية.
نخلص إلى النتيجة التالية و هي:
«أنّ الرسول صلى اللّه عليه و آله مارس دور التأصيل للمضمون القيادي،و اتخذ كل الإجراءات اللازمة لحمايته و ضمانة بقائه و ديمومته».
و سوف نتناول هذا الموضوع بالتفصيل في الفصل القادم إن شاء اللّه.
ص: 53
ص: 54
و من خلال هذا التأصيل:
1-تكرّس هذا المصطلح في ذهنية المسلمين.
2-و ترسخت دلالاته الروحية و العاطفية و الإيمانية في الواقع النفسي و الشعوري و الذهني للأمة.
و من خلاله تم وضع«أطروحة الإمامة»في داخل البنية الإسلامية الفكرية و الروحية و السياسية و الاجتماعية،و تمثّلت هذه الأطروحة في«زعامة الأئمة من أهل البيت عليه السلام»بعد الرسول صلى اللّه عليه و آله.
و في المرحلة الثانية بدأت حالة التجسيد العملي لاطروحة الإمامة حيث اتجه شطر من الأمة يمثله صحابة كبار إلى الالتزام بالنص الشرعي على إمامة أهل البيت عليهم السلام.
و بدأت المرحلة الثانية بعد وفاة الرسول صلى اللّه عليه و آله مباشرة.
بعد وفاة الرسول صلى اللّه عليه و آله مباشرة تحرّك في داخل الساحة الإسلامية اتجاهان حول مسألة الخلافة:
ص: 55
الاتجاه التعبدي:
هذا الاتجاه كان يؤمن:-
1-بالنص الصادر عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله حول إمامة علي بن أبي طالب عليه السلام.
2-و بوجوب التعبد بهذا النص.
ممثلو الاتجاه الأول:
و قد مثّل الاتجاه التعبدي نخبة من كبار الصحابة منهم:-
1-سلمان الفارسي.
2-أبو ذر الغفاري.
3-عمار بن ياسر.
4-المقداد.
5-أبو أيوب الأنصاري.
6-خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين.
7-أبو الهيثم بن التيهان.
الاتجاه الاجتهادي:
و هذا الاتجاه كان يرى إمكانية الاجتهاد في نصوص الإمامة و التصرف فيها، ما دامت المسألة خارج دائرة العبادات و الغيبيات.و قد اضطر هذا الاتجاه إلى تجميد اطروحة زعامة الإمام علي عليه السلام و إسناد السلطة إلى غيره حسب القرار الذي أنتجه«اجتماع السقيفة».
ص: 56
ممثلو هذا الاتجاه:
و قد مثّل هذا الاتجاه الاجتهادي الذي قدّر له أن يحكم و يتسلم زعامة السلطة، و يمتد في داخل الأمة عدد من الصحابة الكبار منهم:
1-أبو بكر.
2-عمر بن الخطاب.
3-عثمان بن عفان.
4-أبو عبيدة بن الجراح.
و للتعرف على المزيد من الإيضاحات حول:
-هذين الاتجاهين:التعبدي و الاجتهادي.
-أو هاتين المدرستين:مدرسة أهل البيت و مدرسة الخلفاء.
-أو هاتين الاطروحتين:الإمامة و السقيفة..
تقرأ الكتب التالية:
1-بحث حول الولاية للشهيد محمد باقر الصدر.
2-معالم المدرستين للسيد مرتضى العسكري.
3-السقيفة للشيخ محمد رضا المظفر.
من خلال الفهم لذي طرحناه حول مسألة الإمامة،و من خلال تحديد الاتجاه الذي تعاطى مع هذا الفهم يمكن أن نقول:
1-إنّ التشيع تجسيد لمبدأ الإمامة.
2-و إن التشيع نتاج طبيعي لحركة الدعوة.
3-و إن التشيع ولادة شرعية أنجبتها أحشاء الرسالة.
ص: 57
4-و إنّ التشيع تعبير أصيل لواقعية التجربة الإسلامية بما تحمله من طموحات كبيرة في استمرارية النمو الثوري و الحركة التغييرية..
يقول المفكر الإسلامي الكبير الشهيد محمد باقر الصدر:
«و هكذا وجد التشيع في إطار الدعوة الإسلامية متمثلا في الأطروحة النبوية التي وضعها النبي صلى اللّه عليه و آله بأمر من اللّه للحفاظ على مستقبل الدعوة.
و هكذا وجد التشيع لا كظاهرة طارئة على مسرح الأحداث بل كنتيجة ضرورية لطبيعة تكون الدعوة و حاجاتها و ظروفها الأصيلة التي كانت تفرض على الإسلام أن يلد التشيع.
و بمعنى آخر:كانت تفرض على القائد الأول للتجربة أن يعد قائدها الثاني، الذي تواصل على يده و يد خلفائه نموها الثوري،و تقترب نحو اكتمال هدفها التغييري في اجتثاث كل رواسب الماضي الجاهلي و جذوره،و بناء أمة جديرة على مستوى متطلبات الدعوة و مسؤولياتها» (1).
و هكذا ولدت الحالة الشيعية كجزء أصيل في مسيرة الرسالة،و كضرورة تحتمها حركة الدعوة.
و إن إلغاء هذه الحالة في جسم الرسالة،و في كيان الدعوة يعني عملية بتر و تشويه للبنية المتناسقة في هذا الجسم،و عملية استئصال لأجزاء حية أساسية في هذا الكيان،و محاولة خطيرة لتغيير المسار الطبيعي لحركة الإسلام،و تعطيل واضح لدور القيادة في مسيرة الأمة.
و نحن في فهمنا هذا للحالة الشيعية لا نصدر عن انفعالات مأسورة لتأثيرات انتمائية أو لضغوطات شعورية و لا شعورية و إنما هي القناعات الفكرية التي أنتجتها الرؤية المتأملة في الأدلة،و صاغتها حالة التعاطي الموضوعي مع النصوص.
أو بحسب تعبير الإمام شرف الدين في«مراجعاته»حيث قال:ت.
ص: 58
«إنّ تعبدنا في الأصول بغير المذهب الأشعري و في الفروع بغير المذاهب الأربعة،لم يكن لتحزّب أو لتعصّب و لا لريب في اجتهاد أئمة تلك المذاهب و لا لعدم عدالتهم و أمانتهم و نزاهتهم،و جلالتهم علما و عملا،لكن الأدلة الشرعية أخذت بأعناقنا إلى الأخذ بمذهب الأئمة من أهل بيت النبوة و موضع الرسالة،و مختلف الملائكة،و مهبط الوحي و التنزيل،فانقطعنا إليهم في فروع الدين و عقائده،و أصول الفقه و قواعده،و معارف السنة و الكتاب،و علوم الأخلاق و السلوك و الآداب،نزولا على حكم الأدلة و البراهين،و تعبدا بسنّة سيد النبيين و المرسلين صلى اللّه عليه و آله و عليهم أجمعين.
و لو سمحت لنا الأدلة بمخالفة الأئمة من آل محمد صلى اللّه عليه و آله،أو تمكنّا من تحصيل نية القربة للّه سبحانه في مقام العمل على مذهب غيرهم لقصصنا أثر الجمهور وقفونا أثرهم،تأكيدا لعقد الولاء،و توثيقا لعرى الإخاء،لكنها الأدلة القطعية تقطع على المؤمن وجهته و تحول بينه و بين ما يروم» (1).ن.
ص: 59
ص: 60
كانت البدايات الأولى لهذه المرحلة في عصر الإمام الباقر عليه السلام(الإمام الخامس من أئمة أهل البيت عليهم السلام:57-14 ه) (1)حيث توافرت الظروف الموضوعية الملائمة لطرح الأفكار التفصيلية التي تبنتّها مدرسة أهل البيت عليهم السلام.
و تنامت هذه الحركة التفصيلية في طرح الأفكار و المفاهيم و إبراز المعالم الواضحة لمدرسة الأئمة عليهم السلام في أيام الإمام الصادق عليه السلام(الإمام السادس من أئمة أهل البيت عليهم السلام:83-148 ه) (2).
توافرت المرحلة الثالثة على مجموعة أهداف،حاول الأئمة عليهم السلام من خلالها أن يعطوا لهذه المرحلة طابعها المتميز بالوضوح و الامتداد مما أنتج حالة نشطة في الحركة الانتمائية إلى خط أهل البيت عليهم السلام،بما يحمله هذا الخط من خصائص تجسّد المضمون الأصيل للرسالة.
و قد اعتمد الأئمة عليهم السلام في هذه المرحلة مسارين متوازيين:-
تأكيد الحالة الإسلامية العامة:
ص: 61
و يتجسد هذا المسار في الحفاظ على الهوية الإسلامية بكل عناصرها العامة، و تحصين الأمة في مواجهة أساليب التحريف و التمييع،و تأصيل المضامين التوحيدية في حركة المجتمع..
تأكيد الحالة الانتمائية الخاصة:
و يتجسّد هذا المسار في التوجه لبناء الكتلة الخاصة المنتمية إلى مدرسة الأئمة من أهل البيت عليهم السلام.
و من خلال هذا المسار أعطى الأئمة عليهم السلام للحالة الشيعية خصائصها المتميزة فكريا و روحيا و سياسيا...
و لا يشكل هذا المنحى حالة تناقضية مع المنحى الأول،و لا يمثل تكريسا للصيغة التجزيئية في حركة الأمة،فالأئمة عليهم السلام و هم يمارسون بناء«الكتلة الخاصة» أكّدوا على حقيقتين هامتين:-
الأولى:التأكيد على الصبغة الإسلامية الأصيلة في كل ما يطرحون من أفكار و مفاهيم و تصورات،و هذا يعطي«للجماعة الخاصة»إنتماءها المشدود إلى القرآن و السنة و إلى كل المرتكزات المشتركة في حركة الأمة.
الثانية:التأكيد على حالة التواصل و الانفتاح،و الحضور الدائم في داخل الأمة..
و هذا يجنّب«الجماعة المنتمية»النزعة الانعزالية الانزوائية،و يوفّر أجواء مفتوحة أمام الرؤى و التصورات الأصيلة التي يريد الأئمة عليهم السلام إيصالها إلى ذهنية الأمة.
و في ضوء المسار الثاني المتمثل في بناء«الكتلة الصالحة»يمكن أن نحدّد أهم أهداف المرحلة الثالثة ضمن النقاط التالية:
ص: 62
1-إيضاح المعالم التفصيلية.
2-إعداد الكوادر المؤهلة لحمل مسؤوليات هذه المرحلة.
3-توسيع القاعدة المنتمية إلى خط الأئمة من أهل البيت عليهم السلام.
و نحاول أن نتناول هذه الأهداف بشيء من التفصيل..
إيضاح المعالم التفصيلية:
إذا كان التشيع في المرحلة الأولى يمثل نظرية،و في المرحلة الثانية يمثل حالة تطبيقية لم تتوافر لها الظروف الموضوعية للوضوح و التجلي،فإنه في المرحلة الثالثة يمثل الحالة التطبيقية الواضحة في معالمها و أفكارها و أهدافها.
و لإبراز هذا الجانب نتناول مسألتين:
الأولى:مسألة الإمامة..
الثانية:مسألة الفقه و الحديث.
مسألة الإمامة:
هذه المسألة كانت تملك وضوحا منذ تمّ وضع(اطروحة الإمامة)في داخل البنية الإسلامية على يد الرسول صلى اللّه عليه و آله...
إلاّ أنّ الصيغة السياسية البديلة التي قدّر لها أن تحكم زعامة الأمة بعد الرسول صلى اللّه عليه و آله،قد جمّدت«اطروحة الإمامة»المتمثلة في زعامة الأئمة من أهل البيت عليهم السلام.
و من خلال هذا التجميد و الإلغاء،اختفت الكثير من معالم هذه الأطروحة، و بعثرت الأوراق الإثباتية التي كانت تملكها..
و قد تصدّى أئمة أهل البيت عليهم السلام و أتباعهم للدفاع عن هذه الأطروحة و الحفاظ على مستنداتها و وثائقها التاريخية..
ص: 63
و يمثل موقف التصدي و الدفاع عن مسألة الإمامة دورا مشتركا مارسه الأئمة من أهل البيت عليهم السلام و أتباعهم في كل المراحل التاريخية.
فمنذ اليوم الأول لتجميد أطروحة الإمامة عقب«قرار السقيفة»برزت مواقف التصدي و الدفاع،و سوف نتناول هذا الجانب-إن شاء اللّه-في موقع آخر من هذا الكتاب..
و لعل موقف الزهراء بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله،يمثل أبرز و أجرأ المواقف المتصدية لقرار السقيفة،حيث قالت:
بعد كلام طويل:ففرض اللّه الإيمان تطهيرا لكم من الشرك،و الصلاة تنزيها عن الكبر،و الصيام تثبيتا للإخلاص،و الزكاة تزييدا في الرزق،و الحج تسلية للدين، و العدل تنسكا للقلوب،و طاعتنا نظاما،و إمامتنا أمنا من الفرقة،و حبنا عزا للإسلام (1).
من خلال ما توافرت عليه هذه المرحلة من إمكانات ملائمة لطرح مفاهيم مدرسة أهل البيت عليهم السلام فقد حظيت مسألة الإمامة باهتمام كبير من قبل الأئمة عليهم السلام و أتباعهم،و الشواهد على هذا الاهتمام كثيرة نذكر منها:-
1-الأحاديث المكثفة الصادرة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام حول مسألة الإمامة.
2-الاحتجاجات العقائدية و المناظرات الكلامية التي مارستها الكوادر المنتمية إلى مدرسة أهل البيت عليهم السلام.
3-الكتابات حول مسألة الإمامة.
ص: 64
فقد أكد أئمة هذه المرحلة في أحاديثهم و كلماتهم على قضية الإمامة،للحفاظ على منطلقاتها الأصيلة في مسار الرسالة و حركة الدعوة و التصدي لمحاولات المصادرة التي ألغت خط الإمامة في واقع السلطة و في واقع الأمة..
و نضع بين يدي القارئ نماذج محدودة كعينات من النصوص الصادرة عن الأئمة عليهم السلام في هذه المرحلة:-
1-أحاديث صادرة عن الإمام الباقر عليه السلام.
2-أحاديث صادرة عن الإمام الصادق عليه السلام.
1-قال عليه السلام:
«إنّ الأئمة بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله كعدد نقباء بني اسرائيل،و كانوا اثني عشر،الفائز من والاهم،و الهالك من عاداهم» (1).
2-و قال عليه السلام:
«نحن اثنا عشر إماما،منهم حسن و حسين،ثمّ الأئمة من ولد الحسين عليه السلام» (2).
3-و قال عليه السلام:
«الأئمة بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله اثنا عشر،الثاني عشر هو القائم عليه السلام» (3).
4-و قال عليه السلام:
ص: 65
«تكون تسعة أئمة بعد الحسين بن علي تاسعهم قائمهم» (1).
5-و قال عليه السلام:
«إنّ اللّه عزّ و جل أرسل محمدا صلى اللّه عليه و آله إلى الجن و الإنس و جعل من بعده اثني عشر وصيا» (2).
ملاحظة:
في القسم الثاني من هذا الكتاب(الفصل الأول:المطلب الثاني)سوف نتناول -إن شاء اللّه-النصوص الصادرة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و التي أكّدت على عدد الأئمة الاثني عشر.
1-قال عليه السلام:
«الأئمة اثنا عشر...» (3).
2-و قال عليه السلام:
«نحن اثنا عشر مهديا» (4).
3-عن عبد اللّه بن أبي الهذيل سأل الإمام الصادق عليه السلام عن الإمامة في من تجب؟و ما علامة من تجب له الإمامة؟
فقال عليه السلام:
«إنّ الدليل على ذلك،و الحجة على المؤمنين،و القائم بأمور المسلمين و الناطق بالقرآن،و العالم بالأحكام،أخو نبي اللّه صلى اللّه عليه و آله،و خليفته على أمته،
ص: 66
و وصيه عليهم،و وليه الذي كان منه بمنزلة هارون من موسى،المفروض الطاعة بقول اللّه عزّ و جل:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (1) .
الموصوف بقوله عزّ و جلّ:
إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (2) المدعو إليه بالولاية،المثبت له الإمامة يوم غدير خم بقول الرسول صلى اللّه عليه و آله عن اللّه عزّ و جلّ:
«ألست أولى بكم من أنفسكم؟قالوا:بلى،قال:فمن كنت مولاه فعليّ مولاه،اللهم وال من والاه،و عاد من عاداه،و انصر من نصره،و اخذل من خذله،و أعن من أعانه».
ذلك علي بن أبي طالب،أمير المؤمنين،و إمام المتقين،و قائد الغرّ المحجلين، و أفضل الوصيين،و خير الخلق أجمعين بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله.
ثم الحسنان سبطا رسول اللّه،و ابنا خيرة النسوان،ثم علي بن الحسين،ثم محمد بن علي،ثم جعفر بن محمد،ثم موسى بن جعفر،ثم علي بن موسى،ثم محمد بن علي،ثم علي بن محمد،ثم الحسن بن علي،ثم ابن الحسن عليه السلام..
و هم عترة الرسول صلى اللّه عليه و آله،المعروفون بالوصية و الإمامة،لا تخلو الأرض من حجة،و الحجة على أهل الدنيا إلى أن يرث اللّه الأرض و من عليها،و كل من خالفهم ضال مضلّ تارك للحق و الهدى،و هم المعبرون عن القرآن،و الناطقون عن الرسول صلى اللّه عليه و آله بالبيان،و أنّ من مات و لا يعرفهم مات ميتة جاهلية، و دينهم الورع و العفة و الصدق،و الصلاح و الاجتهاد...» (3).ف.
ص: 67
ملاحظة:
في الفصل الثالث من هذا القسم تناول مفصّل لنصوص الإمامة من كتاب اللّه و كلام رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله...
في الفترة التي عاصرت هذه المرحلة من مراحل التشيع نشطت الحركة الكلامية بما زخرت به من حوارات و مناظرات عقائدية و مذهبية،أعطت للخلاف بين الفرق و المذاهب طابعا جديدا طغت عليه الصنعة الجدلية و العقلية.
و قد خاضت الكوادر التي أنتجتها مدرسة أهل البيت عليهم السلام في هذه المرحلة معركة الحوارات و المناظرات بما تملكه من مؤهلات علمية متميزة صاغتها الرعاية الخاصة التي مارسها الأئمة عليهم السلام في إعدد هذه الكوادر.
و نطرح مثالا واحدا من تلك المناظرات لواحد من كوادر مدرسة أهل البيت عليهم السلام و هو«هشام بن الحكم»
هشام بن الحكم من متكلمي الشيعة المتميزين بقوة البديهة و الحجة،كان مناظرا حاذقا،و محاورا جريئا،و مدافعا صلبا عن عقيدة الإمامة.
قال ابن النديم في الفهرست:
«هشام بن الحكم من متكلمي الشيعة،ممن فتق الكلام في الإمامة،و هذّب المذهب و النظر،و كان حاذقا بصناعة الكلام،حاضر الجواب» (1).
و قال الزركلي:
«هشام بن الحكم الشيباني بالولاء،الكوفي،أبو محمد:متكلم مناظر،كان شيخ الإمامية في وقته،ولد بالكوفة،و نشأ بواسط،و سكن بغداد،و كان حاضر الجواب،و صنف كتبا منها:"الإمامة"و"القدر"و"الشيخ و الغلام"و"الدلالات
ص: 68
على حدوث الأشياء"و"الرد على المعتزلة في طلحة و الزبير"و"الرد على الزنادقة" و"الرد على من قال بإمامة المفضول"» (1).
و قال الدكتور أحمد أمين:
«أما هشام بن الحكم فيظهر أنه أكبر شخصية شيعية في علم الكلام،كان من تلاميذ جعفر الصادق عليه السلام،و كان جدلا قوي الحجة،ناظر المعتزلة و ناظروه، و نقلت له في كتب الأدب مناظرات كثيرة تدل على حضور بديهته و قوة حجته» (2).
و قد وردت في حق هشام بن الحكم روايات مدح و ثناء من قبل الأئمة عليهم السلام:
قال الإمام الصادق عليه السلام:
«يا هشام لا زلت مؤيدا بروح القدس» (3).
و قال عليه السلام:
«هذا ناصرنا بقلبه و لسانه» (4).
و قال الإمام الرضا عليه السلام عنه:
«رحمه اللّه ما كان أذيه عن هذه الناحية» (5).
المناظرة بين هشام بن الحكم و زعيم المعتزلة:
يحدثّنا هشام بن الحكم عن المناظرة الكلامية التي دارت بينه و بين عمرو بن عبيد زعيم المعتزلة...
يقول هشام:6.
ص: 69
بلغني ما كان فيه عمرو بن عبيد و جلوسه في مسجد البصرة،و عظم ذلك عليّ، فخرجت إليه و دخلت البصرة يوم الجمعة،و أتيت مسجد البصرة،فإذا أنا بحلقة كبيرة،و إذا بعمرو بن عبيد عليه شملة سوداء مؤتزر بها من صوف،و شملة مرتدي بها،و الناس يسألونه،فاستفرجت الناس فأفرجوا لي،ثم قعدت في آخر القوم على ركبتي ثم قلت:أيّها العالم أنا رجل غريب أتأذن لي فأسألك عن مسألة؟
قال:سل.
قلت:ألك عين؟
قال:يا بني أي شيء هذا السؤال؟
فقلت:هذه مسألتي.
قال:سل و إن كانت مسألتك حمقى.
قلت:أجبني فيها.
فقال لي:سل.
فقلت:ألك عين؟
قال:نعم.
قلت:فما تصنع بها؟
قال:أرى بها الألوان و الأشخاص.
قلت:ألك أنف؟
قال:نعم.
قلت:فما تصنع به؟
قال:أشم به الرائحة.
قلت:ألك لسان؟
قال:نعم.
قلت:فما تصنع به؟
ص: 70
قال:أتكلم به.
قلت:ألك أذن؟
قال:نعم.
قلت:فما تصنع بها؟
قال:أسمع بها الأصوات.
قلت:ألك يدان؟
قال:نعم.
قلت:فما تصنع بهما؟
قال:أبطش بهما،و أعرف بهما اللين من الخشن.
قلت:ألك رجلان؟
قال:نعم.
قلت:فما تصنع بهما؟
قال:أنتقل بهما من مكان إلى مكان.
قلت:ألك فم؟
قال:نعم.
قلت:فما تصنع به؟
قال:أعرف به المطاعم و المشارب على اختلافها.
قلت:ألك قلب؟
قال:نعم.
قلت:فما تصنع به؟
قال:أميّز به كل ما ورد على هذه الجوارح.
قلت:أفليس في هذه الجوارح غنى عن القلب؟
قال:لا.
ص: 71
قلت:و كيف ذاك و هي صحيحة سليمة؟
قال:يا بني إنّ الجوارح إذا شكت في شيء شمته أو رأته أو ذاقته ردته إلى القلب،فيتيقن بها اليقين و أبطل الشك.
قلت:فإنّما أقام الله القلب لشك الجوارح؟
قال:نعم.
قلت:لا بد من القلب و إلاّ لم تستيقن الجوارح؟
قال:نعم.
قلت:يا أبا مروان إنّ الله تبارك و تعالى لم يترك جوارحك حتى جعل لها إماما يصحح لها الصحيح و ينفي ما شكت فيه،و يترك هذا الخلق كله في حيرتهم و شكهم و اختلافهم،لا يقيم لهم إماما يردون إليه شكهم و حيرتهم،و يقيم لك إماما لجوارحك ترد إليه حيرتك و شكّك..
قال:فسكت و لم يقل شيئا (1).
و تمثل هذه الظاهرة إحدى الدلالات التي عبرت عن اهتمام المرحلة الثالثة بمسألة الإمامة،ففي هذه المرحلة تحركت مجموعة فعاليات فكرية و ثقافية للدفاع عن قضية الإمامة و الحفاظ على نصوصها و أدلتها،و قد أنتجت المرحلة عدة مؤلفات تناولت مسألة الإمامة،و من أمثلتها:-
1-كتاب«الإمامة»
المؤلف:أبو جعفر محمد بن علي الكوفي الملقب(بمؤمن الطاق)و هو من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام.
ص: 72
2-كتاب«الإمامة»
المؤلف:الخليل بن أحمد النحوي العروضي(ت 160 أو 170 ه)و هو من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام.
3-كتاب«الإمامة»
المؤلف:هشام بن الحكم الكوفي(ت 179 ه)و هو من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام.
4-كتاب«الإمامة»
المؤلف:أبو جعفر السكاك(تلميذ هشام بن الحكم).
5-كتاب الإمامة:
المؤلف:أبو جعفر أحمد بن الحسين الصيقل الكوفي من أصحاب الإمامين الصادق و الكاظم عليهما السلام.
6-كتاب«الإمامة»
المؤلف:عبد اللّه بن مسكان و هو من أصحاب الإمام الكاظم عليه السلام.
7-كتاب«الإمامة»
المؤلف:أبو يوسف يعقوب بن نعيم الكاتب و هو من أصحاب الإمام الرضا عليه السلام..
الفقه و الحديث:
توافرت المرحلة الثالثة على مجموعة عوامل ساهمت في انتشار علوم آل محمد صلى اللّه عليه و آله،و من هذه العوامل:-
1-التزامن مع المرحلة التاريخية التي شهدت نهايات الدولة الأموية و بدايات الدولة العباسية،و تمتد هذه الفترة التاريخية من سنة(95 ه)حتى سنة(170 ه)،و قد عاصر هذه الفترة ثلاثة من أئمة أهل البيت عليهم السلام:
ص: 73
أ-الإمام الباقر عليه السلام(57-114 ه).
ب-الإمام الصادق عليه السلام(83-148 ه).
ج-الإمام الكاظم عليه السلام(128-183 ه) (1).
2-نمو الحركة العلمية بما أفرزته من انفتاحات فكرية على آفاق مدرسة أهل البيت عليهم السلام و علوم الأئمة عليهم السلام.
3-حركة التأليف و الكتابة:
و قد ساهمت الحركة الكتابية في الاحتفاظ بنتاجات مدرسة أهل البيت في شتى المجالات العقائدية و الفكرية و الفقهية و العلمية..
علامات بارزة:
و من الشواهد التي تؤكد حالة التميز لهذه المرحلة في مجالات الفقه و الحديث:-
قال الشيخ المفيد و هو يتحدث عن الإمام الصادق عليه السلام:
«فإنّ أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة عنه عليه السلام من الثقات على اختلافهم في الآراء و المقالات فكانوا أربعة آلاف رجل» (2).
و قال ابن شهرآشوب في المناقب:
«نقل عن الصادق عليه السلام من العلوم ما لا ينقل عن أحد،و قد جمع أصحاب الحديث أسماء الرواة من الثقات على اختلافهم في الآراء و المقالات و كانوا أربعة آلاف رجل» (3).
و قال الحسن الوشاء:
أدركت في هذا المسجد[مسجد الكوفة]تسعمائة شيخ كل يقول:
«حدثني جعفر بن محمد» (4).
ص: 74
و قال الطبرسي في أعلام الورى:
«و لم ينقل عن أحد من سائر العلوم ما نقل عنه.و إن أصحاب الحديث قد جمعوا أسامي الرواة عنه من الثقاة على اختلافهم من المقالات و الديانات فكانوا أربعة آلاف رجل (1).
و نصّ الشيخ شمس الدين محمد بن مكي الشهيد في أول الذكرى أنّه كتب من أجوبة مسائل أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام أربعة آلاف رجل من العراق و الحجاز و خراسان و الشام (2).
و قال المحقق الحلي في المعتبر:
«روى عن الصادق صلوات اللّه عليه ما يقرب أربعة آلاف رجل» (3).
و من العلامات البارزة في هذه المرحلة،وجود عدد من كبار أئمة الحديث و الفقه المنتمين إلى مختلف الفرق و المذاهب ضمن تلامذة الإمام الصادق عليه السلام،و من هؤلاء:
انقطع إلى مجلس الإمام الصادق عليه السلام طوال عامين قضاهما بالمدينة، و فيهما يقول:«لو لا السنتان لهلك النعمان» (4).
قال كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي في كتابه«مطالب السؤول»و هو يتحدث عن الإمام الصادق عليه السلام:
ص: 75
نقل عنه الحديث و استفاد منه العلم جماعة من الأئمة و أعلامهم مثل يحيى بن سعيد الأنصاري و ابن جريح و مالك بن أنس و الثوري و ابن عيينة و شعبة و أيوب و غيرهم (1).
و قال ابن حجر المكي في الصواعق المحرقة و هو يتحدث عن الإمام الصادق عليه السلام:
«و نقل الناس عنه من العلوم ماسارت به الركبان و انتشر صيته في جميع البلدان، و روى عنه الأئمة الكبار كيحيى بن سعيد و ابن جريح و مالك و السفياني و أبو حنيفة و شعبة...» (2).
و جاء في هوامش الصواعق:
«و له[للإمام الصادق]منزلة رفيعة في العلم،أخذ عنه جماعة،منهم الإمام أبو حنيفة و مالك،و لقب بالصادق لأنّه لم يعرف عنه الكذب قط،كان جريئا صدّاعا بالحق» (3).
و كان من روّاد مجلس الإمام الصادق عليه السلام و ممن نهلوا من علومه، و استفادوا من دروسه،كما صرح بذلك ابن طلحة الشافعي في كتابه(مطالب السؤول):
نقل عنه الحديث و استفاد منه العلم جماعة من الأئمة و أعلامهم مثل يحيى بن سعيد الأنصاري و ابن جريح و مالك بن أنس و الثوري و ابن عيينة و شعبة و أيوب و غيرهم (4).
ص: 76
و ابن حجر في كتابه(الصواعق المحرقة)،حيث قال:و نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان و انتشر صيته في جميع البلدان،و روى عنه الأئمة الأكابر كيحيى بن سعيد و ابن جريح و مالك و السفيانيين و أبي حنيفة و أيوب و السختياني (1).
و أكد ذلك الكثير من الباحثين و الدارسين و العلماء و الكتّاب.
ملاحظة:
الشافعي يعدّ من تلامذة مالك بن أنس،كما أن أحمد بن حنبل(إمام المذهب الحنبلي)يعدّ من تلامذة الإمام الشافعي و بناء على ذلك فإنّ الإمام الصادق عليه السلام يعتبر أستاذ الأئمة الأربعة.
و هو أحد الأعلام الكبار و من رؤساء المذاهب الفقهية التي لم يكتب لها الانتشار،و قد حضر مجلس الإمام الصادق و استفاد من علومه و روى حديثه كما صرح بذلك ابن حجر حيث قال:و نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان و انتشر صيته في جميع البلدان،و روى عنه الأئمة الأكابر كيحيى بن سعيد و ابن جريح و مالك و السفيانيين و أبي حنيفة و أيوب و السختياني (2).
و قال أسد حيدر:
«سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري أبو عبد الله الكوفي المتوفي سنة 161 ه، أحد الأعلام و من رجال الصحاح الستة،و رؤساء المذاهب البائدة،كان كثير التردد على الإمام الصادق،و له أخبار كثيرة يرويها عنه ابن داوود و الحلبي و الكشي» (3).
ص: 77
و في هذه المرحلة دونت«الأصول الأربعمائة»التي ضمت الأحاديث الصادرة عن الإمام الصادق عليه السلام في شتى المجالات العقائدية و الفقهية و مختلف العلوم الإسلامية.
فكان أصحابه عليه السلام و تلامذته إذا سمعوا منه حديثا بادروا إلى إثباته و تدوينه و كتابته،و بذلك استطاعوا أن يحتفظوا بجميع ما صدر عن الإمام عليه السلام من أحاديث و مسائل في عدة مصنفات سميت«بالأصول الأربعمائة».
قال الشيخ الطبرسي في(أعلام الورى):روى عن الصادق عليه السلام في أبوابه من مشهوري أهل العلم أربعة آلاف إنسان و صنف من جواباته في المسائل أربعمائة كتاب و هي معروفة بكتب الأصول،رواها أصحابه و أصحاب أبيه من قبله و أصحاب ابنه أبي الحسن موسى عليه السلام و لم يبق فن من فنون العلم إلا روي عنه فيه أبواب (1).
و قال المحقق الحلي في(المعتبر):
«كتبت من أجوبة مسائل جعفر بن محمد أربع مئة مصنف سموها أصولا» (2).
و قال الشهيد الأول في(الذكرى):
«انّه كتبت من أجوبة الإمام الصادق عليه السلام أربع مئة مصنف لأربع مئة مصنف» (3).
و قال الشيخ حسين بن عبد الصمد في(الدراية):
«قد كتبت من أجوبة مسائل الإمام الصادق عليه السلام فقط أربع مئة مصنف لأربع مئة مصنف تسمى الأصول في أنواع العلوم» (4).
ص: 78
و قال المحقق الداماد في(رواشحه):
«المشهور أنّ الأصول أربع مئة مصنف لأربع مئة مصنف من رجال أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام» (1).
و قال الشهيد الثاني في(شرح الدراية):
«استقر أمر المتقدمين على أربع مئة مصنف لأربع مئة مصنف سموها أصولا فكان عليها اعتمادهم» (2).
و قد اعتمدت«الأصول الأربعمائة»في إنجاز«موسوعات الحديث»الأولى عند الشيعة و هي:
(1)الكافي
المؤلف:ثقة الإسلام أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني المتوفى سنة 328 ه أو 329 ه.
عدد أحاديث الكتاب:(16099 حديثا)
(2)من لا يحضره الفقيه
المؤلف:محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي المعروف ب«الصدوق» المتوفى سنة 381 ه
عدد أحاديث الكتاب:(9044 حديثا).
(3)التهذيب
المؤلف:أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي المعروف ب«شيخ الطائفة»المتوفى سنة 460 ه.
ص: 79
عدد أحاديث الكتاب:(13590 حديثا).
(4)الاستبصار
المؤلف:شيخ الطائفة الطوسي عدد أحاديث الكتاب:(5511 حديثا)
و بعد الكتب الأربعة صدرت عدة موسوعات كبيرة للحديث عند الشيعة منها:-
(5)بحار الأنوار
المؤلف:العلامة المجلسي
المتوفى سنة 1111 ه
(6)الوافي
المؤلف:الفيض الكاشاني
المتوفى سنة 1091 ه
(7)وسائل الشيعة
المؤلف:الحر العاملي
المتوفى سنة 1104 ه
عدد أجزاء الكتاب:(20 جزءا)
(8)مستدرك الوسائل
المؤلف:العلامة النوري
المتوفى سنة 1320 ه
(9)العوالم
المؤلف:الشيخ عبد اللّه بن نور الدين البحراني(من معاصري العلامة المجلسي).
(10)جامع الأحكام
المؤلف:السيد عبد اللّه شبر
ص: 80
المتوفي سنة 1242 ه
(11)جامع أحاديث الشيعة
بإشراف السيد حسين البروجردي(ت 1380 ه).
إعداد الكوادر المؤهلة لحمل مسؤوليات المرحلة:
و نظرا لاتساع مسؤوليات هذه المرحلة فقد اتجه الأئمة عليهم السلام إلى بناء و إعداد كوادر بمستوى مسؤوليات و أهداف المرحلة.
و نحاول أن نستعرض نماذج لنمطين من كوادر هذه المرحلة:-
(1)كوادر الحديث و الفقه.
(2)كوادر المناظرة و علم الكلام.
1-أبان بن تغلب(ت 141 ه).
2-أبان بن عثمان(ت 200 ه).
3-أبو بصير الأسدي(ت 150 ه).
4-أبو حمزة الثمالي(ت 150 ه).
5-بريد العجلي(ت 150 ه).
6-بكير بن أعين(ت في حياة الإمام الصادق عليه السلام).
7-جابر بن يزيد الجعفي(ت 128 ه).
8-جميل بن دراج(ت في أيام الرضا عليه السلام).
9-حماد بن عثمان الكوفي(ت 190 ه).
10-حماد بن عيسى الكوفي(ت 209 ه).
ص: 81
11-زرارة بن أعين(ت 150 ه).
12-عبد اللّه بن مسكان(ت في أيام الإمام الكاظم عليه السلام).
13-الفضيل بن يسار(ت في أيام الإمام الصادق عليه السلام).
14-محمد بن مسلم الثقفي(ت 150 ه).
15-المعلى بن خنيس(ت في أيام الإمام الصادق عليه السلام).
16-معاوية بن عمار(ت 175 ه).
1-حمران بن أعين(من أصحاب الإمامين الباقر و الصادق عليهما السلام).
2-مؤمن الطاق محمد بن علي بن النعمان(من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام).
3-هشام بن الحكم الكوفي(من أصحاب الإمامين الصادق و الكاظم عليهما السلام).
4-المفضل بن عمر الكوفي(من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام).
5-فضال بن الحسن الكوفي(من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام).
6-قيس بن الماصر(من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام).
7-السكاك محمد بن خليل البغدادي(تلميذ هشام بن الحكم).
8-هشام بن سالم(من أصحاب الإمامين الصادق و الكاظم عليهما السلام).
9-أبو مالك الضحاك الحضرمي(أدرك الإمامين الصادق و الكاظم عليهما السلام).
10-يونس بن يعقوب(أدرك الأئمة:الصادق و الكاظم و الرضا عليهم السلام).
ص: 82
ملاحظة:
للإطلاع على تراجم هؤلاء الرجال يقرأ:-
1-رجال النجاشي.
2-رجال الطوسي.
3-معجم رجال الحديث للسيد الخوئي.
الاتساع و الإمتداد على مستوى الأمة:
و لكي نستوعب حجم النمو و الإمتداد في داخل الكتلة المنتمية إلى خط الأئمة من أهل البيت عليهم السلام نحاول أن نتابع الحركة الإمتدادية للحالة الإنتمائية منذ البدايات الأولى للتكوّن:
في عصر الرسالة كانت النواة الأولى لتكوّن الحالة الولائية،مجسّدة في نخبة من كبار الصحابة و هم:سلمان الفارسي،و أبو ذر الغفاري،و عمار،و المقداد.
كان التحدّي الأول للحالة الإنتمائية،هو الصيغة السياسية البديلة التي مارست السّلطة بعد وفاة الرسول صلى اللّه عليه و آله مباشرة،و جمّدت أطروحة الإمامة.
و واجهت الحالة الإنتمائية الموقف بوعي و بصيرة،فحافظت على رؤيتها و قناعاتها في زحمة تلك المتغيرات السياسية،و تعاطت مع الصيغة الحاكمة ضمن الحدود التي تفرضها مصلحة الرسالة.
و في ضوء هذا التعامل الواعي مع الصيغة الجديدة استطاعت الحالة الانتمائية أن تحافظ على وجودها،و أن تنفتح على أجواء الساحة بكل ما تحمله من رؤى سياسية تتنافى مع رؤيتها حول مفهوم القيادة.
ص: 83
و في أيام الخلافة التي مارس فيها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام زعامة السلطة السياسية توافرت أجواء موضوعية ملائمة أعطت لحالة الولاء و الإنتماء بداية الإنطلاق و النمو و الحركة.
و لمّا جاء دور الإمام الحسن بن علي عليهما السلام،كانت الأوضاع السياسية في السّاحة الإسلامية تتحرك في إتجاه الضغط و المصادرة لحالة الإنتماء و الولاء لأهل البيت عليهم السلام من خلال العنف السياسي و الحصار الاجتماعي و أساليب التصفية و الإبادة.
فكان الموقف في ظل هذه الأوضاع المضادة أن يتحرك الإمام الحسن عليه السلام لحماية«الكتلة الخاصة»للاحتفاظ بخط الأصالة في داخل الأمة،و إعداد الحالة الانتمائية لمرحلة تكون فيها أقدر على التصدي و المواجهة..و لعل هذا أحد مبررات الصلح و أهدافه.
و تستمر حالة«الإنتماء»متجاوزة كل المعوقات الفكرية و السياسية و الاجتماعية.
و تأتي ثورة الإمام الحسين عليه السلام فتعطي«للحالة الولائية و الإنتمائية» أقصى مستويات الفاعلية و الحركية و تمنحها أعلى درجات الحرارة و الثورية.
و قد أنتجت المتغيرات الفكرية و النفسية و السّياسية التي أفرزتها الثورة الحسينية في الساحة الإسلامية أبعادا جديدة و آفاقا كبيرة دفعت بالحركة الإنتمائية إلى مواقع متقدمة،و فتحت لها مسارات واسعة للنمو و الإمتداد و الترسّخ،و أفرغت في داخلها روح الثورية و التحدي و الصمود،و عمّقت في وجدانها مضامين الجهاد و قيم الاستشهاد.
ص: 84
و يواصل الأئمة من أهل البيت عليهم السلام عملية الصياغة و البناء«للحالة الإنتمائية»و ترشيدها عقائديا و فكريا،و روحيا،و سياسيا و اجتماعيا.
و في عصر الإمامين الباقر و الصادق عليهما السلام تنامت الممارسات البنائية و الترشيدية للحالة الانتمائية نتيجة لتوافر ظروف موضوعية هيأت لتلك الممارسات أجواء فاعلة.
و في ظل هذه الأجواء اتجهت المرحلة الثالثة إلى تجذير حالة الإنتماء في عمق القاعدة الجماهيرية،من خلال:-
1-التأصيل العقائدي و الفكري و الروحي في داخل«الكتلة المنتمية».
2-البناء العملي المتميز لإعطاء«الجماعة المنتمية»هويتها الواضحة،و معالمها التفصيلية البارزة.
3-تحريك الحالة الانتمائية لتمثل امتدادا و اتساعا و نموا في داخل الأمة.
ص: 85
ص: 86
القسم الأوّل
الإمامة من خلال النصوص و الأحاديث
المبحث الأول:
منظومات النصوص و الأحاديث
المبحث الثاني:
كيف عالجت مدرسة الخلفاء نصوص الإمامة
المبحث الثالث:
المصادرة التاريخية لمواقع أهل البيت عليهم السلام في حياة الأمة
ص: 87
ص: 88
المنظومة الأولى:
النصوص المباشرة
المنظومة الثانية:
الدلالة الإلتزامية
المنظومة الثالثة:
المؤشرات العامة
ص: 89
ص: 90
المجموعة الأولى:نصوص الولاية
المجموعة الثانية:نصوص الخلافة
المجموعة الثالثة:نصوص الإمامة
المجموعة الرابعة:نصوص الوصية
المجموعة الخامسة:نصوص الوراثة
ص: 91
ص: 92
قوله تعالى في سورة(المائدة):
إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (1) .
أكدت أكثر كتب التفسير على نزول هذه الآية في الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام و ذلك عندما تصدق بخاتمه و هو راكع في صلاته.
«روي عن أبي ذر رضي اللّه عنه قال:
صليت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يوما صلاة الظهر،فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد،فرفع السائل يده إلى السماء و قال:
اللهم اشهد أنّي سألت في مسجد الرسول صلى اللّه عليه و آله فما أعطاني أحد شيئا،و علي عليه السلام كان راكعا،فأومأ إليه بخنصره اليمنى و كان فيها خاتم،فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم بمرأى النبي صلى اللّه عليه و آله فقال:
ص: 93
«اللهم إنّ أخي موسى سألك فقال:
رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (1) إلى قوله وَ أَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (2)فأنزلت قرآنا ناطقا سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَ نَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً (3)اللهم و أنا محمد نبيك و صفيك فاشرح لي صدري و يسّر لي أمري و اجعل لي وزيرا من أهلي عليا أشدد به ظهري».
قال أبو ذر:فو اللّه ما أتمّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله هذه الكلمة حتى نزل جبريل فقال:
يا محمد اقرأ: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (4).
قال في تفسيره للآية من سورة المائدة:
«و إنّها نزلت في عليّ كرّم اللّه وجهه حين سأله سائل و هو راكع في صلاته فطرح له خاتمه كأنه كان مرجا في خنصره فلم يتكلف لخلعه كثير عمل تفسد بمثله صلاته.
(فإن قلت)كيف صحّ أن يكون لعلي رضي اللّه عنه و اللفظ لفظ جماعة؟
(قلت)جيء به على لفظ الجمع و إن كان السبب به رجلا واحدا ليرغب الناس في مثل فعله فينالوا مثل ثوابه و لينبه على أن سجية المؤمنين يجب أن تكون على هذه الغاية من الحرص على البر و الإحسان و تفقد الفقراء حتى إن لزمهم أمر لا يقبل التأخير و هم في الصلاة لم يؤخروه إلى الفراغ منها» (5).
«و أخرج الخطيب في المتفق عن ابن عباس قال:
ص: 94
تصدق علي عليه السلام بخاتمه و هو راكع فقال النبي صلى اللّه عليه و آله للسائل:
من أعطاك هذا الخاتم؟قال:
ذاك الراكع،فأنزل اللّه إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ (1).
عن عمار بن ياسر قال:
وقف على عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه سائل و هو راكع في تطوع فنزع خاتمه فأعطاه السائل فأتى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فأعلمه بذلك فنزلت على رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله هذه الآية إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ، فقرأها رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله،ثم قال:
من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه (2).
عن عتبة بن أبي حكيم،إن الآية إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ، نزلت في علي بن أبي طالب حين تصدق بخاتمه (3).
ذكر عند الآية إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ، أنه مرّ على علي بن أبي طالب عليه السلام سائل و هو راكع في المسجد فأعطاه خاتمه (4).
ص: 95
عن سلمة بن كهيل،قال:
تصدق علي بن أبي طالب عليه السلام بخاتمه و هو راكع،فنزلت إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (1).
عن أنس بن مالك أن سائلا أتى المسجد،و هو يقول:
من يقرض الملي الوفي،و علي عليه السلام راكع،يقول بيده خلفه للسائل،أي اخلع الخاتم من يدي،قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
يا عمر وجبت،قال:
بأبي أنت و أمي يا رسول اللّه ما وجبت؟قال:
وجبت له الجنة و اللّه ما خلعه من يده حتى خلعه اللّه من كل ذنب و من كل خطيئة،قال:
فما خرج أحد من المسجد حتى نزل جبرائيل عليه السلام بقوله عز و جل:
إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ. فأنشأ حسان بن ثابت يقول:
أبا حسن تفديك نفسي و مهجتي و كل بطيء في الهدى و مسارع
أيذهب مدحيك المحير ضايعا و ما المدح في ذات الإله بضايع
فأنت الذي أعطيت إذ أنت راكع فدتك نفوس القوم يا خير راكع
بخاتمك الميمون يا خير سيد و يا خير شار ثم يا خير بايع
فأنزل فيك اللّه خير ولاية فأثبتها في محكمات الشرايع (2)
ص: 96
ذكر أن الآية إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ نزلت في علي عليه السلام حين سأله سائل و هو راكع في صلاته فطرح له خاتمه كأنه كان مرجا في خنصره فلم يتكلف لخلعه كثير عمل يفسد صلاته (1).
عن غالب بن عبيد اللّه،قال:
سمعت مجاهدا يقول في قوله إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام،تصدق و هو راكع (2).
و نشير هنا إلى بعض المصادر التي دونت هذا الحديث:-
1-البيضاوي:طوالع الأنوار ج 1 ص /586ط.مصر.
2-القوشجي:شرح التجريد ص /328ط.مصر.
3-الواحدي:أسباب النزول ص /113ط.بيروت.
4-الزرندي:نظم درر السمطين ص /86ط.النجف.
5-الحاكم الحسكاني:شواهد التنزيل ج 1 ص /161ط.بيروت.
6-البلاذري:أنساب الأشراف ج 2 ص /150ط.بيروت.
7-المتقي الهندي:كنز العمال ج 13 ص /108ط.حلب.
8-علاء الدين الخازن في تفسيره ج 2 ص /67ط.بيروت.
9-الطبري:الرياض النضرة ج 3 ص /208ط.بيروت.
10-البغدادي:زاد المسير ج 2 ص /292ط.بيروت.
ص: 97
11-البغوي:معالم التنزيل ج 2 ص /47ط.بيروت.
12-البيضاوي:أنوار التنزيل ج 2 ص /156ط.تركيا.
13-الملا علي القاري:مرقاة المفاتيح ج 1 ص /457ط.بيروت.
14-ابن حبان:البحر المحيط ج 4 ص /301ط.بيروت.
15-الشبلنجي:نور الأبصار ص /77ط.المكتبة الشعبية.
16-ابن عساكر:تاريخ ابن عساكر:ترجمة علي عليه السلام ج 2 ص /410 ط.بيروت.
17-السيوطي:الحاوي للفتاوى ج 1 ص /119ط.بيروت.
18-الشوكاني:فتح القدير ج 2 ص /78ط.بيروت.
19-الطبري:ذخائر العقبى ص /102ط.بيروت.
20-السبط بن الجوزي:تذكرة الخواص ص /24ط.بيروت.
21-ابن أبي الحديد:شرح نهج البلاغة ج 13 ص /277ط.بيروت.
22-ابن الصباغ المالكي:الفصول المهمة ص /122ط.بيروت.
23-المتقي الهندي:منتخب كنز العمال ج 5 ص /38ط.المكتب الإسلامي.
24-البخاري:فتح البيان ج 3 ص /453ط.بيروت.
25-الخوارزمي:المناقب ص /200ط.قم.
26-الكلبي:التسهيل لعلوم التنزيل ج 1 ص /181ط.مصر.
27-ابن طلحة الشافعي:مطالب السؤول ص /31مخطوط.
الاستدلال بهذا النص على الإمامة يعتمد على مقدمتين:-
الأولى:إثبات نزول النص في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.
الثانية:إثبات أن لفظ«الولي»يحمل مدلول الإمامة.
ص: 98
و قد تكفلت مصادر التفسير و الحديث بإثبات المقدمة الأولى و نحاول هنا تناول المقدمة الثانية من خلال النقاط التالية:-
(1)-النص أثبت الولاية للّه عز و جل و للرسول صلى اللّه عليه و آله و لعلي بن أبي طالب عليه السلام بناء على ما أثبتته المقدمة الأولى من أنه عليه السلام هو المعني بقوله تعالى: اَلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (1).
(2)الولي في اللغة يحمل عدة معاني:
-مالك الأمر و الأولى بالتصرف.
-الناصر.
-المحب.
-الصديق.
-الحليف.
الوارث.
-إلى آخر المعاني التي تدونها كتب اللغة (2).
(3)المعنى المناسب لهذا النص هو المعنى الأول«مالك الأمر و الأولى بالتصرف» أي من له صلاحية الولاية على أمور الناس و الأولى بها منهم.
و دليلنا على ذلك:-
أولا:إنّ إعطاء«الولي»معنى آخر لا ينسجم مع دلالة الحصر الوارد في هذا النص،فتصدير الآية ب«إنّما»و هي من أقوى أدوات الحصر يفيد بأن«الولاية»هنا من اختصاص الله عز و جل،و رسوله صلى اللّه عليه و آله و علي بن أبي طالب عليه السلام،و كل المعاني الأخرى لا تتلائم مع هذه الصيغة الحصرية.ت.
ص: 99
ثانيا:القرائن اللفظية و الحالية التي تزامنت مع أجواء النص تؤكد المعنى الذي اخترناه في تفسير هذا النص.
لو رجعنا إلى ما أوردته كتب التفسير في أسباب نزول النص،و قرأنا ذلك قراءة متأنية،و استوعبنا مفردات النص و أجوائه الخاصة لا تضح لنا أنّ النص يتحدث عن ولاية«ذات صفة قيادية».
-دعاء رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله بما يحمله من دلالة واضحة على إعطاء علي عليه السلام موقعا متميزا على نسق الموقع الذي أعطي لهارون عليه السلام.
ثالثا:لقد ثبت عن الأئمة من أهل البيت عليهم السلام و هم حجتنا في فهم القرآن و نصوصه،أنّهم عليهم السلام احتجوا بهذا النص في مقام إثبات الإمامة.
روى الحسين بن أبي العلاء قال:
ذكرت لأبي عبد اللّه الصادق قولنا في الأوصياء أنّ طاعتهم مفترضة؟
قال عليه السلام:«نعم هم الذين قال اللّه عز و جل:
أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (1) .
و هم الذين قال اللّه عز و جل:
إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (2) .
و ذكر القندوزي الحنفي في(ينابيع المودة)أنّ عليا عليه السلام قال لجماعة من المهاجرين و الأنصار في مسجد الرسول صلى اللّه عليه و آله في أيام خلافة عثمان بن عفان:
«أنشدكم اللّه أتعلمون حيث نزلت: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ.ن.
ص: 100
و حيث نزلت:
إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ.
و أمر اللّه عز و جل نبيه أن يعلمهم ولاة أمرهم و أن يفسر لهم من الولاية كما فسّر لهم من صلاتهم و زكاتهم و حجهم فنصبني للناس بغدير خم،فقال:
يا أيها الناس أتعلمون أن اللّه عز و جل مولاي و أنا مولى المؤمنين،و أنا أولى بهم من أنفسهم،قالوا:
بلى يا رسول اللّه،فقال آخذا بيدي:من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه...
فقام سلمان و قال:
يا رسول اللّه ولاء علي ماذا؟
قال:
ولاؤه كولائي من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه» (1).
(4)قد يقال إنّ النص بصيغة الجمع فكيف أطلق على الإمام علي و هو مفرد.
و الجواب:إنّ هذا الاستعمال وارد في لغة العرب و في القرآن شواهد على ذلك.
1-قوله تعالى:
اَلَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إِنَّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَ قالُوا حَسْبُنَا اللّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ (2) .
و قد أجمع المفسرون على أن القائل هو«نعيم بن مسعود الأشجعي»وحده، فأطلق اللّه سبحانه عليه لفظ(الناس)و هو مفرد (3).ت.
ص: 101
2-قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ،فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ (1) .
ذكر المفسرون أن الذي بسط يده إليهم رجل واحد من بني محارب يقال له «غورث»و قيل هو«عمرو بن جحاش»من بني النضير (2).
3-في آية المباهلة(الآية 61 من سورة آل عمران)أطلق اللّه سبحانه لفظ«الأبناء» على الحسن و الحسين عليهما السلام و لفظ«النساء»على الزهراء فاطمة عليها السلام، و لفظ«الأنفس»على علي بن أبي طالب عليه السلام كما أجمعت على ذلك كتب التفسير و الأخبار (3).
برواية الصحابي البراء بن عازب:
روى الإمام أحمد بن حنبل في مسنده عن البراء بن عازب قال:«كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة و كسح لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله تحت شجرتين فصلى الظهر و أخذ بيد علي رضي اللّه عنه فقال:
ص: 102
ألستم تعلمون أنّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟
قالوا:بلى.
قال:ألستم تعلمون أنّي أولى بكل مؤمن من نفسه؟
قالوا:بلى.
فأخذ بيد علي فقال:
من كنت مولاه فعلي مولاه،اللهم وال من والاه و عاد من عاداه.
قال:فلقيه عمر بعد ذلك فقال له:
هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت و أمسيت مولى كل مؤمن و مؤمنة» (1).
برواية الصحابي زيد بن أرقم:
روى أحمد بن حنبل في مسنده عن زيد بن أرقم قال:
«كنّا بالجحفة (2)فخرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله إلينا ظهرا و هو آخذ بعضد علي رضي اللّه تعالى عنه فقال:
يا أيّها الناس ألستم تعلمون أنّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟
قالوا:بلى.
قال:فمن كنت مولاه فعلي مولاه» (3).
ص: 103
و روى الحاكم في المستدرك عن زيد بن أرقم قال:
«لمّا رجع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله من حجة الوداع و نزل غدير خم أمر بدوحات فقممن فقال:
كأنّي قد دعيت فأجبت إنّي قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب اللّه تعالى و عترتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما،فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض،ثم قال:
إنّ اللّه عز و جل مولاي و أنا مولى كل مؤمن،ثم أخذ بيد علي رضي اللّه عنه فقال:من كنت مولاه فهذا وليه،اللهم وال من والاه و عاد من عاداه.
(قال الحاكم بعد ذكر الحديث):
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه» (1).
المنصور باللّه في هداية العقول:
عن زيد بن أرقم:
«لمّا صدر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله من حجة الوداع نهى أصحابه عن سمرات[نوع من الشجر]متفرقات بالبطحاء أن ينزلوا تحتهن ثم بعث إليهنّ فقم ما تحتهن من الشوك و عمد إليهنّ فصلى عندهنّ ثم قام فقال:
يا أيّها الناس إنّه قد نبأني اللطيف الخبير أنّه لم يعمّر نبي إلا نصف عمر الذي يليه من قبله،و إنّي لأظن يوشك أن أدعى فأجيب،و إني مسؤول و أنتم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون؟
قالوا:
ص: 104
نشهد أنّك قد بلّغت و جهدت و نصحت فجزاك اللّه خيرا،قال:
أليس تشهدون أن لا إله إلا اللّه،و أنّ محمدا عبده و رسوله،و أنّ جنته حق و ناره حق و أنّ الموت حق و أنّ البعث حق بعد الموت،و أنّ الساعة آتية لا ريب فيها و أنّ اللّه يبعث من في القبور.
قالوا:بلى نشهد بذلك.
قال:اللهم اشهد.
ثم قال:
يا أيّها الناس إنّ اللّه مولاي و أنا مولى المؤمنين،و أنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا مولاه يعني عليا رضي اللّه عنه،اللهم وال من والاه و عاد من عاداه..» (1).
روى النسائي الشافعي في(خصائص أمير المؤمنين)عن سعد بن أبي وقاص
قال:
كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله بطريق مكة و هو متوجه إليها فلما اجتمع الناس إليه،قال:
أيها الناس من وليكم؟
قالوا:اللّه و رسوله-ثلاثا- ثم أخذ بيد علي فأقامه،ثم قال:
من كان اللّه و رسوله وليه فهذا وليه،اللهم وال من والاه و عاد من عاداه (2).
ص: 105
ذكر الحلبي في السيرة الحلبية:
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله،قال:
ألست أولى بكم من أنفسكم ثلاثا،ثم رفع يد علي و قال:
من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه و أحب من أحبه و أبغض من أبغضه و انصر من نصره و أعن من أعانه و أخذل من خذله و أدر الحق معه حيث دار (1).
روى الخطيب في تاريخ بغداد:
عن أبي هريرة،قال:
من صام يوم ثمان عشرة من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهرا،و هو يوم غدير خم لما أخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله بيد علي بن أبي طالب عليه السلام،فقال:
ألست أولى بالمؤمنين؟
قالوا:بلى يا رسول اللّه.
قال:من كنت مولاه فعلي مولاه.فقال عمر بن الخطاب:
بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي و مولى كل مسلم (2).
روى حذيفة بن أسيد قال:
«سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يقول يوم غدير خم:
ص: 106
اللهم من كنت مولاه فعليّ مولاه،اللهم وال من والاه و عاد من عاداه، و انصر من نصره و أعن من أعانه» (1).
جاء في الصواعق المحرقة لابن حجر:
أن النبي صلى اللّه عليه و آله قال يوم غدير خم:
«من كنت مولاه فعليّ مولاه،اللهم وال من والاه و عاد من عاداه،و أحب من أحبه،و ابغض من ابغضه،و انصر من نصره و اخذل من خذله،و أدر الحق معه حيث دار».
و قال ابن حجر حول حديث الغدير:
«إنّه حديث صحيح لا مرية فيه،و قد أخرجه جماعة كالترمذي،و النسائي، و أحمد و طرقه كثيرة جدا،و من ثم رواه ستة عشر صحابيا،و في رواية لأحمد أنّه سمعه من النبي صلى اللّه عليه و آله ثلاثون صحابيا و شهدوا به لعلي لما نوزع أيام خلافته،...و كثيرا من أسانيدها صحاح و حسان،و لا التفات لمن قدح في صحته....» (2).
الرازي في مفاتح الغيب:
ذكر أن الآية: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ إِنَّ اللّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (3)نزلت في
ص: 107
فضل علي بن أبي طالب عليه السلام لما نزلت هذه الآية أخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله بيده،و قال:
من كنت مولاه فعلي مولاه،اللهم وال من والاه و عاد من عاداه.
فلقيه عمر،فقال:
هنيئا لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي و مولى كل مؤمن و مؤمنة (1).
الصيغة المطلقة:
قال الرسول صلى اللّه عليه و آله:
«من كنت مولاه فعلي مولاه» (2).
1-ابن عساكر:تاريخ ابن عساكر ترجمة علي عليه السلام ج 2 ص /5ط.
بيروت.
2-ابن المغازلي:المناقب ص /31ط.بيروت.
3-ابن كثير:تفسير القرآن ج 2 ص /15ط.بيروت.
4-الالوسي:روح المعاني ج 4 ص /282ط.بيروت.
5-السيوطي:تاريخ الخلفاء ص /169ط.مصر.
6-السيوطي:الحاوي للفتاوي ج 1 ص /106ط.بيروت.
7-المحاملي:الآمالي ص /85ط.الأردن.
8-الطبري:ذخائر العقبى ص /67ط.القاهرة.
ص: 108
9-الذهبي:التلخيص ج 3 ص /109ط.بيروت.
10-اليعقوبي:تاريخ اليعقوبي ج 1 ص /422ط.بيروت.
11-أحمد القيسي:شرح هاشميات الكميت ص /197ط.بيروت.
12-الصبان:اسعاف الراغبين ص /111مخطوط.
13-البلاذري:أنساب الأشراف ج 2 ص /111ط.بيروت.
14-ابن كثير:البداية و النهاية ج 5 ص /209ط.بيروت.
15-ابن عبد ربه:الاستيعاب ج 3 ص /1098ط.بيروت.
16-المناوي:الكواكب الدرية ج 1 ص /69ط.القاهرة.
17-محمد رشيد رضا:المنار ج 6 ص /464ط.بيروت.
18-أحمد بن حنبل:العلل و معرفة الرجال ج 3 ص /262ط.الرياض.
19-النيسابوري:ثمار القلوب ج 2 ص /906ط.بيروت.
20-السيوطي:الجامع الصغير ج 2 ص /66ط.بيروت.
21-السمهودي:جواهر العقدين ص /236ط.بيروت.
22-مصطفى الشكعة:إسلام بلا مذاهب ص /170ط.مصر.
23-المناوي:كنوز الحقائق ج 2 ص /118ط.بيروت.
24-القسطلاني:شرح المواهب اللدنية ج 7 ص /13ط.مصر.
25-ابن صباغ المالكي:الفصول المهمة ص /40ط.بيروت.
26-النسائي:فضائل الصحابة ص /15ط.بيروت.
27-الذهبي:ميزان الاعتدال ج 3 ص /294ط.بيروت.
28-السيوطي:الدر المنثور ج 2 ص /293ط.بيروت.
29-الهيثمي:مجمع الزوائد ج 9 ص /129ط.بيروت.
30-الخوارزمي:المناقب ص /156ط.قم.
31-البغوي:مصابيح السنة ج 4 ص /172ط.بيروت.
ص: 109
32-الترمذي:نوادر الأصول ص /289ط.بيروت.
33-ابن طلحة الشافعي:مطالب السؤول ص /4مخطوط.
34-الشاشي:المسند ج 1 ص /166ط.المدينة المنورة.
35-الخوارزمي:مقتل الحسين ج 1 ص /47ط.ايران.
36-المتقي الهندي:منتخب كنز العمال ج 5 ص /30ط.المكتب الإسلامي.
37-اليافعي:مرآة الجنان ص /143ط.بيروت.
38-البيضاوي:طوالع الأنوار ج 1 ص /585ط.مصر.
39-البيهقي:الاعتقاد على مذهب السلف ص /217ط.بيروت.
40-الصفار:بصائر الدرجات ص /88ط.بيروت.
41-الطبراني:المعجم الأوسط ج 3 ص /69ط.الرياض.
42-النسائي:السنن ج 5 ص /130ط.بيروت.
43-النسائي:خصائص علي عليه السلام ص /43ط.ايران.
44-ابن خلدون:المقدمة ص /246ط.بيروت.
45-البدخشاني:نزل الأبرار ص /54ط.بيروت.
46-الشهرستاني:الملل و النحل ج 1 ص /163ط.بيروت.
47-القندوزي:ينابيع المودة ج 1 ص /33ط.النجف.
48-المناوي:فيض القدير ج 4 ص /358ط.بيروت.
49-الشبلنجي:نور الأبصار ص /78ط.المكتبة الشعبية.
50-الزرندي:نظم درر السمطين ص /93ط.النجف.
51-التبريزي:مشكاة المصابيح ج 3 ص /1720ط.بيروت.
52-الآمدي:غاية المرام ص /375ط.القاهرة.
53-الطبري:الرياض النضرة ج 3 ص /127ط.بيروت.
54-العيني:عمدة القاري ج 18 ص /206ط.بيروت.
ص: 110
تواتر حديث الغدير:
صرح بتواتر حديث الغدير جملة من علماء السنة منهم:-
1-محمد بن محمد الغزالي في«سرّ العالمين»،حيث قال:
و أجمع الجماهير على متن الحديث من خطبة النبي صلى اللّه عليه و آله في يوم غدير خم باتفاق الجميع و هو يقول صلى اللّه عليه و آله:من كنت مولاه فعلي مولاه.
فقال عمر:بخ بخ يا أبا الحسن لقد أصبحت مولاي و مولى كل مولى (1).
2-كمال الدين بن طلحة في«مطالب السؤول»،حيث قال:
الأحاديث في علي بن أبي طالب تكاد تلحق بالتواتر المفيد للعلم فصارت هذه في دلالتها على ذلك نازلة (2).
3-المنصور باللّه القاسم بن محمد في«هداية العقول»،حيث قال:
ما جاء في حديث الغدير و المنزلة و وجوب صحبته سلام اللّه عليه يحتاج إلى بسط لا يليق بهذا الكتاب و ما ذكرناه كاف في ما أردناه من تواترها معنى على أن بعضها ليس مما نحن فيه فلا يقدح فيها عدم التواتر كما لا يخفى (3).
4-محمد علي الصبان في«اسعاف الراغبين»حيث قال عند حديث الغدير:
رواه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله ثلاثون صحابيا و كثير من طرقه صحيح أو حسن (4).
5-السيوطي في قطف الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة:
ذكر حديث الغدير ضمن الأحاديث المتواترة (5).ي.
ص: 111
6-القسطلاني في شرح المواهب اللدنية،حيث قال:
و هو متواتر[حديث الغدير]رواه ستة عشر صحابيا و في رواية لأحمد أنه سمعه من النبي صلى اللّه عليه و آله ثلاثون صحابيا و شهدوا به لعلي لمّا نوزع أيام خلافته فلا التفات إلى من قدح في صحته و لا لمن ردّه بأنّ عليّا كان باليمن لثبوت رجوعه منها و إدراكه الحج مع النبي صلى اللّه عليه و آله (1).
7-شمس الدين الشافعي في اسنى المطالب،حيث قال:
تواتر عن أمير المؤمنين علي عليه السلام،و هو[حديث الغدير]متواتر أيضا عن النبي صلى اللّه عليه و آله رواه الجم الغفير،و لا عبرة بمن حاول تضعيفه ممن لا اطلاع له في هذا العلم،فقد ورد مرفوعا عن أبي بكر الصديق،و عمر بن الخطاب،و طلحة بن عبيد اللّه،و الزبير بن العوام،و سعد بن أبي وقاص،و عبد الرحمن بن عوف، و العباس بن عبد المطلب،و زيد بن أرقم،و البراء بن عازب،و بريدة بن الحصيب، و أبي هريرة،و أبي سعيد الخدري،و جابر بن عبد اللّه،و عبد اللّه بن عباس،و حبشي بن جنادة،و سمرة بن جندب،و أنس بن مالك،و زيد بن ثابت (2).
دلالة حديث الغدير:
النص يحمل دلالة صريحة على إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام...
و لكي نستوعب هذه الدلالة،و ننفي كل المحتملات الأخرى التي تحاول أن تفرغ النص من دلالاته الأصيلة،و معطياته السياسية و القيادية،نضع بين أيدينا النقاط التالية:ن.
ص: 112
أن نتعامل مع النص من خلال الأجواء التي صدر فيها،
أو بعبارة أخرى من خلال القرائن المقامية التي أحاطت النص حين صدوره،لأن اقتطاع النص من أجوائه الخاصة يفقده مضمونه الحقيقي.
فما هي القرائن الحالية التي تزامنت مع النص؟
1-المكان:غدير خم على مقربة من«الجحفة»بين مكة و المدينة في صحراء يلفحها الهجير،و تلتهب رمالها بوهج الظهيرة.
2-الزمان:أثناء العودة من حجة الوداع،في مرحلة تمثل المقطع الأخير من حياة الرسول صلى اللّه عليه و آله.
3-الاجتماع:لقاء جماهيري حاشد ضم ما يربو على«مائة ألف»إنسان من المسلمين...
4-الخطاب:حديث تاريخي خطير ألقاه الرسول صلى اللّه عليه و آله في يوم الغدير...
5-الأسلوب:أخذه صلى اللّه عليه و آله بيد علي عليه السلام و رفعها أمام الناس حتى بان بياض إبطيهما.
القرائن اللفظية و الكلامية:
و يجب ثانيا لكي نعطي للنص دلالاته أن نستوعب«القرائن اللفظية و الكلامية» التي تحرك من خلالها النص:
1-التمهيدات التي طرحها الرسول صلى اللّه عليه و آله:
-«ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟»
ص: 113
-«ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟».
-«فمن وليكم؟».
-ألستم تشهدون أن لا إله إلا اللّه،و أنّ محمدا عبده و رسوله...»
2-الدعاء لعلي عليه السلام:
«اللهم وال من والاه،و عاد من عاداه،و انصر من نصره،و اخذل من خذله، و أدر الحق معه حيث دار».
3-قوله صلى اللّه عليه و آله:
«يا أيّها الناس إنّي فرطكم و إنّكم واردون عليّ الحوض،لأنّي سائلكم حين تردون عليّ عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما،الثقل الأكبر كتاب اللّه عز و جل...و عترتي أهل بيتي،فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض...» (1).
4-التصريح الواضح في خطاب الرسول صلى اللّه عليه و آله بأنها الأيام الأخيرة في حياته المباركة:
-إني يوشك أن أدعى فأجيب...».
-كأني دعيت فأجبت...».
-نبأني اللطيف الخبير أنّه لم يعمر نبي إلا نصف عمر الذي يليه من قبله...».
5-التأكيد في آخر الخطبة أن يبلغ الشاهد منهم الغائب...
6-التصريحات التي صدرت من بعض الصحابة:
-قول عمر:
«هنيئا لك يا ابن أبي طالب أصبحت و أمسيت مولى كل مؤمن و مؤمنة» -أو قوله نفسه:ت.
ص: 114
«بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي و مولى كل مسلم» (1).
في ضوء القرائن الحالية و اللفظية:
فمن خلال القرائن المقامية التي تزامنت مع النص،و القرائن اللفظية التي تحرك ضمنها،نتجه إلى إعطاء النص دلالة سياسية كبيرة،تتمثل في تحديد«القيادة»التي تتحمل مسؤوليات الدعوة المستقبلية بعد وفاة الرسول صلى اللّه عليه و آله،و إنّ تفريغ النص من هذا المضمون،و إعطاءه دلالات عادية كما حاولت ذلك مدرسة الخلفاء، يستبطن اتهاما واضحا لأبصر قيادة في تاريخ المسيرة البشرية،حيث تعاملت مع القضايا الصغيرة بصيغة لا تنسجم مع حجم القضايا.
فعلى ضوء ما تحمله أجواء الحدث،و مفردات الخطاب نعتقد بكل اطمئنان أنّ الموقف يمثل قرارا صريحا بتعيين القيادة السياسية و الفكرية و الروحية للأمة.ت.
ص: 115
و إذا حاولنا أن نعتمد الوثائق التاريخية التي تحتفظ بها مدرسة أهل البيت عليهم السلام حول هذا الحدث في صيغته و مفرداته،فإن المسألة تأخذ بعدا أكثر تعبيرا و تأكيدا و دلالة و وضوحا،لأن الصيغة هنا لم تفقد شيئا من مكوناتها و عناصرها،في حين نحتمل قويا أنّ هذه الصيغة مسّها شيء من التغيير في ظل المنحى السّياسي الجديد الذي جمّد أطروحة الغدير،لأن بقاء الصيغة بكل خصائصها الأصيلة،و بكل مفرداتها و عناصرها يلغي المسار السياسي الذي تصدى لزعامة الأمة..
و رغم هذا الاحتمال الوارد موضوعيا،فإنّ ما بين أيدينا من نصوص الحدث و مفرداته،كما دونتها مدرسة الخلفاء نفسها يكفي لإنجاز الصيغة التي نتبناها في مسألة الإمامة و الخلافة..
آية التبليغ تحدد المضمون الكبير لحادثة الغدير:
و آية التبليغ هي قوله تعالى في سورة(المائدة):
يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ إِنَّ اللّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (1) .
و قد أكّدت الكثير من المصادر نزول هذه الآية على الرسول صلى اللّه عليه و آله، حينما كان في طريق العودة من حجة الوداع في مكان يقال له«غدير خم».
روى بإسناده عن أبي سعيد الخدري قال:
«نزلت هذه الآية يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ على رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يوم غدير خم في علي بن أبي طالب» (2).
ص: 116
روى بإسناده عن ابن عباس في قوله عز و جل:
يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الآية،قال:
نزلت في علي،أمر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله أن يبلّغ فيه،فأخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله بيد علي فقال:
«من كنت مولاه فعليّ مولاه،اللهم وال من والاه،و عاد من عاداه» (1).
روى بالإسناد عن أبي سعيد الخدري قال:
«نزلت هذه الآية: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ يوم غدير خم في علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه» (2).
قال في سياق تعداد الوجوه الواردة في سبب نزول آية: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ:
«العاشر:نزلت الآية في فضل علي بن أبي طالب عليه السلام و لمّا نزلت هذه الآية أخذ بيده و قال:من كنت مولاه فعليّ مولاه اللهم وال من والاه،و عاد من عاداه.
فلقيه عمر فقال:
هنيئا لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي و مولى كل مؤمن و مؤمنة.و هو قول ابن عباس و البراء بن عازب و محمد بن علي» (3).
ص: 117
عن أبي سعيد الخدري:إن الآية يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ نزلت على رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يوم غدير خم حين قال:من كنت مولاه فعلي مولاه (1).
عن ابن عباس قال:
نزلت الآية يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ في علي حيث أمر اللّه سبحانه أن يخبر الناس بولايته فتخوف رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله أن يقولوا حابى ابن عمه و أن يطعنوا في ذلك عليه،فأوحى اللّه تعالى إليه فقام بولايته يوم غدير خم، و أخذ بيده فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه (2).
و توجه مصادر أخرى لهذه الحادثة:-
1-محمد رشيد رضا:تفسير المنار،ج 6 ص /424ط.بيروت.
2-ابن صباغ المالكي:الفصول المهمة،ص /42ط.بيروت.
3-البخاري:فتح البيان في مقاصد القرآن ج 4 ص /18ط.بيروت.
4-البحراني:البرهان في تفسير القرآن ج 1 ص /489ط.بيروت.
5-الشوكاني:فتح القدير ج 2 ص /88ط.بيروت.
6-العيني:عمدة القاري ج 18 ص /206ط.بيروت.
7-ابن طلحة الشافعي:مطالب السؤول ص /16مخطوط.
8-المنصور باللّه:هداية العقول ج 2 ص /38ط.صنعاء.
ص: 118
آية التبليغ تحمل عدة مؤشرات تعبر عن خطورة المسألة المطروحة:-
1-الصيغة الحدية الصارمة التي وردت في هذا الخطاب الإلهي:
- يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ.
- وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ.
2-لغة النص تؤكد خطورة المسألة المطروحة على صعيد الرسالة و حركة الدعوة و ديمومة العطاء..
3-النص يحمل من الإيحاءات ما تعبر عن«حساسيات القضية»و ما تثيره من جو نفسي رافض،يضع الرسول صلى اللّه عليه و آله أمام حالة صعبة تحتاج إلى حماية و عصمة من اللّه تعالى لمواجهة الإرهاصات المحتملة..
وَ اللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ.
4-التوقيت الإلهي للنص،حيث نزل في أثناء العودة من حجة الوداع(المرحلة الأخيرة في حياة الرسول صلى اللّه عليه و آله)و هذا يعطي للقضية المطروحة بعدا مستقبليا في حركة الدعوة.
فمن خلال هذه المؤشرات يمكن أن نفهم طبيعة القضية المطروحة و ما تملكه من موقع في عمق الرسالة.
و إذا وضعنا في حسابنا أنّ قضايا الرسالة الأساسية سواء في مجال العقيدة أو في مجال التشريع،كان قد تمّ الإنتهاء من تبليغها في مراحل سابقة،و لم تبق إلى هذه المرحلة من عمر الرسالة.
فما هي القضية التي تحمل ذلك البعد الكبير في عمق الرسالة،و تستأثر بهذا الاهتمام الإلهي،و تتناسب مع هذه المرحلة من حياة الدعوة؟.
ليس إلا قضية الإمامة و القيادة و الخلافة..
ص: 119
آية الإكمال تعطي لمسألة القيادة موقعها في حركة الرسالة:
قال اللّه تعالى:
اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً (1) .
أشارت كثير من مصادر التفسير و التاريخ إلى نزول هذا النص في يوم الغدير...
عن أبي سعيد الخدري قال:
«لمّا نصب رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله عليّا يوم غدير خم فنادى له بالولاية هبط جبريل عليه بهذه الآية: اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ (2).
روى باسناده عن أبي سعيد الخدري قال:
«إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله لمّا دعا الناس إلى علي عليه السلام في غدير خم و أمر بما تحت الشجرة من الشوك فقم،و ذلك يوم الخميس فدعا عليا فأخذ بضبعيه فرفعهما حتى نظر الناس إلى بياض إبطي رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله ثم لم يتفرقوا حتى نزلت هذه الآية: اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
اللّه أكبر على اكمال الدين و اتمام النعمة و رضى الرب برسالتي و الولاية لعلي من بعدي...» (3).
روى باسناده عن أبي هريرة قال:
ص: 120
«من صام ثمانية عشر من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهرا،و هو يوم غدير خم لما أخذ النبي صلى اللّه عليه و آله بيد علي فقال:
ألست ولي المؤمنين؟قالوا:
بلى يا رسول اللّه.قال:
من كنت مولاه فعليّ مولاه،فقال عمر بن الخطاب:
بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي و مولى كل مسلم،فأنزل اللّه:
اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ... (1) .
روى باسناده عن أبي سعيد الخدري قال:
«إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله لمّا نزلت عليه هذه الآية[آية الإكمال]قال:
اللّه أكبر على إكمال الدين و إتمام النعمة و رضا الرب برسالتي و ولاية علي بن أبي طالب من بعدي،ثم قال:
من كنت مولاه فعليّ مولاه،اللهم وال من والاه،و عاد من عاداه،و انصر من نصره،و اخذل من خذله» (2).
عن أبي سعيد الخدري أن الآية اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً نزلت يوم غدير خم (3).
عن ابن عباس،قال:
ص: 121
ان الآية: اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً نزلت على رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله في مسيره إلى حجة الوداع (1).
عن أبي سعيد الخدري،قال:
إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يوم دعا الناس إلى علي في غدير خم و هو يوم الخميس ثم دعا الناس إلى علي فأخذ بضبعه ثم رفعه حتى نظر الناس إلى بياض ابطيه ثم لم يتفرقا حتى نزلت اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
اللّه أكبر على إكمال الدين و إتمام النعمة و رضا الرب برسالتي،و الولاية لعلي،ثم قال:
اللهم وال من والاه و عاد من عاداه،و انصر من نصره،و اخذل من خذله (2).
عن أبي سعيد الخدري،قال:
انّ هذه الآية اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً نزلت بعد أن قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله لعلي كرم اللّه وجهه في غدير خم:
«من كنت مولاه فعلي مولاه»،فلما نزلت،قال:
اللّه أكبر على إكمال الدين و إتمام النعمة و رضاء الرب برسالتي و ولاية علي كرم اللّه تعالى وجهه بعدي» (3).
ص: 122
عن أبي هريرة،قال:
من صام يوم ثمان عشرة من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهرا،و هو يوم غدير خم لما أخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله بيد علي بن أبي طالب،فقال:
ألست أولى بالمؤمنين؟،قالوا:
بلى يا رسول اللّه،قال:
من كنت مولاه فعلي مولاه.
فقال عمر بن الخطاب:
بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي و مولى كل مسلم،فأنزل اللّه اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً (1).
ذكر أن الآية: اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً نزلت في حجة الوداع (2).
و دونت هذه الحادثة مجموعة مصادر منها:-
1-السبط بن الجوزي:تذكرة الخواص ص /36ط.بيروت.
2-ابن كثير:البداية و النهاية ج 5 ص /214ط.بيروت.
3-ابن المغازلي الشافعي:المناقب ص /31ط.بيروت.
آية الإكمال تحدد موقع القيادة في حركة الرسالة:
1-القيادة الشرعية المعصومة تمثل الضمانة الكبيرة لحماية المسيرة الرسالية، و الحفاظ على التجربة الإسلامية.
ص: 123
2-القيادة المعصومة تمثل الإمتداد الطبيعي للحركة التغييرية في داخل الأمة،بما تحمله هذه الحركة من عناصر الأصالة و القدرة و الوضوح و الإستقامة،فديمومة الحالة التغييرية الأصيلة على كل المستويات الفكرية و الروحية و الاجتماعية و السياسية تحتاج إلى القيادة الصالحة المعصومة.
3-غياب القيادة المعصومة في هذه المرحلة من مراحل المسيرة(مرحلة ما بعد الرسول صلى اللّه عليه و آله)يحدث فراغا تشريعيا كبيرا يدفع بالمسيرة إلى متاهات التحريف،و يعرّض التجربة إلى أخطار المصادرة،و يضع الأمة أمام منزلقات التيه و الضلال،و يجمّد حالة التعاطي مع المصادر الأصيلة في الإسلام.
4-غياب القيادة المعصومة يحدث فراغا سياسيا كبيرا يضع التجربة الإسلامية في زحمة التناقضات و المفارقات و الصراعات.
و في ضوء هذه الإعتبارات يمكن أن نفهم عمق العلاقة بين هذا النص القرآني- آية الإكمال-و الحدث التاريخي الكبير الذي تمّ من خلاله تعيين القيادة الإسلامية في يوم الغدير.
احتجاج الأئمة من أهل البيت عليهم السلام بحديث الغدير:
رضي اللّه عنه في الرحبة قال:
انشد اللّه رجلا سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و شهده يوم غدير خم إلاّ قام، و لا يقوم إلاّ من قد رآه،فقام إثنا عشر رجلا فقالوا:
قد رأيناه و سمعناه حيث أخذ بيده يقول:
ص: 124
اللهم وال من والاه،.و عاد من عاداه،و انصر من نصره،و اخذل من خذله» (1).
و روى أيضا عن ابن أبي ليلى قال:
«شهدت عليا رضي اللّه عنه في الرحبة ينشد الناس،أنشد اللّه من سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يقول يوم غدير خم:
من كنت مولاه فعلي مولاه،لما قام فشهد،(قال عبد الرحمن):
فقام اثنا عشر بدريا كأني انظر إلى أحدهم،فقالوا:
نشهد أنّا سمعنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يقول يوم غدير خم:
ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟و أزواجي أمهاتهم؟.
فقلنا:بلى يا رسول اللّه.
قال:فمن كنت مولاه فعليّ مولاه،اللهم وال من والاه،و عاد من عاداه..» (2).
«قال علي كرم اللّه وجهه في الرحبة:
أنشد باللّه من سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يوم غدير خم يقول:
إنّ اللّه و رسوله ولي المؤمنين و من كنت وليه فهذا وليه،اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه،و انصر من نصره...»(فقال سعيد)قام إلى جنبي ستة (3).
«أنّ عليا جمع الناس في الرحبة و أنا شاهد فقال:
انشد اللّه رجلا سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يقول:
ص: 125
من كنت مولاه فعليّ مولاه،فقام ثمانية عشر رجلا فشهدوا أنّهم سمعوا النبي صلى اللّه عليه و آله يقول ذلك..» (1).
4-روي أنّ عليا عليه السلام احتج في يوم الشورى،و جاء في كلامه:
«فانشدكم باللّه،هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
من كنت مولاه فعلي مولاه،اللهم وال من والاه،و عاد من عاداه،و انصر من نصره،ليبلغ الشاهد الغائب،غيري؟قالوا:
اللهم لا» (2).
عن زيد بن يثيع،قال:سمعنا عليا يقول في الرحبة:
أنشدكم اللّه و لا أنشد إلا من سمعت أذناه و وعى قلبه فقام نفر فشهدوا أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله،قال:
ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟قالوا:
بلى يا رسول اللّه،قال:
فأخذ بيد علي بن أبي طالب،ثم قال:
من كنت مولاه فهذا مولاه،اللهم وال من والاه و عاد من عاداه،و أحب من أحبه،و أبغض من أبغضه،و أنصر من نصره،و أخذل من خذله (3).
ص: 126
عن زيد بن أرقم،قال:
إن عليا أنشد من سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله،يقول:
من كنت مولاه فعلي مولاه،اللهم وال من والاه و عاد من عاداه.
فقام ستة عشر رجلا فشهدوا بذلك و كنت فيهم (1).
عن زادان،قال سمعت عليا في الرحبة و هو ينشد الناس من شهد منكم رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله،يوم غدير خم،و هو يقول ما قال،فقام ثلثة عشر رجلا فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله،يقول:
من كنت مولاه فعلي مولاه (2).
عن زيد بن أرقم،قال:
نشد علي الناس:من سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يقول يوم غدير خم:
ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟قالوا:
بلى،قال:
فمن كنت مولاه فعلي مولاه،اللهم وال من والاه و عاد من عاداه.
فقام اثنا عشر رجلا فشهدوا بذلك (3).
عن سعيد بن جبير،قال:
ص: 127
جمع علي الناس في رحبة مسجد الكوفة،فقال:
انشد اللّه كل امرئ مسلم سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله،يقول يوم غدير خم ما سمع لقام فقام سبعة عشر رجلا،و قالوا:
أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله حين أخذ بيدك،قال للناس:
أتعلمون إني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟قالوا:
نعم،قال:
من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه (1).
عن زيد بن يثيع،قال:
أنشد علي الناس في الرحبة من سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله،يقول يوم غدير خم إلا قام،قال:
فقام من قبل سعيد بن وهب سبعة،و من قبل زيد ستة،فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله،يقول لعلي يوم غدير خم:
أليس اللّه أولى بالمؤمنين؟قالوا:
بلى،قال:
اللهم وال من والاه و عاد من عاداه (2).
و دونت هذا الاحتجاج مجموعة من المصادر منها:-
1-ابن الأثير:أسد الغابة ج 4 ص /108ط.بيروت.
2-الموصلي:المسند ج 1 ص /286ط.جده.
3-الطبراني:المعجم الصغير ج 1 ص /89ط.بيروت.
ص: 128
روى شمس الدين الجزري الدمشقي الشافعي في كتابه(أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب)عن فاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله أنها قالت في بعض إجتجاجاتها:
«أنسيتم قول رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يوم غدير خم من كنت مولاه فعلي مولاه؟و قوله صلى اللّه عليه و آله:
أنت مني بمنزلة هارون من موسى عليه السلام..» (1).
قال عليه السلام في إحدى خطبه:
«إنّا أهل البيت أكرمنا اللّه بالإسلام،و اختارنا و اصطفانا و أذهب عنّا الرجس و طهّرنا تطهيرا».
و قال عليه السلام:
«و سمعوه[يعني رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله]يقول لأبي:
أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي...
و قد رأوه و سمعوه حين أخذ بيد أبي بغدير خم و قال لهم:
من كنت مولاه فعلي مولاه،اللهم وال من والاه،و عاد من عاداه،ثم أمرهم أن يبلغ الشاهد الغائب» (2).
ذكر سليم بن قيس الهلالي في كتابه أنّ الحسين بن علي عليه السلام جمع الناس في منى و فيهم مائتا رجل من أصحاب النبي صلى اللّه عليه و آله و عدد كبير من
ص: 129
التابعين،فقام فيهم فحمد اللّه و أثنى عليه و تحدث عن حق أهل البيت و فضائلهم،إلى أن قال عليه السلام:
«أنشدكم اللّه أتعلمون أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله نصبه[يعني عليا عليه السلام]يوم غدير خم فنادى له بالولاية،و قال:
ليبلغ الشاهد الغائب؟قالوا:
اللهم نعم» (1).
قال عليه السلام في حديث له عن أمير المؤمنين عليه السلام و النص على إمامته:
«الناطق بالقرآن،العالم بالأحكام،أخو نبي اللّه صلى اللّه عليه و آله و خليفته على أمته،و وصيه عليهم،و وليه الذي كان منه بمنزلة هارون من موسى،المفروض الطاعة بقول اللّه عز و جل:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ
الموصوف بقوله عز و جل:
إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ المدعو له بالولاية،المثبت له الإمامة يوم غدير خم بقول الرسول صلى اللّه عليه و آله عن اللّه عز و جل:
ألست أولى بكم منكم بأنفسكم؟قالوا:
بلى،قال:
فمن كنت مولاه فعلي مولاه،اللهم وال من والاه،و عاد من عاداه،و انصر من نصره و أخذل من خذله،و أعن من أعانه» (2).
ص: 130
«علي ولي كل مؤمن بعدي»
روى أحمد في مسنده عن عمران بن حصين أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله قال:
«إنّ عليا مني و أنا منه و هو ولي كل مؤمن بعدي» (1).
عن عمران بن حصين أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله قال:
«إنّ عليا مني و أنا منه و هو ولي كل مؤمن بعدي» (2).
عن ابن عباس في حديث يذكر فيه فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام،جاء فيه:
«و قال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
أنت ولي كل مؤمن بعدي و مؤمنة» (3).
عن الحسن بن علي قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
ص: 131
«أما أنت يا علي فمني و أنا منك و أنت ولي كل مؤمن بعدي» (1).
سألت اللّه فيك خمسا فأعطاني أربعا و منعني واحدة،سألته فأعطاني فيك أنك أول من تنشق الأرض عنه يوم القيامة،و أنت معي معك لواء الحمد،و أنت تحمله،و أعطاني أنك ولي المؤمنين من بعدي (1).
عن عمران بن حصين،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
إن عليا مني و أنا منه و هو وليّ كل مؤمن بعدي (2).
«علي وليكم بعدي»
1-مسند الإمام أحمد بن حنبل:
عن بريدة الأسلمي قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«لا تقع في علي فإنّه مني و أنا منه،و هو وليكم بعدي،و إنّه مني و أنا منه و هو وليكم بعدي» (1).
2-مجمع الزوائد للهيثمي:
عن بريدة عن النبي صلى اللّه عليه و آله قال في علي عليه السلام:
«و إنّه وليكم بعدي» (2).
3-ينابيع المودة للقندوزي الحنفي:
قال:
أخرج الطبراني عن بريده الأسلمي عن النبي صلى اللّه عليه و آله قال:
«من أبغض عليا فقد أبغضني،و من فارق عليا فقد فارقني،إنّ عليا مني و أنا منه،طينته من طينتي و طينتي من طينة إبراهيم،و أنا أفضل من إبراهيم ذرية بعضها من بعض،يا بريدة أما علمت أنّ لعلي أكثر من الجارية التي أخذها،إنه وليكم من بعدي» (3).
«علي أولى الناس بكم بعدي»
ص: 134
عن وهب بن حمزة قال:
«صحبت عليا إلى مكة فرأيت منه بعض ما أكره،فقلت لئن رجعت لا شكونك إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فلمّا قدمت لقيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فقلت:
رأيت من علي كذا و كذا فقال:
لا تقل هذا فهو أولى الناس بكم بعدي (1).
1-النسائي:فضائل الصحابة ص /15ط.بيروت.
2-الهيثمي:مجمع الزوائد ج 9 ص /159ط.بيروت.
3-الطبري:ذخائر العقبى ص /68ط.القاهرة.
4-الخوارزمي:المناقب ص /61ط.قم.
5-أحمد بن حنبل:المسند ج 1 ص /331ط.المكتب الإسلامي.
6-المتقي الهندي:منتخب كنز العمال ج 5 ص /30ط.المكتب الإسلامي.
7-النسائي:السنن ج 5 ص /325ط.بيروت.
8-ابن أبي الحديد:شرح نهج البلاغة ج 9 ص /171ط.بيروت.
9-المناوي:فيض القدير ج 4 ص /357ط.بيروت.
10-الموصلي:المسند ج 1 ص /203ط.جدة.
11-القاري:مرقاة المفاتيح ج 10 ص /463ط.بيروت.
12-الطبري:الرياض النضرة ج 3 ص /129ط.بيروت.
13-التبريزي:مشكاة المصابيح ج 3 ص /1720ط.بيروت.
ص: 135
14-المتقي الهندي:كنز العمال ج 11 ص /599ط.حلب.
15-البغوي:مصابيح السنة ج 4 ص /172ط.بيروت.
16-المنصور باللّه:هداية العقول ج 2 ص /31ط.صنعاء.
17-الزرندي:نظم درر السمطين ص /79ط.النجف.
18-الترمذي:الصحيح ج 5 ص /632ط.المكتبة الإسلامية.
19-القندوزي:ينابيع المودة ج 1 ص /61ط.النجف.
20-البدخشاني:نزل الابرار ص /56ط.بيروت.
21-النسائي:الخصائص ص /165ط.بيروت.
22-ابن حجر:الصواعق المحرقة ص /124ط.القاهرة.
23-ابن طلحة الشافعي:مطالب السؤول ص 17.مخطوط.
ص: 136
حديث الدار يوم الإنذار:
لما نزل قوله تعالى:
وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (1)
دعا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله عشيرته إلى دار عمه أبي طالب،و عرض عليهم الإسلام و في آخر حديثه صلى اللّه عليه و آله قال:
«يا بني عبد المطلب إنّي و اللّه ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل ممّا جئتكم به،جئتكم بخير الدنيا و الآخرة و قد أمرني اللّه أن أدعوكم إليه،فأيكم يؤازرني على أمري هذا على أن يكون أخي و وصيي و خليفتي فيكم؟
فأحجم القوم عنها،غير علي-و كان أصغرهم-إذ قام فقال:
أنا يا نبي اللّه أكون وزيرك عليه.فأخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله برقبته و قال:
إنّ هذا أخي و وصيي و خليفتي فيكم فاسمعوا له و أطيعوا.
فقام القوم يضحكون و يقولون لأبي طالب،قد أمرك أن تسمع لابنك و تطيع» (2).
ص: 137
الصيغة الأولى:
قول الرسول صلى اللّه عليه و آله:
«فأيّكم يؤازرني على هذا الأمر،على أن يكون أخي و وصيي و خليفتي فيكم؟
قال علي:
أنا يا نبي اللّه أكون وزيرك عليه.
فقال صلى اللّه عليه و آله:
إنّ هذا أخي و وصيي و خليفتي فيكم فاسمعوا له و أطيعوا» (1).
الصيغة الثانية:
ذكر ابن عساكر في تاريخه عن أبي رافع قال:
كنت قاعدا بعد ما بايع الناس أبا بكر فسمعت أبا بكر يقول للعباس:
أنشدك اللّه هل تعلم أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله جمع بني عبد المطلب و أولادهم و أنت فيهم و جميعكم دون قريش،فقال:
يا بني عبد المطلب إنه لم يبعث اللّه نبيا إلا جعل له في أهله أخا و وزيرا و وصيا و خليفة في أهله،فمن يقوم منكم يبايعني على أن يكون أخي و وزيري و خليفتي في أهلي،فلم يقم منكم أحد!!!فقام علي من بينكم فبايعه على ما شرط له و دعا إليه أتعلم هذا من رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله؟قال:
نعم (2).
ص: 138
الصيغة الثالثة:
ذكر السيوطي في الدر المنثور عن علي عليه السلام:
لما نزلت الآية وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ جمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله بني عبد المطلب،فقال:
ما أعلم أحدا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم،جئتكم بخير الدنيا و الآخرة و قد أمرني اللّه أن أدعوكم إليه فايكم يؤازرني على أمري هذا،فقلت و أنا أحدثهم سنا أنه أنا (1).
الصيغة الرابعة:
ذكرها الحلبي الشافعي في السيرة الحلبية:
عندما نزلت الآية: وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ جمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله بني عبد المطلب،فقال رسول اللّه:
فمن يجيبني إلى هذا الأمر و يؤازرني أي يعاونني على القيام به،قال علي بن أبي طالب:
أنا يا رسول اللّه،فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
أنت أخي و وزيري و وصيي و وارثي و خليفتي من بعدي (2).
الصيغة الخامسة:
أوردها ابن كثير في تفسيره عن علي عليه السلام:
لما نزلت الآية وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ جمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله، بني عبد المطلب فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:ت.
ص: 139
من يقضي عني ديني و مواعيدي و يكون معي في الجنة و يكون خليفتي في أهلي؟قال:
فعرض ذلك على أهل بيته،فقال علي:أنا (1).
الصيغة السادسة:
أوردها أحمد بن حنبل في مسنده،حيث روى عن علي عليه السلام أنّه قال:
«لما نزلت هذه الآية وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ جمع النبي صلى اللّه عليه و آله من أهل بيته،فاجتمع ثلاثون فأكلوا و شربوا،فقال لهم:
من يضمن عني ديني،و مواعيدي،و يكون معي في الجنة،و يكون خليفتي في أهلي؟...
فقال علي رضي اللّه عنه:أنا» (2).
الصيغة السابعة:
أوردها ابن الأثير في الكامل:
عن علي،قال:
لما نزلت الآية وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ،جمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله بني عبد المطلب،فقال:
يا بني عبد المطلب إني و اللّه ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به،قد جئتكم بخير الدنيا و الآخرة،و قد أمرني اللّه تعالى أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي و وصيي و خليفتي فيكم،فأحجم القوم عنها جميعا،و قلت و إني لأحدثهم سنا و أرمصهم عينا و أعظمهم بطنا و آحمشهم ساقا:ت.
ص: 140
أنا يا نبي اللّه أكون وزيرك عليه،فأخذ برقبتي،ثم قال:
إن هذا أخي و وصيي و خليفتي فيكم،فاسمعوا له و اطيعوا (1).
الصيغة الثامنة:
ذكر الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل:
عن علي عليه السلام،لما نزلت هذه الآية على رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ فجمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله بني عبد المطلب، فقال:
أيكم يوازرني على أمري هذا على أن يكون أخي و وصيي و وليي و خليفتكم فيكم؟فقال:علي:
أنا يا نبي اللّه أكون وزيرك عليه (2).
الصيغة التاسعة:
ذكر الكنجي الشافعي في كفاية الطالب:
عن البراء،قال:لما نزلت الآية وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ جمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله بني عبد المطلب،فقال:
من يواخيني و يوازرني و يكون وليي و وصيي بعدي و خليفتي في أهلي و يقضي ديني،فأمسك القوم،فأعاد ذلك ثلاثا،كل ذلك يسكت القوم،و يقول علي:
أنا،فقال:
أنت (3).ت.
ص: 141
الصيغة العاشرة:
ذكر القوشجي في شرح التجريد:
إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله جمع بني عبد المطلب،فقال:
أيكم يبايعني و يوازرني يكون أخي و وصيي و خليفتي من بعدي فبايعه علي عليه السلام (1).
1-الخطيب البغدادي:تاريخ بغداد ج 2 ص /15ط.بيروت.
2-الطبري:تاريخ الطبري ج 2 ص /63ط.بيروت.
3-الهيثمي:مجمع الزوائد ج 9 ص /146ط.بيروت.
4-المتقي الهندي:منتخب كنز العمال ج 5 ص /44ط.المكتب الإسلامي.
5-ابن أبي الحديد:شرح نهج البلاغة ج 13 ص /210ط.بيروت.
6-المتقي الهندي:كنز العمال ج 13 ص /114ط.حلب.
7-الشربيني:السراج المنير ج 3 ص /37ط.بيروت.
8-الزرندي:نظم درر السمطين ص /83ط.النجف.
حديث الثقلين:
الصيغة الأولى:
جاء في صحيح الترمذي عن جابر بن عبد اللّه قال:
رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله في حجته يوم عرفه و هو على ناقته القصواء يخطب فسمعته يقول:
ص: 142
«يا أيّها الناس إنّي قد تركت فيكم ما إنّ أخذتم به لن تضلوا:كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي» (1).
الصيغة الثانية:
ذكر ابن الأثير في جامع الأصول عن زيد بن أرقم قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي،أحدهما أعظم من الآخر:
كتاب اللّه حبل ممدود من السماء إلى الأرض،و عترتي أهل بيتي،و لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض،فانظروا كيف تخلفوني فيهما» (2).
الصيغة الثالثة:
جاء في مسند الإمام أحمد بن حنبل عن زيد بن ثابت قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«إني تارك فيكم خليفتين:كتاب اللّه حبل ممدود ما بين السماء و الأرض(أو ما بين السماء إلى الأرض)و عترتي أهل بيتي،و إنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض» (3).
الصيغة الرابعة:
جاء في طبقات ابن سعد عن أبي سعيد الخدري،عن النبي صلى اللّه عليه و آله قال:ت.
ص: 143
«إنّي أوشك أن ادعى فأجيب و إني تارك فيكم الثقلين:كتاب اللّه عز و جل و عترتي،كتاب اللّه حبل ممدود من السماء إلى الأرض و عترتي أهل بيتي و أنّ اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض،فانظروا كيف تخلفوني فيهما» (1).
الصيغة الخامسة:
جاء في المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري عن زيد بن أرقم قال:
لما رجع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله من حجة الوداع و نزل غدير خم،أمر بدوحات فقممن فقال:
«كأني قد دعيت فأجبت أنيّ قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر:
كتاب اللّه تعالى و عترتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما،فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض،ثم قال:
إنّ اللّه عز و جل مولاي و أنا مولى كل مؤمن(ثم أخذ بيد علي فقال):
من كنت مولاه فهذا وليه،اللهم وال من والاه و عاد من عاداه» (2).
الصيغة السادسة:
جاء في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم قال:
قام رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة و المدينة،فحمد اللّه و أثنى عليه،و وعظ و ذكر ثم قال:ت.
ص: 144
«أمّا بعد،ألا أيّها الناس،فإنّما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، و أنا تارك فيكم ثقلين،أولهما كتاب اللّه فيه الهدى و النور،فخذوا بكتاب اللّه و استمسكوا به»فحث على كتاب اللّه و رغب فيه ثم قال:
«و أهل بيتي،أذكركم اللّه في أهل بيتي،أذكركم اللّه في أهل بيتي، اذكركم اللّه في أهل بيتي» (1).
الصيغة السابعة:
جاء في حلية الأولياء لأبي نعيم عن حذيفة بن أسيد الغفاري،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
أيها الناس إني فرطكم،و إنكم واردون علي الحوض،فإني سائلكم حين تردون عليّ عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما،الثقل الأكبر كتاب اللّه سبب طرفه بيد اللّه و طرفه بأيديكم فاستمسكوا به و لا تضلوا و لا تبدلوا،و عترتي أهل بيتي فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض (2).
الصيغة الثامنة:
جاء في إحياء الميت للسيوطي:
عن المطلب بن عبد اللّه بن حنطب عن أبيه قال:
خطبنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله بالجحفة فقال:
«ألست أولى بكم من أنفسكم؟
قالوا:بلى يا رسول اللّه،
قال:فإني سائلكم عن إثنين:عن القرآن،و عترتي» (3).م.
ص: 145
الصيغة التاسعة:
جاء في الصواعق المحرقة لابن حجر عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله قال:
«يوشك أن أقبض قبضا سريعا،فينطلق بي،و قد قدمت إليكم القول،معذرة إليكم،إلا أنّي مخلف فيكم كتاب ربي عز و جل،و عترتي أهل بيتي،-ثم أخذ بيد علي فرفعها فقال-:
هذا علي مع القرآن،و القرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا على الحوض، فأسألهما ما خلفت فيهما» (1).
الصيغة العاشرة:
جاء في مجمع الزوائد للهيثمي عن أبي هريرة قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«إني خلفت فيكم اثنين،لن تضلوا بعدهما أبدا:كتاب اللّه و نسبي و لن يفترقا حتى يردا علي الحوض» (2).
حديث الثقلين بلغ حد التواتر و الإشتهار،فقد دونّته كتب الحديث و التفسير و التاريخ و السير و التراجم و اللغة.
و قامت دار التقريب بين المذاهب الإسلامية في مصر بإصدار رسالة إضافية، ألّفها بعض أعضائها باسم«حديث الثقلين»و قد استوفى فيها مؤلفها ما وقف عليه من أسانيد الحديث في الكتب المعتمدة لدى أهل السنّة (3).
ص: 146
و نشير هنا إلى بعض المصادر التي توافرت على تدوين هذا الحديث:
1-ابن الأثير:أسد الغابة ج 2 ص /13ط.بيروت.
2-اليعقوبي:تاريخ اليعقوبي ج 1 ص /443ط.بيروت.
3-الحلبي الشافعي:السيرة الحلبية ج 3 ص /274ط.بيروت.
4-ابن الديبع:تيسير الوصول ج 1 ص /24ط.مصر.
5-البغوي الشافعي:معالم التنزيل ج 7 ص /365ط.بيروت.
6-ابن كثير:تفسير القرآن العظيم ج 7 ص /365ط.بيروت.
7-الشبراوي:الاتحاف بحب الاشراف ص /22ط.مصر.
8-الذهبي:التلخيص ج 3 ص /109ط.بيروت.
9-النبهاني:الأنوار المحمدية ص /435ط.بيروت.
10-الكنجي الشافعي:كفاية الطالب ص /227ط.بيروت.
11-البلاذري:أنساب الأشراف ج 2 ص /111ط.بيروت.
12-علاء الدين الخازن:لباب التأويل ج 1 ص /4ط.المكتبة الصغيرة.
13-الشربيني:تفسير السراج المنير ج 3 ص /538ط.بيروت.
14-الزبيدي:تاج العروس ج 7 ص /245ط.مصر.
15-الخطيب البغدادي:تاريخ بغداد ج 8 ص /442ط.بيروت.
16-ابن عساكر في تاريخه ترجمة الإمام علي عليه السلام ج 2 ص /36ط.
بيروت.
17-ابن المغازلي الشافعي:المناقب ص /156ط.بيروت.
18-الرازي:تفسير الرازي ج 8 ص /173ط.إيران.
19-الطبري:ذخائر العقبى ص /16ط.القاهرة.
20-محمد رشيد رضا:تفسير المنار ج 6 ص /465ط.بيروت.
21-السيوطي:الجامع الصغير ج 1 ص /97ط.بيروت.
ص: 147
22-السمهودي:جواهر العقدين ص /231ط.بيروت.
23-النبهاني:الشرف المؤبد ص /44ط.القاهرة.
24-القسطلاني:شرح المواهب اللدنية ج 7 ص /5ط.القاهرة.
25-الديلمي:فردوس الأخبار ج 1 ص /98ط.بيروت.
26-الفيروزآبادي:القاموس المحيط ص /1256ط.بيروت.
27-السيوطي:الدر المنثور ج 2 ص /60ط.بيروت.
28-الطحاوي:مشكل الأثار ج 4 ص /369ط.بيروت.
29-الخوارزمي:المناقب ص /154ط.قم.
30-الطبراني:المعجم الصغير ج 1 ص /150ط.بيروت.
31-البيهقي:الاعتقاد على مذهب السلف ص /185ط.بيروت.
32-النسائي:السنن الكبرى ج 5 ص /130ط.بيروت.
33-النبهاني:الفتح الكبير ج 1 ص /451ط.مصر.
34-ملا علي القاري:من مرقاة المفاتيح ج 1 ص /210ط.بيروت.
35-المناوي:فيض القدير ج 3 ص /15ط.بيروت.
36-ابن طلحة الشافعي:مطالب السؤول ص /4مخطوط.
37-التبريزي:مشكاة المصابيح ج 3 ص /1732ط.بيروت.
38-المتقي الهندي:كنز العمال ج 1 ص /172ط.حلب.
39-البغوي:مصابيح السنة ج 4 ص /185ط.بيروت.
40-النويري:نهاية الأرب ج 18 ص /377ط.مصر.
41-النسائي:خصائص علي عليه السلام ص /150ط.إيران.
42-البدخشاني:نزل الابرار ص /33ط.بيروت.
43-القندوزي:ينابيع المودة ج 1 ص /21ط.النجف.
44-الدارمي:سنن الدارمي ج 2 ص /431ط.بيروت.
ص: 148
45-الزرندي الحنفي:نظم درر السمطين ص /230ط.النجف.
46-المنصور باللّه:هداية العقول ج 2 ص /33ط.صنعاء.
حديث«الخلفاء الإثني عشر»
بسنده إلى جابر بن سمرة قال:
سمعت النبي صلى اللّه عليه و آله يقول:
«يكون إثنا عشر أميرا».
فقال كلمة لم أسمعها،فقال أبي إنّه قال:
«كلهم من قريش» (1).
بسنده إلى جابر بن سمرة قال:
سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يقول:
«لا يزال هذا الدين عزيزا إلى إثني عشر خليفة»فكبر الناس و ضجوا ثم قال كلمة خفيت قلت لأبي:يا أبه ما قال؟قال:
«كلهم من قريش» (1).
بسنده إلى مسروق قال:
كنا جلوسا عند عبد اللّه بن مسعود و هو يقرئنا القرآن فقال له رجل:
يا أبا عبد الرحمن هل سألتم رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:كم يملك هذه الأمة من خليفة؟
فقال عبد اللّه بن مسعود:
ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلك،ثم قال:
نعم لقد سألنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فقال:
«إثنا عشر كعدّة نقباء بني إسرائيل» (2).
و روى أحمد في مسنده حديث«الاثني عشر خليفة»عن جابر بن سمرة من أربع و ثلاثين طريقا،و سوف نذكر في فصل قادم إن شاء اللّه مزيدا من هذه الروايات.
بسنده إلى عون ابن أبي جحيفة عن أبيه قال:
ص: 150
كنت مع عمي عند النبي صلى اللّه عليه و آله فقال:
«لا يزال أمر أمتي صالحا حتى يمضي إثنا عشر خليفة»ثم قال كلمة و خفض بها صوته فقلت لعمي و كان أمامي؛ما قال يا عم؟قال:قال يا بني:
«كلهم من قريش» (1).
عن جابر بن سمرة،قال:
سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يخطب و هو يقول:
ألا إن الإسلام لا يزال عزيزا إلى إثني عشر خليفة،ثم قال كلمة لم أفهمها، فقلت لأبي ما قال،قال:
كلهم من قريش (2).
ملاحظة:
سوف نتناول في فصل قادم-إن شاء اللّه-هذه الأحاديث التي تضمنت النص على عدد الخلفاء،و نعطيها دلالاتها الحقيقية التي لا تنسجم إلا مع اطروحة الإمامة التي تبنتها مدرسة الأئمة من أهل البيت عليهم السلام.
كما سوف نتناول كل التفسيرات التي حاولت أن تعالج هذه النصوص وفق المنظور الذي تبنته مدرسة الخلفاء،و ما تواجهه تلك التفسيرات من إشكالات صعبة، لا يمكن تجاوزها إلاّ بالرجوع إلى منحى الأئمة عليهم السلام في فهم هذه النصوص (3).
ص: 151
(1)عن الإمام الصادق عن أبيه عن جده عليهم السلام قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«الأئمة بعدي إثنا عشر أولهم علي و أخرهم القائم،هم خلفائي و أوصيائي» (1).
(2)عن الإمام الرضا عليه السلام عن آبائه عليهم السلام مرفوعا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«من أحب أن يتمسك بديني،و يركب سفينة النجاة فليقتد بعلي بن أبي طالب،فإنّه وصيي و خليفتي على أمتي في حياتي و بعد مماتي» (2).
(3)عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«علي أقدمهم سلما،و أكثرهم علما-إلى أن قال-و هو الإمام و الخليفة بعدي» (3).
(4)عن أمير المؤمنين عليه السلام عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله قال:
«يا علي أنت وصيي،و أبو ولدي،و خليفتي على أمتي في حياتي و بعد موتي، أمرك أمري و نهيك نهي» (4).
(5)عن الإمام العسكري عن أبيه عن آبائه عليهم السلام مرفوعا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله قال:
ص: 152
«يا ابن مسعود،علي بن أبي طالب إمامكم بعدي،و خليفتي عليكم» (1).
(6)عن ابن عباس قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«يا علي أنت خليفتي على أمتي» (2).
(7)عن علي عليه السلام قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«يا علي أنت وصيي و خليفتي و وزيري و وارثي و أبو ولدي» (3).
(8)عن سلمان الفارسي قال:
سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يقول:
«يا معشر المهاجرين و الأنصار،ألا أدلكم على ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا؟.
قالوا:بلى يا رسول اللّه.
قال:«هذا علي أخي و وصيي و وزيري و وارثي،و خليفتي،و إمامكم فأحبوه بحبي،و أكرموه بكرامتي،فإنّ جبرائيل أمرني أن أقوله لكم» (4).ت.
ص: 153
ص: 154
تقدمت طائفة من هذه النصوص ضمن المجموعة الثانية و نضيف هنا نماذج أخرى توافرت على المصطلح،و لوضوح دلالات النصوص اكتفينا بالجانب الإثباتي و تركنا الحديث عن الجانب الدلالتي.
النص الأول:
1-جاء في المستدرك على الصحيحين للحاكم بالإسناد إلى عبد اللّه بن أسعد بن زرارة عن أبيه قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«أوحي إليّ في علي ثلاث:إنّه سيد المسلمين،و إمام المتقين،و قائد الغر المحجلين»(قال الحاكم:هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه) (1).
2-الطبراني في المعجم الصغير:
عن حكيم الجهني أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله قال:
إنّ اللّه أوحى إليّ في علي ثلاثة أشياء ليلة أسري إنه سيد المسلمين،و إمام المتقين،و قائد الغرّ المحجلين (2).
ص: 155
3-ابن الأثير في أسد الغابة،بالإسناد نفسه:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«لما عرج بي إلى السماء أنتهي بي إلى قصر من لؤلؤ،فراشه من ذهب يتلألأ، فأوحى اللّه إليّ في علي بثلاث خلال:إنه سيد المسلمين،و إمام المتقين،و قائد الغرّ المحجلين» (1).
4-ابن المغازلي الشافعي في المناقب و بالإسناد نفسه:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
أنتهيت ليلة أسري بي إلى سدرة المنتهى،فأوحي إليّ في علي ثلاث:إنه إمام المتقين،و سيد المسلمين،و قائد الغرّ المحجلين إلى جنات النعيم (2).
5-الصفوري في نزهة المجالس:
إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله،قال لعلي:
إنك سيد المسلمين،و إمام المتقين،و قائد الغرّ المحجلين (3).
6-ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة بالإسناد إلى عبد اللّه بن حكيم الجهني،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
إنّ اللّه تبارك و تعالى أوحى إليّ في علي ثلاثة أشياء ليلة أسري بي:بأنه سيد المؤمنين،و إمام المتقين،و قائد الغر المحجلين (4).
7-الهيثمي في مجمع الزوائد و بالإسناد نفسه:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:ت.
ص: 156
إن اللّه تعالى أوحى إليّ في علي ثلاثة أشياء ليلة أسري بي:إنه سيد المؤمنين، و إمام المتقين،و قائد الغرّ المحجلين (1).
8-الخوارزمي في المناقب و بالإسناد نفسه:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
أوحي إليّ في علي ثلاثة أشياء ليلة أسري بي:إنه سيد المؤمنين،و إمام المتقين،و قائد الغرّ المحجلين (2).
9-الخوارزمي في المناقب،بالإسناد إلى علي بن أبي طالب،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله لي:
يا علي أنت سيد المسلمين،و إمام المتقين،و قائد الغر المحجلين (3).
10-المتقي الهندي في كنز العمال بالإسناد إلى عبد اللّه بن أسعد بن زرارة عن أبيه،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
أوحى إليّ ربي في علي ثلاث خصال:إنه سيد المسلمين و إمام المتقين و قائد الغرّ المحجلين (4).
و ذكر هذا الحديث في مصادر أخرى منها:
1-الطبري في الرياض النضرة ج 3 ص /138ط.بيروت.
2-البدخشاني في نزل الابرار ص /77ط.بيروت.
3-الزرندي في نظم درر السمطين ص /114ط.النجف.ب.
ص: 157
4-الطبري:ذخائر العقبى ص /70ط.القاهرة.
5-المتقي الهندي في منتخب كنز العمال ج 5 ص /33ط.المكتب الإسلامي.
6-ابن عساكر:التاريخ،ترجمة علي عليه السلام ج 2 ص /259 ط.بيروت.
النص الثاني:
1-الحاكم في المستدرك على الصحيحين بالإسناد إلى جابر بن عبد اللّه،قال:
سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و هو آخذ بضبع (1)علي بن أبي طالب و هو يقول:
«هذا إمام البررة،و قاتل الفجرة،منصور من نصره،مخذول من خذله» (2).
2-الكنجي الشافعي في كفاية الطالب بالإسناد إلى جابر،قال:
سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يوم الحديبية و هو آخذ بضبع علي بن أبي طالب،و هو يقول:
هذا أمير البررة،و قاتل الفجرة،منصور من نصره،مخذول من خذله،ثم مدّ بها صوته،و قال:
أنا مدينة العلم و علي بابها،فمن أراد المدينة فليأتها من بابها (3).
3-الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل بالإسناد إلى أبي ذر الغفاري،قال:
سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله بهاتين و إلا فصمتا،و رأيته بهاتين و إلا فعميتا،و هو يقول:ت.
ص: 158
علي قائد البررة،و قاتل الكفرة،منصور من نصره،و مخذول من خذله (1).
4-ابن المغازلي الشافعي في المناقب بالإسناد إلى جابر بن عبد اللّه الأنصاري، يقول:
سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يوم الحديبية و هو آخذ بضبع علي بن أبي طالب،و هو يقول:
هذا أمير البررة،و قاتل الفجرة،منصور من نصره،مخذول من خذله،ثم مدّ بها صوته،فقال:
أنا مدينة العلم و علي بابها،فمن أراد العلم فليأت الباب (2).
5-السيوطي في الجامع الصغير:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
علي إمام البررة،و قاتل الفجرة،منصور من نصره،مخذول من خذله (3).
6-المناوي في كنوز الحقائق:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
علي إمام البررة،و قاتل الفجرة (4).
7-الصبان في إسعاف الراغبين بالإسناد إلى جابر بن عبد اللّه الأنصاري،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
علي إمام البررة،و قاتل الفجرة،منصور من نصره،مخذول من خذله (5).ط.
ص: 159
8-ابن حجر في الصواعق بالإسناد إلى جابر،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
علي إمام البررة،و قاتل الفجرة،منصور من نصره،مخذول من خذله (1).
9-الذهبي في ميزان الاعتدال بالإسناد إلى جابر،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
هذا أمير البررة،و قاتل الفجرة (2).
10-الخوارزمي في المناقب بالإسناد إلى حذيفة،قال:
سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله،يقول:
علي أمير البررة،قاتل الفجرة،منصور من نصره،مخذول من خذله،ألا و إن الحق معه،ألا و إن الحق معه،ألا فميلوا معه (3).
و ذكر هذا الحديث في مصادر أخرى منها:
1-المتقي الهندي:منتخب كنز العمال ج 5 ص /30ط.المكتب الإسلامي.
2-المتقي الهندي:كنز العمال ج 11 ص /602ط.حلب.
3-ابن طلحة الشافعي:مطالب السؤول ص /31مخطوط.
4-أحمد المغربي:فتح الملك العلي ص /52ط.إيران.
5-ابن الصباغ المالكي:الفصول المهمة ص /122ط.بيروت.
6-البدخشاني:نزل الابرار ص /58ط.بيروت.
7-الزرندي:نظم درر السمطين ص /87ط.النجف.م.
ص: 160
النص الثالث:
1-أبو نعيم في حلية الأولياء بالإسناد إلى حذيفة،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
من سره أن يحيا حياتي و يموت ميتتي،و يتمسك بالقصبة الياقوتية التي خلقها اللّه بيده،ثم قال لها كوني فكانت،فليتول علي بن أبي طالب بعدي (1).
2-الزبير بن بكار في الاخبار الموفقيات بالإسناد إلى عمار بن ياسر،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
أوصي من آمن باللّه و صدقني بولاية علي بن أبي طالب،من تولاه فقد تولاني،و من تولاني فقد تولى اللّه،و من أحبه فقد أحبني،و من أحبني فقد أحب اللّه عز و جل (2).
3-الكنجي الشافعي في كفاية الطالب بالإسناد إلى ابن عباس،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
من سره أن يحيا حياتي،و يموت مماتي،و يسكن جنة عدن غرسها ربي عز و جل فليوال عليا من بعدي،و ليوال وليّه،و ليقتدّ بالأئمة من بعدي فإنهم عترتي، خلقوا من طينتي،رزقوا فهما و علما،و ويل للمكذبين بفضلهم من أمتي،القاطعين فيهم صلتي،لا أنا لهم اللّه شفاعتي (3).
4-ابن عساكر في تاريخه بالإسناد إلى أبي ذر الغفاري،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:ت.
ص: 161
من سره أن يحيا حياتي و يموت مماتي و يسكن جنة عدن التي غرسها ربي فليتول عليا بعدي (1).
5-الهيثمي في مجمع الزوائد بالإسناد إلى زيد بن أرقم،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
من أحب أن يحيا حياتي و يموت موتي و يسكن جنة الخلد الذي و عدني ربي عز و جل غرس قضبانها بيده فليتول علي بن أبي طالب،فإنه لن يخرجكم من هدى و لن يدخلكم في ضلالة (2).
6-الديلمي في فردوس الأخبار بالإسناد إلى عمار بن ياسر،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
أوصي من آمن بي و صدق بولاية علي بن أبي طالب فمن تولاه فقد تولاني و من تولاني فقد تولى اللّه عز و جل (3).
7-الخوارزمي في المناقب بالإسناد إلى علي بن الحسين عن أبيه،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
من أحب أن يحيا حياتي و يموت موتي و يدخل الجنة التي وعدني ربي،فليتول علي بن أبي طالب و ذريته أئمة الهدى و مصابيح الدجى من بعده،فإنهم لن يخرجوكم من باب الهدى إلى باب الضلالة (4).
8-المتقي الهندي في منتخب كنز العمال بالإسناد إلى أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر عن أبيه عن جده،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:م.
ص: 162
أوصي من آمن بي و صدقني بولاية علي بن أبي طالب،فمن تولاه فقد تولاني،و من تولاني فقد تولى اللّه،و من أحبه فقد أحبني،و من أحبني فقد أحب اللّه،و من أبغضه فقد أبغضني و من أبغضني فقد أبغض اللّه عز و جل (1).
9-المنصور باللّه في هداية العقول بالإسناد إلى عمار بن ياسر،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
اللهم من آمن بي و صدقني فليتول علي بن أبي طالب فإن ولايته ولايتي و ولايتي ولاية اللّه (2).
10-المتقي الهندي في كنز العمال بالإسناد إلى أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر عن أبيه عن جده،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
أوصي من آمن بي و صدقني بولاية علي بن أبي طالب،فمن تولاه فقد تولاني،و من تولاني فقد تولى اللّه،و من أحبه فقد أحبني و من أحبني فقد أحب اللّه،و من أبغضه فقد أبغضني،و من أبغضني فقد أبغض اللّه (3).
النص الرابع:
1-أبو نعيم في حلية الأولياء:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام:
مرحبا بسيد المسلمين،و إمام المتقين (4).ت.
ص: 163
2-ابن عساكر في تاريخه بالإسناد إلى علي عليه السلام،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله لي:
مرحبا بسيد المسلمين،و إمام المتقين (1).
3-المتقي الهندي في منتخب كنز العمال بالإسناد نفسه:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
مرحبا بسيد المسلمين،و إمام المتقين (2).
4-ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة بالإسناد نفسه:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
مرحبا بسيد المسلمين،و إمام المتقين (3).
5-المتقي الهندي في كنز العمال بالإسناد نفسه:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
مرحبا بسيد المسلمين،و إمام المتقين (4).
6-ابن طلحة الشافعي في مطالب السؤول:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
مرحبا بسيد المسلمين،و إمام المتقين (5).
7-الزرندي في نظم درر السمطين بالإسناد إلى علي،قال:ط.
ص: 164
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
مرحبا بسيد المسلمين،و إمام المتقين (1).
8-المناوي في الكواكب الدرية:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
مرحبا بسيد المسلمين،و إمام المتقين (2).
النص الخامس:
القندوزي في ينابيع المودة بالإسناد إلى علي،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
الأئمة من ولدي،فمن أطاعهم فقد أطاع اللّه،و من عصاهم فقد عصى اللّه، هم العروة الوثقى،و الوسيلة إلى اللّه جل و علا (3).
النص السادس:
في المناقب عن ابن الطفيل بن وائلة قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«يا علي أنت وصيي حربك حربي و سلمك سلمي،و أنت الإمام و أبو الأئمة الأحد عشر المطهرون...» (4).م.
ص: 165
(1)عن علي عليه السلام قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«الأئمة بعدي إثنا عشر،أولهم أنت يا علي و آخرهم القائم الذي يفتح اللّه عز و جل على يديه مشارق الأرض و مغاربها» (1).
(2)عن أبي عبد اللّه الصادق عن أبيه عن جده عن علي عليه السلام قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«الأئمة بعدي إثنا عشر أولهم علي بن أبي طالب و آخرهم القائم خلفائي و أوصيائي و أوليائي و حجج اللّه على أمتي بعدي» (2).
(3)عن أبي ذر الغفاري قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«الأئمة بعدي إثنا عشر،تسعة من صلب الحسين،تاسعهم،قائمهم،ألا إن مثلهم فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا و من تخلف عنها غرق» (3).
(4)عن ابن عباس قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«يا علي أنت إمام المسلمين،و أمير المؤمنين،و قائد الغر المحجلين،و حجة اللّه بعدي و سيد الوصيين» (4).
ص: 166
(5)عن أبي ذر قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و قد طلع علينا علي عليه السلام:
«هذا إمامكم بعدي» (1).
(6)عن زيد بن أرقم قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«ألا أدلكم على ما إن تمسكتم به لن تهلكوا و لن تضلوا».
قال:
«إنّ إمامكم و وليكم علي بن أبي طالب،فوازروه و ناصحوه و صدقوه فإنّ جبرائيل أمرني بذلك» (2).
(7)عن أبي سعيد الخدري قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«معاشر أصحابي إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح و باب حطة في بني إسرائيل،فتمسكوا بأهل بيتي بعدي،و الأئمة الراشدين من ذريتي فإنكم لن تضلوا أبدا».
فقيل:يا رسول اللّه كم الأئمة بعدك؟
قال:إثنا عشر من أهل بيتي أو قال من عترتي» (3).
(8)عن سلمان الفارسي قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:ن.
ص: 167
«الأئمة من بعدي بعدد نقباء بني إسرائيل و كانوا إثني عشر،-ثم وضع يده على صلب الحسين و قال-تسعة من صلبه و التاسع مهديهم يملأ الأرض قسطا و عدلا،كما ملئت ظلما و جورا،فالويل لمبغضهم» (1).ن.
ص: 168
ملاحظة:
مصادر مدرسة الخلفاء توافرت بشكل واضح على تدوين نصوص الوصية على الرغم من كون ذلك يشكل تنافيا صريحا مع المسار الفكري و السياسي الذي تتبناه تلك المدرسة.
و هذا يعبّر عن جنبة موضوعية في الاحتفاظ بالنصوص،و من ناحية أخرى يؤكد وفرة الأحاديث و كثافة الروايات الصادرة في مسألة الإمامة،خاصة إذا وضعنا في اعتبارنا أنّ مصادر مدرسة الخلفاء قد دوّنت في مرحلة تاريخية تتوافر فيها كل الدواعي المذهبية و السياسية لإخفاء نصوص الإمامة،و أحاديث الولاية و روايات الفضائل الخاصة بأهل البيت عليهم السلام.
فعلى الباحث حينما يريد أن يتناول نصوص الإمامة المدونة في المصادر المعتمدة لدى مدرسة الخلفاء أن يضع في حسابه هذا الجانب الموضوعي لكي لا يفاجأ عند ما يجد بعض المصادر الهامة تخلو من النصوص ذات الصيغة المباشرة،و مرجع ذلك كما قلنا إلى عاملين أساسيين:-
العامل الأول:
كون النصوص التي تؤكد إمامة أهل البيت عليهم السلام تتنافى مع الصيغة السياسية التي قدّر لها أن تنجح في تسلّم السلطة منذ البدايات الأولى في تاريخ الأمة بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله...
ص: 169
العامل الثاني:
كون النصوص تؤكد المسار الفكري لمدرسة الأئمة من أهل البيت عليهم السلام، و هذا لا ينسجم مع ما تبتنه الصيغة الجديدة من منحى آخر في المجالات الفكرية و الاجتهادية و الفقهية...
و مع كل هذه الإعتبارات فإنّ مصادر مدرسة الخلفاء قد توافرت على نسبة كبيرة من النصوص صالحة لإثبات الإمامة،كما هو واضح من خلال ما طرحناه و نطرحه من أمثلة و نماذج و عينات.
النص الأول:
حديث الدار يوم الإنذار:
قول الرسول صلى اللّه عليه و آله و قد أخذ برقبة علي بن أبي طالب عليه السلام:
«إنّ هذا أخي،و وصيي،و خليفتي فيكم فاسمعوا له و أطيعوا» (1).
النص الثاني:
1-أحمد بن حنبل في المناقب بالإسناد إلى أنس بن مالك،قال:
قلنا لسلمان:
«سل النبي صلى اللّه عليه و آله من وصيه؟»
فقال له سلمان:
يا رسول اللّه من وصيك؟
ص: 170
فقال:يا سلمان من كان وصي موسى؟
فقال:فقلت يوشع بن نون.
قال صلى اللّه عليه و آله:
فإنّ وصيي و وارثي يقضي ديني و ينجز موعدي علي بن أبي طالب (1).
2-السبط بن الجوزي في تذكرة الخواص و بالإسناد نفسه:
قال:قلنا لسلمان الفارسي:
سل النبي صلى اللّه عليه و آله من وصيه؟
فسأل سلمان النبي صلى اللّه عليه و آله:
فقال صلى اللّه عليه و آله:
من كان وصي موسى بن عمران؟
فقال:يوشع بن نون.
قال صلى اللّه عليه و آله:
إن وصيي و وارثي و منجز وعدي علي بن أبي طالب (2).
3-الهيثمي في مجمع الزوائد بالإسناد إلى سلمان،قال:
قلت يا رسول اللّه،إن لكل نبي وصيا،فمن وصيك؟
فسكت عني،فلما كان بعدّ رآني،فقال:
يا سلمان فأسرعت إليه،قلت:لبيك.
قال:
تعلم من وصي موسى؟
قلت:نعم،يوشع بن نون.
قال:لم؟ت.
ص: 171
قلت:لأنه كان أعلمهم يومئذ.
قال:
فإن وصيي و موضع سري،و خير من أترك بعدي و ينجز عدتي و يقضي ديني علي بن أبي طالب (1).
4-الطبري في الرياض النضرة بالإسناد إلى أنس بن مالك،قال:
قلنا لسلمان:
سل النبي صلى اللّه عليه و آله من وصيه؟
فقال سلمان:
يا رسول اللّه من وصيك؟
فقال:
من كان وصي موسى؟
قال:يوشع بن نون.
قال صلى اللّه عليه و آله:
فإن وصيي و وارثي يقضي ديني و ينجز موعدي علي بن أبي طالب (2).
5-ابن تيمية في منهاج السنة بالإسناد نفسه:
قال:
قلنا لسلمان سل النبي صلى اللّه عليه و آله من وصيه؟
فقال سلمان:
يا رسول اللّه من وصيك؟
فقال:
من كان وصي موسى؟
قال:يوشع بن نون.
قال صلى اللّه عليه و آله:ت.
ص: 172
فإن وصيي و وارثي يقضي ديني و ينجز موعدي علي بن أبي طالب (1).
النص الثالث:
1-الذهبي في ميزان الاعتدال:
عن محمد بن حميد الرازي (2)عن سلمة الأبرش عن ابن إسحاق عن شريك، عن أبي ربيعة الأيادي عن ابن بريدة عن أبيه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله،قال:
«لكل نبي وصي و وارث،و إنّ عليا وصيي و وارثي» (3).
2-الكنجي الشافعي في كفاية الطالب بالإسناد إلى أبي بريدة عن أبيه،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
لكل نبي وصي و وارث،و إن عليا وصيي و وارثي (4).
3-ابن عساكر في تاريخه بالإسناد نفسه:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
لكل نبي وصي و وارث،و إن عليا وصيي و وارثي (5).ت.
ص: 173
4-ابن المغازلي الشافعي في المناقب،بالإسناد نفسه:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
لكل نبي وصي و وارث،و إن عليا وصيي و وارثي (1).
5-الطبري في ذخائر العقبى،بالإسناد نفسه:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
لكل نبي وصي و وارث،و إن عليا وصيي و وارثي (2).
6-المناوي في كنوز الحقائق:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
لكل نبي وصي و وارث و علي وصيي و وارثي (3).
7-الخوارزمي في المناقب عن أبي بريدة عن أبيه،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
لكل نبي وصي و وارث،و إن عليا وصيي و وارثي (4).
8-الطبري في الرياض النضرة،بالإسناد نفسه:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
لكل نبي وصي و وارث،و إن عليا وصيي و وارثي (5).
النص الرابع:
1-أبو نعيم في حلية الأولياء بالإسناد إلى أنس بن مالك،قال:ت.
ص: 174
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
يا أنس أسكب لي وضوءا،ثم قام فصلى ركعتين،ثم قال:
يا أنس أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين،و سيد المسلمين، و قائد الغرّ المحجلين،و خاتم الوصيين.
قال أنس:
اللهم اجعله رجلا من الأنصار و كتمته،إذ جاء علي،فقال:
من هذا يا أنس،فقلت:
علي،فقام مستبشرا فاعتنقه،ثم جعل يمسح عرق وجهه بوجهه،و يمسح عرف علي بوجهه،فقال علي:
يا رسول اللّه لقد رأيتك صنعت شيئا ما صنعت بي من قبل؟قال:
و ما يمنعني و أنت تؤدي عني،و تسمعهم صوتي،و تبين لهم ما اختلفوا فيه بعدي (1).
2-الذهبي في ميزان الاعتدال بالإسناد نفسه:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
يا أنس أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين،و سيد المسلمين، و قائد الغرّ المحجلين،و خاتم الوصيين (2).
3-الخوارزمي في المناقب بالإسناد نفسه:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
يا أنس أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين،و سيد المسلمين، و قائد الغرّ المحجلين،و خاتم الوصيين (3).م.
ص: 175
4-ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة بالإسناد نفسه:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
يا أنس أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين،و سيد المسلمين، و قائد الغرّ المحجلين،و خاتم الوصيين (1).
5-الكنجي الشافعي في كفاية الطالب بالإسناد نفسه:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
يا أنس أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين،و سيد المسلمين، و قائد الغرّ المحجلين،و خاتم الوصيين (2).
النص الخامس:
1-القندوزي في ينابيع المودة بالإسناد إلى جابر:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
أنا سيد النبيين و علي سيد الوصيين،و إن أوصيائي بعدي إثنا عشر أولهم علي و آخرهم القائم المهدي (3).
2-الخطيب البغدادي في تاريخه:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
أنا خاتم الأنبياء،و أنت يا علي خاتم الأولياء (4).
3-المناوي في كنوز الحقائق:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:ت.
ص: 176
أنا خاتم الأنبياء و أنت يا علي خاتم الأوصياء (1).
4-القندوزي في ينابيع المودة بالإسناد إلى أبي ذر،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
أنا خاتم النبيين و أنت يا علي خاتم الوصيين إلى يوم الدين (1).
النص السادس:
الحمويني الشافعي في فرائد السمطين بالإسناد إلى ابن عباس،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«إنّ خلفائي و أوصيائي و حجج اللّه على الخلق بعدي،إثنا عشر أولهم أخي و آخرهم ولدي.
قيل:يا رسول اللّه و من أخوك؟
قال:علي بن أبي طالب.
قيل:فمن ولدك؟
قال:المهدي الذي يملؤها قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا.
و الذي بعثني بالحق نبيا،لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل اللّه ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي المهدي فينزل روح اللّه عيسى بن مريم فيصلي خلفه، و تشرق الأرض بنوره و يبلغ سلطانه المشرق و المغرب» (2).
(3)عن أمير المؤمنين عليه السلام قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
ص: 177
«من أحب أن يحيا حياتي،و يموت مماتي و يدخل جنة عدن التي و عدني ربي...فليتول علي بن أبي طالب و الأوصياء من بعده،فإنهم لا يخرجونكم من الهدى و لا يدخلونكم في ضلالة (1).
(2)عن الإمام الصادق عن أبيه عن جده عليهم السلام قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«الأئمة بعدي إثنا عشر أولهم علي و آخرهم القائم،هم خلفائي و أوصيائي» (2).
(3)عن الإمام الرضا عن آبائه عليهم السلام عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله قال:
«من أحب أن يتمسك بديني،و يركب سفينة النجاة،فليقتد بعلي بن أبي طالب،فإنّه وصيي و خليفتي على أمتي في حياتي و بعد مماتي» (3).
(4)عن ابن عباس قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«أنا سيد النبيين و علي سيد الوصيين» (4).
(5)عن ابن عباس قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«معاشر الناس من أحسن من اللّه قيلا،إنّ ربكم جل جلاله أمرني أن أقيم لكم عليا علما و إماما و خليفة و وصيا،و أن أتخذه أخا و وزيرا» (5).ن.
ص: 178
(6)عن أبي أيوب الأنصاري قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«أنا سيد الأنبياء و علي سيد الأوصياء،و سبطاي خير الأسباط،و منا الأئمة المعصومون من صلب الحسين،و منا مهدي هذه الأمة.
فقيل له:
يا رسول اللّه كم عدد الأئمة بعدك؟
قال:عدد الأسباط و حواري عيسى و نقباء بني إسرائيل» (1).
(7)عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال:
كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله في الشكاة التي قبض فيها،فإذا فاطمة عند رأسه،قال:
فبكت حتى ارتفع صوتها.
فرفع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله طرفه إليها فقال:
حبيبتي فاطمة ما الذي يبكيك؟
قالت:أخشى الضيعة بعدك يا رسول اللّه.
قال:
يا حبيبتي لا تبكين،فنحن أهل بيت قد أعطانا اللّه سبع خصال لم يعطها أحدا قبلنا و لم يعطها أحدا بعدنا.منا خاتم النبيين و أحب المخلوقين إلى اللّه عز و جل و هو أنا أبوك،و وصينا خير الأوصياء و أحبهم إلى اللّه و هو بعلك،و شهيدنا خير الشهداء و أحبهم إلى اللّه و هو عمك،و منا من له جناحان في الجنة يطير بها مع الملائكة و هو ابن عمك و منا سبطا هذه الأمة و هما إبناك الحسن و الحسين.
و سوف يخرج اللّه من صلب الحسين تسعة من الأئمة أمناء معصومون.م.
ص: 179
و منا مهدي هذه الأمة،إذا صارت الدنيا هرجا و مرجا و تظاهرت الفتن و تقطعت السبل،و أغار بعضهم على بعض،فلا كبير يرحم صغيرا،و لا صغير يوقر كبيرا،فيبعث اللّه عند ذلك مهدينا،التاسع من صلب الحسين،يفتح حصون الضلالة و قلوبا غفلى،يقوم في الدين في آخر الزمان،كما قمت به في أول الزمان و يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا» (1).
(8)عن سلمان الفارسي قال:
قلنا يوما:
يا رسول اللّه من الخليفة بعدك حتى نعلمه؟
قال لي:
يا سلمان أدخل عليّ أبا ذر و المقداد و أبا أيوب الأنصاري-و أم سلمة زوجة النبي من وراء الباب-.
ثم قال لنا:
اشهدوا و افهموا عني،إنّ علي بن أبي طالب وصيي و وارثي و قاضي ديني و عداتي،و هو الفارق بين الحق و الباطل و هو يعسوب المسلمين،و إمام المتقين،و قائد الغر المحجلين،و الحامل غدا لواء رب العالمين،هو و ولداه من بعده،ثم من ولد الحسين إبني أئمة تسعة هداة مهديون إلى يوم القيامة» (2).
ملاحظة:
للاطلاع على المزيد من نصوص الوصية المدونة في مصادر مدرسة أهل البيت عليهم السلام يقرأ:
1-كمال الدين:للشيخ الصدوق(ت 281 ه).م.
ص: 180
2-كفاية الأثر في النصوص على الأئمة الاثني عشر:لعلي بن محمد الخزار القمي(من تلامذة الشيخ الصدوق).
3-غاية المرام و حجة الخصام:للسيد هاشم البحراني(ت 1107 ه).
4-عقبات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار:للسيد حامد حسين الكهنوي(ت 1306 ه).
5-الغدير في الكتاب و السنة و الأدب:للشيخ الأميني.
إنّ نظرة متأنية في نصوص الوصية،تمنحنا رؤية واضحة حول دلالاتها السياسية و القيادية،هذه الدلالات التي تتجاوز ذلك المفهوم الطافح العادي الذي تحاول بعض التفسيرات أن تعطيه لهذه النصوص.
و نؤكد مرة أخرى أنّ الذي ألجأ مدرسة الخلفاء إلى إلغاء الدلالة السياسية و القيادية لنصوص الوصية،هو حالة التنافي الصريح بين هذه الدلالة و الصيغة الحاكمة المتبناة من قبل المدرسة..
و أمّا الرؤية المقابلة التي تتبناها مدرسة الأئمة من أهل البيت عليهم السلام،فهي تعتمد مجموعة عناصر تحدد الدلالة الحقيقية لهذه النصوص:-
القرائن اللفظية:
لكي نحدد الدلالة الحقيقية لمفردة«الوصي»في هذه النصوص يجب أن نتعامل معها من خلال الصيغة التعبيرية بما تحمله من قرائن لفظية تعطي الكلمة مضمونها و معناها،و إنّ فصل الكلمة عن وسطها الصياغي يصادر الدلالة الأصلية لها.
ص: 181
و نحاول إبراز جانب من تلك القرائن:
1-إقتران المفردة بلفظ«الخليفة»في أغلب النصوص:
-«إنّ خلفائي و أوصيائي...».
-«فإنّه وصيي و خليفتي على أمتي...».
-إنّ ربكم أمرني أن أقيم لكم عليا علما و إماما و خليفة و وصيا».
فهذا الاقتران يحدد المضمون القيادي و السياسي للمفردة.
2-التأكيد على وجوب الطاعة لا ينسجم إلاّ مع الموقع القيادي.
-«فاسمعوا له و أطيعوا...».
3-تعبيرات تحدد وظائف قيادية:
-«و أنت تؤدي عني،و تسمعهم صوتي،و تبين لهم ما اختلفوا فيه بعدي».
4-تعبيرات تحدد خصائص قيادية:
-«من أحب أن يتمسك بديني و يركب سفينة النجاة بعدي فليقتد بعلي بن أبي طالب..فإنّه وصيي و خليفتي».
-«إنّ وصيي و موضع سري و خير من أترك بعدي...».
-«يا علي أنت وصيي،حربك حربي و سلمك سلمي».
-«أنت وصيي...تقضي ديني،و تنجز عداتي،و تقاتل عن سنتي».
5-الاستفسارات الصادرة عن الصحابة:
-«يا رسول اللّه من الخليفة بعدك؟
فيجيب صلى اللّه عليه و آله:
علي بن أبي طالب وصيي و وارثي» (1).ص.
ص: 182
التأكيدات المستمرة منذ بداية الدعوة و حتى آخر لحظة في حياته صلى اللّه عليه
و آله:
فلو استقرأنا«أحاديث الوصية»لوجدناها تمتد مع حركة الدعوة منذ بداياتها في يوم الإنذار حينما نزل قوله تعالى:
وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (1) ،و حتى النهايات الأخيرة في حياة الرسول صلى اللّه عليه و آله.
و هذا يعبّر عن خطورة المفهوم الذي أرادت هذه النصوص تأصيله في ذهنية الأمة،و في وجدانها و في حركتها.
فأيّ مفهوم هذا الذي يحمل هذا العمق في مسيرة الرسالة،و في حركة الدعوة؟
ليس إلاّ مفهوم القيادة و الإمامة و الخلافة..و هو المفهوم الذي ينسجم مع هذا اللون المكثف من هذه التأكيدات و الاهتمامات.
و إنّ إعطاء«أحاديث الوصية»مدلولا عاديا،إغفال واضح لطبيعة النصوص التي عالجت المسألة بدرجة كبيرة من العمق و التأكيد و الاهتمام.
و إذا ساغ لنا أن نفهم الوصية لعلي عليه السلام ضمن هذا المدلول العادي الذي لا يتجاوز قضاء الديون و رعاية الأهل و الأولاد فكيف يمكن أن نفهم ذلك بالنسبة لبقية الأئمة عليهم السلام الذين عبرت عنهم أحاديث الرسول صلى اللّه عليه و آله بالأوصياء؟
احتجاجات الأئمة عليهم السلام بنصوص الوصية:
ص: 183
1-عن علي عليه السلام:
«أنا أخو رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و وصيه» (1).
2-و روى ابن أبي الحديد في«شرح النهج»قول علي عليه السلام في كتاب له إلى أهل مصر:
«و اعلموا أنّه لا يسوى إمام الهدى و إمام الردى،و وصي النبي و عدو النبي» (2).
3-و ذكر اليعقوبي جواب الإمام علي عليه السلام للخوارج حيث زعموا أنّه عليه السلام قد ضيّع الوصية:
«أمّا قولكم أنّي كنت وصيا فضيعت الوصية،فإنّ اللّه عز و جل يقول:
وَ لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً،وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ (3) أفرأيتم هذا البيت لو لم يحج إليه أحد كان البيت يكفر؟
إنّ هذا البيت لو تركه من استطاع إليه سبيلا كفر،و أنتم كفرتم بترككم إيايّ لا أنا بتركي لكم» (4).
4-و من كلام لأمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة قال:
«لا يقاس بآل محمد صلى اللّه عليه و آله من هذه الأمة أحد،و لا يسوى بهم من جرت نعمتهم عليه أبدا،هم أساس الدين،و عماد اليقين،إليهم يفيء الغالي،و بهم يلحق التالي،و لهم خصائص حق الولاية و فيهم الوصية و الوراثة» (5).ن.
ص: 184
5-و من كلامه عليه السلام في نهج البلاغة:
«أيّها الناس إنّي قد بثثت لكم المواعظ التي وعظ الأنبياء بها أممهم،و أدّيت لكم ما أدّت الأوصياء إلى من بعدهم» (1).
قال عليه السلام في إحدى خطبه:
«أيّها الناس من عرفني فقد عرفني،و من لم يعرفني فأنا الحسن بن علي،و أنا ابن النبي،و أنا ابن الوصي،و أنا ابن البشير،و أنا ابن النذير،و أنا ابن الداعي إلى اللّه بإذنه،و أنا ابن السراج المنير،و أنا من أهل البيت الذي كان جبريل ينزل إلينا و يصعد من عندنا،و أنا من أهل البيت الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا،و أنا من أهل البيت الذين افترض مودتهم على كل مسلم...» (2).
خطب الإمام الحسين عليه السلام في اليوم العاشر من المحرم فقال:
«أمّا بعد فانسبوني فانظروا من أنا،ثم ارجعوا إلى أنفسكم و عاتبوها هل يجوز لكم قتلي و انتهاك حرمتي،ألست ابن بنت نبيكم صلى اللّه عليه و آله،و ابن وصيه، و ابن عمه و أول القوم إسلاما،و أول المؤمنين باللّه،و المصدق لرسوله بما جاء من عند ربّه» (3).
ص: 185
قال عليه السلام و هو يتحدث عن علي عليه السلام:
«كان علي يرى مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله قبل الرسالة الضوء و يسمع الصوت،و قال له صلى اللّه عليه و آله:
لو لا أنّي خاتم الأنبياء لكنت شريكا في النبوة،فإن لا تكن نبيا فإنك وصي نبي و وارثه،بل أنت سيد الأوصياء و إمام الأتقياء» (1).
ص: 186
نصوص الوراثة نصوص في مصادر مدرسة الخلفاء:-
النص الأول:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«لكلّ نبي وصي و وارث و إنّ عليا وصيي و وارثي» (1).
النص الثاني:
1-قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام في حديث المؤاخاة:
«و الذي بعثني بالحق ما أخرتك إلاّ لنفسي،و أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبي بعدي،و أنت أخي و وارثي.
فقال:و ما أرث منك؟
قال:ما ورث الأنبياء قبلي،كتاب ربهم و سنة نبيهم» (2).
2-الخوارزمي في المناقب بالإسناد إلى زيد بن أبي أوفى،قال:
لما آخى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله بين أصحابه،قال علي:
لقد ذهب روحي و انقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري، فإن كان هذا من سخط عليّ فلك العتبى و الكرامة،فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
ص: 187
و الذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي و أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي،و أنت أخي و وارثي،قال:
و ما أرث منك يا نبي اللّه؟قال:
ما ورث الأنبياء قبلي،قال:
و ما هو؟قال:
كتاب ربهم و سنة نبيهم (1).
3-الطبري في الرياض النضرة بالإسناد إلى أنس،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله لعلي:
أنت أخي و وارثي،قال:
و ما أرث منك يا نبي اللّه؟قال:
ما ورث الأنبياء من قبلي.قال:
و ما ورث الأنبياء من قبلك؟قال:
كتاب ربهم و سنة نبيهم (2).
4-المتقي الهندي في كنز العمال بالإسناد إلى علي،قال:
آخى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله بين أصحابه،قال علي:
لقد ذهب روحي و انقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري، فإن كان هذا من سخط عليّ فلك العتبى و الكرامة،فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
و الذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي و أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي،و أنت أخي و وارثي،قال:
و ما أرث منك يا نبي اللّه؟قال:ت.
ص: 188
ما ورث الأنبياء قبلي،قال:
و ما هو؟قال:
كتاب ربهم و سنة نبيهم (1).
5-الزرندي في نظم درر السمطين بالإسناد نفسه:
لما آخى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله بين أصحابه،قال علي:
لقد ذهب روحي و انقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري، فإن كان هذا من سخط عليّ فلك العتبى و الكرامة،فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
و الذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي و أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي،و أنت أخي و وارثي،قال:
و ما أرث منك يا نبي اللّه؟قال:
ما ورث الأنبياء قبلي،قال:
و ما هو؟قال:
كتاب ربهم و سنة نبيهم (2).
6-السبط بن الجوزي في تذكرة الخواص:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله لعلي:
و الذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي،و أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي،و أنت أخي و وارثي،فقال علي:
و ما أرث منك؟قال صلى اللّه عليه و آله:
ما ورث الأنبياء قبلي،كتاب ربهم و سنة نبيهم (3).ت.
ص: 189
النص الثالث:
1-الحاكم في المستدرك على الصحيحين بالإسناد إلى ابن عباس،قال:
كان علي يقول:
«و اللّه إني لأخوه و وليه و ابن عمه و وارث علمه فمن أحق به مني» (1).
2-الزرندي في نظم درر السمطين:
قال علي:
«و اللّه إني لأخوه و وليه و ابن عمه و وارث علمه،و من أحق به مني؟» (2).
النص الرابع:
1-الحاكم في المستدرك بالإسناد إلى أبي اسحاق،قال:
سألت قثم بن العباس كيف ورث علي رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله دونكم؟ قال:
لأنه كان أولنا به لحوقا و أشدنا به لزوقا.
و قال الحاكم:
هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه (3).
2-المتقي الهندي في منتخب كنز العمال بالإسناد نفسه:
قال:
قيل لقثم:
كيف ورث علي رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله دونكم،قال:
إنه كان أوّلنا لحوقا و أشدنا به وثوقا (4).ي.
ص: 190
3-النسائي في خصائص علي بالإسناد إلى عبد الرحمن بن خالد،قال:
سألت قثم بن العباس:
من أين ورث علي رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله،قال:
إنه كان أوّلنا به لحوقا و أشدنا به لزوقا (1).
4-المتقي الهندي في كنز العمال بالإسناد إلى أبي اسحاق،قال:
قيل لقثم:
كيف ورث علي النبي صلى اللّه عليه و آله دونكم؟قال:
إنه كان أوّلنا به لحوقا و أشدنا به لزوقا (2).
النص الخامس:
1-المتقي الهندي في كنز العمال بالإسناد إلى علي أنه قيل له:
كيف ورثت ابن عمك دون عمك؟قال:
«جمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله بني عبد المطلب و هم رهط كلهم يأكل الجذعة (3)و يشرب الفرق (4)فصنع لهم مدّا من طعام فأكلوا حتى شبعوا و بقي الطعام كما هو كأنه لم يمس أو لم يشرب،فقال صلى اللّه عليه و آله:
يا بني عبد المطلب إني بعثت إليكم خاصة و إلى الناس عامة و قد رأيتم من هذه الآية ما رأيتم فأيكم يبايعني على أن يكون أخي و صاحبي و وارثي؟فلم يقم إليه أحد فقمت إليه و كنت من أصغر القوم،فقال:].
ص: 191
إجلس،ثم قال ثلاث مرات كل ذلك أقوم إليه فيقول لي:
إجلس،حتى كان في الثالثة،ضرب بيده على يدي،فلذلك ورثت ابن عمي دون عمي (1).
و ورد هذا الحديث بهذه الألفاظ في كثير من المصادر منها:-
1-ابن أبي الحديد:شرح نهج البلاغة ج 13 ص /212ط.بيروت.
2-المتقي الهندي:منتخب كنز العمال ج 5 ص /42ط.المكتب الإسلامي.
3-الطبري:تاريخ الطبري ج 2 ص /64ط.بيروت.
4-الكنجي الشافعي:كفاية الطالب ص /179ط.بيروت.
النص السادس:
روى محب الدين الطبري في(الرياض النضرة):
عن معاذ قال:
قال علي عليه السلام:
«يا رسول اللّه ما أرث منك؟قال:
ما يرث النبيون بعضهم من بعض كتاب اللّه و سنة نبيه» (1).
(1)و عن أمير المؤمنين عليه السلام قال:قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«يا علي أنت أخي و أنا أخوك،أنا المصطفى للنبوة،و أنت المجتبى للإمامة،أنا صاحب التنزيل و أنت صاحب التأويل،و أنت أبو هذه الأمة،يا علي أنت وصيي، و خليفتي،و وزيري،و وارثي،و أبو ولدي» (2).
(3)عن سلمان الفارسي قال:
سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يقول:
يا معشر المهاجرين و الأنصار،ألا أدلكم على ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا؟قالوا:
بلى يا رسول اللّه.قال:
هذا علي أخي،و وصيي و وزيري،و وارثي،و خليفتي إمامكم فأحبوه بحبي، و أكرموه بكرامتي،فإن جبرائيل أمرني أن أقوله لكم» (2).
(4)عن الإمام الحسن عليه السلام قال:
سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يقول لعلي عليه السلام:
«أنت وارث علمي،و معدن حكمي،و الإمام بعدي» (3).
(5)من وصية رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله حين حضرته الوفاة:
«اللّه اللّه في أهل بيتي،مصابيح الظلم،و معادن العلم،و ينابيع الحكم، و مستقر الملائكة،منهم وصيي،و أميني،و وارثي،و هو مني بمنزلة هارون من موسى،ألا هل بلغت؟...» (4).ن.
ص: 193
(6)و من وصيته صلى اللّه عليه و آله:
«القرآن إمام هدى،و له قائد يهدي إليه،و يدعو إليه بالحكمة و الموعظة الحسنة،ولي الأمر بعدي وليه،و وارث علمي،و حكمتي،و سري و علانيتي،و ما ورّثه النبيون من قبلي،و أنا وارث و مورث،فلا تكذبنكم أنفسكم،أيها الناس:اللّه اللّه في أهل بيتي فإنّهم أركان الدين،و مصابيح الظلم،و معدن العلم،علي أخي، و وارثي،و وزيري،و أميني،و القائم بأمري،و الموفي بعهدي على سنتي،أول الناس بي إيمانا،و آخرهم عهدا عند الموت،و أولهم لي لقاء يوم القيامة،فليبلغ شاهدكم غائبكم» (1).
(7)عن سلمان قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«علي بن أبي طالب وصيي و وارثي و قاضي ديني و عداتي،و هو الفارق بين الحق و الباطل،و هو يعسوب المسلمين،و إمام المتقين» (2).
(8)عن عمار قال:
لما حضرت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله الوفاة دعا بعلي عليه السلام،فسارّه طويلا ثم قال:
«يا علي أنت وصيي،و وارثي،قد أعطاك اللّه علمي و فهمي» (3).
(9)عن الأصبغ بن نباته قال:
سمعت عمران بن حصين يقول:
سمعت النبي صلى اللّه عليه و آله يقول لعلي عليه السلام:
«أنت وارث علمي،و أنت الإمام و الخليفة بعدي،تعلم الناس بعدي ما لا يعلمون،و أنت أبو سبطي،و زوج ابنتي،و من ذريتكم العترة الأئمة المعصومون..
فسأله سلمان عن الأئمة،فقال:م.
ص: 194
عدد نقباء بني اسرائيل» (1).
من خلال مجموعة اعتبارات يمكن أن نعطي للوراثة مضمونا سياسيا و فكريا و روحيا يرتبط بمسألة الإمامة و القيادة و الخلافة:-
1-فلا يمكن أن نفهم الوراثة في حدود المدلول الفقهي لهذه المفردة.
أمّا على مبنى مدرسة الخلفاء فلأنّ النبي صلى اللّه عليه و آله لا يورث،و لأنّ العم مقدّم على ابن العم في الميراث.
و أمّا على مبنى مدرسة أهل البيت عليهم السلام فالبنت تحجب ابن العم في مراتب الورثة.
2-ورود المفردة في سياق عدة مفردات تؤكد المضمون القيادي:
(الوصي،الخليفة،الوزير،الوارث).
3-مضامين الوراثة كما حددتها النصوص:-
أ-«ما أرث منك؟
-ما ورث الأنبياء من قبلي،كتاب ربهم و سنة نبيهم» (2).
ب-«و وارث علمه...» (3).
ج-«أنت وارث علمي» (4).
د-«أنت وصيي و وارثي قد أعطاك اللّه علمي و فهمي» (5).
ص: 195
ه-وارث علمي و حكمتي و سري و علانيتي،و ما ورثت النبيون من قبلي» (1).
و-«تعلم الناس بعدي ما لا يعلمون...» (2).
فنظرة متأنية متأملة في هذه المقاطع،تضع الباحث أمام المضمون الكبير للوراثة التي ورد التأكيد عليها في النصوص،فإن القيمومة على كتاب اللّه و سنة نبيه صلى اللّه عليه و آله و احتضان فكر الرسالة و أحكامها،و الاختصاص بالمهام التبليغية و الترشيدية في حركة الدعوة،و مسيرة الأمة،مضامين لا تنسجم إلاّ مع موقع الإمامة و القيادة.2.
ص: 196
في المنظومة الأولى تناولنا عدة نماذج من النصوص التي طرحت مسألة الإمامة بشكل مباشر عبر مفردات واضحة الدلالة في هذا الاتجاه من أمثال(الإمامة و الخلافة و الوراثة).
و في هذه المنظومة نحاول تناول نماذج أخرى من النصوص طرحت مسألة الإمامة،لا من خلال مفرداتها المباشرة،و إنّما من خلال«خصائصها اللازمة».
و إذا أردنا أن نستعير المصطلحات المنطقية فإنّنا نستطيع أن نصوغ المنظومتين من النصوص بالشكل التالي:-
(1)المنظومة الأولى:
و تضم النصوص التي تدل على الإمامة«بالدلالة المطابقية»و الدلالة المطابقية في التعريف المنطقي هي:«دلالة اللفظ على تمام معناه الموضوع له و مطابقته» (1).
فكل المفردات التي تضمنتها نصوص المنظومة الأولى من أمثال(الولي، و الخليفة،و الإمام،و الوصي،و أمير المؤمنين)تدل على معنى«الإمامة و الخلافة»دلالة مطابقية.
(2)المنظومة الثانية:
و تضم النصوص التي تدل على الإمامة«بالدلالة الإلتزامية»و الدلالة الإلتزامية في التعريف المنطقي هي عبارة عن:
ص: 197
«دلالة اللفظ على معنى خارج عن معناه الموضوع له،لازم له يستتبعه إستتباع الرفيق اللازم» (1).
المثال الأول:
لو أخذنا نصا«كآية التطهير»يدل على عصمة أهل البيت عليهم السلام،فإننا نستطيع أن نعتمده دليلا من أدلة الإمامة،من خلال تطبيق الصيغة الإستدلالية التالية:
أ-آية التطهير نص يدل على عصمة أهل البيت«كما سنبرهن على ذلك إن شاء اللّه».
ب-و العصمة من الخصائص اللازمة للإمامة.
ج-فآية التطهير نص يدل على إمامة هل البيت.
المثال الثاني:
آية أولي الأمر:-
أ-النص يدل على وجوب طاعة الأئمة من أهل البيت.
ب-و وجوب الطاعة من الخصائص اللازمة للإمامة.
ج-فالنص يدل على إمامة الأئمة من أهل البيت.
ملاحظة:
لو تعاملنا مع«آية أولي الأمر»من خلال«وجوب الطاعة»فإننا نضعها ضمن نصوص المنظومة الثانية،و أمّا إذا تعاملنا معها من خلال مفردة«أولي الأمر»الوارد تفسيرها في الأئمة من أهل البيت فإننا نضع الآية ضمن نصوص المنظومة الأولى.
ص: 198
فقوله تعالى من سورة النساء:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (1) يؤكد إمامة الأئمة من أهل البيت بشكل مباشر،باعتبارهم المعنيين بقوله تعالى وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ كما أشارت إلى ذلك بعض مصادر مدرسة الخلفاء منها:-
الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل بالإسناد إلى أبي بصير عن أبي جعفر:
سأله عن قول اللّه أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ، قال:
نزلت في علي بن أبي طالب،قلت:
إن الناس يقولون:
فما منعه أن يسمي عليا و أهل بيته في كتابه؟فقال أبو جعفر:
قولوا لهم:
إن اللّه أنزل على رسوله الصلاة و لم يسم ثلاثا و لا أربعا حتى كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله هو الذي يفسر ذلك،و أنزل الحج فلم ينزل طوفوا سبعا حتى فسّر ذلك لهم رسول اللّه و أنزل أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فنزلت في علي و الحسن و الحسين،و قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
أوصيكم بكتاب اللّه و أهل بيتي إني سألت اللّه أن لا يفرق بينهما حتى يوردهما عليّ الحوض فأعطاني ذلك (2).
-القندوزي في ينابيع المودة:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
لما نزلت الآية أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ، فكان علي ثم صار بعده الحسن ثم من بعده الحسين ثم من بعده علي بن الحسين ثم من بعده محمد بن علي...الحديث» (3).ف.
ص: 199
المثال الثالث:
النصوص التي اعتبرت الأئمة من أهل البيت هم«وسائل الأمان و النجاة للأمة»،و هذه الخصيصة هي إحدى خصائص الإمامة،و بالتالي تمثل هذه النصوص أدلة تعتمد لإثبات إمامة الأئمة من أهل البيت عليهم السلام.
الخلاصة:
إنّ كل نص يتضمن إحدى خصائص الإمامة،يمكن إعتماده دليلا لإثبات الإمامة،من خلال تطبيق الصيغة الاستدلالية الآنفة.
آية التطهير:
قوله تعالى:
إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (1) .
النزول:
أكدّت مصادر الحديث و التفسير على نزول الآية في خمسة:-
أ-رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله.
ب-أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.
ج-فاطمة الزهراء عليها السلام.
د-الحسن و الحسين عليهما السلام.
(1)صحيح مسلم:
بالإسناد إلى صفية بنت شيبة قالت:
ص: 200
قالت عائشة:
خرج النبي صلى اللّه عليه و آله غداة و عليه مرط (1)مرحّل (2)من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله،ثم جاء الحسين فدخل معه،ثم جاءت فاطمة فأدخلها،ثم جاء علي فأدخله،ثم قال: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (3).
(2)صحيح الترمذي:
بالإسناد إلى عمر بن أبي سلمة ربيب النبي صلى اللّه عليه و آله قال:
لما نزلت هذه الآية على النبي صلى اللّه عليه و آله:
إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً في بيت أم سلمة،فدعا فاطمة و حسنا و حسينا،و علي خلف ظهره فجللهم بكساء ثم قال:
اللهم هؤلاء أهل بيتي،فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا،قالت أم سلمة:
و أنا معهم يا نبي اللّه؟قال:
«أنت على مكانك و أنت على خير» (4).
(3)الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل بالإسناد إلى أنس بن مالك،قال:
كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يمرّ ببيت فاطمة ستة أشهر إذا خرج إلى صلاة الفجر،فيقول:
الصلاة يا أهل البيت الصلاة إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (5).ت.
ص: 201
(4)مسند أحمد بن حنبل:
«عن أم سلمة أنّ النبي صلى اللّه عليه و آله كان في بيتها فأتت فاطمة ببرمة فيها خزيرة (1)فدخلت بها عليه فقال لها:
ادعي زوجك و ابنيك،قالت:
فجاء علي و الحسن و الحسين فدخلوا عليه فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة و هو على منامة له على دكان تحته كساء له خيبري،قالت:
و أنا أصلي في الحجرة فأنزل اللّه عز و جل هذه الآية: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً قالت:
فأخذ فضل الكساء فغشاهم به،ثم أخرج يده فألوى بها السماء ثم قال:
اللهم هؤلاء أهل بيتي و خاصتي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا،اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا،قالت:
فأدخلت رأسي البيت فقلت:
و أنا معكم يا رسول اللّه؟قال:
إنك إلى خير إنك إلى خير» (2).
(5)المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري:
(أ)عن أم سلمة قالت:
في بيتي نزلت إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ، قالت:
فأرسل رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله إلى علي و فاطمة و الحسن و الحسين فقال:
هؤلاء أهل بيتي.
(قال الحاكم):
هذا حديث صحيح على شرط البخاري و لم يخرجاه (3).ت.
ص: 202
(ب)عن وائلة بن الأسقع قال:
أتيت عليا فلم أجده فقالت لي فاطمة انطلق إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يدعوه فجاء مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فدخلا و دخلت معهما فدعا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله الحسن و الحسين فأقعد كل واحد منهما على فخذيه و أدنى فاطمة من حجره و زوجها ثم لف عليهم ثوبا و قال:
إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً. ثم قال:
هؤلاء أهل بيتي اللهم أهل بيتي أحق.
(قال الحاكم):
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه (1).
(ج)عن عائشة قالت:
خرج النبي صلى اللّه عليه و آله غداة و عليه مرط مرحّل من شعر أسود فجاء الحسن و الحسين فأدخلهما معه،ثم جاءت فاطمة فأدخلها معهما،ثم جاء علي فأدخله معهم،ثم قال:
إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (2) .
6-ابن الأثير في أسد الغابة بالإسناد إلى أم سلمة،قالت:
في بيتي نزلت إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، قالت:
فأرسل رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله إلى فاطمة،و علي،و الحسن،و الحسين، فقال:
هؤلاء أهل بيتي (3).ت.
ص: 203
7-الصبان في إسعاف الراغبين:
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله جاء و معه علي و فاطمة و حسن و حسين قد أخذ كل واحد منهما بيده حتى دخل فأدنى عليا و فاطمة و أجلسهما بين يديه و أجلس حسنا و حسينا كل واحد منهما على فخذه ثم لف عليهم كساء ثم تلا هذه الآية:
إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، و قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا.
و قال الصبان:
هذا الحديث روي من طرق عديدة صحيحة (1).
(8)الواحدي في أسباب النزول بالإسناد إلى أبي سعيد الخدري،قال:
الآية إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، قال:
نزلت في خمسة،في النبي صلى اللّه عليه و آله،و علي،و فاطمة،و الحسن، و الحسين عليهم السلام (2).
9-ابن كثير في تفسيره بالإسناد إلى عائشة،قالت:
خرج النبي صلى اللّه عليه و آله ذات غداة و عليه مرط (3)من شعر أسود فجاء الحسن فأدخله رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله معه ثم جاء الحسين فأدخله معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها معه ثم جاء علي فأدخله معه،ثم قال صلى اللّه عليه و آله:
إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (4) .ت.
ص: 204
10-ابن حجر في الإصابة في تمييز الصحابة:
أخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله رداءه فوضعه على علي و فاطمة و حسن و حسين،و قال:
إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (1) .
11-الطبري في تفسير القرآن بالإسناد إلى أبي الحمراء،قال:
رابطت المدينة سبعة أشهر على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله،قال:
رأيت النبي صلى اللّه عليه و آله إذا طلع الفجر جاء إلى باب علي و فاطمة، فقال:
الصلاة إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (2).
و ذكر هذا الحديث في كثير من المصادر منها:-
1-الجصاص:أحكام القرآن ج 3 ص /360دمشق.
2-السيوطي:الاتقان ج 2 ص /563ط.بيروت.
3-الشبراوي الشافعي:الاتحاف ص /18ط.مصر.
4-الكنجي الشافعي:كفاية الطالب ص /212ط.بيروت.
5-البلاذري:أنساب الأشراف ج 2 ص /104ط.بيروت.
6-الرازي:مفاتح الغيب:ج 8 ص /71ط.بيروت.
7-الخازن:تفسير القرآن ج 5 ص /259ط.بيروت.
8-الشربيني:السراج المنير ج 3 ص /245ط.بيروت.
9-ابن عبد ربه:الاستيعاب ج 3 ص /1100ط.بيروت.ت.
ص: 205
10-الخطيب البغدادي:تاريخ بغداد ج 10 ص /278ط.بيروت.
11-ابن عساكر:التاريخ،ترجمة علي عليه السلام ج 1 ص /274ط.
بيروت.
12-القرطبي:الجامع لأحكام القرآن ج 14 ص /178ط.القاهرة.
13-ابن المغازلي الشافعي:المناقب ص /100ط.بيروت.
14-الزمخشري:الكشاف ج 1 ص /369ط.بيروت.
15-الطبري:ذخائر العقبى ص /21ط.القاهرة.
16-السبط بن الجوزي:تذكرة الخواص ص /211ط.بيروت.
17-النيسابوري:ثمار القلوب ج 2 ص /865ط.دمشق.
18-النبهاني:جواهر البحار ج 1 ص /115ط.مصر.
19-السمهودي:جواهر العقدين ص /193ط.بيروت.
20-النبهاني:الشرف المؤبد ص /18ط.القاهرة.
21-ابن الصباغ المالكي:الفصول المهمة ص /21ط.بيروت.
22-البخاري:فتح البيان ج 2 ص /265ط.بيروت.
23-الكلبي:التسهيل لعلوم التنزيل ج 3 ص /137ط.مصر.
24-السيوطي:الدر المنثور ج 5 ص /198ط.بيروت.
25-الطحاوي:مشكل الآثار ج 1 ص /332ط.بيروت.
26-الهيثمي:مجمع الزوائد ج 9 ص /158ط.بيروت.
27-الخوارزمي:المناقب ص /60ط.قم.
28-الصفوري:نزهة المجالس ص /558ط.القاهرة.
29-المتقي الهندي:منتخب كنز العمال ج 5 ص /96ط.المكتب الإسلامي.
30-الطبراني:المعجم الصغير ج 1 ص /135ط،بيروت.
31-البيهقي:الاعتقاد على مذهب السلف ص /186ط.بيروت.
ص: 206
32-الشوكاني:فتح القدير ج 4 ص /398ط.بيروت.
33-الشبلنجي:نور الأبصار ص /111ط.المكتبة الشعبية.
34-البغوي:معالم التنزيل ج 3 ص /529ط.بيروت.
35-الطبري:الرياض النضرة ج 3 ص /152ط.بيروت.
36-ابن طلحة الشافعي:مطالب السؤول ص /8مخطوط.
37-الخوارزمي:مقتل الحسين ج 1 ص /75ط.ايران.
38-ابن حجر:الصواعق المحرقة ص /143ط.القاهرة.
39-النسائي:خصائص علي ص /46ط.ايران.
40-البدخشاني:نزل الأبرار ص /32ط.بيروت.
41-القندوزي:ينابيع المودة ج 1 ص /124ط.النجف.
42-الزرندي:نظم درر السمطين ص /131ط.النجف.
دلالة النص على عصمة أهل البيت عليهم السلام:
يمكن أن نفهم دلالة النص على عصمة أهل البيت عليهم السلام من خلال النقاط التالية:-
(1)النص صدّر بأداة الحصر«إنّما»و هي من أقوى أدوات الحصر،فإرادة التطهير في هذا النص تختص بأهل البيت فقط.
(2)النص ضمّ مجموعة مفردات:
1-الرجس:مطلق الذنوب و الآثام و الأدناس.
2-التطهير:التزكية و التنزيه من كل ألوان المعاصي و الذنوب و الأقذار و الأدناس.
3-أهل البيت و هم:
-رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله.
ص: 207
-علي بن أبي طالب عليه السلام.
-فاطمة الزهراء عليها السلام.
-الحسن و الحسين عليهما السلام.
-الأئمة من ذرية الحسين عليهم السلام.
4-الإرادة الإلهية:
يقسم علماء الأصول الإرادة إلى قسمين (1):-
أ-إرادة تكوينية:إذا كان متعلقها الأمور الواقعية من أفعال المكلفين و غيرها.
ب-إرادة تشريعية:إذا كان متعلقها الأمور المجعولة على أفعال المكلفين من قبل المشرع.
فما المراد من الإرادة في هذا النص القرآني؟
لا يمكن تفسير الإرادة هنا بالإرادة التشريعية التي تعني أن اللّه تعالى شرع الأحكام لأهل البيت عليهم السلام لإذهاب الرجس عنهم و تطهيرهم بها،لأنه لا خصوصية لأهل البيت عليهم السلام في تشريع الأحكام لهم،و الغاية من تشريع الأحكام إذهاب الرجس عن جميع المكلفين لا عن خصوص أهل البيت عليهم السلام (2).
فالحصر في الآية و اهتمام الرسول صلى اللّه عليه و آله بتطبيقها على أهل البيت عليهم السلام بالخصوص يلغي الحمل على الإرادة التشريعية.
و تفسير الإرادة بالإرادة التكوينية يواجه بإشكال الجبر حيث تكون الإرادة هي المتحكمة في جميع ما يصدر عن أهل البيت عليهم السلام من أفعال و تصرفات.
يعالج أستاذنا الكبير السيد محمد تقي الحكيم هذه المشكلة في فهم مفاد الآية بقوله:ه.
ص: 208
«إنّ اللّه عز و جل لما علم أن إرادتهم عليهم السلام تجري دائما على وفق ما شرعه لهم من أحكام،بحكم مازودوا به من إمكانات ذاتية،و مواهب مكتسبة،نتيجة تربيتهم على وفق مبادئ الإسلام تربية حولتهم في سلوكهم إلى إسلام متجسد،ثم بحكم ما كانت لديهم من القدرات على إعمال إرادتهم وفق أحكامه التي استوعبوها علما و حكمة،فقد صح له الإخبار عن ذاته المقدسة بأنه لا يريد لهم بإرادته التكوينية إلا إذهاب الرجس عنهم،لأنه لا يفيض الوجود إلا على هذا النوع من أفعالهم ما داموا هم لا يريدون لأنفسهم إلا إذهاب الرجس و التطهير عنهم.
و بهذا يتضح معنى الإصطفاء و الاختيار من قبله لبعض عبيده في أن يحملوا ثقل النهوض برسالته المقدسة كما هو الشأن في الأنبياء و أوصيائهم عليهم السلام.
على أن الشبهة لو تمت فهي جارية في الأنبياء جميعا و ثبوت العصمة لهم-و لو نسبيا-موضع اتفاق الجميع فما يجاب به هناك يجاب به هنا من دون فرق،و الشبهة لا يمكن أن تحل إلا على مذهب أهل البيت عليهم السلام في نظرية الأمر بين الأمرين على جميع التقادير» (1).
و يذهب بعض الباحثين من علمائنا إلى أن«المراد بالإرادة في الآية،ليس التكوينية و لا التشريعية،بل إرادة التسديد و التوفيق،اللذين يمد بهما سبحانه بعض عباده الذي يصطنعهم على عينه،و يختارهم بعلمه،و يراهم أهلا لحمل مشعل دينه و هدايته،و يؤيدهم بتسديده،و لطفه،بوسائل قد نعلمها و قد لا نعلمها،و من هنا قال تعالى:
اَللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ (2) .ت.
ص: 209
(3)العصمة من خصائص الإمامة:
استدل علماؤنا على ضرورة توافر الإمام على العصمة بأدلة كثيرة،منها«الدليل العقلي»الذي صور في كلماتهم بعدة صور:-
الأولى:«إن الإمام حافظ للشرع كالنبي لأن حفظه من أظهر فوائد إمامته، فتجب عصمته لذلك،لأن المراد حفظه علما و عملا،و بالضرورة لا يقدر على حفظه بتمامه إلا معصوم،إذ لا أقل من خطأ غيره،و لو اكتفينا بحفظ بعضه لكان البعض الآخر ملغى بنظر الشارع و هو خلاف الضرورة،فإنّ النبي قد جاء لتعليم الأحكام كلها،و عمل الناس بها على مرور الأيام».
الثانية:«إن الحاجة إلى الإمام في تلك الفوائد[إقامة الحدود،و حفظ الفرائض و غيرها]يوجب عصمته و إلا لافتقر إلى إمام آخر و تسلسل».
الثالثة:«إن الإمام لو عصى لوجب الإنكار عليه و الإيذاء له من باب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر،و هو مفوت للغرض من نصبه،و مضاد لوجوب طاعته و تعظيمه على الإطلاق المستفاد من قوله تعالى: أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (1).
الرابعة:«لو صدرت المعصية منه لسقط محله من القلوب فلا تنقاد لطاعته، فتنتفي فائدة النصب».
الخامسة:«إنه لو عصى لكان أدون حالا من أقل آحاد الأمة،لأن أصغر الصغائر من أعلى الأمة و أولاها بمعرفة مناقب الطاعات و مثالب المعاصي أقبح و أعظم من أكبر الكبائر من أدنى الأمة» (2).
و بناء على ما أثبتناه من ضرورة العصمة للإمامة،يمكن أن نفهم دلالة آية التطهير على إمامة أهل البيت عليهم السلام و ذلك من خلال الصيغة الاستدلالية التالية:ت.
ص: 210
أ-آية التطهير تدل على عصمة أهل البيت.
ب-العصمة من الخصائص اللازمة للإمامة.
ج-فآية التطهير تدل على إمامة أهل البيت.
آية المودة:
قوله تعالى:
قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى (1) .
النزول:
أكدت أغلب كتب التفسير و كثير من مصادر الحديث،و السيرة و التاريخ أن هذه الآية نزلت في قربى الرسول صلى اللّه عليه و آله:علي و الزهراء و الحسن و الحسين و ذريتهم الطاهرين.
(1)السيوطي في الدر المنثور:
في تفسير الآية قال:
بالإسناد إلى ابن عباس،قال:
لما نزلت هذه الآية قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى، قالوا:
يا رسول اللّه من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟قال:
«علي و فاطمة و ولداهما» (2).
(2)الزمخشري في الكشاف:
في تفسير قوله تعالى:
قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى، قال:
ص: 211
«روي أنها لما نزلت قيل:
يا رسول اللّه من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟،قال:
علي و فاطمة و ابناهما» (1).
(2)الهيثمي في مجمع الزوائد:
في قوله تعالى:
قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى
«عن ابن عباس قال:
لما نزلت قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قالوا:
يا رسول اللّه من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟قال:
علي و فاطمة و ابناهما» (3).
(4)الحاكم في المستدرك:
عن علي بن الحسين قال:
خطب الحسن بن علي الناس حين قتل علي فحمد اللّه و أثنى عليه ثم قال:
-و ذكر خطبة الإمام الحسن إلى أن قال:-
«و أنا من أهل البيت الذي أذهب اللّه عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا و أنا من أهل البيت الذي افترض اللّه مودتهم على كل مسلم فقال تبارك و تعالى لنبيه صلى اللّه عليه و آله:
قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى،وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت» (3).
(5)السيوطي في إحياء الميت:ت.
ص: 212
عن سعيد بن جبير في قوله تعالى:
قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قال:
قربى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله (1).
(6)ابن حجر في الصواعق المحرقة:
عن ابن عباس أن هذه الآية قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً لما نزلت قالوا:
يا رسول اللّه من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟قال:
علي و فاطمة و ابناهما».
و قال:
«روى أبو الشيخ عن علي:
فينا آل حم أية لا يحفظ مودتنا إلا كل مؤمن،ثم قرأ:
قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى» (2) .
(7)الطبري في ذخائر العقبى:
عن ابن عباس قال:
لما نزلت قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قالوا:
يا رسول اللّه من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟قال:
علي و فاطمة و ابناهما (3).
(8)-الصبان في اسعاف الراغبين بالإسناد إلى ابن عباس أنها لما نزلت الآية قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قالوا:
يا رسول اللّه من قرابتك الذين نزلت فيهم الآية؟قال:
علي و فاطمة و ابناهما (4).ط.
ص: 213
(9)-البغوي في معالم التنزيل بالإسناد إلى ابن عباس،قال:
عندما نزلت الآية قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
أن تحفظوا قرابتي و تودوني و تصلوا رحمي (1).
(10)-ابن كثير في تفسير القرآن،قال:
و الحق تفسير هذه الآية قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى بما فسرها به حبر الأمة و ترجمان القرآن عبد اللّه بن عباس كما رواه عنه البخاري و لا تنكر الوصاة بأهل البيت و الأمر بالإحسان إليهم و احترامهم و إكرامهم فإنهم من ذرية طاهرة من أشرف بيت وجد على الأرض فخرا و حسبا و نسبا و لا سيما إذا كانوا متبعين للسنّة النبوية الصحيحة الواضحة الجليّة كما كان عليه سلفهم كعلي و أهل بيته و ذريته رضي اللّه عنهم أجمعين (2).
(11)-السيوطي في إحياء الميت بالإسناد إلى المطلب بن ربيعة قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«لا يدخل قلب امرئ مسلم إيمان حتى يحبكم للّه و لقرابتي» (3).
و ورد هذا الحديث في مجموعة مصادر منها:-
1-الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
و اللّه لا يدخل قلب امرئ مسلم إيمان حتى يحبكم للّه و لقرابتي (4).
2-مسند أحمد بن حنبل:ت.
ص: 214
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
لا يدخل قلب امرئ مسلم إيمان حتى يحبكم للّه و لقرابتي (1).
3-البدخشاني:نزل الأبرار بالإسناد إلى المطلب بن ربيعة قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«و اللّه لا يدخل قلب امرئ مسلم إيمان حتى يحبكم للّه و لقرابتي» (2).
4-الزرندي:نظم درر السمطين بالإسناد إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه،و تكون عترتي أحب إليه من عترته،و يكون أهلي أحب إليه من أهله،و يكون ذاتي أحب إليه من ذاته (3).
و ذكرت كثير من المصادر نزول الآية في أهل البيت،و نعرض مجموعة من المصادر:-
1-الحاكم الحسكاني:شواهد التنزيل ج 2 ص /130ط.بيروت.
2-الشبراوي الشافعي:الاتحاف بحب الأشراف ص /18ط.مصر.
3-الذهبي:التلخيص بذيل المستدرك ج 3 ص /172ط.بيروت.
4-النسفي:مدارك التنزيل ج 3 ص /292ط.بيروت.
5-أبو السعود:إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم ج 2 ص /46ط.
بيروت.
6-البيضاوي:أنوار التنزيل ج 4 ص /53ط.تركية.
7-ابن حبّان:البحر المحيط ج 9 ص /335ط.بيروت.ف.
ص: 215
8-السيوطي:الاكليل ص /230ط.بيروت.
9-الشربيني:السراج المنير ج 3 ص /538ط.بيروت.
10-القرطبي:الجامع لأحكام القرآن ج 16 ص /23ط.القاهرة.
11-ابن المغازلي الشافعي:مناقب علي ص /192ط.بيروت.
12-الرازي:التفسير الكبير ج 27 ص /166ط.ايران.
13-النبهاني:جواهر البحار ج 1 ص /137ط.مصر.
14-أبو نعيم:حلية الأولياء ج 3 ص /201ط.بيروت.
15-النبهاني:الشرف المؤبد ص /169ط.القاهرة.
16-القسطلاني:شرح المواهب اللدنية ج 7 ص /3ط.القاهرة.
17-ابن الصباغ المالكي:الفصول المهمة ص /27ط.بيروت.
18-الشوكاني:فتح القدير ج 4 ص /764ط.بيروت.
19-ابن طلحة الشافعي:مطالب السؤول ص /5مخطوط.
20-الخوارزمي:مقتل الحسين ج 1 ص /57ط.ايران.
21-الطبراني:المعجم الأوسط ج 3 ص /26ط.الرياض.
22-ابن حجر:الصواعق المحرقة ص /170ط.القاهرة.
23-البدخشاني:نزل الأبرار ص /31ط.بيروت.
24-القندوزي:ينابيع المودة ج 1 ص /123ط.النجف.
دلالة النص:
في الفصل المخصص لدراسة«مبدأ الولاء»من هذا الكتاب،سوف نتناول الدلالات الكبيرة لهذا المبدأ،و مضامينه الحقيقية التي تتجاوز الحالة الشعورية العاطفية العادية لتؤكد المسار القيادي لخط الأئمة من أهل البيت عليهم السلام.
ص: 216
فإن حالة التوازي بين«الأجر المحدد لأتعاب الرسالة»و«المودة لأهل البيت»تبرز الخصوصية التي تميز آل محمد على سائر الأمة.و هذه الخصوصية لا تنطلق من مجرد القرابة و إن كان للقرابة اعتبارها الكبير،و إنما تنطلق من طبيعة الموقع القيادي الذي يجسده أهل البيت في حركة الدعوة،و ما يفرضه هذا الموقع من ضرورة تأصيل الحالة الولائية و الانتمائية.
و إذا فرغنا نصوص«الولاء و الحب»من هذا المضمون،فإننا لا يمكن أن نفهم هذا اللون من التأكيد الذي تجاوز الحالة العادية المألوفة..
و كل التبريرات التي طرحت لتفسير هذا التأكيد الولائي لأهل البيت عليهم السلام،إذا ألغينا البعد القيادي،فإنها تبريرات غير مقبولة،و لا تقوى على إعطاء النصوص دلالاتها المقنعة.
إن هذا الكم الكبير من النصوص التي فرضت«الولاء و الحب لأهل البيت»تحمل دلالتين خطيرتين:-
الدلالة الأولى:
تأصيل المبدأ القيادي المتجسد في خط الأئمة من أهل البيت عليهم السلام،بما يتوافر عليه هذا المبدأ من عناصر ضرورية لنجاحه في مسيرة الأمة.
الدلالة الثانية:
التأكيد على رفض الصيغ البديلة المحتملة بل المعلومة من خلال الرؤية الغيبية التي يملكها الرسول صلى اللّه عليه و آله.و بهذا تعتبر تلك الصيغ فاقدة لشرعيتها و أصالتها.
آية المباهلة:
قوله تعالى:
ص: 217
فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ (1) .
النزول:
أجمعت كتب التفسير على أن الآية نزلت في:النبي صلى اللّه عليه و آله،و علي بن أبي طالب عليه السلام،و فاطمة الزهراء عليها السلام،و الحسن و الحسين عليهما السلام.
(1)مسلم في صحيحه:
قال:
«و لما نزلت هذه الآية: فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ دعا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله عليا و فاطمة و حسنا و حسينا فقال:
اللهم هؤلاء أهلي» (2).
(2)الترمذي في صحيحه:
عن سعد بن أبي وقاص قال:
«لما أنزل اللّه هذه الآية: نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ دعا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله عليا و فاطمة و حسنا و حسينا فقال:
اللهم هؤلاء أهلي» (3).
(3)أحمد بن حنبل في مسنده:
عن سعد بن أبي وقاص قال:
«و لما نزلت هذه الآية: نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ دعا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله عليا و فاطمة و حسنا و حسينا فقال:ت.
ص: 218
اللهم هؤلاء أهلي» (1).
(2)الحاكم في المستدرك:
عن سعد بن أبي وقاص قال:
«لمّا نزلت هذه الآية نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ دعا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله عليا و فاطمة و حسنا و حسينا فقال:
اللهم هؤلاء أهلي» (3).
(5)الزمخشري في الكشاف:
قال في تفسير قوله تعالى:
فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ.
«فأتى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و قد غدا محتضنا الحسين آخذا بيد الحسن، و فاطمة تمشي خلفه و علي خلفها،و هو يقول:
إذا أنا دعوت فأمّنوا.فقال اسقف نجران:
يا معشر النصارى إني لأرى وجوها لو شاء اللّه أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله بها فلا تباهلوا فتهلكوا و لا يبقى على وجه الأرض نصاري إلى يوم القيامة...» (4).
(6)الرازي في التفسير الكبير:
قال عند تفسيره آية المباهلة:
«و كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله خرج و عليه مرط (4)من شعر أسود،و كان احتضن الحسين و أخذ بيد الحسن،و فاطمة تمشي خلفه،و علي خلفها،و هو يقول:].
ص: 219
إذا دعوت فأمّنوا،و ساق الحديث إلى آخره».
و عقب الرازي على الرواية بقوله:
«و اعلم أن هذه الرواية كالمتفق على صحتها بين أهل التفسير و الحديث» (1).
7-السدي في التفسير الكبير،قال:
لما نزلت الآية فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ أخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله بيد الحسن و الحسين و فاطمة،و قال لعلي:
اتبعنا» (2).
8-الحلبي الشافعي في السيرة الحلبية،قال:
لما نزلت الآية فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ أقبل رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و معه حسن و حسين و فاطمة و علي، و قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
هؤلاء أهلي» (3).
9-ابن حجر في الأصاية،قال:
لما نزلت الآية فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ فدعا رسول اللّه عليا،و فاطمة،و حسنا،و حسينا،فقال:
اللهم هؤلاء أهلي» (4).ت.
ص: 220
10-ابن عربي في أحكام القرآن،قال:
روى المفسرون أن النبي صلى اللّه عليه و آله ناظر أهل نجران حتى ظهر عليهم بالدليل و الحجة،فأبوا الانقياد و الإسلام،فأنزل اللّه عز و جل هذه الآية: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ فدعا حينئذ فاطمة و الحسن و الحسين،ثم دعا النصارى إلى المباهلة (1).
و ذكرت مصادر كثيرة نزول النص في أهل البيت منها:-
1-الواحدي:أسباب النزول ص /59ط.بيروت.
2-ابن كثير:تفسير القرآن العظيم ج 1 ص /379ط.بيروت.
3-الذهبي:التلخيص بذيل المستدرك ج 3 ص /150ط.بيروت.
4-الكنجي الشافعي:كفاية الطالب ص /123ط.بيروت.
5-ابن كثير:البداية و النهاية ج 5 ص /54ط.بيروت.
6-أبو السعود:إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم ج 2 ص /46ط.
بيروت.
7-الخازن:معاني التنزيل ج 10 ص /359ط.بيروت.
8-السيوطي:تفسير الجلالين ص /72ط.بيروت.
9-القرشي البغدادي:زاد المسير ج 1 ص /339ط.بيروت.
10-البيضاوي:أنوار التنزيل ج 2 ص /22ط.تركيا.
11-الشربيني:السراج المنير ج 1 ص /223ط.بيروت.
12-ابن الأثير:جامع الأصول ج 8 ص /650ط.بيروت.ت.
ص: 221
13-ابن المغازلي الشافعي:المناقب ص /172ط.بيروت.
14-السيوطي:تاريخ الخلفاء ص /169ط.مصر.
15-الطبري:ذخائر العقبى ص /25ط.القاهرة.
16-زين الدين:هامش السيرة الحلبية ج 3 ص /5ط.بيروت.
17-محمد رشيد رضا:تفسير المنار ج 3 ص /322ط.بيروت.
18-السبط بن الجوزي:تذكرة الخواص ص /24ط.بيروت.
19-الثعالبي:ثمار القلوب ج 2 ص /865ط.دار البشائر.
20-السمهودي:جواهر العقدين ص /195ط.بيروت.
21-ابن الصباغ المالكي:الفصول المهمة ص /23ط.بيروت.
22-الكلبي:التسهيل لعلوم التنزيل ج 1 ص /109ط.مصر.
23-السيوطي:الدر المنثور ج 2 ص /39ط.بيروت.
24-الخوارزمي:المناقب ص /108ط.قم.
25-اليافعي:مرآة الجنان ص /143ط.بيروت.
26-الزرندي:نظم درر السمطين ص /108ط.النجف.
27-ابن حجر:الصواعق المحرقة ص /121ط.القاهرة.
28-البيضاوي:طوالع الأنوار ج 1 ص /588ط.مصر.
29-البغوي:مصابيح السنة ج 4 ص /183ط.بيروت.
30-الطبري:الرياض النضرة ج 3 ص /152ط.بيروت.
31-التبريزي:مشكاة المصابيح ج 3 ص /1731ط.بيروت.
32-الشبلنجي:نور الأبصار ص /111ط.المكتبة الشعبية.
33-الشوكاني:فتح القدير ج 1 ص /524ط.بيروت.
ص: 222
دلالة النص:
النص يحمل عدة دلالات هامة:-
الدلالة الأولى:
إنّ تعيين شخصيات المباهلة ليس حالة عفوية مرتجلة،و إنّما هو اختيار إلهي هادف..و قد أجاب الرسول صلى اللّه عليه و آله حينما سئل عن هذا الاختيار بقوله:
«لو علم اللّه تعالى أنّ في الأرض عبادا أكرم من علي و فاطمة و الحسن و الحسين لأمرني أن أباهل بهم،و لكن أمرني بالمباهلة مع هؤلاء فغلبت بهم النصارى» (1).
الدلالة الثانية:
إنّ ظاهرة الاقتران الدائم بين الرسول صلى اللّه عليه و آله و أهل بيته عليهم السلام تعبّر عن مضمون رسالي كبير يحمل دلالات فكرية،روحية،سياسية خطيرة، فالمسألة ليست تكريسا للمفهوم القبلي الذي ألفته الذهنية العربية،بل هو الإعداد الرباني الهادف لصياغة الوجود الامتدادي في حركة الرسالة،هذا الوجود الذي يمثله أهل البيت عليهم السلام بما يملكونه من إمكانات تؤهلهم لذلك.
الدلالة الثالثة:
لو حاولنا أن نستوعب مضمون المفردة القرآنية التي جاءت في هذا النص و هي قوله تعالى:
أَنْفُسَنا، لاستطعنا أن ندرك قيمة هذا النص في منظومة الأدلة المعتمدة لإثبات الإمامة.ن.
ص: 223
إنّ هذه المفردة القرآنية تعتبر عليا عليه السلام الحالة التجسيدية الكاملة لشخصية الرسول صلى اللّه عليه و آله،نستثني النبوة التي تمنح رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله خصوصية لا يشاركه فيها أحد مهما كان موقعه.
فعلي عليه السلام بما يملكه من هذه المصداقية الكاملة هو المؤهل الوحيد لتمثيل الرسول صلى اللّه عليه و آله في حياته و بعد مماته.
حديث المنزلة:
قول الرسول صلى اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام:
«أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي».
المصادر:
حديث المنزلة من الأحاديث المتواترة (1)،و قد توافرت على تدوينه أهم مصادر الحديث:
(1)صحيح البخاري:
«حدثنا شعبة عن سعد قال:
سمعت ابراهيم بن سعد عن أبيه قال:
قال النبي صلى اللّه عليه و آله لعلي:
أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى (2).
ص: 224
و أخرج البخاري في موضع آخر:
«عن مصعب بن سعد عن أبيه أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله خرج إلى تبوك و استخلف عليا،فقال:
أتخلفني في الصبيان و النساء؟قال:
ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه ليس نبي بعدي» (1).
(2)صحيح مسلم:
«عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال:
قال رسول اللّه لعلي:
أنت مني بمنزلة هارون من موسى،إلاّ أنّه لا نبي بعدي».
و أخرجه بصيغ أخرى و من عدة طرق (2).
(3)صحيح الترمذي:
عن جابر بن عبد اللّه أنّ النبي صلى اللّه عليه و آله قال لعلي:
«أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي».
و روي عن سعيد بن المسيب عن سعد بن أبي وقاص:
أنّ النبي صلى اللّه عليه و آله قال لعلي:
«أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي» (3).
(4)سنن ابن ماجة:
عن سعد بن ابراهيم قال:
سمعت ابراهيم بن سعد بن أبي وقاص يحدث عن أبيه عن النبي صلى اللّه عليه و آله أنه قال لعلي:ت.
ص: 225
«ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى» (1).
(5)مسند أحمد بن حنبل:
آ-عن أبي سعيد الخدري قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله لعلي:
«أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي» (2).
ب-عن أسماء بنت عميس أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله قال لعلي:
«أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي» (3).
ج-عن ابن عباس قال:
قال النبي صلى اللّه عليه و آله لعلي:
«أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنك لست بنبي،إنه لا ينبغي أن أذهب إلاّ و أنت خليفتي» (4).
(6)ابن الأثير:أسد الغابة بالإسناد إلى عامر بن سعد بن أبي وقاص،عن أبيه، قال:
أمر معاوية سعدا،فقال:
ما يمنعك أن تسبّ أبا تراب؟قال:
أما ما ذكرت ثلاثا قالهن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فلن أسبه لأن يكون لي واحدة منهنّ أحب إلىّ من حمر النعم،سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يقول لعلي و خلفه في بعض مغازيه،فقال له علي:
يا رسول اللّه تخلفني مع النساء و الصبيان؟فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:1.
ص: 226
أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي....
الحديث. (1).
7-الخوارزمي في المناقب بالإسناد إلى زيد بن أبي أوفى،قال:
لما آخى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله بين أصحابه،قال علي:
لقد ذهب روحي و انقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري، فإن كان هذا من سخط عليّ فلك العتبى و الكرامة،فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
و الذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي و أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي،و أنت أخي و وارثي،قال:
و ما أرث منك يا نبي اللّه؟قال:
ما ورثه الأنبياء من قبلي.قال:
و ما هو؟قال:
كتاب ربهم و سنة نبيهم (2).
8-الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل عن مجاهد في قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا يعني صدقوا بالتوحيد أَطِيعُوا اللّهَ يعني في فرائضه وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ يعني في سنته وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ قال:نزلت في أمير المؤمنين حين خلفه رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله بالمدينة،فقال:
أتخلفني على النساء و الصبيان؟فقال:
أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى حين قال له:
أخلفني في قومي و أصلح (3).ت.
ص: 227
9-الكنجي الشافعي:كفاية الطالب بالإسناد إلى ابن عباس،قال:
خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله بالناس في غزوة تبوك،فقال علي:
أخرج معك؟قال:
فقال له النبي صلى اللّه عليه و آله:
لا،فبكى علي عليه السلام،فقال له:
أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنك لست بنبي،إنه لا ينبغي أن أذهب إلا و أنت خليفتي (1).
10-ابن سعد في الطبقات الكبرى بالإسناد إلى أبي سعيد،قال:
غزا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله غزوة تبوك و خلف عليا في أهله،فقال بعض الناس:
ما منعه أن يخرج به إلا أنه كره صحبته،فبلغ ذلك عليا فذكره للنبي صلى اللّه عليه و آله،فقال:
أيا ابن أبي طالب أما ترضى أن تنزل مني بمنزلة هارون من موسى (2).
و ذكر هذا الحديث في كثير من المصادر منها:-
1-الصبان:إسعاف الراغبين ص /110مخطوط.
2-ابن حجر:الإصابة ج 4 ص /569ط.بيروت.
3-البلاذري:أنساب الأشراف ج 2 ص /92ط.بيروت.
4-العجلي:الثقات ص /522ط.بيروت.
5-ابن عبد ربه:الاستيعاب ج 3 ص /1097ط.بيروت.
6-ابن عساكر:التاريخ،ترجمة علي عليه السلام ج 1 ص /307ط.
بيروت.ت.
ص: 228
7-أبو الفداء:المختصر في أخبار البشر ج 2 ص /95ط.بيروت.
8-ابن الأثير:جامع الأصول ج 8 ص /649ط.بيروت.
9-ابن المغازلي الشافعي:المناقب ص /37ط.بيروت.
10-السيوطي:تاريخ الخلفاء ص /168ط.مصر.
11-زين الدين:هامش السيرة الحلبية ج 2 ص /323ط.بيروت.
12-السبط بن الجوزي:تذكرة الخواص ص /27ط.بيروت.
13-السمهودي:جواهر العقدين ص /247ط.بيروت.
14-أبو نعيم:حلية الأولياء ج 7 ص /195ط.بيروت.
15-مصطفى الشكعة:إسلام بلا مذاهب ص /170ط.مصر.
16-النبهاني:الشرف المؤبد ص /133ط.مصر.
17-القسطلاني:شرح المواهب اللدنية ج 3 ص /69ط.القاهرة.
18-ابن الصباغ المالكي:الفصول المهمة ص /38ط.بيروت.
19-ابن القيم:زاد المعاد ص 61 ج /5ط.القاهرة.
20-النسائي:فضائل الصحابة ص /13ط.بيروت.
21-الذهبي:ميزان الاعتدال ج 2 ص /3ط.بيروت.
22-الهيثمي:مجمع الزوائد ج 9 ص /138ط.بيروت.
23-الحاكم النيسابوري:المستدرك على الصحيحين ج 9 ص /109ط.
بيروت.
24-البيهقي:المحاسن و المساوئ ص /44ط.بيروت.
25-الخوارزمي:المناقب ص /55ط.قم.
26-ابن كليب الشاشي:المسند ج 1 ص /165ط.المدينة المنورة.
27-المتقي الهندي:منتخب كنز العمال ج 5 ص /31ط.المكتبة الإسلامية.
28-الطبراني:المعجم الصغير ج 2 ص /331ط.بيروت.
ص: 229
29-اليافعي:مرآة الجنان ص /142ط.بيروت.
30-الباقلاني:الإنصاف ص /66ط.بيروت.
31-الشبلنجي:نور الأبصار ص /77ط.المكتبة الشعبية.
32-الملا علي القاري:مرقاة المفاتيح ج 10 ص /454ط.لبنان.
33-السيوطي:الفتح الكبير ج 1 ص /277ط.مصر.
34-التبريزي:مشكاة المصابيح ج 3 ص /1719ط.بيروت.
35-الطبري:الرياض النضرة ج 3 ص /117ط.بيروت.
36-العيني:عمدة القاري ج 16 ص /214ط.بيروت.
37-المتقي الهندي:كنز العمال ج 11 ص /599ط.حلب.
38-أبو داوود الطيالسي:المسند ص /29ط.بيروت.
39-البغوي:مصابيح السنة ج 4 ص /170ط.بيروت.
40-ابن طلحة الشافعي:مطالب السؤول ص /17مخطوط.
41-البيضاوي:طوالع الأنوار ج 1 ص /585ط.مصر.
42-الطبراني:المعجم الأوسط ج 3 ص /351ط.الرياض.
43-ابن حجر:الصواعق المحرقة ص /121ط.القاهرة.
44-النسائي:خصائص علي ص /46ط.ايران.
45-البدخشاني:نزل الأبرار ص /47ط.بيروت.
46-القندوزي:ينابيع المودة ج 1 ص /91ط.النجف.
47-الزرندي:نظم درر السمطين ص /107ط.النجف.
48-الجزري الشافعي:أسنى المطالب ص /51ط.طهران.
49-السيوطي:قطف الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة ص /281ط.
بيروت.
50-المزي:تهذيب الكمال ج 20 ص /483ط.بيروت.
ص: 230
دلالة النص:
لو تأمل الباحث المنصف تأملا متأنيا في مفردات هذا النص،و مدلولاته اللغوية لاستطاع أن يعتبره دليلا صريحا على إمامة علي بن أبي طالب،و إذا لم يمكن بمنطوقه المطابقي،فبمدلوله الإلتزامي...
و يمكن أن نتبين دلالة هذا النص على الإمامة من خلال النقاط التالية:-
النقطة الأولى:
منزلة هارون من موسى كانت«منزلة الخلافة النبوية»و قد منحت هذه المنزلة لعلي بن أبي طالب باستثناء النبوة،فيبقى«موقع الخلافة»من صلاحيات علي عليه السلام إن في حياة النبي صلى اللّه عليه و آله أو بعد وفاته صلى اللّه عليه و آله،و لعل الصيغة التي أوردها أحمد في مسنده لحديث المنزلة تلقي ضوءا على هذا المعنى،حيث قال الرسول صلى اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام:
«أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّك لست بنبي،إنّه لا ينبغي أن أذهب إلاّ و أنت خليفتي» (1).
النقطة الثانية:
الفهم العرفي و اللغوي يؤكد عموم المنزلة في هذا الحديث،فلا يصح إعطاؤه مضمونا محدودا في مصاديقه،و دلالاته،و مساحاته المكانية و الزمانية، فالاستعمالات العربية و اللغوية تأبى التخصيص في هذا اللون من الصيغ و التعبيرات.
النقطة الثالثة:
و قد تواجه الاستدلال بهذا النص إشكالية«خصوصية المورد»حيث جاء الحديث في«غزوة تبوك»،فالخلافة الواردة في هذا النص خاصة محدودة موقتة...ت.
ص: 231
و الجواب عن هذه الإشكالية نتوافر عليه من عدة وجوه:
1-النص في أغلب صيغه مطلق و ليس محددا بمورد خاص،كما هو واضح من مراجعة صيغ الحديث المدونة في أغلب كتب الحديث.
2-حديث المنزلة ورد في عدة موارد:
آ-في يوم المؤاخاة.
ب-في يوم بدر.
ج-في يوم فتح خيبر.
د-في غزوة تبوك.
ه-في يوم المباهلة.
و-في حجة الوداع.
ز-في يوم غدير خم (1).
3-لو سلمنا بخصوصية المورد،فإنّ ذلك لا يلغي عمومية النص،لأنّ المورد لا يخصص الوارد كما هو ثابت و متفق عليه،و إلاّ لجمدنا أكثر النصوص في مواردها الخاصة و هذا ما لا يقبله أحد من علماء المسلمين،بل ترفضه قواعد اللغة،و مرتكزات العرف.
4-إنّ الاستثناء الوارد في النص و هو قوله صلى اللّه عليه و آله:
«إلاّ أنّه لا نبي بعدي»أو«إلاّ أنّك لست بنبي»يشير بشكل واضح إلى مرحلة مستقبلية بعد الرسول صلى اللّه عليه و آله يمارس فيها علي عليه السلام دوره في خلافة الرسول صلى اللّه عليه و آله.7.
ص: 232
حديث السفينة:
قول الرسول صلى اللّه عليه و آله:
«مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا و من تخلف عنها غرق».
حديث السفينة من الأحاديث المتواترة (1)عند المسلمين و قد ورد بألفاظ و صيغ متعددة،و دونته الكثير من مصادر الحديث:-
عن أبي اسحق عن حنش الكناني قال:سمعت أبا ذر يقول و هو آخذ بباب الكعبة:
أيّها الناس من عرفني فأنا من عرفتم،و من أنكر فأنا أبو ذر سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يقول:
«مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا،و من تخلف عنها غرق».
(قال الحاكم):
هذا حديث صحيح على شرط مسلم و لم يخرجاه (2).
عن أبي سعيد الخدري قال:سمعت النبي صلى اللّه عليه و آله يقول:
«إنّما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا و من تخلف عنها غرق،و إنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني اسرائيل من دخله غفر له» (3).
ص: 233
أخرج البزار عن ابن عباس قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح،من ركب فيها نجا،و من تخلف عنها غرق» (1).
عن أبي ذر أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله قال:
«إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا و من تخلف عنها هلك» (2).
عن ابن عباس قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا و من تعلق بها فاز،و من تخلف عنها غرق» (3).
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا،و من تخلف عنها غرق» (4).
روى جماعة من أصحاب السنن عن عدة من الصحابة أن النبي صلى اللّه عليه و آله،قال:
ص: 234
«مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا و من تخلف عنها هلك» (1).
سمعت أبا ذر يقول:
سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله،يقول:
«ألا إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا و من تخلف عنها هلك» (2).
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
إنما مثلي و مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا،و من تخلف عنها غرق (3).
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا و من تخلف عنها هلك» (4).
إنما مثلنا في هذه الأمة كسفينة نوح و كباب حطة في بني اسرائيل (5).
و ذكر هذا الحديث في كثير من المصادر منها:-
1-أبو نعيم:حلية الأولياء ج 4 ص /306ط.بيروت.
ص: 235
2-النبهاني:الشرف المؤبد ص /68ط.القاهرة.
3-الصفوري:نزهة المجالس ص /557ط.القاهرة.
4-الشبلنجي:نور الأبصار ص /114ط.المكتبة الشعبية.
5-النبهاني:الفتح الكبير ج 3 ص /133ط.مصر.
6-المتقي الهندي:كنز العمال ج 12 ص /94ط.حلب.
7-البدخشاني:نزل الأبرار ص /33ط.بيروت.
8-القندوزي:ينابيع المودة ج 1 ص /30ط.النجف.
9-الزرندي:نظم درر السمطين ص /235ط.النجف.
حديث«علي مني و أنا من علي».
ورد هذا الحديث بصيغ متعددة:-
في حديث عمران بن حصين أنّ النبي صلى اللّه عليه و آله قال:
«إنّ عليا مني و أنا منه،و هو ولي كل مؤمن بعدي» (2).
عن حبشي بن جنادة قال:سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يقول:
ص: 236
«علي مني و أنا منه و لا يؤدي عني إلاّ علي» (1).
في حديث بريدة الأسلمي قال له النبي صلى اللّه عليه و آله:
«لا تقع في عليّ فإنّه مني و أنا منه و هو وليكم بعدي و إنّه مني و أنا منه و هو وليكم بعدي» (2).
في حديث عمران بن حصين أنّ النبي صلى اللّه عليه و آله قال:
«إنّ عليا مني و أنا منه و ولي كل مؤمن» (3).
(قال الحاكم):
هذا حديث صحيح على شرط مسلم و لم يخرجاه.
أورد الحديث الذي أخرجه الحاكم في مستدركه و لم يشكك في صحته (4).
في حديث بريدة الأسلمي قال له النبي:
«لا تقع في عليّ فإنّه مني و أنا منه و هو وليكم بعدي» (5).
(8)مسند أحمد بن حنبل:
عن أبي اسحاق عن حبشي بن جنادة السلوي و كان قد شهد حجة الوداع قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«علي مني و أنا من علي و لا يؤدي عني إلاّ أنا أو علي» (6).
ص: 237
و قد أخرجه أحمد من حديث حبشي بن جنادة بطرق متعددة كلها صحيحة، و قد رواه عن يحيى بن آدم عن اسرائيل بن يونس عن جده أبي اسحق عن حبشي و كل هؤلاء حجج عند الشيخين و قد ورد احتجابهم في الصحيحين» (1).
في حديث بريدة أنّ النبي صلى اللّه عليه و آله قال:
«من فارق عليا فقد فارقني،إنّ عليا مني و أنا منه» (2).
عن حبشي بن جنادة قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله
«علي مني و أنا من علي و لا يؤدي عني إلا أنا أو علي» (3).
و ذكر هذا الحديث في مجموعة مصادر منها:-
1-الصبان:إسعاف الراغبين ص /113مخطوط.
2-ابن حجر:الإصابة ج 4 ص /569ط.بيروت.
3-الكنجي الشافعي:كفاية الطالب ص /243ط.بيروت.
4-ابن كثير:البداية و النهاية ج 5 ص /213ط.بيروت.
5-ابن عساكر:التاريخ،ترجمة علي عليه السلام ج 1 ص /167ط.
بيروت.
6-ابن المغازلي الشافعي:المناقب ص /151ط.بيروت.
7-الطبري ذخائر العقبى ص /68ط.القاهرة.
ص: 238
8-السيوطي:الجامع الصغير ج 2 ص /66ط.بيروت.
9-أبو نعيم:حلية الأولياء ج 6 ص /294ط.بيروت.
10-المناوي:كنوز الحقائق ج 1 ص /71ط.بيروت.
11-النسائي:فضائل الصحابة ص /15ط.بيروت.
12-الخوارزمي:المناقب ص /61ط.قم.
13-المتقي الهندي:منتخب كنز العمال ج 5 ص /30ط.المكتبة الإسلامية.
14-الشبلنجي:نور الأبصار ص /78ط.المكتبة الشعبية.
15-التبريزي:مشكاة المصابيح ج 3 ص /1720ط.بيروت.
16-الطبري:الرياض النضرة ج 3 ص /129ط.بيروت.
17-العيني:عمدة القاري ج 16 ص /214ط.بيروت.
18-المتقي الهندي:كنز العمال ج 11 ص /599ط.حلب.
19-المناوي:الكواكب الدرّية ج 1 ص /69ط.القاهرة.
حديث الأمان:
ورد بصيغ متعددة:
عن جابر قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«النجوم أمان لأهل السماء فإذا ذهبت أتاها ما يوعدون،و أنا أمان لأصحابي ما كنت فإذا ذهبت أتاهم ما يوعدون،و أهل بيتي أمان لأمتي فإذا ذهب أهل بيتي أتاهم ما يوعدون».
ص: 239
(قال الحاكم):
صحيح الإسناد و لم يخرجاه (1).
عن سلمة بن الأكوع قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«النجوم أمان لأهل السماء و أهل بيتي أمان لأمتي» (2).
عن ابن عباس قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق،و أهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف،فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب ابليس» (3).
(قال الحاكم):
هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه.
عن سلمة بن الأكوع أنّ النبي صلى اللّه عليه و آله قال:
«النجوم أمان لأهل السماء و أهل بيتي أمان لأمتي» (4).
عن علي قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
ص: 240
«النجوم أمان لأهل السماء فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء و أهل بيتي أمان لأهل الأرض،فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض» (1).
(6)-الصبان في إسعاف الراغبين،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق و أهل بيتي أمان لأهل الأرض من الاختلاف» (2).
(7)-الذهبي في التلخيص بالإسناد إلى ابن عباس مرفوعا:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق و أهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف» (3).
(8)-الطبري في ذخائر العقبى بالإسناد إلى إياس بن سلمة عن أبيه،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«النجوم أمان لأهل السماء و أهل بيتي أمان لأمتي» (4).
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«النجوم أمان لأهل السماء،فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء،و أهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض» (5).
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
ص: 241
«إذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء و إذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض» (1).
و ورد هذا الحديث في مصادر كثيرة منها:
1-الهيثمي:مجمع الزوائد ج 9 ص /277ط.بيروت.
2-الترمذي:نوادر الأصول ص /263ط.بيروت.
3-المتقي الهندي:منتخب كنز العمال ج 5 ص /92ط.المكتب الإسلامي.
4-المتقي الهندي:كنز العمال ج 12 ص /96ط.حلب.
5-الزرندي:نظم درر السمطين ص /234ط.النجف.
حديث المؤاخاة:
عن ابن عمر قال:
«آخى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله بين أصحابه فجاء علي تدمع عيناه فقال:
يا رسول اللّه أخيت بين أصحابك و لم تؤاخ بيني و بين أحد،فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«أنت أخي في الدنيا و الآخرة» (2).
عن ابن عمر قال:
ص: 242
إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله آخى بين أصحابه،فأخى بين أبي بكر و عمر و بين طلحة و الزبير،و بين عثمان بن عفان و عبد الرحمن بن عوف،فقال علي:
يا رسول اللّه إنّك قد آخيت بين أصحابك فمن أخي؟قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«أما ترضى يا علي أن أكون أخاك»،فقال علي:
بلى يا رسول اللّه.
فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«أنت أخي في الدنيا و الآخرة» (1).
عن علي في حديث الإنذار قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«فأيّكم يبايعني على أن يكون أخي و صاحبي؟»قال:
فلم يقم إليه أحد،فقمت إليه و كنت أصغر القوم،فقال:
اجلس،قال ثلاث مرات،كل ذلك أقوم إليه،فيقول لي:
اجلس،حتى كان في الثالثة ضرب بيده على يدي» (2).
عن عباد بن عبد اللّه قال:
قال علي:
«أنا عبد اللّه،و أخو رسوله صلى اللّه عليه و آله،و أنا الصديق الأكبر،لا يقولها بعدي إلا كذاب،صليت قبل الناس لسبع سنين» (3).
ص: 243
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله لأصحابه:
تآخوا في اللّه أخوين،ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب،فقال:هذا أخي،فكان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله سيد المرسلين،و إمام المتقين،و رسول رب العالمين،الذي ليس له خطير و لا نظير من العباد،و علي بن أبي طالب أخوين (1).
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
و الذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي،و أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي،و أنت أخي و وارثي.
فقال علي:
و ما أرث منك؟
قال:ما ورث الأنبياء قبلي،كتاب ربهم و سنة نبيهم (2).
الباهلي،قال:
آخى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله بين المهاجرين و الأنصار،فبكى علي،فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
ما يبكيك،فقال:
لم تواخ بيني و بين أحد،فقال صلى اللّه عليه و آله:
إنما ادخرتك لنفسي (3).
ص: 244
(8)ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة بالإسناد إلى ابن عباس،قال:
لما آخى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله بين أصحابه من المهاجرين و الأنصار،و هو أنه صلى اللّه عليه و آله آخى بين أبي بكر و عمر،و آخى بين عثمان و عبد الرحمن بن عوف،و آخى بين طلحة و الزبير،و آخى بين أبي ذر و المقداد،و لم يواخ بين علي بن أبي طالب و بين أحد منهم،فخرج علي مغضبا حتى أتى جدولا من الأرض و توسد ذراعه و نام فيه تسفي الريح عليه،فطلبه النبي صلى اللّه عليه و آله فوجده على تلك الصفة،فوكزه برجله،و قال له:
قم فما صلحت أن تكون إلا أبا تراب أغضبت حين آخيت بين المهاجرين و الأنصار و لم أواخ بينك و بين أحد منهم،أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي (1).
عن عباد بن عبد اللّه الأسدي عن علي،قال:
«إني عبد اللّه و أخو رسوله و أنا الصديق الأكبر،لا يقولها بعدي إلاّ كذاب، صليت قبل الناس بسبع سنين قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة» (2).
عن علي،قال:
«و اللّه إني لأخوه و وليه و ابن عمه و وارثه فمن أحق به مني» (3).
«و اللّه إني لأخوه و وليه و ابن عمه و وارثه فمن أحق به مني» (3).
و ورد هذا الحديث في أغلب المصادر المعتبرة منها:
1-الصبان:إسعاف الراغبين ص /113مخطوط.
ص: 245
2-ابن حجر:الإصابة في تمييز الصحابة ج 4 ص /565ط.بيروت.
3-الكنجي الشافعي:كفاية الطالب ص /168ط.بيروت.
4-ابن سعد:الطبقات ج 3 ص /22ط.بيروت.
5-البلاذري:أنساب الأشراف ج 2 ص /144ط.بيروت.
6-ابن كثير:البداية و النهاية ج 3 ص /226ط.بيروت.
7-ابن عبد البر:الاستيعاب ج 3 ص /1098ط.بيروت.
8-ابن الأثير:جامع الأصول ج 1 ص /278ط.بيروت.
9-ابن عساكر:التاريخ،ترجمة علي عليه السلام ج 1 ص /33ط.بيروت.
10-ابن المغازلي الشافعي:المناقب ص /43ط.بيروت.
11-السيوطي:تاريخ الخلفاء ص /170ط.مصر.
12-الطبري:ذخائر العقبى ص /66ط.القاهرة.
13-السيوطي:الجامع الصغير ج 2 ص /66ط.بيروت.
14-السمهودي:جواهر العقدين ص /277ط.بيروت.
15-المناوي:كنوز الحقائق ج 1 ص /51ط.بيروت.
16-النبهاني:الشرف المؤبد ص /133ط.القاهرة.
17-القسطلاني:شرح المواهب اللدنية ج 1 ص /373ط.القاهرة.
18-الذهبي:ميزان الاعتدال ج 2 ص /154ط.بيروت.
19-السيوطي:الدر المنثور ج 3 ص /205ط.بيروت.
20-الهيثمي:مجمع الزوائد ج 9 ص /143ط.بيروت.
21-البيهقي:المحاسن و المساوي ص /45ط.بيروت.
22-الصفوري في نزهة المجالس ص /552ط.القاهرة.
23-المتقي الهندي:منتخب كنز العمال ج 5 ص /30ط.المكتب الإسلامي.
24-المناوي:فيض القدير ج 4 ص /355ط.بيروت.
ص: 246
25-الشبلنجي:نور الأبصار ص /78ط.المكتبة الشعبية.
26-الملا علي القاري:مرقاة المفاتيح ج 10 ص /465ط.بيروت.
27-السيوطي:الفتح الكبير ج 1 ص /277ط.مصر.
28-التبريزي:مشكاة المصابيح ج 3 ص /1720ط.بيروت.
29-الطبري:الرياض النضرة ج 3 ص /124ط.بيروت.
30-البغوي:مصابيح السنة ج 4 ص /173ط.بيروت.
31-ابن طلحة الشافعي:مطالب السؤول ص /16مخطوط.
32-أحمد المغربي:فتح الملك العلي ص /52ط.إيران.
33-القوشجي:شرح التجريد ص /329ط.مصر.
34-ابن حجر:الصواعق المحرقة ص /122ط.القاهرة.
35-القندوزي:ينابيع المودة ج 1 ص /63ط.النجف.
36-الترمذي:صحيح الترمذي ج 5 ص /636ط.المكتبة الإسلامية.
37-الجزري الشافعي:أسنى المطالب ص /65ط.طهران.
38-الآمدي:غاية المرام ص /375ط.القاهرة.
حب علي و أهل البيت عليهم السلام:
في هذا المضمون وردت أحاديث كثيرة جدا،يأتي ذكر طائفة منها في أحد الفصول القادمة-إن شاء اللّه-و أكتفي هناك باختيار بعض النماذج:-
الحديث الأول:
قال علي عليه السلام:
«و الذي فلق الحبة و برأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي إليّ:أن لا يحبني إلاّ مؤمن، و لا يبغضني إلا منافق».
ص: 247
و ورد هذا الحديث في مجموعة من المصادر منها:-
1-سنن ابن ماجة:
عن علي،قال:
«عهد إليّ النبي الأمي صلى اللّه عليه و آله أنه لا يحبني إلا مؤمن،و لا يبغضني إلا منافق» (1).
2-ابن الأثير في أسد الغابة بالإسناد إلى علي،قال:
لقد عهد إليّ النبي صلى اللّه عليه و آله أن لا يحبك إلا مؤمن و لا يبغضك إلا منافق (2).
3-صحيح مسلم:
عن علي،قال:
و الذي فلق الحبة و برأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي صلى اللّه عليه و آله إليّ:أن لا يحبني إلا مؤمن و لا يبغضني إلا منافق (3).
4-الزمخشري في ربيع الأبرار:
قال علي:
لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني،و لو حبيت الدنيا بحمأتها على المنافق على أن يحبني ما أحبني،و ذلك أنه قضي على لسان النبي الأمي أنه لا يبغضك مؤمن و لا يحبك منافق (4).
5-ابن حجر في الإصابة بالإسناد إلى علي،قال:
لقد عهد إليّ النبي صلى اللّه عليه و آله أن لا يحبك إلا مؤمن و لا يبغضك إلا منافق (5).ت.
ص: 248
6-الكنجي الشافعي في كفاية الطالب بالإسناد إلى محمد بن منصور الطوسي،قال:
كنا عند أحمد بن حنبل فقال رجل:
يا أبا عبد اللّه ما تقول في هذا الحديث الذي يروي أن عليا قال:
أنا قسيم النار؟فقال أحمد:
و ما تنكرون من هذا الحديث أليس روينا أن النبي صلى اللّه عليه و آله قال لعلي:
لا يحبك إلا مؤمن و لا يبغضك إلا منافق،قلنا:
بلى،قال:
فأين المؤمن،قلنا:
في الجنة،قال:
فأين المنافق؟قلنا:
في النار،قال:
فعلي قسيم النار (1).
7-البلاذري في أنساب الأشراف بالإسناد إلى علي،قال:
إنه لعهد النبي الأمي أن لا يحبني إلا مؤمن و لا يبغضني إلا منافق (2).
8-ابن عبد ربه في الاستيعاب،قال:
روى طائفة من الصحابة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله قال لعلي رضي اللّه عنه:
لا يحبك إلا مؤمن،و لا يبغضك إلا منافق (3).
9-ابن عساكر في تاريخه بالإسناد إلى الحرث الهمداني،قال:ت.
ص: 249
رأيت عليا جاء حتى صعد المنبر فحمد اللّه و أثنى عليه،ثم قال:
قضاء قضاه اللّه على لسان نبيكم النبي الأمي صلى اللّه عليه و آله أنه لا يحبني إلا مؤمن و لا يبغضني إلا منافق،و قد خاب من افترى (1).
10-ابن عساكر في تاريخه بالإسناد إلى أبي الضوء عن أبيه،قال:
كنت عند النبي صلى اللّه عليه و آله في جماعة من أصحابه،فدخل علي بن أبي طالب،فقال له النبي صلى اللّه عليه و آله:
كذب من زعم أنه يحبني و يبغضك،إلا من أحبك فقد أحبني،و من أحبني فقد أحب اللّه،و من أحب اللّه أدخله الجنة،و من أبغضك فقد أبغضني،و من أبغضني أبغضه اللّه،و من أبغضه اللّه أدخله النار (2).
11-ابن المغازلي الشافعي في المناقب بالإسناد إلى علي عليه السلام،قال:
عهد إليّ النبي صلى اللّه عليه و آله أنه لا يحبك إلا مؤمن و لا يبغضك إلا منافق (3).
و ورد هذا الحديث في مجموعة مصادر منها:-
1-السيوطي:تاريخ الخلفاء ص /170ط.مصر.
2-الطبري:ذخائر العقبى ص /65ط.القاهرة.
3-الصبان:إسعاف الراغبين ص /113مخطوط.
4-السيوطي:الجامع الصغير ج 2 ص /160ط.بيروت.
5-مصطفى الشكعة:إسلام بلا مذاهب ص /170ط.مصر.
6-المناوي:كنوز الحقائق ج 1 ص /81ط.بيروت.ت.
ص: 250
7-ابن الصباغ المالكي:الفصول المهمة ص /123ط.بيروت.
8-النسائي:فضائل الصحابة ص /17ط.بيروت.
9-الخوارزمي:المناقب ص /70ط.قم.
10-المتقي الهندي:منتخب كنز العمال ج 5 ص /30ط.المكتب الإسلامي.
11-الشبلنجي:نور الأبصار ص /78ط.المكتبة الشعبية.
12-التبريزي:مشكاة المصابيح ج 3 ص /1719ط.بيروت.
13-الموصلي:المسند ج 1 ص /179ط.جدة.
14-الطبري:الرياض النضرة ج 3 ص /190ط.بيروت.
15-المتقي الهندي:كنز العمال ج 11 ص /598ط.حلب.
16-البغوي:مصابيح السنة ج 4 ص /171ط.بيروت.
17-ابن حجر:الصواعق المحرقة ص /122ط.القاهرة.
18-النسائي:خصائص علي ص /180ط.ايران.
19-القندوزي:ينابيع المودة ج 1 ص /52ط.النجف.
20-الزرندي:نظم درر السمطين ص /102ط.النجف.
21-المناوي:الكواكب الدرية ج 1 ص /69ط.مصر.
22-الطبراني:المعجم الأوسط ج 3 ص /89ط.الرياض.
الحديث الثاني:
قال صلى اللّه عليه و آله:
«من أحب عليا فقد أحبني و من أبغض عليا فقد أبغضني»
و ورد هذا الحديث في أغلب المصادر منها:-
1-الحاكم النيسابوري في المستدرك بالإسناد إلى سلمان،قال:
سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يقول:
ص: 251
«من أحب عليا فقد أحبني و من أبغض عليا فقد أبغضني» (1).
2-الذهبي في التلخيص بالإسناد إلى أبي عثمان،قال:
قال رجل لسلمان:
ما أشد حبك لعلي،قال:
سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يقول:
«من أحب عليا فقد أحبني و من أبغض عليا فقد أبغضني» (2).
3-ابن عبد ربه في الاستيعاب:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«من أحبّ عليا فقد أحبني،و من أبغض عليا فقد أبغضني،و من آذى عليا فقد آذاني،و من آذاني فقد آذى اللّه» (3).
4-الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد بالإسناد إلى عبد اللّه بن مسعود،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«من أحبني فليحب عليا،و من أبغض عليا فقد أبغضني،و من أبغضني فقد أبغض اللّه عز و جل،و من أبغض اللّه أدخله النار» (4).
5-الشبلنجي في نور الأبصار بالإسناد إلى سعد بن أبي وقاص،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«من أحب عليا فقد أحبني،و من أحبني فقد أحب اللّه،و من أبغض عليا فقد أبغضني،و من أبغضني فقد أبغض اللّه» (5).ة.
ص: 252
6-الطبري:الرياض النضرة بالإسناد إلى أم سلمة،قالت:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«من أحب عليا فقد أحبني و من أحبني فقد أحب اللّه،و من أبغض عليا فقد أبغضني و من أبغضني فقد أبغض اللّه عز و جل» (1).
7-المتقي الهندي في كنز العمال بالإسناد إلى سلمان الفارسي،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«من أحب عليا فقد أحبني و من أبغض عليا فقد أبغضني» (2).
8-ابن حجر في الصواعق المحرقة بالإسناد إلى أم سلمة،قالت:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«من أحب عليا فقد أحبني و من أحبني فقد أحب اللّه و من أبغض عليا فقد أبغضني و من أبغضني فقد أبغض اللّه» (3).
9-البدخشاني في نزل الأبرار بالإسناد إلى أم سلمة،قالت:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«من أحب عليا فقد أحبني و من أحبني فقد أحب اللّه،و من أبغض عليا فقد أبغضني و من أبغضني فقد أبغض اللّه» (4).
10-القندوزي في ينابيع المودة بالإسناد إلى أبي رافع،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«من أبغض عليا فقد أبغضني و من أبغضني فقد أبغض اللّه،و من أحبه فقد أحبني و من أحبني فقد أحب اللّه» (5).ف.
ص: 253
11-المنصور باللّه في هداية العقول بالإسناد إلى سلمان،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«من أحب عليا فقد أحبني و من أحبني فقد أحب اللّه و من أبغضه فقد أبغضني و من أبغضني فقد أبغض اللّه» (1).
الحديث الثالث:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«لا يحب عليا منافق و لا يبغضه مؤمن»
ورد هذا الحديث في مصادر كثيرة منها:-
1-صحيح الترمذي بالإسناد إلى أم سلمة،قالت:
كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله،يقول:
«لا يحب عليا منافق و لا يبغضه مؤمن» (2).
2-ابن الأثير في جامع الأصول بالإسناد نفسه:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«لا يحب عليا منافق،و لا يبغضه مؤمن» (3).
3-التبريزي في مشكاة المصابيح بالإسناد إلى أم سلمة،قالت:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«لا يحب عليا منافق و لا يبغضه مؤمن» (4).ت.
ص: 254
4-المناوي في كنوز الحقائق:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«لا يحب عليا منافق و لا يبغضه مؤمن» (1).
5-الهيثمي في مجمع الزوائد:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«لا يحب عليا منافق و لا يبغضه مؤمن» (2).
الحديث الرابع:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«أحبّوا اللّه لما يغذيكم به،و أحبوني بحب اللّه،و أحبوا أهل بيتي بحبي».
ورد هذا الحديث في مجموعة مصادر منها:-
1-الصبان في إسعاف الراغبين بالإسناد إلى ابن عباس،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«أحبّوا اللّه لما يغذيكم به،و أحبوني بحب اللّه،و أحبوا أهل بيتي بحبي» (3).
2-البدخشاني:نزل الأبرار بالإسناد إلى ابن عباس،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«أحبوا اللّه لما يغذوكم من نعمته،فأحبوني لحب اللّه،و أحبوا أهل بيتي لحبي» (4).ت.
ص: 255
3-ابن كثير في تفسير القرآن بالإسناد إلى ابن عباس،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«أحبوا اللّه تعالى لما يغذوكم من نعمة،و أحبوني بحب اللّه و أحبوا أهل بيتي بحبي» (1).
4-القسطلاني في شرح المواهب اللدنية بالإسناد إلى ابن عباس،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«أحبوا اللّه لما يغذوكم به من نعمة،و أحبوني بحب اللّه،و أحبوا أهل بيت بحبي» (2).
5-البيهقي في الاعتقاد بالإسناد إلى ابن عباس،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
أحبوا اللّه لما يغذوكم به من نعمة،و أحبوني لحب اللّه،و أحبوا أهل بيتي لحبي» (3).
6-المتقي الهندي في كنز العمال بالإسناد نفسه:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«أحبوا اللّه لما يغذوكم به من نعمة،و أحبوني بحب اللّه،و أحبوا أهل بيتي لحبي» (4).
الحديث الخامس:
1-قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:ب.
ص: 256
«الزموا مودتنا أهل البيت فإنه من لقي اللّه عز و جل و هو يودّنا دخل الجنة بشفاعتنا و الذي نفسي بيده لا ينفع عبدا عمله إلا بمعرفة حقنا» (1).
2-الطبراني في المعجم الأوسط بالإسناد إلى الحسن بن علي،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«الزموا مودتنا أهل البيت،فإنه من لقي اللّه عز و جل و هو يودنا دخل الجنة بشفاعتنا،و الذي نفسي بيده لا ينفع عبدا عمله إلا بمعرفة حقنا» (2).
3-الهيثمي في مجمع الزوائد ج 9 ص 172 أورد نفس الحديث.
الحديث السادس:
«كنا نعرف المنافقين ببغضهم عليا»
ورد هذا الحديث في مجموعة مصادر منها:-
1-صحيح الترمذي بالإسناد إلى أبي سعيد الخدري،قال:
إنا كنا لنعرف المنافقين نحن معاشر الأنصار ببغضهم علي بن أبي طالب (3).
2-الصبان في إسعاف الراغبين بالإسناد إلى أبي سعيد الخدري،قال:
كنا نعرف المنافقين ببغضهم عليا (4).
3-الشبلنجي في نور الأبصار بالإسناد إلى أبي سعيد الخدري،قال:
كنا نعرف المنافقين ببغضهم عليا (5).ة.
ص: 257
4-ابن حجر في الصواعق المحرقة بالإسناد إلى أبي سعيد،قال:
كنا نعرف المنافقين ببغضهم عليا (1).
5-القندوزي في ينابيع المودة بالإسناد إلى جابر بن عبد اللّه،قال:
ما كنا نعرف منافقينا معشر الأنصار إلا ببغضهم عليا (2).
6-الزرندي في نظم درر السمطين بالإسناد إلى أبي سعيد الخدري،قال:
كنا نعرف المنافقين ببغضهم عليا (3).
7-الجزري الشافعي بالإسناد إلى أبي ذر،قال:
ما كنا نعرف المنافقين إلا بتكذيبهم اللّه و رسوله و التخلف عن الصلاة و البغض لعلي (4).
قال الجزري:صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه.
8-المنصور باللّه في هداية العقول بالإسناد نفسه،قال:
ما كنا نعرف المنافقين إلا بتكذيبهم اللّه و رسوله و التخلف عن الصلاة و البغض لعلي (5).
9-الطبراني في المعجم الأوسط بالإسناد إلى جابر،قال:
ما كنا نعرف المنافقين إلا ببغضهم عليا (6).
10-المتقي الهندي في كنز العمال بالإسناد إلى أبي ذر قال:ض.
ص: 258
ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله إلا بثلاث:
بتكذيبهم اللّه و رسوله،و التخلف عن الصلاة و ببغضهم علي بن أبي طالب (1).
11-الشبلنجي في نور الأبصار بالإسناد إلى أبي سعيد الخدري،قال:
كنا نعرف المنافقين ببغضهم عليا (2).
حديث«أنا مدينة العلم و علي بابها»
ورد الحديث بصيغ متعددة:-
(1)المستدرك على الصحيحين للحاكم:
عن ابن عباس قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«أنا مدينة العلم و علي بابها،فمن أراد المدينة فليأت الباب».
(قال الحاكم):
هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه (2).
(3)صحيح الترمذي:
عن علي قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«أنا دار الحكمة و علي بابها» (4).
(3)ميزان الاعتدال للذهبي:
ص: 259
عن علي قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«أنا مدينة العلم و علي بابها،فمن أراد المدينة فليأت باب المدينة» (1).
(2)منتخب كنز العمال للمتقي:
عن ابن عباس عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله قال:
«أنا مدينة العلم و علي بابها،فمن أراد العلم فليأت الباب» (3).
(4)ذخائر العقبى للطبري:
عن علي قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«أنا دار العلم و علي بابها» (5).
(6)الصواعق المحرقة لابن حجر:
عن علي،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«أنا مدينة العلم و علي بابها» (4).
(7)ابن الأثير في أسد الغابة بالإسناد إلى ابن عباس،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«أنا مدينة العلم و علي بابها،فمن أراد العلم فليأت بابه» (5).
8-الصبان في إسعاف الراغبين:
قال علي:ت.
ص: 260
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«أنا دار الحكمة و علي بابها» (1).
(9)-الخطيب البغدادي في تاريخه بالإسناد إلى ابن عباس،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«أنا مدينة العلم و علي بابها،فمن أراد العلم فليأت الباب» (2).
(10)-ابن عبد ربه في الاستيعاب:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«أنا مدينة العلم و علي بابها،فمن أراد العلم فليأته من بابه» (3).
مصادر أخرى:
هذا الحديث من الأحاديث التي توافرت على تدوينها عشرات المصادر،حتى أفرد الإمام أحمد بن محمد الصديق المغربي لتصحيح هذا الحديث كتابا سماه«فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي»و قد طبع سنة 1354 ه بالمطبعة الإسلامية بمصر.
و نضع بين يدي القارئ طائفة من المصادر التي دونت هذا الحديث:-
1-أحمد المغربي:فتح الملك العلي ص /25ط.ايران.
2-الكنجي الشافعي:كفاية الطالب ص /193ط.بيروت.
3-ابن عساكر:التاريخ،ترجمة علي عليه السلام ج 2 ص /459ط.
بيروت.
4-ابن الأثير:جامع الأصول ج 8 ص /657ط.بيروت.ت.
ص: 261
5-ابن المغازلي الشافعي:المناقب ص /74ط.بيروت.
6-السيوطي:تاريخ الخلفاء ص /170ط.مصر.
7-الطبري:ذخائر العقبى ص /77ط.القاهرة.
8-السبط بن الجوزي:تذكرة الخواص ص /52ط.بيروت.
9-السيوطي:الجامع الصغير ج 1 ص /108ط.بيروت.
10-مصطفى الشكعة:إسلام بلا مذاهب ص /170ط.مصر.
11-أبو نعيم:حلية الأولياء ج 1 ص /64ط.بيروت.
12-المناوي:كنوز الحقائق ج 1 ص /80ط.بيروت.
13-الديلمي:فردوس الأخبار ج 1 ص /76ط.بيروت.
14-الذهبي:ميزان الاعتدال ج 2 ص /215ط.بيروت.
15-الهيثمي:مجمع الزوائد ج 9 ص /148ط.بيروت.
16-الخوارزمي:المناقب ص /83ط.القاهرة.
17-المناوي:فتح القدير ج 3 ص /46ط.بيروت.
18-الملا علي القاري:مرقاة المفاتيح ج 10 ص /454ط.بيروت.
19-النبهاني:الفتح الكبير ج 1 ص /272ط.مصر.
20-التبريزي:مشكاة المصابيح ج 3 ص /1720ط.بيروت.
21-الطبري:الرياض النضرة ج 3 ص /159ط.بيروت.
22-الدميري:حياة الحيوان ج 1 ص /69ط.بيروت.
23-المتقي الهندي:كنز العمال ج 11 ص /600ط.حلب.
24-البغوي:مصابيح السنّة ج 4 ص /174ط.بيروت.
25-ابن طلحة الشافعي:مطالب السؤول ص /21مخطوط.
26-الخوارزمي:مقتل الحسين ج 1 ص /43ط.ايران.
27-ابن حجر:الصواعق المحرقة ص /122ط.القاهرة.
ص: 262
28-البدخشاني:نزل الأبرار ص /76ط.بيروت.
29-القندوزي:ينابيع المودة ج 1 ص /31ط.النجف.
30-الزرندي:نظم درر السمطين ص /113ط.النجف.
31-المناوي:الكواكب الدرية ج 1 ص /69ط.مصر.
حديث«علي مع الحق».
(1)الخوارزمي في المناقب:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
رحم اللّه عليا،اللهم أدر الحق معه حيث دار (1).
(2)صحيح الترمذي:
في حديث أبي حيان التيمي عن أبيه عن علي أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله قال:
«رحم اللّه عليا،اللهم أدر الحق معه حيث دار» (2).
(3)المستدرك للحاكم:
عن أبي حيان التيمي عن أبيه عن علي قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«رحم اللّه عليا اللهم أدر الحق معه حيث دار».
(قال الحاكم):
هذا حديث صحيح على شرط مسلم و لم يخرجاه (3).
ص: 263
(1)المتقي الهندي في منتخب كنز العمال بالإسناد إلى علي،قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
رحم اللّه عليا،اللهم أدر الحق معه حيث دار (2).
(5)تاريخ بغداد للخطيب البغدادي:
عن أبي ثابت مولى أبي ذر قال:
دخلت على أم سلمة فرأيتها تبكي و تذكر عليا عليه السلام و قالت:
سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يقول:
«علي مع الحق و الحق مع علي،و لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض يوم القيامة» (3).
(6)اليافعي في مرآة الجنان:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله لعلي:
اللهم أدر الحق معه حيث دار (4).
(7)مجمع الزوائد للهيثمي:
عن أبي سعيد الخدري قال:
كنا عند بيت النبي صلى اللّه عليه و آله في نفر من المهاجرين و الأنصار...
-قال-و مر علي بن أبي طالب فقال صلى اللّه عليه و آله:
«الحق مع ذا،الحق مع ذا».
(قال الهيثمي):
رواه أبو يعلي و رجاله ثقات (4).ت.
ص: 264
(8)مجمع الزوائد للهيثمي:
في حديث سعد بن أبي وقاص قال:
سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يقول:
«علي مع الحق و الحق مع علي حيث كان».
قاله في بيت أم سلمة،فأرسل أحد إلى أم سلمة فسألها،فقالت قد قاله رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله في بيتي.
(قال الهيثمي):
رواه البزار و فيه سعد بن شعيب و لم أعرفه،و بقية رجاله رجال الصحيح (1).
قال الأميني صاحب الغدير في تعقيبه على كلام الحافظ الهيثمي:
«الرجل الذي لم يعرفه الهيثمي هو سعيد بن شبيب الحضرمي قد خفي عليه لمكان التصحيف،ترجمه غير واحد قاله الخزرجي:
كان شيخا صالحا صدوقا،و قد ترجمه غير واحد (2).
(9)ابن عساكر في تاريخه بالإسناد إلى أبي ثابت مولى أبي ذر،قال:
دخلت على أم سلمة فرأيتها تبكي و تذكر عليا،و قالت:
سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله،يقول:
علي مع الحق،و الحق مع علي،و لن يفترقا حتى يردا علي الحوض يوم القيامة (3).ت.
ص: 265
(10)البيهقي في المحاسن و المساوي:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
رحم اللّه عليا،اللهم أدر الحق معه حيث دار (1).
و ورد هذا الحديث في مجموعة مصادر منها:
1-ابن المغازلي الشافعي:المناقب ص 88 ح /155ط،بيروت.
2-المناوي:كنوز الحقائق ج 1 ص /121ط.بيروت.
3-الباقلاني:الانصاف ص /66ط،بيروت.
5-الموصلي:المسند ج 1 ص /280ط.جدة.
6-المتقي الهندي:كنز العمال ج 11 ص /621ط.حلب.
7-البدخشاني:نزل الأبرار ص /58ط.بيروت.
8-القندوزي:ينابيع المودة ج 1 ص /104ط.النجف.
9-محمد باشا:الرسائل ص /89ط.مصر.
«علي مع القرآن،و القرآن مع عليّ،لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض» (1).
(2)ابن حجر في الصواعق بالإسناد نفسه،قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«علي مع القرآن،و القرآن مع علي،لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض» (3).
(4)الصبان في إسعاف الراغبين بالإسناد نفسه،قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
علي مع القرآن،و القرآن مع علي،لا يفترقان حتى يردا عليّ الحوض (3).
(5)السيوطي في تاريخ الخلفاء بالإسناد نفسه،قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
علي مع القرآن،و القرآن مع علي،لا يفترقان حتى يردا عليّ الحوض (4).
(6)السيوطي في الجامع الصغير:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
علي مع القرآن،و القرآن مع علي،لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض (5).
(7)الهيثمي في مجمع الزوائد بالإسناد إلى أم سلمة،قالت:
سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يقول:
علي مع القرآن،و القرآن مع علي،لا يفترقان حتى يردا عليّ الحوض (6).
(8)الطبراني في المعجم الصغير بالإسناد نفسه:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
علي مع القرآن،و القرآن معه لا يفترقان حتى يردا عليّ الحوض (7)ت.
ص: 267
(9)المناوي في الكواكب الدرية:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
علي مع القرآن،و القرآن مع علي (1).
(10)المتقي الهندي في كنز العمال بالإسناد إلى أم سلمة،قالت:
سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يقول:
علي مع القرآن،و القرآن مع علي،لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض (1).
(11)القندوزي في ينابيع المودة بالإسناد إلى أم سلمة،قالت:
سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يقول:
علي مع القرآن،و القرآن مع علي،لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض (2).
قال:
«قولوا اللهم صل على محمد و على آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنّك حميد مجيد،اللهم بارك على محمد و على آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنّك حميد مجيد» (1).
(2)صحيح مسلم:
عن أبي مسعود الأنصاري قال:
أتانا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و نحن في مجلس سعد بن عباده،فقال له بشير بن سعد:
أمرنا اللّه تعالى أن نصلي عليك يا رسول اللّه فكيف نصلي عليك؟قال:
فسكت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله حتى تمنينا أنه لم يسأله،ثم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
«قولوا:اللهم صل على محمد و على آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، و بارك على محمد و على آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد،و السلام كما قد علمتم» (2).
(3)صحيح الترمذي:
عن كعب بن عجزة قال:قلنا يا رسول اللّه،هذا السلام عليك قد علمنا،فكيف الصلاة عليك؟قال:
«قولوا:اللهم صل على محمد و على آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد،و بارك على محمد و على آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد» (3).ت.
ص: 269
(4)سنن ابن ماجه:
عن كعب بن عجزة قال:
خرج علينا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فقلنا:
قد عرفنا السلام عليك،فكيف الصلاة عليك؟
قال:
«قولوا:اللهم صل على محمد و على آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد،اللهم بارك على محمد و على آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد» (1).
(5)مسند أحمد بن حنبل:
عن بريدة الخزاعي قال:
قلنا يا رسول اللّه قد علمنا كيف نسلم عليك،فكيف نصلي عليك؟
قال:«قولوا:اللهم أجعل صلواتك و رحمتك و بركاتك على محمد و على آل محمد كما جعلتها على إبراهيم و على آل إبراهيم إنك حميد مجيد» (2).
(6)الصواعق المحرقة لابن حجر:
قال:و يروى[عن النبي صلى اللّه عليه و آله أنه قال]:
«لا تصلوا عليّ الصلاة البتراء».قالوا:
و ما الصلاة البتراء؟قال:
«تقولون اللهم صل على محمد و تمسكون،بل قولوا:
اللهم صل على محمد و على آل محمد» (3).
(7)التفسير الكبير للفخر الرازي:ت.
ص: 270
في تفسير قوله تعالى:
إِنَّ اللّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً (1) .
«المسألة الثالثة:سئل النبي عليه السلام كيف نصلي عليك يا رسول اللّه؟فقال:
«قولوا:اللهم صل على محمد و على آل محمد كما صليت على ابراهيم و على آل ابراهيم،و بارك على محمد و على آل محمد كما باركت على ابراهيم و على آل ابراهيم إنك حميد مجيد» (2).
(8)الطبراني في المعجم الصغير بالإسناد إلى كعب بن عجزة،قال:
قال رجل يا رسول اللّه هذا السلام عليك قد عرفنا فكيف الصلاة عليك؟فقال:
قولوا:اللهم صل على محمد و على آل محمد كما صليت على ابراهيم إنك حميد مجيد،اللهم بارك على محمد و على آل محمد كما باركت على ابراهيم إنك حميد مجيد (3).
(9)الزرندي في نظم درر السمطين بالإسناد إلى كعب بن عجزة قال:
خرج علينا الرسول صلى اللّه عليه و آله فقلنا:
يا رسول اللّه كيف نسلم عليك و كيف نصلي عليك علّمنا،قال:
فقولوا:اللهم صل على محمد و على آل محمد كما صليت على ابراهيم إنك حميد مجيد،اللهم بارك على محمد و على آل محمد كما باركت على ابراهيم إنك حميد مجيد (4).ف.
ص: 271
(10)الطبراني في المعجم الأوسط بالإسناد إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى قال:
لقيني كعب بن عجزة،فقال:
ألا أهدي لك هدية؟قلت:
بلى،فأهدها لي،قال:
قلت:
يا رسول اللّه كيف الصلاة عليكم أهل البيت فإنا قد علمنا كيف نسلّم؟قال:
قولوا:
اللهم صل على محمد و على آل محمد كما صليت على ابراهيم إنك حميد مجيد (1).
(11)ابن طلحة الشافعي في مطالب السؤول بالإسناد إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى قال:
لقيني كعب بن عجزة،فقال:
ألا أهدي إليك هدية سمعتها من رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله،فقلت:
بلى فأهدها إليّ،فقال:
سألنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فقلنا:
يا رسول اللّه كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟قال:
قولوا:
اللهم صل على محمد و آل محمد كما صليت على ابراهيم و آل ابراهيم و بارك على محمد و آل محمد كما باركت على ابراهيم و آل ابراهيم إنك حميد مجيد (2).ط.
ص: 272
ملاحظة:
هدف البحث هنا إعطاء نماذج و عينات تعبر عن هذه المنظومة من منظومات النصوص،و ما طرحناه من أمثلة محدودة يكفي في تصورنا لإعطاء صورة للصيغة الإستدلالية التي اعتمدت الدلالة الإلتزامية لإثبات مسألة الإمامة..
و ملاحظة أخرى لا تفوتنا الإشارة إليها و هي أننا اكتفينا في أمثلة المنظومة الثانية باختيار نماذج مدوّنة في مصادر مدرسة الخلفاء،و لم نعرض لما دوّنته مصادر مدرسة أهل البيت عليهم السلام،لأننا و إن كنا نعتمد ما ثبت عن أئمتنا من أهل البيت في تحديد كل الرؤى العقائدية و الفكرية و الفقهية التي نتبناها وفقا لما توافر لدينا من أدلة قطعية، غير أننا في مقام محاسبة الأفكار و الآراء و التصورات على الصعيد العام لا يسعنا إلاّ اعتماد الأدلة القادرة على إلزام الآخرين ما دمنا في طريق تأصيل منهج الأئمة من أهل البيت عليهم السلام..
و هذا لا يعني إقرار«إشكالية الدور»التي يثيرها بعض الباحثين حول اعتماد أحاديث أئمة أهل البيت عليهم السلام لإثبات الإمامة،فهذه الإشكالية غير واردة لأنّ اعتماد الأئمة هنا باعتبارهم وسائط أمينة و متفق على صدقهم و نزاهتهم لا يشك في ذلك أحد من المسلمين،فرواياتهم في مقام التعارض هي أصدق الروايات،و أحاديثهم هي أصدق الأحاديث.
نعم ربما يشكل على هذا المنحى بعدم ثبوت هذه الأحاديث عن الأئمة من أهل البيت عليهم السلام،إلا أننا نجيب عن ذلك بأن المسألة ترجع إلى دراسة القنوات المعتمدة في نقل الرواية و الحديث،و قد عالجت هذا الجانب الدراسات المتخصصة في علم الرجال و الدراية و الحديث،و أشبعته بحثا و تحقيقا مما أنتج رؤية واضحة حول
ص: 273
رجال الحديث و قنواته حسب المقاييس و الموازين الصحيحة لتقويم الرواة و أدوات الرواية.
ص: 274
هذه المنظومة تضم النصوص التي تعطي لأهل البيت عليهم السلام من المواصفات و الفضائل المتميزة ما يؤشر بوضوح إلى مواقعهم القيادية في حركة الدعوة و مسيرة الأمة.
فالكثافة الكبيرة من نصوص المناقب و الفضائل الخاصة بأهل البيت عليهم السلام تمثل مؤشرات صريحة على الخصوصية التي تميّز أهل البيت دون سائر الأمة.
و توافر هذه الخصوصية لأهل البيت عليهم السلام ليس بملاك الحالة القرابية النسبية،و إن كان لهذه الحالة اعتبارها في مقام التقويم و التعظيم،و إنّما بملاك المواقع القيادية التي يحملون صلاحياتها و مؤهلاتها و استعداداتها.
و من المسلمات الثابتة تفرد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب،و أهل البيت عليهم السلام بفضائل و مناقب و خصائص لا يشاركهم فيها أحد من هذه الأمة..
1-قال ابن العباس:
«ما نزل في أحد من كتاب اللّه ما نزل في علي» (1).
2-عن محمد بن منصور الطوسي،يقول:
سمعت أحمد بن حنبل يقول:
«ما جاء لأحد من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله من الفضائل ما جاء لعلي عليه السلام» (2).
ص: 275
3-و قال اسماعيل القاضي و النسائي و أبو علي النيسابوري:
«لم يرد في حق أحد من الصحابة بالأسانيد الحسان أكثر ما جاء في علي» (1).
و هنا نضع هذا التساؤل الكبير:
لماذا هذا التأكيد على علي و أهل بيته؟
الإحتمالات الممكنة في الإجابة على هذا التساؤل ثلاثة:-
الإحتمال الأول:
إنّ الرسول صلى اللّه عليه و آله ينطلق في هذا التأكيد و الاهتمام بأهل بيته من بواعث ذاتية عاطفية.
و هذا الاحتمال ساقط قطعا،فلا نظن أنّ مسلما يؤمن باللّه و رسوله يساور ذهنه هذا اللون من التفكير.
الإحتمال الثاني:
إنّ الرسول صلى اللّه عليه و آله من خلال رؤيته الغيبية،و ما سوف يلاقيه أهل بيته من ابتلاءات و اضطهادات و محن قاسية أراد صلى اللّه عليه و آله من خلال هذا الكم الكبير من النصوص التأكيد على وجوب الحفاظ على أهل بيته و رعايتهم و تعظيمهم و حرمة إيذائهم و إهانتهم و ظلمهم.
هذا الاحتمال يمكن أن يكون مقبولا بالنسبة لطائفة من النصوص تحمل دلالة واضحة في هذا الاتجاه..
كقوله صلى اللّه عليه و آله:
«من آذاني في عترتي فعليه لعنة اللّه» (2).ن.
ص: 276
و قوله صلى اللّه عليه و آله:
«من آذاني في عترتي فقد آذى اللّه» (1).
و قوله صلى اللّه عليه و آله:
«إنّ اللّه حرم الجنة على من ظلم أهل بيتي أو قاتلهم أو أعان عليهم أو سبهم» (2).
و قوله صلى اللّه عليه و آله:
«من سب عليا فقد سبني،و من سبني فقد سب اللّه،و من سب اللّه أكبه اللّه على منخريه في النار» (3).
و قوله صلى اللّه عليه و آله:
«من آذى عليا فقد آذاني» (4).
و غيرها من النصوص التي تنحى هذا المنحى في التأكيد على هذا الجانب.
و لكن بين أيدينا-كما يبدو ذلك واضحا من خلال القراءة المتأنية-نسبة كبيرة من النصوص تحمل صيغة تؤصّل منهجا و مسارا و خطا للأمة،فلا يمكن أن تفهم مجرد وسائل إجرائية وقائية لحماية الجانب الشخصي في حياة أهل البيت عليهم السلام...
نعم يمكن أن تكون وسائل إجرائية لحماية الجانب الرسالي في حياة الأئمة،و هذا ينسجم مع الفهم الذي يعطي للنصوص دلالتها القيادية.
الإحتمال الثالث:
و هو الإحتمال الذي يملك القدرة على إعطاء التفسير المقبول لهذه الظاهرة المتميزة في مسار الرسالة..فالإهتمام الواضح بأهل البيت و الذي تجاوز الحد المألوفت.
ص: 277
و شكّل صفة بارزة في خطابات الرسول صلى اللّه عليه و آله يعبّر بدرجة لا تقبل الشك عن إتجاه الرسالة في تحديد الصيغة القيادية للأمة...
و نحن هنا-ضمن الحديث عن المنظومة الثالثة-لا نريد التعامل مع المفردات التي تطرح مسألة الإمامة من خلال الدلالات المطابقية أو الدلالات الإلتزامية،فذلك ما توافرت عليه المنظومتان الأولى و الثانية،و إنّما نريد التعامل مع الإتجاه العام الذي تتحرك من خلاله النصوص و الأحاديث.
فإذا كانت المنظومة الأولى تعالج قضية الإمامة بصيغ مباشرة،و إذا كانت المنظومة الثانية تعالج القضية من خلال اللوازم،فإنّ المنحى في المنظومة الثالثة يحاول أن يرصد النصوص في مجموعها لا في مفرداتها ليكتشف الخط العام الذي تؤصله هذه النصوص،بما يحمله هذا الخط من منطلقات و أهداف و خصائص و معالم بارزة.
و تواجه الباحث و هو يتعامل مع النصوص من خلال هذا المنحى عدة ظواهر جديرة بالدراسة و التأمل،و من أبرز هذه الظواهر:-
(1)التأكيد على حالة الاقتران بين القرآن و أهل البيت عليهم السلام،كما يعبّر عن ذلك«حديث الثقلين»المسلّم بصحته عند المسلمين،و أحاديث أخرى كثيرة.
(2)التأكيد على حالة الاقتران بين الرسول صلى اللّه عليه و آله و أهل البيت عليهم السلام،و من الشواهد المتفق عليها بين المسلمين:-
أ-مسألة الصلاة على محمد و آل محمد.
ب-قصة المباهلة.
ج-حديث الكساء..
(3)التأكيد على لزوم التمسك بأهل البيت عليهم السلام كما هو واضح من خلال«حديث الثقلين»و«حديث السفينة»و أحاديث أخرى متظافرة.
(4)التأكيد على الموقع المتميّز لأهل البيت عليهم السلام،و نجد ذلك صريحا في «آية التطهير»و«حديث المنزلة»و نصوص كثيرة مدوّنة في المصادر المعتمدة.
ص: 278
(5)التأكيد على الولاء و الحب لأهل البيت عليهم السلام كما تفرض ذلك«آية المودة»و أحاديث مشتهرة عند المسلمين.
(6)التأكيد على توافر خصائص في أهل البيت عليهم السلام لا يشاركهم فيها أحد من الأمة،فهم سفن النجاة،و أمان الأمة،و العروة الوثقى،و أزمة الحق،و أعلام الدين و دعائم الإسلام،و أبواب العلم،و ألسنة الصدق...إلى آخر الصفات التي تصرح بها الأحاديث و الروايات...
و نؤكد مرة أخرى أنّنا في تناولنا لهذه المنظومة لن نمارس المنهج الذي نهجناه في تناول المنظومتين الأولى و الثانية،و الذي تعاملنا من خلاله مع نماذج من النصوص، و إنما نحاول أن نضع بين يدي القارئ عينات من المؤلفات التي عنيت بتدوين مناقب و فضائل أهل البيت عليهم السلام،و بعض النماذج من الدراسات و البحوث التي عالجت مسألة الإمامة عبر مراحل تاريخية متعددة.
و السبب في هذا العدول عن ذلك المنهج هو أنّ الهدف من تناول المنظومة ليس التعاطي مع المفردات،و إنما هو محاولة لإبراز الاتجاه العام الذي مارسته الرسالة في التأكيد على القيمة الخاصة لأهل البيت عليهم السلام،و لا نتوافر على هذا الهدف إلاّ من خلال التعاطي مع أكبر قدر ممكن من النصوص و الأحاديث.
عليهم السلام:
(1)المناقب.
المؤلف:الإمام أحمد بن حنبل(ت 241 ه).
(2)خصائص أمير المؤمنين.
المؤلف:النسائي الشافعي(ت 303 ه).
ص: 279
(3)شواهد التنزيل في الآيات النازلة في أهل البيت عليهم السلام.
المؤلف:الحاكم الحسكاني الحنفي(ت 490 ه).
(4)كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب.
المؤلف:الكنجي الشافعي(ت 658 ه).
(5)فرائد السمطين في فضائل المرتضى و البتول و السبطين.
المؤلف:الحمويني الشافعي(732 ه).
(6)ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق.
المؤلف:ابن عساكر الشافعي.
(7)الفصول المهمة في معرفة الأئمة.
المؤلف:ابن الصباغ المالكي(855 ه).
(8)أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب.
المؤلف:شمس الدين الجزري الشافعي(ت 833 ه).
(9)مطالب السؤول في مناقب آل الرسول.
المؤلف:محمد بن طلحة الشافعي(ت 653 ه).
(10)ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى.
المؤلف:محب الدين الطبري(ت 694 ه).
(11)إسعاف الراغبين في سيرة المصطفى و فضائل أهل بيته الطاهرين.
المؤلف:محمد الصبّان الشافعي(ت 1206 ه).
(12)ينابيع المودة.
المؤلف:القندوزي الحنفي(ت 1293 ه).
(13)نور الأبصار في مناقب آل البيت المختار.
المؤلف:الشبلنجي المصري.
ص: 280
ملاحظة:
هذه نماذج من مؤلفات مدرسة الخلفاء عنيت بتدوين فضائل أهل البيت عليهم السلام،و يمكن قراءة الأبواب المخصصة لمناقب الإمام أمير المؤمنين و مناقب أهل البيت الطاهرين في الصحاح الستة(البخاري و مسلم،و الترمذي،و ابن ماجه،و أبي داوود، و النسائي)و غيرها من الكتب المعتمدة لدى مدرسة الخلفاء..
و أمّا مدرسة أهل البيت عليهم السلام فقد توافرت على عدد كبير من المؤلفات التي اهتمت بتدوين فضائل العترة الطاهرة نشير إلى نماذج محدودة منها:-
(14)كتاب المناقب:
المؤلف:محمد بن الحسن الصفار(ت 290 ه).
(15)منتخب الأنوار في تاريخ الأئمة الأطهار.
المؤلف:محمد بن همام الإسكافي(ت 336 ه).
(16)الإرشاد.
المؤلف:الشيخ المفيد(ت 413 ه).
(17)المناقب.
المؤلف:ابن شهراشوب المازندراني(583 ه).
(18)كشف الغمة في معرفة الأئمة.
المؤلف:علي بن عيسى الأربلي(ت 692 ه).
(19)كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين.
المؤلف:العلاّمة الحلي(ت 1091 ه).
(20)مناقب أمير المؤمنين.
المؤلف:الفيض الكاشاني(ت 1091 ه).
(21)مناقب أمير المؤمنين.
المؤلف:السيد هاشم البحراني(ت 1107 ه).
ص: 281
(22)بحار الأنوار.
المؤلف:العلامة المجلسي(ت 1110 ه).
(23)عوالم العلوم و المعارف.
المؤلف:الشيخ عبد اللّه البحراني(من معاصري العلاّمة المجلسي).
(24)الأنوار البهية في تاريخ الحجج الإلهية.
المؤلف:الشيخ عباس القمي(ت 1359 ه).
(25)سيرة الأئمة.
المؤلف:السيد محسن الأمين العاملي(ت 1371 ه).
(26)سيرة الأئمة الإثني عشر.
المؤلف:السيد هاشم معروف الحسني.
(27)فضائل الخمسة من الصحاح الستة.
المؤلف:السيد مرتضى الفيروزابادي.
(28)قادتنا كيف نعرفهم.
المؤلف:السيد محمد هادي الميلاني.
لقد عالج علماء مدرسة أهل البيت عليهم السلام مسألة الإمامة معالجة مستوعبة و شاملة،معتمدين في ذاك صيغ أساسية:
الصيغة الأولى:
الصيغة التي تعتمد الروايات و الأحاديث،و تتناول هذه الصيغة تدوين النصوص و الروايات الدالة على إمامة الأئمة من أهل البيت عليهم السلام،و قد سلكت هذه الصيغة منحيين:
ص: 282
الأول:اعتماد الروايات الصادرة عن طريق مدرسة الخلفاء.
الثاني:اعتماد الروايات الصادرة عن طريق الأئمة من أهل البيت عليهم السلام.
الصيغة الثانية:
الصيغة التي تعتمد«الاستدلال العقلي»،و تتناول هذه الصيغة معالجة مسألة الإمامة على ضوء ما تفرضه الرؤية العقلية بما تملكه من أوليات و مرتكزات و مسلّمات، و ما تثيره الصيغة الأولى من إشكالات حول صحة النصوص و دلالاتها لا يرد على هذه الصيغة.
الصيغة الثالثة:
الصيغة التي تعتمد«التحليل التاريخي»،و تتعامل هذه الصيغة مع المفردات التاريخية،في منطلقاتها و مضامينها،و تفاعلاتها،و دلالاتها،مستخدمة النص و مقولات التاريخ الثابتة.
هذه الصيغ الثلاث هي أهم الصيغ التي اعتمدتها الدراسات و البحوث التي تناولت مسألة الإمامة،و غالبا ما تمتزج الصيغ الثلاث ضمن الدراسة الواحدة،و قد تنفرد بعض الدراسات بصيغة واحدة..
و قد حاولنا أن نختار من الدراسات و البحوث المتنوعة في صيغها و أساليبها، مراعين المراحل التاريخية المتعددة بدءا بعصر الأئمة من أهل البيت عليهم السلام و انتهاء بآخر الدراسات المعاصرة.
(1)«كتاب الإمامة».
المؤلف:أبو جعفر محمد بن علي الكوفي الملقب ب«مؤمن الطاق»و هو من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام.
ص: 283
(2)«كتاب الإمامة».
المؤلف:الخليل بن أحمد العروضي(ت 160 أو 170 ه).و هو من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام.
(3)«كتاب الإمامة».
المؤلف:هشام بن الحكم الكوفي(ت 179 ه).
و هو من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام.
(4)«كتاب الإمامة».
المؤلف:أبو جعفر السكاك(تلميذ هشام بن الحكم).
(5)«كتاب الإمامة».
المؤلف:أبو محمد عبد اللّه بن مسكان من أصحاب الإمام الكاظم عليه السلام.
(6)«كتاب الإمامة».
المؤلف:أبو يوسف يعقوب بن نعيم الكاتب.
من أصحاب الإمام الرضا عليه السلام.
(7)«كتاب الإمامة».
المؤلف:الفضل بن شاذان النيسابوري المتوفى سنة 260 ه.
(8)الإمامة و التبصرة من الحيرة.
المؤلف:ابن بابويه القمي.
المتوفى سنة 329 ه.
(9)كمال الدين و تمام النعمة.
المؤلف:الشيخ الصدوق.
المتوفى سنة 381 ه.
ص: 284
(10)كفاية الأثر في النصوص على الأئمة الإثني عشر.
المؤلف:أبو القاسم علي بن محمد الخزاز القمي.
(من تلامذة الشيخ الصدوق).
(11)إمامة أمير المؤمنين من القرآن.
المؤلف:الشيخ المفيد.
المتوفى سنة 413 ه.
(12)«كتاب الشافي».
المؤلف:علم الهدى السيد المرتضى.
المتوفى سنة 436 ه.
(13)تلخيص الشافي.
المؤلف شيخ الطائفة الطوسي.
المتوفى سنة 460 ه.
(14)الاحتجاج.
المؤلف:أبو منصور أحمد بن علي الطبرسي.
(من علماء القرن السادس الهجري).
(15)اليقين في إمرة أمير المؤمنين.
المؤلف:السيد ابن طاووس.
المتوفى سنة 644 ه.
(16)«كتاب الإمامة».
المؤلف:كمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني.
المتوفى سنة 679 ه.
(17)«كتاب الألفين».
المؤلف:العلامة الحلي.
المتوفى سنة 736 ه.
ص: 285
(18)المناظرات في الإمامة.
المؤلف:المحقق الكركي.
المتوفى سنة 993 ه.
(19)إحقاق الحق.
المؤلف:القاضي نور اللّه الحسيني التستري.
المتوفى سنة 1019 ه.
(20)إثبات الهداة.
المؤلف:الحر العاملي.
المتوفى سنة 1104 ه.
(21)غاية المرام و حجّة الخصام.
المؤلف:السيد هاشم البحراني.
المتوفى سنة 1107 ه.
(22)عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار.
المؤلف:السيد حامد حسين الكهنوي.
المتوفى سنة 1306 ه.
(23)منار الهدى.
المؤلف:الشيخ علي بن عبد اللّه البحراني.
المتوفى سنة 1319 ه.
(24)المراجعات.
المؤلف:السيد عبد الحسين شرف الدين.
المتوفى سنة 1377 ه.
ص: 286
(25)الغدير في الكتاب و السنة و الأدب.
المؤلف:الشيخ عبد الحسين الأميني.
المتوفى سنة 1394 ه.
(26)بحث حول الولاية.
المؤلف:الشهيد السيد محمد باقر الصدر
المتوفى سنة 1400 ه.
(27)معالم المدرستين.
المؤلف:السيد مرتضى العسكري(معاصر).
(28)الإمامة في التشريع الإسلامي.
المؤلف:الشيخ محمد مهدي الأصفي(معاصر).
(29)المدخل إلى الإمامة.
المؤلف:الشيخ محمد مهدي الأصفي.
(30)الإمامة و الولاية في الإسلام.
المؤلف:السيد علي خامنه أي.
ص: 287
ص: 288
-التشكيك في صحة النصوص.
-التشكيك في دلالة النصوص.
ص: 289
ص: 290
اعتمدت مدرسة الخلفاء (1)في معالجتها لنصوص الإمامة محاولتين:
-التشكيك في صحة النصوص.
-التشكيك في دلالة النصوص.
التشكيك في صحة النصوص
تتجه مدرسة الخلفاء إلى التشكيك في صحة الكثير من النصوص التي تعتمدها مدرسة أهل البيت عليهم السلام لإثبات الإمامة،و هذا التشكيك يرتكز على عدة أمور:
أ-توهين أغلب النصوص من الناحية السندية.
ب-إتهام الإتجاه الشيعي بوضع تلك النصوص.
ج-غياب تلك النصوص من أهم مصدرين في الحديث و هما صحيح البخاري، و صحيح مسلم،و هذا يخلق إهتزازا في الثقة بتلك النصوص.
ملاحظات حول المحاولة الأولى:
الملاحظة الأولى:
النصوص التي تعتمدها مدرسة أهل البيت عليهم السّلام لإثبات الإمامة تتمثل في طائفتين:
الطائفة الأولى:
نصوص قرآنية،و قد توافرنا على تدوين نسبة منها،و على المصادر المعتمدة في إثبات نزولها في أهل البيت عليهم السّلام...
ص: 291
الطائفة الثانية:
أحاديث نبوية،و قد ضمت نسبة كبيرة من النصوص الصحيحة،كما صرح بذلك الكثير من أعلام الحديث.
و نشير إلى بعض الأمثلة:
المثال الأول:
حديث الغدير:
1-توافرت على تدوين حديث الغدير أكثر مصادر الحديث،و التفسير، و التاريخ،كما أوضحنا ذلك،للإطلاع على المصادر التي دوّنت هذا الحديث يقرأ:
أ-الغدير في الكتاب و السنة و الأدب للشيخ الأميني/ط.طهران.
ب-إحقاق الحق للقاضي التستري./ط.قم.
ج-غاية المرام للسيد هاشم البحراني.
د-عبقات الأنوار للسيد حامد حسين الكهنوي/ط.طهران.
ه-سبيل النجاة في تتمة المراجعات للشيخ حسين الراضي/ط.بيروت.
2-و قد اعترف بتواتر حديث الغدير عدد من علماء السنة منهم:
أ-محمد بن محمد بن محمد الغزالي في كتاب«سر العالمين»ص /13ط.
مصر.
ب-كمال الدين محمد بن طلحة في كتاب«مطالب السؤول»ص /18 مخطوط.
ج-المنصور باللّه القاسم بن محمد في كتاب«هداية العقول»ج 2 ص /45 ط.صنعاء.
د-محمد علي الصبان في كتاب«إسعاف الراغبين»ص /111مخطوط.
ه-جلال الدين السيوطي في كتاب«قطف الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة»ص /277ط.المكتب الإسلامي.
ص: 292
و-القسطلاني في كتاب«شرح المواهب اللدنية»ج 7 ص /13ط.مصر.
ي-شمس الدين الشافعي في كتاب«اسنى المطالب»ص /47ط.إيران.
3-و قد تعددت طرق هذا الحديث في كتب مدرسة الخلفاء (1):
أ-رواه أحمد بن حنبل من(40 طريقا).
ب-رواه ابن جرير الطبري من(72 طريقا).
ج-رواه ابن عقدة من(105 طرق).
د-رواه أبو سعيد السجستاني من(120 طريقا).
ه-رواه أبو بكر الجعابي من(125 طريقا).
و-رواه أبو العلاء العطار من(250 طريقا).
4-و ألّف في حديث الغدير عدد من علماء السنة منهم:
أ-أبو العباس أحمد بن عقدة(المتوفى سنة 333 ه).
له كتاب«الولاية في طرق حديث الغدير».
ب-محمد بن جرير الطبري(المتوفى سنة 310 ه).
له كتاب«الولاية في طريق حديث الغدير».
ج-أبو بكر الجعابي(المتوفى سنة 355 ه).
له كتاب«من روى حديث غدير خم».
د-الدارقطني(المتوفى سنة 385 ه).
له جزء في«طرق حديث الغدير».
ه-أبو سعيد السجستاني(المتوفى سنة 477 ه).
له كتاب«الدراية في حديث الولاية».
و-الحسكاني الحنفي(المتوفى سنة 490 ه).
له كتاب«دعاة الهداة إلى أداء حق الولاة».ن.
ص: 293
ز-شمس الدين الذهبي(المتوفى سنة 748 ه).
له كتاب«طريق حديث الولاية».
ح-شمس الدين الجزري الشافعي(المتوفى سنة 833 ه).
له كتاب«اسنى المطالب»ذكر فيه حديث الغدير.
5-روى حديث الغدير من الصحابة(110 صحابيا)و من التابعين(84 تابعيا).
«للتعرف على أسماء الصحابة و التابعين الذين رووا حديث الغدير،و رواياتهم، و تراجمهم يقرأ كتاب:
(الغدير)للأميني،الجزء الأول من الصفحة 14 حتى الصفحة 72».
6-و قد أخرج حديث الغدير عدد كبير من علماء السنّة في كتبهم و مصنفاتهم، أحصى الشيخ الأميني في كتابه«الغدير»(360 عالما)منهم،و دون أسماءهم و تراجمهم (1).
المثال الثاني:
حديث الثقلين:
قول الرسول صلى اللّه عليه و آله:
«إنّي مخلف فيكم الثقلين كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا و إنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض».
1-حديث الثقلين دونته عشرات المصادر السنية من كتب الحديث و التفسير و التاريخ و اللغة (2).
2-روى حديث الثقلين خمسة و ثلاثون صحابيا منهم:
(1)أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.ة.
ص: 294
(2)الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام.
(3)سلمان الفارسي.
(4)أبو ذر الغفاري.
(5)عبد اللّه بن عباس.
(6)أبو سعيد الخدري.
(7)جابر بن عبد اللّه الأنصاري.
(8)أبو الهيثم بن التيهان.
(9)أبو رافع.
(10)حذيفة بن اليمان.
(11)خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين.
(12)زيد بن أرقم.
(13)أبو أيوب الأنصاري.
(14)أبو هريرة.
(15)أنس بن مالك (1).
المثال الثالث:
حديث المنزلة:
قول الرسول صلى اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام:
«أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي».
1-حديث المنزلة دوّنته أكثر كتب الحديث و التفسير و التاريخ منها:
(1)صحيح البخاري ج 81/5 حديث 225.
و ج 309/6 حديث 857.ن.
ص: 295
(2)صحيح مسلم ج 1870/4 حديث 2404.
(3)صحيح الترمذي ج 640/5،641.
(4)سنن ابن ماجه ج 42/1،43.
(5)مسند أحمد بن حنبل ج 32/3،و ج 369/6،438.
و في مواضع أخرى متعددة من مسنده.
2-حديث المنزلة صدر عن الرسول صلى اللّه عليه و آله في عدة مناسبات مرت الإشارة إليها.
3-روى حديث المنزلة عدد كبير من الصحابة منهم:
(1)أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.
(2)جابر بن عبد اللّه الأنصاري.
(3)عمر بن الخطاب.
(4)عبد اللّه بن عباس.
(5)أبو سعيد الخدري.
(6)عبد اللّه بن مسعود.
(7)أبو أيوب الأنصاري.
(8)أبو هريرة.
(9)زيد بن أرقم.
(10)أنس بن مالك.
(11)البراء بن عازب.
(12)جابر بن سمرة (1).
4-و صرح عدد من العلماء بتواتر حديث المنزلة منهم:
1-السيوطي:قطف الأزهار ص /281ط.بيروت.م.
ص: 296
2-الجزري الشافعي:أسنى المطالب ص /53ط.طهران.
3-المنصور باللّه:هداية العقول ج 2 ص /41ط.صنعاء.
4-التبريزي:مشكاة المصابيح ج 3 ص /1719ط.بيروت.
الملاحظة الثانية:
في ضوء الأمثلة التي طرحناها من خلال الملاحظة الأولى يتضح خطأ المقولتين السابقتين اللتين أثارتهما المحاولة الأولى و هما:
1-المقولة التي تعتبر نصوص الإمامة ساقطة سندا.
2-و المقولة التي تتهم الاتجاه الشيعي بوضع تلك النصوص..
و للتوافر على المزيد من الأمثلة،يستطيع القارئ أن يعود إلى«المبحث الأول» من هذا الفصل،الذي تناول منظومات النصوص و الأحاديث،ليتضح له مدى الخلل في هذا اللون من المقولات المرتجلة،و التي لا تعتمد المقاييس العلمية و الأسس الموضوعية.
الملاحظة الثالثة:
و أما الإشكالية الثالثة التي تثيرها المحاولة الأولى،و هي غياب نصوص الإمامة من أهم مصدرين في الحديث و هما:صحيح البخاري و صحيح مسلم،فيمكن أن نجيب عنها من خلال النقاط التالية:
إنّ الصحيحين لم يستوعبا كل الأحاديث الصحيحة،
و هذا ما أكده البخاري و مسلم و كثير من أعلام الحديث:
ص: 297
1-قال البخاري:
ما أدخلت في كتاب الجامع إلاّ ما صح،و تركت من الصحاح لحال الطول» (1).
2-قال مسلم:
«ليس كل صحيح وضعته هنا،إنّما وضعت هنا ما أجمعوا عليه» (2).
3-قال الحاكم النيسابوري:
«و لم يحكما[البخاري و مسلم]و لا واحد منهما أنّه لم يصح من الحديث غير ما أخرجه» (3).
و قال:
«و قد سألني جماعة من أعيان أهل العلم بهذه المدينة و غيرها أن أجمع كتابا يشتمل على الأحاديث المروية بأسانيد يحتج محمد بن اسماعيل[البخاري]و مسلم بن الحجاج بمثلها إذ لا سبيل إلى اخراج ما لا علّة له فإنّهما رحمهما اللّه لم يدعيا ذلك لأنفسهما» (4).
4-قال النووي في شرح مسلم:
«استدرك جماعة على البخاري و مسلم أحاديث أخلا بشرطيهما فيها،و نزلت درجة ما التزماه،و قد ألّف الإمام الدارقطني في بيان ذلك كتابه المسمّى(بالاستدراكات و التتبع)،و لأبي مسعود الدمشقي(صاحب الأطراف)استدراكات عليهما،و كذا لأبي علي الغساني في كتابه(تقييد المهمل)...» (5).
5-قال الشيخاني القادري المدني في(الصراط السوي)
«و كم حديث صحيح ما أخرجه الشيخان» (6).ن.
ص: 298
6-قال الحافظ العراقي في(فتح المغيث):
«لم يعم البخاري و مسلم كل الصحيح» (1).
7-قال الإمام كمال الدين بن الهمام في شرح الهداية:
«و قول من قال:أصحّ الأحاديث ما في الصحيحين،ثم ما انفرد به البخاري، ثم ما انفرد به مسلم،ثم ما اشتمل على شروطهما،ثم ما اشتمل على شرط أحدهما تحكم لا يجوز التقليد فيه،إذ الأصحية ليست إلا لاشتمال رواتهما على الشروط التي اعتبراها،فإنّ فرض وجود تلك الشروط في رواة حديث في غير الكتابين،أفلا يكون الحكم بأصحية ما في الكتابين عين التحكم» (2).
8-قال السيد رشيد رضا في(مجلة المنار):
«و ممّا لا شك فيه أيضا أنه يوجد في غيرهما[البخاري و مسلم]من دواوين السنة أحاديث أصحّ من بعض ما فيهما» (3).
نحاول من خلال هذه النقطة أن نعطي أمثلة لنصوص توافرت على شروط
الشيخين(البخاري و مسلم)و لم يخرجاها:
المثال الأول:
حديث الغدير برواية زيد بن أرقم«راجع الصيغة الثانية من صيغ حديث الغدير».
أورد الحديث الحاكم النيسابوري في المستدرك و قال بعد ذكر الحديث:
ص: 299
«هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه».
و أورد الحديث الذهبي في التلخيص(بذيل المستدرك)مسلما بصحته (1).
المثال الثاني:
حديث الولاية:
قول الرسول صلى اللّه عليه و آله:
«من كنت مولاه فهذا علي مولاه».
أخرج الحديث،الحاكم في المستدرك و صححه على شرط الشيخين،و ذكره الذهبي في التلخيص مسلما بصحته (2)،و أخرجه الترمذي في صحيحه معترفا بصحته (3)،و رواه ابن ماجه في سننه (4).
المثال الثالث:
حديث الولاية بصيغة أخرى:
قول الرسول صلى اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام:
«أنت ولي كل مؤمن بعدي و مؤمنة».
أ-أخرجه الحاكم في مستدركه و عقّب عليه بقوله:
«هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه بهذه السياقة (5).
ب-و أورده الذهبي في التلخيص(بذيل المستدرك)مسلّما بصحته (6).ت.
ص: 300
ج-و أخرجه الترمذي في صحيحه بسند صحيح (1).
د-و أخرجه الإمام أحمد في مسنده (2).
المثال الرابع:
قول الرسول صلى اللّه عليه و آله في حجة الوداع:
«علي مني و أنا من علي و لا يؤدي عني إلاّ أنا أو علي».
أ-أخرج هذا الحديث الإمام أحمد في مسنده بطرق متعددة كلها صحيحة (3)، و قد رواه عن يحيى بن آدم عن إسرائيل بن يونس عن جده عن أبي اسحاق عن حبشي، و كل هؤلاء احتج بهم البخاري و مسلم في صحيحيهما (4).
ب-و أخرجه ابن ماجة في سننه عن حبشي بن جناده (5).
المثال الخامس:
قول الرسول صلى اللّه عليه و آله:
«أنا مدينة العلم و علي بابها فمن أراد المدينة فليأت الباب».
أ-قال الحاكم النيسابوري بعد أن أخرج هذا الحديث في مستدركه:
«هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه» (6).
ب-و قد ألف الإمام أحمد بن الصديق المغربي كتابا سمّاه«فتح الملك العلي بصحته حديث باب مدينة العلم علي».ت.
ص: 301
المثال السادس:
قول الرسول صلى اللّه عليه و آله:
«من أطاعني فقد أطاع اللّه،و من عصاني فقد عصى اللّه،و من أطاع عليا فقد أطاعني،و من عصى عليا فقد عصاني».
أ-أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين و عقب عليه بقوله:
«هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه» (1).
ب-و أورده الذهبي في التلخيص(بذيل المستدرك)مسلّما بصحته (2).
المثال السابع:
قول الرسول صلى اللّه عليه و آله:
«من أحب عليا فقد أحبني و من أبغض عليا فقد أبغضني».
أ-أخرجه الحاكم في المستدرك و عقب عليه بقوله:
«هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه» (3).
ب-و أخرجه الذهبي في التلخيص«بذيل المستدرك»مسلّما بصحته (4).
المثال الثامن:
قول الرسول صلى اللّه عليه و آله:
«إنّ منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله،فاستشرف لها القوم و فيهم أبو بكر و عمر،قال أبو بكر أنا هو،قال:ت.
ص: 302
لا،قال عمر:
أنا هو،قال:
لا،و لكن خاصف النعل،يعني عليا».
أ-أخرجه الحاكم في المستدرك و عقب عليه بقوله:
«هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه» (1).
ب-و أخرجه الذهبي في التلخيص«بذيل المستدرك»مسلّما بصحته (2).
المثال التاسع:
حديث سد الأبواب إلاّ باب علي:
عن زيد بن أرقم قال:
كانت لنفر من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله أبواب شارعة في المسجد فقال يوما:
«سدوا هذه الأبواب إلاّ باب علي».
قال:
فتكلم في ذلك ناس،فقام رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فحمد اللّه و أثنى عليه ثم قال:
«أما بعد فإنّي أمرت بسد هذه الأبواب،غير باب علي فقال فيه قائلكم،و اللّه ما سددت شيئا و لا فتحته و لكن أمرت بشيء فاتبعته».
أ-أخرجه الحاكم في المستدرك و عقّب عليه بقوله:
«هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه» (3).ت.
ص: 303
ب-و أخرج الحديث الإمام أحمد بن حنبل في مسنده (1).
ج-و روي الحديث بصيغة أخرى عن ابن عباس،أخرج ذلك الحاكم في المستدرك و قال عنه:
«هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه بهذه السياقة» (2).
و أورده الذهبي في التلخيص معترفا بصحته (3).
و أخرجه الإمام أحمد في مسنده بسند صحيح (4).
المثال العاشر:
قول الرسول صلى اللّه عليه و آله:
«علي مع القرآن،و القرآن مع علي،لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض».
أ-أخرجه الحاكم في المستدرك و عقّب عليه بقوله:
«هذا صحيح الإسناد و لم يخرجاه» (5).
ب-و ذكره الذهبي في التلخيص(بذيل المستدرك)مسلّما بصحته (6).
و لو تجاوزنا ما أوردناه في النقطتين الأولى و الثانية،
و أردنا أن نعتمد على ما جاء في الصحيحين بالفعل،فالمسألة ليست عسيرة،فإنّ الصحيحين(البخاري و مسلم)-أو
ص: 304
أحدهما-قد توافرا على نسبة من النصوص صالحة بدلالتها المطابقية أو الالتزامية أو باعتبارها مؤشرات عامة،لأن تعتمد أدلة لإثبات الإمامة..
و نستعين بنماذج من هذه النصوص:
النص الأول:
آية التطهير:
قوله تعالى:
إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (1) .
أورد مسلم في صحيحه عن عائشة قالت:
«خرج النبي صلى اللّه عليه و آله غداة و عليه مرط مرحّل من شعر أسود،فجاء الحسن بن علي فأدخله،ثم جاء الحسين فدخل معه،ثم جاءت فاطمة فأدخلها،ثم جاء علي فأدخله،ثم قال:
إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (2) .
النص الثاني:
آية المباهلة:
قوله تعالى:
فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ (3) .
قال مسلم في صحيحه:1.
ص: 305
«و لمّا نزلت هذه الآية: فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ.
دعا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله عليا و فاطمة و حسنا و حسينا فقال:
اللهم هؤلاء أهلي» (1).
النص الثالث:
قوله تعالى:
إِنَّ اللّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً (2) .
لمّا نزل هذا النص فرض الرسول صلى اللّه عليه و آله على المسلمين أن يقرنوا بينه و بين آله في الصلاة فقال لهم:
«قولوا اللهم صل على محمد و على آل محمد».
1-أخرج ذلك البخاري في صحيحه» (3).
2-و أخرجه مسلم في صحيحه» (4).
النص الرابع:
حديث الثقلين:
قول الرسول صلى اللّه عليه و آله:
«إنّي تارك فيكم الثقلين:كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي».ت.
ص: 306
أخرجه مسلم في صحيحه بسنده عن زيد بن أرقم في حديث الرسول صلى اللّه عليه و آله بغدير خم (1).
النص الخامس:
حديث المنزلة:
قول الرسول صلى اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام:
«أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنّه لا نبي بعدي».
1-أخرج هذا الحديث البخاري في صحيحه (2).
2-و أخرجه مسلم في صحيحه (3).
النص السادس:
قول الرسول صلى اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام:
«أنت مني و أنا منك».
ذكر هذا الحديث البخاري في صحيحه (4).
النص السابع:
قول الإمام علي عليه السّلام:
«و الذي فلق الحبة،و برأ النسمة إنّه لعهد النبي صلى اللّه عليه و آله:لا يحبني إلاّ مؤمن و لا يبغضني إلاّ منافق».ت.
ص: 307
أخرج هذا الحديث مسلم في صحيحه (1).
النص الثامن:
حديث«الخلفاء الإثني عشر»
1-أخرجه البخاري في صحيحه (2).
2-و أخرجه مسلم في صحيحه (3).ت.
ص: 308
التشكيك في دلالة النصوص
قلنا أن مدرسة الخلفاء في معالجتها لنصوص الإمامة اعتمدت محاولتين:
الأولى:التشكيك في صحة النصوص.
الثانية:التشكيك في دلالة النصوص.
و قد ثبت من خلال البحث عجز المحاولة الأولى عن إلغاء نسبة كبيرة من النصوص بعد أن توافرت على تدوينها مصادر الحديث و التفسير و التاريخ.
و هنا يتناول البحث المحاولة الثانية لمعرفة مدى قدرتها على إسقاط دلالة النصوص في مضامينها و معانيها.
أهم الإتجاهات التي جسّدت المحاولة الثانية هي:
1-الإتجاه المنقبي.
2-الإتجاه الترشيحي.
3-الإتجاه التجزيئي.
4-الإتجاه المآلي.
ص: 309
الإتجاه المنقبي:
هذا الإتجاه يحاول أن يعطي للنصوص طابعا لا يتجاوز«الحالة المنقبية»،فالسنن و الأحاديث الواردة في أهل البيت ليست نصوصا في الإمامة،و إنّما هي«مناقب و فضائل»لا غير.
و هذا الإتجاه في فهم النصوص هو الإتجاه العام الذي تتبناه مدرسة الخلفاء.
مناقشة هذا الإتجاه:
و لنا عدة ملاحظات حول هذا الإتجاه:
الملاحظة الأولى:
هذا الإتجاه لا ينسجم مع نسبة كبيرة من النصوص التي تؤكد من خلال مفرداتها مضامين قيادية و سياسية،و من هذه المفردات:
(1)مفردات الولاية.
أ- إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (1).
ب-«من كنت مولاه فهذا علي مولاه».
ج-«أنت ولي كل مؤمن بعدي».
د-«علي وليكم بعدي» (2).
ص: 310
(1)مفردات الخلافة:
أ-«إنّ هذا أخي و وصيي و خليفتي فيكم».
ب-«إني تارك فيكم خليفتين:كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي».
ج-«الخلفاء من بعدي إثنا عشر» (2).
(3)مفردات الإمامة:
أ-«هو إمام كل مسلم».
ب-«الأئمة من ولدي».
ج-«ليقتد بالأئمة من بعدي» (2).
و مفردات أخرى كثيرة تعبر عن دلالات كبيرة تتجاوز الحالة المناقبية العادية لتؤكد المضمون القيادي الخطير في حركة الدعوة.
الملاحظة الثانية:
إنّ الصيغ التي توافرت عليها كثير من النصوص تعبّر عن وضع«منهج»للأمة تتحرك من خلاله:
أ-«إني تارك فيكم الثقلين:كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي».
ب-«مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا و من تخلف عنها غرق».
ج-«أهل بيتي أمان لأمتي من الإختلاف».
د-«علي مع القرآن،و القرآن مع علي».ة.
ص: 311
ه-«علي مع الحق،و الحق مع علي».
و-«أنا مدينة العلم و علي بابها،فمن أراد العلم فليأت الباب» (1).
الملاحظة الثالثة:
إنّ التأكيد الكبير على حالة التعاطي و الإلتفاف حول علي عليه السلام و الأئمة من أهل البيت يعطي دلالة صريحة على«الخصوصية القيادية»التي تريد النصوص تأصيلها في داخل الأمة لعلي و أهل بيته:
أ-«قل لا أسألكم عليه أجرا إلاّ المودة في القربى».
ب-«من أحب عليا فقد أحبني...».
ج-«من أطاع عليا فقد أطاعني،و من عصى عليا فقد عصاني».
د-«من فارق عليا فقد فارقني...» (2).
الملاحظة الرابعة:
لقد قلنا في موضع سابق من مواضع هذا البحث أن الكثافة الكبيرة من نصوص الفضائل و المناقب الخاصة بأهل البيت عليهم السلام،و حالة الاهتمام الواضح التي برزت في خطابات الرسول صلى اللّه عليه و آله تعبر بدرجة لا تقبل الشك عن إتجاه الرسالة في تحديد الصيغة القيادية للأمة...و إنّ أيّ تفسير آخر لهذه الظاهرة المتميزة لا يمكن أن يعطي تبريرا مقنعا مقبولا لمن يريد أن يفهم النصوص فهما علميا مدروسا، و يتعامل مع الأحاديث تعاملا موضوعيا منهجيا.ص.
ص: 312
الاتجاه الترشيحي:
هذا الإتجاه يحاول أن يعطي للنصوص طابعا لا يتجاوز«الحالة التأهيلية الترشيحية»،فالسنن و الأحاديث الواردة في علي بن أبي طالب هي لون من«التأهيل و الترشيح للخلافة»و ليست نصوصا صريحة في«العهد و التعيين».
و نجد إشارة إلى هذا الاتجاه في كلام العلامة البشري المصري شيخ الجامع الأزهر في إحدى مكاتباته مع الإمام شرف الدين حيث قال:
«و هذا مما لا كلام فيه،و إنما الكلام في عهد الرسول صلى اللّه عليه و آله إليه بالخلافة عنه،و هذه السنن ليست من النصوص الجلية،في ذلك،و إنما هي من خصائص الإمام و فضائله لا تسعها الأرقام و نحن نؤمن بأنه كرم اللّه وجهه أهل لها و لما فوقها،و لقد فاتكم منها أضعاف ما ذكرتموه،و قد لا تخلو من ترشيحه للإمامة،لكن ترشيحه لها غير العهد بها إليه كما تعلمون» (1).
ملاحظات حول الإتجاه الثاني:
الملاحظة الأولى:
ما أوردنا من مناقشة للاتجاه الأول يرد هنا تماما،فإنّ نظرة متأنية في النصوص تضع الباحث أمام فهم لا ينسجم مع هذا الاتجاه،لأنّ الصيغ التعبيرية التي تحملها نسبة كبيرة من النصوص و الأحاديث لا تساعد على هذا المنحى في التفسير.
و لو حاولنا أن نعيد قراءة بعض تلك النصوص قراءة متجردة من كل الخلفيات الفكرية و النفسية،لاستطعنا أن نتعامل مع دلالاتها الواقعية،و حتى نوفر على القارئ شيئا من الجهد و الوقت نضع بين يديه هذه الصيغ ليعيد التأمل فيها:
ص: 313
1- إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (1).
2-«من كنت مولاه فهذا علي مولاه».
3-«و هو وليكم بعدي».
4-«و هو أولى بكم بعدي».
5-«إنّ هذا أخي و وصيي و خليفتي فيكم».
6-«إني تارك فيكم الثقلين[أو خليفتين]...».
7-«الخلفاء(أو الأئمة أو الأمراء)بعدي إثنا عشر».
8-«و هو إمام كل مسلم...» (2).
9-«أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي».
10-«من أطاع عليا فقد أطاعني و من عصى عليا فقد عصاني».
11-«يا علي من فارقني فقد فارق اللّه،و من فارقك يا علي فقد فارقني».
12-«أنت تبين لأمتي ما اختلفوا فيه من بعدي».
13-«أهل بيتي أمان لأمتي من الإختلاف».
14-«مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا و من تركها غرق».
15-«علي مع القرآن،و القرآن مع علي».
16-«علي مع الحق،و الحق مع علي».
17-«أنا مدينة العلم و علي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب».
18-«علي باب علمي و مبين من بعدي لأمتي ما أرسلت به».
19-«أوصي من آمن بي و صدقني بولاية علي بن أبي طالب».ن.
ص: 314
20-«يا عمار إذا رأيت عليا قد سلك واديا،و سلك الناس واديا غيره، فاسلك مع علي ودع الناس،فإنّه لن يدلك على ردى و لن يخرجك من هدى» (1).
الملاحظة الثانية:
إنّه لمن المفارقات التي لا يمكن أن يستوعبها الباحث،أن تكون هذه النسبة الكبيرة جدا من النصوص و السنن و الأحاديث لا تحمل دلالة صريحة على الإمامة و الخلافة، في حين تكفي جملة واحدة عن الخليفة أبي بكر في تعيين من يخلفه في السلطة و الحكم..فقرار التعيين الصادر عن الخليفة الأول قد تضمن الصيغة التالية:
«أما بعد،فإني قد استعملت عليكم عمر بن الخطاب فاسمعوا و أطيعوا» (2).
الملاحظة الثالثة:
إن تبني صيغة الترشيح يختزن في داخله الإعتراف بدلالة النصوص على الإمامة،فإن اللجوء إلى إعطاء الأحاديث هذا المضمون يعبر عن عمق الدلالة التي تحملها المفردات في ايحاءاتها القيادية.
فالنصوص لا تعبّر عن الجنبة الموضوعية المجردة،من خلال ابراز«الصلاحيات و المؤهلات»و إنما تحاول أن تعطي المصداق الوحيد الصالح للإمامة،و بالتالي تحمل الصيغة الترشيحية قوة الصيغة التعينية تماما و تعطي نفس نتائجها و دلالاتها.
الملاحظة الرابعة:
إن الترشيح لو صدر من الرسول صلى اللّه عليه و آله،فيجب أن يحمل صفة «النص و التعيين»لأنّ صلى اللّه عليه و آله لا يصدر في كل تصرفاته عن هوى أو عاطفة،ت.
ص: 315
إنما هو الوحي يملي عليه المواقف و يحدد له الرأي،و إنما هي مصلحة الرسالة تضع أمامه الخيار،فإذا كان الرسول صلى اللّه عليه و آله قد رشّح عليا فهو«الإختيار الإلهي»...
وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ،وَ مَنْ يَعْصِ اللّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً (1) .
الاتجاه التجزيئي:
هذا الإتجاه يعطي للإمامة بعدين منفصلين:
الأول:البعد الفقهي.
الثاني:البعد السياسي.
فما ورد من نصوص تتحدث عن إمامة أهل البيت عليهم السلام فهي تعني بذلك الإمامة الفقهية لا الإمامة السياسية.
و نجد هذا الاتجاه واضحا عند الأستاذ أبي زهرة في كتابه«الإمام الصادق»عندما تناول«حديث الثقلين» (2).و قد ناقشه استاذنا الكبير العلامة السيد محمد تقي الحكيم في كتابه(الأصول العامة للفقه المقارن)،و جاء في هذه المناقشة:
«أما الدعوة الثالثة و هي دلالته[حديث الثقلين]على إمامة الفقه لا السياسة، فهي ما لا أعرف لها وجها و يمكن الركون إليه،لافتراضها فصل السلطتين الدينية و الزمنية عن بعضها مع أنّ الإسلام لا يعترف بذلك،لما فيها من تجاهل لوظائف الإمامة
ص: 316
و هي امتداد لوظائف النبي،إلا فيما يتصل بعالم الاتصال بالسماء و بخاصة فيما يتصل في الشؤون التطبيقية.
لأن الفكرة-أي فكرة-لا يكفي في تحقيق نفسها أن تشرع و تعيش على صعيد من الورق،بل لا بد أن تضمن لها تطبيقا تتلاءم فيه الوسائل و الأهداف،و إلاّ لما صح نسبة النجاح لتجربتها في حال من الأحوال» (1).
و قال حفظه اللّه:
«و ما لنا نبعد بالأستاذ أبي زهرة،و طبيعة النص الذي تحدث حوله تقتضيه،و هل وراء التعبير بلفظ مخلف و لفظ خليفتي ما يؤدي هذا المعنى.
على أنّ الأخ أبا زهرة حاول أن يقتطع النص من أجوائه التي تسلط الأضواء على تحديد مفاهيمه،و يدرسه بعيدا عنها فوقع فيما وقع فيه.
و هل نسي حضرته مجيئه في معرض التمهيد لحديث النص في يوم الغدير و مما جاء فيه:
«ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم»و صفة الأولية لا تكون إلاّ لمن له الولاية العامة على الأمة ليستطيع التصرف بما يقتضيه مصلحتها،ثم تعقيبها بإعطاء الولاية له بقوله:
«من كنت وليه فهذا علي وليه»و لحوقها بالدعاء الذي لا يناسب إلاّ الولاية العامة:
«اللهم وال من والاه و عاد من عاداه،و انصر من نصره».
ثم ورودها بعد ذلك في معرض تأكيد النص قبيل وفاته كما سبق التحدث في ذلك مما يوجب القطع بشمولها الجانب السياسي إذا لوحظت بمجموع ما لابسها من قرائن و أجواء» (2).م.
ص: 317
و قال المفكر الإسلامي الكبير الشهيد الصدر في«بحث حول الولاية»:
«و إمامة أهل البيت و الإمام علي،التي تمثلها تلك الظاهرة الطبيعية تعبر عن مرجعيتين:
إحداهما المرجعية الفكرية،و الأخرى المرجعية في العمل القيادي و الاجتماعي، و كلتا المرجعيتين كانتا تتمثلان في شخص النبي صلى اللّه عليه و آله،و كان لا بد-على ضوء ما درسنا من ظروف-أن يصمم الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله الإمتداد الصالح له لتحمل كلتا المرجعيتين،لكي تقوم المرجعية الفكرية بملأ الفراغات التي قد تواجهها ذهنية المسلمين،و تقديم المفهوم المناسب،و وجهة النظر الإسلامية،فيما يستجد من قضايا الفكر و الحياة،و تفسير كل ما يشكل و يغمض من معطيات الكتاب الكريم،الذي يشكل المصدر الأول للمرجعية الفكرية في الإسلام،و لكي تقوم المرجعية القيادية الاجتماعية بمواصلة المسيرة و قيادة التجربة الإسلامية في خطها الاجتماعي.
و قد جمعت كلتا المرجعيتين لأهل البيت عليهم السلام بحكم الظروف التي درسناها،و جاءت النصوص النبوية الشريفة تؤكد ذلك باستمرار» (1).
الاتجاه المآلي:
هذا الاتجاه يعترف بدلالة النصوص على الإمامة،إلا أنه يرفض دلالتها على الإمامة المباشرة بعد الرسول صلى اللّه عليه و آله و يرى أنّها تدل على(الإمامة المآلية)أي أنّ عليا له حق الإمامة حينما تؤول إليه الخلافة و تنعقد له البيعة و لو بعد فترة من الزمن..
ص: 318
قال ابن حجر في صواعقه في سياق مناقشته لحديث الغدير:
«رابعها:سلمنا أنه أولى بالإمامة،فالمراد المآل،و إلا كان هو الإمام مع وجوده صلى اللّه عليه و آله،و لا تعرض فيه لوقت المآل،فكان المراد حين يوجد عقد البيعة له فلا يتنافى حينئذ تقديم الأئمة الثلاثة عليه» (1).
و حاول الشيخ محمد بن عبد الوهاب في رسالته«الرد على الرافضه»تفسير النصوص التي تضمنت«الولاية لعلي»بعد الرسول صلى اللّه عليه و آله من قبيل«علي وليكم بعدي»بأنّ المراد منها«البعدية المطلقة»و ليس«البعدية المباشرة»فتصدق على ولايته بعد عثمان (2).
ملاحظات حول الإتجاه الرابع:
هذا الاتجاه يعد في تصورنا أوهن الإتجاهات،فهو غير جدير بالوقوف الطويل، و مع ذلك نحاول أن نضع حوله هذه الملاحظات:
الملاحظة الأولى:
إنّ الفهم العرفي و اللغوي لخطابات التعيين و الإستخلاف ينصرف إلى المرحلة المباشرة عادة و غير وارد في هذا الفهم،هذا اللون من الاستخلافات المآلية المنفصله زمنا عن الاتصال بزمن المستخلف..
الملاحظة الثانية:
لو صح هذا اللون من الاستخلاف فهو يحتاج إلى قرائن لفظية واضحة، و النصوص خالية من هذه القرائن...و الإطلاق يقتضي البعدية المباشرة.ت.
ص: 319
الملاحظة الثالثة:
لو تأملنا نصوص الولاية من قبيل قوله تعالى:
إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ... و قوله صلى اللّه عليه و آله:
«من كنت وليه فهذا علي وليه».
و قوله صلى اللّه عليه و آله:
«أنت ولي كل مؤمن بعدي».
فهي صريحة في دلالتها على عموم الولاية و استغراقها لكل المؤمنين بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و هذا يعني جعل الولاية لعلي عليه السلام على جميع الأمة و منهم الخلفاء الثلاثة الذي تولوا قبله (1).ت.
ص: 320
ص: 321
ص: 322
لقد تحركت في تاريخ المسلمين-و في مرحلة مبكرة جدا-عملية المصادرة لمواقع أهل البيت عليهم السلام في حياة الأمة...
و قد تمثلت تلك المصادرة التاريخية في الأبعاد التالية:
-البعد الأول:مصادرة موقع القيادة السّياسية.
-البعد الثاني:مصادرة موقع المرجعية الفكرية.
-البعد الثالث:مصادرة موقع الزعامة الروحية و الاجتماعية.
مصادرة موقع القيادة السّياسية:
و قد تمت هذه المصادرة من خلال:
أولا:تجميد النص السّياسي:
و قد حصل هذا التجميد للنص السّياسي عبر عدة وسائل:
و قد أوضحنا في المبحث الثاني من هذا الكتاب كيف حاولت مدرسة الخلفاء التشكيك في صحة الكثير من النصوص الدّالة على إمامة أهل البيت و قيادتهم السياسية:
...و أوضح مثال على ذلك التشكيك في صحة حديث الغدير و قد تصدّى الأئمة من أهل البيت عليهم السّلام بقوة للدفاع عن هذا النص و حمايته من الإلغاء و التحريف«تناولنا ذلك بالتفصيل في موضع آخر من هذا الكتاب».
و من خلال هذه الوسيلة حاول الاتجاه المضاد لإمامة أهل البيت عليهم السّلام التلاعب في مفردات الكثير من النصوص الدّالة على حق الأئمة من أهل البيت عليهم
ص: 323
السّلام في القيادة السياسية،هذا التلاعب التحريفي الذي شوّش الدلالات الواضحة للنصوص..و من الأمثلة على هذا النهج التحريفي محاولات التغيير و التبديل في الحديث المشهور المعروف«بحديث الدار يوم الإنذار»...تناولنا ذلك في موضع آخر من هذا الكتاب.
و هنا اتجه التفكير لدى مدرسة الخلفاء إلى محاولة التلاعب في المضامين و المعاني و الدلالات...و قد تناولنا في بحث سابق أهم الاتجاهات التي جسّدت هذه المحاولة و التي تمثلت في:
1-الاتجاه المنقبي.
2-الاتجاه الترشيحي.
3-الاتجاه التجزيئي.
4-الاتجاه المآلي.
و قد تزامن مع محاولات الإلغاء و المصادرة لموقع الأئمة السياسي،التخطيط الجاد لطرح البديل السياسي...ففي مقابل«مبدأ النص»الثابت الذي يؤكد إمامة أهل البيت عليهم السّلام،قدّمت للأمة«نظرية الانتخاب و الاختيار»كبديل سياسي.
و على ضوء«تجميد النص»و«طرح البديل»تمّ:
*تعطيل الصيغة السياسية المتمثلة في قيادة الأئمة من أهل البيت عليهم السّلام، لصالح الصيغة السياسية البديلة المتمثلة في قيادة الخلفاء.
*الحصار السّياسي(أو العزل السياسي)للأئمة من أهل البيت عليهم السّلام، و قد تمثل هذا العزل السياسي في:
أ-الرقابات السياسية.
ص: 324
ب-الاعتقالات السياسية.
ج-الاغتيالات السياسية.
مصادرة موقع«المرجعية الفكرية»:
من خلال فهمنا للنصوص الإسلامية التي تناولت«مسألة الإمامة»نستنتج أنّ الأئمة من أهل البيت عليهم السلام قد منحتهم الرسالة ثلاثة مواقع أساسية:
1-موقع الإمامة السياسية.
2-موقع الإمامة الفكرية و الفقهية.
3-موقع الإمامة الروحية و الاجتماعية.
و قد حاول بعض الكتّاب و الباحثين أن يفهم«إمامة أهل البيت عليهم السلام» فهما تجزيئيا:
-الإمامة الروحية فقط...
-الإمامة الفكرية فقط...
-الإمامة الفقهية فقط.. (1).
و أمّا فهمنا للإمامة فهو فهم شمولي،و قد انطلق هذا الفهم من أمرين أساسيين:
الأمر الأول:
كون الإمامة امتدادا طبيعيا للنبوة،و حيث أنّ النبوة تتسع للمواقع الروحية و الفكرية و السياسية،فكذلك«الإمامة».
الأمر الثاني:
الفهم الصحيح للنصوص الثابتة التي تحدثت عن«إمامة أهل البيت عليهم السلام»:
ص: 325
*فبعض النصوص أعطت لأهل البيت عليهم السّلام«موقعا روحيا»،كقوله تعالى:
قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى (1) .
*و بعض النصوص أعطت لأهل البيت عليهم السّلام«موقعا فكريا»،كقوله صلى اللّه عليه و آله في حديث الثقلين المشهور:
«إني تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي...» (2).
*و بعض النصوص أعطت لأهل البيت عليهم السّلام«موقعا سياسيا»كقوله تعالى:
إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (3) .
و قول رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله في حديث الغدير:
«من كنت مولاه فهذا علي مولاه» (4).
و هكذا الكثير الكثير من النصوص...
و هذه المواقع متكاملة و متداخلة و متلازمة في دلالاتها؛فالإمامة الروحية تستبطن«معنى الإمامة السياسية و الإمامة الفكرية»،و الإمامة الفكرية تستدعي«الإمامة الروحية و الإمامة السياسية»،و الإمامة السياسية تختزن في داخلها«الإمامة الروحية و الإمامة الفكرية».
تمت عملية الإقصاء لمواقع أهل البيت عليهم السلام عبر عدة مراحل:
ص: 326
المرحلة الأولى:
الإقصاء السّياسي«مصادرة موقع القيادة السياسية»...
و قد تمّ ذلك بنجاح من خلال:
-تجميد أطروحة الغدير«مبدأ النص».
-و تحريك أطروحة السقيفة«نظرية الاختيار».
المرحلة الثانية:
الإقصاء الفكري«مصادرة موقع المرجعية الفكرية»...
و قد تمّ ذلك بشكل كبير...
المرحلة الثالثة:
الإقصاء الروحي و الاجتماعي«مصادرة موقع الزعامة الروحية و الاجتماعية»، و لم تنجح كثيرا هذه المحاولة،فبقي أهل البيت عليهم السلام يحتفظون بموقعهم الروحي و الاجتماعي عند الأمة رغم محاولات المصادرة و الإقصاء.
تمّت هذه المصادرة من خلال خطين:
تجميد«المرجعية الفكرية»لأهل البيت عليهم السّلام:
و قد بذلت محاولات جادّة لفصل الأمة عن الارتباط الفكري و الفقهي بأئمة أهل البيت عليهم السلام من خلال:
أ-تفريغ ذهنية الأمة من كل النصوص التي تؤكد ضرورة الرجوع إلى الأئمة من أهل البيت عليهم السلام في مسائل الإسلام الفكرية و التشريعية...
ب-تحريف بعض النصوص التي تؤكد مرجعية أهل البيت الفكرية مثال ذلك:
حديث الثقلين...
ص: 327
هذا الحديث الذي بلغ حدّ التواتر و الاشتهار و قد دوّنته كتب الحديث و التفسير و التاريخ و السير و التراجم و اللغة (1).
هذا النص صريح الدلالة على تأكيد«المرجعية الفكرية لأهل البيت عليهم السلام»
-لزوم الرجوع إلى(الكتاب و العترة معا)...
-التمسك بهما معا عاصم من الضلال...
-عدم افتراقهما...و هذا يدل على أمرين:
أ-عصمة الأئمة من أهل البيت عليهم السّلام..
ب-ضرورة وجود إمام في كل زمان..
محاولات تحريف الحديث:
تمّ التلاعب بنص الحديث...فحين كانت الصيغة الأصلية للحديث هي:
«إني تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه و عترتي...».
جاءت الصيغة البديلة:
«كتاب اللّه و سنتي...».
و لنا هنا عدة ملاحظات:
الملاحظة الأولى:
الصيغة الأولى للحديث متواترة و قد دوّنتها أوثق المصادر...
بينما الصيغة الثانية،فهي من أخبار الأحاد،و لم تدوّن إلاّ في مصادر قليلة جدا لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة،و هذه المصادر القليلة مشتركة في رواية الصيغتين، باستثناء«موطأ مالك»الذي اقتصر على الصيغة الثانية من خلال رواية ضعيفة السند «بلغه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله قال:ب.
ص: 328
«تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما مسكتم بهما:كتاب اللّه و سنة نبيه» (1).
الملاحظة الثانية:
لو سلمنا بصحة الصيغة الثانية،فهي لا تعارض الصيغة الأولى،فممن تؤخذ السنة؟
تؤخذ بواسطة«العالمين بها،الآمناء عليها»و هم أهل البيت عليهم السلام.
الملاحظة الثالثة:
كيف يمكن أن تكون السنة«مرجعا»،و المفروض أنّها غير مجموعة على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله،و سنته تتسع لتشمل الأفعال و التقارير،فما دامت السنة غير مدوّنة،و ما دام الرسول صلى اللّه عليه و آله منزها عن التفريط برسالته،فلا بد من إفتراض وجود مرجع يحتضن السنة بكل خصائصها،و ليس إلا أهل البيت عليهم السّلام،و من هنا تتضح أهمية الأحاديث التي:
-تؤكد على الإقتداء بأهل البيت عليهم السلام...
-و أنهم سفن النجاة...
-و أنهم أمان للأمة...
-و أن عليا باب مدينة العلم...
-و أنّ عليا مع الحق و الحق مع علي...
-و أن عليا مع القرآن و القرآن مع علي... (2).ص.
ص: 329
إيجاد المرجعية الفكرية البديلة:
في سياق المصادرة التاريخية لمرجعية أهل البيت عليهم السلام الفكرية تمّ إيجاد عدة مرجعيات فكرية بديلة:
في يوم الشورى،لأول مرة يطرح مصطلح«سيرة الشيخين»حينما طلب من الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام أن يلتزم بسيرة الشيخين كشرط لمبايعته،فرفض الإمام علي عليه السلام ذلك...
إنطلاقا من حديث يقول:
«فعليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهديّين،تمسكوا بها،و عضوا عليها بالنواجذ» (1).
و لنا حول هذا الحديث عدة ملاحظات:
أ-الحديث ضعيف السند.
ب-إستحالة أن يعبدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله بالمتناقضات فتناقض سيرة الخلفاء من الأمور الواضحة:
-أبو بكر ساوى في توزيع الأموال الخراجية،و عمر فاوت فيها...
-أبو بكر كان يرى طلاق الثلاث واحدا،و عمر شرّعه ثلاثا...
-أبو بكر لم يمنع عن المتعتين،و عمر حرّمهما...
-عثمان خالف سيرة الشيخين بإجماع المؤرخين...
ص: 330
-الإمام علي نقض كل ما أبرمه عثمان...
فأي هذه السير هي السنة التي أكدّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله على ضرورة التمسك بها...؟
و هل التمسك بها جميعا،إلا تمسك بالمتناقضات...؟
ج-يمكن أن يكون هذا الحديث في مضمونه مقبولا،حينما نحاول أن نعطي لمصطلح«الخلفاء الراشدين المهديّين»معنى آخر يتمثل في«الأئمة من أهل البيت عليهم السلام»كما أكدّت ذلك الكثير من الأحاديث الصحيحة،و عندها لا تناقض و لا تنافي في سير الأئمة من أهل البيت عليهم السلام...
«النجوم أمان لأهل السماء،فإذا ذهبت النجوم أتى أهل السماء ما يوعدون، و أصحابي أمان لأمتي،فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون» (1).
و يرد على ذلك:
أ-الحديث ضعيف السند.
ب-اختلاف الصحابة-كما هو ثابت تاريخيا-لا يؤهلهم لمرجعية الأمة على نحو العموم البدلي كما هو مفاد الحديث...
ج-الصحابة غير معصومين فكيف يكون عملهم حجة و مصدرا للتشريع...
د-لقد ثبت من خلال الأحاديث الصحيحة إرتداد بعض الصحابة كما جاء في صحيح البخاري:
عن النبي صلى اللّه عليه و آله أنه قال:
«أنا فرطكم على الحوض ليرفعن إليّ رجال منكم حتى إذا أهويت لأناولهم اختلجوا دوني فأقول:
أي ربي أصحابي،فيقول:
ص: 331
لا تدري ما أحدثوا بعدك» (1).
في مقابل مدرسة أهل البيت عليهم السلام،و في مقابل الأئمة عليهم السّلام، تحركت مدارس فقهية أخرى،و نصّب للأمة فقهاء أصبحوا يمثلون«المرجعية الفكرية و الثقافية البديلة»،و قد أحتضنت السلطات الحاكمة عبر التاريخ،هذه«المرجعية البديلة»تأكيدا لإلغاء و مصادرة«المرجعية الفكرية لأهل البيت عليهم السّلام».
و رغم محاولات الإقصاء و التجميد«لمرجعية أهل البيت الفكرية»فإنّ الأئمة عليهم السّلام لم يجمدوا«دورهم الثقافي و العلمي»:
-فكانوا يلاحقون كل القضايا الطارئة...
-و يواجهون كل حالات الإنحراف...
-و يمونّون الأمة بالفكر الأصيل...
-و يسدّدون الحكّام و المتصدين للسلطة السياسية...
حماية لمسيرة الرسالة،و حفاظا على الإسلام (2).
بعد وفاة الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله،تميزت في داخل الأمة مدرستان:
أ-مدرسة أهل البيت عليهم السّلام و يتزعمها«الأئمة من أهل البيت».
ب-مدرسة الصحابة و يتزعمها بعض كبار الصحابة.
مدرسة أهل البيت عليهم السلام تمثل«مدرسة النص»
ص: 332
و مدرسة الصحابة تمثل«مدرسة الاجتهاد»و حتى لو كان اجتهادا في مقابل النص،و لتبرير«المنحى الاجتهادي»حاولت مدرسة الصحابة أن تنسب الاجتهاد إلى النبي صلى اللّه عليه و آله...
و اجتهاد النبي صلى اللّه عليه و آله-كما ترى هذه المدرسة-يتحرك في دائرتين:
الاجتهاد في الشؤون الدنيوية...
و هذا الاجتهاد يصيب النبي صلى اللّه عليه و آله فيه و يخطيء...
و من الأمثلة التي يطرحونها في هذه الدائرة:مسئلة تأبير النخل:
عن سماك أنه سمع موسى بن طلحة يحدث عن أبيه،قال:
مررت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله في نخل المدينة فرأى أقواما في رؤوس النخل يلقحون النخل فقال:
ما يصنع هؤلاء؟
قال:يأخذون من الذكر فيحطون في الأنثى يلقحون به.
فقال:ما أظن ذلك يغني شيئا.
فبلغهم فتركوه و نزلوا عنها فلم تحمل تلك السنة شيئا فبلغ ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فقال:
إنما هو ظني ظننته إن كان يغني شيئا فأصنعوا فإنما أنا بشر مثلكم و الظن يخطأ و يصيب و لكن ما قلت لكم قال اللّه عز و جل فلن أكذب على اللّه.
و في رواية أخرى عن عائشة أن الرسول صلى اللّه عليه و آله مرّ على قوم في رؤوس النخل فقال:
ما يصنع هؤلاء؟
قالوا:يؤبرون النخل فقال:
لو تركوه لصلح.
ص: 333
فتركوه فشيص،فقال:
ما كان من أمر دنياكم فأنتم أعلم بأمر دنياكم و ما كان من دينكم فاليّ (1).
و لنا حول هذه الرواية عدة ملاحظات:
(1)الرواية موضوعة...
(2)كيف يتدخل النبي صلى اللّه عليه و آله فيما لا يملك خبرته...؟
(3)لم يعرض الناس إلى هذا الضرر الجسيم..؟
(4)و هل يمكن التصديق أنّ النبي صلى اللّه عليه و آله،الذي عاش في الجزيرة العربية لا يعرف مسألة تأبير النخل..؟
(5)و هل هناك فصل بين الدين و الدنيا..؟ (2).
(6)و يبدو أن الهدف من وضع هذا النمط من الأحاديث هو التبرير لرفض النص في مسألة الإمامة و الخلافة،باعتبار ذلك من شؤون الدنيا التي تخضع لإجتهاد النبي و لخطئه..
الاجتهاد في الأمور الدينية التعبدية:
و من الأمثلة التي ذكروها لاجتهاد النبي صلى اللّه عليه و آله في هذه الدائرة مسألة الأذان للصلاة،حيث أنّ النبي صلى اللّه عليه و آله استشار أصحابه للصلاة كيف يجمع
ص: 334
الناس لها،فقال بعضهم:انصب راية عند حضور الصلاة،و ذكر بعضهم:البوق، و بعضهم:الناقوس...
فانصرف عبد اللّه بن زيد و هو مهتم فرأى رؤيا قصّها،و قال:
طاف بي و أنا نائم رجل يحمل ناقوسا في يده،فقلت له:
يا عبد اللّه أتبيع الناقوس؟فقال:
و ما تصنع به؟،قلت:
ندعو به للصّلاة،فقال:
أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك؟قلت له:
بلى،قال:
تقول:اللّه أكبر،اللّه أكبر،اللّه أكبر،أشهد أن لا إله إلا اللّه...إلى آخر الأذان.
فلما أصبحت أتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله،فأخبرته بما رأيت،فقال:
«إنها رؤيا حق إن شاء اللّه فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به فإنّه أندى صوتا منك»فجعلت ألقيه عليه و يؤذن به،فسمع ذلك عمر بن الخطاب و هو في بيته فخرج يجر رداءه فقال:
يا رسول اللّه و الذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل الذي رأى،فقال صلى اللّه عليه و آله:
فلله الحمد... (1).
تحاول هذه النظرية تبرير مسألة«الاجتهاد في مقابل النص»على أساس أن المصلحة تتقدم على النص و لو كان صريحا قطعيا،فالصحابة كانوا ينطلقون من المصلحة،و يجمّدون بعض النصوص القطعية...
ص: 335
و قد روّج لهذه النظرية بعض الكتّاب المتأخرّين،في محاولة لتبرير الكثير من التجاوزات لقيم الإسلام و مفاهيمه و أحكامه و في محاولة لتثبيت«المرجعية الفكرية للصحابة» (1).
و لنا حول هذا الاتجاه عدة ملاحظات:
الملاحظة الأولى:
سبق القول أنّ عمل الصحابة لا يمكن أن يمثل«مرجعية تشريعية»و ذلك لعدة أسباب:
السبب الأول:لا نملك دليلا يمنح الصحابة هذه المرجعية التشريعية و أحاديث من أمثال:
«عليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين»
«أصحابي كالنجوم بأيهم أقتديتم أهتديتم»،...
أحاديث موضوعة لا تصمد أمام النقد و البحث العلمي...
السبب الثاني:عدم عصمة الصحابة...
السبب الثالث:اختلاف الصحابة..
الملاحظة الثانية:
ما هو الدليل على أن المصلحة تتقدم على النص القطعي الثابت في الكتاب و السنة...؟
ص: 336
الملاحظة الثالثة:
من الذي يحدّد المصلحة التي تجمّد النص القطعي...
الملاحظة الرابعة:
هذا الاتجاه خطير جدا،و يؤدي إلى تعطيل الكثير من أحكام الإسلام،و من ثوابته،و يعطي تبريرا لبعض المدارس الفكرية المنحرفة لتمرير أفكارها و مفاهيمها و نظرياتها في داخل المنظومة الفكرية الإسلامية.
الملاحظة الخامسة:
هذه النظرية وظفت سياسيا،لإعطاء الشرعية للأنظمة التي تسلّطت،و تحكّمت و هي لا تملك أيّ مبرر لوجودها...
الملاحظة السادسة:
إنّ مدرسة الجابري واركون و حنفي و أمثالهم تمثل محاولة«للتوفيق الإنتقائي بين الأصالة و الحداثة».
إنّ إشكالية الأصالة و الحداثة ظلت مثارا للجدل الحاد بين المفكرين و المثقفين طيلة قرن و نصف منذ بدايات القرن التاسع عشر و حتى الآن...
و قد أنتج هذا الجدل عدة اتجاهات أهمها:
و يمثل حالة الاستغراق في التراث،و رفض الحداثة بكل أشكالها و صورها.
و يمثل حالة الإلغاء للتراث و الدين،و الإتجاه نحو النموذج الغربي و حداثته بكل أشكالها...
ص: 337
و يمثل حالة التوفيق الانتقائي بين التراث و الحداثة...
و من رموز هذا الاتجاه:رفاعة الطهطاوي،حسن حنفي،محمد عمارة،محمد عابد الجابري،اركون...
و من ملاحظاتنا على هذا الاتجاه:
أ-نظرته التجزيئية للإسلام.
ب-اعتماده المقاييس الغربية في عملية الانتقاء.
و هذا الاتجاه يستمد رؤاه و أفكاره و معاييره و قيمه من الإسلام،و ينفتح على كل المتغيرات في حركة الحياة من خلال تلك الرؤى و المفاهيم،و القيم و المعايير.
و أهم ما يميز هذا الاتجاه:
أ-الأصالة...
ب-الانفتاح على معطيات الحاضر،و آفاق المستقبل،من خلال التواصل و التكامل مع كل المتغيرات و المستجدات...
ج-تحصين أجيال الأمة فكريا و روحيا في مواجهة حالات التغريب...
للاجتهاد نمطان:
الاجتهاد المشروع:
و هو«إعمال القدرة العلمية في استنباط الأحكام الشرعية من الكتاب و من خلال اعتماد الأدوات الاستنباطية المشروعة».
ص: 338
هذا النمط من الاجتهاد تعتمده مدرسة أهل البيت عليهم السلام ضمن شروطه و ضوابطه المحددة،و هذا اللون من الاجتهاد يمكن أن يمارسه أصحاب الرسول صلى اللّه عليه و آله و أصحاب الأئمة عليهم السلام حينما لا يتوافر لهم التعاطي مباشرة مع الرسول صلى اللّه عليه و آله أو الإمام عليه السلام...و كذلك يسمح للفقهاء في عصر الغيبة أن يمارسوا هذا اللون من الاجتهاد المشروع...
و أمّا الرسول صلى اللّه عليه و آله،و الأئمة من أهل البيت عليهم السلام فهم غير مجتهدين...
و أدلتنا على ذلك:-
أولا:القرآن الكريم:
قال اللّه تعالى:
وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحى (1) .
ثانيا:نتائج الاجتهاد ظنية،و معطيات الوحي قطعية.
ثالثا:الرسول صلى اللّه عليه و آله-في بعض الحالات-كان يؤخر الإجابة عن المسائل التي تطرح عليه،حتى يأتيه الوحي...
رابعا:المجتهد يخطئ و يصيب...و الرسول أو الإمام منزه عن الخطأ...
خامسا:ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال:
«حديثي حديث أبي،و حديث أبي حديث جدي،و حديث جدي حديث الحسين،و حديث الحسين حديث الحسن،و حديث الحسن حديث أمير المؤمنين و حديث أمير المؤمنين حديث رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله،و حديث رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله قول اللّه عز و جل» (2).
«و عن سماعة عن أبي الحسن عليه السلام قال:ن.
ص: 339
قلت له:
كل شيء تقول به في كتاب اللّه و سنة نبيه أو تقولون فيه برأيكم؟قال:
كل شيء نقوله في كتاب اللّه و سنة نبيه» (1).
الاجتهاد غير المشروع:
و يتمثل هذا الاجتهاد في الألوان التالية:-
اللون الأول:
اعتماد أدوات غير مشروعة في استنباط الأحكام الشرعية كالقياس و الاستحسان.
إن التخلي عن مرجعية أهل البيت عليهم السلام فرض الحاجة إلى إستحداث أدوات إستنباطية مثل القياس و الاستحسان في مرحلة مبكرة،خاصة إذا عرفنا أنّ عصر النص عند مدرسة الصحابة قد انتهى بوفاة الرسول صلى اللّه عليه و آله.
من الواضح أن هناك اختلافا في تحديد عصر النص،بين مدرسة الخلفاء، و مدرسة أهل البيت عليهم السلام:-
يتجه تفكير فقهاء هذه المدرسة إلى تحديد عصر النص،بحياة الرسول صلى اللّه عليه و آله...
و من هنا يرى هذا التفكير انتهاء عصر النص بوفاة النبي صلى اللّه عليه و آله...
و لذلك كانت الحاجة لوضع علم الأصول لدى علماء السنة أسبق منها لدى علماء الشيعة...
ص: 340
و التفكير الفقهي لدى علماء هذه المدرسة يرى انتهاء عصر النص ببدء الغيبة الكبرى للإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت عليهم السلام و ذلك في سنة(328 ه) أو سنة(329 ه)...
و إذا كانت الحاجة إلى علم الأصول لدى علماء السنة قد نشأت في مرحلة مبكرة،فإنّ هذه الحاجة لم تكن كبيرة لدى علماء الشيعة في عصر الأئمة عليهم السلام،حيث كانوا يتعاملون مع أئمتهم بشكل مباشر..
و هذا لا يعني أنّ بذور التفكير الأصولي لم تكن موجودة لدى فقهاء أصحاب الأئمة عليهم السلام،بل قد وجدت هذه البذور منذ عصر الإمامين الباقر و الصادق عليهما السلام...
و من الشواهد التاريخية على ذلك:-
أ-الروايات و الأحاديث التي تضمنت أسئلة عن بعض قواعد الإستنباط، و إجابات الأئمة عليهم السلام عليها،مما يدل على وجود تفكير أصولي لدى أصحاب الأئمة عليهم السلام.
و من ذلك:
-الروايات الواردة في علاج النصوص المتعارضة (1).
-الروايات الواردة في حجية خبر الثقة (2).
ص: 341
-الروايات الواردة في أصالة البراءة (1).
ب-الرسائل التي ألفها بعض أصحاب الأئمة عليهم السلام في بعض المسائل الأصولية (2).
اللون الثاني:
الاجتهاد في مقابل النص:
إنّ بروز النزعة الاجتهادية في مقابل النصوص أنتج كما كبيرا من المخالفات على المستويات التاريخية و الفقهية:-
بعث أسامة:
في مرضه الأخير هيأ الرسول صلى اللّه عليه و آله جيشا بقيادة الشاب أسامة بن زيد،و يأمره بالتوجه إلى أرض الشام لمحاربة الروم...
ص: 342
و ضم تحت لواء هذا الشاب شيوخ المهاجرين و الأنصار و منهم:
-أبو بكر.
-عمر بن الخطاب.
-عبد الرحمن بن عوف.
-أبو عبيدة بن الجراح.
-سعد بن أبي وقاص.
-أسيد بن خضير.
-بشير بن سعد...
و غيرهم من وجوه الصحابة (1).
و أهم ما يثير في هذا الإجراء:
أ-كون الرسول صلى اللّه عليه و آله في مرضه الأخير الذي انتقل به إلى الرفيق الأعلى،في ظرف قد بدأت إرهاصات الخطر تتحرك و أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم...
ب-إسناد القيادة إلى شاب يافع لم يتجاوز العشرين من عمره و يؤمره على شيوخ الصحابة،و كبار المهاجرين و الأنصار،حيث زجّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله في هذا الجيش أبرز الوجوه...
ج-و رغم تشدد النبي صلى اللّه عليه و آله في تنفيذ الجيش و طلب الخروج،فإنّ المسلمين قد تباطأوا في الالتحاق بهذا البعث،و تثاقلوا عن الخروج،مما أثار غضب النبي صلى اللّه عليه و آله و دفعه إلى لعن المتخلفين (2)،كيف يمكن أن نفسر هذا الإجراء من رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:ت.
ص: 343
يمكن أن نفهم هذا الإجراء على أساس أن الرسول صلى اللّه عليه و آله إراد:
أولا:أن يهييء المسلمين لقبول«قاعدة الكفاءة»في القيادة و ولاية الأمر...
تمهيدا لقبول قيادة و إمارة الإمام علي عليه السلام و مواجهة احتمالات التشكيك،خاصة و أن عليا كان إذ ذاك لا يتجاوز الثلاثين من العمر.
ثانيا:أن يثير انتباه المسلمين إلى أنّ من لا يصلح لقيادة جيش لا يكون مؤهلا لولاية الأمر و قيادة المسلمين العامة.
ثالثا:أن يفرّغ المدينة من القوى المعارضة لخلافة الإمام علي عليه السلام و هذا واضح من الاختيار الدقيق للعناصر التي أصرّ النبي صلى اللّه عليه و آله على التحاقها بالجيش (1).
و الخلاصة أنّ هذا الحدث يشكل شاهدا واضحا على مبدأ«الاجتهاد في مقابل النص».
قضية الدواة و الكتف...
هذه القضية:
أ-رواها البخاري في صحيحه(الجزء الأول/الجزء الرابع/الجزء السابع).
ب-و رواها مسلم في صحيحه(الجزء الثالث).
ج-و روتها أكثر مصادر الحديث.
و نص القضية:
«عن ابن عباس قال:لما اشتد بالنبي صلى اللّه عليه و آله مرضه،قال:ائتوني بدواة و كتف أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده،قال عمر:إنّ النبي صلى اللّه عليه و آله غلبه الوجع،و عندنا كتاب اللّه حسبنا،فاختلفوا و كثر اللغط،قال صلى اللّه عليه و آله:
ص: 344
قوموا عني و لا ينبغي عندي التنازع،فخرج ابن عباس يقول:
إنّ الرزية كل الرزية ما حال بين رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و بين كتابه».
و في نص آخر(يذكره البخاري أيضا):
هجر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله (1)...
و هذا شاهد آخر صريح على نظرية«الاجتهاد مقابل النص».
صلح الحديبية....
أوحى اللّه إلى نبيه صلى اللّه عليه و آله حينما خرج في السنة السادسة للهجرة قاصدا العمرة،أن يصالح قريشا...فاستجاب النبي صلى اللّه عليه و آله لأمر ربّه تعالى،و أبرم صلح الحديبية...
و هنا وقف أحد كبار الصحابة ليعترض على الصلح...
يحدثنا البخاري في صحيحه(آخر كتاب الشروط)عن عمر بن الخطاب أنه قال:
قلت لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله-بعد الصلح-:
ألست نبي اللّه حقا؟قال:
بلى...قلت:
ألسنا على الحق و عدونا على الباطل؟قال:
بلى.قلت:
فلم نعطي الدنية في ديننا إذا؟قال صلى اللّه عليه و آله:
إني رسول اللّه و لست أعصيه و هو ناصري.قلت:
أو ليس كنت تحدثنا أنّا سنأتي البيت فنطوف به؟قال:
ص: 345
بلى،أفأخبرتك أنّا نأتيه العام؟قلت:
لا.قال:
فإنك آتيه و مطوف به..
قال(عمر):
فأتيت أبا بكر فقلت:
يا أبا بكر أليس هذا نبي اللّه حقا؟قال:
بلى.قلت:
ألسنا على الحق و عدونا على الباطل؟قال:
بلى.قلت:
فلم نعطي الدنية في ديننا إذا؟قال:
أيّها الرجل إنّه رسول اللّه و ليس يعصي ربّه و هو ناصره فاستمسك بغرزه فو اللّه إنه لعلى الحق... (1).
و أخرج مسلم في صحيحه بالإسناد إلى أبي وائل:
أنه[أي عمر]قال لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
ألسنا على حق و هم على الباطل؟قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:
بلى.قال:
أليس قتلانا في الجنة و قتلاهم في النار؟قال:
بلى.قال:
فلم نعطي الدنية في ديننا و نرجع و لمّا يحكم اللّه بيننا و بينهم؟فقال صلى اللّه عليه و آله:
يا ابن الخطاب إني رسول اللّه و لن يضيعني اللّه أبدا.
(قال):ت.
ص: 346
فانطلق عمر فلم يصبر متغيظا فأتى أبا بكر فقال:
يا أبا بكر ألسنا على حق و هم على باطل؟قال:
بلى.قال:
أليس قتلانا في الجنة و قتلاهم في النار؟قال:
بلى.قال:
فعلى م نعطي الدنية في ديننا و نرجع و لمّا يحكم اللّه بيننا و بينهم؟فقال:
يا ابن الخطاب إنّه رسول اللّه و لن يضيعّه أبدا (1).
مسألة الإمامة و الخلافة...
في حوار دار بين عمر بن الخطاب و ابن عباس(و ذلك أيام خلافة عمر)قال عمر لابن عباس:
أتدري ما منع قومكم منكم بعد محمد صلى اللّه عليه و آله؟فكرهت أن أجيبه، فقلت:
إن لم أكن أدري فأمير المؤمنين يدريني.
قال عمر:
كرهوا أن يجمعوا لكم النبوة و الخلافة فتبجحوا على قومكم بجحا بجحا، فاختارت قريش لأنفسها فأصابت و وفقّت...
فقلت:
يا أمير المؤمنين:إن تأذن لي في الكلام و تمط عني الغضب تكلمت.
قال:
تكلّم:
ص: 347
قلت:
أمّا قولك اختارت قريش لأنفسها فأصابت و وفقت فلو أنّ قريشا اختارت لأنفسها حين اختار اللّه عز و جل لها لكان الصواب بيدها غير مردود و محسود.
و أمّا قولك:
إنهم أبوا أن تكون لنا النبوة و الخلافة فإن اللّه عز و جل وصف قوما بالكراهة فقال:
ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ.
فقال عمر:هيهات...و اللّه يا ابن عباس قد كانت تبلغني عنك أشياء كنت أكره أن أقرّك عليها فتزيل منزلتك مني...
فقلت:
ما هي يا أمير المؤمنين؟فإن كانت حقا فما ينبغي أن تزيل منزلتي منك،و إن كانت باطلا فمثلي أماط الباطل عن نفسه.