سرشناسه:بروجردی، محمدحسین بن باقر، - 1300؟ق
عنوان قراردادی:[النص الجلی فی امامه مولانا علی]
عنوان و نام پديدآور:النص الجلی فی اثبات وصایه علی علیه السلام / محمدحسین بن الاغا باقر بروجردی؛ تحقیق علی اصغر شکوهی قوچانی
مشخصات نشر:مشهد: بنیاد پژوهشهای اسلامی، 1382.
مشخصات ظاهری:ص 250
شابک:964-444-615-1
يادداشت:عربی.
یادداشت:کتابنامه: ص. 248 - 227؛ همچنین به صورت زیرنویس
موضوع:علی بن ابی طالب(ع)، امام اول، 23 قبل از هجرت - 40ق. -- اثبات خلافت -- احادیث
علی بن ابی طالب(ع)، امام اول، 23 قبل از هجرت - 40ق. -- جنبه های قرآنی
امامت
شناسه افزوده:شکوهی قوچانی، علی اصغر، مصحح، - 1313
شناسه افزوده:بنیاد پژوهشهای اسلامی
رده بندی کنگره:BP223/54/ب 4ن 6 1382
رده بندی دیویی:297/452
شماره کتابشناسی ملی:م 82-17224
ص: 1
النص الجلی فی اثبات وصایه علی علیه السلام
محمدحسین بن الاغا باقر بروجردی
تحقیق علی اصغر شکوهی قوچانی
ص: 2
بسم الله الرحمن الرحیم
ص: 3
ص: 4
بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه رب العالمين،و الصلاة و السلام على محمّد و آله الطاهرين.
و بعد-أيّها القارئ الكريم-فإنّ هذا الكتاب الّذي بين يديك المسمّى ب«النصّ الجليّ في إثبات ولاية عليّ عليه السّلام»من تأليفات العالم الجليل المتكلّم الفقيه الأصولي الشيخ حسين بن الآقا باقر البروجرديّ،المتوفى بعد سنة 1306 ه.
و هذا الكتاب،مع ما فيه من الإيجاز و الاختصار،حاو لأبحاث قيّمة،و مسائل جيّدة حول الإمامة،و قد اشتمل على مقدّمة و أربعين آية من القرآن الكريم نازلة في شأن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام،و إثبات خلافته و إمامته،و ذيّل المؤلّف آية بروايات عديدة شاهدة على معنى الآية من كتب الفريقين.
و غير خفيّ وجود تأليفات كثيرة بهذا الأسلوب،أي إثبات الإمامة من طريق الآيات و الروايات،و لكنّها ليست على حدّ الإحصاء إلى الأربعين من الآيات،إضافة إلى ما في هذا الكتاب من كثرة المصادر المعتمدة و الحاكية عن تضلّع المؤلّف في هذا الباب.
و على الرغم ممّا بذلناه من جهد للوقوف على نسخة مخطوطة للكتاب«النصّ الجليّ»إلاّ
ص: 5
النص الجليّ في إثبات ولاية عليّ عليه السلام أنّنا لم نعثر إلاّ على نسخته المطبوعة على الحجر سنة 1330 ه،و هذه الطبعة حجرية ذات أغلاط مطبعيّة و غير مطبعيّة،فقمت بعون اللّه تعالى باستنساخها و تحقيقها،و تخريج رواياتها من المصادر المعتبرة.
و إذ عزّ الحصول على نسخ من الطبعة الحجريّة،نقدّم هذه الطبعة للقرّاء الكرام بصورة محقّقة مرتّبة جامعة لعشرات من المصادر المعتمدة لدى الفريقين،و أرجو من السادة الأعزّاء إذا وقفوا على موارد من زلاّت القلم يعفوا عنها و يهدوها إلينا.
و في الختام أقدّم جزيل الشكر لسماحة الاستاذ أبو ابراهيم عليّ بصريّ على لإنجاز تشجيعي هذا العمل،أسأل اللّه تعالى له السلامة و لوالديه الغفران و الرحمة،و كما أشكر للأخ الفاضل عبد الرحيم المبارك عنايته بالكتاب و ما بذله من وقت في مراجعته و الفاضلان السيّد السيادة و الرضواني.
على أصغر شكوهي قوچانيّ 1382/4/10
ص: 6
انّ كتب التراجم و الرّجال مع كثرتها و سعتها لم تسلّط-مع الأسف-الأضواء على حياة بعض علمائنا الأعلام،حيث لم تتعرض لذكرهم على الاطلاق أو لم تذكرهم تفصيلا و سيّدنا المترجم العلاّمة المولى المتكلّم محمد حسين بن الآقا باقر البروجردي لم يستثن عن هذه الحال،فبعد ما تصفّحنا كثيرا من كتب التراجم لم نعثر على ترجمة وافية من مشايخه و تلاميذه، و محل أخذه العلوم،و مولده و سنّ وفاته بشكل دقيق سوى ما ذكره العلاّمة الخبير الشيخ الآقا بزرك الطهراني رحمه اللّه في كتاب طبقات أعلام الشيعة في القرن الرابع عشر ج 537/1، قال:
الشيخ محمّد حسين بن الآقا باقر البروجردي من أكابر العلماء كان أحد الرجال الأعاظم في عصره،و كانت له يد طولى في جملة من العلوم الإسلاميّة،فقد كان متبحرا في الكلام،و محقّقا في التفسير،و ماهرا في الفقه،و بارعا في الاصول،و ثقة في الحديث و غير ذلك من العلوم، توفّي بعد 1306 ه،و له آثار جليلة و تصانيف هامة منها:النصّ الجلي في إثبات ولاية عليّ عليه السّلام طبع في سنة 1320 ه،بمباشرة الشيخ آقا نور الدّين نجل المترجم له و المتوفى 1336 ه،و ذكر في آخره فهرس تصانيف والده فعدّ منها:لب الأصول و الردّ على النصارى و تفسير القرآن الذي ذكرنا في الذريعة 271/4 و مختصره أسرار التنزيل الّذي ذكرنا في الذريعة 43/2 و شرح حديث الحقيقة عن كميل بن زياد.
ذكر الفاضل المراغي في كتاب المآثر و الآثار ص 173 و عده من علماء عصر السلطان ناصر الدين شاه القاجاري،و قال ما ترجمته:إنّه مجتهد مسلّم من تلاميذ حجّة الإسلام البروجردي و له إجازات من العلماء جمعها في طومار و الظاهر انّه كان في تاريخ التأليف و هو سنة 1306 ه.
ص: 7
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم الحمد للّه على أسبغ نعمائه في موالاة أوليائه الّذي بعث محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بكتابه الكريم هداية إلى صراطه المستقيم،مناهج الآل الكرام،عترة المصطفى،سبل السّلام؛و صلّى اللّه على آله و أوصيائه الهداة،الذين هم أئمّة الدين،و وسيلة النجاة.
أمّا بعد:فيقول العبد الفاقر محمد حسين ابن آقا باقر عفا اللّه عنهما في الأوّل و الآخر.
إنّه قد صحّ عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:من حفظ على أمّتي أربعين حديثا من أمر دينها،بعثه اللّه يوم القيامة فقيها عالما (1).فأردت أن أذكر في هذا المختصر من أحاديث خير البشر في مناقب الأئمّة الاثني عشر من صفوة أولاد أبي البشر ما أتوسّل به في يوم الدّين و يعرج به إلى معارج اليقين،و يهتدى به إلى مناهج الصّدّيقين،من موالاة الإمام المبين من آل طه و يس؛ بالإشارة العالية الصّادرة من مصدر المكارم و المعالي و مرجع الأفاضل و الأعالي،و موئل السّادات و الموالي،كفيل مصالح الأمم،منبع الجود و السّخاء و الكرم،معدن العلم و الحلم و الحكم،مجمع المكارم و محاسن الشّيم (2)،خلاصة نتائج اللّيالي و الأيّام،سلالة السّادات الكرام،نقاوة (3)الأماجد العظام،متخدّم الأمراء و الحكّام،منّ اللّه علينا بوجوده وجوده،و أتمّ نعمته عليه بإحراق حسوده،و روّح أرواح أسلافه العظام الماضين،و أدام بالشّرف و الإقبال أعمار الباقين،و خلّد ظلاله على مفارق المسلمين،و أبدى آثاره إلى يوم الدّين،بنشر أحاديث جدّه خير المرسلين،و أخبار آبائه خلفاء النبيّين صلوات اللّه عليهم أجمعين (4).
و سمّيت كتابي هذا ب«النصّ الجليّ في إثبات ولاية عليّ عليه السلام»،و جعلته على مقدّمة و أربعين آية،كلّ منها قبس من قبسات النور تترى (5)من جانب الطور.
ص: 8
فاعلم أنّ المسلمين أجمعوا كافّة-إلاّ شاذّا لا يعبأ به (1)-على وجوب الإمامة و الخلافة بعد النبوّة،و استقصاء البحث فيه موكول إلى الكتب الكلاميّة (2).و إنّما أذكر هنا نبذا من تلك المباحث العلميّة و المصارع العدليّة.
ثمّ اختلفوا في أنّ وجوب الخلافة عن النبوّة:هل هو من باب الفروع أو الأصول؟فذهب جمهور العامّة إلى أنّها من الفروع (3).
إمّا لأنّها مقدّمة السياسات الشرعيّة من الحدود و غيرها الواجبة علينا، ضرورة (4)عدم إمكانها إلاّ بنصب رئيس قاهر يعين عليها،كما هو مذهب
ص: 9
النص الجليّ في إثبات ولاية عليّ عليه السلام الأشاعرة (1).
أو لأنّها مقدّمة حفظ بيضة الإسلام من استيلاء الكفّار الواجب علينا،ضرورة عدم إمكانها إلاّ بها،كما هو تقرير بعضهم.و من هنا قالوا:إنّها تثبت بالاجتهاد و اختيار الأمّة؛لأنّها من الفروع (2).
و الفروع كلّها تثبت بالاجتهاد من الظّنون و الأقيسة و الاستحسان و باختيار الأمّة،لأنّها مقدّمة الواجب،و المقدّمات تحصيلها موكول إلى المكلّف.
و ذهب أصحابنا إلى أنّ الخلافة نيابة إلهيّة عن النبوّة بالنصّ و التسليم، لا بالرأي و الترجيم (3)،و بالوحي و التنزيل،لا بنظر العقل العليل (4).قال اللّه تعالى:
اَللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ (5) (6) .
و من هنا استقرّ مذهب العامّة على اختيار أبي بكر و من يهوى هواه،اقتداء للخلف بالسّلف،و الأبناء بالآباء.
و استقرّ مذهب الإماميّة على اختيار عليّ و أولاده الطاهرين عليهم السلام،لأنّه المنصوص عليه من اللّه و رسوله اتّفاقا (7).
أمّا الخاصّة فظاهر،و أمّا العامّة فلأنّه لا نصّ في غيره[أي في غير عليّ عليه السّلام]0.
ص: 10
اتّفاقا،و لو كان هناك نصّ من اللّه و رسوله لكان فيه عندهم أيضا (1).
و نحن نشير في هذا المختصر[إلى]تواتر روايات الفريقين من الأصول و الصّحاح المعتبرة في البين على ولاية عليّ عليه السّلام بالنصّ الجليّ إن شاء اللّه تعالى.
و إذا ثبت التنصيص من اللّه و من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على ولاية عليّ عليه السّلام بالنصّ الجليّ (2)، بطلت خلافة أبي بكر بالاجتهاد و الرّأي بالأصل و الاعتبار،و تبعه بطلان خلافة من ينتهي أمره إليه من إخوانه.و لأصحابنا في إثبات ذلك طرق عقليّة و نقليّة:
أمّا العقلية فلأنّ الحاجة إلى الإمام في إقامة الدين و حفظ سنن المرسلين كالحاجة إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله؛فإنّ العلّة المحوجة إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في تمهيد الشرائع هي العلّة المحوجة الى الإمام في استبقائها.
فإنّ الإمامة سادّة مسدّ النبوّة،قائمة مقامها؛فإنّ الحكم الإلهيّة داعية إلى تمهيد النواميس الإلهيّة بإرسال الرّسل في تمهيدها،و نصب الخلفاء عنهم في حفظها و صيانتها عن التغيير و التبديل؛لأنّه من مقدّمات إتمام الحجّة في التكاليف و إيضاح المحجّة،كما تقرّر في مباحث العدليّة من فنّ الكلام.
ألا ترى كيف بدأ بالخليفة في قصّة آدم عليه السلام،و جعله خليفة في الأرض (3).
و قد أشار إليه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بقوله:«من مات و لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية» (4)،رواه أصحابنا متواترا (5).ة-
ص: 11
و رواه من علماء الجمهور الحميديّ في الجمع بين الصحيحين (1).
و هذا نصّ في أنّ لكلّ زمان من أزمنة التكليف إماما يجب على الناس عرفانه؛ و يشهد به أيضا قوله تعالى: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ (2)(3).
و الإمام في هذا الخبر و هذه الآية هو الحجّة الإلهيّة،أعمّ من النبيّ و الوليّ (4).
و نصّ على أنّ الإمامة من الأصول (5)،ضرورة أنّ الجاهل بالفروع ليس يموت ميتة الجاهليّة،أي كافرا مشركا زنديقا.و حمله بعض المنافقين على أنّ المراد به هو القرآن (6).
و يدفعه أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله-كما في الآية أيضا-أضاف الإمام إلى أهل كلّ زمان، فيختلف باختلاف الأزمنة،و القرآن واحد.
و أيضا لو أريد به القرآن لاقتضى وجوب تعلّمه على الأعيان (7)،و هو خلافين
ص: 12
الإجماع على مذهب الحنفيّ،حيث لا يوجبون تعلّم بعض القرآن أيضا حتّى الحمد،بل جوّزوا ترجمته في الصلاة،بل جوّزوا قراءة آية واحدة مثل مُدْهامَّتانِ ،بل ترجمتها أيضا (1).
مع أنّ بعض الحنفيّة، كالأستروشيّ (2)في فصوله،و القاضي في المنهاج و شرّاحه جعلوا الإمامة من الأصول أيضا،و لذا قالوا بكفر من لم يقل بإمامة أبي بكر.
و بلسان آخر:احتجّ أصحابنا بأنّ الإمام لطف في التكليف،و كلّ لطف واجب، فنصب الإمام من اللّه واجب في الحكمة الإلهيّة،و لا يخلّ بواجب،ينتج أنّه تعالى قد نصب لكلّ زمان من أزمنة التكليف إماما يتمّ به الحجّة (3).
و أجابوا عن حجّة العامّة بأنّ إقامة الحدود مشروطة بالتمكّن،و لا يجب تحصيل مقدّمات التمكّن كالنّصاب في الزّكاة و الاستطاعة في الحجّ؛فإذا دليلهم عليل لا يشفي الغليل،مضافا إلى كونه اجتهادا في مقابلة النصّ الجليّ من اللّه و رسوله على ولاية عليّ عليه السّلام (4).
و يشهد بصحّة مذهبنا قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«إنّي تارك فيكم الثّقلين:كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي،و إنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض».رواه أصحابنا متواترا (5).5.
ص: 13
و رواه الجمهور مستفيضا؛بل يكاد أن يكون متواترا (1).
رواه مسلم في صحيحه بإسناده عن زيد بن صبّاغ،عن زيد بن أرقم في حديث الغدير (2).و رواه أبو الحسن عليّ بن المغازليّ الشافعيّ بإسناده عن ابن امرأة زيد بن أرقم في حديث الغدير:«ألا و إنّي فرطكم (3)،و إنّكم تبعي،توشكون أن تردوا عليّ الحوض،فأسألكم حين تلقونني عن ثقليّ كيف خلفتموني فيهما» (4).
و رواه أحمد بن حنبل في مسنده بإسناده عن عليّ بن ربيعة،عن زيد بن أرقم؛ و بإسناده عن أبي سعيد الخدريّ،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إنّي قد تركت فيكم الثّقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي،و أحدهما أكبر من الآخر:كتاب اللّه عزّ و جلّ حبل ممدود من السّماء إلى الأرض،و عترتي أهل بيتي؛ألا و إنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض» (5).
و رواه الثعلبيّ بالإسناد عن أبي سعيد:«أيّها النّاس،إنّي قد تركت فيكم الثّقلين إن أخذتم بهما لن تضلّوا بعدي،أحدهما أكبر من الآخر:كتاب اللّه عزّ و جلّ حبل ممدود من السّماء-أو قال إلى الأرض-و عترتي أهل بيتي؛ألا و إنّهما لن يفترقاظ.
ص: 14
حتّى يردا عليّ الحوض» (1).
و رواه ابن المغازليّ في مناقبه بالإسناد عن أبي سعيد الخدريّ في حديث «إنّي تركت فيكم الثّقلين:كتاب اللّه حبل ممدود من السّماء إلى الأرض و عترتي أهل بيتي،و إنّ اللطيف الخبير أخبرني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض، فانظروا ما ذا تخلفوني فيهما» (2).
و رواه أيضا عن زيد بن أرقم،كما رواه ابن حنبل سواء،و رواه عن زيد،كما رواه مسلم.
و رواه إمام الحرمين (3)،و زيد بن معاوية العبدريّ في الجمع بين الصّحاح الستّة، في الجزء الثالث من الأجزاء من صحيح أبي داود السجستانيّ،و هو كتاب السنن (4).
و من صحيح الترمذيّ بالإسناد عن زيد بن أرقم«إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي،أحدهما أعظم من الآخر:كتاب اللّه حبل ممدود من السّماء إلى الأرض،و عترتي أهل بيتي،و لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض،فانظروا كيف تخلفوني فيهما» (5).
و في تذكرة الخواصّ لابن الجوزيّ (6):أخرجه أحمد في الفضائل و ضعّفوه.
و العجب كيف خفي عنهم هذا و قد رواه مسلم في صحيحه،و أبو داود في سننه، و الترمذيّ،و ابن رزين في الجمع بين الصحاح الستّة،و عامّة المحدّثين؟2.
ص: 15
و روى ابن الأثير في النهاية في اللّغة (1).و في الفائق (2)،و القاموس أيضا؛ففي القاموس:الثّقل«محرّكة»متاع الرّجل،و نفيس الشيء و مصونه،و منه حديث «إنّي تارك فيكم الثّقلين» (3).
و في الفائق:الثّقل:المتاع المحمول على الدابّة،و إنّما قيل للجنّ و الإنس «الثقلان»،لأنّهما قطّان (4)للأرض.فكأنّهما ثقلاها،و قد يشبّه بهما الكتاب و العترة في كون الشريعة و الدّين تصلح بهما و تعمر كما عمرت الدّنيا بالثّقلين.
و قيل:لأنّ الأخذ بهما ثقيل،يقال لكلّ خطر نفيس:«ثقل»،فسمّاهما ثقلين إعظاما لقدرهما،و تفخيما لشأنهما (5).
أقول:الثّقل هنا وصف للكتاب و العترة،فهو محرّك،كالحسن،و معناه الوزين و بالفارسيّة«گران بها »،و وجه الشبه ظاهر.
الثانية: هذا الخبر[حديث الثقلين]نصّ في عدم افتراق العترة عن القرآن و القرآن عن العترة (1)،فكلّ منهما دليل على الآخر حيثما كان،و لا خلاف في الأمّة على اختصاص هذا الوصف بعليّ و فاطمة و الحسنين عليهم السّلام من الصحابة.
الثّالثة: و هذا الخبر في عدم مفارقة كلّ من الكتاب و العترة عن الآخر نصّ في عصمة العترة؛لأنّ من لا يفارق القرآن فهو معصوم ضرورة (2).و لا خلاف في أنّ غير عليّ و فاطمة و الحسنين صلوات اللّه و سلامه عليهم من الصّحابة لم يكونوا معصومين،فانحصر الأمر فيهم (3).
الرّابعة: هذا الخبر نصّ في أنّ من لم يتمسّك بها (4)فقد ضلّ.
إذا عرفت هذا فأقول،و باللّه التوفيق و عليه التّكلان (5):ن.
ص: 17
ص: 18
من سورة البقرة:قوله تعالى لإبراهيم عليه السّلام: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً قالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ 124.
فإنّه لمّا جمع إبراهيم عليه السّلام معالي الخصال،قال له تعالى: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً فتمنّى إبراهيم أن يجعله في ذرّيّته إلى يوم القيامة بقوله: مِنْ ذُرِّيَّتِي أي:
و اجعله بعض ذرّيّتي دائما،و في ذرّيّتي إلى يوم القيامة.
فأجابه تعالى إلى ذلك باستثناء الظالم بقوله لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ (1).قوله:
ص: 19
وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي معطوف على كاف«جاعلك».مثل قولهم:«زيدا»في[قولهم] «سأكرمك و زيدا»ففي الآية قصر الإمامة على ذرّيّة إبراهيم،و به بطل إمامة من ادّعى الإمامة من غير ذرّيّته (1)،و أنّ الإمامة عهد من اللّه تعالى لا باختيار الأمّة كما يقوله المخالفون (2)،و به بطل إمامة أبي بكر و أخويه مع أنّه كان مشركا و إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (3)(4).
و منه بطل إمامته أيضا،و به استدلّ أصحابنا على بطلان دعواه الإمامة في الكتب الكلاميّة،و ثبت إمامة عليّ بن أبي طالب عليه السّلام بالإجماع المركّب،و عدم القول بالفصل،و لأنّه من الذرّيّة (5).و لم يكن ظالما قطّ.و يؤيّد ما ذكرناه قوله.-
ص: 20
تعالى في سورة إبراهيم عليه السّلام حكاية عنه: وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ إلى قوله تعالى: فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَ مَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1).حيث دلّ على سلب المشركين عنه،فلم يكن أحد منهم من ذرّيّته شرعا.و يحمل قوله وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي على من لم يسلب عنه شرعا؛كما في سلب ابن نوح عليه السّلام عنه بقوله تعالى:
إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ (2) .
و من هذا الباب ما رواه الفريقان في الأصول الصحيحة.
أمّا الخاصّة ففي الخصال (3)عن الرضا عليه السّلام.
و أمّا العامّة ففي مناقب ابن المغازليّ الشافعيّ عن ابن مسعود،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:
«انتهت الدعوة إليّ و إلى عليّ عليه السلام،لم يسجد أحد منّا لصنم قطّ.فاتّخذني اللّه نبيّا، و اتّخذ عليّا وصيّا» (4).
و أنت خبير أنّ هذه مناقب لا تدانيها منقبة،و في الآية دلالة على كون النبيّ و الوليّ من أصلاب طاهرة إلى إبراهيم عليه السّلام،لتصحّ النبوّة،كما عليه إجماع أصحابنا.
و منه يظهر إيمان أبي طالب عليه السّلام،كما يقوله أصحابنا أجمع،و خالف في ذلك6.
ص: 21
بعض العامّة،و ليس بشيء (1).
و في[تفسير]البيضاويّ:في الآية دلالة على عصمة الأنبياء بعد البعثة (2)،و فيه أنّ المشتقّ و إن كان حقيقة في المتلبّس بالمبدإ حين التّلبّس،لكن النصّ المزبور، و قوله تعالى وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ ،أوجب صرفه إلى من تلبّس بالظلم في وقت ما،كما عرفت بيانه.
و الذرّيّة أعمّ من النبيّ و الوصيّ،و كذلك الإمام هو الذي يؤتمّ به سواء كان نبيّا أو وصيّا،فلا تختصّ بالأنبياء كما توهّمه المفسّر؛على أنّ الأنبياء السالفة جلّهم كانوا أوصياء.1.
ص: 22
من البقرة أيضا؛قوله تعالى وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللّهِ
207.
اتّفقت روايات الفريقين (1)في الأصول الصحيحة على أنّ الآية نزلت في حقّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام،حين بات على فراش رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ليلة المبيت حتّى هرب صلّى اللّه عليه و آله إلى الغار (2).
ص: 23
رواه أصحابنا:العيّاشيّ (1)في تفسيره و غيره في عدّة أخبار (2).
و من العامّة:الثعلبيّ (3)،و النيسابوريّ (4)،و الفخر الرازيّ (5)،و غيرهم في تفاسيرهم (6)،عن جماعة من الصحابة و التابعين؛و القصّة مشهورة معروفة بين المسلمين لا رادّ لها.
روى أحمد بن حنبل في مسنده (7)،و ابن المغازليّ في مناقبه (8)بنقل الثقات،أنّ اللّه تعالى باهى جبرئيل و ميكائيل،فقال لهما:قد واخيت بينكما،و جعلت عمر أحدكما أكثر،فأيّكما يؤثر أخاه على نفسه،فلم يؤثر؛فقال لهما:لم لا تكونا كعليّ، واخيت بينه و بين نبيّي،فبات على فراشه و أفداه بنفسه،فأهبطا إليه و احرساه إلى الصبح،فهبطا و جلس جبرئيل عند رأسه و ميكائيل عند رجليه يحرسانه،فقال جبرئيل:بخّ بخّ يا ابن أبي طالب،يباهي اللّه بك الملائكة (9).
و الرواية مشهورة بين الفريقين لا رادّ لها.
معنى «يَشْرِي نَفْسَهُ» يبيعها،و المشتري هو اللّه تعالى،و لعلّه أشار إليه في قوله
ص: 24
تعالى: إِنَّ اللّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ (1)،فالجنّة عوض نفسه الشريفة،لا يدخلها إلاّ من يتولّى بولايته (2).6.
ص: 25
من البقرة؛قوله تعالى اَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ 274.
نزلت في أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام برواية الفريقين (1)؛كان له أربعة دراهم فأنفقها.
كذلك رواه أصحابنا في المجمع (2)و غيره (3)عن الباقر و الصادق و أبي الحسن عليهم السّلام؛بل عدّه الصدوق من عقائده.
ص: 26
و رواه من علماء الجمهور الثعلبيّ (1)في تفسيره،و سبط ابن الجوزيّ في تذكرة الخواصّ (2)عن عكرمة.
و العلاّمة الحلّيّ رحمته اللّه من أصحابنا في منهاج الكرامة (3)عن أبي نعيم من علماء الجمهور،كلّهم عن ابن عبّاس من الصحابة المعتبرين عند الفريقين.
و فيه دلالة على محمدة له،و قبول إنفاقه و إخلاصه،و كونه أسخى من غيره (4)حتّى من نازعه في الإمامة،فيكون إماما عليهم،دون العكس،لقبح تقديم المفضول على الفاضل عقلا و شرعا (5)،و إلاّ لصدق قوله تعالى في حقّه: أَ تَأْمُرُونَ النّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ (6)(7).ين
ص: 27
من آل عمران
إنّ آية المباهلة (1)و القصّة معروفة مشهورة متواترة،و هي أنّه جاء وفد من
ص: 28
نصارى نجران إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقالوا:إلى ما تدعو؟قال:إلى شهادة أن لا إله إلاّ اللّه،و أنّي رسول اللّه،و أنّ عيسى عبد مخلوق يأكل و يشرب و يحدث.
فقالوا:من أبو موسى؟قال:عمران،قالوا:فأنت؟[أي فأنت ابن من؟]قال:
عبد اللّه بن عبد المطّلب،قالوا:فعيسى؟فسكت ينظر الوحي،فنزل إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ
فقالوا:ما نجد هذا فيما أوحي إلى أنبيائنا،فنزل قوله تعالى فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ .
فطلب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله[المباهلة]بالأعزّة و أفلاذ الكبد،و المباهلة مفاعلة من البهلة (1)بالضمّ و الفتح:اللعنة؛أي تعالوا نتباهل بأن نلعن الكاذب منّا.ين
ص: 29
فقالوا:أنصفت يا محمّد،فمتى نأت نباهلك؟قال:غدا إن شاء اللّه تعالى؛ فانصرفوا،فقال:رؤساؤهم (1)السيّد و العاقب و الأيهم (2)إن خرج في عدّة من أصحابه باهلناه،فإنّه ليس نبيّا؛و إن خرج في أهله و خاصّته،فلا نباهله،فإنّه لا يقدم إلى أهل بيته (3)،إلاّ و هو صادق،لئن باهلتموه لنهلكنّ؛فبعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى العالية و من حولها،فلم يبق بكر و لا عانس إلاّ و قد خرجت (4).
قال أبو إسحاق (5)الثعلبيّ (6)من أكابر علماء المخالفين في تفسيره:فغدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله محتضنا الحسين،آخذا بيد الحسن،و فاطمة خلفه،و عليّ عليهم السّلام بين يديه،و رسول اللّه محتضنا الحسين،آخذا بيد الحسن،و فاطمة خلفه،و عليّ عليه السّلام بين يديه،و رسول اللّه يقول:إذا دعوت فأمّنوا،فلمّا رأى النصارى خافوا و قال لهم الأسقف منهم:يا معشر النصارى،إنّي لأرى وجوها لو سألوا اللّه أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله،فلا تباهلوه فتهلكوا؛فجاءوا إليه و قالوا:يا محمّد،أقلنا من المباهلة أقالك اللّه،نعطيك الرّضا فاعف عنّا،فصالحهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على الجزية فانصرفوا،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و الّذي نفسي بيده،لو خرجوا لأملأنّ عليهم الوادي نارا.8.
ص: 30
وجه الدلالة:أنّه لا خلاف بين الأمّة أنّه لم يخرج في ذلك اليوم مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى المباهلة إلاّ عليّ و فاطمة و الحسنان عليهم السّلام،رواه أصحابنا متواترا (1).
و من علماء المخالفين:رواه مسلم في صحيحه (2)،و الحميديّ في الجمع بين الصحيحين في مسند سعد بن وقّاص في الحديث السادس من أفراد مسلم،و رواه الثعلبيّ (3)و الكلبيّ (4)و مقاتل (5)في تفاسيرهم.
و حكاه ابن طاوس في الإقبال (6)عن الحافظ بن مردويه،و عبد اللّه بن عبّاس، و جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ،و الحسن البصريّ،و الشعبيّ،و السّدّيّ،كلّهم من علماء الجمهور.
و الفاضل سبط ابن الجوزيّ في تذكرة الخواصّ (7)عن ابن عبّاس،و الزمخشريّ في كشّافه (8)في تفسير الآية.
و بالجملة:لم أجد بين الأمّة و رواياتهم عن الصحابة و الأئمّة خلافا في أنّ أصحاب الكساء في المباهلة مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إنّما كان عليّا و فاطمة و الحسنين و جدّهم صلوات اللّه و سلامه عليه و عليهم أجمعين (9).ة.
ص: 31
و فيه من الدّلالة على فضلهم و مناقبهم ما لا يخفى،و شهادة أهل الخلاف أبلغ و أوضح في إيضاح الحجّة؛كيف بإجماع المسلمين و علماء السّير و التفسير و الحديث على نزول الآية فيهم عليهم السّلام.
قال الزمخشريّ:خرج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عليه مرط مرجّل من شعر أسود،فجاء الحسن عليه السّلام فأدخله،ثمّ جاء الحسين عليه السّلام فأدخله،ثمّ فاطمة،ثمّ عليّ عليهما السّلام ثمّ قال صلّى اللّه عليه و آله: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ (1)(2).
و في تذكرة الخواصّ (3):قال ابن عبّاس:خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للمباهلة رافعا يديه و أشار إلى الحسن و الحسين عليهما السّلام و قال:هلمّوا،فهؤلاء أبناؤنا،و أشار إلى فاطمة عليها السّلام و قال:هذه نساؤنا،و أشار إلى عليّ عليه السّلام و قال:هذا أنفسنا.
قال الزمخشريّ (4)في الكشّاف ما حاصله:إنّما باهل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بأعزّته و أفلاذ كبده،و أحبّ الناس إليه،و توقّى بنفسه و صدقه،و كذب خصمه حتّى يهلكه مع أحبّته و أعزّته هلاك صبر إن تمّت المباهلة،و فيه دليل لا شيء أقوى منه على فضل أصحاب الكساء.و أنت تعرف أنّ الزمخشريّ من المتعصّبين في مذهب أهل السنّة.و عن النقّاش في شفاء الصدور:و حصلت بها فضيلة لعليّ عليه السّلام،حيث جعله اللّه كنفس الرسول.
و به صرّح الثعلبيّ (5)،و ابن المغازليّ (6)،و ابن حجر (7)،كلّهم من أعاظم علماء5.
ص: 32
المخالفين.
و كذا ذكره سبط ابن الجوزيّ في تذكرة الخواصّ (1)في عداد فضائل عليّ عليه السّلام.
و فيه دلالة على تخصيص أصحاب الكساء بشرف لا يدانيه شرف،و فضيلة لا يوازيها فضل،و على أنّ الإجابة مقرونة بدعائهم،و أنّ لهم عند اللّه و عند رسوله منزلة عظيمة لا توصف،و أنّ الحسن و الحسين عليهما السّلام أبناء رسول اللّه،و أنّ عليّا عليه السّلام نفس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.-الخبر-
و لقبح دعوة الشخص نفسه،و هذا دليل على أنّ عليّا عليه السّلام كان من نور الرّسول؛ كما تواتر به الخبر في الفريقين.و من معدن صفائه،و دليل على عصمته،و وجوب طاعته،و كونه إماما وليّا على الخلق بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و على كونه أفضل من الأنبياء و المرسلين و الملائكة المقرّبين (2)-لرسول اللّه-فضلا عن كونه أفضل أمّته.
و على أنّ الحسنين عليهما السّلام مع صغر السنّ أولى في المباهلة،و في مقام استجابة الدعاء من خلّص أصحابه؛و فاطمة سلام اللّه عليها من خلّص نسائه،و ليس إلاّ لكونهم أقرب إلى اللّه،و أكرم على اللّه.فالعجب كلّ العجب ممّن أمضى دهره في عبوديّة الأصنام أربعين سنة (3)كيف يقدّم عليهم غيرهم (4)ممّن مضى دهره فيين
ص: 33
عبوديّة الأصنام أربعين سنة و ليس لهم فضل يعرفه العقول،و يتلقّاه عموم الأمّة بالقبول.
إن قلت:مقابلته ب «نِساءَنا» دليل على إرادة الرجال منه.
قلنا:لو لا «أَبْناءَنا» ،فالآية دليل على كون عليّ عليه السّلام أفضل الأمّة،و بها بطل قول بعض المخالفين بخلافه؛و أفضل الأنبياء و المرسلين و الملائكة المقرّبين حتّى أولو لعزم من الرّسل،لكونه نفس الرسول الأفضل (1)،و عليه أعاظم العرفاء من أصحابنا و بعض المجتهدين (2).
و يشهد[على ذلك]رواية«ضربة عليّ يوم الخندق أفضل من عبادة الثّقلين» (3).
و دخل جميع الأنبياء و المرسلين إلاّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لوضوح خروجه عنه اتفاقا، فضلا عن أمّته من أبي بكر و اخوانه؛بمعنى كونه أكثر ثوابا (4)،و إن كان مفضولا فيه-
ص: 34
معالي الخصال،و هذا خرافة و مجازفة لقبح ذلك في العقول،و عدم الدليل.
و الدليل-بل الأدلّة-على خلافه،كما لا يخفى من هذا الباب و غيره.9.
ص: 35
من المائدة-آية الولاية؛و هي قوله تعالى: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ 55.
فقد روى أعاظم الفريقين نزولها في عليّ بن أبي طالب عليه السّلام حين أعطى السائل الّذي سأل في مسجد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فلم يعطه أحد شيئا،فأشار إليه بخنصره اليمنى، فأعطاه خاتمه الّذي كان يتختّم به فيها.أو أعطاه حلّة كانت عليه،على اختلاف الرّوايات-و لا منافاة لإمكان الجمع باعطائه حلّة أوّلا ثمّ خاتما ثانيا-فنزلت الآية.
أمّا أصحابنا:فقد رووه متواترا،و لا خلاف بينهم قطعا (1).
و أمّا المخالفون:فقد رواه أعاظم المحدّثين و المفسّرين في الأصول المعتبرة و الصحيحة (2).
ص: 36
فقد روى نزولها فيه أبو إسحاق الثعلبيّ (1)في تفسيره عن السدّيّ،و عتبة بن أبي حكم،و غالب بن عبد اللّه،و عباية بن ربعيّ،و ابن عبّاس،و أبي ذر الغفاريّ،كلّهم قالوا:إنّما عنى اللّه سبحانه بقوله: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الآية عليّ بن أبي طالب عليه السّلام،لأنّه مرّ به سائل و هو راكع في المسجد فأعطاه خاتمه، فنزلت الآية (2).
و رواه رزين في الجمع بين الصحاح الستّة في الجزء الثالث من الأجزاء (3)الثلاثة.
و رواه ابن المغازليّ الفقيه من طرق خمسة في مناقبه (4)،و الخوارزميّ في المحكيّ (5).
و رواه النسائيّ في صحيحه،و صحّحه الأندلسيّ في الجمع (6).
و رواه ابن طاوس من أصحابنا في إقباله أيضا عن عليّ بن عابس، و عبد اللّه بن عطاء.
و رواه الزمخشريّ في كشّافه،قال:نزلت الآية في عليّ عليه السّلام،قال:إن قلت:
كيف يصحّ أن يكون لعليّ و اللّفظ لفظ جماعة؟9.
ص: 37
قلت:جيء به ترغيبا للنّاس (1)في مثل فعله لينالوا مثل ثوابه،و ليثبت على أنّ سجيّة المؤمن يجب أن يكون على هذا الغاية من الحرص على البرّ و الإحسان (2).
و في قلع الأساس،من الفاضل المعتمد المحدّث الميرزا محمّد الشهير بالأخباريّ من فضلاء أصحابنا،[قال:]قد أثبتنا نزولها في عليّ عليه السّلام من كتب الخمسة عشر من الصّحابة و التابعين،غير ما نظمه شعراء الأصحاب في هذا الباب (3). -
ص: 38
و قال الفاضل النحرير و المدقّق البصير،بديع الزّمان،فصيح اللسان الشيخ رفيع،المتولّد في بلدة جيلان،النزيل باصبهان،في تعليقه على مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام:بل قال بعضهم أنّ نزولها في عليّ عليه السّلام موضع إجماع،و ظاهر دعوى إجماع المخالفين،فضلا عن الموافقين.
و في أنوار البصائر[و مؤلّفه]من فضلاء الأصحاب:قد نزلت في عليّ عليه السّلام اتّفاقا،و ظاهر أيضا دعوى الاتّفاق من الفريقين.
و نقل في مجمع البيان للشيخ أبي عليّ نزولها في عليّ عليه السّلام حين تصدّق بخاتمه في ركوعه عن جمهور المفسّرين،و ذكر قصّة ابن عباس و غيره (1).
و روى الثعلبيّ كيفيّة نزولها فيه عليه السّلام،عن ابن عبّاس أنّه جلس عند شفير زمزم يحدّث عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فأقبل رجل معمّم بعمامة،فجعل ابن عبّاس لا يقول «قال رسول اللّه إلاّ و قال الرّجل:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله»؛فقال ابن عبّاس:سألتك2.
ص: 39
باللّه من أنت؟قال:فكشف العمامة من وجهه،فقال:يا أيّها النّاس من عرفني،فقد عرفني،و من لم يعرفني فأنا جندب بن جنادة البدريّ أبو ذر الغفاريّ،سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بهاتين-و إلاّ فصمّتا-و رأيته بهاتين-و إلاّ فعميتا-يقول:عليّ قائد البررة،و قاتل الكفرة،منصور من نصره،مخذول من خذله.إنّي صلّيت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوما من الأيّام صلاة الظهر،فسأل سائل في المسجد،فلم يعطه أحد،فرفع السائل يده إلى السّماء،و قال:اللّهمّ اشهد إنّي سألت في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فلم يعطني أحد شيئا؛و كان عليّ عليه السّلام راكعا،فأومأ إليه بخنصره اليمنى الّتي كان يتختّم فيها،فأقبل السّائل و أخذ الخاتم من خنصره و ذلك بعين النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فرفع رأسه إلى السّماء و قال:اللّهم إنّ أخي موسى سألك،فقال رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَ يَسِّرْ لِي أَمْرِي وَ احْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي وَ اجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي اُشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَ أَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (1)(2).فأنزلت عليه قرآنا ناطقا: سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَ نَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما (3)اللّهمّ و أنا محمّد نبيّك و حبيبك،اللّهمّ فاشرح لي صدري و يسّر لي أمري،و اجعل لي وزيرا من أهلي عليّا،و اشدد به أزري-أو قال:ظهري-.
قال أبو ذر:فو اللّه ما استتمّ رسول اللّه الكلمة حتّى نزل به جبرئيل،فقال:اقرأ يا محمّد؛فقال:و ما أقرأ؟قال:اقرأ: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ .
فأنشد حسّان بن ثابت (4)من شعراء الأصحاب-على ما حكاه عنه عظماءم.
ص: 40
الفريقين في هذا الباب-شعرا:
أبا حسن تفديك نفسي و مهجتي و كلّ بطيء في الهدى و مسارع
أ يذهب مدحي و المخبّر صادق (1) و ما المدح في جنب الإله بضائع
فأنت الّذي أعطيت إذ كنت راكعا فدتك نفوس القوم يا خير راكع
بخاتمك الميمون يا خير سيّد و يا خير شار ثمّ يا خير بايع
فأنزل فيك اللّه خير ولاية و بيّنها في محكمات الشرائع (2)
ثمّ أقول:في الآية حسب النزول دلالة على أنّ كلّ ولاية كانت للّه و رسوله على النّاس،كانت لعليّ عليه السّلام،ضرورة إرادة ولاية واحدة صدرا و ذيلا،و المتبادر من الولاية للّه و رسوله في المقام إنّما هو أولويّة التصرّف في الخاصّ و العامّ، بدليل امتناع غيره،و الحصر و التسوية بالعطف،و عدم ترجيح بعض أفراد المطلق الواقع في كلام الحكيم.
و قول الزمخشريّ باحتمال عدم الاختصاص به،مدفوع بالإجماع.و قد نقله في المواقف (3)،و شرح المقاصد (4)،و شرح التجريد (5)،و كذا ما في الصواعق عن البصريّ:إنّ عليّا كان من جملة من نزلت فيهم (6)،و إنّما توهّموه من لفظ الجمع، و إلاّ فلم ينقل عن أحد اشتراك أحد مع عليّ عليه السّلام في فعله في ذلك و نزول الآية في حقّه؛و لعلّ البصريّ أراد عمومها لمن كان يأتي من بعده من أولاده الطّاهرين،1.
ص: 41
على أنّ البصريّ لا عبرة بكلامه.
و لو قيل:سياق الآية يدلّ على أنّ المراد بالولاية المحبّة و النصر،لكونهما المراد في الآية السابقة و اللاّحقة.
قلنا:ممنوع؛بل المراد بقوله تعالى وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغالِبُونَ (1)(2).قبول ولاية اللّه و رسوله و ولاية عليّ في الآية السابقة، و في أخبارنا دلالة عليه.مثل ما رواه في المجالس (3)عن الباقر عليه السّلام،في قوله تعالى إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ قال:إنّ رهطا من اليهود أسلموا،منهم عبد اللّه سلام،و أسد، و ثعلبة،و ابن أمين،و ابن صوريا.فأتوا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقالوا:يا نبيّ اللّه،إنّ موسى أوصى إلى يوشع بن نون،فمن وصيّك يا رسول اللّه و من وليّنا بعدك؟فنزلت الآية إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ الآية.
قال رسول اللّه:قوموا؛فقاموا فأتوا المسجد،فإذا سائل خارج،فقال يا سائل، أما أعطاك أحد شيئا؟قال:نعم،هذا الخاتم.قال:من أعطاكه؟قال:أعطانيه ذلك الرجل الّذي يصلّي.قال:على أيّ حال أعطاك؟قال:كان راكعا،فكبّر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و كبر أهل المسجد؛فقال النبيّ:عليّ بن أبي طالب عليه السّلام وليّكم بعدي،قالوا:رضينا باللّه ربّا،و بالإسلام دينا،و بمحمّد صلّى اللّه عليه و آله نبيّا،و بعليّ بن أبي طالب عليه السّلام وليّا؛فأنزل اللّه وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللّهَ وَ رَسُولَهُ (4)الآية.
و محمّد بن عليّ الباقر عليه السّلام من التابعين في الطبقة الثالثة،مقبول القول و الرّواية عند المخالفين أيضا بلا خلاف.
يظهر منهم-مع أنّه لا عبرة بالسّياق بعد فعل عثمان في القرآن،و كذا ردّ عمر6.
ص: 42
القرآن الّذي كتبه بخطّه[أمير المؤمنين]عليه السّلام و جمعه و جاء به[بعد وفاة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله] إلى مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في محضر المهاجرين و الأنصار،و قال:كتاب ربّكم كما أنزل،ففتحه عمر و ردّه (1)،و قال:لا حاجة لنا فيه،حسبنا مصحف عثمان،و أمر زيد بن ثابت بتأليف القرآن (2)على أنّ نصرة اللّه و رسوله بعده للمؤمنين لا تحصل إلاّ للعالم بالسّياسات الشرعيّة إن قلت:يلزم من ذلك ثبوت الولاية له في حياة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.
قلنا:لا ضير؛بل نلتزم نحن به،إلاّ أنّه كان مولى مولّى (3)عليه في حياة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.ين
ص: 43
فإن قلت:لفظ الجمع ينافي إرادة الوحدة من الآية.
قلنا:إلاّ مع القرينة،خصوصا بعد الأخبار المذكورة،مع أنّا نريد الجمع-و هم عليّ و الأئمّة من ولده عليهم السّلام-كما روي من طريقنا.
على أنّا نقول:المراد بالموصول:إمّا الجمع أو الفرد؛و على الثاني،إمّا المنتشر،أو المعيّن،و على الثاني،إمّا الموجود،أو من سيوجد منه،و لا سبيل إلى الأوّل اتّفاقا للزوم الولاية لكلّ من فعل ذلك،و إن كان فاسقا فاجرا أو عدمه لغيره، و إن كان مجمعا عليه؛و الثاني باطل إجماعا من الأمّة،و لأنّه مناف للحكمة،بل مخالف للضرورة،و لا إلى الثاني،لما ذكر،و للإبهام الموجب للتعرّي عن الفائدة، و لا إلى الرابع للزوم وجوب ذلك على الخليفة بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بلا فصل،و لا قائل به،فتعيّن أن يكون المراد بالموصول هو الفرد المعيّن،و ليس الموجود غير عليّ عليه السّلام بالاتّفاق،و به تمّ المرام-و الحمد للّه-على أنّ ولاية عليّ عليه السّلام بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ثابتة بالإجماع المركّب من الآية بعد الأخبار المذكورة.
و ظاهر الآية ثبوت ولايته بلا فصل،و ولاية غيره منفيّة بالأصل،و لزوم التناقض لو أريد من الآية أيضا،إذ يلزم أن يكون كلّ واحد منهم مولى للآخر و مولّى عليه له.و التالي باطل عقلا و إجماعا،فالمقدّم مثله،و تأخير عليّ عليه السّلام من زمان وفاة (1)النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى ما بعد عثمان تقييد بلا حجّة،و دعوى بلا بيّنة لا تسمع (2)؛ فوجب إرادة الوحدة من الآية الشريفة،و ليس إلاّ عليّا بالإجماع المركب،ين
ص: 44
و الأخبار الصحيحة و المعتبرة نقلا عن الأصول و الجوامع المجمع عليها في الفريقين.
قوله تعالى:في الآية الثانية وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا أي اَلَّذِينَ آمَنُوا المذكور في الآية السّابقة-أعني المتصدّق بالخاتم في ركوعه- فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغالِبُونَ يعني أولئك حزب اللّه،لأنّ من تولّى ولي اللّه فقد تولّى اللّه،فكان[من]حزب اللّه،و حزب اللّه هم الغالبون،و هذا إنّما كان مقابلا لحزب الشيطان،و حزب الشيطان هم الخاسرون؛فإن لم يكن[من]حزب اللّه كان[من] حزب الشيطان،فمن لم يتولّ عليّا عليه السّلام بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بلا فصل-كما دلّت عليه الآية و الرّوايات،و الإجماع المركب و البيانات السّابقة-كان[من]حزب الشيطان، و حزب الشيطان هم الخاسرون،و الحمد للّه.
ص: 45
من المائدة أيضا؛قوله تعالى: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ 67.
فاعلم أنّ هذه الآية الشريفة إنّما نزلت في عليّ عليه السّلام يوم غدير خمّ(بضمّ الخاء المعجمة و تشديد الميم:موضع بين مكّة و المدينة على ثلاثة أميال من الجحفة عنده غدير مشهور يضاف إليه).
و القصّة مشهورة عند المسلمين،و هي أنّه لمّا أمر اللّه عزّ و جلّ رسوله بولاية عليّ عليه السّلام،و أنزل عليه إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ الآية،و فرض ولاية أولي الأمر، فلم يدروا ما هي؛فأمر اللّه رسوله أن يفسّر لهم الولاية المذكورة في قوله تعالى إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ الآية،إثباتا للحجّة و إيضاحا للمحجّة،كما فسّر لهم الصّلاة و الزّكاة و الصوم و الحجّ،فلمّا أتاه ذلك من اللّه ضاق بذلك صدر رسول اللّه، و تخوّف أن يرتدّوا عن دينهم و أن يكذّبوه؛فضاق صدره و راجع ربّه،عزّ و جلّ؛ فأوحى اللّه إليه يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ الآية،فصدع بأمر اللّه تعالى ذكره،فقام بولاية عليّ عليه السّلام يوم غدير (1)خمّ،فنادى الصّلاة جامعة و أمر أن يبلّغ
ص: 46
الشاهد الغائب.
و تفصيله[على]ما في الاحتجاج (1):عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السّلام-الّذي قوله حجّة على المخالف أيضا،لكونه من التابعين في الطبقة الثالثة،ثقة-.
قال ابن الجوزي في تذكرة الخواصّ (2):محمّد بن عليّ عليهما السّلام هذا أسند الحديث عن جماعة من الصحابة،منهم جابر بن عبد اللّه و أبو سعيد،و ابن عبّاس، و أبو هريرة،و أنس بن مالك،و الحسن و الحسين عليهما السّلام،و روى عنه خلق كثير من التابعين منهم:سعيد بن المسيّب،و الأئمّة،أي أئمّة الحديث.
و قال ابن سعيد في الطبقات (3):إنّه من الطبقة الثالثة من أهل المدينة،و كان عالما عابدا.روى عنه الائمّة أبو حنيفة و غيره،و قد لقي جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ من الصّحابة،قال:إنّه قد حجّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من المدينة،و قد بلّغ جميع الشرائع غير الحجّ و الولاية؛فأتاه جبرئيل،فقال:يا محمّد إنّ اللّه عزّ و جلّ يقرئك السلام،و يقول لك:إنّي لم أقبض نبيّا من أنبيائي،و لا رسولا من رسلي إلاّ بعد إكمال ديني،و تأكيد حجّتي،و قد بقي عليك من ذلك فريضتان ممّا يحتاج أن تبلغها قومك:فريضة الحجّ،و فريضة الولاية و الخلافة،من بعدك؛فإنّي لم أخل أرضي (4)من حجّة و لن أخليها أبدا؛فإنّ اللّه عزّ و جلّ يأمرك أن تبلّغ قومك الحجّ،.-
ص: 47
و يحجّ معك كلّ من استطاع سبيلا من أهل الحضر و الاطراف،و الأعراب و تعلّمهم من حجّهم مثل ما علّمتهم من صلاتهم و زكاتهم و صيامهم،و توقفهم من ذلك على مثال الّذي أوقفتهم عليه من جميع ما بلّغتهم من الشرائع،فنادى منادي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:ألا إنّ رسول اللّه يريد الحجّ،و أن يعلّمكم من ذلك مثل الّذي علّمكم من شرائع دينكم،و يوقفكم من ذلك على ما أوقفكم عليه من غيره؛فخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و خرج معه الناس و أصغوا إليه لينظروا ما يصنع،فيصنعوا مثله.
فحجّ بهم و بلغ من حجّ مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من أهل المدينة و أهل الأطراف و الأعراب سبعين ألف إنسان أو يزيدون،على نحو عدد أصحاب موسى عليه السّلام سبعين ألفا الذين أخذ عليهم ببيعة هارون،فنكثوا و اتّبعوا العجل و السامريّ، و كذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أخذ البيعة لعليّ بن أبي طالب عليه السّلام بالخلافة على عدد أصحاب موسى عليه السّلام؛فنكثوا البيعة و اتّبعوا العجل سنّة بسنّة (1)،و مثلا بمثل، و اتّصلت التلبية ما بين مكّة و المدينة،فلمّا وقف بالموقف أتاه جبرئيل عن اللّه تعالى؛فقال يا محمّد،إنّ اللّه يقرئك السّلام و يقول لك:إنّه قد دنا أجلك و مدّتك و أنا مستقدمك على ما لا بدّ منه و لا عنه محيص،فاعهد عهدك،و قدّم وصيّتك،ين
ص: 48
و اعمد إلى ما عندك من العلم و ميراث علوم الأنبياء و السلاح و التّابوت،و جميع ما عندك من آيات الأنبياء عليهم السّلام؛فسلّمها إلى وصيّك و خليفتك من بعدك،حجّتي البالغة على خلقي:عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فأقمه للنّاس علما،و جدّد عهده و ميثاقه و بيعته،و ذكّرهم ما أخذت عليهم من بيعتي و ميثاقي الّذي واثقتهم به، و عهدي الّذي عهدت إليهم من ولاية وليّي و مولاهم و مولى كلّ مؤمن و مؤمنة عليّ بن أبي طالب عليه السّلام؛فإنّي لم أقبض نبيّا من الأنبياء إلاّ من بعد إكمال ديني و إتمام نعمتي بولاية أوليائي و معاداة أعدائي،و ذلك كمال توحيدي و ديني و إتمام نعمتي على خلقي باتّباع وليّي و طاعته؛و ذلك أنّي لا أترك أرضي بغير قيّم ليكون حجّتي لي على خلقي؛ف«اليوم اكملت لكم دينكم» (1)الآية،بولاية وليّي،و مولى كلّ مؤمن و مؤمنة عليّ عليه السّلام عبدي و وصيّ نبيّي،و الخليفة من بعده، حجّتي البالغة على خلقي،مقرون طاعته بطاعة محمّد نبيّي،و مقرون طاعته مع طاعة محمّد بطاعتي،من أطاعه فقد أطاعني،و من عصاه فقد عصاني،جعلته علما بيني و بين خلقي،من عرفه كان مؤمنا،و من أنكره كان كافرا و من أشرك [في]بيعته كان مشركا،و من لقيني بولايته دخل الجنّة،و من لقيني بعداوته دخل النار.
فأقم يا محمّد عليّا علما،و خذ منهم البيعة،و جدّد عليهم عهدي و ميثاقي لهم الّذي واثقتهم عليه،فإنّي قابضك إليّ،و مستقدمك عليّ،فخشي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قومه و أهل النفاق و الشّقاق أن يتفرّقوا و يرجعوا جاهليّة،لما عرف من عداوتهم، و لما تنطوي عليه أنفسهم لعليّ عليه السّلام من البغضة.
و سأل جبرئيل أن يسأل ربّه العصمة من النّاس،و انتظر أن يأتيه جبرئيل بالعصمة من النّاس من اللّه جلّ اسمه،فأخّر ذلك إلى أن بلغ مسجد الخيف؛فأتاه3.
ص: 49
جبرئيل في مسجد الخيف فأمره أن يعهد عهده و يقيم عليّا للنّاس،و لم يأته بالعصمة من اللّه جلّ جلاله الّذي أراد،حتّى أتى«كراع الغميم» (1)بين مكّة و المدينة؛فأتاه جبرئيل و أمره بالّذي أتاه به من قبل اللّه تعالى و لم يأته بالعصمة؛ فقال:يا جبرئيل،إنّي أخشى قومي أن يكذّبوني و لا يقبلوا قولي في عليّ عليه السّلام:
فرحل فلمّا بلغ غدير خمّ قبل الجحفة (2)بثلاثة أميال أتاه جبرئيل على خمس ساعات مضت من النّهار بالزّجر و الانتهار و العصمة من النّاس؛فقال:يا محمّد، إنّ اللّه يقرئك السّلام و يقول لك: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ في عليّ عليه السّلام وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ .
و كان أوائلهم قربت من الجحفة؛فأمره بأن يردّ من تقدّم منهم،و يحبس من تأخّر عنهم في ذلك المكان،ليقيم عليّا للنّاس،و يبلّغهم ما أنزل اللّه تعالى في عليّ عليه السّلام،و أخبر بأنّ اللّه عزّ و جلّ قد عصمه من الناس؛فأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عند ما جاءته العصمة مناديا ينادي في النّاس بالصلاة جامعة،و يردّ من تقدّم منهم، و يحبس من تأخّر:فتنحّى عن يمين الطريق إلى جنب مسجد الغدير،أمره بذلك جبرئيل عن اللّه عزّ و جلّ في موضع«سلمات» (3)،فأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يقمّ ما تحتهنّ،و ينصب له أحجار كهيئة المنبر يشرف على النّاس؛فتراجع النّاس، و احتبس أواخرهم في ذلك المكان لا يزالون؛فقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فوق تلك الأحجار،ثمّ حمد اللّه تعالى و أثنى عليه،فقال:الحمد للّه الّذي علا في توحّده، و دنا في تفرّده،و جلّ في سلطانه،و عظم في أركانه،و أحاط بكلّ شيء علما و هو».
ص: 50
في مكانه،و قهر جميع الخلق بقدرته و برهانه،مجيدا لم يزل،محمودا لا يزال.
(و الخطبة فيها مواضع من النصّ على خلافة عليّ عليه السّلام و إمامته و وجوب طاعته و فضله).
و في رواية القمّيّ (1):أيّها النّاس،هل تعلمون من وليّكم؟قالوا:نعم،اللّه و رسوله،قال:أ لستم تعلمون أنّي أولى بكم منكم بأنفسكم؟قالوا:بلى.قال:اللّهمّ اشهد،فأعاد ذلك عليهم ثلاثا،في كلّ ذلك يقول مثل قوله الأوّل،و يقول الناس كذلك،و يقول:اللّهمّ اشهد،ثمّ أخذ بيد أمير المؤمنين عليه السّلام فرفعه حتّى بدا للنّاس بياض ابطيه،ثمّ قال:ألا من كنت مولاه،فهذا عليّ مولاه،اللهمّ وال من والاه، و عاد من عاداه،و انصر من نصره،و اخذل من خذله و أحبّ من أحبّه،ثمّ قال:
اللّهمّ اشهد عليهم و أنا من الشّاهدين (2).
فاستفهمه عمر (3)من بين أصحابه؛فقال (4):يا رسول اللّه هذا من اللّه أو من رسوله؟فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:نعم هذا من اللّه و من رسوله،إنّه أمير المؤمنين و إمام المتقين و قائد الغرّ المحجّلين،يقعده اللّه تعالى يوم القيامة على الصراط،فيدخل أولياءه الجنّة و أعداءه النّار؛فقال أصحابه الّذين ارتدّوا بعده:قد قال محمّد صلّى اللّه عليه و آله في مسجد الخيف ما قال،و قال هنا ما قال،و إن رجع إلى المدينة يأخذنا بالبيعة له؛فاجتمع أربعة عشر نفرا (5)،و تآمروا على قتل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و قعدوا له في7.
ص: 51
العقبة-الحديث (1).
و بالجملة كيفيّة تنصيص النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على خلافة عليّ عليه السّلام،و إقامته يوم غدير خمّ و نزول هذه الآية في هذه الكيفيّة عند أصحابنا[مورد]إجماع،و قد أثبتنا في كتبنا الأصوليّة أنّ إجماعهم حجّة قاطعة بالبرهان القاطع عقلا،و النّور السّاطع نقلا، لكونه كاشفا عن رأي أهل بيت العصمة و الطهارة،بشهادة آية التطهير النّازلة في حقّهم.بتواتر رواية الفريقين،و تواتر عندهم كلّ ذلك أيضا،و كفى به حجّة على الخصم العنيد،لأنّ التواتر عبارة عن إخبار جماعة يمتنع عادة تواطؤهم على الكذب من جهة الكثرة،و لا يشترط فيه الايمان و اتّحاد المذهب؛كما ذكره أكابر الأصوليّين من الفريقين.
و لا ريب في تواتر أخبار غدير خمّ و نصب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عليّا عليه السّلام بالخلافة و الإمامة و الإمارة،و نزول هذه الآية في حقّه،و في الأمر أيضا كما مضى،فيكون حجّة على المخالفين أيضا،و قد تواتر عنهم ذلك أيضا (2).ي-
ص: 52
فقد رواه البخاريّ في صحيحه (1)،و أحمد بن حنبل في مسنده (2)،و في الفضائل (3)بعدّة طرق صحيحة حسنة،و الثعلبيّ في تفسيره (4)،و ابن المغازلي الشافعيّ (5)،و ابن عقدة (6)بمائة و خمس و عشرين طريقا،و رواه الترمذيّ (7)في جامعه،و السجستانيّ في صحيحه (8)،و الأندلسيّ (9)في الجمع،و الخوارزميّ (10)،و البيهقيّ (11)،و ابن مردويه (12)في المناقب و المرزبانيّ في السّرقات،و الواحديّ في الأسباب (13).
و أبو الفرج في المرج (14)،و العجليّ في الموجز (15)،و ابن الصبّاغ في الفصول (16)،4.
ص: 53
و الشاميّ في المطالب،و الحافظ في الحلية (1)،و الجزريّ في الأسنى (2)،و السيّد جمال الدّين في الروضة،و ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (3)،و السبط في المرآة،و الغزاليّ في سرّ العالمين و كشف ما في الدّارين (4)،و القاضي زاده في الاعتقاديّة (5)،و ابن حجر في الصواعق (6)،و الحمويّ في المنهاج،و النيسابوريّ في تفسيره (7)،و الزمخشريّ (8)في آية: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ -من النحل-،و صاحب المشكاة (9)،و الحسكانيّ (10)،و الطبرانيّ (11)،و الدار قطنيّ (12)، و الأصفهانيّ (13)،و النسائيّ (14)،و الذهبي (15)،و سبط ابن الجوزيّ في تذكرة الخواصّ (16)،كلّهم من أكابر علماء العامّة و أعاظمهم.4.
ص: 54
و رواه في الجوامع (1)لأبي عليّ صاحب التفسير من أصحابنا عن ابن عبّاس، و جابر بن عبد اللّه،إنّ اللّه أمر نبيّه أن ينصب عليّا للنّاس،و يخبرهم بولايته، فتخوّف أن يقولوا:حابى ابن عمّه،و أن يشقّ ذلك على جماعة من أصحابه، فنزلت هذه الآية؛فأخذ بيده يوم غدير خمّ.و قال:من كنت مولاه فعليّ مولاه و في المجمع (2)رواه عن الثعلبيّ (3)و الحسكانيّ (4)و غيرهما من العامّة.
و في قلع الأساس للمحدّث الفاضل الميرزا محمّد حديث الولاية في كتاب الولاية عن مائة و عشرين صحابيّا.
و الطبريّ بخمسة (5)و سبعين طريقا،و البخاريّ (6)بسبعة،و ابن عقدة بمائة و خمسة (7)و عشرين طريقا.
و في منهاج الكرامة للعلاّمة الحليّ:اتّفقوا على نزولها في عليّ عليه السّلام.
روى أبو نعيم (8)الحافظ بإسناده عن عطيّة،قال:نزلت هذه الآية على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في عليّ بن أبي طالب عليه السّلام.
و في تفسير الثعلبيّ (9)معناه:بلّغ ما أنزل إليك من ربّك في فضل عليّ عليه السّلام؛فلمّا نزلت أخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بيد عليّ،و قال:من كنت مولاه فعليّ مولاه.2.
ص: 55
و في قوله تعالى اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ،روى أبو نعيم (1)بإسناده إلى أبي سعيد الخدريّ،قال:إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله دعا النّاس إلى عليّ عليه السّلام في غدير خمّ،و أمر بما تحت الشجرة من الشّوك فقمّ،فقام فأخذ بضبعي عليّ فرفعهما ينظر النّاس إلى بياض إبطي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،ثمّ لم يتفرّقوا حتّى نزلت هذه الآية اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:اللّه أكبر على إكمال الدين و إتمام النعمة و رضى الربّ برسالتي و بولاية عليّ من بعدي،ثمّ قال:من كنت مولاه فعليّ مولاه،اللّهمّ وال من والاه و عاد من عاداه،و انصر من نصره و اخذل من خذله.
و قال الجزريّ (2)-من علماء الجمهور-في كتاب أسنى المناقب في فضائل عليّ بن أبي طالب عليه السّلام.
اعلم أنّ حديث«من كنت مولاه فعليّ مولاه،اللّهمّ وال من والاه و عاد من عاداه،صحيح من وجوه كثيرة،تواتر عن أمير المؤمنين عليه السّلام،و هو متواتر عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أيضا،رواه الجمّ الغفير عن الجمّ الغفير،و لا عبرة بمن حاول انكاره ممّن لا اطّلاع له في هذا العلم،فقد ورد مرفوعا من حديث ثمانية و عشرين صحابيّا أيضا،و ثبت أنّ هذا القول منه يوم غدير خمّ.
و قد عرفت أنّ أحمد بن حنبل أخرجه في المسند (3)و الفضائل بطرق كثيرة صحيحة حسنة،من ذلك ما رواه عن زاذان،قال:سمعت عليّا عليه السّلام ينشد النّاس في الرّحبة (4)،و يقول:أنشد اللّه رجلا سمع رسول اللّه يقول يوم غدير خمّ«من كنت مولاه فعليّ مولاه»؛فقام ثلاثة عشر رجلا من الصّحابة،فشهدوا أنّهم سمعواة.
ص: 56
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول ذلك.
و رواه الترمذيّ (1)،فزاد فيه:اللّهمّ وال من والاه و عاد من عاداه و أدر الحقّ معه،[و]لفظ الترمذيّ هكذا:رحم اللّه عليّا،اللّهمّ أدر الحقّ معه حيث دار.
و في لفظ أسنى المناقب للجزريّ:و أدر الحقّ معه حيث كان (2).
و من ذلك ما رواه أحمد في الفضائل (3)عن بريدة،عن أبيه،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:من كنت وليّه فعليّ وليّه.و في هذه الرواية«فقام بالرّحبة ثلاثون رجلا و خلق كثير؛فشهدوا له بذلك».
و قال أحمد في الفضائل (4):عن رياح بن (5)الحارث،قال:جاء رهط إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فقالوا:السّلام عليك يا مولانا،و كان بالرحبة،فقال:كيف أكون مولاكم و أنتم قوم عرب؟فقالوا:سمعنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول يوم غدير خمّ:من كنت مولاه فعليّ مولاه،قال رياح:فقلت:من هؤلاء؟فقيل لي:نفر من الأنصار فيهم أبو أيّوب الأنصاريّ صاحب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.
و قال أحمد:حدّثنا ابن نمير،حدّثنا عبد الملك (6)بن سليمان،عن عطيّة العوفي، قال:أتيت زيد بن أرقم؛فقلت له:إنّ ختنا لي حدّثني عنك بحديث في شأن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام،و أنا أحبّ أن أسمعه منك؛فقال لي:إنّكم معشر أهل العراق فيكم ما فيكم؛فقلت له:ليس عليك منّي بأس،فقال نعم:كنّا بالجحفة، فخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله علينا ظهرا و هو آخذ بعضد عليّ بن أبي طالب عليه السّلام؛فقال:ة.
ص: 57
أيّها النّاس أ لستم تعلمون أنّي أولى بالنّاس من أنفسهم؟قالوا:بلى،فقال:من كنت مولاه فعليّ مولاه؛قالها أربع مرّات (1).
و قال أحمد أيضا (2):حدّثنا عفّان،حدّثنا حماد بن سلمة،حدّثنا زيد،عن عديّ بن ثابت،عن براء بن عازب،قال:كنّا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في سفر،فنزلنا بغدير خمّ، فنودي فيها الصلاة جامعة،و كسح (3)لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بين شجرتين،فصلّى بها الظهر، و أخذ بيد عليّ بن أبي طالب عليه السّلام و قال:من كنت مولاه فهذا مولاه،اللّهمّ انصر من نصره،و اخذل من خذله،قال،فقال عمر بن الخطّاب هناك:يا بن أبي طالب، أصبحت مولاي و مولى كلّ مؤمن و مؤمنة.
و بالجملة:لا مجال في الارتياب في تواتر حديث (4)«من كنت مولاه فعليّ مولاه»كما عرفت،قد توافق فيه روايات الخاصّة و العامّة في الأصول و الصّحاح المعتبرة بالأسانيد الكثيرة،و تلقّاها بالقبول أكابر الفريقين كما عرفت.
و قد أنشأ شعراء الأصحاب في ذلك اليوم قصائد في بيان هذا المطلب للنبيّ، و الشرف لعليّ و ولاية الوليّ،حكاها أعاظم علماء الفريقين مثل الكميت،).
ص: 58
و الحميري،و قيس و غيرهم (1)،ستعرف شطرا منها إن شاء اللّه تعالى.
و ذكر ابن كثير (2)من علماء الجمهور عند ذكر ترجمة الطبريّ الشافعيّ:إنّين-
ص: 59
رأيت كتابا ضخيما في مجلّدين،كلّه طرق هذه الرواية،يعني رواية«من كنت مولاه»في يوم غدير خمّ،و كتابا جمع فيه طرق حديث الطير المشويّ.
بل قال أبو المعالي الجوينيّ (1)من أعاظم المخالفين متعجّبا:إنّي رأيت كتابا في بغداد مكتوبا عليه«المجلّد الثامن و العشرون من مجلّدات هذه الرواية و يتلوه المجلّد التاسع و العشرون».
و قد حكى هذه الحكاية بعض الفضلاء الأعلام في كتاب صنّفه في الإمامة عن أبيه،أنّه رآه أيضا في بغداد عند صحّاف؛و قد اشتهرت بين أرباب السير على وجه لا ينكر و لا يؤوّل،و له شواهد أخرى ستعرف بعضها فيما يأتي إن شاء اللّه.
قال أبو الحسن الواحديّ (2)عليّ بن أحمد-من أكابر علماء المخالفين-في تفسيره:هذه الولاية الّتي أثبتها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام مسئول عنها يوم القيامة.
و روى قوله تعالى وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ (3):أي عن ولاية عليّ عليه السّلام،و المعنى أنّهم يسألون هل والوه حقّ الموالاة كما أوصاهم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،أضاعوها و أهملوها؟
قال الغزاليّ في كتاب له سمّاه سرّ العالمين و كشف ما في الدارين:لكن أسفرت الحجّة وجهها،و أجمع الجماهير على متن الحديث عن خطبة يوم غدير خمّ،باتّفاق الجميع و هو يقول:من كنت مولاه فعليّ مولاه،فقال عمر بن الخطاب:بخّ بخّ لك يا أبا الحسن،أصبحت مولاي و مولى كلّ مؤمن و مؤمنة؛إلى4.
ص: 60
أن قال الغزاليّ:و هذا يعني قول عمر بالبخبخة و الاعتراف بالمولويّة لأمير المؤمنين عليه السّلام عليه و على كلّ مؤمن و مؤمنة،و هذا تسليم و رضا و تحكيم؛ ثمّ بعد هذا غلب عليه الهوى لحبّ الرئاسة و حمل عمود الخلافة و عقود البنود و خفقان الهوى في قعقعة الرايات و اشتباك ازدحام الخيول و فتح الأمصار؛ فسقاهم كأس الهوى،فعادوا إلى الخلاف الأوّل-و في بعض النسخ:إلى الجاهلية - فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَ اشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ (1)(2).
و قد نقل عنه لفظه هذا بعينه ابن الجوزيّ في تذكرة الخواصّ (3)،و القاضي زاده عن كتاب سرّ العالمين؛فدلّ على أنّ الكتاب له:و لا يسع انكار بعض الجهّال كونه له،و أنت خبير بأنّ هذا من الغزاليّ و هو من أكابر أئمّتهم في المذهب دعوى الإجماع على صحّة الخبر المذكور المشهور من قوله«من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه»...و تواتره لنقل الثقات،و أنّه تكفير صريح للثلاثة و أتباعهم،و العجب من قولهم مع ذلك بإمامة الثلاثة و وجوب طاعتهم،و كأنّهم يرون أنّ إجماع الأمّة على إمامة أبي بكر نسخ حكم اللّه و رسوله في غدير خمّ بولاية عليّ عليه السّلام و مولويّته.و قبول أبي بكر و عمر ذلك و البخبخة (4).أو يقولون:بأنّ الإجماع على.-
ص: 61
البيعة أوجب إمامة أبي بكر و نصّ أبي بكر على عمر أوجب إمامة عمر،و حكم الشورى أوجب إمامة عثمان و وجوب طاعتهم،و إن ارتدّوا كما هو ظاهر كلامه؛ فعادوا إلى الخلاف الأوّل،أو الجاهليّة الأولى،و لو لا ذلك كان قولهم بالأمرين تهافتا و تناقضا،ثمّ بعد الآية و قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في عليّ عليه السّلام بما عرفت.
قال حسّان بن ثابت (1)من شعراء الصحابة:يا رسول اللّه أ تأذن لي أن أقول في عليّ عليه السّلام أبياتا تسمعها؛فقال:قل على بركة اللّه،فقام حسّان فقال:يا معشر قريش اسمعوا قولي بشهادة من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،ثمّ أنشأ يقول:
يناديهم يوم الغدير نبيّهم بخمّ و أسمع بالنّبيّ مناديا
و قال:فمن مولاكم و وليّكم (2) فقالوا و لم يبدوا هناك التّعاميا
إلهك مولانا و أنت وليّنا و لن تجدن منّا لك اليوم عاصيا
هناك دعا:اللّهمّ وال وليّه و كن للّذي عادى عليّا معاديا
فقال له:قم يا عليّ فإنّني رضيتك من بعدي إماما و هاديا (3)
فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:يا حسّان لا تزال مؤيّدا بروح القدس ما نافحت عنّا7.
ص: 62
بلسانك.
حكاه في تذكرة الخواصّ (1)لابن الجوزيّ و غيره.و قوله«عنّا»إشارة إلى كون عليّ من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أيضا.
و قال قيس بن سعد بن عبادة الأنصاريّ و أنشدها بين أمير المؤمنين عليه السّلام بصفّين.
قلت لمّا بغى العدوّ علينا حسبنا ربّنا و نعم الوكيل
و عليّ إمامنا و إمام لسوانا (2)أتى به التّنزيل
يوم قال النبيّ من كنت مولاه فهذا مولاه خطب جليل
إنّ ما قاله النبيّ على الأمّة حتم ما فيه قال و قيل (3)و (4)
و قال الكميت:
نفى عن عينك الأرق الهجوعا و همّا يمتري منها الدّموعاين
ص: 63
لدى الرّحمن يصدع (1)بالمثاني و كان له أبو حسن مطيعا (2)
و يوم الدّوح دوح غدير خمّ أبان له الولاية لو (3)اطيعا
و لكنّ الرّجال تبايعو (4)ها فلم أر مثله (5)حقّا أضيعا (6)
قال ابن الجوزي في تذكرة الخواصّ:و لهذه الأبيات قصّة عجيبة حكاها بعض إخواننا،قال:أنشدت ليلة هذه الأبيات.و بتّ مفكّرا فيها:فنمت فرأيت أمير المؤمنين عليه السّلام في منامي،فقال لي:أنشدني أبيات الكميت،فأنشدته إيّاها،فلمّا ختمتها،قال عليه السّلام:
فلم أر مثل ذاك اليوم يوما و لم أر مثله حقّا أضيعا
قال:فانتبهت مذعورا (7).
أقول:لم أر مثل ذلك اليوم قد حضر فيه المهاجر و الأنصار و غيرهم سبعين ألفا أو يزيد،و قد نصّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على ولاية عليّ عليه السّلام و أكّدها أشدّ تأكيد،حتّىم.
ص: 64
لم يبق منهم جاهل بذلك الأمر،و قام عمر بن الخطاب و بخبخ و اعترف بالمولويّة على نفسه،و أمرهم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بقوله:سلّموا على عليّ بإمرة المؤمنين،فشاع لقبه عن اللّه و رسوله بأمير المؤمنين (1).
و كفى به حجّة على إمامته و ولايته عند أولي الألباب،بل عند كلّ جاهل فضلا عن عالم،و مكث هناك[ف]أخذ البيعة له بولايته عليهم،و لم أر مثله حقّا أضيعا، حتّى نكثوا البيعة و اتّخذوا عليه العجل و اختاروا السّامري،فانقلبوا على أعقابهم، و رجعوا إلى الجاهليّة الأولى،و اشتروا به ثمنا قليلا من حطام الدنيا،فبئس ما يشترون.
و قال السيّد الحميري:
يا بائع الدّين بدنياه ليس بهذا أمر اللّه
من أين أبغضت عليّ الرضى و أحمد قد كان يرضاه
من ذا الذي أحمد من بينهم يوم غدير الخمّ ناداه
أقامه من بين أصحابه و هم حواليه فسمّاه
هذا عليّ بن أبي طالب مولى لمن قد كنت مولاه
فوال من والاه يا ذا العلى و عاد من قد كان عاداه (2)ه-
ص: 65
ه: التوالي الضمان الجريرة و حيازة الميراث،و قد كان ذلك في الجاهليّة،ثمّ نسخ بآية الميراث.
و: الجار لماله الحقوق بالمجاورة.و لكلّ هذه المعاني الستّة،ظاهر العلماء من الفريقين اتّفاقهم على فساد إرادتها في المقام ضرورة.
و في أنوار البصائر:أجمعت الأمّة على فساد إرادتها في المقام،و يظهر من المثنوي للحضرة المولويّ صحّة إرادة المعتق بكسر التاء،قال:
زين سبب پيغمبر با اجتهاد نام خود و آن علي مولى نهاد
كيست مولى آنكه آزادت كند بند رقيت ز پا بركند (1)
و هذا المعنى بهذا التفسير معناه الهادي إلى سبيل النجاة،فإنّ المولى من له أن يعتق عبده،و العتق قد يكون عن الرقيّة الظاهرة الشرعيّة،و قد يكون عن الرقيّة الباطنيّة لعبيد الهوى،فلا ضير فيه بهذا التأويل.
ز: بمعنى المالك (2)،قال اللّه تعالى ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ (3)و قوله تعالى: وَ هُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ (4)أي على مالك رقبته،و لو أريد هذا المعنى من المولى في المقام كان معناه:من كنت مالك رقبته،فعليّ مالك رقبته6.
ص: 67
أيضا.و لا يراد منه الملكيّة الشرعيّة حتّى يصحّ له بيعه ضرورة،فيكون معناه التشبيه في وجوب الطّاعة عليه و أولويّة المولى في أمره،فيتمّ به الغرض أيضا.
ح: الناصر،و منه قوله تعالى: بِأَنَّ اللّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ أَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ (1).و لو أريد منه معنى الناصر كان معنى قوله«من كنت ناصره»فعليّ ناصره أيضا،ضرورة اتّحاد معنى مولويّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله مع مولويّته عليه السّلام،و معنى نصرة الرسول لأمّته لا يصحّ و لا يناسب إلاّ بمعنى هدايته و نصرته على الأبالس و نفسه الأمّارة، و به يتمّ المرام.
ط: المحبّ،و محبّة الرّسول،لأنّه ليس إلاّ من جهة الهداية.
ي: السيّد المطاع،و هو المولى المتبادر عند الإطلاق.
يا: المولى،بمعنى الأولى،و منه قوله تعالى فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَ لا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْواكُمُ النّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ (2)أي أولى بكم (3).
ذكره أبو عبيدة (4)،و استدلّ بشعر لبيد (5)،و الأخطل (6)،و وافقه في ذلك ابن قتيبة (7)6.
ص: 68
و الفرّاء (1)،و أبو بكر الأنباري (2)في أنوار البصائر.
و قد رووا عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بطلان النكاح بغير إذن المولى،و (3)فسّر بالاتّفاق بمعنى الأولى.
و ذكره في الصّحاح (4)،و القاموس (5)،و استند بشعر الأخطل،و الجزريّ (6)في النهاية،في تفسير قول عمر:اصبحت مولاي و مولى كلّ مؤمن و مؤمنة.
و قد اعترف به سعد الدّين في شرح المقاصد (7).
و نصّ عليه أيضا الحافظ أبو الفرج يحيى بن سعيد الثقفيّ الاصفهانيّ في كتابه المسمّى ب«مرج البحرين»،فإنّه روى هذا الحديث و قال:أخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بيد عليّ عليه السّلام و قال:من كنت مولاه فعليّ وليّه (8).
فلا مجال لإنكار بعضهم كون المولى بمعنى الأولى بكم من أنفسكم في صدر2.
ص: 69
الرواية،أخذا من قوله تعالى اَلنَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ (1)[فلمّا سألهم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله]فقالوا:بلى،قال:من كنت مولاه فعليّ مولاه؛كما رواه أحمد بن حنبل بإسناده عن زيد بن أرقم،و قد مضى،و نحوه في حديث حذيفة بن رشيد الغفاريّ.
رواه المحدّث الحسيني (2)عطاء اللّه بن فضل اللّه في أربعينه في مناقب أمير المؤمنين عليه السّلام،قال:لمّا صدر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله-أي رجع-من حجّة الوداع،نهى أصحابه عن شجرات بالبطحاء متقاربات أن ينزلوا تحتهنّ،ثمّ بعث إليهنّ فقمّ ما تحتهنّ من الشّوك ثمّ عمد إليهنّ فصلّى تحتهنّ،ثمّ قام فقال:أيّها النّاس إنّ اللّه مولاي،و أنا مولى المؤمنين،و أنا أولى بهم من أنفسهم،فمن كنت مولاه فهذا مولاه-يعني عليّا-اللّهمّ وال من والاه،و عاد من عاداه.الحديث.
و يشهد به أيضا في ذيل الحديث«اللّهمّ أدر الحقّ معه حيث كان»،و رواه الترمذيّ (3)في جامعه،و أبو المؤيّد الجزريّ (4)في مناقبه،و في رواية أحمد (5)عن بريدة عن أبيه،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:من كنت وليّه فعليّ وليّه.
و ظاهر أنّ الوليّ هو الأولى بالمولّى عليه؛و يؤيّده روايات،و وردت آية إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ الآية،في حقّه،و هذه المولويّة الّتي قالها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،في حقّ عليّ عليه السّلام يوم غدير خمّ إنّما هي تفسير قوله تعالى إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ و قوله تعالى اَلنَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ و هذا نصّ صريح على إمامته و ولايته عليه السّلام على كافّة الأمّة،سواء أخذ المولى بمعنى الأولى،أو بمعنى السيّد المطاع،إذ المعنيان متقاربان،و غيرهما من المعاني غير ظاهر عنه عند الاطلاق1.
ص: 70
كما لا يخفى؛لا سيّما إذا قامت القرائن الحاليّة و المقاليّة بخلافها،كما في المقام من وجوه كثيرة عرفت بعضها.
قال ابن الجوزيّ في تذكرة الخواصّ (1)-من أعلام المخالفين-بعد حديث«من كنت مولاه فعليّ وليّه»:و هذا نصّ صريح في إثبات إمامته و قبول طاعته،و كذا قوله صلّى اللّه عليه و آله:«و أدر الحقّ معه كيف ما دار»نصّ صريح في ذلك،قال:و إجماع الأمّة منعقد على أنّه ما جرى بينه عليه السّلام و بين أحد من الصّحابة،إلاّ و كان الحقّ مع أمير المؤمنين.ألا ترى أنّ الفقهاء استنبطوا أحكام البغاة من وقعة الجمل و صفّين.
و أيضا يشهد بما ذكرناه ما رواه ثقات الفريقين في الأصول و الجوامع المقبولة المشهورة.
منهم أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره،قال:و ما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في ذلك طار في الأقطار و شاع في البلاد و الأمصار،فبلغ ذلك النعمان بن الحرث الفهريّ، فأتاه على ناقة له،فأناخها على باب المسجد،ثمّ قال:يا محمّد إنّك أمرتنا أن نشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أنّك رسول اللّه فقبلنا منك ذلك،ثمّ لم ترض بهذا حتّى رفعت بضبعي ابن عمّك ففضّلته على الناس،و قلت«من كنت مولاه فعليّ مولاه».
فهذا شيء من اللّه أو منك؟
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله-و قد احمرّت عيناه-:و اللّه الّذي لا إله الاّ هو إنّه من اللّه و ليس منّي،قالها ثلاثا؛فقام ابن الحرث و هو يقول:اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك.«و في رواية:إن كان ما تقول حقّا»فأمطر علينا حجارة من السّماء أو ائتنا بعذاب أليم،قال:فو اللّه ما بلغ باب المسجد حتّى رماه اللّه بحجر من السّماء فوقع على هامّته،فخرج من دبره فمات،فأنزل اللّه سبحانه سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ (2)ن-
ص: 71
الآية.
أقول:و هذا الحديث في سبب نزول هذه الآية قد رواه الفريقان بنقل الثقات، [و هو]مشهور بينهم.و هذا نصّ في أنّ المولويّة المذكورة في حديث الولاية و المولويّة يوم غدير خمّ أريد منه السيّد المطاع و الأولى بالنّاس من أنفسهم،و هو نصّ صريح على إمامته و خلافته عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بعده من اللّه سبحانه و تعالى؛و هو ما استدلّ به كافّة أصحابنا على إمامته و خلافته نصّا من اللّه و رسوله في المصارع الكلاميّة،و قد اعترف به جماعة من أكابر المحقّقين من المخالفين،منهم:ابن الجوزيّ في تذكرة خواصّ الأمّة (1)في مناقب الائمّة،و ذلك لأنّ المولى بالمعاني الأخر لا يناسب المقام،و هذا الاعتراض على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و اظهار البغض من هذا الجهول العنيد حتّى ارتدّ عن الإسلام بحضرة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من جهة نسبة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى الهوى و الكذب-كما لا يخفى-و سمّاه اللّه في نزول سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ كافرا تلويحا؛بل سمّاه كافرا لمّا أنكر ولاية عليّ عليه السّلام،و هو عندنا اجماع ثابت عن أهل بيت العصمة و الطّهارة،مضافا إلى ما سيأتي إن شاء اللّه من التنبيه مع ما مضى.
سلّمنا أنّ لفظة«مولى»مشترك بين المعاني المذكورة،إلاّ أنّ المتبادر الشائع منها هو السيّد المطاع و الأولى بالتصرّف و صاحب الاختيار،كما كان للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله.
و قد اعترف سعد الدّين العلاّمة التفتازاني به في شرح المقاصد (2)،و أنّه حقيقة.
سلّمنا،لكنّ الحمل على الفرد الكامل و الأفيد في المقام عرف شائع،و ليس إلاّ السيّد المطاع و الأولى بالاختيار؛كما قاله سبحانه و تعالى لنفسه و لرسوله في3.
ص: 72
قوله تعالى: وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ (1).
على أنّا قد بيّنا أنّ الأمّة اتّفقت على فساد إرادة تلك المعاني في المقام إلاّ السيّد المطاع،و الأولى،و الناصر و المحبّ،و أنّ نصرة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأمّته ليست على أعدائهم الدنيويّة،ضرورة القطع بخلافها؛بل على الأبالس و أنفسهم الأمّارة، و هذا هو معنى الهادي؛فيدلّ على أنّ عليّا عليه السّلام هو الهادي بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و هذا معنى إمامته و وجوب طاعته.
و كذا محبّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأمّته ليست بالمعنى المتعارف،بل بمعنى حبّه لهدايتهم، كما قال تعالى إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ (2)مع أنّه ظاهر، ضرورة أنّ حبّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لهم كان في الإهداء و الإرشاد و النجاة من عذاب اللّه و سلوك سبل السّلام،و هذا معنى الإمامة.و وجوب الطاعة أيضا:أنّ المولى عين السيّد المطاع و الأولى بالتصرّف،[و]هو الأظهر في المقام حسب القرائن، و محاورة العرف و العادة،مع أنّ المحبّ و الناصر يرجعان إلى السيّد المطاع و الأولى كما عرفت.قال تعالى أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (3)[و قوله تعالى] وَ قالُوا الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَ ما كُنّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللّهُ (4)و بذلك كلّه ظهر لك فساد ما في المواقف (5)و شرح المقاصد (6)،و في الشرح الجديد و القديم للتجريد،و في الصواعق (7)من منع1.
ص: 73
أبي حاتم الرازي وقوع هذا الأمر من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فلا يكون متواترا،بل و لا صحيحا،و أنّه من الهذيانات و المزخرفات العامّيّة،أصله من جهة اللجاج و العمى و الاعوجاج،إذ مخالفة الرازي العنود الجهول لا يقدح في التواتر سندا أو معنى في الأخبار المشاعة المذاعة المرويّة في الأصول و الجوامع المشهورة المقبولة بينهم،و إن اختلفوا في اعتبار العدد في التواتر،و المشهور بين الفريقين الخاصّة و العامّة العدم-و هو الصحيح-كما ذكرنا في لبّ الأصول (1)،بل المعتبر هو ما يحصل معه العلم،كما مرّ تعريفه.
و قيل:يعتبر فيه خمس.و قيل:اثنى عشر،و قيل:عشرون في كلّ طبقة؛و كلّ ذلك خارج عن السّداد،إلاّ أنّه في المتواتر السندي لا في الأخبار المشاعة المذاعة في الأصول المعتبرة المشهورة بين الأمّة و في التواتر المعنوي،و لا أقلّ منه هنا.
و أفحش من ذلك إنكار العضدي (2)كون عليّ عليه السّلام مع النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في ذلك السفر، و ليس أمثال ذلك إلاّ معاندة محضة،لا ينكره إلاّ من له لجاج،أو في ذهنه الاعوجاج،يرشدك إليه اعتراف ابن حجر في موضع آخر من صواعقه (3)بصحّة ذلك،و أفحش من ذلك إنكار كون المولى بمعنى الأولى بالتصرّف مع غاية شيوعه فيه عرفا و نقلا من أهل اللغة،منهم أبو عبيدة (4)في قوله تعالى: مَأْواكُمُ النّارُ هِيَ.
ص: 74
مَوْلاكُمْ (1) :كما مرّ،مع أنّه يتمّ المرام أيضا إذا كان بمعنى السيّد المطاع،و يشهد على صحّة ما ذكرنا قول الغزالي في سرّ العالمين (2)،و بخبخة عمر و اعترافه بمولويّة عليّ عليه السّلام عليه و على كلّ مؤمن،كلّ ذلك مع أنّ قوله تعالى: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ معناه؛ما أنزل إليك في ولاية عليّ عليه السّلام (3)،«و إن لم تفعل» ذلك«فما بلّغت رسالته»أي كأنّك ما بلّغت رسالته،حيث أنّك إذ لم تنصب وليّا على النّاس،و مستحفظا للدّين ضاع دينك و شريعتك،فكأنّك ما بلّغت رسالته في عدم الفائدة.و يشهد به أيضا قوله تعالى وَ اللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ إذ المناسب لوعده بالعصمة في ذلك بمحضر المهاجرين و الأنصار إنّما هو أمر الخلافة و الإمامة الّذي كان هو معرض بروز نفاق المنافقين،فأوّل من برز منه قول عمر بن الخطاب (4):يا رسول اللّه هذا شيء منك أو من اللّه؛فقال:بل من اللّه،فقال عمر:بخّ بخّ لك يا بن أبي طالب،أصبحت مولاي و مولى كلّ مؤمن و مؤمنة.و أنت تعرف أنّ قول عمر هذا كان عن غضب تفوح منه رائحة الكراهة،و لو كان عن شكّ كان كفرا صريحا،0.
ص: 75
لقوله تعالى: وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحى (1)في حقّ رسوله، و لو كان من جهة تصريح النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بولاية من اللّه تأكيدا كان تسليما و رضا،و هذا ينافي فعله بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من بيعته لأبي بكر،و دعواه الخلافة بعد أبي بكر لنفسه، و أمره بالشورى بعده لعثمان و غيره.و ممّن برز نفاقه النعمان بن الحرث كما مضى،حتّى تمنّى نزول العذاب عليه لعدم رضاه بولاية عليّ عليه السّلام؛فأنزل اللّه عليه العذاب و سمّاه كافرا،و هذا تلويح إلى أنّ من أنكره كان كافرا معذّبا،و قوله تعالى وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ لا يناسب إرادة غير السيّد المطاع و الأولى من قوله«من كنت مولاه فعليّ مولاه»الّذي قاله النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بعد نزول الآية،و قد علمنا بفعله في يوم غدير خمّ و نصبه لعليّ عليه السّلام و قوله:في حقّه بما قال:أنّه المراد في الآية و من الآية.و قوله صلّى اللّه عليه و آله:«اللّهمّ وال من والاه،و عاد من عاداه،و انصر من نصره،و اخذل من خذله».و هل بقي لخذلانه إذا تركه النّاس و صاروا إلى العجل؛كما فعله اليهود في حقّ هارون وصيّ موسى عليه السّلام شيء من الخذلان،و هل بقي لمعاداته شيء حتّى قالوا:المؤمن لا يكمل إيمانه إلاّ بمعاداة عليّ عليه السّلام،و هم أظهر أفراد الناصبي الّذين أنكروا ما ثبت من الدّين و الشرع ضرورة،من وجوب موالاة أصحاب الكساء أهل بيت الرسول الّذين كان عليّ عليه السّلام رأسهم و رئيسهم و أفضلهم.
كلّ ذلك ثبت بأخبار ثقات الفريقين في الأصول المجمع عليها،مشهور في كتب السير و الحديث و غيرها،فيا ليت شعري ما الداعي إلى تأويل قول الرسول صلّى اللّه عليه و آله في يوم غدير خمّ«من كنت مولاه فعليّ مولاه»مع صدره«أ لست أولى بكم من أنفسكم؟»و ذيله يطلب النصر لناصره،و الخذلان لخاذله و المعاداة لعدوّه من ربّه عزّ و جلّ مع تلك التأكيدات و نزول آية يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ4.
ص: 76
إِلَيْكَ ،مؤكّدا بقوله وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ ثمّ مؤكّدا بقوله سبحانه وَ اللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ حتّى نزل في البطحاء و أمر بجمع الناس إليه من أمامه و ورائه،و أمر بما تحت الأشجار من الشوك فقمّ،و أمر أن ينصبوا له من هيئة المنبر من الأحجار أو غيرها،ثمّ رفع بضبع عليّ و قال ما قال:ثمّ قام عمر و استفهم أنّه من اللّه أو منه،ثمّ بخبخ،ثمّ اعترف بالمولويّة لعليّ عليه السّلام عليه و على كلّ مؤمن و مؤمنة.
ثمّ أمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بالتسليم على عليّ بإمرة المؤمنين،و شاع لقبه من ذلك اليوم بلا نكير،و كان أمير المؤمنين بأمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله اتّفاقا لا من عند نفسه؛كما فعله عمر و غيره من خلفاء بني (1)أميّة و بني العبّاس.ثمّ جاء النعمان بن الحرث الفهريّ اعتراضا على رسول اللّه أنّه منه أو من اللّه،فلمّا قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:إنّه من اللّه،قام9.
ص: 77
و قال:اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك،فأمطر علينا حجارة من السّماء أو ائتنا بعذاب أليم،فجاء حجر على هامته من السّماء و خرج من دبره و مات؛ فأنزل سبحانه و تعالى سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ الآية.
و أنزل في ذلك اليوم بعد نصب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عليّا بالإمامة و الخلافة و الولاية اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ، فقال صلّى اللّه عليه و آله:اللّه أكبر على إكمال الدّين و إتمام النعمة و رضا الربّ برسالتي و بولاية عليّ عليه السّلام،و أنشد شعراء الأصحاب في ذلك قصائد مشهورة غير مردودة بين الأمّة (1). -
ص: 78
و هذا الإسلام المرضيّ هنا هو ما ذكر في قوله تعالى وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ (1)و هو ما قاله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ (2).و هو قوله تعالى فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ (3)أي لا يكونوا مؤمنين، حَتّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ إلى قوله سبحانه وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً .
و ما الدّاعي إلى تأويل قول عمر ردّا على قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله«ائتوني ببياض و دواة أكتب لكم كتابا لن تضلّوا بعدي أبدا».فقال عمر:حسبنا كتاب اللّه (4).
فاختلف القوم في محضر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقال قوم:القول ما قاله النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و قال قوم:القول ما قاله عمر؛فارتفعت الأصوات،فقال صلّى اللّه عليه و آله:«لا ينبغي لديّ النزاع، اخرجوا»،كلّ ذلك رواه أرباب السير و الحديث؛كالبخاري في صحيحه،فتأوّله شارحه بتأويل أفحش من ذنبه،و هو أنّ ذلك كان من فقاهيّة عمر،حيث خشي أن ينصّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بشيء يخالفه النّاس فيستحقّوا العقوبة،فأراد عمر فتح باب الاجتهاد.6.
ص: 79
قلت:نعم لو لا أن يكون الدّين بالاجتهاد،كيف يصيب عمرو اخوانه ما أصابوا، و كيف ينبغي لهم دعوى خلافة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله؟!
و الحاصل: إنّ تأويل هذه النصوص من المخالفين ليس إلاّ من جهة تأويل قوله تعالى: وَ أُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ (1)في حقّهم،ثمّ قالوا:معنى قوله تعالى وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ إن لم تبلّغ جميعه كأنّك ما بلّغت رسالته،فما أدّيت شيئا،لأنّ كتمان بعضها يضيع ما أرى منها،كترك بعض أركان الصّلاة،فإنّ غرض الدعوة ينتقض به فكأنّك ما بلّغت شيئا منها،كقوله تعالى: فَكَأَنَّما قَتَلَ النّاسَ جَمِيعاً (2)من حيث أنّ كتمان البعض و الكلّ سواء في الشناعة و استجلاب العذاب.و ما قلنا من أنّ معناه:و إن لم تفعل تبليغ ولاية عليّ عليه السّلام و تنصبه خليفة و إماما و علما هاديا مستحفظا،فما بلّغت رسالة ربّك في غيره،لأنّ الدّين لا يكمل إلاّ بنصب الوصيّ المستحفظ،و النعمة لا تتمّ إلاّ بنصب الإمام القيّم،فإذا لم تنصبه مستحفظا و إماما قيّما على الدّين،ضاع سائر ما بلّغته من الشرائع،فكأنّك ما بلّغت رسالة ربّك أصلا لعدم تبليغ الركن الأعظم في تلك الشرائع،و هو أولى و أنسب و أظهر في المقام؛بل ليس إلاّ.
و أنت خبير بأنّ ترك البعض إنّما يساوي ترك الكلّ إذا كان ركنا يفوت به الكلّ، و يكون عقابه عقاب تارك الكلّ،و ليس ترك نصب القيم المستحفظ إلاّ ترك الكلّ.
ايراد و افتضاح:قال العضديّ (3)و الاصفهانيّ:لو سلّم كون المولى بمعنى الأولى لم يثبت العموم،بل يكفي الأولويّة في أمر ما،لمكان قولنا:كونه في كلام الحكيم يقتضي العموم بعد عدم ترجيح بعض أفراد المطلق،و إلاّ لأهمل التكليف،سيّما في2.
ص: 80
المقام؛ضرورة أنّ حمل المولى على الأولى في أمر ما غير معيّن و لا متعيّن تكليف بالمجمل،و تأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز.عندنا و عند المحقّقين.فالحمل على العموم من جهة الحكمة تعيين،مضافا إلى ما تقرّر في محلّه من أن حذف المتعلّق دليل العموم،و الإطلاقات راجعة إلى العموم من باب سراية الماهيّة في الأفراد؛فكانت في حكم العموم،و الأصل فيها البيان و العموم لا الإجمال و الإبهام كما زعمه بعض النّاس،كلّ ذلك مضافا إلى أنّ مولويّة عليّ عليه السّلام إنّما هي بالنيابة و الخلافة عن مولويّة الرسول،و ما للرسول إنّما هو عن اللّه سبحانه و تعالى؛و لا معنى لتخصيص مولويّة اللّه و مولويّة رسوله،و أولويّة اللّه و أولويّة رسوله ببعض الأمور،لا سيّما على وجه الإهمال و الإبهام كما زعمه هؤلاء الجهّال.
و الحديث إنّما يثبت لعليّ عليه السّلام مولويّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لا غير بحسب السياق و أصالة الحقيقة و عدم الاستخدام؛فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا، يحرّفون الكلم عن مواضعه و يقولون:هو من عند اللّه.و كذلك ما ذكر سعد الدين في شرح المقاصد (1)،و تبعه القوشجيّ من أنّه إذا ثبت إرادة المعنى بعمومه،فلا يثبت عموم الحكم في الأزمان،فلا ينافي ما ذهبنا إليه من الترتيب.
قلنا:كفى في بطلان من تقدّم عليه إعراض النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عنه،و الأصل مع عموم مولويّته على كلّ أحد،كما كانت للرسول،و منهم أبو بكر و اخوانه،و يشهد بذلك اعتراف عمر بمولويّة عليّ عليه السّلام عليه و على كلّ مؤمن و مؤمنة بعد البخبخة،عند قوله صلّى اللّه عليه و آله:«من كنت مولاه فعليّ مولاه»،بل اعترف بذلك أبو بكر أيضا (2)فيث-
ص: 81
الروايات.و لم يأت بعد ذلك ناسخ لذلك و لا قول بالفصل أيضا.فتوجيه سعد دينهم بهذا بصحّة قول عمر و أبي بكر توجيه بما لا يرضي صاحبه.ضرورة أنّ عمر اعترف بمولويّته عليه و على كلّ مؤمن و مؤمنة؛و سعد الدين (1)وجّه الحديث بأنّه مولى على غير الثلاثة،فليس هذا إلاّ أنّهم أشربوا في قلوبهم العجل حتّى أعماهم كلّ العمى،و يشهد على ما ذكرناه أيضا ما يأتي في الآية السابعة.3.
ص: 82
[من المائدة]قوله تعالى اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً المائدة:3.
فقد روى الفريقان في صحاحهم أنّ الآية نزلت في عليّ عليه السّلام بعد نصب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إيّاه وليّا واليا على النّاس يوم غدير خمّ.
أمّا الخاصّة: فظاهر تواتر ذلك عندهم (1).
و أمّا العامّة: فقد روى الثعلبيّ (2)في تفسيره،و الواحدي في أسباب نزوله (3)، و في تفسيره أيضا،و الخوارزميّ (4)في مناقبه،و الحافظ أبو نعيم (5)بإسناده إلى أبي
ص: 83
سعيد الخدريّ،و الطبريّ في كتابه (1)في شأن نزول الآية،و ابن عقدة (2)،و ابن المغازليّ (3)،و أبو المؤيّد الجزريّ (4)في أسنى المطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب عليه السّلام،و أثبت فيها بالتواتر أنّ الآية نزلت في عليّ عليه السّلام،قال في ذلك أنّه لمّا نزلت آية التبليغ،و بلّغ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ولاية عليّ عليه السّلام في غدير خمّ حين أمر باجتماع النّاس،فخطب ثمّ أخذ بيد عليّ عليه السّلام و رمى به حتّى نظر النّاس إلى بياض إبطيهما، ثمّ أشار إليه و قال:«من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه»،و أمر النّاس أن يبايعوه على ذلك،و أقام هناك إلى الظهر و تمام النهار أو أكثر،على اختلاف الروايات، مقيما على أخذ البيعة و لم يتفرّق النّاس حتّى نزلت هذه الآية اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ (5)الآية.
فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:اللّه أكبر على إكمال الدّين و إتمام النعمة و رضا الربّ برسالتي و الولاية لعليّ بعدي (6).
قال الخوارزميّ:ثمّ أنشأ حسّان بن ثابت قصيدة مصدّرة بقوله:
يناديهم يوم الغدير نبيّهم،إلى أن قال:
فقال له قم يا عليّ فإنّني
رضيتك من بعدي إماما و هاديا (7)6.
ص: 84
و هي مذكورة في رواية ابن مردويه بخمسة أبيات،و في رواية المرزبانيّ في سرقات الشعراء أيضا كذلك (1).
قال أبو الحسن عليّ بن أحمد الواحدي في تفسيره:هذه الولاية الّتي أثبتها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام مسئول عنها يوم القيامة في قوله تعالى وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ (2)أي عن ولاية عليّ عليه السّلام،و المعنى انّهم يسألون هل والوه حقّ الموالاة كما أوصاهم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،أم أضاعوها و أهملوها.انتهى كلام الواحدي من أعلام المخالفين.
و هذه الآية نزلت في السؤال عن ولاية أمير المؤمنين عليه السّلام من طريق أصحابنا أيضا (3)،كما ذكره الواحديّ من علماء الجمهور،و أنت تعرف أنّ ما فعله النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من نصب عليّ عليه السّلام وليّا بالنصّ الجليّ،ثمّ نزلت آية التكميل،كأنّ بيان المراد بالآية و أنّ ولاية عليّ عليه السّلام هي إكمال الدّين و إتمام نعمة ربّ العالمين،و هي النعمة الّتي قال تعالى: يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها (4)،و هي الإسلام المرضيّ في قوله تعالى: وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ ؛و قال هنا: وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً .
و ثبت عدم الفصل بقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله«و رضا الربّ برسالتي و بولاية عليّ عليه السّلام من بعدي»زيادة على مقتضى الإطلاق و أصالة عدم ولاية أبي بكر و إخوانه،فلا ريب أنّ خلافة أبي بكر و أضرابه كانت بدعة في الدين،لأنّ الدّين قد تمّ بولاية3.
ص: 85
عليّ عليه السّلام بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و كمل،فلا يكون غيره إلاّ بدعة،و كلّ بدعة ضلالة،و كلّ ضلالة سبيلها إلى النار (1).
و من طريق أصحابنا في قوله تعالى في المائدة أيضا وَ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَ مِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ (2)الميثاق ميثاق ولاية عليّ عليه السّلام لمّا أخذه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عليهم فقالوا: «سَمِعْنا وَ أَطَعْنا» ،ثمّ نقضوه.
رواه عليّ بن إبراهيم القمّيّ في تفسيره (3)إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَ أَطَعْنا كما قال عمر:
بخ بخ يا بن أبي طالب أصبحت مولاي و مولى كلّ مؤمن و مؤمنة (4)،ثمّ نقضوه و اتّفقوا على مخالفة اللّه و رسوله في ولاية عليّ عليه السّلام. إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ أي بما في صدوركم من المخالفة و بغض عليّ عليه السّلام و نحو ذلك؛و هذا إشارة إلى مخالفتهم بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،كما فعلوا.
و في بعض روايات العامّة (5)و الخاصّة (6)نزول آية الكمال قبل آية التبليغ و بعد قوله تعالى إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ الآية نزلت في حجّة الوداع عصر يوم عرفة و النبيّ صلّى اللّه عليه و آله واقف بعرفات،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:أمّتي حديثو عهد بالجاهليّة،فمتى أخبرتهم بهذا في ابن عمّي،يقول قائل...الخ.و يمكن الجمع بنزولها عليه مرّتين (7)تأكيدا،و في صدر هذه الآية قوله اَلْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ ،و ذلك لمّا نزلت ولاية أمير المؤمنين عليه السّلام.0.
ص: 86
رواه القمّيّ (1)منّا،و صاحب كتاب النشر و الطيّ حكاه ابن طاوس (2)في إقباله.
و ذلك المفاد هو أنّ اليوم يئس الّذين كفروا من دينكم بعد نصب الوليّ المستحفظ للدّين،و انقطع طمعهم في ضياعه،حيث إنّ الدّين بلا مستحفظ ضائع،فحيث روي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نصب عليّا واليا على أمّته،قيّما على دينه،انقطع طمعهم في ضياع دينه و انقطاع أثره بعده،و علموا أنّه باق،و اللّه العالم.ّ.
ص: 87
من الأعراف:قوله تعالى: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنّا كُنّا عَنْ هذا غافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَ كُنّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَ فَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ 172،173
فمن علماء الجمهور[رواها]ابن شيرويه في كتاب الفردوس (1)،حكاه العلاّمة الحلي من أصحابنا في (2)منهاج الكرامة في دلائل الإمامة،رفعه عن حذيفة اليماني،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:لو يعلم النّاس متى سمّي عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين ما أنكروا فضله،سمّي أمير المؤمنين و آدم بين الروح و الجسد،قال
ص: 88
اللّه عزّ و جلّ: «وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ» الآية،فقال:أنا ربّكم و محمّد نبيّكم و عليّ إمامكم و أميركم.
و الحافظ أبو نعيم استخرجها من الاستيعاب لابن عبد البرّ،حكاه في أنوار البصائر.
أقول:و هذا المعنى و هو أخذ عهد الإمامة و الولاية و الإمارة لعليّ بن أبي طالب في عهد«أ لست»في ضمن أخذ عهد الربوبيّة و النبوّة في عالم الذرّ قبل خلق هذا العالم،قد رواه أصحابنا (1)بطرق صحيحة معتبرة عن أهل العصمة و الطهارة،فيكون هذا الخبر ما رواه الفريقان و يشهد به الاعتبار أيضا،و كفى به فضلا و حجّة على إمامته و إمارته على كلّ مؤمن و مؤمنة في كل زمان و أوان بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،مع أنّه يكفي في ذلك أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لقّبه بأمير المؤمنين يوم غدير خمّ (2)، و اشتهر به بلا نكير و إنكار بين الأمّة،و كفى به حجّة على الإمامة و الخلافة حتّى على الخلفاء الثلاثة.ن.
ص: 89
في براءة؛قوله تعالى كُونُوا مَعَ الصّادِقِينَ 119.
فقد نزلت هذه الآية في عليّ و أولاده المعصومين صلوات اللّه عليهم أجمعين لرواية ثقات الفريقين.
أمّا الخاصّة: فقد رووه في الكافي (1)،و مجمع البيان (2)،و إكمال الدّين (3)،و تفسير القمّي (4)و غيرها (5).
و أمّا العامّة (6) :فقد روى الحافظ أبو نعيم (7)،و الفاضل ابن الجوزي في تذكرة الخواصّ.عن ابن عبّاس أنّها نزلت في عليّ عليه السّلام،و معناه كونوا مع عليّ عليه السّلام و أهل
ص: 90
بيته،قال:و عليّ سيّد الصادقين.و في تذكرة الخواصّ قال مجاهد الخطاب لعليّ عليه السّلام،و هو في حقه على وجه التأكيد (1).
و استدلّ بها أصحابنا على أنّ زمان التكليف لا يخلو من إمام (2)معصوم يتمّ به الحجّة،لأنّ الأمر على الاطلاق بالكون مع الصادقين،ليس معناه إلاّ متابعتهم و التزامهم بالمعيّة،و المشايعة فرع وجودهم،و إلاّ لزم التكليف بالمحال لعدم ما يدلّ على رفعه،و لا يجب متابعة غير المعصوم عقلا و نقلا،فوجب-لأداء التكليف-أن يكون في كلّ قرن إمام معصوم حتّى يكون الكون معه و التزامه بالمتابعة و الطاعة،و لم يكن غير عليّ و أولاده الطاهرين صلوات اللّه عليهم أجمعين معصوما اتّفاقا،فانحصر فيهم،كما رواه الفريقان.
ثمّ ما أقبح ما أوّله به الفخر الرازيّ في تفسيره هنا من أنّ المراد بالصّادقين هو الإجماع؛لبعده عن الطبع السليم و الفهم المستقيم،مع أنّه مجاز بلا ريب، فلا يصار إليه إلاّ بالقرينة،و ليست بخلاف ما حملناها عليه من متابعة عليّ و أولاده،ضرورة عدم كونه مجازا،إلاّ أنّه وجب تقدير رجال معصومين في القرون و أزمنة التكليف؛لقبح التكليف و الأمر بالكون معهم في السّلوك إلى اللّه و السير في اللّه مقدّمة؛و لا ضير.
على أنّا نقول:بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قبل انعقاد الإجماع،هل كان من أزمنة هذا التكليف أولا؟و على الأوّل لزم إمّا التكليف بما لا يطاق و هو باطل،أو الاعترافا.
ص: 91
بوجود إمام معصوم غير الإجماع،و هو المطلوب.و على الثاني لزم التقييد بلا دليل،فإذا بطل الشقّ الثاني تعيّن الأوّل،و هو المطلوب،و أيضا إطلاق الأمر بالكون مع الصادقين يقتضي الكون معهم في كلّ أمر من الأمور،و لا ريب في عدم تحقّق الإجماع في كلّ أمر من الأمور،فبطل كلامه السخيف.
و في[سورة]البراءة أيضا قوله تعالى: وَ أَذانٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ فقد روى الفريقان (1)أنّ المؤذن هو عليّ عليه السّلام يوم قراءة آيات البراءة على المشركين في الموسم،و رواه من الجمهور أحمد بن حنبل:و فيه دلالة على أنّ عليّا كان منصوبا من اللّه و رسوله على الأوّل،و الأصل بقاء حكمه.9.
ص: 92
من سورة هود؛قوله تعالى: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَ مِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَ رَحْمَةً 17.
فقد روى الفريقان في الأصول و الصحاح أنّ المراد هو أنّ محمّدا كان على بيّنة و معجزة من ربّه هو القرآن،و يتلو هذا القرآن الّذي هو معجز النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عليكم حقّ التلاوة،شاهد من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله هو عليّ بن أبي طالب عليه السّلام.
رواه من أصحابنا جماعة منهم:الكلينيّ (1)عن الكاظم و الرضا عليهما السّلام،و في مجمع البيان (2)عن أمير المؤمنين و الباقر و الرضا عليهم السّلام،و القمّيّ (3)عن الصادق عليه السّلام، و العيّاشيّ (4)عنه أيضا،و عن أمير المؤمنين عليه السّلام،ما من رجل من قريش إلاّ و قد أنزلت فيه آية أو آيتان من كتاب اللّه،فقال له رجل من القوم:فما نزل فيك يا أمير المؤمنين؟فقال:أ ما تقرأ الآية الّتي في هود أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ
ص: 93
وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ محمّد صلّى اللّه عليه و آله على بيّنة من ربّه،و أنا الشاهد.
و في الأمالي (1)،و البصائر (2)مثله،و في الأمالي«و أنا الشاهد،و أنا منه»،و في البصائر«و أنا الشاهد له فيه و أتلوه معه».
و في الاحتجاج (3)أنّه سئل عن أفضل منقبة له؛فتلا هذه الآية،و قال:أنا الشاهد من رسول اللّه.
و فيه أيضا في حديث:قال بعض الزنادقة:و أجد اللّه يخبر أنّه يتلو نبيّه شاهد منه،و كان الّذي تلاه عبد الاصنام برهة من دهره؛فقال عليه السّلام:و أمّا قوله(و يتلوه شاهد منه»فذلك حجّة اللّه أقامها اللّه على خلقه،و عرّفهم أنّه لا يستحقّ مجلس النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلاّ من يقوم مقامه،و لا يتلوه إلاّ من يكون في الطهارة مثله،لئلاّ يتسع لمن ماسّه حسّ الكفر في وقت من الأوقات انتحال الاستحقاق بمقام الرسول صلّى اللّه عليه و آله،و ليضيق العذر على من يعينه على إثمه و ظلمه،إذ كان اللّه قد حظر على من ماسّه الكفر تقلّد ما فوّضه إلى أنبيائه و أوليائه،بقوله تعالى لإبراهيم لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ أي المشركين،لأنّه سمّى الظلم شركا بقوله إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ فلمّا علم إبراهيم أنّ عهد اللّه تبارك و تعالى اسمه بالإمامة لا ينال عبدة الأصنام،قال وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ (4).
و اعلم:أنّ من آثر المنافقين على الصادقين،و الكفّار على الأبرار،فقد افترى إثما عظيما،إذ كان قد تبيّن في كتابه الفرق بين المحقّ و المبطل و الطاهر و النجس،و المؤمن و الكافر،و أنّه لا يتلو للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله (5).1.
ص: 94
و عند علماء الجمهور أبو إسحاق الثعلبيّ في تفسيره عن ابن عبّاس:أنّ الشاهد هنا عليّ عليه السّلام،و أنّه من رسول اللّه في القرب و النّسب.
و قال الثعلبيّ (1)،عن زادان:سمعت عليّا عليه السّلام يقول:و الّذي فلق الحبّة و برأ النسمة،لو ثنيت لي و سادة لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم،و بين أهل الإنجيل بإنجيلهم،و بين أهل الزّبور بزبورهم،و بين أهل الفرقان بفرقانهم،و الذي نفسي بيده ما من رجل من قريش جرت عليه المواسي إلاّ و أنا أعرف له آية تسوقه إلى الجنّة،أو تقوده إلى النّار.فقال له رجل:يا أمير المؤمنين،فما آيتك التي أنزلت فيك؟فقال: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ .
و رواه أيضا ابن المغازليّ (2)،و ابن جرير الطبريّ (3)،و الحافظ أبو نعيم (4).و قال الفخر الرازيّ (5)ذلك من جملة تفسير الآية.
أقول:قول الفخر الرازيّ اجتهاد في مقابلة النصّ،فإنّ النصّ إذا ورد في تفسير الآية من ثقات الفريقين بلا معارض،فلا وجه لتفسيرها بغيره.
ثمّ أقول:حرّرنا في تعليقاتنا على الصافي في تفسير الآية هكذا:قوله وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ و معناه:محمّد على بيّنة من ربّه و هو القرآن،و«يتلوه»يعني هذا القرآن عليكم«شاهد»من محمّد من أهل بيته:عليّ و أولاده من أوصيائه، و يؤيّده قوله تعالى في الأنعام وَ أُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَ مَنْ بَلَغَ (6)معناه:و من بلغ إليه هذا القرآن من أوصيائي،فينذركم به أيضا،و تذكير الضمير9.
ص: 95
في قوله تعالى«و يتلوه»باعتبار البيّنة و هو القرآن،«و يتلوه»على هذا من التلاوة كما اقتضاه خبر البصائر:و أتلوه معه،و هذا كلّه دليل قاطع على عدم خلوّ الأرض من حجّة اللّه من آل محمّد كما هو مذهب أصحابنا و قام عليه البرهان، و هو تالي القرآن من رسول اللّه على الناس،و لولاه لم تتمّ الحجّة عليهم.
قال عليّ عليه السّلام في نهج البلاغة:[ثمّ اختار سبحانه لمحمّد صلّى اللّه عليه و آله لقاءه،و رضى له ما عنده و اكرمه عن دار الدّنيا،و رغب به عن مقارنة البلوى]فقبضه إليه كريما صلّى اللّه عليه و آله، و خلّف فيكم ما خلّفت الأنبياء في اممها[اذ لم يتركوهم هملا بغير طريق واضح، و لا علم قائم]كتاب ربّكم مبيّنا حلاله و حرامه،و فرائضه و فضائله،و ناسخه و منسوخه... (1)
و أشار إلى كونه شاهدا لرسول صلّى اللّه عليه و آله في قوله تعالى قُلْ كَفى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ (2).
و قد صحّ بنصّ الفريقين أنّ المراد ب مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ عليّ بن أبي طالب عليه السّلام،رواه من علماء الجمهور الحافظ أبو نعيم (3)،و الثعلبيّ (4)،و قال اللّه تعالى في آصف بن برخيا وصيّ سليمان بن داود عليهما السّلام اَلَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ ، فيكون وصيّ خاتم الأنبياء هو الّذي عنده علم الكتاب كلّه،إذ وصيّ كلّ نبيّ قائم مقامه حامل علمه،و قوله تعالى وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ معناه كما أنزل لا بتحريف، كما هو دأب علماء الجمهور ممّن يقول بالاجتهاد،و فيه دلالة على الحاجة إليه في الأمّة،جوابا عمّن قال«حسبنا كتاب اللّه»،يعني،نعم حسبنا لو وجدنا له مفسّرا3.
ص: 96
و تاليا يتلوه علينا حقّ التلاوة،كما أنزل اللّه بالاجتهاد.
قال:قل يا محمّد:هذه سبيلي أدعو إلى اللّه على بصيرة ثقة و يقين بوحي و إلهام،لا باجتهاد و رأي،فيكون التابع له الداعي إلى اللّه مثله على بصيرة منذرا بالقرآن،تاليا له.
ثمّ أقول:و على أخذ«يتلو»من التلو بمعنى المتابعة كان معناه:و يتبعه شاهد منه،و بعضه كما هو مقتضى خبر الاحتجاج.
و لعلّه يشير إليه أيضا قوله تعالى قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي (1)،و يكون هذا نصّا على أنّ القائم مقام النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بعده إنّما يكون من أهل بيته عليّ و أولاده عليهم السّلام بالاجماع المركّب،إذ لا خلاف بين الأمّة أنّ الإمام بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله القائم مقامه لا يخلو من عليّ و أبي بكر،فإذا بطل إمامة أبي بكر بعدم كون من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،تعيّن الإمامة في عليّ عليه السّلام بلا فصل و لا فصل بعده،إذ كلّ من قال بإمامة عليّ عليه السّلام بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بلا فصل،قال بإمامة أولاده لا غير.
ثمّ إنّه لم يقل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأحد«إنّه منّي»إلاّ لعليّ عليه السّلام و أولاده؛قال صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام:«أنت منّي و أنا منك» (2).
و قد صحّ عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله برواية العامّة (3)و الخاصّة (4)أنّه قال:«عليّ منّي و أنا4.
ص: 97
منه».
من ذلك ما رواه البخاريّ (1)من الجزء الخامس من صحيحه،و ابن المغازليّ (2)في المناقب،و الأندلسيّ في الجمع بين الصحاح الستّ بعدّة طرق،و ابن حنبل في المسند (3)،و صاحب المشكاة المبارك (4)من علماء المخالفين،كلّهم عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:أنا من عليّ و عليّ منّي،و هو وليّ كلّ مؤمن من بعدي،لا يؤدّي عنّي إلاّ أنا أو عليّ.
و أخرج الترمذيّ (5)قوله صلّى اللّه عليه و آله:عليّ منّي و أنا منه،و لا يؤدّي عنّي إلاّ أنا أو عليّ.قال:و هذا حديث حسن،و أخرج أحمد في الفضائل (6)بمعناه،و فيه:لا يؤدّي ديني إلاّ عليّ عليه السّلام.
و يشهد له أخبار ردّ أبي بكر من الطرق بأمر جبرئيل عليه السّلام من اللّه تعالى في قصّة قراءة آيات البراءة على المشركين،و أمر عليّ بأخذها منه و قراءتها على مشركي العرب،معلّلا بأنّه لا يؤدّي منّي إلاّ أنا أو رجل منّي (7).ر-
ص: 98
و قد تواتر ذلك عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في الأخبار من الطرفين و كتب السّير-كما لا يخفى-مضافا إلى أخبار اتّحادهما في النّور بقوله:أنا و عليّ من نور واحد (1)، و آية«أنفسنا»؛ضرورة أنّ نفس الرسول من الرسول،بل لا أقرب منه من ذلك، و كلّ ذلك دليل على أنّ المراد بالشاهد منه في الآية الشريفة هو عليّ بن أبي طالب ليس إلاّ (2).
و بطل قول الرازيّ في تفسيره،إذ إنّه من تفاسير الآية،لا أنّه متعيّن فيه،إذ حمل على أنّ المراد بالشاهد منه هو لسانه الشريف،و هو حمل بعيد مخالف للنصوص المذكورة،مع أنّه يكفي في المطلوب،لأنّه إذا كان ذلك من تفسيرها ثبت المدّعى به أيضا،و هو أنّ عليّا هو الشاهد من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في الآية،مضافا إلى دلالة العرف و المحاورة أنّ الشاهد من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله هو من أهل بيته،و من نوره،و عليّ سيّد أهل بيته.
قوله صلّى اللّه عليه و آله:«عليّ منّي»يدلّ على مكانة أمير المؤمنين و منزلته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من كاهل المجد إلى أعلى ذروته،فإنّه صلّى اللّه عليه و آله لمّا قال:سلمان منّا أهل البيت (3).دلّ
ص: 99
على شرف له و مجد فاق به أقرانه بلا خلاف بين الأمّة،فلمّا أضاف عليّا عليه السّلام إلى نفسه بقوله:«عليّ منّي» (1)سما به عن تلك المرتبة و تجاوز به عن تلك المنزلة، و لو اقتصر على ذلك كانت رتبته متعالية عن رتبة سلمان في هذه الرواية مع قطع النظر عن غيرها،فلمّا قال صلّى اللّه عليه و آله:«و أنا من عليّ»فجعل نفسه الشريفة من عليّ عليه السّلام، دل على أنّ كلّ منهما أصل للآخر و كلاهما من نور واحد؛كما تواتر ذلك عنه في صحاح الفريقين،و ارتقى به عن أقصى ما يطمعه و يتمنّاه المرء في معارج الفضل و الشرف و المجد و العلى،ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء.
إذا عرفت هذا،فاعلم:أنّ الآية الشريفة تدلّ على أنّ من يستحقّ الخلافة و الإمامة بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله هو عليّ بن أبي طالب عليه السّلام،لأنّه هو الشاهد من رسول اللّه، التالي لكتاب اللّه،التابع لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (2)،الّذي هو بعده بوضع اللّه،و لا نعني بالخليفة و الإمام إلاّ هذا،مضافا إلى ما جاء في الروايات من طريق أصحابنا (3)أنّ الآية كانت في النزول هكذا أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ إماما و رحمة وَ مِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى ؛فيكون إماما و رحمة حالا من الشاهد المذكور،فيكون نصّا في إمامته.
و إنّما غيّره المحرّفون لكتاب اللّه (4)،و معناه أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ و هو القرآن«و يتلوه»أي يتلو هذا القرآن عليكم حقّ تلاوته«شاهد منه»أي من رسول اللّه،بناء على أخذ«يتلوه»من التلاوة و ارجاع ضمير المفعول إلى البيّنة الّتي هي القرآن،أو يتعقّب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله شاهد منه بناء على أخذ«يتلوه»من التلوح.
ص: 100
و ارجاع الضمير إلى النبيّ،كما في«منه».و هذا أنسب بتذكير ضمير المفعول في «يتلوه»،و عليه،فلا يمكن حمل الشاهد منه على لسانه الشريف،و الّذي يتعقّب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقوم مقامه،و في الكلام حذف تقديره أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ ،كمن كان يريد الحياة الدّنيا،كيف و بينهما بون بعيد.
في إيراد قصّة ردّ أبي بكر من قراءة آيات البراءة،لمناسبة المقام من جهة قول جبرئيل«لا يؤدّي عنك إلاّ أنت أو رجل منك».
قال علماء السّير:بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أبا بكر في سنة تسع (1)من الهجرة ليحجّ بالنّاس،و قال له:إنّ المشركين يحضرون الموسم و يطوفون بالبيت عراة،و لا أحبّ أن أحجّ حتّى لا يكون ذلك؛و أعطاه أربعين آية صدر«براءة»ليقرأها على أهل الموسم،فلمّا سار دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليّا عليه السّلام و قال أدرك أبا بكر فخذ منه الآيات و اقرأها على النّاس،و دفع إليه ناقته العضباء؛فأدرك أبا بكر بذي الحليفة (2)فأخذ منه الآيات؛فرجع أبو بكر إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال:بأبي أنت و أمّي،هل نزل فيّ شيء (3)؟فقال:لا،و لكن لا يبلغ عنّي إلاّ رجل منّي (4).
و أخرج أحمد معناه (5)في الفضائل،و فيه أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:جاءني جبرئيل
ص: 101
و قال:ابعث بها عليّ بن أبي طالب عليه السّلام،فلمّا كان يوم النحر قرأها عليه السّلام كما أمره رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.
أقول:لا خلاف بين الأمّة في هذه القصّة من عزل أبي بكر و نصب عليّ عليه السّلام بأمر جبرئيل عليه السّلام عن اللّه سبحانه و تعالى،قد رواه الفريقان في الأصول و الصّحاح بطرق كثيرة تبلغ التواتر؛فمن ذلك ما رواه في صحيح البخاريّ في الجزء الخامس (1)، و تفسير الثعلبيّ (2)في سورة براءة،و في الجمع بين الصّحاح في الجزء الثاني (3)،ما حاصله أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بعث أبا بكر مع آيات من براءة إلى أهل مكّة،فلمّا بلغ ذي الحليفة (4)بعث إليه عليّا فردّه،فرجع أبو بكر فقال:هل نزل فيّ شيء؟قال رسول اللّه:لا،و لكن جاءني جبرئيل و قال:لا يؤدّي عنك إلاّ أنت أو رجل منك.
و ما رواه محمّد بن جرير الطبريّ من المخالفين في تاريخه في حوادث سنة ستّ من الهجرة:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر عمر بن الخطاب فأبى و اعتذر-و هذا لفظه في التاريخ-ثمّ دعى عمر بن الخطّاب ليبعثه إلى مكّة ليبلغ أشرف قريش،فقال عمر:
يا رسول اللّه،إنّي أخاف قريشا على نفسي (5).
أقول:و هذا دليل على فسق عمر،بل كفره،لقوله تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (6).و إنّه لم يثق بالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قوله،قال الطبريّ:ثمّ بعث أبا بكر أوّلا ثمّ عزله ثانيا.
أقول:فيه تنبيه على أنّه لا يصلح للنيابة الجزئيّة في حياته المنوط قصور نظره3.
ص: 102
بنظر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فضلا عن الولاية الكلّيّة بعد وفاته،فهو تنبيه على خطاء الأمّة و اجتهادهم في اختياره،و من هنا استدلّ أصحابنا على فساد خلافة أبي بكر بهذه القصّة.
و قالوا:إنّما بعثه أوّلا ثمّ عزله ثانيا إعلاما للأمّة أنّه لا يصلح للتبليغ عنه إلاّ هو أو رجل منه،و هو عليّ بن أبي طالب عليه السّلام؛و لعلّ بعثه أوّلا إنّما كان مقدّمة للإعلام بعدم كونه قابلا،و أنّ الوحي من اللّه تعالى إنّما اختصّ بعليّ؛و فيه تنبيه على فساد القول بتفويض أمر الخلافة إلى الأمّة،حيث أنّ اللّه لم يرض بفعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فكيف يفوّض إلى الأمّة و السفهاء،و في قضيّة اختيار موسى عليه السّلام سبعين رجلا للميقات دلالة على فساد العمل بلا وصيّ من اللّه تعالى،حيث كشف كفر هؤلاء المختارين، فتدبّر.
ص: 103
من سورة الرعد؛قوله تعالى إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ 7
فقد روى الفريقان:أنّها نزلت في عليّ عليه السّلام.
أمّا الخاصّة: فمن ذلك ما رواه في الكافي عن الباقر عليه السّلام-و هو من التابعين، و قوله حجّة عند المخالفين أيضا-[في قول اللّه عزّ و جلّ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ] (1)قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أنا المنذر،و لكلّ زمان منّا هاد يهديهم إلى ما جاء به نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه و آله،ثمّ الهداة من بعده عليّ،ثمّ الأوصياء واحدا بعد واحد.
و عن الصّادق عليه السّلام:كلّ إمام هاد للقرن الّذي هو فيهم (2).
و مثله في الإكمال (3)،و رواه القمّيّ (4)،و العيّاشيّ (5)،و غير واحد من العامّة و الخاصّة في غير واحد من الأسانيد،و القمّيّ (6)هو ردّ على من أنكر في كلّ عصر
ص: 104
و زمان إماما،و أنّه لا يخلو الأرض من حجّة.
و في مجمع البيان (1):لمّا نزلت هذه الآية،قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أنا المنذر،و عليّ الهادي من بعدي؛يا عليّ بك يهتدي المهتدون.
و أمّا العامّة: فمن ذلك ما رواه في مجمع الزوائد (2)عن ابن عبّاس،و في كتاب الفردوس (3)من علماء الجمهور،و الحافظ أبو نعيم (4)،و الحاكم الحسكاني (5)في شواهد التنزيل،هكذا:لمّا نزلت هذه الآية دعا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بطهر فتطهّر،فأخذ بيد عليّ عليه السّلام و ضمّها إلى صدره؛فقال:إنّما أنت منذر،ثمّ ردّها إلى صدر عليّ عليه السّلام فقال (6):لكلّ قوم هاد.
و رواه أحمد بن حنبل (7)في المسند،و الرازيّ (8)،و الثعلبيّ (9)في تفسيريهما؛بل صنّف ابن عقدة كتابا في أنّ المراد بالهادي عليّ عليه السّلام،لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ حين نزول الآية:أنا المنذر و أنت الهادي،يا عليّ بك يهتدي المهتدون من بعدي.
و عن ابن حسام أنّه قال: (10) -
ص: 105
إنّما أنت منذر لعباد و عليّ لكلّ قوم هاد
ثمّ أقول:قوله«يا عليّ بك يهتدي المهتدون»يفيد حصر الاهتداء في الاقتداء به عليه السّلام و هو قصر افراد،في مقابل من زعم الاهتداء بغيره من الصّحابة أيضا كأبي بكر و أخويه.
أقول:اختلفوا في الهادي،فقيل:هو اللّه سبحانه،و قيل:هو النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و هذا بناء على عطف «هادٍ» على «مُنْذِرٌ» ،أي إنّما أنت منذر و هاد لكلّ قوم.و قيل:كلّ من يصلح للدّعوة.
و قال أصحابنا (1):هو الإمام المعصوم القيّم على الدّين،المستحفظ لسنن المرسلين؛و هذا هو الصحيح عملا بتواتر قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:أنا المنذر و أنت الهادي يا عليّ،بك يهتدي المهتدون من بعدي؛كما رواه ثقات الفريقين،و لأنّ عطف «هادٍ» على «مُنْذِرٌ» يقتضي فصل «لِكُلِّ قَوْمٍ» بين حرف العطف و المعطوف،و هو خلاف المحاورة و الأصل؛فتعيّن ما قاله أصحابنا،و أكثر الجمهور على كون «وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ» جملة مستقلّة قدّم فيها الخبر،و ثابت لكلّ قوم هاد في الوضع الالهيّ يهديهم سبل السلام،و على هذا تكون الآية دليلا على ما تقرّر عند أصحابنا في الكتب الكلاميّة في مصارع بحث الإمامة،من أنّ أزمنة التكليف لا تخلو من حجّة للّه تعالى على عباده،و أنّ الأرض لا تخلو من إمام معصوم منصوب من اللّه،قيّم على الدّين،لئلاّ يكون للنّاس على اللّه حجّة،لقبح التكليف1.
ص: 106
بدون البيان و الوليّ المرشد المبين.أ لا ترى كيف بدأ بالخليفة قبل الخليفة (1)في قصّة آدم عليه السّلام،و جعل مدار الخلافة بالعلم و العصمة،لئلاّ يلزم نقض الغرض في التكليف.
و قد قال في موضع آخر في حقّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إِنْ أَنْتَ إِلاّ نَذِيرٌ (2)و هو من شواهد ما ذكر الأكثرون،من أنّ قوله تعالى وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ليس عطفا على «مُنْذِرٌ» .
و أمّا ما قيل:«إنّ الهادي هو اللّه»فليس يفهم من العبارة،بل المفهوم منها في العرف و العادة هو أنّه ثابت لكلّ قوم هاد منهم يهديهم سبيل الرشاد في كلّ قرن، و إلاّ تسلسل-و هو باطل-تعيّن أن يكون لكلّ قوم هاد معصوم من اللّه،و هو الإمام،و هو مذهبنا من أنّ زمان التكليف لا يخلو من إمام معصوم،و بطل ما زعمه المخالفون من عدم وجوب ذلك،ثمّ بناء على المختار ظاهر الإطلاق في الآية و البعديّة في الرواية عدم الفصل،فتعيّن أن يكون عليّ عليه السّلام إماما بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بلا فصل،مضافا إلى الحصر المستفاد من قوله«بك يهتدي المهتدون»:كما عرفت.
و الحمد للّه و له النعمة على إتمام النعمة و نصب الحجّة و إيضاح المحجّة.3.
ص: 107
من الرّعد أيضا؛ وَ فِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَ جَنّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَ زَرْعٌ وَ نَخِيلٌ صِنْوانٌ وَ غَيْرُ صِنْوانٍ أي نخلات من أصل واحد يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَ نُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ :4.
فقد روى الفريقان (1)تأويلها في محمّد و عليّ صلّى اللّه عليهما و آلهما،قال في مجمع البيان:قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ:النّاس من شجر شتّى،و أنا و أنت من شجرة واحدة (2).
و رواه المحدّث الحسينيّ عطاء بن فضل اللّه من أصحابنا في أربعينه عن جابر بن عبد اللّه،الحديث (3).
ص: 108
و رواه من علماء الجمهور الحافظ أبو بكر بن مردويه على ما نقله عنه صاحب كشف الغمّة (1)عن جابر بن عبد اللّه،أنّه سمع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقول:النّاس من شجر شتّى، و أنا و أنت يا عليّ من شجرة واحدة،ثمّ قرأ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الآية...
و يشهد له أخبار اتّحادهما في النور،و كونهما نورا واحدا إلى صلب عبد المطلب،فقسمه قسمين؛رواه الفريقان،و آية«أنفسنا»و أخبار«عليّ منّي و أنا من عليّ» (2)،ضرورة أنّ مفادها اتّحادهما في الحقيقة النوريّة.
إذا عرفت هذا،فلا ريب أنّ عليّا عليه السّلام إذا كان من طينة محمّد صلّى اللّه عليه و آله،كان معصوما متخلّقا بأخلاقه الشريفة،متأدّبا بآدابه الرفيعة،فائقا به عامّة الخلائق،من ملك مقرّب و نبيّ مرسل،لأنّه كنفس النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و هو أفضل الخلائق أجمعين.
و يشعر بكونه أفضل ذيل الآية يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَ نُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ يعني ماء الرحمة (3)قد نزل على الكلّ،و إنّما الفضل بواسطة طهارة المحلّ (4)و طيبه كقطع الأراضي،فيدلّ على طهارة عليّ عليه السّلام من رجس الآثام،فيكون معصوما و أفضل من الأمّة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فيكون إماما على من سواه من الأمّة حتّى على الثلاثة،لقبح تقديم المفضول على الفاضل (5).ل-
ص: 109
يشهد بصحّة ما استنبطناه حديث اتّحادهما في النورانيّة المتواتر بين الفريقين، فمن ذلك ما رواه أحمد بن حنبل (1)في مسنده،و ابن المغازليّ (2)في مناقبه،9.
ص: 110
و الخوارزميّ (1)في رواياته،أنّه قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:كنت أنا و عليّ بن أبي طالب نورا بين يدي اللّه قبل خلق آدم بأربعة عشر ألفا عاما.فلمّا خلق اللّه آدم قسم ذلك النّور جزءين جزءا أنا و جزءا عليّ عليه السّلام،بل في رواية ابن المغازلي«افترقنا في صلب عبد المطلب،ففيّ النبوّة و في عليّ الخلافة».
و في رواية أخرى للخوارزميّ«ثمّ أخرجه من صلب عبد المطلب فقسمه قسمين:قسما في صلب عبد اللّه،و قسما في صلب أبي طالب،فعليّ (2)منّي و أنا منه،لحمه لحمي،و دمه دمي،فمن أحبّه فبحبّي أحبّه،و من أبغضه فببغضي أبغضه».
ثمّ أقول:لا خلاف بين المحقّقين من علماء المسلمين في هذه القصّة و اتّحادهما في الحقيقة النوريّة الّتي شهدت بها آية أنفسنا،سوى ما نقل عن ابن الجوزي (3)من أنّ هذا الحديث موضوع،و قد ذمّه أصحابه حيث أكثر نسبة الوضع إلى ما ليس بموضوع (4)بين الأمّة،و ردّ مثل هذه النصوص بمجرّد الاستبعاد اجتهاد مردود.ه.
ص: 111
من سورة الرعد،قوله تعالى قُلْ كَفى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ 43.
فقد روى الفريقان أنّ المراد بمن عنده علم الكتاب عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، نزلت فيه (1).
رواه أصحابنا في الكافي (2)،و الخرائج (3)،و العيّاشيّ (4)عن الباقر عليه السّلام-و هو من التابعين و قوله حجّة عند المخالفين (5).
و القمّيّ (6)،و في مجمع البيان (7)عن الصادق عليه السّلام،و استقرّ عليه رأي
ص: 112
أصحابنا (1).
و رواه من المخالفين الثعلبيّ (2)في تفسيره،و ابن المغازليّ (3)مرفوعا،أنّها نزلت في عليّ عليه السّلام،و في منهاج الكرامة (4)للعلاّمة الحليّ منّا،من طريق الحافظ أبي نعيم (5)عن ابن الحنفية،قال:هو عليّ بن أبي طالب عليه السّلام.
و رواه في المجالس من أصحابنا عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.
ثمّ لا يخفى أنّه كفى في فضل عليّ عليه السّلام أنّ اللّه جعله حكما و شاهدا على نبوّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (6).
أمّا بشهادة عليّ عليه السّلام له،فلعلّه من جهة آدابه و أخلاقه و صدقه و أمانته،و فضله و علمه الّذي فاق به غيره بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله باعتراف الخصوم،بل فإذا كان مثله تابعا للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله مشعرا بنبوّته،كانت دعواه[في]النبوّة حقّا لا ريب فيها،أو كان وجوده عليه السّلام من علائم نبوّته في الكتب السماويّة السابقة.
إن قلت:خبر الثعلبيّ و ابن المغازلي مرفوع مرسل فلا عبرة به.
قلت:الظاهر أنّ مثل الثعلبيّ في تفسيره،و ابن المغازليّ في مناقبه لا يرسلان إلاّ عن ثقة،بل لا يحكمان بنزول الآية فيه إلاّ أن يثبت ذلك عندهما بالقطع و اليقين دون الظنّ و التخمين.
ثمّ قوله تعالى وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ (7).و في آصف بن برخيا وصيّة-
ص: 113
سليمان عليهما السّلام قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ إنّ عليّا عليه السّلام عنده علم الكتاب كلّه،و قد أتى آصف بعلمه عرش بلقيس من سبأ (1)،فعليّ أولى،و مثله لا يكون إلاّ عن وصيّ للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله إعجاز له،فيكون إماما.5.
ص: 114
من سورة الحجر،قوله تعالى إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ 47.
حكى جماعة من العامّة (1)و الخاصّة (2)أنّها نزلت في محمّد و عليّ صلوات اللّه عليهما.
أقول:قال تعالى في سورة الحجر إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنّاتٍ وَ عُيُونٍ اُدْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ وَ ما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ 45-48.
و نزولها في النبيّ و الوليّ إشارة إلى كونهما أخوين بوضع إلهيّ،و فيه مناقب لا تحصى،و يشهد له-مضافا إلى نصوص أهل الخصوص في تفسيرها بذلك- حديث المواخاة،و قصّتها مشهورة بين الأمّة،لا رادّ لها في الفريقين،نقلها أرباب السير و الحديث.
حيث إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله آخى بين أصحابه يوما و أخّر عليّا عليه السّلام،فقال عليه السّلام له صلّى اللّه عليه و آله:
ص: 115
تركتني و لم تواخ بيني و بين أحد،قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إنّما أخّرتك لنفسي،أنت أخي في الدنيا و الآخرة (1).
قوله«أنت أخي في الدنيا»إشارة إلى جعله أخاه يوم المؤاخاة؛كما آخى بين الصّحابة (2).
و من ألقابه المشهورة أنّه«أخو رسول اللّه» (3).
و قوله«في الآخرة»إشارة إلى قوله تعالى«إخوانا على سرر متقابلين»؛كما في النصوص الآتية إن شاء اللّه تعالى.و يشهد له أيضا قوله صلّى اللّه عليه و آله في حديث المنزلة «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى،إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي» (4)،يعني في كلّ وصف إلاّ النبوّة.
و منها الاخوّة المحمولة على الحسبيّ لتعذر النسبيّ.ثمّ أقول:حديث المؤاخاة رواه أحمد بن حنبل (5)في المسند،و الفضائل (6)بطرق،و مسلم في صحيحه (7)،9.
ص: 116
و الترمذيّ في صحيحه و جامعه (1)،و أبو داود في سننه (2)،و العبدريّ رزين (3)ابن معاوية في الجمع بين الصحاح الستّ عن أحمد،و أبي داود،و ابن المغازليّ في مناقبه (4)بطرق،و الخوارزميّ (5)،و الحاكم الحسكانيّ (6)،بل قال الحاكم:إنّه صحيح الإسناد،و الترمذيّ:إنّه حسن صحيح.
و في قلع الأساس:حديث المؤاخاة رواه أحمد بطرق ثمانية عن سبعة، و العبدريّ عنه،و عن سنن أبي داود،و ابن المغازليّ بطرق سبعة عن سبعة، و الخوارزميّ و مسلم في صحيحه،فالمسندون السبعة رووها بتسعة عشر طرقا عن أربعة عشر صحابيّا.
و أمّا روايات أصحابنا في قصّة المؤاخاة فلا نحتاج إلى ذكرها،و أمّا حديث المنزلة فلا خلاف فيه بين الأمّة.
رواه أئمّة الفريقين في الأصول و الصّحاح من غير نكير و إنكار بطرق كثيرة تبلغ التواتر.
أمّا أصحابنا فلا يخفى (7).
و أمّا روايات المخالفين في قوله صلّى اللّه عليه و آله لعليّ:أنت منّي بمنزلة هارون من موسى،1.
ص: 117
إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي (1).
فقد رواه البخاريّ (2)بأربعة طرق في صحيحه في سادس كرّاس تقريبا من الجزء الخامس و الرابع،في الرابع الأخير تقريبا.
و مسلم في صحيحه (3)بستّة طرق في الجزء الرابع في أوّله على حدّ كراسين تقريبا،و في الجمع بين الصّحاح (4)في الثّلث الأخير من الجزء الثالث،و الحميدي في الجمع بين الصحيحين في الحديث الثامن المتّفق عليه.
و أحمد بن حنبل في المسند،و الفضائل (5)بعشرة طرق.
و ابن المغازلي (6)في مناقبه بطرق،و لعلّها سبعة عشر.
و رواه التنوخيّ (7)بطرق،و ضبط سبعة و عشرين طريقا.
و عن التنوخيّ في كتاب حديث المنزلة (8)أنّه رواه عن ثلاثين،كلّ منهم عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.
و رواه الترمذيّ (9)بعدّة طرق.
و كذا الأسفرائينيّ،و الخوارزميّ (10)،و ابن عبد البرّ (11)،1.
ص: 118
و السجستانيّ (1)،كلّ بعدّة طرق.
و حكاه في أنوار البصائر عن المسعوديّ في مروج الذهب (2).
و رواه العبدريّ عن الصحيحين (3).
و ابن الأثير عن الصحاح الثلاث (4).
و كذا ابن الصبّاغ عن الصّحاح الثلاث (5).
و رواه الحاكم أبو نصير (6)،و الحاكم الحسكانيّ،كلّهم من أعلام المحدّثين المشهورين عند المخالفين جلّهم ممّن قبلوا حديثهم؛بل أجمعوا على قبول قولهم و حديثهم،و لم يردّ هذا الحديث الشريف سوى المعاند العضديّ في المواقف.فلا عبرة به،لاشتهاره بين الفريقين في كتب السير و الحديث على وجه لا مجال لإنكاره إلاّ اللجاج و الفساد و الاعوجاج.
فمن ذلك ما رواه في سنن أبي داود،و صحيح الترمذيّ،و في الجمع بين الصّحاح،و مسند أحمد بن حنبل،و الفضائل له،و مناقب ابن المغازليّ بعدّة طرق.
و رواه الحاكم الحسكانيّ (7)أيضا:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله آخى بين الناس و ترك عليّا عليه السّلام حتّى أخيرهم لا يرى له أخا،فقال يا رسول اللّه:آخيت بين أصحابك و تركتني؟5.
ص: 119
فقال:إنّما تركتك لنفسي؛أنت أخي و أنا أخوك،فإن ذاكرك أحد.فقل«أنا عبد اللّه و أخو رسول اللّه»لا يدّعيها بعدك إلاّ كذّاب،و الّذي بعثني بالحقّ نبيّا ما أخّرتك إلاّ لنفسي،و أنت منّي بمنزلة هارون من موسى،إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي،و أنت أخي و وارثي.
و في بعض روايات ابن المغازلي (1)زيادة قوله صلّى اللّه عليه و آله«اللّهمّ هذا منّي و أنا منه، بمنزلة هارون من موسى،ألا من كنت مولاه،فهذا عليّ مولاه»،ثمّ قال ابن المغازلي:ثمّ رأى عمر بعد ذلك عليّا عليه السّلام؛فقال:بخّ بخّ لك يا أبا الحسن،أصبحت مولاي و مولى كلّ مسلم.
و في بعض طرق ابن حنبل (2)،قال عليّ عليه السّلام للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله:ما الّذي أرث منك يا نبيّ اللّه؟قال:ما ورثه الأنبياء قبلي،قال:و ما هو؟قال:كتاب ربّهم و سنّة نبيّهم.
قال الحسكانيّ بعد ذلك:الحديث صحيح الإسناد.و في رواية الترمذيّ (3)من حديث ابن عمر بلفظ«آخى رسول اللّه بين أصحابنا؛فجاء عليّ عليه السّلام تدمع عيناه، قال:يا رسول اللّه آخيت بين أصحابك،و لم تواخ بيني و بين أحد،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أنت أخي في الدنيا و الآخرة».قال الترمذيّ:حسن صحيح.
و من ذلك ما رواه أحمد بن حنبل في مسنده (4)،و أخرج الترمذيّ بمعناه بإسناده عن زيد بن أرقم،قال:دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في مسجده،فذكر عليه قصّة مؤاخاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بين الصّحابة؛فقال عليّ عليه السّلام:لقد ذهبت روحي،9.
ص: 120
و انقطع ظهري حين فعلت بأصحابك ما فعلت غيري،فإن كان هذا من سخطك فلك العتبى و الكرامة؛فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:و الّذي بعثني بالحقّ نبيّا،ما أخّرتك إلاّ لنفسي،فأنت منّي بمنزلة هارون من موسى،إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي،و أنت أخي و وارثي،و أنت منّي في قصري في الجنّة مع ابنتي فاطمة،و أنت أخي و رفيقي،ثمّ تلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله«إخوانا على سرر متقابلين»المتحاجّون في اللّه ينظر بعضهم إلى بعض (1).
و في رواية أبي هريرة-من رواتهم-«قال عليّ عليه السّلام:يا رسول اللّه،أيّنا أحبّ إليك أنا أم فاطمة؟قال:فاطمة أحبّ إليّ منك،و أنت أعزّ عليّ منها،و كأنّي بك و أنت على حوضي،تذود عنه الناس،و إنّ عليه لأباريق مثل عدد نجوم السّماء، و إنّي و أنت و الحسن و الحسين و فاطمة و عقيل و جعفر في الجنّة،ثمّ قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله«إخوانا على سرر متقابلين»لا ينظر أحدهم في قفا صاحبه (2).
و ما رواه ابن حنبل في مسنده بإسناد عن سعد بن أبي وقاص،قال:خلّف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليّا في غزوة تبوك في أهله،فقال:يا رسول اللّه تخلفني في النّساء و الصبيان؛فقال:ألا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى،غير أنّه لا نبيّ بعدي (3).
و أخرجاه في الصحيحين (4)أيضا و اتّفقا عليه.
و حكاه ابن الجوزيّ في تذكرة الخواصّ (5)أيضا.9.
ص: 121
و ما رواه أحمد بن حنبل أيضا في كتاب الفضائل الّذي جمع فيه فضائل أمير المؤمنين عليه السّلام مسندا عن بريدة،عن أبيه،قال:خرج عليّ عليه السّلام مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى ثنية الوداع حين توجّه إلى تبوك،و هو يبكي و يقول:يا رسول اللّه خلّفتني مع الخوالف،ما أحبّ أن تخرج في وجه إلاّ و أنا معك،فقال:ألا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ النبوّة.
و أفضل ما ذكر (1):ما رواه أحمد بن حنبل في الفضائل،عن مجدوح بن زيد الباهليّ،قال:آخى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بين المهاجرين و الأنصار؛فبكى عليّ عليه السّلام،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:ما يبكيك؟فقال لم تؤاخ بيني و بين أحد،فقال:إنّما ادّخرتك لنفسي،أنت منّي بمنزلة هارون من موسى،أ ما علمت أنّه أوّل من يدعى يوم القيامة أنا،فأقوم عن يمين العرش في ظلّه فأكسى حلّة خضراء من حلل الجنّة،ثمّ يدعى بالنبيّين بعضهم على أثر بعض؛فيقومون سماطين عن يمين العرش و يساره،و يكسون حللا خضراء من الجنّة،ثمّ بك لقرابتك منّي،و يدفع إليك لوائي-و هو لواء الحمد-فتسير به بين السّماطين،آدم و من دونه و جميع الخلق يستظلون بظلّ لوائي يوم القيامة،و طوله مسيرة ألف سنة،و سنانه ياقوتة حمراء، و قصبته درّة خضراء،و له ثلاث ذوائب من نور،ذؤابة في المشرق،و ذؤابة في المغرب،و ذؤابة في وسط الدّنيا مكتوب على كلّ ذؤابة سطر،فعلى أحد الذوائب «بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» ،و على الثانية «الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ» ،و على الثالثة «لا إله إلاّ اللّه محمّد رسول اللّه»،فتسير باللّواء و الحسن عن يمينك،و الحسين عن شمالك،حتّى تقف بيني و بين أبي إبراهيم عليه السّلام في ظلّ العرش،و تكسى حلّة خضراء من حلل الجنّة،و ينادي مناد من تحت العرش:نعم الأب أبوك إبراهيم، و نعم الأخ أخوك عليّ،أبشر يا عليّ،فإنّك ستكسى إذا كسيت،و تدعى إذا0.
ص: 122
دعيت،و تحيا إذا حيّيت،و تقف على عقر حوضي تسقي من عرفت،فكان عليّ عليه السّلام يقول:و الّذي نفسي بيده،لأذودنّ من حوض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أقواما من المنافقين؛كما تذاد غريبة الإبل عن الحوض ترده.
ثمّ أقول:هنا فوائد:
الأولى: قوله صلّى اللّه عليه و آله«أنت منّي بمنزلة هارون من موسى»يفيد الوزارة و الخلافة و الوصاية و الأخوّة لعليّ عليه السّلام من محمّد صلّى اللّه عليه و آله،لأنّ هارون كان وزير موسى،لقوله تعالى وَ جَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً (1).و كان خليفة موسى لقوله تعالى اُخْلُفْنِي فِي قَوْمِي (2)و كان وصيّا له،و كان أخاه،و إذا تعذّر حمل اخوّته على النسب، فليحمل على الحسب.
و بالجملة،كلّ صفة حميدة كانت لهارون من موسى كانت لعليّ عليه السّلام من محمّد صلّى اللّه عليه و آله،إلاّ النبوّة،و استثناء النبوّة دليل إرادة عموم المنزلة.
الثانية: الوزارة من الوزر،و هو الثقل،و كون هارون وزير موسى عبارة عن تحمّل ما كان على موسى من ثقل إمامة الدّين،و هذا هو معنى الخلافة،فيكون ذلك دليلا على خلافة عليّ عليه السّلام من محمّد صلّى اللّه عليه و آله.
الثالثة: كان هارون شريكا في أمره من اقامة الدّين لعموم المنزلة في حديث المنزلة.
الرابعة: و الأخوّة مشاكلة و مشابهة،يقال للشيء أخو الشيء إذا كان بينه و بينه مشاكلة و مشابهة كلّيّة،فلمّا آخى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بين الصّحابة و قرن كلّ قرين بقرينة علمنا مشاكلة كلّ أخوين:كأبي ذر و سلمان،و أبي بكر و عمر،فلمّا لم يؤاخ بين عليّ عليه السّلام و بين غيره؛بل أخّره و ادّخره لنفسه الشريفة،علمنا أنّ عليّا عليه السّلام لا2.
ص: 123
يوازنه إلاّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فإنّ الوليّ إنّما يوازن النبيّ،و النبيّ[يوازن]الوليّ (1).
فكان عليّ عليه السّلام من محمّد صلّى اللّه عليه و آله كنفسه الشريفة،كما جعله تعالى نفس النبيّ في آية«أنفسنا»و كان من طينته و نوره.كما تواتر به الأخبار من الفريقين (2).
و كانا رضيعا لبان واحد من روح القدس؛كما أنّ أبا ذر و سلمان كذلك،و أنّ أبا بكر و عمر كانا أخوين في الدنيا و الآخرة أيضا.
و هذا الفعل من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فيه من التلويح على حقيقة عليّ و بطلان أعدائه ما لا يخفى.و فيه دلالة على أنّ عليّا عليه السّلام ناصر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في اقامة الدّين كهارون من موسى،لقوله تعالى سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَ نَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَ مَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ (3).
الخامسة: فيه إشارة لطيفة على ارتداد هذه الأمّة جلّهم و العكوف على عجل السامريّ،كما وقع لأمّة موسى،حيث كفروا بولاية هارون و تركوه إلى العجل و اعتكفوا عليه بعد ما ذهب موسى إلى ميقات ربّه،و إليه أشار بقوله سبحانه4.
ص: 124
و تعالى أَ فَإِنْ ماتَ -يعني محمّدا صلّى اللّه عليه و آله- أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ (1)،يعني إلى الجاهليّة للأولى،و الاستفهام للتقرير (2).
السّادسة: قوله صلّى اللّه عليه و آله:أنت أخي في الدنيا و الآخرة (3)،أشار إلى كونه بمنزلة هارون من موسى في الدنيا،و أخاه في الآخرة إشارة إلى قوله تعالى إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ ،كما مضى تأويله.
السّابعة: قوله صلّى اللّه عليه و آله:«و وارثي»دلالة على كونه وارث كتابه و علمه،و هذا منصب الإمام و الخليفة.
الثّامنة: قوله صلّى اللّه عليه و آله:«و أنت معي في قصري في الجنّة» (4)دليل على أنّه عليه السّلام أفضل الأمّة،بل الخلق أجمعين،ضرورة أنّه ليس في درجة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في الجنّة إلاّ من كان في درجته في العلم و العمل في الدنيا.
التّاسعة: حيث ثبت أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خلّف عليّا عليه السّلام في حياته في غزوة تبوك بنصّ الأخبار المتواترة المتتابعة المشاعة،و اتّفاق الأمّة[على أنّه]كان خليفة عنه بعد وفاته أيضا،إذ لم يثبت نسخ لفعله ذلك و لم يدّعه أحد،و لم يجيء في أثر و لا خير،و هذا ما استدلّ به أصحابنا على خلافته و بطلان قول المخالفين،[من]أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم ينصّ على خليفة بعده،فكان الأمر مفوّضا إلى اجتهاد الأمّة،فأجمعوا على خلافة أبي بكر من اجتهادهم.
إن قلت:كونه خليفة على أهل المدينة[في]غياب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،في غزوة تبوك لا يوجب عموم خلافة خصوصا في الأزمان.2.
ص: 125
قلت:استخلافه على المدينة لم يقيّد بزمان،فالعزل يحتاج إلى فسخ.ألا ترى أنّ السلطان إذا استخلف قاضيا على بلد احتاج عزله إلى ناسخ،فالأصل بقاؤه استصحابا لحال النصّ إلى أن يثبت الناسخ،و لم يفصل الأمّة بعد ثبوت خلافته عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بعد الوفاة استصحابا للنصّ إلى ثبوت الناسخ بين المدينة و غيرها، فيثبت في غيرها بعدم القول بالفصل و الإجماع المركب على أنّ العبرة إنّما هي بعموم اللفظ لا بخصوص المورد.
و قوله صلّى اللّه عليه و آله في جواب[قول]عليّ عليه السّلام«أ تخلّفني في النساء و الصبيان؟»:«ألا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى»يفيد استخلافه مطلقا؛كما كان هو لهارون من موسى،ضرورة عدم[وجود]تقييد في خلافة هارون على أمّته من موسى،ففي الحقيقة كأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في جواب الوليّ قال:لا تخصيص في خلافتك، بل خلافتك كخلافة هارون من موسى،لا أنّه تقرير للتخصيص المذكور في كلام عليّ عليه السّلام.و ما قاله عليه السّلام لم يكن اعتراضا على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،بل تمهيد لتعميم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خلافته كخلافة هارون من موسى على وجه يفيد البقاء بعد وفاته،ضرورة أنّ هارون كان لو عاش بعد موسى كان خليفة،و إنّما حال الموت بينه و بين الخلافة، لا أنّ خلافته من موسى كانت مقيّدة بزمان عمره أو بزمان رجوع موسى من ميقات ربّه لعموم اللفظ،و عدم كون المورد مخصّصا،كما تقرّر عند المحقّقين في المصارع الأصوليّة.
و بالجملة كأنّ عليّا استفهم حقيقة أو إنكارا تخصيص خلافته،فأجاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بالعموم،تنصيصا على عدم اختصاصها بأهل المدينة و بزمان سفره،بل يعمّ الأزمان و الأحوال و الأمّة،كما كان لهارون من موسى؛و بهذا ظهر فساد و هم بعضهم من أنّ خلافته كانت في سفره،أو في أهل المدينة خاصّة.هذا هو التحقيق في فقه الحديث ليس إلاّ.
ص: 126
إن قلت:يلزم من هذا كونه خليفة في زمان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و حضوره.
قلت:لا ضير و لا منافاة بين كونه خليفة عنه و كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أولى منه في التصرّفات و بالمسلمين،بل هذا محقّق لمعنى الخلافة غير مناف،كما كان هارون كذلك من موسى،و هذا كما هو مقتضى اطلاق آيات الولاية و أخبارها لعليّ عليه السّلام، ضرورة عدم تقيدها بوفاة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.نعم عموم أثر ولايته و خلافته و إمارته يظهر بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.
العاشرة: في مناقبه المستفادة من حديث الباهليّ،و هي أمور:
أحدها: أنّ عليّا عليه السّلام صاحب لواء النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،رواه الخوارزميّ (1)،و ابن حجر في الصواعق (2)،أنّ عليّا صاحب اللواء و ساقي الكوثر يوم القيامة.
و عندنا ثابت بالتواتر و الإجماع (3).
و عند المخالفين مشهور بين أكثر المحقّقين (4).
و اللواء جسم معروف أنّ اللّه أعطاه محمّدا صلّى اللّه عليه و آله،يوم القيامة يحمل بين يديه، ظلّه مسيرة خمس مائة ألف عام،أو ألف سنة على اختلاف الروايات،يستظل بظلاله جميع الخلق،كلّهم يلوذون به.9.
ص: 127
قال:«آدم و من دونه تحت لوائي» (1).
و قد نصّ على أنّ حامله بين يديه يوم القيامة هو عليّ بن أبي طالب عليه السّلام إلى الجنّة،بنصّ الخاصّة و العامّة،و هذا صورة و قالب لمعنى المرتبة الجامعة الحاوية لجميع مراتب الكمال،فإنّها لا أعظم و لا أجلّ منها،لشدّة امتدادها و قوّة إحاطتها بحيث يكون الكلّ إنّما يستفيدون الكمال منها،فكلّ كمال و جمال في عالم المعاني و في عالم الأشباح و الصور مستعار من جماله و كماله في تلك المرتبة الجامعة الحاوية؛فهي لواء الحمد الجامع لمحامد الخصال و محاسن الجمال و مجامع الكمال،فيكون آدم و من دونه تحت لوائه لما تقرّر في محلّه أن لا ملك مقرّب و لا نبيّ مرسل إلاّ و هو مستفيض من ينبوعه،و يستضيء بشمس نوره.
و لذا قال:«آدم و من دونه تحت لوائي»فاستظلال آدم و من دونه بلوائه استظلال صوريّ،و دليل على استظلال نوريّ،و عليّ هو حامل ذلك اللواء،إذ لا يطيق أحد ذلك غيره،و هذا يطابق قوله الثابت بنقل ثقات الفريقين«أنا مدينة العلم و عليّ بابها» (2).
و بالجملة كونه حامل لوائه يوم القيامة إشارة لطيفة إلى كونه خليفة عنه في الدنيا،لأنّ اللواء المذكور صورة المرتبة الجامعة و الشريعة الكاملة.لا يخفى ذلك على أولي الألباب،و هذا دليل على أنّ عليّا عليه السّلام أفضل الخلق أجمعين بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،لأنّه صاحب اللواء و المرتبة الجامعة،و قد أشار إليه في هذا الحديث الشريف بقوله:«ثمّ تسير باللواء،و الحسن عن يمينك،و الحسين عن شمالك، حتّى تقف بيني و بين أبي إبراهيم في ظلّ العرش» (3).فيكون موقف عليّ أقدم من3.
ص: 128
محمّد صلّى اللّه عليه و آله من موقف إبراهيم،و كلّ من كان موقفه أقدم كان إليه أقرب كان أفضل (1).
ثانيها: أنّه يفيد كون عليّ عليه السّلام ساقي حوض النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،الكوثر،و هذا مشهور مستفيض أيضا،و كونه ساقيا بحوض النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،إشارة لطيفة إلى أنّه صاحب شرعه و دينه و علمه،و هو منصب الإمام.
ثالثها: قوله:«تسقي من عرفت»أي كان يتولّدك و يقول بولايتك،ضرورة أنّه يعرف الكلّ بالسّعادة و الشّقاوة،لقوله تعالى وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ (2).و هم شهداء اللّه على الخلق أئمّة الهدى،سيّدهم عليّ بن أبي طالب عليه السّلام (3).
رابعها: قوله عليه السّلام:«لأذودنّ عن حوض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أقواما من المنافقين»أي من أظهر الإيمان بمحمّد صلّى اللّه عليه و آله و أبطن الكفر،و ليس إلاّ من ارتدّ عن الإسلام و الدّين بانكار ولاية أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام،و ذودهم عن الحوض صورة ذودهم عن الولاية.
خامسها: قوله صلّى اللّه عليه و آله:«ثمّ يدعى بك لقرابتك منّي»اشارة إلى آية وجوب مودّة ذي القربى في أجر الرّسالة في قوله تعالى قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي3.
ص: 129
اَلْقُرْبى (1) و ستعرف حال الآية و نزولها في عليّ عليه السّلام و أولاده الطاهرين إن شاء اللّه تعالى.0.
ص: 130
من النحل؛قوله تعالى فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ 43.
فقد روى الفريقان:أنّها نزلت في آل محمّد عليهم السّلام.
أمّا أصحابنا (1) فعليه إجماعهم و تواتر رواياتهم عن أئمّة الهدى عليهم السّلام؛قال:نحن أهل الذّكر المسئول عنهم،و الذّكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قوله تعالى قَدْ أَنْزَلَ اللّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللّهِ (2)فالذكر رسول اللّه،و نحن أهله.و في رواية البصائر عن الباقر عليه السّلام (3)،و الكافي (4)عن الصادق عليه السّلام:الذكر القرآن،و أهله آل محمّد عليهم السّلام.
و أمّا المخالفون: فقد رواه منهم الحافظ محمّد مؤمن الشيرازيّ،عن ابن
ص: 131
عبّاس،و عن سفيان الثوريّ،عن السدي (1)،أنّ أهل الذكر محمّد و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين صلوات اللّه و سلامه عليهم أجمعين.
أقول:الذكر أطلق في كلام اللّه على القرآن تارة،في قوله تعالى وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ (2)،و على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تارة،في قوله تعالى قَدْ أَنْزَلَ اللّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللّهِ .
و على الوجهين:فأهل الذكر هم آل محمّد عليهم السّلام،و عليّ عليه السّلام سيّدهم.
أمّا على الأوّل: فلأنّهم أعلم علماء القرآن باتّفاق الخصم،و المراد بأهل القرآن علماؤه الّذين أخذوا علمه و ورثوه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لا بالاجتهاد و تتبع لغة العربيّة و تمهيد قواعد عقليّة و نقليّة،فإنّه تفسير منهم بالرأي،و قد نهى عنه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و قد تواتر عن النبيّ عند الفريقين أنّه صلّى اللّه عليه و آله قال إنّي تارك فيكم الثقلين:
كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي،و إنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض (3).6.
ص: 132
فإذا كان أهل بيته و عترته لا يفارقون القرآن،و لا يفارقهم القرآن،فكانوا هم العلماء بالقرآن،و أحقّ من نسب إليه القرآن.
و يقال:إنّه القرآن علما و عملا،و لم يثبت في حقّ غيرهم من أعلام المفسّرين شيء من هذه المنقبة الّتي لا يطمع فيها طامع.
و بالجملة هم أكمل أفراد أهل القرآن و أظهرهم،فليحمل عليهم الإطلاق المذكور.على أنّ اللّه لا يأمر بالسؤال من الجهّال لقبحه و نقص غرضه،و لم نر غير آل محمّد صلوات اللّه عليهم في الأمّة من يدّعي علم القرآن كلّه،و لو ادّعاه أحد كفاه إحساس عجزه في أغلب الآيات،فكان من بلغ الغاية من علماء التفسير نراه كالحيارى في فهم جلّ الآيات،يذكر وجوها من الاحتمالات؛بخلاف ما نراه من عليّ عليه السّلام،و أولاده الطاهرين عليهم السّلام من علمهم بآياته كلّها تأويلا و تنزيلا ظهرا و بطنا (1)،بل بطونه من غير اجتهاد و حيرة.
فإطلاق الأمر بالسؤال من أهله في كلّ آية و مسألة يقتضي الأمر بالسؤال عمّن يعلم الكلّ و لا يتوقّف و لا يجهل،و ليس إلاّ آل محمّد عليهم السّلام؛مع أنّ القرآن فيه تبيان كلّ شيء،و الأمر بالسؤال من أهله يقتضي الأمر بالسؤال ممّن يعلم كلّ شيء،و ليس إلاّ آل محمّد عليهم السّلام،إذ لم يدّعه و لا يدّعيه أحد سواهم،فانحصر السؤال منهم فيهم،و إلاّ لزم الأمر بسؤال من لا يوجد،و ذلك باطل،و تخصيص الأمر بسؤال علماء الأمّة فيما علموه كلّ بحسب فهمه و علمه تخصيص بلا مخصّص.
و أمّا على الثاني فالأمر أوضح،ضرورة أنّ أهل الرسول إنّما هم أهل بيته4.
ص: 133
بروايات الخاصّة و العامّة،و لا يراد منه نساؤه هنا باتّفاق الفريقين،ضرورة جهلهنّ بالقرآن كلّه أو جلّه،و في أخبارنا كلا التفسيرين كما مضى،و هو إشارة إلى أنّه يتمّ على الوجهين:
أمّا على الأوّل: لانصراف الإطلاق إلى أكمل الأفراد و أظهره،مضافا إلى ما مرّ من القرائن.
و أمّا على الثاني: فظاهر كما مرّ.ثمّ إذا عرفت وجوب السؤال منهم فيما لا علم لنا به،وجب اتّباع قولهم فيه،و إلاّ لكان السؤال لغوا يجب تنزيه كلام الحكيم عنه.
و إذا وجب اتّباع قولهم ثبت كونهم أئمّة النّاس بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و هو المطلوب.
و اطلاق الأمر بالسؤال منهم يقتضي وجوب السؤال على النّاس طرّا،حتّى على الخلفاء الثلاثة؛فثبت أنّ عليّا عليه السّلام كان إماما و واليا عليهم و هم رعاياه،و هو المطلوب.
ص: 134
و رواه أصحابنا القمّيّ (1)عن الصّادق عليه السّلام[و]كان سبب نزول هذه الآية أنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام كان جالسا بين يديّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال له:
قل يا علي«اللّهمّ اجعل لي في قلوب المؤمنين ودّا»فأنزل اللّه تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا... و[رواه]العيّاشي (2)عنه عليه السّلام[قال:]دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في صلاته رافعا بها صوته يسمع الناس يقول:اللّهمّ هب لعليّ المودّة في المؤمنين،و الهيبة و العظمة في صدور المنافقين،فأنزل اللّه «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا...» .
و في الكافي (3)عنه عليه السّلام،قال:ولاية أمير المؤمنين عليه السّلام هي الودّ الّذي قال اللّه تعالى،و القمّيّ (4)عنه مثله.
و في مجمع البيان (5)عن الباقر عليه السّلام-و هو من التابعين،و قوله حجّة عند المخالفين-أيضا،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام:قل«اللّهمّ اجعل لي عندك عهدا،و اجعل لي في قلوب المؤمنين ودّا»فقالهما:فنزلت هذه الآية.
و هذه رواها الجمهور،منهم الثعلبيّ في تفسيره عن البراء بن عازب أنّه قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الحديث (6).
و روى الواحديّ عليّ بن أحمد من أعلام المفسّرين من علماء الجمهور في تفسيره (7)أنّ هذه الآية نزلت في عليّ عليه السّلام.7.
ص: 136
و رواه أبو نعيم بإسناده عن ابن عبّاس،قال:نزلت في عليّ عليه السّلام إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا و الودّ محبّة في قلوب المؤمنين (1).
و على الرواية المتضمّنة للعهد يكون قوله تعالى في الآيات السّابقة يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً وَ نَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً (2)عطاشا (3)«لا يملكون الشفاعة»لا تنالهم و لا تنفع شفاعة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله«إلاّ من اتّخذ عند الرّحمن عهدا» و هو عهد الإمامة لعليّ عليه السّلام،كما في قوله تعالى لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ مرّ به (4)لما بهذه الآية،فيكون المراد بالعهد عهد إمامة عليّ عليه السّلام،و المجرمون هم الكافرون به،و المتّقون هم شيعته،و الحمد للّه على الهداية.
ثمّ هذه المودّة في صدور المؤمنين علامة الإيمان،و الحمد للّه على أوّل النّعم، و نقيضه و علامة الكفر بحكم العكس،و قوله تعالى وَ نَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً و يشهد بصحّة ذلك من طريق الجمهور ما رواه أحمد بن حنبل في مسنده (5)، و العبدريّ في الجمع بين الصحاح الستّ،في الجزء الثاني على حدّ ثلثيه،في باب مناقبه عليه السّلام (6)من صحيح أبي داود،و من الباب المذكور أيضا من صحيح البخاريّ، و الحميديّ (7)بين الصحيحين في مسند عليّ عليه السّلام،و في الحديث التاسع من أفراد1.
ص: 137
مسلم (1)،و في مشكاة المصابيح (2)،و في الاستيعاب (3)،أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال لعليّ عليه السّلام:
لا يحبّك إلاّ مؤمن،و لا يبغضك إلاّ منافق.
و روى مسلم عن عليّ عليه السّلام أنّه قال:عهد إليّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه لا يحبّني إلاّ مؤمن،و لا يبغضني إلاّ منافق (4).
و رواه أحمد في مسنده (5)أيضا،و رواه أحمد في الفضائل (6)عن عبد المطّلب بن عبد اللّه بن خطيب،عن أبيه،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في خطبته أوصيكم بحبّ ذي..
ص: 138
قرابتي أقربها أخي و ابن عمّي عليّ بن أبي طالب،فإنّه لا يحبّه إلاّ مؤمن و لا يبغضه إلاّ منافق.
و أخرج الترمذيّ عن أمّ سلمة،قالت:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:لا يحبّ عليّا إلاّ مؤمن،و لا يبغضه إلاّ منافق.
قال الترمذيّ:هذا حديث حسن صحيح.
و في رواية،قال عليّ عليه السّلام:و الّذي فلق الحبّة و برأ النّسمة إنّه لعهد إليّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من أنّه لا يحبّني إلاّ مؤمن تقيّ،و لا يبغضني إلاّ منافق شقيّ.و حكاها بعض الثقات عن الترمذيّ أيضا (1).
و عن النسائيّ (2)،و ابن ماجة (3)،و قال الترمذيّ (4)أيضا:كان أبو الدرداء يقول:ما كنّا نعرف المنافقين معشر الأنصار الاّ ببغضهم عليّ بن أبي طالب عليه السّلام.
و رواه أبو سعيد الخدريّ،قال:ما كنّا نعرف المنافقين على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلاّ ببغضهم عليّا (5).
و رواه أبو ذر،و قال:ما كنّا نعرف المنافقين إلاّ بتكذيبهم اللّه و رسوله، و التخلّف عن الصّلاة،و البغض لعليّ بن أبي طالب عليه السّلام (6).
و عن عبادة بن الصامت قال:كنّا نبور-أي نختبر-أولادنا بحبّ عليّ بن أبي9.
ص: 139
طالب عليه السّلام،فإذا رأينا أحدهم لا يحبّ عليّ بن أبي طالب عليه السّلام علمنا أنّه ليس منّا، و أنّه لغير رشدة.
أورد هذه الأحاديث الثلاثة الشيخ شمس الدّين الجزريّ في أسنى المناقب (1)في فضائل عليّ بن أبي طالب عليه السّلام بأسانيد جيّدة.قال في حديث سعيد:رواه الترمذيّ و قال:غريب.
و في حديث أبي ذر رواه الحاكم،و قال:صحيح على شرط مسلم،و لم يبيّن شرح حديث عبادة،إلاّ أنّه أورده بإسناد حسن،قال:ورد ذلك عن أبي سعيد الخدريّ أيضا،و لفظه.
كنّا معشر الأنصار نبور أولادنا بحبّهم عليّا،و إذا ولد فينا مولود فلم يحبّه، عرفنا أنّه ليس منّا (2).
و أورد حديث الترمذيّ في ذلك ابن الجوزيّ في تذكرة الخواصّ (3)أيضا.
و في نهج البلاغة عنه عليه السّلام،قال:
لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني،و لو صببت8.
ص: 140
الدّنيا بجمّاتها على المنافق على أن يحبّني ما أحبّني،و ذلك أنّه قضي فانقضى على لسان النبيّ الأمّيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:يا عليّ لا يبغضك مؤمن،و لا يحبّك منافق (1).ظ.
ص: 141
من طه؛قوله تعالى وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى 82.
فقد روى الفريقان (1)بنقل الثقات أنّ المراد ب«ثمّ اهتدى»:إلى ولاية عليّ و أهل البيت عليهم السّلام.
رواه أصحابنا مستفيضا،بل أجمعوا عليه:رواه القمّيّ (2)،و العيّاشيّ (3)،و الكافي (4)و غيرها عن الباقر عليه السّلام،قال:«ثمّ اهتدى»إلى ولايتنا أهل البيت.
و في المجالس (5)عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال لعليّ عليه السّلام[في حديث]:و لقد ضلّ من ضلّ عنك و لن يهتدي إلى اللّه من لم يهتد إليك و إلى ولايتك،و هو قوله عزّ و جلّ وَ إِنِّي لَغَفّارٌ الآية،يعني إلى ولايتك.
ص: 142
و رواه في المناقب (1)عن السّجاد عليه السّلام،و في المحاسن (2)عن الصّادق عليه السّلام:يعني إلى ولايتنا أهل البيت.
و رواه من علماء الجمهور ابن حجر في صواعقه،إنّ المراد«اهتدى»إلى ولاية أهل البيت (3).
و في خبر القمّيّ عن الباقر عليه السّلام،قال:ألا ترى كيف اشترط و لم ينفعه التوبة و الإيمان و العمل الصالح حتّى اهتدى.
أقول:و يشهد بذلك أيضا ما رواه الفريقان بنقل الثقات في تفسير قوله تعالى اِهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ أنّ المراد به صراط آل محمّد عليهم السّلام (4)،و منهاج عليّ عليه السّلام.
و رواه الثعلبيّ في تفسيره (5)،بل أكثر أخبارنا أنّ المراد بالصراط المستقيم هو عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين و الإمام.و في رواية:نحن الصراط المستقيم (6).8.
ص: 143
من طه؛قوله تعالى حكاية عن موسى عليه السّلام وَ اجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي اُشْدُدْ بِهِ أَزْرِي أي قوّني وَ أَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي الآية:29-32.
روى من علماء الجمهور أبو نعيم الحافظ في الحلية (1)عن ابن عبّاس،قال:أخذ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بيد عليّ عليه السّلام-و نحن بمكّة-و صلّى أربع ركعات،ثمّ رفع بيديه إلى السّماء،فقال:اللّهمّ إنّ موسى بن عمران سألك،و أنا محمّد نبيّك أسألك أن تشرح صدري و تحلّل عقدة من لساني يفقهوا قولي،و اجعل لي وزيرا من أهلي عليّ بن أبي طالب أخي،أشدد به أزري و أشركه في أمري-إلى هنا رواه أحمد بن حنبل (2)أيضا-و زاد في«الحلية»قال ابن عبّاس:فسمعت مناديا ينادي:يا أحمد قد أوتيت ما سألته.
أقول:و هذا نصّ في الإمامة،و الخلافة،لقوله وَ أَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي .و بالجملة فيه فوائد:أنّ عليّا عليه السّلام ينوب عنه في البيان،كما كان لهارون من موسى.
و أنّه صلّى اللّه عليه و آله فوّض الأمر إلى اللّه سبحانه و تعالى و سأله أن يجعله وزيرا و نائبا
ص: 144
عنه صلّى اللّه عليه و آله،فأعطاه سؤله،و هذا يفيد أنّ أمر الخلافة إنّما هو إلى اللّه لا إلى الرعيّة؛كما يقوله الملحدون.
و أنّه جعله وزيرا له،و الوزير هو الّذي عليه ما على الملك من ثقل تحمّل السياسة المدنيّة على القوانين العقليّة،و المراد هنا هو الّذي يحتمل عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ما كان عليه من تبليغ الرّسالة و السياسات الشرعيّة و النواميس الإلهيّة،و هو المعنى للإمامة و الخليفة بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.
قال بعض المحقّقين:تفويض هذا الأمر إلى اللّه تعالى يدلّ على أنّه أمر تكويني لا تكليفي (1)،و وزارة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بحسب التكوين،فلا يمكن عزله،لا جرم فوّض الأمر إلى العالم بالسرائر و العواقب في حياته و وفاته،و أصل الآية قول موسى عليه السّلام: وَ اجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي الآية،يدلّ على أنّ الخلافة أمر مفوّض إلى اللّه تعالى ليس لأحد-و لو مثل موسى بن عمران-صنع فيه؛فقول المخالفين«أنّ الخلافة أمر مفوّض إلى الرعيّة،فإذا اختار واحدا كأبي بكر كان خليفة»شطط من القول و زور مخالف لكتاب اللّه و سنن الأنبياء.
و أمّا قوله تعالى في المشاورة: وَ شاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ (2)،فإنّه لا يدلّ على قبول قولهم،و لذا لم يقل فإذا رأوا شيئا خيرا فوافقهم.
كيف و هو أمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بمتابعة أمّته،فيكون هو رعيّتهم و هم مرسلون إليه لا أنّه أرسل إليهم،و قد قال اللّه تعالى وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ (3)،بل الغرض في الأمر بالمشاورة إنّما هو6.
ص: 145
تأليف قلوبهم و تفهيم الحقيقة.
ثمّ إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله طلب الوزارة لأهله،كموسى،فخرج الأمر من غير أهله،ثمّ فسّره بعليّ ليكون نصّا في المطلوب.ثمّ إنّه قال كما قال موسى في هارون «أشركه»أي عليّا«في أمري»في شغلي و شأني و هو تبليغ النواميس الإلهيّة و الشرائع الدينيّة و السّياسات الشرعيّة،فيكون هذا نصّا في المطلوب،تصريحا بما علم تلويحا من جعله وزيرا،و قوله تعالى وَ اجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي إشارة لطيفة على اشتراط العصمة في الوزير (1)كما دلّت آية التطهير على طهارة أهل بيته من رجس الآثام و زلل الاقدام.قد تواترت[في ذلك]الأخبار من الفريقين، كما ستعرفها إن شاء اللّه تعالى،مع أنّ نيابة غير المعصوم للمعصوم قبيح في العقول، ثمّ في تعيّن عليّ عليه السّلام للوزارة عنه و المشاركة في أمره و شغله دلالة[على]أنّه أكمل الأمّة و أليقهم بالخلافة و الوزارة و قيامه مقام النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فإنّ القيام مقام النبوّة ليس إلاّ الولاية العامّة.
و قوله«أخي»نصّ على أخوّته المحمولة على الحسبي في الصفات،و مكارم الأخلاق،و قوله اُشْدُدْ بِهِ أَزْرِي دليل على أنّه مماثل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نيابة لا أصلا و استقلالا،فإنّ شدّ الأزر لا يكون إلاّ من الأقوى أو المماثل،و الأوّل باطل،4.
ص: 146
فتعيّن الثاني،فيكون هذا من مفاهيم أخوّته و أنّه ليس مماثل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلاّ الوليّ.
و ليس المراد بالمشاركة،مشاركة عليّ عليه السّلام في النبوّة لتعذّره و ظهور أفراد أمره صلّى اللّه عليه و آله،لكنّ القرينة القاطعة قائمة في المقام بعدم الإرادة،فإنّ قوام أمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إنّما هو بأمرين:جهة عالية قدسيّة يتلقّى الوحي بها عن اللّه،و جهة سافلة إنسيّة يلقيه إلى عباد اللّه،و الخليفة شريكه في جهة الإلقاء لا التلقّي عن اللّه.
على أنّا نقول:كلّ نبيّ و وليّ يتلقّى الحكم عن اللّه تعالى،لكن النبيّ[يتلقّى] مستقلاّ،و بلا واسطة بشر،و بوحي،و الخليفة[يتلقّى]فرعا و بواسطة نور النبوّة و بإلهام،و كلاهما إمامان للخلق،لكنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أصلا،و الوليّ فرعا و نيابة.
و تفسير الإمامة بالنيابة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله اصطلاح.ألا ترى أنّ اللّه تعالى كيف قال لإبراهيم عليه السّلام: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً قالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ (1)ثمّ فعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (2)هذا و قوله هنا دليل على تأويل الآية في حقّه و حقّ عليّ عليه السّلام بما هو في سؤال موسى لهارون،فكلّ ما كان لهارون من موسى كان لعليّ من محمّد صلوات اللّه عليهم أجمعين،و يشهد به أخبار المنزلة كما سلفت.
إن قلت:هارون كان خليفة لموسى في حياته،و المطلوب خلافة عليّ عليه السّلام في وفاة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فلا دلالة لها في ذلك.
قلت:خلافة هارون من موسى لم تكن مقيّدة بزمان حياة موسى عليه السّلام؛بل كانت مطلقة،بحيث لو كان عاش كان خليفة له بعد وفاة موسى،و إنّما حال الموت بين هارون عليه السّلام و الخلافة بعد موسى.و كذلك كان حال عليّ عليه السّلام من محمّد صلّى اللّه عليه و آله،و لم يقع موت لعليّ عليه السّلام في حياة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فبقي خليفة عنه صلّى اللّه عليه و آله بعد وفاته من جهة1.
ص: 147
اطلاق الدليل و عدم النسخ و الاستصحاب،مضافا إلى الإجماع المركّب،إذ كلّ من قال بخلافته عليه السّلام في حياته صلّى اللّه عليه و آله قال بخلافته عنه بلا فصل بعد وفاته و لم يقدّم عليه غيره.و كلّ من قال بخلافة غيره قبله،لم يقل بخلافة غيره في حياة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فتعيّن خلافته عليه السّلام بالنصّ الجليّ في حياته،فثبت بعد وفاته صلّى اللّه عليه و آله بالإجماع المركّب من الأمّة،ثمّ قوله:«من أهلي عليّا أخي»نصّ على أنّ عليّا عليه السّلام أهله في آية التطهير.و الحمد للّه على أوّل النعم.
ثمّ عرفت أنّ عليّا عليه السّلام مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قائم بالبيان و التبليغ،لكن نيابة عنه،و ربّما دلّ عليه أيضا قوله تعالى في سورة الأنبياء قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَ ذِكْرُ مَنْ قَبْلِي (1)(2).و قد علمنا أنّ قبل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إنّما هو من سلف من الأنبياء، و أمّا من معه ليس إلاّ من سأل ربّه أن يشركه في أمره،و هو عليّ بن أبي طالب عليه السّلام.6.
ص: 148
من سورة النور؛قوله تعالى اَللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ
-إلى قوله تعالى- يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ 35.
فقد روى الفريقان أنّ المراد بنوره الّذي يهدي اللّه[إليه]من يشاء هو الأئمّة من محمّد صلّى اللّه عليه و آله و أولاده الطّاهرين.
أمّا الخاصّة: فقد رووه بألفاظ مختلفة و عبارات شتّى و تفاصيل حسنة لا تخفى على الخبير البصير (1).
و أمّا العامّة: فقد رواه ابن المغازلي الشافعي في مناقبه عن الحسن البصريّ أنّها تنظير لآل الرّسول؛«يهدي اللّه لنوره»،قال:يعني بولايتهم،معلوم أنّ عليّا عليه السّلام أفضل الآل،و هذا منصب الإمام أو النبيّ،[و]حيث فقد الثاني تعيّن الأوّل (2).
ص: 149
من سورة النور أيضا:قوله تعالى فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ -إلى- رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللّهِ 36
.
فقد روى الفريقان أنّها هي بيوت الأنبياء،و المراد هنا بيوت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و الرجال فيها أهل بيته.
أمّا الخاصّة: ففيه أخبار كثيرة (1).
و أمّا العامّة: فقد رواه الثعلبيّ بإسناده عن أنس بن مالك و بريدة،قال:سأل أبو بكر النبيّ:و هذا البيت منها؟يعني بيت عليّ و فاطمة،فقال صلّى اللّه عليه و آله:نعم،من أفاضلها (2).
و أنت خبير بأنّ عليّا إذا كان نور اللّه،فكان معنى قوله تعالى في ذيل آيتين بعد
ص: 150
هاتين وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ (1)من لم يهتد إلى نوره-و هو عليّ عليه السّلام-بتوفيقه للقبول،فما له من نور في القيامة يهتدي به إلى الجنّة،كما قال تعالى في حقّ شيعة عليّ عليه السّلام (2): يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ (3)الآية.و في آية يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَ الْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً (4)الآية.
تلويح إليه أيضا،فإنّ هذه الآية إنّما هي في المنافقين من هذه الأمّة،و النّور المذكور إنّما هو نور ولاية آل محمّد عليهم السّلام،و السّور بينهم و بين الجنّة إنّما هو ولايتهم،صارت حجابا للمنافقين عن الرّحمة،حصنا للمؤمنين عن العذاب؛و بابه هو باب مدينة العلم،باطنه-و هو الولاية-فيه الرّحمة كلّها،و ظاهره و هو خلاف الباطن[أي خلاف]الولاية،-يعني إنكارها-من قبله العذاب كلّه،تدبّر في الآية و اغتنم و احمد اللّه على أوّل النعم.3.
ص: 151
من سورة النّور أيضا؛قوله تعالى وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ يعني حيث جعلهم خلفاءه
على الأرض وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً 55.
فقد روى الفريقان ما يقتضي اختصاصها بعليّ و أولاده الطاهرين عليهم السّلام.
أمّا الخاصّة: ففي الكافي (1)،عن الصّادق عليه السّلام:هم الأئمّة.
و عن الباقر عليه السّلام (2):ولاة الأمر من بعد محمّد صلّى اللّه عليه و آله.
و القمّيّ (3)،و مجمع البيان (4):نزلت في القائم من آل محمّد عليهم السّلام.
و لا منافاة،لأنّه وعد من اللّه تعالى لم يظهر تأويله في زمان القائم عجّل اللّه فرجه،و أيّام الرّجعة،و هذه من الآيات الدالّة على ثبوت الرّجعة،ضرورة عدم
ص: 152
ثبوت تأويله إلى يومنا هذا و في أيّام النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و لا بدّ من ظهوره في يوم ما، و لا يناسب إلاّ مذهب الشيعة من ثبوت قيام القائم و الرّجعة (1)،فتدبّر.
و أمّا العامّة (2) :فقد روى منهم الحافظ الشيرازيّ عن ابن مسعود-و هو من9-
ص: 153
أجلّة المفسّرين عندهم،في تفسيره-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:وقعت الخلافة من اللّه تعالى لثلاثة نفر:آدم عليه السّلام في قوله تعالى إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ؛و داود عليه السّلام في قوله تعالى إِنّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً ؛و عليّ عليه السّلام في قوله تعالى لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ الآية.قال ابن مسعود:فمن كفر بعد ذلك بولاية عليّ عليه السّلام،فأولئك هم الفاسقون.
أقول:لو لم يكن المراد عليّا عليه السّلام،لما صدق الاتّفاق على أنّ الثلاثة المتقدّمة عليه باختيار الأمّة لم يكونوا خلفاء من اللّه تعالى و لا من رسوله.
لكن قال الرازي (1):جمع الضمير يناسبهم،و يدفعه جواز رجوعه إلى عليّ و أولاده عليهم السّلام؛كما هو من طريقتنا،و استدلّ به في شرح الطوالع (2)على صحّة خلافة الثلاثة،و هو بمنزل[بعيد]عن التحقيق لعدم ظهور تأويله في زمانهم،إذ النصّ فيه دفع الشرك و التقيّة بالمرّة،لأنّ قوله تعالى يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً معناه يعبدونني عبادي لا يشركون بي شيئا،و لم يرتفع الكفر و الشرك إلى اليوم، و إرجاع ضمير «يَعْبُدُونَنِي» و «لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً» إلى «الَّذِينَ آمَنُوا» تناقض، و هذا ما وعد[اللّه تعالى به]نبيّه صلّى اللّه عليه و آله ليظهره على الدّين كلّه.
و لا ريب أنّه لم يأت تأويله؛بل يكون في زمان القائم عجّل اللّه فرجه،و هو الّذي روى الفريقان[فيه]عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه:لو لم يبق من الدّنيا إلاّ يوم،لطوّل اللّه).
ص: 154
تعالى ذلك اليوم حتّى يلي رجل من عترتي اسمه اسمي،يملؤ الأرض عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا (1).
و أيضا قوله صلّى اللّه عليه و آله في أخبار الفريقين في خبر«إنّي تارك فيكم الثقلين خليفتين، إن أخذتم بهما لن تضلّوا بعدي،أحدهما أكبر من الآخر:كتاب اللّه حبل ممدود من السّماء-أو قال إلى الأرض-و عترتي أهل بيتي؛إلاّ و أنّهما لن يفترقا حتّى يردا على الحوض» (2).
رواه الثعلبيّ في تفسيره بإسناده عن أبي سعيد الخدريّ،[و]فيه دلالة على أنّ العترة هم خلفاء الرسول بعده.و لو كان المراد بالاستخلاف في الآية استخلافه تعالى لغير العترة،لما أقدم الرسول على جعل العترة خلفاء.
و يشهد بما ذكرناه حديث جعل عليّ عليه السّلام بمنزلة هارون من موسى،و حديث استخلافه في غزوة تبوك،و لم يفعل مثله لهؤلاء الثلاثة قطّ،مع أنّ قوله تعالى وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ و الدّين المرضيّ هو المذكور في قوله تعالى وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً .و قد مرّ بنصّ الفريقين أنّ المراد هو تسليم ولاية عليّ عليه السّلام في شأن نزول اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ الآية.ث.
ص: 155
من سورة الفرقان؛قوله تعالى وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً 54.
فقد روى من أعلام الفريقين:الشيخ أبو عليّ من الخاصّة في مجمع البيان (1)، و الثعلبيّ (2)من العامّة في تفسيره،عن ابن سيرين-و هو من التابعين و قوله حجّة عندهم-أنّها نزلت في النبيّ و عليّ بن أبي طالب عليهما السّلام زوج فاطمة عليها السّلام،و هو ابن عمّه و زوج ابنته،فكان نسبا و صهرا،فدلّت الآية على أنّ قرابة عليّ عليه السّلام من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،نسبيّ و سببيّ-و لا ريب أنّها لعلّها سبقت لبيان كمال الاعتناء بقرابته-و إخراج عبّاس لكونه نسبا فقط،و عثمان لكونه سببا فقط،فلم يكونا من أهل بيته في آية التطهير،مضافا إلى النصّ و الإجماع.
في معاني الأخبار عن الباقر عليه السّلام عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام،قال:
ألا و إنّي مخصوص في القرآن بأسماء،احذروا أن تغلبوا عليها فتضلّوا في
ص: 156
دينكم...و أنا الصّهر،يقول اللّه عزّ و جلّ وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً (1).
أقول:الّذي يختلج بالبال في رفع الاشكال أمران:
أحدهما: أن يكون الغرض بيان أنّ تزويج فاطمة من عليّ عليه السّلام كان بقضاء من اللّه و أمره (2).ليكون نسل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من صلب عليّ عليه السّلام في مجمع البحرين:بحر ماء النبوّة و بحر ماء الفتوّة،و هي الولاية،[و]ستعرفه إن شاء اللّه في مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ .
و الثاني: أن يكون الغرض منه الإشارة إلى اتّحاد محمّد و عليّ عليهما السّلام في النور و الحقيقة الإلهيّة،ففي الأمالي:عن أصحابنا بإسناده إلى أنس بن مالك-من الصحابة المخالفين لعليّ عليه السّلام-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:قلت له:يا رسول اللّه،عليّ أخوك؟قال:إنّ اللّه عزّ و جلّ خلق ماء تحت العرش قبل أن يخلق آدم بثلاثور
ص: 157
آلاف عام،و أسكنه في لؤلؤة خضراء في غامض علمه،إلى أن خلق آدم،فلمّا خلق آدم نقل ذلك الماء من اللؤلؤ فأجراه في صلب آدم الى أن قبضه اللّه تعالى، ثمّ نقله إلى صلب شيث،فلم يزل ذلك الماء ينقل من ظهر إلى ظهر حتّى صار في عبد المطلب،ثمّ نصفه عزّ و جلّ نصفين،فصار نصفه في أبي عبد اللّه بن عبد المطلب، و نصف في أبي طالب،فأنا من نصف الماء،و عليّ من النصف الآخر،فعليّ أخي في الدنيا و الآخرة،ثمّ قرأه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً (1).
و في روضة الواعظين (2)ما يقرب منه.و على هذا فمعنى الآية هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ ذلك الماء المعهود المكنون تحت عرشه بَشَراً فَجَعَلَهُ أي قسم ذلك الماء المكنون المنقول في الأصلاب في صلب عبد المطلب«نسبا»و هو محمّد صلّى اللّه عليه و آله من عليّ عليه السّلام«و صهرا»و هو عليّ من محمّد صلّى اللّه عليه و آله،و العالم العالم (3).1.
ص: 158
من سورة الشعراء؛قوله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السّلام: وَ اجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ 84.
فقد روى الفريقان أنّ المراد بلسان الصدق المسئول هو عليّ بن أبي طالب عليه السّلام رواه القمّيّ (1)من الخاصّة،و ابن مردويه (2)من العامّة،قال العاميّ:لما عرضت ولاية عليّ عليه السّلام على إبراهيم عليه السّلام،قال:اللّهمّ اجعله من ذرّيتي،ففعل اللّه ذلك،فالمعنى و اجعل لي لسان صدق ذريّة صادقة في الآخرين،يقيمون أصول ديني و يدعون الناس إلى ما كنت عليه،و هم محمّد صلّى اللّه عليه و آله و عليّ و الأئمّة من ذريّتهما عليهم السّلام.و يشهد بصحّة هذا قوله تعالى في موضع آخر وَ جَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا (3)بناء على كون عليّا اسما علما بدلا من«لسان صدق»،و هو المرويّ من طريق أصحابنا (4)، كما في دعاء الندبة (5)و غيره لا وصفا،و الأوّل أظهر و أنسب.
ص: 159
من سورة الشعراء أيضا؛قوله تعالى وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ 214.
فقد روى الفريقان (1)في شأن نزولها ما نصّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على خلافة عليّ عليه السّلام و وصايته؛ففي تفسير عليّ بن إبراهيم القمّيّ،قال لمّا نزلت جمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بني هاشم،و هم أربعون رجلا،كلّ واحد منهم يأكل الجذع و يشرب القربة،فاتّخذ لهم طعاما بحسب ما أمكن،فأكلوا حتّى شبعوا،فقال رسول اللّه:من يكون وصيّي و وزيري و خليفتي؟فقال لهم أبو لهب:جزما سحركم محمّد صلّى اللّه عليه و آله،فتفرّقوا.فلمّا كان اليوم الثاني أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ففعل بهم مثل ذلك ثمّ سقاهم اللبن حتّى رووا، فقال لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أيّكم يكون وصيّي و وزيري و خليفتي؟فقال أبو لهب:
جزما سحركم محمّد صلّى اللّه عليه و آله،فتفرّقوا فلمّا كان اليوم الثالث أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ففعل
ص: 160
لهم مثل ذلك،ثمّ سقاهم اللبن،فقال لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أيّكم يكون وصيّي و وزيري و ينجز عداتي و يقضي ديني؟فقام عليّ عليه السّلام-و كان أصغرهم سنّا، و أحمشهم ساقا (1)و أقلّهم مالا-فقال:أنا يا رسول اللّه،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أنت هو (2).
و من الجمهور رواه أحمد بن حنبل في مسنده (3)،عن ابن عبّاس بعدّة طرق، و الثعلبيّ (4)في تفسيره مرفوعا إلى البراء بن عازب،و الرازي (5)أيضا في تفسيره، و ابن المغازلي (6)في مناقبه،و ابن عقدة (7)في رسالته في شأن نزول هذه الآية، و فيما رووه قال عليّ عليه السّلام في المراتب الثلاثة:أنا يا رسول اللّه،و لم يقدم غيره:
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أنت هو.و في بعض الروايات:فقام القوم و هم يقولون لأبي طالب عليه السّلام:أطع ابنك فإنّه أمّره عليك.
و هذا نصّ في خلافته لا مجال لإنكاره،و ظاهر الخلافة بلا فصل،فيكون خليفة على الثلاثة أيضا،مع أنّ الخلافة لعليّ عليه السّلام إذا كانت بنصّ الرسول فكان إجماع الأمّة على أبي بكر عن اجتهاد غلط،فكان باطلا،و هو الظاهر.و هذه القصّة مشهورة بين الفريقين،مسطورة في كتب الحديث و التفسير و التواريخ، مذكور على الألسنة و الأفواه،و فيها من الدّلالة على صحّة مذهبنا و بطلان مذهب المخالفين ما لا يخفى (8).2.
ص: 161
من سورة القصص؛قوله تعالى: وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ 22:68.
فقد روى من علماء الجمهور محمّد مؤمن الشيرازيّ،عن أنس،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، قال:إنّ اللّه اختارني و أهل بيتي على جميع خلقه فاجتبانا،فجعلني الرّسول، و جعل عليّا الوصيّ،ثمّ قال ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ يعني ما جعل لعباده أن يختاروا (1).
و في معناه روايات أخر.
أقول:كلمة«ما»في«ما كان لهم الخيرة»نفي،و معنى الآية و ربّك يخلق ما يشاء (2)و يجتبي منهم للرّسالة و الخلافة من شاء،و هو أعلم حيث يجعل رسالته، و ما كان للخلق أن يختاروا على اختيار اللّه و رسوله أحدا،كما اختاروا أبا بكر على عليّ عليه السّلام.
أو:و ما كان للخلق أن يختاروا باجتهادهم أحدا للخلافة،كما يقوله العامّة.
ص: 162
فالآية في بطلان قول المخالفين من أنّ أمر الخلافة مفوّض إلى الأمّة؛فإذا بطل القول بالتفويض،وجب أن يكون الإمام منصوصا من اللّه و رسوله.و إلاّ لزم إهمال الإمامة،و التالي باطل عقلا و نقلا كتابا و سنّة؛بل إجماعا؛فتعيّن أن يكون منصوصا من اللّه و رسوله،و ليس إلاّ عليّا عليه السّلام باتّفاق الخصوم،لإجماع الأمّة على عدم النصّ على أبي بكر و عبّاس،و[ذكرنا]النصّ على عليّ عليه السّلام فيما مضى و[سنذكره فيما]يأتي،فالرواية مقرونة بدلالة الدليل،فلا ريب فيها.
ص: 163
من سورة العنكبوت؛قوله تعالى بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الم أَ حَسِبَ النّاسُ أَنْ
يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ 1-2.
فقد روى أصحابنا،منهم القمّيّ (1)عن الكاظم عليه السّلام،قال:جاء العبّاس إلى أمير المؤمنين عليه السّلام،فقال:انطلق يبايع لك النّاس،فقال أمير المؤمنين عليه السّلام:أو تراهم فاعلين؟قال:نعم.قال:فأين قوله عزّ و جلّ الم أَ حَسِبَ النّاسُ الآية.
و هذا الخبر يفيد أنّ المراد بهذه الفتنة إنّما هو فتنة الخلافة،و فيها هلك من هلك.و لم نقف على ذلك في أصول المخالفين،إلاّ أنّه قال في أنوار البصائر:روي أنّ عليّا عليه السّلام قال:يا رسول اللّه،ما هذه الفتنة؟قال يا عليّ بك،و أنّك مخاصم، فاستعدّ للخصومة (2).
ص: 164
و روى محمّد بن يوسف الكنجيّ (1)من رجال المخالفين في كفاية الطالب في المناقب،عن جماعة،إنّه قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:سيكون بعدي فتنة،و إذا كان كذلك فاقتدوا بعليّ بن أبي طالب عليه السّلام و الزموه،فإنّه أوّل من يراني،و أوّل من يصافحني يوم القيامة،و هو الصّديق الأكبر،و هو فاروق هذه الأمّة،يفرق بين الحقّ و الباطل،و هو يعسوب المؤمنين و إمام المتّقين.
و يشهد له قوله صلّى اللّه عليه و آله:مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح،من تمسّك بها نجا،و من تخلّف عنها غرق (2).
قد رواه الفريقان مستفيضا في الأصول المعتبرة،ضرورة كون الخبر بيان فتنة بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله مثل طوفان نوح غرق فيها جلّ النّاس بتخلّفهم عن أهل البيت، و ليس[فتنتهم]إلاّ تركهم عليّا و عكوفهم على العجل.
و هذا الحديث رواه أبو عبد اللّه (3)الحاكم في المستدرك و حكم بصحّته،بإسناده عن أبي ذر رحمه اللّه و هو آخذ بباب الكعبة،قال:من عرفني فقد عرفني،و من أنكرني فأنا أبو ذر،سمعت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقول:ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح،منه.
ص: 165
ركبها نجا،و من تخلّف عنها هلك (1).
و رواه ابن الجوزيّ في تذكرة الخواصّ (2)،عن أبي الفرج الاصفهانيّ في مرج البحرين،بإسناده إلى أبي ذر.و رواه ابن المغازلي (3)،و ابن حجر (4)،و ابن حنبل (5)، و مسلم (6)بعدّة طرق متقاربة المعنى أنّه قال:مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا،و من تخلّف عنها غرق.
و رواه في مشكاة المصابيح (7)،و الفصول المهمّة (8)أيضا،و كلّ هؤلاء من أعلام المخالفين و ثقاتهم و أئمّتهم،و كذا الحاكم-من أعاظم رجال المخالفين-قد أكثروا الرواية عنه،و أسندوا إليه،و اعتمدوا عليه،فلا مجال لردّ حديثه.
و روى أصحابنا[الحديث]متواترا و أجمعوا عليه (9)،و لا ريب أنّه لم يركب سفينة أهل البيت بالتمسّك بولايتهم و العمل بقولهم أمرا و نهيا إلاّ الإماميّة.
و قد أعرض عنهم أكثر النّاس،و لم يثبت معهم بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلاّ عدّة نفر.و دلالة الآية على وقوع فتنة يظهر فيها نفاق الأكثرين ظاهر،و لم تقع فتنة من نزول الآية أعظم من فتنة الخلافة،و اللّه العالم.
و كلّ فتنة نشأت كانت ممّن عمل في سقيفة بني ساعدة و اختيار أبي بكر و ترك7.
ص: 166
عليّ عليه السّلام،كما لا يخفى عند أولي الألباب،و يؤيّده قوله تعالى أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ (1)و (2).0.
ص: 167
من سورة الأحزاب؛قوله تعالى إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً 33.
فقد روى الفريقان مستفيضا،بل متواترا،أنّ المراد بأهل البيت في الآية:العترة الطّاهرة عليّ و فاطمة و الحسنان عليهم السّلام.
أمّا أصحابنا ،فقد رواه ثقاتهم في الأصول متواترا،بل صار ذلك من أصول عقائدهم لا خلاف بينهم[فيه] (1).
و أمّا المخالفون: فقد رواه الترمذيّ (2)عن عمر بن أبي سلمة ربيب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،أنّه قال:نزلت هذه الآية على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في بيت أمّ سلمة،فدعا
ص: 168
النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عليّا و فاطمة و الحسنين عليهم السّلام،فجلّلهم بكساء ثمّ قال:اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي،فأذهب عنهم الرّجس و طهّرهم تطهيرا؛فقالت أمّ سلمة:أنا معهم يا رسول اللّه؟فقال:أنت على مكانك،و أنت على خير.
و نحوه رواه أحمد بن حنبل (1)في مسنده بثمان طرق مختلفة الألفاظ،متّفقة المعاني،و رواه في صحيح البخاريّ (2)،و صحيح مسلم (3)في الجزء الأوّل من فضائله، و في الرابع في موضعين بعد ثلاث كراريس،و في أواخره.
[و رواه]في سنن أبي داود-أي صحيحه-في صحيحه الثاني،و في موطأ مالك بعدّة طرق.
و رواه إمامهم الحميديّ (4)في الجمع بين الصحيحين،في مسند سعد بن وقاص في الحديث السّادس من أفراد مسلم،في آية المباهلة ما بمعناه.
و رواه الثعلبيّ (5)في تفسيره بسبع طرق.
و رواه الزمخشريّ في الكشّاف (6)في آخر آية المباهلة،عن عائشة،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قالت:خرج رسول اللّه ذات غدوة و عليه مرط مرحّل من شعر أسود،فجاء الحسن عليه السّلام فأدخله،ثمّ جاء الحسين عليه السّلام فأدخله،ثمّ فاطمة عليها السّلام،ثمّ عليّ عليه السّلام،ثمّ قال: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ .4.
ص: 169
رواه البيضاويّ (1)،و نحوه روي في المشكاة (2)،و قال:رواه مسلم،و في آخره وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً و رواه الواحديّ أيضا في تفسيره (3)،و في أسباب نزوله (4)في هؤلاء الخمس.
و رواه الطبرانيّ (5)،و عمر بن خضر،و السيّد جمال الدّين،و ابن مردويه في تفسيره (6)،و الخوارزميّ (7)،و السمعانيّ (8)في الفضائل،و رواه الجزريّ (9)في أسنى المطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب عليه السّلام،و رواه الأسفرايينيّ أبو العباس أحمد بن الحسن الضرير في كتابه المصابيح في بشارة نزول الآية.
و روى أحمد بن حنبل في مسنده (10)عن أنس بن مالك،أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يمرّ بباب فاطمة عليها السّلام ستّة أشهر إذا خرج إلى الفجر و يقول:الصّلاة يا أهل البيت[إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت]و يطهّركم تطهيرا.
قال الحاكم في المستدرك (11):هذا صحيح الإسناد على شرط مسلم.
و عن أبي عبد اللّه محمّد بن عمران المرزبانيّ،عن أبي الحمراء (12)،أنّه بعد نزول الآية إلى عشرة أشهر كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يأتي صبيحة كلّ يوم إلى باب عليّ عليه السّلامء.
ص: 170
و يقول:الصّلاة رحمكم اللّه،و يقرأ إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ الآية،حكاه بعض أصحابنا (1).
و في رواية عن أمّ سلمة من هذه الأسانيد،بزيادة«اللّهم هؤلاء أهل بيتي،أبرار عترتي،و أطائب أرومتي من لحمي و دمي،أذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا،فقلت:يا رسول اللّه و أنا معهم؟قال:إنّك إلى خير،أنت من خير أزواجي».
و الأرومة أصل الشجرة،و المرط بكسر الميم كساء واسع من صوف إذخر أو شعر أو كتان،و المرحّل بالحاء المهملة المنقوش عليه صور الرجال،و قيل:
الموشّي بخطوط يشبه نقش الرحل و الموشّى المعلم.
قال ابن حجر (2):أكثر المفسّرين[و المحدّثين و المؤرّخين] (3)على ذلك فير-
ص: 171
تفسير الآية.
و قال العلاّمة الحليّ-من أصحابنا-في نهج الحقّ:أجمع المفسّرون عليه (1).
و قال ابن أبي جمهور الأحسائيّ-من أصحابنا-في المجلى:فإنّ المفسّرين اتّفقوا بأجمعهم أنّ هذه الآية نزلت في عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام (2)لمّا جلّلهم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بكسائه إجابة لدعائه و جوابا لسؤاله،و بيّن أنّ[اللّه تعالى]أراد طهارتهم و إذهاب جميع الارجاس عنهم،و ذكر في الآية بعده من التأكيد،يعرفها من يعرف البلاغة.و إذا ثبت باتّفاق أئمّة الحديث و التفسير نزول الآية في العترة الطاهرة هؤلاء الخمسة عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين صلوات اللّه عليهم أجمعين.
فنقول:يجب وقوع مراد اللّه لقوله تعالى إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (3).و لعدم جواز تخلّف المعلول عن العلّة،و إجابة لدعاء الرسول، و الإجماع الأمّة على وقوع المراد هنا،و لتواتر الروايات[في ذلك].و إذا ثبت إذهاب جنس الرجس عنهم مع التأكيد بقوله يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً أثبت عصمتهم، لأنّ الرجس في الآية ليس محمولا على النجس الشرعيّ؛بل يعمّ الآثام و رذائل الأخلاق و قبائح الأعمال،و هذا معنى العصمة أصلها من شرف النفس و أعلاها ملكة؛كالعدالة يمتنع معها المكلّف عن الاقدام على الذنب مطلقا،[و هي]لطف ربّانيّ و موهبة سبحانيّة لا يختار معها المكلّف إلاّ الطاعة مع القدرة،بل لا يزلّ2.
ص: 172
قدمه مطلقا عمدا و سهوا،و إذا ثبت عصمتهم ثبت وجوب طاعتهم و إمامتهم و ترجيحهم على المجتهد بالظّنون و الآراء و الأقيسة و الاستحسان و أرباب الأهواء عقلا،لقبح ترجيح المرجوح على الراجح.
و نقلا:كتابا،لقوله تعالى قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (1)و قوله تعالى أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (2).
و أيضا ثبت بهذه[الآية]الرواية ذهاب الرجس و منه الكذب عن عليّ عليه السّلام حتّى امتنع عن بيعة أبي بكر،مضافا إلى ما جاء في صحاح الطرفين:«عليّ مع الحقّ و الحقّ مع عليّ»،و«اللّهمّ أدر الحقّ معه حيث ما دار» (3).:-
ص: 173
كما رواه أحمد بن حنبل في مسنده (1)و غيره في أصولهم.
و من شهد اللّه بطهارته كان الحقّ معه و هو مع الحقّ،فهذه الرّوايات في تفسير الآية تدلّ على دوران الحقّ مع عليّ عليه السّلام.و يدلّ عليه أيضا رواية«إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي،فإنّهما لا يفترقان حتّى يردا عليّ الحوض» رواه الفريقان متواترا (2).
و لو قيل:عموم الآية يشمل غيرهم،بل سياقها من حيث النظم يقتضي إرادة نساء النبيّ.
قلنا:بعد تواتر الروايات في صحاح الفريقين في تفسير الآية،لا مجال لتوهّم أمثال هذه المزخرفات،لأنّه اجتهاد في مقابلة النصوص الصحيحة المتواترة في تفسير كتاب اللّه،و رأي محض و استبعاد؛و قد صحّ عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:من فسّر القرآن برأيه فليتبوّأ مقعده من النّار (3).
روى العيّاشيّ-من أصحابنا-عن الباقر محمّد بن عليّ عليه السّلام-و هو من التّابعين و قوله حجّة عند المخالفين أيضا-قال:ليس شيء أبعد من عقول الرجال من8.
ص: 174
تفسير القرآن،إنّ الآية ينزل أوّلها في شيء،و أوسطها في شيء،و آخرها في شيء.ثمّ قال: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً من ميلاد الجاهليّة (1).مع أنّه كان المراد بأهل البيت نساء النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لذكر هذه [المزيّة]بين الخطاب لهنّ،لم يناسب تذكير الضمير،بل كان غلطا؛بل وجب أن يقول:إنّما يريد اللّه ليذهب عنكنّ الرّجس و يطهّركنّ تطهيرا،بل[في]هذه الآية انقطعت مخاطبة نساء النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و خاطب بها أهل بيته العترة الطاهرة.و بالجملة لا يلتفت إلى ما ذكره البيضاويّ (2)تقليدا لغيره،من جواز إرادة النساء بعد تواتر الروايات من أعاظم الفريقين و توافق المحقّقين من علماء الطائفتين على تفسير الآية،و أنّ الخمسة هم المقصودون من الآية.و كذا ما قيل من عدم دلالتها على الحصر فيهم،فيجوز إرادة النساء أيضا،إذ لا دلالة على ذلك حينئذ لظهور الخطاب مع الرجال،و لو لا النصّ و الاجماع لم يدخل فاطمة أيضا إلاّ من لفظ أهل البيت المفسّر بها أيضا مع عليّ و الحسنين عليهم السّلام دون غيرهم من نسائه،مع أنّ الطهارة في نسائه منتفية اتّفاقا،و حمل الطّهارة على الطّهارة من نجاسة الأحداث الشرعيّة كذب،و كذا من نجاسة الأخباث أكذب،فلا محمل للآية إلاّ ما ذكره أصحابنا،مع أنّه لا مجال للاعتراض بأنّ الآية مذكورة بين خطاب أزواج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فالسياق يدلّ على اختصاصها بهنّ أيضا أو دخولهنّ،بعد فعل عثمان و عمر في القرآن من تفسير و تغيير الكلم عن مواضعه و تحريفه (3)،و الحمد للّه.ذ-
ص: 175
ص: 176
من سورة الأحزاب؛قوله تعالى إِنَّ اللّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً 56.
فقد روى الفريقان وجوب الصّلاة على الآل.
فمن ذلك ما رواه أصحابنا (1)،منهم الصدوق (2)في العيون عن الرضا عليه السّلام في مجلسه مع المأمون،قال:و قد علم المعاندون منهم أنّه لما نزلت هذه الآية،قيل:
يا رسول اللّه قد عرفنا التسليم عليك،فكيف الصلاة عليك؟فقال:تقولون«اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد،كما صلّيت و باركت على إبراهيم و آل إبراهيم إنّك حميد مجيد».
و رواه الثعلبيّ (3)في تفسيره،و مالك في الموطّأ (4)،و ابن حجر في
ص: 177
صواعقه (1)عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و من هنا جوّز أصحابنا الصلاة على آل الرسول[في الصلاة]؛بل أوجبوها في التشهّد،و به قال بعض الفقهاء من الجمهور؛و عليّ سيّد الآل و أهل البيت.
و قد روى ابن حجر في الباب العاشر من صواعقه عن الشافعي شعرا:
يا أهل بيت رسول اللّه حبّكم فرض من اللّه في القرآن أنزله
كفاكم من عظيم القدر أنّكم من لم يصلّ عليكم لا صلاة له (2)
و يؤيّده ما رواه الثعلبيّ في تفسيره،و النقّاش في قوله تعالى في سورة البقرة اَلَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (3)(4).
و به بطل قول المخالفين«أنّ الصلاة على الآل بدعة»،مع أنّ عموم الآية كفى.
و ستعرف حديث«أنّ اللّه صلّى عليّ و صلّى على عليّ سبع سنين»في سبق إسلامه (5).
و الصلاة من اللّه[أمر]مخصوص بالمعصوم باتّفاق الخصم على ما قيل،و لعلّ2.
ص: 178
الوجه هو أنّ الصلوات من اللّه على أحد منجّزا-كما هنا-ليس إلاّ مع العصمة و الاستحقاق،كما لا يخفى،و غير المعصوم لا يستحقّ الرحمة حتما،و به ثبت جواز الصّلاة على الآل و على أفضلهم اتّفاقا؛بل وجوبهما كما مرّ،و من وجب الصلاة عليه و صلّى اللّه عليه في ضمن الصّلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله-كما بيّنه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في الخبر و في الآية الثانية تصريحا-كان معصوما واليا على النّاس،كالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله، واجب الطاعة.
و بالجملة،من كانت الصلوات عليه جزء الصلاة و شرط قبولها نبيّ أو وصيّ ليس إلاّ عند أولي الأبصار،مضافا إلى حصر الاهتداء في الآية الثانية فيهم،حيث قال: «وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ» فأتى بالخبر معرّفا مع ضمير الفصل،و كلّ منهما من أسباب الحصر،و هذه المنقبة إمّا وقعت حقيقة فليس إلاّ مرتبة العصمة،أو ادّعاء، فيفيد زيادة الثناء عليهم.
ثمّ من هنا نقول:يجوز أن يقال«صلّى اللّه على محمّد و آله»،و أن يقال:
«اللّهمّ صلّ على محمّد و آله»،و أن يقال:«صلوات اللّه و سلامه على محمّد و آله».
[و روى]عطاء اللّه بن فضل اللّه في أربعينه عن أبي أيّوب الأنصاري،قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:
لقد صلّت الملائكة عليّ و على عليّ،لأنّنا كنّا نصلّي و ليس معنا أحد يصلّي غيرنا.
و روى هذا الحديث عن ابن عبّاس،و لفظه قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:صلّت الملائكة عليّ و على عليّ سبع سنين.
و قيل:و لم ذلك يا رسول اللّه؟قال:لم يكن معي من الرجال غيره.
و في رواية بعد قوله:«سبع سنين»:و ذلك أنّه لا ترتفع شهادة أن لا إله إلاّ اللّه
ص: 179
إلاّ منّي و من عليّ (1).
و عن الديلميّ في الفردوس (2):إنّ الصّلاة على محمّد و آله مع الدّعاء يوجب خرق الحجاب عن عروج الدّعاء إلى السّماء،و الدّعاء بغير صلاة يرجع،و يؤيّده عموم قوله تعالى هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَ مَلائِكَتُهُ .
ثمّ ورد في أخبارنا أنّ المراد بالتسليم الولاية للآل (3).1.
ص: 180
من سورة فاطر؛قوله تعالى ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ 32.
روى أصحابنا مستفيضا اختصاص الآية بالفاطميّين،و اختصاص ايراث الكتاب بالعترة الطّاهرة خاصّة (1).
ففي العيون (2):أراد اللّه بذلك،العترة الطّاهرة،و لو أراد الأمّة لكانت بأجمعها في الجنّة،لقول اللّه تعالى فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ الآية،ثمّ جمعهم كلّهم في الجنّة،فقال:
جَنّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها الآية،فصارت الوراثة للعترة الطّاهرة لا لغيرهم.
و في الكافي عن الكاظم،أنّه عليه السّلام تلا هذه الآية،[و]قال:فنحن الّذين اصطفانا اللّه عزّ و جلّ،و أورثنا هذا الّذي فيه تبيان كلّ شيء (3).
و عن الرضا عليه السّلام،أنّه سئل عنها فقال:ولد فاطمة عليها السّلام،و السّابق بالخيرات:
ص: 181
الإمام،و المقتصد:العارف بالإمام،و الظالم لنفسه:الّذي لا يعرف الإمام (1).
أقول:إن كان التقسيم المذكور إلى الثلاثة للمصطفين،لزم أن يكون الظالم مصطفى للّه و التالي باطل،فوجب أن يكون الميراث الكتاب مختصّا بالعترة الطّاهرة من ولد فاطمة عليها السّلام،و التقسيم لمطلق ولدها،و المراد المصطفين الّذين أورثهم الكتاب؛آل محمّد صلوات اللّه عليهم أجمعين العترة الطاهرة،و عليّ عليه السّلام سيّدهم و أفضلهم،و هذا أظهر.
و من طريق الجمهور ما رواه الحافظ أبو بكر بن مردويه أنّ المراد بالاسم الموصول (2)عليّ عليه السّلام؛و حينئذ فالاتيان بصيغة الجمع:إمّا تشريف أو تشريك له لذريّته و هو الأظهر.و ايراث اللّه كتابه للعترة الطاهرة (3)كناية عن قيامهم مقام النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في دعوة الخلق و تبليغ النواميس الإلهيّة و إرشاد النّاس سبل السلام،أو تصريح بعلمهم بالكتاب من اللّه سبحانه و تعالى علما لدنيّا،فيجب على غيرهم اتّباعهم بقوله تعالى فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ و هو المعنيّ بالخليفة و الإمام،أو نصّ على كونهم أفضل،فيكونون خلفاء على غيرهم،لقبح تقديم المفضول على الفاضل.
و بالجملة،هذه منقبة لا يساويها مناقب،و يشهد بهذا التفسير من الآية الكريمة قوله تعالى وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُهاجِرِينَ (4).
فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عليّا عليه السّلام داخلان في العموم،فكان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أولى بأولي أرحامه،و أولو الأرحام أولى به؛و التقييد بكونهم مؤمنين مهاجرين يخرج غير6.
ص: 182
عليّ عليه السّلام (1)،لاتّفاق الأمّة أنّ الإمامة لا يخلو من ثلاثة؛عليّ و عبّاس و أبي بكر، فإذا بطل إمامة عبّاس بعدم كونه مهاجرا؛بل طليقا،و بطل إمامة أبي بكر بعدم كونه من أولي أرحام النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و ذوي قرابته عرفا،لأنّ بعد الطبقة يوجب سلب اسم القرابة و الرحم،كما ذكره الفقهاء في بحث صلة الرّحم اتّفاقا،و إلاّ لصدق[على] ابن آدم كلّهم[أنّهم]قرابة،و التالي ضرورة و اتّفاقا،فالمقدّم مثله،و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سلب القرابة عنه يوم البراءة بوحي جبرئيل عليه السّلام،بقوله صلّى اللّه عليه و آله:لا يبلّغ عنّي إلاّ أنا أو رجل منّي (2).ثمّ أرسل عليّا عليه السّلام ليبلّغ عنه و استرجع أبا بكر-باتّفاق الفريقين-بعد ارساله لقراءة آيات البراءة على أهل الموسم،و هذا في سلب نسبه و قرابته عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.و لو سلّم الإطلاق،فهو من الأفراد النّادرة و لا ينصرف إليه،فيتبادر مثل عليّ عليه السّلام،و يخرج غيره من آية أولي القربى و آية وجوب المودّة في قوله تعالى قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى (3).
أو نقول:عدم اجتماع الوصفين في غير عليّ عليه السّلام بالاجماع يخرج غيره،فهو أولى بالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله.و الأولوية بأفراد الإنسان باختلاف الأفراد تختلف،و يجمعها ما هو أهمّ عنده.و الأهمّ عند النبيّ صلّى اللّه عليه و آله هو شرعه و كتابه و تبليغ الأحكام،فيكون عليّا عليه السّلام أولى بالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله من الثلاثة،و هذا منصب الإمام ليس إلاّ.أو نقول:اطلاق الأولوية بالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقتضي العموم من جهة حذف المتعلّق و عدم التعيّن و منافاة4.
ص: 183
الاجمال للغرض و الحكمة،فيكون عليّ عليه السّلام أولى بالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله من كلّ أحد في كلّ أمر،و هذا الإطلاق ليس إلاّ للإمام،و يشهد به الأخبار المستفيضة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال لعليّ عليه السّلام:أنت وارثي،منها ما مضى في حديث المنزلة و غيرها (1).
و منها ما رواه من المخالفين أحمد بن حنبل مرفوعا عن سلمان و أنس، عنه صلّى اللّه عليه و آله،قال:قلت له:يا رسول اللّه،من وصيّك؟قال يا سلمان،من كان وصيي أخي موسى؟قلت:يوشع بن نون.قال:فإنّ وصيي و وارثي و يقضي ديني و ينجز وعدي عليّ بن أبي طالب (2).
و رواه ابن مردويه (3)بزيادة فضائل له.
و ظاهر إنّ وصيّ الإنسان هو القائم مقامه بأموره الهامّة،و ما أمر أهمّ للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله من إقامة الدّين و هداية الأمّة إلى سنن المرسلين،و هو المعنيّ بالإمام.قوله:
«و وارثي».و لا إرث للنبيّ يرثه الوليّ إلاّ الكتاب و العلم و آثار النبوّة؛و ينصرف إليه الإطلاق في أمثال المقام لعدم اعتنائهم بالدراهم و الدّنانير،و لذا شاع في الأخبار«أنّ الأنبياء لا يورثون درهما و لا دينارا،و إنّما يورثون العلم»، و قد مضى عند ذكر حديث المنزلة أنّ عليّا عليه السّلام سأله:ما أرث منك؟فقال:ما كان ميراث الأنبياء؟قال صلّى اللّه عليه و آله:و ما كان ميراث الأنبياء؟قال:كتاب اللّه و سنّة نبيّهم (4).
و من ذلك ما رواه الخوارزميّ في المناقب:إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال يوم فتح خيبر:
«لو لا أن يقول فيك طوائف من أمّتي ما قالت النّصارى في عيسى ابن مريم عليهما السّلام،5.
ص: 184
لقلت فيك اليوم مقالا؛بحيث لا تمرّ بملإ من المسلمين إلاّ أخذ من تراب نعلك و فضل طهرك يستشفون به،و لكن حسبك أن تكون منّي و أنا منك،ترثني و أرثك،أنت منّي بمنزلة هارون من موسى،إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي.يا عليّ أنت تؤدّي ديني،و أنت في الآخرة أقرب النّاس منّي،و أنت غدا على الحوض خليفتي تذود عنه المنافقين،و أنت أوّل من يرد عليّ الحوض،و أنت أوّل داخل في الجنّة من أمّتي،و شيعتك على منابر من نور،حربك حربيّ،و سلمك سلمي، و سرّك سرّي،و علانيتك علانيتي،و سريرة صدرك سريرة صدري،و أنت باب علمي،ولدك ولدي،و لحمك لحمي،و جسمك جسمي،و دمك دمي،و إنّ الحقّ معك،و على لسانك،و في قلبك،و بين عينيك،و الإيمان مخالط لحمك و دمك؛ كما خالط لحمي و دمي،و إنّ اللّه عزّ و جلّ أمرني أن أبشّرك أنّك و عترتك في الجنّة،و عدوّك في النّار،و لا يرد على الحوض مبغض لك و لا يغيب عنك محبّك (1).
و رواه أحمد بن حنبل أيضا إلى قوله«من تحت قدميك للبركة».
و بالجملة،الأخبار الناصّة في أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال لعليّ:«أنت وارثي»مستفيضة من الطرفين؛بل كادت أن تكون متواترة،و كلّ ذلك من شواهد أنّ المراد بالآية ايراث اللّه الكتاب عليّا و أولاده الطاهرين عليهم السّلام،فيكون قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للولي«أنت وارثي»بايراث اللّه و وحيه،و هذا نصّ على الخلافة و الوصاية و الإمامة عند من ليس له لجاج،أو في ذهنه الاعوجاج،و الحمد للّه على أوّل النّعم.2.
ص: 185
من سورة الصّافات؛قوله تعالى وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ 24.
فقد روى الفريقان (1)أنّ المراد أنّهم مسئولون عن ولاية عليّ أمير المؤمنين عليه السّلام.
رواه أصحابنا،منهم عليّ بن إبراهيم في تفسيره (2)،قال:عن ولاية أمير المؤمنين عليه السّلام،و مثله في الأمالي (3)،و العيون (4)عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و في علل الشرائع (5)عنه عليه السّلام أنّه قال في تفسيرها:لا يجاوز قدما عبد حتّى يسأل عن أربع:
ص: 186
عن شبابه فيما أبلاه،و عن عمره فيما أفناه،و عن ماله من أين جمعه،و فيما أنفقه، و عن حبّنا أهل البيت (1).
و رواه من المخالفين في أصولهم الحافظ أبو نعيم (2)،عن الشعبيّ،عن ابن عبّاس،قال:مسئولون عن ولاية عليّ بن أبي طالب عليه السّلام.
و رواه أحمد بن حنبل في المسند (3)،و ابن شيرويه (4)في الفردوس في قافية الواو،و ابن حجر في صواعقه (5)،و الواحدي (6)عن أبي سعيد الخدريّ،قال:قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:مسئولون عن ولاية عليّ عليه السّلام.
و ابن الجوزيّ في تذكرة الخواصّ (7)،قال مجاهد عن حبّ عليّ عليه السّلام.
و لا ريب أنّ ولايته الّتي يوقف العبد و يسأل عنها يوم القيامة،لا سيّما في أوّل قدم قام بها من قبره،لا تكون إلاّ ولاية واجبة قائمة مقام النبوّة،و ليست إلاّ الإمامة دون المحبّة المجرّدة؛كما في دون فاطمة من أقارب الرّسول و سائر المؤمنين.على أنّ وجوب المودّة و المحبّة دليل وجوب الاتّباع و الطاعة،و ليس إلاّ الإمامة.
و يشهد بصحّة هذا الخبر قوله تعالى عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ اَلَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ .
و قد روى الفريقان أنّ المراد بالنّبإ العظيم ولاية عليّ عليه السّلام (8).ن-
ص: 187
أمّا الخاصّة: فمستفيضا (1).
و أمّا العامّة (2) :فقد رواه الحافظ الشيرازيّ عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:ولاية عليّ، يتساءلون عنها في قبورهم.ما من ميّت إلاّ و يسأله منكر و نكير عن ولاية عليّ أمير المؤمنين بعد الموت.يقولون له:من ربّك و ما دينك؟و من نبيّك؟و من إمامك؟.
وجه الدّلالة أنّ اجمال الآية يفصّل بالرّواية بما فيه تعيين إمامة عليّ عليه السّلام، فيجب الاقتصار عليه إلاّ بالدّليل،مع أنّ الفصل بغير تقييد،فإذا كانت ولاية عليّ مسئول عنها في القبر و القيامة بالآيتين و الرّوايتين كانت من أركان الإيمان،فهو نصّ في إمامته و خلافته.
و رواه المفسّر من أصحابنا في منهج الصادقين (3)عن الحافظ أبي نعيم الاصفهانيّ،عن السدّي،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله-الحديث،و فيها قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:فطوبى للمصدّق بولايته،و الويل للمكذّب بولايته،و قوله تعالى قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (4)(5).
ص: 188
ص: 189
من سورة الصّافات أيضا؛قوله تعالى: سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ 130.
فقد روى الفريقان أنّ المراد بآل يس آل محمّد صلّى اللّه عليه و عليهم و على سيّدهم،و ذلك لأنّ يس اسم محمّد صلّى اللّه عليه و آله،بدليل[قوله تعالى] إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ .
فقد رواه من أصحابنا القمّيّ (1)،و في معاني الأخبار (2)،و رواه في الجوامع عن (3)ابن عبّاس:آل يس آل محمّد صلوات اللّه عليهم أجمعين،و يس اسم من أسمائه صلّى اللّه عليه و آله.
و في الاحتجاج،عن أمير المؤمنين عليه السّلام:إنّ اللّه سمّى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بهذا الاسم،حيث قال يس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ،لعلمه بأنّهم يسقطون قول اللّه سلام على آل محمّد سلام اللّه عليهم أجمعين،كما أسقطوا غيره (4).و فيه دلالة على آل
ص: 190
يس،و من المخالفين،قال ابن حجر في صواعقه (1):إنّه تحقّق ذلك،و رواه جمع كثير (2).
أقول:و يؤيّده كون«آل»مفعولا عن«يس»في مصحف عثمان،على ما حكاه جماعة من الأعلام،و هذه الأخبار تشهد بصحّة قراءة«آل يس»بفتح الهمزة و مدّها و كسر اللام.
و رواه في العيون (3)عن الرضا عليه السّلام في مجلس المأمون،قال له المأمون:فهل عندك في الآل شيء أوضح من هذا في القرآن؟قال:نعم،أخبروني عن قول اللّه تعالى يس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ فمن عني بقوله يس ، قالت العلماء:يس محمّد صلّى اللّه عليه و آله،لم يشكّ فيه أحد،قال:فإنّ اللّه أعطى محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و آل محمّد من ذلك فضلا لا يبلغ أحد كنه وصفه إلاّ من عقله،و ذلك إنّ اللّه لم يسلّم على أحد إلاّ على الأنبياء،فقال تبارك و تعالى: سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ (4)و سَلامٌم.
ص: 191
عَلى إِبْراهِيمَ (1) و سَلامٌ عَلى مُوسى وَ هارُونَ (2)،و لم يقل:و سلام على آل نوح،و لم يقل:و سلام على آل إبراهيم،و لم يقل:و سلام على آل موسى و هارون.
و قال: سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ يعني آل محمّد صلوات اللّه عليهم أجمعين (3).
و بالجملة،هذه القراءة في رواياتنا و عند علمائنا معروفة مشهورة لا نتركها مهما أمكن،و نفتي بصحّتها،للروايات الصحيحة من طريقنا مضافا إلى طريق المخالفين (4).
و أمّا قراءة الياسين متّصلا لا آل يس،فقيل:لغة في الياس كيناوسين (5).و قيل:
جمع له أريد به هو و أتباعه،و فيه إنّه لو كان كذلك لكان معرّفا،و لو كان أريد به هو و اتباعه،لزم أن يكون أتباع الياس في سلك الأنبياء،و أن يكون اللّه سلّم عليهم،و الظاهر أنّ سلام اللّه على أحد يدلّ على عصمته و طهارته عن رجس الآثام،و سلامته من الهلاك،فيختصّ بأهل العصمة.فالصّحيح اختصاص الآية بالعترة الطاهرة أهل بيت الرسول،فيكون آل يس عليّ سيّدهم في درجة الأنبياء حفظا لسياق الآيات و تطبيق الطرفين مع الوسط،لأنّه تعالى ختم السورة بقوله سبحانه: سَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ،و ليس آل يس من المرسلين،فيكونون أئمّة.
و قد روى ابن حجر (6)المتأخّر من رجال المخالفين في صواعقه أيضا،أنّ اللّه:-
ص: 192
تعالى ساوى بين محمّد و آله في خمسة مواضع:
منها:السّلام عليهم،فكما سلّم على محمّد بقوله:و السلام عليك أيّها النبيّ و رحمة اللّه و بركاته،سلّم على آله بقوله سبحانه:«سلام على آل ياسين».
ثمّ أقول:إذا ثبت أنّ اللّه سبحانه و تعالى سلّم على الآل،ثبت عصمتهم و طهارتهم و سلامتهم عن الآثام،فيكونون أئمّة و أولى بالإمامة،و هو الظاهر.
ألا ترى كيف أثبت عصمة الأنبياء عن الزّلل بقوله تعالى: وَ سَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ بعد سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمّا يَصِفُونَ ،فإنّ السلام على أحد دعاء بالسلامة، و[السلام]من اللّه سبحانه و تعالى فعل السلامة بعبده تكوينا،و لا نعني بالعصمة إلاّ هذا. .
ص: 193
من سورة الشورى؛قوله تعالى قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أي على التبليغ و الرسالة
أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى 23.
فقد روى الفريقان (1)أنّ المراد بذوي القربى في الآية:الّذين جعل اللّه مودّتهم
ص: 194
أجر الرسالة،فمن لم يودّهم فسد إيمانه بالرّسول،لأنّ أجر الرّسالة من متمّمات الإيمان بالرّسول صلّى اللّه عليه و آله[و]هم العترة الطّاهرة:عليّ و فاطمة و الحسنان عليهم السّلام.
و أمّا أصحابنا فقد رووه متواترا و عليه إجماعهم لا خلاف بينهم.
منها:ما رواه في مجمع البيان (1)عن السّجاد و الباقر و الصادق عليهم السّلام.
و في الكافي عن الصادق عليه السّلام،قال:لمّا رجع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من حجّة الوداع و قدم المدينة أتته الأنصار،فقالوا:يا رسول اللّه،إنّ اللّه جلّ ذكره قد أحسن إلينا و شرّفنا بك و بنزولك بين ظهرانينا،فقد فرّح اللّه صديقنا،و كبت عدوّنا، و قد يأتيك وفود،فلا تجد ما تعطيهم،فيشمت بك العدوّ،فنحبّ أن تأخذ ثلث أموالنا،حتّى إذا قدم عليك وفد مكّة وجدت ما تعطيهم،فلم يردّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليهم شيئا،و كان ينتظر ما يأتيه من ربّه،فنزل جبرئيل عليه السّلام و قال: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى و لم يقبل أموالهم،فقال المنافقون:ما أنزل اللّه هذا على محمّد صلّى اللّه عليه و آله،و ما يريد إلاّ أن يرفع بضبع ابن عمّه و يحمل علينا أهل بيته،يقول أمس:«من كنت مولاه فعليّ مولاه»،و اليوم: «قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى» (2).
و نحوه رواه في قرب الإسناد (3)،و الجوامع (4)،و المجمع (5)،و المحاسن (6)،و غيرها،5.
ص: 195
بل هذا من أصول مذهبنا و ما أجمع عليه أصحابنا في الأعصار و الأمصار (1).
و أمّا المخالفون:فقد رواه منهم مسلم (2)،و البخاريّ (3)في الصحيحين، و أحمد بن حنبل في مسنده (4)،و الزمخشريّ (5)،و الثعلبيّ (6)،و البغويّ (7)في تفاسيرهم عن ابن عبّاس و غيره.
و رواه الأندلسيّ في الجمع بين الصّحاح (8)،و الطبرانيّ (9)،و الحاكم (10)،و ابن أبي حاتم (11)،و ابن حجر في صواعقه (12)عنه،أنّه فسّر القرابة بعليّ و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام،و صفهم بوجوب المودّة.ا.
ص: 196
و من التفصيل في ذلك ما في مسند أحمد بن حنبل (1)عن ابن عبّاس،لمّا نزل قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قالوا:يا رسول اللّه،من قرابتك الّتي وجب علينا مودّتهم؟قال:عليّ و فاطمة و أبناهما.
و نحوه في الصحيحين (2)،و تفسير الثعلبيّ (3).و يشهد له أيضا ما ورد في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا (4)يعني مودّة واجبة؛و أخبار وجوب محبّة عليّ عليه السّلام،فإنّ حبّه إيمان-أي متمّم الإيمان و شرط له-و بغضه نفاق؛و هي متواترة من الطرفين:
منها ما رواه من رجال المخالفين في صحيح البخاريّ (5)،و في الجمع بين الصحيحين،مسند عليّ عليه السّلام،في الحديث التاسع من أفراد مسلم،و في الجمع بين الصحاح،في الجزء الثاني على حدّ ثلثيه في باب مناقبه،عن صحيح ابن داود من الباب المذكور من صحيح البخاريّ.
و[يشهد له أيضا]ما في مسند ابن حنبل (6)،و في المشكاة للمبارك نوري (7)، و في الاستيعاب (8)،و حكاه في تذكرة الخواصّ (9)لابن الجوزيّ،عن الفضائل لابن حنبل أيضا،أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال لعليّ:لا يحبّك إلاّ مؤمن،و لا يبغضك إلاّل.
ص: 197
منافق (1).
و أورد جملة من هذه الرّوايات في تذكرة الخواصّ (2)سبط ابن الجوزيّ،و يشهد به أيضا أنّ اللّه تعالى جعل عليّا نفس النبيّ صلوات اللّه عليهما و آلهما في آية المباهلة-الآية الرابعة من هذا الكتاب-و مودّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله واجبة اتّفاقا،فكذا من هو كنفسه الشريفة.و إذا ثبت كون مودّتهم أجر الرّسالة،ثبت وجوب طاعتهم، و هو معنى الإمامة،و هذه الخصلة من خواصّ الإمام،مع أنّ إطلاق وجوب المودّة يقتضي عدم النكير عليهم فيما صدر عنهم،فإن لم يكونوا معصومين جاز الخطاء عليهم،فإن وجوب الردّ كان منافيا لإطلاق وجوب المودّة،و إلاّ كان مخالفا لما علم من الدّين ضرورة من وجوب الإنكار في المنكر،و تقييد وجوب المودّة بما لم يكن ما صدر عنهم منكر خلاف الأصل،فلا يصار إليه إلاّ بدليل،فإطلاق وجوب المودّة لهم دليل عصمتهم.
إذا عرفت هذه فنقول:أجمعت الأمّة على وجوب مودّة ذوي قرابة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للآية و الرّوايات،و اختلفوا في تعميمها و تخصيصها بهؤلاء المنصوص عليهم في4.
ص: 198
الرّوايات:عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام (1)،و يجب مودّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله بالأولويّة،و لأنّها من لوازم الإيمان،فالأكثرون من المسلمين على التخصيص بهؤلاء الجماعة المنصوص عليهم بالنصوص الصحيحة المتواترة من الطرفين، و لأنّها معلومة المراد.
و الأصل عدم إرادة غيرهم،و الأصل[عدم]براءة الذمّة عن التكليف بمودّة غير هؤلاء الجماعة المجمع عليها و لأنّ ظاهر الآية إطلاق وجوب المودّة،و هو يقتضي عصمة من وجب مودّته؛و لا عصمة في غيرهم اتّفاقا،فلا يجب مودّة غيرهم،لأنّ انتفاء اللازم دليل انتفاء الملزوم،فإطلاق وجوب المودّة في القربى ينافي إطلاق ذوي القرابة،فوجب تخصيصها بالعترة الطّاهرة للجمع على وجوب مودّتهم،إمّا بالخصوص أو في العموم،لأنّهم أظهر أفراد ذوي القرابة و أولاهم، فإن كانت الأمّة عامّة دخلوا،و إن كانت خاصّة،فهم المخصوصون بها.
و لو قيل:إذا وجب التقييد في الجملة،فما الترجيح بجانب تخصيص ذوي القرابة بالعترة؟
قلنا:العترة مرادة من الآية اتّفاقا،و الشكّ إنّما هو في غيرهم،و الأصل عدم وجوب مودّة غيرهم،فهذا هو المرجّح لعدم اليقين،بل الظنّ في دخول غيرهم.
على أنّ مودّة غير العترة على وجه ما ليست من أركان الإيمان،و الإسلام و أجر الرّسالة؛كما هو الظاهر[من]الآية،بل نصّها لا يجب في غيرهم اتّفاقا،بل مودّتهم إن كانت واجبة،فهي مودّة المؤمن بمعنى عدم جواز بغضه،ثمّ «الْقُرْبى» تأنيث أقرب،و لا أقرب إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من نفسه،يجعل اللّه تعالى عليّا نفسه في آية المباهلة باتّفاق الأمّة و المفسّرين،مضافا إلى النصوص الصحيحة و المعتبرة في أصول الفريقين على أنّ[المراد]ب «أَنْفُسَنا» هو عليّ بن أبي طالب عليه السّلام،عن أنّ4.
ص: 199
القربى هم ذوي قرابة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و الظاهر المتبادر من القرابة قرابة النسب لا السّبب،فخرج مثل عثمان.ثمّ الظّاهر المتبادر من ذوي قرابة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أقاربه العرفيّة و أرحامه،فلا يعمّ مثل أبي بكر،لاتّفاق الأمّة على عدم كونه رحما داخلا في آية أولي الأرحام و إن كان من قريش،و إلاّ لكان بنو آدم كلّهم أرحام و أقرباء،مضافا إلى نصّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في سلبه عنه في يوم البراءة بقوله صلّى اللّه عليه و آله:لا يؤدّي عنّي إلاّ أنا أو رجل منّي (1).و من ثمّ عزل أبا بكر عن قراءة آيات البراءة على قريش في الموسم و نصب عليّا عليه السّلام بوحي جبرئيل عليه السّلام معلّلا بذلك،و قد رواه الفريقان متواترا.
فدلّ هذا على أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سلب أبا بكر عن نفسه،مضافا إلى نصوص الفريقين في الباب في تفسير الآية بعليّ و فاطمة و الحسنين عليهم السّلام،مضافا إلى ما رواه أحمد بن حنبل (2)في المسند،و مسلم (3)،و البخاريّ (4)في الصحيحين،و الثعلبيّ في تفسيره عن ابن عباس،أنّه قال:لمّا نزل قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً الآية،قالوا:
يا رسول اللّه من قرابتك الّتي وجب علينا مودّتهم؟قال صلّى اللّه عليه و آله:عليّ و فاطمة و ابناهما عليهم السّلام (5).
و هذا نصّ في الاختصاص.و النبيّ لم يضف إليهم غيرهم،و الظّاهر عدمه؛ و تأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز عقلا و نقلا.
كما-تقرّر في محلّه-مضافا إلى أنّ الحسنة المذكورة بعد الآية وَ مَنْ يَقْتَرِفّْ.
ص: 200
حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً هي موالاة آل محمّد صلّى اللّه عليهم أجمعين (1)،على ما نقله الثعلبيّ،و ابن حجر عن ابن عبّاس (2)،كلّ ذلك مضافا إلى إجماع أهل البيت الّذين هم داخلون بلا خلاف،و يشهد بطهارتهم آية التطهير،و الروايات المعتبرة في جوامع الفريقين (3)،و الأخبار الصحيحة في أصول الفريقين أنّهم مع القرآن لا يفترقان حتّى يردا على الحوض (4)،على اختصاص الآية بهم،و الحمد للّه.ده
ص: 201
من سورة الزّخرف؛قوله تعالى وَ لَمّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ 57.
فقد روى الفريقان (1)نزولها لمّا مثّل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام بعيسى ابن مريم عليهما السّلام اعترض عليه المنافقون.
ففي الكافي من طريق الأصحاب،قال:قال:بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ذات يوم جالسا إذ أقبل أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام،فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:إنّ فيك شبها من عيسى ابن مريم عليهما السّلام،لو لا أن تقول فيك طوائف من أمّتي ما قالت النّصارى في عيسى ابن مريم،لقلت فيك قولا لا تمرّ بملإ من الناس إلاّ أخذوا التراب من تحت قدميك يلتمسون بذلك البركة،قال:فغضب الأعرابيان و المغيرة بن شعبة و عدّة
ص: 202
من قريش معهم،فقالوا:ما رضي أن يضرب لابن عمّه مثلا إلاّ عيسى ابن مريم، فأنزل اللّه تعالى على نبيّه وَ لَمّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً -إلى قوله تعالى- لَجَعَلْنا مِنْكُمْ -يعني من بني هاشم- مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (1)(2).
و نحوه رواه في المناقب (3)،و مجمع البيان (4)،و التهذيب (5)،و القمّيّ (6)،باختلاف يسير لا يقدح في المطلب.و بالجملة هو المشهور في روايات الأصحاب،و معنى يصدّون:يضجّون أو يعرضون.
و من رجال المخالفين:فقد رواه أحمد بن حنبل (7)في مسنده بطرق ثمانية على ما ضبطها بعض المحدّثين،و ابن المغازليّ (8)في المناقب،و محمّد بن عبد الواحد التميميّ في الجزء الثالث من جواهر الكلام في حروف النداء،و ابن عبد ربّه في كتاب العقد الفريد (9).
فما ذكره المفسّرون في الآية وجوه محتملة،هي اجتهاد في مقابلة النّصوص المعتبرة من الفريقين،و تفسير بالرأي المنهيّ عنه،و هذا الحديث من تمثيله صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام بعيسى ابن مريم عليهما السّلام.
و قوله صلّى اللّه عليه و آله:لو لا أن تقول فيك طائفة من أمّتي ما قالت النصارى في عيسى ابن مريم،لقلت فيك قولا لا تمرّ بملإ إلاّ أخذوا التراب من تحت قدميك يلتمسون4.
ص: 203
بذلك البركة،قد رواه الخوارزميّ من رجال المخالفين في يوم خيبر (1)أيضا،و قد مضى حديثه في حديث المنزلة،و مثل هذا لا يناسب إلاّ للإمام (2).5.
ص: 204
من سورة الزّخرف أيضا؛قوله تعالى وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَ جَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ 45.
فقد روى الفريقان أنّ اللّه تعالى لمّا جمع بين نبيّه و بين أرواح الأنبياء ليلة المعراج،قال: وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا على ما ذا بعثوا؟فقالوا:
بعثنا على الإقرار بالتوحيد و بنبوّتك و بولاية عليّ عليه السّلام.
رواه من الجمهور الحافظ أبو نعيم (1)،استخرجه من كتاب الاستيعاب لابن عبد البرّ،و النيسابوريّ (2)في تفسيره عن الثعلبيّ.
و روى أصحابنا ما يفيد هذا المعنى أيضا (3).
ص: 205
و على هذا،فبعض السؤال مذكور في الآية و هو التوحيد؛كما قال اللّه تعالى أَ جَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ هل حكمنا بعبادة الأوثان،و هل جاءت في ملّة من مللهم،و هذا ردّ على المشركين،و بعضه غير مذكور،بل ألقي عليه بالوحي،أو ترك من جهة تغيير الكتاب بفعل عمر و عثمان (1).
و هذا نصّ في وجوب الإيمان بولاية عليّ عليه السّلام المقرونة بنبوّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و توحيد اللّه تعالى في لسان جميع الأنبياء عليهم السّلام،فهو برهان قاطع على أنّ الإيمان بولاية أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام من أعظم أصول الدّين،بعثت[لأجله]جميع الأنبياء،و له الحمد.ة.
ص: 206
من سورة محمّد صلّى اللّه عليه و آله؛قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللّهِ -
القمّيّ قال:عن أمير المؤمنين عليه السّلام- وَ شَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى لَنْ يَضُرُّوا اللّهَ شَيْئاً وَ سَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ 32.
فقد روى الفريقان نزولها من شاق الرسول صلّى اللّه عليه و آله في ولاية أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام.
أمّا أصحابنا:فقد رواه القمّيّ (1)،و رووه في الآية السابقة على هذا إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى (2)الآية.
بل رووا عن أئمّتهم:إنّ في هذه السّورة آية فينا،و آية في عدوّنا (3).
و ورد في جلّ آياتها تفاصيل (4)ذلك عنهم.
ص: 207
و[أمّا]من الجمهور،فقد روى الحافظ أبو بكر بن مردويه أنّ المراد بالهدى المهديّ في أمر عليّ عليه السّلام،حكاها في كشف الغمّة (1).
و لا ريب أنّ الذمّ المبطل للأعمال،الشامل للإيمان،يدلّ على أنّ قبول ولاية أمير المؤمنين عليه السّلام و ما قاله الرسول صلّى اللّه عليه و آله فيه ركن للإيمان لا يتمّ الإيمان بدونه؛ ضرورة أنّ مخالفة الرسول في الفروع لا يوجب بطلان جميع الأعمال حتّى الإيمان.و هذا دليل على إمامته،و أنّ الإمامة من الأصول الإيمانيّة،ثمّ من الواضح أنّه لم يقع شقاق في أمر عليّ عليه السّلام في زمان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و بعده إلاّ في ولايته (2).م.
ص: 208
من سورة ق؛قوله تعالى أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفّارٍ عَنِيدٍ 24.
فقد روى الفريقان أنّ الخطاب لمحمّد صلّى اللّه عليه و آله و عليّ عليه السّلام،رواه من أصحابنا جماعة،منهم:القمّيّ (1)،و في مجمع البيان (2)،و الأمالي (3)و غيرها (4).
و من الجمهور ما رواه أبو حنيفة في مسنده (5)رواية عن الأعمش،عن أبي سعيد الخدريّ،أنّه قال:إذا كان يوم القيامة قال اللّه تعالى:يا محمّد يا عليّ،قفا بين الجنّة و النار،و ألقيا في جهنّم كلّ كفّار عنيد.أي كافر مكابر في النبوّة،معاند للولاية؛بل قال:أجمع عليه المفسّرون و وافقهم أبو حنيفة في مسنده للرواية.
ص: 209
حكى ذلك كلّه البرسيّ في مشارقه (1).
أقول:هذا ما تواترت الأخبار فيه من أنّ عليّا عليه السّلام قسيم الجنّة و النّار (2)،و قد استفيض في طريقنا عن الأئمّة الطّاهرة:إنّ إياب الخلق إلينا و حسابهم علينا.
فمن روايات المخالفين قد مضى ما دلّ على أنّ عليّا عليه السّلام يوم القيامة على الحوض يذود و يرود (3).ث.
ص: 210
في سورة النّجم؛ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ النَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما
غَوى
فقد روى الفريقان ما حاصله أنّها نزلت في وصاية عليّ عليه السّلام (1).
فقد روى من أصحابنا في المحاسن (2)عن ابن عبّاس،قال:صلّينا العشاء الآخرة ذات ليلة مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فلمّا أسلم أقبل علينا بوجهه،ثمّ قال:إنّه ينقضّ كوكب من السّماء مع طلوع الفجر،فيسقط في دار أحدكم،فمن سقط ذلك الكوكب في داره،فهو وصيّي و خليفتي و الإمام بعدي،فلمّا قرب الفجر جلس كلّ واحد منّا في داره ينتظر سقوط الكوكب في داره،و كان أطمع القوم في ذلك أبو العبّاس بن عبد المطلب.
ص: 211
انقض الكوكب من الهواء،فسقط في دار عليّ بن أبي طالب عليه السّلام،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعليّ:يا عليّ و الّذي بعثني بالنبوّة،لقد وجبت لك الوصيّة و الخلافة و الإمامة.
فقال المنافقون عبد اللّه بن أبي (1)و أصحابه:لقد ضلّ محمّد صلّى اللّه عليه و آله في محبّة ابن عمّه و غوى و ما ينطق في شأنه إلاّ بالهوى،فأنزل اللّه تبارك و تعالى وَ النَّجْمِ إِذا هَوى الآية.و عن الصّادق عليه السّلام ما يقرب منه (2).
و من رجال الجمهور ما رواه أبو حامد الشافعيّ في كتاب شرف المصطفى (3)حكاه بعض الثقات،و ابن المغازلي (4)في المناقب عن ابن عبّاس،قال:كنت جالسا مع جماعة من بني هاشم مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،إذ انقضّ كوكب،فقال صلّى اللّه عليه و آله:من انقضّ هذا الكوكب في داره،فهو الوصيّ من بعدي،فقام جماعة من بني هاشم،فإذا الكوكب قد انقضّ في دار عليّ عليه السّلام،فقالوا:يا رسول اللّه قد غويت في حبّ عليّ،فأنزل اللّه تعالى وَ النَّجْمِ إِذا هَوى الآية.
أقول:و من الظاهر أنّ الوصيّ هو المتولّي بجميع أمور الموصي بعد وفاته نيابة عنه،و لا أمر أهمّ عند النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من تبليغ الأحكام و ارشاد الضالّة،و القيام بأمور الدّين،و حفظ سنن المرسلين،و تبيين كتاب ربّ العالمين،و هو المعنيّ بالخليفة و الإمام.
و كون السورة مكيّة لا ينافي كون ابن عبّاس-كما قيل-قد ولد بعد الهجرة، و من اطلاقات المكيّة كون النزول بمكّة قبل الهجرة أو بعدها،حكاها بعض الثقات0.
ص: 212
عن السيوطيّ في كتاب الإتقان (1).
و من الجمهور روى الخوارزميّ و ابن مردويه في الوصاية مسندا عن أمّ سلمة -في حديث طويل-قالت:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:إنّ اللّه تعالى اختار من كلّ أمّة نبيّا.و اختار لكلّ نبيّ وصيّا،فأنا نبيّ هذه الأمّة،و عليّ وصيّي في عترتي و أهل بيتي و أمّتي من بعدي (2).
و من ذلك رواه أحمد بن حنبل مرفوعا عن سلمان،أنّه سأل[النبيّ]عن وصيّه، فأجابه بأنّ عليّا وصيّي،و قد مضى الحديث بلفظه (3).
و من ذلك ما رواه الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء (4)عن أنس،قال:قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ذات يوم:يا أنس،أوّل من يدخل عليك من هذا الباب سيّد المسلمين،و إمام المتّقين،و قائد الغرّ المحجّلين،و يعسوب الدّين،و خاتم الوصيّين.
قال:فأحببت أن يكون رجلا من الأنصار.و إذا بعليّ قد دخل عليه،فاستقبله و احتضنه و بدأ يمسح من عرق جبينه بجبينه،فقال:يا رسول اللّه،ما وجدتك تصنع معي كصنيعك هذا اليوم؛فقال:ما يمنعني و أنت تؤدّي عنّي و تسمعهم صوتي و تبيّن لهم ما اختلفوا فيه من بعدي.
و هذا نصّ في الباب من وصايته و تفسيرها بالخلافة و الإمامة و الولاية بما لا مجال للاختلاف بغيره.
و من ذلك ما رواه الخوارزميّ (5):قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:نزل عليّ جبرئيل عليه السّلام5.
ص: 213
صبيحة يوم فرحا مستبشرا،فقلت:حبيبي ما لي أراك فرحا مستبشرا؟فقال:
يا محمّد و كيف لا أكون كذلك و قد قرّت عيني بما أكرم اللّه به أخاك و وصيّك و إمام أمّتك عليّ بن أبي طالب عليه السّلام،فقلت:و بم أكرم اللّه أخي و إمام أمّتي؟قال:
باهى بعبادته البارحة ملائكته و حملة عرشه،و قال:ملائكتي انظروا إلى حجّتي في أرضي على عبادي بعد نبيّي،فقد عفّر خدّه في التراب تواضعا لعظمتي، أشهدكم أنّه إمام خلقي و مولى بريّتي.
و هذا نصّ في الباب؛و بالجملة الأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى في كتب الفريقين (1)و أصولهم،لا مجال لإنكارها،قد ذكرت شطرا وافيا منها.9.
ص: 214
من سورة الرّحمن؛قوله تعالى مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ
-إلى- يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ 19-22.
فقد روى الفريقان أنّ البحرين؛عليّ و فاطمة،و البرزخ:محمّد صلّى اللّه عليه و آله و اللّؤلؤ و المرجان:الحسنان.
أمّا أصحابنا،فقد رواه بعضهم (1).
و أمّا الجمهور،فقد رواه الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه،كما[في] كشف الغمّة عن أنس بن مالك،أنّها نزلت في عليّ و فاطمة عليهما السّلام (2).
ص: 215
و رواه في مجمع البيان عن سلمان الفارسي،و سعيد بن جبير،و سفيان الثوري:و«البحرين»عليّ و فاطمة،و«برزخ»محمّد صلّى اللّه عليه و آله،و«اللؤلؤ و المرجان» الحسن و الحسين عليهما السّلام (1).
أقول:هذا العلّة إشارة إلى اجتماع بحر النبوّة و الولاية،فيخرج منهما اللّؤلؤ و المرجان،أولاد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من صلب عليّ عليه السّلام.
قال الشيخ عزّ الدّين المقدسيّ الشافعيّ في رسالته المعمولة في مدح الخلفاء:
حكى بعض الثقات كلاما فيه أنّ البحرين بحر ماء النبوّة من فاطمة عليها السّلام،و بحر ماء الفتوّة من عليّ عليه السّلام،و البرزخ بينهما برزخ التقوى،لا يبغيان أحدهما على الآخر بدعوى أو شكوى،و اللّؤلؤ و المرجان الحسنان عليهما السّلام (2).
و هذا يفيد كون عليّ عليه السّلام تلو النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فيكون واليا على النّاس عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فيكون قوله تعالى فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ :معناه أ بنعمة النبوّة أم بنعمة الولاية-و بهما تتمّ الهداية-تكذّبان (3).7.
ص: 216
من سورة الواقعة؛قوله تعالى وَ السّابِقُونَ السّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ 10
و 11.
فقد روى الفريقان ما يفيد أنّ المراد عليّ عليه السّلام لسبقه في الإسلام قبل الأمّة أجمع (1).
ص: 217
أمّا أصحابنا ففي الخصال؛عن عليّ عليه السّلام،قال:نزلت فيّ (1).
و في إكمال الدّين،عن الباقر عليه السّلام في حديث:نحن السّابقون،نحن الآخرون (2).
و في الأمالي،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:فقال لي:جبرئيل عليه السّلام ذلك في عليّ عليه السّلام و شيعته،هم السّابقون إلى الجنّة المقرّبون من اللّه بكرامته (3)لهم.
أقول:معنى السّابقون[:السابقون]في الإيمان بالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و هو الوليّ عليّ بن أبي طالب عليه السّلام،هم السّابقون إلى الجنّة،و غيره يتبعه.
و روى الثعلبيّ من رجال المخالفين في تفسيره أنّ المراد به عليّ عليه السّلام (4).
و روى الحافظ أبو بكر بن مردويه (5)ما معناه أنّ المراد بهم عليّ و سلمان.بل قيل:إنّ سلمان كان أقدم من أبي بكر في الإسلام.
و[روى]ابن الجوزيّ في تذكرة الخواصّ (6)عن سعيد بن جبير،عن ابن عبّاس، قال:أوّل من صلّى مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليّ عليه السّلام،فنزلت الآية.
و استدلال بعضهم على فضيلة أبي بكر في الهجرة ساقط،لأنّ المراد الأسبق في الإسلام و الإيمان،مع أنّ أبا بكر لم يكن من المهاجرين،لأنّ الهجرة إنّما كانت بعد هجرة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و أبو بكر لم يخرج مهاجرا إلى اللّه تعالى و رسوله،بل خرج مع7.
ص: 218
رسوله مخالفا في نهيه عن الخروج (1).
كما رواه الثقات[من]الفريقين،و ممّا يشهد بما ذكرناه ما رواه في أنوار البصائر عن الخوارزميّ (2)،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال في عليّ عليه السّلام:إنّه أوّلكم إيمانا معي، و أوفاكم بعهد اللّه تعالى و أقومكم بأمر اللّه،و أعدلكم في الرعيّة،و أقسمكم بالسّويّة،و أعظمكم عند اللّه مزيّة.
و عن حلية الأولياء لأبي نعيم الحافظ،قال:قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:أخصمك يا عليّ بالنبوّة-فلا نبوّة بعدي-و تخصم النّاس بسبع لا يحاجّك فيهن أحد من قريش:
أنت أوّلهم إيمانا باللّه،و أوفاهم بعهد اللّه،و أقومهم بأمر اللّه،و أقسمهم بالسويّة، و أعدلهم في الرعيّة،و أبصرهم في القضيّة،و أعظمهم عند اللّه يوم القيامة مزيّة (3).
و ما رواه محمّد بن يوسف الكنجيّ في كفاية الطالب عن جماعة،أنّه قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:ستكون من بعدي فتنة،فإذا كان ذلك فاقتدوا بعليّ بن أبي طالب و الزموه،فإنّه أوّل من آمن بي،و أوّل من يصافحني يوم القيامة،و هو الصدّيق الأكبر،و هو فاروق هذه الأمّة،يفرق بين الحقّ و الباطل،و هو يعسوب المؤمنين و إمام المتقين (4).
وجه الدلالة أنّه لو لم يكن أسبق في الإسلام لم يكن أسبق في الملاقاة و المصافحة مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم القيامة،إذ السّابقون في الإسلام هم السّابقون في دخول الجنّة،و أولئك هم المقرّبون أصحاب عين التسنيم في قوله تعالى عَيْناً3.
ص: 219
يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (1) .
ثمّ أقول:قول المخالفين في لقب أبي بكر الصديق،و في لقب عمر الفاروق اطلاق من هذا الحديث،كاطلاق أمير المؤمنين للشيخين،حتّى صار الأمر إلى أن قيل لعلوج بني أميّة مثل يزيد بن معاوية و مروان«أمير المؤمنين».
و قوله«يعسوب المؤمنين»معناه أمير المؤمنين،لأنّ اليعسوب هو أمير النحل (2)،م-
ص: 220
و هذه الإمارة ثابتة له عليه السّلام من اللّه و رسوله لا بإطلاق و قول زور.
و قوله:«و امام المتّقين»لعلّه إشارة إلى قوله تعالى يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً (1)إلى رحمته الواسعة لا نهاية لها و لا حدود،إذا كان عليّ عليه السّلام إمامهم،كان نورهم يسعى بين أيديهم إلى رحمة اللّه الجنّة. وَ نَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ - و هم خلاف المتّقين- إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً (2)أي عطاشا،و إمامهم أئمّة يهدون إلى النّار؛أو[لعلّه]إشارة إلى قوله تعالى وَ اجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً (3).
ثمّ قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في هذا الحديث الشريف:«ستكون بعدي فتنة،و إذا كان ذلك فاقتدوا بعليّ بن أبي طالب و الزموه» (4)،نصّ في خلافته و إمامته و وجوب طاعته،و أنّه صراط اللّه المستقيم (5).
ضرورة أنّ أوّل فتنة وقعت بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و كانت أصل أصول الضلال و الفتن المضلّة،إنّما هي فتنة الخلافة و البيعة في سقيفة بني ساعدة لأبي بكر (6)،و التخلّف عن وصيّ رسول اللّه عليّ بن أبي طالب،و إذا كان مثل ذلك وجب الاقتداء بعليّه.
ص: 221
و ملازمته،كان هو إمام الهداية في سبل السلام و نوح سفينة النجاة؛قال الشاعر:
البحر طغى و ماج موجا و طمى لما ارتحل النبيّ عنّا
و مضى أهل الدنيا جميعهم قد غرقوا من آل إلى سفينة الآل نجى (1)
و عن فخر الدّين الرازي:عند قوله تعالى مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ (2)انّ سبّاق الأمم ثلاثة:مؤمن آل فرعون،و حبيب النجّار،و عليّ بن أبي طالب عليه السّلام،و هو أفضلهم،ذكره في تفسيره (3).5.
ص: 222
من سورة الحاقّة؛قوله تعالى وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ -بعد قوله تعالى إِنّا لَمّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ 11،12.
أي تحفظها أذن من شأنها أن تحفظ ما يجب حفظه.
و في رواية الفريقين،منهم الواحدي في أسباب نزول القرآن (1)،و أبو نعيم في حلية الأولياء (2)،و ابن المغازلي في المناقب (3)،و الثعلبيّ،و أبو القاسم بن حبيب في تفسيريهما (4)،كلّهم من رجال العامة و ثقات المخالفين.
ص: 223
أنّه قال عليّ عليه السّلام:ضمّني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قال:أمرني ربّي أن أدنيك و لا أقصيك،و أن تسمع و تعي (1)[و حقّ على اللّه أن تسمع و تعي،فنزلت وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ ].
و زاد الثعلبيّ في تفسيره:«و أن أعلّمك و تعي،ثمّ نزلت الآية» (2).
و عن الروزبهان:أنّه لمّا نزلت الآية قال صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام،سألت اللّه أن يجعلها أذنك الأذن الواعية (3).
[و أمّا أعلام الشيعة قالوا:نزلت هذه الآية في عليّ عليه السّلام] (4).ير
ص: 224
كان عليّ عليه السّلام أعلم الناس بكتاب اللّه و سنّة رسول اللّه (1)،فيكون إماما بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على الأمّة كلّهم و خليفته عنه صلّى اللّه عليه و آله،لأنّ مدار الإمامة و الخلافة على العلم و الفضل،لا الزّور و البهتان و رأي الأمّة.
و صحّ روايات الفريقين عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،أنّه قال:أنا مدينة العلم و عليّ بابها، و في رواية:أنا بيت الحكمة و عليّ بابها (2).7.
ص: 225
و قد كذب من زعم أنّه يأتي البيت إلاّ من بابه،و قال اللّه تعالى وَ لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَ أْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها (1).
هذا آخر ما أوردناه في هذه المختصر،و قد فرغنا عنه في العشر الآخر من ربيع الثاني في سنة 1274 ه،و الحمد للّه أوّلا و آخرا.9.
ص: 226
1-القرآن الكريم.
2-إقبال الأعمال:لرضي الدّين عليّ بن موسى بن جعفر بن طاوس العلويّ«ت 664 ه».
3-الإفصاح في إمامة أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام:لأبي عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان العكبريّ البغداديّ«ت 413 ه»،المؤتمر العالميّ لألفيّة الشيخ المفيد،قم،ط الثانيّة،1413 ه.
4-الأصول من الكافي:لثقة الإسلام أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني«ت 328 ه»، دار الكتب الإسلاميّة طهران،ط الثانيّة،1388 ه.
5-إكمال الدّين و اتمام النعمة:لأبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ الشيخ الصدوق«ت 381 ه»،مؤسّسة النشر الإسلامي لجماعة المدرسين،قم،1405.
6-الإمامة و التبصرة من الحيرة:لعليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ«ت 329 ه»،تحقيق و نشر مدرسة الإمام المهديّ،قم.
7-إعلام الورى بأعلام الهدى:لأمين الإسلام أبي عليّ الفضل بن الحسن الطبرسيّ«القرن السادس الهجريّ»،دار المعرفة،بيروت،1399 ه.
8-أنوار التنزيل:لأبي الخير عبد اللّه بن عمر البيضاويّ«ت 791 ه»،شركة مكتبة المصطفى البابي مصر،1388 ه.
9-الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان«ت 354 ه»:لأمير علاء الدّين عليّ بن بلبان الفارسيّ «ت 739 ه»دار الكتب العلميّة،بيروت،1407 ه.
10-الإمامة:للعلاّمة السيّد أسد اللّه ابن محمّد باقر الشفتي الجيلانيّ«ت 1290 ه»مكتبة مسجد السيّد حجّة الإسلام الشفتيّ،اصفهان،ط الاولى،1411 ه.
11-الإمامة من أبكار الأفكار في أصول الدّين:لأبي الحسن عليّ بن أبي عليّ الآمديّ«ت 631
ص: 227
ه»دار الكتاب العربي،بيروت.
12-الإكمال لابن مأكولا:للأمير عليّ بن هبة اللّه العجليّ«ت 475 ه»دار الكتاب،القاهرة.
13-الآثار الباقية في القرون الخالية:للبيرونيّ أبي ريحان محمّد بن أحمد«ت 440 ه»،طبع لايبزيك،1923 م.
14-إثبات الوصية:للمسعوديّ عليّ بن الحسين«ت 345 ه»،منشورات الرضي،قم.
15-إيمان أبي طالب المعروف بكتاب الحجّة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب:
لأبي عليّ فخّار بن معد الرازي«ت 630 ه»دار الزهراء للطباعة و النشر،بيروت،ط الثانية، 1408 ه.
16-إيمان أبي طالب:لأبي عبد اللّه الشيخ الجليل المفيد«ت 413 ه»،المؤتمر العالميّ لألفيّة الشيخ المفيد،قم،ط الأولى،1413 ه.
17-الأربعين في فضائل الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام:للأمير السيّد جمال الدّين عطاء اللّه بن فضل اللّه الحسيني الفارسي الهرويّ«ت 930 ه»،مؤسّسة الطبع التابعة للآستانة الرضويّة المقدّسة مشهد،ط الثانيّة،1421 ه،تحقيق حجّة الإسلام محمّد حسن زبري.
18-الأربعين:لفخر الدين محمّد بن عمر القرشي الشافعيّ الرازيّ«ت 606 ه»دائرة المعارف العثمانيّة، حيدرآباد دكن،ط الأولى 1353 ه.
19-الأربعين عن الأربعين في فضائل عليّ عليه السّلام:للشيخ المفيد أبي محمّد عبد الرحمن بن أحمد بن الحسين النيسابوريّ الخزاعيّ«القرن الخامس الهجريّ»،مؤسّسة الطبع و النشر،وزارة الثقافة و الارشاد الإسلاميّ،ط الأولى،1414 ه.
20-الأربعون حديثا:للفقيه المحدّث الشيخ سليمان بن عبد اللّه البحرانيّ«ت 1121 ه»، منشورات المحقّق،قم،ط الأولى،1417.
21-أسنى المطالب في مناقب سيّدنا عليّ بن أبي طالب عليه السّلام:للجزريّ محمّد بن محمّد الشافعيّ«ت 833 ه»مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام،اصبهان.
22-احياء العلوم:لأبي حامد محمّد بن محمّد الغزاليّ«ت 505 ه»دار المعرفة،بيروت.
23-الإصابة في تمييز الصحابة:لأبي الفضل أحمد بن عليّ ابن حجر العسقلانيّ الشافعيّ«ت 852 ه»مطبعة السعادة،مصر،1323 ه.
ص: 228
24-الإمامة و السياسة:لأبي محمّد عبد اللّه بن مسلم بن قتيبة الدينوريّ«ت 276 ه»،مطبعة مصطفى البابي الحلبي و أولاده،مصر،ط الثانية،1377 ه.
25-أسباب النزول:للواحدي عليّ بن أحمد النيسابوريّ«ت 468 ه»،عالم الكتب،بيروت.
26-الاستيعاب في معرفة الأصحاب:لأبي عمر يوسف بن عبد اللّه بن عبد البر القرطبيّ المالكيّ «ت 463 ه»مطبعة السعادة،مصر،ط الأولى بهامش الإصابة،1323 ه.
27-أسد الغابة في معرفة الصحابة:لعز الدّين عليّ بن محمّد الشيبانيّ المعروف بابن الأثير«ت 630 ه»دار إحياء التراث العربي،بيروت.
28-الألفين:لجمال الدّين العلاّمة الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّيّ«ت 726 ه»مؤسّسة الدّين و العلم-دار الهجرة،طهران،ط الثالثة،1402 ه.
29-إحقاق الحقّ و إزهاق الباطل:للعلاّمة القاضي نور اللّه الحسينيّ التستريّ،الشهيد في بلاد الهندسة«1019 ه»مكتبة آية اللّه المرعشيّ.
30-الإصلاح:أبي حاتم أحمد بن حمدان الرازيّ«القرن الرابع».
31-الأمالي:لأبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ،المعروف بالشيخ الصدوق «ت 381 ه»مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات،بيروت،ط الخامسة،1400 ه.
32-الأمالي:لأبي عبد اللّه محمّد بن محمّد المعروف بالشيخ المفيد(ت 413 ه»،منشورات جماعة المدرسين،قم،1403 ه.
33-الأمالي:لشيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ«ت 460 ه».دار الثقافة،قم،ط الأولى،1414 ه.
34-الأمالي:للشريف المرتضى عليّ بن الحسين الموسويّ العلويّ«ت 436 ه»،دار الكتاب العربي،بيروت،ط الثانية،1387 ه.
35-الأمالي:لأبي القاسم عبد الرّحمن بن إسحاق الزجاجيّ النحويّ البغداديّ«ت 337 ه» مطبعة السعادة،مصر،ط الأولى،1324 ه.
36-الاختصاص:لأبي عبد اللّه الشيخ المفيد«ت 413 ه»مؤسّسة النشر الإسلاميّ،قم.
37-اعتقادات الصدوق:المؤتمر العالميّ لألفيّة الشيخ المفيد،1413 ه.
38-أنساب الاشراف:للنسّابة أحمد بن يحيى بن جابر البلاذريّ«ت 299 ه»مؤسّسة الأعلميّ
ص: 229
للمطبوعات،بيروت،1394 ه.
39-الإرشاد في معرفة حجج اللّه على العباد:لأبي عبد اللّه الشيخ المفيد«ت 413 ه»،قم،ط الأولى،1413 ه.
40-الاتقان في علوم القرآن:لجلال الدّين عبد الرحمن السيوطيّ الشافعيّ«ت 911 ه»شركة مكتبة و مطبعة مصطفى البابي و أولاده،بمصر،ط الرابعة،1398 ه.
41-أسرار الإمامة:لعماد الدّين الحسن بن عليّ بن محمّد الطبري«القرن السابع الهجري»، مؤسّسة الطبع التابعة للآستانة الرضوية المقدّسة،ط الأولى،1422 ه.
42-أبجد العلوم:للقنوجي البخاري محمد صديق بن حسن«1307 ه»،طبع بهوبال(الهند)، 1295 ه.
43-إرشاد القلوب:لابي محمّد الشيخ الحسن بن محمّد الديلميّ«ق 8 ه»منشورات الرضي، قم.
44-الاحتجاج:لأحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسيّ«ق 6 ه»مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت،ط الثانية،1403 ه.
45-إرشاد الطالبين إلى نهج المسترشدين:لجمال الدّين مقداد بن عبد اللّه السيوريّ الحليّ«ت 826 ه»،مكتبة آية اللّه المرعشيّ،قم،1405 ه.
46-الاقتصاد:للشيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ«ت 460 ه».
47-الاقتصاد في اعتقاد للغزالي.
48-أخبار شعراء الشيعة:لأبي عبد اللّه محمد بن عمران المرزبانيّ الخراسانيّ«ت 384 ه»شركة الكتبي للطباعة و النشر بيروت،1413 ه.
49-الأغاني:لأبي الفرج عليّ بن الحسين الاصبهانيّ«ت 356 ه»دار إحياء التراث العربيّ، بيروت،1383 ه.
50-الاستنصار في النّص على الأئمّة الأطهار:لأبي الفتح محمّد بن عليّ بن عثمان الكراجكيّ «ت 449 ه»،بيروت،دار الأضواء،ط الثانية،1405 ه.
51-بصائر الدرجات:لأبي جعفر محمّد بن الحسن بن فرّوخ الصفّار القمّيّ«ت 290 ه»،مكتبة السيّد المرعشيّ،قم،ط الأولى،1404 ه.
ص: 230
52-بحار الأنوار:للعلاّمة الشيخ محمّد باقر المجلسيّ«ت 1111 ه»دار الكتب الإسلاميّة، طهران.
53-بغية الطلب في تاريخ حلب:لعمر بن أحمد بن أبي جرادة،المعروف بابن العديم«ت 660 ه»،مؤسّسة البلاغة،بيروت،ط الأولى،1408 ه.
54-بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع:لعلاء الدّين أبي بكر بن مسعود الكاساني الحنفيّ«ت 587 ه»دار الكتب العلميّة،بيروت.
55-بشارة المصطفى لشيعة المرتضى:لأبي جعفر محمّد بن محمّد بن عليّ الطبريّ«ت 525 ه »المطبعة الحيدريّة،النجف الأشرف،1383 ه.
56-البداية و النهاية:لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقيّ«ت 774 ه»،دار الكتب العلميّة،بيروت ط الرابعة،1408 ه.
57-البيان في أخبار صاحب الزمان عليه السّلام:لأبي عبد اللّه محمّد بن يوسف بن محمّد الكنجي الشافعيّ المقتول سنة«658 ه»،شركة الكتبي للطباعة و النشر،بيروت،ط الرابعة،1413 ه.
58-بحوث في الملل و النحل:للشيخ جعفر السبحاني.
59-البحر الزّخار:لأحمد بن يحيى بن المرتضى«ت 840 ه»مؤسّسة الرسالة بيروت،ط الأولى،1394 ه.
60-البلابل و القلاقل:لأبي المكارم محمود بن محمّد بن أبي الفضل واعظ«ق 7 ه»،احياء الكتاب ط الأولى،1376.
61-تاج العروس من جواهر القاموس:لمحبّ الدين أبي الفيض محمّد مرتضى الحسينيّ الزبيديّ«ت 1205 ه»المطبعة الخيريّة،مصر،ط الأولى،1306 ه.
62-تاريخ بغداد:لأبي بكر أحمد بن عليّ بن ثابت الخطيب البغداديّ«ت 463 ه»،مطبعة السعادة،مصر،1349 ه.
63-تاريخ الطبري«تاريخ الأمم و الملوك»:لأبي جعفر محمّد بن جرير الطبريّ«ت 310 ه» مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات،بيروت،ط الخامسة،1409 ه.
64-تاريخ الخلفاء:لجلال الدين السيوطي«ت 911 ه»،دار القلم،بيروت،ط الأولى،1406 ه.
65-تاريخ الخميس:للقاضي حسين بن محمّد الديار البكريّ«ت 966 أو 982 ه».المطبعة
ص: 231
الوهبيّة،مصر،ط الاولى،1383 ه.
66-تاريخ جرجان:للسهمي أبي القاسم حمزة بن يوسف،مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانيّة، حيدرآباد دكن،1369 ه.
67-تاريخ اليعقوبي:لأحمد بن يعقوب بن جعفر بن وهب واضح الكايت العبّاسيّ«ق 3 ه»،دار صادر،بيروت.
68-تاريخ الإسلام:لشمس الدّين محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبيّ«ت 748 ه»دار الكتاب العربيّ،بيروت،ط الأولى،1407 ه.
69-التوحيد:لأبي جعفر الشيخ الصدوق،منشورات جماعة المدرسين،قم.
70-تهذيب الكمال في أسماء الرجال:لجمال الدّين أبي الحجّاج يوسف المزّي«ت 742 ه» مؤسّسة الرسالة بيروت،ط الرابعة،1413 ه.
71-تلخيص المستدرك«بهامش المستدرك على الصحيحين»:للذهبي«ت 748 ه»،دار المعرفة،بيروت،1406 ه.
72-ترك الإطناب في شرح الشهاب:لأبي الحسن عليّ بن أحمد المعروف ب«ابن القضاعي»، «ت 454 ه»،جامعة طهران،1363 ش.
73-تبصرة العوام:للسيّد مرتضى بن داعي الحسينيّ«ق 6 ه»،منشورات اساطير طهران،ط الثانية،1394 ش.
74-تلخيص الشافي:لأبي جعفر الشيخ الطوسيّ«ت 460 ه»دار الكتب الإسلاميّة،قم،ط الثالثة،1394 ه.
75-تلخيص التمهيد:لمحمّد هادى،معاصر،مؤسّسة النشر الإسلاميّ،قم،1418 ه.
76-تقريب المعارف في الكلام:لأبي الصلاح الشيخ تقي الدين بن نجم بن عبيد اللّه الحلبيّ«ت 447 ه»،1363 ش.
77-التذكار في أفضل الأذكار القرآن الكريم:لأبي عبد اللّه محمّد بن أحمد القرطبيّ المفسّر«ت 671 ه»،دار الكتب العلميّة بيروت،ط الثانية،1408 ه.
78-تذكرة الحفّاظ:لشمس الدين الذهبيّ«ت 748 ه»دار إحياء التراث العربي،بيروت.
79-تذكرة الخواص:لابن الجوزي يوسف بن فرغلي بن عبد اللّه الحنفيّ«ت 654 ه»مكتبة
ص: 232
نينوى الحديثة،طهران.
80-تأويل الآيات الظاهرة:للسيّد شرف الدّين عليّ الحسينيّ الأسترآباديّ«ق 10 ه»مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين،قم،ط الأولى،1409 ه.
81-تأويل ما نزل من القرآن الكريم:لابن الجحام محمّد بن العبّاس بن عليّ بن مروان بن الماهياريّ البزّاز«ق 4 ه»،نشر الهادي،قم،ط الأولى،1420 ه.
82-ترجمة الإمام عليّ عليه السّلام:للحافظ أبو القاسم عليّ بن الحسن بن هبة اللّه الشافعيّ المعروف بابن عساكر«ت 571 ه»،مؤسّسة المحمودي للطباعة و النشر،بيروت،ط الثانية،1398 ه.
83-تفسير القمّيّ:لأبي الحسن عليّ بن إبراهيم القميّ«ق 3،أو 4 ه»مؤسّسة دار الكتاب للطباعة و النشر،قم،ط الثالثة،1404 ه.
84-تفسير العيّاشيّ:لأبي النضر محمّد بن مسعود بن عيّاش السمرقنديّ المعروف بالعيّاشيّ «ت 230 ه»المكتبة العلميّة الإسلاميّة،طهران،1380 ه.
85-تفسير البرهان:للسيّد هاشم البحرانيّ«ت 1107 ه»مؤسّسة إسماعيليان،طهران.
86-تفسير روح المعاني:لشهاب الدّين سيّد محمود الآلوسي«ت 1270 ه»دار إحياء التراث العربيّ،بيروت،1405 ه.
87-تفسير المراغي:للمراغي أحمد مصطفى،دار الكتب العلميّة،بيروت،1418 ه.
88-تفسير السمرقندي المسمّى«بحر العلوم»:لأبي الليث نصر بن محمّد بن أحمد السمرقنديّ «ت 375 ه»،دار الكتب العلميّة،بيروت،ط الأولى،1413 ه.
89-تفسير منهج الصادقين:للملا فتح الكاشانيّ،تصحيح أبي الحسن الشعرانيّ،طهران،الطبعة الثالثة،1346 ش.
90-تفسير الصافي:للمولى محسن الملقب بالفيض الكاشاني«ت 1091 ه»المكتبة الإسلاميّة،طهران،ط السادسة،1362 ش.
91-تفسير گازر:للشيخ أبو المحاسن الحسين بن الحسن الجرجانيّ«ق 9 ه»1378 ه.
92-تفسير البغوي بمعالم التنزيل:لأبي محمّد الحسين بن مسعود الفرّاء البغويّ الشافعيّ«ت 516 ه»،ط الثانية،1407 ه.
93-تفسير الحبريّ:للمحدّث المفسر أبو عبد اللّه الحسين بن الحكم بن مسلم الحبريّ الكوفيّ
ص: 233
«ت 286 ه»مؤسّسة آل البيت لإحياء التراث،بيروت،ط الأولى،1408 ه.
94-تفسير الوسيط:لأبي الحسن عليّ بن أحمد الواحدي النيسابوريّ«ت 468 ه»دار الكتب العلميّة،بيروت،ط الأولى،1415 ه.
95-التفسير الكبير:للرازيّ محمّد بن عمر القرشيّ الشافعيّ المعروف بفخر الدّين«ت 606 ه»، دار إحياء التراث العربي،بيروت.
96-تفسير القرطبيّ«الجامع لأحكام القرآن»:لأبي عبد اللّه محمّد بن أحمد الأنصاريّ القرطبيّ «ت 671 ه»دار الكتب المصريّة،ط الثالثة،1378 ه.
97-تفسير الطبريّ«جامع البيان عن تأويل القرآن»:لأبي جعفر محمّد بن جرير الطبريّ«ت 310 ه»شركة مطبعة مصطفى البابي،مصر،ط الثالثة،1388 ه.
98-تفسير الكشّاف:لجار اللّه محمود بن عمر الزمخشريّ«ت 528 ه»مكتب الأعلام الإسلاميّ،ط 1414 ه.
99-تفسير جوامع الجامع:للطبرسيّ،ط الحجريّة،تبريز،1379 ه.
100-تفسير الجلالين:للمحلي محمّد بن أحمد«ت 864 ه»،مطبعة فتح الكريم،بمبئي، 1303 ه.
101-تفسير فرات:لأبي القاسم فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفيّ«ق 4 ه»وزارة الثقافية و الإرشاد الإسلاميّ،طهران،1410 ه.
102-تفسير السّدي الكبير:لأبي محمّد إسماعيل بن عبد الرحمن السّدي الكبير«ت 128 ه»، دار الوفاء للطباعة و النشر،ط الأولى 1414 ه.
103-تفسير الثعالبي:للثعالبي عبد الرحمن بن محمد«ت 875 ه»مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات،بيروت.
104-تفسير منهج الصادقين:للمولى فتح اللّه الكاشانيّ«ت 977 ه»
105-تفسير اثنى عشري:لشاه عبد العظيمي حسين بن أحمد الحسيني،نشر ميقات،طهران، 1363 ه.ش.
106-تحفة شاهية(في مناقب أمير المؤمنين عليه السّلام،بالفارسيّة):لقاضي زاده كره رودي عبد الخالق، تحقيق الشيخ محمد علي رسولي،«انتشارات أنصاريان»قم،ط الاولى.
ص: 234
107-تفسير القرآن العظيم:لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقيّ«ت 774 ه»دار الفكر للطباعة و النشر،بيروت،ط الثانية،1389 ه.
108-تفسير كنز الدقائق:للميرزا محمّد المشهديّ ابن محمّد رضا بن إسماعيل بن جمال الدين القمّيّ«ت 1125 ه»مؤسّسة النشر الاسلامي لجماعة المدرّسين،قم،ط الأولى،1414 ه.
109-تفسير غريب القرآن:لأبي محمّد عبد اللّه بن مسلم بن قتيبة«ت 276 ه»دار إحياء الكتب العربية،مصر،1378 ه.
110-التبيان في تفسير القرآن:لأبي جعفر الشيخ الطوسي،المطبعة العلميّة،النجف الأشرف، 1376 ه.
111-تأويل مشكلات القرآن:لأبي محمّد ابن قتيبة«ت 276 ه»المكتبة العلميّة،بيروت،ط الثالثة،1401 ه.
112-التمثيل و المحاضرة:لأبي منصور عبد الملك بن محمّد بن إسماعيل الثعالبي«ت 429 ه»، ط 1381 ه،القاهرة.
113-تحفة الأبرار في مناقب الأئمّة الأطهار:لعماد الدّين الحسن بن عليّ الطبريّ«كان حيّا 701 ه»،الميراث المكتوب طهران،ط الأولى،1376 ش.
114-التدوين في أخبار قزوين:لعبد الكريم بن محمّد الرافعي«ق 6 ه»دار الكتب الإسلامي، بيروت،تحقيق العطاردي القوچاني،ط الأولى،1408 ه.
115-الثاقب في المناقب:لعماد الدّين أبي جعفر محمّد بن عليّ الطوسيّ المعروف بابن حمزة «ق 6 ه»،مؤسّسة أنصاريان قم،1412 ه.
116-ثواب الأعمال و عقاب الأعمال:لأبي جعفر الشيخ الصدوق«ت 381 ه»مكتبة الصدوق، طهران،1391 ه.
117-الجمل:للشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان«ت 413 ه»الاعلام الاسلامي قم،ط الأولى،1413 ه.
118-الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير:لجلال الدّين السيوطي«ت 911 ه»دار الكتب العلميّة،القاهرة،1373 ه.
119-جواهر العقدين:لنور الدين عليّ بن عبد اللّه السمهودي«ت 911 ه»،دار الكتب العلميّة،
ص: 235
بيروت،ط الأولى،1415 ه.
120-جامع الأسرار و منبع الأنوار:للسيّد حيدر بن عليّ بن حيدر العلويّ الحسينيّ«المولود 719 ه»«انستيتو فرانسة و ايران»1347 ش.
121-حياة الحيوان:لأبي البقاء محمّد بن موسى الدميريّ«ت 808 ه»مطبعة المصطفى البابي الحلبيّ،مصر.
122-حلية الأولياء و طبقات الأصفياء:لأبي نعيم أحمد بن عبد اللّه بن أحمد الاصبهانيّ«ت 430 ه»دار الكتاب العربي،بيروت،ط الخامسة،1407 ه.
123-الخطط:للمقريزي أحمد بن عليّ بن عبد القادر«ت 845 ه»مطبعة النيل،مصر،1326 ه.
124-الخصال:للشيخ الصدوق«381 ه»منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية،قم 1403 ه.
125-خصائص أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام:لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائيّ«ت 303 ه» دار الكتب العلميّة،بيروت،ط الثانية،1406 ه.
126-خصائص الأئمّة:لأبي الحسن محمّد بن الحسين بن موسى البغداديّ،الشريف الرضي«ت 406 ه»مجمع البحوث الاسلاميّة،مشهد المقدّسة،1406 ه.
127-خصائص الوحي المبين في مناقب أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام:للحافظ يحيى بن الحسن بن البطريق الأسدي الحلّيّ«ت 600 ه»،الطبعة الحجريّة،1311 ه.
128-ديوان أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام:
129-ديوان أبي طالب عمّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:دار الكتب العربيّ،ط الأولى،1414 ه.
130-ديوان دعبل الخزاعي:جمع و تحقيق محمد يوسف النجم،دار الثقافة،بيروت،1962 م.
131-ديوان حسان بن ثابت الأنصاريّ:دار صادر،بيروت،1974 م.
132-دلائل الإمامة:لأبي جعفر محمّد بن جرير بن رستم الطبري«ق 5 ه»مؤسّسة البعثة قم، ط الأولى،1413 ه.
133-الدرّ المنثور في تفسير المأثور:لجلال الدّين السيوطي«ت 911 ه»،الناشر محمّد امين دمج و شركا،بيروت.
134-دلائل الصدق:للإمام المظفر الشيخ محمّد الحسن«ت 1375 ه»مكتبة النجاح،طهران،ط
ص: 236
الأولى،1396 ه.
135-دلائل النبوّة:لأبي نعيم أحمد بن عبد اللّه الاصبهانيّ«ت 430 ه»،دار المعرفة للطباعة و النشر،بيروت.
136-الذخيرة في علم الكلام:للشريف المرتضى عليّ بن الحسين الموسويّ علم الهدى«ت 436 ه»،مؤسّسة النشر الإسلاميّ التابعة الجماعة المدرسين،قم 1411 ه.
137-ذخائر العقبى في مناقب ذوى القربى:لمحبّ الدّين أحمد بن عبد اللّه الطبريّ«ت 694 ه» دار المعرفة،بيروت،ط 1356 ه.
138-الذريّة الطاهرة:لأبي بشر محمّد بن أحمد بن حماد الأنصاري الرازي الدولابيّ«ت 310 ه »،مؤسّسة النشر الإسلامي،قم،1407 ه.
139-ذكر أخبار اصبهان:لأبي نعيم الاصبهانيّ«ت 430 ه»طبع مدينة ليدن 1936 م.
140-روضة الواعظين:لأبي عليّ محمّد بن الحسن بن عليّ الفتال النيسابوريّ«الشهيد في سنة 508 ه»،المكتبة الحيدريّة،النجف الأشرف،ط 1386 ه.
141-رسالة طرق حديث«من كنت مولاه فعليّ مولاه»:للحافظ شمس الدّين الذهبيّ«ت 748 ه» انتشارات الدليل،قم،ط الثانيّة،1421 ه.
142-الرسائل العشر:للشيخ الطوسيّ«ت 460 ه»مؤسّسة النشر الإسلامي،قم.
143-الرياض النضرة:لأبي جعفر أحمد بن عبد اللّه المعروف بمحبّ الدين الطبريّ«ت 694 ه»، دار الكتب العلميّة،بيروت.
144-الرسائل السعديّة:للعلاّمة أبي منصور جمال الدّين الحسن بن يوسف بن المطهر«ت 726 ه»،مطبعة بهمن قم،ط الأولى،1410 ه.
145-زاد المسير في علم التفسير:لأبي الفرج عبد الرحمن بن عليّ بن محمّد الجوزي البغدادي «ت 597 ه»المكتب الإسلاميّ.
146-سرمايه ايمان:للملاّ عبد الرزاق اللاهيجيّ«قرن 11 ه»مكتبة الزهراء،طهران،1362 ش.
147-السقيفة و فدك:لأبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ البصريّ البغداديّ«ت 323 ه»، مكتبة نينوى الحديثة،طهران[رواية ابن أبي الحديد المعتزلي المتوفّى 656 ه]
148-السنن:لأبي عبد اللّه محمّد بن يزيد ابن ماجة القزوينيّ«ت 275 ه»،دار إحياء التراث
ص: 237
العربيّ،بيروت،1395 ه.
149-السنن:لأبي بكر أحمد بن الحسين بن عليّ البيهقيّ«ت 458 ه»،دار المعرفة،بيروت.
150-السنن،أو الجامع الصحيح:لأبي عيسى محمّد بن عيسى ابن سورة الترمذيّ«ت 279 ه» دار إحياء التراث العربيّ،بيروت.
151-سنن الدارميّ:لأبي محمّد عبد اللّه بن عبد الرحمن بن الفضل بن بهرام الدارميّ«ت 255 ه، دار إحياء السنّة النبويّة،بيروت.
152-السنن:لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستانيّ«ت 275 ه»،مكتبة الرياض و دار إحياء السنّة النبويّة.
153-سعد السعود:لرضيّ الدّين أبو القاسم عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد طاوس الحسينيّ «ت 664 ه»،منشورات الرضيّ،قم،1363 ش.
154-سير أعلام النبلاء:للحافظ شمس الدّين الذهبيّ«ت 748 ه»،مؤسّسة الرسالة،بيروت،ط الثانية،1402 ه.
155-سرّ العالمين:لأبي حامد محمّد بن محمّد الغزاليّ«ت 505 ه»،الطبعة الحجريّة،طهران، 1305 ش.
156-شواهد التنزيل لقواعد التفضيل:للحافظ عبيد اللّه بن عبد اللّه بن أحمد الحاكم الحسكانيّ النيسابوريّ الحنفيّ«ق 5 ه»،مؤسّسة الطبع و النشر التابعة لوزارة الثقافة الارشاد الإسلاميّ،ط الاولى،1411 ه.
157-شرح هاشميات الكميت بن زيد الأزدي:لأبي رياش أحمد بن إبراهيم القيسي«ت 339 ه »،عالم الكتب العربية،بيروت،ط الثانية،1406 ه.
158-شرح المقاصد:لسعد الدّين مسعود بن عمر الشهير بالتفتازانيّ«ت 793 ه»،منشورات الرضيّ،قم،ط الاولى،1409 ه.
159-شرح تجريد العقائد:للمحقّق الطوسيّ،علاء الدّين عليّ بن القوشجي«ت 879 ه».
160-الشافي في الامامة:للشريف المرتضى عليّ بن الحسين الموسويّ علم الهدى«ت 436 ه»، مؤسّسة الصادق،قم،ط الثانية،1410 ه.
161-شرح المواقف:للقاضي عضد الدّين عبد الرحمن الايجي«ت 756 ه»،تحقيق السيّد
ص: 238
الشريف عليّ بن محمّد الجرجاني«ت 816 ه»،و يليه حاشية السيالكوتي و الجلبي«ت 1068 ه»،منشورات الرضيّ،قم،ط الاولى،1412 ه.
162-شرح نهج البلاغة:لعز الدّين أبي حامد ابن هبة اللّه بن محمّد بن أبي الحديد المدائني المعتزليّ«ت 656 ه»،دار إحياء الكتب العربيّة،ط الأولى،1378 ه.
163-شرف النبيّ:لأبي سعيد عبد الملك بن محمّد بن إبراهيم الخركوشي النيسابوريّ«ت 544 ه »،منشورات بابك،طهران،1361 ش.
164-شمس العلوم و دواء كلام العرب من الكلوم:لليماني نشوان بن سعيد الحميريّ«ت 573 ه »،دار الفكر،دمشق،ط الأولى،1420 ه.
165-صفوة الصفوة:لجمال الدّين أبي الفرج عبد الرحمن ابن الجوزيّ«ت 597 ه»،دار المعرفة، بيروت،ط الرابعة،1406 ه.
166-صحيفة الرضا:الناشر اللجنة الثقافية المؤتمر العالميّ للإمام الرضا عليه السّلام،مشهد المقدّسة، 1404 ه.
167-الصراط المستقيم الى مستحقّي التقديم:لأبي محمّد عليّ بن يونس البياضي العامليّ«ت 787 ه»،المكتبة المرتضويّة،طهران،1384 ه.
168-الصواعق المحرقة:للمحدّث أحمد بن محمّد بن عليّ بن حجر الهيثمي الشافعيّ«ت 974 ه»،مكتبة القاهرة،ط الثانية،1385 ه.
169-صحيح البخاري:لأبي عبد اللّه محمّد بن اسماعيل البخاري«ت 256 ه»عالم الكتب، بيروت،ط الخامسة،1406 ه.
170-صحيح مسلم:لأبي الحسين مسلم بن الحجّاج القشيري النيسابوريّ«ت 261 ه»،دار الفكر، بيروت،ط الثانية،1398 ه.
171-الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف:لرضي الدّين أبي القاسم ابن طاوس«ت 664 ه»، مؤسّسة البلاغ،بيروت،1398 ه.
172-الطرف من الأنباء و المناقب:لرضي الدين أبي القاسم ابن طاوس«ت 664 ه»،تحقيق الشيخ قيس العطّار،مؤسّسة عاشوراء،ط الأولى 1420 ه.
173-طبقات المحدّثين باصبهان:لأبي محمّد عبد اللّه بن محمّد بن جعفر«ت 369 ه»،مؤسّسة
ص: 239
الرسالة،بيروت،1412 ه.
174-الطبقات الكبرى:لأبي عبد اللّه محمّد بن سعد بن منيع البصريّ«ت 230 ه»دار صادر، بيروت،1405 ه.
175-طبقات الحنابلة:لأبي الحسين محمّد بن أبي يعلى،دار المعرفة،بيروت.
176-عيون أخبار الرضا:للشيخ الصدوق«ت 381 ه»مطبعة دار القلم،قم،1377 ه.
177-علل الشرائع:للشيخ الصدوق،المكتبة الحيدريّة،النجف الأشرف،1385 ه.
178-عيون الأخبار مخطوط:لأبي المغازلي محمّد بن محمّد بن زيد العلويّ الحسينيّ البغداديّ ثمّ السمرقنديّ«ت 476 ه».
179-عيون الأخبار:لأبي محمّد عبد اللّه بن مسلم ابن قتيبة الدينوريّ«ت 276 ه»،دار الكتاب العربي،بيروت،ط الثانية،1416 ه.
180-العقد الفريد:لأحمد بن محمّد بن عبد ربّه الأندلسيّ«ت 328 ه»،دار الكتب العلميّة، بيروت.
181-عوالم العلوم:للشيخ عبد اللّه البحرانيّ الاصبهانيّ،قم 1408 ه.
182-عمدة عيون صحاح الأخبار:للحافظ يحيى بن الحسن الأسدي الحليّ المعروف بابن البطريق«ت 600 ه»،مؤسّسة النشر الإسلامي،قم،1407 ه.
183-العسل المصفى من تهذيب زين الفتى:للعاصمي أحمد بن عليّ الخراسانيّ«المولود 378 ه »،تحقيق الشيخ محمّد باقر المحمودي،مجمع إحياء الثقافة الإسلاميّ،1418 ه.
184-غريب الحديث:لابي بكر محمّد السجستانيّ«ت 330 ه»شركة الطباعة الفنّيّة المتّحدة، مصر.
185-غاية المرام في علم الكلام:للآمدي عليّ بن محمّد بن سالم«ت 631 ه»،إحياء التراث الإسلامي،القاهرة،1391 ه.
186-غرائب القرآن و رغائب الفرقان:للنظام الدّين الحسن بن الحسين القمّيّ النيسابوريّ«ت 728 ه»،مكتبة مصطفى البابي،مصر،1381 ه.
187-غياث الامم:
188-الغدير في الكتاب و السنّة و الأدب:للشيخ عبد الحسين أحمد الأمينيّ النجفيّ«ت 1390 ه
ص: 240
»،دار الكتب الإسلاميّة،طهران،1372 ه.
189-غاية المرام و حجّة الخصام:للسيّد هاشم بن سليمان بن إسماعيل الحسينيّ البحرانيّ«ت 1107 ه».
190-غريب الحديث:لأبي عبيد القاسم بن سلام الهرويّ«ت 224 ه»،دار الكتب العلميّة، بيروت،ط الاولى،1406 ه.
191-غوالي اللئالي:للشيخ محمّد بن عليّ بن إبراهيم الأحسائي المعروف بابن أبي جمهور «ت 940 ه»،مطبعة سيّد الشهداء،قم،ط الأولى،1403 ه.
192-الفائق في غريب الحديث:لجار اللّه محمود بن عمر الزمخشريّ«ت 528 ه»،دار المعرفة للطباعة و النشر،بيروت،ط الثانية،1414 ه.
193-فردوس الأخبار بمأثور الخطاب:للحافظ شهرويه بن شهردار ابن شهرويه الديلميّ«ت 509 ه»،دار الكتاب العربي،بيروت،ط الاولى،1407 ه.
194-الفصول المهمّة في معرفة أحوال الأئمّة عليهم السّلام:لنور الدّين عليّ بن محمّد بن أحمد بن الصّباغ المالكيّ«ت 855 ه»،مطبعة العدل،النجف الأشرف.
195-الفصول المختارة من العيون و المحاسن:للسيّد الشريف المرتضى«ت 436 ه»،المؤتمر العالميّ لألفيّة الشيخ المفيد،قم،1413 ه.
196-فرائد السمطين:للمحدّث إبراهيم بن محمّد بن المؤيد الجوينيّ«ت 730 ه»،مؤسّسة المحمودي للطباعة و النشر،بيروت،ط الأولى،1398 ه.
197-فضائل أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام:للحافظ أبي العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد المعروف بابن عقدة الكوفي«ت 332 ه»،مطبعة الدليل،قم،ط الأولى،1421 ه.
198-فيض القدير شرح الجامع الصغير:للمحدّث محمّد المدعو بعبد الرءوف المناوي«ت 1031 ه»،دار الفكر للطباعة و النشر،بيروت،ط الثانية،1391 ه.
199-الفضائل:لسديد الدّين أبي الفضل شاذان بن جبرئيل بن إسماعيل القمّيّ«ت 660 ه»، المطبعة الحيدريّة،النجف الأشرف،1381 ه.
200-فضائل الخمسة من الصّحاح الستّة:للسيّد مرتضى الحسينيّ الفيروزآباديّ،دار الكتب الاسلاميّة،طهران،ط الثانية،1408 ه.
ص: 241
201-قرب الإسناد:لأبي العبّاس عبد اللّه بن جعفر الحميريّ القمّيّ«ق 3 ه»مؤسّسة آل البيت عليهم السّلام لإحياء التراث،قم،ط الأولى،1413 ه.
202-قادتنا كيف نعرفهم:للسيّد محمّد هاديّ الميلانيّ رحمة اللّه عليه«ت 1395 ه»،مؤسّسة الوفاء،بيروت،ط الأولى،1406 ه.
203-القاموس المحيط:لمجد الدّين محمّد بن يعقوب الفيروزآباديّ«ت 817 ه»دار إحياء التراث العربي،بيروت،1412 ه.
204-قصص الأنبياء:لقطب الدّين سعيد ابن هبة اللّه بن الحسن الراونديّ«ت 573 ه»مجمع البحوث الإسلامية،مشهد المقدّسة،ط الأولى،1409 ه.
205-القصائد السبع:لابن أبي الحديد عبد الحميد ابن هبة اللّه المدائني البغداديّ«ت 655 ه»، دفتر تبليغات المهدي،اصبهان،1418 ه.
206-القند في ذكر علماء سمرقند:لنجم الدّين عمر بن محمّد بن أحمد النسفي«ت 527 ه»مرآة التراث طهران،ط الأولى،1420 ه.
207-كاشف الغمّة في تاريخ الأئمّة:للميرزا محمّد بن محمّد رضا بن إسماعيل القمّيّ أصلا المشهديّ مولدا«ت 1125 ه»مؤسّسة الطبع و النشر التابعة للآستانة الرضوية المقدّسة مشهد، تحقيق قسم الكلام و الفلسفة مجمع البحوث الإسلاميّة،ط الأولى،1419 ه.
208-كشف الغمّة في معرفة الائمّة:لبهاء الدّين أبي الحسن عليّ بن عيسى بن أبي الفتح الأربليّ «ت 693 ه»،مطبعة تبريز،ط الثانية،1364 ش.
209-كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام:للعلاّمة الحسن بن يوسف الحلّيّ«ت 726 ه»طهران،ط الأولى،1411 ه.
210-كشف الأستار عن زوائد البزار:للحافظ نور الدين عليّ بن أبي بكر الهيثميّ«ت 807 ه» مؤسّسة الرسالة،بيروت،ط الثانيّة،1404 ه.
211-الكامل في التاريخ:لعز الدّين عليّ بن أبي الكرم محمّد الشيبانيّ المعروف بابن الأثير«ت 630 ه»،دار صادر،بيروت،1402 ه.
212-الكنز المدفون:للسيوطي عبد الرحمن مؤسّسة النعمان،بيروت،1412 ه.
213-كنز الفوائد:للإمام أبي الفتح الشيخ محمّد بن عليّ بن عثمان الكراجكيّ الطرابلسيّ
ص: 242
«ت 449 ه»،دار الأضواء،بيروت،1405 ه.
214-كنز العمال في سنن الأقوال و الأفعال:لعلاء الدّين عليّ المتقي بن حسام الدّين الهنديّ«ت 975 ه»،مؤسّسة الرسالة،بيروت،ط الخامسة،1405 ه.
215-كتاب سليم بن قيس:المتوفّى سنة«90 ه»،قسم الدراسات الاسلامية،مؤسّسة البعثة، طهران،1407 ه.
216-كامل بهائي:لعماد الدّين الحسن بن عليّ بن محمّد الطبريّ«ق 7 ه»مؤسّسة الشيخ عبد الكريم التبريزيّ.
217-كفاية الطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب عليه السّلام:لأبى عبد اللّه محمّد بن يوسف بن محمّد الكنجي الشافعيّ«ت 658 ه»،دار إحياء تراث أهل البيت عليهم السّلام،1404 ه.
218-كفاية الأثر في النصّ على الأئمّة الاثنى عشر عليهم السّلام:لأبي القاسم عليّ بن محمّد بن عليّ الرازي«ق 4 ه»،مطبعة بيدار،قم.
219-لسان الميزان:لشهاب الدّين أبي الفضل أحمد بن عليّ بن الحجر العسقلانيّ الشافعيّ«ت 852 ه»،مجلس دائرة المعارف النظاميّة، حيدرآباد الدكن،الهند،ط الأولى،1329 ه.
220-لسان العرب:لأبي الفضل محمّد بن مكرم بن منظور الإفريقي المصريّ«ت 711 ه»،نشر أدب الحوزة،قم،1405 ه.
221-اللوامع النورانيّة:للعلاّمة السيّد هاشم بن سليمان البحرانيّ«ت 1107 ه»المطبعة العلمية، قم،1394 ه.
222-ديوان مثنوي:للمولوي،جلال الدّين محمّد بن محمّد«ت 673 ه»،تصحيح رينولد .ا.نيكلسون،طهران،انتشارات أمير كبير،1363 ه.
223-مجمع البيان في تفسير القرآن:لأبي عليّ الفضل بن الحسن الطبرسيّ«ت 548 ه»، دار المعرفة،بيروت،ط الاولى،1406 ه.
224-مجمع الزوائد و منبع الفوائد:للحافظ عليّ بن أبي بكر الهيثميّ«ت 807 ه»،دار الفكر، بيروت،1414 ه.
225-المستصفى من علم الاصول:للغزالي محمّد بن محمّد«ت 505 ه»،المكتبة التجاريّة الكبرى،القاهرة،1356 ه.
ص: 243
226-ميزان الاعتدال:لأبي عبد اللّه محمّد بن أحمد الذهبيّ«ت 748 ه»،دار المعرفة،بيروت، 1382 ه.
227-معارج النبوّة في مدارج الفتوّة:للملاّ معين الدّين بن الحاج محمّد الفراهي الهراتي،مطبعة المحمّدي،بمبئي،1320 ه.
228-المعرفة و التاريخ:لأبي يوسف يعقوب بن سفيان الفسويّ«ت 277 ه»،دار الكتب العلميّة، بيروت،ط الأولى،1419 ه.
229-محصل أفكار المتقدمين و المتأخرين من العلماء و الحكماء و المتكلّمين:محمّد بن عمر الرازي«ت 606 ه»دار الكتاب العربيّ،ط الاولى،1404 ه.
230-المعيار و الموازنة:لأبي جعفر الاسكافي محمّد بن عبد اللّه المعتزليّ«ت 220 ه»،1402 ه.
231-منهج الشيعة في فضائل وصيّ خاتم الشريعة:لجلال الدّين عبد اللّه بن شرفشاه الحسينيّ«ت 810 ه»،نشر الدليل،قم،1420 ه.
232-معاني الأخبار:للشيخ الصدوق«ت 381 ه»،مطبعة الإسلاميّ،قم،1379 ه.
233-المجلى:أبي جمهور محمّد بن زين الدّين«ت 901 ه»،طهران،1329 ه.
234-الموطّأ:لمالك بن أنس،دار الكتاب العربي،بيروت،1418 ه.
235-منهاج الكرامة في معرفة الإمامة:للعلاّمة الحليّ«726 ه»مؤسّسة عاشوراء،مشهد المقدّسة،ط الأولى،1421 ه.
236-المغني في أبواب التوحيد و العدل:للقاضي عبد الجبار الأسدآبادي«ت 415 ه»،المؤسّسة المصريّة العامّة للتأليف و الترجمة.
237-المعجم في أصحاب القاضي الصدفي:لأبي عليّ حسين بن محمّد«ت 594 ه»، دار الكتاب،القاهرة،ط الاولى،1410 ه.
238-معجم البلدان:لأبي عبد اللّه ياقوت بن عبد اللّه الحموي البغداديّ«ت 626 ه»،دار إحياء التراث العربي،بيروت،ط الاولى،1399 ه.
239-المغازي:للواقدي محمّد بن عمر«ت 207 ه»،جامعة طهران،1362 ش.
240-المجازات النبويّة:للشريف الرضيّ محمّد بن أبي أحمد الحسينيّ«ت 406 ه»مكتبة مصطفى البابي الحلبي،مصر،1391 ه.
ص: 244
241-مجمع الآداب في معجم الألقاب:لأبي الفضل عبد الرزاق بن أحمد المعروف بابن الفوطي الشيبانيّ«ت 723 ه».
242-مجاز القرآن:لأبي عبيدة معمر بن المثنّى التيميّ«ت 210 ه»،مكتبة الخانجي،دار الفكر، دمشق،1381 ه.
243-المفردات:لأبي القاسم الحسين بن محمّد بن المفضّل المعروف بالراغب الاصبهانيّ «ت 502 ه»،دفتر نشر الكتاب،ط الثانية،1404 ه.
244-مختصر تاريخ دمشق:لابن عساكر محمّد بن مكرّم بن منظور«ت 711 ه»،دار الفكر، دمشق،1409 ه.
245-مطالب السئول:لكمال الدّين محمّد بن طلحة الشافعيّ«ت 654 ه»،الطبعة الحجريّة، طهران.
246-مشكل إعراب القرآن:للقيسي،محمّد بن أبي طالب،تحقيق ياسين محمد السواس، «انتشارات نور»،1362 ه.
247-ملامح شخصية الإمام عليّ عليه السّلام:لعبد الرسول الغفّار،معاصر،مؤسّسة النعمان،بيروت، 1988 م.
248-المسند:للحافظ أحمد بن حنبل«ت 241 ه»،دار الفكر،بيروت.
249-المسند:للحافظ أبي بكر عبد اللّه بن الزبير الحميدي«ت 219 ه»،دار الكتب العلميّة، بيروت،1409 ه.
250-الملل و النحل:لأبي الفتح محمّد بن عبد الكريم الشهرستانيّ«ت 548 ه»،مطبعة الرضيّ، قم،1364 ش.
251-مسند الرضا:تحقيق محمد جواد الجلالي،مكتب الإعلام الإسلامي،قم،1376 ه.
252-المقنع في الإمامة:للشيخ الجليل عبيد اللّه بن عبد اللّه السدآبادي«ق 5 ه»مؤسّسة النشر الإسلامي،قم،ط الأولى،1414 ه.
253-المسترشد في إمامة عليّ بن أبي طالب عليه السّلام:لأبي جعفر محمّد بن جرير بن رستم الطبريّ «ق 4 ه»المطبعة الحيدريّة،النجف الأشرف.
254-المستدرك على الصحيحين:لأبي عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه الحاكم النيسابوريّ«ت 405 ه
ص: 245
»،دار المعرفة،بيروت،1406 ه.
255-مشكاة المصابيح:للخطيب محمّد بن عبد اللّه التبريزيّ«ت 741 ه»،شركة دار الأرقم بن الأرقم،بيروت.
256-المحاسن:لأبي جعفر أحمد بن محمّد بن خالد البرقيّ«ت 274 ه»،دار الكتب الإسلاميّة، قم،ط الثانية.
257-مصابيح السنّة:لأبي محمّد الحسين بن مسعود البغوي الشافعيّ«ت 516 ه»دار الكتب العلميّة بيروت،ط الاولى،1419 ه.
258-مفاتيح الغيب:للصدر الدّين محمّد بن إبراهيم الشيرازيّ«ت 1050 ه»،«انجمن اسلامي حكمت و فلسفه ايران»،ط الاولى،1363 ش.
259-مقتل الحسين:للخوارزميّ أبو المؤيّد الموفّق بن أحمد المكّيّ«568 ه»،مكتبة المفيد،قم.
260-المناقب:للخوارزميّ أبي المؤيّد«ت 568 ه»،مكتبة نينوى،طهران.
261-مناقب أهل البيت:للمولى حيدر عليّ بن محمّد الشروانيّ«ق 12 ه»،مطبعة المنشورات الإسلاميّة،طهران،1414 ه.
262-مناقب آل أبي طالب:لأبي جعفر محمّد بن عليّ بن شهرآشوب المازندرانيّ«ت 588 ه»، دار الأضواء،بيروت،ط الثالثة،1412 ه.
263-مناقب الطاهرين:لعماد الدّين الحسن بن عليّ الطبريّ«ق 7 ه»ط الأولى،1379 ش.
264-مناقب المرتضوي:للمولى محمّد صالح الحسينيّ الترمذيّ المشتهر بمشكين قلم،مطبعة محمّدي،بمبئي،1269 ه.
265-مناقب عليّ بن أبي طالب عليه السّلام:لأبي الحسن عليّ بن محمّد بن المغازليّ الشافعيّ«ت 483 ه»،دار الأضواء،بيروت،1403 ه.
266-معاني القرآن:للفرّاء أبي زكريا يحيى بن زياد،الدار المصريّة للتأليف و الترجمة،1972 م.
267-مشارق أنوار اليقين:للحافظ رجب بن محمّد البرسيّ«ت 813 ه»،«دفتر نشر فرهنك أهل البيت عليهم السّلام»،طهران.
268-المعجم الصغير:لابي القاسم سليمان بن أحمد الطبرانيّ«ت 360 ه»،دار الكتب العلميّة، بيروت.
ص: 246
269-الموضوعات:لأبي الفرج عبد الرحمن بن عليّ ابن الجوزيّ،دار الكتب العلميّة بيروت،ط الاولى،1415 ه.
270-المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك:لأبي الفرج عبد الرحمن بن عليّ محمّد بن الجوزيّ«ت 597 ه»،دار الكتب العلميّة،بيروت،ط 1412 ه.
271-نزل الأبرار:للبدخشاني،محمّد بن معتمد«ت 1126 ه»،بمبئي،1880 م.
272-نهج الحقّ و كشف الصدق:لجمال الدّين العلاّمة الحسن بن يوسف الحلّي«ت 726 ه»، منشورات دار الهجرة،قم،1407 ه.
273-نهج البيان عن كشف معاني القرآن:للشيخ محمّد بن الحسن الشيبانيّ«ق 7 ه»،مؤسّسة دائرة المعارف الإسلاميّة،طهران،ط الاولى،1413 ه.
274-نور الأبصار في مناقب آل بيت النبيّ المختار:للشيخ مؤمن بن حسن مؤمن الشبلنجيّ«ق 13 ه»،دار الجيل،بيروت،1409 ه.
275-نهج الإيمان:لزين الدّين عليّ بن يوسف بن جبر«ق 7 ه»،مجتمع الامام الهادي عليه السّلام،مشهد المقدّسة،ط الأولى،1418 ه.
276-نظم درر السمطين:للزرنديّ محمّد بن يوسف بن الحسن الحنفيّ المدنيّ«ت 750 ه»، مكتبة نينوى الحديثة،طهران.
277-النور المشتعل من كتاب ما نزل:للحافظ أحمد بن عبد اللّه بن أحمد المعروف بأبي نعيم الاصبهانيّ«ت 430 ه»،منشورات وزارة الإرشاد الإسلامي،طهران،1406 ه.
278-نوادر الأثر في أنّ عليّا خير البشر:للفقيه أبي محمّد جعفر بن أحمد القميّ الإيلاقي«ق 4 ه »مطبعة مهر،ط الأولى،1420 ه.
279-النهاية في غريب الحديث:لمجد الدّين أبي السعادات المبارك بن محمّد الجزريّ المعروف بابن الأثير«ت 606 ه»،مؤسّسة اسماعيليان،قم،1364 ش.
280-النقض:لنصير الدّين عبد الجليل بن أبي الحسين القزوينيّ كان حيّا«560 ه»،منشورات انجمن آثار ملي ايران»،1358 ش.
281-وقعة صفين:لأبي الفضل نصر بن مزاحم بن سيّار المنقريّ«ت 212 ه»،مكتبة آية اللّه المرعشي،قم،ط الثانية،1404 ه.
ص: 247
282-الولاية:للحافظ أبي العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد المعروف بابن عقدة الكوفيّ، «ت 332 ه»،مطبعة الدليل،قم،ط الأولى،1421 ه.
283-الولاية«فضائل عليّ بن أبي طالب عليه السّلام و كتاب الولاية:لمحمّد بن جرير بن يزيد الطبريّ «ت 310 ه»،مطبعة الدليل،قم،ط الأولى،1419 ه.
284-الوسائل:لمحمّد بن الحسن الحر العامليّ«ت 1104 ه»،دار إحياء التراث العربي،بيروت، 1391 ه.
285-وفيات الأعيان:لأبي العبّاس أحمد بن محمّد بن خلكان«ت 681 ه»منشورات الرضيّ، قم.
286-الهداية في شرح بداية المبتدي:لشيخ الاسلام عليّ بن أبي بكر بن عبد الجليل المرغينانيّ «ت 593 ه».
287-ينابيع المودة:للشيخ سليمان بن خواجه كلان إبراهيم بن بابا القندوزيّ الحنفيّ«ت 1294 ه »،دار الأسوة للطباعة و النشر،ط الأولى،1416 ه.
288-اليقين تفي إمرة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام:للسيّد رضيّ الدّين عليّ بن موسى بن طاوس«ت 664 ه»،مؤسّسة دار الكتاب،قم،1413 ه.
ص: 248
مقدّمة المصحح 5
لمحة من حياة المؤلّف 7
المقدّمة 9
[الآيات] الآية الاولى من سورة البقرة؛إنّي جاعلك للناس إماما133/ 19
الآية الثانية من سورة البقرة أيضا؛و من الناس من يشرى نفسه207/ 23
الآية الثالثة من سورة البقرة أيضا؛الذين ينفقون اموالهم بالليل274/ 26
الآية الرابعة من سورة آل عمران؛آية المباهلة60/ 28
الآية الخامسة من سورة المائدة؛انّما وليّكم اللّه و رسوله55/ 36
الآية السادسة من سورة المائدة أيضا؛يا ايها الرسول بلغ ما انزل أليك67/ 46
الآية السابعة من سورة المائدة أيضا؛اليوم اكملت لكم دينكم3/ 83
الآية الثامنة من سورة الأعراف؛و اذ اخذ ربّك من بنى آدم172/،173 88
الآية التاسعة من سورة البراءة؛كونوا مع الصادقين119/ 90
الآية العاشرة من سورة هود؛أ فمن كان على بيّنة17/ 93
الآية الحادية عشر من سورة الرعد؛انّما انت منذر7/ 104
الآية الثانية عشر من سورة الرعد أيضا؛و فى الارض قطع متجاورات4/ 108
الآية الثالثة عشرة من سورة الرعد أيضا؛قل كفى باللّه شهيدا43/ 112
الآية الرابعة عشرة من سورة الحجر؛اخوانا على سرر47/ 115
الآية الخامسة عشر من سورة النحل؛فاسألوا اهل الذكر43/ 131
ص: 249
الآية السادسة عشر من سورة مريم؛ان الذين آمنوا و عملوا الصالحات96/ 135
الآية السابعة عشر من سورة طه؛و انّى لغفّار لمن تاب82/ 142
الآية الثامنة عشر من سورة طه أيضا؛و اجعل لى وزيرا29/-32 144
الآية التاسعة عشر من سورة النور؛اللّه نور السموات و الارض35/ 149
الآية العشرون من سورة النور أيضا؛في بيوت اذن اللّه36/ 150
الآية الإحدى و العشرون من سورة النور أيضا؛وعد اللّه الذين آمنوا منكم55/ 152
الآية الثانية و العشرون من سورة الفرقان؛و هو الذي خلق من الماء54/ 156
الآية الثالثة و العشرون من سورة الشعراء؛و اجعل لى لسان صدق84/ 159
الآية الرابعة و العشرون من سورة الشعراء أيضا؛و انذر عشيرتك214/ 160
الآية الخامسة و العشرون من سورة القصص؛و ربّك يخلق ما يشاء68/ 162
الآية السادسة و العشرون من سورة العنكبوت؛أ لم أ حسب الناس1/-2 164
الآية السابعة و العشرون من سورة الأحزاب؛انّما يريد اللّه ليذهب33/ 168
الآية الثامنة و العشرون من سورة الأحزاب أيضا؛ان اللّه و ملائكته يصلون56/ 177
الآية التاسعة و العشرون من سورة فاطر؛ثم اورثنا الكتاب الذين32/ 181
الآية الثلاثون من سورة الصافات؛وقفوهم انهم24/ 186
الآية الاحدى و الثلاثون من سورة الصافات أيضا؛سلام على آل ياسين130/ 190
الآية الثانية و الثلاثون من سورة الشورى؛قل لا أسألكم23/ 194
الآية الثالثة و الثلاثون من سورة الزخرف؛و لمّا ضرب ابن مريم57/ 202
الآية الرابعة و الثلاثون من سورة الزخرف أيضا؛و اسأل من ارسلنا45/ 205
الآية الخامسة و الثلاثون من سورة محمد صلّى اللّه عليه و آله؛ان الذين كفروا و صدوا32/ 207
الآية السادسة و الثلاثون من سورة ق؛ألقيا في جهنم كلّ24/ 209
الآية السابعة و الثلاثون من سورة النجم؛و النجم اذا اهوى1/-3 211
الآية الثامنة و الثلاثون من سورة الرحمن؛مرج البحرين19/-22 215
الآية التاسعة و الثلاثون من سورة الواقعة؛و السابقون10/-11 217
الآية الاربعون من سورة الحاقة؛و تعيها اذن واعية11/-12 223
ص: 250