الصحیح من سیرة الإمام الحسین بن علي علیه السلام

اشارة

الصحیح من سیرة الإمام الحسین بن علي علیه السلام

نویسنده: سید هاشم بحرانی - علامه سید مرتضی عسکری و سید محمد باقر شریف قرشی

ناشر: مؤسسة التاريخ العربي

مکان نشر: لبنان - بيروت

سال نشر: 2009م , 1430ق

چاپ:1

موضوع:اسلام، تاریخ

زبان:عربی

تعداد جلد:20

کد کنگره: /ع5ص3 41/4 BP

ص: 1

المجلد 1

اشارة

ص: 2

الجزء الاول

شمائل الامام الحسين عليه السلام

مقدمة

اشارة

قال الإمام الصادق عليه السّلام:إن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبد (1).

هناك ما يشدّ الإنسان المؤمن-بل كل إنسان لا يقبل بالذل و يحب العدل و الانصاف-الى شخصية الإمام الحسين عليه السّلام و الى حب التعرف على تلك المواقف التي كانت تعترض حياته الشريفة،أو المحطات التي كانت تمر عليه السّلام..

و هذا الوازع يبرز على صعيدين:

1-صعيد عاطفي يتمثل في مظلومية الإمام الحسين عليه السّلام و سلب حقه و هتك قدسيته صلوات اللّه عليه،إضافة الى قتل الأطفال و سبي النساء،مما يستدعي من المؤمنين إظهار الحزن عليه عليه السّلام و نشر تلك المظلومية في كل عصر و مصر و بشتى الأساليب و الطرق التي لا تشوه تلك الثورة المباركة.

2-صعيد عقلي و منطقي و يتمثل في أطروحة الإمام الحسين عليه السّلام و دعوته لإقامة العدل و إزالة الظلم و إعادة الإسلام الى واقعيته التي أرادها النبي الأعظم صلّى اللّه عليه و اله أن تكون له.الأمر الذي يستدعي من العلماء و المفكرين دراسة علل و معطيات كربلاء و آثارها على كل صعيد.

و مهما كتب حول حياة الإمام الحسين عليه السّلام و تاريخه فهو قليل،لا لعدم أهمية ما كتب بل لأهمية ثورة أبي عبد اللّه الحسين عليه السّلام و آثارها و انعكاسها على عالمنا المعاصر.

ص: 3


1- مستدرك الوسائل:318/10.

عملنا في الموسوعة

و من هنا كانت محاولة بسيطة لجمع نصوص ما كتب حول حياة و تاريخ الإمام الحسين عليه السّلام و ثورته المباركة«عاشوراء»عن جملة من الكتاب و المحققين و أصحاب التواريخ و تبويبها بما يتناسب مع مواضيعها،و ذلك للتسهيل على القارىء لتحصيل أكبر عدد ممكن من المواضيع و الآراء حول ما يريد معرفته أو بحثه.

و قد ركزنا على عدد كبير من الكتب التي تعرضت لحياة الإمام الحسين عليه السّلام نحو:

1-حياة الإمام الحسين عليه السّلام للقرشي

2-غاية المرام للمحدث البحراني

3-السيد مرتضى العسكري

4-تاريخ دمشق لابن عساكر

5-ثورة عاشوراء للسيد الخامنئي

6-نهضة عاشوراء للإمام الخميني

7-مقتل الإمام الحسين عليه السّلام لأبي مخنف

8-مقتل الإمام الحسين عليه السّلام للخوارزمي

و غيرها من المصادر المهمة.

هذا:و الحمد للّه رب العالمين

علي عاشور

ص: 4

اسم الحسين عليه السلام و نسبه و كنيته

معنى الإسم الشريف

قال السيد الخامنئي:إنّ اسم الحسين بن علي عليه السلام لإسم عجيب،فلو ألقيتم نظرة عاطفية لوجدتم أنّ ميزة إسم ذلك الإمام بين المسلمين العارفين هي جذب القلوب إليه كما يعمل المغناطيس و الكهرباء.

بالطبع هناك من المسلمين من لا يتمتّع بهذه الحالة،و في الحقيقة هو محروم من معرفة الإمام الحسين عليه السلام،و من جهة ثانية هناك الكثير من غير شيعة آل البيت عليهم السلام تذرف دموعهم و تتقلّب قلوبهم بذكر اسم الحسين عليه السلام،فقد جعل الباري تعالى في إسم الإمام الحسين عليه السلام تأثيرا بحيث لو ذكر اسمه لسيطرت حالة من المعنوية على أفئدة و أرواح أبناء الشيعة،و هذا هو المعنى العاطفي لذلك الوجود و تلك الذات المقدّسة،مثلما كانت هكذا عند أهل البصيرة منذ البداية،فقد كانت لهذا الوجود العزيز خصوصية منفردة و كان موضع حبّ و عشق في بيت النبي الأكرم صلّى اللّه عليه و اله و أمير المؤمنين عليه السلام كما يفهم من الروايات و السير و الأخبار و التأريخ،و اليوم هو كذلك (1).

ص: 5


1- ثورة الحسين شمس الشهادة:8.

غرس الرّسالة

اشارة

قال السيد القرشي:ألابورك هذا الغرس الذي امتدّ على هامة الزمن وعيا و إشراقا و هو يضىء للناس حياتهم الفكرية و الإجتماعية،و يهديهم إلى سواء السبيل.

الأم:

إنه الغرس الطيب من سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليه السّلام التي طهّرها الله بفضله،و جعلها تهدي من ضلال،و تجمع من فرقة...إنها فاطمة الزهراء التي تحمل قبسا من روح أبيها و فيضا من نوره،و أشعة من هديه،فكانت موضع عنايته و اهتمامه،و قد أحاطها بهالة من الإكبار و التقدير،ففرض و لاءها على المسلمين ليكون ذلك جزءا من عقيدتهم و دينهم،و قد أذاع فضلها و عظيم مكانتها في الإسلام لتكون قدوة لنساء أمته،لقد أشاد صلّى اللّه عليه و اله بقيمها و مثلها في منتدياته العامة و الخاصة، و على منبره ليحفظه المسلمون فقد قال فيما أجمع عليه رواة الإسلام:

1-«إن الله يغضب لغضبك و يرضى لرضاك...».

2-«إنما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما يؤذيها،و ينصبني ما أنصبها...».

3-«فاطمة سيدة نساء العالمين...».

إلى غير ذلك من الأخبار التي تحدثت عن معالم شخصية الزهراء عليه السّلام و أنها قدوة الإسلام،و المثل الأعلى لنساء هذه الأمة التي تضىء لهن الطريق في حسن

ص: 6

السلوك و العفة و إنجاب أجيال مهذبة...فما أعظم بركتها و أكثر عائدتها على الإسلام،و يكفي في عظيم شأنها أنه سمّيت على اسمها الدولة الفاطمية العظيمة، كما أن الجامع الأزهر اشتق من اسمها.بل يكفي في عظمة الدولة الفاطمية أن تبركت باسم الزهراء.

و على أي حال فإن الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و اله استشف من وراء الغيب أن بضعته الطاهرة هي التي تتفرع منها الثمرة الطيبة من أئمة أهل البيت عليهم السّلام خلفاء الرسول، و دعاة الحق في الأرض الذين يتحملون أعباء رسالة الإسلام،و يعانون في سبيل الإصلاح الإجتماعي كل جهد و ضيق فلذا أولاها النبي اهتمامه،و جعل ذريتها موضع رعايته و عنايته.

الأب:

إنه ثمرة علي رائد الحق و العدالة في الأرض،أخو النبي صلّى اللّه عليه و اله و باب مدينة علمه، و من كان منه بمنزلة هارون من موسى،و أول من آمن بالله و صدّق رسوله، و القائد الأعلى في مركز القيادة الإسلامية بعد الرسول محمد صلّى اللّه عليه و اله تحمّل أعباء الجهاد المقدس منذ فجر الدعوة الإسلامية،فخاض الأهوال،و التحم التحاما رهيبا مع قوى الشرك و الإلحاد حتى قام هذا الدين و هو عبل الذراع بجهاده و جهوده،قد حباه الله بكل مكرمة و خصّه بكل فضيلة،و أنه أبو الأئمة الطاهرين الذين فجّروا ينابيع الحكمة و النور في الأرض.

الوليد الأول

و أفرعت دوحة النبوة و شجرة الإمامة الذرية الطاهرة التي تشكل الإمتداد الرسالي بعد النبي صلّى اللّه عليه و اله فكان الوليد الأول أبا محمد الزكي،و قد امتلأت نفس

ص: 7

النبي صلّى اللّه عليه و اله سرورا به،فأخذ يتعاهده،و يغذيه بمثله و مكرمات نفسه التي طبق شذاها العالم بأسره.

و لم تمض إلا أيام يسيرة حددها بعض المؤرخين باثنين و خمسين يوما حتى علقت سيدة النساء بحمل جديد ظل يتطلع إليه الرسول صلّى اللّه عليه و اله و سائر المسلمين بفارغ الصبر،و كلهم رجاء و أمل في أن يشفع الله ذلك الكوكب بكوكب آخر ليضيئا في سماء الأمة الإسلامية،و يكونا امتدادا لحياة المنقذ العظيم.

رؤيا أم الفضل

و رأت السيدة أم الفضل بنت الحارث في منامها رؤيا غريبة لم تهتدي إلى تأويلها،فهرعت إلى رسول الله صلّى اللّه عليه و اله قائلة له:«إني رأيت حلما منكرا كأن قطعة من جسدك قطعت،و وضعت في حجري؟...».

فأزاح النبي صلّى اللّه عليه و اله مخاوفها،و بشّرها بخير قائلا:

«خيرا رأيت،تلد فاطمة إن شاء الله غلاما فيكون في حجرك..»و مضت الأيام سريعة فوضعت سيدة النساء فاطمة ولدها الحسين فكان في حجر أم الفضل،كما أخبر النبي صلّى اللّه عليه و اله.

و ظل الرسول صلّى اللّه عليه و اله يترقب بزوغ نجم الوليد الجديد الذي تزدهر به حياة بضعته التي هي أعز الباقين و الباقيات عنده من أبنائه و بناته (1).

ص: 8


1- انظر الإمام الحسين للقرشي:19/1.

ولادة الإمام الحسين عليه السلام و مدة خلافته

اشارة

وضعت سيدة نساء العالمين وليدها العظيم الذي لم تضع مثله سيدة من بنات حواء لا في عصر النبوة،و لا فيما بعده،أعظم بركة و لا أكثر عائدة على الإنسانية منه،فلم يكن أطيب،و لا أزكى و لا أنور منه.

لقد أشرقت الدنيا به،و سعدت به الإنسانية في جميع أجيالها،و اعتز به المسلمون،و عمدوا إلى إحياء هذه الذكرى،افتخارا بها في كل عام،فتقيم وزارة الأوقاف في مصر احتفالا رسميا داخل المسجد الحسيني اعتزازا بهذه الذكرى العظيمة كما تقام في أكثر مناطق العالم الإسلامي.

و تردد في آفاق يثرب صدى هذا النبأ المفرح فهرعت أمهات المؤمنين و سائر السيدات من نساء المسلمين إلى دار سيدة النساء،و هن يهنئنها بمولودها الجديد، و يشاركنها في أفراحها و مسراتها (1).

و روي أنه ولد عليه السلام بالمدينة لخمس خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة (2)و كانت والدته الطهر البتول فاطمة عليها السّلام علقت به بعد أن ولدت أخاه الحسن بخمسين ليلة (3)،و لما ولد و اعلم النبي(ص)به أخذه و أذّن في اذنه اليمنى

ص: 9


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:19/1.
2- تاريخ الطبرى 2:555،الارشاد 2:27،مقاتل الطالبيين:78،الاستيعاب 1:378،ترجمة الإمام الحسين عليه السّلام من تاريخ دمشق 21:12،مناقب ابن شهر آشوب 4:84،تاريخ بغداد 1:141.
3- ترجمة الإمام الحسين عليه السّلام من طبقات ابن سعد الغير مطبوع:17،الاستيعاب 1:378،ترجمة الإمام الحسين عليه السّلام من تاريخ دمشق 37:31،كفاية الطالب:416.

و أقام في اذنه اليسرى (1).

و قيل:ولد الحسين بن عليّ عليهم السّلام في سنة ثلاث و قبض عليه السّلام في شهر المحرّم من سنة إحدى و ستّين من الهجرة و له سبع و خمسون سنة و أشهر.قتله عبيد اللّه بن زياد لعنه اللّه في خلافة يزيد بن معاوية لعنه اللّه و هو على الكوفة و كان على الخيل التي حاربته و قتلته عمر بن سعد لعنه اللّه بكربلاء يوم الاثنين،لعشر خلون من المحرّم و امّه فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله (2).

و قيل ولدت فاطمة حسينا بعد حسن بسنة و عشرة أشهر،فمولده لست سنين و خمسة أشهر و نصف من التاريخ،و قتل يوم الجمعة يوم عاشوراء لعشر مضين من المحرم سنة إحدى و ستين،و هو ابن أربع و خمسين سنة و ستة أشهر و نصف.

و قال المجلسي:ولد الحسين عليه السّلام عام الخندق بالمدينة يوم الخميس أو يوم الثلثا لخمس خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة،بعد أخيه بعشرة أشهر و عشرين يوما.

و روي أنه لم يكن بينه و بين أخيه إلا الحمل،و الحمل ستة أشهر.

عاش مع جده ستة سنين و أشهرا و قد كمل عمره خمسين،و يقال:كان عمره سبعا و خمسين سنة و خمسة أشهر و يقال:ستة و خمسون سنة،و خمسة أشهر، و يقال:ثمان و خمسون.

و مدة خلافته خمس سنين و أشهر في آخر ملك معاوية و أول ملك يزيد.

قتله عمر بن سعد بن أبي و قاص و خولي بن يزيد الاصبحي و اجتز رأسه سنان ابن أنس النخعي و شمر بن ذي الجوشن،و سلب جميع ما كان عليه إسحاق بن حيوة الحضرمي و أمير الجيش عبيد اللّه بن زياد،وجه به يزيد بن معاوية.1.

ص: 10


1- و هذه من المتواترات و قد نقلها جلّ كتب التراجم و السير و بها جرت السنّة إلى اليوم.
2- الكافي:463/1.

و مضى قتيلا يوم عاشورا،و هو يوم السبت العاشر من المحرم قبل الزوال، و يقال:يوم الجمعة بعد صلاة الظهر،و قيل:يوم الاثنين بطف كربلا،بين نينوى و الغاضرية من قرى النهرين بالعراق،سنة ستين من الهجرة،و يقال:سنة إحدى و ستين و دفن بكربلا من غربي الفرات.

قال الشيخ المفيد:فأما أصحاب الحسين عليه السّلام فإنهم مدفونون حوله،و لسنا نحصل لهم أجداثا و الحائر محيط بهم.

و ذكر المرتضى في بعض مسائله:أن رأس الحسين عليه السّلام رد إلى بدنه بكربلا من الشام و ضم إليه،و قال الطوسي:و منه زيارة الاربعين.

و روى الكليني (1)في ذلك روايتين إحداهما عن أبان بن تغلب عن الصادق عليه السّلام أنه مدفون بجنب أمير المؤمنين،و الاخرى عن يزيد بن عمرو بن طلحة عن الصادق عليه السّلام أنه مدفون بظهر الكوفة دون قبر أمير المؤمنين عليه السّلام (2).

و من أصحابه عبد اللّه بن يقطر رضيعه،و كان رسوله رمي به من فوق القصر بالكوفة،و أنس بن الحارث الكاهلي،و أسعد الشامي،عمرو بن ضبيعة،رميث بن عمرو زيد بن معقل،عبد اللّه بن عبد ربه الخزرجي،سيف بن مالك،شبيب بن عبد اللّه النهشلي،ضرغامة بن مالك،عقبة بن سمعان،عبد اللّه بن سليمان،المنهال ابن عمر و الأسدي،الحجاج بن مالك،بشر بن غالب،عمران بن عبد اللّه الخزاعي (3).

قال أبو الفرج في المقاتل:كان مولده عليه السّلام لخمس خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة،و قتل يوم الجمعة لعشر خلون من المحرم،سنة إحدى و ستين،و له ست و خمسون سنة و شهور،و قيل:قتل يوم السبت.روي ذلك عن أبي نعيم الفضل بن دكين و الذي ذكرناه أولا أصح.8.

ص: 11


1- في بعض المصادر:و روى الكلبى،و هو تصحيف.
2- ترى الحديثين في الكافي:ج 4 ص 571 و 572 باب موضع رأس الحسين.
3- بحار الأنوار:197/40-205 ح 15،و مناقب آل أبي طالب:ج 4 ص 77 و 78.

فأما ما تقوله العامة من أنه قتل يوم الاثنين فباطل،هو شيء قالوه بلا رواية و كان أول المحرم الذي قتل فيه يوم الاربعاء أخرجنا ذلك بالحساب الهندي من سائر الزيجات،و إذا كان ذلك كذلك،فليس يجوز أن يكون اليوم العاشر من المحرم يوم الاثنين.

قال أبو الفرج:و هذا دليل صحيح واضح تنضاف إليه الرواية.

و روى سفيان الثوري عن جعفر بن محمد عليه السّلام:أن الحسين بن علي عليهما السّلام قتل و له ثمان و خمسون سنة (1).

ولد عليه السّلام بالمدينة يوم الثلاثا،و قيل:يوم الخمسين لثلاث خلون من شعبان، و قيل:لخمس خلون منه سنة أربع من الهجرة،و قيل:ولد آخر شهر ربيع الأول سنة ثلاث من الهجرة،و عاش سبعا و خمسين سنة و خمسة أشهر،كان مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله سبع سنين،و مع أمير المؤمنين عليه السّلام سبعا و ثلاثين سنة،و مع أخيه الحسن عليه السّلام سبعا و أربعين سنة،و كانت مدة خلافته عشر سنين و أشهرا (2).

قال كمال الدين ابن طلحة:ولد عليه السّلام بالمدينة لخمس خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة،علقت البتول عليها السّلام به بعد أن ولدت أخاه الحسن عليه السّلام بخمسين ليلة، و كذلك قال الحافظ الجنابذي (3).

و قال كمال الدين:كان انتقاله إلى دار الآخرة في سنة إحدى و ستين من الهجرة، فتكون مدة عمره ستا و خمسين سنة و أشهرا،كان منها مع جده رسول اللّه صلى اللّه عليه آله ست سنين و شهورا،و كان مع أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام ...بعد وفاة النبي صلّى اللّه عليه و اله،و كان مع أخيه الحسن بعد وفاة أبيه عليهم السلام عشر سنين،و بقي بعد وفاة أخيه الحسن عليه السّلام إلى وقت مقتله عشر سنين 200.ف.

ص: 12


1- بحار الأنوار:197/40-205 ح 16،و مقاتل الطالبيين:ص 54.
2- بحار الأنوار:197/40-205 ح 18.
3- كشف الغمة:ج 2 ص 170 مع اختلاف.

و قال ابن الخشاب:حدثنا حرب باسناده عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام قال:مضى أبو عبد اللّه الحسين بن علي امه فاطمة بنت رسول اللّه صلوات اللّه عليهم أجمعين و هو ابن سبع و خمسين سنة،في عام الستين من الهجرة،في يوم عاشورا،كان مقامه مع جده رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله سبع سنين إلا ما كان بينه و بين أبي محمد.و هو سبعة أشهر و عشرة أيام،و أقام مع أبيه عليه السّلام ثلاثين سنة،و أقام مع أبي محمد عشر سنين و أقام بعد مضي أخيه الحسن عليه السّلام عشر سنين،فكان عمره سبعا و خمسين سنة إلا ما كان بينه و بين أخيه من الحمل،و قبض في يوم عاشورا في يوم الجمعة في سنة إحدى و ستين،و يقال:في يوم عاشورا يوم الاثنين،و كان بقاؤه بعد أخيه الحسن عليه السّلام أحد عشر سنة.

و قال الحافظ عبد العزيز:الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السّلام و امه فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله،ولد في ليال خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة،و قتل بالطف يوم عاشورا سنة إحدى و ستين،و هو ابن خمس و خمسين سنة و ستة

أشهر (1).

أقول:الاشهر في ولادته صلوات اللّه عليه،أنه ولد لثلاث خلون من شعبان لما رواه الشيخ في المصباح:أنه خرج إلى القاسم بن العلا الهمداني وكيل أبي محمد عليه السّلام أن مولانا الحسين عليه السّلام ولد يوم الخميس،لثلاث خلون من شعبان فصم و ادع فيه بهذا الدعاء و ذكر الدعاء.

ثم قال رحمه اللّه بعد الدعاء الثاني المروي عن الحسين:قال ابن عياش:سمعت الحسين بن علي بن سفيان البزوفري يقول:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يدعو به في هذا اليوم و قال:هو من أدعية اليوم الثالث من شعبان و هو مولد الحسين عليه السّلام.و قيل:

إنه عليه السّلام ولد لخمس ليال خلون من شعبان،لما رواه الشيخ أيضا في المصباح عن7.

ص: 13


1- بعض المصادر:ج 2 ص 216 و 217.

الحسين بن زيد،عن جعفر بن محمد عليهما السّلام أنه قال:ولد الحسين بن علي عليهما السّلام لخمس ليال خلون من شعبان سنة أربع خلون من الهجرة.

و قال رحمه اللّه في التهذيب:ولد عليه السّلام آخر شهر ربيع الأول سنة ثلاث من الهجرة.

و قال الكليني قدس اللّه روحه:ولد عليه السّلام سنة ثلاث.

و قال الشهيد رحمه اللّه في الدروس:ولد عليه السّلام بالمدينة آخر شهر ربيع الأول سنة ثلاث من الهجرة،و قيل:يوم الخميس ثلاث عشر شهر رمضان.

و قال المفيد:لخمس خلون من شعبان سنة أربع.

و قال الشيخ ابن نما في مثير الاحزان:ولد عليه السّلام لخمس خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة،و قيل الثالث منه،و قيل:أواخر شهر ربيع الأول سنة ثلاث و قيل:

لخمس خلون من جمادى الاولى سنة أربع من الهجرة،و كانت مدة حمله ستة أشهر،و لم يولد لستة سواه و عيسى و قيل يحيى عليهم السلام.

و أقول:إنما اختار الشيخ رحمه اللّه كون ولادته عليه السّلام في آخر شهر ربيع الأول مع مخالفته لما رواه من الروايتين السالفتين اللتين تدلان على الثالث و الرواية الاخرى التي تدل على الخامس من شعبان،ليوافق ما ثبت عنده،و اشتهر بين الفريقين من كون ولادة الحسن عليه السّلام في منتصف شهر رمضان،و ما مر في الرواية الصحيحة في باب ولادتهما عليهما السّلام من أن بين ولادتيهما لم يكن إلا ستة أشهر و عشرا،لكن مع ورود هذه الأخبار،يمكن عدم القول بكون ولادة الحسن عليه السّلام في شهر رمضان، لعدم استناده إلى خبر على ما عثرنا عليه،و اللّه يعلم (1).

و عن الإمام الصادق عليه السّلام قال:إنّ الحسين لمّا ولد أمر اللّه عزّ و جلّ جبرائيل أن يهبط في ألف من الملائكة فيهنّئ رسول اللّه من اللّه و من جبرائيل،فمرّ على جزيرة في البحر فيها ملك يقال له قطرس كان من الحملة بعثه اللّه في شيء فأبطأ عليه0.

ص: 14


1- بحار الأنوار:205/40.

فكسر جناحه و ألقاه في تلك الجزيرة،فعبد اللّه تعالى في الجزيرة سبعمائة عام فقال لجبرائيل:احملني معك لعلّ محمّدا يدعو لي فحمله فلمّا دخل جبرائيل على النبيّ صلّى اللّه عليه و اله هنّأه و أخبره بحال قطرس فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله:قل له تمسّح بهذا المولود وعد إلى مكانك فتمسّح بالحسين عليه السّلام و ارتفع فقال:يا رسول اللّه أما إنّ امّتك ستقتله و له علي مكافأة لا يزوره زائر إلاّ أبلغه عنه و لا يسلّم عليه مسلم إلاّ أبلغه سلامه و لا يصلّ عليه مصلّ إلاّ أبلّغه صلاته ثمّ ارتفع.

و في حديث آخر أنّه لمّا ارتفع قال:من مثلي و أنا عتاقة الحسين،يعني أنّه أعتقني من عذاب ذلك الذنب (1).

و في كتاب الإحتجاج عن عبد الرحمن بن المثنّى الهاشمي قال:قلت لأبي عبد اللّه:

جعلت فداك من أين جاء لولد الحسين الفضل على ولد الحسن و هما مثلان؟

فقال:إنّ جبرائيل نزل على محمّد فقال:يولد لك غلام تقتله امّتك من بعدك فقال:

يا جبرائيل لا حاجة لي فيه خاطبه ثلاثا ثمّ دعا عليّا فقال:إنّ جبرائيل أخبرني أنّه يولد لك غلام تقتله امّتي قال:لا حاجة لي فيه ثلاثا ثمّ قال:إنّه يكون فيه و في ولده الإمامة و الوراثة و الخزانة،و كذلك قال لفاطمة بعد قولها:لا حاجة لي فيه،فقالت:

رضيت عن اللّه عزّ و جلّ،فحملت بالحسين ستّة أشهر و لم يعش مولود قطّ ستّة أشهر غيره و غير عيسى ابن مريم فكفلته امّ سلمة،و كان صلّى اللّه عليه و اله يأتيه في كلّ يوم فيضع لسانه في فمه فيمصّه حتّى يروى فأنبت اللّه لحمه من لحم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و لم يرضع من فاطمة و لا من غيرها لبنا (2).

و في الكتاب عن برة الخزاعي قال:لمّا حملت فاطمة بالحسن خرج النبيّ صلّى اللّه عليه و اله في بعض وجوهه فقال لها:إنّك ستلدين غلاما فلا ترضعيه حتّى أصير إليك،فلمّا1.

ص: 15


1- البحار:244/43.
2- علل الشرائع:206/1.

وضعته بقي ثلاثة أيّام ما أرضعته فأدركتها رقّة الامّهات فأرضعته.

فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله:أبى اللّه عزّ و جلّ إلاّ ما أراد،فلمّا حملت بالحسين قال:إنّك ستلدين غلاما قد هنّأني به جبرائيل فلا ترضعيه حتّى أجيء إليك و لو أقمت شهرا و خرج في بعض وجوهه فولدت الحسين عليه السّلام،فما أرضعته حتّى جاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فأخذه فجعل يمصّ إبهامه و فيه غذاؤه،و يقال:بل كان يدخل لسانه في فيه فيزقّه كما يزقّ الطير فرخه و قال:إيها حسين إيها حسين أبي اللّه إلاّ ما يريد بل هي فيك يعني الإمامة (1).

و في عيون المعجزات للمرتضى:روى أنّ فاطمة ولدت الحسن و الحسين من فخذها الأيسر.و روى أنّ مريم ولدت المسيح من فخذها الأيمن و حديث هذه الحكاية في كتاب الأنوار و في كتب كثيرة (2).

و في كتاب المناقب:ولد الحسين عليه السّلام عام الخندق بالمدينة يوم الخميس أو يوم الثلاثاء لخمس خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة بعد أخيه بعشرة أشهر و عشرين يوما.

و روي أنّه لم يكن بينهما إلاّ الحمل و هو ستّة أشهر عاش مع جدّه ستّ سنين و أشهرا و كمل عمره خمسين سنة و خمسة أشهر و قيل:ستّ و خمسون سنة و خمسة أشهر،و يقال:ثمان و خمسون (3).

و قال في بحار الأنوار:الأشهر في ولادته عليه السّلام إنّه ولد لثلاث خلون من شعبان لما رواه الشيخ في المصباح و قيل:ولد لخمس ليال خلون من شعبان و رواه الشيخ أيضا (4).7.

ص: 16


1- رسائل المرتضى:92/2.
2- عيون المعجزات:51.
3- دلائل الامامة:177.
4- انظر العوالم:7.

و قال في التهذيب:ولد آخر شهر ربيع الأوّل و قيل فيه غير هذا (1).

و مدّة خلافته خمس سنين و أشهرا في آخر ملك معاوية و أوّل ملك يزيد.

و كان منها مع جده رسول اللّه(ص)ست سنين و شهورا،و كان مع أبيه أمير المؤمنين علي عليه السّلام ثلاثين سنة بعد وفاة النبي(ص)،و كان مع أخيه الحسن بعد وفاة أبيه عشر سنين،و بقى بعد وفاة أخيه إلى مقتله عشر سنين.

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:كان بين الحسن و الحسين عليه السّلام طهر و كان بينهما في الميلاد ستّة أشهر و عشرا (2)(3).

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إنّ جبرائيل عليه السّلام نزل على محمد صلّى اللّه عليه و اله فقال له:يا محمد إنّ اللّه يبشّرك بمولود يولد من فاطمة،تقتله أمّتك من بعدك فقال:يا جبرائيل و على ربّي السّلام،لا حاجة لي في مولود يولد من فاطمة تقتله أمّتي من بعدي،فعرج ثمّ هبط عليه السّلام فقال له مثل ذلك،فقال:يا جبرائيل و على ربّي السلام لا حاجة لي في مولود تقتله أمّتي من بعدي فعرج جبرائيل عليه السّلام إلى السماء ثمّ هبط فقال:يا محمد إنّ ربّك يقرئك السّلام و بيشّرك بأنّه جاعل في ذرّيّته الإمامة و الولاية و الوصيّة،فقال:قد رضيت ثمّ أرسل إلى فاطمة أنّ اللّه يبشّرني بمولود يولد لك،تقتله أمّتي من بعدي فأرسلت إليه لا حاجة في مولود[منّي]تقتله أمّتك من بعدك،فأرسل إليها أنّ اللّه قد جعل في ذرّيّته الإمامة و الولاية و الوصيّة،فأرسلت إليه إنّي قد رضيت ف حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَ عَلى والِدَيَّ وَ أَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَ أَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي فلولا أنّه قال:

أصلح لي في ذرّيّتي لكانت ذرّيته كلّهم أئمّة و لم يرضع الحسين من فاطمة عليها السّلام و لا من1.

ص: 17


1- تهذيب الاحكام:42/6.
2- أي أقل زمان الطهر و هو عشرة أيام و كان مدة الحمل ستة أشهر فكان بينهما في الميلاد ستة أشهر و عشرة أيام،و المولد الموضع و الوقت،و الميلاد الوقت لا غير.
3- الكافي 464/1.

أنثى،كان يؤتى به النبيّ فيضع إبهامه في فيه فيمصّ منها ما يكفيه اليومين و الثلاث، فنبت لحم الحسين عليه السّلام من لحم رسول اللّه و دمه صلّى اللّه عليه و اله و لم يولد لستّة أشهر إلاّ عيسى بن مريم عليه السّلام و الحسين بن عليّ عليهم السّلام (1).و في رواية أخرى،عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام:

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و اله كان يؤتى بالحسين فيلقمه لسانه فيمصّه فيجتزىء به و لم يرتضع من أنثى (2).

و عن أم الفضل بنت الحارث:أنها رأت فيما يرى النائم أن عضوا من أعضاء النبي صلّى اللّه عليه و سلّم في بيتها[قالت:]فقصصتها على النبي صلى اللّه عليه و سلّم فقال:«خيرا رأيت،تلد فاطمة غلاما فترضعيه بلبن قثم»قالت:فولدت فاطمة غلاما فسمّاه النبي صلى اللّه عليه و سلّم حسينا و دفعه إلى أم الفضل،و كانت ترضعه بلبن قثم (3).

و قال السيد القرشي:و استقبل سبط النبي صلّى اللّه عليه و اله دنيا الوجود في السنة الرابعة من الهجرة و قيل في السنة الثالثة و اختلف الرواة في الشهر الذي ولد فيه فذهب الأكثر إلى أنه ولد في شعبان،و أنه في اليوم الخامس منه و لم يحدد بعضهم اليوم، و إنما قال:ولد لليال خلون من شعبان و أهمل بعض المؤرخين ذلك مكتفيا بالقول أنه ولد في شعبان و ذهب بعض الأعلام إلى أنه ولد في آخر ربيع الأول إلا أنه خلاف المشهور فلا يعنى به (4).

وجوم النبي و بكاؤه

و لما بشر الرسول الأعظم بسبطه المبارك خفّ مسرعا إلى بيت بضعته

ص: 18


1- الكافي:465/1
2- الكافي:465/1.
3- سنن ابن ماجة 289/2 أبواب تعبير الرؤيا و منتخب كنز العمال 111/5.
4- حياة الإمام الحسين للقرشي:20/1.

فاطمة عليه السّلام و هو مثقل الخطا قد ساد عليه الوجوم و الحزن،فنادى بصوت خافت حزين النبرات:

«يا أسماء هلمي ابني».

فناولته أسماء،فاحتضنه النبي،و جعل يوسعه تقبيلا،و قد انفجر بالبكاء فذهلت أسماء،و انبرت تقول:

«فداك أبي و أمي مم بكاؤك؟!!».

فأجابها النبي صلّى اللّه عليه و اله و قد غامت عيناه بالدموع:

«من ابني هذا».

و ملكت الحيرة إهابها فلم تدرك معنى هذه الظاهرة و مغزاها فانطلقت تقول:

«إنه ولد الساعة».

فأجابها الرسول بصوت متقطع النبرات حزنا و أسى قائلا:

«تقتله الفئة الباغية من بعدي لا أنالهم الله شفاعتي..».

ثم نهض و هو مثقل بالهمّ و أسرّ إلى أسماء قائلا:

«لا تخبري فاطمة فإنها حديثة عهد بولادة...».

و انصرف النبي صلّى اللّه عليه و اله و هو غارق بالأسى و الشجون،فقد استشف من وراء الغيب ما سيجري على ولده من النكبات و الخطوب التي تذهل كل كائن حي (1).

مراسيم ولادته

اشارة

و أجرى النبي صلّى اللّه عليه و اله بنفسه أكثر المراسيم الشرعية لوليده المبارك،فقام صلّى اللّه عليه و اله بما يلي:

ص: 19


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:19/1.
أولا:

الأذان و الإقامة

و احتضن النبي وليده العظيم فأذّن في أذنه اليمنى،و أقام في اليسرى و جاء في الخبر«أن ذلك عصمة للمولود من الشيطان الرجيم».

إن أول صوت اخترق سمع الحسين هو صوت جده الرسول صلّى اللّه عليه و اله الذي هو أول من أناب إلى الله،و دعى إليه،و أنشودة ذلك الصوت:

«الله أكبر لا إله إلا الله..».

لقد غرس النبي صلّى اللّه عليه و اله هذه الكلمات التي تحمل جوهر الإيمان و واقع الإسلام في نفس وليده،و غذاه بها فكانت من عناصره و مقوماته،و قد هام بها في جميع مراحل حياته،فانطلق إلى ميادين الجهاد مضحيا بكل شي في سبيل أن تعلو هذه الكلمات في الأرض،و تسود قوى الخير و السلام و تتحطم معالم الردة الجاهلية التي جهدت على إطفاء نور الله.

ثانيا:
اشارة

التسمية

و سمّاه النبي صلّى اللّه عليه و اله حسينا كما سمّى أخاه حسنا و يقول المؤرخون لم تكن العرب في جاهليتها تعرف هذين الإسمين حتى تسمّي أبناءها بهما،و إنما سمّاهما النبي صلّى اللّه عليه و اله بهما بوحي من السماء.

و قد صار هذا الإسم الشريف علما لتلك الذات العظيمة التي فجّرت الوعي و الإيمان في الأرض،و استوعب ذكرها جميع لغات العالم،و هام الناس بحبها حتى

ص: 20

صارت عندهم شعارا مقدسا لجميع المثل العليا،و شعارا لكل تضحية تقوم على الحق و العدل.

أقوال شاذة:

و حفلت بعض مصادر التاريخ و الأخبار بصور مختلفة لتسمية الإمام الحسين عليه السّلام لا تخلو من التكلف و الإنتحال و هي:

1-ما رواه هانىء بن هانىء عن علي عليه السّلام قال:لما ولد الحسن جاء رسول الله صلّى اللّه عليه و اله فقال:أروني ابني ما سميتموه؟قلت:سميته حربا،قال:بل هو حسن،فلما ولد الحسين قال:أروني ابني ما سميتموه؟

قلت:سميته حربا،قال:بل هو حسين،فلما ولد الثالث جاء النبي صلّى اللّه عليه و اله فقال:

أروني ابني ما سميتموه؟قلت:حربا،فقال:بل هو محسن.

و هذه الرواية-فيما نحسب-لا نصيب لها من الصحة و ذلك:

أ-أن سيرة أهل البيت عليهم السّلام قامت على الالتزام بحرفية الإسلام و عدم الشذوذ عن أي بند من أحكامه،و قد كره الإسلام تسمية الأبناء بأسماء الجاهلية التي هي رمز للتأخر و الانحطاط الفكري،مضافا إلى أن هذا الإسم علم لجد الأسرة الأموية التي تمثل القوى الحاقدة على الإسلام و الباغية عليه،فكيف يسمّي الإمام أبناءه به؟!!

ب-إن إعراض النبي صلّى اللّه عليه و اله عن تسمية سبطه الأول به مما يوجب ردع الإمام عن تسمية بقية أبنائه به.

ج-إن المحسن باتفاق المؤرخين لم يولد في حياة الرسول صلّى اللّه عليه و اله و إنما ولد بعد حياته بقليل،و هذا مما يؤكد انتحال الرواية و عدم صحتها.

2-روى أحمد بن حنبل بسنده عن الإمام علي عليه السّلام قال:لما ولد لي الحسن سميته باسم عمي حمزة،و لما ولد الحسين سميته باسم أخي جعفر فدعاني

ص: 21

رسول الله صلّى اللّه عليه و اله فقال:«إن الله قد أمرني أن أغير اسم هذين فسمّاهما حسنا،و حسينا».

و هذه الرواية كسابقتها في الضعف فإن تسمية السبطين بهذين الإسمين وقعت عقيب ولادتهما حسب ما ذهب إليه المشهور و لم يذهب أحد إلى ما ذكره أحمد.

3-روى الطبراني بسنده عن الإمام علي عليه السّلام أنه قال:لما ولد الحسين سميته باسم أخي جعفر فدعاني رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و أمرني أن أسميه حسينا،و هذه الرواية تضارع الروايتين في ضعفها فإن الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام لم يسبق رسول الله صلّى اللّه عليه و اله في تسمية سبطه و ريحانته و هو الذي أسماه بذلك حسب ما ذهب إليه المشهور و أجمعت عليه روايات أهل البيت عليهم السّلام.

ثالثا:

العقيقة

و بعد ما انطوت سبعة أيام من ولادة السبط أمر النبي صلّى اللّه عليه و اله أن يعق عنه بكبش، و يوزع لحمه على الفقراء كما أمر أن تعطى القابلة فخذا منها،و كان ذلك من جملة ما شرعه الإسلام في ميادين البر و الإحسان إلى الفقراء.

رابعا:

حلق الرأس

و أمر النبي صلّى اللّه عليه و اله أن يحلق رأس وليده،و يتصدق بزنته فضة على الفقراء فكان وزنه-كما في الحديث-درهما و نصفا و طلى رأسه بالخلوق و نهى عما كان يفعله أهل الجاهلية من إطلاء رأس الوليد بالدم.

ص: 22

خامسا:

الختان

و أوعز النبي صلّى اللّه عليه و اله إلى أهل بيته بإجراء الختان على وليده في اليوم السابع من ولادته،و قد حث النبي صلّى اللّه عليه و اله على ختان الطفل في هذا الوقت المبكر لأنه أطيب له و أطهر.

تعويذ النبي للحسنين

و بلغ من رعاية النبي صلّى اللّه عليه و اله لسبطيه،و حرصه على وقايتهما من كل سوء و شر أنه كان كثيرا ما كان يعوذهما فقد روى ابن عباس قال:«كان النبي صلّى اللّه عليه و اله يعوذ الحسن و الحسين قائلا:«أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان و هامة،و من كل عين لامة»و يقول:هكذا كان إبراهيم يعوذ ابنيه إسماعيل و إسحاق.و يقول عبد الرحمن بن عوف:قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:

«يا عبد الرحمن:ألا أعلّمك عوذة كان إبراهيم يعوذ بها ابنيه إسماعيل و إسحاق،و أنا أعوذ بها ابني الحسن و الحسين..كفى بالله واعيا لمن دعا،و لا مرمى وراء أمر الله لمن رمى..».

و دل ذلك على مدى الحنان،و العطف الذي يكنه صلّى اللّه عليه و اله لهما،و أنه كان يخشى عليهما من أن تصيبهما عيون الحساد فيقيهما منها بهذا الدعاء.

ص: 23

ملامح الحسين عليه السلام

و بدت في ملامح الإمام الحسين عليه السّلام ملامح جده الرسول الأعظم صلى الله عليه و آله فكان يحاكيه في أوصافه،كما كان يحاكيه في أخلاقه التي امتاز بها على سائر النبيين،و وصفه محمد بن الضحاك فقال:«كان جسد الحسين يشبه جسد رسول الله صلّى اللّه عليه و اله»،و قيل:إنه كان يشبه النبي صلّى اللّه عليه و اله ما بين سرته إلى قدميه و قال الإمام علي عليه السّلام:

«من سرّه أن ينظر إلى أشبه الناس برسول الله صلّى اللّه عليه و اله ما بين عنقه و ثغره فلينظر إلى الحسن،و من سرّه أن ينظر إلى أشبه الناس برسول الله صلّى اللّه عليه و اله ما بين عنقه إلى كعبه خلقا و لونا فلينظر إلى الحسين بن علي..».

لقد بدت على وجهه الشريف أسارير الإمامة فكان من أشرق الناس وجها،فكان كما يقول أبو كبير الهذلي:

و إذا نظرت إلى أسرة وجهه برقت كبرق العارض المتهلل.

و وصفه بعض المترجمين له بقوله:«كان أبيض اللون،فإذا جلس في موضع فيه ظلمة يهتدى إليه لبياض حسنه و نحره»و يقول آخر:«كان له جمال عظيم،و نور يتلألأ في جبينه و خده،يضىء حواليه في الليلة الظلماء و كان أشبه الناس برسول الله صلّى اللّه عليه و اله»، و وصفه بعض الشهداء من أصحابه في رجز كان نشيدا له في يوم الطف يقول:

له طلعة مثل شمس الضحى له غرة مثل بدر منير

ص: 24

هيبة الحسين

و كانت عليه سيماء الأنبياء،فكان في هيبته يحكي هيبة جده التي تعنو لها الجباه،و وصف عظيم هيبته بعض الجلادين من شرطة ابن زياد بقوله:

«لقد شغلنا نور وجهه،و جمال هيبته عن الفكرة في قتله».

و لم تحجب نور وجهه يوم الطف ضربات السيوف،و لا طعنات الرماح،فكان كالبدر في بهائه و نضارته و في ذلك يقول الكعبي:

و مجرح ما غيّرت منه القنا حسنا و لا أخلقن منه جديدا

قد كان بدرا فاغتدى شمس الضحى مذ ألبسته يد الدماء برودا

و لما جيء برأسه الشريف إلى الطاغية ابن زياد بهر بنور وجهه فانطلق يقول:

«ما رأيت مثل هذا حسنا!!».

فانبرى إليه أنس بن مالك منكرا عليه قائلا:

«أما أنه كان أشبههم برسول الله؟».

و حينما عرض الرأس الشريف على يزيد بن معاوية ذهل من جمال هيبته و طفق يقول:

«ما رأيت وجها قط أحسن منه!!».

فقال له بعض من حضر:

«إنه كان يشبه رسول الله صلّى اللّه عليه و اله».

لقد أجمع الرواة أنه كان يحاكي جده الرسول صلّى اللّه عليه و اله في أوصافه و ملامحه و أنه كان يضارعه في مثله و صفاته،و لما تشرّف عبد الله بن الحر الجعفي بمقابلته

ص: 25

امتلأت نفسه إكبارا و إجلالا له و راح يقول:

«ما رأيت أحدا قط أحسن،و لا أملأ للعين من الحسين..».

لقد بدت على ملامحه سيماء الأنبياء و بهاء المتقين،فكان يملأ عيون الناظرين إليه،و تنحني الجباه خضوعا و إكبارا له.

ص: 26

ألقاب الحسين

أما ألقابه فتدل على سمو ذاته،و ما يتمتع به من الصفات الرفيعة و هي:

1-الشهيد.

2-الطيب.

3-سيد شباب أهل الجنة.

4-السبط لقوله صلّى اللّه عليه و اله:«حسين سبط من الأسباط».

5-الرشيد.

6-الوفي.

7-المبارك.

8-التابع لمرضاة الله.

9-الدليل على ذات الله.

10-المطهر.

11-البر.

12-أحد الكاظمين.

كنيته

كان يكنى بأبي عبد الله و ذكر غير واحد من المؤرخين أنه لا كنية له غيرها، و قيل:إنه يكنى بأبي علي و كنّاه الناس من بعد شهادته بأبي الشهداء و أبي الأحرار.

ص: 27

نقش خاتمه

كان له خاتمان أحدهما من عقيق،و قد نقش عليه«إن الله بالغ أمره»الثاني و هو الذي سلب منه يوم قتل،و قد كتب عليه«لا إله إلا الله عدد (1)لقاء الله»،و قد ورد:أن من يتختم بمثله كان له حرز من الشيطان.

استعماله الطيب

و كان الطيب محببا إليه فكان المسك لا يفارقه في حله و ترحاله،كما كان بخور العود في مجلسه.

دار سكناه

و أول دار سكنها مع أبويه كانت الدار المجاورة لبيت عائشة و لها باب من المسجد،و تعرف بدار فاطمة (2).

ص: 28


1- في دلائل الإمامة(181):عدة.
2- انظر حياة الإمام الحسين للقرشي:20/1.

ثلاثة مراحل من حياة الحسين عليه السلام

اشارة

قال السيد الخامنئي:يجب أولا و قبل كل شيء إدراك مدى فداحة تلك الواقعة حتى نتحرك و نتتبع أسبابها،و لا يقصر نظر أحد على أنّ واقعة عاشوراء كانت-في النهاية-مذبحة قتل فيها مجموعة.كلا،بل إنها و كما نقرأ في زيارة عاشوراء:«لقد عظمت الرزية و جلّت و عظمت المصيبة».

و لأجل أن يتضح مدى عظم تلك الفاجعة،أستعرض بصورة إجمالية ثلاثة مراحل قصيرة من حياة أبي عبد اللّه الحسين عليه السّلام،لنرى شخصية الإمام الحسين عليه السّلام في هذه المراحل الثلاثة،هل من الممكن أن يحتمل أحد أنه ينتهي بها المآل يوم عاشوراء إلى أن تحاصره حشود من أمّة جدّه و تقتله أشنع قتلة هو و أصحابه و أهل بيته و تسبي عياله؟

تتلخص تلك المراحل الثلاثة في:

أولا:مرحلة الطفولة و تبدأ منذ نعومة أظفاره إلى تاريخ وفاة الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و اله.

ثانيا:مرحلة شبابه..أي خمس و عشرون سنة،من وفاة جده إلى خلافة أمير المؤمنين عليه السّلام.

ثالثا:المرحلة التي استمرت عشرين سنة من بعد استشهاد أمير المؤمنين عليه السّلام إلى واقعة كربلاء.

ص: 29

مرحلة الطفولة عند الحسين عليه السلام

اشارة

ففي المرحلة الأولى؛أي في عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله كان الحسين عليه السّلام طفلا مدللا و محبوبا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله.فقد كان لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بنت،و كان المسلمون يعلمون جميعا آنذاك أنه صلّى اللّه عليه و اله قال:«إني لأغضب لغضب فاطمة و أرضى لرضاها» (1).

فانظروا عظيم منزلة هذه البنت بحيث إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يبجّلها بهذه الكلمة و أمثالها في محضر المسلمين و الملأ العام.و ليس هذا بالأمر العادي.

و زوّجها الرسول الكريم صلّى اللّه عليه و اله لشخص كان ذروة في المآثر،زوّجها علي بن أبي طالب عليه السّلام الذي كان شابا شجاعا شريفا و من أكثر الناس إيمانا و أسبقهم إلى

ص: 30


1- و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«يا فاطمة إن اللّه يغضب لغضبك و يرضى لرضاك»أخرجه الطبراني في المعجم الكبير:108/1 ح 182 ذيل ترجمة علي و بالهامش:«في هامش الاصل:هذا حديث صحيح الاسناد و روي من طرق عن علي رواه الحارث عن علي و روي مرسلا،و هذا الحديث أحسن شيء رأيته و أصح إسناد قرأته»و 401/22 ترجمة فاطمة-مناقبها،و جواهر العقدين:350 الباب الحادي عشر، قال السمهودي بعد إيراده هذا الحديث:(فمن آذى شخصا من أولاد فاطمة أو أبغضه فقد جعل نفسه عرضة لهذا الخطر العظيم،و بضده من تعرض لمرضاتها في حبهم و إكرامهم كما يؤخذ مما تقدم) جواهر العقدين:351 الباب 11. *و قال السهيلي:(هذا الحديث يدل على أن من سبّها كفر و من صلّى عليها فقد صلّى على أبيها) المواهب اللدنية:533/2 الفصل الثاني من المقصد السابع. و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«فاطمة بضعة منّي فمن أغضبها فقد أغضبني»المصنف لابن أبي شيبة:/6 391 ح 32259 كتاب الفضائل-فضائل فاطمة.و الفردوس بمأثور الخطاب:232/1 ح 887 ط. دار الكتب العلمية،و 282 ح 886 ط.دار الكتاب العربي.و صحيح البخاري:83/5 ح 232 كتاب الفضائل-مناقب قرابة الرسول و 73/7 كتاب النكاح باب(110)ذب الرجل عن ابنته في الغيرة و الانصاف ح 159،و صحيح مسلم:221/16 ح 6257 كتاب الفضائل-فضائل الصحابة-فاطمة.

الإسلام،و أكثرهم مشاركة في كل ميادينه،عليّ..من قام الإسلام بسيفه..من كان يقدم حيثما يحجم الآخرون و يحل المستعصي من العقد..هذا الصهر العزيز المحبوب الذي لم تكن محبته منطلقة من وازع القرابة و ما شاكلها من الوشائج، و إنما كانت انطلاقا من عظمة شخصيته،و لهذه الأسباب زوّجه ابنته،فكان من نسلهم الحسين،و هذا الكلام يصدق كله أيضا على الإمام الحسن عليه السّلام.إلا أنّ كلامي هنا يدور حول الإمام الحسين عليه السّلام..

بين الحسين و النبي عليهما السلام

أعز عزيز عند الرسول الأعظم الذي كان زعيم العالم الإسلامي و حاكم المسلمين و محبوب كل القلوب يضمه بين ذراعيه و يصطحبه إلى المسجد.

و المسلمون كانوا يعلمون أنّ هذا الطفل هو محبوب قلب الرسول الذي تذوب القلوب جميعا في محبته.فحينما كان الرسول يلقي خطبة من فوق المنبر علقت رجل هذا الطفل بعائق فسقط على الأرض،فنزل الرسول صلّى اللّه عليه و اله من فوق المنبر و احتضنه و لاطفه.لاحظوا،هكذا كانت محبة الحسين عليه السّلام عند الرسول الأعظم.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله عن الحسن و الحسين عليهما السّلام و هما آنذاك في السابعة و السادسة من عمريهما:«الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنّة» (1).

قال فيهما هذا القول و هما لازالا طفلين.أي أنهما حتى و إن كانا في تلك السن إلا أنهما يفهمان و يدركان و يعملان كمن هو في سن الشباب،و يفوح الأدب و الشرف من جنبيهما.

و لو قال قائل حينذاك أنّ هذا الطفل سيقتل على يد أمّة هذا الرسول الأكرم صلّى اللّه عليه و اله

ص: 31


1- ترجمة الإمام الحسين:50.

بلا جرم أو جريرة،ما كان ليصدّقه أحد.مثلما صرّح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله نفسه بتلك الحقيقة المرّة و بكى لها.

و تعجب في وقتها الجميع،مستنكرين إمكانية حدوث عمل كهذا.

ص: 32

مرحلة شباب الحسين عليه السلام

المرحلة الثانية:هي الفترة التي استمرت خمسا و عشرين سنة من وفاة الرسول إلى خلافة أمير المؤمنين عليه السّلام.إذ كان عليه السّلام شابا متوثّبا و عالما و شجاعا،شارك في الحروب و خاض شدائد الأمور.كان معروفا عند الجميع بالعظمة،و عند ما يأتي ذكر الكرام تشخص إليه الأبصار و تحوم حوله الأذهان.و إسمه يسطع بين جميع مسلمي مكة و المدينة و حيثما امتد الإسلام،بكل فضيلة و مكرمة.و الكل ينظر إليه و إلى أخيه عليه السّلام باحترام و تكريم.

و حتى خلفاء ذلك العصر كانوا يبدون لهما التعظيم و الإجلال.و كان مثالا و مقتدى لشباب ذلك العهد.و هكذا لو أنّ شخصا قال آنذاك إنّ هذا الشاب سيقتل على يد هذه الأمّة،لما صدّقه أحد.

ص: 33

مرحلة الشهادة

المرحلة الثالثة:هي تلك المرحلة التي حلّت من بعد شهادة أمير المؤمنين عليه السّلام و كان دور غربة أهل البيت.فكان الإمامان الحسن و الحسين عليهما السلام يقيمان خلال تلك المدّة في مدينة الرسول صلّى اللّه عليه و اله.بعد مقتل أمير المؤمنين بعشرين سنة، انحصرت الإمامة في الحسين على جميع المسلمين-و إن لم تكن الخلافة في يده- و بدا مفتيا كبيرا،و زاد احترامه عند الجميع،و أضحى عروة يتمسك بها كل من يريد التمسّك بأهل البيت عليهم السّلام.فكان ذا شخصية محبوبة و رجلا شريفا نجيبا أصيلا عالما.

حتى إنه بعث في ذلك الوقت بكتاب إلى معاوية،لو كان غيره كتبه لأي حاكم لكان جزاؤه القتل.إلا أنّ معاوية حينما وصله الكتاب تلقّاه بكل تكريم و قرأه متغاضيا عما جاء فيه.

ثم لو أن أحدا كان يقول في ذلك الوقت أنّ هذا الرجل الشريف الكريم العزيز النجيب الذي يجسّد الإسلام و القرآن في نظر كل ناظر،سيقتل عمّا قريب على يد أمة الإسلام و القرآن قتلة شنيعة،لم يكن أحد ليتصور صحّة ذلك.إلاّ أنّ هذه الواقعة العجيبة البعيدة عن التصور،قد حصلت فعلا!

و لكن من الذين فعلوا ذلك؟فعله أولئك الذين كانوا يترددون عليه و يوالونه و يعربون له عن محبتهم و إخلاصهم!فما معنى هذا؟معناه أنّ المجتمع الإسلامي أفرغ طوال هذه الخمسين سنة من قيمه المعنوية و جرّد من حقيقة الإسلام،فكان ظاهره إسلاميا و باطنه خاويا.و هنا هو مكمن الخطر.

ص: 34

فالصلوات تقام و صلاة الجماعة موجودة،و الأمة توصف بالأمة المسلمة، و حتى أنّ البعض منها يوالي أهل البيت عليهم السّلام!

و معنى هذا أن أهل البيت عليهم السّلام يحظون بالاحترام و القبول لدى جميع المسلمين، و كانوا في ذلك العصر يلقون غاية التكريم و المحبة.و لكن في الوقت ذاته حينما يصبح المجتمع خاويا تقع مثل تلك الحادثة(حادثة كربلاء).

و لكن أين العبرة من هذا؟تكمن العبرة في ما ينبغي عمله لكي لا ينزلق المجتمع إلى مثل ذلك المآل.و هذا ما يوجب علينا فهم الظروف التي ساقت المجتمع إلى تلك النهاية.

و هذا هو البحث المطوّل الذي أريد أن أقّدم لكم موجزه (1).1.

ص: 35


1- ثورة الحسين شمس الشهادة:47-51.

المكونات التربوية للإمام الحسين عليه السلام

اشارة

قال السيد القرشي:و توفّرت في سبط الرسول صلّى اللّه عليه و اله و ريحانته الإمام الحسين عليه السّلام،جميع العناصر التربوية الفذة التي لم يظفر بها غيره،فأخذ بجوهرها و لبابها و قد أعدّته لقيادة الأمة،و تحمّل رسالة الإسلام بجميع أبعادها و مكوناتها، كما أمدته بقوى روحية لاحد لها من الإيمان العميق بالله،و الخلود إلى الصبر على ما انتابه من المحن و الخطوب التي لا يطيقها أي كائن حي من بني الإنسان.

أما الطاقات التربوية التي ظفر بها،و عملت على تقويمه و تزويده بأضخم الثروات الفكرية و الإصلاحية فهي:

الوراثة

حددت الوراثة بأنها مشابهة الفرع لأصله،و لا تقتصر على المشابهة في المظاهر الشكلية و إنما تشمل الخواص الذاتية،و المقومات الطبيعية،كما نص على ذلك علماء الوراثة و قالوا:إن ذلك أمر بيّن في جميع الكائنات الحية فبذور القطن تخرج القطن،و بذور الزهرة تخرج الزهرة،و هكذا غيرها،فالفرع يحاكي أصله و يساويه في خواصه،و أدق صفاته،يقول(مندل):

«إن كثيرا من الصفات الوراثية تنتقل بدون تجزئة أو تغير من أحد الأصلين أو منهما إلى الفرع..».

و أكد هذه الظاهرة«هكسلي»بقوله:

ص: 36

«إنه ما أثر أو خاصة لكائن عضوي إلا و يرجع إلى الوراثة أو إلى البيئة فالتكوين الوراثي يضع الحدود لما هو محتمل،و البيئة تقرر أن هذا الإحتمال سيتحقق، فالتكوين الوراثي إذن ليس إلا القدرة على التفاعل مع أية بيئة بطريق خاص..».

و معنى ذلك أن جميع الآثار و الخواص التي تبدو في الأجهزة الحساسة من جسم الإنسان ترجع إلى العوامل الوراثية و قوانينها،و البيئة تقرر وقوع تلك المميزات و ظهورها في الخارج،فإذن ليست البيئة إلا عاملا مساعدا للوراثة،حسب البحوث التجريبية التي قام بها الإختصاصيون في بحوث الوراثة.

و على أي حال فقد أكد علماء الوراثة بدون تردد أن الأبناء و الأحفاد يرثون معظم صفات آبائهم و أجدادهم النفسية و الجسمية،و هي تنتقل إليهم بغير إرادة و لا اختيار،و قد جاء هذا المعنى صريحا فيما كتبه الدكتور«الكسيس كارل»عن الوراثة بقوله:

«يمتد الزمن مثلما يمتد في الفرع إلى ما وراء حدوده الجسمية..و حدوده الزمنية ليست أكثر دقة و لا ثباتا من حدوده الاتساعية،فهو مرتبط بالماضي و المستقبل، على الرغم من أن ذاته لا تمتد خارج الحاضر..و تأتي فرديتنا كما نعلم إلى الوجود حينما يدخل الحويمن في البويضة.و لكن عناصر الذات تكون موجودة قبل هذه اللحظة و مبعثرة في أنسجة أبوينا و أجدادنا و أسلافنا البعيدين جدا لأنا مصنوعون من مواد آبائنا و أمهاتنا الخلوية.و تتوقف في الماضي على حالة عضوية لا تتحلل...و تحمل في أنفسنا قطعا ضيئلة لأعداد من أجسام أسلافنا،و ما صفاتنا و نقائصنا إلا امتداد لنقائصهم و صفاتهم..».

و قد اكتشف الإسلام-قبل غيره-هذالظاهرة،و دلل على فعالياتها،في التكوين النفسي و التربوي للفرد،و قد حث بإصرار بالغ على أن تقوم الرابطة الزوجية على أساس وثيق من الإختبار و الفحص عن سلوك الزوجين،و سلامتهما النفسية و الخلقية من العيوب و النقص،ففي الحديث«تخيّروا لنطفتكم فإن العرق دساس»

ص: 37

و أشار القرآن الكريم إلى ما تنقله الوراثة من أدق الصفات قال تعالى حكاية عن نبيه نوح: وَ قالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيّاراً إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَ لا يَلِدُوا إِلاّ فاجِراً كَفّاراً (1)فالآية دلت بوضوح على انتقال الكفر و الإلحاد بالوراثة من الآباء إلى الأبناء،و قد حفلت موسوعات الحديث بكوكبة كبيرة من الأخبار التي أثرت عن أئمة أهل البيت عليهم السّلام و هي تدلل على واقع الوراثة و قوانينها و مالها من الأهمية البالغة في سلوك الإنسان،و تقويم كيانه.

على ضوء هذه الظاهرة التي لا تشذ في عطائها نجزم بأن سبط الرسول صلى الله عليه و آله قد ورث من جده الرسول و آله صفاته الخلقية و النفسية،و مكوناته الروحية التي امتاز بها على سائر النبيين،و قد حدد كثير من الروايات مدى ما ورثه هو و أخوه الإمام الحسن من الصفات الجسمية من جدهما النبي فقد جاء عن علي عليه السّلام أنه قال:«من سره أن ينظر إلى أشبه الناس برسول الله و آله ما بين عنقه و شعره فلينظر إلى الحسن،و من سره أن ينظر إلى أشبه الناس برسول الله و آله ما بين عنقه إلى كعبه خلقا و لونا فلينظر إلى الحسين»و في رواية أنه كان أشبه النبي ما بين سرته إلى قدمه و كما ورث هذه الظاهرة من جده فقد ورث منه مثله و سائر نزعاته و صفاته.

الأسرة

الأسرة من العوامل المهمة في إيجاد عملية التطبيع الاجتماعي،و تشكيل شخصية الطفل،و إكسابه العادات التي تبقى ملازمة له طوال حياته،فهي البذرة الأولى في تكوين النمو الفردي،و السلوك الاجتماعي،و هي أكثر فعالية في إيجاد التوازن في سلوك الشخص من سائر العوامل التربوية الأخرى،فمنها يتعلم الطفل

ص: 38


1- سورة نوح:26-27.

اللغة،و يكتسب القيم و التقاليد الاجتماعية.

و الأسرة إنما ينشأ أطفالها نشأة سليمة متسمة بالاتزان و البعد عن الشذوذ و الانحراف فيما إذا شاع في البيت الاستقرار و المودة و الطمأنينة و ابتعدت عن ألوان العنف و الكراهية،و إذا لم ترع ذلك فإن أطفالها تصاب بعقد نفسية خطيرة تسبب لهم كثيرا من المشاكل و المصاعب،و قد ثبت في علم النفس أن أشد العقد خطورة،و أكثرها تمهيدا للاضطرابات الشخصية هي التي تكون في مرحلة الطفولة الباكرة خاصة من صلة الطفل بأبويه.

كما أن من أهم وظائف الأسرة الإشراف على تربية الأطفال فإنها مسؤولة عن عمليات التنشئة الاجتماعية التي يتعلم الطفل من خلالها خبرات الثقافة و قواعدها في صورة تؤهله في مستقبل حياته من المشاركة التفاعلية مع غيره من أعضاء المجتمع.

و أهم وظائف الأسرة عند علماء التربية هي ما يلي:

أ-إعداد الأطفال بالبيئة الصالحة لتحقيق حاجاتهم البيولوجية و الاجتماعية.

ب-إعدادهم للمشاركة في حياة المجتمع و التعرف على قيمه و عاداته.

ج-توفير الاستقرار و الأمن و الحماية لهم.

د-إمدادهم بالوسائل التي تهيء لهم تكوين ذواتهم داخل المجتمع.

ه-تربيتهم بالتربية الأخلاقية و الوجدانية و الدينية.

و على ضوء هذه البحوث التربوية الحديثة عن الأسرة و مدى أهميتها في تكوين الطفل،و تقويم سلوكه بحزم بأن الإمام الحسين عليه السّلام كان وحيدا في خصائصه و مقوماته التي استمدها من أسرته فقد نشأ في أسرة تنتهي إليها كل مكرمة و فضيلة في الإسلام،فما أظلت قبة السماء أسرة أسمى و لا أزكى من أسرة آل الرسول صلّى اللّه عليه و اله...لقد نشأ الإمام الحسين عليه السّلام في ظل هذه الأسرة و تغذى بطباعها و أخلاقها،و نعرض-بإيجاز-لبعض النقاط المضيئة النابضة بالتربية الفذة التي

ص: 39

ظفر بها الحسين عليه السّلام في ظل الأسرة النبوية.

التربية النبوية

اشارة

و قام الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و اله بدوره بتربية سبطه و ريحانته فأفاض عليه بمكرماته و مثله و غذّاه بقيمه و مكوناته ليكون صورة عنه،و يقول الرواة:إنه كان كثير الاهتمام و الاعتناء بشأنه،فكان يصحبه معه في أكثر أوقاته فيشمه عرفه و طيبه،و يرسم له محاسن أفعاله،و مكارم أخلاقه،و قد علّمه و هو في غضون الصبا سورة التوحيد،و وردت إليه من تمر الصدقة فتناول منها الحسين تمرة و جعلها في فيه،فنزعها منه الرسول صلّى اللّه عليه و اله و قال له:لا تحل لنا الصدقة،و قد عوّده و هو في سنه المبكر بذلك على الإباء،و عدم تناول ما لا يحل له،و من الطبيعي أن إبعاد الطفل عن تناول الأغذية المشتبه فيها أو المحرّمة لها أثرها الذاتي في سلوك الطفل و تنمية مداركه حسب ما دللت عليه البحوث الطبية الحديثة،فإن تناول الطفل للأغذية المحرّمة مما يوقف فعالياته السلوكية،و يغرس في نفسه النزعات الشريرة كالقسوة،و الإعتداء و الهجوم المتطرف على الغير،و قد راعى الإسلام باهتمام بالغ هذه الجوانب فألزم بإبعاد الطفل عن تناول الغذاء المحرّم و كان إبعاد النبي صلّى اللّه عليه و اله لسبطه الحسين عن تناول تمر الصدقة التي لا تحل لأهل البيت عليهم السّلام تطبيقا لهذا المنهج التربوي الفذ...و سنذكر المزيد من ألوان تربيته له عند عرض ما أثر عنه عليه السّلام في حقه عليه السّلام.

رعاية النبي الأعظم للحسين
اشارة

و تولّى النبي صلّى اللّه عليه و اله بنفسه رعاية الحسين،و اهتم به اهتماما بالغا فمزج روحه بروحه،و مزج عواطفه بعواطفه،و كان-فيما يقول المؤرخون-يضع إبهامه في

ص: 40

فيه،و أنه أخذه بعد ولادته فجعل لسانه في فمه ليغذيه بريق النبوة و هو يقول له:

«إيها حسين،إيها حسين،أبى الله إلا ما يريد هو-يعني الإمامة-فيك و في ولدك...».

و في ذلك يقول السيد الطباطبائي:

ذادوا عن الماء ظمآنا مراضعه من جده المصطفى الساقي أصابعه

يعطيه إبهامه آنا و آونة لسانه فاستوت منه طبائعه

غرس سقاه رسول الله من يده و طاب من بعد طيب الأصل فارعه

لقد سكب الرسول صلّى اللّه عليه و اله في نفس وليده مثله و مكرماته ليكون صورة عنه، و امتدادا لحياته،و ممثلا له في نشر أهدافه و حماية مبادئه (1).

في أن الحسين ابن النبي
اشارة

ابن بابويه قال:حدّثنا جعفر بن محمد بن مسرور قال:حدّثنا الحسين بن محمد بن عامر،عن عمه عبد اللّه بن عامر قال:حدّثنا أبو أحمد محمد بن زياد الازدي،عن أبان بن عثمان الأحمر،عن أبان بن تغلب،عن عكرمة،عن ابن عباس قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله لعلي بن أبي طالب ذات يوم-و هو في مسجد قبا و الأنصار مجتمعون-«يا علي أنت أخي و أنا أخوك،يا علي أنت وصيي و خليفتي و إمام أمتي بعدي والى اللّه من والاك،و عادى اللّه من عاداك،و أبغض اللّه من أبغضك،و نصر اللّه من نصرك،و خذل اللّه من خذلك.

يا علي أنت زوج ابنتي و أبو ولدي،يا علي إنه لمّا عرج بي إلى السماء عهد إلي ربي فيك ثلاث كلمات فقال:يا محمد!قلت:لبيك ربي و سعديك تباركت و تعاليت فقال:إن

ص: 41


1- حياة الحسين للقرشي:26/1.

عليا إمام المتقين،و قائد الغر المحجلين،و يعسوب المسلمين» (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال:حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم قال:حدّثنا جعفر بن سلمة الأهوازي قال:حدّثنا إبراهيم بن محمد الثقفي،عن إبراهيم بن موسى ابن اخت الواقدي قال:حدّثنا أبو قتادة الحراني،عن عبد الرّحمن بن العلاء الحضرمي،عن سعيد بن المسيب،عن ابن عباس قال:إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله كان جالسا يوما و عنده علي و فاطمة و الحسن و الحسين فقال:

«اللهم إنك تعلم أن هؤلاء أهل بيتي و اكرم الناس عليّ فأحب من أحبهم،و أبغض من أبغضهم و وال من والاهم،و عاد من عاداهم (2)و اجعلهم مطهرين من كل رجس، معصومين من كل ذنب،و أيدهم بروح القدس» (3).

ثم قال صلّى اللّه عليه و اله:«يا علي أنت إمام أمتي،و خليفتي عليها بعدي،و أنت قائد المؤمنين إلى الجنة،و كأني أنظر الى ابنتي فاطمة قد أقبلت يوم القيامة على نجيب من نور،عن يمينها سبعون ألف ملك،و عن يسارها سبعون ألف ملك،و بين يديها سبعون ألف ملك، و من خلفها سبعون ألف ملك تقود مؤمنات أمتي إلى الجنة،فأيما إمرأة صلّت في اليوم و الليلة خمس صلوات،و صامت شهر رمضان،و حجّت بيت اللّه،و زكّت مالها،و أطاعت زوجها،و والت عليا بعدي دخلت الجنة بشفاعة ابنتي فاطمة،و أنها لسيدة نساء العالمين».

فقيل له:يا رسول اللّه أهي سيدة نساء عالمها؟

فقال صلّى اللّه عليه و اله:«تلك مريم بنت عمران،و أما ابنتي فاطمة فإنها سيدة نساء العالمين من الأولين و الآخرين و إنها لتقوم في محرابها فيسلّم عليها سبعون ألف ملك من الملائكة المقربين،و ينادونها بما نادت به الملائكة مريم فيقولون:يا فاطمة إِنَّ اللّهَ اصْطَفاكِك.

ص: 42


1- في بعض المصادر:و يعسوب المؤمنين.و الحديث ذكره الصدوق في أماليه ص 314-315.
2- في بعض المصادر:و أعن من أعانهم.
3- في بعض المصادر:بروح القدس منك.

وَ طَهَّرَكِ وَ اصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ (1) ».

ثم التفت الى علي عليه السّلام فقال:«يا علي إن فاطمة بضعة مني،و هي نور عيني،و ثمرة فؤادي،يسوؤني ما ساءها،و يسرني ما سرها،و إنها أول من يلحقني من أهل بيتي فأحسن اليها بعدي،و أما الحسن و الحسين فهما ابناي،و ريحانتاي،و هما سيدا شباب أهل الجنة،فليكونا عليك كسمعك و بصرك»،ثم رفع صلّى اللّه عليه و اله يده الى السماء فقال:«اللهم إني اشهدك أني محبّ لمن أحبهم،و مبغض لمن أبغضهم،و سلم لمن سالمهم،و حرب لمن حاربهم،و عدوّ لمن عاداهم،و وليّ لمن والاهم» (2).

قصة و عبرة

دخل الأديب الشعبي إلى الحجاج يوم عيد الأضحى.قال لي:بما يتقرب الناس بمثل هذا اليوم قلت:يتقربون بالأضحية.قال ما رأيك بان أضحي برجل يوالي عليا و فاطمة.فسكت.

فجاء برجل كبير و هو يحيى بن معمر-فقيه إمامي-فقال له الحجاج هلا تزال على غيك بقولك أن الحسن و الحسين ولدا رسول اللّه.

قال يحيى:لست أنا الذي على غيّ أفتجعل القرآن على غيّ-القرآن يقول.

قال الحجاج:ما دليك و لكن لا تأتني بآية المباهلة.

فقال الشعبي:أطرقت و قلت في نفسي من أين ياتي له بآية تدل على أن الحسن و الحسين إبنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله..

فقال يحيى:و من ذريته داود و سليمان و أيوب و يوسف و موسى و هارون

ص: 43


1- آل عمران:42.
2- أمالي الصدوق ص 436-437.

و كذلك نجزي المحسنين.و زكريا و يحيى و عيسى و إلياس و كل من الصالحين (1).

فمن ذرية إبراهيم النبي عيسى الذي ولد من دون أب بل عن طريق الأم فلماذا اعتبر ابن إبراهيم الخليل.

قال الحجاج:لأنه داخل في صلبه عن طريق مريم.

قال:بين إبراهيم و مريم دهور كثيرة،و لكن بين الحسن و الحسين و الرسول فاطمة فقط أفلا تعتبرهما إبناه.

فقال الحجاج:إدفع له عشرة آلاف درهم رغما عن أنفي.

فطلع إلى المسجد و وزّعها و هو يقول هذا من بركات الحسن و الحسين عليهما السلام.

شعر في المناسبة

يقول عبد اللّه بن المعتز:

لكم رحم يا بني بنته و لكن بنو العم أولى بها

قتلنا أمية في غابها فنحن أحق بأسلابها

و نحن ورثنا ثياب النبي فكم تجذبون بأهدابها

فرد عليه الصفي الحلي قائلا:

ألا قل لشر عبيد الإله و طاغى قريش و كذابها

و باغي العباد و باغي العناد و حاجى الكرام و مغتابها

أأنت تفاخر آل النبي و تجحدها قبل أحسابها

بكم بأهل المصطفى أمر بهم فرد العداة بأوصالها

ص: 44


1- الأنعام:85-84.

أعنكم نفرج أم عنهم لطهر النفوس و أنباذها

و قلت ورثنا ثياب النبي فكم تجذبون بأهدابها

و عندك لا ترث الأنبياء فكيف حضيتم بأثوابها

فناقضت نفسك بالحالتين و لم تعرف الشهد من حابها

أجدّك يرضى بما قلته و ما كان يوما بمرتابها

و كان بصفين من حزبهم لحرب الطغاة و أحزابها

و أقبل يدعو إلى حيدر بأرابها و بأرغابها

و قد شمر الموت عن ساقه و كشرت الحرب عن نابها

فهلاّ تقمصها جدكم إذا كان آنذاك أولى بها

و إذ جعل الأمر شورى لهم فهل كان من بعض أربابها

أخامسهم كان أم سادس و قد جليت بين خطابها

و قولك أنتم بنو بنته و لكن بنو العم أولى بها

بنو البنت أيضا بنو عمه و ذلك أدنى لأنسابها

و قولك أنكم القاتلون أسود أمية في غابها

كذبت و أسرفت فيما اّدعيت و أن تنهي نفسك عن عابها

ص: 45

تربية الإمام علي للحسين عليهما السلام

قال السيد القرشي:أما الإمام علي عليه السّلام فهو المربي الأول الذي وضع أصول التربية،و مناهج السلوك،و قواعد الآداب،و قد ربى ولده الإمام الحسين عليه السّلام بتربيته المشرقة فغذاه بالحكمة،و غذاه بالعفة و النزاهة،و رسم له مكارم الأخلاق و الآداب، و غرس في نفسه معنوياته المتدفقة فجعله يتطلع إلى الفضائل حتى جعل اتجاهه السليم نحو الخير و الحق،و قد زوده بعدة وصايا حافلة بالقيم الكريمة و المثل الإنسانية و منها هذه الوصية القيمة الحافلة بالمواعظ و الآداب الاجتماعية و ما يحتاج إليه الناس في سلوكهم،و هي من أروع ما جاء في الإسلام من الأسس التربوية التي تبعث على التوازن،و الاستقامة في السلوك قال عليه السّلام:

«يا بني أوصيك بتقوى الله تعالى في الغيب و الشهادة،و كلمة الحق في الرضى و القصد في الغنى و الفقر،و العدل في الصديق و العدو و العمل في النشاط و الكسل، و الرضى عن الله تعالى في الشدة و الرخاء.

يا بني ما شر بعده الجنة بشر،و لا خير بعده النار بخير،و كل نعيم دون الجنة محقور،و كل بلاء دون النار عافية...إعلم يا بني أن من أبصر عيب نفسه شغل عن غيره،و من رضي بقسم الله تعالى لم يحزن على ما فاته،و من سل سيف البغي قتل به،و من حفر بئرا وقع فيها،و من هتك حجاب غيره انكشفت عورات بيته،و من نسي خطيئته استعظم خطيئة غيره،و من كابد الأمور عطب،و من اقتحم البحر غرق،و من أعجب برأيه ضل و من استغنى بعقله زل،و من تكبّر على الناس ذل، و من سفه عليهم شتم،و من دخل مداخل السوء اتهم،و من خالط الأنذال حقر،و من

ص: 46

جالس العلماء و قر،و من مزح استخف به،و من اعتزل سلم،و من ترك الشهوات كان حرا،و من ترك الحسد كان له المحبة من الناس.

يا بني عز المؤمن غناه عن الناس،و القناعة مال لا ينفذ و من أكثر ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير،و من علم أن كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما ينفعه، العجب ممن خاف العقاب و رجا الثواب فلم يعمل،الذكر نور و الغفلة ظلمة،و الجهالة ضلالة،و السعيد من وعظ بغيره،و الأدب خير ميراث،و حسن الخلق خير قرين.

يا بني ليس مع قطيعة الرحم نماء،و لا مع الفجور غنى،...يا بني العافية عشرة أجزاء تسعة منها في الصمت إلا بذكر الله،و واحدة في ترك مجالسة السفهاء،و من تزين بمعاصي الله تعالى في المجالس ورّثه ذلا،من طلب العلم علم.

يا بني رأس العلم الرفق و آفته الخرق،و من كنوز الإيمان الصبر على المصائب، العفاف زينة الفقر،و الشكر زينة الغنى،و من أكثر من شىء عرف به،و من كثر كلامه كثر خطأه،و من كثر خطأه قل حياؤه،و من قل حياؤه قل ورعه،و من قل ورعه مات قلبه،و من مات قلبه دخل النار.

يا بني لا تؤيسن مذنبا فكم من عاكف على ذنبه ختم له بالخير،و من مقبل على عمله مفسد له في آخر عمره صار إلى النار،من تحرّى القصد خفّت عليه الأمور.

يا بني كثرة الزيارة تورث الملالة،يا بني الطمأنينة قبل الخبرة ضد الحزم، إعجاب المرء بنفسه دليل على ضعف عقله.

يا بني كم من نظرة جلبت حسرة،و كم من كلمة جلبت نعمة،لا شرف أعلى من الإسلام و لا كرم أعلى من التقوى،و لا معقل أحرز من الورع،و لا شفيع أنجح من التوبة،و لا لباس أجمل من العافية،و لا مال أذهب للفاقة من الرضى بالقوت،و من اقتصر على بلغة الكفاف تعجّل الراحة،و تبوّأ حفظ الدعة،الحرص مفتاح التعب، و مطية النصب وداع إلى التقحم في الذنوب،و الشر جامع لمساوى العيوب،و كفى أدبا لنفسك ما كرهته من غيرك لأخيك مثل الذي عليك لك،و من تورّط في الأمور

ص: 47

من غير نظر في الصواب فقد تعرّض لمفاجأة النوائب،التدبير قبل العمل يؤمنك الندم،من استقبل وجوه العمل و الآراء عرف مواقع الخطأ،الصبر جنة من الفاقة، في خلاف النفس رشدها،الساعات تنقص الأعمار،ربك للباغين من أحكم الحاكمين،و عالم بضمير المضمرين،بئس الزاد للمعاد العدوان على العباد،في كل جرعة شرق،و في كل أكلة غصص،لا تنال نعمة إلا بفراق أخرى،ما أقرب الراحة من التعب،و البؤس من النعيم،و الموت من الحياة فطوبى لمن أخلص لله تعالى علمه و عمله و حبه و بغضه و أخذه و تركه،و كلامه و صمته،و بخ بخ لعالم علم فكف،و عمل فجد و خاف التباب فأعدّ و استعد،إن سئل أفصح،و إن ترك سكت، كلامه صواب،و صمته من غير عي عن الجواب،و الويل كل الويل لمن بلي بحرمان و خذلان و عصيان و استحسن لنفسه ما يكرهه لغيره،من لانت كلمته وجبت محبته،من لم يكن له حياء و لا سخاء فالموت أولى به من الحياة،لا تتم مروءة الرجل حتى لا يبالي أي ثوبيه لبس،و لا أي طعاميه أكل».

و حفلت هذه الوصية بآداب السلوك و تهذيب الأخلاق،و الدعوة إلى تقوى الله التي هي القاعدة الأولى في وقاية النفس من الإنحراف و الآثام و توجيهها الوجهة الصالحة التي تتسم بالهدى و الرشاد.

ص: 48

تربية فاطمة الزهراء للحسين

و عنت سيدة النساء عليها السّلام بتربية وليدها الحسين،فغمرته بالحنان و العطف لتكون له بذلك شخصيته الاستقلالية،و الشعور بذاتياته،كما غذّته بالآداب الإسلامية،و عودته على الاستقامة،و الاتجاه المطلق نحو الخير يقول العلايلي:

«و الذي انتهى إلينا من مجموعة أخبار الحسين أن أمه عنيت ببث المثل الإسلامية الاعتقادية لتشيع في نفسه فكرة الفضيلة على أتم معانيها،و أصح أوضاعها،و لا بدع فإن النبي صلّى اللّه عليه و اله أشرف على توجيهه أيضا في هذا الدور الذي يشعر الطفل فيه بالاستقلال.

فالسيدة فاطمة أنمت في نفسه فكرة الخير،و الحب المطلق و الواجب و مدّدت في جوانحه و خوالجه أفكار الفضائل العليا بأن وجهت المبادىء الأدبية في طبيعته الوليدة،من أن تكون هي نقطة دائرتها إلى الله الذي هو فكرة يشترك فيها الجميع.

و بذلك يكون الطفل قد رسم بنفسه دائرة محدودة قصيرة حين أدار هذه المبادىء الأدبية على شخص والدته،و قصرها عليها و ما تجاوز بها إلى سواها من الكوائن،و رسمت له والدته دائرة غير متناهية حين جعلت فكرة الله نقطة الارتكاز، ثم أدارت المبادىء الأدبية و الفضائل عليها فاتسعت نفسه لتشمل و تستغرق العالم بعواطفها المهذبة،و تأخذه بالمثل الأعلى للخير و الجمال....

لقد نشأ الإمام الحسين عليه السّلام في جو تلك الأسرة العظيمة التي ما عرف التاريخ الإنساني لها نظيرا في إيمانها و هديها،و قد صار عليه السّلام بحكم نشأته فيها من أفذاذ الفكر الإنساني و من أبرز أئمة المسلمين.

ص: 49

البيئة

و أجمع المعنيون في البحوث التربوية و النفسية على أن البيئة من أهم العوامل التي تعتمد عليها التربية في تشكيل شخصية الطفل و إكسابه الغرائز و العادات، و هي مسؤولة عن أي انحطاط أو تأخر للقيم التربوية،كما أن استقرارها،و عدم اضطراب الأسرة لهما دخل كبير في استقامة سلوك النشىء و وداعته،و قد بحثت مؤسسة اليونسكو في هيئة الأمم المتحدة عن المؤثرات الخارجة عن الطبيعة في نفس الطفل،و بعد دراسة مستفيضة قام بها الاختصاصيون قدّموا هذا التقرير:

«مما لا شك فيه أن البيئة المستقرة سيكولوجيا،و الأسرة الموحدة التي يعيش أعضاؤها في جو من العطف المتبادل هي أول أساس يرتكز عليه تكيف الطفل من الناحية العاطفية،و على هذا الأساس يستند الطفل فيما بعد في تركيز علاقاته الاجتماعية بصورة مرضية،أما إذا شوّهت شخصية الطفل بسوء معاملة الوالدين فقد يعجز عن الاندماج في المجتمع...».

إن استقرار البيئة و عدم اضطرابها من أهم الأسباب الوثيقة في تماسك شخصية الطفل و ازدهار حياته،و مناعته من القلق،و قد ذهب علماء النفس إلى أن اضطراب البيئة و ما تحويه من تعقيدات،و ما تشتمل عليه من أنواع الحرمان كل هذا يجعل الطفل يشعر بأنه يعيش في عالم متناقض ملىء بالغش و الخداع و الخيانة و الحسد و أنه مخلوق ضعيف لا حول له و لا قوة تجاه هذا العالم العنيف.و قد عني الإسلام بصورة إيجابية في شؤون البيئة فأرصد لإصلاحها و تطورها جميع أجهزته و طاقاته،و كان يهدف قبل كل شي أن تسود فيها القيم العليا من الحق و العدل و المساواة،و أن تتلاشى فيها عوامل الانحطاط و التأخر من الجور و الظلم و الغبن،و أن تكون آمنة مستقرة خالية من الفتن و الاضطراب حتى تمد الأمة بخيرة الرجال و أكثرهم كفاءة،و انطلاقا في ميادين البر و الخير و الإصلاح.

ص: 50

و قد أنتجت البيئة الإسلامية العظماء و الأفذاذ و العباقرة المصلحين الذين هم من خيرة ما أنتجته الإنسانية في جميع مراحل تاريخها كسيدنا الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام و عمار بن ياسر،و أبي ذر و أمثالهم من بناة العدل الاجتماعي في الإسلام.

لقد نشأ الإمام الحسين عليه السّلام في جو تلك البيئة الإسلامية الواعية التي فجرّت النور و صنعت حضارة الإنسان،و قادت شعوب الأرض لتحقيق قضاياها المصيرية،و أبادت القوى التي تعمل على تأخير الإنسان و انحطاطه،تلك البيئة العظيمة التي هبت إلى ينابيع العدل تعب منها فتروي و تروى الأجيال الظامئة.

و قد شاهد الإمام الحسين و هو في غضون الصبا ما حققته البيئة الإسلامية من الانتصارات الرائعة في إقامة دولة الإسلام،و تركيز أسسها،و أهدافها و بث مبادئها الهادفة إلى نشر المودة و الدعة و الأمن بين الناس.

هذه بعض المكونات التربوية التي توفرت للإمام الحسين عليه السّلام و قد أعدّته ليكون الممثل الأعلى لجده الرسول صلّى اللّه عليه و اله في الدعوة إلى الحق،و الصلابة في العدل (1).4.

ص: 51


1- انظر الإمام الحسين للقرشي:32/1-34.

معرفة الإمام الحسين و ذريته

ابن بابويه قال:حدّثنا الحسن بن علي قال:حدّثنا هارون بن موسى قال:أخبرنا محمد بن الحسن الصفار،عن يعقوب بن يزيد،عن محمد بن أبي عمير،عن هشام (1)قال:كنت عند الصادق جعفر بن محمد عليه السّلام إذ دخل عليه معاوية بن وهب و عبد الملك بن أعين،فقال له معاوية بن وهب:يابن رسول اللّه ما تقول في الخبر الذي روي أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله رأى ربه،على أي صورة رآه؟و عن الحديث الذي رووه أن المؤمنين يرون ربهم في الجنة؟على أي صورة يرونه؟

فتبسم عليه السّلام ثم قال:«يا معاوية ما أقبح بالرجل يأتي عليه سبعون سنة أو ثمانون سنة يعيش في ملك اللّه و يأكل من نعمة اللّه (2).ثم لا يعرف اللّه حق معرفته!».

ثم قال عليه السّلام:«يا معاوية إن محمدا صلّى اللّه عليه و اله لم ير الرب تبارك و تعالى بمشاهدة العيان، و إن الرؤية على وجهين رؤية القلب و رؤية البصر،فمن عنى برؤية القلب فهو مصيب، و من عنى برؤية البصر فقد كفر و كذب باللّه و آياته،لقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:من شبه اللّه بخلقه فقد كفر.و لقد حدّثني أبي،عن أبيه،عن الحسين بن علي قال:سئل أمير المؤمنين عليه السّلام فقيل (3):يا أخا رسول اللّه هل رأيت ربك؟فقال:كيف أعبد من لم أره،لم تره العيون بمشاهدة العيان،و لكن رأته القلوب بحقائق الإيمان» (4).

ص: 52


1- في البحار:عن هشام بن سالم.
2- في الانصاف:و يأكل من نعمه.
3- في الانصاف و البحار:فقيل له.
4- راجع لفظ الحديث في اصول الكافي:95/1،التوحيد ص 109 و 309،البحار:27/4 و304.

و إذا كان المؤمن يرى ربه بمشاهدة البصر فإن كل من جاز عليه البصر و الرؤية فهو مخلوق،و لا بد للمخلوق من خالق،فقد جعلته إذا محدثا مخلوقا و من شبّهه بخلقه فقد اتخذ مع اللّه شريكا،ويلهم (1)ألم يسمعوا قول اللّه تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (2)و قوله لموسى: لَنْ تَرانِي وَ لكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمّا تَجَلّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا و إنما طلع من نوره على الجبل كضوء يخرج من سم الخياط فدكدكت الأرض و ضعضعت الجبال وَ خَرَّ مُوسى صَعِقاً أي ميتا،فلما أفاق ورد عليه روحه قال:

سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ من قول من زعم أنك ترى و رجعت إلى معرفتي بك أن الأبصار لا تدركك وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (3)و أول المقرين بأنك ترى و لا ترى و أنت بالمنظر الأعلى.

ثم قال عليه السّلام:«إن أفضل الفرائض و أوجبها على الانسان معرفة الرب و الاقرار له بالعبودية،و حدّ المعرفة (4)أن يعرف أن لا إله غيره و لا شبيه له و لا نظير له،و أن يعرف إنه قديم مثبت،موجود غير فقيد موصوف من غير شبيه له و لا نظير له و لا مثيل،ليس كمثله شيء و هو السميع البصير؛و بعده معرفة الرسول و الشهادة له بالنبوة،و أدنى معرفة الرسول الاقرار بنبوته،و أن ما أتى به من كتاب أو أمر أو نهي فذلك عن اللّه عز و جل؛و بعده معرفة الإمام الذي قام بنعته (5)و صفته و اسمه في حال اليسر و العسر، و أدنى معرفة الإمام أنه عدل (6)النبي إلا درجة النبوة و وارثه،و أن طاعته طاعة اللّه و طاعةل.

ص: 53


1- في الانصاف:ويل لهم،و في البحار:ويلهم أو لم يسمعوا.
2- الانعام 103/3.
3- الاعراف:143.
4- في الانصاف:أن يقر.
5- في البحار:الإمام الذي به يأتم بنعته.
6- العدل:النظير و المثل.

رسول اللّه،و التسليم له في كل أمر،و الردّ إليه،و الأخذ بقوله،و يعلم أن الإمام بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله علي بن أبي طالب،و بعده الحسن،ثم الحسين،ثم علي بن الحسين،ثم محمد بن علي،ثم أنا،ثم بعدي موسى ابني،ثم بعده علي إبنه،و بعد علي محمد ابنه،و بعد محمد علي إبنه،و بعد علي الحسن إبنه،و الحجة من ولد الحسن.

ثم قال:يا معاوية جعلت لك في هذا أصلا فاعمل عليه،فلو كنت تموت على ما كنت عليه لكان حالك أسوأ الأحوال،فلا يغرنك قول من زعم أن اللّه يرى بالبصر،و قد قالوا أعجب من هذا،أ و لم ينسبوا أبي آدم إلى المكروه،أو لم ينسبوا إبراهيم إلى ما نسبوه؟ أو لم ينسبوا داود عليه السّلام إلى ما نسبوه من حديث الطير؟أو لم ينسبوا يوسف الصديق إلى ما نسبوه من حديث زليخا؟أو لم ينسبوا موسى عليه السّلام إلى ما نسبوه من القتل؟أو لم ينسبوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله إلى ما نسبوه من حديث زيد؟أو لم ينسبوا علي بن أبي طالب إلى ما نسبوه من حديث القطيفة؟إنهم أرادوا بذلك توبيخ الإسلام ليرجعوا على أعقابهم،أعمى اللّه أبصارهم،كما أعمى قلوبهم،تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا» (1).8.

ص: 54


1- الانصاف ص 313-316 عن النصوص على الأئمة الاثني عشر لابن قولويه،كفاية الاثر للخزاز ص 35،البحار:54/4-55،و ج 406/36-408.

وجوب معرفة حقيقة آل محمد

أجمعت الأمة الإسلامية بجميع مذاهبها على وجوب معرفة أهل البيت عليهم السّلام، كما برهن عليه مفصلا السيد المرتضى في رسائله (1).

و في الروايات الشريفة إشارة واضحة لذلك فعن أمير المؤمنين علي عليه السّلام قال:

«لا يدخل الجنة إلاّ من عرفهم و عرفوه» (2).

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«لا يقبل اللّه أعمال العباد إلاّ بمعرفته(الإمام) (3).

و ليس المراد بمعرفتهم معرفة أسمائهم و أسماء آبائهم،كما لا يخفى على المتأمل،خاصة عندما تحدثنا الروايات ان بمعرفتهم نعرف اللّه تعالى،كما قال سيد الموحدين:«أنا باب حطة من عرفني و عرف حقي فقد عرف ربه» (4).

فمعرفة اسم الإمام يؤدي الى معرفة اللّه تعالى.

بل نجد ان أمير المؤمنين يصرح بأن المراد بمعرفتهم المعرفة الباطنية قال عليه السّلام:

«يا سلمان:إنه لا يستكمل أحد الايمان حتى يعرفني كنه معرفتي بالنورانية...الى أن يقول:

يا سلمان:أولنا محمد و أوسطنا محمد و آخرنا محمد،فمن استكمل معرفتي فهو على الدين القيم.

ص: 55


1- -رسائل المرتضى:252/2.
2- -نهج البلاغة:212 الخطبة 152،و الكافي:184/1 ح 9.
3- -أصول الكافي:203/1 كتاب الحجة باب نادر جامع في فضل الإمامة ح 2.
4- -بحار الأنوار:258/26 باب جوامع مناقبهم من كتاب الإمامة.

يا سلمان:كنت أنا و محمد نورا واحدا من نور اللّه...»الى آخر الحديث (1).

و يشير الى ذلك أيضا ما ورد عن الإمام الصادق عليه السّلام:فعن المفضل قال:دخلت على الإمام الصادق عليه السّلام ذات يوم فقال لي:«يا مفضل هل عرفت محمدا و عليا و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام كنه معرفتهم»؟

قلت:يا سيدي ما كنه معرفتهم؟

قال:«يا مفضل من عرفهم كنه معرفتهم كان مؤمنا في السنام الأعلى».

قال:قلت:عرفني ذلك يا سيدي؟

قال:«يا مفضل تعلم أنهم علموا ما خلق اللّه عزّ و جلّ و ذرأه و برأه،و أنهم كلمة التقوى و خزان السماوات و الأرضين و الجبال و الرمال و البحار،و علموا كم في السماء من نجم و ملك و وزن الجبال و كيل ماء البحار و أنهارها و عيونها،و ما تسقط من ورقة إلاّ علموها و لا حبة في ظلمات الأرض و لا رطب و لا يابس إلاّ في كتاب مبين،و هو في علمهم و قد علموا ذلك» (2).

فكل هذه الأمور تتوقف على معرفة الإمام و هذا يدل على أهمية و وجوب معرفة علم أئمة أهل البيت عليهم السّلام.

و إياك و الشك في ذلك فقد روى لنا سلمان عن أمير المؤمنين عليه السّلام قوله:

«يا سلمان إنّ الشاك في أمورنا و علومنا كالممتري في معرفتنا و حقوقنا» (3).

و عن الإمام الرضا عليه السّلام:«فو اللّه لا وصل الى حقيقة معرفتنا إلاّ من منّ اللّه بها عليه و ارتضيناه لنا وليا» (4).1.

ص: 56


1- -بحار الأنوار:1/26-3 باب نادر في معرفتهم ح 1.
2- -بحار الأنوار:116/26 ح 21 باب أنهم لا يحجب عنهم علم السماء و الأرض.
3- -ارشاد القلوب:416/2 فضائل الأئمة.
4- -الهداية الكبرى:299 باب 11.

ضرورة معرفة أهل البيت عليهم السّلام

و هناك آثار معنوية و مادية لمعرفة أهل بيت محمد صلّى اللّه عليه و اله،معرفة واقعية صحيحة،و قد جمعها الإمام الصادق عليه السّلام في إحدى خطبه جاء منها:

«فمن عرف من أمة محمد صلّى اللّه عليه و اله واجب حق إمامه،وجد طعم حلاوة ايمانه،و علم فضل طلاوة اسلامه،لأن اللّه نصب الإمام علما لخلقه،و جعله حجة على أهل مواده و عالمه و ألبسه تاج الوقار،و غشاه من نور الجبار،يمد بسبب الى السماء-الى أن قال:حجج اللّه و دعاته و رعاته على خلقه يدين بهديهم العباد و تستهل بنورهم البلاد و ينمو ببركتهم التلاد.

فليس يجهل حق هذا العالم إلاّ شقي و لا يجهده إلاّ غوي،و لا يصد عنه إلاّ جريّ على اللّه جل و علا» (1).

و في حديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله قال:«يا سلمان من عرفهم حق معرفتهم و اقتدى بهم فهو و اللّه منا،يرد حيث نرد و يسكن حيث نسكن...» (2).

و قريب منه عن أبي جعفر عليه السّلام (3).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:قال اللّه تعالى لموسى:«محمد و عترته فمن عرفهم و عرف حقهم جعلت[ه]عند الجهل علما،و عند الظلمة نورا،و أعطيته بعد السؤال واجبته قبل الدعاء (4).

«أين باب اللّه الذى منه يؤتي»«أين وجه اللّه الذي إليه يتوجه الأولياء» (5).

ص: 57


1- -أصول الكافي:203/1-205 كتاب الحجة باب نادر في فضل الإمام ح 2.
2- -إلزام الناصب:333/2 آيات الرجعة.
3- -بصائر الدرجات:63 الجزء الثاني ح 10.
4- -مشارق أنوار اليقين:149.
5- -من دعاء الندبة للإمام المهدي(عج)و الروايات في مضمون هذا الدعاء كثيرة راجع بصائر الدرجات:61 باب في الأئمة أنهم حجة اللّه.

فكيف نريد أن نتقرب بوجوه لا نعرفها و أبواب لا نعرفها و أبواب لا نهتدي إليها!!

و بذلك صرح الإمام الصادق عليه السّلام:«و بعبادتنا عبد اللّه و لولانا ما عبد اللّه» (1).

«نحن الأسماء الحسنى الذين لا يقبل اللّه عملا إلاّ بمعرفتنا» (2).

و قال الإمام الباقر عليه السّلام: أَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَ لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ نحن السبيل فمن ابى فهذه السبل» (3).

و من الآثار التي تكشف ضرورة معرفة أهل البيت عليهم السّلام و معرفة كنه علومهم ما ورد من توقف العبادة عليهم لما يأتي أنهم الوسائط بيننا و بين اللّه تعالى كحديث:

«نحن فيما بينكم و بين اللّه» (4).

و حديث:«واسطة على سبيل هداة لا يهتدي هاد إلاّ بهداهم» (5).

فلا يستطيع الإنسان أن يتقرب إلاّ بعد معرفة الأسباب و الوسائط.

و ورد:بالباء ظهر الوجود،و بالنقطة تميز العابد عن المعبود» (6).

و ورد عن بعض العارفين:«ما رأيت شيئا إلاّ و رأيت الباء عليه مكتوبة» (7).

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام:«أنا النقطة تحت الباء» (8).

و من المهم تفصيل هذه الآثار كما جاءت في الروايات.7.

ص: 58


1- -الكافي:193/1،و بحار الأنوار:20/2،و بصائر الدرجات:61 و 64.
2- -الكافي:144/1.
3- -بحار الأنوار:13/24.
4- -أصول الكافي:265/1 ح 1،و الوسائل:91/18 ح 33375.
5- أصول الكافي:198/1.
6- -شرح دعاء السحر:64،و جامع الاسراء:563 ح 1163 و نسبه لابن عربي.
7- -جامع الاسراء:701.
8- -شرح دعاء السحر:64،و جامع الاسراء:563 و 411 ح 1163-823،و الأنوار النعمانية:/1 47.

آثار معرفة أهل البيت عليهم السلام

1-عدم الظلم للنفس:

عن سالم قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن قول اللّه عز و جل: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللّهِ قال:«السابق بالخيرات الإمام و المقتصد العارف للإمام و الظالم لنفسه الذي لا يعرف الإمام» (1).

و عن الإمام الصادق جعفر بن محمد عليه السّلام إنه سئل عن قول اللّه عزّ و جلّ: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللّهِ فقال:«الظالم يحوم (2)حوم نفسه و المقتصد يحوم حرم قلبه و السابق يحوم حوم ربه عز و جل» (3).

و عن جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السّلام قال:سألته عن قول اللّه عزّ و جل ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللّهِ فقال:«الظالم منا من لا يعرف حق الإمام و المقتصد العارف بحق الإمام سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللّهِ هو الإمام جَنّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يعني المقتصد و السابق» (4).

ص: 59


1- -الكافي:214/1 ح 1.
2- -حام الطائر حول الماء حوما فإذا دار به طلبه(المصباح المنير)هامش المخطوط.
3- -معاني الأخبار:1/104.
4- -معاني الأخبار:2/104.

2-المرور على الصراط:

ابن بابويه قال:حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان قال:حدّثنا عبد الرّحمن بن محمد الحسيني قال:حدّثنا أبو جعفر أحمد بن عيسى بن أبي مريم العجلي قال:حدّثنا محمد بن أحمد بن عبد اللّه بن زياد العرزمي قال:حدّثنا علي بن حاتم المنقري عن المفضل ابن عمر قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الصراط قال:«هو الطريق إلى معرفة اللّه عزّ و جل و هما صراطان:صراط في الدنيا،و صراط في الآخرة،فأما الصراط في الدنيا فهو الإمام المفترض الطاعة من عرفه في الدنيا و اقتدى بهداه مرّ على الصراط الذي هو جسر جهنم في الآخرة و من لم يعرفه في الدنيا زلت قدمه عن صراط في الآخرة فتردّى في نار جهنم» (1).

3-أصبح من أهل البيت:

عن أبي المعزا عن أبي بصير عن أبي خيثمه عن أبي جعفر عليه السّلام قال:سمعته يقول:

«نحن جنب اللّه و صفوته و نحن خيرته و نحن مستودع مواريث الأنبياء،و نحن امناء اللّه و نحن حجة اللّه و نحن أركان الإيمان و نحن دعائم الإسلام و نحن من رحمة اللّه على خلقه،و نحن الذين بنا يفتح[اللّه]و بنا يختم،و نحن أئمة الهدى و نحن مصابيح الدجى، و نحن منار الهدى و نحن السّباقون و نحن الآخرون،و نحن العلم المرفوع للخلق من تمسّك بنا لحق و من تخلف عنها غرق،و نحن قادة الغر المحجلين و نحن خيرة اللّه و نحن الطريق و الصراط المستقيم إلى اللّه،و نحن نعمة اللّه على خلقه و نحن المنهاج و نحن معدن النبوة و نحن موضع الرسالة و نحن الذين إلينا مختلف الملائكة و نحن السراج لمن استضاء بنا،و نحن السبيل لمن اقتدى بنا و نحن الهداة إلى الجنة و نحن عز

ص: 60


1- -معاني الأخبار:/32ح 1.

الإسلام و نحن المحسودون و نحن القناطر من مضى عليها لم يسبق و من تخلف عنها محق،و نحن السنام الأعظم و نحن الذين بنا تنزل الرحمة و بنا تسقون الغيث و نحن الذين بنا يصرف عنكم العذاب،فمن عرفنا و نصرنا و عرف حقّنا و أخذ بأمرنا فهو منّا و إلينا» (1).

4-كان معهم في السنام الاعلى:

الشيخ الطوسي في كتاب مصابيح الأنوار بإسناده عن رجاله مرفوعا إلى المفضل بن عمر قال دخلت على الصادق عليه السّلام ذات يوم فقال لي:«يا مفضل عرفت محمّدا و عليّا و فاطمة و الحسن و الحسين:كنه معرفتهم»قلت:يا سيدي و ما كنه معرفتهم؟قال:«يا مفضل تعلم أنهم في طير عن الخلايق بجنب الروضة الخضرا فمن عرفهم كنه معرفتهم كان معنا في السنام الاعلى»قال:قلت:عرّفني ذلك يا سيدي،قال:

«يا مفضل تعلم أنهم علموا ما خلق اللّه عزّ و جلّ و ذرأه و برأه و أنهم كلمة التقوى و خزناء السماوات و الأرضين و الجبال و الرمال و البحار،و عرفوا كم في السماء نجم و ملك،و وزن الجبال و كيل ماء البحار و أنهارها و عيونها و ما تسقط من ورقة إلاّ علموها وَ لا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَ لا رَطْبٍ وَ لا يابِسٍ إِلاّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (2)و هو في علمهم و قد علموا ذلك»فقلت:يا سيدي قد علمت ذلك و أقررت به و آمنت قال:«نعم يا مفضل يا مكرم نعم يا طيّب نعم يا محبور،طبت و طابت لك الجنّة و لكل مؤمن بها» (3).

ص: 61


1- -فرائد السمطين:/253/2ب /48ح 523.
2- -الأنعام:59.
3- -مدينة المعاجز:129/2،و مشارق أنوار اليقين:55.

أثر معرفة أهل البيت عند الموت

تهوين سكرات الموت:

الحديث الخامس:ابن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن حماد ابن عثمان عن عيسى بن السّري قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:حدثني عما بنيت عليه دعائم الإسلام إذا أخذت بها زكى عملي و لم يضرني جهل ما جهلت بعده؟فقال:«شهاده أن لا إله الا اللّه و أن محمدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و الإقرار بما جاء به من عند اللّه،و حق في الأموال من الزكاة،و الولاية التي أمر اللّه بها ولاية آل محمد صلىّ اللّه عليه و اله فإن رسول اللّه قال:من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية،قال اللّه عزّ و جل: أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فكان علي عليه السّلام ثم صار من بعده حسن ثم حسين ثم من بعده علي بن الحسين ثم من بعده محمد بن علي ثم هكذا يكون الأمر،إن الأرض لا تصلح إلا بإمام،و من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية،و أحوج ما يكون أحدكم إلى معرفته إذا بلغت نفسه ههنا-و أهوى بيده إلى صدره-يقول حينئذ:لقد كنت على أمر حسن» (1).

ص: 62


1- -اصول الكافي 21/2 ح 9 باب دعائم الإسلام.

آثار عدم معرفة أهل البيت

1-الشقاء:

عن إسحاق بن غالب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في خطبة له يذكر فيها حال الأئمة عليهم السّلام و صفاتهم:«إن اللّه عزّ و جل أوضح بأئمة الهدى من أهل بيت نبيّنا عن دينه و أبلج بهم عن سبيل منهاجه،و منح بهم-في نسخة:و فتح بهم-عن باطن ينابيع علمه،فمن عرف من امة محمد صلّى اللّه عليه و اله و أحب حق إمامته وجد طعم حلاوة إيمانه....الى أن قال:

رضي اللّه به إماما لهم استودعه سره و استحفظه علمه و استخبأه حكمته و استرعاه لدينه و انتدبه لعظيم أمره و أحيا به مناهج سبيله و فرائضه و حدوده،فقام بالعدل عند تحير أهل الجهل و تحيير أهل الجدل،بالنور الساطع و الشفاء النافع بالحق الأبلج و البيان اللائح من كل مخرج على طريق المنهج الذي مضى عليه الصادقون من آبائه عليهم السّلام فليس يجهل حق هذا العالم إلاّ شقي،و لا يجحده إلاّ غوي،و لا يصد عنه إلاّ جري على اللّه جلّ و علا» (1).

2-زلّة قدمه عن الصراط:

ابن بابويه قال:حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان قال:حدّثنا عبد الرّحمن بن محمد الحسيني قال:حدّثنا أبو جعفر أحمد بن عيسى بن أبي مريم العجلي قال:حدّثنا محمد بن أحمد بن عبد اللّه بن زياد العرزمي قال:حدّثنا علي بن حاتم المنقري عن

ص: 63


1- -الكافي:205/1-203 ح 2.

المفضل ابن عمر قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الصراط قال:«هو الطريق إلى معرفة اللّه عزّ و جل و هما صراطان:صراط في الدنيا،و صراط في الآخرة،فأما الصراط في الدنيا فهو الإمام المفترض الطاعة من عرفه في الدنيا و اقتدى بهداه مرّ على الصراط الذي هو جسر جهنم في الآخرة و من لم يعرفه في الدنيا زلت قدمه عن صراط في الآخرة فتردّى في نار جهنم» (1).

3-عدم معرفة اللّه تعالى:

عن سليمان بن مهران عن الإمام الصادق جعفر بن محمد عليه السّلام عن أبيه عن آبائه عن علي عليه السّلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:يا علي أنت أخي و وارثي و وصي و خليفتي في أهلي و امتي في حياتي و بعد مماتي محبّك محبي و مبغضك مبغضي،يا علي أنا و أنت أبوا هذه الأمة،يا علي أنا و أنت و الأئمة من ولدك سادات في الدنيا و ملوك في الآخرة من عرفنا فقد عرف اللّه،و من أنكرنا فقد أنكر اللّه عزّ و جل» (2).

و عن ابن سنان عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«قال أمير المؤمنين في خطبة:أنا الهادي و أنا المهتدي و أنا أبو اليتامى و المساكين و زوج الأرامل،و أنا ملجأ كل ضعيف و مأمن كل خائف،و أنا قائد المؤمنين إلى الجنة و أنا حبل اللّه المتين،و أنا عروة اللّه الوثقى و كلمة اللّه التقوى،و أنا عين اللّه و لسانه الصادق و يده،و أنا جنب اللّه أن الذي يقول(أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب اللّه)،و أنا يد اللّه المبسوطة على عباده بالرحمة و المغفرة،و أنا باب حطة من عرفني و عرف حقي فقد عرف ربّه لأني وصي نبيّه في أرضه و حجته على خلقه لا ينكر هذا إلاّ رادّ على اللّه و على و رسوله.

ص: 64


1- -معاني الأخبار:/32ح 1.
2- -أمالي الصدوق:/754مجلس /94ح 6.

قال ابن بابويه عقيب هذا الحديث:الجنب الطاعة في لغة العرب يقال:هذا صغير في جنب اللّه أي في طاعة اللّه عزّ و جل قال اللّه عزّ و جل: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللّهِ (1)أي في طاعة اللّه عزّ و جل (2)

4-مات ميتة جاهلية:

تميم بن بهلول قال:حدّثنا عبد اللّه بن أبي الهذيل:و سألته عن الإمامة فيمن تجب؟و ما علامات من تجب له الإمامة؟فقال لي:إن الدليل على ذلك،و الحجة على المؤمنين،و القائم في أمور المسلمين،و الناطق بالقرآن،و العالم بالأحكام،أخو نبي اللّه صلّى اللّه عليه و اله،و خليفته على أمته،و وصيه عليهم،و وليه الذي كان منه بمنزلة هارون من موسى،المفروض الطاعة بقول اللّه عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (3)و قال جل ذكره: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (4)المدعو إليه بالولاية،المثبت له بالإمامة يوم غدير خم بقول الرسول صلّى اللّه عليه و اله عن اللّه عز و جل:«ألست أولى بكم من أنفسكم؟قالوا:بلى قال:فمن كنت مولاه فعلي مولاه،اللهم وال من والاه،و عاد من عاداه،و انصر من نصره،و اخذل من خذله،واعن من أعانه؛ذاك علي بن أبي طالب أمير المؤمنين،و إمام المتقين،و قائد الغر المحجلين،و أفضل الوصيين،و خير الخلق أجمعين بعد رسول رب العالمين،و بعده الحسن،ثم الحسين سبطا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله إبنا خيرة النسوان،ثم علي بن الحسين،ثم محمد بن علي،ثم جعفر بن محمد،ثم موسى بن جعفر،ثم علي بن موسى،ثم محمد بن علي،ثم علي بن محمد،ثم الحسن بن

ص: 65


1- -الزمر:56.
2- -معاني الأخبار:/17ح 14.
3- -النساء:59.
4- -المائدة:55.

علي،ثم محمد بن الحسن صلوات اللّه عليهم،إلى يومنا هذا واحدا بعد واحد،إنهم عترة الرسول صلّى اللّه عليه و اله معروفون بالوصية و الإمامة في كل عصر و زمان،و كل وقت و أوان، و إنهم العروة الوثقى و أئمة الهدى،و الحجة على أهل الدنيا إلى أن يرث اللّه الأرض و من عليها،و إن كل من خالفهم ضال مضل تارك للحق و الهدى،و إنهم المعبرون عن القرآن،و الناطقون عن الرسول صلّى اللّه عليه و اله بالبيان،و إن من مات و لا يعرفهم مات ميتة جاهلية،و إن فيهم الورع و العفة و الصدق و الصلاح و الاجتهاد،و أداء الأمانة إلى البر و الفاجر،و طول السجود و قيام الليل،و اجتناب المحارم،و انتظار الفرج بالصبر و حسن الصحبة،و حسن الجواب» (1).1.

ص: 66


1- -كمال الدين:336/2-337،عيون أخبار الرضا:44/1.

نور الحسين بن علي عليهما السلام

قال السيد الخامنئي:إنّ التشبّه بالأكابر و الانتساب إلى الأولياء من عمل أذكياء العالم.كل امرء يبحث عن أسوة له.لكن التوفيق لا يحالف الجميع في انتهاج منهج الصواب عند البحث عن الأسوة.

لو سألت بعض الأشخاص في هذا العالم عن الشخصية التي أثارت انتباهه و اجتذبته إليها،تجده يقتفي أثر أناس وضيعين و تافهين أمضوا أعمارهم في عبودية هوى النفس و لا يتقنون سوى ما يغتر به المغفّلون و هو لا يتعدي إلهاء بعض السذّج و الغافلين فتصبح أمثال هذه الشخصيات قدوات للناس العاديين في هذا العالم.

البعض يقتدي بشخصيات سياسية و تاريخية و ما شابه ذلك و يتخذها أسوة له.

لكن أذكى الناس من يتخذ أولياء اللّه أسوة و قدوة له؛لأنّ من أبرز الخصائص التي يتسم بها أولياء اللّه إنهم على درجة من الشجاعة و القوة و الاقتدار بحيث يصبحون أسيادا على نفوسهم لا عبيد أذلاء لها.

ينسب إلى أحد الفلاسفة و الحكماء القدماء أنه قال للإسكندر المقدوني:أنت عبد عبدي.

فتعجب الإسكندر من قوله و غضب عليه.قال له:لا تغضب؛فأنت عبد شهوتك و غضبك؛إذا طلبت شيئا أو غضبت،اضطربت و لم تصبر،و هذه عبودية للشهوة و الغضب،أما أنا فسخّرتهما حتى صارا عبدين لي.

قد تكون هذه القصة حقيقية،و قد لا تكون كذلك.إلاّ أنّها صحيحة بالنسبة

ص: 67

لأولياء اللّه و الأنبياء عليهم السّلام،و معالم طريق الهداية الإلهية للبشرية،و من الأمثلة عليها يوسف،و ابراهيم،و موسى عليهم السّلام.

و هناك أمثلة متعددة لذلك في حياة أولياء اللّه،و أذكى الناس هو من يتخذ هؤلاء الأكابر و هذه الشخصيات الشجاعة المقتدرة أسوة،و يكسبون لأنفسهم عن هذا الطريق أسباب الاقتدار و العظمة باطنيا و معنويا.

و توجد بين هؤلاء الأولياء و الأكابر شخصيات مميزة.

و لا شكّ أنّ أبا عبد اللّه الحسين عليه الصلاة و السلام من أبرز هذه الشخصيات.

حقا يجب القول أنّ نور الحسين بن علي عليه السّلام يسطع كالشمس لا علينا نحن الناس الترابيين الصغار فحسب بل و على كل عوالم الوجود و أرواح الأولياء و الأكابر، و الملائكة المقربين عليه السّلام،و على جميع عوالم الوجود المتداخلة في بعضها، المعروفة أو المجهولة بالنسبة لنا.

و من مشى في هدي نور هذه الشمس فقد جاء بعمل كبير سام (1).

عن ابن خالويه يرفعه إلى جابر بن عبد اللّه الأنصاري،قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول:«إن اللّه عزّ و جلّ خلقني،و خلق عليّا و فاطمة و الحسن و الحسين من نور واحد،فعصر ذلك النور عصرة فخرج منه شيعتنا فسبّحنا فسبّحوا،و قدّسنا فقدّسوا و هلّلنا فهلّلوا،و مجّدنا فمجّدوا،و وحّدنا فوحّدوا،ثمّ خلق اللّه السماوات و الأرض و خلق الملائكة مائة عام لا تعرف تسبيحا و لا تقديسا،فسبّحنا فسبّحت شيعتنا، فسبّحت الملائكة-و كذا في البواقي-فنحن الموحّدون حيث لا موحّد غيرنا،و حقيق على اللّه عزّ و جلّ كما اختصّنا و شيعتنا أن يزلفنا و شيعتنا في أعلى علّيين،إن اللّه اصطفانا و اصطفى شيعتنا من قبل أن نكون أجساما،فد عانا فأجبناه،فغفر لنا و لشيعتنا من قبل أن8.

ص: 68


1- ثورة الحسين شمس الشهادة:8.

نستغفر اللّه» (1).

هذه رواية من مجموعة روايات تثبت نور الإمام الحسين عليه السلام و وجوده في عالم الأنوار و عبادته لله في ذلك العالم،فينبغي تقديم بيان يمهد لذلك ثم نعرض بقية الروايات،فنقول:

تمهيد:

آيات عالم الأنوار

اشارة

*الآية الاولى قوله تعالى: لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ،وَ مَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ... ...وَ لا يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ ارْتَضى وَ هُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ وَ مَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ (2).

و قد سأل المفضل الإمام الصادق عليه السّلام عن دليل وجودهم في عالم الأظلة فقرأ الإمام الصادق عليه السّلام هذه الآيات: لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ،وَ مَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ .

و قال عليه السّلام:«و يحك يا مفضل،ألستم تعلمون أنّ من في السماوات هم الملائكة، و من في الأرض هم الجان و البشر و كل ذي حركة.

فمن الذين فيهم و من عنده تعالى الذين قد خرجوا من جملة الملائكة!!».

قال المفضل:من تقول يا مولاي؟

ص: 69


1- -المحتضر:127،بحار الأنوار:10/15،شرح الزيارة الجامعة للسيّد عبد اللّه شبر:42.
2- -الأنبياء:19-28-29.

قال الإمام عليه السلام:«يا مفضل و من؟نحن الذين كنا و لا كون قبلنا،و لا حدوث سماء و لا أرض و لا ملك و لا نبي و لا رسول» (1).

*أقول:الروايات متواترة في وجودهم و عبادتهم في عالم الأظلة-تقدمت و تأتي-بل الكتاب هذا معدّ لذكرها،انما ما جئنا به هنا لتفسير الآية فقط.

*الآية الثانية قوله تعالى:

قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ (2) .

و تأتي أحاديث أن محمدا و آل محمد عليهم السّلام أول من عبدوا اللّه تعالى على بسيط الحقيقة،و أنهم هم الذين علّموا الملائكة التسبيح و التقديس.

كالمروي عن الامام الباقر عليه السّلام قال:«يا جابر ان اللّه أول ما خلق خلق محمدا و عترته الهداة المهتدين،فكانوا أشباح نور بين يدي اللّه تعالى.

قلت:و ما الاشباح؟

قال عليه السّلام:ظل النور أبدان نورانية بلا أرواح،و كان مؤيدا بروح واحدة،و هي روح القدس،فبه كان يعبد اللّه،و عترته،و لذلك خلقهم حلماء..» (3).

*الآية الثالثة قوله تعالى:

وَ تَقَلُّبَكَ فِي السّاجِدِينَ (4) .

و جاء في تفسيرها أنه كان ينتقل نوره من ساجد الى ساجد (5).

ص: 70


1- -الهداية الكبرى:433 ذيل الكتاب.
2- -الزخرف:81.
3- -اصول الكافي:442/1 مولد النبي من ابواب التاريخ ح 10.
4- -الشعراء:219.
5- -الطبقات الكبرى:22/1،و الشفا:15/1،و تاريخ الخميس:234/1.

فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«لم أزل انقل من أصلاب الطاهرين الى أرحام الطاهرات» (1).

*الآية الرابعة قوله تعالى:

إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ (2) .

قال جابر الجعفي:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن تأويلها فقال:يا جابر أما السنة فهي جدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و شهورها اثنى عشر شهرا،فهو أمير المؤمنين و اليّ و إلى ابني جعفر و ابنه موسى و ابنه علي و ابنه محمد و ابنه علي،و إلى ابنه الحسن،و إلى ابنه محمد الهادي المهدي،إثنا عشر إماما حجج اللّه في خلقه و امناؤه على وحيه و علمه.

و الاربعة الحرم الذين هم الدين القيم،أربعة منهم يخرجون باسم واحد:علي أمير المؤمنين و أبي علي بن الحسين و علي بن موسى و علي بن محمد،فالاقرار بهؤلاء هو الدين القيم و لا تظلموا فيهن أنفسكم،أي قولوا بهم جميعا تهتدوا» (3).

*و في رواية الامام الصادق عليه السّلام قال:يا داود أتدري متى كتب هذا؟

قلت:اللّه و رسوله و أنتم أعلم.

قال:قبل أن يخلق اللّه آدم بألفي عام.

و نحوه عن الامام الكاظم عليه السّلام (4).

ص: 71


1- -المواهب اللدنية:91/1-92 ذكر رضاعه.
2- -التوبة:36.
3- -غيبة الشيخ:96،و الزام الناصب:65/1،و تفسير نور الثقلين:215/2 ح 140،و الهداية الكبرى:377.
4- -عوالم العلوم:274/15 و 285،و مناقب آل أبي طالب:307/1 فصل في النكت و الاشارات،و غيبة النعماني:87 ح 18،و البحار:243/24 ح 14 و 410/36.
*الآية الخامسة قوله تعالى:

يا أَيُّهَا النّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً (1) .

فروي عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام في الآية:«البرهان محمد صلّى اللّه عليه و اله و النور علي عليه السّلام» (2).

*الآية السادسة قوله تعالى:

وَ اتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ (3) .

قال الامام الصادق عليه السّلام في الآية:«النور في هذا الموضع أمير المؤمنين و الائمة عليهم السّلام» (4).

و قريب منه عن الامام الباقر عليه السّلام قال:«النور علي عليه السّلام» (5).

*الآية السابعة قوله تعالى:

فَآمِنُوا بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ النُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا (6) .

فعن الامام الباقر عليه السّلام:«النور و اللّه الائمة من آل محمد صلّى اللّه عليه و اله الى يوم القيامة هم و اللّه نور اللّه الذي أنزل،هم و اللّه نور اللّه في السموات و الارض» (7).

ص: 72


1- -المائدة:174.
2- -تفسير نور الثقلين:579/1 ح 700.
3- -الاعراف:157.
4- تفسير نور الثقلين:83/2 ح 300.
5- -تفسير نور الثقلين:85/2 ح 304.
6- -التغابن:8.
7- -تفسير نور الثقلين:341/5 ح 14 و 15.

و عن أبي الحسن عليه السّلام قال:«و الامامة هي النور و ذلك قوله عز و جل فَآمِنُوا بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ النُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا قال:النور هو الامام» (1).6.

ص: 73


1- -تفسير نور الثقلين:341/5 ح 16.

روايات عالم الأنوار

تحدثنا الأخبار المستفيضة أن أهل بيت محمد صلوات اللّه عليهم كانوا أنوارا حول عرش اللّه قبل أن يخلق الخلق جميعا حتى الملائكة،و اليك بعضها:سئل الإمام الصادق عليه السّلام ما كنتم قبل ان يخلق اللّه السموات و الأرض؟

قال عليه السّلام:«كنا أنوارا حول عرش اللّه نسبّح اللّه و نقدّسه حتى خلق اللّه الملائكة فقال لهم:سبّحوا،فقالوا:يا ربنا لا علم لنا.فقال لنا:سبّحوا،فسبّحنا فسبّحت الملائكة بتسبيحنا،إلاّ أنّ خلقنا من نور اللّه» (1).

و في الزيارة الجامعة المشهورة:«خلقكم اللّه أنوارا فجعلكم بعرشه محدقين حتى منّ علينا بكم،فجعلكم في بيوت أذن اللّه ان ترفع و يذكر فيها اسمه...».

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام صلوات اللّه عليه:«لما أراد اللّه أن ينشيء المخلوقات و يبدع الموجودات أقام الخلائق في صورة قبل دحو الأرض و رفع السموات،ثم أفاض نورا من نور عزّه فلمع قبسا من ضيائه و سطع،ثم اجتمع في تلك الصورة و فيها هيئة نبينا صلّى اللّه عليه و اله فقال له تعالى:أنت المختار و عندك مستودع الأنوار،و أنت المصطفى المنتخب الرضاء المنتجب المرتضى،من أجلك أضع البطحاء،و أرفع السماء،و أجري الماء،و أجعل الثواب و العقاب،و الجنة و النار،و أنصب أهل بيتك علما للهداية،و أودع أسرارهم من سري بحيث لا يشكل عليهم دقيق،و لا يغيب عنهم

ص: 74


1- -اثبات الوصية:153،و بحار الأنوار:21/25 ح 34 باب بدء خلقهم،و الفردوس بمأثور الخطاب:283/3 ح 4851 مختصرا.

خفي،و أجعلهم حجتي على بريتي،و المنبهين على قدري،و المطّلعين على أسرار خزائني(و أسكن قلوبهم أنوار عزتي،و أطلعهم على معادن جواهر خزائني).

ثم أخذ الحق سبحانه عليهم الشهادة بالربوبية،و الإقرار بالوحدانية،و أن الإمامة فيهم،و النور معهم.(الى أن قال بعد ذكر بقية الخلق):

ثم بيّن لآدم حقيقة ذلك النور،و مكنون ذلك السّر،فلما حانت أيامه أودعه شيئا، و لم يزل ينقل من الأصلاب الفاخرة الى الأرحام الطاهرة،الى أن وصل الى عبد المطلب،ثم الى عبد اللّه،ثم الى نبيه صلّى اللّه عليه و اله،فدعا الناس ظاهرا و باطنا و ندبهم سرا و علانية،و استدعى الفهوم الى قيام بحقوق ذلك السر اللطيف،و ندب العقول الى الاجابة لذلك المعنى المودع في الذّر قبل النسل.

فمن وافقه قبس من لمحات ذلك النور و اهتدى الى السرّ،و انتهى الى العهد المودع في باطن الامر و غامض العلم،و من غمرته الغفلة و شغلته المحنة استحق البعد،ثم لم يزل ذلك النور ينتقل فينا و يتشعشع في غرائزنا،فنحن أنوار السموات و الأرض،و سفن النجاة،و فينا مكنون العلم،و إلينا مصير الأمور،و بمهدينا تقطع الحجج؛فهو خاتم الأئمة،و منقذ الامة،و منتهى النور،و غامض السر،فليهن من استمسك بعروتنا و حشر على محبتنا» (1).

و روى شعبة(و سعد بن الحجاج)عن هشام بن يزيد و الشيخ المفيد يرفعه اليه:

قال:«كنت أنا و أبو ذر و سلمان و زيد ابن أرقم عند النبي صلّى اللّه عليه و اله و ساق الحديث:

الى أن قال صلىّ اللّه عليه و اله:«خلقني اللّه تبارك و تعالى و أهل بيتي من نور واحد قبل ان يخلق آدم بسبعة آلاف عام،ثم نقلنا إلى صلب آدم ثم نقلنا من صلبه في أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات.ة.

ص: 75


1- -تذكرة الخواص:121-122 الباب السادس-خطبة في مدح النبي و الائمة،و مروج االذهب: 17/1-18 ط.مصر و 43-44 ط.بيروت-باب ذكر المبدأ و شأن الخليقة.

فقلت:يا رسول اللّه فأين كنت و على أي مثال كنتم؟

قال صلّى اللّه عليه و اله:كنا أشباحا من نور تحت العرش نسبّح اللّه تعالى و نحمده.

ثم قال صلّى اللّه عليه و اله:لما عرج بي إلى السماء،و بلغت سدرة المنتهى و دعني جبرائيل عليه السّلام،فقلت:حبيبي جبرئيل أفي هذا المقام تفارقني.

فقال يا محمد:إني لا أجوز هذا الموضع فتحترق أجنحتي.

ثم زجّ بي في النور ما شاء اللّه،فأوحى اللّه اليّ:يا محمد اني اطلعت إلى الأرض اطلاعة فاخترتك منها فجعلتك نبيا،ثم اطلعت ثانيا فاخترت منها عليا فجعلته وصيك و وارث علمك و الإمام بعدك،و أخرج من أصلابكما الذرية الطاهرة و الأئمة المعصومين خزّان علمي،فلولاكم ما خلقت الدنيا و لا الآخرة و لا الجنة و لا النار، يا محمد أتحب أن تراهم؟قلت:نعم يا رب؟

فنوديت يا محمد إرفع رأسك،فرفعت رأسي فأذا أنا بأنوار علي و الحسن و الحسين و علي بن الحسين و محمد بن علي و جعفر بن محمد و موسى بن جعفر و علي بن موسى و محمد بن علي و علي بن محمد و الحسن بن علي و الحجة يتلألأ من بينهم كأنه كوكب دري.

فقلت:يا رب من هؤلاء و من هذا؟

قال عزّت الاؤه:يا محمد هم الأئمة بعدك المطهرون من صلبك،و هو الحجة الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا و يشفي صدور قوم مؤمنين.

قلنا:بآبائنا و امهاتنا أنت يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله لقد قلت عجبا.

فقال صلّى اللّه عليه و اله:و أعجب من هذا إن قوما يسمعون مني هذا ثم يرجعون على أعقابهم بعد اذ هداهم اللّه و يؤذوني فيهم لا أنالهم اللّه شفاعتي» (1).ه.

ص: 76


1- -كفاية الاثر:70-71-73،و بحار الأنوار:301/36 و 302 و 303،و ارشاد القلوب:/2 415-417 في فضل محمد و أوصيائه.

و بالاسناد الى أنس بن مالك قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:لما عرج بي إلى السماء رأيت على ساق العرش مكتوبا:لا اله إلاّ اللّه محمد رسول اللّه،أيدته بعلي و نصرته، و رأيت اثني عشر إسما بالنور فيهم علي بن أبي طالب و سبطي و بعدهما تسعة اسماء عليا عليا ثلاث مرات،و محمد محمد مرتين،و جعفر و موسى و الحسن و الحجة يتلألأ من بينهم.

فقلت:يا رب أسامي من هؤلاء؟

فناداني ربي جلّ جلاله:هم الاوصياء من ذريتك بهم اثيب و أعاقب» (1).

و روي عن عبد اللّه بن أبي و قاص قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«لما خلق اللّه ابراهيم الخليل كشف اللّه عن بصره فنظر إلى جانب العرش فرأى نورا.

فقال:إلهي و سيدي ما هذا النور؟

قال عزّت الآؤه:يا إبراهيم هذا محمد صفيي.

فقال:إلهي و سيدي أرى إلى جانبه نورا آخر؟

فقال تعالى:يا إبراهيم هذا علي ناصر ديني.

فقال:إلهي و سيدي أرى إلى جانبهما نورا ثالثا.

قال سبحانه:يا إبراهيم هذه فاطمة تلي أباها و بعلها فطمت محبيها من النار.

قال:الهي و سيدي أرى نورين يليان الثلاثة الأنوار.

قال تعالى:يا إبراهيم هذان الحسن و الحسين يليان أباهما وجدهما و أمهما.

فقال:إلهي و سيدي أرى تسعة أنوار أحدقوا بالخمسة الأنوار.

قال عزت الآؤه:يا إبراهيم هؤلاء الأئمة من ولدهم.

فقال:إلهي و سيدي فبمن يعرفون؟

قال تعالى:يا ابراهيم أولهم علي بن الحسين و محمد ولد علي و جعفر ولد محمد6.

ص: 77


1- -كفاية الاثر:74،و رواه في البحار:310/36.

و موسى ولد جعفر و علي ولد موسى و محمد ولد علي و علي ولد محمد و الحسن ولد علي و محمد ولد الحسن القائم المهدي» (1).

و عن أمير المؤمنين عليه السّلام في خطبة اللؤلؤة:

قال:و لقد قال النبي صلّى اللّه عليه و اله لما عرج بي إلى السماء نظرت إلى ساق العرش فإذا فيه مكتوب:لا اله إلاّ اللّه محمد رسول اللّه أيدته بعلي و نصرته بعلي،و رأيت اثنى عشر نورا.

فقلت:يا رب من هذه؟

فنوديت:يا محمد هذه أنوار الأئمة من ذريتك.

قلت:يا رسول اللّه أفلا تسميهم لي؟

قال صلّى اللّه عليه و اله:نعم،انت الإمام و الخليفة بعدي تقضي ديني و تنجز عداتي،و بعدك ابناك الحسن و الحسين،بعد الحسين ابنه علي زين العابدين،و بعده ابنه محمد يدعى بالباقر،و بعد محمد ابنه جعفر يدعى بالصادق،و بعد جعفر ابنه موسى يدعى بالكاظم و بعد موسى ابنه علي يدعى بالرضا و بعد علي ابنه محمد يدعى بالزكي و بعد محمد ابنه علي يدعى بالنقي و بعد علي ابنه الحسن يدعى بالأمين و القائم من ولد الحسن سميي و أشبه الناس بي يملأها قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما» (2).

هذه جملة من روايات كون أهل البيت نورا بين يدي اللّه،و هناك روايات أخرى كثيرة تفيد نفس المعنى و المضمون أغمضنا عن ذكرها بغية الاختصار (3).

ص: 78


1- -الفضائل لابن شاذان:158،و بحار الأنوار:213/36 و المتن من بحار الأنوار لأصحيته،و إلزام الناصب:86/1،و عوالم العلوم:75/15.
2- -كفاية الاثر:217 و 218،و بحار الأنوار:355/36 و 356 ح 225 و 329/41 ح 50.
3- -يراجع بحار الأنوار:1/25 الى 33 فقد ذكر قريب الاربعين حديثا،و الطرائف:15/1،و أصول الكافي:439/1 باب مولد النبي،و بصائر الدرجات:73-84،و مختصر بصائر الدرجات:116 و تفسير فرات الكوفي:207،و معاني الاخبار:396،و ميزان الحكمة:229/10،و كشف الغطاء: 7،و الهداية الكبرى:100.

و عن المفضل في حديث طويل مع الإمام الصادق عليه السّلام جاء فيه:«قال أمير المؤمنين عليه السّلام في خطبة له:الحمد للّه مدهر الدهور و قاضي الامور و مالك يوم النشور، الذي كنا بكينونيته قبل الحلول في التمكين،ناسبين غير متناسبين،أزليين لا موجودين و لا محدودين،منه بدونا و اليه نعود،لان الدهر فينا قسمت حدوده و لنا أخذت عهوده، و الينا ترد شهوده.الى أن قال عليه السّلام:

نحن القدرة و نحن الجانب و نحن العروة الوثقى،محمد العرش عرش اللّه على الخلائق،و نحن الكرسي و أصول العلم...أنا باب المقام و حجة الخصام و دابة الأرض و فصل القضا و صاحب العصا و سدرة المنتهى و سفينة النجاة».

فقال الإمام الصادق عليه السّلام للمفضل شارحا لهذه الخطبة:«نعم،يا مفضل الذي كنا بكينونته في القدم و الازل هو المكون و نحن المكان،و هو المنشيء و نحن الشيء،هو الخالق و نحن المخلوقون،هو الرب و نحن المربوبون،هو المعنى و نحن أسماؤه المعاني،هو المحتجب و نحن حجبه قبل الحلول في التمكين....الى أن قال عليه السّلام:

«لا متناسلين ذوات أجسام و لا صور و لا مثال إلاّ أنوار نسمع اللّه ربنا و نطيع، يسبح نفسه فنسبحه،و يهللها فنهلله،و يكبرها فنكبره و يقدسها فنقدسه، و يمجدها فنمجده في ستة أكوان منها ما شاء اللّه من المدة.و قوله أزليين لا موجودين،و كنا أزليين قبل الخلق لا موجودين أجسام و لا صور» (1).

و تؤيد هذه الطائفة بما روي أن من أجلهم خلق اللّه الخلق.

فعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله قال:يا علي لولا نحن ما خلق اللّه لا آدم و لا حواء و لا الجنة و لاب.

ص: 79


1- -الهداية الكبرى:433-435 ذيل الكتاب.

النار و لا السماء و لا الأرض» (1).

و الروايات في ذلك كثيرة فلتراجع (2).و هو اعتقاد الامامية (3).

*و كذلك يؤيد هذه الطائفة ما ورد من توسل الأنبياء بهم عليهم السّلام و اليك بعضها:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في ذكر توسل قس بن ساعده:

«اللهم رب السموات(السبعة)الارفعة و الأرضين الممرعة،بحق محمد و الثلاثة المحاميد معه،و العليين الأربعة،و فاطم و الحسنين الأبرعة،و جعفر و موسى التبعة، سمي الكليم الصرعة(و الحسن ذي الرفعة)،أولئك النقباء الشفعة و الطريق المهيعة، راسة(درسة)الأناجيل(و حفظة التنزيل)،و حماة الأضاليل،و نفاة الأباطيل، الصادقون في القيل،عدد نقباء بني اسرائيل،فهم أول البداية،و عليهم تقوم الساعة، و بهم تنال الشفاعة،و لهم من اللّه فرض الطاعة،اسقنا غيثا مغيثا» (4).

و من ذلك ما روي عن معمّر عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام قال:«أتى يهودي النبي صلّى اللّه عليه و اله فقام بين يديه يحد النظر،فقال:يا يهودي ما حاجتك؟

قال:أنت أفضل أم موسى بن عمران النبي الذي كلّمه اللّه و أنزل عليه التوراة و العصا و فلق له البحر و أظلّه بالغمام؟.

فقال له النبي صلّى اللّه عليه و اله:إنّه يكره للعبد أن يزكّي نفسه،و لكني أقول:

إن آدم عليه السّلام لما أصاب الخطيئة كانت توبته أن قال:«اللهم إني أسألك بحقن.

ص: 80


1- -كمال الدين:254 باب نص الرسول على القائم.
2- -كفاية الاثر:72-296،و كمال الدين:254/1 باب 23،و ينابيع المودة:582/2،و فضائل ابن شاذان:128،و بحار الأنوار:12/26-267-273-297 و:302/36،و مناقب الخوارزمي: 318،و عيون الاخبار:205-239،و روضة الواعظين:84،و ارشاد القلوب:414/2،و فرائد السمطين:37/1.
3- -يراجع الاعتقادات للصدوق:93/5 باب 35.
4- -مناقب آل أبي طالب:287/1،و كنز الفوائد:257 رسالة البرهان في طول عمر صاحب الزمان.

محمد و آل محمد لما غفرت لي»فغفر اللّه له.

و أن نوحا عليه السّلام لما ركب في السفينة و خاف الغرق قال:«اللهم إني أسألك بحق محمد و آل محمد لما أنجيتني من الغرق»فنجاه اللّه عنه.

و إن ابراهيم عليه السّلام لما القي في النار قال:«اللهم إني أسألك بحق محمد و آل محمد لما نجيتني منها»فجعلها اللّه عليه بردا و سلاما.

و ان موسى عليه السّلام لما ألقى عصاه و أوجس في نفسه خيفة قال:«اللهم إني أسألك بحق محمد و آل محمد لما آمنتني»فقال اللّه جل جلاله:«لا تخف إنك أنت الاعلى، يا يهودي إن موسى لو أدركني ثم لم يؤمن بي و بنبوتي ما نفعه إيمانه شيئا.يا يهودي و من ذريتي المهدي اذا خرج نزل عيسى ابن مريم لنصرته و قدّمه و صلى خلفه» (1).

و عن الرضا عليه السّلام:«لما أشرف نوح على الغرق دعى اللّه بحقنا فدفع اللّه عنه الغرق،و لما رمي ابراهيم في النار دعى اللّه بحقنا فجعل اللّه النار عليه بردا و سلاما.

و ان موسى لما ضرب طريقا في البحر دعى اللّه بحقنا فجعلها يبسا.

و ان عيسى لما أراد اليهود قتله دعى اللّه بحقنا فنجّي من القتل فرفعه اليه» (2).

و منها ما روي عن محمد بن سنان عن المفضل عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام.

قال:«إن اللّه تبارك و تعالى خلق الأرواح قبل الاجساد بألفي عام،فجعل أعلاها و أشرفها أرواح محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة بعدهم صلوات اللّه عليهم.-و ساق الحديث إلى أن قال عليه السّلام:قال جبرائيل لآدم و حواء:فسلا ربكما بحق الأسماء التي رأيتموها على ساق العرش حتى يتوب عليكما.

فقالا:«اللهم إنا نسألك بحق الأكرمين عليك:محمد و علي و فاطمة و الحسن16

ص: 81


1- -روضة الواعظين:272 مجلس في مناقب آل محمد.
2- -بحار الأنوار:325/26 و:366/16

و الحسين و الأئمة إلاّ تبت علينا و رحمتنا».

فتاب اللّه عليهما إنه هو التواب الرحيم (1).6.

ص: 82


1- -معاني الأخبار:110 باب معنى الامانة،و بحار الأنوار:172/11-174 و 322/26.

كيفية خلق نور الحسين و آله

اشارة

قال أمير الموحدين علي بن أبي طالب عليه السّلام:«إن اللّه تبارك و تعالى أحد واحد تفرد في وحدانيته،ثم تكلم بكلمة فصارت نورا،ثم خلق من ذلك النور محمدا صلّى اللّه عليه و اله و خلقني و ذريتي،ثم تكلم بكلمة فصارت روحا؛فأسكنه اللّه في ذلك النور و أسكنه في أبداننا،فنحن روح اللّه و كلماته،و بنا احتجب عن خلقه.

فما زلنا في ظلة خضراء حيث لا شمس و لا قمر،و لا ليل و لا نهار،و لا عين تطرف؛ نعبده و نقدسه و نسبّحه قبل أن يخلق خلقه،و أخذ ميثاق الأنبياء بالايمان و النصرة لنا» (1).

و في رواية عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله جاء فيها«اعلموا رحمكم اللّه،أن اللّه تقدست أسماؤه و جل ثناؤه كان و لا مكان و لا كون معه،و لا سواه أحد في فردانيتة،صمد في أزليته،مشيءّ لا شيء معه،فلما شاء أن يخلق خلقني بمشيئته و إرادته لي نورا ،و قال لي:«كن»،فكنت نورا شعشعانيا أسمع و أبصر و أنطق،بلا جسم و لا كيفية،ثم خلق مني أخي عليا،ثم خلق منا فاطمة،ثم خلق مني و من علي و فاطمة الحسن، و خلق منا الحسين،و منه ابنه علي،و خلق منه ابنه محمدا،و خلق منه ابنه جعفرا، و خلق منه ابنه موسى،و خلق منه ابنه عليا،و خلق منه ابنه محمدا،و خلق منه ابنه عليا،و خلق منه ابنه الحسن،و خلق منه ابنه سميّي و كنيّي و مهدي أمتي و محيي سنتي و معدن ملتي،و من وعدني أن يظهرني به على الدين كله و يحق به الحق

ص: 83


1- -بحار الأنوار:291/26 ح 51 من باب تفضيلهم على الأنبياء،و الأنوار النعمانية:99/2.

و يزهق به الباطل إن الباطل كان زهوقا،و يكون الدين كله واصبا.

فكنا أنوارا بأرواح و أسماع و أبصار و نطق و حسّ و عقل،و كان اللّه الخالق و نحن المخلوقون،و اللّه المكون و نحن المكونون،و اللّه الباريء و نحن البرية،موصولون لا مفصولون،فهلل نفسه فهللناه،و كبر نفسه فكبرناه،و سبح نفسه فسبحناه، و قدّس نفسه فقدسناه،و حمد نفسه فحمدناه،و لم يغيبنا و أنوارنا تتناجى و تتعارف مسمين متناسبين أزليين لا موجودين (1)،منه بدأنا و اليه نعود،نور من نور بمشيئته و قدرته،لا ننسى تسبيحه و لا نستكبر عن عبادته،ثم شاء فمد الأظلة و خلق الخلق؛ خلقا أطوارا ملائكة،و خلق الماء و الجان و عرّش عرشه على الأظلة،يبصرون و يسمعون و يعقلون فأخذ عليهم العهد و الميثاق ليؤمنن به...» (2).

و عن أبي سلمى عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في حديث قدسي:«يا محمد إني خلقتك و عليا و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة من ولده من شبح نور من نوري (3).

*أقول:هذا الروايات تنص أنهم كانوا أنوارا و أرواحا و أبدانا،يسمعون و يعقلون،و ما تقدم كان يشير الى وجود الروح و النور و الاشباح،فهل يراد بالأشباح الأبدان؟أم أن الأشباح جسم شفاف دون الأبدان؟!تأمل فيما يأتي.7.

ص: 84


1- -في قبال وجود اللّه تعالى.
2- -الهداية الكبرى:379-380.
3- -مائة منقبة:65 المنقبة 17.

نور الحسين عليه السلام يتألق

عن ابن خالويه يرفعه إلى جابر بن عبد اللّه الأنصاري،قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول:«إن اللّه عزّ و جلّ خلقني،و خلق عليّا و فاطمة و الحسن و الحسين من نور واحد،فعصر ذلك النور عصرة فخرج منه شيعتنا فسبّحنا فسبّحوا،و قدّسنا فقدّسوا و هلّلنا فهلّلوا،و مجّدنا فمجّدوا،و وحّدنا فوحّدوا،ثمّ خلق اللّه السماوات و الأرض و خلق الملائكة مائة عام لا تعرف تسبيحا و لا تقديسا،فسبّحنا فسبّحت شيعتنا، فسبّحت الملائكة-و كذا في البواقي-فنحن الموحّدون حيث لا موحّد غيرنا،و حقيق على اللّه عزّ و جلّ كما اختصّنا و شيعتنا أن يزلفنا و شيعتنا في أعلى علّيين،إن اللّه اصطفانا و اصطفى شيعتنا من قبل أن نكون أجساما،فدعانا فأجبناه،فغفر لنا و لشيعتنا من قبل أن نستغفر اللّه» (1).

و روى الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن أبي الحسن الرضا عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال:

قال:رسول اللّه؛أنا سيّد من خلق اللّه عزّ و جل،و أنا خير من جبرائيل و ميكائيل و اسرافيل و حملة العرش و جميع ملائكة اللّه المقرّبين و أنبياء اللّه المرسلين،و أنا صاحب الشفاعة و الحوض الشريف،و أنا و علي أبوا هذه الأمّة،من عرفنا فقد عرف اللّه، و من أنكرنا فقد أنكر اللّه،و من عليّ سبطا أمّتي،و سيّدا شباب أهل الجنّة الحسن و الحسين،و من ولد الحسين أئمّة تسعة طاعتهم طاعتي،و معصيتهم معصيتي،تاسعهم

ص: 85


1- -المحتضر:127،بحار الأنوار:10/15،شرح الزيارة الجامعة للسيّد عبد اللّه شبر:42.

قائمهم و مهديهم» (1).

و في رواية أخرى:«و الفضل لك بعدي يا عليّ و للأئمّة من بعدك،و إن الملائكة لخدّامنا و خدّام محبّينا-ثمّ قال بعد كلام-إنّ اللّه خلق آدم،و أودعنا في صلبه،و أمر الملائكة بالسجود له تعظيما لنا و إكراما،و كان سجودهم للّه عزّ و جلّ عبوديّة،و لآدم إكراما و طاعة،لكوننا في صلبه فكيف لا نكون أفضل من الملائكة،و قد سجدوا لآدم كلّهم أجمعون» (2).

و عن سلمان الفارسي:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«يا سلمان خلقني اللّه من صفوة نوره و دعاني فأطعته،و خلق من نوري نور علي عليه السّلام فدعاه الى طاعته فأطاعه، و خلق من نوري و نور علي فاطمة عليه السّلام فدعاها فأطاعته،و خلق مني و من علي و فاطمة الحسن و الحسين فدعاهما فأطاعاه،فسمانا اللّه بخمسة أسماء من أسمائه.

فاللّه المحمود و أنا محمد،و اللّه العلي و هذا علي،و اللّه فاطر و هذه فاطمة،و اللّه الإحسان و هذا الحسن،و اللّه المحسن و هذا الحسين،ثم خلق منا و من نور الحسين عليه السّلام تسعة أئمة فدعاهم فأطاعوا قبل أن يخلق اللّه سماء مبنية أو ارضا مدحية أو هواء أو ماء أو ملكا أو بشرا،و كنا بعلمه أنوارا نسبّحه و نسمع له و نطيع» (3).

و عنه صلّى اللّه عليه و اله:«إنّ اللّه خلقني و خلق عليا و فاطمة و الحسن و الحسين قبل أن يخلق آدم عليه السّلام حين لا سماء مبنية،و لا أرض مدحية،و لا ظلمة و لا نور،و لا شمس و لا قمر و لا جنة و لا نار».

فقال العباس:كيف كان بدء خلقكم يا رسول اللّه؟ن.

ص: 86


1- -كمال الدين:261 ح 8 و البحار:364/16.
2- -عيون أخبار الرضا عليه السّلام:237/2.
3- -الزام الناصب:332/2-33 الفرع الثاني الآيات المشعرة بالرجعة عن المقتضب و تفسير البرهان.

فقال:«يا عم لما أراد اللّه أن يخلقنا تكلم بكلمة خلق منها نورا،ثم تكلم بكلمة أخرى فخلق منها روحا،ثم مزج النور بالروح،فخلقني و خلق عليا و فاطمة و الحسن و الحسين،فكنا نسبّحه حين لا تسبيح،و نقدّسه حين لا تقديس،فلما أراد اللّه تعالى أن ينشىء خلقه فتق نوري فخلق منه العرش،فالعرش من نوري، و نوري من نور اللّه،و نوري أفضل من العرش.

ثم فتق نور أخي علي فخلق منه الملائكة،فالملائكة من نور علي و نور علي من نور اللّه و علي أفضل من الملائكة.ثم فتق نور ابنتي فخلق منه السموات و الأرض، فالسموات و الأرض من نور ابنتي فاطمة،و نور ابنتي فاطمة من نور اللّه،و ابنتي فاطمة أفضل من السموات و الأرض.

ثم فتق نور ولدي الحسن فخلق منه الشمس و القمر فالشمس و القمر من نور ولدي الحسن و نور الحسن من نور اللّه،و الحسن أفضل من الشمس و القمر.

ثم فتق نور ولدي الحسين فخلق منه الجنة و الحور العين،فالجنة و الحور العين من نور ولدي الحسين،و نور ولدي الحسين من نور اللّه،و ولدي الحسين أفضل من الجنة و الحور العين (1).

الى أن قال:«فتكلم اللّه بكلمة فخلق منها روحا...ثم نورا فأزهرت المشارق و المغارب فهي فاطمة» (2).

و عن سلامة عن أبي سلمى راعي إبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول:«ليلة اسري بي إلى السماء قال لي الجليل جلّ جلاله آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ.

قلت:و المؤمنون،قال صدقت يا محمد،ثم قال:من خلّفت في أمتك؟ود

ص: 87


1- -بحار الأنوار:10/15-11 باب بدء خلق النبي ح 11.
2- -الأنوار النعمانية:17/1-18 مع تفاوت عما في بحار الأنوار ليس بيسير رواه عن ابن مسعود

قلت:خيرها.

قال:عليّ بن أبي طالب؟

قلت:نعم يا رب قال:يا محمد إني اطلعت إلى الأرض اطّلاعة فاخترتك منها و شققت لك اسما من أسمائي،فلا أذكر في موضع إلاّ ذكرت معي،فأنا المحمود و أنت محمد،ثم اطلعت الثانية فاخترت منها عليا و شققت له اسما من اسمائي فأنا الاعلى و هو عليّ،يا محمد إني خلقتك و خلقت عليا و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة من ولده من شبح نوري،و عرضت ولايتكم على أهل السموات و أهل الأرض فمن قبلها كان عندي من المؤمنين و من جحدها كان عندي من الكافرين.

يا محمد لو أن عبدا من عبيدي عبدني حتى يتقطع أو يصير كالشن البالي،ثم أتاني جاحدا لولايتكم ما غفرت له حتى يقرّ بولايتكم،يا محمد تحبّ أن تراهم؟قلت:نعم يا رب فقال لي:التفت عن يمين العرش،فالتفتّ فإذا بعلي و فاطمة و الحسن و الحسين و عليّ بن الحسين و محمد بن عليّ و جعفر بن محمد و موسى بن جعفر و عليّ بن موسى و محمد بن عليّ و عليّ بن محمد و الحسن بن عليّ و المهدي،في ضحضاح من نور قياما يصلون و هو في وسطهم-يعني المهدي-كأنّه كوكب درّي و قال:يا محمد هؤلاء الحجج و هو الثائر من عترتك،و عزّتي و جلالي إنّه الحجة الواجبة لأوليائي و المنتقم من أعدائي» (1).

و عن الإمام أبو محمد العسكري عليه السّلام:قال علي بن الحسين:حدّثني أبي عن أبيه عن رسول الله صلّى اللّه عليه و اله قال:يا عباد الله إن آدم لما رأى النور ساطعا من صلبه إذ كان اللّه تعالى قد نقل أشباحنا من ذروة العرش إلى ظهره،رأى النور و لم يتبين الأشباح فقال:يا رب ما هذه الأنوار؟قال:أنوار أشباح نقلتهم من أشرف بقاع عرشي إلى ظهرك،و لذلك أمرت الملائكة بالسجود لك إذ كنت و عاء لتلك الأشباح،فقال آدم:يا رب لو بيّنتها ليّ،1.

ص: 88


1- فرائد السمطين 320/2 ح 571.

فقال الله عزّ و جلّ:أنظر يا آدم إلى ذروة العرش،فنظر آدم عليه السّلام فوقع نور أشباحنا من ظهر آدم على ذروة العرش،فانطبع فيه صور أنوار أشباحنا التي في ظهره كما ينطبع وجه الانسان في المرآة الصافية فراى أشباحنا فقال:ما هذه الأشباح يا رب؟قال الله تعالى:يا آدم هذه أشباح أفضل خلائقي و بريّاتي هذا محمد و أنا المحمود الحميد في أفعالي،شققت له اسما من إسمي،و هذا علي و أنا العلي العظيم شققت له اسما من إسمي،و هذه فاطمة و أنا فاطر السماوات و الأرض،فاطم أعدائي من رحمتي يوم فصل قضائي،و فاطم أوليائي عما يعرهم و يسيئهم فشققت لها اسما من إسمي،و هذا الحسن و هذا الحسين و أنا المحسن المجمل شققت اسميهما من إسمي.

هؤلاء خيار خلقي،و كرام بريتي،بهم آخذ و بهم أعطي،و بهم أعاقب و بهم أثيب، فتوسل إليّ بهم يا آدم،و إذا دهتك داهية فاجعلهم لي شفعاءك فإني آليت على نفسي قسما حقا لا أخيّب بهم آملا،و لا أردّ بهم سائلا،فذلك حين زلّت منه الخطيئة و دعى الله عزّ و جلّ فتاب عليه و غفر له. (1)2.

ص: 89


1- تفسير الإمام العسكري 219-/220ح 102.

أولاد الحسين عليه السلام

كان له من الأولاد ذكور و إناث عشرة:ستة ذكور و أربع إناث،فالذكور:علي الأكبر،علي الأوسط و هو سيد العابدين و سيأتي ذكره في بابه إن شاء اللّه،و علي الأصغر،و محمد،و عبد اللّه،و جعفر.

فأمّا علي الأكبر فإنه قاتل بين يديّ أبيه حتى قتل شهيدا.

و أمّا علي الأصغر جاءه سهم و هو طفل فقتله،و قد تقدّم ذكره عند ذكر الأبيات لمّا قتل.

و قيل:إنّ عبد اللّه أيضا قتل مع أبيه شهيدا (1).

و أمّا البنات:فزينب،و سكينة،و فاطمة (2).

هذا هو المشهور و قيل:بل كان له أربع بنين و بنتان (3)و الأول أشهر،و كان الذكر المخلّد و الثناء المنضد مخصوصا من بين بنيه بعلي الأوسط زين العابدين دون بقية الأولاد.

و في كتاب بشائر المصطفى كان للحسين عليه السّلام ستّة أولاد عليّ بن الحسين الأكبر كنيته أبو محمّد امّه شهر بانو بنت كسرى يزدجر و عليّ بن الحسين الأصغر

ص: 90


1- -تاريخ ابن الخشاب:177،الإرشاد 2:125.
2- -تاريخ ابن الخشاب:177،مناقب ابن شهر آشوب 4:85،لا يخفى على القاريء الكريم أن المصنف ذكر عدد أولاد الإمام الحسين عليه السّلام عشرة و عدد تسعة كما في المصادر المذكورة.
3- -ترجمة الحسين بن علي من الطبقات الكبرى:17،عمدة الطالب:192،سر السلسلة العلوية:30.

قتل مع أبيه بالطفّ و امّه ليلى الثقفية و جعفر بن الحسين لا بقيّة له توفّي في زمن أبيه و عبد اللّه قتل صغيرا مع أبيه في حجره و سكينة بنت الحسين و امّها الرباب و هي امّ عبد اللّه بن الحسن و فاطمة بنت الحسين امّها بنت طلحة التميميّة.

و ذكر صاحب كتاب البدع و صاحب شرح الأخبار أنّ عقب الحسين عليه السّلام من الأكبر و أنّه هو الباقي بعد أبيه و أنّ المقتول هو الأصغر منهما،قال:و عليه نعول فإنّ عليّ بن الحسين الباقي كان يوم كربلاء من أبناء ثلاثين سنة و أنّ ابنه محمّد بن عليّ الباقر كان يومئذ من أبناء خمسة عشر سنة و كان لعليّ الأصغر المقتول نحو اثنتي عشرة سنة (1).9.

ص: 91


1- العوالم:639.

شمائل و صفات الإمام الحسين عليه السلام

شجاعة الحسين عليه السلام

و بطولاته في كربلاء تكفي لإثبات ذلك كما شهد به الأعداء،إضافة للبطولات التي سطرها في حياة جده صلّى اللّه عليه و اله و أبيه عليه السّلام أو عهد الخلفاء الثلاثة،حيث كان عليه السلام يشارك مع أخيه في كثير من تلك الحروب التي قامت للدفاع عن الإسلام أو نشره.

و قد قيل في شجاعته عليه السّلام:إعلم وفقك اللّه على حقائق المعاني و وفقك لإدراكها أنّ الشجاعة من المعاني القائمة بالنفوس،و الصفات المضافة إليها فهي تدرك بالبصيرة لا بالبصر و لا يمكن معرفتها بالحس مشاهدة لذاتها،إذ ليست أجساما كثيفة بل طريق معرفتها و العلم بها بمشاهدة آثارها،فمن أراد أن يعلم أن زيدا موصوف بالشجاعة،فطريقه أن ينظر إلى ما يصدر منه إذا أحدقت الرجال و صدقت الآجال،و حقت الأوجال و تضايق المجال،و حاق القتال،فإن كان مجزاعا مهلاعا مزواعا مفزاعا فتراه يستركب الهزيمة و يستبقها،و يستصوب الدنية و يتطوقها،و يستعذب المفرة و يتفوقها،و يستصحب الذلة و يتعلقها،مبادرا إلى تدرع عار الفرار من شبا الشفار،مشيحا عن الفخار باقتحام الأخطار في مقر القراع لكل خطار،فذلك مهبول الأم،مخبول الفهم،مفلول الجمع،معزول عن السمع، ضرب بينه و بين الشجاعة بحجاب مكتوب بينه و بين الشهامة بابراء في كتاب،لا تعرف نفسه سرفا،و لا تجد عن الخساسة و الدناءة منصرفا.

ص: 92

و إن كان محزرا (1)،مجزارا،كرارا،صبارا،يسمع من أصوات وقع الصوارم نغم المزامر (2)المطربة،و يسرع إلى مصاف التصادم مسارعته إلى مواصلة النواظر المعجبة،خائضا غمرات الأهوال بنفس مطمئنة و عزيمة مطنبة،يعد مصافحة الصفاح غنيمة بادرة (3)و مرامحة الرماح فائدة عائدة،و مكافحة الكتائب مكرمة زائدة،و مناوحة المناقب (4)منقبة شاهدة،يعتقد القتل ملحفة طلل الحياة الأبدية،و يسعفه جلل المحامد السرمدية،و يزلفه من منازل الفخار العالية المغرة للشهداء الأحدية،جانحا إلى ابتياع العز بمهجته و يراها ثمنا قليلا جامحا عن ارتكاب الدنايا و إن غادرت جماحه قتيلا:

يرى الموت أحلى من ركوب دنية و لا يعتدى للناقصين عديلا

و يستعذب التعذيب فيما يفيده نزاهته عن أن يكون ذليلا

فهذا مالك زمام الشجاعة و حائزها،و له من قداحها معلاها و فائزها،قد تفوق بها لبان الشرف و اغتذاه،و تطوّق در سحابه المستحلى و تحلاه،و عبق نشر أرجه المنتشر مما أتاه،و نطق فعله بمدحه و إن لم يفض فاه،و صدق و اللّه و اصفه بالشجاعة التي يحبها اللّه،و إذا ظهرت دلالة الآثار على مؤثرها،و أسفرت عن تحقق مثيرها و مثمرها (5).

فقد صرح النقلة في صحائف السير بما رأوه و جزموا القول بما نقله المتقدم إلى المتأخر فيما رووه أنّ الحسين عليه السّلام لمّا قصد العراق و شارف الكوفة،سرّب إليه أميرها يومئذ عبيد اللّه بن زياد الجنود لمقاتلته أحزابا،و حزّب عليه الجيوش2.

ص: 93


1- -في كشف الغمة:مجسارا.
2- -في نسخة:المزاهر.
3- -في كشف الغمة:باردة.
4- -في نسخة:المقانب.
5- -كشف الغمة:227/2.

لمقاتلته أسرابا،و جهز من العساكر عشرين ألف فارس و راجل يتتابعون كتائبا و أطلابا،فلما حصروه و أحدقوا به شاكين في العدة و العديد،ملتمسين منه نزوله على حكم بن زياد أو بيعته ليزيد،فإن أبى ذلك فليؤذن بقتال يقطع الوتين و حبل الوريد،و يصعد الأرواح إلى المحل الأعلى و يصرع الأشباح على الصعيد،فتبعت نفسه الأبيّة جدها و أباها،و عزفت عن إلتزام الدنية فأباها،و نادته النخوة الهاشمية فلبّاها،و منحها الإجابة إلى مجانبة الذلة و حباها،فاختار مجالدة الجنود و مضاربة ضباها،و مصادمة صوارمها و شيم شباها،و لا يذعن لوصمة تسم بالصغار من شرفه خدودا و جباها،و قد كان أكثر هؤلاء المخرجين لقتاله قد شايعوه و كاتبوه و طاوعوه و بايعوه و سألوه القدوم عليهم ليبايعوه،فلما جاءهم كذّبوه ما وعدوه، و أنكروه و جحدوه و مالوا إلى السحت العاجل فعبدوه،و خرجوا إلى قتاله رغبة في عطاء ابن زياد فقصدوه،فنصب عليه السّلام نفسه و إخوته و أهله و كانوا نيفا و ثمانين لمحاربتهم و اختاروا بأجمعهم القتل على متابعتهم ليزيد و مبايعته،فأعلقتهم الفجرة الطغاة،و أرهقتهم المردة اللئام،و رشقتهم النبال و السهام،و أوثقتهم من شبا شفارهم الكلام.

هذا و الحسين عليه السّلام ثابت لا تخف حصاة شجاعته،و لا تخف عزيمة شهامته، و قدمه في المعترك أرسى من الجبال،و قلبه لا يضطرب لهول القتال،و لا لقتل الرجال،و قد قتل قومه من جموع ابن زياد جمعا جما،و أذاقوهم من الحمية الهاشمية رهقا و كلما،و لم يقتل من العصابة الهاشمية قتيل حتى أثخن في قاصديه و قتل و أغمد ظبة في أبشارهم و جدل فحينئذ تكالبت طغام الأجناد على الجلاد، و تناشبت الأجلاد في المنازلة بالحداد،و وثبت كثرة الألوف منهم على قلة الآحاد، و تقاربت من الأنوف الهاشمية الآجال المحتومة على العباد،فاستبقت الأملاك البررة إلى الأرواح و باء الفجرة بالآثام في الأجساد،فسقطت أشلاؤهم المتلاشية على الأرض صرعى تصافح منها صعيدا،و نطقت حالهم بأنّ لقتلهم يوما تودلو أنّ

ص: 94

بينها و بين قتلهم أمدا بعيدا،و تحققت النفوس المطمئنة باللّه كون الظالم و المظلوم شقيا و سعيدا،و ضاقت الأرض بما رحبت على حرم الحسين عليه السّلام و أطفاله إذ بقي وحيدا،فلمّا رأى عليه السّلام وحدته،و رزء اسرته و فقد نصرته،تقدم على فرسه إلى القوم حتى واجههم و قال لهم:يا أهل الكوفة قبحا لكم و تعسا حين إستصرختمونا و لهين فأتيناكم موجفين،فشحذتم علينا سيفا كان في أيماننا و حششتم علينا نارا نحن أضرمناها على أعدائكم و أعدائنا فأصبحتم ألبا على أوليائكم و يدا لأعدائكم من غير عدل أفشوه فيكم و لا ذنب كان منا إليكم فلكم الويلات هلاّ إذ(كرهتموها تركتموها) (1)و السيف ماشيم و الجاش ماطاش و الرأي لما يستحصد و لكنكم أسرعتم إلى بيعتنا إسراع الدبا و تهافتم إليها كتهافت الفراش ثم نقضتموها سفها و ضلّة و فتكا لطواغيت الامة و بقية الأحزاب و نبذة الكتاب ثم أنتم هؤلاء تتخاذلون عنا و تقتلونا ألا لعنة اللّه على الظالمين(الذين يصدون عن سبيل اللّه).

ثم حرّك فرسه إليهم و السيف مصلت في يده و هو آيس من نفسه عازم على الموت و قال هذه الأبيات:

أنا ابن علي الخير من آل هاشم كفاني بهذا مفخرا حين أفخر

و جدي رسول اللّه أكرم من مشى و نحن بسراج اللّه في الخلق يزهر

و فاطمة امي سلالة أحمد و عمي يدعى ذا الجناحين جعفر

و فينا كتاب اللّه أنزل صادقا و فينا الهدى و الوحي و الخير يذكر

و نحن ولاة الأرض نسقي و لاتنا بكأس رسول اللّه ما ليس ينكر

و شيعتنا في الناس أكرم شيعة و مبغضنا يوم القيامة يخسر

ثم عاد الناس إلى البراز فلم يزل يقاتل و يقتل كل من برز إليه منهم من عيون الرجال حتى قتل منهم مقتلة كبيرة فتقدم إليه شمر بن ذي الجوشن(لعنه اللّه)فيا.

ص: 95


1- -في كشف الغمة:تركتمونا.

جمعه و سيأتي تفصيل ما جرى بعد ذلك في فصل مصرعه عليه السّلام (1).

هذا هو كالليث المغضب لا يحمل على أحد منهم إلاّ نفحه بسيفه فألحقه بالحضيض،فيكفي ذلك في تحقيق شجاعته و كرم نفسه شاهدا صادقا فلا حاجة معه إلى إزياد في الإستشهاد (2).

و قال السيد القرشي:و لم يشاهد الناس في جميع مراحل التاريخ أشجع،و لا أربط جأشا،و لا أقوى جنانا من الإمام الحسين عليه السّلام فقد وقف يوم الطف موقفا حيّر فيه الألباب،و أذهل فيه العقول،و أخذت الأجيال تتحدث بإعجاب و إكبار عن بسالته، و صلابة عزمه،و قدّم الناس شجاعته على شجاعة أبيه التي استوعبت جميع لغات الأرض.

و قد بهر أعداؤه الجبناء بقوة بأسه،فإنه لم ينهار أمام تلك النكبات المذهلة التي أخذت تتواكب عليه،و كان يزداد انطلاقا و بشرا كلما ازداد الموقف بلاء و محنة، فإنه بعدما فقد أصحابه و أهل بيته زحف عليه الجيش بأسره و كان عدده-فيما يقول الرواة-ثلاثين ألفا،فحمل عليهم وحده و قد ملك الخوف و الرعب قلوبهم فكانوا ينهزمون أمامه كالمعزى إذا شد عليها الذئب-على حد تعبير الرواة-و بقي صامدا كالجبل يتلقى الطعنات من كل جانب،و لم يوه له ركن،و إنما مضى في أمره استبسالا و استخفافا بالمنية يقول السيد حيدر:

فتلقى الجموع فردا و لكن كل عضو في الروع منه جموع

رمحه من بنانه و كأن من عزمه حد سيفه مطبوع

زوج السيف بالنفوس و لكن مهرها الموت و الخضاب النجيع

و يقول في رائعة أخرى:2.

ص: 96


1- -الفتوح 5:133-134،مناقب ابن شهر آشوب 4:88.
2- كشف الغمة:229/2.

ركين و للأرض تحت الكماة رجيف يزلزل ثهلانها

أقر على الأرض من ظهرها إذا ململ الرعب أقرانها

تزيد الطلاقة في وجهه إذا غيّر الخوف ألوانها

و لما سقط أبي الضيم على الأرض جريحا و قد أعياه نزف الدماء تحامى الجيش بأسره من الإجهاز عليه رعبا و خوفا منه،يقول السيد حيدر:

عفيرا متى عاينته الكماة يختطف الرعب ألوانها

فما أجلت الحرب عن مثله صريعا يجبن شجعانها

و تغذى أهل بيته و أصحابه بهذه الروح العظيمة فتسابقوا إلى الموت بشوق و إخلاص لم يختلج في قلوبهم رعب و لا خوف،و قد شهد لهم عدوهم بالبسالة و رباطة الجأش فقد قيل لرجل شهد يوم الطف مع عمر بن سعد:و يحك أقتلتم ذرية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله؟،فاندفع قائلا:

«عضضت بالجندل،إنك لو شهدت ما شهدنا لفعلت ما فعلنا،ثارت علينا عصابة أيديها في مقابض سيوفها كالأسود الضارية،تحطم الفرسان يمينا و شمالا،و تلقي أنفسها على الموت،لا تقبل الأمان،و لا ترغب في المال،و لا يحول حائل بينها و بين الورود على حياض المنية،و الاستيلاء على الملك،فلو كففنا عنها رويدا لأتت على نفوس العسكر بحذافيره،فما كنا فاعلين لا أم لك...».

و وصف بعض الشعراء هذه البسالة النادرة بقوله:

و ما أروع قول السيد حيدر:

فلو وقفت صم الجبال مكانهم لمادت على سهل و دكت على و عر

فمن قائم يستعرض النبل وجهه و من مقدم يرمي الأسنة بالصدر

دكوا رباها ثم قالوا لها و قد جثوا نحن مكان الربا

لقد تحدى أبو الأحرار ببسالته النادرة الطبيعة البشرية فسخر من الموت و هزأ

ص: 97

من الحياة،و قد قال لأصحابه حينما مطرت عليه سهام الأعداء:

«قوموا رحمكم الله إلى الموت الذي لا بد منه،فإن هذه السهام رسل القوم إليكم..».

لقد دعا أصحابه إلى الموت كأنما هو يدعوهم إلى مأدبة لذيذة،و لقد كانت لذيذة عنده حقا،لأنه هو ينازل الباطل و يرتسم له برهان ربه الذي هو مبدؤه (1).1.

ص: 98


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:83/1.

علم الحسين عليه السلام

اشارة

المعارف في شخصيّة الحسين عليه السلام

قال السيد الخامنئي:و من ناحية المعارف أيضا،فقد كانت تلك الشخصية و كان ذلك الإسم الشريف مشيرا إلى ذلك المسمّى العظيم الشأن هكذا،فإنّ أهمّ و أسمى المعارف كامنة في أقوال هذا الإمام،فلو نظرتم في دعاء الإمام الحسين عليه السلام يوم عرفة،ستجدون أنّه كزبور أهل البيت(عليهم السلام)و هو مليء بالنغمات البليغة و العشق و الإخلاص للمعارف،و عندما ينظر الإنسان إلى بعض أدعية الإمام السجّاد عليه السلام و يقارنها بأدعية الإمام الحسين عليه السّلام، يرى و كأنّ أدعية الإبن شرح و توضيح و بيان لدعاء الأب،أي أنّ دعاء الأب هو الأصل و دعاء الإبن فرعه،فدعاء عرفة العجيب و الشريف و خطب الإمام يوم عاشوراء و في غير عاشوراء تحتوي على معنى و روح عجيبة،و هي بحر زاخر من المعارف السامية و الرفيعة و الحقائق الملكوتية التي قلّ نظيرها في آثار أهل البيت (عليهم السلام) (1).

عن مجاهد،قال:جاء رجل إلى الحسن و الحسين فسألهما فقالا:إن المسألة لا تصلح إلاّ لثلاثة:[لحاجة]مجحفة،أو لحمالة (2)مثقلة،أو دين فادح فأعطياه.

ص: 99


1- ثورة الحسين شمس الشهادة:25.
2- الحمالة:بفتح الحاء ما يتحمله الرجل عن قوم من الدية و الغرامة مثل أن تقع حرب بين فريقين تسفك فيها الدماء فيدخل رجل بينهم فيتحمل ديّات القتلى ليصلح بينهم(عن هامش الترجمة المطبوعة).

ثم أتى ابن عمر فأعطاه و لم يسأله فقال له الرجل:أتيت ابنيّ عمك فسألاني و أنت لم تسألني فقال ابن عمر:إبنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله إنهما كانا يغرّان (1)بالعلم غرّا (2).

و عن الأصبغ بن نباته قال:قال علي عليه السّلام للحسن عليه السّلام:«يا حسن قم فاصعد المنبر فتكلم بكلام لا تجهلك قريش بعدي فيقولون:إن الحسن لا يحسن شيئا،قال الحسن:يا أبة كيف أصعد و أتكلم و أنت في الناس تسمع و ترى؟

قال له:بأبي و امّي أواري نفسي عنك و أسمع و أرى و لا تراني».

فصعد عليه السّلام المنبر فحمد اللّه بمحامد بليغة شريفة و صلى على النبيّ صلّى اللّه عليه و اله و آله صلاة موجزة ثمّ قال:«أيها الناس سمعت جدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول:أنا مدينة العلم و علي بابها و هل تدخل المدينة إلاّ من بابها؟»

ثمّ نزل فوثب إليه علي عليه السّلام فحمله و ضمه إلى صدره ثمّ قال للحسين عليه السّلام:«يا بني قم فاصعد و تكلم بكلام لا تجهلك قريش من بعدي فيقولون:إن الحسين بن علي لا يبصر شيئا،و ليكن كلامك تبعا لكلام أخيك».

فصعد المنبر عليه السّلام فحمد اللّه و أثنى عليه و صلى على نبيه صلاة واحدة موجزة ثمّ قال:«معاشر الناس سمعت جدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول:إن عليّا مدينة هدى فمن دخلها نجا و من تخلف عنها هلك».

فوثب إليه على عليه السّلام و ضمه إلى صدره فقبّله ثمّ قال:«معاشر الناس اشهدوا أنهما فرخا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و وديعته التي استودعنيها أستودعكموها معاشر الناس،و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله سائلكم عنهما» (3).

و من كتاب التوحيد للصّدوق بسنده عن وهب بن وهب القرشي قال:حدثني2.

ص: 100


1- أي كانا يلقمان العلم و يزقان كما تزق الأفراخ.
2- المعجم الصغير للطبراني:184/1،في ترجم طي بن إسماعيل.
3- الاختصاص:238،نور البراهين:155/2.

الصادق جعفر بن محمد عن أبيه الباقر عن أبيه:أن أهل البصرة كتبوا إلى الحسين ابن علي عليه السّلام يسألونه عن الصمد،فكتب إليهم:

بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد:فلا تخوضوا في القرآن و لا تجادلوا فيه و لا تتكلّموا فيه بغير علم،فقد سمعت جدي رسول الله صلّى اللّه عليه و اله يقول:من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده في النار،و أنه سبحانه قد فسّر الصمد فقال:الله أحد الله الصمد،ثم فسّره فقال:لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا أحد،لم يلد لم يخرج منه شيء كثيف كالولد و سائر الأشياء الكثيفة التي تخرج من المخلوقين و لا شيء لطيف كالنفس و لا ينشعب منه البدوات كالسنة و النوم و الخطرة و الهمّ و الحزن و البهجة و الضحك و البكاء و الخوف و الرجاء و الرغبة و الشامة و الجوع و الشبع تعالى أن يخرج منه شي و أن يتولد منه شي كثيف،أو لطيف،و لم يولد لم يتولد من شيء و لم يخرج من شيء كما يخرج الأشياء الكثيفة من عناصرها كالشىء من الشىء و الدابة من الدابة،و النبات من الأرض، و الماء من الينابيع،و الثمار من الأشجار،و لا كما تخرج الأشياء اللطيفة من مراكزها كالبصر من العين،و السمع من الأذن،و الشم من الأنف،و الذوق من الفم،و الكلام من اللسان،و المعرفة و التميز من القلب،و كالنار من الحجر،لا بل هو الله الصمد الذي لا من شيء و لا في شيء و لا علم شيء،مبدع الأشياء و خالقها و منشئ الأشياء بقدرته يتلاشى ما خلق للفناء بمشيئته و يبقى ما خلق للبقاء بعلمه،فذلكم الله الصمد الذي لم يلد و لم يولد عالم الغيب و الشهادة الكبير المتعال،و لم يكن له كفوا أحد (1).

و عن الحكم بن عتيبة قال:لقي رجل الحسين بن علي عليه السّلام بالثعلبية و هو يريد كربلاء فدخل عليه فسلّم فقال له الحسين عليه السّلام:من أي البلاد أنت؟

قال:من أهل الكوفة.

قال:أما و الله يا أخا أهل الكوفة لو لقيتك بالمدينة لأريتك أثر جبريل من دارنا0.

ص: 101


1- مستدرك سفيند البحار:432/10.

و نزوله بالوحي على جدي،يا أخا أهل الكوفة أفمستقى الناس العلم من عندنا فعلموا و جهلنا؟هذا ما لا يكون (1).2.

ص: 102


1- الكافي:399/1 ح 2.

الحسين عليه السلام و علم الغيب

و فيه أيضا عن الصادق عليه السّلام قال:إذا أراد أن ينفذ غلمانه في بعض اموره قال لهم:لا تخرجوا يوم كذا اخرجوا يوم كذا فإنّكم إن خالفتموني قطع عليكم،فخالفوه مرّة و خرجوا فقتلهم اللصوص و أخذوا ما معهم و اتّصل الخبر إلى الحسين عليه السّلام فدخل على الوالي فقال:بلغني قتل غلمانك؟

قال الحسين عليه السّلام:أنا أدلّك على من قتلهم و هذا منهم أشار إلى رجل واقف بين يدي الوالي فقال الرجل:و من أين تعرف إنّي منهم؟

فقال:إن أنا صدقتك تصدقني؟

قال:نعم و اللّه قال:خرجت و معك فلان و فلان فمنهم أربعة من موالي المدينة و الباقي من حبشانها.

فقال الرجل:و اللّه ما كذب الحسين و كأنّه كان معنا،فجمعهم الوالي فأقرّوا فضرب أعناقهم (1).

و عن الأصبغ بن نباتة قال:سألت الحسين عليه السّلام سيّدي أسألك عن شيء أنا به موقن و أنّه من سرّ اللّه.

فقال:يا أصبغ أتريد أن ترى مخاطبة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله لأبي دون يعني أبا بكر يوم مسجد قبا؟

قال:هذا الذي أردت.

ص: 103


1- الخرائج و الجرائح:247/1.

قال:قم،فإذا أنا و هو بالكوفة فنظرت فإذا المسجد من قبل أن يرتدّ إلي بصري فتبسّم في وجهي ثمّ قال:يا أصبغ إنّ سليمان بن داود أعطي الريح غدوّها شهر و رواحها شهر و أنا قد أعطيت أكثر ممّا أعطي سليمان.

فقلت:صدقت يا ابن رسول اللّه فقال لي:أدخل،فدخلت فإذا أنا بأمير المؤمنين عليه السّلام قابض على تلابيب الأعسر-يعني أبا بكر-فرأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يعضّ على الأنامل و هو يقول:بئس الخلف خلفتني أنت و أصحابك عليكم لعنة اللّه و لعنتي (1).

و عن ابن الزبير قال:قلت للحسين عليه السّلام:إنّك تذهب إلى قوم قتلوا أباك و خذلوا أخاك فقال:لأن أقتل بمكان كذا و كذا أحبّ إليّ من أن يستحلّ بي مكّة (2).

و عنّف ابن عبّاس على تركه الحسين عليه السّلام فقال:إنّ أصحاب الحسين لم ينقصوا رجلا و لا يزيدوا رجلا نعرفهم بأسمائهم من قبل شهودهم.

و قال محمّد بن الحنفيّة:و أنّ أصحابه عندنا لمكتوبون بأسمائهم و أسماء آبائهم.

و في كتاب دلائل الإمامة عن حذيفة قال:سمعت الحسين عليه السّلام يقول:و اللّه ليجتمعن على قتلي طغاة بني اميّة يقدمهم عمر بن سعد و ذلك في حياة النبيّ صلّى اللّه عليه و اله فقلت له:أنبأك بهذا رسول اللّه؟

قال:لا،فأتيت النبيّ صلّى اللّه عليه و اله فأخبرته فقال:علمي علمه و علمه علمي لأنّنا نعلم بالكائن قبل كينونته (3).

و قال عمر بن سعد يوما للحسين عليه السّلام:يا أبا عبد اللّه إن قبلنا ناسا سفهاء يزعمون أنّي أقتلك،قال الحسين عليه السّلام:إنّهم ليسوا سفهاء و لكنّهم حلماء أما انّه يقرّ عيني أنّك1.

ص: 104


1- مناقب آل أبي طالب:211/3.
2- مدينة المعاجز:503/3 ح 1017.
3- دلائل الامامة:184 ح 101.

لا تأكل برّ العراق بعدي إلاّ قليلا (1).

و عن حذيفة قال:سمعت الحسين بن علي عليه السّلام يقول:«و اللّه ليجتمعن على قتلي طغاة بني امية و يقدمهم عمر بن سعد،و ذلك في حياة النبي صلّى اللّه عليه و اله».

فقلت له:أنبأك بهذا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله؟

قال عليه السّلام:«لا».

قال:فأتيت النبي فأخبرته.

فقال صلّى اللّه عليه و اله:«علمي علمه و علمه علمي،لأنّا نعلم الكائن قبل كينونته» (2).

و في حديث الإمام الصادق عليه السّلام مع المفضل بعد ذكر الإمام رجعة أصحاب الكساء و شكايتهم إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله ما حلّ بهم قال:قال أمير المؤمنين عليه السّلام لفضّة:«يا فضّة لقد عرفه رسول اللّه و عرف الحسين اليوم بهذا الفعل(ضرب فاطمة و إسقاط المحسن عليه السّلام)و نحن في نور الأظلة أنوار عن يمين العرش» (3).

و عن أبي جعفر عليه السّلام في حديث ذكر فيه كتاب الإمام الحسين عليه السّلام إلى فاطمة ابنته فدفعته إلى علي بن الحسين قلت:فما فيه يرحمك اللّه؟

قال عليه السّلام:«ما يحتاج إليه ولد آدم منذ كانت الدنيا إلى أن تفنى» (4).

و كان الإمام الحسين عليه السّلام يعلم متى يموت و بأي أرض يموت و من يستشهد معه (5).

و من ذلك أنه لمّا أراد الخروج إلى العراق قالت له أمّ سلمة:يا بني لا تحزنّي بخروجك فإنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول:يقتل ولدي الحسين بالعراق،فقال لها5.

ص: 105


1- بحار الانوار:263/44 ح 20.
2- -بحار الانوار:186/44.
3- -الهداية الكبرى:408 باب 14.
4- -البحار:54/26 ح 109 باب جهات علومهم.
5- -مشارق انوار اليقين:88،و الهداية الكبرى:203-204 باب 5.

الحسين عليه السّلام:يا أمّاه إنّي مقتول لا محالة و ليس من الأمر المحتوم بد و إنّي لأعرف اليوم الذي اقتل فيه و الحفرة التي أدفن فيها،و من يقتل معي من أهل بيتي و من شيعتي، و إن أردت أريتك مضجعي و مكاني،ثم أشار بيده فانخفضت الأرض حتى أراها مضجعه و مكانه (1).

و من ذلك من كتاب الراوندي أن رجلا جاء إلى الحسين عليه السّلام فقال:أمّي توفيت و لم توص بشيء غير أنّها أمرتني أن لا أحدث في أمرها حدثا حتى أعلمك يا مولاي، فجاء الحسين عليه السّلام و أصحابه فرآها ميتة فدعى اللّه ليحييها فإذا المرأة تتكلّم،و قالت:

ادخل يا مولاي و مرني بأمرك،فدخل و جلس و قال لها:أوصي يرحمك اللّه،فقالت:يا سيدي،إنّ لي من المال كذا و كذا و قد جعلت ثلثه إليك لتضعه حيث شئت،و الثلثان لابني هذا إن علمت أنّه من مواليك،و إن كان مخالفا فلا حظّ للمخالف في أموال المؤمنين،ثم سألته أن يتولّى أمرها و أن يصلّي عليها،ثم صارت ميّتة كما كانت (2).7.

ص: 106


1- بحار الأنوار عن الكافي:330/44 ح 2.
2- الخرائج و الجرائح:245 باب 4،و فرج المهموم:227.

قدرة الحسين عليه السلام

في كتاب المناقب:عن زرارة بن أعين و رواه الكشي عن حمران بن أعين قال:

سمعت أبا عبد اللّه يحدث عن أبائه أن رجلا كان من شيعة أمير المؤمنين مريضا شديد الحمى فعاده الحسين عليه السّلام فلمّا دخل من باب الدار طارت الحمى من الرجل فقال له:الحمى تهرب منكم.

فقال له الحسين عليه السّلام:و اللّه ما خلق شيئا إلاّ و قد أمره بالطّاعة لنا.

قال:فناداها يا حمى فإذا نحن نسمع الصوت و لا نرى الشخص يقول:لبّيك.

قال:أليس أمير المؤمنين أمرك أن لا تقربي إلاّ عدوّا أو مذنبا لكي تكون كفّارة لذنوبه فما بال هذا،و كان المريض عبد اللّه بن شدّاد بن الهادي؟ (1)

و في كتاب الخرائج عن يحيى بن امّ الطويل قال:كنّا عند الحسين عليه السّلام إذ دخل عليه شاب يبكي قال:إنّ والدتي توفّيت هذه الساعة و لم توص لها مال و قد كانت أمرتني ألاّ أحدث في أمرها شيئا حتّى أعلمك خبرها.

فقال الحسين عليه السّلام:قوموا حتّى نصير إلى هذه الحرّة فأتيناها فإذا هي مسجّاة فأشرف على البيت و دعى اللّه تعالى ليحييها حتّى توصي بما تحبّ من وصيّتها، فأحياها اللّه تعالى فجلست و هي تتشهّد،ثمّ نظرت إلى الحسين عليه السّلام فقالت:أدخل يا مولاي و مرني بأمرك فدخل و جلس على فخذه ثمّ قال لها:أوصي يرحمك اللّه.

فقالت:يابن رسول اللّه لي من المال كذا و كذا في مكان كذا و كذا فقد جعلت ثلثه

ص: 107


1- وسائل الشيعة:237/20 ح 683.

إليك لتضعه حيث شئت من أوليائك و الثلثان لابني هذا إن علمت أنّه من أوليائك و إن كان مخالفا لك فلا حقّ للمخالفين في أموال المسلمين.

ثمّ سألته أن يصلّي عليها و أن يتولّى أمرها ثمّ صارت المرأة ميّتة كما ماتت (1).

عن صفوان بن مهران قال:سمعت الصادق عليه السّلام يقول:رجلان اختصما في زمن الحسين عليه السّلام في امرأة و ولدها فقال:هذا لي،و قال الأخر:هذا لي فأمر بهما الحسين عليه السّلام فقال أحدهما:إنّ الإمرأة لي.

و قال الآخر:إن الولد لي.

فقال عليه السّلام للمدّعي الأوّل:أقعد فقعد و كان الغلام رضيعا فقال الحسين:يا هذه اصدقي من قبل أن يهتك اللّه سترك.

فقالت:هذا زوجي و الولد له و لا أعرف هذا.

فقال عليه السّلام:يا غلام ما تقول هذه؟أنطق بإذن اللّه تعالى.

فقال له:ما أنا لهذا و لا لهذا و ما أبي إلاّ راعي لآل فلان.

فأمر عليه السّلام برجمها و لم يسمع أحد نطق هذا الغلام بعدها (2).3.

ص: 108


1- الخرائج و الجرائح:246/1 ح 1.
2- مناقب آل أبي طالب:210/3.

حكمة الإمام الحسين عليه السلام

قال السيد مرتضى العسكري:عارض الإمام في المدينة بيعة خليفة اكتسب شرعية حكمه لدى المسلمين ببيعتهم إياه،و قاوم عصبة الخلافة في المدينة حتى انتشر خبره ثم توجه إلى مكة و التزم الطريق الأعظم و لم يتنكبه مثل ابن الزبير و ورد مكة و التجأ إلى بيت اللّه الحرام فاشرأبت إليه أعناق المعتمرين و تحلّقوا حوله،يستمعون إلى سبط نبيهم و هو يحدثهم عن سيرة جده و يشرح لهم انحراف الخليفة عن تلك السيرة!.

ثم أعلن دعوته و كاتب البلاد و دعا الأمة إلى القيام المسلح في وجه الخلافة، و تغيير ما هم عليه،و طلب منهم البيعة على ذلك،و ليس على أن يعينوه ليلي الخلافة،و لم يمن الإمام أحدا بذلك بتاتا و لم يذكره في خطاب و لم يكتبه في كتاب، بل كان كلما نزل منزلا أو ارتحل ضرب بيحيى بن زكريا مثلا لنفسه،و حق له ذلك فإن كلا منهما أنكر على طاغوت زمانه الطغيان و الفساد،و قاومه حتى قتل،و حمل رأسه إلى الطاغية!فعل ذلك يحيى بمفرده،و الحسين مع أعوانه و أنصاره و أهل بيته،و لا يفعل ذلك من يريد أن يجمع الناس حوله و يستظهر بهم ليلي الخلافة بل يمنيهم بالنصر و الاستيلاء على الحكم و لا يذكر للناس ما يؤدي إلى الوهن و الفشل.

بقي الإمام أربعة أشهر في مكة بما فيهن أشهر الحج و اجتمع به المعتمرون أولا ثم الوافدون لحج بيت اللّه الحرام من كل فج عميق و هو يروي لهم عن جده الرسول صلّى اللّه عليه و اله عن اللّه ما يخوفهم معصيته،و يحذرهم عذابه في يوم القيامة، و يدعوهم إلى تقوى اللّه،و طلب مراضيه،و ينبههم إلى خطر الخلافة القائمة على

ص: 109

الإسلام،فيسمعون منه ما لم يسمعوه من غيره في ذلك العصر و بقي هكذا حتى أقبل يوم التروية،و أحرم الحاج للحج،و اتجهوا إلى عرفات ملبين.

في هذا الوقت خالف الإمام الحجيج و أحل من إحرامه و خرج من الحرم قائلا أخشى أن تغتالني عصبة الخلافة لأني لم أبايع فتهتك بي حرمة الحرم،و لأن أقتل خارجا منه بشبر أحب إلي من أن أقتل داخلا بشبر إن الإمام لم يقل عندئذ أذهب إلى العراق لألي الحكم بل قال:أذهب لأقتل خارجا من الحرم بشبر.

و يعود الحجيج إلى مواطنهم و يبلغ معهم خبر الإمام الحسين إلى منتهى الخف و الحافر،يبلغ خبره إلى أي صقع من أصقاع الأرض يمر به ركب الحجيج الذي يحمل معه إلى المسلمين في كل مكان النبأ العظيم،نبأ خروج سبط نبيهم على الخلافة القائمة و دعوته المسلمين إلى القيام المسلح ضد الخلافة لأنه يرى الخليفة قد انحرف عن الإسلام و يرى الخطر محدقا بالإسلام مع استمرار هذا الحكم، فيتعطش المسلمون في كل مكان لمعرفة مآل هذه المعركة،معركة أهل بيت الرسول مع عصبة الخلافة و يتنسمون أخبارها فيبلغهم أن الحسين عليه السّلام خرج لا يلويه شئ و لا يثني عزمه تحذير المحذرين و لا تخذيل المخذلين،لا يلويه قول عبد اللّه بن عمر:أستودعك اللّه من قتيل،و لا قول الفرزدق:قلوب الناس معك و سيوفهم مع بني أمية،و لا كتاب عمرة و حديثها عن عائشة عن رسول اللّه أنه يقتل بأرض بابل،هكذا تبلغهم أخبار الإمام خبر بعد خبر و يمضي الحسين عليه السّلام متريثا متمهلا لا يخفى من أمره شئ بل يبادر إلى كل فعل يشهر مخالفته للخليفة يزيد،فيأخذ ما أرسله و الي اليمن إلى الخليفة من تحف و عطور و يعلن بفعله هذا عدم شرعية تصرف الخليفة و كذلك يفعل كل ما يتم به الحجة على من اجتمع به أو بلغه خبره، و يبالغ في ذلك و أخيرا يستقبل بالماء جيش عدوه و قد أجهده العطش في صحراء لا ماء فيه يرويهم و يروي مراكبهم،و لا يقبل أن يباغت هذا الجيش بالحرب،بل يتركهم ليكونوا هم الذين يبدأوه بالحرب ثم إنه أتم الحجة على هذا الجيش

ص: 110

و خاطبهم بعد أن أمهم بالصلاة و قال:معذرة إلى اللّه عزّ و جلّ و اليكم،إني لم آتكم حتى أتتني كتبكم،و قدمت علي رسلكم أن أقدم علينا فإنه ليس لنا إمام لعل اللّه يجمعنا بك على الهدى،فإن كنتم على ذلك،فقد جئتكم،فإن تعطوني ما أطمئن إليه من عهودكم و مواثيقكم أقدم مصركم،و إن لم تفعلوا و كنتم لمقدمي كارهين، أنصرف عنكم.

و قال في خطبته الثانية:إن تتقوا و تعرفوا الحق لأهله يكن أرضى للّه و نحن أهل البيت أولى بولاية هذا الأمر عليكم من هؤلاء المدعين ما ليس لهم و السائرين فيكم بالجور و العدوان.

و أتم الحجة أيضا على أصحابه و خطب فيهم و قال:ألا ترون الحق لا يعمل به و أن الباطل لا يتناهى عنه ليرغب المؤمن في لقاء اللّه محقا فإني لا أرى الموت إلاّ شهادة و لا الحياة مع الظالمين إلاّ برما.

فقال له أصحابه:و اللّه لو كانت الدنيا باقية و كنا فيها مخلدين إلاّ أن فراقها في نصرك و مواساتك لآثرنا الخروج معك على الإقامة فيها.

و قال في جواب اقتراح الطرماح أن يذهب إلى جبلي طيء فيدافع عنه عشرون ألف طائي:إنه قد كان بيننا و بين هؤلاء القوم قول لسنا نقدر معه على الإنصراف.

إنه قد كان بين الحسين عليه السّلام و بين أهل العراق عهد أن يذهب إليهم و لا يقدر أن ينصرف عنهم حتى يتم الحجة عليهم.

أتم الحسين عليه السّلام الحجة على المسلمين في بلادهم و حواضرهم و عواصمهم مدة خمسة أشهر سواء من كان منهم في الحرمين أو العراقين-البصرة و الكوفة- و كذلك من كان منهم في الشام حين أسمعهم حججه في خطبه و كتبه و على لسان رسله و أبلغهم نبأه.

و باشر القيام المسلح بأخذه البيعة ممن بايعه على ذلك،ثم في قتال سفيره مسلم ثم في توجهه إلى العراق متريثا و كان بامكان جماهير الحجيج أن يلتحقوا

ص: 111

بعد الحج بركبه المتمهل في السير و كان بإمكان أهل الحرمين و العراقين و سائر البلاد الإسلامية أن يلبّوا دعوته حين استنصرهم فإنه لم يؤخذ على حين غرة ليكونوا معذورين لأنه لم تؤاتهم الفرصة لنصرته،بل إنه تنقل من بلد إلى بلد يداور عصبة الخلافة و يحاور بمنظر من المسلمين و مخبر،إذن فقد اشترك الجميع في تخذيله و إن تفرد أهل الكوفة بحمل العار في دعوته،و تلبية دعوته ثم قتالهم إياه!.

أتم الإمام الحسين عليه السّلام الحجة على المسلمين عامة بما قال و فعل من قبل أن يصل إلى عرصات كربلاء،و لما انتهى إليها و قلب له أهل العراق ظهر المجن، و ازدلف إليه هناك عشرات الألوف منهم،يتقربون إلى عصبة الخلافة بدمه،عند ذاك أتم عليهم و على عصبة الخلافة خاصة الحجة بما قال و فعل:فقد اقترح على عصبة الخلافة أولا أن يتركوه فيلقي السلاح و يرجع إلى المكان الذي أتى منه أو يسير إلى ثغر من الثغور فيكون رجلا من المسلمين له ما لهم و عليه ما عليهم، و بذلك لا يبقى أي خطر منه على حكمهم كما كان شأن سعد بن أبي و قاص و عبد اللّه بن عمر و أسامة بن زيد مع أبيه الإمام علي عليه السّلام حين لم يبايعوه،فلما أبى عليه جيش الخلافة إلاّ أن يبايع و ينزل على حكم ابن زياد،أبى ذلك و استعد للقاء اللّه، لإتمام الحجة على جيش الخلافة من أهل العراق،و لاتمام الحجة على أصحابه خاصة،طلب منهم عصر التاسع من محرم أن يمهلوه ليلة واحدة ليصلّي لربه و يتضرع و يتلو كتابه فانه يحب ذلك،و بعد لأي لبّوا طلبه فجمع أصحابه ليلة العاشر من محرم و خطب فيهم و قال في خطبته:ألا و اني أظن أن يومنا من هؤلاء الأعداء غدا و إني قد أذنت لكم فانطلقوا جميعا في حل،ليس عليكم مني ذمام و هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا و ليأخذ كل واحد منكم بيد رجل من أهل بيتي فجزاكم اللّه جميعا خيرا و تفرّقوا في سوادكم و مدائنكم فإن القوم إنما يطلبونني و لو أصابوني لذهلوا عن طلب غيري.

فقال له الهاشميون:لم نفعل ذلك؟!لنبقى بعدك؟!لا أرانا اللّه ذلك أبدا!و التفت إلى

ص: 112

بني عقيل و قال:حسبكم من القتل بمسلم اذهبوا قد أذنت لكم!فقالوا:..لا و اللّه لا نفعل،و لكن نفديك بأنفسنا،و أموالنا و أهلينا،نقاتل معك حتى نرد موردك،فقبّح اللّه العيش بعدك!.

ثم تكلم أنصاره فقال مسلم بن عوسجة:أنحن نخلي عنك و بماذا نعتذر إلى اللّه في أداء حقك؟أما و اللّه لا أفارقك حتى أطعن في صدورهم برمحي و أضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي،و لو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة حتى أموت معك!و قال سعيد بن الحنفي و اللّه لا نخليك حتى يعلم اللّه أنا قد حفظنا غيبة رسوله فيك!أما و اللّه لو علمت إني أقتل ثم أحيا ثم أحرق حيا ثم أذرى يفعل بي ذلك سبعين مرة لما فارقتك حتى ألقى حمامي،فكيف لا أفعل ذلك و إنما هي قتلة واحدة ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبدا،و تكلم باقي الأصحاب بما يشبه بعضه و بعد هذه الخطبة تهيأ و اللقاء ربهم و أحيوا الليل بالعبادة،قال الراوي:فلما أمسى الحسين و أصحابه قاموا الليل كله يصلّون و يستغفرون و يدعون و يتضرعون.

و استعدوا كذلك للقاء خصومهم و إتمام الحجة عليهم في يوم غد فأمر الإمام بمكان منخفض من وراء الخيم كأنه ساقية فحفروه في ساعة من الليل و أمر فأتي بحطب و قصب فألقي فيه،فلما أصبحوا استقبلوا القوم بوجوههم و جعلوا البيوت في ظهورهم و أمر بذلك الحطب و القصب من وراء البيوت فأحرقت بالنار كي لا يؤتوهم من ورائهم،و بذلك منعهم الإمام من الحملة عليه بغتة و قتله قبل إتمامه الحجة عليهم بل ألقى عليهم هو و أصحابه الخطبة تلو الخطبة حين تقابل الجيشان في يوم عاشوراء و استعدا للقتال بدأهم الإمام الحسين فركب ناقته و استقبلهم و استنصتهم ثم قال في خطبته:أيها الناس اسمعوا قولي و لا تعجلوا حتى أعظكم.

آمنتم بالرسول محمد صلّى اللّه عليه و اله ثم إنكم زحفتم إلى ذريته و عترته تريدون قتلهم.

أيها الناس انسبوني من أنا ثم ارجعوا إلى أنفسكم و عاتبوها و انظروا هل يحل

ص: 113

قتلي و انتهاك حرمتي؟!ألست ابن بنت نبيكم...أولم يبلغكم قول رسول اللّه لي و لأخي:هذان سيدا شباب أهل الجنة،فإن كنتم في شك من هذا القول أفتشكون أني ابن بنت نبيكم فو اللّه ما بين المشرق و المغرب ابن بنت نبي غيري فيكم و لا في غيركم،و يحكم!تطلبوني بقتيل منكم قتلته أو مال لكم استهلكته أو بقصاص جراحة؟!و نادى:يا شبث بن ربعي!و يا حجار بن أبجر!و يا قيس بن الأشعث!و يا زيد بن الحارث ألم تكتبوا إلي أن أقدم قد أينعت الثمار و اخضر الجناب،و إنما تقدم على جند لك مجند.

و قال:أيها الناس إذا كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم!فقال له قيس بن الأشعث:أ و لا تنزل على حكم بني عمك؟.

و قال:ألا و ان الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة و الذلة و هيهات منا الذلة.

و قال:أما و اللّه لا تلبثون بعدها إلاّ كريثما يركب الفرس حتى تدور بكم دور الرحى.

عهد عهده إلي أبي عن جدي رسول اللّه.

ثم رفع يديه إلى السماء و قال:اللهم احبس عنهم قطر السماء.

و سلّط عليهم غلام ثقيف يسقيهم كأسا مصبرة.

اذن فإن جيش الخلافة من أمة محمد صلّى اللّه عليه و اله يقاتلون ابن بنت نبيهم من أجل أن يبايع يزيد و ينزل على حكم ابن زياد،و يتقبل الإمام الحسين و جيشه قتل رجالهم و سبي نسائهم و لا يفعلون ذلك.

جيش الخلافة يقتل ابن بنت نبيه و يسبي عترته من أجل كسب رضى الخليفة، و واليه،و كسب حطام الدنيا منهما.

و الإمام و جيشه يستشهدون من أجل كسب رضى اللّه و تحصيل ثوابه في يوم القيامة.

ص: 114

يدل على ذلك بالإضافة إلى ما سبق ذكره،جميع أفعال الجيشين و أقوالهما في ذلك اليوم.... (1)3.

ص: 115


1- معالم المدرستين:308/3-313.

عبادة الحسين عليه السلام

اشارة

جسّد الإمام الحسين عليه السّلام من خلال سلوكه و تفكيره أسمى معاني العبودية الصادقة،و قد عمل كل ما يقرّبه إلى الله فكان كثير الصلاة و الصوم و الحج و الصدقة و أفعال الخير.

قال ولده علي بن الحسين زين العابدين عليه السّلام:كان(الحسين)عليه السّلام يصلي في اليوم و الليلة ألف ركعة (1).

كان الإمام الحسين عليه السّلام كثير الحج،و قد حج خمسا و عشرين حجة ماشيا، و كانت نجائبه تقاد معه (2).

و عن الرافعي عن أبيه عن جدّه قال:رأيت الحسن و الحسين عليهما السلام يمشيان إلى الحجّ فلم يمرا براكب إلاّ نزل يمشي فثقل ذلك على بعضهم،فقالوا لسعد بن أبي وقّاص:قد ثقل علينا المشي و لا نستحسن أن نركب و هذان السيّدان يمشيان فقال سعد للحسن:يا أبا محمّد إنّ المشي قد ثقل على جماعة ممّن معك و الناس إذا رأو كما تمشيان لم تطب أنفسهم أن يركبوا فلو ركبتما.

فقال الحسن عليه السّلام:لا نركب قد جعلنا على أنفسنا المشي إلى بيت اللّه الحرام على أقدامنا و لكنّا نتنكّب الطريق فأخذا جانبا من الناس (3).

ص: 116


1- تاريخ اليعقوبي 247/2،دار صادر،بيروت-لبنان،ط 6،1415 ه-1995 م،و تاريخ ابن خلدون 30/3،دار الفكر،بيروت-لبنان،1415 ه-1995 م.
2- مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 129/7،تاريخ ابن خلدون 30/3.
3- الارشاد:129/2.

و عن شعيب الخزاعي قال:[كان]على ظهر الحسين عليه السّلام يوم الطفّ أثر،فسألوا زين العابدين عليه السّلام فقال:هذا ممّا كان ينقل الجراب على ظهره إلى منازل الأرامل و الأيتام و المساكين.

و في عيون المحاسن أنّه عليه السّلام ساير أنس بن مالك فأتى قبر خديجة فبكى ثمّ قال:

إذهب عنّي فاستخفيت عنه،فلمّا طال و قوفه في الصلاة سمعته يقول شعرا:

يا ربّ يا ربّ أنت مولاه فارحم عبيدا أنت ملجاه

يا ذا المعالي عليك معتمدي طوبى لمن كنت أنت مولاه

طوبى لمن كان خادما أرقا يشكو إلى ذي الجلال بلواه

و ما به علّة و لا سقم أكثر من حبّه لمولاه

إذا اشتكى بثّه و غصّته أجابه اللّه ثمّ لبّاه

فنودي شعرا:

لبّيك لبّيك أنت في كنفي و كلّما قلت قد علمناه

صوتك تشتاقه ملائكتي فحسبك الصوت قد سمعناه

دعاك منّي يحول في حجب فحسبك الستر قد سفرناه

لو هبّت الريح من جوانبه خرّ صريعا لمّا تغشّاه

سلني بلا رغبة و لا رهب و لا حساب إنّي أنا اللّه

و عن خليفة بن خيّاط،قال في تسمية الأمراء يوم الجمل قال:قال أبو عبيدة:

و على الميسرة الحسين بن علي عليهما السلام (1).

و روى أبو مخنف«عن عبد الله بن قيس قال:قال أمير المؤمنين عليه السّلام يوم صفّين و قد أخذ أبو الأعور السّلمي الماء على النّاس و لم يقدر عليه أحد،فبعث إليه الحسين عليه السّلام في خمسمائة فارس فكشفه عن الماء،فلمّا رأى ذلك أمير المؤمنين4.

ص: 117


1- تاريخ خليفة بن خياط:184.

قال:ولدي هذا يقتل بكربلا عطشانا،و ينفر فرسه و يحمحم و يقول في حمحمته:

الظليمة الظليمة من أمّة قتلت ابن بنت نبيّها (1).

و هم يقرأون القرآن الذي جاء به إليهم،ثمّ إنّ أمير المؤمنين أنشأ يقول:

أرى الحسين قتيلا قبل مصرعه علما يقينا بأن يبلى بأشرار

و كلّ ذي نفس أو غير ذي نفس يجري إلى أجل يأتي بأقدار

و قال السيد القرشي:و اتجه الإمام الحسين عليه السّلام بعواطفه و مشاعره نحو الله فقد تفاعلت جميع ذاتياته بحب الله و الخوف منه،و يقول المؤرخون:إنه عمل كل ما يقرّبه إلى الله فكان كثير الصلاة و الصوم و الحج و الصدقة و أفعال الخير.و نعرض لبعض ما أثر عنه من عبادته و اتجاهه نحو الله.

أ-خوفه من الله:

كان الإمام الحسين عليه السّلام في طليعة العارفين بالله،و كان عظيم الخوف منه شديد الحذر من مخالفته حتى قال له بعض أصحابه:

«ما أعظم خوفك من ربك؟!!».

فقال عليه السّلام:«لا يأمن يوم القيامة إلا من خاف الله في الدنيا..»و كانت هذه سيرة المتقين الذين أضاءوا الطريق،و فتحوا آفاق المعرفة،و دللوا على خالق الكون و واهب الحياة.

ص: 118


1- مدينة المعاجز:140/3.

ب-كثرة صلاته و صومه:

كان الإمام الحسين عليه السّلام أكثر أوقاته مشغولا بالصلاة و الصوم،و كان يصلي في اليوم و الليلة ألف ركعة-كما حدث بذلك ولده زين العابدين-و كان يختم القرآن الكريم في شهر رمضان و تحدث ابن الزبير عن عبادة الإمام فقال:«أما و الله لقد قتلوه طويلا بالليل قيامه كثيرا في النهار صومه».

ج-حجه:

كان الإمام عليه السّلام كثير الحج و قد حج خمسا و عشرين حجة ماشيا على قدميه و كانت نجائبه تقاد بين يديه و كان يمسك الركن الأسود يناجي الله و يدعو قائلا:

«إلهي أنعمتني فلم تجدني شاكرا،و ابتليتني فلم تجدني صابرا،فلا أنت سلبت النعمة بترك الشكر،و لا أدمت الشدة بترك الصبر،إلهي ما يكون من الكريم إلا الكرم...».

و خرج عليه السّلام معتمرا لبيت الله فمرض في الطريق فبلغ ذلك أباه أمير المؤمنين عليه السّلام و كان في يثرب فخرج في طلبه فأدركه في(السقيا)و هو مريض فقال له:

«يا بني ما تشتكي؟».

«أشتكي رأسي».

فدعا أمير المؤمنين ببدنة فنحرها و حلق رأسه ورده إلى المدينة،فلما أبل من مرضه قفل راجعا إلى مكة و اعتمر.

هذا بعض ما أثر من طاعته و عبادته.

ص: 119

د-صدقاته:

كان الإمام الحسين عليه السّلام كثير البر و الصدقة،و قد ورث أرضا و أشياء فتصدّق بها قبل أن يقبضها و كان يحمل الطعام في غلس الليل إلى مساكين أهل المدينة لم يبتغ بذلك إلا الأجر من الله،و التقرّب إليه و قد ألمعنا-فيما سبق-إلى كثير من ألوان بره و إحسانه (1).

و قال السيد الخامنئي:كانت العبادة و التضرع و التوسل و الاعتكاف في حرم الرسول،و الرياضة المعنوية و الروحية أحد أطراف القضية،و طرف آخر سعيه الحثيث في نشر العلم و المعرفة و مجابهة التحريف.كان التحريف آنذاك أكبر تحدّ معنوي يهدد الإسلام،و يجري كالسيل الجارف من الفساد و الماء الآسن فيركد في أذهان أبناء المجتمع الإسلامي.

و هو عصر ساد فيه التأكيد على الولايات و البلدان و الشعوب الإسلامية بلعن أعظم شخصية في تاريخ الإسلام!و ملاحقة من يتهم بموالاة أمير المؤمنين و يقول بإمامته؛حيث ساد آنذاك«القتل بالظنّ و الأخذ بالتهمة»في مثل هذه الظروف وقف الإمام عليه السّلام كالطود الشامخ و خرق حجب التحريف.

أقواله و كلامه الذي يخاطب فيه العلماء-و الذي يحتفظ التاريخ بشيء منه-ينم عمّا كان يأتي به من فعل عظيم في هذا المضمار.

و تضمنت القضية طرفا آخر و هو النهي عن المنكر و الأمر بالمعروف في أرفع أشكاله،و الذي جاء في كتابه إلى معاوية،و هذا الكتاب حسبما أتذكر نقله المؤرخون من أبناء العامة و لا أظن الشيعة قد نقلوه-أي إني لم أعثر عليه من طرق

ص: 120


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:95.

الشيعة-و حتى إن كانوا قد ذكروه فإنّما قد نقلوه عنهم.

و استمر أسلوب الكتاب المذكور و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر حتى خروجه من المدينة أبان حكومة يزيد،و هذا يدخل أيضا في باب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر؛حيث قال:«أريد أن آمر بالمعروف و أنهى عن المنكر».

تلاحظون هذا الإنسان يأتي بتلك الحركة العظيمة في مجال تهذيب نفسه و ترويضها (1).1.

ص: 121


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:95/1.

أدعية الإمام الحسين

اشارة

قال السيد القرشي:و حفلت الأدعية التي أثرت عن الحسين عليه السّلام بالدروس التربوية الهادفة إلى بناء صروح العقيدة و الإيمان بالله،و تنمية الخوف و الرهبة من الله في أعماق نفوس الناس لتصدهم عن الإعتداء و تمنعهم عن الظلم و الطغيان، و قد كان اهتمام أهل البيت عليهم السّلام بهذه الجهة اهتماما بالغا...و لم يؤثر عن أحد من أئمة المسلمين و خيارهم من الأدعية مثل ما أثر عنهم،و أنها لتعد من أروع الثروات الفكرية،و الأدبية في الإسلام،فقد حوت أصول الأخلاق،و قواعد السلوك و الآداب، كما ألمّت بفلسفة التوحيد و معالم السياسة العادلة،و غير ذلك،و نلمع لبعض أدعيته عليه السّلام:

1-دعاؤه من وقاية الأعداء:

كان الإمام الحسين عليه السّلام يدعو بهذا الدعاء يستجير بالله من شرور أعدائه،و هذا نصه:«اللّهم يا عدتي عند شدتي،و يا غوثي عند كربتي احرسني بعينك التي لا تنام، و اكنفني بركنك الذي لا يرام،و ارحمني بقدرتك عليّ،فلا أهلك و أنت رجائي،اللّهم إنك أكبر و أجلّ و أقدر مما أخاف و أحذر،اللّهم بك أدرأ في نحره،و أستعيذ من شره،إنك على كل شي قدير..».

و دعى بهذا الدعاء الشريف الإمام الصادق عليه السّلام حينما أمر الطاغية المنصور بإحضاره مخفورا لينكل به،فأنقذه الله من شره،و فرّج عنه،فسئل عن سبب ذلك،

ص: 122

فقال إنه دعى بدعاء جده الحسين عليه السّلام.

2-دعاؤه للاستسقاء:

كان الإمام الحسين عليه السّلام يدعو بهذا الدعاء إذا خرج للاستسقاء:«اللّهم اسقنا سقيا،واسعة و ادعة،عامة،نافعة،غير ضارة،تعم بها حاضرنا و بادينا و تزيد بها في رزقنا و شكرنا،اللّهم اجعله رزق إيمان،و عطاء إيمان،إن عطاءك لم يكن محظورا،اللهم أنزل علينا في أرضنا سكنها،و أنبت فيها زيتها و مرعاها...».

3-دعاؤه يوم عرفة:

و هو من أجل أدعية أئمة أهل البيت عليهم السّلام و أكثرها استيعابا لألطاف الله و نعمه على عباده و قد روى هذا الدعاء الشريف بشر و بشير الأسديان قالا:كنا مع الحسين بن علي عليه السّلام عشية عرفة،فخرج عليه السّلام من فسطاطه متذللا خاشعا،فجعل يمشي هونا هونا حتى وقف هو و جماعة من أهل بيته و ولده و مواليه،في مسيرة الجبل مستقبل البيت،ثم رفع يديه تلقاء وجهه كاستطعام المسكين،و قال:

«الحمد لله الذي ليس لقضائه دافع،و لا لعطائه مانع،و لا كصنعه صانع،و هو الجواد الواسع،فطر أجناس البدائع،و أتقن بحكمته الصنائع لا تخفى عليه الطلائع، و لا تضيع عنده الودائع،و رايش كل قانع،و راحم كل ضارع،منزل المنافع،و الكتاب الجامع بالنور الساطع،و هو للدعوات سامع،و للكربات دافع،و للدرجات رافع، و للجبابرة قامع،فلا إله غيره،و لا شي يعدله،و ليس كمثله شي،و هو السميع البصير،اللطيف الخبير،و هو على كل شي قدير.

اللّهم إني أرغب إليك،و أشهد بالربوبية لك،مقرا بأنك ربي و إليك مردي،

ص: 123

ابتدأتني بنعمتك قبل أن أكون شيئا مذكورا،و خلقتني من التراب،ثم أسكنتني الأصلاب آمنا لريب المنون،و اختلاف الدهور و السنين،فلم أزل ظاعنا من صلب إلى رحم،في تقادم من الأيام الماضية و القرون الخالية،لم تخرجني لرأفتك بي و لطفك لي(أو بي)و إحسانك إلي في دولة أئمة الكفر الذين نقضوا عهدك،و كذبوا رسلك،لكنك أخرجتني رأفة منك و تحننا-علي خ ل-للذي سبق لي من الهدى الذي له يسرتني،و فيه أنشأتني و من قبل ذلك رؤفت بي بجميل صنعك،و سوابغ نعمك، فابتدعت خلقي من مني يمنى و أسكنتني في ظلمات ثلاث بين لحم و دم و جلد،لم تشهدني خلقي (1)و لم تجعل إلي شيئا من أمري،لم ترض لي يا إلهي نعمة دون أخرى و رزقتني من أنواع المعاش و صنوف الرياش بمنك العظيم الأعظم علي،و إحسانك القديم إلي حتى إذا أتممت علي جميع النعم،و صرفت عني كل النقم لم يمنعك جهلي و جرأتي عليك أن دللتني إلى(على-خ ل-)ما يقرّبني إليك،و وفقتني لما يزلفني لديك فإن دعوتك أجبتني،و إن أطعتك شكرتني،و إن شكرتك زدتني كل ذلك لأنعمك علي،و إحسانك إلي فسبحانك سبحانك من مبدىء معيد حميد مجيد تقدّست أسماؤك و عظمت آلاؤك فأي نعمك أحصي عددا ثم أخرجتني للذي سبق لي من الهدى إلى الدنيا تاما سويا و حفظتني في المهد طفلا صبيا،و رزقتني من الغذاء لبنا مريا و عطفت علي قلوب الحواضن الأمهات و كفّلتني الأمهات الرواحم(الرحائم-خ ل-)،و كلأتني من طوارق الجان،و سلّمتني من الزيادة و النقصان فتعاليت يا رحيم يا رحمن حتى إذا استهللت ناطقا بالكلام أتممت علي سوابغ الإنعام و ربيتني زائدا في كل عام،حتى إذا اكتملت فطرتي و اعتدلت مرتي أوجبت علي حجتك بأن ألهمتني معرفتك و روّعتني بعجائب حكمتك و أيقظتني لما ذرأت في سمائك و أرضك من بدائع خلقك،و نبّهتني لشكرك و ذكرك و أوجبت علي طاعتك و عبادتكي.

ص: 124


1- في نسخة:لم تشهرني بخلقي.

و فهّمتني ما جاءت به رسلك،و يسرت لي تقبل مرضاتك و مننت علي-في جميع ذلك-بعونك و لطفك،ثم إذ خلقتني من خير الثرى يا إلهي فأي نعمك أحصي عددا و ذكرا،أم أي عطاياك أقوم بها شكرا و هي يا رب أكثر من أن يحصيها العادون،أو يبلغ علما بها الحافظون،ثم ما صرفت و درأت عني اللّهم-من الضر و الضراء-أكثر مما ظهر لي من العافية و السراء و أنا أشهد يا إلهي بحقيقة إيماني و عقد عزمات يقيني و خالص صريح توحيدي،و باطن مكنون ضميري و علائق مجاري نور بصري و أسارير صفحة جبيني و خرق مسارب نفسي و خذاريف مارن عرنيني و مسارب سماخ (1)سمعي و ما ضمّت و أطبقت عليه شفتاي،و حركات لفظ لساني، و مغرز حنك فمي و فكي و منابت أضراسي و مساغ مطعمي و مشربي و حمالة أم رأسي و بلوغ فارغ حبائل(و بلوغ حبائل)عنقي و ما اشتمل عليه تامور صدري و حمائل حبل و تيني و نياط حجاب قلبي و أفلاذ حواشي كبدي و ما حوته شراسيف أضلاعي و حقاق مفاصلي و قبض عواملي،و أطراف أناملي و لحمي و دمي و شعري و بشري و عصبي و قصبي و عظامي و مخي و عروقي و جميع جوارحي، و ما انتسج على ذلك أيام رضاعي،و ما أقلّت الأرض مني و نومي و يقظتي و سكوني،و حركات ركوعي و سجودي-أن لو حاولت و اجتهدت-مدى الأعصار و الأحقاب لو عمّرتها-أن أؤدي شكر واحدة من أنعمك،ما استطعت ذلك إلا بمنك الموجب علي به شكرك أبدا جديدا،و ثناء طارفا عتيدا،أجل..و لو حرصت أنا و العادون من أنامك أن نحصي مدى أنعامك سالفه(لفة-خ ل-)و آنفه ما حصرناه عددا،و لا أحصيناه أمدا،هيهات أنى ذلك!!!و أنت المخبر في كتابك الناطق،و النبأ الصادق وَ آتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌخ.

ص: 125


1- في نسخة:صماخ.

كَفّارٌ (1) صدق كتابك اللّهم و أنباؤك و بلّغت أنبياؤك و رسلك ما أنزلت عليهم من وحيك،و شرعت لهم و بهم من دينك،غير أني-يا إلهي-أشهد بجهدي و جدي، و مبلغ طاعتي و وسعي،و أقول مؤمنا موقنا:الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا فيكون موروثا،و لم يكن له شريك في ملكه فيضاده فيما ابتدع و لا ولي من الذل فيرفده فيما صنع فسبحانه سبحانه لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللّهُ لَفَسَدَتا و تفطرتا سبحان الله الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا أحد،الحمد لله حمدا يعادل حمد ملائكته المقربين و أنبيائه المرسلين،و صلى الله على خيرته محمد خاتم النبيين الطيبين الطاهرين المخلصين و سلّم».

و أخذ الحسين عليه السّلام يدعو الله و قد جرت دموع عينيه على سحنات وجهه الشريف و هو يقول:

«اللّهم اجعلني أخشاك،كأني أراك،و أسعدني بتقواك،و لا تشقني بمعصيتك و خرلي في قضائك و بارك لي في قدرك،حتى لا أحب تعجيل ما أخّرت و لا تأخير ما عجّلت،اللّهم اجعل غناي في نفسي،و اليقين في قلبي،و الإخلاص في عملي،و النور في بصري،و البصيرة في ديني،و متعني بجوارحي،و اجعل سمعي و بصري الوارثين مني،و انصرني على من ظلمني،و أرني فيه ثأري و مآربي و أقر بذلك عيني اللهم اكشف كربتي و استر عورتي،و اغفر لي خطيئتي،و اخسأ شيطاني و فك رهاني،و اجعل لي-يا إلهي-الدرجة العليا في الآخرة و الأولى،اللّهم لك الحمد كما خلقتني،فجعلتني سميعا بصيرا و لك الحمد كما خلقتني،فجعلتني خلقا (2)سويا رحمة بي و قد كنت عن خلقي غنيا،رب بما برأتني فعدّلت فطرتي رب بما أنشأتني فأحسنت صورتي،رب بما أحسنت إلي و في نفسي عافيتني،رب بما كلأتنيا.

ص: 126


1- إبراهيم:34.
2- في نسخة:حيا.

و وفقتني رب بما أنعمت علي فهديتني،رب بما أوليتني و من كل خير أعطيتني،رب بما أطعمتني و سقيتني،رب بما أغنيتني و أقنيتني،رب بما أعنتني و أعززتني،رب بما ألبستني من سترك الصافي و يسرت لي من صنعك الكافي،صل على محمد و آل محمد و أعني على بوائق الدهور و صروف الليالي و الأيام،و نجنا من أهوال الدنيا و كربات الآخرة،و اكفني شر ما يعمل الظالمون في الأرض،اللّهم ما أخاف فاكفني،و ما أحذر فقني و في نفسي و ديني فاحرسني،و في سفري فاحفظني،و في أهلي و مالي فاخلفني و فيما رزقتني فبارك لي،و في نفسي فذللني،و في أعين الناس فعظّمني و من شر الجن و الإنس فسلّمني،و بذنوبي فلا تفضحني،و بسريرتي فلا تخزني و بعملي فلا تبتلني،و نعمك فلا تسلبني،و إلى غيرك فلا تكلني إلهي إلى من تكلني؟إلى قريب فيقطعني أم إلى بعيد فيتجهمني أم إلى المستضعفين لي و أنت ربي و مليك أمري أشكو إليك غربتي،و بعد داري،و هواني على من ملّكته أمري إلهي،فلا تحلل علي غضبك فإن لم تكن غضبت علي فلا أبالي سواك،سبحانك غير أن عافيتك أوسع لي،فأسألك يا رب بنور وجهك الذي أشرقت له الأرض و السماوات،و كشفت به الظلمات و صلح به أمر الأولين و الآخرين أن لا تميتني على غضبك،و لا تنزل بي سخطك،لك العتبى حتى ترضى قبل ذلك،لا إله إلا أنت رب البلد الحرام،و المشعر الحرام،و البيت العتيق الذي أحللته البركة و جعلته للناس أمنا،يا من عفا عن عظيم الذنوب بحلمه،يا من أسبغ النعماء بفضله يا من أعطى الجزيل بكرمه،يا عدتي في شدتي يا صاحبي في وحدتي يا غياثي في كربتي،يا وليي في نعمتي،يا إلهي و إله آبائي إبراهيم،و إسماعيل و إسحاق و يعقوب،و رب جبرائيل و ميكائيل و إسرافيل،و رب محمد خاتم النبيين صلّى اللّه عليه و اله المنتجبين منزل التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان،و منزل كهيعص و طه و يس و القرآن الكريم، أنت كهفي حين تعييني المذاهب في سعتها و تضيق بي الأرض برحبها و لولا رحمتك لكنت من الهالكين و أنت مقيل عثرتي و لولا سترك إياي لكنت من

ص: 127

المفضوحين،و أنت مؤيدي بالنصر على أعدائي و لولا نصرك إياي(لي-خ ل-) لكنت من المغلوبين،يا من خص نفسه بالسمو و الرفعة،فأولياؤه بعزه يعتزون،يا من جعلت له الملوك نير المذلة على أعناقهم فهم من سطواته خائفون يعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور و غيب ما تأتي به الأزمنة و الدهور،يا من لا يعلم كيف هو إلا هو،يا من لا يعلم ما هو إلا هو،يا من لا يعلمه إلا هو (1)يا من كبس الأرض على الماء و سد الهواء بالسماء،يا من له أكرم الأسماء،يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدا، يا مقيض الركب ليوسف في البلد القفر و مخرجه من الجب و جاعله بعد العبودية ملكا،يا راده على يعقوب بعد أن ابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم يا كاشف الضر و البلوى عن أيوب و ممسك يدي إبراهيم عن ذبح ابنه بعد كبر سنه و فناء عمره،يا من استجاب لزكريا فوهب له يحيى،و لم يدعه فردا وحيدا،يا من أخرج يونس من بطن الحوت،يا من فلق البحر لبني إسرائيل فأنجاهم و جعل فرعون و جنوده من المغرقين،يا من أرسل الرياح مبشرات بين يدي رحمته،يا من لم يعجل على من عصاه من خلقه،يا من استنقذ السحرة من بعد طول الجحود،و قد غدوا في نعمته يأكلون رزقه،و يعبدون غيره و قد حادوه و نادوه و كذبوا رسله،يا الله يا الله يا بديء يا بديع لا ندلك،يا دائما لا نفاد لك يا حيا حين لا حي يا محيي الموتى،يا من هو قائم على كل نفس بما كسبت،يا من قل له شكري فلم يحرمني،و عظمت خطيئتي فلم يفضحني،و رآني على المعاصي فلم يشهرني،يا من حفظني في صغري،يا من رزقني في كبري،يا من أياديه عندي لا تحصى و نعمه لا تجازى،يا من عارضني بالخير و الإحسان و عارضته بالإساءة و العصيان،يا من هداني للإيمان من قبل أن أعرف شكر الامتنان،يا من دعوته مريضا فشفاني،و عريانا فكساني،و جائعا فأشبعني و عطشانا فأرواني و ذليلا فأعزني،و جاهلا فعرفني،و.

ص: 128


1- في نسخة:يا من لا يعلم ما يعلمه إلا هو.

و وحيدا فكثرني،و غائبا فردني،و مقلا فأغناني،و منتصرا فنصرني،و غنيا فلم يسلبني،و أمسكت عن جميع ذلك فابتدأني فلك الحمد و الشكر،يا من أقال عثرتي و نفّس كربتي،و أجاب دعوتي،و ستر عورتي،و غفر ذنوبي،و بلغني طلبتي، و نصرني على عدوي،و إن أعد نعمك و مننك و كرائم منحك لا أحصيها،يا مولاي أنت الذي مننت،أنت الذي أنعمت،أنت الذي أحسنت،أنت الذي أجملت،أنت الذي أفضلت،أنت الذي أكملت،أنت الذي رزقت،أنت الذي وفّقت،أنت الذي أعطيت،أنت الذي أغنيت،أنت الذي آويت،أنت الذي كفيت،أنت الذي هديت،أنت الذي عصمت أنت الذي سترت،أنت الذي غفرت،أنت الذي أقلت،أنت الذي مكّنت، أنت الذي أعززت،أنت الذي أعنت،أنت الذي عضدت أنت الذي أيدت،أنت الذي نصرت،أنت الذي شفيت،أنت الذي عافيت،أنت الذي أكرمت،تباركت و تعاليت فلك الحمد دائما،و لك الشكر و اصبا أبدا ثم أنا-يا إلهي-المعترف بذنوبي فاغفرها لي، أنا الذي أسأت،أنا الذي أخطأت،أنا الذي هممت،أنا الذي جهلت،أنا الذي غفلت،أنا الذي سهوت،أنا الذي اعتمدت،أنا الذي تعمدت،أنا الذي وعدت،أنا الذي أخلفت أنا الذي نكثت،أنا الذي أقررت أنا الذي اعترفت بنعمتك علي و عندي،و أبوء بذنوبي فاغفرها لي يا من لا تضره ذنوب عباده و هو الغني عن طاعتهم،و الموفق من عمل صالحا منهم بمعونته و رحمته،فلك الحمد إلهي و سيدي،إلهي أمرتني فعصيتك و نهيتني فارتكبت نهيك،فأصبحت لا ذا براءة(لي-خ ل-)فأعتذر و لا ذا قوة فأنتصر فبأي شي أستقبلك (1)يا مولاي أبسمعي أم ببصري أم بلساني أم بيدي أم برجلي،أليس كلها نعمك عندي و بكلها عصيتك؟يا مولاي فلك الحجة و السبيل علي يا من سترني من الآباء و الأمهات أن يزجروني،و من العشائر و الإخوان أن يعيروني و من السلاطين أن يعاقبوني،و لو اطلعوا يا مولاي على ما اطلعت عليهك.

ص: 129


1- في نسخة:أستقيلك.

مني إذا ما أنظروني،و لرفضوني و قطعوني،فها أنا ذا يا إلهي بين يديك يا سيدي خاضع ذليل حسير حقير،لا ذو براءة فأعتذر و لا ذو قوة فأنتصر،و لا حجة فأحتج بها،و لا قائل لم أجترح و لم أعمل سوء،و ما عسى الجحود و لو جحدت يا مولاي ينفعني،كيف و أنى ذلك،و جوارحي كلها شاهدة علي بما قد عملت و علمت يقينا غير ذي شك أنك سائلي من عظائم الأمور و أنك الحكم العدل الذي لا تجور،و عدلك مهلكي،و من كل عدلك مهربي فإن تعذبني-يا إلهي-فبذنوبي بعد حجتك علي،و إن تعف عني فبحلمك و جودك و كرمك،لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من المستغفرين،لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الموحدين،لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الخائفين،لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الوجلين لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الراجين،لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الراغبين،لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من المهللين،لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من السائلين،لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من المسبحين لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من المكبرين،لا إله إلا أنت سبحانك ربي و رب آبائي الأولين،اللّهم هذا ثنائي عليك ممجدا و إخلاصي لذكرك موحدا،و إقراري بآلائك معددا و إن كنت مقرا أني لم أحصها لكثرتها و سبوغها و تظاهرها و تقادمها إلى حادث ما لم تزل تتعهدني به معها منذ خلقتني و برأتني من أول العمر من الإغناء بعد الفقر،و كشف الضر، و تسبيب اليسر،و دفع العمر،و تفريج الكرب،و العافية في البدن و السلامة في الدين و لو رفدني على قدر ذكر نعمتك جميع العالمين من الأولين و الآخرين ما قدرت و لا هم على ذلك تقدست و تعاليت من رب كريم عظيم رحيم لا تحصى آلاؤك،و لا يبلغ ثناؤك،و لا تكافى نعماؤك،صل على محمد و آل محمد و أتمم علينا نعمك و أسعدنا بطاعتك،سبحانك لا إله إلا أنت،اللّهم إنك تجيب المضطر و تكشف السوء،و تغيث المكروب،و تشفي السقيم و تغني الفقير،و تجبر الكسير،و ترحم الصغير،و تعين الكبير،و ليس دونك ظهير،و لا فوقك قدير،و أنت العلي الكبير يا مطلق المكبل

ص: 130

الأسير يا رازق الطفل الصغير،يا عصمة الخائف المستجير،يا من لا شريك له و لا وزير صل على محمد و آل محمد،و أعطني في هذه العشية أفضل ما أعطيت و أنلت أحدا من عبادك،و من نعمة توليها،و آلاء تجددها،و بلية تصرفها،و كربة تكشفها، و دعوة تسمعها،و حسنة تتقبلها،و سيئة تتغمدها،إنك لطيف بما تشاء خبير،و على كل شي قدير،اللّهم إنك أقرب من دعي و أسرع من أجاب و أكرم من عفا و أوسع من أعطى،و أسمع من سئل،يا رحمن الدنيا و الآخرة و رحيمهما،ليس كمثلك مسؤول، و لا سواك مأمول دعوتك فأجبتني،و سألتك فأعطيتني،و رغبت إليك فرحمتني، و وثقت بك فنجيتني،و فزعت إليك فكفيتني اللّهم فصل على محمد عبدك و رسولك و نبيك و على آله الطيبين الطاهرين أجمعين و تمم لنا نعماءك و هنئنا عطاءك و اكتبنا لك شاكرين و لآلائك ذاكرين آمين آمين رب العالمين اللّهم يا من ملك فقدر،و قدر فقهر و عصي فستر،و استغفر فغفر يا غاية الطالبين الراغبين،و منتهى أمل الراجين،يا من أحاط بكل شي علما،و وسع المستقيلين رأفة و رحمة و حلما،اللّهم إنا نتوجه إليك في هذه العشية التي شرفتها و عظمتها،بمحمد نبيك و رسولك، و خيرتك من خلقك،و أمينك على وحيك البشير النذير،السراج المنير الذي أنعمت به على المسلمين،و جعلته رحمة للعالمين،اللّهم فصل على محمد و آل محمد،كما محمد أهل لذلك منك يا عظيم،فصل عليه و على آله المنتجبين الطيبين الطاهرين أجمعين،و تغمدنا بعفوك عنا،فإليك عجّت الأصوات بصنوف اللغات فاجعل لنا اللّهم في هذه العشية نصيبا من كل خير تقسمه بين عبادك و نورا تهدي به،و رحمة تنشرها و بركة تنزلها،و عافية تجللها و رزقا تبسطه يا أرحم الراحمين،اللّه اقبلنا في هذا الوقت منجحين مفلحين،مبرورين غانمين و لا تجعلنا من القانطين و لا تخلنا من رحمتك،و لا تحرمنا ما نؤمله من فضلك،و لا تجعلنا من رحمتك محرومين و لا لفضل ما نؤمله من عطائك قانطين و لا تردنا خائبين،و لا من بابك مطرودين،يا أجود الأجودين،و أكرم الأكرمين،إليك أقبلنا موقنين،و لبيتك الحرام

ص: 131

آمّين قاصدين فأعنا على مناسكنا،و أكمل لنا حجنا،و اعف عنا،و عافنا فقد مددنا إليك أيدينا،فهي بذلة الاعتراف موسومة،اللّهم فأعطنا في هذه العشية ما سألناك و اكفنا ما استكفيناك،فلا كافي لنا سواك،و لا رب لنا غيرك،نافذ فينا حكمك محيط بنا علمك،عدل فينا قضاؤك،اقض لنا الخير،و اجعلنا من أهل الخير،اللهم أوجب لنا بجودك عظيم الأجر،و كريم الذخر،و دوام اليسر،و اغفر لنا ذنوبنا أجمعين،و لا تهلكنا مع الهالكين و لا تصرف عنا رأفتك و رحمتك يا أرحم الراحمين،اللّهم اجعلنا في هذا الوقت ممن سألك فأعطيته و شكرك فزدته،و تاب إليك فقبلته و تنصل إليك من ذنوبه كلها فغفرتها له يا ذا الجلال و الإكرام،اللّهم نقنا(و فقنا-خ ل-)و سددنا (و اعصمنا-خ ل-)و اقبل تضرعنا،يا خير من سئل،و يا أرحم من استرحم،يا من لا يخفى عليه إغماض الجفون و لا لحظ العيون،و لا ما استقر في المكنون و لا ما انطوت عليه مضمرات القلوب،ألا كل ذلك قد أحصاه علمك و وسعه حلمك، سبحانك و تعاليت عما يقول الظالمون علوا كبيرا،تسبح لك السماوات السبع، و الأرضون و من فيهن،و إن من شي إلا يسبح بحمدك،فلك الحمد و المجد،و علو الجد،يا ذا الجلال و الإكرام و الفضل و الإنعام،و الأيادي الجسام،و أنت الجواد الكريم،الرؤوف الرحيم،اللّهم أوسع علي من رزقك الحلال،و عافني في بدني و ديني،و آمن خوفي و اعتق رقبتي من النار،اللّهم لا تمكر بي و لا تستدرجني و لا تخدعني،و ادرأ عني شر فسقة الجن و الإنس(ثم رفع بصره إلى السماء و قال برفيع صوته):يا أسمع السامعين،يا أبصر الناظرين و يا أسرع الحاسبين،و يا أرحم الراحمين،صل على محمد و آل محمد السادة الميامين و أسألك اللّهم حاجتي التي إن أعطيتنيها لم يضرني ما منعتني،و إن منعتنيها لم ينفعني ما أعطيتني،أسألك فكاك رقبتي من النار لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك لك الملك و لك الحمد،و أنت على كل شيء قدير يا رب يا رب».

و أثّر هذا الدعاء تأثيرا عظيما في نفوس من كان مع الإمام،فاتجهوا بقلوبهم

ص: 132

و عواطفهم نحوه يستمعون دعاءه،و علت أصواتهم بالبكاء معه،و ذهلوا عن الدعاء لأنفسهم في ذلك المكان الذي يستحب فيه الدعاء،و يقول الرواة:إن الإمام استمر يدعو حتى غربت الشمس،فأفاض إلى(المزدلفة)و فاض الناس معه (1).1.

ص: 133


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:118/1.

دعاء الإمام الحسين عليه السلام المستجاب

اشارة

و في التهذيب مسندا إلى الصادق عليه السّلام أنّ امرأة كانت تطوف و خلفها رجل فأخرجت ذراعها فوضع يده على ذراعها فأثبت اللّه يد الرجل في ذراعها حتّى قطع الطواف،و أرسل إلى الأمير فاجتمع الناس و أرسلوا إلى الفقهاء فقالوا:إقطع يده فأرسل إلى الحسين عليه السّلام فدعى اللّه تعالى و خلّص يده من يدها فقال الأمير:ألا نعاقبه بما صنع؟

قال:لا (1).

روى أبو جعفر الطبري في تاريخه و غيره من نقلة الأخبار و الآثار أن عمر بن سعد أمّر عمرو بن الحجاج على خمسمائة فارس،فنزلوا على الشريعة و حالوا بين حسين و أصحابه و بين الماء أن يسقى منه قطرة و ذلك قبل قتل الحسين بثلاث قال:

و نازله عبد اللّه بن أبي حصين الأزدي و عداده في بجيلة فقال:يا حسين ألا تنظر إلى الماء كأنه كبد السماء و اللّه لا تذوق منه قطرة حتى تموت عطشا.

فقال الحسين عليه السّلام:اللهم اقتله عطشا و لا تغفر له أبدا.

قال:قال حميد بن مسلم:و اللّه لعدته بعد ذلك في مرضه فو اللّه الذي لا إله إلا هو لقد رأيته يشرب حتى بغر،ثم يقي ثم يعود فيشرب حتى يبغر فما يروى فما زال ذلك دأبه حتى لفظ غصته يعني نفسه (2).

ص: 134


1- وسائل الشيعة:228/13.
2- تاريخ الطبري:312/4.

و روى أيضا في تاريخه:أن رجلا من بني تميم يقال له عبد اللّه بن حوزة،جاء حتى وقف أمام الحسين فقال:يا حسين يا حسين.

فقال الحسين عليه السّلام:ما تشاء؟

قال:أبشر بالنار.

قال:كلا إني أقدم على رب رحيم و شفيع و مطاع،من هذا؟

قال له أصحابه:هذا ابن حوزة.

قال عليه السّلام:رب حزه إلى النار.

قال:فاضطرب به فرسه في جدول فوقع فيه و تعلقت رجله بالركاب و وقع رأسه في الأرض،و نفر الفرس،فأخذ يمر به فيضرب برأسه كل حجر و كل شجرة حتى مات. (1).

روى أيضا في تاريخه:و مكث الحسين عليه السّلام طويلا من النهار الى أن انتهى إليه رجل من كندة يقال له:مالك بن النسر من بني بداء أتاه فضربه على رأسه بالسيف و عليه برنس له فقطع البرنس و أصاب السيف رأسه فأدمى رأسه فامتلأ البرنس دما،فقال له الحسين عليه السّلام:لا أكلت بها لا شربت و حشرك اللّه مع الظالمين-إلى أن قال-فذكر أصحاب الكندي أنه لم يزل فقيرا بشر حتى مات (2).

السيد الرضي في عيون المعجزات:عن جعفر بن محمد بن عمارة،عن أبيه،عن الإمام الصادق عليه السّلام،عن أبيه،عن جده عليهم السلام،قال:جاء أهل الكوفة إلى علي عليه السّلام،فشكوا إليه إمساك المطر،و قالوا له استق لنا.

فقال للحسين عليه السّلام:قم و استسق،فقام و حمد اللّه و أثنى عليه،و صلى على النبي صلّى اللّه عليه و اله،و قال:اللهم معطي الخيرات،و منزل البركات،أرسل الماء علينا مدرارا،3.

ص: 135


1- عيون المعجزات:57.
2- مناقب آل أبي طالب:215/3.

و أسقنا غيثا مغزارا واسعا غدقا مجللا سحا سفوحا ثجاجا،تنفس به الضعف من عبادك،و تحيي به الميت من بلادك آمين رب العالمين.

فما فرغ عليه السّلام من دعائه،حتى غاث اللّه غيثا ببركته عليه السّلام.

و أقبل أعرابي من بعض نواحي الكوفة،فقال:تركت الأودية و الأكام يموج بعضها في بعض (1).

إستجابة دعاء الحسين على ابن جويرية

السيد الرضي:قال:حدث جعفر بن محمد بن عمارة،عن أبيه،عن عطاء بن السائب،عن أخيه قال:شهدت يوم الحسين عليه السّلام فأقبل رجل من تميم يقال له عبد اللّه بن جويرية فقال:يا حسين،فقال عليه السّلام:ما تشاء؟فقال:أبشر بالنار.

فقال عليه السّلام:كلا إني اقدم على رب غفور و شفيع مطاع،و أنا من خير و إلى خير، من أنت؟

قال:أنا ابن جويرية،فرفع يده الحسين عليه السّلام حتى رأينا بياض إبطيه،و قال:

اللهم جره إلى النار،فغضب بن جويرية،فحمل عليه،فاضطرب به فرسه في جدول،و تعلق رجله بالركاب و وقع رأسه في الأرض،و نفر الفرس فأخذ يعدو به و يضرب رأسه بكل حجر و شجر،و انقطعت قدمه و ساقه و فخذه،و بقي جانبه الآخر متعلقا في الركاب،فصار لعنه اللّه إلى نار الجحيم (2).

ص: 136


1- مدينة المعاجز/السيد هاشم البحراني:474/3،و عيون المعجزات:64 و عنه البحار:/44 187 ح 16،و العوالم:51/17 ح 1.
2- عيون المعجزات:65 و عنه البحار:18744 ذ ح 16 و العوالم:17 52 ح 1.

إستجابة دعاء الحسين على ابن أبي جويرية المزني

ابن بابويه في أماليه:بإسناده عن الإمام الصادق عليه السّلام في حديث مقتله عليه السلام:إن الحسين عليه السّلام قال لأصحابه:قوموا فاشربوا من الماء يكون آخر زادكم، و توضأوا و اغتسلوا و اغسلوا ثيابكم لتكون أكفانكم.ثم صلى بهم الفجر و عبأهم تعبئة الحرب،و أمر بحفيرته التي حول عسكره،فأضرمت بالنار ليقاتل القوم من وجه واحد،و أقبل رجل من عسكر عمر بن سعد لعنه اللّه على فرس له يقال له:ابن أبي جويرية المزني.فلما نظر إلى النار تتقد صفق بيده،و نادى:يا حسين و أصحاب الحسين،أبشروا بالنار،فقد تعجلتموها في الدنيا.

فقال الحسين عليه السّلام:من الرجل؟

فقيل:ابن أبي جويرية المزني.

فقال الحسين عليه السّلام:اللهم أذقه عذاب النار في الدنيا.فنفر به فرسه،فألقاه في تلك النار فاحترق (1).

إستجابة دعاء الحسين على تميم بن حصين

ابن بابويه في أماليه:بإسناده عن الإمام الصادق عليه السّلام في حديث المقتل:ثم خرج رجل آخر يقال له:تميم بن الحصين الفزاري،فنادى:يا حسين و يا أصحاب الحسين،أما ترون إلى ماء الفرات يلوح كأنه بطون الحيات و اللّه لا ذقتم منه قطرة واحدة حتى تذوقوا الموت جرعا.فقال الحسين عليه السّلام:من الرجل؟فقيل:تميم بن

ص: 137


1- مدينة المعاجز/السيد هاشم البحراني:474/3.

الحصين.

فقال الحسين عليه السّلام:هذا و أبوه من أهل النار.اللهم اقتل هذا عطشا في هذا اليوم.

قال:فخنقه العطش حتى سقط عن فرسه،فوطأته الخيل بسنابكها فمات (1).

إستجابة دعاء الحسين على محمد بن الأشعث

ابن بابويه:بإسناده،عن الإمام الصادق عليه السّلام في حديث المقتل:ثم أقبل آخر من عسكر عمر بن سعد عليه اللعنة يقال له،محمد بن الأشعث بن قيس الكندي،فقال:

يا حسين بن فاطمة أية حرمة لك من رسول اللّه ليست لغيرك؟فتلا الحسين عليه السّلام هذه الآية: إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ الآية (2).ثم قال:و اللّه إن محمدا لمن آل إبراهيم،و إن العترة الهادية لمن آل محمد،من الرجل؟فقيل:محمد بن الأشعث بن قيس الكندي.

فرفع الحسين عليه السّلام رأسه إلى السماء و قال:اللهم أر محمد بن الأشعث ذلا في هذا اليوم لا تعزه بعد هذا اليوم أبدا،فعرض له عارض فخرج من العسكر يتبرز،فسلط اللّه عليه عقربا،فلدغته،فمات بادي العورة (3).

ابن شهر آشوب:روي أن الحسين عليه السّلام دعا و قال:اللهم إنا أهل(بيت)نبيك و ذريته(و قرابته)فاقصم من ظلمنا و غصبنا حقنا،إنك سميع قريب.

فقال محمد بن الأشعث:و أي قرابة بينك و بين محمد صلّى اللّه عليه و اله؟فقرأ الحسين: إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ، ثم قال:اللهم أره في هذا اليوم ذلا عاجلا.

ص: 138


1- أمالي الصدوق:134،و عنه البحار:317/44.
2- سورة آل عمران:33-34.
3- أمالي الصدوق:134 و عنه البحار:317/44.

فبرز ابن الأشعث للحاجة فلسعته عقرب على ذكره(فسقط)و هو يستغيث و يتقلب على حدثه (1).

إستجابة دعاء الحسين عليه السّلام على رجل من بني أبان

ثاقب المناقب:عن القاسم بن الأصبغ بن نباتة قال:حدثني من شهد عسكر الحسين صلوات اللّه عليه إن الحسين عليه السّلام لما غلب على عسكره العطش،ركب المسناة (2)يريد الفرات،فقال رجل من بني ابان بن دارم:حولوا بينه و بين الماء، و رمى بسهم فاثبته في حنكه.فقال عليه السّلام:اللهم اظمئه،اللهم اظمئه،فو اللّه ما لبث الرجل إلا يسيرا حتى صبّ اللّه عليه الظمأ.

قال القاسم بن أصبغ:لقد رأيته و بين يديه قلال فيها الماء و أنه يقول:ويلكم اسقوني قتلني الظمأ،فيعطى القلة (3)أو العس (4)الذي أن أحدهما يروي أهل بيت، فيشربه ثم يقول:ويلكم اسقوني قتلني الظمأ.

قال:فو اللّه ما لبث إلاّ يسيرا حتى انقد بطنه انقداد بطن البعير.

و في رواية أخرى:النار توقد من خلفه و الثلج موضوع من قدامه،و هو يقول:

إسقوني إلى آخر الكلام (5).

ابن شهر آشوب:عن فضائل العشرة،عن أبي السعادات:بالإسناد في خبر، أنه لما رماه الرامي بسهم فأصاب حنكه و جعل يلقي الدم ثم يقول:هكذا إلى السماء

ص: 139


1- مناقب آل أبي طالب:57/4،و عنه البحار:302/45.
2- المسناة:سد يبنى لحجز ماء السيل.لسان العرب.
3- القلة:إناء من الفخار يشرب منها.المعجم الوسيط.
4- و العس:القدح الكبير.
5- مدينة المعاجز/السيد هاشم البحراني:478/3،و الثاقب في المناقب:341 ح 287.

فكان هذا الدارمي يصيح من الحر(في)بطنه و البرد في ظهره بين يديه المراوح و الثلج و خلفه الكانون و النار و هو يقول:إسقوني فيشرب العس ثم يقول اسقوني أهلكني العطش،قال:فانقد بطنه. (1)

إستجابة دعاء الحسين عليه السّلام على ابن جوزة

ابن شهر آشوب:عن ابن بطة في الإبانة،و ابن جرير في التاريخ:إنه نادى الحسين عليه السّلام ابن جوزة فقال:يا حسين أبشر فقد تعجلت النار في الدنيا قبل الآخرة.

قال:ويحك أنا؟

قال:نعم.

قال:ولي رب رحيم و شفاعة نبي مطاع كريم،اللهم إن كان عندك كاذبا فجره إلى النار.

قال:فما هو إلاّ أن ثنى عنان فرسه فوثب(به)فرمى به و بقيت رجله في الركاب و نفر الفرس فجعل يضرب برأسه كل حجر و شجر حتى مات.و في رواية غيرهما:

اللهم جره إلى النار،و أذقه حرها في الدنيا قبل مصيره إلى الاخرة،فسقط عن فرسه في الخندق،و كان فيه نار فسجد الحسين عليه السّلام (2).

ص: 140


1- مناقب آل أبي طالب:56/4،و عنه البحار:301/45.
2- البحار:301/45.

إستجابة دعاء الحسين عليه السّلام على عبد اللّه بن الحصين

ابن شهر آشوب:عن ابن بابويه و تاريخ الطبري:قال أبو القاسم الواعظ:نادى رجل:يا حسين إنّك لن تذوق من الفرات قطرة حتى تموت أو تنزل على حكم الأمير.

فقال الحسين عليه السّلام:اللهم اقتله عطشا و لا تغفر له أبدا،فغلب عليه العطش فكان يعب المياه و يقول:و اعطشاه حتى تقطع.

و في تاريخ الطبري أنه كان هذا المنادي عبد اللّه بن الحصين الأزدي،رواه حميد ابن مسلم و في رواية:كان رجلا من دارم. (1)

إستجابة دعائه عليه السّلام على رجل

ابن شهر آشوب:من أمالي أبي سهل القطان:يرويه عن ابن عيينة قال:أدركت من قتلة الحسين رجلين،أما أحدهما فإنه طال ذكره حتى كان يلفه.و في رواية كان يحمله على عاتقه.و أما الآخر فإنه كان يستقبل الراوية فيشربها إلى آخرها و لا يروى،و ذلك إنه نظر إلى الحسين،و قد أهوى إلى فيه بماء و هو يشرب فرماه بسهم.

فقال الحسين عليه السّلام:لا أرواك اللّه من الماء في دنياك و لا في آخرتك (2).

ابن شهر آشوب:قال في رواية:إن رجلا من كلب رماه بسهم فشك شدقه.

ص: 141


1- المصدر السابق.
2- المصدر السابق.

فقال الحسين عليه السّلام لا أرواك اللّه،فعطش الرجل حتى رمى نفسه في الفرات و شرب حتى مات (1).

ابن شهر آشوب:من تاريخ الطبري أن رجلا من كندة،يقال له مالك بن اليسر، أتى الحسين عليه السّلام بعد ما ضعف من كثرة الجرحات فضربه على رأسه بالسيف، و عليه برنس من خز.

فقال عليه السّلام:لا أكلت بها و لا شربت،و حشرك مع الظالمين،فألقى ذلك البرنس من رأسه فأخذه الكندي فأتى به أهله.فقالت امرأته:أسلب الحسين تدخله في بيتي؟ أخرج فو اللّه لا تدخل بيتي أبدا،فلم يزل فقيرا حتى هلك (2).3.

ص: 142


1- المصدر السابق.
2- مدينة المعاجز/السيد هاشم البحراني:481/3.

إستجابة دعائه عليه السّلام على عمر بن سعد

روي أن الحسين عليه السّلام لما راى اشتداد الأمر عليه،و كثرة العساكر عاكفة عليه كل منهم يريد قتله،أرسل إلى عمر بن سعد لعنه اللّه(يستمهله)و يقول أريد أن ألقاك فأخلو معك ساعة.

فخرج عمر بن سعد من الخيمة،و جلس مع الحسين عليه السّلام ناحية من الناس، فتناجيا طويلا.

فقال له الحسين عليه السّلام:ويحك يا بن سعد!أما تتقي اللّه الذي إليه معادك أراك تقاتلني و تريد قتلي،و أنا ابن(عم)من قد علمت دون هؤلاء القوم،و اتركهم و كن معي،فإنه أقرب لك إلى اللّه تعالى.

فقال له:يا حسين إني أخاف أن تهدم داري بالكوفة،و تنهب أموالي.

فقال له الحسين عليه السّلام:أنا أبني لك خيرا من دارك.

فقال:أخشى أن تؤخذ ضياعي بالسواد.فقال له الحسين:أنا أعطيك من مالي البغيبغة و هي عين عظيمة بأرض الحجاز،و كان معاوية أعطاني في ثمنها ألف ألف دينار من الذهب فلم أبعه إياها،فلم يقبل عمر بن سعد لعنه اللّه شيئا من ذلك.

فانصرف عنه الحسين عليه السّلام و هو غضبان عليه و هو يقول:ذبحك اللّه يا بن سعد على فراشك عاجلا،و لا غفر لك يوم حشرك و نشرك،فو اللّه إني لأرجو أن لا تأكل من بر العراق إلاّ يسيرا.

فقال له عمر بن سعد مستهزءا:يا حسين إن في الشعير عوضا عن البر،ثم رجع

ص: 143

إلى عسكره (1).

استجابة دعاء الحسين في فك ذراع عن ذراع

روى الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي في التهذيب بإسناده عن محمد ابن الحسين عن الحكم بن مسكين عن أيوب بن أعين عن أبي عبد اللّه قال عليه السّلام:إن امرأة كانت تطوف و خلفها رجل فأخرجت ذراعها،فمال بيده حتى وضعها على ذراعها فأثبت اللّه يده في ذراعها حتى قطع الطواف و أرسل إلى الأمير، و اجتمع الناس،و أرسل إلى الفقهاء فجعلوا يقولون:اقطع يده فهو الذي جنى الجناية،فقال:ها هنا أحد من ولد محمد صلّى اللّه عليه و اله؟

فقالوا:نعم،الحسين بن علي عليه السّلام قدم الليلة فأرسل إليه فدعاه،فقال:أنظر ما لقيا ذان،فاستقبل القبلة و رفع يديه فمكث طويلا يدعو،ثم جاء إليهما حتى خلص يده من يدها،فقال الأمير:ألا نعاقبه بما صنع؟

قال:لا (2).

ص: 144


1- مدينة المعاجز/السيد هاشم البحراني:481/3.
2- التهذيب:470/5 ح 1647.

عجز الحسين عليه السلام عن شكر اللّه

قال السيد الخامنئي:من الطبيعي أنّ إحصاء النعم الإلهية لا يتاح لأي كان.و حتى في دعاء عرفة-الذي آمل أنكم قد وفّقتم لقراءته،و سيحالفكم الحظ في كل سنة إن شاء اللّه في أيام عرفة لقراءته و التدبّر في معانيه-تلاحظون أنّ الإمام الحسين بن علي عليه السّلام يقول في أوائله:«أنا أشهد يا إلهي بحقيقة إيماني و عقد عزمات يقيني و خالص صريح توحيدي و باطن مكنون ضميري...أن لو حاولت و اجتهدت..أن أؤدي شكر واحدة من أنعمك ما استطعت ذلك إلا بمنّك..» (1).

فالحسين بن علي عليه السّلام-هذا الجندي المضحّي الذي لا مثيل له في تاريخ الإسلام و القيم المعنوية-يذكر مجموعة من النعم الإلهية مفصّلا جزئياتها في ما يقارب صفحة واحدة،ليقول إنّني غير قادر و بكل ما أوتيت من قوّة على أن أشكر نعمة واحدة من نعمك.

و إذا وفقت لشكر نعمة،فهذا التوفيق على الشكر يعد بحد ذاته نعمة من اللّه.

فليس كل أحد يكتب له التوفيق و لا كل أحد يرى جمال الحقيقة و المعنوية ليثني عليه،و لا كل أحد يدرك عظمة الفضل الإلهي،و وجود النعمة الإلهية.فالغفلة و الأنانية و الغرور لا تتيح لنا أن ننتبه إلى أننا في محضر زاخر بالألطاف الإلهية،أو أن نلتفت إلى ماهية هذه الألطاف و النعم.

فإذا ما كتب التوفيق لأحد لكي يتغلب في دوافعه و نواياه الذاتية و المادية على

ص: 145


1- العدد القوية:374.

الغرور و الهوى و قصور النظر،و تمكّن من مشاهدة الجمال المعنوي،و وقف أمامه موقف إجلال و تعظيم و خشع له قلبه،فهذا بحد ذاته نعمة إلهية كبرى تستلزم الشكر،و الإنسان غير قادر مطلقا على شكر النعم الإلهية حق قدرها (1).0.

ص: 146


1- ثورة الحسين شمس الشهادة:30.

أخلاق الحسين عليه السلام

عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال:مر الحسين بمساكين يأكلون في الصفة،فقالوا:الغذاء،فنزل،و قال:إنّ اللّه لا يحب المتكبرين فتغدّى[معهم]ثم قال لهم:قد أجبتكم فأجيبوني،قالوا:نعم،فمضى بهم إلى منزله فقال للرباب:أخرجي ما كنت تدّخرين.

و روى العيّاشي قال:مرّ الحسين عليه السّلام بمساكين قد بسطوا كساء لهم و ألقوا إليه كسرا،فقالوا:هلمّ يا بن رسول اللّه فثنى و ركه و أكل معهم ثمّ تلا:إنّ اللّه لا يحبّ المستكبرين،ثمّ قال:أجبتكم فأجيبوني فقاموا معه حتّى أتوا منزله فقال للجارية:

اخرجي ما كنت تدّخرين (1).

و حدّث الصولي عن الصادق عليه السّلام إنّه جرى بين الحسين عليه السّلام و بين محمّد بن الحنفية كلام فكتب إلى الحسين عليه السّلام:أمّا بعد فإنّ أبي و أباك عليّ لا تفضلني و لا أفضلك فيه و امّك فاطمة بنت رسول اللّه و لو كان ملء الأرض ذهبا ملك امّي ما وفت بامّك،فإذا قرأت كتابي هذا فصر إليّ حتّى تترضاني فإنّك أحقّ بالفضل منّي و السلام عليك و رحمة اللّه و بركاته،ففعل الحسين عليه السّلام ذلك فلم يجر بعذ ذلك بينهما شيء (2).

و في عيون المحاسن عن الزوياني أنّ الحسن و الحسين عليهما السلام مرّا على

ص: 147


1- البحار:189/44.
2- مناقب آل أبي طالب:222/3،و البحار:191/44.

شيخ يتوضّأ و لا يحسن،فأخذا في التنازع يقول كلّ واحد منهما:أنت لا تحسن الوضوء فقالا:أيّها الشيخ كن حكما بيننا يتوضأ كلّ واحد منّا فتوضّآ ثمّ قالا:أيّنا أحسن؟

قال:كلاكما تحسنان الوضوء و لكن هذا الشيخ الجاهل هو الذي لم يكن يحسن، و قد تعلّم الآن منكما و تاب على أيديكما ببركتكما و شفقتكما على امّة جدّكما (1).

و إشتهر النقل عن الحسين عليه السّلام أنّه كان يكرم الضيف،و يمنح الطالب،و يصل الرحم،و ينيل الفقير،و يسعف السائل،و يكسو العاري،و يشبع الجائع،و يعطي الغارم،و يشد من الضعيف،و يشفق على اليتيم،و يعين ذا الحاجة،و قلّ أن وصله مال إلاّ فرّقه.

و نقل أنّ معاوية لما قدم مكة وصله بمال كثير،و ثياب وافرة،و كسوات وافية، فرد الجميع عليه و لم يقبله منه (2).

و هذه سجية الجواد،و شنشنة الكريم،و سمة ذا السماحة،و صفة من قد حوى مكارم الأخلاق،فأفعاله المتلوة شاهدة له بصفة الكرم،ناطقة بأنه متّصف بمحاسن الشيم.

و قد كان في العبادة مقتديا بمن تقدّم حتى نقل عنه عليه السّلام أنّه حج خمسا و عشرين حجة إلى الحرم و نجائبه تقاد معه و هو ماش على القدم (3).

و عن الذيال بن حرملة،قال:خرج سائل يتخطى أزقة المدينة حتى أتى باب الحسين بن علي فقرع الباب و أنشأ يقول:

من لم يخف اليوم من رجاك و من حرّك من خلف بابك الحلقة3.

ص: 148


1- البحار:319/43.
2- -انظر:الفتوح 4:343.
3- -انظر الاستيعاب 1:382،ترجمة الامام الحسين عليه السّلام من تاريخ دمشق 215:194-197، صفة الصفوة 1:763.

و أنت جود و أنت معدنه أبوك قد كان قاتل الفسقة

قال:و كان الحسين بن علي واقفا يصلّي فخفف من صلاته،و خرج إلى الأعرابي فرأى عليه أثر ضرّ و فاقة،فرجع و نادى بقنبر فأجابه لبيك يا ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم قال:

ما تبقّى معك من نفقتنا؟قال:مائتا درهم أمرتني بتفرقتها في أهل بيتك،قال:فهاتها فقد أتى من هو أحق بها منهم،فأخذها و خرج يدفعها إلى الأعرابي و أنشأ يقول:

خذها و إني إليك معتذر و اعلم بأني عليك ذو شفقة

لو كان في سيرنا عصا تمدادا كانت سمانا عليك مندفقة

لكن ريب المنون ذو نكد و الكفّ منّا قليلة النفقة

قال فأخذها الأعرابي و ولّى و هو يقول:

مطهّرون نقيات جيوبهم تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا

و أنتم أنتم الأعلون عندكم علم الكتاب و ما جاءت به السور

من لم يكن علويا حين تنسبه فما له في جميع الناس مفتخر

نظمها متقارب.

و روى أخطب خوارزم:أنّ أعرابيا جاء إلى الحسين عليه السّلام فقال:يا بن رسول اللّه قد ضمنت دية كاملة و عجزت عن أدائها فقلت:أسأل أكرم الناس،و ما رأيت أكرم من أهل بيت رسول اللّه.

فقال الحسين عليه السّلام:يا أخا العرب أسألك عن ثلاث مسائل فإن أجبت عن واحدة أعطيتك ثلث المال و إن أجبت الإثنتين أعطيتك ثلثي المال و إن أجبت عن الكلّ أعطيتك الكلّ.

فقال الأعرابي:يا بن رسول اللّه أمثلك يسأل من مثلي و أنت من أهل العلم و الشرف.

فقال الحسين عليه السّلام:بلى،سمعت جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول:المعروف بقدر المعرفة.

ص: 149

فقال الأعرابي:سل عمّا بدالك فإن أجبت و إلاّ تعلّمت منك و لا قوّة إلاّ باللّه.

فقال الحسين عليه السّلام:أي الأعمال أفضل؟

فقال الأعرابي:الإيمان باللّه،فقال الحسين عليه السّلام:فما النجاة من المهلكة؟

فقال الأعرابي:الثقة باللّه.

فقال الحسين عليه السّلام:فما يزيّن الرّجل؟

فقال الأعرابي:علم معه حلم.

فقال:فإن أخطأه ذلك؟

فقال:مال معه مروة.

فقال:فإن أخطأه ذلك؟

فقال:فقر معه صبر.

فقال:فإن أخطأه ذلك؟

فقال الأعرابي:فصاعقة من السماء تنزل و تحرقه فإنّه أهل لذلك.

فضحك الحسين عليه السّلام و رمى إليه بصرّة فيها ألف دينار و أعطاه خاتمه و فيه فصّ قيمته مائتا درهم،و قال:يا أعرابي أعط الذهب لغرمائك و اصرف الخاتم في نفقتك.

فأخذ الأعرابي و قال:اللّه أعلم حيث يجعل رسالته (1).

و روي عن الحسين عليه السّلام إنّه قال:صحّ عندي قول النبيّ صلّى اللّه عليه و اله:أفضل الأعمال بعد الصلاة إدخال السرور في قلب المؤمن بما لا إثم فيه،فإنّي رأيت غلاما يؤاكل كلبا فقلت له في ذلك فقال:يا بن رسول اللّه إنّي مغموم أطلب سرورا بسروره لأنّ صاحبي يهوديّ اريد افارقه فأتى الحسين عليه السّلام إلى صاحبه بمائتي دينار ثمنا له.

فقال اليهودي:الغلام فداء لخطاك،و هذا البستان له و رددت عليك المال قال:

قبلت المال و وهبته للغلام فقال الحسين عليه السّلام:أعتقت الغلام و وهبته له جميعا،4.

ص: 150


1- بحار الانوار:197/44.

فقالت امرأته:قد أسلمت و وهبت زوجي مهري فقال اليهودي:و أنا أيضا أسلمت و أعطيتها هذه الدار (1).

و في كتاب أنس المجاس:أنّ الفرزدق أتى الحسين عليه السّلام لمّا أخرجه مروان من المدينة فأعطاه أربعمائة دينار فقيل له شاعر فاسق فقال عليه السّلام:خير مالك ما وقيت به عرضك،و قال صلّى اللّه عليه و اله في عبّاس بن مرداس:اقطعوا لسانه عنّي.

وفد أعرابي المدينة فسأل عن أكرم الناس فدلّ على الحسين عليه السّلام فدخل المسجد فوجده مصلّيا فوقف بإزائه و أنشأ شعر:

لا يخب الآن من رجاك و من حرّك من بابك الحلقة

أنت جواد و أنت معتمد أبوك قد كان قاتل الفسقة

لو لا الذي كان من أوائلكم كانت علينا الجحيم منطبقة

فسلّم الحسين عليه السّلام و قال:يا قنبر هل بقي من مال الحجاز شيء؟

قال:أربعة آلاف دينار قال:هاتها قد جاء من هو أحقّ بها منّا،ثمّ نزع برديه و لفّ الدنانير فيها و أخرج يده من شقّ الباب حياء من الأعرابي و أنشأ شعرا:

خذها و إنّي إليك معتذر و اعلم بأنّي عليك ذو شفقة

لو كان في سيرنا الغداة عصا أمست سمانا عليك مندفقة

لكن ريب الزمان ذو غبرة و الكفّ منّي قليلة النفقة

فأخذها الأعرابي و بكى فقال له:لعلّك استقللت ما أعطيناك؟

قال:لا،و لكن كيف يأكل التراب جودك.

أقول:العصا كناية عن الملك و بسط اليد فإنّ الوالي راع على الامّة،و المراد من السّما هنا كثرة الجود و الكرم (2).4.

ص: 151


1- كلمات الامام الحسين:626.
2- البحار:190/44.

و قيل:إنّ عبد الرحمن السلمي علّم ولد الحسين عليه السّلام الحمد،فلمّا قرأها على أبيه أعطاه ألف دينار و ألف حلّة و حشا فاه درّا،فقيل له في ذلك،فقال:و أين يقع هذا من تعليمه،و أنشد عليه السّلام شعرا:

إذا جادت الدّنيا عليك فجد بها على الناس طرّا قبل أن تتفلّت

فلا الجود يفنيها إذا هي أقبلت و لا البخل يبقيها إذا ما تولت (1)3.

ص: 152


1- مناقب آل أبي طالب:222/3.

قوة الإرادة عند الحسين عليه السلام

من النزعات الذاتية لأبي الشهداء عليه السّلام قوة الإرادة،و صلابة العزم و التصميم، و قد ورث هذه الظاهرة الكريمة من جده الرسول صلّى اللّه عليه و اله الذي غيّر مجرى التاريخ، و قلب مفاهيم الحياة،و وقف صامدا وحده أمام القوى الهائلة التي هبّت لتمنعه من أن يقول كلمة اللّه،فلم يعن بها و راح يقول لعمه أبي طالب مؤمن قريش:

«و الله لو وضعوا الشمس بيميني و القمر بيساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى أموت أو يظهره الله...».

بهذه الإرادة الجبارة قابل قوى الشرك،و استطاع أن يتغلب على مجريات الأحداث،و كذلك وقف سبطه العظيم في وجه الحكم الأموي فأعلن بلا تردد رفضه لبيعة يزيد،و انطلق مع قلة الناصر إلى ساحات الجهاد ليرفع كلمة الحق،و يدحض كلمة الباطل،و قد حشدت عليه الدولة الأموية جيوشها الهائلة،فلم يحفل بها،و أعلن عن عزمه و تصميمه بكلمته الخالدة قائلا:

«لا أرى الموت إلا سعادة،و الحياة مع الظالمين إلا برما..».و انطلق مع الأسرة الكريمة من أهل بيته و أصحابه إلى ميدان الشرف و المجد ليرفع راية الإسلام، و يحقق للأمة الإسلامية أعظم الانتصارات و الفتح حتى استشهد سلام الله عليه، و هو من أقوى الناس إرادة،و أمضاهم عزيمة و تصميما.غير حافل بما عاناه من الكوارث التي تذهل العقول و تحير الألباب (1).

ص: 153


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:80/1.

الإباء عن الضيم عند الإمام الحسين عليه السلام

و الصفة البارزة من نزعات الإمام الحسين عليه السّلام الإباء عن الضيم حتى لقب(بأبي الضيم)و هي من أعظم ألقابه ذيوعا و انتشارا بين الناس فقد كان المثل الأعلى لهذه الظاهرة فهو الذي رفع شعار الكرامة الإنسانية و رسم طريق الشرف و العزة،فلم يخنع،و لم يخضع لقرود بني أمية،و آثر الموت تحت ظلال الأسنة،يقول عبد العزيز بن نباتة السعدي:

و الحسين الذي رأى الموت في الع ز حياة و العيش في الذل قتلا

و وصفه المؤرخ الشهير اليعقوبي بأنه شديد العزة يقول ابن أبي الحديد:

«سيد أهل الإباء الذي علّم الناس الحمية،و الموت تحت ظلال السيوف اختيارا على الدنية أبو عبد الله الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام عرض عليه الأمان هو و أصحابه فأنف من الذل،و خاف ابن زياد أن يناله بنوع من الهوان مع أنه لا يقتله، فاختار الموت على ذلك.و سمعت النقيب أبا زيد يحيى بن زيد العلوي يقول:كأن أبيات أبي تمام في محمد بن حميد الطائي ما قيلت إلا في الحسين:

و قد كان فوت الموت سهلا فرده إليه الحفاظ المر و الخلق الوعر

و نفس تعاف الضيم حتى كأنه هو الكفر يوم الروع أو دونه الكفر

فأثبت في مستنقع الموت رجله و قال لها:من دون أخصمك الحشر

تردّى ثياب الموت حمرا فما بدا لها الليل إلا و هي من سندس خضر

لقد علّم أبو الأحرار الناس نبل الإباء و نبل التضحية يقول فيه مصعب ابن الزبير:

«و اختار الميتة الكريمة على الحياة الذميمة»ثم تمثل:

ص: 154

و إن الألى بالطف من آل هاشم تآسوا فسنّوا للكرام التآسيا

و قد كانت كلماته يوم الطف من أروع ما أثر من الكلام العربي في تصوير العزة و المنعة و الاعتداد بالنفس يقول:«ألا و إن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة و الذلة،و هيهات منا الذلة،يأبى الله ذلك و رسوله و المؤمنون،و حجور طابت و طهرت،و أنوف حمية،و نفوس أبية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام...».

و وقف يوم الطف كالجبل الأشم غير حافل بتلك الوحوش الكاسرة من جيوش الردة الأموية،و قد ألقى عليهم و على الأجيال أروع الدروس عن الكرامة و عزة النفس و شرف الإباء قائلا:

«و الله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل،و لا أفر فرار العبيد إني عذت بربي و ربكم أن ترجمون...».

و ألقت هذه الكلمات المشرقة الأضواء على مدى ما يحمله الإمام العظيم من الكرامة التي لا حد لأبعادها،و التي هي من أروع ما حفل به تاريخ الإسلام من صور البطولات الخالدة في جميع الآباد.

و تسابق شعراء أهل البيت عليهم السّلام إلى تصوير هذه الظاهرة الكريمة فكان ما نظموه في ذلك من أثمن ما دوّنته مصادر الأدب العربي و قد عنى السيد حيدر الحلي إلى تصوير ذلك في كثير من روائعه الخالدة التي رثى بها جده الحسين يقول:

طمعت أن يسومه القوم ضيما و أبى الله و الحسام الصنيع

كيف يلوي على الدنية جيدا لسوى الله ما لواه الخضوع

و لديه جأش أرد من الدرع لظمأى القنا و هن شروع

و به يرجع الحفاظ لصدر ضاقت الأرض و هي فيه تضيع

فأبى أن يعيش إلا عزيزا أو تجلّى الكفاح و هو صريع

و لم تصور منعة النفس و إباؤها بمثل هذا التصوير الرائع،فقد عرض حيدر إلى

ص: 155

ما صمّمت عليه الدولة الأموية من إرغام الإمام الحسين عليه السّلام على الذل و الهوان، و إخضاعه لجورهم و استبدادهم،و لكن يأبى له الله ذلك و تأبى له نفسه العظيمة التي ورثت عز النبوة أن يقر على الضيم،فإنه سلام الله عليه لم يلو جيده خاضعا لأي أحد إلا لله،فكيف يخضع لأقزام بني أمية؟!و كيف يلويه سلطانهم عن عزمه الجبار الذي هو أرد من الدرع للقنا الظامئة،و ما أروع قوله:

و به يرجع الحفاظ لصدر ضاقت الأرض و هي فيه تضيع

و هل هناك أبلغ أو أدق وصفا لإباء الإمام الحسين و عزته من هذا الوصف،فقد أرجع جميع طاقات الحفاظ و الذمام لصدر الإمام عليه السّلام التي ضاقت الأرض من صلابة عزمه و تصميمه،بل أنها على سعتها تضيع فيه و من الحق أنه قد حلّق في وصفه لإباء الإمام،و يضاف لذلك جمال اللفظ فليس في هذا الشعر كلمة غريبة أو حرف ينبو على السمع.

و انظر إلى هذه الأبيات من رائعته الأخرى التي يصف بها إباء الحسين يقول:

لقد مات لكن ميتة هاشمية لهم عرفت تحت القنا المتقصد

كريم أبي شم الدنية أنفه فأشممه شوك الوشيج المسدد

و قال:قفي يا نفس وقفة وارد حياض الردى لا وقفة المتردد

رأى أن ظهر الذل أخشن مركبا من الموت حيث الموت منه بمرصد

فآثر أن يسعى على جمرة الوغى برجل و لا يعطي المقادة عن يد

لا أكاد أعرف شعرا أدق،و لا أعذب من هذا الشعر فهو يمثل أصدق تمثيل منعة الإمام العظيم و عزة نفسه التي آثرت الموت تحت ظلال الأسنة على العيش الرغيد بذل و خنوع،ناهجا بذلك منهج الشهداء من أسرته الذين تسابقوا إلى ساحات النضال،و اندفعوا بشوق إلى ميادين التضحية و الفداء لينعموا بالكرامة و العزة.

و مضى حيدر في تصويره لإباء الإمام الشهيد فوصفه بأنه أبي شم الدنية و الضيم،و عمد إلى شم الرماح و السيوف لأن بها طعم الإباء و طعم الشرف

ص: 156

و المجد...و على هذا الغرار من الوصف الرائع يمضي حيدر في تصويره لمنعة الإمام،تلك المنعة التي ملكت مشاعره و عواطفه كما ملكت عواطف غيره،و من المقطوع به أنه لم يكن متكلفا بذلك،و لا منتحلا و إنما وصف الواقع وصفا صادقا لا تكلّف فيه.

و يقول حيدر في رائعة أخرى يصف بها إباء الإمام و سمو ذاته،و لعلها من أجمل ما رثى به الإمام عليه السّلام يقول:

و سامته يركب إحدى اثنتين و قد صرّت الحرب أسنانها

فإما يرى مذعنا أو تموت نفس أبى العز إذعانها

فقال لها:اعتصمي بالإباء فنفس الأبي و ما زانها

إذا لم تجد غير لبس الهوان فبالموت تنزع جثمانها

رأى القتل صبرا شعار الكرام و فخرا يزين لها شأنها

فشمر للحرب في معرك به عرك الموت فرسانها

إن مراثي حيدر للإمام تعد-بحق-طغراء مشرقا في تراث الأمة العربية،فقد فكر فيها تفكيرا جادا و رتب أجزاءها ترتيبا دقيقا حتى جاءت بهذه الروعة،و كان-فيما يقول معاصروه-ينظم في كل حول قصيدة خاصة في الإمام عليه السّلام و يعكف طيلة عامه على إصلاحها،و يمعن إمعانا دقيقا في كل كلمة من كلماتها حتى جاءت بمنتهى الروعة و الإبداع (1).1.

ص: 157


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:80/1.

الصراحة عند الإمام الحسين عليه السلام

من صفات أبي الأحرار الصراحة في القول،و الصراحة في السلوك ففي جميع فترات حياته لم يوارب و لم يخادع،و لم يسلك طريقا فيه أي التواء،و إنما سلك الطريق الواضح الذي يتجاوب مع ضميره الحي،و ابتعد عن المنعطفات التي لا يقرّها دينه و خلقه،و كان من ألوان ذلك السلوك النير أن الوليد حاكم يثرب دعاه في غلس الليل،و أحاطه علما بهلاك معاوية،و طلب منه البيعة ليزيد مكتفيا بها في جنح الظلام،فامتنع عليه السّلام و صارحه بالواقع قائلا:

«يا أمير إنا أهل بيت النبوة،و معدن الرسالة،بنا فتح الله و بنا ختم،و يزيد فاسق فاجر، شارب الخمر،قاتل النفس المحرمة،معلن بالفسق و الفجور،و مثلي لا يبايع مثله..».

و كشفت هذه الكلمات عن مدى صراحته،و سمو ذاته،و قوة المعارضة عنده في سبيل الحق.

و من ألوان تلك الصراحة التي اعتادها و صارت من ذاتياته أنه لما خرج إلى العراق و افاه النبأ المؤلم و هو في أثناء الطريق بمقتل سفيره مسلم بن عقيل، و خذلان أهل الكوفة له،فقال للذين اتبعوه طلبا للعافية لا للحق:

«قد خذلنا شيعتنا فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف،ليس عليه ذمام...».

فتفرّق عنه ذو و الأطماع،و بقي مع الصفوة من أهل بيته و أصحابه لقد تجنب عليه السّلام في تلك الساعات الحرجة التي يتطلب فيها إلى الناصر الإغراء و الخداع مؤمنا أن ذلك لا يمكن أن تتصف به النفوس العظيمة المؤمنة بربها و المؤمنة بعدالة قضيتها.

ص: 158

و من ألوان تلك الصراحة أنه جمع أهل بيته و أصحابه في ليلة العاشر من المحرم،فأحاطهم علما بأنه يقتل في غد،و يقتل جميع من كان معه صارحهم بذلك ليكونوا على بصيرة و بينة من أمرهم،و أمرهم بالتفرق في سواد ذلك الليل،فأبت تلك الأسرة العظيمة مفارقته،و أصرت على الشهادة بين يديه.

تدول الدول،و تزول الممالك،و هذه الأخلاق الرفيعة أحق بالبقاء و أجدر بالخلود من كل كائن حي لأنها تمثل القيم العليا التي لا كرامة للإنسان بدونها (1).1.

ص: 159


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:85/1.

الصلابة في الحق عند الإمام الحسين عليه السلام

أما الصلابة في الحق فهي من مقومات أبي الشهداء و من أبرز ذاتياته فقد شق الطريق في صعوبة مذهلة لإقامة الحق،و دك حصون الباطل،و تدمير خلايا الجور.

لقد تبنى الإمام عليه السّلام الحق بجميع رحابه و مفاهيمه،و اندفع إلى ساحات النضال ليقيم الحق في ربوع الوطن الإسلامي،و ينقذ الأمة من التيارات العنيفة التي خلقت في أجوائها قواعد للباطل،و خلايا للظلم،و أوكارا للطغيان تركتها تتردى في مجاهل سحيقة من هذه الحياة.

رأى الإمام عليه السّلام الأمة قد غمرتها الأباطيل و الأضاليل،و لم يعد ماثلا في حياتها أي مفهوم من مفاهيم الحق،فانبرى عليه السّلام إلى ميادين التضحية و الفداء ليرفع راية الحق،و قد أعلن عليه السّلام هذا الهدف المشرق في خطابه الذي ألقاه أمام أصحابه قائلا:

«ألا ترون إلى الحق لا يعمل به،و إلى الباطل لا يتناهى عنه ليرغب المؤمن في لقاء الله...».

لقد كان الحق من العناصر الوضاءة في شخصية أبي الأحرار،و قد استشف النبي صلّى اللّه عليه و اله فيه هذه الظاهرة الكريمة فكان-فيما يقول المؤرخون-يرشف دوما ثغره الكريم ذلك الثغر الذي قال كلمة الله و فجر ينابيع العدل و الحق في الأرض (1).

ص: 160


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:86/1.

الصبر عند الإمام الحسين عليه السلام

من النزعات الفذة التي تفرّد بها سيد الشهداء الصبر على نوائب الدنيا و محن الأيام،فقد تجرّع مرارة الصبر منذ أن كان طفلا،فرزىء بجده و أمه،و شاهد الأحداث الرهيبة التي جرت على أبيه،و ما عاناه من المحن و الخطوب،و تجرّع مرارة الصبر في عهد أخيه،و هو ينظر إلى خذلان جيشه له،و غدرهم به،حتى أرغم على الصلح،و بقي معه يشاركه في محنه و آلامه،حتى اغتاله معاوية بالسم،و رام أن يواري جثمانه بجوار جده فمنعته بنو أمية فكان ذلك من أشق المحن عليه.

و من أعظم الرزايا التي صبر عليها أنه كان يرى انتقاض مبادىء الإسلام،و ما يوضع على لسان جده من الأحاديث المنكرة التي تغير و تبدل شريعة الله،و من الدواهي التي عاناها أنه كان يسمع سب أبيه و انتقاصه على المنابر،و قيام الطاغية زياد بإبادة شيعتهم و استئصال محبيهم،فصبر على كل هذه الرزايا و المصائب.

و تواكبت عليه المحن الشاقة التي تميد بالصبر في يوم العاشر من المحرم فلم يكد ينتهي من محنة حتى تطوف به مجموعة من الرزايا و الآلام،فكان يقف على الكواكب المشرقة من أبنائه و أهل بيته،و قد تناهبت السيوف و الرماح أشلاءهم فيخاطبهم بكل طمأنينة و ثبات:

«صبرا يا أهل بيتي،صبرا يا بني عمومتي،لا رأيتم هوانا بعد هذا اليوم».

و قد بصر شقيقته عقيلة بني هاشم،و قد ذهلها الخطب،و مزق الأسى قلبها، فسارع إليها،و أمرها بالخلود إلى الصبر و الرضى بما قسم الله.

و من أهوال تلك الكوارث التي صبر الإمام عليها أنه كان يرى أطفاله و عياله،

ص: 161

و هم يضجون من ألم الظمأ القاتل،و يستغيثون به من أليم العطش فكان يأمرهم بالصبر و الاستقامة،و يخبرهم بالعاقبة المشرقة التي يؤول إليها أمرهم بعد هذه المحن الحازبة.

و قد صبر على ملاقاة الأعداء الذين ملأت الأرض جموعهم المتدفقة،و هو وحده يتلقّى الضرب و الطعن من جميع الجهات،قد تفتت كبده من العطش و هو غير حافل بذلك كله.

لقد كان صبره و موقفه الصلب يوم الطف من أندر ما عرفته الإنسانية يقول الأربلي:«شجاعة الحسين يضرب بها المثل،و صبره في الحرب أعجز الأوائل و الأواخر».

إن أي واحدة من رزاياه لو ابتلي بها أي إنسان مهما تدرع بالصبر و العزم و قوة النفس لأوهنت قواه و استسلم للضعف النفسي،و لكنه عليه السّلام لم يعن بما ابتلي به في سبيل الغاية الشريفة التي سمت بروحه أن تستسلم للجزع أو تضرع للخطوب، يقول المؤرخون:إنه تفرد بهذه الظاهرة،فلم توه عزمه الأحداث مهما كانت،و قد توفي له ولد في حياته فلم ير عليه أثر للكآبة فقيل له في ذلك فقال عليه السّلام:

«إنا أهل بيت نسأل الله فيعطينا،فإذا أراد ما نكره فيما نحب رضينا».

لقد رضي بقضاء الله و استسلم لأمره،و هذا هو جوهر الإسلام و منتهى الإيمان (1).1.

ص: 162


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:87/1.

الحلم عند الإمام الحسين عليه السلام

أما الحلم فهو من أسمى صفات أبي الشهداء عليه السّلام و من أبرز خصائصه فقد كان- فيما أجمع عليه الرواة-لا يقابل مسيئا بإساءته،و لا مذنبا بذنبه،و إنما كان يغدق عليهم ببره و معروفه شأنه في ذلك شأن جده الرسول صلّى اللّه عليه و اله الذي وسع الناس جميعا بأخلاقه و فضائله،و قد عرف بهذه الظاهرة و شاعت عنه،و قد استغلها بعض مواليه فكان يعمد إلى اقتراف الإساءة إليه لينعم بصلته و إحسانه،و يقول المؤرخون:إن بعض مواليه قد جنى عليه جناية توجب التأديب فأمر عليه السّلام بتأديبه، فانبرى العبد قائلا:

«يا مولاي،إن الله تعالى يقول: وَ الْكاظِمِينَ الْغَيْظَ

فقابله الإمام ببسماته الفياضة و قال له:

«خلّوا عنه،قد كظمت غيظي».

و سارع العبد قائلا: وَ الْعافِينَ عَنِ النّاسِ

«قد عفوت عنك..».

و انبرى العبد يطلب المزيد من الإحسان قائلا: وَ اللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ

«أنت حر لوجه الله...».ثم أمر له بجائزة سنية تغنيه عن الحاجة و مسألة الناس.

لقد كان هذا الخلق العظيم من مقوماته التي لم تنفك عنه،و ظلت ملازمة له طوال حياته (1).

ص: 163


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:88/1.

التواضع عند الإمام الحسين عليه السلام

و جبل الإمام الحسين عليه السّلام على التواضع و مجافاة الأنانية و الكبرياء،و قد ورث هذه الظاهرة من جده الرسول صلّى اللّه عليه و اله الذي أقام أصول الفضائل و معالي الأخلاق في الأرض،و قد نقل الرواة بوادر كثيرة من سمو أخلاقه و تواضعه نلمع إلى بعضها:

1-إنه اجتاز على مساكين يأكلون في(الصفة)فدعوه إلى الغذاء فنزل عن راحلته،و تغذى معهم،ثم قال لهم:قد أجبتكم فأجيبوني،فلبّوا كلامه و خفّوا معه إلى منزله،فقال عليه السّلام لزوجه الرباب:أخرجي ما كنت تتدخرين،فأخرجت ما عندها من نقود فناولها لهم.

2-مر على فقراء يأكلون كسرا من أموال الصدقة،فسلّم عليهم فدعوه إلى طعامهم،فجلس معهم،و قال:لو لا أنه صدقة لأكلت معكم ثم دعاهم إلى منزله، فأطعمهم،و كساهم،و أمر لهم بدراهم.

لقد اقتدى عليه السّلام في ذلك بجده الرسول صلّى اللّه عليه و اله و سار على هديه فقد كان-فيما يقول المؤرخون-يخالط الفقراء و يجالسهم،و يفيض عليهم ببره و إحسانه،حتى لا يتبيغ بالفقير فقره،و لا يبطر الغني ثراؤه.

3-و جرت مشادة بين الحسين و أخيه محمد بن الحنفية،فانصرف محمد إلى داره و كتب إليه رسالة جاء فيها«أما بعد:فإن لك شرفا لا أبلغه،و فضلا لا أدركه، أبونا علي لا أفضلك فيه و لا تفضلني،و أمي امرأة من بني حنيفة،و أمك فاطمة بنت رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و لو كان ملء الأرض مثل أمي ما و فين بأمك،فإذا قرأت رقعتي هذه فالبس رداءك و نعليك و سر إلي،و ترضيني،و إياك أن أكون سابقك إلى الفضل الذي

ص: 164

أنت أولى به مني..».

و لما قرأ الحسين رسالة أخيه سارع إليه و ترضّاه و كان ذلك من معالي أخلاقه و سمو ذاته (1).1.

ص: 165


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:89/1.

الرأفة و العطف عند الإمام الحسين عليه السلام

و من صفات أبي الأحرار أنه كان شديد الرأفة بالناس يمد يده لكل ذي حاجة، و يسعف كل ذي لهفة،و يجير كل من استجار به،و قد فزع مروان إليه و إلى أخيه و هو من ألد أعدائهم،بعد فشل واقعة الجمل،و طلب منهما أن يشفعا له عند أبيهما، فخفّا إليه و كلّماه في شأنه و قالا له:

«يبايعك يا أمير المؤمنين».

فقال عليه السّلام:«أو لم يبايعني قبل قتل عثمان لا حاجة لي في بيعته إنها كف يهودية،لو بايعني بيده لغدر بسبابته،أما أن له إمرة كلعقة الكلب أنفه،و هو أبو الأكبش الأربعة، و ستلقى الأمة من ولده يوما أحمر».

و ما زالا يلطفان به حتى عفا عنه،إلا أن هذا الوغد قد تنكر لهذا المعروف و قابل السبطين بكل ما يملك من وسائل الشر و المكروه،فهو الذي منع جنازة الإمام الحسن أن تدفن بجوار جده،و هو الذي أشار على الوليد بقتل الإمام الحسين إن امتنع من البيعة ليزيد،كما أظهر السرور و الفرح بمقتل الإمام عليه السّلام و حسب مروان أنه من تلك الشجرة التي لم تثمر إلا الخبيث الدنس و ما يضر الناس.

و من ألوان تلك الصور الخالدة لعطف الإمام و رأفته بالناس أنه لما استقبله الحر بجيشه البالغ ألف فارس،و كان قد أرسل لمناجزته و قتاله فرآه الإمام و قد أشرف على الهلاك من شدة العطش فلم تدعه أريحيته و لا سمو ذاته أن لا يقوم بإنقاذهم، فأمر عليه السّلام غلمانه و أهل بيته أن يسقوا القوم عن آخرهم،و يسقوا خيولهم فسقوهم عن آخرهم،و كان فيهم علي بن الطعان المحاربي الذي اشتد به العطش فلم يدر

ص: 166

كيف يشرب فقام عليه السّلام بنفسه فسقاه،و كانت هذه البادرة من أروع ما سجّل في قاموس الإنسانية من الشرف و النبل (1).1.

ص: 167


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:90/1.

ص: 168

الفهرس

شمائل الإمام الحسين عليه السّلام مقدمة 3

عملنا في الموسوعة 4

اسم الحسين و نسبه و كنيته 5

معنى الإسم الشريف 5

غرس الرّسالة 6

الأم:6

الأب:7

الوليد الأول 7

رؤيا أم الفضل 8

ولادة الإمام الحسين عليه السلام و مدة خلافته 9

و جوم النبي و بكاؤه 18

مراسيم ولادته 19

أولا:20

الأذان و الإقامة 20

ثانيا:20

التسمية 20

أقوال شاذة:21

ص: 169

ثالثا:22

العقيقة 22

رابعا:22

حلق الرأس 22

خامسا:23

الختان 23

تعويذ النبي للحسنين 23

ملامح الحسين عليه السلام 24

هيبة الحسين 25

ألقاب الحسين 27

كنيته 27

نقش خاتمه 28

استعماله الطيب 28

دار سكناه 28

ثلاثة مراحل من حياة الحسين عليه السلام 29

مرحلة الطفولة عند الحسين عليه السلام 30

بين الحسين و النبي عليهما السلام 31

مرحلة شباب الحسين عليه السلام 33

مرحلة الشهادة 34

المكونات التربوية للإمام الحسين عليه السلام 36

الوراثة 36

الأسرة 38

التربية النبوية 40

ص: 170

رعاية النبي الأعظم للحسين 40

في أن الحسين ابن النبي 41

قصة و عبرة 43

شعر في المناسبة 44

تربية الإمام علي للحسين عليهما السلام 46

تربية فاطمة الزهراء للحسين 49

البيئة 50

معرفة الإمام الحسين و ذريته 52

وجوب معرفة حقيقة آل محمد 55

ضرورة معرفة أهل البيت عليهم السّلام 57

آثار معرفة أهل البيت عليهم السلام 1-عدم الظلم للنفس:59

2-المرور على الصراط:60

3-أصبح من أهل البيت:60

4-كان معهم في السنام الاعلى:61

أثر معرفة أهل البيت عند الموت 62

تهوين سكرات الموت:62

آثار عدم معرفة أهل البيت 63

5-الشقاء:63

6-زلّة قدمه عن الصراط:63

7-عدم معرفة اللّه تعالى:64

8-مات ميتة جاهلية:65

ص: 171

نور الحسين بن علي عليهما السلام 67

تمهيد:69

آيات عالم الأنوار 69

روايات عالم الأنوار 74

كيفية خلق نور الحسين و آله 83

نور الحسين عليه السلام يتألق 85

أولاد الحسين عليه السلام 90

شمائل و صفات الإمام الحسين عليه السلام 92

شجاعة الحسين عليه السلام 92

علم الحسين عليه السلام 99

المعارف في شخصيّة الحسين عليه السلام 99

الحسين عليه السلام و علم الغيب 103

قدرة الحسين عليه السلام 107

حكمة الإمام الحسين عليه السلام 109

عبادة الحسين عليه السلام 116

أ-خوفه من الله:118

ب-كثرة صلاته و صومه:119

ج-حجه:119

د-صدقاته:120

أدعية الإمام الحسين 1-دعاؤه من وقاية الأعداء:122

2-دعاؤه للاستسقاء:123

ص: 172

3-دعاؤه يوم عرفة:123

دعاء الإمام الحسين عليه السلام المستجاب 134

إستجابة دعاء الحسين على ابن جويرية 136

إستجابة دعاء الحسين على ابن أبي جويرية المزني 137

إستجابة دعاء الحسين على تميم بن حصين 137

إستجابة دعاء الحسين على محمد بن الأشعث 138

إستجابة دعاء الحسين عليه السّلام على رجل من بني أبان 139

إستجابة دعاء الحسين عليه السّلام على ابن جوزة 140

إستجابة دعاء الحسين عليه السّلام على عبد اللّه بن الحصين 141

إستجابة دعائه عليه السّلام على رجل 141

إستجابة دعائه عليه السّلام على عمر بن سعد 143

استجابة دعاء الحسين في فك ذراع عن ذراع 144

عجز الحسين عليه السلام عن شكر اللّه 145

أخلاق الحسين عليه السلام 147

قوة الإرادة عند الحسين عليه السلام 153

الإباء عن الضيم عند الإمام الحسين عليه السلام 154

الصراحة عند الإمام الحسين عليه السلام 158

الصلابة في الحق عند الإمام الحسين عليه السلام 160

الصبر عند الإمام الحسين عليه السلام 161

الحلم عند الإمام الحسين عليه السلام 163

التواضع عند الإمام الحسين عليه السلام 164

الرأفة و العطف عند الإمام الحسين عليه السلام 166

ص: 173

المجلد 2

اشارة

الصحیح من سیرة الإمام الحسین بن علي علیه السلام

نویسنده: سید هاشم بحرانی - علامه سید مرتضی عسکری و سید محمد باقر شریف قرشی

ناشر: مؤسسة التاريخ العربي

مکان نشر: لبنان - بيروت

سال نشر: 2009م , 1430ق

چاپ:1

موضوع:اسلام، تاریخ

زبان:عربی

تعداد جلد:20

کد کنگره: /ع5ص3 41/4 BP

ص: 1

اشارة

ص: 2

الجزء الثانى

ابعاد شخصية الإمام الحسين عليه السلام

أهم أبعاد شخصية الإمام الحسين عليه السلام

شخصية الحسين مدخرة من قبل اللّه

قال السيد مرتضى العسكري:قيّض اللّه الإمام الحسين عليه السّلام لكسر قدسية مقام الخلافة في نفوس المسلمين بعد أن أعد له الأجواء النفسية في المجتمع الاسلامي بما أنزل في حقه ضمن ما أنزل في حق أهل البيت عامة بقرآنه الكريم،و في ما بلّغ المسلمين على لسان رسوله في أهل البيت عامة و في الإمام الحسين خاصة:فإنه لما أنزل اللّه سبحانه: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى.

فسّر رسوله(القربى)بعلي و فاطمة و الحسن و الحسين (1).

و لما أراد اللّه سبحانه أن ينزل آية التطهير،و رأى رسول اللّه أن الرحمة هابطة، دعا عليا و فاطمة و الحسن و الحسين و ضمّهم إلى نفسه تحت الكساء،فأنزل اللّه تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:اللهم إن هؤلاء هم أهل بيتي،و بقي طول حياته بعد ذلك يقف على باب دارهم يوميا خمس مرات أوقات الصلاة اليومية و يقول:السلام عليكم يا أهل البيت إنما يريد اللّه ليذهب (2).و لما نزلت الآية الكريمة: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما

ص: 3


1- بتفسير الآية من تفسير الطبري و الزمخشري و السيوطي،و مستدرك الصحيحين 172/3، و ذخائر العقبى للطبري ص 138،و أسد الغابة 367/5،و حلية الأولياء 201/3،و مجمع الزوائد 103/7 و 146/9.
2- مضت مصادر الخبر في ص 18-23 من القسم الأول من هذا الكتاب.

جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ (1) و لمّا أراد أن يباهل نصارى نجران دعا رسول اللّه عليا و فاطمة و الحسن و الحسين (2).

و في رواية و قد احتضن الحسين و أخذ بيد الحسن و فاطمة تمشى خلفه و علي يمشي خلفها،و قال لهم النبي:إذا دعوت فأمنوا،فلما رآهم أسقف نجران،قال:يا معشر النصارى!إني لأرى وجوها لو سألوا اللّه أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله،فلا تبتهلوا فتهلكوا،فصالحهم على دفع الجزية (3).

هذا بعض ما تلته أبناء الأمة في قرآنها و سمعته في تفسيره عن رسول اللّه له و شاهدته يفسّرها بعمله.

و أيضا سمعت رسول اللّه يقول:من صلى صلاة لم يصل فيها علي و لا على أهل بيتي لم تقبل منه (4).

و لما سألوه كيف يصلون عليه قال:قولوا:اللهم صل على محمد و على آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد،اللهم بارك على محمد و آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد (5).ند

ص: 4


1- آل عمران:61.
2- صحيح مسلم باب فضائل علي من كتاب فضائل الصحابة،و سنن الترمذي،و مستدرك الصحيحين 150/3،و مسند أحمد 185/1،و سنن البيهقي 63/7،و تفسير الآية بتفسير الطبري و السيوطي،و الواحدي في أسباب النزول ص 74 و 75.
3- تفسير الآية بتفسير الكشاف للزمخشري،و التفسير الكبير للفخر الرازي،و نور الابصار للشبلنجي ص 100.
4- سنن البيهقي 379/2،و سنن الدارقطني ص 136.
5- صحيح البخاري كتاب الدعوات في باب الصلاة على النبي و في كتاب التفسير في باب تفسير قوله تعالى: "إِنَّ اللّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ" ،و صحيح مسلم في كتاب الصلاة باب الصلاة على النبي صلّى اللّه عليه و آله بعد التشهد،و مسند أحمد 47/2،و 353/5و الأدب المفرد للبخاري ص 93، و سنن النسائي و ابن ماجة و الترمذي و البيهقي 147/2 و 279،و الدارقطني ص 135،و مسند الشافعي ص 23،و مستدرك الصحيحين 269/1،و تفسير آية "إِنَّ اللّهَ وَ مَلائِكَتَهُ" من تفسير الطبري.

و سمعته يقول لعلي و فاطمة و الحسن و الحسين:أنا حرب لمن حاربتم و سلم لمن سالمتم.

و في رواية:أنا حرب لمن حاربكم و سلم لمن سالمكم (1).

و أخذ بيد حسن و حسين،فقال:من أحبني و أحب هذين و أباهما و أمهما كان معي في درجتي يوم القيامة (2).

و يقول:الحسن و الحسين ريحانتاي من الدنيا (3).

و يقول:ألا أخبركم بخير الناس جدا و جدة ألا أخبركم بخير الناس عما و عمة ألا أخبركم بخير الناس خالا و خالة؟ألا أخبركم بخير الناس أبا و أما:الحسن و الحسين (4).

و يقول صلّى اللّه عليه و آله:هذان ابناي و ابنا ابنتي،اللهم إني أحبهما فأحبهما و أحب منة.

ص: 5


1- سنن الترمذي كتاب المناقب و ابن ماجة المقدمة،و مستدرك الصحيحين 149/3،و مسند أحمد 442/2،و أسد الغابة 11/3 و 523/5،و مجمع الزوائد 169/9،و تاريخ بغداد 136/8، و الرياض النضرة 199/2،و ذخائر العقبى ص 23.
2- مسند أحمد 77/1،و سنن الترمذي كتاب المناقب و تاريخ بغداد 287/3،و تهذيب التهذيب 430/10،و كنز العمال.
3- في باب مناقب الحسن و الحسين من كتاب بدء الخلق من صحيح البخاري أن رجلا سأل ابن عمر عن دم البعوض فقال:ممن أنت؟قال:من أهل العراق،قال:أنظروا إلى هذا يسألني عن دم البعوض و قد قتلوا ابن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سمعت النبي صلّى اللّه عليه و آله يقول:هما ريحانتاي من الدنيا. و باب رحمة الولد و تقبيله و الأدب المفرد له ص 14 و سنن الترمذي و مسند أحمد 85/2 و 93 و 114 و 153،و مسند الطيالسي 160/8،و خصائص النسائي ص 37،و مستدرك الحاكم 165/3، و الرياض النضرة 232/2،و حلية أبي نعيم 201/3 و 70/5،و فتح الباري 100/8،و مجمع الزوائد 181/9.
4- مجمع الزوائد للهيثمي 184/9،و ذخائر العقبى ص 130،و كنز العمال؟103/13-14، ط.الثانية.

يحبهما (1).

و يقول صلّى اللّه عليه و آله:من أحب الحسن و الحسين فقد أحبني و من أبغضهما فقد أبغضني (2).

و يقول صلّى اللّه عليه و آله:كل بني آدم ينتمون إلى عصبتهم إلاّ ولد فاطمة فإني أنا أبوهم و أنا عصبتهم (3).

و كان يصلي صلّى اللّه عليه و آله في مسجده فإذا سجد وثب الحسن و الحسين عليه السّلام على ظهره،و إذا رفع رأسه أخذهما فوضعهما وضعا رفيقا فإذا عاد عادا (4).

و كان صلّى اللّه عليه و آله يخطب في مسجده إذ جاء الحسن و الحسين يمشيان و يعثران فنزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من المنبر فحملهما و وضعهما بين يديه (5).

أعدّ اللّه و رسوله الأمة في الآيات و الأحاديث الآنفة لتنظر إلى أهل البيت عامة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نظرة إجلال و إكبار و حب و ولاء،و كذلك في آيات أخرى مثل:آيةب.

ص: 6


1- الترمذي كتاب المناقب،و خصائص النسائي ص 220،و كنز العمال. 99/13،ط.الثانية.
2- سنن ابن ماجة،في فضائل الحسن و الحسين،و مسند أحمد 288/2 و 440 و 531،و /5 369،و تاريخ بغداد 141/1،و كنوز الحقائق،ط.اسلامبول ص 134،و مسند الطيالسي /10 327 و 332،و مجمع الزوائد 180/9 و 181 و 185،و سنن البيهقي 263/2،و 28/4،و حلية الأولياء 305/8،و مستدرك الصحيحين 166/3 و 171.
3- مستدرك الصحيحين 164/3،و تاريخ بغداد 285/11،و مجمع الزوائد 172/9،و ذخائر العقبى ص 121،و كنز؟العمال 266/6 و 220.
4- مستدرك الصحيحين 163/3 و 165 و 626،و مسند أحمد 513/2،و 493/3،و 51/5 ،و سنن البيهقي 263/2،و مجمع الزوائد للهيثمي 275/9 و 181 و 182،و ذخائر العقبى ص 132،و أسد الغابة 389/2،و الرياض النضرة ص 132.
5- مسند أحمد 389/4،و 354/5،و مستدرك الحاكم 287/1،و 189/4،و سنن البيهقي 3 218/،و 165/6،و سنن ابن ماجة باب لبس الأحمر للرجال من كتاب اللباس،و سنن النسائي باب صلاة الجمعة و العيدين،و سنن الترمذي كتاب المناقب.

الخمس و سورة هل أتى،و آية و آت ذا القربى حقه و في أحاديث عن النبي في تفسير تلك الآيات و غيرها (1).

و خص بالذكر من بينهم الإمام الحسين عليه السّلام في مثل اخبار اللّه نبيه باستشهاد الإمام الحسين في يوم مولده و بعده و اخبار رسوله أمته بذلك مرة بعد أخرى (2).

و كذلك في ما فعل الإمام علي بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مثل روايته عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في طريقه إلى صفين و غيره باستشهاد الإمام الحسين.

و قوله عليه السّلام في بعض أيام صفين:إنني أنفس بهذين-يعني الحسن و الحسين عليه السّلام-على الموت لئلا ينقطع بهما نسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (3).

هكذا وجّهت الأمة إلى حب الإمام الحسين و إجلال مقامه،أضف إلى ذلك ما كان عند بعض أبناء الأمة من نصوص عن الرسول في إمامة الأئمة الإثني عشر و أنهم حملة الإسلام و حفظته و أن الإمام الحسين ثالثهم.

و مهما يكن من أمر فإن الإمام الحسين كان الرجل الوحيد الذي ورث حب المسلمين لجده الرسول صلّى اللّه عليه و آله في عصره.

و لهذا رغب المسلمون يومذاك أن يبايعوه بالخلافة ليصبح بتلك البيعة الخليفة الشرعي بعد معاوية،يتبوأ عرش الخلافة بحقوقها،و لو أتيح له ذلك و أصبح خليفة المسلمين ببيعتهم إياه لما استطاع أن يعيد إلى المجتمع الأحكام الإسلامية التي بدّلها الخلفاء و غيّروها باجتهاداتهم كما لم يستطع الإمام علي أن يفعل ذلك بالنسبة إلى اجتهادات الخلفاء الثلاثة من قبله (4)،و كان على الإمام الحسين لو بويع أن يقرفي

ص: 7


1- أسباب النزول للواحدي ص 331،و أسد الغابة 530/5،و الرياض النضرة 227/2،و نور الابصار للشبلنجي،و تفسير الآية بتفسير السيوطي.
2- راجع قبله فصل"أنباء باستشهاد الحسين".
3- نهج البلاغة،العدد 205 من خطبه.
4- راجع قبله،شكوى الإمام علي من تغيير الولاة قبله أحكام الإسلام بباب مصدر الاحكام في مدرسة أهل البيت.

أحداث معاوية-اجتهاداته-على حالها بما فيها لعن أبيه الإمام علي عليه السّلام على جميع منابر المسلمين بالإضافة إلى اجتهادات الخلفاء السابقين،و لما لم يقدّر للمسلمين أن يبايعوه بالخلافة أصبحت حاله لدى المسلمين حال الحرمين الشريفين،له الحرمة في نفوسهم و لكنهم انتهكوها في سبيل طاعة الخليفة و صح ما قال له الفرزدق في هذا الصدد(قلوب الناس معك و سيوفهم مع بني أمية) (1).

و روى الشيخ الطوسي في كتاب مصابيح الأنوار بإسناده عن رجاله مرفوعا إلى المفضل بن عمر قال دخلت على الصادق عليه السّلام ذات يوم فقال لي:«يا مفضل عرفت محمّدا و عليّا و فاطمة و الحسن و الحسين:كنه معرفتهم».

قلت:يا سيدي و ما كنه معرفتهم؟

قال:«يا مفضل تعلم أنهم في طير عن الخلايق بجنب الروضة الخضرا فمن عرفهم كنه معرفتهم كان معنا في السنام الاعلى».

قال:قلت:عرّفني ذلك يا سيدي،قال:«يا مفضل تعلم أنهم علموا ما خلق اللّه عزّ و جلّ و ذرأه و برأه و أنهم كلمة التقوى و خزناء السماوات و الأرضين و الجبال و الرمال و البحار،و عرفوا كم في السماء نجم و ملك،و وزن الجبال وكيل ماء البحار و أنهارها و عيونها و ما تسقط من ورقة إلاّ علموها وَ لا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَ لا رَطْبٍ وَ لا يابِسٍ إِلاّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (2)و هو في علمهم و قد علموا ذلك».

فقلت:يا سيدي قد علمت ذلك و أقررت به و آمنت.

قال:«نعم يا مفضل يا مكرم نعم يا طيّب نعم يا محبور،طبت و طابت لك الجنّة9.

ص: 8


1- معالم المدرستين للعسكري:299/3.
2- -الأنعام:59.

و لكل مؤمن بها» (1).

و روي عن عبد اللّه بن أبي وقاص قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«لما خلق اللّه إبراهيم الخليل كشف اللّه عن بصره فنظر إلى جانب العرش فرأي نورا.

فقال:إلهي و سيدي ما هذا النور؟

قال عزت الآؤه:يا إبراهيم هذا محمد صفيي.

فقال:إلهي و سيدي أرى إلى جانبه نورا آخر؟

فقال تعالى:يا إبراهيم هذا علي ناصر ديني.

فقال:إلهي و سيدي أرى إلى جانبهما نورا ثالثا.

قال سبحانه:يا إبراهيم هذه فاطمة تلي أباها و بعلها فطمت محبيها من النار.

قال:إلهي و سيدي أرى نورين يليان الثلاثة الأنوار.

قال تعالى:يا إبراهيم هذان الحسن و الحسين يليان أباهما و جدهما و امهما.

فقال:إلهي و سيدي أرى تسعة أنوار أحدقوا بالخمسة الأنوار.

قال عزت الآؤه:يا إبراهيم هؤلاء الأئمة من ولدهم.

فقال:إلهي و سيدي فبمن يعرفون؟

قال تعالى:يا إبراهيم أولهم علي بن الحسين و محمد ولد علي و جعفر ولد محمد و موسى ولد جعفر و علي ولد موسى و محمد ولد علي و علي ولد محمد و الحسن ولد علي و محمد ولد الحسن القائم المهدي» (2).

و عن محمد بن سنان عن المفضل عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام.

قال:«إن اللّه تبارك و تعالى خلق الأرواح قبل الاجساد بألفي عام،فجعل أعلاها5.

ص: 9


1- -مدينة المعاجز:129/2،و مشارق أنوار اليقين:55.
2- -الفضائل لابن شاذان:158،و بحار الأنوار:213/36 و المتن من بحار الأنوار لأصحيته،و إلزام الناصب:86/1،و عوالم العلوم:75/15.

و أشرفها أرواح محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة بعدهم صلوات اللّه عليهم.

و ساق الحديث إلى أن قال عليه السّلام:قال جبرائيل لادم و حواء:فسلا ربكما بحق الأسماء التي رأيتموها على ساق العرش حتى يتوب عليكما.

فقالا:«اللهم إنا نسألك بحق الأكرمين عليك:محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة إلاّ تبت علينا و رحمتنا».

فتاب اللّه عليهما إنه هو التواب الرحيم (1).

و عن أبي سلمى قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«...يا محمد خلقتك و خلقت عليا و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة من ولد الحسين من نوري» (2).

و عن محمد بن ثابت قال:قال رسول اللّه لعلي عليهما السّلام:«يا علي ان اللّه تبارك و تعالى خلقني و إياك من نوره الأعظم» (3).

و في رواية أنهم جميعا من نور اللّه الأعظم (4).

و عن الإمام الصادق عليه السّلام:«إن اللّه تبارك و تعالى خلقنا من نور عظمته» (5).

و عن أبي سلمى قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«...يا محمد إني خلقتك و خلقت عليا و فاطمة و الحسن و الحسين من شبح نور من نوري» (6).

و عن أمير المؤمنين عليه السّلام:في حديث جاء فيه:«لأنا كلنا واحد أولنا محمد،م.

ص: 10


1- -معاني الأخبار:110 باب معنى الامانة،و بحار الأنوار:172/11-174 و 322/26.
2- -ينابيع المودة:584/2 باب 93 الذيل،و مقتل الخوارزمي:96/1.
3- -ارشاد القلوب:404/2 باب قضايا علي في الحد.
4- -ارشاد القلوب:404/2.
5- -الاختصاص:216/12 حديث المفضل،و الأنوار النعمانية:290/1.
6- -بحار الأنوار:262/36 ح 82 النصوص عليهم.

و آخرنا محمد،و أوسطنا محمد و كلنا محمد،فلا تفرقوا بيننا» (1).

و عن أنس بن مالك قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«خلقني اللّه تبارك و تعالى و أهل بيتي من نور واحد قبل أن يخلق آدم بسبعة آلاف عام» (2).

و عن الإمام علي قال:سمعت رسول اللّه يقول:«إن اللّه تبارك و تعالى خلقني و عليا و فاطمة و الحسن و الحسين من نور واحد» (3).

و عن عمر بن الخطاب قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:...«يا محمد إني خلقت عليا و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة من نور واحد» (4)

و رواه في بحار الأنوار عن عبد اللّه بن عمر (5).

و في حديث آخر طويل جاء فيه:«الحسين مع أبيه و أمه و أخيه الحسن في منزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يحيون كما يحيى و يرزقون كما يرزق،فلو نبش في أيامه لوجد فأما اليوم فهو حي عند ربه ينظر الى معسكره و ينظر الى العرش حتى يؤمر ان يحمله،و إنه لعلى يمين العرش متعلق يقول:يا رب أنجز لي ما وعدتني» (6).

و عنه صلّى اللّه عليه و آله:«إن اللّه خلقني و خلق عليا و فاطمة و الحسن و الحسين قبل أن يخلق آدم عليه السّلام حين لا سماء مبنية،و لا أرض مدحية،و لا ظلمة و لا نور،و لا شمس و لا قمر و لا جنة و لا نار».

فقال العباس:كيف كان بدء خلقكم يا رسول اللّه؟4.

ص: 11


1- -بحار الأنوار:6/26-7 ح 1 باب نادر في معرفتهم.
2- -كفاية الأثر:7،و الفردوس بمأثور الخطاب:191/2 ح 2952،و مناقب آل أبي طالب:/1 27.
3- -كشف الغمة:84/2-85.
4- -غيبة النعماني:59 الباب الرابع.
5- -بحار الأنوار:281/36 ح 100 باب النصوص عليهم.
6- -بحار الأنوار:376/25 كتاب الإمامة-باب غرائب افعالهم ح 24.

فقال:«يا عم لما أراد اللّه أن يخلقنا تكلم بكلمة خلق منها نورا،ثم تكلم بكلمة أخرى فخلق منها روحا،ثم مزج النور بالروح،فخلقني و خلق عليا و فاطمة و الحسن و الحسين،فكنا نسبحه حين لا تسبيح،و نقدسه حين لا تقديس،فلما أراد اللّه تعالى أن ينشىء خلقه فتق نوري فخلق منه العرش،فالعرش من نوري، و نوري من نور اللّه،و نوري أفضل من العرش.

ثم فتق نور أخي علي فخلق منه الملائكة،فالملائكة من نور علي و نور علي من نور اللّه و علي أفضل من الملائكة.ثم فتق نور ابنتي فخلق منه السموات و الأرض، فالسموات و الأرض من نور ابنتي فاطمة،و نور ابنتي فاطمة من نور اللّه،و ابنتي فاطمة أفضل من السموات و الأرض.

ثم فتق نور ولدي الحسن فخلق منه الشمس و القمر فالشمس و القمر من نور ولدي الحسن و نور الحسن من نور اللّه،و الحسن أفضل من الشمس و القمر.

ثم فتق نور ولدي الحسين فخلق منه الجنة و الحور العين،فالجنة و الحور العين من نور ولدي الحسين،و نور ولدي الحسين من نور اللّه،و ولدي الحسين أفضل من الجنة و الحور العين (1).

الى أن قال:«فتكلم اللّه بكلمة فخلق منها روحا...ثم نورا فأزهرت المشارق و المغارب فهي فاطمة» (2).

و عن أمير المؤمنين عليه السّلام في حديث طويل عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جاء فيه:«و تمام اسمي و اسم أخي علي و ابنتي فاطمة و ابنيّ الحسن و الحسين مكتوبة على سرادق العرش بالنور» (3).ي.

ص: 12


1- -بحار الأنوار:10/15-11 باب بدء خلق النبي ح 11.
2- -الأنوار النعمانية:17/1-18 مع تفاوت عما في بحار الأنوار ليس بيسير رواه عن ابن مسعود.
3- -الهداية الكبرى:101 الباب الثاني.

و عن الأصبغ بن نباتة قال:خرج علينا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام ذات يوم و يده في يد إبنه الحسن عليه السّلام و هو يقول:«خرج علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ذات يوم و يدي في يده هكذا و هو يقول:خير الخلق بعدي (1)و سيدهم بعد الحسن إبني أخوه الحسين المظلوم بعد أخيه المقتول في أرض كربلاء،أما إنه و أصحابه من سادات الشهداء يوم القيامة،و من بعد الحسين تسعة من صلبه خلفاء اللّه في أرضه و حججه على عباده،و امناؤه على وحيه،و أئمة المسلمين،و قادة المؤمنين،و سادة المتقين، تاسعهم القائم الذي يملأ اللّه عز و جل به الأرض نورا بعد ظلمتها،و عدلا بعد جورها، و علما بعد جهلها،و الذي بعث أخي محمدا بالنبوة و اختصني بالإمامة لقد نزل بذلك الوحي من السماء على لسان الروح الأمين جبرائيل،و لقد سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله-و أنا عنده-عن الأئمة بعده فقال للسائل: وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ (2)عددهم بعدد البروج، و رب الليالي و الأيام و الشهور إن عدتهم كعدة الشهور (3)فقال السائل:فمنهم يا رسول اللّه؟فوضع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يده على رأسي فقال:أولهم هذا و آخرهم المهدي،من والاهم فقد والاني،و من عاداهم فقد عاداني،و من أحبهم فقد أحبني و من أبغضهم فقد أبغضني،و من أنكرهم فقد أنكرني،و من عرفهم فقد عرفني،بهم يحفظ اللّه عز و جل دينه،و بهم يعمر بلاده،و بهم يرزق عباده،و بهم ينزل القطر من السماء،و بهم يخرج بركات الأرض،هؤلاء أصفيائي و خلفائي و أئمة المسلمين و موالي المؤمنين» (4).ن.

ص: 13


1- -في بعض المصادر:خير الخلق بعدي و سيدهم أخي هذا،و هو إمام كل مسلم،و مولى كل مؤمن بعد وفاتي.ألا و إني أقول:خير الخلق بعدي و سيدهم ابني هذا،و هو إمام كل مؤمن،و مولى كل مؤمن بعد وفاتي،ألا و إنه سيظلم بعدي كما ظلمت بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و خير الخلق و سيدهم بعد الحسن. الحديث.
2- -البروج:1.
3- -في بعض المصادر:ان عددهم كعدد الشهور.
4- -كمال الدين:259/1-260 ط 1390 هج-طهران.

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعلي عليه السّلام:«الأئمة من ولدك تسقى بهم أمتي الغيث و بهم يستجاب دعاءهم،و بهم يصرف اللّه عنهم البلاء،و بهم تنزل الرحمة من السماء».

و أومأ الى الحسن فقال:هذا أولهم،و أومأ الى الحسين و قال:الأئمة من ولده» (1).

و عنه صلّى اللّه عليه و آله في ذكر الأئمة عليهم السّلام:«...بهم يحبس اللّه العذاب عن أهل الأرض،و بهم يمسك السماء ان تقع على الأرض إلاّ بإذنه،و بهم يمسك الجبال أن تميد بهم» (2).

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«بهم يدفع الضيم،و بهم ينزل الرحمة و بهم يحيي ميتا و بهم يميت حيا» (3).

و في زيارات أبي عبد اللّه الحسين عليه السّلام التي رواها ابن قولويه بسند صحيح عن الإمام الصادق عليه السّلام جاء فيها:«بكم يباعد اللّه الزمان الكلب،و بكم يمحو اللّه ما يشاء و بكم يثبت،و بكم تنبت الأرض أشجارها و بكم تخرج الأرض أثمارها و بكم تنزل السماء قطرها و رزقها،و بكم ينزل اللّه الغيث،إرادة الرب في مقادير أموره تهبط إليكم و تصدر من بيوتكم» (4).9.

ص: 14


1- -دلائل الإمامة:80 ذكر علي و مناقبه.
2- -الاختصاص:224 حديث في الأئمة.
3- -التوحيد:167 باب 24 ح 1.
4- -كامل الزيارات:200 الباب 79.

عظمة الحسين عليه السلام على اللّه

في الأخبار أنّ أعرابيّا أتى رسول اللّه فقال:يا رسول اللّه لقد صدت خشفة

غزالة و أتيت بها إليك هدية لولديك الحسن و الحسين،فقبلها و دعى له بالخير فإذا الحسن واقف عنده فرغب إليها فأعطاه إيّاها فما مضى ساعة إلاّ و الحسين عليه السّلام قد أقبل فرأى الخشفة عند أخيه يلعب بها فأتى إلى جدّه فقال:أعطيت أخي خشفة يلعب بها و لم تعطني فجعل يكرّر القول و جدّه ساكت،فهمّ الحسين عليه السّلام أن يبكي فبينما هو كذلك إذا بصياح ارتفع عند باب المسجد فنظرنا فإذا ظبية و معها خشفها و من خلفها ذئبة تسوقها إلى رسول اللّه فنطقت الغزالة و قالت:يا رسول اللّه كانت لي خشفتان إحداهما صادها الصيّاد و أتى بها إليك و بقيت لي هذه الاخرى و أنا بها مسرورة و كنت الآن أرضعها فسمعت قائلا يقول:أسرعي أسرعي يا غزالة بخشفك إلى النبيّ محمّد لأنّ الحسين واقف بين يديه و قد همّ أن يبكي و الملائكة بأجمعهم رفعوا رؤوسهم من صوامع العبادة،و لو بكى الحسين عليه السّلام لبكت الملائكة المقرّبون لبكائه و سمعت أيضا قائلا يقول:اسرعي يا غزالة قبل جريان الدموع إلى خدّ الحسين فإن لم تفعلي سلّطت عليك هذه الذئبة تأكلك مع خشفتك فأتيت بخشفي إليك و قطعت مسافة بعيدة،لكن طويت لي الأرض حتّى أتيتك سريعة و أنا أحمد اللّه ربّي على أن جئتك قبل جريان دموع الحسين على خدّه، فارتفع التكبير و التهليل من الأصحاب و دعى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للغزالة و أخذ الحسين

ص: 15

الخشفة و أتى بها إلى الزهراء فسرّت بذلك سرورا عظيما (1).

و عن عروة البرقي[كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقبل]الحسن و الحسين[و يقول:يا أصحابي إني أود أن أقاسمهما]حياتي لحبّي لهما،فهما ريحانتاي من الدّنيا (2).

و عن محمّد بن يزيد:حمل النبيّ الحسن و حمل جبرائيل الحسين عليه السّلام

فكانا بعد ذلك يفتخران فيقول الحسن:حملني خير أهل الأرض و يقول الحسين حملني خير أهل السماء (3).

و في كتاب مناقب[آل أبي طالب]:أذنب رجل ذنبا في حياة رسول اللّه فتغيّب حتّى وجد الحسن و الحسين في طريق خال فاحتملهما على عاتقيه و أتى بهما النبيّ فقال:يا رسول اللّه إنّي مستجير باللّه و بهما فضحك رسول اللّه

حتّى ردّ يده إلى فمه ثمّ قال للرجل إذهب فأنت طليق،و قال لحسن و حسين:قد شفّعتكما فيه فأنزل اللّه تعالى: وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللّهَ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللّهَ تَوّاباً رَحِيماً (4). (5).

و في حديث مدرك بن أبي زيد:قلت لابن عبّاس-و قد أمسك للحسن ثمّ الحسين بالركاب و سوى عليهما-:أنت أسنّ منهما تمسك لهما بالركاب فقال:يالكع و ما تدري من هذان،هذان ابنا رسول اللّه أو ليس ممّا أنعم اللّه عليّ به أن أمسك لهما و أسوّي عليهما (6).

و في الأمالي عن الإمامين الباقر و الصادق عليه السّلام:إنّ اللّه تعالى عوّض الحسين عليه السّلام3.

ص: 16


1- العوالم:42 ح 3.
2- مدينة المعاجز:426/3 ح 4.
3- مدينة المعاجز:288/3 ح 57.
4- سورة النساء:64.
5- مناقب آل أبي طالب:168/3.
6- مناقب آل أبي طالب:168/3.

من قتله أن جعل الإمامة في ذرّيته و إجابة الدّعاء عند قبره و لا تعد أيّام زائريه جائيا و راجعا من عمره (1).

و في البحار من بعض كتب المناقب القديمة عن محمد بن أحمد بن علي بن شاذان بإسناده عن ابن عباس قال:

كنت جالسا بين يدي النبي صلّى اللّه عليه و آله ذات يوم و بين يديه علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليه السّلام إذ هبط جبرائيل و معه تفاحة،فحيّا بها النبي و حيّا بها علي بن أبي طالب فتحيا بها عليّ و قبّلها و ردها إلى رسول الله،فتحيا بها رسول الله و حيّا بها الحسن و تحيّا بها الحسن و قبّلها و ردّها إلى رسول الله فتحيّا بها رسول الله و حيّا بها الحسين و تحيّا بها الحسين و قبّلها و ردّها إلى رسول الله فتحيّا بها و حيّا بها فاطمة فتحيّت بها و قبّلتها و ردّتها إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله،فتحيّا بها الرابعة و حيّا بها علي بن أبي طالب فلما همّ أن يردّها إلى رسول الله سقطت التفاحة من بين أنامله فانفلقت بنصفين فسطع منها نور حتى بلغ إلى السماء الدنيا فإذا عليها سطران مكتوبان:باسم الله الرحمن الرحيم تحية من الله إلى محمد المصطفى و علي المرتضى و فاطمة الزهراء و الحسن و الحسين عليهم السّلام سبطي رسول الله و أمان لمحبيهما يوم القيامة من النار (2).

و في(البحار)وجدت في بعض مؤلفات أصحابنا أنه روى مرسلا من جماعة من الصحابة قالوا:

دخل النبي صلّى اللّه عليه و آله دار فاطمة فقال:يا فاطمة إن أباك اليوم ضيفك،فقالت:يا أبت إن الحسن و الحسين عليهما السّلام يطالباني بشي من الزاد فلم أجد لهما شيئا يقتاتان به.

ثم أن النبي صلّى اللّه عليه و آله دخل و جلس مع علي و الحسن و الحسين و فاطمة متحيرة ما1.

ص: 17


1- الامالي:317 ح 91.
2- مدينة المعاجز:371/1.

تدري كيف تصنع،ثم إن النبي صلّى اللّه عليه و آله نظر إلى السماء ساعة و إذا بجبرائيل قد نزل و قال:يا محمد العليّ الأعلى يقرئك السلام و يخصك بالتحية و الإكرام و يقول لك:

قل لعليّ و فاطمة و الحسن و الحسين أي شي يشتهون من فواكه الجنة؟فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله:يا علي و يا فاطمة و يا حسن و يا حسين إن رب العزّة علم أنكم جياع فأي شي تشتهون من فواكه الجنة؟فأمسكوا عن الكلام و لم يردوا جوابا حياء من النبي صلّى اللّه عليه و آله.

فقال الحسين عليه السّلام:عن إذنك يا أبتاه يا أمير المؤمنين عليه السّلام و عن إذنك يا أماه يا سيدة نساء العالمين و عن إذنك يا أخاه الحسن الزكي أختار لكم شيئا من فواكه الجنة.

فقالوا جميعا:قل يا حسين ما شئت فقد رضينا بما تختاره لنا.

فقال:يا رسول الله قل لجبرائيل:إنّا نشتهي رطبا جنيّا،فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله:قد علم الله ذلك.

ثم قال:يا فاطمة قومي و ادخلي البيت و احضري إلينا ما فيه،فدخلت فرأت فيه طبقا من البلور مغطى بمنديل من السندس الأخضر و فيه رطب جنيّ في غير أوانه، فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله:يا فاطمة أنى لك هذا؟

قالت:هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب كما قالت مريم بنت عمران.

فقام النبي صلّى اللّه عليه و آله و تناوله و قدّمه بين أيديهم ثم قال:بسم الله الرحمن الرحيم،ثم أخذ رطبة واحدة فوضعها في فم الحسين عليه السّلام فقال:هنيئا مريئا لك يا حسين،ثم أخذ رطبة فوضعها في فم الحسن و قال:هنيئا مريئا لك يا حسن،ثم أخذ رطبة ثالثة فوضعها في فم فاطمة الزهراء و قال:هنيئا مريئا لك يا فاطمة الزهراء،ثم أخذ رطبة رابعة فوضعها في فم علي و قال:هنيئا مريئا لك يا علي،ثم ناول عليّا رطبة أخرى

ص: 18

ثم رطبة أخرى و النبي صلّى اللّه عليه و آله يقول له:هنيئا مريئا لك،ثم وثب النبي صلّى اللّه عليه و آله قائما ثم جلس ثم أكلوا جميعا من ذلك الرّطب.

فلما اكتفوا و شبعوا ارتفعت المائدة إلى السماء بإذن الله تعالى.

فقالت فاطمة عليها السّلام:يا أبت لقد رأيت اليوم منك عجبا.

فقال:يا فاطمة أما الرّطبة الأولى التي وضعتها في فم الحسين عليه السّلام و قلت له:

هنيئا يا حسين فإني سمعت ميكائيل و إسرافيل يقولان هنيئا يا حسين فقلت أيضا موافقا لهما في القول،ثم أخذت الثانية فوضعتها في فم الحسن فسمعت جبرائيل و ميكائيل يقولان:هنيئا لك يا حسن فقلت أنا موافقا لهما في القول،ثم أخذت الثالثة فوضعتها في فمك يا فاطمة فسمعت الحور العين مسرورين مشرفين علينا من الجنان يقلن:هنيئا لك يا فاطمة،فقلت موافقا لهن بالقول،و لما أخذت الرابعة فوضعتها في فم علي سمعت النداء من قبل الحق يقول:هنيئا مريئا لك يا علي،فقلت موافقا لقول الله عزّ و جلّ،ثم ناولت عليا رطبة أخرى ثم أخرى و أنا أسمع صوت الحق سبحانه يقول:هنيئا مريئا لك يا علي،فقلت موافقا لقول الله،ثم قمت إجلالا لرب العزّة جلّ جلاله فسمعته يقول:يا محمد و عزّتي و جلالي لو ناولت عليا من هذه الساعة إلى يوم القيامة رطبة رطبة لقلت هنيئا مريئا بعد بلا انقطاع (1).

و روى عن سلمان الفارسي قال:أهدي إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله قطف من العنب في غير أوانه فقال لي:يا سلمان ائتني بولديّ الحسن و الحسين ليأكلا معي من هذا العنب، قال سلمان الفارسي:فذهبت أطرق عليهما منزل أمهما فلم أرهما،فأتيت منزل أختهما أم كلثوم فلم أرهما.

فخبّرت النبي صلّى اللّه عليه و آله بذلك،فاضطرب و وثب قائما و هو يقول:و اولداه و اقرّة عيناه1.

ص: 19


1- مدينة المعاجز:346/1.

من يرشدني عليهما فله على الله الجنة،فنزل جبرائيل من السماء و قال:يا محمد على من هذا الإنزعاج؟فقال:على ولديّ الحسن و الحسين فإني خائف عليهما من كيد اليهود،فقال جبرائيل:يا محمد بل خف عليهما من كيد المنافقين،فإن كيدهم أشد من كيد اليهود،إعلم يا محمد أن ابنيك الحسن و الحسين نائمان في حديقة أبي الدحداح.

فسار النبي صلّى اللّه عليه و آله من وقته و ساعته إلى الحديقة و أنا معه حتى دخلنا الحديقة و إذا هما نائمان و قد اعتنق أحدهما الآخر و ثعبان في فيه طاقة ريحان يروّح بها وجهيهما.

فلما رأى الثعبان النبي صلّى اللّه عليه و آله ألقى ما كان في فيه فقال:السلام عليك يا رسول الله، لست أنا ثعبانا و لكني ملك من ملائكة الكرّوبيين غفلت عن ذكر ربي طرفة عين فغضب عليّ ربي و مسخني ثعبانا كما ترى و طردني من السماء إلى الأرض و لي منذ سنين كثيرة أقصد كريما إلى الله فأسأله أن يشفع لي عند ربي عسى أن يرحمني و يعيدني ملكا كما كنت أولا إنه على كل شي قدير.

قال:فجاء النبي صلّى اللّه عليه و آله يقبّلهما حتى استيقظا فجلسا على ركبتي النبي صلّى اللّه عليه و آله.

فقال لهما النبي صلّى اللّه عليه و آله:أنظرا يا ولديّ هذا ملك من ملائكة الله الكروبيين قد غفل عن ذكر ربه طرفة عين فجعله الله هكذا و أنا مستشفع بكما إلى الله فاشفعا له.

فوثب الحسن و الحسين عليهما السّلام فأسبغا الوضوء و صلّيا ركعتين و قالا:اللهم بحق جدّنا الجليل الحبيب محمد المصطفى،و بأبينا علي المرتضى،و بأمنا فاطمة الزهراء إلا ما رددته إلى حالته الأولى.

قال:فما استتمّ دعاؤهما فإذا بجبرائيل نزل من السماء في رهط من الملائكة و بشّر ذلك الملك برضى الله عنه و بردّه إلى سيرته الأولى ثم ارتفعوا إلى السماء و هم يسبّحون الله تعالى.

ص: 20

ثم رجع جبرائيل إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله و هو متبسم،و قال:يا رسول الله إن ذلك الملك يفتخر على ملائكة السبع السماوات و يقول لهم:من مثلي و أنا في شفاعة السيدين السبطين الحسن و الحسين عليهما السلام (1).9.

ص: 21


1- مدينة المعاجز:293/3 ح 899.

في أن الحسين وصي رسول اللّه عليهما السلام

ابن بابويه قال:حدّثنا جعفر بن محمد بن مسرور رحمه اللّه قال:حدّثنا الحسين بن محمد ابن عامر عن المعلى بن محمد البصري بن جعفر بن سليمان عن عبد اللّه بن الحكم عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إن عليا وصيي و خليفتي و زوجته فاطمة سيدة نساء العالمين ابنتي و الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة ولداي،من والاهم فقد والاني و من عاداهم فقد عاداني و من ناوأهم فقد ناوأني و من جفاهم فقد جفاني و من برّبهم فقد برّبي،وصل اللّه من وصلهم و قطع من قطعهم و نصر من اعانهم و خذل من خذلهم،اللهم من كان له من أنبيائك و رسلك ثقل و أهل بيت فعلي و فاطمة و الحسن و الحسين أهل بيتي و ثقلي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا» (1).

الشيخ في أماليه عن أبي محمد الفحام قال:حدّثني عمي قال:حدّثني أبو العباس أحمد بن عبد اللّه بن علي الرأس قال:حدّثنا أبو عبد اللّه عبد الرّحمن بن عبد اللّه العمري قال:حدّثنا أبو سلمة يحيى بن المغيرة قال:حدّثني أخي محمد بن المغيرة عن محمد بن سنان عن سيدنا أبي عبد اللّه جعفر بن محمد عليه السّلام قال:قال أبي لجابر بن عبد اللّه:«لي إليك حاجة أريد أخلو بك فيها»فلما خلا به في بعض الايام قال له:« أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يد أمي فاطمة عليها السّلام،قال جابر:أشهد باللّه لقد دخلت على فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأهنيها بولدها الحسين فإذا بيدها لوح أخضر من

ص: 22


1- أمالي الشيخ الصدوق:/112المجلس /13ح 10.

زبرجدة خضراء فيه كتاب أنور من الشمس و أطيب من رائحة المسك الاذفر فقلت:ما هذا يا بنت رسول اللّه؟

فقالت:هذا لوح أهداه اللّه عز و جل إلى أبي فيه اسم أبي و اسم بعلي و اسم الأوصياء بعده من ولدي،فسألتها أن تدفعه إلي لأنسخه ففعلت،فقال له:فهل لك أن تعارضني بها؟

قال:نعم فمضى جابر إلى منزله و أتى بصحيفة من كاغذ فقال له:أنظر في صحيفتك حتى أقراها عليك فكان في صحيفته مكتوب:

بسم اللّه الرّحمن الرحيم،هذا كتاب من اللّه العزيز العليم أنزله الروح الامين على محمد خاتم النبيين،يا محمد عظّم اسمائي و اشكر نعمائي و لا تجحد آلائي و لا ترج سواي و لا تخش غيري،فإن من يرجو سواي و يخشى غيري أعذبه عذابا لا اعذبه أحدا من العالمين،يا محمد إني اصطفيتيك على الأنبياء،و فضلت وصيك على الأوصياء، و جعلت الحسن عيبة علمي من بعد انقضاء مدة أبيه،و الحسين خير أولاد الأولين و الآخرين فيه ثبتت الإمامة و منه يعقب علي زين العابدين،و محمد الباقر لعلمي و الداعي إلى سبيلي على منهاج الحق،و جعفر الصادق في القول و العمل ينشب بعده فتنة صماء،فالويل كل الويل للمكذب بعبدي و خيرتي من خلقي موسى،و علي الرضا يقتله عفريت كافر يدفن بالمدينة التي بناها العبد الصالح إلى جنب شر خلق اللّه، و محمد الهادي إلى سبيلي الذاب عن حريمي و القيّم في رعيته،و حسن الأعز يخرج منه ذو الإسمين علي،و الحسن الخلف محمد يخرج في آخر الزمان على رأسه غمامة بيضاء تظله من الشمس،ينادي بلسان فصيح يسمعه الثقلين و الخافقين هو المهدي من آل محمد يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا». (1)

الشيخ الطوسي في الغيبة عن جماعة عن أبي عبد اللّه الحسين بن علي بن سفيان3.

ص: 23


1- أمالي الشيخ الطوسي:/292مجلس /11ح 13.

البزوفري عن علي بن سنان الموصلي العدل عن علي بن الحسين عن أحمد بن محمد[ابن] (1)الخليل عن جعفر بن محمد المصري عن عمه الحسن بن علي عن أبيه عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد عن أبيه ذي الثفنات سيد العابدين عن أبيه الحسين الزكي الشهيد عن أبيه أمير المؤمنين قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في الليلة التي كانت فيها وفاته لعلي عليه السّلام:«يا أبا الحسن أحضر صحيفة و دواة فأملاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وصيته حتى انتهى إلى هذا الموضع فقال:يا علي إنه سيكون بعدي اثنا عشر إماما و من بعدهم اثنا عشر مهديا،و أنت يا علي أول الاثني عشر الإمام،سماك[اللّه] (2)في سمائه المرتضى و أمير المؤمنين و الصديق الأكبر و الفاروق الاعظم و المأمون المهدي،فلا تصلح هذه الاسماء لأحد غيرك،يا علي أنت وصيي على أهل بيتي حيهم و ميتهم و على نسائي فمن ثبتّها لقيتني غدا و من طلّقتها فأنا منها بريء لم ترني و لم أرها في عرصة القيامة،فأنت خليفتي على أمتي من بعدي،فإذا حضرتك الوفاة فسلّمها إلى ابني الحسن البر الوصول،فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابني الحسين الزكي الشهيد المقتول،فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه سيد العابدين ذي الثفنات علي،فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد باقر العلم،فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه جعفر الصادق،فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه موسى بن جعفر الكاظم،فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه الرضا،فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد التقي،فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه علي الناصح،فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه الحسن الفاضل،فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه المستحفظ من آل محمد، فذلك اثنا عشر اماما،ثم يكون من بعده اثنا عشر مهديا فليسلّمها إلى ابنه أول المقربين له ثلاثة اساميّ اسم كاسمي و اسم كاسم أبي و هو عبد اللّه و أحمد و الاسم الثالثر.

ص: 24


1- زيادة من بعض المصادر.
2- زيادة من بعض المصادر.

المهدي،و هو أول المؤمنين» (1).

ابن بابويه في النصوص قال:حدّثنا القاضي أبو الفرج المعافي بن زكريا البغدادي قال:حدّثنا محمد بن همام بن سهيل الكاتب قال:حدّثني محمد بن معافي السلماسي عن محمد بن عامر قال:حدّثنا عبد اللّه بن زاهر عن عبد القدوس عن الأعمش عن حبش بن المعتمر قال:قال أبو ذر الغفاري رضى اللّه عنه دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في مرضه الذي توفي فيه فقال:يا أبا ذر«إيتني بابنتي فاطمة»

قال:فقمت دخلت عليها و قلت لها:يا سيدة النسوان أجيبي أباك فلبست نعليها و اتزرت و خرجت حتى دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فلما رأت رسول اللّه انكبت عليه و بكت و بكى رسول اللّه لبكائها و ضمّها إليه ثم قال:«يا فاطمة لا تبكي فداك أبوك فأنت أول من يلحقني مظلومة مغصوبة،و سوف تظهر بعدي حسكة النفاق و سيمل جلباب الدين،و أنت أول من يرد عليّ الحوض».

قالت:«يا أبت أين ألقاك؟».

قال:«تلقينني عند الحوض و أنا أسقي شيعتك و محبيك و أطرد أعداءك و مبغضيك، قالت:يا رسول اللّه فإن لم ألقك عند الحوض قال:تلقينني عند الميزان».

قالت:«يا أبت فإن لم ألقك عند الميزان».

قال:«تلقينني عند الصراط،و أنا أقول:سلم سلم شيعة علي».

قال أبو ذر:فسكن قلبها ثم التفت إليّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال:«يا أبا ذر إنها بضعة مني فمن آذاها فقد آذاني،ألا إنها سيّدة نساء العالمين و بعلها سيد الوصيين و ابناها الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة،و انهما إمامان قاما أو قعدا و أبوهما خير منهما، و سوف يخرج من صلب الحسين تسعة من الأئمة أمناء معصومون قوامون بالقسط، و منا مهدي هذه الأمة».1.

ص: 25


1- غيبة الطوسي:/151ح 111.

قلت:يا رسول اللّه فكم الأئمة بعدك؟

قال صلّى اللّه عليه و آله:«عدد نقباء بني إسرائيل» (1).

ابن بابويه في النصوص قال:حدّثنا علي بن محمد بن مقول قال:حدّثنا أبو بكر محمد بن عمر القاضي الجعابي قال:حدّثني نصر بن عبد اللّه الوشا قال:حدّثني زيد ابن الحسن الانماطي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال:كنت عند النبي صلّى اللّه عليه و آله في بيت أم سلمة فأنزل اللّه هذه الآية: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (2)فدعا النبي صلّى اللّه عليه و آله بالحسن و الحسين و فاطمة و أجلسهم و دعا عليا فأجلسه خلف ظهره و قال:«اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا».

قالت أم سلمة:فأنا معهم يا رسول اللّه؟

قال:«أنت على خير».

فقلت:يا رسول اللّه لقد أكرم اللّه هذه العترة الطاهرة و الذرية المباركة بذهاب الرجس عنهم قال:«يا جابر إنهم عترتي من لحمي و دمي فأخي سيد الأوصياء و ابني خير الأسباط و ابنتي سيّدة النسوان و منا المهدي»قلت:يا رسول اللّه و من المهدي؟

قال:«تسعة من صلب الحسين أئمة أبرار،و التاسع يملأ الأرض قسطا و عدلا،يقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل» (3).

محمد بن إبراهيم النعماني في كتاب الغيبة عن أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة و محمد بن همام بن سهيل و عبد العزيز و عبد الواحد ابني عبد اللّه بن يونس [الموصلي] (4)عن رجالهم عن عبد الرزاق بن همام عن معمر بن راشد عن أبا بنر.

ص: 26


1- كفاية الأثر:38.
2- الأحزاب:33.
3- كفاية الأثر:66.
4- زيادة من بعض المصادر.

أبي عياش عن سليم بن قيس،و أخبرنا به من غير هذه الطرق هارون بن محمد قال:

حدّثني أحمد بن عبيد اللّه بن جعفر المعلى الهمداني قال:حدّثني[أبو] (1)الحسن عمرو بن جامع عن عمرو بن حرب الكندي قال:حدّثنا عبد اللّه بن مبارك شيخ لنا كوفي ثقة قال:حدّثنا عبد الرزاق بن همام[شيخنا] (2)عن معمر عن أبان ابن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي،و ذكر أبان أنه سمعه أيضا عن عمر بن أبي سلمة، قال معمر:و ذكر أبو هارون العبدي أنه سمعه[أيضا] (3)عن عمر بن سلمة عن سليم أن معاوية لما دعا أبا الدرداء و أبا هريرة و نحن مع أمير المؤمنين عليه السّلام بصفين فحمّلهما الرسالة إلى أمير المؤمنين عليه السّلام و أدّيا إليه قال:«بلغتماني مما أرسلكما به معاوية فاسمعا مني و بلّغا عني[كما بلغتماني] (4)».

قالا:نعم،فأجابه عليه السّلام الجواب بطوله حتى انتهى إلى نصب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إياه بغدير خم بأمر اللّه عز و جل:لما أنزل عليه إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (5).

فقال:الناس يا رسول اللّه أخاصة لبعض المؤمنين أم عامة لجميعهم؟فأمر اللّه نبيه صلّى اللّه عليه و آله أن يعلمهم ولاية من أمر اللّه بولايته و أن يفسّر لهم من الولاية ما فسر من صلاتهم و زكاتهم و صومهم و حجهم،قال علي عليه السّلام:«فنصبني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بغدير خم و قال:إن اللّه عز و جل أرسلني برسالة ضاق بها صدري و ظننت أن الناس تكذبني فأوعدني لأبلغنّها أو ليعذبني ثم قال:قم يا عليّ ثم نادى بأعلى صوته بعد أن أمر أن ينادي بالصلاة جامعة فصلى بهم الظهر ثم قال:أيها الناس إن اللّه مولاي و أنا مولى5.

ص: 27


1- زيادة من بعض المصادر.
2- زيادة من بعض المصادر.
3- زيادة من بعض المصادر.
4- زيادة من بعض المصادر.
5- المائدة:55.

المؤمنين،و أنا أولى بهم من أنفسهم و من كنت مولاه فعلي مولاه والى اللّه من والاه و عادى من عاداه،فقام إليه سلمان الفارسي فقال:يا رسول اللّه ولاة ماذا؟

فقال:من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه فأنزل اللّه: اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً (1)فقال:يا رسول اللّه هؤلاء الآيات في عليّ خاصة؟

فقال:بل فيه و في أوصيائي إلى يوم القيامة،فقال:يا رسول اللّه سمّهم لي فقال:عليّ وصيي و وزيري و وارثي و خليفتي في أمتي،ولي كل مؤمن من بعدي،و أحد عشر إماما من ولدي،أولهم ابني حسن ثم ابني حسين ثم تسعة من ولد الحسين واحدا بعد واحد، هم مع القرآن و القرآن معهم لا يفارقونه حتى يردوا عليّ حوضي،فقام اثنا عشر رجلا من البدريين فقالوا:نشهد أنا سمعنا ذلك من رسول اللّه كما قلت يا أمير المؤمنين سواء لم نزد و لم ننقص،و قال بقية السبعين من البدريين الذين شهدوا مع علي صفين:حفظنا جل ما قلت و لم نحفظه كله،و هؤلاء الاثنا عشر خيارنا و أفاضلنا فقال علي عليه السّلام:صدقتم ليس كل الناس يحفظ،بعضهم أفضل من بعض،و قام من الاثني عشر أربعة:أبو الهيثم بن التيهان و أبو أيوب و عمار و خزيمة ذو الشهادتين فقالوا:نشهد أنا حفظنا قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال يومئذ و علي قائم إلى جنبه:يا أيها الناس إن اللّه أمرني أن أنصّب لكم إمامكم و وصيي فيكم و خليفتي في أهلي و في أمتي من بعدي:و الذي فرض اللّه طاعته على المؤمنين و أمركم فيه بولايته فقلت:يا رب خشية طعن أهل النفاق و تكذيبهم فأوعدني لأبلغنّها أو ليعاقبني.

أيها الناس إن اللّه عز و جل ذكره أمركم في كتابه بالصلاة و قد بينتها لكم و سمّيتها، و الزكاة و الصوم و الحج فبيّنته و فسّرته لكم،و أمركم في كتابه بولايته،و إني أشهدكم أيها الناس أنها خاصة لعليّ و أوصيائي من ولدي و ولده،أولهم ابني حسن ثم ابني حسين ثم3.

ص: 28


1- المائدة:3.

تسعة من ولد الحسين عليه السّلام لا يفارقون الكتاب حتى يردوا علي حوضي.

يا أيها الناس إني قد أعلمتكم المهدي بعدي،و وليكم و إمامكم و هاديكم بعدي و هو أخي علي بن أبي طالب،و هو فيكم بمنزلتي فقلّدوه دينكم و أطيعوه في جميع أموركم، فإن عنده جميع ما علّمني جل و عز،و هو أمرني أن أعلمه إياه و أن اعلمكم إنه عنده فاسألوه و تعلّموا منه و من أوصيائه و لا تعلّموهم و لا تقدموهم و لا تخلّفوا عنهم،فإنهم مع الحق و الحق معهم لا يزايلونه و لا يزايلهم».

قال علي عليه السّلام لأبي الدرداء و أبي هريرة و من حوله:«يا أيها الناس،تعلمون أن اللّه أنزل في كتابه إنما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا فجعلني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و فاطمة و حسنا و حسينا في كساء ثم قال:اللهم هؤلاء لحمي و عترتي و ثقلي و حامتي و أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا،فقالت أم سلمة:

و أنا؟

فقال لها،و أنت إلى خير،إنما أنزلت فيّ و في أخي و في ابنتي و في ابنيّ حسن و حسين و في تسعة من ولد الحسين خاصة ليس معنا أحد غيرنا».

فقام جل القوم فقالوا:نشهد أن أم سلمة حدّثتنا بذلك،فسألنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فحدثنا كما حدثتنا أم سلمة.

فقال علي عليه السّلام:«تعلمون أن اللّه عز و جل أنزل في سورة الحج يا أيها الذين امنوا اركعوا و اسجدوا و اعبدو ربكم و افعلوا الخير لعلكم تفلحون و جاهدوا في اللّه حق جهاده هو اجتباكم و ما جعل عليكم في الدين من حرج ملة ابيكم إبراهيم هو سمّاكم المسلمين من قبل و في هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم و تكونوا شهداء على الناس».

فقام سلمان عند نزولها فقال:يا رسول اللّه من هؤلاء الذين أنت شهيد عليهم و هم شهداء على الناس؟

قال:«الذين اختارهم اللّه و لم يجعل عليهم في الدين من حرج ملة إبراهيم،قال

ص: 29

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:عنى بذلك ثلاثة عشر إنسانا:أنا و أخي علي و أحد عشر من ولده».

فقالوا:اللهم نعم قد سمعنا ذلك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال علي عليه السّلام:«أنشدكم اللّه أتعلمون أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قام خطيبا ثم لم يخطب بعد ذلك،فقال:أيها الناس إني قد تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما:كتاب اللّه عز و جل و عترتي أهل بيتي، فإن اللطيف الخبير قد أخبرني و عهد إليّ أنهما لا يفترقان حتى يردا عليّ الحوض؟»

قالوا:اللهم قد شهدنا ذلك كله من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقام اثنا عشر من الجماعة فقالوا:نشهد أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حين خطب في اليوم الذي قبض فيه فقام عمر بن الخطاب شبه المغضب فقال:يا رسول اللّه لكل أهل بيتك؟

فقال:«لا و لكن الأوصياء منهم علي أخي و وزيري و وارثي و خليفتي في أمتي،و ولي كل مؤمن من بعدي،و هو أولهم و خيرهم ثم وصيّه ابني هذا و أشار إلى الحسن،ثم وصيه ابني هذا و أشار إلى الحسين،ثم وصيه ابني سمييّ أخي،ثم وصيه بعده سميّ ثم سبعة من ولده واحدا بعد واحد حتى يردوا عليّ الحوض شهداء اللّه في أرضه و حججه على خلقه،من أطاعهم أطاع اللّه و من عصاهم عصى اللّه».

فقام إليه السبعون البدريون و نحوهم من المهاجرين فقالوا:ذكّرتمونا ما كنّا نسيناه،نشهد أن قد كنّا سمعنا ذاك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فانطلق أبو هريرة و أبو الدرداء فحدّثا معاوية بكل ما قال علي عليه السّلام و استشهد عليه و ما ورد على الناس و شهدوا به (1).8.

ص: 30


1- انظر غيبة النعماني:/72ح 8.

أن الأئمة من صلب الحسين عليهم السلام

إبراهيم بن محمد الحمويني هذا قال:روى الشيخ الجليل أبو جعفر بن بابويه رضى اللّه عنه قال:حدثنا أبو الحسن أحمد بن ثابت الدواليبي بمدينة السلام،حدّثنا محمد بن الفضل،حدثنا محمد بن علي بن عبد الصمد الكوفي،حدثنا علي بن عاصم عن محمد بن علي بن موسى عن أبيه علي بن موسى عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين ابن علي صلوات اللّه عليهم أجمعين قال:«دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و عنده أبي بن كعب فقال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:مرحبا بك يا أبا عبد اللّه يا زين السموات و الأرض،قال أبي:

و كيف يكون يا رسول اللّه زين السموات و الأرض أحد غيرك؟

فقال:يا أبي و الذي بعثني بالحق نبيا إن الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الأرض و إنه لمكتوب على يمين عرش اللّه مصباح هدى و سفينة نجاة و إمام غير وهن و عز و فخر و علم و ذخر،و إن اللّه عز و جل ركّب في صلبه نطفة مباركة طيبة زكية خلقت من قبل أن يكون مخلوق في الأرحام أو يجري ما في الأصلاب أو يكون ليل أو نهار، و لقد لقن بدعوات ما يدعو بهن مخلوق إلا حشره اللّه عز و جل معه،و كان شفيعه في آخرته،و فرّج اللّه عنه كربه و قضى بها دينه و يسّر أمره و أوضح سبيله و قوّاه على عدوه و لم يهتك ستره،فقال له أبيّ بن كعب:ما هذه الدعوات يا رسول اللّه؟

قال تقول إذا فرغت من صلواتك و أنت قاعد:اللهم إني أسألك بكلماتك و معاقد عرشك و سكان سماواتك و أنبيائك و رسلك أن تستجيب لي فقد رهقني من أمري

ص: 31

عسر،فأسألك أن تصلي على محمد و آل محمد و ان تجعل لي من عسري يسرا،فإن اللّه عز و جل يسهّل أمرك و يشرح صدرك و يلقنك شهادة أن لا إله إلاّ اللّه عند خروج نفسك.

قال له أبي:يا رسول اللّه فما هذه النطفة التي في صلب الحسين عليه السّلام؟

قال:مثل هذه النطفة كمثل القمر و هي نطفة تبيين و بيان يكون من اتبعه رشيدا و من ضل عنه هويّا،قال:فما اسمه؟و ما دعاؤه؟

قال:اسمه علي و دعاؤه:يا دائم يا ديّوم يا حي يا قيوم يا كاشف الغم و يا فارج الهم و يا باعث الرسل و يا صادق الوعد،من دعى بهذا الدعاء حشره اللّه عز و جل مع علي بن الحسين صلوات اللّه عليهما و كان قائده إلى الجنة.

قال له أبي:يا رسول اللّه فهل له من خلف و وصي؟

قال:نعم له مواريث السموات و الأرض،قال:و ما معنى مواريث السموات و الأرض يا رسول اللّه؟

قال:القضاء بالحق و الحكم بالديانة و تأويل الاحكام و بيان ما يكون،قال:اسمه محمد و أن الملائكة لتستأنس به في السماء و يقول في دعائه:اللهم إن كان لي عندك رضوان و ودّ فاغفر لي و لمن تبعني من إخواني و شيعتي و طيّب ما في صلبي،فركّب اللّه عز و جل في صلبه نطفة مباركة زكية،فأخبرني جبرئيل عليه السّلام أن اللّه تبارك و تعالى طيب هذه النطفة و سمّاها عنده جعفرا و جعله هاديا مهديا راضيا مرضيا يدعو ربه و يقول في دعائه:يا ديان غير متوان يا أرحم الراحمين اجعل لشيعتي من النار وقاء،و لهم عندك رضا و اغفر ذنوبهم و يسّر أمورهم و اقض ديونهم و استر عوراتهم وهب لي الكبائر التي بينك و بينهم،يا من لا يخاف الضيم و لا تأخذه سنة و لا نوم اجعل لي من كل غم فرجا.

من دعى بهذا الدعاء حشره اللّه عز و جل أبيض الوجه مع جعفر بن محمد عليهما صلوات اللّه و سلامه إلى الجنة.

يا أبي إن اللّه تبارك و تعالى ركّب في هذه النطفة نطفة زكية مباركة أنزل عليها الرحمة

ص: 32

و سمّاها عنده موسى،قال له أبي:يا رسول اللّه كلهم يتواضعون و يتناسلون و يتوارثون و يصف بعضهم بعضا،قال وصفهم لي جبرائيل عليه السّلام عن رب العالمين جل جلاله،قال:

فهل لموسى من دعوة يدعو بها سوى دعاء آبائه قال:نعم يقول في دعائه:يا خالق الخلق و يا باسط الرزق و فالق الحب و بارئ النسم و محيي الموتى و مميت الأحياء و دائم الثبات و مخرج النبات افعل بي ما أنت اهله من دعى بهذا الدعاء قضى اللّه له حوائجه و حشره اللّه يوم القيامة مع موسى بن جعفر عليه السّلام،و ان اللّه ركّب في صلبه نطفة مباركة طيبة زكية مرضية و سماها عنده عليا،يكون للّه في خلقه رضيا في علمه و حكمه و يجعله حجة لشيعته يحتجون به يوم القيامة و له دعاء يدعو به:اللهم صلّ على محمد و آل محمد و أعطني[الهدى] (1)و ثبتني عليه و احشرني عليه آمنا أمن من لا خوف عليه و لا حزن و لا جزع،أنت أهل التقوى و أهل المغفرة،و إن اللّه عز و جل ركّب في صلبه نطفة زكية مرضية و سمّاها محمد بن علي فهو شفيع شيعته و وارث علم جده له علامة بيّنة و حجة ظاهرة إذا ولد يقول:لا اله محمد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

يقول في دعائه:يا من لا شبيه له و لا مثال،أنت اللّه لا إله إلاّ أنت و لا خالق إلا أنت تفني المخلوقين و تبقى أنت،حلمت عمن عصاك و في المغفرة رضاك،من دعى بهذا الدعاء كان محمد بن علي شفيعه يوم القيامة،و إن اللّه تبارك و تعالى ركّب في صلبه نطفة لا باغية و لا طاغية مباركة طيبة طاهرة سمّاها عنده علي بن محمد فألبسه السكينة و الوقار و أودعها العلوم و كل شيء مكتوم من لقيه و في صدره شيء أنبأه و حذره من عدوه و يقول في دعائه:يا نور يا برهان يا منير يا مبين يا رب اكفني شر الشرور و آفات الدهور و أسألك النجاة يوم ينفخ في الصور،من دعى بهذا الدعاء كان علي بن محمد شفيعه و قائده إلى الجنة،و ان اللّه تبارك و تعالى ركّب في صلبه نطفة و سماها عنده الحسن عليه السّلام و جعله نورا في بلاده و خليفة في أرضه و عزا لأمة جدّه و هاديا لشيعتهر.

ص: 33


1- زيادة من بعض المصادر.

و شفيعا لهم عند ربه و نقمة على من خالفه و حجة لمن والاه و برهانا لمن اتخذه اماما.

يقول في دعائه:يا عزيز العز في عزه و يا عزيز أعزّني بعزك و أيدني بنصرك و ابعد عني همزات الشياطين و ادفع عني بدفعك و امنع عني بمنعك و اجعلني من خيار خلقك، يا واحد يا أحد يا فرد يا صمد،من دعا بهذا الدعاء حشره اللّه عز و جل معه و نجّاه من النار و لو وجبت عليه،و إنّ اللّه تبارك و تعالى ركّب في صلب الحسن نطفة مباركة زكية طاهرة مطهرة يرضى بها كل مؤمن ممن قد اخذ اللّه ميثاقه في الولاية،و يكفر به كل جاحد و هو إمام تقي نقي بار مرضي هاد مهدي،يحكم بالعدل و يأمر به،يصدق اللّه عز و جل و يصدقه اللّه في قوله،يخرج من تهامة حتى يظهر الدلائل و العلامات و له بالطالقان كنوز لا ذهب و لا فضة إلاّ خيول[مطهمة] (1)و رجال مسومة يجمع اللّه له من أقصى البلاد على عدة أهل بدر ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا،معه صحيفة مختومة فيها عدد أنصاره بأسمائهم و أنسابهم و بلدانهم و صنايعهم و طبايعهم و كلامهم و كناهم، كرارون مجدون في طاعته.

فقال أبي:و ما دلائله و علاماته يا رسول اللّه؟

قال:له علم إذا حان وقت خروجه إنتشر ذلك العلم من نفسه و أنطقه اللّه عز و جل فناداه العلم:اخرج يا ولي اللّه،اقتل أعداء اللّه،و هما رايتان و علامتان،و له سيف مغمد فإذا حان وقت خروجه اقتلع ذلك السيف من غمده و أنطقه اللّه عز و جل فناداه السيف:

أخرج يا ولي اللّه،فلا يحل لك أن تقعد عن أعداء اللّه،فيخرج يقتل أعداء اللّه حيث ثقفهم و يقيم حدود اللّه،و يحكم بحكم اللّه يخرج و جبرائيل عن يمينه و ميكائيل عن ميسرته و شعيب بن صالح على مقدمته،و سوف تذكرون ما أقول لكم و أفوّض أمري إلى اللّه عز و جل.

يا أبي طوبى لمن لقيه و طوبى لمن أحبه و طوبى لمن قال به و لو بعد حين،و ينجيهمر.

ص: 34


1- زيادة ليست في بعض المصادر.

من الهلكة في الإقرار باللّه و برسوله و بجميع الأئمة،يفتح اللّه لهم الجنة،مثلهم في الأرض كمثل المسك الذي يسطع ريحه فلا يتغير أبدا،و مثلهم في السماء كمثل القمر المنير الذي لا يطفىء نوره أبدا،قال أبي:يا رسول اللّه كيف حال بيان هؤلاء الأئمة عن اللّه عز و جل؟

قال:إن اللّه عز و جل أنزل عليّ اثني عشر خاتما و اثنتي عشرة صحيفة،إسم كل إمام على خاتمه و صفته في صحيفته» (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا أبو الفضل محمد بن عبد اللّه بن المطلب الشيباني رحمه اللّه قال:

حدّثنا أبو مزاحم موسى بن عبد اللّه بن يحيى بن خاقان المقرئ ببغداد قال:حدّثنا أبو بكر محمد ابن عبد اللّه بن إبراهيم الشافعي قال:حدّثنا محمد بن حماد بن هامان الدباغ أبو جعفر قال:حدّثنا عيسى بن إبراهيم قال:حدّثنا الحرث بن تيهان قال:

حدّثنا عقبة بن يقطان عن أبي سعيد عن مكحول عن واثلة بن الأصقع بن قرضاب عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال:دخل جندب بن جنادة بن جبير على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال:يا رسول اللّه أخبرني عمّا ليس للّه،و عمّا ليس عند اللّه،و عمّا لا يعلمه اللّه.

فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«أمّا ما ليس للّه فليس له شريك و أمّا ما ليس عند اللّه فليس عند اللّه ظلم العباد،و أمّا ما لا يعلمه اللّه فذلك قولكم يا معشر اليهود:عزير ابن اللّه،و اللّه لا يعلم له ولدا»فقال جندل:أشهد أن لا اله إلاّ اللّه و أنّك محمد رسول اللّه حقا.

ثم قال:يا رسول اللّه إني رأيت البارحة في النوم موسى بن عمران فقال لي:

يا جندل أسلم على يد محمد و استمسك بالأوصياء من بعده،فقد أسلمت و رزقني اللّه ذلك فأخبرني عن الاوصياء من بعدك لأتمسك بهم فقال:«يا جندل أوصيائي من بعدي بعدد نقباء بني إسرائيل».

فقال:يا رسول اللّه انّهم كانوا اثني عشر هكذا وجدناهم في التوراة.5.

ص: 35


1- فرائد السمطين:/155/2ب /35ح 447،كمال الدين و تمام النعمة:265.

قال:«نعم،الائمة بعدي اثنا عشر».

قال:يا رسول اللّه كلهم في زمن واحد قال:«لا،و لكن خلف بعد خلف و إنّك لن تدرك منهم إلاّ ثلاثة،أولهم سيّد الأوصياء أبو الائمة عليّ بن أبي طالب عليه السّلام،ثم ابناه الحسن و الحسين فاستمسك بهم من بعدي و لا يغرنّك جهل الجاهلين،فإذا كانت وقت ولادة ابنه عليّ بن الحسين سيّد العابدين يقضي اللّه عليك،و يكون آخر زادك من الدنيا شربة من لبن تشربه».

فقال:يا رسول اللّه هكذا وجدت في التوراة:إليا يقطوا شبرا و شبيرا،فلم عرف أسماءهم،فكم من الحسين عليه السّلام من الأوصياء و ما اسماؤهم؟فقال:«تسعة من صلب الحسين و المهدي منهم،فإذا انقضت مدة الحسين قام بالأمر علي ابنه و يلقّب زين العابدين،فإذا انقضت مدة عليّ قام بالأمر من بعده محمد ابنه يدعى الباقر،فإذا انقضت مدة محمد قام بالأمر بعده جعفر و يدعى بالصادق،فإذا انقضت مدة جعفر قام بالأمر بعده موسى و يدعى بالكاظم،ثم إذا انقضت مدة موسى قام بالأمر من بعده ابنه علي و يدعى بالرضا،فإذا انقضت مدة علي قام بالأمر بعده محمد ابنه و يدعى بالزكي،فإذا انقضت مدة محمد قام بالأمر بعده علي ابنه و يدعى بالنقي،فإذا انقضت مدة علي قام بالأمر من بعده ابنه الحسن و يدعى بالأمين،ثم يغيب عنهم إمامهم.

قال:يا رسول اللّه هو الحسن يغيب عنهم؟

قال«لا،و لكن ابنه».

قال:يا رسول اللّه فما اسمه؟قال:«لا يسمى حتى يظهر».

فقال جندل:يا رسول اللّه وجدنا ذكرهم في التوراة و قد بشرنا موسى بن عمران بك و بالأوصياء من ذرّيتك،ثم تلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي

ص: 36

اِرْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً (1) .

فقال جندل:يا رسول اللّه فما خوفهم؟

قال:يا جندل في زمن كلّ واحد منهم سلطان يعتريه و يؤذيه،فإذا عجّل اللّه خروج قائمنا يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ما ملئت جورا و ظلما.ثم قال عليه السّلام:طوبى للصابرين في غيبته طوبى للمقيمين على محبتهم،أولئك من وصفهم الله في كتابه فقال اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ (2)ثم قال:أولئك حزب اللّه ألا فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغالِبُونَ (3).

قال ابن الأصقع:ثم عاش جندل إلى أيام الحسين بن علي ثم خرج إلى الطائف، فحدّثني نعيم ابن أبي قيس قال:دخلت عليه بالطائف و هو عليل ثم إنه دعا بشربة من لبن فشربه فقال:هكذا عهد لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة من لبن،ثم مات و دفن بالطائف بالموضع المعروف بالكورارة (4).

ابن بابويه قال:أخبرنا القاضي أبو الفجر المعافي بن زكريا البغدادي قال:حدّثنا أبو سليمان أحمد بن أبي هراسة قال:حدّثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي عن عبد اللّه بن حمّاد الأنصاري قال:حدّثنا إسماعيل بن أبي أويس عن أبيه عن عبد الحميد الأعرج عن عطاء قال:دخلنا على عبد اللّه بن العبّاس و هو عليل بالطائف و قد ضعف فسلّمنا عليه و جلسنا فقال لي:يا عطاء من القوم؟

فقلت:يا سيّدي شيوخ هذا البلد،منهم عبد اللّه بن سلمة بن حضرم الطائفي و عمارة بن[أي]الأجلح و ثابت بن مالك،فما زلت أذكر له واحدا بعد واحد ثمّ تقدّموا إليه و قالوا:يابن عمّ رسول اللّه إنّك رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سمعت منه ما سمعت فأخبرنا عن اختلاف هذه الأمّة،فقوم قدموا عليّا على غيره،و قوم جعلوه2.

ص: 37


1- التوبة:55.
2- البقرة:3.
3- الحديد:22.
4- كفاية الأثر:58-59،و التوحيد:23/377،و بحار الأنوار 307/32.

بعد ثلاثة قال:فتنفّس ابن عبّاس فقال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:عليّ،مع الحقّ و الحقّ مع عليّ،و هو الإمام و الخليفة بعدي فمن تمسّك به فاز و نجا و من تخلّف عنه ضلّ و غوى،يلي تكفيني و غسلي و يقضي ديني و أبو سبطيّ الحسن و الحسين، و من صلب الحسين تخرج الأئمّة التسعة،و منّا مهدي هذه الأمّة،فقال له عبد اللّه بن سلمة الحضرمي:يابن عمّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فهل كنت تعرفنا قبل؟

فقال:قدو اللّه أدّيت ما سمعت و نصحت لكم و لكن لا تحبّون الناصحين ثمّ قال:اتّقوا اللّه عباد اللّه تقيّة من اعتبر تمهيدا و أتقى في و جل و كمش في مهل،و رغب في طلب و رهب في هرب،فاعملوا لآخرتكم قبل حلول آجالكم و تمسّكوا بالعروة الوثقى من عترة نبيّكم فإنّي سمعته صلّى اللّه عليه و آله يقول:من تمسّك بعترتي من بعدي كان من الفائزين ثمّ بكى بكاء شديدا فقال له القوم:أتبكي و مكانك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مكانك؟

فقال لي:يا عطاء انّما أبكي لخصلتين طول المطّلع و فراق الأحبّة ثمّ تفرّق القوم فقال:

يا عطاء خذ بيدي و احملني إلى صحن الدار،فأخذنا بيده أنا و سعيد و حملناه إلى صحن الدار ثمّ رفع يديه إلى السماء و قال:اللّهمّ إنّي أتقرّب إليك بمحمّد و آل محمّد، اللّهمّ إنّي أتقرّب إليك بولاية الشيخ علي بن أبي طالب،فما زال يكرّرها حتّى وقع على الأرض فصبرنا عليه ساعة ثمّ أقمناه فإذا هو ميّت رحمة اللّه عليه (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا علي بن الحسن بن محمد بن مندة قال:حدّثنا أبو الحسين زيد ابن جعفر بن محمد بن الحسين الخزّاز بالكوفة سنة سبع و سبعين و ثلاثمائة قال:حدّثنا عبّاس بن عبّاس الجوهري ببغداد في دار عمارة قال:حدّثني عفان بن مسلم قال:حدّثني حمّاد بن سلمة عن الكلبي عن أبي صالح عن شدّاد بن أويس قال:

لمّا كان يوم الجمل قلت:لا أكون مع علي و لا أكون عليه،و توقّفت عن القتال إلى انتصاف النهار،فلمّا كان قرب الليل ألقى اللّه في قلبي أن اقاتل مع عليّ فقاتلت معه9.

ص: 38


1- كفاية الأثر:19.

حتّى كان من أمره ما كان،ثمّ أتيت المدينة فدخلت على أمّ سلمة قالت:من أين أقبلت؟قلت:من البصرة،قالت:مع أيّ الفريقين؟

قلت:يا أمّ المؤمنين انّي توقّفت عن القتال إلى انتصاف النهار فألقى اللّه عزّ و جلّ في قلبي بأن اقاتل مع عليّ،قالت:نعم ما عملت،لقد سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:

من حارب عليّا فقد حاربني و من حاربني فقد حارب اللّه،قلت:أفترين أنّ الحقّ مع عليّ؟

قالت:إي و اللّه عليّ مع الحقّ و الحقّ معه و اللّه ما أنصف امّة محمّد نبيّهم إذ قدّموا من أخّره اللّه عزّ و جلّ و رسوله و أخّروا من قدّم اللّه و رسوله و أنّهم صانوا حلائلهم في بيوتهم و أبرزوا حليلة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى القتال،و اللّه لقد سمعت رسول اللّه يقول:إنّ لامّتي فرقة و خلفة فجامعوها إذا اجتمعت و إذا افترقت فكونوا من النمط الأوسط،ثم ارقبوا أهل بيتي فإن حاربوا فحابوا و إن سالموا فسالموا،و إن زالوا فزولوا فإنّ الحقّ معهم حيث كانوا.

قلت:فمن أهل بيته؟

قالت:أهل بيته الذين امرنا بالتمسّك بهم و هم الأئمّة بعده كما قال:عدد نقباء بني إسرائيل،عليّ و سبطاه و تسعة من صلب الحسين أهل بيته هم المطهّرون و الأئمّة المعصومون،قلت:انّا للّه،هلك الناس إذا،قالت كلّ حزب بما لديهم فرحون (1).1.

ص: 39


1- كفاية الأثر:181.

في أن الحسين و الأئمة عليهم السلام حجج اللّه على خلقه

ابن المؤيد موفق بن أحمد في كتاب فضائل أمير المؤمنين عليه السّلام-و هو من أعيان علماء العامة-قال:حدّثني فخر القضاة نجم الدين أبو منصور محمد بن الحسين ابن محمد البغدادي فيما كتب إلي من همدان قال:أخبرنا الإمام الشريف نور الهدى أبو طالب الحسن بن محمد (1)الزينبي قال:أخبرنا إمام الأئمة محمد بن أحمد بن شاذان قال:حدّثنا أبو محمد الحسن بن علي العلوي الطبري عن أحمد بن محمد بن عبد اللّه (2)قال:حدثني جدي أحمد بن محمد،عن أبيه،عن حماد بن عيسى،عن عمرو ابن اذينة،عن أبان بن عباس (3)،عن سليم بن قيس الهلالي،عن سلمان المحمدي قال:دخلت على النبي صلّى اللّه عليه و آله و إذا الحسين على فخذه و هو يقبل عينيه و يلثم فاه و يقول:

«أنت سيد ابن سيد أبو سادة،أنت إمام ابن إمام أبو أئمة،أنت حجة ابن حجة أبو حجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم» (4).

موفق بن أحمد بن أحمد هذا قال:حدثني فخر القضاة نجم الدين أبو منصور

ص: 40


1- في الطرائف:الحسن أبو محمد الزينبي.
2- في الطرائف و مقتل الحسين:أحمد بن عبد اللّه.
3- في مقتل الحسين:أبان بن أبي عياش.
4- الحديث رواه القندوزي في ينابيع المودة 258،و الخوارزمي في كتابه مقتل الحسين:/1 146.و لم نقف عليه في كتاب المناقب كما اشار إليه السيد المؤلف-رحمه اللّه-في صدر الحديث، و كذلك السيد ابن طاوس في الطرائف ص 44،و الشيخ المجلسي في البحار:141/36 عند نقلهما له.

محمد ابن الحسين بن محمد البغدادي فيما كتب الي من همدان قال:أنبأنا الإمام الشريف نور الهدى أبو طالب الحسن بن محمد الزينبي قال:أخبرنا إمام الأئمة محمد بن أحمد بن شاذان قال:حدّثنا أحمد بن محمد بن عبد اللّه الحافظ قال:حدّثنا علي بن سنان الموصلي،عن أحمد بن محمد بن صالح،عن سليمان (1)بن محمد، عن زياد بن مسلم،عن عبد الرّحمن بن زيد،عن زيد بن جابر (2)،عن سلامة،عن أبي سلمى راعي (3)رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«ليلة اسري بي إلى السماء قال لي الجليل جل جلاله: آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ قلت:

وَ الْمُؤْمِنُونَ (4) قال:صدقت يا محمد من خلفت في أمتك؟

قلت:خيرها.

قال:علي بن أبي طالب؟

قلت:نعم يا رب.

قال:يا محمد إني اطلعت إلى الأرض إطلاعة فاخترتك منها فشققت لك اسما من اسمائي فلا اذكر في موضع إلا ذكرت معي،فأنا المحمود و أنت محمد،ثم إطلعت الثانية فاخترت منها عليا و شققت له إسما من اسمائي فأنا الأعلى و هو علي،يا محمد إني خلقتك و خلقت عليا و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة من ولده من نوري (5)و عرضت ولايتكم على أهل السماوات و الأرض فمن قبلها كان عندي من المؤمنين، و من جحدها كان عندي من الكافرين.

يا محمد لو أن عبدا من عبيدي عبدني حتى ينقطع أو يصير كالشن البالي ثم أتانيه.

ص: 41


1- في بعض المصادر:سلمان.
2- في بعض المصادر:عن عبد الرّحمن بن يزيد بن جابر.
3- في بعض المصادر:راعي ابل.
4- البقرة:285.
5- في المصدر:من سنخ نوري.و سنخ الشيء أصله.

جاحدا لولايتكم ما غفرت له حتى يقر بولايتكم،يا محمد تحب أن تراهم؟

قال:قلت:نعم يا رب فقال لي:إلتفت عن يمين العرش فالتفت فإذا أنا بعلي و فاطمة و الحسن و الحسين و علي بن الحسين و محمد بن علي و جعفر بن محمد و موسى بن جعفر و علي بن موسى و محمد بن علي و علي بن محمد و الحسن بن علي و المهدي في ضحضاح من نور قيام يصلّون و هو في وسطهم«يعني المهدي»كأنه كوكب دري.

فقال:يا محمد هؤلاء الحجج و هو الثائر من عترتك،و عزتي و جلالي إنه الحجة الواجبة لأوليائي و المنتقم من أعدائي» (1).

إبراهيم بن محمد الحمويني من أعيان علماء العامة بإسناده قال:أخبرنا أبو جعفر بن بابويه-رحمه اللّه-قال:حدّثنا محمد بن أحمد الشيباني (2)-رحمه اللّه- قال:حدّثنا أحمد بن يحيى ابن زكريا القطان قال:حدّثنا بكر بن عبد اللّه بن حبيب قال:حدّثنا الفضل (3)بن صقر العبدي قال:حدّثنا أبو (4)معاوية،عن سليمان بن مهران الأعمش،عن الصادق جعفر بن محمد،عن أبيه محمد بن علي،عن أبيه علي ابن الحسين عليه السّلام قال:«نحن أئمة المسلمين،و حجج اللّه على العالمين،و سادة المؤمنين،و قادة الغر المحجلين،و موالي المؤمنين،و نحن أمان لأهل (5)الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء،و نحن الذين بنا يمسك اللّه السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه،و بنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها،و بنا ينزل الغيث و تنشر الرحمة و تخرج (6)بركات الأرض،و لو لا ما في الأرض منّا لساخت بأهلها،ثم قال:و لم تخل الأرض منذج.

ص: 42


1- مقتل الحسين:96/1.
2- في بعض المصادر:السمناني.
3- في بعض المصادر:فضل.
4- لم ترد(أبو)في بعض المصادر.
5- في بعض المصادر:أهل.
6- في بعض المصادر:يخرج.

خلق اللّه آدم من حجة للّه فيها،ظاهر مشهور أو غائب مستور،و لا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجة اللّه فيها،و لو لا ذلك لم يعبد اللّه».

قال سليمان:فقلت للصادق عليه السّلام:فكيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟

قال:«كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب (1)» (2).

الحمويني هذا بالاسناد إلى أبي جعفر بن بابويه قال:حدّثنا أبي قال:حدّثنا سعد ابن عبد اللّه،عن أحمد بن محمد بن عيسى،عن العباس بن معروف،عن عبد اللّه بن أحمد بن محمد عن عبد الرّحمن البصري (3)عن أبي المعزا (4)حميد بن المثنى (5)العجلي،عن أبي بصير،عن خيثمة الجعفي عن أبي جعفر عليه السّلام قال:سمعته يقول:

«نحن جنب اللّه،و نحن صفوته (6)،و نحن حجة اللّه،و نحن أركان الإيمان،و نحن دعائم الإسلام،و نحن من رحمة اللّه على خلقه،و نحن بنا يفتح و بنا يختم (7)،و نحن أئمة الهدى،و نحن مصابيح الدجى،نحن (8)منار الهدى،و نحن السابقون،و نحن الآخرون و نحن العلم المرفوع للحق من تمسّك بنا لحق،و من تأخّر عنا غرق،و نحن الغر المحجلين (9)،و نحن خيرة اللّه،و نحن الطريق الواضح و الصراط المستقيم إلى اللّه،و نحن من نعمة اللّه عز و جل على خلقه،و نحن المنهاج،و نحن معدن النبوة،و نحن موضعن.

ص: 43


1- في بعض المصادر:سحاب.
2- رواه الحمويني في الفرائد-خ-في السمط الأول،عن سليمان بن مهران الاعمش،عن الصادق عليه السّلام./45/1ح 11.
3- في بعض المصادر:العباس بن معروف،عن عبد اللّه بن عبد الرّحمن البصري.
4- في بعض المصادر:المغرى.
5- في بعض المصادر:أحمد بن المثنى.
6- في بعض المصادر:صفوة اللّه.
7- في بعض المصادر:و نحن من يفتح بنا و يختم.
8- في بعض المصادر:و نحن.
9- في بعض المصادر:و نحن قادة الغر المحجلين.

الرسالة،و نحن الذين مختلف الملائكة،و نحن السراج لمن استضاء بنا،و نحن السبيل لمن اقتدى بنا،و نحن الهداة الى الجنة،و نحن عرى الإسلام،و نحن الجسور و القناطر، من مضى عليها لم يسبق و من تخلّف عنها محق،و نحن السنام الأعظم،و نحن الذين بنا ينزل اللّه عز و جل الرحمة و بنا يسقون الغيث،و نحن الذين بنا يصرف عنكم العذاب فمن عرفنا و نصرنا و عرف حقنا و أخذ بامرنا فهو منا و إلينا» (1).

قلت:و روى هذا الحديث من طريق الخاصة أبو جعفر الشيخ الطوسي في مجالسه قال:أخبرنا الحسين بن عبد اللّه (2)،عن علي بن محمد العلوي قال:حدّثنا محمد بن إبراهيم قال:حدّثنا أحمد بن محمد،عن محمد بن أحمد بن محمد بن عيسى،عن أحمد بن محمد بن أبي نصر،عن أبي المعزا،عن أبي بصير،عن خيثمة قال:سمعت الباقر عليه السّلام يقول:«نحن جنب اللّه،و نحن صفوة اللّه،و نحن خيرة اللّه،و نحن مستودع مواريث الأنبياء،و نحن أمناء اللّه عز و جل،و نحن حجج اللّه،و نحن حبل اللّه».

و ساق الحديث إلى قوله:«منا و إلينا» (3).

الحمويني هذا قال:أخبرني مفيد الدين أبو جعفر محمد بن علي بن أبي الغنايم ابن الجهم الحلّي-رحمه اللّه-إجازة قال:أنبأنا القاضي خطير الدين محمود بن محمد بن الحسين بن عبد الجبار الطوسي،عن عمه زين الدين عبد الجبار،عن أبيه، عن الصفي أبي تراب بن الداعي الحسيني (4)،عن أبي محمد جعفر بن محمد الدورستي،عن الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان الحارثي،عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي قال:حدّثنا جعفر بن محمد بن مسرور- رضي اللّه عنه-قال:حدّثنا الحسين بن محمد بن عامر،عن المعلى بن محمدر.

ص: 44


1- فرائد السمطين-السمط الثاني،السمط الثاني:/253/2ح 523.
2- في بعض المصادر:عبيد اللّه.
3- أمالي الطوسي:267/2-268 ط النجف الاشرف.
4- لم ترد(الحسيني)في بعض المصادر.

البصري،عن جعفر بن سليمان،عن عبد اللّه بن الحكم،عن أبيه،عن سعيد بن جبير، عن عبد اللّه بن عباس قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إن خلفائي و أوصيائي و حجج اللّه على الخلق بعدي اثنا (1)عشر،أولهم أخي،و آخرهم ولدي،قيل:يا رسول اللّه و من أخوك؟

قال:علي بن أبي طالب،قيل:فمن ولدك؟

قال:المهدي الذي يملأها قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما.و الذي بعثني بالحق بشيرا لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل اللّه ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي المهدي فينزل روح اللّه عيسى ابن مريم فيصلّي خلفه و تشرق الأرض بنور ربها و يبلغ سلطانه المشرق و المغرب» (2).

ابن بابويه قال:حدّثنا جعفر بن محمد بن مسرور قال:حدّثنا الحسين بن محمد ابن عامر،عن عمه عبد اللّه بن عامر،عن ابن أبي عمير،عن حمزة بن حمران،عن أبيه،عن أبي حمزة،عن علي بن الحسين،عن أبيه عن أمير المؤمنين صلوات اللّه عليهم أنه جاء إليه رجل فقال له:يا أبا الحسن إنك تدعى أمير المؤمنين فمن أمّرك عليهم؟

قال:«اللّه جل جلاله أمّرني عليهم»فجاء الرجل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال:يا رسول اللّه أيصدق عليّ فيما يقول:إن اللّه أمّره على خلقه؟فغضب النبي صلّى اللّه عليه و آله و قال:«إن عليا أمير المؤمنين،بولاية من اللّه عز و جل عقدها فوق عرشه،و أشهد على ذلك ملائكته.

إنّ عليا خليفة اللّه و حجة اللّه و إنه لإمام المسلمين،طاعته مقرونة بطاعة اللّه و معصيته مقرونة بمعصية اللّه،فمن جهله فقد جهلني،و من عرفه فقد عرفني،و من أنكر إمامته فقد أنكر نبوتي،و من جحد إمرته فقد جحد رسالتي،و من دفع فضله فقد تنقصني،و من قاتله فقد قاتلني،و من سبّه فقد سبّني،لأنه خلق من طينتي،و هو زوج فاطمة إبنتي،و أبو2.

ص: 45


1- في بعض المصادر:لإثنا.
2- فرائد السمطين-السمط الثاني،في باب ذكر احوال المهدي./312/2ح 562.

ولدي الحسن و الحسين،ثم قال صلّى اللّه عليه و آله:أنا و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و تسعة من ولد الحسين حجج اللّه على خلقه،أعداؤنا أعداء اللّه و أولياؤنا أولياء اللّه» (1).

ابن بابويه قال:أخبرنا أبو المفضل الشيباني قال:حدثني أبو القاسم أحمد بن عامر،عن سليمان الطائي ببغداد قال:حدّثنا محمد بن عمران الكوفي عن عبد الرّحمن بن أبي نجران،عن صفوان بن يحيى،عن إسحاق بن عمار،عن جعفر بن محمد،عن أبيه محمد بن علي،عن أبيه علي بن الحسين،عن أبيه الحسين بن علي، عن أخيه الحسن بن علي عليهم السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«الأئمة بعدي بعدد نقباء بني إسرائيل،و حواري عيسى،من أحبهم فهو مؤمن،و من أبغضهم فهو منافق،هم حجج اللّه في خلقه و أعلامه في بريته» (2).

ابن بابويه قال:حدّثنا أحمد بن الحسن القطان،و علي بن أحمد بن محمد الدقاق، و علي بن عبد اللّه الوراق،و عبد اللّه بن محمد الصائغ،و محمد بن أحمد الشيباني- رضي اللّه عنهم-قالوا،حدّثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن زكريا القطان قال:حدّثنا بكر بن عبد اللّه بن حبيب قال:حدّثنا تميم بن بهلول قال:حدّثنا عبد اللّه بن أبي الهذيل:

و سألته عن الإمامة فيمن تجب؟و ما علامات من تجب له الإمامة؟

فقال لي:إن الدليل على ذلك،و الحجة على المؤمنين،و القائم في امور المسلمين، و الناطق بالقرآن،و العالم بالأحكام،أخو نبي اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و خليفته على أمته،و وصيه عليهم،و وليه الذي كان منه بمنزلة هارون من موسى،المفروض الطاعة بقول اللّه عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (3)و قال جل ذكره: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ9.

ص: 46


1- أمالي الصدوق:116.
2- البحار:340/36،عن كفاية الاثر.
3- النساء:59.

وَ هُمْ راكِعُونَ (1) المدعو إليه بالولاية،المثبت له بالإمامة يوم غدير خم بقول الرسول صلّى اللّه عليه و آله عن اللّه عز و جل:«ألست أولى بكم من أنفسكم؟

قالوا:بلى قال:فمن كنت مولاه فعلي مولاه،اللهم وال من والاه،و عاد من عاداه، و انصر من نصره،و اخذل من خذله،و أعن من أعانه؛ذاك علي بن أبي طالب أمير المؤمنين،و إمام المتقين،و قائد الغر المحجلين،و أفضل الوصيين،و خير الخلق أجمعين بعد رسول رب العالمين،و بعده الحسن،ثم الحسين سبطا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إبنا خيرة النسوان،ثم علي بن الحسين،ثم محمد بن علي،ثم جعفر بن محمد،ثم موسى ابن جعفر،ثم علي بن موسى،ثم محمد بن علي،ثم علي بن محمد،ثم الحسن بن علي، ثم محمد بن الحسن صلوات اللّه عليهم،إلى يومنا هذا واحدا بعد واحد،إنهم عترة الرسول صلّى اللّه عليه و آله معروفون بالوصية و الإمامة في كل عصر و زمان،و كل وقت و أوان،و إنهم العروة الوثقى و أئمة الهدى،و الحجة على أهل الدنيا إلى أن يرث اللّه الأرض و من عليها، و إن كل من خالفهم ضال مضل تارك للحق و الهدى،و إنهم المعبرون عن القرآن، و الناطقون عن الرسول صلّى اللّه عليه و آله بالبيان،و إن من مات و لا يعرفهم مات ميتة جاهلية،و إن فيهم الورع و العفة و الصدق و الصلاح و الإجتهاد،و أداء الأمانة إلى البر و الفاجر،و طول.

السجود و قيام الليل،و اجتناب المحارم،و انتظار الفرج بالصبر و حسن الصحبة،و حسن الجواب» (2).

ثم قال تميم بن بهلول:حدثني أبو معاوية،عن الأعمش،عن جعفر بن محمد عليهما السّلام في الإمامة بمثله سواء (3).

ابن بابويه قال:حدّثنا علي بن الحسن بن محمد قال:حدّثنا عتبة بن عبد اللّه1.

ص: 47


1- المائدة:55.
2- في كمال الدين:و حسن الجوار.
3- كمال الدين:336/2-337،عيون أخبار الرضا:44/1.

الحمصي بمكة-قراءة عليه سنة ثمانين و ثلاثمائة-قال:حدثني علي بن موسى الغطفاني قال:حدّثنا أحمد بن يوسف الحمصي قال:حدّثنا محمد بن عكاشة قال:

حدّثنا حسين بن زيد بن عبد علي قال:حدثني عبد اللّه بن الحسن بن حسن،عن أبيه عن الحسن بن علي عليهما السّلام قال:«خطب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوما فقال بعد ما حمد اللّه و أثنى عليه:معاشر الناس كأني أدعى فاجيب،و اني تارك فيكم الثقلين:كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي،ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا،فتعلّموا منهم و لا تعلّموهم فإنهم أعلم منكم، لا تخلوا الأرض منهم،و لو خلت إذن لساخت بأهلها،ثم قال:اللهم إني أعلم أن العلم لا يبيد و لا ينقطع،و أنك لا تخلي الأرض من حجة لك على خلقك،ظاهر ليس بالمطاع، أو خائف مغمور،لئلا تبطل حجتك،و لا يضل أولياؤك بعد إذ هديتهم،أولئك الأقلون عددا الأعظمون قدرا عند اللّه.

فلما نزل عن منبره قلت له:يا رسول اللّه،أما أنت الحجة على الخلق كلهم؟

قال:يا حسن إن اللّه يقول: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ (1)فأنا المنذر و علي الهادي قلت:يا رسول اللّه فقولك:إن الأرض لا تخلو من حجة؟

قال:نعم علي هو الإمام و الحجة بعدي،و أنت الإمام و الحجة بعده،و الحسين الإمام و الحجة و الخليفة من بعدك،و لقد نبأني اللطيف الخبير أنه يخرج من صلب الحسين ولد يقال له علي،سمي جده فإذا مضى الحسين قام بعده علي ابنه و هو الإمام و الحجة و يخرج اللّه من صلب علي ولدا سميّي و أشبه الناس بي،علمه علمي و حكمه حكمي، و هو الإمام و الحجة بعد أبيه،و يخرج اللّه تعالى من صلب محمد مولودا يقال له جعفر أصدق الناس قولا و فعلا،و هو الإمام و الحجة بعد أبيه و يخرج اللّه تعالى من صلب جعفر مولودا يقال له موسى سمي موسى بن عمران أشد الناس تعبدا،فهو الإمام و الحجة بعد أبيه،و يخرج اللّه من صلب موسى ولدا يقال له علي،معدن علم اللّه و موضع حكمه،فهو7.

ص: 48


1- الرعد:7.

الإمام و الحجة بعد أبيه،و يخرج اللّه من صلب علي مولودا يقال له محمد،فهو الإمام و الحجة بعد أبيه،و يخرج اللّه من صلب محمد ولدا يقال له علي،فهو الإمام و الحجة بعد أبيه،و يخرج اللّه من صلب علي مولودا يقال له الحسن،فهو الإمام و الحجة بعد أبيه، و يخرج اللّه من صلب الحسن الحجة القائم إمام شيعته (1)و منقذ أوليائه يغيب حتى لا يرى،و يرجع عن أمره قوم و يثبت عليه آخرون وَ يَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (2)و لو لم يكن (3)من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل اللّه عز و جل ذلك اليوم حتى يخرج قائمنا،فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا،فلا تخلو الأرض منكم،أعطاكم اللّه علمي و فهمي،و لقد دعوت اللّه تبارك و تعالى أن يجعل العلم و الفقه في عقبي و عقب عقبي و من زرعي و زرع زرعي» (4).

ابن بابويه قال:حدّثنا محمد بن موسى بن المتوكل-رضي اللّه عنه-قال:حدّثنا محمد بن أبي عبد اللّه الكوفي قال:حدّثنا موسى بن عمران النخعي،عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي،عن الحسن بن علي بن سالم،عن أبيه،عن أبي حمزة،عن سعيد بن جبير،عن عبد اللّه بن عباس قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إن اللّه تبارك و تعالى اطلع إلى الأرض إطلاعة فاختارني منها فجعلني نبيا،ثم اطلع الثانية فاختار منها عليا فجعله إماما،ثم أمرني أن أتخذه أخا و وليا و وصيا و خليفة و وزيرا،فعلي مني و أنا من علي،و هو زوج ابنتي،و أبو سبطي الحسن و الحسين ألا و إن اللّه تبارك و تعالى جعلني و إياهم حججا على عباده،و جعل من صلب الحسين أئمة يقومون بأمري،و يحفظون وصيتي،التاسع منهم قائم أهل بيتي،و مهدي أمتي،أشبه الناس بي في شمائله و أقواله و أفعاله،يظهر من بعد غيبة طويلة و حيرة مضلة،فيعلن أمر اللّه،و يظهر دين اللّه،و يؤيدر.

ص: 49


1- في البحار:إمام زمانه.
2- يونس:48.
3- في البحار:و لو لم يبق.
4- رواه المجلسي في البحار:338/36-340 عن كفاية الاثر باختلاف يسير.

بنصر اللّه،و ينصر بملائكة اللّه،يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما» (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا أبي رضى اللّه عنه قال:حدّثنا سعد بن عبد اللّه قال:حدّثنا يعقوب بن يزيد،عن حماد بن عيسى،عن عبد اللّه بن مسكان،عن أبان بن أبي عياش (2).عن سليم بن قيس الهلالي،عن سلمان الفارسي-رضي اللّه عنه-قال:دخلت على النبي صلّى اللّه عليه و آله فإذا الحسين بن علي على فخذه و هو يقبل عينيه و يلثم فاه و يقول:«أنت سيد ابن سيد،أنت إمام ابن إمام (3)أبو أئمة،أنت حجة ابن حجة أبو حجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم» (4).

و رواه ابن بابويه أيضا عن أبيه،عن سعد بن عبد اللّه،عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن أبي عمير عن عمر بن أذينة،عن أبان بن أبي عياش،عن سليم ابن قيس الهلالي،و ساق الحديث.و هذا الحديث متكرر في كتب ابن بابويه و غيره.

ابن بابويه قال:حدّثنا علي بن أحمد بن عبد اللّه البرقي (5)،عن أبيه،عن جده أحمد بن أبي عبد اللّه،عن أبيه محمد بن خالد،عن محمد بن داود،عن محمد بن الجارود العبدي،عن الأصبغ بن نباتة قال:خرج علينا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام ذات يوم و يده في يد إبنه الحسن عليه السّلام و هو يقول:«خرج علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ذات يوم و يدي في يده هكذا و هو يقول:خير الخلق بعدي (6)و سيدهم بعد الحسن إبني أخوهث.

ص: 50


1- كمال الدين:257/1-258.
2- في بعض المصادر:أبان بن تغلب.
3- في بعض المصادر:ابن إمام،أخو إمام،أبو أئمة.
4- كمال الدين:262/1.
5- في بعض المصادر:عبد اللّه بن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي.
6- في بعض المصادر:خير الخلق بعدي و سيدهم أخي هذا،و هو إمام كل مسلم،و مولى كل مؤمن بعد وفاتي.ألا و إني أقول:خير الخلق بعدي و سيدهم ابني هذا،و هو إمام كل مؤمن،و مولى كل مؤمن بعد وفاتي،ألا و إنه سيظلم بعدي كما ظلمت بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و خير الخلق و سيدهم بعد الحسن. الحديث.

الحسين المظلوم بعد أخيه المقتول في أرض كربلاء،أما إنه و أصحابه من سادات الشهداء يوم القيامة،و من بعد الحسين تسعة من صلبه خلفاء اللّه في أرضه و حججه على عباده،و أمناؤه على وحيه،و أئمة المسلمين،و قادة المؤمنين،و سادة المتقين، تاسعهم القائم الذي يملأ اللّه عز و جل به الأرض نورا بعد ظلمتها،و عدلا بعد جورها، و علما بعد جهلها،و الذي بعث أخي محمدا بالنبوة و اختصني بالإمامة لقد نزل بذلك الوحي من السماء على لسان الروح الأمين جبرائيل،و لقد سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله-و أنا عنده-عن الأئمة بعده فقال للسائل: وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ (1)عددهم بعدد البروج، و رب الليالي و الأيام و الشهور إن عدتهم كعدة الشهور (2).

فقال السائل:فمن هم يا رسول اللّه؟

فوضع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يده على رأسي فقال:أولهم هذا و آخرهم المهدي،من والاهم فقد والاني،و من عاداهم فقد عاداني،و من أحبهم فقد أحبني و من أبغضهم فقد أبغضني،و من أنكرهم فقد أنكرني،و من عرفهم فقد عرفني،بهم يحفظ اللّه عز و جل دينه،و بهم يعمر بلاده،و بهم يرزق عباده،و بهم ينزل القطر من السماء،و بهم يخرج بركات الأرض،هؤلاء أصفيائي و خلفائي و أئمة المسلمين و موالي المؤمنين» (3).ن.

ص: 51


1- البروج:1.
2- في بعض المصادر:ان عددهم كعدد الشهور.
3- كمال الدين:259/1-260 ط 1390 هج-طهران.

لولا الحسين و الأئمة عليهم السلام ما خلق اللّه تعالى الخلق

روى الشيخ إبراهيم بن محمد بن أبي بكر بن أبي الحسن بن محمد بن حمويه الجويني-و هو عن أعيان علماء العامة و عظمائهم-في كتابه المسمى ب(فرائد السمطين في فضائل المرتضى و البتول و السبطين)-و كلّما رويته فهو من كتابه هذا-قال:أخبرنا الشيخ العدل بهاء الدين محمد بن يوسف البزرالي (1)بقرائتي عليه بستمائة (2)بسفح جبل قاسون مما يلي عقبة دمّر ظاهر مدينة دمشق المحروسة قلت له:أخبرك الشيخ أحمد بن الفرج بن علي بن الفرج الأموي إجازة فأقرّ به.

ح-و أخبرني الشيخ الصالح جمال الدين أحمد بن محمد بن محمد المعروف بدكويه القزويني رحمه اللّه و غيره إجازة بروايتهم عن الشيخ الإمام إمام الدين أبي القاسم عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم الرافعي القزويني إجازة قال:أنبأنا الشيخ العالم عبد القادر بن أبي صالح الجبلي قال:أنبأنا أبو البركات هبة اللّه بن موسى السقطي قال:أنبأنا القاضي أبو المظفّر هنّاد بن إبراهيم النّسفي قال:أنبأنا الحسن بن محمد بن موسى بتكريت قال:أنبأنا محمد بن الفرّخان (3)،حدّثنا محمد بن يزيد القاضي،حدّثنا الليث بن سعد (4)عن العلاء بن عبد الرّحمن عن أبيه،عن أبي هريرة،

ص: 52


1- في الفرائد(محمد بن يوسف بن محمد بن يوسف البرزالي)و هو الصحيح،كما في المعاجم.
2- في الفرائد:(بقرائتي عليه ببستانه).
3- محمد بن الفرّخان بن روزبه أبو الطيب الدوري.
4- في النسخة المخطوطة و الفرائد:(حدّثنا قتيبة،ثنا الليث بن سعد)..و قتيبة هو:قتيبة بن سعيد بن جميل.

عن النبي صلّى اللّه عليه و آله أنه قال:«لما خلق اللّه تعالى آدم أبو البشر،و نفخ فيه من روحه،التفت آدم يمنة العرش فإذا في النور خمسة أشباح سجّدا و ركّعا قال آدم:يا رب هل خلقت أحدا من طين قبلي؟قال:لا يا آدم،قال:فمن هؤلاء الخمسة الذين أراهم في هيئتي و صورتي؟قال:هؤلاء خمسة من ولدك،لولاهم ما خلقتك،هؤلاء خمسة شققت لهم خمسة اسماء من اسمائي،لولاهم ما خلقت الجنة،و لا النار،و لا العرش،و لا الكرسي، و لا السماء و لا الأرض،و لا الملائكة،و لا الانس،و لا الجن،فأنا المحمود و هذا محمد، و انا العالي و هذا عليّ،و انا الفاطر و هذه فاطمة،و أنا الاحسان و هذا الحسن،و أنا المحسن و هذا الحسين،آليت بعزتي أنه لا يأتني أحد بمثقال حبة من خردل من بغض أحدهم إلا ادخلته ناري و لا أبالي،يا آدم هؤلاء صفوتي بهم انجيهم (1)و بهم اهلكهم، فإذا كان لك إلي حاجة فبهؤلاء توسل.فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله:نحن سفينة النجاة من تعلق بها نجى و من حاد عنها هلك،فمن كان له إلى اللّه حاجة فليسأل بنا أهل البيت» (2).

الحمويني قال:أنبأني أبو طالب بن الحسين الخازن (3)عن ناصر بن أبي المكارم (4)إجازة أخبرنا أبو المؤيد الموفق بن أحمد إجازة إن لم يكن سماعا.

ح-أنبأني العزيز بن محمد،عن والده أبي القاسم بن أبي الفضل بن عبد الكريم إجازة قال:أخبرنا شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي إجازة قال:أخبرنا عبدوس بن عبد اللّه (5)،حدّثنا أبو علي (6)محمد بن أحمد العطشي،حدّثنا أبو سعيد العدوي الحسين بن علي،حدّثنا أحمد بن المقدام العجلي أبو الاشعب،حدّثنا).

ص: 53


1- في الفرائد:(هؤلاء صفوتي من خلقي بهم انجيهم).
2- فرائد السمطين 1:/36ح 1.
3- في الفرائد:(أبو طالب بن أنجب بن الخازن).
4- الصحيح(أبو المكارم ناصر بن عبد السيد المطرزي الخوارزمي)كما في الفرائد و كتب السير.
5- في الفرائد:(عبدوس بن عبد اللّه الهمداني كتابة قال:).
6- في الفرائد:(حدّثنا أبو الحسن علي بن عبد اللّه قال:حدّثنا أبو علي).

الفضيل بن عياض،عن ثور بن يزيد،عن خالد بن معدان،عن زاذان عن سلمان قال:

سمعت حبيبي المصطفى محمدا صلّى اللّه عليه و آله يقول:«كنت أنا و علي نورا بين يدي اللّه عز و جل مطيعا،يسبح اللّه ذلك النور و يقدسه قبل أن يخلق[اللّه] (1)آدم بأربعة عشر ألف سنة،فلما خلق اللّه تعالى آدم ركب ذلك النور في صلبه فلم نزل (2)في شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب فجزء أنا،و جزء علي» (3).

الحمويني قال:و بهذا الاسناد إلى شهردار إجازة قال:أخبرنا أبو الفتح عبدوس بن عبد اللّه بن عبدوس الهمداني كتابة،أنبأنا الشريف (4)أبو طالب الجعفري قال:

حدّثنا ابن مردويه الحافظ،حدّثنا إسحاق بن محمد بن علي بن خالد،حدّثنا أحمد بن زكريا،حدّثنا ابن طهمان،حدّثنا محمد بن خالد الهاشمي،حدّثنا الحسن بن إسماعيل بن عباد (5)عن أبيه عن جده قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«كنت أنا و علي نورا بين يدي اللّه تعالى من قبل أن يخلق آدم اللّه بأربعة عشر ألف عام فلما خلق اللّه تعالى آدم سلك ذلك النور في صلبه،فلم يزل اللّه تعالى ينقله من صلب إلى صلب حتى أقره صلب عبد المطّلب،ثم أخرجه من صلب عبد المطّلب فقسّمه قسمين قسما في صلب عبد اللّه،و قسما في صلب أبي طالب،فعلي مني،و أنا منه،لحمه لحمي،و دمه دمي،فمن أحبه فبحبي أحبه،و من أبغضه،فببغضي أبغضه» (6).

صاحب المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة قال:حدث محمد بن علي بن سعد1.

ص: 54


1- من المصدر.
2- في المصدر:يزل.
3- فرائد السمطين:/42/1ح 6.
4- في الفرائد:(عبد اللّه بن عبدوس الهمداني كتابة قال:حدّثنا الشريف).
5- في الفرائد(إسماعيل بن حماد).
6- فرائد السمطين:1،الباب 1.

الجوهري (1)،عن القاسم بن الحسن،عن أبيه الحسن،عن محمد بن علي،عن أبيه، عن علي بن العباس،عن أبان عن أنس قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«لما خلق اللّه عز و جل آدم نظر إلى سرادق العرش فرأى مكتوبا لا إله إلاّ اللّه محمد رسول اللّه و اسماء أربعة فقال آدم عليه السّلام:يا إلهي خلقت خلقا من إنس قبلي؟فقال:لا،فقال:و ما هذه الاسماء التي أراها؟ فقال:يا آدم هؤلاء خيرتي من خلقي،و صفوتي،يا آدم لولا هؤلاء[ما خلقتك و لو لا هؤلاء]ما خلقت الجنة و لا النار،إياك أن تنظر إليهم بعين الحسد يا آدم فلما أكل آدم عليه السّلام من الشجرة و أخرج من الجنة و نال الخطيئة و أراد التوبة قال في توبته و تضرعه إلى ربه:إلهي بحق الخمسة الذين على سرادق العرش إلا غفرت لي فاوحى اللّه تعالى إليه:يا آدم قد غفرت لك فكان ذلك في سابق علمي فيك يا آدم،فقال آدم:إلهي بحق هؤلاء الخمسة و بحق المغفرة إلا عرفتني من هؤلاء؟قال تعالى يا آدم هؤلاء الخمسة من ولدك شققت لهم خمسة أسماء من اسمائي العظام،فأنا المحمود و هذا أحمد،و أنا العالي و هذا علي،و أنا الفاطر و هذه فاطمة،و أنا المحسن و هذا الحسن،و أنا الاحسان و هذا حسين».

الحمويني قال:أخبرني السيّد النسّابة عبد الحميد بن فخار الموسوي-رحمه اللّه- كتابة،أخبرنا النقيب أبو طالب عبد الرّحمن بن عبد السميع الواسطي إجازة أنبأنا شاذان بن جبرائيل بن إسماعيل القمي بقرائتي عليه،أنبأنا أبو عبد اللّه محمد بن عبد العزيز القمي،أنبأنا الإمام حاكم الدين أبو عبد اللّه محمد بن أحمد بن علي بن أحمد بن محمد بن إبراهيم النظيري (2)قال:أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد قال:أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد اللّه بن أحمد الحافظ قال:حدّثنا أحمد بني.

ص: 55


1- في المخطوطة:(محمد بن سعد الجوهري).
2- في الفرائد:النطنزي.

يوسف بن خلاد النصيبي ببغداد قال:حدّثنا الحرث بن أبي اسامة (1)التميمي قال:

حدّثنا داود بن المحبر بن محمد (2)قال:حدّثنا قيس بن الربيع،عن عباد بن كثير،عن أبي عثمان النهدي (3)عن سلمان الفارسي رضي اللّه عنه قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«خلقت أنا و علي بن أبي طالب من نور[اللّه] (4)عن يمين العرش نسبح اللّه و نقدسه من قبل أن يخلق اللّه تعالى آدم بأربعة عشر ألف سنة،فلما خلق اللّه آدم نقلنا إلى أصلاب الرجال و أرحام النساء الطاهرات،ثم نقلنا إلى صلب عبد المطلب و قسمنا نصفين فجعل النصف (5)في صلب أبي،عبد اللّه،و جعل النصف (6)في صلب عمي أبي طالب،فخلقت من ذلك النصف و خلق علي من النصف[الآخر] (7)و اشتق اللّه تعالى من أسمائه أسماء،فاللّه عز و جل محمود و أنا محمد،و اللّه الأعلى و أخي علي،و اللّه فاطر (8)و ابنتي فاطمة،و اللّه محسن و ابناي الحسن و الحسين،و كان اسمي في الرسالة و النبوة، و كان اسمه في الخلافة و الشجاعة،فانا رسول اللّه (9)و علي ولي اللّه» (10).5.

ص: 56


1- في الفرائد:(الحارث بن أبي اسامة)كما في تهذيب التهذيب.
2- الصحيح،داود بن المحبر بن قحذم الطائي.كما في تهذيب التهذيب.
3- أبي عثمان النهدي هو:عبد الرّحمن بن ملء بن عمرو النهدي ذكره ابن الاثير في أسد الغابة.
4- من المصدر.
5- في المصدر:نصف.
6- في المصدر:نصف.
7- من المصدر.
8- في المصدر:الفاطر.
9- في النسخة المخطوط:(و علي سيف اللّه).
10- فرائد السمطين /41/1ح 5.

عظمة الإمام الحسين عليه السلام و بركاته

ينقل آية اللّه دستغيب هذه القصة عن السيّد الزاهد مولانا الحاج فرج اللّه البهبهاني و القصة بخط السّيد فرج اللّه نفسه و هي:

كان هناك شخص اسمه عبد اللّه يسكن بهبهان و في ليلة 28 محرم الحرام من عام 1382 ه شلّت إحدى رجليه و لم يستطع الحركة بعدها إلاّ بالاستعانة بعكازتين يضعهما تحت إبطيه و كانت تصله حقوق من أمير المؤمنين تمكنه من مواصلة العيش بكرامة.

و كان عبد اللّه قد راجع مرارا الدكتور غلامي في مدينتنا لكن الدكتور أجابه بأن حالته ميؤوس منها ثم جاء إليّ يوما يطلب العون حتى أرسله إلى مدينة أهواز فهيأت له الوسيلة و أعطيته كتاب توصية لحضرة آية اللّه البهبهاني حيث استقبله خير استقبال و أرسله إلى الدكتور فرهاد طبيب زاده..فأخذ لرجله الصور الشعاعية اللازمة و بعد تدقيقها أجابه بأن حالته لا يمكن شفاؤها حيث شوهدت غدة سرطانية في ركتبه فأرسله إلى مشفى في آبادان حيث أخذت له مرة أخرى أربع صور شعاعية و ظهر أن علاجه مستعص فأقفل راجعا إلى بهبهان و هو يائس من الشفاء على أيدي الأطباء.

و كان-عبد اللّه-يقول أنه كان يرى خلال هذه الفترة أحلاما تسره و تحفز فيه الأمل بالشفاء فيستيقظ مسرورا.

و قال عبد اللّه:و من هذه الأحلام أنني رأيت نفسي يوما و قد دخلت القسم

ص: 57

الخارجي من داركم (1)و لم تكونوا هناك و لكنني شاهدت سيدين مهيبين نورانيين قد جلسا تحت شجرة التفاح ثم رأيتكم تدخلون الباحة في هذه الأثناء و بعد التحية و السلام قدم السيدان نفسيهما إليك فكان أحدهما الإمام الحسين عليه السّلام و الثاني ولده علي الأكبر عليه السّلام.

ثم أعطاكم الإمام الحسين عليه السّلام تفاحتين و قال إحداهما لك و الأخرى لولدك حيث ستكون نتيجة ذلك بعد سنتين ستكلم الحجة بن الحسن ست كلمات.

ثم أضاف عبد اللّه:لقد طلبت من جنابكم أن تطلبوا شفائي من الإمام الحسين عليه السّلام فقال أحدهما سنعقد يوم الاثنين من جمادى الثانية لعام 84 مجلس العزاء الحسيني في منزل فلان(و ذكر اسم السيد البهبهاني)فعليك بالجلوس عند منبر الحسين و سوف تشفى إن شاء اللّه عزّ و جلّ بعد مراسم العزاء الحسيني.

ثم استيقظ عبد اللّه من النوم مسرورا و جاء إلى داري و أخبرني بالحكاية و بقي ينتظر اليوم الموعود.

و في يوم الإثنين المذكور شاهدت عبد اللّه بعكازيته و هو يدخل المجلس ثم يجلس بقرب المنبر الحسيني.

ثم يتابع عبد اللّه بقية القصة:بعد أن جلست حوالي الساعة أحسست بان رجلي المشلولة قد دبّ فيها شيء ما و ربما هو جريان الدم فمددت رجلي ثم جمعتها فإذا هي سالمة لا ألم فيها و لم يكن مجلس العزاء أثناء ذلك قد انتهى و لكن من فرحتي تحدثت مع من حولي.ثم توجه عبد اللّه إليّ و صافحني مسرورا و إذا بالحاضرين في المجلس قد علا صوتهم بالصلاة على محمّد و آل محمّد و قد شفي عبد اللّه تماما.

و بهذه المناسبة العظيمة انعقدت مجالس الفرح في مدينة بهبهان و في اليوم التالي أي 22 مهر أقيمت في منزلي مراسم الفرح باسم معاجز سيد الشهداء حيثي.

ص: 58


1- -أي دار السيّد البهبهاني.

حضر جمع غفير من أهالي المدينة و أخذت الصور العديدة لهذه المناسبة السعيدة (1).6.

ص: 59


1- -القصص العجيبة:45 قصة رقم 26.

قيمة تضحية الحسين عليه السلام

كان أحد المتعلمين يداوم على زيارة الحسين عليه السّلام في كل المناسبات في حرمه الشريف و في أحد الأيام سمع حديثا في حق الإمام ما معناه إنه مهما اعطى اللّه الحسين فإنه قليل في حق الحسين عليه السّلام..فحمل هذا الحديث على المبالغة و نحوه..

و هو في طريقة لزيارة الحسين على فرسه إعترضه شاب و قال له اصحبني معك قال أنت راجل و أنا راكب قال و إن أركض معك فمشيا معا.

و في أثناء الطريق قال الشاب للمتعلم:حدثنا بحديث نستفيد منه،فقال:لا أعلم شيئا.

فقال الشاب:إذا أنا أحدثك.

كان في قديم الزمان ملك يذهب إلى الصيد في كل فرصه فتوفى و خلّف ولدا في الثامنة عشر من عمره مع سفراء أربعة.

فسار الولد على مسار أبيه و في إحدى سفراته للصيد شذت فرسه عن الطريق فضاع عن الحاشية في الصحراء حتى وصل إلى كوخ فيه امرأة و عجوز فتقدما له و أنزلاه عن الفرس و ربطاه و أشعلا له الحطب لكي يتدفأ إذ كانت الأيام أيام ربيع و الوقت متأخر في المساء.و لم يكن يملك إلاّ شاة واحدة فذبحاها و أطعماه كبدها من دون علمهما بأنه الملك و قالا له في الصباح تحلّ مشكلتك..

و ما إن انفلج عمود الصباح حتى كانت الحاشية تحيط بالكوخ فقص لهم القصة و قال لهم إنه بمنزلة والدي لقد أحياني.فبما أكافيه مخاطبا سفراءه:

ص: 60

فقال الأوّل:أعطاك شاة فاعطه مئة.

و قال الثاني:أعطاك شاة فاعطه ألف.

و قال الثالث:أعطاك شاة فأعطه ملكا عظيما و قربه.

و لم يتكلم الرابع.فاعترض الملك..

فقال الرابع:رأيي لو قلته لا تعمل به.

فقال الملك:لابدّ منه.

فقال الرابع:لقد أعطاك كل ما يملك فإذا أردت أن تكون مثله فأعطه كل ما تملك، و إذا أردت أن تتفضل فكن له عبدا،إضافة إلى ملكك.

فقبل الملك و أعطاه كل ما يملك..

فقال الشاب:أعلمت معنى الحديث؟:إن العجوز قدم كبشا للملك فأعطاه كل ما يملك و لم يتفضل عليه.

فكيف بالحسين عليه السّلام الذي قدّم نفسه و طفله و عياله و أصحابه أكباشا للّه الملك القهار فهل يجزي الملك كله؟!

فتوقف المتعلم منتبها فتلفت فلم يجد الشاب فكان الحجة عليه السّلام أرواحنا له الفدى.

ص: 61

الإخلاص عند الإمام الحسين عليه السلام

قال السيد الخامنئي:إنّ لشخصية أبي عبد الله عليه السّلام أبعادا شتى يستلزم كل واحد منها بيانا و توضيحا شاملا،من جملتها«الإخلاص»،و الإخلاص معناه الإلتزام بالواجب الإلهي و عدم إدخال المصالح الذاتية و الفئوية و الدوافع المادية فيه.

الثقة باللّه تعالى عند الإمام الحسين عليه السلام

و البعد الآخر هو الثقة بالله،إذ أن ظواهر الأمور كانت تقضي بأنّ تلك الشعلة ستخفت في صحراء كربلاء،و لكن كيف يرى ذلك الفرزدق الشاعر في حين لم يكن يراه الحسين عليه السّلام؟!و يراه الناصحون القادمون من الكوفة،و لا يراه الحسين بن علي عليه السّلام الذي كان عين اللّه؟!

لقد كانت ظواهر الأمور توحي بهذا المآل،إلاّ أنّ الثقة باللّه كانت توجب عليه اليقين-رغم كل هذه الظواهر-بأن الغلبة ستكون لكلامه الصادق و لموقفه الحق.

و جوهر القضية هو أن تتحقق نيّة المرء و غايته.و الإنسان المخلص لا تهمه ذاته فيما إذا تحققت الغاية التي يرمي إليها.

رأيت ذات مرّة أحد أكابر أهل السلوك و المعرفة كتب في رسالة:إننا إذا افترضنا -على سبيل المحال-أنّ كل الأعمال التي كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يطمح الى تحقيقها قد

ص: 62

تحقّقت،و لكن باسم شخص آخر،فهل كان ذلك يغيظ رسول الله صلّى اللّه عليه و آله؟و هل كان يقف منها موقفا سلبيا مادامت باسم شخص آخر،أو أنه يقف منها موقفا إيجابيا بدون الالتفات الى الإسم الذي تتحقق على يده؟

إذن فالغاية هي المهمة،و الإنسان المخلص لا يأبه كثيرا بالشخص و بالذات و بالأنا،باعتباره انسانا مخلصا و له ثقة باللّه،و موقنا بأن الباري تعالى سيحقق هذا الهدف؛لأنه تعالى قال: وَ إِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ فالكثير من الجنود الغالبين يخرّون صرعى في ميادين الجهاد،إلاّ أنه تعالى قال في الوقت ذاته: إِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ (1).3.

ص: 63


1- سورة الصافات:173.

صواب الموقف عند الإمام الحسين عليه السلام

أما البعد الثالث فهو إدراك الموقف،و عدم الوقوع في الخطأ في اتخاذه،فقد كان الإمام الحسين متصديا لزمام المسؤولية و الإمامة مدة عشر سنوات،مارس خلالها نشاطات أخرى ليست من طراز الفعل الإستشهادي في كربلاء،و لكن بمجرد أن سنحت له الفرصة للإتيان بعمل كبير استغل تلك الفرصة و وثب و تمسّك بها،و لم يدعها تفلت من بين يديه (1).

ص: 64


1- ثورة الحسين شمس الشهادة:12.

عمل و جهاد الإمام الحسين عليه السلام

اشارة

قال السيد الخامنئي:تلاحظون أنّ الإمام الحسين عليه السّلام مع كونه سبط النبي صلّى اللّه عليه و آله،و ابن علي بن أبي طالب عليه السّلام،و ابن فاطمة الزهراء عليها السّلام،و هذه الأشياء عظيمة بحد ذاتها و ترفع الإنسان كثيرا،إضافة إلى أنه قد نشأ في تلك الدار و تربى في ذلك الحجر و ترعرع في تلك الأجواء المعنوية و النعيم الروحي،لكنه لم يكتف بذلك.حينما رحل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،كان الإمام الحسين عليه السّلام صبيا في الثامنة أو التاسعة من عمره،و عند استشهاد أمير المؤمنين عليه السّلام كان شابا في السابعة أو الثامنة و الثلاثين.

و في عهد أمير المؤمنين الذي كان عهد ابتلاء و جهد و عمل كان هذا الجوهر المستعد يتلقى التربية بالأعمال العظيمة و يتأهل على يد أبيه على الدوام حتى عاد قويا و مزهرا و مشرقا.

إذا كانت همة المرء كهمتنا،تراه يقول:و هذا القدر يكفيني و هو حسبي و به ألقى ربي،و هذه ليست همة حسينية.

و في حياة أخيه المباركة حيث كان الإمام الحسين عليه السّلام مأموما و أخوه الإمام الحسن عليه السّلام إماما،استمر في حركته الجبارة،و هو يسير قدما و يؤدي واجباته إلى جانب أخيه و في ظل طاعته المطلقة لإمام زمانه.تأمّلوا حياته لحظة فلحظة.

ثم أنّه واجه استشهاد أخيه.و استمرّت حياته المباركة بعد هذا الحدث،لاحظوا ما ذا كان يفعل الحسين عليه السّلام خلال هذه الفترة التي سبقت واقعة الطف.

ص: 65

ثقافة الجهاد

إنّ إحدى الظواهر البارزة في الثقافة الإسلامية-و لها مصاديق بارزة و كثيرة في تاريخ صدر الإسلام و أقل منها على مر الفترة-هي ثقافة القتال و الجهاد.

و الجهاد طبعا لا ينحصر في نطاق القتال في ميادين الحرب؛فكل ما ينطوي على جد و اجتهاد و مجابهة مع العدو يسمّى جهادا.

التفتوا جيدا؛فلعل البعض يؤدي عملا و يتحمل فيه مشقّة كبيرة،و يدّعي الجهاد.

كلا؛فأحد شروط الجهاد أن يكون في مجابهة العدو.و لكن قد يكون تارة في ميدان الحرب فيسمّى بالجهاد الحربي،و قد يكون تارة في ميدان السياسة فيكون جهادا سياسيا،و قد يكون في الميدان الثقافي فيسمّى جهادا ثقافيا،و قد يكون في مجال البناء فيسمّى بجهاد البناء،كما أنّ له ميادين و مجالات أخرى طبعا.

و الشرط الأول فيه أن يبذل جهدا و مثابرة،و شرطه الثاني أن يكون في مواجهة العدو.

هذه ظاهرة بارزة في الثقافة الإسلامية و لها أمثلة في شتّى الميادين.

و اليوم أيضا بدأ هذا الجهاد منذ أنّ انطلق نداء مجابهة النظام البهلوي المقيت، من حنجرة الإمام الخميني رضوان اللّه عليه و أنصاره آنذاك،أي في عام 1341 (ه ش)،و قد كان حتى قبل هذا التاريخ و لكن بصورة متناثرة و نادرة و قليلة الأهمية.

منذ أن بدأت هذه المجابهة اتخذت طابعا أكثر أهمية إلى أن تكللت بانتصار هذا الجهاد الذي تجسّد بانتصار الثورة.و منذ ذلك اليوم و حتى يومنا هذا كان في هذا

ص: 66

البلد جهاد دائم.

و بما أن لنا أعداء،و أعداؤنا أقوياء في الجانب المادي،و بما أنّ الأعداء قد أحاطوا بنا من كل جانب،و هم بصدد العدوان علينا،و قضية العدوان على إيران لا يمزحون فيها؛لأنهم يستهدفون ضربها بأي نحو ممكن،إذن فكل من يقف في إيران الإسلامية بوجه هذا العدو-الذي سدّد من كل جانب سهامه السامة إلى جسد هذه الثورة و هذا البلد الإسلامي-فهو مجاهد في سبيل اللّه.و نحمد اللّه على أنّ شعلة الجهاد كانت و لا زالت و ستبقى مضيئة.

الجهاد الفكري

و بطبيعة الحال إن أحد أنواع هذا الجهاد هو الجهاد الفكري.أي بما أنّ العدو قد يباغتنا و يوقعنا في الأخطاء و المنزلقات،فكل من يبذل جهده على طريق توعية الناس،و يحول دون حصول أي انحراف أو سوء فهم،فعمله هذا جهاد؛إذ هو في سبيل مجابهة العدو،و لعلّه من الجهاد المهم.

بلدنا اليوم مركز الجهاد،و ليس لدينا ما يستوجب القلق في هذا المجال.الحمد للّه أنّ الشخصيات المسؤولة في البلد كلها شخصيات صالحة و مؤمنة و مجاهدة و واعية و مخلصة.عليكم أن تلتفتوا لهذه الجوانب،فرئيس الجمهورية،رجل قضى عمره في الجهاد و لا زال حتى الآن يجاهد ليلا و نهارا،و كذلك الحال بالنسبة لمسؤولي المواقع الأخرى كمجلس الشورى الإسلامي،و السلطة القضائية، و القوات المسلحة،و كذا سائر أبناء الشعب،كلهم في حالة جهاد دائم.

هذه الدولة هي دولة الجهاد في سبيل اللّه،و من هنا فإنّ ثقل جهدي في المراقبة لأرى المواضع التي تخبو فيها شعلة الجهاد فأسارع بعون اللّه و لا أدعها تنطفئ،

ص: 67

و أرى مواضع الخطأ و الزلل فأتصدى لها،و هذه هي مسؤوليتي الأساسية.

إنني لا يساورني أي قلق حول حالة الجهاد الحالية في البلد،و هذا ما يجب أن تعلموه.إلاّ أن في القرآن شيئا يرغمنا على التفكير فيه،و هو أنه أمرنا أن ننظر إلى الماضي و نأخذ العبر من التاريخ (1).

الثقافة في الرؤية المادية

لقد انتخب الغرب ثقافة تخصّه-صحيحة أو خاطئة-لكنّه لم يقنع بذلك بل يريد فرضها على سائر الشعوب،فلو شارك أحد في إجتماع عالمي رسمي و لم يكن يلبس رباط العنق-على سبيل المثال-فهذا أمر منبوذ برأيهم فيقولون له لماذا لا تلبس هذا يا فلان؟!طبعا هو يسألهم أيضا لماذا أنتم تلبسون هذا؟

إنّ لكلّ شعب ثقافة و آداب و عادات و عقائد خاصّة به،طبعا إنّنا لا نناقش الصحيح من غير الصحيح،فإن أردنا فعل ذلك،فبديهي أنّ الثقافة النابعة من الإسلام و الوحي الإلهي و سيرة أهل البيت عليهم السّلام،أي ثقافة الشعوب الإسلامية هي الصحيحة.

إذن على كلّ شعب أن يعتمد على نفسه و ينتخب ثقافته و عقيدته و عاداته بنفسه بغضّ النظر عن كونها صحيحة أو غير صحيحة،و لا يحقّ لأيّة قوّة فرض شيء عليه.

طبعا هناك أمور قبيحة و سيّئة عند جميع الشعوب،فالظلم و التعدّي على حقوق الآخرين قبيح عند كلّ ذي عقل سليم.و لكنّ القوى الّتي تنتظر من الشعوب و الدول أن تقلّدها،هي-و للأسف-لا تراعي هذه الأمور،فتراهم يقتلون و يعتدون على

ص: 68


1- ثورة الحسين شمس الشهادة:15.

ثروات الشعوب و لا يطيقون الأقوال الصحيحة و المنطقيّة للشعوب.

طبعا فإنّ الثقافة-بمعنى العقيدة و الأخلاق-ليست لها هذه المنزلة في الرؤية المادية لقضايا العالم؛أي أنّ العقيدة و الأخلاق لا تحظى بهذه الأهمية التي تحظى بها عندنا بالنسبة لأولئك الذين ينظرون إلى قضايا العالم و شؤون البشرية و أمور الحياة نظرة مادية صرفة.و لهذا فإنّ الغرب المادي يتخذ موقفا على صعيد العقائد و الأخلاق غير الموقف الذي يتخذه في مجال السلطة و المال و الذي تتجسد من خلاله المصالح المادية و الملموسة؛فحيثما يشعر الغرب بأنّ ثمّة مجالا للوصول إلى السلطة و كسب الثروة و الأرباح أو المنافسة فإنّه ينزل إلى الميدان بكل ما لديه من قوة دون أي تساهل أو تسامح أو مداراة،و هذا ما لا يفعله في مجال العقيدة و الأخلاق-أو على أقل تقدير في مقام الإدعاء-حيث يدّعي التسامح و عدم التعصب؛أي أنه لا يقيم لها وزنا؛فلكل شخص أن يختار عقيدته أو أخلاقه بالشكل الذي يريد،و إن كنّا نرى أحيانا أنّ الغربيين يبدون الكثير من العصبية في المجال الثقافي؛أي عند ما يكون الأمر متعلقا بمصالحهم السياسية أو التوسعية أو السلطوية بشكل أو بآخر،فإنهم حتى على الصعيد الثقافي يدخلون الميدان بعنف و عصبية دون إبداء شيء من المرونة أو التسامح.و لكن القاعدة العامة عندهم هي عدم إظهار الحساسية أو إتخاذ موقف ما عند ما يتعلق الأمر بقضايا العقيدة و الدين و الثقافة.

و هذه هي العلمانية؛أي الفكر المحايد و غير المبدئي في مجال العقيدة و الأخلاق و ما إلى ذلك.هذه هي الرؤية المادية الغربية.و بالطبع فإنّ الغربيين ليسوا هكذا جميعا،بل إنّ في الغرب أيضا فكرا معنويا و إلهيا و عرفانيا يعلن عن نفسه في بعض الأحيان،و لا سيما في أيامنا هذه،و لكن هذا هو مبنى الفكر المادي السائد في الغرب بصفة عامة.

ص: 69

الثقافة في الرؤية الإسلامية

إنّ الأمر يختلف تماما عند ما يتعلق الحديث بالإسلام،حيث إن النظرة إلى القضايا العقائدية و الأخلاقية في الإسلام ليست نظرة غير مبالية أو غير مكترثة و لا مسؤولة؛فالإسلام يعطي شطرا من نشر العدالة لقضية العقائد و الأخلاق،أي أنّ الذي يتجاهل الحيلولة دون انحراف شخص ما،مع تمكنه من ذلك،يكون قد أجحف بحقه،كما أنّ الذي يستطيع هداية شخص ما أو توعيته و إرشاده على الصعيد الأخلاقي ثم يتوانى عن ذلك،يكون قد ظلم ذلك الشخص و أجحف في حقه.

و هناك عدة روايات حول تفسير قوله تعالى: مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النّاسَ جَمِيعاً وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النّاسَ جَمِيعاً وَ لَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُنا بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (1)،حيث يقول الإمام عليه السّلام:أي الذي يخلّص إنسانا من الحرق أو القتل (2).

ص: 70


1- سورة المائدة:32.
2- عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه قال النّبي صلّى اللّه عليه و آله من استن بسنة حق كان له أجرها و أجر من عمل بها إلى يوم القيامة،و من استن بسنة باطل كان عليه وزرها و وزر من عمل بها إلى يوم القيامة،و لهذا القول من النّبي صلّى اللّه عليه و آله شاهد من كتاب اللّه و هو قول اللّه عز و جل في قصة قابيل قاتل أخيه مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النّاسَ جَمِيعاً وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النّاسَ جَمِيعاً. و للأخبار في هذه المواضع تأويل في الباطن ليس لظاهره و من هداها لأن الهداية هي حياة الأبد،و من سماه اللّه حيا لم يمت أبدا إنما ينقله من دار محنة إلى دار محنة.الإحتجاج:/592/1احتجاجه عليه السّلام على الزنديق. و في تفسير علي بن إبراهيم:قوله: وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النّاسَ جَمِيعاً قال:من أنقذها من حرق أو غرق أو هدم أو سبع أو كفله حتى يستغني،أو أخرجه من فقر إلى غنى و أفضل من ذلك من أخرجها من ضلال إلى هدى،و اما قوله: فَكَأَنَّما أَحْيَا النّاسَ جَمِيعاً قال:يكون مكانه كمن أحيا الناس جميعا.تفسير القمي:/175/1سورة المائدة/ط الأعلمي.

و لكنه يقول في رواية أخرى:أي الذي يهدي إنسانا.ثم يعقّب قائلا:و ذلك تأويلها الأعظم.

فهداية إنسان واحد كأنها هداية للإنسانية جمعاء،و ذلك لأن الجوهر الإنساني واحد في هذا الإنسان كما في كافة البشرية؛فعند ما تقومون بمدّيد العون للجوهر الإنساني متمثلا في شخص واحد و تفيضون عليه من قبس الهداية-سواء على صعيد الدين أو في مجال الأخلاق-تكونون قد منحتم العون و المساعدة للجوهر البشري بأجمعه،و لهذا فإنّ الدرجة و القيمة واحدة في الحالتين (1).

الثقافة سند للجهاد

إنّ السند الخلفي لجهاد شعوبنا الإسلامية مع الإستكبار العالمي يتمثّل بثقافتنا و هي عبارة عن أخلاقنا الإسلامية و توكّلنا على الله و إيماننا بالإسلام و حبّنا له، المرأة التي تقدّم أربعة من أبنائها شهداء تقول لقد قدّمت هؤلاء هدية للإسلام و أنا مسرورة بشهادتهم،أنا شخصيا رأيت بعض العوائل عن كثب و ذهبت الى منازلهم و تكلمت مع الآباء و الامهات،أنا لا أروي نقلا عن أحد؛لقد رأيت هذه المناظر بنفسي عن قرب،هناك عائلة فيها ولدان و قد استشهد كلاهما،و أخرى فيها ثلاثة استشهدوا جميعا،هل هذا مزاح؟أفيمكن تحمّل هكذا مصيبة؟لقد كان المفروض أن يجنّ الأب و الأم من الحزن و الغمّ و لكننا رأينا خلاف ذلك،رأينا أنّ الأم -و التي غالبا ما تكون أكثر عاطفية-تقول بكلّ حزم"سيدنا لقد قدّمنا أولادنا في سبيل الإسلام و نحن راضون".

و لقد أدرك العدو أنّ تأثير الإسلام و الإيمان بالله يظهر عند ما يقول الأب و الأم

ص: 71


1- ثورة الحسين شمس الشهادة:18.

و أبنهما الشاب«إنّك لم تتجاوز السادسة أو السابعة عشرة من عمرك،و لقد ذهب أخوك الى الجبهة و استشهد فابق أنت هنا أدرس و العب و امرح»و لكن ذلك الشاب يقول«لا،يجب أن أؤدي دوري في الدفاع عن الإسلام»لقد لاحظنا هذه المعنويات كثيرا من خلال قراءة الوصايا التي كان يكتبها الشهداء،و لقد سمعت مثل هذه المفاهيم شخصيا من عوائل الشهداء.

ذات يوم أصدر الإمام(ره)بيانا شرح فيه حاجة الجبهة الى الشباب و كنت خرجت يومها الى الشارع لقضاء بعض الأعمال فرأيت الشوارع ممتلئة بالشباب تماما مثل الأيام الأولى للثورة،و كانت الناس تتحرك أفواجا تلبية لما أمر به الإمام (قدس سره).

و لقد تكرّرت هذه الحالة و نظائرها لمرات عديدة طوال الحرب كلّما نودي باسم الإسلام و كلّما تكلّم الإمام(ر ض)و الذي كان ينطق بلسان الإسلام و كانت الناس تطيعه باعتبار تمثيله للإسلام.كلما كان ذلك رأيت الشعب يتميز غيظا و تحمّسا لتنفيذ أوامره.فيهجر الشباب المدن و الجامعات و الأسواق و ساحات كرة القدم و كلّ المشاغل الأخرى و يذهبون الى الجبهة،حتى يجعلوا أنفسهم عرضة للموت.

إنّ هذه قضية جدّية،و لم يكن العدو غافلا عن ذلك بل كان يتابع و يحلّل.أدرك العدو أنّ لهذه الامة سندا و ما دام هذا السند قائما فلن يكون بالإمكان إخضاع هذه الامة بالمحاصرة العسكرية و الإقتصادية و أمثالها.

يجب تحطيم ذلك السند،و يجب أن تمحى ثقافة هذه الامة و قرآنها و جهادها و إيمانها و إيثارها و اعتقادها بدينها و اعتقادها بقيادتها بالقرآن و الشهادة و الجهاد، و لهذا شرعوا بهذا العمل(الغزو الثقافي)و كانت البيئة ملائمة بعد الحرب،و ذلك لأن جبهات القتال كانت تجلب اهتمام الشباب فلم يكونوا يصغون لأراجيف الأعداء و لكن عند ما خمد لهيب الحرب تهيّأ الظرف لهم فشرعوا بعملهم على جبهة منفتحة،

ص: 72

و استعملوا مختلف الوسائل في هذا المجال.

عند ما أدقّق النظر في سعة الأساليب و الوسائل التي استعملوها أدرك مقدار الأهمية التي يولونها لهذا العمل،و أحد أعمالهم هذه هو تحقير و إهمال التراث الأدبي و الفني و الثقافي و الثوري في البلاد.

إنّ أحد المنجزات المهمة للثورة هي أنّها ربّت عدّة كوادر ثقافية و أدبية و فنية مقتدرة،نحن لدينا الكثير من هذه الكوادر-و الحمد لله-لقد ظهر شعراء و كتّاب كثيرون،و برز مؤلفون ماهرون.

العمل الثقافي و السياسي للإمام الحسين عليه السلام

و في المجال الثقافي أيضا دأب على مكافحة التحريف و نشر الأحكام الإلهية و تربية التلاميذ و الشخصيات الكبيرة،و على الصعيد السياسي أيضا كان يمارس الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

ثم تلا كلّ ذلك جهاده العظيم الذي يتعلق بدوره في الجانب السياسي.فهو مشغول بترويض نفسه على الأصعدة الثلاثة و الترقّي فيها (1).

ص: 73


1- ثورة الحسين شمس الشهادة:21.

الإستقامة عند الإمام الحسين عليه السلام

قال السيد الخامنئي:الإستقامة تعني بالنسبة للإمام الحسين عليه السلام العزم على عدم الانصياع ليزيد و حكمه الجائر.و من هنا انطلقت بوادر التصدّي و عدم الإستسلام لحكومة فاسدة حرّفت نهج الدين بالكامل.بهذه النيّة سار الإمام عليه السّلام من المدينة،لكنه حينما لمس بمكة وجود الناصر قرن مسيرته تلك بالعزم على الثورة.و إلاّ فالجوهر الأصلي لموقفه المعارض هو الوقوف بوجه حكومة لا يتأتّى قبولها أو تحملها وفقا للموازين الحسينية.

فالإمام الحسين عليه السلام وقف أوّل الأمر بوجه هذه الحكومة في وقت لم تكن المشاكل قد برزت بعد،ثم إنّه صار يواجه المشاكل الواحدة تلو الاخرى.

فكانت مسألة الإضطرار للخروج من مكة،ثم اندلاع المعركة في كربلاء و ما تلاها من الضغوط التي تعرّض لها في تلك الواقعة.

الأعذار الشرعيّة التي واجهت الحسين عليه السلام

أحد الامور المهمة التي تعترض سبيل المرء في المواقف الكبرى هي الأعذار الشرعية.فالفروض أو التكاليف توجب على الإنسان أن يؤدّيها،و لكن حينما يستلزم مثل هذا العمل وقوع إشكال كبير-كأن يقتل فيه على سبيل المثال أشخاص كثيرون-هنا يشعر المرء أنّه لم يعد مكلّفا.

ص: 74

أنتم على معرفة بالأعذار الشرعية التي تلاحقت بوجه الإمام الحسين عليه السلام و كانت كفيلة بصرف أي إنسان سطحي الرؤية عن هذا السبيل؛فهو قد واجه أولا نكول أهل الكوفة و مقتل مسلم بن عقيل.و هنا كان بإمكان الإمام الحسين عليه السلام القول بأنّ العذر بات شرعيا و قد سقط التكليف،فأنا كنت عازما على عدم البيعة،و لكن تبيّن لي أنّ موقفا كهذا لا يمكن الإستمرار عليه في مثل هذه الأوضاع و الظروف،و الناس لا طاقة لهم على التحمّل.

إذن فالتكليف ساقط و أنا أبايع مكرها.

كان بميسور الإمام الحسين عليه السلام عند مواجهة ذلك الموقف أن يتصرف على شاكلة الإنسان الذي يحلّ المواقف الكبرى بمثل هذا المنطق و يقول إنّ هؤلاء النسوة و الصبية لا قبل لهم بتحمل هذه الصحراء المحرقة،و على هذا فالتكليف مرفوع،فيميل نحو الخنوع و يقبل بما لم يكن قبله حتى ذلك الحين،أو حتى بعد اندلاع القتال في اليوم العاشر و استشهاد ثلة من أصحابه فهناك تفاقمت عليه المشاكل و بات بإمكانه التذرع بأنّ القتال لم يعد ممكنا،و لا بالمقدور الإستمرار،و لا محيص من التراجع.

أو حينما تكشّف للإمام الحسين عليه السلام بأنّه سيستشهد،و من بعد استشهاده ستبقى حرم اللّه و حرم النبي صلّى اللّه عليه و آله و أمير المؤمنين عليه السلام بيد الرجال الأجانب.

و هنا يعرض له موضوع الشرف و العرض.و كان له باعتباره إنسانا ذا غيرة القول بارتفاع التكليف؛لأنني إذا واصلت هذا الطريق و قتلت فإنّ النساء من آل الرسول و بنات أمير المؤمنين عليه السّلام و أطهر نساء الإسلام سيقعن سبايا بيد الأعداء من الرجال الذين لا أصل لهم و لا فصل و لا يفقهون شيئا من معاني الشرف و الغيرة إذن فالتكليف مرفوع.

ص: 75

فهذا الموقف من واقعة كربلاء ينبغي النظر إليه انطلاقا من هذه الرؤية،و هو أنّ الإمام الحسين عليه السلام لو أراد النظر إلى بعض الحوادث الشديدة الألم و المرارة كحادثة استشهاد علي الأصغر و سبي النساء و عطش الصبية و مقتل الشبان و غيرها من الحوادث الاخرى المروّعة في كربلاء،بمنظار المتشرّع العادي و يتغاضى عن عظمة دوره و رسالته،كان باستطاعته التراجع عند أية خطوة يشاء، ثم يقول أن لا تكليف عليه،و لا مناص الآن من مبايعة يزيد،«و إنّ الضرورات تبيح المحظورات» (1).

إلاّ أنّه عليه السلام لم يتصرف على هذه الشاكلة.هذه هي استقامة الإمام الحسين عليه السلام و هذا هو معنى الاستقامة.

الاستقامة لا تعني في أي موضع كان تحمّل المشاكل؛لأنّ تحمّل المشاكل بالنسبة للإنسان الفذ أيسر من تحمّل هذه الامور التي تبدو في المقاييس الشرعيّة و العرفيّة و العقليّة الساذجة خلافا للمصلحة،لأنّ تحمّلها أصعب من تحمّل المشاكل العصيبة.

قد يقال للمرء تارة:لا تسلك هذا الطريق لأنك ربّما تتعرض للتعذيب.فالإنسان القوي يقول:إني سالك هذا الطريق و لا ضير في تعرّضي للتعذيب.

أو قد يقال لآخر:لا تسلك هذا المسلك لعلك تقتل،ترى الإنسان الفذ يقول:إنّي سالكه و لا أبالي بالقتل.

و لكن تارة أخرى قد لا يقتصر الحديث على مجرد القتل و التعذيب و الحرمان،بل يقال:لا تذهب هذا المذهب،فقد يقتل على أثر موقفك هذا عدد من الناس.و هنا يعرض على بساط البحث موضوع أرواح الآخرين.فيقال له:لا تسر،فمن المحتمل أن يواجه الكثير من النساء و الرجال و الأطفال مصاعب جمّة و عنتا كبيرا من جرّاء0.

ص: 76


1- انظر شرح إحقاق الحق:370.

مسيرك هذا.

و هنا ترتعد فرائص من يهمهم القتل،أمّا الذي لا ترتعد فرائصه،فهو أوّلا:في أعلى درجة من البصيرة و على بيّنة من ضخامة العمل الذي يؤدّيه.

و ثانيا:له من قوة النفس ما لا يتسرب معها إليه الوهن.

و هاتان الميزتان تجلّتا عند الإمام الحسين عليه السّلام في كربلاء.لذلك كانت واقعة كربلاء كشمس سطعت في دياجي التاريخ،و هي ما انفكت ساطعة و ستبقى كذلك أبد الدهر (1).2.

ص: 77


1- ثورة الحسين شمس الشهادة:22.

الحقائق التأريخية في شخصية الحسين عليه السلام

و من الناحية التأريخية أيضا،فإنّ هذا الإسم و هذه الخصوصية و الشخصية هو مقطع تأريخي و كتاب مستقلّ،طبعا ليس تأريخا مبسّطا و سردا للأحداث،بل تفسير و بيان للتأريخ و دروس في الحقائق التأريخية.

إنّنا بالإضافة إلى استلهامنا الدروس من هذه الواقعة،فإنّنا نستخلص العبر منها،فالدروس تقول لنا ماذا يجب فعله،لكنّ العبر تقول أيّة حادثة وقعت و أيّها قد تقع..

و العبرة في قضية الإمام الحسين عليه السلام هي عند ما يتأمّل الإنسان في تأريخ المجتمع الإسلامي،ذلك المجتمع الذي كان يرأسه شخص غير عادي كرسول الله صلّى اللّه عليه و آله،هذا النبي الذي كان يتمتّع بقدرة تفوق إدراك البشر،و المرتبط بالوحي الأزلي و الحكمة الفريدة اللامتناهية،و المجتمع الذي حكمه بعد ذلك علي بن أبي طالب عليه السلام،حيث أصبحت المدينة و الكوفة مركزي هذه الحكومة العظيمة،فما الذي حدث بعد ذلك؟و أيّة جرثومة دخلت بدن هذا المجتمع حتّى قتل الحسين بن علي عليه السلام في ذلك المجتمع و بين هؤلاء الناس و بتلك الصورة بعد مضي نصف قرن على وفاة النبي صلّى اللّه عليه و آله و عشرين سنة على شهادة أمير المؤمنين عليه السلام،فما الذي حدث،و كيف؟!و ما حدث ليس بحقّ ابن مجهول،بل بحقّ من كان يحتضنه النبي الأكرم صلّى اللّه عليه و آله في الصغر،و يصعده معه على المنبر و يخطب في الناس،بحقّ من قال في حقّه رسول الله صلّى اللّه عليه و آله:«حسين منّي و أنا من حسين»،كذا كانت العلاقة وثيقة بين الأب و الإبن،ذلك الإبن الذي كان ركنا

ص: 78

من أركان حكومة أمير المؤمنين عليه السلام في الحرب و الصلح و السياسة،و كان كالشمس الساطعة.

إلاّ أنّ أمر ذلك المجتمع قد آل إلى أن يحاصر ابن النبي صلّى اللّه عليه و آله و ذلك الإنسان البارز العزيز صاحب العمل و التقوى و الشخصية المفخرة،صاحب ذلك الدرس في المدينة و الكثير الأصحاب و الأنصار و المحبّين،و شيعته كثيرون في مختلف مناطق العالم الإسلامي،ثم يقتل عطشانا بتلك الصورة الفجيعة لا لوحده فقط،بل مع جميع رجاله حتّى الطفل البالغ من العمر ستة أشهر،و تساق نساؤه و أطفاله أسارى يطاف بهم من مدينة إلى مدينة.فما القضية؟!و ما الذي حدث؟!هذه هي العبرة.

قارنوا بين مجتمعنا و ذلك المجتمع لتجدوا الفارق بينهما،فقد كان على رأس مجتمعنا الإمام العظيم الشأن و الذي كان أعظم من الناس جميعا في زماننا دون أدنى شكّ،و لكن أين إمامنا من النبي صلّى اللّه عليه و آله؟فمثل هذه القدرة العظيمة التي نشرها النبي صلّى اللّه عليه و آله في ذلك المجتمع بحيث كانت يد النبي صلّى اللّه عليه و آله تقود المجتمع بعد عشرات السنين من وفاته.فلا تتصوّروا أنّ الفتوحات الإسلامية كانت مقطوعة عن نفس النبي صلّى اللّه عليه و آله،بل كانت يد النبي صلّى اللّه عليه و آله هي التي تقود المجتمع الإسلامي،و بناءا على ذلك كان النبي الأكرم صلّى اللّه عليه و آله حاضرا في فتوحات ذلك المجتمع و في مجتمعنا و لا زال حتّى آل الأمر إلى ما نحن عليه الآن.

و إنّني أوصي الشباب و المحصّلين و الطلبة و غيرهم أن يجهدوا في القرآن و يدقّقوا فيه،ليعرفوا ماذا حدث؟ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَ لَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَ لا تُسْئَلُونَ عَمّا كانُوا يَعْمَلُونَ (1)إنّ القرآن يعلّمنا الاعتبار من سيرة الماضين (2).6.

ص: 79


1- سورة البقرة:134.
2- ثورة الحسين شمس الشهادة:26.

البعد المعنوي و العرفاني في شخصية الإمام الحسين عليه السلام

اشارة

لشخصية الإمام الحسين عليه السّلام الألمعية و الباهرة،بعدان:بعد الجهاد و الشهادة و الإعصار الذي أحدثه على مدى التاريخ،و سيبقى هذا الإعصار-على ما يتسم به من بركات-مدويا على مدى الدهر كما بيّنا.

أمّا البعد الآخر فهو بعد معنوي و عرفاني،و يتجلّى هذا البعد في دعاء عرفة بشكل واضح و عجيب.

و قلّما يوجد لدينا دعاء يحمل هذه اللوعة و الحرقة و الانسياق المنتظم في التوسل إلى اللّه و الإبتهال إليه بالفناء فيه،إنه حقّا دعاء عظيم.

ثمة دعاء آخر ليوم عرفة ورد في الصحيفة السجادية عن نجل هذا الإمام العظيم عليهما السلام،كنت في وقت أقارن بين هذين الدعائين.فكنت أقرأ أولا دعاء الإمام الحسين،و أقرأ من بعده الدعاء الوارد في الصحيفة السجادية،و قد تبادر إلى ذهني مرات عديدة أنّ دعاء الإمام السجاد عليه السّلام يبدو و كأنه شرح لدعاء يوم عرفة.

فالأول-أي دعاء الحسين عليه السّلام في يوم عرفة-هو المتن و الثاني شرح له،و ذاك أصل و هذا فرع،دعاء عرفة دعاء مذهل حقا.

و في خطابه عليه السّلام الذي ألقاه على مسامع أكابر شخصيات عصره و أكابر المسلمين التابعين في منى تجدون نفس تلك النغمة و النفس الحسيني المشهود في دعاء عرفة.

ص: 80

واقعة عاشوراء واقعة عرفانية

و يبدو أن خطابه ذلك كان في تلك السنة الأخيرة،أو ربّما في سنة أخرى غيرها، لا أستحضر ذلك حاليا في ذهني لكنه مسطور في كتب التاريخ و الحديث.

إذا نظرنا إلى واقعة عاشوراء و أحداث كربلاء،فمع أنها ساحة قتال و سيف و قتل،لكنكم ترون الحسين عليه السّلام يتكلم و يتعامل بلسان الحبّ و الرضى و العرفان مع اللّه تعالى آخر المعركة حيث وضع خدّه المبارك على تراب كربلاء اللاهبة،تراه يقول:«إلهي رضى بقضائك و تسليما لأمرك لا معبود سواك» (1).

و كذا حين خروجه من مكّة يقول:«من كان باذلا فينا مهجته و موطنا على لقاء اللّه نفسه،فليرحل معنا» (2).

كل قضية كربلاء ترون فيها وجه العرفان و التضرع و الإبتهال.إقترن خروجه ذاك بالتوسل و المناجاة و أمنية لقاء اللّه،و بدأ بذلك الإندفاع المعنوي المشهور في دعاء عرفة،إلى أن انتهى به المطاف في اللحظة الأخيرة،إلى حفرة المنحر حيث قال:

«و رضى بقضائك».

و معنى هذا أنّ واقعة عاشوراء تعد بحدّ ذاتها واقعة عرفانية.و مع أنّها امتزجت بالقتال و القتل و الشهادة و الملحمة-و ملحمة عاشوراء صفحة رائعة بشكل يفوق التصور-و لكن إن نظرتم إلى عمق نسيج هذه الواقعة الملحمية لرأيتم معالم العرفان،و المعنوية،و التضرع،و جوهرية دعاء عرفة.إذن فهذا هو البعد الآخر في شخصية الإمام الحسين عليه السّلام،و هو ما ينبغي أن يكون موضع اهتمام إلى جانب

ص: 81


1- موسوعة الإمام على عليه السّلام للري شهري:248.
2- أعيان الشيعة:593/1.

البعد الأول المتمثل بالجهاد و الشهادة.

القضية التي أروم الإشارة إليها هي أنه يمكن القول قطعا أنّ هذا الاندفاع المعنوي،و العرفان،و الإبتهال إلى اللّه و الفناء فيه،و عدم رؤية الذات أمام إرادته المقدّسة،هو الذي أضفى على واقعة كربلاء هذا الجلال و العظمة و الخلود.

جهاد فعرفان

أو بعبارة أخرى إنّ البعد الأول؛أي بعد الجهاد و الشهادة،جاء كحصيلة و نتاج للبعد الثاني.أي نفس تلك الروح العرفانية و المعنوية التي يفتقد إليها الكثير من المؤمنين ممن يجاهدون و ينالون الشهادة بكل ما لها من كرامة،نفس تلك الروح العرفانية و المعنوية تجدها في شهادة أخرى نابعة من روح الإيمان،و منبثقة من قلب يتحرّق شوقا،و صادرة عن روح متلهفة للقاء اللّه،و مستغرقة في ذات اللّه.هذا اللون الآخر من المجاهدة له طعم و نكهة أخرى،و يضفي أثرا آخر على التكوين (1).

ص: 82


1- ثورة الحسين شمس الشهادة:34.

سلوك الحسين عليه السلام المعنوي و العبودي

إن سلوك الإمام الحسين عليه السّلام منذ خروجه من المدينة و حتى يوم استشهاده في كربلاء كان منطويا على المعنويات و العزة و الشموخ و في نفس الوقت مغمورا بالعبودية و التسليم المطلق لأمر الله،و هكذا كان دائما و في كل المراحل.ففي ذلك اليوم الذي جاءته مئات و ربما آلاف الرسائل تحمل نداء القائلين بأنهم شيعته و أنصاره و أنهم في الكوفة و العراق بانتظار وصوله،فإنه لم يصب بالغرور.

و عندما قال:«خطّ الموت على ولد آدم مخطّ القلادة على جيد الفتاة» (1)فإنه كان يتحدث عن الموت و لم يهدد الأعداء و ينذرهم بالويل و الثبور،كما أنه لم يقم بترغيب أصحابه و لم يقم بتقسيم مناصب الكوفة بينهم.

لقد كانت حركته عليه السّلام حركة إسلامية مفعمة بالعلم و المعرفة و العبودية و التواضع في ذلك اليوم الذي مد فيه الجميع إليه أيديهم و أظهروا له الود و الإخلاص.

و حتى في كربلاء عند ما حاصره ثلاثون ألفا من الأراذل و الأوباش مع أصحابه الذين لم يبلغوا المائة و هددوه و من معه من أعزائه بالموت كما هددوا نساءه و حرمه بالأسر،فإن هذا الرجل الإلهي و العبد الرباني العزيز في الإسلام لم تبد عليه ذرة من الإضطراب.

يقول ذلك الراوي الذي ينقل أحداث يوم عاشوراء التي تناقلتها الألسن و الكتب

ص: 83


1- أبصار العين في أنصار الحسين عليه السّلام:27.

«فو الله ما رأيت مكثورا أربط جأشا من الحسين» (1).

فالإنسان يلتقي الكثيرين في ميادين الحرب المختلفة و في الساحات الإجتماعية و العرصات السياسية و سواها من المجالات الأخرى التي تضم ذوي الإبتلاءات المختلفة؛و لكن الراوي يحكي عن عدم مشاهدته لأحد مثل الحسين بن علي عليه السّلام في موقفه هذا،حيث نزلت عليه شتى المصائب غير أنه واجهها بوجه مستبشر قاطع، مما يدل على قوة العزيمة و رسوخ الإرادة و التوكل على الله.فهذه هي العزة الإلهية، و هذا هو الموقف الذي خطّه الإمام الحسين عليه السّلام في سجل التاريخ،فأدرك الناس أنه ينبغي عليهم النضال في سبيل مثل هكذا حكومة و هكذا مجتمع لا تسيطر عليه الدناءة و الجهالة و الخضوع الإنساني و العنصرية.

فعلى البشر كافة أن يجاهدوا من أجل تحقيق مثل هذا المجتمع،و هو أمر ممكن و سيتحقق.

لقد كان الناس قابعين في ضباب اليأس ذات يوم،ثم جاءت الثورة الإسلامية و استقرت دعائم النظام الإسلامي ليتضح أن كل شيء ممكن.

إنّ النظام الإسلامي لم يبلغ الذروة،لكنه تغلّب على الكثير من العقبات الكبرى في سبيل الوصول إلى تلك المرحلة.

إن وجود الحكومة الطاغوتية و النظام الدكتاتوري و حكومة أولئك الذين يستأسدون على الشعب بينما هم نعامة أمام القوى العظمى و الذين يتعالون على شعوبهم كما الفراعنة بينما هم أذلاء و خاضعون للأجانب،يمثل عقبة كؤودا في طريق الشعوب،و لا سيما إذا كانت تلك الحكومة تحظى بدعم كافة القوى الدولية، و لقد أظهرت الشعوب المسلمة و في طليعتها الشعب الإيراني المسلم أن مثل هذا العمل يعدّ ممكنا و بوسعه القيام به،فأزال تلك العقبة و استمرّ في هذا الطريق.4.

ص: 84


1- المجالس الفاخرة:244.

و بلطف من اللّه و فضله فإنه تمّ اتخاذ الكثير من الخطوات في هذا الطريق،و لكننا مازلنا في منتصف الطريق أيها الأخوة و الأعزاء!فلو حافظنا على رسالة الإمام الحسين عليه السّلام حيّة و نابضة،و لو أدركنا العظمة الكامنة في اسم الإمام الحسين عليه السّلام، و لو تطلعنا لهذه النهضة و اعتبرناها حدثا إنسانيا عظيما على مدى التاريخ،لأعاننا كل ذلك على مواصلة الطريق و التقدم إلى الإمام و على ألاّ نحيد عن درب الإمام الحسين عليه السّلام و على تحقيق ما رسمناه من أهداف بلطف من الله.لقد جعل الله تعالى اسم الإمام الحسين عليه السلام مجلّلا بالعظمة و حافظ على واقعة كربلاء حيّة في التاريخ.و إن ما قلته لا يعني أننا نعمل على جعل اسم الإمام الحسين عظيما،كلاّ، فهذا الحدث أعظم من أن تغطي عليه كافة أحداث الزمان أو أن تمحو رسمه من صفحات التاريخ.

وصايا الشهداء العرفانيّة

نحن شهدنا في فترة الحرب نفحات من تلك النسمة المقدسة،و لم يكن ما سمعتموه من تأكيدات سماحة الإمام الخميني على قراءة وصايا الشهداء وصايا صرفة لا يبتغي شيئا وراءها-حسب ظني-فهو نفسه كان قد قرأ تلك الوصايا، و أثرت في قلبه المبارك تلك الجمرات المتلظّية،فرغب في أن لا يحرم الآخرين من هذه الفائدة.

كما إنني و الحمد للّه كنت طوال فترة الحرب و ما بعدها و حتى يومنا هذا أستأنس بقراءة هذه الوصايا؛و لا حظت كيف أنّ بعضها نابعة من أعماق روح العرفان.

ص: 85

سرعة العرفان عند المجاهد

فالمرحلة التي يبلغها العارف و السالك على مدى ثلاثين أو أربعين سنة؛يتعبد و يرتاض،و يواصل الدراسة على يد الأساتذة،و يكثر من البكاء و التضرع و يكابد المشاق لأجلها،يستطيع أن ينالها شاب في مدّة عشرة أيام أو خمسة عشر يوما،أو عشرين يوما في الجبهة.أي منذ اللحظة التي يتوجه فيها ذلك الشاب إلى الجبهة بأي دافع كان مع وجود الدافع الديني الممتزج بحماس الشباب ثم يتحول ذلك الإندفاع لديه بالتدريج إلى عزم على التضحية و الجود بكل وجوده،و يسطر ذكرياته أو وصيّته،و هو من تلك اللحظات و حتى لحظة استشهاده يزداد تحمسا و شوقا، و يصبح سيره أسرع و قربه أدنى،إلى أن تأتي الأيام الأخيرة و تحل الساعات و اللحظات الأخيرة،فإن يكن قد بقي منه شيء حينذاك،فهو كجمرة تتلظّى،تلسع قلوب من يقرأون تلك الوصايا.

يلاحظ المرء بكل وضوح في ذكريات من استشهدوا نفحة فوّاحة من نفس تلك الروح الحسينية.إذن فلحادثة كربلاء سند معنوي متين.

هذا الإعصار الخالد على مدى التاريخ-و كانت قصور الظلم تخشاه على الدوام و تتقهقر أمامه-متى ما أطل عبر مختلف الحقب التاريخية،يأتي بفعل شبيه بفعل ذلك اليوم،كما هو الحال في ثورتنا.

و هذه الواقعة الكبرى التي كان أثرها ملموسا في كل برهة زمنية على مدى التاريخ،قضت على الكثير من سلالات الجور،و أكسبت الكثير من الناس الضعفاء العزّة و المنعة،و نفحت العزم في قلوب الكثير من الشعوب المقهورة،و جهّزت

ص: 86

الكثير من الناس بسلاح الصمود في سبيل اللّه (1).

أثر ثورة الإمام الحسين على الأخلاق

إنّ ما من شأنه تقليل الأضرار في هذا المجال هي تلك القضايا المعنوية و الأخلاقية و الدعاء و الذكر و التوجّه إلى اللّه و تهذيب النفس و بناء الذات و تطهيرها من الرذائل،و هذا السلوك على قدر كبير من الأهمية.نعم ما أكثر الأشخاص الذين يكثرون من الدعاء و الذكر و ما شابه هذه الأعمال،لكنهم لم ينجحوا في استئصال الرذائل و الأنانية و الكبر و البخل و الحرص و الحسد و الحقد و سوء الظن و الكيد لهذا و ذاك من نفوسهم،أو إلغاء تأثيرها على سلوكهم.

و على العكس من ذلك تلك الجنّة الأخلاقية التي أرادها الإسلام للناس؛فالإسلام أراد للناس أن يتراحموا في ما بينهم،و أن يهتم كل منهم بمصير الآخر،و يحرص على مصالحه،و أن يشارك الآخرين في معاناتهم و يسعى في تصحيح أخطائهم، و أن يدعو أحدهم للآخر،و أن يتعاملوا بالمودة و الرأفة ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَ تَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (2).

المحبّة بين الأخوة،و بين الأصدقاء،و بين الأخوات،و بين أفراد الأمة الإسلامية، و الإرتباط العاطفي،و حب الخير للآخرين،صفات فاضلة و نبيلة،و يجب على المرء أن يعمل للإستزادة منها.

ص: 87


1- ثورة الحسين شمس الشهادة:37.
2- سورة البلد:15.

إن أقبح ما في الإنسان من صفات هو أن يجعل ذاته و مصالحه المادية محورا، و يكون مستعدا لتدمير و إيذاء أناس كثيرين في سبيل إشباع رغباته الخاصّة.هذه الصفات ينبغي معالجتها و اجتثاث جذورها من قلوبنا.و هذه المعاني موجودة في تلك الأدعية.

على الرغم مما نقل إلينا من أدعية مأثورة عن جميع الأئمة(عليهم السلام)-على ما أتصوّر-إلا أنّ المثير في الأمور هو ان أكثرها و أشهرها هو المنقول عن ثلاثة أئمة كانوا قد قضوا أعمارهم في صراعات كبرى و مريرة.أولهم أمير المؤمنين عليه السّلام الذي نقل عنه دعاء كميل،و أدعية أخرى فيها معان و مفاهيم كبيرة.و من بعده الأدعية المروية عن الإمام الحسين عليه السّلام؛كدعاء عرفة الذي يزخر حقّا بمثل تثير الدهشة.ثم من بعدها الإمام السجاد عليه السّلام،ابن واقعة عاشوراء و حامل رسالتها،و المجاهد في قصر الجور قصر يزيد.

هؤلاءهم الأئمة الثلاثة الذين كان لهم الدور الأبرز في ميادين الصراع،و الأدعية المأثورة عنهم هي الأعمق،و العبر المستقاة من أدعيتهم هي الأكثر.

تأمّلوا هذه السجايا الأخلاقية الواردة في الصحيفة السجادية.

أوصيكم أيّها الأعزاء فردا فردا،أن تأنسوا جهد المستطاع بمضامين الصحيفة السجادية فهو كتاب عظيم.و إذا وصفت بأنها زبور آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله،فهي هكذا حقا، فهي زاخرة بالسجع المعنوي،هي دعاء و دروس؛دروس في الأخلاق،و في علم النفس،و في الشؤون الاجتماعية.تأملوا هذه الجملة الواردة فيها:«اللّهم إني أعوذ بك من هيجان الحرص و سورة الغضب،و إلحاح الشهوة». (1)

إنّه يبيّن لنا-بلسان الدعاء-كل واحدة من السجايا المعنوية و الأخلاقية، و الجذور الفاسدة التي تعتمل في نفوسنا.7.

ص: 88


1- الصحيفة السجادية:57.

يجب أن تسألوا اللّه تعالى حين الدعاء و المناجاة،الخلاص و النجاة من هذه المشاكل الداخلية و النفسية.و المجتمع الذي تنشأ مجموعة كبيرة من أفراده على هذه الخصائص التربوية لا تؤثر فيه أي من تلك الأساليب المعادية.

إنّ مجتمعنا و الحمد للّه مجتمع شاب؛أي أنّ نسبة الشباب أكبر،و ستبقى هذه الظاهرة بارزة فيه حتى سنوات طويلة،ريثما يصل الدور إلى أجيال تقليل النسل، بعد سنوات عديدة.و الحالة التي عليها مجتمعنا الحاضر و حتى سنوات مديدة،هي أنه مجتمع شاب.و الشباب من مظاهر النعم الإلهية على الإنسان.لأن الشاب يتّسم بالنقاء و الاخلاص.

إلا أنّ العدو يركز في خططه على جيل الشباب بسبب بعض نقاط الضعف التي يتصفون بها.و لكن نقاط القوّة لدى الشباب أكثر بكثير من نقاط الضعف.

لو أنّ الدعاء و التوسل المقرون بالمعرفة أتّخذ في هذا المجتمع منهجا و سلوكا- بأن يكون التوسل عن معرفة و ليس بلا معرفة و لا إدراك،أي بالمعنى الصحيح للتوسل الذي أوصانا به القرآن،و الروايات المنقولة عن الأئمة،و نهج البلاغة و يمكن أن تكون الصحيفة السجادية خير معين لنا في هذا الصدد.

توجهوا إلى هذا المعنى و إلى هذا المقام المعنوي،تعارفوا مع الأدعية،و عرّفوا هذا النهج للشبّان الآخرين،و لأبنائكم.و أن يكون ذلك.في قالب كلمات الإمام السجاد عليه السّلام التي وردت في الصحيفة السجادية،و أمثال ذلك،و نهج البلاغة يتضمن طبعا نفس هذه الروح المعنوية،يكون هذا المجتمع حينذاك مجتمعا يخشاه كل عدو مستكبر،و يفقد الأمل بإمكانية احتوائه أو هضمه.

و عليه أن يعلم أنه طالما كانت روح الإسلام،و معنوية الإسلام،و التعبّد بالإسلام،و الإعتقاد بالإسلام موجودا في المجتمع،يستحيل على أي عنصر أن

ص: 89

يزيغ بهذا الشعب و هذا المجتمع عن صراط الثورة الإسلامية المستقيم (1).8.

ص: 90


1- ثورة الحسين شمس الشهادة:38.

وضوح المواقف عند الإمام الحسين عليه السلام

كان الإمام الحسين عليه السّلام و منذ نشأته يتمتع بقدر كبير من الصراحة و الوضوح فعند ما كان عمر بن الخطاب يخطب على المنبر،قام اليه الحسين بن علي فقال:

(انزل عن منبر أبي،فقال عمر:منبر أبيك لا منبر أبي...) (1).

و تميز الإمام الحسين عليه السّلام بالصراحة في القول و السلوك فهو لم يخادع و لم يضلل،و اتسمت حركته بالوضوح و الصدق و كان صريحا مع أصحابه و مع أعدائه،و ابتعد عن سلوك المنعطفات التي يحيطها الغموض و المواربة و كان من نماذج سمو ذاته و عظمة صراحته أن الوليد حاكم يثرب دعاه في غلس الليل و أخبره بهلاك معاوية و طلب منه البيعة ليزيد مكتفيا بها في جنح الظلام فامتنع و صارحه بكل وضوح قائلا:«يا أمير إنا أهل بيت النبوة و معدن الرسالة،بنا فتح الله و بنا ختم،و يزيد فاسق فاجر،شارب الخمر،قاتل النفس المحترمة،معلن بالفسوق و الفجور،و مثلي لا يبايع مثله...» (2).

-من مشاهد الصراحة التي تألقت في سماء كربلاء انه جمع أصحابه و خاطبهم قائلا:«...أما بعد فاني لا أعلم أصحابا أو فى و لا خيرا من أصحابي،و لا أهل بيت أبر و لا أوصل من أهل بيتي،فجزاكم الله جميعا عني خيرا،ألا و إني لأظن يومنا من هؤلاء الأعداء غدا،و إني قد أذنت لكم جميعا فانطلقوا في حل ليس عليكم مني ذمام،

ص: 91


1- تأريخ الخلفاء للسيوطي:172.
2- الفتوح لابن الأعثم 14/5،دار الكتب العلمية،بيروت-لبنان،ط 1،1406 ه-1986 م.

هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا...

ثم تفرّقوا في البلاد في سوادكم و مدائنكم حتى يفرج الله فإن القوم يطلبونني و لو أصابوني للهوا عن طلب غيري...» (1).3.

ص: 92


1- الكامل في التاريخ لابن الأثير 57/4-58،دار صادر،بيروت-لبنان،1385 ه-1995 م،و سير أعلام النبلاء 301/3.

هيبة الإمام الحسين عليه السلام و وقاره

-كانت حلقات درس الإمام عليه السّلام في المسجد النبوي الشريف غاية في الجلالة و المهابة فلقد وصفه معاوية لرجل من قريش ذاهب إلى المدينة قائلا:إذا دخلت مسجد رسول الله صلّى اللّه عليه و آله فرأيت حلقة فيها قوم كأن على رؤوسهم الطير فتلك حلقة أبي عبد الله.

-كان من عظمة هيبة الإمام الحسين و مكانته في نفوس المسلمين ما رواه البلاذري،من أنه ما اجتاز هو و أخوه الإمام الحسن عليه السّلام على ركب في حال سفرهما إلى بيت الله الحرام ماشين،إلا ترجّل ذلك الركب تعظيما و اكبارا لهما (1).

-كان الإمامان الحسن و الحسين إذا طافا بالبيت الحرام يكاد الناس يحطمونهما مما يزدحمون عليهما للسلام عليهما رغم طغيان الأمويين و عقاب كل من يحب آل البيت الطاهرين (2).

ص: 93


1- الإمام الحسين بن علي،د.محمد بيومي مهران 319/8،دار النهضة العربية،بيروت-لبنان، 1990 م.
2- المصدر السابق.

عفو الإمام الحسين عليه السلام عن المسيء

ارتكب غلام له خطأ فأراد تأديبه فقال له الغلام:يا مولاي«و الكاظمين الغيظ».

قال الإمام عليه السّلام:«خلّوا عنه».

قال الغلام:«و العافين عن الناس».

فقال الإمام«قد عفوت عنك».

قال:يا مولاي«و الله يحب المحسنين».

قال عليه السّلام:أنت حر لوجه الله تعالى و أجازه بجائزة سنية (1).

ص: 94


1- الفصول المهمة لابن الصباغ:128.

الجود و السخاء عند الإمام الحسين عليه السلام

من مزايا الإمام أبي الأحرار عليه السّلام الجود و السخاء فقد كان ملاذا للفقراء و المحرومين،و ملجأ لمن جارت عليه الأيام،و كان يثلج قلوب الوافدين إليه بهباته و عطاياه يقول كما الدين بن طلحة:

«و قد اشتهر النقل عنه أنه كان يكرم الضيف،و يمنح الطالب،و يصل الرحم، و يسعف السائل،و يكسو العاري،و يشبع الجائع،و يعطي الغارم و يشد من الضعيف،و يشفق على اليتيم،و يغني ذا الحاجة،و قلّ أن وصله مال إلا فرّقه،و هذه سجية الجواد و شنشنة الكريم،و سمة ذي السماحة،و صفة من قد حوى مكارم الأخلاق،فأفعاله المتلوة شاهدة له بصنعة الكرم،ناطقة بأنه متصف بمحاسن الشيم..».

و يقول المؤرخون إنه كان يحمل في دجى الليل البهيم الجراب يملؤه طعاما و نقودا إلى منازل الأرامل و اليتامى و المساكين حتى أثر ذلك في ظهره و كان يحمل إليه المتاع الكثير فلا يقوم حتى يهب عامته،و قد عرف معاوية فيه هذه الظاهرة فأرسل إليه بهدايا و ألطاف كما أرسل إلى غيره من شخصيات يثرب و أخذ يحدث جلساءه بما يفعله كل واحد منهم بتلك الألطاف فقال في الحسين:

«أما الحسين فيبدأ بأيتام من قتل مع أبيه بصفين فإن بقي شيء نحر به الجزور و سقى به اللبن...».

و بعث رقيبا يرى ما يفعله القوم فكان كما أخبر فقال معاوية:

ص: 95

«أنا ابن هند،أنا أعلم بقريش من قريش».

و على أي حال فقد نقل المؤرخون بوادر كثيرة من جود الإمام و سخائه نلمّح إلى بعضها.

1-مع أسامة بن زيد:

و مرض أسامة بن زيد مرضه الذي توفي فيه فدخل عليه الإمام عائدا فلما استقر به المجلس قال أسامة:

-و اغماه.

-ما غمك؟.

-ديني و هو ستون ألفا.

-هو علي.

-أخشى أن أموت قبل أن يقضى.

-لن تموت حتى أقضيها عنك.

و بادر الإمام عليه السّلام فقضاها عنه قبل موته و قد غض طرفه عن أسامة فقد كان من المتخلفين عن بيعة أبيه،فلم يجازيه بالمثل و إنما أغدق عليه بالإحسان.

2-مع جارية له:

روى أنس قال:كنت عند الحسين فدخلت عليه جارية بيدها طاقة ريحان فحيته بها،فقال لها:أنت حرة لوجه الله تعالى،و بهر أنس فانصرف يقول:

جارية تجيئك بطاقة ريحان،فتعتقها؟!!

-كذا أدّبنا الله،قال تبارك و تعالى: إِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها، و كان أحسن منها عتقها و بهذا السخاء و الخلق الرفيع ملك قلوب المسلمين و هاموا بحبه و ولائه.

3-مع غارم:

ص: 96

كان الإمام الحسين عليه السّلام جالسا في مسجد جده الرسول صلّى اللّه عليه و آله و ذلك بعد وفاة أخيه الحسن عليه السّلام،و كان عبد الله بن الزبير جالسا في ناحية منه كما كان عتبة بن أبي سفيان جالسا في ناحية أخرى منه،فجاء أعرابي على ناقة فعقلها و دخل المسجد فوقف على عتبة بن أبي سفيان فسلّم عليه فرد عليه السلام،فقال له الأعرابي:

«إني قتلت ابن عم لي،و طولبت بالدية فهل لك أن تعطيني شيئا؟».

فرفع عتبة إليه رأسه و قال لغلامه:ادفع إليه مائة درهم،فقال له الأعرابي:

«ما أريد إلا الدية تامة».

فلم يعن به عتبة،فانصرف الأعرابي آيسا منه،فالتقى بابن الزبير فعرض عليه قصته،فأمر له بمائتي درهم فردها عليه،و أقبل نحو الإمام الحسين عليه السّلام فرفع إليه حاجته،فأمر له بعشرة آلاف درهم،و قال له:هذه لقضاء ديونك،و أمر له بعشرة آلاف درهم أخرى و قال له:هذه تلم بها شعثك و تحسن بها حالك،و تنفق بها على عيالك،فاستولت على الأعرابي موجات من السرور و اندفع يقول:

طربت و ما هاج لي معبق و لا لي مقام و لا معشق

و لكن طربت لآل الرسو ل فلّذ لي الشعر و المنطق

هم الأكرمون الأنجبون نجوم السماء بهم تشرق

سبقت الأنام إلى المكرمات و أنت الجواد فلا تلحق

أبوك الذي ساد بالمكرمات فقصر عن سبقه السبق

به فتح الله باب الرشاد و باب الفساد بكم مغلق

4-مع أعرابي:

و قصده أعرابي فسلّم عليه و سأله حاجته،و قال:سمعت جدك يقول:إذا سألتم حاجة فاسألوها من أربعة إما عربي شريف،أو مولى كريم،أو حامل القرآن،أو

ص: 97

صاحب وجه صبيح،فأما العرب فشرفت بجدك،و أما الكرم فدأبكم و سيرتكم،و أما القرآن ففي بيوتكم نزل،و أما الوجه الصبيح فإني سمعت رسول الله صلّى اللّه عليه و آله يقول:إذا أردتم أن تنظروا إليّ فانظروا إلى الحسن و الحسين.

فقال له الحسين عليه السّلام:ما حاجتك؟

فكتبها الأعرابي على الأرض،فقال له الحسين عليه السّلام:سمعت أبي عليا يقول:

المعروف بقدر المعرفة فأسألك عن ثلاث مسائل إن أجبت عن واحدة فلك ثلث ما عندي،و إن أجبت عن اثنتين فلك ثلثا ما عندي و إن أجبت عن الثلاث فلك كل ما عندي،و قد حملت إلي صرة من العراق.

الأعرابي:سل و لا حول و لا قوة إلا بالله.

الإمام الحسين:أي الأعمال أفضل؟

-الإيمان بالله.

-ما نجاة العبد من الهلكة؟

-الثقة بالله.

-ما يزين المرء؟

-علم معه حلم.

-فإن أخطأه ذلك؟

-مال معه كرم.

-فإن أخطأه ذلك.

-فقر معه صبر.

-فإن أخطأه ذلك.

-صاعقة تنزل من السماء فتحرقه.

فضحك الإمام و رمى إليه بالصرة.

ص: 98

5-مع سائل:

و وفد عليه سائل فقرع الباب و أنشأ يقول:

لم يخب اليوم من رجاك و من حرك من خلف بابك الحلقه

أنت ذو الجود أنت معدنه أبوك قد كان قاتل الفسقه

و كان الإمام واقفا يصلي فخفّف من صلاته،و خرج إلى الأعرابي فرأى عليه أثر الفاقة،فرجع و نادى بقنبر فلما مثل عنده قال له:ما تبقى من نفقتنا؟قال:مائتا درهم أمرتني بتفرقتها في أهل بيتك،فقال:هاتها فقد أتى من هو أحق بها منهم،فأخذها و دفعها إلى الأعرابي معتذرا منه و هو ينشد هذه الأبيات:

خذها فإني إليك معتذر و اعلم بأني عليك ذو شفقة

لو كان في سيرنا عصا تمد إذن كانت سمانا عليك مندفقة

لكن ريب المنون ذو نكد و الكف منا قليلة النفقة

فأخذها الأعرابي شاكرا و داعيا له بالخير،و انبرى مادحا له:

مطهرون نقيات جيوبهم تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا

و أنتم أنتم الأعلون عندكم علم الكتاب و ما جاءت به السور

من لم يكن علويا حين تنسبه فما له في جميع الناس مفتخر

هذه بعض بوادر كرمه و سخائه و هي تكشف عن مدى تعاطفه و حنوه على الفقراء،و أنه لم يبغ أي مكسب سوى ابتغاء مرضاة الله و التماس الأجر في الدار الآخرة..و بهذا ينتهي بنا الحديث عن بعض نزعاته و صفاته التي بلغ بها ذروة الكمال المطلق،و احتل بها قلوب المسلمين فهاموا بحبه و الولاء له (1).1.

ص: 99


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:91/1.

إلتزام الإمام الحسين عليه السلام بتعاليم الإسلام

العدة عن سهل،و علي،عن أبيه،جميعا عن ابن محبوب،عن زياد بن عيسى، عن عامر بن السمط،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أن رجلا من المنافقين مات فخرج الحسين ابن علي عليهما السّلام يمشي معه،فلقيه مولى له،فقال له الحسين:أين تذهب يا فلان؟

قال:فقال له مولاه،أفر من جنازة هذا المنافق أن اصلي عليها،فقال له الحسين عليه السّلام:انظر أن تقوم على يميني فما تسمعني أقول فقل مثله.

فلما أن كبر عليه وليه،قال الحسين عليه السّلام:اللّه أكبر اللهم العن فلانا عبدك ألف لعنة مؤتلفة غير مختلفة،اللهم اخز عبدك في عبادك و بلادك،و أصله حر نارك،و أذقه أشد عذابك،فإنه كان يتولى أعداءك،و يعادى أولياءك و يبغض أهل بيت نبيك (1).

العدة،عن سهل،عن ابن أبي نجران،عن مثنى الحناط،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

كان الحسين بن علي عليه السّلام جالسا فمرت عليه جنازة،فقام الناس حين طلعت الجنازة (2)فقال الحسين عليه السّلام:مرت جنازة يهودي فكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على طريقها جالسا فكره أن تعلو رأسه جنازة يهودي فقام لذلك (3).

علي عن أبيه،و محمد بن إسماعيل،عن الفضل،جميعا عن ابن أبي عمير و صفوان،عن معاوية بن عمار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إن الحسين ابن علي

ص: 100


1- بحار الأنوار:197/40-205 ح 20،و الكافي:ج 3 ص 189 باب الصلاة على الناصب الرقم 2،و مثله تحت الرقم 3.
2- يعنى و لم يقم الحسين عليه السلام.
3- بحار الأنوار:197/40-205 ح 22،و الكافي:ج 3 ص 192.

صلوات اللّه عليه خرج معتمرا فمرض في الطريق،فبلغ عليا عليه السّلام ذلك و هو في المدينة،فخرج في طلبه فأدركه بالسقيا (1)و هو مريض بها،فقال:يا بني ما تشتكي؟

فقال:أشتكي رأسي،فدعا علي عليه السّلام ببدنة فنحرها و حلق رأسه ورده إلى المدينة فلما برأ من وجعه اعتمر (2).

أبو العباس،عن محمد بن جعفر،عن محمد بن عبد الحميد،عن سيف ابن عميرة،عن أبي شيبة الأسدي،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:خضب الحسين عليه السّلام بالحناء و الكتم (3).

و الحناء كقثاء نبات يزرع و يكبر حتى يقارب الشجر الكبار،ورقه كورق الرمان و عيدانه كعيدانه،له زهر أبيض كالعناقيد يتخذ من ورقه الخضاب الاحمر،و الكتم بالتحريك نبت قوهى ورقه كورق الاس يخضب به مدقوقا (4).

العدة،عن البرقي،عن عدة من أصحابه،عن ابن أسباط،عن عمه يعقوب بن سالم قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:قتل الحسين عليه السّلام و هو مختضب بالوسمة.

و عنه،عن أبيه،عن يونس،عن الحضرمي عنه عليه السّلام مثله (5).3.

ص: 101


1- بالضم:موضع بين المدينة و وادى الصفراء.
2- الكافي:ج 4 ص 369 باب المحصور و المصدود الرقم 3 و الحديث مختصر.
3- الكافي:كتاب الزى و التجمل باب الخضاب الرقم 9 راجع ج 6 ص 481.
4- بحار الأنوار:197/40-205 ح 23.
5- بحار الأنوار:197/40-205 ح 24،و الكافي:ج 6 ص 483.

لمحات من حياته العملية

قال حبر الأمة عبد الله بن عباس:«الحسين من بيت النبوة و هم ورثة العلم» (1).

قال له نافع بن الأزرق-زعيم الأزارقة من الخوارج-صف لي إلهك الذي تعبده:

فرد عليه الحسين عليه السّلام بقوله:يا نافع من وضع دينه على القياس لم يزل الدهر في التباس،مائلا ناكبا عن المنهاج ظاعنا بالإعوجاج،ضالا عن السبيل،قائلا غير الجميل،يابن الأزرق:أصف الهي بما وصف به نفسه،لا يدرك بالحواس،و لا يقاس بالناس،قريب غير ملتصق،و بعيد غير منتقص،يوحد و لا يبعض،معروف بالآيات، موصوف بالعلامات لا إله إلى هو الكبير المتعال».

فبكى ابن الأزرق و قال:يا حسين ما أحسن كلامك. (2)

يقول ابن حجر في الإصابة:حفظ الحسين عليه السّلام عن جده رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و روى عنه و أخرج له أصحاب السنن،أبو داود و الترمذي و النسائي و روى ابن ماجة و أبو يعلي عنه.

روى الإمام الحسين عليه السّلام عن أبيه و أمه و روى عنه أخوه الحسن عليه السّلام و بنوه علي زين العابدين و فاطمة و سكينة و حفيده الباقر و الشعبي و عكرمة و شيبان الدؤلي و كرز التيمي و آخرون (3).

ص: 102


1- مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 130/7.
2- مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 130/7-131.
3- الإصابة لابن حجر 332/1.

من حكمه و مواعظه

قال عليه السلام عند مسيره إلى كربلاء:إن هذه الدنيا قد تغيّرت و تنكّرت،و أدبر معروفها،فلم يبق منها إلا صبابة كصبابة الأناء و خسيس عيش كالمرعى الوبيل، ألا ترون إلى الحق لا يعمل به؟و إلى الباطل لا يتناهى عنه،ليرغب المؤمن في لقاء الله محقا فإني لا أرى الموت إلا سعادة و الحياة مع الظالمين إلا برما،إن الناس عبيد الدنيا و الدين لعق على ألسنتهم يحوطونه مادرت معائشهم فإذا محصوا بالبلاء قلّ الديانون (1).

قال عليه السلام:إن قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار و إن قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد و إن قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الأحرار و هي أفضل العبادة (2).

-قال لابنه علي بن الحسين عليه السّلام:أي بني إياك و ظلم من لا يجد عليك ناصرا إلا الله جل و عز (3).

-قال عليه السّلام لرجل من الأنصار سأله حاجة:«...لا ترفع حاجتك إلا إلى احد ثلاث:

إلى ذي دين أو مرؤة أو حسب فأما ذو الدين فيصون دينه،و أما ذو المروة فإنه يستحيي لمرؤته،و أما ذو الحسب فيعلم انك لم تكرم وجهك أن تبذله له في حاجتك فهو يصون وجهك أن يردك بغير قضاء حاجتك (4).

و من كلامه المرتجل قوله في توديع أبي ذر،و قد أخرجه عثمان بن عفان من المدينة بعد أن أخرجه معاوية من الشام«يا عماه،إن الله قادر على أن يغيّر ما قد

ص: 103


1- تحف العقول،لابن شعبة الحراني:245.
2- تحف العقول 246.
3- المصدر السابق.
4- تحف العقول 247.

ترى،و الله كل يوم هو في شأن،و قد منعك القوم دنياهم و منعتهم دينك،و ما أغناك عما منعوك و أحوجهم إلى ما منعتهم،فأسأل الله الصبر و النصر و استعذ به من الجشع و الجزع،فإن الصبر من الدين و الكرم و أن الجشع لا يقدم رزقا و الجزع لا يؤخر أجلا» (1).5.

ص: 104


1- الإمام الحسين للبيومي 324/8-335.

عصمة الإمام الحسين عليه السلام

من آيات الله البينات الدالة على عصمة أهل البيت عليهم السّلام من الذنوب،و على طهارتهم من الزيغ و الآثام،آية التطهير قال تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (1).

-أجمع الرواة أنها نزلت في رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و في أمير المؤمنين عليه السّلام و فاطمة و الحسن و الحسين عليه السّلام (2).

-و يمكن الإستدلال بها على عصمة أهل البيت بأنه تعالى حصر إرادة إذهاب الرجس-أي المعاصي-بكلمة إنما هي من أقوى أدوات الحصر و بدخول اللام في الكلام الخبري و بتكرار لفظ الطهارة،و ذلك يدل-بحسب الصناعة-على الحصر و الإختصاص و من المعلوم أن إرادة الله تعالى يستحيل فيها تخلّف المراد عن الإرادة إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ و بذلك يتم الإستدلال بها على عصمة أهل البيت من كل ذنب و معصية (3).

ص: 105


1- سورة الأحزاب 22.
2- الإستيعاب 204/3.
3- حياة الإمام الحسن للقرشي 70/1،دار البلاغة،بيروت-لبنان،ط 1،1413 ه-1993 م.

الإمام الحسين في خلافة أبيه عليهما السلام

حرص الإمام علي عليه السّلام تمام الحرص على غرس الفضائل السامية و الخصال الشريفة في نفوس أبنائه،و خاصة الحسن و الحسين فكان يقوم بتربيتهما على الفروسية و النجدة و الشهامة و الكرم و الجود و البلاغة و الحكمة و مكارم الأخلاق و من ثم كان يستعين بهما عند كل نازلة فعندما اضطر إلى الدخول في معركة الجمل،كان الحسن على ميمنته،و الحسين على ميسرته كما صاحب الحسن و الحسين عليه السّلام أباهما في صفين و قد أحاطا به يقيه كل منهما بنفسه،فيكره الإمام عليه السّلام علي ذلك و يأبى إلا أن يتقدم عليهما ليحول بينهما و بين أهل الشام،و ذلك لأن الإمام عليا عليه السّلام رغم حرصه الشديد على تنشئة أولاده على البطولة و الفداء كان دائما يدفع الخطر عن الحسن و الحسين مخافة أن يصيبهما شر فتنقطع ذرية رسول الله صلّى اللّه عليه و آله فكان يقول عليه السّلام«أملكوا عني هذين الغلامين-يعني الحسن و الحسين-لئلا ينقطع بهما نسل رسول الله صلّى اللّه عليه و آله (1).

-حينما وقى علي عليه السّلام ولديه الحسن و الحسين بنفسه سئل محمد بن الحنفية:

لم يغرر بك أبوك في الحرب و لا يغرر بأخويك؟فأجاب:«إنهما عيناه،و أنا يمينه، فهو يدفع عن عينيه بيمينه» (2).

الإمام الحسين عليه السّلام في خلافة أخيه الإمام الحسن عليه السّلام:

ص: 106


1- نهج البلاغة 323 تبويب صبحي الصالح،منشورات دار الهجرة،قم.
2- الإمام الحسين بن علي،دكتور محمد بيومي مهران 55.

-ولد الإمامان الحسن و الحسين في بيت النبوة،و عاشا معا منذ عهدهما بالحياة،يحظيان بحب جدهما المصطفى صلّى اللّه عليه و آله و حنان أمهما فاطمة الزهراء عليه السّلام و رعاية أبيهما الإمام علي عليه السّلام و لما كان فارق السن بينهما قليلا لا يكاد يزيد عن العام فقد كانا متقاربين في أحوالهما يخرجان معا و يمكثان في البيت معا و يذهبان إلى مسجد جدهما معا و كانت حياتهما معا كلها تقوى و صلاح و عبودية لله سبحانه و تعالى و جهاد في سبيل الله إعلاء لكلمته (1).

-تجاوب الإمام الحسين عليه السّلام مع أخيه الإمام الحسن عليه السّلام في زمن خلافته في أمر الصلح مع معاوية بن أبي سفيان و لم يخالفه كما يزعم الآخرون في رواياتهم الموضوعة حول هذه المسالة.

بل كان موقفه كموقف أخيه الحسن عليه السّلام فكان يرى ضرورة عقد الصلح و كان يكبر أخاه و يجلّه و لا يخالف له أمرا،فقد روى حفيده الإمام الباقر عليه السّلام عن مدى إجلاله و تعظيمه له قال:«ما تكلم الإمام الحسين بين يدي الإمام الحسن إعظاما له» (2).2.

ص: 107


1- الإمام الحسين بن علي للبيومي 56/8.
2- حياة الإمام الحسن للقرشي 244/2،نقلا عن مناقب ابن شهر آشوب 143/2.

موقفه من الصلح مع معاوية

لما أبرم الصلح جاء عدي بن حاتم و معه عبيدة بن عمر إلى الإمام الحسين عليه السّلام فدعا الإمام إلى إثارة الحرب قائلا:

«يا أبا عبد الله شريتم الذل بالعز،و قبلتم القليل،و تركتم الكثير،أطعنا اليوم، و اعصنا الدهر،دع الحسن،و ما رأى في هذه الصلح و اجمع إليك شيعتك من أهل الكوفة و غيرها و ولّني و صاحبي هذه المقدمة،فلا يشعر ابن هند إلا و نحن نقارعه بالسيوف.

فقال الحسين عليه السّلام:«إنا قد بايعنا و عاهدنا و لا سبيل لنقض بيعتنا».

-عند وفاة الإمام الحسن عليه السّلام رفعت إلى الحسين طوائف من زعماء العراق عدة رسائل يطلبون منه إعلان الثورة على معاوية فامتنع عليهم و ذكر أن بينه و بين معاوية عهدا و عقدا لا يجوز له نقضه حتى تمضي المدة فان مات معاوية نظر في ذلك (1).

زعم بعض المؤرخين أن الإمام الحسين عليه السّلام كان كارها لما فعله أخوه و أنه قال له:

«أنشدك الله أن تصدق أحدوثة معاوية و تكذب أحدوثة أبيك»فأجابه الحسن عليه السّلام:«أنا أعلم بهذا الأمر منك» (2).

ص: 108


1- الإرشاد للمفيد 32/2.
2- أسد الغابة لابن الاثير 21/2.

و افتعل آخرون حكايات زائفة مفادها ان الحسين عند ما اعترض على صلح أخيه الحسن عليه السّلام مع معاوية قال له أخوه الحسن:«و الله ما أردت أمرا إلا خالفتني عليه».

و هذا يتنافي و سيرة أهل البيت و الطاعة المفروضة للمعصوم.

ص: 109

موقفه من بيعة يزيد بن معاوية

بعد وفاة معاوية تسلّم يزيد قيادة الدولة الإسلامية،و أصدر أوامره المشددة إلى عامله على يثرب الوليد بن عتبة بإرغام المعارضين له على البيعة و قد كتب إليه:

«إذا أتاك كتابي هذا،فأحضر الحسين بن علي،و عبد الله بن الزبير،فخذهما بالبيعة لي،فإن امتنعا فاضرب أعناقهما و ابعث لي برأسيهما،و خذ الناس بالبيعة، فمن امتنع فأنفذ فيه الحكم،و في الحسين بن علي و عبد الله بن الزبير و السلام» (1).

فزع الوليد مما عهد إليه يزيد من التنكيل بالمعارضين،فقد كان على يقين من أن أخذ البيعة من هؤلاء النفر ليس بالأمر السهل و إن هؤلاء النفر لم يستطع معاوية مع ما يتمتع به من قابليات و دهاء و مكر أن يخضعهم لبيعة يزيد،فكيف يصنع الوليد أمرا عجز عنه معاوية.

و حار الوليد في أمره،فرأى انه في حاجة إلى مشورة مروان عميد الأسرة الأموية،فبعث خلفه فأقبل مروان فنعى إليه معاوية،فجزع مروان و عرض عليه ما أمره يزيد من إرغام المعارضين على البيعة له و إذا أصرّوا على الإمتناع فيضرب أعناقهم،و طلب من مروان أن يمنحه النصيحة،و يخلص له في الرأي.

أشار مروان على الوليد فقال له:«إبعث إليهم في هذه الساعة فتدعوهم إلى البيعة و الدخول في طاعة يزيد فإن فعلوا قبلت ذلك منهم و إن أبوا قدّمهم و اضرب أعناقهم قبل أن يدروا بموت معاوية،فإنهم إن علموا ذلك،وثب كل رجل منهم

ص: 110


1- تاريخ اليعقوبي 241/2.

فأظهر الخلاف و دعا إلى نفسه،فعند ذلك أخاف أن يأتيك من قبلهم ما لا قبل لك به، إلا عبد الله بن عمر فانه لا ينازع في هذا الأمر أحدا...مع أني أعلم ان الحسين بن علي لا يجيبك إلى بيعة يزيد،و لا يرى له عليه طاعة،و والله لو كنت في موضعك لم أراجع الحسين بكلمة واحدة حتى أضرب رقبته كائنا في ذلك من كان» (1).

أرسل الوليد عبد الله بن عمرو بن عثمان و هو غلام حدث إلى الحسين و ابن الزبير يدعوهما،فوجدهما في المسجد و هما جالسان فأتاهما في ساعة لم يكن الوليد يجلس فيها للناس فقال:أجيبا الأمير فقالا:

إنصرف،الآن نأتيه و قال ابن الزبير للحسين:ما تراه بعث إلينا في هذه الساعة التي لم يكن يجلس فيها؟فقال الحسين:أظن أن طاغيتهم قد هلك فبعث إلينا ليأخذ بالبيعة قبل أن يفشو في الناس الخبر،فقال ابن الزبير:و أنا ما اظن غيره فما تريد أن تصنع؟فأجابه الحسين:أجمع فتياني في الساعة ثم أمشي إليه و أجلسهم على الباب.قال فاني أخافه عليك إذا دخلت فقال الحسين عليه السّلام:لا آتيه إلا و أنا قادر على الإمتناع (2).

جمع الإمام الحسين عليه السّلام أهل بيته و أمرهم بلبس السلاح و الخروج معه،فخفّوا محدقين به فأمرهم بالجلوس على الدار و قال لهم:«إني داخل فإذا دعوتكم أو سمعتم صوتي قد علا فادخلوا علي بأجمعكم و إلا فلا تبرحوا حتى أخرج إليكم»،ثم دخل فسلّم و مروان عنده فقال الحسين لهما:«الصلة خير من القطيعة،و الصلح خير من الفساد و قد آن لكما أن تجتمعا،أصلح اللّه ذات بينكما»...و لم يجيباه بشىء فقد علاهما صمت رهيب و التفت الإمام الحسين عليه السّلام إلى الوليد فقال له:هل اتاك من معاوية خبر؟فإنه كان عليلا و قد طالت علته فكيف حاله الآن؟فأقرأه الوليد الكتاب5.

ص: 111


1- الفتوح،لابن الأعثم 9/5-10.
2- الكامل في التاريخ:14/4-15.

و نعى له معاوية و دعاه إلى البيعة،فاسترجع الحسين و قال:إن مثلي لا يبايع سرا، و لا يجتزئ بها مني سرا فإذا خرجت إلى الناس و دعوتهم إلى البيعة دعوتنا معهم كان الأمر واحدا،فقال له الوليد إنصرف،فقال له مروان:«لئن فارقك الساعة و لم يبايع لا قدرت منه على مثلها أبدا حتى تكثر القتلى بينكم و بينه أحبسه فإن بايع،و إلا ضربت عنقه.فوثب عند ذلك الحسين و قال:يابن الزرقاء أأنت تقتلني أم هو؟كذبت و الله و لؤمت» (1).

أقبل الحسين عليه السّلام على الوليد بن عتبة و قال:أيها الأمير إنا أهل بيت النبوة، و معدن الرسالة و مختلف الملائكة و محل الرحمة بنا فتح اللّه و بنا ختم،و يزيد رجل فاسق شارب للخمر قاتل النفس المحترمة،معلن بالفسق و مثلي لا يبايع مثله و لكن نصبح و تصبحون و ننظر و تنظرون أينا أحق بالخلافة و البيعة» (2).

لما خرج الإمام الحسين عليه السّلام من مجلسه قال مروان للوليد:عصيتني!لا و الله لا يمكنك مثلها من نفسه أبدا،فقال الوليد:ويحك أشرت علي بقتل الحسين بن علي بن فاطمة الزهراء،و الله ما أظن أحدا يلقى الله بقتل الحسين إلا و هو خفيف الميزان عند الله،و لا ينظر إليه و لا يزكّيه و له عذاب أليم.

و قال له مروان ساخرا:«إذا كان هذا رأيك فقد أصبت» (3).5.

ص: 112


1- الكامل في التاريخ 15/4.
2- الفتوح،لابن الأعثم 14/5.
3- الكامل في التاريخ 15/4-16،الفتوح،لابن الأعثم 14/5.

المسؤولية الدينية عند الإمام الحسين عليه السلام

اشارة

-خطب الإمام الحسين عليه السّلام أمام الحر و أصحابه قائلا:

«أيها الناس:إن رسول الله صلّى اللّه عليه و آله قال:من رأى سلطانا جائرا،مستحلا لحرم الله، ناكثا لعهد الله،مخالفا لسنة رسول الله صلّى اللّه عليه و آله،يعمل في عباد الله بالإثم و العدوان، فلم يغير عليه بقول و لا فعل كان حقا على الله أن يدخله مدخله» (1).

طلب الإصلاح في الأمة

-يقول الإمام الحسين عليه السّلام لأخيه محمد بن الحنفية في وصية له:

«اني لم أخرج أشرا و لا بطرا و لا مفسدا و لا ظالما،و انما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي،أريد أن آمر بالمعروف و أنهى عن المنكر،فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق و من رد علي هذا أصبر حتى يقضي الله بيني و بين القوم بالحق،و هو خير الحاكمين» (2).

ص: 113


1- الطبري 307/3،الكامل في التاريخ 48/4.
2- مقتل الحسين للخوارزمي 88/1.

إماتة الإمام عليه السلام للبدع

يقول الإمام الحسين عليه السّلام في رسالته التي بعثها لأهل البصرة:

«...فان السنّة قد أميتت و البدعة قد أحييت» (1).

الأمر بالمعروف:

قال الإمام الحسين عليه السّلام أمام أصحابه و أهل بيته يوم الطف:

«...ألا ترون أن الحق لا يعمل به،و أن الباطل لا يتناهى عنه،ليرغب المؤمن في لقاء الله حقا...» (2).

صيانة الخلافة الإسلامية من الطغيان

قال الإمام الحسين عليه السّلام للوالي الأموي الوليد بن عتبة والي المدينة مؤكدا رفضه لبيعة يزيد:«...و يزيد رجل فاسق،شارب للخمر،قاتل النفس المحترمة، معلن بالفسق،و مثلي لا يبايع مثله» (3).

*قال الإمام الحسين عليه السّلام في رسالته لأهل الكوفة محددا مواصفات الحاكم الذي تجب له البيعة و الطاعة:«فلعمري ما الإمام الا العامل بالكتاب و الآخذ بالقسط

ص: 114


1- الطبري 280/3.
2- تاريخ الطبري 307/3،دار الكتب العلمية،بيروت-لبنان،1417 ه-1997 م.
3- الفتوح،لابن الأعثم 14/5.

و الدائن بالحق،و الحابس نفسه على ذات الله» (1).

-أعلن الإمام الحسين ثورته على الدولة الأموية و قال:«على الإسلام السلام إذا ابتليت الأمة براع مثل يزيد و لقد سمعت جدي رسول الله صلّى اللّه عليه و آله يقول:الخلافة محرّمة على آل أبي سفيان» (2).م.

ص: 115


1- تاريخ الطبري 278/3.
2- اللهوف لابن طاووس 10،المطبعة الحيدرية في النجف الأشرف،1369 ه-1950 م.

حماية الإم عليه السلام للإسلام من الخطر

حاول يزيد تقويض الإسلام و محو سطوره و قلع جذوره و تكذيب رسالته و تحريف أحكامه فقد أفصح عن ذلك مترنما بابيات من الشعر:

لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء و لا وحي نزل

لست من خندف إن لم أنتقم من بني أحمد ما كان فعل (1)

خطب الحسين عليه السّلام الجيش الذي كان مع الحر قائلا:

«...ألا و ان هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان،و تركوا طاعة الرحمن،و أظهروا الفساد،و عطّلوا الحدود،و استأثروا بالفىء،و أحلوا حرام الله،و حرّموا حلاله» (2).

ص: 116


1- مقتل الحسين للخوارزمي 59/2.
2- تاريخ الطبري 307/3،و الكامل في التاريخ 48/4.

الإضطهاد و القمع الأمويان

اسرف الأمويون إلى حد كبير في سفك دماء الشيعة و تفننوا في قتلهم و ظلمهم و نماذج ذلك:

-قتل بسر بن أرطاة-بعد التحكيم-ثلاثين ألفا عدا من أحرقهم بالنار (1).

-قتل سمرة بن جندب ثمانية آلاف من أهل البصرة (2).

-إرتكب زياد بن أبيه أبشع المجازر فقطع الأيدي و الأرجل و سمل العيون (3).

-إبادة الفئة المخلصة من الشيعة كحجر بن عدي و عمرو بن الحمق الخزاعي و رشيد الهجري و غيرهم.

-صلب قادة الثورات العلوية على جذوع النخل (4).

-دفن المعارضين لسلطانهم أحياء و هدم دورهم.

-عدم قبول شهادات العلويين و حرمانهم من العطاء (5).

-قال الإمام الحسين عليه السّلام في رسالته إلى معاوية مستنكرا قتل حجر:

«ألست القاتل حجرا أخا كنده و المصلّين العابدين،الذين كانوا ينكرون الظلم،

ص: 117


1- شرح النهج 6/2.
2- تاريخ الطبري 208/3.
3- شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد المعتزلي 32/11،مؤسسة الاعلمي،بيروت-لبنان،ط 1، 1415 ه-1995 م.
4- راجع المصدر السابق.
5- راجع المصدر السابق.

و يستعظمون البدع و لا يخافون في الله لومة لائم،قتلتهم ظلما و عدوانا من بعد ما كنت أعطيتهم الأيمان المغلظة و المواثيق المؤكدة أن لا تأخذهم بحدث كان بينك و بينهم و لا بإحنة(الأحقاد و الكراهية)تجدها في نفسك عليهم» (1).0.

ص: 118


1- صلح الحسن عليه السّلام للشيخ راضي آل ياسين 338،نقلا عن بحار الأنوار 149/10.

دعوة الناس إليه و مبايعته

لقد بايع أهل الكوفة الإمام الحسين عليه السّلام على الجهاد حيث أخذت رسلهم تترا على الإمام عليه السّلام و معهم من الكتب ما ملأ منه خرجين يدعونه«أن أقدم لعل الله يجمعنا بك على الهدى» (1).

فبعث سفيره إليهم مسلم بن عقيل لكي يتأكد من صحة دعواهم ثم جد المسير نحو العراق لإعلان الثورة هناك.

العزة و الكرامة

رسخ الإمام الحسين عليه السّلام بثورته معاني العزة و الكرامة و قد أعلن عليه السّلام ذلك يوم الطف بقوله:

«ألا و إن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة و الذلة،و هيهات منا الذلة، يأبى الله لنا ذلك و رسوله،و نفوس أبيه و أنوف حمية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام» (2).

خاطب الحسين عليه السّلام أهل بيته في يوم الطف قائلا:

ص: 119


1- الشيعة في التاريخ لمحمد حسين الزين 119،مطبعة العراق،صيدا،لبنان،ط 2،1357 ه- 1938 م.
2- اللهوف،لابن طاووس 42.

«صبرا يا بني عمومتي،و صبرا يأهل بيتي،فو الله لا رأيتم هوانا بعد هذا اليوم أبدا» (1).قال الحسين عليه السّلام مخاطبا أهل بيته و أصحابه:

«...فاني لا أرى الموت إلا سعادة و لا الحياة مع الظالمين إلا برما» (2).

التضحية المثلى من أجل المبدأ:

لما عزم الإمام الحسين عليه السّلام على الخروج إلى العراق قام خطيبا فقال:

«....خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة و ما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف و خير لي مصرع أنا لاقيه كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس و كربلاء...من كان فينا باذلا مهجته و موطنا على لقاء الله نفسه فليرحل معنا فإنني راحل مصبّحا إن شاء الله تعالى» (3).

قال الإمام الحسين عليه السّلام لأخيه محمد بن الحنفية:«أتاني رسول الله صلّى اللّه عليه و آله بعد ما فارقتك فقال:يا حسين أخرج فإن الله قد شاء أن يراك قتيلا فقال له ابن الحنفية إنا لله و إنا إليه راجعون فما معنى حملك هؤلاء النساء معك و أنت تخرج على مثل هذه الحال؟فقال له:قال لي صلّى اللّه عليه و آله إن اللّه قد شاء أن يراهن سبايا...» (4).8.

ص: 120


1- الفتوح،لابن الأعثم 128/5.
2- اللهوف في قتلى الطفوف،لابن طاووس 34.
3- اللهوف،لابن طاووس 26.
4- المصدر السابق 28.

إحياء الضمائر و استعادة الإرادة

أحيا الإمام الحسين عليه السّلام بنهضته الخالدة ضمائر الأمة الميتة و استعاد إرادتها المسلوبة،و يرى المفكر الإسلامي الشهيد السيد محمد باقر الصدر(قده):«أن الأمة كانت مصابة بمرض الشك في زمن معاوية بن أبي سفيان و قد عالجه الإمام الحسن عليه السّلام بالصلح مع معاوية،أما في زمن يزيد فإن الأمة برئت من ذلك المرض، و كانت تعرف الحق و أهله و تعرف الباطل و أهله و لكنها أصيبت بمرض آخر هو مرض«فقدان الارادة»أو«فقدان الضمير»و هذا المرض لم يكن له من علاج لكي تبرأ الأمة منه سوى أن يقدم الإمام الحسين عليه السّلام على التضحية بنفسه و أهل بيته و أصحابه لكي يهز بها الضمائر الميتة و يبعث الشجاعة و الإرادة فيها» (1).

ص: 121


1- الإمامة و قيادة المجتمع للحائري 179،مكتب السيد كاظم الحائري،قم-ايران،ط 1،1416 ه -1995 م.

لمحات من مثل الإمام الحسين عليه السلام

اشارة

قال السيد محمد باقر القرشي:تجسدت في شخصية أبي الأحرار جميع القيم الإنسانية،و المثل العليا و التقت به عناصر النبوة و الإمامة،فكان بحكم مثله و تهذيبه فذا من أفذاذ التكامل الإنساني،و مثلا رائعا من أمثلة الرسالة الإسلامية، فهو-بحق-الأطروحة الخالدة للإسلام بجميع طاقاته و مقوماته.

إن أية صفة من صفات أبي الشهداء أو نزعة من نزعاته الكريمة لترفعه عاليا على جميع عظماء العالم،و تدفع إلى القول-بلا مغالاة-أنه نسخة لا ثاني لها في تاريخ البشرية على الإطلاق ما عدا جده و أبيه،و نعرض-بإيجاز-إلى بعض خصائصه و ذاتياته.

إمامته

الإمام الحسين أحد الكواكب المشرقة من أئمة أهل البيت عليهم السّلام الذين استكملت فيهم الصفات الإنسانية،و بلغوا ذروة الكمال المطلق،و أقاموا منار هذا الدين، و رفعوا شعار الحق و العدل في الأرض،و تبنّوا القضايا المصيرية للإسلام،و عانوا في سبيله جميع ألوان الكوارث و الخطوب،و لاقوا كل جهد و ضيق من جبابرة عصورهم الذين اتخذوا مال الله دولا و عباد الله خولا.

و قد نظر النبي صلّى اللّه عليه و آله-و هو يوحى إليه-من خلال الأحقاب المترامية إلى الأئمة الطاهرين من أهل بيته فعرّفه بأسمائهم و صفاتهم،و دلل بنصوصه العامة

ص: 122

و الخاصة على أنهم خلفاؤه و أوصياؤه،و أنهم سفن النجاة و أمن العباد و قرنهم بكتاب الله العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه،و قد ألمحنا إلى الكثير من تلكم النصوص في البحوث السابقة فلم تعد هنا ضرورة لذكرها،كما أنا بحثنا بصورة موضوعية و شاملة عن الإمامة و ضرورتها،و واجبات الإمام و صفاته في كتابنا(حياة الإمام الحسن)فلا حاجة لإعادة البحث هنا (1).

مواهبه العلمية

و لم يدان الإمام الحسين عليه السّلام أحد في فضله و علمه فقد فاق غيره بملكاته و مواهبه العلمية،و قد انتهل و هو في سنه المبكر من نمير علوم جده التي أضاءت آفاق هذا الكون،كما تتلمذ على يد أبيه الإمام أمير المؤمنين باب مدينة علم النبي صلّى اللّه عليه و آله و أعلم الأمة،و أفقهها بشؤون الدين،و ورد في الحديث«كان الحسن و الحسين يغران العلم غرا»و قال حبر الأمة عبد الله بن عباس:«الحسين من بيت النبوة و هم ورثة العلم».

و قال بعض من ترجمه:«كان الحسين أفضل أهل زمانه في العلم و المعرفة بالكتاب و السنة»و نعرض-بإيجاز-لبعض شؤونه العلمية (2).

ص: 123


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:79/1.
2- حياة الإمام الحسين للقرشي:110/1.

الرجوع إلى الإمام عليه السلام في الفتيا

كان الإمام الحسين عليه السّلام من مراجع الفتيا في العالم الإسلامي،و قد رجع إليه أكابر الصحابة في مسائل الدين،و كان ممن سأله عبد الله بن الزبير فقد استفتاه قائلا:

«يا أبا عبد الله ما تقول في فكاك الأسير على من هو؟».

فأجابه عليه السّلام:«على القوم الذين أعانهم أو قاتل معهم..».

و سأله ثانيا:«يا أبا عبد الله متى يجب عطاء الصبي؟».

فأجابه عليه السّلام:«إذا استهل وجب له عطاؤه و رزقه».

و سأله ثالثا عن الشرب قائما؟فدعا عليه السّلام بلقحة-أي ناقة-له فحلبت فشرب قائما،و ناوله قال ابن القيم الجوزي:«إن الباقي من الصحابة من رجال الفتيا هم أبو الدرداء و أبو عبيدة الجراح،و الحسن و الحسين»لقد كان المسلمون يرجعون إليه في مسائل الحلال و الحرام و يأخذون منه أحكام الإسلام و آداب الشريعة كما كانوا يرجعون إلى أبيه (1).

ص: 124


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:111/1.

مجلس الإمام عليه السلام

كان مجلسه مجلس علم و وقار قد ازدان بأهل العلم من الصحابة،و هم يأخذون عنه ما يلقيه عليهم من الأدب و الحكمة،و يسجّلون ما يروون عنه من أحاديث جده صلّى اللّه عليه و آله و يقول المؤرخون:إن الناس كانوا يجتمعون إليه و يحتفون به،و كأن على رؤوسهم الطير يسمعون منه العلم الواسع و الحديث الصادق و كان مجلسه في جامع جده رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و له حلقة خاصة به،و سأل رجل من قريش معاوية أين يجد الحسين؟

فقال له:«إذا دخلت مسجد رسول الله صلّى اللّه عليه و آله فرأيت حلقة فيها قوم كأن على رؤوسهم الطير فتلك حلقة أبي عبد الله».

و يقول العلايلي:

«كان مجلسه مهوى الأفئدة،و متراوح الأملاك يشعر الجالس بين يديه أنه ليس في حضرة إنسان من عمل الدنيا،و صنيعة الدنيا،تمتد أسبابها برهبته و جلاله و روعته،بل في حضرة طفاح بالسكينة كأن الملائكة تروح فيها،و تغدو...».

لقد جذبت شخصية الإمام،و سمو مكانته الروحية قلوب المسلمين و مشاعرهم فراحوا يتهافتون على مجلسه،و يستمعون لأحاديثه،و هم في منتهى الإجلال، و الخضوع.

ص: 125

من روى عن الإمام عليه السلام

كان الإمام عليه السّلام من أعلام النهضة الفكرية و العلمية في عصره،و قد ساهم مساهمة إيجابية في نشر العلوم الإسلامية،و إشاعة المعارف و الآداب بين الناس، و قد انتهل من نمير علومه حشد كبير من الصحابة و أبنائهم و هم:ولده الإمام زين العابدين،و بنته فاطمة و سكينة و حفيده الإمام أبو جعفر الباقر عليه السّلام و الشعبي، و عكرمة،و كرز التميمي،و سنان ابن أبي سنان الدوئلي،و عبد الله بن عمر،و ابن عثمان و الفرزدق و ابن أخيه زيد بن الحسن و طلحة العقيلي و عبيد بن حنين و أبو هريرة،و عبيد الله بن أبي يزيد،و المطلب بن عبيد الله بن حنطب،و أبو حازم الأشجعي،و شعيب بن خالد،و يوسف الصباغ،و أبو هشام و غيرهم و قد ألّف أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني كتابا في أسماء من روى عن الحسن و الحسين.

لقد اتخذ الإمام الجامع النبوي مدرسة له فكان به يلقي محاضراته في علم الفقه و التفسير،و رواية الحديث،و قواعد الأخلاق و آداب السلوك و كان المسلمون يفدون عليه من كل فج للإنتهال من نمير علومه المستمد من علوم النبي صلّى اللّه عليه و آله و معارفه (1).

ص: 126


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:112/1.

روايات الإمام عليه السلام عن جده

و روى الإمام الحسين عليه السّلام مجموعة كبيرة من الأحاديث عن جده الرسول صلّى اللّه عليه و آله و قد ذكر الزهري في كتاب(المغازي)أن البخاري روى عن الحسين أحاديث كثيرة، و فيها باب تحريض النبي صلّى اللّه عليه و آله على قيام الليل،كما روى عنه الترمذي في كتاب (الشمائل النبوية)أحاديث كثيرة،و قد نقلها عنه سفيان بن وكيع و نلمح إلى بعض رواياته عن جده:

1-قال عليه السّلام:قال رسول الله صلّى اللّه عليه و آله:«من حسن إسلام المرء قلة الكلام فيما لا يعنيه».

2-قال عليه السّلام:قال رسول الله صلّى اللّه عليه و آله:«من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه».

3-قال عليه السّلام:سمعت رسول الله صلّى اللّه عليه و آله يقول:«ما من مسلم و لا مسلمة يصاب بمصيبة(أو قال تصيبه مصيبة)و إن قدم عهدها فيحدث لها استرجاعا إلا أحدث الله عنه ذلك،و أعطاه ثواب ما وعده عليها يوم أصيب بها».

4-قال عليه السّلام:سمعت النبي صلّى اللّه عليه و آله يقول:«إن الله يحب معالي الأمور و يكره سفاسفها».

5-قال عليه السّلام:سمعت النبي صلّى اللّه عليه و آله يقول:«من يطع الله يرفعه،و من يعص الله يضعه و من يخلص نيته لله يزينه،و من يثق بما عند الله يغنيه،و من يتعزز على الله يذله».

6-قال عليه السّلام:كان رسول الله صلّى اللّه عليه و آله إذا استقى قال:«اللّهم اسقنا سقيا واسعة وادعة عامة نافعة غير ضارة تعم بها حاضرنا و بادينا،و تزيد بها في رزقنا، و شكرنا،اللّهم اجعله رزق إيمان و عطاء إيمان،إن عطاءك لم يكن محظورا،اللّهم

ص: 127

أنزل علينا في أرضنا سكنها و أنبت فيها زينتها و مرعاها».

7-قال عليه السّلام:حدثني أبي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله أنه قال:«المغبون لا محمود و لا مأجور».

8-روى عليه السّلام عن أبيه قال:قال رسول الله صلّى اللّه عليه و آله:«رأس العقل بعد الإيمان بالله عز و جل التحبب إلى الناس».

9-روى عن أبيه قال:قال رسول الله صلّى اللّه عليه و آله:«لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع،عن عمره فيما أفناه،و عن شبابه فيما أبلاه،و عن ماله من أين اكتسبه و فيما أنفقه،و عن حبنا أهل البيت» (1).1.

ص: 128


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:113/1.

مسند الإمام الحسين عليه السلام

ألف هذا المسند أبو بشير محمد بن أحمد الدولابي المتوفى سنة(320 ه)و قد أدرجه في غضون كتابه(الذرية الطاهرة)،و هذه بعض بنوده:

1-روى علي بن الحسين عن أبيه أن رسول الله صلّى اللّه عليه و آله قال:«من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه..».

2-قال الحسين عليه السّلام:وجدت في قائم سيف رسول الله صلّى اللّه عليه و آله صحيفة مربوطة و هي:«أشد الناس على الله عذابا القاتل غير قاتله،و الضارب غير ضاربه.و من جحد نعمة مواليه فقد برىء مما أنزل الله تعالى.

3-روى الحسين عليه السّلام قال:قال رسول الله صلّى اللّه عليه و آله:«إن البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي».

4-روى الحسين عن أبيه عن جده قال صلّى اللّه عليه و آله:«يكون بعدي ثلاث فرق،مرجئة، و حرورية،و قدرية،فإن مرضوا فلا تعودوهم،و إن ماتوا فلا تشهدوهم،و إن دعوا فلا تجيبوهم».

5-روى عليه السّلام عن جده صلّى اللّه عليه و آله أنه قال:«ما من عبد أو أمة يضن بنفقة ينفقها فيما يرضي الله إلا أنفق أضعافها في سخط الله،و ما من عبد يدع معونة أخيه المسلم، و السعي في حاجته،قضيت تلك الحاجة،أو لم تقض إلا ابتلي بمعونة من يأثم فيه، و لا يؤجر عليه،و ما من عبد و لا أمة يدع الحج و هو يجد السبيل إليه لحاجة من حوائج الدنيا إلا نظر إلى المحلقين قبل أن يقضي الله تلك الحاجة.

6-روى يحيى بن سعيد قال:كنت عند علي بن الحسين فجاءه نفر من الكوفيين

ص: 129

فقال علي بن الحسين:يا أهل العراق،أحبونا حب الإسلام فإني سمعت أبي يقول:

قال رسول الله صلّى اللّه عليه و آله:

«يا أيها الناس،لا ترفعوني فوق حقي فإن الله تعالى قد اتخذني عبدا قبل أن يتخذني نبيا».

7-روت فاطمة بنت الحسين عن أبيها و عبد الله بن عباس أن رسول الله صلّى اللّه عليه و آله كان يقول:

«لا تديموا النظر إلى المجذومين،من كلّمهم منكم فليكن بينه و بينكم قيد رمح..».

8-روت فاطمة بنت الحسين عليه السّلام عن أبيها قال:قال رسول الله صلّى اللّه عليه و آله:«إن الله يحب معالي الأخلاق و أشرافها،و يكره سفاسفها..».

9-روت فاطمة بنت الحسين عن أبيها أن رسول الله صلّى اللّه عليه و آله قال:«لا تديموا النظر إلى المجذومين».

10-روت فاطمة بنت الحسين عن أبيها قال:كان رأس رسول الله صلّى اللّه عليه و آله في حجر علي،و كان يوحى إليه،فلما سرى عنه-أي الوحي-قال:يا علي صليت العصر؟

قال:لا،قال:اللّهم إنك تعلم أنه كان في حاجتك و حاجة رسولك فردها عليه فردها عليه،فصلى و غابت الشمس.

11-روت فاطمة عن أبيها أن النبي صلّى اللّه عليه و آله قال:«للسائل حق و إن جاء على فرس».

12-روت فاطمة بنت الحسين عن أبيها قال:قال رسول الله صلّى اللّه عليه و آله:«من أصيب بمصيبة فذكرها و إن تقادم عهدها فأحدث لها استرجاعا أحدث الله له ثواب ما وعده حين أصيب بها..».

13-روت فاطمة بنت الحسين عليه السّلام عن أبيها،قال:قال رسول الله صلّى اللّه عليه و آله:«لما أخذ الله ميثاق العباد جعل في(الحجر)فمن الوفاء بالبيعة استلام الحجر».

14-روى عبد الله بن سليمان بن نافع مولى بني هاشم،عن الحسين بن علي

ص: 130

قال:قال رسول الله صلّى اللّه عليه و آله:«يا بني هاشم أطيبوا الكلام،و أطعموا الطعام».

15-روى أبو سعيد الميثمي قال:سمعت الحسين بن علي يقول:قال رسول الله صلّى اللّه عليه و آله:«من لبس ثوب شهرة كساه الله ثوب نار».

هذه بعض بنود مسند الإمام الحسين عليه السّلام و هي حافلة بآداب السلوك و تهذيب الأخلاق التي لا غنى للناس عنها.

ص: 131

روايات الإمام الحسين عليه السلام عن أمه فاطمة عليها السّلام

و روى عليه السّلام عن أمه سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليه السّلام من الأحاديث ما يلي:

1-روى محمد بن علي بن الحسين قال:خرجت أمشي مع جدي الحسين بن علي إلى أرضه فأدركنا النعمان بن بشير على بغلة له فنزل عنها و قال للحسين:

إركب أبا عبد الله،فأبى فلم يزل يقسم عليه،حتى قال:أما إنك قد كلّفتني ما أكره، و لكن أحدّثك حديثا حدّثتنيه أمي فاطمة أن رسول الله صلّى اللّه عليه و آله قال:«الرجل أحق بصدر دابته و فراشه،و الصلاة في بيته إلا إماما لجمع من الناس،فاركب أنت على صدر الدابة، و سارت تدف،فقال النعمان:صدقت فاطمة..».

2-روت فاطمة بنت الحسين عن أبيها عن فاطمة بنت رسول الله صلّى اللّه عليه و آله قالت قال رسول الله صلّى اللّه عليه و آله:«لا يلومن إلا نفسه من بات و في يده غمر..» (1).

ص: 132


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:114/1.

رواياته الإمام عليه السلام عن أبيه

و روى الإمام الحسين عن أبيه الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام الشىء الكثير سواء أكان مما يتعلق بالسيرة النبوية أم في الأحكام الشرعية و هذه بعضها:

1-روى عليه السّلام عن أبيه عليه السّلام أن رسول الله صلّى اللّه عليه و آله بعث سرية فأسروا رجلا من بني سليم يقال له الأصيد بن سلمة فلما رآه رسول الله صلّى اللّه عليه و آله رق لحاله،و عرض عليه الإسلام فأسلم فبلغ ذلك أباه و كان شيخا فكتب إليه رسالة فيها هذه الأبيات:

من راكب نحو المدينة سالما حتى يبلغ ما أقول الأصيدا

إن البنين شرارهم أمثالهم من عق والده و برّ الأبعدا

أ تركت دين أبيك و الشم العلى أ ودوا و تابعت الغداة محمدا

و عرض الأصيد رسالة أبيه على النبي صلّى اللّه عليه و آله و استأذنه في جوابه فأذن له فكتب إليه:

إن الذي سمك السماء بقدرة حتى علا في ملكه فتوحدا

بعث الذي لا مثله فيما مضى يدعو لرحمته النبي محمدا

فدعا العباد لدينه فتتابعوا طوعا و كرها مقبلين على الهدى

و تخوفوا النار التي من أجلها كان الشقي الخاسر المتلددا

و اعلم بأنك ميت و محاسب فإلى من هذي الضلالة و الردى

و لما قرأ سلمة رسالة ابنه وفد على النبي صلّى اللّه عليه و آله و أسلم.

2-قال عليه السّلام سألت أبي عن سيرة رسول الله صلّى اللّه عليه و آله في جلسائه فقال:كان رسول الله دائم البشر،سهل الخلق،لين الجانب،ليس بفظ،و لا غليظ،و لا صخاب و لا

ص: 133

فحاش و لا عياب و لا مشاح،يتغافل عما لا يشتهي و لا يؤيس منه،و لا يخيب فيه،قد ترك نفسه من ثلاث:المراء،و الإكبار و ما لا يعنيه،و ترك الناس من ثلاث:كان لا يذم أحدا و لا يعيبه،و لا يطلب عورته،و لا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه،و إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير،فإذا سكت تكلموا،لا يتنازعون عنده الحديث و من تكلم عنده أنصتوا إليه،حتى يفرغ حديثهم عنده حديث أولهم،يضحك مما يضحكون منه،و يتعجب مما يتعجبون،و يصبر للغريب على الجفوة في منطقه و مسألته حتى إن كان أصحابه ليستجلبونهم،و يقول:إذا رأيتم طالب حاجة يطلبها فارفدوه،و لا يقبل الثناء إلا من مكافى،و لا يقطع على أحد حديثه حتى يجور فيقطعه بنهي أو قيام...».

و قد امتاز النبي صلّى اللّه عليه و آله على عامة النبيين بهذه الأخلاق العالية التي ألّفت ما بين قلوب المسلمين،و وحّدت ما بين مشاعرهم و عواطفهم،و جعلتهم في عصورهم الأولى سادة الأمم و الأدلاء على مرضاة الله و طاعته.

3-روى عليه السّلام عن أبيه قال:قال رسول الله صلّى اللّه عليه و آله:«من قتل دون ماله فهو شهيد».

4-روى عليه السّلام عن أبيه قال:قال رسول الله صلّى اللّه عليه و آله:«عجبت لمن يحتمي من الطعام مخافة الداء،كيف لا يحتمي من الذنوب مخافة النار».

5-قال عليه السّلام:سمعت أبي يقول:«الإيمان معرفة بالقلب و إقرار باللسان و عمل بالأركان...».

6-روى عليه السّلام عن أبيه أنه قال:«لتأمرن بالمعروف و لتنهنّ عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم شراركم،ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم...».

7-روى عن أبيه أنه قال:«إن الله تبارك و تعالى أخفى أربعة في أربعة:أخفى رضاه في طاعته،فلا تستصغرن شيئا من طاعته فربما وافق رضاه و أنت لا تعلم، و أخفى سخطه فلا تستصغرن شيئا من طاعته فربما وافق سخطه معصيته و أنت لا تعلم،و أخفى إجابته في دعوته فلا تستصغرن شيئا من دعائه فربما وافق إجابته

ص: 134

و أنت لا تعلم،و أخفى وليه في عباده فلا تستصغرن عبدا من عبيد الله فربما يكون وليه و أنت لا تعلم».

8-روى عليه السّلام عن أبيه أنه قال:قال رسول الله صلّى اللّه عليه و آله:«خير دور الأنصار بنو النجار، ثم بنو عبد الأشهل،ثم بنو الحارث،ثم بنو ساعدة،و في كل دور الأنصار خير..».

9-روى عليه السّلام عن أبيه أنه قال:قال رسول الله صلّى اللّه عليه و آله:«خير الدعاء الإستغفار،و خير العبادة قول لا إله إلا الله».

و بهذا ينتهي بنا الحديث عن بعض رواياته عن جده و أبويه (1).1.

ص: 135


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:116/1.

من تراثه الرائع

اشارة

للإمام عليه السّلام تراث رائع خاض في جملة منه مجموعة من البحوث الفلسفية و المسائل الكلامية التي منيت بالغموض و التعقيد،فأوضحها و بيّن وجهة الإسلام فيها،كما خاض في كثير من كلماته أصول الأخلاق و قواعد الآداب،و أسس الإصلاح الاجتماعي و الفردي،و نعرض فيما يلي لبعض ما أثر عنه:

القدر

من أهم المسائل الكلامية و أعمقها مسألة القدر فقد أثير حولها الكلام منذ فجر التاريخ الإسلامي،و قد تصدى أئمة أهل البيت عليهم السّلام لبيانها و دفع الشبهات عنها، و قد سأل الحسن بن الحسن البصري الإمام الحسين عنها،فأجابه عليه السّلام برسالة هذا نصها:

«اتبع ما شرحت لك في القدر مما أفضي إلينا أهل البيت،فإنه من لم يؤمن بالقدر خيره و شره كفر،و من حمل المعاصي على الله تعالى فقد افترى على الله افتراء عظيما،و إن الله لا يطاع بإكراه،و لا يعصى بغلبة،و لا يهمل العباد في الهلكة،لكنه المالك لما ملكهم،و القادر لما عليه أقدرهم،فإن ائتمروا بالطاعة لم يكن الله صادرا عنها مبطئا،و إن ائتمروا بالمعصية فشاء أن يمن عليهم فيحول بينهم و بين ما ائتمروا به فعل فليس هو حملهم عليها قسرا،و لا كلّفهم جبرا،بل بتمكينه إياهم بعد إعذاره و إنذاره لهم و احتجاجه عليهم طوّقهم و مكّنهم و جعل لهم السبيل إلى ما أخذ

ص: 136

ما إليه دعاهم،و ترك ما عنه نهاهم عنه،جعلهم مستطيعين لأخذ ما أمرهم به من شي غير آخذ به،و لترك ما نهاهم عنه من شي غير تاركيه،و الحمد لله الذي جعل ل عباده أقوياء لما أمرهم به ينالون بتلك القوة،و ما نهاهم عنه،و جعل العذر لمن لم يجعل له السبيل حمدا متقبلا،فأنا على ذلك أذهب،و به أقول أنا و أصحابي أيضا عليه و له الحمد..».

و قد عرض هذا الكلام الشريف إلى بحوث كلامية مهمة.و التعرض لها يستدعي الإطالة و الخروج عن الموضوع.

الصمد

كتب إليه جماعة يسألونه عن معنى الصمد في قوله تعالى: اَللّهُ الصَّمَدُ فكتب عليه السّلام لهم بعد البسملة:

«أما بعد:فلا تخوضوا في القرآن،و لا تجادلوا فيه،و لا تتكلموا فيه بغير علم،فقد سمعت جدي رسول الله صلّى اللّه عليه و آله يقول:من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار،و إن الله سبحانه قد فسّر الصمد فقال اَللّهُ أَحَدٌ اَللّهُ الصَّمَدُ ثم فسّره فقال:

لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ لَمْ يَلِدْ لم يخرج منه شيء كثيف كالولد و سائر الأشياء الكثيفة التي تخرج من المخلوقين،و لا شيء لطيف كالنفس،و لا يتشعب منه البدوات كالسنة و النوم،و الخطرة و الهم و الحزن و البهجة و الضحك و البكاء و الخوف و الرجاء،و الرغبة و السآمة و الجوع و الشبع،تعالى عن أن يخرج منه شيء،و أن يتولد منه شي كثيف أو لطيف وَ لَمْ يُولَدْ لم يتولد منه شيء،و لم يخرج منه شيء كما تخرج الأشياء الكثيفة من عناصرها و الدابة من الدابة،و النبات من الأرض،و الماء من الينابيع و الثمار من الأشجار،و لا كما يخرج الأشياء اللطيفة من مراكزها كالبصر من العين و السمع من الأذن،و الشم من الأنف،و الذوق من

ص: 137

الفم،و الكلام من اللسان،و المعرفة و التمييز من القلب،و كالنار من الحجر،لا بل هو الله الصمد الذي لا شيء و لا في شيء،و لا على شىء،مبدع الأشياء و خالقها، و منشىء الأشياء بقدرته،يتلاشى ما خلق للفناء بمشيئته،و يبقى ما خلق للبناء بعلمه،فذلكم الله الصمد الذي لم يلد و لم يولد،عالم الغيب و الشهادة الكبير المتعال، و لم يكن له كفوا أحد...».

التوحيد

و عرض الإمام الحسين عليه السّلام في كثير من كلامه إلى توحيد الله فبين حقيقته و جوهره،و فند شبه الملحدين و أوهامهم،و نعرض فيما يلي لبعض ما أثر عنه:

قال عليه السّلام:«أيها الناس اتقوا هؤلاء المارقة الذين يشبّهون الله بأنفسهم يضاهون قول الذين كفروا من أهل الكتاب،بل هو الله ليس كمثله شيء و هو السميع البصير، لا تدركه الأبصار،و هو يدرك الأبصار و هو اللطيف الخبير،استخلص الوحدانية و الجبروت،و أمضى المشيئة و الإرادة و القدرة و العلم بما هو كائن،لا منازع له في شىء من أمره،و لا كفو له يعادله،و لا ضدّ له ينازعه و لا سمي له يشابهه،و لا مثل له يشاركه،و لا تتداوله الأمور و لا تجري عليه الأحوال،و لا تنزل عليه الأحداث،و لا يقدر الواصفون كنه عظمته،و لا يخطر على القلوب مبلغ جبروته،لأنه ليس له في الأشياء عديل،و لا تدركه العلماء بألبابها،و لا أهل التفكير بتفكيرهم إلا بالتحقيق، إيقانا بالغيب لأنه لا يوصف بشي من صفات المخلوقين،و هو الواحد الصمد،ما تصوّر في الأوهام فهو خلافه،ليس برب من طرح تحت البلاغ،و معبود من وجد في هواء أو غير هواء،هو في الأشياء كائن،لا كينونة محظور بها عليه،و من الأشياء بائن لا بينونة غائب عنها،ليس بقادر من قارنه ضد أو ساواه ند،ليس عن الدهر قدمه،و لا بالناحية أممه،احتجب عن العقول كما احتجب عن الأبصار،و عمن في

ص: 138

السماء احتجابه كمن في الأرض،قربه كرامته،و بعده إهانته،لا يحله في،و لا توقته إذ،و لا تؤامره إن،علو من غير توقل،و مجيئه من غير تنقل،يوجد المفقود،و يفقد الموجود و لا تجتمع لغيره الصفتان في وقت،يصيب الفكر منه الإيمان به موجودا و وجود الإيمان لا وجود صفة،به توصف الصفات لا بها يوصف،و به تعرف المعارف لا بها يعرف،فذلك الله لا سمي له،سبحانه ليس كمثله شىء،و هو السميع البصير..».

و حذّر الإمام عليه السّلام من تشبيه الخالق العظيم بعباده أو بسائر الممكنات التي يلاحقها العدم،و يطاردها الفناء.

إن الإنسان مهما أوتي من طاقات فهي محدودة كما و كيفا،و يستحيل أن يصل إلى إدراك حقيقة المبدع العظيم الذي خلق هذه الأكوان و خلق هذه المجرات التي تذهل العقول تصورها،و ما بنيت عليه من الأنظمة الدقيقة المذهلة..إن الإنسان قد عجز عن معرفة نفسه التي انطوت على هذه الأجهزة العميقة كجهاز البصر و السمع و الإحساس و غيرها فكيف يصل إلى إدراك خالقه؟!

و على أية حال فقد أوضحت هذه اللوحة الرائعة كثيرا من شؤون التوحيد، و دللت على كيفيته،و هي من أثمن ما أثر من أئمة أهل البيت عليهم السّلام في هذا المجال.

2-يقول المؤرخون أن حبر الأمة عبد الله بن عباس كان يحدث الناس في مسجد رسول الله صلّى اللّه عليه و آله فقام إليه نافع الأزرق فقال له:تفتي الناس في النملة و القملة صف لي إلهك الذي تعبد،فأطرق إعظاما لقوله،و كان الإمام الحسين عليه السّلام جالسا فانبرى قائلا:

-إلي يابن الأزرق؟

-لست إياك.

فثار ابن عباس،و قال له:

«إنه من بيت النبوة،و هم ورثة العلم..».

ص: 139

فأقبل نافع نحو الحسين فقال عليه السّلام له:

«يا نافع من وضع دينه على القياس لم يزل الدهر في التباس سائلا ناكبا عن المنهاج،ظاعنا بالإعوجاج،ضالا عن السبيل،قائلا غير الجميل أصف لك إلهي،بما وصف به نفسه،و أعرفه بما عرّف به نفسه لا يدرك بالحواس و لا يقاس بالناس قريب غير ملتصق بعيد غير منتقص يوحد و لا يبعّض معروف بالآيات موصوف بالعلامات لا إله إلا هو الكبير المتعال..».

فحار الأزرق،و لم يطق جوابا،فقد ملكت الحيرة أهابه،و سد عليه الإمام كل نافذة ينفذ منها،و بهر جميع من سمعوا مقالة الإمام،و راحوا يرددون كلام ابن عباس إن الحسين من بيت النبوة و هم ورثة العلم (1).1.

ص: 140


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:11/1.

الأمر بالمعروف

وجه الإمام عليه السّلام هذه الكلمة النيرة إلى الأنصار و المهاجرين،و نعى عليهم تسامحهم عن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر اللذين بني عليهما المجتمع الإسلامي،كما عرض إلى المظالم الاجتماعية التي منيت بها الأمة،و التي كانت ناجمة عن تقصيرها في إقامة هذا الواجب الخطير،و هذا نصها:

«اعتبروا أيها الناس بما وعظ الله به أولياءه من سوء ثنائه على الأحبار إذ يقول:

لَوْ لا يَنْهاهُمُ الرَّبّانِيُّونَ وَ الْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَ أَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ (1)

و قال: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا يَعْتَدُونَ (2)و إنما عاب الله ذلك عليهم لأنهم كانوا يرون من الظلمة الذين بين أظهرهم المنكر و الفساد فلا ينهونهم عن ذلك رغبة فيما كانوا ينالون منهم،و رهبة مما يحذرون،و الله يقول: إِنّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَ نُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَ الرَّبّانِيُّونَ وَ الْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللّهِ وَ كانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ فَلا تَخْشَوُا النّاسَ وَ اخْشَوْنِ وَ لا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ (3)

و قال: وَ حَسِبُوا أَلاّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَ صَمُّوا ثُمَّ تابَ اللّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَ صَمُّوا

ص: 141


1- المائدة:63.
2- المائدة:78.
3- المائدة:44.

كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَ اللّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (1)

فبدأ الله بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فريضة منه لعلمه بأنها إذا أديت و أقيمت استقامت الفرائض كلها هينها و صعبها،و ذلك أن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر دعاء إلى الإسلام مع رد المظالم و مخالفة الظالم و قسمة الفىء و الغنائم و أخذ الصدقات من مواضعها و وضعها في حقها...ثم أنتم أيتها العصابة عصابة بالعلم مشهورة و بالخير مذكورة و بالنصيحة معروفة و بالله في أنفس الناس مهابة.يهابكم الشريف،و يكرمكم الضعيف،و يؤثركم من لا فضل لكم عليه،و لا يد لكم عنده،تشفعون في الحوائج إذا امتنعت من طلابها،و تمشون في الطريق بهيبة الملوك و كرامة الأكابر،أليس كل ذلك إنما نلتموه بما يرجى عندكم من القيام بحق الله،و إن كنتم عن أكثر حقه تقصّرون،فاستخففتم بحق الأئمة،فأما حق الضعفاء فضيّعتم،و أما حقكم بزعمكم فطلبتم،فلا مالا بذلتموه و لا نفسا خاطرتم بها للذي خلقها،و لا عشيرة عاديتموها في ذات الله،أنتم تتمنون على الله جنته،و مجاورة رسله،و أمانا من عذابه،لقد خشيت عليكم أيها المتمنون على الله أن تحل بكم نقمة من نقماته لأنكم بلغتم من كرامة الله منزلة فضلتم بها،و من يعرف بالله لا تكرمون،و أنتم بالله في عباده تكرمون و قد ترون عهود الله منقوضة فلا تفزعون، و أنتم لبعض ذمم آبائكم تفزعون،و ذمة رسول الله صلّى اللّه عليه و آله محقورة،و العمى و البكم و الزمن في المدائن مهملة لا ترحمون،و لا في منزلتكم تعملون،و لا من عمل فيها تعينون،و بالأدهان و المصانعة عند الظلمة تأمنون كل ذلك مما أمركم الله به من النهي و التناهي و أنتم عنه غافلون،و أنتم أعظم الناس مصيبة لما غلبتم عليه من منازل العلماء لو كنتم تسمعون ذلك بأن مجاري الأمور و الأحكام على أيدي العلماء بالله الأمناء على حلاله و حرامه فأنتم المسلوبون تلك المنزلة و ما سلبتم1.

ص: 142


1- المائدة:71.

ذلك إلا بتفرقكم عن الحق و اختلافكم في السنة بعد البينة الواضحة و لو صبرتم على الأذى،و تحملتم المؤونة في ذات الله،كانت أمور الله عليكم ترد،و عنكم تصدر،و إليكم ترجع،و لكنكم مكنتم الظلمة من منزلتكم،و استسلمتم أمور الله في أيديهم يعملون بالشبهات و يسيرون في الشهوات،سلّطهم على ذلك فراركم من الموت و إعجابكم بالحياة التي هي مفارقتكم،فأسلمتم الضعفاء في أيديهم فمن بين مستعبد مقهور،و بين مستضعف على معيشته،مغلوب يتقلبون في الملك بآرائهم، و يستشعرون الخزي بأهوائهم اقتداءا بالأشرار،و جرأة على الجبار،في كل بلد منهم على منبره خطيب يصقع،فالأرض لهم شاغرة و أيديهم فيها مبسوطة، و الناس لهم خول،لا يدفعون يد لامس،فمن بين جبار عنيد،و ذي سطوة على الضعفة شديد،مطاع لا يعرف المبدىء و المعيد،فيا عجبا!و مالي لا أعجب و الأرض من غاش غشوم،و متصدّق ظلوم،و عامل على المؤمنين بهم غير رحيم،فالله الحاكم فيما فيه تنازعنا،القاضي بحكمه فيما شجر بيننا..».

و حفلت هذه الوثيقة السياسية بذكر الأسباب التي أدت إلى تردي الأخلاق و شيوع المنكر في البلاد الناجمة من عدم قيام المهاجرين و الأنصار بمسؤولياتهم و واجباتهم الدينية و الإجتماعية،فقد كانت لهم المكانة المرموقة في المجتمع الإسلامي لأنهم صحابة النبي صلّى اللّه عليه و آله و حضنة الإسلام و يمكنهم أن يقولوا كلمة الحق،و يناهضوا الباطل إلا أنهم تقاعسوا عن واجباتهم مما أدى إلى أن تتحكم في رقاب المسلمين الطغمة الحاكمة من بني أمية الذين اتخذوا عباد الله خولا،و مال الله دولا (1).1.

ص: 143


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:118/1.

أنواع الجهاد

و سئل الإمام أبو عبد الله عليه السّلام عن الجهاد هل هو سنّة أو فريضة فأجاب عليه السّلام:

«الجهاد على أربعة أوجه:فجهادان فرض،و جهاد سنّة لا يقام إلا مع فرض، و جهاد سنة،فأما أحد الفرضين فجهاد الرجل نفسه عن معاصي اللّه،و هو من أعظم الجهاد،و مجاهدة الذين يلونكم من الكفار فرض،و أما الجهاد الذي هو سنّة لا يقام إلا مع فرض فإن مجاهدة العدو فرض على جميع الأمة لو تركوا الجهاد لأتاهم العذاب،و هذا هو من عذاب الأمة،و هو سنّة على الإمام وحده أن يأتي العدو مع الأمة فيجاهدهم،و أما الجهاد الذي هو سنّة فكل سنّة أقامها الرجل و جاهد في إقامتها، و بلوغها و إحيائها فالعمل و السعي فيها من أفضل الأعمال لأنها إحياء سنّة،و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من سنّ سنّة حسنة فله أجرها و أجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شيئا..».

تشريع الصوم

سئل الإمام الحسين عليه السّلام عن الحكمة في تشريع الصوم على العباد فقال عليه السّلام:

«ليجد الغني مس الجوع فيعود بالفضل على المساكين».

ص: 144

أنواع العبادة

و تحدث عليه السّلام عن أنواع العبادة فقال:«إن قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار، و إن قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد،و إن قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الأحرار،و هي أفضل العبادة».

و تحدث عليه السّلام عمن عبد الله حق عبادته فقال:«من عبد الله حق عبادته أتاه الله فوق أمانيه و كفايته» (1).

مودة أهل البيت عليهم السّلام

و حث الإمام الحسين على مودة أهل البيت عليهم السّلام يقول أبو سعيد:سمعت الحسين يقول:

«من أحبنا نفعه الله بحبنا،و إن كان أسيرا في الديلم،و إن حبنا ليساقط الذنوب كما تساقط الريح الورق..».

قال عليه السّلام:«إلزموا مودتنا أهل البيت فإن من لقي الله و هو يودنا دخل في شفاعتنا».

روى بشير بن غالب أن الإمام الحسين عليه السّلام قال:«من أحبنا لله وردنا نحن و هو على نبينا صلّى اللّه عليه و آله هكذا-و ضم إصبعيه-و من أحبنا للدنيا فإن الدنيا تسع البر و الفاجر».

ص: 145


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:119/1.

و حدّث عليه السّلام عما يكتسبه من أتى إليهم من الفوائد قال:«من أتانا لم يعدم خصلة من أربع:آية محكمة،و قضية عادلة،و أخا مستفادا،و مجالسة العلماء..».

ص: 146

مكارم الأخلاق

و رسم الإمام عليه السّلام لأهل بيته و أصحابه مكارم الأخلاق،و محاسن الصفات و أمرهم بالتحلي بها ليكونوا قدوة لغيرهم،و فيما يلي بعضها:

1-قال عليه السّلام:«الحلم زينة،و الوفاء مروءة،و الصلة نعمة،و الاستكثار صلف،و العجلة سفه،و السفه ضعف،و الغلو ورطة،و مجالسة أهل الدناءة شر،و مجالسة أهل الفسوق ريبة..».

2-قال عليه السّلام:«الصدق عز،و الكذب عجز،و السر أمانة،و الجوار قرابة،و المعونة صدقة،و العمل تجربة،و الخلق الحسن عبادة،و الصمت زين،و الشح فقر،و السخاء غنى،و الرفق لب..».

3-قال عليه السّلام:«أيها الناس،من جاد ساد،و من بخل رذل و إن أجود الناس من أعطى من لا يرجوه..».

4-قال عليه السّلام:«من جاد ساد،و من بخل رذل،و من تعجّل لأخيه خيرا وجده إذا قدم عليه غدا..».

5-قال عليه السّلام:«اعلموا أن حوائج الناس إليكم من نعم الله تعالى عليكم،فلا تملوا النعم فتعود النقم..».

6-رأى الإمام عليه السّلام رجلا قد دعي إلى طعام فامتنع من الإجابة فقال عليه السّلام له:«قم فليس في الدعوة عفو،و إن كنت مفطرا فكل،و إن كنت صائما فبارك..».

7-قال عليه السّلام:«صاحب الحاجة لم يكرم وجهه عن سؤالك،فأكرم وجهك عن رده..».

8-كان عليه السّلام دوما ينشد هذه الأبيات الداعية إلى حسن الخلق،و عدم العناء في

ص: 147

طلب الدنيا،و يزعم بعض الرواة أنها من نظمه و هي:

لئن كانت الأفعال يوما لأهلها كمالا فحسن الخلق أبهى و أكمل

و إن كانت الأرزاق رزقا مقدرا فقلة جهد المرء في الكسب أجمل

و إن كانت الدنيا تعد نفيسة فدار ثواب الله أعلى و أنبل

و إن كانت الأبدان للموت أنشأت فقتل امرء بالسيف في الله أفضل

و إن كانت الأموال للترك جمعها فما بال متروك به المرء يبخل

و ألمت هذه الأبيات برغبة الإمام بالشهادة في سبيل الله،كما حكت عن طبيعة كرمه و سخائه.

9-قال عليه السّلام:«لا تتكلف ما لا تطيق،و لا تتعرض لما لا تدرك،و لا تعد بما لا تقدر عليه،و لا تنفق إلا بقدر ما تستفيد،و لا تطلب من الجزاء إلا بقدر ما صنعت،و لا تفرح إلا بما نلت من طاعة الله و لا تتناول إلا ما رأيت نفسك أهلا له..».

10-قال عليه السّلام لا بن عباس:«لا تتكلمن فيما لا يعنيك فإني أخاف عليك الوزر،و لا تتكلمن فيما يعنيك حتى ترى للكلام موضعا فرب متكلم قد تكلم بالحق فعيب،و لا تمارين حليما و لا سفيها،فإن الحليم يقلبك،و السفيه يؤذيك،و لا تقولن في أخيك المؤمن إذا توارى عنك إلا ما تحب أن يقول فيك إذا تواريت عنه،و اعمل عمل رجل يعلم أنه مأخوذ بالإجرام مجزي بالإحسان..».

و هذه الكلمات الذهبية هي بعض ما أثر عنه في مكارم الأخلاق،و محاسن الصفات التي يكسب بها الإنسان المنهج السليم،و حسن السلوك و سلامة الدارين (1).1.

ص: 148


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:120/1.

تشريع الأذان

و زعم بعض المعاصرين للإمام أن الذي شرع الأذان عبد اللّه بن زيد لرؤيا رآها، فأخبر بها النبي صلّى اللّه عليه و آله فأمر صلّى اللّه عليه و آله به،فأنكر الإمام عليه السّلام ذلك و قال:

«الوحي يتنزل على نبيكم،و تزعمون أنه أخذ الأذان عن عبد اللّه بن زيد و الأذان وجه دينكم..».

ص: 149

الإخوان

قال عليه السّلام:«الإخوان أربعة:فأخ لك و له،و أخ عليك،و أخ لا لك و لا له..».

و أوضح عليه السّلام ذلك بقوله:

«الأخ الذي هو لك و له فهو الأخ الذي يطلب بإخائه بقاء الإخاء و لا يطلب بإخائه موت الإخاء فهذا لك و له،لأنه إذا تم الإخاء طابت حياتهما جميعا،و إذا دخل الإخاء في حال التناقض بطلا جميعا،و الأخ الذي لك فهو الأخ الذي قد خرج بنفسه عن حال الطمع إلى حال الرغبة فلم يطمع في الدنيا إذا رغب في الإخاء فهو موفور عليك بكليته،و الأخ الذي هو عليك فهو الأخ الذي يتربص بك الدوائر،و يغشى السرائر، و يكذب عليك بين العشائر،و ينظر في وجهك نظر الحاسد فعليه لعنة الواحد،و الأخ الذي لك و لا له فهو الذي قد ملأه الله حمقا فأبعده سحقا فتراه يؤثر نفسه عليك، و يطلب شح ما لديك..».

ص: 150

العلم و التجارب

قال عليه السّلام:«دراسة العلم لقاح المعرفة،و طول التجارب زيادة في العقل،و الشرف و التقوى و القنوع راحة الأبدان،و من أحبك نهاك،و من أبغضك أغراك..».

حقيقة الصدقة

و تصدّق رجل من بني أمية بأموال كثيرة،و لم تكن تلك الأموال من حلال،و إنما كانت من حرام،فقال الإمام عليه السّلام:

«مثله مثل الذي سرق الحاج،و تصدّق بما سرق،إنما الصدقة صدقة من عرق فيها جبينه،و اغبر فيها وجهه..» (1).

ص: 151


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:121/1.

الوعظ و الإرشاد

و عني الإمام الحسين عليه السّلام بوعظ الناس و إرشادهم كما عني أبوه من قبله، مستهدفين من ذلك تنمية القوى الخيرة في النفوس،و توجيه الناس نحو الحق و الخير و إبعادهم عن نزعات الشر من الإعتداء و الغرور و الطيش و غير ذلك، و نعرض فيما يلي لبعض ما أثر عنه:

1-قال عليه السّلام:«أوصيكم بتقوى الله،و أحذركم أيامه،و أرفع لكم أعلامه،فكأن المخوف قد أفل بمهول و روده،و نكير حلوله،و بشع مذاقه،فاغتلق مهجكم،و حال بين العمل و بينكم،فبادروا بصحة الأجسام و مدة الأعمار،كأنكم نبعات طوارقه فتنقلكم من ظهر الأرض إلى بطنها،و من علوها إلى سفلها،و من أنسها إلى وحشتها،و من روحها وضوئها إلى ظلمتها،و من سعتها إلى ضيقها حيث لا يزار حميم،و لا يعاد سقيم،و لا يجاب صريخ،أعاننا الله و إياكم على أهوال ذلك اليوم، و نجانا و إياكم من عقابه و أوجب لنا و لكم الجزيل من ثوابه.

عباد الله فلو كان ذلك قصر مرماكم،و مدى مضعنكم،كان حسب العامل شغلا يستفرغ عليه أحزانه،و يذهله عن دنياه،و يكثر نصبه لطلب الخلاص منه،فكيف و هو بعد ذلك مرتهن باكتسابه مستوقف على حسابه،لا وزير له يمنعه،و لا ظهير عنه يدفعه و يومئذ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنّا مُنْتَظِرُونَ (1).

عباد الله فلو كان ذلك قصر مرماكم،و مدى مضعنكم،كان حسب العامل شغلا يستفرغ عليه أحزانه،و يذهله عن دنياه،و يكثر نصبه لطلب الخلاص منه،فكيف و هو بعد ذلك مرتهن باكتسابه مستوقف على حسابه،لا وزير له يمنعه،و لا ظهير عنه يدفعه و يومئذ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنّا مُنْتَظِرُونَ (1).

أوصيكم بتقوى الله فإن الله قد ضمن لمن اتقاه أن يحوله عما يكره إلى ما يحب، و يرزقه من حيث لا يحتسب،فإياك أن تكون ممن يخاف على العباد بذنوبهم، و يأمن العقوبة من ذنبه،فإن الله تبارك و تعالى لا يخدع عن جنته،و لا ينال ما عنده إلا بطاعته إن شاء الله».

و حفل هذا الكلام بما يقرب الناس إلى الله،و بما يبعدهم عن معاصيه و يجنبهم عن دواعي الهوى و نزعات الشرور.

2-كتب إليه رجل يطلب منه أن يعظه بحرفين أي يوجز القول فكتب عليه السّلام له:«من حاول أمرا بمعصية الله تعالى كان أفوت لما يرجو و أسرع لمجي ما يحذر..».

3-قال عليه السّلام:«عباد الله اتقوا الله،و كونوا من الدنيا على حذر فإن الدنيا لو بقيت لأحد أو بقي عليها أحد لكانت للأنبياء أحق بالبقاء،و أولى بالرضاء،و أرضى بالقضاء،غير أن الله خلق الدنيا للبلاء و خلق أهلها للفناء،فجديدها بال،و نعيمها مضمحل،و سرورها مكفهر و المنزل بلغة،و الدار قلعة،فتزودوا فإن خير الزاد التقوى..».

4-كتب إليه رجل يسأله عن خير الدنيا و الآخرة فأجابه عليه السّلام:«أما بعد:فإن من طلب رضى الله بسخط الناس كفاه الله أمور الناس،و من طلب رضى الناس بسخط الله، و كله الله إلى الناس و السلام».

5-قال عليه السّلام:«إن جميع ما طلعت عليه الشمس في مشارق الأرض و مغاربها،بحرها و برها،سهلها و جبلها عند ولي من أولياء الله و أهل المعرفة بحق الله كفي الظلال..».

و أضاف يقول:

«ألا حر يدع هذه اللماظة-يعني الدنيا-لأهلها،ليس لأنفسكم ثمن إلا الجنة فلا

ص: 152


1- الأنعام:158.

تبيعوها بغيرها،فإنه من رضي الله بالدنيا فقد رضي بالخسيس..».

6-قال له رجل:كيف أصبحت يابن رسول الله صلّى اللّه عليه و آله؟فقال عليه السّلام:«أصبحت ولي رب فوقي،و النار أمامي،و الموت يطلبني و الحساب محدق بي،و أنا مرتهن بعملي، لا أجد ما أحب،و لا أدفع ما أكره،و الأمور بيد غيري،فإن شاء عذبني و إن شاء عفا عني،فأي فقير أفقر مني؟».

7-قال عليه السّلام:«يابن آدم تفكر،و قل:أين ملوك الدنيا و أربابها الذين عمّروا خرابها و احتفروا أنهارها،و غرسوا أشجارها،و مدّنوا مدائنها،فارقوها و هم كارهون، و ورثها قوم آخرون،و نحن بهم عما قليل لاحقون.

يابن آدم أذكر مصرعك،و في قبرك مضجعك بين يدي الله،تشهد جوارحك عليك يوم تزول فيه الأقدام،و تبلغ القلوب الحناجر،و تبيض وجوه،و تبدو السرائر، و يوضع الميزان القسط.

يابن آدم أذكر مصارع آبائك،و أبنائك،كيف كانوا،و حيث حلوا،و كأنك عن قليل قد حللت محلهم،و صرت عبرة المعتبر..ثم أنشد هذه الأبيات:

أين الملوك التي عن حفظها غفلت حتى سقاها بكأس الموت ساقيها

تلك المدائن في الآفاق خالية عادت خرابا و ذاق الموت بانيها

أموالنا لذوي الوراث نجمعها و دورنا لخراب الدهر نبنيها

هذه بعض ما أثر عنه من المواعظ الهادفة إلى إصلاح النفوس و تهذيبها و أبعادها عن نزعات الهوى و الشرور (1).1.

ص: 153


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:125/1.

من خطب الإمام الحسين عليه السلام

و للإمام عليه السّلام مجموعة كبيرة من الخطب الرائعة التي تجسدت فيها صلابة الحق،و قوة العزم،و روعة التصميم على الجهاد في سبيل الله،و قد ألقاها الإمام في وقت كان الجو ملبدا بالمشاكل السياسة،و قد شجب فيها سياسة الحكم الأموي و دعا المسلمين إلى الانتفاضة عليه،و سنذكر جملة منها في مواضعها الخاصة، و نذكر هنا خطبة واحدة منها:

صعد عليه السّلام المنبر فحمد الله و أثنى عليه ثم صلى على النبي صلّى اللّه عليه و آله فسمع رجلا يقول:من هذا الذي يخطب؟فأجابه عليه السّلام:

«نحن حزب الله الغالبون،و عترة رسول الله صلّى اللّه عليه و آله الأقربون،و أهل بيته الطيبون و أحد الثقلين اللذين جعلنا رسول الله صلّى اللّه عليه و آله ثاني كتاب الله تبارك و تعالى،الذي فيه تفصيل كل شي لا يأتيه الباطل من بين يديه،و لا من خلفه،و المعول علينا في تفسيره،و لا يبطئنا تأويله،بل نتبع حقائقه،فأطيعونا فإن طاعتنا مفروضة إذ كانت بطاعة الله و رسوله مقرونة،قال الله تعالى: أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَ الرَّسُولِ و قال: وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَ لَوْ لا فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلاّ قَلِيلاً (1).

و أحذركم الإصغاء إلى هتاف الشيطان بكم فإنه لكم عدو مبين،فتكونوا

ص: 154


1- النساء:83.

كأوليائه الذين قال لهم: وَ قالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النّاسِ وَ إِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ (1)و قال: إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ فتلقون للسيوف ضربا، و للرماح وردا،و للعمد حطما،و للسهام غرضا،ثم لا يقبل من نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا...».

و حفل هذا الخطاب بالدعوة إلى التمسك بعترة رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و لزوم طاعتهم و الإنقياد لهم،و حذرهم من الدعايات المضللة التي تبثها أجهزة الإعلام الأموي الداعية إلى إبعاد الناس عن أهل البيت عليهم السّلام الذين هم مصدر الوعي و النور في الأرض (2).1.

ص: 155


1- الأنفال:48.
2- حياة الإمام الحسين للقرشي:127/1.

جوامع الكلم

و منح الله الإمام الحسين أعنة الحكمة،و فصل الخطاب فكانت تتدفق على لسانه سيول من الموعظة و الآداب،و الأمثال السائرة،و فيما يلي بعض حكمه القصار:

1-قال عليه السّلام:«العاقل لا يحدّث من يخاف تكذيبه،و لا يسأل من يخاف منعه،و لا يثق بمن يخاف غدره،و لا يرجو من لا يوثق برجائه...».

2-قال عليه السّلام لابنه علي بن الحسين:«أي بني إياك و ظلم من لا يجد عليك ناصرا إلا الله تعالى...».

3-قال عليه السّلام:«ما أخذ الله طاقة أحد إلا وضع عنه طاعته،و لا أخذ قدرته إلا وضع عنه كلفته...».

4-قال عليه السّلام:«إياك و ما تعتذر منه،فإن المؤمن لا يسيء،و لا يعتذر،و المنافق كل يوم يسي و يعتذر...».

5-قال عليه السّلام:«دع ما يريبك إلى ما لا يريبك،فإن الكذب ريبة،و الصدق طمأنينة...».

6-قال عليه السّلام:«اللّهم لا تستدرجني بالإحسان،و لا تؤدبني بالبلاء...».

7-قال عليه السّلام:«خمس من لم تكن فيه،لم يكن فيه كثير مستمتع،العقل،و الدين و الأدب،و الحياء،و حسن الخلق...».

8-قال عليه السّلام:«البخيل من بخل بالسلام».

9-قال عليه السّلام:«من حاول أمرا بمعصية الله كان أفوت لما يرجو و أسرع لما يحذر...».

10-قال عليه السّلام:«من دلائل علامات القبول:الجلوس إلى أهل العقول،و من علامات أسباب الجهل:المماراة لغير أهل الكفر،و من دلائل العالم انتقاده لحديثه،و علمه بحقائق فنون النظر..».

ص: 156

11-قال عليه السّلام:«إن المؤمن اتخذ الله عصمته،و قوله مرآته فمرة ينظر في نعت المؤمنين،و تارة ينظر في وصف المتجبرين،فهو منه في لطائف و من نفسه في تعارف، و من فطنته في يقين،و من قدسه على تمكين...».

12-قال:«إذا سمعت أحدا يتناول أعراض الناس فاجتهد أن لا يعرفك...».

13-قال عليه السّلام لرجل اغتاب عنده رجلا«يا هذا كف عن الغيبة فإنها أدام كلاب النار...».

14-تكلم رجل عنده فقال:إن المعروف إذا أسدي إلى غير أهله ضاع فقال عليه السّلام:

«ليس كذلك،و لكن تكون الصنيعة مثل وابل المطر تصيب البر و الفاجر...».

15-سأله رجل عن تفسير قوله تعالى:

وَ أَمّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (1) !قال عليه السّلام:«أمره أن يحدّث بما أنعم الله به عليه في دينه».

16-قال عليه السّلام:«موت في عز خير من حياة في ذل».

17-قال عليه السّلام:«البكاء من خشية الله نجاة من النار».

18-قال عليه السّلام:«من أحجم عن الرأي،و أعيت له الحيل كان الرفق مفتاحه».

19-قال عليه السّلام:«من قبل عطاءك فقد أعانك على الكرم».

20-قال عليه السّلام:«إذا كان يوم القيامة نادى مناد،أيها الناس من كان له على الله أجر فليقم،فلا يقوم إلا أهل المعروف..».

21-قال عليه السّلام:«ما من أعمال هذه الأمة من صباح إلا و يعرض على الله تعالى».

إلى هنا ينتهي بنا الحديث عن بعض ما أثر عنه من روائع الحكم،و المواعظ و الآداب،و لم نحلل مضامينها إيثارا للإيجاز،و ابتعادا عن الإطالة.1.

ص: 157


1- الضحى:11.

في حلبات الشعر

و عرضت مصادر التاريخ و الأدب العربي إلى بعض ما نظمه الإمام الحسين عليه السّلام من الشعر و ما استشهد به في بعض المناسبات،و إن كان بعضها- فيما نحسب-لا يخلو من الانتحال،و هذه بعضها:

1-دخل أعرابي مسجد الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و آله فوقف على الحسن بن علي و حوله حلقة مجتمعة من الناس فسأل عنه،فقيل له إنه الحسن بن علي،فقال:إياه أردت بلغني أنهم يتكلمون فيعربون في كلامهم،و إني قطعت بوادي،و قفارا،و أودية، و جبالا،و جئت لأطارحه الكلام و أسأله عن عويص العربية،فقال له أحد جلساء الإمام:إن كنت جئت لهذا فابدأ بذلك الشاب،و أومأ إلى الحسين،فبادر إليه،و وقف فسلّم عليه فرد الإمام عليه السّلام،فقال له:

-ما حاجتك؟

-جئتك من الهرقل و الجعلل و الأينم،و الهمهم.

فتبسم الإمام الحسين،و قال له:يا أعرابي لقد تكلمت بكلام ما يعقله إلا العالمون، فقال الأعرابي،و أقول:أكثر من هذا،فهل أنت مجيبي على قدر كلامي؟

فقال له الحسين:

-قل ما شئت فإني مجيبك.

-إني بدوي،و أكثر مقالي الشعر،و هو ديوان العرب.

-قل ما شئت فإني مجيبك.

ص: 158

و أنشأ الاعرابي يقول:

هفا قلبي إلى اللهو و قد ودع شرخيه

و قد كان أنيقا عص ر تجراري ذيليه

عيالات و لذات فيا سقيا لعصريه

فلما عمم الشيب من الرأس نطاقيه

و أمسى قد عناني منه تجديد خضابيه

تسليت عن اللهو و ألقيت قناعيه

و في الدهر أعاجيب لمن يلبس حاليه

فلو يعمل ذو رأي أصيل فيه رأييه

لألفى عبرة منه له في كر عصريه

فأجابه الإمام الحسين عليه السّلام ارتجالا:

فما رسم شجاني قد محت آيات رسميه

سفور درجت ذيلين في بوغاء قاعيه

هتوف حرجف تترى على تلبيد ثوبيه

و ولاج من المزن دنا نوء سماكيه

أتى مثغنجر الورق بجود من خلاليه

و قد أحمد برقاه فلا ذم لبرقيه

و قد جلل رعداه فلا ذم لرعديه

ثجيج الرعد ثجاج إذا أرخى نطاقيه

فأضحى دارسا قفرا لبينونة أهليه

فلما سمع الأعرابي ذلك بهر و انطلق يقول:ما رأيت كاليوم أحسن من هذا الغلام كلاما و أذرب لسانا،و لا أفصح منه نطقا،فقال له الإمام الحسن عليه السّلام يا أعرابي:

غلام كرم الرحمن بالتطهير جديه

ص: 159

كساه القمر القمقام من نور سنائيه

و قد أرصنت من شعري و قومت عروضيه

فلما سمع الأعرابي قول الإمام الحسن عليه السّلام انبرى يقول:بارك الله عليكما، مثلكما تجلّهما الرجال فجزاكما الله خيرا و انصرف و دلّت هذه البادرة على مدى ما يتمتع به الإمام عليه السّلام من قوة العارضة في الشعر،و مقدرته الفائقة في الارتجال و الإبداع،إلا أن بعض فصول هذه القصة-فيما نحسب-لا يخلو من الانتحال،و هو مجىء الأعرابي من بلد نائي قد تحمّل عناء السفر و شدّته من أجل اختبار الإمام و معرفة مقدراته الأدبية.

2-نسبت له هذه الأبيات الحكمية:

إذا ما عضك الدهر فلا تجنح إلى الخلق

و لا تسأل سوى الله تعالى قاسم الرزق

فلو عشت و طوفت من الغرب إلى الشرق

لما صادفت من يقد رأن يسعد أو يشقى

و حث هذا الشعر على القناعة و إباء النفس،و عدم الخنوع للغير،و أهاب بالإنسان أن لا يسأل أحدا إلا ربه الذي بيده مجريات الأحداث.

3-قال عليه السّلام:

اغن عن المخلوق بالخالق تغن عن الكاذب و الصادق

و استرزق الرحمن من فضله فليس غير الله من رازق

من ظن أن الناس يغنونه فليس بالرحمن بالواثق

أو ظن أن المال من كسبه زلت به النعلان من حالق

و في هذه الأبيات دعوة إلى الإلتجاء إلى الله خالق الكون و واهب الحياة،

ص: 160

و الإستغناء عمن سواه فإن من ركن لغيره فقد خاب سعيه و حاد عن الصواب.

4-زار الإمام الحسين عليه السّلام مقابر الشهداء بالبقيع فانبرى يقول:

ناديت سكان القبور فاسكتوا فأجابني عن صمتهن ترب الحشا

قالت:أتدري ما صنعت بساكني مزقت لحمهم و خرقت الكسا

و حشوت أعينهم ترابا بعد ما كانت تأذى باليسير من القذا

أما العظام فإنني مزقتها حتى تباينت المفاصل و الشوى

قطعت ذا من ذا و من هذا كذا فتركتها مما يطول بها البلى

و حفلت هذه الأبيات بالدعوة إلى الإعتبار و العظة بمصير الإنسان و أنه حينما يودع في بطن الأرض لم يلبث أن يتلاشى و تذهب نضارته و يعود بعد قليل كتلة من التراب المهين.

5-و نسب الأعشى هذه الأبيات للإمام الحسين عليه السّلام:

كلما زيد صاحب المال مالا زيد في همه و في الاشتغال

قد عرفناك يا منغصة العيش و يا دار كل فان و بال

ليس يصفو لزاهد طلب الزهد إذا كان مثقلا بالعيال.

و تحدث الإمام بهذه الأبيات عن ظاهرة خاصة من ظواهر الحياة و هي أن الإنسان كلما اتسع نطاقه المادي ازدادت آلامه و همومه،و ازداد جهدا و عناءا في تصريف شؤون أمواله،و زيادة أرباحها،كما تحدث الإمام عمن يرغب في الزهد في الحياة فإنه لا يجد سبيلا إلى ذلك مادام مثقلا بالعيال فإن شغله بذلك يمنعه عن الزهد في الدنيا.

6-روى الأربلي أن الإمام قال هذه الأبيات في ذم البغي:

ص: 161

ذهب الذين أحبهم و بقيت فيمن لا أحبه

في من أراه يسبني ظهر المغيب و لا أسبه

يبغي فسادي ما استطا ع و أمره مما أر به

حنقا يدب لي الضرا ء و ذاك مما لا أدبه

و يرى ذباب الشر من حولي يطن و لا يذ به

و إذا خبا و غر الصدو ر فلا يزال به يشبه

أفلا يعج بعقله أفلا يثوب إليه لبه

أفلا يرى من فعله ما قد يسور إليه غبه

حسبي بربي كافيا ما أختشي و البغي حسبه

و لقل من يبغى عليه فما كفاه الله ربه

و تحدث الإمام عليه السّلام بهذه الأبيات عن إحدى النزعات الشريرة في الإنسان و هي البغي فإن من يتلوث به يسعى دوما إلى سب أخيه و الإعتداء عليه و إفساد أمره، و إنه إذا سكن و غر الصدور فإنه يسعى لإثارتها انطلاقا منه في البغي و الإعتداء، و قد وجّه عليه السّلام إليه النصح فإنه إذا رجع إلى عقله و فكر في أمره فإن غيه على حيه يرجع إليه،و تلحقه أضراره و آثامه و من الطبيعي أنه إذا أطال التفكير في ذلك فإنه يقلع عن نفسه هذه الصفة الشريرة حسب ما نص عليه علماء الأخلاق.

7-و زعم أبو الفرج الأصبهاني إن الإمام الحسين عليه السّلام قال هذين البيتين في بنته سكينة و أمها الرباب:

لعمرك أنني لأحب دارا تكون بها سكينة و الرباب

أحبهما و أبذل جل مالي و ليس لعاتب عندي عتاب

و زاد غيره هذا البيت:

فلست لهم و إن غابوا مضيعا حياتي أو يغيبني التراب

ص: 162

و هذه الآيات فيما نحسب من المنتحلات و الموضوعات فإن الإمام الحسين عليه السّلام أجل شأنا و أرفع قدرا من أن يذيع حبه لزوجته و ابنته بين الناس،فليس هذا من خلقه،و لا يليق به،إن ذلك-من دون شك-من المفتريات التي تعمّد وضعها للحط من شأن أهل البيت عليهم السّلام.

8-و مما قاله:

الله يعلم أن ما بيدي يزيد لغيره

و بأنه لم يكتسب ه بخيره و بميره

لو أنصف النفس الخؤو ن لقصرت من سيره

و لكان ذلك منه أد نى شره من خيره

و بهذا ينتهي بنا المطاف عن بعض مثل الإمام الحسين عليه السّلام و نزعاته التي كان بها فذا من أفذاذ العقل الإنساني و مثلا رائعا من أمثلة الرسالة الإسلامية بجميع قيمها و مكوناتها (1).0.

ص: 163


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:79/1 الى 130.

الفهرس

أبعاد شخصية الحسين عليه السلام

أهم أبعاد شخصية الإمام الحسين عليه السلام 3

شخصية الحسين مدخرة من قبل اللّه 3

عظمة الحسين عليه السلام على اللّه 15

في أن الحسين وصي رسول اللّه عليهما السلام 22

أن الأئمة من صلب الحسين عليهم السلام 31

في أن الحسين و الأئمة عليهم السلام حجج اللّه على خلقه 40

لولا الحسين و الأئمة عليهم السلام ما خلق اللّه تعالى الخلق 52

عظمة الإمام الحسين عليه السلام و بركاته 57

قيمة تضحية الحسين عليه السلام 60

الإخلاص عند الإمام الحسين عليه السلام 62

الثقة باللّه تعالى عند الإمام الحسين عليه السلام 62

صواب الموقف عند الإمام الحسين عليه السلام 64

عمل و جهاد الإمام الحسين عليه السلام 65

ثقافة الجهاد 66

الجهاد الفكري 67

الثقافة في الرؤية المادية 68

ص: 164

الثقافة في الرؤية الإسلامية 70

الثقافة سند للجهاد 71

العمل الثقافي و السياسي للإمام الحسين عليه السلام 73

الإستقامة عند الإمام الحسين عليه السلام 74

الأعذار الشرعيّة التي واجهت الحسين عليه السلام 74

الحقائق التأريخية في شخصية الحسين عليه السلام 78

البعد المعنوي و العرفاني في شخصية الإمام الحسين عليه السلام 80

واقعة عاشوراء واقعة عرفانية 81

جهاد فعرفان 82

سلوك الحسين عليه السلام المعنوي و العبودي 83

وصايا الشهداء العرفانيّة 85

سرعة العرفان عند المجاهد 86

أثر ثورة الإمام الحسين على الأخلاق 87

وضوح المواقف عند الإمام الحسين عليه السلام 91

هيبة الإمام الحسين عليه السلام و وقاره 93

عفو الإمام الحسين عليه السلام عن المسيء 94

الجود و السخاء عند الإمام الحسين عليه السلام 95

إلتزام الإمام الحسين عليه السلام بتعاليم الإسلام 100

لمحات من حياته العملية 102

من حكمه و مواعظه 103

عصمة الإمام الحسين عليه السلام 105

الإمام الحسين في خلافة أبيه عليهما السلام 106

موقفه من الصلح مع معاوية 108

ص: 165

موقفه من بيعة يزيد بن معاوية 110

المسؤولية الدينية عند الإمام الحسين عليه السلام 113

طلب الإصلاح في الأمة 113

إماتة الإمام عليه السلام للبدع 114

صيانة الخلافة الإسلامية من الطغيان 114

حماية الإم عليه السلام للإسلام من الخطر 116

الإضطهاد و القمع الأمويان 117

دعوة الناس إليه و مبايعته 119

العزة و الكرامة 119

إحياء الضمائر و استعادة الإرادة 121

لمحات من مثل الإمام الحسين عليه السلام 122

إمامته 122

مواهبه العلمية 123

الرجوع إلى الإمام عليه السلام في الفتيا 124

مجلس الإمام عليه السلام 125

من روى عن الإمام عليه السلام 126

روايات الإمام عليه السلام عن جده 127

مسند الإمام الحسين عليه السلام 129

روايات الإمام الحسين عليه السلام عن أمه فاطمة 3 132

رواياته الإمام عليه السلام عن أبيه 133

من تراثه الرائع 136

القدر 136

الصمد 137

ص: 166

التوحيد 138

الأمر بالمعروف 141

أنواع الجهاد 144

تشريع الصوم 144

أنواع العبادة 145

مودة أهل البيت 145

مكارم الأخلاق 146

تشريع الأذان 149

الإخوان 150

العلم و التجارب 151

حقيقة الصدقة 151

الوعظ و الإرشاد 152

من خطب الإمام الحسين عليه السلام 155

جوامع الكلم 157

في حلبات الشعر 159

ص: 167

المجلد 3

اشارة

الصحیح من سیرة الإمام الحسین بن علي علیه السلام

نویسنده: سید هاشم بحرانی - علامه سید مرتضی عسکری و سید محمد باقر شریف قرشی

ناشر: مؤسسة التاريخ العربي

مکان نشر: لبنان - بيروت

سال نشر: 2009م , 1430ق

چاپ:1

موضوع:اسلام، تاریخ

زبان:عربی

تعداد جلد:20

کد کنگره: /ع5ص3 41/4 BP

ص: 1

اشارة

ص: 2

[الجزء الثالث(النصوص على الإمام الحسين عليه السلام)]

النص على الإمام الحسين عليه السلام

النص على الحسين من رسول اللّه عليهما السلام

جاء في خطبة الغدير بعد تنصيب علي إماما:«إنهما لسيدا شباب أهل الجنة و إنهما لإمامان بعد أبيهما علي» (1).

و اشتهر عنه صلّى اللّه عليه و اله:«الحسن و الحسين إمامان قاما أو قعدا» (2).

و في لفظ:«بأبي أنتما من إمامين صالحين اختاركما اللّه مني و من أبيكما و أمكما و اختار من صلبك يا حسين تسعة أئمة» (3).

و عن علي بن موسى الرضا عن آبائه:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«الحسن و الحسين اماما أمتي بعد أبيهما و سيدا شباب أهل الجنة» (4).

و منها قوله صلّى اللّه عليه و اله في حقهما:«...و اما الحسن فإنه ابني و ولدي و بضعة مني و قرة عيني و ضياء قلبي و ثمرة فؤادي و هو سيد شباب أهل الجنة و حجة اللّه على الامة، أمره أمري و قوله قولي من تبعه فإنه مني و من عصاه فليس مني.

و أما الحسين فإنه مني و هو ابني و ولدي و خير الخلق بعد أخيه و هو إمام

ص: 3


1- -روضة الواعظين:98 مجلس في ذكر الامامة.
2- -أهل البيت لتوفيق أبو علم:195 ذكر أولاده-و صرح بأنه متواتر،و الطرائف:196/1، و مناقب آل ابي طالب:368/3،و الارشاد:30/2،و اعلام الورى:208،و كفاية الاثر:38-117 ،و كشف الغمة:159/2،و العوالم:174/15،روضة الواعظين:156 مجلس في ذكر امامتهما، و البحار:325/36-289-319.
3- -اعلام الورى:382.
4- -كمال الدين:260/1 ح 6 من الباب 24.

المسلمين و مولى المؤمنين و خليفة رب العالمين و غياث المستغيثين و كهف المستجيرين،و حجة اللّه على خلقه أجمعين و هو سيد شباب أهل الجنة و باب نجاة الأمة أمره أمري و طاعته طاعتي من تبعه فإنه مني و من عصاه فليس مني..» (1).

و قال صلّى اللّه عليه و اله في حقه عليه السّلام:«انت سيد ابن سيد أخو سيد و أنت إمام ابن إمام أخو إمام و أنت حجة ابن حجة أخو حجة...» (2).

و قال صلّى اللّه عليه و اله:«و الذي بعثني بالحق نبيا إن الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الارض و أنه مكتوب على يمين عرش اللّه:الحسين مصباح هاد و سفينة نجاة و إمام غير وهن و عز و فخر و علم و ذخر» (3).

و عن ابن بابويه في كتاب النصوص قال:حدّثنا محمد بن عبد اللّه الشيباني، و القاضي أبو الفرج المعافي بن زكريا البغدادي،و الحسين (4)بن محمد بن سعيد، و الحسن بن علي بن الحسين (5)الرازي،جميعا قالوا:حدّثنا أبو علي محمد بن همان بن سهل الكاتب،قال:حدّثنا الحسن بن محمد بن جمهور القميّ (6)عن أبيه محمد بن جمهور قال:حدثني عثمان بن عمر قال:حدّثنا شعبة بن سعيد بن إبراهيم عن عبد الرّحمن الأعرج،عن أبي هريرة قال:كنت عند النبي صلّى اللّه عليه و اله و أبو بكر و عمر و الفضل بن العباس و زيد بن حارثة و عبد اللّه بن مسعود إذ دخل الحسين بن علي عليه السّلام فأخذه النبي صلّى اللّه عليه و اله و قبله ثم قال:«حزقة حزقة،ترق عين بقة»و وضع فمه على فمه ثم قال:ي.

ص: 4


1- -امالي الصدوق:100،و ارشاد القلوب:296/2،و فرائد السمطين:35/2.
2- -كمال الدين:262/1،و كفاية الاثر:45-28،و البحار:372/36-290 نقلا عن كفاية الاثر و المقتضب،و كشف الغمة:349 و قريب منه ما في ينابيع المودة:258/1 ط.استانبول 1301 ه و 308 ط.النجف باب 56 عن مودة القربى.
3- -اعلام الورى:378.
4- في البحار:الحسن.
5- في البحار:الحسن.
6- في البحار:العمي.

«اللهم إني أحبه فأحبه و أحب من يحبه،يا حسين أنت الإمام ابن الإمام أبو الأئمة،تسعة من ولدك أئمة أبرار».

فقال له عبد اللّه بن مسعود:ما هؤلاء الأئمة الذين ذكرتهم في صلب الحسين؟ فأطرق مليا،ثم رفع رأسه فقال:«يا عبد اللّه سألت عظيما و لكني أخبرك أن ابني هذا- و وضع يده على كتف الحسين عليه السّلام-يخرج من صلبه ولد مبارك سمي جده علي عليه السّلام يسمى العابد و نور الزهاد،و يخرج اللّه من صلب عليّ ولدا اسمه اسمي،و أشبه الناس بي،يبقر العلم بقرا و ينطق بالحق و يأمر بالصواب،و يخرج اللّه من صلبه كلمة الحق، و لسان الصدق».

فقال له ابن مسعود:فما اسمه يا نبي اللّه؟

فقال:«يقال له:جعفر صادق في قوله و فعله،الطاعن عليه كالطاعن عليّ،و الراد عليه كالراد عليّ».ثم دخل حسان بن ثابت و أنشد في رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله شعرا و انقطع الحديث.

فلما كان من الغد صلى بنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله ثم دخل بيت عائشة و دخلنا معه أنا و علي بن أبي طالب و عبد اللّه بن العباس،و كان من دأبه صلّى اللّه عليه و اله إذا سئل أجاب و إذا لم يسأل ابتدأ فقلت له:بأبي أنت و أمي يا رسول اللّه ألا تخبرني بباقي الخلفاء من صلب الحسين؟

قال:«نعم يا أبا هريرة.و يخرج اللّه من صلب جعفر مولودا نقيّا طاهرا أسمر ربعة (1)سمي موسى بن عمران؟ثم قال له ابن عباس:ثم من يا رسول اللّه؟

قال:يخرج من صلب موسى علي ابنه يدعي بالرضا،موضع العلم،و معدن الحلم ثم قال عليه السّلام بأبي المقتول في أرض الغربة،و يخرج من صلب علي ابنه محمد المحمود أطهر الناس خلقا و أحسنهم خلقا؛و يخرج من صلب محمد علي إبنه،طاهر الحسب،صادق اللهجة؛و يخرج من صلب علي الحسن،الميمون النقي الطاهر الناطق عن اللّه،و أبو حجةة.

ص: 5


1- الربعة:الوسيط القامة.

اللّه؛و يخرج من صلب الحسن قائمنا أهل البيت،يملؤها قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما،له هيبة موسى،و حكم داود،و بهاء عيسى.ثم تلا: ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1)».

فقال له علي بن أبي طالب:«بأبي أنت و أمّي يا رسول اللّه من هؤلاء الذين ذكرتهم؟»

قال:«يا علي أسماء الأوصياء من بعدك،و العترة الطاهرة و الذرية المباركة»،ثم قال:

«و الذي نفس محمد بيده لو أن عبدا عبد اللّه ألف عام ثم ألف عام بين الركن و المقام،ثم أتاني جاحدا لولايتهم لأكبه اللّه في النار كائنا من كان».

قال أبو علي بن همام:العجب كل العجب من أبي هريرة يروي هذه الأخبار ثم ينكر فضائل أهل البيت عليهم السّلام (2).

ابن المغازلي قال:أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الوهاب إجازة أن أبا أحمد عمر بن عبد اللّه بن شوذب أخبرهم قال:حدّثنا محمد بن الحسن بن زياد،حدّثنا أحمد بن الخليل ببلخ،حدثني محمد بن أبي محمود قال:حدّثنا يحيى بن أبي معروف قال:

حدّثنا محمد بن سهل البغدادي،عن موسى بن القاسم،عن علي بن جعفر قال:

سألت أبا الحسن عليه السّلام عن قول اللّه عز و جل: كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ (3)قال:

«المشكاة فاطمة عليها السّلام،و المصباح الحسن.و الحسين الزجاجة كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ (4)قال:كانت فاطمة كوكبا دريا من نساء العالمين يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ (5)الشجرة المباركة إبراهيم لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ (6)لا يهودية و لا نصرانية يَكادُ زَيْتُها6.

ص: 6


1- آل عمران:34.
2- رواه المجلسي في البحار:312/36-314 عن كفاية الاثر.
3- النور:36.
4- النور:36.
5- النور:36.
6- النور:36.

يُضِيءُ (1) وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ (2) قال:فيها إمام بعد إمام يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ (3)قال:يهدي اللّه عز و جل لولايتنا من يشاء» (4).

ابن المغازلي قال:أخبرنا القاضي أبو تمام علي بن محمد بن الحسين قال:

أخبرنا القاضي أبو الفرج أحمد بن علي بن جعفر بن محمد بن المعلى الحنوطي (5)إذنا قال:حدثني أبو الطيب محمد بن حبيش بن عبد اللّه بن هارون النيلي في الطراز بواسط سنة إحدى و ثلاثين و أربع مائة (6)قال:حدّثنا المشرف بن سعيد الذارع، حدّثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي،حدّثنا سفيان بن حمزة الأسلمي،عن كثير بن زيد قال:دخل الأعمش على المنصور و هو جالس للمظالم فلما بصر به قال له:

يا سليمان تصدر قال:أنا صدر حيث جلست،ثم قال:حدثني الصادق قال:حدثني الباقر قال:حدثني السجاد قال:حدثني الشهيد قال:حدثني التقي و هو الوصي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السّلام قال:حدثني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«أتاني جبرائيل عليه السّلام آنفا فقال تختّموا بالعقيق فإنه أول حجر شهد للّه بالوحدانية ولي بالنبوة و لعلي بالوصية و لولده بالإمامة،و لشيعته بالجنة».

قال فاستدار الناس بوجوههم نحوه فقيل له:تذكر قوما فتعلم من لا نعلم فقال:

الصادق جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب،و الباقر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب،و السجاد علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب،و الشهيد الحسين بن علي و الوصي و هو التقي علي بن أبي طالب عليهم السّلام (7).1.

ص: 7


1- في بعض المصادر:قال:يكاد العلم أن ينطق منها.
2- النور:36.
3- النور:36.
4- المناقب لابن المغازلي:316-317.
5- في بعض المصادر:علي بن جعفر بن المعلى الخيوطي.
6- في بعض المصادر:و ثلاثمائة.
7- المناقب لابن المغازلي:281.

ما رواه صدر الأئمة عند الجمهور أخطب الخطباء أبو المؤيد موفق بن أحمد الخوارزمي في كتابه في فضائل أمير المؤمنين عليه السّلام قال:أنبأني مهذب الأئمة أبو المظفر عبد الملك بن علي بن محمد الهمداني إجازة،أخبرني محمد بن الحسين بن علي البزاز،أخبرني أبو منصور محمد بن عبد العزيز (1)أخبرني هلال بن محمد بن جعفر،حدثني أبو بكر محمد بن عمر (2)الحافظ،حدثني أبو الحسن علي بن محمد الخزاز من كتابه،حدّثنا الحسن بن علي الهاشمي،حدثني إسماعيل بن أبان، حدثني أبو مريم،عن ثوير بن أبي فاختة،عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى.

قال:قال أبي:دفع النبي صلّى اللّه عليه و اله الراية يوم خيبر الى علي بن أبي طالب ففتح اللّه تعالى عليه،و أوقفه يوم غدير خم فأعلم أنه (3)مولى كل مؤمن و مؤمنة.و قال له:«أنت مني و أنا منك،و قال له:تقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل.و قال له:أنت مني بمنزلة هارون من موسى.و قال له:أنا سلم لمن سالمت و حرب لمن حاربت.و قال له:أنت العروة الوثقى (4).و قال له:أنت تبين لهم ما اشتبه (5)عليهم من بعدي.و قال له:أنت إمام كل مؤمن و مؤمنة،و ولي كل مؤمن و مؤمنة بعدي.و قال له:أنت الذي أنزل اللّه فيه (6).

و أذان من اللّه و رسوله الى الناس يوم الحج الأكبر.و قال له:أنت الآخذ بسنتي و الذاب عن ملتي.

و قال له:أنا أول من تنشق الأرض عنه و أنت معي.و قال له:أنا عند الحوض و أنت معي.

و قال له:أنا أول من يدخل الجنة و أنت معي،تدخلها و الحسن و الحسين و فاطمة.ك.

ص: 8


1- في بعض المصادر:محمد بن علي بن عبد العزيز.
2- في بعض المصادر:عمرو.
3- في المصدر:فأعلم الناس أنه.
4- بعض المصادر:أنت العروة الوثقى التي لا انفصام لها.
5- في بعض المصادر:ما يشتبه.
6- في بعض المصادر:أنزل اللّه فيك.

و قال له:إن اللّه أوحى إلي أن أقوم بفضلك فقمت به في الناس و بلّغتهم ما أمرني اللّه تعالى بتبليغه.و قال له:إتق الضغائن التي لك في صدور من لا يظهرها إلا بعدي (1)أولئك يلعنهم اللّه (2)،ثم بكى صلّى اللّه عليه و اله فقيل له:مم بكاؤك يا رسول اللّه؟

قال:أخبرني جبرائيل عليه السّلام أنهم يظلمونه،و يمنعونه حقه،و يقاتلونه و يقتلون ولده، و يظلمونهم بعده.

و أخبرني جبرائيل (3)أن ذلك الظلم يزول إذا قام قائمهم،و علت كلمتهم،و اجتمعت الأمة على محبتهم،و كان الشاني (4)لهم قليلا،و الكاره لهم ذليلا،و كثر المادح لهم و ذلك حين تغير البلاد،و ضعف العباد،و اليأس من الفرج،فعند ذلك يظهر القائم فيهم».

فقال النبي صلّى اللّه عليه و اله:«إسمه كاسمي«و إسم أبيه كاسم أبي»هو من ولد إبنتي (5)يظهر اللّه الحق بهم و يخمد الباطل بأسيافهم،و يتبعهم الناس راغبا إليهم و خائفا منهم قال:و سكن البكاء عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله ثم قال:معاشر المسلمين (6)أبشروا بالفرج فإن وعد اللّه حق لا يخلف،و قضاؤه لا يرد،و هو الحكيم الخبير (7).

اللهم إنهم أهلي فأذهب عنهم الرجس و طهرم تطهيرا.اللهم اكلأهم وارعهم،و كن لهم،و انصرهم،و أعزهم و لا تذلهم و اخلفني فيهم إنك على ما تشاء قدير» (8).ف.

ص: 9


1- في بعض المصادر:إلا بعد موتي.
2- في بعض المصادر:و يلعنهم اللاعنون.
3- في بعض المصادر:و أخبرني جبرائيل عن اللّه عز و جل.
4- شنأ شنأ:أبغضه مع عداوة و سوء خلق.
5- بعض المصادر:ابنتي فاطمة. أقول:و جملة«و اسم أبيه كاسم أبي»لا تطابق مع ما ثبت من أن اسم والد الحجة سلام اللّه عليه هو «الحسن العسكري»و اسم والد النبي صلّى اللّه عليه و اله هو«عبد اللّه»و قد أجاب عن هذا ارباب الحديث و السير باجوبة وافية راجع كتاب الغيبة لشيخ الطائفة الطوسي ص:112 ط النجف،و كشف الغمة:228/3 -235 و 266-267،البحار:103/51،كفاية الطالب للكنجي:483-485.
6- في بعض المصادر:معاشر الناس.
7- في بعض المصادر:و ان فتح اللّه قريب.
8- المناقب للخوارزمي:23-25 ط النجف.

موفق بن أحمد قال:أخبرني شهردار إجازة،أخبرني أبي شيرويه،أخبرنا أبو طالب أحمد بن محمد بن خالد (1)الريحاني الصوفي بقراءتي عليه من أصل سماعه (2)أخبرنا أبو عبد اللّه محمد بن عبد الرّحمن بن مخلد بن طلحة الصيداوي (3)، حدّثنا أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الحلبي بمصر،حدّثنا أبو أحمد العباس بن الفضل بن جعفر العكي (4)،حدثني علي بن العباس المقانعي،حدثني سعيد بن مؤيد الكندي (5)حدثني عبد اللّه بن حازم الخزاعي،عن إبراهيم بن موسى الجهني،عن سلمان الفارسي أن النبي صلّى اللّه عليه و اله قال لعلي:«يا علي تختّم باليمين تكن من المقربين،قال:يا رسول اللّه و ما المقربون؟

قال جبرائيل و ميكائيل قال:فبما أتختّم يا رسول اللّه؟

قال:بالعقيق الأحمر فإنه جبل أقر للّه بالوحدانية (6)ولي بالنبوة،و لك بالوصية، و لولدك بالإمامة،و لمحبيك بالجنة،و لشيعة ولدك بالفردوس» (7).

موفق بن أحمد بن أحمد في كتابه قال:حدثني فخر القضاة نجم الدين بن أبي منصور محمد بن الحسين بن محمد البغدادي فيما كتب إلي من همدان قال:أنبأنا الإمام الشريف نور الهدى أبو طالب الحسين بن محمد الزينبي قال:أخبرنا إمام الأئمة محمد بن أحمد بن شاذان قال:حدّثنا أبو محمد الحسن بن علي العلوي الطبري،عن أحمد بن محمد بن عبد اللّه (8)قال:حدثني جدي أحمد بن محمد،عن أبيه،ه.

ص: 10


1- في بعض المصادر:خال.
2- في بعض المصادر:من أصل سماعه في مسجد الشونيزية.
3- في بعض المصادر:عبد الرّحمن بن محمد بن طلحة الصعداني.
4- في بعض المصادر:الملي.
5- في المصدر:سعد بن مزيد الكندي،و في المخطوطة:سعيد بن مزيد.
6- في بعض المصادر:بالعبودية.
7- المناقب للخوارزمي:233-234.
8- في بعض المصادر:أحمد بن عبد اللّه.

عن حماد بن عيسى،عن عمر بن أذينة قال:حدثني أبان ابن أبي عياش،عن سليم بن قيس الهلالي،عن سلمان المحمدي قال:دخلت على النبي و إذا الحسين على فخذه و هو يقبّل عينيه و يلثم فاه و يقول:«أنت سيد ابن سيد أخو سيد أبو سادة،أنت إمام ابن إمام أخو إمام أبو أئمة،أنت حجة ابن حجة أخو حجة أبو حجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم» (1).

ابن بابويه عن علي بن الحسين بن محمد قال:حدّثنا محمد بن الحسين بن الحكم الكوفي ببغداد قال:حدثني الحسين بن حمدان الحصيبي قال:حدّثنا عثمان ابن سعيد العمري.

قال:حدّثنا أبو عبد اللّه محمد بن إسماعيل الحسني (2)قال:حدثني خلف بن المغلس قال:حدثني نعيم بن جعفر قال:حدثني أبو حمزة الثمالي،عن أبي خالد الكابلي عن علي بن الحسين،عن أبيه الحسين عليهما السّلام قال:«دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و هو متفكر مغموم،فقلت:يا رسول اللّه مالي أراك متفكرا فقال:يا بني إن الروح الأمين قد أتاني فقال:يا رسول اللّه العلي الأعلى يقرئك السلام و يقول لك:إنك قد قضيت نبوتك و استكملت أيامك،فاجعل الاسم الاكبر و ميراث العلم و آثار النبوة عند علي بن أبي طالب فإني لا أترك الأرض إلا و فيها عالم يعرف بطاعتي (3)و تعرف به ولايتي فإني لم أقطع علم النبوة من العقب من ذريتك (4)،كما لم أقطعها من ذريات الأنبياء الذين كانوا بينك و بين أبيك آدم،فقلت:يا رسول اللّه فمن يملك هذا الأمر بعدك؟

قال:أبوك علي بن أبي طالب أخي و خليفتي و يملك بعد علي الحسن ثم تملكه أنت و تسعة من صلبك،يملكه اثنا عشر إماما،ثم يقوم قائمنا يملأ الأرض قسطا و عدلا كماك.

ص: 11


1- أخرجه الخوارزمي في مقتل الحسين:146/1 بلفظ:إنك سيد ابن سيد أبو سادة،انك إمام ابن إمام أبو أئمة،إنك حجة ابن حجة.
2- في كفاية الاثر و البحار:أبو عبد اللّه محمد بن مهران،عن محمد بن إسماعيل الحسني.
3- في كفاية الاثر و البحار:تعرف به طاعتي.
4- في كفاية الاثر و البحار:من الغيب من ذريتك.

ملئت جورا و ظلما و يشفي صدور قوم مؤمنين من شيعته» (1).

موفق بن أحمد قال:حدثني فخر القضاة نجم الدين بن أبي منصور محمد بن الحسين بن محمد البغدادي فيما كتب إلي من همدان قال:أنبأنا الإمام الشريف نور الهدى أبو طالب الحسين بن محمد الزينبي قال:أخبرنا إمام الأئمة محمد بن أحمد ابن شاذان (2)قال:حدّثنا أحمد بن محمد بن عبد اللّه الحافظ قال:حدّثنا علي بن سنان الموصلي،عن أحمد بن محمد بن صالح،عن سليمان (3)بن محمد عن زياد بن مسلم،عن عبد الرّحمن بن زيد،عن زيد بن جابر (4)،عن سلامة،عن أبي سلمى راعي ابل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول:«ليلة اسري بي إلى السماء قال لي الجليل جل جلاله: آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ (5)؟فقلت و المؤمنون، قال:صدقت يا محمد من خلفت في امتك؟

قلت:خيرها.

قال:علي بن أبي طالب؟

قلت:نعم يا رب.

قال:يا محمد إني إطلعت إلى الأرض إطلاعة فاخترتك منها،فشققت لك إسما من أسمائي،فلا اذكر في موضع إلا ذكرت معي فأنا المحمود و أنت محمد،ثم اطلعت الثانية فاخترت عليا و شققت له إسما من أسمائي فأنا الأعلى و هو علي؛يا محمد إني خلقتك و خلقت عليا و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة من ولده من نوري و عرضت ولايتكم على أهل السماوات و الأرض فمن قبلها كان عندي من المؤمنين،و من جحدها5.

ص: 12


1- رواه السيد البحراني في الانصاف ص 58-59،عن الغيبة لابن بابويه.و ذكره الخزاز في كفاية الأثر ص 24،و المجلسي في البحار:345/36-346.
2- هذه القطعة رواها عن الخوارزمي السيد ابن طاوس في الطرائف.
3- في بعض المصادر:سلمان.
4- في بعض المصادر:عبد الرّحمن بن يزيد بن جابر.
5- البقرة:285.

كان عندي من الكافرين.

يا محمد لو أن عبدا من عبيدي عبدني حتى ينقطع أو يصير كالشن البالي ثم أتاني جاحدا لولايتكم ما غفرت له حتى يقر بولايتكم.

يا محمد أ تحب أن تراهم؟

قلت:نعم يا رب فقال:إلتفت عن يمين العرش فالتفت فإذا بعلي،و فاطمة،و الحسن، و الحسين،و علي بن الحسين،و محمد بن علي و جعفر بن محمد،و موسى بن جعفر، و علي بن موسى،و محمد بن علي،و علي بن محمد و الحسن بن علي و المهدي في ضحضاح (1)من نور قياما يصلّون و هو في وسطهم«يعني المهدي»كأنه كوكب دري.

قال:يا محمد هؤلاء الحجج و هو الثائر من عترتك،و عزتي و جلالي إنه الحجة الواجبة لأوليائي و المنتقم من أعدائي» (2).

موفق بن أحمد أيضا بالاسناد السابق،عن الإمام محمد بن أحمد بن علي بن شاذان قال:حدّثنا محمد بن علي بن الفضل،عن محمد بن القاسم،عن عباد بن يعقوب،عن موسى بن عثمان،عن الاعمش،حدثني أبو إسحاق عن الحرث و سعيد ابن بشير عن علي بن أبي طالب عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«أنا واردكم على الحوض،و أنت يا علي الساقي،و الحسن الذائد،و الحسين الآمر،و علي بن الحسين الفارط،و محمد بن علي الناشر،و جعفر بن محمد السائق،و موسى بن جعفر محصي المحبين و المبغضين و قامع المنافقين،و علي بن موسى مزين المؤمنين،و محمد بن علي منزل أهل الجنة في درجاتهم،و علي بن محمد خطيب شيعته و مزوجهم الحور العين،و الحسن بن علي سراج أهل الجنة يستضيئون به،و المهدي شفيعهم يوم القيامة حيث لا يأذن اللّه إلا لمن يشاء و يرضى» (3).ف.

ص: 13


1- الضحضاح:القريب القعر.
2- مقتل الحسين:95/1-96.ط النجف.
3- مقتل الحسين:94/1-95 ط النجف.

إبراهيم بن محمد الحمويني قال:أخبرني الخطيب نجم الدين عبد اللّه بن (1)أبي السعادات بن منصور بن أبي السعادات الناصري (2)بقراءتي عليه ببغداد بجامع المنصور أنبأنا (3)الشيخ الإمام أحمد بن يعقوب بن عبد اللّه المارستاني سماعا عليه قال:أنبأنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد المعروف بابن البطي إجازة إن لم يكن سماعا قال:أنبأنا أبو الفضل حمد بن أحمد الأصبهاني قال:أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد اللّه الحافظ قال:حدّثنا محمد بن المظفر قال:حدّثنا محمد بن جعفر بن عبد الرحيم قال:حدّثنا أحمد بن محمد بن يزيد بن سليم قال:حدّثنا عبد الرّحمن بن عمران بن أبي ليلى أخو محمد بن عمران قال:حدّثنا يعقوب بن موسى الهاشمي، عن ابن أبي رواد،عن إسماعيل بن امية،عن عكرمة،عن ابن عباس قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«من سره أن يحيى حياتي،و يموت مماتي،و يسكن جنة عدن غرسها ربي؛ فليوال عليا من بعدي و ليوال وليه،وليقتد بالأئمة من بعدي فإنهم عترتي خلقوا من طينتي،رزقوا فهما و علما.و ويل للمكذبين بفضلهم من أمتي،القاطعين فيهم صلتي،لا أنالهم اللّه شفاعتي» (4).

قلت:و روى هذا الحديث من العامة أيضا ابن أبي الحديد في شرج نهج البلاغة- و هو من مشايخ المعتزلة-رواه عن أبي نعيم الحافظ أحمد بن عبد اللّه الاصفهاني في كتاب حلية الاولياء (5).

إبراهيم بن محمد الحمويني من أعيان علماء العامة قال:أنبأني السيد الإمام نسابة عهده جلال الدين عبد الحميد بن فخار بن معد بن فخار بن معد (6)بن أحمدر.

ص: 14


1- في بعض المصادر:نجم الدين بن عبد اللّه.
2- في بعض المصادر:البابصري.
3- في بعض المصادر:قال:أخبرنا.
4- فرائد السمطين 1:/53ح 18.
5- حلية الاولياء:86/1.
6- في بعض المصادر:بن فخار.

ابن محمد بن أبي الغنائم محمد بن الحسين بن محمد بن إبراهيم المجاب برد السلام بن محمد الصالح بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن أبي عبد اللّه الحسين الشهيد بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب-رضي اللّه عنهم أجمعين-قال:أخبرنا والدي الإمام شمس الدين شيخ الشرف معد-رحمه اللّه-إجازة قال:أخبرنا شاذان بن جبرائيل القمي،عن جعفر بن محمد الدروستي،عن أبيه قال:أنبأنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه رحمه اللّه قال:حدّثنا محمد بن علي بن ماجيلويه-رحمه اللّه-قال:أنبأنا علي بن إبراهيم عن أبيه،عن علي بن معبد،عن الحسن بن خالد،عن علي بن موسى الرضا،عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«من أحب أن يتمسك بديني و يركب سفينة النجاة بعدي فليقتد بعلي بن أبي طالب و ليعاد عدوه،و ليوال وليه فإنه وصيي و خليفتي على أمتي في حياتي و بعد وفاتي،و هو إمام كل مسلم،و أمير كل مؤمن بعدي،قوله قولي،و أمره أمري،و نهيه نهيي،و تابعه تابعي،و ناصره ناصري،و خاذله خاذلي»،ثم قال عليه السّلام:«من فارق عليا بعدي لم يرني،و لم أره يوم القيامة،و من خالف عليا حرّم اللّه عليه الجنة،و جعل مأواه النار،و من خذل عليا خذله اللّه يوم يعرض عليه،و من نصر عليا نصره اللّه يوم يلقاه و لقنه حجته عند المسألة».

ثم قال عليه السّلام:«و الحسن و الحسين إماما أمتي بعد أبيهما،و سيدا شباب أهل الجنة، أمهما سيدة نساء العالمين و أبوهما سيد الوصيين،و من ولد الحسين تسعة أئمة تاسعهم القائم من ولدي،طاعتهم طاعتي،و معصيتهم معصيتي،إلى اللّه أشكو المنكرين لفضلهم و المضيعين لحرمتهم بعدي و كفى باللّه وليا و ناصرا لعترتي و أئمة أمتي، و منتقما من الجاحدين حقهم؛ وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ» (1).

أقول:انظر أيها الأخ إلى ما يرويه المخالفون النواصب ما هو عين مذهب الامامية الإثني عشرية و هذا يعطيك أن المخالفين العامة على ضلال مبين،7.

ص: 15


1- فرائد السمطين 1:/54ح 19،و الاية في سورة الشعراء:227.

و خسران عظيم،بعد العلم منهم و المعرفة بصحة معتقد الإمامية الإثني عشرية؛ فتأمل هذا الحديث و أضرابه مما يرويه الخاسرون و يحكم بصحته المخالفون (1).

الحمويني قال:أخبرني المشايخ الجلة من أهل الحلة،السيدان الامامان جمال الدين أحمد بن موسى بن طاووس الحسيني،و جلال الدين عبد الحميد بن فخار بن معد بن فخار الموسوي،و الإمام العلامة نجم الدين أبو القاسم جعفر بن الحسن بن الحسين بن يحيى بن سعيد-رحمهم اللّه-بروايتهم،عن السيد الإمام شمس الملة و الدين شيخ الشرف فخار بن محمد الدورستي عن أبيه (2)،عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي-رحمه اللّه-قال:حدّثنا علي بن أحمد بن عبد اللّه بن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي،عن أبيه عن جده أحمد بن عبد اللّه،عن أبيه محمد بن خالد،عن غياث بن إبراهيم (3)،عن ثابت بن دينار،عن سعد بن طريف،عن سعيد بن جبير،عن ابن عباس قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله لعلي بن أبي طالب:«يا علي أنا مدينة الحكمة و أنت بابها،و لن تؤتى المدينة إلا من قبل الباب،و كذب من زعم أنه يحبني و يبغضك لأنّك مني و أنا منك،لحمك من لحمي،و دمك من دمي،و روحك من روحي، و سريرتك من سريرتي،و علانيتك من علانيتي،و أنت إمام أمتي،و خليفتي عليها بعدي، سعد من أطاعك و شقي من عصاك،و ربح من تولاك،و خسر من عاداك،و فاز من لزمك، و هلك من فارقك،مثلك و مثل الأئمة من ولدك بعدي (4)مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا،و من تخلّف عنها غرق،و مثلكم مثل النجوم كلما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة» (5).7.

ص: 16


1- فرائد السمطين 1:/55ح 20.
2- في بعض المصادر:فخار بن معد بن فخار الموسوي،عن شاذان بن جبرائيل القمي عن جعفر بن محمد الدروستي.
3- في بعض المصادر:عتاب بن إبراهيم.
4- في بعض المصادر:و مثل الأئمة من بعدي.
5- أمالي الطوسي:130/2-131.و فرائد السمطين 2:/243ح 517.

الحمويني بإسناده عن أبي جعفر بن بابويه قال:ثنا أبي قال:نبأنا سعد بن عبد اللّه،عن أحمد بن محمد بن عيسى،عن العباس بن معروف،عن عبد اللّه بن عبد الرّحمن البصري،عن أبي المعزا حميد بن المثنى (1)العجلي،عن أبي بصير،عن خيثمة الجعفي،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:سمعته يقول:«نحن جنب اللّه،و نحن صفوته، و نحن خيرته،و نحن مستودع مواريث الأنبياء،و نحن أمناء اللّه عز و جل،و نحن حجة اللّه، و نحن أركان الإيمان،و نحن دعائم الإسلام،و نحن من رحمة اللّه على خلقه،و نحن بنا يفتح و بنا يختم،و نحن أئمة الهدى،و نحن مصابيح الدجى،و نحن منار الهدى،و نحن السابقون،و نحن الآخرون،و نحن العلم المرفوع للحق من تمسك بنا لحق،و من تأخر عنا غرق،و نحن قادة الغر المحجلين،و نحن خيرة اللّه،و نحن الطريق الواضح و الصراط المستقيم إلى اللّه،و نحن من نعمة اللّه عز و جل على خلقه،و نحن المنهاج،و نحن معدن النبوة و نحن موضع الرسالة،و نحن إلينا مختلف الملائكة،و نحن السراج لمن استضاء بنا،و نحن السبيل لمن اقتدى بنا،و نحن الهداة إلى الجنة،و نحن عرى الإسلام،و نحن الجسور و القناطر من مضى عليها لم يسبق،و من تخلف عنها محق،و نحن السنام الاعظم،و نحن بنا ينزل اللّه الرحمة و بنا يسقون الغيث،و نحن الذين بنا يصرف عنكم العذاب،فمن عرفنا و أبصرنا و عرف حقنا و أخذ بأمرنا فهو منا و إلينا» (2).

الحمويني قال:أخبرني الإمام نجم الدين عيسى بن الحسين الطبري رحمه اللّه إجازة بجميع كتاب مقتل أمير المؤمنين عن الحسين بن علي قال:أخبرني السيد النقيب الحسيب النسيب ركن الدين أبو طالب يحيى بن الحسن الحسيني البطحائي، عن الإمام جمال الدين بن معين،عن مصنفه أخطب خوارزم أبي المؤيد الموفق بن أحمد المكي-رحمه اللّه-قال فيه:و ذكر الإمام محمد بن أحمد بن علي بن شاذان،ب.

ص: 17


1- في بعض المصادر:أحمد بن المثنى.
2- فرائد السمطين 2:/253ح 523 و مر ذكرها في ص 116 من هذا الكتاب.

عن محمد بن زياد (1)عن جميل بن صالح،عن جعفر بن محمد عليه السّلام قال:حدثني أبي، عن أبيه،عن الحسين بن علي عليه السّلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فاطمة بهجة قلبي،و إبناها ثمرة فؤادي،و بعلها نور بصري،و الأئمة من ولدها امناء ربي و حبله الممدود بينه و بين خلقه.من اعتصم بهم نجا،و من تخلّف عنهم هوى» (2).

الحمويني هذا من أعيان علماء العامة قال:أنبأني السيد النسابة جلال الدين عبد الحميد بن فخار بن معد بن فخار الموسوي-رحمه اللّه-قال:أنبأنا والدي السيد شمس الدين شيخ الشرف فخار-رحمه اللّه-إجازة بروايته عن شاذان بن جبرائيل القمي،عن جعفر بن محمد الدورستي،عن أبيه،عن أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي قال:حدّثنا أبي و محمد بن الحسن-رضي اللّه عنه-قالا:أنبأنا سعد بن عبد اللّه قال:حدّثنا يعقوب بن يزيد،عن حماد بن عيسى،عن عمر بن اذينة،عن أبان ابن أبي عيّاش،عن سليم بن قيس الهلالي قال:رأيت عليا عليه السّلام في مسجد النبي صلّى اللّه عليه و اله في خلافة عثمان-رضي اللّه عنه-و جماعة يتحدثون و يتذاكرون العلم و الفقه، فذكروا قريشا و فضلها و سوابقها و هجرتها،و ما قال فيهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله من الفضل،مثل قوله«الأئمة من قريش»و قوله:«الناس تبع لقريش و قريش أئمة العرب».

و قوله:«لا تسبّوا قريشا»و قوله:«إنّ للقرشي قوة رجلين من غيرهم»و قوله:«من أبغض قريشا أبغضه اللّه»و قوله:«من أراد هوان قريش أهانه اللّه»و ذكروا الأنصار و فضلها،و سوابقها،و نصرتها،و ما أثنى اللّه عليهم في كتابه،و ما قال فيهم النبي صلّى اللّه عليه و اله من الفضل؛و ذكروا ما قال في سعد بن عبادة،و غسيل الملائكة فلم يدعوا شيئا من فضلهم حتى قال كل حي منا فلان و فلان،و قالت قريش:منّا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و منّا حمزة،و منا جعفر،و منا عبيدة بن الحرث،و زيد بن حارثة و أبو بكر،و عمر،0.

ص: 18


1- في بعض المصادر:أحمد بن علي بن شاذان،أخبرني الحسن بن حمزة،عن علي بن محمد بن قتيبة،عن الفضل بن شاذان،عن محمد بن زياد.
2- مقتل الحسين:59/1،فرائد السمطين 2:/66ح 390.

و عثمان،و أبو عبيدة،و سالم و عبد الرّحمن بن عوف،فلم يدعوا من الحيين أحدا من أهل السابقة إلا سمّوه،و في الحلقة أكثر من مائتي رجل،منهم علي بن أبي طالب، و سعد بن أبي وقاص،و عبد الرّحمن بن عوف،و طلحة،و ابن الزبير،و المقداد،و أبو ذر،و هاشم بن عتبة،و ابن عمر،و الحسن،و الحسين عليهما السّلام و ابن عباس،و محمد بن أبي بكر،و عبد اللّه بن جعفر،و من الأنصار أبي بن كعب،و زيد بن ثابت (1)و أبو الهيثم بن التيهان،و محمد بن سلمة،و قيس بن سعد بن عبادة،و جابر بن عبد اللّه، و أنس بن مالك،و زيد بن أرقم،و عبد اللّه بن أبي أوفى،و أبو ليلى و معه ابنه عبد الرّحمن قاعد بجنبه غلام صبيح الوجه أمرد فجاء أبو الحسن البصري و معه ابنه الحسن البصري،و الحسن غلام أمرد صبيح الوجه معتدل القامة فجعلت أنظر إليه و إلى عبد الرّحمن بن أبي ليلى فلا أدري أيهما أجمل غير أن الحسن أعظمهما و أطولهما.

فأكثر القوم و ذلك من بكرة إلى حين الزوال و عثمان في داره لا يعلم بشيء مما هم فيه و علي بن أبي طالب عليه السّلام ساكت لا ينطق بكلمة و لا أحد من أهل بيته.

فأقبل القوم عليه فقالوا:يا أبا الحسن ما يمنعك أن تتكلم؟

فقال:«ما من الحيين إلا و قد ذكر و قال حقا (2)،فأنا أسألكم يا معشر قريش و الأنصار بمن أعطاكم اللّه هذا الفضل؟أ بأنفسكم،و عشائركم،و أهل بيوتاتكم أم بغيركم؟».

قالوا:بل أعطانا اللّه و منّ به علينا بمحمد صلّى اللّه عليه و اله لا بأنفسنا و عشائرنا،و لا بأهل بيوتاتنا.

قال:«صدقتم يا معشر قريش و الأنصار.ألستم تعلمون أن الذي نلتم من خير الدنيا و الآخرة منا أهل البيت خاصة دون غيرهم؟و أن ابن عمي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله قال:إني و أهل بيتي كنا نورا يسعى بين يدي اللّه تعالى قبل أن يخلق اللّه عز و جل آدم عليه السّلام بأربعة عشرا.

ص: 19


1- في بعض المصادر:و أبو أيوب الأنصاري.
2- في بعض المصادر:إلا قد ذكر فصلا و قال حقا.

ألف سنة فلما خلق آدم وضع ذلك النور في صلبه و أهبطه إلى الأرض،ثم حمله في السفينة في صلب نوح عليه السّلام،ثم قذف به في النار في صلب إبراهيم عليه السّلام ثم لم يزل اللّه عز و جل ينقلنا من الاصلاب الكريمة إلى الأرحام الطاهرة،و من الأرحام الطاهرة إلى الأصلاب الكريمة من الآباء و الامهات،لم يكن منهم على (1)سفاح قط».

فقال أهل السابقة و القدمة،و أهل بدر،و أهل أحد:نعم،قد سمعنا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله.

ثم قال:«أنشدكم اللّه أ تعلمون أن اللّه عز و جل فضّل في كتابه السابق على المسبوق في غير آية،و إني لم يسبقني إلى اللّه عز و جل و إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله أحد من هذه الأمة؟»

قالوا:اللهم نعم.

قال:«فأنشدكم اللّه أ تعلمون حيث نزلت: وَ السّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ (2)وَ السّابِقُونَ السّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (3)سئل عنها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقال أنزلها اللّه تعالى ذكره في الأنبياء و أوصيائهم.فأنا أفضل أنبياء اللّه و رسله،و علي بن أبي طالب وصيي أفضل الأوصياء؟»

قالوا:اللهم نعم.

قال:«فأنشدكم اللّه أ تعلمون حيث نزلت يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (4)و حيث نزلت إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (5)و حيث نزلت وَ لَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللّهِ وَ لا رَسُولِهِ وَ لاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً (6)قال الناس يا رسول اللّه أ خاصة في بعض6.

ص: 20


1- في بعض المصادر:لم يلق واحد منهم.
2- التوبة:100.
3- الواقعة:10.
4- النساء:59.
5- المائدة:55.
6- التوبة:16.

المؤمنين أم عامة في جميعهم فأمر اللّه عز و جل نبيه صلّى اللّه عليه و اله أن يعلمهم ولاة أمرهم،و أن يفسر لهم من الولاية ما فسر لهم من صلاتهم و زكاتهم،و حجهم،و نصبني للناس بغدير خم».

ثم خطب فقال:«أيها الناس إن اللّه أرسلني برسالة ضاق بها صدري،و ظننت ان الناس مكذّبي فأوعدني لأبلّغها أو ليعذبني،ثم أمر فنودي بالصلاة جامعة،ثم خطب فقال:أيها الناس أ تعلمون أن اللّه عز و جل مولاي و أنا مولى المؤمنين و أنا أولى بهم من أنفسهم قالوا بلى يا رسول اللّه.

قال:قم يا علي فقمت فقال:من كنت مولاه فعليّ مولاه اللهم و ال من والاه و عاد من عاداه.

فقام سلمان فقال:يا رسول اللّه ولاية ما ذا؟

فقال:ولاء كولاء من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه.فأنزل اللّه تعالى ذكره: اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً (1)فكبّر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقال:اللّه أكبر على تمام نبوتي،و تمام دين اللّه ولاية علي بعدي».

فقام أبو بكر و عمر فقالا:يا رسول اللّه هؤلاء الآيات خاصة في علي؟

قال:«بلى فيه و في أوصيائي إلى يوم القيامة».

قالا:يا رسول اللّه بيّنهم لنا.

قال:«علي أخي،و وزيري،و وارثي،و وصيي،و خليفتي في أمتي،و ولي كل مؤمن بعدي،ثم ابني الحسن،ثم الحسين ثم تسعة من ولد ابني الحسين واحد بعد واحد القرآن معهم و هم مع القرآن،لا يفارقونه و لا يفارقهم حتى يردوا عليّ الحوض».فقالوا كلهم،اللهم نعم قد سمعنا ذلك و شهدنا كما قلت سواء.

و قال بعضهم:قد حفظنا جل ما قلت و لم نحفظ كله و هؤلاء الذين حفظوا اخيارنا و افاضلنا،فقال علي عليه السّلام:«صدقتم ليس كل الناس يستوون في الحفظ.أنشد اللّه عز و جل3.

ص: 21


1- المائدة:3.

من حفظ ذلك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمّا قام و أخبر به».

فقام زيد بن أرقم،و البراء بن عازب،و سلمان،و أبو ذر،و المقداد،و عمار فقالوا نشهد لقد حفظنا قول رسول اللّه و هو قائم على المنبر و أنت إلى جانبه و هو يقول:

«أيها الناس إن اللّه عز و جل أمرني أن أنصب لكم امامكم و القائم فيكم بعدي،و وصيّي، و خليفتي و الذي فرض اللّه عز و جل على المؤمنين في كتابه طاعته،فقرنه بطاعته و طاعتي،و أمركم بولايته،و إني راجعت ربي خشية طعن أهل النفاق و تكذيبهم فأوعدني لتبلغنها أو ليعذبني.

أيها الناس إن اللّه أمركم في كتابه بالصلاة فقد بينتها لكم،و الزكاة،و الصوم و الحج فبينتها لكم و فسرتها،و أمركم بالولاية و إني اشهدكم أنها لهذا خاصة و وضع يده على عليّ بن أبي طالب،ثم قال لابنيه بعده،ثم للاوصياء من بعدهم،و من ولدهم لا يفارقون القرآن و لا يفارقهم القرآن،حتى يردوا عليّ حوضي.

أيها الناس:قد بينت لكم مفزعكم بعدي و إمامكم،و دليلكم،و هاديكم،و هو أخي علي بن أبي طالب و هو فيكم بمنزلتي فيكم فقلدوه دينكم،و أطيعوه في جميع اموركم فإن عنده جميع ما علّمني اللّه من علمه و حكمته فسلوه و تعلموا منه و من أوصيائه بعده و لا تعلموهم،و لا تتقدموهم و لا تخلّفوا عنهم،فإنهم مع الحق و الحق معهم لا يزايلوه و لا يزايلهم،ثم جلسوا».

قال سليم ثم قال علي عليه السّلام:«أيها الناس أ تعلمون أن اللّه أنزل في كتابه: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (1)فجمعني و فاطمة و إبني حسنا و الحسين ثم ألقى علينا كساء و قال:اللهم هؤلاء أهل بيتي و لحمي يؤلمني ما يؤلمهم (2)و يجرحني ما يجرحهم فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا».

فقالت أم سلمة:و انا يا رسول اللّه؟م.

ص: 22


1- الاحزاب:33.
2- في بعض المصادر:يؤذيني ما يؤذيهم.

فقال:«أنت إلى خير،إنما نزلت فيّ،و في أخي علي بن أبي طالب،و في إبني (1)و في تسعة من ولد ابني الحسين خاصة،و ليس معنا فيها أحد غيرنا»؟

فقالوا كلهم:نشهد أن أم سلمة حدثتنا بذلك فسألنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فحدثنا كما حدثتنا أم سلمة.

ثم قال علي عليه السّلام:«أنشدكم اللّه أ تعلمون أن اللّه أنزل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصّادِقِينَ (2)».

فقال سلمان يا رسول اللّه عامة هذا أم خاصة؟

قال:«أمّا المأمورون فعامة المؤمنين امروا بذلك،و أما الصادقون فخاصة لأخي علي و أوصيائي من بعده إلى يوم القيامة».

قالوا:اللهم نعم.

قال:«أنشدكم اللّه تعالى أ تعلمون أني قلت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في غزوة تبوك لم خلّفتني؟

فقال:إن المدينة لا تصلح إلا بي أو بك،و أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي؟».

قالوا:اللهم نعم.

فقال:«أنشدكم اللّه أ تعلمون أن اللّه أنزل في سورة الحج يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ افْعَلُوا الْخَيْرَ (3)إلى آخر السورة فقام سلمان فقال:يا رسول اللّه من هؤلاء الذين أنت عليهم شهيد و هم شهداء على الناس،الذين اجتباهم اللّه،و لم يجعل عليهم في الدين من حرج ملة إبراهيم؟

قال:عنى بذلك ثلاثة عشر رجلا خاصة دون هذه الأمة قال:سلمان بيّنهم لنا7.

ص: 23


1- في الاحتجاج للطبرسي:و في ابنتي فاطمة،و في ابني.
2- التوبة:119.
3- الحج:77.

يا رسول اللّه؟

قال:أنا،و أخي علي،و أحد عشر من ولدي».

قالوا:اللهم نعم.

قال:«أنشدكم باللّه أ تعلمون أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله قام خطيبا لم يخطب بعد ذلك فقال:يا أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي فتمسكوا بهما لن تضلوا فإن اللطيف أخبرني و عهد إلي أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض فقام عمر بن الخطاب شبه المغضب فقال:يا رسول اللّه أكل أهل بيتك؟

فقال:لا و لكن أوصيائي منهم،أولهم أخي،و وزيري،و وارثي،و خليفتي في أمتي و ولي كل مؤمن بعدي،هو أولهم.ثم إبني الحسن،ثم إبني الحسين،ثم تسعة من ولد الحسين واحد بعد واحد حتى يردوا علي الحوض شهداء للّه في أرضه،و حجته على خلقه،و خزان علمه،و معادن حكمته،من أطاعهم فقد أطاع اللّه و من عصاهم فقد عصى اللّه؟».

فقالوا كلهم:نشهد أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله قال ذلك،ثم تمادى بعلي السؤال فما ترك شيئا إلا ناشدهم اللّه فيه و سألهم عنه حتى أتى على آخر مناقبه و ما قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله كثيرا،كل ذلك يصدقونه و يشهدون أنه حقّ (1).

الحمويني قال:أنبأني الإمام صدر الدين (2)محمد بن أبي الكرام عبد الرزاق بن أبي بكر بن حيدر،أخبرني القاضي فخر الدين محمد بن خالد الحقيقي الأبهري كتابة قال:أنبأنا السيد الإمام ضياء الدين فضل اللّه بن علي أبو الرضا الراوندي إجازة قال:أخبرنا السيد أبو الصمصام ذو الفقار بن محمد بن معبد الحسيني (3)، أنبأنا الشيخ أبو جعفر الطوسي-قدس اللّه روحه-أنبأنا أبو عبد اللّه محمد بن محمدي.

ص: 24


1- فرائد السمطين 1:/312ح 250.
2- في بعض المصادر:بدر الدين.
3- في بعض المصادر:محمد بن معضد الحسني.

بن النعمان-روّح اللّه روحه-و أبو عبد اللّه الحسين بن عبيد اللّه،و أبو الحسين جعفر بن الحسين بن حسكة القمي،و أبو زكريا محمد بن سليمان الحراني قالوا كلهم:

أنبأنا الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي رضي اللّه عنه قال:أخبرنا علي بن عبد اللّه الوراق الرازي قال:أنبأنا سعد بن عبد اللّه قال:أنبأنا الهيثم بن أبي مسروق النهدي،عن الحسن بن علوان،عن عمر بن خالد،عن سعيد بن طريف عن الاصبغ بن نباتة،عن عبد اللّه بن عباس قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول:«أنا و علي و الحسن و الحسين و تسعة من ولد الحسين مطهرون معصومون» (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا علي بن الحسين (2)،قال:حدّثنا محمد بن الحسين الكوفي، قال:حدّثنا محمد بن محمود،قال:حدّثنا أحمد بن عبد اللّه الهلالي (3)قال:حدّثنا أبو حفص الأعشى،عن عنبسة بن الأزهر،عن يحيى بن عقيل،عن يحيى بن النعمان، قال:كنت عند الحسين عليه السّلام إذ دخل عليه من العرب (4)متلثم اسمرّ شديد السمرة فسلّم عليه فرد الحسين عليه السّلام فقال:يابن رسول اللّه مسألة،فقال:هات،فقال:كم بين الإيمان و اليقين؟

قال:«أربع اصابع».

قال:كيف؟

قال:«الإيمان ما سمعناه و اليقين ما رأيناه،و بين السمع و البصر أربع أصابع».

قال:كم بين السماء و الأرض؟

قال:«دعوة مستجابة».

قال:فكم بين المشرق و المغرب؟ب.

ص: 25


1- فرائد السمطين 2:/132ح 430.
2- في كفاية الاثر:علي بن الحسن.
3- في كفاية الاثر:الذهلي.
4- في كفاية الاثر:رجل من العرب.

قال:«مسيرة يوم للشمس».

قال:فما غنى المرء؟

قال:«استغناؤه عن الناس».

قال:فما أقبح شيء؟

قال:«الفسق في الشيخ قبيح،و الحدّة في السلطان قبيحة،و الكذب في ذي الحسب قبيح،و البخل في ذي الغنى قبيح،و الحرص في العالم»:قال:صدقت يابن رسول اللّه فأخبرني عن عدد الأئمة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله قال:«اثنا عشر عدد نقباء بني إسرائيل».

قال:سمّهم لي،فأطرق الحسين عليه السّلام رأسه مليا ثم رفع رأسه فقال:«نعم اخبرك يا أخا العرب،إن الإمام و الخليفة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله أمير المؤمنين (1)علي بن أبي طالب و الحسن و أنا و تسعة من ولدي،منهم علي ابني،و بعده محمد ابنه،و بعده جعفر ابنه، و بعده موسى ابنه،و بعده علي ابنه،و بعده محمد ابنه،و بعده علي ابنه،و بعده الحسن، و بعده الخلف المهدي التاسع من ولدي يقوم بالدين في آخر الزمان».

قال:فقام الأعرابي و هو يقول:

مسح النبي جبينه فله بريق في الخدود

أبواه من أعلا قريش و جدّه خير الجدود (2)

الحمويني أيضا بإسناده هذا قال:قال أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه، أخبرني أبو المفضل محمد بن عبد اللّه بن المطلب الشيباني،عن أحمد بن مطرف بن سوار بن الحسين القاضي الحسني بمكة،أنبأنا أبو حاتم المهلبي،عن المغيرة بن محمد،أنبأنا عبد الغفار بن كثير الكوفي،عن هيثم بن حميد،عن أبي هاشم عن مجاهد عن ابن عباس رضى اللّه عنه قال:قدم يهودي على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقال له:نعثل فقال له:

يا محمد إني أسألك عن أشياء تلجلج في صدري منذ حين،فإن أجبتني عنها أسلمت5.

ص: 26


1- في البحار:أبي أمير المؤمنين.
2- كفاية الاثر ص 31،الانصاف ص 326-327،البحار:384/36-385.

على يدك؟

قال:«سل يا أبا عمارة».

قال:يا محمد صف لي ربك،فقال صلّى اللّه عليه و اله:«إن الخالق لا يوصف إلا بما وصف به نفسه، و كيف يوصف الخالق الذي تعجز الأوصاف أن تدركه (1)،و الاوهام أن تناله،و الخطرات أن تحده،و الأبصار الإحاطة به،جلّ عما يصفه الواصفون،ناء في قربه و قريب في نأيه، كيّف الكيف فلا يقال له كيف،و أيّن الأين فلا يقال له أين،هو منقطع الكيفية فيه و الاينونية (2)،فهو الأحد الصمد كما وصف نفسه،و الواصفون لا يبلغون نعته، لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ» .

قال:صدقت يا محمد فأخبرني عن قولك:إنه واحد لا شبيه له.أ ليس اللّه تعالى واحد و الانسان واحد؟فوحدانيته أشبهت وحدانية الانسان؟

فقال عليه السّلام:«اللّه تعالى واحد أحدي المعنى،و الانسان واحد ثنوي المعنى جسم و عرض،و بدن و روح،و إنما التشبيه في المعاني لا غير».

قال:صدقت يا محمد،فأخبرني عن وصيك من هو؟فما من نبي إلا وله وصي، و إن نبينا موسى بن عمران أوصى إلى يوشع بن نون،فقال:«نعم إن وصيي و الخليفة من بعدي علي بن أبي طالب،و بعده سبطاي الحسن و الحسين،يتلوه تسعة من صلب الحسين أئمة أبرار».

قال:يا محمد فسمهم لي؟

قال:«نعم إذا مضى الحسين فابنه علي،فإذا مضى علي فابنه محمد،فإذا مضى محمد فابنه جعفر،فإذا مضى جعفر فابنه موسى،فإذا مضى موسى فابنه علي،فإذا مضى علي فابنه محمد،ثم ابنه علي،ثم ابنه الحسن ثم الحجة بن الحسن فهذه اثنا عشر أئمة عدد نقباء بني إسرائيل».ة.

ص: 27


1- في البحار:تعجز الحواس أن تدركه.
2- في البحار:هو منقطع الكيفوفية و الاينونية.

قال:فأين مكانهم في الجنة،قال:«معي في درجتي».

قال:أشهد ان لا إله إلا اللّه و أنك رسول اللّه،و أشهد أنهم الأوصياء بعدك،و لقد وجدت هذا في الكتب المتقدمة،و فيما عهد إلينا موسى بن عمران عليه السّلام أنه إذا كان آخر الزمان يخرج نبي يقال له«أحمد»خاتم الأنبياء لا نبي بعده،فيخرج من صلبه أئمة أبرار عدد الأسباط،فقال:«يا أبا عمارة أ تعرف الأسباط؟».

قال:نعم يا رسول اللّه!إنهم كانوا اثني عشر،قال:«إن أولهم لاوي بن برخيا (1)، و هو الذي غاب عن بني اسرائيل غيبة طويلة ثم عاد فأظهر اللّه شريعته بعد اندراسها، و قاتل مع قرسطتا الملك حتى قتله،فقال صلّى اللّه عليه و اله كائن في أمتي ما كان في بني اسرائيل، حذو النعل بالنعل و القذة بالقذة،و ان الثاني عشر من ولدي يغيب حتى لا يرى،و يأتي على أمتي زمن لا يبقى من الإسلام إلاّ اسمه،و لا من القرآن إلاّ رسمه،فحينئذ يأذن اللّه تعالى له بالخروج،فيظهر الإسلام و يجدد الدين،ثم قال عليه الصلاة و السلام:طوبى لمن أحبهم و الويل لمبغضهم و طوبى لمن تمسك بهم»فانتفض نعثل و قام بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و أنشأ يقول:

صلى العلي ذو العلا عليك يا خير البشر

أنت النبي المصطفى و الهاشمي المفتخر

بك اهتدانا ربنا و فيك نرجو ما أمر

و معشر سميتهم أئمة إثني عشر

حباهم رب العلى ثم صفاهم من كدر

قد فاز من والاهم و خاب من عادى الزهر

آخرهم يشفي الظما و هو الإمام المنتظر

عترتك الاخيار لي و التابعون ما أمرا.

ص: 28


1- في البحار:فإن فيهم لاوي بن أرحيا.

من كان عنهم معرضا فسوف يصلى في سقر (1)

الحمويني،أنبأني المشايخ الكرام السيد الإمام جمال الدين رضي الإسلام أحمد ابن طاووس الحسيني و السيد الإمام النسابة جلال الدين عبد الحميد بن فخار بن معد بن فخار الموسوي،و علامة زمانه نجم الدين أبو القاسم جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الحليون رحمهم اللّه كتابة،عن السيد الإمام شمس الدين شيخ الشرف فخار بن معد بن فخار الموسوي،عن شاذان بن جبرائيل القمي،عن جعفر ابن محمد الدورستي،عن أبيه،عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي رحمه اللّه قال:حدثني أبي و محمد بن الحسن رضي اللّه عنهما قال:

نبأنا سعد بن عبد اللّه،و عبد اللّه بن جعفر الحميري جميعا،عن أبي الخير صالح بن أبي حماد و الحسن بن طريف جميعا،عن بكر بن صالح.

ح-و حدّثنا أبي و محمد بن موسى بن المتوكل،و محمد بن علي ماجيلويه، و أحمد بن علي بن إبراهيم،و الحسن بن إبراهيم بن ناتانة،و أحمد بن زياد الهمداني رضي اللّه تعالى عنهم قالوا:حدّثنا علي بن إبراهيم عن أبيه إبراهيم بن هاشم-روّح اللّه روحهما-عن بكر بن صالح،عن عبد الرّحمن بن سالم،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قال أبي عليه السّلام لجابر بن عبد اللّه الأنصاري:«إن لي إليك حاجة فمتى يخف عليك أن أخلو بك فأسألك عنها».

فقال له جابر:في أي الأوقات شئت،فخلا به أبي عليه السّلام فقال:«يا جابر أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يد أمي فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و ما أخبرتك به ان في ذلك اللوح مكتوبا،قال جابر:أشهد اللّه أني دخلت على أمك فاطمة عليها السّلام في حياة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله أهنيها بولادة الحسين فرأيت في يدها لوحا أخضر ظننت أنه زمرد،و رأيت فيه كتابا أبيض شبه نور الشمس،فقلت أنا:بأبي و أمي يا بنت رسول اللّه ما هذا اللوح؟

فقالت:هذا اللوح أهداه اللّه إلى رسوله فيه إسم أبي،و إسم بعلي،و إسم إبني و أسماء1.

ص: 29


1- فرائد السمطين 2:/132ح 431.

الأوصياء من ولدي فأعطانيه أبي ليبشرني بذلك،قال جابر فأعطتنيه أمك فاطمة فقرأته و انتسخته،فقال أبي:فهل لك يا جابر أن تعرضه علي؟

قال:نعم،فمشى معه أبي حتى انتهى إلى منزل جابر و اخرج أبي صحيفة من رق، فقال:يا جابر أنظر في كتابك لأقرأ عليك،فنظر جابر في نسخته فقرأه أبي فما خالف حرف حرفا،فقال جابر فأشهد باللّه أني رأيته هكذا في اللوح مكتوبا:بسم اللّه الرّحمن الرحيم:هذا كتاب من اللّه العزيز الحكيم لمحمد نوره،و سفيره،و حجابه،و دليله نزل به الروح الأمين من عند رب العالمين.

عظّم يا محمد أسمائي،و اشكر نعمائي،و لا تجحد آلائي،إني أنا اللّه لا إله إلا أنا قاصم الجبارين،و مذل الظالمين،و ديان الدين،إني أنا اللّه لا إله إلا أنا فمن رجا غير فضلي،أو خاف غير عدلي عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين،فإياي فاعبد،و علي فتوكل،إني لم أبعث نبيا فأكملت أيامه،و انقضت مدته،إلا جعلت له وصيا،و إني فضلتك على الأنبياء،و فضلت وصيك على الأوصياء،و أكرمتك،بشبليك بعده، و سبطيك حسن و حسين،فجعلت حسنا معدن علمي بعد انقضاء مدة أبيه،و جعلت حسينا خازن و حيي و أكرمته بالشهادة،و ختمت له بالسعادة فهو أفضل ممن استشهد، و أرفع الشهداء درجة،جعلت كلمتي التامة معه،و الحجة البالغة عنده،بعترته اثيب و اعاقب،أولهم سيد العابدين،و زين أوليائي الماضين و ابنه شبيه جده المحمود محمد الباقر لعلمي و المعدن لحكمي،سيهلك المرتابون في جعفر،الراد عليه كالراد عليّ،حق القول مني لأكرمن مثوى جعفر،و لأسرنه في أشياعه و أنصاره و أوليائه و انتجبت بعده موسى و انتجبت بعده فتنة عمياء حندس (1)لان خيط فرضي لا ينقطع (2)و حجتي لا تخفى،و ان أوليائي لا يشقون،ألا و من جحد واحدا منهم فقد جحد نعمتي،و من غيّر آية من كتابي فقد افترى عليّ،و ويل للمفترين الجاحدين عند انقضاء مدة عبديع.

ص: 30


1- حندس:الشديد الظلمة.
2- في كمال الدين:لان حفظه فرض لا ينقطع.

موسى و حبيبي و خيرتي،إن المكذب بالثامن مكذب بكل أوليائي،و عليّ وليي و ناصري،و من أضع عليه أعباء النبوة و أمنحه بالاضطلاع (1)يقتله عفريت مستكبر يدفن بالمدينة التي بناها العبد الصالح،إلى جنب شر خلقي حق القول مني لأقرن عينه بمحمد إبنه و خليفته من بعده،فهو وارث علمي،و معدن حكمي،و موضع سري، و حجتي على خلقي،جعلت الجنة مأواه (2)و شفّعته في سبعين ألفا من أهل بيته كلهم قد استوجبوا النار؛و أختم بالسعادة لابنه علي وليي و ناصري،و الشاهد في خلقي و أميني على وحيي،و أخرج منه الداعي إلى سبيلي و الخازن لعلمي الحسن،ثم اكمل ذلك بابنه رحمة للعالمين،عليه كمال موسى،و بهاء عيسى،و صبر أيوب،و سيذل أوليائي في زمانه،و يتهادون رؤوسهم كما يتهادون رؤوس الترك و الديلم،فيقتلون،و يحرقون، و يكونون خائفين،مرعوبين،وجلين و تصبغ الأرض بدمائهم،و يفشو الويل و الرنين (3)في نسائهم،أولئك أوليائي حقا،بهم أدفع كل فتنة عمياء حندس،و بهم أكشف الزلازل، و أدفع الآصار (4)و الأغلال أولئك عليهم صلوات من ربهم و رحمة و أولئك هم المهتدون».

قال عبد الرّحمن بن سالم:قال أبو بصير:لو لم تسمع في دهرك إلا هذا الحديث لكفاك،فصنه إلا عن أهله (5).

الحمويني بإسناده هذا،عن ابن بابويه قال:حدّثنا علي بن الحسين المؤدب، و أحمد ابن هارون الفامي قالا:أنبأنا محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري،عن أبيه،6.

ص: 31


1- اضطلع:نهض به و قوي عليه.
2- في عيون الاخبار:لا يؤمن عبد به إلا جعلت الجنة مثواه.
3- الرنين:الصوت الحزين.
4- الاصر::-آصار:الثقل،الذنب.
5- فرائد السمطين 2:/136ح 432،كمال الدين:308/1-311،عيون اخبار الرضا:34/1- 36.

عن جعفر بن محمد بن مالك الفزاري الكوفي،عن محمد بن نعمة السلولي (1)،عن درست بن عبد الحميد،عن عبد اللّه بن القاسم،عن عبد اللّه بن جبلة عن أبي السفاتج، عن جابر الجعفي،عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السّلام،عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال:دخلت على مولاتي فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و قدامها لوح يكاد ضوؤه يغشي الأبصار،فيه اثنا عشر إسما ثلاثة في ظاهره و ثلاثة في باطنه و ثلاثة أسماء في آخره،و ثلاثة أسماء في طرفه،فعددتها فإذا هي إثنا عشر إسما،فقلت:

أسماء من هذا؟

قالت:«هذه أسماء الأوصياء أولهم ابن عمي و أحد عشر من ولدي،آخرهم القائم».

قال جابر:فرأيت فيها محمدا محمدا محمدا في ثلاثة مواضع،و عليا عليا عليا عليا في أربعة مواضع (2).

الحمويني بإسناده عن أبي جعفر بن بابويه قال:حدّثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار قال:حدّثنا أبي،عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسن بن محبوب عن أبي الجارود،عن أبي جعفر عليه السّلام،عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال:

دخلت على فاطمة عليها السّلام و بين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء فعددت اثني عشر آخرهم القائم،ثلاثة منهم محمد،و أربعة منهم عليّ صلوات اللّه عليهم (3).

الحمويني بالاسناد إلى أبي جعفر بن بابويه قال:أنبأنا محمد بن إبراهيم ابن إسحاق الطالقاني رضى اللّه عنه قال:حدّثنا الحسن بن إسماعيل قال:حدّثنا أبو عمرو سعيد ابن محمد بن نصر القطان قال:حدّثنا عبيد اللّه بن محمد السلمي قال:حدّثنا محمد ابن عبد الرحيم قال:حدّثنا محمد بن سعيد بن محمد قال:حدّثنا العباس بن أبي4.

ص: 32


1- في بعض المصادر،و كمال الدين:محمد بن مالك الفزاري الكوفي،عن مالك السلولي عن درست.
2- فرائد السمطين 2:/139ح 133.
3- فرائد السمطين 2:/139ح 134.

عمرو،عن صدقة بن أبي موسى،عن أبي نضرة قال:لما احتضر أبو جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السّلام عند الوفاة دعا بابنه الصادق عليه السّلام ليعهد إليه عهدا فقال له أخوه زيد بن علي بن الحسين:لو امتثلت في تمثال الحسن و الحسين عليهما السّلام لرجوت أن لا تكون أتيت منكرا،فقال له:يا أبا الحسن إن الأمانات ليست بالتمثال،و لا العهود بالرسوم، و إنما هي أمور سابقة عن حجج اللّه تبارك و تعالى،ثم دعا بجابر بن عبد اللّه فقال له يا جابر حدّثنا بما عاينت من الصحيفة؟

فقال له جابر:نعم يا أبا جعفر دخلت على مولاتي فاطمة بنت رسول اللّه لأهنئها بمولد الحسين عليه السّلام فإذا بيدها صحيفة من درة بيضاء،فقلت يا سيدة النسوان ما هذه الصحيفة التي أراها معك؟

قالت:«فيها أسماء الولاة من ولدي».

فقلت لها:ناوليني لأنظر فيها،قالت:«يا جابر لو لا النهي لكنت أفعل لكنه نهي أن يمسها إلا نبي أو وصي نبي،أو أهل بيت نبي،و لكنه مأذون لك أن تنظر إلى بطنها من ظاهرها».

قال جابر فقرأت فإذا فيها:أبو القاسم محمد بن عبد اللّه المصطفى،امه آمنة بنت وهب،و أبو الحسن علي بن أبي طالب المرتضى،امه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف.أبو محمد الحسن بن علي.و أبو عبد اللّه الحسين بن علي التقي،امهما فاطمة بنت محمد.أبو محمد علي بن الحسين العدل،أمه شاه بانويه بنت يزدجرد ابن شاهنشاه.أبو جعفر محمد بن علي الباقر،امه ام عبد اللّه بنت الحسن بن علي بن أبي طالب.أبو عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق،امه ام فروة بنت القاسم بن محمد ابن أبي بكر،أبو إبراهيم موسى بن جعفر الثقة،أمه جارية إسمها حميدة.أبو الحسن علي بن موسى الرضا،امه جارية اسمها نجمة.أبو جعفر محمد بن علي الزكي،امه جارية اسمها خيزران.أبو الحسن علي بن محمد الامين،امه جارية اسمها سوسن،أبو محمد الحسن بن علي الرفيق،امه جارية اسمها سمانة،أبو

ص: 33

القاسم محمد بن الحسن هو حجة اللّه القائم،امه جارية اسمها نرجس صلوات اللّه عليهم أجمعين.

قال الشيخ أبو جعفر بن بابويه:جاء هذا الحديث هكذا بتسمية القائم عليه السّلام و الذي أذهب إليه ما روي من النهي عن تسميته (1).

الحمويني أحد مشايخ العامة قال:أنبأني الشيخ سديد الدين يوسف بن علي بن المطهر الحلي رحمه اللّه عن الشيخ الفقيه مهذب الدين أبي عبد اللّه بن أبي الفرج بن بردة السلمي (2)رحمه اللّه بروايته،عن محمد بن الحسين بن علي بن عبد الصمد، عن والده،عن جده محمد،عن أبيه،عن جماعة منهم السيد أبو البركات علي بن الحسن الجوزي العلوي،و أبو بكر محمد بن أحمد بن علي المقري و الفقيه أبو جعفر محمد بن إبراهيم الفاني بروايتهم،عن الشيخ الفقيه أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي رحمه اللّه جميع مصنفاته و رواياته قال:حدّثنا محمد ابن علي ماجيلويه-رضى اللّه عنه-قال:حدثني عمي محمد بن أبي القاسم،عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي قال:حدثني محمد بن علي القرشي قال:حدثني أبو الربيع الزهراني قال:حدّثنا جرير،عن ليث بن أبي سليم،عن مجاهد قال:قال ابن عباس:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول:«إن اللّه تبارك و تعالى ملكا يقال له:دردائيل،كان له ستة عشر ألف جناح ما بين الجناح إلى الجناح هواء و الهواء كما بين السماء إلى الأرض،فجعل يوما يقول في نفسه:أ فوق ربنا جل جلاله شيء؟فعلم اللّه تبارك و تعالى ما قال،فزاده أجنحة مثلها فصار له اثنان و ثلاثون ألف جناح ثم أوحى اللّه عز و جل إليه أن طر،فطار مقدار خمسين عاما فلم ينل رأس قائمة من قوائم العرش،فلما علم اللّه عز و جل إتعابه أوحى إليه أيها الملك عد إلى مكانك فأنا عظيم فوق كل عظيم و ليس فوقي شيء و لا أوصف بمكان،فسلبه اللّه أجنحته و مقامه من صفوف الملائكة،فلما ولد الحسين بن علي عليه السّلامي.

ص: 34


1- فرائد السمطين 2:/140ح 435،كمال الدين:305/1-307.
2- في بعض المصادر:النبلي.

و كان مولده عشية الخميس ليلة الجمعة أوحى اللّه عز و جل إلى مالك خازن النار أن أخمد النيران على أهلها لكرامة مولود ولد لمحمد في دار الدنيا،و أوحى اللّه تبارك و تعالى إلى رضوان خازن الجنان أن زخرف الجنان و طيبها لكرامة مولود ولد لمحمد في دار الدنيا و أوحى اللّه تبارك و تعالى إلى حور العين أن تزينوا و تزاوروا لكرامة مولود ولد لمحمد في دار الدنيا،و أوحى اللّه عز و جل إلى الملائكة أن قوموا صفوفا بالتسبيح و التحميد و التكبير لكرامة مولود ولد لمحمد في دار الدنيا،و أوحى اللّه عز و جل لجبرئيل أن اهبط إلى نبيي محمد في ألف قبيل-و القبيل ألف ألف من الملائكة-على خيول بلق،مسرجة ملجمة،عليها قباب الدر و الياقوت،و معهم ملائكة يقال لهم:

الروحانيون،بأيديهم حراب من نور (1)أن هنئوا محمدا بمولوده،و أخبره يا جبرائيل إني قد سميته الحسين،فهنئه و عزه و قل له:يا محمد يقتله شر أمتك على شر الدواب، فويل للقاتل،و ويل للسائق،و ويل للقائد.

قاتل الحسين أنا منه بريء و هو مني بريء لأنه لا يأتي يوم القيامة أحد إلا و قاتل الحسين أعظم جرما منه.قاتل الحسين يدخل النار يوم القيامة مع الذين يزعمون ان مع اللّه إلها آخر،و النار أشوق إلى قاتل الحسين ممن أطاع اللّه إلى الجنة.

قال:فبينا جبرائيل عليه السّلام يهبط من السماء إلى الدنيا (2)إذ مرّ بدردائيل فقال له دردائيل:

يا جبرائيل ما هذه الليلة في السماء هل قامت القيامة على أهل الدنيا قال:لا و لكن ولد لمحمد مولود في دار الدنيا و قد بعثني اللّه عز و جل إليه لأهنئه بمولوده،فقال له الملك:

يا جبرائيل بالذي خلقني و خلقك إن هبطت إلى محمد فأقرئه مني السلام و قل له:بحق هذا المولود عليك إلاّ ما سألت ربك أن يرضى عني و يرد عليّ أجنحتي و مقامي من صفوف الملائكة،فهبط جبرائيل عليه السّلام على النبي صلّى اللّه عليه و اله فهنأه كما أمره اللّه عز و جل و عزاه، فقال له النبي صلّى اللّه عليه و اله تقتله أمتي؟ض.

ص: 35


1- في بعض المصادر:أطباق من نور.
2- في بعض المصادر:الى الأرض.

فقال له:نعم يا محمد،فقال النبي صلّى اللّه عليه و اله ما هؤلاء بأمتي أنا بريء منهم و اللّه عز و جل بريء منهم،قال جبرائيل:و أنا بريء منهم يا محمد،فدخل النبي صلّى اللّه عليه و اله على فاطمة عليها السّلام فهنأها و عزاها فبكت فاطمة عليها السّلام،ثم قالت:يا ليتني لم ألده،قاتل الحسين في النار،فقال النبي صلّى اللّه عليه و اله:و أنا أشهد بذلك يا فاطمة و لكنه لا يقتل حتى يكون منه إمام يكون منه الأئمة الهادية،قال عليه السّلام و الأئمة بعدي الهادي علي،و المهتدي الحسن،و الناصر الحسين، و المنصور علي بن الحسين،و الشافع محمد بن علي،و النفاع جعفر بن محمد،و الأمين موسى بن جعفر،و الرضا علي بن موسى،و الفعال محمد بن علي،و المؤتمن علي بن محمد،و العلام الحسن بن علي،و من يصلي خلفه عيسى ابن مريم عليه السّلام القائم عليه السّلام، فسكنت فاطمة عليها السّلام من البكاء.

ثم أخبر جبرائيل عليه السّلام النبي صلّى اللّه عليه و اله بقصة الملك و ما أصيب به،قال ابن عباس:فأخذ النبي صلّى اللّه عليه و اله الحسين عليه السّلام و هو ملفوف في خرقة من صوف فأشار به إلى السماء،ثم قال:

اللهم بحق هذا المولود عليك،لا بل بحقك عليه و على جده محمد و إبراهيم و إسماعيل و إسحاق و يعقوب إن كان للحسين بن علي ابن فاطمة عندك قدرا فارض عن دردائيل ورد عليه أجنحته و مقامه من صفوف الملائكة (1)فالملك ليس يعرف في الجنة إلا بأن يقال هذا مولى الحسين بن علي،و ابن فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله» (2).

الحمويني من علماء العامة بإسناده قال:روى الشيخ الجليل أبو جعفر بن بابويه قال:حدّثنا أبو الحسن أحمد بن ثابت الدواليبي بمدينة السلام،حدّثنا محمد ابن الفضل،حدّثنا محمد بن علي بن عبد الصمد الكوفي،حدّثنا علي بن عاصم،عن محمد بن علي بن موسى،عن أبيه علي بن موسى بن جعفر،عن أبيه جعفر بن محمد،عن أبيه محمد بن علي،عن أبيه علي بن الحسين،عن أبيه الحسين بن6.

ص: 36


1- في كمال الدين:فاستجاب اللّه دعاءه،و غفر للملك،ورد عليه أجنحته،ورده الى صفوف الملائكة،فالملك لا يعرف.
2- فرائد السمطين 2:/151ح 446.

علي عليهم السّلام قال:دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و عنده أبي بن كعب فقال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:

«مرحبا بك يا أبا عبد اللّه،يا زين السماوات و الأرض».

قال ابي و كيف يكون يا رسول اللّه زين السماوات و الأرض أحد غيرك؟

قال:«يا ابيّ و الذي بعثني بالحق نبيا إنّ الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الأرض،و إنه مكتوب على يمين عرش اللّه مصباح هدى و سفينة نجاة و إمام غير وهن، و عزّ و فخر،و علم و ذخر،و إن اللّه عز و جل ركب في صلبه نطفة مباركة طيبة زكية خلقت من قبل أن يكون مخلوق في الأرحام،أو يجري ماء في الأصلاب،أو يكون ليل أو نهار، و لقد لقن دعوات ما يدع بهن مخلوق إلا حشره اللّه عز و جل معه،و كان شفيعه في آخرته، و فرّج اللّه عنه كربه،و قضى اللّه بهادينه،و يسر أمره،و أوضح سبيله،و قواه على عدوه،و لم يهتك ستره».

فقال له ابي بن كعب:ما هذه الدعوات يا رسول اللّه؟

قال:«إذا فرغت من صلاتك و أنت قاعد:اللهم إني أسألك بكلماتك،و معاقد عرشك،و سكّان سماواتك،و أنبيائك و رسلك أن تستجيب لي فقد رهقني من أمري عسر،فأسألك أن تصلي على محمد و آل محمد و أن تجعل لي من عسري يسرا،فإن اللّه عز و جل،يسهل أمرك و يشرح صدرك و يلقنك شهادة أن لا إله إلا اللّه عند خروج نفسك».

قال له ابي:يا رسول اللّه فما هذه النطفة التي في صلب الحسين؟

قال:«مثل هذه النطفة كمثل القمر و هي نطفة تبيين و بيان يكون من اتبعه رشيدا و من ضل عنه غويا».

قال:فما إسمه و ما دعاؤه؟

قال:«إسمه عليّ،و دعاؤه يا دائم يا ديموم يا حي يا قيوم يا كاشف الغم يا فارج الهم و يا باعث الرسل و يا صادق الوعد.و من دعى بهذا الدعاء حشره اللّه عز و جل مع علي بن الحسين و كان قائده إلى الجنة».

ص: 37

قال له ابي:يا رسول اللّه فهل له من خلف أو وصي؟

قال:«نعم له مواريث السماوات و الأرض».

قال:و ما معنى مواريث السماوات و الأرض يا رسول اللّه؟

قال:«القضاء بالحق،و الحكم بالديانة،و تأويل الأحكام،و بيان ما يكون».

قال:ما اسمه؟

قال:«اسمه محمد،و إنّ الملائكة لتستأنس به في السماوات و يقول في دعائه:اللهم إن كان لك عندي رضوان و ودّ فاغفر لي و لمن تبعني من إخواني و شيعتي و طيّب ما في صلبي،فركّب اللّه عز و جل في صلبه نطفة مباركة زكية و أخبرني جبرائيل عليه السّلام أن اللّه تبارك و تعالى طيّب هذه النطفة و سمّاها عنده جعفرا،و جعله هاديا مهديا و راضيا مرضيا يدعو ربه فيقول في دعائه:يا ديّان غير متوان يا أرحم الراحمين اجعل لشيعتي من النار وقاء،و لهم عندك رضى،فاغفر لهم ذنوبهم،و يسر امورهم و اقض ديونهم،و استر عوراتهم،و اغفر لهم الكبائر التي بينك و بينهم،يا من لا يخاف الضيم و لا تأخذه سنة و لا نوم،اجعل لي من الغم فرجا.و من دعى بهذا الدعاء حشره اللّه عز و جل أبيض الوجه مع جعفر بن محمد إلى الجنة.

يا ابي و إن اللّه تبارك و تعالى ركّب على هذه النطفة نطفة زكية مباركة طيبة أنزل عليها الرحمة و سماها عنده موسى».

قال له ابي:يا رسول اللّه كلهم يتواضعون و يتناسلون و يتوارثون و يصف بعضهم بعضا،قال:«وصفهم لي جبرائيل عليه السّلام عن رب العالمين جل جلاله».

قال فهل لموسى من دعوة يدعو بها سوى دعاء آبائه؟

قال:«نعم يقول في دعائه:يا خالق الخلق،و يا باسط الرزق و يا فالق الحب،و يا باريء النسم و محيي الموتى و مميت الأحياء،و دائم الثبات،و مخرج النبات،افعل بي ما أنت أهله.من دعى بهذا الدعاء قضى اللّه له حوائجه و حشره اللّه يوم القيامة مع موسى ابن جعفر،و إن اللّه ركب في صلبه نطفة مباركة طيبة زكية مرضية و سماها عنده عليا يكون للّه

ص: 38

في خلقه رضيا في علمه و حكمه،و يجعله حجّة لشيعته يحتجون به يوم القيامة و له دعاء يدعو به:اللهم صل على محمد و آل محمد و اعطني الهدى،و ثبتني عليه،و احشرني عليه آمنا أمن من لا خوف عليه و لا حزن و لا جزع،إنك أهل التقوى و أهل المغفرة.

و إنّ اللّه عز و جل ركب في صلبه نطفة مباركة طيبة زكية مرضية و سمّاها محمد بن علي فهو شفيع شيعته و وارث علم جده،له علامة بينة و حجة ظاهرة إذا ولد يقول:لا إله الاّ اللّه محمد رسول اللّه يقول في دعائه:يا من لا شبيه له و لا مثال،أنت اللّه لا إله إلا أنت و لا خالق إلا أنت تفني المخلوقين و تبقى أنت،حلمت عمن عصاك و في المغفرة رضاك.من دعى بهذا الدعاء كان محمد بن علي شفيعه يوم القيامة.

و إنّ اللّه تبارك و تعالى ركّب في صلبه نطفة لا باغية و لا طاغية،بارة مبارك طيبة طاهرة سماها عنده علي بن محمد،فألبسها السكينة و الوقار،و أودعها العلوم و كل سر مكتوم، من لقيه و في صدره شيء أنبأه و حذره من عدوه،و يقول في دعائه:يا نور يا برهان يا منير و يا مبين،يا رب إكفني شر الشرور و آفات الدهور و أسألك النجاة يوم ينفخ في الصور.من دعى بهذا الدعاء كان علي بن محمد شفيعه و قائده إلى الجنة.

و إن اللّه تبارك و تعالى ركّب في صلبه نطفة و سماها عنده الحسن و جعله نورا في بلاده و خليفته في أرضه،و عزّا لأمة جدّه،و هاديا لشيعته،و شفيعا لهم عند ربه و نقمة لمن خالفه،و حجّة لمن والاه،و برهانا لمن اتخذه إماما،يقول في دعائه:يا عزيز العز في عزه، يا عزيز أعزني بعزك،و أيدني بنصرك،و أبعد عني همزات الشياطين،و ادفع عني بدفعك،و امنع عني بمنعك،و اجعلني من خيار خلقك،يا واحد يا أحد يا فرد يا صمد.

من دعى بهذا الدعاء حشره اللّه عز و جل معه و نجّاه من النار و لو وجبت عليه.

و إن اللّه تبارك و تعالى ركّب في صلب الحسن نطفة مباركة زكية طيبة طاهرة مطهرة يرضى بها كل مؤمن ممن قد أخذ اللّه ميثاقه في الولاية و يكفر بها كل جاحد.و هو إمام تقي نقي بار مرضي هاد مهدي يحكم بالعدل و يأمر به،يصدق اللّه عز و جل و يصدقه اللّه في قوله،يخرج من تهامة حين تظهر الدلائل و العلامات،و له بالطالقان كنوز لا ذهب و لا

ص: 39

فضة إلا خيول مطهمة،و رجال مسومة يجمع اللّه له من أقاصي البلاد على عدد أهل بدر ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا معه صحيفة مختومة فيها عدد أصحابه بأسمائهم و أنسابهم و بلدانهم و صنايعهم و طبايعهم و كلامهم و كناهم كرارون مجدون في طاعته»،فقال له:

و ما دلالته و علامته يا رسول اللّه؟

قال:«له علم إذا حان وقت خروجه انتشر ذلك العلم من نفسه و أنطقه اللّه عز و جل فناداه العلم أخرج يا ولي اللّه و اقتل أعداء اللّه،و له رايتان و علامتان و له سيف مغمد فإذا حان وقت خروجه إقتلع ذلك السيف من غمده،و أنطقه اللّه عز و جل فناداه السيف اخرج يا ولي اللّه فلا يحل لك أن تقعد عن أعداء اللّه،فيخرج و يقتل أعداء اللّه حيث ثقفهم و يقيم حدود اللّه و يحكم بحكم اللّه،يخرج جبرائيل عن يمينه و ميكائيل عن ميسرته و شعيب بن صالح على مقدّمه،و سوف تذكرون ما أقول لكم و افوض امري إلى اللّه عز و جل.

يا ابي طوبى لمن لقيه،و طوبى لمن أحبه،و طوبى لمن قال به،و لو بعد حين،ينجيهم من الهلكة بالإقرار باللّه و برسوله و بجميع الأئمة،يفتح اللّه لهم الجنة،مثلهم في الأرض كمثل المسك الذي يسطع ريحه فلا يتغير أبدا،و مثلهم في السماء كمثل القمر المنير الذي لا يطفأ نوره أبدا».

قال ابي:يا رسول اللّه كيف جاءك بيان هؤلاء الأئمة عن اللّه عز و جل؟

قال:«إن اللّه أنزل عليّ اثني عشر خاتما و اثنتي عشر صحيفة إسم كل إمام على خاتمه،و صفته في صحيفته و الحمد للّه رب العالمين» (1).

الحموي قال:أخبرني السيد النسابة جلال الدين عبد الحميد،عن أبيه الإمام شمس الدين شيخ الشرف فخار بن معد بن فخار الموسوي عن شاذان بن جبرائيل القمي،عن جعفر بن محمد الدورستي،عن أبيه،عن أبي جعفر محمد بن علي بن8.

ص: 40


1- فرائد السمطين 2:/155ح 447. و ذكره الشيخ ابن بابويه في كمال الدين:264/1-268.

بابويه رحمه اللّه قال:حدّثنا أبي قال:حدّثنا سعد بن عبد اللّه قال:حدّثنا أحمد بن محمد بن عيسى،عن الحسين بن سعيد،عن حماد بن عيسى،عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي الطفيل،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله لأمير المؤمنين:«أكتب ما املي عليك».

قال:«يا نبي اللّه أ تخاف عليّ النسيان؟».

قال:«لست أخاف عليك النسيان،و قد دعوت اللّه تعالى لك أن يحفظك و لا ينسيك، و لكن اكتب لشركائك».

قال:«قلت:و من شركائي يا نبي اللّه؟».

قال:«الأئمة من ولدك،بهم تسقى امتي الغيث،و بهم يستجاب دعاؤهم،و بهم يصرف اللّه عنهم البلاء،و بهم تنزل الرحمة من السماء،و هذا أولهم-و أومأ بيده إلى الحسن عليه السّلام-ثم أومأ بيده إلى الحسين عليه السّلام،ثم قال عليه السّلام:الأئمة من ولده» (1).

الحمويني من أهل السنة و الخلاف قال:أخبرني مفيد الدين أبو جعفر محمد بن علي بن أبي الغنايم بن الجهم الحلي إجازة قال:أنبأنا القاضي خطير الدين محمود بن محمد بن الحسين بن عبد الجبار الطوسي،عن عمه زين الدين عبد الجبار عن أبيه،عن الصفي أبي تراب بن الداعي الحسيني،عن أبي محمد جعفر بن محمد الدورستي،عن الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان الحارثي،عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي قال:حدّثنا جعفر بن محمد بن مسرور- رضي اللّه عنه-قال:حدّثنا الحسين بن محمد بن عامر،عن المعلى بن محمد البصري،عن جعفر بن سليمان،عن عبد اللّه بن الحكم،عن أبيه،عن سعيد بن جبير، عن عبد اللّه بن عباس قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«إن خلفائي و أوصيائي و حجج اللّه على الخلق بعدي اثنا عشر،أوّلهم أخي،و آخرهم ولدي».ف.

ص: 41


1- فرائد السمطين 2:/259ح 527. و ذكره الشيخ بن بابويه في كمال الدين:206/1،و الأمالي ص 358 ط النجف.

قيل:يا رسول اللّه و من أخوك؟

قال:«علي بن أبي طالب»،قيل:فمن ولدك؟

قال:«المهدي الذي يملأها قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما.

و الذي بعثني بالحق بشيرا لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل اللّه ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي المهدي فينزل روح اللّه عيسى ابن مريم فيصلي خلفه و تشرق الأرض بنور ربها،و يبلغ سلطانه المشرق و المغرب» (1).

الحمويني بإسناده إلى ابن بابويه قال:نبأنا أحمد بن الحسن القطان قال:حدّثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان قال:نبأنا بكر بن عبد اللّه بن حبيب قال:نبأنا الفضل بن الصقر العبدي قال:حدّثنا أبو معاوية،عن الأعمش،عن عباية بن ربعي،عن عبد اللّه بن عباس قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«أنا سيد النبيين و علي بن أبي طالب سيد الوصيين،و إن أوصيائي بعدي إثنا عشر،أوّلهم علي بن أبي طالب و آخرهم المهدي» (2).

الحمويني قال:أخبرني الشيخ الإمام العلامة نجم الدين أبو القاسم (3)جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الحلي كتابة في شهور سنة احدى و سبعين و ستمائة بروايته،عن السيد النسابة فخار بن معد بن فخار الموسوي،عن شاذان بن جبرائيل،عن جعفر بن محمد الدورستي،عن أبيه،عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين قال:حدثني محمد بن علي ماجيلويه قال:نبأنا محمد بن أبي القاسم محمد عن حيان السراج (4)عن داود بن سليمان الكسائي،عن أبي الطفيل قال:شهدت جنازة أبي بكر يوم مات،و شهدت عمر حين بويع و علي عليه السّلام جالس ناحية إذ أقبلج.

ص: 42


1- فرائد السمطين-السمط الثاني،في باب ذكر احوال المهدي./312/2ح 562.
2- فرائد السمطين 2:/313ح 564. و رواه الشيخ ابن بابويه في كمال الدين:280/1،و في عيون الاخبار:52/1 ط النجف.
3- في بعض المصادر:أبو القسم.
4- في بعض المصادر:محمد بن أبي القسم،عن أحمد بن محمد بن خالد،عن أبيه،عن عبد اللّه بن القسم،عن حيان السراج.

عليه غلام يهودي،عليه ثياب حسان.و هو من ولد هارون،حتى قام على رأس عمر فقال:يا أمير المؤمنين أنت أعلم هذه الأمة بكتابهم و أمر نبيهم؟

قال:فطأطأ عمر رأسه،فقال:إياك أعني،و أعاد عليه القول،فقال له عمر:ما ذاك (1)؟

قال:إني جئتك مرتادا لنفسي،شاكّا في ديني،فقال:دونك هذا الشاب قال:و من هذا الشاب قال:هذا علي بن أبي طالب ابن عم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و هو أبو الحسن و الحسين إبني رسول اللّه و هذا زوج فاطمة ابنة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فأقبل اليهودي على عليّ فقال أ كذلك أنت؟

قال:«نعم».

قال:فإني اريد أن أسألك عن ثلاث و ثلاث و واحدة،قال:فتبسم عليّ عليه السّلام ثم قال:

«يا هاروني ما منعك أن تقول سبعا».

قال:أسألك عن ثلاث فإن علمتهن سألت عمّا بعدهن،و إن لم تعلمهن علمت أنه ليس فيكم علم.

قال علي عليه السّلام:«فإنني أسألك بالإله الذي تعبد لئن أنا أجبتك في كلّ ما تريد لتدعن دينك و لتدخلن في ديني»؟

قال:ما جئت إلا لذاك،قال:«فاسأل».

قال:فأخبرني عن أوّل قطرة دم قطرت على وجه الأرض أي قطرة هي؟و أوّل عين فاضت على وجه الأرض أي عين هي؟و أوّل شيء إهتز على وجه الأرض أي شيء هو؟فأجابه أمير المؤمنين عليه السّلام قال:فاخبرني عن الثلاث الاخر:أخبرني عن محمد صلّى اللّه عليه و اله كم بعده من إمام عدل؟و في أي جنة يكون؟و من الساكن معه في جنته؟.

فقال:«يا هاروني إن لمحمد من الخلفاء اثني عشر إماما عدلا لا يضرهم خذلان من خذلهم،و لا يستوحشون بخلاف من خالفهم،و إنهم أرسب في الدين من الجبالك.

ص: 43


1- في كمال الدين:ما شأنك.

الرواسي في الأرض،و مسكن محمد صلّى اللّه عليه و اله في جنته مع أولئك (1)الاثني عشر إماما العدول».

قال:صدقت و اللّه الذي لا إله إلا هو إني لأجدها في كتب أبي هارون كتبه بيده و املاء موسى (2).

قال:فأخبرني عن الواحدة،أخبرني عن وصي محمد كم يعيش من بعده؟و هل يموت أو يقتل؟

قال:«يا هاروني يعيش بعده ثلاثين سنة لا يزيد يوما و لا ينقص يوما ثم يضرب ضربة ههنا-يعني قرنه-فتخضب هذه من هذا».

قال:فصاح الهاروني و قطع تسبيحه و هو يقول:أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله،و أنّك وصيه الذي ينبغي أن تفوق و لا تفاق،و أن تعظم و لا تستضعف،ثم مضى به علي عليه السّلام إلى منزله فعلّمه معالم الدين (3).

انظر أيها الأخ إلى هذه الأخبار و أنها نص في صحة معتقد الامامية،و هو أن الأئمة بعد رسول اللّه صلوات اللّه عليهم أجمعين بنص رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله إثنا عشر و أنهم أوصياؤه،و هذه الأخبار كلها من طرق العامة المخالفين و الحمد للّه رب العالمين.

و رويت هذه الأخبار أيضا من طرق الامامية و معناها،فعملت بمضمونها الامامية دون العامة المخالفين مع روايتهم لها و لغيرها التي تطابقها من طرقهم فماذا بعد الحق إلا الضلال (4).ف.

ص: 44


1- في كمال الدين:في جنة عدن معه أولئك.
2- في بعض المصادر:و املاء موسى عمي عليهما السّلام،و في كمال الدين:و املاء عمي موسى عليه السّلام.
3- فرائد السمطين 1:/354ح 280.
4- المناقب للخوارزمي:129-130،ط النجف.

من طريق العامة المخالفين ما رواه الشيخ الفقيه أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسين بن شاذان في المناقب المائة من طريق العامة في فضائل أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب و الأئمة من ولده صلوات اللّه عليهم اجمعين عن جعفر ابن محمد،عن أبيه،عن علي بن الحسين،عن أبيه،عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«يا علي أنت أمير المؤمنين،و إمام المتقين،يا علي أنت سيد الوصيين، و وارث علم النبيين،و خير الصديقين،و أفضل السابقين،يا علي أنت زوج سيدة نساء العالمين،و خليفة خير المرسلين،يا علي أنت مولى المؤمنين،يا علي أنت الحجة بعدي على الناس أجمعين،إستوجب الجنة من تولاّك،و استحق النار من عاداك،يا علي و الذي بعثني بالنبوة،و اصطفاني على جميع البرية لو أن عبدا عبد اللّه ألف عام ما قبل اللّه ذلك منه إلا بولايتك و ولاية الأئمة من ولدك (1)بذلك أخبرني جبرائيل فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر» (2).

أبو الحسن بن شاذان عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:«و اللّه لقد خلفني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في امته،فأنا حجة اللّه عليهم بعد نبيه،و إن ولايتي لتلزم أهل السماء كما تلزم أهل الأرض،و إن الملائكة لتتذاكر فضلي و ذلك تسبيحها عند اللّه.أيها الناس اتبعوني أهدكم سواء السبيل،و لا تأخذوا يمينا و شمالا فتضلوا،أنا وصي نبيكم،و خليفته،و إمام المؤمنين و أميرهم،و مولاهم،و أنا قائد شيعتي إلى الجنة و سائق أعدائي إلى النار،و أنا سيف اللّه على أعدائه،و رحمته على أوليائه،و أنا صاحب حوض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و لوائه، و صاحب مقام شفاعته،و الحسن و الحسين و تسعة من ولد الحسين خلفاء اللّه في أرضه، و حجج اللّه على بريته» (3).2.

ص: 45


1- في كنز الفوائد و البحار:و ان ولايتك لا تقبل إلا بالبراءة من أعدائك و أعداء الأئمة من ولدك بذلك أخبرني...
2- البحار:6/27؛و كنز الفوائد:185.
3- مائة منقبة:/59ح 32.

أبو الحسن بن شاذان،عن ابن عباس قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول:«معاشر الناس إعلموا أن للّه تعالى بابا من دخله أمن من النار،و من الفزع الأكبر»،فقام إليه أبو سعيد الخدري فقال:يا رسول اللّه إهدنا إلى هذا الباب حتى نعرفه،قال:«هو علي بن أبي طالب سيد الوصيين،و أمير المؤمنين و أخو رسول رب العالمين،و خليفة اللّه (1)على الناس أجمعين.

معاشر الناس من أحب أن يستمسك بالعروة الوثقى التي لا انفطام (2)لها فليستمسك بولاية علي بن أبي طالب فإن ولايته ولايتي،و طاعته طاعتي.

معاشر الناس:من أحب أن يعرف الحجة بعدي فليعرف علي بن أبي طالب.

معاشر الناس من سرّه اللّه ليقتدي بي فعليه أن يتولى ولاية علي بن أبي طالب (3)و الأئمة من ذريتي فإنهم خزان علمي».

فقام جابر بن عبد اللّه الأنصاري فقال:يا رسول اللّه ما عدة الأئمة؟

فقال:«يا جابر سألتني رحمك اللّه عن الإسلام بأجمعه،عدتهم عدة الشهور،و هي عند اللّه اثنا عشر شهرا في كتاب اللّه يوم خلق السماوات و الأرض،و عدتهم عدّة العيون التي انفجرت منه لموسى بن عمران حين ضرب بعصاه فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا، و عدّتهم عدّة نقباء بني إسرائيل،قال اللّه تعالى: وَ لَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَ بَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً (4)فالأئمة يا جابر اثنا عشر إماما،أوّلهم علي ابن أبي طالب و آخرهم القائم صلوات اللّه عليهم» (5).

أبو الحسن بن شاذان،عن جعفر بن محمد،عن أبيه،ن الحسين بن علي صلوات اللّه عليهم قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«فاطمة بهجة قلبي،و إبناها ثمرة فؤادي،و بعلها نورن.

ص: 46


1- في البحار:و خليفته.
2- في بعض المصادر:لا انفصام.
3- في البحار:من سره أن يتولى ولاية اللّه فليقتد بعلي بن أبي طالب.
4- المائدة:12.
5- البحار:263/36 عن اليقين.

بصري،و الأئمة من ولدها أمناء ربي و حبله الممدود بينه و بين خلقه،من اعتصم بهم نجا و من تخلّف عنهم هوى» (1).

أبو الحسن بن شاذان،عن سلمان المحمدي قال:دخلت على النبي صلّى اللّه عليه و اله و إذا الحسين بن علي على فخذه و هو يقبل عينيه و يلثم فاه و يقول:«أنت سيد ابن سيد أبو سادة،أنت إمام ابن إمام أبو أئمة،أنت حجّة ابن حجة أبو حجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم» (2).

أبو الحسن بن شاذان،عن الصادق جعفر بن محمد،عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال:

«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:حدثني جبرائيل،عن رب العزة جل جلاله أنه قال:من علم أن لا إله إلا أنا وحدي،و أن محمدا عبدي و رسولي،و أن علي بن أبي طالب خليفتي،و أن الأئمة من ولده حججي أدخلته الجنة برحمتي،و نجيته من النار بعفوي،و أبحت له جواري، و أوجبت له كرامتي،و أتممت عليه نعمتي،و جعلته من خاصتي و خالصتي:إن ناداني لبيته،و إن دعاني أجبته،و إن سألني أعطيته،و إن سكت ابتدأته،و إن أساء رحمته،و إن فر مني دعوته،و إن رجع إليّ قبلته،و إن قرع بابي فتحته.

و من لم يشهد أن لا إله إلا أنا وحدي أو شهد بذلك و لم يشهد أن محمدا عبدي و رسولي،أو شهد بذلك و لم يشهد أن علي بن أبي طالب خليفتي،أو شهد بذلك و لم يشهد أن الأئمة من ولده حججي فقد جحد نعمتي،و صغّر عظمتي،و كفر بآياتي و كتبي و رسلي،إن قصدني حجبته،و إن سألني حرمته،و إن ناداني لم أسمع نداءه،و إن دعاني لم أستجب دعاءه،و إن رجاني خيبت رجاءه مني.و ما أنا بظلاّم للعبيد».

فقام جابر بن عبد اللّه الأنصاري فقال:يا رسول اللّه و من الأئمة من ولد علي بن1.

ص: 47


1- ذكره مسندا الخوارزمي في مقتل الحسين:59/1 قال: و ذكر الإمام محمد بن أحمد بن علي بن شاذان،أخبرني الحسن بن حمزة،عن علي بن محمد بن قتيبة،عن الفضل بن شاذان،عن محمد بن زياد،عن حميد بن صالح،عن جعفر بن محمد عليه السّلام قال: حدثني أبي.
2- مر الحديث عن مقتل الحسين عليه السّلام للخوارزمي:146/1.

أبي طالب؟

فقال:«الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة،ثم سيد العابدين في زمانه علي بن الحسين،ثم الباقر محمد بن علي-ستدركه يا جابر فإذا أدركته فاقرئه مني السلام-ثم الصادق جعفر بن محمد،ثم الكاظم موسى بن جعفر،ثم الرضا علي بن موسى،ثم التقي محمد بن علي،ثم النقي علي بن محمد،ثم الزكي الحسن بن علي،ثم إبنه القائم بالحق مهدي أمتي الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما.

هؤلاء يا جابر خلفائي،و أوصيائي،و أولادي،و عترتي،من أطاعهم فقد أطاعني و من عصاهم فقد عصاني،و من أنكرهم أو أنكر واحدا منهم فقد أنكرني،بهم يمسك اللّه السماء أن تقع على الأرض إلا باذنه،و بهم يحفظ اللّه الأرض أن تميد (1)بأهلها» (2).

أبو الحسن بن شاذان،عن جعفر بن محمد الصادق،عن أبيه،عن آبائه عليهم السّلام،عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنه كان جالسا في الرحبة و الناس حوله مجتمعون فقام إليه رجل فقال:يا أمير المؤمنين إنك بالمكان الذي أنزلك اللّه تعالى و أبوك معذب في النار؟!فقال له:«مه فض اللّه فاك،و الذي بعث محمدا بالحق نبيا لو شفع أبي في كل مذنب على وجه الأرض لشفعه اللّه فيهم فتقول:أبي معذب في النار و ابنه قسيم الجنة و النار؟و الذي بعث محمدا بالحق نبيا،إن نور أبي طالب يوم القيامة ليطفي أنوار الخلائق إلا خمسة أنوار:نور محمد،و نوري،و نور فاطمة و نور الحسن،و نور الحسين، و نور ولده من الأئمة،ألا إن نوره من نورنا الذي خلقه اللّه من قبل خلق آدم بالفي عام».

و روي هذا الحديث من طريق الخاصة الشيخ الطوسي في كتاب مجالسه بالاسناد المتصل إلى المفضل بن عمر،عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام عن أبيه،عن2.

ص: 48


1- ماد يميد:اي اضطرب و تحرك.
2- رواه بهذا اللفظ الشيخ الصدوق في كمال الدين:258/1،و الطبرسي في الاحتجاج:87/1- 89 ط النجف الاشرف،و المجلسي في البحار:251/36،252.

أمير المؤمنين عليه السّلام (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا محمد بن علي ماجيلويه رحمه اللّه قال:حدّثنا محمد بن أبي القاسم (2)عن محمد بن علي الكوفي،عن محمد بن سنان،عن المفضل بن عمر عن جابر بن يزيد،عن سعيد بن المسيب،عن عبد الرّحمن بن سمرة قال:قلت:يا رسول اللّه أرشدني إلى النجاة.

فقال لي:«يا بن سمرة إذا اختلفت الأهواء،و تفرقت الآراء فعليك بعلي بن أبي طالب فإنه إمام أمتي و خليفتي عليهم من بعدي و هو الفاروق الذي يفرق بين الحق و الباطل.من سأله أجابه،و من استرشده أرشده و من طلب الحق من عنده وجده،و من التمس الهدى لديه صادقه،و من لجأ إليه أمنه،و من إستمسك به نجاه،و من اقتدى به هداه،يابن سمرة (3)إن عليا مني روحه من روحي و طينته من طينتي،و هو أخي و أنا أخوه،و هو زوج ابنتي فاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين و الآخرين،و إن منه إمامي أمتي،و سيدي شباب أهل الجنة الحسن و الحسين و تسعة من ولد الحسين تاسعهم قائم أمتي،يملأ الأرض قسطا و عدلا،كما ملئت جورا و ظلما» (4).

ابن بابويه قال:حدّثنا محمد بن عمر الحافظ البغدادي قال:حدثني أبو عبد اللّه محمد بن أحمد بن ثابت (5)،عن عطاء بن السائب،عن أبي يحيى،عن ابن عباس قال:ب.

ص: 49


1- رواه الشيخ الطبرسي في الاحتجاج:340/1،و المجلسي في البحار:69/35. و رواه الشيخ الطوسي في أماليه:311/1 بسنده قال:أخبرنا الحسين بن عبيد اللّه قال:أخبرنا أبو محمد،قال:حدّثنا محمد بن همام،قال:حدّثنا علي بن الحسين الهمداني قال:حدثني محمد بن خالد البرقي،قال:حدّثنا محمد بن سنان،عن المفضل بن عمر،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،عن..
2- في بعض المصادر:عمي محمد بن أبي القاسم.
3- في بعض المصادر:يابن سمرة سلم من سلم له و والاه،و هلك من رد عليه و عاداه،يابن سمرة ان عليا.
4- أمالي الصدوق ص 23.
5- في بعض المصادر:ثابت كنانة قال:حدّثنا محمد بن الحسن بن العباس أبو جعفر الخزاعي، قال:حدّثنا حسن بن الحسين العرني قال:حدّثنا عمرو بن ثابت عن عطاء بن السايب.

صعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله المنبر فخطب و اجتمع الناس إليه فقال:«يا معاشر المؤمنين إن اللّه أوحى إلي أني مقبوض و أن ابن عمي عليّا مقتول،و اني أيها الناس اخبركم خبرا إن عملتم به سلمتم،و إن تركتموه هلكتم،إن ابن عمي عليا هو أخي و هو وزيري،و هو خليفتي،و هو المبلغ عني،و هو إمام المتقين و قائد الغر المحجلين.إن استرشد تموه أرشدكم،و إن اتبعتموه نجوتم،و إن خالفتموه ضللتم،و إن أطعتموه فاللّه أطعتم،و إن عصيتموه فاللّه عصيتم،و إن بايعتموه فاللّه بايعتم،و إن نكثتم بيعته فبيعة اللّه نكثتم.إن اللّه عز و جل أنزل عليّ القرآن و هو الذي من خالفه ضل،و من ابتغى علمه عند غير عليّ فقد هلك.

أيها الناس إسمعوا قولي و اعرفوا حق نصيحتي،و لا تخلفوني في أهل بيتي إلاّ بالذي أمرتم به.من حفظهم فإنهم حامتي و قرابتي و اخوتي و اولادي،و إنكم مجموعون و مساءلون عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما،إنهم أهل بيتي فمن آذاهم آذاني، و من ظلمهم ظلمني،و من أذلهم أذلني،و من أعزهم أعزني،و من أكرمهم أكرمني،و من نصرهم نصرني،و من خذلهم خذلني،و من طلب الهدي في غيرهم فقد كذبني.أيها الناس إتقوا اللّه و انظروا ما أنتم قائلون إذا لقيتموه فإني خصم لمن آذاهم،و من كنت خصمه خصمته.أقول قولي هذا و استغفر اللّه لي و لكم» (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا علي بن أحمد بن موسى الدقاق رحمه اللّه قال:حدّثنا محمد بن أبي عبد اللّه الكوفي قال:حدّثنا موسى بن عمران النخعي،عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي،عن الحسن بن علي بن أبي حمزة،عن أبيه،عن سعيد بن جبير،عن ابن عباس قال:إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله كان جالسا ذات يوم إذ أقبل الحسن عليه السّلام فلما رآه بكى، ثم قال:«إليّ إليّ»يا بني،فما زال يدنيه حتى أجلسه على فخذه اليمنى.ثم أقبل الحسين عليه السّلام فلما رآه بكى،ثم قال:«إليّ إليّ يا بنيّ»،فما زال يدنيه حتى أجلسه على فخذه اليسرى.ثم أقبلت فاطمة عليها السّلام فلما رآها بكى،ثم قال:«إليّ إليّ يا بنية»فاجلسها9.

ص: 50


1- أمالي الصدوق ص 58-59.

بين يديه،ثم أقبل أمير المؤمنين عليه السّلام فلما رآه بكى و قال:«إليّ إليّ يا أخي»فما زال يدنيه حتى أجلسه إلى جنبه الأيمن.

فقال له أصحابه:يا رسول اللّه ما ترى واحدا من هؤلاء إلا بكيت أو ما فيهم من تسر برؤيته؟

فقال صلّى اللّه عليه و اله:«و الذي بعثني بالنبوة و اصطفاني على جميع البرية إني و إياهم لأكرم الخلق على اللّه عز و جل،و ما على وجه الأرض نسمة أحبّ إليّ منهم.

أما علي بن أبي طالب فإنه أخي،و شقيقي،و صاحب الأمر بعدي،و صاحب لوائي في الدنيا و الآخرة،و صاحب شفاعتي و حوضي،و هو مولى كل مسلم،و إمام كلّ مؤمن، و قائد كل تقي،و هو وصيي،و خليفتي على أهلي و أمتي في حياتي و بعد موتي.محبه محبي و مبغضه مبغضي،و بولايته صارت أمتي مرحومة،و بعداوته صارت المخالفة له منها ملعونة،و إني بكيت حين أقبل لأني ذكرت غدر الأمة به بعدي،حتى أنه ليزال عن مقعدي،و قد جعله اللّه له بعدي،ثم لا يزال الأمر به حتى يضرب قرنه ضربة تخضب منها لحيته في أفضل الشهور شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنّاسِ وَ بَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَ الْفُرْقانِ (1).

و أما ابنتي فاطمة فإنها سيدة نساء العالمين من الأولين و الآخرين،و هي بضعة مني، و هي نور عيني،و هي ثمرة فؤادي،و هي روحي التي بين جنبي،و هي الحوراء الإنسية، متى قامت في محرابها بين يدي ربها جل جلاله زهر نورها لملائكة السماء كما تزهر نور الكواكب لأهل الأرض،و يقول اللّه عز و جل لملائكته:يا ملائكتي انظروا إلى أمتي فاطمة سيدة نساء إمائي قائمة بين يدي ترتعد فرائصها من خيفتي و قد أقبلت على عبادتي (2)اشهدكم أني قد أمنت شيعتها من النار،و إني لما رأيتها ذكرت ما يصنع بها بعدي كأني بها و قد دخل الذل بيتها،و انتهكت حرمتها،و غصب حقها،و منعت ارثهاي.

ص: 51


1- البقرة:185.
2- في بعض المصادر:و قد أقبلت بقلبها على عبادتي.

و كسر جنبها و أسقطت جنينها و هي تنادي يا محمداه فلا تجاب،و تستغيث فلا تغاث، فلا تزال بعدي محزونة مكروبة باكية فتذكر انقطاع الوحي عن بيتها مرة و تتذكر فراقي أخرى،و تستوحش إذا جنّها الليل لفقد صوتي الذي كانت تسمعه إذا تهجدت بالقرآن، ثم ترى نفسها ذليلة بعد أن كانت في أيام أبيها عزيزة،فعند ذلك يؤنسها اللّه تعالى ذكره بالملائكة فينادونها بما نادت به مريم بنت عمران فتقول:يا فاطمة إِنَّ اللّهَ اصْطَفاكِ وَ طَهَّرَكِ وَ اصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ (1).

يا فاطمة اُقْنُتِي لِرَبِّكِ وَ اسْجُدِي وَ ارْكَعِي مَعَ الرّاكِعِينَ (2)ثم يبتدي بها الوجع فتمرض فيبعث اللّه عز و جل لها مريم بنت عمران تمرضها،و تؤنسها في علتها،فتقول عند ذلك:يا رب إني قد سئمت الحياة،و تبرّمت بأهل الدنيا فألحقني بأبي،فيلحقها اللّه عز و جل بي فتكون أول من يلحقني من أهل بيتي،فتقدم عليّ محزونة مكروبة،مهمومة، مغصوبة،مقتولة،فأقول عند ذلك:اللهم العن من ظلمها،و عاقب من غصبها،و أذل من أذلها،و خلّد في النار من ضرب جنبها،حتى ألقت ولدها فتقول الملائكة عند ذلك آمين.

و أما الحسن فإنه ابني و ولدي،و مني،و قرّة عيني،و ضياء قلبي،و ثمرة فؤادي،و هو سيّد شباب أهل الجنة،و حجة اللّه على الأمة،أمره أمري،و قوله قولي،من تبعه فإنه مني، و من عصاه فليس مني،و إني لمّا نظرت إليه تذكرت ما يجري عليه من الذل بعدي فلا يزال الأمر به حتى يقتل بالسم مظلوما (3)فعند ذلك تبكي الملائكة و السبع الشداد لموته،و يبكيه كلّ شيء حتى الطير في جو السماء و الحيتان في جوف الماء،فمن بكاه لم تعم عينه يوم تعمى العيون،و من حزن عليه لم يحزن قلبه يوم تحزن فيه القلوب،و من زاره في بقيعه ثبتت قدمه على الصراط يوم تزل فيه الأقدام.ا.

ص: 52


1- آل عمران:42-43.
2- آل عمران:42-43.
3- في بعض المصادر:يقتل بالسم ظلما و عدوانا.

و أمّا الحسين فإنّه منّي،و هو ولدي و ابني،و خير الخلق بعد أخيه،و هو إمام المسلمين،و مولى المؤمنين،و خليفة رب العالمين،و غياث المستغيثين،و كهف المستجيرين و حجة اللّه على خلقه أجمعين،و هو سيّد شباب أهل الجنة،و باب نجاة الأمة،أمره أمري و طاعته طاعتي،من تبعه فإنه مني و من عصاه فليس مني،و إني لما رأيته تذكرت ما يصنع به بعدي،كأني به و قد استجار بحرمي و قبري (1)فلا يجار،فأضمه في منامه إلى صدري،و آمره بالرحلة عن دار هجرتي،و أبشره بالشهادة،فيرتحل عنها إلى أرض مقتله،و موضع مصرعه،أرض كرب و بلاء،و قتل و فناء،تنصره عصابة من المسلمين،أولئك سادة شهداء أمتي يوم القيامة،كأني أنظر إليه و قد رمي بسهم فخر عن فرسه صريعا،ثم يذبح كما يذبح الكبش مظلوما»،ثم بكى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و بكى من حوله،و ارتفعت الأصوات بالضجيج،ثم قام صلّى اللّه عليه و اله و هو يقول:«اللهم إني اشكو إليك ما يلقى أهل بيتي بعدي»،ثم دخل منزله (2).

ابن بابويه قال:حدّثنا جعفر بن محمد بن مسرور قال:حدّثنا الحسين بن محمد ابن عامر عن عمه عبد اللّه بن عامر،عن ابن أبي عمير،عن حمزة بن حمران،عن أبيه،عن أبي حمزة،عن علي بن الحسين،عن أبيه،عن أمير المؤمنين صلوات اللّه عليهم أنّه جاء إليه رجل فقال له:يا أبا الحسن إنك تدعى أمير المؤمنين فمن أمّرك عليهم قال:«اللّه جل جلاله أمّرني عليهم»،فجاء الرجل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقال:

يا رسول اللّه أ يصدق عليّ فيما يقول إن اللّه أمّره على خلقه؟فغضب النبي صلّى اللّه عليه و اله و قال:

«إنّ عليّا أمير المؤمنين،بولاية من اللّه عز و جل عقدها له فوق عرشه،و أشهد على ذلك ملائكته،إن عليا خليفة اللّه،و حجة اللّه،و إنه لإمام المسلمين،طاعته مقرونة بطاعة اللّه، و معصيته مقرونة بمعصية اللّه،فمن جهله فقد جهلني،و من عرفه فقد عرفني و من أنكر إمامته فقد أنكر نبوتي،و من جحد إمرته فقد جحد رسالتي،و من دفع فضله فقد2.

ص: 53


1- في بعض المصادر:و قربي.
2- أمالي الصدوق ص 99-102.

تنقصني،و من قاتله فقد قاتلني،و من سبه فقد سبني،لأنه مني،خلق من طينتي،و هو زوج فاطمة ابنتي،و أبو ولدي الحسن و الحسين»،ثم قال صلّى اللّه عليه و اله:«أنا و علي،و فاطمة، و الحسن،و الحسين،و تسعة من ولد الحسين حجج اللّه على خلقه.أعداؤنا أعداء اللّه و أولياؤنا أولياء اللّه» (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال:حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم قال:حدّثنا جعفر بن سلمة الأهوازي قال:حدّثنا إبراهيم بن محمد الثقفي،عن إبراهيم بن موسى ابن اخت الواقدي قال:حدّثنا أبو قتادة الحراني،عن عبد الرّحمن بن العلاء الحضرمي،عن سعيد بن المسيب،عن ابن عباس قال:إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله كان جالسا يوما و عنده علي و فاطمة و الحسن و الحسين فقال:«اللهم إنك تعلم أن هؤلاء أهل بيتي و أكرم الناس عليّ فأحب من أحبهم،و أبغض من أبغضهم و وال من والاهم،و عاد من عاداهم (2)و اجعلهم مطهرين من كل رجس،معصومين من كل ذنب،و أيدهم بروح القدس» (3).

ثم قال صلّى اللّه عليه و اله:«يا علي أنت إمام أمتي،و خليفتي عليها بعدي،و أنت قائد المؤمنين إلى الجنة،و كأني أنظر الى ابنتي فاطمة قد أقبلت يوم القيامة على نجيب من نور،عن يمينها سبعون ألف ملك،و عن يسارها سبعون ألف ملك،و بين يديها سبعون ألف ملك،و من خلفها سبعون ألف ملك تقود مؤمنات أمتي إلى الجنة،فأيما إمرأة صلّت في اليوم و الليلة خمس صلوات،و صامت شهر رمضان،و حجّت بيت اللّه،و زكّت مالها،و أطاعت زوجها،و والت عليا بعدي دخلت الجنة بشفاعة ابنتي فاطمة،و أنها لسيدة نساء العالمين».

فقيل له يا رسول اللّه أ هي سيدة نساء عالمها؟ك.

ص: 54


1- أمالي الصدوق:ص 116.
2- في بعض المصادر:و أعن من أعانهم.
3- في بعض المصادر:بروح القدس منك.

فقال صلّى اللّه عليه و اله:«تلك مريم بنت عمران،و أما ابنتي فاطمة فإنها سيدة نساء العالمين من الأولين و الآخرين و إنها لتقوم في محرابها فيسلّم عليها سبعون ألف ملك من الملائكة المقربين،و ينادونها بما نادت به الملائكة مريم فيقولون:يا فاطمة إِنَّ اللّهَ اصْطَفاكِ وَ طَهَّرَكِ وَ اصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ (1)»ثم التفت الى علي عليه السّلام فقال:«يا علي إن فاطمة بضعة مني،و هي نور عيني،و ثمرة فؤادي،يسوؤني ما ساءها،و يسرني ما سرها، و إنها أول من يلحقني من أهل بيتي فأحسن اليها بعدي،و أما الحسن و الحسين فهما ابناي،و ريحانتاي،و هما سيدا شباب أهل الجنة،فليكونا عليك كسمعك و بصرك»،ثم رفع صلّى اللّه عليه و اله يده الى السماء فقال:«اللهم إني اشهدك أني محبّ لمن أحبهم،و مبغض لمن أبغضهم،و سلم لمن سالمهم،و حرب لمن حاربهم،و عدوّ لمن عاداهم،و وليّ لمن والاهم» (2).

ابن بابويه قال:حدّثنا علي بن الحسين بن محمد قال:حدّثنا أبو محمد هارون ابن موسى،قال:حدّثنا محمد بن أحمد بن عبد اللّه بن أحمد بن عيسى بن المنصور الهاشمي (3)،قال:حدّثنا عمار بن محمد الثوري قال:حدّثنا سفيان،عن أبي الحجاف داود بن أبي عوف،عن الحسن بن علي عليهما السّلام قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول لعلي عليه السّلام:«أنت وارث علمي،و معدن حكمي،و الإمام بعدي،فإذا استشهدت فابنك الحسن،فإذا استشهد الحسن فابنك الحسين،و إذا استشهد الحسين فابنه علي يتلوه تسعة من صلب الحسين أئمة اطهار،فقلت:يا رسول اللّه فما أسماؤهم؟

قال:علي و محمد و جعفر و موسى و علي و محمد و علي و الحسن و المهدي من صلب الحسين،يملأ اللّه به الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما» (4).ر.

ص: 55


1- آل عمران:42.
2- أمالي الصدوق ص 436-437.
3- في البحار:محمد بن أحمد بن عبد اللّه الهاشمي،عن عيسى بن أحمد.
4- ذكره المجلسي في البحار:340/36 عن كفاية الاثر.

ابن بابويه قال:أخبرنا محمد بن عبد اللّه بن المطلب قال:حدّثنا أبو السيد أحمد ابن محمد بن السيد المدني باصبهان،قال:حدّثنا عبد العزيز بن إسحاق بن جعفر، عن عبد الوهاب بن عيسى المروزي،قال:حدّثنا الحسن بن علي (1)البلوي قال:

حدّثنا عبد اللّه بن يحيى (2)عن علي بن هاشم،عن حزور،عن الأصبغ بن نباتة قال:

سمعت عمران بن حصين يقول:سمعت النبي صلّى اللّه عليه و اله يقول لعلي:«أنت الإمام (3)و الخليفة بعدي،تعلّم الناس (4)ما لا يعلمون،و أنت أبو سبطي و زوج ابنتي،و من ذريتكم العترة الأئمة المعصومون»،فسأله سلمان عن الأئمة فقال:«هم عدد نقباء بني إسرائيل» (5).

ابن بابويه قال:أخبرنا القاضي المعافي بن زكريا قال:حدّثنا علي بن عقبة،عن ابيه قال:حدثني الحسين بن علوان،عن أبي علي الخراساني،عن معروف بن خربوذ،عن أبي الطفيل،عن علي عليه السّلام قال:«قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:أنت الوصي على الأموات من أهل بيتي،و الخليفة على الأحياء من أمتي،حربك حربي،و سلمك سلمي، أنت الإمام أبو الأئمة،أحد عشر من صلبك أئمة مطهرون معصومون،و منهم المهدي الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا،فالويل لمبغضيهم (6).

يا علي لو أن رجلا أحب في اللّه حجرا لحشره اللّه معه،إن محبيك و شيعتك و محبي أولادك و الأئمة بعدك يحشرون معك،و أنت معي في الدرجات العلى،و أنت قسيم الجنة و النار،تدخل محبيك الجنة و مبغضيك النار» (7).5.

ص: 56


1- في البحار:الحسين بن علي بن محمد البلوي.
2- في البحار:عبد اللّه بن نجيح.
3- في البحار:أنت وارث علمي،و أنت الإمام.
4- في البحار:تعلم الناس بعدي.
5- رواه المجلسي في البحار:330/36-331،عن كفاية الاثر.
6- في البحار:فالويل لمبغضكم.
7- البحار:325/36-325.

ابن بابويه قال:أخبرنا محمد بن عبد اللّه بن المطلب الشيباني،قال:حدّثنا أبو بكر محمد بن هارون الدينوري،قال:حدّثنا محمد بن العباس المصري قال:حدّثنا عبد اللّه بن إبراهيم الغفاري قال:حدّثنا حريز بن عبد اللّه الحذاء قال:حدّثنا إسماعيل ابن عبد اللّه قال:قال الحسين بن علي عليه السّلام:«لما أنزل اللّه تبارك و تعالى هذه الآية:

وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ (1) سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله عن تأويلها فقال:و اللّه ما يعني بها غيركم،و أنتم أولو الأرحام،فإذا مت فأبوك عليّ أولى بي و بمكاني،فإذا مضى أبوك فاخوك الحسن أولى به،فإذا مضى الحسن فأنت أولى به.

فقلت:يا رسول اللّه فمن بعدي؟

قال:ابنك من بعدك (2)فإذا مضى فابنه محمد أولى به من بعده،فإذا مضى محمد فابنه جعفر أولى به و بمكانه من بعده،فإذا مضى جعفر فابنه موسى أولى به من بعده،فإذا مضى موسى فابنه علي أولى به من بعده،فإذا مضى علي فابنه الحسن أولى به من بعده، فإذا مضى الحسن وقعت الغيبة في التاسع من ولدك،فهذه الأئمة التسعة من صلبك، أعطاهم اللّه علمي و فهمي،طينتهم من طينتي،ما لقوم يؤذونني فيهم؟لا أنالهم اللّه شفاعتي يوم القيامة» (3).

الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة:عن جماعة،عن أبي عبد اللّه الحسين بن علي بن سفيان البزوفري،عن علي بن سنان الموصلي العدل،عن علي بن الحسن (4)،عن أحمد ابن محمد بن الخليل،عن جعفر بن محمد المصري (5)عن عمه الحسن بن علي،عن أبيه،عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد،عن أبيه الباقر،عن أبيه ذي الثفنات سيد العابدين،عن أبيه الحسين الزكي الشهيد،عن أبيه أمير المؤمنين عليه السّلام قال:«قالد.

ص: 57


1- الاحزاب:6.
2- في البحار:ابنك علي أولى بك من بعدك.
3- رواه المجلسي في البحار:343/36-344 عن كفاية الاثر.
4- في بعض المصادر:الحسين.
5- في بعض المصادر:جعفر بن أحمد.

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله-في الليلة التي كانت فيها وفاته-لعلي عليه السّلام:يا أبا الحسن أحضر صحيفة و دواة فأملى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله وصيّته حتى انتهى إلى هذا الموضع فقال:يا علي إنه سيكون بعدي إثنا عشر إماما،و من بعدهم اثنا عشر مهديا فأنت يا علي أول الاثني عشر الإمام، سمّاك اللّه تعالى في سمائه عليا المرتضى،و أمير المؤمنين و الصديق الأكبر،و الفاروق الأعظم،و المأمون و المهدي،فلا تصلح هذه الأسماء لأحد غيرك،يا علي أنت وصيي على أهل بيتي حيهم و ميتهم،و على نسائي،فمن ثبّتها لقيتني غدا،و من طلقتها فأنا منها بريء و لم ترني،و لم أرها في عرصة القيامة و أنت خليفتي على أمتي من بعدي فإذا حضرتك الوفاة فسلّمها إلى ابني الحسن البر الوصول،فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابني الحسين الشهيد الزكي المقتول،فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه سيد العابدين ذي الثفنات علي،فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه محمد باقر العلم،فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه جعفر الصادق،فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه موسى الكاظم،فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه علي الرضا،فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد التقي (1)فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه علي الناصح،فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى إبنه الحسن الفاضل،فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى إبنه المستحفظ من آل محمد فذلك اثنا عشر إماما،ثم يكون من بعده اثنا عشر مهديا،فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى إبنه أول المقربين ثلاثة أسماء (2)إسم كاسمي و اسم أبي و هو عبد اللّه و أحمد و الاسم الثالث المهدي،هو أول المؤمنين» (3).

ابن بابويه قال:أخبرنا أبو عبد اللّه الحسين بن محمد بن سعيد بن علي الخزاعي قال:حدّثنا أبو عبد اللّه محمد بن أحمد الصفواني قال:حدّثنا أبو هاشم عمر بن1.

ص: 58


1- في بعض المصادر:محمد الثقة التقي.
2- في بعض المصادر:له ثلاثة اسام.
3- الغيبة ص 96-97،ط النجف الاشرف،و ذكره المجلسي في البحار:/36ص 260-261.

عبد اللّه المقري قال:حدّثنا أسد بن موسى (1)قال:حدّثنا عبد اللّه بن حكيم الهمداني عن أبي بكر الرهني (2)عن الحجاج بن أرطاة،عن عطية العوفي،عن أبي سعيد الخدري قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول للحسين بن علي:«أنت الإمام ابن الإمام و أخو الإمام تسعة من صلبك أئمة أبرار و التاسع قائمهم» (3).

ابن بابويه قال:أخبرنا محمد بن عبد اللّه الشيباني قال:حدّثنا محمد بن يعقوب الكليني قال:حدثني محمد بن يحيى العطار،عن سلمة بن الخطاب،عن محمد بن خالد الطيالسي،عن سيف بن عميرة،و صالح بن عقبة جميعا عن علقمة الحضرمي (4)،عن الصادق عليه السّلام قال:«الأئمة اثنا عشر»قلت (5):يابن رسول اللّه فسمهم لي فقال:«من الماضين علي بن أبي طالب و الحسن و الحسين و علي بن الحسين و محمد بن علي ثم أنا»،قلت:فمن بعدك يابن رسول اللّه؟

قال:«إني قد أوصيت إلى ابني موسى و هو الإمام بعدي»،قلت:فمن بعد موسى؟

قال:«علي إبنه يدعى الرضا يدفن في أرض الغربة من خراسان،ثم بعد علي إبنه محمد،ثم بعد محمد إبنه علي و بعد علي ابنه الحسن،و المهدي من ولد الحسن،ثم قال عليه السّلام:حدثني أبي عن أبيه عن جده،عن علي بن أبي طالب قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:

يا علي إن قائمنا إذا خرج تجتمع إليه ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا عدد رجال بدر فإذا حان وقت خروجه يكون له سيف مغمود يناديه السيف:قم يا ولي اللّه فاقتل أعداء اللّه» (6).

ابن بابويه قال:حدثني علي بن الحسين بن محمد بن مندة قال:حدّثنا محمد بن0.

ص: 59


1- في المخطوطة:إسماعيل بن موسى.
2- في البحار:الراهبي.
3- مناقب آل أبي طالب:295/1.كفاية الاثر ص 4-5،البحار:/36ص 291.
4- في كفاية الاثر:علقمة بن محمد الحضرمي.
5- في كفاية الاثر:قال:قلت:.
6- كفاية الاثر ص 36 ط ايران،البحار:409/36-410.

الحسين الكوفي المعروف بأبي الحكم قال:حدّثنا إسماعيل بن موسى بن إبراهيم قال:حدّثنا سليمان بن حبيب،قال:حدثني شريك،عن حكيم بن جبير،عن إبراهيم النخعي،عن علقمة بن قيس قال:خطبنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على منبر الكوفة خطبة اللؤلؤة،فقال فيما قال في آخرها:«ألا و إني ظاعن عنكم عن قريب، و منطلق إلى مغيب،فارتقبوا الفتنة الأموية و المملكة الكسروية،و إماتة ما أحياه اللّه، و إحياء ما أماته اللّه،و اتخذوا صوامعكم بيوتكم،و عضوا على مثل جمر الغضا (1)، و اذكروا اللّه كثيرا فذكره أكبر لو كنتم تعلمون.

ثم قال:و تبنى مدينة يقال لها الزوراء،بين دجلة و دجيل و الفرات،فلو رأيتموها مشيّدة بالجص و الآجر،مزخرفة بالذهب و الفضة،و اللازورد المستسقى و المرمر و الرخام و أبواب العاج و الآبنوس،و الخيم و القباب و الستارات،و قد عليت بالساج و العرعر و الصنوبر (2)و الشب،و شيدت بالقصور،و توالت عليها بنو الشيصبان (3)أربعة».

ص: 60


1- عضن عضا:أمسكنه باسنانه.الغضا:شجر من الاثل خشبه من أصلب الخشب و جمره يبقى زمنا طويلا لا ينطفي.
2- الساج:شجر عظيم صلب الخشب(معرب كاج).و العرعر:شجر يشبه السرو ينبت في الجبال. و الصنوبر:شجر رفيع العورق دائم الخضرة.
3- في الانصاف:ملوك بني الشيبان،و في البحار:ملوك بني الشيصبان. «الشيصبان اسم الشيطان،و انما عبر عنهم بذلك لأنهم كانوا شرك شيطان.و المشهور أن عدد خلفاء بني العباس كان سبعة و ثلاثين،و لعله عليه السّلام انما عد منهم من استقر ملكه و امتد،لا من تزلزل سلطانه و ذهب ملكه سريعا،كالامين و المنتصر و المستعين و المعتز و أمثالهم. و الكديد إما كناية عن المعتز فالمراد بسنيه أعوام عمره فإن عمره حين مات كان أربعا و عشرين سنة، فيكون ما ذكره عليه السّلام عند العد على خلال فالترتيب؛أو كناية عن المقتدر و يكون المراد بسنيه مدة خلافته و كانت أربعة و عشرين سنة و أحد عشر شهرا و ثمانية عشر يوما و كان ثامن عشرهم و في العد أيضا الكديد هو الثامن عشر و المتقي أيضا كانت مدّة خلافته أربعا و عشرين سنة و أشهرا،فيحتمل أن يكون اشارة إليه بناء على سقوط جماعة قبله لعدم تمكنهم كما مر.و في بعض النسخ«على عدد سني الملك»أي على عدد سني ملكهم و سلطنهم،أهملها و لم يذكرها،و في روايات هذه الخطبة اختلافات كثيرة».

و عشرون ملكا على عدد سني الملك (1)،فيهم السفاح و المقلاص و الجموع و الخدوع و المظفر و المؤنث و النظار و الكبش و المهتور و العيار و الصلعم و المستسغب و العلام و الرهبان و الخليع و السيار و المترف و الكديد و الاكتب و المسرف و الكلب و الوشمي و الصلام و الغسوق (2)،و تعمل القبة الغبراء ذات الفلاة الحمراء،و في عقبتها قائم الحق يسفر عن وجهه بين أجنحته الأقاليم كالقمر (3)المضيء بين الكواكب الدرية،ألا و ان لخروجه علامات عشرة أولها:طلوع الكوكب ذي الذنب،و يقارب من الجاري،و يقع فيه هرج و مرج و شغب،و تلك علامات الخصب،و من علامة إلى علامة عجب،فإذا انقضت العلامات العشرة إذ ذاك يظهر منا القمر الأزهر و تمت كلمة الاخلاص للّه على التوحيد».

فقال له رجل يقال له عامر بن كثير:يا أمير المؤمنين لقد أخبرتنا عن أئمة الكفر و خلفاء الباطل فأخبرنا عن أئمة الحق و ألسنة الصدق بعدك،قال:«نعم لعهد عهده إلي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله إن هذا الأمر يملكه إثنا عشر إماما تسعة من صلب الحسين و قد قال النبي صلّى اللّه عليه و اله:لما عرج بي إلى السماء نظرت إلى ساق العرش فإذا مكتوب فيه لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه أيدته بعلي و نصرته بعلي،و رأيت اثني عشر نورا فقلت:يا رب انوار من هذه؟فنوديت يا محمد هذه أنوار الأئمة من ذريتك فقلت:يا رسول اللّه أ فلا تسميهم لي؟

فقال:نعم أنت الإمام و الخليفة بعدي،تقضي ديني،و تنجز عداتي،و بعدك ابناك الحسن و الحسين،و بعد الحسين ابنه علي بن الحسين زين العابدين،و بعد علي ابنه محمد يدعى بالباقر،و بعد محمد ابنه جعفر يدعى بالصادق و بعد جعفر ابنه موسىء.

ص: 61


1- في كفاية الاثر:على عدد سني الملك الكديد،و في البحار:على عدد سني الكديد.
2- في الانصاف:و المهتور و العثار و المضطلم و المستصعب و العلام و الرهبان و الخليع و السيار و المترف و الكديد و الاكبت و المثرب و الاكلب و الوثيم و الظلام و العينوق.
3- في الانصاف:يسفر عن وجهه بين الاقاليم كالقمر.و أسفر الصبح:أي أضاء.

يدعى بالكاظم،و بعد موسى ابنه علي يدعى بالرضا،و بعد علي ابنه محمد يدعى بالزكي،و بعد محمد ابنه علي و يدعى بالتقي و بعد علي ابنه الحسن يدعي بالامين القائم من ولد الحسين سميي و أشبه الناس بي،يملأها قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما».

قال الرجل:يا أمير المؤمنين فما بال قوم و عوا ذلك من رسول اللّه ثم دفعوكم عن هذا الأمر و انتم الاعلون نسبا بالنبي صلّى اللّه عليه و اله و فهما بالكتاب و السنة؟

قال:«أرادوا قلع أوتاد الحرم،و هتك سور أشهر الحرم من بطون البطون و نور نواظر العيون،بالظنون الكاذبة،و الأعمال البائرة،بالاعوان الجائرة،في البلدان المظلمة، و البهتان المهلكة،بالقلوب الجريّة فراموا هتك الستور الزكية،و كسرانية التقية (1)و مشكاة يعرفها الجميع،عين الزجاجة و مشكاة المصباح و سبل الرشاد،و خيرة الواحد القهار،حملة بطون القرآن،فالويل لهم من طمطام النار،و من رب كريم متعال،بئس القوم من خفضني و حاولوا الإدهان في دين اللّه،فإن يرفع عنا محن البلوى حملناهم من الحق على محضه،و إن يكن الاخرى فلا تأس على القوم الفاسقين» (2).

ابن بابويه قال:أخبرنا القاضي أبو الفرج المعافي بن زكريا البغدادي قال:حدّثنا أبو سليمان (3)أحمد بن أبي هراسة قال:حدّثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي،عن عبد اللّه ابن حماد الأنصاري قال:حدّثنا إسماعيل بن أبي أويس،عن أبيه،عن عبد الحميد الأعرج،عن عطاء قال:دخلنا على عبد اللّه بن عباس و هو عليل بالطائف و قد ضعف (4)فسلمنا عليه و جلسنا،فقال لي:يا عطاء من القوم؟وخ

ص: 62


1- في البحار:و كسرانية اللّه النقية.
2- رواه السيد البحراني في كتابه الانصاف ص 232-237-ط ايران 1386 ه عن النصوص على الأئمة الاثني عشر لابن بابويه،و رواه الشيخ الخزاز القمي في كفاية الاثر ص 28-29 ط ايران،و عنه الشيخ المجلسي في البحار:354/36-356.و قال بعد ذكر الحديث.
3- في كفاية الاثر:أبو سليمان.
4- في كفاية الاثر،و البحار:بالطائف-في العلة التي توفي فيها و نحن زهاء ثلاثين رجلا من شيوخ الطائف-و قد ضعف...

فقلت:يا سيدي هم شيوخ هذا البلد،منهم:عبد اللّه بن سلمة بن حضرم الطائفي، و عمارة بن الأجلح،و ثابت بن مالك،فما زلت أذكر له واحدا بعد واحد ثم تقدّموا إليه و قالوا:يابن عم رسول اللّه إنك رأيت رسول اللّه و سمعت منه ما سمعت،فأخبرنا عن اختلاف هذه الأمة فقوم قدّموا عليا على غيره و قوم جعلوه بعد ثلاثة؟

قال:فتنفس ابن عباس فقال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول:«علي مع الحق و الحق مع علي (1)و هو الإمام و الخليفة بعدي،فمن تمسك به فاز و نجا،و من تخلف عنه ضل و غوى،يلي تكفيني و غسلي،و يقضي ديني،و أبو سبطي الحسن و الحسين،و من صلب الحسين تخرج الأئمة التسعة،و منا (2)مهدي هذه الأمة».

فقال له عبد اللّه بن سلمة الحضرمي:يابن عم رسول اللّه فهلا كنت تعرفنا قبل؟

فقال:و اللّه قد اديت ما سمعت و نصحت لكم و لكن لا تحبون الناصحين،ثم قال:

إتقوا اللّه عباد اللّه تقية من اعتبر تمهيدا،و بقي في و جل (3)و كمش في مهل (4)،و رغب في طلب،و هرب في هرب.فاعملوا لآخرتكم قبل حلول آجالكم،و تمسّكوا بالعروة الوثقى من عترة نبيكم،فإني سمعته يقول:«من تمسك بعترتي من بعدي كان من الفائزين».

ثم بكى بكاء شديدا فقال له القوم:أ تبكي و مكانك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله مكانك؟

فقال لي:يا عطاء إنما أبكي لخصلتين:هول المطلع و فراق الأحبة؛ثم تفرق القوم فقال:يا عطاء خذ بيدي و احملني إلى صحن الدار،فأخذنا بيده أنا و سعيد و حملناه إلى صحن الدار ثم رفع يديه إلى السماء و قال:اللهم إني أتقرب إليك بمحمد و آل محمد،اللهم إني أتقرب إليك بولاية الشيخ علي بن أبي طالب.ر.

ص: 63


1- في كفاية الاثر:و الحق معه.
2- في المخطوطة:و منها.
3- في كفاية الاثر:و اتقى في وجل.و الوجل:الخوف.
4- أي أسرع في الخير.

فما زال يكررها حتى وقع على الأرض فصبرنا عليه ساعة (1)ثم أقمناه فإذا هو ميت رحمة اللّه عليه (2).

ابن بابويه قال:حدّثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي اللّه عنه قال:أخبرنا محمد بن محمد (3)الهمداني قال:حدّثنا محمد بن هشام قال:حدّثنا علي بن الحسن السائح قال:سمعت الحسن بن علي العسكري يقول:حدثني أبي عن أبيه،عن جده عليهم السّلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله لعلي بن أبي طالب:يا علي لا يحبك إلا من طابت ولادته،و لا يبغضك إلا من خبثت ولادته،و لا يواليك إلا مؤمن و لا يعاديك إلا كافر».

فقام إليه عبد اللّه بن مسعود فقال:يا رسول اللّه قد عرفنا علامة خبث الولادة و الكافر في حياتك ببغض علي و عداوته،فما علامة خبث الولادة و الكافر بعدك إذا أظهر الإسلام بلسانه و أخفى مكنون سريرته؟

فقال صلّى اللّه عليه و اله:«يابن مسعود علي بن أبي طالب إمامكم بعدي و خليفتي عليكم،فإذا مضى فابني الحسن إمامكم بعده و خليفتي عليكم،فإذا مضى فابني الحسين إمامكم بعده و خليفتي عليكم ثم تسعة من ولد الحسين واحد بعد واحد أئمتكم و خلفائي عليكم،تاسعهم قائم أمتي،يملأها قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما؛لا يحبهم إلا من طابت ولادته و لا يبغضهم إلا من خبثت ولادته،و لا يواليهم إلا مؤمن،و لا يعاديهم إلا كافر،و من أنكر واحدا منهم فقد أنكرني،و من أنكرني فقد أنكر اللّه عز و جل،و من جحد واحدا منهم فقد جحدني و من جحدني فقد جحد اللّه عز و جل،لأن طاعتهم طاعتي و طاعتي طاعة اللّه،و معصيتهم معصيتي و معصيتي معصية اللّه عز و جل،يابن مسعود إياك أن تجد في نفسك حرجا مما قضي (4)فتكفر بعزة ربي،و ما أنا متكلف و لاى.

ص: 64


1- في المخطوطة:فمر بنا عليه ساعة.
2- رواه الخزاز في كفاية الاثر ص 3-4،و المجلسي في البحار 287/36-288.
3- في كمال الدين:أحمد بن محمد.
4- في كمال الدين:أقضى.

ناطق (1)عن الهوى في عليّ و الأئمة من ولده،ثم قال صلّى اللّه عليه و اله:-و هو رافع يديه إلى السماء- اللهم وال من والى خلفائي،و أئمة أمتي بعدي،و عاد من عاداهم،و انصر من نصرهم و اخذل من خذلهم،و لا تخل الأرض من قائم منهم بحجتك ظاهرا أو خافيا مغمورا لئلا يبطل دينك و حجتك و برهانك (2)ثم قال عليه السّلام:يابن مسعود قد جمعت لكم في مقامي هذا ما إن فارقتموه هلكتم،و إن تمسكتم به نجوتم،و السلام على من اتبع الهدى» (3).

ابن بابويه قال:حدّثنا أبو الحسن أحمد بن ثابت الدواليبي بمدينة السلام قال:

حدّثنا محمد بن علي بن عبد الصمد الكوفي (4)قال:حدّثنا علي بن عاصم،عن محمد ابن علي بن موسى،عن أبيه علي بن موسى بن جعفر،عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر ابن محمد،عن أبيه محمد بن علي،عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عليهم السّلام قال:«دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و عنده ابي بن كعب فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:مرحبا بك يا أبا عبد اللّه يا زين السماوات و الأرض،فقال له ابي:و كيف يكون يا رسول اللّه زين السماوات و الأرض أحد غيرك؟

فقال له يا ابي و الذي بعثني بالحق نبيا إن الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الأرض فإنه مكتوب عن يمين العرش مصباح هاد و سفينة نجاة و إمام غير وهن و عز و فخر،و بحر علم،ألا يكون (5)كذلك؟و إن اللّه عز و جل ركب في صلبه نطفة طيبة مباركة زكية خلقت من قبل أن يكون مخلوق في الأرحام أو يجري ماء في الأصلاب،أو يكون ليل أو نهار و لقد لقن دعوات ما يدعو بهن مخلوق إلا حشره اللّه عز و جل معه و كان شفيعه في آخرته،و فرج اللّه عنه كربه،و قضى به دينه،و يسر أمره،و أوضح سبيله،و قوّاه على عدوه،و لم يهتك ستره»،فقال أبي:و ما هذه الدعوات يا رسول اللّه؟ك.

ص: 65


1- في كمال الدين:فتكفر،فوعزة ربي ما أنا متكلف و لا ناطق.
2- في كمال الدين:و برهانك و بيناتك.
3- كمال الدين:261/1-262،البحار:246/36-247.
4- في كمال الدين:حدّثنا محمد بن الفضل النحوي قال:حدّثنا محمد بن علي بن عبد الصمد.
5- في كمال الدين:و بحر علم و ذخر فلم لا يكون كذلك.

قال:«إذا فرغت من صلاتك و أنت قاعد:اللهم إني أسألك بملكك و معاقد عزك و سكان سماواتك (1)و أنبيائك و رسلك قد رهقني (2)من أمري عسر،فأسألك أن تصلي على محمد و آل محمد و أن تجعل لي من عسري يسرا،فإن اللّه عز و جل يسهل أمرك و يشرح صدرك (3)و يلقنك شهادة أن لا إله إلا اللّه عند خروج نفسك».

قال له ابي بن كعب:يا رسول اللّه فما هذه النطفة التي في صلب الحسين (4)؟

قال:«مثل هذه النطفة كمثل القمر و هي نطفة تبيين و بيان،يكون من اتبعه رشيدا و من ضل عنه غويا».

قال:فما اسمه و ما دعاؤه؟

قال:«اسمه علي و دعاؤه:يا دائم يا ديموم،يا حي يا قيوم،يا كاشف الغم،و يا فارج الهم،و يا باعث الرسل،و يا صادق الوعد،من دعى بهذا الدعاء حشره اللّه عز و جل مع علي بن الحسين عليه السّلام و كان قائده إلى الجنة».

قال له ابي:يا رسول اللّه فهل له من خلف و وصي (5)؟

قال:«نعم له مواريث السماوات و الأرض».

قال:فما معنى مواريث السماوات و الأرض يا رسول اللّه؟

قال:«القضاء بالحق،و الحكم بالديانة،و تأويل الأحكام (6)،و بيان ما يكون».

قال:فما اسمه؟

قال:«اسمه محمد و إن الملائكة تستأنس به في السماوات و الأرض،و يقول في دعائه:اللهم إن كان لي عندك رضوان و ودّ فاغفر لي و لمن اتبعني من إخواني و شيعتيم.

ص: 66


1- في كمال الدين:أسألك بكلماتك و معاقد عرشك و سكان سماواتك و أرضك.
2- في كمال الدين:أن تستجيب لي فقد رهقني.
3- في كمال الدين:و يشرح لك صدرك.
4- في كمال الدين:في صلب حبيبي الحسين.
5- في كمال الدين:أو وصي.
6- في كمال الدين:تأويل الاحلام.

و طيّب ما في صلبي،فركّب اللّه في صلبه نطفة مباركة (1)زكية فأخبرني (2)أن اللّه عز و جل طيب هذه النطفة و سمّاها عنده جعفرا،و جعله هاديا مهديا،و راضيا مرضيا،يدعو ربه فيقول في دعائه:يا ديّان غير متوان يا أرحم الراحمين اجعل لشيعتي من النار وقاء و لهم عندك رضى،فاغفر لهم ذنوبهم،و يسر امورهم و اقض ديونهم،و استر عوراتهم،و اغفر لهم الكبائر (3)التي بينك و بينهم،يا من لا يخاف الضيم و لا تأخذه سنة و لا نوم،اجعل لي من الغم فرجا (4)و من دعى بهذا الدعاء حشره اللّه عنده أبيض الوجه مع جعفر بن محمد إلى الجنة.

يا ابي و إن اللّه تبارك و تعالى ركب على هذه النطفة نطفة زكية مباركة طيبة أنزل عليها الرحمة و سمّاها عنده موسى و جعله إماما».

قال له ابي:يا رسول اللّه كلهم يتواصفون و يتناسلون و يتوارثون و يصف بعضهم بعضا؟

قال:«وصفهم لي جبرائيل عليه السّلام عن رب العالمين جل جلاله».

فقال:فهل لموسى دعوة يدعو بها سوى دعاء آبائه؟

قال:«نعم يقول في دعائه:يا خالق الخلق،و يا باسط الرزق،و يا فالق الحب و النوى، و يا بارئ النسم و محيي الموتى و مميت الاحياء،و دائم الثبات،و مخرج النبات،إفعل بي ما أنت أهله.من دعى بهذا الدعاء قضى اللّه عز و جل حوائجه و حشره يوم القيامة مع موسى بن جعفر،و إن اللّه ركب في صلبه نطفة طيبة زكية مرضية و سمّاها عنده عليا،و كان اللّه عز و جل في خلقه رضيا في علمه و حلمه و حكمه،و جعله حجة لشيعته يحتجون به يوم القيامة،و له دعاء يدعو به:اللهم أعطني الهدى،و ثبتني عليه،و احشرني عليه آمناا.

ص: 67


1- في كمال الدين:مباركة طيبة.
2- في كمال الدين:فأخبرني جبرائيل عليه السّلام.
3- في كمال الدين:وهب لهم الكبائر.
4- في كمال الدين:من كل هم و غم فرجا.

أمن من لا خوف عليهم و لا هم يحزنون و لا جزع (1)إنك أهل التقوى و أهل المغفرة،و إن اللّه عز و جل ركب في صلبه نطفة مباركة زكية (2)مرضية و سمّاها عنده محمد بن علي، فهو شفيع شيعته و وارث علم جده،له علامة بينّة،و حجة ظاهرة إذا ولد يقول:لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و يقول في دعائه:يا من لا شبيه له و لا مثال،أنت اللّه لا إله إلا أنت،و لا خالق إلا أنت تفني المخلوقين و تبقى أنت،حلمت عمن عصاك،و في المغفرة رضاك.

من دعى بهذا الدعاء كان محمد بن علي شفيعه يوم القيامة،و إن اللّه تبارك و تعالى ركب في صلبه نطفة زكية نائرة مباركة طيبة طاهرة سمّاها عنده علي بن محمد فألبسه السكينة و الوقار،و أودعه العلوم (3)و كل شيء مكتوم،من لقيه و في صدره شيء أنبأه به، و حذره من عدوه،و يقول في دعائه:يا نور يا برهان يا منير يا مبين يا رب أكفني شر الشرور و آفات الدهور و أسألك النجاة يوم ينفخ في الصور.من دعى بهذا الدعاء كان علي بن محمد شفيعه و قائده إلى الجنة.

و إن اللّه تبارك و تعالى ركّب في صلبه نطفة و سماها عنده الحسن بن علي فجعله نورا في بلاده،و خليفة في أرضه،و عزا لامته،و هاديا لشيعته،و شفيعا لهم عند ربهم،و نقمة على من خالفه و حجة لمن والاه،و برهانا لمن اتخذه إماما.يقول في دعائه:يا عزيز العز في عزه أعزني (4)بعزك،و أيدني بنصرك،و أبعد عني همزات الشياطين،و ادفع عني بدفعك و امنع عني بمنعك،و اجعلني من خيار خلقك،يا واحد يا أحد،يا فرد يا صمد.

من دعى بهذا الدعاء حشره اللّه-عز و جل-معه،و له نجاة من النار (5)و لو وجبت عليه.ر.

ص: 68


1- في المخطوطة:و كمال الدين:أمن من لا خوف عليه و لا حزن و لا جزع.
2- في كمال الدين:مباركة طيبة زكية.
3- في كمال الدين:ركب في صلبه نطفة لا باغية و لا طاغية،بارة مباركة طيبة طاهرة سماها عنده عليا،فألبسها السكينة و الوقار،و أودعها العلوم و الاسرار.
4- في كمال الدين:يا عزيز اعزني بعزك.
5- في كمال الدين:و نجاه من النار.

و إن اللّه عز و جل ركّب في صلب الحسن نطفة مباركة زكية طيبة طاهرة مطهرة،يرضى بها كل مؤمن ممّن أخذ اللّه ميثاقه في ولايته (1)،و يكفر بها كل جاحد،فهو إمام نقي تقي بار مرضي هاد مهدي،أول العدل و آخره.يصدق اللّه عز و جل و يصدقه اللّه عز و جل في قوله،يخرج من تهامة حين تظهر الدلائل و العلامات و له بالطالقان كنوز لا ذهب و لا فضة إلا خيول مطهمة (2)،و رجال مسومة (3)يجمع اللّه عز و جل له من أقاصي البلاد على عدد أهل بدر ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا معه صحيفة مختومة فيها عدد أصحابه بأسمائهم و أنسابهم و بلدانهم و صنائعهم و كلامهم و كناهم،كرارون،مجدون في طاعته».

فقال له ابي:و ما دلائله و ما علاماته يا رسول اللّه؟

قال:«له علم إذا حان وقت خروجه إنتشر ذلك العلم فقال:اخرج يا ولي (4)اللّه فلا يحل لك أن تقعد عن أعداء اللّه فيخرج و يقتل أعداء اللّه حيث ينتقم (5)و يقيم حدود اللّه و يحكم بحكم اللّه،فيخرج جبرائيل عن يمينه و ميكائيل عن يساره و شعيب بن صالح على مقدمته،فستذكرون ما أقول لكم و افوض أمري إلى اللّه عز و جل و لو بعد حين.

يا ابي طوبى لمن قال به (6)،ينجيهم اللّه من الهلكة بالاقرار به و برسول اللّه و بجميع الأئمة،يفتح لهم الجنة،مثلهم في الأرض كمثل المسك يسطع ريحه فلا يتغير أبدا، و مثلهم في السماء كمثل القمر المنير الذي لا يطفأ نوره أبدا».ه.

ص: 69


1- في كمال الدين:أخذ ميثاقه في الولاية.
2- المطهم:التام البارع الجمال من كل شيء؟و منه«جواد مطهم»أي تام الحسن.
3- المسموم:الحسن الخلق،المعلم بعلامة يعرف بها.
4- في كمال الدين:له علم إذا حان وقت خروجه انتشر ذلك العلم من نفسه و أنطقه اللّه تبارك و تعالى فناداه العلم اخرج يا ولي اللّه فاقتل أعداء اللّه،و له رايتان و علامتان،و له سيف مغمد،فإذا حان وقت خروجه اقتلع ذلك السيف من غمده،و أنطقه اللّه عز و جل فناداه السيف اخرج يا ولي اللّه.
5- في كمال الدين:حيث ثقفهم.(و ثقفهم:أي ظفر بهم أو أدركهم).
6- في كمال الدين:يا أبي طوبى لمن لقيه،و طوبى لمن أحبه،و طوبى لمن قال به.

قال ابي:يا رسول اللّه كيف بيان هؤلاء الأئمة (1)عن اللّه عز و جل؟

قال:«إن اللّه تبارك و تعالى أنزل عليّ اثني عشر خاتما،و اثنتي عشر صحيفة اسم كل إمام على خاتمه و صفته في صحيفته» (2).

ابن بابويه قال:حدّثنا الحسين بن علي،قال:حدّثنا هارون بن موسى،قال:

حدّثنا محمد بن إسماعيل الفزاري،قال:حدّثنا عبد اللّه بن صالح كاتب الليث،قال:

حدّثنا رشيد بن سعد (3)قال:حدّثنا أبو يوسف الحسين بن يوسف الأنصاري-من بني الخزرج-عن سهل بن سعد الأنصاري،قال:سألت فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله عن الأئمة فقالت:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول لعلي:يا علي أنت الإمام و الخليفة بعدي، و أنت أولى بالمؤمنين من أنفسهم،فإذا مضيت فابنك الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم،فإذا مضى الحسن فالحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم،فإذا مضى الحسين فابنه علي بن الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم،فإذا مضى علي فابنه محمد أولى بالمؤمنين من أنفسهم،فإذا مضى محمد فابنه جعفر أولى بالمؤمنين من أنفسهم،فإذا مضى جعفر فابنه موسى أولى بالمؤمنين من أنفسهم،فإذا مضى موسى فابنه علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم،فإذا مضى على فابنه محمد أولى بالمؤمنين من أنفسهم،فإذا مضى محمد فابنه علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم،فإذا مضى علي فابنه الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم،فإذا مضى الحسن فابنه القائم المهدي أولى بالمؤمنين من أنفسهم يفتح اللّه به مشارق الأرض و مغاربها» (4).

ابن بابويه قال:حدّثنا الحسن بن علي قال:حدّثنا هارون بن موسى قال:أخبرنا محمد بن الحسن الصفار،عن يعقوب بن يزيد،عن محمد بن أبي عمير،عن».

ص: 70


1- في كمال الدين:كيف حال هؤلاء الأئمة.
2- كمال الدين:264/1-269،عيون الاخبار:48/1-52،البحار:204/36-209.
3- في البحار:رشد بن سعد.
4- كفاية الاثر ص 313،البحار:351/36-352،و آخر الحديث فيها:«يفتح اللّه به مشارق الأرض و مغاربها،فهم أئمة الحق،و ألسنة الصدق،منصور من نصرهم،مخذول من خذلهم».

هشام (1)قال:كنت عند الصادق جعفر بن محمد عليه السّلام إذ دخل عليه معاوية بن وهب و عبد الملك بن أعين،فقال له معاوية بن وهب:يابن رسول اللّه ما تقول في الخبر الذي روي أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله رأى ربه،على أي صورة رآه؟و عن الحديث الذي رووه أن المؤمنين يرون ربهم في الجنة؟على أي صورة يرونه؟

فتبسم عليه السّلام ثم قال:«يا معاوية ما أقبح بالرجل يأتي عليه سبعون سنة أو ثمانون سنة يعيش في ملك اللّه و يأكل من نعمة اللّه (2).ثم لا يعرف اللّه حق معرفته!».

ثم قال عليه السّلام:«يا معاوية إن محمدا صلّى اللّه عليه و اله لم ير الرب تبارك و تعالى بمشاهدة العيان،و إن الرؤية على وجهين رؤية القلب و رؤية البصر،فمن عنى برؤية القلب فهو مصيب،و من عنى برؤية البصر فقد كفر و كذب باللّه و آياته،لقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:من شبه اللّه بخلقه فقد كفر.و لقد حدثني أبي،عن أبيه،عن الحسين بن علي قال:سئل أمير المؤمنين عليه السّلام فقيل (3):يا أخا رسول اللّه هل رأيت ربك؟

فقال:كيف أعبد من لم أره،لم تره العيون بمشاهدة العيان،و لكن رأته القلوب بحقائق الإيمان» (4).

و إذا كان المؤمن يرى ربه بمشاهدة البصر فإن كل من جاز عليه البصر و الرؤية فهو مخلوق،و لا بد للمخلوق من خالق،فقد جعلته إذا محدثا مخلوقا و من شبهه بخلقه فقد اتخذ مع اللّه شريكا،ويلهم (5)ألم يسمعوا قول اللّه تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (6)و قوله لموسى: لَنْ تَرانِي وَ لكِنِ3.

ص: 71


1- في البحار:عن هشام بن سالم.
2- في الانصاف:و يأكل من نعمه.
3- في الانصاف و البحار:فقيل له.
4- راجع لفظ الحديث في اصول الكافي:95/1،التوحيد ص 109 و 309،البحار:27/4 و 304.
5- في الانصاف:ويل لهم،و في البحار:ويلهم أو لم يسمعوا.
6- الانعام 103/3.

اُنْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمّا تَجَلّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا و إنما طلع من نوره على الجبل كضوء يخرج من سم الخياط فدكدكت الأرض وضعضعت الجبال وَ خَرَّ مُوسى صَعِقاً أي ميتا،فلما أفاق و ردّ عليه روحه قال:

سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ من قول من زعم أنك ترى و رجعت إلى معرفتي بك أن الأبصار لا تدركك وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (1)و أول المقرين بأنك ترى و لا ترى و أنت بالمنظر الأعلى.

ثم قال عليه السّلام:«إن أفضل الفرائض و أوجبها على الانسان معرفة الرب و الاقرار له بالعبودية،و حدّ المعرفة (2)أن يعرف أن لا إله غيره و لا شبيه له و لا نظير له،و أن يعرف إنه قديم مثبت،موجود غير فقيد موصوف من غير شبيه له و لا نظير له و لا مثيل،ليس كمثله شيء و هو السميع البصير؛و بعده معرفة الرسول و الشهادة له بالنبوة،و أدنى معرفة الرسول الاقرار بنبوته،و أن ما أتى به من كتاب أو أمر أو نهي فذلك عن اللّه عز و جل؛و بعده معرفة الإمام الذي قام بنعته (3)و صفته و اسمه في حال اليسر و العسر، و أدنى معرفة الإمام أنه عدل (4)النبي إلا درجة النبوة و وارثه،و أن طاعته طاعة اللّه و طاعة رسول اللّه،و التسليم له في كل أمر،و الردّ إليه،و الأخذ بقوله،و يعلم أن الإمام بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله علي بن أبي طالب،و بعده الحسن،ثم الحسين،ثم علي بن الحسين،ثم محمد بن علي،ثم أنا،ثم بعدي موسى ابني،ثم بعده علي إبنه،و بعد علي محمد ابنه،و بعد محمد علي إبنه،و بعد علي الحسن إبنه،و الحجة من ولد الحسن.

ثم قال:يا معاوية جعلت لك في هذا أصلا فاعمل عليه،فلو كنت تموت على ما كنت عليه لكان حالك أسوأ الأحوال،فلا يغرنك قول من زعم أن اللّه يرى بالبصر،و قد قالوال.

ص: 72


1- الاعراف:143.
2- في الانصاف:أن يقر.
3- في البحار:الإمام الذي به يأتم بنعته.
4- العدل:النظير و المثل.

أعجب من هذا،أو لم ينسبوا أبي آدم إلى المكروه،أو لم ينسبوا إبراهيم إلى ما نسبوه؟ أو لم ينسبوا داود عليه السّلام إلى ما نسبوه من حديث الطير؟أو لم ينسبوا يوسف الصديق إلى ما نسبوه من حديث زليخا؟أو لم ينسبوا موسى عليه السّلام إلى ما نسبوه من القتل؟أو لم ينسبوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله إلى ما نسبوه من حديث زيد؟أو لم ينسبوا علي بن أبي طالب إلى ما نسبوه من حديث القطيفة؟إنهم أرادوا بذلك توبيخ الإسلام ليرجعوا على أعقابهم، أعمى اللّه أبصارهم،كما أعمى قلوبهم،تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا» (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا علي بن الحسن (2)قال:حدّثنا أبو محمد هارون بن موسى قال:حدثني محمد بن همام قال:حدثني عبد اللّه بن جعفر الحميري قال:حدثني عمر ابن علي العبدي،عن داود بن كثير الرقي،عن يونس بن ظبيان قال:دخلت على الصادق جعفر بن محمد عليه السّلام فقلت:يابن رسول اللّه إنّي دخلت على مالك و أصحابه فسمعت بعضهم (3)يقول:إن اللّه وجها كالوجوه،و بعضهم يقول:له يدان و احتجّوا في ذلك بقوله تعالى: قالَ:يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ*أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ (4)و بعضهم يقول هو كالشاب من أبناء ثلاثين سنة!فما عندك في هذا يابن رسول اللّه؟-و كان متّكئا فاستوى جالسا-فقال:«اللهم عفوك عفوك»ثم قال:«يا يونس من زعم أن اللّه وجها كالوجوه فقد أشرك،و من زعم أن للّه جوارح كجوارح المخلوقين فهو كافر باللّه فلا تقبلوا شهادته و لا تأكلوا ذبيحته،تعالى اللّه عما يصفه المشبهون بصفة المخلوقين،فوجه اللّه أنبياؤه و أولياؤه،و قوله: خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ فاليد القدرة كقوله: وَ أَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ (5)فمن زعم أن اللّه في شيء،أو6.

ص: 73


1- الانصاف ص 313-316 عن النصوص على الأئمة الاثني عشر لابن قولويه،كفاية الاثر للخزاز ص 35،البحار:54/4-55،و ج 406/36-408.
2- في البحار:علي بن الحسين،و في الانصاف:محمد بن علي بن علي بن الحسين.
3- في البحار:دخلت على مالك و أصحابه و عنده جماعة يتكلمون في اللّه فسمعت.
4- ص:75.
5- الانفال:26.

على شيء،أو يحول من شيء إلى شيء،أو يخلو منه شيء أو يشتغل (1)به شيء فقد وصفه بصفة المخلوقين،و اللّه خالق كلّ شيء،لا يقاس بالمقياس (2)،و لا يشبه بالناس، و لا يخلو منه مكان (3)قريب في بعده،بعيد في قربه،ذلك اللّه ربنا لا إله غيره،فمن أراد اللّه و أحبه بهذه الصفة فهو من الموحدين،و من أحبه بغير هذه الصفة فاللّه منه بريء و نحن منه براء.

ثم قال عليه السّلام:إن اولي الألباب الذين عملوا بالفكرة حتى ورثوا منه حبّ اللّه فإن حب اللّه إذا ورثته القلوب استضاء به و أسرع إليه (4)اللّطف،فإذا نزل منزلة اللطف صار من أهل الفوائد،فإذا صار من أهل الفوائد تكلّم بالحكمة،فإذا تكلم بالحكمة صار صاحب فطنة،فإذا نزل منزلة الفطنة عمل بها في القدرة (5)فإذا عمل بها في الاطباق السبعة (6)فإذا بلغ هذه المنزلة يتقلّب في لطف (7)و حكمة و بيان،فإذا بلغ هذه المنزلة جعل شهوته و محبّته في خالقه،فإذا فعل ذلك نزل المنزلة الكبرى،فعاين ربه في قلبه،و ورث الحكمة بغير ما ورثه الحكماء.و ورث العلم بغير ما ورث العلماء،و ورث الصدق بغير ما ورثه الصديقون،إن الحكماء ورثوا الحكمة بالصمت و إن العلماء ورثوا العلم بالطلب،و إن الصديقين ورثوا الصدق بالخشوع و طول العبادة،فمن أخذ بهذه السيرة إما أن يسفل و إما أن يرفع،و أكثرهم الذي يسفل و لا يرفع،فإذا لم يرع حق اللّه،و لم يعمل بما امر به فهذه صفة من لم يعرف اللّه حق معرفته،و لم يحبه حق محبّته،فلا يغرنّك صلاتهم و صيامهم،و رواياتهم و علومهم،فإنهم حمر مستنفرة.ف.

ص: 74


1- في البحار:يشغل.
2- في البحار:لا يقاس بالقياس.
3- في البحار و الانصاف:و لا يخلو منه مكان،و لا يشغل به مكان.
4- في البحار:ورثه القلب و استضاء به أسرع إليه.
5- في الانصاف و البحار:عمل في القدرة.
6- في البحار:فإذا عمل في القدرة عرف الاطباق السبعة،و في الانصاف:عمل في الاطباق السبعة.
7- في البحار:صار يتقلب في فكره بلطف.

ثم قال:يا يونس إذا أردت العلم الصحيح فعندنا أهل البيت،فانّا ورثناه و اوتينا شرح الحكمة،و فصل الخطاب»،فقلت:يابن رسول اللّه أكلّ (1)من كان من أهل البيت ورث ما ورثتم؟من كان من ولد علي و فاطمة عليهما السّلام؟

فقال:«ما ورثه إلا الأئمّة الاثنا عشر»،فقلت:سمهم (2)يابن رسول اللّه؟

فقال:«أوّلهم علي بن أبي طالب،و بعده الحسن و الحسين،و بعده علي بن الحسين، و بعده محمد بن علي الباقر ثم أنا،و بعدي موسى ولدي،و بعد موسى علي إبنه،و بعد علي محمد إبنه،و بعد محمد علي إبنه و بعد علي الحسن إبنه،و بعد الحسن الحجّة صلوات اللّه عليهم إصطفانا اللّه و طهّرنا و آتانا ما لم يؤت أحدا من العالمين».

ثم قلت:يابن رسول اللّه إن عبد اللّه بن مسعود (3)دخل عليك بالأمس فسألك عما سألتك فأجبته بخلاف هذا،فقال:«يا يونس كل امريء و ما يحتمله،و لكل وقت حديثه، و إنك لأهل لما سألت فاكتمه إلا عن أهله» (4).

ابن بابويه قال:أخبرنا أبو عبد اللّه بن محمد بن عبد اللّه قال:حدّثنا أبو طالب عبد اللّه (5)بن أحمد بن يعقوب بن نضر الأنباري قال:حدّثنا أحمد بن محمد بن مسروق قال:حدّثنا عبد اللّه بن شعيب (6)قال:حدّثنا محمد بن زياد التميمي (7)قال:

حدّثنا سفيان بن عيينة قال:حدّثنا عمران بن داود قال:حدّثنا محمد بن الحنفية قال:

قال أمير المؤمنين عليه السّلام:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول:«قال اللّه تبارك و تعالى:لاعذبني.

ص: 75


1- في الانصاف،و البحار:و كل.
2- في البحار:سمهم لي.
3- في كفاية الاثر،و البحار:عبد اللّه بن سعد.
4- الانصاف ص 330-334 عن النصوص على الأئمة الاثني عشر لابن قولويه،كفاية الاثر ص 34،البحار:403/36-405.
5- في البحار:عبيد اللّه.
6- في البحار:عبد اللّه بن شبيب.
7- في كفاية الاثر،و البحار:محمد بن زياد السهمي.

كل رعية دانت (1)بطاعة إمام ليس مني و إن كانت الرعية في نفسها برة،و لأرحمن كل رعية دانت بامام عادل مني و إن كانت الرعية في نفسها غير برة و لا نقية،ثم قال:يا علي أنت الإمام و الخليفة بعدي،حربك حربي و سلمك سلمي،و أنت أبو سبطي و زوج ابنتي،من ذريتك الأئمة المطهرون،فأنا سيد الأنبياء و أنت سيد الأوصياء،و أنا و أنت من شجرة واحدة،و لولانا لم يخلق اللّه الجنة و لا النار و لا الأنبياء و لا الملائكة.

قال:قلت:يا رسول اللّه فنحن أفضل من الملائكة (2)؟

قال:يا علي نحن خير خليقة اللّه على بسيطة الأرض،و نحن خير من الملائكة المقربين،و كيف لا نكون خيرا منهم و قد سبقناهم إلى معرفة اللّه و توحيده،فبنا عرفوا اللّه،و بنا عبدوا اللّه،و بنا اهتدوا السبيل إلى معرفة اللّه،يا علي أنت مني و أنا منك،و أنت أخي و وزيري فإذا مت ظهرت لك ضغاين في صدور قوم،و ستكون بعدي فتنة صمّاء صيلم (3)يسقط فيها كلّ وليجة و بطانة،و ذلك عند فقدان شيعتك الخامس من ولد السابع من ولدك يحزن لفقده أهل السماء و الأرض،فكم مؤمن و مؤمنة متأسف و متلهف حيران عند فقده.

ثم أطرق مليا ثم رفع رأسه و قال:بأبي و أمي سمّيي و شبيهي،و شبيه موسى بن عمران عليه جيوب النور-أو قال:جلابيب النور-يتوقّد من شعاع القدس كأني بهم آيس ما كانوا،ثم ينادي بنداء يسمعه من البعيد كما يسمعه من القريب،يكون رحمة على المؤمنين و عذابا على المنافقين:قلت:و ما ذاك النداء؟

قال:ثلاثة أصوات في رجب:أوّلها ألا لعنة اللّه على الظالمين،و الثاني أزفت الآزفة، و الثالث يرون بدنا بارزا مع قرن الشمس،ينادي:ألا إن اللّه قد بعث فلان ابن فلان حتى ينسبه إلى علي،فيه هلاك الظالمين،فعند ذلك يأتي الفرج،و يشفي اللّه صدورهمة.

ص: 76


1- دان دينا:اتخذ له دينا.
2- في البحار:أم الملائكة.
3- الصيلم:الداهية.الامر الشديد.وقعة صيلمة:أي مستأصلة.

و يذهب غيظ قلوبهم؛قلت:يا رسول اللّه فكم يكون بعدي من الأئمة؟

قال صلّى اللّه عليه و اله:بعد الحسين تسعة و التاسع قائمهم» (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا علي بن أحمد بن عبد اللّه بن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن أبيه،عن جده أحمد بن أبي عبد اللّه،عن أبيه محمد بن خالد،عن محمد بن داود، عن محمد بن الجارود العبدي،عن الأصبغ بن نباتة قال:خرج علينا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام ذات يوم و يده في يد إبنه الحسن عليه السّلام و هو يقول:«خرج علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و يدي في يده (2)هكذا و هو يقول:خير الخلق بعدي و سيّدهم أخي هذا، و هو إمام كل مسلم،و مولى كلّ مؤمن بعد وفاتي،و إني (3)أقول:إن خير الخلق بعدي و سيّدهم ابني هذا و هو إمام كل مؤمن و مولى كل مؤمن بعد وفاتي،ألا و إنه سيظلم بعدي كما ظلمت بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و خير الخلق و سيّدهم بعد الحسن إبني أخوه الحسين المظلوم،بعد أخيه،المقتول في أرض كربلاء،أما و إنه و أصحابه من سادات (4)الشهداء يوم القيامة،و من بعد الحسين تسعة من صلبه خلفاء اللّه في أرضه و حججه على عباده،و أمناؤه على وحيه،و أئمة المسلمين،و قادة المؤمنين،و سادة المتّقين، و تاسعهم القائم الذي يملأ اللّه به الأرض نورا بعد ظلمتها،و عدلا بعد جورها،و علما بعد جهلها،و الذي بعث محمدا أخي بالنبوّة و اختصني بالإمامة لقد نزل بذلك الوحي من السماء على لسان الروح الامين جبرائيل،و لقد سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و أنا عنده عن الأئمة بعده فقال للسائل:و السماء ذات البروج إن عددهم بعدد البروج،و رب الليالي و الأيام و الشهور إن عدتهم كعدة الشهور (5).ر.

ص: 77


1- الانصاف ص 280-282 عن كتاب النصوص على الأئمة الاثني عشر،كفاية الاثر ص 21، البحار:337/36-338.و مر بلفظه في ص 42-34 من هذا الجزء.
2- في كمال الدين:ذات يوم و يدي في يده.
3- في كمال الدين:ألا واني.
4- في كمال الدين:من سادة.
5- في كمال الدين:ان عددهم كعدد الشهور.

فقال السائل:فمن هم يا رسول اللّه؟فوضع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يده على رأسي فقال:أوّلهم هذا و آخرهم المهدي،من والاهم فقد والاني،و من عاداهم فقد عاداني،و من أحبّهم فقد أحبّني،و من أبغضهم فقد أبغضني،و من أنكرهم فقد أنكرني،و من عرفهم فقد عرفني،بهم يحفظ اللّه دينه،و بهم يعمر بلاده،و بهم يرزق عباده،و بهم ينزل القطر من السماء،و بهم يخرج بركات الأرض،و هؤلاء أصفيائي و خلفائي و أئمّة المسلمين و موالي المؤمنين» (1).

الشيخ محمد بن محمد بن النعمان المفيد في كتاب الاختصاص،عن محمد بن علي ابن بابويه قال:حدّثنا محمد بن موسى بن المتوكل،عن محمد بن أبي عبد اللّه الكوفي،عن موسى بن عمران،عن عمّه الحسين بن يزيد،عن علي بن سالم،عن أبيه،عن سالم ابن دينار،عن سعد بن طريف،عن الأصبغ بن نباتة قال:سمعت ابن عباس يقول:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«ذكر اللّه عز و جل عبادة،و ذكري عبادة،و ذكر علي عبادة و ذكر الأئمة من ولده عبادة،و الذي بعثني بالنبوّة و جعلني خير البرية إن وصيي لأفضل الأوصياء،و إنه لحجة اللّه على عباده،و خليفته على خلقه،و من ولده الأئمة الهداة بعدي،بهم يحبس اللّه العذاب عن أهل الأرض،و بهم يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا باذنه،و بهم يمسك الجبال أن تميد بهم،و بهم يسقي خلقه الغيث،و بهم يخرج النبات،أولئك أولياؤه حقّا،و خلفاؤه صدقا (2)عدّتهم عدة الشهور و هي اثنا عشر شهرا،و عدّتهم عدة نقباء موسى بن عمران،ثم تلا هذه الآية: وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ (3)ثم قال:أ تقدر يابن عبّاس أنّ اللّه يقسم بالسماء ذات البروج و يعني به السماء و بروجها،قلت:يا رسول اللّه فما ذاك؟

قال:فاما السماء فأنا و أما البروج فالائمة بعدي أوّلهم عليّ و آخرهم المهدي1.

ص: 78


1- كمال الدين:259/1-260،البحار:253/36-254.
2- في بعض المصادر:أولئك أولياء اللّه حقا و خلفائي صدقا.
3- البروج:1.

صلوات اللّه عليهم اجمعين» (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه قال:حدّثنا محمد بن أبي القاسم عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي،عن أبيه،عن عبد اللّه بن القاسم، عن حيّان السراج،عن داود بن سليمان الكسائي (2)عن أبي الطفيل قال:شهدت جنازة أبي بكر يوم مات و شهدت عمر حين بويع و علي عليه السّلام جالس ناحية إذ أقبل غلام يهودي عليه ثياب حسان و هو من ولد هارون حتى وقف على رأس عمر فقال:

يا أمير المؤمنين أنت أعلم هذه الأمة بدينهم (3)و أمر نبيّهم؟فطأطأ رأسه،فقال:إياك أعني،و أعاد عليه القول،فقال له عمر:ما شأنك؟و ما ذاك؟

فقال:إني جئتك مرتادا لنفسي،شاكّا في ديني فقال (4):دونك هذا الشاب (5)قال:

و من هذا الشاب؟

قال:هذا علي بن أبي طالب ابن عم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و هو أبو الحسن و الحسين ابني رسول اللّه،و هذا زوج فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فأقبل اليهودي على (6)علي عليه السّلام فقال:

كذلك أنت؟

فقال:«نعم»،فقال اليهودي:إني اريد أن أسألك عن ثلاث و ثلاث و واحدة،فتبسم علي عليه السّلام ثم قال:«يا هاروني ما يمنعك أن تقول:سبعا» (7)قال:أسألك عن ثلاث فإن علمتهن سألتك عمّا بعدهنّ و إن لم تعلمهن علمت أنه ليس لك علم (8)،قال علي عليه السّلام:م.

ص: 79


1- الاختصاص:ص 223-224.
2- في كمال الدين:الغساني،و في اعلام الورى:الكناني.
3- في كمال الدين و اعلام الورى:بكتابهم.
4- في اعلام الورى:شاكا في ديني اريد الحجة و اطلب البرهان. فقال له عمر.
5- في اعلام الورى:و أشار الى أمير المؤمنين.
6- في اعلام الورى:و أعلم الناس بالكتاب و السنة،فقام الغلام الى علي.
7- في اعلام الورى:ما منعك أن تقول:عن سبع.
8- في اعلام الورى:ليس فيكم عالم.

«فإني أسألك بالآله الذي تعبده إن أنا أجبتك في كل ما تريد (1)لتدعنّ دينك و لتدخلنّ في ديني»؟

قال ما جئت إلا لذلك قال:«سل».

قال:فاخبرني عن اوّل قطرة دم قطرت على وجه الأرض أي قطرة هي؟و أوّل عين فاضت على وجه الأرض أي عين هي؟و أوّل شيء إهتز على وجه الأرض أيّ شيء هو؟ (2)فأجابه أمير المؤمنين عليه السّلام فقال:أخبرني عن الثلاث الاخر،عن محمدكم بعده من إمام عدل؟و في أيّ جنة يكون؟و من الساكن معه في جنته؟

قال:«يا هاروني إن لمحمد صلّى اللّه عليه و اله من الخلفاء اثنا عشر إماما عدلا لا يضرّهم من خذلهم (3)و لا يستوحشون لخلاف من خالفهم،و إنهم أرسب في الدين من الجبال الرواسي (4)في الأرض،و مسكن محمد صلّى اللّه عليه و اله في جنّة عدن مع (5)أولئك الاثنا عشر الأئمة العدول»،فقال:صدقت و اللّه الذي لا إله إلا هو إني لاجدها في كتب أبي هارون كتبهه.

ص: 80


1- في اعلام الورى:لئن أجبتك عما تسألني.
2- في اعلام الورى:و أول شجرة اهتزت على وجه الأرض أي شجرة هي؟ فقال:يا هاروني أما أنتم فتقولون:أول قطرة قطرت على وجه الأرض حيث قتل أحد ابني آدم و ليس كذلك،و لكنه حيث طمثت حواء و ذلك قبل أن تلد ابنيها؛و أما أنتم تقولون:أول عين فاضت على وجه الأرض العين التي ببيت المقدس و ليس هو كذلك،و لكنها عين الحياة التي وقف عليها موسى و فتاه و معهما النون المالح فسقط فيها فحيى و هذه الماء لا يصيب ميتا إلا حيي.و أما أنتم فتقولون: أول شجرة اهتزت على وجه الأرض التي كانت منها سفينة نوح عليه السّلام و ليس كذلك،و لكنها النخلة التي اهبطت من الجنة و هي العجوة،و منها تفرع كلما ترى من أنواع النخلة،فقال:صدقت و اللّه الذي لا إله إلاّ هو،إني لأجد هذا في كتب أبي هارون كتابته بيده و املاء عمي موسى عليه السّلام ثم قال:أخبرني عن الثلاث الاخر:عن أوصياء محمدكم بعده من أئمة عدل؟و أين منزله في الجنة؟و من يكون ساكنا معه في الجنة في منزله؟.
3- في كمال الدين و اعلام الورى:لا يضرهم خذلان من خذلهم.
4- الراسي:الثابت.
5- في اعلام الورى:جنة عدن التي ذكرها اللّه عز و جل،و غرسها بيده،و معه في مسكنه.

بيده و إملاء موسى عليه السّلام (1)قال:فأخبرني عن الواحدة فقال:«و ما هي»؟

قال:فأخبرني عن وصي محمدكم يعيش بعده؟و هل يموت أو يقتل؟

قال:«يا هاروني يعيش بعده ثلاثين سنة لا يزيد يوما و لا ينقص يوما (2)ثم يضرب ضربة هاهنا (3)-يعني قرنه-فتخضب هذه من هذا».

قال:فصاح الهاروني و قطع كشحته (4)و هو يقول:أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له،و أن محمدا عبده و رسوله،و أنك وصيّه ينبغي أن تفوق و لا تفاق،و أن تعظّم و لا تستضعف،قال:ثم مضى به علي عليه السّلام إلى منزله فعلّمه معالم الدين (5).

و قد تقدم هذا الحديث من طريق العامة فيما رواه الحمويني،و هو الحديث السادس و الأربعون في الباب الثاني عشر السابق،و هو أيضا متكرّر في كتب أصحابنا الاماميّة رواه الكليني في الكافي (6).د،

ص: 81


1- في اعلام الورى:و املاء عمي موسى.
2- قال الشيخ المجلسي في البحار:/377/36«أقول:فيه اشكال لان وفاة الرسول صلّى اللّه عليه و اله كان في صفر و شهادته عليه السّلام في شهر رمضان و كان ما بينهما ثلاثين سنة إلا خمسة أشهر و أياما فكيف يستقيم قوله عليه السّلام؟و يمكن دفعه بأن مبنى الثلاثين على التقريب،أي«لا يزيد يوما و لا ينقص»على الموعد الذي وعدت لذلك و أعلمه،و الغرض أن لشهادتي وقتا معينا لا يتقدم و لا يتأخر.أو يقال:الكلام مبنى على ما هو المعروف عند أهل الحساب من أنهم يسقطون ما هو أقل من النصف و يتكلمون بما هو أزيد منه،فكل حد بين تسع و عشرين و نصف و بين ثلاثين و نصف من جملة مصداقاته العرفية، فلا يكون شيء منهما زائدا على ثلاثين سنة عرفية و لا ناقصا عنها أصلا و انما يحكم بالزيادة و النقصان إذا كان خارجا عن الحدين و ليس فليس؛و فيما سيأتي«لا يزيد يوما و لا ينقص»فالضميران اما راجعان الى الثلاثين أو الى الوصي نظير قوله تعالى: لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا يَسْتَقْدِمُونَ و هذا الخبر يؤيد الاخير،و على الوجه الأول يحتمل ارجاعهما الى اللّه تعالى.
3- في أعلام الورى:و وضع يده على قرنه و أومأ الى لحيته.
4- في اعلام الورى:و قطع كستيجه. (الكستيج):بضم الكاف و السين المهملة،خيط غليظ يشد فوق الثياب دون الزنار.
5- كمال الدين:299/1-300،اعلام الورى:ص 368-369،البحار:375/36-376.
6- أصول الكافي:529/1-530،و كمال الدين:299/1،و أعلام الورى:367-369 ط طهران -1338 ه،و البحار:378/36.و قال في«ذيل الحديث:«أقول:و روى في الكافي أيضا بهذا السند،لكن الجوابات ساقطة كما في رواية الصدوق،و لعل الطبرسي ألحقها من كتاب آخر للكليني أو غيره».

و روى ابن بابويه في كتاب كمال الدين و تمام النعمة قال:حدّثنا أبي رحمه اللّه قال:

حدّثنا عبد اللّه بن جعفر الحميري،عن محمد بن عيسى،عن عبد الرّحمن بن أبي هاشم،عن أبي يحيى المدايني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:جاء يهودي إلى عمر يسأله عن مسائل،فأرشده إلى علي بن أبي طالب عليه السّلام ليسأله فقال علي عليه السّلام:«سل»،فقال:

أخبرني كم بعد نبيّكم من إمام عادل؟و في أي جنّة هو؟و من يسكن معه في جنّته قال له علي عليه السّلام:«يا هاروني لمحمد صلّى اللّه عليه و اله بعده اثنا عشر إماما عادلا،لا يضرهم خذلان من خذلهم،و لا يستوحشون بخلاف من خالفهم،أثبت في دين اللّه من الجبال الرواسي، و منزل محمد صلّى اللّه عليه و اله في جنّة عدن و الذين يسكنون معه هؤلاء الإثنا عشر إماما»،فأسلم الرجل و قال:أنت أولى بهذا المجلس من هذا،أنت الذي تفوق و لا تفاق و تعلو و لا تعلى (1).

ثم قال ابن بابويه:حدثني أبي و محمد بن الحسن رضي اللّه عنهما قالا:حدّثنا سعد ابن عبد اللّه،عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب،عن الحكم بن مسكين الثقفي،عن صالح (2)عن الإمام جعفر بن محمد عليه السّلام قال:لما هلك أبو بكر و إستخلف عمر رجع عمر إلى المسجد فقعد فدخل عليه رجل فقال:يا أمير المؤمنين إني رجل من اليهود،و أنا علامتهم و قد أردت أن أسألك عن مسائل إن أجبتني عنها أسلمت، قال:ما هي؟

قال:ثلاث و ثلاث و واحدة،فإن شئت سألتك و إن كان في قومك أحد أعلم منك فأرشدني إليه قال:عليك بذاك الشاب-يعني علي بن أبي طالب عليه السّلام-فأتى عليا فقال له:لم قلت:«ثلاث و ثلاث و واحدة،ألا قلت سبعا»؟ة.

ص: 82


1- كمال الدين:300/1،البحار:380/36.
2- في كمال الدين:صالح بن عقبة.

قال:إن لم تجبني (1)في الثلاث اكتفيت،قال:«إن اجبتك تسلم»؟

قال:نعم قال:«سل»،فقال:أسألك عن اوّل حجر وضع على وجه الأرض،و أول عين نبعت،و اوّل شجرة (2)نبتت قال:«يا يهودي أنتم تقولون:أول حجر وضع على وجه الأرض الذي في بيت المقدس و كذبتم،هو الحجر الذي نزل به آدم من الجنة».

قال:صدقت و اللّه إنه لبخط هارون و إملاء موسى،قال:«و أنتم تقولون:إن أوّل عين نبعت على وجه الأرض العين التي نبعت ببيت المقدس و كذبتم هي عين الحياة التي غسل فيها يوشع بن نون السمكة التي (3)شرب منها الخضر و ليس يشرب منها أحد إلا حيى».

قال:صدقت و اللّه إنه لبخط هارون و املاء موسى قال:«و أنتم تقولون:إن أوّل شجرة نبتت على وجه الأرض الزيتون و كذبتم،هي العجوة التي نزل بها آدم عليه السّلام من الجنة».

قال:صدقت و اللّه إنه لبخط هارون و املاء موسى عليهما السّلام قال:فالثلاث الأخرى:كم لهذه الأمة من إمام هدى لا يضرّهم من خالفهم،قال:«إثنا عشر اماما».

قال:صدقت و اللّه إنه لبخط هارون و إملاء موسى عليهما السّلام قال:و أين يسكن نبيكم من الجنة؟

قال:«في أعلاها درجة،و أشرفها مكانا،في جنات عدن».

قال:صدقت و اللّه إنه لبخط هارون و إملاء موسى عليهما السّلام (4)قال:السابعة و أسألك كم يعيش وصيّه بعده؟

قال:«ثلاثين سنة،ثم مه»؟ل:

ص: 83


1- في كمال الدين و الخصال:أنا إذن جاهل إنك إن لم تجبني.
2- في كمال الدين:نبتت على وجه الأرض،فقال عليه السّلام:يا يهودي.
3- في كمال الدين:و هي العين التي شرب.
4- في الخصال و كمال الدين:ثم قال:فمن ينزل بعده في منزله؟ قال:اثنا عشر اماما،قال:صدقت و اللّه إنه لبخط هارون و املاء موسى،ثم قال:

قال:يموت أو يقتل؟

قال:«يقتل،يضرب على قرنه فتخضب لحيته».

قال:صدقت و اللّه إنه لبخط هارون و إملاء موسى (1).

و روى ابن بابويه أيضا في هذا الكتاب قال:أخبرنا أبو سعيد محمد بن الفضل ابن محمد بن إسحاق المذكّر بنيسابور قال:حدّثنا أبو يحيى زكريا بن يحيى بن الحرث (2)البزّاز قال:حدّثنا عبد اللّه بن مسلم الدمشقي قال:حدّثنا إبراهيم بن يحيى الأسلمي المديني،عن عمّار بن حريز (3)،عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال:شهدنا الصلاة على أبي بكر ثم اجتمعنا إلى عمر بن الخطاب فبايعناه و أقمنا أيّاما نختلف إلى المسجد حتّى سمّوه أمير المؤمنين فبينا نحن جلوس عنده يوما إذ جاءه يهودي من يهود المدينة و هم يزعمون أنه من ولد هارون أخي موسى عليهما السّلام حتى وقف على عمر فقال له:يا أمير المؤمنين أيّكم أعلم بعلم نبيّكم و بكتاب ربكم حتى أسأله عمّا أريد؟

قال:فأشار عمر إلى علي عليه السّلام فقال له اليهودي:أ كذلك أنت يا عليّ؟

قال (4):«سل عما تريد».

قال:إنّي أسألك عن ثلاث و عن ثلاث و عن واحدة،فقال له علي عليه السّلام:«لم لا تقول إني أسألك عن سبع؟».

فقال له اليهودي:أسألك عن ثلاث فإن أصبت فيهن سألتك عن الثلاث الاخر،فإن أصبت فيهن سألتك عن الواحدة،و إن أخطأت في الثلاث الأول لم أسألك عن شيء، فقال له علي عليه السّلام:«و ما يدريك إذا سألتني فأجبتك أخطأت أم أصبت؟».د.

ص: 84


1- الخصال:476/2-477،كمال الدين:300/1-302.
2- في كمال الدين:الحارث.
3- في كمال الدين:عمارة بن جوني.
4- في كمال الدين:قال:نعم،سل عما تريد.

فقال:فضرب يديه إلى كمّه فأخرج كتابا عتيقا فقال:هذا ورثته عن آبائي و أجدادي إملاء موسى بن عمران و خطّ هارون،و فيه الخصال التي اريد أن أسألك عنها،فقال علي عليه السّلام:«على أنّ لي عليك إن اجبتك فيهن بالصواب أن تسلم»،فقال اليهودي:و اللّه إن أجبتني فيهنّ بالصواب لأسلمن الساعة على يديك،قال له علي عليه السّلام:

«سل».

قال:أخبرني عن أوّل حجر وضع على وجه الأرض؟و أخبرني عن أول شجرة نبتت على وجه الأرض؟و أخبرني عن أوّل عين نبعت على وجه الأرض؟

فقال له علي عليه السّلام:«يا يهودي أمّا أوّل حجر وضع على وجه الأرض فإن اليهود يزعمون أنّها صخرة بيت المقدس،و كذبوا و لكنه الحجر الاسود الذي نزل به آدم عليه السّلام معه من الجنة فوضعه في ركن البيت و الناس يتمسحون به و يقبّلونه و يجددون العهد و الميثاق فيما بينهم و بين اللّه عز و جل».

قال له اليهودي:أشهد باللّه لقد صدقت،قال له علي عليه السّلام:«و أمّا أوّل شجرة نبتت على وجه الأرض فإن اليهود يزعمون أنّها الزيتونة و كذبوا و لكنّها نخلة من العجوة،نزل بها آدم عليه السّلام معه من الجنة،فأصل النخلة كلّه من العجوة».

قال له اليهودي:اشهد باللّه لقد صدقت قال له علي عليه السّلام:«و أمّا أوّل عين نبعت على وجه الأرض فانّ اليهود يزعمون أنّها العين التي نبعت تحت صخرة بيت المقدس و كذبوا و لكنّها عين الحياة التي نسي عندها صاحب موسى السمكة المالحة فلمّا أصابها ماء العين عاشت و سربت (1)فأتبعها موسى عليه السّلام و صاحبه فلقيه الخضر».

قال اليهودي:أشهد باللّه لقد صدقت،قال له علي عليه السّلام:«سل عن الثلاث الاخر».

قال:أخبرني عن هذه الامّة كم لها بعد نبيّها من إمام عدل؟و أخبرني عن منزل محمد أين هو من الجنة؟و من يسكن معه في منزله؟

قال له علي عليه السّلام:«يا يهودي يكون لهذه الأمة بعد نبيّها إثنا عشر إماما عدلا،لاه.

ص: 85


1- سرب:اي ذهب على وجهه.

يضرّهم خلاف من خالفهم»؛قال له اليهودي:أشهد باللّه لقد صدقت،قال له علي عليه السّلام:

«و منزل محمد صلّى اللّه عليه و اله من الجنّة في جنة عدن و هي وسط الجنان و أقربها من عرش الرّحمن جلّ جلاله».

قال له اليهودي:أشهد باللّه لقد صدقت،قال له علي عليه السّلام:«و الذين يسكنون معه في الجنة هؤلاء الأئمة الإثنا عشر».

قال له اليهودي:أشهد باللّه لقد صدقت قال له علي عليه السّلام:«سل عن الواحدة».

قال:أخبرني عن وصي محمد في أهله كم يعيش بعده،و هل يموت موتا أو يقتل قتلا؟

قال له علي عليه السّلام:«يا يهودي:يعيش بعده ثلاثين سنة،و تخضب منه هذه من هذا- و أشار إلى لحيته و رأسه-».

قال:فوثب إليه اليهودي فقال:أشهد أن لا إله إلا اللّه و أشهد أن محمدا رسول اللّه و أنّك وصي رسول اللّه (1).

أحاديث اللوح-ابن بابويه في كتاب كمال الدين و تمام النعمة قال:حدّثنا أبي و محمد بن الحسن رضي اللّه عنهما قالا:حدّثنا سعد بن عبد اللّه و عبد اللّه بن جعفر الحميري جميعا،عن أبي الحسن صالح بن أبي حمّاد،و الحسن بن طريف جميعا عن بكر بن صالح.

و حدّثنا أبي و محمد بن موسى بن المتوكل،و محمد بن علي ماجيلويه،و أحمد ابن علي بن إبراهيم،و الحسن بن إبراهيم ماثانة (2)،و أحمد بن زياد الهمداني رضي اللّه عنهم قالوا جميعا:حدّثنا علي بن إبراهيم،عن أبيه إبراهيم بن هاشم،عن بكر بن صالح،عن عبد الرّحمن بن سالم،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قال أبي عليه السّلام لجابر بن عبد اللّه الأنصاري:«إن لي إليك حاجة فمتى يخف عليك أن أخلو بكة.

ص: 86


1- كمال الدين:294/1-296.
2- في بعض المصادر:ابن ناتانة.

فأسألك عنها».

قال له جابر:في أي الاوقات شئت،فخلا به (1)فقال له:«يا جابر أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يد امي فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و ما أخبرتك به أنّه في ذلك اللوح مكتوبا».

قال جابر:أشهد باللّه أني لمّا دخلت على أمك فاطمة عليها السّلام في حياة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله اهنيها بولادة الحسين عليه السّلام فرأيت في يدها لوحا اخضر ظننت أنّه من زمرد،و رأيت فيه كتابة أبيض مثل نور يشبه الشمس (2)فقلت لها:بأبي أنت و أمي يا بنت رسول اللّه ما هذا اللوح؟

فقالت:«هذا اللوح أهداه اللّه جل جلاله إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فيه اسم أبي و اسم بعلي و اسم ابني و أسماء الأوصياء من ولدي فأعطانيه أبي يبشرني بذلك» (3)فقال له:يا جابر هل لك أن تعرضه عليّ (4)؟

قال نعم:فمشى معه أبي عليه السّلام حتى انتهى إلى منزل جابر فأخرج إلى أبي صحيفة من رقّ،فقال له أبي:«يا جابر أنظر أنت في كتابك لأقرأه أنا عليك»،فنظر جابر في نسخته فقرأ عليه أبي عليه السّلام فو اللّه ما خالف حرف حرفا،فقال جابر:فإني اشهد باللّه أني هكذا رأيته في اللوح مكتوبا:

بسم اللّه الرّحمن الرحيم هذا كتاب من اللّه العزيز العليم لمحمد نوره و سفيره و حجابه و دليله،نزل به الروح الأمين من عند رب العالمين،عظّم يا محمد أسمائي، و اشكر نعمائي،و لا تجحد آلائي،إني أنا اللّه لا إله إلا أنا قاصم الجبارين و مذل الظالمين،و مبير المتكبّرين،و ديّان يوم الدين،إني أنا اللّه لا إله إلا أنا فمن رجا غير؟.

ص: 87


1- في بعض المصادر:فخلا به أبو جعفر عليه السّلام.
2- في بعض المصادر:كتابة بيضاء شبيهة بنور الشمس.
3- في بعض المصادر:ليسرني بذلك.
4- في بعض المصادر:قال جابر:فأعطتنيه امك فاطمة عليها السّلام فقرأته و انتسخته،فقال له أبي:فهل لك يا جابر أن تعرضه عليّ؟.

فضلي،أو خاف غير عدلي،عذبته عذابا لا اعذبه أحدا من العالمين،فإياي فاعبد، و عليّ فتوكل،إني لم أبعث نبيا فأكملت أيّامه،و انقضت مدّته،إلا جعلت له وصيا، و إني فضلتك على الأنبياء،و فضلت وصيّك على الأوصياء و أكرمته بعدك بسبطيك (1)الحسن و الحسين،فجعلت حسنا معدن علمي بعد انقضاء مدّة أبيه، و جعلت حسينا خازن وحيي،و أكرمته بالشهادة،و ختم له بالسعادة،فهو أفضل من استشهد و أرفع الشهداء درجة،جعلت كلمتي التامة معه،و الحجة البالغة عنده، بعترته أثيب و أعاقب،أوّلهم علي سيد العابدين،و زين أوليائي الماضين،و ابنه سمي جده المحمود،محمد الباقر لعلمي و المعدن لحكمتي،سيهلك المرتابون في جعفر الراد عليه كالراد عليّ،حق القول مني لأكرمن جعفرا (2)و لأسرنه في أشياعه و أنصاره و أوليائه،و انتجبت بعده موسى،و انتجبت بعده فتاه (3)،لأن خيط فرضي لا ينقطع و حجّتي لا تخفى،و أن أوليائي لا يشقون أبدا،ألا و من جحد واحدا منهم فقد جحد نعمتي،و من غير آية من كتابي فقد افترى عليّ،و ويل للمفترين الجاحدين عند انقضاء مدة عبدي موسى و حبيبي و خيرتي،ان المكذب (4)للثامن مكذب بجميع أوليائي،و علي وليي و ناصري،أضع عليه أعباء النبوّة و أمتحنه بالإضطلاع،يقتله عفريت مستكبر،يدفن بالمدينة التي بناها العبد الصالح (5)إلى جنب شر خلقي،حق القول مني لأقرن عينه بمحمد إبنه و خليفته من بعده،فهو وارث علمي،و معدن حكمي،و موضع سري،و حجتي على خلقي،و جعلت الجنة مثواه،و شفعته في سبعين من أهل بيته كلهم قد استوجبوا النار،و أختم بالسعادة لابنه علي وليي و ناصري،و الشاهد في خلقي،و أميني على وحيي،أخرج منه الداعي إلى سبيلي،ن.

ص: 88


1- في بعض المصادر:و اكرمتك بشبليك بعده و بسبطيك.
2- في بعض المصادر:لاكرمن مثوى جعفر.
3- في بعض المصادر:و انتحبت بعد موسى فتنة عمياء حندس،لان.
4- في بعض المصادر:ألا ان المكذبين.
5- في بعض المصادر:العبد الصالح ذو القرنين.

و الخازن لعلمي الحسن،ثم أكمل ذلك بابنه رحمة للعالمين،عليه كمال موسى و بهاء عيسى و صبر أيوب،ستذل أوليائي في زمانه و يتهادون رؤوسهم كما تتهادى رؤوس الترك و الديلم فيقتلون و يحرقون و يكونون خائفين مرعوبين وجلين،تصبغ الأرض بدمائهم،و ينشأ الويل (1)و الرنين في نسائهم،أولئك أوليائي حقا،بهم أدفع كل فتنة عمياء حندس،و بهم أكشف الزلازل،و أدفع عنهم الآصار و الأغلال،أولئك عليهم صلوات من ربهم و رحمة و أولئك هم المهتدون.

قال عبد الرّحمن بن سالم،قال أبو بصير:لو لم تسمع في دهرك إلا هذا الحديث لكفاك،فصنه إلا عن أهله (2).

ثم قال ابن بابويه:و حدّثنا أبو محمد الحسن بن حمزة العلوي قال:حدّثنا أبو جعفر محمد بن الحسين (3)ابن درست السروري،عن جعفر بن محمد بن مالك قال:

حدّثنا محمد بن عمران الكوفي،عن عبد الرّحمن بن أبي نجران،عن صفوان بن يحيى،عن إسحاق بن عمار،عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام أنّه قال:«يا إسحاق ألا ابشرك؟»قلت:بلى جعلت فداك يابن رسول اللّه فقال:«وجدنا صحيفة بإملاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و خط أمير المؤمنين،فيها:بسم اللّه الرّحمن الرحيم هذا كتاب من اللّه العزيز الحكيم».و ذكر الحديث مثله سواء إلا أنّه قال في آخره:ثم قال الصادق عليه السّلام:«يا إسحاق هذا دين الملائكة و الرسل فصنه عن غير أهله يصنك اللّه و يصلح بالك،ثم قال:

من آمن بهذا أمن من عقاب اللّه عز و جل» (4).6.

ص: 89


1- في بعض المصادر:و يفشو الويل.
2- كمال الدين:308/1-311،و ذكره الشيخ الكليني في اصول الكافي:527/1-528، و الشيخ الطوسي في كتابه الغيبة:93-95،و الطبرسي في اعلام الورى ص 371-373،و في الاحتجاج للشيخ أبي علي الطبرسي:84/1-87 ط النجف الاشرف،و البحار:196/36-197.
3- في اعلام الورى:محمد بن الحسن.
4- كمال الدين:312/1 و فيه:«من دان بهذا أمن من عقاب اللّه»،عيون الاخبار:36/1 ط النجف،اعلام الورى ص 373،البحار:200/36.

ثم قال ابن بابويه:و حدّثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني- رضي اللّه عنه-قال:حدّثنا الحسن بن إسماعيل،قال:حدّثنا سعيد بن محمد القطان (1)قال:حدّثنا عبد اللّه بن موسى الروياني أبو تراب،عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني،عن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السّلام، قال:حدثني عبد اللّه بن محمد بن جعفر،عن أبيه،عن جده أن محمد بن علي باقر العلم عليهما السّلام جمع ولده و فيهم زيد بن علي (2)ثم اخرج كتابا إليهم بخط علي عليه السّلام و إملاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله مكتوب فيه:«هذا كتاب من اللّه العزيز الحكيم».و ذكر حديث اللّوح إلى الموضع الّذي يقول فيه:أولئك هم المهتدون.

ثم قال في آخره قال عبد العظيم:العجب كلّ العجب لمحمّد بن جعفر و خروجه إذ سمع أباه عليه السّلام يقول هكذا و يحكيه،ثم قال:«هذا سر اللّه و دينه و دين ملائكته فصنه إلا عن أهله و أوليائه» (3).

ثم قال ابن بابويه:حدّثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدّب،و أحمد بن هارون الفامي (4)-رضي اللّه عنهما-قالا:حدّثنا محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري،عن أبيه،عن جعفر بن محمد بن مالك الفزاري الكوفي،عن مالك السلولي،عن درست عن عبد الحميد (5)،عن عبد اللّه بن القاسم،عن عبد اللّه بن جبلة، عن أبي السفاتج،عن جابر الجعفي،عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السّلام،عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال:دخلت على مولاتي فاطمة عليها السّلام و قدّامها لوح يكاد ضوؤه يغشى الأبصار،فيه اثنا عشر إسما ثلاثة في ظاهره،و ثلاثة في باطنه، و ثلاثة اسماء في آخره و ثلاثة أسماء في طرفه،فعددتها فإذا هي اثنا عشر اسماد.

ص: 90


1- في كمال الدين:محمد بن القطان.
2- في كمال الدين:و فيهم عمهم زيد بن علي.
3- كمال الدين:312/1-33،عيون الاخبار:37/1،اعلام الورى ص 374،البحار:201/36.
4- في كمال الدين:القاضي.
5- في كمال الدين:عن درست بن عبد الحميد.

فقلت:أسماء من هؤلاء؟

قالت:«هذه أسماء الأوصياء أوّلهم ابن عمي و أحد عشر من ولدي،آخرهم المهدي».

قال جابر:فرأيت فيها محمدا محمدا محمدا في ثلاثة مواضع،و عليّا و عليّا و عليّا و عليّا في أربعة مواضع (1).

ثم قال ابن بابويه:و حدّثنا أحمد بن محمد العطار (2)رحمه اللّه قال:حدّثنا أبي، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب،عن الحسن بن محبوب،عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السّلام،عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال:دخلت على فاطمة عليها السّلام و بين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء،فعددت اثني عشر إسما آخرهم القائم،ثلاثة منهم محمد،و أربعة منهم عليّ صلوات اللّه عليهم (3).

قلت:حديث اللوح متكرر بالأسانيد الكثيرة متأوّل بين العلماء مستفيض الرواية؛و قد ذكره الحمويني-و هو أحد أعيان علماء العامة-و قد تقدّم من طريقه في الباب الثاني عشر السابق و هو الحديث السابع و الثلاثون (4).

الشيخ إبراهيم بن محمد الحمويني-من أعيان علماء العامة-في كتاب فرائد السمطين في فضائل المرتضى و البتول و السبطين،قال:أنبأني السيّد النسابة جلال الدين عبد الحميد بن فخار بن معد بن فخار الموسوي،قال:أنبأنا والدي السيد شمس الدين شيخ الشرف فخار بروايته،عن شاذان بن جبرائيل القمي،عن جعفر بن محمد الدورسي،عن أبيه،عن أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي- رحمة اللّه عليه-قال:حدّثنا أبي و محمد بن الحسن-رضي اللّه عنه-قالا:حدّثنا سعدء.

ص: 91


1- كمال الدين:311/1،عيون الأخبار:37/1،اعلام الورى ص 373-374،البحار:/36 201.
2- في كمال الدين:أحمد بن محمد بن يحيى العطار.
3- كمال الدين:213/1.
4- راجع ص 164-166 من هذا الجزء.

ابن عبد اللّه،قال:حدّثنا يعقوب بن يزيد،عن حماد بن عيسى،عن عمر بن اذينة،عن أبان بن أبي عياش،عن سليم بن قيس الهلالي قال:رأيت عليا عليه السّلام في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في خلافة عثمان-رضي اللّه عنه-و جماعة يتحدثون و يتذاكرون العلم و الفقه،فذكروا قريشا و فضلها و سوابقها و هجرتها،و ما قال فيها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله من الفضل.و ساق الحديث بما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في قريش من الفضل إلى أن قال:

و علي بن أبي طالب عليه السّلام ساكت لا ينطق و لا أحد من أهل بيته.

فأقبل القوم عليه فقالوا:يا أبا الحسن ما يمنعك أن تتكلّم؟

فقال:«ما من الحيين(يعني:المهاجرين من قريش و الأنصار)إلا و قد ذكر فضلا و قال حقّا فأنا أسألكم يا معشر قريش و الأنصار بمن أعطاكم اللّه هذا الفضل؟أ بأنفسكم، و عشائركم،و أهل بيوتاتكم أم بغيركم»؟

قالوا:بل أعطانا اللّه و منّ به علينا بمحمد صلّى اللّه عليه و اله لا بأنفسنا و عشائرنا،و لا بأهل بيوتاتنا.

قال:«صدقتم يا معشر قريش و الأنصار،أ لستم تعلمون أن الذي نلتم من خير الدنيا و الآخرة منّا أهل البيت خاصة دون غيرهم؟و أن ابن عمي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله قال:إني و أهل بيتي كنّا نورا يسعى بين يدي اللّه تعالى قبل أن يخلق اللّه عز و جل آدم عليه السّلام بأربعة عشر ألف سنة فلمّا خلق اللّه آدم وضع ذلك النور في صلبه و أهبطه إلى الأرض،ثم حمله في السفينة في صلب نوح عليه السّلام،ثم قذف به في النار في صلب إبراهيم عليه السّلام ثم لم يزل اللّه عز و جل ينقلنا في الأصلاب الكريمة إلى الأرحام الطاهرة،و من الأرحام الطاهرة الى الأصلاب الكريمة من الآباء و الامهات،لم يكن منهم واحد على سفاح قط».

فقال أهل السابقة و القدمة،و أهل بدر،و أهل احد:نعم،قد سمعنا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله.

ثم قال:«انشدكم اللّه أ تعلمون أن اللّه عز و جل فضّل في كتابه السابق على المسبوق في غير آية،و إني لم يسبقني إلى اللّه عز و جل و إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله أحد من هذه الأمة»؟

ص: 92

قالوا:اللهم نعم.

قال:«فانشدكم اللّه أ تعلمون حيث نزلت وَ السّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ (1)وَ السّابِقُونَ السّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (2)سئل عنها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقال:أنزلها اللّه تعالى ذكره في الأنبياء و أوصيائهم.

فأنا أفضل أنبياء اللّه و رسله،و علي بن أبي طالب وصيي أفضل الأوصياء»؟

قالوا:اللهم نعم.

قال:«فأنشدكم اللّه أ تعلمون حيث نزلت: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (3)و حيث نزلت: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (4)و حيث نزلت وَ لَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللّهِ.. ..وَلِيجَةً (5)قال الناس:يا رسول اللّه أ خاصة في بعض المؤمنين أم عامة بجميعهم؟فأمر اللّه عز و جل نبيه صلّى اللّه عليه و اله أن يعلمهم ولاة أمرهم،و أن يفسر لهم من ولاة أمرهم ما فسّر لهم من صلاتهم و زكاتهم،و حجهم،و نصبني للناس بغدير خم،ثم خطب فقال:

أيها الناس إن اللّه أرسلني برسالة ضاق بها صدري،و ظننت أن الناس مكذبي فأوعدني لأبلغها أو ليعذبني،ثم أمر فنودي بالصلاة جامعة،ثم خطب فقال:أيها الناس أ تعلمون أن اللّه عز و جل مولاي و أنا مولى المؤمنين،و أنا أولى بهم من أنفسهم؟

قالوا:بلى يا رسول اللّه؛قال:قم يا علي فقمت فقال:من كنت مولاه فعلي مولاه،اللهم وال من والاه و عاد من عاداه.

فقام سلمان فقال:يا رسول اللّه ولاء ما ذا؟6.

ص: 93


1- التوبة:100.
2- الواقعة:10.
3- النساء:59.
4- المائدة:55.
5- التوبة:16.

فقال:ولاء كولائي،من كنت أولى به من نفسه،فعلي أولى به من نفسه،فأنزل اللّه تعالى ذكره: اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً (1)فكبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و قال:اللّه أكبر على تمام نبوتي و تمام دين اللّه ولاية عليّ بعدي.

فقام أبو بكر و عمر فقالا:يا رسول اللّه هؤلاء الآيات خاصة في علي؟

قال:بلى فيه و في أوصيائي إلى يوم القيامة.

قالا:يا رسول اللّه بيّنهم لنا.

قال صلّى اللّه عليه و اله:علي أخي و وزيري،و وارثي،و وصيي،و خليفتي في أمتي و ولي كل مؤمن بعدي،ثم ابني الحسن،ثم الحسين،ثم تسعة من ولد ابني الحسين واحد بعد واحد؛ القرآن معهم و هم مع القرآن لا يفارقونه،و لا يفارقهم حتى يردوا عليّ الحوض»؛فقالوا كلهم:أللهم نعم قد سمعنا ذلك و شهدنا كما قلت سواء.

و قال بعضهم:قد حفظنا جل ما قلت لم نحفظ كلّه و هؤلاء الذين حفظوا أخيارنا و افاضلنا؛فقال علي عليه السّلام:«صدقتم ليس كل الناس يستوون في الحفظ،انشد اللّه عز و جل من حفظ ذلك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله لمّا قام و أخبر به»؛فقام زيد بن أرقم،و البراء بن عازب،و سلمان،و أبو ذر،و المقداد،و عمار فقالوا:نشهد لقد حفظنا قول رسول اللّه و هو قائم على المنبر و أنت إلى جنبه و هو يقول:«أيها الناس إن اللّه عز و جل أمرني أن أنصب لكم إمامكم و القائم فيكم بعدي،و وصيي و خليفتي،و الذي فرض اللّه عز و جل على المؤمنين في كتابه طاعته فقرنه بطاعته و طاعتي،و أمركم بولايته،و إني راجعت ربي خشية طعن أهل النفاق و تكذيبهم فأوعدني لتبلغنها أو ليعذبني.

أيها الناس إن اللّه أمركم في كتابه بالصلاة فقد بيّنتها لكم،و الزكاة،و الصوم،و الحج فبيّنتها لكم و فسّرتها،و أمركم بالولاية و إني اشهدكم أنها لهذا خاصة و وضع يده على علي بن أبي طالب،ثم قال لابنيه بعده،ثم للأوصياء من بعدهم،من ولدهم لا يفارقون القرآن،و لا يفارقهم القرآن،حتى يردوا علي حوضي.3.

ص: 94


1- المائدة:3.

أيها الناس قد بيّنت لكم مفزعكم بعدي و إمامكم،و دليلكم،و هاديكم،و هو أخي علي بن أبي طالب،و هو فيكم بمنزلتي فيكم فقلدوه دينكم و أطيعوه في جميع أموركم فإن عنده جميع ما علّمني اللّه من علمه و حكمته،فسلوه،و تعلّموا منه و من أوصيائه بعده،و لا تعلموهم و لا تتقدموهم و لا تخلّفوا عنهم فإنهم مع الحق و الحق معهم لا يزايلوه و لا يزايلهم،ثم جلسوا».

قال سليم:ثم قال علي عليه السّلام:«أيها الناس أ تعلمون أن اللّه أنزل في كتابه إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (1)فجمعني و فاطمة و ابني حسنا و الحسين،ثم ألقى علينا كساء و قال:اللهم هؤلاء أهل بيتي و لحمي يؤلمني ما يؤلمهم (2)و يجرحني ما يجرحهم فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا:فقالت ام سلمة:و أنا يا رسول اللّه؟

فقال:أنت إلى خير؛إنما نزلت في و في أخي علي بن أبي طالب و في إبني (3)،و في تسعة من ولد ابني الحسين خاصة،و ليس معنا فيها أحد غيرنا»،فقالوا كلهم:نشهد أن ام سلمة حدثتنا بذلك فسألنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فحدّثنا كما حدثتنا ام سلمة.

ثم قال علي عليه السّلام:«انشدكم اللّه أ تعلمون أن اللّه أنزل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصّادِقِينَ (4)فقال سلمان:يا رسول اللّه عامة هذا أم خاصة؟

قال:أما المأمورون فعامة المؤمنين امروا بذلك،و أما الصادقون فخاصة لأخي علي و أوصيائي من بعده إلى يوم القيامة».

قالوا:اللهم نعم.

قال:«انشدكم اللّه أ تعلمون أني قلت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في غزوة تبوك:لم خلفتني؟9.

ص: 95


1- الاحزاب:33.
2- في بعض المصادر:يؤذيني ما يؤذيهم.
3- في الاحتجاج للطبرسي:و في ابنتي فاطمة،و في ابني.
4- التوبة:199.

فقال:إن المدينة لا تصلح إلاّ بي أو بك،و أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي»؟

قالوا:اللهم نعم.

فقال:«انشدكم اللّه أ تعلمون أن اللّه أنزل في سورة الحج: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ افْعَلُوا الْخَيْرَ (1)إلى آخر السورة-فقام سلمان فقال:يا رسول اللّه من هؤلاء الذين أنت عليهم شهيد و هم شهداء على الناس الذين إجتباهم اللّه و لم يجعل عليهم في الدين من حرج ملة إبراهيم؟

قال:عنى بذلك ثلاثة عشر رجلا خاصة دون هذه الأمة،قال سلمان:بيّنهم لنا يا رسول اللّه؟

قال:أنا و أخي علي،و أحد عشر من ولدي».

قالوا:اللهم نعم.

قال:«انشدكم باللّه أ تعلمون أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله قام خطيبا لم يخطب بعد ذلك فقال:يا أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي فتمسّكوا بهما لن تضلوا فإن اللطيف أخبرني و عهد إليّ أنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض:فقام عمر بن الخطاب شبه المغضب فقال:يا رسول اللّه أكل أهل بيتك؟

فقال:لا،و لكن أوصيائي منهم،أوّلهم أخي،و وزيري،و وارثي،و خليفتي في أمتي، و ولي كل مؤمن بعدي،و هو أوّلهم،ثم ابني الحسن،ثم ابني الحسين،ثم تسعة من ولد الحسين واحد بعد واحد حتى يردوا عليّ الحوض شهداء للّه في أرضه،و حجته على خلقه؛و خزان علمه،و معادن حكمته،من أطاعهم فقد أطاع اللّه،و من عصاهم فقد عصى اللّه،فقالوا كلهم:نشهد ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله قال ذلك،ثم تمادى بعلي السؤال فما ترك شيئا إلا ناشدهم اللّه فيه،و سألهم عنه حتى أتى على آخر مناقبه،و ما قال له رسول7.

ص: 96


1- الحج:77.

اللّه صلّى اللّه عليه و اله كثيرا،كل ذلك يصدقونه و يشهدون أنّه حق» (1).

أبو الحسن الفقيه ابن شاذان من طريق العامة-و كلّما ذكرته عنه هنا فهو من طريقهم-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:«و اللّه لقد خلفني رسول اللّه في امته؛فأنا حجة اللّه عليهم بعد نبيه،و إن ولايتي لتلزم أهل السماء كما تلزم أهل الأرض،و ان الملائكة لتتذاكر فضلي و ذلك تسبيحها عند اللّه.أيها الناس إتبعوني أهدكم سواء السبيل و لا تأخذوا يمينا و لا شمالا فتضلّوا،و أنا وصي نبيّكم و خليفته،و إمام المؤمنين و أميرهم و مولاهم،و أنا قائد شيعتي إلى الجنة،و سائق أعدائي إلى النار،أنا سيف اللّه على أعدائه و رحمته على أوليائه،أنا صاحب حوض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و لوائه و صاحب مقام شفاعته، و الحسن و الحسين و تسعة من ولد الحسين خلفاء اللّه في أرضه و أمناؤه على وحيه، و أئمة المسلمين بعد نبيه،و حجج اللّه على بريته» (2).

ابن بابويه قال:حدّثنا جعفر بن محمد بن مسرور رحمه اللّه،قال:حدّثنا الحسين ابن محمد بن عامر،عن المعلى بن خالد البصري،عن جعفر بن سليمان (3)عن عبد اللّه بن الحكم،عن أبيه،عن سعيد بن جبير،عن ابن عباس قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«إنّ عليا وصيي و خليفتي،و زوجته فاطمة سيدة نساء العالمين ابنتي،و الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة ولداي،من والاهم فقد والاني،و من عاداهم فقد عاداني،و من ناوأهم فقد ناوأني،و من جفاهم فقد جفاني،و من برّهم فقد برّني،وصل اللّه من وصلهم،و قطع من قطعهم و نصر من أعانهم (4)،و خذل من خذلهم،اللهم من كان له من أنبيائك ثقل و أهل بيت فعلي و فاطمة و الحسن و الحسين أهل بيتي و ثقلي فأذهبم.

ص: 97


1- الاحتجاج:210/1،و مر بكامل لفظه هنا.
2- مائة منقبة:/59ح 32.
3- في بعض المصادر:حدّثنا أبي رحمه اللّه،قال:حدّثنا الحسين بن محمد بن عامر،عن المعلى بن محمد البصري،عن جعفر بن سليمان.
4- في بعض المصادر:و نصر من نصرهم،و أعان من أعانهم.

عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا» (1).

الشيخ في أماليه قال:أخبرنا محمد بن محمد(يعني المفيد)قال:حدّثنا أبو نصر محمد بن الحسين المقري،قال:حدّثنا أبو عبد اللّه الحسين بن علي المرزباني قال:

حدّثنا جعفر بن محمد الحنفي قال:حدّثنا يحيى بن هاشم السمسار قال:حدّثنا عمرو ابن شمر قال:حدّثنا حماد،عن أبي الزبير،عن جابر بن عبد اللّه بن خزام (2)قال:أتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقلت:يا رسول اللّه من وصيك؟

قال:«فأمسك عني عشرا لا يجيبني،ثم قال:يا جابر ألا اخبرك عما سألتني؟فقلت:

بأبي أنت و أمي أم و اللّه لقد سكت عني حتى ظننت إنك وجدت عليّ.

فقال:ما وجدت عليك يا جابر،و لكن كنت أنتظر ما يأتني من السماء،فأتاني جبرائيل عليه السّلام فقال:يا محمد ربك يقول:إن علي بن أبي طالب وصيك و خليفتك على أهلك و أمتك و الذائد عن حوضك و هو صاحب لوائك يقدمك إلى الجنة.

فقلت:يا رسول اللّه أ رأيت من لا يؤمن بهذا الحديث أقتله؟

قال:نعم.يا جابر ما وضع هذا الوضع إلا ليبايع عليه،فمن بايعه كان معي غدا،و من خالفه لم يرد عليّ الحوض أبدا» (3).

الشيخ في أماليه قال:أخبرنا محمد بن محمد(يعني المفيد)قال:أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد(يعني ابن قولويه)قال:حدثني أبي قال:حدّثنا سعد بن عبد اللّه،عن أبي الجوزاء المنبه بن عبد اللّه،عن الحسين بن علوان،عن عمرو بن خالد،عن زيد بن علي،عن أبيه،عن الحسين بن علي،عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

قال:رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«يا علي إن اللّه تعالى أمرني أن أتخذك أخا و وصيا،فأنت أخي1.

ص: 98


1- أمالي الصدوق ص 423.
2- في بعض المصادر:حزام.و الصحيح جابر بن عبد اللّه بن عمرو بن حرام الأنصاري الخزرجي كما في المعاجم.
3- أمالي الطوسي:193/1.

و وصيي و خليفتي على أهلي في حياتي و بعد موتي،من تبعك فقد تبعني و من تخلّف عنك فقد تخلّف عني،و من كفر بك فقد كفر بي،و من ظلمك فقد ظلمني.يا علي أنت مني و أنا منك،يا علي لو لا أنت لما قوتل أهل النهر.

قال:فقلت:يا رسول اللّه و من أهل النهر؟

قال:قوم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية» (1).

الشيخ في أماليه قال:حدّثنا محمد بن الحسن بن الوليد (2)قال:حدثني محمد بن أبي القاسم،عن محمد بن علي الصيرفي،عن محمد بن سنان،عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد اللّه الصادق،عن أبيه،عن جده عليهم السّلام قال:بلغ أم سلمة زوجة النبي صلّى اللّه عليه و اله أن مولى لها(يتنقص)ينتقص عليا و يتناوله،فأرسلت إليه فلما صار إليها قالت له:

يا بني بلغني انّك(تتنقص)تتنقص عليّا و تتناوله؟

قال نعم يا أماه،قالت له:اقعد ثكلتك امك حتى أحدثك بحديث سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله ثم اختر لنفسك،إنا كنا عند رسول اللّه تسع نسوة و كانت ليلتي و يومي من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله..فأتيت الباب فقلت:أدخل يا رسول اللّه؟

قال لا،قالت:فكبوت كبوة،و ساق الحديث بطوله و فيه يا أم سلمة إسمعي و اشهدي هذا علي بن أبي طالب وصيي و خليفتي من بعدي (3).

و الحديث تقدم بطوله في الباب الثالث عشر من طريق ابن بابويه بالإسناد عن الصادق عليه السّلام (4).

ابن بابويه قال:حدّثنا جعفر بن محمد بن مسرور،قال:حدّثنا الحسين بن محمد ابن عامر،عن المعلى بن محمد البصري،عن جعفر بن سليمان،عن عبد اللّه بنء.

ص: 99


1- أمالي الطوسي:203/1.
2- في بعض المصادر:محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد.
3- أمالي الصدوق ص 340-341.أمالي الطوسي:38/2-40.
4- راجع ص 208-209 من هذا الجزء.

الحكم،عن أبيه،عن سعيد بن جبير،عن عبد اللّه بن عباس قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:

«إن خلفائي و أوصيائي،و حجج اللّه على الخلق بعدي إثنا عشر:أولهم أخي و آخرهم ولدي.

قيل:يا رسول اللّه و من أخوك؟

قال:علي بن أبي طالب قيل:فمن ولدك؟

قال المهدي الذي يملأها قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما،و الذي بعثني بالحق نبيا لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل اللّه ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي المهدي،فينزل روح اللّه عيسى ابن مريم فيصلّي خلفه،و تشرق الأرض بنوره،و يبلغ سلطانه المشرق و المغرب» (1).

محمد بن إبراهيم النعماني في كتاب الغيبة،عن أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة،و محمد بن همام بن سهل،و عبد العزيز،و عبد الواحد ابنا عبد اللّه بن يونس، عن رجالهم،عن عبد الرزاق بن همام،قال:حدّثنا معمر بن راشد،عن أبان بن أبي عياش،عن سليم بن قيس الهلالي قال:لما أقبلنا من صفين مع أمير المؤمنين عليه السّلام ننزل قريبا من دير نصراني إذ خرج علينا شيخ من الدير جميل الوجه حسن الهيئة و السمت،معه كتاب في يده حتى أتى أمير المؤمنين عليه السّلام فسلّم عليه فقال (2):إني من نسل حواري عيسى (3)،و كان أفضل حواريه الإثني عشر (4)،و أحبهم إليه،و آثرهم عنده،و إن عيسى أوصى إليه،و دفع إليه كتبه و علمه و حكمته،فلم يزل أهل هذا البيت على دينه،و متمسكين عليه،لم يكفروا و لم يرتدّوا،و لم يغيّروا،و تلك الكتب عندي،إملاء عيسى (5)و خط أبينا بيده،فيها كل شيء يفعل الناس من بعده،و اسمم.

ص: 100


1- كمال الدين:280/1.
2- في بعض المصادر:ثم قال.
3- في بعض المصادر:أحد حواري عيسى ابن مريم.
4- في بعض المصادر:و كان افضل حواري عيسى من الاثني عشر.
5- في بعض المصادر:املاء عيسى ابن مريم.

كل ملك ملك منهم،و إن اللّه تبارك و تعالى يبعث رجلا من العرب من ولد إسماعيل من إبراهيم خليل اللّه (1)،من أرض يقال لها تهامة،من قرية يقال لها مكّة يقال له أحمد،له اثنا عشر إسما،و ذكر مبعثه و مولده و مهاجرته،و من يقاتله،و من ينصره، و من يعاديه،و ما يعيش،و ما تلقى امته بعده إلى أن ينزل عيسى ابن مريم من السماء،و في ذلك الكتاب ثلاث عشر رجلا من ولد إسماعيل ابن إبراهيم خليل اللّه من خلقه (2)و أحبّ من خلق اللّه إلى اللّه،و اللّه ولي لمن والاهم،و عدو لمن عاداهم،من أطاعهم اهتدى و من عصاهم ضل،طاعتهم للّه طاعة،و معصيتهم للّه معصية، مكتوبة أنسابهم و أسماؤهم و نعوتهم،و كم يعش كل واحد منهم (3)واحدا بعد واحد،و كم رجل منهم يستر دينه (4)و يكتمه من قومه،و من الذي يظهر منهم و ينقاد له الناس،حتى ينزل عيسى ابن مريم على آخرهم فيصلّي عيسى خلفه و يقول:إنكم الأئمة لا ينبغي لأحد أن يتقدمكم،فيتقدم و يصلي بالناس و عيسى خلفه في الصف الأول،أوّلهم أفضلهم و خيرهم،و له مثل أجورهم و أجور من أطاعهم و اقتدى بهم (5)،و اسمه محمد،و عبد اللّه،و الفتاح،و يس،الخاتم،و الحاشر،و العاقب، و الماحي،و القائد،و نبي اللّه،و صفي اللّه،و حبيب اللّه،و إنه يذكر إذا ذكر،من أكرم خلق اللّه (6)و أحبّهم إلى اللّه لم يخلق اللّه ملكا مقربا و لا نبيا مرسلا من آدم فمن سواه خيرا عند اللّه و لا إلى اللّه أحب منه،يقعده يوم القيامة على عرشه،و يشفعه في كل من يشفع فيه،باسمه جرى القلم في اللوح المحفوظ محمد رسول اللّه،و بصاحب اللواء يوم الحشر الأكبر أخيه و وصيه و وزيره و خليفته في امته و أحب من خلق اللّهه.

ص: 101


1- في بعض المصادر:من ولد إبراهيم خليل اللّه.
2- في بعض المصادر:من خير خلقه.
3- في بعض المصادر:كل رجل منهم.
4- في بعض المصادر:يستتر بدينه.
5- في بعض المصادر:اهتدى بهم،رسول اللّه و اسمه...
6- في بعض المصادر:من أكرم خلق اللّه على اللّه.

إليه بعده علي ابن عمه لأبيه و امه،و ولي كل مؤمن و مؤمنة من بعده،ثم أحد عشر من ولده (1)أوّلهم يسمى باسم ابني هارون شبرا و شبيرا،و تسعة من صلب أصغرهما،واحدا بعد واحد آخرهم الذي يصلّي خلفه عيسى ابن مريم (2)،و في الحديث طول.

قلت:هذا الحديث ذكره سليم بن قيس الهلالي في كتابه،و كتابه عندي في السنة الحادية و المائة و الألف (3).

ابن بابويه:قال:حدّثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي قال:حدّثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي قال:حدّثنا محمد بن علي بن أحمد الهمداني قال:حدثني أبو الفضل العباس بن عبد اللّه البخاري قال:حدّثنا محمد بن القاسم بن إبراهيم بن عبد اللّه بن القاسم بن محمد بن أبي بكر قال:حدّثنا عبد السلام بن صالح الهروي، عن علي بن موسى الرضا عليه السّلام عن أبيه موسى بن جعفر،عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي،عن أبيه علي بن الحسين،عن أبيه الحسين بن علي،عن أبيه علي بن أبي طالب عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«ما خلق اللّه خلقا أفضل مني و لا أكرم مني عليه».

قال علي عليه السّلام،فقلت:«يا رسول اللّه فأنت أفضل أم جبرائيل»؟

قال عليه السّلام:«يا علي إن اللّه تبارك و تعالى فضّل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقربين، و فضلني على جميع النبيين و المرسلين،و الفضل بعدي لك يا علي و للأئمة من بعدك فإن الملائكة لخدامنا و خدّام محبينا،يا علي اَلَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا (4)بولايتنا.يا علي لو لا نحن ما خلق اللّه7.

ص: 102


1- في بعض المصادر:ثم أحد عشر رجلا من ولد محمد و ولده.
2- كتاب الغيبة للنعماني ص 35-36،البحار:210/36-212.
3- انظر سليم بن قيس ص 152-156 ط-دار الكتب الاسلامية-قم.
4- غافر:7.

آدم و لا حواء،و لا الجنة و لا النار،و لا الأرض،و كيف لا نكون أفضل من الملائكة و قد سبقناهم إلى التوحيد و معرفة ربنا عز و جل و تسبيحه و تقديسه و تهليله لأن أوّل ما خلق اللّه عز و جل أرواحنا فأنطقنا بتوحيده و تمجيده،ثم خلق الملائكة فلمّا شاهدوا أرواحنا نورا واحدا استعظموا أمرنا فسبحنا لتعلم الملائكة أنا خلق مخلوقون و أنه منزه عن صفاتنا،فسبحت الملائكة لتسبيحنا و نزّهته عن صفاتنا،فلما شاهدوا عظم شأننا هللنا لتعلم الملائكة أن لا إله إلا اللّه (1)فلما شاهد و اكبر محلّنا كبّرنا (2)لتعلم الملائكة أن اللّه أكبر من أن ينال،و إنه عظيم المحل،فلمّا شاهدوا ما جعل اللّه لنا من القدرة و القوة (3)قلنا:لا حول و لا قوة إلا باللّه العلي العظيم،لتعلم الملائكة ان لا حول و لا قوة إلا باللّه (4)، فلما شاهدوا ما أنعم اللّه به علينا و أوجبه لنا من فرض الطاعة قلنا:الحمد للّه لتعلم الملائكة ما يحق للّه تعالى ذكره علينا من الحمد على نعمه،فقالت الملائكة:الحمد للّه، فبنا اهتدوا إلى معرفة اللّه تعالى و تسبيحه و تهليله و تحميده و تمجيده،ثم إن اللّه تعالى خلق آدم عليه السّلام و أودعنا صلبه و أمر الملائكة بالسجود له تعظيما لنا و إكراما و كان سجودهم للّه عز و جل عبودية و لآدم إكراما و طاعة لكوننا في صلبه فكيف لا نكون أفضل من الملائكة و قد سجدوا لأدم كلهم أجمعون.

و إنه لما عرج بي إلى السماء:أذّن جبرائيل مثنى مثنى (5)ثم قال:تقدّم يا محمد، فقلت:يا جبرائيل أ تقدم عليك؟

قال:نعم لأن اللّه تبارك و تعالى اسمه فضّل أنبيائه على ملائكته أجمعين و فضّلك خاصة،فتقدّمت و صلّيت بهم و لا فخر،فلمّا انتهيت إلى حجب النور قال ليى.

ص: 103


1- في بعض المصادر:و انا عبيد و لسنا بآلهة يجب أن نعبد معه أو دونه فقالوا لا إله إلاّ اللّه.فلما شاهدوا.
2- في بعض المصادر:كبرنا اللّه.
3- في بعض المصادر:من العزة و القوة.
4- في بعض المصادر:فقالت الملائكة:لا حول و لا قوة إلا باللّه،فلما شاهدوا.
5- في بعض المصادر:و أقام مثنى مثنى.

جبرائيل عليه السّلام:تقدّم يا محمد (1)إن هذا انتهاء حدي الذي وضعه اللّه لي في هذا المكان، فإن تجاوزته احترقت أجنحتي لتعدي حدود ربي جل جلاله،فزج (2)بي زجة في النور حتى انتهيت إلى حيث ما شاء اللّه عز و جل من ملكوته،فنوديت يا محمد أنت عبدي (3)و أنا ربك فإياي فاعبد،و علي فتوكل فإنك نوري في عبادي،و رسولي إلى خلقي، و حجتي في بريتي،لمن تبعك خلقت جنتي،و لمن خالفك خلقت ناري،و لأوصيائك أوجبت كرامتي،و لشيعتك أوجبت ثوابي،فقلت:يا رب و من أوصيائي؟فنوديت:يا محمد أوصياؤك المكتوبون على ساق العرش،فنظرت-و أنا بين يدي ربي-إلى ساق العرش فرأيت اثني عشر نورا،في كل نور سطر أخضر مكتوب عليه إسم كل وصي من أوصيائي،أوّلهم علي بن أبي طالب و آخرهم مهدي امتي،فقلت:يا رب أ هؤلاء أوصيائي من بعدي؟فنوديت:يا محمد هؤلاء أحبائي و أوليائي و أصفيائي و حججي بعدك على بريتي،و هم أوصياؤك و خلفاؤك،و خير خلقي بعدك.و عزتي و جلالي لاظهرنّ بهم ديني،و لأعلين بهم كلمتي،و لأطهّرنّ الأرض بآخرهم من أعدائي، و لأملكنه (4)مشارق الأرض و مغاربها،و لأسخرن له الرياح،و لاذلن له الرقاب الصعاب، و لأرقينه في الأسباب،و لأنصرنه بجندي،و لامدنه بملائكتي حتى يعلن دعوتي و يجمع الخلق على توحيدي،ثم لأديمن ملكه و لأداولن الأيام بين أوليائي إلى يوم القيامة» (5).

ابن بابويه قال:حدّثنا محمد بن عبد اللّه بن المطلب،و أبو عبد اللّه أحمد بن محمد ابن عبد اللّه بن الحسن بن عياش الجوهري،جميعا قال:حدّثنا محمد بن لاحق6.

ص: 104


1- في بعض المصادر:و تخلف عني،فقلت:يا جبرائيل في مثل هذا الموضع تفارقني؟ فقال:يا محمد ان هذا.
2- في بعض المصادر:زخ.
3- في بعض المصادر:فنوديت يا محمد،فقلت:لبيك ربي و سعديك تباركت و تعاليت،فنوديت يا محمد أنت عبدي.
4- في المخطوط:و لأمكنه.
5- كمال الدين:254/1-256.

اليماني،عن ادريس بن زياد (1)الكفرثوثي قال:حدّثنا إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السيفي،عن جعفر بن الزبير،عن القاسم (2)،عن سلمان الفارسي-رضي اللّه عنه-قال:خطبنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقال:«معاشر الناس إني راحل عن قريب (3)، و منطلق إلى مغيب،أوصيكم في عترتي خيرا،و إياكم و البدع فإن كل بدعة ضلالة و كل ضلالة و أهلها في النار.

معاشر الناس من افتقد الشمس فليتمسك بالقمر،و من افتقد القمر فليتمسك بالفرقدين،فإذا فقدتم الفرقدين فتمسّكوا بالنجوم الزاهرة».

فقال سلمان:يا رسول اللّه فما الشمس و القمر (4)؟و ما الفرقدان؟و ما النجوم الزاهرة؟

فقال:«أنا الشمس و علي القمر (5)فإذا افتقدتموني فتمسكوا به بعدي،و أما الفرقدان الحسن و الحسين،فإذا افتقدتموا القمر فتمسكوا بهما،و أما النجوم الزاهرة فهم الأئمة التسعة من صلب الحسين عليهم السّلام و التاسع مهديهم.ثم قال صلّى اللّه عليه و اله:إنهم الأوصياء و الخلفاء بعدي،أئمة أبرار،عدد أسباط يعقوب،و حواري عيسى،قلت:فسمهم لي يا رسول اللّه، قال:أوّلهم و سيّدهم علي بن أبي طالب،و بعده سبطاي،و بعدهما علي بن الحسين زين العابدين،و بعده محمد بن علي باقر علم النبيين،و الصادق جعفر بن محمد،و ابنه الكاظم سمي موسى بن عمران،و الذي يقتل بأرض الغربة علي ابنه،ثم ابنه محمد،ي.

ص: 105


1- في الانصاف:و كفاية الاثر:ادريس بن زياد السبيعي.
2- في الانصاف:القاسم بن سليمان،و في كفاية الاثر:القسم بن سليمان.
3- في كفاية الاثر:راحل عنكم عن قريب.
4- في كفاية الاثر:و من افتقد الفرقدين فليتمسك بالنجوم الزاهرة بعدي،اقول قولي و استغفر اللّه لي و لكم. قال فلما نزل عن منبره عليه السّلام تبعته حتى دخل بيت عائشة فدخلت عليه و قلت:بأبي أنت و أمي يا رسول اللّه سمعتك تقول:إذا افتقدتم الشمس فتمسكوا بالقمر،و إذا افتقدتم القمر فتمسكوا بالفرقدين،و إذا افتقدتم الفرقدين فتمسكوا بالنجوم الزاهرة،فما الشمس؟و ما القمر؟.
5- في كفاية الاثر:اما الشمس فأنا،و أما القمر فعلي.

و الصادقان علي و الحسن،و الحجة القائم المنتظر في غيبته،فإنهم عترتي من لحمي و دمي،علمهم علمي،و حكمهم حكمي،من آذاني فيهم لا أناله اللّه شفاعتي» (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق-رضي اللّه عنه- قال:حدّثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي،قال:حدّثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي الفزاري،قال:حدّثنا محمد بن الحسين بن زيد الزيات،قال:حدّثنا محمد بن زياد الأزدي،عن المفضل بن عمر،عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السّلام قال:سألته عن قول اللّه عز و جل: وَ إِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ (2)هذه الكلمات التي (3)تلقّاها آدم من ربه فتاب عليه،و هو أنّه قال:«يا رب أسألك بحق محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين إلا تبت عليّ»،فتاب اللّه عليه إنه هو التواب الرحيم،فقلت:يابن رسول اللّه فما يعني عز و جل بقوله: فَأَتَمَّهُنَّ ؟

قال:«يعني أتمهن إلى القائم عليه السّلام إثنا عشر إماما تسعة من ولد الحسين عليه السّلام».

قال المفضل:فقلت له:يابن رسول اللّه فأخبرني عن قول اللّه عز و جل: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ (4)قال:«يعني بذلك الإمامة جعلها اللّه في عقب الحسين عليه السّلام إلى يوم القيامة».قال:فقلت له:يابن رسول اللّه فكيف صارت الإمامة في ولد الحسين و هما جميعا ولدا رسول اللّه و سبطاه،و سيّدا شباب أهل الجنة؟

فقال عليه السّلام:«إن موسى و هارون كانا نبيّين مرسلين أخوين فجعل اللّه النبوة في صلب هارون دون صلب موسى،و لم يكن لأحد أن يقول:لم فعل اللّه ذلك؟فإن الإمامة خلافة اللّه عز و جل ليس لأحد أن يقول:لم جعلها في صلب الحسين دون صلب الحسن،لأن اللّه تبارك و تعالى هو الحكيم في أفعاله لا يسأل عما يفعله و هم يسألون» (5).7.

ص: 106


1- الانصاف ص 261-262،عن النصوص لابن بابويه،و رواه الخزاز في كفاية الاثر ص 6.
2- البقرة:124.
3- في بعض المصادر:قال:هي الكلمات التي.
4- الزخرف:27.
5- معاني الاخبار ص 126-127.

النص على الحسين من أبيه أمير المؤمنين عليهما السلام

و النص من الامام السابق مما أجمع عليه الفريقان أنه يثبت الامامة (1).

قال في اثبات الوصية:إن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:«إني أوصي الى الحسن و الحسين فاسمعوا لهما و أطيعوا أمرهما» (2).

و نص المدائني على ذلك في حديث ابن عباس:«أن أمير المؤمنين عليه السّلام توفّي و قد ترك خلفا فإن أحببتم خرج اليكم» (3).

و قال في مروج الذهب و أنساب الاشراف:و قد ذكرت طائفة من الناس أن عليا أوصى الى ابنيه الحسن و الحسين لأنهما شريكاه في آية التطهير،و هذا قول كثير ممن ذهب الى القول بالنص (4).

و قال عليه السّلام:«أنتما إمامان بعدي سيدا شباب أهل الجنة و المعصومان حفظكما اللّه و لعنة اللّه على من عاداكما» (5).

و قال سليم بن قيس الهلالي (6):شهدت أمير المؤمنين حين أوصى الى ابنه

ص: 107


1- -كما صرح بذلك القاضي اللايجي في مواقفه المقصد الثالث عنه الغدير:141/7 و كذلك الروزبهان كما في احقاق الحق:336/2.
2- -اثبات الوصية:131.
3- -شرح النهج لابن ابي الحديد:22/16 كتاب 29 ترجمة الحسن،و جواهر المطالب:195/2 باب 68.
4- -مروج الذهب:42/2 ط.مصر 1346 و 413/2 ط.الاندلس-بيروت،و انساب الاشراف:/2 504-497 امر ابن ملجم و قتل علي مع تفاوت و عدم ذكر الحسين.
5- -كفاية الاثر:221.
6- -رورى عن جابر عن الباقر.

الحسن عليه السّلام و أشهد على وصيته الحسين عليه السّلام و محمدا و جميع ولده و رؤساء شيعته و أهل بيته ثم دفع اليه الكتاب و السلاح و قال له:

«يا بني إنه أمرني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله أن أوصي إليك و أدفع إليك كتبي و سلاحي كما أوصى اليّ و دفع اليّ كتبه و سلاحه،و أمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعها الى أخيك الحسين عليه السّلام» (1).

و في حديث الاصبغ بن نباتة:قال خرج علينا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام و هو يقول:«...إن خير الخلق بعدي و سيدهم ابني هذا إمام كل مسلم و ولي كل مؤمن بعد وفاتي،ألا و انه سيظلم بعدي كما ظلمت بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله،و خير الخلق و سيدهم بعد الحسن ابني الحسين المظلوم بعد أخيه المقتول بأرض كربلاء» (2).

و في رواية:«الحسن و الحسين من عترتي و أوصيائي و خلفائي» (3).

و نحو ذلك من النصوص (4).0.

ص: 108


1- -اعلام الورى:207.
2- -اعلام الورى:377.
3- -كفاية الاثر:221،و اثبات الهداة:139/5.
4- -راجع اصول الكافي:297/1-300.

النص على الحسين من أخيه الحسن صلوات اللّه عليهما

عن الكليني،عن علي،عن أبيه،عن بكر بن صالح،عن محمد بن سليمان الديلمي،عن هارون بن الجهم قال:سمعت أبا جعفر محمد بن علي عليهما السّلام يقول:لما احتضر الحسن عليه السّلام قال للحسين:يا أخي إني أوصيك بوصية إذا أنا مت فهيئني و وجهني إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله لأحدث به عهدا،ثم اصرفني إلى أمي فاطمة عليها السّلام ثم ردني فادفني بالبقيع إلى آخر الخبر (1).

و عن الكليني بإسناده،عن المفضل بن عمر،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:لما حضرت الحسن الوفاة قال:يا قنبر أنظر هل ترى وراء بابك مؤمنا من غير آل محمد،فقال:اللّه و رسوله و ابن رسوله أعلم،قال:إمض فادع لي محمد بن علي، قال:فأتيته فلما دخلت عليه قال:هل حدث إلا خير؟

قلت:أجب أبا محمد،فعجّل عن شسع نعله فلم يسوه،فخرج معي يعدو (2).

فلما قام بين يديه سلّم فقال له الحسن:إجلس فليس يغيب مثلك عن سماع كلام يحيى به الأموات،و يموت به الأحياء كونوا أوعية العلم،و مصابيح الدجى فإن ضوء النهار بعضه أضوأ من بعض أما علمت أن اللّه عز و جل جعل ولد إبراهيم أئمة و فضّل بعضهم على بعض،و آتى داود زبورا،و قد علمت بما استأثر اللّه محمدا صلّى اللّه عليه و اله.

يا محمد بن علي إني لا أخاف عليك الحسد،و إنما وصف اللّه تعالى به الكافرين

ص: 109


1- بحار الأنوار:23/40 ح 1،و رواه في الكافي:300/1.
2- بحار الأنوار:1/40-5 ح 2.

فقال: كُفّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ (1)و لم يجعل اللّه للشيطان عليك سلطانا،يا محمد بن علي ألا أخبرك بما سمعت من أبيك عليه السّلام فيك؟

قال:بلى،قال:سمعت أباك يقول يوم البصرة:من أحب أن يبرني في الدنيا و الآخرة فليبر محمدا،يا محمد بن علي لو شئت أن أخبرك و أنت نطفة في ظهر أبيك لأخبرتك يا محمد بن علي أما علمت أن الحسين بن علي بعد وفاة نفسي و مفارقة روحي جسمي إمام من بعدي و عند اللّه في الكتاب الماضي وراثة النبي أصابها في وراثة أبيه و امه علم اللّه أنكم خير خلقه،فاصطفى منكم محمدا و اختار محمد عليا و اختارني علي للامامة و اخترت أنا الحسين.

فقال له محمد بن علي:أنت إمامي و سيدي (2)و أنت وسيلتي إلى محمد و اللّه لوددت أن نفسي ذهبت قبل أن أسمع منك هذا الكلام ألا و إن في رأسي كلاما لا تنزفه الدلاء،و لا تغيّره بعد الرياح (3)كالكتاب المعجم،في الرق المنمنم،أهم بابدائه فأجدني سبقت إليه سبق الكتاب المنزل،و ما جاءت به الرسل و إنه لكلام يكل به لسان الناطق،و يد الكاتب (4)و لا يبلغ فضلك،و كذلك يجزي اللّه المحسنين و لا قوة إلا باللّه.

الحسين أعلمنا علما،و أثقلنا حلما،و أقربنا من رسول اللّه رحما،كان إماما قبل أن يخلق،و قرأ الوحي قبل أن ينطق،و لو علم اللّه أن أحدا خير منا (5)ما اصطفى محمدا صلّى اللّه عليه و اله فلما اختار محمدا و اختار محمد عليا إماما،و اختارك علي بعده و اخترت الحسين بعدك،سلمنا و رضينا بمن هو الرضا،و بمن نسلم به من المشكلات (6).ر.

ص: 110


1- سورة البقرة:109.
2- كذا في نسخة الأصل نسخة المصنف قدس سره و في الكافي و أنت امام و أنت وسيلتي.
3- في بعض المصادر:نغمة الرياح.
4- زاد في بعض المصادر:حتى لا يجد قلما و يؤتوا بالقرطاس حمما.
5- في هامش نسخة المصنف نقلا عن الكافي:و لو علم اللّه في أحد غير محمد خيرا لما اصطفى.
6- الكافي ج 1 ص 301 و 302 مع اختلاف يسير.

بيان:قوله:«فقال:اللّه»أي لا تحتاج إلى أن أذهب و أرى فإنك بعلومك الربانية أعلم بما أخبرك بعد النظر،و يحتمل أن يكون المراد بالنظر النظر بالقلب،بما علموه من ذلك،فإنه كان من أصحاب الأسرار فلذا قال:أنت أعلم به مني من هذه الجهة، و لعل السؤال لأنه كان يريد أولا أن يبعث غير قنبر لطلب ابن الحنفية فلما لم يجد غيره بعثه.

و يحتمل أن يكون أراد بقوله«مؤمنا»ملك الموت عليه السّلام،فإنه كان يقف و يستأذن للدخول عليهم فلعله أتاه بصورة بشر فسأل قنبرا عن ذلك ليعلم أنه يراه أم لا، فجوابه حينئذ أني لا أرى أحدا و أن أعلم بما تقول،و ترى ما لا أرى فلما علم أنه الملك بعث إلى أخيه.

«فعجل عن شسع نعله»أي صار تعجيله مانعا عن عقد شسع النعل،قوله:«عن سماع كلام»أي النص على الخليفة،فإن السامع إذا أقر فهو حي بعد وفاته،و إذا أنكر فهو ميت في حياته،أو المعنى أنه سبب لحياة الأموات بالجهل و الضلالة بحياة العلم و الايمان،و سبب لموت الأحياء بالحياة الظاهرية أو بالحياة المعنوية إن لم يقبلوه،و قيل يموت به الأحياء أي بالموت الإرادي عن لذات هذه النشأة الذي هو حياة أخروية في دار الدنيا و هو بعيد.

«كونوا أوعية العلم»تحريص على استماع الوصية،و قبولها و نشرها،أو على متابعة الامام و التعلم منه،و تعليم الغير،قوله عليه السّلام«فإن ضوء النهار»أي لا تستنكفوا عن التعلم و إن كنتم علماء فإن فوق كل ذي علم عليم،أو عن تفضيل بعض الأخوة على بعض.

و الحاصل أنه قد استقر في نفوس الجهلة بسبب الحسد أن المتشعبين من أصل واحد في الفضل سواء،و لذا يستنكف بعض الأخوة و الأقارب عن متابعة بعضهم و كان الكفار يقولوه للانبياء: ما أَنْتُمْ إِلاّ بَشَرٌ مِثْلُنا (1)فأزال عليه السّلام تلك الشبهة5.

ص: 111


1- سورة يس:15.

بالتشبيه بضوء النهار في ساعاته المختلفة فإن كله من الشمس،لكن بعضه أضوأ من بعض كأول الفجر،و بعد طلوع الشمس،و بعد الزوال و هكذا،فباختلاف الإستعداد و القابليات تختلف إفاضة الأنوار على المواد.

و قوله:«أما علمت أن اللّه»تمثيل لما ذكر سابقا و تأكيد له،و قوله:«فجعل ولد إبراهيم أئمة»إشارة إلى قوله تعالى: وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ نافِلَةً وَ كُلاًّ جَعَلْنا صالِحِينَ* وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا (1)و قوله«و فضل»الخ إشارة إلى قوله سبحانه وَ لَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ وَ آتَيْنا داوُدَ زَبُوراً (2).

«و قد علمت بما استأثر»أي علمت بأي جهة استأثر اللّه محمدا أي فضّله،إنما كان لوفور علمه،و مكارم أخلاقه،لا بنسبه و حسبه،و أنت تعلم أن الحسين أفضل منك بجميع هذه الجهات،و يحتمل أن تكون"ما"مصدرية و الباء لتقوية التعدية أي علمت استيثار اللّه إياه.

قوله«إني لا أخاف»فيما عندنا من نسخ الكافي"إني أخاف"و لعل ما هنا أظهر.

قوله عليه السّلام:«و لم يجعل اللّه»الظاهر أن المراد قطع عذره في ترك ذلك،أي ليس للشيطان عليك سلطان يجبرك على الإنكار،و لا ينافي ذلك قوله تعالى: إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ (3)لأن ذلك بجعل أنفسهم لا بجعل اللّه،أو السلطان في الآية محمول على ما لا يتحقق معه الجبر،أو المعنى أنك من عباد اللّه الصالحين و قد قال تعالى إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ (4)و يحتمل أن تكون جملة دعائية.

قوله عليه السّلام«و عند اللّه»في الكافي:«و عند اللّه جل اسمه في الكتاب وراثة من النبي صلّى اللّه عليه و اله أضافها اللّه عز و جل له في وراثة أبيه و أمه صلى اللّه عليهما،فعلم اللّه»أي2.

ص: 112


1- سورة الأنبياء:73.
2- سورة الإسراء:55.
3- سورة النحل:100.
4- سورة الحجر:42.

كونه إماما مثبت عند اللّه في اللوح أو في القرآن،و قد ذكر اللّه وراثته مع وراثة أبيه و أمه كما سبق في وصية النبي صلّى اللّه عليه و اله،فيكون«في»بمعنى«إلى»أو«مع»و يحتمل أن تكون«في»سببية كما أن الظاهر مما في فضائلك و مناقبك"لا تنزفه الدلاء"أي لا تفنيه كثرة البيان،من قولك نزفت ماء البئر،إذا نزحت كله،"و لا تغيره بعد الرياح" كناية عن عذوبته و عدم تكدره بقلة ذكره،فإن ما لم تهب عليه الرياح تتغير،و في الكافي"نغمة الرياح"و إن ذلك أيضا قد يصير سببا للتغير أي لا يتكرر و لا يتكدر بكثرة الذكر و مرور الأزمان،أو كنى بالرياح عن الشبهات التي تخرج من أفواه المخالفين الطاعنين في الحق كما قال تعالى: يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللّهِ بِأَفْواهِهِمْ (1).

قوله كالكتاب المعجم:من الاعجام بمعنى الاغلاق يقال:أعجمت الكتاب خلاف أعربته،و باب معجم كمكرم مقفل،كناية عن أنه من الرموز و الاسرار،أو من التعجيم،أو الاعجام بمعنى إزالة العجمة بالنقط و الإعراب،أشار به إلى إبانته عن المكنونات"و الرق"و يكسر جلد رقيق يكتب فيه،و الصحيفة البيضاء،و يقال:

نمنمه أي زخرفه،و رقشه،و النبت المنمنم الملتف المجتمع،و في بعض نسخ الكافي المنهم من النهمة بلوغ الهمة في الشيء كناية عن كونه ممتلئا أو من قولهم:

إنهم البرد و الشحم،أي ذابا كناية عن إغلاقه كأنه قد ذاب و محي.

قوله:فأجدني:أي كلما أهم أن أذكر من فضائلك شيئا أجده مذكورا في كتاب اللّه و كتب الأنبياء،و قيل:أي سبقتني إليه أنت و أخوك لذكره في القرآن و كتب الأنبياء،و علمها عندكما،و الظاهر أن"سبق"مصدر و يحتمل أن يكون فعلا ماضيا على الاستئناف،و على التقديرين سبقت على صيغة المجهول و"إنه"أي ما في رأسي.

و في بعض نسخ الكافي بعد قوله و يد الكاتب:«حتى لا يجد قلما و يؤتى بالقرطاس حمما»و ضمير يجد للكاتب و كذا ضمير يؤتى أي يكتب حتى تفنى8.

ص: 113


1- سورة الصف:8.

الاقلام و تسود جميع القراطيس،و الحمم بضم الحاء و فتح الميم جمع الحممة كذلك أي الفحمة يشبه بها الشيء الكثير السواد،و ضمير يبلغ للكاتب.

أعلمنا علما:علما تميز للنسبة على المبالغة و التأكيد.كان إماما،و في الكافي كان فقيها قبل أن يخلق:أي بدنه الشريف كما مر أن أرواحهم المقدسة قبل تعلقها بأجسادهم المطهرة كانت عالمة بالعلوم اللدنية و معلمة للملائكة.

قبل أن ينطق:أي بين الناس كما ورد أنه عليه السّلام أبطأ عن الكلام أو مطلقا إشارة إلى علمه في عالم الارواح و في الرحم.

و في الكافي في آخر الخبر:من بغيره يرضى و من كنا نسلم به من مشكلات أمرنا فقوله"من بغيره يرضى"الإستفهام للإنكار،و الظرف متعلق بما بعده و ضمير يرضى راجع إلى من،و في بعض النسخ بالنون و هو لا يستقيم إلا بتقدير الباء في أول الكلام أي بمن بغيره نرضى،و في بعضها من بعزه نرضى أي هو من بعزه و غلبته نرضى،أو الموصول مفعول رضينا"و من كنا نسلم به"أيضا إما استفهام إنكار بتقدير غيره،و نسلم إما بالتشديد فكلمة من تعليلية أو بالتخفيف أي نصير به سالما من الابتلاء بالمشكلات،و على الإحتمال الأخير في الفقرة السابقة معطوف على الخبر أو على المفعول و يؤيد الأخير فيهما ما هنا (1).2.

ص: 114


1- بحار الأنوار:180/40 ح 2.

النص على الإمام الحسين في حديث اللوح

إبراهيم بن محمد الحمويني قال:أنبأني المشايخ الكرام السيد جمال الدين رضي الإسلام أحمد بن طاووس الحسني و السيد الإمام النسابة جلال الدين عبد الحميد بن فخار بن معد بن فخار الموسوي و علامة زمانه نجم الدين أبو القاسم جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الحلّيّون(رضي اللّه عنهم)كتابة عن السيد الإمام شمس الدين شيخ الشرف فخار بن معد بن فخار الموسوي عن شاذان بن جبرائيل القمي عن جعفر بن محمد الدورستي عن أبيه عن أبي جعفر محمد بن علي ابن الحسين بن موسى بن بابويه القمي رضى اللّه عنه قال:حدّثني أبي و محمد بن الحسن (رضي اللّه عنهما)قالا:حدثّنا سعد بن عبد اللّه و عبد اللّه بن جعفر الحميري جميعا عن أبي الخير (1)صالح بن أبي حماد و الحسن بن طريف جميعا عن بكر بن صالح، و حدّثنا أبي و محمد بن موسى بن المتوكل و محمد بن علي ماجيلويه و أحمد بن علي بن إبراهيم و الحسين بن إبراهيم بن ناتانه و أحمد بن زياد الهمداني(رضي اللّه عنهم)قالوا:حدّثنا علي بن إبراهيم عن أبيه إبراهيم بن هاشم روّح اللّه روحيهما عن بكر بن صالح عن عبد الرّحمن بن سالم عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه الصلاة و السلام قال:«قال أبي عليه السّلام لجابر بن عبد الأنصاري:إن لي إليك حاجة فمتى يخف عليك أن أخلو بك فاسألك عنها؟

فقال له جابر:في أي الاوقات شئت،فخلا به أبي عليه السّلام فقال له:يا جابر،أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يدي أمي فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و ما أخبرتك به أنّ في ذلك

ص: 115


1- في بعض المصادر:عن أبي الحسن.

اللوح مكتوبا فقال جابر:أشهد اللّه أني دخلت على أمك فاطمة عليها السّلام في حياة رسول اللّه أهنيها بولادة الحسين فرأيت في يدها لوحا أخضر ظننت أنه زمرّد و رأيت فيه كتابا أبيض شبه نور الشمس فقلت لها:بأبي أنت و امي يا بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله ما هذا اللوح؟

فقالت:هذا اللوح أهداه اللّه إلى رسوله صلّى اللّه عليه و اله فيه اسم أبي و اسم بعلي و اسم ابني و اسم الأوصياء من ولدي فأعطانيه أبي ليبشرني (1)بذلك،قال جابر:فأعطتنيه أمك فاطمة فقرأته و انتسخته فقال أبي:فهل لك يا جابر أن تعرضه عليّ؟

قال:نعم،فمشى معه أبي حتى انتهى إلى منزل جابر و أخرج إلى أبي صحيفة من رقّ فقال:يا جابر أنظر إلى كتابك لأقرأ عليك فنظر جابر في نسخته فقرأه أبي فما خالف حرف حرفا،فقال جابر:فأشهد باللّه أني رأيته هكذا في اللوح مكتوبا.

بسم اللّه الرّحمن الرحيم هذا كتاب من اللّه العزيز الحكيم لمحمد نوره و سفيره و حجابه و دليله نزل به الروح الأمين من عند رب العالمين،عظّم يا محمد أسمائي و اشكر نعمائي و لا تجحد الآئي فإني أنا اللّه لا إله إلاّ أنا قاصم الجبارين و مذل الظالمين و مبير المتكبرين و ديان الدين إنّي أنا اللّه لا إله إلاّ أنا فمن رجا غير فضلي و خاف غير عدلي عذّبته عذابا لا أعذّبه أحدا من العالمين،فإياي فاعبد و عليّ فتوكل.

إني لم أبعث نبيّا فأكملت أيامه و انقضت مدته إلا جعلت له وصيّا و إني فضلتك على الأنبياء و فضلت وصيّك على الأوصياء و أكرمتك بشبليك بعده و بسبطيك حسن و حسين،فجعلت حسنا معدن علمي بعد انقضاء مدّة أبيه و جعلت حسينا خازن وحيي و أكرمته بالشهادة و ختمت له بالسعادة،فهو أفضل من استشهد و ارفع الشهداء درجة، جعلت كلمتي التامة معه و الحجة البالغة عنده،بعترته أثيب و أعاقب،أولهم سيّد العابدين و زين أوليائي الماضين،و ابنه شبيه جده المحمود محمد الباقر لعلمي و المعدن لحكمتي سيهلك المرتابون في جعفر،الرادّ عليه كالراد عليّ،حق القول مني لأكرمن مثوى جعفر و لأسرّنّه في أشياعه و أنصاره و أوليائه و انتجبت بعده موسى،ي.

ص: 116


1- في بعض المصادر:ليسرني.

و لأتيحن فتنة عمياء حندس لأن خيط فرضي لا ينقطع و حجتي لا تخفى و ان أوليائي لا يشقون،ألا و من جحد واحدا منهم فقد جحد نعمتي،و من غيّر آية من كتابي فقد افترى عليّ،و ويل للمفترين الجاحدين عند انقضاء مدة عبدي موسى و حبيبي و خيرتي،ألا إن المكذب للثامن مكذب بكل أوليائي،و علي وليي و ناصري أضع عليه أعباء النبوّة و أمنحه بالاضطلاع بها،يقتله عفريت مستكبر،يدفن بالمدينة التي بناها العبد الصالح[ذو القرنين] (1)إلى جنب شر خلقي،حق القول مني لأقرنّ عينه بمحمد ابنه و خليفته من بعده فهو وارث علمي و معدن حكمتي و موضع سري و حجتي على خلقي،جعلت الجنة مثواه و شفّعته في سبعين من أهل بيته كلهم قد استوجبوا النار و أختم بالسعادة لابنه علي وليّي و ناصري و الشاهد في خلقي و أميني على وحيي، و أخرج منه الداعي إلى سبيلي و الخازن لعلمي الحسن ثم أكمل ذلك بابنه رحمة للعالمين عليه كمال موسى و بهاء عيسى و صبر أيوب و سيذل أوليائي في زمانه و يتهادون رؤوسهم كما تتهادى رؤوس الترك و الديلم،فيقتلون و يحرقون و يكونون خائفين مرعوبين وجلين تصبغ الأرض بدمائهم و ينشأ الويل و الرنين في نسائهم،أولئك أوليائي حقا بهم أدفع كل فتنة عمياء حندس و بهم أكشف الزلازل و أدفع الآصار و الأغلال أولئك عليهم صلوات من ربهم و رحمة و أولئك هم المهتدون».

قال عبد الرّحمن بن سالم:قال أبو بصير:لو لم تسمع في دهرك إلا هذا الحديث لكفاك فصنه إلاّ عن أهله (2).

إبراهيم بن محمد الحمويني قال ابن بابويه و حدّثنا علي بن الحسين المؤدب و أحمد بن هارون القاضي قالا:أنبأنا محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أبيه عن جعفر بن محمد بن مالك الفزاري الكوفي عن مالك السلولي عن درست عن عبد الحميد عن عبد اللّه بن القاسم عن عبد اللّه بن جبلة عن أبي السفاتج عن جابر الجعفي3.

ص: 117


1- زيادة من بعض المصادر.
2- كمال الدين و تمام النعمة:308،الفضائل لشاذان بن جبرئيل القمي:113.

عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السّلام عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال:دخلت على فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و قدّامها لوح يكاد ضوؤه يغشى الأبصار،فيه اثنا عشر اسما:ثلاثة في ظاهره و ثلاثة في باطنه و ثلاثة أسماء في آخره و ثلاثة أسماء في طرفه فعددتها فإذا هي إثنا عشر،فقلت:أسماء من هذا؟

قالت:«هذه اسماء الأوصياء أولهم ابن عمي و أحد عشر من ولدي آخرهم القائم»

قال جابر:فرأيت فيها محمدا محمدا محمدا في ثلاثة مواضع و عليّا و عليا و عليا و عليا في أربعة مواضع (1).

الحمويني هذا قال و بالاسناد إلى أبي جعفر بن بابويه-رضي اللّه عنهما-قال:

أنبأنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني-رضي اللّه عنهم-قال:حدّثنا الحسن ابن إسماعيل،قال:أنبأنا أبو عمر سعيد بن محمد بن نصر العطار (2)قال أنبأنا عبد اللّه بن محمد السلمي قال:أنبأنا محمد بن عبد الرحيم قال:أنبأنا محمد بن سعيد ابن محمد قال:أنبأنا العباس بن أبي عمر عن صدقة بن أبي موسى عن أبي نضرة قال:لما احتضر أبو جعفر محمد بن علي[الباقر صلوات اللّه عليهما] (3)عند الوفاة دعا بابنه الصادق عليه السّلام ليعهد إليه عهدا،و قال له أخوه زيد بن علي:لو امتثلت في تمثال الحسن و الحسين عليهما السّلام لرجوت أن لا تكون أتيت منكرا فقال له:«يا أبا الحسن إن الامانات ليس بالمثال و لا العهود بالسّوم،و إنما هي أمور سابقة عن حجج اللّه تبارك و تعالى»،ثم دعا بجابر بن عبد اللّه فقال له:«يا جابر،حدّثنا بما عاينت من الصحيفة».

فقال له جابر:نعم يا أبا جعفر،دخلت على مولاتي فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله لأهنّيها بمولد الحسين عليه السّلام فإذا بيدها صحيفة من درّة بيضاء فقلت:يا سيدة النسوان ما هذه الصحيفة التي اراها معك؟ر.

ص: 118


1- كمال الدين و تمام النعمة:311.
2- في بعض المصادر:القطان.
3- زيادة ليس في بعض المصادر.

قالت:«فيها اسماء الأئمة من ولدي».

فقلت لها:ناوليني لأنظر فيها،قالت:«يا جابر لو لا النهي لكنت أفعل لكنّه قد نهى أن يمسها إلاّ نبي أو وصي نبي،أو أهل بيت نبي و لكنه مأذون لك أن تنظر إلى بطنها من ظاهرها».

قال جابر:فقرأت فإذا أبو القاسم محمد بن عبد اللّه المصطفى و أمه آمنة،أبو الحسن علي بن أبي طالب المرتضى أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، أبو محمد الحسن بن علي،و أبو عبد اللّه الحسين بن علي النقي أمهما فاطمة بنت محمد،أبو محمد علي بن الحسين العدل أمّه شاه بانويه (1)بنت يزدجر بن شاهنشاه،أبو جعفر محمد بن علي الباقر أمه أم عبد اللّه بنت الحسن بن علي بن أبي طالب،أبو عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق أمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر،أبو إبراهيم موسى بن جعفر الثقة أمه جارية اسمها حميدة،أبو الحسن علي ابن موسى الرضا أمه جارية اسمها نجمة،أبو جعفر محمد بن علي الزكي أمه جارية اسمها خيرزان،أبو الحسن علي بن محمد الامين أمه جارية اسمها سوسن، أبو محمد الحسن بن علي الرفيق أمه جارية اسمها سمانة،أبو القاسم محمد بن الحسن هو حجة اللّه القائم أمه جارية اسمها نرجس صلوات اللّه عليهم أجمعين.

قال الشيخ أبو جعفر بن بابويه جاء هذا الحديث هكذا بتسميته القائم عليه الصلاة و السلام و الذي أذهب إليه ما روي من النهي في تسميته (2).

إبراهيم بن محمد الحمويني هذا من أعيان علماء العامة قال:أنبأني الشيخ سديد الدين يوسف بن علي بن المطهر الحلي رضى اللّه عنه عن الشيخ الفقيه مهذب الدين أبي عبد اللّه الحسين بن أبي الفرج بن ردّة[السلمي]رضى اللّه عنه (3)بروايته عن محمد بن الحسين بني.

ص: 119


1- في بعض المصادر:شاه بانو.
2- عيون أخبار الرضا عليه السّلام:48/2.
3- في بعض المصادر:النيلي.

علي بن عبد الصمد عن والده عن جده محمد عن أبيه عن جماعة منهم السيد أبو البركات علي بن الحسين الجوري العلوي و أبو بكر محمد بن أحمد بن علي المعمري و الفقيه أبو جعفر محمد بن إبراهيم القايني بروايتهم عن الشيخ الفقيه جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي-قدس اللّه أرواحهم الشريفة-قال:حدّثنا ابن ماجيلويه رضى اللّه عنه قال:حدثنا عمي محمد بن أبي القاسم عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي قال:حدّثنا محمد بن علي القرشي قال:حدثنا أبو الربيع الزهراني قال:حدثنا جرير عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد قال:قال ابن عباس:

سمعت النبي صلّى اللّه عليه و اله يقول:«إن للّه تبارك و تعالى ملكا يقال له دردائيل كان له ستة عشر ألف جناح ما بين الجناح إلى الجناح هواء،و الهواء كما بين السماء إلى الأرض فجعل يوما يقول في نفسه أ فوق ربنا جل جلاله شيء؟فعلم اللّه ما قال فزاده أجنحة مثلها فصار له اثنان و ثلاثون ألف جناح،ثم أوحى اللّه جل جلاله إليه أن طر فطار مقدار خمسين عاما فلم ينل رأس قائمة من قوائم العرش فلما علم اللّه أتعابه أوحى إليه:أيها الملك عد إلى مكانك فأنا عظيم كل عظيم و ليس فوقي شيء عظيم و لا أوصف بمكان،فسلبه اللّه أجنحته و مقامه من صفوف الملائكة.

فلما ولد الحسين بن علي صلوات اللّه عليهما و آلهما و كان مولده عشية الخميس ليلة الجمعة،أوحى اللّه عز و جل إلى مالك خازن النار أن أخمد النيران على أهلها لكرامة مولود ولد لمحمد صلّى اللّه عليه و اله في دار الدنيا،و أوحى اللّه تبارك و تعالى إلى رضوان خازن الجنان أن زخرف الجنان و طيبها لكرامة مولود ولد لمحمد صلّى اللّه عليه و اله في دار الدنيا،و أوحى اللّه تبارك و تعالى إلى حور العين أن تزينوا و تزاوروا لكرامة مولود ولد لمحمد صلّى اللّه عليه و اله في دار الدنيا و أوحى اللّه عز و جل إلى جبرائيل أن اهبط إلى نبيي محمد صلّى اللّه عليه و اله في ألف قبيل و القبيل ألف ألف من الملائكة على خيول بلق مسرجة ملجمة،عليها قباب الدرّ و الياقوت و معهم ملائكة يقال لهم الروحانيون،بأيديهم حراب من نور أن يهنّئوا محمدا صلّى اللّه عليه و اله بمولوده، و أخبره يا جبرائيل أنه قد سميته الحسين فهنّئه و عزّه و قل له:يا محمد يقتله شر أمتك

ص: 120

على شر الدواب،فويل للقاتل و ويل للسائق و ويل للقائد،قاتل الحسين أنا منه بريء و هو مني برىء،و لأنه لا يأتي يوم القيامة أحد من المذنبين إلا و قاتل الحسين أعظم جرما منه،قاتل الحسين يدخل النار يوم القيامة مع الذين يزعمون أن مع اللّه إلها آخر، و النار أشوق إلى قاتل الحسين ممن أطاع اللّه الى الجنة.

قال:فبينا جبرئيل عليه السّلام يهبط من السماء إلى الأرض إذ مرّ بدردائيل فقال له دردائيل:

يا جبرئيل ما هذه الليلة في السماء هل قامت القيامة على أهل الدنيا؟

قال:لا و لكن ولد لمحمد صلّى اللّه عليه و اله مولود في دار الدنيا و قد بعثني اللّه عز و جل إليه لأهنّيه بمولوده،فقال له الملك:يا جبرائيل بالذي خلقني و خلقك إذا هبطت إلى محمد فأقرئه مني السلام و قل له بحق هذا المولود عليك إلا ما سألت ربك أن يرضى عني و يرد عليّ أجنحتي و مقامي من صفوف الملائكة،فهبط جبرائيل عليه السّلام على النبي صلّى اللّه عليه و اله فهنّاه كما أمره اللّه عز و جل و عزّاه فقال له النبي صلّى اللّه عليه و اله:تقتله أمتي،فقال له:نعم يا محمد،فقال النبي صلّى اللّه عليه و اله:

ما هؤلاء بأمتي،أنا منهم بريء و اللّه منهم بريء،قال جبرائيل عليه السّلام:و أنا بريء منهم يا محمد،فدخل النبي صلّى اللّه عليه و اله على فاطمة عليها السّلام فهنّاها و عزاها فبكت فاطمة عليها السّلام ثم قالت:يا ليتني لم ألده،قاتل الحسين في النار،فقال النبي صلّى اللّه عليه و اله:و أنا أشهد بذلك يا فاطمة،و لكنه لا يقتل حتى يكون منه إمام يكون منه الأئمة الهادية،قال عليه السّلام:و الأئمة بعدي عليهم السّلام:الهادي علي و المهتدي الحسن و الناصر الحسين و المنصور علي بن الحسين،و الشافع (1)محمد بن علي و النفاع جعفر بن محمد،و الأمين موسى بن جعفر و الرضا علي بن موسى،و الفعال محمد بن علي و المؤتمن علي بن محمد و العلاّم الحسن بن علي،و من يصلي خلفه عيسى ابن مريم عليه السّلام ابن الحسن بن علي القائم عليه السّلام» (2)،فسكتت فاطمة عليها السّلام من البكاء ثم أخبر جبرائيل عليه السّلام النبي صلّى اللّه عليه و اله بقصة الملك و ما أصيب به،قال ابن عباس:

فأخذ النبي صلّى اللّه عليه و اله الحسين عليه السّلام و هو ملفوف في خرقة من صوف فأشار به إلى السماءط.

ص: 121


1- عن هامش بعض المصادر:في بعض النسخ:الشفاع و في بعضها النفاح.
2- في ترتيب الأسماء و الصفات اختلاف عن المخطوط.

ثم قال:«اللهم بحق هذا المولود عليك لا بل بحقك عليه و على جده محمد و إبراهيم و إسماعيل و إسحاق و يعقوب،إن كان للحسين بن علي و ابن فاطمة عندك قدر فارض عن دردائيل و ردّ عليه أجنحته و مقامه من صفوف الملائكة،فاستجاب اللّه دعاءه و غفر للملك فالملك لا يعرف في الجنة إلا بأن يقال:هذا مولى الحسين بن علي و ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله» (1).3.

ص: 122


1- كمال الدين و تمام النعمة:282 ح 36،و مجمع النورين:163،و البحار:248/43.

النص على الإمام الحسين من ناحية العدد و المكان

أبو عبد اللّه محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه في الجزء الثامن من أجزاء ثمانية على حد ثلثه الأخير قبل باب إخراج الخصوم قال:حدّثنا محمد بن المثنى قال:حدّثنا غندر قال:حدّثنا شعبة عن عبد الملك قال:سمعت جابر بن سمرة قال:

سمعت النبي صلّى اللّه عليه و اله يقول:«يكون بعدي إثنا عشر أميرا».

فقال كلمة لم أسمعها،قال (1)إنه قال:«كلهم من قريش» (2).

البخاري يرفعه إلى ابن عيينة قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا»ثم تكلّم النبي صلّى اللّه عليه و اله بكلمة خفيت عليّ فسألت أبي:ماذا قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله؟

فقال:قال:كلهم من قريش.

البخاري قال:حدّثنا أحمد بن يونس قال:حدّثنا عاصم بن محمد قال:سمعت أبي يقول قال ابن عمر:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان» (3)و رواه الفقيه مسلم بن الحجاج النيسابوري القشيري في صحيحه في أول كراسه من الجزء الرابع من أجزاء ستة قال:حدّثنا أحمد بن عبد اللّه بن يونس،حدّثنا عاصم بن محمد عن أبيه قال:قال عبد اللّه بن عمر قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«لا يزال هذا

ص: 123


1- في بعض المصادر:فقال أبي.
2- صحيح البخاري:127/8.
3- صحيح البخاري:105/8.

الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان» (1)

أقول:صاحب العمدة جعل هذا الحديث في جملة النصوص في أن الأئمة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله إثنا عشر (2).و وجه الدلالة أن الإمامة إذا كانت منصوصة فهي في الأئمة الإثني عشر كما جاءت به الروايات عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله.

مسلم في صحيحه قال:حدّثنا قتيبة بن سعيد قال:حدّثنا جرير عن حصين عن جابر بن سمرة قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و حدّثنا رفاعة عن الهيثم الواسطي و اللفظ له قال:حدّثنا خالد يعني بن عبد اللّه الطحان عن حصين عن جابر بن سمرة قال:دخلت مع أبي على النبي فسمعته يقول:«إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيه اثنا عشر خليفة»

قال:ثم تكلّم بكلام خفي عليّ قال:فقلت لأبي:ما قال؟

قال:كلهم من قريش (3).

مسلم في صحيحه قال:حدّثنا ابن أبي عمر قال:حدّثنا سفيان عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة قال:سمعت النبي صلّى اللّه عليه و اله يقول:«لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا»ثم تكلم النبي صلّى اللّه عليه و اله بكلمة خفيت عليّ فسألت أبي،ماذا قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله؟

فقال:قال:كلهم من قريش (4).

مسلم في صحيحه قال:حدّثنا قتيبة بن سعيد قال:حدّثنا أبو عوانة عن سماك عن جابر بن سمرة عن النبي صلّى اللّه عليه و اله بهذا الحديث،و لم يذكر لي:لا يزال أمر الناس ماضيا (5).ر.

ص: 124


1- صحيح مسلم:3/6.
2- انظر:العمدة لابن البطريق:/417ح 859.
3- صحيح مسلم:3/6.
4- صحيح مسلم:3/6.
5- نفس بعض المصادر.

مسلم في صحيحه قال:حدّثنا هذاب بن خالد الازدي،حدّثنا حماد بن سلمة عن سماك بن حرب قال:سمعت جابر بن سمرة يقول:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول:«لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثني عشر خليفة»ثم قال كلمة لم أسمعها فقلت لأبي:ما قال؟

فقال:قال:كلهم من قريش (1).

مسلم في صحيحه قال:حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة،حدّثنا أبو معاوية عن داود عن الشعبي عن جابر بن سمرة قال:قال:كلهم من قريش.

مسلم في صحيحه قال:حدّثنا نصر بن علي الجهضي،حدّثنا يزيد بن زريع، حدّثنا أحمد بن عثمان النوفلي و اللفظ له،حدّثنا أزهر،حدّثنا أحمد بن عون بن عثمان عن الشعبي عن جابر بن سمرة قال:إنطلقت إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و معي أبي فسمعته يقول:«لا يزال هذا الدين عزيزا منيعا إلى اثني عشر خليفة».

فقال كلمة صمّنيها الناس،فقلت لأبي ما قال؟

قال:كلهم من قريش (2).

مسلم في صحيحه قال:حدّثنا قتيبة بن سعيد و أبو بكر بن أبي شيبة،حدّثنا حاتم و هو ابن إسماعيل عن المهاجر بن مسمار عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال:كتبت إلى ابن سمرة مع غلامي نافع أن أخبرني بشيء سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله،فكتب إليّ:سمعت رسول اللّه يوم جمعة عشية رجم الأسلمي يقول:«لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة،و يكون (3)عليهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش» و سمعته يقول:«عصبة (4)من المسلمين يفتتحون البيت الابيض،بيت كسرى و آل كسرى»و سمعته يقول:«إذا أعطى اللّه أحدكم خيرا فليبدأ بنفسه و أهل بيته»و سمعتهة.

ص: 125


1- نفس بعض المصادر.
2- نفس بعض المصادر.
3- في بعض المصادر:أو يكون.
4- في بعض المصادر:عصيبة.

يقول:«أنا الفرط على الحوض» (1).

في صحيحه قال:حدّثنا محمد بن نافع،حدّثنا ابن أبي فديا،أخبرنا عن ابن أبي دويب عن مهاجر بن مسمار عن عامر بن سعد أنّه أرسل إلى ابن أبي سمرة العدوي،حدّثنا ما سمعت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول،فذكر نحو حديث حاتم (2).

قال الحميدي:و في رواية مسلم عن حديث عامر بن أبي وقاص قال:كتبت إلى جابر بن سمرة مع غلامي نافع أن أخبرني بشيء سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فكتب إلي:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يوم جمعة عشية رجم الأسلمي قال:«لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش»و سمعته يقول:«إن بين يدي الساعة كذابين فاحذروهم»و سمعته يقول:«إذا أعطى أحدكم خيرا فليبدأ بنفسه و أهل بيته»و سمعته يقول:«أنا الفرط على الحوض» (3).

قال و في رواية مسلم أيضا من حديث سماك بن حرب عن جابر بن سمرة أنه عليه السّلام قال:«ليفتحن عصابة من المسلمين بيت كسرى و آل كسرى الذي في البيت الابيض» (4)و نحو هذا في المتفق عليه من مسند عدي بن حاتم،و في رواية مسلم أيضا عن سماك عن جابر بن سمرة قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«يكون بين يدي الساعة كذا بون» (5).

قال و في روايته أيضا عن حصين بن عبد الرّحمن عن جابر بن سمرة قال دخلت مع أبي على النبي صلّى اللّه عليه و اله فسمعته يقول:«إن هذا الأمر لا يزال عزيزا حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة»ثم قال:ثم تكلم بكلام خفي عليّ فقلت لأبي:ما قال؟6.

ص: 126


1- صحيح مسلم:4/6.
2- بعض المصادر السابق.
3- صحيح مسلم:4/6.
4- صحيح مسلم:187/8،و فيه:كنز آل كسرى الذي في الأبيض.
5- صحيح مسلم:4/6.

فقال:قال:كلهم من قريش (1).

قال و في رواية سماك عن جابر بن سمرة عنه عليه السّلام قال:«لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثني عشر خليفة»ثم ذكر مثله و عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة عن النبي صلّى اللّه عليه و اله قال لي:«لن يبرح هذا الدين قائما تقاتل عليه عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة» (2).

ما رواه أبو الحسن دزيز بن معاوية بن عمار العبدي من الجمع بين الصحاح الستة من الجزء الثاني من اجزاء ثلاثة من المصنف في باب إن أكرمكم عند اللّه اتقاكم،و ذكر مناقب قريش من سنن أبي داود قال جابر بن سمرة قال:دخلت مع أبي على النبي صلّى اللّه عليه و اله فسمعته يقول:«إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة».

قال:ثم تكلم بكلام خفي عليّ فقلت لأبي:ما قال؟

قال:قال:كلهم من قريش (3).

و عنه أيضا قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثني عشر خليفة كلهم من قريش» (4).

ما رواه أبو الحسن أيضا من الجمع بين الصحاح الستة من الجزء الثاني من اجزاء اثنين من المصنف في آخره على حد أربعة كراريس من صحيح أبي داود السجستاني و هو كتاب السنن عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال:كتبت إلى جابر بن سمرة:أخبرني بشيء سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فكتب اليّ أنه سمعته يقول يوم جمعة عشية رجم الأسلمي:«لا يزال الدين ظاهرا حتى تقوم الساعة و يكون0.

ص: 127


1- انظر:صحيح مسلم:4/6.
2- بعض المصادر السابق.
3- سنن أبي داود:/309/2ح 4280.
4- مسند أبي داود الطيالسي:180.

عليهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش»و سمعته يقول:«عصابة من المسلمين يفتتحون البيت الابيض بيت كسرى»و سمعته يقول:«إذا هلك كسرى فلا كسرى، و الذي نفسي بيده لتنفقنّ كنوز كسرى في سبيل اللّه»و سمعته يقول:«إن بين يدي الساعة كذّابين فاحذروهم»و سمعته يقول:«إذا أعطى أحدكم خيرا فليبدأ بنفسه و أهل بيته»و سمعته يقول:«أنا الفرط على الحوض» (1).

ما رواه أبو نعيم الاصفهاني في كتاب حلية الأولياء عن الشعبي عن جابر بن سمرة قال:جئت مع أبي إلى المسجد و النبي صلّى اللّه عليه و اله يخطب قال:فسمعته يقول:«يكون بعدي اثنا عشر خليفة»ثم خفض صوته فلم أدر ما يقول،فقلت لأبي:ما يقول؟

قال:كلهم من قريش (2).

أبو نعيم أيضا قال روى هذا الحديث عمر بن عبد اللّه بن رزين عن سفيان مثله، قال أبو نعيم:و رواه عن الشعبي جماعة (3).

ما رواه ابن مردويه في الجزء الثاني من كتاب الفردوس في باب لا قال عن جابر بن سمرة قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«لا يزال هذا الأمر قائما حتى يمضي اثنا عشر أميرا كلهم من قريش» (4).

أقول:قد ذكر يحيى بن الحسن البطريق في كتاب المستدرك أنه ذكر في كتاب العمدة من طريق العامة عشرين طريقا في أنّ الخلفاء بعده صلّى اللّه عليه و اله اثنا عشر خليفة، كلها من الصحاح،من صحيح البخاري ثلاثة طرق و من مسلم تسعة و من صحيح أبي داود ثلاثة و في الجمع بين الصحاح الستة طريقان و منها من الجمع بين الصحيحين للحميدي ثلاثة،كل ذلك ينطق بأنه لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثني عشره.

ص: 128


1- صحيح مسلم:4/6.
2- المعجم الكبير للطبراني:197/2.
3- نقله عن ابن شهر اشوب في مناقب آل أبي طالب:251/1.
4- لم يحضرنا كتاب الفردوس،و لكن النص المذكور قد مرت مصادره.

خليفة،و ما وليهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش (1).

ما رواه أبو علي الطبرسي الفضل بن الحسن في كتاب إعلام الورى من طريق المخالفين،و هو عدّة روايات قال الطبرسي:فيما جاء في الأخبار الذي نقلتها أصحاب الحديث غير الامامية في ذلك و صححوها ما رواه الإمام أبو محمد الحسن بن أحمد السمرقندي محدث خراسان قال:أخبرنا أبو العباس المستغفري قال:

حدّثنا نصر بن أحمد بن إسماعيل الكشاني،أخبرنا قتيبة بن سعد.

قال:و أخبرنا أبو القاسم الكاتب،أخبرنا أبو حامد الصائغ،أخبرنا أبو العباس الثقفي،حدّثنا قتيبة.

و أخبرنا أبو سلمة القاضي،أخبرنا أبو القاسم النسوي أخبرنا أبو العباس النسوي،حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة قالا:حدّثنا حاتم بن إسماعيل عن المهاجر بن مسمار عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال كتبت إلى جابر بن سمرة مع غلامي نافع أن أخبرني بشيء سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فكتب الي:إني سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يوم جمعة عشية رجم الأسلمي يقول:«لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة و يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش»و سمعته يقول:«انا الفرط على الحوض»رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن شيبة و قتيبة بن سعد (2).

ما رواه السمرقندي أيضا قال:أخبرنا أبو القاسم الكاتب،أخبرنا أبو حامد الصائغ،أخبرنا أبو العباس الثقفي،حدّثنا ابن رافع،حدّثنا ابن أبي فديك،أخبرنا ابن أبي دويب عن مهاجر بن مسمار عن عامر بن سعد أنّه أرسل الى أبي سمرة العدوي فقال:حدّثنا حديثا سمعته من رسول اللّه فكتب:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول:«لا يزال الدين قائما حتى يكون اثنا عشر خليفة من قريش،ثم يخرج كذابون بين2.

ص: 129


1- العمدة لابن البطريق:16.
2- إعلام الورى:158/2.

يدي الساعة،و أنا الفرط على الحوض»رواه مسلم عن محمد بن رافع (1).

السمرقندي أيضا قال:أخبرنا أبو سلمة القاضي،حدّثنا أبو القاسم النسوي، [أخبرنا أبو العباس النسوي] (2)حدّثنا أبو الحصين عبد اللّه بن محمد أحمد بن عبد اللّه اليربوعي،حدّثنا عندر (3)،حدّثنا حصين عن جابر بن سمرة قال:دخلت مع أبي على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقال لي:«إن هذا الأمر لن يقضي أو لن يمضي حتى يكون فيكم اثنا عشر خليفة»ثم قال شيئا لم أسمعه فسألتهم فقالوا:قال:كلهم من قريش (4).

عوانة عن سماك عن جابر بن سمرة عن النبي صلّى اللّه عليه و اله قال:«يكون بعدي اثنا عشر» فلم أفهمها قال:فسألت القوم فزعموا أنه قال:كلهم من قريش،رواه مسلم عن قتيبة (5).

السمرقندي أيضا،أخبرنا أبو سلمة القاضي قال:أخبرنا أبو القاسم النسوي، أخبرنا أبو العباس النسوي،حدّثنا أبو عمارة،حدّثنا الفضل بن موسى عن وهب عن أبي خالد الوالبي قال:سمعت جابر بن سمرة يقول:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول:«لا يضر هذا الدين من ناوأه حتى يقوم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش» (6).

السمرقندي أيضا قال:أخبرنا أبو سلمة القاضي،حدّثنا أبو القاسم النسوي، حدّثنا أبو العباس النسوي،حدّثنا جعفر بن حميد العبسي،حدّثنا يونس بن أبي يعفور عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«لا يزال أمر أمتي صالحا حتى يمضي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش» (7).2.

ص: 130


1- إعلام الورى:158/2.
2- زيادة من بعض المصادر.
3- في بعض المصادر:عنبر.
4- إعلام الورى:159/2.
5- إعلام الورى:159/2.
6- إعلام الورى:159/2.
7- إعلام الورى:159/2.

ما رواه من طريق المخالفين الشيخ أبو عبد اللّه محمد بن محمد بن النعمان المفيد عن محمد بن عثمان الذهبي،حدّثنا عبد اللّه بن جعفر الرقي قال:حدّثنا عيسى بن يونس عن مجالد عن الشعبي عن مسروق قال:كنّا عند عبد اللّه بن مسعود فقال له رجل:أحدثكم نبيكم كم يكون بعده من الخلفاء؟

فقال له:نعم من الخلفاء عدة خليفة كلهم من قريش (1).

ما رواه عثمان بن أبي شيبة و أبو سعيد الاشج و أبو كريب و محمود بن غيلان و علي بن محمد و ابراهيم بن سعيد جميعا عن أبي أسامة عن مجالد عن الشعبي عن مسروق مثل الأول (2).

ما رواه أبو أسامة عن أشعث عن عامر الشعبي عن عمه قيس بن عبد اللّه بن مسعود،و ذكر نحوه (3).

ما رواه حماد بن زيد عن مجالد عن الشعبي عن مسروق عن عبد اللّه،و زاد فيه قال:كنّا جلوسا عند عبد اللّه يقرينا القرآن فقال له رجل:يا عبد الرّحمن،هل سألتم رسول اللّه كم يملك هذه الأمة من خليفة بعده؟

فقال له عبد اللّه:ما سألني بها أحد منذ قدمت العراق،نعم سألنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقال:«اثنا عشر عدّة نقباء بني إسرائيل» (4).

ما رواه عبد اللّه بن أبي أمية مولى مجاشع عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«لن يزال هذا الدين قائما إلى اثني عشر من قريش فإذا مضوا هاجت الأرض بأهلها»و ساق الحديث (5).

ما رواه أبو بكر بن أبي خيثمة عن علي بن الجعدي عن زهير بن معاوية عن زياد2.

ص: 131


1- إعلام الورى:160/2.
2- إعلام الورى:160/2.
3- إعلام الورى:160/2.
4- إعلام الورى:161/2.
5- إعلام الورى:161/2.

بن خيثمة عن الأسود بن سعيد الهمداني قال:سمعت جابر بن سمرة يقول:سمعت رسول اللّه يقول:«يكون بعدي اثنا عشر خليفة من قريش».

فقالوا له:ثم يكون ماذا؟

قال:«ثم يكون الهرج» (1).

ما رواه سماك بن حرب و زياد بن علاقة و حصين بن عبد الرّحمن عن جابر بن سمرة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله مثله (2).

ما رواه سليمان بن أحمر قال:حدّثنا أبو (3)عون عن السمعي عن جابر بن سمرة أن النبي صلّى اللّه عليه و اله قال:«لا يزال أهل هذا الدين ينصرون على من ناوأهم إلى اثني عشر خليفة»فجعل الناس يقومون و يقعدون،و تكلم بكلمة لم أفهمها فقلت لأبي أو لاخي:

أي شيء قال؟

قال:كلهم من قريش (4).

ما رواه قطر بن خليفة عن أبي خالد الوالبي عن جابر بن سمرة عن النبي صلّى اللّه عليه و اله مثله (5).

ما رواه سهل حماد عن يونس بن أبي يعفور قال:حدّثني عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال:كنت عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و عمي جالس بين يديه فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«لا يزال أمر أمتي صالحا حتى يمضي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش»إسم أبي جحيفة وهب بن عبد اللّه (6).

ما رواه الليث بن سعد عن خالد بن زيد عن سعيد بن أبي هلال عن ربيعة بن2.

ص: 132


1- إعلام الورى:161/2.
2- إعلام الورى:162/2.
3- في بعض المصادر:ابن عون.
4- إعلام الورى:162/2.
5- إعلام الورى:162/2.
6- إعلام الورى:162/2.

سيف قال:كنّا عند شقيق الأصبحي فقال:سمعت عبد اللّه بن عمر يقول:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول:«يكون خلفي اثنا عشر خليفة» (1).

ما رواه حماد بن سلمة عن أبي الطفيل قال:قال لي عبد اللّه بن عمر:يا أبا الطفيل عدّد اثني عشر خليفة بعد النبي صلّى اللّه عليه و اله ثم يكون المقت و النفاق (2).

ما رواه الشيخ أبو عبد اللّه جعفر بن محمد بن أحمد الدورستي في كتابه في الرد على الزيدية قال:أخبرني أبي قال:أخبرنا الشيخ أبو جعفر بن بابويه قال:حدّثنا محمد بن علي ماجيلويه عن عمه عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن أبيه عن خلف بن حماد الاسدي عن الأعمش عن عباية بن ربعي عن ابن عباس قال:سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله حين حضرته وفاته فقلت:إذا كان ما نعوذ باللّه منه فإلى من؟فأشار إلى عليّ فقال لي:«هذا،فإنه مع الحق و الحق معه ثم يكون من بعده أحد عشر إماما مفترضة طاعتهم كطاعته» (3).

ما رواه الدورستي أيضا قال:أخبرنا المفيد أبو عبد اللّه محمد بن محمد بن النعمان قال:أخبرني محمد بن علي قال:حدّثني حمزة بن محمد العلوي،حدّثنا أحمد بن يحيى الشحام،حدّثنا أبو حاتم محمد بن إدريس الحنظلي،حدّثنا أبو بكر محمد بن أبي غياث الأعين،حدّثنا سويد بن سعد الانباري،حدّثنا محمد بن عبد الرّحمن بن شردين الصنعاني عن ابن مثنى عن أبيه عن عائشة قال:سألتها:كم خليفة يكون لرسول اللّه؟

فقالت:أخبرني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله أنه يكون بعده اثنا عشر خليفة فقلت لها:من؟

فقالت:أسماؤهم عندي مكتوبة بإملاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله،فقلت لها:فأعرضيه2.

ص: 133


1- إعلام الورى:163/2.
2- إعلام الورى:163/2.
3- إعلام الورى:164/2.

فأبت (1).

الدورستي أيضا قال:أخبرنا أبو عبد اللّه محمد بن وهبان قال:حدّثنا أبو بشر أحمد بن إبراهيم بن أحمد العتمي قال:أخبرنا محمد بن زكريا بن دينار الغلابي، حدّثنا سليمان بن إسحاق بن سليمان بن علي بن عبد اللّه بن العباس قال:حدّثني أبي قال:كنت يوما عند الرشيد فذكر المهدي و ما ذكر من عدله فأطنب في ذلك فقال الرشيد:إني أحسبكم أنكم تحسبونه أبي المهدي،حدّثني عن أبيه عن جده عن ابن عباس عن أبيه العباس بن عبد المطلب أن النبي صلّى اللّه عليه و اله قال:«يا عم تملّك من ولدي اثنا عشر خليفة،ثم تكون أمور كريهة و شدة عظيمة،ثم يخرج المهدي من ولدي يصلح اللّه أمره في ليلة فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا،يمكث في الأرض ما شاء اللّه ثم يخرج الدجال» (2).2.

ص: 134


1- إعلام الورى:164/2.
2- إعلام الورى:165/2.

النص على الإمام الحسين ضمن الأئمة عليهم السلام

قال أبو علي الطبرسي عقيب هذه الاخبار:هذا بعض ما جاء من الاخبار من طريق المخالفين و رواياتهم في النص على عدد الأئمة الإثني عشر عليهم السّلام،و إذا كانت الفرقة المخالفة قد نقلت ذلك كما نقلته الشيعة الإمامية و لم ينكر ما تضمّنه الخبر فهو أدلّ دليل على أن اللّه تعالى هو الذي سخّر لروايته اقامة لحجته و إعلاء لكلمته، و ما هذا الأمر إلا كالخارق للعادة،و الخارج عن الأمور المعتادة،و لا يقدر عليها إلا اللّه تعالى الذي يذلل الصعب و يقلّب القلب و يسهّل العسير،و هو على كل شيء قدير.

انتهى كلامه (1).

صدر الأئمة عند المخالفين أخطب خوارزم أبو المؤيد موفق بن أحمد في كتاب فضائل أمير المؤمنين عليه السّلام قال:حدّثنا فخر القضاة نجم الدين أبو منصور محمد بن الحسين بن محمد البغدادي فيما كتب إلي من همدان قال:أنبأنا الإمام الشريف نور الهدى أبو طالب الحسن بن محمد الزيني قال:أخبرنا إمام الأئمة أحمد بن محمد بن شاذان قال:حدّثنا أحمد بن محمد بن عبد اللّه الحافظ قال:حدّثنا علي بن سنان الموصلي عن أحمد بن محمد بن صالح عن سلمان بن محمد عن زياد بن مسلم عن عبد الرّحمن بن يزيد عن جابر عن سلامة عن أبي سليمان الراعي راعي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول:«ليلة اسري بي إلى السماء قال لي الجليل جل جلاله:آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه فقلت:و المؤمنون فقال:صدقت يا محمد، من خلفت في أمتك؟فقلت:خيرها،قال:علي بن أبي طالب؟

ص: 135


1- إعلام الورى:165/2.

قلت:نعم يا رب قال:يا أحمد إني اطلعت على الأرض اطلاعة فاخترتك منها فاشتققت لك اسما من أسمائي فلا أذكر في موضع إلا ذكرت معي،فأنا المحمود و أنت محمد،ثم اطلعت الثانية فاخترت منها عليا فشققت له اسما من أسمائي فأنا الأعلى و هو عليّ،يا محمد إني خلقتك و خلقت عليا و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة من ولده من نور من نوري و عرضت ولايتكم على أهل السموات و الأرضين فمن قبلها كان عندي من المؤمنين و من جحدها كان عندي من الكافرين.

يا محمد لو أن عبدا من عبادي عبدني حتى ينقطع أو يصير كالشن البالي ثم أتاني جاحدا لولايتكم،ما غفرت له حتى يلقاني بولايتكم يا محمد تحب أن تراهم؟

قلت:نعم يا رب.

قال:فالتفت عن يمين العرش فالتفت فإذا بعلي و فاطمة و الحسن و الحسين و علي بن الحسين و محمد بن علي و جعفر بن محمد و موسى بن جعفر و علي بن موسى و محمد ابن علي و علي بن محمد و الحسن بن علي و المهدي في ضحصاح من نور قيام يصلّون، و هو في وسطهم يعني المهدي كأنه كوكب دريّ و قال:يا محمد هؤلاء الحجج و هذا الثائر من عترتك،و عزتي و جلالي إنه الحجّة الواجبة و المنتقم[من أعدائي و الممد لأوليائي]» (1).

قلت:و روى هذا الحديث جماعة من الخاصة و العامة،رواه الشيخ الطوسي في الغيبة و أبو الحسن محمد بن أحمد بن الحسن بن شاذان في المناقب المائة من طريق العامة و رواه صاحب المقتضب و صاحب الكنز الخفي و الحمويني من العامة.

إبراهيم بن محمد الحمويني من أعيان علماء العامة في كتاب فرائد السمطين في فضائل المرتضى و فاطمة و الحسن و الحسين قال:أخبرني مفيد الدين أبو جعفر محمد بن علي بن أبي الغنائم بن الجهم الحلي إجازة قال:أنبأنا القاضي خطير الدين3.

ص: 136


1- ينابيع المودة:381/3،و مقتل الحسين للخوارزمي:95 ح 203.

محمود بن محمد بن الحسين بن عبد الجبار الطوسي عن عمه زين الدين عبد الجبار عن أبيه عن الصفي أبي تراب بن الداعي عن[أبي]محمد جعفر بن محمد الدورستي عن الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان الحارثي عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي رضي اللّه عنهم قال:حدّثنا جعفر بن محمد بن مسرور رضي اللّه عنه قال:حدّثنا الحسين بن محمد بن عامر عن المعلى ابن محمد البصري عن جعفر بن سليمان عن عبد اللّه بن الحكيم عن أبيه عن سعيد ابن جبير عن عبد اللّه بن العباس قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«إن خلفائي و أوصيائي و حجج اللّه على الخلق بعدي لاثنا عشر،أولهم أخي و آخرهم ولدي»قيل:يا رسول اللّه و من أخوك؟

قال:«علي بن أبي طالب»قيل:فمن ولدك؟

قال:«المهدي الذي يملأها قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما،و الذي بعثني بالحق بشيرا لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل اللّه ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي المهدي فينزل روح اللّه عيسى ابن مريم فيصلي خلفه و تشرق الأرض بنور ربها و يبلغ سلطانه المشرق و المغرب» (1).

إبراهيم بن محمد الحمويني أيضا بالاسناد المتقدّم إلى أبي جعفر ابن بابويه رضى اللّه عنه قال:حدّثنا علي بن محمد بن عبد اللّه الوراق الرازي قال:حدّثنا سعيد بن عبد اللّه قال:

نبأنا الهيثم بن أبي مسروق النهدي عن الحسين بن علوان عن عمر بن خالد عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن عبد اللّه بن عباس قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول:«أنا و علي و الحسن و الحسين و تسعة من ولد الحسين مطهرون معصومون» (2).

الحمويني العامي هذا بالاسناد إلى ابن بابويه قال:حدّثنا أحمد بن الحسن3.

ص: 137


1- فرائد السمطين:/312/2با /61ح 562.
2- فرائد السمطين:/312/2با /61ح 563.

القطان قال:حدّثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان قال:حدّثنا بكر بن عبد اللّه بن حبيب قال:حدّثنا الفضل بن الصقر العبدي قال:حدّثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عباية بن ربعي عن عبد اللّه بن عباس قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«أنا سيد النبيين و علي ابن أبي طالب سيد الوصيين و إن أوصيائي بعدي اثنا عشر،أولهم علي بن أبي طالب و آخرهم القائم» (1).

الحمويني هذا قال:أخبرني شيخنا نجم الدين عثمان بن الموفق بقراءتي عليه قال:أنبأنا عبد الحميد بن محمد بن إبراهيم الخوارزمي إجازة،أنبأنا أبو العلا أحمد ابن الحسن العطار الهمداني حدّثنا أو (2)نبأنا الإمام برهان الدين ناصر بن أبي المكارم المطرزي كتابة،أنبأنا الإمام ضياء الدين أخطب الخطباء أبو المؤيد الموفق ابن أحمد المكي الخوارزمي إجازة ان لم يكن سماعا،أنبأنا قاضي القضاة نجم الدين فخر الإسلام محمد بن الحسين بن محمد البغدادي فيما كتب إلي من همدان، أنبأنا الشريف الإمام نور الهدى أبو طالب الحسين بن محمد بن علي الزينبي عن الإمام محمد بن أحمد بن علي بن شاذان عن علي بن الفضل عن محمد بن أبي القاسم عن عباد بن يعقوب عن موسى بن عثمان عن الأعمش،حدثنا أبو إسحاق عن الحارث عن سعيد بن بشر عن علي بن أبي طالب عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«أنا واردكم على الحوض و أنت يا علي الساقي و الحسن الرائد و الحسين الآمر و علي بن الحسين الفارض و محمد بن علي الناشر و جعفر بن محمد السائق و موسى بن جعفر محصى المحبين و المبغضين و قامع المنافقين و علي بن موسى معين المؤمنين و محمد ابن علي منزل أهل الجنة في درجاتهم و علي بن محمد خطيب شيعته و مزوجهم الحور العين و الحسن بن علي سراج أهل الجنة يستضيئون به و المهدي شفيعهم يوم القيامةه.

ص: 138


1- فرائد السمطين:/312/2با /61ح 564.
2- ليست في بعض المصادر،و يوجد مكانها:أنبأنا الشيخ تاج الدين عليّ بن أنجب الخازن المعروف بابن الساعي رحمه اللّه.

حيث لا يأذن اللّه إلاّ لمن يشاء و يرضى» (1).

الحمويني هذا قال:أخبرني الإمام سديد الدين يوسف بن علي بن المطهّر الحلّي فيما كتب لي بخطّه رحمة اللّه عليه أن الشيخ الفقيه الفاضل شهاب الدين أبا عبد اللّه الحسين بن أبي الفرج بن النيلي أنبأه عن الحسن بن أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي إجازة بروايته عن والده جميع رواياته و تصانيفه قال:أخبرني أبو عبد اللّه محمد بن وهبان قال:حدّثنا أبو بشر أحمد بن إبراهيم بن أحمد القمّي قال:

نبأنا محمد بن زكريا بن دينار الغلابي،حدّثنا سليمان بن إسحاق بن سليمان بن علي بن عبد اللّه بن العباس قال:حدّثني أبي قال:كنت يوما عند الرشيد فذكر المهديّ و ما ذكر من عدله فأطنب في ذلك فقال الرشيد:أنا أحسبكم أنكم تحسبونه أبي المهدي،حدّثني أبي عن أبيه عن جده عن ابن عباس عن أبيه العباس بن عبد المطلب أن النبي صلّى اللّه عليه و اله قال له:«يا عم يملك من ولدي اثنا عشر خليفة،ثم يكون أمور كثيرة و شدّة عظيمة،ثم يخرج المهدي من ولدي،يصلح اللّه أمره في ليلة فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا،و يمكث في الأرض ما شاء اللّه ثم يخرج الدجال» (2).

الحمويني هذا بإسناده إلى أبي جعفر بن بابويه قال:حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن عبد السلام بن صالح الهروي قال:سمعت دعبل بن علي الخزاعي يقول:أنشدت مولاي الرضا عليه السّلام قصيدتي التي أولها:

مدارس ايات خلت من تلاوة

فلما انتهيت إلى قولي:

خروج إمام لا محالة خارج يقوم على اسم اللّه و البركات

يميز فيها بين حق و باطل و يجزي على النعماء و النقمات9.

ص: 139


1- فرائد السمطين:/321/2باب /61ح 572.
2- فرائد السمطين:/329/2ب /61ح 579.

بكى الرضا عليه السّلام بكاء شديدا ثم رفع رأسه إلي فقال:«يا خزاعي نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين،فهل تدري من هذا الإمام؟و متى يقوم؟».

فقلت:لا يا مولاي إلا إني سمعت بخروج إمام منكم يطهر الأرض من الفساد و يملأها عدلا فقال:«يا دعبل،الإمام بعدي محمد ابني و بعد محمد ابنه علي و بعد علي ابنه الحسن و بعد الحسن ابنه الحجة القائم المنتظر في غيبته المطاع في ظهوره،لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل اللّه ذلك اليوم حتى يخرج فيملأها عدلا كما ملئت جورا،و اما متى فإخبار عن الوقت،فقد حدّثني أبي عن جدي عن أبيه عن آبائه عن علي عليه السّلام أنّ النبي صلّى اللّه عليه و اله قيل له:متى يخرج القائم من ذرّيتك؟

فقال:مثله كمثل الساعة لا يجلّيها لوقتها إلا هو عز و جل ثقلت في السماوات و الأرض لا تأتيكم إلا بغتة» (1).

الحمويني هذا:أنبأني الإمام بدر الدين محمد بن أبي الكرم عبد الرزاق بن أبي بكر بن حيدر،أخبرني القاضي فخر الدين محمد بن خالد الحنيفي الابهري كتابة قال:أنبأنا السيد الإمام ضياء الدين فضل اللّه بن علي أبو الرضا الراوندي إجازة، أخبرنا السيد أبو الصمصام ذو الفقار بن محمد بن معد الحسني،أنبأنا الشيخ أبو جعفر الطوسي قدس اللّه روحه،أنبأنا أبو عبد اللّه محمد بن محمد بن النعمان روّح اللّه روحه و أبو عبد اللّه الحسين بن عبيد اللّه و أبو الحسين جعفر بن الحسين بن حسكة القمّي و أبو زكريا محمد بن سليمان الحرّاني قالوا كلهم:أنبأنا الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي رضى اللّه عنه قال:أخبرنا علي بن[محمد بن] (2)عبد اللّه الوراق الرازي،أنبأنا سعد بن عبد اللّه،أنبأنا الهيثم بن أبي مسروق النهدي عن الحسين بن علوان عن عمرو بن خالد عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن عبد اللّه بن عباس قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول:«أنا و علي و الحسن و الحسينر.

ص: 140


1- فرائد السمطين:/337/2ب /61ح 591.
2- زيادة من بعض المصادر.

و تسعة من ولد الحسين مطهّرون معصومون» (1).

أقول:هذا الحديث قد تقدم،و كرره الحمويني في كتابه لقوة هذا الإسناد.

الحمويني بعد هذا الحديث السابق و اسناده و قال أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه قال:أخبرني أبو المفضل محمد بن عبد اللّه بن المطلب الشيباني عن أحمد بن مطرف بن سوار بن الحسين القاضي الحسني بمكّة،أنبأنا أبو حاتم المهلبي المغيرة بن محمد،أنبأنا عبد الغفّار بن كثير الكوفي عن هيثم بن حميد عن أبي هاشم عن مجاهد عن ابن عباس رضى اللّه عنه قال:قدم يهودي على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقال له نعثل فقال له:يا محمد إني أسألك عن أشياء تلجلج في صدري منذ حين فإن أجبتني عنها أسلمت على يدك قال:«سل يا أبا عمارة»

قال:يا محمد صف لي ربّك فقال عليه السّلام:«إن الخالق لا يوصف إلا بما وصف به نفسه، و كيف يوصف الخالق الذي يعجز الأوصاف أن تدركه و الاوهام أن تناله و الخطرات أن تحدّه و الابصار الإحاطة به،جل عمّا يصفه الواصفون،نأى في قربه و قرب في نأيه،كيّف الكيف فلا يقال له:كيف،و أيّن الأين فلا يقال له:أين،هو منقطع الكيفوفية و الاينونية، فهو الواحد الصمد كما وصف نفسه،و الواصفون لا يبلغون نعته، لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ» .

قال:صدقت يا محمد فأخبرني عن قولك إنّه واحد لا شبيه له أ ليس اللّه تعالى واحدا و الإنسان واحد فوحدانيته قد أشبهت وحدانية الإنسان؟

فقال عليه السّلام:«اللّه تعالى واحد أحدي المعنى و الإنسان واحد ثنائي المعنى جسم و عرض و بدن و روح،و إنما التشبيه في المعاني لا غير».

قال:صدقت يا محمد،فأخبرني عن وصيك من هو فما من نبي إلا و له وصي و ان نبينا موسى بن عمران أوصى إلى يوشع بن نون؟

فقال:«نعم،إن وصيّي و الخليفة من بعدي علي بن أبي طالب عليه السّلام و بعده سبطاي0.

ص: 141


1- فرائد السمطين:/132/2ب /31ح 430.

الحسن ثم الحسين يتلوه تسعة من صلب الحسين أئمة أبرار».

قال:يا محمد فسمّهم لي قال:«نعم،إذا مضى الحسين فابنه علي فإذا مضى علي فابنه محمد فإذا مضى محمد فابنه جعفر فإذا مضى جعفر فابنه موسى فإذا مضى موسى فابنه علي فإذا مضى علي فابنه محمد ثم ابنه علي ثم ابنه الحسن،ثم الحجّة بن الحسن فهذه اثنا عشر أئمة عدد نقباء بني إسرائيل».

قال:فأين مكانهم في الجنة؟

قال:«معي في درجتي».

قال:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أنك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و أشهد أنهم الأوصياء من بعدك، و لقد وجدت هذا في الكتب المتقدّمة،و فيما عهد إلينا موسى بن عمران أنه إذا كان في آخر الزمان يخرج نبيّ يقال له أحمد خاتم الأنبياء،لا نبي بعده فيخرج من صلبه أئمة أبرار عدد الأسباط قال:فقال:«يا أبا عمارة أ تعرف الأسباط؟».

قال:نعم يا رسول اللّه،إنهم كانوا اثني عشر،أولهم لاوى بن برخيا و هو الذي غاب عن بني إسرائيل غيبة ثم عاد فأظهر اللّه شريعته بعد دراستها و قاتل قرشطيا الملك حتى قتله فقال عليه السّلام:«كائن في أمتي ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل و القذّة بالقذّة،و إن الثاني عشر من ولدي يغيب حتى لا يرى،و يأتي على أمتي زمن لا يبقي من الإسلام إلا اسمه و من القرآن إلا رسمه،فحينئذ يأذن اللّه تعالى له بالخروج فيظهر الإسلام و يجدد الدين،ثم قال عليه و آله الصلاة و السلام:طوبى لمن أحبهم و الويل لمبغضهم و طوبى لمن تمسك بهم»فانتقض نعثل و قام بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و أنشأ يقول:

صلى العليّ ذو العلا عليك يا خير البشر

أنت النبي المصطفى و الهاشمي المفتخر

بكم هدانا ربنا و فيك نرجو ما أمر

و معشر سميتهم أئمة إثنا عشر

ص: 142

حباهم رب العلى ثم صفّاهم من كدر

قد فاز من والاهم و خاب من عادى الزهر

آخرهم يشفي الظما و هو الإمام المنتظر

عترتك الاخيار لي و التابعون ما أمر

من كان عنهم معرضا فسوف تصلاه سقر (1)

الحمويني هذا قال:أخبرنا شيخنا الإمام أبو عمرو عثمان بن الموفق الأذكاني بقراءتي عليه صحيح الإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري بقصبة اسفرايين في مجالس أولها بكرة يوم السبت العشرين من جمادى الآخرة سنة خمس و ستين و ستمائة و آخرها ضحوة يوم الجمعة خامس شهر رجب من السنة قال:أنبأنا الإمام رضي الدين المؤيد بن محمد بن علي الطوسي سماعا عليه قال:

أنبأنا الإمام أبو عبد اللّه محمد بن الفضل الصاعدي الفراوي سماعا،أنبأنا أبو الحسن عبد الغافر بن محمد بن عبد الغافر الفارسي سماعا عليه،أنبأنا أبو أحمد محمد بن عيسى بن عمرويه الجلودي قراءة عليه في شهور سنة سبع و خمسين و ثلاثمائة قال:سمعت إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن سفيان يقول:سمعت مسلم ابن الحجاج القشيري قال:نبأنا قتيبة بن سعيد نبأنا جرير بن حصين عن جابر بن سمرة سمعت النبي صلّى اللّه عليه و اله يقول.

ح،و حدّثنا رفاعة بن الهيثم الواسطي و اللفظ له،نبأنا خالد بن أبي عبد اللّه الطحان عن حصين عن جابر بن سمرة قال:دخلت مع أبي على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فسمعته يقول:«إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيها اثنا عشر خليفة».

قال:ثم تكلّم بكلام خفي عليّ فقلت لأبي:ما قال؟

قال:كلهم من قريش (2).2.

ص: 143


1- فرائد السمطين:/132/2ب /31ح 431،و فيه:يصلى بالسقر.
2- فرائد السمطين:/147/2ب /33ح 442.

الحمويني هذا بعد هذا الإسناد قال:حدّثنا ابن أبي عمر،حدّثنا سفيان عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة قال:سمعت النبي صلّى اللّه عليه و اله يقول:«لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا»ثم تكلم النبي صلّى اللّه عليه و اله بكلمة خفيت عليّ فسألت أبي:ماذا قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله؟

فقال:كلهم من قريش (1).

الحمويني هذا بعد هذا الإسناد و حدّثنا هدبة بن خالد الازدي حدثنا حماد بن سلمة عن سماك بن حرب قال:سمعت جابر بن سمرة يقول:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول:«لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثني عشر خليفة»ثم قال كلمة لم أفهمها فقلت لأبي:

ما قال؟

فقال:كلهم من قريش (2).

الحمويني هذا بعد هذا الإسناد و حدّثنا قتيبة بن سعيد و أبو بكر بن أبي شيبة قال:حدثنا حاتم و هو ابن إسماعيل عن المهاجر بن مسمار عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال:كتبت إلى جابر بن سمرة مع غلامي نافع أن أخبرني بشيء سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله قال:فكتب إليّ:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يوم جمعة عشيّة رجم الأسلمي يقول:«لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة و يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش» (3).

إبراهيم الحمويني هذا من رجال العامة قال:أنبأني الشيخ سديد الدين يوسف ابن علي بن المطهر الحلي رضى اللّه عنه عن الشيخ الفقيه مهذب الدين أبي عبد اللّه الحسين بن أبي الفرج بن ردة[السلمي] (4)بروايته عن محمد بن الحسين بن علي بن عبد الصمدي.

ص: 144


1- فرائد السمطين:/148/2ب /33ح 443.
2- فرائد السمطين:/149/2ب /33ح 444.
3- فرائد السمطين:/149/2ب /33ح 445.
4- في بعض المصادر:النيلي.

عن والده عن جده محمد عن أبيه عن جماعة منهم السيد أبو البركات علي بن الحسن الجوري العلوي و أبو بكر محمد بن أحمد بن علي المعمري و الفقيه أبو جعفر محمد بن إبراهيم القايني بروايتهم عن الشيخ الفقيه أبي جعفر محمد بن علي ابن الحسين بن موسى بن بابويه القمي قدس اللّه ارواحهم الشريفة جميع مصنفاته و رواياته قال:حدّثنا علي بن ماجيلويه رضى اللّه عنه قال:حدثنا عمي محمد بن أبي القاسم عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي قال:حدّثنا محمد بن علي القرشي قال حدثنا أبو الربيع الزهراني قال:حدثنا جرير عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد قال:قال ابن عباس سمعت النبي صلّى اللّه عليه و اله يقول:«إن للّه تبارك و تعالى ملكا يقال له دردائيل كان له ست عشر ألف جناح ما بين الجناح إلى الجناح هواء،و الهواء ما بين السماء إلى الأرض، فجعل يوما يقول في نفسه:أ فوق ربنا جل جلاله شيء؟فعلم اللّه ما قال،فزاده أجنحة مثلها فصار له اثنان و ثلاثون ألف جناح،ثم أوحى اللّه جل جلاله إليه أن طر فطار مقدار خمسين عاما فلم ينل رأس قائمة من قوائم العرش.

فلما علم اللّه اتعابه أوحى إليه:أيها الملك عد إلى مكانك فأنا عظيم كل عظيم و ليس فوقي شيء و لا أوصف بمكان،فسلب اللّه أجنحته و مقامه من صفوف الملائكة،فلما ولد الحسين بن علي عليه السّلام و كان مولده عشية الخميس ليلة الجمعة أوحى اللّه عز و جل إلى مالك خازن النار أن أخمد النيران على أهلها لكرامة مولود ولد لمحمد في دار الدنيا، و أوحى اللّه تبارك و تعالى إلى رضوان خازن الجنان أن زخرف الجنان و طيّبها لكرامة مولود ولد لمحمد صلّى اللّه عليه و اله في دار الدنيا،و أوحى اللّه تبارك و تعالى إلى الحور العين أن تزينوا و تزاوروا لكرامة مولود ولد لمحمد صلّى اللّه عليه و اله في دار الدنيا،و أوحى اللّه إلى الملائكة أن قوموا صفوفا بالتسبيح و التحميد و التكبير لكرامة مولود ولد لمحمد صلّى اللّه عليه و اله في دار الدنيا، و أوحى اللّه عز و جل إلى جبرائيل أن اهبط إلى نبيّي محمد صلّى اللّه عليه و اله في ألف(قبيل و القبيل ألف ألف)من الملائكة على خيول بلق مسرجة ملجمة عليها قباب الدرّ و الياقوت و معهم ملائكة يقال لهم الروحانيون بأيديهم حراب من نور أن يهنّئوا محمدا بمولوده،

ص: 145

و أخبره يا جبرائيل أني قد سميته الحسين فهنئه و عزّه،و قل له:يا محمد يقتله شر أمتّك على شرّ الدواب فويل للقاتل و ويل للسائق و ويل للقائد،قاتل الحسين أنا منه بريء و هو مني بريء لأنه لا يأتي يوم القيامة أحد[من المذنبين] (1)إلا و قاتل الحسين أعظم منه جرما،قاتل الحسين يدخل النار يوم القيامة مع الذين يزعمون أن مع اللّه إلها آخر و النار أشوق إلى قاتل الحسين ممن اطاع اللّه إلى الجنة.

قال:فبينا جبرائيل يهبط من السماء الدنيا إذ مر بدردائيل فقال له دردائيل:يا جبرائيل ما هذه الليلة في السماء؟هل قامت القيامة على أهل الدنيا؟

قال:لا و لكن ولد لمحمد مولود في دار الدنيا و بعثني اللّه عز و جل إليه لأهنئه بمولوده فقال له الملك:يا جبرائيل بالذي خلقك و خلقني إن هبطت إلى محمد فأقرئه مني السلام و قل له:بحق هذا المولود عليك إلا ما سألت ربك أن يرضى عني و يرد عليّ أجنحتي و مقامي من صفوف الملائكة،فهبط عليه السّلام على النبي صلّى اللّه عليه و اله فهنّاه كما أمره اللّه عز و جل و عزاه،فقال له النبي صلّى اللّه عليه و اله:تقتله أمتي؟

فقال له:نعم يا محمد،فقال النبي صلّى اللّه عليه و اله:ما هؤلاء بأمتي،انا بريء منهم و اللّه بريء منهم،قال جبرائيل عليه السّلام:و انا منهم بريء يا محمد،فدخل النبي صلّى اللّه عليه و اله على فاطمة عليها السّلام فهنّأها و عزّاها فبكت فاطمة عليها السّلام ثم قالت:يا ليتني لم ألده،قاتل الحسين في النار فقال النبي صلّى اللّه عليه و اله:و أنا أشهد بذلك يا فاطمة،و لكنه لا يقتل حتى يكون منه إمام يكون منه الأئمة الهادية،ثم قال عليه السّلام:و الأئمة بعدي هم:الهادي عليّ،و المهتدي الحسن،و العدل الحسين،و الناصر عليّ بن الحسين،و السفّاح محمد بن عليّ،و النفّاع جعفر بن محمد، و الأمين موسى بن جعفر،و المؤتمن عليّ بن موسى،و الإمام محمد بن علي،و الفعّال عليّ بن محمد،و العلاّم الحسن بن عليّ،و من ؟؟؟ عيسى ابن مريم عليه السّلام.

فسكنت فاطمة عليها السّلام من البكاء ثم أخبر جبرائيل النبي صلّى اللّه عليه و اله بقصة الملك و ما أصيب به،قال ابن عباس:فأخذ النبي صلّى اللّه عليه و اله الحسين عليه السّلام و هو ملفوف في خرق من صوف فأشار بهر.

ص: 146


1- زيادة من بعض المصادر.

إلى السماء،ثم قال:اللهم بحق هذا المولود عليك لا بل بحقك عليه و على جده محمد و إبراهيم و إسماعيل و اسحاق و يعقوب،إن كان للحسين بن علي و ابن فاطمة عندك قدر فارض عن دردائيل و ردّ عليه أجنحته و مقامه من صفوف الملائكة،[فردّ اللّه تعالى أجنحته و مقامه]،فالملك ليس يعرف في الجنة إلا بأن يقال:هذا مولى الحسين بن علي و ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله» (1).

الحمويني هذا بعد هذا الإسناد قال:روى الشيخ الجليل أبو جعفر بن بابويه رضى اللّه عنه قال:حدّثنا الحسن أحمد بن ثابت الدواليسي بمدينة السلام قال:حدّثنا محمد بن الفضل،حدّثنا محمد بن علي بن عبد الصمد الكوفي،حدّثنا علي بن عاصم عن محمد بن علي بن موسى عن أبيه علي بن موسى عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي صلوات اللّه عليهم قال:دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و عنده أبي بن كعب فقال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«مرحبا بك يا أبا عبد اللّه يا زين السموات و الأرض،قال ابي:و كيف يكون يا رسول اللّه زين السموات و الأرض أحد غيرك؟

قال:يا أبي و الذي بعثني بالحق نبيا إن الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الأرض و إنه المكتوب على يمين عرش اللّه أنه مصباح هدى و سفينة نجاة و إمام غير و هن و عز و فخر و علم و ذخر،و إن اللّه عز و جل ركّب في صلبه نطفة مباركة طيبة زكية خلقت من قبل أن يكون مخلوق في الأرحام أو يجري ماء في الاصلاب أو يكون ليل أو نهار،و لقد لقن دعوات ما يدعو بهن مخلوق إلا حشره اللّه عز و جل معه و كان شفيعه في آخرته و فرج اللّه عنه كربه و قضى بها دينه و يسر أمره و أوضح سبيله و قواه على عدوه و لم يهتك سره».

فقال له أبي بن كعب:ما هذه الدعوات يا رسول اللّه؟

قال:تقول إذا فرغت من صلاتك و أنت قاعد:«اللهم إني أسألك بكلماتك و معاقد6.

ص: 147


1- فرائد السمطين:/154/2ب /34ح 446.

عرشك و سكان سماواتك و أرضك و أنبيائك و رسلك أن تستجيب لي فقد رهقتني من أمري عسر فأسألك أن تصلي على محمد[و آل محمد] (1)و ان تجعل لي من أمري يسرا، فإن اللّه عز و جل يسهل أمرك و يشرح صدرك و يلقنك شهادة أن لا إله إلاّ اللّه عند خروج نفسك».

قال له أبي:يا رسول اللّه فما هذه النطفة التي في صلب حبيبي الحسين عليه السّلام؟

قال:«مثل هذه النطفة كمثل القمر تبيين و بيان،يكون من اتبعه رشيدا و من ضل عنه هويّا،قال:فما اسمه؟و ما دعاؤه؟

قال:اسمه عليّ و دعاؤه:يا دائم يا ديّوم يا حي يا قيوم يا كاشف الغم و يا فارج الهم و يا باعث الرسل و يا صادق الوعد.من دعى بهذا الدعاء حشره اللّه عز و جل مع علي بن الحسين صلوات اللّه عليهما،و كان قائده إلى الجنة».

قال له أبي:يا رسول اللّه فهل من خلف أو وصي؟

قال:«نعم،له مواريث السموات و الأرض».

قال:و ما معنى مواريث السموات و الأرض يا رسول اللّه؟

قال:«القضاء بالحق و الحكم بالديانة و تأويل الاحكام و بيان ما يكون».

قال:و ما اسمه؟

قال:«اسمه محمد و ان الملائكة لتستأنس به في السموات،و يقول في دعائه:إن كان لك عندي رضوان وود فاغفر لي و لمن تبعني من إخواني و شيعتي،و طيّب ما في صلبي، فركّب اللّه عز و جل في صلبه نطفة مباركة زكية،و أخبرني أن اللّه تبارك و تعالى طيّب هذه النطفة و سمّاها عنده جعفرا و جعله هاديا مهديا راضيا مرضيا يدعو ربه و يقول في دعائه:يا ديان غير متوان،يا أرحم الراحمين اجعل لشيعتي من النار وقاء و لهم عندك رضى و اغفر ذنوبهم و يسر أمورهم و اقض ديونهم و استر عوراتهم،ذهب لي الكبائر التي بينك و بينهم،يا من لا يخاف الضيم و لا تأخذه سنة و لا نوم اجعل لي من كل غمّر.

ص: 148


1- زيادة ليست في بعض المصادر.

فرجا.من دعى بهذا الدعاء حشره اللّه عز و جل أبيض الوجه مع جعفر بن محمد[عليهما صلوات اللّه و سلامه]إلى الجنة.

يا أبي إن اللّه تعالى ركّب على هذه النطفة نطفة زكية مباركة أنزل عليها الرحمة و سمّاها عنده موسى».

قال أبي:يا رسول اللّه،كلهم يتواضعون و يتوارثون و يصف بعضهم بعضا، قال:«وصفهم لي جبرائيل عليه السّلام عن رب العالمين جل جلاله».

قال:فهل لموسى دعوة يدعو بها سوى دعاء آبائه قال:نعم يقول في دعائه:«يا خالق الخلق يا باسط الرزق و فالق الحب و بارئ النسم و محيي الموتى و مميت الأحياء و دائم الثبات و مخرج النبات إفعل بي ما أنت أهله،من دعى بهذا الدعاء قضى اللّه له حوائجه و حشره اللّه يوم القيامة مع موسى بن جعفر عليهما السّلام،و ان اللّه تعالى ركّب في صلبه نطفة مباركة طيبة زكية مرضية و سمّاها عنده عليا يكون للّه في خلقه رضيا في علمه و حكمه و يجعله حجة لشيعته يحتجون به يوم القيامة و له دعاء يدعو به:اللهم صل على محمد و آل محمد و أعطني الهدى و ثبتني عليه و احشرني عليه آمنا أمن من لا خوف عليه و لا حزن و لا جزع،إنك أهل التقوى و أهل المغفرة.

و ان اللّه عز و جل ركّب في صلبه نطفة مباركة طيبة زكية مرضية و سمّاها عنده محمد ابن علي فهو شفيع شيعته و وارث علم جده،له علامة بيّنة و حجة ظاهرة،إذا ولد يقول:

لا إله إلاّ اللّه محمد رسول اللّه،و يقول في دعائه:يا من لا شبيه له و لا مثال أنت اللّه لا إله إلاّ أنت و لا خالق إلا أنت تفني المخلوقين و تبقى أنت،حلمت عن من عصاك و في المغفرة رضاك.من دعى بهذا الدعاء كان محمد بن علي شفيعه يوم القيامة،و ان اللّه تبارك و تعالى ركّب في صلبه نطفة لا باغية و لا طاغية بارّة مباركة طيبة طاهرة سماها عنده علي بن محمد فألبسها السكينة و الوقار و أودعها العلوم و كل سرّ مكتوم،من لقيه و في صدره شيء نبّأه و حذره من عدوه،يقول في دعائه:يا نور يا برهان يا منير يا مبين يا رب اكفني شر الشرور و آفات الدهور و أسألك النجاة يوم ينفخ في الصور.من دعى

ص: 149

بهذا الدعاء كان علي بن محمد شفيعه و قائده إلى الجنة.

و إن اللّه تبارك و تعالى ركب في صلبه نطفة و سمّاها عنده الحسن عليه السّلام و جعله نورا في بلاده و خليفة في أرضه و عز الأمة جده و هاديا لشيعته و شفيعا لهم عند ربه و نقمة لمن خالفه و حجّة لمن والاه و برهانا لمن اتخذه إماما،يقول في دعائه:يا عزيز العز في عزه يا أعز عزيز العز في عزه يا عزيز أعزني بعزك و أيدني بنصرك و ابعد عني همزات الشياطين و ادفع عني بدفعك و امنع عني بمنعك و اجعلني من خيار خلقك،يا واحد يا أحد يا فرد يا صمد،من دعى بهذا الدعاء حشره اللّه عز و جل معه و نجّاه من النار و لو وجبت عليه.

و ان اللّه تبارك و تعالى ركّب في صلب الحسن نطفة مباركة في الولاية و يكفر به كل جاحد و هو القائم تقي نقي سار مرضيّ هاد مهدي،يحكم بالعدل و يأمر به،يصدق اللّه عز و جل و يصدقه في قوله،يخرج من تهامة حتى تظهر الدلائل و العلامات،و له بالطالقان كنوز لا ذهب و لا فضة إلا خيول مطهمة و رجال مسومة،يجمع اللّه له من أقصى البلاد على عدة أهل بدر ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا معه صحيفة مختومة فيها عدد أصحابه بأسمائهم و أنسابهم و بلدانهم و صنايعهم و طبايعهم و كلامهم و كناهم كدادون،مجدّون في طاعته».

فقال له أبيّ:و ما دلالته و علامته يا رسول اللّه؟

قال صلّى اللّه عليه و اله:«له علم،إذا حان وقت خروجه انتشر ذلك العلم من نفسه و أنطقه اللّه عز و جل فناداه العلم:أخرج يا ولي اللّه،أقتل أعداء اللّه،و هما رايتان و علامتان،و له سيف مغمد،فإذا حان وقت خروجه اقتلع ذلك السيف من غمده و أنطقه اللّه عز و جل فناداه السيف اخرج يا ولي اللّه،فلا يحل لك أن تقعد عن أعداء اللّه فيخرج يقتل أعداء اللّه حيث ثقفهم و يقيم حدود اللّه و يحكم بحكم اللّه،يخرج جبرائيل عن يمينه و ميكائيل عن ميسرته و شعيب بن صالح على مقدمته و سوف تذكرون ما أقول لكم و أفوّض أمري إلى اللّه عز و جل.

ص: 150

يا أبيّ طوبى لمن لقيه و طوبى لمن أحبه و طوبى لمن قال به و لو بعد حين،و ينجيهم من الهلكة و الإقرار باللّه و برسوله و بجميع الأئمة،يفتح اللّه لهم الجنة مثلهم في الأرض كمثل المسك الذي يسطع ريحه فلا يتغير أبدا،و مثلهم في السماء كمثل القمر المنير الذي لا يطفأ نوره أبدا».

قال أبي:يا رسول اللّه كيف حال بيان هؤلاء الأئمة عن اللّه عز و جل قال:«إن اللّه عز و جل أنزل عليّ اثني عشر خاتما و اثنتي عشرة صحيفة،اسم كل إمام على خاتمه وصفته في صحيفته،و الحمد للّه رب العالمين».

علي بن أحمد المالكي من أعيان علماء العامة في الفصول المهمة عن زرارة قال:

قال:سمعت أبا جعفر يقول:«الأئمة الاثنا عشر كلهم من آل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله،علي بن أبي طالب و أحد عشر من ولده» (1).

محمد بن أحمد بن شاذان أبو الحسن الفقيه في المناقب المائة و الفضائل لأمير المؤمنين و الأئمة عليهم السّلام من طريق العامة المخالفين عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:«و اللّه لقد خلفني رسول اللّه في أمته فأنا حجة اللّه عليهم بعد نبيه و إن ولايتي تلزم أهل السماء كما تلزم أهل الأرض و ان الملائكة لتتذاكر فضلي و ذلك تسبيحها عند اللّه،أيها الناس اتبعوني أهدكم سواء السبيل و لا تأخذوا يمينا و لا شمالا فتضلوا،أنا وصي نبيكم و خليفته و إمام المؤمنين و أميرهم و مولاهم،و أنا قائد شيعتي إلى الجنة و سائق أعدائي إلى النار،أنا سيف اللّه على أعدائه و رحمته على أوليائه،أنا صاحب حوض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و لوائه و صاحب مقام شفاعته،و الحسن و الحسين و تسعة من ولد الحسين خلفاء اللّه في ارضه،و أمناء اللّه على وحيه و أئمة المسلمين بعد نبيه و حجج اللّه على بريته» (2).

ابن شاذان هذا من طريق العامة عن ابن عباس قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول:

«معاشر الناس اعلموا أن للّه تعالى بابا من دخله أمن من النار و من الفزع الأكبر».2.

ص: 151


1- كشف الغمة:246/3.
2- مائة منقبة:/59منقبة 32.

فقام إليه أبو سعيد الخدري فقال:يا رسول اللّه،اهدنا إلى هذا الباب حتى نعرفه قال:«هو علي بن أبي طالب سيد الوصيّين و أمير المؤمنين و أخو رسول رب العالمين و خليفة اللّه على الناس أجمعين،معاشر الناس من أحب أن يستمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها فليتمسك بولاية علي بن أبي طالب فإن ولايته ولايتي و طاعته طاعتي يا معاشر[الناس]من أحب أن يعرف الحجة بعدي فليعرف علي بن أبي طالب،معاشر الناس من سرّه أن يقتدي بي فعليه أن يتولى ولاية علي بن أبي طالب بعدي (1)و الأئمة من ذريتي فإنهم خزان علمي».

فقام جابر بن عبد اللّه الأنصاري فقال:يا رسول اللّه ما عدّة الأئمة؟

فقال:«يا جابر سألتني رحمك اللّه عن الإسلام بأجمعه عدتهم عدّة الشهور و هو عند اللّه اثنا عشر شهرا في كتاب اللّه يوم خلق السموات و الأرض،و عدتهم عدّة العيون التي انفجرت لموسى بن عمران حين ضرب بعصاه فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا،و عدّة نقباء بني إسرائيل قال اللّه تعالى:و لقد اخذنا ميثاق بني إسرائيل و بعثنا منهم اثني عشر نقيبا،فالأئمة يا جابر اثنا عشر اماما،أولهم علي بن أبي طالب و آخرهم القائم صلوات اللّه عليهم» (2).

ابن شاذان هذا من طريق العامة عن سلمان المحمدي قال دخلت على النبي صلّى اللّه عليه و اله إذا الحسين بن علي على فخذه و هو يقبل عينيه و يلثم فاه و هو يقول:«أنت سيد و ابن سيد و أبو السادات (3)،أنت إمام بن إمام أبو الأئمة،أنت حجة ابن الحجة أبو الحجج، تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم» (4).

ابن شاذان هذا من طريق العامة عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن8.

ص: 152


1- في بعض المصادر:من أراد أن يتولى اللّه و رسوله فليقتد بعلي بن أبي طالب بعدي.
2- مائة منقبة:/72منقبة 41.
3- في بعض المصادر:أبو السادة.
4- مائة منقبة:/124منقبة 58.

آبائه عليهم السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله،حدّثني جبرائيل عن رب العزة جل جلاله أنه قال:

«من علم أن لا إله إلاّ أنا وحدي و أن محمدا عبدي و رسولي و أن علي بن أبي طالب خليفتي و أن الأئمة من ولده حججي أدخلته الجنة برحمتي و نجيته من النار بعفوي و أبحت له جواري و أوجبت له كرامتي و أتممت عليه نعمتي و جعلته من خاصتي و خالصتي،إن ناداني لبيته و ان دعاني أجبته و ان سألني أعطيته و ان سكت ابتدأته و ان أشار رحمته و ان فرّ عنّي دعوته و ان رجع إليّ قبلته و ان قرع بابي فتحته،و من لم يشهد أن لا إله إلاّ أنا وحدي،أو شهد بذلك و لم يشهد أن محمدا عبدي و رسولي،أو شهد بذلك و لم يشهد أن علي بن أبي طالب خليفتي،أو شهد بذلك و لم يشهد أن الأئمة من ولده حججي فقد جحد نعمتي و صغر عظمتي و كفر بآياتي و كتبي و رسلي،إن قصدني حجبته و ان سألني حرمته و ان ناداني لم اسمع نداءه و ان دعاني لم استجب دعاءه و ان رجاني خيبت رجاءه مني،و ما انا بظلام للعبيد».

فقام جابر بن عبد اللّه الأنصاري فقال:يا رسول اللّه و من الأئمة من ولد علي بن أبي طالب؟

قال:«الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة ثم سيد العابدين في زمانه علي بن الحسين ثم الباقر محمد بن علي،ستدركه يا جابر فإذا ادركته فاقرئه مني السلام،ثم الصادق جعفر بن محمد ثم الكاظم موسى بن جعفر ثم الرضا علي بن موسى ثم التقي محمد بن علي ثم النقي علي بن محمد ثم الزكي الحسن بن علي ثم ابنه القائم بالحق مهدي أمتي الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما،و هؤلاء يا جابر خلفائي و أصفيائي و أولادي و عترتي من أطاعهم فقد أطاعني و من عصاهم فقد عصاني و من أنكرهم أو أنكر واحدا منهم فقد أنكرني و بهم يمسك اللّه السماء أن تقع على الأرض و بهم يحفظ اللّه الأرض أن تميد بأهلها» (1)و قد تقدم أحاديث اللوح المنزل من اللّه سبحانه على رسوله فيه اسماء الأوصياء الاثني عشر الذي رآه جابر بن2.

ص: 153


1- مائة منقبة:/167منقبة 92.

عبد اللّه الأنصاري في يد فاطمة عليها السّلام،و هو يدخل في هذا الباب و هو مروي من طريق العامة تقدم في الباب الثاني عشر،و حديثه متكرر الروايات في طرق العامة و من طريق الخاصة،قدم في الباب الثالث عشر.

ابن بابويه في أماليه قال:حدّثنا أحمد بن الحسن القطان قال:حدّثنا أبو يزيد محمد بن يحيى بن خلف بن يزيد المروزي بالري في ربيع الأول سنة اثنتين و ثلاثمائة قال:حدّثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي في سنة الثامنة و الثلاثين و مائتين و هو المعروف بإسحاق بن راهويه قال:حدّثنا يحيى بن يحيى قال:حدّثنا هيثم عن مجالد عن الشعبي عن مسرور قال:بينا نحن عند عبد اللّه بن مسعود نعرض مصاحفنا عليه إذ يقول له فتي شاب:هل عهد إليكم نبيكم كم يكون من بعده خليفة؟

قال،إنك لحدث السن و إن هذا شيء ما سألني عنه أحد قبلك،نعم عهد إلينا نبينا صلّى اللّه عليه و اله أنه يكون اثنا عشر خليفة بعدد نقباء بني إسرائيل (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا أبو علي[ابن] (2)أحمد بن الحسن بن علي بن عبدويه قال:

حدّثنا أبو عبد اللّه أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي الرحال البغدادي قال:حدّثنا محمد بن عبدوس الحراني قال:حدّثنا عبد الغفار بن الحكم قال:حدّثنا منصور بن أبي الأسود عن مطرف عن الشعبي عن عمه قيس بن عبد قال:كنّا جلوسا في حلقة فيها عبد اللّه بن مسعود فجاء أعرابي فقال:أيّكم عبد اللّه بن مسعود؟

قال عبد اللّه بن مسعود:أنا عبد اللّه،قال:هل حدّثكم نبيكم كم يكون بعده من الخلفاء؟

قال:نعم،إثنا عشر عدد (3)نقباء بني إسرائيل(4).

ص: 154


1- أمالي الصدوق:/386المجلس /51ح 4.
2- ليست في بعض المصادر.
3- في بعض المصادر:عدة.
4- أمالي الصدوق:/386المجلس /51ح 5.

ابن بابويه قال:حدّثنا عتاب بن محمد بن عتاب الوراميني قال:حدّثنا يحيى ابن محمد بن صاعد قال:حدّثنا أحمد بن عبد الرّحمن بن المفضل و محمد بن عبد اللّه بن سوار قالا:حدّثنا عبد الغفار بن الحكم قال:حدّثنا منصور بن أبي الأسود عن مطرف عن الشعبي و حدّثنا عتاب بن محمد قال:حدّثنا إسحاق بن محمد الانماطي عن سيف (1)بن موسى قال:حدّثنا جرير عن أشعث بن سوار عن الشعبي قال الحسين بن محمد الحراني قال:حدّثنا أيوب بن محمد الوزان قال:حدّثنا سعيد بن سلمة قال:حدّثنا أشعث بن سوار عن الشعبي كلهم قالوا:عن عمه قيس بن عبد قال عتاب:و هذا حديث مطرف قال:كنّا جلوسا في المسجد و معنا عبد اللّه بن مسعود فجاء أعرابي فقال:أ فيكم عبد اللّه؟

قال:نعم أنا عبد اللّه،فما حاجتك؟

قال:يا عبد اللّه أخبركم نبيكم كم فيكم من خليفة؟

قال لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد مذ قدمت العراق،نعم إثنا عشر عدة نقباء بني إسرائيل،قال أبو عروبة في حديثه[قال] (2):نعم عدة بني إسرائيل (3).

و قال جرير عن اشعث عن ابن مسعود عن النبي صلّى اللّه عليه و اله قال:الخلفاء بعدي اثنا عشر كعدة نقباء بني إسرائيل (4).

ابن بابويه قال:حدّثنا أحمد بن الحسن القطان قال:حدّثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عبدة النيسابوري قال:حدّثنا أبو القاسم هارون بن إسحاق قال:حدّثني عمي إبراهيم بن محمد عن زياد بن علاقة و عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة قال:كنت مع أبي عند النبي صلّى اللّه عليه و اله فسمعته يقول:«يكون بعدي إثنا عشر أميرا»ثم أخفى7.

ص: 155


1- في المصدر:يوسف.
2- زيادة من بعض المصادر.
3- أمالي الصدوق:/387المجلس /51ح 6.
4- بعض المصادر السابق:ح 7.

صوته فقلت لأبي ما الذي اخفى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله؟

قال:قال:كلهم من قريش (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا عبد اللّه بن محمد الصانع قال:حدّثنا أحمد بن محمد بن يحيى الفضراني قال:حدّثنا أبو علي الحسين بن الليث بن بهلول الموصلي قال:

حدّثنا غسان بن الربيع قال:حدّثنا سليم بن عبد اللّه مولى عامر الشعبي عن جابر إنه قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«لا يزال أمر الدين (2)ظاهرا حتى يمضي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش» (3).

ابن بابويه في النصوص قال:أخبرنا محمد بن عبد اللّه الشيباني قال:حدثنا أبو العباس محمد بن جعفر بن محمد الرازي الكوفي قال:حدّثني محمد بن عبد الرّحمن ابن محمد قال:حدّثني أبو أحمد الطوسي و أحمد بن محمد المقري[قال:حدّثنا محمد بن يحيى] (4)قال:حدّثنا داود بن الحسين قال:حدثّنا حزام بن يحيى الشامي عن عتبة بن تيهان عن مكحول عن واثلة بن الأصقع قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«لا يتم الإيمان إلا بمحبتنا أهل البيت،و أن اللّه تبارك و تعالى عهد اليّ أنه لا يحبنا أهل البيت إلا مؤمن تقي،و لا يبغضنا إلا منافق شقي،طوبى لمن تمسك بي و بالأئمة الاطهار من ذريتي»فقيل:يا رسول اللّه و كم الأئمة بعدك؟

قال:«عدد نقباء بني إسرائيل» (5).

محمد بن إبراهيم النعماني في الغيبة قال:أخبرنا محمد بن عثمان قال:حدّثنا ابن أبي خيثمة قال:حدّثنا زهير بن معاوية عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله قال:«يكون بعدي إثنا عشر خليفة»ثم تكلم بشيء لم أفهمه فقال0.

ص: 156


1- أمالي الشيخ الصدوق:/387مجلس /51ح 8.
2- في بعض المصادر:أمتي.
3- أمالي الشيخ الصدوق:/388مجلس /51ح 9.
4- زيادة ليست في بعض المصادر.
5- كفاية الأثر:110.

بعضهم:فسألت القوم،فقالوا:كلهم من قريش (1).

قلت:و روى هذا الحديث الشيخ في كتاب الغيبة عن محمد بن عثمان و ساق حديثه.

ابن بابويه في الخصال قال:حدّثنا أحمد بن الحسن القطان قال:حدّثنا أبو الحسين الطاهر بن إسماعيل الخثعمي قال:حدّثنا أبو كريب يعني محمد بن علاء الهمداني قال:حدّثنا عمي يعني ابن عبيد الطنافسي عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول:«كان بعدي اثنا عشر أميرا»ثم تكلم فخفي عليّ ما قال فسألت أبي:ما قال؟

فقال:قال:كلهم من قريش (2).

ابن بابويه قال:حدّثنا أحمد بن الحسن القطان قال:أخبرنا علي بن الحسن بن سالم قال:حدّثنا محمد بن الوليد يعني البسري قال:حدّثنا محمد بن جعفر يعني غندر قال:حدّثنا شعبة عن سماك بن حرب قال:[سمعت جابر بن سمرة يقول] (3)سمعت النبي صلّى اللّه عليه و اله يقول:«يكون بعدي اثنا عشر أميرا»و قال كلمة لم أسمعها،فقال القوم:قال:كلهم من قريش (4).

ابن بابويه قال:حدّثنا أحمد بن الحسن القطان قال:حدّثنا عبد الرّحمن بن أبي حاتم قال:حدّثنا العلاء بن سالم قال:حدّثنا يزيد[بن الحسن] (5)بن هارون قال:

أخبرنا شريك عن سماك[و عبد اللّه بن عمير و حصين بن عبد الرحمن قالوا:

سمعنا] (6)جابر بن سمرة يقول:دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله مع أبي فقال:«لا يزالر.

ص: 157


1- كتاب الغيبة للنعماني:/103ح 32 مع اختصار في الرواة من المصنف.
2- كتاب الخصال للشيخ الصدوق:/469ح 14.
3- زيادة من بعض المصادر.
4- كتاب الخصال للشيخ الصدوق:/470ح 15.
5- زيادة من بعض المصادر.
6- زيادة من بعض المصادر.

هذه الأمة أمرها صالحا ظاهرة على عدوها حتى يمضي اثنا عشر ملكا-أو قال اثنا عشر خليفة»ثم قال كلمة خفيت عليّ فسألت أبي فقال:قال:كلهم من قريش (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا أحمد بن الحسن القطان قال:أخبرنا أبو القاسم عبد اللّه بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال:حدّثنا علي بن الجعد قال:أخبرنا زهير عن سماك ابن حرب[و زياد بن علاقة و حصين بن عبد الرحمن كلهم] (2)عن جابر بن سمرة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله قال:«يكون بعدي اثنا عشر أميرا»غير أنه قال في حديثه:ثم تكلم بشيء لم أفهمه قال بعضهم في حديثه:فسألت أبي،و قال بعضهم:فسألت القوم فقالوا:[قال:] (3)كلهم من قريش (4).

ابن بابويه قال:حدّثنا أبو القاسم عبد اللّه بن محمد قال:حدّثنا أبو الحسين أحمد ابن محمد بن يحيى العطار القصراني قال:حدّثنا أبو علي بن بشر بن موسى بن صالح قال:حدّثنا أبو الوليد خلف بن الوليد القصري (5)عن إسرائيل عن سماك قال:

سمعت جابر بن سمرة السوائي يقول سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول:«يكون من بعدي إثنا عشر أميرا»ثم تكلم بكلمة لم أفهمها فسألت القوم فقالوا:قال:كلهم من قريش (6).

محمد بن إبراهيم النعماني عن محمد بن عثمان قال:حدّثنا أحمد بن أبي خيثمة و أخبرنا يحيى بن جعفر (7)قال:حدّثنا عبد اللّه بن صالح قال:حدّثنا الليث بن سعد عن خالد بن يزيد عن سعيد بن[أبي]هلال عن ربيعة بن سيف قال:كنّا عند شفي الاصبحي قال:سمعت عبد اللّه بن عمرو يقول:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول:«يكونن.

ص: 158


1- كتاب الخصال للشيخ الصدوق:/471ح 19.
2- زيادة من بعض المصادر.
3- زيادة من المصدر.
4- الخصال للشيخ الصدوق:/471ح 21.
5- في بعض المصادر:الجوهري.
6- الخصال للصدوق:/475ح 36.
7- في بعض المصادر:يحيى بن معين.

خلفي إثنا عشر خليفة» (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا أحمد بن الحسن القطان قال:حدّثني أبو علي محمد بن علي بن إسماعيل اليشكري المروزي قال:حدّثنا سهل بن عمار النيسابوري قال:

حدّثنا عمر بن عبد اللّه بن رزين قال:حدّثنا سفيان عن سعيد بن عمرو[بن أشوع] (2)عن الشعبي عن جابر بن سمرة قال:جئت مع أبي إلى المسجد و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يخطب فسمعته يقول:«يكون من بعدي اثنا عشر،يعني أميرا»ثم خفض صوته فلم أدر ما يقول فقلت لأبي:ما قال؟

قال:كلهم من قريش (3).

ابن بابويه قال:حدّثنا أحمد بن الحسن القطان قال:حدّثنا أبو بكر عبد اللّه بن سلمان بن الاشعث قال:حدّثنا علي بن حشرم قال:حدّثنا[عيسى]بن يونس عن عمران يعني ابن سلمان عن الشعبي عن جابر بن سمرة قال:سمعت النبي صلّى اللّه عليه و اله يقول:«لا يزال أمر هذه الأمة غالبا (4)على من ناوأها حتى يملك اثنا عشر خليفة»ثم قال كلمة خفيّة لم افهمها،فسألت من هو أقرب إلى النبي صلّى اللّه عليه و اله مني فقال:كلهم من قريش (5).

ابن بابويه قال:حدّثنا أحمد بن الحسن القطان قال:حدّثنا إسحاق بن إبراهيم بن عبد اللّه بن يعقوب السمين البغوي قال:حدّثنا ابن غلية عن ابن عون عن الشعبي عن جابر بن سمرة قال:كنت مع أبي فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«لا يزال هذا الدين عزيزا منيعا سنيّا،ينصرون على من ناوأهم إلى اثني عشر خليفة»ثم تكلم كلمة أصمنيها الناس فقلت لأبي:ما الكلمة التي أصمّنيها الناس؟2.

ص: 159


1- غيبة النعماني:/105ح 34.
2- زيادة من بعض المصادر.
3- الخصال للصدوق:/469ح 13.
4- في بعض المصادر:عاليا.
5- الخصال للصدوق:/471ح 22.

فقال:كلهم من قريش (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا أحمد بن الحسن القطان قال:حدّثنا أبو بكر عبد اللّه بن سليمان بن الاشعث قال:حدّثنا أحمد بن يوسف بن سالم السليمي قال:حدّثنا عمر ابن عبد اللّه بن رزين قال:حدثّنا سفيان بن حسين عن سعيد بن عمرو بن أشرع عن الشعبي عن جابر بن سمرة قال:كنت مع أبي في المسجد و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يخطب فسمعته يقول:«يكون بعدي اثنا عشر خليفة»ثم خفض صوته فلم أدر ما يقول،فقلت لأبي:ما يقول؟

قال:كلهم من قريش (2).

ابن بابويه قال:حدّثنا أحمد بن الحسن القطان قال:حدّثنا[عبد الرحمن] (3)عبد اللّه بن سعدان بن سهل اليشكري قال:حدّثنا أحمد بن المقدام قال:حدّثنا بريد ابن بزيع قال:حدّثنا ابن عون عن الشعبي عن جابر بن سمرة قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«لا يزال هذا الدين عزيزا منيعا ينصرون على من ناوأهم إلى اثني عشر خليفة».

قال:ثم قال كلمة أصمنيها الناس فقال:قلت لأبي:ما الكلمة التي أصمّنيها الناس؟

قال:قال:كلهم من قريش (4).

ابن بابويه قال:حدّثنا أحمد بن الحسن القطان قال:حدّثنا عبد الرّحمن بن أبي حاتم قال:حدّثنا أحمد بن سلمة بن عبد اللّه النيسابوري قال:حدّثنا الحسين بن منصور قال:حدّثنا ميسر بن عبد اللّه بن رزين قال:حدّثنا سفيان بن حسين عن سعيد بن عمر بن أشوع عن عامر الشعبي عن جابر بن سمرة السوايي قال:كنت مع أبي في المسجد و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يخطب فسمعته يقول:«يكون من بعدي اثنا عشر7.

ص: 160


1- الخصال للصدوق:/470ح 17.
2- الخصال للصدوق:/472ح 25.
3- زيادة من بعض المصادر.
4- الخصال للصدوق:/470ح 17.

أميرا»ثم خفض صوته فلم أدر ما يقول،فقلت لأبي ما قال؟

قال:كلهم من قريش (1).

محمد بن إبراهيم النعماني عن محمد بن عثمان قال:حدّثني أحمد قال:حدّثنا عبد اللّه (2)بن عمر قال:حدّثنا سليمان بن أحمد قال:حدّثنا ابن عون عن الشعبي عن جابر ابن سمرة قال:ذكر أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله قال:«لا يزال أهل هذا الدين ينصرون على من ناوأهم إلى اثني عشر خليفة»فجعل الناس يقومون و يقعدون،و تكلم بكلمة لم افهمها فقلت لأبي أو لاخي:أي شيء قال؟

فقال:كلهم من قريش (3).

ابن بابويه في كتاب النصوص قال:حدّثنا محمد بن عبد اللّه الشيباني رحمه اللّه قال:

حدّثنا جعفر بن محمد بن الحسني قال:حدّثنا عبد اللّه بن أحمد بن عبد المنعم الصيداوي قال:حدّثنا المفضل بن صالح عن أبان بن تغلب عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السّلام الباقر عليه السّلام قال سألته عن الأئمة قال:«و اللّه لعهد عهده إلينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله أن الأئمة بعده اثنا عشر تسعة من صلب الحسين عليه السّلام،و منا المهدي الذي يقوم بالدين في آخر الزمان،من أحبنا حشر من حفرته معنا و من أبغضنا أو ردنّا أو رد واحدا منا حشر من حفرته إلى النار،و قد خاب من افترى» (4).

ابن بابويه قال:أخبرنا القاضي أبو الفرج المعافي بن زكريا البغدادي قال:حدّثنا أبو الحسن علي بن عتبة القاضي قال:حدّثنا محمد (5)بن إسحاق الأنصاري قال:

حدّثنا عبد اللّه بن مروان بن معاوية قال:حدّثني شداد بن عبد الرّحمن من أهل بيت المقدس قال:حدّثني إبراهيم بن أبي عيلة عن واثلة بن الاصفع قال:قال رسولى.

ص: 161


1- الخصال للصدوق:/472ح 24.
2- في بعض المصادر:عبيد اللّه.
3- غيبة النعماني:/103ح 33.
4- كفاية الأثر:245.
5- في بعض المصادر:موسى.

اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«حبي و حب أهل بيتي نافع في سبعة مواضع أهو الهنّ عظيمة:عند الوفاة و القبر و عند النشور و عند الكتاب و عند الحساب و عند الميزان و عند الصراط،فمن أحبني و أحب أهل بيتي و استمسك بهم من بعدي فنحن شفعاؤه يوم القيامة».

فقيل:يا رسول اللّه و كيف الإستمساك بهم؟

فقال:«إن الأئمة من بعدي اثنا عشر فمن أحبهم و اقتدى بهم فاز و نجا،و من تخلف عنهم ضل و غوى» (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي رضى اللّه عنه قال:حدّثنا جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه قال:حدّثنا أبو القاسم قال:كتبت من كتاب أحمد الدهقان (2)عن القاسم بن حمزة عن ابن أبي عمير قال:أخبرنا أبو إسماعيل السراج عن خيثمة الجعفي قال:حدّثنا أبو أيوب المخزومي قال ذكر أبو جعفر محمد بن علي الباقر عليه السّلام أسماء (3)الخلفاء الإثني عشر الراشدين،فلما بلغ إلى آخرهم قال:

الثاني عشر الذي يصلّي عيسى ابن مريم عليه السّلام خلفه بسنّة يس و القرآن الكريم (4)(5).

ابن بابويه قال:حدّثنا أبي رضى اللّه عنه قال:حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن محمد بن عمير عن سعيد بن غزوان عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«يكون تسعة أئمة بعد الحسين بن علي تاسعهم قائمهم عليهم السّلام» (6).

ابن بابويه قال:حدّثنا الحسين بن محمد بن سعيد قال:حدّثنا أبي محمد بن الحسين بن محمد بن أخي طاهر قال:حدّثنا أحمد بن علي قال:حدّثني عبد العزيز بن الخطاب عن علي بن هاشم و عن محمد بن أبي رافع عن سلمة بن شبيب عن0.

ص: 162


1- كفاية الأثر:109.
2- في المصدر:الدهان.
3- في بعض المصادر:سير.
4- في بعض المصادر:بسنته و القرآن الكريم،و المراد بيس النبي الأعظم.
5- كمال الدين و تمام النعمة:332.
6- كمال الدين و تمام النعمة:480.

القعنبي عبد اللّه بن مسلم المديني عن أبي الأسود عن أم سلمة(رضي اللّه عنها)قال:

كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول:«الأئمة بعدي عدد نقباء بني إسرائيل،تسعة من صلب الحسين أعطاهم اللّه علمي و فهمي و الويل لمبغضهم» (1).

ابن بابويه بإسناده قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله لعلي عليه السّلام:«يا علي إن اللّه تبارك و تعالى وهب لك حب المساكين و المستضعفين في الأرض فرضيت بهم إخوانا و رضوا بك اماما،فطوبى لك إماما و لمن أحبك و صدق فيك،و ويل لمن أبغضك و كذب عليك،يا علي أنا المدينة و أنت بابها و ما تؤتى المدينة إلا من بابها،يا علي أهل مودتك كل أواب حفيظ و أهل ولايتك كل أشعث ذي طمرين،لو أقسم على اللّه عز و جل لأبرّ قسمه،يا علي إخوانك في أربعة مواضع فرحون:عند خروج أنفسهم و أنا و أنت شاهدهم،و عند المساءلة في قبورهم و عند العرض،و عند الصراط،يا علي حربك حربي و حربي حرب اللّه،و سلمك سلمي و سلمي سلم اللّه،من حاربك فقد حاربني و من حاربني فقد حارب اللّه،من سالمك فقد سالمني و من سالمني فقد سالم اللّه،يا علي بشر شيعتك أن اللّه قد رضي عنهم و رضيك لهم قائدا و رضوا بك وليا،يا علي أنت مولى المؤمنين و قائد الغر المحجلين و أنت أبو سبطيّ و أبو الأئمة التسعة من صلب الحسين،و منا مهدي هذه الأمة،يا علي شيعتك المنتجبون و لو لا أنت و شيعتك ما قام للّه دين» (2).

ابن بابويه قال:أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد اللّه بن الحسن العباسي قال:

حدّثني جدي عبد اللّه (3)بن الحسن عن أحمد بن عبد الجبار قال:حدّثنا أحمد بن عبد الرّحمن المخزومي قال:حدّثنا عمرو بن حماد الأبح قال:حدّثنا علي بن هاشم بن البريد عن أبيه قال:حدّثني أبو سعيد التميمي عن أبي ثابت مولى أبي ذر عن أم سلمة،قالت:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«لما أسري بي إلى السماء نظرت فإذا مكتوب علىه.

ص: 163


1- كفاية الأثر:182،و فيه:فالويل لمبغضيهم.
2- كفاية الأثر:184.
3- في بعض المصادر:عبيد اللّه.

العرش:لا إله إلاّ اللّه محمد رسول اللّه،أيدته بعلي و نصرته بعلي،و رأيت أنوار علي و فاطمة و الحسن و الحسين و أنوار علي بن الحسين و محمد بن علي و جعفر بن محمد و موسى بن جعفر و علي بن موسى و محمد بن علي و علي بن محمد و الحسن بن علي، و رأيت نور الحجة يتلألأ بينهم كأنّه كوكب دري فقلت:يا رب من هذا؟و من هؤلاء؟ فنوديت:يا محمد هذا نور علي و فاطمة،و هذا نور سبطيك الحسن و الحسين و هذه أنوار الأئمة بعدك من ولد الحسين،مطهرون معصومون،و هذا نور الحجة يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما» (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا علي بن الحسن بن محمد قال:حدّثنا أبو محمد هارون بن موسى قال:حدّثنا محمد بن أحمد بن عبد اللّه بن أحمد بن عبد اللّه قال:حدّثنا أبو موسى عيسى بن أحمد قال:حدثّنا عمار بن محمد الثوري قال:حدّثنا سفيان عن أبي الحجاف داود بن أبي عوف عن الحسن بن علي عليهما السّلام قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول لعلي:«أنت وارث علمي و معدن حكمي و الإمام بعدي،و إذا استشهدت فابنك الحسن،فإذا استشهد الحسن فابنك الحسين،فإذا استشهد الحسين فابنه،علي يتلوه تسعة من صلب الحسين أئمة اطهار».

فقلت:يا رسول اللّه فما اسماؤهم؟

قال:«عليّ و محمد و جعفر و موسى و عليّ و محمد و عليّ و الحسن و المهدي من صلب الحسين،يملأ اللّه قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما» (2).

ابن بابويه قال:أخبرنا أبو عبد اللّه الحسين بن محمد بن سعيد بن علي الخزاعي قال:حدّثنا أبو الحسين محمد بن أبي عبد اللّه الكوفي الأسدي قال:حدّثنا إسماعيل البرمكي قال:حدّثنا موسى بن عمران النخعي قال:حدّثنا شعيب بن إبراهيم التميمي قال:حدّثنا سيف بن عميرة عن أبان بن إسحاق الاسدي عن الصباح بن7.

ص: 164


1- كفاية الأثر:185.
2- كفاية الأثر:167.

محمد عن أبي حازم عن سلمان قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«الأئمة بعدي اثنا عشر عدد شهور الحول،و منّا مهدي هذه الأمة،له غيبة موسى و بهاء عيسى و حكم داود و صبر أيوب».

قال الشيخ أبو عبد اللّه:و هذا حديث غريب قوله عليه السّلام:عدد شهور الحول (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا أبو المفضل محمد بن عبد اللّه الشيباني قال:حدّثنا محمد ابن رياح الاشجعي قال:حدّثنا محمد بن غالب بن الحارث قال:حدّثنا إسماعيل بن عمر البجلي قال:حدّثنا عبد الكريم عن أبي الحسن عن أبي الحرث عن أبي ذر قال:

سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول:«من أحبني و أهل بيتي كنّا و هو كهاتين-و أشار بالسبابة و الوسطى-»ثم قال عليه السّلام:«أخي خير الأوصياء و سبطي خير الاسباط،و سوف يخرج اللّه تبارك و تعالى من صلب الحسين أئمة أبرار،و منا مهدي هذه الأمة»قيل:يا رسول اللّه فكم الأئمة بعدك؟

قال:«عدد نقباء بني إسرائيل» (2).

ابن بابويه قال:حدّثنا علي بن محمد قال:حدّثنا أبو بكر القاضي محمد بن عمر قال:حدّثنا[أبو]عبد اللّه محمد بن أحمد بن ثابت القيسي قال:حدّثنا محمد بن إسحاق بن أبي عمارة قال:حدّثني حبش بن معاد عن مسلم قال:حدّثني حكيم بن جبير عن أبيه عن الشعبي عن أبي جحيفة وهب السوائي عن حذيفة بن أسيد قال:

سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول على المنبر و سألوه عن الأئمة،إلا أنه لم يذكر سلمان فقال:«الأئمة بعدي بعدد نقباء بني إسرائيل ألا إنهم مع الحق و الحق معهم» (3).

ابن بابويه قال:حدّثنا علي بن الحسن قال:حدّثنا محمد بن الحسين البزوفري قال:حدّثنا عبد اللّه بن عامر الكوفي بالكوفة قال:حدّثني محمد بن مسروق النهدي0.

ص: 165


1- كفاية الأثر:43.
2- كفاية الأثر:35.
3- كفاية الأثر:130.

عن خالد بن الياس عن صالح بن أبي حنان عن الصباح بن محمد عن أبي حازم عن سلمان الفارسي قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«الأئمة بعدي بعدد نقباء بني إسرائيل، و كانوا اثني عشر-ثم وضع يده على صلب الحسين قال:-تسعة من صلبه و التاسع مهديهم،يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما،فالويل لمبغضهم» (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا محمد بن علي ماجيلويه قال:حدّثني عمي محمد بن[أبي] القاسم عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي عن محمد بن علي القرشي عن ابن سنان عن المفضل بن عمر عن أبي حمزة الثمالي عن محمد بن علي الباقر عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عليه السّلام قال:«دخلت أنا و أخي على جدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فأجلسني على فخذه و أجلس أخي على فخذه الأخرى،ثم قبّلنا و قال:بأبي أنتما من إمامين اختاركما اللّه مني و من أبيكما و أمكما،و اختار من صلبك يا حسين تسعة أئمة، تاسعهم قائمهم،و كلهم في الفضل و المنزلة عند اللّه سواء» (2).

محمد بن إبراهيم النعماني في كتاب الغيبة قال:أخبرنا علي بن الحسين قال:

حدّثنا محمد بن يحيى العطار قال:حدّثنا محمد بن الحسن الرازي عن محمد بن علي الكوفي عن إبراهيم بن محمد بن يوسف عن محمد بن عيسى[عن عبد الرزاق] عن محمد بن سنان عن فضيل الرسان عن أبي حمزة الثمالي قال:كنت عند أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السّلام ذات يوم،فلما تفرّق من كان عنده قال لي:«يا أبا حمزة،من المحتوم الذي لا تبديل له عند اللّه قيام قائمنا،فمن شك فيما أقول لقي اللّه و هو به كافر و له جاحد ثم قال:بأبي و أمي المسمى باسمي و المكنى بكنيتي،السابع من بعدي بأبي من يملأ الأرض عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا-ثم قال:-يا أبا حمزة من أدركه فلم يسلّم له فما سلّم لمحمد و علي،و قد حرّم اللّه عليه الجنة و مأواه النار و بئس مثوى الظالمين،و أوضح من هذا بحمد اللّه و أنور و أزهر لمن هداه اللّه و أحسن9.

ص: 166


1- كفاية الأثر:47.
2- كمال الدين و تمام النعمة:269.

إليه قول اللّه عز و جل في كتابه إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ (1)و معرفة الشهور المحرم و صفر و ربيع و ما بعده،و الحرم منها رجب و ذو القعدة و ذو الحجة و المحرم،لا تكون دينا قيما؛لأن اليهود و النصارى و المجوس و سائر الملل و الناس جميعا من الموافقين و المخالفين يعرفون هذه الشهور و يعدونها بأسمائها،و إنما هم الأئمة القوامون بدين اللّه عليهم السّلام منها أمير المؤمنين علي الذي اشتق اللّه اسما من اسمه العلي كما اشتق لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله اسما من اسمه المحمود،و ثلاثة من ولده أسماؤهم علي:علي بن الحسين و علي بن موسى و علي بن محمد فصار هذا الاسم المشتق من اسم اللّه جل و عز حرمة به،صلوات اللّه على محمد و آله المكرمين المنتجبين» (2).

ابن بابويه قال:حدّثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضى اللّه عنه قال:حدّثني أبي عن محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن أبي سعيد العصفري عن عمرو ابن ثابت عن أبي حمزة قال:سمعت علي بن الحسين يقول:إن اللّه تبارك و تعالى خلق محمدا و عليا و الأئمة الأحد عشر من نور عظمته أرواحا في ضياء نوره يعبدونه قبل خلق الخلق،يسبحون اللّه عز و جل و يقدسونه،و هم الأئمة الهادية من آل محمد عليهم السّلام.

قلت:قال محمد بن علي بن بابويه قال مصنف هذا الكتاب:قد روي هذا الخبر بغير هذا اللفظ إلا أن مسموعي ما قد ذكرته (3).

أقول:و روى هذا الحديث محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى و ساق الحديث إلاّ أن فيه أشباحا مقام أرواحا و هم الأئمة من ولد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله عوض و هم الأئمة الهادية من آل محمد صلّى اللّه عليه و اله.8.

ص: 167


1- التوبة:36.
2- غيبة النعماني:/87ح 17.
3- كمال الدين و تمام النعمة:318.

ابن بابويه قال:أخبرنا أبو عبد اللّه الحسين بن علي رضى اللّه عنه قال:حدّثنا هارون بن موسى قال:حدّثنا الحسين بن حمدان عن عثمان بن سعيد عن أبي عبد اللّه محمد بن مهران عن محمد بن إسماعيل الحسيني عن خالد بن المفلس قال:حدّثني نعيم بن جعفر عن أبي حمزة الثمالي عن أبي خالد الكابلي قال:دخلت على علي بن الحسين عليه السّلام و هو جالس في محرابه فجلست حتى انتهى و أقبل عليّ بوجهه و مسح يده على لحيته فقلت:يا مولاي،أخبرني كم تكون الأئمة بعدك قال:قال:«ثمانية»قلت و كيف ذلك قال:«لان الأئمة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله إثنا عشر عدد الأسباط:ثلاثة من الماضين و أنا الرابع،و ثمانية من ولدي أئمة أبرار من أحبّنا و عمل بأمرنا كان معنا في السنام الأعلى،و من أبغضنا أو ردّنا أو رد واحدا منا فهو كافر باللّه و بآياته» (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا علي بن عبد اللّه الوراق قال:حدّثنا محمد بن هارون الصوفي عن عبد اللّه بن موسى عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني قال:حدّثنا صفوان بن يحيى عن إبراهيم بن أبي البلاد (2)عن أبي حمزة الثمالي عن خالد الكابلي قال:دخلت على سيدي علي بن الحسين زين العابدين عليه السّلام فقلت له:يابن رسول اللّه أخبرني بالذين فرض اللّه طاعتهم و مودتهم و أوجب على عباده الاقتداء بهم بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله،فقال لي:«يا كابلي إن أولي الأمر الذين جعلهم اللّه أئمة للناس و أوجب عليهم طاعتهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام ثم انتهى الأمر إلينا»ثم سكت فقلت:يا سيدي روي لنا أن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:إن الأرض لا تخلو من حجة للّه على عباده،فمن الحجة و الإمام بعدك؟

فقال:«ابني محمد اسمه في التوراة باقر،يبقر العلم بقرا،هو الإمام و الحجة بعدي و من بعد محمد ابنه جعفر و اسمه عند أهل السماء الصادق».

فقلت له:يا سيدي فكيف صار اسمه الصادق و كلكم صادقون؟د.

ص: 168


1- كفاية الأثر:237.
2- في بعض المصادر:بن أبي زياد.

فقال:«حدّثني أبي عن أبيه عليه السّلام أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله قال:إذا ولد ابني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السّلام فسمّوه الصادق،فإن الخامس من ولده الذي اسمه جعفر يدّعي الإمامة اجتراء على اللّه عز و جل و كذبا عليه،فهو عند اللّه جعفر الكذاب المفتري على اللّه و المدّعي ما ليس له المخالف على أبيه و الحاسد لأخيه الذي يروم كشف سر اللّه عند غيبة ولي اللّه عز و جل،ثم بكى علي بن الحسين عليه السّلام بكاء شديدا ثم قال:كأني بجعفر الكذاب وقد حمل طاغية زمانه على تفتيش أمر ولي اللّه و المغيّب في حفظ اللّه و الموكل بحرم أبيه جهلا منه بولادته و حرصا منه على قتله إن ظفر به و طمعا في ميراث أخيه حتى يأخذه بغير حق».

قال أبو خالد:فقلت له:يابن رسول اللّه و ان ذلك لكائن قال:«أي و ربي إنه مكتوب عندنا في الصحيفة التي فيها ذكر المحن التي تجري علينا بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله».

قال أبو خالد:يابن رسول اللّه ثم ماذا يكون؟

قال:«تمتد الغيبة بولي اللّه عز و جل الثاني عشر من أوصياء رسول اللّه و الأئمة بعده عليهم السّلام،يا أبا خالد،أهل زمان غيبته القائلون بإمامته،المنتظرون لظهوره أفضل من أهل كل زمان لأن اللّه تبارك و تعالى أعطاهم من العقول و الأفهام و المعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة،و جعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بالسيف،أولئك هم المخلصون حقا و شيعتنا صدقا و الدعاة إلى دين اللّه عز و جل سرا و جهرا»و قال عليه السّلام:«انتظار الفرج من أفضل العمل»ثم قال ابن بابويه:

و حدّثنا بهذا الحديث علي بن أحمد بن محمد و محمد بن خالد القناني (1)و علي بن عبد اللّه الوراق عن محمد بن أبي عبد اللّه الكوفي عن سهل بن زياد الادمي عن عبد العظيم بن عبد اللّه عن صفوان عن إبراهيم بن البلاد (2)عن أبي حمزة الثمالي عن أبيد.

ص: 169


1- في بعض المصادر بدل هذا:و محمد بن أحمد الشيباني.
2- في بعض المصادر:بن أبي زياد.

خالد الكابلي عن علي بن الحسين عليهما السّلام (1).

ابن بابويه قال علي بن الحسين بن محمد قال:حدّثنا محمد بن الحكم الكوفي ببغداد قال:حدّثني الحسين بن حمدان الحصيني قال:حدّثني عثمان بن سعيد العموي قال:حدّثنا أبو عبد اللّه[محمد بن مهران،قال:حدثني]محمد بن إسماعيل قال:حدّثني خلف بن المفلس قال:حدّثني نعيم بن جعفر قال:حدّثني أبو حمزة الثمالي عن أبي خالد الكابلي عن علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عليهم السّلام قال:

دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و هو متفكر مغموم فقلت:يا رسول اللّه ما لي أراك متفكرا؟

فقال:«يا بني إن الروح الأمين قد أتاني فقال:يا رسول اللّه،العلي الأعلى يقرئك السلام و يقول لك:إنك قد قضيت نبوتك و استكملت أيامك فاجعل الاسم الأكبر و ميراث العلم و آثار علم النبوة عند علي بن أبي طالب،فإني لا أترك الأرض إلا و فيها عالم تعرف به طاعتي و تعرف به ولايتي،فإني لم اقطع علم النبوة من العقب من ذريتك كما لم اقطعها من ذريات الأنبياء الذين كانوا بينك و بين أبيك آدم قلت:يا رسول اللّه فمن يملك هذا الأمر بعدك؟

قال أبوك علي بن أبي طالب أخي و خليفتي،و يملك بعد علي الحسن،ثم تملك أنت و تسعة من صلبك،يملكه اثنا عشر اماما،ثم يقوم قائمنا يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما و يشفي صدور قوم مؤمنين من شيعته» (2).

ابن بابويه قال:حدّثني أبو عبد اللّه الحسين بن سعيد بن علي الخزاعي قال:

حدّثنا أحمد بن سعيد بالكوفة قال:حدّثني جعفر بن علي بن يحيى (3)الكندي قال:

حدّثني إبراهيم بن محمد بن ميمون قال:حدّثني المسعودي أبو عبد الرّحمن عن محمد بن عبد اللّه الفزاري عن أبي خالد الواسطي عن زيد بن علي قال:حدّثني أبيح.

ص: 170


1- كمال الدين و تمام النعمة:319.
2- كفاية الأثر:179.
3- في بعض المصادر:نجيح.

عن علي بن الحسين بن علي قال:قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«أنت الإمام ابن الإمام أخو الإمام،تسعة من ولدك أمناء معصومون،و التاسع مهديهم فطوبى لمن أحبهم و الويل لمن أبغضهم» (1).

محمد بن إبراهيم النعماني في الغيبة عن محمد بن عثمان قال:حدّثنا أحمد قال:

حدّثنا المقدمي عن عاصم بن عمر عن علي بن مقدام أبي يونس قال:حدّثنا أبي عن قطر بن خليفة عن أبي خالد الوالبي قال:حدّثنا جابر بن سمرة قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول:«لا يزال هذا الدين ظاهرا لا يضره من ناوأه حتى يقوم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش» (2).

قلت:و روى هذا الحديث الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة بسنده إلى محمد بن عثمان عن أحمد قال:حدّثنا المقدمي...و ساق الحديث (3).

محمد بن إبراهيم النعماني عن محمد بن عثمان قال:حدّثنا أحمد بن أبي خيثمة قال:حدّثنا الفضل بن دكين قال:حدّثنا فطر قال:حدّثني أبو خالد الوالبي قال:

سمعت جابر بن سمرة السوائي قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«لا يضر هذا الدين من ناوأه حتى يمضي اثنا عشر خليفة،كلهم من قريش» (4).

ابن بابويه قال حدّثني علي بن الحسن قال:حدّثني هارون بن موسى قال:

حدّثني أبو عبد اللّه الحسين بن أحمد بن شيبان القزويني قال:حدّثنا أبو عمر أحمد ابن علي الفيدي قال:حدثنا سعد بن مسروق قال:حدّثنا عبد الكريم بن هلال المكي عن أبي الطفيل عن أبي ذر رضى اللّه عنه قال:سمعت فاطمة عليها السّلام تقول:«سألت أبي عليه السّلام عن قول اللّه تبارك و تعالى: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ (5)قال:هم الأئمة بعدي6.

ص: 171


1- كفاية الأثر:302.
2- غيبة النعماني:/106ح 36.
3- غيبة الطوسي:/33ح 96.
4- غيبة النعماني:/107ح 38.
5- الأعراف:46.

عليّ و سبطاي و تسعة من صلب الحسين،فهم رجال الاعراف،لا يدخل الجنة إلا من يعرفهم و يعرفونه،و لا يدخل النار إلا من أنكرهم و ينكرونه،لا يعرف اللّه تعالى إلا بسبيل معرفتهم» (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا محمد بن وهبان بن محمد البصري قال:حدّثنا الحسين ابن علي البزوفري عن عبد اللّه بن مسلمة قال:أخبرنا عقبة بن مكرم قال:حدّثنا عبد الوهاب الثقفي عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يعقوب بن خالد عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة قال خطبنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و قال:«معاشر الناس من أراد أن يحيى حياتي و يموت ميتتي فليتولّ علي بن أبي طالب و ليقتد بالائمة من بعده».

فقيل:يا رسول اللّه،فكم الأئمة بعدك؟

فقال:«عدد الأسباط» (2).

محمد بن إبراهيم النعماني في الغيبة قال:حدّثنا عبد الواحد بن عبد اللّه قال:

أخبرنا محمد بن جعفر القرشي قال:حدّثنا محمد بن الحسين أبي الخطاب عن عمر ابن أبان الكلبي عن أبي الصامت قال:قال أبو عبد اللّه جعفر بن محمد عليه السّلام:«الليل اثنا عشر ساعة و النهار اثنا عشر ساعة و الشهور اثنا عشر شهرا و الأئمة اثنا عشر اماما و النقباء اثنا عشر نقيبا،و إنّ عليا ساعة من اثنا عشر ساعة و هو قول اللّه جل و عز: بَلْ كَذَّبُوا بِالسّاعَةِ وَ أَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسّاعَةِ سَعِيراً (3)» (4).

ابن بابويه قال:حدّثنا علي بن محمد[قال حدّثنا محمد]بن أحمد الصفواني قال:

حدّثنا فيض بن المفضل الحبلي قال:حدّثنا مسعود بن كرام (5)عن سلمة بن كهيل عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«الأئمةم.

ص: 172


1- كفاية الأثر:195.
2- كفاية الأثر:86.
3- الفرقان:11.
4- غيبة النعماني:15/85،و فيه بدل اثني:اثنتا.
5- في بعض المصادر:سعر بن كدام.

بعدي اثنا عشر،تسعة من صلب الحسين،و المهدي منهم» (1).

ابن بابويه قال:أخبرنا القاضي المعافى بن زكريا قال:حدّثنا علي بن عتبة عن أبيه قال:حدّثني الحسين بن علوان عن أبي علي الخراساني عن معروف بن خربوذ عن أبي الطفيل عن علي عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«أنت الوصي على الأموات من أهل بيتي،و الخليفة على الأحياء من أمتي،و حربك حربي و سلمك سلمي،أنت الإمام أبو الأئمة،أحد عشر من صلبك أئمة مطهرون معصومون،و منهم المهدي الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا فالويل لمبغضيهم،يا علي لو أن رجلا أحب في اللّه حجرا لحشره اللّه معه،إن محبيك و شيعتك و محبي أولادك و الأئمة بعدك يحشرون معك،و أنت معي في الدرجات العلى،و أنت قسيم الجنة و النار،تدخل محبيك الجنة و مبغضيك النار» (2).

ابن بابويه قال:حدّثنا محمد بن عبد اللّه بن المطلب قال:حدّثنا إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى بن إسحاق الهاشمي قال:حدّثني أبي عن عبد اللّه بن بكير الغنوي عن حكيم بن جبير عن الطفيل عامر بن واثلة عن زيد بن ثابت قال:سمعت رسول اللّه يقول:«علي بن أبي طالب قائد البررة و قاتل الفجرة،منصور من نصره مخذول من خذله،الشاك في عليّ كالشاك في الإسلام،و خير من أخلف بعدي و خير أصحابي علي، لحمه لحمي و دمه دمي و أبو سبطيّ،و من صلب الحسين يخرج الأئمة التسعة،و منه مهدي هذه الأمة» (3).

ابن بابويه قال:حدّثنا الحسين بن علي رحمه اللّه[قال حدثنا هارون بن موسى]قال:

حدّثنا محمد بن صدقة الرقي بمصر قال:حدّثني أبي قال:حدّثني أبو عبد الرّحمن عبد اللّه بن أحمد قال:حدّثنا داود بن عمر بن زاهر بن المسيب قال:حدّثنا صالح بن أبي الأسود عن الحسين بن عبد اللّه عن أبي الضحى عن زيد بن أرقم قال:خطبنا7.

ص: 173


1- كفاية الأثر:34.
2- كفاية الأثر:151.
3- كفاية الأثر:97.

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقال بعد ما حمد اللّه و أثنى عليه:«أوصيكم عباد اللّه بتقوى اللّه الذي لا تستغني عنه العباد،فإن من رغب في التقوى زهد في الدنيا،و اعلموا أن الموت سبيل العالمين و مصير الباقين،يختطف المقيمين و لا يعجزه لحاق الهاربين،يهدم كل لذة و يزيل كل نعمة و يشبع كل بهجة،و الدنيا دار الفناء و لأهلها منها الجلاء،و هي حلوة خضرة قد عجلت للطالب،فارتحلوا عنها يرحمكم اللّه بخير ما يحضر بكم من الزاد،و لا تطلبوا منها أكثر من البلاغ،و لا تمدوا أعينكم منها إلى ما متّع به المترفون.

ألا إن الدنيا قد تنكرت و أدبرت و اخلولقت و أذنت بوداع،و ان الآخرة قد رحلت و أقبلت باطلاع،معاشر الناس كأني على الحوض يرد قوم عليّ منكم و ستؤخر أناس من دوني فأقول:يا رب مني و من أمتي،فيقال:هل شعرت بما عملوا بعدك؟و اللّه ما برحوا بعدك يرجعون على أعقابهم،أيها الناس أوصيكم في عترتي و أهل بيتي خيرا فإنهم مع الحق و الحق معهم،و هم الأئمة الراشدون بعدي و الأمناء المعصومون».

فقام إليه عبد اللّه بن العباس فقال:يا رسول اللّه كم الأئمة بعدك قال:«عدد نقباء بني إسرائيل و حواري عيسى تسعة من صلب الحسين،و منهم مهدي هذه الأمة» (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا محمد بن عبد اللّه الشيباني رحمه اللّه قال:حدّثنا صالح بن أحمد بن[أبي]مقاتل عن زكريا عن سليمان بن جعفر الجعفري قال:حدّثنا مسكين ابن عبد العزيز عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«إن الصدقة لا تحل لي و لا لأهل بيتي».

فقلنا:يا رسول اللّه و من أهل بيتك قال:«أهل بيتي عترتي من لحمي و دمي،هم الأئمة بعدي عدد نقباء بني إسرائيل» (2).

ابن بابويه قال:حدّثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي قال:

حدّثنا جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه قال:حدّثنا جبرائيل بن أحمد عن موسى

ص: 174


1- كفاية الأثر:104.
2- كفاية الأثر:89.

ابن جعفر البغدادي قال:حدّثنا الحسن بن محمد الصيرفي عن حنان بن سدير عن أبيه سدير بن حكيم عن أبيه عن أبي سعيد عقيصا قال:لما صالح الحسن بن علي ابن أبي طالب معاوية بن أبي سفيان دخل عليه الناس فلامه بعضهم على بيعته فقال:«و يحكم ما تدرون ما عملت،و اللّه الذي عملت خيرا لشيعتي مما طلعت عليه الشمس أو غربت،ألا تعلمون أني إمامكم و مفترض الطاعة عليكم و أحد سيدي شباب أهل الجنة بنص من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليّ؟».

قالوا:بلى قال:«أو ما علمتم أن الخضر لما خرق السفينة و أقام الجدار و قتل الغلام كان ذلك سخطا لموسى بن عمران أن خفي عليه وجه الحكمة في ذلك،و كان ذلك عند اللّه تعالى حكمة و صوابا،أفما علمتم أنه ما منا أحد إلا و يقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه إلا القائم الذي يصلّي خلفه روح اللّه عيسى ابن مريم عليه السّلام،فإن اللّه عز و جل يخفي ولادته و يغيب شخصه لئلاّ يكون لأحد في عنقه بيعة،إذا خرج ذلك التاسع من ولد الحسين ابن سيدة الإماء يطيل عمره في غيبته،ثم يظهر بقدرته في صورة شاب دون أربعين سنة، ذلك ليعلم أن اللّه على كل شيء قدير» (1).

و هذا الباب وسيع الذيل من طريق الخاصة يطيل بالكثير منه الكتاب،نقتصر في هذا الباب على هذا القدر،و من أراد الزيادة فعليه بكتابنا كتاب الانصاف و النص على الأئمة الاثني عشر من آل محمد صلّى اللّه عليه و اله الاشراف،فقد اشتمل على ما يزيد على أربعمائة حديث من طريق الخاصة و العامة من النبي صلّى اللّه عليه و اله.5.

ص: 175


1- كفاية الأثر:225.

الفهرس

النصوص على الإمام الحسين عليه السلام 1

النص على الإمام الحسين عليه السلام 3

النص على الحسين من رسول اللّه عليهما السلام 3

النص على الحسين من أبيه أمير المؤمنين عليهما السلام 107

النص على الحسين من أخيه الحسن صلوات اللّه عليهما 109

النص على الإمام الحسين في حديث اللوح 115

النص على الإمام الحسين من ناحية العدد و المكان 123

النص على الإمام الحسين ضمن الأئمة عليهم السلام 135

ص: 176

المجلد 4

اشارة

الصحیح من سیرة الإمام الحسین بن علي علیه السلام

نویسنده: سید هاشم بحرانی - علامه سید مرتضی عسکری و سید محمد باقر شریف قرشی

ناشر: مؤسسة التاريخ العربي

مکان نشر: لبنان - بيروت

سال نشر: 2009م , 1430ق

چاپ:1

موضوع:اسلام، تاریخ

زبان:عربی

تعداد جلد:20

کد کنگره: /ع5ص3 41/4 BP

ص: 1

اشارة

ص: 2

[الجزء الرابع(فضائل الإمام الحسين عليه السّلام)]

فضل الإمام الحسين بن علي عليه السّلام

الحمويني أحد مشايخ العامة قال:أنبأني الشيخ سديد الدين يوسف بن علي بن المطهر الحلي رحمه اللّه عن الشيخ الفقيه مهذب الدين أبي عبد اللّه بن أبي الفرج بن بردة السلمي (1)رحمه اللّه بروايته،عن محمد بن الحسين بن علي بن عبد الصمد، عن والده،عن جده محمد،عن أبيه،عن جماعة منهم السيد أبو البركات علي بن الحسن الجوزي العلوي،و أبو بكر محمد بن أحمد بن علي المقري و الفقيه أبو جعفر محمد بن إبراهيم الفاني بروايتهم،عن الشيخ الفقيه أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي رحمه الّله جميع مصنفاته و رواياته قال:حدّثنا محمد ابن علي ماجيلويه-رضى الّله عنه-قال:حدثني عمي محمد بن أبي القاسم،عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي قال:حدثني محمد بن علي القرشي قال:حدّثني أبو الربيع الزهراني قال:حدّثنا جرير،عن ليث بن أبي سليم،عن مجاهد قال:قال ابن عباس:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«إن للّه تبارك و تعالى ملكا يقال له:دردائيل،كان له ستة عشر ألف جناح ما بين الجناح إلى الجناح هواء و الهواء كما بين السماء إلى الأرض،فجعل يوما يقول في نفسه:أفوق ربنا جل جلاله شيء؟فعلم اللّه تبارك و تعالى ما قال،فزاده أجنحة مثلها فصار له اثنان و ثلاثون ألف جناح ثم أوحى اللّه عز و جل إليه أن طر،فطار مقدار خمسين عاما فلم ينل رأس قائمة من قوائم العرش،فلما علم اللّه عز و جل إتعابه أوحى إليه أيها الملك عد إلى مكانك فأنا عظيم فوق كل عظيم و ليس فوقي شيء و لا أوصف بمكان،فسلبه اللّه أجنحته و مقامه من صفوف الملائكة،فلما ولد الحسين بن علي عليه السّلام

ص: 3


1- في بعض المصادر:النبلي.

و كان مولده عشية الخميس ليلة الجمعة أوحى اللّه عز و جل إلى مالك خازن النار أن أخمد النيران على أهلها لكرامة مولود ولد لمحمد في دار الدنيا،و أوحى اللّه تبارك و تعالى إلى رضوان خازن الجنان أن زخرف الجنان و طيّبها لكرامة مولود ولد لمحمد في دار الدنيا و أوحى اللّه تبارك و تعالى إلى حور العين أن تزينوا و تزاوروا لكرامة مولود ولد لمحمد في دار الدنيا،و أوحى اللّه عز و جل إلى الملائكة أن قوموا صفوفا بالتسبيح و التحميد و التكبير لكرامة مولود ولد لمحمد في دار الدنيا،و أوحى اللّه عز و جل لجبرئيل أن اهبط إلى نبيي محمد في ألف قبيل-و القبيل ألف ألف من الملائكة-على خيول بلق،مسرجة ملجمة،عليها قباب الدر و الياقوت،و معهم ملائكة يقال لهم:

الروحانيون،بأيديهم حراب من نور (1)أن هنئوا محمدا بمولوده،و أخبره يا جبرائيل إني قد سمّيته الحسين،فهنئه و عزه و قل له:يا محمد يقتله شر أمتك على شر الدواب، فويل للقاتل،و ويل للسائق،و ويل للقائد.

قاتل الحسين أنا منه بريء و هو مني بريء لأنه لا يأتي يوم القيامة أحد إلا و قاتل الحسين أعظم جرما منه.

قاتل الحسين يدخل النار يوم القيامة مع الذين يزعمون أن مع اللّه إلها آخر،و النار أشوق إلى قاتل الحسين ممن أطاع اللّه إلى الجنة.

قال:فبينا جبرائيل عليه السّلام يهبط من السماء إلى الدنيا (2)إذ مرّ بدردائيل فقال له دردائيل:

يا جبرائيل ما هذه الليلة في السماء هل قامت القيامة على أهل الدنيا قال:لا و لكن ولد لمحمد مولود في دار الدنيا و قد بعثني اللّه عز و جل إليه لأهنئه بمولوده،فقال له الملك:

يا جبرائيل بالذي خلقني و خلقك إن هبطت إلى محمد فأقرئه مني السلام و قل له:بحق هذا المولود عليك إلاّ ما سألت ربك أن يرضى عني و يرد عليّ أجنحتي و مقامي منض.

ص: 4


1- في بعض المصادر:أطباق من نور.
2- في بعض المصادر:الى الأرض.

صفوف الملائكة،فهبط جبرائيل عليه السّلام على النبي صلّى اللّه عليه و آله فهنأه كما أمره اللّه عز و جل و عزاه، فقال له النبي صلّى اللّه عليه و آله تقتله أمتي؟

فقال له:نعم يا محمد،فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله ما هؤلاء بأمتي أنا بريء منهم و اللّه عز و جل بري منهم،قال جبرائيل:و أنا بريء منهم يا محمد،فدخل النبي صلّى اللّه عليه و آله على فاطمة عليها السّلام فهنأها و عزاها فبكت فاطمة عليها السّلام،ثم قالت:يا ليتني لم ألده،قاتل الحسين في النار،فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله:و أنا أشهد بذلك يا فاطمة و لكنه لا يقتل حتى يكون منه إمام يكون منه الأئمة الهادية،قال عليه السّلام و الأئمة بعدي الهادي علي،و المهتدي الحسن،و الناصر الحسين، و المنصور علي بن الحسين،و الشافع محمد بن علي،و النفاع جعفر بن محمد،و الأمين موسى بن جعفر،و الرضا علي بن موسى،و الفعال محمد بن علي،و المؤتمن علي بن محمد،و العلام الحسن بن علي،و من يصلي خلفه عيسى ابن مريم عليه السّلام القائم عليه السّلام، فسكنت فاطمة عليها السّلام من البكاء.

ثم أخبر جبرائيل عليه السّلام النبي صلّى اللّه عليه و آله بقصة الملك و ما أصيب به،قال ابن عباس:فأخذ النبي صلّى اللّه عليه و آله الحسين عليه السّلام و هو ملفوف في خرقة من صوف فأشار به إلى السماء،ثم قال:

اللهم بحق هذا المولود عليك،لا بل بحقك عليه و على جده محمد و إبراهيم و إسماعيل و إسحاق و يعقوب إن كان للحسين بن علي ابن فاطمة عندك قدرا فارض عن دردائيل ورد عليه أجنحته و مقامه من صفوف الملائكة (1)فالملك ليس يعرف في الجنة إلا بأن يقال هذا مولى الحسين بن علي،و ابن فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله» (2).

الحمويني من علماء العامة بإسناده قال:روى الشيخ الجليل أبو جعفر بن بابويه قال:حدّثنا أبو الحسن أحمد بن ثابت الدواليبي بمدينة السلام،حدّثنا محمد6.

ص: 5


1- في كمال الدين:فاستجاب اللّه دعاءه،و غفر للملك،ورد عليه أجنحته،ورده الى صفوف الملائكة،فالملك لا يعرف.
2- فرائد السمطين 2:/151ح 446.

ابن الفضل،حدّثنا محمد بن علي بن عبد الصمد الكوفي،حدّثنا علي بن عاصم،عن محمد بن علي بن موسى،عن أبيه علي بن موسى بن جعفر،عن أبيه جعفر بن محمد،عن أبيه محمد بن علي،عن أبيه علي بن الحسين،عن أبيه الحسين بن علي عليهم السّلام قال:دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و عنده أبي بن كعب فقال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«مرحبا بك يا أبا عبد اللّه،يا زين السماوات و الأرض»،قال أبي و كيف يكون يا رسول اللّه زين السماوات و الأرض أحد غيرك؟

قال:«يا أبيّ و الذي بعثني بالحق نبيا إنّ الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الأرض،و إنه مكتوب على يمين عرش اللّه مصباح هدى و سفينة نجاة و إمام غير وهن، و عزّ و فخر،و علم و ذخر،و إن اللّه عز و جل ركب في صلبه نطفة مباركة طيبة زكية خلقت من قبل أن يكون مخلوق في الأرحام،أو يجري ماء في الأصلاب،أو يكون ليل أو نهار، و لقد لقن دعوات ما يدع بهن مخلوق إلا حشره اللّه عز و جل معه،و كان شفيعه في آخرته، و فرّج اللّه عنه كربه،و قضى اللّه بهادينه،و يسر أمره،و أوضح سبيله،و قواه على عدوه،و لم يهتك ستره»،فقال له أبي بن كعب:ما هذه الدعوات يا رسول اللّه؟

قال:«إذا فرغت من صلاتك و أنت قاعد:اللهم إني أسألك بكلماتك،و معاقد عرشك،و سكّان سماواتك،و أنبيائك و رسلك أن تستجيب لي فقد رهقني من أمري عسر،فأسألك أن تصلي على محمد و آل محمد و أن تجعل لي من عسري يسرا،فإن اللّه عز و جل،يسهل أمرك و يشرح صدرك و يلقنك شهادة أن لا إله إلا اللّه عند خروج نفسك»،قال له أبي:يا رسول اللّه فما هذه النطفة التي في صلب الحسين؟

قال:«مثل هذه النطفة كمثل القمر و هي نطفة تبيين و بيان يكون من اتبعه رشيدا و من ضل عنه غويا»،قال:فما إسمه و ما دعاؤه؟

قال:«إسمه عليّ،و دعاؤه يا دائم يا ديموم يا حي يا قيوم يا كاشف الغم يا فارج الهم و يا باعث الرسل و يا صادق الوعد.و من دعى بهذا الدعاء حشره اللّه عز و جل مع علي بن

ص: 6

الحسين و كان قائده إلى الجنة».

قال له أبي:يا رسول اللّه فهل له من خلف أو وصي؟

قال:«نعم له مواريث السماوات و الأرض»،قال:و ما معنى مواريث السماوات و الأرض يا رسول اللّه؟

قال:«القضاء بالحق،و الحكم بالديانة،و تأويل الأحكام،و بيان ما يكون»،قال:ما اسمه؟

قال:«اسمه محمد،و إنّ الملائكة لتستأنس به في السماوات و يقول في دعائه:اللهم إن كان لك عندي رضوان و ودّ فاغفر لي و لمن تبعني من إخواني و شيعتي و طيب ما في صلبي،فركّب اللّه عز و جل في صلبه نطفة مباركة زكية و أخبرني جبرائيل عليه السّلام أن اللّه تبارك و تعالى طيّب هذه النطفة و سمّاها عنده جعفرا،و جعله هاديا مهديا و راضيا مرضيا يدعو ربه فيقول في دعائه:يا ديّان غير متوان يا أرحم الراحمين اجعل لشيعتي من النار وقاء،و لهم عندك رضى،فاغفر لهم ذنوبهم،و يسّر أمورهم و اقض ديونهم،و استر عوراتهم،و اغفر لهم الكبائر التي بينك و بينهم،يا من لا يخاف الضيم و لا تأخذه سنة و لا نوم،إجعل لي من الغم فرجا.و من دعى بهذا الدعاء حشره اللّه عز و جل أبيض الوجه مع جعفر بن محمد إلى الجنة.

يا أبي و إن اللّه تبارك و تعالى ركّب على هذه النطفة نطفة زكية مباركة طيبة أنزل عليها الرحمة و سمّاها عنده موسى».

قال له أبي:يا رسول اللّه كلهم يتواضعون و يتناسلون و يتوارثون و يصف بعضهم بعضا،قال:«وصفهم لي جبرائيل عليه السّلام عن رب العالمين جل جلاله»،قال فهل لموسى من دعوة يدعو بها سوى دعاء آبائه؟

قال:«نعم يقول في دعائه:يا خالق الخلق،و يا باسط الرزق و يا فالق الحب،و يا باري النسم و محيي الموتى و مميت الأحياء،و دائم الثبات،و مخرج النبات،افعل بي ما أنت

ص: 7

أهله.

من دعى بهذا الدعاء قضى اللّه له حوائجه و حشره اللّه يوم القيامة مع موسى ابن جعفر،و إن اللّه ركب في صلبه نطفة مباركة طيبة زكية مرضية و سماها عنده عليا يكون اللّه في خلقه رضيا في علمه و حكمه،و يجعله حجّة لشيعته يحتجون به يوم القيامة و له دعاء يدعو به:اللهم صل على محمد و آل محمد و اعطني الهدى،و ثبتني عليه،و احشرني عليه آمنا أمن من لا خوف عليه و لا حزن و لا جزع،إنك أهل التقوى و أهل المغفرة.

و إنّ اللّه عز و جل ركب في صلبه نطفة مباركة طيبة زكية مرضية و سمّاها محمد بن علي فهو شفيع شيعته و وارث علم جده،له علامة بينة و حجة ظاهرة إذا ولد يقول:لا إله الاّ اللّه محمد رسول اللّه يقول في دعائه:يا من لا شبيه له و لا مثال،أنت اللّه لا إله إلا أنت و لا خالق إلا أنت تفني المخلوقين و تبقى أنت،حلمت عمن عصاك و في المغفرة رضاك.من دعى بهذا الدعاء كان محمد بن علي شفيعه يوم القيامة.

و إنّ اللّه تبارك و تعالى ركّب في صلبه نطفة لا باغية و لا طاغية،بارة مبارك طيبة طاهرة سماها عنده علي بن محمد،فألبسها السكينة و الوقار،و أودعها العلوم و كل سر مكتوم، من لقيه و في صدره شيء أنبأه و حذّره من عدوه،و يقول في دعائه:يا نور يا برهان يا منير و يا مبين،يا رب إكفني شر الشرور و آفات الدهور و أسألك النجاة يوم ينفخ في الصور.

من دعى بهذا الدعاء كان علي بن محمد شفيعه و قائده إلى الجنة.

و إن اللّه تبارك و تعالى ركّب في صلبه نطفة و سماها عنده الحسن و جعله نورا في بلاده و خليفته في أرضه،و عزّا لأمة جدّه،و هاديا لشيعته،و شفيعا لهم عند ربه و نقمة لمن خالفه،و حجّة لمن والاه،و برهانا لمن اتخذه إماما،يقول في دعائه:يا عزيز العز في عزه، يا عزيز أعزني بعزك،و أيدني بنصرك،و أبعد عني همزات الشياطين،و ادفع عني بدفعك،و امنع عني بمنعك،و اجعلني من خيار خلقك،يا واحد يا أحد يا فرد يا صمد.

ص: 8

من دعى بهذا الدعاء حشره اللّه عز و جل معه و نجاه من النار و لو وجبت عليه.و ان اللّه تبارك و تعالى ركّب في صلب الحسن نطفة مباركة زكية طيبة طاهرة مطهرة يرضى بها كل مؤمن ممن قد أخذ اللّه ميثاقه في الولاية و يكفر بها كل جاحد.و هو إمام تقي نقي بار مرضي هاد مهدي يحكم بالعدل و يأمر به،يصدق اللّه عز و جل و يصدقه اللّه في قوله، يخرج من تهامة حتى تظهر الدلائل و العلامات،و له بالطالقان كنوز لا ذهب و لا فضة إلا خيول مطهمة،و رجال مسومة يجمع اللّه له من أقاصي البلاد على عدد أهل بدر ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا معه صحيفة مختومة فيها عدد أصحابه بأسمائهم و أنسابهم و بلدانهم و صنايعهم و طبايعهم و كلامهم و كناهم كرارون مجدون في طاعته»،فقال له:و ما دلالته و علامته يا رسول اللّه؟

قال:«له علم إذا حان وقت خروجه انتشر ذلك العلم من نفسه و أنطقه اللّه عز و جل فناداه العلم أخرج يا ولي اللّه اقتل أعداء اللّه،و له رايتان و علامتان و له سيف مغمد فإذا حان وقت خروجه إقتلع ذلك السيف من غمده،و أنطقه اللّه عز و جل فناداه السيف أخرج يا ولي اللّه فلا يحل لك أن تقعد عن أعداء اللّه،فيخرج و يقتل أعداء اللّه حيث ثقفهم و يقيم حدود اللّه و يحكم بحكم اللّه،يخرج جبرائيل عن يمينه و ميكائيل عن ميسرته و شعيب بن صالح على مقدّمه،و سوف تذكرون ما أقول لكم و أفوض أمري إلى اللّه عز و جل.

يا أبي طوبى لمن لقيه،و طوبى لمن أحبه،و طوبى لمن قال به،و لو بعد حين،ينجيهم من الهلكة بالإقرار باللّه و برسوله و بجميع الأئمة،يفتح اللّه لهم الجنة،مثلهم في الأرض كمثل المسك الذي يسطع ريحه فلا يتغير أبدا،و مثلهم في السماء كمثل القمر المنير الذي لا يطفأ نوره أبدا»،قال أبي:يا رسول اللّه كيف جاءك بيان هؤلاء الأئمة عن اللّه عز و جل؟

قال:«إن اللّه أنزل عليّ اثني عشر خاتما و اثنتي عشر صحيفة إسم كل إمام على

ص: 9

خاتمه،و صفته في صحيفته و الحمد للّه رب العالمين» (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا علي بن أحمد بن موسى قال:حدّثنا محمد بن جعفر أبو الحسين الأسدي قال:حدّثنا محمد بن إسماعيل البرمكي قال:حدّثنا جعفر بن أحمد ابن محمد التميمي،عن أبيه قال:حدّثنا عبد الملك بن عمير الشيباني،عن أبيه عن جده عن ابن عباس قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«أنا سيد الانبياء و المرسلين،و أفضل من الملائكة المقربين،و أوصيائي سادة أوصياء النبيين و المرسلين،و ذريتي أفضل ذريات النبيين و المرسلين،و أصحابي الذين سلكوا منهاجي أفضل أصحاب النبيين و المرسلين،و ابنتي فاطمة سيدة نساء العالمين،و الطاهرات من أزواجي أمهات المؤمنين،و أمتي خير أمة أخرجت للناس،و إني أكثر النبيين تبعا يوم القيامة ولي حوض عرضه ما بين بصرى و صنعاء فيه أباريق عدد نجوم السماء،و خليفتي على الحوض يومئذ خليفتي في الدنيا»،فقيل:و من ذاك يا رسول اللّه؟

قال:«إمام المسلمين و أمير المؤمنين،و مولاهم بعدي علي بن أبي طالب يسقي منه أولياءه،و يذود عنه أعداءه كما يذود أحدكم الغريبة من الابل عن الماء»،ثم قال صلّى اللّه عليه و آله:

«من أحبّ عليا و أطاعه في دار الدنيا ورد على حوضي غدا و كان معي في درجتي في الجنّة،و من أبغض عليا في دار الدنيا و عصاه لم أره و لم يرني يوم القيامة،و اختلج دوني، و أخذ به ذات الشمال إلى النار» (2).

إبراهيم بن محمّد الحمويني:أنبأني الشيخ الإمام أبو عمر بن الموفّق الأذكاني بقراءتي عليه في صفر سنة أربع و ستين و ستمائة بإسفرايين و ساق سنده إلى عليّ بن الهلالي عن أبيه قال دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو في الحالة التي قبض5.

ص: 10


1- فرائد السمطين 2:/155ح 447. و ذكره الشيخ ابن بابويه في كمال الدين:264/1-268.
2- أمالي الصدوق ص 264-265.

فيها فإذا فاطمة عند رأسه فبكت حتّى ارتفع صوتها فرفع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله طرفه إليها فقال:«حبيبتي فاطمة ما الذي يبكيك فقالت أخشى الضيعة من بعدك فقال:يا حبيبتي أما علمت أن اللّه عزّ و جلّ اطلع على الأرض إطلاعة فاختار منها أباك و بعثه برسالته،ثمّ اطلع إطلاعة فاختار منها بعلك و أوحى إليّ أن أنكحك إياه يا فاطمة و نحن أهل بيت قد أعطانا اللّه عزّ و جلّ خصال لم يعطها أحد قبلنا و لا يعطى أحد بعدنا،أنا خاتم النبيّين و أكرم النبيين على اللّه عزّ و جلّ و أحب المخلوقين إلى اللّه عزّ و جلّ،و أنا أبوك و وصيي خير الأوصياء و أحبهم إلى اللّه عزّ و جلّ و هو بعلك،و شهيدنا خير الشهداء و أحبهم إلى اللّه عزّ و جلّ و هو حمزة بن عبد المطلب عمّ أبيك و عم بعلك،و منّا من له جناحان أخضران يطير مع الملائكة حيث يشاء و هو ابن عم أبيك و أخو بعلك و منا سبطا هذه الأمّة و هما ابناك الحسن و الحسين و هما سيّدا شباب أهل الجنّة و أبوهما و الذي بعثني بالحق خير منهما،يا فاطمة و الذي بعثني بالحق إن منهما مهدي هذه الأمة إذا صارت الدنيا هرجا و مرجا و تظاهرت الفتن و تعطلت السبل و أغار بعضهم على بعض فلا كبير يرحم صغيرا و لا صغير يرحم كبيرا فيبعث اللّه عزّ و جلّ عند ذلك منهما من يفتح حصون الضلالة و قلوبا غلفا يقوم بالسيف في آخر الزمان كما قمت في أول الزمان و يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا و ظلما،يا فاطمة لا تحزني و لا تبكي فإنّ اللّه عزّ و جلّ أرحم بك و أرأف عليك منّي و ذلك لمكانك و موقعك من قلبي قد زوجك اللّه زوجا و هو أعظمهم حسبا و أكرمهم منصبا و أرحمهم بالرعيّة و أعدلهم بالسوية و أبصرهم بالقضية،و قد سألت ربّي عزّ و جلّ أن تكوني أول من يلحقني من أهل بيتي،قال عليّ صلوات اللّه عليه و سلامه فلمّا قبض رسول صلّى اللّه عليه و آله لم تبق فاطمة بعده إلاّ خسمة و سبعين يوما حتّى ألحقها اللّه به عليهما السّلام». (1)

ابن شاذان هذا بإسناده عن أبي هريرة قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«خير هذه الأمّة3.

ص: 11


1- فرائد السمطين:/84/2ح 403.

من بعدي عليّ بن أبي طالب و فاطمة و الحسن و الحسين صلّى اللّه عليه و آله فمن قال غير هذا فعليه لعنة اللّه». (1)

ابن بابويه قال:حدّثنا الحسن بن محمّد بن سعد الهاشمي قال:حدّثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي قال:حدّثنا محمّد بن أحمد بن عليّ الهمداني قال:حدّثني أبو الفضل العبّاس بن عبد اللّه البخاري قال:حدّثنا محمّد بن القاسم بن إبراهيم بن محمّد بن عبد اللّه بن القاسم بن محمد بن أبي بكر قال:حدّثنا عبد السلام بن صالح الهروي عن عليّ بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمّد عن أبيه محمّد ابن عليّ عن أبيه عليّ بن الحسين عن أبيه الحسين بن عليّ عن أبيه عليّ بن أبي طالب عليه السّلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله ما خلق اللّه خلقا أفضل منّي و لا أكرم عليه منّي قال عليّ عليه السّلام فقلت يا رسول اللّه فأنت أفضل أم جبرائيل؟

فقال صلّى اللّه عليه و آله يا عليّ إن اللّه تبارك و تعالى فضّل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقربين و فضّلني على جميع النبيين و المرسلين و الفضل بعدي لك يا عليّ و للأئمة من بعدك، فإن الملائكة لخدّامنا و خدّام محبينا،يا عليّ الذين يحملون العرش و من حوله يسبحون بحمد ربهم و يستغفرون للذين آمنوا بولايتنا،يا عليّ لو لا نحن ما خلق اللّه آدم و لا حواء و لا الجنّة و لا النار و لا السماء و لا الأرض،و كيف لا نكون أفضل من الملائكة و قد سبقناهم إلى معرفة ربنا و تسبيحه و تهليله و تقديسه لأن أول ما خلق اللّه عزّ و جلّ خلق أرواحنا فأنطقنا بتوحيده و تحميده،ثمّ خلق الملائكة فلمّا شاهدوا أرواحنا نورا واحدا استعظموا أمرنا فسبّحنا لتعلم الملائكة إنّا خلق مخلوقون و إنّه منزه عن صفاتنا، فسبّحت الملائكة لتسبيحنا و نزّهته عن صفاتنا فلمّا شاهدوا عظم شأننا هللنا لتعلم الملائكة أن لا إله إلاّ اللّه و إنّا عبيد و لسنا بآلهة نحب أن نعبد معه أو دونه فقالوا لا إله إلاّ اللّه فلمّا شاهدوا كبر محلّنا كبّرنا لتعلم الملائكة أن اللّه أكبر من أن ينال عظم المحل إلاّ7.

ص: 12


1- المائة منقبة:126،كنز الفوائد:63/1،بحار الأنوار:31/228/27.

به،فلمّا شاهدوا ما جعله اللّه لنا من العز و القوّة قلنا:لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه لتعلم الملائكة أن لا حول و لا قوه إلاّ باللّه،فلمّا شاهدوا ما أنعم اللّه به علينا و أوجبه لنا من فرض الطاعة قلنا:الحمد للّه لتعلم الملائكة ما يحق للّه تعالى ذكره علينا من الحمد على نعمته فقالت الملائكة:الحمد للّه فبنا اهتدوا إلى معرفة توحيد اللّه و تسبيحه و تهليله و تحميده و تمجيده،ثمّ إن اللّه تبارك و تعالى خلق آدم فأودعنا صلبه و أمر الملائكة بالسجود تعظيما له و اكراما و كان سجودهم للّه عزّ و جلّ عبودية و لآدم إكراما و طاعة لكوننا في صلبه فكيف لا نكون أفضل من الملائكة و قد سجدوا لآدم كلهم أجمعون و أنّه لما عرج بي إلى السماء أذّن جبرائيل مثنى مثنى و أقام مثنى مثنى ثمّ قال:تقدّم يا محمّد فقلت له:يا جبرائيل أتقدّم عليك.

فقال:نعم إن اللّه تبارك و تعالى فضّل أنبياءه على ملائكته أجمعين و فضلك خاصة فتقدّمت فصلّيت بهم و لا فخر،فلمّا انتهيت إلى حجب النور قال جبرائيل،تقدّم يا محمّد و تخلّف عنّي فقلت يا جبرائيل في مثل هذا الموضع تفارقني فقال:يا محمّد إن انتهاء حدي الذي وضعني اللّه عز و جل فيه إلى هذا المكان فإن تجاوزتها احترقت أجنحتني بتعدي حدود ربّي جل جلاله،فزج بي في النور زجة حتّى انتهيت إلى حيث ما شاء اللّه من علوه فنوديت يا محمّد أنت عبدي و أنا ربّك فإياي فاعبد و عليّ فتوكّل و إنّك نوري في عبادي و رسولي إلى خلقي و حجتي على بريتي لك و من اتبعك خلقت جنتي و لمن خالفك خلقت ناري و لأوصيائك أوجبت كرامتي و لشيعتهم أوجبت ثوابي.

فقلت:يا رب و من أوصيائي؟

فنوديت يا محمّد أوصياؤك المكتوبون على ساق عرشي فنظرت و أنا بين يدي ربّي جلّ جلاله إلى ساق العرش فرأيت اثني عشر نورا في كلّ نور سطر اخضر عليه اسم وصيّ من أوصيائي أوّلهم عليّ بن أبي طالب و آخرهم مهدي أمتي فقلت يا رب هؤلاء أوصيائي من بعدي فنوديت يا محمّد هؤلاء أوليائي و أحبائي و اصفيائي و حججي

ص: 13

بعدك،على بريّتي و هم أوصياؤك و خلفاؤك و خير خلقي بعدك و عزتي و جلالي لأظهرن بهم ديني و لأعلينّ بهم كلمتي و لأطهرن الأرض بآخرهم من أعدائي و لأمكنه مشارق الأرض و مغاربها و لأسخرن له الرياح و لأذللن له السحاب الصعاب و لأرقينه في الاسباب و لأنصرنه بجندي و لأمدنه بملائكتي حتّى تعلو دعوتي و يجمع الخلق على توحيدي ثمّ لأديمينّ ملكه و لأدولنّ الأيام بين أوليائي إلى يوم القيامة». (1)

ابن بابويه قال:حدّثنا محمّد بن الحسن بن الوليد رضى اللّه عنه قال:حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار عن يعقوب بن يزيد عن حمّاد بن عيسى عن عمر بن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن إبراهيم بن عمر اليماني عن سليم بن قيس الهلالي قال:سمعت سلمان الفارسي يقول كنت جالسا بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في مرضته الذي توفّي فيها فدخلت فاطمة عليها السّلام و رأت ما بأبيها من الضعف بكت حتّى جرت دمعتها على خديها فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«و ما يبكيك يا فاطمة قالت:يا رسول اللّه أخشى على نفسي و ولدي الضيعة بعدك فاغر و رقت عينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالبكاء ثمّ قال:يا فاطمة أما علمت إنا أهل بيت اختار اللّه لنا الآخرة على الدنيا و إنّه حتّم الفناء على جميع خلقه، و إن اللّه تبارك و تعالى اطلع إلى الأرض اطلاعة فاختارني من خلقه ثمّ اطلع اطلاعة ثانية و اختار زوجك فأوحى اللّه إليّ أن أزوجك إيّاه و أن أتخذه وليا و وزيرا و أن أجعله خليفتي في أمّتي،فأبوك خير أنبياء اللّه و رسله و بعلك خير الأوصياء و أنت أول من يلحق بي من أهلي،ثمّ اطلع إلى الأرض ثالثة فاختارك و ولدك فأنت خير نساء أهل الجنّة و ابناك حسن و حسين سيّدا شباب أهل الجنّة و أنا و بعلك و أوصيائي إلى يوم القيامة كلهم هادون مهديون أول الأوصياء بعدي أخي ثمّ الحسن ثمّ الحسين ثمّ تسعة من ولد الحسين في درجتي و ليس في الجنّة درجة أقرب إلى اللّه من درجتي و درجة أخي.

أما تعلمين يا بنيّتي أن من كرامة اللّه إياك أن زوجك خير أمتي و خير أهل بيتي1.

ص: 14


1- علل الشرائع:1/5/1.

و أقدمهم سلما و أعظمهم حلما و أكثرهم علما،فاستبشرت فاطمة عليها السّلام و فرحت بما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثمّ قال:يا بنيّة إن لبعلك مناقب إيمانه باللّه و رسوله قبل كلّ أحد لم يسبقه إلى ذلك أحد من أمتي و علمه بكتاب اللّه عزّ و جلّ و سنّتي فليس أحد من أمّتي يعلم جميع علمي غير عليّ عليه السّلام و أن اللّه عزّ و جلّ علّمه علما لا يعلّمه غيره و علّم ملائكته و رسله علما فكلّ ما علّمه ملائكته و رسله فأنا أعلمه و أمرني اللّه أن أعلّمه ايّاه فقلت:

فليس أحد من أمتي يعلم جميع علمي و فهمي و حكمي غيره و إنّك يا بنيّة زوجته و ابناه سبطاي حسن و حسين و هما سبطا أمّتي و أمره بالمعروف و نهيه عن المنكر،فإن اللّه آتاه الحكمة و فصل الخطاب.

يا بنتي إنّا أهل بيت أعطانا اللّه ستّ خصال لم يعطها أحد من الأوّلين كان قبلكم و لا أحدا من الآخرين غيرنا:نبيّنا سيّد الأنبياء و هو أبوك و وصيّنا سيّد الأوصياء و هو بعلك و شهيدنا سيّد الشهداء و هو حمزة عمّ أبيك قالت:يا رسول اللّه هو سيّد الشهداء الذين قتلوا معك.

قال:لا بل سيّد الشهداء من الأوّلين و الآخرين ما خلا الأنبياء و الأوصياء و جعفر بن أبي طالب ذو الجناحين الطيار في الجنّة مع الملائكة و ابناك حسن و حسين سبطا أمّتي و سيّدا شباب أهل الجنّة منّا،و الذي نفسي بيده مهدي هذه الأمّة الذي يملأها قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما قالت:و أيّ هؤلاء الذين سمّيتهم أفضل قال:عليّ بعدي أفضل أمّتي و حمزة و جعفر أفضل أهل بيتي بعد عليّ و بعدك و بعد ابنيّ و سبطيّ حسن و حسين و بعد الأوصياء من ولد ابنيّ هذا و أشار بيده إلى الحسين منهم المهدي،و إنّا أهل بيت إختار اللّه لنا الآخرة على الدنيا ثمّ نظر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إليها و إلى بعلها و إلى ابنيها فقال:يا سلمان أشهد اللّه إنّي سلم لمن سالمهم و حرب لمن حاربهم،أمّا إنّهم في الجنّة معي ثمّ أقبل على عليّ فقال:يا أخي أنت سيفي بعدي و ستلقى من قريش شدّة من تظاهرهم عليك و ظلمهم فإن وجدت عليهم أعوانا فجاهدهم و قاتل من خالفك بمن

ص: 15

وافقك فإنّ لم تجد أعوانا فاصبر و كفّ يدك و لا تلق بها إلى التهلكة فإنّك منّي بمنزلة هارون من موسى و لك بهارون أسوة حسنة إذ استضعفه قومه و كادوا يقتلونه فاصبر لظلم قريش و تظاهرهم عليك فإنّك بمنزلة هارون و من تبعه و هم بمنزلة العجل و من تبعه،يا عليّ إن اللّه تبارك و تعالى قد قضى الفرقة و الاختلاف على هذه الأمّة فلو شاء اللّه لجمعهم على الهدى حتّى لا يختلف اثنان من هذه الأمّة و لا ينازع في شيء أمره و لا يجحد المفضول لذوي الفضل فضله،و لو شاء اللّه لعجّل النقمة و كان منه التغيير حتّى يكذّب الظالم و يعلم الحق إلى مصيره و لكنّه جعل الدنيا دار الأعمار و جعل الآخرة دار القرار ليجزي الذين أساءوا بما عملوا و يجزي الذين أحسنوا بالحسنى فقال عليه السّلام:الحمد للّه شكرا على نعمائة و صبرا على بلائه» (1).

و عن أبي هريرة قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«خير هذه الأمّة من بعدي عليّ بن أبي طالب و فاطمة و الحسن و الحسين صلّى اللّه عليه و آله فمن قال غير هذا فعليه لعنة اللّه» (2).

و عن أبي رافع،أن فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أتت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالحسن و الحسين فقالت:ابناك و ابناي انحلهما؟،قال:«نعم،أما الحسن فقد نحلته حلمي و هيبتي،و أما الحسين فقد نحلته نجدتي و جودي»،قالت:رضيت يا رسول اللّه.

عن حذيفة،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«أتاني ملك فسلّم عليّ،نزل من السماء لم ينزل قبلها يبشرني أن الحسن و الحسين سيّدا شباب أهل الجنة،و أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة» (3).

و عن جابر بن عبد اللّه،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من أراد أن ينظر إلى سيّد شباب0.

ص: 16


1- كمال الدين و تمام النعمة:10/263.
2- المائة منقبة:126،كنز الفوائد:63/1،بحار الأنوار:31/228/27.
3- المستدرك:167/3 مناقب الحسن و الحسين عليهما السلام،و تاريخ بغداد:230/10.

أهل الجنة،فلينظر إلى الحسين بن علي» (1).

و في كتاب كشف اليقين عن إسحاق بن سليمان الهاشمي عن أبيه قال:كنّا عند أمير المؤمنين هارون الرشيد فتذاكروا عليّ بن أبي طالب،فقال هارون:تزعم العوام إنّي أبغض عليّا و ولديه حسنا و حسينا و لا و اللّه ما ذلك كما يظنّون و لكن ولده هؤلاء طالبونا بدم الحسين معهم حتّى قتلنا قتلته ثمّ أفضى هذا الأمر إلينا فحسدونا و خرجوا علينا فحلّوا قطيعتهم،و اللّه لقد حدّثني أبي المهدي عن أبيه المنصور عن محمّد بن علي عن عبد اللّه بن عبّاس قال:بينما نحن عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إذ أقبلت فاطمة تبكي قالت:إنّ الحسن و الحسين خرجا فما أدري أين سلكا،فقال:لا تبكي فداك أبوك فإنّ اللّه أرحم بهما ثمّ قال:اللّهمّ احفظهما و سلّمهما في البرّ و البحر.

فهبط جبرائيل فقال:يا أحمد لا تحزن هما فاضلان في الدّنيا و الآخرة و أبوهما خير منهما و هما في حظيرة بني النجّار نائمين و قد وكّل اللّه بهما ملكا يحفظهما، فقام و قمنا معه إلى الحظيرة،فإذا هما متعانقان فإذا الملك غطّاهما بأحد جناحيه فحمل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الحسن و أخذ الحسين الملك و الناس يرون أنّه حاملهما ثمّ قال:

و اللّه لأشرفنّهما اليوم بما شرّفهما اللّه،فخطب فقال:أيّها الناس ألا أخبركم بخير الناس جدّا و جدّة؟

قالوا:بلى يا رسول اللّه.

قال:الحسن و الحسين جدّهما رسول اللّه و جدّتهما خديجة بنت خويلد،ألا أخبركم أيّها الناس بخير الناس أبا و أمّا؟

قالوا:بلى يا رسول اللّه.

قال:الحسن و الحسين أبوهما عليّ بن أبي طالب و أمّهما فاطمة بنت محمّد،ألاد.

ص: 17


1- مجمع الزوائد للهيثمي:187/9 و نسبه إلى يعلى و ليس لأحمد.

أخبركم أيّها الناس بخير النّاس عمّا و عمّة؟

قالوا:بلى يا رسول اللّه.

قال:الحسن و الحسين عمّهما جعفر بن أبي طالب و عمّتهما أمّ هاني بنت أبي طالب،ألا أخبركم بخير الناس خالا و خالة؟

قالوا:بلى يا رسول اللّه.

قال:الحسن و الحسين خالهما القاسم بن رسول اللّه و خالتهما زينب بنت رسول اللّه ألا إنّ أباهما في الجنّة و أمّهما في الجنّة و جدّهما في الجنّة و جدّتهما في الجنّة و خالهما في الجنّة و خالتهما في الجنّة و عمّتهما في الجنّة و عمّتهما في الجنّة و هما في الجنّة و من أحبّهما في الجنّة (1).

و عن شهر بن حوشب،قال:أتيت أم سلمة أعزيها بالحسين[بن علي]فقالت:

دخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فجلس على منامة (2)لنا فجاءته فاطمة بشيء فوضعته فقال:

«ادعي لي حسنا و حسينا و ابن عمك عليا»،فلما اجتمعوا عنده قال:«اللّهم هؤلاء خاصتي و أهل بيتي فأذهب عنهم الرّجس و طهّرهم تطهيرا».

عن أم سلمة زوج النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنها قالت:نزلت هذه الآية في بيتها: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً [قالت]أمرني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أن أرسل إلى علي و فاطمة و الحسن و الحسين،[فأرسلت إليهم]فلما أتوه اعتنق عليا بيمينه و الحسن بشماله و الحسين على بطنه و فاطمة عند رجليه ثم قال:«اللّهم هؤلاء أهلي و عترتي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا».

قالها ثلاث مرات،قلت:فأنا يا رسول اللّه؟

فقال:«إنك على خير إن شاء اللّه».).

ص: 18


1- مدينة المعاجز:282/3.
2- المنامة:القطيفة(قاموس).

و عن عبد اللّه بن أبي رافع عن أبيه قال:كان الحسين رضى اللّه عنه كثير الصلاة و الصوم و الحج و العبادة،سخيا كريما حجّ خمسا و عشرين حجّة ماشيا و نجائبه تقاد معه (1).

عن أم سلمة قالت:كان النبي صلّى اللّه عليه و سلّم عندنا منكّسا رأسه،فعملت له فاطمة حريرة، فجاءت و معها حسن و حسين فقال لها النبي صلّى اللّه عليه و سلّم:«أين زوجك؟إذهبي فادعيه» فجاءت به فأكلوا فأخذ[النبي صلّى اللّه عليه و سلّم]كساء فأداره عليهم فأمسك طرفه بيده اليسرى ثم رفع يده اليمنى إلى السماء،و قال:«اللّهم هؤلاء أهل بيتي و حامتي،اللّهم أذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا[أنا]حرب لمن حاربكم،و سلم لمن سالمكم،عدو لمن عاداكم» (2).

عن عمرة بنت أفعى،قالت:سمعت أم سلمة تقول:نزلت هذه الآية في بيتي:

إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً و في البيت سبعة:

جبرائيل،و ميكائيل،و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم،و علي،و فاطمة،و الحسن،و الحسين،قالت:

و أنا على باب البيت،فقلت:يا رسول اللّه ألست من أهل البيت؟

قال:«إنك على خير،إنك من أزواج النبي صلّى اللّه عليه و سلّم»و ما قال:إنك من أهل البيت (3).

عن يعلى العامري أنه خرج مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم إلى طعام دعوا له،قال:فاستمثل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم-أمام القوم و حسين مع غلمان يلعب،فأراد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أن يأخذه قال:فطفق الصبي يفرها هنا مرة و ها هنا مرة،فجعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يضاحكه حتى أخذه قال:فوضع إحدى يديه تحت قفاه و الأخرى تحت ذقنه فوضع فاه على فيهد.

ص: 19


1- ترجمة الإمام الحسن من تاريخ دمشق:215 ح 194،و المستدرك:169/3،و الاستيعاب:/1 382.
2- تاريخ مدينة دمشق:144/14.
3- مشكل الآثار 228/1 ح 774 باب 106،و نور الابصار:123 ط.الهند.

فقبّله و قال:«حسين مني و أنا من حسين،أحبّ اللّه من أحب حسينا،حسين سبط من الأسباط» (1).

عن أبي أسامة بن زيد،قال:طرقت[باب]رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم ذات ليلة لبعض الحاجة، فخرج إليّ و هو مشتمل على شيء لا أرى ما هو،فلما فرغت من حاجتي قلت:ما الذي أنت مشتمل عليه؟فكشف فإذا حسن و حسين على و ركيه فقال:«هذان ابناي و ابنا ابنتي،اللّهم إنك تعلم أني أحبهما[فأحبهما]اللّهم إنك تعلم أني أحبهما،فأحبّهما، اللّهم إنك تعلم أني أحبهما فأحبهما» (2).

و عن سلمان،قال:قال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم للحسن و الحسين:«من أحبّهما أحببته،و من أحببته أحبّه اللّه،و من أحبّه اللّه أدخله جنّات النعيم،و من أبغضهما أو بغى عليهما أبغضته،و من أبغضته أبغضه اللّه،و من أبغضه اللّه أدخله نار جهنم،و له عذاب مقيم» (3).

عبد اللّه بن شداد بن الهاد،عن أبيه،قال:خرج علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم[في إحدى صلاتي العشي أو الظهر أو العصر]و هو حامل أحد ابنيه الحسن أو الحسين فتقدّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم ثم وضعه عند قدمه اليمنى فسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم سجدة أطالها،قال أبي:فرفعت رأسي من بين الناس فإذا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم ساجد و إذا الغلام راكب على ظهره،فعدت فسجدت فلما انصرف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال الناس:يا رسول اللّه لقد سجدت في صلاتك هذه سجدة ما كنت تسجدها أفشيء أمرت به؟أو كان يوحى إليك؟

قال:«كلّ ذلك لم يكن،إن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجّله حتى يقضي حاجته» (4).3.

ص: 20


1- مسند الإمام أحمد:172/4 و بغية الطلب:2582/6.
2- سنن الترمذي:192/13 مناقب الحسن و الحسين.
3- المستدرك:166/3،مجمع الزوائد:181/9 عن الطبراني،و كنز العمال:34284/120/12.
4- المستدرك:165/3.

عن علي،قال:دخل عليّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و أنا نائم في المنام فاستسقى الحسن-أو الحسين-قال:فقام النبي صلّى اللّه عليه و سلّم إلى حلوبة لنا فمسح ضرعها فجعل يحلبها فوثب الآخر فجعل النبي صلّى اللّه عليه و سلّم يكفّه،فقالت فاطمة:يا رسول اللّه كأنه أحبهما إليك؟

قال:«لا و لكنه استسقى قبله»،ثم قال:«أنا و إياك و هذين و هذا الراقد يوم القيامة في مكان واحد» (1).

و عن الزبير بن عديّ،عن عبد اللّه بن أبي لبيد،عن البراء بن عازب،[قال:]قال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم للحسن أو الحسين:«هذا مني و أنا منه،و هو محرّم عليه ما يحرم عليّ» (2).

عن جابر بن عبد اللّه،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم لعلي:«سلام عليكم أبا الريحانتين، أوصيك بريحانتيّ من الدنيا من قبل أن ينهدّ ركنيّ،و اللّه عز و جل خليفتي عليك».

قال:فلما مات النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال[علي:]هذا أحد الركنين الذي قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم،فلما ماتت فاطمة قال:هذا الركن الثاني الذي قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم.

عن عبد اللّه،قال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم:«خير رجالكم علي بن أبي طالب،و خير شبابكم الحسن و الحسين،و خير نسائكم فاطمة بنت محمد» (3).

و عن ابن عباس،قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم بأذنيّ و إلاّ فصمّتا و هو يقول:«أنا شجرة و فاطمة حملها و عليّ لقاحها و الحسن و الحسين ثمرتها و المحبّون أهل البيت ورقها من الجنة حقا حقا» (4).

عن عبد الرّحمن بن عوف،أنه قال:ألا تسألوني قبل أن تشوب (5)الأحاديثل.

ص: 21


1- أسد الغابة:269/5،و المعجم الكبير:41/3،و كنز العمال:615/11 ح 32986.
2- ذخائر العقبى:133.
3- تاريخ بغداد:157/5.
4- الفردوس للديلمي:52/1 ح 135-138،وضوء الشمس:96/1.
5- في ابن عدي:قبل أن تشيب الأحاديث بالأباطيل.

الأباطيل؟[قال:]قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«أنا الشجرة (1)و فاطمة أصلها-أو فرعها-و علي لقاحها و الحسن و الحسين ثمرتها،و شيعتنا ورقها،فالشجرة أصلها في جنة عدن، و الأصل و الفرع و اللقاح و الورق و الثمر في الجنة» (2).

عن حبشيّ بن جنادة،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«إن اللّه تعالى اصطفى العرب من جميع الناس،و اصطفى قريشا من العرب،و اصطفى بني هاشم من قريش،و اصطفاني من قريش،و اختارني في نفر من أهل بيتي:علي و حمزة و جعفر و الحسن و الحسين».

عن ربيعة السعدي،قال:لما اختلف الناس في التفضيل رحّلت راحلتي و أخذت زادي و خرجت حتى دخلت المدينة فدخلت على حذيفة بن اليمان،[فقال لي:]من الرجل؟

قلت:من أهل العراق؟.

فقال لي:من أي العراق؟

قال:قلت:رجل من أهل الكوفة.

قال:مرحبا بكم يا أهل الكوفة.

قال:قلت:إختلف الناس علينا في التفضيل فجئت لأسألك عن ذلك،فقال لي:على الخبير سقطت،أما إني لا أحدثك إلاّ ما سمعته أذناي و وعاه قلبي و أبصرته عيناي:

خرج علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم كأني أنظر إليه كما أنظر إليك الساعة حاملا الحسين بن علي على عاتقه كأني أنظر[إلى كفه الطيبة واضعها على قدمه يلصقها بصدره فقال:«يا أيها الناس لأعرفن][ما اختلفتم فيه-يعني في الخيار بعدي]هذا الحسين بن علي خير الناس جدا،و خير الناس جدة،جدّه:محمد رسول اللّه سيد النبيين،و جدّته:

خديجة بنت خويلد سابقة نساء العالمين إلى الإيمان باللّه و رسوله،هذا الحسين بن علي5.

ص: 22


1- ابن عدي:أنا شجرة.
2- تلخيص المتشابه:309/1 رقم الترجمة 485.

خير[الناس أبا و خير الناس أمّا،أبوه علي بن أبي طالب أخو رسول اللّه و وزيره و ابن عمه و سابق]رجال العالمين إلى الإيمان باللّه و رسوله،و أمه فاطمة بنت محمد سيدة نساء العالمين،هذا الحسين بن علي خير الناس عما و خير الناس عمة،عمه جعفر بن أبي طالب المزين بالجناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء،و عمته أم هانئ بنت أبي طالب،هذا الحسين بن علي خير الناس خالا و خير الناس خالة،خاله القاسم بن محمد رسول اللّه و خالته زينب بنت محمد رسول اللّه».

ثم وضعه عن عاتقه فدرج بين يديه و حبا.

ثم قال:«يا أيها الناس هذا الحسين بن علي جدّه و جدته في الجنة،و أبوه و أمه في الجنة،و عمّه و عمته في الجنة،و خاله و خالته في الجنة،و هو و أخوه في الجنة،إنه لم يؤت أحد من ذرّية النبيين ما أوتي الحسين بن علي ما خلا يوسف بن يعقوب» (1).

و روى حبّان بن علي العثري عن أبي إسحاق قال:شهدت يزيد بن معاوية تجاه الكوفة،إذ أقبل عقيل بن أبي طالب فجلس فقال له رجل من الأنصار:يا أبا يزيد أخبرنا عن الحسين بن علي؟

فقال:ذاك أصحّ قريش وجها و أفصحهم لسانا،و أشرفهم بيتا (2).

و قال جابر بن عبد اللّه رضى اللّه عنه:من سرّه أن ينظر إلى رجل من أهل الجنّة فلينظر إلى الحسين،فإنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقوله (3).

و عن يعلى بن مرّة قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«حسين منّي و أنا من حسين،أحبّ اللّه4.

ص: 23


1- المعجم الاوسط:237/7.
2- -أنساب الأشراف:329/2.
3- -فضائل الصحابة لابن حنبل:/775/2ح 1372،و البداية و النهاية:206/8،و مسند أبي يعلى: /397/3ح 1874.

من أحبّ حسينا،حسين سبط من الأسباط» (1).

و روى عن علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عليهم السّلام قال:سمعت الحسين يقول:لو شتمني رجل في هذه الأذن،و أومأ إلى اليمين و اعتذر لي في الأخرى لقبلت ذلك منه،و ذلك أنّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضى اللّه عنه حدّثني أنّه سمع جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول:«لا يرد الحوض من لم يقبل العذر من محقّ أو مبطل» (2)،و ذكر قول النبي صلّى اللّه عليه و سلّم:«من أحبّني فليحبب هذين يعني حسنا و حسينا عليهم السّلام» (3).

و روي عن عبد اللّه بن مسعود رضى اللّه عنه قال:كان الحسن و الحسين يحبوان حتّى يأتيا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و هو في المسجد يصلّي،فيركبان على ظهره،فإذا جلس ضمّهما إلى صدره ثمّ يقول:«بأبي و أمّي من كان يحبّني فليحبّ هذين» (4).

و في رواية عن عبد اللّه أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم قال للحسن و الحسين:«اللّهمّ إنّي أحبّهما، فأحبّهما و من أحبّهما فقد أحبّني» (5).

و في رواية عنه قال:كان الحسن و الحسين يثبان على ظهر النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و هو يصلّي فإذا جاء أحد يحطهما عنه أو مأ إليه دعهما،فإذا قضى صلاته ضمّهما إليه و قال:

«بأبي أنتما و أمّي،من أحبّني فليحبب هذين» (6)

و روى أبو هريرة رضى اللّه عنه قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول:«من أحبّ الحسن5.

ص: 24


1- -أخرجه الترمذي و قال:حسن،و سعيد في سننه كما في ذخائر العقبى:133.
2- -الأحكام في الحلال و الحرام:545/2،و بحار الأنوار:/46/70ح 3(بنحوه).
3- -سنن البيهقي:263/2،و حلية الأولياء:35/2،و المعجم الكبير:/40/3ح 2644.
4- -مسند أبي داود الطيالسي:2502/327،و مصنف ابن أبي شيبة:95/12،و مسند أبي يعلى:/434/8ح 5017.
5- -مناقب آل أبي طالب:153/3،و ترجمة الإمام الحسن من تاريخ دمشق:/58/1ح 104.
6- -ابن عساكر:315/4،لوامع العقول:615/5.

و الحسين فقد أحبّني،و من أبغضهما فقد أبغضني» (1).

و عنه أيضا قال:خرج علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و معه حسن و حسين هذا على عاتقه و هذا على عاتقه،حتّى انتهى إلينا فقلنا:يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم كأنّك تحبّهما؟

فقال:«من أحبّهما فقد أحبّني،و من أبغضهما فقد أبغضني» (2).

و روى سليمان بن علي بن عبد اللّه بن العبّاس قال:سمعت أبي يذكر عن الرشيد عن المهدي،عن المنصور عن أبيه عن جدّه عن ابن عبّاس رضى اللّه عنه عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنّه قال:

«الحسن و الحسين من أحبّهما ففي الجنّة،و من أبغضهما ففي النار» (3).

و عن أنس قال:سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أي أهل بيتك أحبّ إليك؟

قال:«الحسن و الحسين»،و كان يقول لفاطمة:«ادعي لي ابنيّ فيشمّهما و يضمّهما إليه» (4).

و عن أبي بردة قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يخطبنا،إذ جاء الحسن و الحسين عليهما السّلام و عليهما قميصان أحمران،يمشيان و يعثران فنزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم من المنبر فحملهما و وضعهما بين يديه،ثمّ قال:«صدق اللّه إنّما أموالكم و أولادكم فتنة،نظرت إلى هذين الصبيّين يمشيان و يعثران،فلم أصبر حتّى قطعت حديثي و رفعتهما» (5).

و عن عكرمة،عن ابن عباس[أنه]بينما هو يحدث الناس إذ قام إليه نافع بن الأزرق،فقال له:يا ابن عباس تفتي الناس في النملة و القملة؟صف لي إلهك الذي تعبد،فأطرق ابن عباس إعظاما لقوله،و كان الحسين بن علي جالسا ناحية فقال:4.

ص: 25


1- -سنن ابن ماجة:/51/1ح 143،و مسند أحمد:288/2 و 531.
2- -مسند أحمد:440/2،و المستدرك:166/3.
3- -مناقب آل أبي طالب:153/3.
4- -مصابيح السنّة للبغوي:218/2 صحيح الترمذي:194/13،الصواعق المحرقة:182.
5- -مسند أحمد:354/5،و سنن أبي داود:/290/1ح 1109،و صحيح الترمذي:/658/5ح 3774.

إليّ يا ابن الأزرق.

قال:لست إياك أسأل.

قال ابن عباس:يا ابن الأزرق إنه من أهل بيت النبوة و هم ورثة العلم.فأقبل نافع نحو الحسين فقال له الحسين:يا نافع إن من وضع دينه على القياس لم يزل الدهر في الالتباس سائلا إذا كبا عن المنهاج،ظاعنا بالاعوجاج ضالا عن السبيل قائلا غير الجميل،يا ابن الأزرق أصف إلهي بما وصف به نفسه،و أعرّفه بما عرّف به نفسه:لا يدرك بالحواس،و لا يقاس بالناس،قريب غير ملتصق،و بعيد غير منتقص،يوحّد و لا يبعّض،معروف بالآيات موصوف بالعلامات لا إله إلاّ هو الكبير المتعال.

فبكى ابن الأزرق،و قال:يا حسين ما أحسن كلامك!؟

قال له الحسين:بلغني أنك تشهد على أبي و على أخي بالكفر و عليّ؟

قال ابن الأزرق:أما و اللّه يا حسين لئن كان ذلك لقد كنتم منار الإسلام و نجوم الأحكام.

فقال له الحسين:إني سائلك عن مسألة،قال:سل،فسأله عن هذه الآية: وَ أَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ (1)يا ابن الأزرق من حفظ في الغلامين؟

قال ابن الأزرق:أبوهما؟

قال الحسين:فأبوهما خير أم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم؟

قال ابن الأزرق:قد أنبأ اللّه تعالى أنكم قوم خصمون (2).

أبو محمّد القاسم بن العلاء رحمه الّله رفعه،عن عبد العزيز بن مسلم قال:كنّا مع الرضا عليه السّلام بمرو فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا فأداروا أمر الإمامة و ذكروا كثرة اختلاف الناس فيها فدخلت على سيّدي عليه السّلام فأعلمته خوض4.

ص: 26


1- سورة الكهف،الآية:81.
2- تاريخ مديند دمشق:184/14.

الناس فيه،فتبسّم عليه السّلام ثمّ قال:يا عبد العزيز جهل القوم و خدعوا عن آرائهم،إنّ اللّه عزّ و جلّ لم يقبض نبيّه عليه السّلام حتّى أكمل له الدّين و أنزل عليه القرآن فيه تبيان كلّ شيء،بيّن فيه الحلال و الحرام و الحدود و الأحكام و جميع ما يحتاج إليه الناس كملا،فقال عزّ و جلّ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ (1)و أنزل في حجّة الوداع و هي آخر عمره صلّى اللّه عليه و اله:

اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً (2) و أمر الإمامة من تمام الدّين و لم يمض صلّى اللّه عليه و اله حتّى بيّن لأمّته معالم دينهم و أوضح لهم سبيلهم و تركهم على قصد سبيل الحقّ و أقام لهم عليّا عليه السّلام علما و إماما و ما ترك[لهم] شيئا تحتاج إليه الأمّة إلاّ بيّنه،فمن زعم أنّ اللّه عزّ و جلّ لم يكمل دينه فقد ردّ كتاب اللّه و من ردّ كتاب اللّه فهو كافر به،هل يعرفون قدر الإمامة و محلّها من الأمّة فيجوز فيها اختيارهم؟!

إنّ الإمامة أجلّ قدرا و أعظم شأنا و أعلا مكانا و أمنع جانبا و أبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم أو ينالوها بآرائهم أو يقيموا إماما باختيارهم،إنّ الإمامة خصّ اللّه عزّ و جلّ بها إبراهيم الخليل عليه السّلام بعد النبوّة و الخلّة مرتبة ثالثة و فضيلة شرّفه بها و أشاد بها ذكره فقال: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً (3)فقال الخليل عليه السّلام سرورا بها: وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قال اللّه تبارك و تعالى: لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ فأبطلت هذه الآية إمامة كلّ ظالم إلى يوم القيامة و صارت في الصفوة،ثمّ أكرمها اللّه تعالى بأن جعلها في ذرّيته أهل الصفوة و الطهارة فقال: وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ نافِلَةً وَ كُلاًّ جَعَلْنا صالِحِينَ* وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَ أَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَ إِقامَ الصَّلاةِ وَ إِيتاءَ4.

ص: 27


1- -سورة الأنعام:38.
2- -سورة المائدة:3.
3- -سورة البقرة:124.

اَلزَّكاةِ وَ كانُوا لَنا عابِدِينَ (1) فلم تزل في ذرّيته يرثها بعض عن بعض قرنا فقرنا حتّى ورّثها اللّه تعالى النبي صلّى اللّه عليه و اله فقال جلّ و تعالى: إِنَّ أَوْلَى النّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (2)فكانت له خاصة فقلّدها صلّى اللّه عليه و اله عليّا عليه السّلام بأمر اللّه تعالى على رسم ما فرض اللّه،فصارت في ذرّيّته الأصفياء الذين آتاهم اللّه العلم و الإيمان،بقوله تعالى: وَ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَ الْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ (3)فهي في ولد عليّ عليه السّلام خاصّة إلى يوم القيامة إذ لا نبيّ بعد محمّد صلّى اللّه عليه و اله فمن أين يختار هؤلاء الجهّال؟!إنّ الإمامة هي منزلة الأنبياء و إرث الأوصياء إنّ الإمامة خلافة اللّه و خلافة الرسول صلّى اللّه عليه و آله و مقام أمير المؤمنين عليه السّلام و ميراث الحسن و الحسين عليه السّلام انّ الإمامة زمام الدين،و نظام المسلمين،و صلاح الدّنيا و عزّ المؤمنين،إنّ الإمامة أسّ الإسلام النامي و فرعه السامي»بالإمام تمام الصلاة و الزكاة و الصيام الحجّ و الجهاد و توفير الفيء و الصدقات و إمضاء الحدود و الأحكام و منع الثغور و الأطراف،الإمام يحلّ حلال اللّه و يحرّم حرام اللّه و يقيم حدود اللّه،و يذبّ عن دين اللّه و يدعو إلى سبيل ربّه بالحكمة و الموعظة الحسنة و الحجّة البالغة،الإمام كالشمس الطالعة المجلّلة بنورها للعالم و هي في الأفق بحيث لا تنالها الأيدي و الأبصار،الإمام البدر المنير،و السراج الزّاهر و النور الساطع،و النجم الهادي في غياهب الدّجى و أجواز البلدان و القفار و لجج البحار،الإمام الماء العذب على الظمأ،و الدّالّ على الهدى،و المنجي من الرّدى،الإمام النار على اليفاع،الحار لمن اصطلى به،و الدّليل في المهالك،من فارقه فهالك،الإمام السحاب الماطر،و الغيث الهاطل،و الشمس المضيئة،و السماء الظليلة،و الأرض البسيطة،و العين الغزيرة،و الغدير و الروضة؛الإمام الأنيس الرّفيق،و الوالد الشفيق،6.

ص: 28


1- -سورة الأنبياء:73،72.
2- -سورة آل عمران:68.
3- -سورة الروم:56.

و الأخ الشقيق،و الأمّ البرّة بالولد الصغير،و مفزع العباد في الداهية النآد،الإمام أمين اللّه في خلفه و حجّته على عباده،و خليفته في بلاده و الدّاعي الى اللّه و الذابّ عن حرم اللّه.

الإمام المطهّر من الذّنوب،و المبرّأ عن العيوب (1).

محمّد بن يحيى،عن أحمد بن محمّد بن عيسى،عن الحسن بن محبوب،عن إسحاق ابن غالب،عن أبي عبد اللّه صلّى اللّه عليه و آله في خطبة له يذكر فيها حال الأئمّة صلّى اللّه عليه و آله و صفاتهم:إنّ اللّه عزّ و جلّ أوضح بأئمة الهدى من أهل بيت نبيّنا عن دينه و أبلج بهم عن سبيل مناجه و فتح بهم عن باطن ينابيع علمه،فمن عرف من أمّة محمد صلّى اللّه عليه و آله واجب حقّ إمامه وجد طعم حلاوة إيمانه،و علم فضل طلاوة إسلامه،لأنّ اللّه تبارك و تعالى نصب الإمام علما لخلقه،و جعله حجّة على أهل موادّه و عالمه،و ألبسه اللّه تاج الوقار، و غشّاه من نور الجبّار،يمدّ بسبب إلى السماء،لا ينقطع عنه موادّه،و لا ينال ما عند إلاّ بجهة أسبابه،و لا يقبل اللّه أعمال العباد إلاّ بمعرفته،فهو عالم بما يرد عليه من ملتبسات الدّجى و معمّيات السنن و مشبّهات الفتن،فلم يزل اللّه تبارك و تعالى يختارهم لخلقه من ولد الحسين عليه السّلام من عقب كلّ إمام يصطفيهم لذلك و يجتبيهم،و يرضى بهم لخلقه و يرتضيهم،كلّ ما مضى منهم إمام نصب لخلقه من عقبه إماما علما بيّنا و هاديا نيّرا و إماما قيّما و حجّة عالما،أئمّة من اللّه،يهدون بالحقّ و به يعدلون،حجج اللّه و دعاته و رعاته على خلقه،يدين بهديهم العباد،و تستهلّ بنورهم البلاد،ينمو ببركتهم التلاد، جعلهم اللّه حياة للانام و مصابيح للظلام و مفاتيح للكلام و دعائم للإسلام،جرت بذلك فيهم مقادير اللّه على محتومها.فالإمام هو المنتجب المرتضى و الهادي المنتجى و القائم المرتجى،اصطفاه اللّه بذلك و اصطنعه على عينه في الذّرّ حين ذرأه و في البريّة حين برأه،ظلاّ قبل خلق نسمة عن يمين عرشه،محبوّا بالحكمة في علم الغيب عنده،اختاره بعلمه،و انتجبه لطهره،بقيّة من آدم صلّى اللّه عليه و آله و خيرة من ذرّيّة نوح،و مصطفى من آل إبراهيم،1.

ص: 29


1- -الكافي:198/1.

و سلالة من إسماعيل،و صفوة من عترة محمد صلّى اللّه عليه و آله.

لم يزل مرعيّا بعين اللّه،يحفظه و يكلؤه بستره،مطرودا عنه حبائل إبليس و جنوده، مدفوعا عنه و قوب الغواسق و نفوث كلّ فاسق،مصروفا عنه قوارف السوء،مبرّءا من العاهات،محجوبا عن الآفات،معصوما من الزّلاّت،مصونا عن الفواحش كلّها،معروفا بالحلم و البرّ في يفاعه،منسوبا إلى العفاف و العلم و الفضل عند انتهائه،مسندا إليه أمر والده،صامتا عن المنطق في حياته،فإذا انقضت مدّة والده،إلى أن انتهت به مقادير اللّه إلى مشيئته و جاءت الإرادة من اللّه فيه إلى محبّته،و بلغ منتهى مدّة والده صلّى اللّه عليه و آله،فمضى و صار أمر اللّه إليه من بعده،و قلّده دينه،و جعله الحجّة على عباده،و قيّمه في بلاده، و أيّده بروحه و آتاه علمه و أنبأه فضل بيانه و استودعه سرّه،و انتد به لعظيم أمره و أنبأه فضل بيان علمه و نصبه علما لخلقه و جعله حجّة على أهل عالمه و ضياء لأهل دينه و القيّم على عباده.

رضي اللّه به إماما لهم،استودعه سرّه و استحفظه علمه و استخبأه حكمته و استرعاه لدينه و انتد به لعظيم أمره و أحيا به مناهج سبيله و فرائضه و حدوده،فقال بالعدل عنه تحيّر أهل الجهل و تحيير أهل الجدل بالنور الساطع و الشفاء النافع بالحقّ الأبلج و البيان اللائح من كلّ مخروج،على طريق المنهج الذي مضى عليه الصادقون من آبائه صلّى اللّه عليه و آله فليس يجهل حقّ هذا العالم إلاّ شقيّ و لا يجحده إلاّ غويّ و لا يصدّ عنه إلاّ جريّ على اللّه جلّ و علا. (1)

ابن شاذان هذا بإسناده عن أبي هريرة قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«خير هذه الأمّة من بعدي عليّ بن أبي طالب و فاطمة و الحسن و الحسين صلّى اللّه عليه و آله فمن قال غير هذا فعليه لعنة اللّه». (2)7.

ص: 30


1- -الكافي:203/1.
2- المائة منقبة:126،كنز الفوائد:63/1،بحار الأنوار:31/228/27.

ابن بابويه قال:حدّثنا محمّد بن الحسن بن الوليد رضى الّله عنه قال:حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار عن يعقوب بن يزيد عن حمّاد بن عيسى عن عمر بن أذينة عن آبان بن أبي عياش عن إبراهيم بن عمر اليماني عن سليم بن قيس الهلالي قال:سمعت سلمان الفارسي يقول كنت جالسا بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في مرضته الذي توفّى فيها فدخلت فاطمة عليها السّلام و رأيت ما بأبيها من الضعف بكت حتّى جرت دمعتها على خديها فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«و ما يبكيك يا فاطمة قالت:يا رسول اللّه اخشى على نفسي و ولدي الضيعة بعدك فاغر و رقت عينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالبكاء ثمّ قال:يا فاطمة ما علمت إنا أهل بيت اختار اللّه لنا الآخرة على الدنيا و إنّه ختم الفناء على جميع خلقه، و إن اللّه تبارك و تعالى اطلع إلى الأرض اطلاعة فاختارني من خلقه ثمّ اطلع اطلاعة ثانية و اختار زوجك فأوحى اللّه إليّ أن أزوجك إيّاه و أن أتخذه وليا و وزيرا و أن اجعله خليفتي في أمّتي،فابوك خير أنبياء اللّه و رسله و بعلك خير الأوصياء و انت أول من يلحق بي من أهلي،ثمّ اطلع إلى الأرض ثالثة فاختارك و ولدك فأنت خير نساء أهل الجنّة و ابناك حسن و حسين سيّدا شباب أهل الجنّة و أنا و بعلك و أوصيائي إلى يوم القيامة كلهم هاديون مهديون أول الأوصياء بعدي أخي ثمّ الحسن ثمّ الحسين ثمّ تسعة من ولد الحسين في درجتي و ليس في الجنّة درجة أقرب إلى اللّه من درجتي و درجة أخي.

أما تعلمين يا بني أن من كرامة اللّه إياك أن زوجك خير أمتي و خير أهل بيتي و أقدمهم سلما و أعظمهم حلما و أكثرهم علما،فاستبشرت فاطمة عليها السّلام و فرحت بما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثمّ قال:يا بنيّة إن لبعلك مناقب إيمانه باللّه و رسوله قبل كلّ أحد لم يسبقه إلى ذلك أحد من أمتي و علمه بكتاب اللّه عزّ و جلّ و سنّتي فليس أحد من أمّتي يعلم جميع علمي غير عليّ عليه السّلام و أن اللّه عزّ و جلّ علّمه علما لا يعلّمه غيره و علّم ملائكته و رسله علما فكلّما علمه ملائكته و رسله فأنا أعلمه و أمرني اللّه أن أعلّمه ايّاه فقلت:فليس أحد من أمتي يعلم جميع علمي و فهمي و حكمي غيره و إنّك يا بنيّة زوجته و ابناه سبطاي

ص: 31

حسن و حسين و هما سبطا أمّتي و أمره بالمعروف و نهيه عن المنكر،فإن اللّه آتاه الحكمة و فصل الخطاب.

يا بنتي إنّا أهل بيت أعطانا اللّه ستّ خصال لم يعطها أحد من الأوّلين كان قبلكم و لا أحدا من الآخرين غيرنا:نبيّنا سيّد الأنبياء و هو أبوك و وصيّنا سيّد الأوصياء و هو بعلك و شهيدنا سيّد الشهداء و هو حمزة عمّ أبيك قالت:يا رسول اللّه هو سيّد الشهداء الذين قتلوا معك.قال:لا بل سيّد الشهداء الأوّلين و الآخرين ما خلا الأنبياء و الأوصياء و جعفر بن أبي طالب ذو الجناحين الطيار في الجنّة مع الملائكة و ابناك حسن و حسين سبطا أمّتي و سيّدا شباب أهل الجنّة منّا،و الذي نفسي بيده مهدي هذه الأمّة الذي يملأها قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما قالت:و أيّ هؤلاء الذين سمّيتهم أفضل قال:عليّ بعدي أفضل أمّتي و حمزة و جعفر أفضل أهل بيتي بعد عليّ و بعدك و بعد ابنيّ و سبطيّ حسن و حسين و بعد الأوصياء من ولد ابنيّ هذا و أشار بيده إلى الحسين منهم المهدي،و إنّا أهل بيت إختار اللّه لنا الآخرة على الدنيا ثمّ نظر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إليها و إلى بعلها و إلى ابنيها فقال:يا سلمان أشهد اللّه إنّي سلم لمن سالمهم و حرب لمن حاربهم، أمّا إنّهم في الجنّة معي ثمّ أقبل على عليّ فقال:يا أخي أنت سيفي بعدي و ستلقى من قريش شدّة من تظاهرهم عليك و ظلمهم فإن وجدت عليهم أعوانا فجاهدهم و قاتل من خالفك بمن وافقك فإنّ لم تجد أعوانا فأصبر و كفّ يدك و لا تلق بها إلى التهلكة فإنّك منّي بمنزلة هارون من موسى و لك بهارون أسوة حسنة إذ استضعفه قومه و كادوا يقتلونه فأصبر لظلم قريش و تظاهرهم عليك فإنّك بمنزلة هارون و من تبعه و هم بمنزلة العجل و من تبعه،يا عليّ إن اللّه تبارك و تعالى قد قضى الفرقة و الاختلاف على هذه الأمّة فلو شاء اللّه لجمعهم على الهدى حتّى لا يختلف إثنان من هذه الأمّة و لا ينازع في شيء أمره و لا يجحد المفضول لذوي الفضل فضله،و لو شاء اللّه لعجل النقمة و كان منه التغيير حتّى يكذّب الظالم و يعلم الحق إلى مصيره و لكنّه جعل الدنيا دار الأعمار و جعل

ص: 32

الآخرة دار القرار ليجزي الذين أساؤا بما عملوا و يجزي الذين أحسنوا بالحسنى فقال عليه السّلام:الحمد للّه شكرا على نعمائة و صبرا على بلائه» (1).3.

ص: 33


1- كمال الدين و تمام النعمة:10/263.

فضل الحسين عليه السلام لا ينكر

قال الشيخ محمّد باقر المجلسي-قدس سرّه:رأيت في بعض مؤلّفات أصحابنا أنه حكي عن السيّد علي الحسيني قال:كنت مجاورا في مشهد مولاي علي بن موسى الرضا عليه السّلام مع جماعة من المؤمنين فلما كان اليوم العاشر من شهر محرم ابتدأ رجل من أصحابنا يقرأ مقتل الحسين عليه السّلام فوردت رواية عن الباقر عليه السّلام أنه قال:

«من ذرفت عيناه على مصاب الحسين و لو مثل جناح البعوضة غفر اللّه له ذنوبه و لو كانت مثل زبد البحر».

و كان في المجلس معنا جاهل مركب يدّعي العلم و لا يعرفه فقال:ليس هذا بصحيح و العقل لا يعتقده و كثر البحث بيننا و افترقنا عن ذلك المجلس،و هو مصرّ على العناد في تكذيب الحديث،فنام الرجل تلك الليلة فرأى في منامه كأنّ القيامة قد قامت و حشر الناس في صعيد صفصف لا ترى فيها عوجا و لا أمتا و قد نصبت الموازين و امتدّ الصراط و وضع الحساب و نشرت الكتب و أسعرت النيران و زخرفت الجنان و اشتدّ الحرّ عليه و إذا هو قد عطش عطشا شديدا و بقي يطلب الماء فلا يجده.فالتفت يمينا و شمالا و إذا هو بحوض عظيم الطول و العرض.

قال:قلت في نفسي:هذا هو الكوثر فإذا فيه ماء أبرد من الثلج و أحلى من العذب و إذا عند الحوض رجلان و امرأة أنوارهم تشرق على الخلائق و مع ذلك لبسهم السواد و هم باكون محزونون فقلت:من هؤلاء؟

فقيل لي:هذا محمّد المصطفى و هذا الإمام علي المرتضى و هذه الطاهرة فاطمة

ص: 34

الزهراء عليهم السّلام.

فقلت:ما لي أراهم لابسين السواد و باكين و محزونين؟فقيل لي:أليس هذا يوم عاشوراء يوم مقتل الحسين عليه السّلام فهم محزونون لأجل ذلك.

قال:فدنوت من سيّدة النساء فاطمة و قلت لها يا بنت رسول اللّه إني عطشان فنظرت إليّ و قالت لي:أنت الذي تنكر فضل البكاء على مصاب ولدي الحسين و مهجة قلبي و قرة عيني الشهيد المقتول ظلما و عدوانا؟لعن اللّه قاتليه و ظالميه و مانعيه من شرب الماء؟

قال الرجل:فانتبهت من نومي فزعا مرعوبا و استغفرت اللّه كثيرا و ندمت على ما كان مني و أتيت إلى أصحابي الذين كنت معهم فأخبرتهم و تبت إلى اللّه عزّ و جلّ (1).4.

ص: 35


1- بحار الأنوار:293/44.

فضل كربلاء و تربتها

عن بشير الدهان قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ربّما فاتني الحج فأعرف عند قبر الحسين عليه السّلام فقال:أحسنت يا بشير أيّما مؤمن أتى قبر الحسين عليه السّلام عارفا بحقه في غير يوم عيد كتب اللّه له عشرين حجة و عشرين عمرة مبرورات مقبولات و عشرين حجة و عمرة مع نبي مرسل أو إمام عدل و من أتاه في يوم عيد كتب اللّه له مائة حجة و مائة عمرة و مائة غزوة مع نبي مرسل أو إمام عدل،قال:قلت له:كيف لي بمثل الموقف؟قال:فنظر إليّ شبه المغضب ثمّ قال لي:يا بشير إنّ المؤمن إذا أتى قبر الحسين عليه السّلام يوم عرفة و اغتسل من الفرات ثمّ توجه إليه كتب اللّه له بكلّ خطوة حجة بمناسكها-و لا أعلمه إلاّ-قال:و غزوة (1).

و عن الحسين بن محمّد قال:قال أبو الحسن موسى عليه السّلام:أدنى ما يثاب به زائر أبي عبد اللّه عليه السّلام بشط الفرات إذا عرف حقّه و حرمته و ولايته أن يغفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر (2).

عن ابن ميثم التمار،عن الباقر عليه السّلام قال:من بات ليلة عرفة بأرض كربلاء و أقام بها حتى يعيد و ينصرف وقاه اللّه شرّ سنته (3).

و عن عمر بن يزيد بياع السابري،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إنّ أرض الكعبة قالت:

ص: 36


1- الكافي:580/4 ح 1.
2- الكافي:582/4 ح 9.
3- كامل الزيارات:269 ح 9.

من مثلي و قد بني بيت اللّه على ظهري يأتيني الناس من كلّ فج عميق و جعلت حرم اللّه و أمنه،فأوحى اللّه إليها:أن كفّي و قرّي ما فضل ما فضلت به فيما أعطيت أرض كربلاء إلاّ بمنزلة الإبرة غرست في البحر فحملت من ماء البحر و لو لا تربة كربلاء ما فضلتك و لو لا من تضمنه أرض كربلاء ما خلقتك و لا خلقت البيت الذي به افتخرت فقري و استقري و كوني ذنبا متواضعا ذليلا مهينا غير مستنكف و لا مستكبر لأرض كربلاء و إلاّ سخت بك و هويت بك في نار جهنم (1).

و عن عمر بن ثابت،عن أبيه،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:خلق اللّه تبارك و تعالى أرض كربلاء قبل أن يخلق الكعبة بأربعة و عشرين ألف عام و قدّسها و بارك عليها فما زالت قبل خلق اللّه الخلق مقدّسة مباركة و لا تزال كذلك حتى يجعلها اللّه أفضل أرض في الجنة و أفضل منزل و مسكن يسكن اللّه فيه أولياءه في الجنة (2).

و عن محمّد بن جعفر،عن محمّد بن الحسين،عن أبي سعيد،عن بعض رجاله، عن أبي الجارود قال:قال علي بن الحسين عليهما السّلام:اتخذ اللّه أرض كربلاء حرما آمنا مباركا قبل أن يخلق اللّه أرض الكعبة و يتخذها حرما بأربعة و عشرين ألف عام و انّه إذا زلزل اللّه تبارك و تعالى الأرض و سيّرها رفعت كما هي بتربتها نورانية صافية فجعلت في أفضل روضة من رياض الجنة و أفضل مسكن في الجنة لا يسكنها إلاّ النبيون و المرسلون،أو قال:أولوا العزم من الرسل فإنّها لتزهر بين رياض الجنة كما يزهر الكوكب الدري بين الكواكب لأهل الأرض يغشى نورها أبصار أهل الجنة جميعا و هي تنادي:أنا أرض اللّه المقدسة الطيبة المباركة التي تضمنت سيد الشهداء و سيد شباب أهل الجنة (3).5.

ص: 37


1- كامل الزيارات 267 ح 3.
2- كامل الزيارات:268 ح 4.
3- كامل الزيارات 268 ح 5.

و عن أبي سعيد،عن حمّاد بن أيّوب،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،عن أبيه عليه السّلام،عن آبائه عليهم السّلام،عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقبر ابني في أرض يقال لها:كربلا هي البقعة التي كانت عليها قبة الإسلام التي نجّى اللّه عليها المؤمنين الذين آمنوا مع نوح في الطوفان (1).

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:زوروا كربلا و لا تقطعوه فإنّ خير أولاد الأنبياء ضمنته، ألا و ان الملائكة زارت كربلاء ألف عام من قبل أن يسكنه جدي الحسين عليه السّلام و ما من ليلة تمضي إلاّ و جبرئيل و ميكائيل يزورانه فاجتهد يا يحيى ألاّ تفقد من ذلك الموطن (2).

عن عباد أبي سعيد العصفري،عن صفوان الجمال قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:إنّ اللّه تبارك و تعالى فضل الأرضين و المياه بعضها على بعض فمنها ما تفاخرت و منها ما بغت فما من ماء و لا أرض إلاّ عوقبت لترك التواضع للّه حتى سلّط اللّه على الكعبة المشركين و أرسل إلى زمزم ماء مالحا حتى أفسد طعمه،و إنّ كربلاء و ماء الفرات أوّل أرض و أوّل ماء قدّس اللّه تبارك و تعالى و بارك عليها فقال لها:تكلّمي بما فضلّك اللّه،فقالت لمّا تفاخرت الأرضون و المياه بعضها على بعض قالت:أنا أرض اللّه المقدسة المباركة الشفاء في تربتي و مائي و لا فخر بل خاضعة ذليلة لمن فعل بي ذلك و لا فخر على من دوني بل شكرا للّه،فأكرمها و زادها بتواضعها و شكرها للّه بالحسين عليه السّلام و أصحابه،ثمّ قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:من تواضع للّه رفعه اللّه و من تكبّر وضعه اللّه (3).

و عن سالم بن عبد الرحمن،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من بات ليلة النصف من5.

ص: 38


1- كامل الزيارات:269 ح 8.
2- كامل الزيارات:269 ح 10.
3- كامل الزيارات:270 ح 15.

شعبان بأرض كربلاء فقرأ ألف مرة قل هو اللّه أحد و يستغفر اللّه ألف مرة و يحمد اللّه ألف مرة ثمّ يقوم فيصلي أربع ركعات يقرأ في كلّ ركعة ألف مرة آية الكرسي و كلّ اللّه به ملكين يحفظانه من كلّ سوء و من شرّ كلّ شيطان و سلطان و يكتبان له حسناته و لا تكتب عليه سيئة و يستغفران له ما داما معه (1).

و عن ربعي قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:شاطيء الواد الأيمن الذي ذكره اللّه في كتابه هو الفرات و البقعة المباركة هي كربلاء و الشجرة هي محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (2).

و عن ابن سنان،عن أبي سعيد القماط،عن ابن أبي يعفور قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول لرجل من مواليه:يا فلان أتزور قبر أبي عبد اللّه الحسين بن علي عليهما السّلام؟ قال:نعم إنّي أزوره بين ثلاث سنين مرّة فقال له:و هو مصفر وجهه أما و اللّه الذي لا إله إلاّ هو لو زرته كان أفضل مما أنت فيه فقال له:جعلت فداك أكلّ هذا الفضل؟ فقال:نعم و اللّه لو إنّي حدثتكم بفضل زيارته و بفضل قبره لتركتم الحج رأسا و ما حجّ منكم أحد،و يحك أما علمت أنّ اللّه اتخذ كربلاء حرما آمنا مباركا قبل أن يتخذ مكة حرما،قال ابن أبي يعفور فقلت له:قد فرض اللّه على الناس حجّ البيت و لم يذكر زيارة قبر الحسين عليه السّلام،فقال:و إن كان كذلك فإنّ هذا شيء جعله اللّه هكذا أما سمعت قول أبي أمير المؤمنين عليه السّلام حيث يقول:إنّ باطن القدم أحق بالمسح من ظاهر القدم و لكن اللّه فرض هذا على العباد أو ما علمت أنّ الموقف لو كان في الحرم كان أفضل لأجل الحرم و لكن اللّه صنع ذلك في غير الحرم (3).

و عن عمرو بن ثابت،عن أبيه،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:خلق اللّه تعالى كربلاء قبل أن يخلق الكعبة بأربعة و عشرين ألف عام و قدّسها و بارك عليها فما زالت قبل أن2.

ص: 39


1- كامل الزيارات:181 ح 8.
2- كامل الزيارات:48 ح 11.
3- كامل الزيارات:266 ح 2.

يخلق اللّه الخلق مقدّسة مباركة و لا تزال كذلك و يجعلها أفضل أرض في الجنة (1).

عن عبد اللّه بن ميمون القداح،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:مرّ أمير المؤمنين عليه السّلام بكربلا في أناس من أصحابه فلمّا مرّ بها اغر و رقت عيناه بالبكاء ثمّ قال:هذا مناخ ركابهم و هذا ملقى رحالهم و هنا تهرق دماؤهم طوبى لك من تربة عليك تهرق دماء الأحبّة (2).

عن جابر بن الحر،عن جويرية بن مسهر العبدي قال:لمّا توجهنا مع أمير المؤمنين عليه السّلام إلى صفين فبلغنا طفوف كربلاء وقف ناحية من المعسكر ثمّ نظر يمينا و شمالا و استعبر ثمّ قال:هذا و اللّه مناخ ركابهم و موضع منيّتهم.فقيل له:يا أمير المؤمنين ما هذا الموضع؟فقال:هذا كربلاء يقتل فيه قوم يدخلون الجنة بغير حساب.ثمّ سار،فكان الناس لا يعرفون تأويل ما قال حتى كان من أمر الحسين بن علي صلوات اللّه عليهما و أصحابه بالطف ما كان،فعرف حينئذ من سمع مقاله مصداق الخبر فيما أنبأهم به (3).

عن محمّد بن سنان،عمّن حدثه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:خرج أمير المؤمنين عليه السّلام يسير بالناس حتى إذا كان من كربلا على مسيرة ميل أو ميلين فتقدم بين أيديهم حتى إذا صار بمصارع الشهداء قال:قبض فيها مائتا نبي و مائتا وصي و مائتا سبط شهداء باتباعهم فطاف بها على بغلته خارجا رجليه من الركاب و انشأ يقول:مناخ ركاب و مصارع شهداء لا يسبقهم من كان قبلهم و لا يلحقهم من كان بعدهم (4).

عن محمّد بن همام قال:حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك قال:حدّثنا سعد بن7.

ص: 40


1- كامل الزيارات:270 ح 13.
2- كامل الزيارات:269 ح 11.
3- الارشاد:322/1.
4- التهذيب:72/6 ح 7.

عمرو الزهري قال:حدّثنا بكر بن سالم،عن أبيه،عن أبي حمزة الثمالي،عن علي بن الحسين عليهما السّلام في قوله: فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا (1)قال:خرجت من دمشق حتى أتت كربلا فوضعته في موضع قبر الحسين عليه السّلام ثمّ رجعت من ليلتها (2).

عن محمّد بن الفضل بن بنت داود الرقي قال:قال الصادق عليه السّلام:أربعة بقاع ضجت إلى اللّه من الغرق أيّام الطوفان قال:البيت المعمور فرفعه اللّه إليه و الغري و كربلا و طوس (3).

و أبي جعفر الطوسي فيما رواه عن جابر الجعفي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من بات عند قبر الحسين عليه السّلام ليلة عاشورا لقي اللّه يوم القيامة ملطخا بدمه و كأنّما قتل معه في عرصة كربلا (4).

و قال شيخنا المفيد في كتاب التواريخ الشرعيّة:و روي أنّ من زاره(يعني الحسين عليه السّلام)و بات عنده في ليلة عاشورا حتى يصبح حشره اللّه تعالى ملطخا بدم الحسين عليه السّلام في جملة الشهداء معه عليه السّلام (5).8.

ص: 41


1- سورة مريم:22.
2- التهذيب:73/6 ح 8.
3- التهذيب:110/6 ح 12.
4- الاقبال:558.
5- الاقبال:558.

فضل الحسين في مكارم أخلاقه

عن مسعدة قال:مر الحسين بن علي عليهما السّلام بمساكين قد بسطوا كساء لهم و ألقوا عليه كسرا فقالوا:هلم يا ابن رسول اللّه!فثنى و ركه فأكل معهم ثم تلا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ ثم قال:قد أجبتكم فأجيبوني،قالوا:نعم يا ابن رسول اللّه، فقاموا معه حتى أتوا منزله،فقال للجارية:أخرجي ما كنت تدخرين (1).

عمرو بن دينار قال:دخل الحسين عليه السّلام على أسامة بن زيد و هو مريض،و هو يقول:و اغماه،فقال له الحسين عليه السّلام:و أما غمك يا أخي؟

قال:ديني و هو ستون ألف درهم فقال الحسين:هو علي قال:إني أخشى أن أموت،فقال الحسين لن تموت حتى أقضيها عنك،قال:فقضاها قبل موته.

و كان عليه السّلام يقول:شر خصال الملوك:الجبن من الأعداء،و القسوة على الضعفاء و البخل عند الإعطاء.

و في كتاب أنس المجالس أن الفرزدق أتى الحسين عليه السّلام لما أخرجه مروان من المدينة فأعطاه عليه السّلام أربعمائة دينار،فقيل له:إنه شاعر فاسق منتهر (2)فقال عليه السّلام إن .

ص: 42


1- بحار الأنوار:189/40-197 ح 1،و تفسير العياشي ج 2 ص 257،و الآية في النحل:22 و لفظها إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ
2- يقال:انتهره:استقبله بكلام يزجره به و فى بعض المصادر:«مشهر»فلو صح كان معناه أنه يشهر الناس بالفضائح و يهجوهم،و يحتمل أن يكون تصحيف"متهتر"أى مولع في تمزيق أعراض الناس بالفضائح و القبائح.

خير مالك ما وقيت به عرضك،و قد أثاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كعب بن زهير،و قال في عباس بن مرداس:إقطعوا لسانه عني.

و فد أعرابي المدينة فسأل عن أكرم الناس بها،فدل على الحسين عليه السّلام فدخل المسجد فوجده مصليا فوقف بإزائه و أنشد:

لم يخب الآن من رجاك و من حرك من دون بابك الحلقه

أنت جواد و أنت معتمد أبوك قد كان قاتل الفسقه

لو لا الذي كان من أوائلكم كانت علينا الجحيم منطبقه

قال:فسلّم الحسين و قال:يا قنبر هل بقي من مال الحجاز شيء؟

قال:نعم أربعة آلاف دينار،فقال:هاتها قد جاء من هو أحق بها منا،ثم نزع برديه و لفّ الدنانير فيها و أخرج يده من شق الباب حياء من الأعرابي و أنشد:

خذها فإني إليك معتذر و اعلم بأني عليك ذو شفقه

لو كان في سيرنا الغداة عصا أمست سمانا عليك مندفقه

لكن ريب الزمان ذو غير و الكف مني قليلة النفقه

قال:فأخذها الأعرابي و بكى فقال له:لعلك استقللت ما أعطيناك،قال:لا،و لكن كيف يأكل التراب جودك،و هو المروي عن الحسن بن علي عليهما السّلام (1).

بيان:قوله:«عصا؟لعل العصا كناية عن الامارة و الحكم،قال الجوهري قولهم:

لا ترفع عصاك عن أهلك،يراد به الأدب و إنه لضعيف العصا أي الرعاية و يقال أيضا:إنه للين العصا،أي رفيق حسن السياسة لما ولي انتهي،أي لو كان لنا أي سيرنا في هذه الغداة ولاية و حكم أو قوة لأمست يد عطائنا عليك صابة،و السماء كناية عن يد الجود و العطاء،و الإندفاق الإنصباب،و ريب الزمان حوادثه،و غير الدهر كعنب أحداثه،أي حوادث الزمان تغيّر الأمور،قوله:كيف يأكل التراب6.

ص: 43


1- بحار الأنوار:189/40-197 ح 2،و مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 65 و 66.

جودك أي كيف تموت و تبيت تحت التراب فتمحى و يذهب جودك.

شعيب بن عبد الرحمن الخزاعي قال:وجد على ظهر الحسين بن علي يوم الطف أثر فسألوا زين العابدين عليه السّلام عن ذلك فقال:هذا لما كان ينقل الجراب على ظهره إلى منازل الأرامل و اليتامى و المساكين.

و قيل:إن عبد الرحمن السلمي علّم ولد الحسين عليه السّلام"الحمد"فلما قرأها على أبيه أعطاه ألف دينار،و ألف حلة،و حشافاه درا،فقيل له في ذلك فقال:و أين يقع هذا من عطائه يعني تعليمه و أنشد الحسين عليه السّلام:

إذا جادت الدنيا عليك فجد بها على الناس طرا قبل أن تتفلت

فلا الجود يفنيها إذا هي أقبلت و لا البخل يبقيها إذا ما تولت

و من تواضعه عليه السّلام أنه مر بمساكين و هم يأكلون كسرا لهم على كساء فسلّم عليهم،فدعوه إلى طعامهم فجلس معهم،و قال:لو لا أنه صدقة لأكلت معكم،ثم قال:قوموا إلى منزلي،فأطعمهم و كساهم و أمر لهم بدراهم (1).

و حدّث الصولي عن الصادق عليه السّلام في خبر أنه جرى بينه و بين محمد بن الحنفية كلام فكتب ابن الحنفية إلى الحسين عليه السّلام:أما بعد يا أخي فإن أبي و أباك علي:لا تفضلني فيه و لا أفضلك،و أمك فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و لو كان ملء الأرض ذهبا ملك أمي ما وفت بأمك،فإذا قرأت كتابي هذا فصر إلي حتى تترضاني فإنك أحق بالفضل مني و السلام عليك و رحمة اللّه و بركاته،ففعل الحسين عليه السّلام ذلك فلم يجر بعد ذلك بينهما شيء (2).

بيان:بأمك:أي بفضلها.6.

ص: 44


1- مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 129/7.
2- بحار الأنوار:189/40-197 ح 3،و نفس بعض المصادر ص 66.

و من آدابه عليه السّلام أنه كان يحاول تصحيح الخطأ بأساليب غاية في الأدب دون أن يشعر المخطئ بإحراج يمس كبرياءه أو يخدش مكابرته فلقد مر مع أخيه الحسن على شيخ يتوضأ و لا يحسن الوضوء فأظهرا تنازعا يقول كل منهما للآخر أنت لا تحسن الوضوء و قالا أيها الشيخ كن حكما بيننا،فتوضيا و قالا:أينا يحسن الوضوء؟فقال الشيخ:كلاكما تحسنان الوضوء و لكن هذا الشيخ الجاهل هو الذي لم يحسن (1)...

من دعائه:ما قاله عليه السّلام في يوم عرفة:

«...كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك،أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك و متى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك،عميت عين لا تراك عليها رقيبا، و خسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبك نصيبا...» (2).

و من شجاعته عليه السّلام أنه كان بين الحسين عليه السّلام و بين الوليد بن عقبة منازعة في ضيعة فتناول الحسين عليه السّلام عمامة الوليد عن رأسه و شدّها في عنقه و هو يومئذ و ال على المدينة،فقال مروان:باللّه ما رأيت كاليوم جرأة رجل على أميره،فقال الوليد:

و اللّه ما قلت هذا غضبا لي و لكنك حسدتني على حملي عنه،و إنما كانت الضيعة له، فقال الحسين:الضيعة لك يا وليد و قام.

و قيل له يوم الطف:إنزل على حكم بني عمك،قال:لا و اللّه لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل،و لا أفر فرار العبيد،ثم نادى يا عباد اللّه! إني عذت بربي و ربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب.ه

ص: 45


1- أعيان الشيعة 580/1.
2- إقبال الأعمال لابن طاووس 660،دار الحجة للثقافة،قم-ايران،ط 1،1418 ه

و قال عليه السّلام:موت في عز خير من حياة في ذل،و أنشد عليه السّلام يوم قتل:

الموت خير من ركوب العار و العار أولى من دخول النار

و اللّه ما هذا و هذا جاري ابن نباته:الحسين الذي رأى القتل في العز حياة و العيش في الذل قتلا.الحلية روى محمد بن الحسن أنه لما نزل القوم بالحسين و أيقن أنهم قاتلوه قال لأصحابه:قد نزل ما ترون من الأمر و إن الدنيا قد تغيّرت و تنكّرت، و أدبر معروفها و استمرت (1)حتى لم يبق منها إلا كصبابة الأناء،و إلا خسيس عيش كالمرعى الوبيل ألا ترون الحق لا يعمل به،و الباطل لا يتناهى عنه،ليرغب المؤمن في لقاء اللّه و إني لا أرى الموت إلا سعادة،و الحياة مع الظالمين إلا برما و أنشد متمثلا لما قصد الطف:

سأمضي فما بالموت عار على الفتى إذا ما نوى خيرا و جاهد مسلما

و واسى الرجال الصالحين بنفسه و فارق مذموما و خالف مجرما

أقدم نفسي لا أريد بقاءها لنلقى خميسا في الهياج عر مرما

فإن عشت لم أذمم و إن مت لم ألم كفى بك ذلا أن تعيش فترغما (2).

توضيح:الصبابة بالضم البقية من الماء في الإناء،و الوبلة بالتحريك الثقل و الوخامة،و قد وبل المرتع بالضم وبلا و وبالا فهو و بيل أي وخيم ذكره الجوهري و البرم بالتحريك السأمة و الملال و الخميس الجيش لانهم خمس فرق المقدمة و القلب و الميمنة و الميسرة و الساق و يوم الهياج يوم القتال و العرمرم:الجيش الكثير،و عرام الجيش:كثرته (3).

و لم ير الناس في جميع حقب التاريخ أشجع،و لا أربط جأشا و لا أقوى جنانا من0.

ص: 46


1- و لعله من المرارة أي صارت مرة ضد الحلوة.
2- بحار الأنوار:189/40-197 ح 4.
3- بحار الأنوار:196/40.

الإمام الحسين عليه السّلام فقد وقف يوم الطف موقفا حير فيه الألباب و أذهل فيه العقول، و تجلّت يوم عاشوراء شجاعته الفائقة فلم يعرف الخضوع أو الإستكانة،و قد قال بعض الرواة فيه:و الله ما رأيت مكثورا قط قد قتل ولده و أهل بيته و أصحابه أربط جأشا و لا أمضى جنانا و لا أجرأ مقدما منه،و الله ما رأيت قبله و لا بعده مثله و ان كانت الرجالة لتشد عليه فيشد عليها بسيفه فتنكشف عن يمينه و عن شماله انكشاف المعزى إذا شد فيها الذئب (1).

-و حين أثخن بالجراح في ظهيرة العاشر من المحرم جعل يقاتلهم بسيفه و هم يتفرقون عنه يمينا و شمالا و هو يقول:أعلي تجتمعون،و هو الذي جبّن الشجعان و أخافهم و هو بين الموت و الحياة حين بدر خولي ليحتز رأسه فضعف و أرعد و في ذلك يقول الشاعر:

عفيرا متى عاينته الكماة يختطف الرعب ألوانها

فما أجلت الحرب عن مثله صريعا يجبن شجعانها (2).

و من زهده عليه السّلام أنه قيل له ما أعظم خوفك من ربك؟

قال:لا يأمن يوم القيامة إلا من خاف اللّه في الدنيا.

إبانة بن بطة قال عبد اللّه بن عبيد أبو عمير:لقد حج الحسين بن علي عليهما السّلام خمسة و عشرين حجة ماشيا و إن النجائب لتقاد معه.

عيون المحاسن:إنه ساير أنس بن مالك فأتى قبر خديجة فبكى ثم قال:إذهب عني قال أنس:فاستخفيت عنه فلما طال وقوفه في الصلاة سمعته قائلا:

يا رب يا رب أنت مولاه فارحم عبيدا إليك ملجاه2.

ص: 47


1- الإرشاد للمفيد 111/2.
2- أعيان الشيعة 581/1-582.

يا ذا المعالي عليك معتمدي طوبى لمن كنت أنت مولاه

طوبى لمن كان خادما أرقا يشكو إلى ذي الجلال بلواه

و ما به علة و لا سقم أكثر من حبه لمولاه

إذا اشتكى بثه و غصته أجابه اللّه ثم لبّاه

إذا ابتلى بالظلام مبتهلا أكرمه اللّه ثم أدناه

فنودي:

لبيك عبدي و أنت في كنفي و كلما قلت قد علمناه

صوتك تشتاقه ملائكتي فحسبك الصوت قد سمعناه

دعاك عندي يجول في حجب فحسبك الستر قد سفرناه

لو هبت الريح من جوانبه خر صريعا لما تغشّاه

سلني بلا رغبة و لا رهب و لا حساب إني أنا اللّه (1)

بيان:الأرق بكسر الراء من يسهر بالليل،قوله:«قد سفرناه»أي حسبك أنا كشفنا الستر عنك،قوله:«لو هبت الريح من جوانبه»الضمير إما راجع إلى الدعاء كناية عن أنه يجول في مقام لو كان مكانه رجل لغشي عليه مما يغشاه من أنوار الجلال،و يحتمل إرجاعه إليه عليه السّلام على سبيل الإلتفات،لبيان غاية خضوعه و ولهه في العبادة بحيث لو تحركت ريح لأسقطته.

و له عليه السّلام:

يا أهل لذة دنيا لا بقاء لها إن اغترارا بظل زائل حمق

و يروى للحسين عليه السّلام:

سقت العالمين إلى المعالي بحسن خليقة و علو همة

و لاح بحكمتي نور الهدى في ليال في الضلالة مدلهمة9.

ص: 48


1- بحار الأنوار:189/40-197 ح 5،و نفس بعض المصادر:ج 4 ص 69.

يريد الجاحدون ليطفئه و يأبى اللّه إلا أن يتمه (1)

حفص بن غياث،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان في الصلاة و إلى جانبه الحسين فكبّر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فلم يحر الحسين التكبير ثم كبّر رسول اللّه فلم يحر الحسين التكبير،و لم يزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يكبر و يعالج الحسين التكبير،فلم يحر حتى أكمل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سبع تكبيرات فأحار الحسين عليه السّلام التكبير في السابعة.

فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:فصارت سنة.

و روي عن الحسين بن علي عليهما السّلام أنه قال:صحّ عندي قول النبي صلّى اللّه عليه و آله:أفضل الأعمال بعد الصلاة إدخال السرور في قلب المؤمن بما لا إثم فيه،فإني رأيت غلاما يواكل كلبا فقلت له في ذلك،فقال:يا ابن رسول اللّه إني مغموم أطلب سرورا بسروره لأن صاحبي يهودي أريد أفارقه،فأتى الحسين إلى صاحبه بمائتي دينار ثمنا له،فقال اليهودي:الغلام فداء لخطاك،و هذا البستان له،و رددت عليك المال، فقال عليه السّلام:و أنا قد وهبت لك المال،قال:قبلت المال و وهبته للظلام.

فقال الحسين عليه السّلام:أعتقت الغلام و وهبته له جميعا،فقالت امرأته قد أسلمت و وهبت زوجي مهري،فقال اليهودي:و أنا أيضا أسلمت و أعطيتها هذه الدار.

الترمذي في الجامع:كان ابن زياد يدخل قضيبا في أنف الحسين عليه السّلام و يقول:ما رأيت مثل هذا الرأس حسنا فقال أنس:إنه أشبههم برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

و روي أن الحسين عليه السّلام كان يقعد في المكان المظلم فيهتدى إليه ببياض جبينه و نحره (2).

قال أنس:كنت عند الحسين عليه السّلام،فدخلت عليه جارية فحيته بطاقة ريحان،فقال7.

ص: 49


1- بحار الأنوار:189/40-197 ح 6،و نفس بعض المصادر:ج 4 ص 69 و ص 72.
2- بحار الأنوار:189/40-197 ح 7.

لها:أنت حرة لوجه اللّه،فقلت:تجيئك بطاقة ريحان لا خطر لها فتعتقها؟

قال:كذا أدبنا اللّه،قال اللّه: وَ إِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها (1)و كان أحسن منها عتقها.

و قال يوما لأخيه عليهما السّلام:يا حسن وددت أن لسانك لي و قلبي لك.

و كتب إليه الحسن عليه السّلام يلومه على إعطاء الشعراء فكتب إليه:أنت أعلم مني بأن خير المال ما وقي العرض (2).

بيان:لعل لومه عليه السّلام ليظهر عذره للناس.

و دعاه عبد اللّه بن الزبير و أصحابه فأكلوا و لم يأكل الحسين عليه السّلام فقيل له:ألا تأكل؟

قال:إني صائم و لكن تحفة الصائم،قيل:و ما هي؟

قال:الدهن و المجمر.

و جنى غلام له جناية توجب العقاب عليه فأمر به أن يضرب،فقال:يا مولاي وَ الْكاظِمِينَ الْغَيْظَ قال:خلوا عنه،فقال:يا مولاي وَ الْعافِينَ عَنِ النّاسِ قال:قد عفوت عنك،قال:يا مولاي وَ اللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (3)قال:أنت حر لوجه اللّه،و لك ضعف ما كنت أعطيك.

و قال الفرزدق:لقيني الحسين عليه السّلام في منصرفي من الكوفة فقال:ما وراءك يا أبا فراس؟

قلت:أصدقك؟

قال:الصدق أريد،قلت:أما القلوب فمعك،و أما السيوف فمع بني أمية و النصر4.

ص: 50


1- سورة النساء:86.
2- بحار الأنوار:189/40-197 ح 8،و كشف الغمة:ج 2 ص 206.
3- سورة آل عمران:134.

من عند اللّه،قال عليه السّلام:ما أراك إلا صدقت،الناس عبيد المال و الدين لغو (1)على ألسنتهم،يحوطونه ما درّت به معايشهم،فإذا محّصوا بالبلاء قلّ الديانون.

و قال عليه السّلام:من أتانا لم يعدم خصلة من أربع:آية محكمة،و قضية عادلة و أخا مستفادا،و مجالسة العلماء.

و كان عليه السّلام يرتجز يوم قتل عليه السّلام و يقول:

الموت خير من ركوب العار و العار خير من دخول النار

و اللّه من هذا و هذا جاري

و قال عليه السّلام:صاحب الحاجة لم يكرم وجهه عن سؤالك،فأكرم وجهك عن رده (2).

ذكر ابن عبد ربه في كتاب العقد أنه قيل لعلي بن الحسين عليهما السّلام ما أقل ولد أبيك؟

فقال:العجب كيف ولد كان يصلي في اليوم و الليلة ألف ركعة (3).

في أسانيد أخطب خوارزم أورده في كتاب له في مقتل آل الرسول أن أعرابيا جاء إلى الحسين بن علي عليهما السّلام فقال:يا ابن رسول اللّه قد ضمنت دية كاملة و عجزت عن أدائه،فقلت في نفسي:أسأل أكرم الناس،و ما رأيت أكرم من أهل بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

فقال الحسين:يا أخا العرب أسألك عن ثلاث مسائل،فإن أجبت عن واحدة أعطيتك ثلث المال،و إن أجبت عن اثنتين أعطيتك ثلثي المال،و إن أجبت عن الكل أعطيتك الكل.

فقال الأعرابي:يا ابن رسول اللّه أمثلك يسأل عن مثلي و أنت من أهل العلم و الشرف؟0.

ص: 51


1- لعق ظ.
2- بحار الأنوار:189/40-197 ح 9،و كشف الغمة:ج 2 ص 207 و 208.
3- بحار الأنوار:189/40-197 ح 10.

فقال الحسين عليه السّلام:بلى سمعت جدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:المعروف بقدر المعرفة،فقال الأعرابي:سل عما بدا لك،فإن أجبت و إلا تعلّمت منك،و لا قوة إلا باللّه.

فقال الحسين عليه السّلام:أي الأعمال أفضل؟

فقال الأعرابي:الإيمان باللّه،فقال الحسين عليه السّلام:فما النجاة من المهلكة؟

فقال الأعرابي:الثقة باللّه،فقال الحسين عليه السّلام:فما يزين الرجل؟

فقال الأعرابي:علم معه حلم،فقال:فإن أخطأه ذلك؟

فقال:مال معه مروءة،فقال:فإن أخطأه ذلك؟

فقال:فقر معه صبر،فقال الحسين عليه السّلام:فإن أخطأه ذلك؟

فقال الأعرابي:فصاعقة تنزل من السماء و تحرقه فإنه أهل لذلك؟

فضحك الحسين عليه السّلام و رمى بصرة إليه فيها ألف دينار،و أعطاه خاتمه،و فيه فص قيمته مائتا درهم و قال:يا أعرابي أعط الذهب إلى غرمائك،و اصرف الخاتم في نفقتك،فأخذ الأعرابي و قال: اَللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ (1). (2)

روي في بعض مؤلفات أصحابنا عن أبي سلمة قال:حججت مع عمر بن الخطاب،فلما صرنا بالأبطح فإذا بأعرابي قد أقبل علينا فقال:يا أمير المؤمنين إني خرجت و أنا حاج محرم،فأصبت بيض النعام،فاجتنيت و شويت و أكلت،فما يجب علي؟

قال:ما يحضرني في ذلك شيء،فاجلس لعل اللّه يفرج عنك ببعض أصحاب محمد صلّى اللّه عليه و آله.

فإذا أمير المؤمنين عليه السّلام قد أقبل و الحسين عليه السّلام يتلوه،فقال عمر:يا أعرابي هذا1.

ص: 52


1- سورة الانعام:124.
2- بحار الأنوار:189/40-197 ح 11.

علي ابن أبي طالب عليه السّلام فدونك و مسألتك،فقام الأعرابي و سأله فقال علي عليه السّلام:يا أعرابي سل هذا الغلام عندك يعني الحسين عليه السّلام.

فقال الأعرابي:إنما يحيلني كل واحد منكم على الآخر،فأشار الناس إليه:ويحك هذا ابن رسول اللّه فاسأله،فقال الأعرابي:يا ابن رسول اللّه إني خرجت منى بيتي حاجا و قص عليه القصة فقال له الحسين:ألك إبل؟

قال:نعم قال:خذ بعدد البيض الذي أصبت نوقا فاضربها بالفحولة،فما فصلت فاهدها إلى بيت اللّه الحرام.

فقال عمر:يا حسين النوق يزلقن،فقال الحسين:يا عمر إن البيض يمرقن فقال:صدقت و بررت،فقام علي عليه السّلام و ضمه إلى صدره و قال: ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1).

محمد بن العباس،عن أبي الأزهر،عن الزبير بن بكار،عن بعض أصحابه قال:

قال رجل للحسين عليه السّلام:إن فيك كبرا.

فقال:كل الكبر للّه وحده و لا يكون في غيره،قال اللّه تعالى: وَ لِلّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ (2)(3).

محمد بن يحيى،عن علي بن إسماعيل،عن محمد بن عمرو الزيات عن رجل من أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:لم يرضع الحسين عليه السّلام من فاطمة عليها السّلام و لا من أنثى،كان يؤتى به النبي صلّى اللّه عليه و آله فيضع إبهامه في فيه فيمص منها ما يكفيه اليومين3.

ص: 53


1- بحار الأنوار:189/40-197 ح 12. و قد مر نظيرها في أخيه الحسن عليه السّلام ج 43 ص 354 عن كتاب المناقب نقلا عن القاضى النعمان في شرح الأخبار و فيه:فقال أمير المؤمنين عليه السّلام:سل أي الغلامين شئت فقال الحسن الخ،راجع مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 10.
2- سورة المنافقون:8.
3- بحار الأنوار:197/40-205 ح 13.

و الثلاث،فنبت لحم للحسين عليه السّلام (1)من لحم رسول اللّه و دمه و لم يولد لستة أشهر إلا عيسى ابن مريم،و الحسين بن علي عليهم السلام.

و في رواية اخرى عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام أن النبي كان يؤتى به الحسين فيلقمه لسانه فيمصه فيجتزئ به و لم يرضع من أنثى (2).

و من جوده و كرمه أن دخل الحسين عليه السّلام على أسامة بن زيد في مرضه الذي توفي فيه فلما استقر به المجلس قال أسامة:و اغماه،فقال:و ما غمك؟

قال:ديني و هو ستون الف درهم،فقال:هو علي،قال:إني أخشى أن أموت قبل أن يقضى.قال:لن تموت حتى أقضيها عنك،و بادر الإمام عليه السّلام فقضاها عنه قبل موته (3).

-مر الحسين عليه السّلام بمساكين يأكلون في الصفة،فقالوا(الغداء)فنزل و قال:ان الله لا يحب المتكبرين،فتغدى ثم قال لهم:قد أجبتكم فأجيبوني،قالوا:نعم،فمضى بهم إلى منزله،فقال للرباب:أخرجي ما كنت تدخرين (4).

-قال أنس:كنت عند الحسين عليه السّلام فدخلت عليه جارية بيدها طاقة ريحان فحيته بها،فقال لها:أنت حرة لوجه الله تعالى،و بهر أنس فقال:جارية تجيئك بطاقة ريحان فتعتقها؟

فأجابه(عليه السلام):كذا أدبنا اللّه،قال تبارك و تعالى وَ إِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها و كان أحسن منها عتقها (5).

ص: 54


1- كذا في الأصل نسخة المصنف و فى الكافي ج 1 ص 465 و هكذا نسخة الكمباني«فنبت لحم الحسين عليه السّلام».
2- بحار الأنوار:197/40-205 ح 14.
3- أعيان الشيعة 579/1.
4- مختصر تاريخ دمشق 129/7.
5- الفصول المهمة،لابن الصباغ:167-168،دار الأضواء،بيروت-لبنان،ط 2،1409 ه 1988 م.

-أتاه رجل فسأله حاجة فقال عليه السلام:إن المسألة لا تصلح إلا في غرم فادح أو فقر مدقع أو حمالة مفظعة،فقال الرجل:ما جئت إلا في احداهن،فأمر له بمائة دينار (1).

-خرج سائل يتخطى أزقة الكوفة،حتى أتى باب الحسين بن علي،فقرع الباب و أنشد يقول:

لم يخب اليوم من رجاك و من حرك من خلف بابك الحلقه

أنت ذو الجود و انت معدنه أبوك قد كان قاتل الفسقه

و كان الإمام الحسين واقفا يصلي فخفف من صلاته و خرج إلى الاعرابي فرأى عليه أثر الفاقة،فرجع و نادى بقنبر فلما مثل عنده قال له:ما تبقى من نفقتنا؟

قال:مائتا درهم أمرتني بتفرقتها في أهل بيتك،فقال:هاتها فقد أتى من هو أحق بها منهم،فأخذها و دفعها إلى الأعرابي معتذرا منه و هو ينشد هذه الأبيات:

خذها فاني إليك معتذر و اعلم بأني عليك ذو شفقه

لو كان في سيرنا الغداة عصا كانت سمانا عليك مندفقه

لكن ريب المنون ذو نكد و الكف منا قليلة النفقه

فأخذها الأعرابي شاكرا و داعيا له بالخير،و انبرى مادحا له:

مطهرون نقيات جيوبهم تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا

و أنتم أنتم الأعلون عندكم علم الكتاب و ما جاءت به السور

من لم يكن علويا حين تنسبه فما له في جميع الناس مفتخر (2)2.

ص: 55


1- تحف العقول للحراني 246،مؤسسة النشر الإسلامي،قم-ايران،ط 4،1416 ه
2- مختصر تاريخ دمشق 131/7-132.

في قول النبي:«أهل بيتي أمان لأهل الأرض»

ابن بابويه في النصوص على الأئمة الإثني عشر قال:حدّثنا علي بن الحسن قال:حدّثنا أبو جعفر محمد بن الحسين البزوفري (1)قال:حدّثنا القاضي أبو إسماعيل جعفر ابن الحسن البلخي قال:حدّثنا شقيق بن أحمد البلخي عن سماك عن يزيد بن أسلم عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«أهل بيتي أمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء».

قيل:يا رسول اللّه كم الأئمة بعدك من أهل بيتك؟

قال:«نعم الأئمة بعدي إثنا عشر،تسعة من صلب الحسين أمنّاء معصومون و منا مهدي هذه الأمة ألا إنهم أهل بيتي و عترتي من لحمي و دمي،ما بال أقوام يؤذوني فيهم لا أنا لهم اللّه شفاعتي» (2).

ص: 56


1- في بعض نسخ بعض المصادر:البرقوي.
2- كفاية الأثر:29 ما روي عن أبي سعيد الخدري.

في أن نجاة سفينة نوح كان بالحسين و آله

قال السيد الأجل أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن الطاووس العلوي الفاطمي في كتاب(أمان اخطار الأسفار)قال:رويت عن شيخي محمد بن النجار متقدم أهل الحديث بالمدرسة المنصورية و كان يجاريني على مقتضى عقيدته فيما رواه لنا من الأخبار النبوية من كتابه الذي جعله تذييلا على تاريخ الخطيب (1)فقال في ترجمة الحسن بن أحمد المحمدي بن محمد العلوي ما هذا لفظه:

حدث عن القاضي أبي محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي و أبي عبد اللّه الغالبي و بكر بن أحمد بن محمد،روى عنه أبو عبد اللّه الحسيني بن الحسن ابن زيد الحسيني القصبي أنبأ القاضي أبو الفتح أحمد بن محمد بن بختيار الواسطي قال:كتبت إلى أبي جعفر محمد ابن الحسن بن محمد الهمداني قال:

أخبرني السيد أبو عبد اللّه الحسين بن الحسن بن زيد الحسيني بقراءتي عليه بجرجان.

قال:حدّثنا الشريف أبو محمد الحسن بن أحمد بن العلوي المحمدي ببغداد في شهر رمضان من سنة خمس و عشرين و أربعمائة قال:حدّثنا القاضي أبو محمد الحسن بن عبد الرّحمن بن خلاد و بكر بن أحمد بن مخلد و أبو عبد اللّه الغالبي قالوا:

ص: 57


1- طبع الكتاب في ذيل تاريخ بغداد و لكنه ناقص من أوله و آخره و التي من ضمنها ترجمة الحسن بن أحمد.

حدّثنا محمد بن هارون المنصوري العباسي قال:حدّثنا أحمد بن شاكر قال:حدّثنا يحيى بن أكثم القاضي قال:حدّثنا المأمون عن عطية العوفي عن ثابت البناني عن أنس بن مالك عن النبي صلّى اللّه عليه و آله أنه قال:«لما أراد اللّه عزّ و جل أن يهلك قوم نوح عليه السّلام أوحى اللّه إليه أن شق ألواح الساج فلمّا شقها لم يدر ما يصنع فهبط جبرائيل عليه السّلام فأراه هيئة السفينة و معه تابوت فيه مائة ألف مسمار فسمّر المسامير كلها في السفينة إلى أن بقيت خمسة مسامير فضرب بيده إلى مسمار منها فأشرق في يده و أضاء كما يضيء الكوكب الدرّي في أفق السماء،فتحيّر من ذلك نوح عليه السّلام فأنطق اللّه ذلك المسمار بلسان طلق زلق فقال:على اسم خير الأنبياء محمد بن عبد اللّه،فهبط جبرائيل فقال له:يا جبرائيل ما هذا المسمار الذي ما رأيت مثله؟

قال:هذا باسم خير الأولين و الآخرين محمد بن عبد اللّه أسمره في أولها على جانب السفينة الأيمن ثم ضرب بيده على مسمار ثان فأشرق و أنار فقال نوح:و ما هذا المسمار؟

قال:مسمار أخيه و ابن عمه علي بن أبي طالب عليه السّلام فأسمره على جانب السفينة الأيسر في أولها،ثم ضرب يده إلى مسمار ثالث فزهر و أشرق و أنار.

فقال له جبرائيل عليه السّلام:هذا مسمار فاطمة فأسمره إلى جانب مسمار أبيها،ثم ضرب بيده إلى مسمار رابع فزهر و أنار.

فقال له:هذا مسمار الحسن عليه السّلام فأسمره إلى جانب مسمار أبيه،ثم ضرب بيده إلى مسمار خامس فأشرق و أنار.

فقال:يا جبرائيل ما هذه النداوة؟

فقال:هذا مسمار الحسين بن علي السيد الجليل الشهيد سيد الشهداء فأسمره إلى جانب مسمار أخيه».

ثم قال النبي صلّى اللّه عليه و آله:«قال اللّه تعالى: وَ حَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَ دُسُرٍ قال النبي صلّى اللّه عليه و آله:

ص: 58

«الألواح خشب السفينة و نحن الدّسر و لو لا نا ما سارت السفينة بأهلها».

أقول:قال أبو القاسم عقيب هذا الحديث:يقول أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن الطاووس مصنف هذا الكتاب:و إنما ذكرت هذا الحديث لأنه يرويه محمد ابن النجّار الذي هو من أعيان أهل الحديث من الأربعة المذاهب و ثقاتهم و من لا يتهم فيما يرويه من فضائل أهل البيت عليهم السّلام و علوّ مقاماتهم و ما رأيت و لا رويته من طريق شيعتهم إلى الآن،فإذا كان نجاة سفينة نوح بأهلها هم و هم السبب في النجاة،و هم أصل كل من بقي من ولد آدم صلوات اللّه عليه،فلا عجب إذا صلّى الإنسان عليهم عند ركوب كل سفينة شكرا لعلوّ مقاماتهم،و ما ظفرنا به من النجاة ببركاتهم،و إن اختار كل من ركب في سفينة و خاف من أخطارها و معاطبها أن يكتب على جوانبها في المواضع التي كانت أسماؤهم في سفينة نوح عليه السّلام توسلا و توصلا في الظفر بما انتهت في النجاة سفينة نوح عليه السّلام إليه،و يكتبه في رقاع و يلصقها في جوانب سفينة ركوبه،فلا يبعد من فضل اللّه جلّ جلاله أن يظفر بمطلوبه و إدراك محبوبه إن شاء اللّه تعالى (1).

ابن بابويه من هذا الكتاب قال:حدّثنا علي بن الحسن بن محمد بن مندة قال:

حدّثنا أبو محمد هارون بن موسى قال:حدّثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد قال:حدّثنا محمد بن سالم بن عبد الرّحمن الأزدي عن الحسن بن أبي جعفر قال:

حدّثنا علي ابن زيد عن سعيد بن المسيب عن أبي ذر قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«الأئمة من بعدي إثنا عشر تسعة من صلب الحسين تاسعهم قائمهم».

ثم قال عليه السّلام:«ألا إن مثلهم فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا و من تخلّف عنها هلك9.

ص: 59


1- الآمان من أخطار الأسفار:118-120 الفصل الرابع،و نوادر المعجزات:64،و البحار:/11 328 ح 49.

و مثل باب حطّة في بني إسرائيل» (1).

و بإسناده قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«لا يزال الدعاء محجوبا حتى يصلي عليّ و على أهل بيتي» (2).ق.

ص: 60


1- كفاية الأثر:34-35.
2- بعض المصادر السابق.

في أن الحسين و الأئمة هم العروة الوثقى

ابن بابويه بإسناده قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«الأئمة من ولد الحسين من أطاعهم فقد أطاع اللّه و من عصاهم فقد عصى اللّه هم العروة الوثقى و هم الوسيلة إلى اللّه تعالى» (1).

سعد بن عبد اللّه القمي في(بصائر الدرجات)عن أحمد و عبد اللّه ابني محمد بن عيسى و محمد بن الحسين بن الخطاب و يعقوب بن يزيد و محمد بن عيسى بن عبيد عن الحسن بن محبوب عن إسحاق بن غالب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال في خطبة طويلة له:«مضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و خلف في أمته كتاب اللّه و وصيه علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السّلام و إمام المتقين و حبل اللّه المتين و حبل اللّه المتين و عروته الوثقى التي لا انفصام لها و عهده المؤكد صاحبان مؤتلفان يشهد كل واحد منهما لصاحبه بالتصديق ينطق بالإمام عن اللّه عزّ و جل في الكتاب بما أوجب اللّه فيه على العباد من طاعة اللّه و طاعة الإمام و ولايته، و واجب حقه الذي أراد اللّه من استكمال دينه و إظهار أمره و الإحتجاج بحجته و الإستضاءة بنوره في معادن أهل صفوته و مصطفى أهل خيرته،فأوضح اللّه به الهدى (2)من أهل بيت نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله عن دينه،و أبلج بهم عن منهاج سبيله و وضح (3)بهم عن باطن ينابيع علمه،فمن عرف من أمة محمد صلّى اللّه عليه و آله واجب حق إمامته وجد طعم حلاوة إيمانه

ص: 61


1- عيون أخبار الرضا عليه السّلام:/63/1ح 217.
2- في المصدر:قد ذخر اللّه بأئمة الهدى.
3- في بعض المصادر:و فتح.

و علم فضل طلاوة إسلامه؛لأن اللّه عزّ و جل و رسوله نصب الإمام علما لخلقه و حجة على أهل عالمه ألبسه تاج الوقار و غشّاه[من]نور الجبّار يمد بسبب إلى السماء لا ينقطع موادّه (1)و لا ينال ما عند اللّه إلاّ بجهة أسبابه (2)،و لا يقبل اللّه معرفة العباد إلا بمعرفته،هو عالم بما يرد عليه من ملبسات الوحي و معمّيات (3)السنن و مشتبهات الفتن،و لم يكن اللّه ليضلهم بعد إذ هداهم حتى يبيّن لهم ما يتقون و تكون الحجة من اللّه على العباد بالغة» (4).

و روى هذا الحديث محمد بن يعقوب في(الكافي)بزيادة و نقصان هكذا عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن إسحاق بن غالب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في خطبة له يذكر فيها حال الأئمة عليهم السّلام و صفاتهم:«إن اللّه عزّ و جل أوضح بأئمة الهدى من أهل بيت نبيّنا عن دينه و أبلج بهم عن سبيل منهاجه، و منح بهم-في نسخة:و فتح بهم-عن باطن ينابيع علمه،فمن عرف من أمة محمد صلّى اللّه عليه و آله و أحب حق إمامته وجد طعم حلاوة إيمانه و علم فضل طلاوة إسلامه،لأن اللّه تبارك و تعالى نصب الإمام علما لخلقه و جعله حجة على أهل موادّه و عالمه،ألبسه اللّه تاج الوقار و غشّاه من نور الجبار يمدّ بسبب إلى السماء لا ينقطع عنه موادّه،و لا ينال ما عند اللّه إلاّ بجهة أسبابه،و لا يقبل اللّه أعمال العباد إلاّ بمعرفته،فهو عالم بما يرد عليه من ملتبسات الدجى و معميات السنن و مشتبهات الفتن،فلم يزل اللّه تبارك و تعالى يختارهم لخلقه من ولد الحسين عليه السّلام من عقب كل إمام يصطفيهم لذلك و يجتبيهم و يرضى بهم لخلقه و يرتضيهم،كل ما مضى منهم إمام نصب لخلقه من عقبه إماما علما بيّنا و هاديا7.

ص: 62


1- في بعض المصادر:موارده.
2- في بعض المصادر:بجهد أسباب سبيله.
3- في بعض المصادر:مصيبات.
4- بصائر الدرجات:433 ح 2 باب 17.

نيرا و إماما قيما و حجة عالما،أئمة من اللّه يهدون بالحق و به يعدلون حجج اللّه و دعاته و رعاته على خلقه يدين بهداهم (1)العباد و تستهل بنورهم البلاد و ينمو ببركتهم التلاد، جعلهم اللّه حياة للأنام و مصابيح للظلام و مفاتيح للكلام و دعائم للإسلام جرت بذلك فيهم مقادير اللّه على محتومها.

فالإمام هو المنتجب المرتضى و الهادي المنتجى و القائم المرتجى اصطفاه اللّه بذلك و اصطنعه على عينه في الذر حين ذراه و في البرية حين برأه،ظلا قبل خلق نسمة عن يمين عرشه محبوا بالحكمة في علم الغيب عنده إختاره بعلمه و انتجبه لطهره،بقية من آدم عليه السّلام و خيرة من ذرية نوح و مصطفى من آل إبراهيم،و سلالة من إسماعيل صفوة من عترة محمد صلّى اللّه عليه و آله،لم يزل مرعيا بعين اللّه يحفظه و يكلؤه بستره،مطرودا عنه حبائل إبليس و جنوده مدفوعا عنه وقوب الغواسق (2)و نفوث كل فاسق،مصروفا عنه قوارف السوء مبرءا من العاهات،محجوبا عن الآفات معصوما من الزلات مصونا عن الفواحش كلها،معروفا بالحلم و البرّ في بقاعه (3)منسوبا إلى العفاف و العلم و الفضل عند انتهائه، مسندا إليه أمره والده صامتا عن النطق في حياته،فإذا انقطعت مدة والده إلى أن انتهت به مقادير اللّه إلى مشيئته و جاءت الارادة من اللّه فيه إلى محبته و بلغ منتهى مدة والده عليه السّلام فمضى و صار أمر اللّه إليه من بعده،و قلّده دينه و جعله الحجة على عباده و قيّمه في بلاده و أيّده بروحه و أتاه علمه و أنبأه أفضل (4)بيانه،و استودعه سره و انتد به لعظيم أمره و أنبأه فضل بيان علمه و نصبه علما لخلقه و جعله حجة على أهل عالمه و ضياء لأهل دينه و القيّم على عباده.ل.

ص: 63


1- في بعض المصادر:بهديهم.
2- الغاسق:الليل المظلم،و الوقوب:الدخول.
3- في بعض المصادر:يفاعه:و اليفاع أول السنة.
4- في بعض المصادر:فصل.

رضي اللّه به إماما لهم استودعه سره و استحفظه علمه و استخبأه حكمته و استرعاه لدينه و انتد به لعظيم أمره و أحيا به مناهج سبيله و فرائضه و حدوده،فقام بالعدل عند تحير أهل الجهل و تحيير أهل الجدل،بالنور الساطع و الشفاء النافع بالحق الأبلج و البيان اللائح من كل مخرج على طريق المنهج الذي مضى عليه الصادقون من آبائه عليهم السّلام فليس يجهل حق هذا العالم إلاّ شقي،و لا يجحده إلاّ غوي،و لا يصد عنه إلاّ جري على اللّه جلّ و علا» (1).2.

ص: 64


1- الكافي:205/1-203 ح 2.

في أن الحسين و الأئمة الاثني عشر أركان الإيمان

و لا يقبل اللّه جل جلاله الأعمال من العباد إلاّ بولايتهم

أبو المؤيد موفق بن أحمد من أعيان علماء العامة في كتاب(الفضائل)قال:

حدّثني فخرّ القضاة نجم الدين أبي منصور محمد بن الحسين بن محمد البغدادي فيما كتب إليّ من همدان قال:أنبأنا الإمام الشريف نور الهدى أبو طالب الحسن بن محمد الزينبي قال:أخبرنا إمام الأئمة محمد بن أحمد بن شاذان قال:حدّثنا أحمد ابن محمد بن عبد اللّه الحافظ قال:حدّثنا علي بن سنان الموصلي عن أحمد بن محمد ابن صالح عن سليمان بن محمد عن زياد بن مسلم عن عبد الرّحمن بن زيد عن زيد ابن جابر عن سلامة عن أبي سليمان راعي رسول اللّه قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«ليلة أسري بي إلى السماء قال لي الجليل جل جلاله: آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ فقلت: وَ الْمُؤْمِنُونَ قال:صدقت،قال:من خلفت في أمتك؟

قلت:خيرها،قال:علي بن أبي طالب،قلت:نعم يا رب،قال:يا محمد إني اطلعت إلى الأرض اطلاعة فاخترتك منها فشققت لك اسما من أسمائي فلا أذكر في موضع إلا ذكرت معي،فأنا المحمود و أنت محمد،ثم اطلعت الثانية فاخترت منها عليا و شققت له اسما من أسمائي فأنا الأعلى و هو علي يا محمد إني خلقتك و عليا و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة من ولده من نوري و عرضت ولايتكم على أهل السماوات و الأرض فمن قبلها كان عندي من المؤمنين و من جحدها كان عندي من الكافرين،يا محمد لو أن عبدا من عبيدي عبدني حتى ينقطع أو يصير كالشن البالي ثم أتاني جاحدا لولايتكم ما

ص: 65

غفرت له حتى يقرّ بولايتكم،يا محمد تحب أن تراهم؟

قلت:نعم يا رب فقال:التفت عن يمين العرش فالتفت فإذا بعلي و فاطمة و الحسن و الحسين و علي بن الحسين و محمد بن علي و جعفر بن محمد و موسى بن جعفر و علي بن موسى و محمد بن علي و علي بن محمد و الحسن بن علي و المهدي عليه السّلام في ضحضاح من نور قيام يصلّون و هو في وسطهم-يعني المهدي عليه السّلام-كأنه كوكب درّي و قال:يا محمد هؤلاء الحجج و هو الثائر من عترتك و عزّتي إنّه الحجة الواجبة لأوليائي و المنتقم من أعدائي» (1).

أبو المظفر السمعاني من أعيان علماء العامة في كتاب(مناقب الصحابة) بإسناده عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعرفات و أنا و علي عليه السّلام عنده فأومأ النبي صلّى اللّه عليه و آله إلى علي عليه السّلام فقال:«يا علي ضع خمسك في خمسي- يعني كفك في كفي-يا علي خلقت أنا و أنت من شجرة أنا أصلها و أنت فرعها و الحسن و الحسين أغصانها فمن تعلق بغصن من أغصانها دخل الجنة،يا علي لو أن أمتي صاموا حتى يكونوا كالحنايا و صلّوا حتى كانوا كالأوتار ثم أبغضوك لأكبّهم اللّه على وجوههم [في الدار]» (2).

و روى:هذا الحديث من طريق العامة أيضا إبراهيم بن محمد الحمويني من أعيان علماء العامة في كتاب(فرائد السمطين)قال:أخبرنا العدل ظهير الدين أبو الحسن علي بن محمد بن محمود الكازروني بقراءتي عليه ببغداد بالرباط البسطامي تجاه مسجد القمرية غربي دجلة قلت له:أخبرتك الشيخة الصالحة ضوء الصباح عجيبة بنت أبي بكر محمد بن أبي طالب بن أحمد بن مرزوق الباقداري إجازة فأقرّ به (3).6.

ص: 66


1- رواه عن الموفق بن أحمد ابن طاووس في الطرائف:/172ح 270،و لم نجده في المناقب.
2- تاريخ دمشق:6442/ ط.دار الفكر،و الفردوسي للديلمي:331/5 ح 8345.
3- فرائد السمطين:/51/1ب /4ح 16.

و أخبرني عنها أيضا إجازة الشيخ المحدث عبد الرحيم بن محمد بن أحمد بن فارس بن الزجاج العلقمي بقراءته علينا في جمادى الأولى سنة أربع و أربعين و ستمائة قالت:أنبأنا الشيخ الثقة أبو الحسن يحيى عبد الحق بن عبد الخالق بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف قراءة عليه و أنا استمع قال:أنبأنا أبو بكر عبد اللّه بن محمد بن جحشويه قال:أنبأنا الشيخ الزاهد الولي أبو الحسن علي بن عمر بن محمد الحربي القزويني قال:أنبأنا أبو الفتح يوسف بن عمرو بن مسرور القواس إملاء من لفظة يوم السبت لليلتين خلتا من شهر ربيع الآخر سنة ثلاثة و ثماني و ثلاثمائة قال:حدثني أبو بكر أحمد بن إبراهيم الطوابيقي إملاء من لفظة سنة سبع و عشرين و ثلاثمائة قال:أنبأنا أحمد بن زنجويه بن موسى قال:نبأنا عثمان بن عبد اللّه العثماني قال:نبأنا عبد اللّه بن لهيعة عن أبي الزبير المكي قال:

سمعت جابر بن عبد اللّه الأنصاري يقول:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعرفات و علي عليه السّلام تجاهه فأومأ إليّ و إلى علي عليه السّلام فأتينا فقال:«أدن منّي يا عليّ فدنا علي منه فقال:اطرح خمسك في خمسي-يعني كفّك في كفي-يا علي أنا و أنت من شجرة أنا أصلها و أنت فرعها و الحسن و الحسين أغصانها فمن تعلق بغصن من أغصانها أدخله اللّه تعالى الجنة، يا علي لو أن أمتي صاموا حتى يكونوا كالحنايا و صلوا حتى يكونوا كالأوتار ثم أبغضوك لأكبّهم اللّه تعالى في النار» (1).

قال مؤلّف هذا الكتاب:يكفي في بغض علي و بنيه عليهم السّلام تقديم غيرهم عليهم و موالاة غيرهم كما جاءت به الروايات.

و من طريق العامة ما ذكره ابن شاذان أبو الحسن الفقيه في(المناقب المائة في فضائل أمير المؤمنين علي عليه السّلام و فضائل الأئمة عليهم السّلام)من طرق العامة بحذف الإسناد عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:حدّثني6.

ص: 67


1- فرائد السمطين:/51/1ب /4ح 16.

جبرائيل عن رب العزة جل جلاله أنه قال:من علم (1)أن لا إله إلا أنا وحدي و أن محمدا عبدي و رسولي،و أن علي بن أبي طالب خليفتي،و أن الأئمة من ولده حججي أدخلته الجنة برحمتي و نجّيته من النار بعفوي و أبحت له جواري،و أوجبت له كرامتي و أتممت عليه نعمتي و جعلته من خاصتي و خالصتي،إن ناداني لبيته و إن دعاني أجبته،و إن سألني أعطيته و إن سكت ابتدأته و إن أساء رحمته و إن فرّ منّي دعوته و إن رجع إليّ قبلته،و إن قرع بابي فتحته.

و من لم يشهد أن لا إله إلا أنا وحدي،أو شهد بذلك و لم يشهد أن محمدا عبدي و رسولي،أو شهد بذلك و لم يشهد أن علي بن أبي طالب خليفتي،أو شهد بذلك و لم يشهد أن الأئمة من ولده حججي،فقد جحد نعمتي و صغّر عظمتي و كفر بآياتي و كتبي و رسلي،إن قصدني حجبته،و إن سألني حرمته و إن ناداني لم أسمع نداءه و إن دعاني لم أستجب دعاءه،و إن رجاني خيبته و ذلك جزاؤه منّي و ما أنا بظلاّم للعبيد.

فقام جابر بن عبد اللّه الأنصاري فقال:يا رسول اللّه و من الأئمة من ولد علي بن أبي طالب؟

قال:الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة،ثم سيد العابدين في زمانه علي بن الحسين،ثم الباقر محمد بن علي و ستدركه يا جابر فإذا أدركته فاقرئه منّي السلام،ثم الصادق جعفر بن محمد،ثم الكاظم موسى بن جعفر،ثم الرضا علي بن موسى،ثم التقي محمد بن علي،ثم النقي علي بن محمد،ثم الزكي الحسن بن علي،ثم ابنه القائم بالحق مهدي أمتي الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما،هؤلاء يا جابر خلفائي و أوصيائي و أولادي و عترتي من أطاعهم فقد أطاعني و من عصاهم فقد عصاني و من أنكرهم أو أنكر واحدا منهم فقد أنكرني و بهم يمسك السماء أن تقع علىر.

ص: 68


1- في بعض المصادر:أقر.

الأرض[إلا باذنه]و بهم يحفظ اللّه الأرض أن تميد بأهلها» (1).

ابن يعقوب عن الحسين بن محمد بن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور عن فضالة عن أيوّب عن معاوية بن وهب عن ذريح قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الأئمة عليهم السّلام بعد النبي صلّى اللّه عليه و آله فقال:«كان أمير المؤمنين ثم كان الحسن إماما ثم كان علي بن الحسين إماما،ثم كان علي بن الحسين إماما،ثم كان محمد بن علي إماما،من أنكر ذلك كان كمن أنكر معرفة اللّه تبارك و تعالى و معرفة رسوله صلّى اللّه عليه و آله»-ثم قال-قلت:ثم أنت جعلت فداك؟فأعدتها عليه ثلاث مرات.

فقال لي:«إنما حدّثتك لتكون من شهداء اللّه تبارك و تعالى في أرضه» (2).

ابن بابويه قال:حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر قال:حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن علي بن معبد عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن علي بن موسى عليهما السّلام عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أنا سيّد من خلق اللّه عزّ و جل و أنا خير من جبرائيل و ميكائيل و إسرافيل و حملة العرش و جميع ملائكة اللّه المقربين و أنبياء اللّه المرسلين،و أنا صاحب الشفاعة و الحوض الشريف،و أنا و علي أبوا هذه الأمة من عرفنا فقد عرف اللّه و من أنكرنا فقد أنكر للّه عزّ و جل،و من علي سبطا أمتي و سيدا شباب أهل الجنة:الحسن،الحسين،و من ولد الحسين تسعة طاعتهم طاعتي و معصيتهم معصيتي تاسعهم قائمهم و مهديهم» (3).

ابن بابويه قال:حدّثنا محمد بن موسى بن المتوكل قدّس سرّه قال:حدّثني محمد بن أبي عبد اللّه قال:حدّثنا موسى بن عمران النخعي عن عمّه الحسين بن يزيد عن الحسن بن علي أبي حمزة الثمالي عن أبيه عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن7.

ص: 69


1- مائة منقبة:167-169 المنقبة 92 و انظر الهامش.
2- بعض المصادر السابق:ح 5.
3- كمال الدين و تمام النعمة:/261ح 7.

آبائه عليهم السّلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:حدّثني جبرائيل عن رب العزّة جل جلاله أنّه قال:من علم أن لا إله إلاّ اللّه وحدي و أن محمدا عبدي و رسولي و أن علي بن أبي طالب خليفتي، و أن الأئمة من ولده حججي أدخلته الجنة برحمتي و أنجيته من النار بعفوي و أبحت له جواري و أوجبت له كرامتي و أتممت عليه نعمتي و جعلته من خاصّتي و خالصتي إن ناداني لبيته،و إن سألني أعطيته،و إن سكت ابتدأته،و إن أساء رحمته،و إن فرّ منّي دعوته، و إن رجع إليّ قبلته،و إن قرع بابي فتحته.

و من لم يشهد أن لا إله إلاّ أنا وحدي أو شهد و لم يشهد أن محمدا عبدي و رسولي أو شهد بذلك و لم يشهد أن علي بن أبي طالب خليفتي،أو شهد بذلك و لم يشهد أن الأئمة من ولده حججي فقد جحد نعمتي و صغّر عظمتي و كفر بآياتي و كتبي إن قصدني حجبته،و إن سألني حرمته،و إن ناداني لم أسمع نداءه،و إن لم أسمع دعاءه،و إن رجاني خيبته و ذلك جزاؤه منّي و ما أنا بظلاّم للعبيد فقام جابر بن عبد اللّه الأنصاري فقال:يا رسول اللّه و من الأئمة من ولد علي بن أبي طالب؟

قال:الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة ثم سيد العابدين في زمانه علي بن الحسين،ثم الباقر محمد بن علي و ستدركه يا جابر فإذا ادركته فاقرئه منّي السلام،ثم الصادق جعفر بن محمد،ثم الكاظم موسى بن جعفر،ثم الرضا علي بن موسى،ثم التقي محمد بن علي،ثم النقي علي بن محمد،ثم الزكي الحسن بن علي،ثم ابنه القائم بالحق مهدي أمتي الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما،هؤلاء يا جابر خلفائي و أوصيائي و أولادي و عترتي من أطاعهم فقد أطاعني و من عصاهم فقد عصاني و من أنكرهم أو أنكر واحدا مهم فقد أنكرني بهم يمسك اللّه عزّ و جلّ السماء أن تقع على الأرض إلاّ بإذنه و بهم يحفظ الأرض أن تميد بأهلها» (1).

ابن بابويه قال:حدّثني علي بن الحسن قال:حدّثني هارون بن موسى قال:3.

ص: 70


1- كمال الدين و تمام النعمة:/258ح 3.

حدّثني أبو عبد اللّه الحسين بن أحمد بن شيبان القزويني قال:حدّثنا أبو عمر أحمد ابن علي الفندي قال:حدّثنا علي بن سعد بن مسروق حدّثنا عبد الكريم بن هلال المكي عن أبي الطفيل عن أبي ذر قدّس سرّه قال:سمعت فاطمة عليها السّلام تقول:«سألت أبي صلّى اللّه عليه و آله عن قول للّه تبارك و تعالى: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ قال:هم الأئمة بعدي عليّ و سبطاي و تسعة من صلب الحسين عليهم السّلام فهم رجال الأعراف لا يدخل الجنة إلاّ من يعرفهم و يعرفونه و لا يدخل النار إلاّ من أنكرهم و ينكرونه و لا يعرف اللّه تعالى إلاّ بسبيل معرفتهم» (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق قدّس سرّه قال أخبرنا محمد بن محمد الهمداني قال:حدّثني محمد بن هشام قال:حدّثنا علي بن الحسن السائح قال:سمعت الحسن بن علي عليه السّلام-أي العسكري عليه السّلام قال-«حدّثني أبي عن أبيه عن جده عليهم السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعلي بن أبي طالب لا يحبك إلاّ مؤمن طابت ولادته و لا يبغضك إلاّ من خبثت ولادته و لا يواليك إلاّ مؤمن و لا يعاديك إلاّ كافر فقام إليه عبد اللّه بن مسعود فقال:يا رسول اللّه قد عرفنا علامة خبيث الولادة و الكافر في حياتك ببغض علي و عداوته فما علامة خبيث الولادة و الكافر بعد إذا أظهر الإسلام بلسانه و أخفى مكنون سريرته؟

فقال عليه السّلام:يابن مسعود علي بن أبي طالب إمامكم بعدي و خليفتي عليكم فإذا مضى فابني الحسن إمامكم بعده و خليفتي عليكم،فإذا مضى فابني الحسين إمامكم بعده و خليفتي عليكم ثم تسعة من ولد الحسين واحدا بعد واحد أئمتكم و خلفائي عليكم تاسعهم قائمهم قائم أمتي يملأها قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما لا يحبهم إلاّ من طابت ولادته و لا يبغضهم إلاّ من خبثت ولادته و لا يواليهم إلا مؤمن و لا يعاديهم إلاّ كافر،و من أنكر واحدا منهم فقد أنكرني،و من أنكرني فقد أنكر اللّه،و من جحد واحدا5.

ص: 71


1- كفاية الأثر:195.

منهم فقد جحدني و من جحدني فقد جحد اللّه عزّ و جل؛لأن طاعتهم طاعتي و طاعتي طاعة اللّه و معصيتهم معصيتي و معصيتي معصية اللّه عزّ و جل يابن مسعود إياك أن تجد في نفسك حرجا مما قضيت فتكفر بعزة ربي و ما أنا متكلف و لا ناطق عن الهوى في علي و الأئمة من ولده ثم قال عليه السّلام-و هو رافع يديه إلى السماء-اللهمّ وال من والى خلفائي و الأئمة بعدي و عاد من عاداهم و انصر من نصرهم و اخذل من خذلهم،و لا تخلو الأرض من قائم منهم بحجتك ظاهرا أو خافيا مغمورا لئلا يبطل دينك و حجتك و برهانك ثم قال عليه السّلام:يابن مسعود و قد جمعت لكم في مقامي هذا ما إن فارقتموه هلكتم و إن تمسّكتم به نجوتم،و السلام على من اتبع الهدى» (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا محمد بن عبد اللّه الشيباني و القاضي أبو الفرج المعافي بن زكريا البغدادي و الحسين بن محمد بن سعيد و الحسين بن علي بن الحسن الرازي جميعا قالوا:حدّثنا أبو علي محمد بن همام بن سهيل الكاتب قال:حدّثني الحسن بن محمد بن جمهور العمي عن أبيه محمد بن جمهور قال:حدّثني عثمان بن عمر قال:

حدّثنا شعبة بن سعيد (2)بن إبراهيم عن عبد الرّحمن الأعرج أن أبي هريرة قال:كنت عند النبي صلّى اللّه عليه و آله و أبو بكر و عمر و الفضل بن العباس و زيد بن حارثة و عبد اللّه بن مسعود إذ دخل الحسين بن علي عليه السّلام فأخذه النبي و قبله ثم قال:«حبقه حبقه ترق عين بقه و وضع فمه على فمه-ثم قال-:اللهم إني أحبه فأحبه و أحب من يحبه،يا حسين أنت الإمام ابن الإمام أبو الأئمة،تسعة من ولدك أئمة أبرار،فقال له عبد اللّه بن مسعود:ما هؤلاء الأئمة الذين ذكرتهم في صلب الحسين؟فأطرق مليّا ثم رفع رأسه فقال:يا عبد اللّه سألت عظيما و لكني أخبرك أن ابني هذا-و وضع يده على كتف الحسين عليه السّلام-د.

ص: 72


1- كمال الدين و تمام النعمة:/261ح 8.
2- في بعض المصادر المعتمد:شعبة عن سعيد و بالهامش عن بعض نسخ بعض المصادر شعبة بن سعيد.

يخرج من صلبه ولد مبارك سميّ جده علي سيد العابدين و نور الزهّاد،و يخرج اللّه من صلب علي ولدا سمّي و اشبه الناس بي يبقر العلم بقرا و ينطق بالحق و يأمر بالصواب، و يخرج اللّه من صلبه كلمة الحق و لسان الصدق.

فقال له ابن مسعود:فما اسمه يا نبي اللّه؟

فقال له:جعفر صادق في قوله و فعله،الطّاعن عليه كالطاعن عليّ و الراد عليه كالراد عليّ،ثم دخل حسان بن ثابت و أنشد في رسول اللّه شعرا و انقطع الحديث،فلما كان من الغد صلّى بنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثم دخل بيت عائشة و دخلنا معه أنا و علي بن أبي طالب و عبد اللّه بن العبّاس و كان من دأبه إذا سئل أجاب و إذا لم يسأل ابتدأ فقلت له:بأبي أنت و أمي يا رسول اللّه ألا تخبرني بباقي الخلفاء من صلب الحسين قال:نعم يا أبا هريرة، و يخرج اللّه من صلب جعفر مولودا تقيا طاهرا أسمر ربعة سميّي موسى بن عمران،ثم قال له ابن عباس:ثم من يا رسول اللّه؟

قال:يخرج من صلب موسى علي ابنه يدعى بالرضا موضع العلم و معدن الحلم،ثم قال صلّى اللّه عليه و آله بابني المقتول في أرض الغربة،و يخرج من صلب علي ابنه محمد المحمود أطهر الناس خلقا و أحسنهم خلقا،و يخرج من صلب محمد علي ابنه طاهر النجيب (1)صادق اللهجة،و يخرج من صلب علي الحسن الميمون النقي الطاهر الناطق عن اللّه و أبو حجة اللّه،و يخرج من صلب الحسن قائمنا أهل البيت يملأها قسطا و عدلا كما ملئت جورا ظلما،له غيبة موسى و حكم داود و بهاء عيسى ثم تلا عليه السّلام ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (2)فقال له علي بن أبي طالب:بأبي أنت و أمي يا رسول اللّه من هؤلاء الذين ذكرتهم؟

قال:يا علي أسماء الأوصياء من بعدك و العترة الطاهرة و الذرية المباركة ثم قال:4.

ص: 73


1- في المصدر:الحبيب.
2- آل عمران:34.

و الذي نفس محمد بيده لو أن رجلا عبد اللّه ألف عام ثم ألف عام بين الركن و المقام ثم أتاني جاحدا لولايتهم لأكبّه اللّه في النار كائنا من كان».

قال أبو علي بن همام:العجب كل العجب من أبي هريرة كيف يروي مثل هذه الأخبار ثم ينكر فضائل أهل البيت (1).

محمد بن إبراهيم النعماني في كتاب الغيبة عن أبي الحارث عبد اللّه بن عبد الملك ابن سهل الطبراني قال:حدّثنا محمد بن المثنى البغدادي قال:حدّثنا محمد بن إسماعيل الرقي قال:حدّثنا موسى بن عيسى بن عبد الرّحمن قال:حدّثنا هشام بن عبد اللّه الدستوائي قال:حدثني علي بن محمد عن عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد الجعفي عن محمد بن علي الباقر عليه السّلام عن سالم بن عبد اللّه بن عمر عن أبيه عبد اللّه بن عمر قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إن اللّه إليّ ليلة أسرى بي:يا محمد من خلفت في الأرض على أمتك-و هو أعلم بذلك،قلت:يا رب أخي،قال:يا محمد علي بن أبي طالب،قلت:نعم يا رب،قال:يا محمد إني اطلعت إلى الأرض اطلاعة فاخترك منها فلا أذكر حتى تذكر معي أنا المحمود و أنت محمد،ثم إني اطلعت إلى الأرض اطلاعة أخرى فاخترت منها علي بن أبي طالب،فجعلته وصيّك فأنت سيد الأنبياء و علي سيد الأوصياء،ثم شققت له اسما من اسمائي فأنا الأعلى و هو علي،يا محمد إني خلقت عليا و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة من نور واحد ثم عرضت ولايتهم على الملائكة فمن قبلها كان من المقربين و من جحدها كان من الكافرين،يا محمد لو أن عبدا من عبادي عبدني حتى ينقطع ثم يلقاني (2)جاحدا لولايتهم أدخلته النار،ثم قال:يا محمد أتحب أن تراهم؟

قلت:نعم،فقال:تقدم أمامك،فتقدمت أمامي فإذا بعلي بن أبي طالب و الحسن بني.

ص: 74


1- كفاية الأثر:85.
2- في بعض المصادر:لقيني.

علي و الحسين بن علي و علي بن الحسين و محمد بن علي و جعفر بن محمد و موسى بن جعفر و علي بن موسى و محمد بن علي و علي بن محمد و الحسن بن علي و الحجة القائم كأنه الكوكب الدرّي في وسطهم،فقلت و من هؤلاء؟

قال:هؤلاء الأئمة و هذا القائم يحل (1)حلالي و يحرّم حرامي و ينتقم من أعدائي،يا محمد أحبّه فإني أحبه و أحب من يحبّه».

الشيخ المفيد في أماليه قال:حدّثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين-يعني ابن بابويه-قال:حدثني أبي قال:حدّثنا سعد بن عبد اللّه عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن سنان عن الفضل بن عمر الجعفي عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عليه السّلام عن أبيه عن جده قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعلي بن أبي طالب:أنا و أنت و أبناؤك الحسن و الحسين و تسعة من ولد الحسين أركان الدين و دعائم الإسلام من تبعنا نجا و من تخلّف عنّا فإلى النار» (2).4.

ص: 75


1- في بعض المصادر:محلل.
2- أمالي المفيد:/217مجلس /25ح 4.

بالحسين و الأئمة عليهم السلام يرحم اللّه العباد

ابن بابويه قال:حدّثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضى اللّه عنه قال:حدّثنا محمد بن أبي عبد اللّه الكوفي،عن موسى بن عمران النخعي،عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن سالم،عن أبيه،عن أبي حمزة الثمالي،عن سعد الخفاف عن الأصبغ بن نباتة،عن عبد اللّه بن عباس قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«لمّا عرج بي إلى السماء السابعة، و منها إلى سدرة المنتهى،و من السدرة إلى حجب النور ناداني ربي جل جلاله:يا محمد أنت عبدي و أنا ربك فلي فاخضع،و إياي فاعبد،و عليّ فتوكل،و بي فثق،فإني قد رضيت بك عبدا و حبيبا،و رسولا،و نبيا،و بأخيك (1)خليفة و بابا،فهو حجتي على عبادي،و إمام خلقي،و به يعرف أوليائي من أعدائي،و به يميز حزب الشيطان من حزبي،و به يقام ديني،و تحفظ حدودي،و تنفذ أحكامي،و بك و به و بالأئمة من ولده أرحم عبادي و إمائي،القائم منكم يعمر أرضي بتسبيحي،و تهليلي (2)،و تكبيري و تحميدي،و به أطهر الأرض من أعدائي،و أورثها أوليائي،و به أجعل كلمة الذين كفروا السفلى و كلمتي العليا و به أحيي عبادي و بلادي بعلمي،و به أظهر الكنوز و الذخائر بمشيتي،و إياه أظهر على الأسرار و الضمائر بارادتي،و أيده بملائكتي (3)لتؤيده على إنفاذ أمري و إعلان ديني، ذلك وليي حقا،و مهدي عبادي صدقا» (4).

ص: 76


1- في بعض المصادر:و بأخيك علي.
2- في بعض المصادر:و تهليلي و تقديسي.
3- في المصدر:و أمده بملائكتي.
4- أمالي الصدوق ص 565.

الحسين عليه السلام أحد أركان سفينة نوح

إبراهيم بن محمد الحمويني قال:أخبرني الجلّة من أهل الحلّة السيدان الامامان جمال الدين أحمد بن موسى بن طاوس الحسيني،و جلال الدين عبد الحميد بن فخار بن معد بن فخار الموسوي،و الإمام العلامة نجم الدين أبو القاسم جعفر بن محمد بن سعيد (1)-رحمهم اللّه-بروايتهم،عن السيد الإمام شمس الملة و الدين شيخ الشرف فخار بن معد بروايته،عن شاذان بن جبرائيل القمي،عن جعفر بن محمد الدورستي،عن أبيه،عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي-قدس اللّه أرواحهم-قال:حدّثنا علي بن أحمد بن عبد اللّه بن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي،عن أبيه،عن جده أحمد بن عبد اللّه،عن أبيه محمد بن خالد،عن غياث (2)بن إبراهيم،عن ثابت بن دينار،عن سعد بن طريف،عن سعيد بن جبير،عن ابن عباس قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعلي بن أبي طالب:«يا علي أنا مدينة الحكمة و أنت بابها و لن تؤتى المدينة إلا من قبل الباب،و كذب من زعم أنه يحبني و يبغضك لأنك مني و أنا منك،لحمك من لحمي،و دمك من دمي،و روحك من روحي،و سريرتك من سريرتي،و علانيتك من علانيتي،و أنت إمام أمتي و خليفتي عليها بعدي.

سعد من أطاعك و شقي من عصاك،و ربح من تولاك و خسر من عاداك،و فاز من لزمك،و هلك من فارقك،مثلك و مثل الأئمة من ولدك بعدي مثل سفينة نوح،من ركب

ص: 77


1- في بعض المصادر:جعفر بن الحسن بن الحسين بن يحيى بن سعيد.
2- في بعض المصادر:عتاب.

فيها نجا و من تخلّف عنها غرق،و مثلكم مثل النجوم كلما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة» (1).7.

ص: 78


1- أمالي الطوسي:130/2-131.و فرائد السمطين 2:/243ح 517.

خدمة الملائكة للحسين عليه السلام و ذريته

ابن بابويه:قال:حدّثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي قال:حدّثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي قال:حدّثنا محمد بن علي بن أحمد الهمداني قال:حدثني أبو الفضل العباس بن عبد اللّه البخاري قال:حدّثنا محمد بن القاسم بن إبراهيم بن عبد اللّه بن القاسم بن محمد بن أبي بكر قال:حدّثنا عبد السلام بن صالح الهروي، عن علي بن موسى الرضا عليه السّلام عن أبيه موسى بن جعفر،عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي،عن أبيه علي بن الحسين،عن أبيه الحسين بن علي،عن أبيه علي بن أبي طالب عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«ما خلق اللّه خلقا أفضل مني و لا أكرم مني عليه».

قال علي عليه السّلام:فقلت:«يا رسول اللّه فأنت أفضل أم جبرائيل»؟

قال عليه السّلام:«يا علي إن اللّه تبارك و تعالى فضّل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقربين، و فضلني على جميع النبيين و المرسلين،و الفضل بعدي لك.

يا علي و للأئمة من بعدك فإن الملائكة لخدامنا و خدّام محبينا،يا علي اَلَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا (1)بولايتنا.

يا علي لو لا نحن ما خلق اللّه آدم و لا حواء،و لا الجنة و لا النار،و لا الأرض،و كيف لا نكون أفضل من الملائكة و قد سبقناهم إلى التوحيد و معرفة ربنا عز و جل و تسبيحه و تقديسه و تهليله لأن اوّل ما خلق اللّه عز و جل أرواحنا فأنطقنا بتوحيده و تمجيده،ثم

ص: 79


1- غافر:7.

خلق الملائكة فلمّا شاهدوا أرواحنا نورا واحدا استعظموا أمرنا فسبّحنا لتعلم الملائكة أنا خلق مخلوقون و أنه منزه عن صفاتنا،فسبّحت الملائكة لتسبيحنا و نزّهته عن صفاتنا،فلما شاهدوا عظم شأننا هللنا لتعلم الملائكة أن لا إله إلا اللّه (1)فلما شاهدوا كبر محلّنا كبّرنا (2)لتعلم الملائكة أن اللّه أكبر من أن ينال،و إنه عظيم المحل،فلمّا شاهدوا ما جعل اللّه لنا من القدرة و القوة (3).

قلنا:لا حول و لا قوة إلا باللّه العلي العظيم،لتعلم الملائكة ان لا حول و لا قوة إلا باللّه (4)،فلما شاهدوا ما أنعم اللّه به علينا و أوجبه لنا من فرض الطاعة قلنا:الحمد للّه لتعلم الملائكة ما يحق للّه تعالى ذكره علينا من الحمد على نعمه.

فقالت الملائكة:الحمد للّه،فبنا اهتدوا إلى معرفة اللّه تعالى و تسبيحه و تهليله و تحميده و تمجيده.

ثم إن اللّه تعالى خلق آدم عليه السّلام و أودعنا صلبه و أمر الملائكة بالسجود له تعظيما لنا و إكراما و كان سجودهم للّه عز و جل عبودية و لآدم إكراما و طاعة لكوننا في صلبه فكيف لا نكون أفضل من الملائكة و قد سجدوا لآدم كلهم أجمعون.

و إنه لما عرج بي إلى السماء:أذّن جبرائيل مثنى مثنى (5)ثم قال:تقدّم يا محمد، فقلت:يا جبرائيل أتقدم عليك؟

قال:نعم لأن اللّه تبارك و تعالى اسمه فضّل أنبياءه على ملائكته أجمعين و فضّلك خاصة،فتقدمت و صليت بهم و لا فخر،فلمّا انتهيت إلى حجب النور قال ليى.

ص: 80


1- في بعض المصادر:و انا عبيد و لسنا بآلهة يجب أن نعبد معه أو دونه فقالوا لا إله إلاّ اللّه.فلما شاهدوا.
2- في بعض المصادر:كبرنا اللّه.
3- في بعض المصادر:من العزة و القوة.
4- في بعض المصادر:فقالت الملائكة:لا حول و لا قوة إلا باللّه،فلما شاهدوا.
5- في بعض المصادر:و أقام مثنى مثنى.

جبرائيل عليه السّلام:تقدّم يا محمد (1)إن هذا انتهاء حدي الذي وضعه اللّه لي في هذا المكان، فإن تجاوزته احترقت اجنحتي لتعدي حدود ربي جل جلاله،فزج (2)بي زجة في النور حتى انتهيت إلى حيث ما شاء اللّه عز و جل من ملكوته،فنوديت يا محمد أنت عبدي (3)و أنا ربك فإياي فاعبد،و علي فتوكل فإنك نوري في عبادي،و رسولي إلى خلقي، و حجتي في بريتي،لمن تبعك خلقت جنتي،و لمن خالفك خلقت ناري،و لأوصيائك أوجبت كرامتي،و لشيعتك أوجبت ثوابي.

فقلت:يا رب و من أوصيائي؟

فنوديت:يا محمد أوصياؤك المكتوبون على ساق العرش،فنظرت-و أنا بين يدي ربي-إلى ساق العرش فرأيت اثني عشر نورا،في كل نور سطر أخضر مكتوب عليه إسم كل وصي من أوصيائي،أوّلهم علي بن أبي طالب و آخرهم مهدي أمتي.

فقلت:يا رب أهؤلاء أوصيائي من بعدي؟

فنوديت:يا محمد هؤلاء أحبائي و أوليائي و أصفيائي و حججي بعدك على بريتي، و هم أوصياؤك و خلفاؤك،و خير خلقي بعدك.و عزتي و جلالي لأظهرنّ بهم ديني، و لأعلين بهم كلمتي،و لأطهّرنّ الأرض بآخرهم من أعدائي،و لأملكنه (4)مشارق الأرض و مغاربها،و لأسخرن له الرياح،و لأذلن له الرقاب الصاب،و لأرقينه في الأسباب، و لأنصرنه بجندي،و لأمدنه بملائكتي حتى يعلن دعوتي و يجمع الخلق على توحيدي،ه.

ص: 81


1- في بعض المصادر:و تخلف عني،فقلت:يا جبرائيل في مثل هذا الموضع تفارقني؟ فقال:يا محمد ان هذا.
2- في بعض المصادر:زخ.
3- في بعض المصادر:فنوديت يا محمد،فقلت:لبيك ربي و سعديك تباركت و تعاليت،فنوديت يا محمد أنت عبدي.
4- في المخطوط:و لأمكنه.

ثم لأديمن ملكه و لأداولن الأيام بين أوليائي إلى يوم القيامة» (1).

و عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام في حديث طويل جاء فيه:«و إن الملائكة تنزل علينا في رحالنا،و تأتينا بأخبار ما يحدث قبل أن يكون،و تصلي معنا و تدعو لنا،و تلقي علينا أجنحتها،و تتقلب على أجنحتها صبياننا،و تمنع الدواب أن تصل إلينا،و تأتينا مما في الأرض من كل نبات في زمانه،و تسقينا من ماء كل أرض،نجد ذلك في آنيتنا،و ما من يوم و لا ساعة و لا وقت صلاة إلاّ و هي تنبهنا لها» (2).4.

ص: 82


1- كمال الدين:254/1-256.
2- بحار الأنوار:374/25 باب غرائب افعالهم من كتاب الإمامة ح 24.

تفويض اللّه الى الحسين و الأئمة أمر الدين

محمّد بن يعقوب عن محمّد بن يحيى عن أحمد بن أبي زاهر عن عليّ بن إسماعيل عن صفوان بن يحيى عن عاصم بن حميد عن أبي إسحاق النحّوي قال:

دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فسمعته يقول:«انّ اللّه عزّ و جلّ أدّب نبيّه على محبّته فقال:

وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (1) ثمّ فوّض إليه فقال عزّ و جلّ: وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا (2)و قال عزّ و جلّ: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللّهَ (3)قال:ثمّ قال:و إن نبي اللّه فوّض إلى عليّ و ائتمنه فسّلمتم و جحد الناس فو اللّه لنحبّكم أن تقولوا إذا قلنا و أن تصمتوا إذا صمتنا و نحن فيما بينكم و بين اللّه عزّ و جلّ ما جعل اللّه لاحد خير في خلاف أمرنا». (4)

محمّد بن يعقوب عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن يحيى بن أبي عمران عن يونس عن بكّار بن بكر عن موسى بن أشيم قال:كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام فسأله رجل عن آية من كتاب اللّه عزّ و جلّ فأخبره بها ثمّ دخل عليه داخل فسأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبر الأوّل فدخلني من ذلك ما شاء اللّه حتّى كاد قلبي يشرح بالسكاكين فقلت في نفسي تركت أبا قتادة بالشّام لا يخطىء بالواو و شبهه و جئت

ص: 83


1- القلم:4.
2- الحشر:7.
3- النساء:80.
4- الكافي:/265/1باب التفويض إلى رسول اللّه.../ح 1.

إلى هذا يخطئ هذا الخطأ كلّه فبينا أنا كذلك إذ دخل عليه آخر فسأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبرني و أخبر صاحبي فسكنت نفسي فقلت:إنّ ذلك منه تقيّة قال ثمّ التفت و قال لي:«يا ابن أشيم انّ اللّه عزّ و جلّ فوّض إلى سليمان بن داود عليه السّلام فقال:

هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ (1) و فوّض إلى نبيّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا (2)فما فوّض إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقد فوّضه إلينا» (3).

محمّد بن يعقوب عن عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن الحجّال عن ثعلبة ابن ميمون عن زرارة قال:سمعت أبا جعفر و أبا عبد اللّه عليهما السّلام يقولان:«أنّ اللّه عزّ و جلّ فوّض إلى نبيه عليه السّلام أمر خلقه لينظر كيف طاعتهم ثمّ تلا هذه الآية ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ». (4)

محمّد بن يعقوب عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن فضيل بن يسار قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول لبعض أصحابه قيس الماصر:«إنّ اللّه عزّ و جلّ أدّب نبيّه فأحسن أدبه فلمّا كمل الأدب قال: إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ثمّ فوّض إليه أمر الدين و الأمّة ليسوس عباده فقال عزّ و جلّ: ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا و أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان مسدّدا موفقا و مؤيّدا بروح القدس لا يزلّ و لا يخطئ في شيء ما يسوس به الخلق فتأدّب بآداب اللّه ثمّ أنّ اللّه عزّ و جلّ فرض الصلاة ركعتين ركعتين عشر ركعات فأضاف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى الركعتين ركعتين و إلى المغرب ركعة فصارت عديل الفريضة لا يجوز تركهنّ إلاّ في سفر و أفرد3.

ص: 84


1- ص:39.
2- الحشر:7.
3- الكافي:/265/1باب التفويض إلى رسول اللّه.../ح 2.
4- بعض المصادر السابق:ح 3.

الركعة في المغرب فتركها قائمة في السّفر و الحضر فأجاز اللّه له ذلك كلّه فصارت الفريضة سبع عشرة ركعة،ثمّ سنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله النوّافل أربعا و ثلاثين ركعة مثلي الفريضة فأجاز اللّه عزّ و جلّ له ذلك،و النّافلة و الفريضة إحدى و خمسون ركعة منها ركعتان بعد العتمة جالسا تعد بركعة مكان الوتر،و فرض اللّه عزّ و جلّ في السّنة صوم شهر رمضان و سن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صوم شهر شعبان و ثلاثة أيام من كلّ شهر مثلي الفريضة فأجاز اللّه عزّ و جلّ ذلك له،و حرّم اللّه عزّ و جلّ الخمر بعينها و حرّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله المسكر من كلّ شراب فأجاز اللّه له ذلك،و عاف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أشياء و كرهها و لم ينه عنها نهي حرام و انما نهى عنها نهي اعافة و كراهة،ثمّ رخص فيها فصار الأخذ برخصه واجبا على العباد كوجوب ما يأخذون بنهيه و عزائمه و لم يرخّص لهم رسول اللّه فيما نفاهم عنهم نهي حرام و لا فيما أمر به أمر فرض لازم،فكثير المسكر من الأشربة نهاهم عنه نهي حرام لم يرخص فيه لاحد و لم يرخص رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأحد تقصير الركعتين اللّتين ضمّها إلى ما فرض اللّه عزّ و جلّ بل ألزمهم ذلك إلزاما واجبا لم يرخص لأحد في شيء من ذلك الاّ للمسافر و ليس لأحد أن يرخصّ ما لم يرخّصه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فوافق أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أمر اللّه عزّ و جلّ و نهيه نهي اللّه عزّ و جلّ و وجب على العباد التسليم له كالتسليم للّه تبارك و تعالى» (1).

محمّد بن يعقوب عن أبي عليّ الاشعري عن محمّد بن عبد الجبار عن ابن فضّال عن ثعلبة بن ميمون عن زرارة أنّه سمع أبا عبد اللّه و أبا جعفر عليهما السّلام يقولان:«انّ اللّه تبارك و تعالى فوض إلى نبيه أمر خلقه لينظر كيف طاعتهم ثمّ تلا هذه الآية: ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا » (2).

محمّد بن يعقوب عن محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد عن محمّد بن سنان عن5.

ص: 85


1- الكافي:/266/1باب التفويض إلى رسول اللّه.../ح 4.
2- بعض المصادر السابق:ح 5.

إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«انّ اللّه تبارك و تعالى ادّب نبيّه صلّى اللّه عليه و آله فلمّا انتهى إلى ما أراده قال له: إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ففوّض اللّه إليه دينه فقال: ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا و أنّ اللّه عزّ و جلّ فرض الفرائض و لم يقسم للجدّ شيئا و أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أطعمه السّدس فأجاز اللّه جل ذكره له ذلك و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ: هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ » (1).

محمّد بن يعقوب عن محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسين عن يعقوب بن يزيد عن الحسن بن زياد عن محمّد بن الحسن الميثمي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سمعته يقول:«انّ اللّه عزّ و جلّ أدّب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتّى قوّمه على ما أراد ثمّ فوض إليه عزّ و جل: ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا فما فوّض اللّه إلى رسوله فقد فوّضه إلينا» (2).

محمّد بن يعقوب عن عليّ بن محمّد عن عدّة من أصحابنا (3)عن الحسين بن عبد الرحمن عن مندل (4)الحنّاط عن زيد الشحّام قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالى: هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ قال:«أعطى سليمان ملكا عظيما ثمّ جرت هذه الآية في رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فكان له أن يعطي ما يشاء و يمنع من يشاء و أعطاه أفضل مما اعطى سليمان لقوله تعالى: ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ». (5)

محمّد بن الحسن الصّفار في بصائر الدّرجات عن يعقوب بن يزيد عن محمّد بن0.

ص: 86


1- بعض المصادر السابق:ح 6.
2- بعض المصادر السابق:ح 9.
3- في بعض المصادر:بعض أصحابنا.
4- في بعض المصادر:صندل.
5- الكافي:/268/1باب التفويض إلى رسول اللّه.../ح 10.

أبي عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي أسامة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«خلق اللّه محمّدا فأدّبه حتّى بلغ أربعين سنة أوحى اللّه إليه[و فوّض إليه]الأشياء فقال: ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا » (1).

محمّد بن الحسن الصّفار أيضا عن محمّد بن عبد الجبّار عن الحسن بن عليّ بن فضّال عن ثعلبة عن زرارة أنّه سمع أبا عبد اللّه و أبا جعفر عليهما السّلام يقولان:«انّ اللّه فوّض إلى نبيّه صلّى اللّه عليه و آله أمر خلقه لينظر كيف طاعتهم ثم تلا هذه الآية: ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا » (2).

محمّد بن الحسن الصّفّار أيضا عن محمّد بن عبد الجبّار عن البرقي عن فضالة عن ربعي عن القاسم بن محمّد قال:أنّ اللّه تبارك و تعالى أدّب نبيّه صلّى اللّه عليه و آله فأحسن أدبه فقال: خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ ،فلمّا كان ذلك أنزل اللّه إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ و فوّض إليه أمر دينه فقال: ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا فحرّم اللّه الخمر بعينها و حرّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله المسكر فأجاز اللّه ذلك له و لم يفوض إلى أحد من الأنبياء (3).

ابن بابويه قال:حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه رحمه اللّه قال:حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن ياسر الخادم قال:قلت للرّضا عليه السّلام ما تقول في التفويض فقال:«إنّ اللّه تعالى فوّض إلى نبيه صلّى اللّه عليه و آله فقال: ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا فأمّا الخلق و الرزق فلا»ثمّ قال عليه السّلام:«إنّ اللّه تعالى خالق كل شيء و يقول اللّه تعالى:

اَلَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ3.

ص: 87


1- بصائر الدرجات:/398باب التفويض إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله/ح 1.و فيه عن أبي جعفر عليه السّلام
2- بعض المصادر السابق:ح 2.
3- بعض المصادر السابق:ح 3.

شَيْءٍ سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ » (1).

محمّد بن العبّاس بن ماهياد الثقة قال:حدّثنا الحسن بن أحمد المالكي عن محمّد ابن عيسى عن محمّد بن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال«قوله عزّ و جلّ: ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا و اتقوا اللّه عن ظلم آل محمّد فإنّ اللّه شديد العقاب لمن ظلمهم» (2).

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عندما سئل عن الإمام فوّض اللّه إليه كما فوضى الى سليمان عليه السّلام؟

فقال:«نعم» (3).

و في حديث:«كان سليمان عنده اسم اللّه الأكبر الذي إذا سأله أعطى،و إذا دعا به اجاب،و لو كان اليوم لاحتاج إلينا» (4).

و قد أعطى اللّه سليمان بقوله تعالى: وَ لِسُلَيْمانَ الرِّيحَ... وَ مِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ و قال: وَ مِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَ يَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذلِكَ و قال عز من قائل: وَ قالَ يا أَيُّهَا النّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَ أُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ (5).

و عنه عليه السّلام قال:«إن اللّه فوّض الى سليمان بن داود فقال هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ و فوض الى نبيه صلّى اللّه عليه و آله فقال ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا فما فوّض الى رسول اللّه فقد فوضه إلينا» (6).م.

ص: 88


1- عيون أخبار الرضا عليه السّلام:219/1،و الآية في سورة الروم:40.
2- كتاب سليم بن قيس:468.
3- -أصول الكافي:438/1 في معرفتهم أوليائهم ح 3،و بحار الأنوار:329/25.
4- -بصائر الدرجات:211 في أنهم أعطوا الإسم الأعظم.
5- -سبأ:12،و الأنبياء:81-82،و النمل:16.
6- -بصائر الدرجات:385 فإن ان ما فوّض للرسول فرض إليهم.

عظمة الحسين عليه السلام و حرمته

روى المفيد عن الرضا عليه السّلام قال:عري الحسن و الحسين عليه السّلام و أدركهما العيد فقالا لأمّهما:قد زيّنوا صبيان المدينة إلاّ نحن فما لك أن تزيّنينا؟

فقالت:إنّ ثيابكما عند الخيّاط فإذا أتاني زينتكما،فلمّا كانت ليلة العيد أعادا القول على أمّهما فبكت و رحمتهما،فلمّا أخذ الظلام قرع الباب قارع فقال:يا بنت رسول اللّه أنا الخيّاط جئت بالثياب،ففتحت الباب فإذا رجل و معه من لباس العيد فناولها منديلا مشدودا فإذا فيه قميصان و دراعتان و سروالان و رداءان و عمامتان و خفّان أسودان معقبان بحمرة،فألبستهما و دخل رسول اللّه و هما مزيّنان فحملهما و قبّلهما ثمّ قال:رأيت الخيّاط؟

قالت:نعم يا رسول اللّه قال:يا بنيّة ما هو خيّاط إنّما هو رضوان خازن الجنان ما عرج حتّى جاءني و أخبرني.

و روى الحسن البصري و أمّ سلمة:إنّ الحسن و الحسين دخلا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و بين يديه جبرائيل فجعلا يدوران حوله يشبّهانه بدحية الكلبي فتناول جبرائيل تفّاحة و سفرجلة و رمّانة فناولهما ففرحا و سعيا إلى جدّهما فشمّهما و قال:صيرا إلى أمّكما و أبيكما،فلم يأكلوا حتّى صار النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إليهم فأكلوا جميعا فلم يزل كلّما أكل منه عاد إلى مكان حتّى قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

قال الحسين عليه السّلام:فلم يلحقه التغيير حتّى توفّيت فاطمة ففقدنا الرمّان،فلمّا توفّى أمير المؤمنين فقدنا السفرجل و بقيت التفاحة إلى الوقت الذي حوصرت من الماء،

ص: 89

فكنت أشمّها إذا عطشت فيسكن لهب عطشي،فلمّا اشتدّ عليّ العطش عضضتها و أيقنت بالفناء.

قال عليّ بن الحسين عليه السّلام:سمعته يقول ذلك قبل مقتله بساعة،فلمّا قضى نحبه و جد ريحها في مصرعه فالتمست فلم ير لها أثر و بقي ريحها بعد الحسين عليه السّلام و لقد زرت قبره فوجدت ريحها يفوح من قبره فمن أراد بذلك من شيعتنا الزائرين ليعتبر فليلتمس ذلك أوقات السحر فإنّه يجده إذا كان مخلصا (1).

و في أمالي أبو الفتح عن ابن عبّاس قال:كنّا جلوسا عند النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إذ هبط عليه جبرائيل و معه جام من البلور الأحمر مملوّ مسكا و عنبرا فقال:السلام يقرئك السلام و يحييك بهذه التحيّة و يأمرك أن تحيي بها عليّا و ولديه،فلمّا صارت في كفّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم هلّلت ثلاثا و كبّرت ثلاثا و قال:بسم اللّه الرحمن الرحيم طه* ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى فشمّها (2)و حيّا بها عليّا،فلمّا صارت في كفّه قالت:بسم اللّه الرحمن الرحيم إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ ،فاشتمها علي و حيّا بها الحسن،فلمّا صارت في كفّ الحسن قالت:بسم اللّه الرحمن الرحيم عَمَّ يَتَساءَلُونَ* عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ الآية،فاشتمها [الحسن]و حيّا بها الحسين،فلمّا صارت في كفّه قالت:بسم اللّه الرحمن الرحيم قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ثمّ ردّت إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقالت: اَللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ فلم أدر أإلى السماء صعدت أم في الأرض نزلت (3).

و في كتاب المعالم أنّ ملكا نزل من السماء فقعد على يد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و سلّم عليه بالنبوّة و على يد عليّ فسلّم عليه بالوصيّة و على يد الحسن و الحسين فسلّم عليهما3.

ص: 90


1- مناقب آل أبي طالب:161/3.
2- -في بعض المصادر:فاشتمها النبي.
3- مناقب آل أبي طالب:162/3.

بالخلافة،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:لم لا تقعد على يد فلان؟

فقال:أنا لا أقعد على يد عصي عليها اللّه فكيف أقعد على يد عصت اللّه أربعين عاما؟ (1).

و في كتاب مناقب[آل أبي طالب]:أذنب رجل ذنبا في حياة رسول اللّه فتغيّب حتّى و جد الحسن و الحسين في طريق خال فاحتملهما على عاتقيه و أتى بهما النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال:يا رسول اللّه إنّي مستجير باللّه و بهما فضحك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حتّى ردّ يده إلى فمه ثمّ قال للرجل:إذهب فأنت طليق،و قال لحسن و حسين:قد شفّعتكما فيه فأنزل اللّه تعالى: وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللّهَ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللّهَ تَوّاباً رَحِيماً (2)(3).

و في حديث مدرك بن أبي زيد:قلت لابن عبّاس-و قد أمسك للحسن ثمّ الحسين بالركاب و سوّى عليهما-:أنت أسنّ منهما تمسك لهما بالركاب فقال:يالكع و ما تدري من هذان،هذان ابنا رسول اللّه أو ليس ممّا أنعم اللّه عليّ به أن أمسك لهما و أسوّي عليهما (4).

و في الأمالي عن الباقر و الصادق عليهما السّلام:إنّ اللّه تعالى عوّض الحسين عليه السّلام من قتله أن جعل الإمامة في ذرّيته و إجابة الدّعاء عند قبره و لا تعد أيّام زائريه جائيا و راجعا من عمره (5).

و عن ابن عبّاس قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول:إنّ للّه تبارك و تعالى ملكا1.

ص: 91


1- مناقب آل أبي طالب:162/3.
2- سورة النساء:64.
3- مناقب آل أبي طالب:168/3.
4- مناقب آل أبي طالب:168/3.
5- الامالي:317 ح 91.

يقال له دركائيل له ستّة عشر ألف جناح ما بين الجناح إلى الجناح كما بين السماء و الأرض فجعل يوما يقول في نفسه:أفوق ربّنا جلّ جلاله شيء،فعلم اللّه تبارك و تعالى ما قال فزاده أجنحة مثلها و قال أوحي له:طر فطار مقدار خمسمائة عام فلم ينل رأسه قائمة من قوائم العرش،فلمّا علم اللّه عزّ و جلّ إتعابه أوحى إليه:عدّ إلى مكانك فأنا أعظم فوق كلّ عظيم،فسلبه اللّه أجنحته و مقامه من صفوف الملائكة.

فلمّا ولد الحسين عليه السّلام و كان مولده عشية الخميس ليلة الجمعة أوحى اللّه إلى مالك خازن النار:أن أخمد النيران على أهلها لكرامة مولود ولد لمحمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أوحى إلى رضوان خازن الجنّة أن زخرف الجنان و طيّبها لكرامة مولود ولد لمحمّد في دار الدّنيا،و أوحى إلى الحور العين تزيّن و تزاورن لكرامة مولود ولد لمحمّد و أوحى إلى الملائكة:أن قوموا صفوفا بالتسبيح لكرامة مولود ولد لمحمّد و أوحى إلى جبرائيل:أن اهبط إلى محمّد في ألف قبيل في القبيل ألف ألف ملك على خيول بلق مسرّجة ملجمة عليها قباب الدرّ و الياقوت معهم ملائكة يقال لهم الروحانيّون يهنّئون محمّدا بمولود له يقال له:الحسين،فبينا جبرائيل يهبط من السماء إلى الأرض إذ مرّ دركائيل فقال له:يا جبرائيل ما هذه الليلة في السماء هل قامت القيامة على أهل الدّنيا؟

قال:لا،و لكن ولد لمحمّد مولود في الدّنيا بعثني اللّه لأهنّئه بمولوده.

فقال:يا جبرائيل أقرئه منّي السلام و قل له:بحقّ هذا المولود عليك إلاّ ما سألت ربّك أن يرضى عنّي و يردّ عليّ أجنحتي و مقامي في صفوف الملائكة.

فلمّا هبط جبرائيل عليه السّلام و هنّأه و أخبره بقضية الملك فأخذ النبيّ الحسين عليه السّلام و هو ملفوف في خرق من صوف فأشار به إلى السماء و قال:اللّهمّ بحقّ هذا المولود عليك إن كان للحسين بن عليّ عندك حقّ فارض عن دركائيل و ردّ عليه أجنحته و مقامه في صفوف الملائكة،فاستجاب اللّه دعاءه و غفر للملك،و الملك لا يعرف في

ص: 92

الجنّة إلاّ بأن يقال:هذا مولى الحسين بن عليّ بن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (1).

قال السيد الجزائري في الرياض (2):لعلّ هذا مجرّد الخطرات التي تعتري أنواع الممكنات و أهل الزّلفى كالأنبياء و الملائكة يعاتبون عليها.

و في الكافي عن الصادق عليه السّلام:لمّا عرج برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم نزل بالصلاة عشر ركعات ركعتين ركعتين فلمّا ولد الحسن و الحسين زاد في الصلاة سبع ركعات شكرا للّه فأجاز اللّه له ذلك.

و عنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:إنّ الجنّة قالت:يا ربّ أسكنتني الضعفاء و المساكين،فقال اللّه تعالى:ألا ترضين إنّي زيّنت أركانك بالحسن و بالحسين،فماست كما تميس العروس فرحا (3).

و عن طاووس اليماني:إنّ الحسين عليه السّلام كان إذا جلس في مكان مظلم يهتدي إليه الناس ببياض جبينه و نحره،فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان كثيرا ما يقبّلهما (4).

و عن عائشة قالت:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم جائعا لا يقدر على ما يأكل فقال:هاتي ردائي فقلت:أين تريد؟

قال:إلى فاطمة ابنتي فأنظر إلى الحسن و الحسين فيذهب بعض ما بي من الجوع فدخل على فاطمة فقال:أين إبناي؟

فقالت:خرجا من الجوع يبكيان فخرج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في طلبهما فرأى أبا الدرداء فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:يا عويمر هل رأيت ابنيّ؟

قال:نعم يا رسول اللّه نائمان في ظلّ حائط بني جدعان فانطلق إليهما فضمّهما9.

ص: 93


1- مدينة المعاجز:3.436/.
2- -رياض الأبرار للسيد نعمت اللّه الجزائري مخطوط،قيد التحقيق.
3- مناقب آل أبي طالب:165/3.
4- مدينة المعاجز:46/4 ح 129.

و هما يبكيان و هو يمسح الدموع عنهما ثمّ قال:و الذي بعثني بالحقّ نبيّا لو قطر قطرة في الأرض لبقيت المجاعة في أمّتي إلى يوم القيامة،فحملهما و هما يبكيان و هو يبكي فجاء جبرائيل فقال:ربّك يقرئك السلام و يقول:ما هذا الجزع؟

فقال:ما أبكي جزعا من ذلّ الدّنيا.

فقال جبرائيل:إنّ اللّه تعالى يقول:أيسرّك أن أحوّل لك أحدا ذهبا و لا ينقص لك ممّا عندي شىء؟

قال:لا لأنّ اللّه تعالى لم يحبّ الدّنيا و لو أحبّها ما جعل المكاره أكملها.

فقال جبرائيل:أدع بالجفنة التي في ناحية البيت،فدعى بها فإذا فيها ثريد و لحم كثير فقال:كل يا محمّد و أطعم إبنيك و أهل بيتك فأكلوا و شبعوا و هي على حالها فأرسل بها إليّ فأكلت و شبعت ثمّ قالت:ما رأيت جفنة أعظم بركة منها فرفعت عنهم.

فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:و الذي بعثني بالحقّ لو سكت لتداولها فقراء أمّتي إلى يوم القيامة (1).

و في الأخبار أنّ أعرابيّا أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال:يا رسول اللّه لقد صدت خشفة غزالة و أتيت بها إليك هدية لولديك الحسن و الحسين،فقبلها و دعى له بالخير فإذا الحسن واقف عنده فرغب إليها فأعطاه إيّاها فما مضى ساعة إلاّ و الحسين عليه السّلام قد أقبل فرأى الخشفة عند أخيه يلعب بها فأتى إلى جدّه فقال:أعطيت أخي خشفة يلعب بها و لم تعطني فجعل يكرّر القول و جدّه ساكت،فهمّ الحسين عليه السّلام أن يبكي فبينما هو كذلك إذا بصياح ارتفع عند باب المسجد فنظرنا فإذا ظبية و معها خشفها و من خلفها ذئبة تسوقها إلى رسول اللّه فنطقت الغزالة و قالت:يا رسول اللّه كانت لي خشفتان إحداهما صادها الصيّاد و أتى بها إليك و بقيت لي هذه الأخرى و أنا بها2.

ص: 94


1- بحار الأنوار:310/43 ح 72.

مسرورة و كنت الآن أرضعها فسمعت قائلا يقول:أسرعي أسرعي يا غزالة بخشفك إلى النبيّ محمّد لأنّ الحسين واقف بين يديه و قد همّ أن يبكي و الملائكة بأجمعهم رفعوا رؤوسهم من صوامع العبادة،و لو بكى الحسين لبكت الملائكة المقرّبون لبكائه و سمعت أيضا قائلا يقول:اسرعي يا غزالة قبل جريان الدموع إلى خدّ الحسين فإن لم تفعلي سلّطت عليك هذه الذئبة تأكلك مع خشفتك فأتيت بخشفي إليك و قطعت مسافة بعيدة،لكن طويت لي الأرض حتّى أتيتك سريعة و أنا أحمد اللّه ربّي على أن جئتك قبل جريان دموع الحسين على خدّه،فارتفع التكبير و التهليل من الأصحاب و دعى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم للغزالة و أخذ الحسين الخشفة و أتى بها إلى الزهراء فسرّت بذلك سرورا عظيما (1).

و عن عروة البرقي[كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقبل]الحسن و الحسين[و يقول:يا أصحابي إني أود أن أقاسمهما]حياتي لحبّي لهما،فهما ريحانتاي من الدّنيا (2).

و عن محمّد بن يزيد:حمل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الحسن و حمل جبرائيل الحسين عليه السّلام فكانا بعد ذلك يفتخران فيقول الحسن:حملني خير أهل الأرض و يقول الحسين حملني خير أهل السماء (3).

و روى عن سلمان الفارسي قال:أهدي إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله قطف من العنب في غير أوانه فقال لي:يا سلمان ائتني بولديّ الحسن و الحسين ليأكلا معي من هذا العنب، قال سلمان الفارسي:فذهبت أطرق عليهما منزل أمهما فلم أرهما،فأتيت منزل أختهما أم كلثوم فلم أرهما.

فخبّرت النبي صلّى اللّه عليه و آله بذلك،فاضطرب و وثب قائما و هو يقول:وا ولداه و اقرّة عيناه7.

ص: 95


1- العوالم:42 ح 3.
2- مدينة المعاجز:426/3 ح 4.
3- مدينة المعاجز:288/3 ح 57.

من يرشدني عليهما فله على الله الجنة،فنزل جبرائيل من السماء و قال:يا محمد على من هذا الإنزعاج؟

فقال:على ولديّ الحسن و الحسين فإني خائف عليهما من كيد اليهود،فقال جبرائيل:يا محمد بل خف عليهما من كيد المنافقين،فإن كيدهم أشد من كيد اليهود، إعلم يا محمد أن ابنيك الحسن و الحسين نائمان في حديقة أبي الدحداح.

فسار النبي صلّى اللّه عليه و آله من وقته و ساعته إلى الحديقة و أنا معه حتى دخلنا الحديقة و إذا هما نائمان و قد اعتنق أحدهما الآخر و ثعبان في فيه طاقة ريحان يروّح بها وجهيهما.

فلما رأى الثعبان النبي صلّى اللّه عليه و آله ألقى ما كان في فيه فقال:السلام عليك يا رسول الله، لست أنا ثعبانا و لكني ملك من ملائكة الكرّوبيين غفلت عن ذكر ربي طرفة عين فغضب عليّ ربي و مسخني ثعبانا كما ترى و طردني من السماء إلى الأرض ولي منذ سنين كثيرة أقصد كريما إلى الله فأسأله أن يشفع لي عند ربي عسى أن يرحمني و يعيدني ملكا كما كنت أولا إنه على كل شي قدير.

قال:فجاء النبي صلّى اللّه عليه و آله يقبّلهما حتى استيقظا فجلسا على ركبتي النبي صلّى اللّه عليه و آله.

فقال لهما النبي صلّى اللّه عليه و آله:أنظرا يا ولديّ هذا ملك من ملائكة الله الكروبيين قد غفل عن ذكر ربه طرفة عين فجعله الله هكذا و أنا مستشفع بكما إلى الله فاشفعا له.

فوثب الحسن و الحسين عليهما السّلام فأسبغا الوضوء و صلّيا ركعتين و قالا:اللهم بحق جدّنا الجليل الحبيب محمد المصطفى،و بأبينا علي المرتضى،و بأمنا فاطمة الزهراء إلا ما رددته إلى حالته الأولى.

قال:فما استتمّ دعاؤهما فإذا بجبرائيل نزل من السماء في رهط من الملائكة و بشّر ذلك الملك برضى الله عنه و بردّه إلى سيرته الأولى ثم ارتفعوا إلى السماء و هم يسبّحون الله تعالى.

ص: 96

ثم رجع جبرائيل إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله و هو متبسم،و قال:يا رسول الله إن ذلك الملك يفتخر على ملائكة السبع السماوات و يقول لهم:من مثلي و أنا في شفاعة السيدين السبطين الحسن و الحسين عليهما السّلام (1).

السيد الرضي:قال:حدث جعفر بن محمد بن عمارة،عن أبيه،عن عطاء بن السائب،عن أخيه قال:شهدت يوم الحسين عليه السّلام فأقبل رجل من تميم يقال له عبد اللّه بن جويرية فقال:يا حسين.

فقال عليه السّلام:ما تشاء؟

فقال:أبشر بالنار.

فقال عليه السّلام:كلا إني أقدم على رب غفور و شفيع مطاع،و أنا من خير و إلى خير، من أنت؟

قال:أنا ابن جويرية،فرفع يده الحسين عليه السّلام حتى رأينا بياض إبطيه،و قال:

اللهم جره إلى النار،فغضب بن جويرية،فحمل عليه،فاضطرب به فرسه في جدول،و تعلق رجله بالركاب و وقع رأسه في الأرض،و نفر الفرس فأخذ يعدو به و يضرب رأسه بكل حجر و شجر،و انقطعت قدمه و ساقه و فخذه،و بقي جانبه الآخر متعلقا في الركاب،فصار لعنه اللّه إلى نار الجحيم (2).

ابن بابويه في أماليه:بإسناده عن الإمام الصادق عليه السّلام في حديث مقتله عليه السلام:إن الحسين عليه السّلام قال لأصحابه:قوموا فاشربوا من الماء يكون آخر زادكم، و توضأوا و اغتسلوا و اغسلوا ثيابكم لتكون أكفانكم.ثم صلّى بهم الفجر و عبأهم تعبئة الحرب،و أمر بحفيرته التي حول عسكره،فأضرمت بالنار ليقاتل القوم من وجه واحد،و أقبل رجل من عسكر عمر بن سعد لعنه اللّه على فرس له يقال له:ابن1.

ص: 97


1- مدينة المعاجز:293/3 ح 899.
2- عيون المعجزات:65 و عنه البحار:18744 ذ ح 16 و العوالم:5217 ح 1.

أبي جويرية المزني.فلما نظر إلى النار تتقد صفق بيده،و نادى:يا حسين و أصحاب الحسين،أبشروا بالنار،فقد تعجلتموها في الدنيا.

فقال الإمام الحسين عليه السّلام:من الرجل؟

فقيل:ابن أبي جويرية المزني.

فقال الإمام الحسين عليه السّلام:اللهم أذقه عذاب النار في الدنيا.فنفر به فرسه،فألقاه في تلك النار فاحترق (1).3.

ص: 98


1- مدينة المعاجز/السيد هاشم البحراني:474/3.

كرامات و معاجز الإمام الحسين عليه السلام

و في الأمالي عن الصادق عليه السّلام قال:مرض النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم المرضة التي عوفي منها فعادته فاطمة و معها الحسن و الحسين عليهم السّلام فقعد الحسن عليه السّلام على جانبه الأيمن و الحسين عليه السّلام على جانبه الأيسر،فأقبلا يغمزان بدن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،فما أفاق من نومه فقالت:ارجعا حتّى يفيق و ترجعان إليه فلم يقبلا فاضطجع الحسن على عضده الأيمن و الحسين على عضد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الأيسر فانتبها قبل أن ينتبه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و قد كانت فاطمة لمّا ناما انصرفت إلى منزلها فقالا لعائشة:ما فعلت أمّنا؟

قالت:رجعت إلى منزلها،فقاما و خرجا في ليلة ظلماء ذات رعد و برق فسطع لهما نور فمشيا حتّى أتيا حديقة بني النجّار فبقيا لا يعلمان أين يأخذان.

فقال الحسن:ننام حتّى نصبح فاضطجعا متعانقين فانتبه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من النوم فطلبهما في منزل فاطمة و افتقدهما فقال:إلهي و سيّدي هذان شبلاي خرجا من المجاعة،اللّهم أنت وكيلي عليهما،فسطع نور و مشى في ذلك النور إلى حديقة بني النجّار فإذاهما نائمان متعانقان و قد تقشّعت السماء فوقهما كطبق و هي تمطر و لم تمطر عليهما،و قد اكتنفتهما حية لها شعرات كأجام القصب و جناحان،جناح غطّت به الحسن و جناح غطّت به الحسين عليهما السّلام،فلمّا أن بصر بهما النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم تنحنح فانسابت الحيّة و هي تقول:اللّهم إنّي اشهدك إنّي قد حفظت شبلي نبيّك و دفعتهما إليه سالمين فقال لها:أيّتها الحيّة من أنت؟

ص: 99

قالت:أنا رسول الجنّ إليك نسينا آية من كتاب اللّه فبعثوني إليك لتعلّمنا ما نسينا،فلمّا بلغت هذا الموضع سمعت مناديا ينادي:أيّتها الحيّة هذان شبلا رسول اللّه فاحفظيهما فأخذت الآية و انصرفت،فوضع الحسن على عاتقه الأيمن و الحسين على الأيسر.

فقال أبو بكر:ادفع إليّ بأحد شبليك أخفّف عنك فقال:امض فقد سمع اللّه كلامك و عرف مقامك.

و قال لعمر مثل ما قال لأبي بكر،فتلقّاه عليّ عليه السّلام فقال:ادفع إليّ أحد شبليك أخفّف عنك فقال للحسن:هل تمض إلى كتف أبيك؟

فقال:يا جدّاه إنّ كتفك لأحبّ إليّ من كتف أبي،و قال له الحسين مثل قول أخيه فأقبل إلى منزل فاطمة و قد ادّخرت لهما تميرات فأكلا و شبعا و فرحا.فقال لهما النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:قوما الآن فاصطرعا فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:يا حسن شدّ على الحسين فاصرعه،فقالت فاطمة:يا أبه و اعجباه أتشجّع الكبير على الصغير،فقال:يا بنيّة هذا جبرائيل يقول:يا حسين شدّ على الحسن فاصرعه (1).

و في كتاب الخرائج عن يحيى بن أمّ الطويل قال:كنّا عند الحسين عليه السّلام إذ دخل عليه شاب يبكي قال:إنّ والدتي توفّيت هذه الساعة و لم توص لها مال و قد كانت أمرتني ألاّ أحدث في أمرها شيئا حتّى أعلمك خبرها.

فقال الحسين عليه السّلام:قوموا حتّى نصير إلى هذه الحرّة فأتيناها فإذا هي مسجّاة فأشرف على البيت و دعى اللّه تعالى ليحييها حتّى توصي بما تحبّ من وصيّتها، فأحياها اللّه تعالى فجلست و هي تتشهّد،ثمّ نظرت إلى الحسين عليه السّلام فقالت:أدخل يا مولاي و مرني بأمرك فدخل و جلس على فخذه ثمّ قال لها:وصي يرحمك اللّه.

فقالت:يابن رسول اللّه لي من المال كذا و كذا في مكان كذا و كذا فقد جعلت ثلثه9.

ص: 100


1- بحار الأنوار:107/39.

إليك لتضعه حيث شئت من أوليائك و الثلثان لا بني هذا إن علمت أنّه من أوليائك و إن كان مخالفا لك فلا حقّ للمخالفين في أموال المسلمين.

ثمّ سألته أن يصلّي عليها و أن يتولّى أمرها ثمّ صارت المرأة ميّتة كما ماتت (1).

و عن صفوان بن مهران قال:سمعت الصادق عليه السّلام يقول:رجلان اختصما في زمن الحسين عليه السّلام في امرأة و ولدها فقال:هذا لي،و قال الأخر:هذا لي فأمر بهما الحسين عليه السّلام فقال أحدهما:إنّ الإمرأة لي.

و قال الآخر:إن الولد لي.

فقال عليه السّلام للمدّعي الأوّل:اقعد فقعد و كان الغلام رضيعا فقال الحسين:يا هذه اصدقي من قبل أن يهتك اللّه سترك.

فقالت:هذا زوجي و الولد له و لا أعرف هذا.

فقال عليه السّلام:يا غلام ما تقول هذه؟انطق بإذن اللّه تعالى.

فقال له:ما أنا لهذا و لا لهذا و ما أبي إلاّ راعي لآل فلان.

فأمر عليه السّلام برجمها و لم يسمع أحد نطق هذا الغلام بعدها (2).

و في الكافي عن عبد اللّه الأودي قال:لمّا قتل الحسين عليه السّلام أراد القوم أن يوطئوه الخيل فقالت فضّة لزينب:يا سيّدتي إنّ سفينة (3)كسر به في البحر فخرج به إلى جزيرة فإذا هو بأسد فقال:يا أبا الحارث أنا مولى رسول اللّه فهمهم بين يديه حتّى وقفه على الطريق و الأسد رابض في ناحيته فدعيني أمضي إليه فأعلمه ما هم صانعون غدا،قال:فمضت إليه فقالت:يا أبا الحارث فرفع رأسه.ق.

ص: 101


1- الخرائج و الجرائح:246/1 ح 1.
2- مناقب آل أبي طالب:210/3.
3- سفينة بفتح السين و كسر الفاء مولى رسول اللّه و قد كسرت به السفينة في البحر فخرج على جزيرة من جزائر البحر و دلّه الأسد على الطريق.

ثمّ قالت:أتدري ما يريدون أن يعملوا غدا بأبي عبد اللّه؟يريدون أن يوطئوا الخيل ظهره قال:فمشى حتّى وضع يديه على جسد الحسين عليه السّلام فأقبلت الخيل،فلمّا نظروا إليه قال لهم عمر بن سعد لعنه اللّه:فتنة لا تثيروها إنصرفوا فانصرفوا

و في كتاب المناقب:عن زرارة بن أعين و رواه الكشي عن حمران بن أعين قال:

سمعت أبا عبد اللّه يحدث عن أبائه أن رجلا كان من شيعة أمير المؤمنين مريضا شديد الحمى فعاده الحسين عليه السّلام فلمّا دخل من باب الدار طارت الحمى من الرجل فقال له:الحمى تهرب منكم.

فقال له الحسين عليه السّلام:و اللّه ما خلق شيئا إلاّ و قد أمره بالطّاعة لنا.

قال:فناداها يا حمى فإذا نحن نسمع الصوت و لا نرى الشخص يقول:لبّيك.

قال:أليس أمير المؤمنين أمرك أن لا تقربي إلاّ عدوّا أو مذنبا لكي تكون كفّارة لذنوبه فما بال هذا،و كان المريض عبد اللّه بن شدّاد بن الهادي؟ (1)3.

ص: 102


1- وسائل الشيعة:237/20 ح 683.

ما روي أن الحسين عليه السلام سيد الشهداء

1-حدثني محمد بن جعفر الرزاز عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل عن حنان قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام زوروا الحسين عليه السّلام و لا تجفوه فإنه سيد شباب أهل الجنة من الخلق و سيد الشهداء.

2-حدثني أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن العباس بن معروف عن حماد بن عيسى عن ربعي بن عبد اللّه قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام بالمدينة أين قبور الشهداء فقال أليس أفضل الشهداء عندكم و الذي نفسي بيده أن حوله أربعة آلاف ملك شعثا غبرا يبكونه إلى يوم القيامة.

3-حدثني أبو العباس الرزاز عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن أبي داود المسترق عن أم سعيد الأحمسية قالت كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام و قد بعثت من يكتري لي حمارا إلى قبور الشهداء فقال ما يمنعك من زيارة سيد الشهداء قالت:

قلت:و من هو قال الحسين عليه السّلام قالت:قلت:و ما لمن زاره قال حجة و عمرة مبرورة و من الخير كذا و كذا ثلاث مرات بيده.

4-و عنه عن محمد بن الحسين عن الحكم بن مسكين عن أم سعيد الأحمسية قالت جئت إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام فدخلت عليه فجاءت الجارية فقالت قد جئت بالدابة فقال لي يا أم سعيد أي شيء هذه الدابة أين تبغين تذهبين قالت:قلت:أزور قبور الشهداء قال:أخّري ذلك اليوم ما أعجبكم يا أهل العراق تأتون الشهداء من سفر بعيد و تتركون سيد الشهداء لا تأتونه قالت:قلت له:من سيد الشهداء.

ص: 103

فقال الحسين بن علي عليه السّلام قالت:قلت:إني امرأة فقال:لا بأس لمن كان مثلك أن يذهب إليه و يزوره قالت أي شيء لنا في زيارته قال تعدل حجة و عمرة و اعتكاف شهرين في المسجد الحرام و صيامها و خيرها كذا و كذا قالت و بسط يده و ضمها ضما ثلاث مرات.

5-حدّثني أبي و علي بن الحسين و محمد بن الحسن رحمهم اللّه عن سعد بن عبد اللّه عن الحسن بن علي بن عبد اللّه بن المغيرة عن العباس بن عامر عن أحمد بن رزق الغمشاني عن أم سعيد الأحمسية قالت دخلت المدينة فاكتريت حمارا على أن أطوف على قبور الشهداء فقلت لا بدّ أن أبدأ بابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأدخل عليه فأبطأت على المكاري قليلا فهتف بي فقال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام ما هذا يا أم سعيد قلت له جعلت فداك تكاريت حمارا لأدور على قبور الشهداء قال:أفلا أخبرك بسيد الشهداء قلت بلى قال الحسين بن علي عليه السّلام.قلت:و إنه لسيد الشهداء.قال:نعم.

قلت:فما لمن زاره قال:حجة و عمرة و من الخير هكذا و هكذا.

6-حدّثني أبي و محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري جميعا عن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي عن أبيه عن عبد اللّه القاسم الحارثي عن عبد اللّه بن سنان عن أم سعيد الأحمسية قالت دخلت المدينة فاكتريت البغل أو البغلة لأزور عليه قبور الشهداء قالت:قلت ما أحد أحق أن أبدأ به من جعفر بن محمد عليه السّلام قالت فدخلت عليه فأبطأت فصاح بي المكاري حبستينا عافاك اللّه فقال لي أبو عبد اللّه كأن إنسانا يستعجلك يا أم سعيد قلت نعم جعلت فداك إني اكتريت بغلا لأزور عليه قبور الشهداء فقلت ما آتي أحدا أحق من جعفر بن محمد عليه السّلام قالت فقال:يا أم سعيد فما يمنعك من أن تأتي قبر سيد الشهداء قالت فطمعت أن يدلني على قبر علي بن أبي طالب عليه السّلام فقلت بأبي أنت و أمي و من سيد الشهداء قال الحسين بن فاطمة عليه السّلام يا أم سعيد من أتاه ببصيرة و رغبة فيه كان له حجة(

ص: 104

حجة مبرورة و عمرة متقبلة)و عمرة مبرورة و كان له من الفضل هكذا و هكذا.

7-حدّثني محمد بن جعفر الرزاز عن خاله محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن إسماعيل عمن حدثه عن علي بن أبي حمزة عن الحسين بن أبي العلاء و أبي المعزاء و عاصم بن حميد الحناط جماعتهم عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال ما من شهيد إلا(إلا و هو يحب لو أن الحسين بن علي حي)و يحب أن يكون مع الحسين عليه السّلام حتى يدخلوا الجنة معه (1).1.

ص: 105


1- كامل الزيارات:111.

في أمر رسول اللّه بالاقتداء بالحسين و الأئمة من آل محمد عليهم السّلام

إبراهيم الحمويني هذا قال:أخبرني السيد النسابة جلال الدين عبد الحميد عن أبيه الإمام شمس الدين شيخ الشرف فخار بن معد بن فخار الموسوي عن شاذان ابن جبرائيل القمي عن جعفر بن محمد الدورستي عن أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه رضى اللّه عنه قال:حدّثنا أبي رضى اللّه عنه قال:حدّثنا سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبي الطفيل عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأمير المؤمنين عليه السّلام:«أكتب ما أملي عليك،قال:يا نبي اللّه و تخاف عليّ النسيان!قال:لا و قد دعوت اللّه تعالى أن يحفظك و لا ينسيك،و لكن أكتب لشركائك قال:قلت و من شركائي يا نبي اللّه،قال:

الأئمة من ولدك بهم تسقى أمتي الغيث و بهم يستجاب دعاؤهم و بهم يصرف اللّه عنهم البلاء و بهم ينزل الرحمة من السماء،و هذا أولهم،و أومى بيده إلى الحسن عليه السّلام ثم أومى بيده إلى الحسين عليه السّلام ثم قال عليه و آله السلام:و الأئمة من ولده» (1).

ابن شاذان هذا من طريق العامة عن ابن عباس قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«علي مني كدمي من بدني،من تولاه رشد و من أحبه نهج و من تبعه نجا،عليّ رابع الأربعة في الفردوس أنا و الحسن و الحسين و علي بن أبي طالب عليهم السّلام» (2).

ابن شاذان من طريق العامة عن جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن آبائه عن

ص: 106


1- الإمامة و التبصرة:54 ح 38.
2- مائة منقبة:/69المنقبة 38.

أمير المؤمنين عليه السّلام أنه كان جالسا في الرحبة و الناس حوله،فقام إليه رجل فقال لأمير المؤمنين إنك بالمكان الذي أنزل اللّه تعالى و أبوك معذب في النار فقال له:«مه فض اللّه فاك و الذي بعث محمدا بالحق نبيا،لو شفع أبي في كل مذنب على وجه الأرض لشفعه اللّه،فتقول:أبي معذب في النار،و ابنه قسيم الجنة و النار،و الذي بعث محمدا بالحق نبيا إن نور أبي طالب يوم القيامة ليطفىء نور الخلائق إلاّ خمسة أنوار:نور محمد و نور فاطمة و نور الحسن و الحسين و نور ولده من الأئمة ألا إن نوره من نورنا، خلقه اللّه من قبل خلق آدم بألفي عام» (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا أبي قدّس سرّه و محمد بن الحسن قالا:حدّثنا سعد بن عبد اللّه قال:

حدّثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن موسى بن القاسم البجلي عن جعفر بن محمد ابن سماعة عن عبد اللّه بن مسكان عن الحكم بن الصلت عن أبي جعفر محمد بن علي عن آبائه عليهم السّلام قال:«قال رسول اللّه:خذوا بحجزة هذا الأنزع-يعني عليا عليه السّلام-فإنه الصّديق الأكبر و هو الفاروق يفرق بين الحقّ و الباطل من أحبّه هداه اللّه و من أبغضه أبغضه اللّه،و من تخلّف عنه محقه اللّه،و منه سبطا أمتي الحسن و الحسين و هما إبناي،و من الحسين أئمة الهدى يعطيهم اللّه علمي و فهمي فتولّوهم و لا تتخذوا وليجة من دونهم فيحل عليكم غضب من ربكم و من يحلل عليه غضب من ربّه فقد هوى و ما الحياة الدنيا إلاّ متاع الغرور» (2)، (3).

ابن بابويه أحمد بن الحسن القطان قال:حدّثنا العباس بن الفضل قال:حدّثنا أبو زرعة قال:حدّثنا عثمان بن محمد بن أبي شيبة العبسي قال:حدثنا عبد اللّه بن نمير عن الحارث بن حصيرة عن أبي سليمان زيد بن وهب عن عبد اللّه بن عبّاس قال:قال8.

ص: 107


1- مائة منقبة:/175المنقبة 98.
2- أمالي الصدوق:/285المجلس /38ح 7.
3- أمالي الصدوق:/771المجلس /38ح 8.

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«ولايتي و ولاية أهل بيتي أمان من النار» (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطّار قال:حدّثنا أبي عن جعفر ابن محمد الفزاري عن عبّاد بن يعقوب عن منصور بن نويرة عن أبي بكر بن عيّاش عن أبي قدامة الغداني قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من منّ اللّه عليه بمعرفة أهل بيتي و ولايتهم فقد جمع اللّه له الخير كلّه» (2).

ابن بابويه قال:حدّثنا محمد بن موسى المتوكّل رضى اللّه عنه قال:حدّثنا محمد بن أبي عبد اللّه الكوفي قال:حدّثنا موسى بن عمران النخعي عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير قال:قال الصادق جعفر بن محمد عليه السّلام:«من أقام فرائض اللّه و اجتنب محارم اللّه و أحسن الولاية لأهل بيت نبي اللّه و تبرّأ من أعداء اللّه عزّ و جل فليدخل من أي أبواب الجنّة الثمانية شاء» (3).

ابن بابويه قال:حدّثنا الحسين بن علي بن شعيب الجوهري رضى اللّه عنه قال:حدّثنا عيسى ابن محمد العلوي قال:حدّثنا الحسين بن الحسن الحيري بالكوفة قال:

حدّثنا الحسن بن الحسين العرني عن عمرو بن جميع عن أبي المقدام قال:قال جعفر بن محمد عليه السّلام:«نزلت هاتان الآيتان في أهل ولايتنا و أهل عداوتنا، فَأَمّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَ رَيْحانٌ يعني في قبره وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ في الآخرة وَ أَمّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ يعني في قبره وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (4)يعني في الآخرة» (5).1.

ص: 108


1- أمالي الصدوق:/560المجلس /72ح 8.
2- أمالي الصدوق:/560المجلس /72ح 9.
3- أمالي الصدوق:/561المجلس /72ح 10.
4- الواقعة:88 الى 94.
5- أمالي الصدوق:/561المجلس /72ح 11.

ابن بابويه قال:حدّثنا علي بن عبد اللّه الورّاق قال:حدّثنا سعد بن عبد اللّه بن أبي خلف الأشعري قال:حدّثنا الهيثم بن أبي مسروق النهدي عن الحسين بن علوان عن عمرو بن خالد عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة قال:قال أمير المؤمنين عليه السّلام:«سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:أنا سيدّ ولد آدم و أنت يا علي و الأئمة من ولدك سادة أمتي من أحبّنا فقد أحبّ اللّه،و من أبغضنا فقد أبغض اللّه،و من والانا فقد والى اللّه و من عادانا فقد عادى اللّه و من أطاعنا فقد اطاع اللّه و من عصانا فقد عصى اللّه» (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا محمد بن عمر قال:حدّثنا محمد بن حسين قال:حدّثنا أحمد بن غنم بن حكيم قال:حدّثنا شريح بن مسلمة قال:حدّثنا إبراهيم بن يوسف عن عبد الجبار عن الأعشى الثقفي عن أبي صادق قال:قال لي علي عليه السّلام:«هي لنا أو فينا هذه الآية وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (2)» (3).

ابن بابويه قال:حدّثنا محمد بن علي ماجيلويه قال:حدّثنا أبي عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي عن أبيه عن خالد بن حمّاد الأسدي عن أبي الحسن العبدي عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد قال:سئل جابر بن عبد اللّه الأنصاري عن علي ابن أبي طالب عليه السّلام قال:«ذاك خير خلق اللّه من الأولين و الآخرين ما خلا النبيّين و المرسلين،إنّ اللّه لم يخلق خلقا بعد النبيين و المرسلين أكرم عليه من علي بن أبي طالب عليه السّلام و الأئمة من ولده بعده،قلت:فما تقول فيمن يبغضه و ينتقصه؟

فقال:لا يبغضه إلاّ كافر و لا ينتقصه إلاّ منافق،قلت:فما تقول فيمن يتولاّه و يتولى6.

ص: 109


1- أمالي الصدوق:/563المجلس /72ح 16.
2- القصص:5.
3- أمالي الصدوق:/566المجلس /72ح 26.

الأئمة من ولده بعده؟

فقال:إن شيعة علي و الأئمة من ولده هم الفائزون الآمنون يوم القيامة،ثم قال:ما ترون لو أن رجلا خرج يدعو الناس إلى ضلالة من كان أقرب الناس منه؟

قالوا:شيعته و أنصاره» (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا أحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم قدّس سرّه قال:حدّثنا أبي عن أبيه عن محمد بن علي التميمي قال:حدّثني سيدي علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام عن النبي صلّى اللّه عليه و آله أنه قال:«من سرّه أن ينظر إلى القضيب الأحمر الذي غرسه اللّه بيده و يكون متمسّكا به فليتولّ علي بن أبي طالب عليه السّلام و الأئمة من ولده فإنّهم خيرة اللّه عزّ و جلّ و صفوته و هم المعصومون من كل ذنب و خطيئة» (2).7.

ص: 110


1- أمالي الصدوق:/586المجلس /75ح 4.
2- أمالي الصدوق:/679المجلس /85ح 27.

أمر النبي التمسك بالحسين و الأئمة عليهم السلام

الشيخ في أماليه قال:أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال:حدّثنا الحسن بن علي ابن زكريا أبو سعيد البصري قال:حدّثنا محمد بن صدقة العنبري قال:حدّثنا موسى بن جعفر،عن أبيه جعفر بن محمد،عن أبيه محمد بن علي،عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال:صلّى بنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوما صلاة الفجر ثم انفتل و أقبل علينا يحدثنا،فقال:«أيها الناس من فقد الشمس فليتمسك بالقمر،و من فقد القمر فليتمسك بالفرقدين».

قال:فقمت أنا و أبو أيوب الأنصاري و معنا أنس بن مالك.

فقلنا:يا رسول اللّه من الشمس؟

قال:«أنا».فإذا هو صلّى اللّه عليه و آله قد ضرب لنا مثلا،فقال:«أن اللّه تعالى خلقنا فجعلنا بمنزلة نجوم السماء كلّما غاب نجم طلع نجم.فأنا الشمس فإذا ذهب بي فتمسكوا بالقمر».

قلنا:فمن القمر؟

قال:«أخي و وصيي و وزيري و قاضي ديني و أبو ولدي و خليفتي في أهلي علي بن أبي طالب».قلنا:فمن الفرقدان؟

قال:«الحسن و الحسين»،ثم مكث مليا فقال:«و فاطمة هي الزهرة،و أهل بيتي هم مع القرآن،و القرآن معهم لا يفترقان حتى يردا عليّ الحوض» (1).

العياشي بإسناده في تفسيره عن أبي حمزة الثمالي قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:«يا أبا

ص: 111


1- أمالي الطوسي:130/2-131.

حمزة إنما يعبد اللّه من عرف اللّه و أما من لم يعرف اللّه كأنما يعبد غيره هكذا ضال».

قلت:أصلحك اللّه و ما معرفة اللّه؟

قال:تصدّق اللّه و تصدّق محمد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في موالاة علي و الإئتمام به و بأئمة الهدى من بعده و البراءة إلى اللّه من عدوّهم و كذلك عرفان اللّه».

قال:قلت:أصلحك اللّه أي شيء إذا عملته أنا استكملت حقيقة الإيمان؟

قال:«توالي أولياء اللّه و تعادي أعداء اللّه و تكون مع الصادقين كما أمرك اللّه».

قال:قلت:و من أولياء اللّه و من أعداء اللّه؟

فقال:«أولياء محمد رسول اللّه و علي و الحسن و الحسين و علي بن الحسين،ثم انتهى الأمر إلينا ثم ابني جعفر و أومأ إلى جعفر و هو جالس،فمن والى هؤلاء فقد والى أولياء اللّه و كان مع الصادقين كما أمر اللّه»

قلت:و من أعداء اللّه أصلحك اللّه؟

قال:«الأوثان الأربعة».

قال:قلت:من هم؟

قال:«أبو الفصيل و رمع و نعثل (1)و معاوية (2)و من دان بدينهم،فمن عادى هؤلاء فقد عادى أعداء اللّه» (3).5.

ص: 112


1- في بعض المصادر ذكرت الأسماء:يغوث و يعوق و نسر و هبل و ما أثبتناه موافق للمصدر و البحار.
2- أبو الفصيل كنية أبو بكر في الجاهلية،و رمع:مقلوبة من عمر،و نعثل اسم شخص طويل اللحية للإشارة لعثمان.
3- تفسير العياشي:116/2 ح 155.

ما روي في وجوب التمسّك بالثقلين

أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه قدّس سرّه قال في كتاب النصوص على الأئمة الإثني عشر عليهم السّلام قال:حدّثنا محمد بن وهبان بن محمد البصري قال:حدّثنا محمد بن عمر الجعاني قال:حدثنا إسماعيل بن محمد بن شيبة القاضي قال:

حدثني محمد بن أحمد بن الحسن قال:حدّثنا يحيى بن خلف الراسبي عن عبد الرّحمن قال:حدّثنا يزيد بن الحسن عن معروف بن خربوذ عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول على منبره:«معاشر الناس إني فرطكم و أنتم واردون عليّ الحوض حوضا ما بين بصرى و صنعاء،فيه عدد النجوم قدحان من فضّة،و إني سائلكم حين تردون عليّ عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما الثقل الأكبر كتاب اللّه سبب طرفه بيد اللّه و طرفه بيدكم فاستمسكوا به و لن تضلّوا و لا تبدّلوا في عترتي أهل بيتي فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض،معاشر أصحابي كأني على الحوض أنتظر من يرد عليّ منكم و سوف تؤخّر أناس دوني،فأقول:يا رب مني و من أمتي فيقال يا محمد هل شعرت بما عملوا؟ إنّهم ما رجعوا بعدك يرجعون على أعقابهم.ثم قال أوصيكم في عترتي خيرا و أهل بيتي.

فقام إليه سلمان فقال:يا رسول اللّه:من الأئمة من بعدك أما هم من عترتك؟

فقال:نعم الأئمة من بعدي من عترتي عدد نقباء بني إسرائيل تسعة من صلب الحسين أعطاهم اللّه علمي و فهمي فلا تعلّموهم فإنهم أعلم منكم و اتبعوهم فإنهم أعلم

ص: 113

منكم و اتبعوهم فإنهم مع الحق و الحق معهم عليهم السّلام» (1).

ابن بابويه قال:أخبرنا أبو عبد اللّه بن عمر بن مسلم بن لا حق اللاحفي البصري في سنة عشر و ثلاثمائة قال:حدّثنا محمد بن عمارة السكري عن إبراهيم بن عاصم عن عبد اللّه بن هارون الكرخي قال:حدّثنا أحمد بن يزيد بن سلامة عن حذيفة بن اليمان،قال:صلّى بنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثم أقبل بوجهه الكريم علينا ثم قال:«معاشر أصحابي أوصيكم بتقوى اللّه و العمل بطاعته فمن عمل بها فاز و نجح و غنم،و من تركها حلّت عليه الندامة فالتمسوا بالتقوى السلامة من أهوال يوم القيامة،فكأني أدعى فأجيب و اني تارك فيكم الثقلين:كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا و من تمسّك بعترتي من بعدي كان من الفائزين و من تخلف عنهم كان من الهالكين،فقلت:يا رسول اللّه على من تخلّفنا؟

قال:على من خلّف موسى بن عمران على قومه؟

قلت:على وصيّه يوشع بن نون،فقال:إنّ وصيي و خليفتي من بعدي علي بن أبي طالب قائد البررة و قاتل الكفرة منصور من نصره مخذول من خذله،فقلت:يا رسول اللّه:فكم تكون الأئمة من بعدك؟

قال:عدة نقباء بني إسرائيل تسعة من صلب الحسين أعطاهم اللّه تعالى علمي و فهمي خزان علم اللّه و وحي اللّه،قلت:يا رسول اللّه فما لأولاد الحسن؟

قال:إنّ اللّه تبارك و تعالى جعل الإمامة في عقب الحسين،ذلك قوله عزّ و جلّ وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (2)قلت:أفلا تسمّيهم لي يا رسول اللّه، قال:نعم لما عرج بي إلى السماء نظرت إلى ساق العرش فرأيت مكتوبا بالنور لا إله إلاّ اللّه محمد رسول اللّه أيّدته بعلي و نصرته به،و رأيت أنوار الحسن و الحسين و فاطمة8.

ص: 114


1- كفاية الأثر:127.
2- الزخرف:28.

و رأيت في ثلاثة مواضع عليا عليا عليا و محمدا محمدا و جعفرا و موسى و الحسن و الحجة يتلألأ من بينهم كأنه كوكب درّيّ فقلت:يا رب من هؤلاء الذين قرنت أسماءهم باسمك؟

قال:يا محمد هم الأوصياء و الأئمة بعدك خلقتهم من طينتك فطوبى لمن أحبّهم، و الويل لمن أبغضهم،فبهم أنزل الغيث و بهم أثيب و أعاقب،ثم رفع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يده إلى السماء و دعى بدعوات و سمعته يقول:اللهم اجعل العلم و الفقه في عقبي و عقب عقبي و في زرعي و زرع زرعي» (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا علي بن الحسن بن محمد بن مندة قال:حدّثنا هارون بن موسى قال:حدّثنا أبو الحسن محمد بن منصور الهاشمي قال:حدثني أبو موسى عيسى بن أحمد قال:حدّثنا أبو ثابت المدني قال:حدّثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن هشام بن سعيد عن عيسى بن عبد اللّه بن مالك عن عمر بن الخطاب قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«أيها الناس إني فرط لكم و أنتم واردون عليّ الحوض أعرض ما بين صنعاء و بصرى فيه قدحان عدد النجوم من فضة و إني سائلكم حين تردون عليّ عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما،السبب الأكبر كتاب اللّه طرفه بيد اللّه و طرفه بيدكم فاستمسكوا به و لا تبدّلوا و عترتي أهل بيتي فإنّه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض فقلت يا رسول اللّه من عترتك؟

فقال:أهل بيتي من ولد عليّ و فاطمة و تسعة من صلب الحسين عليه السّلام أئمة أبرار هم عترتي من لحمي و دمي» (2).

محمد بن إبراهيم النعماني في كتاب الغيبة عن أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة و محمد بن همام بن سهيل و عبد العزيز و عبد الواحد ابنا عبد اللّه بن يونس1.

ص: 115


1- كفاية الأثر:136.
2- كفاية الأثر:91.

[عن رجالهم]عن رجالهم عن عبد الرزاق بن همام قال:حدّثنا معمّر بن راشد عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:«إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قام خطيبا ثم لم يخطب بعد ذلك فقال:«أيها الناس إني قد تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسّكتم بهما كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي،فإن اللطيف الخبير قد أخبرني و عهد إليّ أنّهما لا يفترقان (1)حتى يردا عليّ الحوض:قالوا اللهم شهدنا ذلك كلّه من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقام اثنا عشر من الجماعة فقالوا:نشهد أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حين خطب في اليوم الذي قبض فيه قام عمر بن الخطاب شبه المغضب فقال:يا رسول اللّه لكل أهل بيتك؟

فقال:لا،و لكن الأوصياء منهم علي أخي و وزيري و وارثي و خليفتي في أمتي و ولي كل مؤمن بعدي و هو أولهم و خيرهم،ثم وصيه بعده ابني هذا و أشار إلى الحسن،ثم وصيّه ابني هذا و أشار إلى الحسين،ثم وصيّه ابني بعده سميّ أخي،ثم وصيّه بعده سميّي،ثم سبعة من بعده من ولده واحدا بعد واحد حتى يردوا عليّ الحوض،شهداء اللّه في أرضه و حججه على خلقه،من أطاعهم أطاع اللّه و من عصاهم عصى اللّه،فقام السبعون البدريون و نحوهم من المهاجرين فقالوا:ذكرتمونا ما كنا نسينا،نشهد أنا قد [كنا]سمعنا ذلك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» (2).

قال:حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني قدس سرّه قال:حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن غياث بن إبراهيم عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عليهم السّلام قال:«سئل أمير المؤمنين عن معنى قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:إني مخلف فيكم الثقلين كتاب اللّه و عترتي،من العترة؟3.

ص: 116


1- في بعض المصادر:لن يفترقا.
2- كتاب الغيبة للنعماني:73.

قال:أنا و الحسن و الحسين و الأئمة التسعة من ولد الحسين تاسعهم مهديهم و قائمهم لا يفارقون كتاب اللّه و لا يفارقهم حتى يردا على رسول اللّه حوضه» (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا علي بن الحسين بن محمد قال:حدثنا عتبة بن عبد اللّه الحمصي بمكة قراءة عليه سنة ثمانين و ثلثمائة قال:حدثني عليّ بن موسى الغطفاني قال:حدثنا أحمد بن يوسف الحمصي قال:حدثني محمد بن عكاشة قال:

حدّثنا حسين بن يزيد بن عبد علي قال:حدثني عبد اللّه بن الحسن عن أبيه عن الحسن عليه السّلام قال:«خطب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوما فقال بعد ما حمد اللّه و أثنى عليه:معاشر الناس كأني أدعى فأجيب و إني تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا فتعلّموا منهم و لا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم لا تخلوا الأرض منهم و لو خلت لا نساخت بأهلها ثم قال عليه السّلام:اللهم إني أعلم أن العلم لا يبيد و لا ينقطع و إنّك لا تخلي الأرض من حجة لك على خلقك ظاهرا ليس بالمطاع أو خائف مغمور كيلا تبطل حجّتك و لا تضلّ أوليائك بعد إذ هديتهم أولئك الأقلون عددا الأعظمون قدرا عند اللّه،فلما نزل عن منبره قلت له:يا رسول اللّه أما أنت الحجة على الخلق كلّهم؟

قال:يا حسن إن اللّه يقول: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ (2)فأنا المنذر و علي الهادي قلت:يا رسول اللّه قولك:إن الأرض لا تخلو من حجة قال:نعم،علي هو الإمام و الحجة بعدي،و أنت الإمام و الحجة بعده،و الحسين الإمام و الحجة و الخليفة من بعدك، و لقد نبأني اللطيف الخبير أن يخرج من صلب الحسين ولد يقال له علي سمي جدّه، فإذا مضى الحسين قام بعده علي ابنه و هو الإمام و الحجة بعد أبيه و يخرج اللّه من صلب علي ولدا سميّي و أشبه الناس بي علمه علمي و حكمه حكمي،و هو الإمام و الحجة بعد أبيه،و يخرج اللّه تعالى من صلب محمد مولودا يقال له جعفر أصدق الناس فعلا و قولا7.

ص: 117


1- كمال الدين:240 ح 64 باب 22.
2- الرعد:7.

و هو الإمام و الحجة بعد أبيه،و يخرج اللّه تعالى من صلب جعفر مولودا يقال له موسى سمّي موسى بن عمران عليه السّلام أشد الناس تعبّدا فهو الإمام و الحجة بعد أبيه،و يخرج اللّه من صلب موسى ولدا يقال له علي معدن علم اللّه و موضع حكمه و هو الإمام و الحجة بعد أبيه،و يخرج اللّه من صلب علي مولودا يقال له محمد فهو الإمام و الحجة بعد أبيه، و يخرج اللّه من صلب محمد ولدا يقال له عليّ فهو الإمام و الحجة بعد أبيه،و يخرج اللّه من صلب علي مولودا يقال له الحسن فهو الإمام و الحجة بعد أبيه،و يخرج اللّه من صلب الحسن الحجة القائم إمام شيعته و منقذ أوليائه،يغيب حتى لا يرى و يرجع عن أمره قوم و يثبت عليه آخرون وَ يَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ و لو لم يكن من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل اللّه عزّ و جلّ ذلك اليوم حتى يخرج قائمنا فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما فلا تخلو الأرض منكم،أعطاكم اللّه علمي و فهمي و لقد دعوت اللّه تبارك و تعالى أن يجعل العلم و الفقه في عقبي و عقب عقبي و في زرعي و زرع زرعي» (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدّب و جعفر بن محمد بن مسرور قدّس سرّه قالا:حدّثنا محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أبيه عن الريّان بن الصلت قال:حضر الرضا عليه السّلام مجلس المأمون بمرو و قد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق و خراسان فقال المأمون:أخبروني عن معنى هذه الآية ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا (2)فقالت العلماء:أراد اللّه تعالى بذلك الأمة كلّها.

فقال المأمون:ما تقول يا أبا الحسن؟

فقال الرضا عليه السّلام:«لا أقول كما قالوا و لكني أقول أراد اللّه عزّ و جلّ بذلك العترة2.

ص: 118


1- كفاية الأثر:162.
2- فاطر:32.

الطاهرة»،فقال المأمون:و كيف عنى العترة الطاهرة من دون الأمة؟

فقال له الرضا عليه السّلام:«إنه لو أراد الأمة لكانت بأجمعها في الجنة لقول اللّه تعالى:

فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (1) ثم جمعهم كلّهم في الجنة فقال: جَنّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ... (2)الآية.فصارت الوراثة للعترة الطاهرة لا لغيرهم».

فقال المأمون:من العترة الطاهرة؟

فقال الرضا عليه السّلام:«الذين وصفهم اللّه تعالى في كتابه فقال: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (3)و هم الذين قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:إني مخلّف فيكم الثقلين كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي و إنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما؛أيها الناس لا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم».

قالت العلماء:أخبرنا يا أبا الحسن عن العترة أهم الآل أم غير الآل؟

فقال الرضا عليه السّلام:«هم الآل».

فقالت العلماء:هذا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يؤثر عنه أنه قال:«أمتي آلي»و هؤلاء أصحابه يقولون بالخبر المستفاض الذي لا يمكن دفعه:آل محمد أمته فقال أبو الحسن عليه السّلام:

«أخبروني هل تحرم الصدقة على الآل؟

قالوا:نعم،قال:فتحرم على الأمة؟

قالوا:لا،فقال:هذا فرق بين الآل و الأمة و يحكم أين يذهب بكم أضربتم عن الذكر صفحا أم أنتم قوم مسرفون؟!أما علمتم أنه وقعت الوراثة و الطهارة على المصطفين المهتدين دون سائرهم؟!3.

ص: 119


1- فاطر:32.
2- فاطر:33.
3- الأحزاب:33.

قالوا:و من أين يا أبا الحسن؟

فقال عليه السّلام:من قول اللّه تعالى: وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَ إِبْراهِيمَ وَ جَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَ الْكِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ (1)فصارت النبوة و الكتاب للمهتدين دون الفاسقين،أما علمتم أنّ نوحا عليه السّلام سأل ربّه تعالى ذكره فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَ إِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَ أَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ (2)و ذلك أن اللّه وعده أن ينجيه و أهله فقال له ربّه عزّ و جلّ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ (3)».

فقال المأمون:هل فضّل اللّه العترة على سائر الناس؟

فقال أبو الحسن:«إنّ اللّه تعالى أبان فضل العترة على سائر الناس في محكم كتابه، فقال له المأمون:أين ذلك من كتاب اللّه تعالى؟

فقال له الرضا عليه السّلام:في قوله تعالى: إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ (4)و قال عزّ و جلّ في موضع آخر: أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً (5)ثم ردّ المخاطبة على أثر هذا إلى سائر المؤمنين فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (6)يعني الذين قرنهم الكتاب و الحكمة و حسدوا عليها فقوله تعالى: أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً يعني الطاعة9.

ص: 120


1- الحديد:26.
2- هود:45.
3- هود:46.
4- آل عمران:33-34.
5- النساء:54.
6- النساء:59.

للمصطفين الطاهرين فالملك هاهنا هو الطاعة لهم.

قالت العلماء:فأخبرنا هل فسّر اللّه تعالى الاصطفاء في الكتاب؟

فقال الرضا عليه السّلام:«فسّر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثني عشر موضعا و موطئا فأول ذلك قوله تعالى: وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ و رهطك المخلصين هكذا في قراءة أبيّ بن كعب و هي ثابتة في مصحف عبد اللّه بن مسعود و هذه منزلة رفيعة و فضل عظيم و شرف عال حين عنى اللّه بذلك الآل فذكره رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فهذه واحدة،و الآية الثانية في الاصطفاء قول اللّه عزّ و جلّ: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (1)و هذا الفضل الذي لا يجهله أحد معاندا أصلا لأنه فضل بعد طهارة تنتظر فهذه الثانية،و أما الثالثة فحين ميّز اللّه تعالى الطاهرين من خلقه و أمر نبيه صلّى اللّه عليه و آله بالمباهلة بهم في آية الابتهال فقال عزّ و جلّ: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ (2)فأبرز النبي صلّى اللّه عليه و آله عليا و الحسن و الحسين و فاطمة(صلوات اللّه و سلامه عليهم)و قرن أنفسهم بنفسه،فهل تدرون ما معنى قوله عزّ و جل وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ؟.

قالت العلماء:عنى به نفسهم،فقال أبو الحسن:غلطتم إنما عنى به علي بن أبي طالب عليه السّلام و مما يدل على ذلك قول النبي صلّى اللّه عليه و آله حين قال:لينتهين بنو وليعة أو لأبعثن إليهم رجلا كنفسي.يعني علي بن أبي طالب عليه السّلام فهذه خصوصية لا يتقدّمه فيها أحد،و فضل لا يلحقه فيه بشر،و شرف لا يسبقه إليه خلق،إذ جعل نفس علي كنفسه فهذه الثالثة،و أما الرابعة فإخراجه صلّى اللّه عليه و آله الناس من مسجده ما خلا العترة التي حتى تكلّم الناس في ذلك و تكلّم العباس فقال:يا رسول اللّه تركت عليّا و أخرجتنا؟!فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:ما أنا تركته و أخرجتكم و لكنّ اللّه تركه و أخرجكم و في هذا تبيان لقوله صلّى اللّه عليه و آله لعلي عليه السّلام:أنت مني1.

ص: 121


1- الأحزاب:33.
2- آل عمران:61.

بمنزلة هارون من موسى.

قالت العلماء:و أين هذا من القرآن؟

قال أبو الحسن عليه السّلام:أوجدكم في ذلك قرآنا أقرأه عليكم؟

قالوا:هات.

قال:قول اللّه تعالى وَ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَ أَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَ اجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً (1)ففي هذه الآية منزلة هارون من موسى و فيها أيضا منزلة علي من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و مع هذا دليل ظاهر في قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حين قال:ألا إنّ هذا المسجد لا يحلّ لجنب إلاّ لمحمد و آله.

فقالت العلماء:يا أبا الحسن هذا الشرح و هذا البيان لا يوجد إلا عندكم معشر أهل بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال:و من ينكر لنا ذلك و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:أنا مدينة الحكمة و علي بابها فمن أراد الحكمة فليأتها من بابها.ففيما أوضحنا و شرحنا من الفضل و الشرف و التقدمة و الاصطفاء و الطهارة ما لا ينكره معاند و للّه تعالى الحمد على ذلك فهذه الرابعة.

و الآية الخامسة قوله تعالى: وَ آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ (2)خصوصية خصّهم اللّه العزيز الجبار بها و اصطفاهم على الأمة فلما نزلت هذه الآية على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:ادعو إليّ فاطمة،فدعيت له فقال:يا فاطمة،قالت:لبّيك يا رسول اللّه فقال صلّى اللّه عليه و آله:هذه فدك هي مما لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب و هي لي خاصة دون المسلمين فقد جعلتها لك لما أمرني اللّه تعالى به فخذيها لك و لولدك فهذه الخامسة.

و الآية السادسة قول اللّه عزّ و جل: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى (3)3.

ص: 122


1- يونس:87.
2- الاسراء:26.
3- الشورى:23.

و هذه خصوصية للنبي صلّى اللّه عليه و آله إلى يوم القيامة،و خصوصية للآل دون غيرهم،و ذاك أنّ اللّه تعالى حكى في ذكر نوح عليه السّلام في كتابه يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالاً إِنْ أَجرِيَ إِلاّ عَلَى اللّهِ وَ ما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَ لكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ (1)و حكى عزّ و جلّ عن هود عليه السّلام انّه قال: يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَ فَلا تَعْقِلُونَ (2)و قال عزّ و جلّ لنبيّه محمد صلّى اللّه عليه و آله:قل يا محمد لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى (3)و لم يفرض اللّه تعالى مودتهم إلاّ و قد علم انّهم لا يرتدون عن الدين أبدا و لا يرجعون إلى ضلال أبدا و أخرى أن يكون الرجل و ادا للرجل فيكون بعض أهل بيته عدّوا له فلا يسلم له قلب الرجل فأحب اللّه أن لا يكون في قلب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على المؤمنين شيء ففرض اللّه عليهم مودّة ذوي القربى فمن أخذ بها و أحب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أحب أهل بيته لم يستطع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يبغضه و من تركها و لم يأخذ بها و أبغض أهل بيته عليهم السّلام فعلى رسول اللّه أن يبغضه لأنه قد ترك فريضة من فرائض اللّه تعالى فأي فضيلة و أي شرف يتقدم هذا أو يدانيه فأنزل اللّه تعالى هذه الآية على نبيّه قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى فقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في أصحابه فحمد اللّه و اثنى عليه و قال:أيها الناس قد فرض اللّه لي عليكم فرضا فهل أنتم مؤدّوه؟فلم يجبه أحد فقال:أيها الناس إنه ليس بذهب و لا فضة و لا مأكول و لا مشروب.

فقالوا:هات إذا،فتلا عليهم هذه الآية فقالوا:أمّا هذه فنعم.فما و فى بها أكثرهم، و ما بعث اللّه عزّ و جلّ نبيا إلاّ أوحى إليه أن لا يسأل قومه أجرا لأنّ اللّه تعالى يوفي أجر الأنبياء عليهم السّلام و محمد صلّى اللّه عليه و آله فرض اللّه عزّ و جل مودّة قرابته على أمته و أمره أن يجعل أجره فيهم ليودوه في قرابته بمعرفة فضلهم الذي أوجبه اللّه تعالى لهم فإن3.

ص: 123


1- هود:29.
2- هود:51.
3- الشورى:23.

المودّة إنّما تكون على قدر معرفة الفضل،فلمّا أوجب اللّه تعالى ذلك ثقل لثقل وجوب الطاعة فتمسّك بها قوم قد أخذ اللّه تعالى ميثاقهم على الوفاء و عاند أهل الشقاق و النفاق ألحدوا في ذلك فصرفوه عن حدّه الذي حدّه اللّه تعالى فقالوا:القرابة هم العرب كلها و أهل دعوته فعلى أي الحالتين كان فقد علمنا أن المودة هي القرابة فأقربهم من النبي صلّى اللّه عليه و آله أولاهم بالمودّة و كلما قربت القرابة كانت المودّة على قدرها و ما أنصفوا نبي اللّه صلّى اللّه عليه و آله في حيطته و رأفته و ما منّ اللّه به على أمّته مما تعجز الألسن عن وصف الشكر عليه أن لا يودوه في ذريته و أهل بيته و أن لا يجعلوهم منهم كمنزلة العين من الرأس حفظا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فيهم و حبّا لبنيه.

فكيف و القرآن ينطق به و يدعو إليه و الأخبار ثابتة بانّهم أهل المودّة و الذين فرض اللّه تعالى مودّتهم و وعد الجزاء عليها أنه ما وفى أحد بهذه المودّة مؤمنا مخلصا إلاّ استوجب الجنة لقول اللّه تعالى: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى مفسّرا و مبيّنا.

ثم قال أبو الحسن عليه السّلام:حدثني أبي عن جدّه عن اّبائه عن الحسن بن علي عليه السّلام قال:

«إجتمع المهاجرون و الأنصار إلى رسول اللّه فقالوا:إنّ لك يا رسول اللّه مؤونة في نفقتك و فيمن يأتيك من الوفود و هذه أموالنا مع دمائنا فاحكم فيها بارّا مأجورا أعط ما شئت و أمسك ما شئت من غير حرج قال:فأنزل اللّه تعالى عليه الرّوح الأمين فقال:يا محمد قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى يعني:أن تودوا قرابتي من بعدي فخرجوا،فقال المنافقون:ما حمل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على ترك ما عرضنا عليه إلاّ ليحثنا على قرابته من بعده إن هو إلاّ شيء افتراه في مجلسه،و كان ذلك من قولهم عظيما فأنزل اللّه تعالى جبريل بهذه الآية أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (1)فبعث إليهم النبي صلّى اللّه عليه و آله فقال:هل من حدث؟

«إجتمع المهاجرون و الأنصار إلى رسول اللّه فقالوا:إنّ لك يا رسول اللّه مؤونة في نفقتك و فيمن يأتيك من الوفود و هذه أموالنا مع دمائنا فاحكم فيها بارّا مأجورا أعط ما شئت و أمسك ما شئت من غير حرج قال:فأنزل اللّه تعالى عليه الرّوح الأمين فقال:يا محمد قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى يعني:أن تودوا قرابتي من بعدي فخرجوا،فقال المنافقون:ما حمل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على ترك ما عرضنا عليه إلاّ ليحثنا على قرابته من بعده إن هو إلاّ شيء افتراه في مجلسه،و كان ذلك من قولهم عظيما فأنزل اللّه تعالى جبريل بهذه الآية أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (1)فبعث إليهم النبي صلّى اللّه عليه و آله فقال:هل من حدث؟

فقالوا:أي و اللّه يا رسول اللّه،لقد قال بعضنا كلاما غليظا كرهناه فتلا عليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الآية فبكوا و اشتدّ بكاؤهم فأنزل اللّه تعالى وَ هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ (2)فهذه السادسة.

و أما السابعة فقول اللّه تعالى: إِنَّ اللّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً (3)و قد علم المعاندون منهم أنه لما نزلت هذه الآية قيل:يا رسول اللّه قد عرفنا التسليم عليك فكيف الصلاة عليك؟

فقال:تقولون اللّهم صلّ على محمد و آل محمد كما صليت على إبراهيم و اّل إبراهيم إنك حميد مجيد،فهل بينكم معاشر الناس في هذا خلاف؟

قالوا:لا،قال المأمون:هذا مما لا خلاف فيه اصلا و عليه إجماع الأمة،فهل عندك في الآل شيء أوضح من هذا في القرآن؟

قال أبو الحسن عليه السّلام:«نعم أخبروني عن قول اللّه تعالى: يس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (4)فمن عنى بقوله(يس)؟

قالت العلماء:(يس)محمد صلّى اللّه عليه و آله لم يشك فيه أحد.

قال أبو الحسن عليه السّلام:إن اللّه تعالى أعطى محمدا و آل محمد من ذلك فضلا لا يبلغ أحد كنه وصفه إلاّ من عقله و ذلك انّ اللّه عزّ و جل لم يسلم على أحد إلاّ على الأنبياء عليهم السّلام4.

ص: 124


1- الأحقاف:8.
2- الشورى:25.
3- الأحزاب:56.
4- يس:1-4.

فقال تعالى: سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ (1)و قال: سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ (2)و قال:

سَلامٌ عَلى مُوسى وَ هارُونَ (3) و لم يقل سلام على آل نوح و لم يقل سلام على آل موسى و لا على آل إبراهيم و قال: سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ (4)يعني آل محمد صلّى اللّه عليه و آله»

فقال المأمون:قد علمت أن في معدن النبوة شرح هذا و بيانه،و هذه السابعة.

فأما الثامنة فقول اللّه: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ (5)فقرن سهم ذي القربى مع سهمه و سهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فهذا فصل أيضا بين الآل و الأمة لأنّ اللّه تعالى جعلهم في حيز و جعل الناس في حيز دون ذلك و رضي لهم ما رضي لنفسه و اصطفاهم فيه فبدأ بنفسه ثم برسوله ثم بذي القربى و كل ما كان من الفيء و الغنيمة و غير ذلك مما رضيه عزّ و جل لنفسه و رضيه لهم فقال و قوله الحق: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى فهذا تأكيد مؤكد و أثر قائم لهم إلى يوم القيامة في كتاب اللّه الناطق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد و أما قوله: وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ فإن اليتيم إذ انقطع يتمه خرج من الغنائم و لم يكن له فيها نصيب و كذلك المسكين إذا انقطعت مسكنته لم يكن له نصيب من المغنم و لا يحلّ له أخذه،و سهم ذي القربى قائم إلى يوم القيامة فيهم للغني و الفقير منهم لأنه لا أحد أغنى من اللّه عزّ و جلّ و لا من رسول اللّه فجعل لنفسه منهما سهما و لرسوله سهما فما رضيه لنفسه و لرسوله رضيه لهم و كذلك الفيء ما رضيه منه لنفسه و لنبيّه رضيه لذي القربى،كما أجراهم في الغنيمة فبدأ1.

ص: 125


1- الصافات:79.
2- الصافات:109.
3- الصافات:120.
4- الصافات:130.
5- الأنفال:41.

بنفسه جلّ جلاله ثم برسوله ثم بهم و قرن سهمهم بسهم اللّه و سهم رسوله و كذلك في الطاعة قال اللّه تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (1)فبدأ بنفسه ثم برسوله ثم بأهل بيته و كذلك آية الولاية: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا (2)فجعل ولايتهم مع طاعة الرسول مقرونة بطاعته كما جعل سهمهم مع سهم الرسول مقرونا بسهمه في الغنيمة و الفيء،فتبارك اللّه ما أعظم نعمته على أهل هذا البيت فلما جاءت قصة الصدقة نزّه نفسه و نزّه رسوله و نزّه أهل بيته فقال اللّه تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقابِ وَ الْغارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللّهِ (3)فهل تجد في شيء من ذلك أنه جعل عز و جلّ سهما لنفسه أو لرسوله أو لذي القربى لأنه لما نزّه نفسه عن الصدقة و نزّه رسوله و نزّه أهل بيته لا بل حرّم عليهم لأن الصدقة محرّمة على محمد و آل محمد و هي أوساخ أيدي الناس لا يحل لهم لأنهم طهّروا من كل دنس و وسخ فلما طهّرهم اللّه و اصطفاهم رضي لهم ما رضي لنفسه و كره لهم ما كره لنفسه عزّ و جل فهذه الثامنة.

و أما التاسعة فنحن أهل الذكر الذين قال اللّه تعالى في محكم كتابه: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (4)فقالت العلماء:إنما عنى بذلك اليهود و النصارى فقال أبو الحسن:سبحان اللّه و هل يجوز ذلك؟!اذا يدعوننا إلى دينهم و يقولون:إنهم أيضا من دين الإسلام فقال المأمون:فهل عندك في ذلك شرح بخلاف ما قالوا يا أبا الحسن؟

فقال عليه السّلام:نعم،الذكر:رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و نحن أهله،و ذلك بيّن في كتاب اللّه عزّ و جل3.

ص: 126


1- النساء:59.
2- المائدة:55.
3- التوبة:60.
4- النحل:43.

حيث يقول في سورة الطلاق: فَاتَّقُوا اللّهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللّهِ مُبَيِّناتٍ و الذكر:رسول اللّه و نحن أهله فهذه التاسعة.

و أما العاشرة فقول اللّه تعالى في آية التحريم: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ وَ أَخَواتُكُمْ... الآية إلى آخرها فأخبروني هل تصلح ابنتي أو ابنة ابني و ما تناسل من صلبي لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يتزوجها لو كان حيا؟

قالوا:لا.

قال:فأخبروني هل كانت ابنة أحدكم تصلح له أن يتزوجها لو كان حيا؟

قالوا:نعم.

قال:ففي هذا بيان لأني أنا من آله،و لستم من آله،و لو كنتم من آله لحرّم عليه بناتكم كما حرّم عليه بناتي لأني من آله و أنتم من أمته فهذا فرق ما بيّن الآل و الأمة لأن الآل منه و الأمة إذا لم تكن من الآل ليست منه فهذه العاشرة.

و أما الحادي عشر فقول اللّه تعالى في سورة المؤمن حكاية عن قول رجل مؤمن من آل فرعون: وَ قالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَ تَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللّهُ وَ قَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ تمام الآية و كان ابن خال فرعون فنسبه إلى فرعون بنسبه و لم يضفه إليه بدينه،و كذلك خصصنا نحن إذ كنا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بولادتنا منه و عمّمنا الناس بالدين،فهذا فرق ما بين الآل و الأمة فهذا الحادي عشر.

و أما الثاني عشر فقوله عزّ و جلّ وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَيْها فخصّنا اللّه تعالى بهذه الخصوصية إذ أمرنا مع الأمّة بإقامة الصلاة ثم خصّنا من دون الأمة فكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يجيء إلى باب علي و فاطمة بعد نزول هذه الآية تسعة أشهر كل يوم عند حضور كل صلاة خمس مرات فيقول:الصلاة رحمكم اللّه،و ما أكرم اللّه أحدا من ذراري الأنبياء عليهم السّلام بمثل هذه الكرامة التي أكرمنا اللّه بها و خصّنا من دون جميع أهل بيتهم».

فقال المأمون و العلماء:جزاكم اللّه أهل بيت نبيّكم عن الأمة خيرا فما نجد الشرح

ص: 127

و البيان فيما اشتبه علينا إلا عندكم (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان قال:حدّثنا الحسن بن علي بن الحسين السّكري عن محمد بن زكريا الجوهري عن جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين عن أبيه علي بن أبي طالب عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«اني مخلف فيكم الثقلين كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي و إنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض كهاتين و ضمّ بين سبّابتيه فقام إليه جابر بن عبد اللّه الأنصاري فقال:يا رسول اللّه من عترتك؟

قال:علي و الحسن و الحسين و الأئمة من ولد الحسين إلى يوم القيامة» (2).

محمد بن يعقوب عن محمد بن الحسين و غيره عن سهل عن محمد بن عيسى و محمد بن يحيى و محمد بن الحسين جميعا عن محمد بن سنان عن إسماعيل بن جابر و عبد الكريم بن عمرو عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«أوصى موسى إلى يوشع بن نون و أوصى يوشع بن نون إلى ولد هارون،و لم يوص إلى ولده و لا إلى ولد موسى إنّ اللّه عزّ و جل له الخيرة يختار من يشاء ممن يشاء،و بشر موسى و يوشع بالمسيح عليه السّلام فلما أن بعث اللّه عزّ و جل المسيح قال المسيح عليه السّلام لهم:إنه سوف يأتي من بعدي نبي اسمه أحمد من ولد إسماعيل عليه السّلام يجيء بتصديقي و تصديقكم و عذري و عذركم،و جرت من بعده في الحواريين في المستحفظين،و إنما سماهم اللّه عزّ و جل المستحفظين لأنهم استحفظوا الاسم الأكبر و هو الكتاب الذي يعلم به علم كل شيء،الذي كان مع الأنبياء صلوات اللّه عليهم يقول اللّه عزّ و جل: لَقَدْ1.

ص: 128


1- أمالي الصدوق:/615مجلس /79ح 1.
2- معاني الأخبار:54/91.

أَرْسَلْنا رسلا من قبلك وَ أَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَ الْمِيزانَ (1)الكتاب الاسم الأكبر و إنما عرف مما يدعى الكتاب التورية الانجيل و الفرقان فيها كتاب نوح عليه السّلام و فيها كتاب صالح و شعيب و إبراهيم فاخبره اللّه عزّ و جل إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى (2)فأين صحف إبراهيم،إنما صحف إبراهيم الاسم الأكبر،و صحف موسى [الاسم الأكبر]فلم تزل الوصية في عالم بعد عالم حتى دفعوها إلى محمد صلّى اللّه عليه و آله فلمّا بعث اللّه عزّ و جل محمدا أسلم له العقب من المستحفظين و كذبه بنو إسرائيل و دعا إلى اللّه عزّ و جل و جاهد في سبيله،ثم أنزل اللّه عز ذكره عليه أن أعلن فضل وصيّك فقال:يا ربّ إنّ العرب قوم جفاة لم يكن فيهم كتاب و لم يبعث إليهم نبي و لا يعرفون فضل بيوتات الأنبياء و لا شرفهم و لا يؤمنون بي إن أنا أخبرتهم بفضل أهل بيتي فقال اللّه عز ذكره:

وَ لا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَ قُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3) فذكر من فضل وصيّه ذكرا فوقع النفاق في قلوبهم،فعلم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ذلك و ما يقولون فقال اللّه جلّ ذكره:يا محمد: قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظّالِمِينَ بِآياتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ (4)لكونهم (5)يجحدون بغير حجة لهم،و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يتألّفهم و يستعين ببعضهم على بعض،و لا يزال يخرج لهم شيئا في فضل وصيّه حتى نزلت هذه السورة فاحتج عليهم حين أعلم بموته و نعيت إليه نفسه فقال اللّه جل ذكره: فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَ إِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ (6)يقول:فإذا فرغت فانصب علمك و أعلن وصيّك فأعلمهم فضله علانية فقال عليه السّلام:من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من8.

ص: 129


1- الآية: لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَ أَنْزَلْنا... الحديد:25.
2- الأعلى:18-19.
3- النحل:127.
4- الأنعام:33.
5- في بعض المصادر:و لكنهم.
6- الانشراح:8.

عاداه ثلاث مرات،ثم قال:لا بعثنّ رجلا يحب اللّه و رسوله و يحبّه اللّه و رسوله ليس بفرّار، يعرض بمن رجع يجبن أصحابه و يجبنونه.

و قال النبي صلّى اللّه عليه و آله:عليّ سيد المؤمنين و قال:علي عمود الدين،و قال:هذا هو الذي يضرب الناس بالسيف على الحق بعدي،و قال:الحق مع علي أينما مال،و قال:إني تارك فيكم أمرين إن أخذتم بهما لن تضلّوا كتاب اللّه عزّ و جل و أهل بيتي عترتي،أيها الناس اسمعوا و قد بلغت انّكم ستردون عليّ الحوض فأسألكم عمّا فعلتم في الثقلين،و الثقلان كتاب اللّه جل ذكره و أهل بيتي فلا تسبقوهم فتهلكوا و لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم.

فوقعت الحجة بقول النبي صلّى اللّه عليه و آله و بالكتاب الذي يقرأه الناس،فلم يزل يلقي فضل أهل بيته بالكلام و يبيّن لهم بالقرآن إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (1)و قال عزّ ذكره: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى (2)ثم قال جلّ ذكره وَ آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ (3)فكان علي عليه السّلام و كان حقه الوصية التي جعلت له،و الأسم الأكبر و ميراث العلم و آثار علم النبوة فقال: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى (4)ثم قال: وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (5)يقول:

أسألكم عن المودة التي أنزلت عليكم فضلها مودة القربى بأي ذنب قتلتموهم،و قال جل ذكره: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (6)قال:الكتاب:الذكر،و أهله آل محمد صلّى اللّه عليه و آله أمر اللّه عزّ و جل بسؤالهم و لم يؤمروا بسؤال الجهّال،و سمّى اللّه عزّ و جل القرآن ذكرا فقال تبارك و تعالى: وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَ لَعَلَّهُمْ3.

ص: 130


1- الاحزاب:33.
2- الانفال:42.
3- الاسراء:26.
4- الشورى:23.
5- التكوير:8-9.
6- النحل:43.

يَتَفَكَّرُونَ (1) و قال عزّ و جلّ: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ (2)و قال عزّ و جل: أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (3)و قال عزّ و جل: وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ (4)فردّ اللّه الأمر- أمر الناس-إلى أولي الأمر منهم الذين أمر بطاعتهم و بالرد إليهم.

فلمّا رجع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من حجة الوداع نزل عليه جبرائيل عليه السّلام فقال: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ إِنَّ اللّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (5)فنادى الناس فاجتمعوا و أمر بسمرات فقم شوكهن ثم قال صلّى اللّه عليه و آله:يا أيها الناس من وليّكم و أولى بكم من أنفسكم؟

فقالوا:اللّه و رسوله،فقال:من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه ثلاث مرات،فوقعت حسكة النفاق في قلوب القوم و قالوا:ما أنزل عزّ و جلّ هذا على محمد قط،و ما يريد محمد إلاّ أن يرفع بضبع ابن عمّه،فلما قدم المدينة أتته الأنصار فقالوا:يا رسول اللّه إن اللّه جلّ ذكره قد أحسن إلينا و شرفنا بك و بنزولك بين ظهرانينا فقد فرّح اللّه صديقنا و كبت عدوّنا و قد يأتيك وفود فلا تجد ما تعطيهم فيشمت بك العدو،فنحب أن تأخذ ثلث أموالنا حتى إذا قدم عليك وفد مكة وجدت ما تعطيهم، فلم يرّد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليهم شيئا و كان ينتظر ما يأتيه من ربّه فنزل عليه جبرائيل و قال:

قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى و لم يقبل أموالهم،فقال المنافقون:ما أنزل اللّه هذا على محمد و ما يريد إلا أن يرفع بضبع ابن عمه و يحمل علينا أهل بيته8.

ص: 131


1- النحل:44.
2- الزخرف:44.
3- النساء:59.
4- النساء:83.
5- المائدة:68.

يقول أمس:من كنت مولاه فعلي مولاه و اليوم:قل لا أسئلكم عليه أجرا إلاّ المودّة في القربى،ثم نزل عليه آية الخمس فقالوا:يريد أن يعطيهم أموالنا و فيأنا،ثم أتاه جبرائيل فقال:يا محمد إنك قد قضيت نبوّتك و استكملت أيامك فاجعل الاسم الأكبر و ميراث العلم و آثار علم النبوة عند علي،فإني لم أترك الأرض إلا و فيها عالم تعرف به طاعتي و تعرف به ولايتي،و يكون حجة لمن يولد بين قبض النبي إلى خروج النبي الآخر قال:

فأوصى إليه بالاسم الأكبر و ميراث العلم و آثار علم النبوة،و أوصى إليه بألف كلمة و ألف باب يفتح كل كلمة و كل باب ألف كلمة و الف باب» (1).

الشيخ في أماليه قال:أخبرنا محمد بن محمد-يعني المفيد-قال:حدّثنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه رحمه اللّه قال:حدثني أبي قال:حدثني سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب الزراد عن أبي محمد الأنصاري عن معاوية بن وهب قال:كنت جالسا عند جعفر بن محمد عليه السّلام إذ جاء شيخ قد انحنى من الكبر فقال:السلام عليك و رحمة اللّه و بركاته فقال أبو عبد اللّه:

«و عليك السلام و رحمة اللّه و بركاته يا شيخ ادن مني،فدنا منه و قبّل يده و بكى فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:و ما يبكيك يا شيخ قال له:يابن رسول اللّه إني مقيم على رجاء منكم منذ مائة سنة.

أقول:هذه السنة و هذا الشهر و هذا اليوم و لا أراه فيكم فتلومني أن أبكي،قال:

فبكى أبو عبد اللّه ثم قال:يا شيخ إن اخّرت منيّتك كنت معنا و ان عجلت كنت يوم القيامة مع ثقل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال الشيخ:ما أبالي ما فاتني من بعد هذا يابن رسول اللّه فقال له أبو عبد اللّه عليه السّلام:يا شيخ إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلوا كتاب اللّه المنزل و عترتي أهل بيتي تجيء و أنت معنا يوم القيامة،ثم قال:يا شيخ ما احسبك من أهل الكوفة،قال:لا،قال:فمن أين؟3.

ص: 132


1- أصول الكافي:296/1 ح 3.

قال:من سوادها جعلت فداك،قال:أين أنت من قبر جدي المظلوم الحسين عليه السّلام؟

قال:إني لقريب منه قال:كيف إتيانك له؟

قال:إني لآتيه و أكثر،قال:يا شيخ ذاك دم يطلب اللّه تعالى به ما أصيب ولد فاطمة و لا يصابون بمثل الحسين عليه السّلام و لقد قتل عليه السّلام في سبعة عشر من أهل بيته نصحوا للّه و صبروا في جنب اللّه فجزاهم أحسن جزاء الصابرين أنه إذا كان يوم القيامة أقبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و معه الحسين عليه السّلام و يده على رأسه يقطر دما فيقول:يا رب سل أمتي فيم قتلوا ابني و قال عليه السّلام:كل الجزع و البكاء مكروه سوى الجزع و البكاء على الحسين» (1).

سليم بن قيس الهلالي في كتابه و منه نسخت عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في آخر خطبة خطبها ثم قبض من يومه:«إني تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسّكتم بهما:كتاب اللّه و أهل بيتي،فإن اللطيف الخبير عهد إليّ أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض كهاتين و أشار باصبعيه المسبحتين-و لا أقول كهاتين إحداهما أطول من الأخرى (2)-و أشار بالمسبحة و الوسطى-،فتمسّكوا بهما لا تضلّوا و لا تقدّموهم فتهلكوا،و لا تخلّفوا عنهم فتمرقوا (3)و لا تعلّموهم فإنهم أعلم منكم،قال:

قلت:يا أمير المؤمنين سمّهم (4)لي؟

قال:الذي نصبه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بغدير خم فأخبرهم أنه أولى بهم من أنفسهم،ثم أمرهم أن يعلم الشاهد الغائب منهم.

فقلت:أنت هو يا أمير المؤمنين؟

قال:أنا أولهم و أفضلهم،ثم ابني الحسن من بعدي أولى بهم من أنفسهم،ثم ابنيه.

ص: 133


1- أمالي الطوسي:/161مجلس /6ح 20.
2- في بعض المصادر:لأن إحداهما قدام الاخرى.
3- في بعض المصادر:فتفرقوا.
4- في بعض المصادر:سمّه.

الحسين من بعده أولى بالمؤمنين من أنفسهم،ثم أوصياء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتى يردوا عليه حوضه واحدا بعد واحد» (1).

سليم بن قيس الهلالي في كتابه عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:«كنت أدخل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كل يوم دخلة و في كل ليلة دخلة فيخليني فيها أدور معه حيث دار،و قد علم أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنه لم يكن يصنع ذلك بأحد من الناس غيري[و ربما كان ذلك في منزلي يأتيني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فإذا دخلت عليه في بعض منازله خلا بي و أقام نساءه فلم يبق غيري]و غيره،و إذا أتاني للخلوة في منزلي لم تقم عنّا فاطمة و لا أحد من ابني،[كنت]إذا سألته أجابني و إذا سكت أو نفذت مسائلي ابتدأني،فما نزلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله آية من القرآن إلا أقرأنيها و أملاها عليّ و كتبتها بخطي،و دعى اللّه أن يفهّمني و يحفّظني فما نسيت من كتاب اللّه آية منذ حفظتها و علمت (2)تأويلها،[مذ حفظته و أملاه علي فكتبته،و ما ترك شيئا علّمه اللّه]و لا نزل عليه شيء من حلال و لا حرام و لا أمر و لا نهي و لا طاعة و لا معصية كان أو يكون[إلى يوم القيامة]إلاّ و قد علّمنيه و حفظته ثم لم أنس منه حرفا واحدا،ثم وضع صلّى اللّه عليه و آله يده على صدري و دعى اللّه أن يملأ قلبي علما و فهما و حكما و نورا،و أن يعلّمني فلا أجهل،و أن يحفّظني فلا أنسى.

فقلت له ذات يوم:يا نبي اللّه إنك منذ دعوت اللّه لي لم أنس شيئا مما علّمتني،فلم تمليه عليّ و تأمرني بكتابته أفتجوز (3)عليّ النسيان؟

فقال:يا أخي لست أتخوّف عليك النسيان و لا الجهل،فقد أخبرني اللّه عزّ و جل أنه استجاب لي فيك و في شركائك الذين يكونون من بعدك،فقلت:يا نبي اللّه و من شركائي؟

قال:الذين قرنهم اللّه تعالى بنفسه و بي معه و قد قال في حقهم: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواب.

ص: 134


1- كتاب سليم بن قيس:178 ط.قم المحققة.
2- في بعض المصادر:و علمني.
3- في بعض المصادر:أتتخوف و هو الأنسب.

أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (1) قلت:يا نبي اللّه و من هم؟

قال:الأوصياء إلى أن يردوا عليّ حوضي كلّهم هداة مهديون (2)لا يضرهم كيد من كادهم و لا خذلان من خذلهم،هم مع القرآن و القرآن معهم،لا يفارقونه و لا يفارقهم،بهم ينصر اللّه أمتي و بهم يمطرون و يدفع عنهم بمستجاب دعوتهم،فقلت:يا رسول اللّه سمّهم لي؟

فقال:ابني هذا،و وضع يده على رأس الحسن ثم ابني هذا و وضع يده على رأس الحسين عليه السّلام ثم ابن له يسمى عليّا ثم ابنا له يسمى محمدا[باقر علمي و خازن وحي اللّه] فاقرئه عني السلام[ثم أقبل على الحسين عليه السّلام فقال:سيولد لك(محمد بن علي)في حياتك فاقرئه مني السلام]ثم تكملة الإثني عشر من ولده،فقلت:يا نبي اللّه سمّهم لي بأسمائهم،فسمّاهم رجلا رجلا منهم-و اللّه يا أخا بني هلال-مهدي أمة محمد الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما،و اللّه إني لأعرف جميع من يبايعه بين الركن و المقام و أعرف أسماء الجميع و قبائلهم.

قال سليم:ثم لقيت الحسن و الحسين عليهما السّلام بالمدينة بعد ما قتل علي صلوات اللّه عليه فحدّثتهما بالحديث هذا من أبيهما فقالا:«صدقت،و قد حدّثك أبونا هذا الحديث و نحن جلوس و قد حفظنا ذلك عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كما حدّثك عليّ سواء لم تزد و لم تنقص منه شيئا».

قال سليم:ثم لقيت علي بن الحسين عليه السّلام و عنده ابنه محمد بن علي عليه السّلام.فحدثته مما سمعته من أبيه و عمه عليهما السّلام و ما سمعته من علي عليه السّلام،فقال عليّ بن الحسين عليه السّلام:

«قد أقرأني أمير المؤمنين عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو مريض و أنا صبي»ثم قال محمد:د.

ص: 135


1- هنا زيادة في بعض المصادر:فإن خفتم التنازع في شيء فأرجعوه إلى اللّه و إلى الرسول و الى أولي الامر منكم.
2- في بعض المصادر:هاد مهتد.

«فأقرأني جدي الحسين عليه السّلام بعهد من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله[و هو مريض]».

قال أبان راوي كتاب سليم:فحدّثت علي بن الحسين بهذا الحديث كلّه عن سليم فقال:«صدق سليم» (1).

محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس و علي بن محمد عن سهل بن زياد أبي سعيد عن محمد بن عيسى عن يونس عن ابن مسكان عن أبي بصير:قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عز و جل: أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (2)فقال:«نزلت في علي بن أبي طالب عليه السّلام و الحسن و الحسين عليهما السّلام،فقلت له:إن الناس يقولون:فما له لم يسم علي و أهل بيته في كتاب اللّه عزّ و جل؟

قال:فقال:قولوا لهم:إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نزلت عليه الصلاة و لم يسمّ اللّه لهم ثلاثا و لا أربعا حتى كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله هو الذي فسّر ذلك لهم،و نزلت عليه الزكاة و لم يسمّ لهم من كل أربعين درهما درهم حتى كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله هو الذي فسّر ذلك لهم،و قد نزل الحج فلم يقل لهم:طوفوا أسبوعا حتى كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله هو الذي فسّر ذلك لهم و نزلت أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ و نزلت في علي و الحسن و الحسين فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في علي عليه السّلام:من كنت مولاه فعلي مولاه،و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أوصيكم بكتاب اللّه و أهل بيتي فإني سألت اللّه عزّ و جل أن لا يفرق بينهما حتى يوردهما عليّ الحوض فأعطاني ذلك،و قال:لا تعلّموهم فإنهم أعلم منكم،و قال:إنهم لن يخرجوكم من باب هدى و لن يدخلوكم في باب ضلالة،فلو سكت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لم يبيّن من أهل بيته لادّعاها آل فلان و آل فلان،و لكن اللّه عزّ و جل أنزل في كتابه9.

ص: 136


1- كتاب سليم:184-185.
2- النساء:59.

تصديقا لنبيّه: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (1)فكان علي و الحسن و الحسين و فاطمة عليهما السّلام فأدخلهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تحت الكساء في بيت أم سلمة ثم قال:اللّهم إنّ لكل نبي أهلا و ثقلا و هؤلاء أهل بيتي،فقالت أم سلمة:ألست من أهلك؟

فقال إنك إلى خير و لكن هؤلاء أهلي و ثقلي،فلما قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان علي عليه السّلام أولى الناس بالناس لكثرة ما بلّغ فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و إقامته للناس و أخذه بيده،فلما مضى علي لم يستطع علي و لم يكن ليفعل أن يدخل محمد بن علي و لا العباس بن علي و لا واحدا من ولده،إذا لقال الحسن و الحسين:إنّ اللّه تبارك و تعالى أنزل فينا كما أنزل فيك،و أمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك و بلّغ فينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كما بلّغ فيك و أذهب عنا الرجس كما أذهب عنك،فلما مضى علي عليه السّلام كان الحسن أولى بها لكبره فلما تولى (2)لم يستطع أن يدخل ولده و لم يكن ليفعل و اللّه عزّ و جلّ يقول: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ (3)فيجعلها في ولده إذا لقال الحسين عليه السّلام:أمر اللّه بطاعتي كما أمر بطاعتك و طاعة أبيك و بلّغ فيّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كما بلّغ فيك و في أبيك و أذهب اللّه عني الرجس كما أذهب عنك و عن أبيك،فلما صارت إلى الحسين عليه السّلام لم يكن أحد من أهل بيته يستطيع أن يدّعي عليه كما كان هو يدّعي على أخيه و على أبيه،لو أرادا أن يصرفا الأمر عنه و لم يكونا ليفعلا،ثم صارت حين أفضت إلى الحسين عليه السّلام فجرى تأويل هذه الآية وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ ثم صارت من بعد الحسين لعلي بن الحسين ثم صارت من بعد علي بن الحسين إلى محمد بن علي و قال:الرجس5.

ص: 137


1- الاحزاب:33.
2- في بعض المصادر:توفي.
3- الأنفال:75.

هو الشك و اللّه لا نشك في ربّنا أبدا» (1).

الشيخ محمد بن إبراهيم النعماني في كتاب الغيبة عن أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة (2)و محمد بن همّام بن سهل و عبد العزيز و عبد الواحد ابنا عبد اللّه بن يونس عن رجالهم عن عبد الرزاق بن همام عن معمر بن راشد عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس و أخبرنا به من غير هذه الطريق هارون بن محمد قال:

حدثني أحمد بن عبد اللّه بن جعفر بن المعلى الهمداني قال:حدثني أبو الحسن عمرو بن جامع بن عمرو بن حرب الكندي قال:حدّثنا عبد اللّه بن مبارك شيخ لنا كوفي ثقة قال:حدّثنا عبد الرزاق بن همام عن معمر عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس، و ذكر أبان أنّه سمعه أيضا عن عمر بن أبي سلمة قال معمر:و ذكر أبو هارون العبدي أنّه سمعه أيضا عن عمر بن أبي سلمة عن سليم:أنّ معاوية لما دعا أبا الدرداء و أبا هريرة و نحن مع أمير المؤمنين عليه السّلام بصفين فحمّلهما الرسالة إلى أمير المؤمنين و أدّياه إليه قال:«قد بلغتماني ما أرسلكما به معاوية فاسمعا مني و بلّغاه عني، [كما بلغتماني]قالا:نعم.فأجابه علي عليه السّلام الجواب بطوله حتى انتهى إلى نصب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إياه بغدير خم بأمر اللّه عزّ و جل لمّا أنزل اللّه عزّ و جل عليه: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (3)فقال الناس:يا رسول اللّه أخاصة لبعض المؤمنين أم عامة لجميعهم؟فأمر اللّه نبيّه صلّى اللّه عليه و آله أن يعلمهم ولاية من أمرهم اللّه بولايته،و أن يفسّر لهم من الولاية ما فسّر لهم من صلاتهم و زكاتهم و صومهم و حجهم.

قال الإمام علي عليه السّلام:فنصبني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بغدير خم فقال:إنّ اللّه عزّ و جلّ أرسلني5.

ص: 138


1- اصول الكافي:288/1 ح 1.
2- كلمة غير مقروءة في الأصل.
3- المائدة:55.

برسالة ضاق بها صدري و ظننت أنّ الناس مكذبي فأوعدني لا بلّغنها أو ليعذبني ثم قال:

قم يا علي،ثم نادى بأعلى صوته بعد أن أمر أن ينادى بالصلاة جامعة فصلّى بهم الظهر، ثم قال:أيها الناس إنّ اللّه مولاي و أنا مولى المؤمنين و أنا أولى بهم من أنفسهم،من كنت مولاه فعليّ مولاه والى اللّه من والاه و عادى من عاداه،فقام إليه سلمان الفارسي فقال:يا رسول اللّه ولاء ماذا؟

فقال:من كنت أولى به من نفسه فعليّ أولى به من نفسه فأنزل اللّه: اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً (1).

فقال سلمان الفارسي:يا رسول اللّه أنزلت الآيات في عليّ خاصة؟

فقال:بل فيه و في أوصيائي إلى يوم القيامة،فقال:يا رسول اللّه سمّهم (2)لي؟

فقال:عليّ وصييّ و وزيري و وارثي و خليفتي في أمتي و وليّ كل مؤمن و مؤمنة من بعدي و أحد عشر إماما من بعدي من ولده أوّلهم ابني حسن ثم ابني حسين ثم تسعة من ولد الحسين عليه السّلام واحدا بعد واحد،هم مع القرآن و القرآن معهم لا يفارقونه و لا يفارقهم حتى يردوا عليّ حوضي،فقام اثنا عشر من البدريين الذين شهدوا مع عليّ صفين فقالوا:شهدنا أنّا سمعنا ذلك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كما قلت يا أمير المؤمنين سواء،فلم تزد و لم تنقص،و قال بقية السبعين من البدريين الذين شهدوا مع عليّ صفين:قد حفظنا جلّ ما قلت و لم نحفظه كله،و هؤلاء الاثنا عشر خيارنا و أفاضلنا،فقال عليه السّلام:

صدقتم ليس كل الناس يحفظ و بعضهم أحفظ من بعض» (3).

محمد بن إبراهيم النعماني في الغيبة بالإسناد السابق في حديث أبي الدرداء و أبي هريرة في الحديث قال:و قام من الإثني عشر أربعة:الهيثم بن التيهان و أبو0.

ص: 139


1- المائدة:3.
2- في بعض المصادر المطبوع:بيّنهم.
3- كتاب الغيبة للنعماني:70.

أيوب و عمار و خزيمة[بن ثابت]ذو الشهادتين فقالوا:شهدنا أنّا حفظنا قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله[و اللّه إنه لقائم]و عليّ قائم إلى جنبه و هو يقول:«يا أيها الناس إنّ اللّه أمرني أن أنصب لكم إمامكم و وصيّي (1)فيكم و خليفتي في أهلي و في أمتي من بعدي و الذي فرض اللّه طاعته على المؤمنين في كتابه و أمركم فيه بولايته فقلت:يا رب خشية طعن أهل النفاق و تكذيبهم فأوعدني لأبلّغها أو ليعاقبني،أيها الناس إن اللّه جلّ ذكره أمركم في كتابه بالصلاة و قد بيّنتها لكم و سننتها لكم و الزكاة و الصوم و الحج فبيّنته و فسّرته (2)، و أمركم في كتابه بولايته و إنّي أشهدكم أيها الناس أنها خاصة لعلي و أوصيائي من ولدي و ولده،أولهم حسن ثم ابني حسين ثم تسعة من ولد الحسين لا يفارقون كتاب اللّه حتى يردوا عليّ الحوض.

أيها الناس و قد أعلمتكم مفزعكم بعدي و وليكم و إمامكم و هاديكم بعدي،و هو أخي علي بن أبي طالب و هو فيكم بمنزلتي فقلّدوه دينكم و أطيعوه في جميع أموركم، فإنّ عنده جميع ما علّمني اللّه جلّ و عزّ،أمرني اللّه أن أعلّمه إياه و أن أعلمكم أنّه عنده فسلوه و تعلّموا منه و من أوصيائه،و لا تعلّموهم و لا تتقدموهم و لا تتخلّفوا عنهم فإنّهم مع الحق و الحق معهم لا يزايلونه و لا يزايلهم (3).

محمد بن إبراهيم النعماني في الغيبة بالسند السابق في الحديث ثم قال علي عليه السّلام لأبي الدرداء و أبي هريرة و من حوله:«أيها الناس أتعلمون أنّ اللّه أنزل في كتابه إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (4)فجمعني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله3.

ص: 140


1- في بعض المصادر المطبوع:لكم إماما يكون وصيي.
2- في بعض المصادر لم يذكر الحج و قال:فبينتهما.
3- كتاب الغيبة:72،و فيه تفاوت بسيط في الألفاظ أشرت إلى المهم منه.
4- الاحزاب:33.

و فاطمة و حسنا و حسينا في كساء فقال:اللهم هؤلاء لحمتي (1)و عترتي و ثقلي و حامتي (2)و أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا،فقالت أم سلمة:و أنا،فقال لها:و أنت إلى خير،إنّما أنزلت فيّ و في أخي و ابنتي فاطمة و في ابني حسن و حسين و في تسعة من ولد الحسين خاصة ليس معنا أحد غيرنا؟

فقام جلّ القوم فقالوا:نشهد أنّ أم سلمة حدّثتنا بذلك فسألنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فحدثنا كما حدثتنا أم سلمة.

فقال علي عليه السّلام:ألستم تعلمون أن اللّه عزّ و جل أنزل في سورة الحج يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ افْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَ جاهِدُوا فِي اللّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَ فِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَ تَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النّاسِ (3)فقام سلمان عند نزولها فقال:يا رسول اللّه من هؤلاء الذين أنت شهيد عليهم و هم شهداء على الناس الذين اختارهم اللّه و لم يجعل عليهم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:عنى بذلك ثلاثة عشر إنسانا،أنا و أخي عليا و أحد عشر من ولده.

فقالوا:اللهم نعم قد سمعنا ذلك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

فقال علي عليه السّلام:أنشدكم اللّه أتعلمون أنّ رسول اللّه قام خطيبا ثم لم يخطب بعد ذلك فقال:أيها[الناس] (4)إني قد تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسّكتم بهما كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي،فإنّ اللطيف الخبير أخبرني و عهد إليّ أنهما لا يفترقان حتى يردا عليّل.

ص: 141


1- كذا الظاهر من المخطوط و في بعض المصادر:أحبتي.
2- في بعض المصادر:و خاصتي.
3- الحج:77-78.
4- لا توجد في الأصل.

الحوض؟

قالوا:اللهم قد شهدنا ذلك كلّه من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقام اثنا عشر من الجماعة فقالوا:نشهد أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حين خطب في اليوم الذي قبض فيه قام عمر بن الخطاب شبه المغضب فقال:يا رسول اللّه لكل أهل بيتك؟

فقال:لا،و لكن الأوصياء منهم عليّ أخي و وزيري و وارثي و خليفتي في أمتي و ولي كل مؤمن من بعدي و هو أولهم و خيرهم ثم وصيه بعده ابني هذا-و أشار إلى الحسن ثم وصيه ابني هذا-و أشار إلى الحسين-ثم وصيه ابني بعده سميّ أخي ثم وصيّه بعده سمّيي،ثم سبعة من بعده من ولده واحد بعد واحد،حتى يردوا عليّ الحوض شهداء اللّه في أرضه،و حججه على خلقه،من أطاعهم أطاع اللّه،و من عصاهم عصى اللّه».

فقام السبعون البدريون و نحوهم من المهاجرين فقالوا:ذكرتمونا ما كنا نسيناه،نشهد أنّا قد سمعنا ذلك من رسول اللّه،فانطلق أبو هريرة و أبو الدرداء فحدّثا معاوية بكل ما قال علي و ما استشهد عليه و ما رد على الناس و ما سمعوا به (1).

و روى هذه الأحاديث الثلاث أيضا ابن بابويه في كتاب الغيبة قال:حدّثنا أبي و محمد بن الحسن قدّس سرّه قالا:حدّثنا سعد بن عبد اللّه قال:حدّثنا يعقوب بن يزيد عن حماد بن عيسى عن عمر بن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي و ذكر الاحاديث الثلاثة.

الشيخ أيضا في أماليه قال:أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال:حدّثنا الحسن ابن علي بن زكريا أبو سعيد البصري قال:حدّثنا محمد بن صدقة العنبري قال:

حدّثنا موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه محمد بن علي عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال:صلّى بنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوماة.

ص: 142


1- كتاب الغيبة للنعماني:74،و كمال الدين:279 ح 25 و هو كتاب الغيبة.

صلاة الفجر ثم انفتل و أقبل علينا يحدثنا ثم قال:«أيها الناس من فقد الشمس فليتمسّك بالقمر،و من فقد القمر فليتمسك بالفرقدين،قال:فقمت أنا و أبو أيوب الأنصاري و معنا أنس بن مالك فقلنا:يا رسول اللّه من الشمس؟

قال:أنا،فإذا هو صلّى اللّه عليه و آله قد ضرب لنا مثلا فقال:إنّ اللّه تعالى خلقنا فجعلنا بمنزلة نجوم السماء،كلما غاب نجم طلع نجم فأنا الشمس فإذا ذهب بي فتمسّكوا بالقمر،قلنا:فمن القمر؟

قال:أخي و وصيّي و وزيري و قاضي ديني و أبو ولدي و خليفتي في أهلي علي بن أبي طالب.

قلنا:فمن الفرقدان؟

قال:الحسن و الحسين-ثم مكث مليّا-فقال:و فاطمة هي الزهرة،و عترتي أهل بيتي هم مع القرآن و القرآن معهم لا يفترقان حتى يردا عليّ الحوض» (1).

الثامن و الخمسون:ابن بابويه في عيون أخبار الرضا عليه السّلام عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي قال:

«سئل أمير المؤمنين عن معنى قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:إنّي مخلف فيكم الثقلين كتاب اللّه و عترتي،من العترة؟

قال:أنا و الحسن و الحسين و الأئمة التسعة[من ولد الحسين]،تاسعهم مهديهم و قائمهم لا يفارقون كتاب اللّه و لا يفارقهم حتى يردوا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حوضه (2).م.

ص: 143


1- أمالي الطوسي:/516مجلس /18ح 38.
2- عيون أخبار الرضا:60/2 ح 25 باب النصوص على الرضا عليه السّلام.

رعاية النبي للحسين عليهما السلام

أطلق رسول اللّه على الحسنين عليهما السّلام لفظ الابن في غير واحد من الأخبار فيكونان إبنيه حقيقة.

و من جملة هذه الأخبار الحديث المشهور أنه قال فيهما:هذان إبناي إمامان (1).

و عن سلمان قال النبي صلّى اللّه عليه و آله:سمّى هارون إبنيه شبّرا و شبيرا،و إنني سميت ابنيّ الحسن و الحسين عليهما السّلام (2).

و عن الدار قطني بالإسناد عن ابن عمر قال:قال:إبناي هذان سيدا شباب أهل الجنة و أبوهما خير منهما.

و عن الراغب عن أبي هريرة و بريدة:رأيت النبي صلّى اللّه عليه و آله يخطب على المنبر ينظر إلى الناس مرة و إلى الحسن مرة و قال:إن ابني هذا سيصلح اللّه به بين فئتين من المسلمين (3).

و عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال:كنا جلوسا عند النبي صلّى اللّه عليه و آله إذ أقبل الحسين عليه السّلام فجعل ينزو على ظهر النبي صلّى اللّه عليه و آله و على بطنه،فبال و قال:دعوه،قال أبو عبيدة في غريب الحديث أنه قال:لا تزرموا ابني أي لا تقطعوا عليه بوله،ثم دعا

ص: 144


1- كتاب الاربعين:307.
2- مناقب آل أبي طالب:166/3.
3- مناقب آل أبي طالب:185/3.

بماء فصبّه على بوله (1).

و عن الطبري عن طاووس اليماني عن ابن عباس قال رسول الله:رأيت في الجنة قصرا من درّة بيضاء لا صدع فيها و لا وصل،فقلت:حبيبي جبرائيل لمن هذا القصر؟

قال:للحسين ابنك،ثم تقدمت أمامه فإذا أنا بتفاح فأخذت تفاحة ففلقتها فخرجت منها حوراء كأن مقاويم النسور أشفار عينيها،فقلت:لمن أنت؟فبكت ثم قالت:

لابنك الحسين عليه السّلام. (2)

و عن ظريف بن ناصح عن عبد الصمد بن بشير عن أبي الجارود عن أبي جعفر قال:

قال لي أبو جعفر:يا أبا الجارود ما يقولون في الحسن و الحسين عليهما السّلام؟

قلت:ينكرون علينا أنهما ابنا رسول اللّه،قال:فبأي شي احتججتم عليهم؟

قلت:بقول اللّه عز و جل في عيسى ابن مريم: وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ (3).

قال:فأي شيء قالوا لكم؟

قلت:قالوا:قد يكون ولد الإبنة من الولد و لا يكون من الصلب،قال:فأي شي احتججتم عليهم؟

قلت:احتججنا عليهم بقول اللّه عز و جل: فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ (4)الآية.1.

ص: 145


1- مناقب آل أبي طالب:226/3.
2- مناقب آل أبي طالب:229/3.
3- الأنعام:84.
4- آل عمران:61.

قال:فأي شي قالوا لكم؟

قلت:قالوا:قد يكون في كلام العرب إبني رجل واحد فيقول أبناءنا و إنما هما إبن واحد قال:فقال أبو جعفر:و اللّه يا أبا الجارود لأعطينّكما من كتاب اللّه تسمّى بصلب رسول اللّه لا يردها إلا الكافر،قال:قلت:جعلت فداك و أين؟

قال:حيث قال اللّه تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ إلى أن ينتهى إلى قوله تعالى: وَ حَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ (1).

فسلهم يا أبا الجارود:هل حلّ لرسول اللّه نكاح حليلتهما؟فإن قالوا:نعم،فكذبوا و اللّه و فجروا،و إن قالوا:لا،فهما و اللّه ابناه للصّلب و ما حرمتا عليه إلا للصلب (2).

قال المحدث العلامة المجلسي:وجه الإحتجاج بالآية الأخيرة هو اتفاقهم على دخول ولد البنت في هذه الآية و الأصل في الإستعمال الحقيقة أو أنهم يستدلون بهذه الآية على حرمة حليلة الولد و لا يتم إلا بكونه ولدا حقيقة للصّلب (3).

و عن عبد اللّه بن عباس قال:بينما نحن عند رسول اللّه إذ أقبلت فاطمة تبكي، فقال لها النبي صلّى اللّه عليه و آله:ما يبكيك؟

قالت:يا رسول اللّه إن الحسن و الحسين عليهما السّلام خرجا فو اللّه ما أدري أين سلكا.

فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله:لا تبكي فداك أبوك فإن اللّه عز و جل خلقهما و هو أرحم بهما، اللهم إن كانا قد أخذا في برّ فاحفظهما،و إن كانا قد أخذا في بحر فسلّمهما.

فهبط جبرائيل فقال:يا أحمد لا تغتم و لا تحزن هما فاضلان في الدنيا فاضلان في الآخرة و أبوهما خير منهما و هما في حظيرة بني النجار نائمين،و قد وكّل اللّه بهما ملكا يحفظهما.8.

ص: 146


1- النساء:23.
2- بحار الأنوار:233/43 ح 9.
3- بحار الأنوار:233/43 ح 8.

قال ابن عباس:فقام رسول الله و قمنا معه حتى أتينا معه حظيرة بني النجار فإذا الحسن معانق الحسين عليهما السّلام و إذا الملك قد غطاهما بأحد جناحيه.

قال:فحمل النبي الحسن عليهما السّلام و أخذ الحسين عليه السّلام الملك و الناس يرون أنه حاملهما،فقال أبو بكر و أبو أيوب الأنصاري:يا رسول الله ألا نخفف عنك بأحد الصبيين؟

فقال:دعاهما فإنهما فاضلان في الدنيا فاضلان في الآخرة و أبوهما خير منهما، ثم قال:و الله لأشرّفنهما اليوم بما شرّفهما الله،فخطب فقال:

يا أيها الناس،ألا أخبركم بخير الناس جدا و جدة؟،قالوا:بلى يا رسول الله،قال:

الحسن و الحسين عليهما السّلام جدّهما رسول الله و جدّتهما خديجة بنت خويلد.

ألا أخبركم بخير الناس أبا و أما؟،قالوا:بلى يا رسول الله،قال:الحسن و الحسين أبوهما علي بن أبي طالب و أمهما فاطمة بنت محمد.

ألا أخبركم أيها الناس بخير الناس عمّا و عمة؟،قالوا:بلى يا رسول الله،قال:

الحسن و الحسين عمهما جعفر بن أبي طالب و عمتهما أم هاني بنت أبي طالب.

أيها الناس،ألا أخبركم بخير الناس خالا و خالة؟،قالوا:بلى يا رسول الله،قال:

الحسن و الحسين خالهما القاسم بن محمد و خالتهما زينب بنت محمد ألا إن أباهما في الجنة و أمهما في الجنة و جدّهما في الجنة و جدّتهما في الجنة و خالهما في الجنة و خالتهما في الجنة و عمّهما في الجنة و عمتهما في الجنة و هما في الجنة،و من أحبّهما في الجنة و من أحب من أحبهما في الجنة (1).

و روى الطبراني بإسناده عن سلمان قال:

كنا حول النبي صلّى اللّه عليه و آله فجاءت أم أيمن فقالت:يا رسول الله لقد ضلّ الحسن و الحسين،و ذلك عند ارتفاع النهار،فقال رسول الله:قوموا فاطلبوا ابنيّ،فأخذ كل3.

ص: 147


1- الامالي:523.

رجل تجاه وجهه و أخذت نحو النبي صلّى اللّه عليه و آله فلم يزل حتى أتى سفح الجبل و إذا الحسن و الحسين ملتزق كل واحد منهما بصاحبه،و إذا شجاع قائم على ذنبه يخرج من فيه شبه النار فأسرع إليهما رسول الله فالتفت مخاطبا لرسول الله،ثم انساب فدخل بعض الأجحرة،ثم أتاهما ففرّق بينهما و مسح وجهيهما و قال:بأبي و أمي أنتما ما أكرمكما على الله،ثم حمل أحدهما على عاتقه الأيمن و الآخر على عاتقه الأيسر، فقلت:طوبى لكما نعم المطية مطيتكما،فقال رسول الله:و نعم الراكبان هما و أبوهما خير منهما.

و قال:حكي عن عروة البارقي قال:

حججت في بعض السنين فدخلت مسجد رسول الله فوجدت رسول الله جالسا و حوله غلامان يافعان و هو يقبّل هذا مرة و هذا أخرى،فإذا رآه الناس يفعل ذلك أمسكوا عن كلامه حتى يقضي منهما و ما يعرفون لأي سبب حبّه إياهما.

فجئته و هو يفعل ذلك.

بهما فقلت:يا رسول الله هذان ابناك؟

فقال:إنهما ابنا ابنتي و ابنا أخي و ابن عمي و أحب الرجال إليّ و من هو سمعي و بصري و من نفسه نفسي و نفسي نفسه و من أحزن لحزنه و يحزن لحزني.

فقلت له:قد عجبت يا رسول اللّه من فعلك بهما و حبك لهما.

فقال له:أحدثك أيها الرجل أني لما عرج بي إلى السماء و دخلت الجنة انتهيت إلى شجرة في رياض الجنة فعجبت من طيب رائحتها فقال لي جبرائيل:يا محمد تعجب من هذه الشجرة فثمرها أطيب من ريحها،فجعل جبرائيل يتحفني من ثمرها و يطعمني من فاكهتها و أنا لا أملّ منها،ثم مررنا بشجرة أخرى فقال لي جبرائيل:يا محمد كل من هذه الشجرة فإنها تشبه الشجرة التي أكلت منها الثمر فهي أطيب طعما و أزكى رائحة.

ص: 148

قال:فجعل جبرائيل يتحفني بثمرها و يشمّني من رائحتها و أنا لا أملّ منها، فقلت:يا أخي جبرائيل ما رأيت في الأشجار أطيب و لا أحسن من هاتين الشجرتين، فقال لي:يا محمد أتدري ما اسم هاتين الشجرتين؟

فقلت:لا أدري،فقال:إحداهما الحسن و الأخرى الحسين،فإذا هبطت يا محمد إلى الأرض من فورك فأت زوجتك خديجة و واقعها من وقتك و ساعتك فإنه يخرج منك طيب رائحة الثمر الذي أكلته من هاتين الشجرتين فتلد لك فاطمة الزهراء،ثم زوّجها أخاك عليا فتلد له إبنيين فسمّ أحدهما الحسن و الآخر الحسين عليهما السّلام.

قال رسول الله صلّى اللّه عليه و آله:ففعلت ما أمرني أخي جبرائيل فكان الأمر ما كان،فنزل إليّ جبرائيل بعد ما ولد الحسن و الحسين.

فقلت له:يا جبرائيل ما أشوقني إلى تينك الشجرتين،فقال لي:يا محمد إذا اشتقت إلى الأكل من ثمرة تينك الشجرتين فشمّ الحسن و الحسين عليهما السّلام.

قال:فجعل النبي صلّى اللّه عليه و آله كلما اشتاق إلى الشجرتين يشم الحسن و الحسين عليهما الصلاة و السلام و يلثمهما و هو يقول:صدق أخي جبرائيل،ثم يقبّل الحسن و الحسين عليهما السّلام و يقول:يا أصحابي إني أود أني أقاسمهما حياتي لحبي لهما و هما ريحانتاي من الدنيا،فتعجب الرجل من وصف النبي للحسن و الحسين عليهم السّلام (1).3.

ص: 149


1- مديند المعاجز:424/3.

مدح الإمام الحسين عليه السلام

عن يحيى بن سعيد،قال:أمر عمر الحسين بن علي أن يأتيه في بعض الحاجة، فأتاه حسين فلقيه عبد اللّه بن عمر،فقال له حسين:من أين جئت؟

قال:قد استأذنت على عمر فلم يؤذن لي،فرجع حسين فلقيه عمر فقال له:ما منعك يا حسين أن تأتيني؟

قال:قد أتيتك و لكن أخبرني عبد اللّه بن عمر أنه لم يؤذن له عليك فرجعت.

فقال له عمر:و أنت عندي مثله؟أنت عندي مثله،و هل أنبت الشعر على الرأس غيركم؟.

و عن عبيد بن حنين،عن الحسين بن علي،قال:صعدت إلى عمر و هو على المنبر فقلت:إنزل عن منبر أبي و اذهب إلى منبر أبيك،فقال:من علّمك هذا؟

قلت:ما علمنيه أحد،قال:منبر أبيك و اللّه!منبر أبيك و اللّه!و هل أنبت على رؤوسنا الشعر إلاّ أنتم[لو]جعلت تأتينا و جعلت تغشانا؟! (1)

و عن مدرك بن عمارة،قال:رأيت ابن عباس آخذا بركاب الحسن و الحسين فقيل له:أتأخذ بركابهما و أنت أسن منهما؟

فقال:إن هذين ابنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أو ليس من سعادتي أن آخذ بركابهما.

عن أبي سعيد الكلبي،قال:قال معاوية لرجل من قريش:إذا دخلت مسجد رسول

ص: 150


1- جواهر العقدين:387،و تاريخ بغداد:152/1،و الرياض النضرة:342/2،و تاريخ المدينة: 799/3 بتفاوت.

اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فرأيت حلقة فيها قوم كأن على رؤوسهم الطير فتلك حلقة أبي عبد اللّه مؤتزرا على أنصاف ساقية ليس فيها من الهزّيلا شيء.

عن أبي المهزّم قال:كنا مع جنازة امرأة و معنا أبو هريرة فجيء بجنازة رجل فجعله بينه و بين المرأة فصلّى عليهما فلما أقبلنا أعيا الحسين فقعد في الطريق، فجعل أبو هريرة ينفض التراب عن قدميه بطرف ثوبه فقال الحسين:يا أبا هريرة و أنت تفعل هذا،قال أبو هريرة:دعني فو اللّه لو يعلم الناس منك ما أعلم لحملوك على رقابهم (1).

الشيخ الطوسي في أماليه قال:أخبرنا جماعة عن أبي المفضّل قال:حدّثنا الحسن بن عليّ بن زكريا أبو سعيد البصري قال:حدّثنا محمد بن صدقة العنبري قال:حدّثنا موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن عليّ عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال:صلّى بنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوما صلاة الفجر ثمّ انفتل و أقبل علينا يحدثنا ثمّ قال:أيّها الناس من فقد الشمس فليتمسك بالقمر و من فقد القمر فليتمسك بالفرقدين،قال:فقمت أنا و أبو أيوب الأنصاري و معنا أنس بن مالك فقلنا يا رسول اللّه من الشمس؟

قال:أنا،فإذا هو صلّى اللّه عليه و آله قد ضرب لنا مثلا فقال:إن اللّه تعالى خلقنا فجعلنا بمنزلة نجوم السماء كلما غاب نجم طلع نجم،فأنا الشمس فإذا ذهب بي فتمسكوا بالقمر.

قلنا:فمن القمر؟

قال:أخي و وصي و وزيري و قاضي ديني و أبو ولدي و خليفتي في أهلي.

قلنا:فمن الفرقدان؟

قال:الحسن و الحسين.

ثمّ مكث مليا فقال:هؤلاء و فاطمة هي الزهرة عترتي و أهل بيتي هم مع القرآن4.

ص: 151


1- تاريخ مدينة دمشق:180/14.

و القرآن معهم لا يفترقان حتّى يردا عليّ الحوض (1).

و عن محمد بن زيد بن أرقم قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول لعليّ:«أنت الإمام، و الحسن و الحسين إمامان سيّدا شباب أهل الجنّة،و تسعة من صلب الحسين عليه السّلام أئمة أبرار معصومون،و منهم قائمنا أهل البيت،ثمّ قال:يا عليّ ليس في القيامة راكب غيرنا و نحن أربعة».

فقام إليه رجل من الأنصار فقال:فداك أبي و أمّي يا رسول اللّه و من هم؟

قال:«أنا على دابة البراق،و أخي صالح على ناقة اللّه التي عقرت،و عمّي حمزة على ناقتي العضباء،و أخي عليّ على ناقة من نوق الجنّة و بيده لواء الحمد ينادي:لا إله إلاّ اللّه،محمد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فيقول الآدميّون:ما هذا إلاّ ملك مقرّب أو نبي مرسل أو حامل عرش،فيجيبهم ملك من بطنان العرش:ليس هذا ملكا مقرّبا و لا نبيّا مرسلا و لا حامل عرش،هذا الصدّيق[الأكبر]عليّ بن أبي طالب» (2).

و عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر عليه السّلام قال:سألته عن الأئمّة عليهم السّلام قال:و اللّه لعهد عهده إلينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّ الأئمة بعده إثنا عشر تسعة من صلب الحسين عليه السّلام، و منّا المهدي الذي يقيم الدّين في آخر الزمان،من أحبّنا حشر من حفرته معنا و من أبغضنا أو ردّنا أو ردّ واحدا منّا حشر من حفرته إلى النار (3).

و عن رزين بن حبش[حبيب]عن الحسن بن علي عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إن هذا الامر يملكه بعدي إثنا عشر إماما تسعة من صلب الحسين عليه السّلام أعطاهم اللّه علمي و فهمي» (4).6.

ص: 152


1- أمالي الطوسي:517 ح 1131 المجلس 18 ح 38.
2- عيون الأخبار:/53/1ح 189،و كفاية الأثر:100 ما روي عن زيد بن أرقم.
3- أمالي الصدوق:442 ح 590.
4- كفاية الاثر:165 و 166،و نقله في البحار:340/36.

و عن زراره قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:«نحن إثنا عشر إماما منهم حسن و حسين ثم الأئمة من ولد الحسين» (1).

و عن سليم بن قيس عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«إني أولى بالمؤمنين من انفسهم، ثم أخي علي بن أبي طالب أولى بالمؤمنين من أنفسهم،فإذا استشهد فابني الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم،ثم ابني الحسين أولى بالمؤمنين من انفسهم فإذا استشهد فابنه علي أولى بالمؤمنين من انفسهم و ستدركه يا علي،ثم ابنه محمد بن علي أولى بالمؤمنين من انفسهم و ستدركه يا حسين،ثم تكمله إثني عشر إماما من ولد الحسين عليه السّلام» (2).

و رواه النعماني عن سليم مع تفاوت (3).

و روي أيضا قريب منه عن المفضل عن الصادق عليه السّلام قال:«اثنا عشر إماما تسعة من ولد الحسين» (4).

و في رواية أم سلمة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«الأئمة بعدي عدد نقباء بني إسرائيل تسعة من صلب الحسين أعطاهم اللّه علمي و فهمي فالويل لمبغضهم» (5).

و عن موسى بن عبد ربه عن الحسين بن علي قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«...ألآ إن أهل بيتي أمان لكم فأحبوهم لحبي و تمسّكوا بهم لن تضلوا».

قيل:فمن أهل بيتك يا نبي اللّه؟4.

ص: 153


1- الكافي:533/1 ح 16،و الخصال:478/2 و 480،و تقريب المعارف 183.
2- كمال الدين:270/1،و كشف الغمة:298/3،و الخصال:477/2،و العيون:38/1، و الزام الناصب:199/1،و نقله في البحار:231/36.
3- غيبة النعماني:60-61،و البحار:276/36،و الزام الناصب:52/1.
4- إرشاد القلوب:421/2.
5- كفاية الاثر:184.

قال:«علي و سبطاي و تسعة من ولد الحسين أئمة أمناء معصومون» (1).

و في غيبة النعماني عن سليم بن قيس عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في غدير خم بعد ذكر استشهاد الامير على الغدير و نزول آية: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ و آية: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ قال عليه السّلام:«أشهدكم أيها الناس أنها خاصة لهذا و لأوصيائي من ولدي و ولده أولهم ابني حسن،ثم حسين ثم تسعة من ولد حسين لا يفارقهم الكتاب حتى يردوا عليّ الحوض» (2).

و في اثبات الوصية عن أبي بصير عن الصادق عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«إن اللّه اختار من الأيام الجمعة،و من الشهور شهر رمضان،و من الليالي ليلة القدر،و من الناس الأنبياء،و من الأنبياء الرسل،و اختارني من الرسل و اختار مني عليا،و اختار من علي الحسن و الحسين،و اختار من الحسين الأوصياء ينفون عن التنزيل تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين تاسعهم قائمهم و هو ظاهرهم و هو باطنهم» (3).

و في رواية أم سلمة قالت:...أهل بيته الذين أمرنا بالتمسك بهم،هم الأئمة بعده كما قال صلّى اللّه عليه و آله:«عدد نقباء بني إسرائيل علي و سبطاه و تسعة من صلب الحسين»، هم أهل بيته هم المطهرون و الأئمة المعصومون (4).

و في رواية أخرى عنها قالت:أشهد اللّه تعالى لقد سمعته يقول:«علي خير من أخلفه فيكم و هو الإمام و الخليفة بعدي،و سبطاي و تسعة من صلب الحسين أئمة أبرار لئن اتبعتموهم وجدتموهم هادين مهديين،و لئن خالفتموهم ليكون2.

ص: 154


1- كفاية الاثر:171.
2- إرشاد القلوب:419/2 في فضائل علي و الأئمة عليهم السّلام.
3- اثبات الوصية:227.
4- كفاية الاثر:182.

الاختلاف فيكم إلى يوم القيامة» (1).

و عن داود الرقي عن الامام الصادق عليه السّلام قال:«...و كان أول من دخلها محمد و أمير المؤمنين و الحسن و الحسين و تسعة من الأئمة» (2).

و عن ابن عباس قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«أنا و علي و الحسن و الحسين و تسعة من ولد الحسين مطهرون معصومون» (3).

و عن عبد اللّه بن مسعود قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«الأئمة بعدي إثنا عشر تسعة من صلب الحسين و تاسعهم مهديهم» (4).

و في رواية أبي سعيد الخدري:قيل يا رسول اللّه فالأئمة بعدك من أهل بيتك؟

قال:«نعم الأئمة بعدي إثنا عشر تسعة من صلب الحسين أمناء و معصومون و منا مهدي هذه الأئمة،ألآ إنهم أهل بيتي و عترتي من لحمي و دمي ما بال أقوام يؤذونني فيهم لا أنالهم اللّه شفاعتي» (5).

و عن أبي ذر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«الأئمة بعدي إثنا عشر تسعة من صلب الحسين عليه السّلام تاسعهم قائمهم،ألآ إن مثلهم فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا و من تخلّف عنها هلك،و مثل باب حطة في بني إسرائيل» (6).

و في رواية عثمان بن عفان عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«الأئمة عليهم السّلام بعدي إثنا عشر تسعة من صلب الحسين و منا مهدي هذه الأمة،من تمسّك من بعدي بهم فقد8.

ص: 155


1- كفاية الاثر:199.
2- غيبة النعماني:56-57.
3- كفاية الاثر:19 و 69،و اعلام الورى:375،و العيون:52/1،و كشف الغمة:299/3،و كمال الدين:280/1 و ينابيع المودة:585/2،و مناقب آل أبي طالب:209/1،و البحار:286/36.
4- كفاية الاثر:23.
5- كفاية الاثر:29.
6- كفاية الاثر:38.

استمسك بحبل اللّه،و من تخلّى منهم فقد تخلّى من اللّه» (1).

و عن أنس قال:فقام إليه أبو ذر الغفاري و قال:يا رسول اللّه كم الأئمة بعدك؟

قال:«عدد نقباء بني إسرائيل».

فقال:كلهم من أهل بيتك.

قال صلّى اللّه عليه و آله:«كلهم من أهل بيتي تسعة من صلب الحسين و المهدي منهم» (2).

و عن الصّادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام،قال:سألته عن قول اللّه عزّ و جل:

وَ إِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً قالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ (3) .

ما هذه الكلمات؟

قال:هي الكلمات التي تلقّاها آدم من ربه فتاب عليه و هو أنّه قال:يا ربّ أسألك بحقّ محمّد و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين إلا تبت عليّ،فتاب اللّه عليه إنّه هو التّواب الرّحيم فقلت:يا بن رسول اللّه فما يعني عزّ و جل بقوله أتمهنّ،قال:يعني أتمّهنّ إلى القائم إثنا عشر إماما،تسعة من ولد الحسين.

قال المفضّل:فقلت له:يابن رسول اللّه،فأخبرني عن قول اللّه عزّ و جلّ: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (4).

قال:يعني بذلك الإمامة جعلها اللّه في عقب الحسين إلى يوم القيامة.

قال:فقلت له:يابن رسول اللّه فكيف صارت الإمامة في ولد الحسين دون الحسن و هما جميعا ولدا رسول اللّه و سبطاه و سيّدا شباب أهل الجنّة؟8.

ص: 156


1- كفاية الاثر:94.
2- كفاية الاثر:74.
3- البقرة:124.
4- الزخرف:28.

فقال:إنّ موسى و هارون كانا نبيّين و مرسلين أخوين،فجعل اللّه النّبوة في صلب موسى دون صلب هارون و لم يكن لأحد أن يقول:لم فعل اللّه ذلك،فإنّ الإمامة خلافة اللّه عزّ و جلّ ليس لأحد أن يقول:لم جعلها اللّه في صلب الحسين دون صلب الحسن عليهما السّلام،لأنّ اللّه هو الحكيم في أفعاله لا يسأل عمّا يفعل و هم يسألون (1)

الشيخ الطوسي في كتاب مصابيح الأنوار بإسناده عن رجاله مرفوعا إلى المفضل بن عمر قال دخلت على الصادق عليه السّلام ذات يوم فقال لي:«يا مفضل عرفت محمّدا و عليّا و فاطمة و الحسن و الحسين:كنه معرفتهم».

قلت:يا سيدي و ما كنه معرفتهم؟

قال:«يا مفضل تعلم أنهم في طير عن الخلائق بجنب الروضة الخضراء فمن عرفهم كنه معرفتهم كان معنا في السنام الاعلى».

قال:قلت:عرّفني ذلك يا سيدي،قال:«يا مفضّل تعلّم أنهم علموا ما خلق اللّه عزّ و جلّ و ذرأه و برأه و أنهم كلمة التقوى و خزناء السماوات و الأرضين و الجبال و الرمال و البحار،و عرفوا كم في السماء نجم و ملك،و وزن الجبال وكيل ماء البحار و أنهارها و عيونها و ما تسقط من ورقة إلاّ علموها وَ لا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَ لا رَطْبٍ وَ لا يابِسٍ إِلاّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (2)و هو في علمهم و قد علموا ذلك».

فقلت:يا سيدي قد علمت ذلك و أقررت به و آمنت قال:«نعم يا مفضل يا مكرم نعم يا طيّب نعم يا محبور،طبت و طابت لك الجنّة و لكل مؤمن بها» (3).5.

ص: 157


1- معاني الاخبار:127.
2- الأنعام:59.
3- مدينة المعاجز:129/2،و مشارق أنوار اليقين:55.

مدح الحسين عليه السلام في الشعر العربي

عقبة بن عمرو السهمي:

مررت على قبر الحسين بكربلا ففاض عليه من دموعي غزيرها

و ما زلت أبكيه وارثي لشجوه و يسعد عيني دمعها و زفيرها (1).

خالد بن معدان الطائي:

قتلوك عطشانا و لما يرقبوا في قتلك التأويل و التنزيلا

و يكبرون بأن قتلت و إنّما قتلوا بك التكبير و التهليلا (2)

عوف بن عبد اللّه بن الأحمر الازدي:

ليبك حسينا كلما ذر شارق و عند غسوق الليل من كان باكيا

و يا ليتني اذ ذاك كنت شهدته فضاربت عنه الشانئين الأعاديا

و دافعت عنه ما استطعت مجاهدا و أعملت سيفي فيهم و سنانيا (3)

سليمان بن قتة:

و إن قتيل الطف من آل هاشم أذل رقاب المسلمين فذلت

ص: 158


1- أعيان الشيعة لمحسن الأمين 622/1،دار التعارف،بيروت-لبنان.
2- أعيان الشيعة لمحسن الامين 623/1.
3- تاريخ الأدب العربي للدكتور شوقي ضيف 316/2،دار المعارف،مصر،ط 6-1974 م.

و كانوا رجاء ثم أضحوا رزية لقد عظمت تلك الرزايا و جلت (1)

المنصور النمري:

متى يشفيك دمعك من همول و يبرد ما بقلبك من غليل

قتيل ما قتيل بني زياد إلا بأبي و أمي من قتيل (2)

الشافعي:

تأوب همي و الفؤاد كئيب و أرق عيني و الرقاد غريب

تزلزلت الدنيا لآل محمد و كادت لهم صم الجبال تذوب

فمن مبلغ عني الحسين رسالة و ان كرهتها أنفس و قلوب

قتيل بلا جرم كأن قميصه صبيغ بماء الأرجوان خضيب (3)

دعبل الخزاعي

أفاطم لو خلت الحسين مجد لا و قد مات عطشانا بشط فرات

إذا للطمت الخد فاطم عنده و أجريت دمع العين في الوجنات (4)

الشريف الرضي:

يا قتيلا قوض الدهر به عمد الدين و أركان الهدى

ص: 159


1- مختصر تاريخ دمشق 158/7،اتجاهات الشعر في العصر الأموي د.صلاح الدين الهادي 112، مكتبة الخانجي،القاهرة،ط 1،1407 ه-1986 م.
2- أعيان الشيعة لمحسن الامين 623/1.
3- ينابيع المودة للقندوزي الحنفي 99/3،دار الأسوة،بيروت-لبنان-ط 1،1416 ه
4- اعيان الشيعة لمحسن الأمين 623/1.

قتلوه بعد علم منهم انه خامس أصحاب الكسا (1)

الجبري المصري:

و أبكي قتيلا بالطفوف لأجله بكت السماء دما فحق بكاك

ان تبكهم في اليوم تلقاهم غدا عيني بوجه مسفر ضحاك (2)

عبد الباقي العمري:

كان أبوه سيدا كجده للانبيا و الأوصيا قد نصبا

ذبح عظيم أبعد الرحمن عن رحمته الذي به تقرّبا (3)

محمد مهدي الجواهري:

فيا أيها الوتر في الخالدين فذا إلى الآن لم يشفع

و يا عظة الطامحين العظام للاهين عن غدهم قنع

تعاليت من مفزع للحتوف و بورك قبرك من مفزع

تلوذ الدهور فمن سجد على جانبيه و من ركع

شممت ثراك فهب النسيم نسيم الكرامة من بلقع

و عفّرت خدي بحيث استرا ح خد تفرّى و لم يضرع (4)

ص: 160


1- أعيان الشيعة 624/1.
2- الغدير لعبد الحسين الاميني 317/4،دار الكتب الاسلامية،طهران،ط 5،1371 ه-ش.
3- أعيان الشيعة 625/1.
4- ديوان الجواهري 266/2،دار العودة،بيروت ط 3،1982 م

ص: 161

الفهرس

فضل الإمام الحسين بن علي عليه السّلام 3

فضل الحسين عليه السلام لا ينكر 34

فضل كربلاء و تربتها 36

فضل الحسين في مكارم أخلاقه 42

في قول النبي:«أهل بيتي أمان لأهل الأرض»56

في أن نجاة سفينة نوح كان بالحسين و آله 57

في أن الحسين و الأئمة هم العروة الوثقى 61

في أن الحسين و الأئمة الاثني عشر أركان الإيمان 65

بالحسين و الأئمة عليهم السلام يرحم اللّه العباد 76

الحسين عليه السلام أحد أركان سفينة نوح 77

خدمة الملائكة للحسين عليه السلام و ذريته 79

تفويض اللّه الى الحسين و الأئمة أمر الدين 83

عظمة الحسين عليه السلام و حرمته 89

كرامات و معاجز الإمام الحسين عليه السلام 99

ما روي أن الحسين عليه السلام سيد الشهداء 103

في أمر رسول اللّه بالاقتداء بالحسين و الأئمة من آل محمد عليهم السّلام 106

أمر النبي التمسك بالحسين و الأئمة عليهم السلام 111

ص: 162

ما روي في وجوب التمسّك بالثقلين 113

رعاية النبي للحسين عليهما السلام 145

مدح الإمام الحسين عليه السلام 151

مدح الحسين عليه السلام في الشعر العربي سليمان بن قتة:159

المنصور النمري:160

الشافعي:160

دعبل الخزاعي 160

الشريف الرضي:160

الجبري المصري:161

الفهرس 163

ص: 163

المجلد 5

اشارة

الصحیح من سیرة الإمام الحسین بن علي علیه السلام

نویسنده: سید هاشم بحرانی - علامه سید مرتضی عسکری و سید محمد باقر شریف قرشی

ناشر: مؤسسة التاريخ العربي

مکان نشر: لبنان - بيروت

سال نشر: 2009م , 1430ق

چاپ:1

موضوع:اسلام، تاریخ

زبان:عربی

تعداد جلد:20

کد کنگره: /ع5ص3 41/4 BP

ص: 1

اشارة

ص: 2

الجزء الخامس

الآيات النازلة في الإمام الحسين عليه السلام

في قوله تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (1)

الحديث الحادي عشر:محمد بن العباس الثقة في تفسيره قال:حدّثنا علي بن عبد اللّه بن أسد عن إبراهيم بن محمد عن عثمان بن سعيد عن إسحاق بن يزيد الفرا عن غالب الهمداني عن أبي إسحاق السبيعي قال:خرجت حاجا فلقيت محمد بن علي عليه السّلام فسألته عن هذه الآية ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فقال:«ما يقول فيها قومك يا أبا إسحاق؟»يعني أهل الكوفة.

قال:قلت:يقولون:إنها لهم،قال:«فما يخوّفهم إذا كانوا من أهل الجنة».

قلت:فما تقول أنت جعلت فداك؟

قال:«هي لنا خاصة يا أبا إسحاق أما السابقون بالخيرات فعلي و الحسن و الحسين عليهم السّلام و الإمام عليه السّلام منّا و المقتصد فصائم بالنهار و قائم بالليل،و الظالم لنفسه ففيه ما في الناس و هو مغفور له،يا أبا اسحق بنا يفك اللّه رقابكم و بنا يحل اللّه رباق الذل من أعناقكم،و بنا يغفر ذنوبكم،و بنا يفتح و بنا يختم و نحن كهفكم ككهف أصحاب الكهف و نحن سفينتكم كسفينة نوح و نحن باب حطتكم كباب حطة بني إسرائيل» (2).

محمد بن العباس قال:حدّثنا حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن7.

ص: 3


1- فاطر:32.
2- تأويل الآيات:481/2 ح 7.

ابن أبي حمزة عن زكريا المؤمن عن أبي سلام عن سور بن كليب قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام ما معنى قوله عزّ و جلّ: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا الآية قال:«الظالم لنفسه الذي لا يعرف الإمام».

قلت:فمن المقتصد؟

قال:«الذي يعرف الإمام».

قلت فمن السابق بالخيرات؟

قال:«الإمام».

قلت:فما لشيعتكم؟

قال:«تكفّر ذنوبهم و تقضى ديونهم و نحن باب حطتهم و بنا يغفر لهم» (1).

الحديث الثالث عشر:محمد بن العباس قال:حدّثنا محمد بن الحسن بن حميد عن جعفر بن عبد اللّه المحمدي عن كثير بن عياش عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا قال:«فهم آل محمد صفوة اللّه فمنهم ظالم لنفسه و هو الهالك و منهم مقتصد و هم الصالحون و منهم سابق بالخيرات بإذن اللّه و هو علي بن أبي طالب عليه السّلام يقول اللّه عزّ و جلّ: ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ يعني في القرآن يقول اللّه عزّ و جلّ: جَنّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يعني آل محمد يدخلون قصور جنات كل قصر من لؤلؤء واحدة ليس فيها صدع و لا وصل و لو اجتمع أهل الإسلام فيها ما كان ذلك القصر إلاّ سعة لهم،له القباب من الزبرجد كل قبة لها مصراعان المصراع طوله اثنا عشر ميلا،يقول اللّه عزّ و جلّ: يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَ لُؤْلُؤاً وَ لِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ وَ قالُوا الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ قالوا:و الحزن ما أصابهم في الدنيا من الخوف و الشدة» (2).

الطبرسي في(الإحتجاج)عن أبي بصير قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن هذه الآية0.

ص: 4


1- تأويل الآيات:482/2 ح 8.
2- تأويل الآيات:483/2 ح 10.

ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا قال:«أي شيء تقول؟».

قلت:اني أقول إنها خاصة في ولد فاطمة فقال عليه السّلام:«أما من سل سيفه و دعا الناس إلى نفسه إلى الضلال من ولد فاطمة و غيرهم فليس بداخل في هذه الآية».

قلت:من يدخل فيها؟

قال:«الظالم لنفسه الذي لا يدعو الناس إلى ضلال و لا هدى و المقتصد منّا أهل البيت هو العارف حق الإمام و السابق بالخيرات هو الإمام» (1).

ابن شهر آشوب عن محمد بن عبد اللّه بن الحسن عن آبائه و السدي عن أبي مالك عن ابن عباس و محمد الباقر عليه السّلام في قوله تعالى: وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللّهِ «و إنه لهو علي بن أبي طالب عليه السّلام» (2).

الطبرسي روى أصحابنا عن ميسر بن عبد العزيز عن الصادق عليه السّلام أنه قال:

«الظالم من لا يعرف حق الإمام،و المقتصد منّا العارف بحق الإمام،و السابق بالخيرات [هو]الإمام و هؤلاء كلهم مغفور لهم» (3).

عن زياد بن المنذر عن أبي جعفر عليه السّلام:«أما الظالم لنفسه منّا فمن عمل عملا صالحا و آخر سيئا،و أما المقتصد فهو المتعبد المجتهد،و أما السابق بالخيرات فعلي و الحسن و الحسين عليهم السّلام و من قتل من آل محمد شهيدا» (4).

صاحب ثاقب المناقب عن أبي هاشم الجعفري قال:كنت عند أبي محمد يعني الحسن العسكري عليه السّلام،فسألناه عن قول اللّه تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللّهِ قال عليه السّلام:

«كلهم من آل محمد عليهم السّلام الظالم لنفسه الذي لا يقر بالإمام،و المقتصد العارف بالإمام3.

ص: 5


1- الإحتجاج:139/2.
2- مناقب آل أبي طالب:387/1.
3- مجمع البيان:246/8.
4- مناقب آل أبي طالب:274/3.

و السابق بالخيرات بإذن اللّه الإمام»قال:فدمعت عيناي و جعلت افكر في نفسي عظم ما أعطى اللّه آل محمد فنظر إليّ و قال:«الأمر أعظم بما حدّثتك به نفسك من عظم شأن آل محمد فاحمد اللّه فقد جعلك متمسكا بحبلهم تدعى يوم القيامة بهم إذا دعي كل اناس بإمامهم فأبشر يا أبا هاشم فإنك على خير» (1).6.

ص: 6


1- الثاقب في المناقب:506/566.

في قوله تعالى: (وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ)

سعد عن علي بن أحمد بن علي بن سعيد الأشعري عن حمدان بن يحيى عن بشر بن حبيب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام إنه سئل عن قول اللّه عزّ و جلّ وَ بَيْنَهُما حِجابٌ قال:«سور بين الجنّة و النار عليه قائم محمد صلّى اللّه عليه و آله و علي و الحسن و الحسين و فاطمة و خديجة الكبرى فينادون أين محبونا أين شيعتنا؟فيقبلون إليهم فيعرفونهم بأسمائهم و أسماء أبائهم و ذلك قوله عزّ و جلّ: يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ أي بأسمائهم فيأخذون بأيديهم فيجوزون بهم على الصراط و يدخلونهم الجنة».

ص: 7

في قوله تعالى: (وَ أَذانٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَ رَسُولُهُ

(1) ما رواه صدر الأئمة عند العامة موفق بن أحمد قال:أنبأني مهذب الأئمة أبو المظفر عبد الملك بن علي بن محمد الهمداني إجازة أخبرنا محمد بن الحسين بن علي البزاز أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد العزيز أخبرنا هلال بن محمد بن جعفر حدّثنا أبو بكر محمد بن عمرو الحافظ،قال:حدثني أبو الحسن علي بن موسى الخراز من كتابه حدّثنا الحسن بن علي الهاشمي حدثني إسماعيل بن أبان حدّثنا أبو مريم عن ثوير بن أبي فاختة عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى قال:قال أبي دفع النبي صلّى اللّه عليه و آله الراية يوم خيبر إلى علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه ففتح اللّه تعالى على يده و أوقفه يوم غدير خم فأعلم الناس أنه مولى كل مؤمن و مؤمنة و قال له:«أنت منّي و أنا منك»و قال له:«تقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل»و قال له:«أنت مني بمنزلة هارون من موسى»و قال له:«أنا سلم لمن سالمك و حرب لمن حاربك»و قال له:

«أنت العروة الوثقى»و قال له:«أنت تبيّن لهم ما اشتبه عليهم من بعدي»و قال له:«أنت إمام كل مؤمن و مؤمنة و ولي كل مؤمن و مؤمنة بعدي»و قال له:«أنت الذي أنزل اللّه فيه وَ أَذانٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ» .

و قال له:«أنت الآخذ بسنتي و الذاب عن ملتي»و قال له:«أنا أول من تنشق الأرض عنه و أنت معي»و قال له:«أنا عند الحوض و أنت معي»و قال له:«أنا أول من يدخل الجنة و أنت معي تدخلها و الحسن و الحسين و فاطمة»و قال له:«إن اللّه تعالى أوحى إلي بأن أقوم بفضلك فقمت به في الناس و بلّغتهم ما أمرني اللّه تعالى بتبليغه»و قال له:«إتق

ص: 8


1- التوبة:3.

الضغائن التي لك في صدور من لا يظهرها إلاّ بعد موتي أولئك يلعنهم اللّه و يلعنهم اللاعنون»ثم بكى صلّى اللّه عليه و آله فقيل له:مم بكاؤك يا رسول اللّه؟

قال:«أخبرني جبرئيل عليه السّلام أنهم يظلمونه و يمنعونه حقه و يقاتلونه و يقتلون ولده و يظلمونهم بعده،و أخبرني جبرائيل عليه السّلام عن اللّه عزّ و جلّ أن ذلك الظلم يزول إذا قام قائمهم و علت كلمتهم و اجتمعت الامة على محبتهم و كان الشانىء لهم قليلا و الكاره لهم ذليلا و كثر المادح لهم،و ذلك حين تغيّر البلاد و ضعف العباد و اليأس من الفرج فعند ذلك يظهر القائم فيهم»قال النبي صلّى اللّه عليه و آله«إسمه كإسمي و اسم أبيه كاسم أبي،هو من ولد ابنتي فاطمة يظهر اللّه ألحق بهم و يخمد الباطل بأسيافهم و تتبعهم الناس راغب إليهم و خائف منهم»قال:و سكن البكاء عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثم قال:«معاشر المسلمين أبشروا بالفرج فإن وعد اللّه لا يخلف،و قضاءه لا يرد و هو الحكيم الخبير،و إن فتح اللّه قريب اللهم إنهم اهلي فأذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا اللّهم اكلأهم و ارعهم و كن لهم و انصرهم و أعزّهم و لا تذلّهم و اخلفني فيهم انك على ما تشاء قدير» (1).1.

ص: 9


1- المناقب:/61ح 31.

في قوله تعالى: (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَ يَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً)

ابن بابويه قال:حدّثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي اللّه عنه قال:حدّثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى الجلودي قال:حدّثنا محمد بن زكريا قال:حدّثنا شعيب بن واقد قال:حدّثنا القاسم بن بهرام عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس و حدّثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق قال:حدّثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى الجلودي قال:حدّثنا الحسن بن مهران قال:حدّثنا سلمة بن خالد عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ قال:«مرض الحسن و الحسين عليه السّلام و هما صبيان صغيران فعادهما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و معه رجلان فقال أحدهما:يا أبا الحسن لو نذرت في إبنيك نذرا إن عافاهما اللّه فقال:أصوم ثلاثة أيام للّه شكرا للّه عزّ و جلّ و كذلك قالت فاطمة عليها السّلام و قال الصبيان:و نحن أيضا نصوم ثلاثة أيام و كذلك قالت جاريتهم فضة فألبسهما اللّه العافية فأصبحوا صائمين و ليس عندهم طعام فانطلق علي عليه السّلام إلى جار له من اليهود يقال له شمعون يعالج الصوف فقال:هل لك أن تعطيني جزة من صوف تغزلها لك إبنة محمد بثلاثة أصوع من شعير قال:نعم،فأعطاه فجاء بالصوف و الشعير و أخبر فاطمة فقبلت و أطاعت ثم عمدت فغزلت ثلث الصوف ثم أخذت صاعا من الشعير فطحنته و عجنته و خبزت منه خمسة أقراص لكل واحد منهم قرص،و صلّى علي عليه السّلام مع النبي صلّى اللّه عليه و اله المغرب ثم أتى منزله فوضع الخوان و جلسوا خمستهم فأول لقمة كسرها علي عليه السّلام إذا مسكين قد وقف بالباب فقال:السلام عليكم يا أهل بيت محمد أنا مسكين من مساكين المسلمين أطعموني مما تأكلون أطعمكم اللّه على موائد الجنة فوضع اللقمة من يده ثم قال:

ص: 10

فاطم ذات المجد و اليقين يا بنت خير الناس أجمعين

أما ترين البائس المسكين جاء إلى الباب له حنين

يشكو إلى اللّه و يستكين يشكو إلينا جائع حزين

كل أمرء بكسبه رهين من يفعل الخير يكن حسين

موعده في جنة رهين حرّمها اللّه على الضّنين

و صاحب البخل يقف حزين تهوي به النار إلى سجين

شرابه الحميم و الغسلين

فأقبلت فاطمة تقول:

أمرك سمع يابن عم و طاعة ما بي من لؤم و لا ضراعة

غذيت باللب و بالبراعة أرجو إذا اشبعت من مجاعة

إن ألحق الأخيار و الجماعة و أدخل الجنة في شفاعة

و عمدت إلى ما كان على الخوان فدفعته إلى المسكين و باتوا جياعا و أصبحوا صياما لم يذوقوا إلا الماء القراح،ثم عمدت إلى الثلث الثاني من الصوف فغزلته ثم أخذت صاعا من الشعير فطحنته و عجنته و خبزت منه خمسة أقراص لكل واحد قرص و صلّى علي عليه السّلام المغرب مع النبي صلّى اللّه عليه و آله ثم أتى إلى منزله فلما وضع الخوان بين يديه و جلسوا خمستهم فأول لقمة كسرها علي عليه السّلام إذا يتيم من يتامى المسلمين قد وقف بالباب فقال:

السلام عليكم يا أهل بيت محمد أنا يتيم من يتامى المسلمين أطعموني مما تأكلون أطعمكم اللّه على موائد الجنة فوضع علي عليه السّلام اللقمة من يده ثم قال:

فاطم بنت السيد الكريم بنت نبي ليس بالزنيم

قد جاءنا اللّه بذا اليتيم من يرحم اليوم فهو رحيم

موعده في جنة النعيم حرّمها اللّه على اللئيم

و صاحب البخل يقف ذميم تهوي به النار إلى الجحيم

شرابه الصديد و الحميم

ص: 11

فأقبلت فاطمة تقول:

فسوف أعطيه و لا أبالي و أوثر اللّه على عيالي

أمسوا جياعا و هم أشبالي أصغرهما يقتل في القتال

بكربلاء يقتل باغتيالي لقاتليه الويل مع وبال

يهوى في النار إلى سفالي كبوله زادت على الأكبال

ثم عمدت فأعطته جميع ما على الخوان و باتوا جياعا لم يذوقوا إلاّ الماء القراح فأصبحوا صياما و عمدت فاطمة عليه السّلام فغزلت الثلث الباقي من الصوف و طحنت الصاع الباقي و عجنته و خبزت منه خمسة أقراص لكل واحد منهم قرص و صلّى علي عليه السّلام المغرب مع النبي صلّى اللّه عليه و آله ثم أتى منزله فقرّب إليه الخوان فجلسوا خمستهم،فأول لقمة كسرها علي عليه السّلام إذا أسير من أسراء المشركين قد وقف بالباب فقالّ السلام عليكم يا أهل بيت محمد تأسروننا و تشدوننا و لا تطعموننا فوضع علي عليه السّلام اللقمة من يده ثم قال:

فاطم يا بنت النبي أحمد بنت نبي سيد مسود

قد جاءك الأسير ليس يهتد مكبلا في غله مقيد

يشكو إلينا الجوع قد تقدد من يطعم اليوم يجده في غد

عند العلي الواحد الموحد ما يزرع الزارع سوف يحصد

فأعطيه و لا تجعليه بنكد

فأقبلت فاطمة عليه السّلام و هي تقول:

لم يبق مما كان غير صاع قد دبرت كفي مع الذراع

شبلاي و اللّه هما جياع يا رب لا تتركهما ضياع

أبوهما للخير ذو اصطناع عبل الذراعين طويل الباع

و ما على رأسي من قناع إلا عباء نسجها بصاع

و عمدوا إلى ما كان على الخوان فأعطوه و باتوا جياعا و أصبحوا مفطرين و ليس عندهم شيء،قال شعيب في حديثه:و أقبل علي عليه السّلام بالحسن و الحسين عليهما السّلام نحو

ص: 12

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هما يرتعشان كالفراخ من شدة الجوع فلما بصر بهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«يا أبا الحسن أشد ما يسوءني ما أرى بكم انطلق إلى ابنتي فاطمة عليها السّلام»فانطلقوا اليها و هي في محرابها قد لصق بطنها بظرها من شدة الجوع و غارت عيناها فلما رآها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ضمّها إليه و قال:«وا غوثاه باللّه أنتم منذ ثلاث فيما أرى»فهبط جبرائيل عليه السّلام:فقال:«يا محمد خذ ما هيألك في أهل بيتك»فقال:«و ما آخذ يا جبرائيل؟ قال: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ حتى بلغ إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَ كانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً.

و قال الحسن بن مهران في حديثه:فوثب النبي صلّى اللّه عليه و آله حتى دخل منزل فاطمة عليها السّلام فرأى ما بهم فجمعهم ثم انكب عليهم يبكي و قال:«أنتم منذ ثلاث فيما أرى و أنا غافل عنكم»فهبط جبرائيل بهذه الآيات إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللّهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً قال:هي عين في دار النبي صلّى اللّه عليه و آله تفجر إلى دور الأنبياء و المؤمنين يُوفُونَ بِالنَّذْرِ يعني عليا و فاطمة و الحسن و الحسين و جاريتهما فضة وَ يَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً عابسا كلوحا وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ يقول على شهوتهم:الطعام و ايثارهم له مسكينا من مساكين المسلمين،و يتيما من يتامى المسلمين،و أسيرا من أسارى المشركين و يقولون:إذا اطعموهم إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَ لا شُكُوراً قال:و اللّه ما قالوا اهذا لهم و لكنهم أضمروه في أنفسهم فأخبر اللّه بإضمارهم يقولون لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً تكافوننا به وَ لا شُكُوراً تثنون علينا به و لكنا إنما أطعمناكم لوجه اللّه و طلب ثوابه قال اللّه تعالى ذكره: فَوَقاهُمُ اللّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَ لَقّاهُمْ نَضْرَةً وَ سُرُوراً نضرة في الوجوه،و سرورا في القلوب وَ جَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَ حَرِيراً جنة يسكنونها و حريرا يفرشونه و يكسونه مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ و الأريكة السرير عليه الحجلة لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَ لا زَمْهَرِيراً قال ابن عباس:فبينا أن أهل الجنة في الجنة إذا رأوا مثل الشمس قد أشرقت لها الجنان فيقول أهل الجنة:يا رب إنك قلت

ص: 13

في كتابك لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً فيرسل اللّه جل اسمه إليهم جبرائيل عليه السّلام فيقول:

ليس هذه بشمس و لكن عليا و فاطمة ضحكا فأشرقت الجنان من نور ضحكهما، و نزلت هَلْ أَتى فيهم...إلى قوله: وَ كانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً (1).3.

ص: 14


1- امالي الصدوق:329-390/333.

في قوله تعالى: (وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً)

ابن شهر اشوب من طريق الخاصة و العامة روى ذلك عن ابن عباس و ابن مسعود و جابر و البراء و أنس و امّ سلمة و السدي و ابن سيرين و الباقر عليه السّلام في قوله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً (1).

قال:«هو محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام»و في رواية«البشر الرسول و النسب فاطمة و الصهر علي» (2).

المالكي في(الفصول المهمة)عن محمد بن سيرين في قوله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً الآية،أنها نزلت في النبي و علي بن أبي طالب رضى اللّه عنه ابن عم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و زوج ابنته فاطمة فكان نسبا و صهرا (3).

ص: 15


1- الفرقان:54.
2- مناقب آل أبي طالب:29/2.
3- الفصول المهمة:28،و العمدة عن الثعلبي:288 ح 469.

في قوله تعالى: وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ

إلى قوله: لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً

محمد بن إبراهيم النعماني عن محمد بن همام قال:حدّثني جعفر بن محمد بن مالك الفزاري الكوفي قال:حدّثني محمد بن أحمد عن محمد بن سنان عن يونس بن ظبيان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا كان ليلة الجمعة أهبط الربّ تبارك و تعالى ملكا إلى سماء الدنيا فإذا طلع الفجر جلس ذلك الملك على العرش فوق البيت المعمور و نصب لمحمد و عليّ و الحسن و الحسين منابر من نور،فيصعدون عليها و يجمع لهم الملائكة و النبيّون و المؤمنون،و يفتح أبواب السماء فإذا زالت الشمس قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:يا رب ميعادك الذي أوعدته في كتابك و هو هذه الآية وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ الآية،و يقول الملائكة و النبيّون مثل ذلك ثم يخرّ محمد و عليّ و الحسن و الحسين سجّدا ثم يقولون:يا رب اغضب،يا رب اغضب،فإنّه انتهك حريمك و قتل أصفياؤك و أذلّ عبادك الصالحون» (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا أبو المفضل محمد بن عبد اللّه بن المطلب الشيباني رحمه اللّه قال:

حدّثنا أبو مزاحم موسى بن عبد اللّه بن يحيى بن خاقان المقرئ ببغداد قال:حدّثنا أبو بكر محمد بن عبد اللّه بن إبراهيم الشافعي قال:حدّثنا محمد بن حماد بن هامان الدباغ أبو جعفر قال:حدّثنا عيسى بن إبراهيم قال:حدّثنا الحرث بن تيهان قال:

ص: 16


1- كتاب الغيبة:376.

حدّثنا عقبة بن يقطان عن أبي سعيد عن مكحول عن واثلة بن الأصقع بن قرضاب عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال:دخل جندب بن جنادة بن جبير على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال:يا رسول اللّه أخبرني عمّا ليس للّه،و عمّا ليس عند اللّه،و عمّا لا يعلمه اللّه، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(أمّا ما ليس للّه فليس له شريك و أمّا ما ليس عند اللّه فليس عند اللّه ظلم العباد،و أمّا ما لا يعلمه اللّه فذلك قولكم يا معشر اليهود:عزير ابن اللّه،و اللّه لا يعلم له ولدا»فقال جندل:أشهد أن لا اله إلاّ اللّه و أنّك محمد رسول اللّه حقا.

ثم قال:يا رسول اللّه إني رأيت البارحة في النوم موسى بن عمران فقال لي:

يا جندل أسلم على يد محمد و استمسك بالأوصياء من بعده،فقد أسلمت و رزقني اللّه ذلك فأخبرني عن الأوصياء من بعدك لأتمسك بهم فقال:«يا جندل أوصيائي من بعدي بعدد نقباء بني إسرائيل»فقال:يا رسول اللّه إنّهم كانوا اثني عشر هكذا وجدناهم في التوراة قال:«نعم،الائمة بعدي إثنا عشر»قال:يا رسول اللّه كلهم في زمن واحد قال:(لا،و لكن خلف بعد خلف و إنّك لن تدرك منهم إلاّ ثلاثة،أولهم سيّد الأوصياء أبو الائمة عليّ بن أبي طالب عليه السّلام،ثم ابناه الحسن و الحسين فاستمسك بهم من بعدي و لا يغرنّك جهل الجاهلين،فإذا كانت وقت ولادة ابنه عليّ بن الحسين سيّد العابدين يقضي اللّه عليك،و يكون آخر زادك من الدنيا شربة من لبن تشربه».

فقال:يا رسول اللّه هكذا وجدت في التوراة:إليا يقطوا شبرا و شبيرا،فلم أعرف أسماءهم،فكم من الحسين عليه السّلام من الأوصياء و ما أسماؤهم؟

فقال:«تسعة من صلب الحسين و المهدي منهم،فإذا انقضت مدة الحسين قام بالأمر علي ابنه و يلقّب زين العابدين،فإذا انقضت مدة عليّ قام بالأمر من بعده محمد ابنه يدعى الباقر،فإذا انقضت مدة محمد قام بالأمر بعده جعفر و يدعى بالصادق،فإذا انقضت مدة جعفر قام بالأمر بعده موسى و يدعى بالكاظم،ثم إذا انقضت مدة موسى قام بالأمر من بعده ابنه علي و يدعى بالرضا،فإذا انقضت مدة علي قام بالأمر بعده محمد ابنه و يدعى بالزكي،فإذا انقضت مدة محمد قام بالأمر بعده علي ابنه و يدعى

ص: 17

بالنقي،فإذا انقضت مدة علي قام بالأمر من بعده ابنه الحسن و يدعى بالأمين،ثم يغيب عنهم إمامهم.

قال:يا رسول اللّه هو الحسن يغيب عنهم؟

قال«لا،و لكن ابنه»قال:يا رسول اللّه فما اسمه؟

قال:«لا يسمى حتى يظهر».

فقال جندل:يا رسول اللّه وجدنا ذكرهم في التوراة و قد بشّرنا موسى بن عمران بك و بالأوصياء من ذرّيتك،ثم تلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً (1)فقال جندل:يا رسول اللّه فما خوفهم؟

قال:يا جندل في زمن كلّ واحد منهم سلطان يعتريه و يؤذيه،فإذا عجّل اللّه خروج قائمنا يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ما ملئت جورا و ظلما.ثم قال عليه السّلام:طوبى للصابرين في غيبته طوبى للمقيمين على محبتهم،أولئك من وصفهم الله في كتابه فقال اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ (2)ثم قال:أولئك حزب اللّه ألا فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغالِبُونَ (3).

قال ابن الأصقع:ثم عاش جندل إلى أيام الحسين بن علي ثم خرج إلى الطائف، فحدّثني نعيم بن أبي قيس قال:دخلت عليه بالطائف و هو عليل ثم إنه دعا بشربة من لبن فشربه فقال:هكذا عهد لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة من لبن،ثم مات و دفن بالطائف بالموضع المعروف بالكورارة (4).2.

ص: 18


1- التوبة:55.
2- البقرة:3.
3- الحديد:22.
4- كفاية الأثر:58-59،و التوحيد:23/377،و بحار الأنوار 307/32.

في قوله تعالى (فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ)

محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن إبراهيم الشعيري عن كثير بن كلثمة عن أحدهما عليهما السلام في قول الله عزّ و جلّ فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ (1)قال:لا إله إلاّ أنت سبحانك اللهم و بحمدك عملت سوءا و ظلمت نفسي،فاغفر لي و أنت خير الغافرين،لا إله إلاّ أنت سبحانك اللهم و بحمدك،عملت سوءا و ظلمت نفسي،فاغفر لي و أنت أرحم الراحمين،لا إله إلاّ أنت سبحانك اللهم و بحمدك،عملت سوءا و ظلمت نفسي،فتب عليّ إنك أنت التواب الرحيم.

قال الكليني:و في رواية أخرى في قوله عزّ و جلّ فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ (2)

قال:سأله بحق محمد و علي و الحسن و الحسين و فاطمة صلّى اللّه عليهم (3).

ابن بابويه قال:حدّثني محمد بن موسى بن المتوكل قال:حدّثني يحيى بن أحمد عن العباس بن معروف عن بكر بن محمد قال:حدّثني أبو سعيد المدايني يرفعه في قول الله عزّ و جلّ فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ (4)قال:سأله بحق محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين (5).

ص: 19


1- البقرة:37.
2- البقرة:37.
3- الكافي 305/8 ح 472.
4- البقرة:37.
5- معاني الاخبار 1/125.

العياشي في تفسيره بإسناده عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله عليه السّلام قال:

إنّ الله تبارك و تعالى عرض على آدم في الميثاق ذريّته،فمرّ به النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و هو متّكئ على علي عليه السّلام،و فاطمة عليها السلام تتلوهما،و الحسن و الحسين عليهما السّلام يتلوان فاطمة، فقال الله:يا آدم إياك أن تنظر إليهم بحسد أهبطك من جواري.

فلمّا أسكنه الله الجنة مثل له النبي صلّى اللّه عليه و آله و علي و فاطمة و الحسن و الحسين صلوات الله عليهم،فنظر إليهم بحسد،ثم عرضت عليه الولاية فأنكرها فرمته الجنة بأوراقها،فلمّا تاب إلى الله من حسده و أقرّ بالولاية و دعى بحق الخمسة محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين صلوات الله عليهم غفر الله له،و ذلك قوله فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ (1)الآية (2).

العياشي بإسناده عن محمد بن عيسى بن عبيد العلوي عن أبيه عن جده عن علي عليه السّلام قال:الكلمات التي تلقاها آدم من ربه قال:يا رب أسألك بحق محمد لما تبت عليّ،قال:و ما علمك بمحمد؟

قال:رأيته في سرادقك الأعظم مكتوبا و أنا في الجنة (3).

الإمام أبو محمد الحسن العسكري عليه السّلام في تفسيره:قال الله تعالى فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ (4)يقولها،فقالها فتاب اللّه عليه بها إنه هو التوّاب الرحيم،القابل للتوبات،الرحيم بالتائبين، قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً كان أمر في الأول أن يهبط، و في الثاني أمرهم أن يهبطوا جميعا لا يتقدم أحدكم الآخر،و الهبوط إنما كان هبوط آدم و حواء من الجنة،و هبوط الحية أيضا منها،فإنها كانت من أحسن دوابها، و هبوط إبليس من حواليها،فإنه كان محرّما عليه دخول الجنة فَإِمّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي7.

ص: 20


1- البقرة:37.
2- تفسير العياشي 41/1 ح 27.
3- تفسير العياشي 41/1 ح 28.
4- البقرة:37.

هُدىً يأتيكم و أولادكم من بعدكم مني هدى يا آدم و يا إبليس فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ (1)لا خوف عليهم حين يخاف المخالفون،و لا يحزنون إذا يحزنون.

قال:فلمّا زلّت من آدم الخطيّة و اعتذر إلى ربه عزّ و جلّ قال:يا رب تب عليّ و اقبل معذرتي و أعدني إلى مرتبتي و ارفع لديك درجتي،لقد تبيّن نقص الخطيّة و ذلّها بأعضائي و سائر بدني.

قال الله تعالى:يا آدم أما تذكر أمري إياك أن تدعوني بمحمد و آله الطيبين عند شدائدك و دواهيك في النوازل ينهضك.

قال آدم:يا رب بلى،قال الله عزّ و جلّ:فهم محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين صلوات الله عليهم خصوصا فادعني أجبك إلى ملتمسك و ازدك فوق مرادك،فقال آدم:يا رب يا إلهي و قد بلغ عندك من محلّهم أنك بالتوسل بهم تقبل توبتي و تغفر خطيئتي و أنا الذي أسجدت له ملائكتك،و أسكنته جنتك،و زوجته حواء أمتك،و أخدمته كرام ملائكتك،قال الله تعالى:يا آدم إنما أمرت الملائكة بتعظيمك بالسجود لك إذ كنت وعاء لهذه الأنوار،و لو كنت سألتني بهم قبل خطيّتك أن أعصمك منها و أن أفطنك لدواعي عدوك إبليس حتى تحرز منه لكنت قد فعلت ذلك و لكن المعلوم في سابق علمي يجري موافقا لعلمي،فالآن فبهم فادعني لأجيبك،فعند ذلك قال آدم:اللهم بجاه محمد و آله الطيبين،بجاه محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الطيبين من آلهم لمّا تفضلت عليّ بقبول توبتي و غفران خطيئتي و إعادتي من كرامتك إلى مرتبتي،فقال الله عزّ و جلّ:قد قبلت توبتك و أقبلت برضائي عليك،و صرفت آلائي و نعمائي إليك،و أعدتك إلى مرتبتك من كرامتي،و وفّرت نصيبك من رحماتي،فذلك قوله عزّ و جلّ فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ8.

ص: 21


1- البقرة:38.

كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوّابُ الرَّحِيمُ (1) ثم قال الله عزّ و جلّ للذين أهبطهم مع آدم و حواء و إبليس و الحية وَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ مقام،فيها تعيشون و تحثكم لياليها و أيامها إلى السعي إلى الآخرة،فطوبى لمن تروضها لدار البقاء وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ لكم في الأرض منفعة إلى حين موتكم لأن الله تعالى يخرج زروعكم و ثماركم،و بها ينزهكم و ينعمكم،و فيها بالبلاء يمتحنكم،يلذذكم بنعيم الدنيا تارة ليذكّركم نعيم الآخرة الخالص مما ينقص نعيم الدنيا و يبطله و يزهّد فيه و يصغره و يحقره،و يمتحنكم تارة ببلايا الدنيا التي قد تكون في خلالها الرحمات و في تضاعيفها النقمات المجحفة،تدفع عن المبتلى بها مكارهها ليحذركم بذلك عذاب الأبد الذي لا يشوبه عافية،و لا يقع في تضاعيفه راحة و لا رحمة (2).

الإمام أبو محمد العسكري عليه السّلام:قال علي بن الحسين:حدّثني أبي عن أبيه عن رسول الله صلّى اللّه عليه و آله قال:يا عباد الله إن آدم لما رأى النور ساطعا من صلبه إذ كان اللّه تعالى قد نقل أشباحنا من ذروة العرش إلى ظهره،رأى النور و لم يتبين الأشباح فقال:يا رب ما هذه الأنوار؟

قال:أنوار؟

قال:أنوار أشباح نقلتهم من أشرف بقاع عرشي إلى ظهرك،و لذلك أمرت الملائكة بالسجود لك إذ كنت وعاء لتلك الأشباح،فقال آدم:يا رب لو بيّنتها ليّ،فقال الله عزّ و جلّ:أنظر يا آدم إلى ذروة العرش،فنظر آدم عليه السّلام فوقع نور أشباحنا من ظهر آدم على ذروة العرش،فانطبع فيه صور أنوار أشباحنا التي في ظهره كما ينطبع وجه الانسان في المرآة الصافية فرأى أشباحنا فقال:ما هذه الأشباح يا رب؟

قال الله تعالى:يا آدم هذه أشباح أفضل خلائقي و بريّاتي هذا محمد و أنا المحمود الحميد في أفعالي،شققت له اسما من اسمي،و هذا علي و أنا العلي العظيم شققت له اسما من اسمي،و هذه فاطمة و أنا فاطر السماوات و الأرض،فاطم أعدائي من رحمتي6.

ص: 22


1- البقرة:37.
2- تفسير الإمام العسكري /266ح 105-106.

يوم فصل قضائي،و فاطم أوليائي عما يعرهم و يسيئهم فشققت لها اسما من اسمي، و هذا الحسن و هذا الحسين و أنا المحسن المجمل شققت اسميهما من اسمي.

هؤلاء خيار خلقي،و كرام بريتي،بهم آخذ و بهم أعطي،و بهم أعاقب و بهم أثيب، فتوسل إليّ بهم يا آدم،و إذا دهتك داهية فاجعلهم لي شفعاءك فإني آليت على نفسي قسما حقا لا أخيب بهم آملا،و لا أردّ بهم سائلا،فذلك حين زلت منه الخطيئة و دعى الله عزّ و جلّ فتاب عليه و غفر له (1).

ابن بابويه بإسناده عن معمر بن راشد قال:سمعت أبا عبد الله الصادق عليه السّلام يقول:أتى يهودي إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله فقام بين يديه و جعل يحد النظر إليه فقال:يا يهودي ما حاجتك؟

فقال:أنت أفضل أم موسى بن عمران النبي الذي كلّمه الله و أنزل عليه التوراة و العصا و فلق له البحر و ظلله بالغمام؟

فقال له النبي صلّى اللّه عليه و آله:إنه يكره للعبد أن يزكّي نفسه،و لكني أقول:إنّ آدم لما أصاب الخطيئة كانت توبته أن قال:اللهم إني أسألك بحق محمد و آل محمد لما غفرت لي، فغفرها الله له.

و إنّ نوحا لما ركب السفينة و خاف الغرق قال:اللهم إني أسألك بحق محمد و آل محمد لمّا أنجيتني من الغرق،فنجاه الله منه.

و إنّ إبراهيم لما ألقي في النار قال:اللهم إنّي اسألك بحق محمد و آل محمد لما أنجيتني منها،فجعلها اللّه عليه بردا و سلاما.

و إنّ موسى لما ألقى عصاه و أوجس في نفسه خيفة قال:اللهم إنّي أسألك بحق محمد و آل محمد لما أمنتي منها،فقال الله جل جلاله لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى.

يا يهودي لو أدركني موسى و لم يؤمن بي و بنبوّتي ما نفعه إيمانه شيئا و لا نفعته النبوة.2.

ص: 23


1- تفسير الإمام العسكري 219-/220ح 102.

يا يهودي و من ذريتي المهدي إذا خرج نزل عيسى ابن مريم لنصرته فقدّمه و صلّى خلفه (1).

عن الصادق عليه السّلام في قوله تعالى فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ (2):إنّ الكلمات التي تلقاها آدم من ربه:اللهم بحق محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين إلاّ تبت عليّ، فتاب الله عليه (3).4.

ص: 24


1- أمالي الصدوق /287ح 320.
2- البقرة:37.
3- مناقب آل أبي طالب:243/1،و الخصال:305 ح 84.

في قوله تعالى: (فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ)

عليّ بن إبراهيم في تفسيره قال:حدّثني أبي عن حنان بن سدير عن عبد اللّه بن الفضل الهمداني عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:«مرّ عليه رجل عدو للّه و لرسوله فقال: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ (1)ثمّ مرّ عليه الحسين بن عليّ عليه السّلام فقال لكن هذا لتبكينّ عليه السماء و الأرض-و قال:و ما بكت السماء و الأرض إلاّ على يحيى بن زكريا و على الحسين بن عليّ عليه السّلام» (2).

الثاني:أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه في كامل الزيارات قال:حدّثني أبي رحمه اللّه و جماعة مشايخنا عن عليّ بن الحسين و محمّد بن الحسن عن سعد بن عبد اللّه عن يعقوب بن يزيد عن أحمد بن الحسن الميثمي عن عليّ الازرق عن الحسن بن الحكم النخعي عن رجل قال:سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام في الرحبة و هو يتلو هذه الآية: «فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ إذ خرج عليه الحسين بن عليّ عليهما السّلام من بعض أبواب المسجد فقال له:«أمّا هذا سيقتل و تبكي عليه السماء و الأرض» (3).

الثالث:أبو القاسم هذا قال:حدّثني عليّ بن الحسين بن موسى عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن ابن فضال عن أبي جميلة عن محمّد بن عليّ الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالى: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا

ص: 25


1- الدخان:29.
2- تفسير القمّي:291/2.
3- كامل الزيارات:2/180.

مُنْظَرِينَ قال:«لم تبك السماء أحدا منذ قتل يحيى بن زكريا حتّى قتل الحسين عليه السّلام فبكت عليه». (1)

الرابع:أبو القاسم هذا قال:حدّثني أبي و عليّ بن الحسين جميعا عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمّد البرقي عن محمّد بن خالد عن عبد العظيم بن عبد اللّه بن عليّ بن زيد الحسني عن الحسن بن الحكيم النخعي عن كثير بن شهاب الحارثي قال:

بينا نحن جلوس عند أمير المؤمنين عليه السّلام في الرحبة إذ طلع الحسين عليه السّلام فضحك عليّ ضحكا حتّى بدت نواجده ثمّ قال:«إن اللّه ذكر قوما فقال فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ و الذي فلق الحبة و برأ النسمة ليقتلن هذا و لتبكين عليه السماء و الأرض» (2).

أبو القاسم هذا قال:حدّثني أبي عن سعد بن عبد اللّه عن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن خالد الرقي عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني العلوي عن الحكم بن الحسن النخعي عن كثير بن شهاب الحارثي قال بينما نحن جلوس عند أمير المؤمنين عليه السّلام بالرحبة إذ طلع الحسين عليه السّلام قال:

فضحك عليّ عليه السّلام حتّى بدت نواجده ثمّ قال:«إن اللّه ذكر قوما فقال فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ و الذي فلق الحبة و برأ النسمة ليقتلن هذا و لتبكينّ عليه السماء و الأرض» (3).

أبو القاسم هذا،حدّثني أبي عن محمّد بن الحسن بن عليّ بن مهزيار عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن داود بن فرقد قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:

«كان الذي قتل الحسين ولد زنا و الذي قتل يحيى بن زكريا ولد زنا و قد احمرّت السماء حين قتل الحسين عليه السّلام سنة.6.

ص: 26


1- كامل الزيارات:8/182.
2- كامل الزيارات:24/187.
3- كامل الزيارات:21/186.

ثمّ قال:بكت السماء و الأرض على الحسين بن عليّ و يحيى بن زكريا و حمرتها بكاؤها» (1).

عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ إذا قبض اللّه نبيا من الأنبياء بكت عليه السماء و الأرض أربعين سنة و إذا مات العالم العامل بعلمه بكيا عليه أربعين يوما،و أمّا الحسين عليه السّلام فتبكي عليه السماء و الأرض طول الدهر و تصديق ذلك أن يوم قتله قطرت السماء دما،و إن هذه الحمرة التي ترى في السماء ظهرت يوم قتل الحسين عليه السّلام و لم تر قبله أبدا و إن يوم قتله عليه السّلام لم يرفع حجر في الدنيا إلاّ وجد تحته دم. (2)

الطبرسي عن زرارة بن أعين عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال:«بكت السماء على يحيى بن زكريا و على الحسين بن عليّ أربعين صباحا و لم تبك إلاّ عليهما».

قلت:فما بكاؤها؟

قال:«كانت تطلع حمراء و تغيب حمراء». (3)

عليّ بن إبراهيم في تفسيره قال:حدّثني أبي عن الحسن بن محبوب عن العلا عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«كان عليّ بن الحسين عليه السّلام يقول:أيّما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين عليه السّلام و من معه حتّى تسيل على خده بوأه اللّه في الجنّة غرفا، و أيما مؤمن دمعت عيناه دمعا حتّى تسيل على خده لأذاء مسّنا من عدونا بوأه اللّه مبوأ صدق،و أيّما مؤمن مسّه أذى فينا فدمعت عيناه حتّى يسيل دمعه على خديه من مضاضته ما أوذى فينا؛صرف[اللّه]عن وجهه الأذى و آمنه يوم القيامة من سخطه و النار». (4)2.

ص: 27


1- كامل الزيارات:27/188،بحار الأنوار:213/45.
2- لم نجده في المصادر.
3- مجمع البيان:99/9.
4- تفسير القمّي:191/2.

عليّ بن إبراهيم قال:حدّثني أبي عن بكر بن محمّد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«من ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج من عينيه دمع مثل جناح بعوضة غفر اللّه له ذنوبه و لو كانت مثل زبد البحر». (1)2.

ص: 28


1- تفسير القمّي:292/2.

في قوله تعالى (إِنّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ)

ابن بابويه قال:حدّثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي رضي الله عنه قال:

حدّثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان قال:حدّثنا أبو محمد بكر بن عبد الله بن حبيب قال:حدّثنا تميم بن بهلول عن أبيه عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر قال:قال أبو عبد الله:إن الله تبارك و تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام،فجعل أعلاها و أشرفها أرواح محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة بعدهم صلوات الله عليهم،فعرضها على السماوات و الأرض و الجبال فغشيها نورهم،فقال الله تبارك و تعالى للسماوات و الأرض و الجبال:هؤلاء أحبائي و أوليائي و حججي على خلقي و أئمة بريتي،ما خلقت خلقا هو أحبّ إليّ منهم،و لمن تولاهم خلقت جنتي،و لمن خالفهم و عاداهم خلقت ناري،فمن ادّعى منزلتهم مني و محلّهم من عظمتي عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين و جعلته مع المشركين في أسفل درك من ناري،و من أقرّ بولايتهم و لم يدّع منزلتهم مني و مكانهم من عظمتي جعلته معهم في روضات جناتي،و كان لهم فيها ما يشاؤون عندي،و أبحتهم كرامتي،و أحللتهم جواري،و شفّعتهم في المذنبين من عبادي و إمائي،فولايتهم أمانة عند خلقي،فأيكم يحملها بأثقالها و يدّعيها لنفسه دون خيرتي؟فأبت السماوات و الأرض و الجبال أن يحملنها،و أشفقن من ادّعاء منزلتها و تمنّي محلّها من عظمة ربها.

فلما أسكن الله عزّ و جلّ آدم و زوجته الجنة قال لهما كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ -يعني شجرة الحنطة- فَتَكُونا مِنَ الظّالِمِينَ فنظرا إلى

ص: 29

منزلة محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة بعدهم فوجداها أشرف منازل أهل الجنة فقالا:يا ربنا لمن هذه المنزلة؟

فقال الله جل جلاله:ارفعا رأسيكما إلى ساق عرشي،فرفعا رأسيهما فوجدا اسم محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة صلوات الله عليهم مكتوبة على ساق العرش بنور من نور الجبّار جل جلاله فقالا:يا ربنا ما أكرم أهل هذه المنزلة عليك!و ما أحبهم إليك!و ما أشرفهم لديك فقال الله جل جلاله لولاهم ما خلقتكما،هؤلاء خزنة علمي و أمنائي على سرّي،إياكما أن تنظرا إليهم بعين الحسد و تتمنيا منزلتهم عندي و محلّهم من كرامتي فتدخلا بذلك في نهيي و عصياني فتكونا من الظالمين،قالا:ربنا و من الظالمون،قال:المدّعون منزلتهم بغير حق قالا:

ربنا فأرنا منزلة ظالميهم في نارك حتى نراها كما رأينا منزلتهم في جنتك،فأمر الله تبارك و تعالى النار فأبرزت جميع ما فيها من أنواع النكال و العذاب،و قال عزّ و جلّ:

مكان الظالمين لهم المدّعين لمنزلتهم في أسفل درك منها،كلّما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها،و كلّما نضجت جلودهم بدّلوا سواها ليذوقوا العذاب.

يا آدم و يا حواء لا تنظرا إلى أنواري و حججي بعين الحسد فأهبطكما من جواري و أحلّ بكما هواني،فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما وري عنهما من سوآتهما،و قال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلاّ أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين و قاسمهما إني لكما لمن الناصحين فدلاهما بغرور،و حملهما على تمنّي منزلتهم،فنظرا إليهم بعين الحسد فخذلا حتى أكلا من شجرة الحنطة فعاد مكان ما أكلاه شعيرا،فأصل الحنطة مما لم يأكلاه،و أصل الشعير كله مما عاد مكان ما أكلاه،فلمّا أكلا من الشجرة طار الحليّ و الحلل عن أجسادهما و بقيا عريانين، و طفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة و ناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة و أقل لكما إنّ الشيطان لكما عدو مبين قالا:ربنا ظلمنا أنفسنا و إن لم تغفر لنا و ترحمنا لنكونن من الخاسرين،قال:اهبطا من جواري فلا يجاورني في جنتي

ص: 30

من يعصيني،فهبطا موكولين إلى أنفسهما في طلب المعاش،فلمّا أراد الله عزّ و جلّ أن يتوب عليهما جاءهما جبرائيل فقال لهما:إنكما إنما ظلمتما أنفسكما بتمنّي منزلة من فضّل عليكما فجزاؤكما ما قد عوقبتما به من الهبوط من جوار الله عز و جل إلى أرضه،فسلا ربكما بحق هذه الأسماء التي رأيتموها على ساق العرش حتى يتوب عليكما.

فقالا:اللهم إنا نسألك بحق الأكرمين عليك محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة إلاّ تبت علينا و رحمتنا،فتاب الله عليهما،إنه هو التواب الرحيم، فلم يزل الأنبياء بعد ذلك يحفظون هذه الأمانة و يخبرون بها أوصياءهم و المخلصين من أممهم،فيأبون حملها و يشفقون من ادّعائها و حملها الإنسان الذي قد عرف،فأصل كل ظلم منه إلى يوم القيامة،و ذلك قول الله عز و جل إِنّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً (1). (2)1.

ص: 31


1- الاحزاب:72.
2- معاني الاخبار 108-/110ح 1.

في قوله تعالى: وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ

عبد الله بن أحمد بن حنبل قال:حدّثنا أبي قال:حدّثني سفيان عن أبي موسى عن الحسين بن علي عليه السّلام قال:فينا نزلت وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (1). (2)

أبو نعيم الحافظ عن رجاله عن أبي هريرة قال:قال علي بن أبي طالب عليه السّلام:يا رسول الله أيّما أحبّ إليك أنا أم فاطمة؟

قال:فاطمة أحبّ إليّ منك،و أنت أعزّ عليّ منها،و كأني بك و أنت على حوضي تذود عنه الناس،و إنّ عليه لأباريق مثل عدد نجوم السماء،و أنت و الحسن و الحسين و حمزة و جعفر في الجنة إخوانا على سرر متقابلين،أنت معي و شيعتك في الجنة،ثم قرأ رسول الله صلّى اللّه عليه و آله وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (3). (4)

إبراهيم بن محمد الحمويني من أعيان علماء العامة بحذف الإسناد بطوله و كثرة رواته عن زيد بن أرقم قال:دخلت على رسول الله صلّى اللّه عليه و آله مسجد المدينة فجعل يقول:أين فلان بن فلان؟و لم يزل يتفقدهم و يبعث خلفهم حتى اجتمعوا عدة،ثم ذكر حديث المواخاة إلى أن قال:فقال علي عليه السّلام:يا رسول الله ذهبت روحي و انقطع

ص: 32


1- الحجر:47.
2- بحار الأنوار 72/32 ذيل ح 22 عن مسند أحمد.
3- الحجر:47.
4- بحار الأنوار 72/32 ح 21.

ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري،فإن كان من سخطك عليّ فلك العتبى و الكرامة،قال:و الذي بعثني بالحق نبيّا ما أخّرتك إلاّ لنفسي،و أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي،و أنت أخي و وارثي،قلت:يا رسول الله ما أرث منك؟

قال:ما أورثت الأنبياء قبلي،قال:ما أورثت الأنبياء قبلك؟

قال:كتاب الله و سنة رسوله،و أنت معي في قصري في الجنة مع ابنتي فاطمة، و أنت أخي و رفيقي،ثم تلا رسول الله صلّى اللّه عليه و آله هذه الآية إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ الأخلاّء في الله ينظر بعضهم إلى بعض،الحديث على رواية الحافظ أبي نصر. (1)3.

ص: 33


1- فرائد السمطين:118/1 ك ب /21ح 83.

في قوله تعالى (وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها)

من تفسير مجاهد و أبي يوسف يعقوب بن سفيان قال ابن عباس في قوله تعالى وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَ تَرَكُوكَ قائِماً (1)إنّ دحية الكلبي جاء يوم الجمعة من الشام بالميرة فنزل عند أحجار الزيت،ثم ضرب بالطبول ليؤذن الناس بقدومه،فنفر الناس إليه إلاّ علي و الحسن و الحسين و فاطمة و سلمان و أبوذر و المقداد و صهيب،و تركوا النبي صلّى اللّه عليه و آله قائما يخطب على المنبر فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله:لقد نظر الله إلى مسجدي يوم الجمعة،فلولا هؤلاء الثمانية الذين جلسوا في مسجدي لأضرمت المدينة على أهلها نارا و حصبوا بالحجارة كقوم لوط و نزل فيهم رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ (2).

ص: 34


1- الجمعة:11.
2- مناقب آل أبي طالب 407/1.

في قوله تعالى (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ)

المالكي في الفصول المهمة عن أنس بن مالك رضي الله عنه في قوله مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ قال:علي و فاطمة يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ (1)الحسن و الحسين،و رواه صاحب كتاب الدرر. (2)

محمد بن العباس من طريق العامة قال:حدّثنا علي بن عبد الله عن إبراهيم بن محمد عن محمد بن صلت عن أبي الجارود زياد بن المنذر عن الضحاك عن ابن عباس قال:قوله عز و جل مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ قال:مرج البحرين علي و فاطمة عليهما السلام،بينهما برزخ لا يبغيان،قال:النبي صلى الله:

يخرج منهما اللؤلؤ و المرجان،قال:الحسن و الحسين عليهما السلام. (3)

أبو علي الطبرسي روى من طريق العامة و غيرهم عن سلمان الفارسي رضي الله عنه و سعيد بن جبير و سفيان الثوري أنّ البحرين علي و فاطمة عليهما السلام، بينهما برزخ محمد رسول الله صلّى اللّه عليه و آله،يخرج منهما اللؤلؤ و المرجان الحسن و الحسين عليهما السلام. (4)

ابن شهر آشوب من طريق العامة و غيرهم عن الخركوشي في كتاب اللوامع و شرف المصطفى،و أبو بكر الشيرازي في كتابه و أبي صالح و أبي إسحاق الثعلبي

ص: 35


1- الرحمن:19،20.
2- الإلمام للنويري:301/5،و تذكرة الخواص:212.
3- تاويل الآيات 636/2 ح 13.
4- مجمع البيان.

و علي بن أحمد الطائي و ابن علوية القطان في تفاسيرهم،عن سعيد بن جبير و سفيان الثوري و أبو نعيم الأصفهاني فيما نزل في القرآن في أمير المؤمنين عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس و عن أبي مالك عن ابن عباس و القاضي النظيري عن سفيان بن عيينة عن جعفر الصادق عليه السّلام و اللفظ له في قوله تعالى مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ قال:عليّ و فاطمة بحران عميقان لا يبغي أحدهما على صاحبه.

و في رواية بَيْنَهُما بَرْزَخٌ رسول الله صلّى اللّه عليه و آله يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ قال:

الحسن و الحسين عليهما السلام. (1)

عن أبي معاوية الضرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي عباس أن فاطمة عليها السلام بكت للجوع و العري،فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله:إقنعي يا فاطمة بزوجك،فو الله إنه سيّد في الدّنيا سيّد في الآخرة،و أصلح بينهما فأنزل الله تعالى مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ (2)يقول:أنا اللّه أرسلت البحرين علي بن أبي طالب بحر العلوم و فاطمة بحر النبوة يلتقيان يتصلان،انا الله أوقعت الوصلة بينهما ثم قال: بَيْنَهُما بَرْزَخٌ مانع،رسول الله يمنع علي بن أبي طالب أن يحزن لأجل الدّنيا،و يمنع فاطمة أن تخاصم بعلها لأجل الدّنيا.

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما يا معشر الجن و الإنس تُكَذِّبانِ بولاية أمير المؤمنين و حبّ فاطمة الزهراء قال: اَللُّؤْلُؤُ الحسن وَ الْمَرْجانُ الحسين لأن اللؤلؤ الكبار و المرجان الصغار.

و لا غرو أن يكونا بحرين لسعة فضلهما و كثرة خيرهما،فإن البحر إنما سمي بحرا لسعته،و أجرى النبي عليه السّلام فرسا فقال:وجدته بحرا. (3)

كتاب المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة عن المبارك بن مسرور قال:أخبرني3.

ص: 36


1- مناقب آل أبي طالب 101/3.
2- الرحمن:19.
3- مناقب آل أبي طالب 101/3.

القاضي أبو عبد الله قال:حدّثني أبي رحمه الله قال:أخبرني أبو غالب محمد بن عبد الله يرفعه إلى أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال:سئل ابن عباس عن قول الله عز و جل مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ فقال:علي و فاطمة بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ (1)رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ (2)الحسن و الحسين عليهما السلام. (3)

الثعلبي في تفسيره في تفسير هذه الآية قال:أخبرني الحسين بن محمد بن الحسين الدينوري قال:حدّثنا موسى بن محمد بن علي بن عبد الله قال:قرأ أبي علي أبي محمد الحسن بن علوية القطان من كتابه و أنا أسمع،حدّثنا بعض أصحابنا، حدّثني رجل من أهل مصر يقال له:طسم،حدّثنا أبو حذيفة عن أبيه عن سفيان الثوري في قول الله عز و جل مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ قال:

فاطمة و علي يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ قال:الحسن و الحسين.

قال الثعلبي:و روى هذا القول أيضا عن سعيد بن جبير و قال:بينهما برزخ محمد صلّى اللّه عليه و آله (4).

علي بن إبراهيم قال:حدّثنا محمد بن أبي عبد الله قال:حدّثنا سعد بن عبد الله عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن يحيى بن سعيد العطار قال:

سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول في قول الله عز و جل مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ :أمير المؤمنين و فاطمة عليهما السلام يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ (5)الحسن و الحسين عليهما السلام. (6)2.

ص: 37


1- الرحمن:20.
2- الرحمن:22.
3- الدر المنثور 143/6.
4- العمدة:400 ح 810-811 عن الثعلبي المخطوط،و الدر المنثور:142/6.
5- الرحمن:22.
6- تفسير القمي 344/2.

ابن بابويه قال:حدّثنا أبي قال:حدّثنا أسعد بن عبد الله عن القاسم بن محمد الأصبهاني عن سليمان بن داود المنقري عن يحيى بن سعيد العطار قال:سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ قال:علي و فاطمة بحران من العلم عميقان لا يبغي أحدهما على صاحبه يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ الحسن و الحسين عليهما السلام. (1)

محمد بن العباس قال:حدّثنا أحمد بن محمد عن محفوظ بن بشير عن عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن أبي عبد الله عليه السّلام في قوله عز و جل مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ قال:لا يبغي علي على فاطمة،و لا فاطمة تبغي على علي يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ (2)قال:الحسن و الحسين عليهما السلام. (3)

محمد بن العباس قال:حدّثنا جعفر بن سهل عن أحمد بن محمد عن عبد الكريم عن يحيى عن عبد الحميد عن قيس عن الربيع عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد في قوله عز و جل مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ قال:علي و فاطمة لا يبغي هذا على هذه، و لا هذه على هذا يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ قال:الحسن و الحسين صلوات الله عليهم أجمعين (4).

محمد بن العباس عن علي بن مخلد الدهان عن أحمد بن سليمان عن إسحاق بن إبراهيم الأعمش عن كثير بن هشام عن كهمش بن الحسن عن أبي السليل عن أبي ذر رضي الله عنه في قوله عز و جل مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ قال:علي و فاطمة عليهما السلام يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ (5)الحسن و الحسين عليهما السلام،0.

ص: 38


1- الخصال 96/65.
2- الرحمن:19،20.
3- تأويل الآيات:635/2 ح 11،و بحار الأنوار97/24 ح 1.
4- تأويل الآيات:636/2 ح 12،و بحار الأنوار 97/24 ح 2.
5- الواقعة:20.

فمن رأى مثل هؤلاء الأربعة علي و فاطمة و الحسن و الحسين؟و لا يحبهم إلاّ مؤمن و لا يبغضهم إلاّ كافر،فكونوا مؤمنين بحب أهل البيت،و لا تكونوا كفارا ببغض أهل البيت فتلقوا في النار. (1)4.

ص: 39


1- بحار الأنوار 98/24 ح 4.

في قوله تعالى: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنّاتٍ وَ عُيُونٍ)

ابن شهر آشوب عن تفسير أبي يوسف يعقوب بن سفيان عن مجاهد و ابن عبّاس:أنّ المتّقين في ظلال و عيون من اتّقى الذنوب عليّ بن أبي طالب و الحسن و الحسين في ظلال من الشجر و الخيام من اللؤلؤ طول كلّ خيمة مسيرة فرسخ في فرسخ،ثمّ ساق الحديث إلى قوله: إِنّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ المطيعين للّه أهل بيت محمّد في الجنّة (1).

ص: 40


1- مناقب آل أبي طالب:364/1.

في قوله تعالى: وَ مَنْ يُطِعِ اللّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً)

ابن شهر آشوب عن مالك بن أنس عن سميّ عن أبي صالح عن ابن عبّاس في قوله تعالى: وَ مَنْ يُطِعِ اللّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ يعني محمّدا وَ الصِّدِّيقِينَ يعني عليّا و كان أوّل من صدّقه وَ الشُّهَداءِ يعني عليّا و جعفرا و حمزة و الحسن و الحسين عليهم السّلام (1).

ابن بابويه قال:أخبرنا المعافى بن زكريا قال:حدّثنا أبو سليمان أحمد بن أبي هراسة عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي عن عبد اللّه بن حمّاد الأنصاري عن عثمان بن أبي شيبة قال:حدّثنا حريز عن الأعمش عن الحكم بن عتيبة عن قيس بن أبي حازم عن امّ سلمة قالت:سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن قول اللّه سبحانه: فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً قال: اَلَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ أنا و اَلصِّدِّيقِينَ عليّ بن أبي طالب و اَلشُّهَداءِ الحسن و الحسين و اَلصّالِحِينَ حمزة، و حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً الأئمّة الاثني عشر بعدي (2).

ابن بابويه في كتاب«مصباح الأنوار»عن أنس بن مالك قال:صلّى بنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في بعض الأيّام صلاة الفجر،ثمّ أقبل علينا بوجهه الكريم فقلت:يا رسول اللّه إن رأيت أن تفسّر لنا قول اللّه عزّ و جلّ: فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ

ص: 41


1- مناقب آل أبي طالب:243/1.
2- كفاية الأثر:24،بحار الأنوار:347/32 ح 214.

وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً فقال صلّى اللّه عليه و آله:أمّا النبيّون فأنا، و أمّا الصدّيقون فأخي عليّ بن أبي طالب،و أمّا الشهداء فعمّي حمزة،و أمّا الصالحون فابنتي فاطمة و أولادها الحسن و الحسين،قال:و كان العبّاس حاضرا فوثب و جلس بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قال:ألسنا أنا و أنت و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين من نبعة واحدة؟

قال:و كيف ذلك يا عمّ؟

قال العبّاس:لأنّك تعرّف بعليّ و فاطمة و الحسن و الحسين دوننا قال:فتبسّم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قال:أمّا قولك يا عمّ ألسنا من نبعة واحدة فصدقت،و لكن يا عمّ إنّ اللّه خلقني و عليّا و فاطمة و الحسن و الحسين قبل أن يخلق اللّه آدم حين لا سماء مبنيّة و لا أرض مدحيّة و لا ظلمة و لا نور و لا جنّة و لا نار و لا شمس و لا قمر،قال العبّاس:

و كيف كان بدء خلقكم يا رسول اللّه؟

قال:يا عمّ لمّا أراد اللّه أن يخلقنا تكلّم بكلمة خلق منها نورا،ثمّ تكلّم بكلمة فخلق منها روحا،فمزج النور بالروح فخلقني و أخي عليّا و فاطمة و الحسن و الحسين فكنّا نسبّحه حين لا تسبيح و نقدّسه حين لا تقديس،فلمّا أراد اللّه أن ينشيء الصنعة،فتق نوري فخلق منه العرش فالعرش من نوري و نوري من نور اللّه و نوري أفضل من العرش،ثمّ فتق نور أخي عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فخلق منه الملائكة فالملائكة من نور أخي عليّ و نور عليّ من نور اللّه و عليّ أفضل من الملائكة،ثمّ فتق نور ابنتي فاطمة عليها السّلام فخلق منه السماوات و الأرض فالسماوات و الأرض من نور ابنتي فاطمة و نور ابنتي فاطمة من نور اللّه عزّ و جلّ و ابنتي فاطمة أفضل من السماوات و الأرض،ثمّ فتق نور ولدي الحسن و خلق منه الشمس و القمر فالشمس و القمر من نور ولدي الحسن و نور ولدي الحسن من نور اللّه و الحسن أفضل من الشمس و القمر،ثمّ فتق نور ولدي الحسين فخلق منه الجنّة و الحور العين فالجنّة و الحور العين من نور ولدي الحسين و نور ولدي من نور اللّه فولدي الحسين أفضل من

ص: 42

الجنّة و الحور العين،ثمّ أمر اللّه الظلمات أن تمرّ بسحائب الظلم فأظلمت السماوات على الملائكة،فضجّت الملائكة بالتسبيح و التقديس و قالت:إلهنا و سيّدنا منذ خلقتنا و عرّفتنا هذه الأشباح لم نر بأسا فبحقّ هذه الأشباح إلاّ ما كشفت عنّا هذه الظلمة فأخرج اللّه من نور ابنتي فاطمة قناديل فعلّقها في بطنان العرش فأزهرت السماوات و الأرض ثمّ أشرقت بنورها فلأجل ذلك سمّيت الزهراء.فقالت الملائكة:

إلهنا و سيّدنا لمن هذا النور الزاهر الذي أشرقت به السماوات و الأرض،فأوحى اللّه إليها هذا نور اخترعته من نور جلالي لأمتي فاطمة بنت حبيبي و زوجة وليّي و أخ نبيّي و أب حججي على عبادي أشهدكم يا ملائكتي إنّي قد جعلت ثواب تسبيحكم و تقديسكم لهذه المرأة و شيعتها و محبّيها إلى يوم القيامة قال:فلمّا سمع العبّاس من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وثب قائما و قبّل ما بين عينيّ عليّ عليه السّلام و قال:و اللّه يا عليّ أنت الحجّة البالغة لمن آمن باللّه و اليوم الآخر (1).

العيّاشي بإسناده عن أبي بصير قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:يا أبا محمّد لقد ذكركم اللّه في كتابه فقال: فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصّالِحِينَ الآية فرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في هذا الموضع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و نحن الصدّيقون و الشهداء و أنتم الصالحون فتسمّوا بالصلاح كما سمّاكم اللّه (2).

عليّ بن إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليه السّلام قال:قال:«النبيّين»رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله«و الصدّيقين»عليّ«و الشهداء»الحسن و الحسين«و الصالحين و حسن أولئك رفيقا»القائم من آل محمّد عليه الصلاة و السلام (3).1.

ص: 43


1- بحار الأنوار:82/33-84 ح 51.
2- تفسير العياشي:256/1 ح 190.
3- تفسير القمي:142/1.

في قوله تعالى: (وَ قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً)

الشيخ الطوسي في أماليه حديثا بإسناده عن رجاله عن نعيم بن حكيم عن أبي هريرة عن أبي مريم الثقفي عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:إنطلق بي رسول اللّه حتّى أتى بي إلى الكعبة فصعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على منكبي،ثمّ قال لي:إنهض فنهضت، فلمّا رأى ضعفا قال:إجلس فنزل ثمّ قال لي:يا علي إصعد على منكبي فصعدت على منكبيه،ثمّ نهض بي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و خيّل لي انّي لو شئت لنلت افق السماء، فصعدت فوق الكعبة و تنحّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قال لي:إلق صنمهم الأكبر و كان من النحاس موتّدا بأوتاد حديد فقال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:عالجه فعالجته و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:جاء الحقّ و زهق الباطل إنّ الباطل كان زهوقا،فلم أزل أعالجه حتى استمكنت منه فقال لي:إقذفه فقذفته فتكسّر فنزلت من فوق الكعبة و انطلقت أنا و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و خشينا أن يرانا أحد من قريش و غيرهم (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا أحمد بن يحيى المكتب قال:حدّثنا أحمد بن محمّد الورّاق قال:حدّثني بشر بن سعيد بن قولويه المعدّل بالمرافقة قال:حدّثنا عبد الجبّار بن كثير التميمي اليماني قال:سمعت محمّد بن حرب الهلالي أمير المدينة يقول:سألت جعفر بن محمّد عليه السّلام فقلت له:يا بن رسول اللّه في نفسي مسألة اريد أن أسألك عنها فقال:إن شئت أخبرتك بمسألتك قبل أن تسألني و إن شئت فسل،قال:فقلت له:يا بن رسول اللّه و بأيّ شيء تعرف ما في نفسي قبل سؤالي عنه؟

قال:بالتوسّم و التفرّس أما سمعت قول اللّه عزّ و جلّ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ

ص: 44


1- مصباح الأنوار:287/1،و تأويل الآيات:287/1.

لِلْمُتَوَسِّمِينَ و قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:إتّقوا فراسة المؤمن فإنّه ينظر بنور اللّه عزّ و جلّ، قال:فقلت له:يا بن رسول اللّه فأخبرني بمسألتي قال:أردت أن تسألني عن رسول اللّه لم يطق حمله عليّ بن أبي طالب عليه السّلام عند حطّه الأصنام من سطح الكعبة مع قوّته و شدّته و ما ظهر منه في قلع باب القموص بخيبر و الرّمي به إلى ورائه أربعين ذراعا و كان لا يطيق حمله أربعون رجلا،و قد كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يركب الناقة و الفرس و البغلة و الحمار و ركب البراق ليلة المعراج و كلّ ذلك دون عليّ عليه السّلام في القوّة و الشدّة.

قال:فقلت له:عن هذا و اللّه أردت أن أسألك يا بن رسول اللّه فاخبرني،فقال:إنّ عليّا عليه السّلام برسول اللّه تشرّف و به ارتفع و به وصل إلى إطفاء نار الشرك و إبطال كلّ معبود دون اللّه عزّ و جلّ و لو علاه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لحطّ الأصنام لكان بعليّ مرتفعا و تشريفا و واصلا إلى حطّ الأصنام،فلو كان ذلك كذلك لكان أفضل منه ألا ترى أنّ عليّا قال:لمّا علوت ظهر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله شرفت و ارتفعت حتّى لو شئت أنال السماء لنلتها،أما علمت أنّ المصباح هو الذي يهتدي به في الظلمة و انبعاث فرعه من أصله و قد قال عليّ عليه السّلام أنا من أحمد كالضوء من الضوء،أما علمت أنّ محمّدا و عليّا صلوات اللّه عليهما كانا نورا بين يدي اللّه عزّ و جلّ قبل خلق الخلق بألفيّ عام و أنّ الملائكة لمّا رأت ذلك النور رأت له أصلا قد تشعّب منه شعاع لامع فقالوا:إلهنا و سيّدنا ما هذا النور؟

فأوحى اللّه عزّ و جلّ إليهم هذا نور من نوري أصله نبوّة و فرعه إمامة،أمّا النبوّة فلمحمّد عبدي و رسولي،و امّا الإمامة لعليّ حجّتي و وليّي و لولاهما ما خلقت خلقي، أما علمت أنّ رسول اللّه رفع يدي عليّ عليه السّلام بغدير خمّ حتّى نظر الناس إلى بياض إبطيهما فجعله مولى المسلمين و إمامهم و قد احتمل الحسن و الحسين عليهما السّلام يوم حضيرة بني النجّار فلمّا قال له بعض أصحابه:ناولني أحدهما يا رسول اللّه.

قال صلّى اللّه عليه و آله:نعم الحاملان و نعم الراكبان و أبوهما خير منهما-و روي خبر آخر أنّ

ص: 45

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله حمل الحسن و حمل جبرائيل الحسين و لهذا قال:نعم الحاملان- و كان الرسول صلّى اللّه عليه و اله يصلّي بأصحابه فأطال سجدة من سجداته فلمّا سلّم قيل له يا رسول اللّه لقد أطلت هذه السجدة فقال عليه السّلام إنّ ابني ارتحلني فكرهت أن اعجّله حتّى ينزل و انّما أراد عليه السّلام بذلك رفعهم و تشريفهم فالنبيّ إمام و نبيّ و عليّ عليه السّلام إمام ليس بنبيّ و لا رسول فهو غير مطيق لحمل أثقال النبوّة؛قال محمّد بن حرب الهلالي:

فقلت له:زدني يابن رسول اللّه؟

فقال:إنّك لأهل للزيادة إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله حمل عليّا على ظهره بذلك أنّه أبو ولده و إمام الأئمّة من صلبه و كما حوّل رداءه في صلاة الإستسقاء و أراد أن يعلم أصحابه بذلك أنّه قد حوّل الجدب خصبا.

قال:فقلت له:زدني يابن رسول اللّه؟

فقال:إحتمل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله عليّا عليه السّلام يريد بذلك أن يعلم قومه أنّه هو الذي يخفف عن ظهر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله ما عليه من الدّين و العدات و الأداء عنه من بعده.

فقلت:يابن رسول اللّه زدني.

فقال:إنّه قد احتمله ليعلم ذلك أنّه قد احتمله و ما حمله إلاّ لأنّه معصوم لا يحمل أوزارا فتكون أفعاله عند الناس حكما و صوابا و قد قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله لعليّ:يا عليّ إنّ اللّه تبارك و تعالى حمّلني ذنوب شيعتك ثمّ غفرها لي و ذلك قوله تعالى: لِيَغْفِرَ لَكَ اللّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ و لمّا أنزل اللّه تبارك و تعالى عليه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ قال النبيّ:يا أيّها الناس عليكم أنفسكم لا يضرّكم من ضلّ إذا اهتديتم و علي نفسي و أخي أطيعوا عليّا فإنّه مطهّر معصوم لا يضلّ و لا يشقى ثمّ تلا هذه الآية: قُلْ أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَ عَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ وَ إِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَ ما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ.

قال محمّد بن حرب الهلالي:ثمّ قال لي جعفر بن محمّد عليه السّلام:أيّها الأمير لو

ص: 46

أخبرتك بما في حمل النبيّ صلّى اللّه عليه و اله عليّا عليه السّلام عند حطّ الأصنام من سطح الكعبة في المعاني التي أرادها به لقلت أنّ جعفر بن محمّد لمجنون فحسبك من ذلك ما قد سمعت؛فقمت و قبّلت رأسه و قلت اللّه أعلم حيث يجعل رسالته (1).1.

ص: 47


1- علل الشرائع:174/1-175 ح 1،معاني الأخبار:349-352 ح 1.

في قوله تعالى: يَوْمَ لا يُخْزِي اللّهُ النَّبِيَّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمانِهِمْ

ابن شهر آشوب من تفسير مقاتل عن عطاء عن ابن عبّاس يَوْمَ لا يُخْزِي اللّهُ النَّبِيَّ لا يعذّب اللّه محمّدا وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ لا يعذّب عليّ بن أبي طالب و فاطمة و الحسن و الحسين و حمزة و جعفر نُورُهُمْ يَسْعى يضيء على الصراط بعليّ و فاطمة مثل الدّنيا سبعين مرّة فيسعى نورهم بين أيديهم و يسعى عن أيمانهم و هم يتّبعونه،فيمضي أهل بيت محمّد أوّل الزمرة على الصراط مثل البرق الخاطف،ثمّ يمضي قوم مثل الريح،ثمّ قوم مثل عدو الفرس،ثمّ قوم مثل شدّ الرجل،ثمّ قوم مثل الحبو (1)،ثمّ قوم مثل الزحف و يجعله اللّه على المؤمنين عريضا و على المذنبين دقيقا،قال اللّه تعالى يقولون ربّنا أتمم لنا نورنا حتى نجتاز به على الصراط قال:فيجوز أمير المؤمنين عليه السّلام في هودج من الزمرّد الأخضر و معه فاطمة على نجيب من الياقوت الأحمر حولها سبعون ألف حور كالبرق اللاّمع (2).

أسند أبو نعيم إلى ابن عبّاس:أوّل ما يكسى من حلل الجنّة إبراهيم و محمّد ثمّ عليّ يزف بينهما ثمّ قرأ يَوْمَ لا يُخْزِي اللّهُ النَّبِيَّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ (3).

ص: 48


1- الحبو:المشي على أربع.
2- مناقب آل أبي طالب:7/2.
3- بحار الأنوار:22/32 ح 5،و:221/35 ح 1.

في قوله تعالى: (فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ) (1)

في قوله تعالى: (فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ)(1)

أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه في كامل الزيارات من طريق العامّة قال:

حدّثني جعفر بن محمّد الزرار عن محمّد بن الحسين عن الحكم بن مسكين عن داود بن عيسى الأنصاري عن محمّد بن عبد الرّحمن بن أبي ليلى عن إبراهيم النخعي قال:خرج أمير المؤمنين عليه السّلام فجلس في المسجد و اجتمع أصحابه حوله فجاء الحسين عليه السّلام حتّى قام بين يديه فوضع يده على رأسه فقال:«يا بني إن اللّه عيّر أقواما بالقرآن فقال: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ و أيم اللّه لتقتلنّ من بعدي ثمّ تبكيك السماء و الأرض». (2)

أبو القاسم هذا قال:حدّثني أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه عن محمّد بن حسين بن أبي الخطاب بإسناده مثله (3).

الثعلبي في تفسيره قال السدي:لمّا قتل الحسين عليه السّلام بكت عليه السماء و بكاؤها حمرتها.

قال:و حكى ابن سيرين:أن الحمرة لم تر قبل قتله،و عن سليم القاضي:مطرنا دما أيام قتله (4).

ص: 49


1- الدخان:29.
2- كامل الزيارات:2/180،بحار الأنوار:209/45.
3- كامل الزيارات:3/180.
4- نقله عنه ابن البطريق في العمدة:/404ح 836،و رواه السيوطي في الدر المنثور:31/6.

في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ

إبراهيم بن محمد الحمويني من أعيان علماء العامة قال:أنبأنا السيد النسّابة جلال الدين عبد الحميد بن فخار بن معد الموسوي قال:أنبأنا والدي السيد شمس الدين شيخ شرف فخار الموسوي بروايته عن شاذان بن جبرائيل القمي عن جعفر بن محمد الدوريستي عن أبيه عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي قدّس سرّه قال:حدّثنا أبي و محمد بن الحسن رضي اللّه عنهما قال:أنبأنا سعد بن عبد اللّه قال:نبأنا يعقوب بن يزيد عن حماد بن عيسى عن عمر بن اذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي قال:رأيت عليّا عليه السّلام في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في خلافة عثمان و جماعة يتحدثون و يتذاكرون العلم و الفقه فذكروا قريشا و فضلها و سوابقها و هجرتها و ما قال فيها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من الفضل مثل قوله صلّى اللّه عليه و آله:«الأئمة من قريش»و قوله صلّى اللّه عليه و آله:«الناس تبع قريش و قريش أئمة العرب»و قوله صلّى اللّه عليه و آله:«لا تسبوا قريشا»و قوله صلّى اللّه عليه و آله:«إن للقرشي قوّة رجلين من غيرهم»و قوله صلّى اللّه عليه و آله:«من أبغض قريشا أبغضه اللّه»و قوله صلّى اللّه عليه و آله:«من أراد هوان قريش أهانه اللّه»و ذكروا الأنصار و فضلها و سوابقها و نصرتها و ما أثنى اللّه عليهم في كتابه و ما قال فيهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من الفضل و ذكروا ما قال في سعد بن عبادة و غسيل الملائكة فلم يدعوا شيئا من فضلهم حتى قال كل حيّ منا فلان و فلان و قالت قريش منا رسول اللّه و منا حمزة و منا جعفر و منا عبيدة بن الحرث و زيد بن حارثة و أبو بكر و عمر و عثمان و أبو عبيدة و سالم مولى أبي حذيفة و عبد الرّحمن بن عوف فلم يدعوا من الحيين أحدا

ص: 50

من أهل السابقة إلاّ سمّوه و في الحلقة أكثر من مائتي رجل فيهم علي بن أبي طالب- صلوات اللّه عليه و آله-و سعد بن أبي و قاص و عبد الرحمن بن عوف و طلحة و الزبير و عمار و المقداد و أبو ذر و هاشم بن عتبة و ابن عمر و الحسن و الحسين عليهما السّلام و ابن عباس و محمد بن أبي بكر و عبد اللّه بن جعفر و من الأنصار أبي ابن كعب و زيد بن ثابت و أبو أيوب الأنصاري و أبو الهيثم بن التيهان و محمد بن مسلمة و قيس بن سعد بن عبادة و جابر بن عبد اللّه و أنس بن مالك و زيد بن أرقم و عبد اللّه بن أبي أوفى و أبو ليلى و معه ابنه عبد الرّحمن قاعد بجنبه غلام صبيح الوجه أمرد فجاء أبو الحسن البصري و معه ابنه الحسن غلام أمرد صبيح الوجه معتدل القامة قال:فجعلت أنظر إليه و إلى عبد الرّحمن بن أبي ليلى فلا أدري أيّهما أجمل غير أن الحسن أعظمهما و أطولهما فأكثر القوم و ذلك من بكرة إلى حين الزوال،و عثمان في داره لا يعلم بشيء ممّا هم فيه و علي بن أبي طالب عليه السّلام ساكت لا ينطق و لا أحد من أهل بيته،فأقبل القوم عليه فقالوا:يا أبا الحسن ما يمنعك أن تتكلم؟

فقال:«ما من الحيين إلاّ و قد ذكر فضلا و قال حقا فأنا أسألكم يا معشر قريش و الأنصار ممن أعطاكم اللّه هذا الفضل أبأنفسكم و عشائركم و أهل بيوتاتكم أم بغيركم»؟

قالوا:بل أعطانا اللّه و منّ به علينا بمحمد صلّى اللّه عليه و آله و عشيرته لا بأنفسنا و عشائرنا و لا بأهل بيوتاتنا.

قال:«صدقتم يا معشر قريش و الأنصار ألستم تعلمون أن الذي نلتم من خير الدنيا و الآخرة منّا أهل البيت خاصة دون غيرهم و إن ابن عمي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:إني و أهل بيتي كنّا نورا يسعى بين يدي اللّه تعالى قبل أن يخلق اللّه عزّ و جلّ آدم بأربعة عشر ألف سنة فلما خلق اللّه آدم عليه السّلام،وضع ذلك النور في صلبه و أهبطه إلى الأرض ثم حمله في السفينة في صلب نوح عليه السّلام،ثم قذف به في النار في صلب إبراهيم عليه السّلام ثم لم يزل اللّه عزّ و جلّ ينقلنا في الأصلاب الكريمة إلى الأرحام الطاهرة و من الأرحام الطاهرة إلى

ص: 51

الأصلاب الكريمة من الآباء و الامهات لم يلق واحد منا على سفاح قط؟»

فقال أهل السابقة و القدمة و أهل بدر و أهل أحد:نعم قد سمعنا ذلك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،ثم قال:«أنشدكم اللّه أتعلمون أن اللّه عزّ و جلّ فضّل في كتابه السابق على المسبوق في غير آية،و أني لم يسبقني إلى اللّه عزّ و جلّ و إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أحد من هذه الامة؟»قالوا:اللهم نعم.

قال:«فأنشدكم اللّه أتعلمون حيث نزلت وَ السّابِقُونَ(1) الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ وَ السّابِقُونَ السّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (2)سئل عنها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال:

أنزلها اللّه تعالى ذكره في الأنبياء و أوصيائهم فأنا أفضل أنبياء اللّه و رسله و علي بن أبي طالب وصيّي أفضل الأوصياء»

قالوا:اللهم نعم.

قال:«فأنشدكم اللّه أتعلمون حيث نزلت يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (3)و حيث نزلت إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (4)و حيث نزلت لَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللّهِ وَ لا رَسُولِهِ وَ لاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً (5)قال الناس:يا رسول اللّه خاصة في بعض المؤمنين أم عامة لجميعهم فأمر اللّه عزّ و جلّ نبيّه صلّى اللّه عليه و آله أن يعلمهم ولاة أمرهم و أن يفسّر لهم من الولاية ما فسر لهم من صلاتهم و زكاتهم و حجّهم و نصبني للناس بغدير خم ثم خطب فقال:أيها الناس إن اللّه أرسلني برسالة ضاق بها صدري و ظننت أن الناس مكذبي فأوعدني لأبلغنّها أو ليعذبني ثم أمر فنودي بالصلاة جامعة ثم خطب فقال:أيها6.

ص: 52


1- الواقعة:10.
2- الواقعة:10-11.
3- النساء:59.
4- المائدة:55.
5- التوبة:16.

الناس أتعلمون أن اللّه عزّ و جلّ مولاي و أنا مولى المؤمنين،و أنا أولى بهم من أنفسهم؟

قالوا:بلى يا رسول اللّه قال:قم يا علي فقمت،فقال:من كنت مولاه فعلي هذا مولاه اللهم و ال من والاه و عاد من عاداه فقام سلمان فقال:يا رسول اللّه ولاء كماذا فقال ولاء كولايتي من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه فأنزل اللّه تعالى ذكره اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً (1)فكبّر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قال:«اللّه أكبر تمام نبوتي و تمام دين اللّه ولاية علي بعدي»فقام أبو بكر و عمر فقالا:يا رسول اللّه هذه الآيات خاصة في علي عليه السّلام قال:«بلى فيه و في أوصيائي إلى يوم القيامة»قالا:يا رسول اللّه بيّنهم لنا؟

قال علي أخي و وزيري و وارثي و وصيي و خليفتي في امتي و ولي كل مؤمن من بعدي ثم ابني الحسن ثم الحسين ثم التسعة من ولد ابني الحسين واحدا بعد واحد القرآن معهم و هم مع القرآن لا يفارقونه و لا يفارقهم حتى يردّوا عليّ الحوض»فقالوا كلهم:

اللهم نعم قد سمعنا ذلك و شهدنا كما قلت سواء،أو قال بعضهم:قد حفظنا جل ما قلت لم نحفظ كله و هؤلاء الذين حفظوا أخيارنا و أفاضلنا:فقال علي-صلوات اللّه عليه و آله-:«صدقتم ليس كل الناس يستوون في الحفظ أنشد اللّه عزّ و جلّ من حفظ ذلك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لما قام فأخبر به».

فقام زيد بن أرقم و البراء بن عازب و سلمان و أبوذر و المقداد و عمار فقالوا:

نشهد لقد حفظنا قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو قائم على المنبر و أنت الى جنبه و هو يقول:

«أيها الناس إن اللّه عزّ و جلّ أمرني أن انصّب لكم إمامكم و القائم فيكم بعدي و وصيي و خليفتي و الذي فرض اللّه عزّ و جلّ على المؤمنين في كتابه طاعته فقرنه بطاعته و طاعتي و أمركم بولايته و إني راجعت ربي خشية طعن أهل النفاق و تكذيبهم فأوعدني لأبلغها أو ليعذبني أيها الناس إن اللّه أمركم في كتابه بالصلاة،و قد بيّنتها لكم و الزكاة و الصوم و الحج فبيّنتها لكم و فسّرتها و أمركم بالولاية،و إني اشهدكم أنها لهذا خاصة3.

ص: 53


1- المائدة:3.

و وضع يده على علي بن أبي طالب عليه السّلام ثم قال لابنيه بعده ثم للأوصياء من بعدهم من ولدهم لا يفارقون القرآن و لا يفارقهم القرآن حتى يردوا علي حوضي.أيها الناس قد بيّنت لكم مفزعكم بعدي و إمامكم و دليلكم و هاديكم و هو أخي علي بن أبي طالب هو فيكم بمنزلتي فيكم فقلدوه دينكم و أطيعوه في جميع أموركم،فإن عنده جميع ما علّمني اللّه من علمه و حكمته فسلوه و تعلّموا منه و من أوصيائه بعده،و لا تعلّموهم و لا تتقدموهم و لا تخلّفوا عنهم،فإنهم مع الحق و الحق معهم لا يزايلوه و لا يزايلهم».

ثم جلسوا قال سليم ثم قال علي عليه السّلام«أيها الناس أتعلمون أن اللّه أنزل في كتابه إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (1)فجمعني و فاطمة و ابني حسنا و حسينا ثم ألقى علينا كساء و قال:اللهم هؤلاء أهل بيتي و لحمي يؤلمني ما يؤلمهم و يؤذيني ما يؤذيهم و يحرجني ما يحرجهم فأذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا،فقالت ام سلمة:و أنا يا رسول اللّه؟

فقال:أنت إلى خير إنما نزلت فيّ و في أخي علي بن أبي طالب و في ابني و في تسعة من ولد ابني الحسين خاصة،ليس معنا فيها لأحد شرك».

فقالوا كلهم:نشهد أن امّ سلمة حدّثتنا بذلك فسألنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فحدثنا كما حدثتنا ام سلمة فقال علي-صلوات اللّه عليه-:«أنشدكم اللّه ألستم أتعلمون أن اللّه عزّ و جلّ أنزل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصّادِقِينَ (2)فقال سلمان:يا رسول اللّه عامة هذا أم خاصة؟

قال:أما المؤمنون فعامة المؤمنين امروا بذلك،و أما الصادقون فخاصة لأخي علي و أوصيائي من بعده إلى اليوم القيامة؟»قالوا:اللهم نعم.

قال«أنشدكم اللّه تعالى أتعلمون أني قلت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في غزوة تبوك:لم خلّفتني فقال:إن المدينة لا تصلح إلاّ بي أو بك و أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبّي9.

ص: 54


1- الأحزاب:33.
2- التوبة:119.

من بعدي؟»

قالوا:اللهم نعم.

قال:أنشدكم اللّه أتعلمون أن اللّه أنزل في سورة الحج يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ افْعَلُوا الْخَيْرَ (1)...إلى آخر السورة فقام سلمان فقال:يا رسول اللّه من هؤلاء الذين أنت عليهم شهيد،و هم شهداء على الناس الذين اجتباهم اللّه و لم يجعل عليهم في الدين من حرج ملة إبراهيم قال:عنى بذلك ثلاثة عشر رجلا خاصة دون هذه الامة قال سلمان:بيّنهم لنا يا رسول اللّه قال:أنا و أخي علي واحد عشر من ولدي»قالوا:اللهم نعم.

فقال علي عليه السّلام:«أنشدكم اللّه أتعلمون أن رسول اللّه قام خطيبا لم يخطب بعد ذلك فقال:أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي فتمسكوا بهما لن تضلوا فإن اللطيف أخبرني و عهد إليّ أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض فقام عمر بن الخطاب شبه المغضب فقال يا رسول اللّه:أكل أهل بيتك؟

فقال:لا و لكن أوصيائي منهم أولهم أخي و وزيري و وارثي و خليفتي في امتي و ولي كل مؤمن من بعدي و هو أولهم ثم ابني الحسن ثم ابني الحسين ثم تسعة من ولد الحسين واحد بعد واحد حتى يردوا علي الحوض شهداء اللّه في أرضه و حججه على خلقه و خزان علمه و معادن حكمته من أطاعهم فقد أطاع اللّه و من عصاهم عصى اللّه» فقال كلهم:نشهد أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال ذلك ثم تمادى بعلي عليه السّلام السؤال فما ترك شيئا إلا ناشدهم اللّه فيه و سألهم عنه حتى أتى اعلى آخر مناقبه و ما قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كثيرا كل ذلك يصدقونه و يشهدون أنه حق (2).

ابن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى و علي بن محمد عن سهل ابن زياد أبي سعيد عن محمد بن عيسى عن يونس عن ابن مسكان عن أبي بصير0.

ص: 55


1- الحج:77.
2- فرائد السمطين:/312/1ب /58ح 250.

قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عز و جل أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فقال:«نزلت في علي بن أبي طالب و الحسن و الحسين عليهم السّلام»فقلت له:إن الناس يقولون فما له لم يسمّ عليا و أهل بيته في كتاب اللّه عزّ و جلّ؟

قال:فقال:«قولوا لهم إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله نزلت عليه الصلاة و لم يسم اللّه لهم ثلاثا و لا أربعا حتى كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله هو الذي فسّر ذلك لهم،و نزلت عليه الزكاة و لم يسم لهم من كل أربعين درهما درهم حتى كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله هو الذي فسّر ذلك لهم،و نزل الحج فلم يقل لهم:طوفوا اسبوعا حتى كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله هو الذي فسّر ذلك لهم،و نزلت أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ و نزلت في علي و الحسن و الحسين فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:من كنت مولاه فعلي مولاه،و قال صلّى اللّه عليه و اله:أوصيكم بكتاب اللّه و أهل بيتي فإني سألت اللّه عزّ و جلّ أن لا يفرّق بينهما حتى يوردهما على الحوض فأعطاني ذلك،و قال:لا تعلّموهم فإنهم أعلم منكم،و قال:إنهم لن يخرجوكم من باب هدى و لن يدخلوكم في باب ضلالة،فلو سكت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فلم يبين من أهل بيته لادّعاها آل فلان و آل فلان،لكن اللّه عزّ و جل أنزل في كتابه تصديقا لنبيّه إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (1)فكان علي و الحسن و الحسين و فاطمة عليهم السّلام فأدخلهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله تحت الكساء في بيت ام سلمة و قال:اللهمّ إن لكلّ نبي أهلا و ثقلا و هؤلاء أهل بيتي و ثقلي فقالت ام سلمة:ألست من أهلك؟

فقال لها:إنك على خير و لكن هؤلاء أهلي و ثقلي،فلما قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله كان علي أولى الناس بالناس لكثرة ما بلّغ فيه رسول اللّه و إقامته للناس و أخذه بيده،فلما مضى علي فلم يكن علي يستطيع و لم يكن ليفعل أن يدخل محمد بن علي و لا العباس بن علي و لا واحد من ولده إذ لقال الحسن و الحسين:إن اللّه تبارك و تعالى أنزل فينا كما أنزل فيك و أمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك،و بلّغ فينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله كما بلّغ فيك،و أذهب عنا الرجس كما أذهب عنك،فلما مضى علي عليه السّلام كان الحسن أولى به لكبره،فلما توفي لم يستطع أن3.

ص: 56


1- الأحزاب:33.

يدخل ولده و لم يكن ليفعل ذلك و اللّه عزّ و جل يقول: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ (1)فيجعلها في ولده إذ لقال الحسين عليه السّلام:أمر اللّه تبارك و تعالى بطاعتي كما أمر بطاعتك و طاعة أبيك،و بلّغ فيّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله كما بلّغ فيك و في أبيك، و أذهب عني الرجس كما أذهب عنك و عن أبيك،فلما صارت إلى الحسين لم يكن أحد من أهل بيته يستطيع أن يدّعي عليه كما كان هو يدّعي على أخيه و على أبيه لو أرادا أن يصرفا الأمر عنه،و لم يكونا ليفعلا،ثم صارت حين أفضت إلى الحسين فجرى تأويل هذه الآية وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ ثم صارت من بعد الحسين لعلي بن الحسين ثم صارت من بعد علي بن الحسين إلى محمد بن علي.

و قال عليه السّلام: اَلرِّجْسَ: هو الشك و اللّه لا نشك في ربّنا أبدا» (2).

ابن بابويه قال:حدثني غير واحد من أصحابنا قالوا حدّثنا محمد بن همام عن جعفر بن محمد بن مالك الفرازي عن الحسن بن محمد بن سماعة عن أحمد بن الحارث قال:حدثني المفضل بن عمر عن يونس بن ظبيان عن جابر بن يزيد الجعفي قال:سمعت جابر بن عبد اللّه الأنصاري[يقول:لما أنزل اللّه عزّ و جل على نبيه محمد صلّى اللّه عليه و اله:(يا أيها الذين آمنوا أطيعوا اللّه و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم) قلت:يا رسول اللّه عرفنا اللّه و رسوله]فمن أولو الأمر الذين قرن اللّه طاعتهم بطاعتك؟

فقال صلّى اللّه عليه و اله«هم خلفائي يا جابر و أئمة المسلمين من بعدي أولهم علي بن أبي طالب ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي المعروف في التوراة ب(الباقر)ستدركه يا جابر،فإذا لقيته فأقرئه منّي السلام ثم الصادق جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي ثم علي بن محمد ثم الحسن بن علي ثم سميّي و كنّيي حجة اللّه في أرضه و بقيته في عباده ابن الحسن بن علي ذاك الذي7.

ص: 57


1- الأحزاب:6.
2- اصول الكافي:288/1 ح 1،و المزار(محمد بن المشهدي):287.

يفتح اللّه تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض و مغاربها ذاك الذي يغيب عن شيعته و أوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلاّ من امتحن اللّه قلبه للإيمان»قال جابر:

فقلت له:يا رسول اللّه فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته؟

فقال عليه السّلام:«و الذي بعثني بالنبوة إنهم يستضيئون بنوره و ينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس و إن تجلاها سحاب،يا جابر هذا من مكنون سر اللّه و مخزون علمه فاكتمه إلاّ عن أهله» (1).

محمد بن إبراهيم النعماني بإسناده عن عبد الرزاق عن معمر عن أبان عن سليم ابن قيس الهلالي قال:قلت لعلي عليه السّلام و ذكر حديثا فيه قال:«كنت أنا أدخل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله كل يوم دخلة و كل ليلة دخلة فيخلني فيها[خلوة أدور معه حيث دار]و قد علم أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله أنه لم يكن يصنع ذلك بأحد[من الناس]غيري،و كنت إذا سألت أجابني،و إذا سكت ابتدأني (2)و دعى اللّه أن يحفظني و يفهمني فما نسيت شيئا أبدا منذ دعى لي،و إني قلت لرسول اللّه:يا نبي اللّه إنك منذ دعوت لي بما دعوت لم أنس شيئا مما تمليه علي فلم تأمرني بكتبه أتتخوف عليّ النسيان؟

قال:يا أخي لا أتخوف عليك النسيان و لا الجهل و قد أخبرني اللّه عزّ و جلّ أنه قد استجاب لي فيك و في شركائك الذين يكونون من بعدك و إنما تكتبه لهم قلت:يا رسول اللّه و من شركائي؟

قال الذين قرنهم اللّه بنفسه و بي فقال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ قلت:يا نبي اللّه و من معنا؟

قال:الأوصياء إلى أن يردوا علي حوضي كلهم هاد مهتد،لا يضرهم خذلان منن.

ص: 58


1- كمال الدين و تمام النعمة:/253ح 3.
2- في المصدر تفاوت و زيادة:فربما كان ذلك في بيتي يأتيني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله أكثر من ذلك في بيتي و كنت إذا دخلت عليه بعض منازله خلى بي و أقام عني نساءه فلا يبقى عنده غيري،و إذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عني فاطمة و لا أحد من ابني.و قد وضع في المصدر بين معكوفين.

خذلهم هم مع القرآن و القرآن معهم لا يفارقونه و لا يفارقهم بهم تنصر امتي و يمطرون، و يدفع عنهم بعظائم دعواتهم،قلت:يا رسول اللّه سمّهم لي؟

فقال:ابني هذا و وضع يده على رأس الحسن،ثم ابني هذا و وضع يده على رأس الحسين ثم ابن له على اسمك يا علي،ثم ابن علي اسمه محمد بن علي،ثم أقبل على الحسين عليه السّلام فقال سيولد محمد بن علي في حياتك فأقرئه منّي السلام،ثم تكلمه اثني عشر إماما،قلت:يا نبي اللّه سمّهم لي؟فسماهم رجلا رجلا،فهم و اللّه يا أخا بني هلال آخرهم مهدي امة محمد يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما» (1).0.

ص: 59


1- كتاب الغيبة للنعماني:/81ح 10.

في قوله تعالى: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً قالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ

ابن بابويه قال:حدّثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقّاق رضي اللّه عنه قال:حدّثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي قال:جعفر بن محمد بن مالك الكوفي الفزاري قال:حدّثنا محمد بن الحسين بن زيد الزيّات قال:حدّثنا محمد بن زياد الأزدي عن المفضل بن عمر عن الصادق جعفر بن محمد عليه السّلام قال:سألته عن قول اللّه عز و جل:

وَ إِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ (1) ما هذه الكلمات قال:هي التي تلقّاها آدم من ربّه فتاب عليه و هو أنّه قال:يا رب اسألك بحق محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين إلا تبت عليّ فتاب اللّه عليه إنّه هو التواب الرحيم».

فقلت له:يابن رسول اللّه فما يعني بقوله: فَأَتَمَّهُنَّ قال:«يعني أتمهنّ إلى القائم عليه السّلام اثنا عشر إماما تسعة من ولد الحسين»و قول إبراهيم عليه السّلام وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي «من حرف تبعيض يعلم أن من الذرية من يستحق الإمامة و منهم من لا يستحقها هذا من جملة المسلمين و ذلك أنه يستحيل أن يدعو إبراهيم بالإمامة للكافر أو للمسلم الذي ليس بمعصوم فصحّ أن باب التبعيض وقع على خواص المؤمنين،و الخواص إنما صاروا خواصا بالبعد من الكفر ثم من اجتنب الكبائر صار من جملة الخواص أخصّ ثم المعصوم هو الخاص الأخص،و لو كان للتخصيص صورة أربى عليه لجعل ذلك من أوصاف الإمام و قد سمّى اللّه عز و جل عيسى من ذرية إبراهيم و كان ابن بنته من بعد و لما صحّ أن ابن البنت ذرية و دعى إبراهيم لذريته بالامامة وجب على محمد صلّى اللّه عليه و اله الاقتداء به

ص: 60


1- البقرة:124.

في وضع الإمامة في المعصومين من ذريته حذو النعل بالنعل بعد ما أوحى اللّه عزّ و جلّ إليه و حكم عليه بقوله: ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً (1)الآية و لو خالف ذلك لكان داخلا في قوله: وَ مَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلاّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ (2)جلّ نبي اللّه صلّى اللّه عليه و اله عن ذلك و قال اللّه عزّ و جلّ: إِنَّ أَوْلَى النّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ (3)و هذا النبي و الذين آمنوا و أمير المؤمنين عليه السّلام أبو ذرية النبي صلّى اللّه عليه و اله و وضع الإمام فيه و وضعها في ذرية المعصومين بعد و قوله عزّ و جلّ: لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ (4)يعني بذلك أن الإمامة لا تصلح لمن قد عبد وثنا أو صنما أو أشرك باللّه طرفة عين،و إن أسلم بعد ذلك و الظلم وضع الشيء في غير موضعه و أعظم الظلم الشرك قال عزّ و جلّ: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (5).

و كذلك لا يصلح للإمامة من قد ارتكب من المحارم شيئا صغيرا كان أو كبيرا،و إن تاب منه بعد ذلك و كذلك لا يقيم الحد من في جنبه حدّ،فإذا لا يكون الإمام إلاّ معصوما و لا تعلم عصمته إلاّ بنص اللّه عزّ و جلّ عليه على لسان نبيّه صلّى اللّه عليه و اله لأن العصمة ليست في ظاهر الخلقة فترى كالسواد و البياض و ما أشبه ذلك فهي مغيبة لا تعرف إلا بتعريف علام الغيوب عزّ و جلّ» (6).ف.

ص: 61


1- النحل:123.
2- البقرة:130.
3- آل عمران:68.
4- البقرة:124.
5- لقمان:13.
6- معاني الأخبار:/126ح 1 و اختصر المصنف.

في معنى قوله تعالى (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ)

علي بن إبراهيم في تفسيره قال:أخبرنا أحمد بن إدريس قال:حدّثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن ربعي بن عبد اللّه عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله تعالى: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ قال:«يجىء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في فرقة و علي عليه السّلام في فرقة و الحسن في فرقة و الحسين في فرقة و كل من مات في ظهراني قوم جاءوا معه» (1).

العياشي في تفسيره بإسناده عن الفضيل قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن قول اللّه:

يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ.

فقال عليه السّلام:«يجيء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في قومه و علي عليه السّلام في قومه و الحسن عليه السّلام في قومه و الحسين عليه السّلام في قومه و كل من مات بين ظهراني إمام جاء معه» (2).

ص: 62


1- تفسير القمي:22/2.
2- تفسير العياشي:302/2 ح 114.

في قوله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً

الثعلبي قال:أخبرني الحسين بن محمد حدّثنا عمر بن الخطاب حدّثنا عبد اللّه بن الفضل حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدّثنا محمد بن مصعب عن الأوزاعي عن شداد ابن عمار قال:دخلت على وايلة بن الأصقع و عنده قوم فذكروا عليا فشتموه فشتمه معهم فلما قاموا قال لي لم شتمت هذا الرجل قلت رأيت القوم يشتمونه فشتمته معهم فقال:ألا أخبرك بما رأيت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله؟

قلت:بلى.

قال:أتيت فاطمة صلوات اللّه عليها أسألها عن علي فقالت:«توجه إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله»فجلست أنتظر حتى جاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و معه علي و حسن و حسين أخذ كل واحد منهما بيده حتى دخل و أدنى عليا و فاطمة فأجلسهما بين يديه و أجلس حسنا و حسينا كل واحد منهما على فخذه ثم لفّ عليهم ثوبه أو قال:كساه ثم تلاهذه الآية:

«إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (1) »قال:«اللهم هؤلا أهل بيتي و أهل بيتي» (2).

و في حديث قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«اللهم إن لكلّ نبي أهلا و هؤلاء أهل بيتي»فأنزل اللّه عزّ و جلّ إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً فقالت زينب:يا رسول اللّه ألا أدخل معكم؟

ص: 63


1- الاحزاب:33.
2- بحار الأنوار:217/31 ح 24 عن الثعلبي.

فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«مكانك فإنك إلى خير إن شاء اللّه» (1).

الثعلبي أبو عبد اللّه حدّثنا أبو سعيد أحمد بن علي بن عمر بن حبيش الرازي حدّثنا أحمد بن عبد الرحيم السناني أبو عبد الرّحمن حدّثنا أبو نويب حدّثنا هشام ابن يونس عن أبي إسحاق عن نفيع عن أبي داود و عن أبي الحمرا قال:أقمت بالمدينة تسعة أشهر كيوم واحد و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يجيء كل غداة فيقوم على باب علي و فاطمة عليهما السّلام فيقول:«الصلاة يرحمكم اللّه إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» (2).

الثعلبي قال:أخبرني أبو عبد اللّه حدّثنا عبد اللّه بن أحمد بن يوسف بن مالك حدّثنا محمد بن إبراهيم بن زياد حدّثنا الحرث بن عبد اللّه الحاراثي حدّثنا قيس بن الربيع عن الأعمش عن عباية بن ربيعي عن ابن عباس رضي اللّه عنه قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:

«قسم اللّه الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسما فذلك قوله تعالى: وَ أَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ، فأنا من خير أصحاب اليمين ثم جعل القسمين أثلاثا فجعلني في خيرهما ثلثا فذلك قوله تعالى: فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَ السّابِقُونَ السّابِقُونَ فأنا من السابقين و أنا من خير السابقين،ثم جعل إلا ثلاث قبائل فجعلني من خيرها قبيلة،فذلك قوله تعالى شُعُوباً وَ قَبائِلَ فأنا أتقى ولد آدم و أكرمهم على اللّه و لا فخر ثم جعل القبائل بيوتا فجعلني من خيرها بيتا فذلك قوله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» (3).

الحميدي قال:الرابع و الستون من المتفق عليه من الصحيحين عن البخاري و مسلم من مسند عائشة عن مصعب بن شيبة عن صفية بنت شيبة عن عائشةي.

ص: 64


1- بحار الأنوار:222/31 ح 30 عن الثعلبي.
2- بحار الأنوار:223/31 ح 30 عن الثعلبي.
3- العمدة:28/42 عن الثعلبي.

قالت:خرج النبي صلّى اللّه عليه و اله ذات غداة و عليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله ثم جاء الحسين فأدخله معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء عليّ فأدخله ثم قال: «إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» أ و ليس لمصعب بن شيبة عن صفية بنت شيبة في مسند من الصحيحين غير هذا (1).

و من الجمع بين الصحاح الستة من موطأ مالك بن أنس الأصبحي و صحيح مسلم و البخاري و سنن أبي داود السجستاني و صحيح الترمذي و النسخة الكبيرة من صحيح النسائي من جمع الشيخ أبي الحسن رزين بن معاوية العبداري السرقسطي الأندلسي من صحيح أبي داود السجستاني و هو كتاب السنن في تفسير قوله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً عن عائشة قالت:خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و عليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن فأدخله ثم جاء الحسين فأدخله ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله قال: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً قال:

و عن امّ سلمة زوج النبي صلّى اللّه عليه و اله أن هذه الآية نزلت في بيتها إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً قالت:و أنا جالسة عند الباب فقلت:يا رسول اللّه ألست من أهل البيت؟

فقال:«إنك إلى خير إنك من أزواج رسول اللّه»قالت:و في البيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و علي و فاطمة و حسن و حسين عليهم السّلام فجلّلهم بكساء و قال:«اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا» (2).

في سنن أبي داود و موطأ مالك عن أنس أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله كان يمرّ بباب فاطمة إذا خرج إلى صلاة الفجر حين نزلت هذه الآية قريبا من ستة أشهر يقول:«الصلاة ياع.

ص: 65


1- الجمع بين الصحيحين:224/4 ح 3435.
2- سنن ابي داود:255/2 ح 4032 و العمدة:31/44 عن الجمع.

أهل البيت إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» (1).

و من الجزء الثالث من الكتاب-اعني جمع رزين-أيضا في باب مناقب الحسن و الحسين عليهما السّلام من صحيح أبي داود و هو السنن بالإسناد المقدم عن صفية بنت شيبة قالت:قالت عائشة:خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله غداة و عليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي عليه السّلام فأدخله ثم جاء الحسين فأدخله معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله ثم قال: «إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» (2).

مسلم بن الحجاج في صحيحه قال:حدّثني زهير بن حرب حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثني أبو حيان حدثني.يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم قال:قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله خطيبا بماء يدعي خمّا بين مكّة و المدينة فحمد اللّه و أثنى عليه و وعظ و ذكر ثم قال:«أما بعد ألا أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب،و أنا تارك فيكم ثقلين:أولهما كتاب اللّه فيه الهدى و النور فخذوا بكتاب اللّه و استمسكوا به فحث على كتاب اللّه و رغّب فيه-ثم قال-و أهل بيتي أذكركم اللّه في أهل بيتي أذكركم اللّه في أهل بيتي أذكركم اللّه في أهل بيتي».

فقال:حصين و من أهل بيته يا زيد أليس نساؤه من أهل بيته قال نساؤه من أهل بيته و لكن أهل بيته من حرم عليه الصدقة بعده (3).

مسلم بن الحجاج أيضا في صحيحه قال:حدّثنا يزيد بن الريان حدّثنا حسان- يعني إبراهيم بن سعيد هو ابن مسروق-عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«إني تارك فيكم الثقلين:أحدهما كتاب اللّه هو حبل اللّه من اتبعه كان على الهدى و من تركه كان على ضلالة،ثم أهل بيتي أذكركم اللّه في أهل بيتي،ثلاث7.

ص: 66


1- العمدة:32/45 عن الجمع.
2- العمدة:33/45 عن الجمع.
3- صحيح مسلم:123/7.

مرات»فقلنا:من أهل بيته نساؤه؟

قال:لا و أيم اللّه إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلّقها فترجع إلى أهلها و قومها،أهل بيته أصله و عصبته الذين حرموا الصدقة من بعده (1).

موفق بن أحمد صدر الأئمة عند المخالفين خطيب الخطباء في كتابه(فضائل امير المؤمنين عليه السّلام)قال:أخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي أخبرنا شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ أخبرنا والدي أحمد بن الحسين البيهقي أخبرنا أبو محمد عبد اللّه بن يوسف الأصفهاني أخبرنا بكير بن أحمد بن سهل الصوفي بمكة حدّثنا موسى بن هارون قال:حدّثنا إبراهيم بن حبيب حدّثنا عبد اللّه بن سالم الملائي عن أبي الجحاف عن عطية عن أبي سعيد الخدري أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله جاء إلى باب علي عليه السّلام أربعين صباحا بعد ما دخل علي فاطمة فيقول:

«السلام عليكم أهل البيت و رحمة اللّه و بركاته الصلاة يرحمكم اللّه إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» (2).

موفق بن أحمد من أعيان علماء العامة في كتابه هذا عن أبي سعيد الخدري أنه قال:لما نزل قوله: وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ (3)و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يأتي باب فاطمة و علي عليهم السّلام تسعة أشهر في كل صلاة فيقول:الصلاة يرحمكم اللّه إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (4).

موفق بن أحمد هذا بالإسناد المتقدم عن أحمد بن الحسين عن البيهقي قال:

أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ و أبو بكر أحمد بن الحسين القاضي و أبو عبد الرّحمن السلمي قالوا:حدّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدّثنا الحسن بن مكرم حدّثنا0.

ص: 67


1- صحيح مسلم:123/7.
2- المناقب:28/60.
3- طه:132.
4- المناقب:29/60.

عثمان بن عمر حدّثنا عبد الرّحمن بن عبد اللّه بن دينار عن شريك بن أبي نمر عن عطا بن يسار عن ام سلمة-رضي اللّه عنها-قالت:في بيتي نزلت إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً قالت:فأرسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله إلى علي و فاطمة و الحسن و الحسين فقال:«هؤلاء أهلي»فقلت:يا رسول اللّه ما أنا من أهل البيت؟

فقال:«بلى إن شاء اللّه» (1).

إبراهيم بن محمد الحميويني من أعيان علماء المخالفين في كتاب(فرائد السمطين في فضائل المرتضى و البتول و السبطين عليهم السّلام)قال:حدثني الشيخ الإمام نجم الدين أبو عمر عثمان بن الموفق بقراءتي عليه بأسفراين أواخر جمادى الآخرة سنة خمس و ستين و ستمائة و المشايخ الأئمة فريد الدين داود بن محمد بن روزبهان أبو أحمد الشيرازي و كمال الدين محمد بن عمر بن المظفر أبو المكارم المروزي،و قدوة الحكماء محمد بن عثمان بن أبي بكر بن الحاحي الخورشاهي المتطيب الخوريدي إجازة بروايتهم عن والدي شيخ شيوخ الإسلام سلطان الأولياء و المحققين سعد الحق و الدين محمد بن المؤيد بن أبي بكر الحمويني رضي اللّه عنه و أرضاه إجازة بروايته عن شيخه شيخ الإسلام نجم الحق و الدين أبي الجناب أحمد بن عمر بن محمد بن عبد اللّه الصوفي الحموقي المعروف بكبرى إجازة إن لم يكن سماعا قال:أنبأنا محمد بن عمر بن علي الطوسي بقراءتي عليه بنيسابور، أنبأنا أبو العباس أحمد بن أبي الفضل السّعاني أنبأنا أبو سعيد محمد بن طلحة الجنابذي قال أنبأنا أبو عبد اللّه الحسين بن محمد الأنصاري بدمشق نبأنا أبو عبد اللّه أحمد بن عطار الروذباري حدثني علي بن محمد بن عبيد حدّثنا جعفر بن أبي عثمان الطيالسي حدّثنا يحيى بن معين حدّثنا أبو عبيدة نبأنا طريف بن عيسى حدثني يوسف بن عبد الحميد قال:قال لي ثوبان مولى رسول اللّه:أجلس رسول1.

ص: 68


1- المناقب:30/61.

اللّه صلّى اللّه عليه و اله الحسن و الحسين على فخذيه و فاطمة في حجره و اعتنق عليا عليه السّلام ثم قال:

«اللهم هؤلاء أهل بيتي» (1).

إبراهيم بن محمد الحمويني قال:أخبرنا الإمام المفتي جلال الدين أحمد بن محمد عبد الجبار البكراني الأبهري بقراءتي عليه بداره في السابع عشر من شوال سنة سبع و ثمانين و ستمائة قال:أخبرني الإمام والدي نجم الدين محمد بن محمد و أخبرني الإمام نجد الدين أبو الفضائل محمد بن عبد اللّه بن الحسن الخراطي الآملي مشافهة بمدينة آمل طبرستان سنة ست و ستين و ستمائة قال:أنبأنا والدي الإمام مظهر الدين أبو الفضائل عبد اللّه بن الحسن إجازة و أخبرني إمام الدين يحيى بن الحسين بن عبد الكريم الكرخي إجازة بهمدان في شهور سنة إحدى و سبعين و ستمائة قالوا:أخبرنا الإمام رضي الدين أبو الخير أحمد بن الحسين الطالقاني القزويني إجازة قال:أنبأنا الشيخان أبو سعيد ناصر بن سهل بن أحمد البغدادي و أبو محمد محمد بن المنتصر بن أحمد بن حفص المتولي قالا:أنبأنا القاضي أبو سعيد محمد بن سعيد الفرخزادي أنبأنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي قال:أخبرني الحسين بن محمد حدّثنا ابن حبش المقري نبأنا أبو زرعة حدثني عبد الرّحمن بن عبد الملك بن شيبة أخبرني ابن أبي فديك حدثني ابن أبي ملائكة عن إسماعيل بن عبد اللّه بن جعفر عن أبيه قال:لما نظر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله إلى الرحمة هابطة من السماء قال:«من يدعو»مرتين،قالت زينب:أنا يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله، فقال لي:«ادعي إلي عليا و فاطمة و الحسن و الحسين»قال:فجعل حسنا عن يمناه و حسينا عن يسراه و عليا و فاطمة تجاهه ثم غشّاهم كساء خيبريا ثم قال:«اللهم إن لكل نبي أهل بيت و هؤلاء أهلي فأنزل اللّه عزّ و جلّ إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» فقالت زينب:يا رسول اللّه ألا أدخل معك؟0.

ص: 69


1- فرائد السمطين:/14/2ب /2ح 360.

فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله مكانك فإنك إلى خير إن شاء اللّه تعالى» (1).

إبراهيم بن محمد الحمويني هذا أخبرني الإمامان ابن عمي الشيخ الزاهد نظام الدين محمد بن علي بن المؤيد الحمويني و القاضي نصير الدين محمد بن علي البناكتي ثم الاسفرائيني إجازة بروايتهما عن والدي شيخ الإسلام سلطان الأولياء و المحققين سعد الحق و الدين محمد بن المؤيد الحمويني رضي اللّه عنه قال:البناكتي قرأة عليه بأسفراين قال:أنبأنا شيخ الشيوخ تاج الدين عبد السلام بمدينة رها قال أنبأنا أبي شيخ الشيوخ عماد الدين عمر بن شيخ الإسلام نجم الدين أبي الحسن بن محمد ابن حمويه قال أنبأنا الإمام الأجل قطب الدين مسعود بن محمد النيسابوري قال:

أنبأنا الشيخ عبد الجبار بن محمد الخواري قال:أنبأنا الإمام الحافظ شيخ السنّة أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي قال:أنبأنا أبو محمد جناح بن نذير بن جناح القاضي بالكوفة قال:نبأنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم قال:نبأنا إبراهيم بن إسحاق الزهري قال:نبأنا جعفر يعني ابن عون و يعلى عن أبي حيان التيمي عن يزيد بن حيان قال:سمعت زيد بن أرقم قال:قام فينا ذات يوم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله خطيبا فحمد اللّه و أثنى عليه ثم قال:«أما بعد أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول اللّه فاجيب،و إني تارك فيكم الثقلين:أولهما كتاب اللّه فيه الهدى و النور فاستمسكوا بكتاب اللّه و خذوا به فحث على كتاب اللّه عزّ و جلّ و رغّب فيه ثم قال:و أهل بيتي أذكركم اللّه في أهل بيتي ثلاث مرات»فقال له حصين:يا زيد من أهل بيته أليس نساءه من أهل بيته؟

قال:بلى إن نسائه من أهل بيته و لكن أهل بيته من حرّم الصدقة بعده قال:و من هم؟

قال:آل علي و آل جعفر و آل العباس و آل عقيل فقال:كل هؤلاء يحرم الصدقة؟

قال:نعم.

قال:الشيخ أحمد البيهقي قلت قد بيّن زيد بن أرقم أن نساءه من أهل بيته و اسم2.

ص: 70


1- فرائد السمطين:/18/2ب /3ح 362.

أهل البيت للنساء تحقيق و هو متناول الآل و اسم الآل لكل من حرّم الصدقة من أولاد هاشم و أولاد المطلب لقول النبي صلّى اللّه عليه و اله«إن الصدقة لا تحل لمحمد و لا لآل محمد» و إعطاؤه الخمس الذي عوّضهم من الصدقة بني هاشم و بني عبد المطلب و قد يسمّي أزواجه الاّ بمعنى التشبيه فأراد تخصيص الآل من أهل البيت بالذكر و لفظ النبي صلّى اللّه عليه و اله في الوصية بهم عامة يتناول الآل و الأزواج و قد أمرنا بالصلاة على جميعهم (1).

الحمويني هذا:قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عبد اللّه الحافظ،أنبأنا عبد اللّه بن محمد بن جعفر الحافظ،نبأنا محمد بن يحيى بن منده نبأنا حميد بن سعد،نبأنا حيّان الكرماني عن سعيد بن مسروق عن يزيد بن حيان قال:دخلنا على زيد بن أرقم فقال:خطبنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقال:إني تارك فيكم الثقلين:أحدهما كتاب اللّه عزّ و جلّ من معه كان على الهدى و من تركه كان على ضلالة ثم أهل بيتي أذكركم اللّه في أهل بيتي»ثلاث مرات قلنا:من أهل بيته نساؤه؟

قال:لا،أهل بيته عصبته الذين حرّموا الصدقة بعده آل علي و آل العباس و آل جعفر و آل عقيل (2).

الحمويني هذا بأسانيد إلى الحافظ أبي بكر البيهقي قال:أنبأنا أبو عبد اللّه الحافظ قال:أنبأنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسين بن جعفر بن عبد اللّه بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صاحب كتاب النسب ببغداد قال:

أنبأنا إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي عليهم السّلام قال:حدثني علي بن جعفر بن محمد بن علي عليهم السّلام قال:حدثني الحسين بن زيد بن علي عن عمّه عمر بن علي بن الحسين عن أبيه عليهم السّلام قال:خطب الحسن بن علي عليهما السّلام حين قتل علي عليه السّلام فقال:«لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون و لا0.

ص: 71


1- فرائد السمطين:/233/2ب /46ح 513.
2- فرائد السمطين:/250/2ب /48ح 520.

يدركه الآخرون و ما ترك على ظهر الأرض صفراء و لا بيضاء إلاّ سبعمائة درهم فضلت من عطاياه أراد أن يبتاع بها خادما لأهله ثم قال«ألا يا أيها الناس من عرفني فقد عرفني و من لم يعرفني فأنا ابن النبي،و أنا ابن البشير،و أنا ابن النذير و أنا ابن الداعي إلى اللّه بإذنه و السراج المنير،و أنا من أهل البيت الذي كان جبرائيل عليه السّلام ينزل فينا و يصعد من عندنا، و أنا من أهل البيت الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا،و أنا من أهل البيت الذين افترض اللّه مودتهم على كل مسلم ثم قرأ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت» (1).

ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة و هو من أعيان علماء المعتزلة قال:قد بيّن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله عترته من هي لمّا قال:«أنا تارك فيكم الثقلين»فقال:«و عترتي أهل بيتي» و بيّن في مقام آخر من أهل بيته حين طرح عليهم الكساء و قال حين نزل إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ: «اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس»ثم قال ابن أبي الحديد:فإن قلت فمن هي العترة التي عناها أمير المؤمنين بهذا الكلام؟

قلت:نفسه و ولديه.

و الأصل في الحقيقة نفسه لأن ولديه تابعان له و نسبتهما إليه مع وجوده كنسبة الكواكب المضيئة مع طلوع الشمس المشرقة،و قد نبّه النبي صلّى اللّه عليه و اله على ذلك بقوله:

«و أبو كما خير منكما»قوله:«و هم أزمّة الحق»جمع زمام كأنه جعل الحق دائرا معهم حيث ما داروا ذاهبا معهم حيث ذهبوا كما أن الناقة طوع زمامها و قد نبّه الرسول صلّى اللّه عليه و اله على صدق هذه القضية بقوله:«و أدر الحق معه حيث دار»قوله:«و ألسنة الصدق من الألفاظ الشريفة القرآنية قال اللّه تعالى: وَ اجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ» لما كان لا يصدر عنهم حكم و لا قول إلا و هو موافق للحق و الصواب جعلهم اللّه كأنهم ألسنة الصدق لا يصدر عنها قول كاذب أصلا،بل هي كالمطبوعة على الصدق قوله:«فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن»تحته سر عظيم و ذاك أنه أمر1.

ص: 72


1- فرائد السمطين:/120/2ب /26ح 421.

المكلفين بأن يجروا العترة في إجلالها و إعظامها و الإنقياد لها و الطاعة لأوامرها مجرى القرآن ثم قال ابن أبي الحديد:فإن قلت:فهذا القول منه صلّى اللّه عليه و اله يشعر بأن العترة معصومة فما قول أصحابكم في ذلك قلت:نصّ أبو محمد بن مويه قدّس سرّه في كتاب (الكفاية)على أن عليا عليه السّلام معصوم،و إن لم يكن واجبا العصمة و لا العصمة شرط في الإمامة لكن أدلة النصوص قد دلّت على عصمته و القطع على باطنه و مغيبه و إن ذلك أمر اختص هو عليه السّلام به دون غيره من الصحابة و الفرق ظاهر بين قولنا:زيد معصوم و بين قولنا:زيد واجب العصمة لأنه إمام و من شرط الإمام أن يكوم معصوما، فالإعتبار الأول مذهبنا و الإعتبار الثاني مذهب الإمامية (1).

المالكي في كتاب الفصول المهمة عن الواحدي في كتابه المسمّى ب(أسباب النزول)يرفعه بسنده إلى ام سلمة-رضى اللّه عنها-أنها قالت:كان النبي في بيتها يوما فأتته فاطمة ببرمة فيها عصيدة (2)فدخلت بها.عليه فقال لها:«ادع لي زوجك و إبنيك»فجاء علي و الحسن و الحسين فدخلوا فجلسوا يأكلون و النبي صلّى اللّه عليه و اله جالس على دكة تحته كساء خيبري قالت:و أنا في الحجرة قريبا منهم فأخذ النبي صلّى اللّه عليه و اله الكساء فغشاهم به ثم قال:«اللهم أهل بيتي و خاصتي فأذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا»قالت:فأدخلت رأسي[في]البيت و قلت:و أنا معكم يا رسول اللّه؟

قال:«إنك إلى خير»فأنزل اللّه إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (3).

المالكي أيضا قال:ذكر الترمذي في جامعه أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله كان وقت نزول هذه الآية إلى قرب ستة أشهر إذا خرج إلى الصلاة يمر بباب فاطمة ثم يقول: «إِنَّما2.

ص: 73


1- شرح نهج البلاغة:375/6.
2- العصيدة:دقيق يلت بالسمن و يطبخ.
3- أسباب النزول للواحدي:267 ط.مصر،و الفصول المهمة:24-152.

يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» (1) .

أبو المؤيد موفق بن أحمد العامي المتقدم في كتاب(فضائل علي)عليه السّلام قال:أنبأني مهذب الأئمة أبو المظفر عبد الملك بن علي بن محمد الهمداني إجازة أخبرني محمد ابن الحسين بن علي البزاز أخبرني أبو منصور محمد بن علي بن عبد العزيز أخبرني هلال بن محمد بن جعفر حدّثنا أبو بكر محمد بن عمرو الحافظ حدثني أبو الحسن علي بن موسى الجزاز من كتابه حدثني الحسن بن علي الهاشمي حدثني إسماعيل بن أبان حدثني أبو مريم عن ثوير بن أبي فاخته عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى قال:قال أبي دفع النبي صلّى اللّه عليه و اله الراية يوم خيبر إلى علي بن أبي طالب عليه السّلام ففتح اللّه تعالى على يده و أوقفه يوم غدير خم فأعلم الناس أنه مولى كل مؤمن و مؤمنة و قال:له:«أنت مني و أنا منك»و قال له:«تقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل»، و قال له:«أنت منّي بمنزلة هارون من موسى»و قال له«أنا سلم لمن سالمت و حرب لمن حاربت»،و قال له«أنت العروة الوثقى»،و قال له:«أنت تبيّن لهم ما اشتبه عليهم من بعدي».

و قال له:«أنت إمام كلّ مؤمن و مؤمنة و ولي كل مؤمن و مؤمنة بعدي»،و قال له:«أنت الذي أنزل اللّه فيك وَ أَذانٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ (2)»،و قال له:

«أنت الآخذ بسنتي و الذاب عن ملتي»،و قال له:«أنا أول من تنشق الأرض عنه و أنت معي»،و قال له:«أنا عند الحوض و أنت معي»،و قال له:«أنا أول من يدخل الجنة و أنت معي تدخلها أنت و الحسن و الحسين و فاطمة»و قال له:«إن اللّه تعالى أوحى إليّ أن أقوم بفضلك فقمت به في الناس و بلغتهم ما أمرني اللّه بتبليغه»و قال له:«اتق الضعائن التي لك في صدور من لا يظهرها إلاّ بعد موتى أولئك يلعنهم اللّه و يلعنهم اللاعنون»ثم بكى صلّى اللّه عليه و اله فقيل له:ممن بكاؤك يا رسول اللّه؟3.

ص: 74


1- الفصول المهمة:152-524،و سنن الترمذي:31/5 ح 3259.
2- التوبة:3.

قال:«أخبرني جبرائيل عليه السّلام أنهم يظلمونه و يمنعوهه حقه و يقاتلونه و يقتلون ولده و يظلمونهم بعده و أخبرني جبرائيل عليه السّلام عن اللّه عزّ و جلّ أن ذلك الظلم يزول إذا قام قائمهم و علت كلمتهم و اجتمعت الامة على محبتهم و كان الشانىء لهم قليلا و الكاره لهم ذليلا و كثر المادح لهم،و ذلك حين تغيّر البلاد و تضعف العباد و اليأس من الفرج فعند ذلك يظهر القائم فيهم»قال النبي صلّى اللّه عليه و اله«اسمه كاسمي و اسم أبيه كاسم أبي هو من ولد ابنتي يظهر اللّه الحق بهم،و يخمد الباطل بأسيافهم و يتبعهم الناس راغبا إليهم و خائفا منهم».

قال:و سكن البكاء عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله ثم قال:«معاشر الناس أبشروا بالفرج فإن وعد اللّه لا يخلف و قضاؤه لا يردّ و هو الحكيم الخبير،و إن فتح اللّه قريب،اللهمّ إنهم أهلي فأذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا،اللهمّ اكلاهم و ارعهم و كن لهم و انصرهم و أعزهم و لا تذلهم و اخلفني فيهم إنك على ما تشاء قدير» (1).

موفق بن أحمد هذا قال:أخبرني سيد الحفّاظ شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي فيما كتب إلى من همدان أخبرني أبو علي قال:أخبرني أبو نعيم أخبرني علي بن أحمد المصيصي حدّثنا أحمد بن خليد الحلبي أخبرني أبي توبة الربيع بن نافع حدثني يزيد بن ربيعة عن يزيد بن أبي مالك عن أبي الأزهر عن واثلة بن الأسقع قال:لما جمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله عليا و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام تحت ثوبه قال:«أللهم قد جعلت صلواتك و رحمتك و مغفرتك و رضوانك على إبراهيم و آل إبراهيم،اللهمّ إنهم منّي و أنا منهم فاجعل صلواتك و رحمتك و مغفرتك و رضوانك علي و عليهم»قال واثلة:كنت واقفا بالباب فقلت و عليّ يا رسول اللّه بأبي أنت و امي قال:

«اللهم و على واثلة» (2).2.

ص: 75


1- المناقب:31/61.
2- المناقب:/63ح 32.

و من كتاب(المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة) (1)حدّث عبد الكريم بن روح عن عباد بن صهيب عن سعد بن أويس بن يحيى عن شريك بن عبد اللّه قال:رأيت أمير المؤمنين عليه السّلام ذات يوم و هو قائم و أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله جلوس و هو يقول لهم:«أنشدكم الذي لا أعظم منه أفيكم أخ لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله غيري»؟

قالوا:لا،قال:«أنشدكم اللّه أفيكم من آمن باللّه و رسوله قبلي؟»فقالوا:لا،قال:

«فانشدكم اللّه أفيكم أحد صلّى القبلتين و بايع البيعتين قبلي»قالوا:لا،قال:«فانشدكم اللّه أفيكم من له عمّ كعمّي حمزة أسد اللّه و أسد رسوله و سيّد الشهداء و غسيل الملائكة» قالوا:لا،قال:«فانشدكم اللّه أفيكم أحد له زوجة تشبه زوجتي سليلة المصطفى و نبعة العلى و مريم الكبرى و فاطمة الزهراء و سيّدة نساء العالمين؟»

قالوا:لا،قال:«فانشدكم اللّه أفيكم أحد له ولد يشبه ولدي الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة؟»فقالوا:لا،فقال:«انشدكم اللّه أفيكم أحد أقرب من محمد رسول اللّه غيري؟»

قالوا:لا قال:«فانشدكم اللّه هل فيكم أحد غسّله غيري؟»قالوا:لا،قال:«فانشدكم اللّه هل فيكم أحد غمض عيني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله غيري؟»

قالوا:لا،قال:«فانشدكم اللّه أفيكم أحد فدى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بنفسه و نام على فراشه و بذل مهجته دونه غيري؟»قالوا:لا،قال:«فانشدكم اللّه أفيكم أحد كان إذا قاتل كان جبرائيل عن يمينه و ميكائيل عن شماله غيري؟»قالوا:لا،قال:«فانشدكم اللّه هل فيكم أحد أمر اللّه بمودته حيث قال: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى غيري؟» قالوا:لا.

قال:«فأنشدكم اللّه هل فيكم من طهره اللّه تعالى في كتابه حيث قال: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً غيري و أهل بيتي؟»قالوا:لا،قال:

«فانشدكم اللّه هل فيكم أحد أخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بيده يوم غدير خم و قال:من كنت مولاها.

ص: 76


1- للسيد الرضي ينقل عنه في مدينة المعاجز كثيرا.

فعلي مولاه اللهمّ و ال من والاه و عاد من عاداه غيري؟»قالوا:لا،قال:«فانشدكم اللّه هل فيكم أحد كان يأخذ ثلاثة أسهم:سهم القرابة و سهم الخاصة و سهم الهجرة غيري؟»

قالوا:لا.

قال:«فانشدكم اللّه هل فيكم من أمر اللّه رسوله صلّى اللّه عليه و اله فتح بابه حيث سدّت الأبواب غيري،حتى قام عمي و قال:يا رسول اللّه أمرت بسد أبوابنا و فتحت باب علي؟

فقال:و اللّه ما أسكنت عليا بل اللّه أسكنه و أخرجكم»

فقالوا:صدقت،فقال:«اللهم اشهد و كفى باللّه شهيدا» (1).

محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال عن المفضل بن صالح عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله:

إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً يعني الأئمة عليهم السّلام و ولايتهم من دخل فيها دخل في بيت النبي صلّى اللّه عليه و اله (2).

محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس و علي بن محمد عن سهل بن زياد أبي سعيد عن محمد بن عيسى عن ابن مسكان عن أبي بصير قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جل: أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فقال«نزلت في علي بن أبي طالب و الحسن و الحسين»فقلت له:إن الناس يقولون فما له لم يسم عليّا و أهل بيته في كتاب اللّه عزّ و جلّ؟

فقال:«قولوا لهم:إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله نزلت عليه الصلاة و لم يسم اللّه لهم ثلاثا و لا أربعا حتى كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله هو الذي فسّر ذلك لهم،و نزلت عليه الزكاة و لم يسم لهم من كل أربعين درهما درهم حتى كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله هو الذي فسّر ذلك لهم،و نزل الحج فلم يقل لهم طوفوا سبعا حتى كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله هو الذي فسّر ذلك لهم و نزلت أَطِيعُوا اللّهَ4.

ص: 77


1- لم نجده في المصادر،نعم في البحار ما يقرب منه:362/31 ح 17،و الروضة في المعجزات: 137.
2- الكافي:423/1 ح 54.

وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ نزلت في علي و الحسن و الحسين فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في علي:من كنت مولاه فعلي مولاه،و قال صلّى اللّه عليه و اله:أوصيكم بكتاب اللّه و أهل بيتي فإني سألت اللّه عزّ و جل أن لا يفرق بينهما حتى يوردهما عليّ الحوض فأعطاني ذلك و قال:لا تعلّموهم فهم أعلم منكم،و قال:إنهم لن يخرجوكم من باب هدى و لن يدخلوكم في باب ضلالة فلو سكت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فلم يبين من أهل بيته لادّعاها آل فلان و آل فلان و لكن اللّه عزّ و جلّ أنزله في كتابه تصديقا لنبيّه صلّى اللّه عليه و اله إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً فكان علي و الحسن و الحسين و فاطمة عليهم السّلام فأدخلهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله تحت الكساء في بيت امّ سلمة.

ثم قال:اللهم إن لكل نبي أهلا و ثقلا و هؤلاء أهل بيتي و ثقلي،فقالت:ام سلمة ألست من أهلك؟

فقال:إنك إلى خير و لكن هؤلاء أهلي و ثقلي،فلما قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله كان علي أولى الناس بالناس لكثرة ما بلّغ فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و إقامته للناس و أخذ بيده فلما مضى علي لم يكن يستطيع علي و لم يكن ليفعل أن يدخل محمد بن علي و لا العباس بن علي و لا أحد من ولده اذا لقال الحسن و الحسين:إن اللّه تبارك و تعالى أنزل فينا كما أنزل فيك و أمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك،و بلّغ فينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله كما بلّغ فيك و أذهب عنا الرجس كما أذهبه عنك،فلما مضى علي عليه السّلام كان الحسن أولى بها لكبره فلما تولى لم يستطع أن يدخل ولده و لم يكن ليفعل ذلك و اللّه عزّ و جلّ يقول: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ فيجعلها في ولده إذا لقال الحسين عليه السّلام:أمر اللّه تبارك و تعالى بطاعتي كما أمر بطاعتك و طاعة أبيك و بلّغ فيّ رسول اللّه كما بلّغ فيك و في أبيك و أذهب اللّه عنّي الرجس كما أذهب عنك و عن أبيك،فلما صارت إلى الحسين لم يكن أحد من أهل بيته يستطيع أن يدّعي عليه كما كان هو يدّعي على أخيه و على أبيه،و لو أرادا أن يصرفا الأمر عنه،و لم يكونا ليفعلا ثم صارت حين أفضت إلى الحسين عليه السّلام فجرى تأويل هذه الآية وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ، ثم صارت من بعد

ص: 78

الحسين لعلي بن الحسين،ثم صارت من بعد علي بن الحسين إلى محمد بن علي،و قال:

اَلرِّجْسَ هو الشك و اللّه لا نشك في ربنا أبدا» (1).

محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد و الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى بن عمران الحلبي عن أيوب بن الحر و عمران بن علي الحلبي عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثل ذلك (2).

محمد بن الحسن الصفار في(بصائر الدرجات)عن محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«الرجس هو الشك و لا نشك في ديننا أبدا» (3).

ابن بابويه قال:حدّثنا أبي و محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي اللّه عنه قالا:حدّثنا عبد اللّه بن جعفر الحميري عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب قال:حدّثنا النضر بن شعيب عن عبد الغفار الجازي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً قال:«الرجس هو الشك» (4).

ابن بابويه قال:حدّثنا علي بن الحسين بن محمد قال:حدّثنا هارون بن موسى التلعكبري قال:حدّثنا عيسى بن موسى الهاشمي بسر من رأى قال:حدثني أبي عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عن علي عليه السّلام قال:دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في بيت أم سلمة و قد نزلت عليه هذه الآية إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:يا علي هذه الآية فيك و في سبطيّ و الأئمة من ولدك فقلت:يا رسول اللّه و كم الأئمة بعدك؟

قال:أنت يا علي ثم الحسن و الحسين و بعد الحسين علي ابنه و بعد علي محمد ابنه1.

ص: 79


1- الكافي:287/1 ح 1.
2- الكافي:288/1 ذيل ح 1.
3- بصائر الدرجات:13/206.
4- معاني الأخبار:/138ح 1.

و بعد محمد جعفر ابنه و بعد جعفر موسى ابنه و بعد موسى علي ابنه و بعد علي محمد ابنه و بعد محمد علي ابنه و بعد علي الحسن ابنه و الحجة من ولد الحسن هكذا أسماؤهم مكتوبة على ساق العرش فسألت اللّه تعالى عن ذلك فقال:يا محمد هؤلاء الأئمة مطهّرون معصومون و أعداؤهم ملعونون».

ابن بابويه قال:حدّثنا أبي قال:حدثني سعد بن عبد اللّه عن الحسن بن موسى الخشّاب عن علي بن حسان الواسطي عن عمّه عبد الرّحمن بن كثير قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ما عنى اللّه عزّ و جلّ بقوله إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ؟

قال:«نزلت في النبي صلّى اللّه عليه و اله و أمير المؤمنين و الحسن و الحسين و فاطمة عليهم السّلام فلما قبض اللّه عزّ و جلّ نبيّه صلّى اللّه عليه و اله كان أمير المؤمنين ثم الحسن و الحسين،ثم وقع تأويل هذه الآية وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ و كان علي بن الحسين عليه السّلام اماما ثم جرت في الأئمة من ولد الأوصياء عليهم السّلام فطاعتهم طاعة اللّه و معصيتهم معصية اللّه عزّ و جلّ» (1).

ابن بابويه عن علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب و جعفر بن محمد بن مسرور رضي اللّه عنه قالا:حدّثنا محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أبيه عن الريّان بن الصلت عن الرضا عليه السّلام في حديث المأمون و العلماء و سؤالهم الرضا في الفرق بين آل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و الامة فكان في الحديث قال عليه السّلام:«فصارت الوراثة للعترة الطاهرة لا لغيرهم»فقال المأمون:من العترة الطاهرة؟

فقال الرضا عليه السّلام«الذين وصفهم اللّه تعالى في كتابه فقال جل و عز: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، و هم الذين قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:إني مخلف فيكم الثقلين:كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي و إنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما يا أيها الناس لا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم».6.

ص: 80


1- علل الشرائع:/205/1ح /2ب 156.

و في الحديث قالت العلماء فأخبرنا هل فسّر اللّه تعالى الإصطفاء في الكتاب؟

فقال الرضا عليه السّلام:«فسّر الإصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثنى عشر موضعا و موطنا فأول ذلك قوله تعالى: وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ هكذا في قراءة ابي بن كعب و هي ثابتة في مصحف عبد اللّه بن مسعود،و هذه منزلة رفيعة و فضل عظيم و شرف عال حين عنى اللّه بذلك الآل فذكره رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فهذه واحدة، و الآية الثانية في الإصطفاء قول اللّه عزّ و جلّ: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً و هذا الفضل الذي لا يجهله أحد معاندا أصلا لأنه فضل بعد طهارة تنتظر»و هذه الثانية و ساق الحديث بذكر الاثني عشر (1).

ابن بابويه قال:حدثنا أبي و محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي اللّه عنه قالا:حدّثنا سعد بن عبد اللّه قال:حدّثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحكم بن مسكين الثقفي عن أبي الجارود و هشام أبي ساسان و أبي طارق السرّاج عن عامر بن واثلة قال:كنت في البيت يوم الشورى فسمعت عليا عليه السّلام و هو يقول:«إستخلف الناس أبا بكر و أنا و اللّه أحق بالأمر و أولى به منه،و استخلف أبو بكر عمر و أنا و اللّه أحق بالأمر و أولى به منه إلا أن عمر جعلني مع خمسة نفر أنا سادسهم لا يعرف لهم علي فضلا و لو شاء لا حتججت عليهم بما لا يستطيع عربيهم و لا عجميهم المعاهد منهم و المشرك تغيير ذلك»

ثم ذكر عليه السّلام ما احتج به على أهل الشورى فقال في ذلك:«نشدتكم باللّه هل فيكم أحد أنزل اللّه فيه آية التطهير على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً فأخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله كساء خيبريا فضمّني فيه و فاطمة و الحسن و الحسين ثم قال:يا رب إن هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا»قالوا:اللهم لا (2).1.

ص: 81


1- أمالي الصدوق:/616مجلس /79ح 1.
2- الخصال:/553ح 31.

ابن بابويه قال:حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان قال:حدّثنا عبد الرّحمن بن محمد الحسني قال:حدّثنا أبو جعفر محمد بن حفص الخثعمي قال:حدّثنا الحسن بن عبد الواحد قال:حدثني أحمد بن التغلبي قال:حدثني محمد بن عبد الحميد قال:حدثني حفص بن منصور العطّار قال:حدّثنا أبو سعيد الورّاق عن أبيه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جدّه عليه السّلام قال:لما كان من أمر أبي بكر و بيعة الناس له و فعلهم بعلي بن أبي طالب عليه السّلام ما كان لم يزل أبو بكر يظهر له الإنبساط و يرى منه انقباضا فكبر ذلك على أبي بكر فأحبّ لقاءه و استخراج ما عنده و المعذرة لما جتمع الناس عليه و تقليدهم إياه أمر الأمة و قلّة رغبته في ذلك و زهده فيه أتاه في وقت غفلة و طلب منه الخلوة و قال له:و اللّه يا أبا الحسن ما كان هذا الأمر مواطأة منّي و لا رغبة فيما وقعت فيه و لا حرصا عليه و لا ثقة بنفسي فيما تحتاج إليه الامة لا قوة لي بمال و لا كثرة العشيرة و لا ابتزاز له دون غيري فما لك أن تضمر لي ما لا أستحق منك و تظهر لي الكراهه فيما صرت إليه و تنظر إلى بعين السأمة مني قال:فقال له علي عليه السّلام:«فأحملك عليه إذا لم ترغب فيه،و لا حرصت عليه و لا وثقت بنفسك في القيام به و بما يحتاج منك فيه»فقال أبو بكر بحديث سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله«إن اللّه لا يجمع امتي على ضلال»و لما رأيت اجتماعهم اتبعت حديث النبي صلّى اللّه عليه و اله و أحلت أن يكون اجتماعهم على خلاف الهدى و أعطيتهم قود الإجابة و لو علمت أن أحدا يختلف لامتنعت.

قال:فقال علي عليه السّلام:«أما قولك ما ذكرت من حديث النبي صلّى اللّه عليه و اله لا تجتمع أمتي على ضلال أفكنت من الامة أو لم أكن»؟

قال:بلى و كذلك العصابة الممتنعة عليك من سلمان و عمار و أبي ذر و المقداد و ابن عبادة و من معه من الأنصار قال:كل من الامة فقال علي عليه السّلام:«فكيف تحتج بحديث النبي صلّى اللّه عليه و اله و أمثال هؤلاء قد تخلّفوا عنك و ليس في الامة فيهم طعن و لا في صحبة الرسول و نصيحته منهم تقصير»قال:ما علمت بتخلّفهم إلاّ من بعد إبرام الأمر

ص: 82

و خفت إن دفعت عني الأمر أن يتفاقم إلى أن يرجع الناس مرتدين عن الدين و كان ممارستهم إلي أن أجبتهم أهون مؤونة على الدين و أبقى له من ضرب الناس بعضه بعضهم فيرجعون كفارا و علمت أنك لست بدوني في الإبقاء عليهم و على أديانهم قال علي عليه السّلام:«أجل و لكن أخبرني عن الذي يستحق الأمر بما يستحقه؟»فقال أبو بكر:

بالنصيحة و الوفاء و رفع المداهنة و المحاباة و حسن السيرة و إظهار العدل و العلم بالكتاب و السنّة و فصل الخطاب مع الزهد في الدنيا و قلة الرغبة فيها و إنصاف المظلوم من الظالم القريب و البعيد ثم سكت فقال علي عليه السّلام:«أنشدتك اللّه يا أبا بكر أفي نفسك تجد هذه الخصال أو فيّ؟»قال:بل فيك مما جاء فيه عن اللّه سبحانه و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و في كل ذلك يعترف له أبو بكر بذلك إلى أن قال علي عليه السّلام فيما احتج به عليه:«فأنشدتك اللّه إليّ و لأهل بيتي و ولدي آية التطهير من الرجس أم لك و لأهل بيتك؟»قال:بل لك و لأهل بيتك،قال:«فأنشدتك باللّه أنا صاحب دعوة رسول اللّه و أهلي و ولدي يوم الكساء اللهم هؤلاء أهلي إليك لا إلى النار أم أنت؟»قال بل:أنت و أهلك و ولدك.

و ذكر له علي عليه السّلام سبعين منقبة ثم ذكر في الحديث بعد السبعين المنقبة فلم يزل عليه السّلام يعدّ مناقبه التي جعلها اللّه عزّ و جلّ له دونه و دون غير فقال له أبو بكر:بهذا و شبهه يستحق القيام بأمور أمة محمد صلّى اللّه عليه و اله فقال له علي عليه السّلام:«فما الذي غرّك عن اللّه و عن رسوله و عن دينه و أنت خلو مما يحتاج إليه أهل دينه»قال:فبكى أبو بكر و قال:

صدقت يا أبا الحسن أنظرني يومي هذا فأدبّر ما أنا فيه و ما سمعت منك قال:فقال له علي عليه السّلام:«لك ذلك يا أبا بكر»فرجع من عنده و خلا بنفسه يومه و لم يأذن لأحد إلى الليل و عمر يتردّد في الناس لما بلّغه خلوته بعلي عليه السّلام فبات في ليلته فرأى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في منامه متمثلا له في مجلسه فقام إليه أبو بكر ليسلّم عليه فولّى وجهه فقال أبو بكر:يا رسول اللّه هل أمرت بأمر فلم أفعل فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«أردّ السلام عليك و قد عاديت اللّه و رسوله و عاديت من ولاّه اللّه و رسوله رد الحق إلى أهله»قال:

ص: 83

فقلت من أهله؟

قال:«من عاتبك عليه و هو علي»قال فقد رددت عليه يا رسول اللّه بأؤمرك قال:

فأصبح و بكى و قال لعلي عليه السّلام أبسط يدك فبايعه و سلّم إليه الأمر و قال له:أخرج إلى مسجد رسول اللّه فأخبر الناس بما رأيت في ليلتي و ما جرى بيني و بينك فأخرج نفسي من هذا الأمر و أسلّم عليك بالأمرة قال فقال له علي عليه السّلام:«نعم»فخرج من عنده متغيرا لونه فصادفه عمر و هو في طلبه فقال له:ما حالك يا خليفة رسول اللّه؟ فأخبره بما كان منه و ما رأى و ما جرى بينه و بين علي عليه السّلام فقال له عمر:أنشدك باللّه يا خليفة رسول اللّه أن تغترّ بسحر بني هاشم فليس بأول سحر منهم،فما زال به حتى ردّه عن رأيه و صرفه عن عزمه و رغّبه فيما هو فيه و أمره بالثبات عليه و القيام به؟!قال:فأتى علي عليه السّلام المسجد للميعاد فلم ير فيه أحدا فأحس بالشر منهم فقعد إلى قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فمرّ به عمر فقال له:يا علي دون ما ترومه خرط القتاد فعلم بالأمر و قام و رجع إلى بيته (1).

ابن بابويه بالإسناد عن عمرو بن أبي المقدام عن أبي إسحاق عن الحارث عن محمد بن الحنفية و عمرو بن أبي المقدام عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عن علي عليه السّلام في حديث طويل قال عليه السّلام:«و قد قبض محمد صلّى اللّه عليه و اله،و إن ولاية الامة في يده و في بيته لا في يد الأولى تناولوها و لا في بيوتهم و لأهل بيته الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا أولى بالأمر من بعده من غيرهم في جميع الخصال»ثم التفت عليه السّلام إلى أصحابه فقال:«أليس كذلك؟»قالوا:بلى يا أمير المؤمنين (2).

ابن بابويه قال:حدّثنا أحمد بن الحسن القطان و محمد بن أحمد السناني و علي ابن موسى الدقّاق و الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب و علي بن عبد اللّه الوراق رضي اللّه عنهم قالوا:حدّثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطّان7.

ص: 84


1- الخصال:/548ح 30.
2- الخصال:/374ح /58ب 7.

قال:حدّثنا بكر بن عبد اللّه بن حبيب قال:حدّثنا تميم بن بهلول قال:حدّثنا سليمان بن حكيم عن ثور بن يزيد عن مكحول قال:قال أمير المؤمنين أبي علي بن أبي طالب عليه السّلام:«لقد علم المستحفظون من أصحاب النبي صلّى اللّه عليه و اله أنّه ليس فيهم رجل له منقبة إلاّ قد شركته فيها و فضّلته ولي سبعون منقبة لم يشركني فيها أحد منهم».

قلت:يا أمير المؤمنين فأخبرني بهن فذكر أمير المؤمنين عليه السّلام المناقب إلى أن قال عليه السّلام:«و أمّا السبعون فإن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله نام و نومني و زوجتي فاطمة و ابني الحسن و الحسين و ألقى علينا عباءة قطوانية فأنزل اللّه تبارك و تعالى فينا إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً و قال جبرائيل:أنا منكم يا محمد فكان سادسنا جبرائيل عليه السّلام» (1).

علي بن ابراهيم قال حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن عثمان بن عيسى و حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث فدك قال:قال أمير المؤمنين عليه السّلام لأبي بكر:«يا أبا بكر تقرأ الكتاب؟»قال:نعم،قال:«فأخبرني عن قول اللّه تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً فيمن نزلت فينا أم في غيرنا؟»قال:بل فيكم (2).

محمد بن العباس بن ماهيار الثقة في تفسير القرآن فيما نزل في أهل البيت قال:

حدّثنا أحمد بن محمد بن سعيد عن الحسن بن علي بن بزيع عن إسماعيل بن يسار الهاشمي عن قنبر بن محمد الأعشى عن هاشم بن البريد عن زيد بن علي عن أبيه عن جده عليه السّلام قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في بيت أم سلمة فأتى بحريرة فدعا عليا عليه السّلام و فاطمة و الحسن و الحسين عليه السّلام فأكلوا منها ثم جلل عليهم كساء خيبريا ثم قال:

«إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً فقالت:أمّ سلمة:

و أنا معهم يا رسول اللّه؟2.

ص: 85


1- الخصال:/572ح 1.
2- تفسير القمي:156/2.

قال:«أنت إلى خير» (1).

محمد بن العباس هذا قال:حدّثنا عبد العزيز بن يحيى عن محمد بن زكريا عن جعفر بن محمد بن عمارة قال:حدثني أبي عن جعفر بن محمد عن أبيه قال:قال علي بن أبي طالب عليه السّلام أن اللّه عزّ و جل فضّلنا أهل البيت و كيف لا يكون كذلك و اللّه عزّ و جلّ يقول: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً فقد طهّرنا اللّه من الفواحش ما ظهر منها و ما بطن فنحن على منهاج الحق» (2).

محمد بن العباس قال:حدّثنا عبد اللّه بن علي بن عبد العزيز عن إسماعيل بن محمد عن علي بن جعفر بن محمد عن الحسين بن يزيد عن عمر بن علي قال:خطب الحسن بن علي عليهما السّلام الناس حين قتل علي عليه السّلام فقال:«قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون بعلم و لا يدركه الآخرون ما ترك على ظهر الأرض صفراء و لا بيضاء إلاّ سبعمائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يبتاع بها خادما لأهله-ثم قال-أيها الناس من عرفني فقد عرفني و من لم يعرفني فأنا الحسن بن علي،و أنا ابن البشير النذير الداعي إلى اللّه بإذنه و السراج المنير،أنا من أهل البيت الذي كان ينزل فيه جبرائيل و يصعد،و أنا من أهل البيت الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا» (3).

محمد بن العباس قال:حدّثنا مظفر بن يونس بن مبارك عن عبد الأعلى بن حماد عن محمود بن إبراهيم عن عبد الجبار عن العباس عن عمار الذهبي عن عمرة بنت أفعى عن ام سلمة قالت:نزلت هذه الآية في بيتي،و في البيت سبعة جبرائيل و ميكائيل و رسول اللّه و علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام قالت:و كنت على الباب فقلت:يا رسول اللّه ألست من أهل البيت؟5.

ص: 86


1- بحار الأنوار:213/25 ح 3.
2- بحار الأنوار:214/25 ح 4.
3- بحار الأنوار:214/25 ح 5.

قال:«إنك إلى خير،إنك من أزواج النبي»و ما قال:إنك من أهل البيت (1).

الشيخ الطوسي في أماليه قال:أخبرنا أبو عبد اللّه محمد بن محمد-يعني المفيد- قال:حدّثنا أبو بكر محمد بن عمر قدّس سرّه قال:حدثني أحمد بن عيسى بن أبي موسى بالكوفة قال:حدّثنا عبدوس بن محمد الحضرمي قال:حدّثنا محمد بن فرات عن أبي إسحاق عن الحرث عن علي عليه السّلام قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يأتينا كل غداة فيقول الصلاة رحمكم اللّه الصلاة إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» (2).

و رواه:الشيخ المفيد في أماليه قال:حدّثنا أبو بكر محمد بن عمر و ساق الحديث بباقي السند و المتن (3).

الشيخ في أماليه عن أبي عمر قال:أخبرنا أحمد بن محمد قال:حدّثنا الحسين ابن عبد الرّحمن بن محمد الأزدي قال:حدّثنا أبي قال:حدّثنا عبد النور بن عبد اللّه بن شيبان قال:حدّثنا سليمان بن قرم قال:حدثني أبو الجحاف و سالم بن أبي حفصة عن نفيع أبي داود عن أبي الحمراء قال:«شهدت النبي صلّى اللّه عليه و اله أربعين صباحا يجيء إلى باب علي و فاطمة فيأخذ بعضادتي الباب ثم يقول:«السلام عليكم أهل البيت و رحمة اللّه و بركاته الصلاة يرحمكم اللّه إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» (4).

الشيخ في أماليه قال:أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن عبد اللّه بن محمد بن مهدي قال:حادثنا أحمد بن محمد يعني-ابن سعيد بن عقدة-قال:أخبرنا أحمد بن يحيى قال:حدّثنا عبد الرّحمن قال:حدّثنا أبي عن أبي إسحاق عن عبد اللّه بن المغيرة مولى9.

ص: 87


1- بحار الانوار:214/25 ح 6.
2- أمالي الطوس:/89ح 138.
3- امالي المفيد:/318ح 4.
4- أمالي الطوسي:/251المجلس /9ح 39.

أم سلمة عن ام سلمة زوج النبي صلّى اللّه عليه و اله أنها قالت:نزلت هذه الآية في بيتها إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً أمرني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله أن أرسل إلى علي و فاطمة و الحسن و الحسين فلما أتوه اعتنق عليا بيمينه و الحسن بشماله و الحسين على بطنه و فاطمة عند رجله ثم قال:«اللهم هؤلاء أهلي و عترتي فأذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا» (1).

الشيخ في أماليه بإسناده عن علي بن الحسين عليه السّلام عن ام سلمة قالت:نزلت هذه الآية في بيتي و في يومي كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله عندي فدعا علي و فاطمة و الحسن و الحسين و جاء جبرائيل فمد عليهم كساء فدكيا ثم قال:«اللهم هؤلاء أهل بيتي اللهم أذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا»قال:جبرائيل و أنا منكم يا محمد؟

فقال النبي صلّى اللّه عليه و اله:«و أنت منّا يا جبرائيل»قالت ام سلمة:فقلت يا رسول اللّه و أنا من أهل بيتك فجئت لأدخل معهم،فقال:«كوني مكانك يا ام سلمة إنك إلى خير أنت من أزواج نبي اللّه صلّى اللّه عليه و اله»فقال جبرائيل:إقرأ يا محمد إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً في النبي و علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام (2).

الشيخ في أماليه قال:أخبرنا الحفّار قال:حدّثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي الحافظ قال:حدثني أبو الحسن علي بن موسى الخزاز من كتابه قال:حدثني الحسن بن علي الهاشمي قال:حدثني إسماعيل بن أبان قال:حدّثنا أبو مريم عن ثوير بن أبي فاخته عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى قال:قال أبي:دفع النبي صلّى اللّه عليه و اله الراية يوم خيبر إلى علي بن أبي طالب و فتح اللّه عليه و أوقفه يوم غدير خم فأعلم الناس أنه مولى كل مؤمن و مؤمنة قال له:«أنت منّي و أنا منك»،و قال له:«تقاتل على التأويل كما قاتلت أنا على التنزيل»و قال له:«أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي»و قال له:«أنا سلم لمن سالمت و حرب لمن حاربت»و قال له:«أنت العروة4.

ص: 88


1- أمالي الطوسي:/263المجلس /10ح 20 اختصر المصنف.
2- أمالي الطوسي:/368المجلس /13ح 34.

الوثقى»و قال له:«أنت تبين لهم ما اشتبه عليهم بعدي»،و قال له:«أنت إمام كل مؤمن و مؤمنة و ولي كل مؤمن و مؤمنة بعدي»،و قال له:«أنت الذي أنزل اللّه فيه و اذان من اللّه و رسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر».

و قال له:«أنت الآخذ بسنتي و الذاب عن ملّتي»و قال له:«أنا أول من تنشق الأرض عنه و أنت معي»و قال له:«أنا عند الحوض و أنت معي»و قال له:«أنا أول من يدخل الجنة و أنت بعدي تدخلها و الحسن و الحسين و فاطمة عليهم السّلام»و قال له:«إن اللّه أوحى إليّ أن أقوم بفضلك فقمت به في الناس و بلّغتهم ما أمرني اللّه بتبليغه»و قال له:«اتق الضغائن التي لك في صدور من لا يظهرها إلاّ بعد موتي أولئك يلعنهم اللّه و يلعنهم اللاعنون ثم بكى النبي صلّى اللّه عليه و اله فقيل له:ممّ بكاؤك يا رسول اللّه؟

قال:«أخبرني جبرائيل عليه السّلام أنهم يظلمونه و يمنعونه حقه و يقاتلونه و يقتلون ولده و يظلمونهم بعده،و أخبرني جبرائيل عليه السّلام عن ربّه عزّ و جلّ أن ذلك يزول إذا قام قائمهم و علت كلمتهم و اجتمعت الامة على محبتهم و كان الشانىء لهم قليلا و الكاره لهم ذليلا و كثر المادح لهم و ذلك حين تغيّر البلاد تضعف العباد و الإياس من الفرج،فعند ذلك يظهر القائم فيهم»

فقيل له:ما أسمه؟

قال النبي صلّى اللّه عليه و اله:«اسمه كاسمي و اسم أبيه كاسم أبي و هو من ولد ابنتي يظهر اللّه الحق بهم و يخمد الباطل بأسيافهم و يتبعهم الناس بين راغب فيهم و خائف لهم»قال:و سكن البكاء عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقال:معاشر المؤمنين أبشروا بالفرج فإن وعد اللّه لا يخلف و قضاؤه لا يرد و هو الحكيم الخبير فإن فتح اللّه قريب،اللهمّ إنهم أهلي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا،اللهم أكلأهم و ارعهم و كن لهم و احفظهم و انصرهم و أعنهم و أعزهم و لا تذلهم و اخلفني فيهم إنك على كل شي قدير» (1).

و قد تقدّم هذا من طريق المخالفين في الباب السابق.6.

ص: 89


1- أمالي الطوسي:/351المجلس /12ح 66.

الشيخ في كتاب(المجالس)قال:أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال:حدّثنا الحسن بن علي بن زكريا العاصمي قال:حدّثنا أحمد بن عبيد اللّه العدلي قال:حدّثنا الربيع بن يسار قال:حدّثنا الأعمش عن سالم بن أبي الجعد يرفعه إلى أبي ذر قدّس سرّه أن عليا عليه السّلام و عثمان و طلحه و الزبير و عبد الرّحمن بن عوف و سعد بن أبي و قاص أمرهم عمر بن الخطاب أن يدخلو بيتا و يغلقوا عليهم بابه و يتشاوروا في أمرهم و أجّلهم بينهم ثلاثة أيام فإن توافق خمسة على قول واحد و أبى رجل منهم قتل ذلك الرجل،و إن توافق أربعة و أبى اثنان قتل الإثنان فلما توافقوا جميعا على رأي واحد قال لهم علي بن أبي طالب عليه السّلام:«إني أحب أن تسمعوا منّي ما أقول لكم،فإن يكن حقا فاقبلوه،و إن يكن باطلا فأنكروه»قالوا:قل فذكر من فضائله عن اللّه سبحانه و عن رسوله اللّه صلّى اللّه عليه و اله و هم يوافقونه و يصدقونه فيما قال و كان فيما قال عليه السّلام:«فهل فيكم أحد أنزل اللّه فيه آية التطهير حيث يقول اللّه تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً غيري و زوجتي و ابني»

قالوا:لا (1).

الشيخ في مجالسه قال:حدّثنا جماعة عن أبي المفضل قال:حدّثنا أبو طالب محمد بن أحمد بن أبي معشر السلمي الحراني بحران قال:حدّثنا أحمد بن الأسود أبو علي الحنفي القاضي قال:حدّثنا عبيد اللّه بن محمد بن حفص العائشي التيمي قال:حدثني أبي عن عمر بن اذينة العبدي عن وهب بن عبد اللّه بن أبي دبّي الهنائي قال:حدّثنا أبو حرب بن أبي الأسود الدؤلي عن أبيه أبي الأسود قال:لما طعن أبو لؤلؤة عمر بن الخطاب جعل الأمر بين ستة نفر علي بن أبي طالب عليه السّلام و عثمان بن عفان و عبد الرّحمن بن عوف و طلحة و الزبير و سعد بن مالك و عبد اللّه بن عمر معهم يشهد النجوى و ليس له في الأمر نصيب و ذكر حديث المناشدة نحوه (2).7.

ص: 90


1- أمالي الطوسي:/545مجلس /20ح 4.
2- أمالي الطوسي:/556مجلس /20ح 7.

الشيخ في مجالسه قال:أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال:حدّثنا محمد بن عبد اللّه بن جوريه الجندي سابوري من أصل كتابه قال:حدّثنا علي بن منصور الترجماني قال:أخبرنا الحسن بن عنبسه النهشلي قال:حدّثنا شريك بن عبد اللّه النخعي القاضي عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون الأودي أنه ذكر عنده علي بن أبي طالب عليه السّلام فقال:إن قوما ينالون منه أولئك هم وقود النار و لقد سمعت عدة من أصحاب محمد صلّى اللّه عليه و اله منهم حذيفة بن اليمان و كعب بن عجرة يقول كل رجل منهم:

لقد أعطي علي ما لم يعطه بشر هو زوج فاطمة سيّدة نساء الأولين و الآخرين فمن رأى مثلها أو سمع أن تزوج بمثلها أحد في الأولين و الأخرين و هو أبو الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة من الأولين و الآخرين فمن له أيها الناس مثلهما و رسول للّه صلّى اللّه عليه و اله حموه و هو وصيي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في أهله و أزواجه و سدّت الأبواب التي في المسجد كلها غير بابه و هو صاحب باب خيبر و هو صاحب الراية يوم خيبر،و تفل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يومئذ في عينيه و هو أرمد فما اشتكاهما من بعد و لا وجد حرا أو بردا بعد يوم ذلك،و هو صاحب يوم غدير خمّ إذ نوّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله باسمه و ألزم أمته ولايته و عرّفهم بخطره و بيّن لهم مكانه فقال يومئذ:«أيها الناس من أولى بكم من انفسكم؟»قالوا:اللّه و رسوله،قال:«فمن كنت مولاه فهذا عليّ مولاه و هو صاحب العباء و من أذهب اللّه عزّ و جلّ عنه الرجس و طهّره تطهيرا»و هو صاحب الطائر حين قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«اللهم اتني بأحب خلقك إليك يأكل معي»فجاء علي عليه السّلام فأكل معه و هو صاحب سورة براءة حين نزل بها جبرائيل عليه السّلام على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قد سار أبو بكر بالسورة فقال له:يا محمد إنه لا يبلغها إلاّ أنت أو علي إنه منك و أنت منه،فكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله منه في حياته و بعد وفاته و هو عيبة علم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و من قال له النبي صلّى اللّه عليه و اله:«أنا مدينة العلم و علي بابها فمن أراد العلم فليأت المدينة من بابها كما أمر اللّه فقال: وَ أْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها (1)و هو مفرّج الكرب عن رسول9.

ص: 91


1- البقرة:189.

اللّه صلّى اللّه عليه و اله في الحروب،و هو أول من آمن برسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و صدّقه و اتبعه،و هو أول من صلّى فمن أعظم فريّه على اللّه و على رسول اللّه ممن قاس به أحدا أو شبّه به بشرا عليه السّلام! (1).

الشيخ في مجالسه قال أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال حدثني أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرّحمن الهمداني بالكوفة قال:حدّثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس الأشعري قال:حدّثنا علي بن حسان الواسطي قال:

حدّثنا عبد الرّحمن بن كثير عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين عليه السّلام قال:«لما أجمع الحسن بن علي عليه السّلام على صلح معاوية خرج حتى لقيه،فلما اجتمعا قام معاوية خطيبا فصعد المنبر و أمر الحسن عليه السّلام أن يقوم أسفل منه بدرجة ثم تكلم معاوية و قال:أيها الناس هذا الحسن بن علي و ابن فاطمة رآنا للخلافة أهلا و لم ير نفسه لها أهلا قد أتانا ليبايع طوعا،ثم قال:قم يا حسن فقام الحسن عليه السّلام فخطب فقال:

الحمد للّه المستحمد بالآلاء و تتابع النعماء و صارف الشدائد و البلاء عند الفهماء و غير الفهماء،المذعنين من عباده لامتناعه بجلاله و كبريائه و علوه من لحوق الأوهام ببقائه المرتفع عن كنه ظنانة المخلوقين من أن تحيط بمكنون غيبه رويّات عقول الرائين، و أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده في ربوبيته و وجوده و وحدانيته صمدا لا شريك له فردا لا ظهير له،و أشهد أن محمد عبده و رسوله اصطفاه و انتجبه و ارتضاه و بعثه داعيا إلى الحق و سراجا منيرا و للعباد مما يخافون نذيرا و لما يأملون بشيرا فنصح للامة و صدع بالرسالة،و أبان لهم درجات العمالة شهادة عليها أموت و أحشر،و بها في الآجلة أقرب و أحبر،و أقول:معشر الخلائق فاسمعوا و لكم أفئدة و أسماع فعوا إنّا أهل بيت أكرمنا اللّه بالإسلام و اختارنا و اصطفانا و اجتبانا و أذهب عنا الرجس و طهرنا تطهيرا،و الرجس هو الشك فلا نشك في اللّه الحق و دينه أبدا و طهّرنا من كلّ أفن و غية،مخلصين إلى آدم نعمة منه،لم يفترق الناس فرقتين إلا جعلنا اللّه في خيرهما فأدت الامور و أفضت الدهور إلى8.

ص: 92


1- أمالي الطوسي:/558مجلس /20ح 8.

أن بعث اللّه محمدا صلّى اللّه عليه و آله للنبوة و اختاره للرسالة و أنزل عليه كتابه ثم أمره بالدعاء إلى اللّه عزّ و جلّ فكان أبي عليه السّلام أول من استجاب للّه تعالى و لرسوله و أول من آمن و صدق اللّه و رسوله و قد قال اللّه تعالى في كتابه المنزل على نبيّه المرسل: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ فرسول اللّه الذي على بينة من ربه و أبي الذي يتلوه و هو شاهد منه.

و قد قاله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله حين أمره أن يسير إلى مكة و الموسم ببراءة سربها يا علي فإني أمرت أن لا يسير بها إلاّ أنا أو رجل منّي و أنت هو يا علي،فعليّ من رسول اللّه و رسول اللّه منه،و قال له نبي اللّه صلّى اللّه عليه و اله حين قضى بينه و بين أخيه جعفر بن أبي طالب عليه السّلام و مولاه زيد بن حارثة في ابنه حمزة أما أنت يا علي فمني و أنا منك و أنت ولي كل مؤمن بعدي فصدّق أبي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله سابقا و وقاه بنفسه ثم لم يزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في كل موطن يقدّمه و لكل شديدة يرسله ثقة منه به و طمأنينة إليه لعلمه بنصيحة اللّه عزّ و جلّ و إنه أقرب من اللّه و رسوله،و قد قال اللّه عزّ و جل وَ السّابِقُونَ السّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فكان أبي سابق السابقين إلى اللّه عز و جل و إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و أقرب الأقربين و قد قال اللّه تعالى، لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً فأبي كان أولهم إسلاما و إيمانا أولهم إلى اللّه و رسوله هجرة و لحوقا و أولهم على وجده و وسعة نفقة قال سبحانه وَ الَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ لِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَ لا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ فالناس من جميع الامم يستغفرون له لسبقه إياهم إلى الإيمان بنبيّه صلّى اللّه عليه و اله و ذلك أنه لم يسبقه إلى الإيمان أحد و قد قال اللّه تعالى: وَ السّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ فهو سابق جميع السابقين،فكما أن اللّه عز و جل فضّل السابقين على المتخلفين و المتأخرين فضّل سابق السابقين على السابقين و قد قال اللّه عزّ و جلّ: أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فكان أبي المؤمن باللّه و اليوم الآخر و المجاهد في سبيل اللّه

ص: 93

حقا و فيه نزلت هذه الآية و كان ممن استجاب لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله عمّه حمزة و جعفر ابن عمه فقتلا شهيدين رضي اللّه عنهما في قتلى كثيرة معهما من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فجعل اللّه تعالى حمزة سيد الشهداء من بينهم،و جعل لجعفر جناحين يطير بهما مع الملائكة كيف يشاء من بينهم و ذلك لمكانهما من رسول اللّه و منزلتهما و قرابتهما منه صلّى اللّه عليه و اله و صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله على حمزة سبعين صلاة من بين الشهداء الذين استشهدوا معه.

و كذلك جعل اللّه تعالى نساء النبي صلّى اللّه عليه و اله للمحسنة منهن أجرين و للمسيئة منهن وزرين ضعفين لمكانهنّ من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و جعل الصلاة في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بألف صلاة في سائر المساجد إلاّ مسجد إبراهيم خليله عليه السّلام بمكة؛و ذلك لمكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله من ربه و فرض اللّه عزّ و جل الصلاة على نبيه صلّى اللّه عليه و اله على كافة المؤمنين،فقالوا:يا رسول اللّه كيف الصلاة عليك؟

فقال:قولوا«اللهم صل على محمد و آل محمد»فحق على كل مسلم أن يصلّي علينا مع الصلاة على النبي صلّى اللّه عليه و اله فريضة واجبة.

و أحلّ اللّه تعالى خمس الغنيمة لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و أوجبها له في كتابه و أوجب لنا من ذلك ما أوجب له و حرّم عليه الصدقة منه و حرّمها علينا منه فأدخلنا فله الحمد فيما أدخل فيه نبيه و أخرجنا و نزّهنا مما أخرجه منه و نزّهه عنه كرامة أكرمنا اللّه عزّ و جلّ بها و فضيلة فضّلنا بها على سائر العباد فقال اللّه تعالى لمحمد حين جحده كفرة أهل الكتاب و حاجوه: فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ فاخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله من الأنفس معه أبي و من البنين أنا و أخي و من النساء فاطمة امي من الناس جميعا فنحن أهله و لحمه و دمه و نفسه و نحن منه و هو منا و قد قال اللّه تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً فلما أنزلت آية التطهير جمعنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله أنا و أخي و امي و أبي فجعلنا و نفسه في كساء لأمّ سلمة خيبري و ذلك في حجرتها و في يومها فقال:اللهم

ص: 94

هؤلاء أهل بيتي و هؤلاء أهلي و عترتي فأذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا فقالت:ام سلمة رضي اللّه عنها أنا أدخل معهم يا رسول اللّه؟

فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:يرحمك اللّه أنت على خير و إلى خير و ما أرضاني عنك، و لكنها خاصة لي و لهم،ثم مكث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بعد ذلك بقية عمره حتى قبضه اللّه إليه يأتينا كل يوم عند طلوع الفجر و يقول:الصلاة يرحمكم اللّه إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً و أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بسد الأبواب الشارعة في مسجده غير بابنا فكلّموه في ذلك فقال:إني لم أسد أبوابكم و افتح باب علي من تلقاء نفسي و لكن اتبع ما أوحي إلي و إن اللّه أمر بسدها و فتح بابه فلم يكن من بعده ذلك أحد تصيبه جنابة في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و يولد له غير رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و أبي عليهما السّلام تكرمة من اللّه تعالى لنا و تفضلا اختصّنا به على جميع الناس و هذا باب أبي قرين باب رسول اللّه في مسجده و منزلنا بين منازل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و ذلك إن اللّه أمر نبيّه عليه السّلام أن يبني مسجده فبنى فيه عشرة أبيات تسعة لبنيه و أزواجه و عاشرها و هو متوسطها لأبي فها هو لبسبيل مقيم و البيت هو المسجد المطهر.

و هو الذي قال اللّه تعالى(أهل البيت)فنحن أهل البيت و نحن الذين أذهب اللّه عنا الرجس و طهرنا تطهيرا أيها الناس إني لو قمت حولا فحولا أذكر الذي أعطانا اللّه عزّ و جلّ و خصّنا به من الفضل في كتابه و على لسان نبيّه لم أحصه،و أنا ابن النبي النذير البشير و السراج المنير الذي جعله اللّه رحمة للعالمين و أبي عليّ ولي المؤمنين و شبيه هارون،و أن معاوية بن صخر زعم أني رأيته للخلافة أهلا و لم أر نفسي لها أهلا فكذب معاوية و أيم اللّه لأنا أولى الناس بالناس في كتاب اللّه و على لسان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله غير أنّا لم نزل أهل البيت مخوفين مظلومين مضطهدين منذ قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فاللّه بيننا و بين من ظلمنا حقنا و نزل على رقابنا و حمل الناس على أكتافنا و منعنا سهمنا في كتاب اللّه من الفيء و الغنائم و منع امنا فاطمة إرثها من أبيها إنّا لا نسمّي أحدا.

و لكن أقسم باللّه قسما تاليا لو أن الناس سمعوا قول اللّه عزّ و جلّ و رسوله لأعطتهم

ص: 95

السماء قطرها و الأرض بركتها و لما اختلف في هذه الامة سيفان و لأكلوها خضراء خضرة إلى يوم القيامة و ما طمعت فيها يا معاوية و لكنها لما أخرجت سالفا من معدنها، و زحزحت عن قواعدها،تنازعتها قريش بينها،و ترامتها كترامي الكرة حتى طمعت فيها أنت يا معاوية و أصحابك من بعدك و قد قال رسول اللّه ما ولّت امة أمرها رجلا قط و فيهم من هو أعلم منه إلاّ لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ما تركوا و قد تركت بنو إسرائيل و كانوا أصحاب موسى هارون أخاه و خليفته و وزيره و عكفوا على العجل و أطاعوا فيه سامريهم و هم يعلمون أنه خليفة موسى.

و قد سمعت هذه الامة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول ذلك لأبي عليه السّلام:إنّه منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبّي بعدي،و قد رأوا رسول اللّه حين نصبه لهم بغدير خم و سمعوه و نادى له بالولاية ثم أمرهم أن يبلّغ الشاهد منهم الغائب و قد خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله حذارا من قومه إلى الغار لما أجمعوا على أن يمكروا به و هو يدعوهم لمّا لم يجد عليهم أعوانا و لو وجد عليهم أعوانا لجاهدهم و قد كف أبي يده و ناشدهم و استغاث أصحابه فلم يغث و لم ينصر و لو وجد عليهم أعوانا ما أجابهم و قد جعل في سعة كما جعل النبي صلّى اللّه عليه و اله في سعة و قد خذلتني الامة و بايعتك يابن حرب و لو وجدت عليك أعوانا يخلصون ما بايعتك و قد جعل اللّه عز و جل هارون في سعة حين استضعفه قومه و عادوه،كذلك أنا و أبي في سعة حين تركتنا الامة و تابعت غيرنا و لم نجد عليهم أعوانا،و إنما هي السنن و الأمثال تتبع بعضها بعضا أيها الناس إنكم لو التمستم بين المشرق و المغرب رجلا جده رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و أبوه وصيي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله لم تجدوا غيري و غير أخي فاتقوا اللّه و لا تضلوا بعد البيان،و كيف بكم و أنى ذلك منكم ألى و إني قد بايعت هذا و أشار إلى معاوية و إن أدري لعلّه فتنة لكم و متاع إلى حين أيها الناس أنه لا يعاب أحد بترك حقه و إنما يعاب أن يأخذ ما ليس له و كل صواب نافع و كل خطأ ضار لأهله و قد كانت القضية فهمها سليمان فنفعت سليمان و لم تضرّ داود،و أما القرابة فقد نفعت المشرك و هي و اللّه للمؤمن أنفع قال رسول اللّه لعمه أبي طالب و هو في الموت قل:لا إله إلا اللّه أشفع لك بها

ص: 96

يوم القيامة و لم يكن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول له إلاّ ما يكون منه على يقين و ليس ذلك لأحد من الناس كلهم غير شيخنا أعني أبا طالب يقول اللّه عز و جل وَ لَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَ لاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَ هُمْ كُفّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (1)أيها الناس إسمعوا و عوا و اتقوا اللّه و راجعوا و هيهات منكم الرجعة إلى الحق و قد صارعكم النكوص و خامركم الطغيان و الجحود أنلزمكموها و أنتم لها كارهون،و السلام على من اتبع الهدى قال:فقال معاوية:و اللّه ما نزل الحسن حتى أظلمت علي الأرض،و هممت أن أبطش به ثم علمت أن الإغضاء أقرب إلى العافية» (2).

الشيخ في مجالسه قال:أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال:حدّثنا عبد الرّحمن ابن محمد بن عبيد اللّه العرزمي عن أبيه عن عثمان أبي اليقظان عن أبي عمر زادان قال:لما ودّع الحسن بن علي عليه السّلام معاوية صعد معاوية المنبر و جمع الناس فخطبهم و قال:إن الحسن بن علي رآني للخلافة أهلا و لم ير نفسه لها أهلا و كان الحسن عليه السّلام أسفل منه بمرقاة فلما فرغ من كلامه قام الحسن فحمد اللّه تعالى بما هو أهله ثم ذكر المباهلة فقال:«فجاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله من الأنفس بأبي و من الأبناء بي و بأخي و من النساء بامي،و كنّا أهله و نحن له،و هو منّا و نحن منه،و لما نزلت آية التطهير جمعنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في كساء لأمّ سلمة-رضي اللّه عنها-خيبري ثم قال:اللهم هؤلاء أهل بيتي و عترتي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا فلم يكن أحد في الكساء غيري و أخي و أبي و أمّي و لم يكن أحد يجنب في المسجد و يولد له فيه إلاّ النبي صلّى اللّه عليه و اله و أبي تكرمة من اللّه تعالى لنا و تفضيلا منه لنا و قد رأيتم مكان منزلتنا من رسول اللّه و أمر بسد الأبواب فسدّها و ترك بابنا فقيل له في ذلك فقال:أما إني لم أسدها و أفتح بابه و لكن اللّه عز و جل أمرني أن أسدها و أفتح بابه و إن معاوية زعم لكم أني رأيته للخلافة أهلا و لم أر نفسي لها1.

ص: 97


1- النساء:18.
2- أمالي الطوسي:/561مجلس /21ح 1.

أهلا فكذب معاوية نحن أولى الناس بالناس في كتاب اللّه و على لسان نبيّه صلّى اللّه عليه و اله،و لم نزل أهل البيت مظلومين منذ قبض اللّه تعالى نبيّه صلّى اللّه عليه و اله،فاللّه بيننا و بين من ظلمنا حقّنا و توثب على رقابنا و حمل الناس علينا و منعنا سهمنا من الفيء،و منع امّنا ما جعل لها رسول صلّى اللّه عليه و اله و أقسم باللّه لو أن الناس بايعوا أبي حين فارقهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله لأعطتهم السماء قطرها و الأرض بركتها و ما طمعت فيها يا معاوية فلما خرجت من معدنها تنازعتها قريش بينها فطمعت فيها الطلقاء و أبناء الطلقاء أنت و أصحابك،و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:ما ولّت امة أمرها رجلا و فيهم من هو أعلم منه إلاّ لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ما تركوا فقد تركت بنو إسرائيل هارون،و هم يعلمون أنه خليفة موسى فيهم و اتّبعوا السامري،و قد تركت هذه الأمة أبي و بايعوا غيره،و قد سمعوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول:أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي.

فقد رأوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نصب أبي يوم غدير خم و أمرهم أن يبلّغ الشاهد منهم الغائب،و قد هرب رسول اللّه من قومه و هو يدعوهم إلى اللّه تعالى حتى دخل الغار و لو وجد أعوانا ما هرب،و قد كف أبي يده حين ناشدهم و استغاث فلم يغث فجعل اللّه هارون في سعة حين استضعفوه و كادوا يقتلونه،و جعل اللّه النبي في سعة من اللّه حين دخل الغار و لم يجد أعوانا و كذلك أبي و أنا في سعة من اللّه حين خذلتنا الامة و بايعوك يا معاوية،و إنما هي السنن و الأمثال يتبع بعضها بعضا.

أيها الناس إنكم لو التمستم فيها بين المشرق و المغرب أن تجدوا رجلا ولده نبي غيري و أخي لم تجدوا و أني قد بايعت هذا،«و إن أدري لعلّه فتنة لكم و متاع إلى حين» (1).

الشيخ في مجالسه قال أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال:حدّثنا أبو علي أحمد ابن علي بن مهدي بن صدقة البرقي إملاء علي من كتابه قال:حدّثنا أبي قال:حدّثنا الرضا أبو الحسن علي بن موسى قال:«حدثني أبي،موسى بن جعفر قال:حدّثنا أبي9.

ص: 98


1- أمالي الطوسي:/559مجلس /20ح 9.

جعفر بن محمد قال:حدثني أبي محمد بن علي قال:حدثني أبي علي بن الحسين قال:

حدثني أبي الحسين بن علي قال:لما أتى أبو بكر و عمر إلى منزل أمير المؤمنين عليه السّلام و خاطباه في البيعة و خرجا من عنده خرج أمير المؤمنين عليه السّلام إلى المسجد فحمد اللّه و أثنى عليه بما اصطنع عندهم أهل البيت إذ بعث فيهم رسولا منهم و أذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا ثم قال:إن فلانا و فلانا أتياني و طالباني للبيعة لمن سبيله أن يبايعني أنا ابن عم النبي و أبو ابنيه و الصديق الأكبر و أخو رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله لا يقولها أحد غيري إلاّ كاذب،و أسلمت و صلّيت و أنا وصيه و زوج ابنته سيدة نساء العالمين فاطمة بنت محمد و أبو الحسن و الحسين سبطي رسول،اللّه و نحن أهل بيت الرحمة بنا هداكم اللّه و بنا استنقذكم من الضلالة،و أنا صاحب يوم الدوح و في سنّه سورة من القرآن،و أنا الوصي على الأموات من أهل بيته عليهم السّلام،و أنا بقيته على الأحياء من امته فاتقوا اللّه يثّبت أقدامكم و يتم نعمته عليكم،ثم رجع إلى بيته» (1).

الشيخ في(مجالسه)قال:أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال:حدّثنا محمد بن هارون بن حميد بن المجدر قال:حدّثنا محمد بن حميد الرازي قال:حدّثنا جرير عن أبي أشعث بن إسحاق عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:كنت عند معاوية و قد نزل بذي طوى فجاء سعد بن أبي و قاص فسلّم عليه فقال معاوية:يا أهل الشام هذا سعد و هو صديق علي قال:فطأطأ القوم رؤوسهم و سبّوا عليا عليه السّلام فبكى سعد فقال له معاوية:ما الذي أبكاك؟

قال و لم لا أبكي لرجل من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يسب عندك و لا أستطيع أن أغير و قد كان في علي خصال لأن تكون فيّ واحدة منهنّ أحب إليّ من الدنيا و ما فيها أحدها:إن رجلا كان باليمن فجاءه علي بن أبي طالب عليه السّلام فقال:لأشكونّك إلى رسول اللّه فقدم علي على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فسأله عن علي عليه السّلام فأثنى عليه فقال:«أنشدك اللّه الذي أنزل عليّ الكتاب و اختصني بالرسالة أعن سخط تقول ما تقول في علي عليه السّلام»1.

ص: 99


1- أمالي الطوسي:/568مجلس /22ح 1.

قال:نعم يا رسول اللّه،قال:«ألا تعلم أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم»قال:بلى قال:

«من كنت مولاه فعلي مولاه»و الثانية إنه بعث يوم خيبر عمر بن الخطاب إلى القتال فهزم و أصحابه فقال صلّى اللّه عليه و اله:«لأعطينّ الراية غدا إنسانا يحب اللّه و رسوله و يحبّه اللّه و رسوله»فقعد المسلمون و علي عليه السّلام أرمد فدعاه فقال:«خذ الراية»فقال:«يا رسول اللّه إن عيني كما ترى»فتفل فيها فقام فأخذ الراية ثم مضى بها ففتح اللّه عليه.

و الثالثة خلّفه في بعض مغازيه فقال علي:«يا رسول اللّه خلّفتني مع النساء و الصبيان»فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ انه لا نبي بعدي».

و الرابعة سدّ الأبواب في المسجد إلاّ باب علي.

و الخامسة نزلت هذه الآية إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً فدعا النبي صلّى اللّه عليه و اله عليا عليه السّلام و حسنا و حسينا و فاطمة عليهم السّلام فقال:«اللهم هؤلاء أهلي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا» (1).

أبو علي الطبرسي قدّس سرّه قال:ذكر أبو حمزة الثمالي في تفسيره قال:حدثني شهر ابن خوشب عن ام سلمة-رضي اللّه عنها-قال:جاءت فاطمة إلى النبي صلّى اللّه عليه و اله تحمل حريرة لها فقال لها:«ادّعي زوجك و ابنيك»فجاءت بهم فطعموا ثم ألقى عليهم كساء خيبريا و قال:«اللهم هؤلاء أهل بيتي و عترتي فأذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا» فقلت:يا رسول اللّه و أنا معهم؟

قال:«أنت إلى خير» (2).

علي بن إبراهيم في تفسيره قال:في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً قالت:«نزلت هذه الآية في رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و علي بن أبي طالب و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام و ذلك8.

ص: 100


1- أمالي الطوسي:/598مجلس /26ح 17.
2- مجمع البيان:156/8.

في بيت ام سلمة زوج النبي صلّى اللّه عليه و اله فدعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله أمير المؤمنين و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام ثم ألبسهم كساء له خيبريا و دخل معهم فيه ثم قال:اللهم هؤلاء أهل بيتي الذين وعدتني فيهم ما وعدتني اللهم أذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا فنزلت هذه الآية فقالت ام سلمة:و أنا معهم يا رسول اللّه؟

فقال:أبشري يا ام سلمة إنك إلى خير»قال أبي الجاورد:و قال زيد بن علي بن الحسين:إن جهالا من الناس يزعمون إنما أراد بهذه الآية أزواج النبي صلّى اللّه عليه و اله و قد كذبوا و أثموا و أيم اللّه لو عنى بها أزواج النبي صلّى اللّه عليه و اله لقال:ليذهبن عنكن الرجس و يطهركن تطهيرا و لكان الكلام مؤنثا كما قال: وَ اذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ،...

...لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ (1) (2) .

ابن بابويه في أماليه قال:حدّثنا أبي قدّس سرّه قال:حدثني سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير قال:قلت للصادق جعفر بن محمد عليه السّلام من آل محمد قال:«ذريته».

قلت:من أهل بيته قال:«الأئمة الأوصياء».

قلت:من عترته؟

قال:«أصحاب العباء»فقلت:من امته؟

قال:«المؤمنون الذين صدقوا بما جاء به من عند اللّه عز و جل المستمسكون بالثقلين الذين أمروا بالتمسك بهما كتاب اللّه و عترته أهل بيته الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا و هما الخليفتان على الامة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله» (3).

ابن بابويه في أماليه قال:حدّثنا أبي قدّس سرّه قال:حدّثنا سعد بن عبد اللّه قال:حدّثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب قال:حدّثنا علي بن أسباط قال:حدّثنا علي بن0.

ص: 101


1- الاحزاب:34.
2- تفسير القمي:193/2.
3- أمالي الصدوق:/312مجلس /42ح 10.

أبي حمزة عن أبي بصير عن الصادق جعفر بن محمد عليه السّلام قال:«يا أبا بصير نحن شجرة العلم و نحن أهل بيت النبي صلّى اللّه عليه و اله و في دارنا مهبط جبرايل عليهم السّلام و نحن خزان علم اللّه و نحن معادن وحي اللّه من تبعنا نجا و من تخلّف عنا هلك حقا على اللّه عز و جل» (1).

محمد بن علي بن شهر اشوب في كتاب(المناقب)قال:نزلت في علي عليه السّلام بالإجماع إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (2).2.

ص: 102


1- أمالي الصدوق:/383مجلس /50ح 15.
2- مناقب آل أبي طالب:24/2.

في قوله تعالى: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ (1)

في قوله تعالى: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ(1)

من صحيح مسلم من الجزء الرابع في ثالث كراس من أوله في باب فضائل علي ابن أبي طالب عليه السّلام قال:حدّثنا قتيبة بن سعيد و محمد بن عبّاد و تقاربا في اللفظ قالا:

حدّثنا حاتم و هو ابن إسماعيل عن بيكر بن مسمار عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال:أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال:ما يمنعك أن تسب أبا تراب؟

قال:أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول اللّه فلن أسبّه لئن تكون لي واحدة منهن أحب إليّ من حمر النعم سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول حين خلّفه في بعض مغازيه فقال له علي عليه السّلام:«يا رسول اللّه خلفتي مع النساء و الصبيان،فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي»و سمعته يقول يوم خيبر:«لأعطين الراية رجلا يحب اللّه و رسوله و يحبه اللّه و رسوله»قال فتطاولنا لها فقال:«أدعوا إلي عليا»فأتي به أرمد العين فبصق في عينه و دفع الراية إليه ففتح اللّه على يده،و لما نزلت هذه الآية فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله عليا و فاطمة و حسنا و حسينا و قال:

«اللهم هؤلاء أهل بيتي» (2).

من صحيح مسلم من الجزء المذكور سابقا في آخره على حد كراسين قال:

ص: 103


1- آل عمران:61.
2- صحيح مسلم:121/7.

حدّثنا قتيبة بن سعيد و محمد بن عباد تقاربا في اللفظ قالا:حدّثنا حاتم-و هو ابن إسماعيل-عن بكير بن مسمار عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال:أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال له:ما منعك أن تسب أبا تراب؟

فقال:أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فلن أسبه لئن يكون لي واحدة منهن أحب إليّ من حمر النعم سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول له حين خلفّه في بعض مغازيه فقال له عليّ يا رسول اللّه:«خلفتني مع النساء و الصبيان فقال:أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبوة بعدي»و سمعته يقول يوم خيبر:

«لاعطين الراية رجلا يحب اللّه و رسوله و يحبه اللّه و رسوله»قال:فتطاولنا لها فقال:

«ادعوا إلي عليا»فأتى به أرمد فبصق في عينيه و دفع الراية إليه ففتح اللّه عليه و لما نزلت هذه الآية نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ دعا رسول اللّه عليا و فاطمة و حسنا و حسينا و قال:«اللهم هؤلاء أهل بيتي» (1).

الثعلبي في تفسيره قال:قال مقاتل و الكلبي:لما قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله هذه الآية على و فد نجران و دعاهم إلى المباهلة فقالوا له:حتى نرجع و ننظر في أمرنا و نأتيك غدا فخلا بعضهم الى بعض فقالوا للعاقب-و كان ديانهم و ذا رأيهم-يا عبد المسيح ما ترى؟

فقال:و اللّه لقد عرفتم يا معشر النصارى إن محمد نبي مرسل،و لقد جاءكم بالفضل من أمر صاحبكم و اللّه ما لاعن قوم قط نبيّا فعاش كبيرهم،و لا نبت صغيرهم و لئن فعلتم ذلك لتهلكن و ان أبيتم إلا تلف دينكم و الإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم فوادعوا الرجل و انصرفوا إلى بلادكم فأتوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و قد غدا رسول اللّه محتضنا الحسن و أخذ بيد الحسين و فاطمة تمشي خلفه و علي خلفها و هو يقول لهم:«إذا أنا دعوت فآمّنوا»فقال أسقف نجران:يا معشر النصارى:

إن لأرى وجوها لو سألوا اللّه أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله فلا تبتهلوا فتهلكوا و لا7.

ص: 104


1- صحيح مسلم:121/7.

يبقى على وجه الأرض من نصراني إلى يوم القيامة قالوا:يا أبا القاسم لقد رأينا أن لا نلاعنك و أن نتركك على دينك و نثبت على ديننا فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«فإن أبيتم المباهلة فأسلموا يكن لكم ما للمسلمين و عليكم ما عليهم»فأبوا فقال:«فإني أنابذكم»

فقالوا:ما لنا بحرب العرب طاقة و لكنا نصالحك على أن لا تغزونا و لا تخيفنا و لا تردّنا عن ديننا على أن نؤدّي إليك في كل عام ألفي حلة ألف في صفر و ألف في رجب فصالحهم النبي صلّى اللّه عليه و اله على ذلك و قال:«و الذي نفسي بيده إن العذاب قد تدلّى على أهل نجران و لو لاعنوا لمسخوا قردة و خنازير و لاضطرم الوادي عليهم نارا و لاستأصل اللّه تعالى نجران و أهله حتى الطير على الشجر و لما حال الحول على النصارى كلهم حتى هلكوا فقال اللّه تعالى إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَ ما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللّهُ وَ إِنَّ اللّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فإن تولوّا أي أعرضوا عن الإيمان فَإِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ (1)(2).

أبو الحسن الفقيه ابن المغازلي الواسطي في مناقبه قال:أخبرني محمد بن أحمد ابن عثمان قال:أخبرنا محمد بن إسماعيل الوراق قال:حدّثنا أبو بكر بن أبي داود قال:حدّثنا يحيى بن حاتم العسكري قال:حدّثنا بشر بن مهران قال:حدّثنا محمد ابن دينار عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن جابر بن عبد اللّه قال:قدم و فد نجران على النبي صلّى اللّه عليه و اله العاقب و الطيب فدعاهما إلى الإسلام فقالا:أسلمنا يا محمد قبلك قال:

«كذبتما إن شئتما أخبرتكما ما يمنعكما من الإسلام؟»قالا:فهات أنبئنا قال:«حب الصليب و شرب الخمر و أكل الخنزير»فدعاهما إلى الملاعنة فوعداه أن يغادياه بالغداة فغدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و أخذ بيده علي و فاطمة و الحسن و الحسين ثم أرسل إليهما فأبيا أن يجيباه فأقرّا له بالخراج فقال النبي صلّى اللّه عليه و اله:«و الذي بعثني بالحق نبيّا لو فعلا لأمطر عليهما الوادي نارا»قال جابر:فيهم نزلت هذه الآية فقال فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ... الآية قال الشعبي أَبْناءَنا الحسن و الحسين وَ نِساءَناي.

ص: 105


1- آل عمران:63.
2- العمدة:290/189 عن الثعلبي.

فاطمة وَ أَنْفُسَنا علي بن أبي طالب عليه السّلام (1).

أبو المؤيد الموفق بن أحمد في كتاب فضائل علي و هو من أعيان علماء العامة قال أخبرنا قتيبة قال:حدّثنا حاتم بن إسماعيل عن بكير بن عمار عن عامر بن سعد ابن أبي وقاص عن أبيه قال:أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال:ما منعك أن تسب أبا تراب؟

قال:أما ذكرت ثلاثا قالهن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله لئن تكون إليّ واحدة منهن أحب الي من حمر النعم سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول لعلي و قد خلّفه في بعض مغازيه قال له علي:

«يا رسول اللّه تخلّفني مع النساء و الصبيان فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبوة بعدي»،و سمعته يقول يوم خيبر:«لأعطين الراية غدا رجلا يحب اللّه و رسوله و يحبه اللّه و رسوله»قال فتطاولنا لها فقال:«أدعوا إلي عليا»فأتى علي و به رمد فبصق في عينه و دفع الراية إليه ففتح اللّه عليه و نزلت هذه الآية فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ... الآية دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في المباهلة عليا و فاطمة و حسنا و حسينا ثم قال:«اللهم هؤلاء أهلي».

قال أبو عيسى:هذا حديث حسن غريب صحيح من هذا الوجه قال له صلّى اللّه عليه و اله:«أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى»أخرجه الشيخان في صحيحة بطرق كثيرة.انتهى كلام موفق ابن أحمد (2).

أبو نعيم صاحب حلية الأولياء بإسناده عن عامر بن سعد بن أبي و قاص عن أبيه قال لما نزلت هذه الآية دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله عليا و فاطمة و حسنا و حسينا عليهم السّلام فقال:«اللهم هؤلاء أهل بيتي» (3).

أبو نعيم الحافظ بإسناده عن الشعبي عن جابر قال:قدم على رسول للّه صلّى اللّه عليه و اله1.

ص: 106


1- مناقب ابن المغازلي:/171ح 310.
2- المناقب:/108ح 115.
3- بحار الأنوار:261/31.

العاقب و الطيب فدعاهما إلى الإسلام فقالا:أسلمنا يا محمد قبلك فقال:«كذبتما إن شئتما أخبرتكما ما يمنعكما من الإسلام»فقالا:هات أنبئنا قال:«لحب الصليب و شرب الخمر و أكل لحم الخنزير»قال جابر:فدعاهما إلى الملاعنة فواعداه إلى أن يغادياه بالغداة فغدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و أخذ بيد علي و الحسن و الحسين عليهم السّلام و فاطمة فأرسل اليهما فأبيا أن يجيباه و أقرّا له بالخراج فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«و الذي بعثني بالحق نبيا لو فعلا لأمطر اللّه عليهما الوادي نارا»قال جابر:فيهم نزلت نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ قال جابر أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و علي أَبْناءَنا الحسن و الحسين عليهما السّلام وَ نِساءَنا فاطمة عليها السّلام (1).

أبو نعيم الحافظ بإسناده عن أبي صالح عن ابن عباس رضي اللّه عنه قال:لما جاء أهل نجران و أنزل اللّه تعالى: فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ جاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و معه علي و الحسن و الحسين و فاطمة عليهم السّلام و قال:«إذا أنا دعوت فأمّنوا»فأبوا أن يلاعنوه و صالحوه على الجزية (2).

من الجزء الثاني من كتاب(المغازي)عن ابن إسحاق قال:لما قدم و فد نجران على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و عليهم الحلل و خواتيم الذهب فسلّموا على النبي صلّى اللّه عليه و اله فلم يرد عليهم و تصدّوا لكلامه عليه السّلام نهارا طويلا فلم يكلمهم و عليهم تلك الحلل و الخواتيم الذهب فانطلقوا يبتغون عثمان بن عفان و عبد الرّحمن بن عوف و كانوا بمعرفة لهما [فوجدوهما في ناس من المهاجرين و الأنصار في مجلس فقالوا:يا عثمان و يا عبد الرحمن]إن نبيّكم قد كتب إلينا كتابا فأقبلنا إليه و سلّمنا عليه فلم يرد علينا السلام و تصدينا لكلامه نهارا طويلا فلم يكلّمنا فما رأيكما أنعود أم نرجع؟

فقالا لعلي عليه السّلام:ما ترى يا أبا الحسن في هؤلاء القوم،فقال علي لعثمان و لعبد الرّحمن:«أرى أن يضعوا حللهم هذه و خواتيمهم و يلبسوا ثياب سفرهم ثم1.

ص: 107


1- بحار الأنوار:262/31.
2- بحار الأنوار:264/31.

يعودوا إليه»،ففعل و فد نجران ذلك فوضعوا حللهم و خواتيمهم و أتوا النبي صلّى اللّه عليه و اله فسلّموا فرّد سلامهم ثم قال:«و الذي بعثني بالحق لقد أتوا المرة الاولى و إن إبليس لمعهم»ثم سألهم و سألوه فلم يزل به و بهم المسألة حتى قالوا:ما تقول في عيسى؟ فإنّا نرجع إلى قومنا و نحن نصارى ليسرنا إن كنت نبيّا أن نعلم ما تقول فيه؟

فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«ما عندي في هذا شيء فأقيموا حتى أخبركم ما يقال لي في عيسى»فأصبح من الغد و قد أنزل اللّه تعالى عليه إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ اَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ فأبوا أن يقرّوا بذلك فأصبح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله مشتملا على علي و الحسن و الحسين[في خميل له]و فاطمة تمشي عند ظهره للملاعنة[و له يومئذ عدة نسوة] (1)فقال شرحبيل لصاحبه:يا عبد اللّه بن شرحبيل و يا جبار بن فضّ قد علمتم أن الوادي إذا اجتمع أعلاه و أسفله لم يردوا و لم يصدروا إلاّ عند رأيي فإني و اللّه أرى أمرا مقفلا (2)و اللّه إن كان هذا الرجل ملكا مبعوثا فكنّا أول العرب طعن في عيبته ورد عليه أمره،و لا يذهب لنا من صدور قومه حتى يصبونا بجائحة،و إنا لأدنى العرب منهم جوازا و لئن كان هذا الرجل نبيّا مرسلا فلاعناه لا يبقى على وجه الأرض منا شعر و لا ظفر إلاّ هلك.

فقال له صاحباه:فما الرأي يا أبا مريم فقد وضعتك الامور على ذراع فهات رأيك؟

فقال:رأيي أن أحكمه فإنّي أرى رجلا لا يحكم شططا أبدا فقالا:أنت و ذاك،فتلقى شرحبيل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقال:إني قد رأيت خيرا من ملاعنتك فقال:«و ما هو»فقال:

شرحبيل حكمك اليوم و ليلتك إلى الصباح فبما حكمت فينا فهو جائز،فقال رسولا.

ص: 108


1- زيادة من البداية و النهاية.
2- في البداية:ثقيلا.

اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«لعل و راءك أحد يثرب عليك».

فقال له شرحبيل:سل صاحبيّ،فسألهما فقالا:ما يورد الوادي و لا يصدر إلاّ عن رأي شرحبيل،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«كافر جاحد موفق»فرجع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يلاعنهم حتى إذا كان من الغداة أتوه و كتب لهم هذا الكتاب:

بسم اللّه الرّحمن الرحيم هذا ما كتبه محمد صلّى اللّه عليه و اله لنجران:أن كان عليهم حكمه في كل ثمرة و كل صفراء و بيضاء و سوداء و رقيق فأفضل عليهم و ترك ذلك كله على ألفي حلة في كل رجب ألف حلة،و في كل صفر ألف حلة أو قيمه ما زادت حلل الخرج أو نقصت [الى أن قال:بعثه رسول اللّه إلى نجران].ليجمع صدقاتهم و يقدم عليهم بجزيتهم» (1).

إبراهيم بن محمد الحمويني في كتاب(فرائد السمطين)و هو من أعيان علماء العامة قال:أنبأني عبد الحميد بن فخّار عن أبي طالب بن عبد السميع إجازة عن شاذان بن جبرئيل قرأة عليه عن محمد بن عبد العزيز عن محمد بن أحمد بن علي قال:أنبأنا أبو منصور محمود بن إسماعيل بن محمد الصيرفي:قال أنبأنا أبو الحسين بن فاذشاه قال:أنبأنا سليمان بن أحمد قال:أنبأنا أحمد بن داود المكي و محمد بن زكريا الغلابي قالا:أنبأنا بشر بن مهران الخصّاف قال:حدّثنا محمد بن دينار عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن جابر قال:قدم على النبي صلّى اللّه عليه و اله العاقب الطيب فدعاهما إلى الإسلام فقالا أسلمنا يا محمد قال:«كذبتما إن شئتما أخبرتكما ما يمنعكما من الإسلام»قالا:فهات أنبئنا قال:«حبّكما الصليب و شرب الخمر و أكل لحم الخنزير»قال جابر فدعاهما إلى الملاعنة و واعداه أن يغادياه بالغداة فغدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و أخذ بيده علي و فاطمة و الحسن و الحسين صلوات اللّه عليهم فأرسل إليهما فأبيا أن يجيباه و أقرّا له فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«و الذي بعثني بالحق لو فعلا لأمطر عليهما الوادي نارا»قال جابر فيهم نزلت: نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ قال الشعبي:قالا.

ص: 109


1- البداية و النهاية:65/5 ط.دار إحياء التراث،و طبقات ابن سعد:288/1-358 بتفاوت، و فتوح البلدان:76،و البحار:360/21 مختصرا.

جابر: وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ قال:رسول اللّه و علي صلوات اللّه عليهما وَ نِساءَنا فاطمة عليها السّلام أَبْناءَنا الحسن و الحسين صلوات اللّه عليهما (1).

أبو المؤيد موفق بن أحمد المتقدم في الباب عن ابن عباس رضي اللّه عنه و الحسن و الشعبي و السّدي قالوا في حديث المباهلة:إن و فد نجران أتوا النبي صلّى اللّه عليه و اله ثم تقدّم الأسقف فقال:يا أبا القاسم موسى من أبوه؟

قال:«عمران»فقال:يوسف من أبوه؟

قال:«يعقوب»قال:فأنت من أبوك؟

قال:«عبد اللّه بن عبد المطلب»قال:فعيسى من أبوه؟فسكت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله ينتظر الوحي من السماء فهبط جبرئيل عليه السّلام بهذه الآية: إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ اَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ فقال الأسقف لا نجد هذا فيما اوحى إلينا قال:فبهط جبرئيل عليه السّلام بهذه الآية فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ قال:أنصفت متى نباهلك؟

قال:«غدا إن شاء اللّه تعالى»فانصرف القوم ثم قال الأسقف لأصحابه أنظروا إن خرج في عدة من أصحابه فباهلوه،فإنه كذّاب،و إن خرج في خاصة من أهله فلا تباهلوه فإنه نبي و لئن باهلنا لنهلكن و قالت النصارى:و اللّه إنا لنعلم أنه النبي الذي كنّا ننتظره و لئن باهلناه لنهلكن و لا نرجع إلى أهل و لا مال قالت اليهود و النصارى:

كيف نعمل؟

قال أبو الحرث الأسقف:رأيناه رجلا كريما نغدوا عليه فنسأله أن يقيلنا فلما أصبحوا بعث النبي صلّى اللّه عليه و اله إلى أهل المدينة و من حولها فلم تبق بكر لم تر الشمس إلاّ خرجت و خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و علي بن يديه و الحسن عن يمينه قابضا بيده و الحسين عن شماله و فاطمة خلفه ثم قال:«هلّموا فهؤلاء أبناءنا الحسن و الحسين5.

ص: 110


1- فرائد السمطين:/23/2ب /4ح 365.

و هولاء أنفسنا لعلي و نفسه و هذه نساءنا لفاطمة»قال:فجعلوا يستترون بالأساطين و يستر بعضهم ببعض تخوفا أن يبدأهم بالملاعنة ثم أقبلوا حتى بركوا بين يديه و قالوا:أقلنا أقالك اللّه يا أبا القاسم قال صلّى اللّه عليه و اله:«أقلّتكم»و صالحوا على الفي حلة (1).

إبراهيم بن محمد الحمويني المتقدم من كتابه قال:أخبرنا أبو الحسين علي بن عبد الرّحمن بن عيسى الدهقان في الكوفة من أصل كتابه قال:نبأنا الحسين بن الحكم الحبري قال:حدّثنا الحسن بن الحسين العرني قال:نبأنا حبان بن علي العنزي قال:نبأنا الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله عز و جل: تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ نزلت في رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و علي عليه السّلام نفسه وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ في فاطمة عليهما السّلام أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ في حسن و حسين صلوات اللّه عليهما و الدعاء على الكذابين نزلت في العاقب و السيد و عبد المسيح و أصحابه (2).

الحمويني هذا قال:أخبرنا أبو عبد اللّه محمد بن علي بن عبد الحميد الصنعاني قال:نبأنا محمد بن بور عن ابن جريج في قوله: إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ بلغنا أن نصارى نجران قدم و فدهم على النبي صلّى اللّه عليه و اله فمنهم:السيد و العاقب و أخبرت أن معهما عبد المسيح و هما يومئذ سيدا أهل نجران فقالوا:يا محمد بن تشتم صاحبنا؟

قال:«و من صاحبكم؟»قال:عيسى ابن مريم تزعم أنه عبد قال النبي صلّى اللّه عليه و اله:«أجل هو عبد اللّه و كلمته ألقاها إلى مريم»فغضبوا و قالوا إن كنت صادقا فأرنا عبدا يحيي الموتى و يبرئ الأكمه و الأبرص و يخلق من الطين كهيئة الطير و لكنه اللّه فسكت النبي صلّى اللّه عليه و اله حتى جاءه جبرئيل فقال:يا محمد لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قال النبي صلّى اللّه عليه و اله:«إنهم قد سألوني أن أخبرهم بمثل عيسى»قال جبرائيل: إِنَّ4.

ص: 111


1- المناقب:/159ح 189.
2- فرائد السمطين:/205/2ب /40ح 484.

مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ... فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ في عيسى يا محمد من بعد هذا فقل تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ... الآية إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَ ما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللّهُ الآية،فأخذ النبي صلّى اللّه عليه و اله بيد علي و الحسن و الحسين صلوات اللّه عليهم و جعلوا فاطمة عليهما السّلام و راءهم ثم قال:«هؤلاء أبناءنا و أنفسنا و نساؤنا فهلموا أنفسكم و أبناءكم و نساءكم و نجعل لعنة اللّه على الكاذبين»فأبى السيد و قالوا:

نصالحك فصالحوه على ألف حلة كل عام في كل رجب ألف حلة و قال النبي صلّى اللّه عليه و اله:

«و الذي نفسي بيده لو لا عنوني ما حال الحول و منهم بشر إلا أهلك اللّه الكاذبين» (1).

الحمويني هذا قال:حدّثنا أبو جعفر بن محمد بن نصير الخلدي قال:أنبأنا قتيبة ابن سعيد قال:حدّثنا حاتم بن إسماعيل عن بكير بن مسمار عن عامر بن سعد عن أبيه قال:لما نزلت هذه الآية نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله عليا و فاطمة و حسنا و حسينا صلوات اللّه عليهم فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«اللهم هؤلاء أهلي» (2).

المالكي في(الفصول المهمة)قال:روى مسلم و الترمذي أن معاوية قال لسعد ابن أبي و قاص:ما منعك أن تسب عليا أبا تراب؟

فقال:أما ذكرت ثلاثة قالهن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فلن أسبّه و لئن تكون لي واحدة منهن أحب إليّ من حمر النعم سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول و قد خلّفه في بعض مغازيه فقال علي:«خلفتي مع النساء و الصبيان»فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«أما ترضى أن تكن منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي»و سمعته يقول:يوم خيبر:«لأعطين الراية غدا رجلا يحب اللّه و رسوله و يحبه اللّه و رسوله»فتطاولنا إليها فقال:«أدعوا لي عليا»فأتي به أرمد فبصق في عينيه فبرأ و دفع إليه الراية ففتح اللّه على يديه،و لما نزلت هذه الآية فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ7.

ص: 112


1- فرائد السمطين:/205/2ب /40ح 485.
2- فرائد السمطين:/377/2ب /69ح 307.

دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله عليا و فاطمة و حسنا و حسينا و قال:«اللهم هؤلاء أهلي» (1).

المالكي في فصول المهمة و هو من أعيان علماء العامة قال أهل البيت على ما ذكره المفسرون في تفسير المباهلة و على ما روي عن ام سلمة رضي اللّه عنها هم النبي صلّى اللّه عليه و اله و علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام أما آية المباهلة و هي قوله تعالى:

إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ اَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ و سبب نزول هذه الآية أنه لما قدم و فد نجران على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله دخلوا عليه المسجد بعد صلاة العصر و عليهم ثياب الحبرات و أردية الحرير،لابسين الحلل متختمين بخواتم الذهب،يقول من رآهم من أصحاب النبي صلّى اللّه عليه و اله:ما رأينا قبلهم و فدا مثلهم و فيهم ثلاثة من أشرافهم يؤول أمرهم إليهم و هم:العاقب و اسمه عبد المسيح كان أمير القوم و صاحب رأيهم و مشورتهم لا يصدرون إلاّ عن رأية و السيد و هو الأيهم و كان ثمالهم و صاحب رأيهم و مجتمعهم،و أبو حاتم بن علقة و كان أسقفهم و حبرهم و إمامهم و صاحب مدارسهم و كان رجلا من العرب من بني بكر بن وائل و لكنه تنصّر فعظّمته الروم و ملوكها و شرّفوه،و بنوا له الكنائس و موّلوه و أخدموه،لما علموا من صلابته في دينهم،و قد كان يعرف[أمر]رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و شأنه و صفته[بما علمه]من الكتب المتقدمة،و لكنه حمله جهله على الاستمرار في النصرانية لما رأى من تعظيمه و وجاهته عند أهلها.

فتكلم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله مع أبي حاتم بن علقة و العاقب عبد المسيح و سألهما و سألاه،ثم إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بعد أن تكلم مع هذين الحبرين منهم دعاهم إلى الإسلام،فقالوا:قد أسلمنا فقال:«كذبتم إنّه يمنعكم من الإسلام ثلاثة:عبادتكم الصليب،و أكلكم الخنزير،و قولكم:للّه ولدا»فقالوا:هل رأيت ولدا بغير أب فمن أبو8.

ص: 113


1- الفصول المهمة:120 و 22،و صحيح مسلم:121/7،و سنن الترمذي:301/5 ح 3808.

عيسى؟فأنزل اللّه تعالى إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ...الآية فلما نزلت هذه الآية مصرّحة بالمباهلة دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و فد نجران إلى المباهلة و تلا عليهم الآية فقالوا:حتى ننظر في أمرنا و نأتيك غدا،فلمّا خلا بعضهم ببعض قالوا للعاقب صاحب مشورتهم:ما ترى في الرأي؟

فقال:[و اللّه لقد عرفتم يا معاشر النصارى أن محمدا نبي مرسل،و لقد جاءكم بالفصل من أمر صاحبكم]و اللّه ما لاعن قوم قط نبيّا إلاّ هلكوا عن آخرهم،فاحذروا كلّ الحذر أن يكون آفة الاستئصال منكم،و إن أبيتم إلاّ ألف دينكم و الإقامة عليه فوادعوا الرجل و أعطوه الجزية ثم انصرفوا إلى مقركم،فلما أصبحوا جاءوا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فخرج و هو محتضن الحسين آخذا بيد الحسن و فاطمة خلفه و علي خلفهم و هو يقول:«اللهم هؤلاء أهلي،إذا أنا دعوت أمّنوا»فلما رأى و فد نجران ذلك و سمعوا قوله قال كبيرهم:يا معشر النصارى إني لأرى وجوها لو سألت من اللّه تعالى أن يزيل جبلا لأزاله لا تبتهلوا فتهلكوا و لا يبقى على وجه الأرض نصراني منكم إلى يوم القيامة،فاقبلوا الجزية،فقبلوا الجزية ثم انصرفوا،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«و الذي نفس محمد بيده إن العذاب قد نزل على أهل نجران و لو لاعنوا لمسخوا قردة و خنازير،و لاضرم الوادي عليهم نارا و لاستأصل اللّه نجران و أهله حتى الطير على الشجر و لم يحل الحول على النصارى حتى هلكوا» (1)(2).

المالكي أيضا:قال جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنه: أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ محمد صلّى اللّه عليه و اله و علي عليه السّلام أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ الحسن و الحسين وَ نِساءَنا فاطمة رضوان اللّه عليهم أجمعين (3).

المالكي أيضا عن الحاكم في مستدركه عن علي بن عيسى و قال صحيح على3.

ص: 114


1- الفصول المهمة:23،المقدمة ط.النجف.
2- و رواه الثعلبي بتفاوت،في التفسير المخطوط مواد الآية.
3- الفصول المهمة:23.

شرط مسلم مثله (1).

المالكي أيضا عن أبي داود الطيالسي عن شعبة عن الشعبي مرسلا مثله (2).

علي بن إبراهيم بن هاشم في تفسيره:قال حدثني أبي عن النضر بن سويد عن ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«إن نصارى نجران لما وفدوا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله،و كان سيدهم الأهتم و العاقب و السيد و حضرت صلاتهم فأقبلوا يضربون بالناقوس و صلّوا فقال أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يا رسول اللّه هذا في مسجدك؟

فقال:«دعوهم»فلما فرغوا دنوا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقالوا له:إلى ما تدعونا؟

فقال:«إلى شهادة أن لا إله اللّه،و أني رسول اللّه و أن عيسى عبد مخلوق يأكل و يشرب و يحدث»فقالوا من أبوه؟فنزل الوحي على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقال:قل لهم:ما تقولون في آدم أكان عبدا مخلوقا يأكل و شرب و ينكح؟فسألهم النبي صلّى اللّه عليه و اله فقالوا:نعم فقال:«فمن أبوه»فبهتوا فبقوا ساكتين فنزل اللّه إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ إلى قوله فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ

فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«فباهلوني فإن كنت صادقا أنزلت اللعنة عليكم،و إن كنت كاذبا نزلت عليّ»فقالوا:أنصفت فتواعدوا للمباهلة فلما رجعوا إلى منازلهم قال رؤساءهم السيد العاقب و الأهتم:إن باهلنا بقومه باهلناه،فإنه ليس بنبي و ان باهلنا بأهل بيته خاصة فلا نباهله،فإنّه لا يقدم على أهل بيته إلاّ و هو صادق فلما أصبحوا جاءوا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و معه أمير المؤمنين و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام فقال النصارى:من هؤلاء؟ فقيل لهم:هذا ابن عمّه و وصيه و ختنه علي بن أبي طالب و هذه ابنته فاطمة و هذان ابناه الحسن و الحسين،فعرفوا فقالوا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:نعطيك الرضا فاعفنا من المباهلة فصالحهم رسول اللّه على الجزية و انصرفوا» (3).1.

ص: 115


1- الفصول المهمة:24.
2- الفصول المهمة:25.
3- تفسير القمي:104/1.

الشيخ الطوسي في أماليه بالإسناد قال:حدّثنا أبو الفتح محمد بن أحمد بن أبي الفوارس قال:أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد الصائغ قال:حدّثنا محمد بن إسحاق السراج قال:حدّثنا قتيبة بن سعيد قال:حدّثنا حاتم بن بكير بن مسمار عن عامر بن سعد عن أبيه قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول لعلي ثلاث:فلئن يكون لي واحدة منهن أحبّ إليّ من حمر النعم سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول لعلي و قد خلّفه في بعض مغازيه فقال:«يا رسول اللّه تخلّفني مع النساء و الصبيان»؟

فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله«أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبيّ بعدي»و سمعته يقول يوم خيبر:«لأعطين الراية رجلا يحب اللّه و رسوله و يحبه اللّه و رسوله»قال:فتطاولنا لها فقال:«ادعوا لي عليا»فأتى علي عليه السّلام أرمد العين،فبصق في عينيه،و دفع إليه الراية ففتح اللّه تعالى عليه و لما نزلت هذه الآية نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله عليّا و فاطمة و حسنا و حسينا عليهم السّلام و قال:«اللهمّ هؤلاء أهلي» (1).

الشيخ في أماليه قال:أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال حدثني أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرّحمن الهمداني بالكوفة قال:حدثنا محمد بن الفضل بن إبراهيم بن قيس الأشعري قال:حدّثنا علي بن حسان الواسطي قال:

حدّثنا عبد الرّحمن بن كثير عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين عليه السّلام عن عمه الحسن عليه السّلام قال:قال:الحسن عليه السّلام:«قال اللّه تعالى لمحمد صلّى اللّه عليه و اله حين جحده كفرة أهل الكتاب و حاجّوه فقل: تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ فاخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله من الأنفس معه أبي و من البنين أنا و أخي و من النساء فاطمة امي من الناس جميعا فنحن أهله و لحمه و دمه و نفسه و نحن منه و هو منّا» (2).1.

ص: 116


1- أمالي الطوسي:/306المجلس /11ح 63.
2- أمالي الطوسي:/564المجلس /21ح 1.

الشيخ المفيد في كتاب(الإختصاص)عن محمد بن الحسن بن أحمد-يعني ابن الوليد-عن أحمد بن إدريس عن محمد بن أحمد عن محمد بن إسماعيل العلوي قال:حدثني محمد بن الزّبرقان الدمغاني الشيخ قال:قال أبو الحسن موسى عليه السّلام قال:

«إجتمعت الامة برها و فاجرها أن حديث النجراني حين دعاه النبي صلّى اللّه عليه و اله إلى المباهلة لم يكن في الكساء إلاّ النبي صلّى اللّه عليه و اله و علي و فاطمة و الحسن و الحسين فقال اللّه تبارك و تعالى فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ فكان تأويل أبنائنا الحسن و الحسين و نسائنا فاطمة و أنفسنا علي بن أبي طالب» (1).

الشيخ في مجالسه قال:أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال:حدّثنا الحسن بن علي بن زكريا العاصمي قال:حدّثنا أحمد بن عبيد اللّه العدلي قال:حدّثنا الربيع بن يسار قال:حدّثنا الأعمش عن سالم بن أبي الجعد يرفعه إلى أبي ذر رضي اللّه عنه أن عليا عليه السّلام و عثمان و طلحة و الزبير و عبد الرّحمن بن عوف و سعد بن أبي و قاص أمرهم عمر بن الخطاب أن يدخلوا بيتا و يغلقوا عليهم بابه و يتشاوروا في أمرهم و أجلّهم ثلاثة أيّام فإن توافق خمسة على قول واحد و أبى رجل منهم قتل ذلك الرجل،و ان توافق أربعة و أبى اثنان قتل الإثنان فلما توافقوا جميعا على رأي واحد قال لهم علي بن أبي طالب عليه السّلام:«إني أحب أن تسمعوا منّي ما أقول لكم،فإن يكن حقا فاقبلوا،و إن يكن باطلا فأنكروه»قالوا:قل و ذكر فضائله عليهم و هم يعترفون به قال لهم:«فهل فيكم أحد أنزل اللّه عزّ و جلّ فيه و في زوجته و ولديه آية المباهلة و جعل اللّه عزّ و جلّ نفسه نفس رسوله غيري»؟

قالوا:لا (2).

الشيخ المفيد في(الاختصاص)قال:حدثني أبو بكر محمد بن إبراهيم العلاف4.

ص: 117


1- الاختصاص:56.
2- أمالي الطوسي:/545المجلس /20ح 4.

الهمداني بهمدان قال:حدّثنا عبد اللّه بن محمد بن جعفر بن شاذان البزار قال:حدّثنا أبو عبد اللّه الحسين بن محمد بن سعيد البزّاز المعروف ب(ابن المطبقي)و جعفر الدّقاق قالا:حدّثنا أبو الحسن محمد بن الفيض بن فيّاض الدمشقي بدمشق قال:

حدّثنا إبراهيم بن عبد اللّه ابن أخي عبد الرزاق قال:حدّثنا عبد الرزاق بن همام الصنعاني قال:حدّثنا معمر بن راشد قال:حدّثنا محمد بن المنكدر عن أبيه عن جده قال:لما قدم السيد و العاقب أسقفا نجران في سبعين راكبا و فدا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله كنت معهم فبينا كرز يسير و كرز صاحب نفقاتهم إذ عثرت بغلته فقال:تعس من نأتيه-يعني النبي صلّى اللّه عليه و اله-فقال له صاحبه و هو العاقب:بل تعست و انتكست.

فقال:فلم ذلك؟

قال لأنك أتعست النبي الامي أحمد قال:و ما عملك بذلك؟

قال:أما تقرأ من المفتاح الرابع من الوحي إلى المسيح أن قل لبني إسرائيل ما أجهلكم تتطيّبون بالطيب لتطيّبوا به في الدنيا عند أهلها و أهلكم و أجوافكم عندي كجيفة الميتة (1)يا بني إسرائيل آمنوا برسولي النبي الامي الذي يكون في آخر الزمان و صاحب الوجه الأقمر و الجمل الأحمر المشرّب بالنورذي الجناب الحسن و الثياب الخشن و سيد الماضين عندي و أكرم الباقين على المستن بسنتي و الصابر في ذات جنبي،و المجاهد بيده المشركين من أجلي فبشر به بني إسرائيل،و مرّ بني إسرائيل أن يعزّروه،و أن ينصروه قال عيسى عليه السّلام:«قدوس قدوس من هذا العبد الصالح الذي قد أحبّه قلبي و لم تره عيني؟

قال:هو منك و أنت منه و هو صهرك على امك قليل الأولاد كثير الأزواج يسكن مكة من موضع أساس من وطىء إبراهيم نسله من مباركة و هي ضرة امك في الجنة له شأن من الشأن تنام عيناه،و لا ينام قلبه يأكل الهدية و لا يقبل الصدقة له حوض من شفير زمزم إلى مغيب الشمس حيث يغرب فيه شرابان من الرحيقة.

ص: 118


1- في المصدر:كالجيفة المنتنة.

و التسنيم فيه أكواب عدد نجوم السماء من شرب منه شربة لم يضما بعدها أبدا و ذلك بتفضلي إياه على سائر المرسلين.

يوافق قوله فعله و سريرته علانيته فطوبى له و طوبى لامته الذين على ملته يحيون و على سنته يموتون و مع أهل بيته يميلون آمنين مؤمنين مطمئنين مباركين و يظهر في زمن قحط و جدب فيدعوني فترخى السماء عزاليها حتّى يرى أثر بركاتها في أكنافها و ابارك فيما يضع فيه يده قال:«إلهي سمّه»قال:نعم،هو أحمد و هو محمد رسولي إلى الخلق كافة و أقربهم منّي منزلة و أحضرهم عندي شفاعة لا يأمر إلا بما أحب و ينهى لما أكره قال له صاحبه فأين تعدّينا على من هذه صفته قال:نشهد أحواله و ننظر أيامه،فإن يكن هو هو ساعدناه بالمسالمة و نكفه بأموالنا عن أهل ديننا من حيث لا يشعر بنا،و إن يكن كاذبا كفينا بكذبه على اللّه عز و جل قال:و لم إذا رأيت العلامة لا تتبعه قال:أما رأيت ما فعل بنا هؤلاء القوم أكرّمونا و موّلونا و نصبوا لنا الكنائس و أعلوا فيه ذكرنا،فكيف تطيب النفس بالدخول في دين يستوي فيه الشريف و الوضيع.

فلما قدموا المدينة قال من رآهم من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله ما رأينا و فدا من و فود العرب كانوا أجمل منهم لهم شعور و عليهم ثياب الحبر،و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله متنائي عن المسجد و حضرت صلاتهم فقاموا فصلّوا في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله تلقاء المشرق فهمّ بهم رجال من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بمنعهم،فأقبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقال:«دعوهم»فلمّا قضوا صلاتهم جلسوا إليه و ناظروه فقالوا:يا أبا القاسم حاجنا في عيسى قال:«هو عبد اللّه و رسوله و كلمته ألقاها إلى مريم و روح منه»فقال أحدهما:بل هو ولده و ثاني اثنين،و قال آخر:بل هو ثالث ثلاثة أب و ابن و روح القدس،و قد سمعناه في قرآن نزل عليك يقول فعلنا و جعلنا و خلقنا،و لو كان واحد لقال:خلقت و جعلت و فعلت فتغشى النبي صلّى اللّه عليه و اله الوحي فنزل عليه صدر سورة آل عمران إلى قوله رأس الستين منها فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ إلى آخر الآية فقص عليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله القصة و تلا عليهم القرآن فقال بعضهم لبعض قد و اللّه أتاكم بالفضل من خبر صاحبكم،فقال لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«إن اللّه عزّ و جلّ قد أمرني بمباهلتكم».

فلما قدموا المدينة قال من رآهم من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله ما رأينا و فدا من و فود العرب كانوا أجمل منهم لهم شعور و عليهم ثياب الحبر،و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله متنائي عن المسجد و حضرت صلاتهم فقاموا فصلّوا في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله تلقاء المشرق فهمّ بهم رجال من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بمنعهم،فأقبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقال:«دعوهم»فلمّا قضوا صلاتهم جلسوا إليه و ناظروه فقالوا:يا أبا القاسم حاجنا في عيسى قال:«هو عبد اللّه و رسوله و كلمته ألقاها إلى مريم و روح منه»فقال أحدهما:بل هو ولده و ثاني اثنين،و قال آخر:بل هو ثالث ثلاثة أب و ابن و روح القدس،و قد سمعناه في قرآن نزل عليك يقول فعلنا و جعلنا و خلقنا،و لو كان واحد لقال:خلقت و جعلت و فعلت فتغشى النبي صلّى اللّه عليه و اله الوحي فنزل عليه صدر سورة آل عمران إلى قوله رأس الستين منها فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ إلى آخر الآية فقص عليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله القصة و تلا عليهم القرآن فقال بعضهم لبعض قد و اللّه أتاكم بالفضل من خبر صاحبكم،فقال لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«إن اللّه عزّ و جلّ قد أمرني بمباهلتكم».

فقالوا:إذا كان غدا باهلناك،فقال القوم بعضهم لبعض:حتى ننظر بما يباهلنا غدا بكثرة أتباعه من أوباش الناس أم بالقلة من أهل الصفوة و الطهارة،فإنهم و شج الأنبياء و موضع نهلهم،فلما كان من الغد غدا النبي صلّى اللّه عليه و اله بيمينه علي و بيساره الحسن و الحسين و من ورائهم فاطمة عليها السّلام عليهم النمار النجرانية (1)،و على كتف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله كساء قرقف رقيق خشن ليس بكثيف و لا لين فأمر بشجرتين فكسح ما بينهما و نشر الكساء عليهما و أدخلهم تحت الكساء و أدخل منكبه الأيسر معهم تحت الكساء معتمدا على قوسه النبع و رفع يده اليمنى إلى السماء للمباهلة و أشرف الناس ينظرون و اصفرّ لون السيد و العاقب و كرا حتى كاد أن يطيش عقولهما،فقال أحدهما لصاحبه:أنباهله؟

قال:أو ما علمت أنه ما باهل قوم قط نبيّا فنشأ صغيرهم أو بقي كبيرهم،و لكن أره إنّك غير مكترث و أعطه من المال و السلاح ما أراد فإن الرجل محارب،و قل له أبهؤلاء تباهلنا لئلا يرى أنه تقدمت معرفتنا بفضله و فضل أهل بيته،فلما رفع النبي صلّى اللّه عليه و اله يده إلى السماء للمباهلة قال أحدهما لصاحبه و أي رهبانية دارك الرجل فإنه إن فاه بهبلة لم نرجع إلى أهل و لا مال فقالا:يا أبا القاسم أبهؤلاء تباهلنا قال:

«نعم هؤلاء أوجه من على وجه الأرض بعدي إلى اللّه عز و جل وجهة و أقربهم إليه وسيلة»قال:فبصبصا-يعني ارتعدا و كرّا-و قالا له:يا أبا القاسم نعطيك ألف سيف و ألف درع و ألف حجفة و ألف دينار كل عام على أن الدرع و السيف و الحجفة عندك إعارة حتى يأتي من ورائنا من قومنا فنعلمهم بالذي رأيناه و شاهدناه فيكون الأمرد.

ص: 119


1- أي:جرة و شملة فيها خطوط بيض و سود.

على ملأ منهم فأما الإسلام،و إمّا الجزية و إمّا المقاطعة في كل عام،فقال النبي صلّى اللّه عليه و اله «قد قبلت ذلك منكم أما و الذي بعثني بالكرامة لو باهلتموني بمن تحت الكساء لأضرم اللّه عز و جل عليكم الوادي نارا تأجج تأججا حتى يسوقها إلى من وراءكم أسرع من طرفة عين فأحرقتهم»فهبط عليه جبرائيل الروح الامين فقال:يا محمد اللّه يقرئك السلام و يقول لك و عزتي و جلالي و ارتفاع مكاني لو باهلت بمن تحت الكساء أهل السماوات و أهل الأرض لسقطت السماء كسفا متهافتة و لتقطعت الأرضون زبرا سائحة فلم يستقر عليها بعد ذلك فرفع النبي صلّى اللّه عليه و اله يديه حتى رئي بياض إبطيه ثم قال و على من ظلمكم حقكم و بخسني الأمر الذي افترضه اللّه فيكم عليهم بهلة اللّه تتابع إلى يوم القيامة (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب و جعفر بن محمد بن مسرور رضي اللّه عنه عن محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أبيه عن الريّان بن الصلت عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام في حديثه عليه السّلام مع المأمون و العلماء في الفرق بين العترة و الامة و فضل العترة على الامة و اصطفاء العترة و ذكر الحديث بطوله و الحديث قالت العلماء:هل فسّر اللّه تعالى الإصطفاء في الكتاب؟

فقال الرضا عليه السّلام:«فسّر الإصطفاء في الظاهر سوى الباطن في إثني عشر موضعا و ذكر المواضع من القرآن»و قال عليه السّلام:«و أمّا الثالثة حين ميّز اللّه تعالى الطاهرين من خلقه و أمر نبيّه صلّى اللّه عليه و اله بالمباهلة بهم في الآية الابتهال فقال عزّ و جلّ: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ»

قالت العلماء:عنى به نفسه؟

قال أبو الحسن عليه السّلام«غلطتم إنما عنى به علي بن أبي طالب،و ممّا يدل على ذلك قول النبي صلّى اللّه عليه و اله حين قال لينتهين بنو وليعة أو لأبعثن إليهم رجلا كنفسي-يعني علي بن أبي طالب-و عنى بالأنباء الحسن و الحسين و عنى بالنساء فاطمة عليها السّلام فهذه خصوصية لا6.

ص: 120


1- الاختصاص:112-116.

يتقدم فيها أحد و فضل لا يلحقهم فيه بشر و شرف لا ييسبقهم إليه خلق إذ جعل نفس علي كنفسه فهذه الثالثة و أما الرابعة»و ساق الحديث بذكر الإثنى عشر موضعا من القرآن (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا أبو أحمد هاني بن أبي محمد بن محمود العبدي رضي اللّه عنه قال:

حدّثنا أبي بإسناده رفعه إلى موسى بن جعفر عليه السّلام في حديث له مع الرشيد قال الرشيد له عليه السّلام كيف قلتم:إنّا ذرية النبي و النبي لم يعقب و إنما العقب للذكر لا للأنثى و أنتم ولد البنت و لا يكون لها عقب فقلت:«أسألك بحق القرابة و القبر و من فيه إلا ما أعفيتني عن هذه المسألة»فقال:لا،أو تخبرني بحجتكم فيه يا ولد علي و أنت يا موسى يعسوبهم و إمام زمانهم كذا أنهي إليّ و لست أعفيك في كل ما أسألك عنه حتى تأتيني فيه بحجة من كتاب اللّه أنتم تدعون معشر ولد علي أنه لا يسقط عنكم منه شيء ألف و لا واو إلاّ و تأويله عندكم و احتججتم بقوله عز و جل: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ و قد استغنيتم عن رأي العلماء و قياسهم فقلت:«تأذن لي في الجواب؟»

فقال:هات.

قلت:«أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرّحمن الرحيم وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ وَ أَيُّوبَ وَ يُوسُفَ وَ مُوسى وَ هارُونَ وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَ زَكَرِيّا وَ يَحْيى وَ عِيسى وَ إِلْياسَ من أبو عيسى يا أمير المؤمنين؟

فقال:ليس له أب.

فقلت:«إنما ألحقه بذراري الأنبياء عليهم السّلام من طريق مريم عليها السّلام،و كذلك ألحقنا اللّه تعالى بذراري النبي صلّى اللّه عليه و آله من قبل امّنا فاطمة عليها السّلام أزيدك يا امير المؤمنين؟»

قال:هات.

قلت:«قول اللّه عز و جل فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ1.

ص: 121


1- أما لي الصدوق:/618المجلس /79ح 1.

أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ و لم يدع أحد أنه أدخل النبي صلّى اللّه عليه و اله تحت الكساء عند المباهلة مع النصارى إلاّ علي بن أبي طالب عليه السّلام و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام،فكان تأويل قوله عزّ و جلّ ابناءنا الحسن و الحسين و نساءنا فاطمة و أنفسنا علي بن أبي طالب» (1).

العياشي في تفسيره بإسناده عن حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إنّ أمير المؤمنين سئل عن فضائله فذكر بعضها ثم قالوا له زدنا فقال:«إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله أتاه حبران من أحبار النصارى من أهل نجران فتكلما في أمر عيسى فأنزل اللّه هذه الآية إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ إلى آخر الآية فدخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فأخذ بيد علي و الحسن و الحسين و فاطمة ثم خرج و رفع كفه إلى السماء و فرج بين أصابعه و دعاهم إلى المباهلة-قال:و قال أبو جعفر عليه السّلام:و كذلك المباهلة يشبّك يده في يده يرفعهما إلى السماء فلما رآه الحبران قال أحدهما لصاحبه:و اللّه لئن كان نبيّا لنهلكنّ،و إن كان غير نبي كفانا قومه فكفا و انصرفا» (2).

العياشي عن محمد بن سعيد الازدني عن موسى بن محمد بن الرضا عن أخيه أبي الحسن عليه السّلام أنه قال في هذه الآية: فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ و لو قال تعالوا نبتهل فنجعل لعنة اللّه عليكم لم يكونوا يجيبون للمباهلة و قد علم أن نبيّه مؤدّ عنه رسالاته و ما هو من الكاذبين» (3).

العياشي بإسناده عن أبي جعفر الأحول قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«ما تقول قريش في الخمس؟

قال:قلت:تزعم أنه لها،قال:«ما أنصفوا و اللّه لو كان مباهلة ليباهلن بنا و لئن كان5.

ص: 122


1- عيون أخبار الرضا:81/1.
2- تفسير العياشي:176/1 ح 54.
3- تفسير العياشي:176/1 ح 55.

مبارزة ليبارزن بنا ثم نكون و هم على سواء» (1).

العياشي بإسناده عن الأحول قال:عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت له:سيّما مما أنكر به الناس فقال:«قل لهم إن قريشا قالوا:نحن أولو القربى الذين هم لهم الغنيمة فقل لهم كان رسول اللّه لم يدع للبراز يوم بدر غير أهل بيته،و عند المباهلة جاء بعلي و الحسن و الحسين و فاطمة عليهم السّلام،أفيكون لنا المر و لهم الحلو» (2).

العياشي بإسناده عن المنذر قال:حدّثنا علي عليه السّلام قال:لما نزلت هذه الآية فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ.. الآية قال:«أخذ بيد علي و فاطمة و ابنيهما عليهم السّلام فقال رجل من النصارى:لا تفعلوا فتصيبكم عنت فلم يدعوه» (3).

العياشي بإسناده عن عامر بن سعد قال:قال معاوية لأبي ما يمنعك أن تسب أبا تراب؟

قال:لثلاث رويتهنّ عن النبيّ صلّى اللّه عليه و اله لما نزلت آية المباهلة فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا...

الآية أخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بيد علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام،قال:«هؤلاء أهلي» (4).

الشيخ في أماليه قال:أخبرنا أبو عمر قال:أخبرنا أحمد قال:أخبرنا محمد بن أحمد بن الحسن قال:حدّثنا أبي فقال حدّثنا هاشم بن المنذر عن الحارث بن حصيرة عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجذ عن علي عليه السّلام قال:«خرج رسول اللّه حين خرج لمباهلة النصارى بي و بفاطمة و الحسن و الحسين رضوان اللّه عليهم» (5).7.

ص: 123


1- تفسير العياشي:176/1 ح 56.
2- تفسير العياشي:177/1 ح 57.
3- تفسير العياشي:177/1 ح 58.
4- تفسير العياشي:177/1 ح 59.
5- أمالي الطوسي:/259مجلس /10ح 7.

في قوله تعالى (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)

من مسند أحمد بن حنبل عن أبيه أحمد قال:و فيما كتب إلينا محمد بن عبد اللّه بن سليمان الحضرمي يذكر أن الحارث بن الحسن الطحّان حدّثه قال:حدّثنا حسين الأشقر عن قيس عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي اللّه عنه قال:لما نزلت قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى (1).

قالوا:يا رسول اللّه من قرابتك الذين وجبت علينا مودّتهم قال:«علي و فاطمة و ابناهما» (2).

من الجزء السادس من(صحيح البخاري)على حدّ من أوله في تفسير قوله تعالى: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قال:حدثني محمد بن بشار قال:حدّثنا محمد بن جعفر قال:حدّثنا شعبة عن عبد الملك بن ميسرة قال:سمعت طاووسا عن ابن عباس أنه سئل عن قوله تعالى إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قال سعيد بن جبير:قربى آل محمد صلوات اللّه عليهم (3).

من صحيح مسلم من الجزء الخامس في أوّله في تفسير قوله تعالى: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قال:سئل ابن عباس رضي اللّه عنه عن هذه الآية فقال ابن جبير:هي قربى آل محمد عليهم السّلام (4).

ص: 124


1- الشورى:23.
2- فضائل الصحابة لابن حنبل:669/2 ح 1141.
3- صحيح البخاري:37/6.
4- لم يوجد في صحيح مسلم المطبوع و نقله في العمدة عن مسلم:49 ح 40،و كذلك في الطرائف:/113ح 169.

الثعلبي في تفسير قوله تعالى: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً... الآية قال:اختلفوا في قرابة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله الذين أمر اللّه تعالى بمودتهم قال:فأخبرني الحسين بن محمد الثقفي العدل حدّثنا برهان بن علي الصوفي حدّثنا محمد بن عبد اللّه بن سليم الحضرمي حدّثنا حرب بن الحسن الطحّان حدّثنا حسين الأشقر عن قيس عن الأشتر بن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس قال:لما نزلت قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قالوا:يا رسول اللّه من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم؟

قال:«علي و فاطمة و ابناهما صلوات اللّه و سلامه عليهم أجمعين» (1).

و من(تفسير الثعلبي)أيضا قال:أنبأني عقيل بن محمد أخبرنا المعاني بن المبتلى حدّثنا محمد بن جرير حدثني محمد بن عمارة حدّثنا إسماعيل بن أبان حدّثنا الصباح بن يحيى المرى عن السدي عن أبي الديلم قال:لما جيء بعلي بن الحسين صلوات اللّه عليه أسيرا قائما على درج مسجد دمشق قام رجل من أهل الشام فقال:الحمد للّه الذي قتلكم و استأصل شأفتكم (2)و قطع قرن الفتنة فقال له علي بن الحسين عليه السّلام:«أ قرأت القرآن؟»

قال:نعم.

قال:«قرأت ال حم قال:قرأت القرآن و لم أقرأ آل حم.

قال:«قرأت قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى

قال:لأنتم هم؟!

قال:«نعم» (3).

ثم قال علي بن الحسين عليه السّلام:أفقرأت في بني اسرائيل وَ آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُي.

ص: 125


1- العمدة:23-24 عن الثعلبي.
2- في المصدر:و استأصلكم.
3- بحار الانوار:252/23 ح 31 عن الثعلبي.

قال:و أنكم القرابة التي أمر اللّه أن يؤتى حقه؟

قال:نعم.

الثعلبي أيضا في تفسيره قال:أخبرني ابن فيجويه حدّثنا ابن حبش حدّثنا أبو القاسم الفضل حدّثنا علي بن الحسين حدّثنا إسماعيل بن موسى حدّثنا الحكم بن ظهير عن السدي عن ابن مالك عن ابن عباس رضي اللّه عنه وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً (1)قال:المودة لآل محمد صلّى اللّه عليه و اله (2).

و من(الجمع بين الصحاح الستة)لأبي الحسن رزين من الجزء الثاني من أجزاء أربعة في تفسير سورة حم قوله تعالى: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قال ابن جبير:قربى آل محمد عليهم السّلام (3).

و من الجمع بين الصحاح الستة أيضا بإسناده عن طاوس أن ابن عباس رضي اللّه عنه سئل عن قوله تعالى: إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى فقال سعيد بن جبير:قربى آل محمد عليهم السّلام (4).

محمد بن جرير برجاله في كتاب(المناقب)أن النبي صلّى اللّه عليه و اله قال لعلي عليه السّلام:«أخرج فناد في الناس ألا من ظلم أجيرا أجره فعليه لعنة اللّه،ألا من تولّى غير مواليه لعنة اللّه ألا من سبّ أبويه فعليه لعنة اللّه»فنادى بذلك فدخل عمر و جماعة على النبي صلّى اللّه عليه و اله و قالوا:هل من تفسير لما نادى؟

قال:«نعم أمرته أن ينادي ألا من ظلم أجيرا أجره لعنه اللّه و إن اللّه يقول: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى فمن ظلمنا فعليه لعنة اللّه و أمرته أن ينادي من تولّى غير مواليه فعليه لعنه اللّه و اللّه يقول النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم،و من كنت8.

ص: 126


1- الشورى:23.
2- العمدة:27 عن الثعلبي.
3- بحار الأنوار:250/23 ذيل ح 24.
4- الطرائف:27-28.

مولاه فعلي مولاه فمن والى غيره و غير ذريته فعليه لعنة اللّه و أمرته أن ينادي من سب أبويه فعليه لعنة اللّه و أنا أشهد اللّه و أشهدكم أنا و علي أبوا المؤمنين فمن سبّ أحدنا فعليه لعنة اللّه»فلما خرجوا قال عمر:يا أصحاب محمد ما أكد النبي لعلي بغدير خم و لا في غيره أشد من تأكيده في يومنا هذا قال خباب بن الإرث:كان ذلك قبل وفاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بتسعة عشر يوما (1).

إبراهيم بن محمد الحمويني من أعيان العامة قال:أخبرنا شيخنا العلاّمة نجم الدين عثمان بن الموفق الأذكاني بقراءتي عليه و أنا اسمع في رجب أو شعبان سنة خمس و ستين و ستمائة قال:أنبأنا الشيخ رضي الدين[المؤيد بن محمد بن علي الطوسي ثم النيشابوري و الشيخ الإمام شهاب الدين]أبو بكر بن أبي سعيد عبد اللّه ابن الصفّار النيسابوري بسماعه من والده و بإجازته من عبد الجبار بن محمد الخواري قال أنبأنا شيخ الدين عبد الجبار بن محمد الخواري البيهقي سماعا عليه قال:أنبأنا أبو حنان المزكي أنبأنا أبو العباس محمد بن إسحاق نبأنا الحسن بن علي بن زياد السري نبأنا يحيى بن عبد الحميد الحماني نبأنا حسين الأشقر نبأنا قيس نبأنا الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:لما نزلت قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى.

قالوا:يا رسول اللّه من هؤلاء الذين يأمرنا اللّه بمودتهم؟

قال:«علي و فاطمة و ولدهما عليهم السّلام» (2).

علي بن الحسين بن محمد الأصبهاني في كتاب(مقاتل الطالبين)قال:قال الحسن في خطبة له بعد موت أبيه:«أيها الناس من عرفني فقد عرفني و من لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد،أنا ابن البشير أنا ابن النذير أنا ابن الداعي إلى اللّه بإذنه،و أنا ابن السراج المنير و أنا من أهل البيت الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا،9.

ص: 127


1- الطرائف:37-38.
2- السمطين:/13/2ب /2ح 359.

و الذين افترض اللّه مودتهم في كتابه إذ يقول: وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً (1)فالحسنة مودّتنا أهل البيت» (2).

موفق بن أحمد عن مقاتل و الكعبي لما نزلت هذه الآية قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قالوا:هل رأيتم أعجب من هذا يسفّه أحلامنا و يشتم آلهتنا و يرى قتلنا و يطمع أن نحبّه فنزل قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ أي ليس لي من ذلك أجر لأن منفعة المودّة تعود إليكم و هو ثواب اللّه تعالى و رضاه (3).

أبو نعيم صاحب(حلية الأبرار)بإسناده إلى الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي اللّه عنه قال:لما نزلت قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قالوا:يا رسول اللّه من هؤلاء الذين يأمرنا اللّه بمودّتهم؟

قال:«علي و فاطمة و أولادهما» (4).

المالكي في(الفصول المهمة)قال:روى الإمام أبو الحسين البغوي في تفسيره يرفعه بسنده إلى ابن عباس رضي اللّه عنه قال:لما نزلت قوله تعالى: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قالوا:يا رسول اللّه من هؤلاء الذين أمرنا اللّه بمودتهم؟

قال:«علي و فاطمة و ابناهما» (5).

المالكي قال:روى السدي عن ابن مالك عن ابن عباس رضي اللّه عنه في قوله تعالى: وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً قال:المودة لآل محمد صلّى اللّه عليه و اله فهؤلاء هم أهل بيتي (6).

ابن المغازلي الشافعي في كتاب(المناقب)أخبرنا أحمد بن محمد بنة.

ص: 128


1- الشورى:23.
2- مقاتل الطالبيين:33 ط.النجف و في طبعة:إن ذكر الخبر في بيعته،و شرح النهج لابن أبي الحديد:30/16.
3- المناقب:255/275.
4- حلية الأولياء:201/3،و شواهد التنزيل:189/2.
5- الفصول المهمة:152،و شواهد التنزيل:189/2 ح 822،و تفسير ابن كثير:122/4.
6- تفسير القرطبي:24/16،و تفسير الدر المنثور:7/6 مورد الآية.

عبد الوهاب إجازة أن أبا أحمد عمر بن عبد اللّه بن شوذب أخبرهم حدّثنا عثمان ابن أحمد الدقّاق حدّثنا محمد بن أحمد بن أبي العوام قال حدّثنا محمد بن الصباح الدّولابي قال:حدّثنا الحكم بن ظهير عن السدي في قوله تعالى: وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً قال:المودّة في آل محمد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله قال:و في قوله تعالى وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى قال:رضى محمد صلّى اللّه عليه و اله أن يدخل أهل بيته الجنة (1).

صاحب(المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة)قال:أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان قال أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن صابر قال:حدّثنا إسحاق بن إبراهيم بن هاشم بدمشق عن عبد اللّه بن جعفر العسكري بالرقة عن يحيى بن عبد الحميد عن جعفر ابن الاشعري عن الأعمش عن سعد بن جبير عن ابن عباس رضى اللّه عنه قال:لما نزلت قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قالوا:يا رسول اللّه من هؤلاء الذين أمر اللّه تعالى بمودتهم؟

قال:«علي و فاطمة و ولداهما» (2).

عن الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن الوشا عن المثنى عن زرارة عن عبد اللّه بن عجلان عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله تعالى: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قال:«هم الأئمة عليهم السّلام» (3).

عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن إسماعيل بن عبد الخالق قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول لأبي جعفر الأحول و أنا أسمع فقال:

«أتيت البصرة»قال:نعم فقال:«كيف رأيت مسارعة الناس إلى هذا الأمر و دخولهم فيه» فقال:و اللّه إنهم لقليل و قد فعلوا و ان ذلك لقليل فقال:«عليك بالأحداث فإنهم أسرع إلى كل خير»ثم قال:«ما يقول أهل البصرة في هذه الآية قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ7.

ص: 129


1- مناقب ابن المغازلي:/195ح 360.
2- تفسير نور الثقلين:572/4 ح 68،و تأويل الآيات:545/2،و في رحاب النبي و آله:79.
3- الكافي:413/1 ح 7.

اَلْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ؟

قلت:جعلت فداك إنهم يقولون:إنهم لأقارب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقال:«كذبوا إنما نزلت فينا خاصة في أهل البيت في علي و فاطمة و الحسن و الحسين أصحاب الكساء عليهم السّلام» (1).

عبد اللّه بن جعفر الحميري في(قرب الإسناد)عن محمد بن خالد الطيالسي عن إسماعيل بن عبد الخالق قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام للأحول:«أتيت البصرة»و ذكر مثله إلا لفظة خاصة (2).

محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمد بن حكيم عن أبي مسروق عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت إنا نكلّم الناس فنحتج عليهم بقول اللّه عز و جل: أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فيقولون:نزلت في أمراء السرايا فنحتج عليهم بقوله عز و جل: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ... إلى آخر الآية فيقولون:نزلت في المؤمنين و نحتج عليهم بقول اللّه عز و جل: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى فيقولون:نزلت في قربى المسلمين قال:فلم أدع شيئا مما حضرني ذكره من هذا و شبهه إلاّ ذكرته فقال لي:«إذا كان ذلك فادعهم إلى المباهلة».

قلت:و كيف اصنع؟

قال:«أصلح نفسك ثلاثا»و أظنه قال«و صم و اغتسل و ابرز أنت و هو إلى الجبال فشبّك أصابعك من يدك اليمنى في أصابعه ثم أنصفه و ابدأ بنفسك و قل:اللهم رب السماوات السبع و رب الأرضين السبع عالم الغيب و الشهادة الرّحمن الرحيم إن كان أبو مسروق جحد حقا و ادّعى باطلا فأنزل عليه حسبانا من السماء أو عذابا أليما ثم ردّ الدعوة عليه فقل:و إن كان فلان جحد حقا و ادّعى باطلا فأنزل عليه حسبانا من السماء8.

ص: 130


1- الكافي:93/8 ح 66.
2- قرب الاسناد:450/128.

أو عذابا اليما»ثم قال لي:«فإنك لا تلبث أن ترى ذلك فيه فو اللّه ما وجدت خلقا يجيبني إليه» (1).

ابن يعقوب عن علي بن محمد عن علي بن العباس عن علي بن حماد عن عمرو ابن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عز و جل: وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً قال:«من تولى الأوصياء من آل محمد و اتبع آثارهم فذاك يزيده ولاية من مضى من النبيين و المؤمنين الأولين حتى تصل ولايتهم إلى آدم عليه السّلام،و هو قول اللّه عز و جل: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها يدخله الجنة و هو قول اللّه عز و جل: قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ يقول:أجر المودة الذي لم أسألكم غيره فهو لكم تهتدون به و تنجون من عذاب يوم القيامة و قال لأعداء اللّه أولياء الشيطان أهل التكذيب و الإنكار:

قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَ ما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ يقول متكلفا:إن أسألكم ما لستم بأهله فقال المنافقون عند ذلك بعضهم لبعض.أما يكفي محمد أن يكون قهرنا عشرين سنة حتى يريد أن يحمل أهل بيته على رقابنا فقالوا ما أنزل اللّه هذا و ما هو إلا شيء يتقوله يريد أن يرفع أهل بيته على رقابنا (2)و لئن قتل محمد أو مات لننزعنها من أهل بيته ثم لا نعيدها فيهم أبدا و أراد اللّه عز و جل ذكره أن يعلم نبيّه صلّى اللّه عليه و اله الذي أخفوا في صدورهم و اسرّوا به فقال في كتابه عزّ و جلّ: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللّهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ يقول:لو شئت حبست عنك الوحي فلم تكلم بفضل أهل بيتك و لا بمودتهم،و قد قال اللّه عز و جل: يَمْحُ اللّهُ الْباطِلَ وَ يُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ يقول الحق:

لأهل بيتك الولاية أنه عليم بذات الصدور و يقول بما ألقوه في صدورهم من العداوة لأهل بيتك و الظلم بعدك:و هو قول اللّه عز و جل: وَ أَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلاّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَ فَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَ أَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (3).3.

ص: 131


1- الكافي:513/2 ح 1.
2- الكافي:379/8 ح 574.
3- الانبياء:3.

ابن يعقوب عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن أبان عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه تبارك و تعالى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً (1)قال:«الإقتراف التسليم لنا و الصدق علينا و أن لا يكذب علينا» (2).

سعد بن عبد للّه في بصائر الدرجات عن محمد بن عيسى بن عبيد عن فضالة بن أيوب عن أبان بن عثمان عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ:

وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً فقال:«الإقتراف الحسنة هو التصديق لنا و الصدق علينا» (3).

سعد هذا عن يعقوب و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن حماد بن عيسى عن حريز بن عبد اللّه عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السّلام مثله (4).

ابن بابويه قال:حدّثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب و جعفر بن محمد بن مسرور قدّس سرّه قالا:حدّثنا محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أبيه عن الريان بن الصلت قال حضر الرضا عليه السّلام مجلس المأمون بمرو و قد اجتمع إليه في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق و خراسان و ذكر حديث الفرق بين الآل و الامة و ذكر عليه السّلام آيات الاصطفاء للآل عليهم السّلام من القرآن في الظاهر دون الباطن و هي اثنتا عشرة إلى أن قال عليه السّلام:«السادسة قوله عز و جل: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى (5)و هذه خصوصية للنبي صلّى اللّه عليه و اله إلى يوم القيامة و خصوصية للآل دون غيرهم، و ذلك أن اللّه عز و جل ذكر نوحا عليه السّلام في كتابه يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالاً إِنْ أَجرِيَ إِلاّ عَلَى اللّهِ وَ ما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَ لكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ (6)9.

ص: 132


1- الشورى:23.
2- الكافي:391/1 ح 4.
3- بصائر الدرجات:6/521 و في المصدر:الاقتراف:التسليم لنا و الصدق علينا و لا يكذب علينا.
4- بصائر الدرجات:7/521.
5- الشورى:23.
6- هود:29.

و حكى عز و جلّ عن هود عليه السّلام أنه قال: لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَ فَلا تَعْقِلُونَ (1)

و قال عز و جل لنبيّه صلّى اللّه عليه و آله:قل يا محمد قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً و لم يفرض اللّه مودتهم إلا و قد علم أنهم لا يرتدون عن الدين أبدا و لا يرجعون إلى ضلال أبدا،و اخرى أن يكون الرجل و ادّا للرجل فيكون بعض أهل بيته عدوّا له فلا يسلم قلب الرجل له فأحبّ اللّه عز و جل أن لا يكون في قلب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على المؤمنين شيء ففرض عليهم مودّة ذوي القربى فمن أخذ بها و أحب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أحب أهل بيته لم يستطع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يبغضه و من تركها و لم يأخذ بها و أبغض أهل بيته فعلى رسول اللّه أن يبغضه؛لأنه ترك فريضة من فرائض اللّه،فأي فضيلة و أي شرف يتقدم هذا أو يدانيه؟فأنزل اللّه هذه الآية على نبيّه قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى فقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في أصحابه فحمد اللّه و أثنى عليه و قال:يا أيها الناس إن اللّه قد فرض لي عليكم فرضا فهل أنتم مؤدّوه فلم يجبه أحد فقال:يا أيها الناس إنّه ليس بذهب و لا فضة و لا مطعم و لا مشرب فقالوا:هات إذا فتلا عليهم هذه الآية فقالوا:أما هذه فنعم فما و فى بها أكثرهم،و ما بعث اللّه عزّ و جلّ نبيا إلاّ أوحى إليه لا يسأل قومه أجرا لأن اللّه يوفي أجر الأنبياء و محمد صلّى اللّه عليه و آله فرض اللّه عز و جل مودة قرابته على امته و أمره أن يجعل أجره فيهم ليوادّوه في قرابته بمعرفة فضلهم الذي أوجب اللّه عز و جل لهم فإن المودة أنما تكون على قدر معرفة الفضل فلما أوجب اللّه ذلك ثقل لثقل وجوب الطاعة فأخذ بها قوم أخذ اللّه ميثاقهم على الوفاء و عاند أهل الشقاق و النفاق و ألحدوا في ذلك فصرفوه عن حده الذي حدّه اللّه.

فقالوا:القرابة هم العرب كلها و أهل دعوته فعلى أي الحالين كان فقد علمنا أن المودة هي للقرابة فأقربهم من النبي صلّى اللّه عليه و آله أولاهم بالمودة كلما قربت القرابة كانت المودة على قدرها،و ما أنصفوا نبي اللّه صلّى اللّه عليه و آله في حيطته و رأفته،و ما منّ اللّه به على امته مما تعجز1.

ص: 133


1- هود:51.

الألسن عن وصف الشكر عليه لا يودّوه في قرابته و ذريته و أهل بيته و أن لا يجعلوهم منهم بمنزلة العين من الرأس حفظا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و حبا لنبيه فكيف و القرآن ينطق به و يدعو إليه و الأخبار ثابتة أنهم أهل المودة و الذين فرض اللّه مودتهم و وعد الجزاء عليها أنه ما وافى أحد بهذه المودة مؤمنا مخلصا إلاّ استوجب الجنة؛لقول اللّه عزّ و جلّ في هذه الآية: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى مفسّرا و مبيّنا.

ثم قال أبو الحسن عليه السّلام:«حدثني أبي عن جدي عن أبائه عن الحسين بن علي عليهما السّلام قال:إجتمع المهاجرين و الأنصار إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقالوا:يا رسول اللّه إن لك مؤونة في نفقتك و فيمن يأتيك من الوفود و هذه أموالنا مع دمائنا فاحكم فيها بارا مأجورا أعط منها ما شئت و أمسك ما شئت من غير حرج فأنزل اللّه الروح الأمين فقال يا محمد قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى يعني تودّوا قرابتي من بعدي فخرجوا فقال المنافقون:ما حمل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على ترك ما عرضنا عليه إلاّ ليحثنا على قرابته من بعده إن هو إلاّ شيء افتراه في مجلسه،و كان ذلك من قولهم عظيما فأنزل اللّه عز و جل أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ فبعث إليهم النبي صلّى اللّه عليه و آله فقال:هل من حدث؟

فقالوا:أي و اللّه قال بعضنا كلاما غليظا كرهناه فتلا عليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فبكوا و اشتد بكاؤهم فأنزل اللّه عز و جل هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ» (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا عبد العزيز بن يحيى البصري قال:حدّثنا محمد بن زكريا قال:حدّثنا أحمد بن محمد بن يزيد قال حدثني أبو نعيم قال محمد بن إبراهيم بن1.

ص: 134


1- أمالي الصدوق:/619المجلس /79ح 1.

إسحاق ابن حاجب قال:حدثنا عبد اللّه بن زياد عن علي بن الحسين عليهم السّلام قال لرجل:

«أما قرأت كتاب اللّه عز و جل؟»قال:نعم.

قال:«أما قرأت هذه الآية قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قال:بلى قال:«فنحن أولئك» (1).

محمد بن العباس بن ماهيار في تفسيره فيما نزل في أهل البيت عليهم السّلام في القرآن و هو ثقة في الحديث قال:حدّثنا الحسن بن محمد بن يحيى العلوي عن أبي محمد إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن محمد بن جعفر بن محمد قال:حدثني عمي علي ابن جعفر عن الحسين بن زيد عن الحسن بن زيد عن أبيه عن جده عليه السّلام قال:خطب الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السّلام حين قتل علي عليه السّلام فقال:«و أنا من أهل بيت افترض اللّه مودّتهم على كل مسلم حيث يقول: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت» (2).

ابن العباس قال:حدّثنا عبد العزيز عن محمد بن زكريا عن محمد بن عبد اللّه الجشمي عن الهيثم بن عدي عن سعيد بن صفوان عن عبد الملك بن عمير عن الحسين بن علي صلوات اللّه عليهما في قوله عز و جل: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قال:«إن القرابة التي أمر اللّه بصلتها و عظم حقها و جعل الخير فيها قرابتنا أهل البيت الذين أوجب اللّه حقّنا على كل مسلم» (3).

أحمد بن محمد بن خالد البرقي في كتاب(المحاسن)عن الحسن بن علي الخزاز عن مثنى الحنّاط عن عبد اللّه بن عجلان قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن قول اللّه قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قال:«هم الأئمة الذين لا يأكلون الصدقة و لا7.

ص: 135


1- أمالي الصدوق:/230ح 242.
2- بحار الانوار:251/23 ح 26.
3- بحار الانوار:251/23 ح 27.

تحل لهم» (1).

عبد اللّه بن جعفر الحميري في(قرب الإسناد)عن هارون بن مسلم قال:حدثني مسعدة بن صدقة قال:حدّثنا جعفر بن محمد عن آبائه أنه لما نزلت هذه الآية على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقال:

«أيها الناس إن اللّه تبارك و تعالى قد فرض لي عليكم فرضا فهل أنتم مؤدّوه؟

قال:فلم يجبه أحد منهم فانصرف فلما كان من الغد قام فيهم فقال مثل ذلك ثم قام فيهم فقال مثل ذلك في اليوم الثالث فلم يتكلم أحد فقال:أيها الناس إنه ليس من ذهب و لا فضة و لا مطعم و لا مشرب قالوا:فألقه إذا قال:إن اللّه تبارك و تعالى أنزل عليّ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى» قالوا:أما هذه فنعم فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:فو اللّه ما و فى بها إلاّ سبعة نفر سلمان و أبو ذر و عمار و المقداد بن الأسود الكندي و جابر بن عبد اللّه الأنصاري و مولى لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقال له:الكببيت (2)و زيد بن أرقم» (3).

المفيد في(الإختصاص)قال:حدثني جعفر بن الحسين عن محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أبيه عن هارون بن مسلم عن أبي الحسن الليثي عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السّلام و ذكر مثل الحديث السابق (4).

علي بن إبراهيم في تفسيره قال:حدثني أبي عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن محمد بن مسلم قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول في قول اللّه: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى «يعني في أهل بيته قال:جاء الأنصار إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقالوا:إنا قد آوينا و نصرنا فخذ طائفة من أموالنا استغن بها على ما أنابك فأنزل اللّه قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً يعني على النبوة إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى أي في أهل بيته ثم3.

ص: 136


1- المحاسن:145/1 ح 48.
2- في المصدر:الثبيت.
3- قرب الاسناد:254/78.
4- الاختصاص:63.

قال:ألا ترى إن الرجل يكون له صديق و في نفس ذلك الرجل شيء على أهل بيته فلا يسلم صدره فأراد اللّه أن لا يكون في نفس رسول اللّه شيء على امته ففرض عليهم المودة في القربى،فإن أخذوا أخذوا مفروضا و إن تركوا تركوا مفروضا».

قال:«فانصرفوا من عنده و بعضهم يقول:عرضنا عليه أموالنا فقال قاتلوا عن أهل بيتي من بعدي و قالت طائفة:ما قال هذا رسول اللّه و جحدوه و قالوا كما حكى اللّه تعالى أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللّهِ كَذِباً فقال اللّه فَإِنْ يَشَإِ اللّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ قال لو افتريت وَ يَمْحُ اللّهُ الْباطِلَ يعني يبطله وَ يُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ يعني بالنبي و بالأئمة عليهم السّلام و القائم من آل محمد إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ ثم قال وَ هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ... إلى قوله: وَ يَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ يعني الذين قالوا:إن القول ما قال رسول اللّه ثم قال: وَ الْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ (1).

و قال أيضا قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى (2)قال:أجر النبوة أن لا تؤذوهم و لا تقطعوهم و لا تبغضوهم و تصلوهم و لا تنقضوا العهد فيهم لقوله تعالى:

اَلَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ (3) قال:«جاءت الأنصار إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقالوا:إنا قد نصرنا و فعلنا فخذ من أموالنا ما شئت فأنزل اللّه قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى يعني في أهل بيته ثم قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بعد ذلك من حبس أجيرا أجره فعليه لعنة اللّه و الملائكة و الناس أجمعين،لا يقبل اللّه منه يوم القيامة صرفا و لا عدلا،و هو محبة آل محمد ثم قال: وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً (4)و هي إقرار الإمامة لهم و الإحسان إليهم و برّهم وصلتهم نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً أي تكافىء ذلك3.

ص: 137


1- الشورى:24-26.
2- الشورى:23.
3- الرعد:21.
4- الشورى:23.

بالإحسان» (1).

الشيخ في أماليه بإسناده عن الحسن عليه السّلام في خطبة له قال:«فيما أنزل اللّه على محمد صلّى اللّه عليه و اله قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً و اقتراف الحسنة مودّتنا» (2).

الطبرسي ذكر أبو أبو حمزة الثمالي في تفسيره قال:حدثني عثمان بن عمير عن سعيد بن جبير عن عبد اللّه بن العباس رضي اللّه عنه قال:إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله حين قدم المدينة و استحكم الإسلام قالت الأنصار فيما بينها:نأتي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فنقول:إن تعرك امور هذه أموالنا تحكم فيها من غير حرج و لا محظور فأتوه في ذلك فنزلت قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى فقرأها عليهم فقال:تودون قرابتي من بعدي، فخرجوا من عنده مسلمين لقوله،فقال المنافقون:إن هذا لشيء افتراه في مجلسه و أراد يذللنا لقرابته من بعده فنزلت أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللّهِ كَذِباً فأرسل إليهم فتلا عليهم فبكوا و اشتد بكاؤهم (3)فأنزل اللّه وَ هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ الآية.فأرسل في أثرهم فبشّرهم و قال: وَ يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا و هم الذين سلّموا لقوله.

ثم قال الطبرسي:ذكر أبو حمزة الثمالي عن السدي أنه قال:إن اقتراف الحسنة المودة لآل محمد صلّى اللّه عليه و اله،ثم قال:و صح عن الحسن بن علي عليه السّلام أنه خطب الناس فقال في خطبته:«إنا من[أهل البيت]الذين افترض اللّه مودتهم على كل مسلم فقال: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت[أصحاب الكساء]» (4).

و قال أيضا في معنى الآية:إن معناه ألاّ تؤذوا قرابتي و عترتي و تحفظوني فيهم،ر.

ص: 138


1- تفسير القمي:275/2.
2- امالي الطوسي:/270ذيل ح 501.
3- في المصدر:عليهم.
4- ليست في المصدر.

عن علي بن الحسين عليه السّلام و سعيد بن جبير و عمر بن شعيب و جماعة،قال:و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليه السّلام (1).

الطبرسي قال:و أخبرنا السيد أبو الحمد مهدي بن نزار الحسيني قال:أخبرنا الحاكم أبو القاسم[الحسكاني]قال:حدّثنا القاضي أبو بكر الحميري قال:أخبرنا أبو العباس الضّبعي قال:أخبرنا الحسن بن علي بن زياد السّري قال:أخبرنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال:أخبرنا الحسين بن الأشتر قال:أخبرنا قيس عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:لما نزلت قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً الآية قالوا:يا رسول اللّه من هؤلاء الذين أمرنا اللّه بمودتهم؟

قال:«علي و فاطمة و ولدهما» (2).

قال:و أخبرنا السيد أبو الحمد قال:أخبرنا أبو القاسم الحاكم بالاسناد المذكور في كتاب(شواهد التنزيل لقواعد التفضيل)مرفوعا إلى أبي امامة الباهلي قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«إن اللّه تعالى خلق الأنبياء من أشجار شتى و خلقت أنا و علي من شجرة واحدة،فأنا أصلها و علي فرعها و فاطمة لقاحها و الحسن و الحسين ثمارها و أشياعنا أوراقها،فمن تعلّق بغصن من أغصانها نجا و من زاغ عنها هوى،و لو أن عبدا عبد اللّه بين الصفا و المروة ألف عام ثم ألف عام ثم ألف عام حتى يصير كالشن البالي،ثم لم يدرك محبّتنا كبّه اللّه على منخريه في النار ثم تلا: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى» (3).

الطبرسي قال:و روى زاذان عن علي عليه الصلاة و السلام قال:«فينا،في آل حم، آية لا يحفظ مودتنا إلا كل مؤمن»ثم قرأ هذه الآية (4).9.

ص: 139


1- مجمع البيان:49/9-48،و تفسير أبي حمزة:294.
2- مجمع البيان:48/9.
3- مجمع البيان:48/9-49،و شواهد التنزيل:210/2.
4- مجمع البيان:49/9.

ابن بابويه قال:حدّثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق قدّس سرّه قال:حدّثنا عبد العزيز بن يحيى البصري قال:أخبرنا محمد بن زكريا قال:حدّثنا أحمد بن محمد بن يزيد قال:حدّثنا أبو نعيم قال:حدثني حاجب عبيد اللّه بن زياد(لعنه اللّه)و ذكر حديث سبّي آل محمد و يسيرهم إلى يزيد إلى أن قال:و قال أهل الشام الجفاة ما رأينا سبايا أحسن من هؤلاء فمن أنتم فقالت:سكينة بنت الحسين عليه السّلام نحن سبايا آل محمد فأقيموا على درج المسجد حيث يقام السبايا و فيهم علي بن الحسين عليه السّلام و هو يومئذ فتى شاب فأتاهم شيخ من أشياخ أهل الشام فقال لهم:الحمد للّه الذي قتلكم و أهلككم و قطع قرن الفتنة فلم يأل من شتمهم فلما انقضى كلامه قال له علي ابن الحسين عليه السّلام:

«أما قرأت كتاب اللّه عز و جل؟»قال:نعم،قال:«أما قرأت هذه الآية قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ؟»قال:بلى قال:«فنحن أولئك»ثم قال:«أما قرأت هذه الآية وَ آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ؟»قال:بلى قال:«فنحن هم فهل قرأت هذه الآية إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ؟»قال:بلى«فنحن هم»فرفع الشامي رأسه إلى السماء ثم قال:اللهم إني أتوب إليك ثلاث مرات،اللهم إني أبرأ إليك من عدوّ آل محمد و من قتلة أهل بيت محمد لقد قرأت القرآن فما شعرت بهذا قبل اليوم (1).

الشيخ في أماليه قال:أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن مهدي في منزله بدرب الزعفراني ببغداد في الكرخ سنة عشرة و أربعمائة قال:أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة في يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة أملأ في مسجد براثا لثمان بقين من جمادى الاولى سنة ثلاثين و ثلاثمائة قال:حدّثنا علي ابن الحسين بن عبيد قال:حدّثنا إسماعيل بن أبان عن سلام بن أبي عمرة عن معروف عن أبي الطفيل قال:خطب الحسن بن علي عليهما السّلام بعد وفاة علي عليه السّلام و ذكر أمير المؤمنين فقال:«خاتم الوصيين و وصيي خاتم الأنبياء و أمير المؤمنين و الشهداء3.

ص: 140


1- أمالي الصدوق:/229مجلس /31ح 3.

و الصالحين»ثم قال:أيها الناس لقد فارقكم رجل ما سبقه الأولون و لا يدركه الآخرون لقد كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يعطيه الراية فيقاتل جبرائيل عن يمينه و ميكائيل عن يساره فما يرجع حتى يفتح اللّه عليه،ما ترك ذهبا و لا فضة إلاّ شيء له على صبي له،و ما ترك في بيت المال إلاّ سبعمائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يشتري بها خادما لام كلثوم».

ثم قال:«من عرفني فقد عرفني و من لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد النبي المصطفى صلّى اللّه عليه و اله»ثم تلا هذه الآية قول يوسف: «اتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ أنا ابن البشير و أنا ابن النذير و أنا ابن الداعي إلى اللّه و أنا ابن السراج المنير و أنا ابن الذي أرسل رحمة للعالمين و أنا من أهل البيت الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا و أنا من أهل البيت الذين كان جبرائيل ينزل عليهم و منهم كان يعرج و أنا من أهل البيت الذين افترض اللّه مودتهم و ولايتهم فقال فيما أنزل على محمد صلّى اللّه عليه و اله قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً و اقتراف الحسنة مودّتنا» (1).9.

ص: 141


1- أمالي الطوسي:/270مجلس /10ح 39.

في قوله تعالى (اللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ...)

ما رواه ابن المغازلي الشافعي في كتاب(المناقب)يرفعه إلى علي بن جعفر قال:

سألت أبا الحسن عليه السّلام عن قول اللّه عز و جل: كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ (1)قال:

«المشكاة فاطمة عليها السّلام و المصباح الحسن و الحسين عليهما السّلام و الزجاجة كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ قال:

كانت فاطمة كوكبا درّيا بين نساء العالمين يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ الشجرة المباركة إبراهيم لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ لا يهودية و لا نصرانية يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ قال:يكاد العلم ينطق منها و لو لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ قال:فيها إمام بعد إمام يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ قال:يهدي اللّه لولايتنا من يشاء (2).

صاحب(المناقب الفاخرة)في العترة الطاهرة بإسناده إلى علي بن جعفر قال:

سألت أبا الحسن رضي اللّه عنه عن قول اللّه تعالى: كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ قال:

«المشكاة فاطمة عليها السّلام و المصباح الحسن و الزجاجة الحسين كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ [قال:

كانت فاطمة كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ]من نساء العالمين توقد من شجرة مباركة،الشجرة إبراهيم عليه السّلام لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ لا يهودية و لا نصرانية يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ معناه يكاد العلم ينطق منها نُورٌ عَلى نُورٍ منها إمام بعد إمام يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ [قال:يهدي لولايتنا من يشاء]» (3).

ابن يعقوب عن علي بن محمد و محمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن محمد بن

ص: 142


1- النور:35.
2- مناقب ابن المغازلي:/195ح 361.
3- الصراط المستقيم:296/1،و البحار:315/23.

الحسن بن شمون عن عبد اللّه بن عبد الرّحمن الأصم عن عبد اللّه بن القاسم عن صالح بن سهل الهمداني قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عز و جل: اَللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فاطمة عليها السّلام فِيها مِصْباحٌ الحسن اَلْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الحسين اَلزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ فاطمة كوكب درّي بين نساء أهل الدنيا يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ إبراهيم عليه السّلام زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ لا يهودية و لا نصرانية يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ يعني يكاد العلم ينفجر بها وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ إمام منها بعد إمام يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ يهدي اللّه للائمة عليهم السّلام من يشاء وَ يَضْرِبُ اللّهُ الْأَمْثالَ لِلنّاسِ قلت أَوْ كَظُلُماتٍ قال الأول و صاحبه يَغْشاهُ مَوْجٌ الثالث مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ ظلمات الثاني بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ معاوية لعنه اللّه و فتن بني امية إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ المؤمن في ظلمة فتنتهم لَمْ يَكَدْ يَراها وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللّهُ لَهُ نُوراً إماما من ولد فاطمة عليها السّلام فَما لَهُ مِنْ نُورٍ يوم القيامة (1).

ابن يعقوب عن علي بن محمد عن علي بن العباس عن علي بن حماد عن عمرو ابن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله وضع العلم الذي كان عنده عند الوصي و هو قول اللّه عز و جل: اَللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ يقول:

أنا هادي السماوات و الأرض مثل العلم الذي أعطيته و هو نوري الذي يهتدى به مثل كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ فالمشكاة قلب محمد صلّى اللّه عليه و اله و المصباح النور الذي فيه العلم و قوله اَلْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ يقول:إني اريد أن اقبضك فاجعل الذي عندك عند الوصي كما يجعل المصباح في الزجاجة كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ فأعلمهم فضل الوصي يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ فأصل الشجرة المباركة إبراهيم عليه السّلام و هو قول اللّه عز و جل رحمة اللّه و بركاته عليكم أهل البيت إنّه حميد مجيد،و هو قول اللّه عز و جل: إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ لا شرقية و لا غربية فيقول:لستم يهودا فتصلون قبل المغرب و لا نصارى5.

ص: 143


1- الكافي:195/1 ح 5.

فتصلون قبل المشرق،و أنتم على ملة إبراهيم عليه السّلام و قد قال اللّه عز و جل: ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَ لا نَصْرانِيًّا وَ لكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ و قوله: يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ يقول:مثل أولادكم الذين يولدون منكم كمثل الزيت الذي يتخذ من الزيتون: يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ يقول:يكادون أن يتكلموا بالنبوة و لو لم ينزل عليهم ملك» (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا إبراهيم بن هارون الهيسي بمدينة السلام قال:

حدثني محمد بن أحمد بن أبي الثلج قال:حدّثنا الحسين بن أيوب عن الحسين بن سليمان عن محمد بن هارون الذهبي عن الفضل بن يسار قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام الصادق عليه السّلام: اَللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ قال:كذلك اللّه عز و جل قال:قلت مَثَلُ نُورِهِ قال:«محمد صلّى اللّه عليه و اله».

قلت: كَمِشْكاةٍ قال«صدر محمد صلّى اللّه عليه و اله».

قلت: فِيها مِصْباحٌ قال:«فيه نور العلم يعني النبوة».

قلت اَلْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ قال:«علم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله صدر إلى قلب علي عليه السّلام».

قلت: كَأَنَّها قال:«لأي شيء تقرأ كَأَنَّها» فقلت:فكيف اقرأ جعلت فداك؟

قال: كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ قلت يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ قال:«ذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام لا يهودي و لا نصراني».

قلت: يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ قال:«يكاد العلم يخرج من فم العالم من آل محمد صلّى اللّه عليه و اله من قبل أن ينطق به».

قلت: نُورٌ عَلى نُورٍ قال:«الإمام في أثر الإمام» (2).

ابن بابويه قال:حدّثنا إبراهيم بن هارون الهيسي قال:حدّثنا محمد بن أحمد بن5.

ص: 144


1- الكافي:380/8 ح 574.
2- معاني الأخبار:7/15.

أبي الثلج قال:حدّثنا جعفر بن محمد بن الحسين الزهري قال:حدّثنا أحمد بن صبيح قال:حدّثنا طريف بن ناصح عن عيسى بن راشد عن محمد بن علي بن الحسين في قول اللّه عز و جل: كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ قال: «كَمِشْكاةٍ نور العلم في صدر محمد صلّى اللّه عليه و اله اَلْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزجاجة صدر علي عليه السّلام صار علم النبي صلّى اللّه عليه و اله الى صدر علي عليه السّلام اَلزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ قال نور العلم لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ قال:لا يهودية و لا نصرانية يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ قال:يكاد العالم من آل محمد عليهم السّلام يتكلم بالعلم قبل أن يسأل نُورٌ عَلى نُورٍ يعني إماما مؤيدا بنور العلم و الحكمة في أثر إمام من آل محمد عليهم السّلام و ذلك من لدن آدم إلى أن تقوم الساعة».

ابن بابويه قال:حدّثنا علي بن عبد اللّه الورّاق قال:حدّثنا سعد بن عبد اللّه قال:

حدّثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب عن محمد بن أسلم الجبلي عن الخطاب ين عمرو مصعب بن عبد اللّه الكوفيين عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عز و جل: اَللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ «فالمشكاة صدر نبي اللّه صلّى اللّه عليه و اله فيه المصباح اَلْمِصْباحُ هو العلم فِي زُجاجَةٍ و الزجاجة أمير المؤمنين و علم نبي اللّه صلّى اللّه عليه و اله عنده» (1).

ابن بابويه رواه مرسلا عن الصادق عليه السّلام أنه سئل عن قول اللّه عز و جل اَللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ فقال:«هو مثل ضربه اللّه عز و جل لنا» (2).

علي بن إبراهيم قال:حدّثنا محمد بن همام قال:حدّثنا جعفر بن محمد قال:

حدّثنا محمد بن الحسين الصايغ قال:حدّثنا الحسن بن علي عن صالح بن سهل الهمداني قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول في قول اللّه عز و جل: اَللّهُ نُورُ السَّماواتِ7.

ص: 145


1- التوحيد:5/159.
2- التوحيد:2/157.

وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ «المشكاة فاطمة عليها السّلام فيها مصباح الحسن المصباح و الحسين في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري كأن فاطمة عليها السّلام كوكب درّي بين نساء أهل الأرض يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ توقد من إبراهيم عليه السّلام لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ يعني لا يهودية و لا نصرانية يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ يكاد العلم ينفجر منها وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ إمام منها بعد إمام يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ يهدي اللّه إلى الأئمة من يشاء أن يدخله في نور ولايتهم مخلصا وَ يَضْرِبُ اللّهُ الْأَمْثالَ لِلنّاسِ وَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» (1).

علي بن هاشم قال:حدثني أبي عن عبد اللّه بن جندب قال:كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السّلام أسأله عن تفسير هذه الآية فكتب إليّ الجواب:«أما بعد فإن محمدا صلّى اللّه عليه و اله كان أمين اللّه في خلقه فلما قبض النبي صلّى اللّه عليه و اله كنا أهل البيت ورثته فنحن امناء اللّه في أرضه عندنا علم المنايا و البلايا و أنساب العرب و مولد الإسلام و ما من فئة تضل مائة و تهدي مائة إلاّ و نحن نعرف سائقها و قائدها و ناعقها،و إنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان و حقيقة النفاق،و إن شيعتنا المكتوبون بأسمائهم أسماء آبائهم أخذ اللّه علينا و عليهم الميثاق و يردون موردنا و يدخلون مدخلنا ليس على ملة الإسلام غيرنا و غيرهم إلى يوم القيامة،نحن الآخذون بحجزة نبينا و نبيّنا آخذ بحجزة ربنا،و الحجزة النور و شيعتنا آخذون بحجزتنا من فارقنا هلك،و من تابعنا نجا و المفارق لنا و الجاحد لولايتنا كافر و متبعنا و تابع أوليائنا مؤمن لا يحبنا كافر و لا يبضغنا مؤمن و من مات و هو يحبنا كان حقا على اللّه أن يبعثه معنا نحن نور لمن تبعنا و هدى لمن اهتدى بنا،و من لم يكن منّا فليس من الإسلام في شيء بنا فتح اللّه الدين،و بنا يختمه و بنا أطعمكم اللّه عشب الأرض و بنا أنزل قطر السماء و بنا آمنكم اللّه من الغرق في بحركم و من الخسف في بركم و بنا نفعكم اللّه في حياتكم و في قبوركم و في محشركم و عند الصراط و عند الميزان و عند دخولكم الجنان مثلنا في كتاب اللّه مشكاة،و المشكاة في القنديل فنحن المشكاة فيها2.

ص: 146


1- تفسير القمي:102/2.

مصباح المصباح محمد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله،و المصباح في زجاجة من عنصره الطاهر الزجاجة،كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية و لا غربية و لا دعية و لا منكرة يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ القرآن نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَ يَضْرِبُ اللّهُ الْأَمْثالَ لِلنّاسِ وَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فالنور علي عليه السّلام يهدي اللّه لولايتنا من أحب و حق على اللّه أن بعث ولينا مشرقا وجهه منيرا برهانه طاهرا عند اللّه حجته حقا على اللّه أن يجعل أولياءنا المتقين و الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقا فشهداؤنا لهم فضل على الشهداء بعشر درجات،و لشهيد شيعتنا فضل على كل شهيد غيرنا بتسع درجات.

نحن النجباء و نحن أفراط الأنبياء و نحن أولاد الأوصياء و نحن المخصوصون في كتاب اللّه و نحن أولى الناس برسول اللّه و نحن الذين شرع اللّه لنا دينه فقال في كتابه شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصّى بِهِ نُوحاً و الذي أوحينا إليك يا محمد ما وصيّنا به إبراهيم و إسماعيل و إسحاق و يعقوب قد علمنا و بلّغنا ما علمنا و استودعنا علمهم و نحن ورثة الأنبياء و نحن ورثه أولي العلم و أولي العزم من الرسل و الأنبياء أن أقيموا الدين كما قال و لا تتفرقوا فيه و إن كبر على المشركين من أشرك بولاية علي ما تدعوهم إليه من ولاية اللّه يا محمد يهدي إليه من ينيب من يجيبك إلى ولاية علي عليه السّلام و قد بعثت بكتاب منه هدى فتدبّره و افهمه فإنه شفاء لما في الصدور» (1).

محمد بن العباس بن ماهيار الثقة في تفسيره فيما نزل في أهل البيت عليهم السّلام قال:

حدّثنا محمد بن جعفر الحسني عن إدريس بن زياد الحنّاط عن أبي عبد اللّه أحمد بن عبد اللّه الخراساني عن يزيد بن إبراهيم أبي حبيب الساجي عن أبي عبد اللّه عن أبيه علي بن الحسين عليه السّلام أنّه قال:«مثلنا في كتاب اللّه كمثل مشكاة فنحن المشكاة و المشكاة الكوّة فيها مصباح،و المصباح في زجاجة و الزجاجة محمد صلّى اللّه عليه و اله كأنه كوكب دري يوقد من شجرة مباركة قال:علي عليه السّلام زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَ لَوْ لَمْ2.

ص: 147


1- تفسير القمي:104/2.

تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ القرآن يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ يهدي لولايتنا من أحب (1).

محمد بن العباس قال:حدّثنا الحسين بن أحمد عن محمد بن عيسى عن يونس ابن عبد الرّحمن قال:حدّثنا أصحابنا أن أبا الحسن عليه السّلام كتب إلى عبد اللّه بن جندب قال لي علي بن الحسين عليه السّلام:«إن مثلنا في كتاب اللّه كمثل المشكاة،و المشكاة في القنديل فنحن المشكاة فِيها مِصْباحٌ و المصباح محمد صلّى اللّه عليه و اله اَلْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ نحن الزجاجة يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ علي زَيْتُونَةٍ معروفة لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ لا منكرة و لا دعية يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ القرآن عَلى نُورٍ يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَ يَضْرِبُ اللّهُ الْأَمْثالَ لِلنّاسِ وَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ بأن يهدي من أحب إلى ولايتنا» (2).

محمد بن العباس بن محمد بن أبي الحسين الخطاب الزيّات قال:حدثني أبي عن موسى بن سعد عن عبد اللّه بن القاسم بإسناده إلى صالح بن سهل قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عز و جل اَللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ قال:المشكاة فاطمة عليها السّلام فِيها مِصْباحٌ «الحسن اَلْمِصْباحُ الحسين فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ فاطمة كوكب دريّ بين نساء أهل الجنة يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ إبراهيم عليه السّلام زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ لا يهودية و لا نصرانية يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ أي يكاد العلم ينفجر منها وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ إمام بعد إمام يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ يهدي اللّه للأئمة من يشاء وَ يَضْرِبُ اللّهُ الْأَمْثالَ لِلنّاسِ وَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3).

المفيد في(الإختصاص)عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن2.

ص: 148


1- بحار الأنوار:311/23 ح 16.
2- بحار الأنوار:324/23 ح 40.
3- بحار الأنوار:305/23 ح 2.

سنان عن عمار بن مروان عن المنحل بن جميل عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عز و جل: اَللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ «فهو محمد صلّى اللّه عليه و اله فيها مصباح هو العلم، اَلْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ فزعم أنّه أمير المؤمنين و علم نبي اللّه عنده» (1).

أبو علي الطبرسي قال:روى عن الرضا عليه السّلام أنه قال:«نحن المشكاة فيها و المصباح هو محمد صلّى اللّه عليه و آله يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ يهدي اللّه لولايتنا من أحب» (2).

جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال:دخلت إلى مسجد الكوفة و أمير المؤمنين صلوات اللّه و سلامه عليه يكتب بإصبعيه و يتبسم،فقلت له:يا أمير المؤمنين ما الذي يضحكك؟

فقال:«عجبت لمن يقرأ هذه الاّية و لم يعرفها حق معرفتها»فقلت له:أي آية يا أمير المؤمنين؟

فقال:«قوله تعالى اَللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ المشكاة محمد صلّى اللّه عليه و اله فِيها مِصْباحٌ أنا اَلْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ الحسن و الحسين كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ و هو علي بن الحسين يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ محمد ابن علي مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ جعفر بن محمد لا شَرْقِيَّةٍ موسى بن جعفر وَ لا غَرْبِيَّةٍ علي بن موسى الرضا يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ محمد بن علي وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ علي بن محمد نُورٌ عَلى نُورٍ الحسن بن علي يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ القائم المهدي وَ يَضْرِبُ اللّهُ الْأَمْثالَ لِلنّاسِ وَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» (3).6.

ص: 149


1- الاختصاص:278.
2- مجمع البيان:251/7.
3- تفسير البرهان:136/3 ح 16،و اللمعة البيضاء بتفاوت:156.

في قوله تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ رِجالٌ

عن أنس و بريدة قالا:قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّهُ أَنْ تُرْفَعَ إلى قوله اَلْقُلُوبُ وَ الْأَبْصارُ (1)فقام رجل قال:أي بيوت هذه يا رسول اللّه؟

قال:«بيوت الأنبياء».

فقال:يا رسول اللّه هذا البيت منها بيت علي و فاطمة قال:«نعم من أفاضلها» (2).

من تفسير مجاهد و أبي يوسف يعقوب بن سفيان قال ابن عباس في قوله تعالى:

وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَ تَرَكُوكَ قائِماً أن دحية الكلبي جاء يوم الجمعة من الشام بالميره فنزل عند أحجار الزيت ثم ضرب بالطبول ليأذن بقدومه و مضى الناس إليه إلاّ على و الحسن و الحسين و فاطمة و سلمان و أبو ذر و المقداد و صهيب و تركوا النبي صلّى اللّه عليه و اله قائم يخطب على المنبر فقال النبي صلّى اللّه عليه و اله:«لقد نظر اللّه يوم الجمعة إلى مسجدي فلولا هؤلاء الثمانية الذين جلسوا في مسجدي لاضطرمت المدينة على أهلها نارا و حصبوا بالحجارة كقوم لوط و نزل فيهم رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ» (3).

الثعلبي في تفسيره في تفسير الآية برفع الإسناد إلى أنس بن مالك قال قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله هذه الآية فقام رجل فقال يا رسول اللّه أي بيوت هذه يا رسول اللّه؟

قال:«بيوت الأنبياء»فقام إليه أبو بكر فقال:يا رسول اللّه هذا البيت منها،يعني

ص: 150


1- النور:36.
2- الدر المنثور:50/5.
3- مناقب آل أبي طالب:407/1.

بيت علي و فاطمة؟

قال:«نعم من أفاضلها» (1).

الثعلبي في تفسيره في معنى الآية قال:حدّثنا المنذر بن محمد القابوسي حدّثنا الحسين بن سعيد حدثني أبي عن أبان بن تغلب عن مصقع بن الحرث عن أنس بن مالك و عن بريدة قالا:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:هذه الآية فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ...إلى قوله: وَ الْأَبْصارُ فقام إليه أبو بكر فقال:يا رسول اللّه هذا البيت منها يعني بيت علي و فاطمة قال نعم:«من أفاضلها» (2).

محمد بن العباس عن محمد بن همام عن محمد بن إسماعيل عن عيسى بن داود قال:حدّثنا الإمام موسى بن جعفر عن أبيه عليه السّلام في قول اللّه عز و جل: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ رِجالٌ... قال:«بيوت آل محمد صلّى اللّه عليه و اله بيت علي و فاطمة و الحسن و الحسين و حمزة و جعفر عليهم السّلام».

قلت: بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ ؟

قال:«الصلاة في أوقاتها»قال:«ثم وصفهم اللّه عزّ و جل و قال: رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللّهِ وَ إِقامِ الصَّلاةِ وَ إِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَ الْأَبْصارُ قال:«هم الرجال لم يخلط اللّه معهم غيرهم».

ثم قال: لِيَجْزِيَهُمُ اللّهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَ يَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ قال:«ما اختصهم به من المودّة و الطاعة المفروضة و صيّر مأواهم الجنة و اللّه يرزق من يشاء بغير حساب» (3).

أبو علي الطبرسي في مجمع البيان قال:روي عن ابن عباس رضي اللّه عنه أنّه قال:كنت في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و قد قرأ القارىء: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ.4.

ص: 151


1- العمدة:152 عن الثعلبي.
2- العمدة:152 عن الثعلبي.
3- بحار الأنوار:326/23 ح 4.

فقلت:يا رسول اللّه ما البيوت (1)؟

فقال صلّى اللّه عليه و اله:«بيوت الأنبياء عليهم السّلام و أومأ بيده إلى بيت فاطمة الزهراء عليها السّلام ابنته عليها السّلام» (2).ن.

ص: 152


1- في المصدر:أي بيوت هذه؟
2- مجمع البيان:253/7 بتفاوت و فيه:فقام أبو بكر فقال:يا رسول اللّه:هذا البيت منها؟يعني بيت علي و فاطمة،فقال:نعم من أفاضلها.و فضائل ابن شاذان:104،و البحار:326/23 كما في المتن.

في قوله تعالى: إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ

الثعلبي في تفسير هذه الآية قال:حدّثنا أبو محمد عبد اللّه بن محمد القاضي قال:

حدّثنا أبو الحسين محمد بن عثمان بن الحسن النصيبي قال:حدّثنا أبو بكر محمد بن الحسين بن صالح السبيعي قال أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال:حدّثنا أحمد بن ميثم بن نعيم قال:حدّثنا أبو عبادة السلولي عن الأعمش عن أبي واثل قال:

قرأت في مصحف عبد اللّه بن مسعود (إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ) (1)(2).

عن ابن عباس رضى اللّه عنه آل إبراهيم و آل عمران المؤمنون من آل إبراهيم و آل عمران و آل يس و آل محمد عليهم السّلام بقوله تعالى: إِنَّ أَوْلَى النّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (3).

الشيخ الطوسي في أماليه عن أبي محمد الفحام قال:حدثني محمد بن عيسى عن هارون قال أبو عبد الصمّد إبراهيم عن أبيه عن جده و هو إبراهيم بن عبد الصمد بن محمد بن إبراهيم قال:سمعت جعفر بن محمد عليهما السّلام يقرأ (إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ) قال:هكذا نزلت (4).و قال الطبرسي

ص: 153


1- آل عمران:33.
2- العمدة:55 ح 55 عن الثعلبي،و شواهد التنزيل:152/1 ح 165.
3- العمدة:63/59 عن الثعلبي.
4- أمالي الطوسي:/300ح 592.

في مجمع البيان:و في قراءة أهل البيت:و آل محمد على العالمين (1).

علي بن إبراهيم بن هاشم في تفسيره قال العالم عليه الرحمة:«نزل آل إبراهيم و آل عمران و آل محمد على العالمين» (2).

ابن بابويه قال:حدّثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدّب و جعفر بن محمد بن مسرور رضى اللّه عنهما قال:حدّثنا محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أبيه عن الريان بن الصّلت قال:حضر الرضا عليه السّلام مجلس المأمون بمرو و قد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق و خراسان و ذكر الحديث إلى أن قال فيه:قال المأمون:هل فضّل اللّه العترة على سائر الناس؟

فقال أبو الحسن عليه السّلام«إن اللّه عزّ و جلّ أبان فضل العترة على سائر الناس في محكم كتابه»فقال له المأمون:و أين ذلك من كتاب اللّه؟

فقال له الرضا عليه السّلام:«في قوله عزّ و جلّ: إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ (3)قلت:يعني انّ العترة داخلون في آل إبراهيم عليهم السّلام لانّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله من ولد إبراهيم عليه السّلام و هو دعوة أبيه إبراهيم على ما في رواية الخاصة و العامّة في قوله صلّى اللّه عليه و اله:«أنا دعوة أبي إبراهيم عليه السّلام»و عترة الرسول منه صلّى اللّه عليه و اله.

محمد بن إبراهيم المعروف ب(ابن زينب النعماني)في كتاب(الغيبة)عن أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني قال:حدثني علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه و حدثني محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران عن أحمد بن محمد بن عيسى و حدّثني علي بن محمد و غيره عن سهل بن زياد جميعا عن الحسن بن محبوب و حدثنا عبد الواحد بن عبد اللّه الموصلي عن أبي عليّ أحمد بن محمد بن أبي ناشد عن أحمد بن3.

ص: 154


1- مجمع البيان:278/2.
2- تفسير القمي:100/1.
3- أمالي الصدوق:/615ح 843.

هلال عن الحسن بن محبوب عن عمرو بن أبي المقدام عن جابر بن يزيد الجعفي قال:قال:أبو جعفر محمد بن علي الباقر عليه السّلام:«يا جابر إلزم الأرض و لا تحرك يدا و لا رجلا حتى ترى علامات أذكرها لك إن أدركتها»و ذكر علامات القائم عليه السّلام إلى أن قال في الحديث:«فينادي-يعني القائم عليه السّلام-يا أيها الناس إنا نستنصر اللّه فمن أجابنا من النّاس،فإنّا أهل بيت نبيكم محمد و نحن أولى الناس باللّه و بمحمد فمن حاجني في آدم فإنّا أولى الناس بآدم،و من حاجني في نوح فإنّا أولى الناس بنوح،و من حاجني في إبراهيم فإنّا أولى الناس بابراهيم،و من حاجني في محمد صلّى اللّه عليه و اله فإنّا أولى الناس بمحمد صلّى اللّه عليه و اله و من حاجني في النبيين فإنّا أولى الناس بالنبيين،أليس اللّه يقول في محكم كتابه إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ فإنّا بقية من آدم و ذخيرة من نوح و مصطفى من إبراهيم و صفوة من محمد صلى اللّه عليهم أجمعين» (1).

محمد بن الحسن الصفار في كتاب(بصائر الدرجات)عن إبراهيم بن هاشم عن أبي عبد اللّه البرقي عن خلف بن حماد عن محمد القبطي قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«الناس غفلوا قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في علي يوم غدير خم كما غفلوا يوم مشربة إبراهيم أتاه الناس يعودونه فجاء علي عليه السّلام ليدنو من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فلم يجد مكانا فلما رأى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله أنهم لا يوسعون لعلي نادى:يا معشر الناس أفرجوا لعلي ثم أخذ بيده و أقعده معه على فراشه ثم قال:يا معشر الناس هؤلاء أهل بيتي تستخفون بهم و أنا حي بين ظهرانيكم أما و اللّه لئن غبت عنكم فإن اللّه لا يغيب عنكم إنّ الروح و الراحة و الرضوان و البشر و البشارة و الحبّ و المحبة لمن ائتمّ بعلي و ولايته و سلّم له و للأوصياء من بعده حقا لأدخلنهم في شفاعتي لأنهم اتباعي و من تبعني فإنّه منّي مثل ما جرى فيمن اتّبع إبراهيم لأني من إبراهيم و إبراهيم منّي و ديني دينه و دينه ديني و سنّته سنّتي و فضله من فضلي،و أنا أفضل منه و فضلي له فضل تصديق قوله قولي ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ1.

ص: 155


1- الغيبة:279-67/281.

بَعْضٍ وَ اللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و ثبت قدم في مشربة أم إبراهيم حين عاده الناس في مرضه قال هذا» (1).

أحمد بن محمد بن خالد البرقي في(المحاسن)عن علي بن الحكم عن سعد بن خلف عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«الروح و الراحة و الفلح و الفلاح و النجاح و البركة و العفو و العافية و المعافاة و البشرى و النصرة و الرضى و القرب و القرابة و النصر و الظفر و التمكين و السرور و المحبة من اللّه تبارك و تعالى علي من أحب علي بن أبي طالب عليه السّلام و والاه و ائتمّ به و أقرّ بفضله و تولى الأوصياء من بعده حق عليّ أن أدخلهم في شفاعتي و حق على ربي أن يستجيب لي فيهم،و إنهم أتباعي و من تبعني فإنه منّي جرى في مثل إبراهيم عليه السّلام و في الأوصياء من بعدي لأني من إبراهيم و إبراهيّم منّي، دينه ديني و سنّته سنتي،و أنا أفضل منه و فضلي من فضله و فضله من فضلي و تصديق قولي قول ربي: ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» (2).

محمد بن مسعود العياشي في تفسيره بإسناده عن حبان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ قال نحن منهم و نحن بقية تلك العترة» (3).

العياشي بإسناده عن هشام بن سالم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام:عن قول اللّه إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً فقال:«هو آل إبراهيم و آل محمد على العالمين فوضعوا اسما مكان اسم» (4).

العياشي بإسناده عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«لما قضى محمد صلّى اللّه عليه و اله نبوّته و استكملت أيامه أوحى اللّه:يا محمد قد قضيت نبوّتك و استكملت أيامك فاجعل0.

ص: 156


1- بصائر الدرجات:1/53.
2- المحاسن:152/1 ح 74.
3- تفسير العياشي:168/1 ح 29.
4- تفسير العياشي:168/1 ح 30.

العلم الذي عندك من الإيمان و الاسم الأكبر و ميراث العلم و آثار علم النبوة في العقب من ذريتك فإني لم أقطع العلم و الإيمان و الإسم الأكبر و ميراث العلم و آثار علم النبوة من العقب من ذريتك كما لم أقطعها من بيوتات الأنبياء الذين كانوا بينك و بين أبيك آدم و ذلك قول اللّه: إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ و إن اللّه تعالى لم يجعل العلم جهلا و لم يكل أمره إلى أحد من خلقه لا إلى ملك مقرب،و لا إلى نبي مرسل،و لكنه أرسل رسلا من ملائكته فقال له كذا و كذا فأمرهم بما يحب و نهاهم عما يكره فقصّ عليه أمر خلقه بعلمه فعلّم ذلك العلم و علّم أنبياءه و أصفياءه من الأنبياء و الأعوان و الذرية التي بعضها من بعض فذلك قوله: فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً (1)فأما الكتاب فهو النبوّة،و أما الحكمة فهم الحكماء من الأنبياء في الصفوة،و أما الملك العظيم فهم الأئمة الهداة في الصفوة و كل هؤلاء من الذرية التي بعضها من بعض التي جعل فيهم البقية و فيهم العاقبة و حفظ الميثاق و حتى تنقضي الدنياو للعلماء و لولاة الأمر الاستنباط للعلم و الهداية» (2).

العياشي بإسناده عن أبي عبد الرّحمن عن أبي كلدة عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:الروح و الراحة و الرحمة و النصر و اليسر و اليسار و الرضى و الرضوان و المخرج و الفلح و القرب و المحبة من اللّه و من رسوله لمن أحب عليا و ائتمّ بالأوصياء من بعده حقا علي أن أدخلهم في شفاعتي،و حق على ربي أن يستجيب لي فيهم،لأنهم أتباعي و من تبعني فإنّه منّي مثل إبراهيم جرى في ولايته منّي،و أنا منه دينه ديني و ديني دينه و سنّته سنتي و سنّتي سنّته و فضلي فضله و أنا أفضل منه و فضلي له فضل تصديق قول ربي: ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» (3).3.

ص: 157


1- النساء:54.
2- تفسير العياشي:168/1 ح 31.
3- تفسير العياشي:169/1 ح 33.

العياشي بإسناده إلى أيوب قال:سمعني أبو عبد اللّه عليه السّلام و أنا أقول إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ فقال لي:«و آل محمد كانت فمحوها و تركوا آل إبراهيم و آل عمران» (1).

أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت له:ما الحجة في كتاب اللّه أن آل محمد هم أهل بيته؟

قال:«قول اللّه تبارك و تعالى: إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ هكذا نزلت عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ و لا يكون الذرية من القوم إلاّ نسلهم من أصلابهم و قال: اِعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ صلّى اللّه عليه و اله رواية أبي خالد القماط (2).

و عن الشيخ الطوسي قدّس سرّه روى أبو جعفر القلاني قال:حدّثنا الحسين بن الحسن قال:حدّثنا عمرو بن أبي المقدام عن يونس بن حباب عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب عليه السّلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:ما بال اقوام إذا ذكر عندهم آل إبراهيم و آل عمران فرحوا و استبشروا و إذا ذكر عندهم آل محمد اشمأزت قلوبهم و الذي نفس محمد بيده لو أن أحدهم وافى بعمل سبعين نبيا يوم القيامة ما قبل اللّه ذلك منه حتى يوافي بولايتي و ولاية علي بن أبي طالب عليه السّلام» (3)و قال أيضا روح بن روح عن رجاله عن إبراهيم النخعي عن ابن عباس رضي اللّه عنه قال:دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام فقلت:يا أبا الحسن أخبرني بما أوصى إليك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله؟

فقال:«سأخبركم إن اللّه اصطفى لكم الدين و ارتضاه و أتم عليكم نعمته إن كنتم أحق بها و أهلها،و إن اللّه أوحى إلى نبيه أن يوصي إليّ فقال النبي صلّى اللّه عليه و اله:يا علي احفظ وصيتيي.

ص: 158


1- تفسير العياشي:169/1 ح 34.
2- تفسير العياشي:169/1 ح 35.
3- أمالي الطوسي:/140ح 229،و فيه:حتى يلقاه بولايتي و ولاية أهل بيتي.

و ارفع ذمامي و اوف بعهدي و انجز عداتي و اقض ديني و أحيي سنتي و ادع إلى ملتي؛ لأن اللّه تعالى اصطفاني و اختارني فذكرت دعوة أخي موسى عليه السّلام فقلت:اللهم اجعل لي وزيرا من أهلي كما جعلت هارون من موسى فأوحى اللّه عز و جل إليّ أنّ عليا و زيرك و ناصرك و الخليفة من بعدك ثم قال:يا علي أنت من أئمة الهدى و أولادك منك فأنتم قادة الهدى و التقى و الشجرة التي أنا أصلها و أنتم فروعها فمن تمسك بها فقد نجا و من تخلف عنها فقد هلك و هوى و أنتم الذين أوجب اللّه تعالى مودّتكم و ولايتكم و الذين ذكرهم اللّه في كتابه و وصفهم لعباده فقال عزّ و جلّ من قائل: إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ فأنتم صفوة اللّه من آدم و نوح و آل إبراهيم و آل عمران و أنتم الاسرة من إسماعيل و العترة الهادية من محمد صلى اللّه عليه و آله أجمعين» (1).4.

ص: 159


1- بحار الأنوار:222/23 ح 24.

في قوله تعالى (وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ)

من مسند أحمد بن حنبل روى عبد اللّه بن أحمد بن حنبل عن أبيه قال:حدّثنا أسود بن عامر قال:حدّثنا شريك عن الأعمش عن المنهال عن عباد بن عبد اللّه الأسدي عن علي عليه السّلام قال:«لما نزلت هذه الآية وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (1)جمع النبي صلّى اللّه عليه و اله من أهل بيته فاجتمع ثلاثون فأكلوا و شربوا».

قال:فقال لهم:«من يضمن عني ديني و مواعيدي و يكون معي في الجنة و يكون خليفتي في أهلي،فقال رجل لم يسمه شريك:يا رسول اللّه أنت كنت تجد من يقوم بهذا؟

قال ثم قال لآخر:قال فعرض ذلك على أهل بيته،فقال علي:عليه السّلام أنا» (2).

عبد اللّه بن أحمد بن حنبل قال:حدّثنا أبو خيثمة قال:حدّثنا أسود بن عامر قال:

أخبرنا شريك عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد اللّه الأسدي عن علي عليه السّلام:«لما نزلت وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بأربعين رجلا من أهل بيته،و إن الرجل منهم لا تحل جذعة و إن كان شاربا فرقا،فقدّم إليهم فأكلوا حتى شبعوا،فقال لهم:من يضمن عني ديني و مواعيدي و يكون معي في الجنة و يكون خليفتي في أهلي؟فعرض ذلك على أهل بيته،فقال عليّ عليه السّلام:أنا»قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:

«علي يقضي ديني عني و ينجز مواعيدي»و لفظ الحديث للحماني و بعضه لحديث أبي

ص: 160


1- الشعراء:214.
2- مسند أحمد:111/1.

خيثمة (1).

الثعالبي في تفسيره في سورة الشعراء في تفسير هذه الآية قال:أخبرني الحسين بن محمد بن الحسين حدّثنا موسى بن محمد حدّثنا الحسن بن علي بن شعيب العمري حدّثنا عباد بن يعقوب حدّثنا علي بن هاشم عن صباح بن يحيى المزني عن زكرى بن ميسرة عن أبي إسحاق عن البراء قال:لما نزلت وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ جمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بني عبد المطلب،و هم يؤمئذ أربعون رجلا الرجل منهم يأكل المسنة و يشرب العس،فأمر عليا أن يدخل شاة فأدمها ثم قال:

«أدنوا بسم اللّه»فدنا القوم عشرة عشرة فأكلوا حتى صدروا،ثم دعا بقعب من لبن فجرع منه جرعة»ثم قال لهم:«إشربوا بسم اللّه»فشربوا حتى رووا،فبدرهم أبو لهب فقال:

هذا ما سحركم به الرجل،فسكت النبي صلّى اللّه عليه و اله يومئذ فلم يتكلم ثم دعاهم من الغد على مثل ذلك الطعام و الشراب ثم أنذرهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقال:«يا بني عبد المطلب إني أنا النذير إليكم من اللّه عز و جل و البشير لما لم يجىء به أحد جئتكم بالدنيا و الآخرة فأسلموا و أطيعوني تهتدوا و من يواخيني و يوازرني و يكون ولييّ و وصييّ بعدي و خليفتي في أهلي و يقضي ديني؟»فسكت القوم و أعاد ذلك ثلاثا كل ذلك يسكت القوم و يقول عليّ:«أنا»،فقال:أنت.

فقام القوم و هم يقولون لأبي طالب:أطع ابنك فقد أمّر عليك.

و روى ذلك من طريق الثعلبي في تفسيره بالسند و المتن بتغيير يسير لا يضر بالمعنى (2).

ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة و هو من أعيان علماء العامة قال:ذكر الطبري في تاريخه عن عبد اللّه بن عباس عن علي بن أبي طالب عليه السّلام قال:«لما نزلتي.

ص: 161


1- كنز العمال:129/13 بتفاوت،و جواهر المطالب:71/1،و تاريخ دمشق:32/4 ط.دار الفكر.
2- العمدة:38 عن الثعلبي.

هذه الآية وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله دعاني فقال:يا علي إن اللّه أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين فضقت بذلك ذرعا و علمت أنه متى ما أبادرهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره فصمت حتى جاءني جبرائيل فقال يا محمد إنك إن لم تفعل ما أمرت به يعذ بك ربك،فاصنع لنا صاعا من طعام و اجعل عليه رجل شاة و املأ لنا عسا من لبن ثم اجمع بني عبد المطلب حتى أكلمهم و أبلغهم ما أمرت به ففعلت ما أمرني به ثم دعوتهم و هم يؤمئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصون رجلا،فيهم أعمامه أبو طالب و حمزة و العباس و أبو لهب،فلما اجتمعوا إليه دعا بالطعام الذي صنعت لهم فجئت به.

فلما وضعته تناول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بضعة من اللحم فشقها بأسنانه ثم ألقاها في نواحي الصحفة ثم قال:كلوا بسم اللّه،فأكلوا حتى مالهم إلى شىء من حاجة،و أيم اللّه الذي نفس علي بيده إن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمته لجميعهم،ثم قال:اسق القوم يا علي فجئتهم بذلك العس فشربوا منه حتى رووا جميعا،و أيم اللّه إن كان الرجل منهم ليشرب مثله.

فلما أراد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله أن يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام فقال:لشد ما سحركم صاحبكم فتفرّق القوم و لم يتكلم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقال:من الغد يا علي إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول فتفرّق القوم قبل أن أكلمهم فعد لنا اليوم إلى مثل ما صنعت بالأمس ثم اجمعهم لي،ففعلت ثم جمعتهم ثم دعاني بالطعام فقربته لهم ففعل كما فعل بالأمس فأكلوا حتى مالهم بشيء حاجة ثم قال:اسقهم فجئتهم بذلك العس فشربوا منه جميعا حتى رووا ثم تكلم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله ثم قال:يا بني عبد المطلب إني و اللّه ما أعلم أن شابا في العرب جاء قومه بأفضل ما جئتكم به،إني قد جئتكم بخير الدنيا و الآخرة و قد أمرني اللّه أن أدعوكم إليه فأيكم يوازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي و وصيي و خليفتي فيكم،فأحجم القوم عنها جميعا و قلت:أنا و إني لأحدثهم سنا و أرمصهم عينا و أعظمهم بطنا و أحمشهم ساقا قال:قلت:أنا يا رسول اللّه أكون وزيرك

ص: 162

عليه فأعاد القول فأمسكوا،و أعدت ما قلت فأخذ برقبتي ثم قال لهم:هذا أخي و وصيي و خليفتي فيكم فاسمعوا له و أطيعوا فقام القوم يضحكون و يقولون لأبي طالب:قد أمرك أن تسمع لابنك و تطيع» (1).

ابن أبي الحديد في(شرح نهج البلاغة)قال:روى أبو جعفر الطبري أيضا في التاريخ أن رجلا قال لعلي عليه السّلام:يا أمير المؤمنين بم ورثت ابن عمك دون عمك؟

فقال علي عليه السّلام:«هاؤم ثلاث مرات حتى اشرأب الناس و نشروا أذانهم ثم قال:جمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بني عبد المطلب بمكة و هم رهط كلهم يأكل الجذعة و يشرب الفرق فصنع مدا من طعام حتى أكلوا و شبعوا و بقى الطعام كما هو كأنه لم يمس ثم دعا بغمر فشربوا و رووا و بقي الشراب كأنه لم يشرب ثم قال:يا بني عبد المطلب إني بعثت إليكم خاصة و إلى الناس عامة،فأيكم يبايعني على أن يكون أخي و صاحبي و وارثي فلم يقم عليه أحد فقمت إليه،و كنت من أصغر القوم فقال:إجلس قال ذلك ثلاث مرات كل ذلك أقوم إليه فيقول إجلس حتى كان في الثالثة فضرب بيده على يدي،فعند ذلك ورثت ابن عمي دون عمي» (2).3.

ص: 163


1- شرح نهج البلاغة:210/13.
2- شرح نهج البلاغة:212/13.

في قوله تعالى (فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَ ما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ)

علي بن إبراهيم قال:أخبرنا أحمد بن إدريس قال:حدّثنا أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن إسماعيل بن عباد عن الحسين بن أبي يعقوب عن بعض أصحابه عن أبي جعفر عليه السّلام: «أَ يَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ يعني يقتل في قتله بنت النبي صلّى اللّه عليه و اله يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً يعني الذي جهّز به النبي صلّى اللّه عليه و اله في جيش العسرة أَ يَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قال:فساد كان في نفسه أَ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ يعني رسول اللّه وَ لِساناً يعني أمير المؤمنين وَ شَفَتَيْنِ يعني الحسن و الحسين وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ إلى ولايتهما فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَ ما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ يقول:ما أعلمك و كل شيء في القرآن و ما أدراك فهو ما أعلمك يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ يعني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و المقربة قرباه أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ يعني أمير المؤمنين متربا بالعلم» (1).

ص: 164


1- تفسير القمي:423/2.

في قوله تعالى (وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ)

محمد بن يعقوب عن أبي القاسم رضى اللّه عنه رفعه عن عبد العزيز بن مسلم و روى ابن بابويه في كتاب(معاني الأخبار)قال أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضى اللّه عنه قال:حدّثنا أبو أحمد القاسم بن أحمد بن محمد بن علي الهاروني قال:

حدّثنا أبو حامد عمران بن موسى بن إبراهيم عن الحسن بن القاسم الزمام قال:

حدثني القاسم بن مسلم عن أخيه عبد العزيز بن مسلم و اللفظ لمحمد بن يعقوب قال كنا مع الرضا عليه السّلام بمرو فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا فأداروا أمر الإمامة.و ذكروا كثرة اختلاف الناس فيها فدخلت على سيدي عليه السّلام فأعلمته خوض الناس في ذلك فتبسم عليه السّلام ثم قال:«يا عبد العزيز جهل القوم و خدعوا عن أديانهم إن اللّه عز و جل لم يقبض نبيه صلّى اللّه عليه و اله حتى أكمل لهم الدين و أنزل عليه القرآن فيه تبيان كل شيء بيّن فيه الحلال و الحرام و الحدود و الأحكام و جميع ما يحتاج الناس إليه كملا و قال عز و جل: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ و أنزل في حجة الوداع و هي آخر عمره صلّى اللّه عليه و اله اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فأمر الإمامة من تمام الدين و لم يمض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله حتى بيّن لامته معالم دينهم و أوضح لهم سبيلهم و تركهم على قصد سبيل الحق و أقام لهم عليا عليه السّلام علما و إماما و ما ترك شيئا تحتاج إليه الأمة إلاّ بيّنه فمن زعم أن اللّه عز و جل لم يكمل دينه فقد رد كتاب اللّه،و من رد كتاب اللّه فهو كافر.

هل تعرفون قدر الإمامة و محلها من الأمة فيجوز فيها اختيارهم إن الإمامة أجل قدرا و أعظم شأنا و أعلى مكانا و أمنع جانبا و أبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم أو ينالوها

ص: 165

بآرائهم أو يقيموا إماما باختيارهم إن الإمامة خص ژ اللّه عزّ و جلّ بها إبراهيم الخليل عليه السّلام بعد النبوة و الخلة مرتبة ثالثة و فضيلة شرّفه بها و أشاد بها ذكره فقال: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً فقال الخليل عليه السّلام سرورا بها: وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي ؟

قال اللّه تبارك و تعالى: لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم إلى يوم القيامة فصارت في الصفوة ثم أكرمه اللّه تعالى بأن جعلها اللّه في ذريته أهل الصفوة و الطهارة فقال: وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ نافِلَةً وَ كُلاًّ جَعَلْنا صالِحِينَ وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَ أَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَ إِقامَ الصَّلاةِ وَ إِيتاءَ الزَّكاةِ وَ كانُوا لَنا عابِدِينَ.

فلم تزل في ذريته يرثها بعض عن بعض قرنا فقرنا حتى ورّثها اللّه عزّ و جلّ النبي صلّى اللّه عليه و آله فقال جل و تعالى إِنَّ أَوْلَى النّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ فكانت له خاصة فقلّدها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله عليا عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل على رسم ما فرضها اللّه فصارت في ذريته الأوصياء الذين آتاهم اللّه العلم و الإيمان بقوله جل و علا: وَ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَ الْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ فهي في ولد علي عليه السّلام خاصة إلى يوم القيامة إذ لا نبي بعد محمد صلّى اللّه عليه و اله فمن أين يختار هؤلاء الجهال الإمامة.

إن الإمامة هي منزلة الأنبياء و إرث الأوصياء إن الإمامة خلافة اللّه و خلافة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و مقام أمير المؤمنين عليه السّلام و ميراث الحسن و الحسين عليهما السّلام،لقوله عزّ و جل وَ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَ الْإِيمانَ إن الإمامة زمام الدين و نظام المسلمين و صلاح الدنيا و عز المؤمنين،إن الإمامة اسّ الإسلام النامي و فرعه السامي بالإمام تمام الصلاة و الزكاة و الصيام و الحج و الجهاد و توفير الفيء و الصدقات و امضاء الحدود و الأحكام و منع الثغور و الأطراف و الإمام يحل حلال اللّه و يحرّم حرام اللّه و يقيم حدود اللّه و يذب عن دين اللّه و يدعو إلى سبيل ربه بالحكمة و الموعظة الحسنة بالحجة البالغة و الإمام كالشمس الطالعة المجللة بنورها للعالم و هي في الافق بحيث لا تنالها الأيدي و الأبصار،

ص: 166

و الإمام البدر المنير و السراج الزاهر و النور الساطع و النجم الهادي في غياهب الدجى، و البلدان القفار و لجج البحار،و الإمام الماء العذب على الظماء و الدال على الهدى المنجي من الردى،الإمام النار على اليفاع (1)الحار لمن اسطلى و الدليل في المهالك من فارقه فهالك.

الإمام السحاب الماطر و الغيث الهاطل و الشمس المضيئة و السماء الظليلة و الأرض البسيطة و العين الغزيرة و الغدير و الروضة الإمام الأنيس الرفيق و الوالد الشفيق و الأخ الشقيق و الام البّرة بالولد الصغير و مفزع العباد في الداعية الناد،الإمام أمين اللّه في خلقه و حجته على عباده و خليفته في بلاده و الداعي إلى اللّه و الذاب عن حرم اللّه،و الإمام المطهر من الذنوب المبرأ من العيوب المخصوص بالعلم الموسوم بالحلم نظام الدين و عز المسلمين و غيظ المنافقين و بوار الكافرين،و الإمام واحد دهره لا يدانيه أحد و لا يعادله عالم لا يوجد عنه بدل و لا له مثل و لا نظير مخصوص بالفضل كله من غير طلب منه له و لا اكتساب بل اختصاص من المفضل الوهاب،فمن ذا الذي يبلغ معرفة الإمام أو يمكنه اختياره؟هيهات هيهات ضلت العقول و تاهت الحلوم و حارت الألباب و خسئت العيون و تصاغرت العظماء و تحيّرت الحكماء و تقاصرت الحلماء و حصرت الخطباء و جهلت الألبّاء وكّلت الشعراء و عجزت الأدباء و عييت البلغاء عن وصف شأن من شأنه أو فضيلة من فضائله فأقرّت بالعجز و التقصير و كيف يوصف بكله أو ينعت بكنهه أو يفهم شيء من أمره أو يوجد من يقوم مقامه و يغني غناه.

لا و كيف و انى و هو بحيث النجم من أيدي المتناولين و وصف الواصفين فأين الاختيار من هذا؟!و أين العقول عن هذا؟!و أين يوجد مثل هذا أظنوا أن ذلك يوجد في غير آل محمد صلّى اللّه عليه و آله كذبتهم و اللّه أنفسهم و منّتهم الأباطيل فارتقوا مرتقا صعبا دحضا).

ص: 167


1- في الحديث:«الإمام النار كلما اليفاع»أي يضيء القريب و البعيد«للحار لمن اصطلى»أي لمن أراد الانتفاع،و اليفاع ما ارتفع من الأرض،و اليفاع ما ارتفع من كل شيء مجمع البحرين(هامش المخطوط).

تزل عنه إلى الحضيض أقدامهم راموا إقامة الإمام بعقول جائرة بائرة ناقصة و آراء مضلة فلم يزدادوا منه إلاّ بعدا قاتلهم اللّه أنى يؤفكون و لقد راموا صعبا و قالوا افكا و ضلوا ضلالا بعيدا و وقعوا في الحيرة إذ تركوا الإمام عن بصيرة وَ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَ كانُوا مُسْتَبْصِرِينَ و رغبوا عن اختيار اللّه و اختيار رسوله إلى اختيارهم و القرآن يناديهم وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللّهِ وَ تَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ.

و قال عز و جل: وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ و قال: ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ.

و قال عز و جل: أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها أم طَبَعَ اللّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ أم قالُوا سَمِعْنا وَ هُمْ لا يَسْمَعُونَ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ وَ لَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَ لَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَ هُمْ مُعْرِضُونَ أم قالُوا سَمِعْنا وَ عَصَيْنا بل ذلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ فكيف لهم باختيار الإمام؟!و الإمام عالم لا يجهل وداع لا ينكل معدن القدس و الطهارة و النسك و النزاهة و العلم و العبادة مخصوص بدعوة الرسول صلّى اللّه عليه و اله و نسل الطاهرة البتول لا مغمز فيه في نسب و لا يدانيه ذو حسب في النسب من قريش و الذروة من هاشم و العترة من الرسول صلّى اللّه عليه و اله و الرضى من اللّه جلّ و عزّ شرف الأشراف و الفرع من عبد مناف نامي العلم كامل الحلم مضطلع بالإمامة عالم بالسياسة مفروض الطاعة قائم بأمر اللّه عز و جل ناصح لعباد اللّه عز و جل حافظ لدين اللّه،إن الأنبياء و الأئمة صلوات اللّه عليهم يوفقهم اللّه و يؤتيهم من مخزون علمه و حكمه ما لا يؤتيه غيرهم ليكون علمهم فوق علم أهل زمانهم في قوله جل و تعالى: أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ و قوله تبارك و تعالى: وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً

ص: 168

كَثِيراً و قوله في طالوت: إِنَّ اللّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَ زادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ وَ اللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَ اللّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ و قال لنبيه صلّى اللّه عليه و اله أَنْزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ عَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَ كانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً و قال في الأئمة من أهل بيت نبيه و عترته و ذريته صلوات اللّه عليهم: أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَ كَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً.

و إن العبد إذا اختاره اللّه عز و جل لأمور عباده شرح لذلك صدره و أودع قلبه ينابيع الحكمة و ألهمه العلم إلهاما،فلم يع بعده بجواب و لا يحير فيه عن صواب فهو معصوم مؤيد موفق مسدد قد أمن الخطأ و الزلل و العثار،و يخصه بذلك ليكون حجته على عباده و شاهده على خلقه و ذلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ فهل يقدرون على مثل هذا؟فيختارونه أو يكون مختارهم بهذه الصفة فيقدمونه بعدوا و بيت اللّه من الحق و نبذوا كِتابَ اللّهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ و في كتاب اللّه الهدى و الشفاء فنبذوه و اتبعوا أهواءهم فذمهم اللّه و مقتهم و أنفسهم فقال جل و تعالى: وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ و قال: فَتَعْساً لَهُمْ وَ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ و قال: كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللّهِ وَ عِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللّهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبّارٍ و صلى اللّه على النبي و آله و سلم تسليما كثيرا» (1).1.

ص: 169


1- الكافي:198/1 ح 1،معاني الأخبار:96-2/101.

في قوله تعالى (وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى)

أبو نعيم الإصفهاني صاحب(حلية الأبرار)بإسناده إلى عون بن أبي جحيفة عن أبيه في قوله تعالى: وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى (1)عن علي ابن أبي طالب عليه السّلام قال:«إلى ولايتنا» (2).

محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن صالح بن السندي عن جعفر بن بشير و محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال جميعا عن أبي جميلة عن خالد بن عمار عن سدير قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام و هو داخل و أنا خارج و أخذ بيدي ثم استقبل البيت فقال:«يا سدير إنما أمر الناس أن يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها ثم يأتونا فيعلمونا ولايتهم لنا و هو قول اللّه تعالى: وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ثم أومأ بيده إلى صدره إلى ولايتنا»ثم قال:«يا سدير فاريك الصادين عن دين اللّه»ثم نظر إلى أبي حنيفة و سفيان الثوري في ذلك الزمان و هم حلق في المسجد فقال:«هؤلاء الصادون عن دين اللّه تعالى بلا هدى من اللّه و لا كتاب مبين إن هؤلاء الأخابث لو جلسوا في بيوتهم فجال الناس فلم يجدوا أحدا يخبرهم عن اللّه تبارك و تعالى و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله حتى يأتونا فنخبرهم عن اللّه تبارك و تعالى و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله» (3).

محمد بن الحسن الصفار في كتاب(بصائر الدرجات)عن محمد بن عيسى عن

ص: 170


1- طه:82.
2- بحار الأنوار:166/32 ح 151.
3- الكافي:393/1 ح 3.

صفوان عن يعقوب بن شعيب قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه تبارك و تعالى:

وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى قال:«و من تاب من ظلم و آمن من كفر و عمل صالحا ثم اهتدى إلى ولايتنا»ثم أومأ بيده إلى صدره (1).

ابن بابويه قال:حدّثنا محمد بن أحمد بن عبد اللّه عن أبيه عن محمد بن خالد قال:

حدّثنا سهل بن زياد الفارسي قال:حدّثنا محمد بن منصور عن عبد اللّه بن جعفر عن محمد بن الفيض بن المختار عن أبيه عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عن أبيه عن جده عليه السّلام قال:«خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله ذات يوم و هو راكب،و خرج علي عليه السّلام و هو يمشي،فقال له:يا أبا الحسن إما أن تركب و إما أن تنصرف»و ذكر الحديث إلى أن قال فيه:«و اللّه يا علي ما خلقت إلا لتعبد ربك و ليشرف بك معالم الدين و يصلح بك دارس السبيل و لقد ضل من ضل عنك و لن يهتدي الى اللّه عزّ و جل من لم يهتد إليك و إلى ولايتك و هو قول ربي عز و جل: وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى يعني إلى ولايتك» (2).

علي بن إبراهيم في تفسيره قال:حدّثنا أحمد بن علي بن محمد قال:حدّثنا الحسن بن عبيد اللّه عن السندي بن محمد عن أبان عن الحارث بن يحيى عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله: وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى «ألا ترى كيف اشترط و لم تنفعه التوبة و الإيمان و العمل الصالح حتى اهتدى و اللّه لو جهد أن يعمل بعمل ما قبل منه حتى يهتدي»قال:قلت:إلى من جعلني اللّه فداك؟

قال:«إلينا» (3).

محمد بن العباس قال:حدّثنا علي بن عباس البلخي قال:حدّثنا عباد بن يعقوب عن علي بن هاشم عن جابر بن الحر عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله2.

ص: 171


1- بصائر الدرجات:6/78.
2- امالي الصدوق:803/583.
3- تفسير القمي:61/2.

تعالى: وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى قال:«إلى ولايتنا» (1).

محمد بن العباس قال:حدّثنا الحسين بن عامر عن محمد بن سنان عن عمار بن مروان عن المنخل عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عز و جل: وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى قال:«إلى ولاية أمير المؤمنين عليه السّلام» (2).

الشيخ في أماليه قال:أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد اللّه بن محمد ابن مهدي قال:أخبرنا-أحمد يعني ابن عقدة-قال:أخبرنا الحسن بن علي بن بزيع قال:حدّثنا القاسم بن الضحاك قال:حدّثنا شهر بن خوشب أخو العوام عن أبي سعيد الهمداني عن أبي جعفر عليه السّلام إِلاّ مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً قال:«و اللّه لو أنه تاب و آمن و عمل صالحا و لم يهتد إلى ولايتنا و مودتنا و معرفة فضلنا ما اغنى عنه ذلك شيئا» (3).

محمد بن العباس قال:حدّثنا محمد بن همام عن محمد بن إسماعيل العلوي عن عيسى بن داود النجار عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام في قول اللّه عز رجل:

وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى قال:«إلى ولايتنا» (4).

أحمد بن محمد بن خالد البرقي في(المحاسن)عن أبيه عن حماد بن عيسى فيما أعلم عن يعقوب بن شعيب قال:سألت أبا عبد اللّه عن قول اللّه عز و جل:إلا من تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى قال:«إلى ولايتنا و اللّه أما ترى كيف اشترط اللّه عز و جل» (5).

أبو علي الطبرسي في(مجمع البيان)قال أبو جعفر الباقر عليه السّلام:« ثُمَّ اهْتَدى إلى5.

ص: 172


1- بحار الأنوار:148/24 ح 26.
2- بحار الأنوار:148/24 ح 27.
3- امالي الطوسي:468/259.
4- بحار الأنوار:150/24 ح 34.
5- المحاسن:142/1 ح 35.

ولايتنا[أهل البيت فو اللّه]لو أن رجلا عبد اللّه عمره ما بين الركن و المقام ثم مات و لم يجيء بولايتنا إلاّ أكبه (1)اللّه في النار على وجهه» (2).

الطبرسي قال:روى الحاكم أبو القاسم الحسكاني بإسناده و أورده العياشي في تفسيره من عدة طرق (3).

و عن محمد بن سليمان بإسناد عن داود بن كثير البرقي قال:دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فقلت له:جعلت فداك قوله تعالى: وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى فما هذا الاهتداء بعد التوبة و الإيمان و العمل الصالح؟

فقال:«معرفة الأئمة و اللّه إمام بعد إمام» (4).

علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن الفضيل عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله تعالى ثُمَّ اهْتَدى قال:«اهتدى إلينا» (5).2.

ص: 173


1- في المصدر:لأكبه.
2- مجمع البيان:45/7.
3- مجمع البيان:45/7.
4- فضائل الشيعة:/26ح 22،تأويل الآيات:316/1 ح 9.
5- تفسير القمي:61/2.

في قوله تعالى (وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ)

إسماعيل بن عبد اللّه محمّد بن عليّ قال:أخبرنا محمّد بن عبد اللّه بن المطلّب الشيباني رضى اللّه عنه قال:حدّثنا محمّد أبو بكر بن هارون الدينوري قال:حدّثنا محمّد بن العيّاش المصري قال:حدّثنا عبد اللّه بن إبراهيم الغفاري قال:حدّثنا حريز بن عبد اللّه الحذّاء قال:حدّثنا إسماعيل بن عبد اللّه قال:قال الحسين بن عليّ عليه السّلام:قال لمّا أنزل اللّه تبارك و تعالى هذه الآية: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن تأويلها فقال:و اللّه ما يعني بها غيركم و أنتم أولوا الأرحام فإذا متّ فأبوك عليّ أولى بي فإذا مضى أبوك فأخوك الحسن أولى به فإذا مضى الحسن فأنت أولى به،قلت:يا رسول اللّه فمن بعدي؟

قال:ابنك عليّ أولى بك من بعدك فإذا مضى فابنه محمّد أولى به من بعده فإذا مضى محمّد فابنه جعفر أولى به من بعده و بمكانه فإذا مضى جعفر فابنه موسى أولى به من بعده فإذا مضى موسى فابنه عليّ أولى به من بعده فإذا مضى عليّ فابنه محمّد أولى به من بعده فإذا مضى محمّد فابنه عليّ أولى به من بعده فإذا مضى عليّ فابنه جعفر أولى به من بعده و بمكانه فإذا مضى الحسن وقعت الغيبة في التاسع من ولدك فهذه الأئمّة التسعة من صلبك أعطاهم اللّه علمي و فهمي،طينتهم من طينتي ما لقوم يؤذونني فيهم لا أنالهم اللّه شفاعتي (1).

محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال عن المفضل بن صالح عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله:

ص: 174


1- كفاية الأثر:176،و بحار الأنوار:344/36 ح 209.

إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً يعني الأئمة عليهم السّلام و ولايتهم من دخل فيها دخل في بيت النبي صلّى اللّه عليه و اله (1).

محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس و علي بن محمد عن سهل بن زياد أبي سعيد عن محمد بن عيسى عن ابن مسكان عن أبي بصير قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جل: أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فقال«نزلت في علي بن أبي طالب و الحسن و الحسين»فقلت له:إن الناس يقولون فما له لم يسم عليّا و أهل بيته في كتاب اللّه عزّ و جلّ؟

فقال:«قولوا لهم:إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله نزلت عليه الصلاة و لم يسم اللّه لهم ثلاثا و لا أربعا حتى كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله هو الذي فسّر ذلك لهم،و نزلت عليه الزكاة و لم يسم لهم من كل أربعين درهما درهم حتى كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله هو الذي فسّر ذلك لهم،و نزل الحج فلم يقل لهم طوفوا سبعا حتى كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله هو الذي فسّر ذلك لهم و نزلت أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ نزلت في علي و الحسن و الحسين فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في علي:من كنت مولاه فعلي مولاه،و قال صلّى اللّه عليه و اله:أوصيكم بكتاب اللّه و أهل بيتي فإني سألت اللّه عزّ و جل أن لا يفرّق بينهما حتى يوردهما عليّ الحوض فأعطاني ذلك و قال:لا تعلّموهم فهم أعلم منكم،و قال:إنهم لن يخرجوكم من باب هدى و لن يدخلوكم في باب ضلالة فلو سكت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فلم يبين من أهل بيته لادّعاها آل فلان و آل فلان و لكن اللّه عزّ و جلّ أنزله في كتابه تصديقا لنبيّه صلّى اللّه عليه و اله إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً فكان علي و الحسن و الحسين و فاطمة عليهم السّلام فأدخلهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله تحت الكساء في بيت أمّ سلمة ثم قال:اللهم إن لكل نبي أهلا و ثقلا و هؤلاء أهل بيتي و ثقلي،فقالت:ام سلمة ألست من أهلك؟

فقال:إنك إلى خير و لكن هؤلاء أهلي و ثقلي،فلما قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان علي أولى الناس بالناس لكثرة ما بلّغ فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و إقامته للناس و أخذ بيده فلما مضى علي4.

ص: 175


1- الكافي:423/1 ح 54.

لم يكن يستطيع علي و لم يكن ليفعل أن يدخل محمد بن علي و لا العباس بن علي و لا أحد من ولده اذا لقال الحسن و الحسين:إن اللّه تبارك و تعالى أنزل فينا كما أنزل فيك و أمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك،و بلّغ فينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله كما بلّغ فيك و أذهب عنا الرجس كما أذهبه عنك،فلما مضى علي عليه السّلام كان الحسن أولى بها لكبره فلما تولى لم يستطع أن يدخل ولده و لم يكن ليفعل ذلك و اللّه عزّ و جلّ يقول: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ فيجعلها في ولده إذا لقال الحسين عليه السّلام:أمر اللّه تبارك و تعالى بطاعتي كما أمر بطاعتك و طاعة أبيك و بلّغ فيّ رسول اللّه كما بلّغ فيك و في أبيك و أذهب اللّه عنّي الرجس كما أذهب عنك و عن أبيك،فلما صارت إلى الحسين لم يكن أحد من أهل بيته يستطيع أن يدّعي عليه كما كان هو يدّعى على أخيه و على أبيه،و لو أرادا أن يصرفا الأمر عنه،و لم يكن ليفعلا ثم صارت حين أفضت إلى الحسين عليه السّلام فجرى تأويل هذه الآية وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ، ثم صارت من بعد الحسين لعلي بن الحسين،ثم صارت من بعد علي بن الحسين إلى محمد بن علي،و قال:

اَلرِّجْسَ هو الشك و اللّه لا نشك في ربنا أبدا» (1).1.

ص: 176


1- الكافي:287/1 ح 1.

جملة ما نزل بالحسين عليه السّلام من الآيات

عليّ بن إبراهيم في تفسيره قال:حدّثني أبي عن حنان بن سدير عن عبد اللّه بن الفضل الهمداني عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:«مرّ عليه رجل عدو للّه و لرسوله فقال: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ الدخان:29.ثمّ مرّ عليه الحسين بن عليّ عليه السّلام فقال لكن هذا لتبكينّ عليه السماء و الأرض-و قال:و ما بكت السماء و الأرض إلاّ على يحيى بن زكريا و على الحسين بن عليّ عليه السّلام» (1).

عن الحسن بن الحكم النخعي عن رجل قال:سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام في الرحبة و هو يتلو هذه الآية:« فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ إذ خرج عليه الحسين بن عليّ عليه السّلام من بعض أبواب المسجد فقال له:«أمّا هذا سيقتل و تبكي عليه السماء و الأرض». (2)

عن أبي جميلة عن محمّد بن عليّ الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالى:

فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ قال:«لم تبك السماء أحدا منذ قتل يحيى بن زكريا حتّى قتل الحسين عليه السّلام فبكت عليه». (3)

عن كثير بن شهاب الحارثي قال:بينا نحن جلوس عند أمير المؤمنين عليه السّلام في الرحبة إذ طلع الحسين عليه السّلام فضحك عليّ ضحكا حتّى بدت نواجده ثمّ قال:«إن اللّه ذكر قوما فقال فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ و الذي فلق الحبة

ص: 177


1- تفسير القمّي:291/2.
2- كامل الزيارات:2/180.
3- كامل الزيارات:8/182.

و برأ النسمة ليقتلن هذا و لتبكين عليه السماء و الأرض» (1).

و عن داود بن فرقد قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«كان الذي قتل الحسين ولد زنى و الذي قتل يحيى بن زكريا ولد زنى و قد احمرّت السماء حين قتل الحسين عليه السّلام سنة.

ثمّ قال:بكت السماء و الأرض على الحسين بن عليّ و يحيى بن زكريا و حمرتها بكاؤها». (2)

و عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ إذا قبض اللّه نبيا من الأنبياء بكت عليه السماء و الأرض أربعين سنة إذا مات العالم العامل بعلمه بكيا عليه أربعين يوما،و أمّا الحسين عليه السّلام فتبكي عليه السماء و الأرض طول الدهر و تصديق ذلك أن يوم قتله قطرت السماء دما،و إن هذه الحمرة التي ترى في السماء ظهرت يوم قتل الحسين عليه السّلام و لم تر قبله أبدا و إن يوم قتله عليه السّلام لم يرفع حجر في الدنيا إلاّ وجد تحته دم.

الطبرسي عن زرارة بن أعين عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال:«بكت السماء على يحيى بن زكريا و على الحسين بن عليّ أربعين صباحا و لم تبك إلاّ عليهما»

قلت:فما بكاؤها؟

قال:«كانت تطلع حمراء و تغيب حمراء». (3)

و في الإحتجاج عن سعد بن عبد اللّه قال:سألت القائم عليه السّلام عن تأويل كهيعص فقال:هذه الحروف من أنباء الغيب أطلع اللّه عليها عبده زكريا ثمّ قصّها على محمّد صلّى اللّه عليه و اله و ذلك أنّ زكريا سأل ربّه أن يعلّمه أسماء الخمسة فعلّمه إيّاها،فكان زكريا إذا ذكر محمّدا و عليّا و فاطمة و الحسن تجلّى عنه همّه،و إذا ذكر الحسين9.

ص: 178


1- كامل الزيارات:24/187-21.
2- كامل الزيارات:27/188،بحار الأنوار:213/45.
3- مجمع البيان:99/9.

خنقته العبرة فقال يوما:إلهي ما بالي إذا ذكرت أربعة تسلّيت بأسمائهم من همومي و إذا ذكرت الحسين تدمع عيني؟فأنبأه اللّه تعالى عن قصّته.

فقال:(كهيعص)فالكاف اسم كربلاء و الهاء هلاك العترة و الياء يزيد و هو ظالم الحسين،و العين عطشه و الصاد صبره.

فلمّا سمع زكريا عليه السّلام لم يفارق مسجده ثلاثة أيّام و منع فيهنّ الناس من الدخول عليه و أقبل على البكاء و النحيب و كان يرثيه:إلهي أتفجّع خيرة جميع خلقك بولده إلهي أتنزل بلوى هذه الرزيّة بفنائه،إلهي أتلبس عليّا و فاطمة ثياب هذه المصيبة بساحتهما،ثمّ كان يقول:إلهي ارزقني ولدا تقرّ به عيني على الكبر فإذا رزقتنيه فافتنّي بحبّه ثمّ افجعني به كما تفجع محمّدا حبيبك بولده فرزقه اللّه يحيى و فجعه به،و كان حمل يحيى ستّة أشهر و حمل الحسين عليه السّلام كذلك،الحديث.

و في الأمالي عن كعب الأخبار قال في كتابنا يعني التوراة:إنّ رجلا من ولد محمّد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقتل و لا يجف عرق دواب أصحابه حتّى يدخلوا الجنّة فيعانقوا الحور العين فمرّ بنا الحسن عليه السّلام فقلنا:هو هذا؟

قال:لا،فمرّ بنا الحسين عليه السّلام فقلنا:هو هذا؟

قال:نعم (1).

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ* فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ قال:حسب فرأى ما يحلّ بالحسين عليه السّلام فقال:إنّي سقيم لما يحلّ بالحسين عليه السّلام (2).

السقم هنا ليس في بدن و إنما في النفس و القلب لأجل ما رأى فيما ينزل بالحسين عليه السّلام ولد خاتم الأنبياء من المصيبة و البلية في نفسه و أهله و ولده.

في تفسير العيّاشي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في تفسير هذه الآية: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ5.

ص: 179


1- دلائل الامامة:514.
2- الكافي:465/1 ح 5.

قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ مع الحسن وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ... فَلَمّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ مع الحسين... قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ إلى خروج القائم عليه السّلام فإنّ معه النصر و الظفر،قال اللّه: قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى (1).

و في كنز الفوائد مسندا إلى الصادق عليه السّلام قال:إقرأوا سورة الفجر في نوافلكم و فرائضكم فإنّها سورة الحسين بن عليّ لقوله تعالى: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ إنّما يعني الحسين بن علي فهو ذو النفس المطمئنّة الراضية المرضية و أصحابه من آل محمّد هم الراضون عن اللّه يوم القيامة و هو عنهم راض.

و هذه السورة في الحسين بن عليّ و شيعته،من أدمن قراءة و الفجر كان مع الحسين بن عليّ في درجته في الجنّة إنّ اللّه عزيز حكيم (2).

و روى صاحب الدرّ الثمين في تفسير قوله تعالى: فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ إنّه رأى على ساق العرش أسماء النبيّ و الأئمّة عليهم السّلام فلقّنه جبرائيل:قل يا حميد بحقّ محمّد يا عالي بحقّ علي يا فاطر بحقّ فاطمة يا محسن بحقّ الحسن و الحسين و منك الإحسان،فلمّا ذكر الحسين سالت دموعه و قال:يا جبرائيل في ذكر الخامس تسيل عبرتي و ينكسر قلبي قال:هذا ولدك يصاب بمصيبة تصغر عندها المصائب؛ يقتل عطشانا غريبا وحيدا ليس له ناصر و لا معين و لو تراه يا آدم و هو يقول:

و اعطشاه و اقلّة ناصراه حتّى يحول العطش بينه و بين السماء كالدّخان فلم يجبه أحد إلاّ بالسيوف فيذبح ذبح الشاة من قفاه و ينهب رحله أعداؤه و تشهر رؤوسهم هو و أنصاره في البلدان و معهم النسوان فبكى آدم بكاء الثكلى (3).4.

ص: 180


1- تفسير العياشي:258/1 ح 195.
2- بحار الانوار:219/44 ح 8.
3- بحار الانوار:245/44 ح 44.

عن سلام،عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله تعالى: قُولُوا آمَنّا بِاللّهِ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْنا (1)قال:«إنّما عنى بذلك عليا عليه السّلام و فاطمة و الحسن و الحسين و جرت بعدهم في الأئمة عليهم السّلام، ثم يرجع القول من اللّه في النّاس فقال: فَإِنْ آمَنُوا يعني النّاس بمثل ما آمَنْتُمْ بِهِ (2)يعني عليا و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة عليهم السّلام فقد اهتدوا،و إن تولّوا فإنما هم في شقاق».

و عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله عليه السّلام قال:إنّ الله تبارك و تعالى عرض على آدم في الميثاق ذريّته،فمرّ به النبيّ صلّى اللّه عليه و اله و هو متّكئ على علي عليه السّلام،و فاطمة عليها السلام تتلوهما،و الحسن و الحسين عليه السّلام يتلوان فاطمة،فقال الله:يا آدم إياك أن تنظر إليهم بحسد أهبطك من جواري.

فلمّا أسكنه الله الجنة مثل له النبي صلّى اللّه عليه و اله و علي و فاطمة و الحسن و الحسين صلوات الله عليهم،فنظر إليهم بحسد،ثم عرضت عليه الولاية فأنكرها فرمته الجنة بأوراقها،فلمّا تاب إلى الله من حسده و أقرّ بالولاية و دعا بحق الخمسة محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين صلوات الله عليهم غفر الله له،و ذلك قوله فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ الآية (3).

و عن سماعة بن مهران،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ قال:الحسن و الحسين وَ يَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ (4)قال:إمام تأتمّون به.

قوله يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ قال علي بن إبراهيم:قوله عزّ و جلّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَ آمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ أي نصيبين من رحمته8.

ص: 181


1- سورة البقرة:136.
2- -سورة البقرة:137.
3- تفسير العياشي 41/1 ح 27.
4- -سورة الحديد:28.

أحديهما أن لا يدخل النار،و الثانية أن يدخل الجنة.

و قوله عزّ و جلّ: وَ يَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ يعني الإيمان.

ثم قال:أخبرني الحسين بن علي عن أبيه عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه صلوات اللّه عليه في قوله تعالى: يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ قال:الحسن و الحسين وَ يَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ قال:إمام تأتمون به (1).

ابن شهر اشوب من طريق الخاصة و العامة روى ذلك عن ابن عباس و ابن مسعود و جابر و البراء و أنس و امّ سلمة و السدي و ابن سيرين و الباقر عليه السّلام في قوله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً قال:«هو محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام»و في رواية«البشر الرسول و النسب فاطمة و الصهر علي» (2).

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام إنه سئل عن قول اللّه عز و جل وَ بَيْنَهُما حِجابٌ (3)قال:

«سور بين الجنّة و النار عليه قائم آل محمد صلّى اللّه عليه و اله و علي و الحسن و الحسين و فاطمة و خديجة الكبرى فينادون أين محبونا أين شيعتنا؟فيقبلون إليهم فيعرفونهم بأسمائهم و أسماء آبائهم و ذلك قوله عزّ و جلّ: يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ أي بأسمائهم فيأخذون بأيديهم فيجوزون بهم على الصراط و يدخلونهم الجنة».

و في تفسير عليّ بن إبراهيم رضى اللّه عنه بإسناده إلى أمير المؤمنين عليه السّلام قال:مرّ عليه رجل عدوّ للّه و رسوله فقال: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ (4).

ثمّ مرّ عليه الحسين عليه السّلام فقال:فقال هذا لتبكين عليه السماء و الأرض و ما بكت9.

ص: 182


1- الكافي:195/1 ح 3.
2- مناقب آل أبي طالب:29/2.
3- سورة الاعراف:46.
4- الدخان:29.

السماء و الأرض إلاّ على يحيى بن زكريا و الحسين بن عليّ صلوات اللّه عليهما (1).

و عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:«مرّ عليه رجل عدو للّه و لرسوله فقال: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ (2)ثمّ مرّ عليه الحسين بن عليّ عليه السّلام فقال لكن هذا لتبكينّ عليه السماء و الأرض-و قال:و ما بكت السماء و الأرض إلاّ على يحيى بن زكريا و على الحسين بن عليّ عليه السّلام». (3)

و عن الحسن بن الحكم النخعي عن رجل قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام في الرحبة و هو يتلو هذه الآية: «فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ إذ خرج عليه الحسين بن عليّ عليه السّلام من بعض أبواب المسجد فقال له:«أمّا هذا سيقتل و تبكي عليه السماء و الأرض». (4)

عن كثير بن شهاب الحارثي قال:بينا نحن جلوس عند أمير المؤمنين عليه السّلام في الرحبة إذ طلع الحسين عليه السّلام فضحك عليّ ضحكا حتّى بدت نواجده ثمّ قال:«إن اللّه ذكر قوما فقال فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ.

و الذي فلق الحبة و برأ النسمة ليقتلن هذا و لتبكين عليه السماء و الأرض». (5)

و عن داود بن فرقد قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«كان الذي قتل الحسين ولد زنى و الذي قتل يحيى بن زكريا ولد زنى و قد احمرّت السماء حين قتل الحسين عليه السّلام سنة.

ثمّ قال:بكت السماء و الأرض على الحسين بن عليّ و يحيى بن زكريا و حمرتها بكاؤها». (6)5.

ص: 183


1- بحار الانوار:168/14 ح 8.
2- الدخان:29.
3- تفسير القمّي:291/2.
4- كامل الزيارات:2/180.
5- كامل الزيارات:24/187-21.
6- كامل الزيارات:27/188،بحار الأنوار:213/45.

و عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ إذا قبض اللّه نبيا من الأنبياء بكت عليه السماء و الأرض أربعين سنة و إذا مات العالم العامل بعلمه بكيا عليه أربعين يوما،و أمّا الحسين عليه السّلام فتبكي عليه السماء و الأرض طول الدهر و تصديق ذلك أن يوم قتله قطرت السماء دما،و إن هذه الحمرة التي ترى في السماء ظهرت يوم قتل الحسين عليه السّلام و لم تر قبله أبدا و إن يوم قتله عليه السّلام لم يرفع حجر في الدنيا إلاّ وجد تحته دم. (1)

و عن أبي هريرة قال:سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله عن قوله عز و جل: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ (2)قال:جعل الامامة في عقب الحسين عليه السّلام يخرج من صلبه تسعة من الأئمة،و منهم مهدي هذه الامة» (3).

و عن أبي أمامة قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«الأئمة بعدي إثنا عشر كلهم من قريش تسعة من صلب الحسين و المهدي منهم» (4).

و نحوه عن أبي سعيد،و عمر بن عثمان عن أبيه،و عبد اللّه بن مسعود،و ابن السائب،و أبي ذر،و عمر بن الخطاب،و زيد بن ثابت جميعا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله قال:«الأئمة بعدي إثنا عشر تسعة من صلب الحسين و التاسع مهديهم» (5).

و قريب منه ما روي عن سلمان و فاطمة عليها السّلام معا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و يونس بن ضبيان و أبان عن الصادق عليه السّلام أبي مريم عن الباقر عليه السّلام (6).0.

ص: 184


1- غاية المرام.
2- زخرف:28.
3- كفاية الاثر:86.
4- كفاية الاثر:106.
5- البحار:282/36 و 291 و 292 و 293 و 317 و 318،و مناقب آل أبي طالب:209/1، و كفاية الاثر:99 و 97.
6- البحار:304/36،و كفاية الاثر:45 و 124 و 194 و 197،و مناقب آل أبي طالب:209/1، البحار:358/36 و 352 و 350.

عن فاطمة الزهراء عليها السّلام قالت:سألت أبي عن قول اللّه تبارك و تعالى وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ (1).

قال:«هم الأئمة بعدي علي و سبطاي و تسعة من صلب الحسين» (2).6.

ص: 185


1- سورة الاعراف:46.
2- كفاية الأثر:194،و نقله في البحار:351/36.

الفهرس

الآيات النازلة في الإمام الحسين عليه السلام

الآيات النازلة في الحسين عليه السلام 1

الآيات النازلة في الإمام الحسين عليه السلام 3

في قوله تعالى: (و على الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم) 7

في قوله تعالى: (و أذان من اللّه و رسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر 8

في قوله تعالى: (يوفون بالنذر و يخافون يوما كان شره مستطيرا) 10

في قوله تعالى: (و هو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا و صهرا) 15

في قوله تعالى: وعد اللّه الذين آمنوا منكم و عملوا الصالحات 16

في قوله تعالى: (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه) 19

في قوله تعالى: (فما بكت عليهم السّماء و الأرض و ما كانوا منظرين) 25

في قوله تعالى: (إنا عرضنا الأمانة على السماوات و الأرض) 29

في قوله تعالى: و نزعنا ما في صدورهم من غلّ إخوانا 32

في قوله تعالى: (و إذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها) 34

في قوله تعالى: (مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان) 35

في قوله تعالى: (إنّ المتّقين في جنّات و عيون) 40

في قوله تعالى: و من يطع اللّه و الرّسول فأولئك مع الّذين أنعم اللّه عليهم 41

في قوله تعالى: (و قل جاء الحقّ و زهق الباطل إنّ الباطل كان زهوقا) 44

في قوله تعالى: يوم لا يخزي اللّه النّبيّ و الّذين آمنوا 48

ص: 186

في قوله تعالى: (فما بكت عليهم السّماء و الأرض و ما كانوا منظرين) 49

في قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا اللّه و أطيعوا الرسول 50

في قوله تعالى: إني جاعلك للناس إماما قال و من ذرّيتي 60

في معنى قوله تعالى: (يوم ندعو كل اناس بإمامهم) 62

في قوله تعالى: إنما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت 63

في قوله تعالى: فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا 103

في قوله تعالى: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودّة في القربى) 125

في قوله تعالى: (اللّه نور السماوات و الأرض مثل نوره كمشكاة) 143

في قوله تعالى: في بيوت اذن اللّه أن ترفع و يذكر فيها اسمه 151

في قوله تعالى: إن اللّه اصطفى آدم و نوحا و آل إبراهيم و آل عمران 154

في قوله تعالى: (و أنذر عشيرتك الأقربين) 161

في قوله تعالى: (فلا اقتحم العقبة و ما ادراك ما العقبة فك رقبة) 165

في قوله تعالى: (و ربك يخلق ما يشاء و يختار ما كان لهم الخيرة) 166

في قوله تعالى: (و إني لغفار لمن تاب و آمن و عمل صالحا ثم اهتدى) 171

في قوله تعالى: (و أولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب اللّه) 175

جملة ما نزل بالحسين عليه السلام من الآيات 178

الفهرس 187

ص: 187

المجلد 6

اشارة

الصحیح من سیرة الإمام الحسین بن علي علیه السلام

نویسنده: سید هاشم بحرانی - علامه سید مرتضی عسکری و سید محمد باقر شریف قرشی

ناشر: مؤسسة التاريخ العربي

مکان نشر: لبنان - بيروت

سال نشر: 2009م , 1430ق

چاپ:1

موضوع:اسلام، تاریخ

زبان:عربی

تعداد جلد:20

کد کنگره: /ع5ص3 41/4 BP

ص: 1

اشارة

ص: 2

الجزء السادس

معاجز الامام الحسين و التوسل به

كرامات الإمام الحسين عليه السلام

و في الأمالي عن الصادق عليه السّلام قال:مرض النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم المرضة التي عوفي منها فعادته فاطمة و معها الحسن و الحسين عليه السّلام فقعد الحسن عليه السّلام على جانبه الأيمن و الحسين عليه السّلام على جانبه الأيسر،فأقبلا يغمزان بدن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،فما أفاق من نومه فقالت:ارجعا حتّى يفيق و ترجعان إليه فلم يقبلا فاضطجع الحسن على عضده الأيمن و الحسين على عضد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الأيسر فانتبها قبل أن ينتبه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و قد كانت فاطمة لمّا ناما انصرفت إلى منزلها فقالا لعائشة:ما فعلت امّنا؟

قالت:رجعت إلى منزلها،فقاما و خرجا في ليلة ظلماء ذات رعد و برق فسطع لهما نور فمشيا حتّى أتيا حديقة بني النجّار فبقيا لا يعلمان أين يأخذان.

فقال الحسن:ننام حتّى نصبح فاضطجعا متعانقين فانتبه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من النوم فطلبهما في منزل فاطمة و افتقدهما فقال:إلهي و سيّدي هذان شبلاي خرجا من المجاعة،اللّهم أنت وكيلي عليهما،فسطع نور و مشى في ذلك النور إلى حديقة بني النجّار فإذا هما نائمان متعانقان و قد تقشّعت السماء فوقهما كطبق و هي تمطر و لم تمطر عليهما،و قد اكتنفتهما حية لها شعرات كأجام القصب و جناحان،جناح غطّت به الحسن و جناح غطّت به الحسين عليه السّلام،فلمّا أن بصر بهما النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم تنحنح فانسابت الحيّة و هي تقول:اللّهم إنّي اشهدك إنّي قد حفظت شبلي نبيّك و دفعتهما إليه سالمين فقال لها:أيّتها الحيّة من أنت؟

قالت:أنا رسول الجنّ إليك نسينا آية من كتاب اللّه فبعثوني إليك لتعلّمنا ما

ص: 3

نسينا،فلمّا بلغت هذا الموضع سمعت مناديا ينادي:أيّتها الحيّة هذان شبلا رسول اللّه فاحفظيهما فأخذت الآية و انصرفت،فوضع الحسن على عاتقه الأيمن و الحسين على الأيسر.

فقال أبو بكر:إدفع إليّ بأحد شبليك أخفّف عنك فقال:إمض فقد سمع اللّه كلامك و عرف مقامك.

و قال لعمر مثل ما قال لأبي بكر،فتلقّاه عليّ عليه السّلام فقال:إدفع إليّ أحد شبليك أخفّف عنك فقال للحسن:هل تمض إلى كتف أبيك؟

فقال:يا جدّاه إنّ كتفك لأحبّ إليّ من كتف أبي،و قال له الحسين مثل قول أخيه فأقبل إلى منزل فاطمة و قد ادّخرت لهما تميرات فأكلا و شبعا و فرحا.

فقال لهما النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:قوما الآن فاصطرعا فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:يا حسن شدّ على الحسين فاصرعه،فقالت فاطمة:يا أبه وا عجباه أتشجّع الكبير على الصغير،فقال:

يا بنيّة هذا جبرائيل يقول:يا حسين شدّ على الحسن فاصرعه (1).9.

ص: 4


1- بحار الانوار:107/39.

فضل كربلاء و زيارة الحسين عليه السّلام

ما رواه في كامل الزيارات في فضل الزيارة:

1-عن المفضل بن عمر قال في حديث...ثم تنفس أبو عبد اللّه عليه السّلام و قال:يا مفضل إن بقاع الأرض تفاخرت،ففخرت كعبة البيت الحرام على بقعة كربلاء فأوحى اللّه إليها أن اسكتي يا كعبة اللّه الحرام و لا تفتخري على كربلاء فإنها البقعة التي نودي موسى منها من الشجرة و إنها الربوة التي أوت إليها مريم و المسيح و إنها الدالية (1)التي غسل فيها رأس الحسين عليه السّلام و فيها غسلت مريم عيسى، و اغتسلت من ولادتها و إنها خير بقعة عرج رسول اللّه منها وقت غيبته و ليكونن لشيعتنا فيها خيره إلى ظهور قائمنا (2)..

الحسين بن أحمد بن المغيرة فيه حديث رواه شيخه أبو القاسم رحمه اللّه مصنف هذا الكتاب و نقل عنه و هو عن زائدة عن مولانا علي بن الحسين عليه السّلام ذهب على شيخنا رحمه اللّه أن يضمّنه كتابه هذا و هو مما يليق بهذا الباب و يشتمل أيضا على معان شتى حسن تام الألفاظ أحببت إدخاله و جعلته أول الباب و جميع أحاديث هذا الباب و غيرها مما يجري مجراها يستدل بها على صحة قبر مولانا الحسين عليه السّلام بكربلاء لأن كثيرا من المخالفين ينكرون أن قبره بكربلاء كما ينكرون أن قبر مولانا أمير المؤمنين عليه السّلام بالغري بظهر نجف الكوفة و قد كنت

ص: 5


1- يريد الفرات.
2- بحار الأنوار:53/12.

استفدت هذا الحديث بمصر عن شيخي أبي القاسم علي بن محمد بن عبدوس الكوفي رحمه اللّه مما نقله عن مزاحم بن عبد الوارث البصري بإسناده عن قدامة بن زائدة عن أبيه زائدة عن علي بن الحسين عليه السّلام و قد ذاكرت شيخنا ابن قولويه بهذا الحديث بعد فراغه من تصنيف هذا الكتاب ليدخله فيه فما قضى ذلك و عاجلته منيته رضي اللّه عنه و ألحقه بمواليه عليه السّلام و هذا الحديث داخل فيما أجاز لي شيخي ره و قد جمعت بين الروايتين بالألفاظ الزائدة و النقصان و التقديم و التأخير فيهما حتى صح بجميعه عمن حدّثني به أولا ثم الآن و ذلك أني ما قرأته على شيخي ره و لا قرأه علي غير أني أرويه عمن حدّثني به عنه و هو أبو عبد اللّه أحمد بن محمد بن عياش قال:

حدثني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه قال:حدثني أبو عيسى عبيد اللّه بن الفضل بن محمد بن هلال الطائي البصري ره قال:حدثني أبو عثمان سعيد بن محمد قال:حدثنا محمد بن سلام بن يسار(سيار)الكوفي قال:حدثني أحمد ابن محمد الواسطي قال:حدثني عيسى بن أبي شيبة القاضي قال:حدثني نوح بن دراج قال:حدثني قدامة بن زائدة عن أبيه قال:قال علي بن الحسين عليه السّلام:بلغني يا زائدة أنك تزور قبر أبي عبد اللّه الحسين عليه السّلام أحيانا.

فقلت:إن ذلك لكما بلغك.

فقال لي:فلماذا تفعل ذلك و لك مكان عند سلطانك الذي لا يحتمل أحدا على محبتنا و تفضيلنا و ذكر فضائلنا و الواجب على هذه الأمة من حقنا.

فقلت:و اللّه ما أريد بذلك إلا اللّه و رسوله و لا أحفل بسخط من سخط و لا يكبر في صدري مكروه ينالني بسببه.

فقال عليه السّلام:و اللّه إن ذلك لكذلك.

فقلت:و اللّه إن ذلك لكذلك يقولها ثلاثا و أقولها ثلاثا.

فقال:أبشر ثم أبشر ثم أبشر فلأخبرنك بخبر كان عندي في النخب(البحر)

ص: 6

المخزون فإنه لما أصابنا بالطف ما أصابنا و قتل أبي عليه السّلام و قتل من كان معه من ولده و إخوته و سائر أهله و حملت حرمه و نساؤه على الأقتاب يراد بنا الكوفة فجعلت أنظر إليهم صرعى و لم يواروا فعظم ذلك في صدري و اشتد لما أرى منهم قلقي فكادت نفسي تخرج و تبيّنت ذلك مني عمتي زينب الكبرى بنت علي عليه السّلام فقالت:ما لي أراك تجود بنفسك يا بقية جدي و أبي و إخوتي.

فقلت:و كيف لا أجزع و أهلع و قد أرى سيدي و إخوتي و عمومتي و ولد عمي و أهلي مصرعين بدمائهم مرملين بالعراء مسلبين لا يكفنون و لا يوارون و لا يعرج عليهم أحد و لا يقربهم بشر كأنهم أهل بيت من الديلم و الخزر فقالت:لا يجزعنك ما ترى فو اللّه إن ذلك لعهد من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى جدك و أبيك و عمك و لقد أخذ اللّه الميثاق أناس من هذه الأمة لا تعرفهم فراعنة هذه الأمة و هم معروفون في أهل السماوات أنهم يجمعون هذه الأعضاء المتفرقة فيوارونها و هذه الجسوم المضرجة و ينصبون لهذا الطف علما لقبر أبيك سيد الشهداء لا يدرس أثره و لا يعفو رسمه على كرور الليالي و الأيام و ليجتهدن أئمة الكفر و أشياع الضلالة في محوه و تطميسه فلا يزداد أثره إلا ظهورا و أمره إلا علوا.

فقلت:و ما هذا العهد و ما هذا الخبر فقالت:نعم،حدثتني أم أيمن أن رسول اللّه ص زار منزل فاطمة عليه السّلام في يوم من الأيام فعملت له حريرة و أتاه علي عليه السّلام بطبق فيه تمر ثم قالت أم أيمن:فأتيتهم بعس فيه لبن و زبد فأكل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليه السّلام من تلك الحريرة و شرب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و شربوا من ذلك اللبن ثم أكل و أكلوا من ذلك التمر و الزبد ثم غسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يده و علي يصب عليه الماء فلما فرغ من غسل يده مسح وجهه ثم نظر إلى علي و فاطمة و الحسن و الحسين نظرا عرفنا به السرور في وجهه ثم رمق بطرفه نحو السماء مليا،ثم إنه وجّه وجهه نحو القبلة و بسط يديه و دعى ثم خر ساجدا و هو ينشج فأطال النشوج و علا نحيبه و جرت دموعه ثم رفع رأسه و أطرق إلى الأرض

ص: 7

و دموعه تقطر كأنها صوب المطر فحزنت فاطمة و علي و الحسن و الحسين عليهم السّلام و حزنت معهم لما رأينا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وهبناه أن نسأله حتى إذا طال ذلك قال له علي و قالت له فاطمة:ما يبكيك يا رسول اللّه لا أبكى اللّه عينيك فقد أقرح قلوبنا ما نرى من حالك فقال:يا أخي سررت بكم.

و قال مزاحم بن عبد الوارث في حديثه هاهنا:فقال:يا حبيبي إني سررت بكم سرورا ما سررت مثله قط و إني لأنظر إليكم و أحمد اللّه على نعمته علي فيكم إذ هبط على جبرئيل عليه السّلام فقال:يا محمد إن اللّه تبارك و تعالى اطلع على ما في نفسك و عرف سرورك بأخيك و ابنتك و سبطيك فأكمل لك النعمة و هنأك العطية بأن جعلهم و ذرياتهم و محبيهم و شيعتهم معك في الجنة لا يفرّق بينك و بينهم يحبون كما تحب و يعطون كما تعطي حتى ترضى و فوق الرضى على بلوى كثيرة تنالهم في الدنيا و مكاره تصيبهم بأيدي أناس ينتحلون ملتك و يزعمون أنهم من أمتك براء من اللّه و منك خبطا خبطا و قتلا قتلا مصارعهم شتى نائية قبورهم خيرة من اللّه لهم و لك فيهم فاحمد اللّه عز و جل على خيرته و ارض بقضائه فحمدت اللّه و رضيت بقضائه بما اختاره لكم ثم قال لي جبرئيل:يا محمد إن أخاك مضطهد بعدك مغلوب على أمتك متعوب من أعدائك ثم مقتول بعدك يقتله أشر الخلق و الخليقة و أشقى البرية يكون نظير عاقر الناقة ببلد تكون إليه هجرته و هو مغرس شيعته و شيعة ولده و فيه على كل حال يكثر بلواهم و يعظم مصابهم و إن سبطك هذا و أومأ بيده إلى الحسين عليه السّلام مقتول في عصابة من ذريتك و أهل بيتك و أخيار من أمتك بضفة الفرات بأرض يقال لها كربلاء من أجلها يكثر الكرب و البلاء على أعدائك و أعداء ذريتك في اليوم الذي لا ينقضي كربه و لا تفنى حسرته و هي أطيب بقاع الأرض و أعظمها حرمة يقتل فيها سبطك و أهله و أنها من بطحاء الجنة فإذا كان ذلك اليوم الذي يقتل فيه سبطك و أهله و أحاطت به كتائب أهل الكفر و اللعنة تزعزعت الأرض من أقطارها و مادت الجبال و كثر اضطرابها و اصطفقت البحار بأمواجها و ماجت

ص: 8

السماوات بأهلها غضبا لك يا محمد و لذريتك و استعظاما لما ينتهك من حرمتك و لشر ما تكافى به في ذريتك و عترتك،و لا يبقى شيء من ذلك إلا استأذن اللّه عزّ و جلّ في نصرة أهلك المستضعفين المظلومين الذين هم حجة اللّه على خلقه بعدك فيوحي اللّه إلى السماوات و الأرض و الجبال و البحار و من فيهن،إني أنا اللّه الملك القادر الذي لا يفوته هارب و لا يعجزه ممتنع و أنا أقدر فيه على الإنتصار و الإنتقام و عزتي و جلالي لأعذبن من وتر رسولي و صفيي و انتهك حرمته و قتل عترته و نبذ عهده و ظلم أهل بيته(أهله)عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين فعند ذلك يضج كل شيء في السماوات و الأرضين بلعن من ظلم عترتك و استحل حرمتك فإذا برزت تلك العصابة إلى مضاجعها تولّى اللّه عز و جل قبض أرواحها بيده و هبط إلى الأرض ملائكة من السماء السابعة معهم آنية من الياقوت و الزمرد مملوة من ماء الحياة و حلل من حلل الجنة و طيب من طيب الجنة فغسلوا جثثهم بذلك الماء و ألبسوها الحلل و حنطوها بذلك الطيب و صلّت الملائكة صفا صفا عليهم ثم يبعث اللّه قوما من أمتك لا يعرفهم الكفار لم يشركوا في تلك الدماء بقول و لا فعل و لا نية فيوارون أجسامهم و يقيمون رسما لقبر سيد الشهداء بتلك البطحاء يكون علما لأهل الحق و سببا للمؤمنين إلى الفوز و تحفّه ملائكة من كل سماء مائة ألف ملك في كل يوم و ليلة و يصلّون عليه و يطوفون عليه و يسبحون اللّه عنده و يستغفرون اللّه لمن زاره و يكتبون أسماء من يأتيه زائرا من أمتك متقربا إلى اللّه تعالى و إليك بذلك و أسماء آبائهم و عشائرهم و بلدانهم و يوسمون في وجوههم بميسم نور عرش اللّه هذا زائر قبر خير الشهداء و ابن خير الأنبياء فإذا كان يوم القيامة سطع في وجوههم من أثر ذلك الميسم نور تغشى منه الأبصار يدل عليهم و يعرفون به و كأني بك يا محمد بيني و بين ميكائيل و علي أمامنا و معنا من ملائكة اللّه ما لا يحصى عددهم و نحن نلتقط من ذلك الميسم في وجهه من بين الخلائق حتى ينجيهم اللّه من هول ذلك اليوم و شدائده و ذلك حكم اللّه و عطاؤه لمن زار قبرك يا

ص: 9

محمد أو قبر أخيك أو قبر سبطيك لا يريد به غير اللّه عز و جل و سيجتهد أناس ممن حقت عليهم اللعنة من اللّه و السخط أن يعفوا رسم ذلك القبر و يمحوا أثره فلا يجعل اللّه تبارك و تعالى لهم إلى ذلك سبيلا.

ثم قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:فهذا أبكاني و أحزنني قالت زينب:فلما ضرب ابن ملجم لعنه اللّه أبي عليه السّلام و رأيت عليه أثر الموت منه قلت له:يا أبة حدثتني أم أيمن بكذا و كذا و قد أحببت أن أسمعه منك؟

فقال:يا بنية الحديث كما حدثتك أم أيمن و كأني بك و بنساء أهلك سبايا بهذا البلد أذلاء خاشعين تخافون أن يتخطفكم الناس فصبرا صبرا فو الذي فلق الحبة و برأ النسمة ما للّه على ظهر الأرض يومئذ ولي غيركم و غير محبيكم و شيعتكم و لقد قال لنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حين أخبرنا بهذا الخبر:إن إبليس لعنه اللّه في ذلك اليوم يطير فرحا فيجول الأرض كلها بشياطينه و عفاريته فيقول يا معاشر الشياطين قد أدركنا من ذرية آدم الطلبة و بلغنا في هلاكهم الغاية و أورثناهم النار إلا من اعتصم بهذه العصابة فاجعلوا شغلكم بتشكيك الناس فيهم و حملهم على عداوتهم و إغرائهم بهم و أوليائهم حتى تستحكموا ضلالة الخلق و كفرهم و لا ينجو منهم ناج و لقد صدق عليهم إبليس و هو كذوب أنه لا ينفع مع عداوتكم عمل صالح و لا يضر مع محبتكم و موالاتكم ذنب غير الكبائر.

قال زائدة:ثم قال علي بن الحسين عليه السّلام بعد أن حدثني بهذا الحديث:خذه إليك ما لو ضربت في طلبه آباط الإبل حولا لكان قليلا.

2-أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه القمي الفقيه رحمه اللّه قال:

حدثني أبي و علي بن الحسين و جماعة مشايخي رحمهم اللّه عن سعد بن عبد اللّه بن أبي خلف عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن أبي سعيد القماط قال:حدثني عبد اللّه بن أبي يعفور قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول لرجل من مواليه:يا فلان أتزور قبر أبي عبد اللّه الحسين بن علي عليه السّلام قال:نعم إني أزوره بين

ص: 10

ثلاث سنين أو سنتين مرة فقال له:و هو مصفر الوجه:أما و اللّه الذي لا إله إلا هو لو زرته لكان أفضل لك مما أنت فيه فقال له:جعلت فداك أكل هذا الفضل.

فقال:نعم و اللّه لو إني حدثتكم بفضل زيارته و بفضل قبره لتركتم الحج رأسا و ما حج منكم أحد ويحك أما تعلم أن اللّه اتخذ(بفضل قبره)كربلاء حرما آمنا مباركا قبل أن يتخذ مكة حرما.

قال ابن أبي يعفور:فقلت له:قد فرض اللّه على الناس حج البيت و لم يذكر زيارة قبر الحسين عليه السّلام فقال:و إن كان كذلك فإن هذا شيء جعله اللّه هكذا أما سمعت قول أبي أمير المؤمنين عليه السّلام حيث يقول:إن باطن القدم أحق بالمسح من ظاهر القدم و لكن اللّه فرض هذا على العباد أو ما علمت أن الموقف لو كان في الحرم كان أفضل لأجل الحرم و لكن اللّه صنع ذلك في غير الحرم.

3-حدثني محمد بن جعفر القرشي الرزاز عن محمد بن الحسين عن محمد بن سنان عن أبي سعيد القماط عن عمر بن يزيد بياع السابري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

إن أرض الكعبة قالت من مثلي و قد بنى اللّه بيته(بني بيت اللّه)على ظهري و يأتيني الناس من كل فج عميق و جعلت حرم اللّه و أمنه فأوحى اللّه إليها أن كفي و قري فو عزتي و جلالي ما فضل ما فضلت به فيما أعطيت به أرض كربلاء إلا بمنزلة الإبرة غرست(غمست)في البحر فحملت من ماء البحر و لو لا تربة كربلاء ما فضلتك و لو لا ما تضمنته أرض كربلاء لما خلقتك و لا خلقت البيت الذي افتخرت به فقري و استقري و كوني دنيا متواضعا ذليلا مهينا غير مستنكف و لا مستكبر لأرض كربلاء و إلا سخت بك و هويت بك في نار جهنم.

و حدثني أبي و علي ابن الحسين عن علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن محمد بن علي قال:حدثنا عباد أبو سعيد العصفري عن عمر بن يزيد بياع السابري عن جعفر بن محمد عليه السّلام.و ذكر مثله.

4-حدثني أبو العباس الكوفي عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن أبي

ص: 11

سعيد العصفري عن عمرو بن ثابت عن أبيه عن أبي جعفر عليه السّلام قال:خلق اللّه تبارك و تعالى أرض كربلاء قبل أن يخلق الكعبة بأربعة و عشرين ألف عام و قدّسها و بارك عليها فما زالت قبل خلق اللّه الخلق مقدّسة مباركة و لا تزال كذلك حتى يجعلها اللّه أفضل أرض في الجنة و أفضل منزل و مسكن يسكن اللّه فيه أولياءه في الجنة.

5-حدثني محمد بن جعفر القرشي الرزاز عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن أبي سعيد عن بعض رجاله عن أبي الجارود قال:قال علي بن الحسين عليه السّلام:اتخذ اللّه أرض كربلاء حرما آمنا مباركا قبل أن يخلق اللّه أرض الكعبة و يتخذها حرما بأربعة و عشرين ألف عام و أنه إذا زلزل اللّه تبارك و تعالى الأرض و سيّرها رفعت كما هي بتربتها نورانية صافية فجعلت في أفضل روضة من رياض الجنة و أفضل مسكن في الجنة لا يسكنها إلا النبيون و المرسلون أو قال:

أولو العزم من الرسل و أنها لتزهر بين رياض الجنة كما يزهر الكوكب الدري بين الكواكب لأهل الأرض يغشي نورها أبصار أهل الجنة جميعا و هي تنادي أنا أرض اللّه المقدسة الطيبة المباركة التي تضمنت سيد الشهداء و سيد شباب أهل الجنة.

حدثني أبي و علي بن الحسين و جماعة مشايخي عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن علي عن عباد أبي سعيد العصفري عن رجل عن أبي الجارود قال:قال علي بن الحسين..و ذكر مثله.

6-و روي قال أبو جعفر عليه السّلام الغاضرية هي البقعة التي كلّم اللّه فيها موسى بن عمران عليه السّلام و ناجى نوحا فيها و هي أكرم أرض اللّه عليه و لو لا ذلك ما استودع اللّه فيها أولياءه و أنبياءه فزوروا قبورنا بالغاضرية.

7-و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:الغاضرية تربة من بيت المقدس.

8-و عنهما بهذا الإسناد عن أبي سعيد العصفري عن حماد بن أيوب عن أبي

ص: 12

عبد اللّه عليه السّلام عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:يقبر ابني بأرض يقال لها كربلاء هي البقعة التي كانت فيها قبة الإسلام التي أنجى اللّه عليها المؤمنين الذين آمنوا مع نوح في الطوفان.

9-و بإسناده عن ميثم التمار عن الباقر عليه السّلام قال:من بات ليلة عرفة في كربلاء و أقام بها حتى يعيد و ينصرف وقاه اللّه شر سنة.

10-و بهذا الإسناد عن علي بن حرب(الحارث)عن الفضل بن يحيى عن أبيه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:زوروا كربلاء و لا تقطعوه فإن خير أولاد الأنبياء ضمنته ألا و إن الملائكة زارت كربلاء ألف عام من قبل أن يسكنه جدي الحسين عليه السّلام و ما من ليلة تمضي إلا و جبرائيل و ميكائيل يزورانه فاجتهد يا يحيى أن لا تفقد من ذلك الموطن.

11-حدثني أبي و جماعة مشايخي رحمهم اللّه عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن جعفر بن محمد بن عبيد اللّه عن عبد اللّه بن ميمون القداح عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:مر أمير المؤمنين عليه السّلام بكربلاء في أناس من أصحابه فلما مر بها أغرورقت عيناه بالبكاء ثم قال:هذا مناخ ركابهم و هذا ملقى رحالهم و هنا تهرق دماؤهم طوبى لك من تربة عليك تهرق دماء الأحبة.

12-حدثني أبي و محمد بن الحسن ره عن الحسن بن متيل عن سهل بن زياد عن علي بن أسباط عن محمد بن سنان عمن حدثه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:خرج أمير المؤمنين عليه السّلام يسير بالناس حتى إذا كان من كربلاء على مسيرة ميل أو ميلين تقدم بين أيديهم حتى صار بمصارع الشهداء ثم قال:قبض فيها مائتا نبي و مائتا وصي و مائتا سبط كلهم شهداء بأتباعهم فطاف بها على بغلته خارجا رجله من الركاب فأنشأ يقول:مناخ ركاب و مصارع الشهداء لا يسبقهم من كان قبلهم و لا يلحقهم من أتى بعدهم.

ص: 13

13-حدثني أبي رحمه اللّه و جماعة مشايخي عن محمد بن يحيى العطار عن محمد بن الحسين عن محمد بن سنان عن عمرو بن ثابت عن أبيه عن أبي جعفر عليه السّلام قال:خلق اللّه تعالى كربلاء قبل أن يخلق الكعبة بأربعة و عشرين ألف عام و قدّسها و بارك عليها فما زالت قبل أن يخلق اللّه الخلق مقدّسة مباركة و لا تزال كذلك و يجعلها أفضل أرض في الجنة.

14-و روى هذا الحديث جماعة مشايخنا رحمهم اللّه أبي و أخي و غيرهم عن أحمد بن إدريس عن محمد بن أحمد عن محمد بن الحسين عن محمد بن علي عن أبي سعيد العصفري عن عمرو بن ثابت أبي المقدام عن أبيه عن أبي جعفر عليه السّلام مثله و زاد فيه و أفضل منزل و مسكن يسكن اللّه فيه أولياءه في الجنة.

حدثني به أبي و أخي و علي بن الحسين ره عن علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن محمد بن علي قال:حدثنا عباد أبو سعيد العصفري عن عمرو بن ثابت أبي المقدام عن أبيه عن أبي جعفر عليه السّلام..و ذكر مثله مع الزيادة.

15-حدثني أبي ره عن علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن محمد بن علي قال:حدثنا عباد أبو سعيد العصفري عن صفوان الجمال قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:إن اللّه تبارك و تعالى فضّل الأرضين و المياه بعضها على بعض فمنها ما تفاخرت و منها ما بغت فما من ماء و لا أرض إلا عوقبت لتركها التواضع للّه حتى سلّط اللّه المشركين على الكعبة و أرسل إلى زمزم ماء مالحا حتى أفسد طعمه و إن أرض كربلاء و ماء الفرات أول أرض و أول ماء قدّس اللّه تبارك و تعالى فبارك اللّه عليهما فقال لها:تكلمي بما فضّلك اللّه تعالى فقد تفاخرت الأرضون و المياه بعضها على بعض.

قالت:أنا أرض اللّه المقدسة المباركة الشفاء في تربتي و مائي و لا فخر بل خاضعة ذليلة لمن فعل بي ذلك و لا فخر على من دوني بل شكرا للّه فأكرمها و زاد

ص: 14

في تواضعها(و زادها لتواضعها)و شكرها اللّه بالحسين عليه السّلام و أصحابه.

ثم قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:من تواضع للّه رفعه اللّه و من تكبّر وضعه اللّه تعالى (1).1.

ص: 15


1- كامل الزيارات:271.

فضل الحائر و حرمته

اشارة

1-حدثني الحسن بن عبد اللّه بن محمد بن عيسى عن أبيه عبد اللّه بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن إسحاق بن عمار قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:موضع قبر الحسين بن علي عليه السّلام منذ يوم دفن فيه روضة من رياض الجنة و قال:موضع قبر الحسين عليه السّلام ترعة من ترع الجنة.

2-حدثني أبي و جماعة مشايخي عن سعد بن عبد اللّه عن محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني عن محمد بن إسماعيل البصري عمن رواه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

حرمة قبر الحسين فرسخ في فرسخ من أربعة جوانبه.

3-حدثني حكيم بن داود بن حكيم رحمه اللّه عن سلمة بن الخطاب عن منصور ابن العباس يرفعه إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:حرم قبر الحسين عليه السّلام خمس فراسخ من أربعة جوانب القبر.

4-حدثني محمد بن جعفر الرزاز عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسن بن محبوب عن إسحاق بن عمار قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:إن لموضع قبر الحسين بن علي عليه السّلام حرمة معلومة من عرفها و استجار بها أجير قلت:فصف لي موضعها جعلت فداك.

قال:امسح من موضع قبره اليوم فامسح خمسة و عشرين ذراعا من ناحية رجليه و خمسة و عشرين ذراعا مما يلي وجهه و خمسة و عشرين ذراعا من خلفه و خمسة و عشرين ذراعا من ناحية رأسه.و موضع قبره منذ يوم دفن روضة من

ص: 16

رياض الجنة و منه معراج يعرج فيه بأعمال زواره إلى السماء فليس ملك و لا نبي في السماوات إلا و هم يسألون اللّه أن يأذن لهم في زيارة قبر الحسين عليه السّلام ففوج ينزل و فوج يعرج.

5-حدثني أبي و جماعة مشايخي ره عن سعد بن عبد اللّه عن هارون بن مسلم عن عبد الرحمن بن الأشعث عن عبد اللّه بن حماد الأنصاري عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سمعته يقول:قبر الحسين عليه السّلام عشرون ذراعا في عشرين ذراعا مكسرا روضة من رياض الجنة..و ذكر الحديث و عنه عن سعد عن أحمد بن محمد عن الحسن بن علي الوشاء عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله (1).2.

ص: 17


1- كامل الزيارات:272.

إن الحائر من المواضع التي يحب اللّه أن يدعى فيها

1-حدثني أبي و محمد بن الحسن عن الحسن بن متيل عن سهل بن زياد عن أبي هاشم الجعفري قال:بعث إلي أبو الحسن عليه السّلام في مرضه و إلى محمد بن حمزة فسبقني إليه محمد بن حمزة فأخبرني أنه ما زال يقول:إبعثوا إلى الحائر.

فقلت لمحمد ألا قلت:أنا أذهب إلى الحائر ثم دخلت عليه فقلت له:جعلت فداك أنا أذهب إلى الحائر.

فقال:انظروا في ذلك.

ثم قال:إن محمدا ليس له سر من زيد بن علي و أنا أكره أن يسمع ذلك قال:

فذكرت ذلك لعلي بن بلال فقال:ما كان يصنع بالحائر و هو الحائر فقدمت العسكر فدخلت عليه فقال لي:إجلس حين أردت القيام فلما رأيته أنس بي ذكرت قول علي ابن بلال فقال لي:ألا قلت له:إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يطوف بالبيت و يقبل الحجر و حرمة النبي صلّى اللّه عليه و آله و المؤمن أعظم من حرمة البيت و أمره اللّه أن يقف بعرفة إنما هي مواطن يحب اللّه أن يذكر فيها فأنا أحب أن يدعى لي حيث يحب اللّه أن يدعى فيها و الحائر(الحير)من تلك المواضع.

2-حدثني علي بن الحسين و جماعة عن سعد بن عبد اللّه عن محمد بن عيسى عن أبي هاشم الجعفري قال:دخلت أنا و محمد بن حمزة عليه نعوده و هو عليل فقال لنا:وجّهوا قوما إلى الحائر من مالي فلما خرجنا من عنده قال لي محمد بن حمزة المشير يوجهنا إلى الحائر و هو بمنزلة من في الحائر قال:فعدت إليه فأخبرته فقال لي:ليس هو هكذا إن للّه مواضع يحب أن يعبد فيها و حائر

ص: 18

الحسين عليه السّلام من تلك المواضع.

3-قال الحسين بن أحمد بن المغيرة و حدثني أبو محمد الحسن بن أحمد بن علي الرازي المعروف بالوهوردي بنيشابور بهذا الحديث...و ذكر في آخره غير ما مضى في الحديثين الأولين أحببت شرحه في هذا الباب لأنه منه

قال أبو محمد الوهوردي:حدثني أبو علي محمد بن همام ره قال:حدثني محمد الحميري قال:حدثني أبو هاشم الجعفري قال:دخلت على أبي الحسن علي بن محمد عليه السّلام و هو محموم عليل فقال لي:يا أبا هاشم إبعث رجلا من موالينا إلى الحائر يدعو اللّه لي فخرجت من عنده فاستقبلني علي بن بلال فأعلمته ما قال لي و سألته أن يكون الرجل الذي يخرج فقال:السمع و الطاعة و لكنني أقول إنه أفضل من الحائر:إذ كان بمنزلة من في الحائر و دعاؤه لنفسه أفضل من دعائي له بالحائر فأعلمته عليه السّلام ما قال فقال لي:قل له:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أفضل من البيت و الحجر و كان يطوف بالبيت و يستلم الحجر و إن للّه تعالى بقاعا يحب أن يدعى فيها فيستجيب لمن دعاه و الحائر منها (1).4.

ص: 19


1- كامل الزيارات:274.

معجزة الحسين عليه السلام ببركة مجالس العزاء

اشارة

ينقل آية دستغيب هذه القصة عن السيّد الزاهد مولانا الحاج فرج اللّه البهبهاني و القصة بخط السّيد فرج اللّه نفسه و هي:

كان هناك شخص اسمه عبد اللّه يسكن بهبهان وفي ليلة 28 محرم الحرام من عام 1382 ه شلّت إحدى رجليه و لم يستطع الحركة بعدها إلاّ بالإستعانة بعكازتين يضعهما تحت إبطيه و كانت تصله حقوق من أمير المؤمنين تمكّنه من مواصلة العيش بكرامة.

و كان عبد اللّه قد راجع مرارا الدكتور غلامي في مدينتنا لكن الدكتور أجابه بأن حالته ميؤوس منها ثم جاء إليّ يوما يطلب العون حتى أرسله إلى مدينة أهواز فهيأت له الوسيلة و أعطيته كتاب توصية لحضرة آية اللّه البهبهاني حيث استقبله خير استقبال و أرسله إلى الدكتور فرهاد طبيب زاده..فأخذ لرجله الصور الشعاعية اللازمة و بعد تدقيقها أجابه بأن حالته لا يمكن شفاؤها حيث شوهدت غدة سرطانية في ركتبه فأرسله إلى مشفى في آبادان حيث أخذت له مرة أخرى أربع صور شعاعية و ظهر أن علاجه مستعص فأقفل راجعا إلى بهبهان و هو يائس من الشفاء على أيدي الأطباء.

و كان-عبد اللّه-يقول أنه كان يرى خلال هذه الفترة أحلاما تسره و تحفز فيه الأمل بالشفاء فيستيقظ مسرورا.

و قال عبد اللّه:و من هذه الأحلام أنني رأيت نفسي يوما و قد دخلت القسم

ص: 20

الخارجي من داركم (1)و لم تكونوا هناك و لكنني شاهدت سيدين مهيبين نورانيين قد جلسا تحت شجرة التفاح ثم رأيتكم تدخلون الباحة في هذه الأثناء و بعد التحية و السلام قدّم السيدان نفسيهما إليك فكان أحدهما الإمام الحسين عليه السّلام و الثاني ولده علي الأكبر عليه السّلام.

ثم أعطاكم الإمام الحسين عليه السّلام تفاحتين و قال:إحداهما لك و الأخرى لولدك حيث ستكون نتيجة ذلك بعد سنتين ستكلم الحجة بن الحسن ست كلمات.

ثم أضاف عبد اللّه:لقد طلبت من جنابكم أن تطلبوا شفائي من الإمام الحسين عليه السّلام فقال أحدهما:سنعقد يوم الاثنين من جمادى الثانية لعام 84 مجلس العزاء الحسيني في منزل فلان(و ذكر اسم السيد البهبهاني)فعليك بالجلوس عند منبر الحسين و سوف تشفى إن شاء اللّه عزّ و جلّ بعد مراسم العزاء الحسيني.

ثم استيقظ عبد اللّه من النوم مسرورا و جاء إلى داري و أخبرني بالحكاية و بقي ينتظر اليوم الموعود.

و في يوم الإثنين المذكور شاهدت عبد اللّه بعكازيته و هو يدخل المجلس ثم يجلس بقرب المنبر الحسيني.

ثم يتابع عبد اللّه بقية القصة:بعد أن جلست حوالي الساعة أحسست بان رجلي المشلولة قد دبّ فيها شيء ما و ربما هو جريان الدم فمددت رجلي ثم جمعتها فإذا هي سالمة لا ألم فيها،و لم يكن مجلس العزاء أثناء ذلك قد انتهى و لكن من فرحتي تحدثت مع من حولي.ثم توجه عبد اللّه إليّ و صافحني مسرورا و إذا بالحاضرين في المجلس قد علا صوتهم بالصلاة على محمّد و آل محمّد و قد شفي عبد اللّه تماما.

و بهذه المناسبة العظيمة انعقدت مجالس الفرح في مدينة بهبهان و في اليوم التالي أي 22 مهر أقيمت في منزلي مراسم الفرح باسم معاجز سيد الشهداء حيثي.

ص: 21


1- أي دار السيّد البهبهاني.

حضر جمع غفير من أهالي المدينة و أخذت الصور العديدة لهذه المناسبة السعيدة (1).6.

ص: 22


1- القصص العجيبة:45 قصة رقم 26.

قصة أخرى

أصيبت عائلة الحاج عبد الرحيم بمرض التيفوئيد في شهر محرم الحرام و في إحدى اللّيالي خرج للمشاركة بالمجلس الحسيني فعند ما رجع وجد أطفاله يأكلون الخبز اليابس القديم فانزعج و قال:ألاّ تعلمون أنه مضر لمرضكم.

فقالت ابنته:لقد شفينا يا والدي من المرض ببركة أهل البيت عليه السّلام.

فسألها عن ذلك فقالت:رأيت كأن الغرفة أصبحت منيرة فدخل رجل نوراني مهيب فافترش الأرض ببساط أسود و دخل خمسة أشخاص و معهم امرأة فجلسوا و أقاموا العزاء باللّغة العربية فلم نكن نفهم شيئا و لكن فهمنا كلمة القاسم،و كانوا حفاة الأقدام.

فتقدمت و سألت عن أمير المؤمنين عليه السّلام فأجاب أهيبهم فسألته لماذا أنتم حفاة، فقال:نحن في هذه الأيام نقيم العزاء و نحن حفاة.

فقلت له:نحن مرضى فقام و مسح على رؤوسنا و وجوهنا فردا فردا و قال:

قوموا أنتم أصحاء و قد شفاكم اللّه.

فقلت له:و والدتي كذلك.

فقال:إنها يجب أن تذهب.فبكيت فرّق قلبه و مسح عليها فشفيت أيضا (1).

ص: 23


1- القصص العجيبة:45.

قيمة تضحية الحسين عليه السلام

اشارة

كان أحد المتعلمين يداوم على زيارة الحسين عليه السّلام في كل المناسبات في حرمه الشريف و في أحد الأيام سمع حديثا في حق الإمام ما معناه إنه مهما أعطى اللّه الحسين فإنه قليل في حق الحسين عليه السّلام..فحمل هذا الحديث على المبالغة و نحوه..

و هو في طريقة لزيارة الحسين على فرسه إعترضه شاب و قال له:اصحبني معك؟قال:أنت راجل و أنا راكب.

قال:و إن أركض معك فمشيا معا.

و في أثناء الطريق قال الشاب للمتعلم:حدثنا بحديث نستفيد منه،فقال:لا أعلم شيئا.

فقال الشاب:إذا أنا أحدثك.

كان في قديم الزمان ملك يذهب إلى الصيد في كل فرصة فتوفي و خلّف ولدا في الثامنة عشر من عمره مع سفراء أربعة.

فسار الولد على مسار أبيه و في إحدى سفراته للصيد شذّت فرسه عن الطريق فضاع عن الحاشية في الصحراء حتى وصل إلى كوخ فيه امرأة و عجوز فتقدما منه و أنزلاه عن الفرس و ربطاه و أشعلا له الحطب لكي يتدفأ إذ كانت الأيام أيام ربيع و الوقت متأخر في المساء.و لم يكن يملك إلاّ شاة واحدة فذبحاها و أطعماه كبدها من دون علمهما بأنه الملك و قالا له في الصباح تحلّ مشكلتك..

و ما إن انفلج عمود الصباح حتى كانت الحاشية تحيط بالكوخ فقص لهم القصة و قال لهم:إنه بمنزلة والدي لقد أحياني.فبما أكافيه مخاطبا سفراءه:

فقال الأوّل:أعطاك شاة فأعطه مئة.

ص: 24

و قال الثاني:أعطاك شاة فأعطه ألف.

و قال الثالث:أعطاك شاة فأعطه ملكا عظيما و قرّبه.

و لم يتكلم الرابع.فاعترض الملك..

فقال الرابع:رأيي لو قلته لا تعمل به.

فقال الملك:لا بدّ منه.

فقال الرابع:لقد أعطاك كل ما يملك فإذا أردت أن تكون مثله فأعطه كل ما تملك، و إذا أردت أن تتفضل فكن له عبدا،إضافة إلى ملك.

فقبل الملك و أعطاه كل ما يملك..

فقال الشاب:أعلمت معنى الحديث؟إن العجوز قدّم كبشا للملك فأعطاه كل ما يملك و لم يتفضل عليه.

فكيف بالحسين عليه السّلام الذي قدّم نفسه و طفله و عياله و أصحابه أكباشا للّه الملك القهار فهل يجزي الملك كله؟!

فتوقف المتعلّم منتبها فتلفّت فلم يجد الشاب فكان الحجة عليه السّلام أرواحنا له الفدى.

تأييد

روي أن السيّد الجليل مهدي-بحر العلوم-جاء إلى الشيخ الكبير حسين العارف و سأله عن عظم ما ورد في الأخبار من مثوبات الحسين عليه السّلام كيف يستقيم عند العقل بهذه الأعمال الجزئية الحقيرة.

فأجابه الشيخ أن الحسين عليه السّلام مهما كان فهو ممكن مخلوق جسد و مع ذلك أعطى في محبة اللّه و رضاه كلّه من المال و الجاه و الأخوة و الأولاد صغارا و كبارا و الروح حتى بدنه بعد القتل:فكيف تستكثر أن يعطيه الكريم الجواد المتفضل كلّه

ص: 25

للحسين عليه السّلام-فاستحسنه بحر العلوم رضوان اللّه عليه و قبله (1).

الحسين عليه السلام لكل الملهوفين

روى السيد دستغيب:أنه باع أحد الهندوس عقارا بمبلغ كبير و رجع إلى بيته و إذ بلصّين من الشيعة يراقبانه فلحقاه إلى المنزل فاختبآ فيه فدخل اللصان و سألا زوجته عنه،فقالت:لم يأت بعد فعذباها بأسلوب ما فقالت:أقسموا لي بالحسين أنكما لا تفعلان شيئا فأقسما.فدلّتهما عليه فأتوا به و أخذوا المال و قطعوا رأسه.

فأصاب الذعر الزوجة و قالت بقلب كله إيمان:يا حسين الشيعة لقد سلّمت زوجي لهما بسبب اطمئناني و ثقتي بالقسم بك.

و إذ بشخص نوراني يقتل اللّصّين و يحيي الزوج الهندوسي و يختفي فتطلع السلطات على ذلك و تحقق في المسألة فتعلم صدق القصة فيعلن الهندوسي و زوجته الإسلام و التشيع.

و الحمد لله رب العالمين

ص: 26


1- المراقبات:88.

أثر جوار الحسين عليه السلام

عن الإستاذ الأكبر المحقق البهبهاني رحمه اللّه أنه قال:رأيت الإمام أبا عبد اللّه الحسين عليه السّلام في المنام.

فقلت له:سيدي و مولاي،أيسأل من دفن بجواركم؟

فقال عليه السّلام:من يجرؤ من الملائكة أن يسأل ذلك الميت (1).

سألتكم باللّه أن تدفنوني

إذا متّ في قبر بأرض عقير

فإني به جار الشهيد بكربلا

سليل رسول اللّه خير مجير

فإني به في حفرتي غير خائف

بلا مرية من منكر و نكير

آمنت به موقفي و قيامتي

إذا اناس خافوا من لظى و سعير

فإني رأيت العرب يحمى نزيلها

و يمنعه من أن ينال يضير

فكيف بسبط المصطفى أن يذود من

بحائره ثاو بغير نصير

ص: 27


1- منازل الآخرة،ص:31.

و عار على حامي الحمى و هو في الحمى

إذا ضلّ في البيدا عقال بعير (1).

و يروي أحد العمال عند ما كانوا يرممون أحد القبور و إذ يتبين جسد أحدهم طريا كأنه اليوم مدفون و يتأملون و إذ به يتجه نحو قبر الحسين بدلا من التوجه إلى جهة القبلة التي كانت مخالفة لجهة الحسين عليه السّلام تماما.

-و هناك قصة مشابهة جرت في كربلاء أيضا حيث تبين أنّ ثلاثة أشخاص وجوهم إلى جهة الحسين عليه السّلام بدل القبلة و كان من بينهم العالم المتقي الميرزا إسماعيل أصفهاني البنا-و حضر الناس لرؤية هذه الحادثة الغريبة و من جملتهم ابن الميرزا إسماعيل حيث قال:لقد وضعته بيدي باتجاه القبلة فتحوّل إلى القبلة الحقيقة!؟

و روي أنّ ابنا رأى أمّه في المنام و هي تقول له:لقد دفنتني في مكان ضيق لا أقدر أن أمد رجلي فيه.

و مرّت مده من الزمن لم يعرف المقصود حتى سمع بالقصة الثانية فعلم أنها لا تقدر مدّ رجليها باتجاه الحسين عليه السّلام احتراما لمقامه الشريف.4.

ص: 28


1- روضات الجنات،ج:1،ص:33-34.

إسلام نهراني على رأس الإمام الحسين عليه السّلام

حكى عبد الملك بن هشام أن ابن زياد لما أنفذ رأس الحسين رضى اللّه عنه الى يزيد،كانوا إذا وصلوا منزلا أخرجوا الرأس من صندوق أعدوه له فوضعوه على رمح و حرسوه الى وقت الرحيل،فوصلوا منزلا فيه دير راهب،فأخرجوا الرأس و وضعوه على الرمح مسندا الى الدير،فرأى الراهب نورا من مكان الرأس الى عنان السماء،فأشرف على القوم،فسألهم عن الرأس،فقالوا رأس الحسين ابن فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

قال:نبيكم؟

قالوا:نعم.

قال:بئس القوم أنتم لو كان للمسيح ولد لأسكنّاه أحداقنا.

ثم قال:هل لكم في عشرة آلاف دينار تأخذونها و تعطوني الرأس يكون عندي الليلة،فإذا رحلتم خذوه.

قالوا:و ما يضرنا فناولوه الرأس و ناولهم الدنانير.

فأخذ الرأس و غسّله و طيّبه و أخذه و تركه على فخذه و قعد يبكي الى الصبح، و قال:أيها الرأس أنا لا أملك إلاّ نفسي،و أنا أشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أن محمدا رسول اللّه،ثم خرج من الدير و ما فيه و صار يخدم أهل البيت عليهم السّلام.

ثم إنهم أخذوا الرأس و ساروا فلما قربوا من دمشق أخذوا الأكياس ليقتسموها ففتحوها،فإذا الدنانير قد تحوّلت خزفا و على أحد جانبي الدينار مكتوب:و لا تحسبن اللّه غافلا عما يعمل الظالمون،و على الجانب الآخر:و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.انتهى (1).

ص: 29


1- المشرع الروي:48/1.

دخول الحية في منخري ابن زياد

لقد انتقم اللّه عز و جل من ابن زياد على يد المختار بن أبي عبيدة،و كان ابن زياد بالموصل،و ذلك بعد تطاول الفتن و ترادفها و كان في ثلاثين ألفا فبعث المختار إليه إبراهيم بن الأشتر في طائفة سنة تسع و ستين،فالتقى بابن زياد فقتله على الفرات في يوم عاشوراء،و كان من غرق من أصحابه أكثر ممن قتل،و بعث ابن الأشتر برأس ابن زياد الى المختار،فنصب في المكان الذي نصب فيه رأس الحسين عليه السّلام، ثم ألقاه و أصحابه في اليوم الثاني في الرحبة،فجاءت حية تتخلل الرؤوس حتى دخلت في منخري عبيد اللّه بن زياد،فمكثت هنية،ثم خرجت فذهبت حتى تغيبت، ثم جاءت فعلت ذلك مرتين أو ثلاثا،و كان في ذلك عبرة لأولي الألباب (1).

ص: 30


1- سنن الترمذي:660/5 ح 3780 كتاب المناقب-مناقب الحسن و الحسين و قال:حسن صحيح،و تذكرة الخواص:257 ذكر سليمان بن صرد،و المعجم الكبير للطبراني:112/3-113 ح 2832.

رضى النبي الأعظم على مكرم رأس الحسين عليه السلام

روي عن الحسن البصري رضى اللّه عنه قال:إن سليمان بن عبد الملك رأى النبي صلّى اللّه عليه و آله في المنام يلاطفه و يبشره،فلما اصبح سليمان سأل الحسن عن ذلك،فقال له الحسن:لعلك صنعت الى أهل بيت النبي صلّى اللّه عليه و آله معروفا.

قال:نعم وجدت رأس الحسين بن علي عليه السّلام في خزانة يزيد فكسوته خمسة أثواب و صلّيت عليه مع جماعة من أصحابي و قبرته.

فقال له الحسن عليه السّلام:إن رضى النبي صلّى اللّه عليه و آله بسبب ذلك،و أمر للحسن بجائزة سنية (1).

ص: 31


1- نظم درر السمطين:226 ذكر قتل الحسين،و المشرع الروي:54/1-55.

حضور الحسين و آله عليهم السلام عند كل ميت

قال الإمام الصادق عليه السّلام:«إذا بلغت نفس أحدكم هذه قيل له:أمّا ما كنت تحزن من هم الدنيا و حزنها فقد أمنت منه و يقال له:أمامك رسول اللّه و علي و فاطمة عليهم السّلام» (1).

و عن أمير المؤمنين علي عليه السّلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:و الذي نفسي بيده لا تفارق روح جسد صاحبها حتى يأكل من ثمر الجنة أو من شجر الزقوم،و حتى يرى ملك الموت و يراني و يرى عليا و فاطمة و الحسن و الحسين..» (2).

و في قصة السيد الحميري و رؤيته لامير المؤمنين عليه السّلام عند موته ما يؤيد ذلك و أنشد في ذلك شعرا:

كذب الزاعمون أن عليا لن ينجي محبه من هنات

قد و ربي دخلت جنة عدن و عفا لي الإله عن سيئاتي

فابشروا اليوم أولياء علي و تولّوا علي حتى الممات

ثم من بعده تولّوا بنيه واحدا بعد واحد بالصفات (3)

و قال الإمام الصادق عليه السّلام:«و يمثل له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أمير المؤمنين و فاطمة

ص: 32


1- بحار الأنوار:184/6 ح 17 باب ما يعاين المؤمن و الكافر عند الموت،و الكافي:134/3 ح 10.
2- أهل البيت لتوفيق ابو علم:68-69 الباب الثاني،و بشارة المصطفى:6 ح 7 مع تفاوت بسيط.
3- كشف الغمة:39/2-40 مناقب أمير المؤمنين عليه السّلام،و البحار:192/6 ح 42 باب ما يعاني المؤمن و الكافر عند الموت.

و الحسن و الحسين و الأئمة من ذريتهم عليه السّلام» (1).

و روي عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنه لا يموت ميت حتى يشاهده عليه السّلام حاضرا عنده و أنشد للحارث الهمداني:

يا حار همدان من يمت يرني من مؤمن او منافق قبلا

يعرفني طرفه و أعرفه بعينه و اسمه و ما فعلا

أقول للنار و هي توقد لل عرض ذريه لا تقربي الرّجلا

ذريه لا تقربيه إن له حبلا بحبل الوصي متصلا

و أنت يا حار إن تمت ترني فلا تخف عثرة و لا زللا

أسقيك من بارد على ظمأ تخاله في الحلاوة العسلا (2)

و الروايات في ذلك كثيرة.و هي تثبت حضور أصحاب الكساء عند كل ميت في آن واحد و في أكثر من مكان،و أيضا في إمكان رؤيتهم بروحهم و جسدهم و بمثاله.

و قد جوّز ابن العربي رؤية النبي محمد صلّى اللّه عليه و آله بجسمه و روحه و بمثاله الآن (3).

و قال تاج الدين السبكي لمن سأله عن رؤية القطب في أكثر من مكان:الرجل الكبير(القطب)يملأ الكون.

و أنشد بعضهم:

كالشمس في كبد السماء و ضوؤها يغشى البلاد مشارقا و مغاربا (4)

و صرّح السيوطي بإمكان رؤية الأنبياء يقظة (5).2.

ص: 33


1- بحار الأنوار:196/6 ح 49.
2- شرح النهج لابن أبي الحديد:299/1 الخطبة 20،و رسائل الشريف المرتضى:133/3.
3- الحاوي للفتاوى:450/2.
4- الحاوي للفتاوي:454/2.
5- الرسائل العشرة:18،و شرح الشمائل المحمدية:246/2.

و قال في الذخائر المحمدية:إن رؤيا النبي صلى اللّه عليه و سلم ممكن لعامة أهل الأرض في ليلة واحدة (1).

و أجاب الشيخ بدر الدين الزركشي عن سؤال له في آن واحد من أقطار متباعدة مع أن رؤيته صلّى اللّه عليه و آله حق:بأنه صلّى اللّه عليه و آله سراج و نور الشمس في هذا العالم،مثال نوره في العوالم كلها،و كما أن الشمس يراها من في المشرق و المغرب في ساعة واحدة و بصفات مختلفة،فكذلك النبي صلّى اللّه عليه و آله.و للّه در القائل:

كالبدر من أي النواحي جئته يهدي الى عينيك نورا ثاقبا (2)

و استدل عليه الحافظ البرسي في مشارقه ببعض الآيات القرآنية فلتراجع (3).

هذا،و تواتر حديث:«من رآني فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل مكاني-لا يستطيع أن يتمثل بي-لا يتكون في صورتي-لا يتشبه بي» (4).

و قال العلماء في معناه:هو في الدنيا قطعا و لو عند الموت لمن وفّق لذلك (5).

و روى الإمام الرضا عليه السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من رآني في منامه فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي و لا في صورة أحد من أوصيائي» (6)

و قال القاضي أبو بكر بن العربي:رؤيته صلّى اللّه عليه و آله بصفته المعلومة إدراك على الحقيقة،و رؤيته على غير صفته إدراك للمثال،فإن الصواب أن الأنبياء لا تغيرهم الأرض،و يكون إدراك الذات الكريمة حقيقة،و إدراك الصفات إدراك المثال (7).4.

ص: 34


1- الذخائر المحمدية:146.
2- المواهب اللدنية:297/2 خصائص رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.
3- مشارق أنوار اليقين:142.
4- المواهب اللدنية:293/2 الى 301 ذكر خصائصه و ذكر جملة من المصادر،و كشف الغمة:/2 269.
5- الذخائر المحمدية:147.
6- كشف الغمة:120/3 فضائل الرضا،و الأنوار النعمانية:54/4.
7- المواهب اللدنية:294/2 خصائص النبي صلّى اللّه عليه و آله،و ارشاد الساري:502/14.

و قال القسطلاني:فإن قلت:كثيرا يرى على خلاف صورته المعروفة و يراه شخصان في حالة واحدة في مكانين و الجسم الواحد لا يكون إلاّ في مكان واحد.

أجيب:بأنه في صفاته لا في ذاته،فتكون ذاته عليه الصلاة و السلام مرئية، و صفاته متخيلة غير مرئية،فالإدراك لا يشترط فيه تحديق الأبصار و لا قرب المسافة،فلا يكون المرئي مدفونا في الأرض و لا ظاهرا عليها،و إنما يشترط كونه موجودا (1).

و من حال كثير من العلماء و قصصهم يعلم إمكان رؤية النبي و أهل بيته عليهم السّلام، و كما ذكر ذلك في محله (2).

قال الشيخ المرسي:لو حجب عني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله طرفة عين ما عددت نفسي من المسلمين. (3)

و يؤيد ذلك قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إن للشمس وجهين وجه يلي أهل السماء و وجه يلي أهل الأرض،فالإمام مع الخلق كلهم لا يغيب عنهم و لا يحجبون عنه» (4).

و عن الإمام الصادق عليه السّلام:«الحجة قبل الخلق و مع الخلق و بعد الخلق» (5).

و عن علي بن موسى الرضا عليه السّلام قال لمن سأله أن يدعو له:«أو لست أفعل؟و اللّه إن أعمالكم لتعرض علي في كل يوم و ليلة» (6).

و أخرج عبد الرزاق عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«أنتم تعرضون علي بأسمائكم4.

ص: 35


1- إرشاد الساري:503/14.
2- راجع المواهب اللدنية:297/2-301،و ينابيع المودة:551/2-554،و كشف الغمة:/1 239-383،و الزام الناصب:340/ الى 427،و دلائل الامامة:273 الى 288 و 294 الى 320.
3- المواهب اللدنية:300/2 خصائص النبي صلّى اللّه عليه و آله.
4- مشارق انوار اليقين:139.
5- كمال الدين:221/1 باب 22 ح 5،و الانسان الكامل:87.
6- أصول الكافي:219/1 عرض الاعمال على النبي ح 4.

و سيمائكم» (1).

و أخرج البخاري في الأدب المفرد عن أبي ذر أنه قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«عرضت علي أعمال أمتي-حسنها و سيئها-فوجدت محاسن أعمالهم» (2).

أخرج الحارث و البزار عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«حياتي خير لكم تحدثون و نحدث لكم و موتي خير لكم تعرض علي أعمالكم». (3)

و يؤيد ذلك ما روي عن أمير المؤمنين عليه السّلام عندما قال:«سلوني قبل أن تفقدوني،اسألوني عن طرق السموات،فإني أعرف بها مني بطرق الأرض».

فقام رجل من القوم فقال:يا أمير المؤمنين أين جبرائيل هذا الوقت؟

فقال:«دعني أنظر،فنظر الى فوق و إلى الأرض يمنة و يسرة،فقال عليه السّلام:«أنت جبرائيل».

فطار من بين القوم شق سقف المسجد بجناحه،فكبّر الناس و قالوا:اللّه أكبر يا أمير المؤمنين من أين علمت أن هذا جبرائيل.

فقال:«إني لما نظرت الى السماء بلغ نظري ما فوق العرش و الحجب،و لما نظرت الى الأرض خرق بصري طبقات الأرض الى الثرى،و لما نظرت يمنة و يسرة رأيت ما خلق و لم أر جبرائيل في هذه المخلوقات،فعلمت أنه هو» (4).

و هذا يدل على إمكان إحاطة الأمير بالكون بأجمعه في لحظة واحدة.

و قال الإمام الصادق في حق الإمام الكاظم عليه السّلام:«بلغ ما بلغه ذو القرنين و جازه بأضعاف مضاعفة،فشاهد كل مؤمن و مؤمنة» (5).9.

ص: 36


1- المصنف:214/2 ح 3111 عن مجاهد.
2- الأدب المفرد:80 ح 231 باب إماطة الأذى(116).
3- المطالب العالية:22/4 ح 3853.
4- الأنوار النعمانية:32/1.
5- الهداية الكبرى للخصيبي:270 باب 9.

و أسلم الراهب ببركة الإمام الحسين!

قال الراوندي:و منها(من المعاجز)ما أخبرني به سعيد بن أبي الرجاء يرفعه إلى الأعمش في حديث طويل:أن رجلا قال:أنا أحد من كان في عسكر عمر بن سعد حين قتل الحسين عليه السّلام،و كنت أحد الأربعين الذين حملوا الرأس إلى بعيد من الكوفة،فلما حملناه على طريق الشام فنزلنا على دير للنصارى،و كان الرأس حمل على رمح و معه الحراس فوضعنا الطعام و جلسنا لنأكل فإذا بكف من حائط الدير تكتب شعرا:

أترجو أمة قتلت حسينا شفاعة جده يوم الحساب

قال:فجزعنا من ذلك جزعا شديدا،و أهوى بعضنا إلى الكف ليأخذه فغابت،ثم عاد أصحابي إلى الطعام،فإذا بالكف قد عادت تكتب شعرا:

فلا و اللّه ليس لهم شفيع و هم يوم القيامة في العذاب

فقام أصحابي إليها ليأخذوها فغابت،ثم عادوا إلى الطعام فعادت الكف تكتب شعرا:

و قد قتلوا الحسين بحكم جور فخالف حكمهم حكم الكتاب

فامتنعت و ما هنأني أكله،ثم أشرف علينا راهب من الدير فرأى نورا ساطعا من فوق الرأس فبذل لعمر بن سعد عشرة آلاف درهم فأخذها و نقدها،ثم أخذ الرأس يبيته عنده ليلته تلك،و أسلم على يده و ترك الدير،و قطن في بعض الجبال،يعبد اللّه على دين محمد صلّى اللّه عليه و آله فلما وصل عمر بن سعد إلى قرب الشام طلب الدراهم فإذا هي

ص: 37

قد تحوّلت خزفا و إذا على أحد جانبيها مكتوب: وَ لا تَحْسَبَنَّ اللّهَ غافِلاً عَمّا يَعْمَلُ الظّالِمُونَ (1)و على الجانب الآخر: وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (2). (3).2.

ص: 38


1- سورة إبراهيم:42.
2- سورة إبراهيم:42.
3- الخرائج و الجرائح:578/2 ح 2.

كرامة الحسين عليه السلام في يوم الطف

لما أرسل عمر بن سعد عمرو بن الحجاج على خمسمائة فارس فنزلوا على الشريعة و حالوا بين الحسين عليه السّلام و بين الماء نادى عبد اللّه بن أبي الحصين الازدي:يا حسين أما تنظر إلى الماء لا تذوق منه قطرة حتى تموت عطشا.

فقال الحسين عليه السّلام:«اللهم اقتله عطشا و لا تغفر له أبدا».فمرض عبد اللّه بن أبي الحصين الأزدي فيما بعد فكان يشرب الماء ثم يتقيؤه ثم يعود فيشرب و لم يرو ثم يتقيؤه فما زال كذلك حتى مات (1).

و روي أنه عندما زحف جيش ابن سعد نحو معسكر الحسين عليه السّلام تقدّم رجل منهم يقال له ابن حوزة؟

فقال:يا حسين،يا حسين،فقال الحسين عليه السّلام،فما حاجتك؟

قال:يا حسين أبشر بالنار،قال له:كذبت بل أقدم على رب رحيم و شفيع مطاع فمن أنت؟

قال:ابن حوزة،فرفع الحسين عليه السّلام يديه فقال:اللهم حزه إلى النار،فغضب ابن حوزة فأقحم فرسه في نهر بينهما فوقع فيه و تعلقت رجله بالركاب و وقع رأسه في الأرض،و نفر الفرس فأخذ يمر به فيضرب برأسه كل حجر و كل شجر حتى مات (2).

ص: 39


1- الكامل في التاريخ 54/4.
2- تاريخ الطبري 322/3.

التوسل بالإمام الحسين عليه السلام

توسل الملائكة بالحسين و خدمته

إبراهيم بن محمد الحمويني هذا من أعيان علماء العامة قال:أنبأني الشيخ سديد الدين يوسف بن علي بن المطهر الحلي رضى اللّه عنه عن الشيخ الفقيه مهذب الدين أبي عبد اللّه الحسين بن أبي الفرج بن ردّة[السلمي]رضى اللّه عنه (1)بروايته عن محمد بن الحسين بن علي بن عبد الصمد عن والده عن جده محمد عن أبيه عن جماعة منهم السيد أبو البركات علي بن الحسين الجوري العلوي و أبو بكر محمد بن أحمد بن علي المعمري و الفقيه أبو جعفر محمد بن إبراهيم القايني بروايتهم عن الشيخ الفقيه جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي-قدس اللّه أرواحهم الشريفة-قال:حدثّنا ابن ماجيلويه رضى اللّه عنه قال:حدّثنا عمي محمد بن أبي القاسم عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي قال:حدّثنا محمد بن علي القرشي قال:

حدّثنا أبو الربيع الزهراني قال:حدثنا جرير عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد قال:

قال ابن عباس:سمعت النبي صلّى اللّه عليه و آله يقول:«إن للّه تبارك و تعالى ملكا يقال له دردائيل كان له ستة عشر ألف جناح ما بين الجناح إلى الجناح هواء،و الهواء كما بين السماء إلى الأرض فجعل يوما يقول في نفسه:أفوق ربنا جل جلاله شيء؟فعلم اللّه ما قال فزاده أجنحة مثلها فصار له اثنان و ثلاثون ألف جناح،ثم أوحى اللّه جل جلاله إليه أن طر فطار

ص: 40


1- في المصدر:النيلي.

مقدار خمسين عاما فلم ينل رأس قائمة من قوائم العرش فلما علم اللّه أتعابه أوحى إليه:

أيها الملك عد إلى مكانك فأنا عظيم كل عظيم و ليس فوقي شيء عظيم و لا أوصف بمكان،فسلبه اللّه أجنحته و مقامه من صفوف الملائكة.

فلما ولد الحسين بن علي صلوات اللّه عليهما و آلهما و كان مولده عشية الخميس ليلة الجمعة،أوحى اللّه عز و جل إلى مالك خازن النار أن أخمد النيران على أهلها لكرامة مولود ولد لمحمد صلّى اللّه عليه و آله في دار الدنيا،و أوحى اللّه تبارك و تعالى إلى رضوان خازن الجنان أن زخرف الجنان و طيّبها لكرامة مولود ولد لمحمد صلّى اللّه عليه و آله في دار الدنيا،و أوحى اللّه تبارك و تعالى إلى حور العين أن تزيّنوا و تزاوروا لكرامة مولود ولد لمحمد صلّى اللّه عليه و آله في دار الدنيا و أوحى اللّه عز و جل إلى جبرائيل أن اهبط إلى نبيي محمد صلّى اللّه عليه و آله في ألف قبيل و القبيل ألف ألف من الملائكة على خيول بلق مسرجة ملجمة،عليها قباب الدرّ و الياقوت و معهم ملائكة يقال لهم الروحانيون،بأيديهم حراب من نور أن يهنّئوا محمدا صلّى اللّه عليه و آله بمولوده،و أخبره يا جبرائيل أنه قد سمّيته الحسين فهنّئه و عزّه و قل له:يا محمد يقتله شر أمتك على شر الدواب،فويل للقاتل و ويل للسابق و ويل للقائد،قاتل الحسين انا منه بريء و هو مني برىء،و لأنه لا يأتي يوم القيامة أحد من المذنبين إلا و قاتل الحسين أعظم جرما منه،قاتل الحسين يدخل النار يوم القيامة مع الذين يزعمون أن مع اللّه الها آخر،و النار أشوق إلى قاتل الحسين ممن أطاع اللّه الى الجنة.

قال:فبينا جبرئيل عليه السّلام يهبط من السماء إلى الأرض إذ مرّ بدردائيل فقال له دردائيل:

يا جبرئيل ما هذه الليلة في السماء هل قامت القيامة على أهل الدنيا؟

قال:لا و لكن ولد لمحمد صلّى اللّه عليه و آله مولود في دار الدنيا و قد بعثني اللّه عز و جل إليه لأهنّيه بمولوده،فقال له الملك:يا جبرائيل بالذي خلقني و خلقك إذا هبطت إلى محمد فأقرئه مني السلام و قل له:بحق هذا المولود عليك إلا ما سألت ربك أن يرضى عني و يرد عليّ أجنحتي و مقامي من صفوف الملائكة،فهبط جبرائيل عليه السّلام على النبي صلّى اللّه عليه و آله فهنّاه كما أمره اللّه عز و جل و عزّاه فقال له النبي صلّى اللّه عليه و آله:تقتله أمتي،فقال له:نعم يا محمد،فقال

ص: 41

النبي صلّى اللّه عليه و آله:ما هؤلاء بأمتي،أنا منهم بريء و اللّه منهم بريء،قال جبرائيل عليه السّلام:و أنا بريء منهم يا محمد،فدخل النبي صلّى اللّه عليه و آله على فاطمة عليها السّلام فهنّاها و عزّاها فبكت فاطمة عليها السّلام ثم قالت:يا ليتني لم الده،قاتل الحسين في النار،فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله:و أنا أشهد بذلك يا فاطمة،و لكنه لا يقتل حتى يكون منه إمام يكون منه الأئمة الهادية،قال عليه السّلام:

و الأئمة بعدي عليهم السّلام:الهادي علي و المهتدي الحسن و الناصر الحسين و المنصور علي بن الحسين،و الشافع (1)محمد بن علي و النفاع جعفر بن محمد،و الأمين موسى بن جعفر و الرضا علي بن موسى،و الفعال محمد بن علي و المؤتمن علي بن محمد و العلاّم الحسن بن علي،و من يصلي خلفه عيسى ابن مريم عليه السّلام ابن الحسن بن علي القائم عليه السّلام» (2)،فسكتت فاطمة عليها السّلام من البكاء ثم أخبر جبرائيل عليه السّلام النبي صلّى اللّه عليه و آله بقصة الملك و ما أصيب به،قال ابن عباس:فأخذ النبي صلّى اللّه عليه و آله الحسين عليه السّلام و هو ملفوف في خرقة من صوف فأشار به إلى السماء ثم قال:«اللهم بحق هذا المولود عليك لا بل بحقك عليه و على جده محمد و إبراهيم و إسماعيل و إسحاق و يعقوب،إن كان للحسين بن علي و ابن فاطمة عندك قدر فارض عن دردائيل و ردّ عليه أجنحته و مقامه من صفوف الملائكة،فاستجاب اللّه دعاءه و غفر للملك فالملك لا يعرف في الجنة إلا بأن يقال:هذا مولى الحسين بن علي و ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» (3).3.

ص: 42


1- عن هامش المصدر:في بعض النسخ:الشفاع و في بعضها النفاح.
2- في ترتيب الأسماء و الصفات اختلاف عن المخطوط.
3- كمال الدين و تمام النعمة:282 ح 36،و مجمع النورين:163،و البحار:248/43.

توسّل الأنبياء بالحسين عليهم السلام

ابن بابويه قال:حدّثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق-رضي اللّه عنه- قال:حدّثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي،قال:حدّثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي الفزاري،قال:حدّثنا محمد بن الحسين بن زيد الزيات،قال:حدّثنا محمد بن زياد الأزدي،عن المفضل بن عمر،عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السّلام قال:سألته عن قول اللّه عز و جل: وَ إِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ (1)ما هذه الكلمات التي (2)تلقّاها آدم من ربه فتاب عليه،و هو أنّه قال:«يا رب أسألك بحق محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين إلا تبت عليّ»،فتاب اللّه عليه إنه هو التواب الرحيم،فقلت:يابن رسول اللّه فما يعني عز و جل بقوله:(فأتمهنّ)؟

قال:«يعني أتمهن إلى القائم عليه السّلام إثنا عشر إماما تسعة من ولد الحسين عليه السّلام».

قال المفضل:فقلت له:يابن رسول اللّه فأخبرني عن قول اللّه عز و جل: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ (3)قال:«يعني بذلك الإمامة جعلها اللّه في عقب الحسين عليه السّلام إلى يوم القيامة».

قال:فقلت له:يا بن رسول اللّه فكيف صارت الإمامة في ولد الحسين و هما جميعا ولدا رسول اللّه و سبطاه،و سيّدا شباب أهل الجنة؟

فقال عليه السّلام:«إن موسى و هارون كانا نبيّين مرسلين أخوين فجعل اللّه النبوة في صلب

ص: 43


1- البقرة:124.
2- في المصدر:قال:هي الكلمات التي.
3- الزخرف:27.

هارون دون صلب موسى،و لم يكن لأحد أن يقول:لم فعل اللّه ذلك؟فإن الإمامة خلافة اللّه عز و جل ليس لأحد أن يقول:لم جعلها في صلب الحسين دون صلب الحسن،لأن اللّه تبارك و تعالى هو الحكيم في أفعاله لا يسأل عما يفعله و هم يسألون» (1).

و من ذلك ما روي عن الفضل بن دكين عن معمّر عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام:

قال:«سمعت أبا عبد اللّه يقول:أتى يهودي النبي صلّى اللّه عليه و آله فقام بين يديه يحد النظر، فقال:يا يهودي ما حاجتك؟

قال:أنت أفضل أم موسى بن عمران النبي الذي كلّمه اللّه و أنزل عليه التوراة و العصا و فلق له البحر و أظلّه بالغمام؟ (2).

فقال له النبي صلّى اللّه عليه و آله:إنّه يكره للعبد أن يزكّي نفسه،و لكني أقول:

أن آدم عليه السّلام لما أصاب الخطيئة كانت توبته أن قال:«اللهم إني أسألك بحق محمد و آل محمد لما غفرت لي»فغفر اللّه له.

و إن نوحا عليه السّلام لما ركب في السفينة و خاف الغرق قال:«اللهم إني أسألك بحق محمد و آل محمد لما أنجيتني من الغرق»فنجّاه اللّه منه.

و إن إبراهيم عليه السّلام لما ألقي في النار قال:«اللهم إني اسألك بحق محمد و آل محمد لما نجّيتني منها»فجعلها اللّه عليه بردا و سلاما.

و إن موسى عليه السّلام لما ألقى عصاه و أوجس في نفسه خيفة قال:«اللهم إني أسألك بحق محمد و آل محمد لما آمنتني»فقال اللّه جل جلاله:(لا تخف إنك أنت الأعلى) (3)، يا يهودي إن موسى لو أدركني ثم لم يؤمن بي و بنبوّتي ما نفعه إيمانه شيئا و لا نفعته النبوة.8.

ص: 44


1- معاني الاخبار ص 126-127.
2- أقول يأتي في فصول هذا الكتاب بحث مفصل حول تفضيل الأئمة و النبي الأعظم على جميع الأنبياء و أولي العزم عليهم السّلام-الكتاب التاسع-.
3- طه:68.

يا يهودي و من ذريتي المهدي إذا خرج نزل عيسى ابن مريم لنصرته و قدّمه و صلى خلفه (1).

و روي عن أبي فضال عن أبيه عن الرضا علي بن موسى عليه السّلام قال:«لما أشرف نوح عليه السّلام (2)على الغرق دعى اللّه بحقنا فدفع اللّه عنه الغرق،و لما رمي ابراهيم عليه السّلام في النار دعى اللّه بحقنا فجعل اللّه النار عليه بردا و سلاما.

و إن موسى عليه السّلام لما ضرب طريقا في البحر دعى اللّه بحقنا فجعلها يبسا.

و إن عيسى عليه السّلام لما أراد اليهود قتله دعا اللّه بحقنا فنجّي من القتل فرفعه اليه (3).

و في حديث:«قال بنو إسرائيل لموسى بعد أن صعق بعضهم:فإن كانت إنما أصابتهم لردّهم عليك في أمر محمد و علي و آلهما فاسأل اللّه ربك بمحمد و آله هؤلاء الذين تدعونا إليهم أن يحيي هؤلاء المصعوقين لنسألهم لماذا أصابهم ما أصابهم.

فدعى اللّه لهم موسى،فأحياهم اللّه»و الحديث طويل (4).

و ابن عبّاس في حديث قصّة يوسف عليه السّلام يقول في آخره:«هبط جبرئيل على يعقوب فقال:ألا اعلّمك دعاء يردّ اللّه به بصرك و يردّ عليك إبنيك؟

قال:بلى.

قال:فقل ما قاله أبوك آدم فتاب اللّه عليه،و ما قاله نوح فاستوت سفينته على الجودي و نجا من الغرق،و ما قاله أبوك إبراهيم خليل الرحمن حين ألقي في النار فجعلها اللّه عليه بردا و سلاما.م.

ص: 45


1- راجع روضة الواعظين:272 مجلس في مناقب آل محمد عليهم السّلام،و بحار الأنوار:319/26- 320 باب أن دعاء الأنبياء استجيب بهم ح 1.
2- البحار:366/16 عن جامع الأخبار و الامالي و الاحتجاج،و كنز العمال:455/11 ح 32138.
3- البحار 325/26 ح 7 عن قصص الأنبياء.
4- بحار الأنوار:328/26-329 ح 11 باب أن دعاء الأنبياء استجيب بهم.

قال يعقوب:و ما ذلك يا جبرائيل؟

فقال:قل:«اللهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام أن تأتيني بيوسف و بنيامين جميعا،و تردّ عليّ عيني».

فقاله،فما استتمّ يعقوب هذا الدعاء حتّى جاء البشير فألقى قميص يوسف عليه فارتدّ بصيرا (1).7.

ص: 46


1- الوسائل:100/7 ح 8847.

توسّل النبي موسى عليه السّلام

قال الإمام الصادق عليه السّلام في قوله تعالى: وَ إِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ قال:

و اذكروا يا بني إسرائيل إذ استسقى موسى لقومه،طلب لهم السقي،لمّا لحقهم العطش في التيه،و ضجّوا بالبكاء إلى موسى،و قالوا:هلكنا بالعطش.

فقال موسى عليه السّلام:إلهي بحقّ محمّد سيّد الأنبياء،و بحقّ علي سيّد الأوصياء و بحقّ فاطمة سيّدة النساء،و بحقّ الحسن سيّد الأولياء،و بحقّ الحسين أفضل الشهداء،و بحقّ عترتهم و خلفائهم سادة الأزكياء،لما سقيت عبادك هؤلاء.

فأوحى اللّه تعالى:يا موسى اِضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ ،فضربه بها، فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ كلّ قبيلة من بني أب من أولاد يعقوب (1).

ص: 47


1- مستدرك الوسائل:236/5 ح 5768.

توسّل النبي آدم عليه السّلام

و منها ما روي عن ابن سنان عن المفضّل عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام.

قال:«إن اللّه تبارك و تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام،فجعل أعلاها و أشرفها أرواح محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة بعدهم صلوات اللّه عليهم.-و ساق الحديث إلى أن قال عليه السّلام:قال جبرائيل لآدم و حواء:فسلا ربكما بحق الأسماء التي رأيتموها على ساق العرش حتى يتوب عليكما،فقالا:«اللهم إنا نسألك بحق الأكرمين عليك:محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة إلاّ تبت علينا و رحمتنا».

فتاب اللّه عليهما إنه هو التواب الرحيم (1).

*و أخرج ابن النجار عن ابن عباس قال:سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه،قال:«سأل بحق محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين إلا تبت عليّ،فتاب عليه» (2).

و عن الإمام الصادق عليه السّلام في قوله تعالى: فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ قال:

«فرفع آدم رأسه إلى القبة فوجد خمسة أسماء مكتوبة من نور:أنا المحمود و هذا محمد،و أنا الأعلى و هذا علي،و أنا الفاطر و هذه فاطمة،و أنا المحسن و هذا الحسن، و مني الإحسان و هذا الحسين.

ص: 48


1- معاني الأخبار:110 باب معنى الإمانة،و البحار:172/11-174 و 322/26.
2- الدر المنثور:60/1 مورد الاية،و مناقب ابن المغازلي:59 ط.بيروت و 63 ح 89 ط.النجف، و منتخب كنز العمال:419/1 بهامش المسند،و تذكرة الموضوعات:98.

فقال جبريل:يا آدم إحفظ هذه الأسماء فانك تحتاج اليها.

فلما هبط آدم بكى ثلاثمائة عام ثم دعى بهذه الأسماء و قال:يا رب بحق محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين،يا محمود يا أعلى يا فاطر يا محسن اغفر لي و تقبّل توبتي.

فأوحى اللّه اليه:يا آدم لو سألتني في جميع ذريتك لغفرت لهم» (1).

و عن أبي هريرة في حديث الأشباح الخمسة قال اللّه تعالى لآدم:«يا آدم هؤلاء صفوتي من خلقي بهم أنجيهم و بهم أهلكهم،فإذا كان لك اليّ حاجة فبهؤلاء توسل» (2).

*و في رواية أخرى عن الإمام الحسن العسكري عليه السّلام:«...قال اللّه تعالى لآدم:يا آدم أما تذكر أمري إياك و تدعوني بمحمد و آله الطيبين عند شدائدك و دواهيك و في النوازل تبهظك؟ (3).

فقال آدم عليه السّلام:«اللهم بجاه محمد و آله الطيبين،بجاه محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين،و الطيبين من آلهم لما تفضّلت بقبول توبتي و غفران زلّتي و إعادتي من كرامتك إلى مرتبتي.

قال اللّه عزّ و جلّ:قد قبلت توبتك» (4).

*أقول:رواها القندوزي عن تفسير الإمام عليه السّلام بتفصيل آخر قال:

«قال آدم:ما هذه الأشباح يا رب؟

قال اللّه تعالى:يا آدم هذه الاشباح أشباح أفضل خلائقي و برياتي:هذا محمدم.

ص: 49


1- نزهة المجالس:230/2 باب مناقب الحسن و الحسين،و معارج النبوة:9/2 ط.الهند.
2- فرائد السمطين:36/1 الباب الأول ح 1.
3- تبهظك:يثقل عليك من قولهم و تعجز عنه.
4- البحار:192/11 ح 47 باب ارتكاب ترك الأولى من كتاب النبوة،عن تفسير الإمام العسكري عليه السّلام.

و أنا المحمود في أفعالي شققت له اسما من اسمي،و هذا علي و أنا العلي العظيم شققت له اسما من اسمي،و هذه فاطمة و أنا فاطر السماوات و الأرض،فاطم أعدائي من رحمتي يوم فصل القضاء و فاطم أوليائي مما يبيرهم و يشينهم؛شققت لها اسما من اسمي،و هذا الحسن و هذا الحسين و أنا المحسن المجمل و مني الإحسان شققت لهما اسميهما من اسمي.

و هولاء خيار خلقي و كرائم بريتي،بهم آخذ و بهم أعطي و بهم أعاقب و بهم أثيب فتوسّل بهم الي يا آدم،و إذا دهتك داهية فاجعلهم لي شفعاء» (1).

و في رواية عن أمير المؤمنين عليه السّلام:«اللهم إني اسألك بحق محمد و آل محمد سبحانك لا إله إلاّ أنت عملت سوء و ظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم» (2).

*أقول:توسل آدم عليه السّلام بأهل البيت و بأصحاب الكساء عليه السّلام خاصة من الأمور المشهورة:

1-فقد روي عن ابن مسعود عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (3).

2-و عن ابن أبي نجيج عن مجاهد عن ابن عباس (4).

3-و روي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (5).ل.

ص: 50


1- ينابيع المودة:97/1 ط.اسلامبول و 112 ط.النجف.
2- كنز العمال:359/2 ح 4237 باب التفسير-البقرة-قوله:فتلقى آدم من ربه كلمات،و الدر المنثور:60/1 ذيل الآية،و الفضائل الخمسة:206/1.
3- البحار:331/26.
4- مناقب ابن المغازلي:59 ط.بيروت و ط.النجف:63 ح 89،و البحار:175/11 و /26 325،و تفسير اللوامع:217/1.
5- كتاب الأربعين للحافظ الخزاعي:59 ح 17،و معاني الأخبار 125 باب معنى الكلمات التي تلقاها آدم،و الطرائف:112/1 ح 166،و ارشاد القلوب:210/2،و رواه في البحار:176/11 و 324/26 ح 4،و ينابيع المودة:97 ط.إسلامبول.

4-و أخرجه ابن النجار عن ابن عباس (1).

5-و عن الأعمش عن أبي صالح عن ابن عباس (2).

6-و عن محمد بن زياد عن المفضّل عن الإمام الصادق عليه السّلام (3).

7-و عن معمر بن راشد عن الإمام الصادق عليه السّلام (4).

8-و روي عن الحسن الخزاز عن ابن سنان عن الإمام الصادق عليه السّلام (5).

9-و روي عن عبد الرحمن بن كثير عن الإمام الصادق عليه السّلام (6).

10-و روي عن معاوية بن عمار عن الإمام الصادق عليه السّلام (7).

11-و روي عن بكر بن محمد عن أبي سعيد المدائني عن الصادق عليه السّلام (8).

12-و روي عن سلمان و المقداد و عمار و حذيفة و خزيمة و عامر (9).

13-و روي عن عمر بن الخطاب (10).

14-و روي عن أمير المؤمنين عليه السّلام أخرجه الديلمي (11).3.

ص: 51


1- الدر المنثور:60/1 ذيل آية: (فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ) .و فضائل الخمسة:205/1.
2- تفسير فرات:13 ح 44،و نقله في البحار عنه:333/26 ح 15،و مناقب الكوفي:547/1 ح 487،و الوسائل:98/7 ح 8843،و مستدرك الوسائل:232/5 ح 5764 و 237 ح 5770 و 238 ح 5771.
3- ارشاد القلوب:421/2،و البحار323/26 عن معاني الأخبار:37
4- البحار:319/26 باب ان دعاء الأنبياء استجيب بهم ح 1.
5- البحار:181/11 و 324/26 ح 6 عن قصص الأنبياء.
6- البحار:187/11 و 326/26.
7- الأنوار النعمانية:246/1 نور آدمي.
8- معاني الأخبار:125 باب معنى الكلمات التي تلقاها آدم،و رواه في البحار:177/11 و /26 324 ح 5،و الوسائل:99/7 ح 8844.
9- الفضائل لابن شاذان:128-127-126.
10- تفسير اللوامع:215/1 ط.لاهور عن دلائل النبوة.
11- هامش احقاق الحق:78/3.

15-و روي عن علي بن الحسين عليه السّلام (1).

16-و روي عن الإمام الباقر عن رسول اللّه عليه السّلام (2).1.

ص: 52


1- البحار:327/26 ح 10.
2- الهداية الكبرى:101.

توسّل النبي يوسف عليه السّلام

و هو ما ذكره الثعلبي في قصة يوسف و الجب:

قال جبرائيل ليوسف:أتحب أن تخرج من هذا الجب؟

قال:نعم.

قال:قل:«يا صانع كل مصنوع و يا جابر كل مكسور،أسألك يا من له الحمد يا بديع السماوات و الأرض يا مالك الملك،و يا ذا الجلال و الإكرام أسألك أن تصلي على محمد و على آل محمد و أن تجعل لي من أمري و من ضيقي فرجا و مخرجا،و ترزقني من حيث أحتسب و من حيث لا أحتسب».

فقالها يوسف فجعل اللّه له من الجب مخرجا،و من كيد إخوته فرجا،و آتاه ملك مصر من حيث لا يحتسب (1).فقبل ذكر حاجته وسّط أهل البيت عليهم السّلام.

ص: 53


1- قصص الأنبياء(المسمى عرائس المجالس):للثعلبي:114 قصة يوسف القول في القصة ط. 4،دار الرائد العربي بيروت و:157 من مطبعة الحيدري في بمباي سنة 1294،و فضائل الخمسة من الصحاح الستة:250/1.

توسّل الإمام الصادق عليه السّلام

ما رواه المسعودي في خبر إشخاص الصادق عليه السّلام إلى المنصور إذا علا و نزل- [النجف]فتأهب للصلاة ثم صلى و رفع يديه و قال:«يا ناصر المظلوم المبغى عليه، يا حافظ الغلامين لأبيهما،إحفظني اليوم لأبائي محمد و علي و الحسن و الحسين،اللهم إضرب بالذل بين عينيه،ثم قال:باللّه أستفتح،و باللّه أستنجح،و بمحمد و آله أتوجه، اللهم إنك تمحو ما تشاء و تثبت و عندك أم الكتاب..الخ» (1).

و عنه عليه السّلام قال:ما لأحدكم إذا ضاق بالأمر ذرعا،أن(لا)يتناول المصحف بيده قائلا:اللهمّ انّي أتوجّه إليك بالقرآن العظيم...بحقّ محمّد،و علي،و فاطمة، و الحسن،و الحسين و علي السجّاد،و محمّد الباقر،و جعفر الصادق،و موسى الكاظم و علي الرضا و محمّد الجواد،و علي الهادي،و الحسن العسكري و الخلف الحجّة من آل محمّد عليه و عليهم السلام» (2).

ص: 54


1- اثبات الوصية:159 أخر أيام الصادق عليه السّلام.
2- مستدرك الوسائل:301/4 ح 4744.

توسّل قس بن ساعدة

في خبر الجارود بن المنذر عن قس بن ساعدة في نص التوراة حيث ذكر توسّل قس بن ساعدة في محضر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«اللهم رب السموات[السبعة] الأرفعة و الأرضين الممرعة،بحق محمد و الثلاثة المحاميد معه،و العليين الأربعة، و فاطم و الحسنين الأبرعة،و جعفر و موسى التبعة،سمي الكليم الصرعة[و الحسن ذي الرفعة]،أولئك النقباء الشفعة و الطريق المهيعة،راسة[درسة]الأناجيل[و حفظة التنزيل]،و حماة الأضاليل،و نفاة الأباطيل،الصادقون في القيل،عدد نقباء بني إسرائيل،فهم أول البداية،و عليهم تقوم الساعة،و بهم تنال الشفاعة،و لهم من اللّه فرض الطاعة،اسقنا غيثا مغيثا» (1).

2-و منها ما عن ابن عباس في خبر الرجل الذي طلب من عمر تعويذة فلم تنفعه فلقي أمير المؤمنين عليه السّلام فعلّمه هذا التوسل:

قال:إذا انصرفت إلى الموضع الذي هي فيه(المواشي)قل:«اللهم إني أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة،و أهل بيته الذين اخترتهم على علم على العالمين،اللهم ليّن لي صعوبتها...» (2).

3-و منها ما عن جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام عن أبائه عن النبي صلّى اللّه عليه و آله أنه قال لعلي بن أبي طالب عليه السّلام:إذا هالك أمر فقل:«اللهم إني أسألك بحق محمد و آل

ص: 55


1- مناقب آل أبي طالب:287/1،و كنز الفوائد:257 رسالة البرهان في طول عمر صاحب الزمان.
2- خصائص امير المؤمنين(ع)للرضي:15.

محمد،أسألك أن تكفيني ما أخاف و أحذر».فإنك تكفى ذلك الأمر (1).

توسل أهل النار

فعن الإمام الباقر عليه السّلام قال:«إن عبدا مكث في النار سبعين خريفا-و الخريف سبعون سنة-قال:ثم إنه سأل اللّه عز و جل بحق محمد و أهل بيته لما رحمتني.

قال:فأوحى اللّه إلى جبرائيل ان هبط إلى عبدي فأخرجه....

قال اللّه:حتم على نفسي لا يسألني عبد بحق محمد و أهل بيته الاّ غفرت له ما كان بيني و بينه،و قد غفرت له اليوم» (2).

ص: 56


1- جواهر العقدين:226 الباب الثاني،و فرائد السمطين:39/1 الباب الأول ح 2.
2- بشارة المصطفى:210.

توسّل شيخ

عن الإمام الصادق عليه السّلام قال:جاء شيخ كبير فأخذ بأستار الكعبة و أنشد:

بحقّ جلالك يا ولي بحقّ الهاشمي الأبطحي

بحقّ الذكر إذ يوحى إليه بحقّ وصيّه البطل الكمّي

بحقّ الطاهرين ابني علي و امّهما إبنة البرّ الزكي

بحقّ أئمة سلفوا جميعا على منهاج جدّهم النبي

بحقّ القائم المهدي إلاّ غفرت خطيئة العبد المسي

قال:فسمع هاتفا يقول:يا شيخ،كان ذنبك عظيما،و لكن غفرنا لك جميع ذنوبك،بحرمة شفعائك،فلو سألتنا ذنوب أهل الأرض لغفرنا لهم،غير عاقر الناقة، و قتله الأنبياء و الأئمة الطاهرين عليه السّلام (1).

ص: 57


1- مستدرك الوسائل:230/5 ح 5766.

آثار التوسل الإمام بالحسين عليه السّلام

1-رفع عذاب البرزخ:

يقول العالم التقي المشهور ب(ملاّ أبو الحسن)-رحمه اللّه-كان لي صديق اسمه(ملاّ جعفر)،مات في فترة من زمانه جمع من الناس في منطقته بمرض الطاعون،فكان الكثيرون منهم يوصون(ملاّ جعفر)بأموالهم و ممتلكاتهم ليتصرف فيها على الوجه الشرعي فيما يرتأيه الدين الإسلامي.إلاّ أن الطاعون لم يمهل الشيخ أيضا فمات و ترك الأموال من دون ضبط النواحي الشرعية،فأدّى ذلك إلى التلاعب فيها من قبل أناس فاسدين.

و لعله كان يتمكن من ضبط الأمور و الإسراع في إيصال الأمور إلى جهاتها الشرعية و لكنه تهاون حتى باغته الموت.

مضت مدة على وفاة الشيخ(ملاّ جعفر)حتى سافرت إلى كربلاء و هناك ذات ليلة رأيت في المنام رجلين يجرّان رجلا مقيدا في سلاسل و عليه آثار العذاب.

و بينما كنت من هول المنظر خائفا إذ اقترب منّي و إذا به صديقي(ملاّ جعفر)،أراد أن يكلّمني و لكن الرجلين سحباه بشدّة حتى صرخت أنا مفزوعا،و قمت من نومي مدهوشا.و قام أحد العلماء الذي كان نائما معي في الحجرة،سألني:ما ذا بك؟لما ذا صرخت في النوم؟

فنقلت له رؤياي،ثم ذهبت إلى صرح الإمام الحسين سيّد الشهداء عليه السّلام،و دعوت لفكاك صديقي من العذاب و طلبت من اللّه تعالى أن يعفو عنه.

ص: 58

و في تلك السنة تشرّفت بحجّ بيت اللّه الحرام و سافرت إلى المدينة المنوّرة لزيارة مرقد النبي محمد صلّى اللّه عليه و آله و الأئمة الأطهار عليهم السّلام في البقيع،فأصابني مرض حتى سلبني جميع قواي،ترجّيت أصدقائي أن يعينوني على الإستحمام و أن ألبس ثيابا نظيفة و يأخذوني إلى حرم النبي صلّى اللّه عليه و آله،فطلبت من اللّه تعالى أن يشفيني و طلبت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يشفع لصديقي(ملاّ جعفر)و غيره من الأموات.في هذه الساعة شعرت بالسلامة و استعدت قواي و نشاطي فقمت بنفسي و رجعت إلى محل سكني،و بعد أيام ذهبت مع الأصدقاء لزيارة قبور أحد،هناك بعد الزيارة نمت و إذا بي أرى في المنام صديقي(الملاّ جعفر)بثياب بيض و وجه بشوش و بيده عصا،إقترب نحوي و قال:(مرحبا بالأخوّة و الصداقة).لقد كنت معذّبا في عالم البرزخ و لكن الرسول الأكرم صلّى اللّه عليه و آله شفع لي و أهدى إليّ هذه الثياب،و أهدت لي فاطمة الزهراء عليها السّلام هذه العباءة،و كل ذلك من بركة دعائك أنت.و الآن جئتك أخبرك عن وضعي الجديد و أشكرك على ما قدّمته لي من خدمة،و أبشّرك أنك تعود إلى أهلك سالما إلى سالمين (1).8.

ص: 59


1- قصص و خواطر،ص:598.

2-نزول المطر:

عن عبد اللّه بن جعفر الحميري في قرب الإسناد بإسناده عن أبي النجيري وهب القرشي عن جعفر عن أبيه عن جده قال:إجتمع عند علي بن أبي طالب عليه السّلام قوم فاشتكوا إليه قلة المطر و قالوا:يا أبا الحسن ادع اللّه بدعوات الإستسقاء،قال:فدعا علي الحسن و الحسين عليهما السلام ثم قال للحسن عليه السّلام:ادع لنا بدعوات في الإستسقاء فقال:اللهم هيّج لنا السحاب بفتح الأبواب بماء عباب و ساق دعاء الإستسقاء.

ثم قال للحسين عليه السّلام:ادع،فقال الحسين عليه السّلام:اللهم معطي الخيرات و ساق دعاء الإستسقاء فما فرغا من دعائهما حتى صبّ اللّه تبارك و تعالى عليهم المطر صبّا

قال:فقيل لسلمان:يا أبا عبد اللّه علّمنا هذا الدعاء،فقال:و يحكم أين أنتم من حديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حيث يقول:إن اللّه قد أجرى على لسان أهل بيتي مصابيح الحكمة (1).

ص: 60


1- مدينة المعاجز،ج:2،ص:244.

3-إحياء الموتى:

عندما كان أحد العلماء-الشيخ محمّد حسين قمشهئي-في الثامنة عشر من عمره أصيب بمرض شديد فمات فلم تتحمل والدته فخرجت من الدار و صعدت السطح و أخذت معها القرآن و بدأت بالتضرع و الدعاء للّه قائلة:إنني لن أتخلى عن تضرعي و بكائي و دعائي حتى ترجعوا إليّ ولدي حيا سالما-تخاطب الحسين عليه السّلام -فلم تمض دقائق حتى رجعت الروح إليه.

فأخبروا والدته بذلك و سئل عما رأى فأخبرهم أنّه جاءه شخصان نورانيان مسحا على جسمه فشفياه و جاء رجل نوراني ثالث و قال لقد وهبناه ثلاثين عاما من عمره من أجل تضرع والدته.و فعلا توفي بعد ثلاثين عاما.

4-استجابة كل الحاجات:

يقول السيد المرعشي النجفي رحمه اللّه:في عام 1339 ه كنت من طلبة(مدرسة قوام)في النجف الأشرف.

و لا أنسى أنّي كنت أدرّس حاشية المولى عبد اللّه اليزدي في المنطق.

و لكني كنت في ضيق دائم،أرى نفسي لا منجا منه و لا مهرب،صرت أعيش عيشا ضنكا،حيث أشعر بغلق جميع أبواب الرجاء و نوافذ الأمنيات فاجتمعت على قلبي المكاره و الآلام و الأسقام،فأوشكت أن أتيه في وادي الخيبة و أبقى في عزلة الظنون و الخيال إلى ما شاء اللّه تعالى.

ص: 61

و كان ما كان من جرّاء أمور هاجمتني و أنا في معهد العلم و حوزة التقى،فإن كنت سائلا عنها،(فدونكها مخطوطة مرحولة)

أولها:كنت في ضيق من أخلاق بعض المعممين الذين يتكلمون انتقاصا بالمراجع الكرام،فحصل لي سوء الظن بهم و بكافة الأنام،و اعترتني حالة عدم الإنسجام مع الخاص و العام،حيث تركت صلاة الجماعة خلف العدول،و ما هو بالمأمول،فلم أصدّق أحدا أبدا.

ثانيها:كان أحد المنسوبين لي يمنعني من الدراسة بكل شدة،حتى تصل النوبة إلى أن يذهب لأستاذي و يمنعه من تعليمي و تدريسي،فلا يمكنني التتلمذ عند الأساتذة و الحالة هذه.

ثالثها:أبتليت بمرض الحصبة،و بعد الشفاء أصابني الخمول الذهني،فنسيت كل شيء و لم أحفظ شيئا أبدا.

رابعها:ضعفت عيناي إلى أبعد الحدود بحيث لا يمكنني الإستفادة من قراءة أو كتابة حسب ما يرام.

خامسها:عجزت عن الكتابة السريعة إلى أبعد الحدود.

سادسها:الفقر المفرط بحيث لا أحصل على أكل في بعض الليالي.و كان معي آنذاك(في الحجرة)حجتا الإسلام العلاّمة الحاج الميرزا حسن الشيرازي و العلامة الميرزا حسين الميرزا الشيرازي قدّس سرّه و لم يعلما بحالي و فقري و فاقتي،و كانا يسألاني عن اصفرار وجهي فلم أبح لهما بسرّي

سابعها:كنت أشعر بمرض دائم في قلبي و لم أسترح ساعة واحدة.

ثامنها:كانت تتزلزل عقيدتي(رويدا رويدا)بالنسبة لبعض الأمور المعنوية.

تاسعها:كان بودي أن لا أصدّع قلب أحد بلساني سيّما في الدرس.

عاشرها:كانت حاجتي أن يخرج حب الدّنيا من قلبي بكل أنواعه،و بالأخص حب الدينار و الدرهم.

ص: 62

الحادي عشر:أتمنى حج بيت اللّه الحرام بشرط أن أموت فيه أو في المدينة المنورة،و أدفن في أحد البلدين الطاهرين.

الثاني عشر:أريد التوفيق من اللّه تعالى للعلم و العمل الصالح من كل وجوه البر و الآثار الخيرية ما دمت حيا.

كل ذلك جعلني أن أفكر بالتوسل إلى اللّه تعالى بجاه الحسين عليه السّلام.

فشددت الرحال و تحركت من المدرسة متوجها إلى كربلاء المقدّسة،و أنا أملك روبية واحدة آنذاك،فاشتريت قرصين من الخبز و كوز ماء،و كان ذلك في أواسط أيام الدراسة،و أظن أنه كان في شهر شوّال المكرم،و أنا حاف باك قاصدا مشهد الإمام الحسين المظلوم صلوات اللّه و سلامه عليه من طريق(خان حماد)و لم أتوجه لتعب و اضناء و عناء أبدا.

دخلت كربلاء و أنا متوجه نحو نهر الحسينية للإغتسال فاغتسلت غسل الزيارة و جئت إلى الحرم الشريف،و بعد الزيارة و الدعاء قرب الغروب،فذهبت إلى غرفة السادان المرحوم السيد عبد الحسين صاحب كتاب(بغية النبلاء في تاريخ كربلاء) و هو-أي السيد عبد الحسين-كان من أصدقاء العلاّمة والدي قدّس سرّه و طاب رمسه، فاستدعيت منه أن يسمح لي بالبقاء في الحضرة الشريفة ليلا و كان البقاء ممنوعا منعا باتا،و لكنه رحمه اللّه لاحظ صداقته مع المغفور له والدي رضوان اللّه تعالى عليه،فأذن لي بالبيتوتة عند قبر سيّدي و مولاي أبي عبد اللّه عليه السّلام.

و عند ذلك جددت الوضوء و تشرفت بدخول الحرم المقدّس الشريف في الساعة التي أرادوا غلق الأبواب،و هنا صرت أفكر في أي مكان من الحرم أجلس، و المعمول أنّ الناس يجلسون في طرف الرأس الشريف،و لكني فكرت بأنّ الإمام روحي فداه،كان في حياته(الظاهرية)متوجها دوما إلى ولده علي الأكبر عليه السّلام، و قلت في نفسي لا بدّ أن ينظر إليه فيما بعدها أيضا.

فلذا جلست ممّا يلي رجلي الإمام صلوات اللّه عليه بجنب قبر علي بن

ص: 63

الحسين عليه السّلام.

و بعد هنيهة من جلوسي هناك سمعت صوتا للقرآن الكريم،و ذلك من جهة خلف الحضرة المقدّسة،و كانت القراءة بصوت حزين،حيث جلبني فتوجهت إلى هناك،و إذا بأبي رحمه اللّه تعالى جالس و بجنبه 13 رجلا يتلون القرآن الكريم، و أمامه رجل أيضا و عليه قرآن و كان يتلوه هو،قدمت إليه و قبّلت يده و سألت عن حاله فأجابني مستبشرا بأنه في أتم راحة و استقرار و نعيم،فسألته:ما ذا تعملون هنا؟

أجاب قدّس سرّه:نحن هنا 14 نفر مشغولون بتلاوة القرآن المجيد في الحرم المطهر دائما.فسألته أين هم؟

فقال:ذهبوا إلى خارج الحرم لبعض حوائجهم،و هذا الرجل الذي بجانبي هو العلامة الشيخ الميرزا محمد تقي الشيرازي-أحد رجال الثورة العراقية و زعماء الشيعة آنذاك-و الرجل الذي بعده العلاّمة المرحوم الشيخ زين العابدين المرندي من أوتاد علماء النجف الأشرف،و الذي بجانبه العلاّمة الشيخ زين العابدين المازندي الشهير صاحب كتاب ذخيرة العباد فعد جميع أولئك العظماء،و لكن مع الأسف لم يحضرني أسماء الباقين.

ثم سألني والدي المغفور له:لماذا أتيت إلى هنا و الأيام أيام دارسة و تحصيل؟ فعرضت بخدمته حوائجي التي ذكرتها أعلاه متوسلا بالإمام الحسين عليه أفضل الصلاة و السلام.فأمرني بالذهاب و عرض حاجاتي على سيّدي و مولاي.

فسألت أين هو روحي فداه،فأشار قائلا:هو هذا فوق الضريح الطاهر،فعجّل لأن الإمام عليه السّلام يريد الذهاب إلى زائر مريض في أحد(الخانات).

فقمت و ذهبت إلى قرب الضريح الشريف،فرأيته و إذا بي لا يمكنني النظر إلى وجهه الشريف حيث عليه هالة من نور يغشى البصر،فكانت عيني تغشى لنور وجهه المبارك،فكنت أراه من بين النور المحيط به بكل جهد.

ص: 64

سلّمت عليه و هو في أعلى الضريح،فأجابني السلام:

ثم قال عليه السّلام:إصعد إلى فوق!فعرضت بخدمته إنّي لست جديرا بذلك،فأمر ثانيا بصعودي فتوقيت أيضا و امتنعت استحياء.فأذن لي بالبقاء في مكاني أي بجنب الضريح.

ثم توجّهت بقوّة البصر الذي لا يتمكن من رؤيته فنظرت إليه بكل جهد،و إذا به عليه السّلام يبتسم بملاحة ما فوقها ملاحة.

ثم سألني:ماذا تريد؟..فقرأت بالفارسية:

آنجا كه عيان است جه حاجت به بيان است

يعني إنّك تعلم ما أكنّه في ضميري.فأدلى بقطعة من(النبات السكر)قائلا:أنت ضيفنا فاحلو لي فمك.

ثم أخذ يقول صلوات اللّه و سلامه عليه:

ماذا رأيت من عباد اللّه لتسيء بهم الظن؟!

فصرت أحس بتغيير جذري في نفسي،و لا شك أنّ هذا من تصرّف الإمام عليه السّلام بي بالولاية.

فمنها ما رأيت في نفسي من سوء الظن بأحد أبدا.

و رأيت أني منسجم مع الخاص و العام بحيث صرت أسلم على كل من أراه و أعانقه و أصافحه.و كان هناك رجل ظاهر الصلاح فصلّيت خلفه بعد آذان الصبح و ما كنت أظن أني أصلي خلف هذا يوما ما.

هذا:و قال لي عليه السّلام:توجه لدراستك،فإنّ الذي يعارضك لا يتمكن من إيذائك و إيقاف درسك.و لما رجعت إلى النجف الأشرف أتاني القرابة قائلا:يا فلان فكّرت و رأيت أنه لا يمكنك إلاّ الدراسة فادرس بشرط أن تستغني عنّا ماديا.

و الثالثة:أنه قال عليه السّلام:طلبنا شفاءك من اللّه تعالى،فأحسست في نفسي-من ساعتي-أنه لا يعتريني أي مرض،و ذهب عنّي ذاك الخمول الذهني فصرت حفاظا

ص: 65

عجيبا و إلى اليوم و الحمد للّه.

و الرابعة:أنه عليه السّلام قال:طلبنا من اللّه تعالى لعينك النور القوي.

و منه صرت أطالع كل الخطوط مهما نعمت و إلى اليوم الذي أنا في العقد التاسع من عمري.

و الخامسة:أنه عليه السّلام:أكرمني قلما،و قال:خذ و اكتب بكل سرعة،فسرع قلمي من ذلك الوقت بشكل عجيب.

و السادسة:تكلم صلوات اللّه عليه فيما يخص الفقر و الفاقة-مما لم تحضرني الكلمات.

و السابعة:طلبنا راحة قلبك.فشعرت بالراحة التامة في قلبي.

و الثامنة:دعى صلوات اللّه و سلامه عليه لي بثبات العقيدة بالنسبة للأمور المعنوية.

و التاسعة:قال عليه السّلام:طلبنا لك من اللّه تعالى أن يصبّرك على تعبك مع أهل العلم و لا يصدع قلب أحدهم منك سيّما في التدريس.

و العاشرة:دعاءه سلام اللّه عليه بخروج حب الدنيا من قلبي سيّما الدرهم و الدينار.

و الحادي عشر:قال عليه السّلام:كما دعونا لتوفيقك للخدمات الدينية و قبول الأعمال.

و الخلاصة:إنه عليه أفضل الصلاة و السلام أجاب جميع ما أردت سوى الحج، فلم يتعرض إليه أبدا،و ما سألته عنه (1).2.

ص: 66


1- قبسات من حياة المرعشي،ص:102.

ثواب و آثار زيارة الإمام الحسين عليه السلام

زيارة الإمام الحسين عليه السلام

في الأمالي بإسناده إلى عليّ عليه السّلام قال:زارنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ذات يوم فقدّمنا إليه طعاما فأكل منه،فلمّا غسل يديه مسح وجهه و لحيته ببلّة يديه ثمّ قام إلى مسجد في جانب البيت فخرّ ساجدا فبكى فأطال البكاء،ثمّ رفع رأسه فما اجترأ منّا أهل البيت أحد أن يسأله عن شيء،فقام الحسين يدرج حتّى صعد على فخذي رسول اللّه فأخذ برأسه إلى صدره و قال:يا أبه ما يبكيك؟

فقال:يا بنيّ إنّي نظرت إليكم اليوم فسررت بكم سرورا لم أسر بكم قبله مثله، فهبط إليّ جبرئيل فأخبرني إنّكم قتلى و أنّ مصارعكم شتّى.

فقال:يا أبه ما لمن يزور قبورنا و يتعاهدها على تشتّتها؟

قال:طوائف من امّتي يريدون بذلك برّي و صلتي أتعاهدهم في الموقف و آخذ بأعضادهم فأنجيهم من أهواله و شدائده (1).

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:كان الحسين بن علي ذات يوم في حجر النبي عليه السّلام يلاعبه و يضاحكه فقالت عائشة:ما أشدّ إعجابك بهذا الصبي.

فقال لها:ويلك هو ثمرة فؤادي أما أنّ امّتي ستقتله فمن زاره بعد وفاته كتب اللّه

ص: 67


1- كامل الزيارات:127.

له حجّة من حججي قالت:يا رسول اللّه حجّة من حججك؟

قال:و حجّتين من حججي.

قالت:حجّتين من حججك؟

قال:نعم و أربعة،فلم تزل تزاده و يزيد و يضعف حتّى بلغ تسعين حجّة من حجج رسول اللّه باعمارها (1).

و عن أبي جعفر عليه السّلام:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إذا دخل الحسين عليه السّلام يقبّله و يبكي فيقول:يا أبه لم تبكي؟

فيقول:يا بنيّ اقبّل موضع السيوف منك و أبكي.

قال:يا أبه و أقتل؟

قال:إي و اللّه و أبوك و أخوك و أنت.

قال:يا أبه فقبورنا شتّى؟

قال:نعم يا بني،قال:فمن يزورنا من امّتك؟

قال:لا يزورنا إلاّ الصدّيقون من امّتي (2).

و عن زين العابدين عليه السّلام في حديث طويل يقول فيه:قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فإذا برز الحسين عليه السّلام و أصحابه إلى مضاجعهم تولّى اللّه عزّ و جلّ قبض أرواحهم بيده و أهبط إلى الأرض ملائكة من السماء السابعة معهم آنية من الياقوت و الزمرّد مملوءة من ماء الحياة و حلل من حلل الجنّة و طيب من طيب الجنّة فغسلوا جثثهم بذلك الماء و ألبسوها الحلل و حنّطوها بذلك الطيب و صلّى الملائكة صفّا صفّا عليهم ثمّ يبعث اللّه قوما لا يعرفهم الكفّار فيوارون أجسامهم و يقيمون رسما لسيّد الشهداء بتلك البطحاء يكون علما لأهل الحقّ و سببا للمؤمنين إلى الفوز و يتحفه ملائكة كلّ سماء مائة ألف ملك في كلّ يوم و ليلة يصلّون عليه و يسبّحون اللّه عنده5.

ص: 68


1- كامل الزيارات:144 ح 1.
2- البحار:119/97 ح 15.

و يستغفرون اللّه لزوّاره و يكتبون أسماء من يأتيه زائرا متقرّبا إلى اللّه و إلى رسوله و أسماء آبائهم و عشائرهم و بلدانهم و يوسمون في وجوههم بميسم نور عرش اللّه هذا زائر قبر خير الشهداء و ابن خير الأنبياء،فإذا كان يوم القيامة سطع في وجوههم من أثر ذلك الميسم نور تغشى منه الأبصار و يعرفون به و يلتقطهم الملائكة و النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يوم القيامة بذلك النور حتّى ينجيهم من هول ذلك اليوم، و لقد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:إنّ إبليس يوم قتل الحسين يطير فرحا فيجول الأرض كلّها في شياطينه و عفاريته فيقول:يا معشر الشياطين قد أدركنا من ذرّية آدم الطلبة و بلغنا في هلاكهم الغاية و أورثناهم النار إلاّ من اعتصم بهذه العصابة فاجعلوا شغلكم بتشكيك الناس فيهم و حملهم على عداوتهم حتّى لا ينجو منهم ناج.

ثمّ قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام بعد ما حدّث بهذا الحديث:خذ إليك ما لو ضربت في طلبه آباط الإبل حولا لكان قليلا (1).

و عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت:جعلت فداك ما تقول فيمن ترك زيارة الحسين عليه السّلام و هو يقدر على ذلك؟

قال عليه السّلام:إنّه قد عقّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و عقّنا و استخفّ بأمر هو له و من زاره كان اللّه له من وراء حوائجه و كفي ما أهمّه من أمر دنياه و إنّه ليجلب الرزق على العبد و يخلف عليه ما أنفق و يغفر له ذنوب خمسين سنة و يرجع إلى أهله و ما عليه وزر و لا خطيئة فإن هلك في سفره نزلت الملائكة فغسّلته و فتح له باب إلى الجنّة يدخل عليه روحها حتّى ينشر و إن سلم فتح الباب الذي ينزل منه رزقه فجعل له بكلّ درهم أنفقه عشرة آلاف درهم و إنّ اللّه تبارك و تعالى نظر لك و ذخرها لك عنده و الحمد للّه (2).

ابن قولويه،عن ابن الوليد،عن الصفار،عن الحسن بن موسى الخشاب،عن4.

ص: 69


1- كامل الزيارات:448.
2- كامل الزيارات:246 ح 4.

بعض رجاله،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إنّ زائر الحسين جعل ذنوبه جسرا عند باب داره ثمّ عبرها كما يخلف أحدكم الجسر وراءه إذا عبر (1).

ابن قولويه،عن أبي العباس الرزاذ،عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب،عن محمّد بن اسماعيل،عن الخيبري،عن الحسين بن محمّد القمي قال:قال أبو الحسن موسى عليه السّلام:أدنى ما يثاب به زائر الحسين عليه السّلام بشاطىء الفرات إذا عرف حقّه و حرمته و ولايته أن يغفر له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر (2).

ابن قولويه،عن أبيه،عن الحسين بن الحسن بن أبان،عن محمّد بن اورمة،عن زكريا المؤمن،عن عبد اللّه بن يحيى الكاهلي،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من أراد أن يكون في كرامة اللّه يوم القيامة و في شفاعة محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فليكن للحسين زائرا ينال من اللّه الفضل و الكرامة و حسن الثواب و لا يسأله عن ذنب عمله في الحياة الدنيا و لو كانت ذنوبه عدد رمل عالج و جبال تهامة و زبد البحر أنّ الحسين عليه السّلام قتل مظلوما مضطهدا عطشانا هو و أهل بيته و أصحابه (3).

ابن قولويه،عن أبيه،عن سعد،عن أحمد بن محمّد بن عيسى،عن البرقي،عن القاسم بن يحيى،عن جده الحسن بن راشد،عن أبي ابراهيم عليه السّلام قال:من خرج من بيته يريد زيارة قبر أبي عبد اللّه الحسين بن علي عليهما السّلام وكّل به ملكا فوضع إصبعه في قفاه فلم يزل يكتب ما يخرج من فيه حتى يرد الحائر فإذا خرج من باب الحائر وضع كفّه وسط ظهره ثمّ قال له:أمّا ما مضى فقد غفر لك فاستأنف العمل (4).

ابن قولويه،عن الحسن بن عبد اللّه،عن أبيه،عن الحسن بن محبوب،عن داود الرقي قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:ما خلق اللّه خلقا أكثر من الملائكة و أنّه7.

ص: 70


1- كامل الزيارات:152 ح 1.
2- كامل الزيارات:153 ح 5.
3- كامل الزيارات:153 ح 6.
4- كامل الزيارات:153 ح 7.

ينزل من السماء كلّ مساء سبعون ألف ملك يطوفون بالبيت الحرام ليلتهم حتى إذا طلع الفجر إنصرفوا إلى قبر النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فيسلّمون عليه ثمّ يأتون قبر أمير المؤمنين عليه السّلام فيسلّمون عليه ثمّ يأتون قبر الحسين عليه السّلام فيسلّمون عليه ثمّ يعرجون إلى السماء قبل أن تطلع الشمس ثمّ تنزل ملائكة النهار سبعون ألف ملك فيطوفون بالبيت الحرام نهارهم حتى إذا غربت الشمس إنصرفوا إلى قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فيسلّمون عليه ثمّ يأتون قبر أمير المؤمنين عليه السّلام فيسلّمون عليه ثمّ يأتون قبر الحسين عليه السّلام فيسلّمون عليه ثمّ يعرجون إلى السماء قبل أن تغيب الشمس (1).

ابن قولويه،عن أبيه،و جماعة من مشايخه،عن سعد بن عبد اللّه،عن الحسين بن عبد اللّه،عن الحسن بن علي بن أبي عثمان،عن محمّد بن الفضيل،عن اسحاق بن عمار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:ما بين قبر الحسين عليه السّلام إلى السماء مختلف الملائكة (2).

ابن قولويه،عن القاسم بن محمّد بن علي بن ابراهيم،عن أبيه،عن جده،عن عبد اللّه بن حماد،عن اسحاق بن عمار قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:جعلت فداك يابن رسول اللّه كنت في الحيرة ليلة عرفة فرأيت نحوا من ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف رجل جميلة وجوههم طيبة ريحهم شديدة بياض ثيابهم يصلّون الليل أجمع فلقد كنت أريد أن آتي قبر الحسين عليه السّلام و أقبّله و أدعو بدعواتي فما كنت أصل إليه من كثرة الخلق فلما طلع الفجر سجدت سجدة فرفعت رأسي فلم أر منهم أحدا،فقال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام:أتدري من هؤلاء؟

قلت:لا جعلت فداك.

فقال:أخبرني أبي عن أبيه قال:مرّ بالحسين عليه السّلام أربعة آلاف ملك و هو يقتل فعرجوا إلى السماء فأوحى اللّه إليهم يا معشر الملائكة مررتم بابن حبيبي و صفيّي3.

ص: 71


1- كامل الزيارات:114 ح 2.
2- كامل الزيارات:114 ح 3.

محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو يقتل و يضطهد مظلوما فلم تنصروه فانزلوا إلى الأرض إلى قبره فابكوه شعثا غبرا إلى يوم القيامة فهم عنده إلى أن تقوم القيامة (1).

ابن قولويه،عن أبيه و أخيه و جماعة من مشايخه،عن محمّد بن يحيى،و أحمد ابن ادريس،عن حمدان بن سليمان النيسابوري،عن عبد اللّه بن محمّد اليماني،عن منيع بن حجاج،عن يونس،عن صفوان الجمّال قال:قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام لما أتى الحيرة:هل لك في قبر الحسين عليه السّلام؟

قلت:تزوره جعلت فداك؟

قال:و كيف لا أزوره و اللّه يزوره في كلّ ليلة جمعة يهبط مع الملائكة إليه و الأنبياء و الأوصياء و محمّد أفضل الأنبياء و نحن أفضل الأوصياء.

فقال صفوان:جعلت فداك فتزوره في كلّ جمعة حتى تدرك زيارة الرب؟

قال:نعم يا صفوان إلزم ذلك يكتب لك زيارة قبر الحسين عليه السّلام،و ذلك تفضيل و ذلك تفضيل (2).

زيارة اللّه للإمام الحسين عليه السّلام عبارة عن تنزّل الرحمة و زيادة مقام الحسين عليه السّلام،أو رحمة من يكون في مقام الحسين عليه السّلام ليلة الجمعة.

ابن قولويه،عن الحسن بن عبد اللّه،عن أبيه،عن الحسن بن محبوب،عن اسحاق ابن عمار قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:ليس من نبيّ في السموات إلاّ و يسألون اللّه تعالى أن يأذن لهم في زيارة الحسين عليه السّلام ففوج ينزل و فوج يصعد (3).

ابن قولويه،عن محمّد بن عبد اللّه الحميري،عن أبيه،عن هارون بن مسلم،عن عبد اللّه بن الأشعث،عن عبد اللّه بن حماد الأنصاري،عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سمعته يقول:قبر الحسين بن علي صلوات اللّه عليه عشرون ذراعا في1.

ص: 72


1- كامل الزيارات:115 ح 5.
2- كامل الزيارات:113.
3- كامل الزيارات:111 ح 1.

عشرين ذراعا مكسّرا روضة من رياض الجنة و فيه معراج الملائكة إلى السماء و ليس من ملك مقرّب و لا نبي مرسل إلاّ و هو يسأل اللّه أن يزوره،ففوج يهبط و فوج يصعد (1).

ابن قولويه،عن الحسن بن عبد اللّه،عن أبيه،عن الحسن بن محبوب،عن الحسين بن بنت أبي حمزة الثمالي قال:خرجت في آخر زمان بني مروان إلى زيارة قبر الحسين عليه السّلام مستخفيا من أهل الشام حتى انتهيت إلى كربلاء فاختفيت في ناحية القرية حتى إذا ذهب من الليل نصفه أقبلت نحو القبر فلما دنوت منه أقبل نحوي رجل فقال:إنصرف مأجورا فإنّك لا تصل إليه،فرجعت فزعا حتى إذا كاد يطلع الفجر أقبلت نحوه حتى إذا دنوت منه خرج اليّ الرجل فقال لي:يا هذا إنّك لا تصل إليه.

فقلت له:عافاك اللّه و لم لا أصل إليه و قد أقبلت من الكوفة أريد زيارته فلا تحل بيني و بينه عافاك اللّه و أنا أخاف أن أصبح فيقتلني أهل الشام إن أدركوني ههنا، قال:فقال لي:إصبر قليلا فإنّ موسى بن عمران عليه السّلام سأل اللّه أن يأذن له في زيارة قبر الحسين بن علي عليهما السّلام فأذن له فهبط من السماء في سبعين ألف ملك فهم بحضرته من أوّل الليل ينتظرون طلوع الفجر ثمّ يعرجون إلى السماء.

قال:فقلت له:فمن أن عافاك اللّه؟

قال:أنا من الملائكة الذين أمروا بحرس قبر الحسين عليه السّلام و الإستغفار لزواره فانصرفت و قد كاد أن يطير عقلي لما سمعت منه قال:فأقبلت لمّا طلع الفجر نحوه فلم يحل بيني و بينه أحد فدنوت من القبر و سلّمت عليه و دعوت اللّه على قتلته و صليت الصبح و أقبلت مسرعا مخافة أهل الشام (2).

و روي أنّ آدم عليه السّلام لمّا هبط إلى الأرض لم ير حوّاء فصار يطوف الأرض في2.

ص: 73


1- كامل الزيارات:112 ح 3.
2- كامل الزيارات:111 ح 2.

طلبها فمرّ بكربلاء فاغتمّ و ضاق صدره من غير سبب و عثر في الموضع الذي قتل فيه الحسين حتّى سال الدم من رجله،فقال:إلهي هل حدث منّي ذنب آخر فعاقبتني به،فأوحى إليه:يا آدم يقتل في هذه الأرض ولدك الحسين ظلما فسال دمك موافقة لدمه و هو سبط النبيّ و قاتله يزيد.

فقال:أيّ شيء أصنع؟

قال:إلعنه أربع مرّات،فلعنه و مشى إلى جبل عرفات فوجد حوّاء هناك.

و أنّ نوحا لمّا ركب في السفينة طافت به جميع الدّنيا،فلمّا مرّت بكربلاء أخذته الأرض و خاف نوح الغرق فقال:إلهي أصابني فزع في هذه الأرض فقال جبرئيل عليه السّلام:يا نوح في هذا الموضع يقتل الحسين سبط محمّد خاتم الأنبياء قاتله لعين أهل السماوات فلعنه نوح أربع مرّات،و سارت السفينة حتّى استقرّت على الجودي.

و أنّ إبراهيم عليه السّلام مرّ بأرض كربلاء و هو راكب فرسا فعثرت به و سقط إبراهيم و شجّ رأسه و سال دمه فأخذ في الإستغفار.

فقال:إلهي أيّ شيء حدث منّي؟

فقال:يا إبراهيم ما حدث منك ذنب،و لكن هنا يقتل سبط الأنبياء فسال دمك موافقة لدمه و قاتله لعين أهل السماوات و الأرضين و القلم جرى على اللّوح بلعنه بغير إذن ربّه،فأوحى اللّه تعالى إلى القلم إنّك استحققت الثناء بهذا اللّعن فلعن إبراهيم عليه السّلام يزيدا لعنا كثيرا و قال فرسه:آمين.

فقال إبراهيم لفرسه:أيّ شيء عرفت حتّى تؤمّن على دعائي؟

فقال:يا إبراهيم أنا أفتخر بركوبك عليّ،فلمّا عثرت و سقطت عن ظهري خجلت، و كان سبب ذلك يزيد لعنه اللّه.

و إنّ إسماعيل كانت أغنامه ترعى بشط الفرات فأخبره الراعي أنّها لا تشرب الماء من هذه المشرعة منذ كذا يوما،فسأل ربّه عن ذلك،فقال جبرئيل عليه السّلام:سل

ص: 74

غنمك فإنّها تجيبك عن سبب ذلك،فقال لها:لم لا تشربين من هذا الماء؟

فقالت بلسان فصيح:قد بلغنا أنّ ولدك الحسين يقتل هنا عطشانا فنحن لا نشرب من هذه المشرعة حزنا عليه فسألها عن قاتله فقالت:يقتله لعين أهل السماوات و الأرض فلعنه إسماعيل.

و أنّ موسى عليه السّلام كان ذات يوم سائرا و معه يوشع بن نون،فلمّا جاء إلى أرض كربلاء انخرق نعله و انقطع شراكه و دخل الحسك في رجله و سال دمه فقال:إلهي أيّ شيء حدث منّي؟

فأوحى اللّه إليه أنّ هنا يقتل الحسين فسال دمك موافقة لدمه و قاتله لعين السمك في البحار و الوحوش في القفار و الطير في الهواء،فلعن موسى يزيدا و أمّن يوشع على دعائه.

و أنّ سليمان عليه السّلام كان يجلس على بساطه و يسير في الهواء فمرّ بأرض كربلاء فأدارت الريح بساطه ثلاثة دورات حتّى خافوا السقوط،فسكنت الريح و نزل البساط،فقال سليمان للريح:لم سكنتي؟

فقالت:إنّ هنا يقتل الحسين عليه السّلام و هو سبط محمّد المختار و قاتله يزيد،فلعنه سليمان و أمّن على دعائه الإنس و الجنّ فهبّت الريح و سار البساط.

و أنّ عيسى عليه السّلام كان سائحا في البراري و معه الحواريّون فمرّوا بكربلاء فرأوا أسدا قد أخذ الطريق.

فقال عيسى للأسد:لم جلست في هذا الطريق لا تدعنا نمرّ فيه؟

فقال بلسان فصيح:إنّي لم أدعكم تمرّوا حتّى تلعنوا يزيدا قاتل الحسين سبط محمّد و قاتله لعين الوحوش و الذئاب و السباع خصوصا أيّام عاشوراء،فلعنه و أمّن الحواريّون فتنحّى الأسد عن الطريق (1).3.

ص: 75


1- البحار للعلاّمة المجلسي:244/44 ح 43.

ابن قولويه،عن أبيه،و محمّد بن عبد اللّه،و علي بن الحسين،و محمّد بن الحسن، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري،عن موسى بن عمر،عن حسان البصري،عن معاوية بن وهب،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قال لي:يا معاوية لا تدع زيارة قبر الحسين عليه السّلام لخوف فإنّ من ترك زيارته رأى من الحسرة ما يتمنّى إنّ قبره كان عنده أما تحب أن يرى اللّه شخصك و سوادك فيمن يدعو له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و عليّ و فاطمة و الأئمة عليهم السّلام (1).

ابن قولويه بهذا الاسناد،عن موسى بن عمر،عن حسان البصري،عن معاوية ابن وهب قال:إستأذنت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فقيل لي:أدخل فدخلت فوجدته في مصلاه في بيته فجلست حتى قضى صلاته فسمعته يناجي ربّه و هو يقول:«اللّهم يا من خصّنا بالكرامة و وعدنا بالشفاعة و خصّنا بالوصية و أعطانا ما مضى و علم ما بقي و جعل أفئدة من الناس تهوي إلينا اغفر لي و لإخواني و زوّار قبر أبي الحسين الذين أنفقوا أموالهم و أشخصوا أبدانهم رغبة في برّنا و رجاء لما عندك من صلتنا و سرورا أدخلوه على نبيّك و إجابة منهم لأمرنا و غيظا أدخلوه على عدونا أرادوا بذلك رضاك فكافهم عنّا بالرضوان و اكلأهم بالليل و النهار و اخلف على أهاليهم و أولادهم الذين خلّفوا بأحسن الخلف و اصحبهم و اكفهم شرّ كلّ جبار عنيد و كلّ ضعيف من خلقك و شديد و شرّ شياطين الإنس و الجن و أعطهم أفضل ما أمّلوا منك في غربتهم عن أوطانهم و ما آثرونا به على أبنائهم و أهاليهم و قراباتهم،اللهم إنّ أعداءنا عابوا عليهم بخروجهم فلم ينههم ذلك عن الشخوص إلينا خلافا منهم على من خالفنا فارحم تلك الوجوه التي غيّرتها الشمس و ارحم تلك الخدود التي تتقلّب على حضرة أبي عبد اللّه الحسين عليه السّلام و ارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا و ارحم تلك القلوب التي جزعت و احترقت لنا و ارحم تلك الصرخة التي كانت لنا.1.

ص: 76


1- كامل الزيارات:116 ح 1.

اللهم اني أستودعك تلك الأبدان و تلك الأنفس حتى توفّيهم على الحوض يوم العطش الأكبر».

فما زال يدعو و هو ساجد بهذا الدعاء فلما انصرف،قلت:جعلت فداك لو أنّ هذا الذي سمعت منك كان لمن لا يعرف اللّه لظننت أنّ النار لا تطعم منه شيئا أبدا و اللّه لقد تمنيّت أني كنت زرته و لم أحجّ،فقال لي:ما أقربك منه فما الذي يمنعك من زيارته؟

ثمّ قال:يا معاوية لم تدع ذلك؟

قلت:جعلت فداك لم أر أنّ الأمر يبلغ هذا كله،فقال:يا معاوية من يدعو لزواره في السماء أكثر ممن يدعو لهم في الأرض (1).

ابن قولويه،عن أبيه،عن سعد بن عبد اللّه،عن موسى بن عمر،عن حسّان البصري،عن معاوية بن وهب،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قال لي:يا معاوية لا تدع زيارة الحسين عليه السّلام لخوف فإنّ من تركه رأى من الحسرة ما يتمنّى أنّ قبره كان عنده أما تحب أن يرى اللّه شخصك و سوادك فيمن يدعو له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و علي و فاطمة و الأئمة عليهم السّلام أما تحبّ أن تكون ممن ينقلب بالمغفرة لما مضى و يغفر لك ذنوب سبعين سنة أما تحب أن تكون ممن يخرج من الدنيا و ليس عليه ذنب تتبع به، أما تحب أن تكون غدا ممن يصافحه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (2)؟

ابن قولويه،عن حكيم بن داود،عن سلمة بن خطاب،عن الحسن بن علي الوشاء،عمّن ذكره،عن داود بن كثير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إنّ فاطمة عليها السّلام بنت محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم تحضر لزوار قبر ابنها الحسين فتستغفر لهم ذنوبهم (3).

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إذا زرتم الحسين فالزموا الصمت إلاّ من خير و إنّ ملائكة الليل و النهار من الحفظة تحضر و الملائكة الذين بالحائر فتصافحهم4.

ص: 77


1- كامل الزيارات:116 ح 2.
2- كامل الزيارات:117 ح 3.
3- كامل الزيارات:118 ح 4.

فلا يجيبونها من شدّة البكاء فينتظرونهم حتّى تزول الشمس و حتّى ينور الفجر ثمّ يكلّمونهم و يسألونهم عن أشياء من أمر السماء،فأمّا ما بين هذين الوقتين فإنّهم لا ينطقون و لا يفترون عن البكاء و الدّعاء و لا يشغلونهم في هذين الوقتين عن أصحابهم فإنّما شغلهم بكم إذا نطقتم،قلت:و ما الذي يسألونهم؟

قال أهل الحائر:يسألون الحفظة لأنّ أهل الحائر من الملائكة لا يبرحون و الحفظة تنزل و تصعد،قلت:فما يسألونهم؟

قال:إنّهم يمرون إذا عرّجوا بإسماعيل صاحب الحوافر بما و افقوا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عنده و فاطمة و الحسين و الحسن و الأئمّة ممّن مضى منهم فيسألونهم عن أشياء و من حضر منكم الحائر و يقولون:بشّروهم بدعائكم فيقول الحفظة:كيف نبشّرهم و هم لا يسمعون كلامنا؟فيقولون لهم:باركوا عليهم و ادعوا لهم عنّا فهي البشارة منّا و إذا انصرفوا فحفّوهم بأجنحتكم حتّى يحسوا مكانكم و لو يعلموا ما في زيارته من الخير لاقتتلوا على زيارته بالسيوف و لباعوا أموالهم في إتيانه و أنّ فاطمة عليها السّلام إذا نظرت إليهم و معها ألف نبي و ألف صدّيق و ألف شهيد و من الكروبيين ألف ألف يساعدونها على البكاء و أنّها لتشهق شهقة فلا يبقى في السماوات ملك إلاّ بكى رحمة لصوتها و ما تسكن حتّى يأتيها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فيقول:يا بنيّة قد أبكيت أهل السماوات و شغلتيهم عن التسبيح و التقديس فكفى حتّى يقدّسوا فإنّ اللّه بالغ أمره و انّا لننظر إلى من حضر منكم فنسأل اللّه لهم كلّ خير (1).

و في الكافي و غيره عن حريز و قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:جعلت فداك ما أقلّ بقاءكم أهل البيت و أقرب آجالكم بعضها من بعض مع حاجة هذا الخلق إليكم.

فقال:إنّ لكلّ واحد منّا صحيفة فيها ما يحتاج إليه أن يعمل به في مدّته فإذا انقضى ما فيها ممّا أمر به عرف أنّ أجله قد حضر و أتاه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ينعي إليه8.

ص: 78


1- كامل الزيارات:177 ح 18.

نفسه و أنّ الحسين عليه السّلام قرأ صحيفته التي أعطيها و فسّر له ما يأتي و ما يبقى و بقي منها أشياء لم تنقضي فخرج إلى القتال و كانت تلك الأمور التي بقيت أنّ الملائكة سألت اللّه تعالى في نصرته فأذن لهم فمكث تستعدّ للقتال حتّى قتل فنزلت و قد انقطعت مدّته فقالت الملائكة:يا ربّ أذنت لنا في نصرته و قد قبضته إليك،فأوحى إليهم الزموا قبّته حتى ترونه و قد خرج فانصروه و ابكوا عليه و على ما فاتكم من نصرته فإذا خرج صلوات اللّه عليه يكونون أنصاره (1).

و عنه عليه السّلام:إنّ عند قبره أربعة آلاف ملك لا يزوره زائر إلاّ استقبلوه و لا يودّعه مودّع إلاّ شيّعوه و لا يمرض إلاّ عادوه و لا يموت إلاّ صلّوا على جنازته و استغفروا له بعد موته و هم في الأرض ينتظرون قيام القائم عليه السّلام (2).

ابن قولويه،عن محمّد بن جعفر القرشي الرزاذ،عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب،عن صفوان بن يحيى،عن أبي أسامة زيد الشحام قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:من أتى قبر الحسين عليه السّلام تشوّقا إليه كتبه اللّه من الآمنين يوم القيامة و أعطي كتابه بيمينه و كان تحت لواء الحسين عليه السّلام حتى يدخل الجنة فيسكنه في درجته إنّ اللّه عزيز حكيم (3).

ابن قولويه،عن الحسن بن عبد اللّه،عن أبيه،عن الحسن بن محبوب،عن العلاء ابن رزين،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:لو يعلم الناس ما في زيارة قبر الحسين عليه السّلام من الفضل لماتوا شوقا و تقطّعت أنفسهم عليه حسرات،قلت:و ما فيه؟

قال:من أتاه تشوّقا كتب اللّه له ألف حجة متقبلة و ألف عمرة مبرورة و أجر ألف شهيد من شهداء بدر و أجر ألف صائم و ثواب ألف صدقة مقبولة و ثواب ألف نسمة1.

ص: 79


1- البحار:176/79.
2- كامل الزيارات:235 ح 348.
3- كامل الزيارات:142 ح 1.

أريد بها وجه اللّه و لم يزل محفوظا سنته من كلّ آفة أهونها الشيطان و وكل به ملك كريم يحفظه من بين يديه و من خلفه و عن يمينه و عن شماله و من فوق رأسه و من تحت قدمه،فإن مات سنته حضرته ملائكة الرحمة يحضرون غسله و تكفينه و الإستغفار له و يشيّعونه إلى قبره بالإستغفار له و يفسح له في قبره مدّ بصره و يؤمنه اللّه من ضغطة القبر و من منكر و نكير أن يروّعانه و يفتح له باب إلى الجنّة و يعطى كتابه بيمينه و يعطى له يوم القيامة نورا يضيىء لنوره ما بين المشرق و المغرب و ينادي مناد هذا من زار الحسين شوقا إليه فلا يبقى أحد يوم القيامة إلاّ تمنّى يومئذ أنّه كان من زوّار الحسين عليه السّلام (1).

ابن قولويه،عن الحسن بن عبد اللّه،عن أبيه،عن الحسن بن محبوب،عن أبي أيّوب الخزاز،عن محمّد بن مسلم قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ما لمن أتى قبر الحسين عليه السّلام؟

قال:من أتاه شوقا إليه كان من عباد اللّه المكرمين و كان تحت لواء الحسين بن علي حتى يدخلهما اللّه الجنّة (2).

ابن قولويه،عن أبيه،عن سعد بن عبد اللّه،عن أحمد بن محمّد بن عيسى،عن أحمد بن محمّد بن خالد،عن أبان الأحمر،عن محمّد بن الحسين الخزاز،عن هارون ابن خارجة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت:جعلت فداك ما لمن أتى قبر الحسين زائرا له عارفا بحقه يريد به وجه اللّه تعالى و الدار الآخرة؟

فقال له:يا هارون من أتى قبر الحسين عليه السّلام زائرا له عارفا بحقه يريد به وجه اللّه و الدار الآخرة غفر اللّه،و اللّه،ما تقدّم من ذنبه و ما تأخر ثمّ قال لي ثلاثا:ألم أحلف لك، ألم أحلف لك،ألم أحلف لك (3).2.

ص: 80


1- كامل الزيارات:142 ح 3.
2- كامل الزيارات:143 ح 4.
3- كامل الزيارات:144 ح 2.

ابن قولويه،عن محمّد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري،عن أبيه،عن علي بن محمّد ابن سالم،عن محمّد بن خالد،عن عبد اللّه بن حماد البصري،عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم،عن عبد اللّه بن مسكان قال:شهدت أبا عبد اللّه عليه السّلام و قد أتاه قوم من أهل خراسان فسألوه عن إتيان قبر الحسين عليه السّلام و ما فيه من الفضل؟

قال:حدثني أبي عن جدي أنّه كان يقول:من زاره يريد به وجه اللّه أخرجه اللّه من ذنوبه كمولود ولدته أمّه و شيّعته الملائكة في مسيره فرفرفت على رأسه قد صفّوا بأجنحتهم عليه حتى يرجع إلى أهله و سألت الملائكة المغفرة له من ربّه و غشيته الرحمة من أعنان السماء و نادته الملائكة طبت و طاب من زرت و حفظ في ماله (1).

ابن قولويه،عن أبيه،و محمّد بن الحسن،عن محمّد بن الحسن الصفار جميعا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي،عن الحسن بن علي بن فضال،عن أبي أيّوب ابراهيم بن عثمان الخزاز،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين عليه السّلام فإنّ إتيانه مفترض على كلّ مؤمن يقرّ للحسين عليه السّلام بالإمامة من اللّه (2).

ابن قولويه،عن أبيه و أخيه،و علي بن الحسين،و محمّد بن الحسن جميعا،عن أحمد بن ادريس،عن عبيد اللّه بن موسى،عن الوشاء قال:سمعت الرضا عليه السّلام يقول:

لكلّ إمام عهدا في عنق أوليائه و شيعته و إنّ من تمام الوفاء بالعهد و حسن الأداء زيارة قبورهم فمن زارهم رغبة في زيارتهم و تصديقا لما رغبوا فيه كان أئمتهم شفعاءهم يوم القيامة (3).

ابن قولويه،عن أبيه،عن الحسن بن متيل،عن الحسن بن علي الكوفي،عن علي بن حسان الهاشمي،عن عبد الرحمن بن كثير مولى أبي جعفر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام2.

ص: 81


1- كامل الزيارات:145 ح 5.
2- كامل الزيارات:121 ح 1 باب 43.
3- كامل الزيارات:122 ح 2.

قال:لو أنّ أحدكم حج دهره ثمّ لم يزر الحسين بن علي عليه السّلام لكان تاركا حقا من حقوق اللّه و حقوق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لأنّ حق الحسين عليه السّلام فريضة من اللّه واجبة على كلّ مسلم (1).

ابن قولويه،عن محمّد بن جعفر الرزاز،عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أبي داود المسترق،عن ام سعيد الأحمسيّة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قالت قال لي:يا امّ سعيد تزورين قبر الحسين؟

قالت:قلت:نعم.

فقال لي:زوريه فإنّ زيارة قبر الحسين واجبة على الرجال و النساء (2).

ابن قولويه،عن محمّد بن عبد اللّه بن جعفر،عن أبيه،عن علي بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد،عن عبد اللّه بن حماد البصري،عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم،عن حماد ذي الناب،عن روحي،عن زرارة قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:ما تقول فيمن زار أباك على خوف؟

قال:يؤمنه اللّه يوم الفزع الأكبر و تلقّاه الملائكة بالبشارة و يقال له:لا تخف و لا تحزن هذا يومك الذي فيه فوزك (3).

ابن قولويه بإسناده إلى الأصم،عن أبي بكير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت له:

إني أنزل الأرجان و قلبي ينازعني إلى قبر أبيك فإذا خرجت فقلبي و جل مشفق حتى أرجع خوفا من السلطان و السعاة و أصحاب المصالح،فقال:يابن بكير أما تحبّ أن يراك اللّه فينا خائفا أما تعلم أنّه من خاف لخوفنا أظلّه اللّه في ظلّ عرشه و كان محدّثه الحسين عليه السّلام تحت العرش و آمنه اللّه من أفزاع يوم القيامة يفزع الناس و لا يفزع فإن1.

ص: 82


1- كامل الزيارات:122 ح 4.
2- كامل الزيارات:122 ح 3.
3- كامل الزيارات:125 ح 1.

فزع و قرته الملائكة و سكنت قلبه بالبشارة (1).

ابن قولويه،عن عليّ بن الحسين،عن سعد بن عبد اللّه،عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب،عن محمّد بن اسماعيل بن بزيع،عن الخيبري،عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت له:جعلت فداك زيارة قبر الحسين عليه السّلام في حال التقية؟

قال:إذا أتيت الفرات فاغتسل ثمّ البس أثوابك الطاهرة ثمّ تمرّ بإزاء القبر و قل:

صلى اللّه عليك يا أبا عبد اللّه صلى اللّه عليك يا أبا عبد اللّه صلى اللّه عليك يا أبا عبد اللّه فقد تمت زيارتك (2).

ابن قولويه،عن محمّد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري،عن أبيه،عن علي بن محمّد بن سالم،عن محمّد بن خالد،عن عبد اللّه بن حماد البصري،عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم،عن مدلج،عن محمّد بن مسلم في حديث طويل قال:قال لي أبو جعفر محمّد بن علي عليه السّلام:هل تأتي قبر الحسين؟

قلت:نعم على خوف و وجل.

فقال:ما كان من هذا أشدّ فالثواب فيه على قدر الخوف و من خاف في إتيانه أمّن اللّه روعته يوم القيامة يوم يقوم الناس لربّ العالمين و انصرف بالمغفرة و سلّمت عليه الملائكة و زاره النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم و دعى له و انقلب بنعمة من اللّه و فضل لم يمسسه سوء و اتبع رضوان اللّه ثمّ ذكر الحديث (3).

ابن قولويه،عن أبيه،عن سعد بن عبد اللّه،و محمّد بن يحيى العطار،عن أحمد بن محمّد بن عيسى،عن محمّد بن اسماعيل بن بزيع،عن أبي أيّوب،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين عليه السّلام فإنّ إتيانه5.

ص: 83


1- كامل الزيارات:125 ح 2.
2- كامل الزيارات:126 ح 4.
3- كامل الزيارات:126 ح 5.

يزيد في الرزق و يمدّ في العمر و يدفع مدافع السوء و إتيانه مفترض على كل مؤمن يقرّ للحسين بالإمامة من اللّه (1).

ابن قولويه،عن محمّد بن عبد اللّه الحميري،عن أبيه،عن محمّد بن عبد الحميد، عن سيف بن عميرة،عن منصور بن حازم،قال:سمعناه يقول:من أتى عليه حول لم يأت قبر الحسين أنقص اللّه من عمره حولا و لو قلت أنّ أحدكم يموت قبل أجله بثلاثين سنة لكنت صادقا و ذلك لأنّكم تتركون زيارة الحسين عليه السّلام،فلا تدعوا زيارته يمدّ اللّه في أعماركم و يزيد في أرزاقكم و إذا تركتم زيارته نقّص اللّه من أعماركم و أرزاقكم فتنافسوا في زيارته و لا تدعوا ذلك فإنّ الحسين شاهد لكم في ذلك عند اللّه و عند رسوله و عند فاطمة و عند أمير المؤمنين (2).

ابن قولويه،عن أبيه،عن سعد بن عبد اللّه،عن أحمد بن محمّد بن عيسى،عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،عن بعض أصحابنا،عن أبان،عن عبد الملك الخثعمي، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قال لي:يا عبد الملك لا تدع زيارة الحسين بن علي عليهما السّلام و أمر أصحابك بذلك يمدّ اللّه في عمرك و يزيد اللّه في رزقك و يحييك اللّه سعيدا و لا تموت إلاّ سعيدا و يكتبك سعيدا (3).

ابن قولويه،عن أبيه،و جماعة،عن سعد بن عبد اللّه،عن أحمد بن محمّد بن عيسى،عن الحسن بن علي الوشاء،عن أحمد بن عايذ،عن أبي خديجة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن زيارة قبر الحسين عليه السّلام قال:انّه أفضل ما يكون من الأعمال (4).

و روى ابن قولويه،عن أبي العباس الكوفي،عن محمّد بن الحسين،عن الحسن1.

ص: 84


1- كامل الزيارات:150 ح 1.
2- كامل الزيارات:151 ح 2.
3- كامل الزيارات:151 ح 5.
4- كامل الزيارات:146 ح 1.

ابن محبوب،عن رجل،عن أبان الأزرق،عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من أحبّ الأعمال إلى اللّه تعالى زيارة قبر الحسين عليه السّلام و أفضل الأعمال عند اللّه إدخال السرور على المؤمن و أقرب ما يكون العبد إلى اللّه تعالى و هو ساجد باك (1).

ابن قولويه،عن أبيه،عن سعد بن عبد اللّه،عن أحمد بن محمّد،عن محمّد بن اسماعيل بن بزيع،عن صالح بن عقبة،عن زيد الشحام قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

ما لمن زار قبر الحسين عليه السّلام؟

قال:كان كمن زار اللّه في عرشه.

قال:قلت:ما لمن زار أحدا منكم؟

قال:كمن زار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (2).

ابن قولويه،عن أبيه،عن سعد بن عبد اللّه،عن أحمد بن محمّد بن عيسى،عن محمّد بن اسماعيل،عن الخيبري،عن الحسين بن محمّد القمي،عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال:من زار قبر أبي عبد اللّه عليه السّلام بشط الفرات كان كمن زار اللّه فوق عرشه (3).

ابن قولويه،عن محمّد بن جعفر الزراد،عن محمّد بن الحسين،عن محمّد بن اسماعيل بن بزيع،عن الخيبري،عن الحسين بن محمّد القمي قال:قال لي الرضا عليه السّلام:من زار قبر أبي ببغداد كان كمن زار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أمير المؤمنين ألاّ إنّ لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أمير المؤمنين عليه السّلام فضلهما قال:ثمّ قال لي:من زار قبر أبي عبد اللّه عليه السّلام بشط الفرات كان كمن زار اللّه فوق كرسيه(في عرشه) (4).

ابن قولويه،عن أبيه،عن سعد بن عبد اللّه،عن أحمد بن محمّد بن عيسى،عن ابن7.

ص: 85


1- كامل الزيارات:146 ح 4.
2- كامل الزيارات:147 ح 1.
3- كامل الزيارات:147 ح 2.
4- كامل الزيارات:148 ح 7.

فضال،عن عبد اللّه بن مسكان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من أتى قبر الحسين عليه السّلام كتبه اللّه في عليين (1).

ابن قولويه،عن محمّد بن الحسن،عن الصفار و سعد بن عبد اللّه،عن علي بن اسماعيل،عن محمّد بن عمرو الزيات،عن هارون بن خارجة قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:من أتى قبر الحسين عليه السّلام عارفا بحقه كتبه اللّه في أعلى علييّن (2).

ابن قولويه،عن عبد اللّه بن جعفر الحميري،عن أبيه،عن محمّد بن الحسن بن شمون البصري،عن محمّد بن سنان،عن بشير الدهان قال:كنت أحج في كلّ سنة فأبطات سنة عن الحج فلما كان من قابل حججت و دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام،فقال لي:يا بشير ما أبطأك عن الحج في عامنا الماضي؟

قال:قلت:جعلت فداك،مال كان لي على الناس خفت ذهابه غير أنّي عرّفت عند قبر الحسين عليه السّلام.

قال:فقال لي:ما فاتك شيء مما كان فيه أهل الموقف،يا بشير من زار قبر الحسين عليه السّلام عارفا بحقه كان كمن زار اللّه في عرشه (3).

ابن قولويه،عن أبيه،و أخيه و جماعة من مشايخه،عن محمّد بن علي المدائني، عن محمّد بن سعيد البجلي،عن قبيصة،عن جابر الجعفي قال:دخلت على جعفر بن محمّد عليه السّلام في يوم عاشوراء فقال لي:هؤلاء زوار اللّه و حق على المزور أن يكرم الزائر،من بات عند قبر الحسين عليه السّلام ليلة عاشوراء لقي اللّه ملطّخا بدمه يوم القيامة كأنّما قتل معه في عرصته و قال:من زار قبر الحسين عليه السّلام أي يوم عاشوراء و بات1.

ص: 86


1- كامل الزيارات:148 ح 8.
2- كامل الزيارات:148 ح 6.
3- كامل الزيارات:149 ح 11.

عنده كان كمن استشهد بين يديه (1).

ابن قولويه،عن محمّد بن همام،عن جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري،عن أحمد بن علي بن عبيد الجعفي،عن حسين بن سليمان،عن الحسين بن أسد،عن حماد بن عيسى،عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:من زار الحسين يوم عاشوراء وجبت له الجنّة (2).

ابن قولويه،عن محمّد بن عبد اللّه الحميري،عن أبيه،عن يعقوب بن يزيد الأنباري،عن محمّد بن أبي عمير،عن زيد الشحام،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من زار قبر الحسين بن علي يوم عاشوراء عارفا بحقه كان كمن زار اللّه في عرشه (3).

ابن قولويه،عن الحسين بن محمّد بن عامر،عن المعلى بن محمّد،عن محمّد بن جمهور القمي،عمّن ذكره عنهم عليه السّلام قال:من زار قبر الحسين عليه السّلام يوم عاشوراء كان كمن تشحّط بدمه بين يديه.

ابن قولويه،عن حكيم بن داود بن حكيم و غيره،عن محمّد بن موسى الهمداني، عن محمّد بن خالد الطيالسي،عن سيف بن عميرة،و صالح بن عقبة جميعا،عن علقمة بن محمّد الحضرمي،و محمّد بن اسماعيل،عن صالح بن عقبة،عن مالك الجهني،عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام قال:من زار الحسين عليه السّلام يوم عاشوراء من المحرم حتى يظلّ عنده باكيا لقي اللّه تعالى يوم القيامة بثواب ألفي ألف حجة و ألفي ألف عمرة و ألفي ألف غزوة و ثواب كلّ حجة و عمرة و غزوة كثواب من حج و اعتمر و غزا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و مع الأئمة الراشدين صلوات اللّه عليهم أجمعين.

قال:قلت:جعلت فداك فما لمن كان في بعد البلاد و أقاصيها و لم يمكنه4.

ص: 87


1- كامل الزيارات:173 ح 1.
2- كامل الزيارات:173 ح 2.
3- كامل الزيارات:174 ح 3 و 4.

المصير (1)إليه في ذلك اليوم؟

قال:إذا كان ذلك اليوم برز إلى الصحراء أو صعد سطحا مرتفعا في داره و أومى إليه بالسلام و اجتهد على قاتله بالدعاء و صلى بعده ركعتين يفعل ذلك في صدر النهار قبل الزوال ثمّ ليندب الحسين عليه السّلام و يبكيه و يأمر من في داره بالبكاء عليه و يقيم في داره مصيبته بإظهار الجزع عليه و يتلاقون بالبكاء بعضهم بعضا في البيوت و ليعزّ بعضهم بعضا بمصاب الحسين عليه السّلام فأنا ضامن لهم إذا فعلوا ذلك على اللّه جميع هذا الثواب.

فقلت:جعلت فداك و أنت الضامن لهم إذا فعلوا ذلك و الزعيم به؟

قال:أنا الضامن لهم ذلك و الزعيم لمن فعل ذلك.

قال:قلت:فكيف يعزّي بعضهم بعضا؟

قال:يقولون عظّم اللّه أجورنا بمصابنا بالحسين عليه السّلام و جعلنا و إيّاكم من الطالبين بثأره مع وليّه الامام المهدي من آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.فإن استطعت أن لا تنتشر يومك في حاجة فافعل.فانّه يوم نحس لا تقضى فيه حاجة و إن قضيت لم يبارك له فيها و لم ير رشدا و لا تدّخرنّ لمنزلك شيئا فانّه من ادّخر لمنزله شيئا في ذلك اليوم لم يبارك له فيما يدّخره و لا يبارك له في أهله.

فمن فعل ذلك كتب له ثواب ألف ألف حجة و ألف ألف عمرة و ألف ألف غزوة كلّها مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و كان له ثواب مصيبة كلّ نبي و رسول و صديق و شهيد مات أو قتل منذ خلق اللّه الدنيا إلى أن تقوم الساعة.

قال صالح بن عقبة الجهني و سيف بن عميرة:قال علقمة بن محمّد الحضرمي فقلت لأبي جعفر عليه السّلام:علّمني دعاء أدعو به في ذلك اليوم إذا أنا زرته من قريب و دعاء أدعو به إذا لم أزره من قريب أومأت إليه من بعد البلاد و من سطح داريل.

ص: 88


1- المسير.نسخة بدل.

بالسلام.

قال:فقال:يا علقمة إذا أنت صليت ركعتين بعد أن تومىء إليه بالسلام فقلت عند الإيماء إليه و من بعد الركعتين هذا القول فانّك إذا قلت ذلك فقد دعوت بما يدعو به من زاره من الملائكة و كتب اللّه لك بها ألف ألف حسنة و محى عنك ألف ألف سيئة و رفع لك مأة ألف ألف درجة و كنت ممن استشهد مع الحسين بن علي حتى تشاركهم في درجاتهم و لا تعرف إلاّ في الشهداء الذين استشهدوا معه و كتب لك ثواب كلّ نبي و رسول و زيارة من زار الحسين بن علي عليهما السّلام منذ يوم قتل.(ثمّ ذكر زيارة عاشوراء المعروفة ثمّ قال بعد ذكر سجودها):

قال علقمة:قال أبو جعفر عليه السّلام:يا علقمة إن استطعت أن تزوره في كلّ يوم بهذه الزيارة من دهرك فافعل فلك ثواب جميع ذلك إن شاء اللّه تعالى (1).

الطوسي رفعه إلى محمّد بن خالد الطيالسي،عن سيف بن عميرة،قال:خرجت مع صفوان بن مهران الجمال و جماعة من أصحابه إلى الغري-بعد ما خرج أبو عبد اللّه عليه السّلام-فسرنا من الحيرة إلى الغري فلما فرغنا من الزيارة،صرف صفوان وجهه إلى ناحية أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال لنا:نزور الحسين عليه السّلام من هذا المكان من عند رأس أمير المؤمنين عليه السّلام من هاهنا أو ما إليه أبو عبد اللّه عليه السّلام و أنا معه.

قال:فدعى صفوان بالزيارة التي رواها علقمة بن محمّد الحضرمي عن أبي جعفر عليه السّلام في يوم عاشوراء ثمّ صلّى ركعتين عند رأس أمير المؤمنين عليه السّلام و ودّع في دبرهما أمير المؤمنين عليه السّلام و أومأ إلى الحسين عليه السّلام بالسلام منصرفا بوجهه نحوه و ودّع في دبرها و كان فيما دعى في دبرها.

(ثمّ ذكر الدعاء المعروف بعد صلاة زيارة عاشوراء).

قال سيف بن عميرة:فسألت صفوان فقلت له:إنّ علقمة بن محمّد الحضرمي لم8.

ص: 89


1- كامل الزيارات:174 ح 8.

يأتنا بهذا الدعاء عن أبي جعفر عليه السّلام،إنّما أتانا بدعاء الزيارة.

فقال صفوان:وردت مع سيدي أبي عبد اللّه عليه السّلام إلى هذا المكان ففعل مثل الذي فعلنا في زيارتنا و دعى بهذا الدعاء عند الوداع بعد أن صلّى كما صلّينا و ودّع كما ودعنا.

ثمّ قال لي صفوان:قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام:تعاهد هذه الزيارة و ادع بهذا الدعاء و زره فاني ضامن على اللّه تعالى لكل من زار بهذه الزيارة و دعى بهذا الدعاء من قرب أو بعد أن زيارته مقبولة و سعيه مشكور و سلامه واصل غير محجوب و حاجته مقضية من اللّه بالغا ما بلغت غير محجبة.

يا صفوان وجدت هذه الزيارة أنّها مضمونة بهذا الضمان عن أبي عن أبيه علي بن الحسين مضمونا بهذا الضمان و الحسين عن أخيه الحسن مضمونا بهذا الضمان و الحسن عن أبيه أمير المؤمنين عليهما السّلام مضمونا بهذا الضمان و أمير المؤمنين عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مضمونا بهذا الضمان و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن جبرئيل مضمونا بهذا الضمان و جبرئيل عن اللّه تعالى مضمونا بهذا الضمان.

قد آلى اللّه على نفسه أنّ من زار الحسين عليه السّلام بهذه الزيارة من قرب أو بعد و دعى بهذا الدعاء قبلت منه زيارته و شفّعته في مسألته بالغا ما بلغت و أعطيته سؤله ثمّ لا ينقلب عنّي خائبا و أقلبه مسرورا قريرا عينه بقضاء حاجته و الفوز بالجنّة و العتق من النار و شفّعته في كلّ من شفع خلا ناصب لنا أهل البيت،آلى اللّه تعالى على نفسه و أشهدنا بما شهدت به ملائكته و ملكوته على ذلك.

ثمّ قال جبرئيل:يا رسول اللّه أرسلني اللّه إليك سرورا و بشرى لك و سرورا و بشرى لعلي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة و شيعتكم إلى يوم البعث.

قال صفوان:قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام:يا صفوان إذا حدث لك إلى اللّه تعالى حاجة فزر بهذه الزيارة من حيث كنت و ادع بهذا الدعاء و سل ربّك حاجتك تأتيك من اللّه

ص: 90

و اللّه غير مخلف وعده رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بمنّه و الحمد للّه (1).

ابن قولويه،عن محمّد بن جعفر،عن محمّد بن الحسين،عن أحمد بن النضر،عن شهاب بن عبد ربّه أو عن رجل،عن شهاب،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألني فقال:

يا شهاب كم حججت من حجة؟

فقلت:تسعة عشر حجة؟

فقال لي:تممها عشرين حجة تحسب لك بزيارة الحسين عليه السّلام (2).

ابن قولويه،عن علي بن الحسين،عن سعد بن عبد اللّه،عن أحمد بن محمّد بن عيسى،عن محمّد بن اسماعيل،عن صالح بن عقبة،عن يزيد بن عبد الملك قال:

كنت مع أبي عبد اللّه عليه السّلام فمرّ قوم على حمير فقال لي:أين يريدون هؤلاء؟

قلت:قبور الشهداء قال:فما يمنعهم من زيارة الغريب الشهيد؟

فقال له رجل من أهل العراق:زيارته واجبة؟

فقال:زيارته خير من حجة و عمرة و عمرة و حجة حتى عدّ عشرين حجة و عشرين عمرة مبرورات متقبلات قال:فو اللّه ما قمت حتى أتاه رجل فقال:اني قد حججت تسعة عشر حجة فادع اللّه أن يرزقني تمام العشرين قال:فهل زرت الحسين عليه السّلام؟

قال:لا،قال:لزيارته خير من عشرين حجة (3).

ابن قولويه،عن أبي العباس،عن محمّد بن الحسين،عن ابن سنان،عن حذيفة ابن منصور قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام كم حججت؟

قلت:تسعة عشر قال:فقال:أما إنّك لو أتممت إحدى و عشرين حجة لكنت كمن8.

ص: 91


1- مصباح المتهجد:(723-718)،و نقل عنه ابن طاوس في مصباح الزائر:(277-272).
2- كامل الزيارات:161 ح 3.
3- كامل الزيارات:163 ح 8.

زار الحسين عليه السّلام (1).

ابن قولويه،عن محمّد بن الحسن،عن الصفار،عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن اسماعيل بن بزيع،عن صالح بن عقبة،عن أبي سعيد المدائني قال:

دخلت علي أبي عبد اللّه عليه السّلام فقلت:جعلت فداك آتي قبر الحسين عليه السّلام؟

قال:نعم يا أبا سعيد إئت قبر الحسين بن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،أطيب الأطيبين و أطهر الطاهرين و أبرّ الأبرار فإنّك إذا زرته كتب اللّه لك به خمسة و عشرين حجة (2).

ابن قولويه،عن أبي العباس الكوفي،عن محمّد بن الحسين،عن محمّد بن اسماعيل،عن الخيبري،عن موسى بن القاسم الحضرمي قال:قدم أبو عبد اللّه عليه السّلام في أوّل ولاية أبي جعفر فنزل النجف فقال:يا موسى إذهب إلى الطريق الأعظم فقف على الطريق فانظر فإنّه سيأتيك رجل من ناحية القادسية فإذا دنا منك فقل له:ههنا رجل من ولد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يدعوك فسيجيء معك قال:فذهبت حتى قمت على الطريق و الحر شديد فلم أزل قائما حتى كدت أعصي و أنصرف و أدعه إذ نظرت إلى شيء يقبل شبه رجل على بعير فلم أزل أنظر إليه حتى دنا منّي فقلت:يا هذا ههنا رجل من ولد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يدعوك و قد وصفك لي قال:إذهب بنا إليه،قال:

فجئت به حتى أناخ بعيره ناحية قريبا من الخيمة فدعا به فدخل الأعرابي إليه و دنوت أنا فصرت إلى باب الخيمة أسمع الكلام و لا أراهم.

فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:من أين قدمت؟

قال:من أقصى اليمن.

قال:أنت من موضع كذا و كذا.

قال:نعم أنا من موضع كذا و كذا قال:فبما جئت ههنا؟2.

ص: 92


1- كامل الزيارات:162 ح 4.
2- كامل الزيارات:161 ح 2.

قال:جئت زائرا للحسين عليه السّلام.

فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:فجئت من غير حاجة ليس إلاّ للزيارة قال:جئت من غير حاجة إلاّ أن أصلّي عنده و أزوره فأسلّم عليه و أرجع إلى أهلي،فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام و ما ترون في زيارته؟

قال:نرى في زيارته البركة في أنفسنا و أهلينا و أولادنا و أموالنا و معايشنا و قضاء حوائجنا قال:فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:أفلا ازيدك من فضله فضلا يا أخا اليمن؟

قال:زدني يابن رسول اللّه.

قال:إنّ زيارة الحسين عليه السّلام تعدل حجة مقبولة زاكية مع رسول اللّه فتعجب من ذلك،قال:أي و اللّه و حجتين مبرورتين متقبلتين زاكيتين مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فتعجب،فلم يزل أبو عبد اللّه عليه السّلام يزيد حتّى قال:ثلاثين حجة مبرورة متقبّلة زاكية مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (1).

ابن قولويه،عن أبيه،عن سعد بن عبد اللّه،عن أبي القاسم هارون بن مسلم بن سعدان،عن مسعدة بن صدقة قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ما لمن زار قبر الحسين عليه السّلام؟

قال:تكتب له حجة مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال:قلت له:جعلت فداك حجة مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم؟

قال:نعم و حجتان قال:قلت:جعلت فداك حجتان؟

قال:نعم و ثلاث فما زال يعدّ حتى بلغ عشرا قلت:جعلت فداك عشر حجج مع رسول اللّه؟

قال:نعم و عشرون حجة،قلت:جعلت فداك و عشرون؟

فما زال يعد حتى بلغ خمسين فسكت (2).9.

ص: 93


1- كامل الزيارات:162 ح 7.
2- كامل الزيارات:163 ح 9.

ابن قولويه،عن أبيه،عن سعد،عن محمّد بن الحسين،عن محمّد بن صدقة،عن مالك بن عطية،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من زار الحسين عليه السّلام كتب اللّه له ثمانين حجة مبرورة (1).

ابن قولويه،عن أبيه،عن سعد بن عبد اللّه،عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمّد بن سنان،عن محمّد بن صدقة،عن صالح النيلي قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

من أتى قبر الحسين عليه السّلام عارفا بحقه كان كمن حج مائة حجة مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (2).

ابن قولويه،عن محمّد بن الحسن بن الوليد،عن الصفار،عن أحمد بن محمّد بن عيسى،عن أبيه،عن عبد اللّه بن المغيرة،عن عبد اللّه بن ميمون القداح،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت له:ما لمن أتى قبر الحسين عليه السّلام زائرا عارفا بحقه غير مستكبر و لا مستنكف؟

قال:يكتب له ألف حجة و ألف عمرة مبرورة و إن كان شقيّا كتب سعيدا و لم يزل يخوض في رحمة اللّه (3).

الكليني،عن محمّد بن يحيى،عن محمّد بن الحسين،عن محمّد بن اسماعيل،عن صالح بن عقبة،عن بشير الدهان قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ربّما فاتني الحج فأعرّف عند قبر الحسين عليه السّلام فقال:أحسنت يا بشير أيّما مؤمن أتى قبر الحسين عليه السّلام عارفا بحقه في غير يوم عيد كتب له عشرون حجة و عشرون عمرة مبرورات مقبولات و عشرون حجة و عمرة مع نبي مرسل أو إمام عدل و من أتاه في يوم عيد كتب اللّه له مائة حجة و مائة عمرة و مائة غزوة مع نبي مرسل أو امام عدل.0.

ص: 94


1- كامل الزيارات:162 ح 6.
2- كامل الزيارات:162 ح 5.
3- كامل الزيارات:164 ح 10.

قال:قلت له:كيف لي بمثل الموقف؟

قال:فنظر اليّ شبه المغضب ثمّ قال لي:يا بشير إنّ المؤمن إذا أتى قبر الحسين عليه السّلام يوم عرفة و اغتسل من الفرات ثمّ توجّه إليه كتب اللّه له بكل خطوة حجة بمناسكها-و لا أعلمه إلاّ قال:و غزوة (1).

-الطوسي بإسناده إلى ابن قولويه،عن محمّد بن عبد المؤمن،عن محمّد بن يحيى،عن محمّد بن الحسين،عن أحمد بن محمّد الكوفي،عن محمّد بن جعفر بن اسماعيل،عن محمّد بن سنان،عن يونس بن ظبيان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من زار قبر الحسين عليه السّلام يوم عرفة كتب اللّه له ألف ألف حجة مع القائم عليه السّلام و ألف ألف عمرة مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و عتق ألف ألف نسمة و حملان ألف ألف فرس في سبيل اللّه و سمّاه اللّه عبدي الصديق آمن بوعدي و قالت الملائكة:فلان صدّيق زكّاه اللّه من فوق عرشه و سمّي في الأرض كروبيا (2).

-الطوسي بإسناده عن سعد بن عبد اللّه،عن محمّد بن عيسى،عن محمّد بن سنان،عن أبي اسماعيل القماط،عن بشار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من كان معسرا فلم يتهيأ له حجة الإسلام فليأت قبر أبي عبد اللّه عليه السّلام و ليعرّف عنده فذلك يجزيه عن حجة الإسلام،أما إنّي لا أقول يجزي ذلك عن حجة الإسلام إلاّ لمعسر، فأمّا الموسر إذا كان قد حج حجة الإسلام فأراد أن يتنفل بالحج و العمرة فمنعه عن ذلك شغل دنيا أو عائق فأتى الحسين بن علي عليه السّلام في يوم عرفة أجزاه ذلك عن أداء حجته و عمرته و ضاعف اللّه له بذلك أضعافا مضاعفة.

قلت:كم تعدل حجة؟و كم تعدل عمرة؟

قال:لا يحصى ذلك.

قلت:مائة؟8.

ص: 95


1- الكافي:580/4 ح 1.
2- التهذيب:49/6 ح 28.

قال:و من يحصي ذلك.

قلت:ألف؟

قال:و أكثر ثمّ قال: وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللّهِ لا تُحْصُوها (1)(2).9.

ص: 96


1- سورة النحل:18.
2- التهذيب:50/6 ح 29.

أهمية زيارة الحسين عليه السلام

و تواترت الأخبار عن أئمة أهل البيت عليهم السلام بفضل زيارة سيد الشهداء عليه السّلام و قد ذهب بعض الفقهاء إلى وجوبها،و قد ألف محمد بن علي العلوي كتابا يقع في جزأين أسماه«فضل زيارة الحسين»و نلمح إلى بعض تلك الأخبار.

1-روى أبو حمزة الثمالي قال:سألت علي بن الحسين عن زيارة الحسين عليه السّلام فقال:«زره كل يوم فإن لم تقدر فكل جمعة،فإن لم تقدر فكل شهر،فمن لم يزره فقد استخف بحق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله».

2-روى أبو الجارود قال:«قال لي أبو جعفر:كم قبر الحسين منكم؟قال:قلت له:

يوم للراكب و يوم و ليلة للراحل،قال:لو كان منا كما هو منكم لاتخذناه هجرة».

3-و روى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين،فإن إتيانه يزيد في الرزق و يمد في العمر و يدفع مدافع السوء،و إتيانه مفترض على كل مؤمن يقر له بالإمامة من الله».و الأخبار بذلك كثيرة،و هي مما تفيد القطع بالصدور عن أئمة أهل البيت عليهم السّلام.

ص: 97

دعاء الإمام الصادق لزوار الحسين عليهما السلام

و دعا الإمام الصادق بهذا الدعاء الشريف لزوار قبر جده الحسين و قد رواه الثقة معاوية بن وهب و هذا نصه:

قال:استأذنت على أبي عبد الله عليه السّلام فقيل لي ادخل فدخلت فوجدته في مصلاه، فجلست حتى قضى صلاته فسمعته و هو يناجي ربه و هو يقول:

«يا من خصنا بالكرامة،و خصنا بالوصية،و وعدنا بالشفاعة،و أعطانا علم ما مضى و ما بقي،و جعل أفئدة من الناس تهوي إلينا،اغفر لي و لأخواني،و لزوار قبر أبي الحسين عليه السّلام الذين أنفقوا أموالهم و أشخصوا أبدانهم رغبة في برنا و رجاء لما عندك في صلتنا،و سرورا ادخلوه على نبيك صلواتك عليه و آله و إجابة منهم لأمرنا،و غيظا ادخلوه على عدونا أرادوا بذلك رضاك،فكافهم عنا بالرضوان و اكلأهم بالليل و النهار و اخلف على أهاليهم و أولادهم الذين خلفوا بأحسن الخلف،و أعطهم أفضل ما أملوا منك في غربتهم عن أوطانهم،و ما آثرونا به على أبنائهم و أهاليهم و اقربائهم.

اللّهم:إن أعداءنا عابوا عليهم خروجهم فلم يمنعهم ذلك عن الشخوص إلينا، و خلافا منهم على من خالفنا،فارحم تلك الوجوه التي قد غيرتها الشمس،و ارحم تلك الخدود التي تقلبت على حفرة أبي عبد الله،و ارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا،و ارحم تلك القلوب التي جزعت و احترقت لنا و ارحم الصرخة التي كانت لنا».

«اللّهم:إني استودعك تلك الأنفس و تلك الأبدان حتى توافيهم على الحوض يوم العطش»فما زال و هو ساجد يدعو الله بهذا الدعاء فلما انصرف قلت:

ص: 98

«جعلت فداك لو أن هذا الذي سمعت كان لمن لا يعرف الله لظننت أن النار لا تطعم منه شيئا،و الله لقد تمنيت أن كنت زرته و لم أحج».

فقال عليه السّلام:

«ما أقربك منه فما ذا الذي يمنعك من زيارته؟لم تدع ذلك؟».

«لم أدر أن الأمر يبلغ هذا كله».

«يا معاوية من يدعو لزواره في السماء أكثر ممن يدعو لهم في الأرض،يا معاوية لا تدعه فمن تركه رأى من الحسرة ما يتمنى أن قبره كان عنده،أما تحب أن يرى اللّه شخصك و سوادك فيمن يدعو له رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و علي و فاطمة و الأئمة، أما تحب أن تكون غدا ممن تصافحه الملائكة،أما تحب أن تكون غدا فيمن يخرج و ليس له ذنب فيتبع به،أما تحب أن تكون غدا ممن يصافح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله».

و بهذا ينتهي بنا الحديث عن مصرع الإمام العظيم لنستقبل سبايا أهل البيت في الكوفة (1).3.

ص: 99


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:235/3.

زيارة الأنبياء للحسين بن علي عليه السّلام

1-حدثني الحسن بن عبد اللّه عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن إسحاق بن عمار قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول ليس نبي في السماوات و الأرض إلا يسألون اللّه تعالى أن يأذن لهم في زيارة الحسين عليه السّلام ففوج ينزل و فوج يصعد(يعرج).

2-و عنه عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن الحسين بن بنت أبي حمزة الثمالي قال:خرجت في آخر زمان بني مروان إلى زيارة قبر الحسين عليه السّلام مستخفيا من أهل الشام حتى انتهيت إلى كربلاء فاختفيت في ناحية القرية حتى إذا ذهب من الليل نصفه أقبلت نحو القبر فلما دنوت منه أقبل نحوي رجل فقال لي:إنصرف مأجورا فإنك لا تصل إليه فرجعت فزعا حتى إذا كاد يطلع الفجر أقبلت نحوه حتى إذا دنوت منه خرج إلي الرجل فقال لي:يا هذا إنك لا تصل إليه.

فقلت له:عافاك اللّه و لم لا أصل إليه و قد أقبلت من الكوفة أريد زيارته فلا تحل بيني و بينه عافاك اللّه و أنا أخاف إن أصبح فيقتلني أهل الشام إن أدركوني هاهنا قال:فقال لي اصبر قليلا فإن موسى بن عمران عليه السّلام سأل اللّه أن يأذن له في زيارة قبر الحسين بن علي فأذن له فهبط من السماء في سبعين ألف ملك فهم بحضرته من أول الليل ينتظرون طلوع الفجر ثم يعرجون إلى السماء.

قال:فقلت له:فمن أنت عافاك اللّه؟

قال:أنا من الملائكة الذين أمروا بحرس قبر الحسين عليه السّلام و الاستغفار لزواره

ص: 100

فانصرفت و قد كاد أن يطير عقلي لما سمعت منه قال:فأقبلت لما طلع الفجر نحوه فلم يحل بيني و بينه أحد فدنوت من القبر و سلمت عليه و دعوت اللّه على قتلته و صليت الصبح و أقبلت مسرعا مخافة أهل الشام.

3-حدثني محمد بن عبد اللّه الحميري عن أبيه عن هارون بن مسلم عن عبد الرحمن بن الأشعث عن عبد اللّه بن حماد الأنصاري عن ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سمعته يقول:قبر الحسين بن علي صلّى اللّه عليه و آله عشرون ذراعا في عشرين ذراعا مكسّرا روضة من رياض الجنة و فيه(و منه)معراج الملائكة إلى السماء و ليس من ملك مقرّب و لا نبي مرسل إلا و هو يسأل اللّه أن يزوره ففوج يهبط و فوج يصعد.

4-حدثني أبي و أخي و جماعة مشايخي عن محمد بن يحيى و أحمد بن إدريس عن حمدان بن سليمان النيسابوري عن عبد اللّه بن محمد اليماني عن منيع بن حجاج عن يونس عن صفوان الجمال قال:قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام لما أتى الحيرة هل لك في قبر الحسين عليه السّلام قلت:و تزوره جعلت فداك.

قال:و كيف لا أزوره و اللّه يزوره في كل ليلة جمعة يهبط مع الملائكة إليه و الأنبياء و الأوصياء و محمد أفضل الأنبياء و نحن أفضل الأوصياء.

فقال صفوان:جعلت فداك فتزوره في كل جمعة حتى تدرك زيارة الرب.

قال:نعم يا صفوان إلزم ذلك يكتب لك زيارة قبر الحسين عليه السّلام و ذلك تفضيل و ذلك تفضيل.

و حدثني القاسم بن محمد بن علي بن إبراهيم الهمداني عن أبيه عن جده عن عبد اللّه بن حماد الأنصاري عن الحسين بن أبي حمزة قال:خرجت في آخر زمان بني أمية..

و ذكر مثل الحديث المتقدم في الباب و حدثني أبي رحمه اللّه و جماعة مشايخي عن أحمد بن إدريس عن العمركي بن علي البوفكي عن عدة من أصحابنا عن

ص: 101

الحسن بن محبوب عن الحسين ابن ابنة أبي حمزة الثمالي قال:خرجت في آخر زمان بني مروان..

و ذكر مثل حديثه الذي مر في أول الباب سواء (1).3.

ص: 102


1- كامل الزيارات:113.

زيارة الملائكة الحسين بن علي عليه السّلام

1-حدثني الحسن بن عبد اللّه بن محمد بن عيسى عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سمعته يقول:ليس من ملك في السماوات و الأرض إلا و هم يسألون اللّه عز و جل أن يأذن لهم في زيارة قبر الحسين عليه السّلام ففوج ينزل و فوج يعرج.

2-و عنه عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن داود الرقي قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:ما خلق اللّه خلقا أكثر من الملائكة و إنه ينزل من السماء كل مساء سبعون ألف ملك يطوفون بالبيت الحرام ليلتهم حتى إذا طلع الفجر انصرفوا إلى قبر النبي صلّى اللّه عليه و آله فيسلّمون عليه ثم يأتون قبر أمير المؤمنين عليه السّلام فيسلّمون عليه ثم يأتون قبر الحسين عليه السّلام فيسلّمون عليه ثم يعرجون إلى السماء قبل أن تطلع الشمس ثم تنزل الملائكة النهار سبعون ألف ملك فيطوفون بالبيت الحرام نهارهم حتى إذا غربت الشمس إنصرفوا إلى قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فيسلّمون عليه ثم يأتون قبر أمير المؤمنين عليه السّلام فيسلّمون عليه ثم يأتون قبر الحسين عليه السّلام فيسلّمون عليه ثم يعرجون إلى السماء قبل أن تغيب الشمس.

3-حدثني أبي رحمه اللّه و جماعة مشايخي عن سعد بن عبد اللّه عن الحسين بن عبد اللّه عن الحسن بن علي بن أبي عثمان عن محمد بن الفضيل عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:ما بين قبر الحسين عليه السّلام إلى السماء مختلف الملائكة.

4-حدثني القاسم بن محمد بن علي بن إبراهيم عن أبيه عن جده عن عبد اللّه بن

ص: 103

حماد الأنصاري عن عبد اللّه بن سنان قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:قبر الحسين عليه السّلام عشرون ذراعا في عشرين ذراعا مكسّرا روضة من رياض الجنة منه معراج إلى السماء فليس من ملك مقرب و لا نبي مرسل إلا و هو يسأل اللّه تعالى أن يزور الحسين عليه السّلام ففوج يهبط و فوج يصعد.

5-و عنه عن أبيه عن جده عن عبد اللّه بن حماد عن إسحاق بن عمار قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:جعلت فداك يا ابن رسول اللّه كنت في الحيرة ليلة عرفة فرأيت نحوا من ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف رجل جميلة وجوههم طيبة ريحهم شديدة بياض ثيابهم يصلّون الليل أجمع فلقد كنت أريد أن آتي قبر الحسين عليه السّلام و أقبّله و أدعو بدعواتي فما كنت أصل إليه من كثرة الخلق فلما طلع الفجر سجدت سجدة فرفعت رأسي فلم أر منهم أحدا.

فقال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام:أتدري من هؤلاء؟

قلت:لا جعلت فداك.

فقال:أخبرني أبي عن أبيه قال:مر بالحسين عليه السّلام أربعة آلاف ملك و هو يقتل فعرجوا إلى السماء فأوحى اللّه إليهم يا معشر الملائكة مررتم بابن حبيبي و صفيي محمد صلّى اللّه عليه و آله و هو يقتل و يضطهد مظلوما فلم تنصروه فانزلوا إلى الأرض إلى قبره فابكوه شعثا غبرا إلى يوم القيامة فهم عنده إلى أن تقوم القيامة(الساعة).

6-حدثني أبي رحمه اللّه تعالى عن سعد بن عبد اللّه عن بعض أصحابه عن أحمد ابن قتيبة الهمداني عن إسحاق بن عمار قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إني كنت بالحائر ليلة عرفة و كنت أصلّي و ثم نحو من خمسين ألفا من الناس جميلة وجوههم طيبة روائحهم و أقبلوا يصلّون الليلة(الليل)أجمع فلما طلع الفجر سجدت ثم رفعت رأسي فلم أر منهم أحدا.

فقال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام:إنه مر بالحسين عليه السّلام خمسون ألف ملك و هو يقتل فعرجوا إلى السماء فأوحى اللّه تعالى إليهم مررتم بابن حبيبي و هو يقتل فلم

ص: 104

تنصروه فاهبطوا إلى الأرض فاسكنوا عند قبره شعثا غبرا إلى يوم تقوم الساعة (1).6.

ص: 105


1- كامل الزيارات:116.

دعاء رسول اللّه و علي و فاطمة و الأئمة لزوار الحسين عليه السّلام

1-حدثني أبي رحمه اللّه و محمد بن عبد اللّه و علي بن الحسين و محمد بن الحسن رحمهم اللّه جميعا عن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن موسى بن عمر عن حسان البصري عن معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قال لي:يا معاوية لا تدع زيارة قبر الحسين عليه السّلام لخوف فإن من ترك زيارته رأى من الحسرة ما يتمنى أن قبره كان عنده أما تحب أن يرى اللّه شخصك و سوادك فيمن يدعو له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و علي و فاطمة و الأئمة عليهم السّلام.

2-و بهذا الإسناد عن موسى بن عمر عن حسان البصري عن معاوية بن وهب قال:استأذنت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فقيل لي أدخل فدخلت فوجدته في مصلاه في بيته فجلست حتى قضى صلاته فسمعته يناجي ربه و هو يقول:اللهم يا من خصّنا بالكرامة و وعدنا بالشفاعة و خصّنا بالوصية و أعطانا علم ما مضى و علم ما بقي و جعل أفئدة من الناس تهوي إلينا اغفر لي و لإخواني و زوار قبر أبي الحسين الذين أنفقوا أموالهم و أشخصوا أبدانهم رغبة في برنا و رجاء لما عندك في صلتنا و سرورا أدخلوه على نبيك و إجابة منهم لأمرنا و غيظا أدخلوه على عدونا أرادوا بذلك رضاك فكافهم عنا بالرضوان و اكلأهم بالليل و النهار و اخلف على أهاليهم و أولادهم الذين خلّفوا بأحسن الخلف و اصحبهم و اكفهم شرّ كل جبار عنيد و كل ضعيف من خلقك و شديد و شر شياطين الإنس و الجن و أعطهم أفضل ما أملوا منك في غربتهم عن أوطانهم و ما آثرونا به على أبنائهم و أهاليهم و قراباتهم.

اللهم إن أعداءنا عابوا عليهم بخروجهم فلم ينههم ذلك عن الشخوص إلينا خلافا

ص: 106

منهم على من خالفنا فارحم تلك الوجوه التي غيّرتها الشمس و ارحم تلك الخدود التي تتقلّب على حضرة أبي عبد اللّه الحسين عليه السّلام و ارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا و ارحم تلك القلوب التي جزعت و احترقت لنا و ارحم تلك الصرخة التي كانت لنا.

اللهم إني أستودعك تلك الأبدان و تلك الأنفس حتى توفّيهم على الحوض يوم العطش الأكبر فما زال يدعو و هو ساجد بهذا الدعاء فلما انصرف قلت:جعلت فداك لو أن هذا الذي سمعت منك كان لمن لا يعرف اللّه عز و جل لظننت أن النار لا تطعم منه شيئا أبدا و اللّه لقد تمنيت أني كنت زرته و لم أحج فقال لي ما أقربك منه فما الذي يمنعك من زيارته ثم قال:يا معاوية لم تدع ذلك قلت:جعلت فداك لم أر أن الأمر يبلغ هذا كله فقال:يا معاوية من يدعو لزواره في السماء أكثر ممن يدعو لهم في الأرض و حدثني محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أبيه عن علي بن محمد بن سالم عن عبد اللّه بن حماد البصري عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم عن معاوية بن وهب قال:استأذنت على أبي عبد اللّه عليه السّلام..و ذكر مثله.

3-حدثني أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه عن موسى بن عمر عن حسان( غسان)البصري عن معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قال لي:يا معاوية لا تدع زيارة الحسين عليه السّلام لخوف فإن من تركه رأى من الحسرة ما يتمنى أن قبره كان عنده أما تحب أن يرى اللّه شخصك و سوادك فيمن يدعو له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و علي و فاطمة و الأئمة عليهم السّلام أما تحب أن تكون ممن ينقلب بالمغفرة لما مضى و يغفر لك ذنوب سبعين سنة أما تحب أن تكون ممن يخرج من الدنيا و ليس عليه ذنب تتبع به أما تحب أن تكون غدا ممن يصافحه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حدثني أبي رحمه اللّه و جماعة مشايخي عن سعد عن أحمد بن محمد بن عيسى عن عبد اللّه بن حماد عن عبد اللّه الأصم عن معاوية بن وهب قال:استأذنت على أبي عبد اللّه عليه السّلام..و ذكر الحديث و الدعاء لزوار الحسين عليه السّلام.

ص: 107

و حدثني محمد بن الحسين بن مت الجوهري عن محمد بن أحمد بن يحيى عن موسى بن عمر عن عسان(غسان)البصري عن معاوية بن وهب و حدثني محمد بن يعقوب و علي بن الحسين عن علي بن إبراهيم بن هاشم عن بعض أصحابنا عن إبراهيم بن عقبة عن معاوية بن وهب قال:استأذنت على أبي عبد اللّه عليه السّلام..و ذكر مثل حديث الدعاء الذي في زوار الحسين عليه السّلام حدثني أبي و علي بن الحسين و جماعة مشايخنا عن أحمد بن إدريس و محمد ابن يحيى جميعا عن العمركي بن علي البوفكي عن يحيى خادم أبي جعفر الثاني عليه السّلام عن ابن أبي عمير عن معاوية بن وهب قال:استأذنت على أبي عبد اللّه عليه السّلام..و ذكر الحديث.

4-حدثني حكيم بن داود عن سلمة بن الخطاب عن الحسن بن علي الوشاء عمن ذكره عن داود بن كثير عن أبي عبد اللّه قال:إن فاطمة بنت محمد صلّى اللّه عليه و آله تحضر لزوار قبر ابنها الحسين عليه السّلام فتستغفر لهم ذنوبهم (1).8.

ص: 108


1- كامل الزيارات:118.

دعاء الملائكة لزوار قبر الحسين عليه السّلام

1-حدثني محمد بن جعفر الرزاز الكوفي عن خاله محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن موسى بن سعدان عن عبد اللّه بن القاسم عن عمر بن أبان الكلبي عن أبان بن تغلب قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:أربعة آلاف ملك عند قبر الحسين عليه السّلام شعث غبر يبكونه إلى يوم القيامة رئيسهم ملك يقال له منصور و لا يزوره زائر إلا استقبلوه و لا يودعه مودع إلا شيعوه و لا يمرض إلا عادوه و لا يموت إلا صلّوا عليه (و على جنازته)و استغفروا له بعد موته.

2-و حدثني أبي و محمد بن الحسن و علي بن الحسين عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:وكّل اللّه تبارك و تعالى بالحسين عليه السّلام سبعين ألف ملك يصلّون عليه كل يوم شعثا غبرا و يدعون لمن زاره و يقولون يا رب هؤلاء زوار الحسين عليه السّلام إفعل بهم و افعل بهم(كذا و كذا).

3-حدثني حكيم بن داود عن سلمة عن موسى بن عمر عن حسان(غسان) البصري عن معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:لا تدع زيارة الحسين عليه السّلام أما تحب أن تكون فيمن تدعو له الملائكة.

4-حدثني محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:وكّل اللّه تعالى بقبر الحسين عليه السّلام سبعين ألف ملك يصلّون عليه كل يوم شعثا غبرا من يوم قتل إلى ما شاء اللّه يعني بذلك قيام

ص: 109

القائم عليه السّلام و يدعون لمن زاره و يقولون يا رب هؤلاء زوار الحسين عليه السّلام إفعل بهم و افعل بهم.

5-حدثني الحسين بن محمد بن عامر عن أحمد بن إسحاق بن سعد عن سعدان ابن مسلم عن عمر بن أبان عن أبان بن تغلب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:كأني بالقائم على نجف الكوفة و قد لبس درع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فينتفض هو بها فتستدير عليه فيغشّيها بحداجة من إستبرق و يركب فرسا أدهم بين عينيه شمراخ فينتفض به انتفاضة لا يبقى أهل بلد إلا و هم يرون أنه معهم في بلادهم فينشر راية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عمودها من عمود العرش و سائرها من نصر اللّه لا يهوي بها إلى شيء أبدا إلا هتكه اللّه فإذا هزها لم يبق مؤمن إلا صار قلبه كزبر الحديد و يعطى المؤمن قوة أربعين رجلا و لا يبقى مؤمن إلا دخلت عليه تلك الفرحة في قبره و ذلك حين يتزاورون في قبورهم و يتباشرون بقيام القائم فينحط (1)عليه ثلاثة عشر ألف ملك و ثلاثمائة و ثلاثة عشر ملكا قلت كل هؤلاء الملائكة قال:نعم الذين كانوا مع نوح في السفينة و الذين كانوا مع إبراهيم حين ألقي في النار و الذين كانوا مع موسى حين فلق البحر لبني إسرائيل و الذين كانوا مع عيسى حين رفعه اللّه إليه و أربعة آلاف ملك مع النبي صلّى اللّه عليه و آله مسومين و ألف مردفين و ثلاثمائة و ثلاث عشرة ملائكة بدريين و أربعة آلاف ملك هبطوا يريدون القتال مع الحسين عليه السّلام فلم يؤذن لهم في القتال فهم عند قبره شعث غبر يبكونه إلى يوم القيامة و رئيسهم ملك يقال له منصور فلا يزوره زائر إلا استقبلوه و لا يودعه مودع إلا شيّعوه و لا يمرض مريض إلا عادوه و لا يموت ميت إلا صلّوا على جنازته و استغفروا له بعد موته و كل هؤلاء في الأرض ينتظرون قيام القائم عليه السّلام إلى وقت خروجه عليه صلوات اللّه سلامه (2).1.

ص: 110


1- أي يسقط.
2- كامل الزيارات:121.

فضل صلاة الملائكة لزوار الحسين عليه السّلام

1-حدثني الحسن بن عبد اللّه بن محمد بن عيسى عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن أبي المعزاء عن عنبسة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سمعته يقول:وكّل اللّه بقبر الحسين بن علي عليه السّلام سبعين ألف ملك يعبدون اللّه عنده الصلاة الواحدة من صلاة أحدهم تعدل ألف صلاة من صلاة الآدميين يكون ثواب صلاتهم لزوار قبر الحسين بن علي عليه السّلام و على قاتله لعنة اللّه و الملائكة و الناس أجمعين أبد الآبدين.

2-حدثني أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أبيه عن سيف بن عميرة عن بكر بن محمد الأزدي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:وكّل اللّه تعالى بقبر الحسين عليه السّلام سبعين ألف ملك شعثا غبرا يبكونه إلى يوم القيامة يصلون عنده الصلاة الواحدة من صلاة أحدهم تعدل ألف صلاة من صلاة الآدميين يكون ثواب صلاتهم و أجر ذلك لمن زار قبره عليه السّلام (1).

ص: 111


1- كامل الزيارات:121.

إن زيارة الحسين عليه السّلام فرض و عهد لازم له و لجميع الأئمة

على كل مؤمن و مؤمنة

1-حدثني أبي و محمد بن الحسن عن الحسن بن متيل و قال محمد بن الحسن:

و حدثني محمد بن الحسن الصفار جميعا عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي قال:

حدثنا الحسن بن علي بن فضال قال:حدثني أبو أيوب إبراهيم بن عثمان الخزاز عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال:مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين عليه السّلام فإن إتيانه مفترض على كل مؤمن يقر للحسين عليه السّلام بالإمامة من اللّه عز و جل.

2-حدثني أبي و أخي و علي بن الحسين و محمد بن الحسن رحمهم اللّه جميعا عن أحمد بن إدريس عن عبيد اللّه بن موسى عن الوشاء قال:سمعت الرضا عليه السّلام يقول:إن لكل إمام عهدا في عنق أوليائه و شيعته و إن من تمام الوفاء بالعهد و حسن الأداء زيارة قبورهم فمن زارهم رغبة في زيارتهم و تصديقا لما رغبوا فيه كان أئمتهم شفعاءهم يوم القيامة.حدثني محمد بن يعقوب الكليني عن أحمد بن إدريس بإسناده مثله سواء.

3-حدثني محمد بن جعفر الرزاز قال:حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن أبي داود المسترق عن أم سعيد الأحمسية عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قالت:

قال لي:يا أم سعيد تزورين قبر الحسين قالت:قلت:نعم فقال لي زوريه فإن زيارة قبر الحسين واجبة على الرجال و النساء.

4-حدثني أبي و محمد بن الحسن رحمهم اللّه جميعا عن الحسن بن متيل عن الحسن بن علي الكوفي عن علي بن حسان الهاشمي عن عبد الرحمن بن كثير مولى

ص: 112

أبي جعفر عليه السّلام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:لو أن أحدكم حج دهره ثم لم يزر الحسين ابن علي عليه السّلام لكان تاركا حقا من حقوق اللّه و حقوق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأن حق الحسين عليه السّلام فريضة من اللّه واجبة على كل مسلم (1).2.

ص: 113


1- كامل الزيارات:122.

ثواب من زار الحسين بنفسه أو جهز إليه غيره

1-حدثني محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أبيه عن علي بن محمد بن سالم عن محمد بن خالد عن عبد اللّه بن حماد البصري عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم عن محمد البصري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سمعت أبي يقول لرجل من مواليه و سأله عن الزيارة فقال له:من تزور و من تريد به؟قال:اللّه تبارك و تعالى.

فقال:من صلّى خلفه صلاة واجبة(واحدة)يريد بها اللّه لقي اللّه يوم يلقاه و عليه من النور ما يغشى له كل شيء يراه و اللّه يكرم زواره و يمنع النار أن تنال منهم شيئا و إن الزائر له لا يتناهى(لا يتناسى)له دون الحوض و أمير المؤمنين عليه السّلام قائم على الحوض يصافحه و يرويه من الماء و ما يسبقه أحد إلى وروده الحوض حتى يروى ثم ينصرف إلى منزله من الجنة و معه ملك من قبل أمير المؤمنين يأمر الصراط أن يذل له و يأمر النار أن لا يصيبه من لفحها شيء حتى يجوزها و معه رسوله الذي بعثه أمير المؤمنين عليه السّلام.

2-و بإسناده عن الأصم قال:حدثنا هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث طويل قال:أتاه رجل فقال له يا ابن رسول اللّه هل يزار والدك قال:فقال:نعم و يصلّى عنده و قال:يصلّي خلفه و لا يتقدم عليه قال:فما لمن أتاه؟

قال:الجنة إن كان يأتم به.

قال:فما لمن تركه رغبة عنه قال:الحسرة يوم الحسرة.

قال:فما لمن أقام عنده؟

قال:كل يوم بألف شهر قال:فما للمنفق في خروجه إليه و المنفق عنده؟

قال:درهم بألف درهم.

قال:فما لمن مات في سفره إليه؟

قال:تشيعه الملائكة و تأتيه بالحنوط و الكسوة من الجنة و تصلّي عليه إذ كفن

ص: 114

و تكفنه فوق أكفانه و تفرش له الريحان تحته و تدفع الأرض حتى تصور من بين يديه مسيرة ثلاثة أميال و من خلفه مثل ذلك و عند رأسه مثل ذلك و عند رجليه مثل ذلك و يفتح له باب من الجنة إلى قبره و يدخل عليه روحها و ريحانها حتى تقوم الساعة قلت فما لمن صلّى عنده؟

قال:من صلّى عنده ركعتين لم يسأل اللّه تعالى شيئا إلا أعطاه إياه قلت فما لمن اغتسل من ماء الفرات ثم أتاه قال:إذا اغتسل من ماء الفرات و هو يريده تساقطت عنه خطاياه كيوم ولدته أمه قال:قلت فما لمن يجهّز إليه و لم يخرج لعلّه تصيبه (لقلة نصيبه)قال:يعطيه اللّه بكل درهم أنفقه مثل أحد من الحسنات و يخلف عليه أضعاف ما أنفقه و يصرف عنه من البلاء مما قد نزل ليصيبه و يدفع عنه و يحفظ في ماله قال:قلت فما لمن قتل عنده جار عليه سلطان فقتله قال:أول قطرة من دمه يغفر له بها كل خطيئة و تغسل طينته التي خلق منها الملائكة حتى تخلص كما خلصت الأنبياء المخلصين و يذهب عنها ما كان خالطها من أجناس طين أهل الكفر و يغسل قلبه و يشرح صدره و يملأ إيمانا فيلقي اللّه و هو مخلّص من كل ما تخالطه الأبدان و القلوب و يكتب له شفاعة في أهل بيته و ألف من إخوانه و تولّى الصلاة عليه الملائكة مع جبرئيل و ملك الموت و يؤتى بكفنه و حنوطه من الجنة و يوسّع قبره عليه و يوضع له مصابيح في قبره و يفتح له باب من الجنة و تأتيه الملائكة بالطرف من الجنة و يرفع بعد ثمانية عشر يوما إلى حظيرة القدس فلا يزال فيها مع أولياء اللّه حتى تصيبه النفخة التي لا تبقي شيئا فإذا كانت النفخة الثانية و خرج من قبره كان أول من يصافحه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أمير المؤمنين عليه السّلام و الأوصياء و يبشرونه و يقولون له الزمناء و يقيمونه على الحوض فيشرب منه و يسقي من أحب قلت فما لمن حبس في إتيانه.

قال:له بكل يوم يحبس و يغتم فرحة إلى يوم القيامة فإن ضرب بعد الحبس في إتيانه كان له بكل ضربة حوراء و بكل وجع يدخل على بدنه ألف ألف حسنة و يمحى

ص: 115

بها عنه ألف ألف سيئة و يرفع له بها ألف ألف درجة و يكون من محدّثي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتى يفرغ من الحساب فيصافحه حملة العرش و يقال له سل ما أحببت و يؤتى ضاربه للحساب فلا يسأل عن شيء و لا يحاسب بشيء و يؤخذ بضبعيه حتى ينتهي به إلى ملك يحبوه و يتحفه بشربة من الحميم و شربة من الغسلين و يوضع على مثال(مقال)في النار فيقال له ذق بما قدّمت يداك فيما آتيت إلى هذا الذي ضربته سببا إلى وفد اللّه و وفد رسوله و يأتي بالمضروب إلى باب جهنم و يقال له أنظر إلى ضاربك و إلى ما قد لقي فهل شفيت صدرك و قد اقتص لك منه فيقول الحمد للّه الذي انتصر لي و لولد رسوله منه.

3-و بهذا الإسناد عن الأصم عن عبد اللّه بن بكير في حديث طويل قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:يا ابن بكير إن اللّه اختار من بقاع الأرض ستة البيت الحرام و الحرم و مقابر الأنبياء و مقابر الأوصياء و مقاتل(مقابر)الشهداء و المساجد التي يذكر فيها اسم اللّه يا ابن بكير هل تدري ما لمن زار قبر أبي عبد اللّه الحسين عليه السّلام إذ جهله الجاهل(الجاهلون)ما من صباح إلا و على قبره هاتف من الملائكة ينادي يا طالب الخير أقبل إلى خالصة اللّه ترحل بالكرامة و تأمن الندامة يسمع أهل المشرق و أهل المغرب إلا الثقلين و لا يبقى في الأرض ملك من الحفظة إلا عطف عليه عند رقاد العبد حتى يسبّح اللّه عنده و يسأل اللّه الرضى عنه و لا يبقى ملك في الهواء يسمع الصوت إلا أجاب بالتقديس للّه تعالى فتشتد أصوات الملائكة فيجيبهم أهل السماء الدنيا فتشتد أصوات الملائكة و أهل السماء الدنيا حتى تبلغ أهل السماء السابعة فيسمع اللّه أصواتهم النبيين(فيسمع أصواتهم النبيون)فيترحّمون و يصلّون على الحسين عليه السّلام و يدعون لمن زاره (1).5.

ص: 116


1- كامل الزيارات:125.

ثواب من زار الحسين عليه السّلام و عليه خوف

1-حدثني محمد بن عبد اللّه بن جعفر عن أبيه عن علي بن محمد بن سالم عن محمد بن خالد عن عبد اللّه بن حماد البصري عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم عن حماد ذي الناب عن رومي عن زرارة قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام ما تقول فيمن زار أباك على خوف؟

قال:يؤمنه اللّه يوم الفزع الأكبر و تلقاه الملائكة بالبشارة و يقال له لا تخف و لا تحزن هذا يومك الذي فيه فوزك.

2-و بإسناده عن الأصم عن ابن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت له:إني أنزل الأرجان و قلبي ينازعني إلى قبر أبيك فإذا خرجت فقلبي و جل مشفق حتى أرجع خوفا من السلطان و السعاة و أصحاب المصالح فقال:يا ابن بكير أما تحب أن يراك اللّه فينا خائفا أما تعلم أنه من خاف لخوفنا أظله اللّه في ظل عرشه و كان محدثه الحسين عليه السّلام تحت العرش و آمنه اللّه من أفزاع يوم القيامة يفزع الناس و لا يفزع فإن فزع و قرته(قوته)الملائكة و سكّنت قلبه بالبشارة.

3-حدثني حكيم بن داود بن حكيم السراج عن سلمة بن الخطاب عن موسى بن عمر عن حسان البصري عن معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قال:يا معاوية لا تدع زيارة قبر الحسين عليه السّلام لخوف فإن من تركه رأى من الحسرة ما يتمنى أن قبره كان عنده أما تحب أن يرى اللّه شخصك و سوادك فيمن يدعو له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و علي و فاطمة و الأئمة عليهم السّلام أما تحب أن تكون ممن ينقلب بالمغفرة لما مضى و يغفر له ذنوب سبعين سنة أما تحب أن تكون ممن يخرج من الدنيا

ص: 117

و ليس عليه ذنب يتبع به أما تحب أن تكون غدا ممن يصافحه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

4-حدثني علي بن الحسين رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه عن محمد بن الحسين ابن أبي الخطاب عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن الخيبري عن يونس بن ظبيان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت له:جعلت فداك زيارة قبر الحسين عليه السّلام في حال التقية؟

قال:إذا أتيت الفرات فاغتسل ثم البس أثوابك الطاهرة(ثوبيك الطاهرين)ثم تمر بإزاء القبر و قل:صلى اللّه عليك يا أبا عبد اللّه صلى اللّه عليك يا أبا عبد اللّه فقد تمت زيارتك.

5-حدثني محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أبيه عن علي بن محمد بن سالم عن محمد بن خالد عن عبد اللّه بن حماد البصري عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم قال:حدثنا مدلج عن محمد بن مسلم في حديث طويل قال:قال لي أبو جعفر محمد بن علي عليه السّلام:هل تأتي قبر الحسين عليه السّلام؟

قلت:نعم على خوف و وجل.

فقال:ما كان من هذا أشد فالثواب فيه على قدر الخوف و من خاف في إتيانه أمن اللّه روعته يوم القيامة يوم يقوم الناس لرب العالمين و انصرف بالمغفرة و سلّمت عليه الملائكة و زاره النبي صلّى اللّه عليه و آله و دعى له و انقلب بنعمة من اللّه و فضل لم يمسسه سوء و اتبع رضوان اللّه ثم ذكر الحديث (1).7.

ص: 118


1- كامل الزيارات:127.

ثواب ما للرجل في نفقته إلى زيارة الحسين عليه السّلام

1-حدثني محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أبيه عن علي بن محمد بن سالم عن محمد بن خالد عن عبد اللّه بن حماد البصري عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم قال:حدثنا معاذ عن أبان قال:سمعته يقول:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:من أتى قبر أبي عبد اللّه عليه السّلام فقد وصل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و وصلنا و حرمت غيبته و حرم لحمه على النار و أعطاه اللّه بكل درهم أنفقه عشرة آلاف مدينة له في كتاب محفوظ و كان اللّه له من وراء حوائجه و حفظ في كل ما خلف و لم يسأل اللّه شيئا إلا أعطاه و أجابه فيه إما أن يعجّله و إما أن يؤخّره له.

و حدثني بذلك محمد بن همام بن سهيل رحمه اللّه عن جعفر بن محمد بن مالك عن محمد بن إسماعيل عن عبد اللّه بن حماد عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم عن معاذ عن أبان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله.

2-و حدثني محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أبيه عن علي بن محمد بن سالم عن محمد بن خالد عن عبد اللّه بن حماد البصري عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم عن الحسين عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث طويل قال:قلت:

جعلت فداك ما تقول فيمن ترك زيارته و هو يقدر على ذلك؟

قال:أقول إنه قد عق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و عقّنا و استخفّ بأمر هو له و من زاره كان اللّه له من وراء حوائجه و كفي ما أهمه من أمر دنياه و إنه ليجلب الرزق على العبد و يخلف عليه ما أنفق و يغفر له ذنوب خمسين سنة و يرجع إلى أهله و ما عليه وزر و لا خطيئة إلا و قد محيت من صحيفته فإن هلك في سفره نزلت الملائكة فغسّلته

ص: 119

و فتحت له أبواب الجنة و يدخل(و فتح له باب إلى الجنة يدخل)عليه روحها حتى ينشر و إن سلم فتح له الباب الذي ينزل منه الرزق و يجعل له بكل درهم أنفقه عشرة آلاف درهم و ذخر ذلك له فإذا حشر قيل له لك بكل درهم عشرة آلاف درهم و إن اللّه نظر لك و ذخرها لك عنده.

3-و بإسناده عن الأصم عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:إن رجلا أتاه فقال له يا ابن رسول اللّه هل يزار والدك قال:فقال:نعم و يصلّى عنده و يصلّى خلفه و لا يتقدم عليه.

قال:فما لمن أتاه؟

قال:الجنة إن كان يأتم به.

قال:فما لمن تركه رغبة عنه؟

قال:الحسرة يوم الحسرة.

قال:فما لمن أقام عنده؟

قال:كل يوم بألف شهر.

قال:فما للمنفق في خروجه إليه و المنفق عنده؟

قال:الدرهم بألف درهم..و ذكر الحديث بطوله.

4-و بإسناده عن الأصم عن ابن سنان قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام جعلت فداك إن أباك كان يقول في الحج يحسب له بكل درهم أنفقه ألف درهم فما لمن ينفق في المسير إلى أبيك الحسين عليه السّلام فقال:يا ابن سنان يحسب له بالدرهم ألف و ألف حتى عد عشرة و يرفع له من الدرجات مثلها و رضى اللّه خير له و دعاء محمد صلّى اللّه عليه و آله و دعاء أمير المؤمنين و الأئمة خير له.

5-حدثني أبي رحمه اللّه عن محمد بن إدريس و محمد بن يحيى العطار عن العمركي بن علي قال:حدثنا يحيى و كان في خدمة أبي جعفر الثاني عليه السّلام عن علي عن صفوان الجمال عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث له طويل قال:قلت فما لمن صلّى

ص: 120

عنده يعني الحسين عليه السّلام قال:من صلّى عنده ركعتين لم يسأل اللّه تعالى شيئا إلا أعطاه إياه.

فقلت:فما لمن اغتسل من ماء الفرات ثم أتاه؟

قال:إذا اغتسل من ماء الفرات و هو يريده تساقطت عنه خطاياه كيوم ولدته أمه قلت فما لمن جهّز إليه و لم يخرج لعلّه قال:يعطيه اللّه بكل درهم أنفقه من الحسنات مثل جبل أحد و يخلف عليه أضعاف ما أنفق و يصرف عنه من البلاء مما قد نزل فيدفع و يحفظ في ماله..و ذكر الحديث بطوله (1).9.

ص: 121


1- كامل الزيارات:129.

ما يكره اتخاذه لزيارة الحسين بن علي عليه السّلام

1-حدثني أبي رحمه اللّه و علي بن الحسين و جماعة مشايخي رحمهم اللّه عن سعد بن عبد اللّه بن أبي خلف عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن بعض أصحابنا قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:بلغني أن قوما أرادوا الحسين عليه السّلام حملوا معهم السفر فيها الحلاوة و الأخبصة و أشباهها لو زاروا قبور أحبائهم ما حملوا معهم هذا.

2-و حدثني محمد بن الحسن بن أحمد و غيره عن سعد بن عبد اللّه عن موسى بن عمر عن صالح بن السندي الجمال عن رجل من أهل الرقة يقال له أبو المضا قال:

قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام تأتون قبر أبي عبد اللّه عليه السّلام قلت:نعم،قال:أفتتخذون لذلك سفرا قلت:نعم.

فقال:أما لو أتيتم قبور آبائكم و أمهاتكم لم تفعلوا ذلك قال:قلت:أي شيء نأكل قال:الخبز و اللبن.

قال:و قال كرام لأبي عبد اللّه عليه السّلام:جعلت فداك إن قوما يزورون قبر الحسين عليه السّلام فيطيبون السفر.

قال:فقال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام:أما إنهم لو زاروا قبور أمهاتهم و آبائهم ما فعلوا ذلك.

3-حدثني حكيم بن داود عن سلمة بن الخطاب عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن بعض أصحابنا قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:بلغني أن قوما إذا زاروا الحسين بن علي حملوا معهم السفر فيها الحلاوة و الأخبصة و أشباهها لو زاروا

ص: 122

قبور أحبائهم ما حملوا ذلك.

4-حدثني محمد بن أحمد بن الحسين قال:حدثني الحسن بن علي بن مهزيار عن أبيه عن الحسين بن سعيد عن زرعة بن محمد الحضرمي عن المفضل بن عمر قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:تزورون خير من أن لا تزورون و لا تزورون خير من أن تزورون.

قال:قلت:قطعت ظهري.

قال:تاللّه إن أحدكم ليذهب إلى قبر أبيه كئيبا حزينا و تأتونه أنتم بالسفر كلا حتى تأتونه شعثا غبرا (1).0.

ص: 123


1- كامل الزيارات:130.

كيف يجب أن يكون زائر الحسين بن علي عليه السّلام

1-حدثني محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أبيه عن علي بن محمد بن سالم عن محمد بن خالد عن عبد اللّه بن حماد البصري عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم قال:حدثنا مدلج عن محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت له:إذا خرجنا إلى أبيك أفكنا(أفلسنا)في حج قال:بلى.قلت:فيلزمنا ما يلزم الحاج؟

قال:من ما ذا؟

قلت:من الأشياء التي يلزم الحاج قال:يلزمك حسن الصحبة لمن يصحبك و يلزمك قلة الكلام إلا بخير و يلزمك كثرة ذكر اللّه و يلزمك نظافة الثياب و يلزمك الغسل قبل أن تأتي الحائر و يلزمك الخشوع و كثرة الصلاة و الصلاة على محمد و آل محمد و يلزمك التوقير لأخذ ما ليس لك و يلزمك أن تغض بصرك و يلزمك أن تعود إلى أهل الحاجة من إخوانك إذا رأيت منقطعا و المواساة و يلزمك التقية التي قوام دينك بها و الورع عما نهيت عنه و الخصومة و كثرة الأيمان و الجدال الذي فيه الإيمان فإذا فعلت ذلك تم حجك و عمرتك و استوجب من الذي طلبت ما عنده بنفقتك و اغترابك عن أهلك و رغبتك فيما رغبت أن تنصرف بالمغفرة و الرحمة و الرضوان.

2-حدثني محمد بن أحمد بن الحسين عن الحسن بن علي بن مهزيار عن أبيه عن الحسن بن سعيد عن زرعة بن محمد الحضرمي عن المفضل بن عمر قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:تزورون خير من أن لا تزورون و لا تزورون خير من أن تزورون قال:قلت:قطعت ظهري.

ص: 124

قال:تاللّه إن أحدكم ليذهب إلى قبر أبيه كئيبا حزينا و تأتونه أنتم بالسفر كلا حتى تأتونه شعثا غبرا.

3-حدثني أبي و أخي و علي بن الحسين و غيرهم رحمهم اللّه عن سعد بن عبد اللّه بن أبي خلف عن أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري عن علي بن الحكم عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إذا أردت زيارة الحسين عليه السّلام فزره و أنت كئيب حزين مكروب شعثا مغبرا جائعا عطشانا فإن الحسين قتل حزينا مكروبا شعثا مغبرا جائعا عطشانا و سله الحوائج و انصرف عنه و لا تتخذه وطنا.

4-و بهذا الإسناد عن سعد بن عبد اللّه عن موسى بن عمر عن صالح بن السندي الجمال عمن ذكره عن كرام بن عمرو قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام لكرام:إذا أردت أنت قبر الحسين عليه السّلام فزره و أنت كئيب حزين شعث مغبر فإن الحسين عليه السّلام قتل و هو كئيب حزين شعث مغبر جائع عطشان (1).2.

ص: 125


1- كامل الزيارات:132.

ثواب من زار الحسين راكبا أو ماشيا و مناجاة اللّه لزائره

1-حدثني أبي و جماعة مشايخي عن سعد بن عبد اللّه و محمد بن يحيى و عبد اللّه بن جعفر الحميري و أحمد بن إدريس جميعا عن الحسين بن عبيد اللّه عن الحسن بن علي بن أبي عثمان عن عبد الجبار النهاوندي عن أبي سعيد عن الحسين ابن ثوير بن أبي فاختة قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:يا حسين من خرج من منزله يريد زيارة قبر الحسين بن علي صلّى اللّه عليه و آله إن كان ماشيا كتب اللّه له بكل خطوة حسنة و محى عنه سيئة حتى إذا صار في الحائر كتبه اللّه من المصلحين المنتجبين(فلحين المنجحين)حتى إذا قضى مناسكه كتبه اللّه من الفائزين حتى إذا أراد الانصراف أتاه ملك فقال:إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقرئك السلام و يقول لك:إستأنف العمل فقد غفر لك ما مضى.

2-حدثني أبي عن سعد بن عبد اللّه و محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن بشير الدهان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إن الرجل ليخرج إلى قبر الحسين عليه السّلام فله إذا خرج من أهله بأول خطوة مغفرة ذنوبه ثم لم يزل يقدّس بكل خطوة حتى يأتيه فإذا أتاه ناجاه اللّه تعالى فقال:عبدي سلني أعطك ادعني أجبك أطلب مني أعطك سلني حاجة أقضيها لك.

قال:و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:و حق على اللّه أن يعطي ما بذل.

3-و بهذا الإسناد عن صالح عن الحرث بن المغيرة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إن للّه ملائكة موكلين بقبر الحسين عليه السّلام فإذا هم بزيارته الرجل أعطاهم اللّه ذنوبه فإذا خطا محوها ثم إذا خطا ضاعفوا له حسناته فما تزال حسناته تضاعف حتى توجب

ص: 126

له الجنة ثم اكتنفوه و قدّسوه و ينادون ملائكة السماء أن قدّسوا زوار(حبيب) حبيب اللّه فإذا اغتسلوا ناداهم محمد صلّى اللّه عليه و آله يا وفد اللّه أبشروا بمرافقتي في الجنة ثم ناداهم أمير المؤمنين عليه السّلام أنا ضامن لقضاء حوائجكم و دفع البلاء عنكم في الدنيا و الآخرة ثم التقاهم(اكتنفهم)النبي صلّى اللّه عليه و آله عن أيمانهم و عن شمائلهم حتى ينصرفوا إلى أهاليهم.

4-و حدثني علي بن الحسين بن موسى بن بابويه و جماعة رحمهم اللّه عن سعد بن عبد اللّه عن الحسن بن علي بن عبد اللّه بن المغيرة عن العباس بن عامر عن جابر المكفوف عن أبي الصامت قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام و هو يقول:من أتى قبر الحسين عليه السّلام ماشيا كتب اللّه له بكل خطوة ألف حسنة و محا عنه ألف سيئة و رفع له ألف درجة ثم قال:فإذا أتيت الفرات فاغتسل و علّق نعليك و امش حافيا و امش مشي العبد الذليل فإذا أتيت باب الحائر فكبر أربعا ثم امش قليلا ثم كبر أربعا ثم ائت رأسه فقف عليه فكبر أربعا(فكبر و صل عنده و اسأل)و صل أربعا و اسأل اللّه حاجتك.

5-حدثني محمد بن جعفر الرزاز عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل ابن بزيع عن صالح بن عقبة عن عبد اللّه بن هلال عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت له:

جعلت فداك ما أدنى ما لزائر قبر الحسين عليه السّلام؟

فقال لي:يا عبد اللّه إن أدنى ما يكون له أن اللّه يحفظه في نفسه و أهله حتى يردّه إلى أهله فإذا كان يوم القيامة كان اللّه الحافظ له.

6-حدثني أبي رحمه اللّه عن الحسين بن الحسن بن أبان عن محمد بن أورمة عمن حدثه عن علي بن ميمون الصائغ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:يا علي زر الحسين و لا تدعه.

قال:قلت:ما لمن أتاه من الثواب؟

قال:من أتاه ماشيا كتب اللّه له بكل خطوة حسنة و محي عنه سيئة و رفع له

ص: 127

درجة فإذا أتاه وكّل اللّه به ملكين يكتبان ما خرج من فيه من خير و لا يكتبان ما يخرج من فيه من شر و لا غير ذلك فإذا انصرف و دّعوه و قالوا يا ولي اللّه مغفورا لك أنت من حزب اللّه و حزب رسوله و حزب أهل بيت رسوله و اللّه لا ترى النار بعينك أبدا و لا تراك و لا تطعمك أبدا.

7-حدثني أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه و عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي عن أبيه عن عبد العظيم بن عبد اللّه بن الحسن عن الحسين بن الحكم النخعي عن أبي حماد الأعرابي عن سدير الصيرفي قال:كنا عند أبي جعفر عليه السّلام فذكر فتى قبر الحسين عليه السّلام فقال له أبو جعفر عليه السّلام:ما أتاه عبد فخطا خطوة إلا كتب اللّه له حسنة و حط عنه سيئة.

8-حدثني محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أبيه عن علي بن محمد بن سالم عن محمد بن خالد عن عبد اللّه بن حماد البصري عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم عن عبد اللّه بن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من زار الحسين عليه السّلام:من شيعتنا لم يرجع حتى يغفر له كل ذنب و يكتب له بكل خطوة خطاها و كل يد رفعتها دابته ألف حسنة و محي عنه ألف سيئة و ترفع له ألف درجة.

9-حدثني محمد بن جعفر القرشي الرزاز عن خاله محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن أحمد بن بشير السراج عن أبي سعيد القاضي قال:دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام في غريفة له و عنده مرازم فسمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:من أتى قبر الحسين عليه السّلام ماشيا كتب اللّه له بكل خطوة و بكل قدم يرفعها و يضعها عتق رقبة من ولد إسماعيل و من أتاه بسفينة فكفّت بهم سفينتهم نادى مناد من السماء طبتم و طابت لكم الجنة.

10-حدثني أبي رحمه اللّه و علي بن الحسين عن سعد بن عبد اللّه عن محمد بن أحمد بن حمدان القلانسي عن محمد بن الحسين المحاربي عن أحمد بن ميثم عن محمد بن عاصم عن عبد اللّه بن النجار قال:قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام:تزورون

ص: 128

الحسين عليه السّلام و تركبون السفن.

فقلت:نعم.

قال:أما علمت أنها إذا انكفت بكم نوديتم ألا طبتم و طابت لكم الجنة (1).5.

ص: 129


1- كامل الزيارات:135.

كرامة اللّه تبارك و تعالى لزوار الحسين بن علي

1-حدثني محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن إسماعيل بن زيد عن عبد اللّه الطحان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سمعته و هو يقول:ما من أحد يوم القيامة إلا و هو يتمنى أنه من زوار الحسين لما يرى مما يصنع بزوار الحسين عليه السّلام من كرامتهم على اللّه تعالى.

2-و روى صالح الصيرفي عن عمران الميثمي عن صالح بن ميثم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من سرّه أن يكون على موائد النور يوم القيامة فليكن من زوار الحسين بن علي عليه السّلام.

3-حدثني الحسين بن محمد بن عامر عن معلى بن محمد البصري قال:حدثني أبو الفضل عن ابن صدقة عن المفضل بن عمر قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:كأني بالملائكة و اللّه قد ازدحموا مع المؤمنين على قبر الحسين عليه السّلام قال:قلت:فيتراءون له.

قال:هيهات هيهات قد لزموا و اللّه المؤمنين حتى أنهم ليمسحون وجوههم بأيديهم.

قال:و ينزل اللّه على زوار الحسين عليه السّلام غدوة و عشية من طعام الجنة و خدامهم الملائكة لا يسأل اللّه عبد حاجة من حوائج الدنيا و الآخرة إلا أعطاها إياه.

قال:قلت:هذه و اللّه الكرامة.

قال لي:يا مفضل أزيدك؟

ص: 130

قلت:نعم سيدي.

قال:كأني بسرير من نور قد وضع و قد ضربت عليه قبة من ياقوتة حمراء مكللة بالجواهر و كأني بالحسين عليه السّلام جالس على ذلك السرير و حوله تسعون ألف قبة خضراء و كأني بالمؤمنين يزورونه و يسلّمون عليه فيقول اللّه عز و جل لهم أوليائي سلوني فطال ما أوذيتم و ذللتم و اضطهدتم فهذا يوم لا تسألوني حاجة من حوائج الدنيا و الآخرة إلا قضيتها لكم فيكون أكلهم و شربهم في الجنة فهذه و اللّه الكرامة التي لا انقضاء لها و لا يدرك منتهاها (1).6.

ص: 131


1- كامل الزيارات:136.

أن زائري الحسين يكونون في جوار رسول اللّه و علي و فاطمة عليهم السّلام

1-حدثني علي بن الحسين و علي بن محمد بن قولويه ره عن محمد بن يحيى العطار و علي بن إبراهيم بن هاشم عن محمد بن عيسى بن عبيد بن يقطين اليقطيني عمن حدثه عن أبي خالد ذي الشامة قال:حدثني أبو أسامة قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:من أراد أن يكون في جوار نبيه صلّى اللّه عليه و آله و جوار علي و فاطمة فلا يدع زيارة الحسين بن علي عليه السّلام.

2-و بإسناده عن أبي بصير قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام و(أو)أبا جعفر عليه السّلام يقول:من أحب أن يكون مسكنه الجنة و مأواه الجنة فلا يدع زيارة المظلوم قلت:من هو؟

قال:الحسين بن علي صاحب كربلاء من أتاه شوقا إليه و حبا لرسول اللّه و حبا لفاطمة و حبا لأمير المؤمنين صلّى اللّه عليه و آله أقعده اللّه على موائد الجنة يأكل معهم و الناس في الحساب..

3-حدثني محمد بن همام بن سهيل عن جعفر بن محمد بن مالك قال:حدثنا محمد بن عمران قال:حدثنا الحسن بن الحسين اللؤلؤي عن محمد بن إسماعيل عن محمد بن أيوب عن الحرث بن المغيرة النصري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إن اللّه تبارك و تعالى جعل ملائكة موكلين بقبر الحسين عليه السّلام فإذا همّ الرجل بزيارته و اغتسل نادى محمد صلّى اللّه عليه و آله يا وفد اللّه أبشروا بمرافقتي في الجنة..و ذكر الحديث (1).

ص: 132


1- كامل الزيارات:137.

ثواب من زار الحسين عليه السّلام عارفا بحقه

1-حدثني أبي رحمه اللّه عن عبد اللّه بن جعفر الحميري و حدثني محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن علي بن إسماعيل القمي عن محمد بن عمرو الزيات عن قائد الحناط عن أبي الحسن الماضي عليه السّلام قال:من زار الحسين عليه السّلام عارفا بحقه غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر.

2-حدثني أبو العباس الكوفي قال:حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسن بن علي بن فضال عن محمد بن الحسين بن كثير عن هارون بن خارجة قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إنهم يرون أنه من زار الحسين عليه السّلام كانت له حجة و عمرة قال لي:من زاره و اللّه عارفا بحقه غفر له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخر.

و حدثني أبي رحمه اللّه و جماعة مشايخنا عن سعد بن عبد اللّه عن محمد بن الحسين بإسناده مثله.

3-و حدثني محمد بن جعفر الرزاز عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل عن الخيبري عن الحسين بن محمد القمي قال:قال أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام:أدنى ما يثاب به زائر الحسين عليه السّلام بشط الفرات إذا عرف بحقه و حرمته و ولايته أن يغفر له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر.

4-و حدثني أبو العباس عن محمد بن الحسين عن صفوان بن يحيى عن ابن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من أتى قبر الحسين عليه السّلام عارفا بحقه غفر(اللّه) له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخر.

5-و عنه عن محمد بن الحسين عن أبي داود سليمان بن سفيان المسترق عن

ص: 133

بعض أصحابنا عن مثنى الحناط عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام قال:

سمعته يقول:من أتى قبر الحسين عليه السّلام عارفا بحقه غفر(اللّه)له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر.

6-و حدثني محمد بن جعفر عن محمد بن الحسين عن الحكم بن مسكين عن هند الحناط قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:من زار الحسين عليه السّلام عارفا بحقه يأتم به غفر(اللّه)له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر.

7-حدثني القاسم بن محمد بن علي عن أبيه عن جده عن عبد اللّه بن حماد الأنصاري عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من أتى قبر الحسين عليه السّلام عارفا بحقه غفر له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر.

8-و حدثني أبي عن سعد بن عبد اللّه عن الحسن بن علي بن عبد اللّه بن المغيرة عن العباس بن عامر قال:أخبرني يوسف الأنباري عن قائد الحناط قال:قلت لأبي الحسن عليه السّلام:إنهم يأتون قبر الحسين عليه السّلام بالنوائح و الطعام؟

قال:قد سمعت.

قال:فقال:يا قائد من أتى قبر الحسين بن علي عليه السّلام عارفا بحقه غفر له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر.

9-و حدثني محمد بن جعفر عن محمد بن الحسين عن قائد عن أبي الحسن الأول عليه السّلام قال:من أتى قبر الحسين عليه السّلام عارفا بحقه غفر(اللّه)له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر.

10-و حدثني أبي و محمد بن الحسن و علي بن الحسين و جماعة عن سعد بن عبد اللّه و محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن يحيى بن علي التميمي قال:أخبرني رجل عن عبيد اللّه بن عبد اللّه و علي بن الحسين بن علي عليه السّلام قال:سمعت أبي يقول:من أتى قبر الحسين عليه السّلام عارفا بحقه غفر له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر.

ص: 134

11-و بإسناده عن صالح بن عقبة عن يحيى بن علي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

من أتى قبر الحسين عليه السّلام عارفا بحقه غفر له ما تقدّم من و ما تأخّر.

حدثني محمد بن جعفر القرشي عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام بهذين الحديثين سواء.

12-حدثني الحسين بن محمد بن عامر عن معلى بن محمد البصري عن أبي داود المسترق عن بعض أصحابنا عن مثنى الحناط عن أبي الحسن الأول قال:

سمعته يقول:من أتى قبر الحسين عليه السّلام عارفا بحقه غفر له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر.

13-حدثني محمد بن يعقوب عن أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن ابن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من أتى قبر الحسين عليه السّلام عارفا بحقه غفر له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر.

14-حدثني محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أبيه عن هارون بن مسلم عن الحسن بن علي عن أحمد بن عائذ عن أبي يعقوب الأبزاري عن قائد عن عبد صالح عليه السّلام قال:دخلت عليه فقلت له:جعلت فداك إن الحسين عليه السّلام قد زاره الناس من يعرف هذا الأمر و من ينكره و ركبت إليه النساء و وقع حال الشهرة و قد انقبضت منه لما رأيت من الشهرة قال:فمكث مليا لا يجيبني ثم أقبل علي فقال:يا عراقي إن شهروا أنفسهم فلا تشهر أنت نفسك فو اللّه ما أتى الحسين عليه السّلام آت عارفا بحقه إلا غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر.

15-حدثني الحسين بن محمد بن عامر عن المعلى بن محمد عن أبي داود المسترق عن بعض أصحابنا عن مثنى الحناط عن أبي الحسن الأول عليه السّلام قال:

سمعته يقول:من أتى الحسين عليه السّلام عارفا بحقه غفر له من ذنبه ما تقدّم و ما تأخّر.

16-حدثني علي بن الحسين بن موسى بن بابويه عن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن محمد بن صدقة

ص: 135

عن صالح النيلي قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:من أتى قبر الحسين عليه السّلام عارفا بحقه كان كمن حج ثلاث حجج مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

17-حدثني أبي و جماعة مشايخي عن سعد بن عبد اللّه قال:حدثني أحمد بن علي بن عبيد الجعفي قال:حدثني محمد بن أبي جرير القمي قال:سمعت أبا الحسن الرضا عليه السّلام يقول لأبي:من زار الحسين بن علي عليه السّلام عارفا بحقه كان من محدّثي اللّه فوق عرشه ثم قرأ إنّ المتّقين في جنّات و نهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر (1).1.

ص: 136


1- كامل الزيارات:141.

من زار الحسين حبا لرسول اللّه و أمير المؤمنين و فاطمة عليها السّلام

1-حدثني أبي ره عن سعد بن عبد اللّه عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب و حدثني محمد بن جعفر الرزاز عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن بعض أصحابه عن جويرية بن العلاء عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إذا كان يوم القيامة نادى مناد أين زوار الحسين بن علي فيقوم عنق من الناس لا يحصيهم إلا اللّه تعالى فيقول لهم ما أردتم بزيارة قبر الحسين عليه السّلام فيقولون يا رب أتيناه حبا لرسول اللّه و حبا لعلي و فاطمة و رحمة له مما ارتكب منه فيقال لهم هذا محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين فالحقوا بهم فأنتم معهم في درجتهم الحقوا بلواء رسول اللّه فينطلقون إلى لواء رسول اللّه فيكونون في ظله و اللواء في يد علي عليه السّلام حتى يدخلون الجنة جميعا فيكونون أمام اللواء و عن يمينه و عن يساره و من خلفه.

2-و بإسناده عن أبي بصير قال:سمعت أبا عبد اللّه أو(و)أبا جعفر عليه السّلام يقول:من أحب أن يكون مسكنه الجنة و مأواه الجنة فلا يدع زيارة المظلوم.

قلت:و من هو؟

قال:الحسين بن علي صاحب كربلاء من أتاه شوقا إليه و حبا لرسول اللّه و حبا لأمير المؤمنين و حبا لفاطمة أقعده اللّه على موائد الجنة يأكل معهم و الناس في الحساب.

3-حدثني أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه بن أبي خلف القمي عن محمد بن عيسى اليقطيني عن رجل عن فضيل بن عثمان الصيرفي عمن حدثه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من أراد اللّه به الخير قذف في قلبه حب الحسين عليه السّلام و حب زيارته و من أراد اللّه به السوء قذف في قلبه بغض الحسين و بغض زيارته

ص: 137

من زار الحسين عليه السّلام تشوقا إليه

1-حدثني محمد بن جعفر القرشي الرزاز عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن صفوان بن يحيى عن أبي أسامة زيد الشحام قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:من أتى قبر الحسين عليه السّلام تشوقا إليه كتبه اللّه من الآمنين يوم القيامة و أعطي كتابه بيمينه و كان تحت لواء الحسين عليه السّلام حتى يدخل الجنة فيسكنه في درجته إن اللّه عزيز حكيم.

2-و روي عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام أن من أحب أن يكون مسكنه الجنة و مأواه الجنة فلا يدع زيارة المظلوم.

قلت:من هو؟

قال:الحسين بن علي صاحب كربلاء من أتاه شوقا إليه و حبا لرسول اللّه و حبا لأمير المؤمنين و حبا لفاطمة صلوات اللّه عليه و آله و عليهم أجمعين أقعده اللّه على موائد الجنة يأكل معهم و الناس في الحساب.

3-حدثني الحسن بن عبد اللّه عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال:لو يعلم الناس ما في زيارة قبر الحسين عليه السّلام من الفضل لماتوا شوقا و تقطّعت أنفسهم عليه حسرات.

قلت:و ما فيه؟

قال:من أتاه تشوقا كتب اللّه له ألف حجة متقبلة و ألف عمرة مبرورة و أجر ألف شهيد من شهداء بدر و أجر ألف صائم و ثواب ألف صدقة مقبولة و ثواب ألف نسمة أريد بها وجه اللّه و لم يزل محفوظا سنته من كل آفة أهونها الشيطان و وكل به ملك

ص: 138

كريم يحفظه من بين يديه و من خلفه و عن يمينه و عن شماله و من فوق رأسه و من تحت قدمه فإن مات سنته حضرته ملائكة الرحمة يحضرون غسله و إكفانه و الإستغفار له و يشيعونه إلى قبره بالاستغفار له و يفسح له في قبره مد بصره و يؤمنه اللّه من ضغطة القبر و من منكر و نكير أن يروعانه و يفتح له باب إلى الجنة و يعطى كتابه بيمينه و يعطى له يوم القيامة نورا يضيء لنوره ما بين المشرق و المغرب و ينادي مناد هذا من زار الحسين شوقا إليه فلا يبقى أحد يوم القيامة إلا تمنى يومئذ أنه كان من زوار الحسين عليه السّلام.

4-و عنه عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن أبي أيوب إبراهيم بن عثمان الخزاز عن محمد بن مسلم قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ما لمن أتى قبر الحسين عليه السّلام؟

قال:من أتاه شوقا إليه كان من عباد اللّه المكرمين و كان تحت لواء الحسين بن علي حتى يدخلهم اللّه الجنة.

5-و عنه عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن أبي المعزى عن ذريح المحاربي قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ما ألقى من قومي و من بني إذا أنا أخبرتهم بما في إتيان قبر الحسين عليه السّلام من الخير إنهم يكذبوني و يقولون إنك تكذب على جعفر بن محمد.

قال:يا ذريح دع الناس يذهبون حيث شاءوا و اللّه إن اللّه ليباهي بزائر الحسين و الوافد يفده الملائكة المقربون و حملة عرشه حتى أنه ليقول لهم أما ترون زوار قبر الحسين أتوه شوقا إليه و إلى فاطمة بنت رسول اللّه أما و عزتي و جلالي و عظمتي لأوجبن لهم كرامتي و لأدخلنهم جنتي التي أعددتها لأوليائي و لأنبيائي و رسلي يا ملائكتي هؤلاء زوار الحسين حبيب محمد رسولي و محمد حبيبي و من أحبني أحب حبيبي و من أحب حبيبي أحب من يحبه و من أبغض حبيبي أبغضني و من أبغضني كان حقا علي أن أعذبه بأشد عذابي و أحرقه بحر ناري و أجعل جهنم مسكنه و مأواه و أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا

ص: 139

من العالمين.

6-و حدثني من رفعه إلى أبي بصير قال:سمعت أبا عبد اللّه و أبا جعفر عليه السّلام يقولان:من أحب أن يكون مسكنه و مأواه الجنة.إلى آخره كما في صدر الباب.

ص: 140

من زار الحسين عليه السلام احتسابا

1-حدثني أبي و علي بن الحسين و محمد بن الحسن جميعا عن محمد بن يحيى العطار عن حمدان بن سليمان النيسابوري قال:حدثنا عبد اللّه بن محمد اليماني عن منيع بن الحجاج عن يونس بن عبد اللّه(عبد الرحمن)عن قدامة بن ملك(مالك) عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من زار الحسين محتسبا لا أشرا و لا بطرا و لا رياء و لا سمعة محّصت عنه ذنوبه كما يمحّص الثوب بالماء فلا يبقى عليه دنس و يكتب له بكل خطوة حجة و كلما رفع قدما عمرة.

2-حدثني أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد عن أبان الأحمر عن محمد بن الحسين الخزاز عن هارون بن خارجة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت:جعلت فداك ما لمن أتى قبر الحسين زائرا له عارفا بحقه يريد به وجه اللّه تعالى و الدار الآخرة.

فقال له:يا هارون من أتى قبر الحسين عليه السّلام زائرا له عارفا بحقه يريد به وجه اللّه و الدار الآخرة غفر اللّه(و اللّه)له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر.

ثم قال لي ثلاثا:ألم أحلف لك ألم أحلف لك ألم أحلف لك.

3-حدثني الحسن بن عبد اللّه بن محمد بن عيسى عن أبيه عبد اللّه بن محمد بن عيسى عن أبيه محمد بن عيسى بن عبد اللّه عن عبد اللّه بن المغيرة عن عبد اللّه بن ميمون القداح عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت له:ما لمن أتى قبر الحسين بن علي عليه السّلام زائرا عارفا بحقه غير مستنكف و لا مستكبر؟

قال عليه السّلام:يكتب له ألف حجة مقبولة و ألف عمرة مبرورة و إن كان شقيا كتب

ص: 141

سعيدا و لم يزل يخوض في رحمة اللّه.

4-حدثني أبي عن محمد بن يحيى العطار عن حمدان بن سليمان النيسابوري عن عبد اللّه بن محمد اليماني عن منيع بن الحجاج عن صفوان بن يحيى عن صفوان بن مهران الجمال عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من زار قبر الحسين عليه السّلام و هو يريد اللّه عز و جل شيّعه جبرئيل و ميكائيل و إسرافيل حتى يرد إلى منزله.

5-حدثني محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أبيه عن علي بن محمد بن سالم عن محمد بن خالد عن عبد اللّه بن حماد البصري عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم عن عبد اللّه بن مسكان قال:شهدت أبا عبد اللّه عليه السّلام و قد أتاه قوم من أهل خراسان فسألوه عن إتيان قبر الحسين عليه السّلام و ما فيه من الفضل قال:حدثني أبي عن جدي أنه كان يقول:من زاره يريد به وجه اللّه أخرجه اللّه من ذنوبه كمولود ولدته أمه و شيّعته الملائكة في مسيره فرفرفت على رأسه قد صفوا بأجنحتهم عليه حتى يرجع إلى أهله و سألت الملائكة المغفرة له من ربه و غشيته الرحمة من أعنان السماء و نادته الملائكة طبت و طاب من زرت و حفظ في أهله.

6-و حدثني عبيد اللّه بن الفضل بن محمد بن هلال قال:حدثنا عبد الرحمن قال:

حدثنا سعيد بن خيثم عن أخيه معمر قال:سمعت زيد بن علي يقول:من زار قبر الحسين بن علي عليه السّلام لا يريد به إلا وجه اللّه تعالى غفر له جميع ذنوبه و لو كانت مثل زبد البحر فاستكثروا من زيارته يغفر اللّه لكم ذنوبكم.

7-حدثني محمد بن عبد اللّه بن جعفر عن أبيه عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي عن أبيه عن محمد بن سنان عن حذيفة بن منصور قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:من زار قبر الحسين عليه السّلام للّه و في اللّه أعتقه اللّه من النار و آمنه يوم الفزع الأكبر و لم يسأل اللّه تعالى حاجة من حوائج الدنيا و الآخرة إلا أعطاه (1).6.

ص: 142


1- كامل الزيارات:146.

إن زيارة الحسين أفضل ما يكون من الأعمال

1-حدثني أبي رحمه اللّه و جماعة أصحابنا عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي الوشاء عن أحمد بن عائذ عن أبي خديجة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن زيارة قبر الحسين عليه السّلام؟

قال عليه السّلام:إنه أفضل ما يكون من الأعمال.

2-و عنه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الوشاء عن أحمد بن عائذ عن أبي خديجة(سلمة)عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن زيارة قبر الحسين عليه السّلام.

قال عليه السّلام:إنه أفضل ما يكون من الأعمال.

3-حدثني محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد عن الوشاء عن أحمد بن عائذ عن أبي خديجة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن زيارة قبر الحسين عليه السّلام قال:إنه أفضل ما يكون من الأعمال.

4-حدثني أبو العباس الكوفي عن محمد بن الحسين عن الحسن بن محبوب عن رجل عن أبان الأرزق عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من أحب الأعمال إلى اللّه تعالى زيارة قبر الحسين عليه السّلام و أفضل الأعمال عند اللّه إدخال السرور على المؤمن و أقرب ما يكون العبد إلى اللّه تعالى و هو ساجد باك.

5-حدثني محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أبيه عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن أبي جهم عن أبي خديجة قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ما يبلغ من زيارة قبر الحسين عليه السّلام؟

ص: 143

قال:أفضل ما يكون من الأعمال.

6-حدثني محمد بن جعفر الرزاز عن محمد بن الحسين عن عبد الرحمن بن أبي هاشم الرزاز(البزاز)قال:حدثنا سالم أبو سلمة و هو أبو خديجة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إن زيارة الحسين عليه السّلام أفضل ما يكون من الأعمال

ص: 144

إن من زار الحسين كان كمن زار اللّه في عرشه و كتب في أعلى عليين

1-حدثني أبي رحمه اللّه و علي بن الحسين و جماعة مشايخي ره عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد و محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن صالح بن عقبة عن زيد الشحام قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ما لمن زار قبر الحسين عليه السّلام؟

قال:كان كمن زار اللّه في عرشه.

قال:قلت:ما لمن زار أحدا منكم(أحدكم).

قال عليه السّلام:كمن زار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

2-و حدثني أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن إسماعيل عن الخيبري عن الحسين بن محمد القمي عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال:من زار قبر أبي عبد اللّه عليه السّلام بشط الفرات كان كمن زار اللّه فوق(في) عرشه.

3-و حدثني علي بن الحسين و جماعة مشايخي ره عن علي بن إبراهيم بن هاشم عن محمد بن عمر عن عيينة بياع القصب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من أتى قبر الحسين عليه السّلام عارفا بحقه كتبه اللّه في أعلى عليين.

4-حدثني أبو العباس الكوفي عن محمد بن الحسين عن أبي داود المسترق عن عبد اللّه بن مسكان عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قال:من أتى قبر الحسين عليه السّلام عارفا بحقه كتبه اللّه(كتب)في أعلى عليين.

5-و حدثني أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن

ص: 145

علي بن الحكم عن عبد اللّه بن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من أتى قبر الحسين عليه السّلام عارفا بحقه كتب اللّه له في عليين(من أتى قبر الحسين كتبه اللّه في عليين).

6-و حدثني محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار و سعد بن عبد اللّه جميعا عن علي بن إسماعيل عن محمد بن عمرو الزيات عن هارون بن خارجة قال:

سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:من أتى قبر الحسين عليه السّلام عارفا بحقه كتبه اللّه في أعلى عليين.

7-و حدثني محمد بن جعفر الرزاز عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن الخيبري عن الحسين بن محمد القمي قال:قال لي الرضا عليه السّلام:من زار قبر أبي ببغداد كان كمن زار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أمير المؤمنين إلا أن لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أمير المؤمنين عليه السّلام فضلهما.قال:ثم قال لي:من زار قبر أبي عبد اللّه بشط الفرات كان كمن زار اللّه فوق كرسيه(في عرشه).

8-حدثني أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه عن الحسن بن علي بن عبد اللّه بن المغيرة عن العباس بن عامر عن أبان عن ابن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من أتى قبر الحسين عليه السّلام كتبه اللّه في عليين.

9-حدثني أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال عن عبد اللّه بن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من أتى قبر الحسين عليه السّلام كتبه اللّه في عليين.

10-و حدثني أبي رحمه اللّه و جماعة مشايخي عن سعد بن عبد اللّه عن الحسن بن علي الكوفي عن عباس بن عامر عن ربيع بن محمد المسلي عن عبد اللّه بن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من أتى قبر الحسين عليه السّلام كتبه اللّه في عليين.

11-و حدثني محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أبيه قال:حدثني محمد بن الحسن بن شمون البصري قال:حدثني محمد بن سنان عن بشير الدهان قال:

ص: 146

كنت أحج في كل سنة فأبطأت سنة عن الحج فلما كان من قابل حججت و دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال لي:يا بشير ما أبطأك عن الحج في عامنا الماضي.

قال:قلت:جعلت فداك ما كان لي على الناس خفت ذهابه غير أني عرفت عند قبر الحسين عليه السّلام.

قال:فقال عليه السّلام لي:ما فاتك شيء مما كان فيه أهل الموقف يا بشير من زار قبر الحسين عليه السّلام عارفا بحقه كان كمن زار اللّه في عرشه.

و عنه عن أبيه عن محمد بن الحسن بن شمون قال:حدثني جعفر بن محمد الخزاعي عن بعض أصحابه عن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله حدثني محمد بن جعفر الرزاز عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن عمه عن رجل عن جابر نحوه.

12-و حدثني أبي رحمه اللّه و محمد بن عبد اللّه رحمه اللّه عن عبد اللّه بن جعفر الحميري قال:حدثنا عبد اللّه بن محمد بن خالد الطيالسي عن ربيع بن محمد عن عبد اللّه بن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من أتى قبر الحسين عليه السّلام كتبه اللّه في عليين.

ص: 147

إن زيارة الحسين و الأئمة تعدل زيارة رسول اللّه

1-حدثني الحسن بن عبد اللّه بن محمد بن عيسى عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن جويرية بن العلاء عن بعض أصحابنا قال:من سرّه أن ينظر إلى اللّه يوم القيامة و تهون عليه سكرة الموت و هول المطلع فليكثر زيارة قبر الحسين عليه السّلام فإن زيارة الحسين عليه السّلام زيارة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

2-و حدثني محمد بن جعفر الرزاز الكوفي عن خاله محمد بن الحسين بن أبي الخطاب الزيات عن الحسن بن محبوب عن فضل بن عبد الملك أو عن رجل عن الفضل عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إن زائر الحسين بن علي عليه السّلام زائر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

3-حدثني محمد بن يعقوب الكليني عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين ابن أبي الخطاب و حدثني أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن صالح بن عقبة عن زيد الشحام قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ما لمن زار أحدا منكم(أحدكم)؟

قال:كمن زار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

4-حدثني أبي رحمه اللّه عن الحسن بن متيل عن سهل بن زياد الآدمي عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن زيد الشحام قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ما لمن زار الحسين عليه السّلام(رسول اللّه و عليا).

قال عليه السّلام:كمن زار اللّه في عرشه.

قال:قلت:فما لمن زار أحدا منكم؟

ص: 148

قال عليه السّلام:كمن زار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حدثني محمد بن جعفر الرزاز عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن زيد الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله (1).0.

ص: 149


1- كامل الزيارات:150.

إن زيارة الحسين تزيد في العمر و الرزق و إن تركها تنقصهما

1-حدثني أبي رحمه اللّه و جماعة مشايخي عن سعد بن عبد اللّه و محمد بن يحيى العطار و عبد اللّه بن جعفر الحميري جميعا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن أبي أيوب عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال:مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين عليه السّلام فإن إتيانه يزيد في الرزق و يمد في العمر و يدفع مدافع السوء و إتيانه مفترض على كل مؤمن يقر للحسين بالإمامة من اللّه.

2-حدثني محمد بن عبد اللّه الحميري عن أبيه عن محمد بن عبد الحميد عن سيف بن عميرة عن منصور بن حازم قال:سمعناه يقول:من أتى عليه حول لم يأت قبر الحسين عليه السّلام أنقص اللّه من عمره حولا و لو قلت:إن أحدكم ليموت قبل أجله بثلاثين سنة لكنت صادقا و ذلك لأنكم تتركون زيارة الحسين عليه السّلام فلا تدعوا زيارته يمد اللّه في أعماركم و يزيد في أرزاقكم و إذا تركتم زيارته نقص اللّه من أعماركم و أرزاقكم فتنافسوا في زيارته و لا تدعوا ذلك فإن الحسين شاهد لكم في ذلك عند اللّه و عند رسوله و عند فاطمة و عند أمير المؤمنين.

3-حدثني أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل عمن حدثه عن عبد اللّه بن وضاح عن داود الحمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من لم يزر قبر الحسين عليه السّلام فقد حرم خيرا كثيرا و نقص من عمره سنة.

4-حدثني الحسن بن عبد اللّه بن محمد عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن صباح الحذاء عن محمد بن مروان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سمعته يقول:زوروا

ص: 150

الحسين عليه السّلام و لو كل سنة فإن كل من أتاه عارفا بحقه غير جاحد لم يكن له عوض غير الجنة و رزق رزقا واسعا و آتاه اللّه من قبله بفرح(بفرج)عاجل..و ذكر الحديث.

و حدثني جماعة أصحابنا عن سعد بن عبد اللّه عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسن بن محبوب بإسناده مثله سواء.

5-حدثني أبي ره و جماعة مشايخي ره عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد ابن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن بعض أصحابنا عن أبان عن عبد الملك الخثعمي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قال لي:يا عبد الملك لا تدع زيارة الحسين بن علي عليه السّلام و مر أصحابك بذلك يمد اللّه في عمرك و يزيد اللّه في رزقك و يحييك اللّه سعيدا و لا تموت إلا سعيدا(شهيدا)و يكتبك سعيدا

ص: 151

إن زيارة الحسين تحط الذنوب

1-حدثني محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن الحسن بن موسى الخشاب عن بعض رجاله عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إن زائر الحسين جعل ذنوبه جسرا باب داره ثم عبرها كما يخلف أحدكم الجسر وراءه إذا عبر.

2-حدثني محمد بن جعفر الرزاز عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن بشير الدهان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إن الرجل ليخرج إلى قبر الحسين عليه السّلام فله إذا خرج من أهله بكل خطوة مغفرة من ذنوبه ثم لم يزل يقدّس بكل خطوة حتى يأتيه فإذا أتاه ناجاه اللّه فقال:عبدي سلني أعطك ادعني أجبك أطلب مني أعطك سلني حاجتك أقضيها لك قال:و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:و حق على اللّه أن يعطي ما بذل.

3-و عنه بهذا الإسناد عن صالح بن عقبة عن الحرث بن المغيرة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إن للّه ملائكة موكلين بقبر الحسين عليه السّلام فإذا هم الرجل بزيارته أعطاهم ذنوبه فإذا خطا محوها ثم إذا خطا ضاعفوا حسناته فما تزال حسناته تضاعف حتى توجب له الجنة ثم اكتنفوه و قدّسوه و ينادون ملائكة السماء أن قدّسوا زوار حبيب حبيب اللّه فإذا اغتسلوا ناداهم محمد صلّى اللّه عليه و آله يا وفد اللّه أبشروا بمرافقتي في الجنة ثم ناداهم أمير المؤمنين عليه السّلام أنا ضامن لقضاء حوائجكم و دفع البلاء عنكم في الدنيا و الآخرة ثم اكتنفوهم عن أيمانهم و عن شمائلهم حتى ينصرفوا إلى أهاليهم.

4-حدثني أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه الجاموراني الرازي

ص: 152

عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن الحسن بن محمد بن عبد الكريم عن المفضل ابن عمر عن جابر الجعفي قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في حديث طويل:فإذا انقلبت من عند قبر الحسين عليه السّلام ناداك مناد لو سمعت مقالته لأقمت عمرك عند قبر الحسين عليه السّلام و هو يقول:طوبى لك أيها العبد قد غنمت و سلمت قد غفر لك ما سلف فاستأنف العمل..و ذكر الحديث بطوله.

5-حدثني أبو العباس الرزاز قال:حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن إسماعيل عن الخيبري عن الحسين بن محمد القمي قال:قال أبو الحسن موسى عليه السّلام:أدنى ما يثاب به زائر الحسين عليه السّلام بشاطئ الفرات إذا عرف حقه و حرمته و ولايته أن يغفر له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر.

6-حدثني أبي عن الحسين بن الحسن بن أبان عن محمد بن أورمة عن زكريا المؤمن أبي عبد اللّه عن عبد اللّه بن يحيى الكاهلي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من أراد أن يكون في كرامة اللّه يوم القيامة و في شفاعة محمد صلّى اللّه عليه و آله فليكن للحسين زائرا ينال من اللّه الفضل و الكرامة(أفضل الكرامة)و حسن الثواب و لا يسأله عن ذنب عمله في الحياة الدنيا و لو كانت ذنوبه عدد رمل عالج و جبال تهامة و زبد البحر إن الحسين عليه السّلام قتل مظلوما مضطهدا نفسه عطشانا هو و أهل بيته و أصحابه.

7-حدثني أبي عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد البرقي عن القاسم بن يحيى بن الحسن بن راشد عن جده الحسن بن راشد عن أبي إبراهيم عليه السّلام قال:من خرج من بيته يريد زيارة قبر أبي عبد اللّه الحسين بن علي وكّل اللّه به ملكا فوضع إصبعه في قفاه فلم يزل يكتب ما يخرج من فيه حتى يرد الحائر(الحير)فإذا خرج من باب الحائر(الحير)وضع كفه وسط ظهره، ثم قال له:أما ما مضى فقد غفر لك فاستأنف العمل و بهذا الإسناد عن الحسن بن راشد عن إبراهيم بن أبي البلاد بإسناده مثله.

8-حدثني محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أبيه عن علي بن محمد بن

ص: 153

سالم عن محمد بن خالد عن عبد اللّه بن حماد الأنصاري عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم عن عبد اللّه بن مسكان قال:شهدت أبا عبد اللّه عليه السّلام و قد أتاه قوم من أهل خراسان فسألوه عن إتيان قبر الحسين عليه السّلام و ما فيه من الفضل قال:حدثني أبي عن جدي أنه كان يقول:من زاره يريد به وجه اللّه أخرجه اللّه من ذنوبه كمولود ولدته أمه و شيّعته الملائكة في مسيره فرفرفت على رأسه قد صفّوا بأجنحتهم عليه حتى يرجع إلى أهله و سألت الملائكة المغفرة له من ربه و غشيته الرحمة من أعنان السماء و نادته الملائكة طبت و طاب من زرت و حفظ في أهله (1).4.

ص: 154


1- كامل الزيارات:154.

إن زيارة الحسين تعدل عمرة

1-حدثني أبي و علي بن الحسين و محمد بن يعقوب ره جميعا عن علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال:سأل بعض أصحابنا أبا الحسن الرضا عليه السّلام عمن أتى قبر الحسين عليه السّلام قال:تعدل عمرة.

2-و حدثني محمد بن جعفر عن محمد بن الحسين عن الحسن بن علي بن أبي عثمان عن إسماعيل بن عباد عن الحسن بن علي عن أبي سعيد المدائني قال:دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فقلت:جعلت فداك آتي قبر الحسين؟

قال:نعم يا أبا سعيد ائت قبر ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أطيب الطيبين و أطهر الطاهرين و أبر الأبرار فإذا زرته كتب لك اثنتان و عشرون عمرة.

3-و عنه عن محمد بن الحسين عن محمد بن سنان قال:سمعت الرضا عليه السّلام يقول:زيارة قبر الحسين عليه السّلام تعدل عمرة مبرورة متقبلة.

4-حدثني أبي ره و محمد بن الحسن عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد و عبد اللّه ابني محمد بن عيسى عن موسى بن القاسم عن الحسن بن الجهم قال:قلت لأبي الحسن عليه السّلام:ما تقول في زيارة قبر الحسين عليه السّلام؟.

فقال لي:ما تقول أنت فيه فقلت بعضنا يقول:حجة و بعضنا يقول:عمرة.

فقال:هو عمرة مقبولة.

5-و حدثني محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن علي قال:حدثنا إبراهيم بن يحيى القطان عن أبيه أبي البلاد قال:سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن زيارة قبر الحسين عليه السّلام فقال:ما تقولون أنتم

ص: 155

قلت:نقول حجة و عمرة.

قال:تعدل عمرة مبرورة.

6-حدثني علي بن الحسين عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن أحمد بن أشيم عن صفوان بن يحيى قال:سألت الرضا عليه السّلام عن زيارة قبر الحسين عليه السّلام أي شيء فيه من الفضل قال:تعدل عمرة.

7-حدثني أبي ره و محمد بن عبد اللّه جميعا عن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن إبراهيم بن مهزيار عن أخيه علي بن مهزيار عن محمد بن سنان قال:سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول:إن زيارة قبر الحسين عليه السّلام تعدل عمرة مبرورة متقبلة.

8-حدثني محمد بن جعفر عن محمد بن الحسين عن صفوان بن يحيى عن أبي الحسن عليه السّلام قال:سألته عن زيارة قبر الحسين عليه السّلام أي شيء فيه من الفضل؟

قال:تعدل عمرة.

9-حدثني جماعة أصحابنا عن أحمد بن إدريس و محمد بن يحيى العطار عن العمركي بن علي عن بعض أصحابه عن بعضهم عليه السّلام قال:أربع عمر تعدل حجة و زيارة قبر الحسين عليه السّلام تعدل عمرة.

10-و بهذا الإسناد عن العمركي بن البوفكي عمن حدثه عن محمد بن الفضل عن أبي رباب(رئاب)قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن زيارة قبر الحسين عليه السّلام؟

قال عليه السّلام:نعم تعدل عمرة و لا ينبغي أن يتخلف عنه أكثر من أربع سنين (1).6.

ص: 156


1- كامل الزيارات:156.

إن زيارة قبر الحسين تعدل حجة

1-حدثني الحسن بن عبد اللّه بن محمد بن عيسى عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن جميل بن دراج عن فضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السّلام قال:زيارة قبر الحسين عليه السّلام و زيارة قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و زيارة قبور الشهداء تعدل حجة مبرورة مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

2-حدثني محمد بن جعفر عن محمد بن الحسين عن محمد بن سنان قال:

سمعت أبا الحسن الرضا عليه السّلام يقول:من أتى قبر الحسين عليه السّلام كتب اللّه له حجة مبرورة.

3-حدثني أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه عن الحسن بن علي بن عبد اللّه بن المغيرة عن عباس بن عامر قال:أخبرني عبد اللّه بن عبيد الأنباري قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:جعلت فداك أنه ليس كل سنة يتهيأ لي ما أخرج به إلى الحج؟.

فقال:إذا أردت الحج و لم يتهيأ لك فأت قبر الحسين عليه السّلام فإنها تكتب لك حجة و إذا أردت العمرة و لم يتهيأ لك فأت قبر الحسين عليه السّلام فإنها تكتب لك عمرة.

4-و حدثني محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد ابن عيسى عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم عن عبد الكريم بن حسان قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ما يقال إن زيارة قبر الحسين عليه السّلام تعدل حجة و عمرة.

قال:فقال:إنما الحج و العمرة هاهنا و لو أن رجلا أراد الحج و لم يتهيأ له فأتاه كتب اللّه له حجة و لو أن رجلا أراد العمرة و لم يتهيأ له كتبت له عمرة.

5-و عنه عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن

ص: 157

الحسن بن علي بن فضال عن حريز عن فضيل بن يسار قال:قال عليه السّلام:إن زيارة قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و زيارة قبور الشهداء و زيارة قبر الحسين عليه السّلام تعدل حجة مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حدثني محمد بن جعفر عن محمد بن الحسين عن صفوان بن يحيى عن حريز عن الفضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله.

6-حدثني الحسن بن عبد اللّه بن محمد بن عيسى عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن جميل بن صالح عن فضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السّلام قال:زيارة قبر الحسين عليه السّلام تعدل حجة مبرورة مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

7-حدثني محمد بن الحسن بن علي بن مهزيار عن أبيه عن علي بن مهزيار عن الحسن بن سعيد عن صفوان بن يحيى عن حريز و الحسن بن محبوب عن جميل بن صالح عن فضيل بن يسار عنهما قالا:زيارة قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و زيارة قبور الشهداء و زيارة قبر الحسين عليه السّلام تعدل حجة مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

8-حدثني محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن عيسى بن عبيد عن أبي سعيد القماط عن ابن أبي يعفور قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:

لو أن رجلا أراد الحج و لم يتهيأ له ذلك فأتى قبر الحسين عليه السّلام فعرف عنده يجزيه ذلك عن الحج.

9-حدثني محمد بن جعفر عن محمد بن الحسين عن محمد بن سنان عن إبراهيم بن عقبة قال:كتبت إلى العبد الصالح عليه السّلام إن رأى سيدنا أن يخبرني بأفضل ما جاء به في زيارة الحسين عليه السّلام و هل تعدل ثواب الحج لمن فاته فكتب عليه السّلام تعدل الحج لمن فاته الحج.

ص: 158

في أن زيارة الحسين تعدل حجة و عمرة

1-حدثني جعفر بن محمد بن إبراهيم بن عبيد اللّه بن موسى بن جعفر عن عبد اللّه بن أحمد بن نهيك عن محمد بن أبي عمير عن الحسين الأحمسي عن أم سعيد الأحمسية قالت:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن زيارة قبر الحسين عليه السّلام فقال:تعدل حجة و عمرة و من الخير هكذا و هكذا و أومأ بيده.

2-و عنه عن عبد اللّه بن نهيك عن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم عن عبد الكريم بن حسان قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ما يقال إن زيارة قبر أبي عبد اللّه الحسين عليه السّلام تعدل حجة و عمرة؟

فقال عليه السّلام:إنما الحج و العمرة هاهنا و لو أن رجلا أراد الحج و لم يتهيأ له فأتاه كتب اللّه له حجة و لو أن رجلا أراد العمرة و لم يتهيأ له فأتاه كتب اللّه له عمرة.

3-حدثني أبي رحمه اللّه و محمد بن الحسن عن الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد عن إسحاق بن إبراهيم عن هارون بن خارجة قال:سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام و أنا عنده فقال:ما لمن زار قبر الحسين عليه السّلام؟

فقال عليه السّلام:إن الحسين وكّل اللّه به أربعة آلاف ملك شعثا غبرا يبكونه إلى يوم القيامة.

فقلت له:بأبي أنت و أمي روي عن أبيك الحج و العمرة.

قال عليه السّلام:نعم حجة و عمرة حتى عد عشرة.

4-حدثني أبي ره و علي بن الحسين عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد عن

ص: 159

الحسن بن علي الوشاء عن أحمد بن عائذ عن أبي خديجة عن رجل سأل أبا جعفر عليه السّلام عن زيارة قبر الحسين عليه السّلام فقال:إنها تعدل حجة و عمرة.و قال بيده هكذا:من الخير يقول بجميع يديه هكذا.

5-حدثني أبي رحمه اللّه عن محمد بن يحيى عن حمدان بن سليمان النيسابوري أبي سعيد قال:حدثنا عبد اللّه بن محمد اليماني عن منيع بن الحجاج عن يونس عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:زيارة قبر الحسين عليه السّلام حجة و من بعد الحجة حجة و عمرة من بعد حجة الإسلام.

6-و بإسناده عن يونس عن الرضا عليه السّلام قال:من زار قبر الحسين عليه السّلام فقد حج و اعتمر قال:قلت:يطرح عنه حجة الإسلام.

قال:لا هي حجة الضعيف حتى يقوى و يحج إلى بيت اللّه الحرام أما علمت أن البيت يطوف به كل يوم سبعون ألف ملك حتى إذا أدركهم الليل صعدوا و نزل غيرهم فطافوا بالبيت حتى الصباح و إن الحسين عليه السّلام لأكرم على اللّه من البيت و إنه في وقت كل صلاة لينزل عليه سبعون ألف ملك شعث غبر لا تقع عليهم النوبة إلى يوم القيامة.

7-حدثني أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد و محمد بن عبد الحميد عن يونس بن يعقوب عن أم سعيد الأحمسية قالت:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

أي شيء تذكر في زيارة قبر الحسين عليه السّلام من الفضل؟

قال:يذكر فيه يا أم سعيد فضل حجة و عمرة و خيرها كذا و بسط يديه(يده) و نكس أصابعه.

8-حدثني محمد بن أحمد بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد عن حبيب عن فضيل بن يسار قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:وكّل اللّه بقبر الحسين عليه السّلام أربعة آلاف ملك شعثا غبرا يبكونه إلى يوم القيامة و إتيانه يعدل حجة و عمرة و قبور الشهداء.

9-حدثني أبي رحمه اللّه و جماعة مشايخي عن سعد بن عبد اللّه عن الحسن بن

ص: 160

علي الكوفي عن العباس بن عامر عن أبان عن الحسين بن عطية أبي الناب بياع السابري قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام و هو يقول:من أتى قبر الحسين عليه السّلام كتب اللّه له حجة و عمرة أو عمرة و حجة..و ذكر الحديث.

10-و بإسناده عن العباس بن عامر عن أبان بن عثمان قال:حدثني أبو خلان( أبو فلان)الكندي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من أتى قبر الحسين عليه السّلام كتب اللّه له حجة و عمرة.

11-و حدثني محمد بن الحسن بن علي عن أبيه عن جده علي بن مهزيار عن أبي القاسم عن القاسم بن محمد عن إسحاق بن إبراهيم عن هارون بن خارجة قال:

سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام في حديث له طويل يقول في آخره:بأبي أنت و أمي رووا عن أبيك في الحج قال:نعم حجة و عمرة حتى عد عشرة.

12-حدثني أبي و جماعة مشايخي ره عن محمد بن يحيى العطار عن العمركي عمن حدثه عن محمد بن الحسن عن محمد بن فضيل عن محمد بن مصادف قال:

حدثني مالك الجهني عن أبي جعفر عليه السّلام في زيارة قبر الحسين عليه السّلام قال:من أتاه زائرا له عارفا بحقه كتب اللّه له حجة و لم يزل محفوظا حتى يرجع.

قال:فمات مالك في تلك السنة و حججت فدخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فقلت:إن مالك حدثني بحديث عن أبي جعفر عليه السّلام في زيارة قبر الحسين عليه السّلام.

قال:هاته فحدثته فلما فرغت قال عليه السّلام:نعم يا محمد حجة و عمرة.

13-و حدثني أبي رحمه اللّه و جماعة مشايخي عن محمد بن يحيى العطار و أحمد بن إدريس جميعا عن العمركي عمن حدثه عن حماد بن عيسى عن الحسين ابن المختار قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام(سألت أبا عبد اللّه)عن زيارة قبر الحسين عليه السّلام فقال:فيها حجة و عمرة.

14-و حدثني أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه عن الحسن بن علي الزيتوني عن هارون بن مسلم عن عيسى بن راشد قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام فقلت:جعلت

ص: 161

فداك ما لمن زار قبر الحسين عليه السّلام و صلّى عنده ركعتين؟

قال:كتبت له حجة و عمرة.

قال:قلت له:جعلت فداك و كذلك كل من أتى قبر إمام مفترض طاعته.

قال:و كذلك كل من أتى قبر إمام مفترض طاعته.

15-حدثني محمد بن جعفر القرشي الكوفي الرزاز عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن صالح بن عقبة عن يزيد بن عبد الملك قال:كنت مع أبي عبد اللّه عليه السّلام فمر قوم على حمير فقال:أين يريدون هؤلاء.

قلت:قبور الشهداء.

قال:فما يمنعهم من زيارة الشهيد الغريب.

قال:فقال له:رجل من أهل العراق زيارته واجبة.

قال:زيارته خير من حجة و عمرة حتى عد عشرين حجة و عمرة ثم قال:

مبرورات متقبلات.

قال:فو اللّه ما قمت من عنده حتى أتاه رجل فقال له:إني قد حججت تسع عشرة حجة فادع اللّه لي أن يرزقني تمام العشرين.

قال:فهل زرت قبر الحسين عليه السّلام.

قال:لا.

قال عليه السّلام:إن زيارته خير من عشرين حجة (1).1.

ص: 162


1- كامل الزيارات:161.

إن زيارة الحسين تعدل حججا

1-حدثني أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن الحسين بن مختار عن زيد الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

زيارة الحسين عليه السّلام تعدل عشرين حجة و أفضل من عشرين حجة.

و حدثني محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابه عن أحمد بن محمد بإسناده مثله.

2-حدثني محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن صالح بن عقبة عن أبي سعيد المدائني قال:دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فقلت:جعلت فداك آتي قبر الحسين عليه السّلام؟

قال:نعم يا أبا سعيد ائت قبر الحسين بن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أطيب الأطيبين و أطهر الطاهرين و أبر الأبرار فإنك إذا زرته كتب اللّه لك به خمسا و عشرين حجة حدثني محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن إسماعيل بإسناده مثله.

3-حدثني محمد بن جعفر عن محمد بن الحسين عن أحمد بن النضر عن شهاب بن عبد ربه أو عن رجل عن شهاب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألني فقال:يا شهاب كم حججت من حجة فقلت:تسع عشرة حجة؟

فقال لي:تممها عشرين حجة تحسب لك بزيارة الحسين عليه السّلام.

4-حدثني أبو العباس قال:حدثني محمد بن الحسين عن ابن سنان عن حذيفة ابن منصور قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:كم حججت؟

ص: 163

قلت:تسعة عشر.

قال:فقال:أما إنك لو أتممت إحدى و عشرين حجة لكنت كمن زار الحسين عليه السّلام.

5-حدثني أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن سنان عن محمد بن صدقة عن صالح النيلي قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:من أتى قبر الحسين عليه السّلام عارفا بحقه كان كمن حج مائة حجة مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

6-و عنه عن سعد عن محمد بن الحسين عن محمد بن صدقة عن مالك بن عطية عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من زار الحسين عليه السّلام كتب اللّه له ثمانين حجة مبرورة.

7-حدثني أبو العباس الكوفي عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل عن الخيبري عن موسى بن القاسم الحضرمي قال:قدم أبو عبد اللّه عليه السّلام في أول ولاية أبي جعفر فنزل النجف فقال:يا موسى إذهب إلى الطريق الأعظم فقف على الطريق فانظر فإنه سيأتيك رجل من ناحية القادسية فإذا دنا منك فقل له هاهنا رجل من ولد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يدعوك فسيجيء معك قال:فذهبت حتى قمت على الطريق و الحر شديد فلم أزل قائما حتى كدت أعصي و أنصرف و أدعه إذ نظرت إلى شيء يقبل شبه رجل على بعير فلم أزل أنظر إليه حتى دنا مني فقلت:يا هذا هاهنا رجل من ولد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يدعوك و قد وصفك لي.

قال:اذهب بنا إليه قال:فجئت به حتى أناخ بعيره ناحية قريبا من الخيمة فدعا به فدخل الأعرابي إليه و دنوت أنا فصرت إلى باب الخيمة أسمع الكلام و لا أراهم فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:من أين قدمت؟

قال:من أقصى اليمن قال:أنت من موضع كذا و كذا قال:نعم أنا من موضع كذا و كذا قال:فبما جئت هاهنا؟

قال:جئت زائرا للحسين عليه السّلام.

فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:فجئت من غير حاجة ليس إلا للزيارة قال:جئت من غير

ص: 164

حاجة إلا أن أصلي عنده و أزوره فأسلم عليه و أرجع إلى أهلي فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام و ما ترون في زيارته قال:نرى في زيارته البركة في أنفسنا و أهالينا و أولادنا و أموالنا و معايشنا و قضاء حوائجنا قال:فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:أفلا أزيدك من فضله فضلا يا أخا اليمن قال:زدني يا ابن رسول اللّه.

قال:إن زيارة الحسين عليه السّلام تعدل حجة مقبولة زاكية مع رسول اللّه فتعجّب من ذلك قال:إي و اللّه و حجتين مبرورتين متقبلتين زاكيتين مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فتعجب فلم يزل أبو عبد اللّه عليه السّلام يزيد حتى قال:ثلاثين حجة مبرورة متقبلة زاكية مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

8-و حدثني علي بن الحسين عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن يزيد بن عبد الملك قال:كنت مع أبي عبد اللّه عليه السّلام فمر قوم على حمير فقال لي:أين يريدون هؤلاء.

قلت:قبور الشهداء.

قال عليه السّلام:فما يمنعهم من زيارة الغريب الشهيد؟

فقال له رجل من أهل العراق:زيارته واجبة؟

فقال عليه السّلام:زيارته خير من حجة و عمرة و عمرة و حجة حتى عد عشرين حجة و عشرين عمرة مبرورات متقبلات قال:فو اللّه ما قمت حتى أتاه رجل فقال:إني قد حججت تسع عشرة حجة فادع اللّه أن يرزقني تمام العشرين.

قال عليه السّلام:فهل زرت الحسين عليه السّلام.

قال:لا.

قال عليه السّلام:لزيارته خير من عشرين حجة.

9-حدثني أبي ره و علي بن الحسين ره عن سعد بن عبد اللّه عن أبي القاسم هارون بن مسلم بن سعدان عن مسعدة بن صدقة قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ما لمن زار قبر الحسين عليه السّلام؟

ص: 165

قال:تكتب له حجة مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

قال:قلت له:جعلت فداك حجة مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

قال:نعم و حجتان.

قال:قلت:جعلت فداك حجتان؟

قال:نعم و ثلاث فما زال يعد حتى بلغ عشرا.

قلت:جعلت فداك عشر حجج مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

قال:نعم و عشرون حجة.

قلت:جعلت فداك و عشرون،فما زال يعد حتى بلغ خمسين فسكت.

10-و حدثني محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أبيه عن عبد اللّه بن المغيرة عن عبد اللّه بن ميمون القداح عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت له:ما لمن أتى قبر الحسين عليه السّلام زائرا عارفا بحقه غير مستكبر و لا مستنكف؟

قال:يكتب له ألف حجة و ألف عمرة مبرورة و إن كان شقيا كتب سعيدا و لم يزل يخوض في رحمة اللّه عز و جل.

ص: 166

إن زيارة الحسين تعدل عتق الرقاب

1-حدثني محمد بن جعفر الرزاز الكوفي عن محمد بن الحسين الزيات عن محمد بن سنان عن محمد بن صدقة عن صالح النيلي قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:من أتى قبر الحسين عليه السّلام عارفا بحقه كتب اللّه له أجر من أعتق ألف نسمة و كمن حمل على ألف فرس في سبيل اللّه مسرجة ملجمة حدثني أبي ره و محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى العطار عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب بإسناده مثله.

2-و حدثني أبو العباس القرشي عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن أبي سعيد المدائني قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:جعلت فداك آتي قبر ابن رسول اللّه.

قال عليه السّلام:نعم يا أبا سعيد ائت قبر ابن رسول اللّه أطيب الطيبين(الأطيبين) و أطهر الأطهرين و أبر الأبرار فإذا زرته كتب اللّه لك عتق خمس و عشرين رقبة.

حدثني أبي رحمه اللّه عن عدة من أصحابنا عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن أبي سعيد المدائني قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:..و ذكر مثله

ص: 167

إن زوار الحسين مشفعون

1-حدثني محمد بن الحسين بن مت الجوهري عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري عن موسى بن عمر عن علي بن النعمان عن عبد اللّه بن مسكان قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:إن اللّه تبارك و تعالى يتجلّى لزوار قبر الحسين عليه السّلام قبل أهل عرفات و يقضي حوائجهم و يغفر ذنوبهم و يشفّعهم في مسائلهم ثم يثنّي بأهل عرفات فيفعل بهم ذلك.

2-حدثني أبي رحمه اللّه و محمد بن الحسن و علي بن الحسين جميعا عن سعد ابن عبد اللّه عن محمد بن عيسى بن عبيد عن صفوان بن يحيى عن رجل عن سيف التمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سمعته يقول:زائر الحسين عليه السّلام مشفّع يوم القيامة لمائة رجل كلهم قد وجبت لهم النار ممن كان في الدنيا من المسرفين.

3-حدثني أبي رحمه اللّه و محمد بن الحسن و علي بن الحسين و علي بن محمد ابن قولويه جميعا عن أحمد بن إدريس و محمد بن يحيى عن العمركي بن علي البوفكي قال:حدثنا يحيى و كان في خدمة أبي جعفر الثاني عليه السّلام عن علي عن صفوان الجمال عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث له طويل قلت:فما لمن قتل عنده يعني عند قبر الحسين جار عليه السلطان فقتله؟

قال عليه السّلام:أول قطرة من دمه يغفر له بها كل خطيئة و تغسل طينته التي خلق منها الملائكة حتى يخلص كما خلصت الأنبياء المخلصين و يذهب عنها ما كان خالطها من أدناس طين أهل الكفر و الفساد و يغسل قلبه و يشرح و يملأ إيمانا فيلقى اللّه و هو مخلص من كل ما تخالطه الأبدان و القلوب و يكتب له شفاعة في أهل بيته و ألف من إخوانه

ص: 168

و تتولى الصلاة عليه الملائكة مع جبرئيل و ملك الموت و يؤتى بكفنه و حنوطه من الجنة و يوسع قبره و يوضع له مصابيح في قبره و يفتح له باب من الجنة و تأتيه الملائكة بطرف من الجنة و يرفع بعد ثمانية عشر يوما إلى حظيرة القدس فلا يزال فيها مع أولياء اللّه حتى تصيبه النفخة التي لا تبقي شيئا فإذا كانت النفخة الثانية و خرج من قبره كان أول من يصافحه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أمير المؤمنين و الأوصياء و يبشّرونه و يقولون له الزمناء و يقيمونه على الحوض فيشرب منه و يسقي من أحب.

4-حدثني أبي ره عن الحسين بن الحسن بن أبان عن محمد بن أورمة عن أبي عبد اللّه المؤمن عن ابن مسكان عن سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

سمعته يقول:إن للّه في كل يوم و ليلة مائة ألف لحظة إلى الأرض يغفر لمن يشاء منه و يعذب من يشاء منه و يغفر لزائري قبر الحسين عليه السّلام خاصة و لأهل بيتهم و لمن يشفع له يوم القيامة كائنا من كان و إن كان رجلا قد استوجبه النار.

قال:قلت:و إن كان رجلا قد استوجبه النار؟

قال عليه السّلام:و إن كان ما لم يكن ناصبيا.

5-حدثني الحسن بن عبد اللّه بن محمد بن عيسى عن أبيه عبد اللّه بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن عبد اللّه بن وضاح عن عبد اللّه بن شعيب التميمي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:ينادي مناد يوم القيامة أين شيعة آل محمد فيقوم عنق من الناس لا يحصيهم إلا اللّه تعالى فيقومون ناحية من الناس ثم ينادي مناد أين زوار قبر الحسين عليه السّلام فيقوم أناس كثير فيقال لهم خذوا بيد من أحببتم إنطلقوا بهم إلى الجنة فيأخذ الرجل من أحب حتى أن الرجل من الناس يقول لرجل:يا فلان أما تعرفني أنا الذي قمت لك يوم كذا و كذا فيدخله الجنة لا يدفع و لا يمنع (1).7.

ص: 169


1- كامل الزيارات:167.

إن زيارة الحسين ينفس بها الكرب و تقضى بها الحوائج

1-حدثني أبو القاسم جعفر بن محمد بن إبراهيم بن عبد اللّه الموسوي العلوي عن عبد اللّه(عبيد اللّه)بن نهيك عن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم عن فضيل بن يسار قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:إن إلى جانبكم لقبرا ما أتاه مكروب إلا نفّس اللّه كربته و قضى حاجته.

2-و عنه عن عبيد اللّه بن نهيك عن محمد بن أبي عمير عن سلمة صاحب السابري عن أبي الصباح الكناني قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:إن إلى جانبكم قبرا ما أتاه مكروب إلا نفّس اللّه كربته و قضى حاجته و إن عنده أربعة آلاف ملك منذ يوم قبض شعثا غبرا يبكونه إلى يوم القيامة فمن زاره شيّعوه إلى مأمنه و من مرض عادوه و من مات اتبعوا جنازته.

3-حدثني أبي ره عن سعد بن عبد اللّه عن علي بن إسماعيل بن عيسى عن محمد بن عمرو الزيات عن كرام عن إسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

سمعته يقول:إن الحسين عليه السّلام قتل مكروبا و حقيق على اللّه أن لا يأتيه مكروب إلا ردّه اللّه مسرورا.

4-و حدثني محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال عن مفضل بن صالح عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إن اللّه عرض ولايتنا على أهل الأمصار فلم يقبلها إلا أهل الكوفة و إن إلى جانبها قبرا لا يأتيه مكروب فيصلّي عنده أربع ركعات إلا أرجعه اللّه مسرورا بقضاء حاجته.

ص: 170

5-حدثني الحسن بن عبد اللّه بن محمد بن عيسى عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال:إن الحسين صاحب كربلاء قتل مظلوما مكروبا عطشانا لهفانا(فإلى اللّه عز و جل على نفسه إن)و حق على اللّه عز و جل أن لا يأتيه لهفان و لا مكروب و لا مذنب و لا مغموم و لا عطشان و لا ذو عاهة ثم دعى عنده و تقرّب بالحسين عليه السّلام إلى اللّه عز و جل إلا نفّس اللّه كربته و أعطاه مسألته و غفر ذنوبه(ذنبه)و مد في عمره و بسط في رزقه فاعتبروا يا أولي الأبصار.

6-حدثني أبي و جماعة مشايخي و محمد بن الحسن عن محمد بن يحيى و أحمد بن إدريس عن العمركي عن يحيى و كان في خدمة أبي جعفر عليه السّلام عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إن بظهر الكوفة لقبرا ما أتاه مكروب قط إلا فرّج اللّه كربته يعني قبر الحسين عليه السّلام.

7-حدثني محمد بن جعفر عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن ناجية عن عامر بن كثير عن أبي النمير قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:إن ولايتنا عرضت على أهل الأمصار فلم يقبلها قبول أهل الكوفة و ذلك لأن قبر علي عليه السّلام فيها و أن إلى لزقه لقبرا آخر-يعني قبر الحسين عليه السّلام-فما من آت يأتيه فيصلي عنده ركعتين أو أربعة ثم يسأل اللّه حاجته إلا قضاها له و إنه ليحف به كل يوم ألف ملك.

8-حدثني أبو العباس الكوفي عن محمد بن الحسين عن صفوان عن الوليد بن حسان عن ابن أبي يعفور قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:دعاني الشوق إليك أن تجشمت إليك على مشقة؟

فقال لي:لا تشك ربك فهلا أتيت من كان أعظم حقا عليك مني فكان من قوله فهلاّ أتيت من كان أعظم حقا عليك مني أشد علي من قوله لا تشك ربك.

قلت:و من أعظم علي حقا منك؟

قال:الحسين بن علي عليه السّلام ألا أتيت الحسين عليه السّلام فدعوت اللّه عنده و شكوت إليه

ص: 171

حوائجك.

9-حدثني حكيم بن داود بن حكيم عن سلمة بن الخطاب عن إبراهيم بن محمد عن علي بن المعلى عن إسحاق بن زياد(يزداد)قال:أتى رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام فقال:إني قد ضربت على كل شيء لي ذهبا و فضة و بعت ضياعي.

فقلت:أنزل مكة؟

فقال:لا تفعل فإن أهل مكة يكفرون باللّه جهرة قال:ففي حرم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

قال:هم شر منهم.

قال:فأين أنزل؟

قال:عليك بالعراق الكوفة فإن البركة منها على اثني عشر ميلا هكذا و هكذا و إلى جانبها قبر ما أتاه مكروب قط و لا ملهوف إلا فرج اللّه عنه.

ص: 172

أوقات زيارة الإمام الحسين عليه السلام

ثواب زيارة الحسين يوم عرفة

1-حدثني محمد بن جعفر القرشي الرزاز الكوفي عن خاله محمد بن الحسين ابن أبي الخطاب عن محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن بشير الدهان قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ربما فاتني الحج فأعرف عند قبر الحسين عليه السّلام فقال:

أحسنت يا بشير أيما مؤمن أتى قبر الحسين عليه السّلام عارفا بحقه في غير يوم عيد كتب اللّه له عشرين حجة و عشرين عمرة مبرورات متقبلات و عشرين غزوة مع نبي مرسل أو إمام عدل و من أتاه في يوم عيد كتب اللّه له مائة حجة و مائة عمرة و مائة غزوة مع نبي مرسل أو إمام عدل و من أتاه يوم عرفة عارفا بحقه كتب اللّه له ألف حجة و ألف عمرة متقبلات و ألف غزوة مع نبي مرسل أو إمام عدل قال:فقلت له:

و كيف لي بمثل الموقف؟

قال:فنظر إلى شبه المغضب ثم قال:يا بشير إن المؤمن إذا أتى قبر الحسين عليه السّلام يوم عرفة و اغتسل في الفرات ثم توجه إليه كتب اللّه له بكل خطوة حجة بمناسكها و لا أعلمه إلا قال:و غزوة.

2-حدثني أبي ره و علي بن الحسين و محمد بن الحسن ره جميعا عن سعد بن عبد اللّه عن علي بن إسماعيل بن عيسى عن محمد بن عمرو بن سعيد الزيات عن داود الرقي قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام و أبا الحسن الرضا عليه السّلام و هما يقولان من أتى قبر الحسين عليه السّلام بعرفة أقلبه اللّه ثلج الفؤاد.

ص: 173

3-و عنهم عن سعد عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي عن علي بن أسباط عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إن اللّه تبارك و تعالى يبدأ بالنظر إلى زوار قبر الحسين عليه السّلام عشية عرفة قال:قلت:قبل نظره لأهل الموقف؟

قال:نعم.

قلت:كيف ذلك؟

قال:لأن في أولئك أولاد زنا و ليس في هؤلاء أولاد زنا.

4-حدثني أبي عن سعد بن عبد اللّه عن موسى بن عمر عن علي بن النعمان عن عبد اللّه بن مسكان قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:إن اللّه تبارك و تعالى يتجلى لزوار قبر الحسين عليه السّلام قبل أهل عرفات و يقضي حوائجهم و يغفر ذنوبهم و يشفّعهم في مسائلهم ثم يأتي أهل عرفة فيفعل ذلك بهم.

5-حدثني أبي رحمه اللّه و جماعة مشايخي عن محمد بن يحيى العطار عن حمدان بن سليمان النيسابوري أبي سعيد قال:حدثنا عبد اللّه بن محمد اليماني عن منيع بن الحجاج عن يونس بن يعقوب بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من فاتته عرفة بعرفات فأدركها بقبر الحسين عليه السّلام لم يفته و إن اللّه تبارك و تعالى ليبدأ بأهل قبر الحسين عليه السّلام قبل أهل عرفات.

ثم قال:يخالطهم بنفسه(في نفسه).

6-حدثني أبي ره و علي بن الحسين عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد البرقي عن القاسم بن يحيى بن الحسن بن الراشد عن جده الحسن عن يونس بن ظبيان قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:من زار الحسين عليه السّلام ليلة النصف من شعبان و ليلة الفطر و ليلة عرفة في سنة واحدة كتب اللّه له ألف حجة مبرورة و ألف عمرة متقبلة و قضيت له ألف حاجة من حوائج الدنيا و الآخرة.

7-حدثني محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد البرقي عن حنان بن سدير عن أبيه عن أبي

ص: 174

عبد اللّه عليه السّلام قال:إذا كان يوم عرفة اطلع اللّه تعالى على زوار قبر أبي عبد اللّه الحسين عليه السّلام فقال لهم:إستأنفوا فقد غفرت لكم ثم يجعل إقامته على أهل عرفات.

8-حدثني محمد بن جعفر عن محمد بن الحسين عمن ذكره عن عمر بن الحسن العرزمي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سمعته يقول:إذا كان يوم عرفة نظر اللّه إلى زوار قبر الحسين عليه السّلام فيقول إرجعوا مغفورا لكم ما مضى و لا يكتب على أحد منهم ذنب سبعين يوما من يوم ينصرف.

9-حدثني أبي ره و جماعة أصحابي ره عن محمد بن يحيى و أحمد بن إدريس جميعا عن العمركي بن علي عن يحيى الخادم لأبي جعفر الثاني عليه السّلام عن محمد بن سنان عن بشير الدهان قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول و هو نازل بالحيرة و عنده جماعة من الشيعة فأقبل إلي بوجهه فقال:يا بشير أحججت العام.

قلت:جعلت فداك لا و لكن عرفت بالقبر قبر الحسين عليه السّلام؟

فقال:يا بشير و اللّه ما فاتك شيء مما كان لأصحاب مكة بمكة.

قلت:جعلت فداك فيه عرفات فسرّه لي؟

فقال عليه السّلام:يا بشير إن الرجل منكم ليغتسل على شاطئ الفرات ثم يأتي قبر الحسين عليه السّلام عارفا بحقه فيعطيه اللّه بكل قدم يرفعها و(أو)يضعها مائة حجة مقبولة و مائة عمرة مبرورة و مائة غزوة مع نبي مرسل إلى أعداء اللّه و أعداء رسوله(إلى أعدى عدو له يا بشير)يا بشير اسمع و أبلغ من احتمل قلبه من زار الحسين عليه السّلام يوم عرفة كان كمن زار اللّه في عرشه.

10-حدثني محمد بن عبد المؤمن ره عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد الكوفي عن محمد بن جعفر بن إسماعيل العبدي عن محمد بن عبد اللّه بن مهران عن محمد بن سنان عن يونس بن ظبيان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من زار قبر الحسين عليه السّلام يوم عرفة كتب اللّه له ألف ألف حجة مع القائم و ألف ألف عمرة مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و عتق ألف ألف نسمة و حملان ألف ألف فرس

ص: 175

في سبيل اللّه و سمّاه اللّه عبدي الصديق آمن بوعدي و قالت الملائكة:فلان صديق زكاه اللّه من فوق عرشه و سمّي في الأرض كروبيا.

11-حدثني أبي ره عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن صالح بن عقبة عن بشير الدهان قال:قال جعفر بن محمد عليه السّلام:من زار قبر الحسين عليه السّلام يوم عرفة عارفا بحقه كتب اللّه له ثواب ألف حجة و ألف عمرة و ألف غزوة مع نبي مرسل و من زار أول يوم من رجب غفر اللّه له البتة.

12-حدثني أبي عن سعد بن عبد اللّه عن محمد بن عيسى بن عبيد عن محمد بن سنان عن أبي سعيد القماط عن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من كان معسرا فلم يتهيأ له حجة الإسلام فليأت قبر الحسين عليه السّلام و ليعرف عنده فذلك يجزيه عن حجة الإسلام أما إني لا أقول يجزي ذلك عن حجة الإسلام إلا للمعسر،فأما الموسر إذا كان قد حج حجة الإسلام فأراد أن يتنفل بالحج أو العمرة و منعه من ذلك شغل دنيا أو عائق فأتى قبر الحسين عليه السّلام في يوم عرفة أجزأه ذلك عن أداء الحج أو العمرة و ضاعف اللّه له ذلك أضعافا مضاعفة.

قال:قلت:كم تعدل حجة و كم تعدل عمرة.

قال عليه السّلام:لا يحصى ذلك.

قال:قلت مائة.

قال:و من يحصي ذلك.

قلت:ألف؟

قال:و أكثر.

ثم قال عليه السّلام:و إن تعدوا نعمة اللّه لا تحصوها إن اللّه واسع كريم(عليم) (1).3.

ص: 176


1- كامل الزيارات:173.

ثواب زيارة الحسين في النصف من شعبان

1-حدثني أبي و علي بن الحسين و محمد بن يعقوب ره جميعا عن علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن بعض أصحابه عن هارون بن خارجة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إذا كان النصف من شعبان نادى مناد من الأفق الأعلى زائري الحسين عليه السّلام ارجعوا مغفورا لكم ثوابكم على اللّه ربكم و محمد نبيكم.

2-حدثني أبي رحمه اللّه و جماعة مشايخي عن سعد بن عبد اللّه عن الحسن بن علي الزيتوني و غيره عن أحمد بن هلال عن محمد بن أبي عمير ره عن حماد بن عثمان عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و الحسن بن محبوب عن أبي حمزة عن علي بن الحسين عليه السّلام قالا من أحب أن يصافحه مائة ألف نبي و أربعة و عشرون ألف نبي فليزر قبر أبي عبد اللّه الحسين بن علي عليه السّلام في النصف من شعبان فإن أرواح النبيين عليه السّلام يستأذنون اللّه في زيارته فيؤذن لهم منهم خمسة أولو العزم من الرسل قلنا:من هم؟

قال:نوح و إبراهيم و موسى و عيسى و محمد صلى اللّه عليهم أجمعين قلنا له ما معنى أولي العزم قال:بعثوا إلى شرق الأرض و غربها جنّها و إنسها.

3-حدثني أبي رحمه اللّه و جماعة مشايخي عن محمد بن يحيى العطار عن محمد بن الحسين عن إبراهيم بن هاشم عن صندل عن هارون بن خارجة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إذا كان النصف من شعبان نادى مناد من الأفق الأعلى زائري الحسين عليه السّلام ارجعوا مغفورا لكم ثوابكم على ربكم و محمد نبيكم.

4-و رواه صافي البرقي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من زار أبا عبد اللّه عليه السّلام ثلاث

ص: 177

سنين متواليات لا فصل فيها في النصف من شعبان غفر له ذنوبه.

5-و بإسناده عن داود بن كثير الرقي قال:قال الباقر عليه السّلام:زائر الحسين عليه السّلام في النصف من شعبان يغفر له ذنوبه و لن يكتب عليه سيئة في سنة حتى يحول عليه الحول فإن زار في السنة المقبلة غفر اللّه له ذنوبه.

6-حدثني جماعة مشايخي عن محمد بن يحيى العطار عن الحسين بن أبي سارة المدائني عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن عبد الرحمن بن الحجاج أو غيره اسمه الحسين قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:من زار قبر الحسين عليه السّلام ليلة من ثلاث ليال غفر اللّه له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر.

قال:قلت:أي الليالي جعلت فداك؟

قال عليه السّلام:ليلة الفطر و ليلة الأضحى و ليلة النصف من شعبان.

7-و حدثني أبي و علي بن الحسين و جماعة مشايخي عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد عن القاسم بن يحيى عن جده الحسين بن راشد عن يونس بن ظبيان قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:من زار الحسين عليه السّلام ليلة النصف من شعبان و ليلة الفطر و ليلة عرفة في سنة واحدة كتب اللّه له ألف حجة مبرورة و ألف عمرة متقبلة و قضيت له ألف حاجة من حوائج الدنيا و الآخرة.

ص: 178

ما يجب العمل به ليلة النصف من شعبان

8-سالم بن عبد الرحمن عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من بات ليلة النصف من شعبان بأرض كربلاء فقرأ ألف مرة قل هو اللّه أحد و يستغفر اللّه ألف مرة و يحمد اللّه ألف مرة ثم يقوم فيصلي أربع ركعات يقرأ في كل ركعة ألف مرة آية الكرسي وكّل اللّه تعالى به ملكين يحفظانه من كل سوء و من شر كل شيطان و سلطان و يكتبان له حسناته و لا تكتب عليه سيئة و يستغفران له ما داما معه ما شاء اللّه.

9-حدثني محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أبيه عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن أبي عمير عن زيد الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من زار قبر الحسين عليه السّلام في النصف من شعبان غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر.

10-حدثني أبو عبد اللّه محمد بن أحمد بن يعقوب بن إسحاق بن عمار عن علي ابن الحسن بن علي بن فضال عن محمد بن الوليد عن يونس بن يعقوب قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:يا يونس ليلة النصف من شعبان يغفر اللّه لكل من زار الحسين عليه السّلام من المؤمنين ما تقدّم من ذنوبهم و ما تأخّر و قيل لهم استقبلوا العمل.

قال:قلت:هذا كله لمن زار الحسين عليه السّلام في النصف من شعبان؟

فقال عليه السّلام:يا يونس لو أخبرت الناس بما فيها لمن زار الحسين عليه السّلام لقامت ذكور الرجال على الخشب.

11-حدثني جعفر بن محمد بن عبد اللّه بن موسى عن عبيد اللّه بن نهيك عن ابن أبي عمير عن زيد الشحام عن جعفر بن محمد عليه السّلام قال:من زار(قبر)الحسين عليه السّلام ليلة النصف من شعبان غفر اللّه له ما تقدّم من ذنوبه و ما تأخّر و من زاره يوم عرفة

ص: 179

كتب اللّه له ثواب ألف حجة متقبلة و ألف عمرة مبرورة و من زاره يوم عاشوراء فكأنما زار اللّه(في)فوق عرشه

ص: 180

ثواب من زار الحسين في رجب

1-حدثني أبو علي محمد بن همام بن سهيل عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد بن مالك عن الحسن بن محمد الأبزاري عن الحسن بن محبوب عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال:سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام في أي شهر نزور الحسين عليه السّلام قال:في النصف من رجب و النصف من شعبان.

و رواه أحمد بن هلال عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام مثله غير أنه قال:أي الأوقات أفضل أن تزور فيه الحسين.

2-حدثني أبي عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن صالح بن عقبة عن بشير الدهان عن جعفر بن محمد عليه السّلام قال:من زار الحسين عليه السّلام يوم عرفة عارفا بحقه كتب اللّه له ثواب ألف حجة و ألف عمرة و ألف غزوة مع نبي مرسل من زاره أول يوم من رجب غفر اللّه له البتة.

ص: 181

ثواب من زار الحسين في غير يوم عيد و لا عرفة

1-حدثني محمد بن جعفر عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن بشير الدهان قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:أيما مؤمن زار الحسين عليه السّلام عارفا بحقه في غير عيد و لا عرفة كتب اللّه له عشرين حجة و عشرين عمرة مبرورات متقبلات و عشرين غزوة مع نبي مرسل أو إمام عدل.

2-و عنه عن محمد بن الحسين عن محمد بن صالح عن عبد اللّه بن هلال عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت:جعلت فداك ما أدنى ما لزائر الحسين عليه السّلام؟

فقال لي:يا عبد اللّه إن أدنى ما يكون له أن اللّه يحفظه في نفسه و ماله حتى يرده إلى أهله فإذا كان يوم القيامة كان اللّه الحافظ له.

حدثني أبي(ره)عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن صالح مثل حديثه الأول في الباب.

3-حدثني أبي ره عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد ابن إدريس عن العمركي بن علي البوفكي عن صندل عن داود بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من زار قبر الحسين عليه السّلام في كل جمعة غفر اللّه له البتة و لم يخرج من الدنيا و في نفسه حسرة منها و كان مسكنه في الجنة مع الحسين بن علي عليه السّلام.

ثم قال:يا داود من لا يسره أن يكون في الجنة جار الحسين عليه السّلام.

قلت:من؟

قال:لا أفلح.

4-و عنه عن أحمد بن إدريس عن العمركي عن صندل عن داود بن فرقد قال:

ص: 182

قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ما لمن زار الحسين عليه السّلام في كل شهر من الثواب؟

قال:له(من الثواب)ثواب مائة ألف شهيد مثل شهداء بدر.

5-و بإسناده عن صندل عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إذا كان ليلة القدر فيها يفرق كل أمر حكيم نادى مناد تلك الليلة من بطنان العرش إن اللّه قد غفر لمن زار قبر الحسين عليه السّلام في هذه اليلة.

6-حدثني محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى العطار عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن صالح بن عقبة عن بشير الدهان قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ربما فاتني الحج فأعرف عند قبر الحسين عليه السّلام.

قال:أحسنت يا بشير أيما مؤمن أتى قبر الحسين عليه السّلام عارفا بحقه في غير يوم عيد و لا عرفة كتب اللّه له عشرين حجة و عشرين عمرة مبرورات متقبلات و عشرين غزوة مع نبي مرسل أو إمام عدل و من أتاه في يوم عيد..و ذكر الحديث بطوله (1).4.

ص: 183


1- كامل الزيارات:184.

ثواب من زار الحسين يوم عاشوراء

1-حدثني أبي و أخي و جماعة مشايخي عن محمد بن يحيى عن محمد بن علي المدائني قال:أخبرني محمد بن سعيد البجلي عن قبيصة عن جابر الجعفي قال:

دخلت على جعفر بن محمد عليه السّلام في يوم عاشوراء فقال لي:هؤلاء زوار اللّه و حق على المزور أن يكرم الزائر من بات عند قبر الحسين عليه السّلام ليلة عاشوراء لقي اللّه ملطخا بدمه يوم القيامة كأنما قتل معه في عرصته(عصره).

و قال:من زار قبر الحسين عليه السّلام أي يوم عاشوراء و(أو)بات عنده كان كمن استشهد بين يديه.

2-حدثني أبو علي محمد بن همام قال:حدثني جعفر بن محمد بن مالك الفزاري قال:حدثني أحمد بن علي بن عبيد الجعفي قال:حدثني حسين بن سليمان عن الحسين بن أسد عن حماد بن عيسى عن حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام من زار الحسين يوم عاشوراء وجبت له الجنة.

3-و حدثني محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أبيه عن يعقوب بن يزيد الأنباري عن محمد بن أبي عمير عن زيد الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من زار قبر الحسين بن علي يوم عاشوراء عارفا بحقه كان كمن زار اللّه في عرشه.

4-حدثني الحسين بن محمد بن عامر عن المعلى بن محمد عن محمد بن جمهور العمي عمن ذكره عنهم عليه السّلام قال:من زار(قبر)الحسين عليه السّلام يوم عاشوراء كان كمن تشحّط بدمه بين يديه.

5-و روى محمد بن أبي يسار(سيار)المدائني بإسناده قال:من سقى يوم

ص: 184

عاشوراء عند قبر الحسين عليه السّلام كان كمن سقى عسكر الحسين عليه السّلام و شهد معه.

6-حدثني جعفر بن محمد بن إبراهيم الموسوي عن عبيد اللّه بن نهيك عن ابن أبي عمير عن زيد الشحام عن جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام قال:من زار الحسين عليه السّلام ليلة النصف من شعبان غفر اللّه له ما تقدم من ذنوبه و ما تأخر و من زاره يوم عرفة كتب اللّه له ثواب ألف حجة متقبلة و ألف عمرة مبرورة و من زاره يوم عاشوراء فكأنما زار اللّه فوق(في)عرشه.

7-حدثني محمد بن عبد اللّه بن جعفر عن أبيه عبد اللّه بن جعفر الحميري عن محمد بن الحسين عن حمدان بن المعافي عن ابن أبي عمير عن زيد الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام..و ذكر مثله.

8-حدثني حكيم بن داود بن حكيم و غيره عن محمد بن موسى الهمداني عن محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة و صالح بن عقبة جميعا عن علقمة بن محمد الحضرمي و محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن مالك الجهني عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام قال:من زار الحسين عليه السّلام يوم عاشوراء من المحرم حتى يظل عنده باكيا لقي اللّه تعالى يوم القيامة بثواب ألفي ألف(ألف)حجة و ألفي(ألف) ألف عمرة و ألفي ألف غزوة و ثواب كل حجة و عمرة و غزوة كثواب من حج و اعتمر و غزا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و مع الأئمة الراشدين صلوات اللّه عليهم أجمعين قال:قلت:

جعلت فداك فما لمن كان في بعد البلاد و أقاصيها و لم يمكنه المصير(المسير) إليه في ذلك اليوم قال:إذا كان ذلك اليوم برز إلى الصحراء أو صعد سطحا مرتفعا في داره و أومأ إليه بالسلام و اجتهد على قاتله بالدعاء و صلّى بعده ركعتين يفعل ذلك في صدر النهار قبل الزوال ثم ليندب الحسين عليه السّلام و يبكيه و يأمر من في داره بالبكاء عليه و يقيم في داره مصيبته بإظهار الجزع عليه و يتلاقون بالبكاء بعضهم بعضا في البيوت و ليعز بعضهم بعضا بمصاب الحسين عليه السّلام فأنا ضامن لهم إذا فعلوا ذلك على اللّه عز و جل جميع هذا الثواب.

ص: 185

فقلت:جعلت فداك و أنت الضامن لهم إذا فعلوا ذلك و الزعيم به؟

قال عليه السّلام:أنا الضامن لهم ذلك و الزعيم لمن فعل ذلك.

قال:قلت:فكيف يعزي بعضهم بعضا.

قال:يقولون عظّم اللّه أجورنا بمصابنا بالحسين عليه السّلام و جعلنا و إياكم من الطالبين بثأره مع وليه الإمام المهدي من آل محمد صلّى اللّه عليه و آله فإن استطعت أن لا تنتشر يومك في حاجة فافعل فإنه يوم نحس لا تقضى فيه حاجة و إن قضيت لم يبارك له فيها و لم ير رشدا و لا تدخرن لمنزلك شيئا فإنه من ادخر لمنزله شيئا في ذلك اليوم لم يبارك له فيما يدخره و لا يبارك له في أهله فمن فعل ذلك كتب له ثواب ألف ألف حجة و ألف ألف عمرة و ألف ألف غزوة كلها مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و كان له ثواب مصيبة كل نبي و رسول و صديق و شهيد مات أو قتل منذ خلق اللّه الدنيا إلى أن تقوم الساعة.

قال صالح بن عقبة الجهني و سيف بن عميرة:قال علقمة بن محمد الحضرمي:

فقلت لأبي جعفر عليه السّلام:علّمني دعاء أدعو به في ذلك اليوم إذا أنا زرته من قريب و دعاء أدعو به إذا لم أزره من قريب و أومأت إليه من بعد البلاد و من سطح داري بالسلام.

قال:فقال عليه السّلام:يا علقمة إذا أنت صلّيت ركعتين بعد أن تومئ إليه بالسلام و قلت عند الإيماء إليه و من بعد الركعتين هذا القول فإنك إذا قلت ذلك فقد دعوت بما يدعو به من زاره من الملائكة و كتب اللّه لك بها ألف ألف حسنة و محا عنك ألف ألف سيئة و رفع لك مائة ألف(ألف)درجة و كنت ممن استشهد مع الحسين بن علي حتى تشاركهم في درجاتهم و لا تعرف إلا في الشهداء الذين استشهدوا معه و كتب لك ثواب كل نبي و رسول و زيارة من زار الحسين بن علي عليه السّلام منذ يوم قتل:

السلام عليك يا أبا عبد اللّه السلام عليك يا ابن رسول اللّه السلام عليك يا خيرة اللّه و ابن خيرته السلام عليك يا ابن أمير المؤمنين و ابن سيد الوصيين السلام عليك يا

ص: 186

ابن فاطمة سيدة نساء العالمين السلام عليك يا ثار اللّه و ابن ثاره و الوتر الموتور السلام عليك و على الأرواح التي حلت بفنائك و أناخت برحلك عليكم مني جميعا سلام اللّه أبدا ما بقيت و بقي الليل و النهار يا أبا عبد اللّه لقد عظمت الرزية و جلت المصيبة بك علينا و على جميع أهل السماوات و الأرض فلعن اللّه أمة أسست أساس الظلم و الجور عليكم أهل البيت و لعن اللّه أمة دفعتكم عن مقامكم و أزالتكم عن مراتبكم التي رتّبكم اللّه فيها و لعن اللّه أمة قتلتكم و لعن اللّه الممهدين لهم بالتمكين من(قتالك)قتالكم برئت إلى اللّه و إليكم منهم و من أشياعهم و أتباعهم يا أبا عبد اللّه إني سلم لمن سالمكم و حرب لمن حاربكم إلى يوم القيامة فلعن اللّه آل زياد و آل مروان و لعن اللّه بني أمية قاطبة و لعن اللّه ابن مرجانة و لعن اللّه عمر بن سعد و لعن اللّه شمرا و لعن اللّه أمة أسرجت و ألجمت و تهيأت لقتالك.

يا أبا عبد اللّه بأبي أنت و أمي لقد عظم مصابي بك فأسأل اللّه الذي أكرم مقامك أن يكرمني بك و يرزقني طلب ثارك مع إمام منصور من آل محمد صلّى اللّه عليه و آله.

اللهم اجعلني وجيها عندك بالحسين(بالحسين عندك)في الدنيا و الآخرة يا سيدي يا أبا عبد اللّه إني أتقرب إلى اللّه تعالى و إلى رسوله و إلى أمير المؤمنين و إلى فاطمة و إلى الحسن و إليك صلّى اللّه عليك و سلّم و عليهم بموالاتك يا أبا عبد اللّه و بالبراءة من أعدائك و ممن قاتلك و نصب لك الحرب و من جميع أعدائكم و بالبراءة ممن أسس الجور و بنى عليه بنيانه و أجرى ظلمه و جوره عليكم و على أشياعكم برئت إلى اللّه و إليكم منهم و أتقرب إلى اللّه ثم إليكم بموالاتكم و موالاة وليكم و البراءة من أعدائكم و من الناصبين لكم الحرب و البراءة من أشياعهم و أتباعهم إني سلم لمن سالمكم و حرب لمن حاربكم و ولي(موال)لمن والاكم و عدو لمن عاداكم فأسأل اللّه الذي أكرمني بمعرفتكم و معرفة أوليائكم و رزقني البراءة من أعدائكم أن يجعلني معكم في الدنيا و الآخرة و أن يثبت لي عندكم قدم صدق في الدنيا و الآخرة و أسأله أن يبلغني المقام المحمود لكم عند اللّه و أن يرزقني طلب

ص: 187

ثأركم مع إمام مهدي ناطق لكم و أسأل اللّه بحقكم و بالشأن الذي لكم عنده أن يعطيني بمصابي بكم أفضل ما أعطي مصابا بمصيبة(بمصيبته)أقول إنا للّه و إنا إليه راجعون يا لها من مصيبة ما أعظمها و أعظم رزيتها في الإسلام و في جميع أهل السماوات و الأرض(الأرضين).

اللهم اجعلني في مقامي هذا ممن تناله منك صلوات و رحمة و مغفرة.

اللهم اجعل محياي محيا محمد و آل محمد و مماتي ممات محمد و آل محمد صلّى اللّه عليه و آله.

اللهم إن هذا يوم تنزلت(تنزل)فيه اللعنة على آل زياد و آل أمية و ابن آكلة الأكباد اللعين بن اللعين على لسان نبيك في كل موطن و موقف وقف فيه نبيك صلى اللّه عليه و آله.

اللهم العن أبا سفيان و معاوية و على يزيد بن معاوية اللعنة أبد الآبدين.

اللهم فضاعف عليهم اللعنة أبدا لقتلهم الحسين عليه السّلام.

اللهم إني أتقرب إليك في هذا اليوم في موقفي هذا و أيام حياتي بالبراءة منهم و اللعنة(باللعن)عليهم و بالموالاة لنبيك محمد و أهل بيت نبيك صلى اللّه عليه و عليهم أجمعين.

ثم تقول مائة مرة:اللهم العن أول ظالم ظلم حق محمد و آل محمد(آل محمد حقوقهم)و آخر تابع له على ذلك.

اللهم العن العصابة التي حاربت(جاهدت)الحسين و شايعت و بايعت( تابعت)أعداءه على قتله و قتل أنصاره اللهم العنهم جميعا.

ثم قل مائة مرة:السلام عليك يا أبا عبد اللّه و على الأرواح التي حلت بفنائك و أناخت برحلك عليكم مني سلام اللّه أبدا ما بقيت و بقي الليل و النهار و لا جعله اللّه آخر العهد من زيارتكم السلام على الحسين و على علي بن الحسين و على أصحاب الحسين صلوات اللّه عليهم أجمعين.

ثم تقول مرة واحدة:اللهم خص أنت أول ظالم ظلم آل نبيك باللعن ثم العن أعداء

ص: 188

آل محمد من الأولين و الآخرين.

اللهم العن يزيد و أباه و العن عبيد اللّه بن زياد و آل مروان و بني أمية قاطبة إلى يوم القيامة.

ثم تسجد سجدة تقول فيها:اللهم لك الحمد حمد الشاكرين على مصابهم الحمد للّه على عظيم مصابي و رزيتي فيهم.

اللهم ارزقني شفاعة الحسين يوم الورود و ثّبت لي قدم صدق عندك مع الحسين و أصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين عليه السّلام صلوات اللّه عليهم أجمعين.

قال علقمة:قال أبو جعفر الباقر عليه السّلام:يا علقمة إن استطعت أن تزوره في كل يوم بهذه الزيارة من دهرك فافعل فلك ثواب جميع ذلك إن شاء اللّه تعالى (1).9.

ص: 189


1- كامل الزيارات:179.

الفهرس

معاجز و كرامات الحسين 1

زيارة الحسين و التوسل به 1

كرامات الإمام الحسين عليه السلام 3

فضل كربلاء و زيارة الحسين عليه السّلام 5

فضل الحائر و حرمته 16

إن الحائر من المواضع التي يحب اللّه أن يدعى فيها 18

معجزة الحسين عليه السلام ببركة مجالس العزاء 20

قصة أخرى 23

قيمة تضحية الحسين عليه السلام 24

تأييد 25

الحسين عليه السلام لكل الملهوفين 26

أثر جوار الحسين عليه السلام 27

إسلام نهراني على رأس الإمام الحسين عليه السلام 29

دخول الحية في منخري ابن زياد 30

رضى النبي الأعظم على مكرم رأس الحسين عليه السلام 31

حضور الحسين و آله عليهم السلام عند كل ميت 32

و أسلم الراهب ببركة الإمام الحسين!37

كرامة الحسين عليه السلام في يوم الطف 39

التوسل بالإمام الحسين عليه السلام 40

توسل الملائكة بالحسين و خدمته 40

توسّل الأنبياء بالحسين عليهم السلام 43

توسّل النبي موسى عليه السّلام 47

توسّل النبي آدم عليه السّلام 48

توسّل النبي يوسف عليه السّلام 53

توسّل الإمام الصادق عليه السّلام 54

توسّل قس بن ساعدة 55

ص: 190

توسل أهل النار 56

توسّل شيخ 57

آثار التوسل الإمام بالحسين عليه السّلام 58

5-رفع عذاب البرزخ:58

6-نزول المطر:60

7-إحياء الموتى:61

8-استجابة كل الحاجات:61

ثواب و آثار زيارة الإمام الحسين عليه السلام 67

زيارة الإمام الحسين عليه السلام 67

أهمية زيارة الحسين عليه السلام 97

دعاء الإمام الصادق لزوار الحسين عليهما السلام 98

زيارة الأنبياء للحسين بن علي عليه السّلام 100

زيارة الملائكة الحسين بن علي عليه السّلام 103

دعاء رسول اللّه و علي و فاطمة و الأئمة لزوار الحسين عليه السّلام 106

دعاء الملائكة لزوار قبر الحسين عليه السّلام 109

فضل صلاة الملائكة لزوار الحسين عليه السّلام 111

إن زيارة الحسين عليه السّلام فرض و عهد لازم له و لجميع الأئمة 112

على كل مؤمن و مؤمنة 112

ثواب من زار الحسين بنفسه أو جهز إليه غيره 114

ثواب من زار الحسين عليه السّلام و عليه خوف 117

ثواب ما للرجل في نفقته إلى زيارة الحسين عليه السّلام 119

ما يكره اتخاذه لزيارة الحسين بن علي عليه السّلام 122

كيف يجب أن يكون زائر الحسين بن علي عليه السّلام 124

ثواب من زار الحسين راكبا أو ماشيا و مناجاة اللّه لزائره 126

كرامة اللّه تبارك و تعالى لزوار الحسين بن علي 130

ص: 191

أن زائري الحسين يكونون في جوار رسول اللّه و علي و فاطمة عليهم السّلام 132

ثواب من زار الحسين عليه السّلام عارفا بحقه 133

من زار الحسين حبا لرسول اللّه و أمير المؤمنين و فاطمة عليها السّلام 137

من زار الحسين عليه السّلام تشوقا إليه 138

من زار الحسين عليه السلام احتسابا 141

إن زيارة الحسين أفضل ما يكون من الأعمال 143

إن من زار الحسين كان كمن زار اللّه في عرشه و كتب في أعلى عليين 145

إن زيارة الحسين و الأئمة تعدل زيارة رسول اللّه 148

إن زيارة الحسين تزيد في العمر و الرزق و إن تركها تنقصهما 150

إن زيارة الحسين تحط الذنوب 152

إن زيارة الحسين تعدل عمرة 155

إن زيارة قبر الحسين تعدل حجة 157

في أن زيارة الحسين تعدل حجة و عمرة 159

إن زيارة الحسين تعدل حججا 163

إن زيارة الحسين تعدل عتق الرقاب 167

إن زوار الحسين مشفعون 168

إن زيارة الحسين ينفس بها الكرب و تقضى بها الحوائج 170

أوقات زيارة الإمام الحسين عليه السلام 173

ثواب زيارة الحسين يوم عرفة 173

ثواب زيارة الحسين في النصف من شعبان 177

ما يجب العمل به ليلة النصف من شعبان 179

ثواب من زار الحسين في رجب 181

ثواب من زار الحسين في غير يوم عيد و لا عرفة 182

ثواب من زار الحسين يوم عاشوراء 184

ص: 192

المجلد 7

اشارة

الصحیح من سیرة الإمام الحسین بن علي علیه السلام

نویسنده: سید هاشم بحرانی - علامه سید مرتضی عسکری و سید محمد باقر شریف قرشی

ناشر: مؤسسة التاريخ العربي

مکان نشر: لبنان - بيروت

سال نشر: 2009م , 1430ق

چاپ:1

موضوع:اسلام، تاریخ

زبان:عربی

تعداد جلد:20

کد کنگره: /ع5ص3 41/4 BP

ص: 1

اشارة

ص: 2

الجزء السابع

آداب زيارة الإمام الحسين عليه السلام

الإغتسال في الفرات

1-حدثني أبي و جماعة مشايخي عن محمد بن يحيى العطار عن حمدان بن سليمان النيسابوري عن عبد اللّه بن محمد اليماني عن منيع بن الحجاج عن يونس عن صفوان الجمال عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من اغتسل بماء الفرات و زار قبر الحسين عليه السّلام كان كيوم ولدته أمه صفرا من الذنوب و لو اقترفها كبائر و كانوا يحبون الرجل إذا زار(يحبون إذا زار الرجل)قبر الحسين عليه السّلام اغتسل و إذا ودّع لم يغتسل و مسح يده على وجهه إذا ودّع.

2-حدثني محمد بن جعفر القرشي الرزاز عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن صالح بن عقبة عن بشير الدهان قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث طويل قال:ويحك يا بشير إن المؤمن إذا أتى قبر الحسين عليه السّلام عارفا بحقه فاغتسل في الفرات ثم خرج كتب له بكل خطوة حجة و عمرة مبرورات متقبلات و غروة مع نبي مرسل أو إمام عدل.

3-حدثني أبي رحمه اللّه عن محمد بن يحيى و أحمد بن إدريس عن العمركي بن علي عن يحيى و كان في خدمة الإمام أبي جعفر الثاني عليه السّلام عن محمد بن سنان عن بشير الدهان قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام و هو نازل بالحيرة و عنده جماعة من الشيعة فأقبل إلي بوجهه فقال:يا بشير حججت العام.

قلت:جعلت فداك لا و لكن عرفت بالقبر قبر الحسين عليه السّلام.

ص: 3

فقال:يا بشير و اللّه ما فاتك شيء مما كان لأصحاب مكة بمكة.

قلت:جعلت فداك فيه عرفات فسّر لي؟

فقال عليه السّلام:يا بشير إن الرجل منكم ليغتسل على شاطئ الفرات ثم يأتي قبر الحسين عليه السّلام عارفا بحقه فيعطيه اللّه بكل قدم يرفعها أو يضعها مائة حجة مقبولة و معها مائة عمرة مبرورة و مائة غزوة مع نبي مرسل(إلى أعدى عدو له)إلى أعداء اللّه و أعداء الرسول..و ذكر الحديث.

4-و حدثني محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أبيه عن علي بن محمد بن سالم عن محمد بن خالد عن عبد اللّه بن حماد البصري عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم قال:حدثنا هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث له طويل قال:أتاه رجل فقال له:هل يزار والدك؟

فقال:نعم.

فقال:ما لمن اغتسل بالفرات ثم أتاه؟

قال:إذا اغتسل من ماء الفرات و هو يريده تساقطت عنه خطاياه كيوم ولدته أمه..و ذكر الحديث بطوله.

5-حدثني أبو محمد هارون بن موسى التلعكبري عن أبي علي محمد بن همام ابن سهيل عن أحمد بن هانيدار عن أحمد بن المعافي الثعلبي عن أهل رأس العين عن علي بن جعفر الهماني قال:سمعت علي بن محمد العسكري عليه السّلام يقول:من خرج من بيته يريد زيارة الحسين عليه السّلام فصار إلى الفرات فاغتسل منه كتب(اللّه) من المفلحين فإذا سلّم على أبي عبد اللّه كتب اللّه من الفائزين فإذا فرغ من صلاته أتاه ملك فقال:إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقرئك السلام و يقول لك:أما ذنوبك فقد غفر لك استأنف العمل.

6-حدثني حسين بن محمد بن عامر عن أحمد بن علوية الأصفهاني عن إبراهيم بن محمد الثقفي رفعه إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام:أنه كان يقول عند(بعد)

ص: 4

غسل الزيارة إذا فرغ:اللهم اجعله لي نورا و طهورا و حرزا و كافيا من كل داء و سقم و من كل آفة و عاهة و طهّر به قلبي و جوارحي و لحمي و دمي و شعري و بشري و مخي و عظامي و عصبي و ما أقلّت الأرض مني فاجعله لي شاهدا يوم القيامة و يوم حاجتي و فقري و فاقتي.

7-حدثني محمد بن همام بن سهيل الإسكافي عن جعفر بن محمد بن مالك الفزاري عن الحسن بن عبد الرحمن الرواسي عمن حدثه عن بشير الدهان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من أتى الحسين بن علي عليه السّلام فتوضأ و اغتسل في الفرات لم يرفع قدما و لم يضع قدما إلا كتب اللّه له حجة و عمرة.

8-حدثني أبي رحمه اللّه و محمد بن الحسن جميعا عن الحسين بن حسن بن أبان عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن يوسف الكناسي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إذا أتيت قبر الحسين عليه السّلام فأت الفرات و اغتسل بحيال قبره.

9-حدثني جعفر بن محمد بن إبراهيم بن عبيد اللّه الموسوي عن عبد اللّه بن نهيك عن محمد الفراشي عن إبراهيم بن محمد الطحان عن بشير الدهان عن رفاعة ابن موسى النحاس عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إن من خرج إلى قبر الحسين عليه السّلام عارفا بحقه و بلغ الفرات و اغتسل فيه و خرج من الماء(فاغتسل بماء الفرات و خرج)كان كمثل الذي خرج من الذنوب فإذا مشى إلى الحائر(الحير)لم يرفع قدما و لم يضع أخرى إلا كتب اللّه له عشر حسنات و محا عنه عشر سيئات.

ص: 5

الرخصة في ترك الغسل لزيارة الحسين عليه السّلام

1-حدثني أبي و أخي عن الحسن بن متويه بن السندي عن أبيه قال:حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب بالكوفة عن صفوان بن يحيى عن العيص بن القاسم البجلي قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:من زار الحسين بن علي عليه السّلام عليه غسل؟

قال:فقال:لا و حدثني أبي ره عن سعد بن عبد اللّه بن أبي خلف عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن صفوان عن العيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله حدثني محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن العيص عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله.

2-حدثني علي بن الحسين بن موسى عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد ابن عيسى عن العباس بن معروف عن عبد اللّه بن المغيرة عن أبي اليسع قال:سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام و أنا أسمع عن الغسل إذا أتى قبر الحسين عليه السّلام فقال:لا حدثني جماعة مشايخي عن سعد بن عبد اللّه عن محمد بن الحسين عن أيوب بن نوح و غيره عن عبد اللّه بن المغيرة قال:حدثنا أبو اليسع..و ذكر الحديث بنفسه.

و حدثني محمد بن أحمد بن الحسين عن الحسن بن علي بن مهزيار عن أبيه علي عن أيوب ابن نوح و غيره عن عبد اللّه بن المغيرة عن أبي اليسع قال:سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام..و ذكر مثله.

3-حدثني جماعة مشايخي عن محمد بن يحيى العطار عن أحمد بن أبي زاهر عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن صفوان بن يحيى عن سيف بن عميرة عن العيص بن القاسم البجلي قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:من زار الحسين عليه السّلام

ص: 6

عليه غسل.

قال:لا.

4-حدثني جعفر بن محمد بن إبراهيم بن عبيد اللّه بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق عليه السّلام عن عبيد اللّه بن نهيك عن محمد بن زياد عن أبي حنيفة السابق عن يونس بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إذا كنت منه قريبا يعني الحسين عليه السّلام فإن أصبت غسلا فاغتسل و إلا فتوضأ ثم ائته.

5-حدثني محمد بن أحمد بن يعقوب عن علي بن الحسن بن فضال عن العباس ابن عامر عن الحسن بن عطية أبي ناب قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الغسل إذا أتيت قبر الحسين عليه السّلام قال:ليس عليك غسل.

6-حدثني الحسن بن الزبرقان الطبري بإسناد له يرفعه إلى الصادق عليه السّلام قال:

قلت:ربما أتينا قبر الحسين عليه السّلام فيصعب علينا الغسل للزيارة من البرد أو غيره.

فقال عليه السّلام:من اغتسل في الفرات و زار الحسين عليه السّلام كتب له من الفضل ما لا يحصى فمتى ما رجع إلى الموضع الذي اغتسل فيه و توضأ و زار الحسين عليه السّلام كتب له ذلك الثواب (1).9.

ص: 7


1- كامل الزيارات:189.

تشييع الملائكة لزائري الحسين

1-حدثني أبي و محمد بن الحسن عن الحسين بن حسن بن أبان عن الحسين ابن سعيد عن القاسم بن محمد الجوهري عن إسحاق بن إبراهيم عن هارون بن خارجة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سمعته يقول:وكّل اللّه بقبر الحسين عليه السّلام أربعة آلاف ملك شعثا غبرا يبكونه إلى يوم القيامة فمن زاره عارفا بحقه شيّعوه حتى يبلغوه مأمنه و إن مرض عادوه غدوة و عشية و إن مات شهدوا جنازته و استغفروا له إلى يوم القيامة.

2-حدثني محمد بن جعفر عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن أبي إسماعيل السراج عن يحيى بن معمر العطار عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال:أربعة آلاف ملك شعث غبر يبكون الحسين عليه السّلام إلى يوم القيامة فلا يأتيه أحد إلا استقبلوه و لا يرجع أحد من عنده إلا شيّعوه و لا يمرض أحد إلا عادوه و لا يموت أحد إلا شهدوه.

و حدثني أبي ره عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن إسماعيل بن بزيع بإسناده مثله حدثني أبي عن سعد عن محمد بن الحسين عن موسى بن سعدان عن عبد اللّه بن القاسم عن عمر بن أبان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله.

3-حدثني جعفر بن محمد بن إبراهيم عن عبد اللّه بن نهيك عن ابن أبي عمير عن سلمة صاحب السابري عن أبي الصباح الكناني قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:

إن إلى جانبكم قبرا ما أتاه مكروب إلا نفّس اللّه كربته و قضى حاجته و إن عنده أربعة ألف ملك منذ يوم قبض شعثا غبرا يبكونه إلى يوم القيامة فمن زاره شيّعوه و من مرض عادوه و من مات اتبعوا جنازته.

ص: 8

4-حدثني أبي و جماعة مشايخي عن محمد بن يحيى العطار عن حمدان بن سليمان النيسابوري عن عبد اللّه بن محمد اليماني عن منيع بن الحجاج عن يونس ابن عبد الرحمن عن صفوان الجمال عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إن الرجل إذا خرج من منزله يريد زيارة الحسين عليه السّلام شيّعه سبعمائة ملك من فوق رأسه و من تحته و عن يمينه و عن شماله و من بين يديه و من خلفه حتى يبلغوه مأمنه فإذا زار الحسين عليه السّلام ناداه مناد قد غفر لك فاستأنف العمل ثم يرجعون معه مشيعين له إلى منزله فإذا صاروا إلى منزله قالوا نستودعك اللّه فلا يزالون يزورونه إلى يوم مماته ثم يزورون قبر الحسين عليه السّلام في كل يوم و ثواب ذلك للرجل.

5-و عنه عن محمد بن يحيى بإسناده إلى منيع عن زياد عن عبد اللّه بن مسكان عن محمد الحلبي قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:إن اللّه وكّل بقبر الحسين عليه السّلام أربعة آلاف ملك شعثا غبرا إلى أن تقوم الساعة يشيّعون من زاره يعودونه إذا مرض و يشهدون جنازته إذا مات.

6-حدثني محمد بن الحسن بن أحمد بن وليد عن محمد بن الحسن الصفار عن الحسن بن علي بن عبد اللّه بن المغيرة عن العباس بن عامر عن أبان عن أبي حمزة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إن اللّه و كّل بقبر الحسين عليه السّلام أربعة آلاف ملك شعثا غبرا فلم يزل يبكونه من طلوع الفجر إلى زوال الشمس فإذا زالت الشمس هبط أربعة آلاف ملك و صعد أربعة آلاف ملك فلم يزل يبكونه حتى يطلع الفجر و يشهدون لمن زاره و يشيّعونه بالوفاء إلى أهله و يعودونه إذا مرض و يصلّون عليه إذا مات.

7-حدثني أبي و جماعة مشايخي عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد البرقي عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن بن راشد عن أبي إبراهيم عليه السّلام قال:من خرج من بيته يريد زيارة قبر أبي عبد اللّه الحسين عليه السّلام و كّل اللّه به ملكا يضع(فوضع)إصبعه في قفاه فلم يزل يكتب ما يخرج من فيه حتى يرد الحائر(الحير)فإذا دخل من باب الحائر(الحير)وضع كفه

ص: 9

وسط ظهره ثم قال له:أما ما مضى فقد غفر لك فاستأنف العمل حدثني محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن بن راشد عن أبي راشد عن أبي إبراهيم عليه السّلام قال:من خرج من بيته يريد زيارة قبر الحسين عليه السّلام مثله.

8-حدثني أبي و محمد بن عبد اللّه ره جميعا عن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن إبراهيم بن مهزيار عن أخيه علي بن مهزيار عن أبي القاسم عن القاسم بن محمد عن إسحاق بن إبراهيم عن هارون بن خارجة قال:سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام و أنا عنده فقال:ما لمن زار قبر الحسين عليه السّلام قال:إن الحسين عليه السّلام لما أصيب بكته حتى البلاد فوكّل اللّه به أربعة آلاف ملك شعثا غبرا يبكونه إلى يوم القيامة فمن زاره عارفا بحقه شيّعوه حتى يبلغوه مأمنه و إن مرض عادوه غدوة و عشية و إن مات شهدوا جنازته و استغفروا له إلى يوم القيامة.

9-حدثني محمد بن جعفر عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن موسى بن سعدان عن عبد اللّه بن القاسم عن عمر بن أبان الكلبي عن أبان بن تغلب قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:هبط أربعة آلاف ملك يريدون القتال مع الحسين عليه السّلام فلم يؤذن لهم في القتال فرجعوا في الإستئذان فهبطوا و قد قتل الحسين عليه السّلام فهم عند قبره شعث غبر يبكونه إلى يوم القيامة رئيسهم ملك يقال له منصور فلا يزوره زائر إلا استقبلوه و لا يودّعه مودع إلا شيّعوه و لا يمرض مريض إلا عادوه و لا يموت إلا صلّوا على جنازته و استغفروا له بعد موته و كل هؤلاء في الأرض ينتظرون قيام القائم عليه السّلام.

10-حدثني أبو العباس الرزاز عن ابن أبي الخطاب قال:حدثني محمد بن الفضيل عن محمد بن مضارب عن مالك الجهني عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قال:يا مالك إن اللّه تبارك و تعالى لما قبض الحسين عليه السّلام بعث إليه أربعة ألف ملك شعثا غبرا يبكونه إلى يوم القيامة فمن زاره عارفا بحقه غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه و ما

ص: 10

تأخّر و كتب له حجة و لم يزل محفوظا حتى يرجع إلى أهله قال:فلما مات مالك و قبض أبو جعفر عليه السّلام دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فأخبرته بالحديث فلما انتهيت إلى حجة قال:و عمرة يا محمد (1).2.

ص: 11


1- كامل الزيارات:192.

ترك زيارة الإمام الحسين عليه السلام و أثره

1-حدثني الحسن بن عبد اللّه عن محمد بن عيسى عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن عاصم بن حميد الحناط عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال:

قال:من لم يأت قبر الحسين عليه السّلام من شيعتنا كان منتقص الإيمان منتقص الدين و إن دخل الجنة كان دون المؤمنين في الجنة.

2-حدثني محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن أبي المعزى عن عنبسة بن مصعب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من لم يأت قبر الحسين عليه السّلام حتى يموت كان منتقص الدين منتقص الإيمان و إن دخل الجنة كان دون المؤمنين في الجنة.

3-حدثني أبي و علي بن الحسين عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أبيه عن سيف بن عميرة عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من لم يأت قبر الحسين عليه السّلام و هو يزعم أنه لنا شيعة حتى يموت فليس هو لنا بشيعة و إن كان من أهل الجنة فهو من ضيفان أهل الجنة.

4-و بإسناده عن سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر عليه السّلام قال:سمعته يقول:من أراد أن يعلم أنه من أهل الجنة فيعرض حبنا على قلبه فإن قبله فهو مؤمن و من كان لنا محبا فليرغب في زيارة قبر الحسين عليه السّلام فمن كان للحسين عليه السّلام زوارا عرفناه بالحب لنا أهل البيت و كان من أهل الجنة و من لم يكن للحسين زوّارا كان ناقص الإيمان.

5-حدثني أبي و جماعة مشايخي عن أحمد بن إدريس عن العمركي بن علي

ص: 12

البوفكي عمن حدثه عن صندل عن هارون بن خارجة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

سألته عمن ترك الزيارة زيارة قبر الحسين بن علي من غير علة قال عليه السّلام:هذا رجل من أهل النار.

6-حدثني محمد بن جعفر الرزاز الكوفي القرشي عن خاله محمد بن الحسين ابن أبي الخطاب عمن حدثه عن علي بن ميمون قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:لو أن أحدكم حج ألف حجة ثم لم يأت قبر الحسين بن علي عليه السّلام لكان قد ترك حقا من حقوق اللّه تعالى و سئل عن ذلك فقال:حق الحسين عليه السّلام مفروض على كل مسلم.

7-حدثني محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أبيه عن علي بن محمد بن سالم عن محمد بن خالد عن عبد اللّه بن حماد البصري عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم قال:حدثنا هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:أنه قال في حديث له طويل أنه أتاه رجل فقال له:هل يزار والدك؟

فقال:نعم،قال:فما لمن زاره؟

قال:الجنة إن كان يأتم به.

قال:فما لمن تركه رغبة عنه؟

قال:الحسرة يوم الحسرة و ذكر الحديث بطوله (1).4.

ص: 13


1- كامل الزيارات:194.

ما يكره من الجفاء لزيارة قبر الحسين عليه السّلام

1-حدثني أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن بعض أصحابه عن أبي جعفر عليه السّلام قال:كم بينكم و بين قبر الحسين عليه السّلام قلت:ستة عشر فرسخا.

قال:أو ما تأتونه؟

قلت:لا.

قال عليه السّلام:ما أجفاكم.

2-و عنه عن سعد عن أحمد بن محمد بن عيسى عن موسى بن الفضل عن علي بن الحكم عمن حدثه عن حنان بن سدير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت له:ما تقول في زيارة قبر الحسين عليه السّلام؟

فقال:زره و لا تجفه فإنه سيد الشهداء و سيد شباب أهل الجنة و شبيه يحيى بن زكريا و عليهما بكت السماء و الأرض.

3-و حدثني محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن أبي داود عن سعد عن أبي عمر الجلاب عن الحرث الأعور قال:قال علي عليه السّلام:بأبي و أمي الحسين المقتول بظهر الكوفة و اللّه لكأني أنظر إلى الوحش مادة أعناقها على قبره من أنواع الوحش يبكونه و يرثونه ليلا حتى الصباح فإذا كان ذلك فإياكم و الجفاء.

4-حدثني أبي و أخي و علي بن الحسين و محمد بن الحسن عن محمد بن يحيى العطار عن حمدان بن سليمان النيسابوري عن عبد اللّه بن محمد اليماني عن منيع

ص: 14

بن الحجاج عن يونس بن عبد الرحمن عن حنان بن سدير عن أبيه سدير قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام يا سدير تزور قبر الحسين عليه السّلام في كل يوم قلت:لا.

قال عليه السّلام:ما أجفاكم.

قال:أتزوره في كل جمعة؟

قلت:لا.

قال:فتزوره في كل شهر.

قلت:لا.

قال:فتزوره في كل سنة.

قلت:قد يكون ذلك.

قال:يا سدير ما أجفاكم بالحسين عليه السّلام أما علمت أن للّه ألف ملك شعثا غبرا يبكونه و يرثونه لا يفترون زوّارا لقبر الحسين و ثوابهم لمن زاره..و ذكر الحديث.

5-حدثني الحسن بن عبد اللّه بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن حنان بن سدير قال:كنت عند أبي جعفر عليه السّلام فدخل عليه رجل فسلّم عليه و جلس فقال أبو جعفر عليه السّلام:من أي البلدان أنت فقال له الرجل:أنا رجل من أهل الكوفة و أنا محب لك موال.

فقال له أبو جعفر عليه السّلام:أفتزور قبر الحسين عليه السّلام في كل جمعة.

قال:لا.

قال:ففي كل شهر.

قال:لا.

قال:ففي كل سنة.

قال:لا.

فقال له أبو جعفر عليه السّلام إنك لمحروم من الخير..و ذكر الحديث.

ص: 15

6-و حدثني محمد بن جعفر قال:حدثني محمد بن الحسين عن جعفر بن بشير عن حماد بن عيسى عن ربعي بن عبد اللّه عن الفضيل بن يسار قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:ما أجفاكم يا فضيل لا تزورون الحسين عليه السّلام أما علمتم أن أربعة آلاف ملك شعثا غبرا يبكونه إلى يوم القيامة.

7-و عنه عن محمد بن الحسين عن جعفر بن بشير عن حماد عن محمد بن مسلم عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال:كم بينكم و بين قبر الحسين عليه السّلام قال:قلت:

ستة عشر فرسخا أو سبعة عشر فرسخا قال:ما تأتونه.

قلت:لا.قال:ما أجفاكم.

8-حدثني أبي رحمه اللّه عن الحسين بن الحسن بن أبان عن محمد بن أورمة عن أبي عبد اللّه المؤمن عن ابن مسكان عن سليمان بن خالد قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:عجبا لأقوام يزعمون أنهم شيعة لنا و يقال إن أحدهم يمر به دهره و لا يأتي قبر الحسين عليه السّلام جفاء منه و تهاون و عجز و كسل أما و اللّه لو يعلم ما فيه من الفضل ما تهاون و لا كسل.

قلت:جعلت فداك و ما فيه من الفضل؟

قال:فضل و خير كثير أما أول ما يصيبه أن يغفر له ما مضى من ذنوبه و يقال له استأنف العمل.

9-حدثني حكيم بن داود بن حكيم عن سلمة بن الخطاب عن عبد اللّه بن الخطاب عن عبد اللّه بن محمد بن سنان عن منيع بن الحجاج عن يونس بن عبد الرحمن عن حنان عن أبيه قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام يا سدير تزور قبر الحسين عليه السّلام في كل يوم قلت:جعلت فداك لا.

قال:ما أجفاكم فتزوره في كل جمعة قلت:لا.

قال:فتزوره في كل شهر.

قلت:لا.

ص: 16

قال:فتزوره في كل سنة.

قلت:قد يكون ذلك.

قال:يا سدير ما أجفاكم بالحسين عليه السّلام و ذكر الحديث.

10-حدثني أبي رحمه اللّه و جماعة مشايخي عن سعد عن محمد بن عيسى بن عبيد عن محمد بن ناجية عن محمد بن علي عن عامر بن كثير السراج النهدي عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قال لي:كم بينك و بين قبر الحسين عليه السّلام؟

قلت:يوم للراكب و يوم و بعض يوم للماشي.

قال:أفتأتيه كل جمعة؟

قلت:لا ما آتيه إلا في حين قال:ما أجفاكم أما لو كان قريبا منا لا تخذناه هجرة أي نهاجر إليه حدثني جماعة مشايخي عن أحمد بن إدريس عن محمد بن أحمد عن محمد بن ناجية عن محمد بن علي عن عامر بن كثير النهدي السراج عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السّلام مثله (1).3.

ص: 17


1- كامل الزيارات:293.

أقل ما يزار فيه الحسين و أكثر ما يجوز تأخير زيارته

1-حدثني جعفر بن محمد بن إبراهيم بن عبد اللّه الموسوي عن عبيد اللّه(عبد اللّه)بن نهيك عن محمد بن أبي عمير عن أبي أيوب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:حق على الغني أن يأتي قبر الحسين عليه السّلام في السنة مرتين و حق على الفقير أن يأتيه في السنة مرة.

2-حدثني أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن عامر بن عمير و سعيد الأعرج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:ائتوا قبر الحسين عليه السّلام في كل سنة مرة.

3-حدثني أبو العباس عن محمد بن الحسين عن جعفر بن بشير عن مسلم عن عامر بن عمير و سعيد الأعرج جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:ائتوا قبر الحسين عليه السّلام في كل سنة مرة.

4-حدثني جعفر بن محمد بن عبد اللّه الموسوي عن عبد اللّه(عبيد اللّه)بن نهيك عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن زيارة قبر الحسين عليه السّلام قال:في السنة مرة إني أكره الشهرة.

5-حدثني أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن ابن أبي ناب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:حق على الفقير أن يأتي قبر الحسين عليه السّلام في السنة مرة و حق على الغني أن يأتيه في السنة مرتين.

6-حدثني أبي و محمد بن الحسن عن الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين ابن سعيد عن ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في

ص: 18

زيارة قبر الحسين عليه السّلام قال:في السنة مرة إني أكره الشهرة.

7-حدثني أبي عن سعد بن عبد اللّه عن الحسن بن علي بن عبد اللّه بن المغيرة عن العباس بن عامر قال:قال علي بن أبي حمزة عن أبي الحسن عليه السّلام قال:لا تجفوه يأتيه الموسر في كل أربعة أشهر،و المعسر لا يكلف اللّه نفسا إلا وسعها.

قال العباس:لا أدري.

قال:هذا لعلي أو لأبي ناب.

8-حدثني محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد ابن عيسى عن الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن زيارة الحسين عليه السّلام قال:في السنة مرة إني أخاف الشهرة.

9-حدثني أبو العباس عن الزيات عن جعفر بن بشير عن حماد عن ابن مسلم عن عامر بن عمير و سعيد الأعرج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:ائتوا قبر الحسين عليه السّلام في كل سنة مرة.

10-حدثني أبي رحمه اللّه عن سعد عن علي بن إسماعيل بن عيسى عن صفوان بن يحيى عن العيص بن القاسم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام هل لزيارة القبر صلاة مفروضة؟

قال:ليس له صلاة مفروضة(شيء مفروض).

قال:و سألته في كم يوم يزار قال:ما شئت.

11-حدثني أبي رحمه اللّه عن عبد اللّه بن جعفر الحميري بإسناده رفعه إلى علي ابن ميمون الصائغ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:يا علي بلغني أن قوما من شيعتنا يمر بأحدهم السنة و السنتان لا يزورون الحسين.

قلت:جعلت فداك إني أعرف أناسا كثيرة بهذه الصفة؟

قال:أما و اللّه لحظهم أخطأوا و عن ثواب اللّه زاغوا و عن جوار محمد صلّى اللّه عليه و آله

ص: 19

تباعدوا.

قلت:جعلت فداك في كم الزيارة؟

قال:يا علي إن قدرت أن تزوره في كل شهر فافعل.

قلت:لا أصل إلى ذلك لأني أعمل بيدي و أمور الناس بيدي و لا أقدر أن أغيّب وجهي عن مكاني يوما واحدا.

قال:أنت في عذر و من كان يعمل بيده و إنما عنيت من لا يعمل بيده ممن إن خرج في كل جمعة هان ذلك عليه أما إنه ما له عند اللّه من عذر و لا عند رسوله من عذر يوم القيامة.

قلت:فإن أخرج عنه رجلا فيجوز ذلك.

قال:نعم و خروجه بنفسه أعظم أجرا و خيرا له عند ربه يراه ربه ساهر الليل له تعب النهار ينظر اللّه إليه نظرة توجب له الفردوس الأعلى مع محمد و أهل بيته فتنافسوا في ذلك و كونوا من أهله.

12-حدثني الحسن بن عبد اللّه بن محمد بن عيسى عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن صباح الحذاء عن محمد بن مروان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سمعته يقول:زوروا قبر الحسين عليه السّلام و لو كل سنة مرة..و ذكر الحديث.

13-حدثني أبي رحمه اللّه عن أحمد بن إدريس و محمد بن يحيى عن العمركي بن علي البوفكي قال:حدثنا يحيى و كان في خدمة أبي جعفر الثاني عليه السّلام عن علي عن صفوان بن مهران الجمال عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث طويل.

قلت له:من يأتيه زائرا ثم ينصرف متى يعود إليه و في كم يوم يؤتى و كم يسع الناس تركه.

قال عليه السّلام:لا يسع أكثر من شهر و أما بعيد الدار ففي كل ثلاث سنين فما جاز ثلاث سنين فلم يأته فقد عقّ رسول اللّه ص و قطع حرمته إلا من علة.

14-حدثني علي بن الحسين بن موسى رحمه اللّه عن علي بن إبراهيم بن هاشم

ص: 20

عن أبيه عن ابن فضال عن علي بن عقبة عن عبيد اللّه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت:إنا نزور قبر الحسين عليه السّلام في السنة مرتين أو ثلاث.

فقال أبو عبد اللّه:أكره أن تكثروا القصد إلي زوروه في السنة مرة.

قلت:كيف أصلّي عليه.

قال عليه السّلام:تقوم خلفه عند كتفيه ثم تصلّي على النبي صلّى اللّه عليه و آله و تصلّي على الحسين عليه السّلام.

15-و قال العمركي بإسناده قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:إنه يصلي عند قبر الحسين عليه السّلام أربعة آلاف ملك من طلوع الفجر إلى أن تغيب الشمس ثم يصعدون و ينزل مثلهم فيصلون إلى طلوع الفجر فلا ينبغي للمسلم أن يتخلّف عن زيارة قبره أكثر من أربع سنين.

16-و بإسناده عن محمد بن الفضل عن أبي ناب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن زيارة قبر الحسين صلّى اللّه عليه و آله قال:نعم تعدل عمرة و لا ينبغي التخلف عنه أكثر من أربع سنين.

17-حدثني محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أبيه عن علي بن محمد بن سالم عن محمد بن خالد عن عبد اللّه بن حماد البصري عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم عن صفوان الجمال قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام و نحن في طريق المدينة نريد مكة فقلت له:يا ابن رسول اللّه ما لي أراك كئيبا حزينا منكسرا؟

فقال لي:لو تسمع ما أسمع لشغلك عن مساءلتي.

قلت:و ما الذي تسمع.

قال عليه السّلام:ابتهال الملائكة إلى اللّه على قتلة أمير المؤمنين عليه السّلام و على قتلة الحسين عليه السّلام و نوح الجن عليهما و بكاء الملائكة الذين حولهم و شدة حزنهم فمن يتهنأ مع هذا بطعام أو شراب أو نوم.

قلت له:فمن يأتيه زائرا ثم ينصرف فمتى يعود إليه و في كم يوم يؤتى و في كم

ص: 21

يسع الناس تركه.

قال:أما القريب فلا أقل من شهر و أما بعيد الدار ففي كل ثلاث سنين فما جاز الثلاث سنين فقد عقّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قطع رحمه إلا من علة و لو يعلم زائر الحسين عليه السّلام ما يدخل على رسول اللّه و ما يصل إليه من الفرح و إلى أمير المؤمنين و إلى فاطمة و الأئمة عليهم السّلام و الشهداء منا أهل البيت و ما ينقلب به من دعائهم له و ما له في ذلك من الثواب في العاجل و الآجل و المذخور له عند اللّه لأحب أن يكون مأثم داره ما بقي و أن زائره ليخرج من رحله فما يقع فيئه على شيء إلا دعى له فإذا وقعت الشمس عليه أكلت ذنوبه كما تأكل النار الحطب و ما تبقي الشمس عليه من ذنوبه شيئا فينصرف و ما عليه ذنب و قد رفع له من الدرجات ما لا يناله المتشحط بدمه في سبيل اللّه و يوكل به ملك يقوم مقامه و يستغفر له حتى يرجع إلى الزيارة أو يمضي ثلاث سنين أو يموت..و ذكر الحديث بطوله.

حدثني أبي رحمه اللّه عن أحمد بن إدريس و محمد بن يحيى جميعا عن العمركي بن علي البوفكي قال:حدثنا يحيى و كان في خدمة أبي جعفر الثاني عليه السّلام عن علي عن صفوان بن مهران الجمال عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته في طريق المدينة..

و ذكر الحديث بطوله (1).8.

ص: 22


1- كامل الزيارات:298.

أثر ترك زيارة الإمام الحسين عليه السلام

1-نقصان الإيمان:

عن أبي جعفر عليه السّلام أنه قال:من أراد أن يعلم أنه من أهل الجنة فليعرض حبنا على قلبه،فإن قبله فهو مؤمن،و من كان لنا محبا فليرغب في زيارة قبر الحسين عليه السّلام، فمن كان للحسين عليه السّلام زوّارا عرفناه بالحب لنا أهل البيت،و كان من أهل الجنة، و من لم يكن للحسين زوّارا كان ناقص الإيمان (1).

2-أراد اللّه به سوءا:

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:من أراد اللّه به الخير قذف في قلبه حب الحسين عليه السّلام و حب زيارته،و من أراد اللّه به سوءا قذف في قلبه بغض الحسين و بغض زيارته (2).

3-تنقص العمر:

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من لم يزر قبر الحسين عليه السّلام فقد حرم خيرا كثيرا

ص: 23


1- كامل الزيارات،ص:356.
2- كامل الزيارات،ص:269.

و نقص من عمره سنة (1).

4-شدة حسرة:

عن معاوية بن وهب،قال:دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام و هو في مصلاه،فجلست حتى قضى صلاته،فسمعته و هو يناجي ربه قائلا:يا من خصّنا بالكرامة،و وعدنا الشفاعة،و حمّلنا الرسالة،و جعلنا ورثة الأنبياء،و ختم بنا الأمم السالفة،و خصّنا بالوصية،و أعطانا علم ما مضى و علم ما بقي،و جعل أفئدة من الناس تهوي إلينا إغفر لي و لإخواني،و لزوار قبر أبي عبد اللّه الحسين بن علي صلى اللّه عليه،الذين أنفقوا أموالهم،و أشخصوا أبدانهم رغبة في برّنا،و رجاء لما عندك في صلتنا، و سرورا أدخلوه على نبيك محمد صلّى اللّه عليه و آله،و إجابة منهم لأمرنا،و غيظا أدخلوه على عدونا،أرادوا بذلك رضوانك.فكافهم عنا بالرضوان،و اكلأهم بالليل و النهار، و اخلف على أهاليهم و أولادهم الذين خلّفوا بأحسن الخلف،و اصحبهم،و اكفهم شرّ كل جبّار عنيد،و كل ضعيف من خلقك و شديد،و شر شياطين الجن و الإنس، و أعطهم أفضل ما أملوا منك في غربتهم عن أوطانهم،و ما آثرونا على أبنائهم و أهاليهم و قراباتهم.

اللهم إن أعداءنا عابوا عليهم خروجهم،فلم ينههم ذلك عن النهوض و الشخوص إلينا خلافا منهم على من خالفنا،اللّهم فارحم تلك الوجوه التي غيّرتها الشمس، ارحم تلك الخدود التي تقلّب على قبر أبي عبد اللّه عليه السّلام،و ارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا،و ارحم تلك القلوب التي جزعت و احترقت لنا،و ارحم تلك الصرخة التي كانت لنا.

ص: 24


1- وسائل الشيعة،ج:10،ص:335.

اللهم إني استودعك تلك الأنفس،و تلك الأبدان،حتى ترويهم من الحوض يوم العطش.

قال:فما زال صلوات اللّه عليه يدعو بهذا الدعاء و هو ساجد،فلما انصرف قلت له:

جعلت فداك لو أن الدعاء الذي سمعته منك كان لمن لا يعرف اللّه لظننت أن النار لا تطعم شيئا منه أبدا،و اللّه لقد تمنيت إني كنت زرته و لم أحج.

فقال:ما أقربك منه فما الذي يمنعك من زيارته،ثم قال:يا معاوية و لم تدع ذلك، قلت:جعلت فداك لم أدر أن الأمر يبلغ هذا كله.

قال:يا معاوية و من يدعو لزواره في السماء أكثر ممن يدعو له في الأرض،يا معاوية لا تدعه لخوف من أحد،فمن تركه لخوف رأى من الحسرة ما يتمنّى أن قبره كان بيده.... (1).

5-البعد عن جوار محمد صلّى اللّه عليه و آله:

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:يا علي بلغني أن قوما من شيعتنا يمر بأحدهم السنة و السنتان لا يزورون الحسين.

قلت:جعلت فداك إني أعرف أناسا كثيرة بهذه الصفة،قال:أما و اللّه لحظهم أخطأوا و عن ثواب اللّه زاغوا و عن جوار محمد صلّى اللّه عليه و آله تباعدوا،قلت:جعلت فداك في كم الزيارة.

قال:يا علي إن قدرت أن تزوره في كل شهر فافعل.

قلت:لا أصل إلى ذلك لأني أعمل بيدي و أمور الناس بيدي و لا أقد أن أغيّب وجهي عن مكاني يوما واحدا.

ص: 25


1- المزار،ص:334-336.

قال عليه السّلام:أنت في عذر و من كان يعمل بيده،و إنما عنيت من لا يعمل بيده ممن إن خرج في كل جمعة هان ذلك عليه،أما أنه ما له عند اللّه من عذر و لا عند رسوله من عذر يوم القيامة.

قلت:فإن أخرج عنه رجلا فيجوز ذلك.

قال عليه السّلام:نعم و خروجه بنفسه أعظم أجرا و خيرا له عند ربه،يراه ربه ساهر الليل له تعب النهار،ينظر اللّه إليه نظرة توجب له الفردوس الأعلى مع محمد و أهل بيته،فتنافسو في ذلك و كونوا من أهله (1).3.

ص: 26


1- كامل الزيارات،ص:492-493.

نصوص زيارات الإمام الحسين عليه السّلام

اشارة

1-حدثني محمد بن جعفر الرزاز الكوفي عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن يزيد بن إسحاق عن الحسن بن عطية عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إذا دخلت الحائر(الحير)فقل:اللهم إن هذا مقام أكرمتني (كرمتني)به و شرّفتني به اللهم فأعطني فيه رغبتي على حقيقة إيماني بك و برسلك سلام اللّه عليك يا ابن رسول اللّه و سلام ملائكته فيما تروح و تغتدي به الرائحات الطاهرات الطيبات لك و عليك و سلام على ملائكة اللّه المقرّبين و سلام على المسلّمين لك بقلوبهم الناطقين لك بفضلك بألسنتهم أشهد أنك صادق صديق صدقت فيما دعوت إليه و صدقت فيما أتيت به و إنك ثار اللّه في الأرض من الدم الذي لا يدرك ثاره(ترته)من الأرض إلا بأوليائك اللهم حبب إلي مشاهدهم و شهادتهم حتى تلحقني بهم و تجعلني لهم فرطا و تابعا في الدنيا و الآخرة ثم تمشي قليلا و تكبّر بسبع تكبيرات.

ثم تقوم بحيال القبر و تقول:سبحان الذي سبّح له الملك و الملكوت و قدّست بأسمائه جميع خلقه و سبحان اللّه الملك القدوس رب الملائكة و الروح اللهم اكتبني في وفدك إلى خير بقاعك و خير خلقك اللهم العن الجبت و الطاغوت و العن أشياعهم و أتباعهم اللهم أشهدني مشاهد الخير كلها مع أهل بيت نبيك اللهم توفّني مسلما و اجعل لي قدما(قدم صدق)مع الباقين الوارثين الذين يرثون(يرثون الأرض من عبادك)الفردوس هم فيها خالدون من عبادك الصالحين ثم كبّر خمس تكبيرات ثم تمشي قليلا و تقول:اللهم إني بك مؤمن و بوعدك موقن اللهم

ص: 27

اكتب لي إيمانا و ثبّته في قلبي اللهم اجعل ما أقول بلساني حقيقته في قلبي و شريعته في عملي اللهم اجعلني ممن له مع الحسين عليه السّلام قدم ثبات و أثبتني فيمن استشهد معه.

ثم كبّر ثلاث تكبيرات و ترفع يديك حتى تضعهما على القبر جميعا.

ثم تقول:أشهد أنك طهر طاهر من طهر طاهر طهرت و طهرت بك البلاد و طهرت أرض أنت بها و طهر حرمك أشهد أنك أمرت بالقسط و العدل و دعوت إليهما و أنك ثار اللّه في أرضه حتى يستشير لك من جميع خلقه ثم ضع خديك جميعا على القبر ثم تجلس و تذكر اللّه بما شئت و توجه إلى اللّه فيما شئت أن تتوجه ثم تعود و تضع يديك عند رجليه ثم تقول:صلوات اللّه على روحك و على بدنك صدقت و أنت الصادق المصدق و قتل اللّه من قتلك بالأيدي و الألسن ثم تقبل إلى علي ابنه فتقول ما أحببت ثم تقوم قائما فتستقبل قبور الشهداء فتقول:السلام عليكم أيها الشهداء أنتم لنا فرط و نحن لكم تبع أبشروا بموعد اللّه الذي لا خلف له اللّه مدرك لكم و تركم و مدرك بكم في الأرض عدوه أنتم سادة الشهداء في الدنيا و الآخرة ثم تجعل القبر بين يديك ثم تصلي ما بدالك.

ثم تقول:جئت وافدا إليك و أتوسل إلى اللّه بك في جميع حوائجي من أمر دنياي و آخرتي بك يتوسل المتوسلون إلى اللّه في حوائجهم و بك يدرك عند اللّه أهل التراث طلبتهم ثم تكبّر إحدى عشرة تكبيرة متتابعة و لا تعجل فيها ثم تمشي قليلا فتقوم مستقبل القبلة فتقول الحمد للّه الواحد المتوحد في الأمور كلها خلق الخلق فلم يغب شيء من أمورهم عن علمه فعلمه بقدرته ضمنت الأرض و من عليها دمك و ثارك يا ابن رسول اللّه صلى اللّه عليك أشهد أن لك من اللّه ما وعدك من النصر و الفتح و أن لك من اللّه الوعد الصادق في هلاك أعدائك و تمام موعد اللّه إياك أشهد أن من تبعك الصادقون الذين قال اللّه تبارك و تعالى فيهم أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَ نُورُهُمْ.

ص: 28

ثم كبر سبع تكبيرات ثم تمشي قليلا ثم تستقبل القبر و تقول:الحمد للّه الذي لم يتخذ ولدا و لم يكن له شريك في الملك و خلق كل شيء فقدّره تقديرا أشهد أنك دعوت إلى اللّه و إلى رسوله و وفيت للّه بعهده و قمت للّه بكلماته و جاهدت في سبيل اللّه حتى أتاك اليقين لعن اللّه أمة قتلتك و لعن اللّه أمة ظلمتك و لعن اللّه أمة خذلتك و لعن اللّه أمة خدعتك(خذلت عنك).

اللهم إني أشهدك بالولاية لمن و اليت و والته رسلك و أشهد بالبراءة ممن برئت منه و برئت منه رسلك اللهم العن الذين كذّبوا رسلك و هدموا كعبتك و حرفوا كتابك و سفكوا دماء أهل بيت نبيك و أفسدوا في بلادك و استذلّوا عبادك اللهم ضاعف عليهم(لهم)العذاب فيما جرى من سبلك و برك و بحرك اللهم العنهم في مستسر السرائر و ظاهر العلانية في أرضك و سمائك.

و كلما دخلت الحائر فسلّم وضع يدك(خدك)على القبر.

زيارة أخرى

2-حدثني أبي و علي بن الحسين و محمد بن الحسن رحمهم اللّه جميعا عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن القاسم بن يحيى عن الحسن بن راشد عن الحسين بن ثوير بن أبي فاختة قال:كنت أنا و يونس بن ظبيان و المفضل بن عمر و أبو سلمة السراج جلوسا عند أبي عبد اللّه عليه السّلام و كان المتكلم يونس و كان أكبر منا سنا.

فقال له:جعلت فداك إني أحضر مجالس هؤلاء القوم يعني ولد(س ا ب ع)فما أقول.

قال:إذا حضرتهم و ذكرتنا فقل اللهم أرنا الرخاء و السرور فإنك تأتي على كل ما تريد فقلت:جعلت فداك إني كثيرا ما أذكر الحسين عليه السّلام فأي شيء أقول؟.

ص: 29

قال عليه السّلام:قل:السلام عليك يا أبا عبد اللّه تعيد ذلك ثلاثا فإن السلام يصل إليه من قريب و من بعيد.

ثم قال:إن أبا عبد اللّه عليه السّلام لما مضى بكت عليه السماوات السبع و الأرضون السبع و ما فيهن و ما بينهن و من يتقلّب في الجنة و النار من خلق ربنا و ما يرى و ما لا يرى بكى على أبي عبد اللّه عليه السّلام:إلا ثلاثة أشياء لم تبك عليه.

قلت:جعلت فداك ما هذه الثلاثة أشياء.

قال عليه السّلام:لم تبك عليه البصرة و لا دمشق و لا آل عثمان.

قال:قلت:جعلت فداك إني أريد أن أزوره فكيف أقول و كيف أصنع.

قال:إذا أتيت أبا عبد اللّه عليه السّلام فاغتسل على شاطئ الفرات ثم البس ثيابك الطاهرة ثم امش حافيا فإنك في حرم من حرم اللّه و حرم رسوله و عليك بالتكبير و التهليل و التمجيد و التعظيم للّه كثيرا و الصلاة على محمد و أهل بيته حتى تصير إلى باب الحائر(الحسين عليه السّلام)ثم قل:

السلام عليك يا حجة اللّه و ابن حجته السلام عليكم يا ملائكة اللّه و زوار قبر ابن نبي اللّه.

ثم اخط عشر خطوات فكبّر ثم قف فكبّر ثلاثين تكبيرة ثم امش حتى تأتيه من قبل وجهه و استقبل بوجهك وجهه و اجعل القبلة بين كتفيك ثم تقول:السلام عليك يا حجة اللّه و ابن حجته السلام عليك يا قتيل اللّه و ابن قتيله السلام عليك يا ثار اللّه و ابن ثاره السلام عليك يا وتر اللّه الموتور في السماوات و الأرض أشهد أن دمك سكن في الخلد و اقشعرت له أظلة العرش و بكى له جميع الخلائق و بكت له السماوات السبع و الأرضون السبع و ما فيهن و ما بينهن و من يتقلّب في الجنة و النار من خلق ربنا و ما يرى و ما لا يرى أشهد أنك حجة اللّه و ابن حجته و أشهد أنك قتيل اللّه و ابن قتيله و أشهد أنك ثار اللّه في الأرض و ابن ثاره و أشهد أنك وتر اللّه الموتور في السماوات و الأرض و أشهد أنك قد بلّغت و نصحت و وفيت و وافيت

ص: 30

و جاهدت في سبيل ربك و مضيت على بصيرة للذي كنت عليه شهيدا و مستشهدا و شاهدا و مشهودا أنا عبد اللّه و مولاك و في طاعتك و الوافد إليك ألتمس كمال المنزلة عند اللّه و ثبات القدم في الهجرة إليك و السبيل الذي لا يختلج دونك من الدخول في كفالتك التي أمرت بها من أراد اللّه بدأ بكم(من أراد اللّه بدأ بكم من أراد اللّه بدأ بكم)بكم يبين اللّه الكذب و بكم يباعد اللّه الزمان الكلب و بكم فتح اللّه و بكم يختم اللّه و بكم يمحو اللّه ما يشاء و بكم يثبت و بكم يفك الذل من رقابنا و بكم يدرك اللّه ترة كل مؤمن يطلب و بكم تنبت الأرض أشجارها و بكم تخرج الأرض (الأشجار)أثمارها و بكم تنزل السماء قطرها و رزقها و بكم يكشف اللّه الكرب و بكم ينزل اللّه الغيث و بكم تسبّح اللّه الأرض التي تحمل أبدانكم و تستقل جبالها على مراسيها إرادة الرب في مقادير أموره تهبط إليكم و تصدر من بيوتكم و الصادق عما فصل من أحكام العباد لعنت أمة قتلتكم و أمة خالفتكم و أمة جحدت ولايتكم و أمة ظاهرت عليكم و أمة شهدت و لم تستشهد الحمد للّه الذي جعل النار مأواهم و بئس ورد الواردين و بئس الورد المورود الحمد للّه رب العالمين.

و تقول ثلاثا:صلّى اللّه عليك يا أبا عبد اللّه أيضا ثلاثا إنا إلى اللّه ممن خالفك بريء.

ثم تقوم فتأتي ابنه عليا عليه السّلام و هو عند رجليه فتقول:السلام عليك يا ابن رسول اللّه السلام عليك يا ابن أمير المؤمنين السلام عليك يا ابن الحسن و الحسين السلام عليك يا ابن خديجة الكبرى و فاطمة الزهراء صلّى اللّه عليك-ثلاثا-لعن اللّه من قتلك ثلاثا أنا إلى اللّه منهم بريء-ثلاثا-.

ثم تقوم فتومىء بيدك إلى الشهداء و تقول:السلام عليكم ثلاثا فزتم و اللّه ثلاثا فليت إني معكم فأفوز فوزا عظيما ثم تدور فتجعل قبر أبي عبد اللّه عليه السّلام بين يديك و أمامك فتصلّي ست ركعات و قد تمّت زيارتك فإن شئت أقم و إن شئت فانصرف.

ص: 31

زيارة أخرى

3-حدثني أبي و محمد بن الحسن عن الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين ابن سعيد عن فضالة بن أيوب عن نعيم بن الوليد عن يوسف الكناسي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إذا أتيت قبر الحسين عليه السّلام فأت الفرات و اغتسل بحيال قبره و توجّه إليه و عليك السكينة و الوقار حتى تدخل الحائر(الحير)من جانبه الشرقي و قل حين تدخله:

السلام على ملائكة اللّه المقربين السلام على ملائكة اللّه المنزلين السلام على ملائكة اللّه المردفين السلام على ملائكة اللّه المسومين السلام على ملائكة اللّه الذين هم في هذا الحائر بإذن اللّه مقيمون،فإذا استقبلت قبر الحسين عليه السّلام فقل:السلام على رسول اللّه صلى اللّه على محمد أمين اللّه و على رسوله و عزائم أمره الخاتم لما سبق و الفاتح لما استقبل و المهيمن على ذلك كله و السلام عليه و رحمة اللّه و بركاته ثم تقول:السلام على أمير المؤمنين عبدك و أخي رسولك الذي انتجبته بعلمك و جعلته هاديا لمن شئت من خلقك و الدليل على من بعثته برسالاتك و ديان الدين بعدلك و فصل قضائك بين خلقك و المهيمن على ذلك كله و السلام عليه و رحمة اللّه و بركاته.

اللهم صل على الحسن بن علي عبدك و ابن رسولك الذي انتجبته بعلمك إلى آخر ما صليت على أمير المؤمنين ثم تسلّم على الحسين و سائر الأئمة كما صلّيت و سلّمت على الحسن بن علي.

ثم تأتي قبر الحسين عليه السّلام فتقول:السلام عليك يا أبا عبد اللّه السلام عليك يا ابن رسول اللّه صلى اللّه عليك يا أبا عبد اللّه رحمك اللّه يا أبا عبد اللّه أشهد أنك قد بلّغت عن اللّه ما أمرك به ولم تخش أحدا غيره و جاهدت في سبيله و عبدته صادقا مخلصا حتى أتاك اليقين أشهد أنكم كلمة التقوى و باب الهدى و العروة الوثقى و الحجة على

ص: 32

من يبقى و من تحت الثرى أشهد أن ذلك لكم سابق فيما مضى و ذلك لكم فاتح فيما بقي أشهد أن أرواحكم و طينتكم طينة طيبة طابت و طهرت هي بعضها من بعض منّا من اللّه و(من)رحمته فأشهد اللّه و أشهدكم أني بكم مؤمن و بإيابكم موقن و لكم تابع في ذات نفسي و شرائع ديني و خاتمة عملي و منقلبي و مثواي فأسأل اللّه البر الرحيم أن يتمم لي ذلك و أشهد أنكم قد بلّغتم عن اللّه ما أمركم به حتى لم تخشوا أحدا غيره و جاهدتم في سبيله و عبدتموه حتى أتاكم اليقين فلعن اللّه من قتلكم و لعن اللّه من أمر به و لعن اللّه من بلغه ذلك فرضي به أشهد أن الذين انتهكوا حرمتك و سفكوا دمك ملعونون على لسان النبي الأمي.

ثم تقول:اللهم العن الذين بدّلوا نعمتك و خالفوا ملتك و رغبوا عن أمرك و اتهموا رسولك و صدوا عن سبيلك اللهم احش قبورهم نارا و أجوافهم نارا و احشرهم و أتباعهم إلى جهنم زرقا اللهم العنهم لعنا يلعنهم به كل ملك مقرب و كل نبي مرسل و كل عبد مؤمن امتحنت قلبه للايمان.

اللهم العنهم في مستسر السر و ظاهر العلانية اللهم العن جوابيت هذه الأمة و طواغيتها و العن فراعنتها و العن قتلة أمير المؤمنين و العن قتلة الحسن و الحسين و عذّبهم عذابا أليما لا تعذّب به أحدا من العالمين اللهم اجعلنا ممن تنصره و تنتصر به و تمن عليه بنصرك لدينك في الدنيا و الآخرة.

ثم اجلس عند رأسه صلّى اللّه عليه و آله فقل صلّى اللّه عليك أشهد أنك عبد اللّه و أمينه بلّغت ناصحا و أدّيت أمينا و قتلت صديقا و مضيت على يقين لم تؤثر عمى على هدى و لم تمل من حق إلى باطل أشهد أنك قد أقمت الصلاة و آتيت الزكاة و أمرت بالمعروف و نهيت عن المنكر و اتبعت الرسول و تلوت الكتاب حق تلاوته و دعوت إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة صلّى اللّه عليك و سلّم تسليما كثيرا أشهد أنك كنت على بينة من ربك قد بلّغت ما أمرت به و قمت بحقه و صدقت من قبلك غير واهن و لا موهن صلّى اللّه عليك و سلّم تسليما فجزاك اللّه من صديق خيرا عن رعيتك أشهد أن

ص: 33

الجهاد معك جهاد و أن الحق معك و إليك و أنت أهله و معدنه و ميراث النبوة عندك و عند أهل بيتك عليه السّلام أشهد أنك صدّيق عند اللّه و حجته على خلقه و أشهد أن دعوتك حق و كل داع منصوب غيرك فهو باطل مدحوض و أشهد أن اللّه هو الحق المبين ثم تحوّل عند رجليه و تخيّر من الدعاء و تدعو لنفسك.

ثم تحوّل عند رأس علي بن الحسين عليه السّلام و تقول:سلام اللّه و سلام ملائكته المقربين و أنبيائه المرسلين عليك يا مولاي و ابن مولاي و رحمة اللّه و بركاته صلّى اللّه عليك و على أهل بيتك و عترة آبائك الأخيار الأبرار الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا.

ثم تأتي قبور الشهداء و تسلّم عليهم و تقول:السلام عليكم أيها الربانيون أنتم لنا فرط و سلف و نحن لكم أتباع و أنصار أشهد أنكم أنصار اللّه كما قال اللّه تبارك و تعالى في كتابه وَ كَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ ما ضَعُفُوا وَ مَا اسْتَكانُوا فما وهنتم و ما ضعفتم و ما استكنتم حتى لقيتم اللّه على سبيل الحق و نصره كلمة اللّه التامة صلّى اللّه على أرواحكم و أبدانكم و سلّم تسليما أبشروا بموعد اللّه الذي لا خلف له إنه لا يخلف الميعاد اللّه مدرك لكم ثار ما وعدكم أنتم سادة الشهداء في الدنيا و الآخرة أنتم السابقون و المهاجرون و الأنصار أشهد أنكم قد جاهدتم في سبيل اللّه و قتلتم على منهاج رسول اللّه و ابن رسول اللّه الحمد للّه الذي صدقكم وعده و أراكم ما تحبون.

ثم تقول:أتيتك يا حبيب رسول اللّه و ابن رسوله و إني لك عارف و بحقك مقر و بفضلك مستبصر و بضلالة من خالفك موقن عارف بالهدى الذي أنت عليه بأبي أنت و أمي و نفسي اللهم إني أصلّي عليه كما صلّيت أنت عليه و رسلك و أمير المؤمنين صلاة متتابعة متواصلة مترادفة يتبع بعضها بعضا لا انقطاع لها و لا أمد و لا أبد و لا أجل في محضرنا هذا و إذا غبنا و شهدنا و السلام عليه و رحمة اللّه و بركاته.

ص: 34

زيارة أخرى

4-حدثني أبي و محمد بن عبد اللّه عن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن عبد اللّه بن محمد بن خالد الطيالسي عن الحسن بن علي عن أبيه عن فضل بن عثمان الصائغ عن معاوية بن عمار قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ما أقول إذا أتيت قبر الحسين عليه السّلام؟

قال:قل:السلام عليك يا أبا عبد اللّه صلّى اللّه عليك يا أبا عبد اللّه رحمك اللّه يا أبا عبد اللّه لعن اللّه من قتلك و لعن اللّه من شرك في دمك و لعن اللّه من بلغه ذلك فرضي به أنا إلى اللّه من ذلك بريء.

ص: 35

زيارة أخرى

زيارة وارث

5-حدثني أبي عن سعد بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه الرازي عن الحسن بن علي ابن أبي حمزة عن الحسن بن محمد بن عبد الكريم أبي علي عن المفضل بن عمر عن جابر الجعفي قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام للمفضل:كم بينك و بين قبر الحسين عليه السّلام؟

قلت:بأبي أنت و أمي يوم و بعض يوم آخر.

قال:فتزوره؟

فقال:نعم.

قال:فقال:ألا أبشرك ألا أفرحك ببعض ثوابه.

قلت:بلى جعلت فداك.

قال:فقلت:إن الرجل منكم ليأخذ في جهازه و يتهيأ لزيارته فيتباشر به أهل السماء فإذا خرج من باب منزله راكبا أو ماشيا و كّل اللّه به أربعة آلاف ملك من الملائكة يصلّون عليه حتى يوافي قبر الحسين عليه السّلام يا مفضل إذا أتيت قبر الحسين بن علي عليه السّلام فقف بالباب و قل هذه الكلمات فإن لك بكل كلمة كفلا من رحمة اللّه.

فقلت:ما هي جعلت فداك؟

قال:تقول:السلام عليك يا وارث آدم صفوة اللّه السلام عليك يا وارث نوح نبي اللّه السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل اللّه السلام عليك يا وارث موسى كليم اللّه السلام عليك يا وارث عيسى روح اللّه السلام عليك يا وارث محمد حبيب(نبي)

ص: 36

اللّه السلام عليك يا وارث علي وصي رسول اللّه السلام عليك يا وارث الحسن الرضي السلام عليك يا وارث فاطمة بنت رسول اللّه السلام عليك أيها الصديق الشهيد السلام عليك أيها الوصي البار التقي السلام عليك يا حجة اللّه و ابن حجته السلام على الأرواح التي حلت بفنائك و أناخت برحلك السلام على ملائكة اللّه المحدقين بك أشهد أنك قد أقمت الصلاة و آتيت الزكاة و أمرت بالمعروف و نهيت عن المنكر و عبدت اللّه مخلصا حتى أتاك اليقين السلام عليك و رحمة اللّه و بركاته.

ثم تسعى فلك بكل قدم رفعتها و وضعتها كثواب المتشحط بدمه في سبيل اللّه فإذا سلمت على القبر فالتمسه بيدك و قل:السلام عليك يا حجة اللّه في سمائه و أرضه.

ثم تمضي إلى صلاتك و لك بكل ركعة ركعتها عنده كثواب من(حج ألف حجة و اعتمر ألف عمرة)حج و اعتمر ألف مرة و أعتق ألف رقبة و كأنما وقف في سبيل اللّه ألف مرة مع نبي مرسل فإذا انقلبت من عند قبر الحسين ناداك مناد لو سمعت مقالته لأقمت عمرك عند قبر الحسين عليه السّلام و هو يقول:طوبى لك أيها العبد قد غنمت و سلمت قد غفر لك ما سلف فاستأنف العمل فإن هو مات من عامه أو في ليلته أو يومه لم يل قبض روحه إلا اللّه و تقبل الملائكة معه و يستغفرون له و يصلّون عليه حتى يوافي منزله و تقول الملائكة:يا رب هذا عبدك قد وافى قبر ابن نبيك صلّى اللّه عليه و آله و قد وافى منزله فأين نذهب فيناديهم النداء من السماء يا ملائكتي قفوا بباب عبدي فسبّحوا و قدّسوا و اكتبوا ذلك في حسناته إلى يوم يتوفّى قال:فلا يزالون ببابه إلى يوم يتوفّى يسبّحون اللّه و يقدّسونه و يكتبون ذلك في حسناته فإذا توفّي شهدوا جنازته و كفنه و غسله و الصلاة عليه و يقولون ربنا وكلتنا بباب عبدك و قد توفّي فأين نذهب فيناديهم يا ملائكتي قفوا بقبر عبدي فسبّحوا و قدّسوا و اكتبوا ذلك في حسناته إلى يوم القيامة.

حدثني حكيم بن داود بن حكيم عن سلمة بن الخطاب عن أبي عبد اللّه الرازي

ص: 37

الجاموراني عن الحسن بن علي بن أبي حمزة بإسناده مثله.

زيارة أخرى

6-حدثني الحسن بن عبد اللّه بن محمد بن عيسى عن أبيه عن جده محمد بن عيسى بن عبد اللّه عن إبراهيم بن أبي البلاد قال:قلت لأبي الحسن عليه السّلام:ما تقول في زيارة قبر الحسين عليه السّلام؟

فقال لي:ما تقولون أنتم فيه.

فقلت:بعضنا يقول:حجة و بعضنا يقول:عمرة.

قال:فأي شيء تقول إذا أتيت.

فقلت أقول:السلام عليك يا أبا عبد اللّه السلام عليك يا ابن رسول اللّه أشهد أنك قد أقمت الصلاة و آتيت الزكاة و أمرت بالمعروف و نهيت عن المنكر و دعوت إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و أشهد أن الذين سفكوا دمك و استحلّوا حرمتك ملعونون معذبون على لسان داود و عيسى ابن مريم ذلك بما عصوا و كانوا يعتدون.

حدثني أبي عن موسى بن جعفر البغدادي عمن حدثه عن إبراهيم بن أبي البلاد قال:قال لي أبو الحسن عليه السّلام:كيف السلام على أبي عبد اللّه عليه السّلام؟

قال:قلت:أقول:السلام عليك يا أبا عبد اللّه السلام عليك يا ابن رسول اللّه أشهد أنك قد أقمت الصلاة و آتيت الزكاة و أمرت بالمعروف و نهيت عن المنكر و دعوت إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة أشهد أن الذين سفكوا دمك و استحلّوا حرمتك ملعونون معذّبون على لسان داود و عيسى ابن مريم ذلك بما عصوا و كانوا يعتدون.

قال:نعم هو هكذا.

ص: 38

زيارة أخرى

7-حدثني حكيم بن داود عن سلمة بن الخطاب عن علي بن محمد عن بعض أصحابه عن سليمان بن حفص المروزي عن الرجل قال:تقول عند قبر الحسين عليه السّلام:السلام عليك يا أبا عبد اللّه السلام عليك يا حجة اللّه في أرضه و شاهده على خلقه السلام عليك يا ابن رسول اللّه السلام عليك يا ابن علي المرتضى السلام عليك يا ابن فاطمة الزهراء أشهد أنك قد أقمت الصلاة و آتيت الزكاة و أمرت بالمعروف و نهيت عن المنكر و جاهدت في سبيل اللّه حتى أتاك اليقين و صلّى اللّه عليك حيا و ميتا.

ثم ضع خدك الأيمن على القبر و قل:أشهد أنك على بينة من ربك جئتك مقرا بالذنوب اشفع لي عند ربك يا ابن رسول اللّه.

ثم اذكر الأئمة واحدا واحدا و قل:أشهد أنهم حجج اللّه ثم قل اكتب لي عندك عهدا و ميثاقا بأني أتيتك مجددا الميثاق فاشهد لي عند ربك إنك أنت الشاهد.

حدثني حكيم بن داود بن حكيم عن سلمة بن الخطاب عن الحسين بن زكريا عن سليمان بن حفص المروزي عن المبارك قال:تقول عند قبر الحسين عليه السّلام:السلام عليك يا أبا عبد اللّه السلام عليك يا حجة اللّه في أرضه و شاهده على خلقه السلام عليك يا ابن رسول اللّه السلام عليك يا ابن علي المرتضى السلام عليك يا ابن فاطمة الزهراء أشهد أنك قد أقمت الصلاة و آتيت الزكاة و أمرت بالمعروف و نهيت عن المنكر و جاهدت في سبيل اللّه حتى أتاك اليقين فصلى اللّه عليك حيا و ميتا.

ثم ضع خدك الأيمن على القبر و قل:أشهد أنك على بينة من ربك جئتك مقرا بالذنوب لتشفع لي عند ربك يا ابن رسول اللّه ثم اذكر الأئمة بأسمائهم واحدا بعد واحد و قل:أشهد أنهم حجج اللّه ثم قل اكتب لي عندك ميثاقا و عهدا إني أتيتك مجددا الميثاق فاشهد لي عند ربك إنك أنت الشاهد.

ص: 39

زيارة أخرى

8-حدثني محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن عبد الجبار عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن عامر بن جذاعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إذا أتيت الحسين عليه السّلام فقل:الحمد للّه و صلّى اللّه على محمد النبي و آله و السلام عليه و عليهم و رحمة اللّه و بركاته صلى اللّه عليك يا أبا عبد اللّه لعن اللّه من قتلك و من شارك في دمك و من بلغه ذلك فرضي به أنا إلى اللّه منهم بريء ثلاثا.

حدثني أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن محمد بن أبي عمير عن عامر بن جذاعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إذا أتيت الحائر فقل الحمد للّه و صلّى اللّه على محمد و أهل بيته و السلام عليه و عليهم السلام و رحمة اللّه و بركاته عليك السلام يا أبا عبد اللّه لعن اللّه من قتلك و من شارك في دمك و من بلغه ذلك فرضي به أنا إلى اللّه منهم بريء.

زيارة أخرى

9-حدثني أبي عن سعد بن عبد اللّه و عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال عن عمرو بن سعيد المدائني عن مصدق بن صدقة عن عمار بن موسى الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:تقول إذا أتيت(انتهيت)إلى قبره:السلام عليك يا ابن رسول اللّه السلام عليك يا ابن أمير المؤمنين السلام عليك يا أبا عبد اللّه السلام عليك يا سيد شباب أهل الجنة و رحمة اللّه و بركاته السلام عليك يا من رضاه من رضى الرحمن و سخطه من سخط الرحمن السلام عليك يا أمين اللّه و حجته و باب اللّه و الدليل على اللّه و الداعي إلى اللّه أشهد أنك قد حللت حلال اللّه

ص: 40

و حرّمت حرام اللّه و أقمت الصلاة و آتيت الزكاة و أمرت بالمعروف و نهيت عن المنكر و دعوت إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و أشهد أنك و من قتل معك شهداء أحياء عند ربكم ترزقون و أشهد أن قاتليك في النار أدين اللّه بالبراءة ممن قاتلك و ممن قتلك و شايع عليك و ممن جمع عليك و ممن سمع صوتك و لم يجبك(و لم يعنك)يا ليتني كنت معكم فأفوز فوزا عظيما حدثني علي بن الحسين عن علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن ابن أبي نجران عن يزيد بن إسحاق عن الحسن بن عطية عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:تقول عند قبر الحسين عليه السّلام ما أحببت.

زيارة أخرى

10-حدثني محمد بن جعفر عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن أبي سعيد المدائني قال:دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فقلت:

جعلت فداك آتي قبر الحسين عليه السّلام؟

قال:نعم يا أبا سعيد ائت قبر الحسين عليه السّلام أطيب الطيبين و أطهر الطاهرين و أبر الأبرار و إذا زرته يا أبا سعيد فسبّح عند رأسه تسبيح أمير المؤمنين عليه السّلام ألف مرة و سبّح عند رجليه تسبيح فاطمة الزهراء عليه السّلام ألف مرة ثم صل عنده ركعتين تقرأ فيهما يس و الرحمن فإذا فعلت ذلك كتب اللّه لك ثواب ذلك إن شاء اللّه تعالى.

قال:قلت:جعلت فداك علّمني تسبيح علي و فاطمة عليهما السّلام.

قال:نعم يا أبا سعيد تسبيح علي عليه السّلام سبحان الذي لا تنفذ خزائنه سبحان الذي لا تبيد معالمه سبحان الذي لا يفنى ما عنده سبحان الذي لا يشرك أحدا في حكمه سبحان الذي لا اضمحلال لفخره سبحان الذي لا انقطاع لمدته سبحان الذي لا إله غيره و تسبيح فاطمة عليها السّلام سبحان ذي الجلال الباذخ العظيم سبحان ذي العز الشامخ المنيف سبحان ذي الملك الفاخر القديم سبحان ذي البهجة و الجمال

ص: 41

سبحان من تردّى بالنور و الوقار سبحان من يرى أثر النمل في الصفا و وقع الطير في الهواء.

زيارة أخرى

11-حدثني أبي و غير واحد عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن العباس بن موسى الوراق عن يونس عن عامر بن جذاعة قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:إذا أتيت قبر الحسين عليه السّلام فقل السلام عليك يا ابن رسول اللّه السلام عليك يا أبا عبد اللّه عليه السّلام لعن اللّه من قتلك و لعن اللّه من بلغه ذلك فرضي به أنا إلى اللّه منهم بريء.

زيارة أخرى

12-حدثني الحسين بن محمد بن عامر عن أحمد بن إسحاق بن سعد قال:

حدثنا سعدان بن مسلم قائد أبي بصير قال:حدثنا بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إذا أتيت القبر بدأت فأثنيت على اللّه عز و جل و صلّيت على النبي صلّى اللّه عليه و آله و اجتهدت في ذلك.

ثم تقول:سلام اللّه و سلام ملائكته فيما تروح و تغدو الزاكيات الطاهرات لك و عليك و سلام اللّه و سلام ملائكته المقربين و المسلمين لك بقلوبهم و الناطقين بفضلك و الشهداء على أنك صادق صديق صدقت و نصحت فيما أتيت به و أنك ثار اللّه في الأرض و الدم الذي لا يدرك ثاره(ترته)أحد من أهل الأرض و لا يدركه إلا اللّه وحده جئتك يا ابن رسول اللّه وافدا إليك و أتوسل إلى اللّه بك في جميع حوائجي من أمر دنياي و آخرتي و بك يتوسل المتوسلون إلى اللّه في حوائجهم و بك

ص: 42

يدرك أهل الترات من عباد اللّه طلبتهم ثم امش قليلا ثم تستقبل القبر و القبلة بين كتفيك فقل الحمد للّه الواحد الأحد المتوحد بالأمور كلها خالق الخلق فلم يعزب عنه شيء من أمرهم و عالم كل شيء بلا(بغير)تعليم ضمن الأرض و من عليها دمك و ثارك يا ابن رسول اللّه أشهد أن لك من اللّه ما وعدك من النصر و الفتح و أن لك من اللّه الوعد الحق في هلاك عدوك و تمام موعده إياك أشهد أنه قاتل معك ربيون كثير كما قال اللّه تعالى وَ كَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ ثم كبّر سبع تكبيرات ثم امش قليلا و استقبل القبر ثم قل:الحمد للّه الذي لم يتخذ صاحبة و لا ولدا و لم يكن له شريك في الملك خلق كل شيء فقدّره تقديرا أشهد أنك قد بلّغت عن اللّه ما أمرت به و وفيت بعهد اللّه و تمت بك كلماته و جاهدت في سبيله حتى أتاك اليقين لعن اللّه أمة قتلتك و أمة خذلتك و لعن اللّه أمة خذّلت عنك.

اللهم إني أشهد بالولاية لمن و اليت و والت رسلك و أشهد بالبراءة ممن برئت منه و برئت منه رسلك اللهم العن الذين كذّبوا رسولك و هدموا كعبتك و حرّفوا كتابك و سفكوا دماء أهل بيت نبيك و أفسدوا عبادك و استذلوهم اللهم ضاعف لهم اللعنة فيما جرت به سنّتك في برك و بحرك اللهم العنهم في سمائك و أرضك اللهم و اجعل لي لسان صدق في أوليائك و حبب إلي مشاهدهم حتى تلحقني بهم و تجعلهم لي فرطا و تجعلني لهم تبعا في الدنيا و الآخرة.

ثم امش قليلا فكبّر سبعا و هلّل سبعا و احمد اللّه سبعا و سبّح اللّه تعالى سبعا و أجبه سبعا و تقول:لبيك داعي اللّه لبيك داعي اللّه إن كان لم يجبك بدني فقد أجابك قلبي و شعري و بشري و رأيي و هواي على التسليم لخلف النبي المرسل و السبط المنتخب و الدليل العالم و الأمين المستخزن و المرضي البليغ(الوصي المبلغ) و المظلوم المهتضم جئت انقطاعا إليك و إلى ولدك و ولد ولدك الخلف من بعدك على بركة الحق فقلبي لكم مسلّم و أمري لكم متّبع و نصرتي لكم معدة حتى يحكم اللّه و هو خير الحاكمين لديني و يبعثكم فمعكم معكم لا مع عدوكم إني من المؤمنين

ص: 43

برجعتكم لا أنكر للّه قدره و لا أكذّب له مشيئته و لا أزعم أن ما شاء لا يكون.

ثم امش حتى تنتهي إلى القبر و قل و أنت قائم:سبحان اللّه الذي يسبّح له ذي الملك و الملكوت و يقدّس بأسمائه جميع خلقه سبحان اللّه الملك القدوس ربنا و رب الملائكة و الروح.

اللهم اجعلني في وفدك إلى خير بقاعك و خير خلقك اللهم العن الجبت و الطاغوت.

ثم ارفع يديك حتى تضعهما ممدودتين على القبر.

ثم تقول:أشهد أنك طهر طاهر من طهر طاهر قد طهرت بك البلاد و طهرت أرض أنت فيها و أنك ثار اللّه في الأرض حتى يستثير لك من جميع خلقه.

ثم ضع خديك و يديك جميعا على القبر ثم اجلس عند رأسه و اذكر اللّه بما أحببت و توجّه إليه و اسأل حوائجك ثم ضع يديك و خديك عند رجليه و قل:صلّى اللّه عليك و على روحك و بدنك فلقد صدقت و صبرت و أنت الصادق المصدق قتل اللّه من قتلك بالأيدي و الألسن.

ثم تقوم إلى قبر ولده و تثني عليهم بما أحببت و تسأل ربك حوائجك و ما بدا لك ثم تستقبل قبور الشهداء قائما فتقول:السلام عليكم أيها الربانيون أنتم لنا فرط و نحن لكم تبع و أنصار أبشروا بموعد اللّه الذي لا خلف له و أن اللّه مدرك بكم ثأركم و أنتم سادة الشهداء في الدنيا و الآخرة.

ثم اجعل القبر بين يديك و صل ما بدا لك و كلما دخلت الحائر(الحير)فسلّم.

ثم امش حتى تضع يديك و خديك جميعا على القبر فإذا أردت أن تخرج فاصنع مثل ذلك و لا تقصّر عنده من الصلاة ما أقمت و إذا انصرفت من عنده فودّعه و قل:

سلام اللّه و سلام ملائكته المقربين و أنبيائه المرسلين و عباده الصالحين عليك يا ابن رسول اللّه و على روحك و بدنك و ذريتك و من حضرك من أوليائك.

حدثني بهذه الزيارة أحمد بن محمد بن الحسن بن سهل عن أبيه عن جده عن

ص: 44

موسى بن الحسن بن عامر عن أحمد بن هلال قال:حدثنا أمية بن علي القيسي الشامي عن سعدان بن مسلم عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله و زاد في آخره من عند من حضرك من أوليائك:فإذا بلغت الرواح فقل هذا الكلام من أوله إلى آخره كما قلت حين دخلت الحائر(الحير)فإذا دخلت منزلك فقل:الحمد للّه الذي سلّمني و سلم مني الحمد للّه في الأمور كلها و على كل حال الحمد للّه رب العالمين.

ثم كبّر إحدى و عشرين تكبيرة متتابعة و سهّل و لا تعجل فيها إن شاء اللّه تعالى.

و الباقي مثله.

زيارة أخرى

13-حدثني أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه عن الحسن بن علي بن عبد اللّه بن المغيرة عن العباس بن عامر عن أبان عن الحسين بن عطية أبي ناب بياع السابري قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام و هو يقول:من أتى قبر الحسين عليه السّلام كتب اللّه له حجة و عمرة و(أو)عمرة و حجة.

قال:قلت:جعلت فداك فما أقول إذا أتيته.

قال:تقول:السلام عليك يا أبا عبد اللّه السلام عليك يا ابن رسول اللّه السلام عليك يوم ولدت و يوم تموت و يوم تبعث حيا أشهد أنك حي شهيد ترزق عند ربك و أتوالى وليك و أبرأ من عدوك و أشهد أن الذين قاتلوك و انتهكوا حرمتك ملعونون على لسان النبي الأمي و أشهد أنك قد أقمت الصلاة و آتيت الزكاة و أمرت بالمعروف و نهيت عن المنكر و جاهدت في سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة أسأل اللّه وليك و ولينا أن يجعل تحفتنا من زيارتك الصلاة على نبينا و المغفرة لذنوبنا اشفع لي يا ابن رسول اللّه عند ربك.

14-حدثني علي بن الحسين عن سعد بن عبد اللّه عن الحسن بن علي بن عبد اللّه

ص: 45

ابن المغيرة عن العباس بن عامر عن جابر المكفوف عن أبي الصامت عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سمعته يقول:من أتى الحسين عليه السّلام ماشيا كتب اللّه له بكل خطوة ألف حسنة و محا عنه ألف سيئة و رفع له ألف درجة فإذا أتيت الفرات فاغتسل و علّق نعليك و امش حافيا و امش بمشي(مشي)العبد الذليل فإذا أتيت باب الحائر (الحير)فكبّر اللّه أربعا و صل عنده و اسأل(سل اللّه)حاجتك.

زيارة خفيفة

15-حدثني محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال عن صفوان بن يحيى عن أبي الصباح عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أو عن أبي بصير عنه عليه السّلام قال:قلت:كيف السلام على الحسين بن علي عليه السّلام؟

قال:تقول:السلام عليك يا أبا عبد اللّه السلام عليك يا ابن رسول اللّه لعن اللّه من قتلك و لعن اللّه من أعان عليك و من بلغه ذلك فرضي به أنا إلى اللّه منهم بريء.

زيارة خفيفة

16-و بإسناده عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل عن أبان بن عثمان عن أبي همام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إذا أتيت قبر الحسين عليه السّلام فقل:السلام عليك يا أبا عبد اللّه لعن اللّه من قتلك و لعن اللّه من شرك في دمك و من بلغه ذلك فرضي به و أنا إلى اللّه منهم بريء.

ص: 46

زيارة أخرى

17-حدثني أبو عبد الرحمن محمد بن أحمد بن الحسين العسكري و محمد بن الحسن جميعا عن الحسن بن علي بن مهزيار عن أبيه علي بن مهزيار عن محمد بن أبي عمير عن محمد بن مروان عن أبي حمزة الثمالي قال:قال الصادق عليه السّلام:إذا أردت المسير إلى قبر الحسين عليه السّلام فصم يوم الأربعاء و الخميس و الجمعة فإذا أردت الخروج فاجمع أهلك و ولدك و ادع بدعاء السفر و اغتسل قبل خروجك و قل حين تغتسل:اللهم طهرني و طهر قلبي و اشرح لي صدرى و أجر على لساني ذكرك و مدحتك و الثناء عليك فإنه لا قوة إلا بك و قد علمت أن قوام ديني التسليم لأمرك و الإتباع لسنّة نبيك و الشهادة على جميع أنبيائك و رسلك إلى جميع خلقك اللهم اجعله نورا و طهورا و حرزا و شفاء من كل داء و سقم و آفة و عاهة و من شر ما أخاف و أحذر فإذا خرجت فقل:اللهم إني إليك وجّهت وجهي و إليك فوّضت أمري و إليك أسلمت نفسي و إليك ألجأت ظهري و عليك توكلت لا ملجأ و لا منجى إلا إليك تباركت و تعاليت عز جارك و جل ثناؤك.

ثم قل:بسم اللّه و باللّه و من اللّه و إلى اللّه و في سبيل اللّه و على ملة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على اللّه توكلت و إليه أنبت فاطر السماوات السبع و الأرضين السبع و رب العرش العظيم اللهم صل على محمد و آل محمد و احفظني في سفري و اخلفني في أهلي بأحسن الخلف.

اللهم إليك توجهت و إليك خرجت و إليك و فدت و لخيرك تعرّضت و بزيارة حبيب حبيبك تقرّبت اللهم لا تمنعني خير ما عندك بشر ما عندي اللهم اغفر لي ذنوبي و كفّر عني سيئاتي و حط عني خطاياي و اقبل مني حسناتي.

و تقول:اللهم اجعلني في درعك الحصينة التي تجعل فيها من تريد اللهم إني أبرأ

ص: 47

إليك من الحول و القوة ثلاث مرات و اقرأ فاتحة الكتاب و المعوذتين و قل هو اللّه أحد و إنا أنزلناه و آية الكرسي و يس و آخر سورة الحشر لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ.

و لا تدهن و لا تكتحل حتى تأتي الفرات و أقل من الكلام و المزاح و أكثر من ذكر اللّه تعالى و إياك و المزاح و الخصومة فإذا كنت راكبا أو ماشيا فقل:اللهم إني أعوذ بك من سطوات النكال و عواقب الوبال و فتنة الضلال و من أن تلقاني بمكروه و أعوذ بك من الحبس و اللبس و من وسوسة الشيطان و طوارق السوء و من شر كل ذي شر و من شر شياطين الجن و الإنس و من شر من ينصب لأولياء اللّه العداوة و من أن يفرطوا علي و أن يطغوا و أعوذ بك من شر عيون الظلمة و من شر كل ذي شرك إبليس و من يرد عن الخير باللسان و اليد فإذا خفت شيئا فقل:لا حول و لا قوة إلا باللّه به احتجبت و به اعتصمت اللهم اعصمني من شر خلقك فإنما أنا بك و أنا عبدك فإذا أتيت الفرات فقل قبل أن تعبره اللهم أنت خير من وفد إليه الرجال و أنت يا سيدي أكرم مأتي و أكرم مزور و قد جعلت لكل زائر كرامة و لكل وافد تحفة و قد أتيتك زائرا قبر ابن نبيك صلواتك عليه فاجعل تحفتك إياي فكاك رقبتي من النار و تقبّل مني عملي و اشكر سعيي و ارحم مسيري إليك بغير منّ مني بل لك المن علي إذ جعلت لي السبيل إلى زيارته و عرّفتني فضله و حفظتني حتى بلغتني قبر ابن وليك و قد رجوتك فصل على محمد و آل محمد و لا تقطع رجائي و قد أتيتك فلا تخيب أملي و اجعل هذا كفارة لما كان قبله من ذنوبي و اجعلني من أنصاره يا أرحم الراحمين.

ثم اعبر الفرات و قل:اللهم صل على محمد و آل محمد و اجعل سعيي مشكورا و ذنبي مغفورا و عملي مقبولا و اغسلني من الخطايا و الذنوب و طهر قلبي من كل آفة تمحق ديني أو تبطل عملي يا أرحم الراحمين.

ثم تأتي النينوى فتضع رحلك بها و لا تدهن و لا تكتحل و لا تأكل اللحم ما دمت

ص: 48

مقيما بها.

ثم تأتي الشط بحذاء نخل القبر و اغتسل و عليك الوقار و قل و أنت تغتسل:اللهم طهّرني و طهّر لي قلبي و اشرح لي صدري و أجر على لساني محبتك و مدحتك و الثناء عليك فإنه لا حول و لا قوة إلا بك و قد علمت أن قوام ديني التسليم لأمرك و الشهادة على جميع أنبيائك و رسلك بالألفة بينهم أشهد أنهم أنبياؤك و رسلك إلى جميع خلقك اللهم اجعله لي نورا و طهورا و حرزا و شفاء من كل سقم وداء و من كل آفة و عاهة و من شر ما أخاف و أحذر.

اللهم طهّر به قلبي و جوارحي و عظامي و لحمي و دمي و شعري و بشري و مخي و عصبي و ما أقلّت الأرض مني و اجعله لي شاهدا يوم فقري و فاقتي ثم البس أطهر ثيابك فإذا لبستها فقل اللّه أكبر ثلاثين مرة و تقول:الحمد للّه الذي إليه قصدت فبلغني و إياه أردت فقبلني و لم يقطع بي و رحمته ابتغيت فسلّمني اللهم أنت حصني و كهفي و حرزي و رجائي و أملي لا إله إلا أنت يا رب العالمين فإذا أردت المشي فقل:اللهم إني أردتك فأردني و إني أقبلت بوجهي إليك فلا تعرض بوجهك عني فإن كنت علي ساخطا فتب علي و ارحم مسيري إلى ابن حبيبك أبتغي بذلك رضاك عني فارض عني و لا تخيبني يا أرحم الراحمين.

ثم امش حافيا و عليك السكينة و الوقار بالتكبير و التهليل و التمجيد و التحميد و التعظيم للّه و لرسوله صلّى اللّه عليه و آله و قل أيضا:الحمد للّه الواحد المتوحد بالأمور كلها خالق الخلق لم يعزب عنه شيء من أمورهم و عالم كل شيء بغير تعليم صلوات اللّه و صلوات ملائكته المقربين و أنبيائه المرسلين و رسله أجمعين على محمد و أهل بيته الأوصياء الحمد للّه الذي أنعم علي و عرّفني فضل محمد و أهل بيته صلّى اللّه عليه و آله.

ثم امش قليلا و قصّر خطاك فإذا وقفت على التل فاستقبل القبر فقف و قل:اللّه أكبر ثلاثين مرة و تقول:لا إله إلا اللّه في علمه منتهى علمه و لا إله إلا اللّه بعد علمه منتهى علمه و لا إله إلا اللّه مع علمه منتهى علمه و الحمد للّه في علمه منتهى علمه

ص: 49

و الحمد للّه بعد علمه منتهى علمه و الحمد للّه مع علمه منتهى علمه سبحان اللّه في علمه منتهى علمه و سبحان اللّه بعد علمه منتهى علمه و سبحان اللّه مع علمه منتهى علمه و الحمد للّه بجميع محامده على جميع نعمه و لا إله إلا اللّه و اللّه أكبر و حق له ذلك لا إله إلا اللّه الحليم الكريم لا إله إلا اللّه العلي العظيم لا إله إلا اللّه نور السماوات السبع و نور الأرضين السبع و نور العرش العظيم و الحمد للّه رب العالمين.

السلام عليك يا حجة اللّه و ابن حجته السلام عليكم يا ملائكة اللّه و زوار قبر ابن نبي اللّه.

ثم امش عشر خطوات و كبّر ثلاثين تكبيرة و قل و أنت تمشي لا إله إلا اللّه تهليلا لا يحصيه غيره قبل كل واحد(أحد)و بعد كل واحد و مع كل واحد و عدد كل واحد و سبحان اللّه تسبيحا لا يحصيه غيره قبل كل واحد و بعد كل واحد و مع كل واحد و عدد كل واحد و سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلا اللّه و اللّه أكبر قبل كل واحد و بعد كل واحد و مع كل واحد و عدد كل واحد أبدا أبدا أبدا.

اللهم إني أشهدك و كفى بك شهيدا فاشهد لي أني أشهد أنك حق و أن رسولك حق و أن حبيبك حق و أن قولك حق و أن قضاءك حق و أن قدرك حق و أن فعلك حق و أن حشرك حق و أن نارك حق و أن جنتك حق و أنك مميت الأحياء و محيي الموتى و أنك باعث من في القبور و أنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه و أنك لا تخلف الميعاد.

السلام عليك يا حجة اللّه و ابن حجته السلام عليكم يا ملائكة اللّه و يا زوار قبر أبي عبد اللّه عليه السّلام.

ثم امش قليلا و عليك السكينة و الوقار بالتكبير و التهليل و التمجيد و التحميد و التعظيم للّه و لرسوله صلّى اللّه عليه و آله و قصّر خطاك فإذا أتيت الباب الذي يلي المشرق فقف على الباب و قل:أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا صلّى اللّه عليه و آله عبده و رسوله أمين اللّه على خلقه و أنه سيد الأولين و الآخرين و أنه سيد الأنبياء و المرسلين سلام على رسول اللّه الحمد للّه الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لو لا أن

ص: 50

هدانا اللّه لقد جاءت رسل ربنا بالحق.

اللهم إني أشهد أن هذا قبر ابن حبيبك و صفوتك من خلقك و أنه الفائز بكرامتك أكرمته بكتابك و خصصته و ائتمنته على وحيك و أعطيته مواريث الأنبياء و جعلته حجة على خلقك من الأصفياء فأعذر في الدعاء و بذل مهجته فيك ليستنقذ عبادك من الضلالة و الجهالة و العمى و الشك و الإرتياب إلى باب الهدى من الردى و أنت ترى و لا ترى و أنت بالمنظر الأعلى حتى ثار عليه من خلقك من غرّته الدنيا و باع الآخرة بالثمن الأوكس الأدنى و أسخطك و أسخط رسولك و أطاع من عبادك من أهل الشقاق و النفاق و حملة الأوزار من استوجب النار لعن اللّه قاتلي ولد رسولك و ضاعف عليهم العذاب الأليم.

ثم تدنو قليلا و قل:السلام عليك يا وارث آدم صفوة اللّه السلام عليك يا وارث نوح نبي اللّه السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل اللّه السلام عليك يا وارث موسى كليم اللّه السلام عليك يا وارث عيسى روح اللّه السلام عليك يا وارث محمد حبيب اللّه صلّى اللّه عليه و آله السلام عليك يا وارث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وصي رسول اللّه و ولي اللّه السلام عليك يا وارث الحسن بن علي الزكي السلام عليك يا وارث فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين السلام عليك أيها الصديق الشهيد السلام عليك أيها الوصي الرضي البار التقي السلام عليك أيها الوفي النقي أشهد أنك قد أقمت الصلاة و آتيت الزكاة و أمرت بالمعروف و نهيت عن المنكر و عبدت اللّه مخلصا حتى أتاك اليقين السلام عليك يا أبا عبد اللّه و رحمة اللّه و بركاته السلام عليك و على الأرواح التي حلت بفنائك و أناخت برحلك السلام على ملائكة اللّه المحدقين بك السلام على ملائكة اللّه و زوار قبر ابن نبي اللّه.

ثم ادخل الحائر(الحير)و قل حين تدخل السلام على ملائكة اللّه المقربين السلام على ملائكة اللّه المنزلين السلام على ملائكة اللّه المسومين السلام على ملائكة اللّه الذين هم مقيمون في هذا الحائر بإذن ربهم السلام على ملائكة اللّه الذين

ص: 51

هم في هذا الحائر يعلمون و لأمر اللّه مسلمون السلام عليك يا ابن رسول اللّه و ابن أمين اللّه و ابن خالصة اللّه السلام عليك يا أبا عبد اللّه إنا للّه و إنا إليه راجعون ما أعظم مصيبتك عند جدك(أبيك)رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و ما أعظم مصيبتك عند من عرف اللّه عز و جل و أجل مصيبتك عند الملأ الأعلى و عند أنبياء اللّه و رسله(عند رسل اللّه) السلام مني إليك و التحية مع عظيم الرزية عليك كنت نورا في الأصلاب الشامخة و نورا في ظلمات الأرض و نورا في الهواء و نورا في السماوات العلى كنت فيها نورا ساطعا لا يطفئ و أنت الناطق بالهدى.

ثم امش قليلا و قل:اللّه أكبر سبع مرات و هلله سبعا و احمده سبعا و سبحه سبعا و قل:لبيك داعي اللّه لبيك سبعا و قل:إن كان لم يجبك بدني عند استغاثتك و لساني عند استنصارك فقد أجابك قلبي و سمعي و بصري و رأيي و هواي على التسليم لخلف النبي المرسل و السبط المنتخب و الدليل العالم و الأمين المستخزن و المؤدي المبلغ و المظلوم المضطهد جئتك يا مولاي انقطاعا إليك و إلى جدك و أبيك و ولدك الخلف من بعدك فقلبي لكم مسلم و رأيي لكم متبع و نصرتي لكم معدة حتى يحكم اللّه بدينه و يبعثكم و أشهد اللّه أنكم الحجة و بكم ترجى الرحمة فمعكم معكم لا مع عدوكم إني بكم من المؤمنين لا أنكر للّه قدرة و لا أكذب منه بمشية.

ثم امش و قصر خطاك حتى تستقبل القبر و اجعل القبلة بين كتفيك و استقبل بوجهك وجهه و قل:السلام عليك من اللّه و السلام على محمد أمين اللّه على رسله و عزائم أمره الخاتم لما سبق و الفاتح لما استقبل و المهيمن على ذلك كله و رحمة اللّه و بركاته و السلام عليك و تحياته اللهم صل على محمد و آل محمد صاحب ميثاقك و خاتم رسلك و سيد عبادك و أمينك في بلادك(عبادك)و خير بريتك كما تلا كتابك و جاهد عدوك حتى أتاه اليقين اللهم صل على أمير المؤمنين عبدك و أخي رسولك الذي انتجبته بعلمك و جعلته هاديا لمن شئت من خلقك و الدليل على من بعثته برسالاتك و ديان الدين بعدلك و فصل قضائك بين خلقك و المهيمن على ذلك

ص: 52

كله و السلام عليه و رحمة اللّه و بركاته اللهم أتمم به كلماتك و أنجز به وعدك و أهلك به عدوك و اكتبنا في أوليائه و أحبائه اللهم اجعلنا له شيعة و أنصارا و أعوانا على طاعتك و طاعة رسولك و ما وكلته به و استخلفته عليه يا رب العالمين اللهم صل على فاطمة بنت نبيك و زوجة وليك و أم السبطين الحسن و الحسين الطاهرة المطهرة الصديقة الزكية سيدة نساء العالمين(أهل الجنة أجمعين)صلاة لا يقوى على إحصائها غيرك اللهم صل على الحسن بن علي عبدك و ابن أخي رسولك الذي انتجبته بعلمك و جعلته هاديا لمن شئت من خلقك و الدليل على من بعثته برسالاتك و ديان الدين بعدلك و فصل قضائك بين خلقك و المهيمن على ذلك كله و رحمة اللّه و بركاته اللهم صل على الحسين بن علي عبدك و ابن أخي رسولك الذي انتجبته بعلمك و جعلته هاديا لمن شئت من خلقك و الدليل على من بعثته برسالاتك و ديان الدين بعدلك و فصل قضائك بين خلقك و المهيمن على ذلك كله و رحمة اللّه و بركاته و تصلي على الأئمة كلهم كما صليت على الحسن و الحسين عليه السّلام و تقول:

اللهم أتمم بهم كلماتك و أنجز بهم وعدك و أهلك بهم عدوك و عدوهم من الجن و الإنس أجمعين.

اللهم اجزهم عنا خير ما جازيت نذيرا عن قومه اللهم اجعلنا لهم شيعة و أنصارا و أعوانا على طاعتك و طاعة رسولك اللهم اجعلنا لهم ممن يتبع النور الذي أنزل معهم و أحينا محياهم و أمتنا مماتهم و أشهدنا مشاهدهم في الدنيا و الآخرة اللهم إن هذا مقام أكرمتني به و شرّفتني به و أعطيتني فيه رغبتي على حقيقة إيماني بك و برسولك ثم تدنو قليلا من القبر و تقول:السلام عليك يا ابن رسول اللّه و سلام اللّه و سلام ملائكته المقربين و أنبيائه المرسلين كلما تروح الرائحات الطاهرات لك و عليك سلام المؤمنين لك بقلوبهم الناطقين لك بفضلك بألسنتهم أشهد أنك صادق صديق صدقت فيما دعوت إليه و صدقت فيما أتيت به و أنك ثار اللّه في الأرض اللهم أدخلني في أوليائك و حبّب إلي مشاهدهم و شهادتهم في الدنيا و الآخرة إنك على كل

ص: 53

شيء قدير.

و تقول:السلام عليك يا أبا عبد اللّه رحمك اللّه يا أبا عبد اللّه صلى اللّه عليك يا أبا عبد اللّه السلام عليك يا إمام الهدى السلام عليك يا علم التقى السلام عليك يا حجة اللّه على أهل الدنيا السلام عليك يا حجة اللّه و ابن حجته السلام عليك يا ابن نبي اللّه السلام عليك يا ثار اللّه و ابن ثاره السلام عليك يا وتر اللّه و ابن وتره أشهد أنك قتلت مظلوما و أن قاتلك في النار و أشهد أنك جاهدت في اللّه حق جهاده لم تأخذك(لم تؤخرك)في اللّه لومة لائم و أنك عبدته حتى أتاك اليقين أشهد أنكم كلمة التقوى و باب الهدى و الحجة على خلقه أشهد أن ذلك لكم سابق فيما مضى و فاتح فيما بقي و أشهد أن أرواحكم و طينتكم طينة طيبة طابت و طهرت بعضها من بعض من اللّه و من رحمته و أشهد اللّه تبارك و تعالى و كفى به شهيدا و أشهدكم أني بكم مؤمن و لكم تابع في ذات نفسي و شرائع ديني و خواتيم(خاتمة)عملي و منقلبي و مثواي فأسأل اللّه البر الرحيم أن يتمم ذلك لي أشهد أنكم قد بلّغتم و نصحتم و صبرتم و قتلتم و غضبتم و أسيء إليكم فصبرتم لعن اللّه أمة خالفتكم و أمة جحدت ولايتكم و أمة تظاهرت عليكم و أمة شهدت و لم تستشهد الحمد للّه الذي جعل النار مثواهم و بئس الورد المورود و بئس الرفد المرفود.

و تقول:صلّى اللّه عليك يا أبا عبد اللّه ثلاثا و على روحك و بدنك لعن اللّه قاتليك و لعن اللّه سالبيك و لعن اللّه خاذليك و لعن اللّه من شايع على قتلك و من أمر بقتلك و شارك في دمك و لعن اللّه من بلغه ذلك فرضي به أو سلّم إليه أنا أبرأ إلى اللّه من ولايتهم و أتولى اللّه و رسوله و آل رسوله و أشهد أن الذين انتهكوا حرمتك و سفكوا دمك ملعونون على لسان النبي الأمي اللهم العن الذين كذّبوا رسلك و سفكوا دماء أهل بيت نبيك صلواتك عليهم اللهم العن قتلة أمير المؤمنين و ضاعف عليهم العذاب الأليم اللهم العن قتلة الحسين بن علي و قتلة أنصار الحسين بن علي و أصلهم حر نارك و أذقهم بأسك و ضاعف عليهم العذاب الأليم و العنهم لعنا و بيلا اللهم أحلل

ص: 54

بهم نقمتك و ائتهم من حيث لا يحتسبون و خذهم من حيث لا يشعرون و عذّبهم عذابا نكرا و العن أعداء نبيك و آل نبيك لعنا وبيلا اللهم العن الجبت و الطاغوت و الفراعنة إنك على كل شيء قدير.

و تقول:بأبي أنت و أمي يا أبا عبد اللّه إليك كانت رحلتي مع بعد شقّتي و لك فاضت عبرتي و عليك كان أسفي و نحيبي و صراخي و زفرتي و شهيقي و إليك كان مجيئي و بك أستتر من عظيم جرمي أتيتك وافدا قد أو قرت ذنوبي ظهري بأبي أنت و أمي يا سيدي بكيتك يا خيرة اللّه و ابن خيرته و حق لي أن أبكيك و قد بكتك السماوات و الأرضون و الجبال و البحار فما عذري إن لم أبكك و قد بكاك حبيب ربي و بكتك الأئمة عليهم السّلام و بكاك من دون سدرة المنتهى إلى الثرى جزعا عليك.

ثم استلم القبر و قل:السلام عليك يا أبا عبد اللّه يا حسين بن علي يا ابن رسول اللّه السلام عليك يا حجة اللّه و ابن حجته أشهد أنك عبد اللّه و أمينه بلّغت ناصحا و أديت أمينا و قلت صادقا و قتلت صديقا فمضيت شهيدا و مضيت على يقين لم تؤثر عمى على هدى و لم تمل من حق إلى باطل و لم تجب إلا اللّه وحده و أشهد أنك كنت على بينة من ربك بلّغت ما أمرت به و قمت بحقه و صدّقت من كان قبلك غير واهن و لا موهن فصلّى اللّه عليك و سلّم تسليما جزاك اللّه من صديق خيرا أشهد أن الجهاد معك جهاد و أن الحق معك و إليك و أنت أهله و معدنه و ميراث النبوة عندك و عند أهل بيتك و أشهد أنك قد بلّغت و نصحت و وفيت و جاهدت في سبيل اللّه بالحكمة و الموعظة الحسنة و مضيت للذي كنت عليه شهيدا(شاهدا)و مستشهدا و مشهودا فصلّى اللّه عليك و سلّم تسليما أشهد أنك طهر طاهر مطهر من طهر طاهر مطهر طهرت و طهرت أرض أنت بها و طهر حرمك و أشهد أنك أمرت بالقسط(أمرت بالقسط و دعوت إليه)و العدل و دعوت إليهما و أشهد أن أمة قتلتك أشرار خلق اللّه و كفرته و إني أستشفع بك إلى اللّه ربك و ربي من جميع ذنوبي و أتوجّه بك إلى اللّه في جميع حوائجي و رغبتي في أمر آخرتي و دنياي.

ص: 55

ثم ضع خدك الأيمن على القبر و قل:اللهم إني أسألك بحق هذا القبر و من فيه و بحق هذه القبور و من أسكنتها أن تكتب اسمي عندك في أسمائهم حتى توردني مواردهم و تصدرني مصادرهم إنك على كل شيء قدير و تقول:رب أفحمتني ذنوبي و قطعت مقالتي فلا حجة لي و لا عذر لي فأنا المقر بذنبي الأسير ببليتي المرتهن بعملي المتجلد في خطيئتي المتحير عن قصدي المنقطع بي قد أوقفت نفسي يا رب موقف الأشقياء الأذلاء المذنبين المجترئين عليك المستخفّين بوعيدك يا سبحانك أي جرأة اجترأت عليك و أي تغرير غررت بنفسي و أي سكرة أو بقتني و أي غفلة أعطبتني ما كان أقبح سوء نظري و أوحش فعلي يا سيدي فارحم كبوتي لحر وجهي و زلة قدمي و تعفيري في التراب خدي و ندامتي على ما فرط مني و أقلني عثرتي و ارحم صراخي و عبرتي و اقبل معذرتي و عد بحلمك على جهلي و بإحسانك على خطيئاتي و بعفوك علي رب أشكو إليك قساوة قلبي و ضعف عملي فامنح بمسألتي فأنا المقر بذنبي المعترف بخطيئتي و هذه يدي و ناصيتي أستكين لك بالقود من نفسي فاقبل توبتي و نفّس كربتي و ارحم خشوعي و خضوعي و انقطاعي إليك سيدي وا أسفي على ما كان مني و تضرعي و تعفيري في تراب قبر ابن نبيك بين يديك فأنت رجائي و ظهري و عدّتي و معتمدي لا إله إلا أنت.

ثم كبّر خمسا و ثلاثين تكبيرة.

ثم ترفع يديك و تقول:إليك يا رب صمدت من أرضى و إلى ابن نبيك قطعت البلاد رجاء للمغفرة فكن لي يا ولي اللّه سكنا و شفيعا و كن بي رحيما و كن لي منحا يوم لا تنفع الشفاعة إلا لمن ارتضى يوم لا تنفع شفاعة الشافعين و يوم يقول أهل الضلالة ما لنا من شافعين و لا صديق حميم فكن يومئذ في مقامي بين يدي ربي لي منقذا فقد عظم جرمي إذا ارتعدت فرائصي و أخذ بسمعي و أنا منكس رأسي بما قدّمت من سوء عملي و أنا عائد كما ولدتني أمي و ربي يسألني فكن لي شفيعا و منقذا فقد أعددتك ليوم حاجتي و يوم فقري و فاقتي.

ص: 56

ثم ضع خدك الأيسر على القبر و تقول:اللهم ارحم تضرعي في تراب قبر ابن نبيك فإني في موضع رحمة يا رب و تقول:بأبي أنت و أمي يا ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليك إني أبرأ إلى اللّه من قاتلك و من سالبك يا ليتني كنت معك فأفوز فوزا عظيما و أبذل مهجتي فيك و أقيك بنفسي و كنت فيمن أقام بين يديك حتى يسفك دمي معك فأظفر معك بالسعادة و الفوز بالجنة و تقول:لعن اللّه من رماك لعن اللّه من طعنك لعن اللّه من احتز رأسك لعن اللّه من حمل رأسك لعن اللّه من نكت بقضيبه بين ثناياك لعن اللّه من أبكى نساءك لعن اللّه من أيتم أولادك لعن اللّه من أعان عليك لعن اللّه من سار إليك لعن اللّه من منعك من ماء الفرات لعن اللّه من غشّك و خلاّك لعن اللّه من سمع صوتك فلم يجبك لعن اللّه ابن آكلة الأكباد و لعن اللّه ابنه و أعوانه و أتباعه و أنصاره و ابن سمية و لعن اللّه جميع قاتليك و قاتلي أبيك و من أعان على قتلكم وحشا اللّه أجوافهم و بطونهم و قبورهم نارا و عذّبهم عذابا أليما.

ثم تسبح عند رأسه ألف تسبيحة من تسبيح أمير المؤمنين عليه السّلام و إن أحببت تحوّلت إلى عند رجليه و تدعو بما قد فسّرت لك.

ثم تدور من عند رجيله إلى عند رأسه فإذا فرغت من الصلاة سبّحت و التسبيح تقول:سبحان من لا تبيد معالمه سبحان من لا تنقص خزائنه سبحان من لا انقطاع لمدته سبحان من لا ينفد ما عنده سبحان من لا اضمحلال لفخره سبحان من لا يشاور أحدا في أمره سبحان من لا إله غيره.

ثم تحوّل عند رجليه وضع يدك على القبر و قل:صلى اللّه عليك يا أبا عبد اللّه ثلاثا صبرت و أنت الصادق المصدق قتل اللّه من قتلكم بالأيدي و الألسن.

و تقول:اللهم رب الأرباب صريخ الأخيار إني عذت معاذا ففك رقبتي من النار جئتك يا ابن رسول اللّه وافدا إليك أتوسل إلى اللّه في جميع حوائجي من أمر آخرتي و دنياي و بك يتوسل المتوسلون إلى اللّه في جميع حوائجهم و بك يدرك أهل الثواب من عباد اللّه طلبتهم أسأل وليك و ولينا أن يجعل حظي من زيارتك الصلاة على

ص: 57

محمد و آله و المغفرة لذنوبي اللهم اجعلنا ممن تنصره و تنتصر به لدينك في الدنيا و الآخرة.

ثم تضع خديك عليه و تقول:اللهم رب الحسين اشف صدر الحسين اللهم رب الحسين اطلب بدم الحسين اللهم رب الحسين انتقم ممن رضي بقتل الحسين اللهم رب الحسين انتقم ممن خالف الحسين اللهم رب الحسين انتقم ممن فرح بقتل الحسين.

و تبتهل إلى اللّه في اللعنة على قاتل الحسين و أمير المؤمنين عليه السّلام و تسبّح عند رجليه ألف تسبيحة من تسبيح فاطمة الزهراء صلّى اللّه عليه و آله فإن لم تقدر فمائة تسبيحة و تقول:سبحان ذي العز الشامخ المنيف سبحان ذي الجلال و الإكرام الفاخر العظيم(العميم)سبحان ذي الملك الفاخر القديم سبحان ذي الملك الفاخر العظيم سبحان من لبس العز و الجمال سبحان من تردى بالنور و الوقار سبحان من يرى أثر النمل في الصفا و خفقان الطير في الهواء سبحان من هو هكذا و لا هكذا غيره.

ثم صر إلى قبر علي بن الحسين فهو عند رجل الحسين فإذا وقفت عليه فقل:

السلام عليك يا ابن رسول اللّه و رحمة اللّه و بركاته و ابن خليفة رسول اللّه و ابن بنت رسول اللّه و رحمة اللّه و بركاته مضاعفة كلما طلعت شمس أو غربت السلام عليك و على روحك و بدنك بأبي أنت و أمي من مذبوح و مقتول من غير جرم بأبي أنت و أمي دمك المرتقى به إلى حبيب اللّه بأبي أنت و أمي من مقدّم بين يدي أبيك يحتسبك و يبكي عليك محترقا عليك قلبه يرفع دمك بكفه إلى أعنان السماء لا يرجع منه قطرة و لا تسكن عليك من أبيك زفرة و دّعك للفراق فكمانكما عند اللّه مع آبائك الماضين و مع أمهاتك في الجنان منعمين أبرأ إلى اللّه ممن قتلك و ذبحك.

ثم انكب على القبر وضع يديك(يدك)عليه و قل:سلام اللّه و سلام ملائكته المقربين و أنبيائه المرسلين و عباده الصالحين عليك يا مولاي و ابن مولاي و رحمة اللّه و بركاته صلّى اللّه عليك و على عترتك و أهل بيتك و آبائك و أبنائك و أمهاتك

ص: 58

الأخيار الأبرار الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا.

السلام عليك يا ابن رسول اللّه و ابن أمير المؤمنين و ابن الحسين بن علي و رحمة اللّه و بركاته لعن اللّه قاتلك و لعن اللّه من استخف بحقكم و قتلكم لعن اللّه من بقي منهم و من مضى نفسي فداؤكم و لمضجعكم صلّى اللّه عليكم و سلم تسليما كثيرا.

ثم ضع خدك على القبر و قل:صلّى اللّه عليك يا أبا الحسن ثلاثا بأبي أنت و أمي أتيتك زائرا وافدا عائذا مما جنيت على نفسي و احتطبت على ظهري أسأل اللّه وليك و وليي أن يجعل حظي من زيارتك عتق رقبتي من النار و تدعو بما أحببت.

ثم تدور من خلف الحسين عليه السّلام إلى عند رأسه و صل عند رأسه ركعتين تقرأ في الأولى:الحمد و يس،و في الثانية:الحمد و الرحمن و إن شئت صليت خلف القبر و عند رأسه أفضل.

فإذا فرغت فصل ما أحببت إلا أن ركعتي الزيارة لا بد منهما عند كل قبر فإذا فرغت من الصلاة فارفع يديك و قل:

اللهم إنا أتيناه مؤمنين به مسلمين له معتصمين بحبله عارفين بحقه مقرين بفضله مستبصرين بضلالة من خالفه عارفين بالهدى الذي هو عليه اللهم إني أشهدك و أشهد من حضر من ملائكتك إني بهم مؤمن و إني بمن قتلهم كافر.

اللهم اجعل لما أقول بلساني حقيقة في قلبي و شريعة في عملي اللهم اجعلني ممن له مع الحسين بن علي قدم ثابت و أثبتني فيمن استشهد معه اللهم العن الذين بدّلوا نعمتك كفرا سبحانك يا حليم عما يعمل الظالمون في الأرض تباركت و تعاليت يا عظيم ترى عظيم الجرم من عبادك فلا تعجل عليهم تعاليت يا كريم أنت شاهد غير غائب و عالم بما أوتي إلى أهل صفوتك و أحبائك من الأمر الذي لا تحمله سماء و لا أرض و لو شئت لا نتقمت منهم و لكنك ذو أناة و قد أمهلت الذين اجترءوا عليك و على رسولك و حبيبك فأسكنتهم أرضك و غذّوتهم بنعمتك إلى أجل هم

ص: 59

بالغوه و وقت هم صائرون إليه ليستكملوا العمل الذي قدّرت و الأجل الذي أجّلت لتخلّدهم في محط و وثاق و نار جهنم و حميم و غساق و الضريع و الإحراق و الأغلال و الأوثاق و غسلين و زقوم و صديد مع طول المقام في أيام لظى و في سقر التي لا تبقي و لا تذر و في الحميم و الجحيم.

ثم تنكب على القبر و تقول:يا سيدي أتيتك زائرا موقرا بالذنوب أتقرب إلى ربي بوفودي إليك و بكائي عليك و عويلي و حسرتي و أسفي و بكائي و ما أخاف على نفسي رجاء أن تكون لي حجابا و سندا و كهفا و حرزا و شافعا و وقاية من النار غدا و أنا من مواليكم الذين أعادي عدوكم و أوالي وليكم على ذلك أحيى و على ذلك أموت و عليه أبعث إن شاء اللّه تعالى و قد أشخصت بدني و ودّعت أهلي و بعدت شقتي و أؤمل في قربكم النجاة و أرجو في أيامكم الكرة و أطمع في النظر إليكم و إلى مكانكم غدا في جنات ربي مع آبائكم الماضين.

و تقول:يا أبا عبد اللّه يا حسين بن رسول اللّه جئتك مستشفعا بك إلى اللّه اللهم إني أستشفع إليك بولد حبيبك و بالملائكة الذين يضجون عليه و يبكون و يصرخون لا يفترون و لا يسأمون و هم من خشيتك مشفقون و من عذابك حذرون لا تغيرهم الأيام و لا ينهزمون من نواحي الحير يشهقون و سيدهم يرى ما يصنعون و ما فيه يتقلّبون قد انهملت منهم العيون فلا ترقأ و اشتد منهم الحزن بحرقة لا تطفىء.

ثم ترفع يديك و تقول:اللهم إني أسألك مسألة المسكين المستكين العليل الذليل الذي لم يرد بمسألته غيرك فإن لم تدركه رحمتك عطب أسألك أن تداركني بلطف منك و أنت الذي لا يخيب سائلك و تعطي المغفرة و تغفر الذنوب فلا أكونن يا سيدي أنا أهون خلقك عليك و لا أكون أهون من وفد إليك بابن حبيبك فإني أملت و رجوت و طمعت و زرت و اغتربت رجاء لك أن تكافأني إذ أخرجتني من رحلي فأذنت لي بالمسير إلى هذا المكان رحمة منك و تفضلا منك يا رحمان يا رحيم و اجتهد في

ص: 60

الدعاء ما قدرت عليه و أكثر منه إن شاء اللّه تعالى ثم تخرج من السقيفة و تقف بحذاء قبور الشهداء و تومئ إليهم أجمعين.

و تقول:السلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته السلام عليكم يا أهل القبور من أهل ديار من المؤمنين السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار السلام عليكم يا أولياء اللّه السلام عليكم يا أنصار اللّه و أنصار رسوله و أنصار أمير المؤمنين و أنصار ابن رسوله و أنصار دينه أشهد أنكم أنصار اللّه كما قال اللّه عز و جل وَ كَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ ما ضَعُفُوا وَ مَا اسْتَكانُوا فما ضعفتم و ما استكنتم حتى لقيتم اللّه على سبيل الحق صلّى اللّه عليكم و على أرواحكم و أبدانكم و أجسادكم أبشروا بموعد اللّه الذي لا خلف له و لا تبديل إن اللّه لا يخلف وعده و اللّه مدرك بكم ثار ما وعدكم أنتم خاصة اللّه اختصكم اللّه لأبي عبد اللّه أنتم الشهداء و أنتم السعداء سعدتم عند اللّه و فزتم بالدرجات من جنات لا يظعن أهلها و لا يهرمون و رضوا بالمقام في دار السلام مع من نصرتم جزاكم اللّه خيرا من أعوان جزاء من صبر مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنجز اللّه ما وعدكم من الكرامة في جواره و داره مع النبيين و المرسلين و أمير المؤمنين و قائد الغر المحجلين، أسأل اللّه الذي حملني إليكم حتى أراني مصارعكم أن يرينيكم على الحوض رواء مرويين و يريني أعداءكم في أسفل درك من الجحيم فإنهم قتلوكم ظلما و أرادوا إماتة الحق و سلبوكم لابن سمية و ابن آكلة الأكباد فأسأل اللّه أن يرينيهم ظماء مظمئين مسلسلين مغلغلين يساقون إلى الجحيم السلام عليكم يا أنصار اللّه و أنصار ابن رسوله مني ما بقيت و بقي الليل و النهار و السلام عليكم دائما إذا فنيت و بليت لهفي عليكم أي مصيبة أصابت كل مولى لمحمد و آل محمد.

لقد عظمت و خصّت و جلت و عمّت مصيبتكم أنا بكم لجزع و أنا بكم لموجع محزون و أنا بكم لمصاب ملهوف هنيئا لكم ما أعطيتم و هنيئا لكم ما به حييتم فلقد بكتكم الملائكة و حفّتكم و سكنت معسكركم و حلّت مصارعكم و قدّست و صفّت

ص: 61

بأجنحتها عليكم ليس لها عنكم فراق إلى يوم التلاق و يوم المحشر و يوم المنشر طافت عليكم رحمة من اللّه و بلغتم بها شرف الدنيا و الآخرة أتيتكم شوقا و زرتكم خوفا أسأل اللّه أن يرينيكم على الحوض و في الجنان مع الأنبياء و المرسلين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقا.

ثم در في الحائر و أنت تقول:يا من إليه وفدت و إليه خرجت و به استجرت و إليه قصدت و إليه بابن نبيه تقربت صل على محمد و آل محمد و من علي بالجنة و فك رقبتي من النار اللهم ارحم غربتي و بعد داري و ارحم مسيري إليك و إلى ابن حبيبك و اقلبني مفلحا منجحا قد قبلت معذرتي و خضوعي و خشوعي عند إمامي و سيدي و مولاي و ارحم صرختي و بكائي و همي و جزعي و خشوعى و حزني و ما قد باشر قلبي من الجزع عليه فبنعمتك علي و بلطفك لي خرجت إليه و بتقويتك إياي و صرفك المحذور عني و كلائتك بالليل و النهار لي و بحفظك و كرامتك إياي و كل بحر قطعته و كل واد و فلاة سلكتها و كل منزل نزلته فأنت حملتني في البر و البحر و أنت الذي بلّغتني و وفّقتني و كفيتني و بفضل منك و وقاية بلغت و كانت المنة لك علي في ذلك كله و أثري مكتوب عندك و اسمي و شخصي فلك الحمد على ما أبليتني و اصطنعت عندي.

اللهم فارحم قربي منك و مقامي بين يديك و تملّقي و اقبل مني توسلي إليك بابن حبيبك و صفوتك و خيرتك من خلقك و توجّهي إليك و أقلني عثرتي و اقبل عظيم ما سلف مني و لا يمنعك ما تعلم مني من العيوب و الذنوب و الإسراف على نفسي و إن كنت لي ماقتا فارض عني و إن كنت علي ساخطا فتب علي إنك على كل شيء قدير.

اللهم اغفر لي و لوالدي و ارحمهما كما ربياني صغيرا و اجزهما عني خيرا اللهم اجزهما بالإحسان إحسانا و بالسيئات غفرانا اللهم أدخلهما الجنة برحمتك و حرّم وجوههما عن عذابك و برّد عليهما مضاجعهما و افسح لهما في قبريهما و عرّفنيهما

ص: 62

في مستقر من رحمتك و جوار حبيبك محمد صلّى اللّه عليه و آله (1).5.

ص: 63


1- كامل الزيارات:245.

زيارة الإمام الحسين عن بعد

1-حدثني أبي ره عن سعد و محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن أبي عمير عمن رواه قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:إذا بعدت بأحدكم الشقة و نأت به الدار فليعل أعلى منزل له فيصلّي ركعتين و ليؤمىء بالسلام إلى قبورنا فإن ذلك يصير إلينا.

2-حدثني علي بن الحسين و علي بن محمد بن قولويه ره جميعا عن محمد بن يحيى العطار عن حمدان بن سليمان النيسابوري عن عبد اللّه بن محمد اليماني عن منيع بن الحجاج عن يونس بن عبد الرحمن عن حنان بن سدير عن أبيه في حديث طويل قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:يا سدير و ما عليك أن تزور قبر الحسين عليه السّلام في كل جمعة خمس مرات و في كل يوم مرة قلت:جعلت فداك إن بيننا و بينه فراسخ كثيرة فقال:تصعد فوق سطحك.

ثم تلتفت يمنة و يسرة ثم ترفع رأسك إلى السماء ثم تتحرى نحو قبر الحسين عليه السّلام ثم تقول:السلام عليك يا أبا عبد اللّه السلام عليك و رحمة اللّه و بركاته يكتب لك زورة و الزورة حجة و عمرة.

قال سدير:فربما فعلته في النهار أكثر من عشرين مرة.

3-حدثني حكيم بن داود عن سلمة بن الخطاب عن عبد اللّه بن الخطاب عن عبد اللّه بن محمد بن سنان عن منيع عن يونس بن عبد الرحمن عن حنان بن سدير عن أبيه قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:يا سدير تزور قبر الحسين عليه السّلام في كل يوم.

قلت:جعلت فداك لا؟

ص: 64

قال:ما أجفاكم أفتزوره في كل شهر.

قلت:لا.

قال:فتزوره في كل سنة.

قلت:يكون ذلك.

قال عليه السّلام:يا سدير ما أجفاكم بالحسين عليه السّلام(بذلك)أما علمت أن للّه ألف ألف ملكا شعثا غبرا يبكون و يزورون لا يفترون و ما عليك يا سدير أن تزور قبر الحسين عليه السّلام في كل جمعة خمس مرات..و ذكر مثل الحديث الأول.

4-و روى سليمان بن عيسى عن أبيه قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:كيف أزورك و لم أقدر على ذلك؟

قال:قال لي:يا عيسى إذا لم تقدر على المجيء فإذا كان يوم الجمعة فاغتسل أو توضأ و اصعد إلى سطحك و صل ركعتين و توجّه نحوي فإنه من زارني في حياتي فقد زارني في مماتي و من زارني في مماتي فقد زارني في حياتي.

5-حدثني محمد بن جعفر الرزاز عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن عبد اللّه بن محمد الدهقان(الدهان)عن منيع بن الحجاج عن حنان بن سدير عن أبيه قال:قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام:يا سدير تكثر من زيارة قبر أبي عبد اللّه الحسين قلت:إنه من الشغل.

فقال عليه السّلام:ألا أعلّمك شيئا إذا أنت فعلته كتب اللّه لك بذلك الزيارة.

فقلت:بلى جعلت فداك؟

فقال لي:اغتسل في منزلك و اصعد إلى سطح دارك و أشر إليه بالسلام يكتب لك بذلك الزيارة.

6-حدثني محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد ابن عيسى عن إسماعيل بن سهل عن أبي أحمد عمن رواه قال:قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام:إذا بعدت عليك الشقة و نأت بك الدار فلتعل على أعلى منزلك و لتصل

ص: 65

ركعتين و لتؤمىء بالسلام إلى قبورنا فإن ذلك يصل إلينا.

7-حدثني محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أبيه عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي عن أبيه رفع الحديث إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:دخل حنان بن سدير الصيرفي على أبي عبد اللّه عليه السّلام و عنده جماعة من أصحابه فقال:يا حنان بن سدير تزور أبا عبد اللّه عليه السّلام في كل شهر مرة.

قال:لا.

قال:ففي كل شهرين مرة.

قال:لا.

قال:ففي كل سنة مرة.

قال:لا.

قال:ما أجفاكم لسيدكم.

فقال:يا ابن رسول اللّه قلة الزاد و بعد المسافة.

قال عليه السّلام:ألا أدلكم على زيارة مقبولة و إن بعد النائي.

قال:فكيف أزوره يا ابن رسول اللّه.

قال عليه السّلام:اغتسل يوم الجمعة أو أي يوم شئت و البس أطهر ثيابك و اصعد إلى أعلى موضع في دارك أو الصحراء و استقبل القبلة بوجهك بعد ما تبين أن القبر هناك يقول اللّه تبارك و تعالى فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ.

ثم تقول:السلام عليك يا مولاي و ابن مولاي و سيدي و ابن سيدي السلام عليك يا مولاي الشهيد بن الشهيد و القتيل بن القتيل السلام عليك و رحمة اللّه و بركاته أنا زائرك يا ابن رسول اللّه بقلبي و لساني و جوارحي و إن لم أزرك بنفسي مشاهدة لقبتك فعليك السلام يا وارث آدم صفوة اللّه و وارث نوح نبي اللّه و وارث إبراهيم خليل اللّه و وارث موسى كليم اللّه و وارث عيسى روح اللّه و وارث محمد حبيب اللّه و نبيه و رسوله و وارث علي أمير المؤمنين وصي رسول اللّه و خليفته و وارث

ص: 66

الحسن بن علي وصي أمير المؤمنين لعن اللّه قاتليك وجدد عليهم العذاب في هذه الساعة و في كل ساعة أنا يا سيدي متقرب إلى اللّه جل و عز و إلى جدك رسول اللّه و إلى أبيك أمير المؤمنين و إلى أخيك الحسن و إليك يا مولاي فعليك السلام و رحمة اللّه و بركاته بزيارتي لك بقلبي و لساني و جميع جوارحي فكن لي يا سيدي شفيعي لقبول ذلك مني و بالبراءة من أعدائك و اللعنة لهم و عليهم أتقرّب إلى اللّه و إليكم أجمعين فعليك صلوات اللّه و رضوانه و رحمته.

ثم تحوّل على يسارك قليلا و تحول وجهك إلى قبر علي بن الحسين و هو عند رجل أبيه و تسلّم عليه مثل ذلك.

ثم ادع اللّه بما أحببت من أمر دينك و دنياك.

ثم تصلّي أربع ركعات فإن صلاة الزيارة ثمان أو ست أو أربع أو ركعتان، و أفضلها ثمان.

ثم تستقبل نحو قبر أبي عبد اللّه عليه السّلام و تقول:أنا مودعك يا مولاي و ابن مولاي و يا سيدي و ابن سيدي و مودعك يا سيدي و ابن سيدي يا علي بن الحسين و مودعكم يا ساداتي يا معاشر الشهداء فعليكم سلام اللّه و رحمته و رضوانه و بركاته (1).0.

ص: 67


1- كامل الزيارات:290.

الصلاة عند ضريح و قبر الإمام الحسين عليه السلام

اشارة

1-حدثني أبي رحمه اللّه و جماعة مشايخي عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد البرقي و حدثني محمد بن عبد اللّه عن أبيه عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أبي عبد اللّه البرقي عن جعفر بن ناجية عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:صل عند رأس قبر الحسين عليه السّلام.

2-و حدثني أبي رحمه اللّه و علي بن الحسين و جماعة مشايخي عن سعد بن عبد اللّه عن موسى بن عمر و أيوب بن نوح عن عبد اللّه بن المغيرة عن أبي اليسع قال:سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام و أنا أسمع قال:إذا أتيت قبر الحسين عليه السّلام اجعله قبلة إذا صليت قال:تنح هكذا ناحية.

3-حدثني علي بن الحسين ره عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي نجران عن يزيد بن إسحاق عن الحسن بن عطية عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إذا فرغت من التسليم على الشهداء أتيت(فأت)قبر الحسين.

ثم تجعله بين يديك ثم تصلي ما بدالك.

4-و عنه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن فضال عن علي بن عقبة عن عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت:إنا نزور قبر الحسين عليه السّلام فكيف نصلي عنده قال:تقوم خلفه عند كتفيه ثم تصلي على النبي صلّى اللّه عليه و آله و تصلي على الحسين عليه السّلام.

5-حدثني محمد بن جعفر عن محمد بن الحسين عن أيوب بن نوح و غيره عن عبد اللّه بن المغيرة قال:حدثني أبو اليسع قال:سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام و أنا أسمع

ص: 68

عن الصلاة إذا أتى قبر الحسين عليه السّلام قال:اجعله قبلة إذا صليت.

قال:تنح هكذا ناحية.

قال:آخذ من طين قبره و يكون عندي أطلب بركته.

قال:نعم أو قال:لا بأس بذلك.

6-حدثني محمد بن عبد اللّه بن جعفر عن أبيه عن علي بن محمد بن سالم عن محمد بن خالد عن عبد اللّه بن حماد البصري عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم قال:

حدثنا هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:أنه أتاه رجل فقال له:يا ابن رسول اللّه هل يزار والدك.

قال:فقال:نعم و يصلّى عنده.

و قال عليه السّلام:و يصلّى خلفه و لا يتقدّم.

ص: 69

التقصير في الفريضة و الرخصة في التطوع عنده

1-حدثني أبي و محمد بن الحسن ره عن الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد الجوهري عن علي بن أبي حمزة قال:سألت العبد الصالح عن زيارة قبر الحسين بن علي عليه السّلام فقال:ما أحب لك تركه قلت:ما ترى في الصلاة عنده و أنا مقصّر.

قال:صل في المسجد الحرام ما شئت تطوعا و في مسجد الرسول ما شئت تطوعا و عند قبر الحسين عليه السّلام فإني أحب ذلك قال:و سألته عن الصلاة بالنهار عند قبر الحسين عليه السّلام تطوعا فقال:نعم.

2-حدثني جعفر بن محمد بن إبراهيم الموسوي عن عبيد اللّه بن نهيك عن ابن أبي عمير عن أبي الحسن عليه السّلام قال:سألته عن التطوع عند قبر الحسين عليه السّلام و بمكة و المدينة و أنا مقصّر قال:تطوع عنده و أنت مقصّر ما شئت و في المسجد الحرام و في مسجد الرسول و في مشاهد النبي صلّى اللّه عليه و آله فإنه خير.

حدثني علي بن الحسين عن علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن ابن أبي عمير و إبراهيم بن عبد الحميد جميعا عن أبي الحسن عليه السّلام مثله.حدثني أبي ره عن سعد بن عبد اللّه عن الحسن بن موسى الخشاب عن جعفر بن محمد بن حكيم الخثعمي عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن عليه السّلام مثله.

3-حدثني علي بن محمد بن يعقوب الكسائي قال:حدثنا علي بن الحسن بن فضال عن عمرو بن سعيد عن مصدق بن صدقة عن عمار بن موسى الساباطي قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الصلاة في الحائر قال:ليس الصلاة إلا الفرض

ص: 70

بالتقصير و لا تصلّي النوافل.

4-حدثني أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن إسماعيل عن صفوان بن يحيى عن إسحاق بن عمار عن أبي الحسن عليه السّلام قال:سألته عن التطوع عند قبر الحسين عليه السّلام و مشاهد النبي صلّى اللّه عليه و آله و الحرمين و التطوع فيهن بالصلاة و نحن مقصّرون قال:نعم تطوّع ما قدرت عليه هو خير.

5-حدثني محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن صفوان بن يحيى عن إسحاق بن عمار قال:قلت لأبي الحسن عليه السّلام جعلت فداك أتنفل في الحرمين و عند قبر الحسين عليه السّلام و أنا أقصّر قال:نعم ما قدرت عليه.

6-حدثني أبي ره و محمد بن الحسن عن الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد الجوهري عن علي بن أبي حمزة عن أبي إبراهيم عليه السّلام قال:سألته عن التطوع عند قبر الحسين عليه السّلام و مشاهد النبي صلّى اللّه عليه و آله و الحرمين في الصلاة و نحن نقصّر قال:نعم تطوّع ما قدرت عليه.

7-حدثني أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه قال:سألت أيوب بن نوح عن تقصير الصلاة في هذه المشاهد مكة و المدينة و الكوفة و قبر الحسين عليه السّلام الأربعة الذي روى فيها فقال:أنا أقصّر و كان صفوان يقصّر و ابن أبي عمير و جميع أصحابنا يقصّرون (1).8.

ص: 71


1- كامل الزيارات:248.

التمام عند قبر الإمام الحسين عليه السّلام

1-حدثني أبي و محمد بن الحسن عن الحسن بن متيل عن سهل بن زياد الآدمي عن محمد بن عبد اللّه عن صالح بن عقبة عن أبي شبل قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

أزور قبر الحسين عليه السّلام قال:زر الطيب و أتم الصلاة عنده قال:أتم الصلاة عنده؟

قال:أتم.

قلت:فإن بعض أصحابنا يروي التقصير.

قال:إنما يفعل ذلك الضعفة حدثني محمد بن يعقوب ره عن جماعة مشايخه عن سهل بن زياد بإسناده مثله سواء.

2-حدثني أبو عبد الرحمن محمد بن أحمد العسكري عن الحسن بن علي بن مهزيار عن أبيه علي عن الحسين بن سعيد عن إبراهيم بن أبي البلاد عن رجل من أصحابنا يقال له الحسين عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:تتم الصلاة في ثلاثة مواطن في المسجد الحرام و مسجد الرسول صلّى اللّه عليه و آله و عند قبر الحسين عليه السّلام.

3-حدثني أبي رحمه اللّه و أخي و علي بن الحسين عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد ابن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن عبد الملك القمي عن إسماعيل بن جابر عن عبد الحميد خادم إسماعيل بن جعفر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:تتم الصلاة في أربعة مواطن في المسجد الحرام و مسجد الرسول صلّى اللّه عليه و آله و مسجد الكوفة و حرم الحسين عليه السّلام.

4-حدثني محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أبيه عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي عن أبيه عن حماد بن عيسى عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

ص: 72

من الأمر المذخور إتمام الصلاة في أربعة مواطن بمكة و المدينة و مسجد الكوفة و الحائر.

5-قال ابن قولويه:وزاده الحسين بن أحمد بن المغيرة عقب هذا الحديث في هذا الباب بما أخبره به حيدر بن محمد بن نعيم السمرقندي بإجازته بخطه باجتيازه للحج عن أبي النضر محمد بن مسعود العياشي عن علي بن محمد قال:

حدثني محمد بن أحمد عن الحسن بن علي بن النعمان عن أبي عبد اللّه البرقي و علي بن مهزيار و أبي علي بن راشد جميعا عن حماد بن عيسى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال:من مخزون علم اللّه الإتمام في أربعة مواطن حرم اللّه و حرم رسوله و حرم أمير المؤمنين و حرم الحسين عليهم السّلام.

6-حدثني محمد بن همام بن سهيل عن جعفر بن محمد بن مالك الفزاري قال:

حدثنا محمد بن حمدان المدائني عن زياد القندي قال:قال أبو الحسن موسى عليه السّلام:

أحب لك ما أحب لنفسي و أكره لك ما أكره لنفسي أتم الصلاة في الحرمين و بالكوفة و عند قبر الحسين عليه السّلام.

7-حدثني علي بن حاتم القزويني قال:أخبرنا محمد بن أبي عبد اللّه الأسدي قال:حدثنا القاسم بن الربيع الصحاف عن عمرو بن عثمان عن عمرو بن مرزوق قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الصلاة في الحرمين و في الكوفة و عند قبر الحسين عليه السّلام قال:أتم الصلاة فيهم.

8-حدثني محمد بن يعقوب و جماعة مشايخي ره عن محمد بن يحيى العطار عن محمد بن الحسين عن محمد بن سنان عن حذيفة بن منصور قال:حدثني من سمع أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:تتم الصلاة في المسجد الحرام و مسجد الرسول و مسجد الكوفة و حرم الحسين.

9-و من زيادة الحسين بن أحمد بن المغيرة ما في حديث أحمد بن إدريس بن أحمد بن زكريا القمي قال:حدثني محمد بن عبد الجبار عن علي بن إسماعيل عن

ص: 73

محمد بن عمرو عن قائد الحناط عن أبي الحسن الماضي عليه السّلام قال:سألته عن الصلاة في الحرمين فقال:تتم و لو مررت به مارا.

10-حدثني أحمد بن إدريس قال:حدثني أحمد بن أبي زاهر عن محمد بن الحسين الزيات عن حسين بن عمران عن عمران قال:قلت لأبي الحسن عليه السّلام:أقصر في المسجد الحرام أو أتم.

قال:إن قصرت فلك و إن أتممت فهو خير و زيادة في الخير خير (1).1.

ص: 74


1- كامل الزيارات:251.

ثواب صلاة الفريضة عند ضريح الإمام الحسين

1-حدثني جعفر بن محمد بن إبراهيم الموسوي عن عبيد اللّه بن نهيك عن ابن أبي عمير عن رجل عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قال لرجل:يا فلان ما يمنعك إذا عرضت لك حاجة أن تأتي قبر الحسين عليه السّلام فتصلّي عنده أربع ركعات.

ثم تسأل حاجتك فإن الصلاة الفريضة عنده تعدل حجة و النافلة تعدل عمرة.

2-حدثني أبي و جماعة مشايخي عن سعد بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه الجاموراني الرازي عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن الحسن بن محمد بن عبد الكريم أبي علي عن المفضل بن عمر عن جابر الجعفي قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام للمفضل في حديث طويل في زيارة قبر الحسين عليه السّلام.

ثم تمضي إلى صلاتك و لك بكل ركعة ركعتها عنده كثواب من حج ألف حجة و اعتمر ألف عمرة و أعتق ألف رقبة و كأنما وقف في سبيل اللّه ألف مرة مع نبي مرسل..و ذكر الحديث.

3-حدثني علي بن الحسين عن محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد و حدثني محمد بن الحسين بن مت الجوهري عن محمد بن أحمد عن هارون بن مسلم عن أبي علي الحراني قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ما لمن زار قبر الحسين عليه السّلام قال:من أتاه و زاره و صلّى عنده ركعتين أو أربع ركعات كتب اللّه(كتبت)له حجة و عمرة.

قال:قلت:جعلت فداك و كذلك لكل من أتى قبر إمام مفترض طاعته؟

قال:و كذلك لكل من أتى قبر إمام مفترض طاعته حدثني أبي(ره)عن سعد بن

ص: 75

عبد اللّه عن أبي القاسم عن أبي علي الخزاعي قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام..و ذكر مثله.

4-حدثني الحسن بن عبد اللّه بن محمد بن عيسى عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن العلاء بن رزين عن شعيب العقرقوفي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت له:

من أتى قبر الحسين عليه السّلام ما له من الثواب و الأجر جعلت فداك؟

قال عليه السّلام:يا شعيب ما صلّى عنده أحد الصلاة إلا قبلها اللّه منه و لا دعى عنده أحد دعوة إلا استجيب له عاجله و آجله.

فقلت:جعلت فداك زدني فيه؟

قال عليه السّلام:يا شعيب أيسر ما يقال لزائر الحسين بن علي عليه السّلام قد غفر لك يا عبد اللّه فاستأنف عملا جديدا (1).2.

ص: 76


1- كامل الزيارات:252.

وداع قبر الإمام الحسين بن علي

1-حدثني أبي و محمد بن الحسن عن الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين ابن سعيد و حدثني أبي و علي بن الحسين و محمد بن الحسن عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد و حدثني محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن نعيم بن الوليد عن يوسف الكناسي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إذا أردت أن تودع الحسين بن علي عليه السّلام فقل السلام عليك و رحمة اللّه و بركاته أستودعك اللّه و أقرأ عليك السلام آمنا باللّه و بالرسول و بما جئت به و دللت عليه و اتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين اللهم لا تجعله آخر العهد منا و منه اللهم إنا نسألك أن تنفعنا بحبه اللهم ابعثه مقاما محمودا تنصر به دينك و تقتل به عدوك و تبير به من نصب حربا لآل محمد فإنك وعدته ذلك و أنت لا تخلف الميعاد و السلام عليك و رحمة اللّه و بركاته أشهد أنكم شهداء نجباء جاهدتم في سبيل اللّه و قتلتم على منهاج رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم تسليما أنتم السابقون و المهاجرون و الأنصار أشهد أنكم أنصار اللّه و أنصار رسوله فالحمد للّه الذي صدقكم وعده و أراكم ما تحبون و صلى اللّه على محمد و آل محمد و رحمة اللّه و بركاته اللهم لا تشغلني في الدنيا عن ذكر نعمتك لا بإكثار تلهيني عجائب بهجتها و تفتنني زهرات زينتها و لا بإقلال يضر بعملي كده و يملأ صدري همه أعطني من ذلك غنى عن شرار خلقك و بلاغا أنال به رضاك يا أرحم الراحمين و صلى اللّه على رسوله محمد ابن عبد اللّه و على أهل بيته الطيبين الأخيار و رحمة اللّه و بركاته.

ص: 77

2-حدثني أبو عبد الرحمن محمد بن أحمد بن الحسين العسكري بعسكر مكرم عن الحسن بن علي بن مهزيار عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن محمد بن مروان عن أبي حمزة الثمالي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إذا أردت الوداع بعد فراغك من الزيارات فأكثر منها ما استطعت و ليكن مقامك بنينوى أو الغاضرية و متى أردت الزيارة فاغتسل وزر زورة الوداع فإذا فرغت من زيارتك فاستقبل بوجهك وجهه و التمس القبر و قل:السلام عليك يا ولي اللّه السلام عليك يا أبا عبد اللّه أنت لي جنة من العذاب و هذا أوان انصرافي عنك غير راغب عنك و لا مستبدل بك سواك و لا مؤثر عليك غيرك و لا زاهد في قربك و قد جدت بنفسي للحدثان و تركت الأهل و الأوطان فكن لي يوم حاجتي و فقري و فاقتي و يوم لا يغني عني والدي و لا ولدي و لا حميمي و لا رفيقي و لا قريبي أسأل اللّه الذي قدّر و خلق أن ينفّس بك كربي و أسأل اللّه الذي قدّر علي فراق مكانك أن لا يجعله آخر العهد مني و من رجعتي و أسأل اللّه الذي أبكى عليك عيني أن يجعله سندالي و أسأل اللّه الذي نقلني إليك من رحلي و أهلي أن يجعله ذخرا لي و أسأل اللّه الذي أراني مكانك و هداني للتسليم عليك و لزيارتي إياك أن يوردني حوضكم و يرزقني مرافقتكم في الجنان مع آبائك الصالحين صلى اللّه عليهم أجمعين.

السلام عليك يا صفوة اللّه السلام على رسول اللّه محمد بن عبد اللّه حبيب اللّه و صفوته و أمينه و رسوله و سيد النبيين السلام على أمير المؤمنين و وصي رسول رب العالمين و قائد الغر المحجلين السلام على الأئمة الراشدين المهديين السلام على من في الحائر منكم السلام على ملائكة اللّه الباقين المسبّحين المقيمين الذين هم بأمر ربهم قائمون السلام علينا و على عباد اللّه الصالحين و الحمد للّه رب العالمين.

و تقول:سلام اللّه و سلام ملائكته المقرّبين و أنبيائه المرسلين و عباده الصالحين عليك يا ابن رسول اللّه و على روحك و بدنك و على ذريتك و على من

ص: 78

حضرك من أوليائك أستودعك اللّه و أسترعيك و أقرأ عليك السلام آمنا باللّه و برسوله و بما جاء به من عند اللّه(عنده)اللهم اكتبنا مع الشاهدين.

و تقول:اللهم صل على محمد و آل محمد و لا تجعله آخر العهد من زيارتي ابن رسولك و ارزقني زيارته أبدا ما أبقيتني اللهم و انفعني بحبه يا رب العالمين اللهم ابعثه مقاما محمودا إنك على كل شيء قدير اللهم إني أسألك بعد الصلاة و التسليم أن تصلي على محمد و آل محمد و أن لا تجعله آخر العهد من زيارتي إياه فإن جعلته يا رب فاحشرني معه و مع آبائه و أوليائه و إن أبقيتني يا رب فارزقني العود إليه ثم العود إليه بعد العود برحمتك يا أرحم الراحمين اللهم اجعل لي لسان صدق في أوليائك و حبب إلي مشاهدهم.

اللهم صل على محمد و آل محمد و لا تشغلني عن ذكرك بإكثار علي من الدنيا تلهيني عجائب بهجتها و تفتنني زهرات زينتها و لا بإقلال يضر بعملي كده و يملأ صدري همه و أعطني بذلك غنى عن شرار خلقك و بلاغا أنال به رضاك يا رحمان و السلام عليكم يا ملائكة اللّه و زوار قبر أبي عبد اللّه عليه السّلام.

ثم ضع خدك الأيمن عن القبر مرة.

ثم الأيسر مرة و ألح في الدعاء و المسألة فإذا خرجت فلا تول وجهك على القبر حتى تخرج (1).6.

ص: 79


1- كامل الزيارات:256.

زيارة عاشوراء

اشارة

و أما زيارة عاشوراء من قرب أو بعد فمن أراد ذلك و كان بعيدا عنه عليه السّلام فليبرز إلى الصحراء أو يصعد سطحا مرتفعا في داره و يومىء إليه عليه السّلام و يجتهد بالدعاء على قاتله ثم يصلّي ركعتين وليكن ذلك في صدر النهار قبل أن تزول الشمس ثم ليندب الحسين عليه السّلام و يبكيه و يأمر من في داره بذلك ممن لا يتقيه و يقيم في داره مع من حضره المصيبة بإظهار الجزع عليه و ليعز بعضهم بعضا بمصابهم بالحسين عليه السّلام فيقول أعظم اللّه أجورنا بمصابنا بالحسين عليه السلام و جعلنا اللّه و إياكم من الطالبين بثاره مع وليه الإمام المهدي من آل محمد عليهم السلام فإذا أنت صليت الركعتين المذكورتين آنفا فكبر اللّه مائة مرة ثم أومىء إليه عليه السّلام و قل:

السلام عليك يا أبا عبد اللّه السلام عليك يا ابن رسول اللّه السلام عليك يا ابن أمير المؤمنين و ابن سيد الوصيين السلام عليك يا ابن فاطمة سيدة نساء العالمين السلام عليك يا ثار اللّه و ابن ثاره و الوتر الموتور السلام عليك و على الأرواح التي حلت بفنائك عليكم مني جميعا سلام اللّه أبدا ما بقيت و بقي الليل و النهار يا أبا عبد اللّه لقد عظمت الرزية و جلّت المصيبة بك علينا و على جميع أهل الإسلام و جلّت و عظمت مصيبتك في السماوات على جميع أهل السماوات فلعن اللّه أمة أسست أساس الظلم و الجور عليكم أهل البيت و لعن اللّه أمة دفعتكم عن مقامكم و أزالتكم عن مراتبكم التي رتّبكم اللّه فيها و لعن اللّه أمة قتلتكم و لعن اللّه الممهدين لكم بالتمكين من قتالكم برئت إلى اللّه و إليكم منهم و من أشياعهم و أتباعهم و أوليائهم يا أبا عبد اللّه إني سلم لمن سالمكم و حرب لمن حاربكم إلى يوم القيامة و لعن اللّه آل زياد و آل مروان و لعن اللّه بني أمية قاطبة و لعن اللّه ابن مرجانة و لعن اللّه عمر بن سعد و لعن اللّه شمرا و لعن اللّه أمة أسرجت

ص: 80

و ألجمت و تهيأت و تنقبت لقتالك بأبي أنت و أمي لقد عظم مصابي بك فأسأل اللّه الذي أكرم مقامك و أكرمني بك أن يرزقني طلب ثارك مع إمام[معصوم]منصور من أهل بيت محمد صلى اللّه عليه و آله اللهم اجعلني عندك وجيها بالحسين عليه السلام في الدنيا و الآخرة يا أبا عبد اللّه إني أتقرب إلى اللّه و إلى رسوله و إلى أمير المؤمنين و إلى فاطمة و إلى الحسن و إليك بموالاتك و بالبراءة ممن قاتلك و نصب لك الحرب و بالبراءة ممن أسس أساس الظلم و الجور عليكم و أبرأ إلى اللّه و إلى رسوله ممن أسس أساس ذلك و بنى عليه بنيانه و جرى في ظلمه و جوره عليكم أهل البيت و على أشياعكم برئت إلى اللّه و إليكم منهم و أتقرب إلى اللّه و إلى رسوله ثم إليكم بموالاتكم و موالاة وليكم و بالبراءة من أعدائكم و الناصبين لكم الحرب و بالبراءة من أشياعهم و أتباعهم إني سلم لمن سالمكم و حرب لمن حاربكم و ولي لمن والاكم عدو لمن عاداكم فأسأل اللّه الذي أكرمني بمعرفتكم و معرفة أوليائكم و رزقني البراءة من أعدائكم أن يجعلني معكم في الدنيا و الآخرة و أن يثبت لي عندكم قدم صدق في الدنيا و الآخرة و أسأله أن يبلغني المقام المحمود الذي لكم عند اللّه و أن يرزقني طلب ثاركم[ثاري]مع إمام مهدي ظاهر ناطق منكم و أسأل اللّه بحقكم و بالشأن الذي لكم عنده أن يعطيني بمصابي بكم أفضل ما يعطي مصابا بمصيبته[بمصيبة]يا لها من مصيبة[مصيبة]ما أعظمها و أعظم رزيتها في الإسلام و في جميع أهل السماوات الأرض اللهم اجعلني في مقامي هذا ممن تناله منك صلوات و رحمة و مغفرة اللهم اجعل محياي محيا محمد و آل محمد و مماتي ممات محمد و آل محمد اللهم إن هذا يوم تبركت به بنو أمية و ابن آكلة الأكباد اللعين ابن اللعين على لسانك و لسان نبيك في كل موطن و موقف وقف فيه نبيك اللهم العن أبا سفيان و معاوية و يزيد بن معاوية عليهم منك اللعنة أبد الآبدين و هذا يوم فرحت فيه[به] آل زياد و آل مروان بقتلهم الحسين عليه السلام اللهم فضاعف[ضاعف]عليهم اللعن منك و العذاب الأليم اللهم إني أتقرب إليك في هذا اليوم و في موقفي هذا و أيام حياتي بالبراءة منهم و اللعنة عليهم و بالموالاة لنبيك و آل نبيك عليهم السلام.

ص: 81

ثم تقول مائة مرة:اللهم العن أول ظالم ظلم حق محمد و آل محمد و آخر تابع له على ذلك اللهم العن العصابة التي جاهدت الحسين عليه السلام و شايعت و بايعت و تابعت على قتله اللهم العنهم جميعا.

ثم تقول مائة مرة:السلام عليك يا أبا عبد اللّه و على الأرواح التي حلت بفنائك عليك مني سلام اللّه أبدا ما بقيت و بقي الليل و النهار و لا جعله اللّه آخر العهد مني لزيارتكم[لزيارتك]السلام على الحسين و على علي بن الحسين[و على أولاد الحسين]و على أصحاب الحسين.

ثم تقول:اللهم خص أنت أول ظالم باللعن مني و أبدأ به أول[أولا-الأول]ثم الثاني و[ثم]الثالث و[ثم]الرابع.

اللهم العن يزيد خامسا و العن عبيد اللّه بن زياد و ابن مرجانة و عمر بن سعد و شمرا و ال أبي سفيان و آل زياد و آل مروان إلى يوم القيامة.

ثم اسجد و قل:اللهم لك الحمد حمد الشاكرين لك على مصابهم الحمد للّه على عظيم رزيتي اللهم ارزقني شفاعة الحسين عليه السلام يوم الورود و ثبت لي قدم صدق عندك مع الحسين[و أولاد الحسين]و أصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين عليه السلام.

ثم صل ركعتي الزيارة بمهما شئت و قل بعدهما:اللهم إني لك صليت و لك ركعت و لك سجدت وحدك لا شريك لك لأنه لا تجوز الصلاة و الركوع السجود إلا لك لأنك أنت اللّه لا إله إلا أنت اللهم صل على محمد و آل محمد و أبلغهم أفضل السلام و التحية واردد علي منهم السلام اللهم و هاتان الركعتان هدية مني إلى سيدي و مولاي الحسين بن علي عليهما السلام اللهم صل على محمد و آله تقبلهما مني و أجرني عليهما أفضل أملي و رجائي فيك و في وليك يا ولي المؤمنين.

و يستحب أن يصلى أيضا في يوم عاشوراء أربع ركعات و قد مر كيفية فعلها في فضل الصلوات.

ص: 82

الدعاء بعد زيارة عاشوراء

ثم ادع بعد هذه الزيارة بهذا الدعاء المروي عن الصادق عليه السّلام و هو:

يا اللّه يا اللّه يا اللّه يا مجيب دعوة المضطرين و يا كاشف كرب المكروبين و يا غياث المستغيثين و يا صريخ المستصرخين و يا من هو أقرب إلي من حبل الوريد و يا من يحول بين المرء و قلبه و يا من هو بالمنظر الأعلى و بالأفق المبين و يا من هو الرحمن الرحيم على العرش استوى و يا من يعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور و يا من لا تخفى عليه خافية يا من لا تشتبه عليه الأصوات و يا من لا تغلّطه الحاجات و يا من لا يبرمه إلحاح الملحين يا مدرك كل فوت و يا جامع كل شمل و يا بارئ النفوس بعد الموت يا من هو كل يوم في شأن يا قاضي الحاجات يا منفس الكربات يا معطي السؤلات يا ولي الرغبات يا كافي المهمات يا من يكفي من كل شيء و لا يكفي منه شيء في السماوات و الأرض أسألك بحق محمد و علي و بحق فاطمة بنت نبيك و بحق الحسن و الحسين و التسعة من ولد الحسين عليهم السلام فإني بهم أتوجه إليك في مقامي هذا و بهم أتوسل و بهم أتشفع إليك و بحقهم أسألك و أقسم و أعزم عليك و بالشأن الذي لهم عندك و بالقدر الذي لهم عندك و بالذي فضّلتهم على العالمين و باسمك الذي جعلته عندهم و به خصصتهم دون العالمين و به أبنتهم[و أبنت فضلهم من فضل العالمين حتى فاق فضلهم فضل العالمين]أن تصلي على محمد و آل محمد و أن تكشف عني غمي و همي و كربي تكفيني المهم من أموري و تقضي عني ديني و تجيزني من الفقر و تجبرني من الفاقة و تغنيني عن المسألة إلى المخلوقين و تكفيني هم من أخاف همه و عسر من أخاف عسره و حزونة من أخاف حزونته و شر من[ما]أخاف شره و مكر من

ص: 83

أخاف مكره و بغي من أخاف بغيه و جور من أخاف جوره و سلطان من أخاف سلطانه وكيد من أخاف كيده و مقدرة من أخاف بلاء مقدرته علي و ترد عني كيد الكيدة و مكر المكرة.

اللهم من أرادني بسوء فأرده و من كادني فكده و اصرف عني كيده و مكره و بأسه و أمانيه و امنعه عني كيف شئت و أنى شئت.

اللهم أشغله عني بفقر لا تجبره و ببلاء لا تستره و بفاقة لا تسدها و بسقم لا تعافيه و ذل لا تعزه و بمسكينة لا تجبرها اللهم اضرب بالذل نصب عينيه و أدخل عليه الفقر في منزله و العلة و السقم في بدنه حتى تشغله عني بشغل شاغل لا فراغ له و أنسه ذكري كما أنسيته ذكرك و خذ عني بسمعه و بصره و لسانه و يده و رجله و قلبه و جميع جوارحه و أدخل عليه في جميع ذلك السقم و لا تشفه حتى تجعل ذلك شغلا شاغلا له عني و عن ذكري و اكفني يا كافي ما لا يكفي سواك فإنك الكافي لا كافي سواك و مفرّج لا مفرّج سواك و مغيث لا مغيث سواك و جار سواك خاف من كان جاره سواك و مغيثه سواك و مفزعه إلى سواك و مهربه و ملجأه إلى غيرك منجاه من مخلوق غيرك فأنت ثقتي و رجائي و مفزعي و مهربي و ملجئي و منجاي فبك أستفتح و بك أستنجح و بمحمد و آل محمد أتوجه إليك و أتوسل و أتشفع فأسألك يا اللّه يا اللّه يا اللّه فلك الحمد و لك الشكر و إليك المشتكى و أنت المستعان فأسألك يا اللّه يا اللّه يا اللّه بحق محمد و آل محمد أن تصلي على محمد و آل محمد و أن تكشف عني غمي و همي و كربي في مقامي هذا كما كشفت عن نبيك صلى اللّه عليه و آله همه و غمه و كربه و كفيته هول عدوه فاكشف عني كما كشفت عنه و فرّج عني كما فرّجت عنه و اكفني كما كفيته هول ما أخاف هوله و مئونة ما أخاف مئونته و هم ما أخاف همه بلا مئونة على نفسي من ذلك و اصرفني بقضاء حوائجي و كفاية ما أهمّني همّه من أمر آخرتي و دنياي يا أمير المؤمنين و يا أبا عبد اللّه عليكما مني سلام اللّه أبدا ما[بقيت و]بقي الليل و النهار و لا جعله اللّه آخر العهد من زيارتكما و لا فرّق اللّه بيني و بينكما.

ص: 84

اللهم أحيني حياة محمد صلى اللّه عليه و آله و ذريته و أمتني مماتهم و توفني على ملتهم و احشرني في زمرتهم و لا تفرّق بيني و بينهم طرفة عين في الدنيا و الآخرة يا أمير المؤمنين و يا أبا عبد اللّه قصد تكما بقلبي زائرا و متوسلا إلى اللّه ربي و ربكما و متوجها إليه بكما و مستشفعا بكما إلى اللّه في حاجتي هذه فاشفعا لي فإن لكما عند اللّه المقام المحمود و الجاه الوجيه و المنزل الرفيع و الوسيلة إني أنقلب عنكما منتظرا لتنجز الحاجة و قضاءها و نجاحها من اللّه بشفاعتكما لي إلى اللّه فلا أخيب و لا يكون منقلبي منقلبا خائبا خاسرا بل يكون منقلبي منقلبا راجيا مفلحا منجحا مستجابا بقضاء جميع حوائجي و تشفعا لي إلى اللّه انقلبت على ما شاء اللّه و لا حول و لا قوة إلا باللّه مفوضا أمري إلى اللّه ملجئا ظهري إلى اللّه متوكلا على اللّه و أقول حسبي اللّه و كفى سمع اللّه لمن دعى ليس وراء اللّه و وراءكم يا سادتي منتهى ما شاء اللّه[ربي]كان و ما لم يشأ لم يكن و لا حول و لا قوة إلا باللّه أستودعكم اللّه و لا جعله اللّه آخر العهد مني إليكما انصرفت يا سيدي يا أمير المؤمنين و مولاي و أنت يا أبا عبد اللّه و سلامي عليكما متصل ما اتصل الليل و النهار و اصل ذلك إليكما غير محجوب عنكما سلامي إن شاء اللّه و أسأله بحقكما أن يشاء ذلك و يفعل فإنه حميد مجيد و انقلبت يا سيدي عنكما تائبا حامدا للّه شاكرا راجيا للإجابة غير آيس و لا قانط آئبا عائدا إلى زيارتكما غير راغب عنكما و لا عن زيارتكما بل راجع عائد إن شاء اللّه تعالى و لا حول و لا قوة إلا باللّه يا سادتي رغبت إليكما و إلى زيارتكما بعد أن زهد فيكما و في زيارتكما أهل الدنيا فلا خيّبني اللّه ما رجوت و ما أملت في زيارتكما إنه قريب مجيب (1).0.

ص: 85


1- المصباح الكفعمي:483-490.

آثار ترك السعي لحوائج الدنيا يوم عاشوراء

ورد عن الإمام الرضا عليه السّلام أنه قال:من ترك السعي في حوائجه يوم عاشوراء قضى اللّه له حوائج الدنيا و الآخرة.

و من كان يوم عاشوراء يوم مصيبته و حزنه و بكائه جعل اللّه عزّ و جلّ يوم القيامة يوم فرحه و سروره،و قرّت بنا في الجنان عينه.

و من سمّى يوم عاشوراء يوم بركة و ادّخر فيه لمنزله شيئا لم يبارك له فيما ادّخر و حشر يوم القيامة مع يزيد و عبيد اللّه بن زياد و عمر بن سعد-لعنهم اللّه-إلى أسفل درك من النار (1).

و نقل أحد العلماء أنه صادف في أحد السنين أن اتفق يوم العاشر من محرم مع يوم ولادة ملك إيران(شاه رضا)فطلب الشاه من أصحاب المحلات و الباعة في سوق طهران بأن لا يقفلوا محلاتهم في ذلك اليوم و أن يزينوا الشوارع و أبواب محلاتهم و أن يعلّقوا الأضواء و الثريات.

فامتثل لهذا الأمر أغلب أصحاب المحلات و كان في محلة من سوق طهران تدعى الميدان الأخضر صاحب محل لم يمتثل لهذا الأمر فأغلق دكّانه في ذلك اليوم يوم شهادة الإمام الحسين عليه السّلام و في الغد حدث أن اشتعلت النيران في تلك المحلة فاحترقت كافة المحلات التجارية ما عدا محل ذلك الشخص بقي سالما و لم تقترب منه النيران (2).

ص: 86


1- آثار و بركات سيد الشهداء،ص:227.
2- جزاء الأعمال،ص:114.

آثار زيارة عاشوراء

1-رد الحسين السلام على زائره

يروي أحد العلماء(حسين مشكور)الزهاد أنه رأى في منامه شابا يتقدم لزيارة الإمام الحسين عليه السّلام فيبتسم هو و يبتسم الإمام أيضا فاستيقظ.

ثم في إحدى ليالي الجمعة رأى ذلك الشاب يزور الحسين عليه السّلام و يبتسم أيضا دون رؤية الإمام فسلّمت عليه بعد الزيارة و قلت له المنام و سألته عن السبب فقال:

لي أبوين عجوزين،في كل ليلة جمعة أركب أحدهما على الحمار و آتي به إلى كربلاء(من بلدها)لزيارة الإمام الحسين عليه السّلام و في إحدى الليالي الممطرة أخذت أبي فأصرّت أمي على الذهاب خوفا من الموت قبل الزيارة فقلت لها:الحمار لا يتحمّل و الأرض موحلة و لكن قبلت و حملتها على ظهري و والدي على الحمار و جئنا للزيارة فعند ما سلّمنا عليه رأيته يبتسم و يرد السلام و هكذا كل ليلة جمعة..

2-خدمة الملائكة له بالبرزخ:

رأى الشيخ جواد بن الشيخ مشكور-العالم الرباني الفقيه-في منامه ليلة 26 من صفر سنة 1326،أن عزرائيل زاره فسأله من أين أتيت؟

فقال:من شيراز و قبضت روح الميرزا محلاتي.

فقال الشيخ مشكور:و كيف حاله في البرزخ.

ص: 87

فأجابه عزرائيل:في الجنة البرزخية بين يديه 1000 ملك.

فسأل الشيخ ماذا عمل الميرزا حتى نال ذلك هل بسبب درجته العلمية و تدريسه أم بسبب صلاته الجماعية و إيصال أحكام اللّه و القرآن الكريم للناس؟

فقال عزرائيل:لا،سببه قراءة زيارة عاشوراء الحسين عليه السّلام.

(حيث كان الميرزا خلال 30 عاما يقرأ الزيارة كل يوم) (1).

3-رفع العذاب عن جيران الزائر:

حكى الميرزا آغا جواد التبريزي في المراقبات عن بعض الثقاة من أهل العلم أن عشارا مات و دفن في المقبرة فرآه صديقه في المنام و هو في عيشة جيدة هنيئة فسأله عن السبب فأجابه كنت في هذه المقبرة معذبا حتى دفنت فيها امرأة-زوجة فلان-فزارها الحسين عليه السّلام في الليلة التي دفنت فيها ثلاث مرات و في الثالثة أمر الملائكة برفع العذاب عن جيرانها فشملتنا..

و في الصباح ذهب الصديق إلى زوجها فسأله عن مكان الدفن فكان كما قال العشار فسأله عن ارتباطها بالإمام الحسين عليه السّلام فقال:لا يوجد لها عمل معه سوى المداومة على زيارة عاشوراء..

4-عدم الوقوع في المرض المحتم:

قال مؤسس الحوزة العلمية في قم المقدسة آية اللّه العظمى الشيخ عبد الكريم الحائري قدّس سرّه كنا جالسين عند آية اللّه العظمى المجدد الشيرازي في سامراء إذ دخل

ص: 88


1- القصص العجيبة،ص:190،بتصرف.

آية اللّه السيد محمد الفشاركي منقبض الوجه قلقا،و يظهر أنه كان مضطربا من مرض الوباء الذي اجتاح العراق في تلك الأيام.

فقال لنا أستاذنا آية اللّه الشيرازي:هل تروني مجتهدا أم لا؟

قلنا:نراك مجتهدا.

قال:و هل تروني عادلا؟قلنا:نعم.

و كان يريد المجدد الشيرازي بهذين السؤالين أن يأخذ من تلامذته الإقرار ليصدر حكما لا يترددون في تنفيذه.

و هكذا لمّا أقررنا على اجتهاده و عدالته،قال:«إني آمر كل امرأة و رجل من الشيعة بأن يقرأوا زيارة عاشوراء نيابة عن الوالدة المعظمة للإمام الحجة عليه السّلام يقسمون عليها بحق إبنها(عج)كي يشفع لنا الإمام عند اللّه تعالى فينجي اللّه المسلمين من مرض الوباء».

يقول آية اللّه العظمى الشيخ عبد الكريم الحائري:«لمجرد صدور هذا الحكم إلتزم شيعة سامراء بالطاعة،و كانت النتيجة أن لا أحد منهم أصيب بهذا المرض، في الوقت الذي كان في اليوم الواحد يموت من غيرهم عشرة إلى خمسة عشر شخصا بسبب الوباء» (1).

5-إنقاذ غريق:

قال الشيخ محمد الأنصاري:تشرفت بزيارة كربلاء في العام 1370 ه ق و كان ابني مريضا و كنت قد اصطحبته معي طلبا لشفائه و في يوم الأربعين(20 صفر) ذهبت مع ولدي الى زاوية من النهر و شرعنا بالغسل،و بينما أنا كذلك إذ رأيت الماء

ص: 89


1- قصص و خواطر،ص:204-205.

قد أخذ ولدي و قد ابتعد عني و لم أعد أرى منه سوى رأسه و لم أكن أقوى على السباحة و لم يكن هناك أحد لينجيه فتوجهت إلى اللّه بقلب خاضع و أقسمت على اللّه بحق سيد الشهداء طالبا منه إنقاذ ولدي حتى رأيته يعود إلي فأمسكت بيده و أخرجته من الماء و سألته عمّا جرى له.

فقال لي:لم أر أحدا لكني أحسست و كأن أحدا أخذ بعضدي و توجّه بي نحوك.

فسجدت و شكرت اللّه على إجابته دعائي (1).0.

ص: 90


1- القصص العجيبة،ص:220.

أثر التصدق في عاشوراء

6-حور العين:

ذكر الإمام الحريفيش في كتابه«الروض الفائق»قال:قيل أنه كان بمصر رجل تاجر بالتمر يقال له:عطية بن خلف،و كان من أهل الثروة،ثم افتقر و لم يبق له سوى ثوب يستر عورته،فلما كان يوم عاشوراء صلّى الصبح في جامع عمرو بن العاص و كان من عادة هذا الجامع أن لا تدخله النساء إلاّ في يوم عاشوراء لأجل الدعاء،فوقف يدعو مع جملة الناس،و هو بمعزل عن النساء،فجاءته امرأة و معها أطفال أيتام فقالت:يا سيدي سألتك باللّه إلاّ ما فرّجت عني و آثرتني بشيء أستعين به على قوت هذه الأطفال،فقد مات أبوهم و ما ترك لهم شيئا و أنا شريفة و لا أعرف أحدا أقصده و ما خرجت اليوم إلاّ عن ضرورة أحوجتني الى بذل وجهي و ليس لي عادة بذلك.

فقال الرجل في نفسه:أنا لا أملك شيئا و ليس عندي غير هذا الثوب و إن خلعته انكشفت عورتي،و إن رددتها فأي عذر لي عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

فقال لها:إذهبي معي حتى أعطيك شيئا،فذهبت معه الى منزله فأوقفها على الباب و دخل و خلع ثوبه و اتزر بخلق كان عنده،ثم ناولها الثوب من شق الباب.

فقالت:ألبسك اللّه من حلل الجنة و لا أحوجك باقي عمرك،ففرح بدعائها و دخل البيت و أغلق الباب و جلس يذكر اللّه الى الليل،ثم نام فرأى في المنام حوراء لم ير الراؤون أحسن منها،و بيدها تفاحة قد عطّرت ما بين السماء و الأرض فناولته

ص: 91

التفاحة فكسرها فخرج منها حلة من حلل الجنة لا تقوم بها الدنيا و ما فيها،فألبسته الحلة و جلست في حجره،فقال لها:من أنت.

قالت:أنا عاشوراء زوجتك في الجنة.

قال:بم نلت ذلك؟

قالت:بدعوة تلك العلوية المسكينة الأرملة و الأيتام الذين أحسنت إليهم بالأمس.

فانتبه و عنده من السرور ما لا يعلمه إلاّ اللّه عز و جل،و قد عبق من طيبه المكان فتوضا و صلى ركعتين شكرا للّه عزّ و جلّ،ثم رفع طرفه الى السماء و قال:اللهم إن كان منامي حقا و هذه زوجتي في الجنة فاقبضني إليك،فما استتم الكلام حتى عجّل اللّه بروحه الى دار السلام (1).ء.

ص: 92


1- الروض الفائق في المواعظ و الرقائق:167 المجلس الثاني و الاربعين ط.مصر 1320،و ذكر عدة قصص في أثر التصدق في عاشوراء.

زيارة أربعين الحسين عليه السلام

و أما زيارة الأربعين فرواها صفوان بن مهران عن الصادق عليه السّلام قال:تزور عند ارتفاع النهار بهذه الزيارة فتقول:

السلام على ولي اللّه و حبيبه السلام على خليل اللّه و نجيه السلام على صفي اللّه و ابن صفيه السلام على الحسين المظلوم الشهيد السلام على أسير الكربات و قتيل العبرات اللهم إني أشهد أنه وليك و ابن وليك و صفيك و ابن صفيك الفائز بكرامتك أكرمته بالشهادة و حبوته بالسعادة و اجتبيته بطيب الولادة جعلته على خلقك من الأوصياء فأعذر في الدعاء و منح النصح و بذل مهجته فيك ليستنقذ عبادك من الجهالة و حيرة الضلالة و قد توازر عليه من غرّته الدنيا و باع حظه بالأرذل الأدنى و شرى آخرته بالثمن الأوكس و تغطرس و تردى في هواه أسخطك و أسخط نبيك و أطاع من عبادك أهل الشقاق و النفاق و حملة الأوزار المستوجبين للنار فجاهدهم فيك صابرا محتسبا حتى سفك في طاعتك دمه و استبيح حريمه اللهم فالعنهم لعنا وبيلا و عذبهم عذابا أليما.

السلام عليك يا ابن رسول اللّه السلام عليك يا ابن سيد الأوصياء أشهد أنك أمين اللّه و ابن أمينه عشت سعيدا و مضيت حميدا و مت فقيدا مظلوما شهيدا و أشهد أن اللّه منجز ما وعدك و مهلك من خذلك و معذب من قتلك و أشهد أنك و فيك بعهد اللّه و جاهدت في سبيله حتى أتاك اليقين فلعن اللّه من قتلك و لعن اللّه من ظلمك و لعن اللّه أمة سمعت بذلك فرضيت به.

اللهم إني أشهدك أني ولي لمن والاه و عدو لمن عاداه بأبي أنت و أمي يا ابن رسول

ص: 93

اللّه أشهد أنك كنت نورا في الأصلاب الشامخة و الأرحام الطاهرة لم تنجسك الجاهلية بأنجاسها و لم تلبسك المدلهمات من ثيابها[و أشهد أنك من دعائم الدين و أركان المسلمين و معقد المؤمنين]و أشهد أنك الإمام البر التقي الرضي الزكي الهادي المهدي و أشهد أن الأئمة من ولدك كلمة التقوى و أعلام الهدى و العروة الوثقى و الحجة على أهل الدنيا و أشهد أني بكم مؤمن و بإيابكم موقن بشرائع ديني و خواتيم عملي و قلبي لقلبكم سلم و أمري لأمركم متبع و نصرتي لكم معدة حتى يأذن اللّه لكم فمعكم معكم لا مع عدوكم صلوات اللّه عليكم و على أرواحكم و أجسادكم[أجسامكم]و شاهدكم و غائبكم و ظاهركم و باطنكم[و رحمة اللّه و بركاته آمين يا رب العالمين].

ثم تصلي ركعتي الزيارة و تدعو بما أحببت.

ثم زر علي بن الحسين و الشهداء و العباس عليه السّلام بما سنذكره إن شاء اللّه تعالى في زيارة عرفة و هكذا تفعل في كل زيارة للحسين عليه السّلام.

ص: 94

استحباب زيارة الحسين عليه السلام كل شهر

يستحب زيارة الحسين عليه السّلام في كل شهر بل في كل يوم.أما في كل شهر فلما ورد عن الصادق عليه السّلام:من زار الحسين عليه السّلام في كل شهر كان له ثواب مائة ألف شهيد من شهداء بدر.

استحباب زيارة الحسين عليه السلام كل يوم

و أما زيارته عليه السّلام في كل يوم فلما روي أن الصادق عليه السّلام قال لسدير بن حكيم يا سدير أتزور الحسين عليه السّلام في كل يوم قلت:لا.

قال:ما أجفاكم أفتزوره في كل شهر قلت:لا.قال:أفتزوره في كل سنة قلت قد يكون ذلك قال:ما أجفاكم بالحسين عليه السّلام أما علمت أن للّه تعالى ألف ألف ملك شعث غبر يبكونه و يزورونه و لا يفترون و ما عليك يا سدير أن تزور الحسين عليه السّلام في كل يوم مرة قال:فقلت:جعلت فداك بيننا و بينه فراسخ كثيرة.

فقال:إصعد فوق سطحك ثم التفت يمنة و يسرة ثم ارفع رأسك إلى السماء ثم تنحو نحو القبر و تقول:السلام عليك يا أبا عبد اللّه السلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته

ص: 95

زيارة الحسين عليه السلام أول ليلة من رجب و يومه و نصفه

و أما زيارة أول ليلة من رجب و يومه و نصفه:

فقف بعد الاغتسال على باب قبته مستقبل القبلة و سلّم على النبي و فاطمة و الأئمة(ع)ثم استأذن بما مر ذكره و ادخل وقف على ضريحه عليه السّلام و استقبل وجهك بوجهه تجعل القبلة بين كتفيك.

و هكذا تفعل في كل زيارة له عليه السّلام إذا كانت الزيارة من قرب.

ثم كبر مائة تكبيرة و قل:السلام عليك يا ابن رسول اللّه السلام عليك يا ابن خاتم النبيين السلام عليك يا ابن سيد المرسلين السلام عليك يا ابن سيد الوصيين.

السلام عليك يا أبا عبد اللّه السلام عليك أيها الحسين بن علي السلام عليك يا ابن فاطمة سيدة نساء العالمين السلام عليك يا ولي اللّه و ابن وليه السلام عليك يا صفي اللّه و ابن صفيه السلام عليك يا حجة اللّه و ابن حجته السلام عليك يا حبيب اللّه و ابن حبيبه السلام عليك يا سفير اللّه و ابن سفيره السلام عليك يا خازن الكتاب المسطور السلام عليك يا وارث التوراة و الإنجيل و الزبور.

السلام عليك يا أمين الرحمن السلام عليك يا شريك القرآن السلام عليك يا عمود الدين السلام عليك يا باب حكمة رب العالمين السلام عليك يا عيبة علم اللّه السلام عليك يا موضع سر اللّه السلام عليك يا ثار اللّه و ابن ثاره و الوتر الموتور السلام عليك و على الأرواح التي حلّت بفنائك و أناخت برحلك بأبي أنت أمي و نفسي يا أبا عبد اللّه لقد عظمت المصيبة و جلت الرزية بك علينا و على جميع أهل الإسلام فلعن اللّه أمة أسست أساس الظلم و الجور عليكم أهل البيت و لعن اللّه أمة دفعتكم عن مقامكم

ص: 96

و أزالتكم عن مراتبكم التي رتّبكم اللّه فيها بأبي أنت و أمي و نفسي يا أبا عبد اللّه لقد اقشعرت لدمائكم أظلة العرش مع أظلة الخلائق و بكتكم السماء الأرض و سكان الجنان و البر و البحر صلى اللّه عليك عدد ما في علم اللّه لبيك داعي اللّه إن كان لم يجبك بدني عند استغاثتك و لساني عند استنصارك فقد أجابك قلبي و سمعي و بصري سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا أشهد أنك طهر طاهر مطهر من طهر طاهر مطهر طهرت و طهرت بك البلاد و طهرت أرض أنت فيها[بها]و طهر حرمك أشهد أنك أمرت بالقسط و العدل و دعوت إليهما و أنك صادق صديق[صديق]صدقت فيما دعوت إليه و أنك ثار اللّه في الأرض و أشهد أنك قد بلّغت عن اللّه و عن جدك رسول اللّه و عن أبيك أمير المؤمنين و عن أخيك الحسن و نصحت و جاهدت في سبيل اللّه[ربك]و عبدت اللّه مخلصا حتى أتاك اليقين فجزاك اللّه خير جزاء السابقين و صلى اللّه عليك و سلم تسليما.

اللهم صل على محمد و آل محمد و صل على الحسين المظلوم[الشهيد]السعيد الرشيد قتيل العبرات و أسير الكربات صلاة نامية زاكية مباركة يصعد أولها و لا ينفد آخرها أفضل ما صليت على أحد من أولاد أنبيائك المرسلين يا إله العالمين.

ثم قبّل الضريح و زر علي بن الحسين و الشهداء و العباس عليه السّلام بما يأتي ذكره في زيارة عرفة إن شاء اللّه تعالى (1).2.

ص: 97


1- المصباح الكفعمي:483-492.

آثار زيارة أهل البيت عليهم السّلام

7-ضمن له الجنة:

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال:بينما الحسين بن علي عليه السّلام في حجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذ رفع رأسه فقال له:يا أبة ما لمن زارك بعد موتك.

فقال:يا بني من أتاني زائرا بعد موتي فله الجنة و من أتى أباك زائرا بعد موته فله الجنة و من أتى أخاك زائرا بعد موته فله الجنة و من أتاك زائرا بعد موتك فله الجنة (1).

ص: 98


1- كامل الزيارات،ص:38.

آثار زيارة الإمام الحسين عليه السلام

1-مجاورة محمد و علي و فاطمة عليهم السّلام:

فعن الإمام أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام أنه كان يقول:من أراد أن يكون في جوار نبيه صلّى اللّه عليه و آله و جوار علي و فاطمة فلا يدع زيارة الحسين بن علي عليه السّلام (1).

2-زيارة اللّه في عرشه:

عن الإمام الصادق عليه السّلام أنه:«من زار قبر أبي عبد اللّه عليه السّلام بشط الفرات كان كمن زار اللّه فوق عرشه (2).

قال العلامة المجلسي قدّس سرّه في شرح فقره:«كمن زار اللّه في عرشه»:أي عبد اللّه هناك،أو لاقى الأنبياء و الأوصياء هناك.فإن زيارتهم كزيارة اللّه أو يحصل له مرتبة من القرب كمن صعد عرش ملك و زاره (3).

3-تبشره الملائكة بالجنة:

عن أبي المفضل الشيباني باسناده من كتاب علي بن عبد الواحد النهدي في

ص: 99


1- كامل الزيارات،ص:260.
2- كامل الزيارات،ص:148.
3- بحار الأنوار،ج:101،ص:70.

حديث،يقول فيه عن الصادق عليه السّلام أنه قيل له:فما ترى لمن حضر قبره-يعني الحسين عليه السّلام-ليلة النصف من شهر رمضان؟

فقال:بخ بخ،من صلّى عند قبره ليلة النصف من شهر رمضان عشر ركعات من بعد العشاء من غير صلاة الليل،يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب و(قل هو اللّه أحد) عشر مرّات و استجار من النار،كتبه اللّه عتيقا من النار و لم يمت حتى يرى في منامه ملائكة يبشّرونه بالجنة و ملائكة يؤمّنونه من النار (1).

4-تدفع الهدم:

5-تدفع الغرق:

6-تدفع الحرق:

7-تدفع أكل السبع:

عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السّلام قال:مروا شيعتنا بزيارة الحسين بن علي عليه السّلام فإن زيارته تدفع الهدم و الغرق و الحرق و أكل السبع،و زيارته مفترضة على من أقرّ للحسين بالإمامة من اللّه عزّ و جلّ (2).

8-لا يخلو من الرحمة طرفة عين:

9-يموت شهيدا:

10-الحفظة تدعوا له ما بقي:

11-لم يزل في حفظ اللّه و أمنه حتى يفارق الدنيا:

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:كان الحسين مع أمه تحمله فأخذه النبي صلّى اللّه عليه و آله و قال:

ص: 100


1- إقبال الأعمال،ج:1،ص:294.
2- الأمالي-الشيخ الصدوق،ص:206.

لعن اللّه قاتلك،و لعن اللّه سالبك،و أهلك اللّه المتوازرين عليك و حكم اللّه بيني و بين من أعان عليك.

قالت فاطمة عليها السّلام:يا أبة أي شيء تقول؟...الى أن قال:

أما ترضين أن يكون من أتاه زائرا في ضمان اللّه و يكون من أتاه بمنزلة من حجّ إلى بيت و اعتمرو لم يخلو من الرحمة طرفة عين و إذا مات مات شهيدا و إن بقي لم تزل الحفظة تدعوا له ما بقي و لم يزل في حفظ اللّه و أمنه حتى يفارق الدنيا.

قالت:يا أبة سلّمت و رضيت و توكلت على اللّه،فمسح على قلبها و مسح عينيها.. (1).

12-زيادة الإيمان

عن أبي جعفر عليه السّلام أنه قال:من أراد أن يعلم أنه من أهل الجنة فليعرض حبنا على قلبه،فإن قبله فهو مؤمن،و من كان لنا محبا فليرغب في زيارة قبر الحسين عليه السّلام، فمن كان للحسين عليه السّلام زوّارا عرفناه بالحب لنا أهل البيت،و كان من أهل الجنة، و من لم يكن للحسين زوارا كان ناقص الإيمان (2).

13-بركة الأنفس و الأهل و الأولاد و الأموال و المعايش:

عن موسى بن القاسم الخضرمي،قال:ورد أبو عبد اللّه عليه السّلام في أول ولاية أبي جعفر فنزل النجف فقال:يا موسى إذهب إلى الطريق الأعظم فقف على الطريق و انظر فإنه سيأتيك رجل من ناحية القادسية،فإذا دنا منك فقل له:ها هنا رجل من

ص: 101


1- تفسير فرات الكوفي،ص:171-172.
2- كامل الزيارات،ص:356.

ولد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يدعوك،فإنه سيجىء معك.

قال:فذهبت حتى قمت على الطريق و الحر شديد،فلم أزل قائما حتى كدت أعصي و أنصرف و أدعه،إذ نظرت إلى شيء يقبل شبه رجل على بعير،فلم أزل أنظر إليه حتى دنا مني،فقلت له:يا هذاها هنا رجل من ولد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يدعوك و قد وصفك لي،فقال:اذهب بنا إليه.

قال:فجئت به حتى أناخ بعيره ناحية قريبا من الخيمة،فدعا فدخل الأعرابي إليه و دنوت أنا،فصرت على باب الخيمة أسمع الكلام و لا أراهما.

فقال له أبو عبد اللّه عليه السّلام:من أين قدمت.

قال:من أقصى اليمن.

قال:أنت من موضع كذا و كذا،قال:نعم أنا من موضع كذا و كذا.

قال:فيم جئت ها هنا.

قال:جئت زائرا للحسين عليه السّلام،فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:فجئت من غير حاجة ليس إلا للزيارة.

قال:جئت من غير حاجة إلا أن أصلّي عنده و أزوره فأسلّم عليه و أرجع إلى أهلي.

فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:و ما ترون في زيارته.

قال:نرى في زيارته البركة في أنفسنا و أهالينا و أولادنا و أموالنا و معايشنا و قضاء حوائجنا.

قال:فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:أ فلا أزيدك من فضله فضلا يا أخا اليمن.

قال:زدني يا بن رسول اللّه.

قال:إن زيارة الحسين عليه السّلام تعدل حجة مقبولة زاكية مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.فتعجّب من ذلك،فقال:إي و اللّه و حجتين مبرورتين متقبلتين زاكيتين مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فتعجّب،فلم يزل أبو عبد اللّه عليه السّلام يزيد حتى قال:ثلاثين حجة مبرورة متقبلة زاكية

ص: 102

مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (1).

14-تقديس الملائكة له:

15-مضاعفة الحسنات:

16-تدفع البلاء

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إن للّه عزّ و جل ملائكة موكلين بقبر الحسين عليه السّلام فإذا هم الرجل بزيارته أعطاهم ذنوبه فإذا اخطا محوها ثم إذا اخطا ضاعفوا له حسناته فما تزال حسناته تضاعف حتى توجب له الجنة ثم اكتنفوه فقدّسوه و ينادون ملائكة السماء أن قدّسوا زوّار قبر حبيب حبيب اللّه فإذا اغتسلوا ناداهم محمد صلّى اللّه عليه و آله يا وفد اللّه أبشروا بمرافقتي في الجنة،ثم ناداهم أمير المؤمنين علي عليه السّلام أنا ضامن لحوائجكم و دفع البلاء عنكم في الدنيا و الآخرة ثم اكتنفوهم عن أيمانهم و عن شمائلهم حتى ينصرفوا إلى أهاليهم (2).

و عنه عليه السّلام أنه قال:ما أتى قبر الحسين بن علي عليهما السلام مكروب قط إلاّ و فرّج اللّه كربته،و قضى حاجته (3).

17-حفظ الزائر في ماله و نفسه و أهله:

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قلت له:جعلت فداك ما أدنى ما لزائر قبر الحسين عليه السّلام فقال لي:يا عبد اللّه أدنى ما يكون له أن اللّه يحفظه في نفسه و أهله حتى يرده إلى أهله،

ص: 103


1- كامل الزيارات،ص:304-306.
2- ثواب الأعمال،ص:91-92.
3- المقنعة للمفيد،ص:467.

فإذا كان يوم القيامة كان اللّه الحافظ له (1).

18-حفظ ملك كريم له سنة كاملة:

19-تحضر جنازته ملائكمة الرحمة:

20-يؤمن من ضغطة القبر:

21-يؤمن من منكر و نكير أن يروعانه:

22-يعطى كتابه بيمينه:

23-يعطى نورا يضيء لنوره ما بين المشرق و المغرب:

عن أبي جعفر عليه السّلام قال:لو يعلم الناس ما في قبر الحسين عليه السّلام من الفضل لماتوا شوقا و تقطعت أنفسهم عليه حسرات.

قلت:و ما فيه.

قال:من أتاه تشوقا كتب اللّه له ألف حجة متقلبة و ألف عمرة مبرورة و أجر ألف شهيد من شهداء بدر و أجر ألف صائم،و ثواب ألف صدقة مقبولة و ثواب ألف نسمة أريد بها وجه اللّه،و لم يزل محفوظا سنته من كل آفة أهونها الشيطان،و وكّل به ملك كريم يحفظه من بين يديه و من خلفه،و عن يمينه و عن شماله،و من فوق رأسه و من تحت قدمه.فإن مات سنته حضرته ملائكة الرحمة يحضرون غسله و تكفينه و الإستغفار له،و يشيعونه إلى قبره بالإستغفار له،و يفسح له في قبره مد بصره،و يؤمنه اللّه من ضغطة القبر و من منكر و نكير أن يروعانه،و يفتح له باب إلى الجنة،و يعطى كتابه بيمينه،و يعطى له يوم القيامة نورا يضيء لنوره ما بين المشرق و المغرب،و نادى مناد:هذا من زوار الحسين شوقا إليه،فلا يبقى أحد يوم

ص: 104


1- كامل الزيارات،ص:255.

القيامة إلا تمنّى يومئذ أنه كان من زوار الحسين عليه السّلام (1).

24-إستغفار الملائكة له:

روي أن اللّه تعالى يخلق من عرق زوار قبر الحسين عليه السّلام من كل عرقة سبعين ألف ملك يسبّحون اللّه و يستغفرونه له و لزوار الحسين عليه السّلام،إلى أن تقوم الساعة (2).

عن عبد اللّه بن مسكان،قال:شهدت أبا عبد اللّه عليه السّلام و قد أتاه قوم من أهل خراسان فسألوه عن إتيان قبر الحسين عليه السّلام و ما فيه من الفضل.

قال:حدثني أبي عن جدي أنه كان يقول:من زاره يريد به وجه اللّه أخرجه اللّه من ذنوبه كمولود ولدته أمه،و شيّعته الملائكة في مسيره،فرفرفت على رأسه قد صفوا بأجنحتهم عليه حتى يرجع إلى أهله،و سألت الملائكة المغفرة له من ربه و غشيته الرحمة من أعنان السماء،و نادته الملائكة:طبت و طاب من زرت،و حفظ في أهله (3).

25-أراد اللّه به خيرا:

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:من أراد اللّه به الخير قذف في قلبه حب الحسين عليه السّلام و حب زيارته،و من أراد اللّه به سوءا قذف في قلبه بغض الحسين و بغض زيارته (4).

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من لم يزر قبر الحسين عليه السّلام فقد حرم خيرا كثيرا

ص: 105


1- كامل الزيارات،ص:270-271.
2- مستدرك الوسائل،ج:10،ص:256.
3- كامل الزيارات،ص:275.
4- كامل الزيارات،ص:269.

و نقص من عمره سنة (1).

26-العتق من النار:

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:من زار قبر الحسين عليه السّلام للّه و في اللّه أعتقه اللّه من النار و آمنه يوم الفزع الأكبر و لم يسأل اللّه تعالى حاجة من حوائج الدنيا و الآخرة إلاّ أعطاه (2).

27-النجاة من النار:

نقل عن ملاّ محمد كاظم الهزار أنه كان في مدينة الموصل رجل ناصبي لم يرزق بولد فنذر للّه إن رزقه ولد فإنه يجعله قطاع طرق لزوار الحسين عليه السّلام يمنعهم من الزيارة و يقتلهم و يسلب أموالهم.

فلما رزقه اللّه بولد،و استوى أخبره والده بما نذره للّه،فقام ابنه بتنفيذ النذر و أخذ يقتل و ينهب الزوار.

و ذات ليلة رأى في عالم الرؤيا أن القيامة قد حصلت و جاءت ملائكة العذاب عليه فأخذوه إلى نار جهنم و ألقوه فيها،و لكن النار لا تؤثر فيه،فقالت الملائكة للنار:لم لا تحرقينه؟

فأجابت النار:كيف أحرق من كان على بدنه تراب زوار كربلاء ففزع من نومه و علم حقيقة الأمر و اعتنق مذهب الحق«التشيع»و جاور كربلاء ثم أنشد على البداهة:

إذا شئت النجاة فزر حسينا لكي تلقى الإله قرير عين

ص: 106


1- وسائل الشيعة،ج:10،ص:335.
2- جامع أحاديث الشيعة،ج:12،ص:455.

فإن النار ليست تمسّ جسما عليه غبار زوّار الحسين (1).

28-تمحى خطاياه كلها:

عن الصادق عليه السّلام:من زاره(الحسين)كان اللّه له من وراء حوائجه،و كفاه ما أهمّه من أمر دنياه،و إنه ليجلب الرزق على العبد،و يخلف عليه ما أنفق،و يغفر له ذنوب خمسين سنة،و يرجع إلى أهله و ما عليه وزر و لا خطيئة إلا و قد محيت من صحيفته،فإن هلك في سفره نزلت الملائكة فغسّلته و فتح له باب إلى الجنة يدخل عليه روحها حتى ينشر... (2).

سئل الإمام الصادق عليه السّلام عن زيارة الحسين عليه السّلام في شهر رمضان؟

فقال عليه السّلام:من جاءه عليه السّلام خاشعا محتسبا مستغفرا فشهد قبره عليه السّلام في إحدى ثلاث ليال من شهر رمضان:أول ليلة من الشهر أو ليلة النصف أو آخر ليلة منه تساقطت عنه ذنوبه و خطاياه التي اجترحها كما يتساقط هشيم الورق بالريح العاصف،حتى أنه يكون من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أمه،و كان له مع ذلك من الأجر مثل أجر من حج في عامه ذلك و اعتمر و يناديه ملكان يسمع نداءهما كل ذي روح إلا الثقلين من الجن و الإنس يقول أحدهما:يا أبا عبد اللّه طهرت فاستأنف العمل و يقول الآخر يا عبد اللّه أحببت فأبشر بمغفرة من اللّه و فضل (3).

29-استغفار فاطمة عليها السلام له:

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:إن فاطمة بنت محمد صلّى اللّه عليه و آله تحضر لزوار قبر ابنها

ص: 107


1- دار السلام،ج:2،ص:68.
2- العوالم،الإمام الحسين عليه السّلام،ص:506.
3- بحار الأنوار،ج:98،ص:99.

الحسين عليه السّلام فتستغفر لهم ذنوبهم (1).

30-تأكل الشمس ذنوبه كما تأكل النار الحطب:

عن صفوان الجمال قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام و نحن في طريق المدينة نريد مكة فقلت له:يابن رسول اللّه مالي أراك كئيبا حزينا منكسرا.

فقال لي:لو تسمع ما أسمع لشغلك عن مساءلتي.

قلت:و ما الذي تسمع.

قال:ابتهال الملائكة إلى اللّه على قتلة أمير المؤمنين عليه السّلام و على قتلة الحسين عليه السّلام و نوح الجن عليهما و بكاء الملائكة الذين حولهم و شدة حزنهم فمن يتهنأ مع هذا بطعام أو شراب أو نوم.

قلت له:فمن يأتيه زائرا ثم ينصرف فمتى يعود إليه و في كم يوم يؤتى و في كم يسع الناس تركه.

قال عليه السّلام:أما القريب فلا أقل من شهر و أما بعيد الدار ففي كل ثلاث سنين فما جاز الثلاث سنين فقد عقّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قطع رحمه إلاّ من علّة و لو يعلم زائر الحسين عليه السّلام ما يدخل على رسول اللّه و ما يصل إليه من الفرح و إلى أمير المؤمنين و إلى فاطمة و الأئمة و الشهداء منّا أهل البيت و ما ينقلب به من دعائهم له و ماله في ذلك من الثواب في العاجل و الآجل و المذخور له عند اللّه لأحب أن يكون ما ثم (2)داره ما بقي.

و إن زائره ليخرج من رحله فما يقع فيئه على شيء إلا دعى له فإذا وقعت الشمس

ص: 108


1- كامل الزيارات،ص:231.
2- في هامش المصدر:ما ثم:أي يكون داره عنده عليه السلام لا يفارقه،و ما تم:أي ما تم و ما استقر به داره.

عليه أكلت ذنوبه كما تأكل النار الحطب و ما تبقي الشمس عليه من ذنوبه شيئا فينصرف و ما عليه من ذنب و قد رفع له من الدرجات ما لا يناله المتشحط بدمه في سبيل اللّه و يوكل به ملك يقوم مقامه و يستغفر له حتى يرجع إلى الزيارة أو يمضي ثلاث سنين أو يموت (1)

31-تغشاه الرحمة:

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت له:ما لمن أتى(قبر)الحسين بن علي عليه السّلام زائرا عارفا بحقه غير مستنكف و لا مستكبر؟

قال:يكتب له ألف حجة مقبولة و ألف عمرة مبرورة،و إن كان شقيا كتب سعيدا و لم يزل يخوض في رحمة اللّه (2).

عن عبد اللّه بن مسكان،قال:شهدت أبا عبد اللّه عليه السّلام و قد أتاه قوم من أهل خراسان فسألوه عن إتيان قبر الحسين عليه السّلام و ما فيه من الفضل.

قال:حدثني أبي عن جدي أنه كان يقول:من زاره يريد به وجه اللّه أخرجه اللّه من ذنوبه كمولود ولدته أمه،و شيّعته الملائكة في مسيره،فرفرفت على رأسه قد صفوا بأجنحتهم عليه حتى يرجع إلى أهله،و سألت الملائكة المغفرة له من ربه و غشيته الرحمة من أعنان السماء،و نادته الملائكة:طبت و طاب من زرت،و حفظ في أهله (3).

ص: 109


1- جامع أحاديث الشيعة،ج:12،ص:443-444.
2- مستدرك الوسائل،ج:10،ص:310.
3- كامل الزيارات،ص:275.

32-زيادة الرزق:

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من أتى قبر الحسين عليه السّلام فقد وصل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و وصلنا و حرمت غيبته و حرم لحمه على النار و أعطاه اللّه بكل درهم أنفقه عشرة آلاف مدينة له في كتاب محفوظ و حرم لحمه على النار و كان اللّه له من وراء حوائجه و حفظ في كل ما خلف و لم يسأل اللّه شيئا إلا أعطاه و أجابه فيه إما أن يعجله و إما أن يؤخرّه له (1).

و في حديث:من زاره كان اللّه له من وراء حوائجه،و كفاه ما أهمّه من أمر دنياه، و إنه ليجلب الرزق على العبد،و يخلف عليه ما أنفق،و يغفر له ذنوب خمسين سنة، و يرجع إلى أهله و ما عليه وزر و لا خطيئة إلا و قد محيت من صحيفته،فإن هلك في سفره نزلت الملائكة فغسّلته و فتح له باب إلى الجنة يدخل عليه روحها حتى ينشر، و إن سلم فتح الباب الذي ينزل منه رزقه،فجعل له بكل درهم أنفقه عشرة ألالف درهم(و ذخر ذلك له،فإذا حشر قيل له:لك بكل درهم عشرة آلاف درهم)و إن اللّه تبارك و تعالى نظر لك و ذخرها لك عنده (2).

33-يمد في العمر:

34-يدفع مدافع السوء:

عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال:مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين عليه السّلام،فإن إتيانه يزيد الرزق و يمد في العمر و يدفع مدافع السوء و إتيانه

ص: 110


1- موسوعة أحاديث أهل البيت عليهم السّلام،ج:4،ص:402-403.
2- العوالم،الإمام الحسين عليه السّلام،ص:506.

مفترض على كل مؤمن يقر له بالإمامة من اللّه (1).

35-تحصيل السعادة و مباهات الملائكة له:

36-ترحم أهل البيت عليه:

عن عبد اللّه بن حماد البصري،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قال لي:إن عندكم-أو قال:في قربكم-لفضيلة ما أوتي أحد مثلها،و ما أحسبكم تعرفونها كنه معرفتها، و لا تحافظون عليها و لا على القيام بها،و إن لها لأهلا خاصة قد سمّوا لها،و أعطوها بلا حول منهم و لا قوة،إلا ما كان من صنع اللّه لهم و سعادة حباهم اللّه بها و رحمة و رأفة و تقدم.

قلت:جعلت فداك و ما هذا الذي و صفت و لم تسمّه.

قال:زيارة جدي الحسين بن علي عليهما السلام،فإنه غريب بأرض غربة،يبيكه من زاره،و يحزن له من لم يزره،و يحترق له من لم يشهده،و يرحمه من نظر إلى قبر ابنه عند رجله،في أرض فلاة لا حميم قربه و لا قريب،ثم منع الحق و توازر عليه أهل الردة،حتّى قتلوه و ضيّعوه و عرّضوه للسباع،و منعوه شرب ماء الفرات الذي يشربه الكلاب،و ضيّعوا حق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و وصيته به و بأهل بيته،فأمسى مجفوا في حفرته،صريعا بين قرابته،و شيّعته بين أطباق التراب،قد أوحش قربه في الوحدة و البعد عن جده،و المنزل الذي لا يأتيه إلا من امتحن اللّه قلبه للإيمان و عرّفه حقنا.

فقلت له:جعلت فداك قد كنت آتيه حتى بليت بالسلطان و في حفظ أموالهم و أنا عندهم مشهور،فتركت للتقية إتيانه و أنا أعرف ما في إتيانه من الخير.

فقال عليه السّلام:هل تدري ما فضل من آتاه و ما له عندنا من جزيل الخير.

ص: 111


1- تهذيب الأحكام،ج:6،ص:42.

فقلت:لا.

فقال:أما الفضل فيباهيه ملائكة السماء،و أما ما له عندنا فالترحم عليه كل صباح و مساء.

و لقد حدثني أبي أنه لم يخل مكانه منذ قتل من مصلي يصلي عليه من الملائكة، أو من الجن أو من الإنس أو من الوحش،و ما من شيء إلا و هو يغبط زائره و يتمسح به و يرجو في النظر إليه الخير لنظره إلى قبره.ثم قال:بلغني أن قوما يأتونه من نواحي الكوفة و ناسا من غيرهم،و نساء يندبنه،و ذلك في النصف من شعبان،فمن بين قارىء يقرأ،و قاص يقص،و نادب يندب،و قائل يقول المراثي.

فقلت له:نعم جعلت فداك قد شهدت بعض ما تصف.

فقال عليه السّلام:الحمد للّه الذي جعل في الناس من يفد إلينا و يمدحنا و يرثي لنا،و جعل عدونا من يطعن عليهم من قرابتنا و غيرهم يهدرونهم و يقبّحون ما يصنعون (1).

37-شفاء صاحب العاهة:

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:نحن نقول بظهر الكوفة قبر لا يلوذ به ذو عاهة إلا شفاه اللّه (2).

38-الطهارة من الدنس:

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من أراد زيارة قبر الحسين عليه السّلام لا أشرا و لا بطرا و لا رياءا و لا سمعة محّصت ذنوبه كما يمحّص الثوب في الماء فلا يبقى عليه دنس،

ص: 112


1- كامل الزيارات،ص:537-539.
2- تهذيب الأحكام،ج:6،ص:34.

و يكتب اللّه له بكل خطوة حجة،و كل ما رفع قدمه عمرة (1).

سئل الصادق عليه السّلام عن زيارة الحسين عليه السّلام في شهر رمضان؟

فقال:من جاءه عليه السّلام خاشعا محتسبا مستغفرا فشهد قبره عليه السّلام في إحدى ثلاث ليال من شهر رمضان:أول ليلة من الشهر أو ليلة النصف أو آخر ليلة منه تساقطت عنه ذنوبه و خطاياه التي اجترحها كما يتساقط هشيم الورق بالريح العاصف،حتى أنه يكون من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أمه،و كان له مع ذلك من الأجر مثل أجر من حج في عامه ذلك و اعتمر و يناديه ملكان يسمع نداءهما كل ذي روح إلا الثقلين من الجن و الإنس يقول أحدهما:يا عبد اللّه طهرت فاستأنف العمل و يقول الآخر:يا عبد اللّه أحببت فأبشر بمغفرة من اللّه و فضل (2).

39-زيادة العمر:

عن محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري قال:حدثني أبو سعيد الحسن بن علي ابن زكريا العدوي البصري عن هيثم بن عبد اللّه الرماني عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام عن أبيه عليه السّلام قال:قال أبو عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام:إن أيام زائري الحسين عليه السّلام لا تحسب من أعمارهم و لا تعد من آجالهم (3).

40-يصافحه رسول اللّه و الملائكة:

41-غيظ الأعداء:

عن معاوية بن وهب،قال:دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام و هو في مصلاه،فجلست

ص: 113


1- تهذيب الأحكام،ج:6،ص:44.
2- بحار الأنوار،ج:98،ص:99.
3- كامل الزيارات:136-260.

حتى قضى صلاته،فسمعته و هو يناجي ربه قائلا:يا من خصّنا بالكرامة،و وعدنا الشفاعة،و حمّلنا الرسالة،و جعلنا ورثة الأنبياء،و ختم بنا الأمم السالفة،و خصّنا بالوصية،و أعطانا علم ما مضى و علم ما بقي،و جعل أفئدة من الناس تهوي إلينا إغفر لي و لإخواني،و لزوار قبر أبي عبد اللّه الحسين بن علي صلى اللّه عليه،الذين أنفقوا أموالهم،و أشخصوا أبدانهم رغبة في برنا،و رجاء لما عندك في صلتنا، و سرورا أدخلوه على نبيك محمد صلّى اللّه عليه و آله،و إجابة منهم لأمرنا،و غيظا أدخلوه على عدونا،أرادوا بذلك رضوانك.فكافهم عنا بالرضوان،و اكلأهم بالليل و النهار، و اخلف على أهاليهم و أولادهم الذين خلّفوا بأحسن الخلف،و اصحبهم،و اكفهم شرّ كل جبّار عنيد،و كل ضعيف من خلقك و شديد،و شر شياطين الجن و الإنس، و أعطهم أفضل ما أملوا منك في غربتهم عن أوطانهم،و ما آثرونا على أبنائهم و أهاليهم و قراباتهم.اللهم إن أعداءنا عابوا عليهم خروجهم،فلم ينههم ذلك عن النهوض و الشخوص إلينا خلافا منهم على من خالفنا،اللّهم فارحم تلك الوجوه التي غيّرتها الشمس،ارحم تلك الخدود التي تقلّب على قبر أبي عبد اللّه عليه السّلام،و ارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا،و ارحم تلك القلوب التي جزعت و احترقت لنا،و ارحم تلك الصرخة التي كانت لنا.

اللهم إني استودعك تلك الأنفس،و تلك الأبدان،حتى ترويهم من الحوض يوم العطش.

قال:فما زال صلوات اللّه عليه يدعو بهذا الدعاء و هو ساجد،فلما انصرف قلت له:

جعلت فداك لو أن الدعاء الذي سمعته منك كان لمن لا يعرف اللّه لطننت أن النار لا تطعم شيئا منه أبدا،و اللّه لقد تمنيت إني كنت زرته و لم أحج.

فقال عليه السّلام:ما أقربك منه فما الذي يمنعك من زيارته،ثم قال:يا معاوية و لم تدع ذلك،قلت:جعلت فداك لم أدر أن الأمر يبلغ هذا كله.

قال:يا معاوية و من يدعو لزواره في السماء أكثر ممن يدعو له في الأرض،يا

ص: 114

معاوية لا تدعه لخوف من أحد،فمن تركه لخوف رأى من الحسرة ما يتمنى أن قبره كان بيده أما تحب أن يرى اللّه شخصك و سوادك فيمن يدعو له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (و علي و فاطمة و الأئمة عليهم السّلام،أما تحب أن تكون غدا ممن ينقلب بالمغفرة لما مضى و يغفر له ذنوب سبعين سنة)،أما تحب أن تكون غدا فيمن تصافحه الملائكة،أما تحب أن تكون غدا فيمن رؤي و ليس عليه ذنب فيتبع به،أما تحب أن تكون غدا فيمن يصافح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (1).

42-يكتب من المفلحين الفائزين:

عن علي بن جعفر الهماني،قال:سمعت علي بن محمد العسكري عليهما السلام يقول:من خرج من بيته يريد زيارة الحسين عليه السّلام فصار إلى الفرات فاغتسل منه كتب من المفلحين،فإذا سلّم على أبي عبد اللّه كتب من الفائزين،فإذا فرغ من صلاته أتاه ملك فقال:إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقرئك السلام و يقول لك:أما ذنوبك فقد غفر لك استأنف العمل (2).

43-يكرمه اللّه:

عن ذريح المحاربي،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام ما ألقى من قومي و من بني إذا أنا أخبرتهم بما في إتيان قبر الحسين عليه السّلام من الخير إنهم يكذّبوني و يقولون:إنك تكذب على جعفر بن محمد،قال:يا ذريح دع الناس يذهبون حيث شاءوا،و اللّه إن اللّه ليباهي بزائر الحسين و الوافد يفده الملائكة المقربون و حملة عرشه،حتى أنه

ص: 115


1- المزار،ص:334-336.
2- كامل الزيارات،ص:344-345.

ليقول لهم:أما ترون زوار قبر الحسين أتوه شوقا إليه و إلى فاطمة بنت رسول اللّه، أما و عزتي و جلالي و عظمتي لأوجبن لهم كرامتي و لأدخلنهم جنتي التي أعددتها لأوليائي و لأنبيائي و رسلي (1).

44-تصاحبه الملائكة:

في حديث الصادق عليه السّلام لرفاعة:قال:أخبرني أبي أن من خرج إلى قبر الحسين عليه السّلام عارفا بحقه غير مستكبر صحبه ألف ملك عن يمينه و ألف ملك عن يساره،و كتب له ألف حجة و ألف عمرة مع نبي أو وصي نبي (2).

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إن الرجل إذا خرج من منزله يريد زيارة الحسين شيّعه سبعمائة ملك من فوق رأسه و من تحته،و عن يمينه و عن شماله،و من بين يديه و من خلفه،حتى يبلغونه مأمنه،فإذا زار الحسين عليه السّلام ناداه مناد:قد غفر اللّه لك فاستأنف العمل،ثم يرجعون معه مشيعين له إلى منزله،فإذا صاروا إلى منزله قالوا:نستودعك اللّه،فلا يزالون يزورونه إلى يوم مماته،ثم يزورون قبر الحسين عليه السّلام في كل يوم،و ثواب ذلك للرجل (3).

45-نصرة اللّه له:

عن أبي جعفر أنه تلا الآية: إِنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ الحسين بن علي منهم،و و اللّه إن بكاءكم عليه و حديثكم بما جرى عليه و زيارتكم قبره نصرة لكم في الدنيا،فأبشروا فإنكم معه في جوار رسول

ص: 116


1- كامل الزيارات،ص:271-272.
2- وسائل الشيعة،ج:14،ص:464.
3- كامل الزيارات،ص:351.

اللّه صلّى اللّه عليه و آله (1).

46-ينظر اللّه إليه نظرة توجب له الفردوس الأعلى مع محمد:

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:يا علي بلغني أن قوما من شيعتنا يمر بأحدهم السنة و السنتان لا يزورون الحسين.

قلت:جعلت فداك إني أعرف أناسا كثيرة بهذه الصفة،قال:أما و اللّه لحظهم أخطأوا و عن ثواب اللّه زاغوا و عن جوار محمد صلّى اللّه عليه و آله تباعدوا.

قلت:جعلت فداك في كم الزيارة.

قال:يا علي إن قدرت أن تزوره في كل شهر فافعل.قلت:لا أصل إلى ذلك لأني أعمل بيدي و أمور الناس بيدي و لا أقد أن أغيّب وجهي عن مكاني يوما واحدا.

قال عليه السّلام:أنت في عذر لمن كان يعمل بيده،و إنما عنيت من لا يعمل بيده ممن إن خرج في كل جمعة هان ذلك عليه،أما أنه ما له عند اللّه من عذر و لا عند رسوله من عذر يوم القيامة.

قلت:فإن أخرج عنه رجلا فيجوز ذلك.

قال عليه السّلام:نعم و خروجه بنفسه أعظم أجرا و خيرا له عند ربه،يراه ربه ساهر الليل له تعب النهار،ينظر اللّه إليه نظرة توجب له الفردوس الأعلى مع محمد و أهل بيته،فتنافسوا في ذلك و كونوا من أهله (2).

47-يطبع في وجه بنور العرش:

من جملة ما جاء في حديث حول شأن من زار قبر الحسين عليه السّلام«أن الملائكة

ص: 117


1- تفسير أبي حمزة الثمالي،ص:290.
2- كامل الزيارات،ص:492-493.

يستغفرون اللّه لزوّاره و يكتبون أسماء من يأتيه زائرا و أسماء آبائهم و عشائرهم و بلدانهم،و يوسمون في وجوههم بميسم نور عرش اللّه»هذا زائر قبر خير الشهداء، و ابن خير الأنبياء (1).

48-تهون عليه سكرات الموت:

عن بعض أصحابنا،قال عليه السّلام:من سرّه أن ينظر إلى اللّه يوم القيامة و تهون عليه سكرة الموت و هول المطلع فليكثر زيارة قبر الحسين عليه السّلام فإن زيارة الحسين عليه السّلام زيارة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (2).

49-ريح تفوح من القبر:

قالت أم سلمة:إن الحسن و الحسين دخلا على رسول اللّه و بين يديه جبرئيل فجعلا يدوران حوله يشبّهانه بدحية الكلبي فجعل جبرائيل يوميء بيده كالمتناول شيئا فإذا في يده تفاحة و سفرجلة و رمانة فناولهما و تهلل و جهاهما و سعيا إلى جدهما فأخذ منهما فشمّهما ثم قال:صيرا إلى أمكما بما معكما و ابدءا بأبيكما، فصارا كما أمرهما فلم يأكلوا حتى صار النبي إليهم فأكلوا جميعا فلم يزل كلما أكل منه عاد إلى مكانه حتى قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال الحسين عليه السّلام:فلم يلحقه التغيير و النقصان أيام فاطمة بنت رسول اللّه حتى توفيت،فلما توفيت فقدنا الرمان و بقي التفاح و السفرجل أيام أبي،فلما استشهد أمير المؤمنين فقد السفرجل و بقي التفاح على هيئته عند الحسن حتى مات في سمّه،و بقيت التفاحة إلى الوقت الذي حوصرت عن الماء فكنت أشمها إذا عطشت فيسكن لهب عطشي فلما اشتد علي

ص: 118


1- العوالم،الإمام الحسين عليه السّلام،ص:365.
2- كامل الزيارات،ص:282-283.

العطش عضضتها و أيقنت بالفناء.

قال علي بن الحسين عليه السّلام:سمعته يقول ذلك قبل مقتله بساعة،فلما قضى نحبه وجد ريحا في مصرعه فالتمست و لم يرلها أثر،فبقي ريحها بعد الحسين،و لقد زرت قبره فوجدت ريحها تفوح من قبره،فمن أراد ذلك من شيعتنا الزائرين للقبر فليلتمس ذلك في أوقات السحر فإنه يجده إذا كان مخلصا (1).

50-يجاور الحسين عليه السلام:

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من زار قبر الحسين عليه السّلام في كل جمعة غفر اللّه له البتة و لم يخرج من الدنيا و في نفسه حسرة منها و كان مسكنه في الجنة مع الحسين بن علي عليهما السلام (2).

51-تصافحه الأنبياء:

عن أبي حمزة الثمالي قال:سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول:من أحب أن يصافحه مائة ألف نبي و أربعة و عشرون ألف نبي،فليزر الحسين عليه السّلام ليلة النصف من شعبان،فإن الملائكة و أرواح النبيين يستأذنون اللّه في زيارته فيأذن لهم،فطوبى لمن صافحهم و صافحوه (3).

ص: 119


1- مناقب آل أبي طالب،ج:3،ص:161.
2- جامع أحاديث الشيعة،ج:12،ص:427.
3- إقبال الأعمال،ج:3،ص:338-339.

52-تتنزل عليه ليلة القدر:

عن زيد بن أبي أسامة،عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد عليهما السلام في هذه الآية: فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ، قال:هي ليلة القدر،يقضي فيه أمر السّنة من حج و عمرة أو رزق أو أجل أو أمر أو سفر أو نكاح أو ولد،إلى سائر ما يلاقي ابن آدم مما يكتب له أو عليه في بقية ذلك الحول من تلك الليلة إلى مثلها من عام قابل،و هي في العشر الأواخر من شهر رمضان،فمن أدركها-أو قال:شهدها-عند قبر الحسين عليه السّلام يصلي عنده ركعتين أو ما تيسر له،و سأل اللّه تعالى الجنة،و استعاذ به من النار،آتاه اللّه تعالى ما سأل،و أعاذه مما استعاذ منه،و كذلك إن سأل اللّه تعالى أن يؤتيه من خير ما فرّق و قضى في تلك الليلة،أن يقيه من شر ما كتب فيها، أو دعى اللّه و سأله تبارك و تعالى في أمر لا إثم فيه رجوت أن يؤتى سؤله،و يوقى محاذيره و يشفع في عشرة من أهل بيته،كلهم قد استوجبوا العذاب،و اللّه إلى سائله و عبده بالخير أسرع (1).

53-تصافحه روح أربعة و عشرين ألف ملك و نبي

عن عبد العظيم الحسني،عن أبي جعفر الثاني في حديث قال:من زار الحسين عليه السّلام ليلة ثلاث و عشرين من شهر رمضان،و هي الليلة التي يرجى أن تكون ليلة القدر و فيها يفرق كل أمر حكيم،صافحه روح أربعة و عشرين ألف ملك و نبي،كلهم يستأذن اللّه في زيارة الحسين عليه السّلام في تلك الليلة (2).

ص: 120


1- إقبال الأعمال،ج:1،ص:383.
2- إقبال الأعمال،ج:1،ص:383.

54-يزكيه اللّه من فوق العرش:

و قال عليه السّلام:من زار قبر الحسين عليه السّلام يوم عرفة كتب اللّه له ألف ألف حجة مع القائم و مئة ألف ألف عمرة مع رسول صلّى اللّه عليه و آله و عتق ألف ألف نسمة و حملان ألف ألف فرس في سبيل اللّه و سمّاه عبدي الصدّيق آمن بوعدي و قالت الملائكة:فلان صدّيق زكّاه اللّه من فوق عرشه و سمّى في الأرض كروبيا (1).

55-ينظر اللّه إليه قبل الحجيج:

عن علي بن أسباط يرفعه إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إن اللّه تبارك و تعالى يبدأ بالنظر إلى زوار قبر الحسين بن علي عليهما السلام عشية عرفة.

قال:قلت:قبل نظره إلى أهل عرفات.

قال:قلت:قبل نظره الى أهل الموقف؟

قال عليه السّلام:نعم.

قلت:و كيف ذاك؟

قال عليه السّلام:لأنّ في أولئك أولاد زنا و ليس في هؤلاء أولاد زنا (2).

56-نجاة الغرقى:

عمل المتوكل العباسي لعنه اللّه على قتل زوّار الحسين عليه السّلام و سمل عيونهم

ص: 121


1- روضة الواعظين،ص:195.
2- مصباح المتهجد،ص:715.

و قطع أيديهم كل ذلك محاولة للمنع من زيارته عليه السّلام و صدّ الناس عنه عليه السّلام،و لما يئس من ذلك إقترح عليه بعض وزرائه أن يرفع العذاب عن الزوّار و يفرض عليهم الجزية لتكون المنفعة أكبر للدولة،فأعلنوا في البلاد أنّ الخليفة أذن في زيارة الحسين عليه السّلام على أن يدفع كلّ زائر مائة دينار،فأخذت الشيعة تتوافد على زيارة الإمام الحسين عليه السّلام بعد دفع الجزية للمتوكل العباسي،و ذات يوم جلس المتوكل في سطح قصره المطل على طريق الزوار و هو ينظر إليهم و هم أفواج،فرأى إمرأة عجوز جاءت من جهة المشرق-إيران-و هي تقعد تارة و تمشي أخرى قد ظهرت عليها علامات الإرهاق و التعب و بيدها عصا تتوكأ عليها فأمر المتوكل بها فذهبوا إليها و حملوها إلى قصر المتوكل فلمّا حضرت عنده قال لها:هل علمت أنّا فرضنا الجزية على زوّار الحسين عليه السّلام؟

فقالت:نعم.

فقال لها:و هل لديك مائة دينار؟

فقالت:نعم فقال:أين هي،ففتحت هميانها و أخرجت مائة دينار.

فقال لها:إن كنت تملكين هذا المال فلماذا لا تملكين الدابة؟

فقالت:أنا لم أكن أملك هذا المال و لكني بعد ما سمعت بأمر الجزية عملت للناس بالأجرة طيلة العام و جمعت هذه المائة،و ذات يوم سمعت المنادي ينادي بتحرك القافلة لزيارة الإمام الحسين عليه السّلام فهلعت و أخذني الشوق و تحرّكت معهم بلا دابة حتّى وصلت إلى هنا بعد الشقاء و التعب و الآن خذ جزيتك و اتركني أزور سيدي الحسين قبل أن أموت،فلما سمع المتوكل ذلك ثار من الغضب المتولّد من الحقد الدفين فيه،فأمر جلاوزته أن يلقوها في نهر دجلة فقاموا برميها من أعلى القصر إلى دجلة فسقطت في الماء ثم دفعها الماء إلى الأعلى و هي تنادي:يا دواء المرضى يابن الزهراء قد جئتك زائرة أدركني يا نور العالمين أدركني يا حسين،فرأت رجلا على جواده وسط الماء عليه النقاب فقال لها:أيتها المرأة العجوز أمسكي بيدي

ص: 122

فأمسكت يده و أخرجها إلى اليابسة.

فقالت له:من أنت أيها المنقّب حتى أنقذتني من الغرق؟

فقال لها:أنا حامل لواء الحسين أنا ساقي العطاشى أنا أخو الحسين أنا العباس (1).

و نقل الشيخ محمد الأنصاري القصة التالية:

تشرفت بزيارة كربلاء في العام 1370 ه ق و كان ابني مريضا و كنت قد اصطحبته معي طلبا لشفائه و في يوم الأربعين(20 صفر)ذهبت مع ولدي الى زاوية من النهر و شرعنا بالغسل،و بينما أنا كذلك إذ رأيت الماء قد أخذ ولدي و قد ابتعد عني و لم أعد أرى منه سوى رأسه و لم أكن أقوى على السباحة و لم يكن هناك أحد لينجيه فتوجّهت إلى اللّه بقلب خاضع و أقسمت على اللّه بحق سيد الشهداء طالبا منه إنقاذ ولدي حتى رأيته يعود إلي فأمسكت بيده و أخرجته من الماء و سألته عمّا جرى له.

فقال لي:لم أر أحدا لكني أحسست و كأن أحدا أخذ بعضدي و توجّه بي نحوك.

فسجدت و شكرت اللّه على إجابته دعائي (2).

57-قضاء الدين:

كتب أحد العلماء المعروفين في مدينة أصفهان في مذكراته:ألهمت في الرؤيا في إحدى الليالي بإعطاء مبلغ(45000)تومان إلى رجل محترم من أهالي مدينة أصفهان لم يذكر اسمه.و في صباح اليوم الثاني تحيّرت في العمل بما أمرت به في

ص: 123


1- مزار الأولياء،ص:203.
2- القصص العجيبة،ص:220.

الرؤيا،و هل كان ما فهمته صحيحا أم لا،و لم يكن لي علم بمقدار ما أملك من النقود، و لما عددت نقودي وجدتها(45000)تومان فذهبت إلى دكّان ذلك الرجل المحترم (كان يعرفه و كان صاحب دكان صغير)في أول فرصة سنحت لي فرأيت شخصين أمام دكانه.

فقلت لصاحب الدكان:لي عندك حاجة،و أرجو أن تأتي معي لمكان ما،و نرجع بسرعة،أخذته إلى مسجد النبي الواقع في شارع(جي)و كان في المسجد عمّال و بنّائين للتعمير،جلسنا في إحدى زوايا المسجد نحو القبلة و قلت له:أنا أمرت أن أرفع عنك الكرب و المعضلة التي أنت فيها الآن،و أرجو أن توضّح لي مشكلتك، أصررت عليه،و لكنه أبى أن يقول شيئا..و في آخر الأمر أعطيته النقود،و لم أقل له مقدارها،فانتحب الرجل باكيا و قال:عليّ قرض مقداره(45000)تومان،و نذرت أن أقرأ زيارة عاشوراء 40 مرة صباح كل يوم بعد صلاة الصبح،و اليوم أتممت القراءة الاخيرة (1).

58-إنجاب الذرّية:

يقول السيد علي الموحد الأبطحي:في سفري إلى مدينة يزد للحصول على نسخة تحتوي شرحا لزيارة عاشوراء في مكتبة المرحوم الوزيزي،التقيت بسماحة الشيخ علي أكبر السعيدي إمام جماعة مسجد(طهماسب)و هو شيخ ذو صلاح و وقار من الملازمين للشيخ غلام رضا اليزدي،و كان معاشه من الأعمال التي كان يعلمها بيده.

فقال لي:تزوج المرحوم الحاج أبو القاسم بنت زردشتية بعد إسلامها،و لم تلد

ص: 124


1- زيارة عاشوراء و آثارها العجيبة،ص:32.

أولادا،و بعد عشرين سنة علّموها قراءة زيارة عاشوراء فقرأتها أربعين يوما مع اللعن مائة مرة و السلام مائة مرة و دعاء صفوان المعروف بدعاء علقمة،فمنّ اللّه عليها بولد ذكر،و كبر الولد و تزوج و قضى حياته في مدينة يزد (1).

59-الإطلاع على الأمور الغيبية:

قال السيد صادق الروحاني،أخبرنا شيخ كان يأتي إلى مجلسنا في بعض الأوقات أنه سيحدث في هذه الأيام كذا و كذا،و فعلا تحقق ما قاله كما أخبر به.

فقلت له بعد ذلك:من أخبرك بهذه الأحداث؟

فقال:ألتقي برجل في بعض الأحيان،و يحدثني عن هذه الأمور و الأحداث الآتية، في أحد الأيام قال لي:أتعرف لماذا أشرح لك و أعلمك بهذه المطالب؟

قلت:لا.

قال:لأنك مستمر على قراءة زيارة عاشوراءة مع اللعن و السلام مائة مرة (2).

60-الشفاء من الأسقام:

كتب أحد الأخوة و كان يعمل صافّا للحروف في أحد المطابع،في الأيام التي كنت مشغولا فيها بصف حروف كتاب(زيارة عاشوراء و الآثار العجيبة)كنت مبتليا بحرقة و ورم و احمرار في عيني،و كان نظري قد ضعف،و عند اطلاعي على مضمون ذلك الكتاب،أوجب علي التوسل بزيارة عاشوراء و كان طلبي من اللّه شفاء عيني،و فعلا مع قراءتي المستمرة و بعد عدة أيام واجهت عناية ربّانية،

ص: 125


1- زيارة عاشوراء و آثارها العجيبة،ص:37.
2- زيارة عاشوراء و آثارها العجيبة،ص:34.

و شفيت عيني،و الحمد للّه رب العالمين (1).

61-حلّ المشاكل العويصة:

و يذكر المرحوم آية اللّه النجفي القوجاني قدّس سرّه الذي كان من طلاب الآخوند الخرساني البارزين عن ذكريات أيام دراسته في أصفهان التي استمرت أربع سنوات(1314-1318 ه ق)فيقول:بعد المجيء إلى المدينة رأيت ذات ليلة،الموت في النوم على شكل حيوان بحجم عجل عمره سنة و رأيت خلفه ثلاثة أو أربعة من أولاده و هم يسيرون خلفه في الهواء و هم أصغر منه..و أثناء مسيرهم في الهواء مرا من فوق منزلنا الذي كان في قوجان و نزل واحد من أولاده فقط على حائط منزلنا،كتبت إلى والدي أخبرني عن وضعك لأني مشوش البال عليك و قبل أن تصله رسالتي وصلتني رسالته يخبرني فيها بوفاة زوجته..و كتب أيضا أن مبلغ الإثني عشر تومانا الذي اقترضته قبل عشر سنوات لزيارة العتبات قد أصبح بسبب الربا ثمانين تومانا..و لم تكن كل ممتلكات أبي تعادل ثمانين تومانا.

قررت أن أقرأ زيارة عاشوراء أربعين يوما على سطح مسجد الشاه في أصفهان و كان لي ثلاث حوائج:أحدها دين والدي،و الثاني المغفرة و الثالثة العلم الكثير و الإجتهاد،كنت أبدأ بقراءتها قبل الظهر و أنتهي منها قبل الأذان،كانت تستغرق ساعتين،انتهت أربعون يوما..و لم يمضي شهر حتى جاءتني رسالة من والدي يقول فيها:لقد أدى الإمام موسى بن جعفر عليه السّلام ديني.

فكتبت إليه بل أداه سيد الشهداء(و كلهم نور واحد)و لأن زيارة عاشوراء ظهر أثرها سريعا و لم يكن ذلك ممكنا بحسب الأسباب الظاهرية فقد عقدت العزم على أن أقرأها في محرم و صفر لحاجة هي أهم الحاجات في رأيي،و قرأتها أربعين يوما

ص: 126


1- زيارة عاشوراء و آثارها العجيبة،ص:75.

على سطح مسجد الشاه بكامل الإهنمام و كمال الإحتياط بمعنى أني كنت أمضي ساعتين متجها إلى القبلة،واقفا مقابل الشمس حتى النهاية.

انتهى الختم الثاني بعدها رأيت مناما أن الحاجة قضيت (1).

يقول صاحب كتاب الإستشفاء بأهل البيت عليهم السّلام:نقل لي أحد الأخوة المؤمنين عن أحد المؤمنين من أهل القطيف (2)ما مضمونه:أنه كان يعمل في شركة لعدة سنوات،و كان مقرها قريب من محل إقامته قبل أن يأتي قرار بنقله إلى فرع آخر يقع في منطقة بعيدة تبعد عن مقر إقامته عدة ساعات،فاستاء و اغتم جدا لما فيه من مشقة و ابتعاد عن الأهل،فحاول كثيرا ثني المسؤولين عن نقله و لكن بدون جدوى، حتى تم نقله،و لأنه كان قد سمع كثيرا عن قصص زيارة عاشوراء و آثارها اصطحب معه أحد كتب الأدعية و أخذ يقرأ الزيارة بشكل يومي مع التسليم و اللعن مائة مرة،و بعد أيام قلائل استجيبت دعوته و جاء القرار بإرجاعه إلى مقره الأول.

و الطريف أنه أثناء تواجده بالفرع الجديد إلتقى بأحد الأشخاص من أهل المنطقة الشرقية كان قد نقل منذ عدة أشهر و هو يحاول أن يحصل على أمر بنقله إلى مكانه حتى أنه أعطى بعض الموظفين(20)ألف ريال لكي يتوسط له في إرجاعه و لم يستفد شيئا ثم أعطى آخرا مبلغ(10)آلاف ريال و لكن دون فائدة لذلك استغرب كثيرا من أخيه هذا حيث حصل على قرار النقل بهذه السهولة،فسأله كم دفعت و لمن حتى حصلت على قرار النقل بهذه السرعة؟

فقال له:لم أدفع لأحد شيء،و إنما هذا كله بفضل زيارة عاشوراء،فأعطاه كتاب الدعاء و قال له إقرأ،و أخذ يقرأ الزيارة كل يوم و لم تمر عشرة أيام حتى تم نقله هو الآخر إلى منطقته ببركة زيارة عاشوراء (3).5.

ص: 127


1- سياحة في الشرق.
2- إحدى مدن المنطقة الشرقية بالعربية السعودية.
3- الإستشفاء بأهل البيت عليهم السّلام،ص:135.

62-حلّ المشاكل العامة

نقل الشيخ نصيري و هو من ملازمي المرحوم آية اللّه العظمى(السيد محمد الكوه كمره أي)و(الشيخ كل محمدي الأبهري)و عدد آخر بأنه في أيام الحرب العالمية الثانية و أيام المتفقين واجه الناس مشاكل و مصاعب كثيرة،و بسبب عدم سقوط الأمطار و الغلاء وقع طلاب العلوم الدينية و الناس في مشاكل كثيرة،بحيث وصل سعر الرغيف الواحد إلى تومان واحد في الوقت الذي كانت فيه شهرية الطلاب في الحوزة العلمية مائة ريال فقط،لهذا أمر المرحوم آية اللّه السيد(محمد الكوه كمره أي)أربعين شخصا من طلاب العلوم-كان منهم ناقل هذه الرواية الشيخ النصيرى،و كّل محمدي،و واعظي الذي كان لمدة أربع سنوات وكيلا لمجلس الشورى-أن يذهبوا إلى مسجد جمكران،و يصعدون إلى السطح، و يقرأون زيارة عاشوراء أربعين مرة مع اللعن مائة مرة و السلام مائة مرة، و يتوسّلون بالإمام موسى بن جعفر،و حضرة أبي الفضل العباس،و الطفل الرضيع للإمام الحسين عليهم السّلام و يدعون لهطول الأمطار،و رفع البلاء.

و في النهاية و بعد أن تمت الأعمال و التوسلات،رجعنا من مسجد جمكران، و رغم أن الوقت كان صيفا فقد تلبدت السماء بالغيوم،و هطلت الأمطار بكثرة إلى درجة أن المياه ملأت الشوارع،و هكذا عن طريق الرحمة الإلهية هبطت الأسعار و أصبح سعر الرّغيف الواحد من الخبز ستّة ريالات بعد أن كان سعره تومانا واحدا.

ص: 128

63-النجاة من غذاب القبر:

1-للشيخ محمد حسن الأنصاري ابن أخ و صهر خاتم الفقهاء الشيخ مرتضى الأنصاري عدة أولاد،الولد الثالث منهم هو الشيخ مرتضى المعروف بالشيخ الكبير،كان من أهل العلم و الفضل في النجف الأشرف،ولد عام 1289،و توفي سنة 1322 في دزفول عن عمر يناهز 33 عام على أثر لدغة حية،و قد كان هذا الشيخ الجليل مولعا بزيارة عاشوراء و قراءتها صباحا و عصرا،و عند وفاته،رآه بعض أصحابه في عالم الرؤيا،فسأله عن أفضل الأعمال نفعا هناك،فقال في الجواب ثلاثا:زيارة عاشوراء (1).

2-كتب الولد الكبير لآية اللّه الأميني الدكتور محمد هادي الأميني:بعد أربعة سنين من وفاة والدي المرحوم العلامة الأميني رأيته في إحدى ليالي الجمعة و قبل آذان الفجر سنة 1394 ه في عالم الرويا فرحا و على هيئة حسنة فتقدمت نحوه، و سلمت عليه،و سألته:أي الأعمال أوصلتك إلى هذه السعادة؟

قال:ماذا تقول أنت؟و عرضت عليه السؤال مرة أخرى هكذا:....أي الأعمال أوصلتك إليه:كتاب الغدير أو بقية التأليفات؟أو تأسيس مكتبة أمير المؤمنين عليه السّلام؟

قال:وضّح أكثر لا أعرف مقصود سؤالك هذا،قلت:أنت بعيد الآن عنّا،و ذهبت إلى عالم الآخرة،فبأي الأعمال العلمية و الخدمات الدينية و المذهبية و صلت إلى ما أرى؟فمكث المرحوم الأميني قليلا،ثم قال:فقط عن طريق زيارة أبي عبد اللّه عليه السّلام، ثم سألته:أنت تعرف في الوقت الحاضر أن الروابط السياسية بين إيران و العراق غير عادية و الذهاب إلى كربلاء غير ممكن.

ص: 129


1- زيارة عاشوراء و آثارها العجيبة،ص:30.

قال:أقيموا و اشتركوا في مجالس عزاء الإمام الحسين عليه السّلام فلها ثواب زيارة مرقد أبي الأحرار الحسين عليه السّلام ثم قال لي:يا ولدي أوصيتك في السابق كثيرا بقراءة زيارة عاشوراء،و الآن أكرر عليك و أقول:استمر بقراءتها و لا تتركها لأي سبب كان،إقرأها دائما و كأنها جزء من واجباتك اليومية،فإن لهذه الزيارة فوائد و بركات كثيرة،و هي طريق نجاتك في الدنيا و الآخرة،أسألكم الدعاء.

و كتب ابن المرحوم الأميني:كان العلامة الأميني مع كثرة مشاغله و تأليفاته و اهتمامه بمكتبة أمير المؤمنين عليه السّلام في النجف الأشرف محافظا و مستمرا على زيارة عاشوراء،و أنا منذ 30 سنة مستمر على قراءتها (1).

3-نقل أحد العلماء القصة التالية فقال:رأيت في عالم الرؤيا المرحوم آية اللّه الحاج آقا حسين الخادمي و الحاج الشيخ عباس القمي صاحب مفاتيح الجنان، و الحاج الشيخ عبد الجواد مدّاحيان قارىء مراثي الإمام الحسين عليه السّلام جالسين في غرفة واحدة من غرف الجنة،فسلمت على آية اللّه الخادمي،و سألته عن علة جلوسهم و مؤانستهم،فقلت:أنت من الآيات العلماء،و الحاج الشيخ عباس القمي من المحدثين،و الحاج الشيخ عبد الجواد مدّاحيان قارىء مراثي الإمام الحسين عليه السّلام فكيف جمعتم في مكان واحد و بأي مناسبة؟

فقال:كنا متساوين في مقدار قراءة زيارة عاشوراء (2).

و روى الميرزا جواد التبريزي قدّس سرّه في المراقبات عن أحد أجلّة الثقاة من أهل العلم،أنه كان له رفيق في صغره من أهل بلد يعرفه،ثم إذا كبر الرفيق صار عشّارا (3)،و مضى عليه مدة في هذا العمل،فمات و دفن في مقبرة،فرآه في النوم في حال جيّد و عيش هنيء،فسأله عن ذلك و عن سبب نجاته.ة.

ص: 130


1- زيارة عاشوراء و آثارها العجيبة،ص:45.
2- زيارة عاشوراء و آثارها العجيبة،ص:59.
3- العشّار:الذي يأخذ أعشار أموال الناس عند اجتياز الحدود،للظلمة.

فقال:إني كنت معذّبا(بعد موتي)بسوء أعمالي،إلى أن دفنت في هذه المقبرة في اليوم الفلاني،المرأة الفلانية،زوجة فلان فزارها الحسين عليه السّلام في الليلة التي دفنت فيها ثلاث مرات،و إذا صارت المرّة الثالثة أمر الملائكة أن يرفعوا العذاب عن جيرانها،فرفع عنّا العذاب،و حسن حالنا.

فاستيقظ من نومه،(ثم)تفقّد عن زوج المرأة فوجده و سأله عن زوجته و موتها و مكان دفنها،فكان كما أخبره العشّار،فسأله عن أحوالها و أعمالها،فلم أجد لها عملا مربوطا بالحسين عليه السّلام،إلاّ مداومتها لزيارة عاشوراء» (1).

و روى السيد آية اللّه دستغيب في كتابه(القصص العجيبة)عن العالم الفقيه الشيخ جواد مشكور أنه رأى في منامه ليلة 26 صفر من سنة 1326 أن عزرائيل عليه السّلام زاره فسأله من أين أتى؟

قال:من شيراز و قبضت روح الميرزا محلاتي.

فقال الشيخ مشكور:و كيف حال الميرزا في البرزخ؟

فقال عليه السّلام:في جنّة البرزخ و بين يديه ألف ملك

فقال الشيخ:بماذا نال ذلك الميرزا؟هل بدرجته العلمية و تدريسه أم بسبب صلاته الجماعية؟أم بسبب إيصال الأحكام إليالناس؟

فقال:بل بسبب مداومته على قراءة زيارة عاشوراء الحسين عليه السّلام.

حيث كان الميرزا محلاتي و لمدة ثلاثين عاما يداوم على زيارة عاشوراء يوميا» (2).ف.

ص: 131


1- المراقبات:230 مع تصرف يسير.
2- القصص العجيبة،ص:190،بتصرف.

64-الشفاء من الطاعون:

قال مؤسس الحوزة العلمية في قم المقدسة آية اللّه العظمى الشيخ عبد الكريم الحائري قدّس سرّه:كنا جالسين عند آية اللّه العظمى المجدد الشيرازي في سامراء إذ دخل آية اللّه السيد محمد الفشاركي منقبض الوجه قلقا،و يظهر أنه كان مضطربا من مرض الوباء الذي اجتاح العراق في تلك الأيام.

فقال لنا أستاذنا آية اللّه الشيرازي،هل تروني مجتهدا أم لا؟

قلنا:نراك مجتهدا.

قال:و هل تروني عادلا؟،قلنا:نعم.

و كان يريد المجدد الشيرازي بهذين السؤالين أن يأخذ من تلامذته الإقرار ليصدر حكما لا يترددون في تنفيذه.

و هكذا لما أقررنا على اجتهاده و عدالته،قال:«إني آمر كل امرأة و رجل من الشيعة بأن يقرأوا زيارة عاشوراء نيابة عن الوالدة المعظمة للإمام الحجة عليه السّلام يقسمون عليها بحق ابنها(عج)كي يشفع لنا الإمام عند اللّه تعالى فينجي اللّه المسلمين من مرض الوباء».

يقول آية اللّه العظمى الشيخ عبد الكريم الحائري:«لمجرد صدور هذا الحكم إلتزم شيعة سامراء بالطاعة،و كانت النتيجة أن لا أحد منهم أصيب بهذا المرض،في الوقت الذي كان في اليوم الواحد يموت من غيرهم عشرة إلى خمسة عشر شخصا بسبب الوباء» (1).

ص: 132


1- قصص و خواطر،ص:204-205.

65-يدخلون الجنة قبل الناس:

عن علي بن الحسين و محمد بن الحسن عن محمد بن يحيى العطار عن العمركي بن علي البوفكي عن صندل عن عبد اللّه بن بكير عن عبد اللّه بن زرارة قال:

سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:إن لزوار الحسين بن علي عليه السّلام يوم القيامة فضلا على الناس.

قلت:و ما فضلهم؟

قال:يدخلون الجنة قبل الناس بأربعين عاما و سائر الناس في الحساب و الموقف (1).

66-الهداية الى الصواب:

في دار السلام نقل الشيخ الأجل الأورع الأكرم الحاج ملا علي عن والده الماجد الحاج ميرزا خليل الطهراني(رحمه اللّه)قال:كنت في مشهد الحسين عليه السّلام و أمي كانت في مدينة طهران،فرأيت ليلة في ما يراه النائم:إن والدتي جاءت إلي،و قالت لي:يا بني إني مت،و جاءوا بي إليك،و هشّموا أنفي.فانتبهت من النوم فزعا مرعوبا.

فبقيت كذلك الى أن جاءني كتاب من بعض الإخوان:إن والدتك توفيت و أرسلناها مع الجنائز.

فلما أتى الجنازون قالوا:خلفنا تلك الجنازة في رباط قريب من ذي الكفل لأنا

ص: 133


1- كامل الزيارات:138.

زعمنا (1)أنك في بلد المشهد(النجف الأشرف).فبقيت متحيرا في معنى هشّموا أنفي.

فلما أتوا بنعش والدتي كشفت عنها،فرأيت أنفها مكسورا،فسألت عن ذلك، فقالوا:إن هذه الجنازة كانت موضوعة فوق الجنائز،فتصادمت الخيول في الرباط،فطرحتها من أعلى الجنائز،و لم نعلم غير هذا.فجئت بها الى ساحة أبي الفضل العباس بن أمير المؤمنين عليهما السلام.

فقلت:يا أبا الفضل إن والدتي لم تحسن الصلاة و الصيام و هي دخيلتك،فادفع عنها الأذى يا سيدي،و علي بضمانك خمسين سنة صوم و صلاة أستنيب عنها.

فدفنتها،و بقيت مدة من الزمان،فبينا أنا نائم في ليلة من الليالي،و إذا بي أسمع ضوضاءا في باب داري،فخرجت من الدار،فرأيت والدتي موثوقة بشجرة و تضرب بالسياط.

فقلت:ما بالها،و أي ذنب لها حتى تضرب؟

فقالوا:أمرنا أبو الفضل أن نضربها حتى تدفع مبلغا مقدّرا.فذهبت الى داخل الدار،و أتيت بالدارهم،و أطلقت والدتي،و أتيت بها الى داخل الدار،و اشتغلت بخدمتها فلما انتبهت رأيت المقدار الذي أخذوه مني هو مقدار خمسين سنة عبادة.

فأخذت ذلك المبلغ و ذهبت الى السيد صاحب الرياض(رحمه اللّه)و قلت:هذه قيمة خمسين سنة عبادة عن والدتي،و الأمر كيت و كيت.

قال شيخنا الأجل صاحب دار السلام(أحله اللّه دار السلام)و في هذه الرؤيا من عظم الأمر و خطر العاقبة و عدم جواز التهاون بما عاهد اللّه على نفسه و علو مقام أوليائه المخبتين ما لا يخفى على من تأملها بعين البصيرة و نظر الإعتبار (2).2.

ص: 134


1- لعله يقصد(لانا توهمنا أو ظننا).
2- منازل الآخرة و المطالب الفاخرة/الشيخ عباس القمي:171،و دار السلام:246/2.

67-الحصول على شفاعة النبي:

68-ينال من اللّه أفضل الكرامة:

عن الحسين بن الحسن بن أبان عن محمد بن أورمة عن زكريا المؤمن أبي عبد اللّه عن عبد اللّه بن يحيى الكاهلي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من أراد أن يكون في كرامة اللّه يوم القيامة و في شفاعة محمد صلّى اللّه عليه و آله فليكن للحسين زائرا ينال من اللّه الفضل و الكرامة (أفضل الكرامة)و حسن الثواب و لا يسأله عن ذنب عمله في الحياة الدنيا و لو كانت ذنوبه عدد رمل عالج و جبال تهامة و زبد البحر إن الحسين عليه السّلام قتل مظلوما مضطهدا نفسه عطشانا هو و أهل بيته و أصحابه (1).

ص: 135


1- كامل الزيارات:154.

أثر من زار الحسين ثم حبس

سأل رجل الإمام الصادق عليه السّلام في شأن من قصد زيارة الحسين عليه السّلام ثم حبس:

يقول الراوي:قلت:فما لمن حبس في إتيانه؟

قال:له بكل يوم يحبس و يغتم فرحة يوم القيامة.

قلت فإذا ضرب بعد الحبس في إتيانه؟

قال:له بكل ضربة حوراء،و بكل وجع يدخل عليه ألف ألف حسنة،و يمحى بها عنه ألف ألف سيئة،و يرفع له بها ألف ألف درجة (1).

ص: 136


1- مستدرك الوسائل،ج:10،ص:280.

أثر تجهيز الزائر

عن ابن سنان قال:قلت:لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إن أباك كان يقول في الحج:يحسب له بكل درهم أنفقه ألف،فما لمن ينفق في المسير إلى أبيك الحسين عليه السّلام؟

قال:يا ابن سنان يحسب له بالدرهم ألف ألف حتى عد عشرة،و يرفع له من الدرجات مثلها و رضى اللّه خير له و دعاء محمد و دعاء أمير المؤمنين و الأئمة عليهم السّلام خير له (1).

سأل رجل الإمام الصادق عليه السّلام فقال له:ما لمن يجهّز إليه و لم يخرج لعلة تصيبه، قال:يعطيه اللّه بكل درهم أنفقه مثل أحد من الحسنات و يخلف عليه أضعاف ما أنفقه و يصرف عنه من البلاء مما قد نزل ليصيبه و يدفع عنه و يحفظ في ماله (2).

ص: 137


1- وسائل الشيعة،ج:14،ص:481-482.
2- جامع أحاديث الشيعة،ج:12،ص:435-436.

أثر من مات في سفر زيارته للحسين عليه السّلام

قال ابن سنان للإمام الصادق عليه السّلام:فما لمن مات في سفره إليه.

قال عليه السّلام:تشيعه الملائكة و تأتيه بالحنوط و الكسوة من الجنة و تصلّي عليه إذ كفن،و تكفنه فوق أكفانه و تفرش له الريحان تحته و تدفع الأرض حتى تصير من بين يديه مسيرة ثلاثة أميال،و من خلفه مثل ذلك،و عند رأسه مثل ذلك،و عند رجليه مثل ذلك،و يفتح له باب من الجنة إلى قبره،و يدخل عليه روحها و ريحانها حتى تقوم الساعة (1).

أثر من قتل في سبيل زيارته عليه السّلام

بإسناده عن الأصم قال:حدثنا هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث طويل قال:أتاه رجل فقال له:يا ابن رسول اللّه هل يزار والدك؟

قال:فقال:نعم و يصلى عنده،و قال:يصلى خلفه و لا يتقدم عليه.

قال:فما لمن أتاه.

قال:الجنة إن كان يأتم به.

قال:فما لمن تركه رغبة عنه.

قال:الحسرة يوم الحسرة قال:فما لمن أقام عنده؟

ص: 138


1- كامل الزيارات،ص:240.

قال:كل يوم بألف شهر قال:فما للمنفق في خروجه إليه و المنفق عنده.

قال:درهم بألف درهم.

قال:فما لمن مات في سفره إليه.

قال:تشيعه الملائكة و تأتيه بالحنوط و الكسوة من الجنة و تصلي عليه إذ كفن و تكفنه فوق أكفانه و تفرش له الريحان تحته و تدفع الأرض حتى تصور من بين يديه مسيرة ثلاثة أميال و من خلفه مثل ذلك و عند رأسه مثل ذلك و عند رجليه مثل ذلك و يفتح له باب من الجنة إلى قبره و يدخل عليه روحها و ريحانها حتى تقوم الساعة.

قلت:فما لمن صلى عنده؟

قال:من صلى عنده ركعتين لم يسأل اللّه تعالى شيئا إلا أعطاه إياه.

قلت:فما لمن اغتسل من ماء الفرات ثم أتاه؟.

قال:إذا اغتسل من ماء الفرات و هو يريده تساقطت عنه خطاياه كيوم ولدته أمه.

قال:قلت:فما لمن يجهز إليه و لم يخرج لعله تصيبه[لقلة نصيبه].

قال:يعطيه اللّه بكل درهم أنفقه مثل أحد من الحسنات و يخلف عليه أضعاف ما أنفقه و يصرف عنه من البلاء مما قد نزل ليصيبه و يدفع عنه و يحفظ في ماله.

قال:قلت:فما لمن قتل عنده جار عليه سلطان فقتله؟

قال:أول قطرة من دمه يغفر له بها كل خطيئة و تغسل طينته التي خلق منها الملائكة حتى تخلص كما خلصت الأنبياء المخلصين و يذهب عنها ما كان خالطها من أجناس طين أهل الكفر و يغسل قلبه و يشرح صدره و يملأ إيمانا فيلقي اللّه و هو مخلص من كل ما تخالطه الأبدان و القلوب و يكتب له شفاعة في أهل بيته و ألف من إخوانه و تولى الصلاة عليه الملائكة مع جبرئيل و ملك الموت و يؤتى بكفنه و حنوطه من الجنة و يوسع قبره عليه و يوضع له مصابيح في قبره و يفتح له باب من الجنة و تأتيه الملائكة بالطرف من الجنة و يرفع بعد ثمانية عشر يوما إلى حظيرة القدس فلا يزال فيها مع أولياء اللّه حتى

ص: 139

تصيبه النفخة التي لا تبقى شيئا فإذا كانت النفخة الثانية و خرج من قبره كان أول من يصافحه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أمير المؤمنين عليه السّلام و الأوصياء و يبشرونه و يقولون له الزمناء و يقيمونه على الحوض فيشرب منه و يسقي من أحب.

قلت:فما لمن حبس في إتيانه.

قال:له بكل يوم يحبس و يغتم فرحه إلى يوم القيامة فإن ضرب بعد الحبس في إتيانه كان له بكل ضربة حوراء و بكل وجع يدخل على بدنه ألف ألف حسنة و يمحى بها عنه ألف ألف سيئة و يرفع له بها ألف ألف درجة و يكون من محدثي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتى يفرغ من الحساب فيصافحه حملة العرش و يقال له سل ما أحببت و يؤتى ضاربه للحساب فلا يسأل عن شيء و لا يحتسب بشيء و يؤخذ بضبعيه حتى ينتهي به إلى ملك يحبوه و يتحفه بشربة من الحميم و شربة من الغسلين و يوضع على مثال[مقال]في النار فيقال له ذق بما قدمت يداك فيما آتيت إلى هذا الذي ضربته سببا إلى وفد اللّه و وفد رسوله و يأتي بالمضروب إلى باب جهنم و يقال له انظر إلى ضاربك و إلى ما قد لقي فهل شفيت صدرك و قد اقتص لك منه فيقول الحمد للّه الذي انتصر لي و لولد رسوله منه (1).0.

ص: 140


1- كامل الزيارات،ص:240.

تربة و طين قبر الحسين عليه السّلام

اشارة

ما يستحب من طين قبر الحسين و أنه شفاء

1-حدثني محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد ابن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال عن كرام عن ابن أبي يعفور قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:يأخذ الإنسان من طين قبر الحسين عليه السّلام فينتفع به و يأخذ غيره فلا ينتفع به؟

فقال:لا و اللّه الذي لا إله إلا هو ما يأخذه أحد و هو يرى أن اللّه ينفعه به إلا نفعه اللّه به.

2-حدثني محمد بن عبد اللّه عن أبيه عن أبي عبد اللّه البرقي عن بعض أصحابنا قال:دفعت إلي امرأة غزلا فقالت ادفعه إلى حجبة مكة ليخاط به كسوة الكعبة قال:

فكرهت أن أدفعه إلى الحجبة و أنا أعرفهم فلما أن صرنا إلى المدينة دخلت على أبي جعفر عليه السّلام فقلت له:جعلت فداك إن امرأة أعطتني غزلا فقالت:ادفعه بمكة ليخاط به كسوة الكعبة فكرهت أن أدفعه إلى الحجبة.

فقال:اشتر به عسلا و زعفرانا و خذ من طين قبر الحسين عليه السّلام و اعجنه بماء السماء و اجعل فيه من العسل و الزعفران و فرّقه على الشيعة ليداووا به مرضاهم.

3-و حدثني أبي عن سعد بن عبد اللّه عن محمد بن عيسى عن محمد بن إسماعيل البصري و لقبه فهد عن بعض رجاله عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:طين قبر الحسين عليه السّلام شفاء من كل داء.

ص: 141

4-و عنه عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن الحسين بن سعيد عن أبيه عن محمد ابن سليمان البصري عن أبيه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:في طين قبر الحسين عليه السّلام الشفاء من كل داء و هو الدواء الأكبر.

5-حدثني محمد بن جعفر عن محمد بن الحسين عن شيخ من أصحابنا عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:طين قبر الحسين عليه السّلام فيه شفاء و إن أخذ على رأس ميل.

6-و روي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من أصابته علة فبدأ بطين قبر الحسين عليه السّلام شفاه اللّه من تلك العلة إلا أن تكون علة السام.

7-حدثني محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أبيه عن علي بن محمد بن سالم عن محمد بن خالد عن عبد اللّه بن حماد البصري عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم قال:حدثنا مدلج عن محمد بن مسلم قال:خرجت إلى المدينة و أنا وجع فقيل له محمد بن مسلم وجع فأرسل إلي أبو جعفر عليه السّلام شرابا مع غلام مغطى بمنديل فناولنيه الغلام و قال لي:اشربه فإنه قد أمرني أن لا أبرح حتى تشربه فتناولته فإذا رائحة المسك منه و إذا بشراب طيب الطعم بارد فلما شربته قال لي الغلام:يقول لك مولاك:إذا شربته فتعال ففكرت فيما قال لي و ما أقدر على النهوض قبل ذلك على رجلي فلما استقر الشراب في جوفي فكأنما نشطت من عقال فأتيت بابه فاستأذنت عليه فصوّت بي صح الجسم أدخل فدخلت عليه و أنا باك فسلّمت عليه و قبّلت يده و رأسه فقال لي:و ما يبكيك يا محمد؟

قلت:جعلت فداك أبكي على اغترابي و بعد الشقة و قلة القدرة على المقام عندك أنظر إليك.

فقال لي:أما قلة القدرة فكذلك جعل اللّه أولياءنا و أهل مودتنا و جعل البلاء إليهم سريعا و أما ما ذكرت من الغربة فإن المؤمن في هذه الدنيا غريب و في هذا الخلق المنكوس حتى يخرج من هذه الدار إلى رحمة اللّه و أما ما ذكرت من بعد الشقة فلك

ص: 142

بأبي عبد اللّه عليه السّلام أسوة بأرض نائية عنا بالفرات و أما ما ذكرت من حبك قربنا و النظر إلينا و أنك لا تقدر على ذلك فاللّه يعلم ما في قلبك و جزاؤك عليه.

ثم قال لي:هل تأتي قبر الحسين عليه السّلام؟

قلت:نعم على خوف و وجل.

فقال عليه السّلام:ما كان في هذا أشد فالثواب فيه على قدر الخوف و من خاف في إتيانه أمّن اللّه روعته يوم يقوم الناس لرب العالمين و انصرف بالمغفرة و سلّمت عليه الملائكة وزار(و رآه)النبي صلّى اللّه عليه و آله و ما يصنع و دعى له انقلب بنعمة من اللّه و فضل لم يمسسه سوء و اتبع رضوان اللّه ثم قال لي:كيف وجدت الشراب.

فقلت:أشهد أنكم أهل بيت الرحمة و أنك وصي الأوصياء و لقد أتاني الغلام بما بعثته و ما أقدر على أن أستقل على قدمي و لقد كنت آيسا من نفسي فناولني الشراب فشربته فما وجدت مثل ريحه و لا أطيب من ذوقه و لا طعمه و لا أبرد منه فلما شربته قال لي الغلام:إنه أمرني أن أقول لك إذا شربته فأقبل إلي و قد علمت شدّة ما بي.

فقلت:لأذهبن إليه و لو ذهبت نفسي فأقبلت إليك فكأني نشطت من عقال فالحمد للّه الذي جعلكم رحمة لشيعتكم و رحمة علي.

فقال:يا محمد إن الشراب الذي شربته فيه من طين قبر الحسين عليه السّلام و هو أفضل ما استشفي به فلا تعدل به فإنا نسقيه صبياننا و نساءنا فنرى فيه كل خير.

فقلت له:جعلت فداك إنا لنأخذ منه و نستشفي به؟

فقال:يأخذه الرجل فيخرجه من الحائر و قد أظهره فلا يمر بأحد من الجن به عاهة و لا دابة و لا شيء فيه آفة إلا شمّه فتذهب بركته فيصير بركته لغيره و هذا الذي يتعالج به ليس هكذا و لو لا ما ذكرت لك ما يمسح به شيء و لا شرب منه شيء إلا أفاق من ساعته و ما هو إلا كحجر الأسود أتاه صاحب العاهات و الكفر و الجاهلية و كان لا يتمسح به أحد إلا أفاق و كان كأبيض ياقوتة فاسودّ حتى صار إلى ما رأيت فقلت:جعلت فداك و كيف أصنع به؟

ص: 143

فقال عليه السّلام:تصنع به مع إظهارك إياه ما يصنع غيرك تستخف به فتطرحه في خرجك و في أشياء دنسة فيذهب ما فيه مما تريده له.

فقلت:صدقت جعلت فداك.

قال:ليس يأخذه أحد إلا و هو جاهل بأخذه و لا يكاد يسلم بالناس.

فقلت:جعلت فداك و كيف لي أن آخذه كما تأخذه.

فقال لي:أعطيك منه شيئا فقلت:نعم،قال:إذا أخذته فكيف تصنع به.

فقلت:أذهب به معي.

فقال عليه السّلام:في أي شيء تجعله.

فقلت:في ثيابي.

قال عليه السّلام:فقد رجعت إلى ما كنت تصنع إشرب عندنا منه حاجتك و لا تحمله فإنه لا يسلم لك فسقاني منه مرتين فما أعلم أني وجدت شيئا مما كنت أجد حتى انصرفت.

8-حدثني محمد بن الحسين بن مت الجوهري عن محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل عن الخيبري عن أبي ولاد عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:لو أن مريضا من المؤمنين يعرف حق أبي عبد اللّه عليه السّلام و حرمته و ولايته أخذ من طين قبره مثل رأس أنملة كان له دواء (1).8.

ص: 144


1- كامل الزيارات:278.

إن طين قبر الحسين شفاء و أمان

1-حدثني أبي و جماعة ره عن سعد بن عبد اللّه عن محمد بن عيسى عن رجل قال:بعث إلي أبو الحسن الرضا عليه السّلام من خراسان ثياب رزم و كان بين ذلك طين فقلت للرسول:ما هذا؟

قال:طين قبر الحسين عليه السّلام ما كان يوجّه شيئا من الثياب و لا غيره إلا و يجعل فيه الطين و كان يقول:هو أمان بإذن اللّه.

2-حدثني محمد بن جعفر الرزاز عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن موسى بن سعدان عن عبد اللّه بن القاسم عن الحسين بن أبي العلاء قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:حنّكوا أولادكم بتربة الحسين عليه السّلام فإنه أمان.

3-حدثني أبي ره عن سعد بن عبد اللّه عن أيوب بن نوح عن عبد اللّه بن المغيرة قال:حدثنا أبو اليسع قال:سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام و أنا أسمع قال:آخذ من طين قبر الحسين يكون عندي أطلب بركته؟

قال عليه السّلام:لا بأس بذلك.

4-و عنه عن سعد عن أحمد بن محمد بن عيسى عن العباس بن موسى الوراق عن يونس عن عيسى بن سليمان عن محمد بن زياد عن عمته قلت:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:إن في طين الحائر الذي فيه الحسين عليه السّلام شفاء من كل داء و أمان من كل خوف.

5-و حدثني أبي ره عن أحمد بن إدريس و محمد بن يحيى عن العمركي بن علي البوفكي عن يحيى و كان في خدمة أبي جعفر الثاني عن عيسى بن سليمان عن

ص: 145

محمد بن مارد عن عمته قالت:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:إن في طين الحائر الذي فيه الحسين عليه السّلام شفاء من كل داء و أمان من كل خوف.

6-حدثني محمد بن جعفر عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل عن الخيبري عن أبي ولاد عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:لو أن مريضا من المؤمنين يعرف حق أبي عبد اللّه و حرمته و ولايته أخذ له من طين قبره على رأس ميل كان له دواء و شفاء.

ص: 146

من أين يؤخذ طين قبر الحسين و كيف يؤخذ

1-حدثني أبي ره عن سعد بن عبد اللّه عن يعقوب بن يزيد عن الحسن بن علي عن يونس بن رفيع عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إن عند رأس الحسين بن علي عليه السّلام لتربة حمراء فيها شفاء من كل داء إلا السام قال:فأتيت القبر بعد ما سمعنا هذا الحديث فاحتفرنا عند رأس القبر فلما حفرنا قدر ذراع انحدرت علينا من رأس القبر مثل السهلة حمراء قدر درهم فحملناه إلى الكوفة فمزجناه و خبيناه فأقبلنا نعطي الناس يتداوون به.

2-حدثني أبي ره و محمد بن الحسن و علي بن الحسين عن سعد عن أحمد بن محمد بن عيسى عن رزق اللّه بن العلاء عن سليمان بن عمرو السراج عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:يؤخذ طين قبر الحسين عليه السّلام من عند القبر على قدر سبعين باعا.

3-حدثني علي بن الحسين عن علي بن إبراهيم عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي عن عبد اللّه بن حماد الأنصاري عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إذا تناول أحدكم من طين قبر الحسين عليه السّلام فليقل اللهم إني أسألك بحق الملك الذي تناوله و الرسول الذي بوّأه و الوصي الذي ضمّن فيه أن تجعله شفاء من كل داء كذا و كذا و يسمّي ذلك الداء.

4-حدثني حكيم بن داود عن سلمة عن علي بن الريان بن الصلت عن الحسين ابن أسد عن أحمد بن مصقلة عن عمه عن أبي جعفر الموصلي أن أبا جعفر عليه السّلام قال:إذا أخذت طين قبر الحسين فقل اللهم بحق هذه التربة و بحق الملك الموكل بها

ص: 147

و الملك الذي كربها (1)و بحق الوصي الذي هو فيها صل على محمد و آل محمد و اجعل هذا الطين شفاء من كل داء و أمانا من كل خوف فإن فعل ذلك كان حتما شفاء من كل داء و أمانا من كل خوف.

5-حدثني محمد بن الحسن بن علي بن مهزيار عن جده علي بن مهزيار عن الحسن بن سعيد عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم قال:حدثنا أبو عمرو شيخ من أهل الكوفة عن أبي حمزة الثمالي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:كنت بمكة و ذكر في حديثه قلت:جعلت فداك إني رأيت أصحابنا يأخذون من طين الحائر ليستشفون به هل في ذلك شيء مما يقولون من الشفاء.

قال:يستشفى بما بينه و بين القبر على رأس أربعة أميال و كذلك قبر جدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و كذلك طين قبر الحسن و علي و محمد فخذ منها فإنها شفاء من كل سقم و جنة مما تخاف و لا يعدلها شيء من الأشياء التي يستشفى بها إلا الدعاء و إنما يفسدها ما يخالطها من أو عيتها و قلة اليقين لمن يعالج بها فأما من أيقن أنها له شفاء إذا يعالج بها كفته بإذن اللّه من غيرها مما يعالج به و يفسدها الشياطين و الجن من أهل الكفر منهم يتمسّحون بها و ما تمر بشيء إلا شمّها و أما الشياطين و كفار الجن فإنهم يحسدون بني آدم عليها فيتمسّحون بها ليذهب عامة طيبها و لا يخرج الطين من الحائر إلا و قد استعد له ما لا يحصى منهم و أنه لفي يد صاحبها و هم يتمسّحون بها و لا يقدرون مع الملائكة أن يدخلوا الحائر مع الملائكة و لو كان من التربة شيء يسلم ما عولج به أحد إلا برأ من ساعته فإذا أخذتها فاكتمها و أكثر عليها من ذكر اللّه تعالى و قد بلغني أن بعض من يأخذ من التربة شيئا يستخف به حتى أن بعضهم ليطرحها في مخلاة البغل و الحمار و في وعاء الطعام و ما يمسح به الأيدي من الطعام و الخرج و الجوالق فكيف يستشفي به من هذا حاله عنده و لكن القلبا.

ص: 148


1- في بعض المصادر:الموكل بها.

الذي ليس فيه يقين من المستخف بما فيه صلاحه يفسد عليه عمله.

6-حدثني محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد ابن عيسى عن رزق اللّه بن العلاء عن سليمان بن عمرو السراج عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:يؤخذ طين قبر الحسين عليه السّلام من عند القبر على سبعين باعا في سبعين باعا.

7-حدثني محمد بن يعقوب عن علي بن محمد بن علي رفعه قال:قال:الختم على طين قبر الحسين عليه السّلام أن يقرأ عليه إنا أنزلناه في ليلة القدر.

8-و روي إذا أخذته فقل اللهم بحق هذه التربة الطاهرة و بحق البقعة الطيبة و بحق الوصي الذي تواريه و بحق جده و أبيه و أمه و أخيه و الملائكة الذين يحفّون به و الملائكة العكوف على قبر وليك ينتظرون نصره صلى اللّه عليهم أجمعين و اجعل لي فيه شفاء من كل داء و أمانا من كل خوف و غنى من كل فقر و عزا من كل ذل و أوسع به علي في رزقي و أصحّ به جسمي.

9-حدثني محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أبيه عن علي بن محمد بن سالم عن محمد بن خالد عن عبد اللّه بن حماد البصري عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم عن رجل من أهل الكوفة قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:حريم قبر الحسين عليه السّلام فرسخ في فرسخ في فرسخ في فرسخ.

10-حدثني جعفر بن محمد بن إبراهيم الموسوي عن عبد اللّه(عبيد اللّه) ابن نهيك عن سعد بن صالح عن الحسن بن علي بن أبي المغيرة عن بعض أصحابنا قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إني رجل كثير العلل و الأمراض و ما تركت دواء إلا و قد تداويت به؟

فقال عليه السّلام لي:فأين أنت عن تربة الحسين عليه السّلام فإن فيها الشفاء من كل داء و الأمن من كل خوف و قل إذا أخذته:اللهم إني أسألك بحق هذه الطينة و بحق الملك الذي أخذها و بحق النبي الذي قبضها و بحق الوصي الذي حل فيها صل على محمد و أهل

ص: 149

بيته و اجعل لي فيها شفاء من كل داء و أمانا من كل خوف.

قال:ثم قال عليه السّلام:إن الملك الذي أخذها جبرائيل و أراها النبي صلّى اللّه عليه و آله فقال:هذه تربة ابنك هذا تقتله أمتك من بعدك و النبي الذي قبضها فهو محمد صلّى اللّه عليه و آله و أما الوصي الذي حل فيها فهو الحسين بن علي سيد الشهداء قلت قد عرفت الشفاء من كل داء فكيف (فما)الأمان من كل خوف قال:إذا خفت سلطانا أو غير ذلك فلا تخرج من منزلك إلا و معك من طين قبر الحسين عليه السّلام و قل إذا أخذته:اللهم إن هذه طينة قبر الحسين وليك و ابن وليك اتخذتها حرزا لما أخاف و لما لا أخاف فإنه قد يرد عليك ما لا تخاف قال الرجل:فأخذتها كما قال فصحّ و اللّه بدني و كان لي أمانا من كل ما خفت و ما لم أخف كما قال،فما رأيت بحمد اللّه بعدها مكروها.

11-أخبرني حكيم بن داود بن حكيم عن سلمة عن أحمد(محمد)بن إسحاق القزويني عن أبي بكار قال:أخذت من التربة التي عند رأس قبر الحسين بن علي عليه السّلام فإنها طينة حمراء فدخلت على الرضا عليه السّلام فعرضتها عليه فأخذها في كفه ثم شمها ثم بكى حتى جرت دموعه ثم قال:هذه تربة جدي.

12-حدثني أبو عبد الرحمن محمد بن أحمد بن الحسين العسكري بالعسكر قال:حدثنا الحسن بن علي بن مهزيار عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن محمد بن مروان عن أبي حمزة الثمالي قال:قال الصادق عليه السّلام:إذا أردت حمل الطين من قبر الحسين عليه السّلام فاقرأ فاتحة الكتاب و المعوذتين و قل هو اللّه أحد و إنا أنزلناه في ليلة القدر و يس و آية الكرسي و تقول:

اللهم بحق محمد عبدك و رسولك و حبيبك و نبيك و أمينك و بحق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عبدك و أخي رسولك و بحق فاطمة بنت نبيك و زوجة وليك و بحق الحسن و الحسين و بحق الأئمة الراشدين و بحق هذه التربة و بحق الملك الموكل بها و بحق الوصي الذي حل فيها و بحق الجسد الذي تضمّنت و بحق السبط الذي ضمنت و بحق جميع ملائكتك و أنبيائك و رسلك صل على محمد و آل محمد و اجعل لي هذا

ص: 150

الطين شفاء من كل داء و لمن يستشفي به من كل داء و سقم و مرض و أمانا من كل خوف اللهم بحق محمد و أهل بيته اجعله علما نافعا و رزقا واسعا و شفاء من كل داء و سقم و آفة و عاهة و جميع الأوجاع كلها إنك على كل شيء قدير.

و تقول:اللهم رب هذه التربة المباركة الميمونة و الملك الذي هبط بها و الوصي الذي هو فيها صل على محمد و آل محمد و سلم و انفعني بها إنك على كل شيء قدير (1).4.

ص: 151


1- كامل الزيارات:284.

ما يقول الرجل إذا أكل من تربة قبر الحسين عليه السّلام

1-حدثني أبي ره و جماعة عن سعد بن عبد اللّه عن محمد بن عيسى بن عبيد عن محمد بن إسماعيل البصري عن بعض رجاله عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:طين قبر الحسين عليه السّلام شفاء من كل داء و إذا أكلته فقل بسم اللّه و باللّه اللهم اجعله رزقا واسعا و علما نافعا و شفاء من كل داء إنك على كل شيء قدير.

2-قال و روى لي بعض أصحابنا يعني محمد بن عيسى قال:نسيت إسناده قال:إذا أكلته تقول:اللهم رب هذه التربة المباركة و رب هذا الوصي الذي وارته صل على محمد و آل محمد و اجعله علما نافعا و رزقا واسعا و شفاء من كل داء.

3-حدثني الحسن بن عبد اللّه بن محمد بن عيسى عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن مالك بن عطية عن أبيه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إذا أخذت من تربة المظلوم و وضعتها في فيك فقل اللهم إني أسألك بحق هذه التربة و بحق الملك الذي قبضها و النبي الذي حضنها و الإمام الذي حلّ فيها أن تصلي على محمد و آل محمد و أن تجعل لي فيها شفاء نافعا و رزقا واسعا و أمانا من كل خوف و داء فإنه إذا قال ذلك وهب اللّه له العافية و شفاه (1).

ص: 152


1- كامل الزيارات:286.

إن الطين كله حرام إلا طين قبر الحسين فإنه شفاء

1-حدثني محمد بن يعقوب و جماعة مشايخي ره عن محمد بن يحيى عن أحمد ابن محمد بن عيسى عن أبي يحيى الواسطي عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

الطين كله حرام كلحم الخنزير و من أكله ثم مات منه لم أصل عليه إلا طين قبر الحسين عليه السّلام فإن فيه شفاء من كل داء و من أكله بشهوة لم يكن فيه شفاء.

2-حدثني محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن عباد بن سليمان عن سعد بن سعد قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الطين قال:فقال:أكل الطين حرام مثل الميتة و الدم و لحم الخنزير إلا طين قبر الحسين فإن فيه شفاء من كل داء و أمن من كل خوف.

3-حدثني أبو عبد اللّه محمد بن أحمد بن يعقوب عن علي بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليه السّلام قال:إن اللّه تبارك و تعالى خلق آدم عليه السّلام من طين فحرّم الطين على ولده.

قال:فقلت:ما تقول في طين قبر الحسين صلّى اللّه عليه و آله؟

فقال:يحرم على الناس أكل لحومهم و يحل عليهم أكل لحومنا و لكن الشيء اليسير منه مثل الحمصة.

4-و روى سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:كل طين حرام على بني آدم ما خلا طين قبر الحسين عليه السّلام من أكله من وجع شفاه اللّه تعالى.

5-و وجدت في حديث الحسين بن مهران الفارسي عن محمد بن سيار عن يعقوب بن يزيد يرفع الحديث إلى الصادق عليه السّلام قال:من باع طين قبر الحسين عليه السّلام فإنه يبيع لحم الحسين عليه السّلام و يشتريه.

ص: 153

آثار تربة الحسين عليه السلام

1-أمان من كل داء:
2-و أمان من كل خوف:

ورد في كتاب التهذيب عن بعضهم أنه قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إني رجل كثير العلل و الأمراض و ما تركت دواء إلاّ و تداويت به.

فقال لي:و أين أنت من طين قبر الحسين عليه السّلام فإنه فيه شفاء من كل داء و الأمن من كل خوف.

فقال السائل:و كيف الأمان من كل خوف؟

قال عليه السّلام:إذا خفت سلطانا أو غير ذلك فلا تخرج من منزلك إلاّ و معك من طين قبر الحسين عليه السّلام و قل إذا أخذتها:

اللهم إن هذه طينة قبر الحسين عليه السّلام وليّك و ابن وليك أخذتها حرزا لما أخاف و ما لا أخاف فإنه يرد عليك ما لا تخاف» (1).

و سيأتي مزيد بيان عن التربة الحسينية و كيفية الإستشفاء بها و آدابها و ما يتعلق بالحسين عليه السّلام عامة في فصل آخر فترقّب.

ص: 154


1- التهذيب،ج:22،ص:6.
3-إمكان دفن الميت:

عن الحسن ين يوسف بن المطهر العلامة في منتهى المطلب قال:إن امرأة كانت تزني و تضع أولادها و كانت تحرقهم بالنار خوفا من أهلها و لم يعلم بها غير أمها فلما ماتت دفنت فانكشف التراب عنها و لم تقبلها الأرض فنقلت من ذلك المكان إلى غيره فجرى لها ذلك فجاء أهلها إلى الإمام الصادق عليه السّلام و حكوا له القصة.

فقال لأمها:ما كانت تصنع هذه في حياتها من المعاصي فأخبرته بباطن أمرها.

فقال الصادق عليه السّلام:إن الأرض لا تقبل هذه لأنها كانت تعذّب خلق اللّه بعذاب اللّه اجعلوا في قبرها شيئا من تربة الحسين عليه السّلام ففعلوا ذلك فسترها اللّه تعالى (1).

4-الشفاء السريع:

ذكر صاحب كتاب قصص و خواطر تحت هذا العنون القصة التالية:

نقل لي آية اللّه الحاج الشيخ حسن علي مرواريد(دام ظله العالي)أن المرحوم الحاج صدر الحفاظ-و كان من التجار المحترمين في مشهد و ذى علاقة قوية مع جدي من أمي آية اللّه الحاج الشيخ حسن علي الطهراني قدّس سرّه ذكر لي قائلا:

مرضت ذات مرة حتى أحسست من شدّة الضعف بأني مقبل على الوفاة.

فأرسلت أن يأتيني سماحة الشيخ فلما حضر عند رأسي رجوت منه أن يقبل ما أهبه إليه من ثرواتي كلها على أن يقوم بعد وفاتي بإيهابهم إلى أولادي بصفتهم فقراء محتاجين.

ص: 155


1- وسائل الشيعة،ج:3،ص:39.

بهذه الفكرة كنت أريد أولا أن أتخلص من أي شبهة في ثرواتي كأن تكون-من باب الإحتمال-خليطا مع حقوق الآخرين و أنا لا أعلم.

و ثانيا:تعود الأموال بعد تصفيتها إلى الورثة كيلا يبقوا من غير شيء فتبسّم الشيخ و قال:فكرة ذكية تخرج أموالك من جيب و تدخلها إلى جيبك الآخر وهنا أدخل الشيخ إصبعه في طرف عمامته و أخرج قليلا من تربة قبر الحسين عليه السّلام فقال:

أعطيك هذه التربة فتشفى و تستغني عن وضع خطط و أفكار لثروتك كهذه، و الأعجب من هذا أني لمجرد أن وضعت التربة في فمي شفيت حالا،فجلست و قلت له باستغراب:

أهكذا سريعة الأثر هذه التربة و أنت على هذه الدرجة شديد الإطمئنان بها؟

فقال الشيخ:هذا ليس بشيء بالنسبة إلى العبد الذي لا يخون مولاه.

يقول سماحة الشيخ مرواريد:أذكر أي نقلت هذه القصة لأحد كبار علماء مشهد المقدسة قديما فقال لي:إنّ هذه الكلمة الأخيرة للمرحوم جدك هي أهم نقطة في القصّة (1)8.

ص: 156


1- قصص و خواطر،ص:87-88.

قصة في أثر تربة الحسين عليه السلام

نقل عن موسى بن عبد العزيز أنه قال:طرقني يوحنا الطبيب النصراني يوما و قال لي:قل لي بحق دينك و نبيك من هذا الشخص المدفون في كربلاء و الذي تزورونه دائما؟

فقلت له:أنه ابن علي بن أبي طالب و أمه ابنة نبي آخر الزمان.

فقال لي:سأحدّثك بحديث عجيب،ثم قال:جاءني خادم هارون الرشيد سابور في منتصف الليل و قال لي:أجب أمر الخليفة و اذهب إلى منزل موسى بن عيسى الهاشمي،فحضرت عنده و هو في غيبوبته زائل العقل ثمّ أفاق فسألته ما بك؟ فأحضروا لي طشتا فيه أمعاؤه و أحشاؤه الممزقة فقلت له:ما القصة ماذا حدث لك؟

فقالوا لي:قبل هذا الوقت كان جالسا مع ندمائه و أصحابه فتذاكروا تربة قبر الحسين بن علي عليه السّلام و كان في المجلس رجل من بني هاشم فقال موسى بن عيسى:ما أشدّ غلو الرافضة فإنهم يزعمون أن في تربة قبر الحسين شفاء للأمراض،فقال الرجل الهاشمي:نعم لقد جرّبت ذلك و شفيت من مرضي.فقال له موسى بن عيسى:هل لديك من هذه التربة؟

فقال:نعم.

فقال:ناولني قليلا منها،فأعطاه شيئا يسيرا منها فأخذه و وضعه في دبره مستهزئا بها،فلم تمضي لحظات و إذا به يصرخ و يصيح و ينادي بأعلى صوته النار...النار...الطشت...الطشت،فكانت أمعاؤه تخرج من فيه و نجاسته تخرج من

ص: 157

دبره كماترى حاله،فقال لي خادم هارون الرشيد:هل ترى له من حيلة؟فدعوت بشمعة فنظرت فإذا كبده و طحاله و رئته و فؤاده خرج منه في الطشت.فقلت:ما لأحد في هذا صنع إلاّ أن يكون لعيسى الذي يحيي الموتى.

فقال لي سابور:صدقت و لكن كن في الدار إلى أن يتبين ما يكون من أمره،فبتّ عندهم و هو بتلك الحال ما رفع رأسه فمات وقت السحر.

و على أثر هذه الحادثة أسلم يوحنا الطبيب و حسن إسلامه،و أخذ بزيارة الإمام الحسين عليه السّلام في كربلاء يطلب غفران الذنوب و الزلفى لدى اللّه تبارك و تعالى (1).

قصة أخرى

عن الحسن ين يوسف بن المطهر العلامة في منتهى المطلب رقعة،قال:إن امرأة كانت تزني و تضع أولادها و كانت تحرقهم بالنار خوفا من أهلها و لم يعلم بها غير أمها فلما ماتت دفنت فانكشف التراب عنها و لم تقبلها الأرض فنقلت من ذلك المكان إلى غيره فجرى لها ذلك فجاء أهلها إلى الإمام الصادق عليه السّلام و حكواله القصة.

فقال لأمها:ما كانت تصنع هذه في حياتها من المعاصي فأخبرته بباطن أمرها.

فقال الإمام الصادق عليه السّلام:إن الارض لا تقبل هذه لأنها كانت تعذب خلق اللّه بعذاب اللّه اجعلوا في قبرها شيئا من تربة الحسين عليه السّلام ففعلوا ذلك فسترها اللّه تعالى (2).

ص: 158


1- أمالي الطوسي،مجلس:11،ص:320.
2- وسائل الشيعة،ج:3،ص:39.

أثر الإستهتار بتربة الحسين عليه السلام

تقطيع الأمعاء و الموت:

نقل عن موسى بن عبد العزيز أنه قال:طرقني يوحنا الطبيب النصراني يوما و قال لي:قل لي بحق دينك و نبيك من هذا الشخص المدفون في كربلاء و الذي تزورونه دائما؟

فقلت له:إنه ابن علي بن أبي طالب و أمه ابنة نبي آخر الزمان.

فقال لي:سأحدّثك بحديث عجيب،ثم قال:جاءني خادم هارون الرشيد سابور في منتصف الليل و قال لي:أجب أمر الخليفة و اذهب إلى منزل موسى بن عيسى الهاشمي،فحضرت عنده و هو في غيبوبته زائل العقل ثمّ أفاق فسألته ما بك؟ فاحضروا لي طشتا فيه أمعاؤه و أحشاؤه الممزقة.

فقلت له:ما القصة ماذا حدث لك؟

فقالوا لي:قبل هذا الوقت كان جالسا مع ندمائه و أصحابه فتذاكروا تربة قبر الحسين بن علي عليه السّلام و كان في المجلس رجل من بني هاشم فقال موسى بن عيسى:ما أشدّ غلو الرافضة فإنهم يزعمون أن في تربة قبر الحسين شفاء للأمراض.

فقال الرجل الهاشمي:نعم لقد جرّبت ذلك و شفيت من مرضي.

فقال له موسى بن عيسى:هل لديك من هذه التربة؟

فقال:نعم.

فقال:ناولني قليلا منها،فأعطاه شيئا يسيرا منها فأخذه و وضعه في دبره

ص: 159

مستهزئا بها،فلم تمضي لحظات و إذا به يصرخ و يصيح و ينادي بأعلى صوته النار...النار...الطشت...الطشت،فكانت أمعاؤه تخرج من فيه و نجاسته تخرج من دبره كما ترى حاله،فقال لي خادم هارون الرشيد:هل ترى له من حيلة؟فدعوت بشمعة فنظرت فإذا كبده و طحاله و رئته و فؤاده خرج منه في الطشت فقلت:ما لأحد في هذا صنع إلاّ أن يكون لعيسى الذي يحيي الموتى.

فقال لي سابور:صدقت و لكن كن في الدار إلى أن يتبين ما يكون من أمره،فبتّ عندهم و هو بتلك الحال ما رفع رأسه فمات وقت السحر.

و على أثر هذه الحادثة أسلم يوحنا الطبيب و حسن إسلامه،و أخذ بزيارة الإمام الحسين عليه السّلام في كربلاء يطلب غفران الذنوب و الزلفى لدى اللّه تبارك و تعالى (1).0.

ص: 160


1- أمالي الطوسي،مجلس:11،ص:320.

زيارة العباس بن علي عليهما السلام

1-حدثني أبو عبد الرحمن محمد بن أحمد بن الحسين العسكري بالعسكر عن الحسن بن علي بن مهزيار عن أبيه علي بن مهزيار عن محمد بن أبي عمير عن محمد بن مروان عن أبي حمزة الثمالي قال:قال الصادق عليه السّلام:إذا أردت زيارة قبر العباس بن علي عليه السّلام و هو على شط الفرات بحذاء الحائر(الحير)فقف على باب السقيفة و قل:

سلام اللّه و سلام ملائكته المقربين و أنبيائه المرسلين و عباده الصالحين و جميع الشهداء و الصديقين و الزاكيات الطيبات فيما تغتدي و تروح عليك يا ابن أمير المؤمنين أشهد لك بالتسليم و التصديق و الوفاء و النصيحة لخلف النبي المرسل و السبط المنتجب و الدليل العالم و الوصي المبلغ و المظلوم المهتضم فجزاك اللّه عن رسوله و عن أمير المؤمنين و عن الحسن و الحسين صلّى اللّه عليه و آله أفضل الجزاء بما صبرت و احتسبت و أعنت فنعم عقبى الدار لعن اللّه من قتلك و لعن اللّه من جهل حقك و استخف بحرمتك و لعن اللّه من حال بينك و بين ماء الفرات أشهد أنك قتلت مظلوما و أن اللّه منجز لكم ما وعدكم جئتك يا ابن أمير المؤمنين وافدا إليكم و قلبي مسلّم لكم و أنا لكم تابع و نصرتي لكم معدة حتى يحكم اللّه و هو خير الحاكمين فمعكم معكم لا مع عدوكم إني بكم و بإيابكم من المؤمنين و بمن خالفكم و قتلكم من الكافرين قتل اللّه أمة قتلتكم بالأيدي و الألسن.

ثم ادخل و انكب على القبر و قل:السلام عليك أيها العبد الصالح المطيع للّه و لرسوله و لأمير المؤمنين و الحسن و الحسين عليهم السّلام السلام عليك و رحمة اللّه

ص: 161

و بركاته و رضوانه و على روحك و بدنك أشهد و أشهد اللّه أنك مضيت على ما مضى عليه البدريون المجاهدون في سبيل اللّه المناصحون له في جهاد أعدائه المبالغون في نصرة أوليائه الذابون عن أحبائه فجزاك اللّه أفضل الجزاء و أكثر الجزاء و أوفر الجزاء و أوفى جزاء أحد ممن و في ببيعته و استجاب له دعوته و أطاع و لاة أمره و أشهد أنك قد بالغت في النصيحة و أعطيت غاية المجهود فبعثك اللّه في الشهداء و جعل روحك مع أرواح الشهداء و أعطاك من جنانه أفسحها منزلا و أفضلها غرفا و رفع ذكرك في عليين و حشرك مع النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقا أشهد أنك لم تهن و لم تنكل و أنك مضيت على بصيرة من أمرك مقتديا بالصالحين و متبعا للنبيّين فجمع اللّه بيننا و بينك و بين رسوله و أوليائه في منازل المخبتين فإنه أرحم الراحمين (1).8.

ص: 162


1- كامل الزيارات:258.

وداع قبر العباس بن علي عليه السّلام

1-حدثني أبو عبد الرحمن محمد بن أحمد بن الحسين العسكري بالعسكر عن الحسن بن علي بن مهزيار عن أبيه علي بن مهزيار عن محمد بن أبي عمير عن محمد بن مروان عن أبي حمزة الثمالي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إذا ودعت العباس فأته و قل:

أستودعك اللّه و أسترعيك و أقرأ عليك السلام آمنا باللّه و برسوله و بكتابه و بما جاء به من عند اللّه اللهم اكتبنا مع الشاهدين اللهم لا تجعله آخر العهد من زيارة قبر ابن أخي نبيك و ارزقني زيارته أبدا ما أبقيتني و احشرني معه و مع آبائه في الجنان اللهم و عرّف بيني و بينه و بين رسولك و أوليائك اللهم صل على محمد و آل محمد و توفّني على الإيمان بك و التصديق برسولك و الولاية لعلي بن أبي طالب و الأئمة من ولده و البراءة من عدوهم فإني قد رضيت بذلك يا رب و تدعو لنفسك و لوالديك و المؤمنين و المسلمين و تخيّر من الدعاء (1).

ص: 163


1- كامل الزيارات:258.

وداع قبور الشهداء عليه السّلام

1-تقول:اللهم لا تجعله آخر العهد من زيارتي إياهم و أشركني معهم و أدخلني في صالح ما أعطيتهم على نصرهم ابن بنت نبيك و حجتك على خلقك و جهادهم معه في سبيلك اللهم اجمعنا و إياهم في جنتك مع الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقا أستودعكم اللّه و أقرأ عليكم السلام اللهم ارزقني العود إليهم و احشرني معهم يا أرحم الراحمين (1).

ص: 164


1- كامل الزيارات:259.

جور الخلفاء على قبر الإمام الحسين و معجزات الضريح

ابن حشيش،عن محمد بن عبد اللّه،عن علي بن محمد بن مخلد،عن أحمد بن ميثم، عن يحيى بن عبد الحميد الحماني ألى علي في منزله قال:خرجت أيام ولاية موسى ابن عيسى الهاشمي الكوفة من منزلي فلقيني أبو بكر بن عياش فقال لي:إمض بنا يا يحيى إلى هذا،فلم أدر من يعني،و كنت أجلّ أبا بكر عن مراجعته،و كان راكبا حمارا له،فجعل يسير عليه،و أنا أمشي مع ركابه،فلما صرنا عند الدار المعروفة بدار عبد اللّه بن حازم،التفت إلي و قال:يا ابن الحماني إنما جررتك معي و جشّمتك (1)أن تمشي خلفي لأسمعك ما أقول لهذه الطاغية.

قال:فقلت:من هو يا أبا بكر؟

قال:هذا الفاجر الكافر موسى بن عيسى،فسكت عنه و مضى و أنا أتبعه حتى إذا صرنا إلى باب موسى بن عيسى،و بصر به الحاجب و تبيّنه و كان الناس ينزلون عند الرحبة،فلم ينزل أبو بكر هناك و كان عليه يومئذ قميص و إزار،و هو محلول الأزرار،قال:فدخل على حماره و ناداني:تعال يا ابن الحماني،فمنعني الحاجب فزجره أبو بكر و قال له:أتمنعه يا فاعل!و هو معي؟

فتركني فمازال يسير على حماره حتى دخل الايوان،فبصر بنا موسى و هو قاعد في صدر الايوان على سريره،و بجانبي السرير رجال متسلحون و كذلك كانوا يصنعون فلما أن رآه موسى رحّب به و قرّبه و أقعده على سريره،و منعت

ص: 165


1- يقال:جشمته الامر و أجشمته اياه:كلفته اياه قال:"مهما تجشمنى فإني جاشم".

أنا حين وصلت إلى الايوان أن أتجاوزه،فلما استقر أبو بكر على السرير إلتفت فرآني حيث أنا واقف،فناداني فقال:و يحك!فصرت إليه و نعلي في رجلي و علي قميص و إزار فأجلسني بين يديه،فالتفت إليه موسى فقال:هذا رجل تكلمنا فيه؟

قال:لا،ولكني جئت به شاهدا عليك،قال:فيماذا؟

قال:إني رأيتك و ما صنعت بهذا القبر،قال:أي قبر؟

قال:قبر الحسين بن علي ابن فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و كان موسى قد وجّه إليه من كرّبه و كرّب جمع أرض الحائر و حرثها و زرع الزرع فيها،فانتفخ موسى حتى كاد أن ينقد ثم قال:و ما أنت و ذا؟

قال:إسمع حتى أخبرك إعلم أني رأيت في منامي كأني خرجت إلى قومي بني غاضرة،فلما صرت بقنطرة الكوفة،اعترضني خنازير عشرة تريدني فأغاثني اللّه برجل كنت أعرفه من بني أسد،فدفعها عني فمضيت لوجهي،فلما صرت إلى شاهي ضللت الطريق،فرأيت هناك عجوزا فقالت لي:أين تريد أيها الشيخ؟

قلت:أريد الغاضرية،قالت لي:تنظر هذا الوادي فإنك إذا أتيت إلى آخره اتضح لك الطريق،فمضيت و فعلت ذلك،فلما صرت إلى نينوى إذا أنا بشيخ كبير جالس هناك، فقلت:من أين أنت أيها الشيخ؟

فقال لي:أنا من أهل هذه القرية،فقلت:كم تعد من السنين؟

فقال:ما أحفظ مامر من سني و عمري،و لكن أبعد ذكري أني رأيت الحسين بن علي عليه السّلام و من كان معه من أهله و من تبعه،يمنعون الماء الذي تراه،و لا تمنع الكلاب و لا الوحوش شربه فاستفظعت ذلك و قلت له:و يحك أنت رأيت هذا؟

قال:إي و الذي سمك السماء لقد رأيت هذا أيها الشيخ و عاينته،و إنك و أصحابك الذين تعينون على ما قدر أينا مما أقرح عيون المسلمين إن كان في الدنيا مسلم، فقلت:و يحك و ما هو؟

قال:حيث لم تنكروا ما أجرى سلطانكم إليه،قلت:و ما جرى؟

ص: 166

قال عليه السّلام:أيكرب قبر ابن النبي و يحرث أرضه؟

قلت:و أين القبر؟

قال:ها هو ذا أنت واقف في أرضه،فأما القبر فقد عمي عن أن يعرف موضعه.

قال أبو بكر بن عياش:و ما كنت رأيت القبر ذلك الوقت قط و لا أتيته في طول عمري،فقلت:من لي بمعرفته؟فمضى معي الشيخ حتى وقف بي على حير (1)له باب و آذن و إذا جماعة كثيرة على الباب،فقلت للآذن:أريد الدخول على ابن رسول اللّه،فقال:لا تقدر على الوصول في هذا الوقت،قلت:و لم؟

قال:هذا وقت زيارة إبراهيم خليل اللّه،و محمد رسول اللّه،و معهما جبرئيل و ميكائيل،في رعيل من الملائكة كثير.

قال أبو بكر بن عياش:فانتبهت و قد دخلني روع شديد و حزن و كآبة و مضت بي الايام حتى كدت أن أنسى المنام،ثم اضطررت إلى الخروج إلى بني غاضرة لدين كان لي على رجل منهم،فخرجت و أنا لا أذكر الحديث حتى صرت بقنطرة الكوفة لقيني عشرة من اللصوص فحين رأيتهم،ذكرت الحديث و رعبت من خشيتي لهم، فقالوا لي:ألق ما معك و انج بنفسك،و كانت معي نفيقة فقلت:و يحكم أنا أبو بكر بن عياش و إنما خرجت في طلب دين لي و اللّه(و)اللّه لا تقطعوني عن طلب ديني و تصرفاتي في نفقتي فإني شديد الإضافة،فنادى رجل منهم مولاي و رب الكعبة، لا يعرض له،ثم قال لبعض فتيانهم:كن معه حتى تصير به إلى الطريق الأيمن.

قال أبو بكر:فجعلت أتذكر ما رأيته في المنام و أتعجب من تأويل الخنازير حتى صرت إلى نينوى،فرأيت و اللّه الذي لا إله إلا هو الشيخ الذي كنت رأيته في منامي بصورته و هيئته،رأيته في اليقظة كما رأيته في المنام سواء،فحين رأيته ذكرت الامر و الرؤيا،فقلت:لا إله إلا اللّه!ما كان هذا إلا وحيا ثم سألته كمسألتي إياه فيم.

ص: 167


1- الحير البستان،و المراد الحائر الحسينى عليه السّلام.

المنام فأجابني بما كان أجابني ثم قال لي:إمض بنا،فمضيت فوقفت معه على الموضع،و هو مكروب فلم يفتني شيء من منامي إلا الآذن و الحير فإني لم أرحيرا و لم أر آذنا فاتق اللّه أيها الرجل فإني قد آليت على نفسي أن لا أدع إذاعة هذا الحديث و لا زيارة ذلك الموضع،و قصده و إعظامه،فان موضعا يؤمه إبراهيم و محمد و جبرئيل و ميكائيل لحقيق بأن يرغب في إتيانه و زيارته،فان أبا حصين حدثني أن رسول اللّه قال:من رآني في المنام فإياي رأى فإن الشيطان لا يتشبه بي فقال له موسى:إنما أمسكت عن إجابة كلامك لأستوفي هذه الحمقة التي ظهرت منك،و تاللّه إن بلغني بعد هذا الوقت أنك تحدّث بهذا لأضربن عنقك و عنق هذا الذي جئت به شاهدا علي فقال له أبو بكر:إذا يمنعني اللّه و إياه منك فاني إنما أردت اللّه بما كلّمتك به.

فقال له:أتراجعني يا ماص...و شتمه.

فقال له:أسكت أخزاك اللّه و قطع لسانك فأزعل (1)موسى على سريره،ثم قال:

خذوه فأخذوا الشيخ عن السرير،و أخذت أنا،فو اللّه لقد مربنا من السحب و الجر و الضرب ما ظننت أننا لا نكثر الأحياء أبدا،و كان أشد ما مرّبي من ذلك أن رأسي كان يجر على الصخر،و كان بعض مواليه يأتيني فينتف لحيتي،و موسى يقول:

اقتلوهما ابني كذا و كذا-بالزاني لا يكني-و أبو بكر يقول له:أمسك قطع اللّه لسانك، و انتقم منك،اللهم إياك أردنا و لولد نبيك غضبنا،و عليك توكلنا:فصير بنا جميعا إلى الحبس فما لبثنا في الحبس إلا قليلا فالتفت إلي أبو بكر و رأى ثيابي قد خرقت و سالت دمائي،فقال:يا حماني قد قضينا للّه حقا و اكتسبنا في يومنا هذا أجرا و لن يضيع ذلك عند اللّه و لا عند رسوله،فما لبثنا إلا قدر غدائه و نومه،حتى جاءنا رسوله فأخرجنا إليه و طلب حمار أبي بكر فلم يوجد،فدخلنا عليه،و إذا هو في سرداب لهه.

ص: 168


1- في الأمالي:فأرعد،و زاغله بمعنى أزعجه.

يشبه الدور سعة و كبرا،فتعبنا في المشي إليه تعبا شديدا،و كان أبو بكر إذا تعب في مشيه جلس يسيرا ثم يقول:

اللهم إن هذا فيك فلا تنسه،فلما دخلنا على موسى و إذا هو على سرير له،فحين بصر بنا قال:لا حيا اللّه و لا قرّب من جاهل أحمق متعرض لما يكره،و يلك يادعي ما دخولك فيما بيننا معشر بني هاشم.

فقال له أبو بكر:قد سمعت كلامك،و اللّه حسيبك،فقال له:أخرج قبّحك اللّه و اللّه إن بلغني أن هذا الحديث شاع أو ذكر عنك لأضربن عنقك.

ثم التفت إلي و قال:يا كلب و شتمني و قال:إياك ثم إياك أن تظهر هذا فإنه إنما خيّل لهذا الشيخ الأحمق شيطان يلعب به في منامه،أخرجا عليكما لعنة اللّه و غضبه، فخرجنا و قد أيسنا من الحياة،فلما وصلنا إلى منزل الشيخ أبي بكر و هو يمشي و قد ذهب حماره فلما أراد أن يدخل منزله إلتفت إلي و قال:إحفظ هذا الحديث،و أثبته عندك و لا تحدثن هؤلاء الرعاع و لكن حدّث به أهل العقول و الدين (1).

بيان:تقول:كربت الأرض أي قلبتها للحرث،و الرعيل القطعة من الخيل و الإضافة:الضيافة،و قال الجوهري:قولهم يا مصان،و للانثى يا مصانة،شتم أي يا ماص فرج أمه و يقال أيضا رجل مصان إذا كان يرضع الغنم(من لؤمه)و زاعله أزعجه قوله"إننا لا نكثر الإحياء أبدا"هو كناية عن الموت أي لا نكون بينهم حتى يكثر عددهم بنا قوله بالزاني لا يكني أي كان يقول في الشتم ألفاظا صريحة في الزنا و لا يكتفي بالكناية.

ابن حشيش،عن أبي المفضل الشيباني،عن أحمد بن عبد اللّه الثقفي عن علي بن محمد بن سليمان،عن الحسين بن محمد بن مسلمة،عن إبراهيم الديزج قال:بعثني المتوكل إلى كربلا لتغيير قبر الحسين عليه السّلام و كتب معي إلى جعفر بن محمد بن4.

ص: 169


1- بحار الانوار:391/41-394.

عمار القاضي:أعلمك أني قد بعثت إبراهيم الديزج إلى كربلا لينبش قبر الحسين فاذا قرأت كتابي فقف على الأمر حتى تعرف فعل أو لم يفعل قال الديزج:فعرّفني جعفر بن محمد بن عمار ما كتب به إليه،ففعلت ما أمرني به جعفر بن محمد بن عمار،ثم أتيته فقال لي:ما صنعت؟

فقلت:قد فعلت ما أمرت به،فلم أرشيئا و لم أجد شيئا،فقال لي:أفلا عمقته؟

قلت:قد فعلت فما رأيت فكتب إلي السلطان أن إبراهيم الديزج قد نبش فلم يجد شيئا و أمرته فمخره بالماء،و كربه بالبقر.

قال أبو علي العماري:فحدثني إبراهيم الديزج و سألته عن صورة الأمر،فقال لي:أتيت في خاصة غلماني فقط و إني نبشت فوجدت بارية جديدة و عليها بدن الحسين بن علي،و وجدت منه رائحة المسك فتركت البارية على حالها و بدن الحسين على البارية،و أمرت بطرح التراب عليه و أطلقت عليه الماء و أمرت بالبقر لتمخره و تحرثه،فلم تطأه البقر،و كانت إذا جاءت إلى الموضع رجعت عنه،فحلفت لغلماني باللّه و بالأيمان المغلظة،لئن ذكر أحد هذا لأقتلنه (1).

بيان:يقال:مخرت الأرض أي أرسلت فيه الماء،و مخرت السفينة إذا جرت تشق الماء مع صوت.

عن أبي المفضل،عن محمد بن إبراهيم بن أبي السلاسل،عن أبي عبد اللّه الباقطاني قال:ضمّني عبيد اللّه بن يحيى بن خاقان إلى هارون المعري و كان قائدا من قواد السلطان أكتب له،و كان بدنه كله أبيض شديد البياض،حتى يديه و رجليه كانا كذلك و كان وجهه أسود شديد السواد كأنه القير،و كان يتفقا مع ذلك مدة منتنة،قال:فلما أنس بي سألته عن سواد وجهه فأبى أن يخبرني ثم إنه مرض مرضه الذي مات فيه،فقعدت فسألته فرأيته كأنه يحب يأن يكتم عليه،فضمنت له1.

ص: 170


1- بحار الانوار:395/41.

الكتمان فحدثني قال:وجّهني المتوكل أنا و الديزج لنبش قبر الحسين،و إجراء الماء عليه،فلما عزمت على الخروج و المسير إلى الناحية رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله في المنام فقال:لا تخرج مع الديزج و لا تفعل ما أمرتم به في قبر الحسين!

فلما أصبحنا جاءوا يستحثّوني في المسير فسرت معهم حتى وفينا كربلاء و فعلنا ما أمرنا به المتوكل فرأيت النبي صلّى اللّه عليه و آله في المنام فقال:ألم آمرك أن لا تخرج معهم؟و لا تفعل فعلهم؟فلم تقبل حتى فعلت ما فعلوا؟ثم لطمني و تفل في وجهي فصار وجهي مسودا كماترى،و جسمي على حالته الاولى (1).

بيان:تفقأ الدمل و القرح تشقق.

عن أبي المفضل،عن سعيد بن أحمد أبي القاسم الفقيه،عن الفضل بن محمد بن عبد الحميد،قال:دخلت على إبراهيم الديزج و كنت جاره أعوده في مرضه الذي مات فيه،فوجدته بحال سوء و إذا هو كالمدهوش،و عنده الطبيب فسألته عن حاله، و كانت بيني و بينه خلطة و أنس توجب الثقة بي و الإنبساط إلي فكاتمني حاله، و أشار إلى الطبيب فشعر الطبيب بإشارته و لم يعرف من حاله ما يصف له من الدواء ما يستعمله،فقام فخرج،و خلا الموضع،فسألته عن حاله فقال:أخبرك و اللّه و أستغفر اللّه إن المتوكل أمرني بالخروج إلى نينوى إلى قبر الحسين عليه السّلام فأمرنا أن نكر به و نطمس أثر القبر،فوافيت الناحية مساء و معنا الفعلة و الدر كاريون (2)معهم المساحي و المرود فتقدّمت إلى غلماني و أصحابي أن يأخذوا الفعلة بخراب القبر، و حرث أرضه،فطرحت نفسي لما نالني من تعب السفر و نمت فذهب بي النوم،فاذا ضوضاء شديدة،و أصوات عالية،و جعل الغلمان ينبّهوني فقمت و أنا ذعر،فقلت للغمان:ما شأنكم؟ا.

ص: 171


1- بحار الانوار:396/41.
2- الروزكاريون خ ل و المساحى:جمع مسحاة و المرود-هنا:محور البكرة من الحديد و هى خشبة مستديرة في وسطها محز يستقى عليها.

قالوا:أعجب شأن،قلت:و ما ذاك؟

قالوا:إن بموضع القبر قوما قد حالوا بيننا و بين القبر و هم يرموننا مع ذلك بالنشاب فقمت معهم لأتبين الأمر،فوجدته كما وصفوا،و كان ذلك في أول الليل من ليالي البيض،فقلت:ارموهم فرموا فعادت سهامنا إلينا فما سقط سهم منا إلا في صاحبه الذي رمى به،فقتله فاستوحشت لذلك و جزعت،و أخذتني الحمى و القشعريرة،و رحلت عن القبر لوقتي،و وطّنت نفسي على أن يقتلني المتوكل لمالم أبلغ في القبر جميع ما تقدّم إلي به.

قال أبو برزة:فقلت له:قد كفيت ما تحذر من المتوكل قد قتل بارحة الأولى، و أعان عليه في قتله المنتصر،فقال لي:قد سمعت بذلك،و قد نالني في جسمي ما لا أرجو معه البقاء.

قال أبو برزة:كان هذا في أول النهار،فما أمسى الديزج حتى مات.

قال ابن حشيش:قال أبو المفضل إن المنتصر سمع أباه يشتم فاطمة فسأل رجلا من الناس عن ذلك،فقال له:قد وجب عليه القتل إلا أنه من قتل أباه لم يطل له عمر،قال:ما أبالي إذا أطعت اللّه بقتله أن لا يطول لي عمر،فقتله و عاش بعده سبعة أشهر (1).

عن أبي المفضل،عن علي بن عبد المنعم بن هارون الخديجي الكبير من شاطئ النيل قال:حدثني جدي القاسم بن أحمد بن معمر الاسدي الكوفي و كان له علم بالسيرة و أيام الناس،قال:بلغ المتوكل جعفر بن المعتصم أن أهل السواد يجتمعون بأرض نينوى لزيارة قبر الحسين عليه السّلام،فيصير إلى قبره منهم خلق كثير،فأنفذ قائدا من قواده و ضم إليه كنفا من الجند كثيرا ليشعث قبر الحسين عليه السّلام و يمنع الناس من زيارته و الإجتماع إلى قبره،فخرج القائد إلى الطف و عمل بما أمر،1.

ص: 172


1- بحار الانوار:396/41.

و ذلك في سنة سبع و ثلاثين و مائتين،فثار أهل السواد به و اجتمعوا عليه،و قالوا:

لو قتلنا عن آخر نالما أمسك من بقي منا عن زيارته و رأوا من الدلائل ما حملهم على ما صنعوا،فكتب بالامر إلى الحضرة فورد كتاب المتوكل إلى القائد بالكف عنهم و المسير إلى الكوفة،مظهرا أن مسيره إليها في مصالح أهلها،و الإنكفاء إلى المصر فمضى الأمر على ذلك حتى كانت سنة سبع و أربعين فبلغ المتوكل أيضا مصير الناس من أهل السواد و الكوفة إلى كربلا لزيارة قبر الحسين عليه السّلام و أنه قد كثر جمعهم لذلك،و صار لهم سوق كبير فأنفذ قائدا في جمع كثير من الجند و أمر مناديا ينادي ببراءة الذمة ممن زار قبره،و نبش القبر و حرث أرضه و انقطع الناس عن الزيارة،و عمل على تتبع آل أبي طالب و الشيعة،فقتل و لم يتم له ما قدّره (1).

بيان:قوله كنفا من الجند أي جانبا كناية عن الجماعة منهم،و في بعض النسخ بالثاء و هو بالفتح الجماعة،قوله ليشعب أي يشق و ينش،و في بعض النسخ المصححة ليشعث من قبره،يقال شعث منه تشعيثا نضح عنه و ذب و دفع،و انكفأ رجع.

عن أبي المفضل،عن عبد الرزاق بن سليمان بن غالب الازدي قال:حدثني عبد اللّه ابن رابية الطوري قال:حججت سنة سبع و أربعين و مائتين فلما صدرت من الحج صرت إلى العراق،فزرت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام على حال خيفة من السلطان،و زرته ثم توجهت إلى زيارة الحسين عليه السّلام فإذا هو قد حرث أرضه، و مخرفيها الماء،و أرسلت الثيران العوامل في الأرض،فبعيني و بصري كنت رأيت الثيران تساق في الأرض فتنساق لهم حتى إذا حازت مكان القبر حادت عنه يمينا و شمالا فتضرب بالعصا الضرب الشديد،فلا ينفع ذلك فيها و لا تطأ القبر بوجه و لا سبب فما أمكنتني الزيارة فتوجّهت إلى بغداد و أنا أقول:1.

ص: 173


1- بحار الانوار:397/41.

تاللّه إن كانت أمية قد أتت قتل ابن بنت نبيها مظلوما

فلقد أتاه بنو أبيه بمثلها هذا لعمرك قبره مهدوما

أسفوا على أن لا يكونوا شايعوا في قتله فتتبعوه رميما

فلما قدمت بغداد سمعت الهايعة فقلت:ما الخبر؟

قالوا:سقط الطائر بقتل جعفر المتوكل،فعجبت لذلك و قلت:إلهي ليلة بليلة. (1)

بيان:قال الفيروزآبادي:الهيعة و الهايعة الصوت تفزع منه و تخافه من عدو.

عن أبي المفضل،عن محمد بن علي بن هاشم الآبلي،عن الحسن ابن أحمد بن النعمان الجوزجاني،عن يحيى بن المغيرة الرازي قال:كنت عند جرير بن عبد الحميد إذ جاءه رجل من أهل العراق فسأله جرير عن خبر الناس فقال:تركت الرشيد و قد كرب قبر الحسين عليه السّلام و أمر أن تقطع السدرة التي فيه،فقطعت قال:

فرفع جرير يديه و قال:اللّه أكبر جاءنا فيه حديث عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله أنه قال:لعن اللّه قاطع السدرة ثلاثا فلم نقف على معناه حتى الآن لأن القصد بقطعه تغيير مصرع الحسين عليه السّلام حتى لا يقف الناس على قبره (2).

عن أبي المفضل،عن محمد بن جعفر بن محمد بن فرج الرحجي قال:حدثني أبي،عن عمه عمر بن فرج قال:أنفذني المتوكل في تخريب قبر الحسين عليه السّلام فصرت إلى الناحية،فأمرت بالبقر فمرّ بها على القبور كلها،فلما بلغت قبر الحسين عليه السّلام لم تمر عليه،قال عمي عمر بن فرج:فأخذت العصا بيدي فما زلت أضربها حتى تكسّرت العصا في يدي فو اللّه ما جازت على قبره و لا تخطته.

قال لنا محمد بن جعفر:كان عمي عمر بن فرج كثير الإنحراف عن آل محمد صلى اللّه عليه و آله فأنا أبرأ إلى اللّه منه،و كان جدي أخوه محمد بن فرج شديد7.

ص: 174


1- بحار الانوار:398/41 ح 6.
2- المصدر السابق ح 7.

المودة لهم رحمه اللّه و رضي عنه فأنا أتولاه لذلك و أفرح بولادته (1).

عن أبي المفضل،عن عمر بن الحسين بن علي،عن المنذر بن محمد القابوسي، عن الحسين بن محمد الازدي،عن أبيه قال:صليت في جامع المدينة و إلى جانبي رجلان على أحدهما ثياب السفر فقال أحدهما لصاحبه:يا فلان أما علمت أن طين قبر الحسين عليه السّلام شفاء من كل داء؟و ذلك أنه كان بي وجع الجوف،فتعالجت بكل دواء فلم أجد فيه عافية و خفت على نفسي و آيست منها و كانت عندنا امرأة من أهل الكوفة عجوز كبيرة،فدخلت علي و أنا في أشد ما بي من العلة فقالت لي:يا سالم ما أرى علتك إلا كل يوم زائدة،فقلت لها:نعم فقالت:فهل لك أن أعالجك فتبرأ باذن اللّه عز و جل؟

فقلت لها:ما أنا إلى شيء أحوج مني إلى هذا،فسقتني ماء في قدح فسكنت عني العلة،و برئت حتى كأن لم يكن بي علة قط فلما كان بعد أشهر دخلت علي العجوز، فقلت لها:باللّه عليك يا سلمة-و كان اسمها سلمة-بماذا داويتني؟

فقالت بواحدة مما في هذه السجة من سبحة كانت في يدها فقلت:و ما هذه السبحة؟

فقالت:إنها من طين قبر الحسين عليه السّلام.

فقلت لها:يا رافضية داويتني بطين قبر الحسين؟فخرجت من عندي مغضبة و رجعت و اللّه علني كأشد ما كانت،و أنا اقاسي منها الجهد و البلاء و قد و اللّه خشيت على نفسي ثم أذّن المؤذن فقاما يصليان و غابا عني (2).

عن أبي المفضل،عن الفضل بن محمد بن أبي طاهر،عن محمد بن موسى الشريعي،عن أبيه موسى بن عبد العزيز قال:لقيني يوحنا بن سراقيون النصراني المتطبب في شارع أبي أحمد فاستوقفني و قال لي:بحق نبيك و دينك من هذا الذي9.

ص: 175


1- بحار الانوار:399/41 ح 8.
2- بحار الانوار:399/41 ح 9.

يزور قبره قوم منكم بناحية قصر ابن هبيرة؟من هو أصحاب نبيكم؟

قلت:ليس هو من أصحابه هو ابن بنته،فما دعاك إلى المسألة لي عنه؟

فقال له:عندي حديث طريف،فقلت:حدثني به،فقال:وجه إلي سابور الكبير الخادم الرشيدي في الليل فصرت إليه فقال:تعال معي،فمضى و أنا معه حتى دخلنا على موسى بن عيسى الهاشمي فوجدناه زائل العقل متكئا على و سادة و إذا بين يديه طست فيها حشو جوفه،و كان الرشيد استحضره من الكوفة فأقبل سابور على خادم كان من خاصة موسى فقال له:و يحك ما خبره؟

فقال له:أخبرك إنه كان من ساعته جالسا و حوله ندماؤه،و هو من أصح الناس جسما و أطيبهم نفسا إذ جرى ذكر الحسين بن علي عليه السّلام.

قال يوحنا:هذا الذي سألتك عنه فقال موسى:إن الرافضة ليغلون فيه حتى أنهم فيما عرفت يجعلون تربته دواء يتداوون به،فقال له رجل من بني هاشم كان حاضرا:قد كانت بي علة غليلة،فتعالجت لها بكل علاج فما نفعني حتى وصف لي كاتبي أن خذ من هذه التربة،فأخذتها فنفعني اللّه بها و زال عني ما كنت أجده قال:

فبقي عندك منها شيء؟

قال:نعم:فوجّه فجاءه منها بقطعة فناولها موسى بن عيسى فأخذها موسى فاستدخلها دبره استهزاء بمن تداوى بها و احتقارا و تصغيرا لهذا الرجل الذي هي تربته يعني الحسين عليه السّلام فما هو إلا أن استدخلها دبره،حتى صاح:النار النار الطست الطست فجئناه بالطست فأخرج فيها ما ترى فانصرف الندماء،و صار المجلس مأتما فأقبل علي سابور فقال:أنظر هل لك فيه حيلة؟فدعوت بشمعة فنظرت فإذا كبده و طحاله و ريته و فؤاده خرج منه في الطست فنظرت إلى أمر عظيم،فقلت:ما لأحد في هذا صنع إلا أن يكون لعيسى الذي كان يحبي الموتى،فقال لي سابور:صدقت،و لكن كن ههنا في الدار إلى أن يتبين ما يكون من أمره،فبت عندهم و هو بتلك الحال ما رفع رأسه،فمات في وقت السحر.

ص: 176

قال محمد بن موسى:قال لي موسى بن سريع:كان يوحنا يزور قبر الحسين و هو على دينه،ثم أسلم بعد هذا و حسن إسلامه (1).

في المناقب:أخذ المسترشد من مال الحائر و كربلا و قال:إن القبر لا يحتاج إلى الخزانة و أنفق على العسكر فلما خرج قتل هو و ابنه الراشد.كتابي ابن بطة و النطنزي:روى أبو عبد الرحمن بن أحمد بن حنبل بإسناده عن الاعمش قال:أحدث رجل على قبر الحسين عليه السّلام فأصابه و أهل بيته جنون و جذام و برص،و هم يتوارثون الجذام إلى الساعة.

و روى جماعة من الثقات أنه لما أمر المتوكل بحرث قبر الحسين عليه السّلام و أن يجري الماء عليه من العلقمي،أتى زيد المجنون و بهلول المجنون إلى كربلا فنظرا إلى القبر و إذا هو معلّق بالقدرة في الهواء.

فقال زيد:يريدون ليطفئوا نور اللّه بأفواههم و يأبى اللّه إلا أن يتم نوره و لو كره الكافرون،و ذلك أن الحراث حرث سبع عشرة مرة و القبر يرجع إلى حاله،فلما نظر الحراث إلى ذلك آمن باللّه و حلّ البقر فأخبر المتوكل فأمر بقتله (2).

قال المجلسي:وجدت في بعض مؤلفات أصحابنا،قال:روي عن سليمان الأعمش أنه قال:كنت نازلا بالكوفة و كان لي جار و كنت آتي إليه و أجلس عنده، فأتيت ليلة الجمعة إليه.

فقلت له:يا هذا ما تقول في زيارة الحسين عليه السّلام؟

فقال لي:هي بدعة و كل بدعة ضلالة و كل ذي ضلالة في النار.

قال سليمان:فقمت من عنده و أنا ممتلئ عليه غيظا فقلت في نفسي:إذا كان وقت السحر آتيه و أحدثه شيئا من فضائل الحسين عليه السّلام فإن أصر على العناد قتله.

قال سليمان:فلما كان وقت السحر أتيته و قرعت عليه الباب و دعوته باسمه،فإذا4.

ص: 177


1- بحار الانوار:400/41 ح 10.
2- مناقب آل أبى طالب:64/4.

بزوجته تقول لي:إنه قصد إلى زيارة الحسين من أول الليل.

قال سليمان:فسرت في أثره إلى زيارة الحسين عليه السّلام فلما دخلت إلى القبر فإذا أنا بالشيخ ساجد للّه عز و جل و هو يدعو و يبكي في سجوده و يسأله التوبة و المغفرة، ثم رفع رأسه بعد زمان طويل فرآني قريبا منه.

فقلت له:يا شيخ بالأمس كنت تقول زيارة الحسين عليه السّلام:بدعة و كل بدعة ضلالة و كل ذي ضلالة في النار و اليوم أتيت تزوره؟

فقال:يا سليمان لا تلمني فاني ما كنت أثبت لاهل البيت إمامة حتى كانت ليلتي تلك،فرأيت رؤيا هالتني و روّعتني فقلت له:ما رأيت أيها الشيخ؟

قال:رأيت رجلا جليل القدر لا بالطويل الشاهق،و لا بالقصير اللاصق لا أقدر أصفه من عظم جلاله و جماله،و بهائه و كماله و هو مع أقوام يحفون به حنيفا و يزفونه زفيفا و بين يديه فارس و على رأسه تاج و للتاج أربعة أركان و في كل ركن جوهرة تضيئ من مسيرة ثلاثة أيام فقلت لبعض خدامه:من هذا؟

فقال:هذا محمد المصطفى،قلت:و من هذا الآخر؟

فقال:علي المرتضى وصي رسول اللّه،ثم مددت نظري فإذا أنا بناقة من نور، و عليها هودج من نور،و فيه امرأتان و الناقة تطير بين السماء و الأرض،فقلت:لمن هذه الناقة؟

فقال:لخديجة الكبرى و فاطمة الزهراء عليهما السلام،فقلت:و من هذا الغلام؟

فقال:هذا الحسن بن علي،فقلت:و إلى أين يريدون بأجمعهم؟

فقالوا:لزيارة المقتول ظلما شهيد كربلا الحسين بن علي المرتضى،ثم إني قصدت نحو الهودج الذي فيه فاطمة الزهراء،و إذا أنا برقاع مكتوبة تتساقط من السماء فسألت ما هذه الرقاع؟

فقال:هذه رقاع فيها أمان من النار لزوار الحسين عليه السّلام في ليلة الجمعة فطلبت منه رقعة فقال لي:إنك تقول:زيارته بدعة؟فإنك لا تنالها حتى تزور الحسين عليه السّلام

ص: 178

و تعتقد فضله و شرفه،فانتبهت من نومي فزعا مرعوبا،و قصدت من وقتي و ساعتي إلى زيارة سيدي الحسين عليه السّلام و أنا تائب إلى اللّه تعالى،فو اللّه يا سليمان لا أفارق قبر الحسين حتى يفارق روحي جسدي (1).

قال:و روى الثقاة عن أبي محمد الكوفي،عن دعبل بن علي الخزاعي قال:لما انصرفت عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام بقصيدتي التائية نزلت بالري و إني في ليلة من الليالي و أنا أصوغ قصيدة و قد ذهب من الليل شطره فاذا طارق يطرق الباب فقلت:من هذا؟

فقال:أخ لك فبدرت إلى الباب ففتحته فدخل شخص اقشعر منه بدني و ذهلت منه نفسي،فجلس ناحية و قال لي:لا ترع أنا أخوك من الجن ولدت في الليلة التي ولدت فيها و نشأت معك،و إني جئت أحدثك بما يسرك و يقوّى نفسك و بصيرتك،قال:

فرجعت نفسي و سكن قلبي فقال:يا دعبل إني كنت من أشد خلق اللّه بغضا و عداوة لعلي بن أبي طالب،فخرجت في نفر من الجن المردة العتاة فمررنا بنفر يريدون زيارة الحسين عليه السّلام قد جهنّم الليل فهممنابهم و إذا ملائكة تزجرنا من السماء و ملائكة في الأرض تزجر عنهم هوامها،فكأني كنت نائما فانتبهت أو غافلا فتيقّظت،و علمت أن ذلك لعناية بهم من اللّه تعالى لمكان من قصدوا له،و تشرّفوا بزيارته فأحدثت توبة وجددت نية وزرت مع القوم،و وقفت بوقوفهم و دعوت بدعائهم،و حججت بحجهم تلك السنة،وزرت قبر النبي صلى اللّه عليه و آله و مررت برجل حوله جماعة،فقلت:من هذا؟

فقالوا:هذا ابن رسول اللّه الصادق عليه السّلام قال:فدنوت منه و سلّمت عليه فقال لي:

مرحبا بك يا أهل العراق أتذكر ليلتك ببطن كربلا و ما رأيت من كرامة اللّه تعالى لأوليائنا؟إن اللّه قد قبل توبتك و غفر خطيئتك.1.

ص: 179


1- بحار الانوار:403/41.

فقلت:الحمد للّه الذي منّ علي بكم،و نوّر قلبي بنور هدايتكم،و جعلني من المعتصمين بحبل ولايتكم،فحدثني يا ابن رسول اللّه بحديث أنصرف به إلى أهلي و قومي،فقال:نعم،حدثني أبي محمد بن علي،عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين،عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم السلام قال:قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:يا علي الجنة محرّمة على الانبياء حتى أدخلها أنا،و على الاوصياء حتى تدخلها أنت، و على الأمم حتى تدخلها أمتي،و على أمتي حتى يقرّوا بولايتك و يدينوا بإمامتك، يا علي و الذي بعثني بالحق لا يدخل الجنة أحد إلا من أخذ منك بنسب أو سبب،ثم قال:خذها يا دعبل فلن تسمع بمثلها من مثلي أبدا ثم ابتلعته الأرض فلم أره قال:

و روي أن المتوكل من خلفاء بني العباس كان كثير العداوة،شديد البغض لاهل بيت الرسول،و هو الذي أمر الحارثين بحرث قبر الحسين عليه السّلام و أن يخربوا بنيانه و يحفوا آثاره و أن يجروا عليه الماء من النهر العلقمي بحيث لا يبقى له أثرو لا أحد يقف له على خبر،و توعّد الناس بالقتل لمن زار قبره،و جعل رصدا من أجناده و أوصاهم:كل من وجدتموه يريد زيارة الحسين عليه السّلام فاقتلوه،يريد بذلك إطفاء نور اللّه و إخفاء آثار ذرية رسول اللّه،فبلغ الخبر إلى رجل من أهل الخير يقال له زيد المجنون،و لكنه ذو عقل سديد،و رأي رشيد،و إنما لقّب بالمجنون لانه أفحم كل لبيب و قطع حجة كل أديب،و كان لا يعيي من الجواب،و لا يمل من الخطاب فسمع بخراب بنيان قبر الحسين عليه السّلام و حرث مكانه،فعظم ذلك عليه و اشتد حزنه و تجدد مصابه بسيده الحسين عليه السّلام و كان مسكنه يومئذ بمصر،فلما غلب عليه الوجد و الغرام لحرث قبر الامام عليه السّلام خرج من مصر ماشيا هائما على وجهه شاكيا وجده إلى ربه،و بقي حزينا كئيبا حتى بلغ الكوفة،و كان البهلول يومئذ بالكوفة،فلقيه زيد المجنون و سلّم عليه فرد عليه السلام،فقال له البهلول:من أين لك معرفتي فلم ترني قط؟

فقال زيد:يا هذا إعلم أن قلوب المؤمنين جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف و ما

ص: 180

تناكر منها اختلف،فقال له البهلول:يا زيد ما الذي أخرجك من بلادك بغير دابة و لا مركوب؟

فقال:و اللّه ما خرجت إلا من شدة وجدي و حزني،و قد بلغني أن هذا اللعين أمر بحرث قبر الحسين عليه السّلام و خراب بنيانه و قتل زواره،فهذا الذي أخرجني من موطني و نقّص عيشي و أجرى دموعي و أقلّ هجوعي.

فقال البهلول:و أنا و اللّه كذلك.فقال له:قم بنا نمضي إلى كربلا لنشاهد قبور أولاد علي المرتضى قال:فأخذ كل بيد صاحبه حتى وصلا إلى قبر الحسين عليه السّلام و إذا هو على حاله لم يتغير،و قد هدموا بنيانه،و كلما أجروا عليه الماء غار و حار و استدار بقدرة العزير الجبار،و لم يصل قطرة واحدة إلى قبر الحسين عليه السّلام و كان القبر الشريف إذا جاءه الماء ترتفع أرضه باذن اللّه تعالى فتعجب زيد المجنون مما شاهده و قال:أنظر يا بهلول يريدون ليطفئوا نور اللّه بأفواهم و يأبى اللّه إلا أن يتم نوره و لو كره المشركون.

قال:و لم يزل المتوكل يأمر بحرث قبر الحسين عليه السّلام مدة عشرين سنة و القبر على حاله لم يتغير،و لا يعلوه قطرة من الماء،فلما نظر الحارث إلى ذلك قال:آمنت باللّه و بمحمد رسول اللّه و اللّه لأهربن على وجهي و أهيم في البراري و لا أحرث قبر الحسين ابن بنت رسول اللّه و إن لي مدة عشرين سنة أنظر آيات اللّه و أشاهد براهين آل بيت رسول اللّه و لا أتعظ و لا أعتبر،ثم إنه حل الثيران و طرح الفدان (1)و أقبل يمشي نحو زيد المجنون و قال له:من أين أقبلت يا شيخ؟

قال:من مصر،فقال له:و لأي شيء جئت إلى هنا و إني لاخشى عليك من القتل فبكى زيد و قال:و اللّه قد بلغني حرث قبر الحسين عليه السّلام فأحزنني ذلك و هيّج حزني و وجدي فانكب الحارث على أقدام زيد يقبّلهما و هو يقول:فداك أبي و أمي،فو اللّهن.

ص: 181


1- أراد بالفدان:آلة الثورين للحرث لقوله"طرح"و النيران يحتمل كونه تصحيف"الثيران"لقوله" حل"و سيأتى في البيان.

يا شيخ من حين ما أقبلت إلي أقبلت إلي الرحمة و استنار قلبي بنور اللّه،و إني آمنت باللّه و رسوله و إن لي مدة عشرين سنة و أنا أحرث هذه الارض،و كلما أجريت الماء إلى قبر الحسين عليه السّلام غار و حار و استدار،و لم يصل إلى قبر الحسين منه قطرة و كأني كنت في سكر و أفقت الآن ببركة قدومك إلي فبكى زيد و تمثل بهذه الابيات:

تاللّه إن كانت أمية قد أتت قتل ابن بنت نبيها مظلوما

فلقد أتاه بنو أبيه بمثله هذا لعمرك قبره مهدوما

أسفوا على أن لا يكونوا شاركوا في قتله فتتبعوه رميما

فبكى الحارث و قال:يا زيد قد أيقظتني من رقدتي،و أرشدتني من غفلتي و ها أنا الآن ماض إلى المتوكل بسر من رأى،أعرّفه بصورة الحال إن شاء أن يقتلني و إن شاء أن يتركني،فقال له زيد:و أنا أيضا أسير معك إليه و أساعدك على ذلك قال:فلما دخل الحارث إلى المتوكل و خبره بما شاهد من برهان قبر الحسين عليه السّلام استشاط غيظا و ازداد بغضا لأهل بيت رسول اللّه و أمر بقتل الحارث و أمر أن يشد في رجله حبل،و يسحب على وجهه في الأسواق،ثم يصلب في مجتمع الناس،ليكون عبرة لمن اعتبر،و لا يبقى أحد يذكر أهل البيت بخير أبدا و أما زيد المجنون فانه ازداد حزنه و اشتد عزاؤه و طال بكاؤه و صبر حتى أنزلوه من الصلب و ألقوه على مزبلة هناك،فجاء إليه زيد فاحتمله إلى الدجلة و غسّله و كفّنه و صلّى عليه و دفنه،و بقي ثلاثة أيام لا يفارق قبره،و هو يتلو كتاب اللّه عنده،فبينما هو ذات يوم جالس إذ سمع صراخا عاليا،و نوحا شجيا،و بكاء عظيما،و نساء بكثرة منشرات الشعور، مشققات الجيوب،مسودات الوجوه و رجالا بكثرة يندبون بالويل و الثبور،و الناس كافة في اضطراب شديد،و إذا بجنازة محمولة على أعناق الرجال و قد نشرت لها الاعلام و الريات،و الناس من حولها أفواجا قد انسدت الطرق من الرجال و النساء.

قال زيد:فظننت أن المتوكل قدمات،فتقدّمت إلى رجل منهم و قلت له:من يكون هذا الميت؟

ص: 182

فقال:هذه جنازة جارية المتوكل و هي جارية سوداء حبشية و كان اسمها ريحانة،و كان يحبها حبا شديدا،ثم إنهم عملوا لها شأنا عظيما و دفنوها في قبر جديد،و فرشوا فيه الورد و الرياحين.و المسك و العنبر،و بنوا عليها قبه عالية فلما نظر زيد إلى ذلك ازدادت أشجانه،و تصاعدت نيرانه و جعل يلطم وجهه و يمزق أطماره،و يحثي التراب على رأسه،و هو يقول:و اويلاه وا أسفاه عليك يا حسين أتقتل بالطف غريبا وحيدا ظمآنا شهيدا،و تسبى نساؤك و بناتك و عيالك،و تذبح أطفالك،و لم يبك عليك أحد من الناس،و تدفن بغير غسل و لا كفن،و يحرث بعد ذلك قبرك ليطفئوا نورك و أنت ابن علي المرتضى،و ابن فاطمة الزهراء و يكون هذا الشأن العظيم لموت جارية سوداء،و لم يكن الحزن و البكاء لابن محمد المصطفى.

قال:و لم يزل يبكي و ينوح حتى غشي عليه و الناس كافة ينظرون إليه فمنهم من رق له،و منهم من جنى عليه،فلما أفاق من غشوته أنشد يقول:

أيحرث بالطف قبر الحسين و يعمر قبر بني الزانية

لعل الزمان بهم قد يعود و يأتي بدولتهم ثانية

ألا لعن اللّه أهل الفساد و من يأمن الدنية الفانية

قال:إن زيدا كتب هذه الابيات في ورقة و سلّمها لبعض حجاب المتوكل قال:فلما قرأها اشتد غيظه و أمر باحضاره،فأحضر و جرى بينه و بينه من الوعظ و التوبيخ ما أغاظه حتى أمر بقتله،فلما مثل بين يديه سأله عن أبي تراب من هو؟استحقارا له،فقال:و اللّه إنك عارف به،و بفضله و شرفه،و حسبه،و نسبه،فو اللّه ما يجحد فضله إلا كل كافر مرتاب،و لا يبغضه إلا كل منافق كذاب،و شرع يعدد فضله و مناقبه حتى ذكر منها ما أغاظ المتوكل فأمر بحبسه فحبس فلما أسدل الظلام و هجع،جاء إلى المتوكل هاتف،و رفسه برجله و قال له:قم و أخرج زيدا من حبسه، و إلا أهلكك اللّه عاجلا،فقام هو بنفسه،و أخرج زيدا من حبسه،و خلع عليه خلعة سنية،و قال له:أطلب ما تريد؟

ص: 183

قال:أريد عمارة قبر الحسين عليه السّلام و أن لا يتعرض أحد لزواره فأمر له بذلك، فخرج من عنده فرحا مسرورا و جعل يدور في البلدان و هو يقول:من أراد زيارة الحسين عليه السّلام فله الأمان طول الأزمان بيان:نير الفدان،بالكسر الخشبة المعترضة في عنق الثورين،و الجمع النيران و الأنيار،و الفدان بالتشديد البقرة التي تحرث، و الأسدال إرخاء الستر و إرساله،و فيه استعارة،و الرفس الضرب بالرجل (1).

عن سعد،عن بعض أصحابه،عن أحمد بن قتيبة الهمداني عن إسحاق بن عمار قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إني كنت بالحير (2)ليلة عرفة و كنت اصلّي و ثم نحو من خمسين ألفا من الناس جميلة وجوههم طيبة أرواحهم و أقبلوا يصلّون بالليل أجمع،فلما طلع الفجر سجدت ثم رفعت رأسي فلم أر منهم أحدا.

فقال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام:إنه مر بالحسين بن علي عليهما السّلام خمسون ألف ملك و هو يقتل،فعرجوا إلى السماء فأوحى اللّه إليهم:مررتم بابن حبيبي و هو يقتل (3).

الحسن بن عبد اللّه بن محمد بن عيسى،عن أبيه،عن الحسن بن محبوب،عن الحسين ابن بنت أبي حمزة الثمالي قال:خرجت في آخر زمان بني مروان إلى قبر الحسين بن علي عليه السّلام مستخفيا من أهل الشام حتى انتهيت إلى كربلا فاختفيت في ناحية القرية،حتى إذا ذهب من الليل نصفه أقبلت نحو القبر فلما دنوت منه أقبل نحوي رجل فقال لي:إنصرف مأجورا فإنك لا تصل إليه فرجعت فزعا حتى إذا كاد يطلع الفجر أقبلت نحوه حتى إذا دنوت منه خرج إلي الرجل،فقال لي:يا هذا إنك لن تصل إليه،فقلت له:عافاك اللّه و لم لا أصل إليه و قد أقبلت من الكوفة أريد زيارته؟ فلا تحل بيني و بينه عافاك اللّه،و أنا أخاف أن أصبح فيقتلني أهل الشام إن أدركوني5.

ص: 184


1- بحار الانوار:405/41 ح 12.
2- يعنى الحائر الحسينى عليه السّلام فلم تنصروه؟فاهبطوا إلى الارض فاسكنوا عند قبره،شعثا غبرا إلى أن تقوم الساعة.
3- كامل الزيارات ص 115.

هاهنا،قال:فقال لي:إصبر قليلا فإن موسى بن عمران عليه السّلام سأل اللّه أن يأذن له في زيارة قبر الحسين بن علي فأذن له فهبط من السماء في سبعين ألف ملك فهم بحضرته من أول الليل ينتظرون طلوع الفجر،ثم يرجعون (1)إلى السماء قال:فقلت:

فمن أنت عافاك اللّه؟

قال:أنا من الملائكة الذين أمروا بحراسة قبر الحسين عليه السّلام و الإستغفار لزواره، فانصرفت و قد كاد يطير عقلي لما سمعت منه،قال:فأقبلت حتى إذا طلع الفجر أقبلت نحوه فلم يحل بيني و بينه أحد فدنوت منه فسلّمت عليه،و دعوت اللّه على قتلته،و صلّيت الصبح،و أقبلت مسرعا مخافة أهل الشام (2).

و في دعوات الراوندي:حدثني الشيخ أبو جعفر النيشابوري رضي اللّه عنه قال:

خرجت ذات سنة إلى زيارة الحسين عليه السّلام في جماعة فلما كنا على فرسخين من المشهد أو أكثر،أصاب رجلا من الجماعة الفالج،و صار كأنه قطعة لحم،قال:

و جعل يناشدنا باللّه أن لا نخليه،و أن نحمله إلى المشهد،فقام عليه من يراعيه و يحافظه على البهيمة،فلما دخلنا الحضرة وضعناه على ثوب و أخذ رجلان منا طرفي الثوب و رفعناه على القبر،و كان يدعو و يتضرع و يبكي و يبتهل و يقسم على اللّه بحق الحسين أن يهب له العافية،قال:فلما وضع الثوب على الأرض جلس الرجل و مشى و كأنما نشط من عقال (3).4.

ص: 185


1- في المصدر:يعرجون،راجع ص 112.
2- بحار الانوار:406/41 ح 13.
3- بحار الانوار:406/41 ح 14.

الفهرس

آداب زيارة الإمام الحسين عليه السلام 3

الإغتسال في الفرات 3

الرخصة في ترك الغسل لزيارة الحسين عليه السّلام 6

تشييع الملائكة لزائري الحسين 8

ترك زيارة الإمام الحسين عليه السلام و أثره 12

ما يكره من الجفاء لزيارة قبر الحسين عليه السّلام 14

أقل ما يزار فيه الحسين و أكثر ما يجوز تأخير زيارته 18

أثر ترك زيارة الإمام الحسين عليه السلام 23

1-نقصان الإيمان:23

2-أراد اللّه به سوءا:23

3-تنقص العمر:23

4-شدة حسرة:24

5-البعد عن جوار محمد صلّى اللّه عليه و آله:25

نصوص زيارات الإمام الحسين عليه السلام 27

زيارة أخرى 29

زيارة أخرى 32

زيارة أخرى 35

زيارة أخرى 36

زيارة وارث 36

زيارة أخرى 38

زيارة أخرى 39

زيارة أخرى 40

زيارة أخرى 40

زيارة أخرى 41

ص: 186

زيارة أخرى 42

زيارة أخرى 42

زيارة أخرى 45

زيارة خفيفة 46

زيارة خفيفة 46

زيارة أخرى 47

زيارة الإمام الحسين عن بعد 64

الصلاة عند ضريح و قبر الإمام الحسين عليه السلام 68

التقصير في الفريضة و الرخصة في التطوع عنده 70

التمام عند قبر الإمام الحسين عليه السلام 72

ثواب صلاة الفريضة عند ضريح الإمام الحسين عليه السّلام 75

وداع قبر الإمام الحسين بن علي 77

زيارة عاشوراء 80

الدعاء بعد زيارة عاشوراء 83

آثار ترك السعي لحوائج الدنيا يوم عاشوراء 86

آثار زيارة عاشوراء 87

5-رد الحسين السلام على زائره 87

6-خدمة الملائكة له بالبرزخ:87

7-رفع العذاب عن جيران الزائر:88

8-عدم الوقوع في المرض المحتم:88

9-إنقاذ غريق:89

أثر التصدق في عاشوراء 91

10-حور العين:91

زيارة أربعين الحسين عليه السلام 93

استحباب زيارة الحسين عليه السلام كل شهر 95

ص: 187

استحباب زيارة الحسين عليه السلام كل يوم 95

زيارة الحسين عليه السلام أول ليلة من رجب و يومه و نصفه 96

آثار زيارة أهل البيت عليهم السّلام 98

11-ضمن له الجنة:98

آثار زيارة الإمام الحسين عليه السلام 99

12-مجاورة محمد و علي و فاطمة:عليهم السّلام 99

13-زيارة اللّه في عرشه:99

14-تبشره الملائكة بالجنة:99

15-تدفع الهدم:100

16-تدفع الغرق:100

17-تدفع الحرق:100

18-تدفع أكل السبع:100

19-لا يخلو من الرحمة طرفة عين:100

20-يموت شهيدا:100

21-الحفظة تدعوا له ما بقي:100

22-لم يزل في حفظ اللّه و أمنه حتى يفارق الدنيا:100

23-زيادة الإيمان 101

24-بركة الأنفس و الأهل و الأولاد و الأموال و المعايش:101

25-تقديس الملائكة له:103

26-مضاعفة الحسنات:103

27-تدفع البلاء 103

28-حفظ الزائر في ماله و نفسه و أهله:103

29-حفظ ملك كريم له سنة كاملة:104

30-تحضر جنازته ملائكة الرحمة:104

31-يؤمن من ضغطة القبر:104

ص: 188

32-يؤمن من منكر و نكير أن يروعانه:104

33-يعطى كتابه بيمينه:104

34-يعطى نورا يضيء لنوره ما بين المشرق و المغرب:104

35-إستغفار الملائكة له:105

36-أراد اللّه به خيرا:105

37-العتق من النار:106

38-النجاة من النار:106

39-تمحى خطاياه كلها:107

40-استغفار فاطمة عليها السلام له:107

41-تأكل الشمس ذنوبه كما تأكل النار الحطب:108

42-تغشاه الرحمة:109

43-زيادة الرزق:110

44-يمد في العمر:110

45-يدفع مدافع السوء:110

46-تحصيل السعادة و مباهات الملائكة له:111

47-ترحم أهل البيت عليه:111

48-شفاء صاحب العاهة:112

49-الطهارة من الدنس:112

50-زيادة العمر:113

51-يصافحه رسول اللّه و الملائكة:113

52-غيظ الأعداء:114

53-يكتب من المفلحين الفائزين:115

54-يكرمه اللّه:115

55-تصاحبه الملائكة:116

56-نصرة اللّه له:117

ص: 189

57-ينظر اللّه إليه نظرة توجب له الفردوس الأعلى مع محمد:117

58-يطبع في وجه بنور العرش:118

59-تهون عليه سكرات الموت:118

60-ريح تفوح من القبر:118

61-يجاور الحسين عليه السلام:119

62-تصافحه الأنبياء:119

63-تتنزل عليه ليلة القدر:120

64-تصافحه روح أربعة و عشرين ألف ملك و نبي 120

65-يزكيه اللّه من فوق العرش:121

66-ينظر اللّه إليه قبل الحجيج:121

67-نجاة الغرقى:122

68-قضاء الدين:124

69-إنجاب الذرّية:124

70-الإطلاع على الأمور الغيبية:125

71-الشفاء من الأسقام:126

72-حلّ المشاكل العويصة:126

73-حلّ المشاكل العامة 128

74-النجاة من غذاب القبر:129

75-الشفاء من الطاعون:132

76-يدخلون الجنة قبل الناس:133

77-الهداية الى الصواب:133

78-الحصول على شفاعة النبي:135

79-ينال من اللّه أفضل الكرامة:135

أثر من زار الحسين ثم حبس 136

أثر تجهيز الزائر 137

ص: 190

أثر من مات في سفر زيارته للحسين عليه السّلام 138

أثر من قتل في سبيل زيارته عليه السّلام 138

تربة و طين قبر الحسين عليه السلام 141

ما يستحب من طين قبر الحسين عليه السّلام و أنه شفاء 141

إن طين قبر الحسين شفاء و أمان 145

من أين يؤخذ طين قبر الحسين و كيف يؤخذ 147

ما يقول الرجل إذا أكل من تربة قبر الحسين عليه السّلام 152

إن الطين كله حرام إلا طين قبر الحسين فإنه شفاء 153

آثار تربة الحسين عليه السلام 154

80-أمان من كل داء:154

81-و أمان من كل خوف:154

82-إمكان دفن الميت:155

83-الشفاء السريع:155

قصة في أثر تربة الحسين عليه السلام 157

قصة أخرى 158

أثر الإستهتار بتربة الحسين عليه السلام 159

تقطيع الأمعاء و الموت:159

زيارة العباس بن علي عليهما السلام 161

وداع قبر العباس بن علي عليه السّلام 163

وداع قبور الشهداء عليهم السّلام 164

جور الخلفاء على قبر الإمام الحسين و معجزات الضريح 165

ص: 191

المجلد 8

اشارة

الصحیح من سیرة الإمام الحسین بن علي علیه السلام

نویسنده: سید هاشم بحرانی - علامه سید مرتضی عسکری و سید محمد باقر شریف قرشی

ناشر: مؤسسة التاريخ العربي

مکان نشر: لبنان - بيروت

سال نشر: 2009م , 1430ق

چاپ:1

موضوع:اسلام، تاریخ

زبان:عربی

تعداد جلد:20

کد کنگره: /ع5ص3 41/4 BP

ص: 1

اشارة

ص: 2

الجزء الثامن

اسباب و معطيات ثورة عاشوراء

أسباب واقعة الطف

علل و أسباب نهضة عاشوراء

اشارة

قال الإمام الخميني (1):في صدر الإسلام و بعد رحلة النبي الخاتم صلّى اللّه عليه و اله-مرسي أسس العدالة و الحرية-أوشك الإسلام أن ينمحي و يتلاشى بسبب انحرافات بني أمية و كاد يسحق تحت أقدام الظالمين و يبتلع من قبل الجبابرة،فهب سيد الشهداء عليه السّلام لتفجير نهضة عاشوراء العظيمة.

لقد أوشكت حكومة يزيد و جلاوزته الجائرة أن تمحو الإسلام و تضيع جهود النبي صلّى اللّه عليه و اله المضنية و جهود مسلمي صدر الإسلام و دماء الشهداء،و تلقي بها في زاوية النسيان،و تعمل ما من شأنه أن يضيع كل ذلك سدى.

لقد كاد الدين الإسلامي يندثر و يتلاشى نتيجة انحرافات حثالات الجاهلية و خططهم الهادفة لإحياء الشعور الوطني و القومي برفعهم شعار"لا خبر جاء و لا وحي نزل"هو جزء من شعر عبد اللّه بن الزبعري الذي يقول فيه:لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء و لا وحي نزل و قيل أن يزيد(لعنة اللّه عليه)استشهد بهذه الأبيات عند ما دخل عليه أهل بيت العصمة و الطهارة في الشام و كانت بيده عصا يضرب بها على الثغر الطاهر للإمام الحسين عليه السّلام.

فقد عملوا على تحويل حكومة العدل الإسلامي إلى حكم ملكي امبراطوري

ص: 3


1- في كتابه نهضة عاشوراء.

و عزل الإسلام و الوحي و إزوائهما حتى نهض فجأة رجل عظيم تغذى من عصارة الوحي الإلهي و تربى في أحضان سيد الرسل محمد المصطفى صلّى اللّه عليه و اله و سيد الأولياء على المرتضى عليه السّلام و ترعرع في أحضان الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السّلام، فانتفض ثائرا ليصنع-و من خلال تضحيته الفذة و نهضته الإلهية-أكبر ملحمة جهادية في التاريخ.

لقد هدف بنو أمية للقضاء على الإسلام.

لقد أوشك حكم بني أمية المنحط أن يظهر الإسلام بمظهر الحكم الطاغوتي و يشوه سمعة النبي الأكرم صلّى اللّه عليه و اله،و قد فعل معاوية و ابنه الظالم الأفاعيل ضد الإسلام و ارتكب ما لم يرتكبه جنكيز خان.هاجم جنكيز خان قائد المغول في عام 616 ه ق رافعا شعار"أنا عذاب اللّه"المدن الإيرانية التي كانت عامرة بأهلها في ذلك اليوم و قام أولا بقتل سكان المدن المكتظة من الشبان و الشيوخ و الكبار و الصغار مثل مرو و بخارى و نيشابور و ري و قم و آذربيجان و خيوه،ثم قضى على جميع الكائنات الحية و أحرق الأشجار،و دمر كل ما يشير إلى التمدن كالمكتبات و المدارس و المساجد و الأبنية و البيوت و البساتين و الدكاكين ثم حرث تلك الخرائب و فتح عليها الماء و قام بزراعتها ضد إيران.فقد بدّل أساس عقيدة الوحي و معالمها إلى نظام شيطاني.

لقد رأى سيد الشهداء(سلام اللّه عليه)أن معاوية و ابنه-لعنة اللّه عليهما- يعملان على هدم الدين و تقويض أركانه،و تشويه الإسلام و طمس معالمه،لقد جاء الإسلام ليقوّم سلوك الإنسان،و لم يأت لكي يستحوذ على السلطة،بل ليعدّ الإنسان و يبنيه.

لقد حاول ذلك الأب و الابن يقصد الإمام رضوان اللّه عليه رضا خان بهلوي و ولده محمد رضا(أي معاوية و ابنه يزيد)طمس معالم الدين و تشويه صورته

ص: 4

الناصعة مثلما عمل هذا الأب و الابن(رضا خان و ابنه محمد رضا آخر ملكين حكما إيران)بالنهج نفسه،فمعاوية و ابنه كانا يشربان الخمر،و يؤمان المصلين أيضا، و كان مجلساهما من مجالس اللهو و اللعب و الطرب تمارس فيهما كل الإنحرافات، ثم تقام بعده صلاة الجماعة،فيتقدمان هما لإمامة تلك الجماعة،تصوروا لاعب ميسر يصبح إمام جماعة،كانا يتوليان إمامة الجماعة،و كانا يؤمان الجمعة و يرتقيان منبر الخطابة فقد كانا خطيبين يتحركان ضد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله باسم خلافة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله.

يرفعان عقيرتهما بنداء(لا إله إلاّ اللّه)لكنهما يقفان بوجه الألوهية،لقد كانت ممارساتهما و أعمالهما شيطانية في حين أنهما كانا يدّعيان أنهما خلفاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله.

لقد كان يزيد هو الآخر حاكما جائرا،يتمتع بكل مظاهر السلطنة،و جاء بعد معاوية طبعا.فبأي حجة قام سيد الشهداء عليه السّلام ضد سلطان عصره؟و بأي دليل ثار على من كان يعد نفسه(ظل اللّه)و رد عن الرسول الأكرم صلّى اللّه عليه و اله قوله:السلطان العادل المتواضع ظل اللّه و رمحه في الأرض.و السلطان ظل اللّه في الأرض يأوي إليه الضعيف و به ينصر المظلوم.

و استغل أغلب حكام الجور و السلاطين المستبدين و القادة الفاسدين في البلدان الإسلامية هذه التعابير الجميلة للنبي الأعظم صلّى اللّه عليه و اله و ذلك بسبب جهل عامة الناس و انخفاض مستوى إدراكها السياسي و أطلقوا على أنفسهم لقب"ظل اللّه"في الأرض رغم الظلم و الفساد الواسع الذي كانت تمارسه حكوماتهم.؟

و لما كان من غير المناسب مس السلطان،فلماذا ثار ضد سلطان عصره؟ألم يكن سلطان عصره ينطق بالشهادتين و يقول إني خليفة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله.لقد ثار الحسين عليه السّلام بوجهه لأنّه كان شخصا سيئا،يريد أن يستغل الشعب و يأتي على

ص: 5

ثرواته و ينهب خيراته،و يستولي عليها هو و جلاوزته.

إن نظام السلطنة و ولاية العهد هو نفس ذلك النمط المشؤوم من الحكومة التي ضحّى سيد الشهداء عليه السّلام و استشهد من أجل الحيلولة دون استمرار بقائه،و لما لم يكن يرغب في الخضوع لولاية العهد التي أسندت ليزيد و لم يرغب الإعتراف رسميا بسلطنته،فقد قام و ثار و دعا المسلمين إلى القيام و الثورة،فهذه الأمور(السلطنة و ولاية العهد)ليست من الإسلام،ليس في الإسلام سلطنة و ولاية عهد.

ص: 6

خطورة معاوية و يزيد على الإسلام

قال الإمام الخميني:إن الخطر الذي كان يمثله معاوية و يزيد ضد الإسلام لم ينحصر في كونهما غاصبين للخلافة،فهو أهون من الخطر الأكبر الآخر و هو أنهما حاولا جعل الإسلام عبارة عن سلطنة و ملكية و أرادا أن يحوّلا الأمور المعنوية إلى طاغوت،و محاولتهما-و بذريعة أنهما خلفاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله-قلب حقيقة الإسلام إلى نظام طاغوتي.لقد كان هذا الأمر مهما لدرجة أن من سبقوهم لم يضاهوهم في إلحاق الضرر بالإسلام و لم يبلغوا ما بلغاه.فقد حاولا قلب حقيقة الإسلام.فقد امتلأت مجالسهم بشرب الخمر و لعب القمار.

كان الواحد منهم يزعم أنه خليفة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله،و يشرب الخمر في مجلسه و يلعب القمار!ثم يبقى خليفة لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و يتوجه إلى الصلاة و يؤم صلاة الجماعة.إن هذا خطر كبير واجه الإسلام مما دفع سيد الشهداء عليه السّلام للقيام لرفضه.

لم تكن القضية قضية غصب الخلافة فحسب،لقد كان قيام سيد الشهداء(سلام اللّه عليه)و ثورته قياما ضد السلطة الطاغوتية...تلك السلطنة التي كانت تريد أن تصبغ الإسلام بصبغة أخرى و لو أنها نجحت في تلك لأصبح الإسلام شيئا آخر تماما،و لصار مثل النظام الإمبراطوري الذي كان قائما لألفين و خمسمائة عام أقام نظام الشاه بتاريخ 12 أكتوبر 1971 أكثر الإحتفالات في التاريخ إنفاقا،يعني احتفالات ذكرى مرور 2500 سنة على الأمبراطورية الفارسية و قرر مجلس النواب و مجلس الشيوخ في اجتماع مشترك في الذكرى السنوية لولادة رضا خان بتغيير

ص: 7

التاريخ الرسمي الإيراني من الهجري الشمسي إلى التاريخ الملكي،أي أن يبدأ التاريخ منذ تشكيل الملكية في إيران و بداية عهد الحكم الحخامنشي بواسطة كورش و يقارن ذلك عام 529 قبل الميلاد.و هكذا نرى أن الملك كان يفتخر ب 2500 سنة من التمدن الملكي و ذلك رغم الفقر و الحرمان الذي كان يعاني منه أغلب أبناء الشعب الإيراني و منع أي نوع من النشاط السياسي و سيطرة الإرهاب على جميع المجالات.(في إيران).

إنهم أرادوا مواجهة الإسلام الذي جاء للقضاء على النظام الملكي و إزالة حكم السلاطين و إقامة الحكم الإلهي في العالم،و تحطيم الطاغوت.أرادوا أن يعيدوا عبادة الطاغوت و نفس الأوضاع التي كانت سائدة في الجاهلية (1).ء.

ص: 8


1- انظر كتاب نهضة عاشوراء.

شهادة الحسين عليه السلام لم تكن هزيمة

قال الإمام الخميني:إن شهادة الإمام الحسين عليه السّلام لم تكن هزيمة،فثورة سيد الشهداء(سلام اللّه عليه)كانت قياما للّه،و ليس في القيام من أجل اللّه أية هزيمة.

كان بنو أمية يريدون القضاء على الإسلام من الأساس و قلع جذوره و إقامة حكم عربي سلطوي.غير أن ثورة سيد الشهداء عليه السّلام أفهمت العرب و العجم جميعا و نبّهت المسلمين كلهم إلى أن القضية ليست قضية عرب و عجم إنما هي:اللّه و الإسلام.

عند ما رأى سيد الشهداء عليه السّلام إن هؤلاء يلوثون بأعمالهم سمعة الإسلام و يشوهون صورته باسم خلافة الرسول و يرتكبون المعاصي و يحكمون بالظلم و الجور،و أن انعكاس ذلك على الصعيد العالمي هو أن خليفة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يمارس هذه الأعمال،رأى من واجبه أن ينهض و يثور حتى لو أدى الأمر إلى مقتله، المهم هو إزالة ما تركه معاوية و ابنه من آثار على الإسلام.

لقد تحرك سيد الشهداء عليه السّلام مع عدد قليل من الأنصار و ثار بوجه يزيد الذي كان حاكما متجبرا يرأس حكومة غاشمة جائرة،و يتظاهر بالإسلام و يستغل قرابته وصلته العائلية إن بني أمية(الأمويين)و بني هاشم(الهاشميين)هما من فروع عبد المناف من قبيلة قريش.و بمجرد أن بعث الرسول الأكرم صلّى اللّه عليه و اله من بين الهاشميين أصيب الأمويون بالذهول و بدأوا يحاربون الرسول حتى إنهم أجبروه على الهجرة.

ص: 9

إلتحق بنو هاشم في المدينة بالرسول و وقعت مكة بيد بني أميه و خضعت كل قريش لهم.و أدى انتصار الرسول و خسارة قريش إلى أن يصبحوا مسلمين جميعا،لكن عداوة بني أمية إلى بني هاشم(عشيرة الرسول)استمرت إلى ما بعد ذلك،و تحمّل الإسلام على طول التاريخ ضربات شديدة بسبب هذه العداوة للإمام عليه السّلام.

قد كان رغم تظاهره بالإسلام و زعمه أن حكومته حكومة إسلامية و أنه خليفة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله كان امرءا ظالما يهيمن على مقدرات بلد دون حق.لذا فإن الإمام أبا عبد اللّه الحسين عليه السّلام ثار بوجهه مع قله الأنصار لأنّه رأى أن واجبه و تكليفه يقتضي ذلك،و أنّ عليه أن يستنكر ما يحدث و أن ينهى عن المنكر.

عند ما يرى سيد الشهداء(سلام اللّه عليه)أن حاكما ظالما يحكم في الناس بالجور و العدوان فإنه يقول:من رأى حاكما جائرا يحكم في الناس بالظلم و الجور فعليه أن يقوم بوجهه و يمنعه من الظلم بمقدار ما يستطيع و لو كان معه بضعة أنصار فقط يقفون بوجه ذلك الحاكم ذي الجيش العظيم الجرار.

لما أراد الحسين عليه السّلام أن يثور خطب في الناس خطبة أوضح فيها أسباب الثورة (1)و أسقط عذر من يتذرع.

فلننظر ماذا فعل يزيد ليثور سيد الشهداء عليه السّلام ضده و يصفه بما وصفه و سلك ذلك النهج،فالموضوع الذي تكلم به الإمام سيد الشهداء عليه السّلام يخص الجميع،فهو4.

ص: 10


1- قال أبو مخنف عن عقبة بن أبي العيزار:إن الحسين خطب أصحابه و أصحاب الحر بالبيضة فحمد الله و أثنى عليه،ثم قال:أيها الناس إن رسول الله(صلى الله عليه و آله)قال:من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله،ناكثا لعهد الله،مخالفا لسنة رسول الله(صلى الله عليه و آله)يعمل في عباد الله بالإثم و العدوان،فلم يغير عليه بفعل و لا قول كان حقا على الله أن يدخله مدخله.و انظر تاريخ الطبري:ج 4 ص 394.

يقول:(من رأى)يعني كل من رأى و عاصر سلطانا جائرا يتصف بتلك الصفات و بقي ساكتا أمامه لا يعارضه بقول و لا فعل فإن مصيره و مآله هو ذات مصير و مآل ذلك السلطان الجائر.

لقد كان يزيد امرء متشبثا-حسب الظاهر-بالإسلام و يعد نفسه خليفة لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و يؤدي الصلاة أيضا،و يمارس كل ما نمارسه نحن،و لكن ماذا ارتكب غير ذلك؟إنه يقترف المعاصي و يخالف سنة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله.و كان يخالف أسلوب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في معاملة المسلمين و صيانة دمائهم و حفظ أموالهم،فهو يسفك الدماء و يهدر الأموال و يبذرها،و هي ذات الأفعال التي كان يقوم بها أبوه معاوية و التي دعت أمير المؤمنين عليه السّلام إلى معارضته،كل ما في الأمر أن الإمام عليا عليه السّلام كان يمتلك جيشا في حين لم يمتلك الحسين عليه السّلام سوى عدد قليل في مقابل حكومة مقتدرة.

إن عظماء الإسلام قد ضحوا بأرواحهم عند ما رأوا الخطر محدقا بالإسلام و أن سمعته تكاد تشوّه فقد حاول معاوية و ابنه يزيد تشويه سمعة الإسلام و تقبيح صورته باسم الخلافة على المسلمين،فقد ارتكبوا باسم خلافة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله تلك الجرائم،و عقدوا تلك المجالس.

و هنا اقتضى التكليف أن ينهض عظماء الإسلام بمهمة المعارضة و المجاهدة و إزالة التشويه الذي يوشك أن يلحقه هؤلاء بسمعة و مكانة الإسلام و ما يمكن أن يشتبه المغفلون في إدراكه و هو كون أن هذا هو الإسلام و أن الخلافة هي هذه التي يتظاهر بها معاوية و ابنه يزيد،الأمر الذي يتهدد الإسلام بالخطر و هذا ما يجب على الإنسان أن يندفع عنده للمجاهدة حتى لو أدى إلى التضحية بالنفس (1).ء.

ص: 11


1- انظر كتاب نهضة عاشوراء.

سبب استشهاد الإمام الحسين عليه السلام

قال السيد مرتضى العسكري:ينبغي أن نبحث في هذا المقام عن أمرين:أ-عن قاتل الإمام الحسين لماذا أقدم على قتله؟ب-عن الإمام الحسين لماذا اختار القتل.

و قد روى الطبري و غيره و اللفظ للطبري (1)في بيان ذلك و قال:بويع ليزيد بن معاوية بالخلافة بعد وفاة أبيه في رجب سنة ستين و أمير المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان و لم يكن ليزيد همة حين ولّى إلاّ بيعة النفر الذين أبوا على معاوية الإجابة إلى بيعة يزيد حين دعا الناس إلى بيعته و إنه ولى عهده بعده و الفراغ من أمرهم،فكتب إلى الوليد يخبره بموت معاوية و كتب إليه في صحيفة كأنها أذن فأرة:أما بعد.

فخذ حسينا و عبد اللّه بن عمر و عبد اللّه بن الزبير بالبيعة أخذا شديدا ليست فيه رخصة حتى يبايعوا و السلام.

فأشار عليه مروان أن يبعث إليهم في تلك الساعة و يدعوهم إلى البيعة و الدخول في الطاعة فإن فعلوا قبل منهم و كفّ عنهم و إن أبوا قدّمهم فضرب أعناقهم فإنهم إن علموا بموت معاوية وثب كل منهم في جانب و أظهر الخلاف و المنابذة و دعا إلى نفسه عدا ابن عمر فإنه لا يرى القتال إلاّ أن يدفع الأمر إليه عفوا.

فأرسل عبد اللّه بن عمرو بن عثمان إلى الحسين و ابن الزبير يدعوهما فوجدهما في المسجد فدعاهما في ساعة لم يكن الوليد يجلس فيها للناس فقالا:إنصرف الان

ص: 12


1- الطبري باب خلافة يزيد بن معاوية 188/6.

نأتيه فقال حسين لابن الزبير:أرى طاغيتهم قد هلك فبعث إلينا ليأخذنا بالبيعة قبل أن يفشو في الناس الخبر فقال:و أنا ما أظن غيره.

فقام الحسين عليه السّلام و جمع إليه مواليه و أهل بيته و سار إلى باب الوليد و قال لهم:

إنى داخل فإن دعوتكم أو سمعتم صوتي قد علا فاقتحموا علي و الا فلا تبرحوا حتى أخرج إليكم،فدخل على الوليد و مروان جالس عنده فأقرأه الوليد الكتاب و دعاه إلى البيعة فاسترجع الحسين و قال:إن مثلي لا يعطى بيعته سرا و لا أراك تجتزئ بها منى سرا دون أن تظهرها على رؤوس الناس علانية،قال:أجل؟قال:

فإذا خرجت إلى الناس فدعوتهم إلى البيعة دعوتنا مع الناس فكان أمرا واحدا فقال له الوليد،و كان يحب العافية:إنصرف على اسم اللّه،فقال له مروان:و اللّه لئن فارقك الساعة و لم يبايع لا قدرت منه على مثلها حتى تكثر القتلى بينكم و بينه احبس الرجل و لا يخرج من عندك حتى يبايع أو تضرب عنقه فوثب عند ذلك الحسين،فقال:يا ابن الزرقاء (1)أنت تقتلني أم هو؟كذبت و اللّه و أثمت (2).

و في تاريخ أعثم و مقتل الخوارزمي و مثير الأحزان (3)و اللهوف و اللفظ للأخير (4)،كتب يزيد إلى الوليد يأمره بأخذ البيعة على أهلها عامة و خاصة على5.

ص: 13


1- قال ابن الأثير في تاريخه الكامل 160/4 ط.أوروبا:و كان يقال له-أي لمروان و لولده بنو الزرقاء يقول ذلك من يريد ذمهم و عيبهم و هي الزرقاء بنت موهب جدة مروان بن الحكم لأبيه و كانت من ذوات الرايات التي تستدل على بيوت البغاء فلهذا كانوا يلمون بها و قال البلاذري:اسمها مارية ابنة موهب و كان قبنا.و انظر أنساب الأشراف 126/5.
2- الطبري 190/6.
3- مثير الأحزان لابن نما نجم الدين محمد بن جعفر بن أبي البقاء(ت:645 ه)ط.المطبعة الحيدرية في النجف سنة 1369 ه ص 14-15.
4- اللهوف في قتلى الطفوف ط.مكتبة الأندلس بيروت ص 9-10 تأليف علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسيني(ت:614 ه)،فتوح أعثم ج 10/5 مقتل الخوارزمي 180/1-185.

الحسين عليه السّلام و يقول له:إن أبى عليك فاضرب عنقه،ثم أوردوا الخبر نظير ما ذكره الطبري إلى قولهما،فغضب الحسين و قال:ويلي عليك يا ابن الزرقاء أنت تأمر بضرب عنقي؟كذبت و لؤمت نحن أهل بيت النبوة و معدن الرسالة و يزيد فاسق شارب الخمر و قاتل النفس و مثلي لا يبايع مثله.

قال الطبري:فقال له الوليد-و كان يحب العافية-:انصرف على اسم اللّه.

و في الرواية الأولى:فلما أصبح الحسين لقية مروان فقال أطعني ترشد،قال:

قل،قال:بايع أمير المؤمنين يزيد فهو خير لك في الدارين فقال الحسين:"إنا للّه و انا إليه راجعون"و على الإسلام السلام إذ قد بليت الأمة براع مثل يزيد (1).

أما ابن الزبير فإنهم ألحّوا عليه و تعلل و لم يحضر دار الوليد و بعث الوليد إلى عبد اللّه ابن عمر فقال:بايع ليزيد.

فقال:إذا بايع الناس بايعت فانتظر حتى جاءت البيعة من البلدان فتقدّم إلى الوليد فبايعه (2).

و في رواية:أن الحسين خرج من منزله بعد ذلك و أتى قبر جده فقال:السلام عليك يا رسول اللّه أنا الحسين بن فاطمة فرخك و ابن فرختك و سبطك و الثقل الذي خلفته في أمتك،فاشهد عليهم يا نبي اللّه إنهم قد خذلوني و ضيعوني و لم يحفظوني،و هذه شكواي إليك حتى ألقاك صلى اللّه عليك.

ثم صف قدميه فلم يزل راكعا ساجدا (3)إلى الفجر.

و في رواية أخرى:فصلّى ركعات فلما فرغ من صلاته جعل يقول:اللهم هذا قبر نبيك محمد صلّى اللّه عليه و اله و أنا ابن بنت نبيك و قد حضرني من الأمر ما قد علمت،اللهم إني1.

ص: 14


1- مثير الأحزان 14-15،اللهوف ص 9-10،و فتوح أعثم و مقتل الخوارزمي.
2- الطبري 190/6-191.
3- مقتل الخوارزمي 186/1.

أحب المعروف و أنكر المنكر و إني أسألك يا ذا الجلال و الاكرام بحق هذا القبر و من فيه إلاّ اخترت من أمري ما هو لك رضى و لرسولك رضى و للمؤمنين رضى،ثم جعل يبكى عند القبر حتى إذا كان قريبا من الصبح وضع رأسه على القبر فأغفى فإذا هو برسول اللّه قد أقبل في كتيبة من الملائكة عن يمينه و شماله و بين يديه و من خلفه فجاء و ضمّ الحسين إلى صدره و قبّل بين عينيه و قال"حبيبي يا حسين كأني أراك عن قريب مرملا بدمائك،مذبوحا بأرض كربلاء،بين عصابة من أمتي،و أنت في ذلك عطشان لا تسقى،و ظمآن لا تروى،و هم في ذلك يرجون شفاعتي،ما لهم لا أنالهم اللّه شفاعتي ما لهم لا أنالهم اللّه شفاعتي يوم القيامة،و ما لهم عند اللّه من خلاق،حبيبي يا حسين إن أباك و أمك و أخاك قدموا علي و هم إليك مشتاقون،و ان لك في الجنة لدرجات لن تنالها إلاّ بالشهادة (1).الحديث.

و ذهب إلى قبر أمه و أخيه و ودعهما.

و روى عمر بن علي الأطراف و قال:لما امتنع أخي الحسين عليه السّلام عن البيعة ليزيد بالمدينة دخلت عليه فوجدته خاليا،فقلت له:جعلت فداك يا أبا عبد اللّه:حدثني أخوك أبو محمد الحسن عن أبيه عليه السّلام.

ثم سبقتني الدمعة،و علا شهيقي،فضمّني إليه،و قال:أحدّثك أني مقتول؟

فقلت:حوشيت يا ابن رسول اللّه.

فقال:سألتك بحق أبيك،بقتلي خبرك أبي؟

فقلت:نعم،فلولا تأولت و بايعت.

فقال:حدّثني أبي:أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله أخبره بقتله و قتلي و أن تربتي تكون بقرب تربته،فتظن أنك علمت ما لم أعلمه و اني لا أعطى الدنية من نفسي أبدا و لتلقين1.

ص: 15


1- فتوح أعثم 29/5،و مقتل الخوارزمي 187/1.

فاطمة أباها شاكية ما لقيت ذريتها من أمته و لا يدخل الجنة أحد آذاها في ذريتها (1).

كان حكام ذلك العصر و أشياعهم قد اعتادوا على تسمية تغيير أحكام اللّه بالتأويل كما شرحناه في بحث الإجتهاد حتى أصبح المتبادر إلى الذهن من لفظ التأويل هو التغيير،و أصبح ذلك شائعا و سائغا و من ثم كان معاصرو الإمام الحسين الذين بلغهم نبأ استشهاد الحسين في العراق عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يلحّون على الإمام الحسين أن يأول قضاء اللّه هذا أي يغيره بعدم ذهابه إلى العراق و بعضهم كان يضيف إلى ذلك طلبه من الإمام ان يأوله بالبيعة اي يغيره بالبيعة، و هذا ما عناه عمر بن علي بقوله(فلولا تأولت و بايعت)أي فلولا أولت قضاء اللّه بقتلك ببيعتك،و كذلك كان قصد محمد بن الحنفية في حوار أخيه الإمام الحسين و ان لم يصرح به.

كما روى الطبري و المفيد و غيرهما و اللفظ للمفيد:إن محمد بن الحنفية قال للحسين عليه السّلام لما عزم على الخروج من المدينة:يا أخي أنت أحب الناس إلي و أعزهم علي و لست أدخر النصيحة لأحد من الخلق إلاّ لك و أنت أحق بها.

تنح ببيعتك عن يزيد بن معاوية و عن الأمصار ما استطعت ثم ابعث رسلك إلى الناس فادعهم إلى نفسك فإن بايعك الناس و بايعوا لك حمدت اللّه على ذلك و ان اجتمع الناس على غيرك لم ينقص اللّه بذلك دينك و لا عقلك و لا تذهب به مروءتك و لا فضلك إني أخاف عليك أن تدخل مصرا من هذه الأمصار فيختلف الناس بينهم فمنهم طائفة معك و أخرى عليك فيقتتلون فتكون لأول الأسنة غرضا،فإذا خير هذه الأمة كلها نفسا و أبا و أما أضيعها دما و أذلها أهلا.

فقال له الحسين عليه السّلام:فأين أذهب يا أخي؟قال:إنزل مكة فإن اطمأنت بك الدار بها فسبيل ذلك و إن نبت بك لحقت بالرمال و شعف الجبال و خرجت من بلد إلى بلد1.

ص: 16


1- اللهوف ص 11.

حتى تنظر إلى ما يصير أمر الناس إليه فإنك أصوب ما تكون رأيا حين تستقبل الأمر استقبالا (1).

و في فتوح أعثم و مقتل الخوارزمي بعده:فقال له الحسين:يا أخي و اللّه لو لم يكن في الدنيا ملجأ و لا مأوى لما بايعت يزيد بن معاوية أبدا و قد قال صلّى اللّه عليه و اله:اللهم لا تبارك في يزيد،فقطع محمد بن الحنفية الكلام و بكى فبكى معه الحسين ساعة ثم قال:جزاك اللّه يا أخي عنى خيرا لقد نصحت و أشرت بالصواب و أنا أرجو أن يكون إن شاء اللّه رأيك موفقا مسددا و إني قد عزمت على الخروج إلى مكة،و قد تهيأت لذلك أنا و إخوتي و بنو إخوتي و شيعتي و أمرهم أمري و رأيهم رأيي و أما أنت يا أخي فلا عليك أن تقيم بالمدينة فتكون لي عينا عليهم و لا تخف علي شيئا من أمورهم.

ثم دعا بدواة و بياض و كتب هذه الوصية لأخيه محمد (2). (3)9.

ص: 17


1- إرشاد الشيخ المفيد ص 183.
2- فتوح أعثم 32/5-33.
3- معالم المدرستين للعسكري:45/3-49.

حال المسلمين قبل قيام الإمام الحسين عليه السلام

قال السيد مرتضى العسكري:ذكرنا في ما سبق كيف اجتهد الخلفاء بعد رسول اللّه في أحكام الإسلام حكما بعد حكم بما رأوا فيه مصلحة عامة أو مصلحة خاصة مما حفلت بذكره كتب الخلاف و أوردنا بعضها في ما سبق،و الى جانب ذلك وجه المسلمون توجيها خاصا إلى تقديس مقام الخليفتين أبي بكر و عمر خاصة بحيث أصبح مستساغا لدى عامتهم أن يشترط في البيعة بعد الخليفة عمر:العمل بكتاب اللّه و سنة نبيه و سيرة الشيخين،و بذلك أقر المسلمون أن تكون سيرة الشيخين في عداد كتاب اللّه و سنة نبيه،مصدرا للتشريع في المجتمع الاسلامي،و استمر الأمر كذلك حتى إذا جاء إلى الحكم الإمام علي عليه السّلام بقوة الجماهير بعد عثمان،لم يستطع أيضا أن يعيد إلى المجتمع الأحكام الإسلامية التي اجتهد فيها الخلفاء، و تعالت صيحات:وا سنة عمراه،من جيشه عندما نهاهم عن إقامة صلاة النافلة جماعة في شهر رمضان،و لم يرضوا بسنة الرسول بديلا عن سنة عمر في هذا الحكم،و ذلك لان الجماهير المسلمة عند ما بايعته لم تكن تدرك بأنه مخالف في اتجاهه في الحكم سيرة الشيخين،و هذا ما كان يحاول معاوية جاهدا أن ينبه الجماهير الإسلامية إليه،ليثوروا عليه.

و الإمام و ان لم يستطع أن يعيد إلى المجتمع الأحكام الإسلامية التي جاء بها الرسول بديلا عن اجتهادات الخلفاء،إستطاع هو وثلة من صحبه ان ينشروا بين المسلمين من حديث الرسول ما كان محظورا نشره قبل ذاك.

ص: 18

فأنتجت هذه النهضة من الإمام علي و جماعته في نشر الحديث المحظور عن الرسول،تيارا فكريا مخالفا لما ألفه المسلمون زهاء خمس و عشرين سنة مدة حكومة الخلفاء الثلاثة قبله،و هذا ما أشار إليه سليم بن قيس حين قال لأمير المؤمنين:"إني سمعت من سلمان و المقداد و أبي ذر شيئا من تفسير القرآن و أحاديث عن نبي اللّه صلّى اللّه عليه و اله أنتم تخالفونهم فيها،و تزعمون أن ذلك كله باطل، أفترى الناس يكذبون على رسول اللّه متعمّدين و يفسّرون القرآن برأيهم؟"كان ما سمعه سليم من سلمان و أبي ذر و المقداد و ليس غيرهم قبل هذا،بتكتم و ائتمان على سر،ثم سمعه بعد ذلك من أمير المؤمنين و صحبه جهارا و في غير سر من قبل مناشدة أمير المؤمنين الركبان في رحبة مسجد الكوفة:من سمع النبي يقول في غدير خم(من كنت مولاه فهذا علي مولاه)فليشهد.

فقام اثنا عشر بدريا و شهدوا بذلك.

و ما كشفه عن واقع الأمر في خطبته الشقشقية حين قال:"أما و اللّه لقد تقمصها فلان-ابن أبي قحافة-و إنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ينحدر عنى السيل و لا يرقى إلي الطير فسدلت دونها ثوبا و طويت عنها كشحا و طفقت أرتأي بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء يهرم فيها الكبير و يشيب فيها الصغير و يكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه،فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى فصبرت و في العين قذى و في الحلق شجى أرى تراثي نهبا حتى مضى الأول لسبيله فأدلى إلى فلان بعده.

شتان ما يومى على كورها و يوم حيان أخي جابر

فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته،إذ عقدها لآخر بعد وفاته لشد ما تشطرا ضرعيها فصيّرها في حوزة خشناء يغلظ كلامها،و يخشن مسها،و يكثر العثار فيها،و الإعتذار منها،فصاحبها كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم،و إن أسلس لها

ص: 19

تقحم،فمني الناس لعمر اللّه-بخبط و شماس و تلون و اعتراض،فصبرت على طول المدة و شدة المحنة،حتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أني أحدهم ،فيا للّه و للشورى متى اعترض الريب في مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر!!لكني أسففت إذ أسفّوا و طرت إذ طاروا،فصغى رجل منهم لضغنه و مال الآخر لصهره مع هن و هن إلى أن قام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيله و معتلفه، و قام معه بنو أبيه يخضمون مال اللّه خضمة الإبل نبتة الربيع إلى أن انتكث فتله، و أجهز عليه عمله و كبت به بطنته فما راعني إلا و الناس كعرف الضبع إلي،ينثالون علي من كل جانب،حتى لقد وطئ الحسنان،و شق عطفاي،مجتمعين حولي كربيضة الغنم فلما نهضت بالامر نكثت طائفة،و مرقت أخرى،و قسط آخرون...

الخطبة.

و مثل قوله:قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله متعمدين لخلافه،ناقضين لعهده مغيرين لسنته،و لو حملت الناس على تركها،و حوّلتها إلى مواضعها،و الى ما كانت في عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله،لتفرق عنى جندي حتى أبقى وحدي،أو قليل من شيعتي الذين عرفوا فضلي و فرض إمامتي من كتاب اللّه عزّ و جلّ و سنة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله (1). (2).3.

ص: 20


1- راجع الهامش رقم 1 في صفحة 132،و نهج البلاغة باب المختار من حكم أمير المؤمنين رقم 147.
2- معالم المدرستين للعسكري:13/3.

انقسام الأمة إلى قسمين

تلكم التظاهرة الضخمة في الأقوال أدت إلى انقسام الأمة إلى قسمين،و ذلك أن الناس مدى الدهر ينقسمون إلى قسمين:

1-همج رعاع،أتباع كل ناعق،يميلون مع كل ريح-كما وصفهم الإمام علي عليه السّلام (1).

2-و قسم آخر يتحركون،و اعين لتحركهم هادفين و ينظر في تقييم أفعال الناس في المجتمع و تعليلها إلى الواعين الهادفين.

و الواعون الهادفون في المجتمع يومذاك انقسموا على أثر تلك التظاهرة إلى قسمين:أ-محب لأهل البيت،موال لهم مقر بفضلهم.

ب-مستنكر للاستهانة بمقام الشيخين مستهزئ بأقوال الإمام،يزداد حقدهم له يوما بعد يوم،و كان جل هؤلاء الحاقدين على الإمام ممن ثار قبل ذلك على عثمان حتى قتلوه:و هؤلاء هم الخوارج الذين رفعوا شعار"لا حكم إلاّ اللّه"و أشرب في قلوبهم حب الشيخين،و السخط على عائشة،و طلحة،و الزبير،و عثمان، و علي.

و خرج هؤلاء على الإمام فقاتلهم في النهروان.

و لم يقض عليهم،فأردوه قتيلا في محرابه،و استولى على الحكم معاوية بعده،

ص: 21


1- ترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق لابن عساكر،ط الأولى سنة 1935 ه بمطبعة العاملية /2 285 الحديث 501-528 خاصة رقم 521-522.

فبذل جهده في عشرين سنة مدة حكمه في توجيه الأمة توجيها تساير مع هواه و تسير طائعة راغبة إلى ما يشتهيه.

و كان معاوية بالإضافة إلى ذلك يغيضه انتشار ذكر بني هاشم أعداء أسرته التقليديين عامة،و خاصة ذكر الرسول و ابن عمه الإمام علي،و ذلك لانتشار ذكرهما بين المسلمين انتشارا هائلا (1)في مقابل خمول ذكر بني أبيه أمثال عتبة، و شيبة،و أبي سفيان،و الحكم بن أبي العاص أولا،و ثانيا لما يناقض انتشار ذكر الرسول و ابن عمه ما يتوخاه من تركيز الخلافة لنفسه،و توريثه لعقبه،فإن مع انتشار ذكرهما تتجه أنظار المسلمين إلى شبليهما الحسن و الحسين،لهذا كله جد معاوية في إطفاء نورهم عامة،و خاصة ذكر الرسول و ابن عمه،فقدر لهذا،و دبّر ما يلي:

أ-رفع ذكر الخليفتين أبي بكر و عمر،و ألحق بهما أخيرا ابن عمه عثمان ثالث الخلفاء (2).

ب-العمل سرا لتحطيم شخصية الرسول في نفوس المسلمين و جهارا لتحطيم شخصية ابن عمه،و للوصول إلى هذين الهدفين،دفع قوما من الصحابة و التابعين ليضعوا أحاديث في ما يرفع ذكر الخلفاء،و يضع من كرامة الرسول و ابن عمه و صرف حوله و طوله في انجاح هذا التدبير،و كتم أنفاس من خالفه في ذلك من أولياء علي و أهل بيته و قتلهم شر قتلة،صلبا على جذوع النخل،و تمثيلاد.

ص: 22


1- أما انتشار ذكر الرسول فواضح و اما اسم على فمن مواقفه في بدر و أحد و خندق و خيبر و من أحاديث الرسول في شأنه في تلك المواقف و فى تبوك و الغدير،و عمل الرسول في المباهلة،و عند نزول آية التطهير،و آيات صدر سورة البراءة. من كل ذلك و نظائرها انتشر له ذكر جميل،و سعى معاوية لاخفاء معالمه.
2- راجع قبله فصل"على عهد معاوية"من باب الحديث 336 فما بعد.

بهم،و دفنهم أحياء.

فنجح في ما دبّر نجاحا منقطع النظير حين انتشر بين الأمة على أثر ذلك أحاديث تروى عن رسول اللّه أنه قال في مناجاته لربه:إني بشر أغضب كما يغضب البشر فأيما مؤمن لعنته أو سببته،فاجعلها له صلاة و زكاة و قربة تقرّبه بها إليك يوم القيامة.

و في رواية"طهورا:أجرا" (1).

و أنه قال"أنتم أعلم بأمر دنياكم"أو قال"و إذا أمرتكم بشئ من رأي فإنما أنا بشر"و انه قال ذلك عندما نهاهم عن تأبير النخل و فسد تمرهم (2)أو أنه رفع زوجته عائشة لتنظر إلى رقص الحبشة بمسجده (3)،أو أنه أقيم مجلس الغناء في داره (4)6.

ص: 23


1- صحيح مسلم باب"من لعنه النبي صلّى اللّه عليه و اله أو سبه كان له زكاة و أجرا و رحمة"من كتاب البرح 88 -97،و أبو داود السنة-10،و الدارمي الرقاق-52،و مسند أحمد 317/2 و 390 و 449 و 448 و 493 و 496 و 33/3 و 391 و 400 و 437/5 و 439 و 45/6.
2- صحيح مسلم،باب"وجوب امتثال ما قاله شرعا،دون ما ذكره صلّى اللّه عليه و اله من معايش الدنيا على سبيل الرأي"من كتاب الفضائل ح 139-141،و ابن ماجة باب تلقيح النخل،و مسند أحمد /1 162 و 152/3.
3- صحيح البخاري كتاب الصلاة باب أصحاب الحراب في المسجد كتاب العيدين،باب:25، كتاب الجهاد،باب 79. و كتاب النكاح باب نظر المرأة إلى الجيش و نحوهم من غير ريبة و باب حسن المعاشرة مع الأهل و كتاب المناقب باب قصة الحبش. و صحيح مسلم كتاب صلاة العيدين باب الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه. مساجد 18،نسائي 34 و 35،مسند أحمد 368/2 و 56/6 و 83 و 84 و 85 و 166 و 186.
4- صحيح البخاري"كتاب فضائل النبي"باب مقدم أصحاب النبي المدينة-و كتاب العيدين- باب سنة العيدين لأهل الإسلام،و باب إذا فإنه العيد يصلى ركعتين،و باب الحراب و الدرق،و كتاب مناقب الأنصار46/ و صحيح مسلم باب اللعب الذي لا معصية فيه كتاب العيدين16/. سنن ابن ماجة،كتاب النكاح-21،و مسند أحمد 134/6.

هذه الأحاديث إلى عشرات غيرها،نراها قد وضعت بإمعان في عصر معاوية (1)و امتد أثرها على مدرسة الخلفاء إلى يومنا الحاضر،و أنها هي التي جعلت طائفة من المسلمين لا ترى لرسول اللّه القدرة على إتيان المعجزات،و لا الشفاعة،و لا حرمة لقبره،و لا ميزة له بعد موته.

أما الإمام علي عليه السّلام فقد نجح معاوية في تحطيم شخصيته في المجتمع الاسلامي يومذاك إلى حد أن المسلمين استمروا على لعنه فوق جميع منابرهم في شرق الأرض و غربها،خاصة في خطبة الجمعة كفريضة من فرائض صلاة الجمعة زهاء الف شهر مدة حكم آل أمية،و الى جانب ذلك نجح معاوية في رفع مقام الخلافة في نفوس المسلمين (2).

و استمرت الأمة بعده في سيرها الفكري على هذا الاتجاه إلى حد أنه أمكن الولاة أن يقولوا على منابر المسلمين أخليفة أحدكم أكرم عنده أم رسوله؟أي أن الخليفة الذي يعتبرونه خليفة اللّه في الأرض أكرم على اللّه من رسوله خاتم النبيين (3).3.

ص: 24


1- راجع فصل"مع معاوية"من كتاب أحاديث عائشة للمؤلف.
2- سيأتي بيانه إن شاء اللّه تعالى.
3- معالم المدرستين للعسكري:15/3.

نتيجة مساعي الخليفة معاوية

و كانت نتيجة تلك المساعي أن المسلمين و غير المسلمين منذ عهد معاوية و إلى اليوم عرفوا رسول اللّه و ابن عمه و الخلفاء الثلاثة و شخصيات إسلامية أخرى من خلال ما وضع من حديث على عهد معاوية و كما أراد معاوية و كان ما أراده خلاف الواقع الذي كانوا عليه،و بالإضافة إلى ذلك كان لمعاوية اجتهادات في تغيير الأحكام الإسلامية بدّل منها ما بدّل باجتهاده،سمّى بعضها بأوليات معاوية (1).

استطاع معاوية بكل تلك الجهود أن يبدّل الإسلام و يعرّفه كما يشتهي،حتى لم يبق من الإسلام في آخر عهده إلاّ اسمه و من القرآن إلاّ رسمه،و إنما حافظ معاوية و من جاء بعده على اسم الإسلام لأنهم كانوا يحكمون باسم الإسلام.

كذلك كانت حالة المسلمين عندما توفي معاوية في سنة ستين و استولى على الحكم ابنه يزيد،فما كان أمام سبط الرسول و وريثه الا واحدة من اثنتين:البيعة، أو القتال.

و بيعة الحسين عليه السّلام ليزيد كان معناها إقراره على أفعاله و تصديقه لأقواله.

فأبى الحسين عليه السّلام أن يبايع يزيد و استشهد في سبيل ذلك (2).

ص: 25


1- ذكر بعضها اليعقوبي في تأريخه و السيوطي في تاريخ الخلفاء في ذكر سيرة معاوية.
2- معالم المدرستين للعسكري:16/3.

امتناع الإمام الحسين عليه السلام من بيعة يزيد

فكيف كان يزيد في أفعاله و أقواله؟و لماذا أبى الإمام أن يبايعه؟و هل كان يعرف مصيره حين أبى؟و ماذا كان أثر استشهاده على الإسلام و المسلمين؟في ما يلي نحاول تفهم كل ذلك من خلال كتب الحديث و السيرة إن شاء اللّه تعالى.

أولا:يزيد في أفعاله و أقواله في تاريخ ابن كثير:كان يزيد صاحب شراب، فأحب معاوية أن يعظه في رفق،فقال:يا بني ما أقدرك على أن تصل حاجتك من غير تهتك يذهب بمروءتك و قدرك و يشمت بك عدوك و يسئ بك صديقك،ثم قال:

يا بني إني منشدك أبياتا فتأدب بها و احفظها فأنشده:

أنصب نهارك في طلاب العلا و اصبر على هجر الحبيب القريب

حتى إذا الليل أتى بالدجا و اكتحلت بالغمض عين الرقيب

فباشر الليل بما تشتهى فإنما الليل نهار الأريب

كم فاسق تحسبه ناسكا قد باشر الليل بأمر عجيب

غطّى عليه الليل أستاره فبات في أمن و عيش خصيب

و لذة الأحمق مكشوفة يسعى بها كل عدو مريب (1).

و قال:و كان فيه أيضا إقبال على الشهوات و ترك بعض الصلوات،في بعض الأوقات،و إقامتها في غالب الأوقات (2).

ص: 26


1- تاريخ ابن كثير 228/8.
2- تاريخ ابن كثير 230/8.

لما أراد معاوية أن يأخذ البيعة ليزيد من الناس،طلب من زياد أن يأخذ بيعة المسلمين في البصرة،فكان جواب زياد له:ما يقول الناس إذا دعوناهم إلى بيعة يزيد،و هو يلعب بالكلاب و القرود،و يلبس المصبغات،و يدمن الشراب،و يمشي على الدفوف و بحضرتهم الحسين بن علي،و عبد اللّه بن عباس،و عبد اللّه بن الزبير،و عبد اللّه بن عمر،و لكن تأمره يتخلق بأخلاق هؤلاء حولا أو حولين فعسانا أن نموه على الناس (1).

فاغزى معاوية يزيد الصائفة مع الجيش الغازي الروم«فتثاقل و عتل و أمسك عنه أبوه» (2)فأصاب المسلمين حمى و جدري في بلاد الروم و يزيد حينذاك كان مصطبحا بدير مران مع زوجته أم كلثوم بنت عبد اللّه بن عامر،فلما بلغه خبرهم قال:

إذا ارتفقت على الأنماط مصطبحا بدير مران عندي أم كلثوم

فما أبالي بما لاقت جنودهم بالغذ قدونة من حمى و من موم (3)

و بعده في معجم البلدان:فبلغ معاوية ذلك فقال:لاجرم ليلحقن بهم و يصيبه ما أصابهم و الا خلعته فتهيأ للرحيل و كتب إليه:

تجنى لا تزل تعد ذنبا لتقطع حبل وصلك من حبالي

فيوشك أن يريحك من بلائي نزولي في المهالك و ارتحالي (4)

و أرسل معاوية يزيد إلى الحج و قيل بل أخذه معه فجلس يزيد بالمدينة على شراب فاستأذن عليه عبد اللّه بن العباس و الحسين بن علي فأمر بشرابه فرفع،ن.

ص: 27


1- تاريخ اليعقوبى 220/2.
2- هذا نص ابن الأثير في تاريخه 181/3 في ذكر حوادث سنة 49.
3- تاريخ اليعقوبي 229/2،و الأغاني ط ساسى 33/16،و أنساب الأشراف 3/2/4.
4- ترجمة دير مران و الغذقدونة:من معجم البلدان.

و قيل له:إن ابن عباس ان وجد ريح شرابك عرفه،فحجبه و أذن للحسين،فلما دخل وجد رائحة الشراب مع الطيب،فقال:ما هذا يا ابن معاوية؟

فقال:يا أبا عبد اللّه هذا طيب يصنع لنا بالشام ثم دعا بقدح فشربه ثم دعا بقدح آخر فقال:إسق أبا عبد اللّه يا غلام.

فقال الحسين:عليك شرابك أيها المرء.

فقال يزيد:

ألا يا صاح للعجب دعوتك ثم لم تجب

إلى القينات و اللذات و الصهباء و الطرب

و باطية مكللة عليها سادة العرب

و فيهن التي تبلت فؤادك ثم لم تتب

فوثب الحسين عليه و قال:بل فؤادك يا ابن معاوية تبلت (1).

و حج معاوية و حاول أن يأخذ البيعة من أهل مكة و المدينة فأبى عبد اللّه بن عمر و قال:نبايع من يلعب بالقرود و الكلاب و يشرب الخمر و يظهر الفسوق،ما حجتنا عند اللّه؟

و قال ابن الزبير:لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق و قد أفسد علينا ديننا (2)و في رواية:إن الحسين قال له:كأنك تصف محجوبا أو تنعت غائبا أو تخبر عما كان احتويته لعلم خاص و قد دل يزيد من نفسه على موقع رأيه فخذ ليزيد في ما أخذ من استقرائه الكلاب المهارشة عند التحارش و الحمام السبق لأترابهن،2.

ص: 28


1- الأغاني 61/14،و تاريخ ابن الأثير 50/4 في ذكره سيرة يزيد و قد أوردت الخبر بإيجاز.
2- تاريخ اليعقوبي 228/2.

و القينات ذوات المعازف و ضروب الملاهي تجده ناصرا ودع عنك ما تحاول (1).

انتهى.

قال المؤلف:لست أدري هل كان هذا الحوار من سبط النبي مع معاوية و حوار ابن الزبير و ابن عمر معه في مجلس واحد أو في مجلسين،و مهما يكن من أمره فإن معاوية لم يستطع ان يأخذ البيعة من هؤلاء و استطاع أن يأخذ البيعة من أهل الحرمين و يموه عليهم أمر المبايعة في بيعة ابنه و ارتحل عنهم.

وجدنا يزيد في سفريه إلى الحج و الغزو يتظاهر باللامبالاة بالمقدسات الإسلامية و عدم الإكتراث بنكبة الجيش الاسلامي الغازي،خلافا لرغبة أبيه معاوية و وصية دعيه زياد أن يتظاهر بالتخلّق بالأخلاق الإسلامية حولا أو حولين عساهم ان يموهوا على الناس أمره و لم يكتف بذلك حتى نظم في سكره و إعلام أمره ما سارت به الركبان.

و أكثر يزيد من نظم الشعر في الخمر و الغناء مثل قوله:

معشر الندمان قوموا و اسمعوا صوت الأغاني

و اشربوا كأس مدام و اتركوا ذكر المثاني (2)

شغلتني نغمة العيدان عن صوت الأذان

و تعوضت من الحور عجوزا في الدنان

و قوله:

و لو لم يمس الأرض فاضل بردها لما كان عندي مسحة للتيمم

و أظهر ذات صدره في قصيدته التي يقول فيها:ة.

ص: 29


1- الإمامة و السياسة لابن قتيبة 170/1.
2- في الأصل:"المعاني"تحريف و يقصد بالمثاني:السبع المثاني أي اتركوا قراءة الحمد في الصلاة.

عليه هاتي و اعلني و ترنمي بذلك إني لا أحب التناجيا

حديث أبي سفيان قدما سما بها إلى أحد حتى أقام البواكيا

ألا هات اسقني على ذاك قهوة تخيرها العنسي كرما شاميا

إذا ما نظرنا في أمور قديمة وجدنا حلال شربها متواليا

و ان مت يا أم الأحيمر فانكحي و لا تأملي بعد الفراق تلاقيا

فإن الذي حدثت عن يوم بعثنا أحاديث طسم تجعل القلب ساهيا

و لا بد لي من أن أزور محمدا بمشمولة صفراء تروى عظاميا

إلى غير ذلك مما نقلت من ديوانه.

انتهى نقلا عن تذكرة خواص الأمة (1).

يخاطب يزيد في هذه القصيدة حبيبته و يقول لها:ترنمي و أعلني قصة أبي سفيان لما جاء إلى أحد و فعل ما فعل،حتى أقام البواكي على حمزة و غيره من شهداء أحد،أعلني ذلك و لا تذكريه في نجوى،و اسقني على ذلك خمرا تخيرها الساقي من كروم الشام.

فإنا إذ نظرنا في أمور قديمة من أعراف قريش و آل أمية في الجاهلية وجدنا حلالا شربها متواليا و أما ما قيل لنا عن البعث فهي من قبيل أساطير(طسم)تشغل قلبنا فلا بعث و لا نشور فإذا مت فانكحي بعدي فلا تلاقي بعد الموت،ثم يستهزئ بالرسول،و يقول:و لا بد أن ألقاه بخمرة باردة تروي عظامي،كان يزيد يستهين بمشاعر المسلمين و ينادم النصارى.

و روى صاحب الأغاني و قال:كان يزيد بن معاوية أول من سنّ الملاهي في الإسلام من الخلفاء و آوى المغنين و أظهر الفتك و شرب الخمر،و كان ينادم عليها سرجون النصراني مولاه،و الأخطل-الشاعر النصراني-و كان يأتيه من المغنين4.

ص: 30


1- تذكرة خواص الأمة-ص 164.

سائب خاثر فيقيم عنده فيخلع عليه (1).

كان يزيد بن معاوية أول من أظهر شرب الشراب و الإستهتار بالغناء و الصيد و اتخاذ القيان و الغلمان و التفكه بما يضحك منه المترفون من القرود و المعافرة بالكلاب و الديكة (2).

و كان من الطبيعي أن يتأثر بيزيد حاشيته و يتظاهر الخلعاء و الماجنون أمرهم كما ذكره المسعودي في مروجه قال:و غلب على أصحاب يزيد و عماله ما كان يفعله من الفسوق،و في أيامه ظهر الغناء بمكة و المدينة،و استعملت الملاهي و أظهر الناس شرب الشراب.

و كان له قرد يكنى بأبي قيس يحضره مجلس منادمته،و يطرح له متكأ،و كان قردا خبيثا،و كان يحمله على أتان وحشية قد ريضت و ذللت لذلك بسرج و لجام و يسابق بها الخيل يوم الحلبة فجاء في بعض الأيام سابقا،فتناول القصبة و دخل الحجرة قبل الخيل و على أبى قيس قباء من الحرير الأحمر و الأصفر مشمر و على رأسه قلنسوة من الحرير ذات الألوان بشقائق،و على الأتان سرج من الحرير الأحمر منقوش ملمع بأنواع من الألوان فقال في ذلك بعض شعراء الشام في ذلك اليوم

تمسّك أبا قيس بفضل عنانها فليس عليها إن سقطت ضمان

ألا من رأى القرد الذي سبقت به جياد أمير المؤمنين أتان (3)

و روى البلاذري عن قصة هذا القرد و قال:كان ليزيد بن معاوية قرد يجعله بين8.

ص: 31


1- الأغاني 68/16.
2- أنساب الأشراف للبلاذري ج 4 القسم الأول ص 1. المعافرة كالمهارشة.
3- مروج الذهب 67/3-68.

يديه و يكنيه أبا قيس،و يقول:هذا شيخ من بني إسرائيل أصاب خطيئة فمسخ و كان يسقيه النبيذ و يضحك مما يصنع و كان يحمله على أتان وحشية و يرسلها مع الخيل فيسبقها،فحمله يوما و جعل يقول تمسك.البيتين (1).

و اشتهر يزيد بمنادمة القرود حتى قال فيه رجل من التنوخ:

يزيد صديق القرد مل جوارنا فحن إلى أرض القرود يزيد

فتبا لمن أمسى علينا خليفة صحابته الأدنون منه قرود (2)

و قال ابن كثير:اشتهر يزيد بالمعازف و شرب الخمور و الغناء و الصيد و اتخاذ القيان و الكلاب و النطاح بين الأكباش و الدباب و القرود و ما من يوم إلاّ و يصبح فيه مخمورا:و كان يشد القرد على فرس مسرجة بحبال و يسوق به و يلبس القرد قلانس الذهب و كذلك الغلمان و كان يسابق بين الخيل و كان إذا مات القرد حزن عليه و قيل أن سبب موته أنه حمل قردة و جعل ينقزها فعضته (3).

و روى البلاذري عن شيخ من أهل الشام:إن سبب وفاة يزيد أنه حمل قردة على الأتان و هو سكران ثم ركض خلفها فسقط فاندقت عنقه أو انقطع في جوفه شيء.

و روى عن ابن عياش أنه قال:خرج يزيد يتصيد بحوارين و هو سكران فركب و بين يديه أتان وحشية قد حمل عليها قردا و جعل يركض الأتان و يقول:

أبا خلف إحتل لنفسك حيلة فليس عليها إن هلكت ضمان

فسقط و اندقت عنقه (4).س.

ص: 32


1- أنساب الأشراف 1/1/4-2 و فى لفظ البيتين اختلاف يسير مع رواية المسعودي.
2- أنساب الأشراف 2/1/4.
3- ابن كثير 436/8.
4- 4)أنساب الأشراف 2/1/4 و يبدو ان هذا القرد الذي كناه أبا خلف غير القرد الذي كناه أبا قيس.

و لا منافاة بين هذه الروايات فمن الجائز أنه أركب قردة على أتان و ركب هو أيضا و ركض خلفه و جعل ينقزها فعضته و سقط و اندقت عنقه و انقطع في جوفه شيء و هكذا استشهد الخليفة قتيل القرد.

كان هذا شيئا من سيرة يزيد،و كان أبناء الأمة آنذاك قد تبلد إحساسها و أخلدت إلى سبات عميق و ما غيّر حالها تلك عدا استشهاد الإمام الحسين عليه السّلام كما نشرحه في الباب التالي (1).2.

ص: 33


1- معالم المدرستين للعسكري:9/3-22.

دراسة علل ثورة الإمام الحسين عليه السلام

قال السيد الخامنئي:من المهم دراسة علل و دوافع ثورة الإمام الحسين عليه السّلام و الأسباب التي حدت به إلى الثورة؛أي تحليل الدوافع الدينية و العلمية و السياسية لهذه الثورة.

و سبق لنا و أن تحدثنا فيما مضى عن هذا الموضوع بالتفصيل،إضافة إلى ما للفضلاء و الأكابر من دراسات قيّمة فيه (1).

الدروس المستقاة من عاشوراء

مع وجود كل ما قيل بشأن واقعة عاشوراء و ما قلناه نحن و سمعناه و لكن لا يزال هناك مجال للحديث و التأمل و التدبر و الإعتبار بهذه الحادثة.فهذه الحادثة العظيمة يمكن التأمل فيها من جهتين.

إن بحث الدروس المستقاة من عاشوراء بحث حيّ و خالد على مر الزمن و لا يختص بزمن معين دون سواه.

فدرس عاشوراء هو درس التضحية و الشجاعة و المواساة،و درس القيام للّه، و الإيثار و المحبّة.

و أحد دروس عاشوراء هي هذه الثورة الكبرى التي فجرتموها أنتم أبناء الشعب

ص: 34


1- ثورة عاشوراء شمس الشهادة:173.

الإيراني امتثالا لنداء حسين العصر و حفيد أبي عبد اللّه الحسين عليه السّلام.

و هذا بحد ذاته واحد من دروس عاشوراء.

لعاشوراء بيانات و دروس.عاشوراء علمتنا أنه يجب أن نضحي لأجل الدين، علّمتنا أنه يجب التغاضي عن كل شيء في سبيل القرآن،علّمتنا أنّ جميع الأشخاص من صغير أو كبير و من رجل أو امرأة و من كهل أو شاب و من شريف أو وضيع و من إمام أو رعية يقفون صفا واحدا في ميدان الصراع بين الحق و الباطل.

علّمتنا أنّ جبهة العدو مع كل قدراتها الظاهرية فإنها تتصدع،كما تصدعت جبهة بني أمية بواسطة قافلة سبايا عاشوراء في الكوفة و الشام و المدينة و أخيرا انجرّ الأمر الى انهيار الجبهة السفيانية بالثورة الحسينية.

تعلّمنا عاشوراء أنّ البصيرة لازمة للإنسان في دفاعه عن الدين أكثر من أي شيء آخر،فإن عديمي البصيرة ينخدعون من دون علم و يقعون في جبهة الباطل كما كان هناك أشخاص في جبهة إبن زياد و لم يكونوا فساقا و لا فجارا بل عديمي بصائر،هذه هي دروس من عاشوراء،بالطبع فإن هذه الدروس تكفي لنقل أمة من الذلة الى العزّ،هذه الدروس تستطيع أن تهزم جبهة الكفر و الإستكبار،و هي دروس حياتية.

هذه هي الجهة الاولى من قضية عاشوراء.

ص: 35

العبر العاشورائية

من الجهات المتعلقة بعاشوراء هي العبر المستفادة منها،فعاشوراء مضافا الى دروسها هي ساحة للعبر.

فيجب أن ينظر الإنسان في هذه الساحة فيعتبر.

ما معنى أخذ العبرة؟معناه أن يقيس نفسه مع ذلك الوضع و يدرك أنه في أي وضع و حال.ما الذي يهدده؟و ما هي الأشياء التي تلزمه؟هذه هي العبرة.

فمثلا عند ما تعبر الشارع و ترى سيارة مقلوبة أو مصطدمة باخرى و قد تضررت للغاية و قضي على ركابها فإنك تتوقف لترى ما هو السبب حتى تعتبر، و تعرف أية سرعة و أية قيادة تؤدي الى هذا المصير.

و هو نوع آخر من الدورس و لكنه درس عن طريق الإعتبار،و الآن نريد أن نبحث هذا الأمر بدقة أكثر.

و البحث في عبر عاشوراء يختص بالزمن الذي تكون فيه الحاكمية للإسلام.

و يمكن القول-على أدنى الاحتمالات-أنّ مثل هذا البحث يختص الجانب الأساسي منه بمثل هذا الزمن الذي يوجب علينا و على بلدنا أخذ العبرة.

و رأينا طرح هذه القضية وفقا للصيغة التالية،و هي كيف أنّ المجتمع الإسلامي الذي التفّ حول الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و اله و أحبّه و آمن به و امتلأ بالدين حبّا و شغفا، و نشأ و تنامى في ضوء الأحكام التي سنتحدث لاحقا عن شيء منها،و فيه من أدرك

ص: 36

عصر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله،كيف وصل به الحال بعد خمسين سنة أن يجتمع و يقتل سبط الرسول أبشع قتلة؟و هل هناك ارتداد و نكوص و انحراف أشد من هذا؟!

ألقت زينب الكبرى(سلام اللّه عليها)في سوق الكوفة خطبة عصماء بليغة تمحورت حول هذا،قالت فيها:«ألا يا أهل الكوفة يا أهل الختل و الغدر،أتبكون؟» و ذلك لأنهم حينما شاهدوا رأس الحسين عليه السّلام على الرمح،و بنت علي عليها السّلام مسبيّة، و لمسوا عمق المأساة ضجّوا بالبكاء.«فلا رقأت الدمعة و لا هدأت الرنّة،..»ثم قالت:

«إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوّة انكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم» (1).

و هذا هو النكوص و الارتداد و التراجع القهقرى.فأنتم في الحقيقة كالمرأة التي غزلت الصوف و من بعد ما أتمته نقضت الغزل و عادت إلى ما كانت عليه،و أنتم في حقيقة الأمر نقضتم غزلكم و أعدتموه صوفا،و هذا هو التراجع.و هذه عبرة.

كل مجتمع إسلامي معرّض لمثل هذا الخطر.لقد كانت أكبر مفخرة لإمامنا الخميني أنه حفّز الأمة على العمل بأحاديث الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و اله.

و هل يمكن مقارنة غير الأنبياء عليهم السّلام و غير المعصومين بشخصية عظيمة كشخصية الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و اله الذي بنى ذلك المجتمع؟!و لكن انتهى الحال بذلك المجتمع إلى اقتراف تلك الجريمة.فهل كل مجتمع إسلامي معرّض للإنسياق لمثل هذه الخاتمة؟

من الطبيعي أنه إذا اعتبر لا ينتهي إلى مثلها،و لكنه إذا لم يعتبر فمن الممكن أن يتسافل إلى هذا الحد.فهذه عبر عاشوراء.

أما نحن فقد وفّقنا في هذا العصر بحمد اللّه و فضله لاقتفاء السبيل من جديد، و إحياء إسم الإسلام في العالم،و رفع راية الإسلام و القرآن عالية.و كانت هذه2.

ص: 37


1- الإحتجتج:30/2.

المنقبة من نصيب الشعب الإيراني الذي مرّت على ثورته عشرون سنة تقريبا و هو ما انفكّ مرابطا و صامدا على هذا النهج،إلا أننا إذا انتابتنا الغفلة،و لم نحترس أو نحاذر و نثبت على المسار كما ينبغي،فمن الممكن أن ننتهي إلى نفس ذلك المصير.

و هنا يتضح معنى العبرة من عاشوراء (1).4.

ص: 38


1- ثورة عاشوراء شمس الشهادة:174.

ما حلّ بالمجتمع حتى يضطر الحسين للتضحية

أول عبرة تلفت إنتباهنا في قضية عاشوراء هي أن نلاحظ ماذا حدث بعد خمسين سنة من وفاة الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و اله بحيث وصل الحد الى أن يضطر مثل الإمام الحسين عليه السّلام الى أن يضحي بنفسه لأجل إنقاذ المجتمع الإسلامي،تارة تكون هذه التضحية بعد ألف عام من صدر الإسلام أو تكون في مركز الدول و الشعوب المعاندة للإسلام و المعارضة له و هذا كلام آخر،و لكن الذي يجدر بالبحث و التأمل هو أن تكون هذه الثورة في مركز الإسلام و في المدينة و مكة (مركز الوحي)و بواسطة الإمام الحسين ابن علي عليه السّلام بحيث لا يجد وسيلة غير التضحية بنفسه تضحية دموية عظيمة.

إذن فأي وضع كان بحيث يشعر الحسين بن علي عليه السّلام أن حياة الإسلام مرهونة بالتضحية بنفسه،و إلا سيفرّط بالإسلام؟

العبرة هنا،نحن يجب أن ننظر و نلاحظ الذي حدث حتى آل الأمر الى أن يصبح شخص كيزيد حاكما على المجتمع الإسلامي؟المجتمع الإسلامي الذي كان النبي الحاكم في مكة و المدينة يعطي فيه الرايات بيد المسلمين فيذهبون الى أقصى نقاط جزيرة العرب و حدود الشام و يهددون الإمبراطورية الرومانية و يفرّ جنود العدو أمامهم كذلك و يرجع المسلمون مؤزرين بالنصر(كما حدث في تبوك)كيف أصبح هذا المجتمع الإسلامي الذي كان يعلو في مسجده و شوارعه صوت تلاوة القرآن و يقرأ فيه شخصية كالنبي صلّى اللّه عليه و اله الآيات القرآنية بلحنه و أنفاسه و يعظ فيه الناس

ص: 39

و يقودهم الى الصراط القويم.

ماذا حلّ بهذا المجتمع و هذا البلد و هذه المدن بحيث ابتعدوا عن الإسلام لدرجة أن يتأمر عليهم شخص كيزيد؟

لماذ يحلّ ظرف بحيث يكون فيه مثل الحسين بن علي عليه السّلام مضطرا الى هذه التضحية العظيمة و التي لا نظير لها في التاريخ.

ما الذي حصل حتى وصلوا الى هذه الحالة؟هذه هي العبرة.يجب أن نبحث هذا الأمر بدقة.

نحن اليوم مجتمع إسلامي.و يجب أن نرى ما هي الآفة التي حلّت بذلك المجتمع الإسلامي بحيث أوكل أمره الى يزيد.ما الذي حصل؟حتى آل الأمر الى رفع رؤوس أولاد أمير المؤمنين عليه السّلام على القنا و أن يطاف بها في المدينة التي كان يحكم فيها قبل عشرين سنة!

الكوفة هي نفس تلك المدينة التي كان أمير المؤمنين عليه السّلام يتجول في أسواقها، و يحمل سوطه على عاتقه ليأمر الناس بالمعروف و ينهاهم عن المنكر.و هناك كانت تعلو أصوات تلاوة القرآن في أناء الليل و أطراف النهار من المسجد.هذه هي المدينة التي يطاف فيها ببنات و حرم أمير المؤمنين عليه السّلام أسارى في سوقها.

ما الذي حدث حتى وصل الحال الى هنا بعد عشرين عاما؟!

ص: 40

مرض المجتمع الإسلامي الخطير

الجواب هو وجود مرض في المجتمع له القدرة على أن يوصل خلال بضع عقود مجتمعات كان يترأسها أمثال الرسول الأكرم صلّى اللّه عليه و اله و أمير المؤمنين عليه السّلام الى هذا الوضع المأساوي.

إذن فهذا مرض خطير يجب أن نكون على حذر منه.فعند ما كان إمامنا العزيز يعد نفسه تلميذا من تلامذة الرسول الأكرم صلّى اللّه عليه و اله فإنّه كان يفتخر بذلك.لقد كان الإمام يفتخر بأنه قادر على إدراك أحكام النبي صلّى اللّه عليه و اله ابتلي بعد عدة سنوات بذلك الوضع.

و لذا يجب أن يحذر مجتمعنا من الإبتلاء بهذا المرض.العبرة هاهنا.يجب أن نحدد هذا المرض و نعتبره خطرا جديا و نتجنب عنه.

و في نظري فإن نداء عاشوراء هذا أشد فورية لنا اليوم من سائر دروس و نداءات عاشوراء.

يجب أن ندرك أيّ بلاء حلّ على المجتمع بحيث يطاف برأس الحسين بن علي عليه السّلام السبط الأول في العالم الإسلامي و ابن خليفة المسلمين علي بن أبي طالب عليه السّلام في نفس المدينة التي كان يتربع والده على منبر الخلافة فيها و من دون أن يتحرك ساكن يجب أن نفهم كيف جاء أشخاص من تلك المدينة الى كربلاء ليقتلوه هو و أصحابه عطاشى و يسبوا حرم أمير المؤمنين عليه السّلام.

ص: 41

آفتان و مرضان للإنحراف

الكلام كثير في هذا المجال.و لكنني أعرض آية قرآنية في مقام الجواب عن هذه التساؤلات.لقد أعطى القرآن الجواب و حدده للمسلمين في آفتين و مرضين.و هذه هي الآية: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَ اتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (1).

إذن هناك عاملان هما أساس للضلالة و الإنحراف العام،أحدهما الإبتعاد عن ذكر الله و الذي يتجلى في الصلاة و العبادة،و الذي يعني الغفلة عن الله و المعنويات و فصل الحياة عن المعايير المعنوية،إهمال التوجه الى الله تعالى و الذكر و الدعاء و التوسل و طلب التوفيق منه،و التوكل عليه و فصل الحسابات الإلهية عن الحياة.

و العامل الآخر هو اتباع الشهوات و الملذات،و بعبارة واحدة:السعي وراء الدنيا و الإشتغال بجمع الثروة و المال و الوقوع فريسة للشهوات الدنيوية و اعتبارها أساسا و مبدأ و نسيان الأهداف الحقيقية.

هذا مرض رئيسي و خطير و يمكن أن نبتلي نحن به أيضا.فلو أنّ الحالة المبدئية تزول أو تضعف عندنا و كل منا يفكر بأن ينتزع حصته من الغنيمة حتى لا نتخلف في دنيانا عن الآخرين،و يقول في نفسه أن الآخرين قد جمعوا لأنفسهم و يجب أن نذهب نحن أيضا لنجمع لأنفسنا و نضع مصالحنا فوق مصالح المجتمع.

فمن المعلوم حينئذ أن يصل بنا الحال الى ذلك الوضع.فسر وجود النظام الإسلامي و بقائه و تطوره هو الإيمان و الهمم العالية و الإهتمام بالمبادئ و إحيائها.

ص: 42


1- سورة مريم:59.

و معلوم أنّ توهين الأهداف و اللامبالاة في أصول الإسلام و الثورة و فهم كل الامور و التعامل معها بذهنية مادية سوف يصل بالمجتمع الى تلك الوضعية.

و لهذا السبب ابتلي بها أولئك الناس،ففي وقت كان المسلمون يهتمون بتطوير الإسلام و رضى الله و تعليم الدين و المعارف الإسلامية و الإطلاع على القرآن و الأنس بمعارفه،و كان الجهاز الحكومي و الإداري للبلاد جهازا زاهدا في الدنيا نقيا،لا يعير أهمية لزخارف الدنيا و الشهوات الشخصية،فكانت النتيجة حينذاك تلك الحركة العظيمة التي توجه الناس فيها الى ربهم.

في تلك الوضعية يبرز مثل علي بن أبي طالب عليه السّلام خليفة للمسلمين و مثل الحسين ابن علي عليه السّلام شخصية مرموقة.

و السبب هو أنّ تلك المعايير تتجسد فيهم أكثر من غيرهم.عندما يكون المعيار هو الله و التقوى و الإعراض عن الدنيا و الجهاد في سبيل الله،فإن الذي يتواجد في الساحة حينئذ هم الأفراد الواجدون لهذه المعايير.هؤلاء هم الذين يأخذون مقاليد الامور بأيديهم و يصبح المجتمع مجتمعا إسلاميا.

و لكن عندما تتبدل المعايير الإلهية فسوف يستلم الامور كل من هو أحرص على الدنيا و أشد في إتباع الشهوة و تحصيل المنافع الشخصية و أبعد عن الصدق و الحقيقة،حينذاك تكون النتيجة صيرورة أمثال عمر بن سعد و الشمر و عبيد الله بن زياد أمراء،و ذهاب أمثال الحسين بن علي عليه السّلام الى المذبح و إستشهاده في كربلاء و هذه قضية منطقية ف(2+2-4).

لا ينبغي أن يسمح الأشخاص الحريصون بتبدل المعايير في المجتمع.فلو أبدل معيار التقوى في المجتمع فمما لا شك فيه أن يراق دم إنسان تقي كالإمام الحسين ابن علي عليه السّلام.

ص: 43

و لو أنّ الدهاء و الانغماس في الشؤون الدنيوية و الإيقاع بالآخرين و الدجل و عدم الإهتمام بالقيم الإسلامية،اعتبرت ملاكا في الأفضلية،فإن شخصا كيزيد يجب أن يكون على رأس السلطة و يجب أن يصبح شخص مثل عبيد الله الرجل الأول في العراق.

لقد كان همّ الإسلام هو تغيير هذه المقاييس و كل همّ ثورتنا كان الوقوف بوجه هذه المقاييس المادية العالمية الباطلة و الخاطئة و تغييرها.

ص: 44

أثر التخلي عن القيم و الفضائل:حاكميّة يزيد

دنيا اليوم هي دنيا الدجل و القوة و اتباع الشهوات و دنيا تفضيل القيم المادية على القيم المعنوية.هكذا هي الدنيا و لا يختص الأمر بأيامنا هذه.فلقرون متمادية كانت المعنويات تتجه نحو الضعف و الأفول.لقد سعى المستكبرون لمحو المعنوية.

أصحاب القدرة و عبدة المال و الأثرياء نسجوا نظاما و بساطا ماديا ترأسه قوة عظمى كأمريكا أكثر الجميع دجلا و مكرا و أقلهم رعاية للفضائل الإنسانية و رحمة بالبشرية.

هكذا قدرة في الرأس ويليها أصدقاؤها على الترتيب هذا وضع الدنيا.الثورة الإسلامية تعني بعث الإسلام من جديد و إحياء مبدأ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللّهِ أَتْقاكُمْ (1)و الثورة جاءت لتحطيم هذا الترتيب العالمي الخاطئ و تنشىء مكانه ترتيبا جديدا.

لو كان الترتيب العالمي ترتيبا ماديا فلا ريب في مجيء أفراد فاسدين،أتباع شهوات،ضالين و أشقياء مثل محمّد رضا على رأس الامور،و حينئذ ينبغي أن يكون شخص فاضل و متنوّر مثل الإمام في السجن أو المنفى.فليس للإمام مكان

ص: 45


1- سورة الحجرات:13.

في مجتمع بهذا الوضع.

عند ما تسود القوة و الفساد و الكذب و الرذيلة فإن إنسانا فاضلا و صادقا و نيرا و عارفا و متوجها الى الله إما أن يكون في السجون أو في المقاصل و المجازر.

و عند ما يترأس الامور شخص كالإمام فمعنى ذلك قلب الأوراق،و انزواء أتباع الشهوات و حب الدنيا و التعلق بها و الفساد،و معناه عودة التقوى و الزهد و الصفاء و النورانية و الجهاد و الحرص على الناس و الرحمة و المروءة و الأخوة و الإيثار و الصفح عن الآخرين.

عند ما يحكم الإمام فإن هذه الخصال و الفضائل سوف تسود في المجتمع، و هذه القيم هي التي سوف تطرح للناس.إذا حافظتم على هذه القيم فسوف يبقى نظام الإمامة،و حينئذ لن يؤتى بأمثال الحسين بن علي عليه السّلام الى المذبحة.

و لكن كيف إذا تخلينا عن هذه الامور؟كيف إذا فقدنا الروحية؟و كيف إذا انشغلنا بامور الرفاهية الشخصية بدلا من التوجه الى الوظيفة و التكليف و الهدف الإلهي؟كيف إذا أجبرنا الشاب(التعبوي)المؤمن و المخلص على الإنزواء و هو لا يريد منا سوى تهيئة ساحة يجاهد بها في سبيل الله،و سلّطنا على الأمور أفرادا ذوي وقاحة و جشع،و طمّاعين خبثاء؟في هذه الحالة سيتبدل كل شيء.

فلو كانت الفترة الفاصلة بين رحلة النبي الأكرم صلّى اللّه عليه و اله و شهادة فلذة كبده في صدر الإسلام خمسين سنة فمن الممكن أن تكون هذه الفترة أقصر بكثير في زماننا هذا،و ترتقي الفضائل و أصحاب الفضيلة على المقاصل بسرعة أكبر.يجب أن لا نسمح بوقوع أمر كهذا.يجب أن نواجه الإنحراف الذي يمكن أن يفرضه أعداؤنا علينا.هذا هو الإعتبار من عاشوراء.

ص: 46

نظرة إلى دقائق التاريخ

إنّ قضية الإمام الحسين عليه السلام عبرة لنا،و العبرة أن يرى الإنسان كيف أنّ الحسين بن علي عليهما السلام الّذي كان يجلس على كتف رسول الله صلى الله عليه و آله أمام أنظار المسلمين،يقتل بتلك الصورة الفجيعة بعد مرور نصف قرن من ذلك.فهذا الطفل الّذي يبجّل إلى هذا المدى من قبل النبيّ صلى الله عليه و آله أمام أعين النّاس،و لم يقل النبي صلى الله عليه و آله في حقّه إنّني أحبّه فحسب- فالإنسان قد يحبّ شخصا اليوم لكن قد يخرج حبّه من قلبه غدا لمشكلة بينهما-بل قال صلى الله عليه و آله:"سيدا شباب أهل الجنّة"،و الجنّة ثمرة لعاقبة العمل،فقد يكون الكثير صالحين في وسط الطريق لكنهم يتهاوون في النهاية،فعندما يقال:

سيد شباب أهل الجنّة،فمعناه أنك تذهب من الدّنيا سيّدا و محبوبا عند الله و تصبح سيّد شباب أهل الجنّة،و قد قال النبيّ صلى الله عليه و آله ذلك بحقّ الحسن و الحسين عليهما السلام،في حين أنّ هذه الأمّة قتلت الحسين بن علي عليهما السلام بتلك الصورة الفجيعة أمام أعين الّذين رأوه على كتف النبيّ صلى الله عليه و آله.

أليس من الهزل أن تساق بنات رسول الله صلى الله عليه و آله في الأسواق و الطرقات و تهان إمرأة كزينب عليها السلام،فكيف آل الأمر إلى هذا الحدّ؟

إنّها عبرة،و أعظم من درس.إنّها نظرة إلى أعماق الروح و دقائق التاريخ و الأحداث.

ص: 47

الحسين عليه السلام و الارتداد

إنّ زينب الكبرى عليها السلام قد أشارت في الكوفة إلى هذا المرض(الردّة و الارتداد)فقالت:"إنّما مثلكم كمثل الّتي نقضت غزلها من بعد قوّة انكاثا"،و هذا هو الإرتداد.

أي أنّ الخطر متربّص بأمّة خاتم النبيين صلى الله عليه و آله بمقدار ما كان متربّصا بأمّة موسى عليه السلام.و إنّكم-و لله الحمد-فقد رأيتم الإمام(ره)عن قرب،و رأيتم كيف كان الإمام الخميني(ره)و ببيان يهيب بالشعب على إنجاز عمل ما،و تتذكّرون ما كان يحدث عند ما كان الإمام(ره)يقول شيئا في الحوادث المهمّة.

فمثلا لو ضاعفنا شخص الإمام(ره)إلى ما لا نهاية،لأصبح النبي صلى الله عليه و آله هذا الإنسان المتّصل بالوحي الإلهي و العالم بجميع الحوادث الصغرى و الكبرى،و كانت توحى إليه الآيات القرآنيّة،لكن على الرغم من أنّه صلى الله عليه و آله بنى المجتمع بكلّ صراحة و وضوح و دون أدنى إبهام إلاّ أنّه وقع بعده ارتداد فجيع و أليم لا ينسى في التاريخ أبدا.

فهذه هي جرثومة الردّة و الإرتداد (1).

ص: 48


1- ثورة عاشوراء شمس الشهادة:185.

[سببان لواقعة كربلاء]

سبب واقعة كربلاء

إنّ العامل الرئيس في وقوع هذه القضيّة هو استشراء حبّ الدنيا و الفساد و الفحشاء بحيث سلبت الغيرة الدينية و الشعور بالمسؤولية الإيمانية،فإنّنا عند ما نؤكّد على قضيّة الفساد و الفحشاء،و الجهاد و النهي عن المنكر و أمثال هذه الامور، فإنّ أحد أسبابها الرئيسية هو تسبّبها في تخدير المجتمع،فالمدينة المنوّرة التي كانت القاعدة الاولى لتأسيس الحكومة الإسلامية تحوّلت بعد فترة قصيرة إلى مركز لأفضل الموسيقيين و المغنّين و أشهر الراقصات،بحيث عند ما كان يراد دعوة أفضل المغنّين إلى بلاط الشام،كانوا يبعثون إلى أفضل المغنّين و العازفين في المدينة.

و هذا التجاسر لم يحدث بعد مائة أو مائتي عام،إنّما في زمان استشهاد بضعة فاطمة الزهراء(عليها السلام)و قرّة عين الرسول صلّى اللّه عليه و اله،بل حتى قبل ذلك،أي في زمن معاوية،و لهذا أصبحت المدينة مركزا للفساد و الفحشاء،و وقع أبناء الشخصيات و الأعيان حتّى بعض شباب بني هاشم في الفساد و الفحشاء أيضا، و قد أدرك رجال الحكومة الفاسدة ما يجب فعله و وضع البنان عليه و الترويج له، و هذه البلية لم تنفرد بها المدينة فقط،بل وقعت فيها مناطق أخرى.

و من هنا تظهر أهمية التمسّك بالدين و التقوى و المعنوية و الورع و العفة،و لأجل ذلك كنّا نكرّر و نكرّر لصفوة شباب هذا العصر توصياتنا و تأكيداتنا بالحذر من

ص: 49

تيّار الفساد.

إنّ الباري تعالى قد حفظ-و لله الحمد-قداسة و معنوية هذه الثورة إلى اليوم، فالشباب أطهار و أتقياء،لكن اعلموا أنّ زينة الدنيا و بهرجها أمر خطير،تهزّ القلوب الراسخة و تزلزل الأقوياء،فيجب الصمود أمام هذه الوساوس،و هذا هو ما يعبّر عنه بالجهاد الأكبر،فلقد أدّيتم الجهاد الأصغر بالصورة المطلوبة،و بلغتم اليوم هذه المرحلة،فعليكم بأداء الجهاد الأكبر على النحو المطلوب أيضا.

إنّ الأعداء يرغبون في إلهاء الشعوب الإسلامية بعيش يسوده الذلّ و الغفلة و الغرق في مستنقع الفساد و الرضوخ لسلطة الأجانب،مثلما كان عليه شعبنا قبل الثورة،و ما عليه كثير من شعوب العالم اليوم.

ص: 50

سبب آخر لواقعة كربلاء

العامل الآخر الذي أدّى إلى وقوع هذا الأمر-حيث يشاهد الإنسان هذا المعنى في حياة الأئمة(عليهم السلام)-هو إعراض و عدم اهتمام أتباع الحقّ الذين كانوا يشكّلون الأركان الحقيقيّة للولاية و التشيّع بمصير العالم الإسلامي،فقد تظاهر البعض بالحماس و الثورة فترة،فضايقهم الحكّام،كقضيّة الهجوم على المدينة في عهد يزيد،حيث ثار هؤلاء ضدّ يزيد،فبعث إليهم رجلا ظالما قام بمقتلة عظيمة، فتركت هذه الجماعة كل شيء جانبا و نست القضية،و هذه الجماعة لم تشمل كلّ أهل المدينة،و كانت الخلافات قائمة بينها،فافتقدوا للوحدة و التنظيم و الإرتباط الكامل بين الأفراد،أي عملوا خلافا للتعاليم الإسلامية تماما،و كانت النتيجة أنّ هاجمهم العدو بكل شراسة،فتراجع هؤلاء في أول خطوة.

و هذه نقطة مهمة؛لأنّ من البديهي أن تتقاتل جبهتا الحقّ و الباطل و توجّهان الضربات إلى بعضهما البعض،فكما أنّ جبهة الحقّ توجّه الضربات إلى الباطل،كذا الباطل يوجّه الضربات إلى جبهة الحقّ،فتتبادل الضربات،و تظهر نتيجته عند ما تتعب إحدى الجبهتين،فالجبهة التي تتعب بشكل أسرع تنهزم.

إنّ رمز استمرار تعاليم الأنبياء منذ البداية حتّى النهاية هو كلمة التوحيد و الفضائل و القيم الدينية التي كرّروها،و قد ملئت الدنيا بهذه التعاليم اليوم،و أينما تلقون أبصاركم تجدون تعاليم الأنبياء رغم القمع الذي واجهه الأنبياء عدا بعض منهم،فقد آذوا موسى عليه السّلام كثيرا،و طاردوا عيسى ابن مريم عليه السّلام و ضيّقوا عليه،

ص: 51

لكن رغم كلّ ذلك بقيت تعاليمهم إلى يومنا هذا،و السرّ الرئيسي هو عدم تقهقر الأنبياء عليه السّلام،و هزيمة أحدهم لم تسبّب تراجع الآخر عن محاربة الباطل،فقد تلقّى جميع الأنبياء عليه السّلام في حياتهم-عدا البعض منهم-الضربات من الأعداء،لكن كانت نتيجة عمل هذه المجموعة-الذين إمّا قتّلوا أو حرّقوا أو سجنوا أو قطّعوا بالمناشير و هم أحياء،أو عذّبوا من قبل المتسلّطين-إنّ العالم يعيش اليوم تحت ظلّ تعاليم الأنبياء(عليهم السلام)و تعاليمهم مطروحة أينما تذهبون،و كلّ الأخلاق الحسنة و المسمّيات الجميلة كالعدالة و الصلح و...سببها تعاليم الأنبياء عليه السّلام، و السرّ في ذلك هو عدم شعورهم بالتعب و تقهقرهم.

لكن هذه القاعدة كانت مفقودة في عهد الإمام الحسين عليه السلام و في ذلك المقطع من تاريخ الإسلام الذي وقعت فيه الكثير من الفجائع؛و ذلك لعدم وجود ارتباط و علاقة بينهم،و شعورهم بالهزيمة و التعب سريعا،و إخلائهم الساحة ليتقدّم العدوّ.

ص: 52

الماضي مثال للحاضر

و لكن قد يأتي البعض و يتفلسف بأن الماضي لا يمكن أن يكون مثالا للحاضر.

هذه الآراء يثيرها البعض و يتصور أنه قادر على صياغتها كأطروحة فلسفية،لكنه لا يستطيع ذلك!و لا شأن لنا بأمثال هؤلاء.

القرآن صادق مصدّق و هو يدعونا إلى استقاء العبرة من التاريخ.

و الإعتبار بالتاريخ يعني حالة القلق،لأن التاريخ تكتنفه أمور لو أردنا الإعتبار بها لساورتنا بعض الهواجس،و هذه الهواجس ذات صلة بالمستقبل،و لكن لماذا؟ و ما سبب هذه الهواجس؟و ما الذي جرى عبر التاريخ؟

الواقعة التي حدثت كانت في صدر الإسلام.و الأمة الإسلامية حريّ بها أن تفكر في السبب الذي وصل بالبلاد الإسلامية بعد وفاة الرسول صلّى اللّه عليه و اله بخمسين سنة فقط إلى أن يجتمع أبناؤها من وزير و أمير و قائد و عالم و قاضي و قارئ للقرآن في الكوفة و كربلاء،و يمزقوا كبد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بتلك الطريقة الفجيعة.

على الإنسان أن يطيل النظر في الأسباب التي انتهت إلى تلك الحالة.

ص: 53

ماذا حصل في كربلاء

إنّ الأمور وصلت إلى الحد الذي جعلهم يأتون بحرم الرسول الأكرم صلّى اللّه عليه و اله إلى الشوارع و الأسواق أمام أنظار الناس و يسمونهم بسمة الخوارج.و الخوارج في الإسلام مصطلح يطلق على من يخرج على الإمام العادل و يشق عليه عصا الطاعة، و يستحق لعنة اللّه و رسوله و المؤمنين،هذا هو معنى الخوارج.و لهذا السبب كان المسلمون آنذاك يتنفّرون من الخوارج«من سلّ سيفه فدمه هدر» (1)،هذا مع أنّ الإسلام يولي أهمية فائقة لدماء الناس.

لقد أشاعوا أن سبط رسول اللّه،ابن فاطمة و ابن أمير المؤمنين،خارج على الإمام العادل-و ذلك الإمام العادل هو يزيد بن معاوية-و صدّقهم الناس!!

إنّ أفراد السلطة الحاكمة أناس ظلمة يقولون ما يحلو لهم،و لكن لماذا يصدّقهم الناس؟و لماذا يلتزمون الصمت إزاءهم؟إن ما يثير هواجسي هو هذا الجانب من القضية،لماذا وصلت الأمور إلى هذا الحد؟و لماذا أصيبت الأمة الإسلامية و هي على تلك الدرجة من التدقيق في تفاصيل الأحكام الإسلامية و الآيات القرآنية،لماذا أصيب بهذه الحالة من الغفلة و التهاون و التراخي الذي انتهى إلى بروز فاجعة كهذه؟هذه المسألة تشغل فكر الإنسان.

و هل نحن أقوى عزما و أشد شكيمة من مجتمع عهد الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و اله و عهد

ص: 54


1- نوادر الراوندي:171.

أمير المؤمنين عليه السّلام و ماذا نفعل حتى لا يجري مثلما جرى؟

طبعا السؤال الذي أثرته حول تلك الأسباب،لم يجب عليه أحد،و لكن جوابه عندي.

و أشير إلى أن أحدا لم يتحدث في هذا الموضوع؛أو أنهم قد تحدّثوا حوله و لكن ليس بالشكل الوافي و الكافي.

ص: 55

ماذا حصل في مجتمع النبي حتى ذبحوا ابنه؟

إذا لم نقف أنا و أنتم بوجه الرذائل و الإنحرافات،فلا تعجبوا إذا رأيتم مجتمعنا الإسلامي وصل إلى تلك الحالة التي كانت في المجتمع الإسلامي في عهد الحسين عليه السّلام،ربما بعد خمسين سنة أو بعد خمس سنوات أو بعد عشر سنوات،إلاّ إذا كانت هناك أبصار حادّة تسبر أغوار الأمور،و عين أمينة تدل على الطريق، و أصحاب فكر يوجهون الأمور،و إرادة صلبة تساند هذا المسار،ليتكون عند ذاك ساتر متين و قلعة حصينة لا يستطيع أحد اختراقها،و إلاّ فستتكرر الحالة ذاتها فيما إذا أهملنا،و عندها ستذهب كل هذه الدماء هدرا.

بلغت الأمور في ذلك العهد حدا تربع فيه أبناء و أحفاد من قتلوا يوم بدر على يد أمير المؤمنين عليه السّلام و حمزة و بقية قادة الإسلام،في مكان الرسول،و وضع أمامه رأس مهجة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله،و صار يضرب على ثناياه بعود من الخيزران و ينشد:

ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل

هنا يأمر القرآن بالإعتبار و يقول: قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (1)انظروا ما الذي وقع،و التزموا جانب الحذر.

و لأجل أن يسري هذا المعنى إن شاء اللّه في الثقافة الحالية لبلدنا على يد المفكرين و الباحثين و أصحاب الرأي،سأتعرض إليكم باقتضاب لهذا الموضوع.

ص: 56


1- سورة الروم:42.

أقسام الناس في المجتمعات إذا نظرتم إلى المجتمع البشري؛أي مجتمع كان، و في أية مدينة أو بلد،تجدون الناس فيه يقسمون-من وجهة نظر معينة-إلى فئتين:

فئة تسير عن فكر و فهم و وعي و إرادة،و هي تعرف طريقها و تسلكه-و لا يهمنا في المقام أنّ هذه الفئة على صواب في مسلكها أو أنه مسلك خاطئ-هذه الفئة يمكن تسميتها بالخواص.

و فئة أخرى لا تنظر لترى ما هو الطريق الصحيح،و ما هو الموقف الصائب،و لا يهمّها أن تفهم و تحلّل و تقيس و تدرك،بل تتبع الجو السائد و الهوى العام،و لنسمّ هذه الفئة بالعوام،إذن فالمجتمع يمكن تصنيفه إلى خواص و عوام.دققوا النظر، أريد الاشارة إلى نقطة بشأن العوام و الخواص و يجب أن لا يقع فيها أي إلتباس.

أثر الخواص و العوام

من هم الخواص؟هل هم طبقة خاصّة؟كلا لأن هذه الفئة التي نسمّيها بالخواص تضم بين أفرادها أشخاصا متعلمين و آخرين غير متعلمين،فقد يكون أحيانا بين الخواص شخص غير متعلم لكنه يفهم ما ينبغي عليه فعله،و هو يعمل وفقا لتخطيط و إرادة حتى و إن لم يكن قد دخل المدرسة أو لديه شهادة أو يرتدي زي العلماء،لكنه متفهم لحقيقة الأمور.

في أيام اندلاع الثورة-و قبل انتصارها-كنت في المنفى في مدينة«إيرانشهر» و كان في إحدى المدن القريبة منها عدّة أشخاص من بينهم سائق،كان هؤلاء الأشخاص من ذوي الثقافة و المعرفة،رغم أنهم يصنّفون ظاهريا في عداد العوام،

ص: 57

إلاّ أنهم في الحقيقة كانوا من الخواص؛كانوا يأتون للقائنا في إيرانشهر بشكل منتظم،و ينقلون لي حوارهم مع عالم الدين في مدينتهم،و قد كان الآخر رجلا طيّبا إلاّ أنه كان من العوام!

لاحظوا،سائق الشاحنة من الخواص،بينما ذلك العالم المبجّل إمام الجماعة كان من العوام!كان العالم يقول:لماذا حينما يذكر اسم النبي صلّى اللّه عليه و اله تصلّون عليه مرّة واحدة،في حين إذا ذكر اسم السيد الخميني تصلّون على النبي ثلاث مرّات؟ألا تفهمون؟!فكان السائق يرد عليه بالقول:يوم نفرغ من المجابهة،يوم يكون الإسلام قد ساد كل الأرجاء،و إذا انتصرت الثورة فإنا سنترك الصلاة عند ذكر اسم الخميني،ثلاث مرّات،بل لا نصلي و لا مرّة واحدة؛هذه الصلوات الثلاثة أسلوب من أساليب المجابهة.لاحظوا أنّ هذا الرجل يفهم مع أنه سائق،لكن ذلك العالم لا يفهم.

ذكرت هذا المثال لتعلموا أننا حينما نقول الخواص،فلا يعني ذلك أنهم فئة ترتدي زيّا بعينه؛فقد يكون رجلا و قد يكون امرأة،و قد يكون ثريا و قد يكون فقيرا، و قد يكون من العاملين في الأجهزة الحكومية و قد يكون من المعارضين لأجهزة الحكومة الطاغوتية.و كلمة الخواص نقصد بها طبعا الصالح و الطالح منهم،ثم إننا سنصنّف الخواص إلى أقسام أخرى أيضا.

الخواص هم الذين عند ما يؤدون عملا يتخذون موقفا،و النهج الذي يختارونه، يختارونه عن فكر و تحليل،أي أنهم يفهمون و يقررون و يعملون.هؤلاء هم الخواص.و الذين يقفون في الجانب المقابل لهم هم العوام.

العوام هم الذين يسيرون مع مسير الماء،ليس لديهم تحليل للمواقف،حينما يشاهدون الناس يهتفون«يعيش»يهتفون معهم،و حينما يهتف الناس«الموت ل..»يرددون نفس الهتاف.عند ما تكون الأجواء في وضع معين يأتون هنا،و حينما

ص: 58

تكون على منوال آخر يذهبون هناك!

نفترض أنّ مسلم بن عقيل دخل الكوفة،تراهم يقولون:لقد وفد ابن عم الإمام الحسين عليه السّلام،لقد جاء مبعوث بني هاشم،و هو عازم على الثورة و النهوض، فيستثارون و يلتفون حوله و يبايعونه؛بايعه ثمانية عشر ألفا.و بعد خمس أو ست ساعات دخل رؤساء القبائل إلى الكوفة و قالوا للناس:لماذا اتخذتم هذا الموقف؟ عمّن تريدون الدفاع؟و ضد من؟إنكم ستدفعون الثمن غاليا!إنسحب أولا زعماء القبائل كل إلى داره.و بعد ما حاصر جنود ابن زياد دار طوعة للقبض على مسلم، إنبرى أولئك الناس أنفسهم لمحاربة مسلم!هؤلاءهم العوام.سلوكهم لا ينطلق عن تفكير،و لا ينبثق عن تشخيص،و لا هو قائم على تحليل صائب،بل يتحركون وفقا لما يمليه الجو العام.

إذن في كل مجتمع هناك خواص و هناك عوام.لنترك قضية العوام جانبا، و نبحث في وضع الخواص.

أقسام الخواص

و يقسم الخواص طبعا إلى فريقين:خواص فريق الحق،و خواص فريق الباطل، أليس كذلك؟أهل الثقافة و الفكر و المعرفة منهم يعملون لصالح جبهة الحق.عرفوا الحق،و علموا أنّ الحق مع هذا الجانب فهم يتحركون و يعملون لأجله،إذن فهم يعرفون الحق،و قادرون على تشخيصه،هؤلاء يمثلون فريقا.أمّا الفريق الآخر فهم الذين يقفون على الطرف المضاد لطرف الحق.

و إذا ما عدنا إلى صدر الإسلام ثانية؛فهناك فريق أصحاب أمير المؤمنين

ص: 59

و الإمام الحسين عليه السّلام و بني هاشم.و فريق آخرهم أصحاب معاوية،كان فيهم من الخواص،كان فيهم أشخاص أذكياء من ذوي الرأي و التدبير يناصرون بني أمية، و هؤلاء من الخواص أيضا.

إذن خواص كل مجتمع على نمطين:الخواص من أنصار الحق،و الخواص من أنصار الباطل.و ماذا ترجون من الخواص المشايعين للباطل؟لا تتوقعوا منهم سوى التآمر ضد الحق و ضدكم.و هذا ما يفرض عليكم محاربتهم؛حاربوا الخواص من أنصار الباطل،هذا أمر لا نقاش فيه.

خواص أنصار الحق

نأتي الآن إلى الخواص من أنصار الحق،و أنا أتحدث إليكم الآن،أنظروا إلى أنفسكم لتروا في أي موضع أنتم.و حينما نقول أنّ الأصل هو الفكر و الاتباع عن رؤية لا نخلط بين التاريخ و القصّة،التاريخ وجه آخر لسيرتنا الذاتية.

التاريخ معناه أنا و أنتم،معناه نحن الموجودون اليوم هنا.و إذا كنا نحن الذين نقوّم و نشرح التاريخ،فلا بدّ أن ينظر كلّ منا محله من هذه القصّة،و في أي موضع منها.ثم لنرى ما الذي فعله من كان يومذاك في مثل موضعنا حتى كان نصيبه الخسران،لخطئه؟حتى لا نقع في الخطأ نفسه.مثل ما هو متعارف في دروس التعليم العسكري،يفرض جهة معادية،و الأخرى جهتنا،ثمّ يلاحظ خطأ خطة جهتنا.

و تجدون أنّ العقل الذي وضع الخطّة قد أخطأ في هذا المكان،إذن حينما تريدون أنتم وضع الخطّة يجب أن لا تقعوا في ذلك الخطأ نفسه.أو يفرض أنّ الخطة كانت

ص: 60

صحيحة إلا أنّ الآمر أو المخابر أو المدفعي أو المراسل أو جنديا عاديا في جبهتنا إرتكب خطأ،تدركون أنتم وجوب عدم الوقوع في ذلك الخطأ.هكذا هي مسيرة التاريخ.و الآن عليكم العثور على ذاتكم في هذا المشهد الذي أتحدث عنه في صدر الإسلام.

بعض الناس من طبقة العوام،و لا قدرة لهم على اتخاذ القرار،و أمرهم منوط بالفرصة المتاحة أمام الخواص،فإذا صادف أن كانوا في زمن يتصدى لزمام الأمور إمام-كالإمام أمير المؤمنين عليه السّلام،أو كالإمام الراحل(ره)-و يسير بهم نحو الجنّة،فخير على خير.

و أمثال هؤلاء يسوقهم الصالحون،و ينتهي بهم الأمر إن شاء اللّه إلى الجنّة.أما إذا صادف و عاشوا في زمن من يصفهم القرآن بقوله: وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النّارِ وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ (1)أو أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللّهِ كُفْراً وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ (2)،يكون مصيرهم إلى النار.

إذن احذروا أن تكونوا من العوام،و لا نقصد بكلامنا هذا وجوب إكمال مراحل دراسية متقدمة،أبدا،و قد قلت أن معنى العوام ليس هذا؛فما أكثر الذين أنهوا مراحل دراسية عليا،لكنهم يحسبون في عداد العوام،و ما أكثر من درسوا العلوم الدينية و هم من العوام،و ما أكثر الفقراء أو الأغنياء الذين يدخلون في عداد العوام.

إنّ صفة العوام رهن إرادتي و إرادتكم،و لهذا علينا أن ننتبه و لا نكون من العوام،أي يجب أن يكون كل فعل نفعله،عن بصيرة،و من لا يعمل عن بصيرة فهو من العوام،8.

ص: 61


1- سورة القصص:41.
2- سورة إبراهيم:28.

و لهذا ورد في القرآن الكريم على لسان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي وَ سُبْحانَ اللّهِ وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (1).

إذن انظروا أولا هل أنتم من فئة العوام أم لا؟فإذا كنتم من تلك الفئة فسارعوا إلى الخروج منها،حاولوا أن تكون لكم قدرة على التحليل و الدراية و المعرفة.

أمّا إذا كنا في عداد الخواص،فلنرى هل نحن من خواص أنصار الحق أم من خواص أنصار الباطل؟و المسألة هنا واضحة؛فالخواص في مجتمعنا من أنصار الحق بلا ريب،لأنهم يدعون الناس إلى القرآن و إلى السنّة و إلى العترة و إلى سبيل اللّه،و إلى القيم الإسلامية،هذه هي طبيعة الجمهورية الإسلامية.إذن فلا نتحدث الآن عن الخواص من أنصار الباطل و لا شأن لنا بهم حاليا،بل تمام الكلام في الخواص من أنصار الحق،و المشكلة كلها تبدأ من هنا.

أقسام أنصار الحق

اشارة

إعلموا يا أعزائي أنّ خواص أنصار الحق يقسمون إلى فريقين:

الفريق الأول هم الذين يتغلبون في الصراع مع مغريات الدنيا و الحياة من الجاه و الشهوة و المال و اللذة و الرفاه و السمعة.و الفريق الآخر هم الذين يخفقون في هذا الصراع.هذه-أي اللذة و السمعة و الجاه و ما شابه-كلها أمور حسنة،و كلها من مباهج الدنيا زُيِّنَ لِلنّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَ الْبَنِينَ وَ الْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ الْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَ الْأَنْعامِ وَ الْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَ اللّهُ عِنْدَهُ

ص: 62


1- سورة يوسف:108.

حُسْنُ الْمَآبِ (1) .

و القرآن حينما يصفها بأنها متاع الحياة الدنيا فلا يعني ذلك أنها قبيحة،فالمتاع جعله اللّه ليتمتّع به الإنسان؛و لكن إذا انغمس فيها إلى الحد الذي يعجز معه عن اجتنابها فيما إذا استدعت التكاليف الصعبة منه ذلك،فهذا شيء،و إذا استمتع فيها إلى الحد الذي يستطيع معه الكف عنها بكل سهولة عند حصول أي امتحان عسير، فهذا شيء آخر.

هذه الأمور تستدعي إعمال النظر فيها،و تستلزم الدراسة و الدقّة؛لأن أفراد المجتمع،و النظام،و الثورة لا يمكن ضمان مستقبلهم اعتباطا،فكل مجتمع يوجد فيه هذان النمطان من أنصار الحق.إذا كان الفريق الصالح منهما،أي الذين يستطيعون عند الحاجة الانتهاء عن متاع الدنيا،هم الأكثر،فلن يقع المجتمع بما وقع فيه على عهد الإمام الحسين عليه السّلام،و كونوا على ثقة أنّ المستقبل سيكون مضمونا إلى الأبد.

أما إذا كانوا قلّة،و كان ذلك الفريق من الخواص،أي المناصرين للحق و لكن في الوقت نفسه تنهار معنوياتهم أمام المغريات الدنيوية،بما فيها من ثروة،و دار و شهرة و منصب و جاه،و الذين يعرضون عن سبيل اللّه لأجل أنفسهم،فيلتزمون الصمت حيثما يجب قول الحق،حفاظا على أرواحهم أو مناصبهم أو أعمالهم أو ثرواتهم أو لحب الأولاد و الأسرة و الأقارب و الأصدقاء،هؤلاء إذا كانوا هم الكثرة، فالويل الويل حينئذ،عندها ينزل السائرون على خطى الحسين عليه السّلام إلى أرض الشهادة و يقادون إلى مسالخ الذبح،و يتسلط أتباع يزيد على مقاليد الأمور، و سيحكم بنو أمية الدولة التي أسسها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و يطول حكمهم ألف شهر،4.

ص: 63


1- سورة آل عمران:14.

و تتحول الإمامة إلى ملك و سلطان!

المجتمع الإسلامي مجتمع الإمامة،أي يكون الإمام فيه على رأس السلطة و هو الشخص الذي يكون بيده زمام الأمور،و الناس ينقادون له انقيادا قلبيا نابعا من الإيمان.

أما السلطان فهو على خلاف ذلك؛يحكم الناس بالقهر و الغلبة،و الناس لا يعتقدون به و لا يقبلون حكمه و لا يميلون إليه،و المقصود من الناس هنا ذو و الفهم و الوعي.

لقد بدّل بنو أمية الإمامة في الإسلام إلى سلطنة و ملكية،و حكموا هذه الدولة الإسلامية الكبرى ألف شهر أي تسعين سنة.حينذاك وضعت أسس بناء هشّ انتهى إلى الثورة ضد بني أمية الذين انقرضوا و جاء من بعدهم بنو العباس، و حكموا العالم الإسلامي ستة قرون أي ستمائة سنة على أساس أنهم خلفاء الرسول صلّى اللّه عليه و اله!

بنو العباس الذين كان خلفاؤهم أو بتعبير أدق ملوكهم يمارسون الفساد و الفسق و شرب الخمور و الفجور و الفحشاء و الخبائث و جمع الثروات و اللهو و الملذات و آلاف أنواع المفاسد الأخرى،كانوا يحضرون المساجد أيضا-كما هو حال سائر الملوك في العالم-و يأمّون الناس في الصلاة.و كان الناس يصلّون خلفهم اضطرارا-و إن لم يبلغ اضطرارهم ذلك الحد-أو من باب الاعتقاد المغلوط، و هو ما أدى بالنتيجة إلى تخريب معتقدات الناس!

إذا أصبح الخواص المناصرون للحق في مجتمع ما-كلهم أو أكثرهم-يخافون على حياتهم و على فقدان الأموال و المناصب و الجاه و المكانة الاجتماعية و يخشون العزلة،بسبب تعلقهم بالدنيا،حينذاك لا يناصرون الحق و لا يضحّون

ص: 64

بأنفسهم.و حينما تصير الأمور إلى هذا الحال،حينئذ يقع في طليعة الأمور استشهاد الإمام الحسين عليه السّلام بتلك الصورة المأساوية،و يكون آخرها تسلط بني أمية و العصابة المروانية و من بعدهم بنو العباس،ثم سلسلة السلاطين الذين حكموا العالم الإسلامي إلى يومنا هذا.

انظروا اليوم الى العالم الإسلامي،و إلى مختلف البلدان الإسلامية،انظروا إلى محل بيت اللّه و المدينة المنورة و لاحظوا من يحكمهما،و هكذا في بقية الأماكن.

و من هنا تقولون في زيارة عاشوراء:«اللّهم العن أول ظالم ظلم حق محمّد و آل محمّد» (1)،و هذه هي الحقيقة.

حسنا،اقتربنا شيئا من تحليل واقعة عاشوراء ذات العبر الكثيرة،و بعد ما سمعتم هذه المقدّمة ننتقل إلى التاريخ.

بدأ انزلاق الخواص المؤيدين للحق بعد وفاة الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و اله بست أو سبع أو ثمان سنوات،و حديثي هنا مع غض النظر عن مسألة الخلافة تماما،قضية الخلافة على حدة،بل أتحدث الآن حول هذا النهج بسبب ما يتصف به من خطورة.

القضايا بأجمعها وقعت بعد وفاة الرسول بسبع سنوات،و برزت أولى مؤشراتها في قولهم:لا يجوز أن يستوي ذو و السابقة في الإسلام-و هم أصحاب الرسول و من شهد منهم حروبه-مع سائر الناس؛هؤلاء يجب أن تكون لهم امتيازات! فمنحت لهم امتيازات مالية من بيت المال!

كانت هذه هي اللبنة الأولى،و هذا هو حال سائر التيارات المنحرفة؛تبدأ من نقطة صغيرة ثم يستفحل شأنها و يتفاقم مع كل خطوة.الانحرافات بدأت من هنا6.

ص: 65


1- مصباح المتهجد:776.

إلى أن بلغت عهد عثمان،حيث آلت الأوضاع في أواسط عهد الخليفة الثالث إلى حالة صار فيها كبار صحابة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله أثرى الأثرياء في زمانهم.أي أنّ كبار الصحابة من ذوي الأسماء المعروفة-كطلحة و الزبير و سعد بن أبي وقاص و أمثالهم-الذين كان لهم مفاخر،باتوا من رأسماليي الطراز الأول!بحيث أن أحدهم لمّا مات و أرادوا تقسيم أمواله بين وارثيه اضطروا إلى كسر الذهب-الذي أذابه و حوّله إلى سبائك-بالفؤوس،كالحطب الذي يكسر بالفؤوس،فكم كان مقدار الذهب إذن حتى يكسر بالفؤوس؟و الحال أنّ الذهب يوزن بالمثاقيل،هذا ما سجّله التاريخ!

هذا ليس مما يقال أنّ الشيعة سطّروه في كتبهم،أبدا،هذا ما كتبه الجميع، فالمبالغ التي خلفوها من الدنانير و الدراهم كانت مبالغ خيالية!و هذه الحالة هي التي أدت إلى وقوع تلك الأحداث على عهد أمير المؤمنين عليه السّلام،أي بما أنّ البعض صار يولي أهمية فائقة للمنصب،لذلك فقد دخلوا في صراع معه.

ص: 66

مرحلة أمير المؤمنين عليه السلام

هذا و قد مرت خمس و عشرون سنة على وفاة الرسول صلّى اللّه عليه و اله،و قد بدأت الكثير من الأخطاء و الإشتباهات.إن نفس أمير المؤمنين عليه السّلام هي نفس الرسول صلّى اللّه عليه و اله، و لولا هذه الفترة-الخمس و عشرون سنة-لما كانت تواجه عليا عليه السّلام أية مشكلة في بناء ذلك المجتمع،إلا أنه عليه السّلام جوبه بمثل هذا المجتمع الذي يوصف بعض أفراده بأنهم«يتخذون مال اللّه دولا و عباده خولا و دينه دخلا بينهم» (1).

مجتمع ضاعت القيم فيه في خضم حب الدنيا،مجتمع يواجه فيه أمير المؤمنين عليه السّلام مصاعب جمّة عند ما يريد قيادة الناس إلى الجهاد.

كان أكثر الخواص في عهد أمير المؤمنين عليه السّلام من المناصرين للحق؛أي من الذين كانوا يعرفون الحق،و لكنهم يرجحون الدنيا على الآخرة.و هو ما أدى به إلى خوض ثلاث معارك،و أنهى فترة حكمه التي استمرت أربع سنوات و تسعة أشهر في هذه المعارك الثلاثة!إلى أنّ استشهد في نهاية المطاف على يد أحد الأشقياء.

إنّ دم أمير المؤمنين عليه السّلام غال كدم الإمام الحسين عليه السّلام.تقرأون في زيارة عاشوراء:«السلام عليك يا ثار اللّه و ابن ثاره».أي أنّ اللّه تعالى هو ولي دم الإمام الحسين عليه السّلام و ولي دم أبيه أمير المؤمنين عليه السّلام،و لم يرد مثل هذا التعبير لأحد غيره.

من البديهي ان لكل دم يراق ولي،و هو ما يسمّى بولي الدم؛فالأب ولي دم ولده،

ص: 67


1- نهج البلاغة:120/3.

و الولد ولي دم أبيه،و الأخ ولي دم أخيه،و يسمّى هذا عند العرب ثأرا،المطالبة بالدم و مالكية حق الدم يسمونها بالثأر.

و الذي يطالب بدم الإمام الحسين عليه السّلام هو اللّه تعالى،كما أنه هو المطالب بدم أمير المؤمنين عليه السّلام،إذن وليّ دم هاتين الشخصيتين هو اللّه تعالى.

ص: 68

تكليف الخواص

و عند ما ثار الإمام الحسين عليه السّلام لم يأت الكثير من هؤلاء الخواص لنصرته مع ما كانت له من منزلة عظمى في المجتمع الإسلامي!لاحظوا مدى الضرر الناجم عن وجود هؤلاء الخواص في المجتمع؛الخواص الذين يرجّحون دنياهم حتى على مصير العالم الإسلامي لقرون مقبلة،مع ما كان للإمام الحسين عليه السّلام من مكانة و شهرة.

كنت أنظر في قضايا ثورة الإمام الحسين عليه السّلام و حركته من المدينة،و لاحظت أنه في الليلة التي سبقت مسيره من المدينة كان عبد اللّه بن الزبير قد خرج من المدينة أيضا،و في الحقيقة كان كلاهما في وضع واحد،و لكن أين الإمام الحسين عليه السّلام من عبد اللّه بن الزبير؟حديث الإمام الحسين،كلامه،خطابه،أجبر والي المدينة آنذاك-و هو الوليد-على أن يرقّق كلامه و لا يتبع الغلظة مع الحسين عليه السّلام،و ما إن تفوّه مروان بكلمة،إلاّ و الحسين عليه السّلام يرد عليه مهددا غاضبا، و لا حيلة لمروان إلاّ السكوت ذليلا.

هؤلاء الأشخاص أنفسهم ذهبوا و حاصروا دار عبد اللّه بن الزبير،فأخرج إليهم أخاه،فاستأذن منهم أن يسير معهم إلى دار الإمارة في تلك اللحظة،فأهانوه و هددوه إن هو لم يخرج إليهم قتلوه،حتى خضع لهم و توسّل إليهم في أن يأذنوا له أن يرسل أخاه،و غدا يأتيهم بنفسه.

و مع أنّ عبد اللّه بن الزبير كان شخصية بارزة أيضا إلا أن موقفه كان يختلف

ص: 69

إلى هذا الحد مع موقف الإمام الحسين عليه السّلام.لم يكن أحد يتجرأ على التصرف مع الإمام الحسين عليه السّلام أو مخاطبته بهذا الأسلوب لما له من حرمة و ما يتسم به من عظمة و شخصية و هيبة و قوّة روحية.

و في طريقه إلى مكة كان كل من يلقاه و يتكلم معه يخاطبه بالقول:جعلت فداك، أو بأبي أنت و أمي،أو عمّي و خالي فداك.هكذا كانوا يكلمون الإمام الحسين عليه السّلام، و هكذا كانت له مكانة ممتازة و بارزة في المجتمع الإسلامي.

جاءه عبد اللّه بن مطيع و هو بمكة و قال له:«يا ابن رسول اللّه،و لئن قتلوك لا يهابون بعدك أحدا أبدا إن قتلت لنسترقن من بعدك» (1).أي أنّ هؤلاء القوم يحجزهم عن أذانا خشيتهم لك و هيبتهم منك،و إنك إذا ثرت عليهم و قتلت اتخذونا رقيقا لهم.

كانت للإمام الحسين عليه السّلام مكانة و عظمة يخضع لها حتى عبد اللّه ابن عباس، و عبد اللّه بن جعفر و حتى عبد اللّه بن الزبير-مع أنه لم يكن ينظر للإمام الحسين عليه السّلام بعين الإرتياح-كان يبدي له غاية التبجيل و الإكرام.

جميع الأكابر و الخواص من أنصار الحق،أي الذين لم يكونوا إلى جانب الحكومة الأموية و لم يدخلوا جبهة الباطل،و حتى من بينهم الكثير من الشيعة الذين يقرّون بإمامة أمير المؤمنين عليه السّلام و يعتبرونه الخليفة الأول شرعا،هؤلاء بأجمعهم حينما أحسوا ببطش السلطة الحاكمة،تخاذلوا رغبة في الحفاظ على أنفسهم و أموالهم و مناصبهم.و نتيجة لتخاذل هؤلاء،مال عوام الناس إلى جانب الباطل.4.

ص: 70


1- موسوعة كلمات الإمام الحسين عليه السّلام:414.

خواص أهل الكوفة و فعلهم

لو نظرنا إلى أسماء أهل الكوفة الذين كاتبوا الإمام الحسين عليه السّلام و دعوه للقدوم إليهم،و كان كلهم طبعا من طبقة الخواص و من أكابر القوم و وجهاء الناس،و كان عدد الرسائل هائلا بلغ مئات الصفحات،و ربّما ملأت عدّة أخرج.و الذين كتبوها غالبا من الأعيان و الوجهاء،يتبيّن من خلال لهجة تلك الرسائل كم عدد الخواص من أنصار الحق،من كان على استعداد للتضحية بدينه من أجل دنياه،و من منهم كان حريصا على التضحية بالدنيا في سبيل الدين.و هذا ما يمكن أن يستشف من خلال الرسائل.

و لكن بما أن عدد الذين كانوا يميلون إلى التضحية بالدين في سبيل الدنيا كان أكبر،آلت النتيجة إلى مقتل مسلم بن عقيل في الكوفة بعد ما كان قد بايعه ثمانية عشر ألفا من أهلها.

و بعد ذلك خرج منها عشرون أو ثلاثون ألفا لقتال الإمام الحسين عليه السّلام بكربلاء.

معنى هذا أنّ حركة الخواص تجلب في أعقابها حركة العوام.لا أدري هل عظمة هذه الحقيقة التي تلازم الناس الواعين على الدوام،تتبين لنا بشكل واضح صحيح أم لا؟لا بدّ و أنكم سمعتم بما جرى في الكوفة؛إذ كان القوم قد كتبوا الرسائل إلى الإمام الحسين عليه السّلام أن أقدم علينا معززا،فأوفد إليهم مسلم بن عقيل ليطلع على حقيقة الموقف؛إن كان خيرا سار إليهم بنفسه.

سار مسلم إلى الكوفة،و دخل دور كبار الشيعة؛و تلا عليهم كتاب الإمام

ص: 71

الحسين عليه السّلام إليهم،فأخذ الناس يفدون عليه زرافات زرافات و يعلنون عن ولائهم.

و كان النعمان بن بشير والي الكوفة آنذاك شخصا ضعيفا و مسالما،فأعلن أنه لا يقاتل إلا من يقاتله؛و لم ينهض لمجابهة مسلم بن عقيل،فرأى الناس أنّ المجال مفسوح أمامهم،فجاءوا إلى مسلم و بايعوه.

بعث بعض الخواص المؤيدين للباطل-من أنصار الأموين-رسالة إلى يزيد يعلمونه فيها إن كانت له في الكوفة حاجة فليولّي عليها رجلا حازما،و إن النعمان بن بشير لا طاقة له على مجابهة مسلم بن عقيل.

كتب يزيد إلى عبيد اللّه بن زياد الذي كان واليا على البصرة حينذاك يعلمه فيها بأنّه عيّنه واليا على الكوفة مع احتفاظه بولاية البصرة.و انطلق عبيد اللّه من ساعته يحث السير من البصرة إلى الكوفة.و يتضح دور الخواص أيضا من خلال مجيئه إلى هناك.

ص: 72

نموذج للعوام

وصل عبيد اللّه إلى مشارف الكوفة ليلا،و ما إن رأى الناس رجلا ملثما قادما و معه الخيل و العدّة،حتى ظنّه العوام أنه الإمام الحسين عليه السّلام،فتقدموا إليه بكل بساطة و حييّوه قائلين:«السلام عليك يا ابن رسول اللّه».هذه صفة عوام الناس؛ ليست لأحدهم قدرة على التحليل أو النظر في الأمر،فما إن رأوا شخصا قادما و معه الخيل و العدّة حتى ظنّوه الإمام الحسين عليه السّلام حتى قبل أن يتحدث معهم بكلمة وحدة.و أخذ الجميع يردد:إنه الإمام الحسين عليه السّلام.كان الجدير بهم أن يتأملوا ليعرفوا من هو.

لكن هذا القادم لم يلتفت إلى الناس،و سار إلى دار الإمارة و عرّفهم بنفسه و دخل القصر.

و بدأ يخطط من هناك للقضاء على وثبة مسلم بن عقيل،و تركزت مساعيه على استخدام أشد أساليب الضغط و التهديد و التعذيب ضد أنصار مسلم بن عقيل.

و احتال على هاني بن عروة و استقدمه إلى القصر،و شجّ رأسه و وجهه.و لما احتشد بعض الناس حول القصر نجح بتفريقهم بأساليب الحيلة و الكذب.و هنا أيضا يتضح دور الخواص الفاسدين الذين يسمّون بأنصار الحق،و هم الذين عرفوا الحق و ميّزوه،لكنهم رجّحوا دنياهم على الدين.

ص: 73

مسلم ضحيّة العوام

و بعد أن سار مسلم بن عقيل بحشد كبير من أنصاره-جاء في كتاب ابن الأثير ان عددهم بلغ ثلاثين الفا،و الذين أحاطوا بداره فقط بلغ عددهم أربعة آلاف يحملون السيوف دفاعا عنه،كان هذا في اليوم التاسع من ذي الحجة-سارع ابن زياد إلى بث بعض خواص الباطل بينهم لأجل إثارة الخوف و الرعب فيهم، و يشيعوا بينهم أنّ لبني أمية كل شيء؛السلاح و المال و القوّة،و إنّ هؤلاء لا شيء عندهم.فاستشرى الذعر بين الناس و أخذوا يتفرقون عنه تدريجيا،و ما إن حان وقت صلاة العشاء حتى لم يبق مع مسلم أحد.

و نادى منادي ابن زياد:يجب أن يحضر الجميع إلى مسجد الكوفة عند صلاة العشاء ليصلّوا معه!و جاء في المصادر التاريخية أنّ المسجد امتلأ بالناس للصلاة خلف ابن زياد.

ص: 74

تخاذل أنصار الحق

حسنا،لماذا آلت الأمور إلى ذلك المآل؟إنني حينما أنظر أرى أنّ ذلك يعزى إلى الخواص من أنصار الحق الذين سلك بعضهم مسلكا اتسم بغاية التخاذل،من أمثال شريح القاضي!شريح هذا لم يكن من بني أمية و كان يعرف حقيقة الأوضاع و يدرك الحق مع من.

فحينما جاءوا بهاني بن عروة و شجّوا رأسه و جرحوا وجهه و ألقوه في السجن،هبّت عشيرته و حاصرت قصر ابن زياد،فخشي ابن زياد اجتماعهم؛إذ يرون أن قاتل هاني هو ابن زياد،لذلك أمر شريحا أن يذهب ليرى بعينه أنّ هاني حيّ.

اطلع شريح على حياة هاني بنفسه و لكنه وجده مجروحا،فما إن رأى هاني شريحا القاضي حتى استغاث بالمسلمين(مخاطبا لشريح)أين قومي؟هل ماتوا؟ لماذا لا يأتون و ينقذوني مما أنا فيه؟

يقول شريح:أردت أن أذهب و أبلغ المجتمعين حول قصر الإمارة بمقالة هاني، لكن للأسف كان هناك جاسوس ابن زياد،فلم أستطع!ماذا يعني(لم استطع)؟يعني ترجيح الدنيا على الدين.

ص: 75

أثر كذبة شريح القاضي على التاريخ

لعل شريح لو كان فعل ذلك لتغير التاريخ،لو قال للناس إنّ هاني حي و لكنه في السجن،و ابن زياد يريد قتله-و لم يكن ابن زياد قد استولى على الأمور بعد- لهجموا و أنقذوا هاني و أصبحوا أكثر قوّة و شكيمة و لقبضوا على ابن زياد و قتلوه أو أخرجوه من هناك،و لا ستتب أمر الكوفة للحسين عليه السّلام،و لما وقعت حادثة كربلاء!و لو لم تقع حادثة كربلاء لانتهى الأمر إلى استلام الإمام الحسين عليه السّلام لزمام الحكم،و لو أنّ هذا الحكم استمر تسعة أشهر-و ربما كان يمتد لفترة أطول- لكانت له بركة كبيرة في التاريخ.

قد تؤدي حركة ما أحيانا إلى تبديل وجه التاريخ.و قد تقود حركة أخرى مغلوطة و ناتجة عن الخوف و الضعف و حب الدنيا و الحرص على الحياة،إلى جعل التاريخ يتمرغ في مهاوي الضياع.أنت(يا شريح القاضي)لماذا لم تشهد بالحق حينما رأيت هاني على تلك الحالة؟!هذا هو دور الخواص الذين يفضّلون الدنيا على الدين.

حينما أمر ابن زياد رؤساء القبائل أن يذهبوا و يعملوا على تفريق الناس من حول مسلم،لماذا أطاعوا أمره؟فهم لم يكونوا بأجمعهم من الأمويين،و لم يكونوا قد قدموا من الشام،بل أن بعضهم كان ممن كتب الرسائل إلى الإمام الحسين عليه السّلام كشبث بن ربعي الذي كان قد كتب له رسالة و دعاه إلى القدوم!هذا الرجل كان من جملة الذين أمرهم ابن زياد بالسعي لتفريق الناس،فذهب و أخذ يثبط الناس و يستخدم أساليب التهديد و التخويف و الإغراء،و ساهم في تفريق الناس عنه.لماذا

ص: 76

فعلوا هكذا؟

أثر تخاذل شبث بن ربعي

لو أن شخصا كشبث بن ربعي خشي اللّه في لحظة مصيرية،بدلا من خشية ابن زياد،لتبدّل وجه التاريخ!لكن هؤلاء انبروا لتثبيط الناس؛فتفرق العوام.

و لكن لماذا تفرق الخواص المؤمنون المحيطون بمسلم؟مع أنهم كان من بينهم شخصيات خيّرة و صالحة و بعضهم سار في ما بعد إلى كربلاء و استشهد هناك.

لكنهم أخطأوا في ذلك الموقف.

من الطبيعي أنّ الذين استشهدوا في كربلاء قد كفّروا عن خطئهم ذلك.و نحن هنا لا نتحدث عنهم و لا نذكر أسماءهم.و لكن أيضا كان من بينهم من لم يأت إلى كربلاء!لم يستطيعوا أو لم يوفقوا،لكنهم انخرطوا في ما بعد في صفوف التوابين.

أثر التحرك في وقته

و لكن ما فائدة ذلك بعد ما وقعت فاجعة كربلاء و قتل سبط الرسول صلّى اللّه عليه و اله،و بدأت حركة التاريخ بالإنتكاس؟و لهذا السبب كان عدد التوابين عدّة أضعاف شهداء كربلاء.شهداء كربلاء صرعوا كلهم في يوم واحد،و التوابون صرعوا كلهم في يوم واحد أيضا.

و لكن تلاحظون أنّ الأثر الذي تركه التوابون في التاريخ لا يعدل واحدا من ألف مما خلّفه شهداء كربلاء!و ذلك لأنهم لم يبادروا إلى ذلك العمل في وقته،و لأن

ص: 77

تشخيصهم و قرارهم قد جاء متأخّرا.

أثر تخلي الخواص عن مسلم

لماذا تركوا مسلم وحده،بعد ما جاء إليهم كمندوب عن الإمام الحسين عليه السّلام، و بعد ما بايعوه و الكلام هنا للعوام لا للخواص لماذا حينما جنّ عليه الليل تركوه يلتجئ إلى دار طوعة؟!

لو أنّ الخواص لم يتخلّوا عن مسلم،و لو وقف الى جانبه على سبيل المثال مائة رجل،و آووه في دار أحدهم و دافعوا عنه،و مسلم حتى حينما كان وحده حينما أرادوا اعتقاله بقي يقاوم عدّة ساعات،و استطاع بعد أنّ هجموا عليه عدة مرّات- و رغم كثرة عددهم-أن يردهم على أعقابهم،و لو كان معه مائة رجل،هل كان بإمكانهم القبض عليه؟!كلا؛لأن الناس سيهبون لنجدتهم.

إذن الخواص قصّروا هنا إذ لم يهبّوا المؤازرة مسلم.

أثر موقف الخواص في الوقت المناسب

لاحظوا أينما تذهبون تصطدمون بموقف الخواص.من الواضح أنّ قرار الخواص في الوقت المناسب،و رؤيتهم الصائبة للأمور في الوقت المناسب، و تجاوزهم عن الدنيا في اللحظة المناسبة،و موقفهم في سبيل اللّه في الفرصة المؤاتية،هو الذي يستنقذ التاريخ و يصون القيم.

و هذا ما يوجب اتخاذ الموقف المناسب في اللحظة المناسبة،أما إذا فات الأوان، فلا جدوى في ما وراء ذلك.

ص: 78

نموذج تاريخي معاصر

بعد الانتخابات التي جرت في الجزائر و فازت فيها الجبهة الإسلامية،سيطر الجيش على مقاليد الحكم بتحريض من أمريكا و غيرها.

في اليوم الأول لمجيء حكومة العسكر إلى السلطة،لم تكن لها أية قوّة،فلو أن مسؤولي الجبهة الإسلامية قادوا الناس إلى الشوارع منذ اليوم الأول-و قد أعلنت لهم ذلك-حين لم تكن الحكومة العسكرية يومذاك على درجة من القوّة،و لا قادرة على أي عمل،لقضوا عليها و لأقاموا حكما إسلاميا،و لكانت في الجزائر اليوم حكومة إسلامية.و لكنهم لم يتخذوا قرارا كهذا.بعضهم أخذته الرهبة،و البعض الآخر انتابه الضعف،و البعض قال:لنا الرئاسة،أو لهذا أو لذاك!

نموذج تاريخي معاكس

عصر يوم الحادي و العشرين من بهمن عام 1357 ه ش أعلنت الأحكام العرفية في طهران،لكن الإمام دعا الناس للنزول إلى الشوارع و لو لم يتخذ الإمام هذا القرار في تلك اللحظة لكان محمّد رضا لا يزال يحكم هذا البلد.

و لو أنّ الناس حين إعلان الأحكام العرفية لزموا منازلهم،لبدأوا أول ما بدأوا بالإمام و من بعده مدرسة الرفاه ثم بقية المناطق،و لقضوا على كل شيء،و لكانوا

ص: 79

قتلوا في طهران خمسمائة ألف شخص،و انتهى كل شيء!على غرار ما حصل في أندونيسيا حيث قتلوا مليون شخص ثم عاد كل شيء إلى محلّه،و الإمام اتخذ القرار اللازم في اللحظة الحاسمة،في موقعه.

أثر تقصير الخواص

لو أنّ الخواص شخّصوا ما ينبغي عمله في الظرف المناسب،و طبّقوا ذلك لتغير وجه التاريخ،و لما سيق أمثال الحسين بن علي عليه السّلام إلى ميدان كميدان كربلاء.و إذا كان الخواص قد أساءوا الفهم،أو أبطأوا في الفهم،أو فهموا و لكن اختلفوا،و حتى إذا كان المتصدون للعمل كفوئين،إلا أنّ طبقة الخواص لم تتجاوب معهم،و قال أحد أفرادها نحن مشغولون حاليا و قال غيره لقد انتهت الحرب،دعونا نتفرّغ لأعمالنا و نكسب لقمة عيشنا و جمعوا خلال بضع سنوات إمكانات هائلة و إننا قد سئمنا القتال و التجوال بين هذه الجبهة و تلك؛تارة في جبهة الغرب و تارة في جبهة الجنوب،إذا تصرف الخواص بهذه الصورة،فاعلموا أنّ التاريخ ستتكرر فيه وقائع كواقعة كربلاء!

ص: 80

النصر مشروط بالتضحية

وعد اللّه تعالى بنصرة من ينصره،إن قام أحد للّه و بذل جهده يكون النصر حليفه لا بمعنى يكتب النصر لكل واحد من الأشخاص،بل معناه أنّ أية جماعة عند ما تتحرك تنال النصر،و من الطبيعي أنّ مسارها تحفّه المصاعب و القتل و الآلام،و لكن فيه انتصار أيضا.

يقول الباري تعالى: وَ لَيَنْصُرَنَّ اللّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (1)و لا يقول ننصركم دون أن يدمى أنف أحدكم،لا أبدا،و إنما يقول إِنَّ اللّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَ يُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ وَ الْقُرْآنِ وَ مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (2).و لكن ينتصرون،هذه سنّة إلهية.

حينما نخاف على دمائنا،و على كرامتنا،و على أموالنا،و لأجل عوائلنا و أحبائنا، و حينما نخشى على الراحة و المعيشة الوادعة،و نحرص على الكسب و على الحصول على دار فيها غرفة أكثر من غرف الدار السابقة،عند ما تعيقنا أمثال هذه الأمور عن الحركة،يصبح من الواضح حينها أنه حتى لو كان أشخاص كالإمام الحسين تزعموا الطريق،لاستشهدوا عن آخرهم،مثلما استشهد أمير المؤمنين عليه السّلام،و كما استشهد الحسين عليه السّلام.

ص: 81


1- سورة الحج:40.
2- سورة التوبة:111.

الخواص،الخواص،طبقة الخواص.أنظروا يا أعزائي أين موقعكم؛إن كنتم من الخواص-و أنتم فعلا منهم-فحاذروا.

عدم إنقياد الخواص للدنيا

في كل زمن كان يجب فيه على الخواص العمل بتكاليفهم و اجتناب انقيادهم لمغريات الدنيا،و يجب البحث في كيفية عدم الإنقياد للدنيا،مع ذكر الأمثلة و المصاديق على ذلك.

إنّ السير على طريق اللّه له معارضون على الدوام.و لو أن شخصا من هؤلاء الخواص الذين تحدثنا عنهم أراد أن يقدم على عمل-إنّ هو أراد ذلك-لا نبرى له جماعة آخرون من أولئك الخواص أنفسهم باللوم و التعنيف و التقريع على موقفه ذاك.

مثلما كانوا يفعلون في أيام ثورتنا.لكن الخواص يجب عليهم أن يقاوموا؛هذه إحدى ضرورات جهاد الخواص،و هي الصبر على اللوم و التقريع،لأنهم يتلقون من المعارضين التهم و الإساءات على الدوام.

إنّ أي عمل يؤديه الخواص و في أي قطاع كان،و قد يكون من القضايا الهامّة التي قد تطرأ في المستقبل،-و ما ذكر كان نموذجا مصغرا-سيؤدي إلى إثارة الإعتراضات و التساؤلات من قبل البعض! (1).

ص: 82


1- ثورة عاشوراء شمس الشهادة:213.

نظرة في أسباب الثورة الحسينية

اشارة

قال السيد باقر القرشي:و أحاطت بالإمام عليه السّلام عدة من المسؤوليات الدينية و الواجبات الاجتماعية و غيرها،فحفزته إلى الثورة،و دفعته إلى التضحية و الفداء و هذه بعضها:

1-المسؤولية الدينية

و أعلن الإسلام المسؤولية الكبرى على كل مسلم عما يحدث في بلاد المسلمين من الأحداث و الأزمات التي تتنافى مع دينهم،و تتجافى مع مصالحهم،فإنه ليس من الإسلام في شي أن يقف المسلم موقفا يتسم بالميوعة و اللامبالاة أمام الهزات التي تدهم الأمة و تدمّر مصالحها،و قد أعلن الرسول صلّى اللّه عليه و اله هذه المسؤولية،يقول صلّى اللّه عليه و اله:

«كلكم راع،و كلكم مسؤول عن رعيته»فالمسلم مسؤول أمام الله عن رعاية مجتمعه،و السهر على صالح بلاده،و الدفاع عن أمته.

و على ضوء هذه المسؤولية الكبرى ناهض الإمام جور الأمويين،و ناجز مخططاتهم الهادفة إلى استعباد الأمة و إذلالها،و نهب ثرواتها،و قد أدلى عليه السّلام بما يحتّمه الإسلام عليه من الجهاد لحكم الطاغية يزيد،أمام الحر و أصحابه قال عليه السّلام:

«أيها الناس إن رسول الله صلّى اللّه عليه و اله قال:من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله ناكثا لعهد الله،مخالفا لسنّة رسول الله صلّى اللّه عليه و اله يعمل في عباد الله بالإثم و العدوان،فلم

ص: 83

يغير عليه بقول و لا فعل كان حقا على الله أن يدخله مدخله».

لقد كان الواجب الديني يحتّم عليه القيام بوجه الحكم الأموي الذي استحلّ حرمات الله،و نكث عهوده و خالف سنّة رسول الله صلّى اللّه عليه و اله،و قد صرّح جماعة من علماء المسلمين بأن الواجب الديني كان يقضي على الإمام أن ينطلق في ميادين الجهاد دفاعا عن الإسلام،و فيما يلي بعضهم.

[ قد صرّح جماعة من علماء المسلمين بأن الواجب الديني كان يقضي على الإمام أن ينطلق في ميادين الجهاد دفاعا عن الإسلام]

-1-الإمام محمد عبده:

و ألمع الإمام محمد عبده في حديثه عن الحكومة العادلة و الجائرة في الإسلام إلى خروج الإمام على حكومة يزيد،و وصفه بأنه كان واجبا شرعيا عليه،قال:«إذا وجد في الدنيا حكومة عادلة تقيم الشرع،و حكومة جائرة تعطّله،وجب على كل مسلم نصر الأولى،و خذل الثانية...و من هذا الباب خروج الإمام الحسين عليه السّلام سبط الرسول صلّى اللّه عليه و اله على إمام الجور و البغي الذي ولي أمر المسلمين بالقوة و المنكر يزيد بن معاوية خذله الله،و خذل من انتصر له من الكرامية و النواصب».

-2-محمد عبد الباقي:

و تحدث الأستاذ محمد عبد الباقي سرور عن المسؤولية الدينية و الاجتماعية اللتين تحتمان على الإمام القيام بمناهضة حكم يزيد قال:

«لو بايع الحسين يزيد الفاسق المستهتر،الذي أباح الخمر و الزنا و حط بكرامة الخلافة إلى مجالسة الغانيات،و عقد حلقات الشراب في مجلس الحكم،و الذي ألبس الكلاب و القرود خلاخل من ذهب،و مئات الآلاف من المسلمين صرعى الجوع، و الحرمان.

ص: 84

لو بايع الحسين يزيد أن يكون خليفة لرسول الله صلّى اللّه عليه و اله على هذا الوضع لكانت فتيا من الحسين بإباحة هذا للمسلمين،و كان سكوته هذا أيضا رضى،و الرضى من ارتكاب المنكرات و لو بالسكوت إثم و جريمة في حكم الشريعة الإسلامية، و الحسين بوضعه الراهن في عهد يزيد هو الشخصية المسؤولة في الجزيرة العربية بل في البلاد الإسلامية كافة عن حماية التراث الإسلامي لمكانته في المسلمين،و لقرابته من رسول رب العالمين،و لكونه بعد موت كبار المسلمين كان أعظم المسلمين في ذلك الوقت علما و زهدا و حسبا و مكانة.فعلى هذا الوضع أحس بالمسؤولية تناديه و تطلبه لإيقاف المنكرات عند حدها،و لا سيما أن الذي يضع هذه المنكرات و يشجع عليها هو الجالس في مقعد رسول الله صلّى اللّه عليه و اله هذا أولا.

و ثانيا:إنه عليه السّلام جاءته المبايعات بالخلافة من جزيرة العرب،و جاءه ثلاثون ألفا من الخطابات من ثلاثين ألف من العراقيين من سكان البصرة و الكوفة يطلبون فيها منه الشخوص لمشاركتهم في محاربة يزيد بن معاوية،و ألحوا تكرارا هذه الخطابات حتى قال رئيسهم عبد الله بن الحصين الأزدي:يا حسين سنشكوك إلى الله تعالى يوم القيامة إذا لم تلب طلبنا،و تقوم بنجدة الإسلام،و كيف و الحسين ذو حمية دينية و نخوة إسلامية،و المفاسد تترى أمام عينيه،كيف لا يقوم بتلبية النداء، و على هذا الوضع لبى النداء،كما تأمر به الشريعة الإسلامية،و توجه نحو العراق».

و هذا الرأي وثيق للغاية فقد شفّع بالأدلة الشرعية التي حمّلت الإمام مسؤولية الجهاد و الخروج على حكم طاغية زمانه.

-3-عبد الحفيظ أبو السعود:

يقول الأستاذ عبد الحفيظ أبو السعود:«و رأى الحسين أنه مطالب الآن-يعني بعد هلاك معاوية-أن يعلن رفضه لهذه البيعة،و أن يأخذ البيعة لنفسه من

ص: 85

المسلمين،و هذا أقل ما يجب حفاظا لأمر الله،و رفعا للظلم،و إبعادا لهذا العابث يعني يزيد-عن ذلك المنصب الجليل».

-4-الدكتور أحمد محمود صبحي:

و ممن صرّح بهذه المسؤولية الدينية الدكتور أحمد محمود صبحي قال:«ففي إقدام الحسين على بيعة يزيد انحراف عن أصل من أصول الدين من حيث أن السياسة الدينية للمسلمين لا ترى في ولاية العهد وراثة الملك إلا بدعة هرقلية دخيلة على الإسلام،و من حيث أن اختيار شخص يزيد مع ما عرف عنه من سوء السيرة،و ميله إلى اللهو و شرب الخمر،و منادمة القرود ليتولى منصب الخلافة عن رسول الله صلّى اللّه عليه و اله أكبر وزر يحل بالنظام السياسي للإسلام،يتحمل وزره كل من شارك فيه و رضي عنه،فما بالك إذا كان المقدم على ذلك هو ابن بنت رسول الله.

كان خروج الحسين إذا أمرا يتصل بالدعوة و العقيدة أكثر مما يتصل بالسياسة و الحرب».

-5-العلايلي:

يقول العلايلي:«و هناك واجب على الخليفة إذا تجاوزه وجب على الأمة إسقاطه، و وجبت على الناس الثورة عليه و هو المبالغة باحترام القانون الذي يخضع له الناس عامة،و إلا فأي تظاهر بخلافه يكون تلاعبا و عبثا،و من ثم وجب على رجل القانون أن يكون أكثر تظاهرا باحترام القانون من أي شخص آخر،و أكبر مسؤولية من هذه الناحية،فإذا فسق الملك ثم جاهر بفسقه و تحدى الله و رسوله

ص: 86

و المؤمنين لم يكن الخضوع له إلا خضوعا للفسق و خضوعا للفحشاء و المنكر،و لم يكن الإطمئنان إليه إلا اطمئنانا للتلاعب و المعالنة الفاسقة.

هذا هو المعنى التحليلي لقوله عليه السّلام:«و يزيد رجل فاسق،شارب للخمر و قاتل النفس المحرمة،معلن بالفسق».

هذه بعض الآراء التي أدلى بها جماعة من العلماء في إلزام الإمام شرعا بالخروج على حكم الطاغية يزيد،و أنه ليس له أن يقف موقفا سلبيا أمام ما يقترفه يزيد من الظلم و الجور.

ص: 87

2-المسؤولية الاجتماعية

و كان الإمام عليه السّلام بحكم مركزه الاجتماعي مسؤولا أمام الأمة عما منيت به من الظلم و الاضطهاد من قبل الأمويين،و من هو أولى بحمايتها و رد الاعتداء عنها غيره فهو سبط رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و ريحانته،و الدين دين جده،و الأمة أمة جده،و هو المسؤول بالدرجة الأولى عن رعايتهما.

لقد رأى الإمام أنه مسؤول عن هذه الأمة،و أنه لا يجدي بأي حال في تغيير الأوضاع الاجتماعية التزام جانب الصمت،و عدم الوثوب في وجه الحكم الأموي الملىء بالجور و الآثام،فنهض عليه السّلام بأعباء هذه المسؤولية الكبرى،و أدى رسالته بأمانة و إخلاص،و ضحّى بنفسه و أهل بيته و أصحابه ليعيد على مسرح الحياة عدالة الإسلام و حكم القرآن.

3-إقامة الحجة عليه

و قامت الحجة على الإمام لإعلان الجهاد،و مناجزة قوى البغي و الإلحاد،فقد تواترت عليه الرسائل و الوفود من أقوى حامية عسكرية في الإسلام،و هي الكوفة فكانت رسائل أهلها تحمّله المسؤولية أمام الله إن لم يستجب لدعواتهم الملحة لإنقاذهم من عسف الأمويين و بغيهم،و من الطبيعي أنه لو لم يجيبهم لكان مسؤولا أمام الله،و أمام الأمة في جميع مراحل التأريخ،و تكون الحجة قائمة عليه.

ص: 88

4-حماية الإسلام

و من أوكد الأسباب التي ثار من أجلها حفيد الرسول صلّى اللّه عليه و اله حماية الإسلام من خطر الحكم الأموي الذي جهد على محو سطوره،و قلع جذوره و إقبار قيمه،فقد أعلن يزيد و هو على دست الخلافة الإسلامية الكفر و الإلحاد بقوله:

لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء و لا وحي نزل

و كشف هذا الشعر عن العقيدة الجاهلية التي كان يدين بها يزيد فهو لم يؤمن بوحي و لا كتاب،و لا جنة و لا نار،و قد رأى السبط أنه إن لم يثأر لحماية الدين فسوف يجهز عليه حفيد أبي سفيان و يجعله أثرا بعد عين،فثار عليه السّلام ثورته الكبرى التي فدى بها دين الله،فكان دمه الزاكي المعطر بشذى الرسالة،هو البلسم لهذا الدين،فإن من المؤكد أنه لولا تضحيته لم يبق للإسلام اسم و لا رسم،و صار الدين دين الجاهلية و دين الدعارة و الفسوق،و لذهبت سدى جميع جهود النبي صلّى اللّه عليه و اله و ما كان ينشده للناس من خير و هدى،و قد نظر النبي صلّى اللّه عليه و اله من وراء الغيب و استشف مستقبل أمّته،فرأى بعين اليقين،ما تمنى به الأمة من الانحراف عن الدين،و ما يصيبها من الفتن و الخطوب على أيدي أغيلمة من قريش،و رأى أن الذي يقوم بحماية الإسلام هو الحسين عليه السّلام فقال صلّى اللّه عليه و اله كلمته الخالدة:«حسين مني و أنا من حسين»فكان النبي صلّى اللّه عليه و اله حقا من الحسين لأن تضحيته كانت وقاية للقرآن، و سيبقى دمه الزكي يروي شجرة الإسلام على ممر الأحقاب و الآباد.

ص: 89

5-صيانة الخلافة

و من ألمع الأسباب التي ثار من أجلها الإمام الحسين عليه السّلام تطهير الخلافة الإسلامية من أرجاس الأمويين الذين نزوا عليها بغير حق..فلم تعد الخلافة-في عهدهم كما يريدها الإسلام-وسيلة لتحقيق العدل الاجتماعي بين الناس،و القضاء على جميع أسباب التخلف و الفساد في الأرض.

لقد اهتم الإسلام اهتماما بالغا بشأن الخلافة باعتبارها القاعدة الصلبة لإشاعة الحق و العدل بين الناس،فإذا صلحت نعمت الأمة بأسرها،و إذا انحرفت عن واجباتها فإن الأمة تصاب بتدهور سريع في جميع مقوماتها الفكرية و الاجتماعية..و من ثم فقد عني الإسلام في شأنها أشد ما تكون العناية،فألزم من يتصدى لها بأن تتوفر فيه النزعات الخيرة و الصفات الشريفة من العدالة و الأمانة، و الخبرة بما تحتاج إليه الأمة فى مجالاتها الإقتصادية و الإدارية و السياسية،و حرّم على من فقد هذه الصفات أن يرشح نفسه للخلافة..و قد تحدث عليه السّلام في أولى رسائله إلى أهل الكوفة عن الصفات التي يجب أن تتوفر فيمن يرشح نفسه إلى إمامة المسلمين و إدارة شؤونهم قال عليه السّلام:

«فلعمري ما الإمام إلا العامل بالكتاب،و الآخذ بالقسط،و الدائن بالحق،و الحابس نفسه على ذات الله».

فمن تحلّى بهذه الصفات كان له الحق في تقديم نفسه لإمامة المسلمين و خلافتهم،و من لم يتصف بها فلا حق له في التصدي لهذا المركز الخطير الذي كان

ص: 90

يشغله الرسول صلّى اللّه عليه و اله...إن الخلافة الإسلامية ليست مجرد سلطة زمنية على الأمة، و إنما هي نيابة عن الرسول صلّى اللّه عليه و اله و امتداد ذاتي لحكومته المشرقة.

و قد رأى الإمام الحسين أن مركز جده قد صار إلى سكير مستهتر لا يعي إلا شهواته و رغباته،فثار عليه السّلام ليعيد للخلافة الإسلامية كيانها المشرق و ماضيها الزاهر.

6-تحرير إرادة الأمة:

و لم تملك الأمة في عهد معاوية و يزيد إرادتها و اختيارها فقد كانت جثة هامدة لا وعي فيها و لا اختيار،قد كبّلت بقيود ثقيلة سدّت في وجهها منافذ النور و الوعي، و حيل بينها و بين إرادتها.

لقد عمل الحكم الأموي على تخدير المسلمين و شل تفكيرهم،و كانت قلوبهم مع الإمام الحسين،إلا أنهم لا يتمكنون من متابعة قلوبهم و ضمائرهم فقد استولت عليها حكومة الأمويين بالقهر،فلم يملكوا من أمرهم شيئا،فلا إرادة لهم و لا اختيار، و لا عزم و لا تصميم فأصبحوا كالأنصاب لا وعي فيهم و لا حراك،قد قبعوا أذلاء صاغرين تحت وطأة سياط الأمويين و بطشهم».

لقد هبّ الإمام إلى ساحات الجهاد و الفداء ليطعّم المسلمين بروح العزة و الكرامة،فكان مقتله نقطة تحوّل في تأريخ المسلمين و حياتهم،فانقلبوا رأسا على عقب،فتسلّحوا بقوة العزم و التصميم،و تحرّروا من جميع السلبيات التي كانت ملمة بهم،و انقلبت مفاهيم الخوف و الخنوع التي كانت جاثمة عليهم إلى مبادىء الثورة و النضال،فهبّوا متضامنين في ثورات مكثفة،و كان شعارهم(يا لثارات الحسين)فكان هذا الشعار هو الصرخة المدوية التي دكت عروش الأمويين و أزالت سلطانهم.

ص: 91

7-تحرير اقتصاد الأمة:

و انهار اقتصاد الأمة الذي هو شرايين حياتها الاجتماعية و الفردية فقد عمد الأمويون بشكل سافر إلى نهب الخزينة المركزية و الاستئثار بالفيء و سائر نمرات الفتوح و الغنائم،فحازوا الثراء العريض،و تكدست في بيوتهم الأموال الهائلة التي حاروا في صرفها،و قد أعلن معاوية أمام المسلمين أن المال مال الله،و ليس مال المسلمين فهو أحق به،و يقول سعيد بن العاص:إنما السواد بستان قريش،و قد أخذوا ينفقون الأموال على أغراضهم السياسية التي لا تمت بصلة لصالح الأمة.أما مواد إنفاقهم البارزة فهي:

أ-شراء الضمائر و الأديان،و قد تقدمت الشواهد المؤيدة لذلك عند البحث عن سياسة معاوية الاقتصادية.

ب-الإنفاق على لجان الوضع لافتعال الأخبار التي تدعم الكيان الأموي و تحط من قيمة أهل البيت،و قد ألمحنا إلى ذلك بصورة مفصلة.

ج-الهبات الهائلة و العطايا الوافرة للوجوه و الأشراف لكم أفواههم عما تقترفه السلطة من الظلم للرعية.

د-الصرف على المجون و الدعارة،فقد امتلأت بيوتهم بالمغنين و المغنيات و أدوات العزف و سائر المنكرات.

هذه بعض الموارد التي كان ينفق عليها الأموال،في حين أن الجوع قد نهش الأمة و عمّت فيها المجاعة،و انتشر شبح الفقر في جميع الأقطار الإسلامية سوى الشام فقد رفّه عليها لأنها الحصن المنيع الذي كان يحمي جور الأمويين و ظلمهم.

ص: 92

و قد ثار الإمام الحسين عليه السّلام ليحمي اقتصاد الأمة و يعيد توازن حياتها المعاشية،و قد صادر أموالا من الخراج كانت قد أرسلت لمعاوية،كما صادر أموالا أخرى أرسلت من اليمن إلى خزينة دمشق في أيام يزيد،و قد أنفقها على الفقراء و المعوزين،و كان عليه السّلام أكثر ما يعاني من الآلام هو أنه يرى الفقر قد أخذ بخناق المواطنين،و لم ينفق شيئا من بيت المال على إنعاش حياتهم.

8-المظالم الاجتماعية:

و انتشرت المظالم الاجتماعية في أنحاء البلاد الإسلامية،فلم يعد قطر من الأقطار إلا و هو يعج بالظلم و الاضطهاد من جورهم،و كان من مظاهر ذلك الظلم مايلي:

-1-فقد الأمن

و انعدم الأمن في جميع أنحاء البلاد،و ساد الخوف و الإرهاب على جميع المواطنين،فقد أسرفت السلطة الأموية بالظلم،فجعلت تأخذ البريء بالسقيم، و المقبل بالمدبر،و تعاقب على الظنة و التهمة،و تسوق الأبرياء بغير حساب إلى السجون و القبور،و كان الناس في عهد زياد يقولون:«أنج سعد فقد هلك سعيد»و لا يوجد أحد إلا و هو خائف على دمه،و ماله،فثار الإمام الحسين عليه السّلام لينقذ الناس من هذا الجور الهائل.

-2-احتقار الأمة

و كان الخط السياسي الذي انتهجه الأمويون العمل على إذلال الأمة و الاستهانة بها و كان من مظاهر ذلك الاحتقار إنهم كانوا يختمون في أعناق المسلمين كما

ص: 93

توسم الخيل علامة لاستعبادهم كما نقشوا على أكف المسلمين علامة لاسترقاقهم كما يصنع بالعلوج من الروم و الحبشة و قد هب الإمام عليه السّلام في ميادين الجهاد ليفتح للمسلمين أبواب العزة و الكرامة،و يحطم عنهم ذلك الكابوس المظلم الذي أحال حياتهم إلى ظلام قاتم لا بصيص فيه من النور.

9-المظالم الهائلة على الشيعة:

و ذهبت نفس الإمام الحسين أسى على ما عانته الشيعة-في عهد معاوية-من ضروب المحن و البلاء،فقد أمعن معاوية في ظلمهم و إرهاقهم و فتك بهم فتكا ذريعا،و راح يقول للإمام الحسين:«يا أبا عبد الله علمت أنا قتلنا شيعة أبيك فحنّطناهم و كفّناهم و صلّينا عليهم و دفناهم»و قد بذل قصارى جهوده في تصفية الحساب معهم،و قد ذكرنا عرضا مفصلا لما عانوه في عهد معاوية و خلاصته.

-1-إعدام أعلامهم كحجر بن عدي،و عمرو بن الحمق الخزاعي و صيفي بن فسيل و غيرهم.

-2-صلبهم على جذوع النخل.

-3-دفنهم أحياءا.

-4-هدم دورهم.

-5-عدم قبول شهاداتهم.

-6-حرمانهم من العطاء.

-7-ترويع السيدات من نسائهم.

-8-إذاعة الذعر و الخوف في جميع أوساطهم.

ص: 94

إلى غير ذلك من صنوف الإرهاق الذي عانوه،و قد ذعر الإمام الحسين عليه السّلام مما حل بهم،فبعث بمذكرته الخطيرة لمعاوية التي سجّل فيها ما ارتكبه جرائم في حق الشيعة،و قد ذكرناها في البحث عن حكومة معاوية.

لقد كانت الإجراءات القاسية التي اتخذها الحكم الأموي ضد الشيعة من أسباب ثورته فهب لإنقاذهم من واقعهم المرير،و حمايتهم من الجور و الظلم.

10-محو ذكر أهل البيت:

و من ألمع الأسباب التي ثار من أجلها أبو الشهداء عليه السّلام هو أن الحكم الأموي قد جهد على محو ذكر أهل البيت عليهم السّلام و استئصال مآثرهم و مناقبهم و قد استخدم معاوية في هذا السبيل أخبث الوسائل و هي:

-1-إفتعال الأخبار في الحط من شأنهم.

-2-إستخدام أجهزة التربية و التعليم لتربية النشء على بغضهم.

-3-معاقبة من يذكر مناقبهم بأقصى العقوبات.

-4-سبّهم على المنابر و المآذن و خطب الجمعة.

و قد عقد الإمام الحسين عليه السّلام مؤتمره السياسي الكبير في مكة المكرمة و أحاط المسلمين علما بالإجراءات الخطيرة التي اتخذها معاوية إلى إزالة أهل البيت عن الرصيد الإسلامي...و كان عليه السّلام يتحرق شوقا إلى الجهاد،و يود أن الموت قد وافاه و لا يسمع سب أبيه على المنابر و المآذن.

ص: 95

11-تدمير القيم الإسلامية:

اشارة

و عمد الأمويون إلى تدمير القيم الإسلامية،فلم يعد لها أي ظل على واقع الحياة الإسلامية و هذه بعضها:

أ-الوحدة الإسلامية

و أشاع الأمويون الفرقة و الاختلاف بين المسلمين فأحيوا العصبيات القبلية، و شجّعوا الهجاء بين الأسر و القبائل العربية حتى لا تقوم وحدة بين المسلمين،و قد شجّع يزيد الأخطل على هجاء الأنصار الذين آووا النبي صلّى اللّه عليه و اله و حاموا عن دينه أيام غربة الإسلام و محنته.

لقد كانت الظاهرة البارزة في شعر ذلك العصر هي الهجاء المقذع فقد قصر الشعراء مواهبهم الأدبية على الهجاء و التفنن في أساليب القذف و السب للأسر التي كانت تنافس قبائلهم،و قد خلا الشعر الأموي عن كل نزعة إنسانية أو مقصد إجتماعي،و تفرّد بظاهرة الهجاء،و قد خولف بذلك ما كان ينشده الإسلام من الوحدة الشاملة بين أبنائه.

ب-المساواة:

و هدم الأمويون المساواة العادلة التي أعلنها الإسلام،فقدّموا العرب على الموالي و أشاعوا جوا رهيبا من التوتر و التكتل السياسي بين المسلمين،و كان من

ص: 96

جراء ذلك أن ألّف الموالي مجموعة من الكتب في نقص العرب و ذمهم،كما ألّف العرب كتبا في نقص الموالي و احتقارهم،و على رأس القائمة التي أثارت هذا النحو من التوتر بين المسلمين زياد بن أبيه فقد كان حاقدا على العرب،و قد عهد إلى الكتاب بانتقاصهم.

و قد خالفت هذه السياسة النكراء روح الإسلام الذي ساوى بين المسلمين في جميع الحقوق و الواجبات على اختلاف قومياتهم.

ج-الحرية:

و لم يعد أي مفهوم للحرية ماثلا على مسرح الحياة طيلة الحكم الأموي فقد كانت السلطة تحاسب الشعب حسابا منكرا و عسيرا على كل بادرة لا تتفق مع رغباتها، حتى لم يعد في مقدور أي أحد أن يطالب بحقوقه،أو يتكلم بأي مصلحة للناس فقد كان حكم النطع و السيف هو السائد في ذلك العصر.

لقد ثار أبو الأحرار لينقذ الإنسان المسلم و غيره من الاضطهاد الشامل و يعيد للناس حقوقهم التي ضاعت في أيام معاوية و يزيد.

ص: 97

12-انهيار المجتمع

اشارة

و انهار المجتمع في عصر الأمويين،و تحلل من جميع القيم الإسلامية أما أهم العوامل التي أدت إلى انهياره فهي:

-1-حرمان المجتمع من التربية الروحية فلم يحفل بها أحد من الخلفاء سوى الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام فقد عنى بها عناية بالغة إلا أنه قد مني بالأحداث الرهيبة التي منعته من مواصلة مسيرته في إصلاح الناس و تقويم أخلاقهم.

-2-إمعان الحكم الأموي في إفساد المجتمع و تضليله،و تغذيته بكل ما هو بعيد عن واقع الإسلام و هديه.

إن هذين العاملين-فيما تحسب-من أهم العوامل التي أدت إلى إنهيار ذلك المجتمع...أما مظاهر ذلك التحلل و الانهيار فهي:

1-نقض العهود

و لم يتأثم أغلب أبناء ذلك المجتمع من نقض العهود و المواثيق،فقد كان عدم الوفاء بها أمرا عاديا،و متسالما عليه،و قد شجّعهم على ذلك(كسرى العرب)،فقد أعلن في خطابه بالنخيلة إن كل ما شرطه على نفسه للإمام الحسن لا يفي به،و عمد إلى نقض جميع الشروط التي أعطاها له..و كانت هذه الظاهرة من أبرز ذاتيات الكوفيين،فقد أعطوا للإمام الحسين أعظم العهود و المواثيق على مناصرته،

ص: 98

و مناجزة عدوه إلا أنهم خاسوا ما عاهدوا عليه الله فخذلوه و قتلوه.

2-عدم التحرج من الكذب

و من الأعراض التي أصيب بها ذلك المجتمع عدم التحرج من الكذب و قد مني الكوفيون بذلك بصورة خاصة،فإنهم لما أحاطوا بالإمام الحسين عليه السّلام-يوم الطف -لقتله،وجه عليه السّلام سؤالا إلى قادة الفرق الذين كاتبوه بالقدوم إليهم فقال:

«يا شبث بن ربعي،و يا حجار بن أبجر،و يا قيس بن الأشعث،و يا زيد بن الحرث،ألم تكتبوا إلي أن قد أينعت الثمار،و اخضر الجناب و إنما تقدم على جند لك مجندة..».

و لم تخجل تلك النفوس القذرة من تعمد الكذب فأجابوه مجمعين:

«لم نفعل».

و بهر الإمام فاندفع يقول:

«سبحان الله!!بلى و الله لقد فعلتم..».

و قد جروا إلى المجتمع بما اقترفوه من الآثام كثيرا من الويلات و الخطوب، و تسلّح بهم أئمة الظلم و الجور إلى اضطهاد المسلمين و إرغامهم على ما يكرهون.

3-عرض الضمائر للبيع

و قد كان من أحط ما وصل إليه ذلك المجتمع من الإنحراف و الزيغ عرض الضمائر و الأديان لبيعها على السلطة جهارا،و قد ألمحنا إلى ذلك بصورة مفصلة عند البحث عن عهد معاوية.

ص: 99

4-الإقبال على اللهو

و أقبل المجتمع بنهم على اللهو و الدعارة،و قد شجّع الأمويون بصورة مباشرة حياة المجون لزعزعة العقيدة الدينية من النفوس،و صرف الناس عما ينشده الإسلام من التوازن في سلوك الفرد.

هذه بعض الأمراض التي ألمّت بالمجتمع الإسلامي،و قد أدت إلى تسيبه، و انهيار قيمة و قد ثار الإمام الحسين عليه السّلام ليقضي على التذبذب و الإنحراف الذي منيت به الأمة.

13-الدفاع عن حقوقه

اشارة

و انبرى الإمام الحسين عليه السّلام للجهاد دفاعا عن حقوقه التي نهبها الأمويون و اغتصبوها،و أهمها-فيما نحسب-مايلي:

1-الخلافة

و آمن الإمام الحسين عليه السّلام-كأبيه-أن العترة الطاهرة أولى بمقام رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و أحق بمركزه من غيرهم،لأنهم أهل بيت النبوة،و معدن الرسالة و مختلف الملائكة،بهم فتح الله،و بهم ختم-على حد تعبيره-و قد طبع على هذا الشعور و هو في غضون الصبا،فقد انطلق إلى عمر و كان على منبر رسول الله صلّى اللّه عليه و اله فصاح به:

ص: 100

«إنزل عن منبر أبي،و اذهب إلى منبر أبيك».

و لم ينفرد الإمام الحسين بهذا الشعور و إنما كان سائدا عند أئمة أهل البيت عليهم السّلام فهم يرون أن الخلافة من حقوقهم لأنهم ألصق الناس برسول الله صلّى اللّه عليه و اله و أكثرهم وعيا لأهدافه...و هناك شيء آخر جدير بالإهتمام و هو أن الحسين عليه السّلام كان هو الخليفة الشرعي بمقتضى معاهدة الصلح التي تم الإتفاق عليها،فقد جاء في بنودها ليس لمعاوية أن يعهد بالأمر إلى أحد من بعده و الأمر بعده للحسن،فإن حدث به حدث فالأمر للحسين»و على هذا،فلم تكن بيعة يزيد شرعية،فلم يخرج الإمام الحسين عليه السّلام على إمام من أئمة المسلمين-كما يذهب لذلك بعض ذوي النزعات الأموية و إنما خرج عليه السّلام على ظالم مغتصب لحقه.

2-الخمس

و الخمس حق مفروض لأهل البيت عليهم السّلام نص عليه القرآن و تواترت به السنّة، و لكن الحكومات السابقة تناهبته فلم تؤد لهم منه شيئا لشل حركة المقاومة عند العلويين،و قد أشار الإمام الحسين عليه السّلام إلى ذلك في حديثه مع أبي هريرة الذي نهاه عن الخروج على بني أمية،فقال عليه السّلام له:

«و يحك أبا هريرة إن بني أمية أخذوا مالي فصبرت».

و أكبر الظن أن المال الذي أخذته بنو أمية منه هو الخمس،و قد أعلن ذلك دعبل الخزاعي في رائعته التي أنشدها أمام الرضا عليه السّلام في خراسان بقوله:

أرى فيأهم في غيرهم متقسما و أيديهم من فيئهم صفرات

و التاع الإمام الرضا عليه السّلام فجعل يقلّب يديه و هو يقول:

«إنها-و الله-لصفرات»و قد أقض مضاجع العلويين منعهم من الخمس

ص: 101

باعتباره أحد المصادر الرئيسية لحياتهم الإقتصادية.

و لعل الإمام الحسين قد استهدف بنهضته إرجاع هذا الحق السليب لأهل البيت عليهم السّلام.

14-الأمر بالمعروف:

و من أوكد الأسباب التي ثار من أجلها أبي الضيم عليه السّلام إقامة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فإنهما من مقومات هذا الدين،و الإمام بالدرجة الأولى مسؤول عنهما،و قد أدلى عليه السّلام بذلك في وصيته لأخيه ابن الحنفية التي أعلن فيها عن أسباب خروجه على يزيد،فقال عليه السّلام«إني لم أخرج أشرا،و لا بطرا،و لا ظالما،و لا مفسدا، و إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي أريد أن آمر بالمعروف و أنهى عن المنكر».

لقد انطلق عليه السّلام إلى ميادين الجهاد ليقيم هذا الصرح الشامخ الذي بنيت عليه الحياة الكريمة في الإسلام،و قد انهارت دعائمه أيام الحكم الأموي فقد أصبح المعروف في عهدهم منكرا،و المنكر معروفا،و قد أنكر عليهم الإمام في كثير من المواقف،و التي كان منها خطابه الرائع أمام المهاجرين و الأنصار،فقد شجب فيه تخاذلهم عن نصرة الحق و دحض الباطل،و إيثارهم للعافية،و قد ذكرناه في الحلقة الأولى من هذا الكتاب.

و مما قاله عليه السّلام في هذا المجال أمام أصحابه و أهل بيته يوم الطف:«ألا ترون إلى الحق لا يعمل به،و إلى الباطل لا يتناهى عنه ليرغب المؤمن في لقاء ربه»لقد آثر الموت على الحياة،لأنه يرى الحق قد تلاشى و الباطل قد استشرى.

ص: 102

15-إماتة البدع:

و عمد الحكم الأموي إلى نشر البدع بين المسلمين،التي لم يقصد منها إلا محق الإسلام،و إلحاق الهزيمة به،و قد أشار الإمام عليه السّلام إلى ذلك في رسالته التي بعثها لأهل البصرة يقول عليه السّلام:«فإن السنّة قد أميتت و البدعة قد أحييت».

لقد ثار عليه السّلام ليقضي على البدع الجاهلية التي تبناها الأمويون،و يحيي سنة جده التي أماتوها،فكانت نهضته الخالدة من أجل إماتة الجاهلية و نشر راية الإسلام.

16-العهد النبوي:

و استشف النبي صلّى اللّه عليه و اله من وراء الغيب ما يمنى به الإسلام من الأخطار الهائلة على أيدي الأمويين،و أنه لا يمكن بأي حال تجديد رسالته و تخليد مبادئه إلا بتضحية ولده الإمام الحسين عليه السّلام فإنه هو الذي يكون الدرع الواقي لصيانة الإسلام فعهد إليه بالتضحية و الفداء،و قد أدلى الحسين بذلك حينما عذله المشفقون عليه من الخروج إلى العراق فقال عليه السّلام لهم:

«أمرني رسول الله صلّى اللّه عليه و اله بأمر و أنا ماض إليه..».

و يقول المؤرخون:إن النبي صلّى اللّه عليه و اله كان قد نعى الحسين إلى المسلمين و أحاطهم علما بشهادته و ما يعانيه من أهوال المصائب،و كان-باستمرار-يتفجع عليه و يلعن قاتله،و كذلك أخبر الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام بشهادته و ما يجري عليه،و قد ذكرنا في الحلقة الأولى من هذا الكتاب الأخبار المتواترة بذلك...و كان الإمام الحسين عليه السّلام على علم وثيق بما يجري عليه فقد سمع ذلك من جده و أبيه و قد أيقن

ص: 103

بالشهادة،و لم يكن له أي أمل في الحياة فمشى إلى الموت بعزم و تصميم امتثالا لأمر جده الذي عهد إليه بذلك.

17-العزة و الكرامة:

و من أوثق الأسباب التي ثار من أجلها أبو الأحرار هو العزة و الكرامة فقد أراد الأمويون إرغامه على الذل،و الخنوع،فأبى إلا أن يعيش عزيزا تحت ظلال السيوف و الرماح،و قد أعلن سلام الله عليه ذلك يوم الطف بقوله:

«ألا و إن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة و الذلة،و هيهات منا الذلة يأبى الله لنا ذلك و رسوله،و نفوس أبية،و أنوف حمية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام..».

و قال عليه السّلام:

«لا أرى الموت إلا سعادة و الحياة مع الظالمين الا برما..».

لقد عانق الموت بثغر باسم في سبيل إبائه و عزته،و ضحّى بكل شي من أجل حريته و كرامته.

ص: 104

18-غدر الأمويين و فتكهم:

اشارة

و أيقن الإمام الحسين عليه السّلام أن الأمويين لا يتركونه،و لا تكف أيديهم عن الغدر و الفتك به حتى لو سالمهم و بايعهم،و ذلك لما يلي:

-1-إن الإمام كان ألمع شخصية في العالم الإسلامي،و قد عقد له المسلمون في دخائل نفوسهم خالص الود و الولاء لأنه حفيد نبيهم و سيد شباب أهل الجنة،و من الطبيعي أنه لا يروق للأمويين وجود شخصية تتمتع بنفوذ قوي،و مكانة مرموقة في جميع الأوساط فإنها تشكل خطرا على سلطانهم و ملكهم.

-2-إن الأمويين كانوا حاقدين على النبي صلّى اللّه عليه و اله لأنه و ترهم في واقعة بدر،و ألحق بهم الهزيمة و العار،و كان يزيد يترقب الفرص للإنتقام من أهل بيت النبي صلّى اللّه عليه و اله ليأخذ ثارات بدر منهم،و يقول الرواة إنه كان يقول:

لست من خندف إن لم أنتقم من بني أحمد ما كان فعل

و لما استوفى ثأره و روى أحقاده بإبادتهم أخذ يترنم و يقول:

قد قتلنا القرم من ساداتهم و عدلناه ببدر فاعتدل

-3-إن الأمويين قد عرفوا بالغدر و نقض العهود،فقد صالح الحسن معاوية، و سلّم إليه الخلافة و مع ذلك فقد غدر معاوية به فدس إليه سما فقتله،و أعطوا الأمان لمسلم بن عقيل فخانوا به..و قد ذكرنا في البحوث السابقة مجموعة من الشخصيات التي اغتالها معاوية خشية منهم.

و قد أعلن الإمام الحسين عليه السّلام أن بني أمية لا يتركونه يقول عليه السّلام لأخيه محمد بن

ص: 105

الحنفية:«لو دخلت في حجر هامة من هذه الهوام لاستخرجوني حتى يقتلوني» و قال عليه السّلام لجعفر بن سليمان الضبعي:

«و الله لا يدعوني حتى يستخرجوا هذه العلقة-يعني قلبه الشريف-من جوفي».

و اختار عليه السّلام أن يعلن عليهم الحرب و يموت ميتة كريمة تهز عروشهم و تقضي على جبروتهم و طغيانهم.

هذه بعض الأسباب التي حفّزت أبا الأحرار إلى الثورة على حكم يزيد.

رأي رخيص:

و وصف جماعة من المتعصبين لبني أمية خروج الإمام على يزيد بأنه كان من أجل الملك و الظفر بخيرات البلاد،و هذا الرأي ينم عن حقدهم على الإمام بما أحرزه من الإنتصارات الرائعة في نهضته المباركة التي لم يظفر بمثل معطياتها أي مصلح اجتماعي في الأرض،و قد يكون لبعضهم العذر لجهلهم بواقع النهضة الحسينية، و عدم الوقوف على أسبابها،لقد كان الإمام على يقين بإخفاق ثورته في الميادين العسكرية،لأن خصمه كان يدعمه جند مكثف أولو قوة و أولو بأس شديد،و هو لم تكن عنده أية قوة عسكرية ليحصل على الملك،و لو كان الملك غايته-كما يقولون- لعاد إلى الحجاز أو مكان آخر حينما بلغه مقتل سفيره مسلم بن عقيل،و انقلاب الكوفة عليه،و يعمل حينئذ من جديد على ضمان غايته،و نجاح مهمته،لقد كان الإمام على علم بأن الأوضاع السائدة كلها كانت في صالح بني أمية و ليس منها مما يدعمه أو يعود لصالحه،يقول ابن خلدون:«إن هزيمة الحسين كانت أمرا محتما لأن الحسين لم تكن له الشوكة التي تمكنه من هزيمة الأمويين لأن عصبية مضر في قريش،و عصبية قريش في عبد مناف و عصبية عبد مناف في بني أمية،فعرف

ص: 106

ذلك لهم قريش و سائر الناس لا ينكرونه».

لقد كانت ثورة الإمام من أجل غاية لا يفكر بها أولئك الذين فقدوا وعيهم، و اختيارهم فقد كان خروجه على حكم يزيد من أجل حماية المثل الإسلامية و القيم الكريمة من الأمويين الذين حملوا عليها معول الهدم..يقول بعض الكتاب المعاصرين:

«و يحق لنا أن نسأل ماذا كان هدف الحسين عليه السّلام،و ماذا كانت القضية التي يعمل من أجلها؟أما لو كان هدفه شخصيا يتمثل في رغبته في إسقاط يزيد ليتولى هو بنفسه الخلافة التي كان يطمح إليها،ما وجدنا فيه هذا الإصرار على التقدم نحو الكوفة رغم وضوح تفرق الناس من حوله،و استسلامهم لابن زياد،و حملهم السلاح في أعداد كثيرة لمواجهته و القضاء عليه.

إن أقصر الناس نظرا كان يدرك أن مصيره لن يختلف عما آل إليه فعله.و لو كان الحسين بهذه المكانة من قصر النظر لعاد إلى مكة ليعمل من جديد للوصول إلى منصب الخلافة..و لو كان هدفه في أول الأمر الوصول إلى منصب الخلافة ثم لما بلغه مصرع ابن عمه قرر مواصلة السفر للثأر من قاتليه-كما يزعم بعض الباحثين-استجابة لقضية أهله و أقاربه،لو كان هذا هدفه لأدرك أن جماعته التي خرجت معه للثأر و هي لا تزيد على التسعين رجالا و نساءا و أطفالا لن تصل إلى شي من ذلك من دون أن يقضى على أفرادها جميعا،و بغير أن يضحي هو بنفسه ضحية رخيصة في ميدان الثأر.و من ثم يكون من واجبه للثأر أن يرجع ليعيد تجميع صفوف أنصاره و أقربائه،و يتقدم في الجمع العظيم من الغاصبين و الموتورين.

فالقضية إذا ليست قضية ثأر و الهدف ليس هدفا شخصيا،و إنما الأمر أمر الأمة، و القضية كانت للحق،و الإقدام إقدام الفدائي الذي أراد أن يضرب المثل بنفسه في

ص: 107

البذل و التضحية،و لم يكن إصرار الحسين على التقدم نحو الكوفة بعد ما علم من تخاذل أهلها و نكوصهم عن الجهاد إلا ليجعل من استشهاده علما تلتف حوله القلة التي كانت لا تزال تؤمن بالمثل و تلتمس في القادة من ينير لها طريق الجد في الكفاح..و تحريكا لضمائر المتخاذلين القاعدين عن صيانة حقوقهم و رعاية مصالحهم».

و ألمّ هذا القول بالواقع المشرق الذي ناضل من أجله الإمام الحسين فهو لم يستهدف أي مصلحة ذاتية،و إنما استهدف مصلحة الأمة و صيانتها من الأمويين (1).0.

ص: 108


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:192/2-210.

أثر المفاهيم الخاطئة على المجتمعات

نماذج من التاريخ

قال السيد الخامني:هناك نموذجين يبيّنوا كيف أنّ المفاهيم الخاطئة بإمكانها تقسيم المجتمع إلى فئتين:

الأول في حرب صفين؛فبعدما تغلّب جيش أمير المؤمنين عليه السّلام على جيش معاوية،فإن معاوية و أتباعه رفعوا المصاحف على أسنّة الرماح،فوجدوها قد أحدثت خلافا بين جنود أمير المؤمنين عليه السّلام،حيث إن هذه الحركة تعني أنّ القرآن بيننا و بينكم،فانهار البعض قائلين لا طاقة لنا بمحاربة القرآن!في حين قال البعض الآخر بأنّ أساس قتال هؤلاء هو ضد القرآن،فرفعوا القرآن شكلا لكنهم يحاربون معناه و هو أمير المؤمنين عليه السّلام.

و في النهاية دبّ الخلاف بين صفوف جيش المسلمين فتفرّقوا و ضعفوا،و كانت هذه هي حيلة العدو.

و أما النموذج الثاني فهو أيضا من نفس هذه الحرب،فعندما ألزموا أمير المؤمنين عليه السّلام بقبول التحكيم،برزت طائفة من داخل معسكر المؤمنين-و كانت من جماعته-و رفعت شعار"لا حكم إلاّ لله".و واضح أنه لا حكم إلا لله كما ورد في القرآن الكريم،فماذا أرادوا أن يقولوا؟لقد أرادوا بهذا الشعار خلع أمير

ص: 109

المؤمنين عليه السّلام من الخلافة!و لكن أمير المؤمنين كشف النقاب عن خطتهم،و قال:إنّ الحكم و الحكومة لله،و لكنهم لم يعنوا ذلك،بل عنوا"لا إمرة الا لله"،أي أنه لا داعي لوجود أمير المؤمنين عليه السّلام،بل إن على الله أن يأتي متمثلا و مجسدا ليدبر شؤونكم! فهذا الشعار أخرج مجموعة من معسكر أمير المؤمنين عليه السّلام فالتحقت بتلك الفرقة الجاهلة الضالة السطحية و ربما المغرضة،و من هنا نشأت قضية الخوارج.

ص: 110

رأي الإسلام في العنف

اشارة

إن هذه الأحداث تقع الآن بيننا و للآسف؛فثمة شعارات ترفع،بعضها واضح وجيد،و لكن العدو يستغلها.و إنني سأتحدث عن مصطلحين راجيا بذلك ألاّ يستطيع ذو و القلوب المريضة التفريق بيننا و بين أبناء الأمة الإسلامية بعد اليوم أبدا.فأحدهما"العنف"و الثاني"الإصلاح".فما هو المقصود بالعنف؟

إنّ العنف هو القتل و الضرب و السجن و سوء الخلق و الحدّة،و هو أمر واضح و معنى بديهي.و هناك سؤال ما زال يثار حول ما إذا كان العنف أمرا جيدا أم سيئا، أو ما إذا كان هذا الشخص يقبل العنف و ذلك الآخر يرفضه،أو ما إذا كان الإسلام يقول به أو لا يقول به!فهل هذا الموضوع معقد هكذا و بالغ الأهمية،أو أنّ هناك نوايا أخرى خلف الستار؟!

إن للإسلام رأيا واضحا و صريحا حول العنف؛فالإسلام لم يجعل العنف أصلا من حيث المبدأ،و لكنه لم ينفه أيضا في الحالات التي يكون فيها قانونيا.

العنف القانوني

إن لدينا نوعين من العنف،أحدهما قانوني،أي أنّ القانون يستخدم العنف عند الضرورة فينص على حبس هذا الشخص إذا ارتكب هذه الجناية أو الجريمة.فهذا عنف،لكنه ليس سيئا،لأنه يحول دون الاعتداء على حقوق البشر و يقمع الخارجين

ص: 111

على القانون و يجازي المعتدي.فإذا لم يستخدم العنف ضد المعتدين لازدادت الجرائم في المجتمع،فهو ضروري في هذه الحالة.

العنف غير القانوني

و الثاني عنف غير قانوني،أي أن يعتدي أحد على حقوق الآخرين كما يهوى و بلا سبب و لا دليل و خلافا للقانون و الدستور،كأن يصفع شخصا،فهل هذا جيد أم سيّئ؟!واضح أنه سيّئ و بلا شك.

إن الإسلام يصف سلوك الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و اله و خلقه الشخصي،فيقول فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَ لَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ (1)كما يقول القرآن الكريم في موضع آخر مخاطبا النبي صلّى اللّه عليه و اله: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفّارَ وَ الْمُنافِقِينَ وَ اغْلُظْ عَلَيْهِمْ (2)فالجذر الثلاثي"غلظ"الذي ورد في الآية السابقة جاء في هذه الآية أيضا،سوى أن الآية الأولى تتحدث عن طبيعة التعامل مع المؤمنين و عن السلوك الفردي،و أما الثانية فتدور حول تطبيق القانون و إدارة المجتمع و استقرار الهدوء و النظام؛فالغلظة في الأولى أمر سيّئ،لكنها أمر جيد في الثانية، أي أنّ العنف سيّئ في الأولى و جيد في الثانية.

لقد دخل الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و اله مكة فاتحا،و التقى أولئك الذين آذوه و كذّبوه على مدى ثلاثة عشر عاما و جرّوا عليه كافة أنواع الويلات،و لكنه خاطبهم قائلا:

إذهبوا فأنتم الطلقاء..و لم ينتقم منهم.

ص: 112


1- سورة آل عمران:159.
2- سورة التوبة:73.

و في نفس الوقت فإنه صلّى اللّه عليه و اله ذكر جماعة بالإسم و قال اقتلوهم حيث ثقفتموهم! و كان من بينهم أربع نساء و أربعة رجال.فهاهنا كان يلزم العنف،و أما هنالك فالرفق و اللين.

إن الإسلام يوضح الآثام و الذنوب،فيقول لا تتجسسوا،و لا تتبعوا عورات الآخرين و خطاياهم،و لا تتهموهم ظلما و عدوانا.و لكن عند ما تثبت الجريمة فإنه يقول: وَ لا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللّهِ (1).

فالإسلام دين شامل و ليس أحادي الجانب؛فعند ما تقف الحكومة الإسلامية لمواجهة القوة و الإعتداء و الإضطرابات و الهجمات و الخروج عن القانون فلا بد لها من القوة و الصرامة و العنف دون خشية من هذه الكلمة.و بالعكس،أي عند ما تتعامل مع أفراد الشعب و الرعيّة،فعليها بالرفق و اللين عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (2)؛فلكل مقام مقال.

و عند ما توجه الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و اله إلى مكة في العام الثامن للهجرة في حجه الأخير-حجة الوداع-فإن أمير المؤمنين عليه السّلام كان على رأس بعثة في اليمن لتعليم أهله الدين و جمع أموال الزكاة،فكان من بينها عدد من البردات اليمنية،و هو نوع من الألبسة اليمنية الممتازة و المفضّلة يومذاك.و لم يكن لدى أمير المؤمنين عليه السّلام الوقت الكافي ليتحرك مع هذه القافلة،فوضع عليها أحد الأشخاص و أمره بالمجيء بهذا المتاع،و أسرع هو للالتحاق برسول الله صلّى اللّه عليه و اله ليكون معه في أداء مناسك الحج.

فلما وصلت القافلة إلى مكة ذهب أمير المؤمنين عليه السّلام ليستطلع أمرها،فاكتشف8.

ص: 113


1- سورة النور:2.
2- سورة التوبة:128.

عدم وجود تلك الألبسة اليمنية و أنهم قسموها فيما بينهم في غيابه،فارتدى كل واحد منهم بردة له!فقال ليس من الجائز تقسيمها قبل وصولها إلى رسول الله صلّى اللّه عليه و اله-و بتعبير آخر وصولها إلى الخزانة كما هو الحال في زماننا هذا-و إن هذا خلاف الشرع و الدين!فأمرهم بخلعها،و من لم يشأ تسليمها أخذها منه بالقوة.

و بالطبع فإن المرء سيشعر بالضيق إذا جرّد من شيء ما إلاّ إذا كان شديد الإيمان؛ فذهب بعضهم إلى رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و اشتكوا إليه أمير المؤمنين!فسألهم ماذا حدث،و لماذا هذه الشكوى؟

فأجابوا لقد جرّدنا أمير المؤمنين من تلك الملابس.فقال لهم رسول الله صلّى اللّه عليه و اله:لا تلوموا عليّا على ذلك«إنه خشن في ذات الله» (1).

فالعنف القانوني هو ذلك الحد الذي يشرّعه الإسلام.و هو أمر ضروري فضلا عن أنه جيد.

و أما العنف غير القانوني فهو جريمة فضلا عن أنه سيّئ،و ينبغي مواجهته، و هذا هو رأي الإسلام؛فلا نقاش فيه و لا جدال حتى يأتي البعض بدون معرفة بالأسس الإسلامية و علم بحقيقة الأمور و يملأوا صفحات بعض الصحف بعناوين بارزة و مثيرة و مبهرة و مضلّلة!

و بالتأكيد فإن الأعداء الذين يريدون إشعال الساحة بنار البحث و الجدال حول هذا الموضوع لهم أهداف أخرى.إنهم يعتبرون العنف أمرا كلّيا،و لا يفرّقون بين العنف القانوني و غير القانوني،و ليسوا على وفاق مع العنف القانوني؛و هم يقولون إذا أثار أحد الاضطرابات في شوارع طهران،و سلب الناس أمنهم و راحتهم،و بدّد أموالهم،و عرّض أبناءهم للخطر،فلا تصطدموا به لأن هذا عنف،بينما هم5.

ص: 114


1- شرح إحقاق الحق:442/15.

يمارسون أشد أنواع العنف و الوحشية في كافة أنحاء العالم!

إنّ الكيان الصهيوني-الذي تعتبر إذا عته من مروّجي معارضة العنف و التي ترفع باستمرار ذلك شعارا-يقصف جنوب لبنان كل يوم فيقتل النساء و الأطفال و الكبار و الصغار،و هكذا يفعل أيضا رفاقهم في كافة بقاع العالم و هم الذين يسيطرون على وسائل الإعلام العالمية!

إنني لا أنسى ألمي الشديد منذ عام و نصف لدى اغتيال الشهيد لاجوردي،ذلك الشهيد الرفيع المنزلة و السيد العزيز العظيم و الرجل صاحب الشخصية البارزة و الذي قدّم الكثير في مرحلة النضال السلبي و القمع،و هم لا يدرون كم عانى هذا الرجل و كيف عاش و كم تحمّل من آلام السجن و الإعتقال و كم قاسى من الشدائد، و كيف أنه تقبّل الكثير من المسؤوليات الصغيرة في ظاهرها و العظيمة و الشاقة في حقيقتها بعد انتصار الثورة ثم ختم جهاده بالشهادة.

و مع هذا فإن إحدى الصحف الألمانية تكتب في تلك الأيام و تقول:إن اغتيال لاجوردي ليس اغتيالا!أي أنهم حرّفوا أيضا معنى الإغتيال،فلماذا؟!لأن الذي قام به هم المتمردون في الداخل!و هكذا هي وسائل الإعلام العالمية حيث تسيطر الأمبراطورية الإستكبارية الخبرية على اتجاه الرأي العام العالمي و أفكاره.فكفاح الشعب الفلسطيني من أجل استرداد أراضيه المغتصبة يعتبر إرهابا،و نضال الشعب اللبناني لطرد المحتلين الصهاينة من أرضه يعدّ إرهابا،و أما دخول المجرمين الصهاينة إلى لبنان و قيامهم بعمليات الإختطاف و القتل و هدم القرى فليس إرهابا!إن هذا هو منطقهم،فيجب أن لا يخدعنا العدو بما يبثّه من دعايات،بل علينا أن نفكر و نستخدم عقولنا.

إن الاستقلال الفكري هو أسمى مظاهر استقلال الإنسان؛فانظروا ماذا يقول الإسلام،و تدبّروا المنطق السليم.هل العنف سيئ أم جيد؟و الجواب هو أنه ليس

ص: 115

سيئا و لا جيدا،و هو أيضا سيئ و جيد في نفس الوقت.فالعنف القانوني جيد و ضروري،و أما غير القانوني فهو سيئ و قبيح و إجرام.

إنهم يثيرون هذا الموضوع يوميا لكي يجعلوا الأجواء متوترة في البلاد،و هم دائما و بلا نهاية ينقلون كلاما عن هذا و كلاما عن ذاك و يحرّفون أقوال بعض الشخصيات البارزة ليقول أحد الشباب إنّ العنف جيد،بينما يقول الآخر كلا،بل قبيح،و يتهم الواحد الآخر بالعنف،فيتهمه الآخر أيضا بالعنف!فلماذا يفعلون كل هذا؟إن شبابنا ليسوا من أنصار العنف،و المؤمنون و المتدينون عندنا ليسوا من أنصار العنف.و لكن العنف سيستخدم عند ما يقتضي القانون ذلك.

إنّ القانون قانون و ليس أمرا خافيا.و عند ما أصدر الرسول صلّى اللّه عليه و اله أوامره بقتل أولئك النفر فإنه لم يقل ذلك في الخفاء،بل صرّح به و أعلنه على الملأ،و قال من رأى هند فليقتلها،و من رأى فلانا فليقتله.كما أن الإمام الخميني(رضوان الله عليه)قال أيضا من وجد سلمان رشدي فليقتله.

و الآن أيضا فإن القائد إذا رأى أن الأمر يقتضي ذلك فسيعلنه على رؤوس الأشهاد و لن يفعله في الباطن و لا في الخفاء! (1).6.

ص: 116


1- ثورة عاشوراء شمس الشهادة:216.

بداية الإنحراف

ركائز بنية النظام النبوي

أشير أولا و كمقدّمة للموضوع إلى أنّ الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و اله أرسى أسس نظام كانت بنيته الأساسية تقوم على عدّة ركائز..تعتبر أربعة منها الثقل في ذلك البناء، و هي:الأول:المعرفة المتقنة الخالية من الغموض في شؤون الدين،و معرفة الأحكام،و المجتمع،و التكليف،و معرفة اللّه و الرسول،و معرفة الطبيعة.و هذه هي المعرفة التي انتهت إلى تراكم العلوم و بلغت بالمجتمع الإسلامي في القرن الرابع للهجرة ذروة المدنية و الحضارة العلمية.

فالرسول الكريم صلّى اللّه عليه و اله لم يترك أي إبهام و غموض.و لدينا في هذا الصدد آيات مدهشة من القرآن الكريم لا مجال هنا لذكرها.و حيثما كان هناك موضع غموض أو التباس،كانت تنزل آية تجلّيه.

الثاني:العدالة المطلقة التي لا محاباة فيها سواء في حقل القضاء،أم في حقل الإستحقاقات العامّة-لا ما يتعلق بحقه الشخصي إذ كان صلّى اللّه عليه و اله يعفو عن حقّه-أي العدل التام فيما يتعلق بعامة الناس و يجب تقسيمه بينهم بالعدل.و كذا العدالة في تطبيق حدود اللّه،و في توزيع المناصب و تفويض المسؤوليات،و تحمّل المسؤولية.

ص: 117

الفرق بين العدل و المساواة

و من البديهي أنّ العدالة غير المساواة.لا يلتبس الأمر عليكم،فقد يكون في المساواة ظلم أحيانا.

بينما العدالة تعني وضع كل شيء في نصابه،و إعطاء كل شخص حقّه.فقد كان العدل حينذاك عدلا مطلقا لا تشوبه شائبة.و لم يكن في عهد الرسول استثناء لأي شخص يجعله خارج إطار العدالة.

الثالث:العبودية الخالصة للّه و الخالية من أي شرك؛أي العبودية للّه في العمل الفردي..العبودية في الصلاة حيث يجب أن يكون فيها قصد التقرب إليه.و كذلك العبودية له في بناء المجتمع و في النظام الحكومي و في نظام الحياة،و العلاقات الاجتماعية بين الناس.و هذا موضوع يستلزم بحد ذاته شرحا مستفيضا.

الرابع:المحبّة الغامرة و العاطفة الفياضة.و هذه من السمات الأساسية للمجتمع الإسلامي..حبّ اللّه،و حبّه تعالى للناس قال سبحانه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ لا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (1)، وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَ لا تَقْرَبُوهُنَّ حَتّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ

ص: 118


1- سورة المائدة:54.

يُحِبُّ التَّوّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (1) ، قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ اللّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (2).1.

ص: 119


1- سورة البقرة:222.
2- سورة آل عمران:31.

الحب..حب الزوجة و حب الأولاد

من المستحب تقبيل الأولاد،و تستحب محبتهم،و يستحب حب الزوجة، و يستحب حبّ الأخوة المسلمين و التحبب إليهم،و الأعظم هو حب الرسول صلّى اللّه عليه و اله و أهل بيته عليهم السّلام قال تعالى: ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (1).لقد رسم الرسول صلّى اللّه عليه و اله هذه الخطوط العريضة و أرسى ركائز المجتمع على أساسها،و وضع معالم الحكومة عشر سنوات على هذا المنوال.و من الواضح طبعا أن تربية الناس تأتي على نحو تدريجي و لا تتحقق جملة وحدة.

و قد بذل الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و اله قصارى جهده على امتداد هذه السنوات العشرة لترسيخ تلك الأسس،و العمل على مد تلك الجذور في أعماق الأرض.

إلا أن فترة العشر سنوات تعتبر قصيرة جدا إذا ما أريد بها تربية الناس على خلاف ما كانوا قد ترعرعوا عليه من سجايا و خصائص،فقد كان المجتمع الجاهلي في كل شؤونه على النقيض تماما من مضامين هذه الركائز الأربعة؛لأنه كان فارغا من أية معرفة و غارقا في حيرة الجهل و الضلال،و لم تكن لديه أية عبودية للّه،بل كان مجتمع تجبّر و طغيان،و كان مجتمعا بعيدا عن العدالة و مليئا بألوان الظلم

ص: 120


1- سورة الشورى:23.

و التمييز.

رسم أمير المؤمنين عليه السّلام في الخطبة الثانية من نهج البلاغة صورة فنية رائعة عمّا كان سائدا في العصر الجاهلي من ظلم و تمييز،جاء فيها:«في فتن داستهم بأخفافها و وطأتهم بأظلافها» (1).

كان المجتمع آنذاك مجردا من معاني المحبّة،كانوا يئدون بناتهم،و كانت كل قبيلة تثأر لقتيلها من أي رجل تجده من قبيلة القاتل،سواء كان مستحقا للقتل أم غير مستحق،و سواء كان مجرما أم بريئا،و سواء كان عالما بتلك القضية أم لا..

كان يسودهم الإضطهاد و القسوة و الغلظة و الفضاضة المطلقة.

من نشأ في تلك الحالة يمكن أن يصلح و يهذّب على مدى عشر سنوات-إن تحققت شروط ذلك-و يمكن إدخاله في الإسلام،و لكن لا يمكن غرس هذه القيم و المفاهيم في أعماق نفسه إلى الحد الذي يجعل لديه القدرة على إيجاد نفس هذا التأثير على الآخرين.

دخل الناس في الإسلام أفواجا أفواجا،و دخل في الإسلام أناس لم يعايشوا الرسول صلّى اللّه عليه و اله و لم يدركوا تلك السنوات العشرة مع النبي صلّى اللّه عليه و اله.

و هنا تتجلّى أهمية مسألة الوصية التي يعتقد بها الشيعة،و يكمن منشأ الوصية و النص الإلهي،من أجل ديمومة ذلك النهج التربوي؛و إلا فمن الواضح أنّها ليست من سنخ أنواع الوصايا الأخرى المتداولة في هذا العالم،فكل إنسان يوصي قبل وفاته لابنه،إلا أنّ القضية هناك تعني لزوم استمرارية نهج الرسول صلّى اللّه عليه و اله من بعده.

لا أريد الدخول في المباحث الكلامية بل أريد تناول التاريخ بشيء من التحليل6.

ص: 121


1- الإمامة و التبصرة:6.

و لتتناولوه أنتم أيضا بمزيد من التحليل.لهذا البحث-طبعا-صلة بالجميع و لا يختص بالشيعة وحدهم،فهو للشيعة و للسنّة و لجميع الفرق الإسلامية على حد سواء.و نظرا لما يتصف به من الأهمية،يجب أن يحظى إذن باهتمام من قبل الجميع.

ص: 122

المجتمع الإسلامي بعد وفاة الرسول صلّى اللّه عليه و اله

و أما عن الوقائع التي جرت من بعد رحيل الرسول الأعظم،فما الذي حدا بالمجتمع الإسلامي خلال تلك الخمسين سنة للنكوص عن تلك الحالة إلى هذه؟ و هذا هو أصل القضية..و يجب أن يلاحظ متن التأريخ بشأنها.

من البديهي أنّ البناء الذي بناه الرسول ما كان لينهار بهذه السهولة.و لهذا نلاحظ أن من بعد رحيل الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و اله استمرت عامة الأمور-باستثناء قضية الوصية-على ما كانت عليه.

فكانت العدالة في وضع حسن،و الذكر في حالة حسنة،و العبادة على ما يرام.

و إذا نظر المرء إلى الهيكل العام للمجتمع الإسلامي في سنواته الأولى يجد الأمور كما كانت و لم يرجع شيء القهقرى.نعم كانت تقع بعض الحوادث بين الفينة و الأخرى إلا أنّ ظواهر الأمور كانت تعكس بقاء نفس الأسس و الركائز التي وضعها الرسول الكريم صلّى اللّه عليه و اله.

بيد أنّ ذلك الوضع لم يدم طويلا،فكلما كان الوقت يمضي كان المجتمع الإسلامي ينحدر تدريجيا صوب الضعف و الخواء (1).

ص: 123


1- ثورة عاشوراء شمس الشهادة:227.

مواجهة الإمام الحسين في كربلاء مع عالم من الانحراف

إنّ الوقت الذي استغرقته واقعة كربلاء لم يتجاوز نهارا أو زاد عليه قليلا، و استشهد فيها عدة أشخاص-إثنان و سبعونا و أكثر أو أقل بقليل-و الحال أنّ من استشهد أو يستشهد كثير.فشموخ واقعة كربلاء-و هي أهل لهذا الشموخ و العظمة،بل هي أسمى و أعظم و قد نفذ أثرها و بركاتها في عمق الوجود البشري- لم يكن إلاّ لحقيقة و روح هذه الواقعة،فهي بكل القضية و جسمها لم يكن ذا حجم يذكر،فهناك أطفال قتلوا في كل بقعة من العالم،بينما قتل في كربلاء رضيع لستة اشهر.

الأعداء أبادوا الأهالي في بعض الأماكن و قتلوا مئات الأطفال.القضية ليست مطروحة هنا في بعدها المادي،بل تكمن أهميتها في روحها و معناها.

روح القضية هي أنّ الإمام الحسين عليه السّلام لم يكن يواجه في تلك الواقعة جيشا كبيرا جرّارا و لم تكن مواجهته مع الجمع الغفير-و إن زاد عدده مائة ضعف-بل إن مواجهة الإمام الحسين عليه السّلام مع عالم من الإنحراف و الظلمة،و هذا هو المهم.و هو في الوقت الذي كان يواجه فيه ذلك العالم من الظلمة و الظلم و الإنحراف،كان ذلك العالم يملك كل شيء،و لديه المال و الذهب و القوة و الكتّاب و الشعراء و المحدثون و الخطباء.

يا له من موقف رهيب،ترتعد له فرائص الإنسان،و لكن لم يرتعش للإمام

ص: 124

الحسين قلب و لا قدم.

و لم تساوره مشاعر الضعف و لم يتردد،و برز إلى الميدان وحيدا فريدا.

عظمة القضية تكمن في أنّ القيام كان للّه.

ص: 125

تشابه موقف النبي و الإمام الحسين عليهما السلام

يمكن تنظير موقف الإمام الحسين عليه السّلام و مقايسته مع موقف جده رسول اللّه محمّد بن عبد اللّه صلّى اللّه عليه و اله في بعثته؛فكما واجه النبي هناك عالما بأسره،وقف الإمام الحسين في كربلاء بمواجهة عالم بأسره.فالرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و اله لم يعتريه أي خوف،بل صمد و سار إلى الأمام،و كذلك الحال بالنسبة للإمام الحسين عليه السّلام الذي لم يرهبه شيء بل ثبت و سار قدما.

الحركة النبوية و الحركة الحسينية كدائرتين متحدتين في المركز متجهتين نحو مسار واحد.و هنا يظهر معنى«حسين مني و أنا من حسين».هذه عظمة موقف الإمام الحسين.

عند ما قال الإمام الحسين عليه السّلام ليلة العاشر من محرم:«إذهبوا فأنتم في حل مني و هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا و ليأخذ كل واحد منكم بيد واحد من أهل بيتي فالقوم يطلبوني...» (1).

لم يكن يمزح في قوله ذاك.نفترض لو أنهم وافقوه و انصرفوا و بقي وحده أو برفقة عشرة اشخاص،هل كان ذلك ينقص من عظمة عمله؟كلا،بل تبقى له هذه العظمة بعينها.

و لو كان بدل هؤلاء الإثنين و السبعين،اثنان و سبعون ألفا حول الحسين،هل

ص: 126


1- أبصار العين في أنصار الحسين عليه السّلام:164.

كان ذلك ينقص من عظمة موقفه؟أبدا إنّ عظمة موقف الحسين عليه السّلام تكمن في ثباته و اطمئنانه و هو يواجه دنيا تعترضه و تدّعي حقّه،فلم يتزلزل،و الحال أنّ موقفا كهذا،يضطرب فيه عامة الناس،و حتى المميزين المتفوقين منهم.

إن عبد اللّه بن عباس-و هو شخصية كبيرة مرموقة-و جميع أمراء قريش، كانوا في غاية الإستياء من ذلك الوضع.و هكذا كان حال عبد اللّه بن الزبير،و عبد اللّه بن عمر،و عبد الرحمن بن أبي بكر،و أبناء كبار الصحابة،و بعض الصحابة.كان في المدينة عدد كبير من الصحابة،و كانوا من ذوي المروءة-لا يتصوّرن أحد أنهم لم يكن لهم مروءة و غيرة-و هم أنفسهم الذين تصدوا لمسلم بن عقبة و قاتلوه في وقعة«الحرّة»حينما هجم على المدينة و ارتكب المذابح فيها بعد سنة من واقعة كربلاء.لا تتصوروا أنهم كانوا جبناء،بل كانوا فرسانا و شجعانا.

لكن شجاعة البروز إلى ساحة الحرب مسألة،و شجاعة مواجهة عالم برمّته مسألة أخرى.و الموقف الذي خاضه الحسين عليه السّلام هو الثاني،و كانت حركته لأجله.

و من هنا فإنّ حركة إمامنا الكبير كانت حركة حسينية؛لقد انطوى موقف إمامنا الكبير في عصرنا الحالي على نفحة من حركة الحسين عليه السّلام.قد يقول قائل أن الحسين قتل في صحراء كربلاء عطشانا،و إمامنا قد حكم و عاش بعز،و لما رحل شيّعته الجماهير.

لكنّ هذا ليس شاخص القضية و معلمها بل الأساس هو مواجهة غول عظيم- فارغ المحتوى-يرافقه كل شيء.

و قد ذكرت في ما مضى ما كان لدى أعداء الإمام الحسين من مال و قوة و فرسان و خطباء،و مبلّغين (1).9.

ص: 127


1- ثورة عاشوراء شمس الشهادة:229.

الإنحراف في زمن أمير المؤمنين عليه السلام

النظام الإسلامي إنما يعتريه التزلزل حقّا متى ما نسي امتلاكه لنموذج و مثال عظيم كعلي بن أبي طالب عليه السّلام.فيجب أن يكون الحكم العلوي نصب أعيننا على الدوام و نتحرك باتجاهه و نصبو إليه و نعمل من أجله،فأحلام من قاسى الظلم على مر العصور إنما ستتحقق في ظل حكومة تدار بالسيرة العلوية ليس إلاّ.

ما الذي قاسته البشرية على امتداد قرون تاريخها الطويل و أية آلام عانتها؟لقد قاست البشرية من الإجحاف و التمييز و الغطرسة و هيمنة القوى الغاصبة و كذلك من القسوة و التقاتل.

و لقد عانت البشرية من الجهل،حيث أطبقت القوى الظالمة على مقدرات البشر، و ناءت على الدوام بالجهل و الظلم و التمييز،و منها نجمت أغلب أنواع الحرمان على مر التاريخ،نجمت عن تسلّط الظالمين و الغرباء و عن الطبيعة الهمجية و القسوة و إشعال الحروب،و بقيت البشرية تعاني الحرمان من حقوقها الأصلية و الطبيعية؛ و الحكومة العلوية تحقق للبشرية العدالة و الإستقرار و الإيمان بالمعنويات و الصفاء و الأخوة و السلام و الصداقة الحقيقية،لا كالذين يرددون اسم و شعار السلام عالميا لكنهم هم الذين يؤججون نيران الحروب و هم الذين يثيرون الفتن بين البشر.

إن النظام العلوي و الحكومة العلوية تجعل الناس-ببركة العدل-يعيشون الأمن و الاستقرار الحقيقيين،و لو منح أمير المؤمنين عليه السّلام الفرصة لبنى عالما زاهرا ماديا

ص: 128

و معنويا ملؤه العدل و الإستقرار و السلام الحقيقي لم يسبق للبشرية أن رأت مثله؛ و اليوم من المستعصي بلوغ تلكم الأماني إلاّ في ظل مثل هذه السيرة.و بناء على هذا فإن السيرة العلوية تعد درسا أبديا بالنسبة لنا،لا تتوقف على عام واحد.

و بطبيعة الحال فإن الأهداف الكبرى إنما يتيسر تحقيقها بما يناسبها من الزمن المديد و السعي و المجاهدة،و لا يمكن بلوغها بالخلود إلى الدعة و مجانا،بل لا بد من بذل الجهد و التخطيط.

هنالك اتجاهان فيما يتعلق بمكافحة الفساد:أحدهما إفراط و الآخر تفريط؛ فالبعض عند ما يجري الحديث عن مكافحة الفساد يتصور أنها ذريعة سياسية لقمع هذا أو ذاك،و هذا خطأ،فمكافحة الفساد هي مكافحة للفساد..فإذا ما حدد مكمن الفساد في أي من المجتمعات و جرى القضاء عليه توقف الفساد،و إلاّ فإنه يستفحل..

و الفارق بين النظام الإسلامي و النظام الصالح و بين الأنظمة الفاسدة الهزيلة بوجه استشراء الفساد،هو أن كبار المسؤولين في بلادنا من الغيارى على الشعب و من ذوي الصلاح،و إن الصلاح هو السائد على برامج البلاد و مسيرتها.

و من الطبيعي وجود من هو فاسد أيضا،غاية الأمر أنه يتوجب التصدي له،و هذا النوع من التصدي هو الذي يحدو بالبعض لأن يتصوروا أن مكافحة الفساد عبارة عن حركة سياسية،و هو تصور خاطئ،فهي ليست حركة سياسية،و إنما هي حركة حقيقية و أمر ضروري.فيما يقف آخرون في مقابل ذلك ديدنهم الإفراط؛فإذا ما جرى الحديث عن الفساد تصوروا أنّ الفساد عمّ الأرجاء!كلا،فليس الأمر كذلك، فما يحفّزنا هو وجود الفساد و لو في مفصل واحد أو زاوية واحدة و على أيدي أناس معدودين،و نحن نعلم بأنه لو لم تكافح هذه الظاهرة فإنها ستتجذر و تتعمق و بالتالي يستعصي القضاء عليها و استئصالها،و ذلك لا يعني استيلاء العناصر

ص: 129

الفاسدة و المفسدة على زمام الأمور في كافة الأماكن.كلا،فكثيرة هي العناصر الصالحة المؤمنة الغيورة تتولى عملية التنفيذ و إنجاز مهماتها على أفضل وجه، غاية الأمر أن مفسدا أو مخربا واحدا يشوه صورة الآخرين (1).2.

ص: 130


1- ثورة عاشوراء شمس الشهادة:232.

أنواع النعم

ثمة نقطة في سورة الحمد.فحينما يدعو الإنسان ربّه: اِهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (1)يوضح بعدها معنى ذلك الصراط المستقيم في قوله: صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لاَ الضّالِّينَ (2)فهو تعالى قد أنعم على كثير من الأقوام و الأمم؛فأنعم على بني اسرائيل: يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَ أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَ إِيّايَ فَارْهَبُونِ (3)و النعمة الإلهية لا تختص بالأنبياء عليهم السّلام و الصالحين و الشهداء: وَ مَنْ يُطِعِ اللّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً (4)هؤلاء أيضا نالوا النعمة،و كذلك بنو إسرائيل نالوا النعمة.

و الذين ينعم عليهم فريقان:

فريق حينما ينال النعمة لا يتعرض لغضب اللّه،و لا يحقق دواعي الغضب الإلهي و لا يضل سبيل الهداية،و هؤلاء هم الذين ندعوا اللّه أن يهدينا سبيلهم.و عبارة غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ (5)تمثل في الحقيقة صفة اَلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ أي أنّ

ص: 131


1- سورة الفاتحة:5.
2- سورة الفاتحة:6.
3- سورة البقرة:40.
4- سورة النساء:69.
5- سورة الفاتحة:7.

صفة(الذين)هي(غير المغضوب عليهم).

أما الفريق الآخر فهم الذين حينما أنعم اللّه عليهم،بدّلوا النعمة و تمّردوا عليها، و لهذا حلّ عليهم غضبه.أو أنهم إئتموا بأولئك فضلّوا السبيل.

و تشير رواياتنا إلى أنّ المراد من اَلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ هم اليهود،و هذا البيان مصداق لتلك الحقيقة.لأن اليهود و حتى زمن النبي عيسى عليه السّلام،كانوا يحاربون النبي موسى و أوصياءه عن علم و قصد.

أمّا اَلضّالِّينَ فهم النصارى..إنهم ضلوا بادئ بدء أو ضل أكثرهم على أدنى الإحتمالات،حينما أنعم اللّه عليهم.

أمّا المسلمون فأنزل اللّه عليهم نعمته..إلاّ أنّ النعمة تبدّلت-نتيجة لما اقترفوه- صوب المغضوب عليهم و صوب الضالين.و لهذا ورد عن الإمام الصادق عليه السّلام أنه قال:«لما قتل الحسين اشتد غضب اللّه على أهل الأرض» (1)و ذلك لأنه إمام معصوم.

و يفهم من هذا أنّ المجتمع الذي ينال النعمة الإلهية قد يسير في اتجاه يجلب عليه غضب اللّه.و لهذا يجب توقّي أقصى درجات الدقّة و الحذر في المسير،و هو أمر عسير طبعا و يستلزم الإنتباه و اليقظة.1.

ص: 132


1- مكيال المكارم:121/1.

نماذج الإنحرافات قبل عصر الحسين عليه السلام

أورد في ما يلي بعض الأمثلة.فالخواص و العوام أصبح لكل منهما وضعه الخاص به،فإذا ضلّ الخواص قد يدخلون في خانة «الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ» ،أما العوام قد يصبحون في فئة «الضّالِّينَ» .و كتب التاريخ زاخرة طبعا بالمصاديق و الأمثلة.

و سأنقل لكم-من هنا فصاعدا-مما جاء في تاريخ ابن الأثير،و أجتنب النقل من أي مصدر شيعي،بل و لا أنقل حتى من مصادر التاريخ السنيّة التي يشكك السنّة في رواياتها،مثل ابن قتيبة الدينوري؛إذ جاء في كتابه«الإمامة و السياسة»أمور و قضايا تثير الحيرة.

حينما ينظر المرء إلى مضامين كتاب ابن الأثير الموسوم ب«الكامل في التاريخ» يشعر بوجود عصبية أموية و عثمانية فيه،و أحتمل أنه انتهج ذلك الأسلوب مداراة لبعض الإعتبارات،فقد نقل هذا المؤرخ عن أحداث مقتل عثمان،إنّ عثمان قتله أهل مصر و الكوفة و البصرة و المدينة و غيرهم.و بعد ما نقل نصوص و أخبار تاريخية مختلفة يقول:و قد تركنا كثيرا من الأسباب التي جعلها الناس ذريعة إلى قتل (عثمان)لعلل دعت إلى ذلك.

و عند نقله لقصة أبي ذر و كيف أن معاوية حمله إلى المدينة من الشام بغير وطاء،و نفّاه من المدينة إلى الربذة بصورة شنيعة،قال:و قد حصلت أمور لا يصح نقلها.و على هذا فإمّا أن يكون هذا المؤرخ قد انتهج أسلوبا من الرقابة الشخصية- حسب التعبير المعاصر-و إمّا أن يكون متعصبا.و هو على كل الأحوال لم يكن

ص: 133

شيعيا و لا يميل إلى التشيع،بل يحتمل أنه كان أموي و عثماني الهوى.و أؤكد ثانية على أنّ كل ما سأورده بعد الآن إنما أنقله عن ابن الأثير هذا.

أنقل في ما يلي أمثلة عن الخواص؛كيف كان الخواص على امتداد هذه السنوات الخمسين بحيث وصلت الأمور إلى هذا الحد؟و حينما أدقق النظر في أحداث و ظروف ذلك العصر ألاحظ أنّ هذه الركائز الأربعة:العبودية،و المعرفة،و العدالة، و المحبة..قد تزعزعت.و اضرب لكم بعض الأمثلة كما وردت في التاريخ عينا.

كان سعيد بن العاص من بني أمية و من أقارب عثمان.و قد تولّى بعد الوليد بن عقبة بن أبي معيط ليصلح ما كان قد أفسده الوليد.

قال ذات يوم رجل في مجلسه:«ما أجود طلحة!»و لا بدّ أنّ طلحة كان قد وهب أحدا مالا أو تكرّم على شخص.فقال سعيد:«إن من له مثل النشاستج لحقيق أن يكون جوادا»و كانت النشاستج ضيعة كبيرة قرب الكوفة يملكها صحابي الرسول صلّى اللّه عليه و اله،طلحة بن عبد اللّه الذي كان يعيش حينذاك في المدينة.ثم أردف قائلا:

«و اللّه لو أنّ لي مثله لأعاشكم اللّه به عيشا رغدا» (1).

قارنوا بين هذا الوضع و بين حالة الزهد في عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و الفترة الأولى من بعد رحيله و لاحظوا طبيعة الحياة التي كان يعيشها الأكابر و الأمراء و الصحابة في تلك السنوات و كيف كانوا ينظرون إلى الدنيا.لقد وصلت الأمور إلى هذا الحد من بعد مضي عشر سنوات أو خمس عشرة سنة فقط!

المثال الآخر هو أبو موسى الأشعري..والي البصرة-و هو الأشعري صاحب الموقف الشهير في قضية التحكيم-فقد صعد المنبر ذات يوم،حينما كان واليا على3.

ص: 134


1- تاريخ الطبري:361/3،و الكامل في التاريخ:138/3.

البصرة،كان الناس يستعدون لإحدى الغزوات،فنادى في الناس و حضّهم على الجهاد و ذكر شيئا في فضل الجهاد ماشيا،فترك نفر دوابهم و أجمعوا أن يخرجوا رجّالة طمعا في الثواب.«فحملوا على فرسهم»أي طردوها من أمام عيونهم لأنها تحرمهم من الثواب إلا أن جماعة آخرين من العقلاء فضلّوا التأمل و مشاهدة حقائق الأمور و قالوا لا نعجل في شيء حتى ننظر ما يصنع؛فإن أشبه قوله فعله، فعلنا كما يفعل.

جاء في نص عبارة ابن الأثير في هذا الصدد:«فلما خرج أخرج ثقله من قصره على أربعين بغلا» (1).

كانت تلك ممتلكاته الثمينة و كان مضطرا إلى اصطحابها حيثما حل و ارتحل و حتى في ميادين الجهاد.و سبب ذلك أنه لم تكن ثمة مصارف أو بنوك في ذلك العصر،أضف إلى أنّ الحكومات لا اعتبار لها،فقد يأتيه الأمر من الخليفة و هو في ساحة الجهاد بعزله من منصبه،و إذ حصل ذلك لا يمكنه الرجوع إلى البصرة و أخذ تلك الأموال،لذلك كان مضطرا لحملها معه.فحمل ممتلكاته الثمينة على أربعين بغلا و أخذها معه إلى ميدان الجهاد.

فلما خرج جاءه قوم و تعلّقوا بعنانه و قالوا:احملنا على بعض هذه الفضول و ارغب في المشي كما رغّبتنا،فضرب القوم بسوطه،فتركوا دابته فمضى.إلا أنهم طبعا لم يتحمّلوا ذلك منه بل ذهبوا إلى المدينة و شكوه إلى عثمان،فعزله.

إن أبا موسى الذي كان من صحابة الرسول صلّى اللّه عليه و اله و من طبقة الخواص،كان على مثل هذا الحال!

المثال الثالث هو سعد بن أبي وقاص الذي عيّن واليا على الكوفة فروي أن سعدار.

ص: 135


1- تاريخ الطبري:320/3 ط.الأعلمي،و الكامل في التاريخ لإبن الأثير:99/3،ط.دار صادر.

اقترض مالا من بيت المال.لم يكن بيت المال بيد الوالي،لأنهم كانوا في ذلك العصر ينصبون الوالي للقيام بأمور الحكومة و إدارة شؤون الناس،و ينصبون شخصا غيره للشؤون المالية و هو مسؤول أمام الخليفة مباشرة.و حينما عين سعد بن أبي وقاص واليا على الكوفة،كان خازن بيت المال عبد اللّه بن مسعود و كان صحابيا جليلا.

بعد ما اقترض سعد من عبد اللّه بن مسعود من بيت المال مالا،تقاضاه ابن مسعود بعد مدّة،فلم يتيسّر له قضاؤه،فارتفع بينهما الكلام،و اشتد النزاع و كان هاشم بن عتبة ابن أبي وقّاص حاضرا-و هو من أصحاب أمير المؤمنين و كان رجلا شريفا-فقال:إنكما لصاحبا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و الناس ينظرون إليكما،لا تتنازعا و حاولا حل القضية بينكما على نحو ما.

فخرج ابن مسعود-و كان رجلا أمينا-ثم استعان بأناس على استخراج المال من دار سعد بذلك،و هذا يعني أنّ المال كان موجودا.

و لما علم سعد إستعان-هو الآخر-بأناس آخرين على منع أولئك.و نتجت عن مماطلة ابن أبي وقّاص في رد الأموال منازعة شديدة.

فإذا كان سعد بن أبي وقاص و هو من أصحاب الشورى الستّة قد وصل به الأمر إلى هذا الحد بعد بضع سنوات بحيث وصف ابن الأثير تلك الحادثة بالقول:«فكان أول ما نزع به بين أهل الكوفة».فأول نزاع يقع بين أهل الكوفة-بتعبير ابن الأثير- سببه رجل من الخواص تغلّب عليه حب الدنيا إلى هذا الحد.

المثال الآخر هو أنّ المسلمين لما فتحوا بلاد أفريقية و قسموا الغنائم في الجيش،كان يجب عليهم إرسال خمس تلك الأموال إلى المدينة،و كان مقدارها هائلا.نقل ابن الأثير في موضع آخر أنّ هذا المبلغ حينما أرسل إلى المدينة اشتراه مروان بن الحكم بخمسمائة ألف دينار.و كان هذا المبلغ ضخما جدا إضافة إلى أنّ

ص: 136

قيمة ذلك الخمس كانت أكبر من ذلك المبلغ بكثير.و كان هذا مما أخذ على الخليفة عثمان في ما بعد.

و كان عثمان يعتذر عن ذاك طبعا و يقول:إنه رحمي،و أنا أصل به رحمي لأنه يعيش في ضنك و أنا أريد مساعدته!و خلاصة القول هي أنّ الخواص كانوا يتهافتون على جمع الأموال.

و القضية الأخرى هي أنه عزل(عثمان)سعد بن أبي وقاص عن الكوفة و استعمل الوليد بن عقبة بن أبي معيط،و كان الأخير من أقارب الخليفة.و لما دخلها تعجّب أهلها من تولية هذا الشخص عليهم لأنه كان معروفا بالحماقة و الفساد، و فيه نزلت الآية الشريفة: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ (1)أي أنّ القرآن وصفه بالفسق،لأنه جاء بخبر عاد بالضرر على البعض في عهد الرسول صلّى اللّه عليه و اله.

أنظروا إلى المعايير و المقاييس و تبدّل أحوال الناس.فهذا الشخص الذي سمّاه القرآن الذي كان الناس يقرأونه يوميا-فاسقا أصبح واليا.و حتى إنّ سعد بن أبي وقاص نفسه،و عبد اللّه بن مسعود تعجّبا حين شاهداه قادما إلى الكوفة واليا،و قال له عبد اللّه بن مسعود لما وقع بصره عليه:«ما أدري أصلحت بعدنا أم فسد الناس؟» (2).

و كانت دهشة سعد بن أبي وقاص من بعد آخر،حيث قال له:«أكست (3)بعدنا أم حمقنا بعدك؟»فقال له الوليد:«لا تجزعنّ أبا اسحق،كل ذلك لم يكن إنما هو الملك4.

ص: 137


1- سورة الحجرات:6.
2- الغارات:251/1.
3- أكست:من الكيّس و هو العقل و الفطنة وجودة القريحة،انظر مجمع البحرين:101/4.

يتغدّاه قوم و يتعشّاه آخرون» (1).

فتألم سعد بن أبي وقاص من هذا الكلام؛فهو من صحابة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله،و قال له:«أراكم جعلتموها ملكا!».

و روي أنّ عمر سأل سلمان ذات مرّة:«أملك أنا أم خليفة؟».و كان سلمان شخصية كبيرة و محترمة و هو من الصحابة الكبار و لرأيه وزن كبير.فقال له سلمان:إنّ أنت جبيت من أرض المسلمين درهما أو أقل أو أكثر و وضعته في غير حقّه فأنت ملك لا خليفة.لقد بيّن له المعيار.

قال ابن الأثير:فبكى عمر (2).فقد كانت موعظة عميقة المغزى حقّا.فالقضية قضية خلافة،و الولاية و الخلافة معناها الحكومة المقرونة بالمحبّة و بالتلاحم مع الجماهير،و يواكبها عطف و حنو على أبناء الشعب،و هي ليست تسلّط أو تحكّم،في حين لا تحمل الملكية مثل هذا المعنى و لا شأن لها بشؤون الناس؛فالملك حاكم متسلّط يفعل ما يشاء.

هكذا كان حال الخواص،و إلى هذا الحد انتهى بهم المآل خلال تلك السنوات.

و هذا ما حصل طبعا في عهد الخلفاء الراشدين الذين كانوا يولون أهمية للتمسك بالأحكام،بسبب معايشتهم فترة طويلة لعهد الرسول الأعظم الذي لا زال صداه صلّى اللّه عليه و اله يدوي في المدينة حتى ذلك الحين،و كان شخص كعلي بن أبي طالب عليه السّلام حاضرا في ذلك المجتمع.و لكن بعد انتقال مركز الخلافة إلى دمشق تجاوزت القضية تلك الحدود كثيرا.

كانت هذه أمثلة بسيطة لما كانت عليه أحوال الخواص.و لو نقّب شخص فير.

ص: 138


1- البحار:152/31،و شرح إحقاق الحق:110/30.
2- الكامل لإبن الأثير:59/3،ط.دار صادر.

تاريخ ابن الأثير أو المصادر التاريخية الأخرى المعتبرة لدى الأخوة المسلمين لعثر على آلاف-و ليس مئات-الأمثلة من هذا القبيل (1).لأنه من الطبيعي حينما تضيع العدالة،و حينما تزول عبودية اللّه،يصبح المجتمع مجتمعا خاويا و تفسد النفوس.

فذلك المجتمع حين يصل به التهافت على حطام الدنيا و اكتناز الثروة إلى ذلك الحد،و الشخص الذي ينقل فيه المعارف للناس هو كعب الأحبار اليهودي الذي أسلم لاحقا و لم يدرك عهد الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و اله؛فهو لم يدخل الإسلام في عهد الرسول و لا في عهد أبي بكر و إنّما في عهد عمر،و توفي في عهد عثمان..ما بالك بذلك المجتمع؟!

يقول البعض إن تسمية هذا الرجل بكعب الأخبار خطأ،و إنما هو«كعب الأحبار»،و الأحبار جمع حبر،و الحبر هو عالم اليهود.فهذا الرجل كان قطب علماء اليهود..وثب فدخل في الإسلام،ثم أخذ يتحدث في مسائل الإسلام.

و كان ذات يوم جالسا في مجلس عثمان إذ دخل أبو ذر،فقال قولا أغضب أبا ذر، فقال أبو ذر:ما لك ههنا؟أتعلّمنا الإسلام و أحكامه و نحن سمعناها من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله؟

حينما تفتقد المعايير و تضيع المقاييس و تتقوّض القيم،و تفرغ القضايا من المحتوى..و تقتصر على الظواهر،و حينما يستولي حب الدنيا و جمع المال على أناس قضوا عمرا مديدا بالعزة و الزهد في زخارف الدنيا و قيّض لهم نشر تلك الراية عاليا،حينها يتصدى لشؤون الثقافة و المعرفة مثل ذلك الشخص الذي اعتنق الإسلام لاحقا و يطرح باسم الإسلام ما يراه هو شخصيا لا ما يقوله الإسلام،ثم يريد البعض تقديم قوله على قول مسلم له سابقة في الإيمان!م.

ص: 139


1- لقد ذكرنا تفصيل ذلك في موسوعة أهل البيت عليهم السلام.

هذا حال الخواص.

ثم إنّ العوام يتبعون الخواص و يسيرون وراءهم حيثما ساروا.و لهذا فإنّ من أكبر الجرائم التي ترتكبها الشخصيات البارزة المتميّزة في المجتمع هو انحرافها؛ لأن انحرافها ينتهي إلى انحراف الكثير من الناس الذين إذا رأوا القيم قد خرقت و أن الأعمال تناقض الأقوال و تناقض ما جاء في سنة الرسول،تجدهم يسيرون هم أيضا في هذا المسار أسوة بالخواص.

و أنقل لكم مثلا عن عامة الناس..كتب والي البصرة إلى الخليفة يذكر له كثرة أهل البصرة و عجز خراجهم عن المصارف،و سأله أن يزيد أهل البصرة خراج مدينتين.و لما بلغ أهل الكوفة ذلك سألوا واليهم عمار بن ياسر-الرجل النبيل الذي بقي صامدا كالطود الشامخ..و لا شك في أنه كان هناك أشخاص لم تهزّهم الهزاهز إلا أنّ عددهم كان قليلا-أن يكتب للخليفة يطلب منه أن يزيدهم خراج مدينتين.إلا أنه رفض تلبية طلبهم فأبغضوه لذلك و شكوه إلى الخليفة،فعزله عن الولاية.

و وقع مثل هذا لأبي ذر و لآخرين،و لعل عبد اللّه بن مسعود كان أحدهم.فحينما لا تراعى مثل هذه الجوانب يتجرد المجتمع حينها من القيم.و هنا تكمن واحدة من تلك العبر.

ص: 140

أهمية التقوى

إعلموا يا أعزائي أنّ المرء لا يقف على حقيقة مثل هذه التطورات الإجتماعية إلا بعد مرور وقت طويل.و هذا ما يوجب علينا الإنتباه و الحذر و المراقبة؛و هو معنى التقوى..فالتقوى معناها أنّ يتحرّز على نفسه من ليس له سلطان إلا على نفسه،و أن يتحرّز على نفسه و على غيره من له سلطان على غيره أيضا.أما الذين يقفون على رأس السلطة فيجب عليهم التحرز على أنفسهم و على المجتمع كلّه لكي لا ينزلق نحو التهافت على الدنيا و التعلق بزخارفها،و لا يسقط في هاوية حب الذات.

و هذا لا يعني طبعا الإنصراف عن بناء المجتمع،بل يجب بناء المجتمع و الاستكثار من الثروة،و لكن لا لأنفسهم،فهذا مستقبح.كل من لديه قدرة على زيادة ثروة المجتمع و القيام بإنجازات كبرى،يكسب ثوابا عظيما.لقد استطاع البعض خلال هذه السنوات بناء البلد و رفع راية الإعمار عاليا و إنجاز أعمال كبرى، و هذه مفخرة لهم،و لا يدخل عملهم هذا في إطار حب الدنيا.و إنما يصدق حب الدنيا فيما لو كان المرء يطلب النفع لذاته و يعمل لنفسه،أو يفكر في جمع الثروة لنفسه من بيت مال المسلمين أو من غيره.و هذا هو التصرف القبيح.

يجب إذن الحذر من الوقوع في مثل هذه المنزلقات،و إذا انعدم الحذر ينحدر المجتمع تدريجيا نحو التخلي عن القيم و يبلغ مرحلة لا تبقى له فيها سوى القشرة الخارجية،و قد يأتيه على حين غرّة و يفاجئه ابتلاء شديد-كالإبتلاء الذي تعرّض له ذلك المجتمع حين اندلاع ثورة أبي عبد اللّه الحسين عليه السّلام-فلا يخرج منه ظافرا.

ص: 141

الإنحراف في عهد الحسين عليه السلام

عرضت على عمر بن سعد ولاية الري.و كانت الري في ذلك الوقت ولاية شاسعة و غنيّة.و لم يكن منصب الإمارة(على عهد بني أمية)كمنصب المحافظ في الوقت الحاضر؛فالمحافظون اليوم موظفون حكوميون يتقاضون مرتبات و يبذلون جهودا شاقّة.و لم يكن الأمر حينذاك على هذا النحو.الشخص الذي ينصب واليا كان مطلق اليد في التصرف بجميع الثروات الموجودة في تلك المدينة يتصرف فيها كيف يشاء بعد أن يرسل مقدارا منها إلى عاصمة الخلافة.و لهذا كان لمنصب الوالي أهمية عظمى.

ثم شرطوا تولّيه الري بمحاربة الحسين عليه السّلام.

من الطبيعي أنّ الإنسان النبيل و صاحب القيم لا يتردد لحظة في رفض مثل هذا العرض،ما قيمة الري و غير الري؛لو وضعت الدنيا بين يديه فلا يعبس بوجه الحسين عليه السّلام و لا يكفهر بوجه الحسين؛فما بالك بالنهوض لمحاربة عزيز الزهراء عليها السّلام و قتله هو و أطفاله.

هكذا يقف الإنسان الذي يحمل قيما.و لكن حينما يكون المجتمع خاويا و مجردا من القيم،و حينما تضعف هذه المبادئ الأساسية بين أفراد المجتمع،ترتعد الفرائص عند ذاك،و أكثر ما يستطيع المرء عمله في مثل هذا الموقف هو أنه يستمهلهم ليلة واحدة للتفكير في الأمر.و حتى لو أنه فكر سنة كاملة لوصل إلى نفس النتيجة و لا تخذ نفس القرار؛إذ لا قيمة لمثل هذا النمط من التفكير،إلا أنّ الرجل

ص: 142

فكر في الأمر ليلة و أعلن في اليوم التالي عن موافقته على ذلك العرض.لكن اللّه تعالى لم يمكّنه من بلوغ تلك الغاية.

و كانت نتيجة ذلك أن وقعت فاجعة كربلاء (1).3.

ص: 143


1- ثورة عاشوراء شمس الشهادة:243.

مرحلة الإمام الحسين عليه السلام

لقد استشهد أمير المؤمنين عليه السّلام بسبب تلك الأوضاع.و من بعده جاء ابنه الحسن عليه السّلام الذي لم يتسنّ له الصمود بوجه تلك الحالة أكثر من ستة أشهر،إذ تخلّى عنه أنصاره و تركوه فريدا وحيدا؛فرأى أنه إذا سار لمحاربة معاوية بهذه الثلّة القليلة و استشهد فلن يطالب أحد حتى بثأره نتيجة لاستشراء الإنحطاط الأخلاقي في المجتمع الإسلامي،و بين هؤلاء الخواص!و إن دعاية معاوية و أمواله و حيله ستستحوذ على الجميع،و سيقول الناس بعد مضي سنة أو سنتين:إنّ الإمام الحسن عليه السّلام لم يحسن صنعا-أساسا-حين تحدّى معاوية،و معنى هذا أنّ دمه سيذهب هدرا،لذلك تحمّل جميع المصاعب و لم يلق بنفسه في ميدان الشهادة.

ص: 144

الفرق بين زمن الحسن و زمن الحسين عليهما السلام

اشارة

أنتم تعلمون أنّ الشهادة تكون أحيانا أسهل من البقاء على قيد الحياة.و هذا المعنى يدركه جيدا أهل الحكمة و الدقة و الآفاق المعنوية.أحيانا تصبح الحياة و العمل في أجواء معيّنة أصعب بكثير من القتل و الشهادة و لقاء اللّه،لكن الإمام الحسن عليه السّلام سلك هذا السبيل الأصعب.

في تلك الأوضاع كان الخواص في حالة انهيار و لم يكونوا على استعداد للقيام بأي تحرّك.و لهذا السبب حينما استلم يزيد السلطة ثار عليه الإمام الحسين عليه السّلام؛ لأن يزيد بما يتصف به من صفات سيئة كان من السهولة محاربته،و فيما لو قتل أحد في محاربته لا تذهب دماؤه هدرا.

كانت الأوضاع في عهده لا خيار فيها إلاّ خيار الثورة،على العكس من زمن الإمام الحسن عليه السّلام الذي فيه خياران خيار الشهادة و خيار الحياة،و كان البقاء على قيد الحياة أكثر ثوابا و جدوى و مشقة من القتل،و الإمام الحسن عليه السّلام اختار هذا المسلك الأوعر.و لكن الوضع لم يكن على هذه الصورة في عهد الإمام الحسين عليه السّلام و لم يكن هناك إلاّ خيار واحد!و البقاء على قيد الحياة الذي يعني عدم الثورة ما كان له آنذاك أي معنى،كان لا بد له من الثورة،سواء انتهى به الأمر إلى القبض على الحكم أم كان مصيره إلى الشهادة.كان عليه أن يرسم الطريق و يركز لواء الدلالة عليه،ليكون واضحا أنّ الأمور إذا بلغت هذا الحد لا بدّ و أن يكون التحرك في هذا

ص: 145

الاتجاه(الثورة) (1).

قال السيد محمد باقر القرشي:و تقلّد الإمام الحسن عليه السّلام أزمّة الخلافة الإسلامية بعد أبيه،فتسلم قيادة حكومة شكلية عصفت بها الفتن،و مزقت جيشها الحروب و الأحزاب و لم تعد هناك أية قاعدة شعبية تستند إليها الدولة،فقد كان الاتجاه العام الذي يمثله الوجوه و الأشراف مع معاوية،فقد كانوا على اتصال وثيق به قبل مقتل الإمام و بعده،كما كان لهم الدور الكبير في إفساد جيش الإمام حينما مني جيش معاوية بالهزيمة و الفرار،و على أي حال فإن الإمام الحسن بعد أن تقلّد الخلافة أخذ يتهيأ للحرب،و قد أمر بعقد اجتماع عام في جامع الكوفة و قد حضرته القوات المسلحة و غيرها،و ألقى الإمام خطابا رائعا و مؤثرا دعا فيه إلى تلاحم القوى و وحدة الصف،و حذّر فيه من الدعايات التي تبثها أجهزة الحكم الأموي،ثم ندب الناس لحرب معاوية فلما سمعوا ذلك وجلت قلوبهم و كمّت أفواههم،و لم يستجب منهم أحد سوى البطل الملهم عدي بن حاتم فانبرى يعلن دعمه الكامل للإمام، و وجه أعنف اللوم و التقريع لأهل الكوفة على موقفهم الإنهزامي و استبان للإمام و غيره أن جيشه لا يريد الحرب،فقد خلع يد الطاعة،و انساب في ميادين العصيان و التمرد.

و بعد جهود مكثفة قام بها بعض المخلصين للإمام نفر للحرب أخلاط من الناس -على حد تعبير الشيخ المفيد-كان أكثرهم من الخوارج و الشكاكين و ذوي الأطماع،و هذه العناصر لم تؤمن بقضية الإمام،و قد تطعمت بالخيانة و الغدر، و يقول الرواة أن الإمام أسند مقدمة قيادة جيشه لعبيد الله بن العباس الذي وتره معاوية بابنيه ليكون ذلك داعية إخلاص له و حينما التقى جيشه بجيش معاوية،مد2.

ص: 146


1- ثورة عاشوراء شمس الشهادة:202.

إليه معاوية أسلاك مكره فمنّاه بمليون درهم يدفع نصفه في الوقت و النصف الآخر إذا التحق به و سال لعاب عبيد الله فاستجاب لدنيا معاوية و مال عن الحق فالتحق بمعسكر الظلم و الجور و معه ثمانية آلاف من الجيش غير حافل بالخيانة و العار، و لا بالأضرار الفظيعة التي ألحقها بجيش ابن عمه،فقد تفللت جميع وحداته و قواعده،و لم تقتصر الخيانة على عبيد الله،و إنما خان غيره من كبار قادة ذلك الجيش،فالتحقوا بمعاوية،و تركوا الإمام في أرباض ذلك الجيش المنهزم يصعد آهاته و آلامه.

و لم تقتصر محنة الإمام و بلاؤه في جيشه على خيانة قادة فرقه،و إنما تجاوز بلاؤه إلى ما هو أعظم من ذلك،فقد قامت فصائل من ذلك الجيش بأعمال رهيبة بالغة الخطورة و هي:

ص: 147

1-الإعتداء على الإمام:

و قام الرجس الخبيث الجراح بن سنان بالإعتداء على الإمام فطعنه في فخذه بمغول فهوى الإمام جريحا،و حمل إلى المواني لمعالجة جرحه و طعنه شخص آخر بخنجر في أثناء الصلاة كما رماه شخص بسهم في أثناء الصلاة إلا أنه لم يؤثر فيه شيئا و أيقن الإمام أن أهل الكوفة جادون في قتله و اغتياله.

-2-الحكم عليه بالكفر:

و أصيب ذلك الجيش بدينه و عقيدته فقد رموا حفيد نبيهم و ريحانته بالكفر و المروق من الدين،فقد جابهه الجراح بن سنان رافعا عقيرته قائلا:

«أشركت يا حسن كما أشرك أبوك...».

و كان هذا رأي جميع الخوارج الذين كانوا يمثّلون الأكثرية الساحقة في ذلك الجيش.

-3-الخيانة العظمى:

و الخيانة العظمى التي قام بها بعض زعماء ذلك الجيش أنهم راسلوا معاوية و ضمنوا له تسليم الإمام أسيرا أو اغتياله متى رغب و شاء،و أقض ذلك مضجع الإمام فخاف أن يؤسر و يسلّم إلى معاوية فيمن عليه،و يسجل بذلك يدا لبني أمية على الأسرة النبوية،كما كان عليه السّلام يتحدث بذلك بعد إبرام الصلح.

ص: 148

-4-نهب أمتعة الإمام:

و عمد أجلاف أهل الكوفة إلى نهب أمتعة الإمام و أجهزته فنزعوا بساطا كان جالسا عليه كما سلبوا منه رداءه.

هذه بعض الأحداث الرهيبة التي قام بها ذلك الجيش الذي تمرّس في الخيانة و الغدر.

ص: 149

الصلح:

و وقف الإمام الحسن من هذه الفتن السود موقف الحازم اليقظ الذي تمثّلت فيه الحكمة بجميع رحابها و مفاهيمها،فرأى أنه أمام أمرين:

-1-أن يفتح باب الحرب مع معاوية،و هو على يقين لا يخامره أدنى شك أن الغلبة ستكون لمعاوية،فإما أن يقتل هو و أصحابه و أهل بيته الذين يمثلون القيم الإسلامية،و يخسر الإسلام بتضحيتهم قادته و دعاته من دون أن تستفيد القضية الإسلامية أي شيء فإن معاوية بحسب قابلياته الدبلوماسية يحمل المسؤولية على الإمام،و يلقي على تضحيته ألف حجاب،أو أنه يؤسر فيمنّ عليه معاوية فتكون سبة على بني هاشم و فخرا لبني أمية.

-2-أن يصالح معاوية فيحفظ للإسلام رجاله و دعاته،و يبرز في صلحه واقع معاوية،و يكشف عنه ذلك الستار الصفيق الذي تستر به،و قد اختار عليه السّلام هذا الأمر على ما فيه من قذى في العين و شجى في الحلق،و يقول المؤرخون إنه جمع جيشه فعرض عليهم الحرب أو السلم فتعالت الأصوات من كل جانب و هم ينادون.

«البقية البقية»

لقد استجابوا للذل،و رضوا بالهوان،و مالوا عن الحق،و قد أيقن الإمام أنهم قد فقدوا الشعور و الإحساس،و أنه ليس بالمستطاع أن يحملهم على الطاعة و يكرههم على الحرب فاستجاب-على كره و مرارة-إلى الصلح.

ص: 150

لقد كان الصلح أمرا ضروريا يحتّمه الشرع،و يلزم به العقل،و تقضي به الظروف الإجتماعية الملبدة بالمشاكل السياسية فإن من المؤكد أنه لو فتح باب الحرب لمني جيشه بالهزيمة،و منيت الأمة من جراء ذلك بكارثة لا حد لأبعادها.

أما كيفية الصلح و شروطه و أسبابه و زيف الناقدين له فقد تحدثنا عنها بالتفصيل في كتابنا حياة الإمام الحسن عليه السّلام.

ص: 151

موقف الإمام الحسين عليه السلام

و الشي المحقق أن الإمام الحسين قد تجاوب فكريا مع أخيه في أمر الصلح،و أنه تم باتفاق بينهما فقد كانت الأوضاع الراهنة تقضي بضرورته،و أنه لا بد منه، و هناك بعض الروايات الموضوعة تعاكس ما ذكرناه،و أن الإمام الحسين كان كارها للصلح و قد همّ أن يعارضه فأنذره أخوه بأن يقذفه في بيت فيطينه عليه حتى يتم أمر الصلح،فرأى أن من الوفاء لأخيه أن يطيعه و لا يخالف له أمرا فأجابه إلى ذلك،و قد دللنا على افتعال ذلك و عدم صحته إطلاقا في كتابنا حياة الإمام الحسن.

عدي بن حاتم مع الحسين:

و لما أبرم أمر الصلح خف عدي بن حاتم و معه عبيدة بن عمر إلى الإمام الحسين و قلبه يلتهب نارا فدعا الإمام إلى إثارة الحرب قائلا:

«يا أبا عبد الله شريتم الذل بالعز،و قبلتم القليل و تركتم الكثير،أطعنا اليوم، و اعصنا الدهر،دع الحسن،و ما رأى من هذا الصلح،و اجمع إليك شيعتك من أهل الكوفة و غيرها و ولني و صاحبي هذه المقدمة،فلا يشعر ابن هند إلا و نحن نقارعه بالسيوف».

فقال الحسين عليه السّلام:«إنا قد بايعنا و عاهدنا و لا سبيل لنقض بيعتنا»و لو كان الحسين يرى مجالا للتغلب على الأحداث لخاض الحرب،و ناجز معاوية،و لكن قد سدّت عليه و على أخيه جميع النوافذ و السبل،فرأوا أنه لا طريق لهم إلا الصلح.

ص: 152

تحوّل الخلافة:

و تحوّلت الخلافة الإسلامية من طاقتها الأصيلة و مفاهيمها البناءة إلى ملك عضوض مستبد لا ظل فيه للعدل،و لا شبح فيه للحق قد تسلّطت الطغمة الحاكمة من بني أمية على الأمة و هي تمعن في إذلالها و نهب ثرواتها،و إرغامها على العبودية،يقول بعض الكتاب:«و نجم عن زوال الخلافة الراشدة و انتقال الخلافة إلى بني أمية نتائج كبيرة فقد انتصرت أسرة بني أمية على الأسرة الهاشمية،و هذا كان معناه انتصار الأرستقراطية القرشية،و أصحاب رؤوس المال و المضاربات التجارية على أصحاب المبادىء و المثل،لقد كان نصر معاوية هزيمة لكل الجهود التي بذلت للحد من طغيان الرأسمالية القرشية،هزيمة لحلف الفضول،و هزيمة للدوافع المباشرة لقيام الإسلام و حربه على الإستغلال و الظلم،هزيمة للمثل و المبادىء،و نجاح للحنكة و السياسة المدعومة بالتجربة و المال،و لقد كان لهذه الهزيمة وقع مفجع على الإسلام و أجيال المسلمين..».

و يقول(نيكلسون):

«و اعتبر المسلمون انتصار بني أمية و على رأسها معاوية انتصارا للأرستقراطية الوثنية التي ناصبت الرسول و أصحابه العداء،و التي جاهدها رسول الله صلّى اللّه عليه و اله حتى قضى عليها،و صبر معه المسلمون على جهادها و مقاومتها حتى نصرهم الله،و أقاموا على أنقاضها دعائم الإسلام ذلك الدين السمح الذي جعل الناس سواسية في السراء و الضراء،و أزال سيادة رهط كانوا يحتقرون

ص: 153

الفقراء،و يستذلون الضعفاء،و يبتزون الأموال...».

و على أي حال فقد فجع العالم الإسلامي-بعد الصلح-بكارثة كبرى فخرج من عالم الدعة و الأمن و الإستقرار إلى عالم مليء بالظلم و الجور فقد أسرع الأمويون بعد أن استتب لهم الأمر إلى الإستبداد بشؤون المسلمين،و إرغامهم على ما يكرهون.

و عانى الكوفيون من الظلم ما لم يعانه غيرهم،فقد أخذت السلطة تحاسبهم حسابا عسيرا على وقوفهم مع الإمام في أيام صفين،و عهدت في شؤونهم إلى الجلادين أمثال المغيرة بن شعبة و زياد بن أبيه فصبّوا عليهم وابلا من العذاب الأليم،و أخذ الكوفيون يندبون حظهم التعيس على ما اقترفوه من عظيم الإثم في خذلانهم للإمام أمير المؤمنين و ولده الحسن،و جعلوا يلحّون على الإمام الحسين بوفودهم و رسائلهم لينقذهم من ظلم الأمويين و جورهم إلا أن من المدهش حقا أنه لما استجاب لهم شهروا في وجهه السيوف،و قطعوا أوصاله و أوصال أبنائه على صعيد كربلا..و بهذا ينتهي بنا المطاف عن أفول دولة الحق (1).2.

ص: 154


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:85/2.

الفهرس

أسباب واقعة الطف

علل و أسباب نهضة عاشوراء 3

خطورة معاوية و يزيد على الإسلام 7

شهادة الحسين عليه السلام لم تكن هزيمة 9

سبب استشهاد الإمام الحسين عليه السلام 12

حال المسلمين قبل قيام الإمام الحسين عليه السلام 18

انقسام الأمة إلى قسمين 21

نتيجة مساعي الخليفة معاوية 25

امتناع الإمام الحسين عليه السلام من بيعة يزيد 26

دراسة علل ثورة الإمام الحسين عليه السلام 34

الدروس المستقاة من عاشوراء 34

العبر العاشورائية 36

ما حلّ بالمجتمع حتى يضطر الحسين للتضحية 39

مرض المجتمع الإسلامي الخطير 41

آفتان و مرضان للإنحراف 42

أثر التخلي عن القيم و الفضائل:حاكميّة يزيد 45

ص: 155

نظرة إلى دقائق التاريخ 47

الحسين عليه السلام و الارتداد 48

سبب واقعة كربلاء 49

سبب آخر لواقعة كربلاء 51

الماضي مثال للحاضر 53

ماذا حصل في كربلاء 54

ماذا حصل في مجتمع النبي حتى ذبحوا ابنه؟56

أثر الخواص و العوام 57

أقسام الخواص 59

خواص أنصار الحق 60

أقسام أنصار الحق 62

مرحلة أمير المؤمنين عليه السلام 67

تكليف الخواص 69

خواص أهل الكوفة و فعلهم 71

نموذج للعوام 73

مسلم ضحيّة العوام 74

تخاذل أنصار الحق 75

أثر كذبة شريح القاضي على التاريخ 76

أثر تخاذل شبث بن ربعي 77

أثر التحرك في وقته 77

أثر تخلي الخواص عن مسلم 78

أثر موقف الخواص في الوقت المناسب 78

ص: 156

نموذج تاريخي معاصر 79

نموذج تاريخي معاكس 79

أثر تقصير الخواص 80

النصر مشروط بالتضحية 81

عدم إنقياد الخواص للدنيا 82

نظرة في أسباب الثورة الحسينية 83

1-المسؤولية الدينية 83

-1-الإمام محمد عبده:84

-2-محمد عبد الباقي:84

-3-عبد الحفيظ أبو السعود:85

-4-الدكتور أحمد محمود صبحي:86

-5-العلايلي:86

2-المسؤولية الاجتماعية 88

3-إقامة الحجة عليه 88

4-حماية الإسلام 89

5-صيانة الخلافة 90

6-تحرير إرادة الأمة:91

7-تحرير اقتصاد الأمة:92

8-المظالم الاجتماعية:93

9-المظالم الهائلة على الشيعة:94

10-محو ذكر أهل البيت:95

11-تدمير القيم الإسلامية:96

ص: 157

أ-الوحدة الإسلامية 96

ب-المساواة:96

ج-الحرية:97

12-انهيار المجتمع 98

1-نقض العهود 98

2-عدم التحرج من الكذب 99

3-عرض الضمائر للبيع 99

4-الإقبال على اللهو 100

13-الدفاع عن حقوقه 100

1-الخلافة 100

2-الخمس 101

14-الأمر بالمعروف:102

15-إماتة البدع:103

16-العهد النبوي:103

17-العزة و الكرامة:104

18-غدر الأمويين و فتكهم:105

رأي رخيص:106

أثر المفاهيم الخاطئة على المجتمعات 109

نماذج من التاريخ 109

رأي الإسلام في العنف 111

العنف القانوني 111

العنف غير القانوني 112

ص: 158

بداية الإنحراف

ركائز بنية النظام النبوي 117

الفرق بين العدل و المساواة 118

الحب..حب الزوجة و حب الأولاد 120

المجتمع الإسلامي بعد وفاة الرسول 9 123

مواجهة الإمام الحسين في كربلاء مع عالم من الانحراف 124

تشابه موقف النبي و الإمام الحسين عليهما السلام 126

الإنحراف في زمن أمير المؤمنين عليه السلام 128

أنواع النعم 131

نماذج الإنحرافات قبل عصر الحسين عليه السلام 133

أهمية التقوى 141

الإنحراف في عهد الحسين عليه السلام 142

مرحلة الإمام الحسن عليه السلام 144

الفرق بين زمن الحسن و زمن الحسين عليهما السلام 145

1-الإعتداء على الإمام:148

2-الحكم عليه بالكفر:148

3-الخيانة العظمى:148

4-نهب أمتعة الإمام:149

الصلح:150

موقف الإمام الحسين عليه السلام 152

ص: 159

عدي بن حاتم مع الحسين:152

تحوّل الخلافة:153

الفهرس 155

ص: 160

المجلد 9

اشارة

الصحیح من سیرة الإمام الحسین بن علي علیه السلام

نویسنده: سید هاشم بحرانی - علامه سید مرتضی عسکری و سید محمد باقر شریف قرشی

ناشر: مؤسسة التاريخ العربي

مکان نشر: لبنان - بيروت

سال نشر: 2009م , 1430ق

چاپ:1

موضوع:اسلام، تاریخ

زبان:عربی

تعداد جلد:20

کد کنگره: /ع5ص3 41/4 BP

ص: 1

اشارة

ص: 2

[الجزء التاسع(أسباب و معطيات ثورة عاشوراء)]

بداية الإنحراف

حكومة معاوية

اشارة

و استقبل المسلمون حكومة معاوية-بعد الصلح-بكثير من الذعر و الفزع و الخوف،فقد عرفوا واقع معاوية،و وقفوا على اتجاهاته الفكرية و العقائدية فخافوه على دينهم،و على نفوسهم و أموالهم،و قد وقع ما خافوه فإنه لم يكد يستولي على رقاع الدولة الإسلامية حتى أشاع الظلم و الجور و الفساد في الأرض، و يقول المؤرخون إنه ساس المسلمين سياسة لم يألفوها من قبل،فكانت سياسته تحمل شارات الموت و الدمار،كما كانت تحمل معول الهدم على جميع القيم الأخلاقية و الإنسانية،و قد انتعشت في عهده الوثنية بجميع مساوئها التي نفر منها الناس،يقول السيد مير علي الهندي:

«و مع ارتقاء معاوية الخلافة في الشام عاد حكم التوليغارشية الوثنية السابقة فاحتل موقع ديمقراطية الإسلام و انتعشت الوثنية بكل ما يرافقها من خلاعات،و كأنها بعثت من جديد،كما وجدت الرذيلة و التبذل الخلقي لنفسها متسعا في كل مكان ارتادته رايات حكام الأمويين من قادة جند الشام...».

و الشىء المؤكد أن حكومة معاوية لم تستند إلى رضى الأمة أو مشورتها،و إنما فرضت عليها بقوة السلاح،و قد اعترف معاوية بذلك اعترافا رسميا بتصريح أدلى

ص: 3

به أمام جمهور غفير من الناس فقال:«و الله ما وليتها-أي الخلافة-بمحبة علمتها منكم و لا مسرة بولايتي،و لكن جالدتكم بسيفي هذا مجالدة،فإن لم تجدوني أقوم مجتمعكم كله فاقبلوا مني بعضه..».

و لما وقعت الأمة فريسة تحت أنيابه-بعد الصلح-خطب في(النخيلة)خطابا قاسيا أعلن فيه عن جبروته و طغيانه على الأمة و استهانته بحقوقها فقد جاء فيه:

«و الله إني ما قاتلتكم لتصلّوا و لا لتصوموا،و لا لتحجّوا و لا لتزكّوا،إنكم لتفعلون ذلك، و إنما قاتلتكم لأتأمر عليكم،و قد أعطاني الله ذلك و أنتم له كارهون».

و مثّل هذا الخطاب الإتجاهات الشريرة التي يحملها معاوية فمن أجل الإمرة و السيطرة على العباد أراق دماء المسلمين،و أشاع في بيوتهم الثكل و الحزن و الحداد.

و لا بد لنا من دراسة موجزة للمخططات السياسية التي تبنتها حكومة معاوية، و ما رافقها من الأحداث الجسام فإنها-فيما نعتقد-من ألمع الأسباب في ثورة الإمام الحسين،فقد رأى ما مني به المسلمون في هذا العهد من الحرمان و الإضطهاد،و ما أصيبوا به من الإنحراف و التذبذب من جراء النقائص الإجتماعية التي أوجدها الحكم الأموي،فهبّ سلام الله عليه-بعد هلاك معاوية-إلى تفجير ثورته الكبرى التي أدت إلى إيقاظ الوعي الإجتماعي الذي اكتسح الحكم الأموي و أزال جميع معالمه و آثاره...و هذه بعض معالم سياسة معاوية.

سياسته الاقتصادية

و لم تكن لمعاوية أية سياسة اقتصادية في المال حسب المعنى المصطلح لهذه الكلمة،و إنما كان تصرفه في جباية الأموال و إنفاقها خاضعا لرغباته و أهوائه فهو

ص: 4

يهب الثراء العريض للقوى المؤيدة له و يحرم العطاء للمعارضين له،و يأخذ الأموال و يفرض الضرائب كل ذلك بغير حق.

إن من المقطوع به أنه لم يعد في حكومة معاوية أي ظل للإقتصاد الإسلامي الذي عالج القضايا الإقتصادية بأروع الوسائل و أعمقها،فقد عنى بزيادة الدخل الفردي،و مكافحة البطالة،و إذابة الفقر،و اعتبر مال الدولة ملكا للشعب يصرف على تطوير وسائل حياته،و ازدهار رخائه،و لكن معاوية قد أشاع الفقر و الحاجة عند الأكثرية الساحقة من الشعب،و أوجد الرأسمالية عند فئة قليلة راحت تتحكم في مصير الناس و شؤونهم.و هذه بعض الخطوط الرئيسية في سياسته الاقتصادية:

الحرمان الاقتصادي
اشارة

و أشاع معاوية الحرمان الإقتصادي في بعض الأقطار التي كانت تضم الجبهة المعارضة له فنشر فيها البؤس و الحاجة حتى لا تتمكن من القيام بأية معارضة له، و هذه بعض المناطق التي قابلها بالإضطهاد و الحرمان.

1-يثرب:

و سعى معاوية لإضعاف يثرب فلم ينفق على المدنيين أي شي من المال و جهد على فقرهم و حرمانهم لأنهم من معاقل المعارضة لحكمه،و فيهم كثير من الشخصيات الحاقدة على الأسرة الأموية و الطامعة في الحكم،و يقول المؤرخون أنه أجبرهم على بيع أملاكهم فاشتراها بأبخس الأثمان،و قد أرسل القيم على أملاكه لتحصيل وارداتها فمنعوه عنها،و قابلوا حاكمهم عثمان بن محمد،و قالوا

ص: 5

له:إن هذه الأموال لنا كلها،و إن معاوية آثر علينا في عطائنا،و لم يعطنا درهما فما فوقه حتى مضّنا الزمان و نالتنا المجاعة فاشتراها بجزء من مائة من ثمنها،فرد عليهم حاكم المدينة بأقسى القول و أمرّه.

و وفد على معاوية الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري فلم يأذن له تحقيرا و توهينا به فانصرف عنه،فوجّه له معاوية بستمائة درهم فردّها جابر و كتب إليه:

و إني لأختار القنوع على الغنى إذا اجتمعا و الماء بالبارد المحض

و أقضي على نفسي إذ الأمر نابني و في الناس من يقضى عليه و لا يقضي

و ألبس أثواب الحياء و قد أرى مكان الغنى إلا أهين له عرضي

و قال لرسول معاوية:«قل له و الله يابن آكلة الأكباد لا تجد في صحيفتك حسنة أنا سببها أبدا».

و انتشر الفقر في بيوت الأنصار،و خيّم عليهم البؤس حتى لم يتمكن الرجل منهم على شراء راحلة يستعين بها على شؤونه،و لما حج معاوية و اجتاز على يثرب استقبله الناس،و منهم الأنصار و كان أكثرهم مشاة فقال لهم:

«ما منعكم من تلقيّ كما يتلقاني الناس!!؟»

فقال له سعيد بن عبادة:

«منعنا من ذلك قلة الظهر،و خفة ذات اليد،و إلحاح الزمان علينا،و إيثارك بمعروفك غيرنا».

فقال له معاوية باستهزاء و سخرية.

«أين أنتم عن نواضح المدينة؟».

فسدد له سعيد سهما من منطقه الفياض قائلا:

«نحرناها يوم بدر،يوم قتلنا حنظلة بن أبي سفيان».

ص: 6

لقد قضت سياسة معاوية بنشر المجاعة في يثرب و حرمان أهلها من الصلة و العطاء،يقول عبد الله بن الزبير في رسالته إلى يزيد:«فلعمري ما تؤتينا مما في يدك من حقنا إلا القليل و إنك لتحبس عنا منه العريض...».

و قد أوعز معاوية إلى الحكومة المركزية في يثرب برفع أسعار المواد الغذائية فيها حتى تعم فيها المجاعة،و قد ألمع إلى ذلك يزيد في رسالته التي بعثها للمدنيين و وعدهم فيها بالإحسان إن خضعوا لسلطانه،و قد جاء فيها:

«و لهم علي عهد أن أجعل الحنطة كسعر الحنطة عندنا،و العطاء الذي يذكرون أنه احتبس عنهم في زمان معاوية فهو علي لهم وفرا كاملا».

«و قد جعل معاوية الولاة على الحجاز تارة مروان بن الحكم،و أخرى سعيد بن العاص و كان يعزل الأول و يولي الثاني،و قد جهدا في إذلال أهل المدينة و فقرهم.

2-العراق:

أما العراق فقد قابله معاوية بالمزيد من العقوبات الإقتصادية باعتباره المركز الرئيسي للمعارضة،و القطر الوحيد الساخط على حكومته،و كان و اليه المغيرة بن شعبة يحبس العطاء و الأرزاق عن أهل الكوفة،و قد سار حكام الأمويين من بعد معاوية على هذه السيرة في اضطهاد العراق و حرمان أهله،فإن عمر بن عبد العزيز أعدلهم لم يساو بين العراقيين و الشاميين في العطاء،فقد زاد في عطاء الشاميين عشرة دنانير و لم يزد في عطاء أهل العراق.

لقد عانى العراق في عهد الحكم الأموي أشد ألوان الضيق مما جعل العراقيين يقومون بثورات متصلة ضد حكمهم.

ص: 7

3-مصر:

و نالت مصر المزيد من الإضطهاد الإقتصادي فقد كتب معاوية إلى عامله:«أن زد على كل امرىء من القبط قيراطا»فأنكر عليه عامله و كتب إليه:«كيف أزيد عليهم و في عهدهم أن لا يزاد عليهم».

و شمل الضيق الإقتصادي سائر الأقطار الإسلامية ليشغلها عن معارضة حكمه.

الرفاه على الشام

و بينما كانت البلاد الإسلامية تعاني الجهد و الحرمان نجد الشام في رخاء شامل و أسعار موادها الغذائية منخفضة جدا،لأنها أخلصت للبيت الأموي،و عملت على تدعيم حكمه،فكان الرفاه يعد فيها شائعا،أما ما يؤيد ذلك فهي رسالة يزيد التي ذكرناها قبل قليل..و قد حملوا أهل الشام على رقاب الناس كما ألمح إلى ذلك مالك بن هبيرة في حديثه مع الحصين بن نمير.

يقول له:«هلمّ فلنبايع لهذا الغلام-أي خالد بن يزيد-الذي نحن ولدنا أباه و هو ابن اختنا،فقد عرفت منزلتنا من أبيه فإنه كان يحملنا على رقاب العرب..».

استخدام المال في تدعيم ملكه:

و استخدم معاوية الخزينة المركزية لتدعيم ملكه و سلطانه،و اتخذ المال سلاحا يمكنه من قيادة الأمة و رئاسة الدولة،يقول السيد مير علي الهندي:«و كانت

ص: 8

الثروات التي جمعها معاوية من عمالته على الشام يبذّرها هو و بطانته على جنوده المرتزقة الذين ساعدوه بدورهم على إخفات كل همسة ضدهم..».

و كانت هذه السياسة غريبة على المسلمين لم يفكر فيها أحد من الخلفاء السابقين،و قد سار عليها من جاء بعده من خلفاء الأمويين فاتخذوا المال وسيلة لدعم سلطانهم،يقول الدكتور محمد مصطفى:«و كان من عناصر سياسة الأمويين استخدام المال سلاحا للإرهاب،و أداة للتقريب فحرموا منه فئة من الناس، و أغدقوه أضعافا مضاعفة لطائفة أخرى ثمنا لضمائرهم،و ضمانا لصمتهم..».

و جعل شكري فيصل المال أحد العاملين الأساسيين اللذين خضع لهما المجتمع الإسلامي خضوعا عجيبا،و كان من جملة الأسباب في فتن السياسة،و سيطرة الطبقة الحاكمة من قريش،كما أنه أحد الأسباب في وقوع الخلاف ما بين العرب و العجم بل و ما بين العرب أنفسهم.

المنح الهائلة لأسرته

و منح معاوية الأموال الهائلة لأسرته فوهبهم الثراء العريض و ذلك لتقوية مركزهم،و بسط نفوذهم على العالم الإسلامي،في حين أشاع البؤس و الحرمان عند أغلب فئات الشعب.

منح خراج مصر لعمرو

و وهب معاوية خراج مصر لابن العاص،و جعله طعمة له ما دام حيا،و ذلك لتعاونه معه على مناجزة الإمام أمير المؤمنين رائد الحق و العدالة في الأرض،و قد

ص: 9

ألمحنا إلى تفصيل ذلك في البحوث السابقة.

هبات الأموال للمؤيدين

و أغدق معاوية الأموال الهائلة على المؤيدين له و المنحرفين عن الإمام أمير المؤمنين و قد أسرف في ذلك إلى حد بعيد،و يقول الرواة:أن يزيد بن منبه قدم عليه من البصرة يشكو له دينا قد لزمه،فقال معاوية لخازن بيت المال:أعطه ثلاثين ألفا، و لما ولّى قال:و ليوم الجمل ثلاثين ألفا أخرى.لقد وهب له هذه الأموال الضخمة جزاءا لمواقفه و مواقف أخيه الذي أمدّ المتمردين في حرب الجمل بالأموال التي نهبها من بيت مال المسلمين،و قد حفل التأريخ ببوادر كثيرة من هبات معاوية للقوى المنحرفة عن الإمام،و المؤيدة له.

شراء الأديان

و فتح معاوية بابا جديدا في سياسته الإقتصادية و هي شراء الأديان و خيانة الذمم،فقد وفد عليه جماعة من أشراف العرب فأعطى كل واحد منهم مائة ألف و أعطى الحتات عم الفرزدق سبعين ألفا،فلما علم الحتات بذلك رجع مغضبا إلى معاوية فقال له:

«فضحتني في بني تميم،أما حسبي فصحيح،أو لست ذا سن؟ألست مطاعا في عشيرتي؟».

«بلى..».

«فما بالك خست بي دون القوم و أعطيت من كان عليك أكثر ممن كان لك!!».

فقال معاوية بلا حياء و لا خجل:

ص: 10

«إني اشتريت من القوم دينهم،و وكلتك إلى دينك».

«أنا أشتري مني ديني».

فأمر له بإتمام الجائزة.

لقد خسرت هذه الصفقة التي كشفت عن مسخ الضمائر و تحوّلها إلى سلعة تباع و تشرى.

عجز الخزينة المركزية

و منيت الخزينة المركزية بعجز مالي خطير نتيجة الإسراف في الهبات لشراء الذمم و الأديان و لم تتمكن الدولة من تسديد رواتب الموظفين مما اضطر معاوية إلى أن يكتب لابن العاص راجيا منه أن يسعفه بشي من خراج مصر الذي جعله طعمة له فقد جاء في رسالته:«أما بعد:فإن سؤال أهل الحجاز،و زوّار أهل العراق قد كثروا علي،و ليس عندي فضل من أعطيات الجنود فأعنّي بخراج مصر هذه السنة..»و لم يستجب له ابن العاص و راح ينكر عليه،و يذكره بأياديه التي أسداها عليه و قد أجابه بهذه الأبيات:

معاوي إن تدركك نفس شحيحة و ما ورّثتني مصر أمي و لا أبي

و ما نلتها عفوا و لكن شرطتها و قد دارت الحرب العوان على قطب

و لولا دفاعي الأشعري و صحبه لألفيتها ترغو كراغية السغب

و لما قرأ معاوية الأبيات تأثر منه،و لم يعاوده بشي من أمر مصر.

مصادرة أموال المواطنين

و اضطر معاوية بعد إسرافه و تبذيره إلى مصادرة أموال المواطنين ليسد

ص: 11

العجز المالي الذي منيت به خزينة الدولة،و قد صادر مواريث الحتات عم الفرزدق فأنكر عليه الفرزدق و قال يهجوه:

أبوك و عمي يا معاوي أورثا

تراثا فيختار التراث أقاربه

فما بال ميراث الحتات أخذته

و ميراث صخر جامد لك ذائبه

فلو كان هذا الأمر في جاهلية

علمت من المرء القليل حلائبه

و لو كان في دين سوى ذا شنئتم

لنا حقنا أو غص بالماء شاربه

ألست أعز الناس قوما و أسرة

و أمنعهم جارا إذا ضيم جانبه

و ما ولدت بعد النبي و آله

كمثلي حصان في الرجال يقاربه

و بيتي إلى جنب الثريا فناؤه

و من دونه البدر المضىء كواكبه

أنا ابن الجبال الشم في عدد الحصى

و عرق الثرى عرقي فمن ذا يحاسبه

و كم من أب لي يا معاوي لم يزل

أغر يباري الريح ازورّ جانبه

نمته فروع المالكين و لم يكن

أبوك الذي من عبد شمس يقاربه

ص: 12

و معنى هذه الأبيات أن الأموال التي خلفها صخر جد معاوية قد انتقلت إلى وراثة في حين أن ميراث عم الفرزدق قد صادره معاوية،و لو كان ذلك في الجاهلية لكان معاوية أقصر باعا من أن تمتد يده إليه،فإن الفرزدق ينتمي إلى أسرة هي من أعز الأسر العربية و أمنعها.

ضريبة النيروز

و فرض معاوية على المسلمين ضريبة النيروز ليسد بها نفقاته،و قد بالغ في إرهاق الناس و اضطهادهم على أدائها،و قد بلغت فيما يقول المؤرخون عشرة ملايين درهم و هي من الضرائب التي لم يألفها المسلمون،و قد اتخذها الخلفاء من بعده سنّة فأرغموا المسلمين على أدائها.

نهب الولاة و العمال

و أصبحت الولاية في عهد معاوية مصدرا من مصادر النهب و السرقة، و مصدرا للثراء و جمع الأموال،يقول أنس بن أبي أناس لحارثة الغداني صاحب زياد بن أبيه حينما ولي على(سرق)و هي إحدى كور الأهواز:

أحار بن بدر قد وليت إمارة فكن جرذا فيها تخون و تسرق

و باه تميما بالغنى أن للغنى لسانا به المرء الهيوبة ينطق

و لا تحقرن يا حار شيئا أصبته فحظك من ملك العراقين سرق

و يصف عقبة بن هبيرة الأسدي ظلم الولاة و استصفائهم أموال الرعية بقوله:

معاوي إننا بشر فاسجح فلسنا بالجبال و لا الحديد

ص: 13

أكلتم أرضنا فجرّدتموها فهل من قائم أو من حصيد

ففينا أمة ذهبت ضياعا يزيد أميرها و أبو يزيد

أنطمع في الخلافة إذ هلكنا و ليس لنا و لا لك من خلود

ذروا خول الخلافة و استقيموا و تأمير الأراذل و العبيد

و أعطونا السوية لا تزركم جنود مردفات بالجنود

و قد عانى المسلمون ضروبا شاقة و عسيرة من جور الولاة و ظلم الجباة،فقد تمرسوا بالسلب و النهب،و لم يتركوا عند أحد من الناس فضلا من المال إلا صادروه.

جباية الخراج

أما جباية الخراج فكانت خاضعة لرغبات الجباة و أهوائهم،و قد سأل صاحب أخنا عمرو بن العاص عن مقدار ما عليه من الجزية فنهره ابن العاص و قال له:

«لو أعطيتني من الأرض إلى السقف ما أخبرتك ما عليك إنما أنتم خزانة لنا إن كثر علينا كثرنا عليكم،و ان خفف عنا خففنا عنكم..».

و هدمت هذه الإجراءات الظالمة جميع قواعد العدل و المساواة التي جاء بها الإسلام.

اصطفاء الذهب و الفضة

و أوعز معاوية إلى زياد بن أبيه أن يصطفي له الذهب و الفضة فقام زياد مع عماله بإجبار المواطنين على مصادرة ما عندهم من ذلك و إرساله إلى دمشق و قد ضيّق بذلك على الناس،و ترك الفقر آخذا بخناقهم.

ص: 14

شل الحركة الإقتصادية

و شلّت الحركة الإقتصادية في جميع أنحاء البلاد فخربت الزراعة و التجارة، و أصيب الإقتصاد العام بنكسة شاملة نتيجة تبذير معاوية و إسرافه،و قد أعلن ذلك عبد الله بن همام السلولي فقد كتب شعرا في رقاع و ألقاها في المسجد الجامع يشكو فيها الجور الهائل و المظالم الفظيعة التي صبّها معاوية و عماله على الناس و هذه هي الأبيات:

ألا أبلغ معاوية بن صخر فقد خرب السواد فلا سوادا

أرى العمال اقساء علينا بعاجل نفعهم ظلموا العبادا

فهل لك أن تدارك بالدنيا و تدفع عن رعيتك الفسادا

و تعزل تابعا أبدا هواه يخرب من بلادته البلادا

إذا ما قلت اقصر عن هواه تمادى في ضلالته و زادا

و قد صوّر السلولي بهذه الأبيات سوء الحالة الإقتصادية و تسلّط الولاة على ظلم الرعية و دعا السلطة إلى عزلهم و إقصائهم عن وظائفهم فقد جهدوا في خراب السواد و امتصوا الدماء،و اتّبعوا الهوى،و ضلّوا عن الطريق القويم.

حجة معاوية

و يرى معاوية أن أموال الأمة و خزينتها المركزية ملك له يتصرف فيها حيث ما شاء يقول:«الأرض لله،و أنا خليفة الله،فما أخذ من مال الله فهو لي،و ما تركته جائزا إلي..».

ص: 15

و هذا المنطق بعيد عن روح الإسلام،و بعيد عن اتجاهاته فقد قنن أسسه الاقتصادية على أساس أن المال مال الشعب،و أن الدولة ملزمة بتنميته و تطويره، و ليس لرئيس الدولة و غيره أن يتلاعب باقتصاد الأمة و ينفقه على رغباته و أهوائه فإن ذلك يؤدي إلى إذاعة الحاجة و نشر البطالة و يعرّض البلاد للأزمات الإقتصادية...لقد اعتبر الإسلام الفقر كارثة اجتماعية و وباءا شاملا يجب مكافحته بكل الطرق و الوسائل،و ليس لرئيس الدولة أن يصطفي من مال الأمة أي شيء،هذا هو رأي الإسلام،و لكن معاوية-بصورة لا تقبل الجدل-لم يع ذلك،فتصرّف بأموال المسلمين حسب رغباته و أهوائه.

هذه بعض معالم سياسة معاوية الإقتصادية التي فقدت روح التوازن و أشاعت البؤس و الحرمان في البلاد.

سياسة التفريق

و بنى معاوية سياسته على تفريق كلمة المسلمين و تشتيت شملهم،و بث روح التفرقة و البغضاء بينهم،إيمانا منه بأن الحكم لا يمكن أن يستقر له إلا في تفلل وحدة الأمة و إشاعة العداء بين أبنائها،يقول العقاد:«و كانت له-أي لمعاوية-حيلته التي كررها و أتقنها و برع فيها،و استخدمها مع خصومه في الدولة من المسلمين و غير المسلمين،و كان قوام تلك الحيلة العمل الدائب على التفرقة و التخذيل بين خصومه بإلقاء الشبهات بينهم،و إثارة الإحن فيهم،و منهم من كانوا من أهل بيته و ذوي قرباه..كان لا يطيق أن يرى رجلين ذوي خطر على وفاق،و كان التنافس الفطري بين ذوي الأخطار مما يعينه على الإيقاع بهم».

لقد شتت كلمة المسلمين،و فصم عرى الأخوة الإسلامية التي عقد أواصرها

ص: 16

الرسول الكريم،و بنى عليها مجتمعه.

اضطهاد الموالي

و بالغ معاوية في اضطهاد الموالي و إذلالهم،و قد رام أن يبيدهم إبادة شاملة يقول المؤرخون:إنه دعا الأحنف بن قيس و سمرة بن جندب و قال لهما:«إني رأيت هذه الحمراء قد كثرت،و أراها قد قطعت على السلف،و كأني أنظر إلى وثبة منهم على العرب و السلطان،فقد رأيت أن أقتل شطرا منهم،و أدع شطرا لإقامة السوق و عمارة الطريق».

و لم يرتض الأحنف و سمرة هذا الإجراء الخطير فأخذا يلطفان به حتى عدل عن رأيه.

لقد سنّ معاوية اضطهاد الموالي،و أخذت الحكومات التي تلت من بعده تشيع فيهم الجور و الحرمان بالرغم من اشتراكهم في الميادين العسكرية و غيرها من أعمال الدولة،يقول شاعر الموالي شاكيا مما ألمّ بهم من الظلم:

أبلغ أمية عني إن عرضت لها و ابن الزبير و أبلغ ذلك العربا

أن الموالي أضحت و هي عاتبة على الخليفة تشكو الجوع و الحربا

و انبرى أحد الخراسانيين إلى عمر بن عبد العزيز يطالبه بالعدل فيهم قائلا له:

«يا أمير المؤمنين عشرون ألفا من الموالي يغزون بلا عطاء،و لا رزق،و مثلهم قد أسلموا من أهل الذمة يؤدون الخراج».و كان الشعبي قاضي عمر بن عبد العزيز قد بغض المسجد حتى صار أبغض إليه من كناسة داره-حسب ما يقول-لأن الموالي كانت تصلّي فيه و قد اضطر الموالي إلى تأسيس مسجد خاص لهم أسموه(مسجد الموالي)كانوا يقيمون الصلاة فيه و يميل خودا بخش إلى الظن أنهم إنما اضطروا

ص: 17

إلى تأدية صلاتهم فيه بعد ما رأوا تعصب العرب ضدهم،و أنهم لم يكونوا يسمحون لهم بالعبادة معهم في مسجد واحد و كان الموالي يلطفون بالرد على العرب و يدعونهم إلى الهدى قائلين:«إننا لا ننكر تباين الناس،و لا تفاضلهم،و لا السيد منهم و المسود،و الشريف و المشروف،و لكننا نزعم أن تفاضل الناس فيما بينهم هو ليس بآبائهم،و لا بأحسابهم و لكنه بأفعالهم و أخلاقهم،و شرف أنفسهم، و بعد همهم،فمن كان دني الهمة،ساقط المروؤة لم يشرف و إن كان من بني هاشم في ذؤابتها!!إنما الكريم من كرمت أفعاله،و الشريف من شرفت همته..».

و لم يع الأمويون و من سار في ركابهم هذا المنطق المشتق من واقع الإسلام و هديه الذي أمر ببسط المساواة و العدل بين جميع الناس من دون فرق بين قومياتهم.

و على أي حال فقد أدّت هذه السياسة العنصرية إلى إشاعة الأحقاد بين المسلمين و اختلاف كلمتهم،كما أدّت إلى تجنيد الموالي لكل حركة ثورية تقوم ضد الحكم الأموي و كانوا بالأخيرهم القوة الفعالة التي أطاحت بالأمويين و طوت معالمهم و آثارهم.

العصبية القبلية

و تبعا لسياسة التحزب و التفريق التي سار عليها الأمويون فقد أحيوا العصبيات القبلية،و قد ظهرت في الشعر العربي صور مريعة و مؤلمة من ألوان ذلك الصراع الذي كانت تخلقه السلطة الأموية لإشغال الناس بالصراع القبلي عن التدخل في الشؤون السياسية،و إبعادهم عما يقننه معاوية من الظلم و الجور،و يقول المؤرخون:إنه عمد إلى إثارة الأحقاد القديمة ما بين الأوس و الخزرج محاولا بذلك التقليل من أهميتهم،و إسقاط مكانتهم أمام العالم العربي و الإسلامي...كما تعصب

ص: 18

لليمنيين على المضريين،و أشعل نار الفتنة فيما بينهم حتى لا تتحد لهم كلمة تضر بمصالح دولته.

و سار عمال معاوية على وفق منهج سياسته التخريبية فكان زياد بن أبيه يضرب القبائل بعضها ببعض و يؤجج نار الفتنة فيما بينها حتى تكون تحت مناطق نفوذه يقول و لها وزن:«و عرف زياد كيف يخضع القبائل بأن يضرب إحداها بالأخرى،و كيف يجعلها تعمل من أجله،و أفلح في ذلك..».

و حفلت مصادر التأريخ ببوادر كثيرة من ألوان التناحر القبلي الذي أثاره معاوية و عماله مما أدى إلى انتشار الضغائن بين المسلمين،و قد عانى الإسلام من جراء ذلك أشد ألوان المحن فقد أوقف كل نشاط مثمر له،و خولف ما كان يدعو له النبي صلّى اللّه عليه و آله من التآخي و التعاطف بين المسلمين.

سياسة البطش و الجبروت

و ساس معاوية الأمة سياسة بطش و جبروت فاستهان بمقدراتها و كرامتها، و قد أعلن-بعد الصلح-أنه إنما قاتل المسلمين و سفك دماءهم ليتأمر عليهم،و أن جميع ما أعطاه للإمام الحسن عليه السّلام من شروط فهي تحت قدميه لا يفي بشىء منها، و قد أدلى بتصريح عبّر فيه عن كبريائه و جبروته فقال:«نحن الزمان من رفعناه ارتفع،و من وضعناه اتضع..».

و سار عماله و ولاته على هذه الخطة الغادرة فقد خطب عتبة بن أبي سفيان بمصر فقال:

«يا حاملي ألأم أنوف ركبت بين أعين،إني قلّمت أظفاري عنكم ليلين مسيئكم و سألتكم إصلاحكم إذا كان فسادكم باقيا عليكم فأما إذا أبيتم إلا الطعن على السلطان و النقص للسلف،فو الله لأقطعن بطون السياط على ظهوركم،فإن حسمت

ص: 19

أداوئكم و إلا فإن السيف من ورائكم،فكم حكمة منا لم تعها قلوبكم،و من موعظة منا صمّت عنها آذانكم،و لست أبخل بالعقوبة إذا جدتم بالمعصية..».

و خاطب المصريين في خطاب آخر له فقال:

«يا أهل مصر إياكم أن تكونوا للسيف حصيدا فإن لله ذبيحا لعثمان لا تصيروا إلى وحشة الباطل بعد أنس الحق بإحياء الفتنة،و إماتة السنن فأطأكم و الله وطأة لا رمق معها حتى تنكروا ما كنتم تعرفون».

و مثلت هذه القطع من خطابه مدى أحقاده على الأمة و تنكره لجميع قيمها و أهدافها و من أولئك الولاة الذين كفروا بالحق و العدل،خالد القسري،فقد خطب في مكة،و هو يهدد المجتمع بالدمار و الفناء،فقد جاء في خطابه:

أيها الناس عليكم بالطاعة،و لزوم الجماعة،و إياكم و الشبهات فإني-و الله-ما أوتي لي بأحد يطعن على إمامه إلا صلبته في الحرم...

و كانت هذه الظاهرة ماثلة عند جميع حكام الأمويين و ولاتهم يقول الوليد بن يزيد:

فدع عنك إدكارك آل سعدى فنحن الأكثرون حصى و مالا

و نحن المالكون الناس قسرا نسومهم المذلة و النكالا

و نوردهم حياض الخسف ذلا و ما نألوهم إلا خبالا

و صوّرت هذه الأبيات مدى استهانته بالأمة،فإنه مع بقية الحكام من أسرته،قد ملكوا الناس بالغلبة و القوة،و أنهم يسومونهم الذل،و يوردونهم حياض الخسف...

و من أولئك الملوك عبد الملك بن مروان فقد خطب في يثرب أمام أبناء المهاجرين و الأنصار فقال:

«الا و إني لا أداوي أمر هذه الأمة إلا بالسيف حتى تستقيم قناتكم،و إنكم تحفظون أعمال المهاجرين الأولين،و لا تعملون مثل عملهم،و إنكم تأمروننا

ص: 20

بتقوى الله،و تنسون أنفسكم و الله لا يأمرني أحد بتقوى الله بعد مقامي هذا-إلا ضربت عنقه..».

و حفل هذا الخطاب بالطغيان الفاجر على الأمة،فهو لا يرى حلا لأزماتها إلا بسفك الدماء و إشاعة الجور و الإرهاب،أما بسط العدل و نشر الدعة و الرفاهية بين الناس فلم يفكر به و لا دار بخلده و لا في خلد واحد من حكام الأمويين.

احتقار الفقراء

و تبنّى الحكم الأموي في جميع أدواره اضطهاد الفقراء و احتقار الضعفاء، و يقول المؤرخون أن بني أمية كانوا لا يسمحون للفقراء بالدخول إلى دوائرهم الرسمية إلا في آخر الناس يقول زياد بن أبيه لعجلان حاجبه:

-كيف تأذن للناس؟

-على البيوتات،ثم على الأسنان،ثم على الأدب.

-من تؤخر؟

-الذين لا يعبأ الله بهم.

-من هم؟

-الذين يلبسون كسوة الشتاء في الصيف،و كسوة الصيف في الشتاء.

و هدمت هذه السياسة قواعد العدل و المساواة التي جاء بها الإسلام فإنه لم يفرّق بين المسلمين و جعلهم سواسية كأسنان المشط.

سياسة الخداع

و أقام معاوية دولته على المخاتلة و الخداع فلا ظل للواقع في أي تحرك من

ص: 21

تحركاته السياسية،فما كان مثل ذلك الضمير المتحجر أن يعي الواقع أو يفقه الحق،و قد حفل التأريخ بصور كثيرة من خداعه،و هذه بعضها:

-1-لما دس معاوية السم إلى الزعيم الكبير مالك الأشتر أقبل على أهل الشام فقال لهم:

«إن عليا وجّه الأشتر إلى مصر فادعوا الله أن يكفيكموه..».

فكان أهل الشام يدعون عليه في كل صلاة،و لما أخبر بموته أنبأ أهل الشام بأن موته نتج عن دعائهم لأنهم حزب الله،ثم همس في أذن ابن العاص قائلا له:«إن لله جنودا من عسل».

-2-و من خداع معاوية و أضاليله أن جرير البجلي لما أوفده الإمام إلى معاوية يدعوه إلى بيعته،طلب معاوية حضور شرحبيل الكندي،و هو من أبرز الشخصيات في الشام و قد عهد إلى جماعة من أصحابه أن ينفرد كل واحد منهم به، و يلقي في روعه أن عليا هو الذي قتل عثمان بن عفان،و لما قدم عليه شرحبيل أخبره معاوية بوفادة جرير،و أنه يدعوه إلى بيعة الإمام،و قد حبس نفسه في البيعة حتى يأخذ رأيه لأن الإمام قد قتل عثمان،و طلب منه شرحبيل أن يمهله لينظر في الأمر،فلما خرج إلتقى به القوم كل على حدة،و أخبروه أن الإمام هو المسؤول عن إراقة دم عثمان فلم يشك الرجل في صدقهم فانبرى إلى معاوية و هو يقول له:

«يا معاوية أين الناس؟ألا أن عليا قتل عثمان،و الله إن بايعت لنخرجنك من شامنا و لنقتلنك..».

فقال معاوية مخادعا له:

«ما كنت لأخالف عليكم ما أنا إلا رجل من أهل الشام..».

بمثل هذا الخداع و البهتان أقام دعائم سلطانه،و بنى عليه عرش دولته.

-3-و من ألوان خداعه لأهل الشام أنه لما راسل الزعيم قيس بن سعد يستميله

ص: 22

و يمنّيه بسلطان العراقين و بسلطان الحجاز لمن أحب من أهل بيته إن صار معه فرد عليه قيس بأعنف القول فأظهر معاوية لأهل الشام أنه قد بايع،و أمرهم بالدعاء له و اختلق كتابا نسبه إليه و قد قرأه عليهم و هذا نصه:

«أما بعد:إن قتل عثمان كان حدثا في الإسلام عظيما،و قد نظرت لنفسي و ديني فلم أر بوسعي مظاهرة قوم قتلوا إمامهم مسلما محرما برا تقيا فنستغفر الله لذنوبنا ألا و إني قد ألقيت لكم بالسلام،و أحببت قتال قتلة إمام الهدى المظلوم، فاطلب مني ما أحببت مني من الأموال و الرجال أعجله إليك..».

و بهذه الأساليب المنكرة خدع أهل الشام وزج بهم لحرب وصي رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و باب مدينة علمه.

-4-لقد كان الخداع من ذاتيات معاوية،و من العناصر المقومة لسياسته،و قد بهر ولده يزيد حينما بويع و كان الناس يمدحونه فقال لأبيه:

«يا أمير المؤمنين ما ندري أنخدع الناس أم يخدعوننا؟؟».

فأجابه معاوية:

«كل من أردت خديعته فتخادع له حتى تبلغ منه حاجتك فقد خدعته».

لقد جر معاوية ذيله على الخداع و غذّى به أهل مملكته حتى نشأ جيل كانت هذه الظاهرة من أبرز ما عرف منه.

إشاعة الإنتهازية:

و عملت حكومة معاوية على إشاعة الانتهازية و الوصولية بين الناس،و لم يعد ماثلا عند الكثيرين منهم ما جاء به الإسلام من إيثار الحق و نكران الذات،و من مظاهر ذلك التذبذب ما رواه المؤرخون أن يزيد بن شجرة الرهاوي قد وفد على معاوية،و بينما هو مقبل على سماع حديثه إذ أصابه حجر عاثر فأدماه فأظهر تصنعا عدم الاعتناء به فقال له معاوية:

ص: 23

«لله أنت ما نزل بك!!؟».

«ما ذاك يا أمير المؤمنين؟».

«هذا دم وجهك يسيل...».

«إن حديث أمير المؤمنين ألهاني حتى غمز فكري فما شعرت بشيء حتى نبّهني أمير المؤمنين..».

فبهر معاوية و راح يقول:

«لقد ظلمك من جعلك في ألف من العطاء،و أخرجك من عطاء أبناء المهاجرين، و كماة أهل صفين.»و أمر له بخمسمائة ألف درهم،و زاد في عطائه ألف درهم...

و كانت هذه الظاهرة سائدة في جميع أدوار الحكم الأموي فقد ذكر المؤرخون أن إسماعيل بن يسار كان زبيري الهوى فلما ظفر آل مروان بآل الزبير انقلب إسماعيل عن رأيه و أصبح مروانيا،و قد استأذن على الوليد فأخّره ساعة فلما أذن له دخل و هو يبكي فسأله الوليد عن سبب بكائه فقال:«أخّرتني و أنت تعلم مروانيتي،و مروانية أبي..».

و أخذ الوليد يعتذر منه،و هو لا يزداد إلا إغراقا في البكاء،فهوّن عليه الوليد و أحسن صلته،فلما خرج تبعه شخص ممن يعرفه فسأله عن مروانيته التي ادعاها متى كانت؟فقال له:

«بغضنا لآل مروان،و هي التي حملت أباه يسار في حال موته أن يتقرب إلى الله بلعن مروان بن الحكم،و هي التي دعت أمه أن تلعن آل مروان مكان ما تتقرب به إلى الله من التسبيح..».

و نقل المؤرخون بوادر كثيرة من ألوان هذا الخداع الذي ساد في تلك العصور و هو من دون شك من مخلفات سياسة معاوية الذي ربّى جيله على التذبذب و الإنحراف عن الحق.

ص: 24

الخلاعة و المجون

و عرف معاوية بالخلاعة و المجون،يقول ابن أبي الحديد:«كان معاوية أيام عثمان شديد التهتك موسوما بكل قبيح،و كان في أيام عمر يستر نفسه قليلا خوفا منه إلا أنه كان يلبس الحرير و الديباج و يشرب في آنية الذهب و الفضة،و يركب البغلات ذوات السروج المحلات بها-أي بالذهب-و عليها جلال الديباج و الوشي، و كان حينئذ شابا و عنده نزق الصبا،و أثر الشبيبة و سكر السلطان و الإمرة،و نقل الناس عنه في كتب السيرة أنه كان يشرب الخمر في أيام عثمان في الشام.

و لا خلاف في أنه سمع الغناء،و طرب عليه،و وصل عليه أيضا.و تأثر به ولده يزيد فكان مدمنا خليعا مستهترا،و تأثر بهذا السلوك جميع خلفاء بني أمية،يقول الجاحظ:«و كان يزيد-يعني بن معاوية-لا يمسي إلا سكرانا،و لا يصبح إلا مخمورا،و كان عبد الملك بن مروان يسكر في كل شهر مرة حتى لا يعقل في السماء هو أو في الماء..و كان الوليد بن عبد الملك يشرب يوما،و يدع يوما،و كان سليمان بن عبد الملك يشرب في كل ثلاث ليال ليلة،و كان هشام يشرب في كل جمعة،و كان يزيد بن الوليد،و الوليد بن يزيد يدمنان اللهو و الشراب،فأما يزيد بن الوليد فكان دهره بين حالتي سكر و خمار،و لا يوجد أبدا إلا و معه إحدى هاتين، و كان مروان بن محمد يشرب ليلة الثلاثاء و ليلة السبت...

و ولّى هشام بن عبد الملك الوليد على الحج سنة(119 ه)فحمل معه كلابا في صناديق فسقط منها صندوق و فيه كلب..و حمل معه قبة عملها على قدر الكعبة ليضعها عليها،و حمل معه خمرا،و أراد أن ينصب القبة على الكعبة و يجلس فيها فخوفه أصحابه،و قالوا له:لا نأمن الناس عليك و علينا فترك و وفد علي بن عباس على الوليد بن يزيد في خلافته،و قد أتي بابن شراعة من الكوفة،فبادره قائلا:

ص: 25

«و الله ما بعثت إليك لأسألك عن كتاب الله و سنّة رسوله..»فضحك ابن شراعة و قال:

-إنك لو سألتني عنهما لوجدتني حمارا.

-أنا أرسلت إليك لأسألك عن القهوة-أي الخمر-أخبرني عن الشراب؟

-يسأل أمير المؤمنين عما بداله.

-ما تقول في الماء؟

-لا بد منه و الحمار شريكي فيه.

-و أخذ يسأله عن المشروبات حتى انتهى إلى الخمر فقال له:

-ما تقول في الخمر؟

أواه تلك صديق روحي.

-أنت و الله صديق روحي.

و أرسل الوليد إلى عامله على الكوفة يطلب منه أن يبعث إليه الخلعاء و الشعراء الماجنين ليستمع إلى ما يلهو به من الفسق و المجون،و قد سخّر جميع أجهزة دولته للذاته و شهواته،و كتب إلى و اليه على خراسان أن يبعث إليه ببرابط و طنابير، و قال أحد شعراء عصره ساخرا منه:

أبشر يا أمين الله أبشر بتباشير

بإبل يحمل المال عليها كالأنابير

بغال تحمل الخمر حقائبها طنابير

فهذا لك في الدنيا و في الجنة تحبير

و سادت اللذة و اللهو في المجتمع العربي،و تهالك الناس على الفسق و الفجور، و من طريف ما ينقل في هذا الموضوع أنه أوتي بشيخ إلى هشام بن عبد الملك و كان معه قيان و خمر و بربط،فقال:اكسروا الطنبور على رأسه فبكى الشيخ فقال له أحد

ص: 26

الجالسين:عليك بالصبر،فقال له الشيخ:أتراني أبكي للضرب؟إنما أبكي لاحتقاره البربط إذ سماه طنبورا.

لقد كانت سيرة الأمويين في جميع أدوارهم امتدادا لسيرة معاوية الذي أشاع حياة اللهو و الخلاعة في البلاد للقضاء على أصالة الأمة،و سلب و عيها الديني و الاجتماعي.

إشاعة المجون في الحرمين

و عمد معاوية إلى إشاعة الدعارة و المجون في الحرمين للقضاء على قدسيتهما و إسقاط مكانتهما الاجتماعية في نفوس المسلمين،يقول العلايلي:«و شجّع الأمويون حياة المجون في مكة و المدينة إلى حد الإباحة،فقد استأجر طوائف من الشعراء و المخنثين من بينهم عمر بن أبي ربيعة لأجل أن يمسحوا عاصمتي مكة و المدينة بمسحة لا تليق،و لا تجعلهما صالحتين للزعامة الدينية.و قد قال الأصمعي:دخلت المدينة فما وجدت الا المخنثين،و رجلا يضع الأخبار و الطرف» و قد شاعت في يثرب مجالس الغناء،و كان الوالي يحضرها و يشارك فيها و انحسرت بذلك روح الأخلاق،و انصرف الناس عن المثل العليا التي جاء بها الإسلام.

الاستخفاف بالقيم الدينية

و استخف معاوية بكافة القيم الدينية،و لم يعن بجميع ما جاء به الإسلام من الأحكام فاستعمل أواني الذهب و الفضة،و أباح الربا،و تطيّب في الإحرام،و عطّل

ص: 27

الحدود،و قد ألغيت معظم الأحكام الإسلامية في أغلب أدوار الحكم الأموي،و في ذلك يقول شاعر الإسلام الكميت:

و عطلت الأحكام حتى كأننا على ملة غير التي نتنحل

أ أهل كتاب نحن فيه و أنتم على الحق نقضي بالكتاب و نعدل

كأن كتاب الله يعني بأمره و بالنهي فيه الكوذني المركل

فتلك ملوك السوء قد طال ملكهم فحتام حتام العناء المطول

و ما ضرب الأمثال في الجور قبلنا لا جور من حكامنا المتمثل

و استخف معاوية بالمقدسات الإسلامية و احتقرها،يقول الرواة إنه لما تغلّب قيل له:لو سكنت المدينة،فهي دار الهجرة،و بها قبر النبي صلّى اللّه عليه و اله فقال:قد ضللت إذا و ما أنا من المهتدين و اقتدى به في ذلك جميع بني أمية فقد انبرى يحيى بن الحكم إلى عبد الله بن جعفر فقال له:

«كيف تركت الخبيثة-يعني مدينة رسول الله صلّى اللّه عليه و اله-؟»فأنكر عليه ابن جعفر و صاح به:

«سمّاها رسول الله صلّى اللّه عليه و اله طيبة و تسمّيها خبيثة،قد اختلفتما في الدنيا و ستختلفان في الآخرة..».

قال يحيى:«و الله لئن أموت و أدفن بأرض الشام المقدسة أحب إلي من أن أدفن بها..».

فقال له:

«اخترت مجاورة اليهود و النصارى على مجاورة رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و المهاجرين».

استلحاق زياد

و من مظاهر استخفاف معاوية بالقيم الإسلامية استلحاقه زياد بن عبيد

ص: 28

الرومي،و إلصاقه بنسبه من دون بينة شرعية،و إنما اعتمد على شهادة أبي مريم الخمار و هو مما لا يثبت به نسب شرعي،و قد خالف بذلك قول رسول الله صلّى اللّه عليه و اله:

«الولد للفراش و للعاهر الحجر».

لقد قام بذلك انطلاقا وراء أهدافه السياسية،و تدعيما لحكمه و سلطانه...و من طريف ما ينقل في الموضوع أن نصر بن حجاج خاصم عبد الرحمن بن خالد بن الوليد عند معاوية في عبد الله مولى خالد بن الوليد فأمر معاوية حاجبه أن يؤخرهما حتى يحتفل مجلسه،فلما اكتمل مجلسه،أمر بحجر فأدني منه،و ألقى عليه طرفا من ثيابه ثم أذن لهما،فترافعا عنده في شأن عبد الله فقال له نصر:

«إن أخي و ابن أبي عهد إلي أنه-يعني عبد الله-منه».

و قال عبد الرحمن:«مولاي و ابن عبد أبي و أمته ولد على فراشه»و أصدر معاوية الحكم في المسألة فقال:يا حرسي خذ هذا الحجر فادفعه إلى نصر بن حجاج،فقد قال رسول الله صلّى اللّه عليه و اله:«الولد للفراش و للعاهر الحجر».

و انبرى نصر فقال:«أفلا أجريت هذا الحكم في زياد؟».

فقال معاوية:«ذلك حكم معاوية و هذا حكم رسول الله».

إنكار الإمام الحسين:

و أنكر الإمام الحسين عليه السّلام على معاوية هذا الإستلحاق الذي خالف به قول رسول الله صلّى اللّه عليه و اله فكتب إليه مذكرة تضمنت الأحداث الجسام التي اقترفها معاوية و قد جاء فيها:

«أو لست المدعي زياد بن سمية المولود على فراش عبيد ثقيف فزعمت أنه ابن أبيك،و قد قال رسول الله صلّى اللّه عليه و اله الولد للفراش و للعاهر الحجر فتركت سنة رسول الله تعمدا و اتبعت هواك بغير هدى من الله.

لقد أثار استلحاق معاوية لزياد موجة من الغضب و الإستياء عند الأخيار

ص: 29

و المتحرجين في دينهم،و قد بسطنا الكلام في ذلك في كتابنا(حياة الإمام الحسن عليه السّلام).

الحقد على النبي

و حقد معاوية على النبي صلّى اللّه عليه و اله فقد مكث في أيام خلافته أربعين جمعة لا يصلّي عليه،و سأله بعض أصحابه عن ذلك فقال:«لا يمنعني عن ذكره إلا أن تشمخ رجال بآنافها و سمع المؤذن يقول:أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله،فلم يملك إهابه،و اندفع يقول:

«لله أبوك يا ابن عبد الله لقد كنت عالي الهمة،ما رضيت لنفسك إلا أن يقرن اسمك باسم رب العالمين..».

و من مظاهر حقده على الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و اله ما رواه مطرف بن المغيرة قال:

وفدت مع أبي على معاوية،فكان أبي يتحدث عنده ثم ينصرف إلي،و هو يذكر معاوية و عقله،و يعجب بما يرى منه،و أقبل ذات ليلة،و هو غضبان فأمسك عن العشاء،فانتظرته ساعة،و قد ظننت أنه لشىء حدث فينا أو في عملنا،فقلت له:

-مالي أراك مغتما منذ الليلة؟

-يا بني جئتك من عند أخبث الناس.

-ما ذاك؟

-خلوت بمعاوية فقلت له:إنك قد بلغت مناك يا أمير المؤمنين فلو أظهرت عدلا و بسطت خيرا،فإنك قد كبرت،و لو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم فوصلت أرحامهم فو الله ما عندهم اليوم شىء تخافه..فثار معاوية و اندفع يقول:

ص: 30

«هيهات!!هيهات ملك أخو تيم فعدل،و فعل ما فعل فو الله ما عدا أن هلك فهلك ذكره،إلا أن يقول قائل أبو بكر،ثم ملك أخو عدي فاجتهد و شمّر عشر سنين فو الله ما عدا أن هلك فهلك ذكره إلا أن يقول قائل عمر،ثم ملك أخونا عثمان فملك رجل لم يكن أحد في مثل نسبه فعمل به ما عمل فو الله ما عدا أن هلك فهلك ذكره و إن أخا هاشم يصرخ به في كل يوم خمس مرات؛أشهد أن محمدا رسول الله صلّى اللّه عليه و اله فأي عمل يبقى بعد هذا لا أم لك إلا دفنا دفنا..».

و دلّت هذه البادرة على مدى زعزعة العقيدة الدينية في نفس معاوية و أنها لم تكن إلا رداءا رقيقا يشف عما تحته من حب الجاهلية و التأثر بها إلى حد بعيد، و كانت النزعة الإلحادية ماثلة عند أغلب ملوك الأمويين يقول الوليد في بعض خمرياته منكرا للبعث و النشور:

أدر الكأس يمينا لا تدرها ليسار

إسق هذا ثم هذا صاحب العود النضار

من كميت عتّقوها منذ دهر في جرار

ختموها بالأماوية و كافور وقار

فلقد أيقنت أني غير مبعوث لنار

سأروض الناس حتي يركبوا دين الحمار

و ذروا من يطلب الجنة يسعى لتبار

و تأثر الكثيرون من ولاتهم بهذه النزعة الإلحادية،فكان الحجاج يخاطب الله أمام الجماهير الحاشدة قائلا:«أرسولك أفضل أم خليفتك يعني أن عبد الملك أفضل من النبي العظيم صلّى اللّه عليه و اله».و كان ينقم على الذين يزورون قبر رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و يقول:«تبا لهم إنما يطوفون بأعواد و رمة بالية،هلا طافوا بقصر أمير المؤمنين عبد الملك ألا يعلمون أن خليفة المرء خير من رسوله».

ص: 31

و هكذا كان جهاز الحكم الأموي في كثير من أدواره قد تنكّر للرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و اله و ازدرى برسالته.

تغيير الواقع الإسلامي

و عمد معاوية إلى تغيير الواقع الإسلامي المشرق الذي تبنّى الحركات النضالية و القضايا المصيرية لجميع الشعوب،فأهاب بالمسلمين أن لا يقرّوا على كظة ظالم، و لا سغب مظلوم،و قد تبنى هذا الشعار المقدس الصحابي العظيم أبو ذر الغفاري الذي فهم الإسلام،عن واقعه،فرفع راية الكفاح في وجه الحكم الأموي،و طالب عثمان،و معاوية بإنصاف المظلومين و المضطهدين و توزيع ثروات الأمة على الفقراء و المحرومين.

لقد أراد معاوية إقبار هذا الوعي الديني،و إماتة الشعور بالمسؤولية فأوعز إلى لجان الوضع التي ابتدعها أن تفتعل الأحاديث على لسان المحرر العظيم الرسول صلّى اللّه عليه و آله في إلزام الأمة بالخضوع للظلم،و الخنوع للجور،و التسليم لما تقترفه سلطاتها من الجور و الاستبداد و هذه بعض الأحاديث:

-1-روى البخاري بسنده عن رسول الله صلّى اللّه عليه و اله أنه قال لأصحابه:«إنكم سترون بعدي أثرة،و أمورا تنكرونها قالوا:فما تأمرنا يا رسول الله؟قال:أدوا إليهم حقهم، و اسألوا الله حقكم..».

-2-روى البخاري بسنده عن رسول الله صلّى اللّه عليه و اله أنه قال:«من رأى من أميره شيئا يكره فليصبر عليه فإنه من فارق الجماعة فمات،مات ميتة جاهلية..».

-3-روى البخاري بسنده عن مسلمة بن زيد الجعفي أنه سأل رسول الله صلّى اللّه عليه و آله

ص: 32

فقال له:يا نبي الله أ رأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم،و يمنعونا حقنا فما ترى؟فأعرض«ص»عنه فسأله ثانيا و ثالثا و الرسول معرض فجذبه الأشعث بن قيس،فقال رسول الله صلّى اللّه عليه و اله:إسمعوا و أطيعوا فإن عليهم ما حمّلوا و عليكم ما حمّلتم».

-4-روى البخاري بسنده عن عجرفة قال:سمعت رسول الله صلّى اللّه عليه و اله يقول:إنه ستكون هنات و هنات فمن أراد أن يفرّق أمر هذه الأمة و هي جمع فاضربوه بالسيف كائنا ما كان..».

إلى غير ذلك من الموضوعات التي خدّرت الأمة،و شلّت حركتها الثورية، و جعلتها قابعة ذليلة تحت و طأة الاستبداد الأموي و جوره،و قد هبّ الإمام الحسين عليه السّلام الثائر الأول في الإسلام إلى إعلان الجهاد المقدس ليوقظ الأمة من سباتها و يعيد للإسلام نضارته و روحه النضالية التي انحسرت في عهد الحكم الأموي:

عزل أهل البيت عليهم السلام
اشارة

و سخّر معاوية جميع أجهزته للحط من قيمة أهل البيت عليهم السّلام الذين هم وديعة رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و العصب الحساس في هذه الأمة،و قد استخدم أخطر الوسائل في محاربتهم و إقصائهم عن واقع الحياة الإسلامية،و كان من بين ما استخدمه في ذلك ما يلي:

-1-تسخير الوعاظ.

و سخر معاوية الوعاظ في جميع أنحاء البلاد ليحوّلوا القلوب عن أهل البيت و يذيعوا الأضاليل في انتقاصهم تدعيما للحكم الأموي.

ص: 33

-2-استخدام معاهد التعليم.

و استخدم معاوية معاهد التعليم و أجهزة الكتاتيب لتغذية النش ببغض أهل البيت عليهم السّلام و خلق جيل معاد لهم و قد قامت تلك الأجهزة بدور خطير في بث روح الكراهية في نفوس النشء لعترة النبي صلّى اللّه عليه و اله.

-3-افتعال الأخبار.
اشارة

و أقام معاوية شبكة لوضع الأخبار تعد من أخطر الشبكات التخريبية في الإسلام فعهد إليها بوضع الأحاديث على لسان النبي صلّى اللّه عليه و اله للحط من قيمة أهل البيت عليهم السّلام أما الأعضاء البارزون في هذه اللجنة فهم:

-1-أبو هريرة الدوسي.

-2-سمرة بن جندب.

-3-عمرو بن العاص.

-4-المغيرة بن شعبة.

و قد افتعلوا آلاف الأحاديث على لسان النبي صلّى اللّه عليه و اله و كانت عدة طوائف مختلفة حسب التخطيط السياسي للدولة و هي:

الطائفة الأولى:وضع الأخبار في فضل الصحابة لجعلهم قبال أهل البيت،

و قد عدّ الإمام الباقر عليه السّلام أكثر من مائة حديث منها:

أ-أن عمر محدّث-بصيغة المفعول-أي تحدثه الملائكة.

ب-إن السكينة تنطق على لسان عمر.

ج-إن عمر يلقّنه الملك.

د-إن الملائكة لتستحي من عثمان.

إلى كثير من أمثال هذه الأخبار التي وضعت في فضل الصحابة،يقول المحدث ابن عرفة المعروف بنفطويه:«إن أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة

ص: 34

افتعلت في أيام بني أمية تقربا إليهم بما يظنون أنهم يرغمون به أنوف بني هاشم..«كما وضعوا في فضل الصحابة الأحاديث المماثلة للأحاديث النبوية في فضل العترة الطاهرة كوضعهم:«إن سيدي كهول أهل الجنة أبو بكر و عمر»و قد عارضوا بذلك الحديث المتواتر:«الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة».

الطائفة الثانية:وضع الأخبار في ذم العترة الطاهرة و الحط من شأنها

فقد أعطى معاوية سمرة بن جندب أربع مائة ألف على أن يخطب في أهل الشام،و يروي لهم أن الآية الكريمة نزلت في علي و هي قوله تعالى: وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يُشْهِدُ اللّهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَ هُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ* وَ إِذا تَوَلّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَ يُهْلِكَ الْحَرْثَ وَ النَّسْلَ وَ اللّهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ فروى لهم سمرة ذلك و أخذ العوض الضخم من بيت مال المسلمين..و مما رووا أن النبي صلّى اللّه عليه و اله قال في آل أبي طالب«إن آل أبي طالب ليسوا بأولياء لي إنما وليي الله و صالح المؤمنين»و روى الأعمش أنه لما قدم أبو هريرة العراق مع معاوية عام الجماعة(سنة 41)جاء إلى مسجد الكوفة فلما رأى كثرة من استقبله من الناس جثا على ركبتيه ثم ضرب صلعته مرارا،و قال:يا أهل العراق أتزعمون أني أكذب على رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و أحرق نفسي بالنار؟لقد سمعت رسول الله صلّى اللّه عليه و اله يقول:إن لكل نبي حرما،و إن حرمي بالمدينة ما بين عير إلى ثور فمن أحدث فيهما حدثا فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين،و أشهد بالله أن عليا أحدث فيها!!فلما بلغ معاوية قوله أجازه و أكرمه و ولاّه إمارة المدينة.

إلى كثير من أمثال هذه الموضوعات التي تقدح في العترة الطاهرة التي هي مصدر الوعي و الإحساس في العالم الإسلامي.

الطائفة الثالثة:افتعال الأخبار في فضل معاوية لمحو العار الذي لحقه و لحق

أباه و أسرته في مناهضتهم للإسلام،و إخفاء ما أثر عن النبي صلّى اللّه عليه و آله في ذمهم،

و هذه

ص: 35

بعض الأخبار المفتعلة:

-1-قال صلّى اللّه عليه و اله:«معاوية بن أبي سفيان أحلم أمتي و أجودها».

-2-قال صلّى اللّه عليه و اله:«صاحب سري معاوية بن أبي سفيان».

-3-قال صلّى اللّه عليه و اله:«اللهم علّمه-يعني معاوية-الكتاب وقه العذاب و أدخله الجنة..».

-4-قال صلّى اللّه عليه و اله:«إذا رأيتم معاوية يخطب على منبري فاقبلوه فإنه أمين هذه الأمة» إلى غير ذلك من الأحاديث الموضوعة التي تعكس الصراع الفكري ضد الإسلام عند معاوية و أنه حاول جاهدا محو هذا الدين و القضاء عليه.

حديث مفتعل على الحسين

من الأحاديث الموضوعة على الإمام الحسين ما روي أنه وفد على معاوية زائرا في يوم الجمعة و كان قائما على المنبر خطيبا،فقال له رجل من القوم:ائذن للحسين يصعد المنبر فقال له معاوية:ويلك دعني أفتخر،ثم حمد الله و أثنى عليه،و وجّه خطابه للحسين قائلا له:

-سألتك يا أبا عبد الله أليس أنا ابن بطحاء مكة؟

-أي و الذي بعث جدي بشيرا.

-سألتك يا أبا عبد الله أليس أنا خال المؤمنين؟

-أي و الذي بعث جدي نبيا.

-سألتك يا أبا عبد الله أليس أنا كاتب الوحي؟

-أي و الذي بعث جدي نذيرا.

ثم نزل معاوية عن المنبر،فصعد الحسين فحمد الله بمحامد لم يحمده الأولون و الآخرون بمثلها ثم قال:حدثني أبي عن جدي عن جبرائيل عن الله تعالى أن تحت

ص: 36

قائمة كرسي العرش ورقة آس خضراء مكتوب عليها«لا إله إلا الله محمد رسول الله،يا شيعة آل محمد لا يأتي أحدكم يوم القيامة إلا أدخله الله الجنة».

فقال له معاوية:سألتك يا أبا عبد الله من شيعة آل محمد؟فقال عليه السّلام:الذين لا يشتمون الشيخين أبا بكر و عمر،و لا يشتمون عثمان و لا يشتمونك يا معاوية.

و علّق الحافظ ابن عساكر على هذا الحديث بقول:«هذا حديث منكر و لا أرى سنده متصلا إلى الحسين».

و قد امتحن المسلمون امتحانا عسيرا بهذه الموضوعات التي دوّنت في كتب السنة،و ظن الكثيرون من المسلمين أنها حق،فأضفوا على معاوية ثوب القداسة، و ألحقوه بالرعيل الأول من الصحابة المتحرجين في دينهم و هم من دون شك لو علموا واقعها لتبرأوا منها-كما يقول المدايني-

و لم تقتصر الموضوعات على تقديس معاوية و الحط من شأن أهل البيت عليهم السّلام و إنما تدخّلت في شؤون الشريعة فألصقت بها المتناقضات و المستحيلات مما شوّهت الواقع الإسلامي و أفسدت عقائد المسلمين.

سب الإمام أمير المؤمنين

و تمادى معاوية في عدائه للإمام أمير المؤمنين عليه السّلام فأعلن سبّه و لعنه في نواديه العامة و الخاصة و أوعز إلى جميع عماله و ولاته أن يذيعوا سبّه بين الناس، و سرى سب الإمام في جميع أنحاء العالم الإسلامي،و قد خطب معاوية في أهل الشام فقال لهم:

«أيها الناس،إن رسول الله صلّى اللّه عليه و اله قال لي إنك ستلي الخلافة من بعدي فاختر الأرض المقدسة-يعني الشام-فإن فيها الأبدال،و قد اخترتكم فالعنوا أبا تراب».

ص: 37

و عج أهل الشام بسب الإمام و خطب في أولئك الوحوش فقال لهم:

«ما ظنكم برجل-يعني عليا-لا يصلح لأخيه-يعني عقيلا-يا أهل الشام إن أبا لهب المذموم في القرآن هو عم عليّ بن أبي طالب».

و يقول المؤرخون:إنه كان إذا خطب ختم خطابه بقوله:«اللّهم إن أبا تراب ألحد في دينك و صد عن سبيلك فالعنه لعنا و بيلا،و عذبه عذابا أليما..».

و كان يشاد بهذه الكلمات على المنابر و لما ولّى معاوية المغيرة بن شعبة إمارة الكوفة كان أهم ما عهد إليه أن لا يتسامح في شتم الإمام عليه السّلام و الترحم على عثمان، و العيب لأصحاب علي و إقصائهم،و أقام المغيرة واليا على الكوفة سبع سنين و هو لا يدع ذم علي و الوقوع فيه.و قد أراد معاوية بذلك أن يصرف القلوب عن الإمام عليه السّلام و أن يحول بين الناس و بين مبادئه التي أصبحت تطارده في قصوره يقول الدكتور محمود صبحي:«لقد أصبح علي جثة هامدة لا يزاحمهم في سلطانهم،و يخيفهم بشخصه،و لا يعني ذلك-أي سب الإمام-إلا أن مبادئه في الحكم و آراءه في السياسة كانت تنغص عليهم في موته كما كانت في حياته..».

لقد كان الإمام رائد العدالة الإنسانية و المثل الأعلى لهذا الدين،يقول الجاحظ:«لا يعلم رجل في الأرض متى ذكر السبق في الإسلام و التقدم فيه،و متى ذكر النخوة و الذب عن الإسلام،و متى ذكر الفقه في الدين،و متى ذكر الزهد في الأمور التي تناصر الناس عليها كان مذكورا في هذه الخلال كلها إلا في علي..».

و يقول الحسن البصري:

«و الله لقد فارقكم بالأمس رجل كان سهما صائبا من مرامي الله تعالى،رباني هذه الأمة بعد نبيها صلّى اللّه عليه و اله و صاحب شرفها و فضلها و ذا القرابة القريبة من رسول الله صلّى اللّه عليه و اله غير مسؤوم لأمر الله،و لا سروقة لمال الله أعطى القرآن عزائمه فأورده رياضا مونقة،و حدائق مغدقة ذلك عليّ بن أبي طالب..».

ص: 38

لقد عادت اللعنات التي كان يصبها معاوية و ولاته على الإمام بإظهار فضائله فقد برز الإمام للناس أروع صفحة في تأريخ الإنسانية كلها،و ظهر للمجتمع أنه المنادي الأول بحقوق الإنسان،و المؤسس الأول للعدالة الاجتماعية في الأرض لقد انطوت السنون و الأحقاب،و اندكّت معالم تلك الدول التي ناوأت الإمام سواء أكانت من بني أمية أم من بني العباس،و لم يبق لها أثر،و بقي الإمام عليه السّلام وحده قد احتل قمة المجد فها هو رائد الإنسانية الأول و قائدها الأعلى و إذا بحكمه القصير الأمد يصبح طغراء في حكام هذا الشرق،و إذا الوثائق الرسمية التي أثرت عنه تصبح منارا لكل حكم صالح يستهدف تحقيق القضايا المصيرية للشعوب،و إذا بحكم معاوية أصبح رمزا للخيانة و العمالة و رمزا لاضطهاد الشعوب و احتقارها.

ستر فضائل أهل البيت عليهم السلام

و حاول معاوية بجميع طاقاته حجب فضائل آل البيت عليهم السّلام و ستر مآثرهم عن المسلمين،و عدم إذاعة ما أثر عن النبي صلّى اللّه عليه و اله في فضلهم،يقول المؤرخون:إنه بعد عام الصلح حج بيت الله الحرام فاجتاز على جماعة فقاموا إليه تكريما و لم يقم إليه ابن عباس،فبادره معاوية قائلا:

يابن عباس ما منعك من القيام؟كما قام أصحابك إلا لموجدة علي بقتالي إياكم يوم صفين!!يابن عباس إن ابن عمي عثمان قتل مظلوما.!فرد عليه ابن عباس ببليغ منطقه قائلا:

-فعمر بن الخطاب قد قتل مظلوما،فسلّم الأمر إلى ولده،و هذا ابنه-و أشار إلى عبد الله بن عمر-

أجابه معاوية بمنطقه الرخيص:

ص: 39

«إن عمر قتله مشرك..».

فانبرى ابن عباس قائلا:

-فمن قتل عثمان؟

-قتله المسلمون.

و أمسك ابن عباس بزمامه فقال له:

«فذلك أدحض لحجتك إن كان المسلمون قتلوه و خذلوه فليس إلا بحق»و لم يجد معاوية مجالا للرد عليه،فسلك حديثا آخر أهم عنده من دم عثمان فقال له:

«إنا كتبنا إلى الآفاق ننهى عن ذكر مناقب علي و أهل بيته فكف لسانك يابن عباس».

فانبرى ابن عباس بفيض من منطقه و بليغ حجته يسدد سهاما لمعاوية قائلا:

-فتنهانا عن قراءة القرآن؟

-لا.

-فتنهانا عن تأويله؟

-نعم.

-فنقرأه و لا نسأل عما عنى الله به؟

-نعم.

-فأيهما أوجب علينا قراءته أو العمل به؟

-العمل به.

-فكيف نعمل به حتى نعلم ما عنى الله بما أنزل علينا؟

-سل عن ذلك ممن يتأوله على غير ما تتأوله أنت و أهل بيتك.

-إنما نزل القرآن على أهل بيتي،فأسأل عنه آل أبي سفيان و آل أبي معيط؟!!

-فاقرأوا القرآن،و لا ترووا شيئا مما أنزل الله فيكم،و مما قاله رسول الله صلّى اللّه عليه و اله

ص: 40

فيكم،و ارووا ما سوى ذلك.

و سخر منه ابن عباس...

و صاح به معاوية:

«اكفني نفسك،و كف عني لسانك،و إن كنت فاعلا فليكن سرا،و لا تسمعه أحدا علانية..».

و دلّت هذه المحاورة على عمق الوسائل التي اتخذها معاوية في مناهضته لأهل البيت،و إخفاء مآثرهم.

و بلغ الحقد بمعاوية على الإمام أنه لما ظهر عمرو بن العاص بمصر على محمد بن أبي بكر،و قتله استولى على كتبه و مذكراته و كان من بينها عهد الإمام له،و هو من أروع الوثائق السياسية،فرفعه ابن العاص إلى معاوية فلما رآه قال لخاصته:إنا لا نقول هذا من كتب علي بن أبي طالب و لكن نقول هذا من كتب أبي بكر التي كانت عنده.

التحرج من ذكر الإمام

و أسرف الحكم الأموي إلى حد بعيد في محاربة الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام فقد عهد بقتل كل مولود يسمّى عليا،فبلغ ذلك علي بن رباح فخاف،و قال:لا أجعل في حل من سمّاني عليا فإن اسمي علي-بضم العين-و يقول المؤرخون:أن العلماء و المحدثين تحرّجوا من ذكر الإمام علي و الرواية عنه خوفا من بني أمية فكانوا إذا أرادوا أن يرووا عنه يقولون:«روى أبو زينب»و روى معمر عن الزهري عن عكرمة عن ابن عباس قال:قال رسول الله صلّى اللّه عليه و اله:«إن الله تعالى منع بني إسرائيل قطر السماء لسوء رأيهم في أنبيائهم،و اختلافهم في دينهم،و إنه أخذ على هذه الأمة

ص: 41

بالسنين،و منعهم قطر السماء ببغضهم عليّ بن أبي طالب».

قال معمر:حدثني الزهري في مرضة مرضها،و لم أسمعه يحدث عن عكرمة قبلها و لا بعدها فلما أبل من مرضه ندم على حديثه لي و قال:

«يا يماني اكتم هذا الحديث،و اطوه دوني فإن هؤلاء-يعني بني أمية-لا يعذرون أحدا في تقريض علي و ذكره».

قال معمر:«فما بالك عبت عليا مع القوم،و قد سمعت الذي سمعت؟..».

قال الزهري:«حسبك يا هذا أنهم أشركونا مهمامهم فاتبعناهم في أهوائهم..».

و قد امتحن المسلمون امتحانا عسيرا في مودتهم للإمام و تحرّجوا أشد التحرّج في ذلك،يقول الشعبي:«ماذا لقينا من علي إن أحببناه ذهبت دنيانا و إن أبغضناه ذهب ديننا»و يقول الشاعر:

حب علي كله ضرب ير جف من تذكاره القلب

هذه بعض المحن التي عاناها المسلمون في مودتهم لأهل البيت عليهم السّلام التي هي جزء من دينهم.

أذية الشيعة

و اضطهدت الشيعة أيام معاوية اضطهادا رسميا في جميع أنحاء البلاد، و قوبلوا بمزيد من العنف و الشدة،فقد انتقم منهم معاوية كأشد ما يكون الانتقام قسوة و عذابا،فقد قاد مركبة حكومته على جثث الضحايا منهم،و قد حكى الإمام الباقر عليه السّلام صورا مريعة من بطش الأمويين بشيعة آل البيت عليهم السّلام يقول:«و قتلت شيعتنا بكل بلدة،و قطعت الأيدي و الأرجل على الظنة،و كان من يذكر بحبنا و الانقطاع إلينا سجن أو نهب ماله أو هدمت داره»و تحدّث بعض رجال الشيعة إلى

ص: 42

محمد بن الحنفية عما عانوه من المحن و الخطوب بقوله:

«فما زال بنا الشين في حبكم حتى ضربت عليه الأعناق،و أبطلت الشهادات، و شردنا في البلاد،و أوذينا حتى لقد هممت أن أذهب في الأرض قفرا،فأعبد الله حتى ألقاه،لولا أن يخفى علي أمر آل محمد صلّى اللّه عليه و اله و حتى هممت أن أخرج مع أقوام شهادتنا و شهادتهم واحدة على أمرائنا فيخرجون فيقاتلون..».

لقد كان معاوية لا يتهيب من الإقدام على اقتراف أية جريمة من أجل أن يضمن ملكه و سلطانه،و قد كانت الشيعة تشكل خطرا على حكومته فاستعمل معهم أعنف الوسائل و أشدها قسوة من أجل القضاء عليهم،و من بين الإجراءات القاسية التي استعملها ضدهم ما يلي:

القتل الجماعي

و أسرف معاوية إلى حد كبير في سفك دماء الشيعة،فقد عهد إلى الجلادين من قادة جيشه بتتبع الشيعة و قتلهم حيثما كانوا،و قد قتل بسر بن أبي أرطاة-بعد التحكيم-ثلاثين ألفا عدا من أحرقهم بالنار و قتل سمرة بن جندب ثمانية آلاف من أهل البصرة و أما زياد بن أبيه فقد ارتكب أفظع المجازر فقطع الأيدي و الأرجل و سمل العيون،و أنزل بالشيعة من صنوف العذاب ما لا يوصف لمرارته و قسوته.

إبادة القوى الواعية
اشارة

و عمد معاوية إلى إبادة القوى المفكرة و الواعية من الشيعة،و قد ساق زمرا منهم إلى ساحات الإعدام،و أسكن الثكل و الحداد في بيوتهم،و فيما يلي بعضهم:

ص: 43

-1-حجر بن عدي
اشارة

لقد رفع حجر بن عدي علم النضال،و كافح عن حقوق المظلومين و المضطهدين،و سحق إرادة الحاكمين من بني أمية الذين تلاعبوا في مقدرات الأمة و حولوها إلى مزرعة جماعية لهم و لعملائهم و أتباعهم...لقد استهان حجر بالموت و سخر من الحياة،و استلذ الشهادة في سبيل عقيدته،فكان أحد المؤسسين لمذهب أهل البيت عليهم السّلام.

و امتحن حجر كأشد ما تكون المحنة قسوة حينما رأى السلطة تعلن سب الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام و ترغم الناس على البراءة منه فأنكر ذلك،و جاهر بالرد على ولاة الكوفة،و استحل زياد بن أبيه دمه فألقى عليه القبض،و بعثه مخفورا مع كوكبة من إخوانه إلى معاوية،و أوقفوا في(مرج عذراء)فصدرت الأوامر من دمشق بإعدامهم،و نفّذ الجلادون فيهم حكم الإعدام فخرّت جثثهم على الأرض و هي ملفعة بدم الشهادة و الكرامة و هي تضيء للناس معالم الطريق نحو حياة أفضل لا ظلم فيها،و لا طغيان.

ص: 44

مذكرة الإمام الحسين

و فزع الإمام الحسين حينما و افته الأنباء بمقتل حجر فرفع مذكرة شديدة اللهجة إلى معاوية ذكر فيها أحداثه و بدعه،و التي كان منها قتله لحجر و البررة من أصحابه،و قد جاء فيها:

«ألست القاتل حجرا أخا كندة،و المصلين العابدين الذين كانوا ينكرون الظلم و يستعظمون البدع،و لا يخافون في الله لومة لائم...قتلتهم ظلما و عدوانا من بعد ما كنت أعطيتهم الأيمان المغلظة،و المواثيق المؤكدة أن لا تأخذهم بحدث كان بينك و بينهم و لا بإحنة تجدها في نفسك عليهم..».

و احتوت هذه المذكرة على ما يلي:

-1-الإنكار الشديد على معاوية لقتله حجرا و أصحابه من دون أن يقترفوا جرما أو يحدثوا فسادا في الأرض.

-2-إنها أشادت بالصفات البطولية في هؤلاء الشهداء من إنكار الظلم،و مقاومة الجور و استعظام البدع و المنكرات التي أحدثتها حكومة معاوية،و قد هبّوا إلى ميادين الجهاد لإقامة الحق و مناهضة المنكر.

-3-إنها أثبتت أن معاوية قد أعطى حجرا و أصحابه عهدا خاصا في وثيقة وقّعها قبل إبرام الصلح أن لا يعرض لهم بأي إحنة كانت بينه و بينهم،و لا يصيبهم بأي مكروه،و لكنه قد خاس بذلك فلم يف به كما لم يف للإمام الحسن بالشروط التي أعطاها له،و إنما جعلها تحت قدميه كما أعلن ذلك في خطابه الذي ألقاه في النخيلة.

ص: 45

لقد كان قتل حجر من الأحداث الجسام في الإسلام،و قد توالت صيحات الإنكار على معاوية من جميع الأقاليم الإسلامية،و قد ذكرناها بالتفصيل في كتابنا(حياة الإمام الحسن«ع»).

-2-رشيد الهجري

و في فترات المحنة الكبرى التي منيت بها الشيعة في عهد ابن سمية تعرّض رشيد الهجريّ لأنواع المحن و البلوى فقد بعث زياد شرطته إليه فلما مثل عنده صاح به:«ما قال لك خليلك-يعني عليا-إنا فاعلون بك؟..»فأجابه بصدق و إيمان:

«تقطعون يديّ و رجليّ،و تصلبوني».

و قال الخبيث مستهزئا و ساخرا:

«أما و الله لأكذبن حديثه،خلّوا سبيله».

و خلّت الجلاوزة سراحه و ندم الطاغية فأمر بإحضاره فصاح به:«لا نجد شيئا أصلح مما قال صاحبك،إنك لا تزال تبغي لنا سوءا إن بقيت،إقطعوا يديه و رجليه» و بادر الجلادون فقطعوا يديه و رجليه،و هو غير حافل بما يعانيه من الآلام،و يقول المؤرخون:إنه أخذ يذكر مثالب بني أمية،و يدعو إلى إيقاظ الوعي و الثورة،مما غاظ ذلك زيادا فأمر بقطع لسانه الذي كان يطالب بالحق و العدل،و ينافح عن حقوق الفقراء و المحرومين.

-3-عمرو بن الحمق الخزاعي
اشارة

و من شهداء العقيدة الصحابي العظيم عمرو بن الحمق الخزاعي الذي دعى له النبي صلّى اللّه عليه و اله أن يمتّعه الله بشبابه،و استجاب الله دعاء نبيه فقد أخذ عمرو بعنق

ص: 46

الثمانين عاما و لم تر في كريمته شعرة بيضاء و تأثر عمرو بهدي أهل البيت و أخذ من علومهم فكان من أعلام شيعتهم.و في أعقاب الفتنة الكبرى التي منيت بها الكوفة في عهد الطاغية زياد بن سمية شعر عمرو بتتبع السلطة له ففر مع زميله رفاعة بن شداد إلى الموصل،و قبل أن ينتهيا إليه كمنا في جبل ليستجما فيه، و ارتابت الشرطة فبادرت إلى إلقاء القبض على عمرو أما رفاعة ففر و لم تستطع أن تلقي عليه القبض وجيء بعمرو مخفورا إلى حاكم الموصل عبد الرحمن الثقفي، فرفع أمره إلى معاوية فأمره بطعنه تسع طعنات بمشاقص لأنه طعن عثمان بن عفان؛و بادرت الجلاوزة إلى طعنه فمات في الطعنة الأولى،و احتز رأسه الشريف و أرسل إلى طاغية دمشق فأمر أن يطاف به في الشام،و يقول المؤرخون أنه أول رأس طيف به في الإسلام،ثم أمر به معاوية أن يحمل إلى زوجته السيدة آمنة بنت شريد،و كانت في سجنه،فلم تشعر الا و رأس زوجها قد وضع في حجرها،فذعرت و كادت أن تموت و حملت من السجن إلى معاوية و جرت بينها و بينه محادثات دلّت على ضعة معاوية و استهانته بالقيم العربية و الإسلامية القاضية بمعاملة المرأة معاملة كريمة و لا تؤخذ بأي ذنب يقترفه زوجها أو غيره.

مذكرة الإمام الحسين

و التاع الإمام الحسين عليه السّلام أشد ما تكون اللوعة حينما علم بمقتل عمرو فرفع مذكرة إلى معاوية عدّد فيها أحداثه و ما تعانيه الأمة في عهده من الاضطهاد و الجور،و جاء فيما يخص عمروا:

«أو لست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله صلّى اللّه عليه و اله العبد الصالح الذي أبلته العبادة فنحل جسمه،و اصفر لونه،بعد ما أمّنته،و أعطيته من عهود الله و مواثيقه ما لو أعطيته طائرا لنزل إليك من رأس الجبل،ثم قتلته جراءة على ربك و استخفافا

ص: 47

بذلك العهد..».

لقد خاس معاوية بما أعطاه لهذا الصحابي الجليل-بعد الصلح-من العهد و المواثيق بأن لا يعرض له بسوء و لا مكروه.

-4-أوفى بن حصن

و كان أوفى بن حصن من خيار الشيعة-في الكوفة-و أحد أعلامهم النابهين، و هو من أشد الناقمين على معاوية فكان يذيع مساوئه و أحداثه؛و لما علم به ابن سمية أوعز إلى الشرطة بإلقاء القبض عليه و لما علم أوفى بذلك اختفى،و في ذات يوم استعرض زياد الناس فاجتاز عليه أوفى فشكّ في أمره فسأل عنه فأخبر باسمه،فأمر بإحضاره فلما مثل عنده سأله عن سياسته فعابها و أنكرها؛فأمر زياد بقتله،فهوى الجلادون عليه بسيوفهم و تركوه جثة هامدة.

-5-الحضرمي مع جماعته
اشارة

و كان عبد الله الحضرمي من أولياء الإمام أمير المؤمنين و من خلّص شيعته كما كان من شرطة الخميس؛و قد قال له الإمام يوم الجمل:«أبشر يا عبد الله فإنك و أباك من شرطة الخميس،لقد أخبرني رسول الله باسمك و اسم أبيك في شرطة الخميس و لما قتل الإمام جزع عليه الحضرمي و بنى له صومعة يتعبد فيها و انضم إليه جماعة من خيار الشيعة،فأمر ابن سمية بإحضارهم،و لما مثلوا عنده أمر بقتلهم،فقتلوا صبرا».

لقد كانت فاجعة عبد الله كفاجعة حجر بن عدي فكلاهما قتل صبرا و كلاهما أخذ بغير ذنب سوى الولاء لعترة رسول الله صلّى اللّه عليه و اله.

ص: 48

إنكار الإمام الحسين

و فزع الإمام الحسين كأشد ما يكون الفزع ألما و محنة على مقتل الحضرمي و جماعته الأخيار فأنكر على معاوية في مذكرته التي بعثها له و قد جاء فيها:

«أو لست قاتل الحضرمي الذي كتب فيه إليك زياد أنه على دين علي عليه السّلام فكتبت إليه أن اقتل كل من كان على دين علي،فقتلهم و مثّل فيهم بأمرك،و دين علي هو دين ابن عمه صلّى اللّه عليه و اله الذي أجلسك مجلسك الذي أنت فيه،و لو لا ذلك لكان شرفك و شرف آبائك تجشّم الرحلتين رحلة الشتاء و الصيف».

و دلّت هذه المذكرة-بوضوح-على أن معاوية قد عهد إلى زياد بقتل كل من كان على دين علي عليه السّلام الذي هو دين رسول الله صلّى اللّه عليه و اله كما دلّت على أن زيادا قد مثّل بهؤلاء البررة بعد قتلهم تشفيا منهم لولائهم لعترة رسول الله صلّى اللّه عليه و اله.

-6-جويرية العبدي

و من عيون شيعة الإمام جويرية بن مسهر العبدي،و في فترات المحنة الكبرى التي امتحنت بها الشيعة أيام ابن سمية،بعث خلفه فأمر بقطع يده و رجله و صلبه على جذع قصير.

-7-صيفي بن فسيل

و من أبطال العقيدة الإسلامية صيفي بن فسيل الذي ضرب أروع الأمثلة للإيمان فقد سعي به إلى الطاغية زياد فلما جىء به إليه صاح به:

-يا عدو الله ما تقول في أبي تراب؟

-ما أعرف أبا تراب.

ص: 49

-ما أعرفك به؟

-أما تعرف عليّ بن أبي طالب؟

-بلى.

-فذاك أبو تراب.

-كلا ذاك أبو الحسن و الحسين.

و انبرى مدير شرطة زياد منكرا عليه:

«يقول لك الأمير هو أبو تراب،و تقول أنت لا!!»

فصاح به البطل العظيم مستهزئا منه و من أميره:

«و إن كذب الأمير أتريد أن أكذب؟و أشهد على باطل كما شهد.و تحطّم كبرياء الطاغية،و ضاقت به الأرض فقال له:

«و هذا أيضا مع ذنبك».

و صاح بشرطته:علي بالعصا،فأتوه بها،فقال له:

«ما قولك؟»

و انبرى البطل بكل بسالة و إقدام غير حافل به قائلا:

«أحسن قول أنا قائله في عبد من عباد الله المؤمنين..».

و أوعز السفاك إلى جلاديه بضرب عاتقه حتى يلتصق بالأرض،فسعوا إليه بهراواتهم فضربوه ضربا مبرحا حتى وصل عاتقه إلى الأرض،ثم أمرهم بالكف عنه،و قال له:

«إيه ما قولك في علي؟»

و حسب الطاغية أن وسائل تعذيبه سوف تقلبه عن عقيدته فقال له:و الله لو شرحتني بالمواسي و المدى،ما قلت إلا ما سمعت مني».

و فقد السفاك إهابه فصاح به:

ص: 50

«لتلعنه أو لأضربن عنقك..».

و هتف صيفي يقول:

«إذا تضربها و الله قبل ذلك،فإن أبيت إلا أن تضربها رضيت بالله و شقيت أنت..».

و أمر به أن يوقر في الحديد،و يلقى في ظلمات السجون ثم بعثه مع حجر بن عدي فاستشهد معه.

-8-عبد الرحمن

و كان عبد الرحمن العنزي من خيار الشيعة و قد وقع في قبضة جلاوزة زياد فطلب منهم مواجهة معاوية لعلّه أن يعفو عنه فاستجابوا له و أرسلوه مخفورا إلى دمشق فلما مثل عند الطاغية قال له:

«إيه أخا ربيعة ما تقول في علي؟..»

«دعني و لا تسألني فهو خير لك..».

«و الله لا أدعك..».

فانبرى البطل الفذ يدلي بفضائل الإمام،و يشيد بمقامه قائلا:

«أشهد أنه كان من الذاكرين الله كثيرا،و الآمرين بالحق،و القائمين بالقسط، و العافين عن الناس».

و التاع معاوية فعرج نحو عثمان لعلّه أن ينال منه فيستحل إراقة دمه فقال له:

«ما قولك في عثمان؟».

فأجابه عن انطباعاته عن عثمان،فغاظ ذلك معاوية و صاح به:

«قتلت نفسك».

ص: 51

«بل إياك قتلت،و لا ربيعة بالوادي».

و ظن عبد الرحمن أن أسرته ستقوم بحمايته و إنقاذه،فلم ينبر إليه أحد و لما أمن منهم معاوية بعثه إلى الطاغية زياد،و أمره بقتله فبعثه زياد إلى«قس الناطف» فدفنه و هو حي.

لقد رفع هذا البطل العظيم راية الحق،و حمل معول الهدم على قلاع الظلم و الجور، و استشهد منافحا عن أقدس قضية في الإسلام.

هؤلاء بعض الشهداء من أعلام الشيعة الذين حملوا مشعل الحرية،و أضاءوا الطريق لغيرهم من الثوار الذين أسقطوا هيبة الحكم الأموي،و عملوا على إنقاضه.

المروّعون من أعلام الشيعة

و روّع معاوية طائفة كبيرة من الشخصيات البارزة من رؤساء الشيعة و فيما يلي بعضهم:

-1-عبد الله بن هاشم المرقال.

-2-عدي بن حاتم الطائي.

-3-صعصعة بن صوحان.

-4-عبد الله بن خليفة الطائي.

و قد أرهق معاوية هؤلاء الأعلام إرهاقا شديدا،فطاردتهم شرطته و أفزعتهم إلى حد بعيد و قد ذكرنا ما عانوه من الخطوب في كتابنا«حياة الإمام الحسن».

ترويع النساء

و لم يقتصر معاوية في تنكيله على السادة من رجال الشيعة،و إنما تجاوز ظلمه

ص: 52

إلى السيدات من نسائهم،فأشاع فيهن الذعر و الإرهاب،فكتب إلى بعض عماله بحمل بعضهن إليه،فحملت له هذه السيدات:

-1-الزرقاء بنت عدي.

-2-أم الخير البارقية.

-3-سودة بنت عمارة.

-4-أم البراء بنت صفوان.

-5-بكارة الهلالية.

-6-أروى بنت الحارث.

-7-عكرشة بنت الأطرش.

-8-الدارمية الحجونية.

و قد قابلهم معاوية بمزيد من التوهين و الإستخفاف،و أظهر لهن الجبروت و القدرة على الانتقام غير حافل بوهن المرأة و ضعفها،و قد ذكرنا ما جرى عليهن في مجلسه من التحقير في كتابنا«حياة الإمام الحسن».

هدم دور الشيعة

و أوعز معاوية إلى جميع عماله بهدم دور الشيعة،فقاموا بنقضها و تركوا شيعة آل البيت عليهم السّلام بلا مأوى يأوون إليه،و لم يكن هناك أي مبرر لهذه الإجراءات القاسية سوى تحويل الناس عن عترة رسول الله صلّى اللّه عليه و اله.

حرمان الشيعة من العطاء

و من المآسي الكئيبة التي عانتها الشيعة في أيام معاوية أنه كتب إلى جميع

ص: 53

عماله نسخة واحدة جاء فيها:«أنظروا إلى من قامت عليه البينة أنه يحب عليا و أهل بيته فامحوه من الديوان و أسقطوا عطاءه و رزقه»و بادر عماله في الفحص في سجلاتهم فمن وجدوه محبا لآل البيت عليهم السّلام محوا اسمه و أسقطوا عطاءه.

عدم قبول شهادة الشيعة

و عمد معاوية إلى إسقاط الشيعة اجتماعيا فعهد إلى جميع عماله بعدم قبول شهادتهم في القضاء و غيره مبالغة في إذلالهم و تحقيرهم.

إبعاد الشيعة إلى خراسان

و أراد زياد بن أبيه تصفية الشيعة من الكوفة،و كسر شوكتهم فأجلى خمسين ألفا منهم إلى خراسان المقاطعة الشرقية في فارس و قد دق زياد بذلك أول مسمار في نعش الحكم الأموي،فقد أخذت تلك الجماهير التي أبعدت إلى فارس تعمل على نشر التشيع في تلك البلاد،حتى تحوّلت إلى مركز للمعارضة ضد الحكم الأموي، و هي التي أطاحت به تحت قيادة أبي مسلم الخراساني.

هذا بعض ما عانته الشيعة في عهد معاوية من صنوف التعذيب و الإرهاب، و كان ما جرى عليهم من المآسي الأليمة من أهم الأسباب في ثورة الإمام الحسين، فقد رفع علم الثورة لينقذهم من المحنة الكبرى التي امتحنوا بها و يعيد لهم الأمن و الاستقرار.

ص: 54

البيعة ليزيد
اشارة

و ختم معاوية حياته بأكبر إثم في الإسلام و أفظع جريمة في التأريخ،فقد أقدم غير متحرج على فرض خليعه يزيد خليفة على المسلمين يعيث في دينهم و دنياهم، و يخلد لهم الويلات و الخطوب،...و قد استخدم معاوية شتى الوسائل المنحطة في جعل الملك وراثة في أبنائه،و يرى الجاحظ أنه تشبّه بملوك الفرس و البزنطيين فحوّل الخلافة إلى ملك كسروي،و عصب قيصري..و قبل أن نعرض إلى تلك البيعة المشؤومة،و ما رافقها من الأحداث نذكر عرضا موجزا لسيرة يزيد،و ما يتصف به من القابليات الشخصية التي عجّت بذمها كتب التأريخ من يومه حتى يوم الناس هذا،و فيما يلي ذلك:

ولادة يزيد

ولد يزيد سنة(25)أو(26 ه)و قد دهمت الأرض شعلة من نار جهنم و زفيرها تحوط به دائرة السوء و غضب من الله،و هو أخبث إنسان وجد في الأرض فقد خلق للجريمة و الإساءة إلى الناس،و أصبح علما للانحطاط الخلقي و الظلم الاجتماعي و عنوانا بغيضا للاعتداء على الأمة و قهر إرادتها في جميع العصور،يقول الشيخ محمد جواد مغنية:«أما كلمة يزيد فقد كانت من قبل اسما لابن معاوية أما هي الآن عند الشيعة فإنها رمز للفساد و الاستبداد،و التهتك و الخلاعة و عنوان للزندقة و الإلحاد فحيث يكون الشر و الفساد فثم اسم يزيد،و حيثما يكون الخير و الحق و العدل فثم اسم الحسين».

و قد أثر عن النبي صلّى اللّه عليه و اله أنه نظر إلى معاوية يتبختر في بردة حبرة و ينظر إلى

ص: 55

عطفيه فقال صلّى اللّه عليه و اله:«أي يوم لأمتي منك،و أي يوم سوء لذريتي منك من جرو يخرج من صلبك يتخذ آيات الله هزوا و يستحل من حرمتي ما حرّم الله تعالى».

نشأته

نشأ يزيد عند أخواله في البادية من بني كلاب الذين كانوا يعتنقون المسيحية قبل الإسلام،و كان مرسل العنان مع شبابه الماجنين،فتأثر بسلوكهم إلى حد بعيد فكان يشرب معهم الخمر و يلعب معهم بالكلاب،يقول العلايلي:«إذا كان يقينا أو يشبه اليقين أن تربية يزيد لم تكن إسلامية خالصة أو بعبارة أخرى كانت مسيحية خالصة،فلم يبق ما يستغرب معه أن يكون متجاوزا مستهترا مستخفا بما عليه الجماعة الإسلامية،لا يحسب لتقاليدها و اعتقاداتها أي حساب،و لا يقيم لها وزنا بل الذي نستغرب أن يكون على غير ذلك».

و الذي نراه أن نشأته كانت نشأة جاهلية بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة،و لا تحمل أي طابع من الدين مهما كان،فإن استهتاره في الفحشاء و إمعانه في المنكر و الإثم مما يوحي إلى الاعتقاد بذلك.

صفاته:

أما صفاته الجسمية فقد كان شديد الأدمة بوجهه آثار الجدري كما كان ضخما ذا سمنة كثير الشعر و أما صفاته النفسية فقد ورث صفات جده أبي سفيان و أبيه معاوية من الغدر و النفاق،و الطيش و الإستهتار يقول السيد مير علي الهندي:

«و كان يزيد قاسيا غدارا كأبيه،و لكنه ليس داهية مثله كانت تنقصه القدرة على تغليف تصرفاته القاسية بستار من اللباقة الدبلو ماسية الناعمة و كانت طبيعته

ص: 56

المنحلة،و خلقه المنحط لا تتسرب إليهما شفقة و لا عدل..كان يقتل و يعذب نشدانا للمتعة و اللذة التي يشعر بها،و هو ينظر إلى آلام الآخرين،و كان بؤرة لأبشع الرذائل،و ها هم ندماؤه من الجنسين خير شاهد على ذلك..لقد كانوا من حثالة المجتمع..».

لقد كان جافي الخلق مستهترا،بعيدا عن جميع القيم الإنسانية،و من أبرز ذاتياته ميله إلى إراقة الدماء،و الإساءة إلى الناس ففي السنة الأولى من حكمه القصير أباد عترة رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و في السنة الثانية أباح المدينة ثلاثة أيام و قتل سبعمائة رجل من المهاجرين و الأنصار و عشرة آلاف من الموالي و العرب و التابعين.

ولعه بالصيد

و من مظاهر صفات يزيد ولعه بالصيد فكان يقضي أغلب أوقاته فيه،و يقول المؤرخون:

«كان يزيد بن معاوية كلفا بالصيد لاهيا به،و كان يلبس كلاب الصيد الأساور من الذهب و الجلال المنسوجة منه،و يهب لكل كلب عبدا يخدمه».

شغفه بالقرود

و كان يزيد-فيما أجمع عليه المؤرخون-ولعا بالقرود،فكان له قرد يجعله بين يديه و يكنيه بأبي قيس،و يسقيه فضل كأسه،و يقول:هذا شيخ من بني إسرائيل أصابته خطيئة فمسخ،و كان يحمله على أتان وحشية و يرسله مع الخيل في حلبة السباق،فحمله يوما فسبق الخيل فسر بذلك و جعل يقول:

ص: 57

تمسك أبا قيس بفضل زمامها فليس عليها إن سقطت ضمان

فقد سبقت خيل الجماعة كلها و خيل أمير المؤمنين أتان

و أرسله مرة في حلبة السباق فطرحته الريح فمات فحزن عليه حزنا شديدا و أمر بتكفينه و دفنه كما أمر أهل الشام أن يعزوه بمصابه الأليم،و انشأ راثيا له:

كم من كرام و قوم ذوو محافظة جاءوا لنا ليعزوا في أبي قيس

شيخ العشيرة أمضاها و أحملها على الرؤوس و في الأعناق و الريس

لا يبعد الله قبرا أنت ساكنه فيه جمال و فيه لحية التيس

و ذاع بين الناس هيامه و شغفه بالقرود حتى لقّبوه بها،و يقول رجل من تنوخ هاجيا له:

يزيد صديق القرد ملّ جوارنا فحنّ إلى أرض القرود يزيد

فتبا لمن أمسى علينا خليفة صحابته الأدنون منه قرود

إدمانه على الخمر

و الظاهرة البارزة من صفات يزيد إدمانه على الخمر،و قد أسرف في ذلك إلى حد كبير فلم ير في وقت إلا و هو ثمل لا يعي من السكر،و من شعره في الخمر:

أقول لصحب ضمّت الكأس شملهم و داعي صبابات الهوى يترنم

خذوا بنصيب من نعيم و لذة فكل و إن طال المدى يتصرم

و جلس يوما على الشراب و عن يمينه ابن زياد بعد قتل الحسين فقال:

إسقني شربة تروي شاشي ثم صل ملء فاسق مثلها ابن زياد

صاحب السر و الأمانة عندي و لتسديد مغنمي و جهادي

و في عهده طرأ تحوّل كبير على شكل المجتمع الإسلامي فقد ضعف ارتباط

ص: 58

المجتمع بالدين،و انغمس الكثيرون من المسلمين في الدعارة و المجون و لم يكن ذلك التغيير إقليميا،و إنما شمل جميع الأقاليم الإسلامية فقد سادت فيها الشهوات و المتعة و الشراب،و قد تغيرت الإتجاهات الفكرية التي ينشدها الإسلام عند أغلب المسلمين.

و قد اندفع الأحرار من شعراء المسلمين في أغلب عصورهم إلى هجاء يزيد لإدمانه على الخمر،يقول الشاعر ابن عرادة:

أبني أمية أن آخر ملككم جسد بحوّراين ثمّ مقيم

طرقت منيته و عند وساده كوب وزق راعف مرثوم

و مرنة تبكي على نشوانه بالصنج تقعد تارة و تقوم

و يقول فيه أنور الجندي:

خلقت نفسه الأثيمة بالمكر و هامت عيناه بالفحشاء

فهو الكأس في عناق طويل و هو و العار و الخناء في خباء

و يقول فيه بولس سلامة:

و ترفق بصاحب العرش مشغولا عن الله بالقيان الملاح

ألف«الله أكبر»لا تساوي بين كفي يزيد نهلة راح

تتلظى في الدن بكرا فلم تدنس بلثم و لا بماء قراح

لقد عاقر يزيد الخمر،و أسرف في الإدمان حتى أن بعض المصادر تعزو سبب وفاته إلى أنه شرب كمية كبيرة منه فأصابه انفجار فهلك منه.

ندماؤه:

و اصطفى يزيد جماعة من الخلعاء و الماجنين فكان يقضي معهم لياليه الحمراء بين الشراب و الغناء و في طليعة ندمائه الأخطل الشاعر المسيحي الخليع فكانا

ص: 59

يشربان و يسمعان الغناء،و إذا أراد السفر صحبه معه و لما هلك يزيد و آل أمر الخلافة إلى عبد الملك بن مروان قرّبه فكان يدخل عليه بغير استئذان،و عليه جبة خز،و في عنقه سلسلة من ذهب،و الخمر يقطر من لحيته.

نصيحة معاوية ليزيد

و لما شاع استهتار يزيد و اقترافه لجميع ألوان المنكر و الفساد،استدعاه معاوية فأوصاه بالتكتم في نيل الشهوات لئلا تسقط مكانته الاجتماعية،قائلا:

يا بني ما أقدرك على أن تصير إلى حاجتك من غير تهتك يذهب بمروؤتك و قدرك ثم أنشده:

إنصب نهارا في طلاب العلى و اصبر على هجر الحبيب القريب

حتى إذا الليل أتى بالدجى و اكتحلت بالغمض عين الرقيب

فباشر الليل بما تشتهي فإنما الليل نهار الأريب

كم فاسق تحسبه ناسكا قد باشر الليل بأمر عجيب

دفاع محمد عزة دروزة:

من الكتاب الذين يحملون النزعة الأموية في هذا العصر محمد عزة دروزة فقد جهد نفسه-مع الأسف-على الدفاع عن منكرات الأمويين و تبرير ما أثر عنهم من الظلم و الجور و الفساد،و قد دافع عن معاوية و نزّهه عما اقترفه من الموبقات التي هي لطخة عار في تأريخ الإنسانية...و قد علّق على هذه البادرة بقوله:«نحن ننزّه معاوية صاحب رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و كاتب وحيه،و الذي أثرت عنه مخافة الله و تقواه و حرصه،عن أن يرضى من ابنه الشذوذ عن هذه الحدود بل التشجيع بل نستبعد هذا عن يزيد»و هذا مما يدعو إلى السخرية و التفكه،فقد تنكر دروزة للواضحات

ص: 60

التي لا يشك فيها أي إنسان يملك عقله و اختياره،و قديما قد قيل:

و ليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل

إن ما أثر عن معاوية من الأحداث الجسام كقتله حجر بن عدي،و رشيد الهجري و عمرو بن الحمق الخزاعي و نظرائهم من المؤمنين،و سبه للعترة الطاهرة، و نكايته بالأمة بفرض يزيد خليفة عليها و غير ذلك من الجرائم التي ألمحنا إلى بعضها في البحوث السابقة و هي مما تدل على تشويه إسلامه و انحرافه عن الطريق القويم،و لكن دروزة و أمثاله لا ينظرون إلى الواقع إلا بمنظار أسود فراحوا يقدّسون الأمويين الذين أثبتوا بتصرفاتهم السياسية و الإدارية أنهم خصوم الإسلام و أعداؤه.

إقرار معاوية لاستهتار يزيد

و هام معاوية بحب ولده يزيد فأقرّه على فسقه و فجوره،و لم يردعه عنه و يقول المؤرخون:إنه نقل له أن ولده على الشراب فأتاه يتجسس عليه فسمعه ينشد:

أقول لصحب ضمت الكأس شملهم و داعي صبابات الهوى يترنم

خذوا بنصيب من نعيم و لذة فكل و إن طال المدى يتصرم

و لا تتركوا يوم السرور إلى غد فإن غدا يأتي بما ليس يعلم

ألا أن أهنأ العيش ما سمحت به صروف الليالي و الحوادث نوم

فعاد معاوية إلى مكانه و لم يعلمه بنفسه،و راح يقول:

و الله لا كنت عليه،و لا نغصت عليه عيشه

ص: 61

حقد يزيد على النبي صلّى اللّه عليه و آله

و أترعت نفس يزيد بالحقد على النبي صلّى اللّه عليه و آله و البغض له،لأنه وتره بأسرته يوم بدر،و لما أباد العترة الطاهرة جلس على أريكة الملك جذلانا مسرورا يهز أعطافه فقد استوفى ثأره من النبي صلّى اللّه عليه و آله و تمنى حضور أشياخه ليروا كيف أخذ بثأرهم و جعل يترنم بأبيات ابن الزبعري:

ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل

لأهلوا و استهلوا فرحا ثم قالوا يا يزيد لا تشل

قد قتلنا القرم من أشياخهم و عدلناه ببدر فاعتدل

لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء و لا وحي نزل

لست من خندف إن لم انتقم من بني أحمد ما كان فعل

بغض يزيد للأنصار

و كان يزيد يبغض الأنصار بغضا عارما لأنهم ناصروا النبي صلّى اللّه عليه و اله و قاتلوا قريشا،و حصدوا رؤوس أعلامهم،كما كانوا يبغضون بني أمية فقد قتل عثمان بين ظهرانيهم و لم يدافعوا عنه،ثم بايعوا عليا،و ذهبوا معه إلى صفين لحرب معاوية،و لما استشهد الإمام كانوا من أهم العناصر المعادية لمعاوية،و كان يزيد يتميز من الغيظ عليهم و طلب من كعب بن جعيل التغلبي أن يهجوهم فامتنع و قال له:

«أردتني إلى الإشراك بعد الإيمان،لا أهجو قوما نصروا رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و لكن أدلك

ص: 62

على غلام منا نصراني كأن لسانه لسان ثور-يعني الأخطل-».

فدعا يزيد الأخطل،و طلب منه هجاء الأنصار فأجابه إلى ذلك،و هجاهم بهذه الأبيات المقذعة:

لعن الإله من اليهود عصابة ما بين صليصل و بين صرار

قوم إذا هدر القصير رأيتهم حمرا عيونهم من المسطار

خلوا المكارم لستم من أهلها و خذوا مساحيكم بني النجار

إن الفوارس يعلمون ظهوركم أولاد كل مقبح أكار

ذهبت قريش بالمكارم كلها و اللؤم تحت عمائم الأنصار

لقد ابتدأ الأخطل هجاءه للأنصار بذم اليهود و قرن بينهم و بين الأنصار لأنهم يساكنونهم في يثرب،و قد عاب على الأنصار بأنهم أهل زرع و فلاحة و أنهم ليسوا أهل مجد و لا مكارم و اتهمهم بالجبن عند اللقاء،و نسب الشرف و المجد إلى القرشيين و اللؤم كله تحت عمائم الأنصار،و قد أثار هذا الهجاء المر حفيظة النعمان بن بشير الذي هو أحد عملاء الأمويين،فانبرى غضبانا إلى معاوية فلما مثل عنده حسر عمامته عن رأسه و قال:

«يا معاوية أترى لؤما؟».

«لا بل أرى خيرا و كرما،فما ذاك؟!!»

زعم الأخطل أن اللؤم تحت عمائمنا!!»

و اندفع النعمان يستجلب عطف معاوية قائلا:

معاوي ألا تعطنا الحق تعترف لحق الأزد مسدولا عليها العمائم

أيشتمنا عبد الأراقم ضلة فما ذا الذي تجدي عليك الأراقم

فمالي ثأر دون قطع لسانه فدونك من ترضيه عنه الدراهم

قال معاوية:

ص: 63

-ما حاجتك؟

-لسانه.

-ذلك لك.

و بلغ الخبر الأخطل فأسرع إلى يزيد مستجيرا به و قال له:هذا الذي كنت أخافه فطمأنه يزيد و ذهب إلى أبيه،فأخبره بأنه قد أجاره،فقال معاوية:لا سبيل إلى ذمة أبي خالد-يعني يزيدا-فعفا عنه،و جعل الأخطل يفخر برعاية يزيد له،و يشمت بالنعمان بقوله:

أبا خالد دافعت عني عظيمة و أدركت لحمي قبل أن يتبددا

و أطفأت عني نار نعمان بعد ما أغد لأمر عاجز و تجردا

و لما رأى النعمان دوني ابن حرة طوى الكشح إذ لم يستطعني و عردا

هذه بعض نزعات يزيد و اتجاهاته،و قد كشفت عن مسخه و تمرسه في الجريمة و تجرده من كل خلق قويم...و إن من مهازل الزمن و عثرات الأيام أن يكون هذا الخليع حاكما على المسلمين و إماما لهم.

دعوة المغيرة لبيعة يزيد

و أول من تصدى لهذه البيعة المشؤومة أعور ثقيف المغيرة بن شعبة صاحب الأحداث و الموبقات في الإسلام و قد وصفه بركلمان بأنه رجل إنتهازي لا ذمة له و لا ذمام و هو أحد دهاة العرب الخمسة و قد قضى حياته في التآمر على الأمة، و السعي وراء مصالحه الخاصة.

أما السبب في دعوته لبيعة يزيد-فيما يرويه المؤرخون-فهو أن معاوية أراد عزله من الكوفة ليولّي عليها سعيد بن العاص فلما بلغه ذلك سافر إلى دمشق ليقدم

ص: 64

استقالته من منصبه حتى لا تكون حزازة عليه في عزله،و أطال التفكير في أمره فرأى أن خير وسيلة لإقراره في منصبه أن يجتمع بيزيد فيحبذ له الخلافة حتى يتوسط في شأنه إلى أبيه و التقى الماكر بيزيد فأبدى له الإكبار،و أظهر له الحب، و قال له:

قد ذهب أعيان محمد صلّى اللّه عليه و اله و كبراء قريش و ذوو أسنانهم،و إنما بقي أبناؤهم، و أنت من أفضلهم و أحسنهم رأيا،و أعلمهم بالسنّة و السياسة،و لا أدري ما يمنع أمير المؤمنين أن يعقد لك البيعة؟..».

و غزت هذه الكلمات قلب يزيد فشكره و أثنى على عواطفه،و قال له:

-أترى ذلك يتم؟

-نعم.

و انطلق يزيد مسرعا إلى أبيه فأخبره بمقالة المغيرة،فسر معاوية بذلك و أرسل خلفه،فلما مثل عنده أخذ يحفزه على المبادرة في أخذ البيعة ليزيد قائلا:

«يا أمير المؤمنين قد رأيت ما كان من سفك الدماء و الاختلاف بعد عثمان و في يزيد منك خلف فاعقد له،فإن حدث بك حدث كان كهفا للناس،و خلفا منك،و لا تسفك دماء،و لا تكون فتنة».

و أصابت هذه الكلمات الوتر الحساس في قلب معاوية فراح يخادعه مستشيرا في الأمر قائلا:

-من لي بهذا؟

-أكفيك أهل الكوفة،و يكفيك زياد أهل البصرة،و ليس بعد هذين المصرين أحد يخالفك.

و استحسن معاوية رأيه فشكره عليه و أقره على منصبه و أمره بالمبادرة إلى الكوفة لتحقيق غايته،و لما خرج من عند معاوية قال لحاشيته:

ص: 65

لقد وضعت رجل معاوية في غرز بعيد الغاية على أمة محمد صلّى اللّه عليه و اله و فتقت عليه فتقا لا يرتق ثم تمثل بقول الشاعر:

بمثلي شاهد النجوى و غالى بي الأعداء و الخصم الغضابا

ففي سبيل المغنم فتق المغيرة على أمة محمد صلّى اللّه عليه و آله فتقا لا يرتق،و أخلد لها الكوارث و الخطوب.

و سار المغيرة إلى الكوفة،و هو يحمل الشر و الدمار لأهلها و لعموم المسلمين، وفور وصوله عقد اجتماعا ضم عملاء الأمويين فعرض عليهم بيعة يزيد فأجابوه إلى ذلك،و أوفد جماعة منهم إلى دمشق و جعل عليهم ولده أبا موسى،فلما انتهوا إلى معاوية حفّزوه على عقد البيعة ليزيد،فشكرهم على ذلك و أوصاهم بالكتمان، و التفت إلى ابن المغيرة فقال له:

-بكم اشترى أبوك من هؤلاء دينهم؟

-بثلاثين ألف درهم.

فضحك معاوية و قال ساخرا:

-لقد هان عليهم دينهم.

ثم أوصلهم بثلاثين ألف درهم لقد استجاب لهذه البيعة و رضي بها كل من يحمل ضميرا قلقا عرضه للبيع و الشراء.

ص: 66

تبرير معاوية
اشارة

و دافع جماعة من المؤلفين و الكتاب عن معاوية و برروا بيعته ليزيد التي كانت من أفجع النكبات التي مني بها العالم الإسلامي،و فيما يلي بعضهم:

-1-أحمد دحلان

و من أصلب المدافعين عن معاوية أحمد دحلان قال:«فلما نظر معاوية إلى قوة شوكتهم-يعني الأمويين-و استحكام عصبيتهم حتى أنهم لو خرجت الخلافة عنهم بعده يحدثون فتنة و يقع افتراق للأمة فأراد اجتماع الكلمة بجعل الأمر فيهم، ثم إنه نظر فيمن كان منهم أقوى شوكة فرآه ابنه يزيد لأنه كان كبيرا،و باشر إمارة الجيوش في حياة أبيه و صارت له هيبة عند الأمراء،و له تمكن،و نفاذ كلمة فلو جعل الأمر لغيره منهم كان ذلك سببا لمنازعته لا سيما و له تمكن و اقتدار على الاستيلاء على ما في بيت المال من الأموال فيقع الإفتراق و الإختلاف لو جعل الأمر لغيره، فرأى أن جعل الأمر له بهذا الإجتهاد يكون سببا للألفة،و عدم الإفتراق و هذا هو السبب في جعله ولي عهده،و لم يعلم ما يبديه الله بعد ذلك..».

حفنة من التراب على أمثال هؤلاء الذين دفعتهم العصبية الآثمة إلى تبرير المنكر و توجيه الباطل،فهل أن أمر الخلافة التي هي ظل الله في الأرض يعود إلى الأمويين حتى يرعى معاوية عواطفهم و رغباتهم و هم الذين ناهضوا نبي الإسلام،و ناجزوه

ص: 67

الحرب،و عذّبوا كل من دخل في دين الإسلام فكيف يكون أمر الخلافة بأيديهم و لو كان هناك منطق و وعي ديني لكانوا في ذيل القافلة و لا يحسب لهم أي حساب.

-2-الدكتور عبد المنعم:

و من المبررين لمعاوية في بيعته ليزيد الدكتور عبد المنعم ماجد قال:«و يبدو أن معاوية قصد من وراء توريث يزيد الخلافة القضاء على افتراق كلمة الأمة الإسلامية،و وقوع الفتنة مثلما حدث بعد عثمان،و لعله أيضا أراد أن يوجد حلا للمسألة التي تركها النبي صلّى اللّه عليه و اله دون حل و هي إيجاد سلطة دائمة للإسلام و من المحقق أن معاوية لم يكن له مندوحة من أن يفعل ذلك خوفا من غضب بني أمية الذين لم يكونوا يرضون بتسليم الأمر إلى سواهم..«و هذا الرأي لا يحمل أي طابع من التوازن فإن معاوية في بيعته ليزيد لم يجمع كلمة المسلمين و إنما فرّقها و أخلد لهم الشر و الخطوب فقد عانت الأمة-في عهد يزيد-من ضروب البلاء و المحن ما لا يوصف لفظاعته و مرارته،فقد جهد حفيد أبي سفيان على تدمير الإسلام،و سحق جميع مقدساته و قيمه،فأباد العترة الطاهرة التي هي عديلة القرآن الكريم حسب النصوص النبوية المتواترة و أنزل بأهل المدينة في واقعة الحرة من الجرائم ما تندى له جبين الإنسانية،فهل جمع بذلك معاوية كلمة المسلمين و وحّد صفوفهم و مما يدعو إلى السخرية ما ذهب إليه من أن النبي صلّى اللّه عليه و اله ترك مسألة الخلافة بغير حل فجاء معاوية فحل هذه العقدة،ببيعته ليزيد!!إن النبي صلّى اللّه عليه و آله لم يترك أي شأن من شؤون أمته بغير حل و إنما وضع لها الحلول الحاسمة،و كان أهم ما عنى به شأن الخلافة فقد عهد بها إلى أفضل أمته و باب مدينة علمه الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام و قد بايعه كبار الصحابة و عموم من كان معه في يوم الغدير،و لكن القوم كرهوا اجتماع النبوة و الخلافة في بيت واحد فزووا الخلافة عن أهل بيت نبيهم فأدى ذلك

ص: 68

أن يلي أمر المسلمين يزيد و أمثاله من المنحرفين الذين أثبتوا في تصرفاتهم أنهم لا علاقة لهم بالإسلام،و لا عهد لهم بالدين.

-3-حسين محمد يوسف:

و من المدافعين-بحرارة-عن معاوية في ولايته ليزيد حسين محمد يوسف و قد أطال الكلام-بغير حجة-في ذلك،قال في آخر حديثه:«و خلاصة القول في موقف معاوية أنه كان مجتهدا في رأيه،و أنه حين دعا الأمة إلى بيعة يزيد،كان حسن الظن به لأنه لم يثبت عنده أي نقص فيه،بل كان يزيد يدس على أبيه من يحسّن له حاله،حتى اعتقد أنه أولى من أبناء بقية الصحابة كلهم فإن كان معاوية قد أصاب في اختياره فله أجران،و إن كان قد أخطأ فله أجر واحد،و ليس لأحد بعد ذلك أن يخوض فيما وراء ذلك فإنما الأعمال بالنيات و لكل امرىء ما نوى».

إن من المؤسف-حقا-أن ينبري هؤلاء لتبرير معاوية في اقترافه لهذه الجريمة النكراء التي أغرقت العالم الإسلامي بالفتن و الخطوب..و متى اجتهد معاوية في فرض ابنه خليفة على المسلمين؟فقد سلك في سبيل ذلك جميع المنعطفات و الطرق الملتوية،فأرغم عليها المسلمين،و فرضها عليهم تحت غطاء مكثف من قوة الحديد...إن معاوية لم يجتهد في ذلك،و إنما استجاب لعواطفه المترعة بالحنان و الولاء لولده من دون أن يرعى أي مصلحة للأمة في ذلك.

هؤلاء بعض المؤيدين لمعاوية في عقده البيعة ليزيد،و هم مدفوعون بدافع غريب على الإسلام،و بعيد كل البعد عن منطق الحق.

كلمة الحسن البصري

و شجب الحسن البصري بيعة يزيد،و جعلها من جملة موبقات معاوية قال:

ص: 69

«أربع خصال كن في معاوية لو لم يكن فيه منهن إلا واحدة لكانت موبقة:انتزاؤه على هذه الأمة بالسفهاء حتى ابتزها أمرها بغير مشورة منهم،و فيهم بقايا الصحابة و ذوو الفضيلة،و استخلاف ابنه بعده سكيرا خميرا يلبس الحرير، و يضرب بالطنابير،و ادعاؤه زيادا،و قد قال رسول الله صلّى اللّه عليه و آله:الولد للفراش و للعاهر الحجر،و قتله حجرا و أصحابه ويل له من حجر و أصحابه..».

كلمة ابن رشد

و يرى الفيلسوف الكبير ابن رشد أن بيعة معاوية ليزيد قد غيّرت مجرى الحياة الإسلامية و هدمت الحكم الصالح في الإسلام،قال:«إن أحوال العرب في عهد الخلفاء الراشدين كانت على غاية من الصلاح فكأنما وصف أفلاطون حكومتهم في (جمهوريته)الحكومة الجمهورية الصحيحة التي يجب أن تكون مثالا لجميع الحكومات،و لكن معاوية هدم ذلك البناء الجليل القديم،و أقام مكانه دولة بني أمية و سلطانها الشديد ففتح بذلك بابا للفتن التي لا تزال إلى الآن قائمة حتى في بلادنا هذه-يعني الأندلس-».

لقد نقم على معاوية في بيعة يزيد جميع أعلام الفكر و قادة الرأي في الأمة الإسلامية منذ عهد معاوية حتى يوم الناس هذا،و وصفوها بأنها اعتداء صارخ على الأمة و خروج على إرادتها.

دوافع معاوية

أما الدوافع التي دعت معاوية لفرض ابنه السكير خليفة على المسلمين فكان من أبرزها الحب العارم لولده،فقد هام بحبه،و قد أدلى بذلك في حديثه مع سعيد بن

ص: 70

عثمان حينما طلب منه أن يرشحه للخلافة،و يدع ابنه يزيد،فسخر منه معاوية و قال له:

«و الله«لو ملئت لي الغوطة رجالا مثلك لكان يزيد أحب إلي منكم كلكم..».

لقد أعماه حبه لولده،و أضله عن الحق،و قد قال:

«لو لا هواي في يزيد لأبصرت رشدي..».

و كان يؤمن بأن استخلافه ليزيد من أعظم ما اقترفه من الذنوب،و قد صارح ولده بذلك فقال له:

«ما ألقى الله بشيء أعظم في نفسي من استخلافي إياك».

لقد اقترف معاوية وزرا عظيما فيما جناه على الأمة بتحويل الخلافة إلى ملك عضوض لا يعنى فيه بإرادة الأمة و اختيارها.

الوسائل الدبلوماسية في أخذ البيعة
اشارة

أما الوسائل الدبلوماسية التي اعتمد عليها معاوية في فرض خليعه على المسلمين فهي:

-1-استخدام الشعراء

أما الشعراء فكانوا في ذلك العصر-من أقوى أجهزة الأعلام و قد أجزل لهم معاوية العطاء،و أغدق عليهم الأموال فانطلقت ألسنتهم بالمديح و الثناء على يزيد فأضافوا إليه الصفات الرفيعة،و خلعوا عليه النعوت الحسنة،و فيما يلي بعضهم:

العجاج:

ص: 71

و مدحه العجاج مدحا عاطرا فقال فيه:

إذا زلزل الأقوام لم تزلزل عن دين موسى و الرسول المرسل

و كنت سيف الله لم يفلل يفرع أحيانا و حينا يختلي

و معنى هذا الشعر أن يزيد يقتفي أثر الرسول موسى و النبي محمد صلّى اللّه عليه و اله و أنه سيف الله البتار إلا أنه كان مشهورا على أولياء الله و أحبائه.

الأحوس:

و مدحه الشاعر الأحوس بقصيدة جاء فيها:

ملك تدين له الملوك مبارك كادت لهيبته الجبال تزول

يجبى له بلخ و دجلة كلها و له الفرات و ما سقى و النيل

لقد جاءته تلك الهيبة التي تخضع لها الجباه،و تزول منها الجبال من إدمانه على الخمر و مزاملته للقرود،و لعبه بالكلاب و اقترافه للجرائم و الموبقات.

مسكين الدارمي:

و من الشعراء المرتزقة مسكين الدارمي،و قد أوعز إليه معاوية أن يحثه على بيعة يزيد أمام من كان عنده من بني أمية و أشراف أهل الشام،فدخل مسكين على معاوية فلما رأى مجلسه حاشدا بالناس رفع عقيرته:

إن أدع مسكينا فإني ابن معشر من الناس أحمي عنهم و أذود

ألا ليت شعري ما يقول ابن عامر و مروان أم ماذا يقول سعيد

بني خلفاء الله مهلا فإنما يبوئها الرحمن حيث يريد

إذا المنبر الغربي خلاه ربه فإن أمير المؤمنين يزيد

على الطائر الميمون و الجد ساعد لكل أناس طائر و جدود

فلا زلت أعلى الناس كعبا و لم تزل وفود تساميها إليك وفود

و لا زال بيت الملك فوقك عاليا تشيد أطناب له و عمود

ص: 72

هؤلاء بعض الشعراء الذين مدحوا يزيد،و افتعلوا له المآثر لتغطية ما ذاع عنه من الدعارة و المجون.

بذل الأموال للوجوه

و أنفق معاوية الأموال الطائلة بسخاء للوجوه و الأشراف ليقروه على فرض ولده السكير خليفة على المسلمين،و يقول المؤرخون:إنه أعطى عبد الله بن عمر مائة ألف درهم فقبلها منه و كان ابن عمر من أصلب المدافعين عن بيعة يزيد و قد نقم على الإمام الحسين عليه السّلام خروجه عليه،و سنذكر ذلك بمزيد من التفصيل في البحوث الآتية.

مراسلة الولاة

و راسل معاوية جميع عماله و ولاته في الأقاليم الإسلامية بعزمه على عقد البيعة ليزيد،و أمرهم بتنفيذ مايلي:

-1-إذاعة ذلك بين الجماهير الشعبية،و إعلامها بما صممت عليه حكومة دمشق من عقد الخلافة ليزيد.

-2-الإيعاز للخطباء و سائر أجهزة الإعلام بالثناء على يزيد،و افتعال المآثر له.

-3-إرسال الوفود إليه من الشخصيات الإسلامية حتى يتعرف على رأيها في البيعة ليزيد و قام الولاة بتنفيذ ما عهد إليهم،فأذاعوا ما صمم عليه معاوية من عقد البيعة ليزيد،كما أوعز للخطباء و غيرهم بالثناء على يزيد.

ص: 73

وفود الأقطار الإسلامية:

و اتصلت الحكومات المحلية في الأقطار الإسلامية بقادة الفكر فعرضت عليهم ما عزم عليه معاوية من تولية ولده للخلافة،و طلبوا منهم السفر فورا إلى دمشق لعرض آرائهم على معاوية،و سافرت الوفود إلى دمشق و كان في طليعتهم.

-1-الوفد العراقي بقيادة زعيم العراق الأحنف بن قيس.

-2-الوفد المدني بقيادة محمد بن عمرو بن حزم.

و انتهت الوفود إلى دمشق لعرض آرائها على عامل الشام،و قد قام معاوية بضيافتهم و الإحسان إليهم.

مؤتمر الوفود الإسلامية:

و عقدت وفود الأقطار الإسلامية مؤتمرا في البلاط الأموي في دمشق لعرض آرائها في البيعة ليزيد،و قد افتتح المؤتمر معاوية بالثناء على الإسلام،و لزوم طاعة ولاة الأمور،ثم ذكر يزيد و فضله،و علمه بالسياسة و دعاهم لبيعته.

المؤيدون للبيعة:

و انبرت كوكبة من أقطاب الحزب الأموي فأيدوا معاوية و حثوه على الإسراع للبيعة و هم:

-1-الضحاك بن قيس.

ص: 74

-2-عبد الرحمن بن عثمان.

-3-ثور بن معن السلمي.

-4-عبد الله بن عصام.

-5-عبد الله بن مسعدة.

و كان معاوية قد عهد إليهم بالقيام بتأييده،و الرد على المعارضين له.

خطاب الأحنف بن قيس

و انبرى إلى الخطابة زعيم العراق و سيد تميم الأحنف بن قيس الذي تقول فيه ميسون أم يزيد:«لو لم يكن في العراق إلا هذا لكفاهم»و تقدم فحمد الله و أثنى عليه ثم التفت إلى معاوية قائلا:

«أصلح الله أمير المؤمنين إن الناس في منكر زمان قد سلف،و معروف زمان مؤتنف،و يزيد بن أمير المؤمنين نعم الخلف،و قد حلبت الدهر أشطره.

يا أمير المؤمنين فاعرف من تسند إليه الأمر من بعدك،ثم أعص أمر من يأمرك، و لا يغررك من يشير عليك،و لا ينظر لك،و أنت أنظر للجماعة،و أعلم باستقامة الطاعة مع أن أهل الحجاز و أهل العراق لا يرضون بهذا،و لا يبايعون ليزيد ما كان الحسن حيا..».

و أثار خطاب الأحنف موجة من الغضب و الإستياء عند الحزب الأموي فاندفع الضحاك بن قيس منددا به،و شتم أهل العراق،و قدح بالإمام الحسن،و دعا الوفد العراقي إلى الإخلاص لمعاوية و الامتثال لما دعا إليه،و لم يعن به الأحنف فقام ثانيا فنصح معاوية و دعاه إلى الوفاء بالعهد الذي قطعه على نفسه من تسليم الأمر إلى الحسن من بعده حسب اتفاقية الصلح التي كان من أبرز بنودها إرجاع الخلافة من

ص: 75

بعده إلى الإمام الحسن كما أنه هدد معاوية بإعلان الحرب إذا لم يف بذلك:

فشل المؤتمر

و فشل المؤتمر فشلا ذريعا بعد خطاب الزعيم الكبير الأحنف بن قيس،و وقع نزاع حاد بين أعضاء الوفود و أعضاء الحزب الأموي،و انبرى يزيد بن المقفع فهدد المعارضين باستعمال القوة قائلا:

«أمير المؤمنين هذا-و أشار إلى معاوية-فإن هلك فهذا-و أشار إلى يزيد-و من أبى فهذا-و أشار إلى السيف-».

فاستحسن معاوية قوله و راح يقول له:

«اجلس فأنت سيد الخطباء و أكرمهم».

و لم يعن به الأحنف بن قيس فانبرى إلى معاوية فدعاه إلى الإمساك عن بيعة يزيد،و أن لا يقدم أحدا على الحسن و الحسين،و أعرض عنه معاوية،و بقي مصرا على فكرته التي هي أبعد ما تكون عن الإسلام.

و على أي حال فإن المؤتمر لم يصل إلى النتيجة التي أرادها معاوية فقد استبان له أن بعض الوفود الإسلامية لا تقره على هذه البيعة و لا ترضى بها.

سفر معاوية ليثرب

و قرر معاوية السفر إلى يثرب التي هي محط أنظار المسلمين،و فيها أبناء الصحابة الذين يمثلون الجبهة المعارضة للبيعة،فقد كانوا لا يرون يزيدا ندا لهم، و إن أخذ البيعة له خروج على إرادة الأمة،و انحراف عن الشريعة الإسلامية التي لا

ص: 76

تبيح ليزيد أن يتولى شؤون المسلمين لما عرف به من الإستهتار و تفسخ الأخلاق.

و سافر معاوية إلى يثرب في زيارة رسمية،و تحمّل أعباء السفر لتحويل الخلافة الإسلامية إلى ملك عضوض لا ظل فيه للحق و العدل.

اجتماع مغلق

وفور وصول معاوية إلى يثرب أمر بإحضار عبد الله بن عباس،و عبد الله بن جعفر،و عبد الله بن الزبير،و عبد الله بن عمر،و عقد معهم اجتماعا مغلقا،و لم يحضر معهم الحسن و الحسين لأنه قد عاهد الحسن أن تكون الخلافة له من بعده فكيف يجتمع به،و ماذا يقول له؟و قد أمر حاجبه أن لا يسمح لأي أحد بالدخول عليه حتى ينتهي حديثه معهم.

كلمة معاوية:

و ابتدأ معاوية الحديث بحمد الله و الثناء عليه،و صلّى على نبيه ثم قال:

«أما بعد؛فقد كبر سني،و وهن عظمي،و قرب أجلي،و أوشكت أن أدعى فأجيب؟ و قد رأيت أن أستخلف بعدي يزيد،و رأيته لكم رضى و أنتم عبادلة قريش، و خيارهم،و أبناء خيارهم،و لم يمنعني أن أحضر حسنا و حسينا إلا أنهما أولاد أبيهما علي،على حسن رأي فيهما و شدة محبتي لهما فردّوا على أمير المؤمنين خيرا رحمكم الله..».

و لم يستعمل معهم الشدة و الإرهاب استجلابا لعواطفهم و لم يخف عليهم ذلك، فانبروا جميعا إلى الإنكار عليه.

ص: 77

كلمة عبد الله بن عباس:

و أول من كلّمه عبد الله بن عباس فقال بعد حمد الله و الثناء عليه:

«أما بعد:فإنك قد تكلمت فأنصتنا و قلت فسمعنا،و إن الله جل ثناؤه و تقدّست أسماؤه إختار محمدا صلّى اللّه عليه و اله لرسالته،و اختاره لوحيه و شرّفه على خلقه فأشرف الناس من تشرّف به،و أولاهم بالأمر أخصهم به،و إنما على الأمة التسليم لنبيها إذا اختاره الله لها،فإنه إنما اختار محمدا بعلمه،و هو العليم الخبير،و أستغفر الله لي و لكم..».

و كانت دعوة ابن عباس صريحة في إرجاع الخلافة لأهل البيت عليهم السّلام الذين هم ألصق الناس برسول الله صلّى اللّه عليه و اله و أمسّهم به رحما،فإن الخلافة إنما هي امتداد لمركز رسول الله صلّى اللّه عليه و اله فأهل بيته أحق بمقامه و أولى بمكانته.

كلمة عبد الله بن جعفر:

و انبرى عبد الله بن جعفر فقال بعد حمد الله و الثناء عليه:

«أما بعد:فإن هذه الخلافة إن أخذ فيها بالقرآن فأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله،و إن أخذ فيها بسنة رسول الله صلّى اللّه عليه و اله فأولو رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و إن أخذ فيها بسنة الشيخين أبي بكر و عمر فأي الناس أفضل و أكمل و أحق بهذا الأمر من آل الرسول صلّى اللّه عليه و اله؟و أيم الله لو ولّوه بعد نبيهم لوضعوا الأمر موضعه لحقه و صدقه،و لأطيع الرحمن،و عصي الشيطان،و ما اختلف في الأمة سيفان، فاتق الله يا معاوية فإنك قد صرت راعيا و نحن رعية فانظر لرعيتك فإنك مسؤول

ص: 78

عنها غدا،و أما ما ذكرت من ابني عمي،و تركك أن تحضرهما،فو الله ما أصبت الحق،و لا يجوز ذلك إلا بهما،و إنك لتعلم أنهما معدن العلم و الكرم فقل أودع، و أستغفر الله لي و لكم..».

و حفل هذا الخطاب بالدعوة إلى الحق و الإخلاص للأمة فقد رشح أهل البيت عليهم السّلام للخلافة و قيادة الأمة،و حذّره من صرفها عنهم كما فعل غيره من الخلفاء فكان من جراء ذلك أن منيت الأمة بالأزمات و النكسات و عانت أعنف المشاكل و أقسى الحوادث.

كلمة عبد الله بن الزبير:

و انطلق عبد الله بن الزبير للخطابة فحمد الله و أثنى عليه و قال:

«أما بعد:فإن هذه الخلافة لقريش خاصة تتناولها بمآثرها السنية و أفعالها المرضية،مع شرف الآباء و كرم الأبناء،فاتق الله يا معاوية و أنصف نفسك فإن هذا عبد الله بن عباس ابن عم رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و هذا عبد الله بن جعفر ذو الجناحين ابن عم رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و أنا عبد الله بن الزبير ابن عمة رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و علي خلّف حسنا و حسينا و أنت تعلم من هما و ما هما؟فاتق الله يا معاوية،و أنت الحاكم بيننا و بين نفسك..».

و قد رشّح ابن الزبير هؤلاء النفر للخلافة،و قد حفّزهم بذلك لمعارضة معاوية و إفساد مهمته.

كلمة عبد الله بن عمر:

و اندفع عبد الله بن عمر فقال بعد حمد الله و الصلاة على نبيه:

ص: 79

«أما بعد،فإن هذه الخلافة ليست بهرقلية،و لا قيصرية،و لا كسروية يتوارثها الأبناء عن الآباء،و لو كان كذلك كنت القائم بها بعد أبي فو الله ما أدخلني مع الستة من أصحاب الشورى،إلا على أن الخلافة ليست شرطا مشروطا و إنما هي في قريش خاصة لمن كان لها أهلا ممن ارتضاه المسلمون لأنفسهم ممن كان أتقى و أرضى،فإن كنت تريد الفتيان من قريش فلعمري أن يزيد من فتيانها،و اعلم أنه لا يغني عنك من الله شيئا..».

و لم تعبّر كلمات العبادلة عن شعورهم الفردي،و إنما عبّرت تعبيرا صادقا عن رأي الأغلبية الساحقة من المسلمين الذين كرهوا خلافة يزيد،و لم يرضوا بها.

كلمة معاوية:

و ثقل على معاوية كلامهم،و لم يجد ثغرة ينفذ منها للحصول على رضاهم، فراح يشيد بابنه فقال:

«قد قلت و قلتم و إنه قد ذهبت الآباء،و بقيت الأبناء فابني أحب إلي من أبنائهم،مع أن ابني إن قاولتموه وجد مقالا..و إنما كان هذا الأمر لبني عبد مناف لأنهم أهل رسول الله فلما مضى رسول الله ولّى الناس أبا بكر و عمر من غير معدن الملك و الخلافة غير أنهما سارا بسيرة جميلة ثم رجع الملك إلى بني عبد مناف فلا يزال فيهم إلى يوم القيامة،و قد أخرجك الله يابن الزبير،و أنت يابن عمر منها،فأما ابنا عمي هذان فليسا بخارجين من الرأي إن شاء الله..».

و انتهى اجتماع معاوية بالعبادلة،و قد أخفق فيه إخفاقا ذريعا،فقد استبان له أن القوم مصممون على رفض بيعة يزيد..و على أثر ذلك غادر يثرب،و لم تذكر المصادر التي بأيدينا اجتماعه بسبطي رسول الله صلّى اللّه عليه و اله فقد أهملت ذلك و أكبر الظن

ص: 80

أنه لم يجتمع بهما.

فزع المسلمين:

و ذعر المسلمون حينما و افتهم الأنباء بتصميم معاوية على فرض ابنه خليفة عليهم،و كان من أشد المسلمين خوفا المدنيون و الكوفيون،فقد عرفوا واقع يزيد، و وقفوا على اتجاهاته المعادية للإسلام،يقول توماس آرنولد:«كان تقرير معاوية للمبدأ الوراثي نقلة خطيرة في حياة المسلمين الذين ألفوا البيعة و الشورى،و النظم الأولى في الإسلام و هم بعد قريبون منها و لهذا أحسوا-و خاصة في مكة و المدينة حيث كانوا يتمسكون بالأحاديث و السنن النبوية الأولى-أن الأمويين نقلوا الخلافة إلى حكم زمني متأثر بأسباب دنيوية مطبوع بالعظمة و حب الذات بدلا من أن يحتفظوا بتقوى النبي و بساطته».

لقد كان إقدام معاوية على فرض ابنه يزيد حاكما على المسلمين تحولا خطيرا في حياة المسلمين الذين لم يألفوا مثل هذا النظام الثقيل الذي فرض عليهم بقوة السلاح.

ص: 81

الجبهة المعارضة
اشارة

و أعلن الأحرار و المصلحون في العالم الإسلامي رفضهم القاطع لبيعة يزيد، و لم يرضوا به حاكما على المسلمين،و فيما يلي بعضهم:

1-الإمام الحسين:
اشارة

و في طليعة المعارضين لبيعة يزيد الإمام الحسين فقد كان يحتقر يزيد،و يكره طباعه الذميمة،و وصفه بأنه صاحب شراب و قنص،و أنه قد لزم طاعة الشيطان، و ترك طاعة الرحمن،و أظهر الفساد و عطل الحدود و استأثر بالفيء،و أحلّ حرام الله و حرّم حلاله و إذا كان بهذه الضعة فكيف يبايعه و يقرّه حاكما على المسلمين، و لما دعاه الوليد إلى بيعة يزيد قال له الإمام:«أيها الأمير إنا أهل بيت النبوة و معدن الرسالة،و مختلف الملائكة بنا فتح الله،و بنا يختم،و يزيد رجل فاسق،شارب الخمر،و قاتل النفس المحترمة،معلن بالفسق،و مثلي لا يبايع مثله».

و رفض بيعة يزيد جميع أفراد الأسرة النبوية تبعا لزعيمهم العظيم،و لم يشذوا عنه.

الحرمان الاقتصادي:

و قابل معاوية الأسرة النبوية بحرمان اقتصادي عقوبة لهم لا متناعهم عن بيعة

ص: 82

يزيد،فقد حبس عنهم العطاء سنة كاملة و لكن ذلك لم يثنهم عن عزمهم في شجب البيعة و رفضها.

2-عبد الرحمن بن أبي بكر:

و من الذين نقموا على بيعة يزيد عبد الرحمن بن أبي بكر،فقد وسمها بأنها هرقلية كلما مات هرقل قام مكانه هرقل آخر و أرسل إليه معاوية مائة ألف درهم ليشتري بها ضميره فأبى و قال:لا أبيع ديني.

-3-عبد الله بن الزبير:

و رفض عبد الله بن الزبير بيعة يزيد،و وصفه بقوله:«يزيد الفجور،و يزيد القرود،و يزيد الكلاب،و يزيد النشوات،و يزيد الفلوات»و لما أجبرته السلطة المحلية في يثرب على البيعة فرّ منها،إلى مكة.

-4-المنذر بن الزبير:

و كره المنذر بن الزبير بيعة يزيد،و شجبها،و أدلى بحديث له عن فجور يزيد أمام أهل المدينة فقال:«إنه قد أجازني بمائة ألف،و لا يمنعني ما صنع بي أن أخبركم خبره و الله إنه ليشرب الخمر،و الله إنه ليسكر حتى يدع الصلاة».

-5-عبد الرحمن بن سعيد:

و امتنع عبد الرحمن بن سعيد من البيعة ليزيد،و قال في هجائه:

لست منا و ليس خالك منا يا مضيع الصلاة للشهوات

ص: 83

-6-عابس بن سعيد:

و رفض عابس بن سعيد بيعة يزيد،حينما دعاه إليها عبد الله بن عمرو بن العاص،فقال له:«أنا أعرف به منك،و قد بعت دينك بدنياك».

-7-عبد الله بن حنظلة:

و كان عبد الله بن حنظلة من أشد الناقمين على البيعة ليزيد،و كان من الخارجين عليه في وقعة الحرة،و قد خاطب أهل المدينة فقال لهم:«فو الله ما خرجنا على يزيد حتى خفنا أن نرمى بالحجارة من السماء..إن رجلا ينكح الأمهات و البنات،و يشرب الخمر،و يدع الصلاة و الله لو لم يكن معي أحد من الناس لأبليت لله فيه بلاءا حسنا..»و كان يرتجز في تلك الواقعة:

بعدا لمن رام الفساد و طغى و جانب الحق و آيات الهدى

لا يبعد الرحمن إلا من عصى

ص: 84

موقف الأسرة الأموية:
اشارة

و نقمت الأسرة الأموية على معاوية في عقده البيعة ليزيد،و لكن لم تكن نقمتهم عليه مشفوعة بدافع ديني أو اجتماعي،و إنما كانت من أجل مصالحهم الشخصية الخاصة،لأن معاوية قلّد ابنه الخلافة و حرمهم منها،و فيما يلي بعض الناقمين:

-1-سعيد بن عثمان

و حينما عقد معاوية البيعة ليزيد أقبل سعيد بن عثمان إلى معاوية و قد رفع عقيرته قائلا:

«علام جعلت ولدك يزيد ولي عهدك فو الله لأبي خير من أبيه،و أمي خير من أمه، و أنا خير منه،و قد وليناك فما عزلناك،و بنا نلت ما نلت..».

فرواغ معاوية و قال له:

«أما قولك إن أباك خير من أبيه فقد صدقت،لعمر الله إن عثمان لخير مني،و أما قولك إن أمك خير من أمه فحسب المرأة أن تكون في بيت قومها و ان يرضاها بعلها،و ينجب ولدها،و أما قولك إنك خير من يزيد،فو الله ما يسرني أن لي بيزيد ملء الغوطة ذهبا مثلك و أما قولك إنكم وليتموني فما عزلتموني فما وليتموني إنما و لاني من هو خير منكم عمر بن الخطاب فأقررتموني،و ما كنت بئس الوالي لكم، لقد قمت بثأركم،و قتلت قتلة أبيكم،و جعلت الأمر فيكم و أغنيت فقيركم،و رفعت الوضيع منكم..».

و كلّمه يزيد فأرضاه،و جعله واليا على خراسان.

ص: 85

-2-مروان بن الحكم

و شجب مروان بن الحكم البيعة ليزيد،و تقديمه عليه فقد كان شيخ الأمويين و زعيمهم،فقال له:

«أقم يا ابن أبي سفيان و اهدأ من تأميرك الصبيان،و اعلم أن لك في قومك نظراء و أن لهم على مناوأتك وزرا».

فخادعه معاوية و قال له:

«أنت نظير أمير المؤمنين بعده،و في كل شدة عضده،فقد وليتك قومك، و أعظمنا في الخراج سهمك،و إنا مجير و وفدك و محسنو رفدك».

و قال مروان لمعاوية:«جئتم بها هرقلية تبايعون لأبنائكم».

-3-زياد بن أبيه

و كره زياد بن أبيه بيعة معاوية لولده،و ذلك لما عرف به من الاستهتار و الخلاعة و المجون و يقول المؤرخون:إن معاوية كتب إليه يدعوه إلى أخذ البيعة بولاية العهد ليزيد،و أنه ليس أولى من المغيرة بن شعبة،فلما قرأ كتابة دعا برجل من أصحابه كان يأتمنه حيث لا يأتمن أحدا غيره فقال له:إني أريد أن أئتمنك على ما لم أئتمن عليه بطون الصحائف إئت معاوية و قل له يا أمير المؤمنين إن كتابك ورد علي بكذا،فما ذا يقول الناس إنا دعوناهم إلى بيعة يزيد،و هو يلعب بالكلاب و القرود،و يلبس المصبغ،و يد من الشراب،و يمسي على الدفوف،و يحضرهم-أي الناس-الحسين بن علي،و عبد الله بن عباس،و عبد الله بن الزبير،و عبد الله بن عمر،و لكن تأمره أن يتخلق بأخلاق هؤلاء حولا أو حولين،فعسانا أن نموه على الناس،و سار الرسول إلى معاوية فأدى إليه رسالة زياد فاستشاط غضبا،و راح

ص: 86

يتهدده و يقول:

«و يلي على ابن عبيد لقد بلغني أن الحادي حداله أن الأمير بعدي زياد،و الله لأردّنه إلى أمه سمية و إلى أبيه عبيد.».

هؤلاء بعض الناقدين لمعاوية من الأسرة الأموية و غيرهم في توليته لخليعه يزيد خليفة على المسلمين.

إيقاع الخلاف بين الأمويين:

و اتبع معاوية سياسة التفريق بين الأمويين حتى يصفو الأمر لولده يزيد،فقد عزل عامله على يثرب سعيد بن العاص،و استعمل مكانه مروان بن الحكم،ثم عزل مروان و استعمل سعيدا مكانه،و أمره بهدم داره،و مصادرة أمواله،فأبى سعيد من تنفيذ ما أمره به معاوية فعزله،و ولّى مكانه مروان،و أمره بمصادرة أموال سعيد و هدم داره فلما همّ مروان بتنفيذ ما عهد إليه أقبل إليه سعيد و أطلعه على كتاب معاوية في شأنه فامتنع مروان من القيام بما أمره معاوية،و كتب سعيد إلى معاوية رسالة يندد فيها بعمله و قد جاء فيها:

«العجب مما صنع أمير المؤمنين بنا في قرابتنا له أن يضغن بعضنا على بعض...

فأمير المؤمنين في حمله و صبره على ما يكره من الأخبثين،و عفوه و إدخاله القطيعة بنا،و الشحناء و توارث الأولاد ذلك».

و علّق عمر أبو النصر على سياسة التفريق التي اتبعها معاوية مع أسرته بقوله:

«إن سبب هذه السياسة هو رغبة معاوية في إيقاع الخلاف بين أقاربه الذين يخشى نفوذهم على يزيد من بعده فكان يضرب بعضهم ببعض حتى يظلوا بحاجة إلى عطفه و عنايته..».

ص: 87

تجميد البيعة:

و جمّد معاوية رسميا البيعة ليزيد إلى أجل آخر حتى يتم له إزالة الحواجز و السدود التي تعترض طريقه،و يقول المؤرخون:إنه بعد ما التقى بعبادلة قريش في يثرب و اطلع على آرائهم المعادية لما ذهب إليه أوقف كل نشاط سياسي في ذلك و أرجأ العمل إلى وقت آخر.

اغتيال الشخصيات الإسلامية:
اشارة

و رأى معاوية أنه لا يمكن بأي حال تحقيق ما يصبو إليه من تقليد ولده الخلافة مع وجود الشخصيات الرفيعة التي تتمتع باحترام بالغ في نفوس المسلمين فعزم على القيام باغتيالهم ليصفو له الجو فلا يبقى أمامه أي مزاحم و قد قام باغتيال الذوات التالية:

-1-سعد بن أبي وقاص

و لسعد المكانة العليا في نفوس الكثيرين من المسلمين فهو أحد أعضاء الشورى و فاتح العراق،و قد ثقل مركزه على معاوية فدس إليه سما فمات منه.

-2-عبد الرحمن بن خالد

و أخلص أهل الشام لعبد الرحمن بن خالد بن الوليد و أحبوه كثيرا و قد شاورهم

ص: 88

معاوية فيمن يعقد له البيعة بعد وفاته،فقالوا له:رضينا بعبد الرحمن بن خالد، فشق ذلك عليه و أسرّها في نفسه،و مرض عبد الرحمن،فأمر معاوية طبيبا يهوديا كان مكينا عنده أن يأتيه للعلاج فيسقيه سقية تقتله،فسقاه الطبيب فمات على أثر ذلك.

-3-عبد الرحمن بن أبي بكر

و كان عبد الرحمن بن أبي بكر من أقوى العناصر المعادية لبيعة معاوية لولده، و قد أنكر عليه ذلك،و بعث إليه معاوية بمائة ألف درهم فردّها عليه،و قال:لا أبيع ديني بدنياي و لم يلبث أن مات فجأة بمكة و تعز المصادر سبب وفاته إلى أن معاوية دس إليه سما فقتله.

-4-الإمام الحسن

و قام معاوية باقتراف أعظم جريمة و إثم في الإسلام،فقد عمد إلى اغتيال سبط النبي صلّى اللّه عليه و اله و ريحانته الإمام الحسن عليه السّلام الذي عاهده بأن يكون الخليفة من بعده...

و لم يتحرج الطاغية من هذه الجريمة في سبيل إنشاء دولة أموية تنتقل بالوراثة إلى أبنائه و أعقابه،و قد وصفه«الميجر أو زبورن»بأنه مخادع و ذا قلب خال من كل شفقة،و أنه كان لا يتهيب من الإقدام على أية جريمة من أجل أن يضمن مركزه فالقتل إحدى وسائله لإزالة خصومه و هو الذي دبر تسميم حفيد الرسول صلّى اللّه عليه و اله كما تخلص من مالك الأشتر قائد علي بنفس الطريقة.

و قد استعرض الطاغية السفاكين ليعهد إليهم القيام باغتيال ريحانة النبي صلّى اللّه عليه و اله

ص: 89

فلم ير أحدا خليقا بارتكاب الجريمة سوى جعيدة بنت الأشعث فإنها من بيت قد جبل على المكر و طبع على الغدر و الخيانة،فأرسل إلى مروان بن الحكم سما فاتكا كان قد جلبه من ملك الروم،و أمره بأن يغري جعيدة بالأموال،و زواج ولده يزيد إذا استجابت له،و فاوضها مروان سرا،ففرحت،فأخذت منه السم،و دسته للإمام و كان صائما في وقت ملتهب من شدة الحر،و لما وصل إلى جوفه تقطعت أمعاؤه، و التفت إلى الخبيثة فقال لها:

«قتلتيني قتلك الله،و الله لا تصيبن مني خلفا،لقد غرّك-يعني معاوية-و سخر منك يخزيك الله،و يخزيه..».

و أخذ حفيد الرسول صلّى اللّه عليه و اله يعاني الآلام الموجعة من شدة السم،و قد ذبلت نضارته و اصفر لونه،حتى وافاه الأجل المحتوم،و قد ذكرنا تفصيل وفاته مع ما رافقها من الأحداث في كتابنا(حياة الإمام الحسن) (1).2.

ص: 90


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:158/2.
إعلان البيعة رسميا ليزيد

و صفا الجو لمعاوية بعد اغتياله لسبط الرسول صلّى اللّه عليه و آله و ريحانته،فقد قضى على من كان يحذر منه،و قد استتبت له الأمور،و خلت الساحة من أقوى المعارضين له، و كتب إلى جميع عماله أن يبادروا دونما أي تأخير إلى أخذ البيعة ليزيد،و يرغموا المسلمين على قبولها،و أسرع الولاة في أخذ البيعة من الناس،و من تخلّف عنها نال أقصى العقوبات الصارمة.

مع المعارضين في يثرب:

و امتنعت يثرب من البيعة ليزيد،و أعلن زعماؤها و على رأسهم الإمام الحسين عليه السّلام رفضهم القاطع للبيعة،و رفعت السلطة المحلية ذلك إلى معاوية فرأى أن يسافر إلى يثرب ليتولى بنفسه إقناع المعارضين،فإن أبوا أجبرهم على ذلك، و اتجه معاوية إلى يثرب في موكب رسمي تحوطه قوة هائلة من الجيش،و لما انتهى إليها استقبله أعضاء المعارضة فجفاهم و هددهم و في اليوم الثاني أرسل إلى الإمام الحسين و إلى عبد الله بن عباس،فلما مثلا عنده قابلهما بالتكريم و الحفاوة، و أخذ يسأل الحسين عليه السّلام عن أبناء أخيه و الإمام يجيبه ثم خطب معاوية فأشاد بالنبي صلّى اللّه عليه و اله و أثنى عليه،و عرض إلى بيعة يزيد و منح ابنه الألقاب الفخمة و النعوت الكريمة و دعاهما إلى بيعته.

ص: 91

خطاب الإمام الحسين عليه السلام

و انبرى أبي الضيم فحمد الله و أثنى عليه ثم قال:

«أما بعد:يا معاوية فلن يؤدي المادح و إن أطنب في صفة الرسول صلّى اللّه عليه و اله من جميع جزءا،و قد فهمت ما لبست به الخلف بعد رسول الله صلّى اللّه عليه و اله من إيجاز الصفة،و التنكب عن استبلاغ النعت،و هيهات هيهات يا معاوية!!فضح الصبح فحمة الدجى،و بهرت الشمس أنوار السرج و لقد فضلت حتى أفرطت،و استأثرت حتى أجحفت،و منعت حتى بخلت،و جرت حتى جاوزت،ما بذلت لذي حق من اسم حقه من نصيب،حتى أخذ الشيطان حظه الأوفر،و نصيبه الأكمل.

و فهمت ما ذكرته عن يزيد من اكتماله،و سياسته لأمة محمد صلّى اللّه عليه و اله تريد أن توهم الناس في يزيد كأنك تصف محجوبا أو تنعت غائبا،أو تخبر عما كان مما احتويته بعلم خاص،و قد دلّك يزيد من نفسه على موقع رأيه،فخذ ليزيد فيما أخذ به من استقرائه الكلاب المهارشة عند التحارش و الحمام السبق لأترابهن،و القيان ذوات المعازف،و ضروب الملاهي تجده ناصرا.

ودع عنك ما تحاول فما أغناك أن تلقى الله بوزر هذا الخلق بأكثر مما أنت لاقيه، فو الله ما برحت تقدح باطلا في جور،و حنقا في ظلم،حتى ملأت الأسقية،و ما بينك و بين الموت إلا غمضة فتقدم على عمل محفوظ في يوم مشهود،و لات حين مناص، و رأيتك عرضت بنا بعد هذا الأمر،و متعتنا عن آبائنا تراثا،و لعمر الله أورثنا الرسول صلّى اللّه عليه و اله ولادة،و جئت لنا بها ما حججتم به القائم عند موت الرسول فأذعن للحجة بذلك ورده الإيمان إلى النصف فركبتم الأعاليل،و فعلتم الأفاعيل و قلتم كان و يكون حتى أتاك الأمر يا معاوية من طريق كان قصدها لغيرك فهناك فاعتبروا يا

ص: 92

أولي الأبصار.

و ذكرت قيادة الرجل القوم بعهد رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و تأميره له،و قد كان ذلك و لعمرو بن العاص يومئذ فضيلة بصحبة الرسول و بيعته له،و ما صار لعمر الله يومئذ مبعثهم حتى أنف القوم إمرته،و كرهوا تقديمه و عدوا عليه أفعاله،فقال صلّى اللّه عليه و اله:

لا جرم يا معشر المهاجرين لا يعمل عليكم بعد اليوم غيري،فكيف تحتج بالمنسوخ من فعل الرسول في أوكد الأحكام،و أولاها بالمجتمع عليه من الصواب؟أم كيف صاحبت بصاحب تابعا،و حولك من لا يؤمن في صحبته،و لا يعتمد في دينه و قرابته،و تتخطاهم إلى مسرف مفتون،تريد أن تلبس الناس شبهة يسعد بهذا الباقي في دنياه و تشقى بها في آخرتك،إن هذا لهو الخسران المبين،و أستغفر الله لي و لكم...».

و فنّد الإمام في خطابه جميع شبهات معاوية و سد عليه جميع الطرق و النوافذ، و حمّله المسؤولية الكبرى فيما أقدم عليه من إرغام المسلمين على البيعة لولده، كما عرض للخلافة و ما منيت به من الإنحراف عما أرادها الله من أن تكون في العترة الطاهرة إلا أن القوم زووها عنهم،و حرفوها عن معدنها الأصيل.

و ذهل معاوية من خطاب الإمام،و ضاقت عليه جميع السبل فقال لابن عباس:

«ما هذا يابن عباس؟».

«لعمر الله إنها لذرية الرسول صلّى اللّه عليه و اله و أحد أصحاب الكساء،و من البيت المطهر قاله عما تريد،فإن لك في الناس مقنعا حتى يحكم الله بأمره و هو خير الحاكمين..».

و نهض أبي الضيم و ترك معاوية يتميز من الغيظ،و قد استبان له أنه لا يتمكن أن يخدع الإمام الحسين و يأخذ البيعة منه.

ص: 93

إرغام المعارضين:

و غادر معاوية يثرب متجها إلى مكة و هو يطيل التفكير في أمر المعارضين فرأى أن يعتمد على وسائل العنف و الإرهاب،و حينما وصل إلى مكة أحضر الإمام الحسين،و عبد الله بن الزبير،و عبد الرحمن بن أبي بكر و عبد الله بن عمر و عرض عليهم مرة أخرى البيعة إلى يزيد فأعلنوا رفضهم لها،فانبرى إليهم مغضبا و قال:

«إني أتقدم إليكم أنه قد أعذر من أنذر إني كنت أخطب فيكم فيقوم إلي القائم منكم فيكذّبني على رؤوس الناس فأحمل ذلك و أصفح،و إني قائم بمقالة فأقسم بالله لئن رد علي أحدكم كلمة في مقامي هذا لا ترجع إليه كلمة غيرها حتى يسبقها السيف إلى رأسه،فلا يسبقني رجل إلا على نفسه..».

و دعا صاحب حرسه بحضرتهم فقال له:أقم على رأس كل رجل من هؤلاء رجلين،و مع كل واحد سيف فإن ذهب رجل منهم يرد عليّ كلمة بتصديق أو تكذيب فليضرباه بسيفيهما،ثم خرج و خرجوا معه فرقى المنبر فحمد الله و أثنى عليه ثم قال:

«إن هؤلاء الرهط سادة المسلمين و خيارهم لا يبتز أمر دونهم،و لا يقضى إلا عن مشورتهم،و إنهم رضوا و بايعوا ليزيد،فبايعوا على اسم الله..».

فبايعه الناس،ثم ركب رواحله،و غادر مكة و قد حسب معاوية أن الأمر قد تم لولده،و استقر الملك في بيته،و لم يعلم أنه قد جر الدمار على دولته،و أعد المجتمع للثورة على حكومة ولده.

موقف الإمام الحسين:

كان موقف الإمام الحسين مع معاوية يتسم بالشدة و الصرامة،فقد أخذ يدعو

ص: 94

المسلمين بشكل سافر إلى مناهضة معاوية،و يحذّرهم من سياسته الهدامة الحاملة لشارات الدمار إلى الإسلام.

وفود الأقطار الإسلامية:

و أخذت الوفود تترى على الإمام من جميع الأقطار الإسلامية و هي تعج بالشكوى إليه و تستغيث به مما ألم بها من الظلم و الجور،و تطلب منه القيام بإنقاذها من الاضطهاد،و نقلت الإستخبارات في يثرب إلى السلطة المحلية تجمع الناس و اختلافهم على الإمام الحسين،و كان الوالي مروان ففزع من ذلك و خاف إلى حد بعيد.

مذكرة مروان لمعاوية:

و رفع مروان مذكرة لمعاوية سجّل فيها تخوفه من تحرك الإمام،و اختلاف الناس عليه،و هذا نصها:

«أما بعد فقد كثر اختلاف الناس إلى الحسين،و الله إني لأرى لكم منه يوما عصيبا».

جواب معاوية:

و أمره معاوية بعدم القيام بأي حركة مضادة للإمام فقد كتب إليه:

«أترك حسينا ما تركك،و لم يظهر لك عداوته،و يبدي صفحته،و اكمن عنه

ص: 95

كمون الثرى إن شاء الله و السلام..».

لقد خاف معاوية من تطور الأحداث،فعهد إلى مروان بعدم التعرض له بأي أذى أو مكروه.

رأي مروان في إبعاد الإمام:

و اقترح مروان على معاوية إبعاد الإمام عن يثرب و فرض الإقامة الجبرية عليه في الشام،ليقطعه عن الاتصال بأهل العراق،و لم يرتض معاوية ذلك فرد عليه:

«أردت و الله أن تستريح منه و تبتليني به،فإن صبرت عليه صبرت على ما أكره و إن أسأت إليه قطعت رحمه..».

رسالة معاوية للحسين:

و اضطرب معاوية من تحرك الإمام و اختلاف الناس عليه فكتب إليه رسالة،و قد رويت بصورتين:

-1-رواها البلاذري و هذا نصها:«أما بعد:فقد أنهيت إلي عنك أمور إن كانت حقا فإني لم أظنها بك رغبة عنها،و إن كانت باطلة فأنت أسعد الناس بمجانبتها،و بحظ نفسك تبدأ،و بعهد الله توفي فلا تحملني على قطيعتك و الإساءة إليك،فإنك متى تنكرني أنكرك،و متى تكدني أكدك فاتق الله يا حسين في شق عصا الأمة،و أن تردهم في فتنة..».

-2-رواها ابن كثير و هذا نصها:«إن من أعطى الله صفقة يمينه و عهده لجدير بالوفاء،و قد أنبئت أن قوما من أهل الكوفة قد دعوك إلى الشقاق،و أهل العراق من

ص: 96

قد جربت،قد أفسدوا على أبيك و أخيك،فاتق الله،و اذكر الميثاق فإنك متى تكدني أكدك».

و احتوت هذه الرسالة حسب النص الأخير على ما يلي:

-1-إن معاوية قد طالب الإمام بتنفيذ ما شرطه عليه في بنود الصلح أن لا يخرج عليه،و قد وفى له الإمام بذلك إلا أن معاوية لم يف بشيء مما أبرمه على نفسه من شروط الصلح.

-2-إن معاوية كان على علم بوفود أهل الكوفة التي دعت الإمام للخروج عليه و قد وسمهم بأنهم أهل الشقاق و أنهم قد غدروا بعلي و الحسن من قبل.

-3-التهديد السافر للإمام بأنه متى كاد معاوية فإنه يكيده.

جواب الإمام:

و رفع الإمام إلى معاوية مذكرة خطيرة كانت جوابا لرسالته حمّله مسؤوليات جميع ما وقع في البلاد من سفك الدماء،و فقدان الأمن،و تعريض الأمة للأزمات، و هي من أروع الوثائق الرسمية التي حفلت بذكر الأحداث التي صدرت من معاوية و هذا نصها:

«أما بعد:فقد بلغني كتابك تذكر فيه أنه انتهت إليك عني أمور أنت عنها راغب و أنا بغيرها عندك جدير،و إن الحسنات لا يهدي لها و لا يسدد إليها إلا الله تعالى.

أما ما ذكرت أنه رقي إليك عني،فإنه إنما رقاه إليك الملاقون المشاؤون بالنميمة،المفرقون بين الجمع،و كذب الغاوون،ما أردت لك حربا،و لا عليك خلافا، و إني لأخشى الله في ترك ذلك منك،و من الإعذار فيه إليك و إلى أوليائك القاسطين حزب الظلمة.

ص: 97

ألست القاتل حجر بن عدي أخا كندة و أصحابه المصلين العابدين الذين كانوا ينكرون الظلم،و يستعظمون البدع،و يأمرون بالمعروف،و ينهون عن المنكر،و لا يخافون في الله لومة لائم،ثم قتلتهم ظلما و عدوانا،من بعد ما أعطيتهم الأيمان المغلظة و المواثيق المؤكدة،جراءة على الله و استخفافا بعهده.

أو لست قاتل عمرو بن الحمق الخزاعي صاحب رسول الله صلّى اللّه عليه و اله العبد الصالح الذي أبلته العبادة فنحل جسمه و اصفر لونه،فقتلته بعد ما أمّنته و أعطيته ما لو فهمته العصم لنزلت من رؤوس الجبال.

أو لست بمدّعي زياد بن سمية المولود على فراش عبيد ثقيف،فزعمت أنه ابن أبيك،و قد قال رسول الله صلّى اللّه عليه و اله:الولد للفراش و للعاهر الحجر فتركت سنّة رسول الله صلّى اللّه عليه و اله تعمدا و تبعث هواك بغير هدى من الله ثم سلّطته على أهل الإسلام يقتلهم و يقطع أيديهم و أرجلهم،و يسمل أعينهم،و يصلبهم على جذوع النخل،كأنك لست من هذه الأمة و ليسوا منك.

أو لست قاتل الحضرمي الذي كتب فيه إليك زياد أنه على دين علي كرم الله وجهه فكتبت إليه أن اقتل كل من كان على دين علي،فقتلهم،و مثّل بهم بأمرك، و دين علي هو دين ابن عمه صلّى اللّه عليه و اله الذى أجلسك مجلسك الذي أنت فيه،و لو لا ذلك لكان شرفك و شرف آبائك تجشم الرحلتين رحلة الشتاء و الصيف.

و قلت فيما قلت أنظر لنفسك و دينك و لأمة محمد صلّى اللّه عليه و اله و اتق شق عصا هذه الأمة، و أن تردهم إلى فتنة،و إني لا أعلم فتنة أعظم على هذه الأمة من ولايتك عليها،و لا أعظم لنفسي ولديني و لأمة محمد صلّى اللّه عليه و اله أفضل من أن أجاهرك،فإن فعلت فإنه قربة إلى الله،و إن تركته فإني أستغفر الله لديني،و أسأله توفيقه لإرشاد أمري.

و قلت فيما قلت إني إن أنكرتك تنكرني،و إن أكدك تكدني فكدني ما بدالك.فإني أرجو أن لا يضرني كيدك،و أن لا يكون على أحد أضر منه على نفسك،لأنك قد

ص: 98

ركبت جهلك و تحرّصت على نقض عهدك.

و لعمري ما وفيت بشرط،و لقد نقضت عهدك بقتل هؤلاء النفر الذين قتلتهم بعد الصلح و الأيمان و العهود و المواثيق فقتلتهم من غير أن يكونوا قاتلوا و قتلوا،و لم تفعل ذلك بهم إلا لذكرهم فضلنا و تعظيمهم حقنا،مخافة أمر لعلك لو لم تقتلهم مت قبل أن يفعلوا،أو ماتوا قبل أن يدركوا.

فأبشر يا معاوية بالقصاص،و استيقن بالحساب،و اعلم أن لله تعالى كتابا لا يغادر صغيرة و لا كبيرة إلا أحصاها،و ليس الله بناس لأخذك بالظنة و قتلك أولياءه على التهم،و نفيك إياهم من دورهم إلى دار الغربة و أخذك الناس ببيعة ابنك الغلام الحدث يشرب الشراب،و يلعب بالكلاب ما أراك إلا قد خسرت نفسك،و تبرّت دينك و غششت رعيتك و سمعت مقالة السفيه الجاهل و أخفت الورع التقي و السلام».

لا أكاد أعرف وثيقة سياسية في ذلك العهد عرضت لعبث السلطة و سجّلت الجرائم التي ارتكبها معاوية،و الدماء التي سفكها،و النفوس التي أرعبها غير هذه الوثيقة،و هي صرخة في وجه الظلم و الإستبداد و لله كم هي هذه الكلمة رقيقة شاعرة(كأنك لست من هذه الأمة و ليسوا منك)هذه الكلمة المشبعة بالشعور القومي الشريف و قديما قال الصابيء:«إن الرجل من قوم ليست له أعصاب تقسو عليهم،و هو اتهام من الحسين لمعاوية في وطنيته و قوميته،و اتخذ من الدماء الغزيرة المسفوكة عنوانا على ذلك».

لقد حفلت هذه المذكرة بالأحداث الخطيرة التي اقترفها معاوية و عماله خصوصا زياد ابن سمية الذي نشر الإرهاب و الظلم بين الناس فقتل على الظنة و التهمة،و أعدم كل من كان على دين الإمام أمير المؤمنين الذي هو دين ابن عمه رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و قد أسرف هذا الطاغية في سفك الدماء بغير حق،و من الطبيعي أنه لم يقترف ذلك إلا بإيعاز من معاوية فهو الذي عهد إليه بذلك.

ص: 99

صدى الرسالة:

و لما انتهت رسالة الإمام إلى معاوية ضاق بها ذرعا،و راح يراوغ على عادته و يقول:«إن أثرنا بأبي عبد الله إلا أسدا».

المؤتمر السياسي العام:

و عقد الإمام في مكة مؤتمرا سياسيا عاما دعا فيه جمهورا غفيرا ممن شهد موسم الحج من المهاجرين و الأنصار و التابعين و غيرهم من سائر المسلمين فانبرى عليه السّلام خطيبا فيهم،و تحدث ببليغ بيانه بما ألم بعترة النبي صلّى اللّه عليه و اله و شيعتهم من المحن و الخطوب التي صبها عليهم معاوية و ما اتخذه من الإجراءات المشددة من إخفاء فضائلهم،و ستر ما أثر عن الرسول الأعظم في حقهم و ألزم حضار مؤتمره بإذاعة ذلك بين المسلمين،و فيما يلي نص حديثه فيما رواه سليم بن قيس قال:

«و لما كان قبل موت معاوية بسنة حج الحسين بن علي،و عبد الله بن عباس، و عبد الله بن جعفر،فجمع الحسين بني هاشم و نساءهم و مواليهم،و من حج من الأنصار ممن يعرفهم الحسين و أهل بيته،ثم أرسل رسلا،و قال لهم:لا تدعوا أحدا حج العام من أصحاب رسول الله صلّى اللّه عليه و اله المعروفين بالصلاح و النسك الا اجمعوهم لي،فاجتمع إليه بمنى أكثر من سبعمائة رجل و هم في سرادق،عامتهم من التابعين،و نحو من مائتي رجل من أصحاب النبي صلّى اللّه عليه و اله فقام فيهم خطيبا فحمد الله و أثنى عليه،ثم قال:أما بعد فإن هذا الطاغية-يعني معاوية-قد فعل بنا و بشيعتنا ما قد رأيتم،و علمتم و شهدتم،و إني أريد أن أسألكم عن شيء فإن صدقت فصدقوني،

ص: 100

و إن كذبت فكذبوني،إسمعوا مقالتي،و اكتبوا قولي،ثم ارجعوا إلى أمصاركم و قبائلكم،فمن أمنتم من الناس،و وثقتم به فادعوهم إلى ما تعلمون من حقنا،فإني أتخوف أن يدرس هذا الأمر و يغلب،و الله متم نوره و لو كره الكافرون.

و ما ترك شيئا مما أنزله الله فيهم من القرآن إلا تلاه و فسّره و لا شيئا مما قاله رسول الله صلّى اللّه عليه و اله في أبيه و أخيه و في نفسه و أهل بيته إلا رواه.

و كل ذلك يقول أصحابه:اللّهم نعم،قد سمعنا و شهدنا،و يقول التابعي:اللّهم قد حدثني به من أصدقه و أئتمنه من الصحابة فقال عليه السّلام:

«أنشدكم الله إلا حدّثتم به من تثقون به و بدينه..».

و كان هذا المؤتمر أول مؤتمر إسلامي عرفه المسلمون في ذلك الوقت و قد شجب فيه الإمام سياسة معاوية و دعا المسلمين لإشاعة فضائل أهل البيت عليهم السّلام، و إذاعة مآثرهم التي حاولت السلطة حجبها عن المسلمين.

رسالة جعدة للإمام:

و كان جعدة بن هبيرة بن أبي وهب من أخلص الناس للإمام الحسين عليه السّلام، و أكثرهم مودة له و قد اجتمعت عنده الشيعة،و أخذوا يلحون عليه في مراسلة الإمام للقدوم إلى مصرهم ليعلن الثورة على حكومة معاوية،و رفع جعدة رسالة للإمام و هذا نصها:

«أما بعد:فإن من قبلنا من شيعتك متطلعة أنفسهم إليك،لا يعدلون بك أحدا،و قد كانوا عرفوا رأي الحسن أخيك في الحرب.و عرفوك باللين لأوليائك و الغلظة على أعدائك،و الشدة في أمر الله،فإن كنت تحب أن تطلب هذا الأمر فأقدم علينا فقد وطنّا أنفسنا على الموت معك.».

ص: 101

جواب الإمام:

و لم يكن من رأي الإمام الحسين الخروج على معاوية،و ذلك لعلمه بفشل الثورة و عدم نجاحها،فإن معاوية بما يملك من وسائل دبلوماسية و عسكرية لا بد أن يقضي عليها،و يخرجها من إطارها الإسلامي إلى حركة غير شرعية و يوسم القائمين بها بالتمرد و الخروج على النظام،و قد أجابهم عليه السّلام بعد البسملة و الثناء على الله بما يلي:

«أما أخي فإني أرجو أن يكون الله قد وفّقه و سدّده،و أما أنا فليس رأيي اليوم ذاك،فالصقوا رحمكم الله بالأرض،و اكمنوا في البيوت و احترسوا من الظنة ما دام معاوية حيا،فإن يحدث الله به حدثا و أنا حي كتبت إليكم برأيي و السلام..».

لقد أمر عليه السّلام شيعته بالخلود إلى الصبر و الإمساك عن المعارضة،و أن يلزموا بيوتهم خوفا عليهم من سلطان معاوية الذي كان يأخذ البرىء بالسقيم و المقبل بالمدبر و يقتل على الظنة و التهمة،و أكبر الظن أن هذه الرسالة كانت في عهد زياد الذي سمل عيون الشيعة،و صلبهم على جذوع النخل و دمّرهم تدميرا ساحقا.

نصيحة الخدري للإمام:

و شاعت في الأوساط الإجتماعية أنباء وفود أهل الكوفة على الإمام الحسين عليه السّلام و استنجادهم به لإنقاذهم من ظلم معاوية و جوره،و لما علم أبو سعيد الخدري بذلك خفّ مسرعا للإمام ينصحه و يحذره،و هذا نص حديثه:«يا أبا عبد الله إني أنا ناصح،و إني عليكم مشفق،و قد بلغني أنه قد كاتبك قوم من شيعتكم

ص: 102

بالكوفة،يدعونكم إلى الخروج إليهم،فلا تخرج إليهم،فإني سمعت أباك يقول بالكوفة،و الله لقد مللتهم،و أبغضتهم و ملّوني و أبغضوني،و ما يكون منهم وفاء قط،و من فاز بهم فاز بالسهم الأخيب،و الله ما لهم ثبات و لا عزم على أمر،و لا صبر على السيف».

و ليس من شك في أن أبا سعيد الخدري كان من ألمع أصحاب الإمام أمير المؤمنين و أكثرهم إخلاصا و ولاء لأهل البيت،و قد دفعه حرصه على الإمام الحسين،و خوفه عليه من معاوية أن يقوم بالنصيحة له في عدم خروجه على معاوية،و لم تذكر المصادر التي بأيدينا جواب الإمام الحسين له.

استيلاء الحسين على أموال للدولة:

و كان معاوية ينفق أكثر أموال الدولة على تدعيم ملكه،كما كان يهب الأموال الطائلة لبني أمية لتقوية مركزهم السياسي و الإجتماعي،و كان الإمام الحسين يشجب هذه السياسة،و يرى ضرورة إنقاذ الأموال من اليمن إلى خزينة دمشق، فعمد الإمام إلى الإستيلاء عليها،و وزّعها على المحتاجين من بني هاشم و غيرهم و كتب إلى معاوية:

«من الحسين بن علي إلى معاوية بن أبي سفيان أما بعد:فإن عيرا مرت بنا من اليمن تحمل مالا و حللا و عنبرا و طيبا إليك،لتودعها خزائن دمشق،و تعل بها بعد النهل بني أبيك،و إني احتجت إليها فأخذتها و السلام..».

و أجابه معاوية:

«من عبد الله معاوية إلى الحسين بن علي،أما بعد:فإن كتابك ورد علي تذكر أن

ص: 103

عيرا مرت بك من اليمن تحمل مالا،و حللا و عنبرا و طيبا إلي لأودعها خزائن دمشق، و أعل بها بعد النهل بني أبي،و أنك احتجت إليها فأخذتها،و لم تكن جديرا بأخذها إذ نسبتها إلي لأن الوالي أحق بالمال،ثم عليه المخرج منه،و أيم الله لو تركت ذلك حتى صار إلي لم أبخسك حظك منه و لكنني قد ظننت يابن أخي أن في رأسك نزوة، و بودي أن يكون ذلك في زماني فأعرف لك قدرك،و أتجاوز عن ذلك و لكنني و الله أتخوف أن تبلى بمن لا ينظرك فواق ناقة».

و كتب في أسفل كتابه هذه الأبيات:

يا حسين بن علي ليس ما جئت بالسائغ يوما و العلل

أخذك المال و لم تؤمر به إن هذا من حسين لعجل

قد أجزناها و لم نغضب لها و احتملنا من حسين ما فعل

يا حسين بن علي ذا الأمل لك بعدي وثبة لا تحتمل

و بودي إنني شاهدها فإليها منك بالخلق الأجل

إنني أرهب أن تصل بمن عنده قد سبق السيف العذل

و في هذا الكتاب تهديد للإمام بمن يخلف معاوية و هو ابنه يزيد الذي لا يؤمن بمقام الحسين و مكانته من رسول الله صلّى اللّه عليه و اله.

و على أي حال فقد قام الإمام بإنقاذ هذه الأموال من معاوية و أنفقها على الفقراء في حين أنه لم يكن يأخذ لنفسه أي صلة من معاوية،و قد قدّم له مالا كثيرا و ثيابا وافرة و كسوة فاخرة فرد الجميع عليه،و قد روى الإمام موسى بن جعفر عليه السّلام أن الحسن و الحسين كانا لا يقبلان جوائز معاوية.

حديث موضوع:

من الأخبار الموضوعة ما روي أن الإمام الحسين وفد مع أخيه الحسن على

ص: 104

معاوية فأمر لهما بمائة ألف درهم و قال لهما:

«خذاها و أنا ابن هند،ما أعطاها أحد قبلي،و لا يعطيها أحد بعدي..».

فانبرى إليه الإمام الحسين قائلا:

«و الله ما أعطى أحد قبلك و لا بعدك لرجلين أشرف منا..».

و لا مجال للقول بصحة هذه الرواية فإن الإمام الحسين عليه السّلام لم يفد على معاوية بالشام،و إنما وفد عليه الإمام الحسن عليه السّلام لا لأجل الصلة و العطاء كما يذهب لذلك بعض السذج من المؤرخين،و إنما كان الغرض إبراز الواقع الأموي،و التدليل على مساوىء معاوية،كما أثبتت ذلك مناظراته مع معاوية و بطانته،و التي لم يقصد فيها إلا تلك الغاية،و قد أوضحنا ذلك بصورة مفصلة في كتابنا(حياة الإمام الحسن).

الحسين مع بني أمية:

كانت العداوة بين الحسين و بين بني أمية ذاتية فهي عداوة الضد للضد،و قد سأل سعيد الهمداني الإمام الحسين عن بني أمية فقال عليه السّلام«إنا و هم الخصمان اللذان اختصما في ربهم..».

أجل إنهم خصمان في أهدفاهما،و خصمان في اتجاههما،فالحسين عليه السّلام كان يمثل جوهر الإيمان بالله،و يمثل القيم الكريمة التي يشرف بها الإنسان و بنو أمية كانوا يمثلون مساوىء الجاهلية التي تهبط بالإنسان إلى مستوى سحيق و كان الأمويون بحسب طباعهم الشريرة،يحقدون على الإمام الحسين و يبالغون في توهينه،و قد جرت منازعة بين الحسين و بين الوليد بن عتبة بن أبي سفيان في مال كان بينهما فتحامل الوليد على الحسين في حقه،فثار الإمام في وجهه و قال:

ص: 105

«أحلف بالله لتنصفني من حقي أو لآخذن سيفي،ثم لأقومن في مسجد رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و أدعون بحلف الفضول..».

لقد أراد أن يحيي حلف الفضول الذي أسسه الهاشميون و الذي كان شعاره إنصاف المظلومين و الأخذ بحقوقهم،و قد حاربه الأمويون في جاهليتهم لأنه يتنافى مع طباعهم و مصالحهم.

و انبرى عبد الله بن الزبير فانضم للحسين و انتصر له و قال:

«و أنا أحلف بالله لئن دعا به لآخذن سيفي ثم لأقومن معه حتى ينتصف من حقه أو نموت جميعا..».

و بلغ المسور بن مخرمة بن نوفل الزهري الحديث فانضم للحسين،و قال بمثل مقالته و شعر الوليد بالوهن و الضعف،فتراجع عن غيه،و أنصف الحسين عليه السّلام من حقه.

و من ألوان الحقد الأموي على الحسين أنه كان جالسا في مسجد النبي صلّى اللّه عليه و اله فسمع رجلا يحدث أصحابه،و يرفع صوته ليسمع الحسين و هو يقول:

«إنا شاركنا آل أبي طالب في النبوة حتى نلنا منها مثل ما نالوا منها من السبب و النسب و نلنا من الخلافة ما لم ينالوا فبم يفخرون علينا؟».

و كرر هذا القول ثلاثا،فأقبل عليه الحسين فقال له:إني كففت عن جوابك في قولك الأول حلما،و في الثاني عفوا،و أما في الثالث فإني مجيبك أني سمعت أبي يقول:إن في الوحي الذي أنزله الله على محمد صلّى اللّه عليه و اله إذا قامت القيامة الكبرى حشر الله بني أمية في صور الذر يطأهم الناس حتي يفرغ من الحساب ثم يؤتى بهم فيحاسبوا،و يصار بهم إلى النار و لم يطق الأموي جوابا و انصرف و هو يتميز من الغيظ..و بهذا ينتهي بنا الحديث عن موقف الإمام مع معاوية و بني أمية،و نعرض فيما يلي إلى وفاة معاوية و ما رافقها من الأحداث.

ص: 106

مرض معاوية:

و مرض معاوية و تدهورت صحته،و لم تجد معه الوصفات الطبية،فقد تناهبت جسمه الأمراض،و قد شعر بدنو أجله،و كان في حزن على ما اقترفه في قتله لحجر ابن عدي فكان ينظر إليه شبحا مخيفا،و كان يقول:و يلي منك يا حجر!إن لي مع ابن عدي ليوما طويلا و تحدث الناس عن مرضه،فقالوا إنه الموت،فأمر أهله أن يحشوا عينيه أثمدا،و يسبغوا على رأسه الطيب،و يجلسوه ثم أذن للناس فدخلوا و سلّموا عليه قياما فلما خرجوا من عنده أنشد قائلا:

و تجلّدي للشامتين أريهم أني لريب الدهر لا أتضعضع

فسمعه رجل من العلويين فأجابه:

و إذا المنية أنشبت أظفارها ألفيت كل تميمة لا تنفع

وصاياه:

و لما ثقل حال معاوية عهد بوصيته إلى يزيد،و قد جاء فيها:«يا بني إني قد كفيتك الشر و الترحال،و وطأت لك الأمور،و ذللت لك الأعداء و أخضعت لك رقاب العرب و جمعت لك ما لم يجمعه أحد فانظر أهل الحجاز فإنهم أصلك،و أكرم من قدم عليك منهم،و تعاهد من غاب،و انظر أهل العراق فإن سألوك أن تعزل كل يوم عاملا فافعل فإن عزل عامل أيسر من أن يشهر عليك مائة ألف سيف،و انظر أهل الشام فليكونوا بطانتك و عيبتك،فإن رابك من عدوك شيء فانتصر بهم فإذا أصبتهم فاردد أهل الشام إلى بلادهم فإن أقاموا بغير بلادهم تغيّرت أخلاقهم..و إني لست أخاف عليك أن ينازعك في هذا الأمر إلا أربعة نفر من قريش الحسين بن علي،و عبد

ص: 107

الله بن عمر،و عبد الله بن الزبير و عبد الرحمن بن أبي بكر،فأما ابن عمر فإنه رجل قد وقذته العبادة،فإذا لم يبق أحد غيره بايعك و أما الحسين بن علي فهو رجل خفيف،و لن يتركه أهل العراق حتى يخرجوه،فإن خرج و ظفرت به فاصفح عنه فإن له رحما ماسة و حقا عظيما و قرابة من محمد،و أما ابن أبي بكر فإن رأى أصحابه صنعوا شيئا صنع مثله ليس له همة إلا في النساء و اللهو،و أما الذي يجثم لك جثوم الأسد،و يراوغك مراوغة الثعلب فإن أمكنته فرصة و ثب فذاك ابن الزبير فإن هو فعلها بك فظفرت به فقطّعه إربا إربا و احقن دماء قومك ما استطعت..».

و أكبر الظن أن هذه الوصية من الموضوعات فقد افتعلت لإثبات حلم معاوية و أنه عهد إلى ولده بالإحسان الشامل إلى المسلمين و هو غير مسؤول عن تصرفاته..و مما يؤيد وضعها ما يلي:

-1-إن المؤرخين رووا أن معاوية أوصى يزيد بغير ذلك فقال له:إن لك من أهل المدينة يوما فإن فعلوها فارمهم بمسلم بن عقبة فإنه رجل قد عرفنا نصيحته و كان مسلم بن عقبة جزارا جلادا لا يعرف الرحمة و الرأفة،و قد استعمله يزيد بعهد من أبيه في واقعة الحرة فاقترف كل موبقة و إثم،فكيف تلتقي هذه الوصية بتلك الوصية التي عهد فيها بالإحسان إلى أهل الحجاز.

-2-إنه أوصاه برعاية عواطف العراقيين،و الإستجابة لهم إذا سألوه في كل يوم عزل من ولاّه عليهم،و هذا يتنافى مع ما ذكره المؤرخون إنه عهد بولاية العراق إلى عبيد الله بن زياد،و هو يعلم شدته و صرامته و غدره،فهو ابن زياد الذي أغرق العراق بدماء الأبرياء فهل العهد إليه بولاية العراق من الإحسان إلى العراقيين و البر بهم؟!!

-3-إنه جاء في هذه الوصية أنه يتخوف عليه من عبد الله بن عمر و قد وصفه بأنه قد وقذته العبادة،و إذا كان كذلك فهو بطبيعة الحال منصرف عن السلطة

ص: 108

و المنازعات السياسية فما معنى التخوف منه؟!!

-4-إنه جاء في هذه الوصية أنه يتخوف عليه من عبد الرحمن بن أبي بكر،و قد نص المؤرخون أنه توفي في حياة معاوية،فما معنى التخوف عليه من إنسان ميت؟!

-5-إنه أوصاه برعاية الحسين عليه السّلام و إن له رحما ماسة و حقا عظيما و قرابة من رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و من المؤكد أن معاوية بالذات لم يرع أي جانب من جوانب القرابة من رسول الله،فقد قطع جميع أواصرها فقد فرض سبّها على رؤوس الإشهاد، و عهد إلى لجان التربية و التعليم بتربية النشء ببغض أهل البيت،و لم يتردد في ارتكاب أي وسيلة للحط من شأنهم،و قد علّق الأستاذ عبد الهادي المختار على هذه الفقرات من الوصية بقوله:

«و تقول بعض المصادر أن معاوية أوصى ولده يزيد برعاية الحسين و الذي نعتقده أنه لا أثر لها من الصحة،فإن معاوية لم يتردد في اغتيال الإمام الحسن حتى بعد ما بايعه،فكيف يوصي ولده بالعفو عن الحسين إن ظفر به.

لم يكن معاوية بالذي يرعى لرسول الله صلّى اللّه عليه و اله حرمة أو قرابة حتى يوصي ابنه برعاية آل محمد،كلا أبدا فقد حارب الرسول في الجاهلية حتى أسلم كرها يوم فتح مكة،ثم حارب صهر الرسول و خليفته و ابن عمه عليا،و نزا على خلافة المسلمين، و انتزعها قهرا،و سم ابن بنت الرسول الحسن،فهل يصدق بعد هذا كله أن يوصي بمثل ما أوصى به.

قد يكون أوصاه أن يغتاله سرا و يدس له السم،أو يبعث له من يطعنه بليل،ربما كان هذا الفرض أقرب إلى الصحة من تلك الوصية-و لكن المؤرخين سامحهم الله أرادوا أن يبرئوا ساحة الأب،و يلقوا جميع التبعات على الابن و هما في الحقيقة غرس إثم واحد و ثمرة جريمة واحدة و أضاف يقول:

ص: 109

و لو أن الوصية المزعومة كانت صحيحة لما كان يزيد لا هم له بعد موت أبيه إلا تحصيل البيعة من الحسين و تشديده على عامله بالمدينة بلزوم إجبار الحسين على البيعة.».

موت معاوية

و استقبل معاوية الموت غير مطمئن فكان يتوجع و يظهر الجزع على ما اقترفه من الإسراف في سفك دماء المسلمين و نهب أموالهم،و قد وافاه الأجل في دمشق محروما عن رؤية ولده الذي اغتصب له الخلافة و حمله على رقاب المسلمين،و كان يزيد فيما يقول المؤرخون مشغولا عن أبيه-في أثناء وفاته-برحلات الصيد و عربدات السكر،و نغمة العيدان.

و بهذا ينتهي بنا الحديث عن حكومة معاوية،و ما رافقها من الأحداث الجسام (1).

ص: 110


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:173/2.

حكومة يزيد

اشارة

و تسلّم يزيد بعد هلاك أبيه قيادة الدولة الإسلامية،و هو في غضارة العمر،لم تهذبه الأيام و لم تصقله التجارب،و إنما كان-فيما أجمع عليه المؤرخون-موفور الرغبة في اللهو و القنص و الخمر و النساء و كلاب الصيد و ممعنا كل الإمعان في اقتراف المنكر و الفحشاء،و لم يكن حين هلاك أبيه في دمشق،و إنما كان في رحلات الصيد في حوارين الثنية فأرسل إليه الضحاك بن قيس رسالة يعزّيه فيها بوفاة معاوية،و يهنئه بالخلافة،و يطلب منه الإسراع إلى دمشق ليتولّى أزمّة الحكم، و حينما قرأ الرسالة اتجه فورا نحو عاصمته في ركب من أخواله،و كان ضخما كثير الشعر،و قد شعث في الطريق و ليس عليه عمامة،و لا متقلدا بسيف،فأقبل الناس يسلّمون عليه،و يعزّونه،و قد عابوا عليه ما هو فيه،و راحوا يقولون:

«هذا الأعرابي الذي ولاّه معاوية أمر الناس،و الله سائله عنه»

و اتجه نحو قبر أبيه فجلس عنده و هو باك العين،و انشأ يقول:

جاء البريد بقرطاس يخب به فأوجس القلب من قرطاسه فزعا

قلنا لك الويل ماذا في كتابكم قال الخليفة أمسى مدنفا و جعا

ثم سار متجها نحو القبة الخضراء في موكب رسمي تحف به علوج أهل الشام و أخواله و سائر بني أمية.

ص: 111

خطاب العرش

و اتجه يزيد نحو منصة الخطابة ليعلن للناس سياسته،و مخططات حكومته، فلما استوى عليها ارتج عليه،و لم يطق الكلام،فقام إليه الضحاك بن قيس،فصاح به يزيد ما جاء بك؟قال له الضحاك:كلم الناس و خذ عليهم،فأمره بالجلوس،و انبرى خطيبا فقال:

«الحمد لله الذي ما شاء صنع،و من شاء منع،و من شاء خفض و من شاء رفع،إن أمير المؤمنين-يعني معاوية-كان حبلا من حبال الله مدّه،ما شاء أن يمدّه،ثم قطعه حين أراد أن يقطعه،و كان دون من قبله،و خيرا مما يأتي بعده،و لا أزكّيه عند ربه و قد صار إليه،فإن يعف عنه فبرحمته و إن يعاقبه فبذنبه؛و قد ولّيت بعده الأمر و لست أعتذر من جهل،و لا آتي على طلب علم،و على رسلكم إذا كره الله شيئا غيّره و إذا أحب شيئا يسرّه..».

و لم يعرض يزيد في هذا الخطاب لسياسة دولته،و لم يدل بأي شي مما تحتاج إليه الأمة في مجالاتها الإقتصادية و الإجتماعية،و من المقطوع به أن ذلك مما لم يفكر به،و إنما عرض لطيشه و جبروته و استهانته بالأمة فهو لا يعتذر إليها من أي جهل يرتكبه،و لا من سيئة يقترفها،و إنما على الأمة الإذعان و الرضى لظلمه و بطشه.

خطابه في أهل الشام

و خطب في أهل الشام خطابا أعلن فيه عن عزمه و تصميمه على الخوض في حرب مدمرة مع أهل العراق،و هذا نصه:

ص: 112

«يا أهل الشام فإن الخير لم يزل فيكم،و سيكون بيني و بين أهل العراق حرب شديد،و قد رأيت في منامي كأن نهرا يجري بيني و بينهم دما عبيطا،و جعلت أجهد في منامي أن أجوز ذلك النهر فلم أقدر على ذلك حتى جاءني عبيد الله بن زياد فجازه بين يدي،و أنا أنظر إليه».

و انبرى أهل الشام فأعلنوا تأييدهم و دعمهم الكامل له قائلين:

«يا أمير المؤمنين امض بنا حيث شئت و اقدم بنا على من أحببت فنحن بين يديك،و سيوفنا تعرفها أهل العراق في يوم صفين».

فشكرهم يزيد و أثنى على إخلاصهم و ولائهم له و قد بات من المقطوع به عند أوساط الشام أن يزيد سيعلن الحرب على أهل العراق لكراهتهم لبيعته،و تجاوبهم مع الإمام الحسين.

مع المعارضة في يثرب:

و لم يرق ليزيد أن يرى جبهة معارضة،لا تخضع لسلطانه،و لا تدين بالولاء لحكومته و قد عزم على التنكيل بها بغير هوادة،فقد استتبت له الأمور و خضعت له الرقاب،و صارت أجهزة الدولة كلها بيده فما الذي يمنعه من إرغام أعدائه و مناوئيه.

و أهم ما كان يفكر به من المعارضين الإمام الحسين عليه السّلام لأنه يتمتع بنفوذ واسع النطاق،و مكانة مرموقة بين المسلمين فهو حفيد صاحب الرسالة و سيد شباب أهل الجنة،أما ابن الزبير فلم تكن له تلك الأهمية البالغة في نفسه.

ص: 113

الأوامر المشددة إلى الوليد:

و أصدر يزيد أوامره المشددة إلى عامله على يثرب الوليد بن عتبة بإرغام المعارضين له على البيعة،و قد كتب إليه رسالتين:

الأولى و قد رويت بصورتين و هما:

-1-رواها الخوارزمي و هذا نصها:«أما بعد فإن معاوية كان عبدا من عباد الله أكرمه،و استخلصه،و مكّن له ثم قبضه إلى روحه و ريحانه و رحمته،عاش بقدر و مات بأجل،و قد كان عهد إلي و أوصاني بالحذر من آل أبي تراب لجرأتهم على سفك الدماء،و قد علمت يا وليد أن الله تبارك و تعالى منتقم للمظلوم عثمان بآل أبي سفيان لأنهم أنصار الحق و طلاب العدل فإذا ورد عليك كتابي هذا فخذ البيعة على أهل المدينة».

و قد احتوت هذه الرسالة على ما يلي:

-1-نعي معاوية إلى الوليد

-2-تخوف يزيد من الأسرة النبوية لأنه قد عهد إليه أبوه بالحذر منها،و هذا يتنافى مع تلك الوصية المزعومة لمعاوية التي جاء فيها اهتمامه بشأن الحسين عليه السّلام و إلزام ولده بتكريمه و رعاية مقامه.

-3-الإسراع في أخذ البيعة من أهل المدينة.

الصورة الثانية:رواه البلاذري،و هذا نصها:«أما بعد:فإن معاوية بن أبي سفيان كان عبدا من عباد الله أكرمه الله،و استخلفه،و خوّله،و مكّن له فعاش بقدر و مات بأجل،فرحمة الله عليه،فقد عاش محمودا و مات برا تقيا و السلام..».

و أكبر الظن أن هذه الرواية هي الصحيحة فإنها قد اقتصرت على نعي معاوية إلى الوليد من دون أن تعرض إلى أخذ البيعة من الحسين و غيره من المعارضين،

ص: 114

أما على الرواية الأولى،فإنه يصبح ذكر الرسالة التالية-التي بعثها يزيد إلى الوليد لإرغام الحسين على البيعة لغوا.

الثانية:رسالة صغيرة،و صفت كأنها أذن فأرة،و قد رويت بثلاث صور:

-1-رواها الطبري و البلاذري،و هذا نصها:«أما بعد فخذ حسينا،و عبد الله بن عمرو عبد الله بن الزبير أخذا شديدا ليست فيه رخصة حتى يبايعوا و السلام».

-2-رواها اليعقوبي و هذا نصها:«إذا أتاك كتابي فأحضر الحسين بن علي و عبد الله بن الزبير،فخذهما بالبيعة فإن امتنعا فاضرب عنقيهما،و ابعث إلي برأسيهما و خذ الناس بالبيعة فمن امتنع فانفذ فيه الحكم،و في الحسين بن علي و عبد الله بن الزبير و السلام».

و ليس في الرواية الثانية ذكر لعبد الله بن عمر،و أكبر الظن أنه أضيف اسمه إلى الحسين و ابن الزبير لإلحاقه بالجبهة المعارضة و تبريره من التأييد السافر لبيعة يزيد.

-3-رواها الحافظ ابن عساكر،و هذا نصها:«أن ادع الناس فبايعهم،و ابدأ بوجوه قريش و ليكن أول من تبدأ به الحسين بن علي فإن أمير المؤمنين-يعني معاوية-عهد إلي في أمره الرفق و استصلاحه».

و ليس في هذه الرواية ذكر لابن الزبير و ابن عمر إذ لم تكن لهما أية أهمية في نظر يزيد إلا أنا نشك فيما جاء في آخر هذه الرسالة من أن معاوية قد عهد إلى يزيد الرفق بالحسين و استصلاحه،فإن معاوية قد وقف موقفا إيجابيا يتسم بالعداء و الكراهية لعموم أهل البيت عليهم السّلام و اتخذ ضدهم جميع الإجراءات القاسية كما ألمحنا إلى ذلك في البحوث السابقة،و أكبر الظن أن هذه الجملة قد أضيفت إليها لتبرير معاوية،و نفي المسؤولية عنه فيما ارتكبه ولده من الجرائم ضد العترة الطاهرة.

ص: 115

بقي هنا شي و هو أن هذه الرسالة قد وصفها المؤرخون كأنها أذن فأرة لصغرها و لعل السبب في إرسالها بهذا الحجم هو أن يزيد قد حسب أن الوليد سينفذ ما عهد إليه من قتل الحسين و ابن الزبير،و من الطبيعي أن لذلك كثيرا من المضاعفات السيئة و من أهمها ما يلحقه من التذمر و السخط الشامل بين المسلمين فأراد أن يجعل التبعة على الوليد،و أنه لم يعهد إليه بقتلهما،و أنه لو أمره بذلك لأصدر مرسوما خاصا مطولا به.

و حمل الرسالتين زريق مولى معاوية فأخذ يجد في السير لا يلوي على شي حتى انتهى إلى يثرب و كان معه عبد الله بن سعد بن أبي سرح متلثما لا يبدو منه إلا عيناه فصادفه عبد الله بن الزبير فأخذ بيده و جعل يسأله عن معاوية و هو لا يجيبه، فقال له:أمات معاوية؟فلم يكلمه بشي فاعتقد بموت معاوية،و قفل مسرعا إلى الحسين و أخبره الخبر،فقال له الحسين:إني أظن أن معاوية قد مات،فقد رأيت البارحة في منامي كأن منبر معاوية منكوس،و رأيت داره تشتعل نارا فأوّلت ذلك في نفسي بموته.

و أقبل زريق إلى دار الوليد فقال للحاجب:إستأذن لي،فقال:قد دخل و لا سبيل إليه،فصاح به زريق:إني جئته بأمر،فدخل الحاجب و أخبره بالأمر فأذن له،و كان جالسا على سرير فلما قرأ كتاب يزيد بوفاة معاوية جزع جزعا شديدا،و جعل يقوم على رجليه،و يرمي بنفسه على فراشه.

فزع الوليد

و فزع الوليد مما عهد إليه يزيد من التنكيل بالمعارضين،فقد كان على يقين من أن أخذ البيعة من هؤلاء النفر ليس بالأمر السهل،حتى يقابلهم بالعنف،أو يضرب

ص: 116

أعناقهم-كما أمره يزيد-إن هؤلاء النفر لم يستطع معاوية مع ما يتمتع به من القابليات الدبلوماسية أن يخضعهم لبيعة يزيد،فكيف يصنع الوليد أمرا عجز عنه معاوية.

استشارته لمروان

و حار الوليد في أمره فرأى أنه في حاجة إلى مشورة مروان عميد الأسرة الأموية فبعث خلفه،فأقبل مروان و عليه قميص أبيض و ملأه موردة فنعى إليه معاوية فجزع مروان و عرض عليه ما أمره يزيد من إرغام المعارضين على البيعة له و إذا أصروا على الإمتناع فيضرب أعناقهم،و طلب من مروان أن يمنحه النصيحة،و يخلص له في الرأي.

رأي مروان:

و أشار مروان على الوليد فقال له:إبعث إليهم في هذه الساعة فتدعوهم إلى البيعة و الدخول في طاعة يزيد،فإن فعلوا قبلت ذلك منهم،و ان أبوا قدّمهم،و اضرب أعناقهم قبل أن يدروا بموت معاوية،فإنهم إن علموا ذلك و ثب كل رجل منهم فأظهر الخلاف،و دعا إلى نفسه،فعند ذلك أخاف أن يأتيك من قبلهم ما لا قبل لك به، إلا عبد الله بن عمر فإنه لا ينازع في هذا الأمر أحدا..مع أني أعلم أن الحسين بن علي لا يجيبك إلى بيعة يزيد،و لا يرى له عليه طاعة،و و الله لو كنت في موضعك لم أراجع الحسين بكلمة واحدة حتى أضرب رقبته كائنا في ذلك ما كان.

و عظم ذلك على الوليد و هو أحنك بني أمية و أملكهم لعقله و رشده فقال لمروان:

ص: 117

«يا ليت الوليد لم يولد و لم يك شيئا مذكورا».

فسخر منه مروان و راح يندد به قائلا:

«لا تجزع مما قلت لك،فإن آل أبي تراب هم الأعداء من قديم الدهر و لم يزالوا و هم الذين قتلوا الخليفة عثمان بن عفان،ثم ساروا إلى أمير المؤمنين-يعني معاوية- فحاربوه..».

و نهره الوليد فقال له:

«ويحك يا مروان عن كلامك هذا،و أحسن القول في ابن فاطمة فإنه بقية النبوة».

و اتفق رأيهم على استدعاء القوم،و عرض الأمر عليهم للوقوف على مدى تجاوبهم مع السلطة في هذا الأمر.

أضواء على موقف مروان:

لقد حرّض مروان الوليد على التنكيل بالمعارضين،و استهدف بالذات الإمام الحسين،فألح بالفتك به إن امتنع من البيعة و فيما أحسب أنه إنما دعاه لذلك ما يلي:

-1-إن مروان كان يحقد على الوليد،و كانت بينهما عداوة متأصلة و هو-على يقين-أن الوليد يحب العافية،و لا ينفّذ ما عهد إليه في شأن الإمام الحسين،فاستغل الموقف،و راح يشدد عليه في اتخاذ الإجراءات الصارمة ضد الإمام،ليستبين لطاغية الشام موقفه فيسلب ثقته عنه،و يقصيه عن ولاية يثرب،و فعلا قد تحقق ذلك فإن يزيد حينما علم بموقف الوليد مع الحسين عليه السّلام غضب عليه و أقصاه عن منصبه.

-2-إن مروان كان ناقما على معاوية حينما عهد بالخلافة لولده و لم يرشحه لها، لأنه شيخ الأمويين و أكبرهم سنا،فأراد أن يورط يزيد في قتل الإمام ليكون به

ص: 118

زوال ملكه.

-3-كان مروان من الحاقدين على الحسين لأنه سبط رسول الله صلّى اللّه عليه و اله الذي حصد رؤوس بني أمية،و نفى أباه الحكم عن يثرب،و قد لعنه و لعن من تناسل منه، و قد بلغ الحقد بمروان للأسرة النبوية أنه منع من دفن جنازة الحسن عليه السّلام مع جده رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و يقول المؤرخون:إنه كان يبغض أبا هريرة لأنه يروي ما سمعه من رسول الله صلّى اللّه عليه و اله في فضل سبطيه و ريحانتيه،و قد دخل على أبي هريرة عائدا له فقال له:

«يا أبا هريرة ما وجدت عليك في شىء منذ اصطحبنا إلا في حبك الحسن و الحسين».

فأجابه أبو هريرة:

«أشهد لقد خرجنا مع رسول الله صلّى اللّه عليه و اله فسمع الحسن و الحسين يبكيان،فقال:ما شأن ابني؟فقالت فاطمة:العطش..يا مروان كيف لا أحب هذين،و قد رأيت من رسول الله ما رأيت».

لقد دفع مروان الوليد إلى الفتك بالحسين لعله يستجيب له فيروي بذلك نفسه المترعة بالحقد و الكراهية لعترة النبي صلّى اللّه عليه و اله.

-4-كان مروان-على يقين-أنه سيلي الخلافة،فقد أخبره الإمام أمير المؤمنين وصي النبي صلّى اللّه عليه و اله و باب مدينة علمه حينما تشفّع الحسنان به بعد واقعة الجمل، فقال:إن له إمرة كلعقة الكلب أنفه،و قد اعتقد بذلك مروان،و قد حرّض الوليد على الفتك بالحسين ليكون ذلك سببا لزوال ملك بني سفيان،و رجوع الخلافة إليه.

هذه بعض الأسباب التي حفّزت مروان إلى الإشارة على الوليد بقتل الإمام الحسين و أنه لم يكن بذلك مشفوعا بالولاء و الإخلاص إلى يزيد.

ص: 119

استدعاء الحسين:

و أرسل الوليد في منتصف الليل عبد الله بن عمرو بن عثمان و هو غلام حدث خلف الحسين و ابن الزبير،و إنما بعثه في هذا الوقت لعله يحصل على الوفاق من الحسين و لو سرا على البيعة ليزيد،و هو يعلم أنه إذا أعطاه ذلك فلن يخيس بعهده، و لن يتخلف عن قوله.

و مضى الفتى يدعو الحسين و ابن الزبير للحضور عند الوليد فوجدهما في مسجد النبي صلّى اللّه عليه و اله فدعاهما إلى ذلك فاستجابا له،و أمراه بالإنصراف و ذعر ابن الزبير،فقال الإمام:

-ما تراه بعث إلينا في هذه الساعة التي لم يكن يجلس فيها؟

-أظن أن طاغيتهم-يعني معاوية-قد هلك فبعث إلينا بالبيعة قبل أن يفشو بالناس الخبر.

-و أنا ما أظن غيره فما تريد أن تصنع؟

-أجمع فتياني الساعة،ثم أسير إليه،و أجلسهم على الباب.

-إني أخاف عليك إذا دخلت.

-لا آتيه إلا و أنا قادر على الإمتناع

و انصرف أبي الضيم إلى منزله فاغتسل،و صلى و دعا الله و أمر أهل بيته بلبس السلاح و الخروج معه،فخفّوا محدقين به،فأمرهم بالجلوس على باب الدار،و قال لهم:إني داخل فإذا دعوتكم أو سمعتم صوتي قد علا فادخلوا علي بأجمعكم، و دخل الإمام على الوليد فرأى مروان عنده و كانت بينهما قطيعة فأمرهما الإمام بالتقارب و الإصلاح،و ترك الأحقاد،و كانت سجية الإمام عليه السّلام التي طبع عليها الإصلاح حتى مع أعدائه و خصومه،فقال عليه السّلام لهما:

ص: 120

«الصلة خير من القطيعة،و الصلح خير من الفساد،و قد آن لكما أن تجتمعا،أصلح الله ذات بينكما».

و لم يجيباه بشىء فقد علاهما صمت رهيب،و التفت الإمام إلى الوليد فقال له:هل أتاك من معاوية خبر؟فإنه كان عليلا و قد طالت علته،فكيف حاله الآن؟

فقال الوليد بصوت خافت حزين النبرات:

«آجرك الله في معاوية فقد كان لك عم صدوق،و قد ذاق الموت و هذا كتاب أمير المؤمنين يزيد..».

فاسترجع الحسين،و قال له:

«لماذا دعوتني؟».

«دعوتك للبيعة».

فقال عليه السّلام:إن مثلي لا يبايع سرا،و لا يجتزأ بها مني سرا،فإذا خرجت إلى الناس و دعيتهم للبيعة،دعوتنا معهم كان الأمر واحدا.

لقد طلب الإمام تأجيل الأمر إلى الصباح،حتى يعقد اجتماع جماهيري فيدلي برأيه في شجب البيعة ليزيد،و يستنهض همم المسلمين على الثورة و الإطاحة بحكمه،و كان الوليد-فيما يقول المؤرخون-يحب العافية و يكره الفتنة فشكر الإمام على مقالته،و سمح له بالانصراف إلى داره،و انبرى الوغد الخبيث مروان بن الحكم و هو مغيظ محنق فصاح بالوليد:

«لئن فارقك الساعة و لم يبايع لا قدرت منه على مثلها أبدا حتى تكثر القتلى بينكم و بينه،احبسه فإن بايع و إلا ضربت عنقه».

و وثب أبي الضيم إلى الوزغ ابن الوزغ فقال له:

«يابن الزرقاء أأنت تقتلني أم هو؟كذبت و الله و لؤمت».

و أقبل على الوليد فأخبره عن عزمه و تصميمه على رفض البيعة ليزيد قائلا:

ص: 121

«أيها الأمير إنا أهل بيت النبوة،و معدن الرسالة،و مختلف الملائكة و محل الرحمة، بنا فتح الله،و بنا ختم،و يزيد رجل فاسق،شارب خمر قاتل النفس المحرّمة،معلن بالفسق،و مثلي لا يبايع مثله،و لكن نصبح و تصبحون،و ننظر و تنظرون أينا الحق بالخلافة و البيعة».

و كان هذا أول إعلان له على الصعيد الرسمي-بعد هلاك معاوية-في رفض البيعة ليزيد،و قد أعلن ذلك في بيت الإمارة و رواق السلطة بدون مبالاة و لا خوف و لا ذعر.

لقد جاء تصريحه بالرفض لبيعة يزيد معبرا عن تصميمه،و توطين نفسه حتى النهاية على التضحية عن سمو مبدئه،و شرف عقيدته،فهو بحكم مواريثه الروحية،و بحكم بيته الذي كان ملتقى لجميع الكمالات الإنسانية كيف يبايع يزيد الذي هو من عناصر الفسق و الفجور،و لو أقرّه إماما على المسلمين لساق الحياة الإسلامية إلى الانهيار و الدمار و عصف بالعقيدة الدينية في متاهات سحيقة من مجاهل هذه الحياة.

و كانت كلمة الحق الصارخة التي أعلنها أبو الأحرار قد أحدثت استياء في نفس مروان فاندفع يعنّف الوليد و يلومه على إطلاق سراحه قائلا:

«عصيتني!لا و الله لا يمكّنك مثلها من نفسه أبدا».

و تأثر الوليد من منطق الإمام،و تيقظ ضميره فاندفع يرد أباطيل مروان قائلا:

«ويحك!!إنك أشرت علي بذهاب ديني و دنياي،و الله ما أحب أن أملك الدنيا بأسرها،و إني قتلت حسينا،سبحان الله!!أقتل حسينا إن قال لا أبايع،و الله ما أظن أحدا يلقى الله بدم الحسين إلا و هو خفيف الميزان،لا ينظر الله إليه يوم القيامة،و لا يزكيه و له عذاب أليم».

و سخر منه مروان و طفق يقول:

ص: 122

«إذا كان هذا رأيك فقد أصبت!!».

و عزم الحسين على مغادرة يثرب و التوجه إلى مكة ليلوذ بالبيت الحرام و يكون بمأمن من شرور الأمويين و اعتدائهم.

الحسين مع مروان:

و التقى أبي الضيم في أثناء الطريق بمروان بن الحكم في صبيحة تلك الليلة التي أعلن فيها رفضه لبيعة يزيد،فبادره مروان قائلا:

«إني ناصح،فأطعني ترشد و تسدد..».

«و ما ذاك يا مروان؟».

«إني آمرك ببيعة أمير المؤمنين يزيد فإنه خير لك في دينك و دنياك».

و التاع كأشد ما تكون اللوعة و استرجع،و أخذ يرد على مقالة مروان ببليغ منطقه قائلا:«على الإسلام السلام،إذ قد بليت الأمة براع مثل يزيد،ويحك يا مروان!! أتأمرني ببيعة يزيد،و هو رجل فاسق لقد قلت شططا من القول..لا ألومك على قولك، لأنك اللعين الذي لعنك رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و أنت في صلب أبيك الحكم بن أبي العاص» و أضاف الإمام يقول:

«إليك عني يا عدو الله!!فإنا أهل بيت رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و الحق فينا،و بالحق تنطق ألسنتنا،و قد سمعت رسول الله صلّى اللّه عليه و اله يقول:الخلافة محرّمة على آل أبي سفيان،و على الطلقاء و أبناء الطلقاء،و قال:إذا رأيتم معاوية على منبري فابقروا بطنه،فو الله لقد رآه أهل المدينة على منبر جدي فلم يفعلوا ما أمروا به..».

و تميّز الخبيث الدنس مروان غيظا و غضبا،و اندفع يصيح:

«و الله لا تفارقني أو تبايع ليزيد صاغرا فإنكم آل أبي تراب،قد أشربتم بغض آل

ص: 123

أبي سفيان،و حق عليكم أن تبغضوهم،و حق عليهم أن يبغضوكم»و صاح به الإمام:

«إليك عني فإنك رجس،و أنا من أهل بيت الطهارة الذين أنزل الله فيهم على نبيه صلّى اللّه عليه و اله: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.

و لم يطق مروان الكلام،و قد تحرّق ألما و حزنا،فقال له الإمام:«أبشر يابن الزرقاء بكل ما تكره من الرسول صلّى اللّه عليه و آله يوم تقدم على ربك فيسألك جدي عن حقي و حق يزيد..».

و انصرف مروان مسرعا إلى الوليد فأخبره بمقالة الحسين له.

اتصال الوليد بدمشق:

و أحاط الوليد يزيد علما بالأوضاع الراهنة في يثرب،و عرّفه بامتناع الحسين عليه السّلام من البيعة،و أنه لا يرى له طاعة عليه،و لما فهم يزيد بذلك تميّز غيظا و غضبا.

الأوامر المشددة من دمشق:

و أصدر يزيد أوامره المشددة إلى الوليد بأخذ البيعة من أهل المدينة ثانيا،و قتل الحسين عليه السّلام و إرسال رأسه إليه و هذا نص كتابه:

«من عبد الله يزيد أمير المؤمنين إلى الوليد بن عتبة،أما بعد:فإذا ورد عليك كتابي هذا فخذ البيعة ثانيا على أهل المدينة بتوكيد منك عليهم و ذر عبد الله بن الزبير فإنه لن يفوت أبدا ما دام حيا،و ليكن مع جوابك إلي برأس الحسين بن علي،

ص: 124

فإن فعلت ذلك،فقد جعلت لك أعنة الخيل و لك عندي الجائزة،و الحظ الأوفر و النعمة و السلام..».

رفض الوليد:

و رفض الوليد رسميا ما عهد إليه يزيد من قتل الحسين،و قال:لا و الله لا يراني الله قاتل الحسين بن علي..لا أقتل ابن بنت رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و لو أعطاني يزيد الدنيا بحذافيرها و قد جاءته هذه الرسالة بعد مغادرة الإمام يثرب إلى مكة.

وداع الحسين لقبر جده:

و خفّ الحسين عليه السّلام في الليلة الثانية إلى قبر جده صلّى اللّه عليه و اله و هو حزين كئيب ليشكو إليه ظلم الظالمين له،و وقف أمام القبر الشريف-بعد أن صلى ركعتين-و قد ثارت مشاعره و عواطفه،فاندفع يشكو إلى الله ما ألم به من المحن و الخطوب قائلا:

«اللّهم إن هذا قبر نبيك محمد،و أنا ابن بنت محمد،و قد حضرني من الأمر ما قد علمت،اللّهم إني أحب المعروف و أنكر المنكر،و أنا أسألك يا ذا الجلال و الإكرام بحق هذا القبر و من فيه إلا ما اخترت لي ما هو لك رضى و لرسولك رضى».

رؤيا الحسين لجده:

و أخذ الحسين يطيل النظر إلى قبر جده،و قد وثقت نفسه أنه لا يتمتع برؤيته، و انفجر بالبكاء،و قبل أن يندلع نور الفجر غلبه النوم فرأى جده الرسول صلّى اللّه عليه و اله قد

ص: 125

أقبل في كتيبة من الملائكة فضم الحسين إلى صدره و قبّل ما بين عينيه،و هو يقول له:

«يا بني كأني عن قريب أراك مقتولا مذبوحا بأرض كرب و بلاء،بين عصابة من أمتي، و أنت مع ذلك عطشان لا تسقى،و ظمآن لا تروى،و هم مع ذلك يرجون شفاعتي يوم القيامة،فمالهم عند الله من خلاق.

حبيبي يا حسين إن أباك و أمك و أخاك قد قدموا علي،و هم إليك مشتاقون،إن لك في الجنة درجات لن تنالها إلا بالشهادة..».

و جعل الحسين يطيل النظر إلى جده صلّى اللّه عليه و اله و يذكر عطفه و حنانه عليه فازداد و جيبه،و تمثلت أمامه المحن الكبرى التي يعانيها من الحكم الأموي فهو إما أن يبايع فاجر بني أمية أو يقتل،و أخذ يتوسل إلى جده و يتضرع إليه قائلا:

«يا جداه لا حاجة لي في الرجوع إلى الدنيا،فخذني إليك،و أدخلني معك إلى منزلك».

و التاع النبي صلّى اللّه عليه و اله فقال له:

«لا بد لك من الرجوع إلى الدنيا،حتى ترزق الشهادة،و ما كتب الله لك فيها من الثواب العظيم فإنك،و أباك،و أخاك،و عمك،و عم أبيك تحشرون يوم القيامة،في زمرة واحدة حتى تدخلوا الجنة».

و استيقظ الحسين فزعا مرعوبا قد ألمّت به تيارات من الأسى و الأحزان و صار على يقين لا يخامره أدنى شك أنه لا بد أن يرزق الشهادة،و جمع أهل بيته فقص عليهم رؤياه الحزينة،فطافت بهم الآلام،و أيقنوا بنزول الرزء القاصم،و وصف المؤرخون شدة حزنهم،بأنه لم يكن في ذلك اليوم لا في شرق الأرض و لا في غربها أشد غما من أهل بيت رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و لا أكثر باكية و باك منهم.

ص: 126

وداعه لقبر أمه و أخيه:

و توجّه الحسين في غلس الليل البهيم إلى قبر أمه وديعة النبي صلّى اللّه عليه و اله و بضعته، و وقف أمام قبرها الشريف مليا،و هو يلقي عليه نظرات الوداع الأخير،و قد تمثلت أمامه عواطفها الفياضة،و شدة حنوها عليه،و قد ودّ أن تنشق الأرض لتواريه معها،و انفجر بالبكاء،و ودع القبر وداعا حارا،ثم انصرف إلى قبر أخيه الزكي أبي محمد،فأخذ يروّي ثرى القبر من دموع عينيه،و قد ألمت به الآلام و الأحزان،ثم رجع إلى منزله،و هو غارق بالأسى و الشجون.

فزع الهاشميات:

و لما عزم الإمام على مغادرة يثرب و اللجوء إلى مكة اجتمعن السيدات من نساء بني عبد المطلب،و قد جاشت عواطفهن بالأسى و الحزن،فقد تواترت عليهن الأنباء عن رسول الله صلّى اللّه عليه و اله عن مقتل ولده الحسين،و جعلن ينحن،و تعالت أصواتهن بالبكاء،و كان منظرا مفزعا،و انبرى إليهن الحسين،و هو رابط الجأش فقال لهن:

«أنشدكن الله أن تبدين هذا الأمر معصية لله و لرسوله».

فذابت نفوسهن،و صحن:

«لمن نستبقي النياحة و البكاء،فهو عندنا كيوم مات فيه رسول الله صلّى اللّه عليه و اله،و علي و فاطمة و الحسن..جعلنا الله فداك يا حبيب الأبرار..».

و أقبلت عليه بعض عماته،و هي شاحبة اللون،فقالت بنبرات منقطعة بالبكاء لقد سمعت هاتفا يقول:

و إن قتيل الطف من آل هاشم أذل رقابا من قريش فذلت

ص: 127

و جعل الإمام عليه السّلام يهدىء أعصابها،و يأمرها بالخلود إلى الصبر،كما أمر سائر السيدات من بني عبد المطلب بذلك.

مع أخيه ابن الحنفية:

و فزع محمد ابن الحنفية إلى الحسين،فجاء يتعثر في خطاه،و هو لا يبصر طريقه من شدة الحزن و الأسى،و لما استقر به المجلس أقبل على الحسين و قال له بنبرات مشفوعة بالإخلاص و الحنو عليه:

«يا أخي فدتك نفسي،أنت أحب الناس إلي،و أعزهم علي،و لست و الله أدخر النصيحة لأحد من الخلق،و ليس أحد أحق بها منك فإنك كنفسي و روحي،و كبير أهل بيتي،و من عليه اعتمادي،و طاعته في عنقي لأن الله تبارك و تعالى قد شرّفك و جعلك من سادات أهل الجنة و إني أريد أن أشير عليك برأيي فاقبله مني..».

لقد عبّر محمد بهذا الحديث الرقيق عن عواطفه الفياضة المترعة بالولاء و الإكبار لأخيه،و أقبل عليه الإمام فقال له محمد:

«أشير عليك أن تتنحى بيعتك عن يزيد بن معاوية و عن الأمصار ما استطعت، ثم إبعث برسلك إلى الناس،فإن بايعوك حمدت الله على ذلك و إن اجتمعوا على غيرك لم ينقص الله بذلك دينك،و لا عقلك،و لم تذهب مروؤتك،و لا فضلك،و اني أخاف عليك أن تدخل مصرا من هذه الأمصار فيختلف الناس بينهم فطائفة معك، و أخرى عليك،فيقتتلون،فتكون لأول الأسنة غرضا،فإذا خير هذه الأمة كلها نفسا و أبا و أما أضيعها دما و أذلّها أهلا..».

و بادر الإمام الحسين فقال له:

«أين أذهب؟».

ص: 128

«تنزل مكة فإن اطمأنت بك الدار،و إلا لحقت بالرمال،و شعب الجبال و خرجت من بلد إلى آخر حتى ننظر ما يصير إليه أمر الناس،فإنك أصوب ما تكون رأيا و أحزمهم عملا،حتى تستقبل الأمور استقبالا و لا تكون الأمور أبدا أشكل عليك منها حتى تستدبرها استدبارا».

و انطلق الإمام و هو غير حافل بالأحداث،فأخبره عن عزمه و تصميمه الكامل على رفض البيعة ليزيد قائلا:

«يا أخي لو لم يكن في الدنيا ملجأ و لا مأوى لما بايعت يزيد بن معاوية».

و انفجر ابن الحنفية بالبكاء،فقد أيقن بالرزء القاصم،و استشف ماذا سيجري على أخيه من الرزايا و الخطوب،و شكر الإمام نصيحته و قال له:

«يا أخي،جزاك الله خيرا لقد نصحت،و أشرت بالصواب،و أنا عازم على الخروج إلى مكة،و قد تهيأت لذلك أنا و أخوتي و بنو أخي و شيعتي أمرهم أمري، و رأيهم رأيي،و أما أنت فلا عليك أن تقيم بالمدينة فتكون لي عينا لا تخف عني شيئا من أمورهم».

وصيته لابن الحنفية:

و عهد الإمام بوصيته الخالدة إلى أخيه ابن الحنفية،و قد تحدث فيها عن أسباب ثورته الكبرى على حكومة يزيد و قد جاء فيها بعد البسملة:

«هذا ما أوصى به الحسين بن علي إلى أخيه محمد بن الحنفية،أن الحسين يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،و أن محمدا عبده و رسوله جاء بالحق من عنده، و أن الجنة حق،و النار حق،و أن الساعة آتية لا ريب فيها،و أن الله يبعث من في القبور.

ص: 129

و إني لم أخرج أشرا،و لا بطرا،و لا مفسدا،و لا ظالما،و إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي صلّى اللّه عليه و اله أريد أن آمر بالمعروف و أنهى عن المنكر،و أسير بسيرة جدي و أبي علي بن أبي طالب،فمن قبلني بقبول الحق،فالله أولى بالحق، و من رد علي أصبر حتى يقضي الله بيني و بين القوم و هو خير الحاكمين.

و هذه وصيتي إليك يا أخي،و ما توفيقي إلا بالله عليه توكلت و إليه أنيب».

من أجل هذه الأهداف النبيلة فجّر الإمام ثورته الخالدة فهو لم يخرج أشرا و لا بطرا،و لم يبغ أي مصلحة مادية له أو لأسرته،و إنما خرج على حكم الظلم و الطغيان،يريد أن يقيم صروح العدل بين الناس،و ما أروع قوله:

«فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق،و من رد علي أصبر حتى يقضي الله بيني و بين القوم و هو خير الحاكمين».

لقد حدد الإمام خروجه بأنه كان من أجل إحقاق الحق و إماتة الباطل و دعا الأمة باسم الحق إلى الالتفاف حوله لتحمي حقوقها و تصون كرامتها و عزتها التي انهارت على أيدي الأمويين،و إذا لم تستجب لنصرته فسيواصل وحده مسيرته النضالية بصبر و ثبات في مناجزة الظالمين و المعتدين حتى يحكم الله بينه و بينهم بالحق و هو خير الحاكمين..كما حدد الإمام خروجه بأنه يريد أن يسير على منهاج جده و أبيه،و ليس على منهج أي أحد من الخلفاء.

و هذه الوصية من البنود التي نرجع إليها في دراستنا عن أسباب ثورته عليه السّلام.

و تهيأ الإمام بعد وصيته لأخيه محمد إلى السفر إلى مكة ليلتقي بحجاج بيت الله الحرام و غيرهم،و يعرض عليهم الأوضاع الراهنة في البلاد،و ما تعانيه الأمة من الأزمات و الأخطار في عهد يزيد.

و قبل أن يغادر الإمام عليه السّلام يثرب متجها إلى مكة دخل مسجد جده الرسول صلّى اللّه عليه و اله و هو غارق في الأسى و الشجون فألقى عليه نظرة الوداع الأخير،و قد نظر إلى

ص: 130

محراب جده صلّى اللّه عليه و اله و منبره،فطافت به ذكريات ذلك العطف الذي كان يفيضه عليه جده صلّى اللّه عليه و اله حينما كان في غضون الصبا،فلم ينس الحسين في جميع فترات حياته ذلك الحنان الذي أغدقه عليه جده حينما يقول فيه:

«حسين مني و أنا من حسين،أحب الله من أحب حسينا،حسين سبط من الأسباط..».

و تذكر كيف كان النبي صلّى اللّه عليه و اله يفرغ عليه ما انطوت عليه نفسه الكبيرة من المثل العليا التي كان عليها خاتم النبيين و سيد المرسلين،و أيقن أنه لم يكن يشيع ذلك في نفسه بمحض العاطفة بل بشعور آخر هو الإبقاء على رسالته،و مبادئه،و رأى أنه لا بد أن يقدّم التضحية الرهيبة التي تصون رسالة الإسلام من عبث الناقمين عليه...

و يقول المؤرخون:إنه دخل المسجد بين أهل بيته،و هو يعتمد في مشيه على رجلين و يتمثل بقول يزيد بن مفرغ:

لا ذعرت السوام في فلق الصبح مغيرا و لا دعيت يزيدا

يوم أعطى من المهانة ضيما و المنايا ترصدنني أن أحيدا

و يقول أبو سعيد:لما سمعت هذين البيتين قلت في نفسي إنه ما تمثل بهما إلا لشيء يريده فما مكث إلا قليلا حتى بلغني أنه سار إلى مكة لقد صمم على التضحية و الفداء ليغير مجرى الحياة،و يرفع كلمة الله و فكرة الخير في الأرض.

أما يثرب مهد النبوة فإنه حينما أذيع فيها مغادرة الحسين عنها علتها الكآبة و خيّم على أهلها الحزن و الذعر فقد أيقنوا بالخسارة الفادحة التي ستحل بهم، فسيغيب عنهم قبس من نور الرسالة الذي كان يضىء لهم الحياة،و حزنت البقية الباقية من صحابة النبي صلّى اللّه عليه و اله كأعظم ما يكون الحزن،فقد كانوا يرون في الحسين امتدادا لجده الرسول صلّى اللّه عليه و اله الذي أنقذهم من حياة التيه في الصحراء (1).2.

ص: 131


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:82/2-192.
الثورة الحسينية أسبابها و مخططاتها

و لم يفجّر الإمام الحسين عليه السّلام ثورته الكبرى أشرا،و لا بطرا،و لا ظالما،و لا مفسدا-حسب ما يقول-و إنما انطلق ليؤسس معالم الإصلاح في البلاد،و يحقق العدل الإجتماعي بين الناس،و يقضي على أسباب النكسة الأليمة التي مني بها المسلمون في ظل الحكم الأموي الذي ألحق بهم الهزيمة و العار.

لقد انطلق الإمام ليصحح الأوضاع الراهنة في البلاد،و يعيد للأمة ما فقدته من مقوماتها و ذاتياتها،و يعيد لشرايينها الحياة الكريمة التي تملك بها إرادتها و حريتها في مسيرتها النضالية لقيادة أمم العالم في ظل حكم متوازن تذاب فيه الفوارق الإجتماعية،و تقام الحياة على أسس صلبة من المحبة و الإخاء،إنه حكم الله خالق الكون و واهب الحياة،لا حكم معاوية الذي قاد مركبة حكومته على إماتة وعي الإنسان،و شل حركاته الفكرية و الإجتماعية.

لقد فجّر الإمام عليه السّلام ثورته الكبرى التي أوضح الله بها الكتاب،و جعلها عبرة لأولي الألباب،فأضاء بها الطريق،و أوضح بها القصد،و أنار بها الفكر،فانهارت بها السدود و الحواجز التي وضعها الحكم الأموي أمام التطور الشامل الذي يريده الإسلام لأبنائه،فلم يعد بعد الثورة أي ظل للسلبيات الرهيبة التي أقامها الحكم الأموي على مسرح الحياة الإسلامية،فقد انتفضت الأمة-بعد مقتل الإمام-كالمارد الجبار و هي تسخر من الحياة،و تستهزىء بالموت،و تزج بأبنائها في ثورات متلاحقة حتى أطاحت بالحكم الأموي،و اكتسحت معالم زهوه.

ص: 132

و لم يقدم الإمام على الثورة إلا بعد أن انسدت أمامه جميع الوسائل و انقطع كل أمل له في إصلاح الأمة،و إنقاذها من السلوك في المنعطفات فأيقن أنه لا طريق للإصلاح إلا بالتضحية الحمراء،فهي وحدها التي تتغير بها الحياة،و ترتفع راية الحق عالية في الأرض (1).2.

ص: 133


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:82/2-192.
إخفاق الثورة

قال السيد محمد باقر القرشي:و يتساءل الكثيرون عن الأسباب التي أدت إلى إخفاق مسلم في ثورته مع ما كان يتمتع به من القوى العسكرية في حين أن خصمه لم تكن عنده أية قوة يستطيع أن يدافع بها عن نفسه فضلا عن الهجوم و الدخول في عمليات القتال،و يعزو بعضهم السبب في ذلك إلى قلة خبرة مسلم في الشؤون السياسية،و عجزه من السيطرة على الموقف،فترك المجال مفتوحا لعدوه حتى تغلب عليه...و هذا الرأي-فيما يبدو-سطحي ليست له أية صبغة من التحقيق،و ذلك لعدم ابتنائه على دراسة الأحداث بعمق و شمول و من أهمها-فيما نحسب-دراسة المجتمع الكوفي،و ما مني به من التناقض في سلوكه الفردي و الإجتماعي، و الوقوف على المخططات السياسية التي اعتمد عليها ابن زياد للتغلب على الأحداث،و النظر في الصلاحيات المعطاة لمسلم بن عقيل من قبل الإمام فإن الإحاطة بهذه الأمور توضح لنا الأسباب في إخفاق الثورة و فيما يلي ذلك:

ص: 134

المجتمع الكوفي:
اشارة

و لا بد لنا أن نتحدث بمزيد من التحقيق عن طبيعة المجتمع الكوفي فإنه المرآة الذي تنعكس عليه الأحداث الهائلة التي لعبت دورها الخطير في تأريخ الإسلام السياسي،و أن نتبين العناصر التي سكنت الكوفة،و ننظر إلى طبيعة الصلات الإجتماعية فيما بينها،و الحياة الإقتصادية التي كانت تعيش فيها،فإن البحث عن ذلك يلقي الأضواء على فشل الثورة،كما يلقي الأضواء على التذبذب و الإنحرافات الفكرية التي مني بها هذا المجتمع و التي كان من نتائجها ارتكابه لأبشع جريمة في تأريخ الإنسانية،و هي إقدامه على قتل ريحانة رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و إلى القراء ذلك:

ص: 135

الظواهر الاجتماعية:
اشارة

أما الظواهر الاجتماعية التي تفرّد بها المجتمع الكوفي دون بقية الشعوب فهي:

التناقض في السلوك:

و الظاهرة الغريبة في المجتمع الكوفي أنه كان في تناقض صريح مع حياته الواقعية،فهو يقول شيئا و يفعل ضده،و يؤمن بشي و يفعل ما ينافيه و الحال أنه يجب أن تتطابق أعمال الإنسان مع ما يؤمن به،و قد أدلى الفرزدق بهذا التناقض حينما سأله الإمام عن أهل الكوفة فقال له:

«خلّفت قلوب الناس معك،و سيوفهم مشهورة عليك».

و كان الواجب يقضي أن تذب سيوفهم عما يؤمنون به،و أن يناضلوا عما يعتقدون به،و لا توجد مثل هذه الظاهرة في تأريخ أي شعب من الشعوب.

و من غرائب هذا التناقض أن المجتمع الكوفي قد تدخل تدخلا إيجابيا في المجالات السياسية و هام في تياراتها،فكان يهتف بسقوط الدولة الأموية،و قد كاتبوا الإمام الحسين لينقذهم من جور الأمويين و بطشهم،و بعثوا الوفود إليه مع آلاف الرسائل التي تحثه على القدوم لمصرهم،و لما بعث إليهم سفيره مسلم بن عقيل قابلوه بحماس بالغ،و أظهروا له الدعم الكامل،حتى كاتب الإمام الحسين بالقدوم إليهم،و لكن لما دهمهم ابن مرجانة و نشر الرعب و الفزع في بلادهم تخلّوا

ص: 136

عن مسلم،و أقفلوا عليهم بيوتهم و راحوا يقولون:

«ما لنا و الدخول بين السلاطين».

إن حياتهم العملية لم تكن صدى لعقيدتهم التي آمنوا بها،فقد كانوا يمنّون قادتهم بالوقوف معهم ثم يتخلّون عنهم في اللحظات الحاسمة.

و من مظاهر ذلك التناقض أنهم بعد ما أرغموا الإمام الحسن عليه السّلام على الصلح مع معاوية،و غادر مصرهم جعلوا ينوحون و يبكون على ما فرّطوه تجاهه،و لما قتلوا الإمام الحسين عليه السّلام و دخلت سبايا أهل البيت عليهم السّلام مدينتهم أخذوا يعجّون بالنياحة و البكاء فاستغرب الإمام زين العابدين عليه السّلام ذلك منهم و راح يقول:

«إن هؤلاء يبكون و ينوحون من أجلنا،فمن قتلنا؟!!».

إن فقدان التوازن في حياة ذلك المجتمع جرّ لهم الويلات و الخطوب و ألقاهم في شر عظيم.

الغدر و التذبذب:

و الظاهرة الأخرى في المجتمع الكوفي الغدر،فقد كان من خصائصهم التي اشتهروا بها،و قد ضرب بهم المثل فقيل:«أغدر من كوفي»كما ضرب المثل بعدم وفائهم فقيل:«الكوفي لا يوفي».

و قد وصفهم أمير المؤمنين عليه السّلام بقوله:«أسود رواغة و ثعالب رواغة».و قال فيهم:«إنهم أناس مجتمعة أبدانهم،مختلفة أهواؤهم و أن من فاز بهم فاز بالسهم الأخيب و أنه أصبح لا يطمع في نصرتهم و لا يصدّق قولهم».

لقد كان الجانب العملي في حياتهم هو التقلب و التردد و التخاذل،و قد غروا زيد بن علي الثائر العظيم فقالوا له:إن معك مائة ألف رجل من أهل الكوفة يضربون

ص: 137

دونك بأسيافهم و قد أحصى ديوانه منهم خمسة عشر ألفا كانوا قد بايعوه على النصرة ثم لما أعلن الثورة هبط عددهم إلى مائتين و ثمانية عشر رجلا و قد نصح داود بن علي زيدا بأن لا ينخدع بأهل الكوفة فقال له:

«يابن عم إن هؤلاء يغرونك من نفسك،أليس قد خذلوا من كان أعز عليهم منك جدك عليّ بن أبي طالب حتى قتل،و الحسن من بعده بايعوه ثم و ثبوا عليه فانتزعوا رداءه من عنقه،و انتهبوا فسطاطه و جرحوه؟أو ليس قد أخرجوا جدك الحسين و حلفوا له بأوكد الأيمان ثم خذلوه و أسلموه ثم لم يرضوا بذلك حتى قتلوه».

و كانوا ينكثون البيعة بعد البيعة،و قد ألمع إلى هذه الظاهرة أعشى همدان الذي كان شاعر ثورة محمد بن الأشعث الذي ثار على الحجاج يقول داعيا على أهل الكوفة:

أبى الله إلا أن يتمم نوره و يطفىء نور الفاسقين فيخمدا

و ينزل ذلا بالعراق و أهله لما نقضوا العهد الوثيق المؤكدا

و ما أحدثوا من بدعة و عظيمة من القول لم تصعد إلى الله مصعدا

و ما نكثوا من بيعة بعد بيعة إذا ضمنوها اليوم خاسوا بها غدا

و قد عرفوا بهذا السمت عند جميع الباحثين،و يرى«فلهوزن»أنهم مترددون متقلبون و أنهم لم يألفوا النظام و الطاعة،و أن الإخلاص السياسي و العسكري لم يكن معروفا لهم على الإطلاق،و أكد ذلك الباحث«وزتر شنين»يقول:إن من صفاتهم المميزة البارزة الهوائية و التقلّب و نقص الثقة بأنفسهم.

و لم يكن هذا التذبذب في حياتهم مقتصرا على العامة،و إنما كان شائعا حتى عند رجال الفكر و الأدب فسراقة الشاعر المعروف وقف في وجه المختار،و اشترك في قتاله يوم جبانة السبيع فلما انتصر المختار وقع سراقة أسيرا بين يدي أصحابه فزج به في السجن فأخذ سراقة يستعطفه و ينظم القصيد في مدحه،و يذكر مبادىء

ص: 138

ثورته و يبالغ في تمجيده فكان مما قاله فيه:

نصرت على عدوك كل يوم بكل كتيبة تنعى حسينا

كنصر محمد في يوم بدر و يوم الشعب إذ لاقى حنينا

فاسجح إذ ملكت فلو ملكنا لجرنا في الحكومة و اعتدينا

تقبل توبة مني فإني سأشكر إن جعلت النقد دينا

و لما عفا عنه المختار خرج من الكوفة فلم يبعد عنها قليلا حتى أخذ يهجو المختار و يحرّض عليه،و قد قال في هجائه:

ألا أبلغ أبا إسحاق أني رأيت البلق دهما مصمتات

كفرت بوحيكم و جعلت نذرا علي قتالكم حتى الممات

أرى عيني ما لم تبصراه كلانا عالم بالترهات

إذا قالوا أقول لهم كذبتم و إن خرجوا لبست لهم أداتي

لقد مضى يصب ثورته و سخريته على المختار و أصحابه في نفس الوزن الذي نظم فيه قصيدته السابقة،و من الطبيعي أن هذا التناقض في حياتهم كان ناجما من الإضطراب النفسي،و عدم التوازن في السلوك.

و من غرائب ذلك التناقض أن بعضهم كان يحتاط في أبسط الأمور و لا يتحرج من اقتراف أعظم الموبقات،فقد جاء رجل من أهل الكوفة إلى عبد الله بن عمر يستفتيه في دم البعوض يكون على الثوب أطاهر أم نجس؟فقال له ابن عمر:

-من أين أنت؟

-من أهل العراق.

فبهر ابن عمر و راح يقول:أنظروا إلى هذا يسألني عن دم البعوض!!و قد قتلوا ابن بنت رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و قد سمعته يقول فيه و في أخيه:هما ريحانتاي من الدنيا.

و يعزو بعضهم السبب في هذا الاضطراب إلى الظروف السياسية القاسية التي

ص: 139

مرت عليهم،فإن الحكم الأموي كان قد عاملهم بمنتهى القسوة و الشدة فرماهم بأقسى الولاة و أشدهم عنفا أمثال المغيرة بن شعبة و زياد بن سمية مما جعل الحياة السياسية ضيقة و متحرجة مما نجم عنه هذا التناقض في السلوك.

ص: 140

التمرد على الولاة:

و الطابع الخاص الذي عرف به المجتمع الكوفي التمرد على الولاة و التبرم منهم، فلا يكاد يتولى عليهم و ال و حاكم حتى أعلنوا الطعن عليه فقد طعنوا في سعد بن أبي و قاص مؤسس مدينتهم و اتهموه بأنه لا يحسن الصلاة فعزله عمرو و ولّى مكانه الصحابي الجليل عمار بن ياسر،و لم يلبثوا أن شكوه إلى عمر فعزله،و ولّى مكانه أبا موسى الأشعري،و لم تمض أيام من ولايته حتى طعنوا فيه،و قالوا:لا حاجة لنا في أبي موسى و ضاق عمر بهم ذرعا و بدا عليه الضجر فسأله المغيرة عن شأنه فقال له:

«ما فعلت هذا يا أمير المؤمنين إلا من عظيم،فهل نابك من نائب؟».

فانبرى عمر يشكو إليه الألم الذي داخله من أهل الكوفة قائلا:

«و أي نائب أعظم من مائة ألف لا يرضون عن أمير،و لا يرضى عنهم أمير..».

و تحدث عمر عنهم فقال:

«من عذيري من أهل الكوفة إن استعملت عليهم القوي فجروه،و إن وليت عليهم الضعيف حقروه..».

لقد جبلوا على التمرد فهم لا يطيقون الهدوء و الإستقرار،و يرى ديمومين أن هذه الظاهرة اعتادها الكوفيون من أيام الفرس الذين دأبوا على تغيير حكامهم دوما و يذهب فان فلوتن إلى أن العرب المستقرين بالكوفة كانوا قد تعودوا على حياة الصحراء بما فيها من ضغن و شحناء و حب الإنتقام،و التخريب و الأخذ بالثأر فلذا تعودوا على التمرد،و عدم الطاعة للنظام.

ص: 141

الانهزامية:

و الظاهرة الغريبة التي عرف بها المجتمع الكوفي هي الإنهزامية،و عدم الصمود أمام الأحداث فإذا جد الجد ولّوا منهزمين على أعقابهم فقد أجمعوا في حماس على مبايعة مسلم و نصرته،و لما أعلن الثورة على ابن مرجانة انفضوا من حوله حتى لم يبق معه إنسان يدله علي الطريق و قد وقفوا مثل هذا الموقف مع زيد بن علي،فقد تركوه وحده يصارع جيوش الأمويين،و راح يقول:«فعلوها حسينية»و بايعوا عبد الله بن معاوية فقالوا له:«أدع إلى نفسك فبنو هاشم أولى بالأمر من بني مروان» و أخرجوه حيث كان مقيما،و أدخلوه القصر فبايعوه،و لما زحف لقتاله والي الأمويين عبد الله بن عمر فروا منهزمين و نظر عبد الله بن معاوية فإذا الأرض بيضاء من أصحابه فقد غدر به قائد قواته لأنه كان على اتفاق مع والي الأمويين فانهزم و انهزم معه الجيش و كان عيسى بن زيد يقول فيهم:«لا أعرف موضع ثقة يفي ببيعته،و يثبت عند اللقاء».

مساوىء الأخلاق:

و اتصفت الأكثرية الساحقة من أهل الكوفة بمساوىء الأخلاق.يقول فيهم عبد الله بن الحسن أنهم:نفج العلانية،خور السريرة،هوج الردة،جزع في اللقاء، تقدمهم ألسنتهم،و لا تشايعهم قلوبهم،و وصفهم الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام بقوله:

«إن أهملتم خفتم،و إن حوربتم خرتم،و إن اجتمع الناس على إمام طعنتم،و إن جئتم

ص: 142

إلى مشاقة نكصتم»و وصفهم المختار لعبد الله بن الزبير حينما سأله عنهم فقال:

«لسلطانهم في العلانية أولياء و في السر أعداء»و علّق ابن الزبير على قول المختار فقال:«هذه صفة عبيد السوء إذا رأوا أربابهم خدموهم و أطاعوهم،فإذا غابوا عنهم شتموهم».

و هجاهم أعشى همدان بقوله:

وجبنا حشاه ربهم في قلوبهم فما يقربون الناس إلا تهددا

فلا صدق في قول و لا صبر عندهم و لكم فخرا فيهم و تزيدا

و يقول فيهم أبو السرايا:

و مارست أقطار البلاد فلم أجد لكم شبها فيما و طأت من الأرض

خلافا و جهلا و انتشار عزيمة و وهنا و عجزا في الشدائد و الخفض

لقد سبقت فيكم إلى الحشر دعوة فلا عنكم راض و لا فيكم مرضي

سأبعد داري من قلى عن دياركم فذوقوا إذا وليت عاقبة البغض

و حلل الدكتور يوسف خليف هذه الأبيات بقوله:«و أبو السرايا في هذه الأبيات يردد تلك الفكرة القديمة التي عرفت عن أهل الكوفة من أنهم أهل شقاق و نفاق و مساوى أخلاق،فيصفهم بالشقاق و الجهل و تفرق العزيمة و الضعف و العجز، و يرى أن هذه صفاتهم التي تلازمهم دائما في الحرب و السلم،و هي صفات لم تجعل أحدا من زعمائهم أو أئمتهم يرضى عنهم،و هم منفردون بها من بين سائر البشر في جميع أقطار الأرض التي و طأتها قدماه،ثم يعلن في النهاية ببغضه لهم و اعتزامه البعد عنهم ليذوقوا من بعده سوء العاقبة و سوء المصير».

و وصفهم أبو بكر الهذلي بقوله:«إن أهل الكوفة قطعوا الرحم و وصلوا المثانة، كتبوا إلى الحسين بن علي أنّا معك مائة ألف،و غرّوه حتى إذا جاء خرجوا إليه و قتلوه و أهل بيته صغيرهم و كبيرهم،ثم ذهبوا يطلبون دمه،فهل سمع السامعون

ص: 143

بمثل هذا؟».

الجشع و الطمع:

و هناك نزعة عامة سادت في أوساط المجتمع الكوفي،و هي التهالك على المادة و السعي على حصولها بكل طريق،فلا يبالون في سبيلها بالعار و الخزي،و لقد لعبت هذه الجهة دورها الخطير في إخفاق ثورة مسلم،فقد بذل ابن زياد الأموال بسخاء للوجوه و الأشراف فخفّوا إليه سراعا فغدروا بمسلم،و نكثوا عهودهم،و قد ملكهم ابن زياد بعطائه فأخرجهم لحرب ريحانة رسول الله صلّى اللّه عليه و اله بعد أن أقسموا الأيمان المغلظة على نصرته و الذب عنه.

التأثر بالدعايات:

و ظاهرة أخرى من ظواهر المجتمع الكوفي و هي سرعة التأثر بالدعايات من دون فحص و وقوف على واقعها،و قد استغل هذه الظاهرة الأمويون أيام«مسكن» فأشاعوا في أوساط الجيش العراقي أن الحسن صالح معاوية و حينما سمعوا بذلك ماجوا في الفتنة و ارتطموا في الإختلاف،فعمدوا إلى أمتعة الإمام فنهبوها، كما اعتدوا عليه فطعنوه في فخذه و لما أذاعت عصابة ابن زياد بين جيوش مسلم أن جيش أهل الشام قد أقبل إليكم فلا تجعلوا أنفسكم عرضة للنقمة و العذاب،فلما سمعوا ذلك انهارت أعصابهم،و ولوا منهزمين،و أمسى ابن عقيل وحده ليس معه إنسان يدله على الطريق.

هذه بعض مظاهر الحياة الاجتماعية في الكوفة،و هي تكشف عن ضحالة ذلك

ص: 144

المجتمع،و انهياره أمام الأحداث،فلم تكن له إرادة صلبة و لا وعي اجتماعي أصيل و قد جرّوا لهم بذلك الويل،فدمّروا قضاياهم المصيرية و تنكّروا لجميع حقوقهم، و فتحوا المجال للطاغية ابن مرجانة أن يتحكم فيهم و يصب عليهم وابلا من العذاب الأليم (1).2.

ص: 145


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:303/2.
الحياة الاقتصادية:

أما الحياة الاقتصادية في الكوفة فكانت تتسم بعدم التوازن فقد كانت فيها الطبقة الأرستقراطية التي غرقت في الثراء العريض فقد منحتها الدولة الأموية أيام عثمان و معاوية الهبات و الامتيازات الخاصة فأثرت على حساب الضعفاء و المحرومين،و من بين هؤلاء:

-1-الأشعث بن قيس،و قد اشترى في أيام عثمان أراض واسعة في العراق، و كان في طليعة الإقطاعيين في ذلك العصر،و هو الذي أرغم الإمام على قبول التحكيم لأن حكومته كانت تهدد مصالحه و امتيازاته الخاصة.

-2-عمرو بن حريث،و كان أثرى رجل في الكوفة،و قد لعب دورا خطيرا في إفساد ثورة مسلم و شل حركتها.

-3-شبث بن ربعي،و هو من الطبقة الأرستقراطية البارزة في الكوفة،و هو أحد المخذلين عن مسلم،كما تولّى قيادة بعض الفرق التي حاربت الحسين.

هؤلاء بعض المثرين في ذلك العصر،و كانوا يدا لابن مرجانة و ساعده القوي الذي أطاح بثورة مسلم،فقد كانوا يملكون نفوذا واسعا في الكوفة و قد استطاعوا أن يعلنوا معارضتهم للمختار رغم ما كان يتمتع به من الكتل الشعبية الضخمة المؤلفة من الموالي و العبيد،و هم الذين أطاحوا بحكومته.

أما الأكثرية الساحقة في المجتمع الكوفي فكانت مرتبطة بالدولة تتلقى موادها المعاشية منها باعتبارها المعسكر الرئيسي للدولة فهي التي تقوم بالإنفاق عليها،

ص: 146

و قد عانى بعضهم الحرمان و البؤس،و قد صوّر الشاعر الأسدي سوء حياته الاقتصادية بقصيدة يمدح بها بعض نبلاء الكوفة لينال من معروفه و كرمه يقول فيها:

يا أبا طلحة الجواد أغثني بسجال من سيبك المقسوم

أحي نفسي-فدتك نفسي-فإني مفلس-قد علمت ذاك-عديم

أو تطوع لنا بسلت دقيق أجره-إن فعلت ذاك-عظيم

قد علمتم-فلا تعامس عني- ما قضى الله في طعام اليتيم

ليس لي غير جرة و أصيص و كتاب منمنم كالوشوم

و كساء أبيعه برغيف قد رقعنا خروقه بأديم

و أكاف أعارنيه نشيط هو لحاف لكل ضيف كريم

إذا رأيت هذا الفقر المدقع الذي دعا الشاعر إلى هذا الإستعطاف و التذلل إنها مشكلة الفقر الذي أخذ بخناقه و علّق شوقي ضيف على هذه الأبيات بقوله:«و من هنا ارتفع صوت المال في القصيدة الأموية و احتل جوانب غير قليلة منها فقد كان أساسيا في حياة الناس،فطبيعي أن يكون أساسيا في فنهم و شعرهم،أليس دعامة هامة من دعائم الحياة،فلم لا يكون دعامة هامة من دعائم البناء الفني،إنه يستتر في قاع الحياة،و قاع الشعر لأن الشعر إنما هو تعبير عن الحياة.

إن الحياة الاقتصادية تؤثر أثرا عميقا و فعالا في كيان المجتمع،و تلعب دورا خطيرا في توجيه المجتمع نحو الخير أو الشر،و قد ثبت أن كثيرا من الجرائم التي يقترفها بعض المصابين في سلوكهم إنما جاءت نتيجة لفقرهم و بؤسهم أو لجشعهم على تحصيل المادة،و قد اندفع أكثر الجيش الذي خرج لحرب الإمام الحسين عليه السّلام حينما مناهم ابن مرجانة بزيادة مرتباتهم التي يتقاضونها من الدولة.

على أي حال فإن سوء الحالة الاقتصادية في الكوفة كانت من الأسباب الفعالة

ص: 147

في إخفاق ثورة مسلم و تحوّل الجماهير عنه حينما أغدق ابن زياد الأموال على الوجوه و العرفاء و غيرهم فاندفعوا إلى القيام بمناهضة مسلم و صرف الناس عنه.

عناصر السكان:
اشارة

كانت الكوفة أممية قد امتزجت فيها عناصر مختلفة في لغاتها،و متباينة في طباعها و عاداتها و تقاليدها فكان فيها العربي و الفارسي و النبطي إلى جانب العبيد و غيرهم،و لم تعد مدينة عربية خالصة كمكة و المدينة و إنما كانت مدينة أهلها أخلاط من الناس-كما يقول اليعقوبي-و قد هاجرت إليها هذه العناصر باعتبارها المركز الرئيسي للمعسكر الإسلامي فمنها تتدفق الجيوش الإسلامية للجهاد كما تتدفق بها المغانم الكثيرة التي وعد الله بها المجاهدين،و قد بلغ نصيب الجندي المقاتل من في المدائن اثني عشر ألفا مما دعا ذلك إلى الهجرة إليها باعتبارها السبيل إلى الثروة و نلمّح إلى بعض تلك العناصر:

العرب:
اشارة

و حينما تم تأسيس الكوفة على يد فاتح العراق سعد بن أبي وقاص اتجهت إليها أنظار العرب،و تسابقوا إلى الهجرة إليها،فقد سكنها في وقت مبكر سبعون بدريا و ثلثمائة من أصحاب الشجرة و قد ترجم ابن سعد في طبقاته مائة و خمسين صحابيا ممن نزلوا الكوفة و يقول فيها السفاح:«و هي-أي الكوفة-منزل خيار الصحابة و أهل الشرف أما القبائل العربية التي سكنتها فهي:

ص: 148

القبائل اليمنية:

و تسابقت القبائل اليمنية إلى سكنى الكوفة فكان عددهم-فيما يقول المؤرخون -اثني عشر ألفا و هي:

-1-قضاعة.

-2-غسان.

-3-بجيلة.

-4-خثعم.

-5-كندة.

-6-حضرموت.

-7-الأزد.

-8-مذحج.

-9-حمير.

-10-همدان.

-11-النخع.

فهذه هي الأسر التي تنتمي إلى اليمن،و قد استوطنت الكوفة،و نزلت في الجانب الشرقي من المسجد،و يرى فلهوزن أن القبائل المشهورة من اليمن و هي مذحج و همدان و كندة قد كانت لها السيطرة و السيادة على الكوفة،و يقول عبد الملك بن مروان بعد دخوله إلى الكوفة حينما جاءته قبائل مذحج و همدان:

«ما أرى لأحد مع هؤلاء،شيئا».

ص: 149

القبائل العدنانية:

أما القبائل العدنانية التي سكنت الكوفة فكان عددها ثمانية آلاف شخص،و هي تتشكل من أسرتين.

-1-تميم.

-2-بنو العصر.

قبائل بني بكر:

و سكنت الكوفة قبائل بني بكر،و هي عدة أسر منها:

-1-بنو أسد.

-2-غطفان.

-3-محارب.

-4-نمير.

و هناك مجموعة أخرى من القبائل العربية استوطنت الكوفة،و هي كنانة، و جدايلة،و ضبيعة و عبد القيس،و تغلب و أياد و طي و ثقيف و عامر و مزينة،و يرى مانسيون أنه إلى جانب القرشيين الذين سكنوا الكوفة عناصر شديدة البداوة من سكان الخيام و بيوت الشعر،و أصحاب الأبل من بني دارم التميمي و جيرانهم اليمنيين القدماء من طي،و عناصر نصف رحالة من ربيعة،و أسد من الغرب و الشمال الغربي،و بكر من الشرق و الجنوب الشرقي و عبد القيس الذين جاءوا من هجر من الجنوب الشرقي ثم عناصر متحضرة من القبائل الجنوبية الأصيلة من

ص: 150

العربية الذين نزحوا من اليمن و حضرموت،و هؤلاء كانوا قسمين:عناصر نصف متحضرة من كندة و بجيلة و عناصر متحضرة تماما من سكان المدن و القرى اليمنية من مذحج و حمير و همدان.

إن العنصر العربي الذي استوطن الكوفة منذ تأسيسها كان مزيجا من اليمانية و النزارية و غيرها و لكن اليمانية كانت أكثر عددا كما كان تأثيرها في حياة المجتمع الكوفي أشد من غيرها.

الروح القبلية:

و سادت في قبائل المجتمع العربي في الكوفة الروح القبلية فكانت كل قبيلة تنزل في حي معين لها لا يشاركها فيها إلا حلفاؤها،كما كان لكل قبيلة مسجدها الخاص، و مقبرتها الخاصة،و يرى ماسنيون أن جبانات الكوفة هي إحدى الصفات المميزة لطبو غرافيتها كما سمّيت شوارعها و سككها بالقبائل التي كانت تقطن فيها و غدت المدينة صورة تامة للحياة القبلية و بلغ الإحساس بالروح القبلية و التعصب لها إلى درجة عالية،فكانت القبائل تتنافس فيما بينها على إحراز النصر كما حدث في واقعة الجمل.

و من هنا غلب على الحياة فيها طابع الحياة الجاهلية،و يحدثنا ابن أبي الحديد عن الروح القبلية السائدة في الكوفة بقوله:«إن أهل الكوفة في آخر عهد علي كانوا قبائل فكان الرجل يخرج من منازل قبيلته فيمر بمنازل قبيلة أخرى،فينادي باسم قبيلته يا للنخع أو يا لكندة،فيتألب عليه فتيان القبيلة التي مربها فينادون يا لتميم أو يا لربيعة،و يقبلون إلى ذلك الصائح فيضربونه فيمضي إلى قبيلته فيستصرخها فتسل السيوف و تثور الفتنة».

ص: 151

لقد كانت الروح القبلية هي العنصر البارز في حياة المجتمع الكوفي و قد استغل ابن سمية هذه الظاهرة في إلقاء القبض على حجر و إخماد ثورته فضرب بعض الأسر ببعض،و كذلك استغل هذه الظاهرة ابنه للقضاء على حركة مسلم و هانى، و عبد الله بن عفيف الأزدي.

الفرس:

و إلى جانب العنصر العربي الذي استوطن الكوفة كان العنصر الفارسي، و كانوا يسمّون الحمراء و قد سألوا عن أمنع القبائل العربية فقيل لهم تميم فتحالفوا معهم و أكبر موجة فارسية استوطنت الكوفة عقيب تأسيسها هي المجموعة الضخمة من بقايا فلول الجيوش الساسانية التي انضمت إلى الجيش العربي، و أخذت تقاتل معه،و قد عرفت في التأريخ باسم«حمراء ديلم»فكان عددهم-فيما يقول المؤرخون-أربعة آلاف جندي يرأسهم رجل يسمى(ديلم)قاتلوا معه تحت قيادة رستم في القادسية فلما انهزمت الفرس،و قتل رستم عقدوا أمانا مع سعد بن أبي وقاص،و شرطوا عليه أن ينزلوا حيث شاءوا،و يحالفوا من أحبّوا و أن يفرض لهم العطاء،و قد حالفوا زهرة بن حوية التميمي أحد قادة الفتح،و فرض لهم سعد في ألف ألف،و أسلموا و شهدوا فتح المدائن معه كما شهدوا فتح جلولاء،ثم تحوّلوا فنزلوا الكوفة.

و قد كوّنت هذه الجالية مجموعة كبيرة في المجتمع الكوفي،و يذكر فلهوزن أنهم كانوا أكثر من نصف سكان الكوفة،و قد أخذ عددهم بازدياد حتى تضاءلت نسبة العرب في الكوفة،و تغلّبوا في عصر المأمون حتى كانت اللغة الفارسية تحتل الصدارة في ذلك العصر و يقول الجاحظ:إن اللغة الفارسية أثرت تأثيرا كبيرا في

ص: 152

لغة الكوفة.

و على أي حال فإن الفرس كانوا يشكّلون عنصرا مهما في الكوفة و كوّنوا بها جالية متميزة فكان أهل الكوفة يقولون:«جئت من حمراء ديلم»و يقول البلاذري:

إن زيادا سيّر بعضهم إلى الشام،و سيّر قوما منهم إلى البصرة و قد شاركت هذه الجالية في كثير من الفتوحات الإسلامية،كما شكّلت المد العالي للإطاحة بالحكم الأموي.

الأنباط:

و كانت الأنباط من العناصر التي سكنت الكوفة،و قد أثّروا في الحياة العامة تأثيرا عقليا و اجتماعيا،و يقول المؤرخون:إن الأنباط ليسوا عنصرا خاصا من البشر و إنما هم من العرب و كانوا يستخدمون اللغة الدارمية في كتابتهم،و كانوا يستوطنون بلاد العرب الصخرية و قد انتقلوا منها إلى العراق،و اشتغلوا بالزراعة، و كانوا ينطقون بلغتهم الدارمية.

و قد أثّروا تأثيرا بالغا في حياة الكوفة يقول أبو عمرو بن العلاء لأهل الكوفة:

«لكم حذلقة النبط،و صلفهم،و لنا زهاء الفرس و أحلامهم»و يروي الطبري أن رجلا من بني عبس أسر رجلا من أهل نهاوند اسمه دينار،و كان يواصل العبسي و يهدي إليه،و قد قدم الكوفة في أيام معاوية فقام في الناس و قال لهم:«يا معشر أهل الكوفة أنتم أول من مررتم بنا كنتم خيار الناس،فعمرتم بذلك زمان عمر و عثمان ثم تغيرتم،و فشت فيكم خصال أربع:بخل،و خب،و غدر،و ضيق و لم يكن فيكم واحدة منهن فرافقتكم فإذا ذلك مواليدكم،فعلمت من أين أتيتم».

و يرى(دي بود)أن التغيّر الاجتماعي و تبدّل الأخلاق في الكوفة قد نشأ في وقت

ص: 153

مبكر أيام معاوية بن أبي سفيان و من الطبيعي أن للأنباط ضلعا كبيرا في هذا التغيير.

السريانية:

و العنصر الرابع الذي شارك في تكوين الكوفة هي السريانية،فقد كانت منتشرة في العراق قبل الفتح الإسلامي،و كان الكثيرون منهم مقيمين على حوض دجلة، و بعضهم كان مقيما في الحيرة و الكوفة و قد ارتبطوا بأهل الكوفة و تأثروا بعاداتهم و أخلاقهم فإن الحياة الاجتماعية-كما يقول علماء الاجتماع-حياة تأثير و تأثر فكل إنسان يتأثر و يؤثر فيمن حوله.

هذه هي العناصر التي شاركت في استيطان الكوفة و بناء مجتمعها فهي لم تكن عربية خالصة و إنما امتزجت بها هذه العناصر،و قد نشأت بينها المصاهرة،فنشأ جيل مختلط من هذه العناصر و لكن التغلب الجنسي كان للعرب باعتبارهم الأكثرية الساحقة في القطر،فقد أصبحت التقاليد الدينية و العادات الاجتماعية خاضعة للعرب،كما كانت لهم الكلمة العليا في البلاد..و بهذا ينتهي بنا الحديث عن عناصر السكان في الكوفة.

الأديان:
اشارة

و لم يكن المجتمع الكوفي يدين بدين واحد،و إنما كانت فيه أديان متعددة،و لكل دين الحرية في إقامة طقوسه الدينية،و هذه بعضها:

ص: 154

-1-الإسلام
اشارة

و كان الإسلام دين الأكثرية الساحقة للعرب الذين استوطنوا الكوفة فإنها إنما أنشأت لتكون حامية للجنود الإسلامية التي كانت تبعث بهم الدولة لحركات الفتوح،و عمليات الجهاد،و لكن الإسلام لم ينفذ إلى أعماق قلوب الكثيرين منهم، و إنما جرى على ألسنتهم طمعا بثمرات الفتوح التي أفاء الله بها على المجاهدين، و قد أكد علم الاجتماع أن التحوّل الاجتماعي لا يكون إلا بعد أجيال و أجيال،و أن المجتمع يظل محافظا على عاداته و تقاليده التي اكتسبها من آبائه،و يؤيد ذلك ما مني به من الحركات الفكرية التي تتنافى مع الإسلام،و إلى الإنقسامات الخطيرة بين صفوفه،و نلمح إلى بعض تلك الإنقسامات:

الخوارج:

و اعتنق هذه الفكرة القراء و أصحاب الجباه السود حينما رفعت المصاحف في صفين،و قد أرغموا الإمام على قبول التحكيم بعد ما مني معاوية بالهزيمة الساحقة،فاستجاب لهم الإمام على كره،و قد حذّرهم من أنها مكيدة و خديعة فلم يكن يجدي ذلك معهم،و أصرّوا على فكرتهم و لما استبان لهم ضلال ما اقترفوه أقبلوا على الإمام و هم يقولون له:«إنا قد كفرنا و تبنا،فأعلن توبتك و قر على نفسك بالكفر،لنكون معك»،فأبى عليه السّلام فاعتزلوه،و اتخذوا لهم شعارا«لا حكم الا لله» و انغمسوا في الباطل و ماجوا في الضلال،فحاربهم الإمام و قضى على الكثيرين منهم إلا أن البقية الباقية منهم ظلت تواصل نشر أفكارها بنشاط،و قد لعبت دورا مهما في إفساد جيش الإمام الحسن حتى اضطر إلى الصلح مع معاوية،كما كان

ص: 155

أكثر الجيش الذي زجّه ابن زياد لحرب الإمام الحسين من الخوارج و كانوا موتورين من الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام فرووا أحقادهم من أبنائه الطيبين في كارثة كربلاء (1).2.

ص: 156


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:311/2.
الحزب الأموي:

و هؤلاء يمثلون وجوه الكوفة و زعماءها كقيس بن الأشعث،و عمرو بن الحجاج الزبيدي،و يزيد بن الحرث،و شبث بن ربعي،و عمرو بن حريث و عمر بن سعد، و كانوا يدينون بالولاء لبني أمية،و يرون أنهم أحق بالخلافة و أولى بزعامة الأمة من آل البيت عليهم السّلام و قد لعبوا دورا خطيرا في فشل ثورة مسلم،كما زجّوا الناس لحرب الإمام الحسين.

الشيعة:

و هي التي تدين بالولاء لأهل البيت،و ترى أنه فرض ديني،و قد أخلصت شيعة الكوفة في الولاء لهم،أما مظاهر حبهم فهي:

-1-الخطب الحماسية التي يمجّدون فيها أهل البيت،و يذكرون فضلهم و مآثرهم،و ما شاهدوه من صنوف العدل و الحق في ظل حكومة الإمام أمير المؤمنين.

-2-الدموع السخية التي يهرقونها حينما يذكرون آلام آل البيت عليهم السلام و ما عانوه في عهد معاوية من التوهين و التنكيل،و لكنهم لم يبذلوا أي تضحية تذكر لعقيدتهم فقد كان تشيعهم عاطفيا لا عقائديا و قد تخلّوا عن مسلم و تركوه فريسة بيد الطاغية ابن مرجانة،و يروي البلاذري أنهم كانوا في كربلاء،و هم ينظرون إلى ريحانة رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و قد تناهبت جسمه الشريف السيوف و الرماح فكانوا يبكون،و يدعون الله قائلين:«اللّهم أنزل نصرك على ابن بنت نبيك»فانبرى إليهم

ص: 157

أحدهم فأنكر عليهم ذلك الدعاء و قال لهم:«هلا تهبون إلى نصرته بدل هذا الدعاء»، و قد جرّدهم الإمام الحسين عليه السّلام من إطار التشيع و صاح بهم يا شيعة آل أبي سفيان.

و الحق أن الشيعة بالمعنى الصحيح لم تكن إلا فئة نادرة في ذلك العصر و قد التحقق بعضهم بالإمام الحسين و استشهدوا معه،كما زجّ الكثيرون منهم في ظلمات السجون.

و على أي حال فلم يكن المسلمون في الكوفة على رأي واحد و إنما كانت هناك انقسامات خطيرة بين صفوفهم.

النصارى:
اشارة

من العناصر التي سكنت الكوفة النصارى،فقد أقبلوا إليها من الحيرة بعد زوال مجدها و قد أقاموا لهم في الكوفة عدة كنائس،فقد كانت لهم كنيسة في ظهر قبلة المسجد الأعظم و كان لهم أسقفان أحدهما نسطوري،و الآخر يعقوبي و كانوا طائفتين!!

-1-نصارى تغلب

و قد استوطنوا الكوفة عند تخطيطها مع سعد،و كانت لهذه الطائفة عزة و منعة و قد رفض أبناؤها دفع الجزية مما اضطر عمر أن يعاملهم معاملة المسلمين فجعل جزيتهم مثل صدقة المسلمين.

ص: 158

-2-نصارى نجران

نزلوا الكوفة في خلافة عمر،و استوطنوا في ناحية منها سميت محلة (التجرانية).

و قد شاركت النصارى مشاركة إيجابية في كثير من أعمال الدولة فقد اتخذ أبو موسى الأشعري أمير الكوفة كاتبا نصرانيا كما ولّى الوليد بن عقبة والي عثمان رجلا مسيحيا لإدارة شؤون مسجد قريب من الكوفة.

و قد شغل المسيحيون في الكوفة أعمال الصيرفة،و كوّنوا أسواقا لها و كانت الحركة المصرفية بأيديهم،كما كانوا يقومون بعقد القروض لتسهيل التجارة، و كانت تجارة التبادل و الصيرفة بأيديهم،و قد مهروا في الصيرفة،و نظّموها على شكل يشبه البنوك في هذا العصر.

و كانت هذه البنوك الأهلية تستقرض منها الحكومة المحلية الأموال إذا حدثت ثورة في القطر،فكانت الأموال توزع على أعضاء الثورة لإخمادها و قد استقرض منها ابن زياد الأموال فوزّعها على وجوه الكوفة و أشرافها للقضاء على ثورة مسلم.

و على أي حال فإن المجتمع الكوفي كان مزيجا بين المسلمين و المسيحيين و كانت العلاقة بينهما وثيقة للغاية.

اليهود:

و استوطن اليهود الكوفة سنة(20 ه)و قد قدم قسم كبير منهم من الحجاز بعد أن أجلاهم منه عمر بن الخطاب و قد كانت لهم محلة تعرف باسمهم في الكوفة كما

ص: 159

بنوا فيها معابد لهم،و يذكر الرحالة بنيامين أن بالكوفة سبعة آلاف يهودي،و فيها قبر يسكنه اليهود و حوله كنيس لهم و قد زاولوا بعض الحرف التي كان العرب يأنفون منها كالصياغة و غيرها..و كانت اليهود تحقد على الرسول صلّى اللّه عليه و اله كأعظم ما يكون الحقد لأنه أباد الكثيرين منهم و ألحق بهم العار و الهزيمة،و قد قاموا بدور فعال-فيما يقول بعض المحققين-في مجزرة كربلا تشفيا من النبي صلّى اللّه عليه و اله بأبنائه و ذريته..و بهذا ينتهي بنا الحديث عن بعض الأديان السائدة في الكوفة،و قد اشترك معظمها في حركات الجهاد و عمليات الحروب في ذلك العصر.

تنظيم الجيش:
اشارة

و أنشأت الكوفة لتكون معسكرا للجيوش الإسلامية،و قد نظّم الجيش فيها على أساس قبلي كما كانوا مرتبين وفق قبائلهم،و كانوا يقسمون في معسكراتهم باعتبار القبائل و البطون التي ينتمون إليها و قد رتّبت كما يلي:

نظام الأسباع:

و وزع الجيش توزيعا سباعيا يقوم قبل كل شي على أساس قبلي بالرغم من أنهم كانوا يقاتلون في سبيل الله إلا أن الروح القبلية كانت سائدة و لم تضعف، و فيما يلي أنظمتها:

السبع الأول:كنانة و حلفاؤها من الأحابيش و غيرهم،و جديلة و كانوا أعوانا طيعين للولاة القرشيين منذ إمارة سعد،و تولّوا بإخلاص عمال بني أمية و ولاتهم.

السبع الثاني:قضاعة،و غسان،و بجيلة،و خثعم،و كندة،و حضرموت،و الأزد.

ص: 160

السبع الثالث:مذحج و حمير و همدان و حلفاؤهم،و قد اتسموا بالعداء لبني أمية و المساندة الكاملة للإمام علي و أبنائه.

السبع الرابع:تميم و سائر الرباب و حلفاؤهم.

السبع الخامس:أسد و غطفان و محارب و ضبيعة و تغلب و النمر.

السبع السادس:أياد و عك و عبد القيس و أهل هجر و الحمراء.

السبع السابع:طي.

و تحتوي هذه الأسباع على قطعات قبلية من الجيش،و قد استعمل هذا النظام لأجل التعبئة العامة للحروب التي جرت في ذلك العصر،و توزيع الغنائم عليها بعد العودة من الحرب و ظلت الكوفة على هذا التقسيم حتى إذا كانت سنة(50 ه)عمد زياد بن أبيه حاكم العراق فغيّر ذلك المنهج و جعله رباعيا،فكان على النحو التالي:

-1-أهل المدينة،و جعل عليهم عمرو بن حريث.

2-تميم و همدان،و عليهم خالد بن عرفطة.

3-ربيعة بكر و كندة،و عليهم قيس بن الوليد بن عبد شمس.

4-مذحج و أسد و عليهم أبو بردة بن أبي موسى.

و إنما عمد إلى هذا التغيير لإخضاع الكوفة لنظام حكمه،كما أن الذين انتخبهم لرئاسة الأنظمة قد عرفوا بالولاء و الإخلاص للدولة،و قد استعان بهم ابن زياد لقمع ثورة مسلم،كما تولّى بعضهم قيادة الفرق التي زجّها الطاغية لحرب الإمام الحسين،فقد كان عمرو بن حريث و خالد بن عرفطة من قادة ذلك الجيش.

أما رؤساء الانظمة فقد كانت الدولة لا تنتخب إلا من ذوي المكانة الاجتماعية المعروفين بالنجدة و البسالة و التجربة في الحرب و رؤساء الأرباع يكونون خاضعين للسلطة الحكومية،كما أن اتصال السلطة بالشعب يكون عن طريقهم، و نظرا لأهميتهم البالغة في المصر فقد كتب إليهم الإمام الحسين يدعوهم إلى

ص: 161

نصرته و الذب عنه.

العرافة:

و كانت الدولة تعتمد على العرفاء فكانوا يقومون بأمور القبائل و يوزعون عليهم العطاء كما كانوا يقومون بتنظيم السجلات العامة التي فيها أسماء الرجال و النساء و الأطفال،و تسجيل من يولد ليفرض له العطاء من الدولة،و حذف العطاء لمن يموت كما كانوا مسؤولين عن شؤون الأمن و النظام،و كانوا في أيام الحرب يندبون الناس للقتال و يحثّونهم على الحرب،و يخبرون السلطة بأسماء الذين يتخلّفون عن القتال و إذا قصّر العرفاء أو أهملوا واجباتهم فإن الحكومة تعاقبهم أقسى العقوبات و أشدها.

و من أهم الأسباب في تفرّق الناس عن مسلم هو قيام العرفاء في تخذيل الناس عن الثورة و إشاعة الإرهاب و الأراجيف بين الناس كما كانوا السبب الفعال في زج الناس و إخراجهم لحرب الإمام الحسين.

إلى هنا ينتهي بنا الحديث عن مظاهر الحياة الاجتماعية في الكوفة،و كان الإلمام بها من ضرورات البحث و ذلك لما لها من الأثر في إخفاق الثورة.

ص: 162

الطاغية ابن مرجانة:
اشارة

و لا بد لنا أن نتعرف على قائد الانقلاب الطاغية ابن مرجانة فنقف على نشأته و صفاته و مخططاته الرهيبة التي أدت إلى القضاء على الثورة،و إلى القراء ذلك.

ولادته:

ولد الطاغية سنة«39 ه»و قد ولد لخلق الكوارث و إشاعة الخطوب في الأرض، و على هذا فيكون عمره يوم قتله لريحانة رسول الله صلّى اللّه عليه و اله«21 سنة»و لم تعين المصادر التي بأيدينا المكان الذي ولد فيه.

أبواه:

أما أبوه فهو زياد بن سمية،و هو من عناصر الشر و الفساد في الأرض فقد سمل عيون الناس و صلبهم على جذوع النخل،و قتل على الظنة و التهمة و أخذ البرىء بذنب السقيم،و أغرق العراق بالحزن و الثكل و الحداد.

و أما أمه مرجانة فكانت مجوسية و قد عرفت بالبغي،و قد عرّض بها عبيد الله التميمي أمام ابنها عبيد الله فقال:إن عمر بن الخطاب كان يقول اللّهم إني أعوذ بك من الزانيات و أبناء الزانيات،فالتاع ابن زياد و ردّ عليه:إن عمر كان يقول:لم يقم جنين في بطن حمقاء تسعة أشهر إلا خرج مائقا،و فارق زياد مرجانة فتزوج بها شيروية.

ص: 163

نشأته:

نشأ الطاغية في بيت الجريمة،و قد قطع دور طفولته في بيت زوج أمه شيروية، و لم يكن مسلما و لما ترعرع أخذه أبوه زياد،و قد ربّاه على سفك الدماء و البطش بالناس،و ربّاه على الغدر و المكر،و قد ورث جميع صفات أبيه الشريرة من الظلم و التلذذ بالإساءة إلى الناس،و قد كان لا يقل قسوة عن أبيه،و قد قال الطاغية في بعض خطبه:

«أنا ابن زياد أشبهته من بين من وطأ الحصى،و لم ينتزعني شبه خال و لا ابن عم»لقد كان كأبيه في شدته و صرامته في الباطل و تنكره للحق.

صفاته:

أما صفاته النفسية فكان من أبرزها القسوة و التلذذ بسفك الدماء،و قد أخذ امرأة من الخوارج فقطع يديها و رجليها،و أمر بعرضها في السوق و وصفه الحسن البصري بأنه غلام سفيه سفك الدماء سفكا شديدا و يقول فيه مسلم بن عقيل:

«و يقتل النفس التي حرّم الله قتلها على الغضب و العداوة،و سوء الظن و هو يلهو و يلعب كأنه لم يصنع شيئا».

و كان متكبرا لا يسمع من أحد نصيحة،و قد دخل عليه الصحابي عائذ بن عمرو فقال له:

«أي بني إني سمعت رسول الله صلّى اللّه عليه و اله يقول:إن شر الدعاء الحطمة فإياك أن تكون منهم».

فلذعه قوله و صاح به:

«إجلس إنما أنت من نخالة أصحاب رسول الله صلّى اللّه عليه و اله».

ص: 164

فأنكر عليه عائذ و قال:«و هل كان فيهم نخالة؟إنما كانت النخالة بعدهم و في غيرهم».

و عرف في أثناء ولايته على البصرة بالغش للرعية و الخديعة لها،و قد نصحه معقل بن يسار أن يترك ذلك و قال له:إني سمعت رسول الله صلّى اللّه عليه و اله يقول:ما من عبد يسترعيه الله رعيته و يموت و هو غاش لرعيته إلا حرّم الله عليه الجنة هذه بعض نزعاته و صفاته النفسية أما صفاته الجسمية فقد كان منها ما يلي:

اللكنة:

و نشأ الطاغية في بيت أمه مرجانة،و لم تكن عربية فأخذ لكنتها،و لم يكن يفهم اللغة العربية،فقد قال لجماعة:«إفتحوا سيوفكم»و هو يريد سلّوا سيوفكم،و إلى هذا يشير يزيد بن المفرغ في هجائه له:

و يوم فتحت سيفك من بعيد أضعت و كل أمرك للضياع

و جرت بينه و بين سويد مشادة فقال له عبيد الله:

«إجلس على أست الأرض».

فسخر منه سويد و قال:

«ما كنت أحسب أن للأرض أستا».

و كان لا ينطق بالحاء و قد قال لهانىء:«أهروري ثائر اليوم»يريد أحروري، و كان يقلب العين همزة كما كان يقلب القاف كافا،فقد قال يوما:«من كاتلنا كاتلناه» يريد من قاتلنا قاتلناه.

نهمه في الطعام

و يقول المؤرخون:إنه كان نهما في الطعام فكان في كل يوم يأكل خمس أكلات

ص: 165

آخرها جنبة بغل و يوضع بين يديه بعد ما يفرغ عناق أو جدي فيأتي عليه وحده و كذلك كان مسرفا في النساء فقد بنى ليلة قدومه إلى الكوفة بأم نافع بنت عمارة بن عقبة بن أبي معيط هذه بعض صفاته الجسمية.

ولايته على البصرة

و أسند إليه معاوية إمارة البصرة و ولاه أمور المسلمين،و كان في ميعة الشباب و غروره و طيشه،و قد ساس البصرة كما ساسها أبوه فكان يقتل على الظنة و التهمة،و يأخذ البريء بالسقيم و المقبل بالمدبر،و قد وثق به معاوية و ارتضى سيرته،و كتب إليه بولاية الكوفة إلا أنه هلك قبل أن يبعث إليه بهذا العهد.

ص: 166

أحقاد يزيد على ابن مرجانة

و كان يزيد ناقما على ابن مرجانة،كأشد ما يكون الإنتقام لأمور كان من أهمها أن أباه زيادا كان من المنكرين على معاوية ولايته ليزيد،لاستهتاره،و إقباله على اللهو و المجون،و قد أراد يزيد أن يعزل عبيد الله من البصرة،و يجرّده من جميع الإمتيازات إلا أنه لما أعلن الإمام الحسين عليه السّلام الثورة و بعث سفيره مسلما لأخذ البيعة من أهل الكوفة أشار عليه سرجون بأن يقرّه على ولاية البصرة و يضم إليه الكوفة،و يندبه للقضاء على الثورة فاستجاب له يزيد،و قد خلص العراق بأسره لحكم ابن زياد فقبض عليه بيد من حديد،و اندفع كالمسعور للقضاء على الثورة ليحرز بذلك ثقة يزيد به،و ينال إخلاص البيت الأموي له.

ص: 167

مخططات الانقلاب

و بالرغم من حداثة سن ابن زياد فإنه كان من أمهر السياسيين في الانقلابات، و أكثرهم تغلبا على الأحداث و قد استطاع بغدره و مكره أن يسيطر على حامية الكوفة،و يقضي على جذور الثورة و يخمد نارها،و قد كانت أهم مخططاته ما يلي:

1-التجسس على مسلم و الوقوف على جميع شؤون الثورة.

2-نشر أوبئة الخوف،و قد أثار جوا من الفزع و الإرهاب لم تشهد له الكوفة نظيرا،و انشغل الناس بنفوسهم عن التدخل في أي شأن من الشؤون السياسية.

3-بذل المال للوجوه و الأشراف،و قد صاروا عملاء عنده يوجههم حيثما شاء، و قد أفسدوا عشائرهم و ألحقوا الهزيمة بجيش مسلم.

4-الإحتيال على هانىء بإلقاء القبض عليه،و هو أمنع شخصية في المصر،و قد قضى بذلك على أهم العناصر الفعالة في الثورة

هذه بعض المخططات الرهيبة التي استطاع أن يسيطر بها الطاغية على الموقف، و يقضي على الثورة و يزج حامية الكوفة إلى حرب ريحانة رسول الله صلّى اللّه عليه و اله.

ص: 168

مسلم بن عقيل

قال السيد القرشي:أما مسلم بن عقيل فكان من أعلام التقوى في الإسلام،و كان متحرّجا في دينه كأشد ما يكون التحرّج فلم يسلك أي منعطف في طريقه،و لا يقر أي وسيلة من وسائل المكر و الخداع،و إن توقّف عليها النصر السياسي شأنه في ذلك شأن عمه أمير المؤمنين عليه السّلام بالإضافة إلى ذلك أنه لم يبعث إلى الكوفة كوال مطلق حتى يتصرّف حسبما يراه،و إنما كانت مهمته محدودة و هي أخذ البيعة للإمام،و الاستطاع على حقيقة الكوفيين فإن رآهم مجتمعين بعث إلى الإمام الحسين بالقدوم إليهم،و لم يؤمر بغير ذلك،و قد أطلنا الحديث في هذه الجهة في البحوث السابقة.

و بهذا ينتهي بنا الحديث عن إخفاق ثورة مسلم التي كانت فاتحة لفاجعة كربلا، و مصدرا لآلامها العميقة (1).

ص: 169


1- حياة الإمام الحسين للقرشي:296/2-320.

الفهرس

بداية الإنحراف حكومة معاوية 3

سياسته الاقتصادية 4

الحرمان الاقتصادي 5

1-يثرب:5

2-العراق:7

3-مصر:8

الرفاه على الشام 8

استخدام المال في تدعيم ملكه:8

المنح الهائلة لأسرته 9

منح خراج مصر لعمرو 9

هبات الأموال للمؤيدين 10

شراء الأديان 10

عجز الخزينة المركزية 11

مصادرة أموال المواطنين 11

ضريبة النيروز 13

ص: 170

نهب الولاة و العمال 13

جباية الخراج 14

اصطفاء الذهب و الفضة 14

شل الحركة الإقتصادية 15

حجة معاوية 15

سياسة التفريق 16

اضطهاد الموالي 17

العصبية القبلية 18

سياسة البطش و الجبروت 19

احتقار الفقراء 21

سياسة الخداع 21

الخلاعة و المجون 25

إشاعة المجون في الحرمين 27

الاستخفاف بالقيم الدينية 27

استلحاق زياد 28

الحقد على النبي 30

تغيير الواقع الإسلامي 32

عزل أهل البيت عليهم السلام 33

حديث مفتعل على الحسين 36

سب الإمام أمير المؤمنين 37

ستر فضائل أهل البيت عليهم السلام 39

التحرج من ذكر الإمام 41

ص: 171

أذية الشيعة 42

القتل الجماعي 43

إبادة القوى الواعية 43

-1-حجر بن عدي 44

مذكرة الإمام الحسين 45

-2-رشيد الهجري 46

-3-عمرو بن الحمق الخزاعي 46

مذكرة الإمام الحسين 47

-4-أوفى بن حصن 48

-5-الحضرمي مع جماعته 48

إنكار الإمام الحسين 49

-6-جويرية العبدي 49

-7-صيفي بن فسيل 49

-8-عبد الرحمن 51

المروّعون من أعلام الشيعة 52

ترويع النساء 52

هدم دور الشيعة 53

حرمان الشيعة من العطاء 53

عدم قبول شهادة الشيعة 54

إبعاد الشيعة إلى خراسان 54

البيعة ليزيد 55

ولادة يزيد 55

ص: 172

نشأته 56

صفاته:56

ولعه بالصيد 57

شغفه بالقرود 57

إدمانه على الخمر 58

ندماؤه:59

نصيحة معاوية ليزيد 60

إقرار معاوية لاستهتار يزيد 61

حقد يزيد على النبي صلّى اللّه عليه و آله 62

بغض يزيد للأنصار 62

دعوة المغيرة لبيعة يزيد 64

تبرير معاوية 67

-1-أحمد دحلان 67

-2-الدكتور عبد المنعم:68

-3-حسين محمد يوسف:69

كلمة الحسن البصري 69

كلمة ابن رشد 70

دوافع معاوية 70

الوسائل الدبلوماسية في أخذ البيعة 71

-1-استخدام الشعراء 71

بذل الأموال للوجوه 73

مراسلة الولاة 73

ص: 173

وفود الأقطار الإسلامية:74

مؤتمر الوفود الإسلامية:74

المؤيدون للبيعة 74

خطاب الأحنف بن قيس 75

فشل المؤتمر 76

سفر معاوية ليثرب 76

اجتماع مغلق 77

كلمة معاوية:77

كلمة عبد الله بن عباس:78

كلمة عبد الله بن جعفر:78

كلمة عبد الله بن الزبير:79

كلمة عبد الله بن عمر:79

كلمة معاوية:80

فزع المسلمين:81

الجبهة المعارضة 82

1-الإمام الحسين:82

الحرمان الاقتصادي:82

2-عبد الرحمن بن أبي بكر:83

-3-عبد الله بن الزبير:83

-4-المنذر بن الزبير:83

-5-عبد الرحمن بن سعيد:83

-6-عابس بن سعيد:84

ص: 174

-7-عبد الله بن حنظلة:84

موقف الأسرة الأموية:85

-1-سعيد بن عثمان 85

-2-مروان بن الحكم 86

-3-زياد بن أبيه 86

إيقاع الخلاف بين الأمويين:87

تجميد البيعة:88

اغتيال الشخصيات الإسلامية:88

-1-سعد بن أبي وقاص 88

-2-عبد الرحمن بن خالد 88

-3-عبد الرحمن بن أبي بكر 89

-4-الإمام الحسن 89

إعلان البيعة رسميا ليزيد 91

مع المعارضين في يثرب:91

خطاب الإمام الحسين عليه السلام 92

إرغام المعارضين:94

موقف الإمام الحسين:94

وفود الأقطار الإسلامية:95

مذكرة مروان لمعاوية:95

جواب معاوية:95

رأي مروان في إبعاد الإمام:96

رسالة معاوية للحسين:96

ص: 175

جواب الإمام:97

صدى الرسالة:100

المؤتمر السياسي العام:100

رسالة جعدة للإمام:101

جواب الإمام:102

نصيحة الخدري للإمام 102

استيلاء الحسين على أموال للدولة:103

و أجابه معاوية:103

حديث موضوع:104

الحسين مع بني أمية:105

مرض معاوية:107

وصاياه:107

موت معاوية 110

حكومة يزيد 111

خطاب العرش 112

خطابه في أهل الشام 112

مع المعارضة في يثرب:113

الأوامر المشددة إلى الوليد:114

فزع الوليد 116

استشارته لمروان 117

رأي مروان:117

أضواء على موقف مروان:118

ص: 176

استدعاء الحسين:120

الحسين مع مروان:123

اتصال الوليد بدمشق:124

الأوامر المشددة من دمشق:124

رفض الوليد:125

وداع الحسين لقبر جده:125

رؤيا الحسين لجده:125

وداعه لقبر أمه و أخيه:127

فزع الهاشميات:127

مع أخيه ابن الحنفية:128

وصيته لابن الحنفية:129

الثورة الحسينية أسبابها و مخططاتها 132

إخفاق الثورة 134

المجتمع الكوفي:135

الظواهر الاجتماعية:136

التناقض في السلوك:136

الغدر و التذبذب:137

التمرد على الولاة:141

الانهزامية:142

مساوىء الأخلاق:142

الجشع و الطمع:144

التأثر بالدعايات:144

ص: 177

الحياة الاقتصادية:146

عناصر السكان:148

العرب:148

القبائل اليمنية:149

القبائل العدنانية:150

قبائل بني بكر:150

الروح القبلية:151

الفرس:152

الأنباط:153

السريانية:154

الأديان:154

-1-الإسلام 155

الخوارج:155

الحزب الأموي:157

الشيعة:157

النصارى:158

-1-نصارى تغلب 158

-2-نصارى نجران 159

اليهود:159

تنظيم الجيش:160

نظام الأسباع:160

العرافة:162

ص: 178

الطاغية ابن مرجانة:163

ولادته:163

أبواه:163

نشأته:164

صفاته:164

اللكنة:165

نهمه في الطعام 165

ولايته على البصرة 166

أحقاد يزيد على ابن مرجانة 167

مخططات الانقلاب 168

مسلم بن عقيل 169

ص: 179

المجلد 10

اشارة

الصحیح من سیرة الإمام الحسین بن علي علیه السلام

نویسنده: سید هاشم بحرانی - علامه سید مرتضی عسکری و سید محمد باقر شریف قرشی

ناشر: مؤسسة التاريخ العربي

مکان نشر: لبنان - بيروت

سال نشر: 2009م , 1430ق

چاپ:1

موضوع:اسلام، تاریخ

زبان:عربی

تعداد جلد:20

کد کنگره: /ع5ص3 41/4 BP

ص: 1

اشارة

ص: 2

الجزء العاشر(الأخبار بشهادة الحسين عليه السّلام و نصرته و عذاب و لعن خاذله)

إخبار اللّه تعالى أنبياءه و نبينا بشهادة الإمام الحسين

سعد بن عبد اللّه قال:سألت القائم عليه السّلام عن تأويل كهيعص قال عليه السّلام:هذه الحروف من أنباء الغيب أطلع اللّه عليها عبده زكريا ثم قصها على محمد عليه و آله السلام، و ذلك أن زكريا سأل اللّه ربه أن يعلّمه أسماء الخمسة فأهبط عليه جبرئيل عليه السّلام فعلّمه إياها،فكان زكريا إذا ذكر محمدا و عليا و فاطمة و الحسن عليهم السلام سري عنه همه،و انجلى كربه،و إذا ذكر اسم الحسين خنقته العبرة،و وقعت عليه البهرة، فقال عليه السّلام ذات يوم:إلهي ما بالي إذا ذكرت أربعة منهم تسليت بأسمائهم من همومي،و إذا ذكرت الحسين تدمع عيني و تثور زفرتي؟فأنبأه اللّه تبارك و تعالى عن قصته فقال:كهيعص،فالكاف اسم كربلا،و الهاء هلاك العترة الطاهرة،و الياء يزيد و هو ظالم الحسين،و العين عطشه،و الصاد صبره.

فلما سمع ذلك زكريا لم يفارق مسجده ثلاثة أيام،و منع فيهن الناس من الدخول عليه،و أقبل على البكاء و النحيب و كان يرثيه:إلهي أتفجع خير جميع خلقك بولده؟ إلهي أتحل كربة هذه المصيبة بساحتهما.

ثم كان يقول:إلهي ارزقني ولدا تقربه عيني على الكبر،فإذا رزقتنيه فافتني بحبه،ثم أفجعني به كما تفجع محمدا حبيبك بولده،فرزقه اللّه يحيى وفجعه به، و كان حمل يحيى ستة أشهر،و حمل الحسين عليه السّلام كذلك،الخبر (1).

بيان:سري عنه همه بضم السين و كسر الراء المشددة:انكشف و البهرة بالضم

ص: 3


1- بحار الأنوار:229/40-237 ح 1،و الاحتجاج:239.

تتابع النفس،و زفر:أخرج نفسه بعد مده إياه،و الزفرة و يضم التنفس كذلك.

عن ابن المتوكل،عن محمد العطار،عن ابن عيسى،عن علي بن الحكم،عن عمر بن حفص،عن زياد بن المنذر،عن سالم بن أبي جعدة قال:سمعت كعب الاحبار يقول:إن في كتابنا أن رجلا من ولد محمد رسول اللّه يقتل و لا يجف عرق دواب أصحابه حتى يدخلوا الجنة فيعانقوا الحور العين،فمر بنا الحسن عليه السّلام فقلنا:

هو هذا؟

قال:لا،فمر بنا الحسين فقلنا:هو هذا؟

قال:نعم (1).

أبي،عن سعد،عن ابن أبي الخطاب،عن نصر بن مزاحم،عن عمر بن سعد، عن أبي شعيب التغلبي،عن يحيى بن يمان،عن إمام لبني سليم،عن أشياخ لهم قالوا:غزونا بلاد الروم فدخلنا كنيسة من كنائسهم فوجدنا فيها مكتوبا:

أيرجو معشر قتلوا حسينا شفاعة جده يوم الحساب

قالوا:فسألنا منذكم هذا في كنيستكم؟قالوا:قبل أن يبعث نبيكم بثلاث مائة عام (2).

قال عفر بن نما في مثير الاحزان:روى النطنزي،عن جماعة،عن سليمان الاعمش قال:بينا أنا في الطواف أيام الموسم إذا رجل يقول:اللهم اغفرلي و أنا أعلم أنك لا تغفر،فسألته عن السبب فقال:كنت أحد الاربعين الذين حملوا رأس الحسين إلى يزيد على طريق الشام،فنزلنا أول مرحلة رحلنا من كربلا على دير للنصارى و الرأس مركوز على رمح،فوضعنا الطعام و نحن نأكل إذا بكف على حائط الدير يكتب عليه بقلم حديد سطرا بدم.3.

ص: 4


1- بحار الأنوار:229/40-237 ح 2،و أمالي الصدوق المجلس 29 الرقم 4.
2- بحار الأنوار:229/40-237 ح 3.

أترجوا أمة قتلت حسينا شفاعة جده يوم الحساب.

فجزعنا جزعا شديدا و أهوى بعضنا إلى الكف ليأخذه فغابت،فعاد أصحابي.

و حدّث عبد الرحمان بن مسلم،عن أبيه أنه قال:غزونا بلاد الروم فأتينا كنيسة من كنائسهم قريبة من القسطنطينية و عليها شيء مكتوب فسألنا أناسا من أهل الشام يقرأون بالرومية فإذا هو مكتوب هذا البيت.

و ذكر أبو عمرو الزاهد في كتاب الياقوت قال:قال عبد اللّه بن الصفار صاحب أبي حمزة الصوفي:غزونا غزاة و سبينا سبيا و كان فيهم شيخ من عقلاء النصارى فأكرمناه و أحسنا إليه فقال لنا:أخبرني أبي،عن آبائه أنهم حفروا في بلاد الروم حفرا قبل أن يبعث[محمد]العربي بثلاث مائة سنة فأصابوا حجرا عليه مكتوب بالمسند هذا البيت:

أترجو عصبة قتلت حسينا شفاعة جده يوم الحساب

و السند كلام أولاد شيث عليه السّلام (1).

أبي،عن حبيب بن الحسين التغلبي،عن عباد بن يعقوب،عن عمرو بن ثابت، عن أبي الجارود،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (2)قال:كان النبي صلّى اللّه عليه و اله في بيت أم سلمة فقال لها:لا يدخل علي أحد فجاء الحسين عليه السّلام و هو طفل فما ملكت معه شيئا حتى دخل على النبي فدخلت أم سلمة على أثره فإذا الحسين على صدره و إذا النبي يبكي و إذا في يده شيء يقلبه.

فقال النبي:يا أم سلمة إن هذا جبرئيل يخبرني أن هذا مقتول و هذه التربة التي يقتل عليها فضعيه عندك،فإذا صارت دما فقد قتل حبيبي،فقالت أم سلمة:يا رسول اللّه سل اللّه أن يدفع ذلك عنه؟م.

ص: 5


1- بحار الأنوار:229/40-237 ح 4.
2- في المصدر:عن أبي جعفر عليه السّلام.

قال:قد فعلت فأوحى اللّه عز و جل إلي أن له درجة لا ينالها أحد من المخلوقين، و أن له شيعة يشفعون فيشفعون،و أن المهدي من ولده فطوبى لمن كان من أولياء الحسين و شيعته هم و اللّه الفائزون يوم القيامة (1).

عن ابن عبدوس،عن ابن قتيبة،عن الفضل قال:سمت الرضا عليه السّلام يقول:لما أمر اللّه عز و جل إبراهيم عليه السّلام أن يذبح مكان ابنه إسماعيل الكبش الذي أنزله عليه تمنّى إبراهيم أن يكون قد ذبح ابنه إسماعيل بيده و أنه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه، ليرجع إلى قلبه ما يرجع إلى قلب الوالد الذي يذبح أعز ولده عليه بيده،فيستحق بذلك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب.

فأوحى اللّه عز و جل إليه:يا إبراهيم من أحب خلقي إليك؟

فقال:يا رب ما خلقت خلقا هو أحب إلي من حبيبك محمد،فأوحى اللّه إليه:أفهو أحب إليك أم نفسك؟

قال:بل هو أحب إلي من نفسي،قال:فولده أحب إليك أم ولدك؟

قال:بل ولده،قال:بذبح ولده ظلما على أيدي أعدائه أوجع لقلبك أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي؟

قال:يا رب بل ذبحه على أيدي أعدائه أوجع لقلبي.

قال:يا إبراهيم فإن طائفة تزعم أنها من أمة محمد ستقتل الحسين ابنه من بعده ظلما و عدوانا كما يذبح الكبش،و يستوجبون بذلك سخطي،فجزع إبراهيم لذلك و توجّع قلبه و أقبل يبكي،فأوحى اللّه عز و جل:يا إبراهيم قد فديت جزعك على ابنك إسماعيل لو ذبحته بيدك بجزعك على الحسين و قتله،و أوجبت لك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب و ذلك قول اللّه عز و جل: وَ فَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (2).

ص: 6


1- بحار الأنوار:229/40-237 ح 5،و المصدر المجلس 29 تحت الرقم 3.
2- سورة الصافات:107،بحار الأنوار:229/40-237 ح 6،و الحديث في عيون أخبار الرضا عليه السّلام باب 17،ج 209/1.

أقول:قد أورد على هذا الخبر إعضال و هو أنه إذا كان المراد بالذبح العظيم قتل الحسين عليه السّلام لا يكون المفدى عنه أجلّ رتبة من المفدى به فإن أئمتنا صلوات اللّه عليهم أشرف من أولي العزم عليهم السلام فكيف من غيرهم؟مع أن الظاهر من استعمال لفظ الفداء،التعويض عن الشيء بما دونه في الخطر و الشرف.و أجيب بأن الحسين عليه السّلام لما كان من أولاد إسماعيل فلو كان ذبح إسماعيل لم يوجد نبينا و كذا سائر الائمة و سائر الأنبياء عليهم السلام من ولد إسماعيل عليه السّلام فإذا عوّض من ذبح إسماعيل بذبح واحد من أسباطه و أولاده و هو الحسين عليه السّلام فكأنه عوّض عن ذبح الكل و عدم وجودهم بالكلية بذبح واحد من الأجزاء بخصوصه و لا شك في أن مرتبة كل السلسلة أعظم و أجل من مرتبة الجزء بخصوصه.

و أقول:ليس في الخبر أنه فدى إسماعيل بالحسين،بل فيه أنه فدى جزع إبراهيم على إسماعيل،بجزعه على الحسين عليه السّلام،و ظاهر أن الفداء على هذا ليس على معناه بل المراد التعويض،و لما كان أسفه على مافات منه من ثواب الجزع على ابنه، عوضّه اللّه بما هو أجل و أشرف و أكثر ثوابا،و هو الجزع على الحسين عليه السّلام.

و الحاصل أن شهادة الحسين عليه السّلام كان أمرا مقررا و لم يكن لرفع قتل إسماعيل حتى يرد الإشكال،و على ما ذكرنا فالآية تحتمل وجهين:الأول أن يقدر مضاف، أي فديناه بجزع مذبوح عظيم الشأن و الثاني أن يكون الباء سبيية أي فديناه بسبب مذبوح عظيم بأن جزع عليه و على التقديرين لا بد من تقدير مضاف أو تجوز في إسناد في قوله«فديناه و اللّه يعلم.

عن الصفار،عن ابن يزيد،عن ابن أبي عمير و محمد بن سنان،عمن ذكره،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إن إسماعيل الذي قال اللّه عز و جل في كتابه: وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ1.

ص: 7

إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَ كانَ رَسُولاً نَبِيًّا (1) لم يكن إسماعيل بن إبراهيم بل كان نبيا من الأنبياء،بعثه اللّه عز و جل إلى قومه فأخذوه فسلخوا فروة رأسه و وجهه،فأتاه ملك فقال:إن اللّه جل جلاله بعثني إليك فمرني بما شئت،فقال:لي أسوة بما يصنع بالحسين عليه السّلام (2).

عن أبي،عن سعد،عن ابن عيسى و ابن أبي الخطاب و ابن يزيد جميعا عن محمد ابن سنان مثله.

عن أبي،عن سعد،عن ابن يزيد،عن محمد بن سنان،عن عمار بن مروان عن سماعة،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أن إسماعيل كان رسولا نبيا سلّط عليه قومه فقشروا جلدة وجهه و فروة رأسه،فأتاه رسول من رب العالمين فقال له:

ربك يقرئك السلام و يقول:قد رأيت ما صنع بك،و قد أمرني بطاعتك فمرني بما شئت،فقال:يكون لي بالحسين بن علي أسوة (3).

عن أبي،عن سعد،عن ابن عيسى،و ابن أبي الخطاب و ابن يزيد جميعا،عن محمد بن سنان مثله.

عن محمد بن الحسن،عن أبيه،عن جده،عن علي بن مهزيار،عن محمد بن سنان،عمن ذكره،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله (4).

عن ابن حشيش،عن أبي المفضل الشيباني،عن محمد بن علي بن معمر عن ابن أبي الخطاب،عن ابن أبي عمير و محمد بن سنان،عن هارون بن خارجة،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سمعته يقول:بينا الحسين عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله إذ8.

ص: 8


1- سورة مريم:54،و الحديث في المصدر ج 1 ص 73.
2- بحار الأنوار:229/40-237 ح 7.
3- علل الشرائع ج 1 ص 73 و 74.
4- بحار الأنوار:229/40-237 ح 8.

أتاه جبرئيل فقال:يا محمد أتحبه؟

قال:نعم،قال:أما إن أمتك ستقتله فحزن رسول اللّه لذلك حزنا شديدا فقال جبرئيل:أيسرك أن أريك التربة التي يقتل فيها؟

قال:نعم،قال:فخسف جبرئيل ما بين مجلس رسول اللّه إلى كربلا حتى التقت القطعتان هكذا و جمع بين السبابتين فتناول بجناحيه من التربة فناولها رسول اللّه صلىّ اللّه عليه و آله ثم دحيت الأرض أسرع من طرف العين،فقال رسول اللّه:طوبى لك من تربة،و طوبى لمن يقتل فيك.

محمد بن جعفر الرزاز،عن محمد بن الحسين،عن محمد بن سنان مثله (1).

بيان:أقول قد بينت معنى التقاء القطعتين في باب أحوال بلقيس في كتاب النبوة (2).

عن محمد بن مسلمة،عن يونس بن أرقم،عن الاعمش،عن سالم بن أبي الجعد عن أنس بن مالك أن عظيما من عظاماء الملائكة استأذن ربه عز و جل في زيارة النبي فأذن له فبينما هو عنده إذ دخل عليه الحسين فقبله النبي و أجلسه في حجره فقال له الملك:أتحبه؟ض.

ص: 9


1- بحار الأنوار:229/40-237 ح 9.
2- عنه،عن أبي المفضل،عن ابن عقدة،عن إبراهيم بن عبد اللّه النحوي قال قدس سره في باب قصة سليمان مع بلقيس تحت الرقم 11،ج 14 ص 115،من الطبعة الحديثة:ظاهر اكثر تلك الأخبار ان الأرض التى كانت بينه و بين السرير انخسفت و تحركت الأرض التى كان السرير عليها،حتى أحضرته عنده. فإن قيل:كيف انخسفت الابنية التى كانت عليها؟قلنا:يحتمل أن تكون تلك الابنية تحرك بأمره تعالى يمينا و شمالا،و كذا ما عليها من الحيوانات و الاشجار و غيرها.و يمكن أن يكون حركة السرير من تحت الأرض بأن غار في الأرض و طويت و تكاثفت الطبقة التحتانية حتى خرج من تحت سريره ثم دحيت تلك الطبقة من تحت الأرض.

قال:أجل أشد الحب إنه ابني،قال له:إن أمتك ستقتله قال:أمتي تقتل ولدي؟

قال:نعم،و إن شئت أريتك من التربة التي يقتل عليها قال:نعم،فأراه تربة حمراء طيبة الريح،فقال:إذا صارت هذه التربة دما عبيطا فهو علامة قتل ابنك هذا.

قال سالم بن أبي الجعد:أخبرت أن الملك كان ميكائيل عليه السّلام (1).

عنه عن أبي المفضل،عن هاشم بن نقية الموصلي،عن جعفر بن محمد بن جعفر المدائني،عن زياد بن عبد اللّه المكاري،عن ليث بن أبي سليم،عن عبد اللّه المازني،عن زيد مولى زينب بنت جحش قالت:كان رسول اللّه ذات يوم عندي نائما فجاء الحسين فجعلت أعلله مخافة أن يوقظ النبي فغفلت عنه فدخل و أتبعته فوجدته قد قعد على بطن النبي صلّى اللّه عليه و اله فوضع زبيته في سرة النبي فجعل يبول عليه.

فأردت أن آخذه عنه فقال رسول اللّه:دعي ابني يا زينب حتى يفرغ من بوله،فلما فرغ توضأ النبي صلّى اللّه عليه و اله و قام يصلي فلما سجد ارتحله الحسين فلبث النبي صلّى اللّه عليه و آله حتى نزل فلما قام عاد الحسين فحمله حتى فرغ من صلاته.فبسط النبي يده و جعل يقول:أرني أرني يا جبرئيل،فقلت:يا رسول اللّه فقد رأيتك اليوم صنعت شيئا ما رأيتك صنعته قط قال:نعم،جاءني جبرئيل فعزاني في ابني الحسين و أخبرني أن أمتي تقتله و أتاني بتربة حمراء.

فقال زياد بن عبد اللّه:أنا شككت في اسم الشيخ حدير أو حدمر بن عبد اللّه (2)و قد أثنى عليه ليث خيرا و ذكر من فضله (3).

من تاريخ محمد النجار شيخ المحدثين بالمدرسة المستنصرية بإسناد مرفوع1.

ص: 10


1- بحار الأنوار:229/40-237 ح 10.
2- لم نر في كتب الرجال من يسمى حدمر نعم في القاموس:الحذمر بالكسر القصير،و لعل الصواب هو الأول حدير بالتصغير كما في الاصابة،و لعله أبو فوزة السلمى فراجع.
3- بحار الأنوار:229/40-237 ح 11.

إلى أنس بن مالك،عن النبي صلّى اللّه عليه و اله أنه قال:لما أراد اللّه أن يهلك قوم نوح أوحى إليه أن شق ألواح الساج،فلما شقّها لم يدر ما يصنع بها.

فهبط جبرئيل فأراه هيئة السفينة و معه تابوت به مائة ألف مسمار و تسعة و عشرون ألف مسمار فسمّر بالمسامير كلها السفينة إلى أن بقيت خمسة مسامير فضرب بيده إلى مسمار فأشرق بيده،و أضاء كما يضيئ الكوكب الدري في أفق السماء فتحير نوح،فأنطق اللّه المسمار بلسان طلق ذلق:أنا على اسم خير الأنبياء محمد بن عبد اللّه صلّى اللّه عليه و اله.

فهبط جبرئيل فقال له:يا جبرئيل ما هذا المسمار الذي ما رأيت مثله؟

فقال:هذا باسم سيد الأنبياء محمد بن عبد اللّه أسمره على أولها على جانب السفينة الايمن،ثم ضرب بيده إلى مسمار ثان فأشرق و أنار فقال نوح:و ما هذا المسمار؟

فقال:هذا مسمار أخيه و ابن عمه سيد الاوصياء علي بن أبي طالب فأسمره على جانب السفينة الايسر في أولها،ثم ضرب بيده إلى مسمار ثالث فزهر و أشرق و أنار فقال جبرئيل:هذا مسمار فاطمة فأسمره إلى جانب مسمار أبيها،ثم ضرب بيده إلى مسمار رابع فزهر و أنار،فقال جبرئيل:هذا مسمار الحسن فأسمره إلى جانب مسمار أبيه،ثم ضرب بيده إلى مسمار خامس فزهر و أنار و أظهر النداوة فقال جبرئيل:هذا مسمار الحسين فأسمره إلى جانب مسمار أبيه،فقال نوح:يا جبرئيل ما هذه النداوة؟

فقال:هذا الدم فذكر قصة الحسين عليه السّلام و ما تعمل الامة به،فلعن اللّه قاتله و ظالمه و خاذله (1).

عنه عن أبي المفضل،عن العباس بن خليل،عن محمد بن هاشم،عن سويد بن2.

ص: 11


1- بحار الأنوار:229/40-237 ح 12.

عبد العزيز،عن داود بن عيسى الكوفي،عن عمارة بن عرية،عن محمد بن إبراهيم التيمي،عن أبي سلمة،عن عائشة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله أجلس حسينا على فخذه و جعل يقبله،فقال جبرئيل:أتحب ابنك هذا؟

قال:نعم،قال:فإن أمتك ستقتله بعدك،فدمعت عينا رسول اللّه فقال له:إن شئت أريتك من تربته التي يقتل عليها؟

قال:نعم،فأراه جبرئيل ترابا من تراب الأرض التي يقتل عليها و قال:تدعى الطف (1).

عنه،عن الحسين بن الحسن بن عامر،عن محمد بن دليل بن بشر عن علي بن سهل،عن مؤمل،عن عمارة بن زاذان،عن ثابت،عن أنس أن ملك المطر استأذن أن يأتي رسول اللّه فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله لأم سلمة:أملكي علينا الباب لا يدخل علينا أحد فجاء الحسين ليدخل فمنعته فوثب حتى دخل فجعل يثب على منكبي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و يقعد عليهما.

فقال له الملك:أتحبه؟

قال:نعم،قال،فإن أمتك ستقتله،و إن شئت أريتك المكان الذي يقتل فيه،فمد يده فإذا طينة حمراء.فأخذتها أم سلمة فصيرتها إلى طرف خمارها قال ثابت:

فبلغنا أنه المكان الذي قتل به بكربلا (2).

محمد بن جعفر الرزاز،عن ابن أبي الخطاب،عن محمد بن سنان عن سعيد بن يسار أو غيره قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام:يقول:لما أن هبط جبرئيل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بقتل الحسين،أخذ بيد علي فخلابه مليا من النهار فغلبتهما عبرة فلم يتفرقا حتى هبط عليهما جبرئيل أو قال:رسول اللّه رب العالمين،فقال لهما:ربكما4.

ص: 12


1- بحار الأنوار:229/40-237 ح 13.
2- بحار الأنوار:229/40-237 ح 14.

يقرئكما السلام و يقول:قد عزمت عليكما لما صبرتما قال:فصبرا (1).

عن أبي،عن سعد،عن ابن يزيد،عن ابن سنان،عن سعيد مثله (2).

عن أبي،عن سعد،عن ابن عيسى،عن الوشاء،عن أحمد بن عائذ عن سالم بن مكرم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:لما حملت فاطمة بالحسين عليه السّلام جاء جبرئيل إلى رسول اللّه فقال:إن فاطمة ستلد ولدا تقتله أمتك من بعدك،فلما حملت فاطمة الحسين كرهت حمله و حين وضعته كرهت وضعه ثم قال أبو عبد اللّه عله السلام:

هل رأيتم في الدنيا أما تلد غلاما فتكرهه و لكنها كرهته لأنها علمت أنه سيقتل قال:

و فيه نزلت هذه الآية: وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً (3).

بيان:قوله عليه السّلام لما حملت لعل المعنى قرب حملها أو المراد بقوله«جاء جبرئيل»مجيئه قبل ذلك أو بقوله حملت ثانيا شعرت به و لعله على هذا التأويل الباء في قوله بوالديه للسببية،و حسنا مفعول وصينا و في بعض القراءات حسنا بالتحريك فهو صفة لمصدر محذوف أي إيصاء حسنا،فعلى هذا يحتمل أن يكون المراد بقوله وصينا جعلناه وصيا قال في مجمع البيان:قرأ أهل الكوفة إحسانا و الباقون حسنا و روي عن علي عليه السّلام و أبي عبد الرحمان السمني حسنا بفتح الحاء و السين انتهى.و الوالدان رسول اللّه و أمير المؤمنين كما في سائر الأخبار و يحتمل الظاهر أيضا.

محمد بن جعفر الرزاز،عن ابن أبي الخطاب،عن محمد بن عمرو بن سعيد،عن6.

ص: 13


1- المصدر ص 55 و هكذا ما يليه.
2- بحار الأنوار:229/40-237 ح 15.
3- سورة الأحقاف:15،بحار الأنوار:229/40-237 ح 16،و الحديث في كامل الزيارات ص 55 و 56.

رجل من أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أن جبرئيل نزل على محمد صلّى اللّه عليه و اله فقال:يا محمد إن اللّه يقرأ عليك السلام،و يبشرك بمولود يولد من فاطمة عليها السّلام تقتله أمتك من بعدك،فقال:يا جبرئيل و على ربي السلام لا حاجة لي في مولود يولد من فاطمة تقتله أمتي من بعدي،قال:فعرج جبرئيل ثم هبط فقال له مثل ذلك فقال:يا جبرئيل و على ربي السلام لا حاجة لي في مولود تقتله أمتي من بعدي فعرج جبرئيل إلى السماء ثم هبط فقال له:يا محمد إن ربك يقرئك السلام و يبشرك أنه جاعل في ذريته الامامة و الولاية و الوصية فقال:قد رضيت.

ثم أرسل إلى فاطمة:أن اللّه يبشرني بمولود يولد منك تقتله أمتي من بعدي فأرسلت إليه:أن لا حاجة لي في مولود يولد مني تقتله أمتك من بعدك فأرسل إليها أن اللّه جاعل في ذريته الامامة و الولاية و الوصية فأرسلت إليه أني قد رضيت حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَ عَلى والِدَيَّ وَ أَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَ أَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي (1)فلو أنه قال:أصلح لي ذريتي لكانت ذريته كلهم أئمة.

و لم يرضع الحسين عليه السّلام من فاطمة و لا من أنثى و لكنه كان يؤتى به النبي فيضع إبهامه في فيه فيمص منها ما يكفيه اليومين و الثلاثة،فينبت لحم الحسين من لحم رسول اللّه،و دمه،و لم يولد مولود لستة أشهر إلا عيسى ابن مريم و الحسين بن علي عليهم السلام (2).

عن سعد،عن محمد بن حماد،عن أخيه أحمد،عن محمد بن عبد اللّه،عن أبيه قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:أتى جبرئيل رسول اللّه فقال له:السلام عليك يا7.

ص: 14


1- سورة الأحقاف:15 و الحديث في المصدر ص 57.
2- بحار الأنوار:229/40-237 ح 17.

محمد ألا أبشرك بغلام تقتله أمتك من بعدك؟

فقال:لا حاجة لي فيه[قال:فانقض إلى السماء ثم عاد إليه الثانية فقال مثل ذلك فقال:لا حاجة لي فيه فانعرج إلى السماء ثم انقض عليه الثالثة فقال له مثل ذلك فقال:

لا حاجة لي فيه] (1).

فقال:إن ربك جاعل الوصية في عقبه فقال:نعم.

ثم قام رسول اللّه فدخل على فاطمة فقال لها:إن جبرئيل أتاني فبشرني بغلام تقتله أمتي من بعدي فقالت:لا حاجة لي فيه،فقال لها:إن ربي جاعل الوصية في عقبه فقالت:نعم،إذن.

قال:فأنزل اللّه تبارك و تعالى عند ذلك هذه الآية فيه حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً لموضع إعلام جبرئيل إياها بقتله،فحملته كرها بأنه مقتول،و وضعته كرها لأنه مقتول (2).

عن أبي و ابن الوليد معا،عن الصفار،عن ابن عيسى،عن ابن فضال عن ابن بكير،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:دخلت فاطمة على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و عيناه تدمع فسألته مالك؟

فقال:إن جبرئيل أخبرني أن أمتي تقتل حسينا،فجزعت و شق عليها،فأخبرها بمن يملك من ولدها فطابت نفسها و سكنت (3).

عن ابن الوليد،عن سعد،عن اليقطيني،عن صفوان،عن الحسين بن أبي غندر، عن عمرو بن شمر،عن جابر،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قال أمير المؤمنين عليه السّلام:زارنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و قد أهدت لنا أم أيمن لبنا و زبدا و تمرا فقدّمنا منه فأكل ثم قام إلى9.

ص: 15


1- ما بين العلامتين ساقط عن نسخة الكمبانى.راجع المصدر ص 56.
2- بحار الأنوار:229/40 الى ص 237 ح 18.
3- بحار الأنوار:229/40-237 ح 19.

زاوية البيت فصلى ركعات فلما كان في آخر سجوده بكى بكاء شديدا فلم يسأله أحد منا إجلالا و إعظاما له.

فقام الحسين في حجره و قال له:يا أبه لقد دخلت بيتنا فما سررنا بشيء كسرورنا بدخولك ثم بكيت بكاء غمنا فما أبكاك؟

فقال:يا بني أتاني جبرئيل عليه السّلام آنفا فأخبرني أنكم قتلى،و أن مصارعكم شتى فقال:يا أبه فما لمن يزور قبورنا،على تشتتها؟

فقال:يا بني أولئك طوائف من أمتي يزورونكم فيلتمسون بذلك البركة،و حقيق علي أن آتيهم يوم القيامة حتى أخلّصهم من أهوال الساعة من ذنوبهم و يسكنهم اللّه الجنة (1).

الحسين بن إبراهيم القزويني،عن محمد بن وهبان،عن علي بن حبيش عن ا لعباس بن محمد بن الحسين،عن أبيه،عن صفوان مثله.

ابن الوليد،عن محمد بن أبي القاسم،عن محمد بن علي القرشي،عن عبيد بن يحيى الثوري،عن محمد بن الحسين بن علي بن الحسين،عن أبيه،عن جده عن علي بن أبي طالب عليه السّلام قال:زارنا رسول اللّه ذات يوم فقدمنا إليه طعاما و أهدت إلينا أم أيمن صحفة من تمر وقعبا من لبن و زبد،فقدّمنا إليه فأكل منه فلما فرغ قمت فسكبت على يده ماء فلما غسل يده مسح وجهه و لحيته ببلة يديه ثم قام إلى مسجد في جانب البيت فخر ساجدا فبكى فأطال البكاء ثم رفع رأسه فما اجترأ منا أهل البيت أحد يسأله عن شيء.

فقام الحسين يدرج حتى يصعد على فخذي رسول اللّه فأخذ برأسه إلى صدره و وضع ذقنه على رأس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله ثم قال:يا أبه ما يبكيك؟

فقال:يا بني إني نظرت إليكم اليوم فسررت بكم سرورا لم أسر بكم مثله قط،0.

ص: 16


1- بحار الأنوار:229/40-237 ح 20.

فهبط إلي جبرئيل فأخبرني أنكم قتلى،و أن مصارعكم شتى،فحمدت اللّه على ذلك، و سألته لكم الخيرة.

فقال له:يا أبه!فمن يزور قبورنا و يتعاهدها على تشتتها؟

قال:طوائف من أمتي يريدون بذلك بري وصلتي،أتعاهدهم في الموقف و آخذ بأعضادهم فأنجيهم من أهواله و شدائده (1).

أبي،عن سعد،عن ابن عيسى،عن الاهوازي،عن النضر،عن يحيى الحلبي، عن هارون بن خارجة،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إن جبرئيل أتى رسول اللّه و الحسين يلعب بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فأخبره أن أمته ستقتله،قال:

فجزع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال:ألا اريك التربة التي يقتل فيها؟

قال:فخسف ما بين مجلس رسول اللّه إلى المكان الذي قتل فيه حتى التقت القطعتان فأخذ منها و دحيت في أسرع من طرفة العين فخرج (2)و هو يقول:طوبى لك من تربة و طوبى لمن يقتل حولك.

قال:و كذلك صنع صاحب سليمان تكلم باسم اللّه الاعظم فخسف ما بين سرير سليمان و بين العرش من سهولة الأرض و حزونتها حتى التقت القطعتان فاجتر العرش قال سليمان:يخيل إلي أنه خرج من تحت سريري قال:و دحيت في أسرع من طرفة العين (3).

أبي،عن سعد،عن محمد بن عبد الحميد،عن أبي جميلة،عن زيد الشحام،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:نعى جبرئيل عليه السّلام الحسين عليه السّلام إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في بيت أم2.

ص: 17


1- كامل الزيارات ص 58،و بحار الأنوار:229/40-237 ح 21.
2- كذا في نسخة الأصل نسخة المصنف و هكذا المصدر ص 59 و فى نسخة كمباني:فجزع و هو تصحيف.
3- بحار الأنوار:229/40-237 ح 22.

سلمة فدخل عليه الحسين و جبرئيل عنده،فقال:إن هذا تقتله أمتك فقال رسول اللّه:

أرني من التربة التي يسفك فيها دمه،فتناول جبرئيل قبضة من تلك التربة فإذا هي تربة حمراء (1).

أبي،عن سعد،عن علي بن إسماعيل و ابن أبي الخطاب و ابن هاشم جميعا،عن عثمان بن عيسى،عن سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله و زاد فيه:فلم تزل عند أم سلمة حتى ماتت رحمها اللّه (2).

أبي،عن سعد،عن محمد بن الوليد الخزاز،عن حماد بن عثمان عن عبد الملك ابن أعين قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:إن رسول اللّه كان في بيت أم سلمة و عنده جبرئيل فدخل عليه الحسين فقال له جبرئيل:إن أمتك تقتل ابنك هذا،ألا اريك من تربة الأرض التي يقتل فيها؟

فقال رسول اللّه:نعم،فأهوى جبرئيل بيده و قبض قبضة منها فأراها النبي صلّى اللّه عليه و آله (3).

أبي،عن سعد،عن ابن عيسى،عن الوشاء،عن أحمد بن عائذ عن أبي خديجة، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:لما ولدت فاطمة الحسين جاء جبرئيل إلى رسول اللّه فقال له:إن أمتك تقتل الحسين من بعدك،ثم قال:ألا اريك من تربتها؟فضرب بجناحه فأخرج من تربة كربلاء فأراه إياها ثم قال:هذه التربة التي يقتل عليها (4).

أحمد بن عبد اللّه بن علي،عن جعفر بن سليمان،عن أبيه،عن عبد الرحمان الغنوي،عن سليمان قال:و هل بقي في السماوات ملك لم ينزل إلى رسول اللّه يعزيه6.

ص: 18


1- بحار الأنوار:229/40-237 ح 23.
2- بحار الأنوار:229/40-237 ح 24.
3- بحار الأنوار:229/40-237 ح 25.
4- بحار الأنوار:229/40-237 ح 26.

في ولده الحسين؟و يخبره بثواب اللّه إياه،و يحمل إليه تربته مصروعا عليها، مذبوحا مقتولا،طريحا مخذولا،فقال رسول اللّه:اللهم اخذل من خذله،و اقتل، و اذبح من ذبحه،و لا تمتعه بما طلب.

قال عبد الرحمان:و اللّه لقد عوجل الملعون يزيد،و لم يتمتع بعد قتله و لقد أخذ مغافصة بات سكرانا و أصبح ميتا متغيرا،كأنه مطلي بقار،أخذ على أسف و ما بقي أحد ممن تابعه على قتله أو كان في محاربته إلا أصابه جنون أو جذام أو برص و صار ذلك وراثة في نسلهم لعنهم اللّه.

عن عبيد اللّه بن الفضل،عن جعفر بن سليمان مثله (1).

الحسين بن علي الزعفراني،عن محمد بن عمرو الاسلمي،عن عمرو بن عبد اللّه ابن عنبسة،عن محمد بن عبد اللّه بن عمرو،عن أبيه،عن ابن عباس قال:الملك الذي جاء إلى محمد صلّى اللّه عليه و اله يخبره بقتل الحسين كان جبرئيل الروح الامين منشور الاجنحة،باكيا صارخا قد حمل من تربته،و هو يفوح كالمسك فقال رسول اللّه:

و تفلح أمة تقتل فرخي؟أو قال:فرخ ابنتي؟

قال جبرئيل:يضربها اللّه بالاختلاف فيختلف قلوبهم.

عن عبيد اللّه بن الفضل بن هلال،عن محمد بن عمرة الاسلمي،عن عمر بن عبد اللّه بن عنبسة مثله (2).

محمد بن جعفر الرزاز،عن ابن أبي الخطاب،و أحمد بن الحسن بن فضال،عن الحسن بن فضال،عن مروان بن مسلم،عن بريد العجلي قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

يا ابن رسول اللّه أخبرني عن إسماعيل الذي ذكره اللّه في كتابه حيث يقول: وَ اذْكُرْ7.

ص: 19


1- بحار الأنوار:229/40-237 ح 27.
2- بحار الأنوار:229/40-237 ح 27.

فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَ كانَ رَسُولاً نَبِيًّا (1) أكان إسماعيل بن إبراهيم عليهما السّلام فإن الناس يزعمون أنه إسماعيل بن إبراهيم.

فقال عليه السّلام:إن إسماعيل مات قبل إبراهيم و إن إبراهيم كان حجة للّه قائدا صاحب شريعة فإلى من ارسل إسماعيل إذن؟

قلت:فمن كان جعلت فداك؟

قال ذاك إسماعيل بن حزقيل النبي بعثه اللّه إلى قومه فكذبوه و قتلوه و سلخوا وجهه فغضب اللّه عليهم[له]فوجّه إليه سطاطائيل ملك العذاب فقال له:يا إسماعيل أنا سطاطائيل ملك العذاب وجّهني رب العزة إليك لأعذّب قومك بأنواع العذاب إن شئت فقال له إسماعيل:لا حاجة لي في ذلك يا سطاطائيل.

فأوحى اللّه إليه فما حاجتك يا إسماعيل؟

فقال إسماعيل:يا رب إنك أخذت الميثاق لنفسك بالربوبية،و لمحمد بالنبوة، و لأوصيائه بالولاية،و أخبرت خلقك بما تفعل أمته بالحسين بن علي عليهما السّلام من بعد نبيها،و إنك وعدت الحسين أن تكرّه إلى الدنيا حتى ينتقم بنفسه ممن فعل ذلك به، فحاجتي إليك يا رب أن تكرّني إلى الدنيا حتى أنتقم ممن فعل ذلك بي ما فعل،كما تكرّ الحسين فوعد اللّه إسماعيل بن حزقيل ذلك،فهو يكرّ مع الحسين بن علي عليهما السّلام (2).

أبي،عن سعد،عن اليقطيني،عن محمد بن سنان،عن أبي سعيد القماط،عن ابن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في منزل فاطمة و الحسين في حجره إذ بكى و خر ساجدا ثم قال:يا فاطمة يا بنت محمد إن العلي إلا على تراءى الي في بيتك هذا ساعتي هذه في أحسن صورة و أهيأ هيئة و قال لي:يا8.

ص: 20


1- سورة مريم:54.
2- بحار الأنوار:229/40-237 ح 28.

محمد أتحب الحسين؟

فقلت:نعم قرة عيني،و ريحانتي،و ثمرة فؤادي،و جلدة ما بين عيني،فقال لي:

يا محمد و وضع يده على رأس الحسين بورك من مولود عليه بركاتي و صلواتي و رحمتي و رضواني،و لعنتي و سخطي و عذابي و خزيي و نكالي على من قتله و ناصبه و ناوأه و نازعه،أما إنه سيد الشهداء من الأولين و الآخرين في الدنيا و الآخرة و سيد شباب أهل الجنة من الخلق أجمعين و أبوه أفضل منه و خير فأقرئه السلام و بشره بأنه راية الهدى،و منار أوليائي و حفيظي و شهيدي على خلقي و خازن علمي و حجتي على أهل السماوات و أهل الارضين و الثقلين الجن و الانس (1).

بيان:«إن العلي الاعلى»أي رسوله جبرئيل أو يكون الترائي كناية عن غاية الظهور العلمي،و حسن الصورة كناية عن ظهور صفات كماله تعالى له،و وضع اليد كناية عن إفاضة الرحمة.

روى الاوزاعي،عن عبد اللّه بن شداد،عن أم الفضل بنت الحارث أنها دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقالت:يا رسول اللّه رأيت الليلة حلما منكرا قال:و ما هو؟

قالت:إنه شديد،قال:و ما هو؟

قالت:رأيت كأن قطعة من جسدك قد قطعت و وضعت في حجري فقال رسول اللّه:خيرا رأيت تلد فاطمة غلاما فيكون في حجرك.

فولدت فاطمة عليهما السّلام الحسين عليه السّلام قالت:و كان في حجري كما قال رسول اللّه فدخلت به يوما على النبي فوضعته في حجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله ثم حانت مني التفاتة، فإذا عينا رسول اللّه تهرقان بالدموع،فقلت:بأبي أنت و أمي يا رسول اللّه مالك؟

قال:أتاني جبرئيل فأخبرني أن أمتي تقتل ابني هذا و أتاني بتربة حمراء من9.

ص: 21


1- المصدر ص 67،و بحار الأنوار:237/40-245 ح 29.

تربته (1).

روى سماك،عن ابن المخارق،عن أم سلمة قالت:بينا رسول اللّه ذات يوم جالسا و الحسين جالس في حجره إذ هملت عيناه بالدموع،فقلت[له]يا رسول اللّه ما لي أراك تبكي جعلت فداك؟

قال:جاءني جبرئيل فعزاني بابني الحسين و أخبرني أن طائفة من أمتي تقتله، لا أنالها اللّه شفاعتي.

و روي بإسناد آخر عن أم سلمة رضي اللّه عنها أنها قالت:خرج رسول اللّه من عندنا ذات ليلة فغاب عنا طويلا،ثم جاءنا و هو أشعث أغبر،و يده مضمومة فقلت له:يا رسول اللّه ما لي أراك شعثا مغبرا؟

فقال:أسري بي في هذا الوقت إلى موضع من العراق يقال له كربلا فأريت فيه مصرع الحسين ابني و جماعة من ولدي و أهل بيتي فلم أزل ألقط دماءهم فها هو في يدي و بسطها إلي فقال:خذيها فاحتفظي بها فأخذتها فإذا هي شبه تراب أحمر، فوضعته في قارورة و شددت رأسها و احتفظت بها.

فلما خرج الحسين عليه السّلام من مكة متوجها نحو العراق كنت أخرج تلك القارورة في كل يوم و ليلة و أشمها و أنظر إليها ثم أبكي لمصابه،فلما كان[في]اليوم العاشر من المحرم و هو اليوم الذي قتل فيه عليه السّلام أخرجتها في أول النهار و هي بحالها ثم عدت إليها آخر النهار فإذا هي دم عبيط فصحت في بيتي و بكيت و كظمت غيظي مخافة أن يسمع أعداؤهم بالمدينة فيتسرعوا بالشماتة فلم أزل حافظة للوقت و اليوم حتى جاء الناعي ينعاه فحقق ما رأيت (2).1.

ص: 22


1- بحار الأنوار:237/40-245 ح 30،و إرشاد المفيد ص 234.
2- بحار الأنوار:237/40-245 ح 31.

قال سعد بن أبي وقاص:إن قس بن ساعدة الأيادي (1)قال قبل مبعث النبي:

تخلف المقدار منهم عصبة ثاروا بصفين و في يوم الجمل و التزم الثار الحسين بعده و احتشدوا على ابنه حتى قتل (2).

بيان:«تخلف المقدار»أي جازوا قدرهم و تعدوا طورهم،أو كثروا حتى لا يحيط بهم مقدار و عدد،قوله:ثاروا من الثوران أو من الثأر من قولهم ثأرت القتيل أي قتلت قاتله،فإنهم كانوا يدّعون طلب دم عثمان و من قتل منهم في غزوات الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و آله و يؤيده قوله:و التزم الثار أي طلبوا الثأر بعد ذلك من الحسين عليه السّلام لأجل من قتل منهم في الجمل و صفين و غير ذلك،أو المعنى أنهم قتلوه حتى لزم ثأره (3).

باسناده عن حذيفة،عن النبي صلّى اللّه عليه و اله قال:لما أسري بي أخذ جبرئيل بيدي فأدخلني الجنة،و أنا مسرور فإذا أنا بشجرة من نور مكللة بالنور،في أصلها ملكان يطويان الحلي و الحلل إلى يوم القيامة،ثم تقدمت أمامي فإذا أنا بتفاح لم أر تفاحا هو أعظم منه،فأخذت واحدة ففلقتها فخرجت علي منها حوراء كأن أجفانها مقاديم أجنحة النسور،فقلت:لمن أنت؟فبكت و قال:لابنك المقتول ظلما الحسين ابن علي بن أبي طالب.

ثم تقدمت أمامي فإذا أنا برطب ألين من الزبد،و أحلى من العسل،فأخذت رطبة2.

ص: 23


1- هو قس بن ساعدة بن جذامة بن زفر بن اياد بن نزار الايادي،البليغ الخطيب المشهور،مات قبل البعثة و ذكره أبو حاتم السجستانى في المعمرين و قال انه عاش ثلاث مائة و ثمانين سنة،و قيل انه عاش ستمائة سنة و هو أول من آمن بالبعث من أهل الجاهلية،و أول من كتب من فلان إلى فلان و أول من توكأ على عصا في الخطبة،و أول من قال أما بعد،و في رواية ابن الكلبى انه قال في خطبة له:لو على الأرض دين افضل من دين قد أظلكم زمانه و أدرككم أوانه،فطوبى لمن أدركه فاتبعه، و ويل لمن خالفه،و فيه قال رسول اللّه يرحم اللّه قسا انى لارجو يوم القيامة أن يبعث أمة وحده.
2- مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 62.
3- بحار الأنوار:237/40-245 ح 32.

فأكلتها و أنا أشتهيها فتحولت الرطبة نطفة في صلبي،فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ففاطمة حوراء إنسية فإذا اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي فاطمة (1).

أقول:قد مضى كثير من الأخبار في ذلك في باب ولادته صلوات اللّه عليه.

و روي في بعض كتب المناقب المعتبرة،عن الحسن بن أحمد الهمداني عن أبي علي الحداد،عن محمد بن أحمد الكاتب،عن عبد اللّه بن محمد،عن أحمد بن عمرو، عن إبراهيم بن سعيد،عن محمد بن جعفر بن محمد،عن عبد الرحمن بن محمد بن عمر بن أبي سلمة،عن أبيه،عن جده،عن أم سلمة قالت:جاء جبرئيل إلى النبي صلّى اللّه عليه و اله فقال:إن أمتك تقتله يعني الحسين بعدك ثم قال:ألا أريك من تربته؟

قالت:فجاء بحصيات فجعلهن رسول اللّه في قارورة فلما كان ليلة قتل الحسين قالت أم سلمة:سمعت قائلا يقول:أيها القاتلون جهلا حسينا أبشروا بالعذاب و التنكيل قد لعنتم على لسان داود و موسى و صاحب الانجيل قالت:فبكيت ففتحت القارورة فإذا قد حدث فيها دم (2).

و روي في مؤلفات بعض الاصحاب عن أم سلمة قالت:دخل رسول اللّه ذات يوم و دخل في أثره الحسن و الحسين عليهما السّلام و جلسا إلى جانبيه فأخذ الحسن على ركبته اليمني،و الحسين على ركبته اليسرى،و جعل يقبل هذا تارة و هذا اخرى و إذا بجبرئيل قد نزل و قال:يا رسول اللّه إنك لتحب الحسن و الحسين؟

فقال:و كيف لا أحبهما و هما ريحانتاي من الدنيا و قرتا عيني.

فقال جبرئيل:يا نبي اللّه إن اللّه قد حكم عليهما بأمر فاصبر له،فقال:و ما هو يا أخي؟4.

ص: 24


1- بحار الأنوار:237/40-245 ح 33،و تفسير فرات ص 10 و الحديث مختصر.
2- بحار الأنوار:237/40-245 ح 34.

فقال:قد حكم على هذا الحسن أن يموت مسموما،و على هذا الحسين أن يموت مذبوحا و إن لكل نبي دعوة مستجابة،فإن شئت كانت دعوتك لولديك الحسن و الحسين فادع اللّه أن يسلّمهما من السم و القتل،و إن شئت كانت مصيبتهما ذخيرة في شفاعتك للعصاة من أمتك يوم القيامة.

فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله:يا جبرئيل أنا راض بحكم ربي لا أريد إلا ما يريده،و قد أحببت أن تكون دعوتي ذخيرة لشفاعتي في العصاة من أمتي و يقضي اللّه في ولدي ما يشاء (1).

و روي أن رسول اللّه كان يوما مع جماعة من أصحابه مارا في بعض الطريق، و إذا هم بصبيان يلعبون في ذلك الطريق،فجلس النبي صلّى اللّه عليه و اله عند صبي منهم و جعل يقبل ما بين عينيه و يلاطفه،ثم أقعده على حجره و كان يكثر تقبيله،فسئل عن علة ذلك،فقال صلّى اللّه عليه و اله:إني رأيت هذا الصبي يوما يلعب مع الحسين و رأيته يرفع التراب من تحت قدميه،و يمسح به وجهه و عينيه،فأنا أحبه لحبه لولدي الحسين،و لقد أخبرني جبرئيل أنه يكون من أنصاره في وقعة كربلا (2).

و روي مرسلا أن آدم لما هبط إلى الأرض لم يرحواء فصار يطوف الأرض في طلبها فمر بكربلا فاغتم،و ضاق صدره من غير سبب،و عثر في الموضع الذي قتل فيه الحسين،حتى سال الدم من رجله،فرفع رأسه إلى السماء و قال:إلهي هل حدث مني ذنب آخر فعاقبتني به؟فإني طفت جميع الأرض،و ما أصابني سوء مثل ما أصابني في هذه الأرض.فأوحى اللّه إليه يا آدم ما حدث منك ذنب،و لكن يقتل في هذه الأرض ولدك الحسين ظلما فسال دمك موافقة لدمه،فقال آدم:يا رب أيكون الحسين نبيا قال:لا،و لكنه سبط النبي محمد،فقال:و من القاتل له؟6.

ص: 25


1- بحار الأنوار:237/40-245 ح 35.
2- بحار الأنوار:237/40-245 ح 36.

قال:قاتله يزيد لعين أهل السماوات و الأرض،فقال آدم:فأي شيء أصنع يا جبرئيل؟

فقال:إلعنه يا آدم فلعنه أربع مرات و مشى خطوات إلى جبل عرفات فوجد حواء هناك (1).

و روي أن نوحا لما ركب في السفينة طافت به جميع الدنيا فلما مرت بكربلا أخذته الأرض،و خاف نوح الغرق فدعى ربه و قال:إلهي طفت جميع الدنيا و ما أصابني فزع مثل ما أصابني في هذه الأرض فنزل جبرئيل و قال:يا نوح في هذا الموضع يقتل الحسين سبط محمد خاتم الأنبياء،و إبن خاتم الاوصياء فقال:و من القاتل له يا جبرئيل؟

قال:قاتله لعين أهل سبع سماوات و سبع أرضين،فلعنه نوح أربع مرات فسارت السفينة حتى بلغت الجودي و استقرت عليه (2).

و روي أن إبراهيم عليه السّلام مر في أرض كربلا و هو راكب فرسا فعثرت به و سقط إبراهيم و شج رأسه و سال دمه،فأخذ في الإستغفار و قال:إلهي أي شيء حدث مني؟فنزل إليه جبرئيل و قال:يا إبراهيم ما حدث منك ذنب،و لكن هنا يقتل سبط خاتم الأنبياء،و ابن خاتم الأوصياء،فسال دمك موافقة لدمه.

قال:يا جبرئيل و من يكون قاتله؟

قال:لعين أهل السماوات و الارضين و القلم جرى على اللوح بلعنه بغير إذن ربه، فأوحى اللّه تعالى إلى القلم إنك استحققت الثناء بهذا اللعن.

فرفع إبراهيم عليه السّلام يديه و لعن يزيد لعنا كثيرا و أمّن فرسه بلسان فصيح فقال إبراهيم لفرسه:أي شيء عرفت حتى تؤمن على دعائي؟8.

ص: 26


1- بحار الأنوار:237/40-245 ح 37.
2- بحار الأنوار:237/40-245 ح 38.

فقال:يا إبراهيم أنا أفتخر بركوبك علي فلما عثرت و سقطت عن ظهري عظمت خجلتي و كان سبب ذلك من يزيد لعنه اللّه تعالى (1).

و روي أن إسماعيل كانت أغنامه ترعى بشط الفرات،فأخبره الراعي أنها لا تشرب الماء من هذه المشرعة منذ كذا يوما فسأل ربه عن سبب ذلك فنزل جبرئيل و قال:يا إسماعيل سل غنمك فانها تجيبك عن سبب ذلك؟

فقال لها:لم لا تشربين من هذا الماء؟

فقالت بلسان فصيح؟قد بلغنا أن ولدك الحسين عليه السّلام سبط محمد يقتل هنا عطشانا فنحن لا نشرب من هذه المشرعة حزنا عليه،فسألها عن قاتله فقالت يقتله لعين أهل السماوات و الارضين و الخلائق أجمعين،فقال إسماعيل:اللهم العن قاتل الحسين عليه السّلام (2).

و روي أن موسى كان ذات يوم سائرا و معه يوشع بن نون،فلما جاء إلى أرض كربلا انخرق نعله،و انقطع شراكه،و دخل الحسك في رجليه،و سال دمه،فقال:

إلهي أي شيء حدث مني؟فأوحى إليه أن هنا يقتل الحسين عليه السّلام و هنا يسفك دمه، فسال دمك موافقة لدمه فقال:رب و من يكون الحسين؟فقيل له:هو سبط محمد المصطفى،و ابن علي المرتضى،فقال:و من يكون قاتله؟فقال:هو لعين السمك في البحار،و الوحوش في القفار،و الطير في الهواء،فرفع موسى يديه و لعن يزيد و دعى عليه و أمّن يوشع بن نون على دعائه و مضى لشأنه (3).

و روي أن سليمان كان يجلس على بساطه و يسير في الهواء،فمر ذات يوم و هو سائر في أرض كربلا فأدارت الريح بساطه ثلاث دورات حتى خاف السقوط1.

ص: 27


1- بحار الأنوار:237/40-245 ح 39.
2- بحار الأنوار:237/40-245 ح 40.
3- بحار الأنوار:237/40-245 ح 41.

فسكنت الريح،و نزل البساط في أرض كربلا.

فقال سليمان للريح:لم سكنتي؟

فقالت:إن هنا يقتل الحسين عليه السّلام فقال و من يكون الحسين؟

فقالت:هو سبط محمد المختار،و ابن علي الكرار،فقال:و من قاتله؟

قالت:لعين أهل السماوات و الأرض يزيد،فرفع سليمان يديه و لعنه و دعى عليه و أمّن على دعائه الإنس و الجن،فهبت الريح و سار البساط (1).

و روي أن عيسى كان سائحا في البراري،و معه الحواريون،فمروا بكربلا فرأوا أسد كاسرا (2)قد أخذ الطريق فتقدم عيسى إلى الأسد،فقال له:لم جلست في هذا الطريق؟

و قال:لا تدعنا نمر فيه؟

فقال الاسد بلسان فصيح:إني لن أدع لكم الطريق حتى تلعنوا يزيد قاتل الحسين عليه السّلام فقال عيسى عليه السّلام:و من يكون الحسين؟

قال:هو سبط محمد النبي الأمي و ابن علي الولي قال:و من قاتله؟

قال:قاتله لعين الوحوش و الذباب و السباع أجمع خصوصا أيام عاشوراء فرفع عيسى يديه و لعن يزيد و دعى عليه و أمّن الحواريون على دعائه فتنحى الاسد عن طريقهم و مضوا لشأنهم (3).و روى صاحب الدار الثمين في تفسير قوله تعالى:

فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ (4) أنه رأى ساق العرش و أسماء النبي و الائمة عليهم السلام فلقنه جبرئيل قل:يا حميد بحق محمد،يا عالي بحق علي،يا فاطر بحق7.

ص: 28


1- بحار الأنوار:237/40-245 ح 42.
2- أسد كاسر:أي قوي يكسر فريسته.
3- بحار الأنوار:237/40-245 ح 43.
4- سورة البقرة:37.

فاطمة،يا محسن بحق الحسن و الحسين و منك الاحسان.

فلما ذكر الحسين سالت دموعه و انخشع قلبه،و قال:يا أخي جبرئيل في ذكر الخامس ينكسر قلبي و تسيل عبرتي؟

قال جبرئيل عليه السّلام:ولدك هذا يصاب بمصيبة تصغر عندها المصائب،فقال:يا أخي و ما هي؟

قال:يقتل عطشانا غريبا وحيدا فريدا ليس له ناصر و لا معين،و لو تراه يا آدم و هو يقول:و اعطشاه و اقلة ناصراه،حتى يحول العطش بينه و بين السماء كالدخان،فلم يجبه أحد إلا بالسيوف،و شرب الحتوف،فيذبح ذبح الشاة من قفاه، و ينهب رحله أعداؤه و تشهر رؤوسهم هو و أنصاره في البلدان،و معهم النسوان، كذلك سبق في علم الواحد المنان،فبكى آدم و جبرئيل بكاء الثكلى (1).

و روي عن بعض الثقاة الأخيار أن الحسن و الحسين عليهما السّلام دخلا يوم عيد إلى حجرة جدهما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقالا:يا جداه،اليوم يوم العيد،و قد تزين أولاد العرب بألوان اللباس،و لبسوا جديد الثياب،و ليس لنا ثوب جديد و قد توجهنا لذلك إليك،فتأمل النبي حالهما و بكى،و لم يكن عنده في البيت ثياب تليق بهما،و لا رأى أن يمنعهما فيكسر خاطرهما،فدعى ربه و قال:إلهي اجبر قلبهما و قلب أمهما.

فنزل جبرئيل و معه حلتان بيضاوان من حلل الجنة،فسر النبي صلّى اللّه عليه و اله و قال لهما:

يا سيدي شباب أهل الجنة خذا أثوابا خاطها خياط القدرة على قدر طولكما،فلما رأيا الخلع بيضا قالا:يا جداه كيف هذا و جميع صبيان العرب لا بسون ألوان الثياب،فأطرق النبي ساعة متفكرا في أمرهما.

فقال جبرئيل:يا محمد طب نفسا وقر عينا إن صابغ صبغة اللّه عز و جل يقضي لهما هذا الأمر و يفرّح قلبيهما بأي لون شاءا،فأمر يا محمد بإحضار الطست4.

ص: 29


1- بحار الأنوار:237/40-245 ح 44.

و الإبريق فاحضرا فقال جبرئيل:يا رسول اللّه أنا أصب الماء على هذه الخلع و أنت تفركهما بيدك فتصبغ لهما بأي لون شاءا.

فوضع النبي حلة الحسن في الطست فأخذ جبرئيل يصب الماء ثم أقبل النبي على الحسن و قال له:يا قرة عيني بأي لون تريد حلتك؟

فقال:أريدها خضراء ففركها النبي بيده في ذلك الماء،فأخذت بقدرة اللّه لونا أخضر فائقا كالزبرجد الأخضر،فأخرجها النبي و أعطاها الحسن،فلبسها.

ثم وضع حلة الحسين في الطست و أخذ جبرئيل يصب الماء فالتفت النبي إلى نحو الحسين،و كان له من العمر خمس سنين و قال له:يا قرة عيني أي لون تريد حلتك؟

فقال الحسين:يا جداه أريدها حمراء ففركها النبي بيده في ذلك الماء فصارت حمراء كالياقوت الأحمر فلبسها الحسين فسرّ النبي بذلك و توجّه الحسن و الحسين إلى أمهما فرحين مسرورين.

فبكى جبرئيل عليه السّلام لما شاهد تلك الحال فقال النبي:يا أخي جبرئيل في مثل هذا اليوم الذي فرح فيه ولداي تبكي و تحزن؟فباللّه عليك إلا ما أخبرتني فقال جبرئيل:

إعلم يا رسول اللّه أن اختيار ابنيك على اختلاف اللون،فلا بد للحسن أن يسقوه السم و يخضر لون جسده من عظم السم و لا بد للحسين أن يقتلوه و يذبحوه و يخضب بدنه من دمه،فبكى النبي و زاد حزنه لذلك (1).

و روى الشيخ جعفر بن نما في مثير الاحزان بإسناده عن زوجة العباس بن عبد المطلب و هي أم الفضل لبابة بنت الحارث قالت:رأيت في النوم قبل مولد الحسين عليه السّلام كأن قطعة من لحم رسول اللّه قطعت و وضعت في حجري،فقصصت الرؤيا على رسول اللّه،فقال:إن صدقت رؤياك فإن فاطمة ستلد غلاما و أدفعه إليك5.

ص: 30


1- بحار الأنوار:245/40-253 ح 45.

لترضعيه،فجرى الأمر على ذلك،فجئت به يوما فوضعته في حجري فبال، فقطرت منه قطرة على ثوبه صلّى اللّه عليه و اله فقرصته فبكى.

فقال كالمغضب:مهلا يا أم الفضل فهذا ثوبي يغسل و قد أوجعت ابني،قالت:

فتركته و مضيت لآتيه بماء،فجئت فوجدته صلّى اللّه عليه و اله يبكي فقلت:مم بكاؤك يا رسول اللّه فقال:إن جبرئيل أتاني و أخبرني أن أمتي تقتل ولدي هذا (1).

قال:و قال أصحاب الحديث فلما أتت على الحسين سنة كاملة،هبط على النبي اثنا عشر ملكا على صور مختلفة أحدهم على صورة بني آدم يعزونه و يقولون إنه سينزل بولدك الحسين ابن فاطمة ما نزل بهابيل من قابيل،و سيعطى مثل أجر هابيل،و يحمل على قاتله مثل وزر قابيل،و لم يبق ملك إلا نزل إلى النبي يعزونه و النبي يقول:اللهم اخذل خاذله،و اقتل قاتله،و لا تمتعه بما طلبه.

و عن أشعث بن عثمان،عن أبيه،عن أنس بن أبي سحيم قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول:إن ابني هذا يقتل بأرض العراق،فمن أدركه منكم فلينصره فحضر أنس مع الحسين كربلا و قتل معه.

و رويت عن عبد الصمد بن أحمد بن أبي الجيش،عن شيخه أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي،عن رجاله،عن عائشة قالت:دخل الحسين على النبي و هو غلام يدرج فقال:أي عائشة ألا أعجبك لقد دخل علي آنفا ملك ما دخل علي قط فقال:إن ابنك هذا مقتول،و إن شئت أريتك من تربته التي يقتل بها فتناول ترابا أحمر فأخذته أم سلمة فخزنته في قارورة فأخرجته يوم قتل و هو دم.

و روي مثل هذا عن زينب بنت جحش.

و عن عبد اللّه بن يحيى قال:دخلنا مع علي إلى صفين فلما حاذى نينوى نادىر.

ص: 31


1- ترى الحديث في تذكرة خواص الامة ص 133 نقلا عن ابن سعد في الطبقات و قد ترك ذيل الخبر.

صبرا يا أبا عبد اللّه،فقال:دخلت على رسول اللّه و عيناه تفيضان فقلت:بأبي أنت و أمي يا رسول اللّه ما لعينيك تفيضان؟أغضبك أحد؟

قال:لا،بل كان عندي جبرئيل فأخبرني أن الحسين يقتل بشاطئ الفرات،و قال:

هل لك أن أشمك من تربته؟

قلت:نعم فمد يده فأخذ قبضة من تراب فأعطانيها،فلم أملك عيني أن فاضتا، و اسم الأرض كربلا.

فلما أتت عليه سنتان خرج النبي إلى سفر فوقف في بعض الطريق و استرجع و دمعت عيناه فسئل عن ذلك فقال:هذا جبرئيل يخبرني عن أرض بشط الفرات يقال لها كربلا يقتل فيها ولدي الحسين و كأني أنظر إليه و إلى مصرعه و مدفنه بها، و كأني أنظر إلى السبايا على أقتاب المطايا و قد أهدي رأس ولدي الحسين إلى يزيد لعنه اللّه،فو اللّه ما ينظر أحد إلى رأس الحسين و يفرح إلا خالف اللّه بين قلبه و لسانه، و عذّبه اللّه عذابا أليما.

ثم رجع النبي من سفره مغموما مهموما كئيبا حزينا فصعد المنبر و أصعد معه الحسن و الحسين و خطب و وعظ الناس فلما فرغ من خطبته وضع يده اليمنى على رأس الحسن و يده اليسرى على رأس الحسين عليهما السّلام،و قال:اللهم إن محمدا عبدك و رسولك و هذان أطائب عترتي،و خيار أرومتي،و أفضل ذريتي و من أخلفهما في أمتي و قد أخبرني جبرئيل أن ولدي هذا مقتول بالسم و الآخر شهيد مضرج بالدم اللهم فبارك له في قتله،و اجعله من سادات الشهداء اللهم و لا تبارك في قاتله و خاذله و أصله حر نارك،و احشره في أسفل درك الجحيم.

قال:فضج الناس بالبكاء و العويل،فقال لهم النبي:أيها الناس أتبكونه و لا تنصرونه،اللهم فكن أنت له وليا و ناصرا،ثم قال:يا قوم إني مخلف فيكم الثقلين:

كتاب اللّه و عترتي و أرومتي و مزاج مائي،و ثمرة فؤادي،و مهجتي،لن يفترقا حتى

ص: 32

يردا علي الحوض ألا و إني لا أسألكم في ذلك إلا ما أمرني ربي أن أسألكم عنه، أسألكم عن المودة في القربى،و احذروا أن تلقوني غدا على الحوض و قد آذيتم عترتي،و قتلتم أهل بيتي و ظلمتموهم.

ألا إنه سيرد علي يوم القيامة ثلاث رايات من هذه الامة:الاولى راية سوداء مظلمة قد فزعت منها الملائكة فتقف علي فأقول لهم:من أنتم؟فينسون ذكري، و يقولون:نحن أهل التوحيد من العرب،فأقول لهم:أنا أحمد نبي العرب و العجم، فيقولون:نحن من أمتك،فأقول:كيف خلفتموني من بعدي في أهل بيتي و عترتي و كتاب ربي؟فيقولون:أما الكتاب فضيعناه،و أما العترة فحرصنا أن نبيدهم عن جديد الأرض فلما أسمع ذلك منهم أعرض عنهم وجهي،فيصدرون عطاشا مسودة وجوههم.

ثم ترد علي راية اخرى أشد سوادا من الاولى،فأقول لهم:كيف خلفتموني من بعدي في الثقلين كتاب اللّه و عترتي؟فيقولون:أما الاكبر فخالفناه،و أما الاصغر فمزقناهم كل ممزق،فأقول:إليكم عني فيصدرون عطاشا مسودة وجوههم.

ثم ترد علي راية تلمع وجوههم نورا فأقول لهم:من أنتم؟فيقولون:نحن أهل كلمة التوحيد و التقوى من أمة محمد المصطفى،و نحن بقية أهل الحق،حملنا كتاب ربنا و حلّلنا حلاله و حرّمنا حرامه و أحببنا ذرية نبينا محمد،و نصرناهم من كل ما نصرنا به أنفسنا،و قاتلنا معهم من ناوأهم،فأقول لهم:أبشروا فأنا نبيكم محمد و لقد كنتم في الدنيا كما قلتم،ثم أسقيهم من حوضي فيصدرون مرويين مستبشرين ثم يدخلون الجنة خالدين فيها أبد الآبدين (1).

و عن سعد بن عبد اللّه بن أبي خلف عن أحمد بن محمد بن عيسى و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب و يعقوب بن يزيد جميعا عن محمد بن سنان عمن ذكره6.

ص: 33


1- بحار الأنوار:237/40-245 ح 46.

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إن إسماعيل الذي قال اللّه تعالى في كتابه وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَ كانَ رَسُولاً نَبِيًّا لم يكن إسماعيل بن إبراهيم عليه السّلام كان نبيا من الأنبياء بعثه اللّه إلى قومه فأخذوه فسلخوا فروة رأسه و وجهه فأتاه ملك عن اللّه تبارك و تعالى فقال إن اللّه بعثني إليك فمرني بما شئت فقال لي أسوة بما يصنع بالحسين عليه السّلام.

عن عبد اللّه عن محمد بن سنان عن عمار بن مروان عن سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إنه كان للّه رسولا نبيا تسلط عليه قومه فقشروا جلده وجهه و فروة رأسه فأتاه رسول من رب العالمين فقال له ربك يقرئك السلام و يقول قد رأيت ما صنع بك و قد أمرني بطاعتك فمرني بما شئت فقال يكون لي بالحسين أسوة.

محمد بن الحسن بن علي بن مهزيار عن أبيه عن جده علي بن مهزيار عن محمد ابن سنان عمن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إن إسماعيل الذي قال اللّه تعالى في كتابه وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ أخذ فسلخت فروة وجهه و رأسه فأتاه ملك فقال إن اللّه بعثني إليك فمرني بما شئت فقال لي أسوة بالحسين ابن علي عليه السّلام (1).6.

ص: 34


1- كامل الزيارات:66.

ما أخبر به النبي و علي و الحسين عليهم السلام بشهادته

بإسناد أخي دعبل،عن الرضا،عن آبائه،عن علي بن الحسين عليهم السلام قال:حدّثتني أسماء بنت عميس الخثعمية قالت:قبلت (1)جدتك فاطمة بنت رسول اللّه بالحسن و الحسين،قالت:فلما ولدت الحسن جاء النبي صلّى اللّه عليه و آله فقال:يا أسماء هاتي ابني،قالت فدفعته إليه في خرقة صفراء،فرمى بها و قال:ألم أعهد إليكم أن لا تلفوا المولود في خرقة صفراء،و دعا بخرقة بيضاء فلفه بها،ثمّ أذن في أذنه اليمني،و أقام في أذنه اليسرى،و قال لعلي عليه السّلام:بما سميت ابني هذا؟

قال:ما كنت لأسبقك باسمه يا رسول اللّه قال:و أنا ما كنت لأسبق ربي عز و جل قال:فهبط جبرئيل قال:إن اللّه يقرأ عليك السلام و يقول لك:يا محمد علي منك بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدك،فسم ابنك باسم ابن هارون،قال:

النبي صلّى اللّه عليه و آله و ما اسم ابن هارون؟

قال جبرئيل:شبر،قال:و ما شبر؟

قال:الحسن قالت أسماء:فسمّاه الحسن.

قالت أسماء:فلما ولدت فاطمة الحسين عليه السّلام نفستها به فجاءني النبي فقال:هلم ابني يا أسماء،فدفعته إليه في خرقة بيضاء،ففعل به كما فعل بالحسن.

قالت:و بكى رسول اللّه ثم قال:إنه سيكون له حديث!اللهم العن قاتله،لا تعلمي فاطمة عليهما السّلام بذلك.

ص: 35


1- قبل المرأة كعلم قبالة بالكسر كانت قابلة و هى المرأة التى تأخذ الولد عند الولادة.

قالت أسماء:فلما كان في يوم سابعه جاءني النبي فقال:هلمي ابني فأتيته به:

ففعل به كما فعل بالحسن و عق عنه كما عق عن الحسن كبشا أملح (1)و أعطى القابلة الورك و رجلا و حلق رأسه و تصدق بوزن الشعر ورقا،و خلق رأسه بالخلوق و قال:إن الدم من فعل الجاهلية (2)قالت:ثم وضعه في حجره ثم قال:يا أبا عبد اللّه عزيز علي ثم بكى.فقلت:بأبي أنت و أمي فعلت في هذا اليوم و في اليوم الأول فما هو؟

قال:أبكي على ابني هذا تقتله فئة باغية كافرة من بني أمية لعنهم اللّه لا أنالهم اللّه شفاعتي يوم القيامة،يقتله رجل يثلم الدين و يكفر باللّه العظيم.ثم قال:اللهم إني أسألك فيهما ما سألك إبراهيم في ذريته اللهم أحبهما و أحب من يحبهما،و العن من يبغضهما ملء السماء و الأرض (3).

بيان:نفستها به:لعل المعنى كنت قابلتها و إن لم يرد بهذا المعنى فيما عندنا منع.

ص: 36


1- الملحة بياض يخالطه سواد،يقال:كبش أملح و تيس أملح:إذا كان شعره خليسا،و قد املح الكبش املحاحا:صار أملح ذكره الجوهرى،و الخلوق،طيب معروف مركب من الزعفران و غيره من أنواع الطيب و تغلب عليه الصفرة و الحمرة.
2- روى ابو داود في سننه ج 2 ص 96 باسناده عن أبي بريدة يقول:كنا في الجاهلية إذا ولد لاحدنا غلام ذبح شاة و لطخ رأسه بدمها،فلما جاء اللّه بالاسلام كنا نذبح شاة و نحلق رأسه و نلطخه بزعفران. نعم قد روى أبو داود عن حفص بن عمر النمرى عن همام عن قتادة،عن الحسن،عن سمرة،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله قال:كل غلام رهينة بعقيقة تذبح عنه يوم السابع و يحلق رأسه و يدمى قال:فكان قتادة إذا سئل عن الدم كيف يصنع به؟ قال:إذا ذبحت رأسه أخذت منها صوفة و استقبلت به أو داجها ثم توضع على يا فوخ الصبى حتى يسيل على العقيقة مثل الخيط ثم يغسل رأسه بعد و يحلق. لكهنم و هموا هماما في روايته ذلك و قالوا:إن الصحيح من الحديث يسمى بدل يدمي.
3- قد مر مثله في ج 43 ص 238 240 ب 11 تحت الرقم 4 عن الصدوق في عيون أخبار الرضا و عن ابن شهر آشوب في المناقب،فراجع.

اللغة،يحتمل أن يكون من نفس به بالكسر بمعنى ضن،أي ضننت به و أخذته منها، و خلقه تخليقا طيّبه.

قوله صلّى اللّه عليه و اله عزيز علي أي قتلك قال الجزري:عز علي يعز أن أراك بحال سيئة أي يشتد و يشق علي (1).

السناني،عن ابن زكريا،عن ابن حبيب،عن ابن بهلول،عن علي بن عاصم،عن الحصين بن عبد الرحمان،عن مجاهد،عن ابن عباس قال:كنت مع أمير المؤمنين عليه السّلام في خرجته إلى صفين فلما نزل بنينوى و هو بشط الفرات قال بأعلا صوته:يا ابن عباس أتعرف هذا الموضع؟

قلت له:ما أعرفه يا أمير المؤمنين فقال عليه السّلام:لو عرفته كمعرفتي لم تكن تجوزه حتى تبكي كبكائي.

قال:فبكى طويلا حتى اخضلت لحيته،و سالت الدموع على صدره،و بكينا معا و هو يقول:أوه أوه مالي و لآل أبي سفيان؟مالي و لآل حرب حزب الشيطان؟ و أولياء الكفر؟صبرا يا أبا عبد اللّه فقد لقي أبوك مثل الذي تلقى منهم.ثم دعا بماء فتوضأ وضوء الصلاة فصلى ما شاء اللّه أن يصلي ثم ذكر نحو كلامه الأول إلا أنه نعس عند انقضاء صلاته و كلامه ساعة ثم انتبه فقال:يا ابن عباس فقلت:ها أنا ذا، فقال:ألا أحدثك بما رأيت في منامي آنفا عند رقدتي؟

فقلت:نامت عيناك و رأيت خيرا يا أمير المؤمنين.

قال:رأيت كأني برجال قد نزلوا من السماء معهم أعلام بيض قد تقلدوا سيوفهم و هي بيض تلمع،و قد خطوا حول هذه الأرض خطة ثم رأيت كأن هذه النخيل قد ضربت بأغصانها الأرض تضطرب بدم عبيط و كأني بالحسين سخلي و فرخي و مضغتي و مخي قد غرق فيه يستغيث فيه فلا يغاث،و كأن الرجال البيض1.

ص: 37


1- بحار الأنوار:237/40-245 ح 1.

قد نزلوا من السماء ينادونه و يقولون:صبرا آل الرسول،فإنكم تقتلون على أيدي شرار الناس،و هذه الجنة يا أبا عبد اللّه إليك مشتاقة،ثم يعزونني و يقولون:يا أبا الحسن أبشر،فقد أقر اللّه به عينك يوم يقوم الناس لرب العالمين.ثم انتبهت هكذا، و الذي نفس علي بيده،لقد حدّثني الصادق المصدّق أبو القاسم صلّى اللّه عليه و اله أني سأراها في خروجي إلى أهل البغي علينا،و هذه أرض كرب و بلاء،يدفن فيها الحسين عليه السّلام و سبعة عشر رجلا من ولدي و ولد فاطمة و إنها لفي السماوات معروفة،تذكر أرض كرب و بلاء،كما تذكر بقعة الحرمين،و بقعة بيت المقدس.

ثم قال لي:يا ابن عباس أطلب لي حولها بعر الظباء فو اللّه ما كذبت و لا كذبت و هي مصفرة لونها لون الزعفران،قال ابن عباس فطلبتها فوجدتها مجتمعة فناديته يا أمير المؤمنين قد أصبتها على الصفة التي وصفتها لي،فقال علي عليه السّلام:

صدق اللّه و رسوله.

ثم قام عليه السّلام يهرول إليها فحملها و شمّها،و قال:هي هي بعينها،أتعلم يا ابن عباس ما هذه الأبعار؟هذه قد شمّها عيسى بن مريم،و ذلك أنه مربها و معه الحواريون فرأى ههنا الظباء مجتمعة و هي تبكي فجلس عيسى،و جلس الحواريون معه،فبكى و بكى الحواريون،و هم لا يدرون لم جلس و لم بكى.

فقالوا:يا روح اللّه و كلمته ما يبكيك؟

قال:أتعلمون أي أرض هذه؟

قالوا:لا.

قال:هذه أرض يقتل فيها فرخ الرسول أحمد صلّى اللّه عليه و اله و فرخ الحرة الطاهرة البتول، شبيهة أمي،و يلحد فيها طينة أطيب من المسك لأنها طينة الفرخ المستشهد،و هكذا يكون طينة الأنبياء و أولاد الأنبياء،فهذه الظباء تكلّمني و تقول:إنها ترعى في هذه الأرض شوقا إلى تربة الفرخ المبارك و زعمت أنها آمنة في هذه الأرض.

ص: 38

ثم ضرب بيده إلى هذه الصيران (1)فشمها و قال:هذه بعر الظباء على هذه الطيب لمكان حشيشها اللهم فأبقها أبدا حتى يشمها أبوه فيكون له عزاء و سلوة قال، فبقت إلى يوم الناس هذا و قد اصفرت لطول زمنها و هذه أرض كرب و بلاء.

ثم قال بأعلى صوته:يا رب عيسى بن مريم!لا تبارك في قتلته،و المعين عليه و الخاذل له.

ثم بكى بكاء طويلا و بكينا معه حتى سقط لوجهه و غشي عليه طويلا ثم أفاق فأخذ البعر فصرّه في ردائه و أمرني أن أصرّها كذلك ثم قال:يا ابن عباس إذا رأيتها تنفجر دما عبيطا،و يسيل منها دم عبيط،فاعلم أن أبا عبد اللّه قد قتل بها،و دفن.

قال ابن عباس:فو اللّه لقد كنت أحفظها أشد من حفظي لبعض ما افترض اللّه عز و جل علي و أنا لا أحلها من طرف كمي فبينما أنا نائم في البيت إذ انتبهت فإذا هي تسيل دما عبيطا،و كان كمي قد امتلأ دما عبيطا،فجلست و أنا باك و قلت قد قتل و اللّه الحسين،و اللّه ما كذبني علي قط في حديث حدّثني و لا أخبرني بشيء قط أنه يكون إلا كان كذلك لأن رسول اللّه كان يخبره بأشياء لا يخبر بها غيره.

ففزعت و خرجت و ذلك عند الفجر فرأيت و اللّه المدينة كأنها ضباب لا يستبين منها أثر عين ثم طلعت الشمس و رأيت كأنها منكسفة،و رأيت كأن حيطان المدينة عليها دم عبيط،فجلست و أنا باك فقلت:قد قتل و اللّه الحسين،و سمعت صوتا من ناحية البيت و هو يقول:إصبروا آل الرسول قتل الفرخ النحول (2)نزل الروح الامين ببكاء و عويل ثم بكى بأعلى صوته و بكيت فأثبت عندي تلك الساعة و كان شهرم.

ص: 39


1- الصيران:جمع صوار كغراب و كتاب و من معانيها وعاء المسك،كأنه أراد تشبيه البعر بنافجة المسك لطيبها،و يحتمل أن يكون جمع صور بالفتح و أراد به الحشيش الملتف النابت في تلك الأرض.
2- كذا في النسخ كلها و الصواب النحيل صفة من النحول و هو الانسب بقافية النظم.

المحرم يوم عاشورا لعشر مضين منه،فوجدته قتل يوم ورد علينا خبره و تاريخه كذلك فحدثت هذا الحديث أولئك الذين كانوا معه،فقالوا:و اللّه لقد سمعنا ما سمعت و نحن في المعركة و لا ندري ما هو،فكنا نرى أنه الخضر عليه السّلام (1).

أحمد بن محمد بن الحسن القطان،و كان شيخا لأصحاب الحديث ببلد الري، يعرف بأبي علي بن عبد ربه،عن أحمد بن يحيى بن زكريا بالإسناد المتقدم مثله سواء (2).

بيان:قال الجوهري:قولهم عند الشكاية أوه من كذا ساكنة الواو إنما هو توجع، و ربما قلبوا الواو ألفا فقالوا:آه من كذا،و ربما شددوا الواو و كسروها و سكنوا الهاء،فقالوا:أوه من كذا و قال:«المضغة»قطعة لحم،و قلب الانسان مضغة من جسده.

قوله عليه السّلام:«و لا كذبت»على بناء المجهول،من قولهم كذب الرجل أي أخبر بالكذب أي ما أخبرني رسول اللّه بكذب قط و يحتمل أن يكون على بناء التفعيل أي ما أظهر أحد كذبي و الأول أظهر،و الضباب بالفتح ندى كالغيم أو سحاب رقيق كالدخان.قوله«أثر عين»أي من الاعيان الموجودة في الخارج و النحول من النحل (3)بمعنى الهزال.

القفطان،عن السكري،عن الجوهري،عن قيس بن حفص الدارمي،عن حسينب.

ص: 40


1- بحار الأنوار:253/40-261 ح 2،و أمالي الصدوق المجلس 87 تحت الرقم:5.
2- كمال الدين ج 2 ص 214 217 ب 51 الرقم 4،و بحار الأنوار:253/40-261 ح 3.
3- النحل بالضم:الاسم من النحلة بالضم و هى الدقة و الهزال،و فى حديث معبد لم تعبه نحلة نقله الشرتونى في ذيل أقرب الموارد عن التاج.و لكن في سائر المعاجم النحل بالضم:مصدر نحل ينحل كقطع يقطع بمعنى اعطاء الشيء من غير عوض بطيب نفس و أما الذى بمعنى الهزال فهو النحول،و أظن ما ذكره التاج من كلام المولدين. ليحشرن منك أقوام يدخلون الجنة بغير حساب.

الاشقر،عن منصور بن الاسود،عن أبي حسان التيمي،عن نشيط بن عبيد،عن رجل منهم،عن جرداء بنت سمين،عن زوجها هرثمة بن أبي مسلم قال:غزونا مع علي بن أبي طالب عليه السّلام صفين فلما انصرفنا نزل بكربلا فصلى بها الغداة ثم رفع إليه من تربتها فشمها ثم قال:واها لك أيتها التربة فرجع هرثمة إلى زوجته و كانت شيعة لعلي عليه السّلام فقال:ألا أحدثك عن وليك أبي الحسن نزل بكربلا فصلى ثم رفع إليه من تربتها فقال:واها لك أيتها التربة ليحشرن منك أقوام يدخلون الجنة بغير حساب قالت:أيها الرجل فإن أمير المؤمنين عليه السّلام لم يقل إلا حقا.

فلما قدم الحسين عليه السّلام قال هرثمة:كنت في البعث الذين بعثهم عبيد اللّه بن زياد لعنهم اللّه،فلما رأيت المنزل و الشجر ذكرت الحديث فجلست على بعيري ثم صرت إلى الحسين عليه السّلام فسلمت عليه و أخبرته بما سمعت من أبيه في ذلك المنزل الذي نزل به الحسين،فقال:معنا أنت أم علينا؟

فقلت:لا معك و لا عليك،خلفت صبية أخاف عليهم عبيد اللّه بن زياد قال:فامض حيث لا ترى لنا مقتلا و لا تسمع لنا صوتا فو الذي نفس حسين بيده لا يسمع اليوم واعيتنا أحد فلا يعيننا إلا كبّه اللّه لوجهه في[نار]جهنم (1).

بيان:قال الجوهري:إذا تعجبت من طيب الشيء قلت:واها له ما أطيبه.

أقول:لعل المراد أن مع سماع الواعية و ترك النصرة العذاب أشد و إلا فالظاهر وجوب نصرتهم على أي حال.

أبي،عن الكميداني،عن ابن عيسى،عن ابن أبي نجران،عن جعفر بن محمد الكوفي،عن عبيد السمين،عن ابن طريف،عن أصبغ بن نباته قال:بينا أمير المؤمنين عليه السّلام يخطب الناس و هو يقول:«سلوني قبل أن تفقدوني فو اللّه لا تسألوني عن0.

ص: 41


1- بحار الأنوار:253/40-261 ح 4،و المصدر:المجلس 28،الرقم:6.و ترى مثله في شرح النهج لابن أبي الحديد ج 1 ص 350.

شيء مضى و لا عن شيء يكون إلا نبأتكم به»فقام إليه سعد بن أبي وقاص فقال:يا أمير المؤمنين أخبرني كم في رأسي و لحيتي من شعرة؟

فقال له:أما و اللّه لقد سألتني عن مسألة حدثني خليلي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله أنك ستسألني عنها،و ما في رأسك و لحيتك من شعرة إلا و في أصلها شيطان جالس، و إن في بيتك لسخلا يقتل الحسين ابني،و عمر بن سعد يومئذ يدرج بين يديه (1).

أبي،عن سعد،عن محمد بن عبد الجبار،عن ابن أبي نجران،عن جعفر بن محمد بن حكيم،عن عبيد السمين يرفعه إلى أمير المؤمنين عليه السّلام قال:كان أمير المؤمنين عليه السّلام يخطب الناس و ذكر مثله (2).

ابن مسرور،عن ابن عامر،عن عمه،عن الازدي،عن أبان بن عثمان عن أبان بن تغلب،عن عكرمة،عن ابن عباس قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:من سره أن يحيى حياتي،و يموت ميتتي،و يدخل جنة عدن منزلي،و يمسك قضيبا غرسه ربيه.

ص: 42


1- المصدر المجلس 28،تحت الرقم:1،و لا يخفى ما في الحديث من تسمية الرجل السائل المتعنت بأنه سعد بن أبي وقاص،حيث ان سعد بن أبي وقاص اعتزل عن الجماعة و امتنع عن بيعة أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليه السّلام فاشترى أرضا و اشتغل بها فلم يكن ليجىء إلى الكوفة و يجلس إلى خطبة على عليه السّلام.على أن عمر بن سعد قد ولد في السنة التى مات فيها عمر بن الخطاب و هى سنة ثلاث و عشرين كما نص عليه ابن معين فكان عمر بن سعد حين يخطب على عليه السّلام هذه الخطبة بالكوفة غلاما بالغا أشرف على عشرين لا انه سخل في بيته. و لما كان أصل القصة مسلمة مشهورة،عدل الشيخ المفيد في الارشاد على ما سيأتى تحت الرقم 7 عن تسمية الرجل،و تبعه الطبرسى في اعلام الورى 186،و لعل الصحيح ما ذكره ابن أبي الحديد حيث ذكر الخطبة في شرحه على النهج ج 1 ص 253 عن كتاب الغارات لابن هلال الثقفى عن زكريا بن يحيى العطار عن فضيل عن محمد بن على عليهما السّلام و قال في آخره:و الرجل هو سنان بن أنس النخعى.
2- بحار الأنوار:253/40-261 ح 5،و راجع كامل الزيارات ص 74.و قال فيه المحشى في عبيد السين:الظاهر انه.

عز و جل ثم قال له:كن فكان،فليتول علي بن أبي طالب و ليأتم بالاوصياء من ولده، فإنهم عترتي،خلقوا من طينتي،إلى اللّه أشكو أعداءهم من أمتي المنكرين لفضلهم، القاطعين فيهم صلتي،و أيم اللّه ليقتلن ابني بعدي الحسين لا أنالهم اللّه شفاعتي (1).

جاء في الآثار أن أمير المؤمنين عليه السّلام كان يخطب فقال في خطبته سلوني قبل أن تفقدوني فو اللّه لا تسألوني عن فئة تضل مائة و تهدي مائة إلا أنبأتكم بناعقها و سائقها إلى يوم القيامة.

فقام إليه رجل فقال:أخبرني كم في رأسي و لحيتي من طاقة شعر؟

فقال أمير المؤمنين:و اللّه لقد حدثني خليلي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بما سألت عنه و إن على كل طاقة شعر في رأسك ملك يلعنك،و على كل طاقة شعر في لحيتك شيطان يستفزك و إن في بيتك لسخلا يقتل ابن بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آية ذلك مصداق ما خبرتك به و لو لا أن الذي سألت عنه يعسر برهانه لأخبرتك به و لكن آية ذلك ما أنبأتك به من لعنتك و سخلك الملعون،و كان ابنه في ذلك الوقت صبيا صغيرا يحبو.

فلما كان من أمر الحسين ما كان تولى قتله كما قال أمير المؤمنين عليه السّلام (2).

بيان:استنفره أي استخفه و أزعجه.

محمد بن عيسى،عن القداح،عن جعفر بن محمد،عن أبيه عليهما السّلام قال:مر علي بكربلا في اثنين من أصحابه قال:فلما مر بها ترقرقت عيناه للبكاء ثم قال:هذا مناخ ركابهم،و هذا ملقى رحالهم،و ههنا تهرق دماؤهم،طوبى لك من تربة عليك تهرق دماء الأحبة (3).0.

ص: 43


1- بحار الأنوار:253/40-261 ح 6،و أمالي الصدوق المجلس 9 تحت الرقم 11.
2- بحار الأنوار:253/40-261 ح 7،و الارشاد:ص 156،الاحتجاج:ص 132 و اللفظ له.
3- بحار الأنوار:253/40-261 ح 8،و المصدر ص 20.

محمد بن الحسين،عن يزيد شعر،عن هارون بن حمزة،عن أبي عبد الرحمان، عن سعد الاسكاف،عن محمد بن علي بن عمر بن علي بن أبي طالب عليه السّلام قال:قال رسول اللّه:من سره أن يحيى حياتي،و يموت ميتتي،و يدخل جنة ربي التي و عدني،جنة عدن منزلي،قضيب من قضبانه غرسه ربي تبارك و تعالى بيده فقال له:كن!فكان،فليتول علي بن أبي طالب و الأوصياء من ذريته،إنهم الائمة من بعدي،هم عترتي من لحمي و دمي،رزقهم اللّه فضلي و علمي و ويل للمنكرين فضلهم من أمتي،القاطعين صلتي،و اللّه ليقتلن ابني لا أنا لهم اللّه شفاعتي (1).

بيان:قوله قضيب أي فيها قضيب.

سلام بن أبي عمرة الخراساني،عن أبان بن تغلب،عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السّلام، أنه قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:من أراد أن يحيى حياتي و يموت ميتتي،و يدخل جنة ربي-جنة عدن غرسه ربي-فليتول عليا و ليعاد عدوه،و ليأتم بالأوصياء من بعده، فإنهم أئمة الهدى من بعدي أعطاهم اللّه فهمي و علمي،و هم عترتي من لحمي و دمي، إلى اللّه أشكو من أمتي المنكرين لفضلهم القاطعين فيهم صلتي،و أيم اللّه ليقتلن ابني يعني الحسين لا أنا لهم اللّه شفاعتي (2).

عبد اللّه بن محمد،عن ابن محبوب،عن أبي حمزة،عن سويد بن غفلة قال:أنا عند أمير المؤمنين عليه السّلام إذ أتاه رجل فقال:يا أمير المؤمنين جئتك من وادي القرى، و قد مات خالد بن عرفطة فقال له أمير المؤمنين:إنه لم يمت فأعادها عليه،فقال له علي عليه السّلام:لم يمت و الذي نفسي بيده لا يموت،فأعادها عليه الثالثة فقال:سبحان اللّه أخبرك أنه مات،و تقول لم يمت؟

فقال له علي عليه السّلام:لم يمت و الذي نفسي بيده،لا يموت حتى يقود جيش ضلالة0.

ص: 44


1- بحار الأنوار:253/40-261 ح 9،و كامل الزيارات ص 69 و فيه:عن أبي جعفر عليه السّلام.
2- بحار الأنوار:253/40-261 ح 10.

يحمل رايته حبيب بن جماز (1).

قال:فسمع بذلك حبيب فأتى أمير المؤمنين فقال له:أنا شدك في و إني لك شيعة، و قد ذكرتني بأمر لا و اللّه ما أعرفه من نفسي،فقال له علي عليه السّلام:إن كنت حبيب بن جماز فتحملنها[فولى حبيب بن جماز و قال:إن كنت حبيب بن جماز لتحملنها] (2).

قال أبو حمزة:فو اللّه مامات حتى بعث عمر بن سعد إلى الحسين بن علي عليه السّلام و جعل خالد بن عرفطة على مقدمته،و حبيب صاحب رايته (3).

الحسن بن محبوب،عن ثابت الثمالي،عن أبي إسحاق السبيعي عن سويد بن غفلة عنه عليه السّلام مثله و زاد في آخره:و سار بها حتى دخل المسجد من باب الفيل (4).

أبي،و ابن الوليد معا،عن سعد،عن اليقطيني،عن صفوان و جعفر بن عيسى، عن الحسين بن أبي غندر،عمن حدثه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:كان الحسين بن علي ذات يوم في حجر النبي صلّى اللّه عليه و اله يلاعبه و يضاحكه،فقالت عائشة:يا رسول اللّه ما أشد إعجابك بهذا الصبي؟

فقال لها:ويلك و كيف لا أحبه و لا أعجب به،و هو ثمرة فؤادي،و قرة عيني؟أما إن أمتي ستقتله،فمن زاره بعد وفاته كتب اللّه له حجة من حججي.

قالت:يا رسول اللّه حجة من حججك؟

قال:نعم،و حجتين من حججي قالت:يا رسول اللّه حجتين من حججك؟

قال:نعم،و أربعة قال:فلم تزل تزاده و يزيد و يضعف حتى بلغ تسعين حجة3.

ص: 45


1- ضبطه في الاصابة:حبيب بن حمار.
2- ما بين العلامتين ساقط من نسخة الكمبانى.
3- بحار الأنوار:253/40-261 ح 11،و بصائر الدرجات:ص 85.
4- الارشاد:ص 155 و مثله في الاختصاص:ص 280،اعلام الورى:ص 177،شرح النهج لابن أبي الحديد:ج 1 ص 253.

من حجج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بأعمارها (1).

الحسين بن إبراهيم القزويني،عن محمد بن وهبان،عن علي بن جيش عن العباس بن محمد بن الحسين،عن أبيه،عن صفوان،عن الحسين مثله (2).

محمد الحميري،عن أبيه،عن ابن أبي الخطاب،عن محمد بن حماد الكوفي،عن إبراهيم بن موسى الانصاري،عن مصعب،عن جابر،عن محمد بن علي عليهما السّلام قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:من سرّه أن يحيى حياتي،و يموت مماتي و يدخل جنتي:جنة عدن غرسها ربي بيده،فليتول عليا و يعرف فضله و الأوصياء من بعده،و يتبرأ من عدوي،أعطاهم اللّه فهمي،و علمي،هم عترتي من لحمي و دمي،أشكو إليك ربي عدوهم من أمتي المنكرين لفضلهم،القاطعين فيهم صلتي و اللّه ليقتلن ابني ثم لا تنالهم شفاعتي (3).

الحسن بن عبد اللّه بن محمد،عن أبيه،عن ابن محبوب،عن علي بن شجرة،عن عبد اللّه بن محمد الصنعاني،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله إذا دخل الحسين عليه السّلام اجتذبه إليه ثم يقول لأمير المؤمنين عليه السّلام:أمسكه،ثم يقع عليه فيقبله و يبكي،فيقول:يا أبه لم تبكي؟فيقول:يا بني أقبل موضع السيوف منك و أبكي قال:يا أبه و أقتل؟

قال:إي و اللّه و أبوك و أخوك و أنت قال:يا أبه فمصارعنا شتى؟

قال:نعم،يا بني قال:فمن يزورنا من أمتك؟

قال:لا يزورني و يزور أباك و أخاك و أنت إلا الصديقون من أمتي (4).0.

ص: 46


1- المصدر ص 68.
2- أمالي الشيخ ص 62.
3- بحار الأنوار:253/40-261 ح 13،و كامل الزيارات ب 22 الرقم 7.
4- بحار الأنوار:253/40-261 ح 14،و المصدر ص 70.

محمد بن جعفر الرزاز،عن خاله ابن أبي الخطاب،عن علي بن النعمان،عن عبد الرحمان بن سيابه،عن أبي داود البصري،عن أبي عبد اللّه الجدلي قال:دخلت على أمير المؤمنين عليه السّلام و الحسين إلى جنبه فضرب بيده على كتف الحسين ثم قال:

إن هذا يقتل و لا ينصره أحد،قال:قلت يا أمير المؤمنين!و اللّه إن تلك لحياة سوء قال:إن ذلك لكائن (1).

أبي،عن سعد و الحميري و محمد العطار جميعا،عن ابن أبي الخطاب مثله.

عن محمد بن جعفر،عن خاله ابن أبي الخطاب،عن نصر بن مزاحم عن عمرو ابن سعيد،عن يزيد بن إسحاق،عن هانئ بن هانئ،عن علي عليه السّلام قال:ليقتل الحسين قتلا و إني لأعرف تربة الأرض التي يقتل عليها قريبا من النهرين.

عن أبي،عن سعد،عن ابن أبي الخطاب مثله (2).

محمد بن جعفر،عن خاله ابن أبي الخطاب،و حدثني أبي و جماعة عن سعد و محمد العطار معا عن ابن أبي الخطاب،عن نصر بن مزاحم،عن عمرو بن سعيد، عن علي بن حماد،عن عمرو بن شمر،عن جابر،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قال علي للحسين:يا أبا عبد اللّه أسوة أنت قدما؟

فقال:جعلت فداك ما حالي؟

قال:علمت ما جهلوا و سينتفع عالم بما علم،يا بني إسمع و أبصر من قبل أن يأتيك فو الذي نفسي بيده ليسفكن بنو أمية دمك ثم لا يريدونك عن دينك،و لا ينسونك ذكر ربك،فقال الحسين عليه السّلام:و الذي نفسي بيده حسبي،و أقررت بما أنزل اللّه و أصدّق نبي اللّه و لا أكذّب قول أبي (3).7.

ص: 47


1- بحار الأنوار:253/40-261 ح 15،و المصدر ص 71 و فيه عن ابى داود السبيعى.
2- بحار الأنوار:261/40-269 ح 16.
3- بحار الأنوار:261/40-269 ح 17.

بيان:الأسوة و يضم القدوة،و ما يأتسي به الحزين أي ثبت قديما أنك أسوة الخلق يقتدون بك،أو يأتسي بذكر مصيبتك كل حزين.

قوله عليه السّلام:«لا يريدونك»أي لا يريدون صرفك عن دينك و الأصوب لا يردونك (1).

روى إسماعيل بن صبيح،عن يحيى بن المسافر العابدي،عن إسماعيل بن زياد [قال]إن عليا عليه السّلام قال للبراء بن عازب ذات يوم:يا براء يقتل ابني الحسين و أنت حي لا تنصره،فلما قتل الحسين عليه السّلام كان البراء بن عازب يقول:صدق و اللّه علي بن أبي طالب،قتل الحسين و لم أنصره،ثم يظهر على ذلك الحسرة و الندم (2).

روى عبد اللّه بن شريك العامري قال:كنت أسمع أصحاب علي إذا دخل عمر بن سعد من باب المسجد يقولون هذا قاتل الحسين،و ذلك قبل أن يقتل بزمان طويل (3).

روى سالم بن أبي حفصة قال:قال عمر بن سعد للحسين عليه السّلام:يا أبا عبد اللّه إن قبلنا ناسا سفهاء يزعمون أني أقتلك فقال له الحسين:إنهم ليسوا سفهاء و لكنهم حلماء أما إنه يقر عيني أن لا تأكل بر العراق بعدي إلا قليلا (4).

ابن عباس:سألت هند عائشة أن تسأل النبي تعبير رؤيا فقال:قولي لها:

فلتقصص رؤياها فقالت:رأيت كأن الشمس قد طلعت من فوقي،و القمر قد خرج من مخرجي،و كأن كوكبا خرج من القمر أسود فشد على شمس خرجت من الشمس أصغر من الشمس فابتلعها فاسود الأفق لابتلاعها ثم رأيت كواكب بدت8.

ص: 48


1- بل الصحيح:«لا يزيلونك»كما في المصدر ص 72،و يريدونك تصحيف منه ظاهر.
2- بحار الأنوار:261/40-269 ح 18،و الارشاد:ص 156.
3- بحار الأنوار:261/40-269 ح 19،و كشف الغمة:ج 2 ص 178،ارشاد المفيد:ص 235.
4- بحار الأنوار:261/40-269 ح 20،و ارشاد المفيد:ص 235،كشف الغمة:ج 2 ص 178.

من السماء و كواكب مسودة في الأرض إلا أن المسودة أحاطت بأفق الأرض من كل مكان.

فاكتحلت عين رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بدموعه ثم قال:هي هند أخرجي يا عدوة اللّه مرتين فقد جددت علي أحزاني و نعيت إلي أحبابي فلما خرجت قال:اللهم العنها و العن نسلها.

فسئل عن تفسيرها فقال عليه السّلام:أما الشمس التي طلعت عليها فعلي بن أبي طالب عليه السّلام و الكوكب الذي خرج كالقمر أسود فهو معاوية مفتون فاسق جاحد للّه، و تلك الظلمة التي زعمت،و رأت كوكبا يخرج من القمر أسود فشد على شمس خرجت من الشمس أصغر من الشمس فابتلعها فاسودت فذلك ابني الحسين عليه السّلام يقتله ابن معاوية فتسود الشمس و يظلم الأفق،و أما الكواكب السود في الأرض أحاطت بالارض من كل مكان فتلك بنو أمية (1).

جعفر بن محمد الفزاري معنعنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:كان الحسين مع أمه تحمله فأخذه النبي صلّى اللّه عليه و آله و قال:لعن اللّه قاتلك،و لعن اللّه سالبك و أهلك اللّه المتوازرين عليك،و حكم اللّه بيني و بين من أعان عليك.

قالت فاطمة الزهراء:يا أبت أي شيء تقول؟

قال:يا بنتاه ذكرت ما يصيبه بعدي و بعدك من الأذى و الظلم و الغدر و البغي، و هو يومئذ في عصبة كأنهم نجوم السماء،و يتهادون إلى القتل،و كأني أنظر إلى معسكرهم،و إلى موضع رحالهم و تربتهم.

قالت:يا أبه و أين هذا الموضع الذي تصف؟

قال:موضع يقال له كربلا و هي دار كرب و بلاء علينا و على الأمة (2)يخرج عليهمل.

ص: 49


1- بحار الأنوار:261/40-269 ح 21.
2- الائمة خ ل.

شرار أمتي لو أن أحدهم شفع له من في السماوات و الأرضين ما شفّعوا فيه،و هم المخلدون في النار.

قالت:يا أبه فيقتل؟

قال:نعم يا بنتاه،و ما قتل قتلته أحد كان قبله و تبكيه السماوات و الارضون، و الملائكة،و الوحش،و النباتات،و البحار،و الجبال و لو يؤذن لها ما بقي على الأرض متنفس،و يأتيه قوم من محبينا ليس في الأرض أعلم باللّه و لا أقوم بحقنا منهم،و ليس على ظهر الأرض أحد يلتفت إليه غيرهم أولئك مصابيح في ظلمات الجو،و هم الشفعاء،و هم واردون حوضي غدا أعرفهم إذا وردوا علي بسيماهم، و كل أهل دين يطلبون أئمتهم،و هم يطلبوننا لا يطلبون غيرنا،و هم قوام الأرض، و بهم ينزل الغيث.

فقالت فاطمة الزهراء عليها السّلام:يا أبه إنا للّه،و بكت فقال لها:يا بنتاه!إن أفضل أهل الجنان هم الشهداء في الدنيا،بذلوا أنفسهم و أموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل اللّه فيقتلون و يقتلون وعدا عليه حقا،فما عند اللّه خير من الدنيا و ما فيها قتلة أهون من ميتة،و من كتب عليه القتل،خرج إلى مضجعه،و من لم يقتل فسوف يموت.

يا فاطمة بنت محمد أما تحبين أن تأمري غدا بأمر فتطاعين في هذا الخلق عند الحساب؟أما ترضين أن يكون ابنك من حملة العرش؟أما ترضين أن يكون أبوك يأتونه يسألونه الشفاعة؟أما ترضين أن يكون بعلك يذود الخلق يوم العطش عن الحوض فيسقي منه أولياءه و يذود عنه أعداءه؟أما ترضين أن يكون بعلك قسيم النار:

يأمر النار فتطيعه،يخرج منها من يشاء و يترك من يشاء.أما ترضين أن تنظري إلى الملائكة على أرجاء السماء ينظرون إليك و إلى ما تأمرين به،و ينظرون إلى بعلك قد حضر الخلائق و هو يخاصمهم عند اللّه فما ترين اللّه صانع بقاتل ولدك و قاتليك و قاتل

ص: 50

بعلك إذا أفلجت حجته على الخلائق،و أمرت النار أن تطيعه؟

أما ترضين أن تكون الملائكة تبكي لابنك،و تأسف عليه كل شيء؟أما ترضين أن يكن من أتاه زائرا في ضمان اللّه و يكون من أتاه بمنزلة من حج إلى بيت اللّه و اعتمر،و لم يخل من الرحمة طرفة عين،و إذا مات مات شهيدا و إن بقي لم تزل الحفظة تدعو له ما بقي،و لم يزل في حفظ اللّه و أمنه حتى يفارق الدنيا.قالت:يا أبه سلّمت،و رضيت و توكلت على اللّه،فمسح على قلبها و مسح عينيها،و قال:إني و بعلك و أنت و ابنيك في مكان تقر عيناك،و يفرح قلبك (1).

محمد الحميري،عن أبيه،عن علي بن محمد بن سالم،عن محمد بن خالد عن عبد اللّه بن حماد البصري،عن عبد اللّه بن عبد الرحمان الاصم،عن مسمع بن عبد الملك،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله إلى قوله:بهم ينزل الغيث ثم قال:و ذكر هذا الحديث بطوله (2).

بيان:قوله:«يتهادون إلى القتل»إما من الهدية كأنه يهدي بعضهم بعضا إلى القتل،أو من قولهم:تهادت المرأة:تمايلت في مشيتها،أو من قولهم هداه أي تقدمه أي يتسابقون،و على التقديرات كناية عن فرحهم و سرورهم بذلك،و الذود الطرد و الدفع.

أقول:قد مر بعض الأخبار في باب الولادة.

و روي في بعض الكتب المعتبرة عن لوط بن يحيى،عن عبد اللّه بن قيس قال:

كنت مع من غزى مع أمير المؤمنين عليه السّلام في صفين و قد أخذ أبو أيوب الاعور السلمي (3)الماء و حرزه عن الناس فشكى المسلمون العطش فأرسل فوارس علىته

ص: 51


1- تفسير فرات:ص 55و56.
2- بحار الأنوار:261/40-269 ح 22،و كامل الزيارات ص 69.
3- هو عمرو بن سفيان بن عبد شمس ينتهى نسبه إلى ثعلبة بن بهثة بن سليم،و هو مشهور بكنيته و هى أبو الاعور و لم نرفى أصحاب التراجم من كناه بأبى أيوب،كان مع معاوية و كان من أشد من عنده على على عليه السّلام و كان عليه السّلام يذكره في القنوت في صلاة الغداة و يدعو عليه،و هو الذى كان لى المشارع يوم صفين حين منعوا الماء عن عسكر على عليه السّلام،و المشهور أن الذى طردهم عن المشرعة، الاشتر في اثنى عشر ألفا من أهل العراق.

كشفه فانحرفوا خائبين،فضاق صدره،فقال له ولده الحسين عليه السّلام أمضي إليه يا أبتاه؟

فقال:إمض يا ولدي،فمضى مع فوارس فهزم أبا أيوب عن الماء،و بنى خيمته و حط فوارسه،و أتى إلى أبيه و أخبره.

فبكى علي عليه السّلام فقيل له:ما يبكيك يا أمير المؤمنين؟و هذا أول فتح ببركة الحسين عليه السّلام فقال:ذكرت أنه سيقتل عطشانا بطف كربلا،حتى ينفر فرسه و يحمحم و يقول:«الظليمة لأمة قتلت ابن بنت نبيها».

و روى ابن نماره في مثير الاحزان،عن ابن عباس قال:لما اشتد برسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله مرضه الذي مات فيه،ضم الحسين عليه السّلام إلى صدره يسيل من عرقه عليه و هو يجود بنفسه،و يقول:ما لي و ليزيد لا بارك اللّه فيه اللهم العن يزيد ثم غشي عليه طويلا و أفاق و جعل يقبل الحسين و عيناه تذرفان،و يقول:أما إن لي و لقاتلك مقاما بين يدي اللّه عز و جل (1).

في الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين عليه السّلام:

حسين إذا كنت في بلدة غريبا فعاشر بآدابها

فلا تفخرن فيهم بالنهى فكل قبيل بألبابها

و لو عمل ابن أبي طالب بهذا الامور كأسبابها

و لكنه اعتام أمر الإله فأحرق فيهم بأنيابها

عذيرك من ثقة بالذي ينيلك دنياك من طابها4.

ص: 52


1- بحار الأنوار:261/40-269 ح 24.

فلا تمرحن لاوزارها و لا تضجرن لا وصابها

قس الغد بالامس كى تستريح فلا تبتغي سعي رغابها

كأني بنفسي و أعقابها و بالكربلاء و محرابها

فتخضب منا اللحى بالدماء خضاب العروس بأثوابها

أراها و لم يك رأي العيان و اوتيت مفتاح أبوابها

مصائب تأباك من أن ترد فأعدد لها قبل منتابها

سقى اللّه قائمنا صاحب القيامة و الناس في دأبها

هو المدرك الثأر لي يا حسين بل لك فاصبر لأتعابها

لكل دم ألف ألف و ما يقصر في قتل أحزابها

هناك لا ينفع الظالمين قول بعذر و إعتابها

حسين فلا تضجرن للفراق فديناك أضحت لتخرابها

سل الدور تخبر و أفصح بها بأن لا بقاء لأربابها

أنا الدين لا شك للمؤمنين بآيات وحي و إيجابها

لناسمة الفخر في حكمها فصلّت علينا بإعرابها

فصل على جدك المصطفى

و سلم عليه لطلابها (1).

بيان:«و لو عمل»لو للتمني،و قال الجوهري:العيمة بالكسر خيار المال و اعتام الرجل إذا أخذ العيمة،و قال:حرقت الشيء حرقا بردته و حككت بعضه ببعض، و منه قولهم حرق نابه يحرقه و يحرقه أي سحقه حتى سمع له صريف.

و قال:«عذيرك من فلان»أي هلم من يعذرك منه،بل يلومه و لا يلومك.

و قال الرضي:معنى من فلان:من أجل الإساءة إليه و إيذائه أي أنت ذو عذر فيما5.

ص: 53


1- بحار الأنوار:261/40-269 ح 25.

تعامله به من المكروه،و إضافة الدنيا إلى المخاطب للإشعار بأن لا علاقة بينه عليه السّلام و بين الدنيا.

و قال الجوهري:الطاب الطيب،و قال:المرح شدة الفرح،و قال:الوصب المرض.

و قوله«سعي»إما مفعول به لقوله لا تبتغي أو مفعول مطلق من غير اللفظ و المحراب محل الحرب،و العروس نعت يستوي فيه الرجل و المرأة،و المنتاب مصدر ميمي من قولهم انتاب فلان القوم أي أتاهم مرة بعد أخرى.

و وصف القائم عليه السّلام بصاحب القيامة لا تصال زمانه بها أو لرجعة بعض الأموات في زمانه،و الدأب مصدر دأب في عمله أي جد و تعب أو العادة و الشأن،و الأتعاب بالفتح جمع التعب و الإعتاب الإرضاء،و التخراب بالفتح مبالغة في الخراب و تخبر على بناء الفاعل أو المفعول،و أفصح بها للتعجب،و الحمل في أنا الدين للمبالغة، و إشارة إلى قوله تعالى: اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ (1)و إلى أن الإسلام لا يتم إلا بولايته لقوله تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللّهِ الْإِسْلامُ (2).

و قوله عليه السّلام:للمؤمنين متعلق بالنسبة بين أنا و الدين أو خبر لا و بآيات متعلق بالنسبة أو بالمؤمنين قوله«و إيجابها»أي إيجاب الآيات طاعتي و ولايتي على الناس و المصراع بعده إشارة إلى ما نزل في شأن أهل البيت عليهم السلام عموما و إسناد الصلاة إلى الآيات مجاز،و الإعراب الإظهار و البيان.

و قال شارح الديوان:المصراع الذي بعده إشارة إلى قراءة نافع و ابن عامر و يعقوب آل ياسين بالاضافة و إلى ما روي أن يس اسم محمد صلّى اللّه عليه و اله أو إلى قوله تعالى: «وَ سَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى» و لطف إعرابها على التوجيه الأول8.

ص: 54


1- سورة المائدة:7.
2- سورة آل عمران:18.

غير خفي انتهى.

أقول:لا وجه للتخصيص غير التعصب،بل ربع القرآن نازل فيهم عليهم السلام كما عرفت و ستعرفه (1).5.

ص: 55


1- بحار الأنوار:269/40 ح 25.

الإخبارات العامة بقتل الحسين عليه السلام

عن أبي اليمان،عن إمام لبني سليم،عن أشياخ له،قالوا:غزونا بلاد الروم فوجدنا في كنيسة من كنائسها مكتوبا:

أ ترجو أمة قتلت حسينا

شفاعة جدّه يوم الحساب

فقلنا للروم:من كتب هذا في كنيستكم؟

قالوا:قبل مبعث نبيكم بثلاثمائة عام،كذا قال.و إنما هو يحيى بن اليمان (1).

و عن ابن عباس،قال:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فيما يرى النائم بنصف النهار أغبرا أشعثا،و بيده قارورة فيها دم،فقلت:بأبي أنت و أمي يا رسول اللّه ما هذا؟

قال:هذا دم الحسين و أصحابه،لم أزل منذ اليوم ألتقطه.

فأحصى ذلك اليوم فوجدوه قتل يومئذ.

و عن علي بن زيد بن جدعان،قال:استيقظ ابن عباس من نومه فاسترجع و قال:

قتل الحسين و اللّه.

فقال له أصحابه:كلا يا ابن عباس،كلا،قال:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و معه زجاجة من دم،فقال:ألا تعلم ما صنعت أمتي من بعدي؟قتلوا ابني الحسين،و هذا دمه و دم أصحابه أرفعها إلى اللّه عزّ و جلّ.

قال:فكتب ذلك اليوم الذي قال فيه،و تلك الساعة،قال:فما لبثوا إلاّ أربعة

ص: 56


1- سير الأعلام:2653/6.

و عشرين يوما حتى جاءهم الخبر بالمدينة أنه قتل ذلك اليوم،و تلك الساعة.

و عن سلمى،قالت:دخلت على أم سلمة و هي تبكي،فقلت:ما يبكيك؟

قالت:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في المنام و على رأسه و لحيته التراب.

فقلت:ما لك يا رسول اللّه؟

قال:شهدت قتل الحسين آنفا (1).

عن رأس الجالوت،قال:كنا نسمع أنه يقتل بكربلاء ابن نبي فكنت إذا دخلتها ركضت فرسي حتى أجوز عنها،فلما قتل حسين،جعلت أسير بعد ذلك على هيئتي (2).

و عن أشياخ بني سليم قالوا:غزونا بلاد الروم فدخلنا كنيسة من كنائسهم فوجدنا فيها مكتوبا شعرا:

أيرجو معشر قتلوا حسينا

شفاعة جدّه يوم الحساب

فسألنا منذكم هذا في كنيستكم؟

قالوا:قبل أن يبعث نبيّكم بثلاثمائة عام (3).

و عن الأعمش قال:بينا أنا في الطواف إذا برجل يقول:اللهم أغفر لي و أنا أعلم أنك لا تغفر،فسألته عن السبب فقال:كنت أحد الأربعين الذين حملوا رأس الحسين عليه السّلام الى يزيد على طريق الشام فنزلنا أول مرحلة من رحلتنا من كربلاء على دير للنصارى و الرأس مركوز على رمح،فوضعنا الطعام و نحن نأكل إذ كف3.

ص: 57


1- سنن الترمذي(50)كتاب المناقب،(31)باب مناقب الحسن و الحسين(ح:3771)ج 657/5: و فيه«رزين».
2- تاريخ الطبري:393/5.
3- الامالي:193 ح 203.

على حائط الدير مكتوب عليه بقلم حديد سطّر بالدم:

أترجو أمّة قتلت حسينا

شفاعة جدّه يوم الحساب

فجزعنا جزعا شديدا و أهوى بعضنا إلى الكفّ ليأخذه فغاب (1).

و في كتاب الأمالي عن الصادق عليه السّلام قال:بينا الحسين عليه السّلام عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم إذ أتاه جبرائيل عليه السّلام فقال:يا محمّد أتحبّه؟

قال:نعم،قال:أما إنّ أمّتك ستقتله،فحزن لذلك حزنا شديدا فقال جبرائيل عليه السّلام:

أيسرّك أن أريك التربة التي يقتل فيها؟

قال:نعم،قال:فخسف جبرائيل عليه السّلام ما بين مجلس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم إلى كربلاء حتّى التقت القطعتان هكذا،و جمع بين السبابتين فتناول بجناحه من التربة فناولها الرسول صلّى اللّه عليه و اله و سلّم ثمّ دحيت الأرض أسرع من طرف العين.

فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم:طوبى لك من تربة و طوبى لمن يقتل فيك (2).

و في المناقب عن ابن عبّاس قال:سألت هند عائشة أن تسأل النبيّ صلّى اللّه عليه و اله و سلّم عن تعبير رؤيا فقال قولي لها تقصص رؤياها.

قالت:رأيت كأنّ الشمس طلعت من فوقي و القمر قد خرج من مخرجي و كأنّ كوكبا قد خرج من القمر أسود فشد على شمس خرجت من الشمس أصغر من الشمس فابتلعتها فاسودّ الأفق لابتلاعها ثمّ رأيت كواكب بدت من السماء و كواكبا مسودّة في الأرض إلاّ أنّ المسودّة أحاطت بافق الأرض من كلّ مكان فاكتحلت عين رسول اللّه بدموعه ثمّ قال:أخرجي يا عدوّة اللّه مرّتين فقد جدّدت عليّ أحزاني و نعيت إلي أحبابي،فلمّا خرجت قال اللّهم العنها و العن نسلها.8.

ص: 58


1- الأمالي:193،و الخرائج و الجرائح:578/2.
2- أمالي الطوسي:314 ح 638.

فسئل عن تفسيرها،فقال عليه السّلام:أمّا الشمس التي طلعت عليها فعليّ بن أبي طالب و الكوكب الذي خرج كالقمر أسود فهو معاوية مفتون فاسق و تلك الظلمة التي زعمت و رأت كوكبا يخرج من القمر أسود فشدّ على شمس خرجت من الشمس أصغر من الشمس فابتلعتها فاسودّت فذلك ابني الحسين يقتله ابن معاوية فتسودّ الشمس و يظلم الافق،و أمّا الكواكب السود في الأرض أحاطت بالأرض من كلّ مكان فتلك بنو أميّة.

و عن أم سلمة،قالت:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«يقتل حسين على رأس ستين من مهاجري» (1).

و عن أبي جعفر عليه السّلام قال:مرّ عليّ عليه السّلام بكربلاء في إثنين من أصحابه فترقرقت عيناه بالبكاء ثمّ قال:هذا و اللّه مناخ ركابهم و هذا ملقى رحالهم و هاهنا تهرق دماؤهم طوبى لك من تربة عليك تهرق دماء الأحبّة (2).

و منها ما رواه عن الخصيبي مسندا عن أبي حمزة الثّمالي عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال:أرسل رسول الله صلّى اللّه عليه و اله سرية فقال:تصلون ساعة كذا و كذا من الليل أرضا لا تهتدون فيها سيرا فإذا وصلتم إليها فخذوا ذات الشمال فإنكم تمرّون برجل فاضل خيّر فتستر شدونه فيأبى أن يرشدكم حتى تأكلوا من طعامه و يذبح لكم كبشا فيطعمكم ثم يقوم معكم فيرشدكم إلى الطريق فاقرئوه مني السلام و أعلموه أني قد ظهرت في المدينة.

فمضوا فلمّا وصلوا إلى الموضع في الوقت ضلّوا،فقال قائل منهم:ألم يقل لكم رسول الله صلّى اللّه عليه و اله خذوا ذات الشمال،ففعلوا فمرّوا بالرجل الذي وصفه رسول الله صلّى اللّه عليه و اله فاسترشدوه الطريق فقال:إنّي لا أرشدكم حتى تأكلوا من طعامي فذبح7.

ص: 59


1- مجمع الزوائد:191/9.
2- قرب الاسناد:26 ح 87.

لهم كبشا فأكلوا من طعامه و قام معهم فأرشدهم إلى الطريق فقال:أظهر النبي بالمدينة؟

فقالوا:نعم،فأبلغوه سلامه فخلّف في شأنه من خلّف و مضى إلى رسول الله صلّى اللّه عليه و اله،و هو عمرو بن الحمق الخزاعي بن الكاهن بن حبيب بن عمرو بن القين بن درّاج بن عمرو بن سعد بن كعب،فلبث معه ما شاء الله.

ثمّ قال له رسول الله صلّى اللّه عليه و اله:إرجع إلى الموضع الذي هاجرت إليّ منه فإذا نزل أخي أمير المؤمنين عليه السّلام الكوفة و جعلها دار هجرته فآته.

فانصرف عمرو بن الحمق إلى شأنه حتى إذا نزل أمير المؤمنين عليه السّلام أتاه فأقام معه في الكوفة.

فبينا أمير المؤمنين عليه السّلام جالس و عمرو بين يديه فقال له:يا عمرو ألك دار؟

قال:نعم،قال:بعها و اجعلها في الأزد فإني غدا لو قد غبت عنكم لطلبت فتتبعك الأزد حتى تخرج من الكوفة متوجها نحو الموصل،فتمر برجل نصراني فتقعد عنده فتستسقيه الماء فيسقيكه و يسألك عن شأنك فتخبره و ستصادفه مقعدا فادعه إلى الإسلام فإنّه يسلم فإذا أسلم فأمرر بيدك على ركبتيه فإنّه ينهض صحيحا سليما و يتبعك.

و تمر برجل محجوب جالس على الجادّة فتستسقيه الماء فيسقيك و يسألك عن قصّتك و ما الذي أخافك و ممن تتوقع فحدّثه بأن معاوية طلبك ليقتلك و يمثل بك لإيمانك بالله و رسوله صلّى اللّه عليه و اله و طاعتك لي و إخلاصك في ولايتي و نصحك لله تعالى في دينك فادعه إلى الإسلام فإنّه يسلم،فأمرر يدك على عينيه فإن يرجع بصيرا بإذن الله فيتبعانك و يكونان معك و هما اللذان يواريان جثتك في الأرض.

ثمّ تصير إلى الدير على نهر يدعى بالدّجلة فإن فيه صديقا عنده من علم المسيح ما تجده لك أعون الأعوان على سرّك و ما ذاك إلاّ ليهديه الله بك فإذا أحسّت بك

ص: 60

شرطة ابن أم الحكم و هو خليفة معاوية بالجزيرة و يكون مسكنه بالموصل فاقصد إلى الصديق الذي في الدير في أعلى الموصل فناده فإنه يمتنع عليك فاذكر اسم الله الذي علّمتك إياه فإنّ الدير يتواضع لك حتى تصير في ذروته فإذا رآك ذلك الراهب الصديق قال لتلميذ معه:ليس هذا أوان المسيح هذا شخص كريم و محمد قد توفاه الله و وصيّه قد استشهد بالكوفة و هذا من حواريه ثم يأتيك ذليلا خاشعا فيقول لك أيّها الشخص العظيم قد أهلتني لما لم أستحقه فبم تأمرني؟فتقول أستر تلميذي هذين عندك و تشرف على ديرك هذا فانظر ماذا ترى،فإذا قال لك إنّي أرى خيلا غامرة نحونا.

فخلّف تلميذيك عنده و انزل و اركب فرسك و أقصد نحو غار على شاطىء الدجلة تستتر فيه فإنه لا بد من أن يسترك و فيه فسقة من الجن و الإنس،فإذا استترت فيه عرفك فاسق من مردة الجن يظهر لك بصورة تنين فينهشك نهشا يبالغ في إضعافك فينفر فرسك فتبدر بك الخيل فيقولون هذا فرس عمرو و يقفون أثره.

فإذا أحسست بهم دون الغار فابرز إليهم بين دجلة و الجادة فقف لهم في تلك البقعة فإن الله جعلها حفرتك و حرمك فالقهم بسيفك فاقتل منهم ما استطعت حتى يأتيك أمر الله فإذا غلبوك حزّوا رأسك و شهروه على قناة إلى معاوية و رأسك أول رأس يشهر في الإسلام من بلد إلى بلد.

ثم بكى أمير المؤمنين عليه السّلام و قال:بنفسي ريحانة رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و ثمرة فؤاده و قرّة عينه ابني الحسين عليه السّلام فإني رأيته يسير و ذراريه بعدك يا عمرو من كربلا بغربي الفرات إلى يزيد بن معاوية عليهما لعنة الله.

ثم ينزل صاحبك المحجوب و المقعد فيواريان جسدك في موضع مصرعك و هو من الدير و الموصل على مائة و خمسين خطوة من الدير (1).3.

ص: 61


1- مدينة المعاجز:182/3.

أنباء باستشهاد الحسين عليه السلام قبل وقوعه

1-خبر رأس الجالوت:

قال السيد مرتضى العسكري:روى الطبري و البلاذري و الطبراني و ابن سعد و اللفظ للأول عن رأس الجالوت عن أبيه قال:ما مررت بكربلا،إلاّ و أنا أركض دابتي حتى أخلف المكان،قال:قلت:لم؟

قال:كنا نتحدث أن ولد نبي مقتول في ذلك المكان و كنت أخاف أن أكون أنا، فلما قتل الحسين قلنا:هذا الذي كنا نتحدث،و كنت بعد ذلك إذا مررت بذلك المكان أسير و لا أركض (1).

ص: 62


1- 1)تاريخ الطبري 223/6 و ترجمة الإمام الحسين بمعجم الطبراني الكبير تأليف أبى القاسم سليمان بن أحمد(ت:360 ه)،ح-61. ص 128 و قد طبع ضمن مجموعة باسم الحسين و السنة اختيار و تنظيم السيد عبد العزيز الطباطبائي بمطبعة مهر قم. و في المجموعة بالإضافة إليه فضائل الحسين من كتاب فضائل امام الحنابلة أحمد بن حنبل،و فى تاريخ ابن عساكر ح-641 و فى لفظه فلما قتل حسين كنت أسير على هيئتي،و سير النبلاء /3 195 بإيجاز.

2-خبر كعب

روى الذهبي و الهيثمي و العسقلاني و ابن كثير عن عمار الدهني قال:مر علي عليه السّلام على كعب فقال:يقتل من ولد هذا رجل في عصابة لا يجف عرق خيولهم حتى يردوا على محمد صلّى اللّه عليه و اله،فمر حسن عليه السّلام فقالوا:هذا؟

قال:لا،فمر حسين عليه السّلام فقالوا:هذا؟

قال:نعم (1).

و قال المجلسي:وجدت في بعض مؤلّفات المعاصرين أنّه لمّا جمع ابن زياد لعنه اللّه قومه لحرب الحسين عليه السّلام كانوا سبعين ألف فارس فقال:أيّها الناس من منكم يتولّى قتل الحسين و له ولاية أيّ بلد شاء؟فلم يجبه أحد فاستدعى بعمر بن سعد لعنه اللّه و قال له:أريد أن تتولّى حرب الحسين بنفسك،فقال:اعفني من ذلك، فقال:قد أعفيتك فاردد علينا عهدنا الذي كتبنا إليك بولاية الرّي فقال:إمهلني الليلة فانصرف إلى منزله و جعل يستشير من يثق به فلم يشر عليه أحد و كان عنده رجل من أهل الخير يقال له كامل و كان صديقا لأبيه من قبله فقال له:يا عمر ما الذي أنت عازم عليه؟

قال:إنّي ولّيت أمر هذا الجيش في حرب الحسين و إنّما قتله عندي و أهل بيته كشربة ماء و إذا قتلته خرجت إلى ملك الري،فقال له كامل:أف لك يابن سعد تريد قتل الحسين ابن بنت رسول اللّه؟!إنّا للّه و إنّا إليه راجعون و ما الذي تقول غدا

ص: 63


1- معجم الطبراني الكبير ح 85،و طبقات ابن سعد بترجمة الإمام الحسين ح 27،تاريخ ابن عساكر ح-639 و 640،و تاريخ الإسلام للذهبي 11/3،و سير النبلاء له 195/3،و مجمع الزوائد 193/9،و فى مقتل الخوارزمي أخبار من كعب بقتل الحسين 165/1،و تهذيب التهذيب 347/2،و الروض النضبر شرح مجموع الفقه الكبير تأليف الحسين بن أحمد بن الحسين السياغي الحيمي الصنعاني(ت:1221 ه)و فى لفظ بعضهم مع بعض اختلاف.

لرسول اللّه إذا وردت عليه و إنّه في زماننا هذا كجدّه في زمانه و طاعته فرض علينا و أشهد اللّه أنّك إن أعنت على قتله لا تلبث بعده في الدّنيا إلاّ قليلا.

فقال عمر:بالموت تخوّفني و إنّي إذا فرغت من قتله أكون أميرا على سبعين ألف فارس و أتولّى ملك الري؟

فقال له كامل:إنّي أحدّثك بحديث صحيح أرجو لك فيه النجاة إن وفّقت لقبوله؛ إعلم انّي سافرت مع أبيك إلى الشام فانقطعت بي مطيّتي عن أصحابي و عطشت فلاح لي دير راهب فأتيت إلى باب الدّير و قلت للراهب إنّي عطشان فقال لي:أنت من أمّة هذا النبيّ الذين يقتل بعضهم بعضا على حبّ الدّنيا؟

فقلت له:أنا من أمّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

فقال:إنّكم شرّ أمّة و قد غدوتم إلى عترة نبيّكم تسبون نساءه و تنهبون أمواله، فقلت:يا راهب نحن نفعل ذلك؟

قال:نعم،و إنّكم إذا فعلتم ذلك عجّت السماوات و الأرضون و البحار و الجبال و الوحوش و الأطيار باللعنة على قاتله و لا يلبث قاتله في الدّنيا إلاّ قليلا ثمّ يظهر رجل يطلب بثأره فلا يدع أحدا شارك في قتله إلاّ قتله و عجّل اللّه بروحه إلى النار،ثمّ قال الراهب:إنّي لأرى لك قرابة من قاتل هذا الإبن الطيّب و اللّه أنّي لو أدركت أيّامه لوقيته بنفسي من حرّ السيوف،فقلت:إنّي أعيذ نفسي من أن اقاتل ابن بنت رسول اللّه،فقال:إن لم تكن أنت فرجل قريب منك و أنّ عذاب قاتله أشدّ من عذاب فرعون و هامان ثمّ رد الباب في وجهي و أبى أن يسقيني ماء فركبت فرسي و لحقت أصحابي فحدّثت أباك سعدا بقصّة الراهب فقال لي:صدقت ثمّ إنّ سعدا أخبرني أنّه نزل بدير هذا الراهب مرّة من قبلي فأخبره أنّه هو الرجل الذي يقتل ابن بنت رسول اللّه فخاف أبوك من ذلك و خشي أن تكون أنت قاتله فأبعدك عنه و أقصاك فاحذر يا عمر من قتله،فبلغ الخبر ابن زياد فطلب كامل و قطع لسانه فعاش يوما أو بعض

ص: 64

يوم (1).

و أخرج ابن قولويه(ت:367 ه)أربع روايات في باب علم الأنبياء بمقتل الحسين من كتابه كامل الزيارة،و في باب علم الملائكة حديثا واحدا،و في باب لعن اللّه و لعن الأنبياء لقاتليه روايتين إحداهما ما رواها عن كعب أن إبراهيم و موسى و عيس أنبأوا بقتله و لعنوا قاتله (2).

3-حديث أسماء بنت عميس

عن علي بن الحسين عليه السّلام قال:حدثتني أسماء بنت عميس قالت:قبلت جدتك فاطمة بالحسن و الحسين...

فلما ولد الحسين فجاءني النبي صلّى اللّه عليه و آله فقال:يا أسماء هاتي ابني فدفعته إليه في خرقة بيضاء،فأذّن في أذنه اليمنى،و أقام في اليسرى،ثم وضعه في حجره و بكى، قالت أسماء:فقلت فداك أبي و أمي مم بكاؤك؟

قال:على ابني هذا.

ص: 65


1- مدينة الامعاجز:66/4 ح 1088.
2- تاريخ الطبري 223/6 و ترجمة الإمام الحسين بمعجم الطبراني الكبير تأليف أبى القاسم سليمان بن أحمد(ت:360 ه)،ح-61. ص 128 و قد طبع ضمن مجموعة باسم الحسين و السنة اختيار و تنظيم السيد عبد العزيز الطباطبائي بمطبعة مهر قم. و في المجموعة بالإضافة إليه فضائل الحسين من كتاب فضائل امام الحنابلة أحمد بن حنبل،و فى تاريخ ابن عساكر ح-641 و فى لفظه فلما قتل حسين كنت أسير على هيئتي،و سير النبلاء /3 195 بإيجاز.

قلت:انه ولد الساعة.

قال:يا أسماء تقتله الفئة الباغية لا أنالهم اللّه شفاعتي،ثم قال:يا أسماء لا تخبري فاطمة بهذا،فإنها قريبة عهد بولادته.الحديث (1).

4-حديث أم الفضل

في مستدرك الصحيحين و تأريخ ابن عساكر و مقتل الخوارزمي و غيرها و اللفظ للأول عن أم الفضل بنت الحارث أنها دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقالت:يا رسول اللّه إني رأيت حلما منكرا الليلة،قال:و ما هو؟

قالت:إنه شديد قال:و ما هو؟

قالت:رأيت كأن قطعة من جسدك قطعت و وضعت في حجري،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:رأيت خيرا،تلد فاطمة-إن شاء اللّه-غلاما فيكون في حجرك،فولدت فاطمة الحسين فكان في حجري-كما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله-فدخلت يوما إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فوضعته في حجره،ثم حانت مني التفاتة فإذا عينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تهريقان من الدموع قالت:فقلت:يا نبي اللّه بأبي أنت و أمي مالك؟

قال:أتاني جبرئيل عليه الصلاة و السلام فأخبرني ان أمتي ستقتل ابني هذا،

ص: 66


1- معجم الطبراني الكبير ح 85،و طبقات ابن سعد بترجمة الإمام الحسين ح 277،تاريخ ابن عساكر ح-639 و 640،و تاريخ الإسلام للذهبي 11/3،و سير النبلاء له 195/3،و مجمع الزوائد 193/9،و فى مقتل الخوارزمي أخبار من كعب بقتل الحسين 165/1،و تهذيب التهذيب 347/2،و الروض النضبر شرح مجموع الفقه الكبير تأليف الحسين بن أحمد بن الحسين السياغي الحيمي الصنعاني(ت:1221 ه)و فى لفظ بعضهم مع بعض اختلاف. نقلنا هذا الخبر عن كعب مع عدم اعتمادنا عليه،لتواتر الاخبار عن رسول اللّه أنه أنبأ بقتل الحسين فلعل كعبا سمع ممن سمع من النبي و من الجائز أنه قرأ شيئا من ذلك في كتب أهل الكتاب.

فقلت:هذا؟

فقال:نعم،و أتاني بتربة من تربته حمراء.

قال الحاكم:هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه (1).

5-في مقتل الخوارزمي

لما أتى على الحسين من ولادته سنة كاملة هبط على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله اثنا عشر ملكا محمرة وجوههم قد نشروا أجنحتهم و هم يقولون:يا محمد سينزل بولدك الحسين ما نزل بهابيل من قابيل،و سيعطى مثل أجر هابيل،و يحمل على قاتله مثل وزر قابيل،قال:و لم يبق في السماء ملك إلاّ و نزل على النبي يعزيه بالحسين و يخبره بثواب ما يعطي،و يعرض عليه تربته،و النبي يقول:اللهم اخذل من خذله، و اقتل من قتله،و لا تمتعه بما طلبه.و لما أتت على الحسين من مولده سنتان كاملتان خرج النبي في سفر فلما كان في بعض الطريق وقف فاسترجع و دمعت عيناه،فسئل عن ذلك فقال:هذا جبريل يخبرني عن أرض بشاطئ الفرات يقال لها:

كربلاء يقتل فيها ولدي الحسين بن فاطمة،فقيل:من يقتله يا رسول اللّه؟

فقال:رجل يقال له يزيد،لا بارك اللّه في نفسه،و كأني أنظر إلى منصرفه و مدفنه بها،و قد أهدي رأسه،و اللّه ما ينظر أحد إلى رأس ولدي الحسين فيفرح إلاّ

ص: 67


1- مستدرك الصحيحين 176/3 و باختصار في ص 179 منه،و تاريخ ابن عساكر ح-631، و قريب منه في ح-630،و فى مجمع الزوائد 179/9،و مقتل الخوارزمي 159/1 و فى 162 بلفظ آخر،و تاريخ ابن كثير 230/6 و أشار إليه في 199/8،و أمالي السجري ص 188. و راجع الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 145،و الروض النضير 89/1،و الصواعق 115 و فى ط 190،و راجع كنز العمال ط القديمة 223/6،و الخصائص الكبرى 125/2. و فى كتب اتباع مدرسة أهل البيت ورد في مثير الأحزان ص 8 و اللهوف لابن طاوس 6-7.

خالف اللّه بين قلبه و لسانه-يعني ليس في قلبه ما يكون بلسانه من الشهادة.

قال:ثم رجع النبي من سفره ذلك مغموما فصعد المنبر فخطب و وعظ و الحسين بين يديه مع الحسن،فلما فرغ من خطبته وضع يده اليمنى على رأس الحسين و رفع رأسه إلى السماء و قال:اللهم إني محمد عبدك و نبيك و هذان أطائب عترتي و خيار ذريتي و أرومتي و من أخلفهما بعدي.

اللهم و قد أخبرني جبريل بان ولدي هذا مقتول مخذول،اللهم فبارك لي في قتله و اجعله من سادات الشهداء انك على كل شيء قدير،اللهم و لا تبارك في قاتله و خاذله.

قال:فضج الناس في المسجد بالبكاء،فقال النبي:أتبكون و لا تنصرونه؟اللهم فكن له أنت وليا و ناصرا (1).

6-رواية زينب بنت جحش في بيتها

في تاريخ ابن عساكر و مجمع الزوائد و تأريخ ابن كثير و غيرها و اللفظ للأول عن زينب،قالت:بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في بيتي و حسين عندي حين درج،فغفلت عنه، فدخل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقال:دعيه-إلى قولها-ثم قام فصلى فلما قام احتضنه إليه فإذا ركع أو جلس وضعه ثم جلس فبكى،ثم مديده فقلت حين قضى الصلاة:

يا رسول اللّه إني رأيتك اليوم صنعت شيئا ما رأيتك تصنعه؟

قال:إن جبريل أتاني فأخبرني ان هذا تقتله أمتي،فقلت:فأرني تربته،فأتاني

ص: 68


1- مقتل الخوارزمي 163/1-164 و قد أوردنا ما ذكره باختصار.

بتربة حمراء (1).

7-حديث أنس بن مالك

في مسند أحمد و معجم الكبير للطبراني و تأريخ ابن عساكر و غيرها و اللفظ للأول عن أنس بن مالك،قال:استأذن ملك القطر ربه أن يزور النبي صلّى اللّه عليه و اله فأذن له و كان في يوم أم سلمة،فقال النبي صلّى اللّه عليه و اله:يا أم سلمة احفظي علينا الباب،لا يدخل علينا أحد قال:فبينا هي على الباب إذ جاء الحسين بن علي عليه السّلام فاقتحم ففتح الباب فدخل فجعل النبي صلّى اللّه عليه و اله يلتزمه و يقبله فقال الملك:أتحبه؟

قال:نعم.

قال:إن أمتك ستقتله،ان شئت أريتك المكان الذي يقتل فيه؟

قال:نعم.

قال:فقبض قبضة من المكان الذي قتل فيه فأراه فجاء بسهلة أو تراب أحمر فأخذته أم سلمة فجعلته في ثوبها.

قال ثابت:فكنا نقول إنها كربلاء (2)

ص: 69


1- تاريخ ابن عساكر ح-629 و مجمع الزوائد 188/9،و كنز العمال 112/13،و أشار إليه ابن كثير بتاريخه 199/8 و ورد في كتب اتباع مدرسة أهل البيت بأمالي الشيخ الطوسي 323/1،و مثير الأحزان ص 7-8،و ورد قسم منه في ص 9-10 و فى آخره تتمة مهمة و كذلك في اللهوف:7-9.
2- مسند أحمد 242/3 و 265،تاريخ ابن عساكر ح-615 و 617،و تهذيبه 325/4 و اللفظ له، و بترجمة الحسين من المعجم الكبير للطبراني ح-47،و مقتل الخوارزمي 160/1-162، و الذهبي في تاريخ الإسلام 10/3،و سير النبلاء 194/3،و ذخائر العقبى ص 146-147، و مجمع الزوائد 187/9،و فى ص 190 منه بسند آخر و قال:اسناده حسن،و فى باب الاخبار بمقتل الحسين من تاريخ ابن كثير 229/6 في لفظه"و كنا نسمع يقتل بكربلاء"،و في ج 199/8، و كنز العمال 266/16،و الصواعق ص 115،و راجع الدلائل للحافظ أبي نعيم 202/3،و الروض النضير 192/1،و المواهب اللدنية للقسطلاني 195/2،و الخصائص للسيوطي 25/2،و موارد الظمآن بزوائد صحيح ابن حبان لأبي بكر الهيتمي ص 554. و في كتب اتباع مدرسة أهل البيت بأمالي الشيخ الطوسي(ت:460 ه)ط-النعمان بالنجف سنة 1384 ه 221/1 و فى لفظه:ان عظيما من عظماء الملائكة.

8-حديث ابي أمامة

في تاريخ ابن عساكر و الذهبي و مجمع الزوائد و غيرها و اللفظ للأول عن أبي أمامة.

قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله لنسائه:لا تبكوا هذا الصبي يعني حسينا.

قال:و كان يوم أم سلمة فنزل جبرئيل فدخل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله الداخل و قال لأم سلمة:لا تدعي أحدا يدخل عليّ،فجاء الحسين فلما نظر إلى النبي صلّى اللّه عليه و اله في البيت أراد أن يدخل فأخذته أم سلمة فاحتضنته و جعلت تناغيه و تسكته فلما اشتد في البكاء خلّت عنه،فدخل حتى جلس في حجر النبي صلّى اللّه عليه و اله فقال جبريل للنبي صلّى اللّه عليه و اله إن أمتك ستقتل ابنك هذا،فقال النبي صلّى اللّه عليه و اله:يقتلونه و هم مؤمنون بي؟

قال:نعم يقتلونه.

فتناول جبريل تربة فقال:مكان كذا و كذا،فخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و قد احتضن حسينا كاسف البال،مهموما.

فظنت أم سلمة انه غضب من دخول الصبي عليه فقالت:يا نبي اللّه جعلت لك الفداء إنك قلت لنا:لا تبكوا هذا الصبي،و أمرتني أن لا أدع أحدا يدخل عليك،فجاء فخلّيت عنه،فلم يرد عليها،فخرج إلى أصحابه و هم جلوس فقال:«إن أمتي يقتلون

ص: 70

هذا»و في القوم أبو بكر و عمر،و في آخر الحديث:فأراهم تربته (1).

9-روايات أم سلمة

أ-عن عبد اللّه بن وهب بن زمعة:في مستدرك الصحيحين و طبقات ابن سعد و تاريخ ابن عساكر و غيرها و اللفظ للأول-قال:أخبرتني أم سلمة:رضي اللّه عنها:

إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله اضطجع ذات ليلة للنوم فاستيقظ و هو حائر (2)ثم اضطجع فرقد ثم استيقظ و هو حائر دون ما رأيت به المرة الأولى ثم اضطجع فاستيقظ و في يده تربة حمراء يقبلها (3)فقلت:ما هذه التربة يا رسول اللّه؟

قال:أخبرني جبريل(عليه الصلاة و السلام)ان هذا يقتل بأرض العراق-للحسين -فقلت لجبريل:أرني تربة الأرض التي يقتل بها فهذه تربتها.

فقال:هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه (4).

ص: 71


1- تاريخ ابن عساكر ح-618،و تهذيبه 325/4،تاريخ الإسلام للذهبي 10/3،و سير النبلاء له 10/3،و مجمع الزوائد 189/9،و تاريخ ابن كثير 199/8،و أمالي الشجري ص 186 و فى الروض النضير 93/1-94 اسناده حسن،و أبو امامة هذا صدى بن عجلان.
2- كذا في لفظ الحاكم و البيهقي و فى غيرهما من الأصول:خائر،و فى النهاية:أصبح رسول اللّه و هو خائر النفس،أي ثقيل النفس غير طيب و لا نشيط ه.
3- في الحديث الآتي يقلبها.
4- مستدرك الصحيحين 398/4،و المعجم الكبير للطبراني ح-55،و تاريخ ابن عساكر ح-619 -621،و ترجمة الحسين بطبقات ابن سعد بترجمة الحسين ح-267،و الذهبي في تاريخ الإسلام 11/3،و سير النبلاء 194/3-195،و الخوارزمي في المقتل 158/1-159 باختصار، و المحب الطبري في ذخائر العقبى ص 148-149،و تاريخ ابن كثير 230/6،و كنز العمال للمتقي 266/16.

ب-عن صالح بن أربد:روى الطبراني و ابن أبي شيبة و الخوارزمي و غيرهم و اللفظ للأول،عن صالح بن أربد عن أم سلمة رضي اللّه عنها قالت:قال رسول اللّه:

إجلسي بالباب،و لا يلجن علي أحد،فقمت بالباب إذ جاء الحسين رضي اللّه عنه فذهبت أتناوله فسبقني الغلام فدخل على جده،فقلت:يا نبي اللّه جعلني اللّه فداك أمرتني أن لا يلج عليك أحد،و ان ابنك جاء فذهبت أتناوله فسبقني،فلما طال ذلك تطلعت من الباب فوجدتك تقلب بكفيك شيئا و دموعك تسيل و الصبي على بطنك؟

قال:نعم،أتاني جبريل عليه السّلام فأخبرني أن أمتي يقتلونه،و أتاني بالتربة التي يقتل عليها فهي التي أقلب بكفي (1).

ج-عن المطلب بن عبد اللّه بن حنطب:في معجم الطبراني و ذخائر العقبى و مجمع الزوائد و غيرها و اللفظ للأول،عن المطلب بن عبد اللّه بن حنطب عن أم سلمة قالت:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله جالسا ذات يوم في بيتي فقال:لا يدخل علي أحد فانتظرت فدخل الحسين رضي اللّه عنه فسمعت نشيج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يبكي فاطلعت فإذا حسين في حجره و النبي صلّى اللّه عليه و اله يمسح جبينه و هو يبكي فقلت:و اللّه ما علمت حين دخل فقال:إن جبريل عليه السّلام كان معنا في البيت فقال:أتحبه؟

قلت:أما من الدنيا فنعم.

قال:إن أمتك ستقتل هذا بأرض يقال لها:كربلاء.

فتناول جبريل عليه السّلام من تربتها فأراها النبي صلّى اللّه عليه و اله.

فلما أحيط بحسين حين قتل قال:ما اسم هذه الأرض؟ر.

ص: 72


1- ترجمة الحسين في المعجم الكبير للطبراني ح-54-ص 124،و طبقات ابن سعد ح-268، و مقتل الخوارزمي 158/1،و كنز العمال 226/16 أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ج 12 بلفظ آخر.

قالوا:كربلاء،قال:صدق اللّه و رسوله،أرض كرب و بلاء (1).

د-عن شقيق بن سلمة:في معجم الطبراني و تأريخ ابن عساكر و مجمع الزوائد و غيرها و اللفظ للأول،عن أبي وائل شقيق بن سلمة عن أم سلمة قالت:كان الحسن و الحسين رضي اللّه عنهما يلعبان بين يدي النبي صلّى اللّه عليه و اله في بيتي فنزل جبريل عليه السّلام فقال:يا محمد إن أمتك تقتل ابنك هذا من بعدك فأومأ بيده إلى الحسين،فبكى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و وضعه إلى صدره،ثم قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:وديعة عندك هذه التربة، فشمّها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و قال:ويح كرب و بلاء.

قالت:و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:يا أم سلمة إذا تحولت هذه التربة دما فاعلمي أن ابني قد قتل،قال:فجعلتها أم سلمة في قارورة.

ثم جعلت تنظر إليها كل يوم و تقول:إن يوما تجولين دما ليوم عظيم (2).

ه-عن سعيد بن أبي هند:في تاريخ ابن عساكر و ذخائر العقبى و تذكرة خواص الأمة و غيرها و اللفظ للأول عن عبد اللّه بن سعيد بن أبي هند عن أبيه قال:

قالت أم سلمة رضي اللّه عنها.كان النبي صلّى اللّه عليه و اله نائما في بيتي فجاء حسين رضي اللّه عنه يدرج فقعدت على الباب فأمسكته مخافة أن يدخل فيوقظه،ثم غفلت في شيء فدب فدخل فقعد على بطنه قالت:فسمعت نحيب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فجئت فقلت:يا رسول اللّه و اللّه ما علمت به فقال:إنما جاءني جبريل عليه السّلام-و هو على بطني قاعد-3.

ص: 73


1- معجم الطبراني ح-53 ص 125،مجمع الزوائد 188/9-189،و كنز العمال 265/16، و فى ذخائر العقبى ص 147 بإيجاز،و راجع نظم الدرر ص 215 للحافظ جمال الدين الزرندي.
2- معجم الطبراني ح-51 ص 124،و تاريخ ابن عساكر ح 622،و تهذيبه 325/4،و بايجاز في ذخائر العقبى ص 147،و مجمع الزوائد 189/9،و راجع طرح التثريب للحافظ العراقي 42/1، و المواهب اللدنية 195/2،و الخصائص الكبرى للسيوطي 152/2،و الصراط السوي للشيخاني المدني 93،و جوهرة الكلام ص 120،و الروض النضير 92/1-93.

فقال لي:أتحبه؟

فقلت:نعم.

قال:إن أمتك ستقتله،ألا أريك التربة التي يقتل بها؟

قال:فقلت:بلى قال:فضرب بجناحه فأتى بهذه التربة.

قالت:و إذا في يده تربة حمراء و هو يبكي و يقول:يا ليت شعري من يقتلك بعدي؟ (1).

و-عن شهر بن حوشب:في فضائل ابن حنبل و تاريخ ابن عساكر و ذخائر العقبى و غيرها و اللفظ للأول،عن شهر بن حوشب عن أم سلمة قالت:كان جبريل عند النبي صلّى اللّه عليه و اله معي فبكى فتركته فدنا من النبي صلّى اللّه عليه و اله فقال جبريل:أتحبه يا محمد؟

فقال:نعم،قال:إن أمتك ستقتله و ان شئت أريتك من تربة الأرض التي يقتل بها، فأراه إياها فإذا الأرض يقال لها:كربلاء (2)2.

ز-عن داود:في تأريخ ابن عساكر و غيره و اللفظ له،عن داود،قال:قالت أم سلمة:دخل الحسين على رسول اللّه ففزع،فقالت أم سلمة:مالك يا رسول اللّه؟

قال:إن جبريل أخبرني أن ابني هذا يقتل و انه اشتد غضب اللّه على من يقتله (3).3.

ص: 74


1- تاريخ ابن عساكر ح-626،و ذخائر العقبى ص 147،و راجع الفصول المهمة ص 154، و تذكرة خواص الأمة 142 نقلا عن الإمام الحسين عليه السلام و أمالي الشجري ص 163 و 166 و 181.
2- فضائل الحسن و الحسين عن كتاب الفضائل تأليف أحمد بن حنبل ح-44 ص 23 من المجموعة و طبقات ابن سعد ح-272،و تاريخ ابن عساكر ح-624،و العقد الفريد في الخلفاء و تواريخهم و قد أسنده إلى أم سلمة،و ذخائر العقبى ص 147.
3- تاريخ ابن عساكر ح-623،و تهذيبه 325/4،كنز العمال 112/23،و الروض النضير /1 93.

ح-في معجم الطبراني و تاريخ ابن عساكر و غيرهما و اللفظ للأول،عن أم سلمة قالت:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقتل الحسين بن علي عليه السّلام على رأس ستين من مهاجري (1).

ط-في معجم الطبراني عن أم سلمة،قالت:قال رسول اللّه يقتل الحسين حين يعلوه القتير.

قال الطبراني:القتير:الشيب (2).

10-روايات عائشة

أ-عن أبي سلمة بن عبد الرحمن في تاريخ ابن عساكر و مقتل الخوارزمي و مجمع الزوائد و غيرها و اللفظ للثاني،عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة، قالت:إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله أجلس حسينا على فخذه فجاء جبريل إليه،فقال:هذا ابنك؟

قال:نعم.

قال:أما ان أمتك ستقتله بعدك،فدمعت عينا رسول اللّه،فقال جبريل:إن شئت أريتك الأرض التي يقتل فيها؟

قال:نعم فأراه جبريل ترابا من تراب الطف.

و في لفظ آخر:فأشار له جبريل إلى الطف بالعراق فأخذ تربة حمراء،فأراه إياها

ص: 75


1- ترجمة الحسين ح-41 ص 121 من المجموعة،و تاريخ ابن عساكر ح-634،و تهذيبه /4 325،و مجمع الزوائد 189/9،و مقتل الخوارزمي 161/1،و أمالي الشجري ص 184.
2- ترجمة الحسين من معجم الطبراني ح-42 ص 121 من المجموعة،و أمالي الشجري ص 184.

فقال:هذه من تربة مصرعه (1).

ب-عن عروة بن الزبير:في مجمع الطبراني و غيره و اللفظ له،عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي اللّه عنها،قالت:دخل الحسين بن علي رضي اللّه عنه على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و هو يوحي إليه فنزا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و هو منكب و لعب على ظهره فقال جبريل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:أتحبه يا محمد؟

قال:يا جبريل و مالي لا أحب ابني؟

قال:فإن أمتك ستقتله من بعدك،فمد جبريل عليه السّلام يده فأتاه بتربة بيضاء فقال:

في هذه الأرض يقتل ابنك هذا يا محمد و اسمها الطف،فلما ذهب جبريل عليه السّلام من عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و التربة في يده يبكي فقال:يا عائشة ان جبريل عليه السّلام أخبرني أن الحسين ابني مقتول في أرض الطف،و ان أمتي ستفتتن بعدي،ثم خرج إلى أصحابه،فيهم علي و أبو بكر و عمر و حذيفة و عمار و أبو ذر،رضي اللّه عنهم و هو يبكي فقالوا:ما يبكيك يا رسول اللّه؟

فقال:أخبرني جبريل:إن ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطف و جاءني بهذه التربة و أخبرني أن فيها مضجعه (2).

ج-عن المقبري:في طبقات ابن سعد و تاريخ ابن عساكر و اللفظ للثاني،عن عثمان بن مقسم عن المقبري عن عائشة قالت:بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله راقد إذ جاء الحسين يحبو إليه فنحيته عنه ثم قمت لبعض أمري فدنا منه فاستيقظ يبكي.6.

ص: 76


1- طبقات ابن سعد ح-269 تاريخ ابن عساكر بترجمة الحسين ح-627،و مقتل الخوارزمي /1 159 و اللفظ له.
2- بترجمة الحسين(ع)من معجم الطبراني ح-48 و ص 123 من المجموعة،و مجمع الزوائد 9 187/،و راجع اعلام النبوة للماوردي ص 83،و أمالي الشجري ص 166.

فقلت:ما يبكيك؟

قال:إن جبريل أراني التربة التي يقتل عليها الحسين،فاشتد غضب اللّه على من يسفك دمه،و بسط يده فإذا فيها قبضة من بطحاء فقال:يا عائشة و الذي نفسي بيده انه ليحزنني،فمن هذا من أمتي يقتل حسينا بعدي (1)؟

د-عن عبد اللّه بن سعيد،في طبقات ابن سعد و معجم الطبراني و غيرهما و اللفظ للأخير عن عبد اللّه بن سعيد عن أبيه عن عائشة:إن الحسين بن علي دخل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقال النبي صلّى اللّه عليه و اله،يا عائشة ألا أعجبك لقد دخل علي ملك آنفا ما دخل علي قط فقال:إن ابني هذا مقتول،و قال:إن شئت أريتك تربة يقتل فيها،فتناول الملك بيده فأراني تربة حمراء (2).

و عن أم سلمة أو عائشة،كما في مسند أحمد و فضائله و طبقات ابن سعد و تاريخ الإسلام و سير النبلاء للذهبي و مجمع الزوائد و اللفظ للأول،عن عبد اللّه بن سعيد عن أبيه عن عائشة أو أم سلمة-شك عبد اللّه أن النبي قال لإحداهما:لقد دخل على البيت ملك لم يدخل علي قبلها،فقال لي:إن ابنك هذا حسين مقتول،و ان شئت أريتك من تربة الأرض التي يقتل بها،قال:فأخرج تربة حمراء (3).ح.

ص: 77


1- ترجمة الحسين من طبقات ابن سعد ح-270 و تاريخ ابن عساكر ح-628.
2- حديث ابن عساكر ح-627،و معجم الطبراني ح-49 ص 124 من المجموعة،و كنز العمال 113/13،و تاريخ ابن كثير 199/8.
3- مسند أحمد 294/6 و بترجمة الحسين من فضائل أحمد ح-10،و تاريخ ابن عساكر ح- 625،و قال الذهبي في تاريخ الاسلام 11/3،اسناده صحيح.

11-رواية معاذ بن جبل:

في معجم الطبراني و مقتل الخوارزمي و كنز العمال و اللفظ للأول،عن عبد اللّه ابن عمرو بن العاص أن معاذ بن جبل أخبره قال:خرج علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله متغير اللون فقال:أنا محمد أوتيت فواتح الكلام و خواتمه،فأطيعوني ما دمت بين أظهركم،فإذا ذهب بي فعليكم بكتاب اللّه عزّ و جلّ أحلّوا حلاله،و حرّموا حرامه، أتتكم المؤتية بالروح و الراحة،كتاب اللّه من اللّه سبق،أتتكم فتن كقطع الليل المظلم، كلما ذهب رسل جاء رسل،تناسخت النبوة فصارت ملكا رحم اللّه من أخذها بحقها،و خرج منها كما دخلها.

أمسك يا معاذ و احص،قال:فلما بلغت خمسة.

قال:يزيد لا يبارك اللّه في يزيد،ثم ذرفت عيناه،ثم قال:نعي إلي حسين، و أوتيت بتربته،و أخبرت بقاتله،و الذي نفسي بيده لا يقتل بين ظهراني قوم لا يمنعوه إلاّ خالف اللّه بين صدورهم و قلوبهم،و سلّط عليهم شرارهم و ألبسهم شيعا،ثم قال:واها لفراخ آل محمد صلّى اللّه عليه و اله من خليفة مستخلف مترف،يقتل خلفي و خلف الخلف.الحديث (1).

12-رواية سعيد بن جمهان

في تاريخ ابن عساكر و الذهبي و ابن كثير و اللفظ للأول،عن سعيد بن جمهان:

أن النبي صلّى اللّه عليه و اله أتاه جبريل بتراب من تراب القرية التي يقتل بها الحسين،فقال:اسمها

ص: 78


1- معجم الطبراني ح-95 ص 140،و مقتل الخوارزمي 160-161،و كنز العمال 113/13.

كربلاء،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله كرب و بلاء (1).

13-روايات ابن عباس

أ-أبو الضحى:في مقتل الخوارزمي،عن أبي الضحى،عن ابن عباس قال:ما كنا نشك أهل البيت و هم متوافرون ان الحسين بن علي يقتل بالطف (2).

ب-سعيد بن جبير:في تاريخ ابن عساكر،عن سعيد بن جبير،عن ابن عباس، قال:أوحى اللّه تعالى:يا محمد،إني قد قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا،و اني قاتل بابن ابنتك سبعين ألفا،و سبعين ألفا (3).

و سنذكر بقية رواياته في باب سبب استشهاد الحسين عليه السّلام إن شاء اللّه تعالى.

و روى ابن قولويه في باب قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله أن الحسين عليه السّلام تقتله أمته من بعده في كامل الزيارة سبع روايات عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله (4).

14-رواية أنس بن الحارث و استشهاده

في تاريخ البخاري و ابن عساكر و الاستيعاب و غيرها ان أنس بن الحارث بن نبيه قتل مع الحسين،قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول:ان ابني هذا-يعنى الحسين-يقتل بأرض يقال لها كربلاء فمن شهد ذلك فلينصره،فخرج أنس ابن

ص: 79


1- تاريخ ابن عساكر ح-632،و تاريخ الإسلام للذهبي 11/3،و تاريخ ابن كثير 200/8.
2- مقتل الخوارزمي 16/1.
3- تاريخ ابن عساكر ح-684،و تهذيبه 339/4،و أمالي الشجري ص 160.
4- كامل الزيارة ص 68-71 الباب 22.

الحارث إلى كربلاء فقتل بها مع الحسين.

و في مثير الأحزان:خرج أنس بن الحارث الكاهلي و هو يقول:

قد علمت كاهلنا و ذودان و الخندفيون و قيس علان

بأن قومي آفة للأقران يا قوم كونوا كأسود خفان

و استقبلوا القوم بضرب الان آل علي شيعة الرحمن

و آل حرب شيعة الشيطان (1)

15-رجل من بنى أسد:

روى كل من ابن سعد و ابن عساكر عن العريان بن هيثم بن الأسود النخعي الكوفي الأعور،قال:كان أبي يتبدى (2)فينزل قريبا من الموضع الذي كان فيه معركة الحسين،فكنا لا نبدو (3)إلاّ وجدنا رجلا من بني أسد هناك،فقال له أبي:إني أراك ملازما هذا المكان؟

قال:بلغني ان حسينا يقتل هاهنا،فأنا اخرج لعلي أصادفه،فأقتل معه،فلما قتل الحسين،قال أبي:إنطلقوا ننظر،هل الأسدي في من قتل؟و اتينا المعركة فطوفنا فإذا الأسدي مقتول (4).

أوردنا في ما سبق من الأحاديث التي فيها إنباء باستشهاد الإمام الحسين قبل وقوعه،ما رواها الفريقان أو ما تفرّد بروايتها أتباع مدرسة الخلفاء،و تركنا ايراد

ص: 80


1- ترجمة أنس بن الحارث في الجرح و التعديل للرازي 287/1،و تاريخ البخاري الكبير 30/1 رقم الترجمة 1583.
2- يتبدى أي يقيم في البادية.
3- نبدو أي نخرج إلى البادية.
4- بترجمة الحسين من كل من طبقات ابن سعد ح-280،و تاريخ ابن عساكر ح-666.

ما تفرّد بروايتها أتباع مدرسة أهل البيت (1)و تخيرنا في ما رواها الفريقان لفظ روايات مدرسة الخلفاء،و ينبغي ان نبحث بعد هذا عن سبب استشهاد الإمام الحسين و نرجع في هذا البحث في ما يلي إلى كتب الفريقين المشهورة دونما تخير رواية فريق على آخر (2).6.

ص: 81


1- مثل ما روى الصدوق في أماليه ط.النجف،ص 112،و ط.دار الكتب الإسلامية طهران سنة 1355 ش هش ص 126-127 عن ميثم رواية مفصلة و ما ورد في أمالي الشيخ الطوسي(ره)/1 323-4،و مثير الأحزان ص 9-13.
2- معالم المدرستين للعسكري:/3-4426.

16-روايات الإمام علي عليه السلام

أ-عن أبي حبرة:في ترجمة الإمام الحسين عليه السّلام بمعجم الطبراني عن أبي حبرة، قال:صحبت عليا عليه السّلام حتى أتى الكوفة فصعد المنبر،فحمد اللّه و أثنى عليه،ثم قال:

كيف أنتم إذا نزل بذرية نبيكم بين ظهرانيكم؟

قالوا:إذن نبلي اللّه فيهم بلاءا حسنا،فقال:و الذي نفسي بيده لينزلن بين ظهرانيكم و لتخرجن إليهم فلتقتلنهم ثم أقبل يقول:

هم أوردوهم بالغرور و عردوا أجيبوا نجاة لا نجاة و لا عذرا (1).

ب-عن هانئ بن هانئ في معجم الطبراني و تاريخ ابن عساكر و تاريخ الإسلام للذهبي و غيرها و اللفظ لابن عساكر عن هانئ بن هانئ عن علي،قال:يقتل الحسين ابن علي قتلا و اني لأعرف تربة الأرض التي يقتل بها،يقتل بقرية(بتربة)قريبة من النهرين (2).

ج-في مقتل الخوارزمي:إن أمير المؤمنين علي عليه السّلام لما سار إلى صفين نزل بكربلاء و قال لابن عباس:أتدري ما هذه البقعة؟

ص: 82


1- معجم الطبراني ح-57 ص 128،و فى مجمع الزوائد 191/9"أجيبوا دعاه،و أنساب الأشراف للبلاذري ص 38 عن مجاهد بإيجاز.
2- معجم الطبراني ح-57،ص-128،و فى لفظه:ليقتلن الحسين قتلا،و انى لأعرف التربة التي يقتل فيها قريبا من النهرين،و تاريخ الإسلام للذهبي 11/3،و سير النبلاء له 195/3، و مجمع الزوائد 190/9،و كنز العمال 279/16،و من كتب حديث أهل البيت بكامل الزيارة ص- 72.

قال:لا،قال:لو عرفتها لبكيت بكائي،ثم بكى بكاء شديدا،ثم قال:مالي و لآل أبي سفيان؟ثم التفت إلى الحسين.

و قال:صبرا يا بني فقد لقى أبوك منهم مثل الذي تلقى بعده (1).

د-عن الحسن بن كثير،في صفين:عن الحسن بن كثير،عن أبيه:إن عليا أتى كربلاء فوقف بها،فقيل:يا أمير المؤمنين هذه كربلاء؟

قال:ذات كرب و بلاء،ثم أوما بيده إلى مكان فقال هاهنا موضع رحالهم،و مناخ ركابهم،و أومأ إلى موضع آخر فقال:هاهنا مهراق دمائهم (2).

ه-عن الأصبغ بن نباتة:و في ذخائر العقبى و غيره،عن الأصبغ بن نباتة قال:

أتينا مع علي فمررنا بموضع قبر الحسين،فقال علي:هاهنا مناخ ركابهم،و هاهنا موضع رحالهم،هاهنا مهراق دمائهم،فتية من آل محمد يقتلون بهذه العرصة تبكى عليهم السماء و الأرض (3).

و-عن غرفة الأزدي:في أسد الغابة،عن غرفة الأزدي قال:دخلني شك من شأن على خرجت معه على شاطئ الفرات فعدل عن الطريق و وقف،و وقفنا حوله، فقال بيده:هذا موضع رواحلهم و مناخ ركابهم و مهراق دمائهم بأبي من لا ناصر له في الأرض و لا في السماء إلاّ اللّه،فلما قتل الحسين خرجت حتى أتيت المكان الذي قتلوا فيه فإذا هو كما قال ما أخطأ شيئا قال:فاستغفرت اللّه مما كان منى من الشك،ه.

ص: 83


1- مقتل الخوارزمي 162/1.
2- صفين لنصر بن مزاحم ص 142،و شرح نهج البلاغة 278/1.
3- ذخائر العقبى ص 97،و راجع دلائل النبوة لأبي نعم 211/3،و فى تذكرة خواص الأمة ص 142 هذا مصرع الرجل ثم ازداد بكاؤه.

و علمت أن عليا رضي اللّه عنه لم يقدم إلاّ بما عهد إليه فيه (1).

ز-عن أبي جحيفة:في صفين لنصر بن مزاحم عن أبي جحيفة قال:جاء عروة البارقي إلى سعيد بن وهب،فسأله و أنا أسمع،فقال:حديث حدثتنيه عن علي بن أبي طالب،قال:نعم،بعثني مخنف بن سليم إلى علي فأتيته بكربلاء،فوجدته يشير بيده و يقول:هاهنا،هاهنا فقال له رجل:و ما ذلك يا أمير المؤمنين؟

قال:ثقل لآل محمد ينزل هاهنا فويل لهم منكم،و ويل لكم منهم فقال له الرجل:ما معنى هذا الكلام يا أمير المؤمنين قال:ويل لهم منكم تقتلونهم،و ويل لكم منهم:يدخلكم اللّه بقتلهم النار.

و قد روى هذا الكلام على وجه آخر:أنه عليه السّلام قال فويل لكم منهم و ويل لكم عليهم قال الرجل:أما ويل لنا منهم فقد عرفت و ويل لنا عليهم ما هو؟

قال:ترونهم يقتلون و لا تستطيعون نصرهم (2).

و روي بوجه ثالث قال:جاء عروة البارقي إلى سعيد بن وهب فسأله و أنا أسمع، فقال:حديث حدثتنيه عن عليّ بن أبي طالب قال:نعم،بعثني مخنف بن سليم إلى علي فأتيته بكربلا فوجدته يشير بيده و يقول:

«هاهنا،هاهنا».

فبدر إليه رجل فقال له:

«ما ذلك يا أمير المؤمنين؟».

قال عليه السّلام:«ثقل لآل محمد ينزل هاهنا فويل لهم منكم،و ويل لكم منهم».

و لم يعرف الرجل معنى كلامه،فقال:2.

ص: 84


1- أسد الغابة 169/4
2- صفين نصر بن مزاحم ص 142.

«ما معنى هذا الكلام يا أمير المؤمنين؟!!».

فقال عليه السّلام:«ويل لهم منكم تقتلونهم،و ويل لكم منهم يدخلكم الله بقتلهم النار» (1).

ح-عون بن أبي جحيفة:في تاريخ ابن عساكر،عن عون بن أبي جحيفة،قال:

إنا لجلوس عند دار أبى عبد اللّه الجدلي،فأتانا ملك بن صحار الهمداني،فقال:

دلوني على منزل فلان،قال:قلنا له:ألا ترسل فيجئ؟إذ جاء فقال:أتذكر إذ بعثنا أبو مخنف إلى أمير المؤمنين و هو بشاطئ الفرات،فقال:ليحلن هاهنا ركب من آل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يمر بهذا المكان فيقتلونهم فويل لكم منهم و ويل لهم منكم (2).

ط-في تاريخ ابن كثير:روى محمد بن سعد و غيره من غير وجه عن علي بن أبي طالب:انه مر بكربلاء عند أشجار الحنظل و هو ذاهب إلى صفين فسأل عن اسمها فقيل:كربلاء.

فقال:كرب و بلاء،فنزل و صلى عند شجرة هناك ثم قال:يقتل هاهنا شهداءهم خير الشهداء غير الصحابة،يدخلون الجنة بغير حساب-و أشار إلى مكان هناك- فعلّموه بشيء،فقتل فيه الحسين (3).

ي-عن نجى الحضرمي:في مسند أحمد و معجم الطبراني و تاريخ ابن عساكر و غيرها و اللفظ للأول،عن عبد اللّه بن نجي عن أبيه:أنه سار مع علي رضي اللّه عنه، فلما جاءوا نينوى و هو منطلق إلى صفين،فنادى على:إصبر أبا عبد اللّه إصبر أبا عبد اللّه!بشط الفرات،قلت:و ماذا؟

قال:دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله ذات يوم و عيناه تفيضان.9.

ص: 85


1- انظر حياة الإمام الحسين للقرشي:306/1.
2- تاريخ ابن عساكر ح-635 و تهذيبه 325/4.
3- تاريخ ابن كثير 199/8-200،و مجمع الزوائد 191/9.

قلت:يا نبي اللّه أغضبك أحد؟ما شأن عينيك تفيضان؟

قال:بل قام من عندي جبريل قبل،فحدثني:أن الحسين يقتل بشط الفرات،قال فقال:هل لك إلى أن أشهدك من تربته؟

قال:قلت:نعم،فمديده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها،فلم أملك عيني أن فاضتا (1).

و في رواية:و كان صاحب مطهرته فلما حاذوا نينوى و هو منطلق إلى صفين نادى على:صبرا أبا عبد اللّه صبرا أبا عبد اللّه بشط الفرات،قلت:و من ذا أبو عبد اللّه..هل لك أن أشمك من تربته. (2)

ك-عن عامر الشعبي:في طبقات ابن سعد و تاريخ ابن عساكر و الذهبي و تذكرة خواص الأمة عن عامر الشعبي:أن عليا قال و هو بشط الفرات:صبرا أبا عبد اللّه ثم قال:دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و عيناه تفيضان،فقلت:أحدث حدث؟

قال:أخبرني جبريل أن حسينا يقتل بشاطئ الفرات ثم قال:أتحب أن أريك من تربته؟

قلت:نعم،فقبض قبضة من تربتها فوضعها في كفي فما ملكت عيني أن فاضتا (3).

ل-عن كدير الضبي:في تاريخ ابن عساكر عن كدير الضبي قال:بينا أنا مع علي بكربلاء،بين أشجار الحرمل،-إذ-أخذ بعرة ففركها،ثم شمّها،ثم قال:2.

ص: 86


1- في مسند أحمد 85/1.
2- كما في أحاديث تاريخ ابن كثير،و الروض النضير 92/1.
3- طبقات ابن سعد ح-173،و تاريخ ابن عساكر ح-614 ص 393،و تاريخ الإسلام للذهبي /3 10،و النبلاء 194/3،و أشار إليه ابن كثير في 199/8 من تاريخه و تذكره خواص الأمة ص 142.

ليبعثن اللّه من هذا الموضع قوما يدخلون الجنة بغير حساب (1).

م-عن هرثمة:في معجم الطبراني عن هرثمة،كنت مع علي عليه السّلام بنهري كربلا فمر بشجرة تحتها بعر غزلان فأخذ منه قبضة فشمّها،ثم قال:يحشر من هذا الظهر سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب (2).

حدّث هرثمة بن سليم قال:غزونا مع علي بن أبي طالب غزوة صفين،فلما نزلنا بكربلا صلى بنا صلاة،فلما سلّم رفع إليه من تربتها فشمّها ثم قال:«واها لك أيتها التربة،ليحشرن منك قوم يدخلون الجنة بغير حساب».

و بهر هرثمة.و ظل حديث الإمام يراوده في كل فترة،و كان منكرا له فلما رجع إلى زوجته جرداء بنت سمير،و كانت شيعة لعلي حدّثها بما سمعه من الإمام، فقالت له:

«دعنا منك أيها الرجل فإن أمير المؤمنين لم يقل إلا حقا».

و لم تمض الأيام حتى بعث ابن زياد بجيوشه لحرب ريحانة رسول الله و كان فيهم هرثمة فلما انتهى إلى كربلا و رأى الحسين و أصحابه تذكر قول الإمام أمير المؤمنين فكره حربه،و أقبل على الإمام الحسين،و أخبره بما سمعه من أبيه،فقال له الإمام:

-معنا أنت أو علينا؟

-لا معك،و لا عليك،تركت أهلي و ولدي،و أخاف عليهم من ابن زياد.

فنصحه الإمام،و قال له:

«ولّ هاربا حتى لا ترى لنا مقتلا،فو الذي نفس محمد بيده لا يرى مقتلنا اليوم8.

ص: 87


1- تاريخ ابن عساكر ح-638،و تهذيبه 326/4.
2- معجم الطبراني ح-59 ص 128.

رجل،و لا يغيثنا إلا أدخله الله النار..».

و انهزم هرثمة من كربلا و لم يشهد مقتل الإمام الحسين (1).

و قد روى عن هرثمة حضوره مع الإمام علي بكربلاء و ما تبع ذلك غير واحد و كل راو يؤيد ما قاله الآخر كما نذكره في ما يلي:

1-رواية نشيط مولى هرثمة:في مقتل الخوارزمي بسنده إلى نشيط أبى فاطمة قال:جاء مولاي هرثمة من صفين فأتيناه فسلّمنا عليه فمرّت شاة و بعرت فقال:لقد ذكرتني هذه الشاة حديثا.

أقبلنا مع علي و نحن راجعون من صفين فنزلنا كربلاء،فصلّى بنا الفجر بين شجرات ثم أخذ بعرات من بعر الغزال ففتها في يده،ثم شمّها فالتفت إلينا و قال:

يقتل في هذا المكان قوم يدخلون الجنة بغير حساب (2).

2-رواية أبى عبد اللّه الضبي:في طبقات ابن سعد و تاريخ ابن عساكر بسنده عن أبي عبد اللّه الضبي قال:دخلنا على ابن هرثم (3)الضّبي حين أقبل من صفّين، و هو مع علي-و هو جالس على دكان له-و له امرأة يقال لها جرداء هي أشد حبا لعلي و أشد لقوله تصديقا-فجاءت شاة له فبعرت فقال لها:لقد ذكرني بعر هذه الشاة حديثا لعلي،قالوا:و ما علم[عليّ]بهذا؟

قال:أقبلنا مرجعنا من صفّين فنزلنا كربلاء،فصلّى بنا علي صلاة الفجر بينة.

ص: 88


1- انظر حياة الإمام الحسين للقرشي:306/1.
2- مقتل الخوارزمي 165/1-166 و فى لفظ أبو هرثمة.
3- في نسخة:هرثمة.

شجيرات و دوحات حرمل (1)،ثم أخذ كفا من بعر الغزلان فشمّه ثم قال:أوه أوه يقتل بهذا الغائط قوم يدخلون الجنة بغير حساب،قال:قالت جرداء:و ما تنكر من هذا؟هو أعلم بما قال منك،نادت بذلك و هي في جوف البيت (2).

3-عن هرثمة بن سليم:عن أبي عبيدة،عن هرثمة بن سليم قال:غزونا مع علي بن أبي طالب غزوة صفين،فلما نزلنا بكربلاء صلّى بنا صلاة،فلما سلّم رفع إليه من تربتها فشمّها ثم قال:واها لك أيتها التربة،ليحشرن منك قوم يدخلون الجنة بغير حساب.

فلما رجع هرثمة من غزوته إلى امرأته-و هي جرداء بنت سمير،و كانت شيعة لعلى فقال لها زوجها هرثمة:ألا أعجبك من صديقك أبى الحسين؟لما نزلنا كربلا رفع إليه من تربتها فشمّها و قال:واها لك يا تربة،ليحشرن منك قوم يدخلون الجنة بغير حساب و ما علمه بالغيب؟

فقالت:دعنا منك أيها الرجل،فإن أمير المؤمنين لم يقل إلاّ حقا.

فلما بعث عبيد اللّه بن زياد البعث الذي بعثه إلى الحسين بن علي و أصحابه،قال:

كنت فيهم في الخيل التي بعث إليهم،فلما انتهيت إلى القوم و حسين و أصحابه عرفت المنزل الذي نزل بنا علي فيه و البقعة التي رفع إليه من ترابها،و القول الذي قاله،فكرهت مسيري،فأقبلت على فرسي حتى وقفت على الحسين،فسلّمت عليه، و حدّثته بالذي سمعت من أبيه في هذا المنزل،فقال الحسين عليه السّلام:معنا أنت أو علينا؟

فقلت يا ابن رسول اللّه لا معك و لا عليك.

تركت أهلي و ولدي و عيالي أخاف عليهم من ابن زياد.ت.

ص: 89


1- حرمل:نبات حبة كحبة السمسم.
2- في طبقات ابن سعد ح-276،و تاريخ ابن عساكر ح-636،و فى مقتل الخوارزمي 165/1 عن نشيط أبى فاطمة قال:جاء مولاي أبو هرثمة من صفين فاتيناه فسلمنا عليه فمرت شاة فبعرت.

فقال الحسين:فول هربا حتى لا ترى لنا مقتلا،فو الذي نفس محمد بيده لا يرى مقتلنا اليوم رجل و لا يغيثنا إلاّ أدخله اللّه النار.

قال:فأقبلت في الأرض هاربا حتى خفى علي مقتلهم (1).

4-عن جرداء بنت سمير:عن زوجها هرثمة بن سلمى،قال:خرجنا مع علي في بعض غزواته،فسار حتى انتهى إلى كربلاء،فنزل إلى شجرة فصلّى تحتها فأخذ تربة من الأرض فشمّها،ثم قال:واها لك تربة ليقتلن بك قوم يدخلون الجنة بغير حساب.

قال:فقفلنا من غزوتنا و قتل علىّ و نسيت الحديث،قال:و كنت في الجيش الذين ساروا إلى الحسين فلما انتهيت إليه نظرت إلى الشجرة،فذكرت الحديث،فتقدمت على فرس لي فقلت:أبشرك يا ابن بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله،و حدثته الحديث،قال:معنا أو علينا؟

قلت:لا معك و لا عليك،تركت عيالا و تركت-كذا و كذا- (2)قال:أما لا فول في الأرض،فو الذي نفس حسين بيده،لا يشهد قتلنا اليوم رجل إلاّ دخل جهنم.

فانطلقت هاربا موليا في الأرض حتى خفي على مقتله (3).

ن-عن شيبان بن مخرم في معجم الطبراني و تاريخ ابن عساكر و مجمع الزوائد و غيرها و اللفظ لابن عساكر عن ميمون عن شيبان بن مخرم-و كان عثمانيا يبغض عليا-قال:رجعنا مع علي إلى صفين فانتهينا إلى موضع،قال:4.

ص: 90


1- صفين لابن مزاحم ص 140-141،و تاريخ ابن عساكر ح 636 و 638 باختصار و أمالي الشجري ص 184.
2- تهذيب ابن عساكر 328/4.
3- تاريخ ابن عساكر ح 677،و أمالي الشجري ص 184.

فقال:ما إسم هذا الموضع؟

قال:قلنا:كربلاء قال:كرب و بلاء.

قال:ثم قعد على دابته،و قال يقتل هاهنا قوم أفضل شهداء على ظهر الأرض لا يكون شهداء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله قال:قلت بعض كذباته و رب الكعبة.

قال:فقلت لغلامي،و ثمة حمار ميت:جئني برجل هذا الحمار فأوتدته في المقعد الذي كان فيه قاعدا،فلما قتل الحسين قلت لأصحابنا:إنطلقوا ننظر،فانتهينا إلى المكان فإذا جسد الحسين على رجل الحمار و إذا أصحابه ربضة حوله (1).

و أخرج ابن قولويه في باب قول أمير المؤمنين في قتل الحسين من كامل الزيارة أربعة أحاديث (2).

خبر عبد اللّه بن يحيى:

-روى عبد الله بن يحيى عن أبيه أنه سافر مع علي إلى صفين،و كان صاحب مطهرته،فلما حاذوا نينوى،تأثر الإمام،و رفع صوته قائلا:

«صبرا أبا عبد الله،صبرا أبا عبد الله،بشط الفرات!».

فذهل يحيى،و انبرى يقول:«من ذا أبو عبد الله؟».

فأجابه الإمام و قلبه يتقطع ألما و حزنا قائلا:

«دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و عيناه تفيضان،فقلت يا نبي الله أغضبك أحد؟ما شأن عينيك تفيضان؟

ص: 91


1- ترجمة الحسين من طبقات ابن سعد ح-275،و تاريخ ابن عساكر ح-675،و تهذيب ابن عساكر 337/4-338
2- كامل الزيارة باب 23 ص 71-72.

قال:قام من عندي حبرائيل فحدثني أن الحسين يقتل بشط الفرات،و قال:هل لك أن أشمك من تربته؟

قال:قلت:نعم فقبض قبضة فأعطانيها،فلم أملك عيني أن فاضتا» (1).

خبر سويد بن غفلة

-روى ثابت عن سويد بن غفلة أن عليا عليه السّلام خطب ذات يوم فقام رجل من تحت منبره،فقال:

يا أمير المؤمنين إني مررت بوادي القرى،فوجدت خالد بن عرفطة قد مات، فاستغفر له فقال عليه السّلام:

«و الله ما مات و لا يموت حتى يقود جيش ضلالة،صاحب لوائه حبيب بن حمار».

فقام إليه رجل و رفع عقيرته قائلا:

«يا أمير المؤمنين،أنا حبيب بن حمار،و إني لك شيعة و محب».

فقال الإمام:

«أنت حبيب بن حمار؟».

«نعم».

و كرر الإمام قوله:«أنت حبيب»و هو يقول:نعم،فقال عليه السّلام:

«إي و الله إنك لحاملها،و لتحملنها،و لتدخلن من هذا الباب-و أشار إلى باب الفيل بمسجد الكوفة-.».

قال ثابت:و الله ما مت حتى رأيت ابن زياد،و قد بعث عمر بن سعد إلى الحسين

ص: 92


1- انظر حياة الإمام الحسين للقرشي:305/1.

ابن علي،و جعل خالد بن عرفطة على مقدمته،و حبيب بن حمار صاحب رايته فدخل بها من باب الفيل (1).

خبر البراء

-قال عليه السّلام للبراء بن عازب:«يا براء أيقتل الحسين و أنت حي فلا تنصره؟!»

فقال البراء:لا كان ذلك يا أمير المؤمنين،و لما قتل الحسين ندم البراء و تذكر مقالة الإمام أمير المؤمنين فكان يقول:«أعظم بها حسرة إذ لم أشهده و أقتل دونه» (2).

ما رواه ابن أبي الحديد

-و خطب الإمام أمير المؤمنين فكان من جملة خطابه:«سلوني قبل أن تفقدوني، فو الله لا تسألوني عن فئة تضل مائة،أو تهدي مائة إلا نبأتكم بناعقها و سائقها،و لو شئت لأخبرت كل واحد منكم بمخرجه و مدخله،و جميع شأنه»فانبرى إليه الوغد الخبيث تميم بن أسامة التميمي فقال ساخرا و مستهزئا:

«كم في رأسي طاقة شعر؟..».

فرمقه الإمام بطرفه و قال له:

«أما و الله إني لأعلم ذلك،و لكن أين برهانه لو أخبرتك به،و لقد أخبرتك بقيامك و مقالك،و قيل لي:إن على كل شعرة من شعر رأسك ملكا يلعنك،و شيطانا

ص: 93


1- انظر حياة الإمام الحسين للقرشي:308/1.
2- انظر حياة الإمام الحسين للقرشي:308/1

يستفزك،و آية ذلك أن في بيتك سخلا يقتل ابن رسول الله صلّى اللّه عليه و اله،و يحض على قتله..».

يقول ابن أبي الحديد:«فكان الأمر بموجب ما أخبر به عليه السّلام كان ابنه حصين- بالصاد المهملة-يومئذ طفلا صغيرا يرضع اللبن،ثم عاش إلى أن صار على شرطة عبيد الله بن زياد،و أخرجه عبيد الله إلى عمرو بن سعد يأمره بمناجزة الحسين و يتوعده على لسانه إن أرجأ ذلك،فقتل عليه السّلام صبيحة اليوم الذي ورد فيه الحصين بالرسالة في ليلته» (1).

كما رواه الطبراني:

-روى الطبراني بسنده عن علي أنه قال:«ليقتلن الحسين،و اني لأعرف التربة التي يقتل فيها بين النهرين» (2).

ما رواه القرشي

-قال أمير المؤمنين:«كأني بالقصور و قد شيدت حول قبر الحسين عليه السّلام و كأني بالأسواق و قد حفّت حول قبره،و لا تذهب الأيام و الليالي حتى يسار إليه من الآفاق، و ذلك بعد انقطاع بني مروان».

و تحقق ما أخبر به الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام الذي هو باب مدينة علم النبي صلّى اللّه عليه و اله و مستودع أسراره و حكمته،فإنه لم تكد تنقرض الدولة الأموية حتى ظهر مرقد ريحانة رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و أصبح حرم الله الأكبر الذي تهفو إليه قلوب المؤمنين،

ص: 94


1- انظر حياة الإمام الحسين للقرشي:308/1.
2- انظر حياة الإمام الحسين للقرشي:306/1.

و تتلهف على زيارته ملايين المسلمين،و تشد إليه الرحال من كل فج عميق، فالسعيد السعيد الذي يحظى بالتبرك بزيارته و يلثم أعتاب مرقده.

لقد أصبح مرقده العظيم عند المسلمين و غيرهم رمزا للكرامة الإنسانية و منارا مشرقا لكل تضحية تقوم على الحق و العدل،و عنوانا فذا لأقدس ما يشرف به هذا الحي من بين سائر الأحياء في جميع الأعصار و الآباد.

و بهذا ينتهي بنا الحديث عن الحلقة الأولى من هذا الكتاب،و نستقبل الإمام الحسين عليه السّلام في الحلقة الثانية و هي تعرض للأحداث الرهيبة التي منيت بها الخلافة الإسلامية في عهد الإمام علي عليه السّلام،و التي امتحن بها المسلمون امتحانا عسيرا،فقد أدت إلى خذلانه،و إجبار الإمام الحسن على التنازل عن الخلافة و تسلط الطغمة الأموية على رقاب المسلمين،و إخضاعهم للذل،و إرغامهم على ما يكرهون، و تدميرهم للقيم العليا التي جاء هذا الدين ليقيمها في ربوع الأرض (1).

و عن الإمام علي عليه السّلام قال:ليقتل الحسين بن علي قتلا و إني لأعرف تربة الأرض التي يقتل بها،يقتل بقرب قريب من النهرين (2).3.

ص: 95


1- انظر حياة الإمام الحسين للقرشي:305/1-310.
2- سير الأعلام:290/3.

علم الملائكة بقتل الحسين عليه السّلام

1-حدثني محمد بن جعفر القرشي الرزاز الكوفي قال:حدثني خالي محمد بن الحسين بن أبي الخطاب قال:حدثني موسى بن سعدان الحناط عن عبد اللّه بن القاسم الحضرمي عن إبراهيم بن شعيب الميثمي قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول إن الحسين بن علي عليه السّلام لما ولد أمر اللّه عز و جل جبرئيل عليه السّلام أن يهبط في ألف من الملائكة فيهنئ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله من اللّه و من جبرئيل عليه السّلام قال:و كان مهبط جبرئيل عليه السّلام على جزيرة في البحر فيها ملك يقال له فطرس كان من الحملة فبعث في شيء فأبطأ فيه فكسر جناحه و ألقي في تلك الجزيرة يعبد اللّه فيها ستمائة عام حتى ولد الحسين عليه السّلام فقال الملك لجبرئيل عليه السّلام أين تريد قال:إن اللّه تعالى أنعم على محمد صلّى اللّه عليه و اله بنعمة فبعثت أهنئه من اللّه و مني فقال يا جبرئيل إحملني معك لعل محمدا صلّى اللّه عليه و اله يدعو اللّه لي قال:فحمله فلما دخل جبرئيل على النبي صلّى اللّه عليه و اله و هنأه من اللّه و هنأه منه و أخبره بحال فطرس فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يا جبرئيل أدخله فلما أدخله أخبر فطرس النبي صلّى اللّه عليه و اله بحاله فدعى له النبي صلّى اللّه عليه و اله و قال له:تمسح بهذا المولود و عد إلى مكانك.

قال:فتمسح فطرس بالحسين عليه السّلام و ارتفع و قال:يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله أما إن أمتك ستقتله و له علي مكافاة أن لا يزوره زائر إلا بلّغته عنه و لا يسلّم عليه مسلم إلا بلّغته سلامه و لا يصلّي عليه مصل إلا بلّغته عليه صلاته قال ثم ارتفع (1).

ص: 96


1- كامل الزيارات:67.

الأمر بنصرة الحسين عليه السلام

أنس بن الحارث يقول:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم يقول:«إن ابني هذا-يعني الحسين- يقتل بأرض يقال لها كربلاء فمن شهد ذلك منكم فلينصره» (1).

عن جابر بن عبد اللّه-قال:و حدّثنا مرة أخرى عن أبيه عن جابر-قال:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و هو يفحج بين فخذي الحسين و يقبل زبيبته و يقول:«لعن اللّه قاتلك».

قال جابر:فقلت:يا رسول اللّه و من قاتله؟قال:«رجل من أمتي يبغض عترتي لا تناله شفاعتي كأن بنفسه بين أطباق النيران يرسب تارة و يطفو أخرى و إن جوفه ليقول غق غق» (2).

و عن ابن عباس قال:أوحى اللّه تعالى[إلى]محمد صلّى اللّه عليه و سلّم أني قد قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا،و أنا قاتل بابن ابنتك سبعين ألفا و سبعين ألفا (3).

و في كتاب التخريج عن ابن عبّاس قال:رأيت الحسين عليه السّلام قبل أن يتوجّه إلى العراق على باب الكعبة و كفّ جبرائيل في كفّه و جبرائيل ينادي هلمّوا إلى بيعة اللّه عزّ و جلّ (4).

و عن شريك يرفعه قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله إذا كان يوم القيامة جاءت فاطمة في لمة من نسائها فيقال لها:ادخلي الجنة،فتقول:لا أدخل حتى أعلم ما صنع بولديّ

ص: 97


1- أسد الغابة:123/1 ترجمة أنس بن الحارث و 349/1،و ذخائر العقبى:146.
2- تاريخ بغداد:290/3 في ترجمة محمد بن مزيد أبي بكر الخزاعي.
3- تاريخ بغداد:142/1 في ترجمة الحسين بن علي.
4- مناقب آل أبي طالب:211/3.

من بعدي،فيقال لها:انظري في قلب القيامة،فتنظر إلى الحسين عليه السّلام قائما و ليس عليه رأس فتصرخ صرخة و أصرخ لصراخها و تصرخ الملائكة لصراخنا،فيغضب الله لنا عند ذلك فيأمر نارا يقال لها هبهب قد أوقد عليها ألف عام حتى اسودّت لا يدخلها روح أبدا و لا يخرج منها غمّ أبدا،فيقال لها:التقطي قتلة الحسين عليه السّلام و حملة القرآن،فتلتقطهم فإذا صاروا في حوصلتها صهلت و صهلوا بها و شهقت و شهقوا بها و زفرت و زفروا بها،فينطقون بألسنة زلقة طلقة:يا ربنا بما أوجبت النار لنا قبل عبدة الأوثان؟فيأتيهم الجواب عن الله عز و جل إن من علم ليس كمن لا يعلم (1).

و عن محمد بن سنان عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله قال:قال رسول الله صلّى اللّه عليه و اله إذا كان يوم القيامة نصب لفاطمة قبّة من نور و أقبل الحسين رأسه على يده،فإذا رأته شهقت شهقة لا يبقى في الجمع ملك مقرّب و لا نبي مرسل و لا عبد مؤمن إلا بكى لها،فيمثل الله عز و جل رجلا لها في أحسن صورة و هو يخاصم قتلته بلا رأس،فيجمع الله قتلته،و المجهزين عليه و من شارك في قتله فيقتلهم حتى يأتي على آخرهم،ثم ينشرون فيقتلهم أمير المؤمنين عليه السّلام،ثم ينشرون فيقتلهم الحسن،ثم ينشرون فيقتلهم الحسين عليه السّلام،ثم ينشرون فلا يبقى من ذرّيتنا أحد إلا قتلهم قتلة،فعند ذلك يكشف الله الغيظ و ينسي الحزن.ثم قال أبو عبد الله:رحم الله شيعتنا،شيعتنا و الله هم المؤمنون فقد و الله شاركونا في المصيبة بطول الحزن و الحسرة (2).

و عن أبي عبد الله قال:إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين و الآخرين في صعيد واحد فينادي مناد:غضّوا أبصاركم و نكّسوا رؤوسكم حتى تجوز فاطمة بنت محمد الصراط.7.

ص: 98


1- بحار الأنوار:127/7 ح 6.
2- بحار الأنوار:222/43 ح 7.

قال:فتغضّ الخلائق أبصارهم،فتأتي فاطمة سلام الله عليها على نجيب من نجب الجنة يشيّعها سبعون ألف ملك،فتقف موقفا شريفا من مواقف القيامة،ثم تنزل من نجيبها فتأخذ قميص الحسين بن علي عليهما الصلاة و السلام بيدها مضمخا بدمه،و تقول:يا ربّ هذا قميص ولدي الحسين عليه السّلام و قد علمت ما صنع به، فيأتيها النداء من قبل الله عزّ و جلّ:يا فاطمة لك عندي الرضى،فتقول:يا رب انتصر لي من قاتله،فيأمر الله تعالى عنقا من النار فتخرج من جهنم،فتلتقط قتلة الحسين بن علي صلوات الله و سلامه عليهما كما يلتقط الطير الحب،ثم يعود العنق بهم إلى النار،فيعذّبون فيها بأنواع العذاب.

ثم تركب فاطمة سلام الله عليها نجيبها حتى تدخل الجنة و معها الملائكة المشيّعون لها و ذرّيتها بين يديها و أولياؤهم من الناس عن يمينها و شمالها (1).

كأنني بالبتول الطّهر واقفة في الحشر تشكو إلى الرحمن باريها

تأتي و قد ضمخت ثوب الحسين دما فيض النحور البحاري ويل مجريها

تدعو ألا أين مسمومي و يا أسفا على ذبيحي و أسرى من ذراريها

تقول و احزني بل آه وا حسني هذا حسيني قتيل في فيافيها

هذا حسيني رضيض الجسم منجدلا تسفى على جسمه العاري سوافيها

آه على جثث بالطف قد قطعت رؤوسها و هجير السيف يصليها

آه على جثث فيها القنا لعبت و أركضت ماضيات في تراقيها

يا فتية ذبحت في كربلا وثوت على الوجوه عرايا في صحاريها

بنتم فبان لكم سلوان فاطمة و لا عج الوجد بالوجدان يشجيها

ألا لعنة الله على القوم الظالمين،و سيعلم الذين ظلموا آل محمد صلّى الله عليه و عليهم حقّهم أي منقلب ينقلبون.6.

ص: 99


1- الامالي:130 ح 6.

أثر ترك نصرة الإمام الحسين عليه السلام

نقل سبط بن الجوزي عن الواقدي عن ابن الرماح قال:كان بالكوفة شيخ أعمى قد شهد قتل الحسين بن علي،فسألناه عن ذهاب بصره،قال:كنت في القوم و كنا عشرة غير أني لم أضرب بالسيف و لم أطعن برمح،و لا رميت بسهم،فلما قتل الحسين و حمل رأسه رجعت الى منزلي،و أنا صحيح و عيناي كأنهما كوكبان، فنمت تلك الليلة فأتاني آت في منامي و قال:أجب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله.

فقلت:ما لي و لرسول اللّه،فأخذ بيدي و انتهرني و لزم بلباتي و انطلق بي الى مكان فيه جماعة و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله جالس،و هو مغتم و معتجر حاسر عن ذراعيه، و بيده سيف و بين يديه نطع،فإذا أصحابي العشرة مذبوحون فسلّمت عليه،فقال:

لا سلّم اللّه عليك و لا حياك يا عدو اللّه الملعون،أما استحييت مني تهتك حرمتي،و لم ترع حقي.

قلت يا رسول اللّه:ما قاتلت.

قال:نعم،و لكنك كثّرت السواد،و إذا بطشت عن يمينه فيه دم الحسين عليه السّلام.

فقال:أقعد فجثوت بين يديه،فأخذ مرودا أحماه فكحل به عيني،فأصبحت كما ترون (1).

ص: 100


1- تذكرة الخواص:252 فصل في عقوبة قاتلي الحسين،و جواهر العقدين:419 باب 14 و نقل قصة أخرى عن السري مشابهة،و المشرع الروي:50/1-51.

ما جرى على من لم ينصر الحسين عليه السلام

و عن إسحاق بن عمّار قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إنّي كنت بالحيرة ليلة عرفة و كنت أصلّي و ثمّ نحو من خمسين ألفا من الناس جميلة وجوههم طيّبة أرواحهم و أقبلوا يصلّون بالليل أجمع.

فلمّا طلع الفجر سجدت ثمّ رفعت رأسي فلم أر منهم أحدا.

فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:إنّه مرّ بالحسين عليه السّلام خمسون ألف ملك و هو يقتل فلم ينصروه فأهبطوا إلى الأرض فأسكنوا عند قبره شعثا غبرا إلى يوم القيامة (1).

و سأل عبد اللّه بن رياح القاضي رجلا أعمى فقال:كنت حضرت كربلاء و ما قاتلت فنمت فرأيت شخصا هائلا قال لي:أجب رسول اللّه،فجرّني إليه فوجدته حزينا و في يده حربة و قدّامه نطع و ملك بين يديه قائم في يده سيف من النار يضرب أعناق القوم و تقع النار فيهم فتحرقهم ثمّ يحيون و يقتلون أيضا هكذا.

فقلت:يا رسول اللّه ما ضربت بسيف و لا طعنت و لا رميت.

فقال:ألست كثّرت السواد،فأخذ من طشت فيه دم فكحّلني من ذلك الدمّ فاحترقت عيناي،فلمّا انتبهت كنت أعمى (2).

و في أمالي المفيد عن محمّد بن سليمان عن عمّه قال:صرنا إلى كربلاء و ليس بها موضع نسكنه فبنينا كوخا،فلمّا جاء الليل أشعلنا نفطا و صرنا نتذاكر أمر

ص: 101


1- البحار:226/45 ح 20.
2- مدينة المعاجز:84/4.

الحسين و من قتله.

فقلنا:ما بقي أحد من قتلة الحسين عليه السّلام إلاّ رماه اللّه ببليّة في بدنه.

فقال ذلك الرجل:أنا كنت فيمن قتله و ما أصابني مكروه و أنّكم تكذبون فأمسكنا عنه و قام ليصلح الفتيلة بإصبعه فأخذت النار كفّه فألقى نفسه إلى الفرات فرأيناه يدخل رأسه في الماء و النار على وجه الماء فإذا أخرج رأسه سرت النار إليه فلم يزل ذلك دأبه حتّى هلك (1).

و عن سعيد المسيّب قال:لمّا قتل مولاي الحسين عليه السّلام حججت البيت فبينما أنا أطوف بالكعبة و إذا أنا برجل مقطوع اليدين و وجهه كالليل المظلم متعلّق بأستار الكعبة و يقول:اللّهم اغفرلي و ما أظنّك تفعل و لو تشفع فيّ سكّان السماوات و الأرض،فاجتمع عليه الناس.

و قالوا:يا ويلك كيف تيأس من رحمة اللّه؟

فقال:يا قوم أنا أعرف بذنبي؛إنّي كنت جمّالا للحسين عليه السّلام لمّا خرج من المدينة إلى العراق و كنت أراه إذا أراد الوضوء يضع سراويله عندي فأرى تكة تغشي الأبصار بحسن إشراقها و كنت أتمنّاها تكون لي الى أن صرنا بكربلاء و قتل الحسين و هي معه فدفنت نفسي في مكان من الأرض،فلمّا صار الليل خرجت فرأيت من تلك المعركة نورا لا ظلمة و نهارا لا ليلا و القتلى مطروحين على وجه الأرض فذكرت التكة فطلبت الحسين فوجدته مكبوبا على وجهه و هو جثّة بلا رأس و نوره مشرق مرمّل بدمائه فنظرت إلى سراويله كما كنت أراها فضربت يدي إلى التكة لآخذها فإذا هو قد عقدها عقدا كثيرة حتّى حللت عقدة منها فمدّ يده اليمنى و وضعها على التكة فدعتني نفسي إلى أن أقطع يده فوجدت قطعة سيف فقطعتها و نحّيتها عن التكة فمدّ يده اليسرى و وضعها على التكة فطعنتها بالسيف و مددت1.

ص: 102


1- أمالي الطوسي:163 ح 21.

يدي على التكة فإذا الأرض ترجف و السماء تهتزّ و إذا بجلبة عظيمة و قائل يقول:وا أبتاه وا مقتولاه و اذبيحاه و احسيناه وا غريباه يا بني قتلوك و ما عرفوك و من شرب الماء منعوك.

فرميت نفسي بين القتلى و إذا بثلاث نفر و امرأة و حولهم خلائق وقوف و قد امتلأت الأرض بأجنحة الملائكة و إذا بالحسين قد جلس و رأسه على بدنه و هو يقول:يا جدّاه يا رسول اللّه و يا أبتاه يا أمير المؤمنين و يا امّاه يا فاطمة الزهراء و يا أخاه المقتول بالسمّ عليكم منّي السلام ثمّ بكى و قال:يا جدّاه قتلوا رجالنا و ذبحوا أطفالنا يعزّ و اللّه عليك أن ترى حالنا و ما فعلوا بنا و إذا هم جلسوا يبكون حوله و فاطمة تقول:يا أباه أما ترى ما فعلت أمّتك بولدي فأخذت من دمه و مسحت شعرها و قالت:ألقى اللّه عزّ و جلّ و أنا مختضبة بدم ولدي الحسين و أخذ منه رسول اللّه و عليّ بن أبي طالب و الحسن و مسحوا به صدورهم و أيديهم إلى المرافق.

و سمعت رسول اللّه يقول:فديتك يا حسين يعزّ عليّ و اللّه أن أراك مقطوع الرأس مكبوبا على قفاك مقطوع الكفّين،يا بني من قطع يدك اليمنى و ثنّى باليسرى؟

فقال:يا جدّاه كان معي جمّال من المدينة و حكى له كما فعلته به.

فبكى النبيّ و أتى إليّ بين القتلى فقال:ما لي و ما لك يا جمّال تقطع يدين طالما قبّلهما جبرئيل و ملائكة اللّه و تباركت بهما أهل السماوات و الأرضين سوّد اللّه وجهك يا جمّال في الدّنيا و الآخرة و قطع اللّه يديك و رجليك فشلّت يداي و اسودّ وجهي و بقيت على هذه الحالة فجئت إلى هذا البيت أستشفع و أنا أعلم أنّه لا يغفر لي أبدا،فلم يبق بمكّة أحد إلاّ لعنه و خرج من مكّة (1).

و في كتاب الإحتجاج بالإسناد إلى العسكري عليه السّلام أنّ عليّ بن الحسين عليه السّلام كان يذكر حال من مسخهم اللّه قردة ثمّ قال:إنّ اللّه تعالى مسخ أولئك القوم لاصطياد3.

ص: 103


1- مدينة المعاجز:83/3.

السمك فكيف ترى حال من قتل أولاد رسول اللّه و إن لم يمسخهم في الدّنيا فإنّ المعدّ لهم من عذاب الآخرة أضعاف أضعاف عذاب المسخ.

فقيل له:يابن رسول اللّه قال لنا بعض النصّاب إن كان قتل الحسين باطلا فهو أعظم من صيد السمك في السبت فما كان يغضب على قاتليه كما غضب على صيّادي السّمك؟

قال عليّ بن الحسين عليه السّلام:قل لهؤلاء النصاب فإن كان إبليس معاصيه أعظم من معاصي من كفر بإغوائه فأهلك اللّه من شاء منهم كقوم نوح و فرعون و لم يهلك إبليس و هو أولى بالهلاك فما باله أهلك هؤلاء الذين قصروا عن إبليس في عمل الكبائر الموبقة و أمهل إبليس مع إيثاره لكشف المخزيات ألا كان ربّنا حكيما بتدبيره فيمن أهلك و فيمن استبقى،فكذلك هؤلاء الصيّادون في السبت و هؤلاء القاتلون للحسين يفعل في الفريقين ما يعلم أنّه أولى بالحكمة لا يسأل عمّا يفعل و عباده يسألون (1).

و في كتاب الفردوس قال ابن عبّاس:أوحى اللّه تعالى إلى محمّد صلّى اللّه عليه و اله و سلّم إنّي قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا و أقتل بابن بنتك سبعين ألفا و سبعين ألفا.

و قال الصادق عليه السّلام:قتل بالحسين صلوات اللّه عليه مائة ألف و ما طلب بثأره و سيطلب بثأره عليّ بن الحسين (2).

و في كتاب المناقب روي أنّ الحسين عليه السّلام قال لعمر بن سعد إنّه ممّا تقرّ به عيني أنّك لا تأكل من برّ العراق بعدي إلاّ قليلا،فقال مستهزئا:يا أبا عبد اللّه في الشعير خلف فكان كما قال لم يصل إلى الري و قتله المختار.

و في أمالي القطان عن ابن عيينة قال:أدركت من قتلة الحسين رجلين أمّا3.

ص: 104


1- الاحتجاج:41/2.
2- مناقب آل أبي طالب:234/3.

أحدهما فإنّه طال ذكره حتّى كان يلفّه.

و في رواية كان يحمله على عاتقه،و أمّا الآخر فكان يستقبل الرواية فيشربها و لا يروى و ذلك إنّه نظر إلى الحسين و قد أهوى إلى فيه بماء و هو يشرب فرماه بسهم فقال الحسين عليه السّلام:لا أرواك اللّه فعطش الرجل حتّى ألقى نفسه في الفرات و شرب حتّى مات (1).

و في خبر أنّه لمّا رماه الدارمي بسهم فأصاب حنكه جعل يتلقّى الدم و يرميه إلى السماء فكان هذا الرجل يصيح من الحرّ في بطنه و البرد في ظهره بين يديه المراوح و الثلج و خلفه الكانون و النار و هو يقول اسقوني فيشرب القربة ثمّ يقول اسقوني أهلكني العطش فانقدّت بطنه و مات لا رحمه اللّه (2).

و في أحاديث ابن الحاشر قال:كان عندنا رجل خرج على الحسين عليه السّلام و انتهب من عسكره زعفرانا و جملا،فلمّا دقّوا الزعفران ضار نارا و كلّ امرأة لطخت منه صارت برصاء و نحروا البعير فخرجت منه النار و طبخوه فضارت القدر نارا (3).

و سأل عبد اللّه بن رياح القاضي رجلا به عمى فقال:كنت حضرت كربلاء و ما قاتلت فنمت فرأيت شخصا هائلا قال لي:أجب رسول اللّه.

فجرّني إليه فوجدته حزينا و في يده حربة و قدّامه نطع و ملك بين يديه قائم في يده سيف من النار يضرب أعناق القوم و تقع النار فيهم فتحرقهم ثمّ يحيون و يقتلون أيضا هكذا،فقلت:يا رسول اللّه ما ضربت بسيف و لا طعنت و لا رميت.

فقال:ألست كثّرت السواد،فأخذ من طشت فيه دم فكحّلني من ذلك الدمّ3.

ص: 105


1- مناقب آل أبي طالب:214/3.
2- مناقب آل أبي طالب:214/3.
3- أمالي الطوسي:727 ح 3.

فاحترقت عيناي،فلمّا انتبهت كنت أعمى (1).

عن عامر بن سعد البجلي قال:لما قتل الحسين بن علي رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في المنام فقال:إن رأيت البراء بن عازب فأقرئه مني السلام،و أخبره أن قتلة الحسين ابن علي في النار،و إن كاد اللّه أن يسحت أهل الأرض منه بعذاب أليم.

قال:فأتيت البراء فأخبرته،فقال:صدق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم،قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«من رآني في المنام فقد رآني حقا فإن الشيطان لا يتصور بي» (2).

و عن الفضل بن الزبير،قال:كنت جالسا[عند شخص]فأقبل رجل فجلس إليه، رائحته رائحة القطران،فقال له:يا هذا أتبيع القطران؟قال:ما بعته قط،قال:فما هذه الرائحة؟قال:كنت ممن شهد عسكر عمر بن سعد،و كنت أبيعهم أوتاد الحديد،فلمّا جنّ عليّ الليل رقدت[فرأيت في نومي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و معه علي،يسقي القتلى من أصحاب الحسين]فقلت له:اسقني فأبى،فقلت:يا رسول اللّه مره يسقيني فقال:

ألست ممن عاون علينا؟فقلت:يا رسول اللّه،و اللّه ما ضربت بسيف و لا طعنت برمح و لا رميت بسهم،و لكني كنت أبيعهم أوتاد الحديد،فقال:يا علي اسقه فناولني قعبا مملوءا قطرانا فشربت منه قطرانا،و لم أزل أبول القطران أياما ثم انقطع ذلك البول عني،و بقيت الرائحة في جسمي.

فقال له السّدي:يا عبد اللّه كل من برّ العراق و اشرب من ماء الفرات فما أراك تعاين محمدا أبدا (3).

و عن ثابت بن إسماعيل،عن أبي النضر الجرمي،قال:رأيت رجلا سمج العمى فسألته عن سبب ذهاب بصره فقال:كنت ممن حضر عسكر عمر بن سعد،فلما جاء7.

ص: 106


1- مدينة المعاجز:84/4.
2- بستان العارفين:18،و مسند الروباني:175/1،و الفردوس:635/3 ح 6406-5989.
3- مختصر ابن منظور:157/7.

الليل رقدت فرأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في المنام بين يديه طشت فيها دم و ريشة في الدم، و هو يؤتى بأصحاب عمر بن سعد،فيأخذ الريشة فيخط بها بين أعينهم فأتي بي، فقلت:يا رسول اللّه،و اللّه ما ضربت بسيف و لا طعنت برمح و لا رميت بسهم،قال:

أفلم تكثّر عدونا؟فأدخل إصبعيه في الدم-السبابة و الوسطى-و أهوى بهما إلى عيني فأصبحت و قد ذهب بصري.

و روي أنّ رجلا كان في الكوفة من أعيان أهلها من امراء الكوفة و جنودها و كان له ديانة و ميل إلى الشيعة قال:و كان ذات ليلة نائما على سطح داره،فلمّا أصبح تخيّل إليه أنّ يستخير اللّه سبحانه في طريق النزول فاستخار أن ينزل من الدرج فكانت الاستخارة نهيا،و كذلك استخار على وضع درج ينزل منه و كلّما يستخير اللّه سبحانه على طريق تأتي الاستخارة نهيا حتّى استخار أن يرمي بنفسه من فوق السطح فجاءت موافقة الأمر فرمى بنفسه و انكسرت رجله فحمل إلى داخل منزله وشدّ عليها الجبائر و بقي يداويها فاتّفق في ذلك الوقت أنّ ابن زياد أرسل عساكر الكوفة لقتال الحسين عليه السّلام فأرسل إلى ذلك الرجل ليكون مع الجند،فقيل له:إنّه مريض و أنّ رجله مكسورة لا يقدر على الركوب.

فقال:إذا لم يقدر على المسير فليحمل و يوضع على باب الكوفة يكتب العساكر التي تخرج إلى قتال الحسين.

فحمل على بساط و وضع على باب الكوفة و أحصى في دفتر أسماء الخارجين إلى القتال و كان ذلك الدفتر عنده حتّى طابت رجله و خرج المختار و كان يتبع من خرج في العسكر فتارة يعرفهم و تارة لا يعرفهم لكثرتهم لأنّه كما سبق كانوا سبعين ألفا فأتى ذلك الرجل إلى المختار و طلب منه الأمان و دفع إليه ذلك الدفتر فكان يقتل بني أميّة و من خرج من ذلك الدفتر حتّى أتى على آخرهم (1).ط.

ص: 107


1- رياض الأبرار للجزائري،مخطوط.

لعن قتلة الحسين عليه السلام

عن عبد الرحمن الغنوي عن سلمان قال:و هل بقي في السماوات ملك لم ينزل إلى رسول اللّه يعزّيه في ولده الحسين و يحمل إليه تربته مصروعا عليها مذبوحا مقتولا طريحا مخذولا فقال رسول اللّه:اللّهمّ اخذل من خذله و اقتل من قتله و لا تمتّعه بما طلب.

قال عبد الرحمن:فو اللّه لقد عوجل الملعون يزيد و لم يتمتّع بعد قتله و لقد بات سكرانا و أصبح ميّتا متغيّرا كأنّه مطلي بقار،و ما بقي أحد ممّن تابعه على قتله أو كان في محاربته إلاّ أصابه جنون أو جذام أو برص و صار ذلك وراثة في نسلهم (1).

و روي في بعض مؤلّفات أصحابنا مرسلا أنّ نصرانيا أتى رسولا من ملك الروم إلى يزيد لعنه اللّه و قد حضر المجلس الذي أتي فيه برأس الحسين عليه السّلام،فبكى النصراني و صاح ثمّ قال:إعلم يا يزيد إنّي دخلت المدينة تاجرا في حياة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فسألت أصحابه أيّ شيء أحبّ إليه من الهدايا؟

فقالوا:الطيب،فحملت إليه من المسك و العنبر و هو يومئذ في بيت زوجته أمّ سلمة فرأيت نورا ساطعا فتعلّق قلبي بمحبّته فقلت:هذا هدية محقرة فقال لي:إن قبلت منّي الإسلام و أنا وزير ملك الروم و لمّا كنت في حضرة النبيّ صلّى اللّه عليه و اله و سلّم رأيت هذا الذي رأسه بين يديك دخل على جدّه من باب الحجرة و النبيّ فاتح باعه ليأخذه فوضعه في حجره و جعل يقبّل شفتيه و ثناياه و يقول:لعن اللّه من قتلك يا حسين

ص: 108


1- كامل الزيارات:132.

و أعان على قتلك و هو مع ذلك يبكي،فلمّا كان اليوم الثاني كنت مع النبيّ صلّى اللّه عليه و اله و سلّم في مسجده إذ أتاه الحسين مع أخيه الحسن و قال:يا جدّاه قد تصارعت مع أخي الحسن و لم يغلب أحدنا الآخر و إنّما نريد أن تعلم أيّنا أشدّ قوّة من الآخر،فقال:يا حبيبي إنّ التصارع لا يليق بكما و لكن اذهبا فتكاتبا فمن كان خطّه أحسن كذلك تكون قوّته أكثر فكتب كلّ واحد منهما سطرا و أتيا جدّهما فأعطياه اللوح ليقضي بينهما فنظر و لم يرد أن يكسر قلب أحدهما فقال:إنّي امّي لا أعرف الخط إذهبا إلى أبيكما يحكم بينكما،فقام النبي معهما و دخلوا بيت فاطمة فما كان إلاّ ساعة حتّى أقبل النبيّ صلّى اللّه عليه و اله و سلّم و سلمان الفارسي فقلت:يا سلمان بحقّ دين الإسلام إلاّ ما أخبرتني كيف حكم أبوهما بينهما؟

فقال:لمّا أتيا إلى أبيهما لم يرد أن يكسر قلب أحدهما فقال:امضيا إلى أمّكما فعرضا عليها ما كتبا فتفكّرت و قالت:إنّي أقطع قلادتي على رأسيكما فأيّكما يلتقط من لؤلؤها أكثر كان خطّه أحسن و قوّته أكثر و كان في قلادتها سبع لؤلؤات فقطعت القلادة فالتقط الحسن ثلاث لؤلؤات و التقط الحسين ثلاث لؤلؤات فبقيت الاخرى فمدّا أيديهما إليها فأمر اللّه تعالى جبرئيل أن يقدّها بجناحه نصفين فأخذ كلّ واحد منهما نصفا فانظر يا يزيد كيف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم و أمير المؤمنين و فاطمة و ربّ العزّة لم يريدوا كسر قلب أحدهما و أنت هكذا تفعل بابن بنت رسول اللّه؟!أف لك يا يزيد.

ثمّ قام النصراني إلى رأس الحسين و جعل يقبّله و يبكي و يقول:يا حسين اشهد لي عند جدّك المصطفى و عند أبيك المرتضى و عند أمّك فاطمة الزهراء صلوات اللّه عليهم أجمعين (1).

و عن الفضل عن الرّضا عليه السّلام قال:من نظر إلى الفقاع أو إلى الشطرنج فليذكر5.

ص: 109


1- البحار:142/45.

الحسين عليه السّلام و ليلعن يزيد و آل زياد يمحو اللّه عزّ و جلّ بذلك ذنوبه و لو كانت كعدد النجوم (1).

سبب ذلك أنّ الملعون يزيد لمّا وضع عنده رأس الحسين عليه السّلام لعب بالشطرنج و شرب خمر الفقاع و كان كلّما غلب صاحبه صبّ على رأس الحسين عليه السّلام بقيّة القدح من الفقاع.

و عنه عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم:إنّ قاتل الحسين بن عليّ عليه السّلام في تابوت من نار عليه نصف عذاب أهل الدّنيا و قد شدّت يداه و رجلاه بسلاسل من نار منكس في النار حتّى يقع في قعر جهنّم و له ريح يتعوّذ أهل النار إلى ربّهم من شدّة نتنه و هو فيها خالد ذائق العذاب الأليم مع جميع من شايع على قتله كلّما نضجت جلودهم بدّلهم عزّ و جلّ جلودا غيرها حتّى يذوقوا العذاب الأليم لا يفتر عنهم ساعة و يسقون من حميم جهنّم فالويل لهم من عذاب النار (2).

و عن أبي جعفر عليه السّلام:إنّ في النار منزلة لم يكن يستحقّها أحد من الناس إلاّ بقتل الحسين بن علي و يحيى بن زكريا (3).

و في ثواب الأعمال عن عيص بن القاسم قال:ذكر عند أبي عبد اللّه عليه السّلام قاتل الحسين عليه السّلام فقال بعض أصحابه:كنت أشتهي أن ينتقم اللّه منه في الدّنيا فقال:

كأنّك تستقلّ له عذاب اللّه و ما عند اللّه أشدّ عذابا و أشدّ نكالا (4).

و عن داود الرّقي قال:كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام إذ استسقى الماء،فلمّا شربه رأيته قد استعبر و اغرورقت عيناه بدموعه ثمّ قال لي:يا داود لعن اللّه قاتل الحسين6.

ص: 110


1- الدعوات:162 ح 447.
2- البحار:300/44.
3- البحار:301/44.
4- ثواب الاعمال:216.

فما من عبد شرب الماء فذكر الحسين و لعن قاتله إلاّ كتب اللّه له مائة ألف حسنة و حطّ عنه مائة ألف سيّئة و رفع له مائة ألف درجة و كأنّما أعتق مائة ألف نسمة و حشره اللّه يوم القيامة ثلج الفؤاد (1).

و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و اله و سلّم إنّه قال:لعن اللّه قتله الحسين و محبيهم و ناصريهم و الساكتين عن لعنهم من غير تقيّة تسكتهم،إلا و صلّى اللّه على الباكين على الحسين رحمة و شفقة،و اللاعنين لأعدائهم و الممتلئين عليهم غيظا و حنقا (2).

و عن أنس بن مالك عن النبيّ صلّى اللّه عليه و اله و سلّم إنّه قال:لمّا أراد اللّه سبحانه أن يهلك قوم نوح أوحى إليه أن شق ألواح الساج،فلمّا شقّها لم يدر ما يصنع بها فهبط جبرئيل عليه السّلام و أراه هيئة السفينة و معه تابوت بها مائة ألف مسمار و تسع و عشرون ألف مسمار فسمّر السفينة بالمسامير كلّها إلى أن بقيت خمسة مسامير فضرب بيده إلى مسمار فأضاء كالكوكب الدّري فتحيّر نوح فأنطق اللّه المسمار فقال:أنا على اسم خير الأنبياء محمّد بن عبد اللّه فقال له جبرئيل:أسمره على جانب السفينة الأيمن ثمّ ضرب يده على مسمار ثان فأضاء و أنار فقال نوح:ما هذا المسمار؟

فقال:هذا مسمار أخيه عليّ بن أبي طالب،فأسمره على جانب السفينة الأيسر في أوّلها ثمّ ضرب يده إلى مسمار ثالث فأشرق،فقال:هذا مسمار فاطمة فأسمره على جانب مسمار أبيها ثمّ ضرب بيده إلى مسمار رابع فزهر و أنار.

فقال:هذا مسمار الحسن فأسمره إلى جانب مسمار أبيه ثمّ ضرب بيده إلى مسمار خامس فزهر و أنار و أظهر النداوة.

فقال جبرئيل:هذا مسمار الحسين فأسمره إلى جانب مسمار أبيه؟8.

ص: 111


1- الدروس:48/3.
2- العوالم:598.

فقال نوح:يا جبرئيل ما هذه النداوة؟

فقال:هذا الدم.فذكر قصّة الحسين عليه السّلام و ما تعمل الامّة فلعن قاتله و ظالمه و خاذله (1).

و روي أنّ آدم عليه السّلام لمّا هبط إلى الأرض لم ير حوّاء فصار يطوف الأرض في طلبها فمرّ بكربلاء فاغتمّ و ضاق صدره من غير سبب و عثر في الموضع الذي قتل فيه الحسين حتّى سال الدم من رجله،فقال:إلهي هل حدث منّي ذنب آخر فعاقبتني به،فأوحى إليه:يا آدم يقتل في هذه الأرض ولدك الحسين ظلما فسال دمك موافقة لدمه و هو سبط النبيّ و قاتله يزيد.

فقال:أيّ شيء أصنع؟

قال:العنه أربع مرّات،فلعنه و مشى إلى جبل عرفات فوجد حوّاء هناك.

و أنّ نوحا لمّا ركب في السفينة طافت به جميع الدّنيا،فلمّا مرّت بكربلاء أخذته الأرض و خاف نوح الغرق فقال:إلهي أصابني فزع في هذه الأرض فقال جبرئيل عليه السّلام:يا نوح في هذا الموضع يقتل الحسين سبط محمّد خاتم الأنبياء قاتله لعين أهل السماوات فلعنه نوح أربع مرّات،و سارت السفينة حتّى استقرّت على الجودي.

و أنّ إبراهيم عليه السّلام مرّ بأرض كربلاء و هو راكب فرسا فعثرت به و سقط إبراهيم و شجّ رأسه و سال دمه فأخذ في الإستغفار،فقال:إلهي أيّ شيء حدث منّي؟

فقال:يا إبراهيم ما حدث منك ذنب،و لكن هنا يقتل سبط الأنبياء فسال دمك موافقة لدمه و قاتله لعين أهل السماوات و الأرضين و القلم جرى على اللّوح بلعنه بغير إذن ربّه،فأوحى اللّه تعالى إلى القلم إنّك استحققت الثناء بهذا اللّعن فلعن إبراهيم عليه السّلام يزيدا لعنا كثيرا و قال فرسه:آمين.9.

ص: 112


1- نوادر المعجزات:65 ح 29.

فقال إبراهيم لفرسه:أيّ شيء عرفت حتّى تؤمّن على دعائي؟

فقال:يا إبراهيم أنا أفتخر بركوبك عليّ،فلمّا عثرت و سقطت عن ظهري خجلت، و كان سبب ذلك يزيد لعنه اللّه.

و إنّ إسماعيل كانت أغنامه ترعى بشط الفرات فأخبره الراعي أنّها لا تشرب الماء من هذه المشرعة منذ كذا يوما،فسأل ربّه عن ذلك،فقال جبرئيل عليه السّلام:سل غنمك فإنّها تجيبك عن سبب ذلك،فقال لها:لم لا تشربين من هذا الماء؟

فقالت بلسان فصيح:قد بلغنا أنّ ولدك الحسين يقتل هنا عطشانا فنحن لا نشرب من هذه المشرعة حزنا عليه فسألها عن قاتله فقالت:يقتله لعين أهل السماوات و الأرض فلعنه إسماعيل.

و أنّ موسى عليه السّلام كان ذات يوم سائرا و معه يوشع بن نون،فلمّا جاء إلى أرض كربلاء انخرق نعله و انقطع شراكه و دخل الحسك في رجله و سال دمه فقال:إلهي أيّ شيء حدث منّي؟

فأوحى اللّه إليه أنّ هنا يقتل الحسين فسال دمك موافقة لدمه و قاتله لعين السمك في البحار و الوحوش في القفار و الطير في الهواء،فلعن موسى يزيدا و أمّن يوشع على دعائه.

و أنّ سليمان عليه السّلام كان يجلس على بساطه و يسير في الهواء فمرّ بأرض كربلاء فأدارت الريح بساطه ثلاث دورات حتّى خافوا السقوط،فسكنت الريح و نزل البساط،فقال سليمان للريح:لم سكنتي؟

فقالت:إنّ هنا يقتل الحسين عليه السّلام و هو سبط محمّد المختار و قاتله يزيد،فلعنه سليمان و أمّن على دعائه الإنس و الجنّ فهبّت الريح و سار البساط.

و أنّ عيسى عليه السّلام كان سائحا في البراري و معه الحواريّون فمرّوا بكربلاء فرأوا أسدا قد أخذ الطريق،فقال عيسى للأسد:لم جلست في هذا الطريق لا تدعنا نمرّ فيه؟

ص: 113

فقال بلسان فصيح:إنّي لم أدعكم تمرّوا حتّى تلعنوا يزيدا قاتل الحسين سبط محمّد و قاتله لعين الوحوش و الذئاب و السباع خصوصا أيّام عاشوراء،فلعنه و أمّن الحواريّون فتنحّى الأسد عن الطريق (1).

و عن صفوان الجمّال عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته في طريق المدينة و نحن نريد مكّة مالي أراك حزينا منكسرا؟

فقال:لو تسمع ما أسمع لشغلك عن مساءلتي.

فقلت:و ما الذي تسمع؟

قال:دعاء الملائكة على قتلة أمير المؤمنين و قتلة الحسين و نوح الجنّ و بكاء الملائكة الذين حوله و شدّة جزعهم فمن يتهنّأ مع هذا بطعام أو شراب أو نوم (2).

و روى الصدوق في كتاب المعراج عن الصادق عليه السّلام:إنّ اللّه عزّ و جلّ صوّر صورة عليّ عليه السّلام في السماء الخامسة لتنظر إليه الملائكة إذا اشتهت النظر إلى عليّ عليه السّلام و لمّا ضربه اللعين ابن ملجم على رأسه صارت تلك الضربة في صورته التي في السماء و لمّا قتل الحسين عليه السّلام هبطت الملائكة و حملته حتّى أوقفته مع صورة عليّ عليه السّلام في السماء الخامسة فكلّما هبطت الملائكة أو صعدت لزيارة صورة علي و النظر إليه و إلى الحسين عليه السّلام متشحّطا بدمه لعنوا يزيدا و ابن زياد و قتلة الحسين إلى يوم القيامة،و قال عليه السّلام:هذا مكنون العلم و مخزونه لا تخرجوه إلاّ إلى أهله (3).

و في الكافي عن داود بن فرقد قال:كنت جالسا في بيت أبي عبد اللّه فنظرت إلى حمام راغبي يقرقر فقال:يا داود هذا الطير يدعو على قتلة الحسين عليه السّلام فاتّخذوه في5.

ص: 114


1- البحار:244/44 ح 43.
2- كامل الزيارات:187 ح 23.
3- البحار:229/45.

منازلكم. (1)

و في حديث آخر:إنّها تلعن قتلة الحسين.

حدثني أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه عن محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني عن محمد بن سنان عن أبي سعيد القماط عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال بينما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في منزل فاطمة عليه السّلام و الحسين في حجره إذ بكى وخر ساجدا ثم قال يا فاطمة يا بنت محمد إن العلي الأعلى تراءى لي في بيتك هذا في ساعتي هذه في أحسن صورة و أهيأ هيئة و قال لي يا محمد أتحب الحسين عليه السّلام فقلت نعم قرة عيني و ريحانتي و ثمرة فؤادي و جلدة ما بين عيني فقال لي يا محمد و وضع يده على رأس الحسين عليه السّلام بورك من مولود عليه بركاتي و صلواتي و رحمتي و رضواني و لعنتي و سخطي و عذابي و خزيي و نكالي على من قتله و ناصبه و ناوأه و نازعه أما إنه سيد الشهداء من الأولين و الآخرين في الدنيا و الآخرة و ذكر الحديث.

و حدثني أبو الحسين محمد بن عبد اللّه بن علي الناقد قال:حدثني أبو هارون العيسي(العبسي)عن أبي الأشهب جعفر بن حنان(حيان)عن خالد الربعي قال:حدثني من سمع كعبا يقول أول من لعن قاتل الحسين بن علي عليه السّلام:

إبراهيم خليل الرحمن لعنه و أمر ولده بذلك و أخذ عليهم العهد و الميثاق ثم لعنه موسى بن عمران و أمر أمته بذلك ثم لعنه داود و أمر بني إسرائيل بذلك ثم لعنه عيسى و أكثر أن قال يا بني إسرائيل العنوا قاتله و إن أدركتم أيامه فلا تجلسوا عنه فإن الشهيد معه كالشهيد مع الأنبياء مقبل غير مدبر و كأني أنظر إلى بقعته و ما من نبي إلا و قد زار كربلاء و وقف عليها و قال:إنك لبقعة كثيرة الخير فيك يدفن القمر الأزهر.

حدثني الحسين بن علي الزعفراني بالري قال:حدثنا محمد بن عمر النصيبي6.

ص: 115


1- الكافي:/5476.

عن هشام بن سعد قال:أخبرني المشيخة أن الملك الذي جاء إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و أخبره بقتل الحسين بن علي عليه السّلام كان ملك البحار و ذلك أن ملكا من ملائكة الفردوس نزل على البحر فنشر أجنحته عليها ثم صاح صيحة و قال يا أهل البحار البسوا أثواب الحزن فإن فرخ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله مذبوح ثم حمل من تربته في أجنحته إلى السماوات فلم يبق ملك فيها إلا شمّها و صار عنده لها أثر و لعن قتلته و أشياعهم و أتباعهم (1).6.

ص: 116


1- كامل الزيارات ص:76.

دعاء الحمام و لعنها على قاتل الحسين عليه السّلام

1-حدثني أبي رحمه اللّه و علي بن الحسين عن(علي بن هارون)عن علي ابن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن الحسين بن يزيد النوفلي عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:اتخذوا الحمام الراعبية في بيوتكم فإنها تلعن قتلة الحسين عليه السّلام.

2-حدثني أبي و أخي و علي بن الحسين و محمد بن الحسن جميعا عن أحمد بن إدريس بن أحمد عن أبي عبد اللّه الجاموراني عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن صندل(صفوان)عن داود بن فرقد قال:كنت جالسا في بيت أبي عبد اللّه عليه السّلام فنظرت إلى الحمام الراعبي يقرقر طويلا فنظر إلي أبو عبد اللّه عليه السّلام فقال:يا داود أتدري ما يقول هذا الطير؟

قلت:لا و اللّه جعلت فداك؟

قال:تدعو على قتلة الحسين بن علي عليه السّلام فاتخذوه في منازلكم و حدثني أبي رحمه اللّه و جماعة مشايخي عن سعد بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه الجاموراني بإسناده مثله (1).

ص: 117


1- كامل الزيارات:98.

ثواب من شرب الماء و ذكر الحسين عليه السّلام و لعن قاتله

حدثني محمد بن جعفر الرزاز الكوفي عن محمد بن الحسين عن الخشاب عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير عن داود الرقي قال:كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام إذ استسقى الماء فلما شربه رأيته قد استعبر و اغرورقت عيناه بدموعه ثم قال لي:يا داود لعن اللّه قاتل الحسين عليه السّلام فما من عبد شرب الماء فذكر الحسين عليه السّلام و لعن قاتله إلا كتب اللّه له مائة ألف حسنة وحط عنه مائة ألف سيئة و رفع له مائة ألف درجة و كأنما أعتق مائة ألف نسمة و حشره اللّه تعالى يوم القيامة ثلج الفؤاد حدثني محمد بن يعقوب عن علي بن محمد عن سهل بن زياد عن جعفر بن إبراهيم الحضرمي عن سعد بن سعد مثله (1).

ص: 118


1- كامل الزيارات:106.

كفر قتلة الحسين و ثواب لعنهم و شدة عذابهم

عن الريان بن شبيب،عن الرضا عليه السّلام قال:يا ابن شبيب إن سرّك أن تسكن الغرف المبنية في الجنة مع النبي و آله،فالعن قتلة الحسين عليه السّلام،يا ابن شبيب إن سرّك أن يكون لك من الثواب مثل ما لمن استشهد مع الحسين عليه السّلام فقل متى ما ذكرته يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما الخبر (1).

أقول:قد أوردنا في باب ما وقع في الشام عن ابن عبدوس،عن ابن قتيبة عن الفضل،عن الرضا عليه السّلام قال:من نظر إلى الفقاع أو إلى الشطرنج فليذكر

الحسين عليه السّلام و ليلعن يزيد و آل زياد،يمحو اللّه عز و جل بذلك ذنوبه،و لو كانت كعدد النجوم (2).

بالاسانيد الثلاثة،عن الرضا،عن آبائه عليهم السلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:

إن قاتل الحسين بن علي عليهما السّلام في تابوت من نار،عليه نصف عذاب أهل الدنيا،و قد شديداه و رجلاه بسلاسل من نار،منكس في النار،حتى يقع في قعر جهنم،و له ريح يتعوّذ أهل النار إلى ربهم من شدة نتنه،و هو فيها خالد ذائق العذاب الاليم،مع جميع من شايع على قتله،كلما نضجت جلودهم بدّل اللّه عزّ و جل عليهم الجلود

ص: 119


1- بحار الأنوار:302/40-310 ح 1،و أمالي الصدوق المجلس 27 الرقم 5،و قد مر في باب 34 تحت الرقم 23..
2- بحار الأنوار:302/40-310 ح 2،و راجع عيون أخبار الرضا ج 6 ص 22 باب 30 الرقم 50 في حديث.

[غيرها]حتى يذوقوا العذاب الأليم لا يفتر عنهم ساعة،و يسقون من حميم جهنم، فالويل لهم من عذاب النار (1).

عنه عليه السّلام مثله.

بهذا الإسناد قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:إن موسى بن عمران عليه السّلام سأل ربه عز و جل فقال:يا رب إن أخي هارون مات فاغفر له،فأوحى اللّه عز و جل إليه:يا موسى لو سألتني في الأولين و الآخرين لأجبتك ما خلا قاتل الحسين بن علي فإني أنتقم له من قاتله (2).

باسناد التميمي،عن الرضا،عن آبائه عليهم السلام قال:قال النبي صلّى اللّه عليه و اله يقتل الحسين شر الامة و يتبرأ من ولده من يكفر بي (3).

حمزة العلوي،عن أحمد الهمداني،عن يحى بن الحسن،عن محمد بن ميمون، عن عبد اللّه بن ميمون،عن جعفر بن محمد،عن أبيه،عن علي بن الحسين عليهم السلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:ستة لعنهم اللّه و كل نبي مجاب:الزائد في كتاب اللّه، و المكذب بقدر اللّه،و التارك لسنّتي،و المستحل من عترتي ما حرّم اللّه،و المتسلّط بالجبروت ليذل من أعزه اللّه و يعز من أذله اللّه،و المستأثر بفىء المسلمين المستحل له (4).

أقول:قد مضى مثل هذا الخبر بأسانيد متعددة في باب القضاء و القدر (5).

المفيد،عن أحمد بن الوليد،عن أبيه،عن الصفار،عن ابن عيسى عن ابن أبي عمير،عن الحسن بن أبي فاختة قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إني أذكر الحسين بنة.

ص: 120


1- بحار الأنوار:302/40-310 ح 3،و المصدر:ج 2 ص 47 باب 31 الرقم 178 و 179.
2- بحار الأنوار:302/40-310 ح 4،و المصدر:ج 2 ص 47 باب 31 الرقم 178 و 179.
3- بحار الأنوار:302/40-310 ح 5.
4- بحار الأنوار:302/40-310 ح 6.
5- راجع ج 5 ص 87 و 88 من الطبعة الحديثة.

علي عليهما السّلام فأي شيء أقول إذا ذكرته؟

فقال:قل صلى اللّه عليك يا أبا عبد اللّه!تكررها ثلاثا الخبر (1).

أبي،عن سعد،عن ابن يزيد،عن زياد القندي،عن محمد بن أبي حمزة،عن عيص بن القاسم قال:ذكر عند أبي عبد اللّه قاتل الحسين بن علي عليهما السّلام فقال بعض أصحابه:كنت أشتهي أن ينتقم اللّه منه في الدنيا فقال:كأنك تستقل له عذاب اللّه، و ما عند اللّه أشد عذابا و أشد نكالا (2).

ابن الوليد،عن الصفار،عن ابن هاشم،عن عثمان بن عيسى عن عمرو بن شمر،عن جابر،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:إن في النار منزلة لم يكن يستحقها أحد من الناس إلا بقتل الحسين بن علي و يحيى ابن زكريا عليهما السّلام (3).

عن أبي،عن سعد،عن ابن هاشم مثله (4).

محمد بن عبد اللّه بن علي الناقد،عن أبي هارون العبسي،عن جعفر بن حيان، عن خالد الربعي قال:حدثني من سمع كعبا يقول:أول من لعن قاتل الحسين بن علي عليهما السّلام إبراهيم خليل الرحمن،و أمر ولده بذلك،و أخذ عليهم العهد و الميثاق ثم لعنه موسى بن عمران و أمر أمته بذلك،ثم لعنه داود و أمر بني إسرائيل بذلك.ثم لعنه عيسى و أكثر أن قال:يا بني إسرائيل إلعنوا قاتله،و إن أدركتم أيامه فلا تجلسوا عنه،فإن الشهيد معه كالشهيد مع الأنبياء،مقبل غير مدبر و كأني أنظر إلى بقعته،و ما من نبي إلا و قد زار كربلا،و وقف عليها،و قال:إنك لبقعة كثيرة الخير، فيك يدفن القمر الازهر (5).7.

ص: 121


1- بحار الأنوار:302/40-310 ح 7.
2- بحار الأنوار:302/40-310 ح 8.
3- بحار الأنوار:302/40-310 ح 9.
4- كامل الزيارات:ص 77 و 78.
5- بحار الأنوار:302/40-310 ح 10،و المصدر:ص 67.

بيان:قوله«مقبل»الاصوب مقبلا أي كشهيد استشهد معهم حال كونه مقبلا على القتال غير مدبر،و على ما في النسخ،صفة لقوله كالشهيد،لأنه في قوة النكرة.

محمد الحميري،عن الحسن بن علي بن زكريا،عن عمرو بن المختار،عن إسحاق بن بشر،عن العوام مولى قريش قال:سمعت مولاي عمر بن هبيرة قال:

رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و الحسن و الحسين في حجره يقبل هذا مرة و يقبل هذا مرة و يقول للحسين:الويل لمن يقتلك (1).

عن ابن الوليد،عن الصفار،عن اليقطيني،عن زكريا المؤمن عن أيوب بن عبد الرحمان،و زيد أبي الحسن و عباد جميعا،عن سعد الاسكاف قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:من سرّه أن يحيى حياتي و يموت مماتي و يدخل جنة عدن،قضيب غرسه ربي بيده،فليتول عليا و الأوصياء من بعده،و ليسلّم لفضلهم فإنهم الهداة المرضيون،أعطاهم اللّه فهمي،و علمي،و هم عترتي من لحمي و دمي إلى اللّه أشكو عدوهم من أمتي،المنكرين لفضلهم،القاطعين فيهم صلتي و اللّه ليقتلن ابني لا نالتهم شفاعتي (2).

أبي،و جماعة مشايخي،عن سعد،عن ابن عيسى،و ابن أبي الخطاب،عن جعفر بن بشير،عن حماد،عن كليب بن معاوية،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:كان قاتل يحيى بن زكريا ولد زنا،و كان قاتل الحسين عليه السّلام ولد زنا،و لم تبك السماء إلا عليهما (3).

ابن الوليد و محمد بن أحمد بن الحسين معا،عن الحسن بن علي بن مهزيار عنه.

ص: 122


1- بحار الأنوار:302/40-310 ح 11،و كامل الزيارات:ص 70.
2- بحار الأنوار:302/40-310 ح 12،و المصدر:الباب 22 الرقم 3،راجع ص 69.
3- المصدر:ص 77 و هكذا ما يليه.

أبيه،عن الحسن،عن فضالة،عن كليب بن معاوية مثله (1).

عن ابن الوليد،عن الصفار،عن ابن عيسى،عن ابن فضال،عن مروان بن مسلم،عن إسماعيل بن كثير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله.

أبي،و ابن الوليد معا،عن الصفار،عن ابن عيسى،عن ابن فضال،عن ابن بكير، عن زرارة،عن عبد الخالق،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:كان قاتل الحسين بن علي عليهما السّلام ولد زنا،و قاتل يحيى بن زكريا ولد زنا (2).

محمد بن جعفر،عن محمد بن الحسين،عن صفوان،عن داود بن فرقد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله.

أبي،عن سعد،عن ابن هاشم،عن ابن أبي عمير،عن بعض أصحابه،عن ابن مسكان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قاتل الحسين بن علي عليهما السّلام ولد زنا (3).

محمد بن جعفر،عن محمد بن الحسين،عن الخشاب،عن علي بن حسان،عن عبد الرحمن بن كثير،عن داود الرقي قال:كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام إذا استسقى الماء،فلما شربه رأيته قد استعبر،و اغرورقت عيناه بدموعه ثم قال لي:يا داود لعن اللّه قاتل الحسين عليه السّلام فما من عبد شرب الماء فذكر الحسين و لعن قاتله،إلا كتب اللّه له مائة ألف حسنة،و حط عنه مائة ألف سيئة،و رفع له مائة ألف درجة،و كأنما أعتق مائة ألف نسمة،و حشره اللّه يوم القيامة ثلج الفؤاد (4).

عن الكليني،عن علي بن محمد،عن سهل،عن جعفر بن إبراهيم،عن سعد ابن سعد مثله (5).

ص: 123


1- بحار الأنوار:302/40-310 ح 13.
2- بحار الأنوار:302/40-310 ح 14.
3- بحار الأنوار:302/40-310 ح 15.
4- المصدر:ص 106،و بحار الأنوار:302/40-310 ح 16.
5- كذا في نسخ الكتاب حتى نسخة الأصل نسخة المؤلف قدس سره و هكذا المصدر ص 107:ذكر السند بلفظه بعد الحديث المتقدم بلا فصل.و الظاهر اختلال نسخة المصدر،حيث ان الكلينى رحمه اللّه انما روى الحديث في كتاب الاشربة باب النوادر تحت الرقم 6(راجع ج 6 ص 390) و سنده هكذا:محمد بن يحيى،عن أحمد بن محمد،عن محمد بن جعفر،عمن ذكره(و أظنه محمد بن الحسين).

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله لما نزلت وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ الآية (1)في اليهود أي الذين نقضوا عهد اللّه،و كذّبوا رسل اللّه،و قتلوا أولياء اللّه:أفلا أنبئكم بمن يضاهيهم من يهود هذه الامة؟

قالوا:بلى يا رسول اللّه قال:قوم من أمتي ينتحلون أنهم من أهل ملتي،يقتلون أفاضل ذريتي و أطائب أرومتي،و يبدّلون شريعتي و سنّتي،و يقتلون ولدي الحسن و الحسين كما قتل أسلاف اليهود زكريا و يحيى.ألا و إن اللّه يلعنهم كما لعنهم،و يبعث على بقايا ذراريهم قبل يوم القيامة هاديا مهديا من ولد الحسين المظلوم يحرقهم بسيوف أوليائه إلى نار جهنم ألا و لعن اللّه قتلة الحسين عليه السّلام و محبيهم و ناصريهم،و الساكنين عن لعنهم من غير تقية يسكتهم.

ألا و صلّى اللّه على الباكين على الحسين رحمة و شفقة،و اللاعنين لأعدائهم و الممتلئين عليهم غيظا و حنقا،ألا و إن الراضين بقتل الحسين شركاء قتلته ألا و إن قتلته و أعوانهم و أشياعهم و المقتدين بهم براء من دين اللّه.

إن اللّه ليأمر ملائكته المقرّبين أن يتلقّوا دموعهم المصبوبة لقتل الحسين إلى الخزان في الجنان،فيمزجوها بماء الحيوان،فتزيد عذوبتها و طيبها ألف ضعف و إن الملائكة ليتلقون دموع الفرحين الضاحكين لقتل الحسين يتلقّونها في الهاوية و يمزجونها بحميمها و صديدها و غساقها و غسلينها فيزيد في شدة حرارتها و عظيم عذابها ألف ضعف يشدد بها على المنقولين إليها من أعداء آل محمدر.

ص: 124


1- سورة البقرة 84 و الخبر في المصدر ص 148 مع اختلاف يسير.

عذابهم (1).

العدة،عن أحمد بن محمد،عن الجالموراني،عن ابن أبي حمزة،عن صندل عن داود بن فرقد قال:كنت جالسا في بيت أبي عبد اللّه عليه السّلام فنظرت إلى حمام راعبي يقرقر،فنظر لي أبو عبد اللّه عليه السّلام،فقال:يا داود أتدري ما يقول هذا الطير؟قلت:لا و اللّه جعلت فداك،قال:يدعو على قتلة الحسين عليه السّلام فاتخذو في منازلكم (2).

عن علي،عن أبيه،عن النوفلي،عن السكوني،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:اتخذوا الحمام الراعبية في بيوتكم فانها تلعن قتلة الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام و لعن اللّه قاتله (3).

أقول:وجدت في بعض مؤلفات المعاصرين أنه لما جمع ابن زياد لعنه اللّه قومه لحرب الحسين عليه السّلام كانوا سبعين ألف فارس،فقال ابن زياد:أيها الناس من منكم يتولى قتل الحسين و له ولاية أي بلد شاء؟فلم يجبه أحد منهم،فاستدعى بعمر بن سعد لعنه اللّه و قال له يا عمر أريد أن تتولى حرب الحسين بنفسك.

فقال له:اعفني من ذلك فقال ابن زياد:قد أعفيتك يا عمر فاردد علينا عهدنا الذي كتبنا إليك بولاية الري.

فقال عمر:أمهلنا الليلة فقال له:قد أمهلتك،فانصرف عمر بن سعد إلى منزله، و جعل يستشير قومه و إخوانه،و من يثق به من أصحابه،فلم يشر عليه أحد بذلك، و كان عند عمر بن سعد رجل من أهل الخير يقال له:كامل،و كان صديقا لأبيه من قبله.م.

ص: 125


1- بحار الأنوار:302/40-310 ح 17.
2- بحار الأنوار:302/40-310 ح 18.
3- بحار الأنوار:302/40-310 ح 19،و الكافي كتاب الدواجن باب الحمام الرقم 10 و 13، و الحمام الراعبى جنس من الحمام.

فقال له:يا عمر مالي أراك بهيئة و حركة،فما الذي أنت عازم عليه؟و كان كامل كاسمه ذا رأي و عقل و دين كامل.

فقال له ابن سعد لعنه اللّه:إني قد وليت أمر هذا الجيش في حرب الحسين و إنما قتله عندي و أهل بيته كأكلة آكل أو كشربة ماء،و إذا قتلته خرجت إلى ملك الري فقال له كامل:اف لك يا عمر بن سعد تريد أن تقتل الحسين ابن بنت رسول اللّه؟اف لك ولدينك يا عمر أسفهت الحق و ضللت الهدى،أما تعلم إلى حرب من تخرج؟ و لمن تقاتل؟إنا للّه و إنا إليه راجعون.

و اللّه لو أعطيت الدنيا و ما فيها على قتل رجل واحد من أمة محمد لما فعلت فكيف تريد تقتل الحسين ابن بنت رسول اللّه عليه السّلام؟و ما الذي تقول غدا لرسول اللّه إذا وردت عليه و قد قتلت ولده و قرة عينه و ثمرة فؤاده و ابن سيدة نساء العالمين و ابن سيد الوصيين و هو سيد شباب أهل الجنة من الخلق أجمعين و إنه في زماننا هذا بمنزلة جده في زمانه،و طاعته فرض علينا كطاعته،و إنه باب الجنة و النار فاختر لنفسك ما أنت مختار و إني أشهد باللّه إن حاربته أو قتلته أو أعنت عليه أو على قتله لا تلبث في الدنيا بعده إلا قليلا.

فقال له عمر بن سعد:فبالموت تخوفني و إني إذا فرغت من قتله أكون أميرا على سبعين ألف فارس،و أتولى ملك الري،فقال له كامل:إني أحدثك بحديث صحيح أرجو لك فيه النجاة إن وفّقت لقبوله.

إعلم أني سافرت مع أبيك سعد إلى الشام فانقطعت بي مطيتي عن أصحابي و تهت و عطشت،فلاح لي دير راهب فملت إليه،و نزلت عن فرسي،و أتيت إلى باب الدير لأشرب ماء فأشرف علي راهب من ذلك الدير و قال:ما تريد؟

فقلت له:إني عطشان،فقال لي:أنت من أمة هذا النبي الذين يقتل بعضهم بعضا على حب الدنيا مكالبة:و يتنافسون فيها على حطامها؟فقلت له:أنا من الأمة

ص: 126

المرحومة أمة محمد صلى اللّه عليه و آله و سلم.

فقال إنّكم أشر أمة فالويل لكم يوم القيامة و قد غدوتم إلى عترة نبيكم و تسبون نساءه و تنهبون أمواله،فقلت له:يا راهب نحن نفعل ذلك؟

قال:نعم و إنّك إذا فعلتم ذلك عجّت السماوات و الأرضون:و البحار،و الجبال، و البراري و القفار،و الوحوش،و الأطيار باللعنة على قاتله،ثم لا يلبث قاتله في الدنيا إلا قليلا،ثم يظهر رجل يطلب بثأره،فلا يدع أحدا شرك في دمه إلا قتله و عجّل اللّه بروحه إلى النار،ثم قال الراهب:إني لأرى لك قرابة من قاتل هذا الابن الطيب، و اللّه إني لو أدركت أيامه لوقيته بنفسي من حر السيوف.

فقلت:يا راهب إني اعيذ نفسي أن أكون ممن يقاتل ابن بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله.

فقال:إن لم تكن أنت فرجل قريب منك،و إن قاتله عليه نصف عذاب أهل النار، و إن عذابه أشد من عذاب فرعون و هامان،ثم ردم الباب في وجهي و دخل يعبد اللّه تعالى،و أبى أن يسقيني الماء.

قال كامل:فركبت فرسي و لحقت أصحابي،فقال لي أبوك سعد:ما أبطأك عنا يا كامل؟فحدّثته بما سمعته من الراهب،فقال لي:صدقت.

ثم إن سعدا أخبرني أنه نزل بدير هذا الراهب مرة من قبلي فأخبره أنه هو الرجل الذي يقتل ابن بنت رسول اللّه،فخاف أبوك سعد من ذلك و خشي أن تكون أنت قاتله فأبعدك عنه و أقصاك،فاحذر يا عمر أن تخرج عليه،يكون عليك نصف عذاب أهل النار،قال:فبلغ الخبر ابن زياد لعنه اللّه،فاستدعى بكامل و قطع لسانه فعاش يوما أو بعض يوم و مات رحمه اللّه.

قال:و حكي أن موسى بن عمران رآه إسرائيلي مستعجلا و قد كسته الصفرة و اعترى بدنه الضعف،و حكم بفرائصه الرجف،و قد اقشعر جسمه،و غارت عيناه

ص: 127

و نحف،لأنه كان إذا دعاه ربه للمناجاة يصير عليه ذلك من خيفة اللّه تعالى،فعرفه الاسرائيلي و هو ممن آمن به،فقال له:يا نبي اللّه أذنبت ذنبا عظيما فاسأل ربك أن يعفو عني فأنعم،و سار،فلما ناجى ربه قال له:يا رب العالمين أسألك و أنت العالم قبل نطقي به فقال تعالى:يا موسى ما تسألني أعطيك،و ما تريد أبلغك،قال:رب إن فلانا عبدك الإسرائيلي أذنب ذنبا و يسألك العفو،قال:يا موسى أعفو عمن استغفرني إلا قاتل الحسين،قال موسى:يا رب و من الحسين؟

قال له:الذي مر ذكره عليك بجانب الطور،قال:يا رب و من يقتله؟

قال تقتله أمة جده الباغية الطاغية في أرض كربلا و تنفر فرسه و تحمحم و تصهل،و تقول في صهيلها:الظليمة الظليمة من أمة قتلت ابن بنت نبيها فيبقى ملقى على الرمال من غير غسل و لا كفن،و ينهب رحله،و يسبى نساؤه في البلدان، و يقتل ناصره،و تشهر رؤوسهم مع رأسه على أطراف الرماح يا موسى صغيرهم يميته العطش،و كبيرهم جلده منكمش،يستغيثون و لا ناصر و يستجيرون و لا خافر (1).

قال:فبكى موسى عليه السّلام و قال:يا رب و ما لقاتليه من العذاب؟

قال:يا موسى عذاب يستغيث منه أهل النار بالنار،لا تنالهم رحمتي،و لا شفاعة جده،و لو لم تكن كرامة له لخسفت بهم الأرض.

قال موسى برئت إليك اللهم منهم و ممن رضي بفعالهم،فقال سبحانه:يا موسى كتبت رحمة لتابعيه من عبادي،و اعلم أنه من بكى عليه أو أبكى أو تباكى حرمت جسده على النار.

تذنيب:قال مؤلف كتاب إلزام النواصب و غيره:إن ميسون بنت بجدل الكلبية أمكنت عبد أبيها من نفسها،فحملت يزيد لعنه اللّه و إلى هذا أشار النسابة الكلبيه.

ص: 128


1- خفره و به و عليه خفرا:أجاره و منعه و حماه و أمنه.

بقوله

فإن يكن الزمان أتى علينا بقتل الترك و الموت الوحي

فقد قتل الدعي و عبد كلب بأرض الطف أولاد النبي

أراد بالدعي عبيد اللّه بن زياد لعنه اللّه فإن أباه زياد بن سمية كانت أمه سمية مشهورة بالزنا،و ولد على فراش أبي عبيد عبد بني علاج من ثقيف فادعى معاوية أن أبا سفيان زنى بام زياد فأولدها زيادا،و أنه أخوه،فصار اسمه الدعي و كانت عائشة تسميه زياد بن أبيه لأنه ليس له أب معروف،و مراده بعبد كلب:يزيد بن معاوية،لأنه من عبد بجدل الكلبي.

و أما عمر بن سعد لعنه اللّه فقد نسبوا أباه سعدا إلى غير أبيه و أنه من رجل من بني عذرة كان خدنا لامه:و يشهد بذلك قول معاوية لعنه اللّه حين قال سعد لمعاوية:أنا أحق بهذا الأمر منك فقال له معاوية يأبى عليك ذلك بنو عذرة، و ضرط له،روى ذلك النوفلي ابن سليمان من علماء السنة،و يدل على ذلك قول السيد الحميري:

قدما تداعوا زنيما ثم سادهم لو لا خول بني سعد لما سادوا (1)0.

ص: 129


1- بحار الأنوار:310/40.

عذاب من شارك في القتل

و روى ابن لهيعة و غيره قال:كنت أطوف بالبيت فإذا برجل يقول:اللّهم اغفرلي و ما أراك فاعلا.

فقلت له:يا عبد اللّه اتّق اللّه فإنّه غفور رحيم،قال:قصّتي إنّنا كنّا خمسين نفرا ممّن سار مع رأس الحسين إلى الشام و كنّا إذا أمسينا وضعنا الرأس في تابوت و شربنا الخمر،فشرب أصحابي ليلة و لم أشرب،فلمّا جنّ الليل سمعت رعدا و برقا فإذا السماء قد فتحت و نزل آدم و نوح و إبراهيم و إسماعيل و إسحاق و نبيّنا محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و معهم جبرئيل و خلق من الملائكة فدنا جبرئيل من التابوت فأخرج الرأس و ضمّه إلى صدره و قبّله و كذلك فعل الأنبياء و بكى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على رأس الحسين فقال جبرئيل:يا محمّد إنّ اللّه أمرني أن أطيعك فإن أمرتني زلزلت بهم الأرض و جعلت عاليها سافلها كما فعلت بقوم لوط،فقال:لا يا جبرئيل إنّ لي معهم موقفا يوم القيامة بين يدي اللّه،ثمّ صلّوا عليه ثمّ أتى قوم من الملائكة و قالوا:إنّ اللّه تعالى أمرنا بقتل الخمسين.

فقال لهم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:شأنكم بهم فجعلوا يضربونهم بالحربات ثمّ قصدني واحد منهم بحربة.

فقلت:الأمان الأمان يا رسول اللّه.

فقال صلّى اللّه عليه و اله:إذهب فلا غفر اللّه لك فلمّا أصبحت رأيت أصحابي كلّهم رمادا (1).

ص: 130


1- بحار الأنوار:126/45.

عذاب من لم ينصر الحسين عليه السلام و إن لم يقاتل

و عن إسحاق بن عمّار قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إنّي كنت بالحيرة ليلة عرفة و كنت اصلّي و ثمّ نحو من خمسين ألفا من الناس جميلة وجوههم طيّبة أرواحهم و أقبلوا يصلّون بالليل أجمع.

فلمّا طلع الفجر سجدت ثمّ رفعت رأسي فلم أر منهم أحدا.

فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:إنّه مرّ بالحسين عليه السّلام خمسون ألف ملك و هو يقتل فلم ينصروه فأهبطوا إلى الأرض فأسكنوا عند قبره شعثا غبرا إلى يوم القيامة (1).

و عن الفضل بن الزبير،قال:كنت جالسا[عند شخص]فأقبل رجل فجلس إليه، رائحته رائحة القطران،فقال له:يا هذا أتبيع القطران؟قال:ما بعته قط،قال:فما هذه الرائحة؟قال:كنت ممن شهد عسكر عمر بن سعد،و كنت أبيعهم أوتاد الحديد،فلمّا جنّ عليّ الليل رقدت[فرأيت في نومي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و معه علي،يسقي القتلى من أصحاب الحسين]فقلت له:اسقني فأبى،فقلت:يا رسول اللّه مره يسقيني فقال:

ألست ممن عاون علينا؟فقلت:يا رسول اللّه،و اللّه ما ضربت بسيف و لا طعنت برمح و لا رميت بسهم،و لكني كنت أبيعهم أوتاد الحديد،فقال:يا علي اسقه فناولني قعبا مملوءا قطرانا فشربت منه قطرانا،و لم أزل أبول القطران أياما ثم انقطع ذلك البول عني،و بقيت الرائحة في جسمي.

فقال له السّدي:يا عبد اللّه كل من برّ العراق و اشرب من ماء الفرات فما أراك

ص: 131


1- البحار:226/45 ح 20.

تعاين محمدا أبدا (1).

و عن ثابت بن إسماعيل،عن أبي النضر الجرمي،قال:رأيت رجلا سمج العمى فسألته عن سبب ذهاب بصره فقال:كنت ممن حضر عسكر عمر بن سعد،فلما جاء الليل رقدت فرأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في المنام بين يديه طشت فيها دم و ريشة في الدم، و هو يؤتى بأصحاب عمر بن سعد،فيأخذ الريشة فيخط بها بين أعينهم فأتي بي، فقلت:يا رسول اللّه،و اللّه ما ضربت بسيف و لا طعنت برمح و لا رميت بسهم،قال:

أفلم تكثّر عدونا؟فأدخل إصبعيه في الدم-السبابة و الوسطى-و أهوى بهما إلى عيني فأصبحت و قد ذهب بصري.7.

ص: 132


1- مختصر ابن منظور:157/7.

ما حصل بقاتلي الحسين عليه السلام

و سأل عبد اللّه بن رياح القاضي رجلا أعمى فقال:كنت حضرت كربلاء و ما قاتلت فنمت فرأيت شخصا هائلا قال لي:أجب رسول اللّه،فجرّني إليه فوجدته حزينا و في يده حربة و قدّامه نطع و ملك بين يديه قائم في يده سيف من النار يضرب أعناق القوم و تقع النار فيهم فتحرقهم ثمّ يحيون و يقتلون أيضا هكذا.

فقلت:يا رسول اللّه ما ضربت بسيف و لا طعنت و لا رميت.

فقال:ألست كثّرت السواد،فأخذ من طشت فيه دم فكحّلني من ذلك الدمّ فاحترقت عيناي،فلمّا انتبهت كنت أعمى (1).

و في أمالي المفيد عن محمّد بن سليمان عن عمّه قال:صرنا إلى كربلاء و ليس بها موضع نسكنه فبنينا كوخا،فلمّا جاء الليل أشعلنا نفطا و صرنا نتذاكر أمر الحسين و من قتله.

فقلنا:ما بقي أحد من قتلة الحسين عليه السّلام إلاّ رماه اللّه ببليّة في بدنه.

فقال ذلك الرجل:أنا كنت فيمن قتله و ما أصابني مكروه و أنّكم تكذبون فأمسكنا عنه و قام ليصلح الفتيلة بإصبعه فأخذت النار كفّه فألقى نفسه إلى الفرات فرأيناه يدخل رأسه في الماء و النار على وجه الماء فإذا أخرج رأسه سرت النار إليه فلم يزل ذلك دأبه حتّى هلك (2).

ص: 133


1- مدينة المعاجز:84/4.
2- أمالي الطوسي:163 ح 21.

و عن سعيد المسيّب قال:لمّا قتل مولاي الحسين عليه السّلام حججت البيت فبينما أنا أطوف بالكعبة و إذا أنا برجل مقطوع اليدين و وجهه كالليل المظلم متعلّق بأستار الكعبة و يقول:اللّهم اغفر لي و ما أظنّك تفعل و لو تشفع فيّ سكّان السماوات و الأرض،فاجتمع عليه الناس.

و قالوا:يا ويلك كيف تيأس من رحمة اللّه؟

فقال:يا قوم أنا أعرف بذنبي؛إنّي كنت جمّالا للحسين عليه السّلام لمّا خرج من المدينة إلى العراق و كنت أراه إذا أراد الوضوء يضع سراويله عندي فأرى تكة تغشي الأبصار بحسن إشراقها و كنت أتمنّاها تكون لي الى أن صرنا بكربلاء و قتل الحسين و هي معه فدفنت نفسي في مكان من الأرض،فلمّا صار الليل خرجت فرأيت من تلك المعركة نورا لا ظلمة و نهارا لا ليلا و القتلى مطروحين على وجه الأرض فذكرت التكة فطلبت الحسين فوجدته مكبوبا على وجهه و هو جثّة بلا رأس و نوره مشرق مرمّل بدمائه فنظرت إلى سراويله كما كنت أراها فضربت يدي إلى التكة لآخذها فإذا هو قد عقدها عقدا كثيرة حتّى حللت عقدة منها فمدّ يده اليمنى و وضعها على التكة فدعتني نفسي إلى أن أقطع يده فوجدت قطعة سيف فقطعتها و نحّيتها عن التكة فمدّ يده اليسرى و وضعها على التكة فطعنتها بالسيف و مددت يدي على التكة فإذا الأرض ترجف و السماء تهتزّ و إذا بجلبة عظيمة و قائل يقول:وا أبتاه و امقتولاه و اذبيحاه و احسيناه و اغريباه يا بني قتلوك و ما عرفوك و من شرب الماء منعوك.

فرميت نفسي بين القتلى و إذا بثلاث نفر و امرأة و حولهم خلائق وقوف و قد امتلأت الأرض بأجنحة الملائكة و إذا بالحسين قد جلس و رأسه على بدنه و هو يقول:يا جدّاه يا رسول اللّه و يا أبتاه يا أمير المؤمنين و يا أمّاه يا فاطمة الزهراء و يا أخاه المقتول بالسمّ عليكم منّي السلام ثمّ بكى و قال:يا جدّاه قتلوا رجالنا و ذبحوا

ص: 134

أطفالنا يعزّ و اللّه عليك أن ترى حالنا و ما فعلوا بنا و إذا هم جلسوا يبكون حوله و فاطمة تقول:يا أباه أما ترى ما فعلت أمّتك بولدي فأخذت من دمه و مسحت شعرها و قالت:ألقى اللّه عزّ و جلّ و أنا مختضبة بدم ولدي الحسين و أخذ منه رسول اللّه و عليّ بن أبي طالب و الحسن و مسحوا به صدورهم و أيديهم إلى المرافق.

و سمعت رسول اللّه يقول:فديتك يا حسين يعزّ عليّ و اللّه أن أراك مقطوع الرأس مكبوبا على قفاك مقطوع الكفّين،يا بني من قطع يدك اليمنى و ثنّى باليسرى؟

فقال:يا جدّاه كان معي جمّال من المدينة و حكى له كما فعلته به.

فبكى النبيّ و أتى إليّ بين القتلى فقال:ما لي و ما لك يا جمّال تقطع يدين طالما قبّلهما جبرئيل و ملائكة اللّه و تباركت بهما أهل السماوات و الأرضين سوّد اللّه وجهك يا جمّال في الدّنيا و الآخرة و قطع اللّه يديك و رجليك فشلّت يداي و اسودّ وجهي و بقيت على هذه الحالة فجئت إلى هذا البيت أستشفع و أنا أعلم أنّه لا يغفر لي أبدا،فلم يبق بمكّة أحد إلاّ لعنه و خرج من مكّة (1).3.

ص: 135


1- مدينة المعاجز:83/3.

إنتقام القائم من قتلة الحسين عليهما السلام

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:لمّا كان من أمر الحسين عليه السّلام ما كان ضجّت الملائكة إلى اللّه بالبكاء و قالت:يفعل هذا بالحسين صفيّك و ابن نبيّك؟

قال:فأقام اللّه لهم ظلّ القائم عليه السّلام و قال:بهذا أنتقم لهذا (1).

و في كتاب عيون أخبار الرضا عليه السّلام عن الهروي قال:قلت للرضا عليه السّلام:ما تقول في حديث روي عن الصادق عليه السّلام إنّه قال:إذا خرج القائم قتل ذراري قتلة الحسين عليه السّلام بفعال آبائها؟

فقال عليه السّلام:هو كذلك،فقلت:قول اللّه عزّ و جلّ: وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى (2)ما معناه؟

قال عليه السّلام:إنّ ذراري قتلة الحسين يرضون بفعال آبائهم و يفتخرون بها،و من رضي شيئا كان كمن أتاه و لو أنّ رجلا قتل بالمشرق فرضي رجل بقتله بالمغرب لكان الراضي عند اللّه عزّ و جلّ شريك القاتل.

قلت:بأيّ شيء يبدأ القائم إذا قام؟

قال عليه السّلام يقطع أيدي بني شيبة لأنّهم سرّاق بيت اللّه عزّ و جلّ. (3)

ص: 136


1- الكافي:465/1 ح 1.
2- سورة الانعام:164.
3- وسائل الشيعة:139/16 ح 4.

عذاب قتلة الحسين عليه السلام

و في كتاب الإحتجاج بالإسناد إلى العسكري عليه السّلام أنّ عليّ بن الحسين عليهما السّلام كان يذكر حال من مسخهم اللّه قردة ثمّ قال:إنّ اللّه تعالى مسخ أولئك القوم لاصطياد السمك فكيف ترى حال من قتل أولاد رسول اللّه و إن لم يمسخهم في الدّنيا فإنّ المعدّ لهم من عذاب الآخرة أضعاف أضعاف عذاب المسخ.

فقيل له:يابن رسول اللّه قال لنا بعض النصّاب إن كان قتل الحسين باطلا فهو أعظم من صيد السمك في السبت فما كان يغضب على قاتليه كما غضب على صيّادي السّمك؟

قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام:قل لهؤلاء النصاب فإن كان إبليس معاصيه أعظم من معاصي من كفر بإغوائه فأهلك اللّه من شاء منهم كقوم نوح و فرعون و لم يهلك إبليس و هو أولى بالهلاك فما باله أهلك هؤلاء الذين قصروا عن إبليس في عمل الكبائر الموبقة و أمهل إبليس مع إيثاره لكشف المخزيات إلا كان ربّنا حكيما بتدبيره فيمن أهلك و فيمن استبقى،فكذلك هؤلاء الصيّادون في السبت و هؤلاء القاتلون للحسين يفعل في الفريقين ما يعلم أنّه أولى بالحكمة لا يسأل عمّا يفعل و عباده يسألون (1).

و في كتاب الفردوس قال ابن عبّاس:أوحى اللّه تعالى إلى محمّد صلّى اللّه عليه و اله و سلّم إنّي قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا و أقتل بابن بنتك سبعين ألفا و سبعين ألفا.

ص: 137


1- الاحتجاج:41/2.

و قال الصادق عليه السّلام:قتل بالحسين صلوات اللّه عليه مائة ألف و ما طلب بثأره و سيطلب بثأره عليّ بن الحسين (1).

و في كتاب المناقب روي أنّ الحسين عليه السّلام قال لعمر بن سعد إنّه ممّا تقرّ به عيني أنّك لا تأكل من برّ العراق بعدي إلاّ قليلا،فقال مستهزئا:يا أبا عبد اللّه في الشعير خلف فكان كما قال لم يصل إلى الري و قتله المختار.

و في أمالي القطان عن ابن عيينة قال:أدركت من قتلة الحسين رجلين أمّا أحدهما فإنّه طال ذكره حتّى كان يلفّه.

و في رواية كان يحمله على عاتقه،و أمّا الآخر فكان يستقبل الرواية فيشربها و لا يروى و ذلك إنّه نظر إلى الحسين و قد أهوى إلى فيه بماء و هو يشرب فرماه بسهم فقال الحسين عليه السّلام:لا أرواك اللّه فعطش الرجل حتّى ألقى نفسه في الفرات و شرب حتّى مات (2).

و في خبر أنّه لمّا رماه الدارمي بسهم فأصاب حنكه جعل يتلقّى الدم و يرميه إلى السماء فكان هذا الرجل يصيح من الحرّ في بطنه و البرد في ظهره بين يديه المراوح و الثلج و خلفه الكانون و النار و هو يقول اسقوني فيشرب القربة ثمّ يقول اسقوني أهلكني العطش فانقدّت بطنه و مات لا رحمه اللّه (3).

و في أحاديث ابن الحاشر قال:كان عندنا رجل خرج على الحسين عليه السّلام و انتهب من عسكره زعفرانا و جملا،فلمّا دقّوا الزعفران صار نارا و كلّ امرأة لطخت منه صارت برصاء و نحروا البعير فخرجت منه النار و طبخوه فضارت القدر نارا (4).3.

ص: 138


1- مناقب آل أبي طالب/:234/3.
2- مناقب آل أبي طالب:214/3.
3- مناقب آل أبي طالب:214/3.
4- أمالي الطوسي:727 ح 3.

و سأل عبد اللّه بن رياح القاضي رجلا به عمى فقال:كنت حضرت كربلاء و ما قاتلت فنمت فرأيت شخصا هائلا قال لي:أجب رسول اللّه.

فجرّني إليه فوجدته حزينا و في يده حربة و قدّامه نطع و ملك بين يديه قائم في يده سيف من النار يضرب أعناق القوم و تقع النار فيهم فتحرقهم ثمّ يحيون و يقتلون أيضا هكذا،فقلت:يا رسول اللّه ما ضربت بسيف و لا طعنت و لا رميت.

فقال:ألست كثّرت السواد،فأخذ من طشت فيه دم فكحّلني من ذلك الدّم فاحترقت عيناي،فلمّا انتبهت كنت أعمى (1).4.

ص: 139


1- مدينة المعاجز:84/4.

شدة عذاب قتلة الحسين عليه السلام في النار

عن عامر بن سعد البجلي قال:لما قتل الحسين بن علي رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في المنام فقال:إن رأيت البراء بن عازب فاقرئه مني السلام،و أخبره أن قتلة الحسين ابن علي في النار،و إن كاد اللّه أن يسحت أهل الأرض منه بعذاب أليم.

قال:فأتيت البراء فأخبرته،فقال:صدق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم،قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«من رآني في المنام فقد رآني حقا فإن الشيطان لا يتصور بي» (1).

و في كتاب الأمالي عن يحيى الرازي قال:كنت عند جرير بن عبد الحميد إذ جاءه رجل من أهل العراق فسأله جرير عن خبر الناس.

فقال:تركت الرشيد و قد كرب قبر الحسين عليه السّلام و أمر أن تقطع السدرة التي فيه فقطعت قال:فرفع جرير يديه و قال:اللّه أكبر جاءنا فيه حديث عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم إنّه قال:لعن اللّه قاطع السدرة،ثلاثا (2).

فلم نقف على معناه حتّى الآن لأنّ القصد بقطعه تغيير مصرع الحسين عليه السّلام حتّى لا يقف الناس على قبره (3).

و عن محمّد بن فرج عن أبيه عن عمّه قال:أنفذني المتوكّل في تخريب قبر الحسين فصرت إليه و أمرت بالبقر فمرّ بها على القبور كلّها،فلمّا بلغت قبر الحسين

ص: 140


1- بستان العارفين:18،و مسند الروباني:175/1،و الفردوس:635/3 ح 6406-5989.
2- .مالي الطوسي:325 ح 98.
3- أمالي الطوسي:325 ح 98.

لم تمرّ عليه.

قال عمّي:فأخذت العصا بيدي فما زلت أضربها حتّى انكسرت العصا في يدي فو اللّه ما جازت على قبره و لا تخطّته.

و في ذلك الكتاب عن موسى بن عبد العزيز قال:لقيني يوحنا النصراني المتطيّب فقال لي:بحقّ دينك من هذا الذي يزور قبره قوم منكم بناحية قصر ابن هبيرة؟

قلت:هو ابن بنته.

فقال:له عندي حديث طريف و هو أنّه وجّه إلي سابور الكبير الخادم الرشيدي في الليل إليه و مضينا حتّى دخلنا على موسى بن عيسى الهاشمي فوجدناه زائل العقل متّكئا على وسادة و إذا بين يديه طشت فيها حشو جوفه و كان الرشيد استحضره من الكوفة فأقبل سابور على خادم كان من خاصّة موسى فقال له:

ويحك ما خبره؟

فقال له:أخبرك إنّه كان من ساعته جالسا و حوله ندماؤه و هو من أصحّ الناس جسما و أطيبهم نفسا إذ جرى ذكر الحسين بن علي.

قال يوحنّا:هذا الذي سألتك عنه،فقال موسى:إنّ الرافضة ليغلون فيه حتّى أنّهم يجعلون تربته دواء يتداوون به فقال له رجل من بني هاشم قد كانت بي علّة فتعالجت لها بكلّ علاج فما نفعني حتّى وصف لي كاتبي لآخذ من هذه التربة فأخذتها فنفعني اللّه بها و زال عنّي ما كنت أجده.

قال:فبقي عندك منها شيء؟

قال:نعم،فوجّه فجاءه منها بقطعة فناولها موسى بن عيسى فأخذها عيسى فاستدخلها دبره استهزاء بمن يتداوى بها و احتقارا و تصغيرا لهذا الرجل الذي هي تربته يعني الحسين عليه السّلام فما هو إلاّ أن استدخلها دبره حتّى صاح النار النار الطشت الطشت فجئناه بالطشت فأخرج فيها ما ترى فانصرف الندماء و صار المجلس

ص: 141

مأتما فأقبل علي سابور.

فقال:أنظر هل لك فيه حيلة فدعوت بشمعة فنظرت فإذا كبده و طحاله وريّته و فؤاده خرجت منه في الطشت فنظرت إلى أمر عظيم فقال لي سابور:كن هاهنا في الدار إلى أن يظهر أمره فبتّ عندهم فمات في وقت السحر ثمّ كان يوحنّا يزور قبر الحسين و هو على دينه ثمّ أسلم بعد هذا و حسن إسلامه.

أخذ المسترشد العبّاسي من مال الحائر و كربلاء و قال:إنّ القبر لا يحتاج إلى الخزانة و أنفق على العسكر،فلمّا خرج قتل هو و ابنه الراشد (1).

و عن الأعمش قال:أحدث رجل على قبر الحسين عليه السّلام فأصابه و أهل بيته جنون و جذام و برص و هم يتوارثون الجذام إلى الساعة.

و روى جماعة من الثقاة أنّه لمّا أمر المتوكّل بحرث قبر الحسين عليه السّلام و أن يجرى الماء عليه من العلقمي أتى زيد المجنون و بهلول المجنون إلى كربلاء فنظرا إلى القبر و إذا هو معلّق بالقدرة في الهواء فقال زيد: يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ اللّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (2)و ذلك أنّ الحرّاث حرث سبع عشرة مرّة و القبر يرجع إلى حاله،فلمّا نظر الحرّاث إلى ذلك آمن باللّه و حلّ البقر فأخبر المتوكّل فأمر بقتله (3).

و عن سليمان الأعمش قال:كنت نازلا بالكوفة و كان لي جار من النواصب فقلت:

آتيه ليلة الجمعة و اكلّمه في فضائل الحسين فإن رأيته مصرّا على حاله قتلته،فلمّا كان السحر أتيته فقالت لي امرأته:إنّه خرج إلى زيارة الحسين من أوّل الليل فسرت في إثره إلى زيارة الحسين عليه السّلام،فلمّا دخلت إلى القبر فإذا بالشيخ ساجد يدعو1.

ص: 142


1- أمالي الطوسي:321 ح 96.
2- سورة الصف:8.
3- البحار:401/45 ح 11.

و يسأل اللّه التوبة ثمّ رفع رأسه فقلت له:يا شيخ كنت تقول بالأمس:زيارة الحسين بدعة و كلّ بدعة ضلالة و كلّ ضلالة في النار و اليوم تزوره؟

فقال:يا سليمان لا تلمني فإنّي ما كنت أثبت لأهل البيت إمامة حتّى كانت ليلتي تلك فرأيت رؤيا هالتني رأيت رجلا جليل القدر لا أقدر أن أصفه من عظم جماله و جلاله و بين يديه فارس على رأسه تاج و التاج له أربعة أركان في كلّ ركن جوهرة تضيء من مسيرة ثلاثة أيّام،فقلت لبعض خدّامه:من هذا؟

قال:هذا محمّد المصطفى و الآخر عليّ المرتضى ثمّ نظرت فإذا أنا بناقة من نور عليها هودج من نور و فيه امرأتان و الناقة تطير بين السماء و الأرض،فقلت:لمن هذه الناقة؟

فقال:لخديجة الكبرى و فاطمة الزهراء و هذا الغلام الحسن بن عليّ يريدون زيارة المقتول ظلما شهيد كربلاء الحسين بن عليّ،ثمّ قصدت نحو الهودج الذي فيه الزهراء عليهما السّلام و إذا برقاع مكتوبة تسقط من السماء فقيل هذه رقاع فيها أمان من النار لزوّار الحسين في ليلة الجمعة فطلبت منه رقعة فقال لي:إنّك تقول زيارته بدعة فإنّك لا تنالها حتّى تزور الحسين و تعتقد فضله و شرفه،فانتبهت من نومي فزعا و قصدت إلى زيارة سيّدي الحسين و أنا تائب إلى اللّه و لا افارق قبر الحسين حتّى تفارق روحي جسدي (1).

و روى الثقاة عن دعبل الخزاعي قال:لمّا انصرفت عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام بقصيدتي التائية نزلت بالريّ و أنّي في ليلة أصوغ قصيدة و قد ذهب من الليل شطره فإذا طارق يطرق الباب،فقلت:من هذا؟

قال:أخ لك،ففتحت الباب فدخل رجل اقشعرّ منه بدني،فقال لي:لا تخف أنا أخوك من الجنّ ولدت في الليلة التي ولدت فيها و نشأت معك و أنّي جئت أحدّثك بما2.

ص: 143


1- مستدرك الوسائل:296/10 ح 42.

يسرّك و يقوّي بصيرتك.

فقال:يا دعبل إنّي كنت من أشدّ الناس عداوة لعليّ بن أبي طالب فخرجت في نفر من الجنّ المردة العتاة فمررت بنفر يريدون زيارة الحسين قد جنّهم الليل فهممنا بهم و إذا ملائكة تزجرنا من السماء و ملائكة في الأرض تزجر عنهم هوامها فكأنّي كنت نائما فانتبهت و علمت أنّ ذلك لعناية اللّه تعالى بمن تشرّفوا بزيارته فأحدثت توبة وزرت مع القوم و دعوت بدعائهم و حججت بحجّهم تلك السنة وزرت قبر النبيّ صلّى اللّه عليه و اله و سلّم و مررت برجل حوله جماعة فقلت:من هذا؟

قالوا:هذا ابن رسول اللّه الصادق عليه السّلام فدنوت منه و سلّمت عليه.

فقال لي:مرحبا بك يا أخ أهل العراق أتذكر ليلتك ببطن كربلاء و ما رأيت من كرامة اللّه تعالى لأوليائنا؛إنّ اللّه قد قبل توبتك.

فقلت:الحمد للّه الذي منّ عليّ بكم،فحدّثني يا ابن رسول اللّه بحديث أنصرف به إلى أهلي و قومي،فقال:حدّثني أبي عن أبيه عن الحسين بن عليّ عن أبيه عليّ بن أبي طالب قال:قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم:يا عليّ الجنّة محرّمة على الأنبياء حتّى أدخلها أنا،و على الأوصياء حتّى تدخلها أنت و على الامم حتّى تدخلها أمّتي و على امّتي حتّى يقرّوا بولايتك،يا عليّ و الذي بعثني بالحقّ لا يدخل الجنّة أحد إلاّ من أخذ منك بسبب أو نسب.

ثمّ قال:خذها يا دعبل فلن تسمع بمثلها من مثلي أبدا ثمّ ابتلعته الأرض فلم أره.

و روي أنّ المتوكّل العبّاسي كان شديد العداوة لأهل بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم و هو الذي أمر الحارث بحرث قبر الحسين عليه السّلام و أن يخربوا بنيانه و يخفوا آثاره و أن يجروا عليه الماء من النهر العلقمي حتّى لا يبقى له أثر،و توعّد الناس ممّن زار قبره و جعل رصدا من أجناده يقتلون كلّ من يزور الحسين ليطفئوا نور اللّه،فبلغ الخبر رجلا من أهل الخير يقال له زيد المجنون و لكنّه ذو عقل سديد و إنّما لقّب بالمجنون

ص: 144

لأنّه أفحم كلّ لبيب و قطع حجّة كلّ أديب فعظم ذلك عليه و اشتدّ حزنه و تجدّد مصابه بالحسين و كان يسكن مصر،فلمّا سمع أن يحرث قبر الإمام خرج من مصر ماشيا هائما على وجهه حتّى بلغ الكوفة و كان البهلول بها فلقيه زيد المجنون و سلّم عليه فردّ عليه السلام.

فقال له البهلول:من أين لك معرفتي و لم ترني؟

فقال زيد:قلوب المؤمنين جنود مجنّدة فما تعارف منها ائتلف و ما تناكر منها اختلف،فقال له البهلول:ما الذي أخرجك من بلادك بغير دابّة و لا مركوب؟

فقال:بلغني أنّ هذا اللعين أمر بحرث قبر الحسين و خراب بنيانه و قتل زوّاره فهذا الذي أخرجني و أجرى دموعي.

فقال له البهلول:و أنا و اللّه كذلك،فقال له:قم إلى كربلاء لنشاهد قبور أولاد عليّ المرتضى،فوصلا إلى قبر الحسين و إذا هو على حاله لم يتغيّر و قد هدّموا بنيانه و كلّما أجروا عليه الماء غار و حار و استدار و كان القبر إذا جاءه الماء ترتفع أرضه بإذن اللّه تعالى.

فقال زيد المجنون:أنظر يا بهلول يريدون ليطفئوا نور اللّه بأفواههم.

و لم يزل المتوكّل يأمر بحرث قبر الحسين مدّة عشرين سنة و القبر على حاله لم يتغيّر و لا يعلوه قطرة من الماء،فلمّا نظر الحارث إلى ذلك قال:آمنت باللّه و بمحمّد رسول اللّه،و اللّه لأهر بن على وجهي و أهيم في البراري و لا أحرث قبر الحسين و أنّ لي مدّة عشرين سنة اشاهد براهين آل بيت رسول اللّه و لا أتّعظ،ثمّ إنّه حلّ الثيران و طرح الفدان و أقبل نحو زيد المجنون و قال:يا شيخ لأيّ شيء جئت إلى هنا و أنّي لأخشى عليك من القتل؟

فبكى زيد و قال:و اللّه قد بلغني حرث قبر الحسين فأحزنني فانكبّ الحارث على أقدام زيد يقبّلهما و يقول:فداك أبي و أمّي فو اللّه يا شيخ من حين أقبلت إلي أقبلت إليّ

ص: 145

الرحمة و استنار قلبي بنور اللّه و أنّ لي مدّة عشرين سنة أحرث هذه الأرض و كلّما أجريت الماء غار و حار و استدار و لم يصل إلى القبر منه قطرة و كأنّي كنت في سكر و أفقت الآن ببركة قدومك،فبكى زيد و قال له الحارث:ها أنا الآن ماض إلى المتوكّل بسرّ من رأى أعرّفه بصورة الحال إن شاء أن يقتلني و إن شاء أن يتركني.

فقال له زيد:و أنا أسير معك،فلمّا دخل الحارث على المتوكّل و خبّره بما شاهد من برهان قبر الحسين عليه السّلام ازداد بغضا لأهل البيت و أمر بقتل الحارث و صلبه،.

و أمّا زيد فازداد حزنه و صبر حتّى أنزلوه من الصلب و ألقوه على مزبلة فاحتمله زيد إلى الدجلة و غسّله و كفّنه و صلّى عليه و دفنه و بقي ثلاثة أيّام يتلو عنده القرآن فبينما هو ذات يوم جالس إذ سمع صراخا عاليا و نساء منشرات الشعور و الناس كافّة في اضطراب شديد و إذا بجنازة محمولة على أعناق الرّجال و قد نشرت لها الأعلام و انسدّت الطرق من الرجال و النساء قال زيد:ظننت أنّ المتوكّل مات، فسألت فقيل لي:هذه جارية المتوكّل ماتت؛جارية سوداء حبشية و إسمها ريحانة و كان المتوكّل يحبّها.

فلمّا نظر زيد إلى ذلك زادت أحزانه و جعل يلطم وجهه و يقول:وا أسفاه يا حسين أتقتل بالطفّ غريبا و تسبى نساؤك و بناتك و تذبح أطفالك و لم يبك عليك أحد من الناس و تدفن بغير غسل و لا كفن و يحرث بعد ذلك قبرك ليطفئوا نورك و أنت ابن عليّ المرتضى و ابن فاطمة الزهراء و يكون هذا الشأن العظيم لموت جارية سوداء!و لم يزل يبكي حتّى غشي عليه،فلمّا أفاق أنشد يقول،شعرا:

أيحرث بالطف قبر الحسين و يعمر قبر بني الزانية

لعلّ الزمان بهم قد يعود و يأتي بدولتهم ثانية

ألا لعن اللّه أهل الفساد و من يأمن الدنية الفانية

فكتب هذه الأبيات في ورقة و سلّمها لبعض حجّاب المتوكّل.

ص: 146

فلمّا قرأها المتوكّل أمر بقتله،فلمّا مثل بين يديه سأله عن أبي تراب من هو استحقارا له،فقال:و اللّه إنّك عارف به و بفضله و لا يجحده إلاّ كلّ كافر فأمر المتوكّل بحبسه،فلمّا أسدل الظلام جاء إلى المتوكّل هاتف و رفسه برجله و قال له:قم و أخرج زيدا من حبسه و إلاّ أهلك اللّه عاجلا،فقام بنفسه و أخرج زيدا و خلع عليه خلعة سنية و قال له:أطلب ما تريد؟

قال:اريد عمارة قبر الحسين عليه السّلام و أن لا يتعرّض أحد لزوّاره،فأمر له بذلك فخرج من عنده فرحا مسرورا و جعل يدور في البلدان و يقول:من أراد زيارة الحسين عليه السّلام فله الأمان طول الأزمان (1).

و في كتاب بحار الأنوار عن الحسين بن بنت أبي حمزة الثمالي قال:خرجت في آخر زمان بني مروان إلى قبر الحسين عليه السّلام مستخفيا من أهل الشام حتّى انتهيت إلى كربلاء فاختفيت في ناحية القرية حتّى إذا ذهب من الليل نصفه أقبلت نحوه حتّى إذا دنوت منه خرج إليّ رجل فقال:يا هذا إنّك لن تصل إليه.

فقلت له:عافاك اللّه و لم لا أصل إليه و قد أقبلت من الكوفة اريد زيارته فلا تحل بيني و بينه و أنا أخاف أن أصبح فيقتلني أهل الشام.

فقال:إصبر قليلا فإنّ موسى بن عمران صلوات اللّه عليه سأل اللّه أن يأذن له في زيارة قبر الحسين فأذن له فهبط من السماء في سبعين ألف ملك فهم بحضرته من أوّل الليل ينتظرون طلوع الفجر ثمّ يعرجون إلى السماء.

فقلت:من أنت؟

قال:أنا من الملائكة الذين أمروا بحرس قبر الحسين و الإستغفار لزوّاره فانصرفت فقد كاد يطير عقلي لما سمعت منه،فلمّا طلع الفجر أقبلت نحوه و دعوت2.

ص: 147


1- البحار:407/45 ح 12.

اللّه على قتلته و صلّيت الصبح و أقبلت مسرعا مخافة أهل الشام (1).

و روي عن الأعمش قال:أحدث رجل على قبر الحسين عليه السّلام فأصابه و أهل بيته جنون و جذام و برص و هم يتوارثون الجذام إلى الساعة (2).3.

ص: 148


1- مستدرك الوسائل:405/10.
2- مناقب ال أبي طالب:221/3.

قصة في من تخلف عن الحسين عليه السلام

روي أنّ رجلا كان في الكوفة من أعيان أهلها من امراء الكوفة و جنودها و كان له ديانة و ميل إلى الشيعة قال:و كان ذات ليلة نائما على سطح داره،فلمّا أصبح تخيّل إليه أنّ يستخير اللّه سبحانه في طريق النزول فاستخار أن ينزل من الدرج فكانت الاستخارة نهيا،و كذلك استخار على وضع درج ينزل منه و كلّما يستخير اللّه سبحانه على طريق تأتي الاستخارة نهيا حتّى استخار أن يرمي بنفسه من فوق السطح فجاءت موافقة الأمر فرمى بنفسه و انكسرت رجله فحمل إلى داخل منزله و شدّ عليها الجبائر و بقي يداويها فاتّفق في ذلك الوقت أنّ ابن زياد أرسل عساكر الكوفة لقتال الحسين عليه السّلام فأرسل إلى ذلك الرجل ليكون مع الجند،فقيل له:إنّه مريض و أنّ رجله مكسورة لا يقدر على الركوب.

فقال:إذا لم يقدر على المسير فليحمل و يوضع على باب الكوفة يكتب العساكر التي تخرج إلى قتال الحسين.

فحمل على بساط و وضع على باب الكوفة و أحصى في دفتر أسماء الخارجين إلى القتال و كان ذلك الدفتر عنده حتّى طابت رجله و خرج المختار و كان يتبع من خرج في العسكر فتارة يعرفهم و تارة لا يعرفهم لكثرتهم لأنّه كما سبق كانوا سبعين ألفا فأتى ذلك الرجل إلى المختار و طلب منه الأمان و دفع إليه ذلك الدفتر فكان يقتل بني اميّة و من خرج من ذلك الدفتر حتّى أتى على آخرهم (1).

ص: 149


1- رياض الأبرار للجزائري،مخطوط.

ما استدل به على قتل الحسين بن علي في البلاد

1-حدثني أبي رحمه اللّه و جماعة مشايخي عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن رجل عن يحيى بن بشير قال سمعت أبا بصير يقول قال أبو عبد اللّه عليه السّلام بعث هشام بن عبد الملك إلى أبي فأشخصه إلى الشام فلما دخل عليه قال له:يا أبا جعفر أشخصناك لنسألك عن مسألة لم يصلح أن يسألك عنها غيري و لا أعلم في الأرض خلقا ينبغي أن يعرف أو عرف هذه المسألة إن كان إلا واحدا فقال أبي ليسألني أمير المؤمنين عما أحب فإن علمت أجبت ذلك و إن لم أعلم قلت:لا أدري و كان الصدق أولى بي فقال هشام أخبرني عن الليلة التي قتل فيها علي بن أبي طالب عليه السّلام بما استدل به الغائب عن المصر الذي قتل فيه على قتله و ما العلامة فيه للناس فإن علمت ذلك و أجبت فأخبرني هل كان تلك العلامة لغير علي عليه السّلام في قتله فقال له أبي يا أمير المؤمنين أنه لما كانت تلك الليلة التي قتل فيها أمير المؤمنين عليه السّلام لم يرفع عن وجه الأرض حجر إلا وجد تحته دم عبيط حتى طلع الفجر و كذلك كانت الليلة التي قتل فيها هارون أخو موسى عليه السّلام و كذلك كانت الليلة التي قتل فيها يوشع بن نون و كذلك كانت الليلة التي رفع فيها عيسى ابن مريم إلى السماء و كذلك كانت الليلة التي قتل فيها شمعون بن حمون الصفا و كذلك كانت الليلة التي قتل فيها علي بن أبي طالب عليه السّلام و كذلك كانت الليلة التي قتل فيها الحسين بن علي عليه السّلام قال فتربد وجه هشام حتى انتقع لونه و هم أن يبطش بأبي فقال له أبي يا أمير المؤمنين الواجب على العباد الطاعة لإمامهم و الصدق له بالنصيحة و إن

ص: 150

الذي دعاني إلى أن أجيب أمير المؤمنين فيما سألني عنه معرفتي إياه بما يجب له علي من الطاعة فليحسن أمير المؤمنين علي الظن فقال له هشام إنصرف إلى أهلك إذا شئت قال فخرج فقال له هشام عند خروجه أعطني عهد اللّه و ميثاقه أن لا توقع هذا الحديث إلى أحد حتى أموت فأعطاه أبي من ذلك ما أرضاه و ذكر الحديث بطوله.

2-حدثني أبو الحسين أحمد بن عبد اللّه بن علي الناقد قال:حدثني عبد الرحمن البلخي(السلمي)قال لي أبو الحسين و أخبرني عمي عن أبيه عن أبي نصر عن رجل من أهل بيت المقدس أنه قال و اللّه لقد عرفنا أهل بيت المقدس و نواحيها عشية قتل الحسين بن علي عليه السّلام قلت:و كيف ذاك قال ما رفعنا حجرا و لا مدرا و لا صخرا إلا و رأينا تحتها دما عبيطا يغلي و احمرت الحيطان كالعلق و مطر ثلاثة أيام دما عبيطا و سمعنا مناديا ينادي في جوف الليل يقول:

أترجو أمة قتلت حسينا شفاعة جده يوم الحساب

معاذ اللّه لا نلتم يقينا شفاعة أحمد و أبي تراب

قتلتم خير من ركب المطايا و خير الشيب طرا و الشباب

و انكسفت الشمس ثلاثة أيام ثم تجلّت عنها و انشبكت النجوم فلما كان من غد أرجفنا بقتله فلم يأت علينا كثير شيء حتى نعي إلينا الحسين عليه السّلام.

3-حدثنا أبو الحسين أحمد بن عبد اللّه بن علي الناقد بإسناده قال:قال عمر بن سعد قال:حدثني أبو معشر عن الزهري قال لما قتل الحسين عليه السّلام لم يبق في بيت المقدس حصاة إلا وجد تحتها دم عبيط (1).8.

ص: 151


1- كامل الزيارات:78.

ما جاء في قاتل الحسين و قاتل يحيى بن زكريا عليه السّلام

1-حدثني أبي رحمه اللّه تعالى و جماعة مشايخي عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد ابن محمد بن عيسى و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن جعفر بن بشير عن حماد عن كليب بن معاوية عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:كان قاتل يحيى بن زكريا ولد زنا و كان قاتل الحسين عليه السّلام ولد زنا و لم تبك السماء إلا عليهما حدثني محمد بن الحسن و محمد بن أحمد بن الحسين جميعا عن الحسن بن علي بن مهزيار عن أبيه عن الحسن عن فضالة بن أيوب عن كليب بن معاوية الأسدي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله.

2-و حدثني أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه عن إبراهيم بن هاشم عن عثمان ابن عيسى عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:إن في النار لمنزلة لم يكن يستحقها أحد من الناس إلا قاتل الحسين بن علي و يحيى ابن زكريا عليه السّلام.

3-حدثني أبي رحمه اللّه و علي بن الحسين عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن إسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سمعته يقول:تقتل و اللّه ذراري قتلة الحسين بفعل آبائها.

4-حدثني أبي رحمه اللّه و محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال عن ابن بكير عن زرارة عن عبد الخالق عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:كان قاتل الحسين عليه السّلام ولد زنا و قاتل يحيى بن زكريا ولد زنا.

ص: 152

5-حدثني محمد بن جعفر القرشي الرزاز عن خاله محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن علي بن النعمان عن مثنى عن سدير قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:

إن اللّه جعل قتل أولاد النبيين من الأمم الماضية على يدي أولاد زنا.

6-و عنه عن محمد بن الحسين عن صفوان بن يحيى عن داود بن فرقد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:كان الذي قتل الحسين بن علي عليه السّلام ولد زنا و الذي قتل يحيى بن زكريا ولد زنا.

7-و عنه عن محمد بن الحسين عن علي بن أسباط عن إسماعيل بن أبي زياد عن بعض رجاله عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول فرعون ذروني أقتل موسى فقيل له من كان يمنعه قال:كان لرشده لأن الأنبياء و الحجج لا يقتلها إلا أولاد زنا و البغايا و حدثني أبي رحمه اللّه و جماعة مشايخي عن سعد بن عبد اللّه بن أبي خلف عن محمد بن الحسين بهذا الحديث(بهذه الأحاديث).

8-و حدثني أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه عن إبراهيم بن هاشم عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن ابن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قاتل الحسين بن علي ولد زنا.

9-و حدثني أبي رحمه اللّه و محمد بن الحسن عن سعد بن عبد اللّه عن إبراهيم ابن هاشم عن عثمان بن عيسى عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال:لا يقتل النبيين و أولاد النبيين إلا أولاد زنا.

10-حدثني أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه و عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي عن أبيه محمد بن خالد عن عبد العظيم بن عبد اللّه بن علي الحسني عن الحسن بن الحسين العمري عن الحسين بن شداد الجعفي عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:لا يقتل الأنبياء و أولاد الأنبياء إلا ولد زنا.

ص: 153

11-حدثني محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن الفضال عن مروان بن مسلم عن إسماعيل بن كثير قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول كان قاتل الحسين بن علي ولد زنا و كان قاتل يحيى بن زكريا ولد زنا و لم تبك السماء و الأرض إلا لهما و ذكر الحديث (1).0.

ص: 154


1- كامل الزيارات:80.

العلة التى من أجلها أخّر اللّه العذاب عن قتلة الحسين

الهمداني،عن علي،عن أبيه،عن الهروي قال:قلت لأبي الحسن الرضا عليه السّلام:يا ابن رسول الله ما تقول في حديث روي عن الصادق عليه السّلام أنه قال:إذا خرج القائم قتل ذراري قتلة الحسين عليه السّلام بفعال آبائها؟

فقال عليه السّلام:هو كذلك فقلت:و قول الله عز و جل: وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى (1).

ما معن