الإمام المهدي علیه السلام المصلح العالمي المنتظر

اشارة

الإمام المهدي علیه السلام المصلح العالمي المنتظر

ايوب الحائري

دار الفقه للطباعة والنشر

اسم الكتاب : الإمام المهدي علیه السلام المصلح العالمي المنتظر

المؤلف : أیوب الحائری

الطبعة : الأولى - 1423 ه. ق . 1381 ه. ش

عدد المطبوع: 2000 نسخة

المطبعة : شریعت

السعر : 35000 ریال

شابك: 6-90-6909-6964-90-6909-964 ISBN

ص.ب. 3663 - 37185 - تلفن: 7734873 - 251 -98+

خیراندیش دیجیتالی : انجمن مددکاری امام زمان (عج) اصفهان

ص: 1

اشارة

ص: 2

بسم الله الرحمن الرحیم

السلام علیک یا ابا صالح المهدی عجل الله تعالی فرجه الرشف

ص: 3

المصلح العالمي في الكتاب العزيز

« وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ » (1)

« وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ » (2)

ص: 4


1- الأنبياء: 105.
2- القصص: 5.

المصلح العالمی فی اقوال الرسول (صلی الله علیه واله)

قال رسول الله (صلی الله علیه واله): « لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدَّهْرِ إِلَّا يَوْمُ وَاحِدُ لَبَعَثَ اللَّهَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَمْلَؤُهَا عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً » (1)

قال رسول الله (صلی الله علیه واله): « يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ رَجُلُ مِنْ وَلَدَيَّ ، اسْمُهُ كاسمي وَ كُنْيَتِهِ ككنيتي ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ عدلأ كَمَا مُلِئَتْ جورأ فَذَلِكَ هوالمهدي » (2)

ص: 5


1- صحيح الترمذي 2: 46 ومسند ابن حنبل 1: 378.
2- تذکرة الخواص: 363، منهاج السنة لابن تيمية 4: 86

ص: 6

فهرس الموضوعات

المقدمة بقلم: جعفر الهادي (خوشنویس) ...9

المهدوية في الكتب والشرايع السماوية ...11

الإمام المهدي الموعود في روايات أهل السنة ...15

ولادة الإمام المهدي علیه السلام المصلح العالمي ...19

ولادة الإمام المهدي علیه السلام بين الإعلان والكتمان ...23

الإمامة المبكرة للإمام المهدي علیه السلام ...27

الغيبة الصغرى للإمام المهدي علیه السلام ...31

النواب الأربعة للإمام المهدي علیه السلام ...35

الغيبة الكبرى للإمام المهدي علیه السلام ...39

أسباب غيبة الإمام المنتظر علیه السلام وفوائدها ...41

رؤية الإمام المهدي عليه السلام في الغيبة الكبرى ...45

المقدس الأردبيلي يتشرف بلقاء الإمام علیه السلام ...49

الحاج علي البغدادي يتشرف بلقاء الإمام علیه السلام ...51

حضور الإمام المهدي في الأماكن المقدسة ...57

ص: 7

كيف عمر الإمام المهدي وعاش إلى هذا اليوم؟ ...61

حقيقة انتظار الظهور، وأهميته في عصر الغيبة ...65

علائم ظهور الإمام المهدي المنتظر علیه السلام ... 69

ظهور وقيام الإمام المهدي عليه السلام الموعود ...73

الدولة الكريمة للإمام المهدي علیه السلام ...77

زيارة الإمام المهدي علیه السلام المعروفة بزيارة آل یس ...83

من أدعية الإمام المهدي علیه السلام لجميع المسلمين ...89

فهرس المصادر ...91

ص: 8

المقدمة

مسألة الإمام المهدي المنتظر جديرة بالاهتمام لعدة أسباب:

أولا: لأنها عقيدة مهمة من العقائد الإسلامية والشيعية بصورة خاصة فلا يجوز عدم الإهتمام بها كما لا يجوز عدم الإهتمام ببقية العقائد الإسلامية.

ثانيا: لأن هذه المسألة كانت ولا تزال نافذة أمل للمستضعفين، وهي خير حافز للعمل والجد في سبيل نشر الإسلام وإشاعة المذهب تمهيدا لقيام الحكومة المهدوية العالمية.

ثالثا: لأن هذه المسألة أصبحت اليوم غرضا لسهام المغرضين والمبطلين من الكفار والمنافقين نظرا لأهميتها في حياة المسلمين، وخاصة في هذا العصر.

من هنا لا بد من العمل بشتى أنواعه لبث وتعميق وعولمة هذه العقيدة الحيوية والبناءة وتكوين حالة عامة من الاعتقاد

ص: 9

بالإمام المهدي الموعود لتهيأ العالم لمجيء ذلك المنقذ الكبير وذلك المخلص العظيم للبشرية من شرور الاستكبار والاستعمار ومن براثن الظلم والجور، والفساد والانحراف، وليتحقق به وعد الله الذي لا يتخلف.

وهذا الكتاب على اختصاره خطوة مباركة في هذا السبيل قام بها الأخ العزيز المحترم أيوب الحائري الذي عرف بنشاطه الفكري وفعالياته الثقافية.

وفقه الله للمزيد، وأخذ بيده لما فيه رضاه انه نعم المولى ونعم النصير.

جعفر الهادي

13 رجب 1423

ذکری میلاد الإمام أمير المؤمنين

علي بن أبي طالب علیه السلام

ص: 10

المهدوية في الكتب والشرائع السماوية

لا أعتقد أن بحثا من البحوث الإسلامية قد نال إهتمام علماء الإسلام كموضوع الإمام المنتظر المهدي الموعود علیه السلام فقد بحث من جميع جوانبه على ضوء الكتاب والسنة، كما تطرق لبحثه غير واحد من رجالات العلم والمعرفة في الأديان والمذاهب السماوية الأخرى لأن الإيمان والاعتقاد بظهور المنقذ والمصلح العالمي المنتظر الذي يشكل ويمثل جوهرة الفكرة المهدوية في الإسلام كما هو موجود عندنا موجود في تلك الأديان والمذاهب أيضأ، والإيمان بفكرة حتمية ظهور المنقذ العالمي تعبر عن حاجة فطرية عامة للإنسان و تتقوم هذه الحاجة على تطلع الإنسان إلى الكمال فهي فكرة قديمة وليست مقصورة على الإسلام، وقد تعرض القرآن لهذه الفكرة والوعد الإلهی بقوله تعالى: « وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِىَ الصَّالِحُونَ » (1) . فالزبور کتاب

ص: 11


1- الأنبياء: 105.

داوود، والذكر هو التوراة كما جاء في التفاسير ولا بد أن يتحقق هذا الوعد الإلهي يوما ما، وإن كان هذا اليوم هو آخر يوم من عمر الدنيا كما ورد عن رسول الله صلی الله علیه واله : « لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدَّهْرِ إِلَّا يَوْمُ وَاحِدُ لَبَعَثَ اللَّهَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَمْلَؤُهَا عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً» (1).

والآية الأخرى التي تشير إلى هذا الوعد الإلهي، قوله تعالى: « وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ » (2).

وهذه الآية وإن وردت في شأن بني إسرائيل واستيلائهم على زمام الأمور بعد تخلصهم من قبضة الفراعنة - ولكن هذا التعبير (ونريد) يشير إلى إرادة إلهية مستمرة، ولذلك طبقت الآية في الكثير من الروايات على ظهور المهدي علیه السلام (3) .

إن أمثال هذه الآيات التي لم نذكر إلا نماذج منها، وغيرها من الآيات (4) شواهد على أن قيادة العالم ستنتهي لعباد الله الصالحين، وهذا الأمر لا خلاف فيه بين الأديان والمذاهب، وهذه الحقيقة من شأنها أن تساعد على إسقاط أربع شبهات في المسألة المهدوية في آن واحد.

فهي توضح أولا: بطلان الشبهة القائلة بتفرد الشيعة بالقول

ص: 12


1- صحيح الترمذي 2: 46 ومسند ابن حنبل 1: 378.
2- القصص: 5.
3- الغيبة للطوسي: 184.
4- النور: 55 وسورة التوبة: 33، قوله تعالى: « لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ».

بالمهدوية.

وثانيا: بطلان الشبهة القائلة بأن المهدوية أسطورة إذ ليست هناك اسطورة تحظى باجماع الأديان السماوية وغير السماوية ويتبناها العلماء والمفكرون والفلاسفة.

وثالثا: بطلان الشبهة القائلة بدور اليهود في ايجاد العقيدة بالمهدوية بحجة أن الفكرة موجودة عند اليهود وغيرهم.

كما توضح رابعا: بطلان الشبهة القائلة بأن فكرة المهدوية وليدة الظروف السياسية الحرجة التي عاشها أتباع أهل البيت علیهم السلام ، فما أكثر المظلومين والمضطهدين على مر التاريخ وعبر الزمن وفي شتى بقاع الأرض ومع ذلك لم يعرف عنهم هذا الاعتقاد، وما أكثر الأفراد والجماعات التي آمنت بهذه الفكرة بدون معاناة لظلم واضطهاد.

نعم لا ريب بحصول عوامل ضغط واضطهاد دفعت باتجاه التمسك بالفكرة المهدوية أكثر لا أنها تنشئ هذه الفكرة وهذا الاعتقاد و اوجدتها من حيث الأساس.

إذن الإيمان بحتمية ظهور المصلح الديني العالمي وإقامة الدولة الإلهية العادلة في كل الأرض من نقاط الاشتراك البارزة بين جميع الأديان والمذاهب، والإختلاف بينهم إنما هو في تحديد هوية ومصداق هذا المصلح العالمي الذي يحقق جميع أهداف الأنبياء والأوصياء. وسنبحث حول هوية هذا المنفذ والمصلح

ص: 13

العالمي، وسوف نبرهن على أنه قد وجد ولا زال موجودا ولكن غاب عن الأنظار لمصلحة علمها عند الله سبحانه وتعالى، ويتطلب ما بحث كهذا الرجوع لمرويات الفريقين عن النبي صلی الله علیه واله والمصادر التاريخية ليتضح للجميع أن ذلك المصلح العالمي العظيم قد ولد في منتصف شعبان سنة (255) من الهجرة في سامراء وهو المهدي محمد بن الحسن العسكري، الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت علیهم السلام الذي يملأ الله به الدنيا عدلا كما ملئت ظلما وجورا.

وبهذا المعنى وردت روايات كثيرة عن النبي صلی الله علیه واله وأهل بيته عليهم السلام وهي تدل على تعيين نسب المهدي وكونه من أهل البيت عليهم السلام ومن ولد فاطمة عليها السلام ومن ذرية الحسين علیه السلام وهو الإمام والخليفة الثاني عشر بعد الرسول صلی الله علیه واله (1).

والمتتبع للأحاديث الصحيحة الواردة في المهدي في کتب أهل السنة سيجدها تنسجم مع روايات الشيعة وتؤكد حقيقة واحدة.

ولتوثيق ذلك نستعرض بعضا من تلك الروايات التي تحدثت عن اسمه ونسبه ولقبه وخروجه آخر الزمان.

ص: 14


1- إن دليل الروايات على المهدي يتمثل في مئات الروايات الواردة عن النبي صلی الله علیه واله وأهل بيته علیهم السلام راجع معجم أحاديث الإمام المهدي وكتاب منتخب الأثر للصافي الگلبايگاني والكتب الأخرى التي تتحدث عن المهدي.

الامام المهدی الموعود فی روایات اهل السنة

عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلی الله علیه واله : «يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي، اسمه كاسمي وکنیته ککنیتي، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورأ فذلك هو المهدي» (1).

وعن أم سلمة عن النبي صلی الله علیه واله : «المهدي حق وهو من ولد فاطمة» (2).

وعن علي علیه السلام ، عن النبي صلی الله علیه واله : «المهدي منا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة» (3).

وعن حذيفة بن اليماني رضی الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلی الله علیه واله فذكرنا بما هو كائن، ثم قال: «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد، لطول الله

ص: 15


1- تذکرة الخواص: 363، منهاج السنة لابن تيمية 4: 86
2- تاريخ البخاري 3: 363، مستدرك الحاكم 4: 557.
3- سنن ابن ماجه 2: 1367 باب 34 ح 4085 وصواعق ابن حجر: 163.

عزوجل ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلا من ولدي اسمه اسمي» فقال سلمان الفارسي (رض): یا رسول الله من أي ولدك ؟ قال صلی الله علیه واله : «من ولدي هذا» وضرب بيده على الحسين علیه السلام (1) .

وعن ابن عباس، عن النبي صلی الله علیه واله أنه قال: «أنا سيد النبيين، وعلي بن أبي طالب سید الوصیین، وإن أوصيائي بعدي اثنا عشر أولهم علي بن أبي طالب، وآخرهم المهدي» (2).

وهكذا نرى بأن الأحاديث والروايات الواردة في المهدي علیه السلام قد بلغت حد التواتر کما صرح بذلك الكثير من علماء مدرسة الخلفاء، منهم الشوكاني في كتاب عون المعبود وابن کثیر في البداية والنهاية والحافظ الكتاني في كتاب نظم المتناثر في حديث المتواتر.

وقال صاحب عون المعبود في شرح سنن أبي داوود: اعلم أن المشهور بين الكافة من أهل الإسلام على ممر الأعصار، انه لابد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت علیهم السلام يؤيد الدين، ويظهر العدل ويتبعه المسلمون، ويستولي على الممالك الإسلامية، ويسمى بالمهدي، ويكون خروج الدجال بعده، وإن عیسئ علیه السلام ينزل بعد المهدي، أو ينزل معه فيساعده على قتل الدجال، ويأتم

ص: 16


1- مقتل الخوارزمي 1: 196، ينابيع المودة 3: 63 باب 93، السيرة الحلبية 1: 193.
2- فرائد السمطين 2: 313 ح 564، وراجع تفصيل ذلك، في الموسوعة أعلام الهداية الجزء 14 خاتم الأوصياء المهدي المنتظر (عج).

بالمهدي في صلاته، وخرج أحاديث المهدي جماعة من الأئمة منهم أبو داوود، والترمذي، وابن ماجه، والبزاز، والحاكم، والطبراني وأبو يعلى وإسناد أحاديث هؤلاء بين الصحيح والحسن والضعيف (1).

ص: 17


1- عون المعبود في شرح سنن أبي داوود 362:11

ص: 18

ولادة الإمام المهدي علیه السلام المصلح العالمي

ولد المصلح العالمي المنتظر الإمام الثاني عشر الحجة بن الحسن المهدي الموعود صلوات الله عليه وعلى آبائه في فجر يوم الجمعة النصف من شعبان سنة مئتين وخمس وخمسين هجرية قمرة (255 ه. ق) الموافق لعام 868 میلادي في مدينة سامراء (1). وأبوه هو الإمام الحادي عشر الحسن العسكري علیه السلام ، وأمه السيدة الكريمة «نرجس» وتسمى ب «سوسن» أيضا، وهي ابنة «یوشعا» قيصر الروم، ومن الأم من نسل «شمعون» أحد حواريی المسيح علیه السلام . وكانت نرجس ذات منزلة رفيعة بحيث أن حكيمة - وهي أخت الإمام الهادي علیه السلام والتي تعتبر من أهم سيدات أهل البيت علیهم السلام - تخاطبها بقولها: «يا سيدتي».

ص: 19


1- أصول الكافي 1: 514، الارشاد للمفيد: 326، وفي بعض الروايات أن الإمام علیه السلام قد ولد سنة 256 ق، ليرجع من شاء إلى كمال الدين 2: 97، بحار الأنوار 15:51

وعندما كانت «نرجس» في الروم شاهدت أحلاما عجيبة، ففي إحدى المرات رأت في المنام نبي الإسلام الأكرم صلی الله علیه واله والسيد المسيح عيسى علیه السلام وقد زوجاها من الإمام الحسن العسكري علیه السلام ، وفي حلم آخر شاهدت أمرا غريبا آخر وهو انها قد أسلمت بدعوة كريمة من فاطمة الزهراء علیها السلام ، لكنها كتمت إسلامها عن أسرتها ومن يحيط بها حتى شبت المعارك بين المسلمين وجند الروم، وقاد قيصر الروم بنفسه الجيش إلى جبهات القتال. ورأت نرجس في النوم من يأمرها أن تتخفى مع سائر امائها وخدمها وتسير مع فئة المقاتلين التي تتحرك نحو الحدود، ونفذت ما رأته بدقة، ولما وصلوا إلى الحدود أسروا جميعا على يد بعض الطلائع من جيش المسلمين ومن دون أن يعرف المسلمون ان فيهم أعضاء من أسرة قيصر الروم فقد حمل المسلمون الأسرى إلى بغداد.

وقد جرت هذه الحادثة في أواخر مرحلة امامة الإمام العاشر الهادي علیه السلام ، وجاء مبعوث من الإمام الهادي علیه السلام يحمل رسالة منه مكتوبة باللغة الرومية وسمها إلى «نرجس» في بغداد واشتراها من بائع الإماء وجاء بها إلى الإمام الهادي في سامراء، وعندئذ قام الإمام بتذكيرها بتلك الأحلام التي كانت قد رأتها من قبل وبشرها بانها ستصبح زوجة للإمام الحادي عشر وأما لولد سوف يسيطر على كل العالم ويملأ الأرض قسطا وعدلا. ثم أن الإمام الهادي علیه السلام اسند شؤون «نرجس» إلى اخته الجليلة «حكيمة» وهي من كبار

ص: 20

سيدات أهل البيت علیه السلام ، لعلمها الآداب الإسلامية والأحكام الشرعية. وبعد مدة من الزمن أصبحت «نرجس» زوجة للإمام الحسن العسكري علیه السلام .

وكان من عادة «حكيمة» انها كلما زارت الإمام العسكري علیه السلام دعت الله ان يرزقه ولدا، وهي تقول: دخلت عليه فقلت له كما أقول ودعوت كما ادعو، فقال: ياعمة اما ان الذي تدعين الله أن يرزقنيه يولد في هذه الليلة، يا عمتاه بيتي الليلة عندنا فانه سيولد الليلة المولود الكريم على الله عز وجل الذي يحيي الله عز وجل به الأرض بعد موتها، قالت حكيمة: ممن يا سيدي ولست أرى بنرجس شیئا من أثر الحمل، فقال: من نرجس لا من غيرها. قالت: فوثبت إلى نرجس فقلبتها ظهرا لبطن فلم أربها أثرأ من حبل فعدت إليه فأخبرته بما فعلت فتبسم ثم قال لي: إذا كان وقت الفجر يظهر لك بها الحبل لإن مثلها مثل أم موسى لم يظهر بها الحبل ولم يعلم بها أحد إلى وقت ولادتها لإن فرعون كان يشق بطون الحبالی في طلب موسى وهذا نظیر موسی علیه السلام (يطوي سجل حكومة الفراعنة).

قالت حكيمة: فلم أزل أراقبها إلى وقت طلوع الفجر وهي نائمة بين يدي لا تقلب جنبا إلى جنب حتى إذا كان في آخر الليل وقت طلوع الفجر وثبت فزعة فضممتها إلى صدري وسميت عليها، فصاح الإمام العسكري علیه السلام وقال: إقرأي عليها « إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ

ص: 21

الْقَدْرِ » فأقبلت أقرأ عليها، وقلت لها: ما حالك؟ قالت: ظهر الأمر الذي أخبرك به مولاي فأقبلت أقرأ عليها كما أمرني فأجابني الجنين من بطنها يقرأ كما اقرأ وسلم على. قالت حكيمة: ففزعت لما سمعت فصاح بي الإمام العسكري علیه السلام لا تعجبي من أمر الله عز وجل ان الله تبارك وتعالى ينطقنا بالحكمة صغارا ويجعلنا حجة في أرضه كبارا فلم يستتم الكلام حتى غيبت عني نرجس فلم أرها كأنه ضرب بيني وبينها حجاب فعدوت نحو الإمام العسكري علیه السلام وانا صارخة فقال لي: ارجعی یا عمة فائك ستجديها في مكانها، قالت: فرجعت فلم البث ان کشف الحجاب بيني وبينها وإذا أنابها وعليها من أثر النور ما غشي بصري وإذا أنا بالصبي علیه السلام ساجدا على وجهه جاثيا على ركبتيه رافعا سبابتیه نحو السماء وهو يقول: «أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وان جدي رسول الله صلی الله علیه واله وان أبي أمير المؤمنين ثم عد إماما إماما إلى أن بلغ إلى نفسه، فقال علیه السلام : اللهم أنجز لي وعدي وأتمم لي أمري وثبت وطاتي واملأ الأرض بي عدلا وقسطا..» (1).

ص: 22


1- راجع خبر ولادة الإمام المهدي في الكتب التالية: كمال الدين 2: 90-100، والغيبة للشيخ الطوسي: 124، وبحار الأنوار 12:51- 25، واضافة على المصادر والكتب الشيعية، لقد نقل هذا الخبر وتاريخ الولادة جمع من علماء أهل السنة منهم ابن صباغ المالكي (المتوفى في 855 ق) في كتابه الفصول المهمة، في معرفة الأئمة واكتفى بذكر تاريخ الولادة اليافعي (المتوفی 768 ق) في كتابه مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة حوادث الزمان.

ولادة الإمام المهدي علیه السلام بين الإعلان والكتمان

إن تاریخ بني أمية وبني العباس، ولا سيما منذ عصر الإمام الصادق علیه السلام فما بعد، شاهد صدق على حساسية الخلفاء من الأئمة المعصومين، وذلك لأن هذه الشخصيات الكريمة كانت مورد اهتمام المجتمع واحترامه، وكلما مر الزمن ازداد نفوذهم وتعاظم حب الناس لهم، وبلغ الأمر بالخلفاء العباسيين ان رأوا سلطتهم في معرض الخطر، وبالخصوص عندما سمعوا ما اشتهر بين الناس من ان المهدي الموعود من نسل النبي ومن أحفاد الأئمة المعصومين وهو ابن الإمام العسكري وسوف يملأ الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا، ومن هنا فقد أخضع الإمام العسكري لمراقبة شديدة، وجعل تحت النظر في مركز الحكم العباسي «سامراء» كأبيه وجده، وحاول العباسيون بكل ما أوتوا من قوة الحيلولة دون ولادة هذا الطفل وتربيته، إلا أن المشيئة الإلهية تعلقت بحتمية هذه

ص: 23

الولادة ولذا بائت جميع محاولاتهم بالفشل الذريع وذهبت جهودهم إدراج الرياح، وقد جعل الله تعالى ولادته - مثل موسى علیه السلام - أمرا مخفيا، ومع ذلك فان الصفوة المختارة من أصحاب الإمام العسكري علیه السلام قد شاهدوا الإمام الموعود مرات عديدة في زمان حياة والده الكريم، وعندما استشهد الإمام العسكري علیه السلام فقد ظهر أيضا إمام العصر علیه السلام وصلى على جثمان والده ورآه الناس في هذه الحالة ثم غاب عنهم.

ومنذ ولادة الإمام القائم علیه السلام وحتى شهادة والده الإمام العسكري علیه السلام فقد وفق كثير من الأصحاب المقربين للإمام الحادي عشر لرؤية الإمام المهدي علیه السلام أو للعلم بوجوده في دار الإمام علیه السلام ، وأساسا فان طريقة الإمام العسكري علیه السلام قد جرت على الاحتفاظ بولده الكريم طي الكتمان، ولكنه في نفس الوقت كان يستغل الفرص المناسبة ليطلع أصحابه المؤتمنين على وجوده الشريف حتى ينقلوا ذلك للشيعة، لئلا يبقوا في حيرة من بعده، ونشير هنا إلى بعض النماذج في هذا الشأن.

يقول أحمد بن إسحاق القمي - وهو من كبار شخصيات الشيعة والأصحاب الخاصين للإمام العسكري علیه السلام -: «دخلت على أبي محمد الحسن بن علي علیهما السلام وأنا أريد أن أسأله عن الخلف من بعده، فقال لي مبتدء أ: يا أحمد بن إسحاق أن الله تبارك وتعالى لم يخل الأرض منذ خلق آدم علیه السلام ولا يخليها إلى أن تقوم الساعة من

ص: 24

حجة الله على خلقه، به يدفع البلاء عن أهل الأرض، وبه ينزل الغيث، وبه يخرج بركات الأرض.

قال: فقلت له: با ابن رسول الله فمن الإمام والخليفة بعدك؟ فنهض علیه السلام مسرعا فدخل البيت، ثم خرج وعلى عاتقه غلام كأن وجهه القمر ليلة البدر من أبناء الثلاث سنين، فقال يا أحمد بن إسحاق لولا كرامتك على الله عز وجل وعلى حججه ما عرضت عليك ابني هذا، انه سمی رسول الله صلی الله علیه واله وكنيه، الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.

يا أحمد بن إسحاق مثله في هذه الأمة مثل الخضر علیه السلام ومثله مثل ذي القرنين، والله ليغيبن غيبة لا ينجو فيها من الهلكة إلا من ثبته الله عز وجل على القول بإمامته ووفقه فيها للدعاء بتعجيل فرجه.

فقال أحمد بن إسحاق: فقلت له: يا مولاي فهل من علامة يطمئن إليها قلبی؟ فنطق الغلام علیه السلام بلسان عربی فصیح: «انا بقية الله في أرضه، والمنتقم من أعدائه، فلا تطلب أثرأ بعد عین یا أحمد بن إسحاق» (1).

ومن جملة الأشخاص الذين علموا بولادة الإمام الموعود علیه السلام واطلعوا عليها: السيدة الجليلة التقية حكيمة عمة الإمام، ونسیم خادم الإمام العسكري علیه السلام ، وأبو جعفر محمد بن

ص: 25


1- كمال الدين 2: 55.

عثمان العمري النائب الثاني من نواب الإمام المهدي علیه السلام وغيرهم من العلماء والمحدثين في زمن الإمام العسكري علیه السلام (1) ، والعجب ان الإمام العسكري علیه السلام في الوقت الذي كان يخبر الخواص من أصحابه بولادة المهدي، لم يخبر أخاه جعفرأ بذلك، ولم يعرف جعفر أن لأخيه ولدا، ولعله كان يعلم ذلك ولكنه كان يتجاهله الأسباب وأهداف. سنشير إلى بعضها في البحث عن الإمامة المبكرة للإمام المهدي علیه السلام .

ص: 26


1- كمال الدين 2: 104 بحار الأنوار 5:51.

الإمامة المبكرة للإمام المهدي علیه السلام

قبل وفاة الإمام العسكري علیه السلام بخمسة عشر يوما، كتب الإمام رسائل عديدة لشيعته من أهالي المدائن وسلم الرسائل إلى خادمه أبي الأديان، وقال له: «امضي بها (أي بالرسائل) إلى المدائن، فإنك ستغيب خمسة عشر يوما وتدخل إلى «سر من رأى» يوم الخامس عشر (أي من سفره) وتسمع الواعية في داري (1) وتجدني على المغتسل.

قال: أبو الأديان: فقلت يا سيدي فإذا كان ذلك فمن الإمام بعدك؟

قال: من طالبك بجوابات كتبي فهو القائم بعدي، ومن يصلی علي فهو القائم بعدي فقلت زدني ؟ فقال علیه السلام : من أخبر بما في الهميان فهو القائم بعدي.

ص: 27


1- الواعية: الصراخ على الميت.

ثم منعتنى هيبة الإمام أن أسأله عما في الهميان، وخرجت بالكتب (الرسائل) إلى المدائن، وأخذت جواباتها، ودخلت «سر من أي» يوم الخامس عشر - كما ذكر لي علیه السلام - فإذا أنا بالواعية (الصراخ) في داره وإذا به على المغتسل، وإذا بجعفر بن على أخ الإمام العسكري بباب الدار، والشيعة من حوله يعزونه بوفاة الإمام عليه السلام ويهنئونه بالخلافة والإمامة، فقلت - في نفسي - إن يكن هذا الإمام فقد بطلت الإمامة. فتقدمت فعزیت وهنأت، فلم يسألني عن شيء، ثم خرج عقید (خادم الإمام العسكري) فقال: يا سيدي قد كفن أخوك، فقم وصل عليه، فتقدم جعفر بن على ليصلي على أخيه، فلما هم بالتكبير خرج صبي بوجهه سمرة، بشعره قطط (1) بأسنانه تفليج (2) فجذب رداء جعفر بن علي وقال «تأخر يا عم، فأنا أحق بالصلاة على أبي» فتأخر جعفر، وقد إربد وجهه واصفر، فتقدم الصبي وصلى عليه، ودفن إلى جانب قبر أبيه الهادي عليهما السلام ثم قال الصبي: يا بصري هات جوابات الكتب التي معك، فدفعتها إليه، وقلت هذه بينتان بقى الهميان.

بينما نحن جلوس، إذ قدم نفر (جماعة) من قم، فسألوا عن الحسن بن على علیه السلام فعرفوا موته: قالوا: فمن الإمام بعده؟ فأشار

ص: 28


1- أي: مجعد.
2- أسنانه متوالية غير متراكبة بينها فواصل دقيقة.

الناس إلى جعفر (1) ، فسلموا عليه، وعزوه، وهنئوه، وقالوا: إن معنا كتبا ومالا، فتقول ممن الكتب؟ وكم المال؟ فقام جعفر ينفض أثوابه ويقول: تريدون منا أن نعلم الغيب ؟

فخرج الخادم (أي: خادم الإمام المهدي علیه السلام ) فقال: معكم کتب فلان وفلان، وهميان فيه ألف دينار، عشرة دنانير منها مطلية (بالذهب). فدفعوا إليه الكتب والمال، وقالوا: الذي وجه بك لأخذ ذلك هو الإمام............ إلى آخر الحديث» (2).

وتری جعفرا يصر على باطله ولا يتنازل عنه، وقد حمل إلى الخليفة المعتمد العباسي عشرين ألف دينار، لما توفي الحسن العسكري وقال له: يا أمير المؤمنين .. تجعل لي مرتبة أخي الحسن ومنزلته!!

فقال الخليفة: إعلم أن منزلة أخيك لم تكن بنا، إنما كانت بالله عز وجل، ونحن كنا نجتهد في حط منزلته والوضع منه، وكان الله عز وجل يأبى إلا أن يزيده رفعة، لما كان فيه من الصيانة والعلم والعبادة.

فإن كنت عند شيعة أخيك بمنزلته فلا حاجة بك إلينا، وإن لم تكن عندهم بمنزلته ولم يكن فيك ما كان في أخيك،

ص: 29


1- کمال الدين للشيخ الصدوق 2: 475 ط طهران سنة 1395 ه.
2- المصدر السابق.

لم تغن عنك شيئا (1).

نعم تولى الإمام المهدي علیه السلام بعد وفاة أبيه علیه السلام إمامة المسلمين في صغر سنه وكان عمره آنذاك خمس سنين وهذه الإمامة المبكرة كانت ظاهرة واقعية في حياة أئمة أهل البيت علیهم السلام ، فالإمام الجواد علیه السلام والإمام الهادي توليا الإمامة في الثامنة أو التاسعة من عمرهما وحينئذ لم يعد هناك اعتراض فيما يخص الإمامة المبكرة للإمام المهدي علیه السلام ويكفي دليلا ومثالا لظاهرة الإمامة المبكرة قوله تعالى: « یا يحيی خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا » (2) وقوله تعالى: « فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قالَ إِنِّي عبدالله آتانِيَ الْكِتابَ وجعلنی نبیا » (3) فإن الله الذي أعطى يحيى الحكم وهو صبي وأعطى النبوة لعيسى وهو في المهد صبية قادر على اعطاء الإمامة لعدد من أولياءه ومنهم الإمام المهدي علیه السلام وهو في سن الصبا، وقد تحقق ذلك فعلا ولا حاجة المزيد من الأدلة لإثبات ذلك بعد ما ذكرنا من الكتاب الكريم من المصادیق المشابهة.

ص: 30


1- المصدر نفسه.
2- مریم: 12.
3- مریم: 29 و 30.

الغيبة الصغرى للإمام المهدي علیه السلام

لعل أهم بحث يرغب المسلم معرفته، ويتعطش المؤمن الاستماعه وفهمه، هو البحث عن غيبة الإمام المنتظر علیه السلام ، ومعرفة الأسباب التي دعت إلى هذه الغيبة والعوامل الكامنة خلف احتجابه عن أنظار المسلمين وعدم قيامه بمهامه كإمام وزعيم في المساحة الإجتماعية والسياسية، كما يهم القراء والمستمعين معرفة معنى الغيبة وأسبابها وفوائدها ومعرفة توابع الغيبة من امتداد عمره الشريف إلى يومنا هذا، وعدم خضوع الإمام لظاهرة الشيخوخة وغيرها من المسائل المتعلقة بالغيبة والظهور، التي سوف نتحدث عنها باختصار.

ومعنى غيبة الإمام المنتظر هو اختفاؤه عن عيون الناس حسب إرادة الله، فلا تراه العيون مع كونه موجودا أو يراه البعض ولكن لا يعرفه، كما دلت على ذلك بعض الروايات، ولذا عند ظهوره

ص: 31

يقول الكثير من الناس إني قد رأيته من قبل.

وقد يراه بعض أصحاب الإيمان والتقوى من أولياء الله، كما ذكر الشيخ المجلسي والشيخ النوري وجماعة من الذين تشرفوا بلقائه في أيام الغيبة الكبرى، وسوف نتطرق لذكر بعض القصص والحكايات المرتبطة بهذه اللقاءات ولكن قبل ذلك لا بد من الحديث حول غيبته الصغرى.

إختلف العلماء والمحدثون حول بداية الغيبة الصغرى، وأنها هل بدأت من أوائل عمر الإمام المهدي عليه السلام وفي عهد والده الإمام العسكري علیه السلام أم بدأت بعد وفاة الإمام العسكري؟ المشهور هو القول الثاني فتكون الغيبة الصغرى للإمام في سامراء من عام (260 ه. ق) يوم وفاة أبيه الإمام العسكري إلى عام (329 ه. ق) الذي توفي فيه النائب الرابع للإمام المهدي أبو الحسن علي بن محمد السمري وحينئذ تكون الغيبة الصغرى 69 عاما.

ولعل من الصحيح أن نقول: إن الغيبة الصغرى بدأت من أوائل عمر الإمام المهدي علیه السلام لأن حياته منذ الولادة كانت مقرونه بالاستتار والاختفاء عن الناس، فيمكن أن نعتبر السنوات الخمس التي قضاها الإمام المهدي علیه السلام مع والده الإمام العسكري علیه السلام من ضمن الغيبة الصغرى تبعا للشيخ المفيد وغیره (1) وحينئذ تكون

ص: 32


1- عد المرحوم السيد محسن الأمين في كتاب «أعيان الشيعة 4: 15» مدة الغيبة الصغرى (74) عاما، وقال ان مبدءها هو تاريخ ميلاد الإمام المهدي علیه السلام.

غيبة الإمام (74) عاما من مبدأ ولادته إلى وفاة النائب الرابع للإمام وبعدها تبدأ الغيبة الكبرى للإمام علیه السلام من عام (329 ه. ق).

ولكن الثابت أن الإمام العسكري علیه السلام كان يعرض نجله المبارك على خلص أصحابه وثقاة الشيعة خلال حياته بين الحين والآخر ويعزفه بإنه الإمام الثاني عشر، وانه المهدي الموعود المنتظر علیه السلام فلذا يرجح القول المشهور بعدم اعتبار هذه الفترة من عمر الإمام ضمن الغيبة الصغرى، فتكون مدة الغيبة الصغرى من وفاة الإمام العسكري إلى وفاة النائب الرابع للإمام المهدي 69 عاما.

ص: 33

ص: 34

النواب الأربعة للإمام المهدي علیه السلام

تعتبر النيابة الخاصة للإمام المهدي علیه السلام في زمن الغيبة الصغرى من المناصب المهمة التي لا تليق إلا بمن تتوفر فيه الصفات اللازمة كالأمانة، والتقوى والورع وكتمان الأمور، وتنفيذ الأوامر والتعليمات الواصلة من الإمام وغير ذلك من الشروط.

ولا يخفى أن النيابة الخاصة أهم وأعلى من النيابة العامة التي هي مرتبة الاجتهاد للعلماء والفقهاء والمراجع في زمن الغيبة الكبرى، ولا نريد الخوض في هذا البحث أكثر من هذا، وإنما نكتفي بذكر أسماء النواب الأربعة ودورهم الفعال في زمن الغيبة الصغرى للإمام.

ولما كان الإمام المهدي علیه السلام يرى ضرورة الارتباط بالأمة وحل مشاكلها بقدر المستطاع وعلى الأخص في الجانب الفقهي والعقائدي رأی تعیین نوابأ عنه وأولى مهامهم ربط الأمة به ورفع

ص: 35

كتبها التي من خلالها تسأل عما تريد إليه علیه السلام وعلى أيدي هؤلاء كانت ترد الأجوبة والحلول اللازمة في زمن الغيبة الصغرى وهم أربعة أشخاص من كبار الشيعة وكانوا يحظون بلقائه، وهكذا كانت الشيعة تأتي بالأموال الشرعية ويسلمونها إلى النواب ويأخذون توقيعات الإمام منهم.

وهؤلاء النواب الأربعة بحسب الترتيب الزمني كما يلي:

الأول: أبو عمرو عثمان بن سعید بن عمرو العمري الأسدي (وكيل الإمام الهادي والعسكري).

الثاني: ابنه أبو جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري المتوفى سنة (304 ه. ق).

الثالث: أبو القاسم الحسين بن روح النوبختي المتوفى سنة (326 ه. ق).

الرابع: أبو الحسن علي بن محمد الشمري المتوفى سنة (329 ه. ق).

ومن الواضح أن هناك وكلاء آخرون - غير هؤلاء الأربعة - في كثير من البلاد الإسلامية يقومون بدور كبير بين الإمام والسفراء أو بين الإمام والناس أي: كان الوكلاء تارة يراجعون السفراء في القضايا والأسئلة الموجهة إليهم، وتارة يراسلون الإمام المهدي مباشرة ومن بين هؤلاء الوكلاء علي بن مهزيار الأهوازي، وأحمد بن اسحاق بن سعيد بن مالك الأشعري القمي، وكان واسطة بين

ص: 36

القميين والأئمة الجواد والهادي والعسكري وأدرك شطرا من غيبة الإمام المهدي، وهو الذي عرف عليه الإمام العسكري ولده المهدي حينما سأله عن خليفته وأراه إياه وحدثه ببعض ما يكون من أمره خلال غيبته الصغرى والكبرى.

وغير هؤلاء ممن أوكل إليهم الإمام المهدي علیه السلام بعض ما يهمه من أمور المسلمين وقبض الأخماس وقضاء حوائج المؤمنین، وكانوا كما ذكرنا يتصلون بالإمام إحيانا عن طريق سفرائه الذين اعتمدهم لقضاء الحوائج وحل المشاكل وأخرئ عن

طريق المراسلة.

وهكذا استمرت النيابة الخاصة للإمام المهدي علیه السلام إلى عام (329 ه. ق) الذي توفي فيه النائب الرابع وهو أبو الحسن علي بن محمد السمري وقبل ستة أيام من وفاة السفير الرابع أخرج للمؤمنين توقيعا من الإمام المهدي علیه السلام يعلن فيه انتهاء الغيبة الصغرى وعهد السفراء المعينين من قبل الإمام مباشرة إيذانا ببدء الغيبة الكبرى وكان هذا آخر توقيع صدر عن الإمام في الغيبة الصغرى ونص التوقيع هو: «بسم الله الرحمن الرحيم، يا علي بن محمد السمري، أعظم الله أجر إخوانك فيك فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام، فاجمع أمرك ولا توص إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك. فقد وقعت الغيبة التامة. فلا ظهور إلا بإذن الله تعالی ذكره وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب وامتلاء الأرض

ص: 37

جورا. وسيأتي لشيعتي من يدعي المشاهدة ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم» (1).

ص: 38


1- کمال الدین: 516، الغيبة لطوسي: 242، الإحتجاج، للطبرسي 2: 556. قال العلامة المجلسي قدس سره : لعله محمول على من يدعي المشاهدة مع النيابة وإيصال الأخبار من جانبه علیه السلام إلى شيعته على مثال السفراء، لئلا ينافي الأخبار التي مضت وستأتي فيمن رآه عليه السلام - بحار الأنوار 151:52

غیبة الکبری للامام المهدی علیه السلام

كما أشرنا سابقا قد انتهت الغيبة الصغرى بوفاة النائب الرابع للإمام المهدي علیه السلام وذلك في سنة (329 ه. ق) وابتدأت الغيبة الكبرى، ولا تزال مستمرة إلى الآن وبذلك انقطعت طرق الاتصالات بالإمام المهدي علیه السلام ، وقد أرشد الإمام علیه السلام الشيعة لحل مشاكلهم وأخذ معالم دینهم بإرجاعهم إلى رواة الأحاديث والعلماء في التوقيع الذي كتبه إلى أحد وجهاء الشيعة وهو إسحاق بن يعقوب، بواسطة النائب الثاني محمد بن عثمان والذي جاء فيه: «... واما الحوادث الواقعة، فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليكم...» (1).

ص: 39


1- هذا نص في كتاب (الغيبة) للشيخ الطوسي، أما في (اکمال الدين) للشيخ الصدوق 2: 484 فقد ورد الشطر الأخير من الحديث - هكذا: «وأنا حجة الله عليهم» وفي کتاب (الاحتجاج) للطبرسي 2: 470 لا يوجد لفظ «علیهم» ولا «عليكم».

وينقل المرحوم الطبرسي في كتاب «الاحتجاج» عن الإمام الصادق علیه السلام انه قال ضمن حدیث : «وأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا لهواه مطيعا لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه » (1).

فقد فوض الإمام علیه السلام لشؤون المسلمين في زمان الغيبة الكبرى إلى الولي الفقيه الجامع للشرائط، وصحيح أن منصب الفتوى والقضاء كان قد جعل للفقهاء من قبل بواسطة الأئمة علیهم السلام وفي عهدهم إلا أن شرعية المرجعية والزعامة والحكومة تبدأ من تاريخ الغيبة الكبرى وهي مستمرة إلى ظهور الإمام صاحب الأمر والزمان وعندما يظهر يكون هو المرجع والزعيم والحاكم إن شاء الله.

وفي ضوء الغيبة الكبرى للإمام المهدي علیه السلام أثيرت بعض الشكوك والأوهام وتبادرت إلى أذهان الناس، بعض التساؤلات، عن جدوى وجود الإمام المهدي علیه السلام حال غيبته الكبرى وما فائدة الناس به وما ينتفعون منه وكيف عمر إلى هذا اليوم؟ وغيرها من الشبهات والتساؤلات، نطرحها ونجيب عنها باختصار.

ص: 40


1- الإحتجاج، للطبرسي 2: 263، بحار الأنوار 2: 88.

أسباب غيبة الإمام المنتظر علیه السلام وفوائدها

لا شك أن الغيبة هي من أسرار الله وهو أعرف بأسبابها وفوائدها الحقيقية ولكن هناك ثمة أسباب صحت بها الأخبار والأحاديث نذكر بعضها:

من تلك الأسباب أن حياة الإمام المهدي كانت مهددة بالقتل من قبل الحكام العباسيين فكانوا يبحثون عنه في كل مكان حتى فتشوا دار الإمام العسكري، ولذا كان الإمام العسكري يحاول إخفاء ولادة الإمام علیه السلام عن عامة الناس، تحفظا على حياة ولده من شر الحكام العباسيين وهكذا استمر الخطر عليه من قبل سائر الحكام کالعثمانيين وغيرهم ممن حكموا بلاد الشرق، لأنهم علموا بأن المهدي هو الذي يزلزل كراسي الظالمين ويدمر كيانهم، ولا زال الخطر محدق بالإمام وهذا الأمر سبب طول غيبته، لذا شیعته دائما يدعون له بالسلامة من الأعداء والتعجيل في ظهوره وفرجه.

ص: 41

وثمة سبب آخر علل به غيبة الإمام علیه السلام، وهو امتحان العباد واختبارهم، وتمحيصهم، فقد ورد عن النبي علیه السلام أنه قال: «أما والله ليغيبن إمامكم شيئا من دهركم، ولتمحصن، حتى يقال: مات أو هلك بأي واد سلك، ولتدمعن عليه عيون المؤمنين» (1) ولذا كان . انتظار الفرج والظهور من أفضل العبادات كما صرحت بذلك الروايات.

وهنا يطرح سؤال هو: ما الفائدة في وجود إمام غائب؟ وكيف ينتفع الناس به؟؟

لقد وردت أحاديث متعددة تذكر فوائد وجود الإمام الغائب علیه السلام ووجه الانتفاع به، وفيما يلي نذكر بعضها:

عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه سأل النبي صلی الله علیه واله : هل ينتفع الشيعة بالقائم علیه السلام في غيبته؟

فقال صلی الله علیه واله : «إي والذي بعثني بالنبوة، إنهم لينتفعون به، ويستضيئون بنور ولايته في غيبته، كانتفاع الناس بالشمس وإن جللها السحاب» (2).

فالشمس أمان للمجموعة الشمسية من الفناء والزوال وفيها فائدة عظيمة للإنسان والحيوان والنبات والهواء والماء والجماد.

ومن الواضح أن السحاب لا يغير شيئا من تأثير الشمس،

ص: 42


1- بحار الانوار 281:53
2- کمال الدین 1: 253 ط طهران سنة 1395 ه.

وفوائدها، وإنما يحجب الشمس عن الرؤية في المنطقة التي يخيم عليها السحاب - فقط .

فالإمام المهدي الذي شبه بالشمس وراء السحاب هو الذي بوجوده يتنعم البشر وتنتظم حياتهم وهو أمان لأهل الأرض، لأن الأرض لا تخلو من الحجة ولو خلت لساخت بأهلها. وورد هذا المعنى في رسالة الإمام المهدي علیه السلام إلى إسحاق بن يعقوب: «... وإني لأمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء...» (1).

وبالاضافة إلى هذا فان إمام العصر أرواحنا فداه يحضر في مواسم الحج كل عام، ويتردد على المجالس والمحافل، وما أكثر المشاكل التي يحلها بالواسطة أو من دون واسطة لبعض المؤمنين، ولعل الناس لا يرونه ولا يعرفونه ولكن الإمام علیه السلام يراهم ويعرفهم، وقد ظفر كثير من الناس بلقائه خلال الغيبة الصغرى والكبرى ورأوا الكثير من معاجزه وکراماته، وحلت على يديه مشاكل عدد من المؤمنين.

نعم كم من مسألة في الأصول والفروع قد أجاب عنها ومشكلة في الدين أو الدنيا قد أنقذ منها، وكم من مريض قد شفاه ومضطر قد نجاه ومنقطع قد هداه و عطشان قد سقاه وعاجز قد أخذ بيده وذلك بلطف الله تعالى واستجابة لدعواته وتوسلاته المباركة

ص: 43


1- كمال الدين 2: 485 وكتاب الغيبة للطوسي: 177.

بحق هؤلاء وأمثالهم فكيف جاز أن يقول القائل كيف ينتفع بالإمام الغائب، هذا والإمام يرعی شیعته، ويمدهم بدعائه الذي لا يحجب، وقد أعلن ذلك في إحدى رسائله للشيخ المفيد، فقد قال علیه السلام : «إنا غير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم، ولولا ذلك لنزل بكم الأواء (1)، واصطلمكم (2) الأعداء...» (3).

ص: 44


1- الأواء: الشدة - المصباح 2: 256
2- إصطلمه: استأصله - القاموس 140:4
3- الاحتجاج للطبرسي 2: 598.

رؤية الإمام المهدي علیه السلام في الغيبة الكبرى

يستفاد من عدد من الأحاديث الشريفة أن للإمام المهدي علیه السلام جماعة من الأولياء المخلصين يلتقون به بإستمرار في غيبته الكبرى ومن أهل كل عصر، وتصرح بعض الأحاديث بأن عددهم ثلاثون شخصا، فعن الإمام الصادق علیه السلام قال: «لا بد لصاحب هذا الأمر من غيبة ولا بد له في غيبته من عزلة ونعم المنزل طيبة وما بثلاثين من وحشة» (1) وروي عنه علیه السلام : «للقائم غیبتان إحداهما قصيرة والأخرى طويلة، الغيبة الأولى لا يعلم بمكانه إلا خاصة شیعته والأخرى لا يعلم بمكانه فيها إلا خاصة مواليه» (2) وتصرح بعض الأحاديث بأن الخضر علیه السلام من مرافقيه في غيبته (3)

ص: 45


1- أصول الكافي 1: 340 الغيبة للنعماني: 188.
2- أصول الكافي 1: 340 الغيبة للنعمانی: 170.
3- كمال الدين: 390 وعنه في إثبات الهداة 3: 480

ولعله يستعين بهؤلاء الأولياء المخلصين للقيام بمهام، كحفظ ورعاية المؤمنين و تسديد العلماء ودفع الأخطار عنهم والتمهيد الظهوره.

وتصرح الأحاديث الشريفة بأن من سيرته علیه السلام في غيبته الكبرى حضور موسم الحج في كل عام وهي فرصة مناسبة للإلتقاء بالمؤمنين من أنحاء أقطار العالم وإيصال التوجيهات إليهم ولو من دون التعريف بنفسه صراحة.

ويستفاد من الأحاديث والأخبار المتواترة بإن لقاءات الإمام المهدي لا تنحصر في عدد معين ومكان معين بل تشمل كل من له صلاحية هذا الإلتقاء في كل عصر وفي أي مكان بالاخص الأماكن المقدسة والمشاهد المشرفة فالأخبار الدالة على مشاهدته في الغيبة الكبرى كثيرة وعددها يفوق حد التواتر، بحيث نعلم لدی مراجعتها واستقرائها، عدم الكذب والخطأ فيها في الجملة (1).

وتشمل هذه المقابلات قضاء حوائج المؤمنين بمختلف أقسامها المادية والمعنوية، كما تشتمل على توجيه، الوصايا

ص: 46


1- راجع بحار الأنوار للعلامة المجلسي، وكتاب النجم الثاقب للميرزا النوري، وكتاب تاریخ الغيبة الكبرى للسيد الصدر وقد ناقش هؤلاء العلماء في كتبهم قضية الإلتقاء بالإمام في الغيبة الكبرى، وعدم تعارضها مع أمر الإمام المهدي علیه السلام في توقيعه للشيخ السمري بتكذيب من ادعى المشاهدة في الغيبة الكبرى وأثبتوا جواز الالتقاء بالإمام في الغيبة الكبرى وذكروا بعض الحكايات وقصص الذين تشرفوا بلقاء الإمام علیه السلام.

التربوية وتوضيح غوامض المعارف الإلهية أو التنبيه إلى الأحكام الشرعية الصحيحة وغير ذلك من مهام الإمام في كل عصر.

وتحققت من هذه اللقاءات إضافة لذلك ثمار مهمة تتمحور حول ترسيخ الإيمان بوجوده علیه السلام وإزالة التشکیکات الواردة حوله في كل عصر بما يعزز سيرة المؤمنين في التمهيد لظهوره علیه السلام .

وهذه الكتب المؤلفة في أزمنة مختلفة وبلاد متفاوتة ألفها ثقات لا يعرف بعضهم بعضا وفيها من الحكايات الشاهدة لما ذكرنا من مشاهدة الإمام المهدي عليه السلام والتشرف بخدمته.

وبما أن للقصص أهمية كبرى في التثقيف والتوجيه والتعليم، نذكر حكايتين من الذين تشرفوا بلقاء الإمام علیه السلام ، مع مراعاة الاختصار:

الأولى: قصة المقدس الأردبیلی.

الثانية: قصة الحاج علي البغدادي.

ص: 47

ص: 48

المقدس الأردبيلي يتشرف بلقاء الإمام علیه السلام

ذكر العلامة المجلسي - رحمه الله - أنه سمع من جماعة أخبروه عن السيد الفاضل أمير علام قال: كنت في صحن الإمام أمير المؤمنین علیه السلام في ساعة متأخرة من الليل، فرأيت رجلا مقبلا نحو الروضة المقدسة، فاقتربت منه فإذا هو العالم التقى مولانا الشيخ أحمد الأردبیلی - قدس الله روحه - فاختفيت عنه، فجاء إلى باب الروضة - وكان مغلقا - فانفتح له الباب، ودخل الروضة، فسمعته يتكلم كأنه يناجي أحدا، ثم خرج وأغلق باب الروضة فتوجه نحو مسجد الكوفة وأنا خلفه أتبعه وهو لا يرانی، فدخل المسجد وقصد نحو المحراب الذي إستشهد فيه الإمام أمير المؤمنين علیه السلام .

ومكث هناك طويلا، ثم رجع نحو النجف وكنت خلفه أيضأ، وفي أثناء الطريق غلبني السعال، فسعلت، فالتفت إلي وقال: أنت

ص: 49

أمير علام؟

قلت: نعم.

قال: ما تصنع هاهنا؟!

قلت: كنت معك منذ دخولك الروضة المقدسة وإلى الآن، وأقسم عليك بحق صاحب القبر أن تخبرني بما جرى عليك من البداية إلى النهاية؟

قال: أخبرك بشرط أن لا تخبر به أحدا ما دمت حيا، فوافقت الشرط.

فقال: كنت أتفكر في بعض المسائل الفقهية الغامضة، فقررت أن أحضر عند مرقد الإمام أمير المؤمنين علیه السلام لأسأله عنها، فلما وصلت إلى باب الروضة إنفتح لي الباب بغير مفتاح، فدخلت الروضة وسألت الله تعالى أن يجيبنی مولاي أمير المؤمنين علیه السلام عن تلك المسائل، فسمعت صوتا من القبر: أن ائت مسجد الكوفة، وسل من القائم، فإنه إمام زمانك.

فأتيت المسجد عند المحراب، وسألت الإمام المهدي علیه السلام عنها فأجابني عن ذلك، وها أنا إلى بیتی (1).

ص: 50


1- بحار الأنوار 175:52

الحاج علي البغدادي يتشرف بلقاء الإمام علیه السلام

* الحاج علي البغدادي يتشرف بلقاء الإمام علیه السلام (1)

ذكر الشيخ النوري في كتابه (النجم الثاقب) أن رجلا من أهل بغداد، اسمه الحاج علي البغدادي، وكان من الصالحين الأخيار، وقد فاز بلقاء الإمام المهدي المنتظر علیه السلام وإليك خلاصة قطة تشرفه بلقاء الإمام:

كان الحاج على يسافر - بصورة دائمة - من بغداد إلى مدينة الكاظمية - التي تقع في ضاحية بغداد - وذلك لزيارة الإمامين الكاظم والجواد علیهما السلام .

يقول الحاج علي: كان قد وجب على شيء من الخمس والحقوق الشرعية، فسافرت إلى مدينة النجف الأشرف، ودفعت

ص: 51


1- أورد هذه القصة الشيخ النوري في جنة المأوى والنجم الثاقب الحكاية الواحدة والثلاثون وقال في كتاب النجم الثاقب انه لو لم يكن في هذا الكتاب سوى هذه القصة المتقنة الصحيحة الحاوية على فوائد جمة الحادثة في عصرنا لكفاه شرفا. وأورد هذه القصة أيضا الشيخ عباس القمي في كتابه مفاتیح الجنان.

عشرين تومانا منها إلى العالم الزاهد الفقيه الشيخ مرتضى الأنصاري وعشرين تومانا (1) إلى المجتهد الفقيه الشيخ محمد حسين الكاظمي، وعشرين تومانا منها إلى الشيخ محمد حسن الشروقي، وبقيت عندي عشرون منها، قررت أن أدفعها - عند رجوعي إلى بغداد - إلى الفقيه الشيخ محمد حسن آل یاسین.

وغدت إلى بغداد في يوم الخميس، فتوجهت - أولا - إلى مدينة الكاظمية، وزرت الإمامين الكاظم والجواد عليهما السلام ، ثم ذهبت إلى دار الشيخ آل یاسین، وقدمت له جزءأ مما بقي علئ من الخمس، كي يصرفه في موارده المقررة في الفقه الإسلامي، واستأذنت منه على أن أدفع باقي المبلغ بصورة تدريجية إليه أو إلى من أراه مستحقا لذلك، ثم أصر الشيخ بأن أبقى عنده، فلم أجبه إلى ذلك، معتذرا بأن على بعض الأشغال الضرورية، وودعته وتوجهت نحو بغداد، فلما قطعت ثلث الطريق إلتقيت بسيد جلیل القدر، عظیم الشأن، عليه الهيبة والوقار، وقد تعمم بعمامة خضراء، وعلى خده خال أسود، وكان قاصدا مدينة الكاظمية للزيارة، فاقترب مني وسلم علي، وصافحني وعانقني بحرارة وضمني إلى صدره، ورحب بي وسألني: على خير.. إلى أين تذهب؟

قلت: لقد زرت الإمامين الكاظمين، والآن أنا عائد إلى بغداد.

فقال: عد إلى الكاظمين فهذه ليلة الجمعة.

ص: 52


1- التومان: هي العملة الإيرانية.

قلت: لا يسعني ذلك.

فقال: إن ذلك في وسعك، إرجع كي أشهد لك بأنك من الموالين لجدي أمير المؤمنين علیه السلام ولنا، ويشهد لك الشيخ، فقد قال تعالى: « وَاستَشهِدُوا شَهِيدَين ».

وكنت قد طلبت من الشيخ آل یاسین أن يدفع إلى وثيقة يشهد لي فيها بأنني من الموالين لأهل البيت علیهم السلام كي أجعلها في كفني

فسألت السيد: من أين عرفتني.. وكيف تشهد لي؟

فقال: كيف لا يعرف المرء من وافاه حقه!

قلت: وأي حق هذا الذي تقصده؟

فقال: الحق الذي قدمته لوکیلی.

قلت: ومن هو؟

قال: الشيخ محمد حسن

قلت: أهو وكيلك؟ قال: نعم.

فتعجبت من كلامه، واحتملت أن تكون بيننا صداقة سابقة لا أتذكرها، لأنه ناداني باسمي في أول اللقاء، كما أنني احتملت أن يكون متوقعا منى لأن أدفع إليه شيئا من الخمس - باعتباره من ذرية رسول الله.

فقلت له: سیدنا، لقد بقي في ذمتي شيء من حقكم - حق السادة - وقد استأذنت الشيخ محمد حسن أن أدفعه إلى من أحب.

ص: 53

فتبسم وقال: نعم.. لقد دفعت شيئا - من حقنا - إلى وكلائنا في النجف الأشرف.

فقلت: هل حظى هذا العمل بالقبول؟

قال: نعم.

ثم انتبهت إلى أن هذا السيد يعبر عن أعاظم العلماء بكلمة «وكلائي» فاستعظمت ذلك، لكن عادت إلى الغفلة مرة أخرى.

ثم قال لي: عد إلى زيادة جدي. فوافقت فورا وتوجهنا معا نحو مدينة الكاظمية، وكانت يدي اليسرى في يده اليمنى.

وسرنا نتجاذب أطراف الحديث، وكنت أسأله عن مسائل مختلفة ويجيبني عليها، وكان مما سألته: سیدنا.. إن خطباء المنبر الحسيني يقولون: إن سليمان الأعمش تذاكر مع رجل حول زيارة سید الشهداء الإمام الحسين علیه السلام فقال له الرجل: إن زيارة الحسين بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، ثم رأى ذلك الرجل - في المنام - أن هودجا بين السماء والأرض، فسأل عن الهودج فقيل له: إن فيه السيدة فاطمة الزهراء وخديجة الكبرى، فسأل أين تذهبان؟ فقيل له: إلى زيارة الحسين في هذه الليلة - وهي ليلة الجمعة -، وشاهد رقاعا - جمع رقعة - تتساقط إلى الأرض من ذلك الهودج، وقد كتب عليها: أمان من النار لزوار الحسين علیه السلام في ليلة الجمعة، أمان من النار إلى يوم القيامة.. فهل صحيح هذا الحديث؟ .

فقال: نعم.. تام صحيح.

ص: 54

قلت: سیدنا.. هل صحيح ما يقال أن من زار الإمام الحسين عليه السلام ليلة الجمعة كان آمنا؟

فقال: نعم.. ودمعت عيناه وبکی.

فلم تمض علينا إلا فترة قصيرة من الوقت.. وإذا بي أرئ نفسي في روضة الإمامين الكاظمين عليهما السلام من دون أن نمر بالشوارع والطرق المؤدية إلى الروضة الشريفة.

ووقفنا على مدخل الحرم الشريف.. فقال لي: زر قلت: لا أحسن القراءة.

قال: هل أقرأ الزيارة وتقرأ معي؟ قلت: نعم.

فشرع في الزيارة. وجعل يسلم على رسول الله والأئمة الطاهرين عليهم السلام واحدا بعد واحد.. حتى بلغ إلى الإمام العسكري.. ثم خاطبني قائلا: هل تعرف إمام عصرك؟ فقلت: وكيف لا أعرفه؟

قال: فسلم عليه، فقلت: السلام عليك يا حجة الله یا صاحب الزمان يا بن الحسن، فتبسم وقال: عليك السلام ورحمة الله وبرکاته.

ثم دخلنا الحرم الشريف، وقبلنا الضريح المقدس، فقال لي: زر، قلت: لا أحسن القراءة قال: هل أقرأ لك الزيارة؟ فقلت: نعم

فشرع بالزيارة المعروفة ب (أمين الله) وبعد انتهاء الزيارة، قال الي: هل تزور جدي الحسين؟ قلت: نعم، فهذه ليلة الجمعة، فزاره الزيارة المعروفة بزيارة الوارث، وحان وقت صلاة المغرب،

ص: 55

فأمرني بالصلاة، وقال لي: التحق بصلاة الجماعة.

فوقفت للصلاة وبعد الفراغ من الصلاة غاب عني ذلك السيد، فخرجت أبحث عنه فلم أجده.

فانتبهت من غفلتي وتذكرت أن السيد نادانی باسمی، ودعاني إلى العودة إلى الكاظمية مع العلم أنني امتنعت عن ذلك، وكان يعبر عن الفقهاء ب (وكلائی) ثم غاب عني فجأة، فعلمت أنه صاحب الزمان الإمام المهدي علیه السلام (1).

ص: 56


1- كتاب النجم الثاقب للشيخ النوري - الحكاية الواحدة والثلاثون.

حضور الإمام المهدي في الأماكن المقدسة

لا شك أن الإمام المهدي يحضر بإستمرار في كثير من الأماكن المقدسة والمشاهد المشرفة كالمسجد الحرام في موسم الحج وغيره و مسجد النبي صلی الله علیه واله والمسجد الأقصى ومسجد الكوفة و مسجد السهلة المنتسب إليه وهكذا يحضر المراقد المشرفة كمرقد جده النبي المصطفى ومراقد أجداده أئمة الهدى في المدينة المنورة والعراق وإيران، فیزور تلك الأماكن المقدسة والمقامات العالية ويصلي فيها ويدعو لشيعته ومحبيه كما انه لا يستبعد أن الإمام علیه السلام يحضر مجالس و محافل المؤمنين بالأخص العلماء الربانيين ولعل الناس لا يرونه ولا يعرفونه ولكن الإمام علیه السلام يراهم ويعرفهم، وتتبارك تلك المجالس والمحافل بحضوره ودعائه لهم.

ومن جملة الأماكن المقدسة التي لا يستبعد أن يحضر فيها الإمام صاحب الأمر والزمان هو مسجد جمکران المنتسب إليه في

ص: 57

قم المقدسة عش آل محمد عليهم السلام ومدفن السيدة فاطمة المعصومة بنت موسی بن جعفر كريمة أهل البيت علیهم السلام ، وهذا المسجد هو مكان يجتمع فيه المؤمنون المنتظرون في ليالي الجمعة والأربعاء ويذكرون فيه اسم الله ويدعون فيه لتعجيل ظهور الإمام علیه السلام وأصبح اليوم هذا المكان مورد اعتناء المؤمنين الموالين لأهل البيت عليهم السلام ومن بينهم العلماء، وأخذوا يترددون عليه ولا يزالون يقطعون مسافات طويلة كل اسبوع لتجدید عهد الولاء والمحبة مع حبيبهم وإمامهم ومنقذهم من الظلم والاضطهاد، فكم من مذنب بعید زار هذا المكان، وصلى فيه ركعات ودعا و توسل بصاحب الزمان ليصبح من المقربين.

وكم من محب قريب يزور هذا المكان كرارا ليشم رائحة حبيبه ويطلب من الله لقاءه ليصبح من الفائزين.

وكم طالب حاجة دنيوية أو أخروية يزور المسجد فيصلي فيه ويدعوا الله ويتوسل بصاحب هذا المكان المقدس لقضاء حوائجه، وحاشا لكريم رؤوف من أهل بيت الكرم والسخاء أن يرد من سأله، فهناك الكثير قد حصلو على ما طلبوا من إمامهم.

وهذا الاجتماع العبادي المتواصل اسبوعيا تحت راية الإمام الحجة وتحت قبة بنيت باسمه الشريف في مدينة قم المقدسة اجتماع قل نظيرة ويرمز إلى النصر للولاية في بلد الإسلام المحمدي الأصيل، بلد الولاء والمحبة لأهل البيت وصاحب الزمان

ص: 58

ويبشير بقرب الظهور للحجة المنتظر إن شاء الله.

وكل هذا يدل على حضوره بين شيعته ومحبيه في تلك الأماكن المقدسة والمشاهد المشرفة.

ص: 59

ص: 60

کیف عمر الإمام المهدي وعاش إلى هذا اليوم؟

إن الإعتقاد بغيبة الإمام المهدي علیه السلام عن الأنظار واستمراره إلى حين يأذن الله تعالى له بالظهور، يستلزم عمرا طويلا ومفتوحا مع انفتاح الزمن كيف نعالج ونجيب على هذه المشكلة؟

قد عولجت هذه المشكلة بإجابات عديدة نذكر الملخص منها، وهي أن طول عمر الإنسان وبقاءه قرونا متعددة أمر ممكن منطقيا وممكن علميا، ولكنه لا يزال غير ممكن عمليا، إلا أن اتجاه العلم سائر في طريق تحقيق هذا الإمكان، وعلى هذا الضوء نتناول عمر الإمام المهدي عليه السلام وما أحيط به من استفهام أو استغراب، فإن عمر المهدي قد سبق العلم نفسه وليس ذلك هو المجال الوحيد الذي سبق فيه الإسلام حركة العلم .

ولكن لنفترض أن العمر الطويل غير ممكن علميا، فماذا يعني ذلك؟ يعني أن إطالة عمر الإنسان كنوح والخضر ولقمان

ص: 61

بقدرة الله وإرادته، وبخلاف القوانين الطبيعية والعلم، وبذلك تصبح هذه الحالة معجزة عطلت قانونا طبيعيا في حالة معينة، وليست هذه المعجزة فريدة من نوعها، وقد عطل هذا القانون للحفاظ على إبراهيم، فقيل للنار حين ألقي فيها إبراهيم « قُلْنا يا نارُ کونی بردأ وَ سَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ » (1) فخرج منها كما دخل سليما لم يصبه أذى إلى كثير من القوانين الطبيعية التي عطلت لحماية أشخاص من الأنبياء والأولياء وهكذا يتضح أن العمر الطويل أمر ممكن علميا أو بنحو المعجزة وقد تحقق ذلك بالنسبة إلى بعض الأنبياء والأولياء كما تحدث عنه القرآن الكريم .

وإذا نظرنا إلى موضوع العمر على ضوء القرآن ومن الناحية العقائدية وجدناه أمرا عاديا جدا، لأن كل مؤمن يعتقد أن الآجال بيد الله تعالى، فإذا قدر الله تعالى لأحد من عباده طول العمر فمن البديهي أن يهيئ له الأسباب المادية، والطبيعية الموجبة لطول العمر، ومن الممكن أن يطول عمره بإمور مما وراء الطبيعة لا نعرفها، فهو قادر على كل شيء فكما طول الله عمر آدم ونوح ولقمان وغيرهم من المعمرين، وطول عمر النبي الخضر الذي بقی حيا من عهد النبي موسى علیه اسللام إلى يومنا هذا، وطول عمر النبی عيسى الذي عرج به إلى السماء وبقى حيا إلى يومنا هذا وسوف

ص: 62


1- الأنبياء: 69.

ينزل من السماء عند قيام الإمام المنتظر ویصلی خلفه (1) ، فهو قادر على أن يطول عمر الإمام المهدي إلى متى ما يشاء.

وتتجلى القدرة الإلهية في تحقيق مشيئته وإرادته، وإخضاع الطبيعة، في قصة النبي يونس علیه السلام الذي « فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَ هُوَ مُلِيمُ * فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ » (2) فالظاهر من هذه الآية أن يونس لو لم يكن من المسبحين في بطن الحوت للبث حيا في بطنه إلى يوم القيامة.

أليس الله بقادر على أن يحفظ وله من الموت ويعمره الآف السنين ليظهره في الوقت المناسب ليقوم بالإصلاح الشامل لجميع جوانب الحياة فإنه آخر مصلح عالمي إدخره الله للبشر.

ص: 63


1- عقد الدرر: 220.
2- الصافات: 142- 144.

ص: 64

حقیقة انتظار الظهور و اهمیته فی عصر الغیبة

الإنتظار عبارة عن: كيفية نفسانية وقلبية ينبعث منها التهيؤ لما تنتظره، وضده اليأس، فكلما كان الإنتظار أشد كان التهيؤ أكد فالمؤمن المنتظر مولاه كلما اشتد انتظاره ازداد جهده في التهيؤ لذلك بالورع والاجتهاد و تهذيب النفس عن الأخلاق الرذيلة والتحلي بالأخلاق الحميده حتى يفوز بزيارة مولاه ومشاهدة جماله في زمان غيبته كما اتفق ذلك لجمع كثير من الصالحين، ورواية أبي بصير دالة على توقف فوز المشاهدة والصحبة على ذلك، حيث قال الإمام الصادق علیه السلام : «من سره أن يكون من أصحاب القائم فلينظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر، فإن مات وقام القائم بعده كان له من الأجر مثل من أدرکه...» (1)

ص: 65


1- مکیال المکارم 2: 152.

فالانتظار الحقيقي لفرج و ظهور امام العصر الذي يكون عبادة بل أفضل الأعمال والعبادات كما صرحت به الروايات (1) هو الإنتظار البناء الباعث للتحرك والالتزام الديني ولا يتحقق هذا الإنتظار الحقيقي إلا ضمن الشروط التالية التي تعتبر من تكاليف المؤمنين الموالين للإمام المهدي المنتظر في زمن غيبته الكبرى.

1- ترسيخ معرفة الإمام المهدي علیه السلام والإيمان بإمامته في زمن غيبته وترسيخ الإرتباط به والاعتقاد بظهوره وبدوره التاريخي في اصلاح المجتمع الإنساني والقيام بارساء دعائم دولة عادلة كريمة تملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.

2- تربية النفس واعدادها بصورة كاملة لنصرة الإمام من خلال العمل بالكتاب والسنة والتمسك بالثقلين كتاب الله وعترة نبيه ومن ثم التحرك بدعوة الناس إلى دين الله الحق وتربية أنصار الإمام للتمهيد لظهوره.

وعلى ضوء ما تقدم يتضح أن الإنتظار الحقيقي يتضمن حركة باءة مستمرة استعدادا لظهور المنقذ والمصلح العالمي المنتظر على الصعيدين الفردي والاجتماعي مهما كانت الصعاب والتضحيات، يقول الإمام الخميني قدس سره في آخر بيان أصدره بمناسبة النصف من شعبان قبل وفاته: «سلام عليه (المهدي الموعود) وسلام على منتظريه الحقيقيين، سلام على غيبته وظهوره،

ص: 66


1- كمال الدين: 645، بحار الأنوار 52: 823 .

وسلام على الذين يدركون ظهوره على نحو الحقيقة ويرتوون من كأس هدایته ومعرفته، سلام على الشعب الإيراني العظيم الذي يمهد لظهوره بالتضحيات والفداء والشهادة...» (1).

هذا والإمام المهدي علیه السلام قد صرح بحقيقة إنتظار فرج ظهوره في كتابه إلى الشيخ المفيد قدس سره ، بقوله: «فليعمل كل أمر بما يقرب به من محبتنا، ويتجنب ما يدنيه من کراهتنا وسخطنا فإن أمرنا بغتة فجاءة حين لا تنفعه توبة ولا ينجيه من عقابنا ندم على حوبة (2) والله يلهمكم الرشد، ويلطف لكم في التوفيق برحمته» (3) .

ومن أهم تكاليف المؤمنين في عصر الغيبة التي أكدتها الأحاديث الشريفة، هو الدعاء للإمام المهدي علیه السلام بالحفظ والسلامة من الأعداء والتصدق عنه و تعجیل فرجه وظهوره والنصر على أعدائه والمواظبة على زيارته وغير ذلك مما ذكرته الروايات وقد جمعت في كتاب «مکیال المکارم في فوائد الدعاء للقائم» وكتاب وظائف الأنام في غيبة الإمام» لآية الله السيد الأصفهاني.

ومن أفضل الأدعية التي يندب بها الإمام الحجة لتعجيل ظهوره، هو دعاء الندبة المعروف الذي يستحب قرائته في صباح كل جمعة، وقد اعتاد شيعة الإمام ومحبوه و منتظروه أن يقرأوا هذا

ص: 67


1- صحيفة نور: 21.
2- الحوبة: الخطيئة والحوب: الإثم - مجمع البحرین.
3- الإحتجاج للطبرسي 2: 599 ط إيران، انتشارات أسوه.

الدعاء كل جمعة في الأماكن المقدسة والمشاهد المشرفة وفي البيوت.

ومن تلك الأدعية المهمة المعروفة التي ينبغي لكل مؤمن منتظر أن يدعو بها في زمن الغيبة، هو دعاء الإمام الصادق علیه السلام الذي علمه لزرارة وقال له: إذا أدركت زمن غيبة القائم ادع بهذا الدعاء: « اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك، اللهم عرفني نبيك فإنك إن لم تعرفني نبيك لم أعرف حجتك اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني اللهم لا تمتنی میتة جاهلية...» (1).

ومن أفضل الزيارات التي يزار بها الإمام الحجة هي زيارة آل ياسين، التي وردت من ناحيته المقدسة وسنختم الكتاب بهذه الزيارة الشريفة إن شاء الله.

ص: 68


1- أصول الكافي 1: 337، الغيبة للنعماني 7: 166، كمال الدين 2: 342.

علائم ظهور الإمام المهدي المنتظر علیه السلام

يمكننا أن نقسم علائم ظهور الإمام المنتظر علیه السلام حسب ما تتلخصه من الأحاديث، إلى ثلاثة أقسام: ۔

القسم الأول: العلائم العامة التي تحدث قبل الظهور بعشرات السنين، وهي التي تتحدث عن الانحرافات التي تنتشر في المجتمعات الإسلامية وغيرها من الظلم والجور والفسق والفجور وارتكاب الذنوب والمحرمات، فتتلوث بها المجتمعات البشرية وقد تحققت الكثير من تلك العلامات

القسم الثاني: العلائم التي تحدث قبل ظور الإمام المهدي علیه السلام ليس سنوات قليلة، وهذه العلائم كثيرة نذكر بعضها:

منها: كسوف الشمس في النصف من شهر رمضان، وخسوف القمر في آخره على خلاف العادات.

أي: خلاف العادة والقاعدة الطبيعية الفلكية التي يكون

ص: 69

كسوف الشمس يحدث في أواخر الشهر وخسوف القمر يحدث في أواسط الشهر القمري.

ومنها: ذهاب ثلث الناس، بسبب الجوع أو المرض أو القتل.

ومن الممكن أن يحدث ذلك بوقوع الحرب العالمية الثالثة أو ثورات ونزاعات داخلية في كثير من البلاد أو كوارث طبيعية کالزلزال والسيول وغيرها من العوامل والأسباب.

ومنها: خروج الدجال الأعور من قرية بين الشام والعراق ويفتك بالمؤمنين ويتبعه اليهود وينصبونه قائدا أعلى لهم، ونهاية هذا المجرم تكون على يدي الإمام المنتظر كما ورد عن الإمام الصادق علیه السلام (1).

ومنها: رفع الرايات السود من خراسان، قال رسول الله صلی الله علیه واله : إذا رأيتم الرايات السود قد جاءت من قبل خراسان فأتوها فإن فيها خليفة الله المهدي» (2) وأظن أن الذي يرفع تلك الرايات هو ذلك الهاشمي الحسني الذي يخرج هو واليماني بجيشهما لملاحقة جيش السفياني وأخيرا ينتصران على جيش السفياني.

القسم الثالث: العلائم المحتومة لظهور الإمام المهدي علیه السلام وهي التي تحدث قطعا و تكون مقارنة لظهور الإمام، وهذه العلائم

ص: 70


1- منتخب الأثر: للشيخ الصافي الگلبايگاني الفصل السادس، الباب السابع: 570 وفي الفصل السابع الباب التاسع: 602 ط أخوان، قم.
2- کنز العمال 7: 182.

خمسة كما جاء في حديث الإمام الصادق علیه السلام : «قبل قيام القائم خمس علامات محتومات: اليماني والسفياني، والصيحة، وقتل النفس الزكية والخسف بالبيداء» (1).

1- النداء أو الصيحة السماوية: تكون هذه الصيحة بواسطة جبرئيل في شهر رمضان المبارك ليلة الجمعة لثلاث وعشرين مضين من شهر رمضان.

2 و 3 - خروج السفياني وإنخساف الأرض بجيشه: من العلامات المحتومة هي خروج السفياني من الشام، وهذا الرجل أموي النسب واسمه «عثمان بن عنبسة» وهو من أخبث الناس ومن ألد أعداء أهل البيت علیهم السلام ، فهو يظهر في الشام ویستولى عليها ثم يجهز جيشا فيرسل قسما منه إلى العراق فيحتل المدن الكثيرة ومنها النجف والكوفة ويرسل قسما آخر من الجيش نحو المدينة ويعبث جیش السفياني بالمدينة قتلا ونهبا ثلاثة أيام، ثم يتجه الجيش نحو مكة لإلقاء القبض على الإمام المهدي علیه السلام وفي الصحراء الفاصلة بين المدينة ومكة تنخسف بهم الأرض فتبلعهم جميعا وعندئذ ينهض الإمام القائم علیه السلام من مكة المكرمة ثم يسير نحو المدينة ثم من المدينة نحو الكوفة ويفر السفياني من العراق إلى الشام ويرسل الإمام جيشا يتعقب السفياني وبالتالي يتم القضاء

ص: 71


1- كمال الدين 2: 650.

عليه في بيت المقدس ويحزون رأسه (1).

4- خروج اليماني: روي عن الإمام الباقر علیه السلام أنه قال: و خروج السفياني واليماني والخراساني (الهاشمي) في سنة واحدة، في شهر واحد، في يوم واحد...، وليس في الرايات أهدئ من راية اليماني، هي راية هدئ لأنه يدعوكم إلى صاحبكم (2).

ه. قتل النفس الزكية: يعتبر ذبح النفس الزكية بين الركن والمقام من العلائم المحتومة التي تحدث قبل قيام القائم علیه السلام بخمسة عشر ليلة كما جاء ذلك في حديث الإمام الصادق علیه السلام (3).

واطلق هذا اللقب على السيد الهاشمي الحسيني الذي يخرج من خراسان أو من ناحية الديلم وقزوین، ويحارب جيش السفياني، وقد مر ذكره في العلائم غير المحتومة.

ص: 72


1- الغيبة للطوسي: 265، منتهى الأمال للشيخ عباس القمي: 102.
2- کتاب الغيبة للنعماني: 255 باب 14ح 13، وبحار الأنوار 232:52
3- كمال الدين 2: 649، وبحار الأنوار 52: 203.

ظهور وقيام الإمام المهدي علیه السلام

قد ورد في الأخبار ان بداية ظهور الإمام المهدي وخروجه عن الاستتار يكون في المدينة المنورة (1). واعلان قيامه يكون في مكة المكرمة في يوم الجمعة أو السبت في عاشوراء من الأعوام الفردية ويصل خبر ظهوره إلى السفياني وقد استولى على بلاد الشام فيرسل السفياني جيشا إلى المدينة للقضاء على الإمام، ولكن الإمام يخرج من المدينة قاصدا مكة المكرمة للقيام من هناك، ويتوجه جیش السفياني نحو مكة وقبل الوصول يخسف الله بهم الأرض جميعا وتبلعهم، ويصل الإمام المهدي علیه السلام إلى مكة وتمر الأيام ويقترب وقت قيامه فيجتمع 313 رجلا بعدد أهل بدر وهم الخواص من أصحاب الإمام من شرق الأرض وغربها في مكة، وهم أصحاب الألوية وحكام الله في أرضه، كما عبر عنهم الإمام

ص: 73


1- البرهان، للمتقي الهندي: 144.

الصادق علیه السلام وهؤلاء لم يسبقهم الأولون، ولا يدركهم الآخرون.

ويحضر الإمام المهدي علیه السلام في ذلك اليوم في المسجد الحرام ويصلي ركعات عند مقام إبراهيم علیه السلام ويقف بين الركن والمقام ويخطب في الناس کرارا ويستنصرهم ويشير إلى مظلومية أهل البيت علیهم السلام ويستنصر كل مسلم لدفع هذه المظلومية التي يكون دفعها الخير للبشرية جمعاء وحوله أصحابه الخواص.

وأول من يبايعه جبرئیل، ثم يبايعه صفوة أنصاره وأصحابه وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر بعدد أصحاب أهل بدر، ثم یبایعه سائر الناس حتى يتم أنصاره عشرة آلاف، ثم يسير منها إلى المدينة، بعد أن ينصب في مكة واليا قبله، وهناك في المدينة يقوم بأعمال وانجازات ، ثم ينصب واليا من قبله ويتوجه من المدينة نحو العراق، ويستقر في الكوفة ويتخذها عاصمة لخلافته وحكومته كما أخبر بذلك النبي صلی الله علیه واله والأئمة الطاهرون عليهم السلام (1).

ويلاحظ أن المسير الذي اختاره الإمام هو المسير الذي اختاره جده الإمام الحسين في نهضته الاستشهادية من مكة إلى الكوفة الذي منع جده عن الوصول إليها فيصل المهدي علیه السلام إليها ويحقق جميع الأهداف الإصلاحية التي سعى لها جده سید الشهداء وعندما يدخل الكوفة يوحد الرايات، وفي الكوفة يلتحق السيد الحسني وجيشه بالإمام ويبايعونه، ثم الإمام المهدي علیه السلام وبعد ما

ص: 74


1- راجع کتاب منتخب الأثر للشيخ الصافي الگلبايگاني.

تستقيم له في الكوفة الأمور، يتوجه نحو الشام للقضاء على السفياني، ويصل الإمام المهدي بجيشه إلى فلسطين، عندها ينزل السيد المسيح عيسی علیه السلام من السماء ويقتدي به في الصلاة، وينصره في حربه مع جيش السفياني وينتصر الإمام ويقضي على السفياني وجيشه (1).

ونزول النبي عيسى ابن مريم من السماء والاقتداء بالإمام المهدي، من الحقائق الثابتة عند جميع المسلمين، ويعتبر نزوله من أهم الحوادث، وأعظم الآيات والدلالات على حقانية الإمام المهدي، ولعل الحكمة في نزوله في تقوية الإمام المهدي علیه السلام، إذ لا شك أن النصارى الحقيقيين إذا سمعوا بأن عيسى ابن مريم قد نزل من السماء واقتدى بالإمام المهدي فهل يبقى شعب مسیحی او حكومة مسيحية تحارب الإمام المهدي ؟!

کلا... بل تجد المسيحيين يدخلون تحت راية الإمام المهدي علیه السلام ويعتنقون الدين الإسلامي، وهكذا تخضع للإمام المهدي أكثر الدول والحكومات المسيحية وهكذا وترجع النصارى عن تأليه عيسى بمشاهدتهم لمناصرة نبيهم لخاتم الأوصياء وأما اليهود الحقيقيون فإنهم يجتمعون عند الإمام المهدي فيخرج لهم ألواح التوارة الحقيقية فيجدون فيها أوصاف الإمام وعلائمه، فيؤمنون به ويعتنق الكثير منهم دين الإسلام.

ص: 75


1- عقد الدرر: 320 (رواه أبو عمر الداني).

ص: 76

ص: 77

وقال الإمام الصادق علیه السلام :

«لكل أناس دولة يرقبونها *** ودولتنا في آخر الدهر تظهر» (1)

وتتكون هذه الدولة بعد ما يظهر الإمام المهدي علیه السلام ويقوم بالأمر من مكة المكرمة ويسير نحو المدينة ثم يتوجه نحو العراق ويستقر في الكوفة، ويتخذها مرکزا وعاصمة لخلافته ودولته العادلة، ثم يفتح الإمام شرق العالم وغربه وينشر الإسلام في جميع أرجاء العالم، ويسير ويحكم ويطبق الإسلام حسب كتاب الله وسنة نبيه وجده أمير المؤمنين علیه السلام ويحكم بين الناس بعلم الإمامة ولا ينتظر شهادة الشهود ولا إقامة البينة من المدعي.

قال الإمام الصادق علیه السلام : «إذا قام قائم آل محمد صلی الله علیه واله حکم بين الناس بحكم داود، لا يحتاج إلى بينة، يلهمه الله تعالى فيحكم بعلمه، ويخبر كل قوم بما استبطنوه» (2).

وبذلك يصبح عصر المهدي، من أفضل العصور منذ خلق الله آدم علیه السلام ، ومن الصحيح أن نسمي عصر الإمام بعصر النور والعلم وعصر الثقافة والآداب الإسلامية لأن في عصره تتكامل العقول والعلوم للبشرية الإسلامية وغيرها من العلوم الطبيعية والتجربية.

ص: 78


1- بحار الأنوار 143:51 ح 30.
2- بحار الأنوار 52: 339.

وخلال حكمه تظهر الأرض بركاتها وتزداد الثروة وينعدم الفقر ويعيش البشر حياة سعيدة في أمن وأمان، لا فقر ولا حرمان ولذلك يرضى عنه ساكن الأرض وساكن السماء كما أخبر عن ذلك جده المصطفى صلی الله علیه واله .

وعن أبي سعيد الخدري عن النبي صلی الله علیه واله قال: تنعم أمتي زمن المهدي نعمة لم ينعموا مثلها قط، ترسل السماء عليهم مدرارا، ولا تدع الأرض شيئا من النبات إلا أخرجته والمال کدس، يقوم الرجل فيقول: يا مهدي أعطني فيقول خذ» (1).

ويقول الإمام علي علیه السلام ضمن حديث في وصف جامع لدولة الإمام المهدي العالمية «. يؤيده الله بملائكته ويعصم أنصاره وينصره بآياته ويظهره على أهل الأرض حتى يدينوا طوعا وكرها، ويملأ الأرض عدلا وقسطأ ونورا وبرهانا، يدين له عرض البلاد وطولها حتى لا يبقى کافر إلا آمن ولا صالح إلا صلح ويصطلح في ملکه السباع وتخرج الأرض بركاتها وتنزل السماء بركاتها وتظهر له الكنوز، يملك ما بين الخافقين أربعين عاما، فطوبى لمن أدرك أيامه وسمع كلامه» (2).

والشيعة الذين كانوا في عصر الغيبة يتعرضون للظلم والاضطهاد من قبل الأمويين والعباسيين والعثمانيين و امثالهم من

ص: 79


1- الفصول المهمة لابن صباغ المالكي: 288 فصل 12.
2- إثبات الهداة 3: 524.

حكام الجور، فإن في دولة المهدي سوف تنتعش وسیبلغون قمة العزة والقدرة كما جاء هذا المعنى في حديث الإمام الصادق علیه السلام حيث قال: «یکون في شيعتنا في دولة القائم علیه السلام سنام الأرض وحكامها يعطى كل رجل منهم قوة أربعين رجلا» (1).

وهكذا تستمر حكومة المهدي علیه السلام حوالي عشرين سنة حسب ما جاء في روايات أهل البيت علیهم السلام منها قول الإمام المهدي علیه السلام «يملك القائم علیه السلام تسع عشرة سنة وأشهرا» (2) ثم يدركه الموت الذي لا بد منه إما بالسم أو بالقتل فإن الإمام المهدی يشمله هذا الحديث «ما منا إلا مسموم أو مقتول» (3).

ثم بما أنه من جملة معتقدات الشيعة أن الإمام المعصوم لا يغسله ولا يصلي عليه إلا الإمام المعصوم، فمن يغسل الإمام المهدي ويصلي عليه؟ ومن يكون الحجة من بعده لكي لا تخلو الأرض من الحجة؟ والجواب هو: لا بد لنا من القول بالرجعة، والأحاديث والزيارات تصرح برجعة الأئمة من أهل البيت علیهم السلام والإمام الحسين علیه السلام هو أول من يرجع إلى هذه الحياه الدنيا في حياة الإمام المهدي علیه السلام ، وأنه هو الذي يتولى تغسيل الإمام المهدي وتكفينه والصلاة عليه، ثم يرجع إلى الدنيا بعض المعصومين

ص: 80


1- بحار الأنوار 52: 372.
2- الغيبة للنعماني باب 26 ح 1.
3- بحار الأنوار 217:27 ح 19.

الآخرين.

واما الزيارات المأثورة المروية عن الأئمة علیهم السلام التي فيها التصريح بالرجعة فكثيرة، نكتفي بذكر ما ورد في الزيارة الجامعة الكبيرة المروية عن الإمام الهادي علیه السلام وهي من أفضل الزيارات التي يزار بها كل إمام من أئمة أهل البيت عليهم السلام تقول «... مؤمن بإيابكم، مصدق برجعتكم منتظر لأمركم، مرتقب لدولتكم ...» (1).

وفي زيارة الإمام المهدي علیه السلام المعروفة بزيارة آل یاسین، والتي صدرت من ناحيته المقدسة تقول: «... وإن رجعتكم حق لا ريب فيها...».

ولقد أراد الإمام المهدي عليه السلام من شيعته بأن يزوره بهذه الزيارة، (أي: زيارة آل ياسين) ثم يدعو له عقيبها بما يأتي من الدعاء المبارك، الذي فيه الدعاء له بالتعجيل في الظهور والنصر له على الأعداء (2).

ص: 81


1- عيون أخبار الرضا 1: 307، بحار الأنوار 99: 131.
2- وردت هذه الزيارة بكاملها مع الدعاء المبارك للمهدي في كتاب الإحتجاج للطبرسي 2: 591 عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري انه قال: خرج التوقع من الناحية المقدسة حرسها الله تعالى - بعد المسائل -: بسم الله الرحمن الرحيم، لا لأمر الله يعقلون، ولا من أوليائه تقبلون، حكمة بالغة فما تغني النذر عن قوم لا يؤمنون السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين . إذا أردتم التوجه بنا إلى الله وإلينا، فقولوا كما قال الله تعالی: «سلام علی آل يس....»

ولحسن ختام هذا البحث نورد هذه الزيارة بكاملها ثم نعقبها بالدعاء الوارد في تعجيل ظهوره والنصر على أعدائه ودعاء الإمام الحجة المهدي علیه السلام لجميع المسلمين، سائلين المولى العزيز أن يتقبل منا هذا الجهد المتواضع ويوصل ثوابه إلى الإمام الحسن العسكري والسيدة نرجس والدي الإمام المهدي علیه السلام آملا أن يوفقنا الله لمعرفته وزيارته ولقائه وان يجعلنا من جنوده وأنصاره والمستشهدين بين يديه.

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد و آله الطاهرين وعجل الله تعالی فرج قائم آل محمد المهدي المنتظر علیه السلام أمل المستضعفين والمحرومين.

الخامس عشر من شعبان سنة 1422 ه.ق

ذكرى ولادة الإمام المهدي المنتظر، يوم المستضعفين

أيوب الحائري

قم المقدسة

ص: 82

زيارة آل يس

* زیارة آل یاسین (1)

بسم الله الرحمن الرحیم

سَلامٌ عَلَى آلِ يس السَّلامُ عَلَيْكَ يَا دَاعِيَ اللَّهِ وَ رَبَّانِيَّ آيَاتِهِ السَّلامُ عَلَيْكَ يَا بَابَ اللَّهِ وَ دَيَّانَ دِينِهِ السَّلامُ عَلَيْكَ يَا خَلِيفَةَ اللَّهِ وَ نَاصِرَ حَقِّهِ السَّلامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ وَ دَلِيلَ إِرَادَتِهِ السَّلامُ عَلَيْكَ يَا تَالِيَ كِتَابِ اللَّهِ وَ تَرْجُمَانَهُ السَّلامُ عَلَيْكَ فِي آنَاءِ لَيْلِكَ وَ أَطْرَافِ نَهَارِكَ السَّلامُ عَلَيْكَ يَا بَقِيَّةَ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ السَّلامُ عَلَيْكَ يَا مِيثَاقَ اللَّهِ الَّذِي أَخَذَهُ وَ وَكَّدَهُ السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَعْدَ اللَّهِ الَّذِي

ص: 83


1- وردت هذه الزيارة مع الدعاء من ناحية المقدسة الإمام المهدي علیه السلام حيث قال علیه السلام : إذا أردتم التوجه بنا إلى الله وإلينا فقولوا كما قال الله تعالى: «سلام على آل يس».

ضَمِنَهُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْعَلَمُ الْمَنْصُوبُ وَ الْعِلْمُ الْمَصْبُوبُ وَ الْغَوْثُ وَ الرَّحْمَةُ الْوَاسِعَةُ وَعْدا غَيْرَ مَكْذُوبٍ السَّلامُ عَلَيْكَ حِينَ تَقُومُ السَّلامُ عَلَيْكَ حِينَ تَقْعُدُ السَّلامُ عَلَيْكَ حِينَ تَقْرَأُ وَ تُبَيِّنُ السَّلامُ عَلَيْكَ حِينَ تُصَلِّي وَ تَقْنُتُ السَّلامُ عَلَيْكَ حِينَ تَرْكَعُ وَ تَسْجُدُ السَّلامُ عَلَيْكَ حِينَ تُهَلِّلُ وَ تُكَبِّرُ السَّلامُ عَلَيْكَ حِينَ تَحْمَدُ وَ تَسْتَغْفِرُ، السَّلامُ عَلَيْكَ حِينَ تُصْبِحُ وَ تُمْسِي السَّلامُ عَلَيْكَ فِي اللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَ النَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْإِمَامُ الْمَأْمُونُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْمُقَدَّمُ الْمَأْمُولُ السَّلامُ عَلَيْكَ بِجَوَامِعِ السَّلامِ أُشْهِدُكَ يَا مَوْلايَ أَنِّي أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّدا عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ لا حَبِيبَ إِلا هُوَ وَ أَهْلُهُ وَ أُشْهِدُكَ يَا مَوْلايَ أَنَّ عَلِيّا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حُجَّتُهُ وَ الْحَسَنَ حُجَّتُهُ وَ الْحُسَيْنَ حُجَّتُهُ وَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ حُجَّتُهُ وَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ حُجَّتُهُ وَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ حُجَّتُهُ وَ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ حُجَّتُهُ وَ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى حُجَّتُهُ وَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ حُجَّتُهُ وَ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ حُجَّتُهُ وَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ حُجَّتُهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ حُجَّةُ اللَّهِ ، أَنْتُمْ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ وَ أَنَّ رَجْعَتَكُمْ حَقٌّ لا رَيْبَ فِيهَا يَوْمَ لا يَنْفَعُ نَفْسا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ

ص: 84

أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرا وَ أَنَّ الْمَوْتَ حَقٌّ وَ أَنَّ نَاكِرا وَ نَكِيرا حَقٌّ وَ أَشْهَدُ أَنَّ النَّشْرَ حَقٌّ وَ الْبَعْثَ حَقٌّ وَ أَنَّ الصِّرَاطَ حَقٌّ وَ الْمِرْصَادَ حَقٌّ وَ الْمِيزَانَ حَقٌّ وَ الْحَشْرَ حَقٌّ وَ الْحِسَابَ حَقٌّ وَ الْجَنَّةَ وَ النَّارَ حَقٌّ وَ الْوَعْدَ وَ الْوَعِيدَ بِهِمَا حَقٌّ يَا مَوْلايَ شَقِيَ مَنْ خَالَفَكُمْ وَ سَعِدَ مَنْ أَطَاعَكُمْ فَاشْهَدْ عَلَى مَا أَشْهَدْتُكَ عَلَيْهِ وَ أَنَا وَلِيٌّ لَكَ بَرِي ءٌ مِنْ عَدُوِّكَ فَالْحَقُّ مَا رَضِيتُمُوهُ وَ الْبَاطِلُ مَا أَسْخَطْتُمُوهُ وَ الْمَعْرُوفُ مَا أَمَرْتُمْ بِهِ وَ الْمُنْكَرُ مَا نَهَيْتُمْ عَنْهُ فَنَفْسِي مُؤْمِنَةٌ بِاللَّهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَ بِرَسُولِهِ وَ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ بِكُمْ يَا مَوْلايَ أَوَّلِكُمْ وَ آخِرِكُمْ وَ نُصْرَتِي مُعَدَّةٌ لَكُمْ وَ مَوَدَّتِي خَالِصَةٌ لَكُمْ آمِينَ آمِينَ.

الدعاء عقيب هذا القول:

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ نَبِيِّ رَحْمَتِكَ وَ كَلِمَةِ نُورِكَ وَ أَنْ تَمْلَأَ قَلْبِي نُورَ الْيَقِينِ وَ صَدْرِي نُورَ الْإِيمَانِ وَ فِكْرِي نُورَ النِّيَّاتِ وَ عَزْمِي نُورَ الْعِلْمِ وَ قُوَّتِي نُورَ الْعَمَلِ وَ لِسَانِي نُورَ الصِّدْقِ وَ دِينِي نُورَ الْبَصَائِرِ مِنْ عِنْدِكَ وَ بَصَرِي نُورَ الضِّيَاءِ

ص: 85

وَ سَمْعِي نُورَ الْحِكْمَةِ وَ مَوَدَّتِي نُورَ الْمُوَالاةِ لِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ حَتَّى أَلْقَاكَ وَ قَدْ وَفَيْتُ بِعَهْدِكَ وَ مِيثَاقِكَ فَتُغَشِّيَنِي رَحْمَتَكَ [رَحْمَتُكَ] يَا وَلِيُّ يَا حَمِيدُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى [مُحَمَّدٍ] حُجَّتِكَ فِي أَرْضِكَ وَ خَلِيفَتِكَ فِي بِلادِكَ وَ الدَّاعِي إِلَى سَبِيلِكَ وَ الْقَائِمِ بِقِسْطِكَ وَ الثَّائِرِ بِأَمْرِكَ وَلِيِّ الْمُؤْمِنِينَ وَ بَوَارِ الْكَافِرِينَ وَ مُجَلِّي الظُّلْمَةِ وَ مُنِيرِ الْحَقِّ وَ النَّاطِقِ بِالْحِكْمَةِ وَ الصِّدْقِ وَ كَلِمَتِكَ التَّامَّةِ فِي أَرْضِكَ الْمُرْتَقِبِ الْخَائِفِ وَ الْوَلِيِّ النَّاصِحِ، سَفِينَةِ النَّجَاةِ وَ عَلَمِ الْهُدَى وَ نُورِ أَبْصَارِ الْوَرَى وَ خَيْرِ مَنْ تَقَمَّصَ وَ ارْتَدَى وَ مُجَلِّي الْعَمَى [الْغَمَّاءِ] الَّذِي يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلا وَ قِسْطا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْما وَ جَوْرا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى وَلِيِّكَ وَ ابْنِ أَوْلِيَائِكَ الَّذِينَ فَرَضْتَ طَاعَتَهُمْ وَ أَوْجَبْتَ حَقَّهُمْ وَ أَذْهَبْتَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرْتَهُمْ تَطْهِيرا اللَّهُمَّ انْصُرْهُ وَ انْتَصِرْ بِهِ لِدِينِكَ وَ انْصُرْ بِهِ أَوْلِيَاءَكَ وَ أَوْلِيَاءَهُ وَ شِيعَتَهُ وَ أَنْصَارَهُ وَ اجْعَلْنَا مِنْهُمُ اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنْ شَرِّ كُلِّ بَاغٍ وَ طَاغٍ وَ مِنْ شَرِّ جَمِيعِ خَلْقِكَ وَ احْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ وَ عَنْ يَمِينِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ وَ احْرُسْهُ وَ امْنَعْهُ مِنْ أَنْ يُوصَلَ إِلَيْهِ بِسُوءٍ وَ احْفَظْ فِيهِ رَسُولَكَ وَ آلَ رَسُولِكَ ، وَ أَظْهِرْ بِهِ الْعَدْلَ وَ أَيِّدْهُ بِالنَّصْرِ وَ انْصُرْ نَاصِرِيهِ

ص: 86

وَ اخْذُلْ خَاذِلِيهِ وَ اقْصِمْ قَاصِمِيهِ وَ اقْصِمْ بِهِ جَبَابِرَةَ الْكُفْرِ وَ اقْتُلْ بِهِ الْكُفَّارَ وَ الْمُنَافِقِينَ وَ جَمِيعَ الْمُلْحِدِينَ حَيْثُ كَانُوا مِنْ مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَ مَغَارِبِهَا بَرِّهَا وَ بَحْرِهَا وَ امْلَأْ بِهِ الْأَرْضَ عَدْلا وَ أَظْهِرْ بِهِ دِينَ نَبِيِّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ اجْعَلْنِي اللَّهُمَّ مِنْ أَنْصَارِهِ وَ أَعْوَانِهِ وَ أَتْبَاعِهِ وَ شِيعَتِهِ وَ أَرِنِي فِي آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ السَّلامُ مَا يَأْمُلُونَ وَ فِي عَدُوِّهِمْ مَا يَحْذَرُونَ إِلَهَ الْحَقِّ آمِينَ يَا ذَا الْجَلالِ وَ الْإِكْرَامِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (1).

ص: 87


1- الإحتجاج، للطبرسي 2: 591 ط إيران، انتشارات أسوه، وكتاب مفاتیح الجنان.

ص: 88

من أدعية الإمام المهدي علیه السلام الجميع المسلمين

اللّٰهُمَّ ارْزُقْنا تَوْفِيقَ الطّاعَةِ، وَبُعْدَ الْمَعْصِيَةِ، وَصِدْقَ النِّيَّةِ، وَعِرْفانَ الْحُرْمَةِ، وَأَكْرِمْنا بِالْهُدىٰ وَالاسْتِقامَةِ، وَسَدِّدْ أَلْسِنَتَنا بِالصَّوابِ وَالْحِكْمَةِ، وَامْلَأْ قُلُوبَنا بِالْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَطَهِّرْ بُطُونَنا مِنَ الْحَرامِ وَالشُّبْهَةِ، وَاكْفُفْ أَيْدِيَنا عَنِ الظُّلْمِ وَالسَّرِقَةِ، وَاغْضُضْ أَبْصارَنا عَنِ الْفُجُورِ وَالْخِيانَةِ، وَاسْدُدْ أَسْماعَنا عَنِ اللَّغْوِ وَالْغِيبَةِ، وَتَفَضَّلْ عَلىٰ عُلَمائِنا بِالزُّهْدِ وَالنَّصِيحَةِ، وَعَلَى الْمُتَعَلِّمِينَ بِالْجُهْدِ وَالرَّغْبَةِ، وَعَلَى الْمُسْتَمِعِينَ بِالاتِّباعِ وَالْمَوْعِظَةِ، وَعَلىٰ مَرْضَى الْمُسْلِمِينَ بِالشِّفاءِ وَالرَّاحَةِ، وَعَلىٰ مَوْتاهُمْ بِالرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ

ص: 89

وَعَلىٰ مَشايِخِنا بِالْوَقارِ وَالسَّكِينَةِ، وَعَلَى الشَّبابِ بِالْإِنابَةِ وَالتَّوْبَةِ، وَعَلَى النِّساءِ بِالْحَياءِ وَالْعِفَّةِ، وَعَلَى الْأَغْنِياءِ بِالتَّواضُعِ وَالسَّعَةِ، وَعَلَى الْفُقَراءِ بِالصَّبْرِ وَالْقَناعَةِ، وَعَلَى الْغُزاةِ بِالنَّصْرِ وَالْغَلَبَةِ، وَعَلَى الْأُسَرَاءِ بِالْخَلاصِ وَالرَّاحَةِ، وَعَلَى الْأُمَراءِ بِالْعَدْلِ وَالشَّفَقَةِ، وَعَلَى الرَّعِيَّةِ بِالْإِنْصافِ وَحُسْنِ السِّيرَةِ، وَبارِكْ لِلْحُجَّاجِ وَالزُّوَّارِ فِى الزَّادِ وَالنَّفَقَةِ، وَاقْضِ ما أَوْجَبْتَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، بِفَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. (1)

ص: 90


1- المصباح للكفعمي: 281، مفاتیح الجنان للشيخ عباس القمي.

فهرس المصادر

القرآن الكريم

مفاتیح الجنان / الشيخ عباس القمي

اقبال الاعمال / السيد ابن طاووس

بحار الأنوار / العلامة المجلسي

أعيان الشيعة / السيد محسن الأمين

اصول الكافي / الشيخ الكليني

عيون أخبار الرضا / الشيخ الصدوق

كمال الدين / الشيخ الصدوق

الإرشاد / الشيخ المفيد

کنز العمال / الهندي

عون المعبود / الشوكاني

منهاج السنة / ابن تيمية

الفصول المهمة / ابن صباغ

الصواعق المحرقة / ابن حجر

ينابيع المودة / القندوزي

ص: 91

الغيبة / النعماني

الغيبة / الطوسي

الإحتجاج / الطبرسي

النجم الثاقب / النوري

الإمام المهدي / القزويني

أئمتنا / الدخيل

حياة الإمام المهدي / القرشي

منتخب الأثر / الگلبایگانی

تاریخ الغيبة الكبرى / محمد الصدر

البرهان / المتقي الهندي

الصحاح الستة

مقتل الخوارزمي

تاريخ البخاري

تذکرة الخواص

مستدرك الحاكم

السيرة الحلبية

ص: 92

صدر للمؤلف:

1- عشرون سؤالأ وشبهة حول المرأة

2 - المسلم ومعتقداته

3 - الزواج المؤقت في شريعة سيدنا محمد

4 - الإمام المهدي علیه السلام ، المصلح العالمي المنتظر

سيصدر للمؤلف:

* 1- أفضل الليالي (الجزء الأول)

* 2- لمحات من حياة الإمام الرضا علیه السلام

ص: 93

قال رسول الله (صلی الله علیه واله):

المهدی ( عجل الله تعالی فرجه الشریف ) طاووس اهل الجنه

مهدی عجل الله تعالی فرجه الشریف

ص: 94

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.