فضائل فاطمة الزهراء

اشارة

فضائل فاطمة الزهراء

محمد بن عبد الله حاكم نيشابوري

دارلافرقان - قاهره - مصر

ص: 1

اشارة

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 2

فضائل فاطمة الزهراء

ص: 3

ص: 4

مقدّمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمّنِ الرَّحِيمِ إن الحمد للّه نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ باللّه من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا، من يهده اللّه فلا مضل له، و من يضلل فلا هادي له، و أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله.

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَ لا تَمُوتُنَّ إِلاّ وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران: 102].

يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَ بَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَ نِساءً وَ اتَّقُوا اللّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ إِنَّ اللّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء: 1].

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَ قُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ مَنْ يُطِعِ اللّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً (71) [الأحزاب: 70-71].

أما بعد:

فإن خير الحديث كتاب اللّه، و خير الهدي هدي محمد، و شر الأمور محدثاتها، و كل محدثة بدعة، و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار(1).

هذا هو الجزء الحديثيّ المؤلّف في فضائل فاطمة الزهراء رضي اللّه عنها، الذي ذكره الذهبيّ من جمع الحافظ أبي عبد اللّه الحاكم، و ذكره في موضعين من «تاريخ الإسلام» عند ترجمتي فاطمة الزهراء، و أبي عبد اللّه الحاكم. و يظهر للمتأمل أن الذهبي لم يقع علي الجزء نفسه؛ بل قرأ خبره في المصادر التي كانت بين يديه - و كذلك معاصروه بما فيهم التاج السبكي - يدلك علي هذا أن الذهبي الذي تعب من التعقيب علي زلات الحاكم في كتابه الذي زعمه استدراكا علي الصحيحين لم ينقل من هذا الجزء شيئا، و فيه فوائد تلحق بترجمة الحاكم، و به يتأكد أن الحاكم لم يكن رافضيّا.

و قد ذكر الحافظ سراج الدين القزويني في «مشيخته» (ورقة 164) أنه قرأ «فضائل

ص: 5


1- . هذه خطبة الحاجة التي كان يفتتح بها رسول اللّه عليه الصلاة و السلام خطبه؛ و هي مشروعة بين يدي الرسائل و الخطب و المصنفات. انظر رسالة شيخنا المحدث الألباني «خطبة الحاجة».

فاطمة» للحاكم علي بعض شيوخه بإسنادهم إلي الحاكم.

كما ذكر صاحب «كشف الظنون» (ج 2 /ص 1277) هذا الكتاب.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة اللّه: «و أما تصحيح الحاكم لمثل هذا الحديث و أمثاله؛ فهذا مما أنكره عليه أئمة العلم بالحديث، و قالوا: إن الحاكم يصحح أحاديث، و هي موضوعة مكذوبة عند أهل المعرفة بالحديث؛ كما صحح حديث: «زريب بن ثرملة»(1)؛ الذي فيه ذكر وصي المسيح؛ و هو كذب باتفاق أهل المعرفة؛ كما بين ذلك البيهقي، و ابن الجوزي و غيرهما، و كذلك أحاديث كثيرة في «مستدركه» يصححها؛ و هي عند أئمة أهل العلم بالحديث موضوعة، و منها ما يكون موقوفا يرفعه؛ و لهذا كان أهل العلم بالحديث لا يعتمدون علي مجرد تصحيح الحاكم، و إن كان غالب ما يصححه فهو صحيح؛ لكن هو في المصححين بمنزلة الثقة الذي يكثر غلطه، و إن كان الصواب أغلب عليه، و ليس فيمن يصحّح الحديث أضعف من تصحيحه بخلاف أبي حاتم بن حبان البستي؛ فإن تصحيحه فوق تصحيح الحاكم و أجلّ قدرا»(2).

و قال ابن القيم في «الفروسية» (ص 245): «و أما تصحيح الحاكم فكما قال القائل:

فأصبحت من ليلي الغداة كقابض علي الماء خانته فروج الأصابع

و لا يعبأ الحفاظ - أطبّاء علل الحديث - بتصحيح الحاكم شيئا، و لا يرفعون به رأسا).

ص: 6


1- . هذا أحد المعمرين الذين يزعمون أنهم أدركوا المسيح عليه السلام في خبر موضوع لا شك في وضعه. قال الحافظ ابن حجر في «تبصير المتنبه بتحري المشتبه» (ج 2 /ص 642): «و بالضم و فتح الراء بعدها ياء: زريب بن ثرملة، أحد المعمرين له قصة ذكرها ابن أبي الدنيا و الدّارقطني في غرائب مالك و الطبري و الباوردي و غيرهم، و قد سقتها في كتابي في الصحابة. انتهي». و الحديث رواه المؤلف في «المستدرك»، و رواه ابن الجوزي في «الموضوعات» (ج 1 /ص 210)، و اللالكائي في «شرح أصول اعتقاد أهل السنة» برقم (2406)، و الخطيب في «تاريخ بغداد» (ج 10 /ص 255)، و البيهقي في «دلائل النبوة» برقم (2154)، و ابن أبي الدنيا في «هواتف الجان» برقم (16)، و معاذ بن المثني في زيادات «مسند مسدد» - كما في «إتحاف الخيرة» (ج 8 /ص 14) - و الدّارقطني في «غرائب مالك» - كما في «المطالب العالية» (ج 2 /ص 485).
2- . مجموع الفتاوي (255/1).

البتّة؛ بل لا يعدل تصحيحه و لا يدلّ علي حسن الحديث؛ بل يصحّح أشياء موضوعة بلا شك عند أهل العلم بالحديث. و إن كان من لا علم له بالحديث لا يعرف ذلك، فليس بمعيار علي سنة رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله، و سّلم، و لا يعبأ أهل الحديث به شيئا.

و الحاكم نفسه يصحّح أحاديث جماعة و قد أخبر في كتاب «المدخل» له أنه لا يحتج بهم، و أطلق الكذب علي بعضهم.» انتهي.

قال الذهبي في ترجمة الحاكم في «الميزان»(1): «إمام صدوق؛ لكنه يصحّح في «مستدركه» أحاديث ساقطة، و يكثر من ذلك. فما أدري: هل خفيت عليه؟ فما هو ممّن يجهل ذلك! و إن علم؛ فهذه خيانة عظيمة(2). ثمّ هو شيعيّ مشهور بذلك، من غير تعرض للشيخين».

و ذكر ذلك ابن حجر في «لسان الميزان»(3) ثمّ قال: «قيل في الاعتذار عنه: إنه عند تصنيفه للمستدرك، كان في أواخر عمره. و ذكر بعضهم أنه حصل له تغيّر و غفلة في آخر عمره. و يدلّ علي ذلك أنه ذكر جماعة في كتاب «الضعفاء» له، و قطع بترك الرواية عنهم، و منع من الاحتجاج بهم. ثمّ أخرج أحاديث بعضهم في «مستدركه»؛ و صحّحها! من ذلك أنه: أخرج حديثا لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم؛ و كان قد ذكره في «الضعفاء» فقال: إنه «روي عن أبيه أحاديث موضوعة، لا تخفي علي من تأملها من أهل الصنعة أن الحمل فيها عليه». و قال في آخر الكتاب: فهؤلاء الذين ذكرتهم في هذا الكتاب، ثبت عندي صدقهم؛ لأنني لا أستحلّ الجرح إلا مبيّنا؛ و لا أجيزه تقليدا. و الذي أختار لطالب العلم أن لا يكتب حديث هؤلاء أصلا»(4).

قلت: و عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف جدّا، حتي قال عنه ابن الجوزي:

«أجمعوا علي ضعفه». و قد روي له الحاكم عن أبيه! و كذلك كان يصحّح في «مستدركه» أحاديث كان قد حكم عليها بالضعف من قبل.).

ص: 7


1- . «ميزان الاعتدال» (216/6).
2- . قلت: و موافقتك يا إمام له علي تصحيحه لأحاديث ساقطة ما ذا يقال عنها؟
3- . «لسان الميزان» (232/5، 233).
4- . «لسان الميزان» (232/5).

قال إبراهيم بن محمد الأرموي: جمع الحاكم أحاديث و زعم أنّها صحاح علي شرط البخاري و مسلم؛ منها: «حديث الطير»(1)

و: «من كنت مولاه فعلي مولاه»(2). فأنكرها عليه أصحاب الحديث، فلم يلتفتوا إلي قوله).

ثمّ ذكر الذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج 3 /ص 1042) أن الحاكم سئل عن حديث الطير فقال: «لا يصح. و لو صحّ لما كان أحد أفضل من علي بعد النبي». قال الذهبي: «ثم تغيّر رأي الحاكم، و أخرج «حديث الطير». في «مستدركه». و لا ريب أن في «المستدرك» أحاديث كثيرة ليست علي شرط الصحة؛ بل فيه أحاديث موضوعة شان «المستدرك» بإخراجها فيه.

قلت: و لا نعلم إن وصل التشيع بالحاكم لتفضيل عليّ علي سائر الصحابة بعد تصحيحه ل «حديث الطير»؛ لكن التخليط الأوضح من ذلك هو في الأحاديث الكثيرة التي نفي وجودها في «الصحيحين» أو في أحدهما، و هي فيهما أو في أحدهما. و قد بلغت في «المستدرك» قدرا كبيرا، و هذه غفلة شديدة؛ بل تجده في الحديث الواحد يذكر تخريج صاحب الصحيح له، ثمّ ينفي ذلك في موضع آخر من نفس الكتاب. و مثاله ما قال في حديث ابن الشخير مرفوعا: «يقول ابن آدم مالي مالي...». قال الحاكم: «المستدرك علي الصحيحين» (582/2): (مسلم قد أخرجه من حديث شعبة عن قتادة مختصرا).

قلت: بل أخرجه بتمامه برقم (2958) من حديث همام عن قتادة. ثمّ أورده الحاكم بنفس اللفظ في موضع آخر (358/4) و قال: «هذا حديث صحيح الإسناد، و لم يخرجاه».

علي أي حال: فلا يعني هذا حصول تحريف في إسناد أو متن؛ لأن رواية الحاكم كانت من أصوله المكتوبة لا من حفظه، و إنما شاخ و جاوز الثمانين فأصابته غفلة؛ فسبب هذا الخلل في أحكامه علي الحديث. إلا أنّ غالب «المستدرك» هو مسودة؛ مات الحاكم قبل أن يكمله. مع التنبيه إلي أن الحاكم كان أصلا متساهلا في كل حياته، فكيف بعد أن أصابته الغفلة و لم يحرّر مسودته؟.

قال المعلمي في «التنكيل» (472/2): «هذا و ذكرهم للحاكم بالتساهل، إنما يخصّونهر.

ص: 8


1- . سيأتي تخريجه و الحكم عليه بعد قليل.
2- . حديث صحيح: و قد أفاض شيخنا الألباني في بيان شواهده و طرقه في «الصحيحة» برقم (1750)، فارجع إليه هناك غير مأمور.

بالمستدرك؛ فكتبه في الجرح و التعديل لم يغمزه أحد بشيء مما فيها، فيما أعلم. و بهذا يتبين أن التشبّث بما وقع له في «المستدرك» و بكلامهم فيه لأجله - إن كان لإيجاب التروي في أحكامه التي في المستدرك فهو وجيه - و إن كان للقدح في روايته أو في أحكامه في غير «المستدرك» في الجرح و التعديل و نحوه، فلا وجه لذلك؛ بل حاله في ذلك كحال غيره من الأئمة العارفين: إن وقع له خطأ؛ فهو نادر كما يقع لغيره. و الحكم في ذلك بإطراح ما قام الدليل علي أنه أخطأ فيه و قبول ما عداه، و اللّه الموفق».

فالخلاصة: أننا نصحح ضبط الحاكم للأسانيد، و لكننا نرفض أحكامه علي الأحاديث في «المستدرك» كليّة، و نعتبر بغيرها خارج «المستدرك».

و أقلّ وصف لصنيع الإمام الحاكم في هذا الكتاب أنه أخطأ من حيث أراد أن يصيب بجمعه في فضائل الزهراء رضوان اللّه عليها ما تكذّبه الدّخلاء علي دين الإسلام و علي الرواية الحديثية فيه، و خلطه لذلك الشين المكذوب بالزين الصحيح من فضائلها. هذا إن قيل: إنه أسند الروايات؛ و من أسندها فقد برئ من عهدتها. و لكن يعلم من قوله: «و أنا ذاكر بمشيئة اللّه في هذا الموضع بعض ما انتهي إلينا من فضائل فاطمة الزّهراء بنت سيّد الأنبياء صلوات اللّه عليه؛ ليعلم الشّحيح بدينه محلّها من الإسلام، فلا يقيس بها أحدا من نساء هذه الأمة»: أنه صحّحها حين جمعها من ذلك «البعض» الذي لو لا أنه كان لا يستريب في كذب بعض تلك الروايات لذكرها كلّها؛ إذ لا يسوغ لمن جمع روايات في فضائل شخصية فضلي أن يقتصر علي بعض ما يراه صحيحا منها ثمّ يترك أمثالها؛ خشية إملال القارئ أو اكتفاء بما جمع منها، و من ذا يملّ قراءة الصحيح من الروايات عن الزهراء و آل بيتها الأطهار رضوان اللّه عليهم؟.

و لا أزال أتعجب من إخراج الحاكم لأحد كبار الرافضة الأخباث الأنجاس الذين كانوا يضعون الأحاديث في مثالب الصحابة رضوان اللّه تعالي عليهم أجمعين بداية من الصديق أبي بكر، و الفاروق عمر، و ذي النورين عثمان؛ و انتهاء بالصديقة عائشة، و ابنة الفاروق: حفصة رضي اللّه عن صحابة رسول اللّه - عليه الصلاة و السلام - أجمعين!.

هذا الرافضي الوضاع الكذاب هو أبو بكر بن أبي دارم؛ له ترجمة مخزية في كتب الرجال! قال الحاكم: هو رافضي، غير ثقة.

ص: 9

و قال محمّد بن حمّاد الحافظ: كان مستقيم الأمر عامّة دهره، ثمّ في آخر أيّامه كان أكثر ما يقرأ عليه المثالب، حضرته و رجل يقرأ عليه أنّ عمر رفس فاطمة حتّي أسقطت محسّنا!

و في خبر آخر قوله تعالي: وَ جاءَ فِرْعَوْنُ [الحاقة: 9]: عمر، وَ مَنْ قَبْلَهُ : أبو بكر، وَ الْمُؤْتَفِكاتُ : عائشة، و حفصة.

فوافقته و تركت حديثه.

قلت - القائل هو الإمام الذهبي -: شيخ ضالّ معثّر. «سير أعلام النبلاء» (ج 15 /ص 579).

و قال في «تذكرة الحفاظ» (ج 3 /ص 884): «جمع في الحط علي الصحابة، و كان يترفض، و قد اتهم في الحديث. توفي في المحرم سنة اثنتين و خمسين، و قيل: سنة إحدي و خمسين و ثلاث مائة، و كان موصوفا بالحفظ، له ترجمة سيئة في «الميزان» ذكرنا فيها ما حدّث به من الإفك المبين لا رعاه اللّه!».

و قال في «الميزان» (ج 1 /ص 139): «أحمد بن محمد بن السري بن يحيي بن أبي دارم المحدث. أبو بكر الكوفي الرافضي الكذاب. مات في أول سنة سبع و خمسين و ثلاثمائة.

و قيل: إنه لحق إبراهيم القصار.

حدث عن أحمد بن موسي و الحمار و موسي بن هارون و عدة.

روي عنه الحاكم، و قال: رافضي، غير ثقة.

و قال محمد بن أحمد بن حماد الكوفي الحافظ - بعد أن أرخ موته: «كان مستقيم الأمر عامة دهره، ثم في آخر أيامه كان أكثر ما يقرأ عليه المثالب، حضرته و رجل يقرأ عليه:

إن عمر رفس فاطمة حتي أسقطت بمحسن.

و في خبر آخر: في قوله تعالي: وَ جاءَ فِرْعَوْنُ : عمر، وَ مَنْ قَبْلَهُ أبو بكر، وَ الْمُؤْتَفِكاتُ :

عائشة و حفصة»!! فوافقته علي ذلك، ثم إنه حين أذن الناس بهذا الأذان المحدث وضع حديثا متنه: «تخرج نار من قعر عدن تلتقط مبغضي آل محمد»، و وافقته عليه!.

و جاءني ابن سعيد في أمر هذا الحديث، فسألني، فكبر عليه، و أكثر الذكر له بكل قبيح، و تركت حديثه، و أخرجت عن يدي ما كتبته عنه.

و يحتجون به في الأذان. زعم أنه سمع

ص: 10

عياش، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي محذورة، قال: كنت غلاما، فقال النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:

«اجعل في آخر أذانك: حي علي خير العمل».

و هذا حدثنا به جماعة عن الحضرمي، عن يحيي الحماني. و إنما هو: «اجعل في آخر أذانك: الصلاة خير من النوم». تركته و لم أحضر جنازته». انتهي.

فعن مثل هذا الرافضي الكذاب: كيف يروي الحاكم في «فضائل الزهراء»!! فلا حول و لا قوة إلا باللّه العلي العظيم.

ما قيل في تشيعه: تكلم التاج السبكي علي ذلك في ترجمته للحاكم حين ترجم له في طبقاته و جعل لذلك فصلا عنون له بقوله: «ذكر البحث عما رمي به الحاكم من التشيع، و ما زادت أعداؤه و نقصت أوداؤه رحمه اللّه تعالي و النصفة بين الفئتين».

قلت: و الحقّ أنّ فيما ذكره - أعني السبكي - ما يقبل؛ و ما يبقي رأيا لمنظوره «الأشعري» الذي لا يكاد يفارقه!

قال السبكي: «أول ما ينبغي لك أيها المنصف إذا سمعت الطعن في رجل أن تبحث عن خلطائه و الذين عنهم أخذ ما ينتحل، و عن مرباه و سبيله، ثمّ تنظر كلام أهل بلده و عشيرته من معاصريه العارفين به بعد البحث عن الصديق منهم له و العدوّ الخالي عن الميل إلي إحدي الجهتين و ذلك قليل في المتعاصرين المجتمعين في بلد.

و قد رمي هذا الإمام الجليل بالتشيع و قيل: إنّه يذهب إلي تقديم عليّ من غير أن يطعن في واحد من الصحابة رضي اللّه عنهم؛ فنظرنا فإذا الرجل: محدث لا يختلف في ذلك. و هذه العقيدة تبعد علي محدّث؛ فإن التشيع فيهم نادر، و إن وجد في أفراد قليلين.

ثم نظرنا مشايخه الذين أخذ عنهم العلم؛ و كانت له بهم خصوصية فوجدناهم من كبار أهل السنة و من المتصلبة في عقيدة أبي الحسن الأشعري كالشيخ أبي بكر بن إسحاق الصبغي، و الأستاذ أبي بكر بن فورك، و الأستاذ أبي سهل الصعلوكي، و أمثالهم. و هؤلاء هم الذين كان يجالسهم في البحث، و يتكلم معهم في أصول الديانات، و ما يجري مجراها.

ثم نظرنا تراجم أهل السنة في «تاريخه»؛ فوجدناه يعطيهم حقهم من الإعظام و الثناء مع ما ينتحلون؛ و إذا شئت فانظر ترجمة أبي سهل الصعلوكي، و أبي بكر بن إسحاق، و غيرهما من «كتابه» و لا يظهر عليه شيء من الغمز علي عقائدهم. و قد استقريت فلم أجد

ص: 11

مؤرخا ينتحل عقيدة، و يخلو كتابه عن الغمز ممن يحيد عنها: سنّة اللّه في المؤرخين، و عادته في النقلة، و لا حول و لا قوة إلا بحبله المتين.

ثم رأينا الحافظ الثبت: أبا القاسم بن عساكر أثبته في عداد الأشعريين الذين يبدّعون أهل التشيع، و يبرءون إلي اللّه منهم؛ فحصل لنا الريب فيما رمي به هذا الرجل علي الجملة.

ثم نظرنا تفاصيله: فوجدنا الطاعنين يذكرون أن محمد بن طاهر المقدسي ذكر أنّه سأل أبا إسماعيل عبد اللّه بن محمد الأنصاري عن الحاكم أبي عبد اللّه؛ فقال: «ثقة في الحديث رافضي خبيث» (!)، و أن ابن طاهر هذا قال: «إنّه كان شديد التعصب للشيعة في الباطن، و كان يظهر التسنّن في التقديم و الخلافة، و كان منحرفا غاليا عن معاوية، و أهل بيته يتظاهر به، و لا يعتذر منه» (!).

فسمعت أبا الفتح ابن سمكويه بهراة يقول: سمعت عبد الواحد المليحي يقول:

سمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول: دخلت علي أبي عبد اللّه الحاكم - و هو في داره لا يمكنه الخروج إلي المسجد من أصحاب أبي عبد اللّه بن كرام - و ذلك أنهم كسروا منبره و منعوه من الخروج فقلت له: «لو خرجت و أمليت في فضائل هذا الرجل حديثا لاسترحت من هذه الفتنة».

فقال: «لا يجيء من قلبي - يعني معاوية -».

و إنّه قال أيضا: سمعت أبا محمد بن السمرقندي يقول: بلغني أن «مستدرك الحاكم» ذكر بين يدي الدّارقطني؛ فقال: نعم يستدرك عليهما «حديث الطير»(1)؛ فبلغ ذلك:

ص: 12


1- . هو حديث منكر: رواه الترمذي في «السنن» برقم (3721)، و النسائي في «السنن الكبري» برقم (8398)، و في «خصائص علي» (ص 51)، و أبو الشيخ في «طبقات المحدثين بأصبهان» برقم (924)، و أبو نعيم في «أخبار أصبهان» برقم (735، 844)، و في «فضائل الخلفاء الراشدين» برقم (50)، و أبو حنيفة في «مسنده» برقم (306)، و ابن الجوزي في «العلل المتناهية» برقم (360-374) فرواه هناك من ستة عشر طريقا، و العقيلي في «الضعفاء» برقم (82، 1798، 1943)، و الحاكم - المؤلف - في «المستدرك» (ج 3 /ص 141، 142)، و الطبراني في «الكبير» برقم (730)، و في «الأوسط» برقم (1744، 7466، 9372)، و أبو يعلي في «المسند» برقم (4052) و البزار في «مسنده» - «البحر الزخار» برقم (7547)، و ابن شاذان في «المشيخة الصغري» برقم (5)، و ابن شاهين في «شرح مذاهب أهل السنة» برقم (115)، و البخاري في «التاريخ الكبير» برقم (344) 1,14 - من حديث أنس بن مالك قال:كان عند النّبيّ صلي اللّه عليه و سلّم طير، فقال: «اللّهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطّير»، فجاء عليّ فأكل معه!. و قال الترمذي: «غريب» - يعني: ضعيف - لكن: قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (هو من الموضوعات المكذوبات) «منهاج السنة» (ج 7 /ص 369-385): و قد أنكره البخاري؛ بل تعجب منه! «علل الترمذي الكبير» برقم (648). و قد روي من حديث ابن عباس أيضا: أخرج الطبراني في «الكبير» برقم (10667)، و أبو يعلي في «مسنده الكبير» - كما في «المطالب العالية» برقم (3936) - و عبد اللّه بن أحمد في «فضائل الصحابة» برقم (945)، و المحاملي في «أماليه» برقم (512). و روي من حديث ابن عباس أيضا: أخرجه العقيلي في «الضعفاء» برقم (1789). و أما الذهبي فقد خالف شيخه - شيخ الإسلام ابن تيمية - في الحكم بوضع هذا الحديث؛ فقال - بعد أن رد علي ابن أبي داود عبارته: (إن صح حديث الطير فنبوة النبي صلّي اللّه عليه و سلّم باطل، لأنه حكي عن حاجب النبي صلّي اللّه عليه و سلّم خيانة - يعني أنسا - و حاجب النبي لا يكون خائنا)! فقال: (قلت: هذه عبارة رديئة، و كلام نحس، بل نبوة محمد صلّي اللّه عليه و سلّم حق قطعي، إن صح خبر الطير، و إن لم يصح، و ما وجه الارتباط؟ هذا أنس قد خدم النبي صلّي اللّه عليه و سلّم قبل أن يحتلم، و قبل جريان القلم، فيجوز أن تكون قصة الطائر في تلك المدة. فرضنا أنه كان محتلما، ما هو بمعصوم من الخيانة، بل فعل هذه الجناية الخفيفة متأولا، ثم إنه حبس عليّا عن الدخول كما قيل، فكان ما ذا؟ و الدعوة النبوية قد نفذت و استجيبت، فلو حبسه، أو رده مرات، ما بقي يتصور أن يدخل و يأكل مع المصطفي سواه إلا، اللهم إلا أن يكون النبي صلّي اللّه عليه و سلّم قصد بقوله. 1,14 - «ايتني بأحب خلقك إليك، يأكل معي»:. عددا من الخيار، يصدق علي مجموعهم أنهم أحب الناس إلي اللّه، كما يصح قولنا: أحب الخلق إلي اللّه الصالحون، فيقال: فمن أحبهم إلي اللّه؟ فنقول: الصديقون و الأنبياء. فيقال: فمن أحب الأنبياء كلهم إلي اللّه؟ فنقول: محمد و إبراهيم و موسي، و الخطب في ذلك يسير. و أبو لبابة - مع جلالته - بدت منه خيانة، حيث أشار لبني قريظة إلي حلقه، و تاب اللّه عليه. و حاطب بدت منه خيانة، فكاتب قريشا بأمر تخفي به نبي اللّه صلّي اللّه عليه و سلّم من غزوهم، و غفر اللّه لحاطب مع عظم فعله رضي اللّه عنه. «و حديث الطير - علي ضعفه - فله طرق جمة، و قد أفردتها في جزء، و لم يثبت، و لا أنا بالمعتقد بطلانه»، و قد أخطأ ابن أبي داود في عبارته و قوله، و له علي خطئه أجر واحد، و ليس من شرط الثقة أن لا يخطئ و لا يغلط و لا يسهو. و الرجل فمن كبار علماء الإسلام، و من أوثق الحفاظ رحمه اللّه تعالي. «سير أعلام النبلاء» (ج 13 /ص 232). لكن للذهبي كلام آخر يدل علي أنه يري أن للحديث أصلا؛ ذكر ذلك في «تذكرة الحفاظ» (ج 3 /ص 1042) فقال: «فله طرق كثيرة جدّا قد أفردتها بمصنف؛ و مجموعها هو يوجب أن يكون الحديث له أصل». قلت: و الصواب من هذا كله أن الحديث منكر متنا، لا يصح سندا، كما بين ذلك شيخنا المحدث الألباني رحمه اللّه تعالي بيانا شافيا كافيا أن أصل الضعف و النكارة في هذا الحديث في السند من جهة الانقطاع بين الراوي عن أنس - و لا يدري من هو في الحقيقة - و بين أنس، و في المتن في اضطرابه الشديد، مع مخالفته للصحيح في كون أحب الناس إلي النبي عليه الصلاة و السلام هو أبو بكر. قال شيخنا: (قلت: و لعل هذا هو أصل الحديث: الانقطاع، لا يدري الراوي له عن أنس، ثم سرقه بعض الوضاعين - من الشيعة و الضعفاء و المجهولين منهم، أو المتعاطفين معهم -، فركبوا عليه أسانيد كثيرة، يدلك علي ذلك قول الحاكم في «المستدرك» (131/3): «و قد رواه عن أنس جماعة من أصحابه زيادة علي ثلاثين نفسا»). ثم لم يستطع أن يسوق منها إلا طريقين فقط، غير سالمين من الطعن، صحح أحدهما علي شرط الشيخين! و سكت عن الآخر، فتعقبه الذهبي في هذا بقوله: «قلت: إبراهيم بن ثابت ساقط». و قال في الأول: «قلت: ابن عياض لا أعرفه، و لقد كنت زمانا طويلا أظن أن «حديث الطير» لم يجسر الحاكم أن يودعه في «مستدركه»، فلما علقت هذا الكتاب، رأيت الهول من الموضوعات التي فيه، فإذا «حديث الطير» بالنسبة إليها سماء»! و تجد مصداق ما ذكرته آنفا من تركيب الأسانيد عليه ممن أشرنا إليهم - من الوضاعين و غيرهم - في الطرق التي خرجها ابن الجوزي، و قد بلغت في عده ستة عشر طريقا، و هي في الواقع خمسة عشر، لأن الطريق الرابع عشر و الخامس عشر مدارهما علي مسلم أبي عبد اللّه في الأول منهما، و هو: مسلم الملائي في الآخر. فقد علق شيخنا علي قول الذهبي الآنف: «فله طرق كثيرة جدّا قد أفردتها بمصنف؛ و مجموعها هو يوجب أن يكون الحديث له أصل»! بقوله: (قلت: هذا كلام مجمل لا يروي و لا يشفي، و لذلك فإني أوجه السؤال التالي إلي الحافظ الذهبي و من وافقه من الحفاظ كالعسقلاني و من قلده من بعض المتأخرين: ما هو هذا الأصل الذي يراد إثباته و لو بأدني درجات الإثبات - ألا و هو الحسن لغيره -، فإن الحديث فيه اضطراب كثير جدّا، كما بينه الأخ الفاضل الشيخ سعد ابن آل حميد، فقال جزاه اللّه خيرا في تعليقه علي «مختصر استدراك الحافظ الذهبي» (1447/3-1454)، فقال في (ص 1470): «و بالجملة، فالحديث لا ينقصه كثرة طرق، و إنما يفتقر إلي سلامة المتن، فإنما أنكر من الأئمة هذا الحديث لما يظهر من متنه من تفضيل علي علي الشيخين رضي اللّه عنهم، بالإضافة لما في متنه من ركة اللفظ و الاضطراب. فهما يدل علي سقوط هذا الحديث اضطراب الرواة في متنه، فالمتأمل في متن الحديث من الطرق المتقدمة يجد الاختلاف ظاهرا بين الروايات، و هذه بعض الأمثلة..»).

ص: 13

الحاكم؛ فأخرج الحديث من الكتاب(1).

هذا ما يذكره الطاعنون و قد استخرت اللّه كثيرا، و استهديته التوفيق و قطعت القول:

بأنّ كلام أبي إسماعيل، و ابن الطاهر لا يجوز قبوله في حق هذا الإمام؛ لما بينهم من مخالفة العقيدة؛ و ما يرميان به من التجسيم أشهر مما يرمي به الحاكم من الرفض! و لا يغرنّك قول).

ص: 14


1- . قال الذهبي: (قلت: هذه حكاية منقطعة؛ بل لم تقع، فإن الحاكم إنما ألف «المستخرج» في أواخر عمره، بعد موت الدّارقطني بمدة، و «حديث الطير»: ففي الكتاب لم يحول منه، بل هو أيضا في «جامع الترمذي»). «سير أعلام النبلاء» (ج 17 /ص 168).

أبي إسماعيل - قبل الطعن فيه - أنّه: ثقة في الحديث؛ فمثل هذا الثناء يقدّمه من يريد الإزراء بالكبار قبل الإزراء عليهم؛ ليوهم البراءة من الغرض؛ و ليس الأمر كذلك(1).

و الغالب علي ظني أن ما عزي إلي أبي عبد الرحمن السّلمي كذب عليه؛ و لم يبلغنا أن الحاكم ينال من معاوية؛ و لا يظن ذلك فيه. و غاية ما قيل فيه: الإفراط في ولاء عليّ رضي اللّه عنه، و مقام الحاكم - عندنا - أجلّ من ذلك.

و أمّا ابن كرّام: فكان داعية إلي التجسيم؛ لا ينكر أحد ذلك. ثمّ إن هذه حكاية لا يحكيها إلا هذا الذي يخالف الحاكم في المعتقد؛ فكيف يسع المرء - بين يدي اللّه تعالي - أن يقبل قوله فيها، أو يعتمد علي نقله؟! ثمّ أنّي له اطلاع علي باطن الحاكم؛ حتّي يقضي بأنه كان يتعصب للشيعة باطنا.

و أما ما رواه الرواة عن الدّارقطني - إن صح - فليس فيه ما يرمي به الحاكم؛ بل غايته أنّه استقبح منه ذكر «حديث الطير» في «المستدرك» و ليس هو بصحيح فهو يكثر من الأحاديث التي أخرجها في «المستدرك» و استدركت عليه.

ثم قول ابن طاهر: إن الحاكم أخرج «حديث الطير» من «المستدرك» فيه وقفة؛ فإن «حديث الطير» موجود في «المستدرك» إلي الآن؛ و ليته أخرجه منه؛ فإن إدخاله فيه من الأوهام التي تستقبح ثم لو دلّت كلمة الدّارقطني علي وضع من الحاكم؛ لم يعتدّ بها؛ لماا!

ص: 15


1- . ابن طاهر: ترجمه الذهبي في «السير» (ج 19 /ص 361-371) فدافع عن حفظه و دينه فقال: مسلم أثري، معظم لحرمات الدين. لكنه بين أنه صوفي؛ له شذوذ في القول بإباحة الغناء و النظر للمرد. أما الأنصاري أبو إسماعيل: فترجمه الذهبي في «السير» (ج 18 /ص 503-518) و أثني عليه فقال عنه: أثريّ قح، ينال من المتكلمة - و السبكي الذي يتكلم في أبي إسماعيل و في ابن طاهر: أشعري؛ و لهذا ينال من مثبتة الصفات كأبي إسماعيل؛ فإنه سلفي قح - و إنما يتعقب علي الأنصاري كلامه عن الإشارات و المحو و الفناء بما قد يفهم منه شيء من الحلول و الوحدة؛ و هو بريء منهما، و ذلك في كتابه «منازل السائرين» الذي شرحه ابن القيم في كتاب «مدارج السالكين» ثم قال الذهبي: «ما أحلي تصوف الصحابة و التابعين! ما خاضوا في هذه الخطرات و الوساوس...». فقول السبكي: «يرميان بالتجسيم» لا ينطبق - إلا في ذهن السبكي - علي أبي إسماعيل الأنصاري الأشعري، الذي يري الإثبات للصفات تجسيما!

ذكر الخطيب في «تاريخه»(1) من أن الأزهري حدثه أن الحاكم ورد بغداد قديما فقال: ذكر لي أن حافظكم - يعني الدّارقطني - خرّج لشيخ واحد خمسمائة جزء؛ فأروني بعضها! فحمل إليه منها؛ و ذلك مما خرّجه لأبي إسحاق الطبري، فنظر في أول «الجزء الأول» حديثا لعطية العوفي؛ فقال: استفتح بشيخ ضعيف؛ ثمّ رمي الجزء من يده، و لم ينظر في الباقي!

فهذه كلمة من الحاكم في الدّارقطني تقابل كلمة الدّارقطني فيه، و ليس علي واحد منها فضاحة؛ غير أنّه يؤخذ منهما: أنّه قد يكون بينهما ما قد يكون بين الأقران.

و قد قدمنا في الطبقة الأولي في ترجمة أحمد بن صالح أن كلام النظير في النظير - عند ذلك - غير مقبول و لا يوجب طعنا علي القائل، و لا المقول فيه، و حققنا في ذلك جملة صالحة، و ذلك كله بتقدير ثبوت الحكاية، و أن فيها تعريضا من الدّارقطني بغمز الحاكم بسوء العقيدة، و لا يسلّم واحد من الأمرين؛ و إنما فيها عندنا الغمز من كتاب «المستدرك»؛ لما فيه مما يستدرك! و هو غمز صحيح.

ثم قال ابن طاهر: و سمعت المظفر بن حمزة بجرجان يقول: سمعت أبا سعد الماليني يقول: طالعت «المستدرك» فلم أجد فيه حديثا علي شرط الشيخين.

قلت: ليس في هذا تعرض للتشيع بنفي و لا إثبات؛ ثمّ هو غير مسلم!

قال شيخنا الذهبي: بل هو غلوّ، و إسراف من الماليني؛ ففي «المستدرك» جملة وافرة علي شرطهما، و جملة كبيرة علي شرط أحدهما.

قال شيخنا الذهبي: لعل مجموع ذلك نحو نصف الكتاب. قال: و فيه نحو الربع:

صح سنده؛ و إن كان فيه علة. قال: و ما بقي - و هو نحو الربع - فهو: مناكير و واهيات لا تصح، و في بعض ذلك موضوعات. ثمّ ذكر ابن طاهر أنّه رأي بخط الحاكم «حديث الطير» في جزء ضخم جمعه، و قال: و قد كتبته للتعجب!

قلنا: و غاية جمع هذا الحديث، أن يدل علي أن الحاكم يحكم بصحته؛ و لو لا ذلك لما أودعه «المستدرك»، و لا يدل ذلك منه علي تقديم عليّ رضي اللّه عنه علي شيخ المهاجرين و الأنصار: أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه؛ إذ له معارض أقوي لا يقدر علي دفعه. و كيف يظن).

ص: 16


1- . «تاريخ بغداد» (ج 5 /ص 473).

بالحاكم - مع سعة حفظه - تقديم عليّ؟! و من قدمه علي أبي بكر فقد طعن علي المهاجرين و الأنصار؛ فمعاذ اللّه أن يظن ذلك بالحاكم.

ثمّ ينبغي أن يتعجب من ابن طاهر في كتابته هذا الجزء - مع اعتقاده بطلان الحديث - و مع أن كتابته سبب شياع هذا الخبر الباطل؛ و اغترار الجهال به: أكثر مما يتعجب من الحاكم ممن يخرجه، و هو يعتقد صحته!

و حكي شيخنا الذهبي كلام ابن طاهر و ذيّل عليه أن للحاكم «جزءا في فضائل فاطمة»؛ و هذا لا يلزم منه رفض و لا تشيع، و من ذا الذي ينكر فضائلها رضي اللّه عنها؟!

فإن قلت: فهل ينكر أن يكون عند الحاكم شيء من التشيع؟

قلت: الآن حصحص الحق؛ و الحق أحق أن يتبع.

و سلوك طريق الإنصاف أجدر بذوي العقل من ركوب طريق الاعتساف.

فأقول: لو انفرد ما حكيته عن أبي إسماعيل، و عن ابن طاهر؛ لقطعت بأن نسبة التشيع إليه كذب عليه؛ و لكني رأيت الخطيب أبا بكر رحمه اللّه تعالي قال فيما أخبرني به محمد بن إسماعيل المسند إذنا خاصّا و الحافظ أبو الحجاج المزي إجازة قالا: أخبرنا مسلم بن محمد بن علان قال الأول: إجازة، و قال الثاني: سماعا: أخبرنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا أبو بكر الخطيب، قال: أبو عبد اللّه بن البيع الحاكم كان ثقة أول سماعه في سنة ثلاثين و ثلاثمائة، و كان يميل إلي التشيع؛ فحدثني إبراهيم بن محمد الأرموي بنيسابور و كان صالحا عالما قال: جمع أبو عبد اللّه الحاكم أحاديث و زعم أنّها صحاح علي شرط البخاري و مسلم منها «حديث الطير»، و «من كنت مولاه فعلي مولاه» فأنكر عليه أصحاب الحديث ذلك، و لم يلتفتوا إلي قوله. انتهي.

قلت: و الخطيب ثقة ضابط؛ فتأملت - مع ما في النفس من الحاكم - من تخريجه «حديث الطير» في «المستدرك» - و إن كان خرّج أشياء غير موضوعة لا تعلق لها بتشيع و لا غيره - فأوقع اللّه في نفسي أن الرجل كان عنده ميل إلي عليّ رضي اللّه عنه: يزيد علي الميل الذي يطلب شرعا؛ و لا أقول: إنّه ينتهي به إلي أن يضع من أبي بكر و عمر و عثمان رضي اللّه عنهم، و لا أنّه يفضل عليّا علي الشيخين؛ بل أستبعد أن يفضله علي عثمان رضي اللّه عنهما؛ فإني رأيته في كتابه الأربعين عقد بابا لتفضيل أبي بكر و عمر و عثمان، و اختصهم من بين الصحابة، و قدم في

ص: 17

«المستدرك» ذكر عثمان علي عليّ: رضي اللّه عنهما، و روي فيه من حديث: أحمد بن أخي ابن وهب، حدثنا عمي، حدثنا يحيي بن أيوب، حدثنا هشام ابن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت:

أول حجر حمله النّبيّ صلّي اللّه عليه و سلّم لبناء المسجد، ثمّ حمل أبو بكر، ثمّ حمل عمر حجرا، ثمّ حمل عثمان حجرا.

فقلت: يا رسول اللّه! أ لا تري إلي هؤلاء كيف يسعدونك، فقال: «يا عائشة هؤلاء الخلفاء من بعدي»(1).

قال الحاكم: (علي شرطهما، و إنما اشتهر من رواية محمد بن الفضل بن عطية فلذلك هجر).

قلت: و قد حكم شيخنا الذهبي في كتابه «تلخيص المستدرك» بأن هذا الحديث لا يصح؛ لأن عائشة لم يكن النّبيّ صلّي اللّه عليه و سلّم دخل بها إذ ذاك!

قال: و أحمد: منكر الحديث؛ و إن كان مسلم خرّج له في «الصحيح»، و يحيي: و إن كان ثقة: فيه ضعف.

قلت: فمن يخرّج هذا الحديث الذي يكاد يكون نصّا في خلافة الثلاثة مع ما في إخراجه من الاعتراض عليه: يظنّ به الرّفض؟!

و خرّج أيضا في فضائل عثمان حديث: (لينهض كلّ رجل منكم إلي كفئه. فنهض النّبيّ صلّي اللّه عليه و سلّم إلي عثمان، و قال: أنت وليي في الدنيا و الآخرة)(2).

و صححه مع أن في سنده مقالات!

و أخرج غير ذلك من الأحاديث الدالة علي أفضلية عثمان؛ مع ما في بعضها من الاستدراك عليه، و ذكر فضائل طلحة، و الزبير، و عبد اللّه بن عمرو بن العاص؛ فقد غلب علي الظن أنّه ليس فيه - و للّه الحمد - شيء مما يستنكر عليه: إفراط في ميل لا ينتهي إلي بدعة.

و أنا أجوّز أن يكون الخطيب إنما يعني بالميل: إلي ذلك؛ و لذلك حكم بأن الحاكم: ثقة،ت.

ص: 18


1- . حديث منكر: رواه المؤلف في «المستدرك» (ج 3 /ص 96-97)، و قد فصل شيخنا الألباني رحمه اللّه تعالي في بيان طرقه و شواهده في «الضعيفة» برقم (6191) فانظره هناك إن شئت.
2- . حديث موضوع: في سنده: طلحة بن زيد و هو متروك؛ بل قال أحمد و ابن المديني و أبو داود: يضع الحديث. انظر «المستدرك» (ج 3 /ص 104)، و قال الذهبي في «تلخيص موضوعات ابن الجوزي» (ج 1 /ص 107): (عبيدة واه و طلحة أوهي منه). و عبيدة هو ابن حسان: قال ابن حبان: يروي الموضوعات.

و لو كان يعتقد فيه رفضا لجرحه به؛ لا سيما علي مذهب من يري رد رواية المبتدع مطلقا، فكلام الخطيب عندنا يقرب من الصواب.

و أما قول من قال: إنّه رافضي خبيث، و من قال: إنّه شديد التعصب للشيعة؛ فلا يعبأ بهما كما عرفناك. هذا ما ظهر لي، و اللّه أعلم.

و حكي شيخنا الذهبي أن الحاكم سئل عن «حديث الطير» فقال: لا يصح؛ و لو صح لما كان أحد أفضل من عليّ بعد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و سلّم ثمّ قال شيخنا: و هذه الحكاية سندها صحيح؛ فما باله أخرج «حديث الطير» في «المستدرك»؟! ثمّ قال: فلعله تغير رأيه.

قلت: و كلام شيخنا حق، و إدخاله «حديث الطير» في «المستدرك»: مستدرك!

و قد جوّزت أن يكون زيد في كتابه، و أ لا يكون هو أخرجه، و بحثت عن نسخ قديمة من «المستدرك» فلم أجد ما ينشرح الصدر لعدمه، و تذكرت قول الدّارقطني: إنّه يستدرك «حديث الطير»، فغلب علي ظني أنّه لم يوضع عليه.

ثمّ تأملت قول من قال: إنّه أخرجه من الكتاب، فجوزت أن يكون خرّجه، ثمّ أخرجه من الكتاب، و بقي في بعض النسخ؛ فإن ثبت هذا صحت الحكايات، و يكون خرّجه في الكتاب قبل أن يظهر له بطلانه؛ ثمّ أخرجه منه لاعتقاده عدم صحته، كما في هذه الحكاية التي صحح الذهبي سندها؛ و لكنه بقي في بعض النسخ: إما لانتشار النسخ بالكتاب أو لإدخال بعض الطاعنين إياه فيه: فكل هذا جائز، و العلم عند اللّه تعالي.

و أما الحكم علي «حديث الطير» بالوضع؛ فغير جيد. و رأيت لصاحبنا الحافظ: صلاح الدين خليل بن كيكلدي العلائي عليه كلاما قال فيه - بعد ما ذكر تخريج الترمذي له، و كذلك النسائي في «خصائص علي» رضي اللّه عنه -: (إن الحق في الحديث: أنه ربما ينتهي إلي درجة الحسن أو يكون ضعيفا يحتمل ضعفه).

قال: (فأما كونه ينتهي إلي أنه موضوع من جميع طرقه؛ فلا).

قال: (و قد خرّجه الحاكم من رواية: محمد بن أحمد بن عياض قال: حدثنا أبي حدثنا يحيي بن حسان، عن سليمان بن بلال، عن يحيي بن سعيد، عن أنس رضي اللّه تعالي عنه.

قال: و رجال هذا السند كلهم ثقاة معروفون، سوي أحمد بن عياض، فلم أر من ذكره بتوثيق و لا جرح.

ص: 19

و يقرب من «حديث الطير» حديث: «علي خير البشر من أبي فقد كفر»(1): أخرجه الحاكم أيضا فقال: حدثنا عبد اللّه بن محمد أبو عبد اللّه الهاشمي قال: قلت للحر بن سعيد النخعي: أحدثك شريك؟ قال: «حدثني شريك، عن أبي إسحاق، عن أبي وائل، عن حذيفة قال: قال رسول اللّه». و هو مما ينكر علي الحاكم إخراجه. و قد رواه الخطيب أبو بكر من وجه آخر؛ فقال: أخبرنا الحسن بن أبي طالب حدثنا محمد بن إسحاق القطيعي حدثني أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيي صاحب كتاب «النسب» حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا عبد الرزاق حدثنا الثوري عن محمد بن المنكدر عن جابر عن النبي بلفظه؛ إلا أن الخطيب تعقبه بقوله: «هذا حديث منكر؛ ما رواه سوي العلوي بهذا الإسناد، و ليس بثابت».

و لم يعجب شيخنا الذهبي اقتصار الخطيب علي هذه العبارة، و قال: ينبغي أن يأتي بأبلغ منها؛ مما يدل علي أن هذا: حديث جلي البطلان!

و أخرج الحاكم أيضا: حديث محمد بن دينار - من أهل الساحل - في شأن «تزوج علي بفاطمة» رضي اللّه عنها: أخرجه بطوله ساكتا؛ و هو موضوع، و لعل واضعه: محمد بن دينار؛ فإنه الذي يقال له: العرقي: لا يعرف)(2).

ص: 20


1- . حديث موضوع: و قد أخطأ العلائي بتحسينه «حديث الطير»؛ و الحق أن «حديث الطير» مع كثرة طرقه و شواهده، ليس بمنزلة حديث «علي خير البشر من أبي فقد كفر» فالأول: منكر فقط؛ بينما الثاني: موضوع بلا ريب؛ و كثرة طرق الأول أفادته؛ بينما كثرة طرق الثاني لم تفده؛ فالأول لا يمكن الجزم بوضعه، بخلاف الثاني. فالثاني: تنطبق عليه القاعدة المعروفة في أن تتابع الكذابين و المتهمين علي رواية الحديث الموضوع لا تزيده إلا وهنا علي وهن! و لهذا فتعجبني - حقّا - عبارة المحدث أحمد شاكر في تعليقه علي «مختصر علوم الحديث» لابن كثير (ص 43): (و بذلك يتبين خطأ كثير من العلماء المتأخرين في إطلاقهم أن الحديث الضعيف إذا جاء من طرق متعددة ضعيفة: ارتقي إلي درجة الحسن أو الصحيح؛ فإنه إذا كان ضعف الحديث لفسق الراوي أو اتهامه بالكذب، ثم جاء من طرق أخري من هذا النوع: ازداد ضعفا؛ لأن تفرد المتهمين بالكذب أو المجروحين في عدالتهم بحيث لا يرويه غيرهم يرفع الثقة بحديثهم، و يؤيد ضعف روايتهم، و هذا واضح). ثم إن الرجل المجهول الذي لم ير العلائي من ذكره بجرح أو توثيق و هو: «محمد بن أحمد بن عياض» لا يتقوي «حديث الطير» به؛ فإنه مجهول العين: لا يدري أحد من هو في الناس؟
2- . «طبقات الشافعية الكبري» (164/4). قلت: محمد بن دينار هذا هو: محمد بن زكريا بن دينار؛ كما جزم ابن الجوزي بذلك بعد أن روي الحديث من طريق هذا الوضاع المشهور عن جابر، و عن أنس؛ و كأن ذلك خفي علي الذهبي، و ابن حجر، و العلائي، فقالوا جميعا بأنه: لا يعرف! و الواقع أن الراوي هو ذاك الوضاع؛ فينسب لجده تارة، و لأبيه أخري! انظر «الموضوعات» (ج 1 /ص 418). و «تنزيه الشريعة» لابن عراق (ج 1 /ص 104). و لفظ الحديث: «إن اللّه أمرني أن أزوج فاطمة من علي، فاشهدوا...»، و قد أقر المناوي و من قبله السيوطي بوضعه. «إتحاف السائل» (ص 6).

ترجمة مختصرة للحاكم من كتاب «تذكرة الحفاظ»

قال الذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج 1 /ص 1039-1045): الحاكم الحافظ الكبير: إمام المحدثين أبو عبد اللّه محمد بن عبد اللّه بن محمد بن حمدوية بن نعيم الضبي الطهماني النيسابوري المعروف بابن البيّع صاحب التصانيف، ولد سنة إحدي و عشرين و ثلاثمائة في ربيع الأول.

طلب الحديث من الصغر باعتناء أبيه، و خاله؛ فسمع سنة ثلاثين، و رحل إلي العراق، و هو ابن عشرين، و حج، ثم جال في خراسان، و ما وراء النهر، و سمع بالبلاد من ألفي شيخ أو نحو ذلك، و قد رأي أبوه مسلما.

روي عن أبيه، و محمد بن علي بن عمر المذكر، و أبي العباس الأصم، و أبي جعفر محمد بن صالح بن هانئ، و محمد بن عبد اللّه الصفار، و أبي عبد اللّه بن الأخرم، و أبي العباس بن محبوب و أبي حامد بن حسنويه، و الحسن بن يعقوب البخاري، و أبي النضر محمد بن محمد بن يوسف، و أبي الوليد حسان بن محمد و أبي عمرو بن السماك، و أبي بكر النجاد، و أبي محمد بن درستويه، و أبي سهل بن زياد، و عبد الرحمن بن حمدان الجلاب، و علي بن محمد بن عقبة الشيباني، و أبي علي الحافظ، و انتفع بصحبته، و ما زال يسمع حتي سمع من أصحابه.

حدّث عنه: الدّارقطني، و أبو الفتح بن أبي الفوارس، و أبو العلاء الواسطي، و محمد بن أحمد بن يعقوب، و أبو ذر الهروي، و أبو يعلي الخليلي، و أبو بكر البيهقي، و أبو القاسم القشيري و أبو صالح المؤذن، و الزكي عبد الحميد البحيري، و عثمان بن محمد المحمي، و أبو بكر أحمد بن علي بن خلف الشيرازي، و خلائق، و قد قرأ القراءات علي ابن الإمام، و محمد بن أبي منصور الصرام، و أبي علي بن النقار الكوفي، و أبي عيسي بكار البغدادي.

-

ص: 21

و قرأ المذهب علي ابن أبي هريرة، و أبي سهل الصعلوكي، و أبي الوليد حسان بن محمد، و كان يذاكر الجعابي، و الدّارقطني، و نحو هما.

و قد سمع منه من شيوخه: أحمد بن أبي عثمان الحيري، و أبو إسحاق المزكي.

و أعجب ما رأيت أنّ أبا عمر الطّلمنكي - و سيأتي في هذه الطبقة - قد كتب في «علوم الحديث» للحاكم: ابن البيع في سنة تسع و ثمانين و ثلاثمائة عن شيخ له عن آخر عن الحاكم!

أخبرنا أبو الفضل بن تاج الأمناء، أنبأنا أبو المظفر ابن السمعاني، أنا الحسين بن علي الشحامي، و عبد اللّه بن محمد الصاعدي، قالا: أنا أبو الفضل محمد بن عبيد اللّه الزاهد، أنا محمد بن عبد اللّه الحافظ، أنا أبو العباس محمد بن يعقوب، نا الحسن بن علي بن عفان، أنا أبو أسامة، عن الجريري، عن عبد اللّه بن شقيق قال: سألت عائشة: «أ كان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يصلي الضحي؟ قالت: «لا إلا أن يقدم من مغيبه» أخرجه مسلم(1) عن يحيي، عن يزيد بن زريع، عن الجريري. و رواه أيضا(2): من طريق كهمس، عن عبد اللّه بن شقيق.

قرأت علي الحسن بن علي الأمين، أخبركم: جعفر الهمداني، أنا السّلفي: سمعت إسماعيل بن عبد الجبار بقزوين، قال سمعت الخليل بن عبد اللّه الحافظ يقول: فذكر الحاكم، و قال: له رحلتان إلي العراق و الحج، ناظر الدّارقطني؛ فرضيه، و هو ثقة واسع العلم، بلغت تصانيفه قريبا من خمسمائة جزء إلي أن قال: و توفي سنة ثلاث و أربعمائة.

قلت: هذا وهم في وفاته.

ثم قال: سألني في اليوم الثاني؛ لما دخلت عليه، و يقرأ عليه في «فوائد العراقيين»:

سفيان الثوري، عن أبي سلمة، عن الزهري، عن سهل بن سعد: «حديث الاستئذان»(3)،

-ك.

ص: 22


1- . 14 - «صحيح مسلم» برقم (718) و لفظه: «ما رأيت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و سلّم يصلّي سبحة الضّحي قطّ، و إنّي لأسبّحها، و إن كان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و سلّم ليدع العمل و هو يحبّ أن يعمل به؛ خشية أن يعمل به الناس، فيفرض عليهم».
2- . 14 - «صحيح مسلم» برقم (717) بلفظ: «قلت لعائشة هل كان النبي صلّي اللّه عليه و سلّم يصلّي الضّحي قالت: لا إلا أن يجيء من مغيبه». و هذا النفي محمول علي ما ذكره الحافظ في «فتح الباري» (ج 3 /ص 55) إذ قال: «لأنه كان ينهي عن الطروق ليلا؛ فيقدم في أول النهار، فيبدأ بالمسجد فيصلي وقت الضحي».
3- . حديث صحيح: رواه الطبراني في «المعجم الكبير» برقم (5668)، 14 - و عنه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج 7 /ص 96): في قصة الذي اطلع علي النبي عليه الصلاة و السلام دون إذن فقال: «لو علمت أنك تنظرني لفقأت بهذا المدراة عينك.إنما جعل الإذن من أجل البصر». ثم صرح الطبراني، و أبو نعيم بأن أبا سلمة هذا هو: محمد بن أبي حفصة. و قد صح من وجه آخر عند البخاري، و مسلم، و غيرهما من حديث الزهري به. 14 - و روي من لفظه عليه الصلاة و السلام: «اطّلع رجل من جحر بابي، و معي مدري؛ فوثبت فطعنت به في عينه». و هذا منكر، و انظر «الضعيفة» برقم (6078).

فقال: من أبو سلمة؟

قلت: هو المغيرة بن مسلم السراج.

قال: و كيف يروي المغيرة عن الزهري؟

فبقيت.

ثم قال: قد أمهلتك أسبوعا.

قال: فتفكرت ليلتي؛ فلما وقعت في «أصحاب الجزيرة» تذكرت محمد بن أبي حفصة؛ فإذا كنيته: أبو سلمة.

فلمّا أصبحت، حضرت مجلسه، و قرأت عليه نحو مائة حديث، فقال لي: هل تذكرت فيما جري؟

فقلت: نعم، هو محمد بن أبي حفصة، فتعجب، و قال: أنظرت في «حديث سفيان» لأبي عمرو البحيري؟

فقلت: لا، و ذكرت له ما أمّمت في ذلك، فتحيّر و أثني عليّ.

ثم كنت أسأله، فقال لي: إذا ذاكرت في باب لا بد من المطالعة لكبر سني، فرأيته في كل ما ألقي عليه بحرا، و قال لي: اعلم بأن خراسان، و ما وراء النهر: لكل بلد تاريخ صنفه عالم منها، و وجدت نيسابور مع كثرة العلماء بها، لم يصنفوا فيه شيئا؛ فدعاني ذلك إلي أن صنفت «تاريخ النيسابوريين» فتأملته، و لم يسبقه إلي ذلك أحد.

قال الحاكم في «علوم الحديث» في أواخره: أخبرني: خلف، نا خلف، نا خلف، نا خلف، نا خلف. فأولهم: الأمير: خلف بن أحمد السّجزي، و الثاني: أبو صالح خلف بن محمد البخاري - يعني الخيام - و الثالث: خلف بن سليمان النسفي صاحب «المسند»، و الرابع: خلف بن محمد الواسطي «كردوس»، و الخامس: خلف بن موسي بن خلف.

قال الحاكم: و قد سمعته من أبي صالح بإسناده.

-).

ص: 23

فقرأته علي أحمد بن هبة اللّه، عن عبد المعز بن محمد، زاهر بن طاهر، أنا إسحاق بن عبد الرحمن، قال: أنا الأمير: خلف بن أحمد بن محمد بن خلف، نا خلف بن محمد بن إسماعيل نا خلف بن سليمان، نا خلف بن محمد «كردوس»، نا خلف بن موسي العمّي، نا أبي، عن قتادة،

عن أنس، قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: «كل بني آدم حسود، و بعض يتكلم بلسانه أو يعمل باليد». «هذا حديث غريب منكر»(1).

قال الخطيب أبو بكر: «أبو عبد اللّه الحاكم كان ثقة، كان يميل إلي التشيع، فحدثني إبراهيم بن محمد الأرموي - و كان صالحا عالما - قال: «جمع الحاكم أحاديث، و زعم أنها صحاح علي شرط البخاري، و مسلم؛ منها: «حديث الطير»، و «من كنت مولاه فعلي مولاه»؛ فأنكرها عليه أصحاب الحديث؛ فلم يلتفتوا إلي قوله».

قال الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ: سمعت أبا عبد الرحمن الشاذياخي الحاكم يقول: «كنا في مجلس السيد أبي الحسن؛ فسئل أبو عبد اللّه الحاكم عن «حديث الطير» فقال: «لا يصح؛ و لو صح: لما كان أحد أفضل من علي رضي اللّه عنه بعد النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم».

قلت: ثم تغير رأي الحاكم، و أخرج «حديث الطير» في «مستدركه»، و لا ريب أن في «المستدرك» أحاديث كثيرة ليست علي شرط الصحة؛ بل فيه أحاديث موضوعة شان «المستدرك» بإخراجها فيه.

و أما: «حديث الطير»؛ فله طرق كثيرة جدّا، قد أفردتها بمصنف، و مجموعها يوجب أن يكون الحديث له أصل(2).».

ص: 24


1- . حديث منكر كما قال الذهبي: و سنده هنا: ضعيف جدّا من أجل: خلف بن محمد بن إسماعيل و هو الخيام البخاري: ضعيف جدّا كما قال الخليلي. و قال ابن أبي زرعة و الحاكم: «تبرأنا من عهدته». «الإرشاد» للخليلي (ج 3 /ص 972-973). و هو راوي حديث. 14 - «نهي عن المواقعة قبل الملاعبة». و قال الحاكم: «خذل خلف بهذا و بغيره». و ضعفه جدّا الألباني في «الضعيفة» برقم (6822)، و كان قد حكم عليه بالضعف فقط من طريق أخري عند أبي نعيم في «أخبار أصبهان» (ج 1 /ص 227). انظر «الضعيفة» برقم (3091).
2- . بل هو حديث منكر كما سبق بيانه؛ فانظر «ص 12».

و أما حديث: «من كنت مولاه»(1): فله طرق جيدة، و قد أفردت ذلك أيضا.

قال عبد الغافر بن إسماعيل: «أبو عبد اللّه الحاكم: هو إمام أهل الحديث في عصره:

العارف به حقّ معرفته، يقال له: «الضبي»؛ لأنّ جدته هي: سبطة عيسي بن عبد الرحمن الضبي، و والدة عيسي هذا هي: منوية بنت إبراهيم بن طهمان الفقيه، و بيته بيت الصلاح، و الورع، و التأذين في الإسلام.

لقي أبا عبد اللّه الثقفي، و أبا محمد بن الشرقي، و لم يسمع منهما، و سمع من أبي طاهر المحمدآباذي، و أبي بكر بن القطان و لم يقع بمسموعه منهما، و تصانيفه المشهورة تطفح بذكر شيوخه، و قرأ علي قرّاء زمانه، و تفقه علي أبي الوليد، و أبي سهل الأستاذ، و اختص بصحبة إمام وقته: أبي بكر الصبغي، فكان يراجعه في السؤال، و الجرح، و التعديل، و العلل، و ذاكر مثل: الجعابي، و أبي علي الماسرجسي، و اتفق له من التصانيف ما لعله يبلغ قريبا من ألف جزء من «تخريج الصحيحين»، و «العلل»، و «التراجم»، و «الأبواب»، و «الشيوخ»، ثم «المجموعات» مثل: «معرفة علوم الحديث»، و «مستدرك الصحيحين»، و «تاريخ نيسابور»، و «كتاب مزكي الأخبار»، و «المدخل إلي علم الصحيح»، و «كتاب الإكليل»، و «فضائل الشافعي»، و غير ذلك، و لقد سمعت مشايخنا يذكرون أيامه، و يحكون أن مقدّمي عصره مثل: الصعلوكي، و الإمام ابن فورك، و سائر الأئمة، يقدمونه علي أنفسهم، و يراعون حق فضله، و يعرفون له الحرمة الأكيدة، ثم أطنب في تعظيمه، و قال: «هذه جمل يسيرة، و هو غيض من فيض سيره، و أحواله، و من تأمّل كلامه في تصانيفه، و تصرفه في أماليه، و نظره في طرق الحديث أذعن بفضله، و اعترف له بالمزية علي من تقدّمه، و إتعابه من بعده، و تعجيزه اللاحقين عن بلوغ شأوه، عاش حميدا، و لم يخلّف في وقته مثله» قال الحافظ أبو حازم العبدوي: «سمعت الحاكم يقول - و كان إمام أهل الحديث في عصره -: «شربت ماء زمزم، و سألت اللّه أن يرزقني حسن التصنيف».).

ص: 25


1- . حديث صحيح: و قد كنت حكمت عليه بالصحة في تحقيقي ل «مسند علي رضي اللّه عنه» و الذي يقع في سبع مجلدات من القطع الكبير، و هذه بعض أرقام الأحاديث لهذه الرواية الصحيحة: (5398-5401، 5954، 5959 - 5963، 6318-6322، 6322، 7880-7888، 10898، 11077-11084، 13516-31526، 15589، 15592، 13556، 5308، 1006، 4151، 5795).

قال أبو عبد الرحمن السلمي: «سألت الدّارقطني: أيهما أفضل: ابن منده أو ابن البيّع؟ فقال: «ابن البيع أتقن حفظا».

أبو صالح المؤذن: أنا مسعود بن علي السجزي، نا أبو بكر بن فورك، نا محمد بن أحمد بن جعفر البحيري الحافظ، أنا أحمد بن محمد بن الفضل بن مطرف الكرابيسي - سنة سبع و أربعين و ثلاثمائة - نا محمد بن عبد اللّه بن حمدوية الحافظ، نا النجاد، نا محمد بن عثمان، نا الحماني، نا سعير بن الخمس، عن عبيد اللّه، عن القاسم، عن عائشة،

عن النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، قال: «إن بلالا يؤذن بليل..»(1) الحديث.

ثم قال السّجزي: و أخبرناه: الحاكم فذكره.

أبو موسي المديني الحافظ: أنا هبة اللّه بن عبد اللّه، نا أبو بكر الخطيب، نا الأزهري، نا الدّارقطني، حدثني محمد بن عبد اللّه بن محمد النيسابوري، نا محمد بن جعفر النسوي، نا الخليل بن محمد النسوي، نا خداش بن مخلد، نا يعيش بن هشام، نا مالك، عن الزهري، عن أنس مرفوعا: «ما أحسن الهدية أمام الحاجة»(2): «هذا باطل»؛ و إنما رواه:

الموقري: الواهي، عن الزهري مرسلا.».

ص: 26


1- . حديث صحيح: متفق عليه، و جاء عن ابن عمر و عائشة و أنيسة و أنس و سهل بن سعد و سلمان الفارسي رضي اللّه عنهم كما بين ذلك بالتفصيل شيخنا الألباني في «الإرواء» برقم (219). و سنده هنا واه جدّا من أجل الحماني، و هو يحيي بن عبد الحميد: متروك متهم علي الراجح.
2- . موضوع: رواه ابن الجوزي في «الموضوعات» (ج 3 /ص 90) من طريق الدّارقطني من رواية أنس، و من طريق الخطيب من رواية عائشة. رواه أحمد - كما قال ابن الجوزي -: من طريق الموقري الواهي مرسلا. ثم تعجب ابن الجوزي من الدّارقطني كيف يروي هذا الموضوع - في قصة ذكرها - ثم لا يبين وضعه! فرد عليه السيوطي في «اللآلئ المصنوعة» (ج 2 /ص 253) بأن ابن الجوزي يتجرأ فيرد المتواتر - و يعني به حديث: «إذا أتاكم كريم قوم فكرموه» - ثم بين ذلك. قلت: أما الحديث الأول: فموضوع بلا ريب؛ لأن الموقري: كذاب كما قال ابن معين؛ فالحديث بالسند الأول: باطل؛ و إنما يعرف من رواية الموقري الكذاب مرسلا. و أما الحديث الثاني: فحسن؛ كما جزم شيخنا الألباني في «الصحيحة» برقم (269)، و لم تفده كثرة طرقه و شواهده إلا برفعه لدرجة الحسن فقط؛ لا الصحة كما زعم السيوطي بقوله: التواتر! و العجب من ابن الجوزي لا ينقضي؛ إذ كيف يعترض علي الدّارقطني بما سبق؛ ثم ينسي نفسه حينما يروي الموضوعات و الواهيات في كتبه ساكتا عليها؛ كما بينته بحمد اللّه في مقدمة تحقيقي لكتابه: «إخبار أهل الرسوخ في الفقه و التحديث بمقدار المنسوخ من الحديث».

سمعت أبا الحسين اليونيني، أنا أبو محمد عبد العظيم الحافظ، سمعت علي بن المفضل الحافظ، سمعت أحمد بن محمد الحافظ، سمعت محمد بن طاهر الحافظ، سمعت سعد بن علي الزنجاني الحافظ بمكة، و قلت له: أربعة من الحفاظ تعاصروا: أيهم أحفظ؟ قال: من؟

قلت: الدّارقطني ببغداد، و عبد الغني بمصر، و ابن مندة بأصبهان، و الحاكم بنيسابور؟

فسكت؛ فألححت عليه، فقال: «أما الدّارقطني: فأعلمهم بالعلل، و أما عبد الغني:

فأعلمهم بالأنساب، و أما ابن مندة: فأكثرهم حديثا، مع معرفة تامة، و أما الحاكم:

فأحسنهم تصنيفا».

قال ابن طاهر: سألت أبا إسماعيل الأنصاري عن الحاكم؟

فقال: «ثقة في الحديث، رافضي خبيث».

ثم قال ابن طاهر: «كان شديد التعصب للشيعة في الباطن، و كان يظهر التسنّن في التقديم و الخلافة، و كان منحرفا عن معاوية و آله، متظاهرا بذلك، و لا يعتذر منه».

قلت: «أما انحرافه عن خصوم علي: فظاهر، و أما أمر الشيخين: فمعظّم لهما بكل حال، فهو شيعي، لا رافضي، و ليته لم يصنف «المستدرك»؛ فإنه غضّ من فضائله بسوء تصرفه».

قال الحافظ أبو موسي: «كان الحاكم دخل الحمّام، و اغتسل و خرج، فقال: «آه»، فقبض روحه، و هو متزر، لم يلبس قميصه بعد، و صلّي عليه القاضي أبو بكر الحيري».

توفي الحاكم في صفر سنة خمس و أربعمائة، رحمه اللّه تعالي(1).).

ص: 27


1- . و انظر ترجمة الحاكم في المراجع التالية: «تاريخ بغداد» (473/5)، «الأنساب» (370/2-372) «البيع»، «تبيين كذب المفتري» (227-231)، «المنتظم» (274/7، 275)، «اللباب» (198/1، 199)، «وفيات الأعيان» (280/4، 281)، «تذكرة الحفاظ» (1039/3-1045)، «ميزان الاعتدال» (608/3)، «العبر» (91/3)، «الوافي بالوفيات» (320/3، 321)، «البداية و النهاية» (355/11)، «طبقات السبكي» (155/4-171)، «غاية النهاية لابن الجزري» (184/2، 185)، «لسان الميزان» (232/5، 233)، «النجوم الزاهرة» (238/4)، «طبقات الحفاظ» (409-411)، «طبقات ابن هداية اللّه» (123-125)، «شذرات الذهب» (176/3)، «كشف الظنون» (1672/2)، «هدية العارفين» (59/2)، «الرسالة المستطرفة» (21).

وصف النسخ المخطوطة

اشارة

من محفوظات مكتبة «ملت كتبخانة» في أنقرة بتركيا برقم (55HK 950) من الورقة (2020-182).

صورة الصفحة الأولي من المخطوطة

ص: 28

صورة الصفحة الأخيرة من المخطوطة

ص: 29

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمّنِ الرَّحِيمِ قال الإمام الحاكم أبو عبد اللّه، محمّد بن عبد اللّه الحافظ البيّع(1) رحمه اللّه:

بحمد اللّه أبتدي، و إيّاه أستهدي، و بتوفيقه أكتفي، و أصلّي علي محمّد النّبيّ، و آله أجمعين، كلّما ذكرهم الذّاكرون، و غفل عنهم الغافلون.

ثمّ إنّ زماننا قد خلّفنا في رعاة يتقرّب النّاس إليهم ببغض آل رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»(2)، و الوضع عنهم، فكلّ من يتوسّل إليهم فتوسّله بذكر الآل بما قد نزّههم اللّه عنه، و إنكار كلّ فضيلة تذكر من فضائلهم، و اللّه المستعان علي ذلك، و المسئول أن يصلّي علي محمّد النّبيّ و آله(3)، و أن يبدلنا بالخوارج خيرا منهم، إنّه وليّه و القادر عليه.

و ممّا حملني علي تحرير هذه الرسالة؛ أن حضرت مجلسا حضره أعيان الفقهاء و القضاة و الأمناء من المزكّين و غيرهم، و جري بحضرتهم ذكر أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه، فانتدب له عين من أعيان الفقهاء فقال: كان عليّ لا يحفظ القرآن!!(4) و هذا الشّعبيّ قد نصّ عليه، فقلت: أو غير هذا؛ فإنّ الصحابة الذين هم أعلم بذلك من الشّعبيّ، قد شهدوا له بحفظ القرآن، و هذا أبو عبد الرحمن عبد اللّه بن حبيب السّلميّ، سيّد القرّاء من التابعين قرأ عليه، و له عنه حرف مجرّد، و هو أحد الرواة عن عاصم بن بهدلة. قال:

الشّعبيّ أعرف به من غيره. فقلت: إنّ الشّعبيّ لم يسمع منه؛ إنّما رآه رؤية(5)، ثمّ ظهر ميله).

ص: 30


1- . قال السمعاني في «الأنساب» (2 ج/ص 370): «هذه اللفظة لمن يتولي البياعة و التوسط في الخانات بين البائع و المشتري من التجار للأمتعة».
2- . ما بين حاصرتين و هو «و آله و سلم» زيادة مني لا يذكرها المؤلف في كل الكتاب!
3- . نلاحظ أنه لم يسلم؛ بل اكتفي بالصلاة، و هذا يفعله الطبري أيضا في «تهذيب الآثار» - الجزء المفقود - بتحقيقي.
4- . روي الخطيب في «تاريخ بغداد» (190/10) أنّه لم يحفظ القرآن أحد من الخلفاء إلا عثمان بن عفان، و المأمون! و هذه الرواية لا قيمة لها، و القائل هو: محمد بن عباد بن عباد لم يوثقه أحد؛ و هو مشهور بالكرم، مات سنة 210 ه فهذا قول باطل؛ و قد ذكر الذهبي و غيره الخلفاء الأربعة من حفاظ القرآن.
5- . قال الدّارقطني في «العلل» لم يسمع الشعبيّ من عليّ إلا حرفا واحدا ما سمع غيره، كأنه عني ما أخرجه البخاري في الرجم عنه عن عليّ حين رجم المرأة قال: «رجمتها بسنّة النّبيّ صلّي اللّه عليه و سلّم». «تهذيب التهذيب» (59/5).

إلي أعدائه؛ طمعا في الدنيا(1). فما زاده كلّ ما ذكرته من ذلك إلا تماديا في الباطل.

ثمّ جري في المجلس ذكر بنات النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم؛ زينب، و رقيّة، و أمّ كلثوم، فقال بعضهم:

إنّ الرّواة لينكرون أنّهنّ بنات خديجة من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

فقلت: هنّ بناتها منه، إلا أنّ ذكر فاطمة رضي اللّه عنها في الأخبار أشهر، و فضائلها في الروايات أكثر.

فانتدب بعض من اختلف إليّ قديما، و طالت ملازمته لي للتقرّب بالنّصب إلي بعض الحاضرين بأن قال: هذا محمّد بن إسماعيل البخاريّ، قد روي في «الجامع الصحيح» حديثا لعروة بن الزّبير، عن أسامة بن زيد أنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال: «خير بناتي زينب».

فقلت: هذا الحديث في أيّ موضع من «الجامع» ذكره البخاريّ؟

فقال: في كتاب الفضائل.

فقلت بحضرة الجماعة: أ لا تعلم أنّي جمعت هذا الكتاب أربع مرّات، صنّفته أولا علي الرجال من الصحابة، ثمّ نقلت الرّقاع، ثمّ هذّبته علي الرجال، ثمّ رتّبته و أمليته عليك، و كتبت بإملائي؟

قال: نعم.

قلت: فو اللّه ما مرّ بي هذا الحديث في الكتاب قطّ.

فقال الصّدر - المتقرّب إليه بذلك - للذي ذكر هذا الخبر: جزاك اللّه عنّا خيرا، فالآن ظهر لي و صحّ عندي أنّك سنّيّ، متعصّب للسّنّة.

فقمت إلي بيت الكتب، و أخرجت كتاب «الفضائل» من «الجامع»، فلم أجد فيه من فضائل النساء غير خديجة، و فاطمة، و عائشة، رضي اللّه عنهنّ، فحملت الكتاب إلي المجلس و دفعته إلي الذي ذكر الحديث.

فقلت: هذا «الفضائل»، فاطلب فيه حديث أسامة؛ فإني قد طلبته فلم أجده.

فأخذ يتصفّح مرّة بعد أخري، ثمّ قال: لعلّه في غير «الفضائل»، فإني لا أشكّ أنّه في الكتاب؟ا.

ص: 31


1- . لا يثبت هذا عن الشعبي؛ بل له كلام يدل علي حبه لعلي رضي اللّه عنه علي مذهب السلف الصالح، و يبغض من يبغض عليّا و عثمان رضي اللّه عنهما.

فقلت: و اللّه ما خرّج البخاريّ هذا الحديث قطّ.

ثمّ إنّي بعد افتراقنا عن المجلس صلّيت صلاة المغرب، و قعدت إلي نصف الليل، ثمّ أصبحت سحرا، و قعدت إلي وقت الإقامة، و بعد انصرافي من المسجد قعدت إلي وقت صلاة العصر، حتّي نظرت في الكتاب من أوّله إلي آخره نظرا شافيا، فلم أجد للحديث فيه أثرا.

و قد كنت سألته: من كان روي عن عروة في إسناد هذا الحديث؟

فقال: من حديث الزّهريّ عن عروة.

فرجعت إلي كتاب أبي عليّ الحافظ(1) في الزّهريّ عن عروة، فلم أجده فيه، فطلبته في «مسند أسامة بن زيد» للحسن بن سفيان، فلم أجد فيه، فجلست و أنا مفكّر فيه، فذكرت أنّي جمعت في الرّقاع لكتاب «الإكليل» فضل زينب، فغدوت أطلبه، فوجدت فيه بخطّي هذا الحديث من يحيي بن أيوب، و سماعي: حدّثنا أبو الحسين عبيد اللّه بن محمّد البلخيّ ببغداذ(2)، من أصل كتابه:

حدثنا أبو إسماعيل بن محمّد إسماعيل السّلمي، حدّثنا سعيد بن أبي مريم، أنبأنا يحيي بن أيوب، حدّثنا ابن الهاد، حدّثني عمر بن عبد اللّه بن عروة بن الزّبير، عن عروة بن الزّبير، عن عائشة رضي اللّه عنها، زوج النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: أنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، لمّا قدم المدينة خرجت ابنته زينب من مكة مع كنانة، أو ابن كنانة، فخرجوا في أثرها، فأدركها هبّار بن الأسود، فلم يزل يطعن بعيرها برمحه حتّي صرعها، و ألقت ما في بطنها، و أهريقت دما، فحملت، فاشتجر فيها بنو هاشم و بنو أميّة، فقالت بنو أميّة: نحن أحقّ بها، و كانت تحت ابن عمّهم ابن العاص، فكانت عند هند بنت ربيعة، و كانت تقول لها هند: هذا في سبب أبيك.

فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» لزيد بن حارثة: «أ لا تنطلق فتجيء بزينب؟».

قال: «بلي يا رسول اللّه!».

قال: «خذ خاتمي فأعطها إيّاه».).

ص: 32


1- . أبو عليّ الحافظ هو الحسين بن عليّ بن يزيد بن داود بن يزيد النيسابوري، أحد حفاظ الحديث توفي سنة 349 ه. انظر: «تاريخ بغداد» (71/8) رقم الترجمة (4150) و «التقييد لمعرفة رواة السنن و المسانيد» (245/1) رقم الترجمة (295).
2- . (بغداذ)، بالذّال المعجمة و لها لغات أخري: بغداد، و بغداذ، و بغذذ، و بغذاد، و بغدان، و مغدان، و بغدام. انظر «تاريخ بغداد» (58/1)، و «تاج العروس» (377/9).

فانطلق مرّة، و قال مرة، فترك بعيره، فلم يزل يتلطّف حتّي لقي راعيا، فقال: «لمن ترعي؟».

قال: «لابن العاص».

قال: «فلمن هذه الغنم؟»

قال: «لزينب بنت محمّد صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم».

فسار معه شيئا، ثمّ قال له: «هل لك أن أعطيك شيئا تعطيها إيّاه، و لا تذكره لأحد؟».

قال: «نعم».

فأعطاه الخاتم، فانطلق الراعي، فأدخل غنمه، و أعطاها الخاتم، فعرفته.

فقالت: «من أعطاك هذا؟»

قال: «رجل».

قالت: «و أين تركته؟».

قال: «بمكان كذا و كذا».

قال: فسكنت، حتّي إذا كان الليل خرجت إليه، فلمّا جاءته قال لها: «اركبي» - بين يديه علي بعيره -.

قالت: «لا، و لكن اركب أنت بين يديّ»، فركب و ركبت وراءه حتّي أتت، فكان رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» يقول: «هي أفضل بناتي؛ أصيبت فيّ»(1).م.

ص: 33


1- . قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (ج 7 /ص 109): (سنده جيد). و قال العلماء في معناه: بأن هذا كان قبل أن تكمل فضائل فاطمة، و ما قاله عن زينب كان متقدّما. «الفتح» (ج 7 /ص 106). و قال الحافظ الطحاوي بنحوه في «شرح مشكل الآثار» (ج 1 /ص 136)، و أن فاطمة كانت صغيرة حينئذ. و الحديث رواه المؤلف في «المستدرك» (ج 2 /ص 219)، (ج 4 /ص 46)، و ابن أبي عاصم في «الآحاد و المثاني» (ج 5 /ص 372-373)، و الدولابي في «الذرية الطاهرة» (ص 46)، و البخاري في «التاريخ الأوسط» برقم (13)، و الطحاوي في «المشكل» (ج 1 /ص 133)، و ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج 3 /ص 146-148)، و الطبراني في «المعجم الكبير» برقم (1051)، و «المعجم الأوسط» برقم (4727)، و البيهقي في «دلائل النبوة» برقم (1018)، و أبو نعيم في «معرفة الصحابة» برقم (6719). و السند لا بأس به من أجل يحيي بن أيوب، و هو الغافقي: حسن الحديث إذا لم يخالف، و لا مخالفة هنا بحمد اللّه؛ إذا يمكن الجمع بين هذا الحديث و ما صح في فضائل فاطمة رضي اللّه عنها من أن هذا كان قبل اكتمال فضائل فاطمة؛ إذ كانت صغيرة حين قال النبي عليه الصلاة و السلام هذا الحديث. و أما تصحيح الحاكم للسند علي شرط الشيخين؛ فمتعقب بما تقدم.

فبلغ ذلك عليّ بن الحسين، فانطلق إلي عروة، فقال: «ما حديث بلغني عنك تحدّث به، تنتقص فيه حقّ فاطمة - و قال مرّة - تنتقص فاطمة؟».

فقال عروة: «و اللّه إني لا أحبّ أنّ لي ما بين المشرق و المغرب، و أني أنتقص فاطمة حقّا لها، و أما بعد ذلك فلك أن لا أحدّث به أبدا».

فلمّا وجدت هذا الحديث علمت أنّه ليس من شرط «الصحيح»؛ البخاري و لا مسلم؛ فإن يحيي بن أيوب: إذا تفرّد بشيء لا يذكر؛ و إنما ذكر في الشواهد في أحاديث معدودة(1)؛ و الإسناد عن يزيد بن عبد اللّه بن الهاد شاذ بمرّة، و لا أعلم في كتاب «الجامع الصحيح» للبخاري، و في «المسند الصحيح» لمسلم من حديث عمر بن عبد اللّه بن عروة، عن جده عروة بن الزّبير إلا حديثا واحدا في الشواهد، و قد اتّفقا علي إخراجه:

حدّثناه: أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، حدّثنا محمّد بن إسحاق الصّنعانيّ، حدّثنا روح بن عبادة، حدّثنا ابن جريج، حدّثنا عمر بن عبد اللّه بن عروة، قال: سمعت عروة و القاسم يحدثان عن عائشة رضي اللّه عنها أنّها قالت: (طيّبت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» لحرمه حين أحرم، و لحلّه حين أحلّ قبل أن يطوف بالبيت). رواه البخاري في «الجامع الصحيح»(2) عن عثمان بن الهيثم، أو محمّد عنه، عن ابن جريج.

أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي، حدّثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبل، حدّثني أبي، حدّثنا محمّد بن بكر، أخبرنا ابن جريج، عن عمر بن عبد اللّه بن عروة، عن عروة بن الزّبير، و القاسم بن محمّد أنهما أخبراه له عن عائشة رضي اللّه عنها أنّها قالت: «طيّبت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» بيديّ هاتين لحرمه حين أحرم، و لحلّه حين أحلّ، قبل أن يطوف بالبيت»(3).

رواه مسلم في «المسند الصحيح»(4) عن محمّد بن حاتم بن ميمون، و عبد بن حميد، عن محمّد بن بكر، و ليس في الكتابين «الصحيحين» لعمر بن عبد اللّه بن عروة، عن).

ص: 34


1- . قلت: فكيف صححته في «المستدرك» علي شرطهما! و الصواب أن يحيي بن أيوب الغافقي من رجال الكتب الستة؛ لكنه متكلم في حفظه؛ فما انفرد به؛ و لم يخالف فيه؛ فهو حسن.
2- . «صحيح البخاري» برقم (5475).
3- . «صحيح البخاري» برقم (5475).
4- . «صحيح مسلم» برقم (2044).

عروة، غير هذا الواحد(1).

و أمّا حديث ابن أبي مريم، عن يحيي بن أيوب - الذي قدّمت ذكره: فإني قرأته فيما أجازه لي محمّد بن عبد اللّه الجوهري، عن محمّد بن إسحاق، عن محمّد بن يحيي، عن سعيد بن أبي مريم، بنحو من السّياقة التي رويتها عن أبي الحسن البلخي، و في آخر الحديث: قال أبو بكر محمّد بن إسحاق: هذه اللفظة «أفضل بناتي»، معناه: أي من أفضل بناتي؛ لأنّ الأخبار ثابتة صحيحة

عن النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: أنّ فاطمة سيدة نساء أهل الجنّة، و أنّ فاطمة سيدة نساء هذه الأمّة. و كذلك ثابت

عن النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: أنّه قال لفاطمة: «إنّها سيدة نساء أهل الجنّة إلا مريم بنت عمران»(2).

و قد أمليت - في هذا الجنس - أنّ العرب تقول: «أفضل» تريد من أفضل: في كتبي ما في بعضه الغنية، و الكفاية إن شاء اللّه؛ فكيف يجوز أن يفضّل من نساء هذه الأمة علي فاطمة رضي اللّه عنها؟(3).

و قد صحّت الرواية: أنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» كان يقوم إليها، و يستقبلها، و يقبّل يدها كلّما دخلت عليه؛ إجلالا بذلك لأمّها خديجة، ثمّ لها.

كما حدّثناه:

أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، حدّثنا محمّد بن إسحاق الصّنعانيّ، حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا إسرائيل، عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، عن عائشة بنت طلحة، عن أمّ المؤمنين عائشة رضي اللّه عنها أنّها قالت: «ما رأيت أحدا كان أشبه كلاما، و حديثا من فاطمة برسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و كانت إذا دخلت عليه رحّب بها، و قام إليها، فأخذ بيدها، و قبّل يدها، و أجلسها في مجلسه، و كان رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» إذا دخل عليها رحّبت، و قامت و أخذت بيده فقبّلته، فدخلت عليه في مرضه الذي توفي فيه، فرحّب بها، و قبّلها، و أسرّ إليها فبكت، ثمّ أسرّ إليها فضحكت، فقلت: كنت أحسب لهذه المرأة فضلا، فإذا هي منهنّ، بينا هي تبكي إذ هي تضحك، فسألتها فقالت:ا!

ص: 35


1- . قلت: لا يلزم من هذا أن الحديث الذي لا يكون عند الشيخين من وجه آخر عن عمر بن عبد اللّه بن عروة، عن عروة: غير صحيح؛ فإن الشيخين لم يستوعبا الصحيح كله؛ فضلا عن الحسن!
2- . حديث صحيح: و سيأتي تخريجه.
3- . سبق وجه آخر للجمع أرجح من هذا؛ و لا يترتب عليه تضعيف حديث زينب أصلا!

إنّي إذا لبذرة(1). فلمّا توفّي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، سألتها فقالت: أسرّ إليّ و أخبرني أنّه ميّت فبكيت، ثمّ أسرّ إليّ و أخبرني أنّي أوّل أهله لحوقا به». هذا حديث صحيح الإسناد علي شرط الشّيخين صاحبي «الصّحيح»، فإنّ رواته كلّهم ثقات(2)، و تفسير قولها: «إنّي إذا لبذرة» مفسّر في الصحيحين: إنّي إن أخبرت بسرّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» لبذرة.

و هذا الحديث يصرّح بأنّ فاطمة كانت أعلم، و أفقه من عائشة(3)؛ إذ لم تخبر بالسّرّ في حياة من أسرّ إليها، ثمّ أخبرت بعد وفاته، و هذا فقه هذا الحديث، و قد خفي علي عائشة.

فقد بيّن الإمام أبو بكر محمّد بن إسحاق بن خزيمة معني الحديث(4)، و أشار إلي الأخبار الثابتة الصحيحة الدّالة علي أنّ فاطمة - عليها السّلام - سيدة نساء أهل الدنيا، كما هي سيدة نساء أهل الجنّة بما فيه الغنية، و الكفاية لمن تدبّره، و أنا ذاكر بمشيئة اللّه في هذا).

ص: 36


1- . يقال: بذرت الكلام بين النّاس - كما تبذر الحبوب - أي: أفشيته و فرّقته. و رجل بذر ككتف: يفشي السّرّ و يظهر ما يسمعه. البذور و البذير: من لا يستطيع كتم سرّه، بل يذيعه. و هي بذرة. «تاج العروس» (ج 10 /ص 146).
2- . حديث صحيح: و أصله في «صحيح مسلم» برقم (2450) بلفظ قريب من هذا. و هو في «المستدرك» للمؤلف (ج 3 /ص 167)، و البيهقي في «السنن الكبري» (ج 5 /ص 391) و (ج 7 /ص 101)، و في «المعجم الأوسط» للطبراني برقم (4089)، و في «مسند إسحاق بن راهوية» (ج 5 /ص 8)، و كذا رواه البخاري في «الأدب المفرد» برقم (947)، و أبو بكر بن المقرئ في «الرخصة في تقبيل اليد» ص 91، و صححه المحدث الألباني - رحمه اللّه تعالي - في «صحيح الأدب المفرد» (ج 1 /ص 368) و ذكر أن لفظة: «قبلت يده» من شذوذ الحاكم - يعني المؤلف - الذي خالف رواية الجماعة. و الرواية عند الحاكم (ج 3 /ص 174)؛ و لكنه لم ينفرد بها كما قال شيخنا رحمه اللّه! بل وافقه الطبراني في «الأوسط» كما تقدم، و ليس في السند من ينظر فيه سوي الحسن بن شوكر، و هو مستقيم الحديث كما قال ابن حبان، و هذا توثيق نادر من ابن حبان؛ و لهذا قال الذهبي في «الكاشف»: ثقة. و شيخ الطبراني علي بن سعيد الرازي ثقة تكلم فيه؛ فهو حسن الحديث إذا لم يخالف؛ و قد وافقه الحاكم - هنا - علي هذه اللفظة؛ فيجب قبولها؛ و ما ذكره شيخنا عن تقبيل اليد الذي ذكره الغماري حق؛ لكن تقبيل اليد صح في حديث آخر؛ و هذه الرواية تؤيد تقبيل يد الوالدين.
3- . في هذا نظر؛ فالصديقة رضي اللّه عنها لا يحكم عليها بأن فاطمة رضي اللّه عنها كانت أفقه منها مطلقا بسبب هذه القصة فقط؛ كيف و هي كانت تستوعب من السنة المطهرة الشيء الكثير جدّا، مع الفقه الذي فاقت فيه علي كثير من رجال الصحابة رضوان اللّه عليهم جميعا.
4- . ذكر هذا المؤلف عن ابن خزيمة في «المستدرك» (ج 4 /ص 47).

الموضع بعض ما انتهي إلينا من فضائل فاطمة الزّهراء بنت سيّد الأنبياء صلوات اللّه عليهم؛ ليعلم الشّحيح بدينه محلّها من الإسلام، فلا يقيس بها أحدا من نساء هذه الأمّة(1):

ذكر الأخبار الدّالّة علي أنّ فاطمة الزّهراء كانت بضعة من رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، يؤذيه ما آذاها، و ينصبه ما أنصبها:

1 - أخبرنا أبو أحمد بكر بن محمّد بن حمدان الصّيرفي بمرو، حدثنا موسي بن سهل ابن كثير، حدثنا إسماعيل بن عليّة، حدثنا أيوب السّختيانيّ، عن ابن أبي مليكة، عن عبد اللّه بن الزّبير: أنّ عليّا ذكر ابنة أبي جهل، فبلغ ذلك رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، فقال: «إنّما فاطمة بضعة منّي؛ يؤذيني ما آذاها، و ينصبني ما أنصبها»(2).

في هذا الباب: أخبار كثيرة من حديث الزّهريّ، عن عليّ بن الحسين، عن المسور بن مخرمة، و غيره من الأخبار المأثورة، خرّجت طرقها في «الرّسالة الذّابّة عن حريم رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم»(3).

ابتداء النبي ص بفاطمة س قبل كافّة النّاس كلما سافر و رجع

* ذكر فضيلة أخري للزّهراء فاطمة بنت محمّد، و البيان أنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» كان لا يسافر، و لا يرجع من سفره إلا ابتدأ بها قبل كافّة النّاس:

2 - حدّثناه: أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، حدثنا العبّاس بن محمّد الدوري، حدثنا يحيي بن إسماعيل الواسطيّ، حدثنا محمّد بن الفضل، عن العلاء بن المسيّب، عن إبراهيم بن قعيس، عن نافع، عن ابن عمر رضي اللّه عنهما: أنّ النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «كان إذا سافر كان آخر النّاس عهدا به فاطمة، و إذا قدم من سفر كان أول النّاس عهدا به فاطمة، عليها السّلام»(4).

ص: 37


1- . قلت: في عبارة المؤلف شبه تصريح بأن ما سيذكره من أحاديث في فضائل فاطمة رضي اللّه عنها: صحيحة؛ إذ كيف يعلم الشحيح بدينه محلها من الإسلام؛ فلا يقيس أحدا من نساء هذه الأمة بها؛ لو لا أن تلك الأحاديث صحيحة يحتج بها!
2- . حديث صحيح: رواه البخاري برقم (4932)، و مسلم برقم (2449). و رواية: «ينصبني ما أنصبها»: عند أحمد في «فضائل الصحابة» برقم (1327)، و في «المسند» (ج 4 /ص 5)، و رواه المؤلف في «المستدرك» (ج 3 /ص 173)، و صححه علي شرطهما، و كذا صححه الضياء المقدسي في «الأحاديث المختارة» برقم (275)، و هو حديث صحيح بهذا اللفظ؛ لكن موسي بن سهل بن كثير ضعيف، فقول المؤلف خطأ؛ إلا أنه قد توبع من عدد من الثقات عند غير المؤلف؛ فصح السند بلا ريب؛ و من هؤلاء الثقات الإمام أحمد نفسه.
3- . لم نقف عليه حتي الآن؛ و لعل اللّه ييسر العثور عليه.
4- . حديث ضعيف: رواه المؤلف - أيضا - في «المستدرك» (ج 3 /ص 169)، و ابن شاهين في «شرح مذاهب أهل السنة» (ج 1 /ص 295)، و صححه المؤلف، فرده الذهبي بقوله: إبراهيم بن قعيس ضعيف. و صححه - مع هذا ابن حبان برقم (698)! و الصواب ما قاله الذهبي؛ و لهذا ضعفه شيخنا الألباني في «السلسلة الضعيفة» برقم (6269) و ذكر أن فيه عدة مخالفات للرواية الصحيحة، و سيذكر المؤلف بعده لفظ ابن حبان، و سنذكر عندها المخالفات التي قالها شيخنا في هذا الحديث الضعيف.

3 - أخبرنيه: الحسين بن محمّد الدّارميّ، حدثنا محمّد بن إسحاق، حدثنا أحمد بن محمّد بن المعلّي الأدميّ ببصري(1)، حدثنا يحيي بن حمّاد، حدثنا أبو عوانة، عن العلاء بن المسيّب، عن إبراهيم بن قعيس، عن نافع، عن ابن عمر: أنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» كان إذا سافر... الحديث. و قال في آخره: إنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» دخل علي فاطمة، فقال لها: «هكذا كوني، فداك أبي و أمّي»(2).

النداء يوم القيامة بغض الأبصار عن فاطمة س حتّي تجوز علي الصّراط:

* ذكر فضيلة أخري لفاطمة الزّهراء، و البيان أنّ المنادي ينادي يوم القيامة: «غضّوا أبصاركم عن فاطمة بنت محمّد صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، حتّي تجوز علي الصّراط»:

4 - حدّثنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب العدل بنيسابور، و أبو بكر محمّد بن عبد اللّه بن عتّاب العبديّ، ببغداذ، و أبو بكر بن أبي دارم الحافظ بالكوفة، قالوا: حدّثنا إبراهيم بن عبد اللّه العبسيّ، حدثنا العبّاس بن الوليد بن بكّار الضّبّيّ، عن خالد الواسطيّ،

ص: 38


1- . في «الأصل»: «بصري».
2- . حديث ضعيف: و علته قعيس هذا و قد بين الألباني المخالفات في هذا الحديث الضعيف للحديث الصحيح فقال في تخريجه: أخرجه ابن حبان (695/41/2 - الإحسان) من طريق إبراهيم بن قعيس عن نافع عن ابن عمر: أن النبي صلّي اللّه عليه و سلّم كان... فذكره. قلت: و هذا إسناد رجاله ثقات؛ غير إبراهيم هذا، و هو ضعيف الحديث؛ كما قال ابن أبي حاتم عن أبيه (151/1/1) و أقره ابن الجوزي في كتابه «الضعفاء و المتروكين» (103/47/1)، و كذا الذهبي في «ضعفائه»، و «الميزان» أيضا. و أما ابن حبان فذكره في «الثقات» (21/6-22) و قال: «يروي عن نافع و أبي وائل. روي عنه العلاء بن المسيب و سليمان التيمي». قلت: فهو شبه مجهول مع تضعيف أبي حاتم إياه. و أضيف إلي ذلك أنه قد خالفه فضيل بن غزوان الثقة المحتج به في «الصحيحين» و بقية الستة؛ فقد قال: عن نافع عن ابن عمر بهذه القصة باختصار نحوه، و لكنه لم يذكر: الغزوة. و لا البساط. و كذا الصبغ. و المسجد. و بلالا، و ذكر مكانه عليّا، و أنه كان الواسطة بينها و بين أبيها صلّي اللّه عليه و سلّم. و لم يذكر اعتناقه صلّي اللّه عليه و سلّم إياها. و لا الجملتين المرفوعتين: «إني رأيتها أحدثت...»، و «هكذا كوني...» و ذكر الفضيل مكانهما قوله صلّي اللّه عليه و سلّم: «و ما أنا و الدنيا، و ما أنا و الرقم؟». و لم يذكر هتكها للستر، و ما قرن معه، و زاد في آخره أنه صلّي اللّه عليه و سلّم أمرها. و الأدمي: صدوق كما في «التقريب».

عن بيان، عن الشّعبيّ، عن أبي جحيفة، عن عليّ - عليه السّلام - قال: سمعت النّبيّ صلّي اللّه عليه يقول: إذا كان يوم القيامة، نادي مناد من وراء الحجب: «يا أهل الجمع غضّوا أبصاركم عن فاطمة بنت محمّد حتّي تمرّ»(1).

إكرام اللّه تعالي لفاطمة س في الحشر بما لم يذكر لأحد من جميع الخلائق:

* ذكر فضيلة أخري لفاطمة الزّهراء رضي اللّه عنها، و هي إكرام اللّه تعالي إيّاها في الحشر بما لم يذكر لأحد من جميع الخلائق:

5 - حدّثني محمّد بن أحمد بن الحسين بن مهديّ الطّوسيّ ببخاري، حدثنا عليّ بن محمّد بن مهرويه، حدثنا داود بن سليمان الغازي، حدثنا عليّ بن موسي الرضا، عن أبيه، موسي بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه - عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ، عن عليّ - عليهم السّلام - قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «تحشر ابنتي فاطمة، و عليها حلّة الكرامة، قد عجن بماء الحيوان»(2).

إسراره ص لفاطمة س عند خروجه من الدنيا بأنها أول أهل بيته لحوقا به و أنها سيدة نساء المسلمين:

* ذكر فضيلة أخري لفاطمة الزّهراء رضي اللّه عنها، و البيان أنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» أسرّ إليها من جميع الخلائق عند خروجه من الدّنيا:

6 - أخبرنا أبو النّضر محمّد بن محمّد بن يوسف الفقيه، حدثنا أبو عليّ صالح بن محمّد بن حبيب البغداذيّ الحافظ، حدثنا سعيد بن سليمان الواسطيّ، حدثنا عبّاد بن العوام، عن هلال بن خباب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما نزلت: إِذا جاءَ نَصْرُ

ص: 39


1- . حديث موضوع مكذوب: رواه المؤلف في «المستدرك» (ج 3 /ص 153، 161)، و صححه علي شرط الشيخين؛ فرده الذهبي بقوله: (قلت: لا و اللّه؛ بل موضوع، و العباس قال الدّارقطني: كذاب. و عبد الحميد قال ابن حبان: كان يسرق الحديث). و قد أفاض الألباني في تخريجه في «الضعيفة» برقم (2688) و ذكر شواهده و طرقه كلها؛ ثم بين أنها كلها موضوعة. و قد حكمت علي الحديث بالوضع في تحقيقي ل «مسند علي رضي اللّه عنه» (ج 1 /ص 343) برقم (1390-1411).
2- . حديث موضوع: و المتهم بوضعه: داود بن سليمان الغازي؛ و هو الذي وضع نسخة: (علي بن موسي الرضا) عن آبائه؛ و هذه واحدة منها. انظر «تنزيه الشريعة المرفوعة» (ج 2 /ص 38)، و «لسان الميزان» (ج 2 /ص 417). و الحديث مما انفرد بروايته المؤلف هنا؛ فلم يروه في «المستدرك»، و رواه ابن عساكر - أيضا - من طريق هذا الوضاع في «تاريخ دمشق» (ج 13 /ص 334). و قد حكمت علي الحديث بالوضع في تحقيقي ل «مسند علي رضي اللّه عنه» (ج 2 /ص 735) برقم (4127).

اَللّهِ وَ الْفَتْحُ دعا رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» فاطمة فقال: «إنّي قد نعيت إلي نفسي»، فبكت، فقال: «لا تبكي؛ فإنك أوّل أهلي لاحق بي»، فضحكت، فرآها بعض أزواج النّبيّ - عليه السّلام -، فقلن لها: يا فاطمة: رأيناك بكيت ثمّ ضحكت، فقالت:

قال رسول اللّه - عليه السّلام -: «نعيت إليّ نفسي»، فبكيت، فقال: «لا تبكي...»، فضحكت(1).

* ذكر فضيلة أخري للبتول رضي اللّه عنها، و البيان أنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» أسرّ إليها قبل خروجه من الدنيا: أنّها أول أهل بيته لحوقا به:

7 - حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن عليّ بن عفان العامري، حدثنا عبيد اللّه بن موسي، حدثنا شيبان عن فراس، عن عامر، عن مسروق، عن عائشة، رضي اللّه عنها، قالت: كنّ أزواج النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» عنده جميعا، لم تغادر منهنّ امرأة، فأقبلت فاطمة تمشي - لا و اللّه الذي لا إله إلا هو - ما تخطئ مشيتها مشية رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» - فلمّا رآها قال: «مرحبا بابنتي» مرّتين، فجلست عن يمينه أو عن يساره، فسارّها، فبكت بكاء شديدا، فقلت لها من بين نسائه: يا فاطمة؛ أخصّك رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» بين نسائه بسرّ، ثمّ أنت تبكين كما أري؟ فلمّا رأي جزعها سارّها الثانية، فإذا هي ضاحكة، فقلت: ما رأيت بكاء أقرب من الضحك من اليوم قطّ! فلمّا قام رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، قلت: حدّثيني يا فاطمة بما).

ص: 40


1- . حديث حسن: و انفرد به المؤلف هنا؛ فلم يروه في «المستدرك»، و رواه - أيضا - ابن سعد في «الطبقات الكبري» (ج 2 /ص 193) من طريق سعيد بن سليمان الواسطي به؛ دون ذكر مقالة أزواج النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لفاطمة رضي اللّه عنهن جميعا؛ و في سنده: هلال بن خباب، قال الهيثمي - بعد أن عزاه للطبراني في «الكبير» - «مجمع الزوائد» (ج 9 /ص 23): (و رجاله رجال الصحيح غير هلال بن خباب، و هو ثقة، و فيه ضعف). قلت: هلال هذا فيه كلام يسير لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن إلا إذا خولف، و لا مخالفة في الحديث للأحاديث الأخري التي سيرويها المؤلف بعد هذا الحديث. و قد رواه الطبراني في «المعجم الكبير» برقم (1027)، و في «المعجم الأوسط» برقم (883)، و رواه الدارمي في «المسند» برقم (79)، و ابن مردوية في «تفسيره» - كما في «تخريج أحاديث الكشاف» للزيلعي (ج 4 /ص 322) و رواه كذلك البيهقي في «دلائل النبوة» (ج 7 /ص 167)، و أبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج 2 /ص 40) مختصرا، و أحمد في «فضائل الصحابة» برقم (1345)، و الضياء المقدسي في «المختارة» برقم (4439).

سارّك النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»؟، قالت: لا و اللّه ما كنت لأفشي علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» سرّه، فلمّا توفّي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» قلت: يا فاطمة! عزمت عليك بما لي عليك من الحقّ إلا حدّثتيني(1) بما سارّك رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» لو تعلمين؟ قالت: فأمّا الآن فنعم، أمّا المرّة الأولي فإنّه قال لي: «إنّ جبرئيل كان يعارضني القرآن في كلّ سنة مرّة، و إنّه عارضني هذا العام مرتين، و إني لا أري إلا أجلي قد اقترب، فاتّقي اللّه و اصبري، فنعم السّلف أنا لك». فجزعت، فكان البكاء لذلك، فسارّني الثانية، فقال: «أ ما ترضين أنّك تأتين سيدة نساء المسلمين، أو سيدة نساء هذه الأمّة»(2).

8 - حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، حدثنا محمّد بن عليّ الورّاق، حدثنا موسي بن داود، حدثنا عبد اللّه بن المؤمل، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة رضي اللّه عنها قالت:

«كان بين النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» و بين فاطمة شهرين»(3).

و هكذا روي عن جابر بن عبد اللّه، و أسماء بنت عميس.

9 - أمّا حديث جابر: فحدّثناه أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، حدثنا محمّد بن سليمان الواسطيّ، حدثنا أبو نعيم، و أبو غسان قالا: حدّثنا عبد اللّه بن المؤمل المخزوميّ المكيّ، و أخبرني محمّد بن المؤمل بن الحسن، حدثنا الفضل بن محمّد بن الشعراني، حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا موسي بن داود، حدثنا عبد اللّه بن المؤمل، عن أبي الزّبير، عن جابر رضي اللّه عنه: أنّ فاطمة رضي اللّه عنها لم تمكث بعد رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» إلا شهرين(4).ه.

ص: 41


1- . في «الأصل»: «حدثيني». و التصويب من «مسلم» و غيره.
2- . حديث صحيح: متفق عليه؛ فرواه البخاري برقم (6286)، و مسلم برقم (2450) و من فوائد الحديث لفظة: «نعم السلف» في «السلسلة الصحيحة» للألباني برقم (2948)، و أنها إشارة لمذهب السلف الصالح الذي كان عليه الصلاة و السلام هو الإمام و القدوة لهم، و أنه لا يعاب من انتسب للسلف بنص هذا الحديث الصحيح. و الحديث رواه: الدولابي - أيضا - في «الذرية الطاهرة» برقم (188)، و الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج 1 /ص 138).
3- . حديث ضعيف: و رواه المؤلف في «المستدرك» (ج 3 /ص 178). و فيه: عبد اللّه بن المؤمل قال عنه المؤلف نفسه: (غير معتمد)! ثم هو مخالف لما صح من أن بين وفاة النبي عليه الصلاة و السلام و فاطمة ستة أشهر كما سيأتي.
4- . حديث ضعيف: فيه العلة السابقة، و أبو الزبير مدلس، و قد عنعنه.

خطاب النبي ص لفاطمة س بأنها سيدة نساء العالمين

* ذكر فضيلة أخري لفاطمة بنت النّبيّ عليهما السلام، و البيان أنّها سيدة نساء العالمين:

10 - أخبرني إسحاق بن محمّد بن عليّ بن خالد الهاشميّ بالكوفة، حدثنا الحسين بن الحكم الحيري، حدثنا أبو نعيم، حدثنا زكريا بن أبي زائدة، عن فراس، عن الشّعبيّ، عن مسروق، عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: «أقبلت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشية رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، فقال: «مرحبا بابنتي»، فأجلسها عن يمينه...، فذكر الحديث بطوله، و قال في آخره: «ثمّ قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «يا فاطمة! أ لا ترضين أنك سيدة نساء العالمين، و سيدة نساء هذه الأمّة، و سيدة نساء المؤمنين». فضحكت(1).

11 - حدّثناه: أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، حدثنا محمّد بن إسحاق الصّنعانيّ، و أخبرنا محمّد بن عليّ بن مخلد الجوهريّ ببغداذ، حدثنا أحمد بن الهيثم المعذّر، و أخبرنا أبو بكر الحفيد، حدثنا أحمد بن نصر، قالوا: حدّثنا أبو نعيم، فذكروا الحديث: بنحو منه(2).

12 - حدّثنا أبو بكر بن أبي زكريا الفقيه - بهمذان - حدثنا محمّد بن عثمان العدل، حدثنا إسحاق بن سليمان الهاشميّ، قال: سمعت أبي يحدّث عن أمير المؤمنين هارون الرشيد، قال: و اللّه لقد حدّثني أمير المؤمنين المهديّ، عن أمير المؤمنين المنصور، أنّه حدّثهم عن أبيه، عن جدّه، عن عبد اللّه بن عباس رضي اللّه عنهما أنّه قال: كنّا ذات يوم عند رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» إذ قال: «أ لا أخبركم بخير النّاس أبا و أمّا؟»، قالوا: بلي يا رسول اللّه! قال: «الحسن و الحسين؛ أبوهما عليّ بن أبي طالب، و أمّهما فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، سيدة نساء العالمين»(3).

13 - أخبرني أبو بكر بن أبي دارم الحافظ بالكوفة، قال: أخبرنا المنذر بن محمّد بن المنذر القابوسيّ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي سعيد بن أبي الجهم، قال: حدّثني أبي، عن أبان بن تغلب، عن عامر بن واثلة، قال: «كنت علي الباب يوم الشّوري، و عليّ في

ص: 42


1- . صحيح: و قد تقدم تخريجه.
2- . صحيح: و قد تقدم تخريجه.
3- . حديث ضعيف: إسناده مسلسل بالمجاهيل! إسحاق بن سليمان الهاشمي، و أبوه من الولاة لخلفاء بني العباس، و لا يعرفون بالحديث أصلا. و هارون الرشيد، و المهدي، و المنصور ليسوا من أهل الحديث مع كونهم أمراء للمؤمنين في وقتهم؛ فالحديث لا يصح. و لم أر الحديث لغير المؤلف هنا.

البيت، فسمعته يقول: أنشدكم اللّه؛ أ منكم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»؛ سيدة نساء هذه الأمّة، غيري؟ قالوا: لا»(1).

14 - حدّثنا أبو عمر محمّد بن عبد الواحد الزاهد اللّغويّ صاحب ثعلب، حدثنا محمّد بن عثمان العبسيّ، حدثنا عبادة بن زياد الأسدي، حدثنا يحيي بن العلاء الرازي، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: نظر عليّ رضي اللّه عنه في وجوه النّاس، فقال:

«إني لأخو رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» و وزيره، و لقد علمتم أني أوّلكم إيمانا باللّه و برسوله، و أبو ولديه، و زوج ابنته سيّدة ولده، و سيدة نساء العالمين، و سيدة نساء أهل الجنّة»(2).

إخبار النبي ص بأن فاطمة س سيدة نساء أهل الجنة

* ذكر فضيلة أخري لفاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و البيان أنّها سيدة نساء أهل الجنّة:

أخبرنا أبو جعفر محمّد بن عليّ بن دحيم الشيبانيّ، حدثنا محمّد بن الحسين الحنينيّ، حدثنا عليّ بن ثابت الدّهّان، حدثنا منصور بن أبي الأسود، عن يزيد بن أبي زياد، عن ابن أبي نعم، عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه قال: رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»:

«فاطمة سيدة نساء أهل الجنّة، إلا ما كان لمريم بنت عمران»(3).

ص: 43


1- . خبر موضوع: آفته شيخ الحاكم الوضاع الكذاب الرافضي الخبيث، له ترجمة مخزية جدّا في «الميزان»، و «لسان الميزان»، و «السير»! كان يقول: وَ جاءَ فِرْعَوْنُ: عمر! وَ مَنْ قَبْلَهُ: أبو بكر! وَ الْمُؤْتَفِكاتُ: عائشة و حفصة! و اسم هذا الرافضي: أبو بكر أحمد بن أبي دارم حافظ رافضي متهم بالوضع و كذاب ضال كما قال الذهبي! فالعجب - كل العجب - من المؤلف كيف يروي عنه هاهنا؛ و هو الذي قال عنه: (رافضي ليس بثقة)؟! و القابوسي المنذر: متروك. «لسان الميزان» (ج 6 /ص 122). و قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن هذا الخبر: (كذب باتفاق أهل المعرفة بالحديث). «منهاج السنة» 5 /ص 59).
2- . حديث موضوع: يحيي بن العلاء الرازي: كذاب يضع الحديث كما قال أحمد. «الميزان» (ج 4 /ص 397). و عبادة بن زياد الأسدي: كذبه بعض الحافظ، و رده الذهبي؛ لكنه غال في التشيع، و حديثه هذا مردود؛ لأنه يؤيد بدعته. انظر «لسان الميزان» (ج 3 /ص 286).
3- . حديث صحيح: و رواه المؤلف في «المستدرك» (ج 3 /ص 168)، و صحح سنده، و وافقه الذهبي، و هو وهم منهما؛ فإن يزيد بن أبي زياد هو الهاشمي: ضعيف. و من هذا الوجه رواه: أحمد في «المسند» (ج 3 /ص 80)، و في «فضائل الصحابة» (ج 2 /ص 757)، و ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج 70 /ص 113). و حسّن سنده الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (ج 6 /ص 446) فوهم! إلا أن الحديث صحيح؛ فقد جاء بسند صحيح من حديث حذيفة كما سيرويه المؤلف بعد قليل.

16 - أخبرنا أبو النّضر محمّد بن محمّد بن يوسف الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدارميّ، حدثنا سعيد بن أبي مريم، قال: أعطاني نافع بن يزيد هذا الكتاب، و لا أعلم إلا أنّه قد أخبرني به، قال نافع: حدّثني ابن غزيّة، عن محمّد بن عبد اللّه بن عمرو بن عثمان، أنّ أمّه فاطمة بنت الحسين حدّثته أنّ عائشة رضي اللّه عنها كانت تقول: إنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» في مرضه الذي قبض فيه قال لفاطمة: «يا ابنتي أكبّي»، فأكبّت عليه، فناجاها ساعة، ثمّ انكشفت عنه، و هي تبكي - و عائشة حاضرة - ثمّ قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» بعد ذلك بساعة: «أكبّي عليّ يا ابنتي»، فأكبّت عليه فناجاها ساعة، ثمّ انكشفت عنه، فضحكت. فقالت عائشة: أي بنيّة؛ أخبريني بما ذا ناجاك أبوك؟ قالت فاطمة رضي اللّه عنها: أو شكت رأيتيه ناجاني علي حال سرّ، ثمّ ظننت أني أخبر بسرّه و هو حيّ، قال: فشقّ ذلك علي عائشة رضي اللّه عنها أن يكون سرّ دونها، فلمّا قبضه اللّه إليه قالت عائشة لفاطمة: أ لا تخبريني ذلك الخبر؟ قالت: أمّا الآن فنعم، ناجاني في المرّة الأولي فأخبرني أنّ جبريل - عليه السّلام - كان يعارضه القرآن في كلّ عام مرّة، «و إنّه عارضني القرآن العام مرتين»، و أخبرني أنّه أخبره أنّه لم يكن نبيّ كان بعده إلا عاش نصف عمر الذي كان قبله، و إنّه أخبرني «أنّ عيسي - عليه السّلام - عاش عشرين و مائة سنة، و لا أراني إلا ذاهب علي رأس السّتّين» فأبكاني ذلك، فقال: «يا بنيّة؛ إنّه ليس من نساء المؤمنين امرأة أعظم رزيّة منك، فلا تكوني أدني امرأة صبرا».

ثمّ ناجاني في المرّة الأخري؛ فأخبرني أنّي أوّل أهله لحوقا به، فقال: «إنك سيدة نساء أهل الجنّة، إلا ما كان من البتول مريم بنت عمران» فضحكت لذلك(1).

17 - حدّثنا عليّ بن المؤمّل بن الحسن بن عيسي، حدثنا محمّد بن يونس القرشيّ،).

ص: 44


1- . حديث منكر: و سنده فيه ضعف من أجل محمد بن عبد اللّه بن عمرو بن عثمان. و أما نكارة متنه؛ فلأن عيسي عليه السلام رفع إلي السماء ابن ثلاث و ثلاثين كما ثبت في الحديث في وصف أهل الجنة، و أنهم علي ميلاد عيسي عليه السلام. و قد جزم الحافظ ابن كثير بأن الحديث من مرويات الحاكم في «المستدرك»؛ لكن قال شيخنا: (و لم أره في مظانه من المستدرك). (الضعيفة) برقم (4434).

حدثنا محمّد بن خالد بن عثمة، حدثنا موسي بن يعقوب الزمعيّ، عن هاشم بن هاشم، أنّ عبد اللّه بن وهب بن زمعة أخبره أنّ أمّ سلمة أخبرته: أنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» دعا فاطمة رضي اللّه عنها عام الفتح فناجاها فبكت، ثمّ حدّثها فضحكت، قالت: «فلمّا توفي سألتها عن بكائها و ضحكها فقالت: أخبرني رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» أنّه يموت، فبكيت، ثمّ أخبرني أنّي سيدة نساء أهل الجنّة إلا مريم بنت عمران فضحكت»(1).

18 - أخبرنا إسماعيل بن محمّد بن الفضل، حدثنا جدّي، حدثنا النّفيليّ، حدثنا عبد العزيز بن محمّد، عن إبراهيم بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «سيدة نساء أهل الجنّة بعد مريم بنت عمران فاطمة أو خديجة»، شكّ إبراهيم(2):.

19 - أخبرنا أبو الحسين عليّ بن عيسي السّبيعيّ، حدثنا الحسين بن الحكم الحيري، حدثنا الحسن بن الحسين العرنيّ، حدثنا أبو مريم الأنصاريّ، عن المنهال بن عمرو، عن زرّ بن حبيش، عن حذيفة بن اليمان قال: «دخلت علي أمّي، فقالت: أتيت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»...»(3)الحديث:.ت.

ص: 45


1- . حديث صحيح: و قد تقدم تخريجه برقم (7). و سنده هاهنا فيه: محمد بن يونس القرشي؛ و هو الكديمي: متهم بالكذب و الوضع. و متنه مخالف لما صح من أن السائلة كانت الصديقة!
2- . حديث صحيح: و إسناده هنا حسن من أجل: عبد العزيز بن محمد، و هو الداروردي. و قد صح الحديث دون شك فيه (فاطمة أو خديجة)؛ فالصحيح بدون الشك (فاطمة) كما تقدم؛ و لعل هذا من أوهام الداروردي؛ فإنه لم يكن بالضابط.
3- . حديث صحيح: و قد اختصره المؤلف اختصارا شديدا؛ 14 - فقد أخرجه أحمد في «المسند» (ج 5 /ص 391) بلفظ: (سألتني أمّي: منذ متي عهدك بالنّبيّ صلّي اللّه عليه و سلّم قال: فقلت لها: منذ كذا و كذا قال: فنالت منّي و سبّتني، قال فقلت لها: دعيني فإنّي آتي النّبيّ صلّي اللّه عليه و سلّم فأصلّي معه المغرب ثمّ لا أدعه حتّي يستغفر لي و لك، قال فأتيت النّبيّ صلّي اللّه عليه و سلّم فصلّيت معه المغرب فصلّي النّبيّ صلّي اللّه عليه و سلّم العشاء ثمّ انفتل فتبعته فعرض له عارض فناجاه ثمّ ذهب فاتّبعته فسمع صوتي فقال: «من هذا» فقلت: حذيفة، قال: «مالك» فحدّثته بالأمر فقال: «غفر اللّه لك و لأمّك» ثمّ قال: «أ ما رأيت العارض الّذي عرض لي قبيل» قال: قلت: بلي قال: «فهو ملك من الملائكة لم يهبط الأرض قبل هذه اللّيلة فاستأذن ربّه أن يسلّم عليّ و يبشّرني أنّ الحسن و الحسين سيّدا شباب أهل الجنّة و أنّ فاطمة سيدّة نساء أهل الجنّة رضي اللّه عنهم». و الحديث صححه الألباني في «الصحيحة» برقم (2585) و ذكر طرقه و من أخرجه؛ و وهم المؤلف و الذهبي في الحكم علي سنده، فراجعه هناك إن شئت.

ذكر فضيلة أخري لفاطمة بنت النّبيّ عليهما السلام، و البيان أنّ ربّ العزّة يغضب لغضبها و يرضي لرضاها:

20 - أخبرنا أبو جعفر محمّد بن عليّ بن دحيم الشيبانيّ بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة الغفاريّ، حدثنا عبد اللّه بن محمّد بن سالم، حدثنا حسين بن زيد، عن عمر بن عليّ، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين، عن الحسن بن عليّ، عن عليّ - عليهم السّلام - عن النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» أنّه قال: «يا فاطمة؛ إنّ اللّه تعالي يغضب لغضبك، و يرضي لرضاك»(1).

21 - و حدّثني عبد العزيز بن عبد الملك الأمويّ، حدثنا سليمان بن أحمد بن يحيي، حدثنا محمود بن الربيع العامريّ، حدثنا حمّاد بن عيسي غريق الجحفة(2)، قال: حدّثتنا طاهرة بنت عمرو بن دينار قالت: حدّثني أبي، عن عطاء، عن جابر رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و سلّم «و آله و سلم» لفاطمة: «إنّ اللّه تعالي يغضب لغضبك، و يرضي لرضاك»(3).

ذكر فضيلة أخري لفاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و البيان أنّها كانت أشبه النّاس حديثا به، و كان لا يراها إلا قبّلها:

22 - حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، حدثنا محمّد بن إسحاق الصّنعانيّ، حدثنا

ص: 46


1- . حديث منكر: حسين بن زيد: منكر الحديث لا يحل أن يحتج به، كما قال الذهبي. و رواه المؤلف في «المستدرك» (ج 3 /ص 153)، و صحح سنده؛ فرده الذهبي بما تقدم. و هذا الحديث لم يتعرض له شيخنا الألباني بتصحيح أو تضعيف في شيء من كتبه فيما علمت. و رواه أيضا: الدولابي في «الذرية الطاهرة» برقم (227)، و أبو نعيم في «فضائل الخلفاء الراشدين» برقم (141)، و أبو يعلي في «المعجم» برقم (220)، و الطبراني في «الكبير» برقم (182)، و ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج 3 /ص 156)، و ابن أبي عاصم في «الآحاد و المثاني» برقم (2959)، و ابن عدي في «الكامل» (ج 2 /ص 351). و مع هذا قال الهيثمي: (إسناده حسن)! «المجمع» (ج 9 /ص 203). و قد حكمت علي الحديث بالضعف في تحقيقي ل «مسند علي رضي اللّه عنه» (ج 3 /ص 631) برقم (3709-3715).
2- . سمّي بغريق الجحفة لأنه غرق بواديها لما حجّ سنة 208 ه.
3- . حديث منكر: و هذه طريق أخري له؛ لكنها واهية لا يتقوي الحديث بها؛ فغريق الجحفة لا يجوز الاحتجاج به. قال الحاكم - المؤلف نفسه! - و النقاش: يروي عن ابن جريج و جعفر الصادق أحاديث موضوعة. و طاهرة: مجهولة العين؛ ليس لها ترجمة أصلا!

عثمان بن عمر، حدثنا إسرائيل، عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، عن عائشة أمّ المؤمنين رضي اللّه عنها أنّها قالت: «ما رأيت أحدا أشبه كلاما و حديثا برسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» من فاطمة، و كانت إذا دخلت عليه رحّب بها، و قام إليها فأخذ بيدها فقبّلها، و أجلسها في مجلسه»(1).

23 - حدّثناه: أبو عبد اللّه محمّد بن العبّاس الضّبّيّ، حدثنا أحمد بن محمّد بن عمرو، حدثنا أحمد بن حمدويه المعدّل، حدثنا الأسود بن حفص، حدثنا الحسين بن واقد، عن يزيد النحويّ، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي اللّه عنه قال: «كان النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» إذا رجع من سفر قبّل فاطمة»(2).

ذكر فضيلة أخري لفاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و البيان أنّها كانت أحبّ النّاس إلي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»:

24 - حدّثنا أبو بكر بن دارم الحافظ بالكوفة، حدثنا المنذر بن محمّد بن المنذر، قال حدّثنا أبي، قال حدّثني عمّي الحسين بن سعيد بن أبي الجهم، عن أبيه، عن أبان بن تغلب، عن جميع بن عمير، قال: «دخلت مع عمّتي علي عائشة، فسألتها: من كان أحب النّاس إلي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»؟ فقالت: فاطمة. قالت: فمن الرجال؟ قالت: زوجها»(3).

25 - حدّثنا أبو بكر محمّد بن عليّ الفقيه ببخاري، حدثنا أبو طالب أحمد بن نصر الحافظ، حدثنا عليّ بن سعيد بن بشر، حدثنا عبّاد بن يعقوب، حدثنا محمّد بن إسماعيل بن رجاء الزبيديّ، عن أبي إسحاق الشيبانيّ، عن جميع بن عمير، قال: «دخلت مع أمّي علي عائشة رضي اللّه عنها،

ص: 47


1- . حديث صحيح: و قد تقدم تخريجه في مقدمة المؤلف: «ص 35».
2- . حديث موضوع الإسناد: أحمد بن محمد بن عمرو أبو بشر المروزي: وضاع، قال الذهبي في «العبر» (ج 1 /ص 125): (و فيها توفي الحافظ أبو بشر، أحمد بن محمد بن عمرو بن مصعب الكندي المصعبي المروزي، روي عن محمود بن آدم و طائفة، و هو أحد الوضاعين الكذابين، مع كونه كان محدّثا إماما في السّنّة، و الرد علي المبتدعة). و أسود بن حفص قال ابن حبان: يخطئ. «لسان الميزان» (ج 1 /ص 564). و الحديث لم أقف علي من أخرجه سوي المؤلف هاهنا.
3- . حديث موضوع: شيخ المؤلف وضاع خبيث رافضي، و قد تقدم له حديث آخر؛ فانظر رقم (13). ثم هو باطل؛ لمخالفته للصحيح الثابت من قوله عليه الصلاة و السلام في «صحيح البخاري» برقم (4010)، و في «صحيح مسلم» برقم (4396) من حديث عمرو بن العاص قال: أي الناس أحب إليك؟ قال: «عائشة». قلت: من الرجال؟ قال: «أبوها».

فسمعتها من وراء الحجاب و هي تسألها عن عليّ فقالت: «تسألينني عن رجل - و اللّه! - ما أعلم رجلا كان أحبّ إلي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» منه، و لا في الأرض امرأة كانت أحبّ إلي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» من امرأته»(1).

26 - حدّثنا عليّ بن عبد الرحمن السبيعيّ بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غزرة، حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل النهديّ، حدثنا عبد السلام بن حرب، و أخبرنا أبو إسحاق المزكّي، و أبو الحسين الحافظ قالا: حدّثنا أبو العبّاس الثّقفيّ، حدثنا الحسين بن زيد الطحان، حدثنا عبد السلام بن حرب، عن أبي الجحّاف، عن جميع بن عمير، قال: «دخلت مع عمّتي علي عائشة فسئلت: أيّ النّاس كان أحبّ إلي رسول اللّه صلّي اللّه عليه؟ قالت: فاطمة. قيل: فمن الرجال؟ قالت: زوجها؛ إن كان - ما علمته - صوّاما قوّاما»(2).

27 - حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، حدثنا العبّاس بن محمد الدوري، حدثنا شاذان: الأسود بن عامر، حدثنا جعفر بن زياد الأحمر، عن عبد اللّه بن عطاء، عن ابن بريدة، عن أبيه، قال: «كان أحب النساء إلي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»:

فاطمة ، و من الرجال: عليّ»(3).

ص: 48


1- . حديث موضوع: و الحمل فيه علي: جميع بن عمير؛ فإنه متهم. و عباد بن يعقوب: رافضي داعية للرفض؛ فلا يقبل منه هذا الحديث؛ لتأييده مذهبه. و قد حكم الألباني علي الحديث بأنه باطل في «الضعيفة» برقم (1124). و الحديث رواه المؤلف في «المستدرك» (ج 3 /ص 154)، و الترمذي في «السنن» برقم (3874). و قال المؤلف هناك: «صحيح الإسناد»! و رده الذهبي بقوله: «قلت: جميع متهم، و لم تقل عائشة هذا أصلا».
2- . حديث موضوع: انظر ما قبله. و الحمل في هذا السند علي جميع بن عمير؛ فهو متهم، و أبو الجحاف من غلاة الشيعة؛ و قد صح خلافه. و هذه الرواية عند الترمذي برقم (3874).
3- . حديث موضوع: و انظر ما قبله؛ و هو مكذوب لمخالفته للصحيح الثابت عنه عليه الصلاة و السلام في أن أحب الناس إليه عائشة، و من الرجال أبوها، و قد تقدم بيانه. و الحمل في هذا السند علي: جعفر بن زياد الأحمر: شيعي؛ و لا تقبل روايته لتأييده بدعته، ثم إن عبد اللّه بن عطاء يخطئ و يدلس، و قد عنعنه. و قد رواه المؤلف في «المستدرك» (ج 3 /ص 155)، و الترمذي برقم (3803). و قد حكم عليه شيخنا بالبطلان؛ ثم قال: (قلت: فمثله لا يطمئن القلب لحديثه، لا سيما و هو في فضل علي رضي اللّه عنه! فإن من المعلوم غلو الشيعة فيه، و إكثارهم الحديث في مناقبه مما لم يثبت!). «الضعيفة» برقم (1124).

أمر النبي ص بعدم تفضيل أية امرأة علي فاطمة ع و مريم و خديجة و آسية

* ذكر فضيلة أخري لفاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و البيان أنّ النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» أمر أن لا يفضّل عليها، و علي مريم، و خديجة، و آسية:

امرأة غيرهنّ:

28 - أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن عليّ الصّنعانيّ بمكة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عباد، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن قتادة، عن أنس رضي اللّه عنه: أنّ النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» قال: «حسبك من نساء العالمين: مريم بنت عمران، و خديجة بنت خويلد، و فاطمة بنت محمّد، و آسية امرأة فرعون»(1).

29 - حدّثنا عليّ بن حمشاد العدل(2)، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا أبو النعمان: عارم، حدثنا داود بن أبي الفرات، عن علباء بن أحمد، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي اللّه عنه قال: خطّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» في الأرض أربعة خطوط،

ص: 49


1- . حديث صحيح: و قد رواه المؤلف في «المستدرك» (ج 3 /ص 153) و قال: علي شرط الشيخين، و وافقه الذهبي. و صححه الترمذي برقم (3878)، و كذا صححه ابن حبان برقم (6951، 7003)، و كذا رواه أحمد (ج 3 /ص 135)، و في «فضائل الصحابة» برقم (1325، 1337)، و عبد الرزاق في «المصنف» (ج 11 /ص 430)، و في «التفسير» برقم (403)، و الطحاوي في «المشكل» برقم (127)، و أبو يعلي في «المعجم» برقم (13)، و في «المسند» برقم (2960)، و الطبراني في «الكبير» (ج 22) برقم (1003)، (ج 23) برقم (3)، و ابن أبي عاصم في «الآحاد و المثاني» برقم (2960)، و أبو نعيم في «الحلية» (ج 2 /ص 344)، و في «معرفة الصحابة» برقم (6699، 6741)، و البغوي في «شرح السنة» برقم (3955)، و الآجري في «الشريعة» برقم (1557، 1558، 1636)، و معمر في «الجامع» برقم (1538)، و اللالكائي في «شرح أصول أهل السنة» برقم (2258)، و ابن المنذر في «تفسيره» برقم (450)، و الضياء في «الأحاديث المختارة» برقم (2401، 2402، 2403)، و الجوهري في «مجلسان من أماليه» برقم (12)، و القزويني في «التدوين في أخبار قزوين» (ج 1 /ص 48). و قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (ج 6 /ص 471): «و عند الترمذي بإسناد صحيح عن أنس: «حسبك من نساء العالمين فذكرهن».
2- . في «الأصل»: (علي بن حماد العدل) و هو تحريف و الصواب ما أثبته؛ و انظر: «تذكرة الحفاظ» للذهبي (ج 3 /ص 855)؛ فقد مدحه هناك المؤلف - الحاكم - جدّا.و الرازي: متكلم في حفظه؛ لكنه قد توبع في بعض طرق الحديث. و أبو عبد الرحمن محمد بن سعيد: أخشي أن يكون المصلوب علي الزندقة؛ فإن يكنه فهو وضاع؛ لكن قد صح الحديث كما تقدم برقم (28، 29، 30). ثم إن للحديث شاهدا صحيحا من رواية ابن عباس ذكره الألباني في «الصحيحة» برقم (1508). و قد تقدم هذا الشاهد هنا برقم (29).

ثمّ قال: «أ تدرون ما هذا؟» قالوا: «اللّه و رسوله أعلم». فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «أفضل نساء أهل الجنّة خديجة بنت خويلد، و فاطمة بنت محمّد، و مريم بنت عمران، و آسية بنت مزاحم: امرأة فرعون»(1).

30 - أخبرني مخلد بن جعفر الباقر حيّ، و عبد الغني بن أحمد القاضي قالا: حدّثنا عبد اللّه بن سليمان الفقيه، حدثنا يحيي بن حاتم العسكريّ، حدثنا بشر بن مهران بن حمران، حدثنا محمّد بن دينار، عن داود بن أبي هند، عن الشّعبيّ، عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «حسبك منهنّ أربع سيدات نساء العالمين:

فاطمة بنت محمّد ، و خديجة بنت خويلد، و آسية بنت مزاحم، و مريم بنت عمران»(2).

31 - حدّثنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن بابويه، حدثنا أبو بكر محمّد بن بشر بن مطر، حدثنا أبو جعفر غندر الجرجانيّ، حدثنا عبد الرحمن بن سعد الدّشتكيّ، حدثنا أبو جعفر الرازيّ، عن أبي عبد الرحمن محمّد بن سعيد، عن ثابت البنانيّ، عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران، و آسية بنت مزاحم امرأة فرعون، و خديجة بنت خويلد، و فاطمة بنت محمّد»(3). -

ص: 50


1- . حديث صحيح: و قد رواه المؤلف في «المستدرك» (ج 2 /ص 495)، (ج 3 /ص 160، 185) و رواه أحمد (293/1) و الطحاوي في «المشكل» (50/1)، و الضياء في «المختارة» (1/67/65) و الطبراني في «الكبير» برقم (11928). و سنده هنا: ضعيف من أجل عارم أبو النعمان؛ فإنه ثقة ثبت؛ لكنه كان قد اختلط. و قد أورد الحديث شيخنا الألباني في «الصحيحة» برقم (1508).
2- . حديث صحيح: و من هذا الوجه أو السند: رواه أبو نعيم في «أخبار أصبهان» (ج 2 /ص 80) - ترجمة: عبد الرحمن بن يحيي بن مندة - و أبو الشيخ في «طبقات علماء أصبهان» (ج 3 /ص 132) - ترجمة: يحيي بن حاتم العسكري، و قد وثقه و زاد: «من أهل السنة - و كذا في ترجمة: عبد اللّه بن يحيي بن حاتم - و رواه الآجري في «الشريعة» برقم (1560، 1638)، و ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج 1 /ص 70). و سنده لا بأس به في الشواهد؛ من أجل محمد بن دينار؛ فإنه سيئ الحفظ. و مخلد بن جعفر هو ابن مخلد أبو علي الباقر حي: كان ثقة؛ إلا أنه لم يكن يعرف الحديث؛ ثم خلط و ادعي سماع أشياء كثيرة لم يسمعها؛ فافتضح! لكنه قد توبع في نفس السند، و عند أبي نعيم، و أبي الشيخ. انظر: «الأنساب» (ج 265/1).
3- . حديث صحيح: و من هذا الوجه رواه: ابن أبي عاصم في «الآحاد و المثاني» برقم (2626)، و الطبراني في «الكبير» برقم (1004، 18437)، و ابن جرير الطبري في «تفسيره» (ج 3 /ص 263)، و الخطيب في «تاريخ بغداد» (ج 8 /ص 76)، (ج 11 /ص 5)، و ابن حبان في «صحيحة» (ج 3 /ص 15)، و ابن عدي في «الكامل» (ج 5 /ص 36). -

وجدان النبي ص رائحة الجنّة من فاطمة س إذا شمّها:

* ذكر فضيلة أخري لفاطمة بنت النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و هي أنّه كان يجد منها رائحة الجنّة إذا شمّها:

32 - حدّثني عليّ بن الحسين بن مطرّف القاضي، قال: حدّثني عمر بن الحسن بن مالك القاضي، حدثنا عبيد العجليّ الحافظ، قال: كنت في مجلس عبد العزيز بن عبد اللّه بن عبيد اللّه بن العبّاس بن محمّد بن عليّ بن عبد اللّه بن عباس الهاشميّ، فحضر غلام الخليل، فذكروا فاطمة - عليها السّلام - و فضلها، فقال غلام الخليل: حدّثنا حييّ الجرجانيّ، حدثنا سفيان بن عيينة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي اللّه عنها قالت:

قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «أطعمني جبريل صلوات اللّه عليه عنقود عنب و قال: هذا من ثمر الجنّة، فأكلته و وقعت علي خديجة، فأتت بفاطمة، فما لثمت فاطمة قطّ إلا ذقت طعم ذلك العنب من فيها»(1).

قال عبد العزيز: أشهد لا أكتب هذا الحديث إلا و أنا قائم في ورق بيضاويّ، بماء الذهب، فقام، و كتب الحديث بماء الذهب، ثمّ قعد.

ذكر فضيلة أخري لفاطمة رضي اللّه عنها، و هي نزول آية من القرآن في شأنها:

33 - حدّثنا أبو بكر بن أبي دارم الحافظ بالكوفة، حدثنا المنذر بن محمّد بن المنذر

ص: 51


1- . حديث موضوع: و الحمل فيه علي: غلام الخليل؛ فإنه كذاب. و قد أحسن ابن الجوزي فرواه في «الموضوعات» - بتحقيق نور الدين - (ج 2 /ص 208-215)، و ذكر شواهده و طرقها كلها بما لا مزيد عليه؛ و بين أنه مما تتابع الكذابون و الوضاعون علي روايته؛ و هذا مما يزيده و هنّا علي وهن كما هو مقرر في علم مصطلح الحديث. و لقد شان المؤلف كتابه برواية هذه الموضوعات فيه؛ مع أن له كلاما في المقدمة يدل علي أنه سيورد الصحيح في كتابه هذا؛ غير أنه لم يلتزم بذلك؛ فقد قال: «و أنا ذاكر بمشيئة اللّه في هذا الموضع بعض ما انتهي إلينا من فضائل فاطمة الزّهراء بنت سيّد الأنبياء صلوات اللّه عليهم؛ ليعلم الشّحيح بدينه محلّها من الإسلام، فلا يقيس بها أحدا من نساء هذه الأمّة»! انظر ص 36-37.

القابوسيّ، حدثنا أبي، حدثنا عمّي، عن أبيه، عن أبان بن ثعلب، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين، عن الحسين بن عليّ عليهم السّلام قال: «لما نزلت: وَ آتِ ذَا الْقُرْبي حَقَّهُ [الإسراء: 26] دعا رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» فاطمة فأعطاها فدك»(1).

اختصاصها س من بين نساء الأمّة يوم القيامة بناقة

* ذكر فضيلة أخري لفاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و البيان أنّها تخصّ من بين نساء الأمّة يوم القيامة بناقة، و النّاس في المحشر:

34 - أخبرنا عبدان بن يزيد بن يعقوب الدقّاق بهمذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا إسحاق بن محمّد الفرويّ، حدثنا عيسي بن عبد اللّه بن محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب، عن أبيه، عن جدّه محمّد بن عمر، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «إذا كان يوم القيامة حملت علي البراق، و حملت فاطمة علي ناقتي القصواء، و حمل بلال علي ناقة من نوق الجنة، و هو يقول: اللّه أكبر اللّه أكبر، إلي آخر الأذان: يسمع الخلائق»(2).

أنّها كانت أحبّ حاضر و باد إلي رسول اللّه ص

* ذكر فضيلة أخري لفاطمة بنت محمّد صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و هي أنّها كانت أحبّ حاضر و باد إلي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»:

35 - أخبرنا أبو جعفر محمّد بن عليّ بن دحيم الشيبانيّ، حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة، حدثنا عبيد اللّه بن موسي، عن حلو الأودي، عن أبي هاشم، عن أمّه - و كانت خادمة رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» - قالت: جاء رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و@عليّ، و فاطمة نائمان قد أضحت عليهم الشمس، و عليه كساء خيبريّ،

ص: 52


1- . حديث موضوع: آفته شيخ المؤلف؛ فإنه وضاع رافضي خبيث، و قد سبق له حديثان برقم (13، 23) و هذا هو الثالث! فالعجب من المؤلف: كيف يتهم شيخه؛ ثم يروي عنه؟! و قد توبع هذا الوضاع؛ فانظر رقم (35، 36).
2- . حديث موضوع: آفته: عيسي هذا؛ و يقال له: مبارك! قال ابن حبان: يروي عن آبائه - كما هو هاهنا - أشياء موضوعة. «المجروحين» (ج 2 /ص 119). و من عجب أن يذكر ابن حبان - بعد هذا - عيسي هذا في «الثقات» (ج 8 /ص 492)؛ لكنه قال: في حديثه بعض المناكير! و الفروي: ساء حفظه بعد ما كفّ بصره. و الحديث رواه - أيضا -: ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج 10 /ص 495). و الحديث أورده شيخنا في «الضعيفة» برقم (733) و حكم بوضعه. و قد كنت قد حكمت - بحمد اللّه - علي الحديث بالوضع في تحقيقي ل «مسند علي رضي اللّه عنه» (ج 6 /ص 2291) برقم (13154، 13155).

فمدّه دونهما ثمّ قال: «أحبّ حاضر و باد إليّ»(1).

نزول آية: وَ آتِ ذَا الْقُرْبي حَقَّهُ فيها س دون غيرها:

* ذكر فضيلة سنيّة لفاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و البيان أنّ فيها نزلت: وَ آتِ ذَا الْقُرْبي حَقَّهُ دون غيرها:

36 - حدّثنا أبو بكر أحمد بن كامل القاضي - و ذكره يملأ الفم - حدثنا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة، حدثنا إبراهيم بن محمّد بن ميمون، حدثنا عليّ بن عابس، حدثنا فضيل بن مرزوق، عن عطية، عن أبي سعيد رضي اللّه عنه قال: لما نزلت: وَ آتِ ذَا الْقُرْبي حَقَّهُ [الإسراء: 26] قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «يا فاطمة؛ لك فدك»(2).

37 - و حدّثنا مكيّ بن بندار الزنجانيّ، حدثنا أبو عبد اللّه محمّد بن فضالة المصري، حدثنا هارون بن محمّد بن أبي الهيذام، حدثنا عثمان بن طالوت، حدثنا بشر بن أبي عمرو بن العلاء، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري قال:

لما أنزل علي النّبيّ - عليه السّلام -: وَ آتِ ذَا الْقُرْبي حَقَّهُ: دعا رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» فاطمة، فأعطاها: فدكا، و العوالي، و قال: «هذا قسم قسمه اللّه لك، و لعقبك من السماء، و الويل لمن حال دونه»(3).

ص: 53


1- . حديث موضوع: مسلسل بالمجاهيل: حلو الأودي، و أبو هاشم، و أمه كلهم مجاهيل. و قد ذكر البرديجي: حلوا هذا في «طبقات الأسماء المفردة» (ص 5)؛ و لم يزد علي أن قال: (يروي عنه عبيد اللّه بن موسي كوفي). و لم أقف علي من روي الحديث سوي المؤلف هنا. و متن الحديث باطل مخالف لما صح عنه عليه الصلاة و السلام؛ كما مر برقم (23، 24، 25، 26)!
2- . حديث موضوع: آفته: إبراهيم بن محمد بن ميمون هذا؛ فهو شيعي منكر الحديث، ليس بثقة، و روي حديثا موضوعا. و عطية هو العوفي: شيعي ضعيف و مدلس؛ و قد عنعنه. و المتن باطل؛ فإن هذا الحديث - لو صح - لاحتجت به فاطمة علي أبي بكر رضي اللّه عنهما؛ فما أجرأ الكذابين! و لم أجد من روي هذا الحديث غير المؤلف هاهنا! و العجب لا ينقضي من المؤلف كيف يزعم أن هذا الحديث الموضوع فيه منقبة لفاطمة بأن لها «فدك» ثم يروي في آخر الكتاب ما يرد هذا الحديث المكذوب! فانظر رقم (164، 222).
3- . حديث موضوع: بشر بن أبي عمرو بن العلاء؛ قال أبو حاتم: مجهول. و قال ابن طاهر: أحاديثه موضوعة. و هارون بن أبي الهيذام: اكتفي الذهبي بقوله عنه: محدث حافظ رحال «تاريخ الإسلام» (ج 225/5). و عطية العوفي ضعيف شيعي مدلس، و قد عنعنه، و القلب لا يستبعد أن يكون هو المتهم به؛ لتأييده بدعته! ثم فيه من الحط الظاهر علي الصديق رضي اللّه عنه ما لا يخفي؛ فهل خفي هذا علي المؤلف؛ فروي مثل هذه الأباطيل في فضائل فاطمة رضي اللّه عنها؟! و لم يرو هذا الحديث الموضوع سوي المؤلف فيما علمت؛ ثم لا يزال عجبي لا ينقضي من روايته لهذا الحديث المكذوب! انظر رقم (35).

أعلمية فاطمة س من النساء

* ذكر فضيلة لفاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و البيان أنّها كانت أعلم النساء في حياة رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»:

38 - أخبرنا أبو الحسن عليّ بن محمّد بن عقبة الشيبانيّ بالكوفة، حدثنا أحمد بن موسي بن إسحاق، حدثنا مخول بن إبراهيم النّهديّ، حدثنا عبد الرحمن بن الأسود، عن محمّد بن عبيد اللّه بن أبي رافع، عن عون بن عبد اللّه، عن أبيه قال: قال عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه: كنّا عند رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» فقال: «أخبروني أيّ شيء خير للنساء؟»(1)، فقال: فعيينا عن ذلك كلّنا حتّي تفرّقنا، فرجعت إلي فاطمة فأخبرتها بالذي قال لنا رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و ذكر الحديث.

39 - أخبرني أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه المزني، حدثنا أحمد بن نجدة القرشي، حدثنا يحيي بن عبد الحميد، حدثنا عبد اللّه بن عمران، عن عليّ بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيب، عن عليّ رضي اللّه عنه: أنّه قال لفاطمة: ما خير للنساء؟ قالت: ما لهنّ خير من أن لا يرين الرجال، و لا يرونهنّ، قال: فذكرت ذلك للنبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و أخبرته بقول فاطمة، فقال: «إنّ فاطمة بضعة منّي»(2).

ص: 54


1- . حديث ضعيف: في سنده: محمد بن عبيد اللّه بن أبي رافع، و هو منكر الحديث كما قال البخاري. و قد رواه - أيضا -: ابن أبي الدنيا في «النفقة علي العيال» برقم (408)، و سنده منقطع بين العوام بن حوشب، و بين علي. و رواه البزار في «مسنده» (ج 2 /ص 159)، و فيه: علي بن زيد، و هو ضعيف، و مثله: قيس بن الربيع. و مخول بن إبراهيم: رافضي بغيض صدوق في نفسه كما في «الميزان» و «اللسان». و له طريق أخري عند أبي نعيم في «الحلية» (ج 2 /ص 40-41)؛ و فيه تدليس الحسن البصري، و شيخ أبي نعيم: يعقوب بن إبراهيم بن عباد بن العوام؛ لم أقف له علي جرح أو تعديل فيما بين يدي من كتب الرجال. و ستأتي طريق ثالثة عند أبي نعيم في السند الذي بعد هذا عند المؤلف. و جزم شيخنا الألباني في «الضعيفة» برقم (6102) بضعف الحديث.
2- . حديث ضعيف: و من هذا الوجه: رواه أبو نعيم - أيضا - في «الحلية» (ج 2 /ص 152)، و سنده ضعيف جدّا: يحيي بن عبد الحميد هو الحماني: متروك، و علي بن زيد: ضعيف. و قد تبين لي عدم انتهاض هذه الطرق - عدا الواهية؛ فلا قيمة لها - لتقوية الحديث؛ فإن طريق أبي نعيم التي فيها عنعنة الحسن البصري لا قيمة لها؛ ففي الطريق مجهول عين لا ذكر له في شيء من كتب الرجال! و طريق العوام بن حوشب عن علي شديدة الانقطاع بينهما، و طريق البزار ضعيفة أيضا. و لعله من أجل هذا كله؛ لم يقوه شيخنا في «الضعيفة» (ج 12 /ص 540). أما الزيادة الأخيرة: «إنّ فاطمة بضعة منّي» فمتفق عليها؛ و قد تقدم ذلك. و لهذا حكمت علي هذه الزيادة الأخيرة بالصحة في تحقيقي ل «مسند علي رضي اللّه عنه» (ج 1089/3) برقم (6258-6256). بينما حكمت علي طرفه الأول بالضعف.

ذكر فضيلة أخري لفاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و البيان أنّها شجنة منه:

40 - أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمّد القطان ببغداذ، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا عبد اللّه بن جعفر الزّهريّ، عن جعفر بن محمّد، عن عبيد اللّه بن أبي رافع، عن المسور بن مخرمة، قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «إنما فاطمة شجنة منّي، يبسطني ما بسطها، و يقبضني ما قبضها»(1).

41 - حدّثنا محمّد بن عيسي بن عبدك القزّاز الرازيّ، حدثنا الحسين بن إسحاق التّستري، حدثنا يحيي الحماني، حدثنا ابن عليّة، عن أيوب، عن ابن أبي مليكة، عن عبد اللّه بن الزّبير: أن عليّا - كرم اللّه وجهه - ذكر امرأة، فقال النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «إنّما فاطمة بضعة منّي؛ يؤذيني ما يؤذيها، و ينصبني ما أنصبها»(2).

ذكر فضيلة أخري لفاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و البيان أنّها كانت أعزّ النّاس علي أصحابه بعده:

42 - أخبرنا مكرم بن أحمد القاضي ببغداذ، حدثنا أحمد بن يوسف الهمذانيّ، حدثنا عبد المؤمن بن عليّ الزعفراني، حدثنا عبد السلام بن حرب، عن عبيد اللّه بن عمر، عن زيد بن

ص: 55


1- . حديث صحيح: و قد رواه المؤلف في «المستدرك» (ج 3 /ص 168)، و أحمد في «المسند» (ج 4 /ص 323)، و ابنه عبد اللّه بن أحمد في «زوائد المسند» (ج 4 /ص 332)، و في «زوائد فضائل الصحابة» برقم (1347)، و كذا رواه ابن أبي عاصم في «الآحاد و المثاني» برقم (2956)، و الطبراني في «الكبير» (ج 20 /ص 25)، (ج 22 /ص 405)، و ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج 70/20-71)، و أبو يعلي في «المسند» - كما في «المطالب العالية» برقم (3951) -.
2- الطريق مجهول عين لا ذكر له في شيء من كتب الرجال! و طريق العوام بن حوشب عن علي شديدة الانقطاع بينهما، و طريق البزار ضعيفة أيضا. و لعله من أجل هذا كله؛ لم يقوه شيخنا في «الضعيفة» (ج 12 /ص 540). أما الزيادة الأخيرة: «إنّ فاطمة بضعة منّي» فمتفق عليها؛ و قد تقدم ذلك. و لهذا حكمت علي هذه الزيادة الأخيرة بالصحة في تحقيقي ل «مسند علي رضي اللّه عنه» (ج 1089/3) برقم (6258-6256). بينما حكمت علي طرفه الأول بالضعف.

أسلم، عن أبيه، عن عمر رضي اللّه عنه: أنّه دخل علي فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، فقال: «يا فاطمة! إنّه - و اللّه! - ما كان أحد من النّاس بعد أبيك، أعزّ عليّ منك»(1).

43 - حدّثنا مكيّ بن بندار الزنجانيّ، حدثنا محمّد بن فضالة الحنفيّ، حدثنا ابن أبي الهيذام، حدثنا عثمان بن طالوت، حدثنا بشر بن أبي عمرو بن العلاء، عن أبيه، قال:

حدّثني عبيد اللّه بن عمر، عن زيد بن أسلم: فذكره بنحوه(2).

ذكر فضيلة أخري لفاطمة الزّهراء رضي اللّه عنها، و هي أنّها كانت تسمّي الصّدّيقة:

44 - أخبرنا أبو محمّد الحسن بن محمّد بن يحيي ابن أخي طاهر العلويّ العقيقي، حدثنا جدّي محمّد بن يحيي بن الحسين، حدثنا عليّ بن أحمد العلوي، قال: حدّثني أبي، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن بكير بن صالح، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد قال: «كانت فاطمة تسمّي الصّدّيقة»(3).

45 - أخبرنا الحاكم الجليل أبو الفضل محمّد بن محمّد بن أحمد الحنيفي الوزير، حدثنا أبو القاسم حماد بن أحمد بن حماد السلمي، حدثنا ابن أبي ثميلة - يعني محمّدا - حدثنا أصرم بن حوشب، حدثنا أبو سلمة معاوية بن سلمة، عن ابن أبي مليكة، قال: قالت عائشة رضي اللّه عنها:

ص: 56


1- . أثر ضعيف منكر: و رواه المؤلف في «المستدرك» (ج 3 /ص 155) و قال: صحيح الإسناد؛ فرده الذهبي بقوله: (غريب عجيب)! و عبد المؤمن هذا ليس فيه توثيق صريح؛ بل ذكر ابن حاتم أن مسلما أثني عليه و قال: لو لا عبد المؤمن من أين كان يسمع أبو غسان النهدي من عبد السلام بن حرب؟! «الجرح و التعديل» (ج 66/6). و أحمد بن يوسف: لعله ابن خالد التغلبي؛ فإنه هو الذي يروي عنه: مكرم بن أحمد القاضي: أورده الخطيب في «تاريخ بغداد» (ج 2 /ص 485)، و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا. و في المتن نكارة؛ و لهذا قال الذهبي ما قال. و أعله شيخنا الألباني: بعبد السلام بن حرب؛ فإن له مناكير علي جلالته؛ أو بالزعفراني، وفاته الكلام علي أحمد بن يوسف. «الضعيفة» (ج 3 /ص 123).
2- . أثر ضعيف منكر: كما تقدم في الذي قبله؛ و السند هنا ضعيف جدّا: بشر بن أبي عمرو بن العلاء قال ابن طاهر: أحاديثه موضوعة، و قد تقدم له حديث برقم (36). و هارون بن أبي الهيذام: اكتفي الذهبي بقوله عنه: محدث حافظ رجال «تاريخ الإسلام» (ج 225/5)، و قد تقدم له حديث آخر برقم (36). و شيخ المؤلف متهم بالوضع؛ فانظر رقم (71).
3- . أثر ضعيف مقطوع: بكير بن صالح: لم أقف له علي جرح أو تعديل فيما بين يدي من كتب الرجال.

«رحم اللّه فاطمة؛ ما كان أحد بعد النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» أصدق لهجة منها»(1).

46 - أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، حدثنا محمّد بن غالب، حدثنا سعيد بن سليمان، حدثنا عبّاد بن عباد المهلبيّ، حدثنا محمّد بن إسحاق، عن محمّد بن جعفر بن الزّبير، و يحيي بن عباد بن عبد اللّه بن الزّبير، كلاهما عن أبيهما عبد اللّه بن الزّبير قال:

كانت عائشة رضي اللّه عنها تقول: «و الذي ذهب بنفسه؛ ما رأيت آدميّا قطّ أصدق لهجة من فاطمة الزّهراء غير الذي ولدها»(2).

47 - حدّثناه: ميمون بن إسحاق الهاشميّ، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بكير، عن محمّد بن إسحاق، عن محمّد بن عباد بن عبد اللّه بن الزّبير عن أبيه عن عائشة: أنّها كانت إذا ذكرت فاطمة بنت النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» قالت: «ما رأيت أحدا كان أصدق لهجة منها، إلا أن يكون الذي ولدها»(3).

48 - و أخبرنا أبو إسحاق المزكّي، و أبو الحسين بن يعقوب الحافظ في «التاريخ» قالا:

حدّثنا أبو العبّاس الثقفيّ، حدثنا محمّد بن حميد، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن يحيي بن عباد بن عبد اللّه بن الزّبير، عن أبيه، عن عائشة رضي اللّه عنها: أنّها كانت إذا ذكرت فاطمة بنت النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» قالت: «ما رأيت أحدا كان أصدق لهجة منها، إلا أن يكون الذي ولدها»(4).

49 - حدّثنا عليّ بن حمشاد العدل، و يحيي بن محمّد العنبريّ، قالا: حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن إبراهيم العبديّ، حدثنا أمية بن بسطام، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا روح بن القاسم، عن عمرو بن دينار، أنّ عائشة رضي اللّه عنها قالت: «ما رأيت أحدا قطّ، هو أصدق لهجة).

ص: 57


1- . أثر صحيح: و سنده هنا موضوع: أصرم بن حوشب: كذاب خبيث كما قال ابن معين. و قال ابن حبان: يضع الحديث. و سيأتي للأثر سند صحيح برقم (48).
2- . أثر صحيح: و سنده ضعيف هنا من أجل: محمد بن إسحاق؛ فإنه مدلس، و قد عنعنه. و قولها: «الزهراء» لم يثبت عنها».
3- . أثر صحيح: و سنده ضعيف هنا؛ ففيه العلة السابقة.
4- . أثر صحيح: و سنده ضعيف جدّا: سلمة هو ابن الفضل الأبرش؛ كثير الخطأ، لكن الحمل فيه علي محمد بن حميد الرازي؛ فهو متهم بالكذب؛ فمن العجب تصحيح المؤلف للأثر علي شرط مسلم؛ و موافقة الذهبي له! «المستدرك» (ج 3 /ص 160-161).

من فاطمة غير أبيها». قال: «و كان بينهما شيء»(1)، فقالت عائشة: «سلها يا رسول اللّه؛ فإنّها لا تكذب»(2).

تسميتها ع بفاطمة لأنّ اللّه فطمها، و ذريّتها من النّار:

* ذكر فضيلة أخري لفاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و البيان أنّها سمّيت بهذا الاسم؛ لأنّ اللّه فطمها، و ذريّتها من النّار:

50 - حدّثني أحمد بن الحسين الورّاق بالرّي، حدثنا أبو بكر محمّد بن أحمد العامري، حدثنا هارون بن عيسي المصري، حدثنا بكّار بن محمّد بن شعبة، قال: حدّثني أبي، عن بكر بن محمّد الأعتق، عن عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» لفاطمة: «يا فاطمة! تدرين لم سمّيت فاطمة؟». قال عليّ: «يا رسول اللّه! لم سمّيت فاطمة؟» قال: «إنّ اللّه عزّ و جل قد فطمها، و ذريّتها عن النار يوم القيامة»(3).

ذكر فضيلة أخري لفاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و البيان أنّ اللّه تعالي حرّم ذريّتها علي النار :

* ذكر فضيلة أخري لفاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و البيان أنّ اللّه تعالي حرّم ذريّتها علي النار(4):

51 - أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عثمان بن يحيي البزاز ببغداذ، قال: حدّثنا سعيد بن عثمان الأهوازيّ، حدثنا محمّد بن عقبة السدوسي، حدثنا معاوية بن هشام الأسدي، عن عمرو بن غياث، عن عاصم، عن زرّ، عن عبد اللّه، قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «إنّ فاطمة حصّنت فرجها؛ فحرّم اللّه ذرّيتها علي النار»5.

ص: 58


1- . كما في «صحيح مسلم» برقم (4472) عند ما قالت لرسول اللّه عليه الصلاة و السلام: «إنّ أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة». و سيأتي مفصلا برقم (172).
2- . أثر صحيح: و سنده صحيح. و رواه المؤلف في «المستدرك» (ج 3 /ص 152)، و العقيلي في «الضعفاء» (ج 3 /ص 184)، و ابن عدي في «الكامل» (ج 5 /ص 59)، و أبو نعيم في «الحلية» (ج 4 /ص 188)، و في «فضائل الخلفاء الراشدين» برقم (140)، و ابن شاهين في «فضائل فاطمة» برقم (10)، و في «شرح مذاهب أهل السنة» برقم (182)، و البزار في «مسنده» - كشف الأستار - برقم (2651)، و أبو يعلي في «مسنده الكبير» - كما في «المطالب العالية» برقم (ج 4 /ص 70) - و ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج 30/63) من طريق تمام في «الفوائد» برقم (1493)، و كذا رواه ابن مندة في «معرفة الصحابة»، و الطبراني في «الكبير» برقم (1018، 2625). و صحح الحاكم سنده! فرده الذهبي بقوله: «تفرد به معاوية - و فيه ضعف - عن ابن غياث - و هو واه بمرة». أما الهيثمي: فتساهل - كعادته - فقال: «فيه عمرو بن عتاب - و قيل: ابن غياث -: و هو ضعيف»! «المجمع» (ج 9 /ص 202). و زاد المناوي - ضغثا علي إبّالة - فحسنه في «إتحاف السائل بما لفاطمة من المناقب» ص 7! فانتقده - بحق - الغماري في «المداوي لعلل الجامع الصغير و شرحي المناوي» (ج 2 /ص 481-482) فقال: (لا يكتب هذا إلا فاقد العقل بمرة...)!
3- . حديث موضوع: و الآفة - عندي - من أحد هذين الرجلين: إما: بكار بن محمد بن شعبة: لا يعرف. و قال الدّارقطني: لا يضبط. أو: بكر بن محمد الأعتق: و لم أجد من ترجم له! و ستأتي طرق أخري للحديث، و كلها موضوعة. و هذه الطريق لم أقف عليها عند غير المؤلف في هذا الكتاب.
4- . كررت لفظة: «النار» في «الأصل».

52 - أخبرنا أبو جعفر محمّد بن عليّ بن دحيم الشيباني، حدثنا أحمد بن خازم بن أبي غرزة، و حدّثنا أبو محمّد المزني، قالا: حدّثنا محمّد بن عبد اللّه الحضرمي، و عبد اللّه بن غنام قالوا: حدّثنا أبو كريب، حدثنا معاوية بن هشام، حدثنا عمرو بن غياث الحضرمي، عن عاصم، عن زرّ، عن عبد اللّه، قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: «إنّ فاطمة أحصنت فرجها فحرّمها اللّه، و ذريّتها علي النار»(1).

ذكر فضيلة أخري لفاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و البيان أنّها كانت لمحبتها إعجاز رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و البيان أنّها كانت لها دون غيرها:

53 - حدّثنا أبو جعفر أحمد بن عبيد بن إبراهيم الأسديّ الحافظ بهمذان، حدثنا

ص: 59


1- . حديث منكر جدّا: بل هو موضوع، و قد تقدم بيان ذلك في الذي قبله. و قد ذكر الدّارقطني في «العلل» (ج 5 /ص 65) أنه روي مرسلا أيضا. قلت: و لا قيمة له مرسلا أو موصولا؛ لأن مدراه علي: عمرو بن غياث المتهم بالكذب! و تابعه كذاب آخر هو: تليد بن سليمان: أخرجه ابن شاهين برقم (12)، و ابن عساكر (ج 14 /ص 174). و كذاب ثالث: حفص بن عمرو الأيلي: أخرجه ابن شاهين برقم (11)، و أبو القاسم المهرواني - كما في «اللآلئ المصنوعة» للسيوطي (ج 1 /ص 401) و اكتفي شيخنا بتضعيفه جدّا في «الضعيفة» برقم (456)، و الصواب ما قاله شيخ الإسلام. و أحمد بن خازم بن أبي غزرة: لا يعرف كما قال الذهبي، و له «جزء» رواه عن ابن لهيعة، و قال ابن عدي: عامة أحاديثه مستقيمة. «الميزان» (ج 1 /ص 95).

إبراهيم بن الحسين، حدثنا عمرو بن حمّاد بن طلحة القناد، حدثنا مسهر بن عبد الملك بن سلع الهمذانيّ، عن عتبة بن معاذ البصري، عن عكرمة، عن عمران بن حصين(1) قال:

كنت مع رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» إذ أقبلت فاطمة - عليها السّلام - فوقفت بين يديه، فنظر إليها رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و قد ذهب الدّم من وجهها، و علت الصّفرة علي وجهها من شدّة الجوع، فنظر إليها رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، فقال: «ادني يا فاطمة». فدنت حتّي قامت بين يديه، فرفع يده، فوضعه علي صدرها في موضع القلادة، و فرّج بين أصابعه، ثمّ قال: «اللهمّ مشبع الجاعة، و رافع الوضعة، ارفع فاطمة بنت محمّد».

قال عمران: فنظرت إليها، و قد ذهبت الصفرة من وجهها، و غلب الدّم كما كانت الصفرة غلبت علي الدم. قال عمران: فلقيتها بعد فسألتها، فقالت: «ما جعت بعد يا عمران»(2).

مباهلة النبي ص بها ع و ابنيها:

* ذكر فضيلة أخري لفاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و البيان أنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» باهل بها و ابنيها حين أمر بالمباهلة.

54 - أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه الصّنعانيّ بمكة، حدثنا عليّ بن المبارك الصّنعانيّ، حدثنا أبو عبد اللّه زيد بن المبارك الصّنعانيّ، حدثنا محمّد بن ثوب، عن ابن جريج: في قوله تعالي: إِنَّ مَثَلَ عِيسي عِنْدَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ [آل عمران: 59] قال: بلغنا أنّ نصاري نجران قدم وفدهم علي النّبيّ - عليه الصلاة و السلام - المدينة، فيهم «السيّد» و «العاقب»، و أخبرت أنّ معهما «عبد المسيح»، و هما سيّدا أهل نجران، فقالوا: يا محمّد! فيم تشتم صاحبنا؟ قال: و من صاحبكم؟ قالوا: عيسي ابن مريم؛ تزعم أنّه عبد. قال النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «أجل؛ هو عبد اللّه، و كلمته ألقاها إلي مريم». فغضبوا،

ص: 60


1- . في «الأصل»: «ابن عمران بن حصين» و التصويب من مصادر التخريج.
2- . حديث ضعيف: عتبة بن معاذ البصري: لم أقف له علي جرح أو تعديل. و الحديث رواه - أيضا -: الدولابي في «الكني و الأسماء» (ج 3 /ص 1039)، و الطبري في «تهذيب الآثار» - ابن عباس - (ج 1 /ص 286)، و أبو نعيم في «دلائل النبوة» (ج 1 /ص 229)، و البيهقي في «دلائل النبوة» - أيضا - (ج 6 /ص 266)، و حماد بن إسحاق في «تركة النبي» (ج 1 /ص 63). و قال الألباني: (بسند لا بأس به في الشواهد). «جلباب المرأة المسلمة» برقم (3).

و قالوا: إن كنت صادقا فأرنا عبدا يحيي الموتي، و يبرئ الأكمه و الأبرص، و يخلق من الطين كهيئة الطير، و لكنه: «اللّه». فسكت النّبيّ - عليه السّلام - حتّي جاءه جبريل - صلوات اللّه عليه - فقال: يا محمّد! لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ [المائدة: 17] هذه الآية.

قال النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «إنهم قد سألوني أن أخبرهم بمثل عيسي»، قال جبريل - عليه السّلام -: إِنَّ مَثَلَ عِيسي عِنْدَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ حتي فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ في عيسي يا محمّد مِنْ بَعْدِ هذا، فَقُلْ تَعالَوْا الآية إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ أي: الذي قلناه في عيسي لهو القصص وَ ما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللّهُ هذه الآية، فأخذ النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» بيد عليّ، و حسن، و حسين، و جعلوا فاطمة وراءهم، ثمّ قالوا: «هؤلاء أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَي الْكاذِبِينَ [آل عمران: 61، 62]»، فأتي «السّيد» و قالوا: نصالحك، فصالحوه علي ألفي حلّة، فقال النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «و الذي نفسي بيده، لو لاعنوني ما حال الحول و منهم بشر إلا أهلك اللّه الكاذبين»(1).

55 - حدّثنا جعفر بن محمّد بن نصر الخوّاص، حدثنا موسي بن هارون، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد، عن أبيه، قال: لما نزلت هذه الآية: نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ دعا رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: عليّا، و فاطمة، و حسنا، و حسينا، و قال: «اللهمّ هؤلاء أهلي»(2).).

ص: 61


1- . حديث ضعيف: إسناده معضل. و قد قال المؤلف في «معرفة علوم الحديث» (ص 50): (و قد تواترت الأخبار في التفاسير، 14 - عن عبد اللّه بن عباس، و غيره: أن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و سلّم أخذ يوم المباهلة بيد علي، و حسن، و حسين و جعلوا فاطمة وراءهم، ثم قال: «هؤلاء أبناؤنا و أنفسنا و نساؤنا، فهلموا أنفسكم و أبناءكم و نساءكم ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَي الْكاذِبِينَ. قلت: هذا التواتر لا أصل له! و إنما هي روايات مرسلة أو معضلة. و انظر «الدر المنثور» للسيوطي (ج 2 /ص 354). و من هذا الوجه: رواه الطبري في «التفسير» (ج 6 /ص 482) عن ابن جريج معضلا. و هناك رواية عن ابن عباس عند الطبري (ج 6 /ص 481) صحيحة مختصرة جدّا في الملاعنة.
2- . حديث صحيح: و جاء في «صحيح مسلم» برقم (4420) مطولا. و هذه الرواية عند المؤلف في «المستدرك» (ج 3 /ص 150).

ذكر فضيلة أخري للبتول الزّهراء فاطمة، و البيان أنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» وليّ ولديه و عصبتهما:

56 - و حدّثني عبد العزيز بن عبد الملك الأموي، قال: حدّثني سليمان بن أحمد بن يحيي، حدثنا محمود بن الربيع العامريّ، حدثنا حمّاد بن عيسي غريق الجحفة، قال: حدثتنا طاهرة بنت عمرو بن دينار، قالت: حدّثني أبي، عن جابر بن عبد اللّه قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «إنّ لكلّ بني أم عصبة ينتمون إليها إلا ولد فاطمة؛ فأنا وليّهم و أنا عصبتهم، و هم عترتي، خلقوا من طينتي، ويل للمكذّبين بفضلهم، من أحبهم أحبه اللّه، و من أبغضهم أبغضه اللّه»(1).

ذكر فضيلة أخري لفاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و البيان أنّها من الذين أذهب اللّه عنهم الرّجس، و طهّرهم تطهيرا:

57 - أخبرنا أبو العبّاس محمّد بن أحمد المحبوبي بمرو، قال: أخبرنا سعيد بن مسعود، حدثنا عبيد اللّه بن موسي، قال: أخبرنا زكريا بن أبي زائدة، قال: أخبرنا مصعب بن شيبة، عن صفية بنت شيبة، قالت عائشة رضي اللّه عنها: خرج النّبيّ عليه الصلاة و السلام غداة، و عليه مرط مرحّل - أو مرجّل - من شعر أسود، فجاء الحسن، فأدخله معه، ثمّ جاء الحسين، فأدخله معه، ثمّ جاءت فاطمة، فأدخلها معه، ثمّ جاء عليّ، فأدخله معه،

ص: 62


1- . حديث موضوع: و الحمل فيه علي غريق الجحفة؛ فإنه يروي الموضوعات عن ابن جريج و جعفر الصادق، كما قال المؤلف - نفسه! - و النقاش، و هو - هنا - يروي عن: طاهرة بنت عمرو بن دينار؛ و هي مجهولة العين! و شيخ الحاكم: ذكره ابن عساكر في «تاريخ دمشق» و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا، و سليمان بن أحمد بن يحيي، هو الملطي الحافظ: تبرأ الحافظ ابن جميع من عهدته عند ما روي عنه في «معجم شيوخه» كما في: «الأنساب» للسمعاني (ج 5 /ص 380)، و هناك قاعدة يذكرها المحدثون عن الملطيين، و هي كما قال الحافظ عبد الغني بن سعيد: «ليس في الملطيين ثقة». «الأنساب» (ج 5 /ص 380). و محمود بن الربيع العمري: لم أقف له علي جرح أو تعديل؛ فالسند ظلمات بعضها فوق بعض! و الحديث رواه ابن عساكر (ج 36 /ص 313). و لقوله: (عترتي، خلقوا من طينتي، و ويل للمكذبين بفضلهم): شاهد موضوع - أيضا -: ذكره شيخنا في «الضعيفة» برقم (894) و حكم بوضعه.

ثمّ قال: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً [الأحزاب: 33](1).

58 - كتب إليّ إسماعيل بن محمّد الصفّار، يذكر أنّ الحسن بن عرفة، حدّثهم قال:

حدّثني عليّ بن ثابت الجزريّ، حدثنا بكير بن مسمار - مولي عامر بن سعد - قال: سمعت عامر بن سعد يقول: قال سعد: نزل علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» الوحيّ، فأدخل عليّا، و فاطمة، و ابنيهما تحت ثوبه، ثمّ قال: «اللّهم هؤلاء أهلي و أهل بيتي»(2).

ذكر فضيلة أخري لفاطمة بنت رسول اللّه - عليه السّلام - و البيان أنّها أوّل من يدخل الجنّة بعد رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و ابناهما معهما:

59 - حدّثنا أبو أحمد عليّ بن محمّد الحبيبي بمرو، قال: حدّثنا محمّد بن موسي الباشاني، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن محمّد التيميّ، قال: حدّثنا إسماعيل بن عمرو البجليّ، عن الأجلح، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عاصم بن ضمرة، عن عليّ - عليه السّلام - قال: أخبرني رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» أنّ أوّل من يدخل الجنة أنا، و فاطمة، و الحسن، و الحسين. قلت: يا رسول اللّه! فمحبّونا؟ قال: «من ورائكم»(3).

ص: 63


1- . حديث صحيح: رواه مسلم برقم (2424)، و أبو داود برقم (4032)، و الترمذي في «السنن» برقم (2813)، و في «الشمائل» برقم (69)، و أحمد (ج 6 /ص 152)، و الطبري في «التفسير» (ج 22 /ص 6)، و إسحاق بن راهوية في «مسنده» برقم (1139)، و ابن أبي شيبة في «المصنف» برقم (32102) (ج 370/6)، و البغوي في «شرح السنة» برقم (3821)، و في «التفسير» برقم (955)، و في «شمائل النبي المختار» له أيضا برقم (796)، و الآجري في «الشريعة» برقم (1683، 1684)، و ابن عساكر (ج 13)، و البيهقي في «الكبري» (ج 2 /ص 14)، و هو عند المؤلف في «المستدرك» (ج 3 /ص 159).
2- . حديث حسن الإسناد: بكير بن مسمار متكلم فيه؛ لكن لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن. و رواه المؤلف في «المستدرك» (ج 3 /ص 14)، و الحسن بن عرفة في (جزئه) برقم (49)، و البزار في «مسنده» برقم (1120)، و ابن عساكر (ج 42 /ص 1)، و البيهقي في «الكبري» (ج 7 /ص 63)، و الطبري في «التفسير» (ج 12 /ص 8)، و ابن النجار في «ذيل تاريخ بغداد» برقم (47).
3- . حديث موضوع: رواه المؤلف في «المستدرك» (ج 15/3)؛ و قال: «صحيح الإسناد»!؛ فرده الذهبي بقوله: «منكر جدّا؛ و فيه ثلاثة تكلم فيهم». و رواه الحاكم بعد ذلك أيضا: (ج 3 /ص 164)، ثم قال: «صحيح الإسناد»! فرده الذهبي بقوله: «إسماعيل، و شيخه، و عاصم: ضعفوا؛ و الحديث منكر من القول يشهد القلب بوضعه». قلت: صدقت و بررت أيها الحافظ النحرير! و المضعّفون هم: إسماعيل بن عمرو البجلي، و الأجلح، و عاصم بن ضمرة: روي عنه حبيب بن أبي ثابت - كما هو هاهنا - مناكير - كما قال البزار -؛ ثم إن حبيبا مدلس، و قد عنعنه. و رواه - أيضا -: ابن عساكر (ج 14 /ص 169). و قد حكمت علي الحديث بالوضع في تحقيقي ل «مسند علي رضي اللّه عنه» (ج 4 /ص 1483) برقم (8703).

ذكر فضيلة أخري لفاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و البيان أنّها يوم القيامة في حظيرة القدس مع شيعتها:

60 - أخبرني أبو نصر محمّد بن هارون الدقيقي بالنّهراوان، قال: حدثتنا سمانة بنت حمدان الأنبارية، قالت: حدّثني أبي، قال: حدّثنا عمرو بن زياد الثّوبانيّ، قال: حدّثني عبد العزيز بن محمّد الدراورديّ، قال: حدّثني زيد بن أسلم، عن أبيه أسلم، قال: قال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «أنا، و فاطمة، و الحسن، و الحسين، و عليّ في حظيرة القدس، في قبّة بيضاء، و هي قبّة المجد، و شيعتنا عن يمين الرحمن تبارك و تعالي»(1).

ذكر فضيلة أخري لفاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و البيان أنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» حرب لعدوّها، سلم لمحبّيها:

61 - حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، حدثنا العبّاس بن محمّد الدوري، حدثنا مالك بن إسماعيل، حدثنا أسباط بن نصر الهمذاني، عن السدي، عن صبيح مولي أم سلمة، عن زيد بن أرقم، عن النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: أنّه قال لعليّ، و فاطمة، و حسن، و حسين: «أنا حرب لمن حاربتم، و سلم لمن سالمتم»(2).

ص: 64


1- . موضوع: رواه ابن الجوزي في «الموضوعات» برقم (784) و فيه: عمرو بن زياد الثوباني يضع الحديث كما قال الدّارقطني. و قواه السيوطي في «اللآلئ» (ج 1 /ص 159) بحديث: أبي موسي مرفوعا: «أنا و علي و فاطمة و الحسن و الحسين يوم القيامة في قبة تحت العرش». ثم قال: (جبار ضعيف)! قلت: زهير بن عباد الذي في سنده: فيه خلاف؛ و وثقه جماعة. و لكن أبا إسحاق السبيعي مدلس و مختلط و قد عنعن السند. و فيه: جبار أو حبان الطائي، و البلاء فيه - عندي - منه؛ فإنه مجهول. و قال ابن حجر في «اللسان» (ج 92/2) بأنه جبار بن فلان الطائي، و أن الأزدي صحفه من: حنان!
2- . حديث حسن: و رواه المؤلف في «المستدرك» (ج 3 /ص 161)، و الترمذي برقم (3870)، و ابن شاهين في «فضائل فاطمة» برقم (16)، و الطبراني في «الأوسط» برقم (5015، 7259)، و في «الكبير» برقم (2620، 5031)، و في «الصغير» برقم (3)، و ابن أبي شيبة في «المصنف» برقم (32718)، و البزار برقم (4320)، و أبو الطاهر في «جزئه» برقم (146)، و القزويني في «جزئه» برقم (32)، و المحاملي في «جزئه» برقم (532)، و الآجري في «الشريعة» برقم (1519)، و الدولابي في «الكني» (ج 2 /ص 160). قلت: الإسناد حسن من أجل السدي - و هو الكبير -: إسماعيل بن عبد الرحمن؛ فإنه متكلم في حفظه؛ و الحديث حسنه الألباني في «صحيح الجامع» برقم (2342).

62 - أخبرنا أبو بكر بن أبي دارم الحافظ بالكوفة، حدثنا المنذر بن محمّد بن المنذر القابوسي، حدثنا أبي، حدثنا سليمان بن قرم، عن أبي الجحّاف، عن إبراهيم بن عبد اللّه بن صبيح، عن أبيه، عن جده، قال: أتيت زيد بن أرقم، فقال: «ما جاء بك؟» فقلت: «جئت لتحدّثني عن رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، فقال: سمعته يقول: مرّ عليّ، و فاطمة، و الحسن، و الحسين، فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «أنا حرب لمن حاربتم، و سلم لمن سالمتم»(1).

و هكذا روي هذا الحديث عن أبي إسحاق عن(2). حديث حسن: و سنده موضوع هنا: و شيخ الحاكم هو نفسه الذي قبله؛ و لكن ذكره باسمه هنا؛ فكأنه دلّسه!(3) زيد بن أرقم.

63 - أخبرناه: أحمد بن محمّد بن السّريّ بن يحيي التميميّ، حدثنا المنذر بن محمّد بن المنذر اللخميّ، قال: حدّثني أبي، حدثنا عمّي، عن أبيه، عن أبان بن تغلب، عن أبي إسحاق، عن زيد بن أرقم قال: إني لعند رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» أنا، و عليّ، و فاطمة، و الحسن، و الحسين، فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «أنا حرب لمن حاربتم، و سلم لمن سالمتم»(3). و هكذا رواه أبو هريرة.

64 - فأما حديث أبي هريرة: فحدّثناه أبو القاسم الحسن بن محمّد السكوني، حدثنا عبيد بن كثير العامري، حدثنا محمّد بن عليّ العطار، حدثنا تليد أبو إدريس المحاربيّ، قال:

حدّثنا أبو الجحاف، عن أبي حازم(4):.ث!

ص: 65


1- . حديث حسن: و سنده هنا موضوع! شيخ المؤلف وضاع رافضي خبيث! و قد تقدم برقم (12، 23، 32) عدد من الأحاديث لهذا الرافضي.
2- - «الصغير» برقم
3- ، و ابن أبي شيبة في «المصنف» برقم (32718)، و البزار برقم (4320)، و أبو الطاهر في «جزئه» برقم (146)، و القزويني في «جزئه» برقم (32)، و المحاملي في «جزئه» برقم (532)، و الآجري في «الشريعة» برقم (1519)، و الدولابي في «الكني» (ج 2 /ص 160). قلت: الإسناد حسن من أجل السدي - و هو الكبير -: إسماعيل بن عبد الرحمن؛ فإنه متكلم في حفظه؛ و الحديث حسنه الألباني في «صحيح الجامع» برقم (2342).
4- . حديث حسن: و سنده موضوع: تليد بن سليمان كذاب شتام للصحابة رافضي خبيث!

65 - و حدّثنا محمّد بن هارون بن عيسي، حدثنا محمّد بن الليث الجوهري حدثنا إسماعيل بن موسي، حدثنا تليد بن سليمان، عن أبي الجحاف، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: نظر رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» إلي عليّ، و فاطمة، و الحسن، و الحسين؛ فقال: «أنا حرب لمن حاربتم، سلم لمن سالمتم»(1).

ذكر فضيلة أخري لفاطمة الزّهراء، و البيان أنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» كان يأتيها عند مبيتها؛ فيعلّمها دعاء تدعوا به:

66 - حدّثنا أبو بكر محمّد بن جعفر بن يزيد الأدمي ببغداذ، حدثنا أبو بكر ابن أبي العوام الرياحي، حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا العوام بن حوشب، عن عمرو بن مرّة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلي، عن عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه قال: «أتانا رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، فوضع رجله بيني و بين فاطمة: يعلّمنا ما نقول إذا أخذنا مضاجعنا، فقال: «يا فاطمة! إذا كنتما بمنزلتكما هذه فسبّحا ثلاثا و ثلاثين، و احمدا ثلاثا و ثلاثين». قال عليّ: «و اللّه ما تركتها بعد». فقال له رجل كان في نفسه عليه شيء: «و لا ليلة صفّين؟» فقال: «و لا ليلة صفين»(2).

ذكر معجزة أخري من دلائل النّبوة خصّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» بها فاطمة دون غيرها:

67 - أخبرني عبد الرحمن بن الحسن بن أحمد بن محمّد بن عبيد الأسديّ بهمذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا عبد الرحمن بن صالح، حدثنا بكير بن وادع الحضرميّ، عن أبي الغصن، عن عبيد اللّه التمّار، عن زينب بنت جحش: أنّ النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» دخل علي فاطمة غداة من الغدوات، و هي خبيثة النّفس، فقال لها: «يا ابنتي! ما لي أراك خبيثة النّفس؟». قالت: يا أبتاه! قد أصبحنا، و ليس عندنا شيء، و حسن، و حسين

ص: 66


1- . حديث حسن: و سنده موضوع كسابقه؛ فيه نفس الآفة!
2- . حديث صحيح: أصله في «صحيح البخاري» برقم (5361، 5362، 6318) من حديث علي رضي اللّه عنه، و في «صحيح مسلم» برقم (2731) من حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه، و رواه المؤلف في «المستدرك» (ج 3 /ص 151) من نفس الطريق التي هاهنا. و قد حكمت علي الحديث بالصحة في تحقيقي ل «مسند علي رضي اللّه عنه» (ج 5 /ص 1876) برقم (10908-10923).

بين أيدينا قائمين، و عليّ جاث. فحمد اللّه؛ ثمّ قال: «أ يقظيهم». فجلسوا، فقال: «هاتي ذاك الطّربّان»(1). فالتفتت؛ فإذا طربّان خلفها، قال: «ضعيه». فوضعته، ثمّ قال: «كلوا بسم اللّه». فبينا هم يأكلون؛ إذ جاء سائل، فقام علي الباب، فقال: «السلام عليكم أهل البيت! أطعمونا مما رزقكم اللّه، فردّ عليه النّبيّ، عليه السّلام: «يطعمك اللّه يا عبد اللّه». فمكث غير بعيد، ثمّ رجع، فقال مثل ذلك، ثمّ ذهب، ثمّ رجع، فقالت فاطمة: يا أبتاه! سائل؟!

فقال: «يا ابنتي! هذا الشيطان: جاء ليأكل من هذا الطعام، و لم يكن اللّه ليطعمه من طعام الجنّة»(2).ه.

ص: 67


1- . الطربان: نوع من الآنية أو الأطباق التي يؤكل عليها. «المخصص» لابن سيدة (ج 1 /ص 382).
2- . حديث موضوع: شيخ المؤلف: عبد الرحمن بن الحسن الأسدي رماه بالكذب: القاسم بن أبي صالح؛ لادّعائه السماع من ابن ديزيل، و ادعائه الكتب و المصنفات التي لم يسمعها. قال الذهبي: رماه بالكذب القاسمي بن أبي صالح. و قال صالح بن أحمد الهمداني: ضعيف ادّعي الرواية عن إبراهيم بن الحسين؛ فذهب علمه. و قال ابن أبي الفوارس: كان ضعيفا جدّا. قلت: و هو يروي عن ابن ديزيل هنا! و قد رواه الخطيب في «تاريخ بغداد» (ج 10 /ص 292) عن أبي الفضل صالح بن أحمد الحافظ قال: عبد الرحمن بن الحسن بن أحمد بن محمد بن عبيد أبو القاسم الأسدي روي عن يحيي بن عبد اللّه الكرابيسي و محمد بن أيوب و موسي بن إسحاق و علي بن الجنيد و أحمد بن أبي عوف البروزي و محمد بن سليمان الحضرمي و ادعي الرواية عن إبراهيم بن الحسين فذهب علمه، و كنت كتبت عنه أيام السلامة علي المجاراة أحاديث ذوات عدد، أحاديث من أحاديث إبراهيم و لو لم يدع ما ادعاه بأخرة حكمنا علي أن أباه سمعه تلك الأحاديث و ذلك القدر أيضا أنكر عليه أبو جعفر بن عمه و القاسم بن أبي صالح روايته عن إبراهيم فسكت عنه حتي ماتوا و تغير أمر البلد فادعي الكتب و المصنفات و التفاسير و كنا بلغنا قراءة إبراهيم يعني كتاب التفسير قبل السبعين و قال: مولدي سنة سبعين، و بلغني أن إبراهيم كان إذا مر له الشيء قلما يعيده، قال صالح: سمعت أبي يحكي عن بعض المشايخ يقول: قدم قوم من أهل الكرخ سنة نيف و سبعين و مائتين و سألوا إبراهيم أن يسمعوا منه تفسير ورقاء عن بن أبي نجيح روايته عن آدم فلم يجبهم، قال: فسمعوه من يحيي الكرابيسي عن إبراهيم و إبراهيم حي و ادعي هذا المسكين سماعا و حمل عنه، و نسأل اللّه السلامة و قال صالح: سمعت القاسم بن أبي صالح نص عليه بالكذب؛ و مع هذا دخوله في أعمال الظلمة و ما يحمله من الأوزار و الآثام و نعوذ باللّه من الحور بعد الكور و سألني عنه أبو الحسن الدّارقطني ببغداد فقال: رأيت في كتبه تخاليط. انتهي. قلت: و بكير بن وادع: لم أقف له علي ترجمة، و كذا شيخه و شيخ شيخه؛ و لا أري إلا أنهم من كذب هذا الوضاع و اختلاقه أو هو من تخاليطه.

ذكر فضيلة أخري لفاطمة، و البيان أنّ أبا بكر الصّدّيق، و عمر الفاروق رضي اللّه عنهم: قد كانا خطباها إلي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»:

68 - أخبرنا أبو العبّاس القاسم بن القاسم السياري بمرو، حدثنا محمّد بن موسي بن حاتم الباشاني، قال: حدثنا عليّ بن الحسين بن شقيق، قال: حدّثنا الحسين بن واقد، عن عبد اللّه بن بريدة، عن أبيه، قال: خطب أبو بكر، و عمر فاطمة رضي اللّه عنهم، فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «إنّها صغيرة». فخطبها عليّ، فزوّجها(1).

69 - حدّثناه: أبو محمّد الحسن بن محمّد بن إسحاق الأزهري، أخبرنا محمّد بن زكريا بن دينار الغلابيّ، قال: حدثنا قحطبة بن غدانة الجشمي، قال: حدّثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه قال: جاء أبو بكر رضي اللّه عنه إلي النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» فقعد بين يديه، فقال: «يا رسول اللّه! قد علمت مناصحتي، و قدمي في الإسلام، و أنّي و أنّي». قال: «و ما ذاك يا أبا بكر؟». قال: «حيث أخطب فاطمة». قال: فلم يرجع إليه جوابا، فرجع أبو بكر إلي عمر، فقال: «هلكت و أهلكت».

قال: «و ما ذاك؟»، قال: «خطبت إلي النّبيّ - عليه السّلام - فاطمة فأعرض عنّي». قال:

فقال عمر: «مكانك حتّي آتي النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» فأطلب مثل الذي طلبت». فأتي عمر النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، فقعد بين يديه، فقال: «يا رسول اللّه! قد علمت مناصحتي، و قدمي في الإسلام، و أني و أني». قال: «و ما ذاك؟».

قال: «تزوجني فاطمة»، فلم يرجع إليه جوابا، قال: فرجع إلي أبي بكر، فقال: «إنه ينتظر أمر اللّه تعالي ذكره فيها»، فقال أبو بكر لعمر رضي اللّه عنهما: «انطلق بنا إلي عليّ حتّي نأمره أن يسأل و يطلب تزويج فاطمة كما طلبنا»، قال عليّ: «فأتياني و أنا أعالج فسيلا»، فقال: «ائت ابن عمّك فاخطب فاطمة». قال: فنبهاني لأمر، فقمت أجرّ ردائي: طرفا علي عاتقي،

ص: 68


1- . حديث صحيح: و رواه - أيضا -: المؤلف في «المستدرك» (ج 2 /ص 167-168) و قال: علي شرطهما، و وافقه الذهبي، و الصواب أنه علي شرط مسلم فقط. و رواه أيضا: النسائي في «الصغري» (ج 6 /ص 62)، و في «الكبري» برقم (5310، 8454)، و في «خصائص علي» برقم (123)، و ابن حبان برقم (6948)، و ابن شاهين في «مذاهب أهل السنة» برقم (91)، و عبد اللّه بن أحمد في زوائد «فضائل الصحابة» برقم (1051)، و أبو نعيم في «فضائل الخلفاء الراشدين» برقم (25).

و طرفا علي الأرض، حتّي أتيت النّبيّ - عليه السّلام -، فجلست بين يديه، فقلت: «يا رسول اللّه! لقد علمت قدمي في الإسلام، و مناصحتي، و أني و أني». قال: «و ما ذاك؟».

قلت: «تزوّجني فاطمة». قال: «و أيش عندك؟». قال: «فرسي و بدني» - يعني درعه - قال: «أمّا فرسك فلا بدّ لك منه، و أمّا بدنك فبعها، و ائتني بثمنها»، قال: فباعها بأربعمائة درهم، ثمّ جاء بها فوضعها في حجره، فقبض قبضة فقال: «أي بلال! ابتع لنا بها طيبا».

و أمرهم أن يجهزوها، قال: فجعل لها سريرا مشرطا بالشريط، و وسادتين من أدم، حشوها ليف، و ملأ البيت كثيبا - يعني رملا - و قال النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «إذا أتتك فاطمة؛ فلا تحدثنّ شيئا حتّي آتيك». قال عليّ: فجاءتني مع أمّ أيمن حتّي قعدت في جانب البيت، و أنا في جانب، و جاء رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، فقال: «هاهنا أخي؟»، فقالت له أمّ أيمن: «أخوك و زوّجته ابنتك؟»، ثمّ جاء؛ فقال لفاطمة: «ائتيني بماء». فقامت إلي قعب في البيت، فجعلت فيه ماء، و أتته به، فمجّ فيه، و أمرها أن تنضح به بين ثدييها، و علي رأسها، و قال: «اللهمّ إني أعيذها بك و ذريّتها من الشيطان الرجيم»، ثمّ قال لها: «أدبري»، فأدبرت، فنضح بين كتفيها، ثمّ قال: «اللهمّ إني أعيذها بك، و ذريتها من الشيطان الرجيم»، ثمّ قال لعليّ رضي اللّه عنه: «ائتني بقعب ماء» فعلمت(1) الذي يريد، فقمت، فملأت القعب؛ فأتيته به، فأخذ منه؛ فمجّ فيه، ثمّ صبّ علي رأسي، و علي صدري، ثمّ قال: «اللهمّ إني أعيذه بك، و ذريّته من الشيطان الرجيم»، ثمّ قال: «أدبر»، فأدبرت، فصبّ بين كتفيّ، ثمّ قال: «اللهمّ إني أعيذه بك، و ذريته من الشيطان الرجيم»(2).

ذكر فضيلة أخري لسيّدة النساء فاطمة، و هي صفتها، و أنّها لم يشبهها من النساء أحد:

70 - أخبرنا الحسن بن محمّد بن إسحاق، قال: حدّثنا محمّد بن زكريا، قال: حدّثنا

ص: 69


1- . في «الأصل» رسمت هكذا: «فلمت»، و لعل ما أثبته هو الصواب.
2- . حديث موضوع: آفته: الغلابي: محمد بن زكريا بن دينار؛ فإنه وضاع كذاب! و فيه: تدليس الحسن البصري. و قحطبة: سمع منه أبو حاتم و قال: صدوق. «الجرح و التعديل» لابن أبي حاتم. (ج 7 /ص 149). و قال الطبري: «و ذكر عن عمر بن شبة أن قحطبة بن غدانة الجشمي - و كان من الصحابة - قال: سمعت أبا جعفر المنصور يخطب بمدينة السلام سنة 152......»!! «تاريخ الطبري» (ج 6 /ص 330). قلت: هذا بعيد عن الصواب بالكلية! و لم أقف علي الحديث عند غير المؤلف في هذا الكتاب.

عبد اللّه بن المثني، عن ثمامة، عن أنس رضي اللّه عنه قال: سألت أمّي عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، فقالت: «كانت كالقمر ليلة البدر، أو كشمس كفر غماما إذا خرج من السحاب، بيضاء مشربة حمرة، لها شعر أسود تغيب فيه(1)، من أشبه النّاس برسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، كانت و اللّه كما قال الشاعر:

بيضاء تسحب من قيام شعرها و تغيب فيه و هو جثل أسحم

و كأنها فيه نهار مشرق و كأنه ليل عليها مظلم»(2)

ذكر فضيلة أخري لسيدة نساء العالمين فاطمة، و هي أنّها لم تر: دما في حيض، و لا نفاس:

71 - أخبرنا محمّد بن الحسن بن محمّد الأزهريّ، قال: حدّثنا محمّد بن زكريا بن دينار البصري، قال: حدّثنا العبّاس بن بكار، قال: حدّثنا عبد اللّه بن المثني، عن عمّه ثمامة، عن عبد اللّه، عن أنس بن مالك، عن أمّه قالت: «لم تر فاطمة رضي اللّه عنها: دما في حيض، و لا نفاس»(3).

72 - حدّثناه: مكّيّ بن بندار الزنجانيّ ببغداذ، قال: حدّثنا عصمة بن أبي عصمة البعلبكي، قال: حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن بكر الصّيرفيّ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن المثني الأنصاري أبو محمّد، قال: حدّثني أبي، عن ثمامة بن عبد اللّه، عن أنس، عن أمّ سليم:

زوجة أبي طلحة الأنصاري، أنّها قالت: «لم تر فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» دما قطّ: في حيض، و لا نفاس، و كانت يصبّ عليها من ماء الجنة، و ذلك أنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»؛ لما أسري به: دخل الجنة، و أكل من فاكهة الجنة،

ص: 70


1- . في «الأصل»: «فيها» و التصويب من رقم (77).
2- . أثر موضوع: المتهم بوضعه: الغلابي الكذاب الوضاع! و البيت لبكر بن النطّاح: كما في «أمالي القالي» (ج 1 /ص 227).
3- . حديث موضوع: المتهم بوضعه - في هذا السند -: الغلابي أيضا! و قد رواه - أيضا - عن هذا الوضاع: ابن الأعرابي في «معجمه» برقم (557)، و العباس بن بكار: قال الدّارقطني: كذاب. و قد اتهمه الحافظ ابن حجر بوضع هذا الحديث؛ فأصاب؛ إذ أن عهدة الحديث قد برئت من الغلابي؛ فقد رواه ابن أبي الدنيا: 17 - حدثنا إسحاق الأشقر ثنا العباس بن بكار ثنا عبد اللّه بن المثني عن عمه ثمامة عن أنس عن أم سليم قالت: (لم ير لفاطمة دم في حيض و لا نفاس). قال الحافظ بعده: (هذا من وضع العباس). انظر «لسان الميزان» (ج 3 /ص 237) ترجمة: العباس بن بكار.

و شرب من ماء الجنة، فنزل من ليلته؛ فوقع علي خديجة، فحملت بفاطمة، فكان حمل فاطمة من ماء الجنّة»(1).

ذكر فضيلة أخري لسيّدة النّساء فاطمة، و هي دخول رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» معها، و مع زوجها اللّحاف، و تلقينه إيّاها الدّعوات:

73 - أخبرنا أبو جعفر محمّد بن محمّد بن عبد اللّه البغداذيّ، قال: حدّثنا عبد العزيز بن الحسين بن بكر بن الشرود، قال: حدّثنا أبي، عن جدّي، عن عبد الوهاب بن مجاهد، عن مجاهد، عن ابن أبي ليلي: أنّه سمع عليّا رضي اللّه عنه يقول لفاطمة: ايتي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»؛ فسليه أن يخدمك خادما؛ فقد شقّ عليك الخدمة، فجاءته؛ فلم تجده في البيت، قال:

فانقلبت، فأخبرته عائشة أنّ فاطمة جاءت تبغيك، فلم يضع رداءه حتّي جاءها، و قد دخلت هي، و عليّ في لحاف، فلمّا رآه عليّ استحيا منه، فكأنّهما أرادا أن يتنحّيا منه، فقال لهما رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «كما أنتما». قال: فأدخل رجليه بينهما في اللّحاف، كأنّه يدفّئهما، و كانت غداة خضرة، فلمّا ذكرت له فاطمة شأن الخادم قال: «الخادم أحبّ إليك؟ أو خير منه؟!» فقال لها عليّ: قولي: بل خير منه. فقالت فاطمة: خير منه. قال: «إذا أردت أن ترقدي فسبّحي ثلاثا و ثلاثين، و كبّري أربعا و ثلاثين، و احمدي ثلاثا و ثلاثين».

قال ابن أبي ليلي: فقلت لعليّ: لعلّك قلتها ليلة صفّين؟! قال: نعم، و اللّه! لقد فعلت(2).

ذكر المرثيّة التي كانت لسيّدة النّساء: فاطمة ترثي بها رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» و هي من أجلّ فضائلها:

74 - حدّثني أبو جعفر، قال: حدّثنا أحمد بن عبيد بن إبراهيم بن محمّد بن عبيد بن عبد الملك الأسدي الحافظ بهمذان، قال: حدّثنا إبراهيم بن الحسين، قال: حدّثنا

ص: 71


1- . حديث موضوع: و المتهم بوضعه شيخ المؤلف: مكي بن بندار الزنجاني؛ فقد اتهمه الدّارقطني بالوضع كما في «الميزان» و «لسانه». و قد رواه - أيضا - ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج 40 /ص 3) من طريق المؤلف به.
2- . حديث موضوع بهذا السند و المتن: عبد الوهاب بن مجاهد: كذاب كما قال الثوري. و لكن قد صح المتن - مع شيء من الاختلاف اليسير - من طرق أخري عن علي، و كذا صح عن صحابة آخرين غيره: مما سيأتي قريبا بإذن اللّه تعالي.

إسماعيل بن أبي أويس، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد ابن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده محمّد بن عليّ، عن أبيه، عن عليّ: أنّ فاطمة لما توفي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» كانت تقول: وا أبتاه! من ربه ما أدناه وا أبتاه! جنّات الخلد مأواه و أبتاه! ربّ العرش يكرمه إذا أتاه وا أبتاه! ربّنا و الرّسل تسلّم عليه حين تلقاه(1).

فلما ماتت فاطمة - عليها السّلام - قال عليّ بن أبي طالب، كرّم اللّه وجهه(2):

لكلّ اجتماع من خليلين فرقة و كلّ الذي دون الفراق قليل

و إنّ افتقادي واحدا بعد واحد دليل علي أن لا يدوم خليل(3)

ذكر ما أسندت سيّدة نساء عالمها فاطمة بنت سيّد الأنبياء، و المرسلين المصطفي من البريّة أجمعين: محمّد رسول ربّ العالمين، عن أبيها صلوات اللّه عليه، و علي آله الطّيّبين الطاهرين:

75 - حدّثنا عبد الباقي بن قانع الحافظ ببغداد، و الحسن بن محمّد الأزهري بنيسابور، قالا: حدّثنا محمّد بن زكريا بن دينار، قال: حدّثنا أبو زيد يحيي بن عمير الحبقي، قال:

حدّثنا بشر بن إبراهيم الأنصاري، عن الأوزاعي، عن يحيي بن أبي كثير، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: «إنما سمّيت فاطمة فاطمة؛ لأنّ اللّه تعالي فطم من أحبها من النار»(4).

ص: 72


1- . في «الأصل»: «يلقاه».
2- . في هذه العبارة خلاف في جواز تخصيصها بعلي رضي اللّه عنه؛ و الأولي بها أبو بكر و عمر و عثمان رضي اللّه عنهم. انظر كلام الحافظ ابن كثير في «التفسير» (ج 3 /ص 517).
3- . خبر لا يصح: إسماعيل بن أبي أويس متكلم في حفظه؛ ثم هو منقطع بين علي بن الحسين بن علي و جده علي رضي اللّه عنه. 15 - و الذي جاء في «صحيح البخاري» برقم (4462): «يا أبتاه! أجاب ربّا دعاه، يا أبتاه! من جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه! إلي جبريل ننعاه». من حديث أنس بن مالك. و قد رواه المؤلف في «المستدرك» (ج 3 /ص 163)، و سكت هو و الذهبي عن التعليق عليه!
4- . حديث موضوع: فيه كذابان: الغلابي، و بشر بن إبراهيم الأنصاري. و رواه - من هذا الوجه -: ابن الجوزي في «الموضوعات» برقم (780). و قد تقدم برقم (49، 50، 51) و كلها روايات مكذوبة. و يحيي بن عمير الحبقي لم أعرفه و لعله من افتراء الغلابي أو الأنصاري!

76 - حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، قال: حدّثنا أحمد بن عبد الجبار، قال:

حدّثنا يونس بن بكير، عن إبراهيم بن عثمان، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس رضي اللّه عنه قال: «ولدت خديجة لرسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» غلامين و أربع نسوة:

القاسم، و عبد اللّه، و فاطمة، و أمّ كلثوم، و رقيّة، و زينب»(1).

77 - أخبرنا الحسن بن محمّد بن إسحاق بن الأزهر، قال: حدّثنا محمّد بن زكريا الغلابي، قال: حدّثنا العبّاس بن بكار، قال: حدّثنا عبد اللّه بن المثني، عن عمّه ثمامة، عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه قال: سألت أمي عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» فقالت: «كانت كالقمر ليلة البدر، أو كالشمس إذا خرج من السحاب؛ بيضاء مشربة حمرة، لها شعر أسود تغيب فيه، من أشبه النّاس برسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و كانت - و اللّه! - كما قال الشاعر:

بيضاء تسحب من قيام شعرها و تغيب فيه و هو جثل أسحم

فكأنّها فيه نهار مشرق و كأنّه ليل عليها مظلم(2)

78 - سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن محمّد بن يحيي المزكّي يقول: سمعت أبا العبّاس محمّد بن إسحاق يقول: سمعت عبد اللّه بن محمّد بن سليمان بن جعفر بن سليمان الهاشمي يقول: سمعت أبي يقول: [سمعت] أبا جعفر بن سليمان يقول: ولدت فاطمة سنة إحدي و أربعين من مولد النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و ماتت فاطمة و هي ابنة).

ص: 73


1- . حديث ضعيف جدّا بهذا السند: إبراهيم بن عثمان هذا هو أبو شيبة العبسي: متروك؛ بل كذبه شعبة. و قد تابع هذا المتهم بالكذب: شعبة - و هو الذي كذّبه - عند المؤلف في «المستدرك» (ج 3 /ص 201) لكن في الطريق إليه: محمد بن يونس القرشي - و هو الكديمي -: متهم بالكذب! فلا قيمة لهذه المتابعة أصلا. لكن ثبت بسند حسن مرسلا - و المرسل من أقسام الحديث الضعيف - عند الدولابي برقم (40) من رواية ابن إسحاق بلفظ. 17 - «ولدت خديجة لرسول اللّه صلّي اللّه عليه و سلّم ولده كلهم قبل أن ينزل عليه الوحي: زينب و أم كلثوم و رقية و فاطمة و القاسم و الطاهر و الطيب فأما القاسم و الطاهر و الطيب فهلكوا قبل الإسلام جميعا و هم يرضعون و بالقاسم كان يكني، و أما بناته فأدركن الإسلام و هاجرن معه و اتبعنه و آمن به».
2- . أثر موضوع: و المتهم به: الغلابي أو العباس بن بكار؛ فكلاهما وضاع. و انظر رقم (69).

إحدي و عشرين سنة(1).

79 - حدّثناه: أبو جعفر محمّد بن محمّد البغداذيّ، قال: حدّثنا يحيي بن عثمان بن صالح السّهمي، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا عبد اللّه بن لهيعة، عن عقيل بن خالد، عن ابن شهاب قال: «توفّيت فاطمة بعد وفاة رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» بستّة أشهر، و هي بنت ثمان و عشرين سنة، و كان مولدها و قريش تبني الكعبة، و رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» ابن خمس و ثلاثين سنة»(2).

أصحّ ما روي في بقائها بعد وفاة أبيها صلوات اللّه عليه ما:

80 - أخبرناه محمّد بن عليّ بن عبد الحميد الصّنعانيّ بمكة، قال: حدّثنا إسحاق ابن إبراهيم بن عباد، قال: حدّثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزّهريّ، عن عروة، عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: «مكثت فاطمة بعد وفاة رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» ستة أشهر»(3).

81 - حدّثناه: أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، قال: حدّثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، قال: حدّثنا أبو اليمان الحكم بن نافع البهراني، قال: أخبرنا شعيب بن أبي حمزة، عن الزّهريّ، عن عروة، عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: «توفيت فاطمة بعد وفاة رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» بستّة أشهر، و دفنها عليّ ليلا»(4).

82 - قرأت بخطّ الشيخ أبي بكر محمّد بن داود(5) في تصنيفه «المناقب»: (ذكر وصيّة فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» عند وفاتها): أنبأني الشيخ الزاهد أبو بكر محمّد بن داود بن سليمان - و كتبته من كتابه بخطّ يده - قال: أخبرنا محمّد بن الحسين بن حميد بن الربيع الخزاز الكوفي، قال: حدّثنا محمّد بن زكريا الغلابيّ، قال: حدّثنا محمّد بن عبد الرحمن المهلبي، قال: حدّثنا عبد اللّه بن محمّد بن سليمان، عن أبيه، عن

ص: 74


1- . لا يصح: في سنده من لم أقف له علي ترجمة. و وقع في: «الأصل»: «أحد و عشرين سنة».
2- . مرسل: و سنده ضعيف من أجل ابن لهيعة؛ و الرواية عنه ليست من أحد الذين سمعوا منه قبل احتراق كتبه.
3- . أثر صحيح: و الرواية عند عبد الرزاق في «المصنف» برقم (9774)، و رواه المؤلف في «المستدرك» (ج 3 /ص 177).
4- . أثر صحيح: و إسناده كلهم أئمة ثقات.
5- . ثقة فاضل كما قال الدّارقطني. «تذكرة الحفاظ» (ج 901/3).

عبد اللّه بن الحسين، عن أمّه فاطمة بنت الحسين قال: قالت أمي فاطمة بنت الحسين: لما اشتدّت علّة فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» اجتمعن عندها نساء المهاجرين، و الأنصار، فقلن لها: يا ابنة رسول اللّه! كيف أصبحت عن ليلتك؟ فقالت:

أصبحت - و اللّه! - عائفة لدنياكم، قالية لرجالكم، لفظتهم بعد أن عجمتهم، و شنئتهم بعد أن سبرتهم، فقبحا لفلول الحدّ(1)، و خور القناة، و خطل الرّأي: لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَ فِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ [المائدة: 80] لا جرم لقد قلّدتهم ربقتها، و شننت عليهم عارها، فجدعا، و عقرا، و سحقا للقوم الظالمين، ويحهم أنّي زحزحوها عن رواسي الرسالة، و قواعد النّبوّة، و مهبط الوحي الأمين، و الضّنين بأمر الدنيا و الدين: أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ [الزمر: 15]، و ما نقموا من أبي حسين؟ نقموا - و اللّه! - نكير سيفه، و شدّة وطأته، و نكال وقعته، و تشمّره في ذات اللّه، و تاللّه لو تكافّوا عن زمام نبذه رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» إليه لاعتقله، و لسار بهم سيرا سجحا، لا يكلم خشاشه، و لا يتعتع راكبه، و أوردهم منهلا نميرا فضفاضا تطفح ضفّتاه، و لأصدرهم بطانا قد غمرهم الرّيّ، غير متحلّ منه بطائل إلا بغمر الماء، و ردغة سورة السّاغب(2)، و لفتحت عليهم بركات من السماء و الأرض، و سيأخذهم اللّه بما كانوا يكسبون.

ألا هلمّ فاسمع - و ما عشت أراك الدّهر العجب - و إن تعجب فقد أعجبك الحادث، إلي أيّ لجأ استندوا، و بأيّ عروة تمسّكوا، استبدلوا الذّنابي(3) - و اللّه! - بالقوادم(4)، و العجز بالكاهل(5)، فرغما لمعاطس(6)يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً [الكهف: 104]، أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَ لكِنْ لا يَشْعُرُونَ [البقرة: 12]، أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَي الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي).

ص: 75


1- . يقال في السيف فلول، إذا كان في حده تثلم. «غريب الحديث» لابن قتيبة. (ج 2 /ص 177).
2- . الردغ: الوحل و الطين. و السورة: الحدة و الغضب. و الساغب: الجائع. «لسان العرب» (ج 8 /ص 426)، (ج 1 /ص 468)، (ج 4 /ص 384).
3- . منبت الذنب أو هو الذنب أو الذيل نفسه. و انظر «لسان العرب» (ج 1 /ص 389).
4- . القوادم: الرءوس. (ج 12 /ص 465).
5- . العجز: المؤخرة. و الكاهل: ما بين الكتفين. «للسان» (ج 5 /ص 369)، (ج 11 /ص 600).
6- . المعاطس: الأنوف كما في «لسان العرب» (ج 6 /ص 142).

إِلاّ أَنْ يُهْدي فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ [يونس: 35]، أما لعمر إلهك لقد لقحت، فنظرة ريثما تنتج، ثمّ احتلبوا طلاع العقب دما عبيطا، و ذعاقا ممقرا، هنالك يخسر المبطلون، و يعرف التّالون غبّ ما سنّ الأوّلون، ثمّ طيبوا عن أنفسكم أنفسا، و طامنوا للفتنة جأشا، و أبشروا بسيف صارم، و هرج شامل، و استبداد من الظالمين، يدع فيئكم زهيدا، و جمعكم حصيدا، فيا حسرتي بكم، و أنّي لكم؟ و قد عميت عليكم أَ نُلْزِمُكُمُوها وَ أَنْتُمْ لَها كارِهُونَ [هود: 28]، و الحمد للّه ربّ العالمين، و صلّي اللّه علي محمّد أبي، سيّد المرسلين(1).

83 - أخبرني أبو الحسين أحمد بن محمّد بن إسماعيل بن مهران الإسماعيلي، قال:

حدّثني أبي، قال: حدّثنا محمّد بن الوليد اليحصبي، قال: حدّثنا عبد اللّه بن محمّد بن ربيعة القدامي، قال: حدّثنا مالك بن أنس، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه قال: توفيت فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» ليلا، فجاء أبو بكر، و عمر، و عثمان، و طلحة، و الزّبير، و سعد و جماعة سمّاهم مالك، فقال أبو بكر رضي اللّه عنه: تصلّي عليها؟ - لعليّ - فقال عليّ: لا و اللّه! لا أتقدّمك، و أنت خليفة رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم». قال:

فتقدّم أبو بكر فصلّي عليها، و كبّر عليها أربعا، و دفنت ليلا. هذا حديث تفرّد به أبو محمّد القداميّ، عن مالك(2).

84 - و أصحّ ما روي في هذا الباب ما حدّثناه: شيخنا و إمامنا أبو بكر أحمد بن إسحاق، قال: أخبرنا عبيد بن شريك البزاز، قال: حدّثنا يحيي بن بكير، قال: حدّثني).

ص: 76


1- . أثر موضوع مختلق مكذوب: و المتهم به هو الغلابي الوضاع الكذاب؛ و لم يتق اللّه هذا الوضاع فما استحي من أن ينسب إليها بعض تلك الكلمات الساقطة من حيث معناها و أسلوبها، و مخالفتها للواقع التاريخي، فأي شيء هذا القول: «قالية لرجالكم، لفظتهم بعد أن عجمتهم» و قوله: «و ما نقموا من أبي حسن؟» أيها القارئ إنّه لو لم يكن من علامات الكذب في هذه الرواية إلا ختمها بالحمدلة و الصلاة علي النّبيّ عليه الصلاة و السلام لكفي ذلك في بيان بطلان نسبتها إلي فاطمة رضي اللّه عنها.
2- . أثر موضوع: و المتهم به: عبد اللّه بن محمد بن ربيعة القدامي؛ فإنه متهم بالكذب، و قلب الأحاديث، و حديثه المكذوب هذا أورده الذهبي في ترجمته من «الميزان». و رواه ابن عدي في «الكامل» (ج 4 /ص 258). كما أورد هذه الرواية - أيضا - محمد بن طاهر المقدسي (507 ه) في كتابه «ذخيرة الحفاظ»، و قال: «لم يروه عن مالك غير القدامي و هو ضعيف» «ذخيرة الحفاظ» (ج 2 /ص 1172).

الليث بن سعد، عن عقيل، عن الزّهريّ، قال: دفنت فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» ليلا، دفنها عليّ، و لم يسمع بدفنها أبو بكر حتّي دفنت، و صلّي عليها عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه(1).

85 - أخبرني أحمد بن محمّد بن إسماعيل، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا جعفر بن مسافر التنيسي، قال: حدّثنا ابن أبي فديك، عن محمّد بن موسي بن أبي عبد اللّه، عن عون بن محمّد بن عليّ بن أبي طالب، عن أمّه أمّ جعفر، عن أسماء بنت عميس: أنّ فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» لما حضرتها الوفاة قالت لها: يا أمّه! إني لأستحيي مما يصنع بالنّساء، قالت: و كان النّساء تسدل عليهنّ الثياب كما يسدل علي الرجال. فقالت: يا ابنة! أ لا أريك شيئا رأيته إذ كنت مع عمّك جعفر بن أبي طالب بأرض الحبشة، فدعوت بجريد فجعلت نعشا، فقالت: اجعلي هذا لي، و لا يلي غسلي إلا أنت و عليّ، فغسلتها أنا و عليّ رضي اللّه عنهما(2).

86 - أخبرنيه: أبو الحسين بن يعقوب الحافظ، قال: أخبرنا محمّد بن إسحاق الثقفي، قال: حدّثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدّثنا محمّد بن موسي، عن عون بن محمّد بن عليّ بن أبي طالب، عن أمّ جعفر بنت محمّد بن جعفر، و عن عمارة بن المهاجر، عن أم جعفر: أنّ فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» قالت: «يا أسماء! إني استقبحت ما يصنع بالنّساء؛ إنّه يطرح علي المرأة الثوب فيصفها»، فقالت أسماء: «يا ابنة رسول اللّه! أ لا أريك شيئا رأيته بأرض الحبشة»، فدعت بجرائد رطبة فحنتها، ثمّ طرحت عليها ثوبا، فقالت فاطمة: «ما أحسن هذا و أجمله! يعرف به المرأة من الرجل، فإذا أنا متّ فاغسليني أنت و عليّ، و لا تدخلي عليّ أحدا». فلما توفيت جاءت عائشة تدخل، فقالت أسماء: «لاه!

ص: 77


1- . أثر صحيح: و سنده هنا مرسل. و من هذا الوجه رواه المؤلف - أيضا - في «المستدرك» (ج 3 /ص 178).
2- . أثر لا يصح: عون بن محمد: مجهول الحال، و أم جعفر هي بنت محمد بن جعفر بن أبي طالب: ذكرها الذهبي في المجهولات من النساء؛ فالسند لا يثبت. و جعفر بن مسافر التنيسي: صدوق عند الذهبي في «الكاشف» برقم (802). 1 - و قد رواه المؤلف مختصرا في «المستدرك» (ج 3 /ص 163) عن أسماء أنها قالت: «غسلت أنا و علي فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و سلّم». و سكت هو و الذهبي عن الحكم عليه!

تدخلي»، فشكت عائشة إلي أبي بكر رضي اللّه عنهما، فقالت: «إنّ هذه الخثعميّة تحول بيننا و بين ابنة نبيّ اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، فجاء أبو بكر فوقف علي الباب، فقال: «يا أسماء! ما حملك علي أن منعت أزواج النّبيّ - عليه السلام - يدخلن علي ابنة رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و جعلت لها مثل هودج العروس؟». فقالت: «أمرتني أن لا يدخل عليها أحد، و أريتها الذي صنعت و هي حيّة، فأمرتني أن أصنع ذلك»، فقال أبو بكر:

«فاصنعي ما أمرتك». ثمّ انصرف أبو بكر، و غسلها عليّ و أسماء رضي اللّه عنهم(1).

87 - أخبرنا أحمد بن سليمان الموصليّ، قال: حدّثنا عليّ بن حرب، قال: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن أبي جعفر قال: «ما رأيت فاطمة ضاحكة بعد رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» إلا يوم أشرفت علي الموت، و إنّما مكثت بعده ستة أشهر»(2).

قال سفيان: قال الزّهريّ: «و إنما مكثت فاطمة بعد رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» ثلاثة أشهر»(3).

هذا هو الصحيح من حياة فاطمة بعد أبيها، و إليه ذهب أحمد بن حنبل في «تاريخه».

88 - حدثناه: أبو العباس محمد بن يعقوب، قال: محمد بن علي بن حمدان الوراق، قال: حدّثنا موسي بن داود الضّبّيّ:.

89 - و أخبرني محمّد بن المؤمل، قال: حدّثنا الفضل بن محمّد الشعرانيّ، قال: حدّثنا أحمد بن حنبل، قال: حدّثنا موسي بن داود، قال: حدّثنا عبد اللّه بن المؤمل، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: «كان بين النّبيّ و بين فاطمة شهران»(4).

90 - قال: و حدّثنا عبد اللّه بن المؤمل، عن أبي الزّبير، عن جابر: أنّ فاطمة لم تمكثف.

ص: 78


1- . أثر لا يصح: أم جعفر هذه مجهولة. و قد رواه - أيضا -: أبو نعيم في «الحلية» (ج 1 /ص 229)، و البيهقي في «السنن الكبري» (ج 4 /ص 34)، و السراج - كما في «الاستيعاب» لابن عبد البر (ج 2 /ص 114) - و سنده ضعيف للجهالة كما تقدم. و انظر ما قبله.
2- . إسناده لا يصح: شيخ المؤلف لم أقف له علي جرح أو تعديل فيما بين يدي من كتب الرجال.
3- . إسناده لا يصح أيضا: حمدان الوراق هذا لم أقف له علي جرح أو تعديل.
4- . أثر لا يصح: عبد اللّه بن المؤمل: ضعيف.

بعد النّبيّ - عليه الصلاة و السلام - إلا شهرين(1).

91 - أخبرنا الحسن بن محمّد المهرجاني، قال: حدّثنا محمّد بن زكريا الغلابيّ، قال:

حدّثنا العبّاس بن بكّار، قال: حدّثنا عبد اللّه بن المثني الأنصاريّ، قال: حدّثني عمّي ثمامة بن عبد اللّه، عن أنس بن مالك، عن أمّه قالت: «لم تر فاطمة دما في حيض و لا نفاس»(2).

92 - أخبرني أبو جعفر أحمد بن عبيد الأسدي الحافظ بهمذان، قال: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن زياد، قال: حدّثنا عمرو بن زياد، قال: حدثنا موسي بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، عن أبيه، عن جدّه محمّد بن عليّ، عن أبيه قال: لما ماتت فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» قال عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه:

لكلّ اجتماع من خليلين فرقة و كلّ الذي دون الفراق قليل

و إنّ افتقادي واحدا بعد واحد دليل علي أن لا يدوم خليل(3)

ذكر روايات أمير المؤمنين: عليّ بن أبي طالب، عن فاطمة رضي اللّه عنهما.

93 - أخبرنا أبو عليّ محمّد بن عليّ بن عمر المذّكر، قال: حدّثنا عتيق بن محمّد الحرشي، قال: حدّثنا سفيان بن عيينة:.

94 - و حدّثنا الإمام أبو بكر أحمد بن إسحاق، قال: أخبرنا بشر بن موسي، قال:

حدّثنا الحميديّ، قال: حدّثنا سفيان، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن أبي يزيد، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلي، عن عليّ رضي اللّه عنه: أنّ فاطمة أتت النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» تستخدمه خادما، و اشتكت إلي النّبيّ - عليه السلام - التّنّور يصيب بطنها، فسألته خادما، فقال لها النّبيّ - عليه السّلام -: «أ لا أدلّك علي ما هو خير لك؟»، قالت: «و ما هو؟» قال:).

ص: 79


1- . أثر لا يصح أيضا: فيه ابن المؤمل و هو ضعيف، مع عنعنة أبي الزبير، و هو مدلس.
2- . أثر موضوع: و قد تقدم برقم (69). و المتهم بوضعه: العباس بن بكار كما جزم الحافظ ابن حجر. تنبيه: كتب الناسخ بحاشية «الأصل»: (لا يليق هذا الحديث بهذا الموضع)!
3- . إسناده ضعيف جدّا: محمد بن إبراهيم بن زياد: متروك كما قال الدّارقطني. و عمرو بن زياد: إن كان الباهلي: فوضاع؛ و إلا فلم أعرفه. و انظر رقم (70).

«تسبّحين اللّه عند منامك ثلاثا و ثلاثين، و تكبّرين ثلاثا و ثلاثين، و تحمدين أربعا و ثلاثين».

قال عليّ رضي اللّه عنه: فما تركتها منذ حدّثتني فاطمة بأنها سمعته من رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، قالوا: و لا ليلة صفّين؟ قال: و لا ليلة صفّين(1).

95 - أخبرناه: أبو جعفر محمّد بن محمّد بن عبد اللّه البغداذيّ، قال: حدّثنا عبد العزيز بن الحسين بن بكر بن الشرود الصّنعانيّ، قال: حدّثنا أبي، عن جدّي، عن عبد الوهاب بن مجاهد، عن مجاهد، عن ابن أبي ليلي أنّه سمع عليّا يقول: قلت: فاطمة! ايت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»؛ فسليه أن يخدمك خادما، فقد شقّ عليك الخدمة، ثمّ ذكر الحديث بنحوه. و قد روي هذا الحديث الحكم بن عتيبة، و عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلي(2).

96 - أمّا حديث الحكم(3) فأخبرناه: أحمد بن سليمان بن الحسن الفقيه ببغداذ، قال:

حدثنا هلال بن العلاء الرقي، قال: حدثنا أبي، و عبد اللّه بن جعفر قالا: حدّثنا عبيد اللّه بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلي، عن عليّ رضي اللّه عنه قال: قدم علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: سبيّ، فأمرت فاطمة أن تأتي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»؛ فتستخدمه، و كانت تطحن و تعمل بيدها، فانطلقت فاطمة - و كان يوم عائشة - فلم تجده، فرجعت، ثمّ مكثت ساعة، ثمّ انطلقت فلم تجده، فرجعت، و لم يرجع رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» حتّي صلّي العشاء،خ!

ص: 80


1- . حديث صحيح: و من هذا الطريق رواه - أيضا -: أحمد (ج 1 /ص 80)، و النسائي في «الكبري» (ج 6 /ص 203)، و أبو يعلي في «المسند» برقم (578)، و ابن السني في «عمل اليوم و الليلة» برقم (740)، و أبو نعيم في «الحلية» (ج 2 /ص 245)، و ابن المختار في «الفوائد المنتقاة علي شرط الإمامين» برقم (30). و عتيق - بضم العين -: هكذا ضبطه ابن ماكولا في «الإكمال»، و كذا هو في «توضيح المشتبه» لابن ناصر الدين (ج 6 /ص 96). و هو ممن ذكرهم ابن حبان في «الثقات» له. و شيخ الحاكم متهم بسرقة الأحاديث!
2- . إسناده موضوع: عبد الوهاب بن مجاهد: كذاب؛ فالسند لا قيمة له. و عبد العزيز بن بكر بن الشرود، قال الدّارقطني: هو و أبوه و جده ضعفاء. «اللسان» (ج 4 /ص 26). قلت: أبوه: كذاب! «اللسان» (ج 2 /ص 52).
3- . في «الأصل»: «يرجع إلي الرّقعة» و كأنه من تصرف الناسخ!

فقالت عائشة: «يا رسول اللّه! جاءت فاطمة اليوم مرارا تطلبك، كلّ ذلك لا تجدك»، و كانت ليلة باردة، فقال النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «ما جاء بها إلا حاجة أو أمر»، فخرج حتّي أتي باب فاطمة، فسلّم. قال عليّ: «و قد أخذت أنا و فاطمة مضاجعنا، فلما استأذن النّبيّ - عليه السّلام - تحرّكت لأقوم...»(1).

97 - و أمّا حديث محمّد بن جحادة، و أشعث بن سوار عن الحكم، فأخبرناه:

دعلج بن أحمد السجزيّ ببغداذ، قال: حدّثنا أحمد بن علي الأبّار، قال: حدّثنا عبد اللّه بن عون الخرّاز، قال: حدّثنا داود بن الزّبرقان، قال: حدّثنا محمّد بن جحادة، و أشعث، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلي، عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه قال: شكت فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» مجل يديها من الطّحن، فقال لها عليّ:

«إنّ أباك(2) قد قدم عليه سبيّ، فأتيه فسليه». فأتته، فلم تجده هناك، فلما جاء قالت عائشة:

«إنّ ابنتك فاطمة جاءت تطلب خادما». قال عليّ: «فجاءنا رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و قد أخذنا مضاجعنا». قال: «فذهبنا نقوم»، فقال: «مكانكما». فدنا حتّي وجدت برد قدمه في صدري، قال: «أ لا أخبر كما بخير مما سألتما؟». قلنا: «بلي». قال: «إذا أويتما إلي فراشكما هذا؛ فسبحا اللّه ثلاثا و ثلاثين، و احمداه ثلاثا و ثلاثين، و كبراه أربعا و ثلاثين، فهذا خير مما سألتما»(3).

98 - و أمّا حديث معاوية بن ميسرة بن شريح عن الحكم العبدي: فحدّثناه:

أبو بكر بن أبي دارم الحافظ بالكوفة، قال: حدّثني أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا الحسن بن جعفر بن مدرار، قال: حدّثني عمّي طاهر بن مدرار، قال: حدّثني معاوية بن ميسرة بن شريح، قال: حدّثني الحكم بن عتيبة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلي أنّه سمع عليّا يقول: أتت فاطمة النّبيّ - عليه السّلام - تسأله خادما، فقال: «أ لا أدلّك علي خير من ذلك؛ إذا أخذت مضجعك فسبّحي اللّه ثلاثا و ثلاثين، و كبّريه أربعا و ثلاثين، و احمديه ثلاثاب.

ص: 81


1- . الحديث صحيح: و إسناده هنا جيد في المتابعات؛ فإن الحكم بن عتيبة مدلس، و قد عنعن. و رواه - أيضا -: الخلعي في «العشرين المنتقاة» برقم (20). و عبيد اللّه بن عمرو هو الرقي.
2- . في «الأصل» كلمة بعد قوله: «أباك» غير واضحة.
3- . حديث صحيح: و سنده موضوع من أجل: داود بن الزبر قان؛ فإنه كذاب.

و ثلاثين فتلك مائة باللسان، و ألف في الميزان». قال عليّ رضي اللّه عنه: «فما تركتهن بعد». قال رجل: «و لا ليلة صفّين؟» قال: «و لا ليلة صفّين»(1).

99 - و قد روّينا هذا الحديث عن عمرو بن مرّة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلي، أخبرناه: أبو العبّاس محمّد بن أحمد المحبوبيّ بمرو، قال: حدّثنا سعيد بن مسعود، قال:

حدّثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا العوام بن حوشب، عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلي، عن عليّ رضي اللّه عنه قال: «أتانا رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» حتّي وضع رجله بيني، و بين فاطمة، فعلّمنا ما نقول إذا أخذنا مضاجعنا؛ ثلاثا و ثلاثين تسبيحة، و ثلاثا و ثلاثين تحميدة، و أربعا و ثلاثين تكبيرة». قال عليّ: «فما تركتها بعد». قال رجل: «و لا ليلة صفّين؟» قال: «و لا ليلة صفّين»(2).

ذكر من روي هذا الحديث عن أمير المؤمنين: عليّ - غير عبد الرحمن بن أبي ليلي - منهم: عبيدة بن عمرو السّلمانيّ:

100 - أخبرنا أبو عمرو عثمان بن عمرو الزاهد ببغداذ، قال: حدّثنا أبو قلابة، قال:

حدّثنا أزهر بن سعد، قال: حدّثنا عبد اللّه بن عون، عن محمّد بن سيرين، عن عبيدة، عن عليّ قال: «جاءت فاطمة إلي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» تشتكي مجل يديها، فأمرها رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» بالتسبيح، و التحميد، و التكبير، و التهليل»(3).

101 - أخبرنا أبو بكر بن أبي دارم الحافظ بالكوفة، قال: حدّثني أحمد بن محمّد بن

ص: 82


1- . حديث صحيح: و لكن سنده هنا موضوع من أجل: شيخ الحاكم؛ فإنه رافضي وضاع كذاب ضال مضل. و طاهر بن مدرار: لم أقف له علي جرح أو تعديل. و كذا: الحسن بن جعفر بن مدرار: لم أقف له علي جرح أو تعديل. و معاوية بن ميسرة قال أبو حاتم: شيخ! «الجرح و التعديل» (ج 8 /ص 386). و وثقه ابن حبان علي عادته في توثيق الضعفاء و المجاهيل! «الثقات» (ج 7 /ص 489).
2- . حديث صحيح: و سنده صحيح أيضا.
3- . حديث صحيح: و سنده - هنا - لا يصح؛ من أجل: أزهر بن سعد؛ فإن هذا الحديث ليس من حديث ابن عون كما قال العقيلي - بعد أن رواه في «الضعفاء» (ج 1 /ص 132) - و كذا رواه: النسائي في «الكبري» (ج 5 /ص 373)، و عبد اللّه بن أحمد في زيادات «المسند» (ج 1 /ص 123)، و الطبراني في «الدعاء» (ج 1 /ص 95)، و رجح الدّارقطني إرساله في «العلل» (ج 4 /ص 29)، و هكذا فعل الترمذي في «العلل» برقم (672) بعد أن رواه هناك، ثم نقل عن البخاري أنه مرسل.

سعيد الحافظ، قال: حدّثنا يحيي بن زكريا بن شيبان، قال: حدّثنا حسين بن سفيان بن إبراهيم الحريري، قال: حدّثنا أبي، عن عمران بن بشر الحريري، عن محمّد بن سيرين، عن عبيدة السّلماني، عن عليّ رضي اللّه عنه: أن فاطمة أتت النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» تشكو إليه خدمة البيت، و تسأله خادما، فأتاها عند المنام، فقال: «أ لا أدلّك علي ما هو خير مما سألت؟»، فسكتت، فأعاد ذلك، و كان كلامه إلي الثلاثة، فقالت: «بل؛ ما هو خير لي». قال:

«تسبّحين اللّه عند المنام ثلاثا و ثلاثين، و تحمدين ثلاثا و ثلاثين، و تكبرين أربعا و ثلاثين». قال عليّ: «فما تركتهن بعد». قال له رجل: «و لا ليلة صفّين؟» قال: «و لا ليلة صفّين».

قال سفيان بن إبراهيم: فحدّثني أبي، قال: حدّثنا ربيعة بن يزيد، عن القاسم بن الوليد، عن أبي صادق، أنّ الذي قال لعليّ: «و لا ليلة صفّين»؛ الأشعث بن قيس(1).

102 - و ممن روي هذا الحديث عن أمير المؤمنين: زيد بن وهب الجهنيّ: أخبرني أبو بكر بن أبي دارم الحافظ بالكوفة، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد الحافظ، قال:

حدّثنا الحسن بن جعفر بن مدرار، قال: حدّثنا عمّي طاهر بن مدرار، قال: حدّثنا الحسن بن عمارة، عن عبد الملك بن ميسرة، عن زيد بن وهب الجهني، عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه قال: «أتت فاطمة النّبيّ - عليهما السلام - تسأله خادما، فقال:

«أ لا أدلّك علي خير من ذلك؛ إذا أويت إلي فراشك فسبّحي اللّه ثلاثا و ثلاثين، و كبريه أربعا و ثلاثين»(2).

و ممن روي هذا الحديث عن أمير المؤمنين: السائب بن مالك: أبو عطاء بن السائب:

103 - حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، قال: حدّثنا الحسين بن عليّ بن عفان العامريّ، قال: حدّثنا محمّد بن فضيل بن غزوان، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عليّ رضي اللّه عنه: أنّه أتي فاطمة، فقال لها: إني أشتكي صدري ممّا أمدّ من الغرب. قالت: و أنا و اللّه أشتكي يدي مما أطحن من الرّحا، فقال لها عليّ: ايتي النّبيّ - عليه السّلام - فإنه قد أتاه سبيّ، فأتيه لعلّه أن يخدمك خادما. قالت: فانطلقت إلي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله

ص: 83


1- . موضوع بهذا السند: شيخ الحاكم وضاع كذاب خبيث. و حسين الحريري بالحاء: كذا ضبطه ابن ماكولا. «الإكمال» (ج 2 /ص 209). و لم أقف له علي جرح أو تعديل. و كذا أبوه: لم أعرفه. و كذا الجد!
2- . موضوع بهذا السند: شيخ الحاكم: رافضي وضاع كذاب خبيث. و الحسن بن عمارة: متروك. و انظر رقم (93).

و سلّم» فسلّمت عليه ثمّ رجعت، فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «ما جاء بك؟»، فقالت: جئت لأسلّم علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، فلما رجعت إلي عليّ، قال: مالك؟ قالت: و اللّه! ما استطعت أن أكلّم رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» من هيبته.

قال: فانطلقنا إليه معا، فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «ما جاء بكما؟ لقد جاءت بكما حاجة». فقال له عليّ: أجل يا رسول اللّه! شكوت إلي فاطمة صدري؛ مما أمدّ بالغرب، و شكت إليّ مما تطحن بالرّحا، فأتيناك لتخدمنا خادما مما أتاك.

قال: «لا، و لكن أبيعهم، و أنفق ثمنهم علي أصحاب الصّفّة، الذين تطوي أكبادهم من الجوع، لا أجد ما أطعمهم»، فلما رجعا، و أخذا مضجعهما من الليل، أتاهما صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» و هما في خميلة لهما - و الخميلة القطيفة البيضاء من الصوف - و كان رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» جهّزها به، و بوسادة حشوها إذخر، و قربة، و قد كان حين ردّهما رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و جدا في أنفسهما، و شقّ عليهما، فلما سمعا حسّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» ذهبا ليقوما، فقال لهما رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «مكانكما». ثمّ جاء حتّي جلس علي طرف الخميلة، ثمّ قال:

«إنكما جئتماني؛ لأخدمكما خادما، و إني سأخبركما بما هو خير لكما؛ تحمدان اللّه في دبر كلّ صلاة عشرا، و تسبحانه عشرا، و تكبرانه عشرا، تسبحانه ثلاثا و ثلاثين، و تكبّرانه أربعا و ثلاثين فتلك مائة، و إذا أخذتما مضاجعكما من الليل». قال عليّ: «فما أعلمني تركتها بعد».

فقال له عبد اللّه بن الكوّاء: «و لا ليلة صفّين؟»، فقال له عليّ رضي اللّه عنه: «قاتلكم اللّه أهل العراق! و لا ليلة صفّين»(1). -

ص: 84


1- . حديث صحيح: عطاء بن السائب مختلط؛ و رواية محمد بن فضيل عنه كانت بعد الاختلاط. و من هذا الوجه رواه - أيضا -: ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج 5 /ص 33)، و البزار في «مسنده» (ج 10/3)، و أحمد في «المسند» (ج 1 /ص 106)، و ابن سعد في «الطبقات» (ج 8 /ص 25)، و الطبراني في «الدعاء» برقم (230-232)، و الحميدي في «المسند» برقم (44)، و أبو نعيم في «الحلية» (ج 2 /ص 41)، و الخطيب في «غوامض الأسماء» (ج 1 /ص 255). و قد توبع ابن فضيل؛ تابعه: حماد بن سلمة، و سفيان بن عيينة؛ كما سيأتي عن المؤلف برقم (100) إلا أن رواية حماد بن سلمة كذلك مختلف فيها: هل كانت قبل الاختلاط أم بعده، و قد كنت صححت الحديث في تحقيقي ل «مسند علي رضي اللّه عنه» (ج 3 /ص 1038) برقم (5971-5979) بناء علي أن سماع ابن عيينة قديم من عطاء؛ فقد روي الحميدي عن سفيان أنه اعتزل عطاء بعد أن تبين له اختلاطه؛ فلم يرو عنه كما هو في «الكواكب النيرات» لابن الكيال (ص 73). و من يقرأ تلخيص الحافظ في «التهذيب» يجزم بأن من عدا: الثوري و شعبة و زهيرا و زائدة و أيوب؛ فسماعهم بعد الاختلاط؛ و الصواب أن ابن عيينة يلحق بهم أيضا. و عليه: فالحديث صحيح بحمد اللّه تعالي؛ لأن ابن عيينة روي عن عطاء قبل اختلاطه كما أفاده الحميدي عنه؛ لكن ينبغي التنبيه إلي أن الصحيح من هذه الروايات هو ما وافق رواية الثوري و ابن عيينة و زائدة؛ و أما ما خالفها من الألفاظ؛ فلا يمكننا تصحيحها؛ لأنها من طريق من روي عن عطاء بعد الاختلاط أو من روي عنه قبل و بعد الاختلاط كحماد بن سلمة.

* رواه حمّاد بن سلمة، و سفيان بن عيينة، عن عطاء بن السائب:

104 - أمّا حديث حمّاد: فحدّثناه عليّ بن حمشاد العدل، قال: حدّثنا محمّد بن غالب، و إسحاق بن الحسن، قال: حدّثنا عفان بن مسلم، قال: حدّثنا حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالب: أن رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» زوّجه فاطمة، ثمّ بعث معها بخميلة، و وسادة من أدم: حشوها ليف، و سقاء، و رحا بئر، فذكر الحديث بنحوه، و زاد فيه: و قد دخلا في قطيفتهما، فإذا غطّيا رءوسهما:

انكشفت أقدامهما، و إذا غطّيا أقدامهما انكشفت رءوسهما. و زاد أيضا: «كلمات علّمنيهنّ جبريل عليه السلام»(1).

105 - و أمّا حديث سفيان بن عيينة، عن عطاء، فحدّثناه: أبو بكر بن إسحاق، قال:

أخبرنا بشر بن موسي، قال: حدّثنا الحميدي، قال: حدّثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عليّ رضي اللّه عنه قال: قالت فاطمة رضي اللّه عنها: يا رسول اللّه! أعطنا خادما. قال: «و اللّه لا أعطيكما خادما، و أدع أهل الصفة تطوي بطونهم من الجوع، و لكن أدلّك علي ما هو خير لك؛ فسبحي اللّه ثلاثا و ثلاثين، و كبّريه أربعا و ثلاثين»(2). -

ص: 85


1- حديث صحيح: و قد تقدم تخريجه و الكلام عليه برقم (103).
2- . حديث صحيح: و قد تقدم برقم (103). و قد رواه - أيضا -: الحميدي في «مسنده» برقم (44)، و أحمد (ج 1 /ص 259)، و صححه الضياء المقدسي في «الأحاديث المختارة» برقم (465، 467). و رواه - مختصرا -: البيهقي في «شعب الإيمان» (ج 3 /ص 259). أما الهيثمي فكأنه لم يتنبه للتفصيل الوارد بشأن عطاء بن السائب - فيمن روي عنه قبل أو بعد الاختلاط - فادعي أن حماد بن سلمة روي عن عطاء قبل اختلاطه. «المجمع» (ج 10 /ص 100). و من هذا الوجه - أيضا - رواه: أبو نعيم في «الحلية» (ج 2 /ص 41)، و ابن سعد في «الطبقات الكبري» (ج 8 /ص 25)، و الحافظ ابن حجر في «تغليق التعليق» (ج 3 /ص 470)؛ لكنه غفل - هو نفسه - عن التفصيل الذي فصله هو في «التهذيب» - في ترجمة عطاء بن السائب - إلا أنه أشار إلي رواية: زائدة بن قدامة عن عطاء بن السائب - و كانت قبل اختلاطه - بسند رجاله ثقات! قلت: هذه المتابعة قاصرة؛ فإن في المتن اختصارا شديدا هذا لفظه: «جهز رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فاطمة في خميل و قربة و وسادة أدم حشوها إذخر»: رواه أحمد (ج 1 /ص 93)، و الحاكم (ج 2 /ص 202)، و ابن حبان (ج 15 /ص 398). و لو أشار إلي رواية ابن عيينة لكان هو الصواب.

و ممن روي هذا الحديث عن أمير المؤمنين: الحارث بن عبد اللّه الهمداني الأعور:

سمعت أبا الحسن أحمد بن محمّد بن سلمة العنزي يقول: سمعت عثمان بن سعيد الدارميّ يقول: سألت يحيي بن معين عن أحاديث الحارث، عن عليّ، فقال: «الحارث ثقة». قال عثمان بن سعيد: «و ليس يتابع يحيي بن معين عليه»(1).

106 - أخبرني أبو العبّاس القاسم بن القاسم السياري بمرو، قال: حدّثنا يحيي بن ساسوية، قال: حدّثنا سويد بن نصر، قال: حدّثنا عبد الكبير بن دينار، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن عليّ: أنّه قال لفاطمة حيث رآها قد شقّ عليها الخدمة: لو أتيت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»؛ فسألتيه خادما. قال: و كانت فاطمة تجلّ النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» أن تأتيه فتكلّمه في ذلك. قال: و كانت تطحن و تخبز، فلما رأي ذلك عليّ أتي النّبيّ - عليه الصلاة و السلام - فذكر ذلك له، فقال النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»:

«أ لا أنبئكما بشيء هو خير لكما من ذلك؛ تسبحان عند المنام ثلاثا و ثلاثين، و تحمدان ثلاثا و ثلاثين، و تكبران أربعا و ثلاثين، فذلك مائة علي اللسان، و ألف في الميزان».

قال عليّ: «فما تركتها منذ أمرني رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم». فقال له رجل: «و لا ليلة صفّين؟». قال: «و لا ليلة صفّين»(2).

و ممن روي هذا الحديث عن أمير المؤمنين: أبو أمامة الصّديّ بن عجلان الباهلي: صاحب رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»:

107 - حدّثناه: أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، قال: حدّثنا محمّد بن إسحاق الصغاني،

ص: 86


1- . نعم لا يتابع عليه؛ لأن الحارث كذاب!
2- حديث ضعيف جدّا بهذا السند و المتن: الحارث الأعور متهم بالكذب.

قال: حدّثنا سعيد بن أبي مريم، قال: أخبرنا يحيي بن أيوب، عن عبيد اللّه بن زحر، عن عليّ بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، عن عليّ رضي اللّه عنه قال: أهدي لرسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» رقيق، أهداهم له بعض ملوك الأعاجم، فقلت لفاطمة: ايت أباك فاستخدميه خادما، و اشتكي إليه ما تلقينه من الخدمة، فانطلقت إليه فلم تجده، و كان يوم عائشة، فأخبرته عائشة، فلما كان عند العشاء، و صلّي العشاء الآخرة أتانا رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، فقالت له فاطمة: قد مجلت يداي من الرّحا، أبيت ليلتي جميعا أدير الرّحا، و أبو الحسن يحمل حسنا، و حسينا، فقال لها عند ذلك: «اصبري يا فاطمة بنت محمّد؛ فإنّ خير النّساء التي تفقّد أهلها، أ فلا أدلّكما خيرا من الذي تريدان؟ إذا أخذتما مضاجعكما فكبرا اللّه ثلاثا و ثلاثين، و احمدا اللّه ثلاثا و ثلاثين، و سبحا اللّه ثلاثا و ثلاثين، ثمّ أختما بلا إله إلا اللّه، فذلك خير لكما من الذي تريدان، و من الدنيا و ما فيها»(1).

و ممن روي هذا الحديث عن أمير المؤمنين: شبث بن ربعيّ الحارثيّ:

108 - أخبرني أبو بكر محمّد بن المؤمل بن الحسن بن عيسي، قال: حدّثنا الفضل بن محمّد الشعراني، قال: حدّثنا إبراهيم بن حمزة الزّبيري، قال: حدّثنا عبد العزيز بن محمّد، عن يزيد بن الهاد، عن محمّد بن كعب القرظيّ، عن شبث بن ربعي، عن عليّ قال: قدم علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» سبيّ، فقال عليّ لفاطمة: ايتي أباك، فسليه خادما تتّقي به العمل، فأتاها فأصابها حين أمست، فقال لها: «ما لك يا بنيّة؟». قالت:

«جئت أسلّم عليك»، و استحيت أن تسأله شيئا، فلما رجعت قال لها عليّ: ما فعلت؟ قالت: لم أسأله شيئا، و استحييت، فلما كانت الليلة الثانية قال: ايت أباك فسلي لنا خادما نتقي به العمل. فخرجت إليه، فلما جاءته قال: «مرحبا يا بنيّة، مالك؟». قالت: لا شيء؛ جئت انظر كيف أمسيت. و استحيت أن تسأله شيئا، حتّي إذا كانت الليلة الثالثة قال لها عليّ: امشي. فخرجا حتّي أتيا رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، فقال: «ما جاء بكما؟». قال عليّ رضي اللّه عنه: يا رسول اللّه! شقّ علينا العمل، فأردنا أن تعطينا خادما نتّقي به

ص: 87


1- . ضعيف جدّا بهذا السند و اللفظ: عبيد اللّه بن زحر: متهم بالكذب، و من هذا الوجه رواه: الطبراني في «الدعاء» برقم (222).

العمل. فقال لهما رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «أدلّكما علي خير لكما من حمر النّعم؟». قال عليّ: نعم يا رسول اللّه! قال: «تكبّران، و تسبحان، و تحمدان؛ فإنه حين تريدان أن تنامان: ألف حسنة، و حين تسبحان فتقومان علي ألف حسنة». قال عليّ: فما فارقني منذ سمعت من رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» إلا ليلة صفّين؛ فإني نسيتهما؛ حتّي ذكرتهما من آخر الليل(1).

و ممن روي هذا الحديث عن أمير المؤمنين: أبو مريم إياس بن صبيح الحنفي:

109 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق، قال: أخبرنا عليّ بن عبد العزيز، قال:

حدّثنا حجاج بن منهال، قال: حدّثنا أبو عوانة، عن نعيم بن حكيم، عن أبي مريم قال:

سمعت عليّا رضي اللّه عنه يقول: كانت فاطمة تدقّ الدّرمك(2) بين حجرين، حتّي مجلت يداها، فقلت لها: ايتي النّبيّ - عليه السلام - فسليه خادما، فأتته فوجدته خارجا مع القوم، فلمّا أبطأ عليها رجعت، قال: ففعلت ذلك ليلة أو ليلتين، فلمّا رجع رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» إلي أهله أخبر أنّ فاطمة أتته لحاجة لها، فلما أبطأ عليها رجعت إلي بيتها، و قد كنا فرشنا فراشنا، فلما استأذن علينا تحشحشنا(3) لنلبس علينا ثيابنا، فلما سمع ذلك قال:

«كما كنتما في لحافكما»، فدخل فقعد عند رءوسنا، فأدخل رجليه بيني و بينها، قال: «حدّثت أنّ ابنتي أتتني لحاجة لها، فما كانت حاجة ابنتي؟». قال: فاستحيت فاطمة أن تكلّمه علي تلك الحال. قال: فأجبت عنها بعد أن سألنا مرّتين أو ثلاثة. قال: فقلت: يا رسول اللّه! إنّها كانت مجلت يدها من دقّ الدّرمك، و إنها أتتك تسألك خادما يكفيها ذلك. فقال: «أ لا أدلّكما علي ما يدوم لكما، و هو أحبّ إليكما، أم ما سألتما؟». فقلت: لا؛ بل ما يدوم لنا أحبّ إلينا. قال: «فإذا أويتما إلي فراشكما فاحمدا اللّه ثلاثا و ثلاثين، و سبّحا ثلاثا و ثلاثين، و كبّرا

ص: 88


1- . حديث منكر بهذا التمام كما قال شيخنا الألباني رحمه اللّه تعالي في «الضعيفة» برقم (5321)، و أشار هناك إلي أنه قد رواه: أبو نعيم في «الحلية» (ج 1 /ص 69)، و أبو داود برقم (1076) - مختصرا - ثم بين أن من الألفاظ المنكرة في الحديث قوله: «و حين تصبحان». و ذكر ألفاظا أخري منكرة؛ فراجعها هناك إن شئت. و علة هذا السند: شبث هذا؛ فإنه غير مشهور؛ بل قال ابن حبان: يخطئ.
2- . الدّرمك: دقيق الحوّاري. «تاج العروس» (146/27).
3- . التحشحش: التحرك للنهوض كما في «النهاية» (318/1).

أربعا و ثلاثين، فذلك خير لكما مما سألتما». قال عليّ: ما تركتها منذ أمرني بها رسول اللّه صلّي اللّه عليه آله و سلّم. فقال رجل: يا أمير المؤمنين؛ و لا ليلة صفّين؟ قال: و لا ليلة صفّين!(1).

و ممن روي هذا الحديث عن أمير المؤمنين: عبد اللّه بن يعلي المحاربي:

110 - حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، قال: حدّثنا بكّار بن قتيبة القاضي بمصر، قال: حدّثنا أبو داود الطيالسي، قال: حدّثنا عيسي بن عبد الرحمن، حدّثني عبد اللّه بن يعلي، قال: سمعت عليّا. قلت: أسمعته من عليّ؟ قال: نعم، و شهدت معه صفّين: أنّ فاطمة جاءت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» تشكو العمل، فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «أ لا أدلّك علي خير من ذلك؛ تسبّحين ثلاثا و ثلاثين، و تحمدين ثلاثا و ثلاثين، و تكبرين أربعا و ثلاثين»(2).

و ممن روي هذا الحديث عن أمير المؤمنين: هانئ بن هانئ الحنفي:

,1-111 - أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه الزاهد الأصبهاني، قال: حدّثنا أحمد بن مهران بن خالد الأصبهاني، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن موسي، قال: أخبرنا زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عن هانئ بن هانئ، عن عليّ رضي اللّه عنه قال: «أرسلت فاطمة لمّا أصابها من الجهد من الخدمة»، و ذكر نحو حديث هبيرة بن مريم الذي علي أثر هذا الحديث(3):.

ص: 89


1- . حديث صحيح: و قد تقدم برقم (103): و في سند هذه الرواية: أبو مريم؛ و قد رجح المحدّث الألباني أنه الثقفي، و ليس الحنفي؛ فقال في «الضعيفة» برقم (6321): «إن الذي يترشح من كلام الذهبي في «الكاشف» هو عدم التفريق بين الثقفي و الحنفي؛ إذ قال الذهبي: «أبو مريم الثقفي: عن علي و أبي الدرداء، و عنه: عبد الملك و نعيم ابنا حكيم: ثقة، ولي قضاء البصرة». ثم بين الألباني أنهم اتفقوا علي أن الذي روي عنه: نعيم - كما هو هاهنا - هو الثقفي. فالخلاصة هي أن هذا السند ضعيف من أجل جهالة حال الثقفي هذا. و الحديث عزاه السيوطي لابن جرير فقط كما في «كنز العمال» برقم (41971) فكأن السيوطي لم يقف علي كتاب الحاكم هذا. تنبيه: انظر التعليق في (ص 84-85) علي رقم (103).
2- . حديث صحيح: و قد تقدم بيان ذلك فانظر رقم (64). أما هذا السند فضعيف؛ إذ أن فيه: عبد اللّه بن يعلي - و الصواب: عبد اللّه بن همام، و يقال: ابن يعلي - النهدي الكوفي: مقبول عن ابن حجر؛ و الصحيح الذي لا مرية فيه أنه مجهول العين؛ فإنه لم يرو عنه سوي عيسي بن عبد الرحمن هذا، و لم يوثقه أحد أصلا! و من هذا الوجه رواه - أيضا -: البزار في «مسنده» - البحر الزخار - برقم (878).
3- الجرح. و لهذا صرح ابن المديني بجهالة هانئ هذا، كما صرح بذلك الذهبي نفسه و غيره. و قال الشافعي عنه: «لا يعرف، و أهل العلم بالحديث لا يثبتون حديثه لجهالة حاله».

و ممن روي هذا الحديث عن أمير المؤمنين: هبيرة بن بريم البجليّ:

112 - أخبرنا أبو عبد اللّه الصفّار، قال: حدّثنا أحمد بن مهران، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن موسي، قال: أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن بريم، عن عليّ قال: قلت لفاطمة رضي اللّه عنها: لو أتيت رسول اللّه؛ فإنه قد جهدك الطّحن و العمل؟ قالت:

انطلق معي. فانطلقت معها، فسألته، فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «أ لا أدلّكما علي ما هو خير من ذلك؟ إذا أويتما إلي فراشكما فسبّحا اللّه ثلاثا و ثلاثين، و احمداه ثلاثا و ثلاثين، و كبراه أربعا و ثلاثين، فذلك مائة باللسان، و ألف في الميزان». قال عليّ رضي اللّه عنه:

«ما تركتها منذ سمعتها». فقال له رجل: «و لا ليلة صفّين؟» قال: «و لا ليلة صفّين»(1).

و ممن روي هذا الحديث عن أمير المؤمنين: عمارة بن عبد الخيواني:

113 - أخبرنا أبو النضر محمّد بن محمّد بن يوسف الفقيه، قال: حدّثنا عثمان بن سعيد الدارميّ، و أخبرني أبو بكر بن المؤمل، قال: حدّثنا الفضل بن محمّد الشعراني قالا:

حدّثنا عبد اللّه بن محمّد النفيلي، قال: حدّثنا زهير عن أبي إسحاق، قال: حدّثني عمارة، و هبيرة، و هانئ بن هانئ، أنهم سمعوا عليّا قال: اشتكت فاطمة لمّا أصابها من الجهد من الخدمة، فقلت: اذهبي إلي أبيك؛ فسليه أن يخدمك. فشقّ ذلك عليها؛ فقالت: اذهب معي. فلم تزل بي حتّي ذهبت معها، فدخلنا فسألنا خادما. فقال: «لا؛ بل أعلمكما ما هو خير لكما من خادم؛ تسبحان عند منامكما ثلاثا و ثلاثين، و تحمدان ثلاثا و ثلاثين، و تكبران أربعا و ثلاثين، فإنهن مائة علي اللسان، و كذا و كذا في الميزان». قال: «ما تركت قولهنّ عند منامي». قال رجل: «و لا ليلة صفّين؟» قال: «و لا ليلة صفّين»(2).

ص: 90


1- . حديث صحيح: و قد تقدم تخريجه برقم (66) و سنده هنا: ضعيف من أجل اختلاط أبي إسحاق السبيعي، ثم هو مدلس، و قد عنعنه. و هبيرة هذا: لم يوثقه سوي ابن حبان، و انفرد أبو إسحاق بالرواية عنه؛ فهو مجهول العين علي التحقيق.
2- . حديث صحيح: و قد تقدم تخريجه برقم (66). و السند هنا: جيد في المتابعات فقط - و إلا فالسند ضعيف لذاته كما سيأتي -، هبيرة و هانئ من مجاهيل العين، و أما عمارة بن عبد فهو يلحق بهم علي الصحيح؛ فلم يرو عنه سوي أبي إسحاق السبيعي؛ و هذا الأخير؛ و إن صرح بالتحديث؛ إلا أنه مختلط. و عليه فقول أحمد في عمارة هذا: مستقيم الحديث: لا يفيده كثيرا، و لهذا اعتمد الذهبي قول أبي حاتم فيه: شيخ مجهول، و قدمه علي قول أحمد.

و قد قيل في هذا الإسناد عن عمارة بن أعبد عن عليّ:

114 - حدّثناه: عليّ بن حمشاد العدل، قال: حدّثنا هشام بن عليّ السدوسيّ، قال:

حدّثنا محمّد بن عبد اللّه الرقاشي، قال: حدّثنا عبد الواحد بن زياد، قال: حدّثنا الجريري، عن أبي الورد(1)، عن ابن أعبد و اسمه عمارة قال: قال لي عليّ بن أبي طالب: يا ابن أعبد! أ لا أعلمك، أ لا أخبرك عني، و عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»؟ كانت زوجتي، و كانت من أحب أهله إليه، كان رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» إذا جاء من مغيبه بدأ بها، و إنما رحت الرحا بيدها حتّي أثرّ الرّحا في يدها، و استقت القربة حتّي أثّرت القربة بنحرها، و قمّت البيت حتّي اغبرّت ثيابها، و أو قدت القدر حتّي دنست ثيابها، فقدم علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» سبيّ أو رقيق، فقلت لها: «لو أتيت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»؛ فسألته خادما...» ثمّ ذكر ما في الحديث بطوله(2):.

حديث آخر:

115 - حدّثني أبو عليّ الحسين بن عليّ الحافظ، قال: أخبرني عليّ بن عبد الملك بن عبد ربه الطائي بحمص، قال: حدّثنا أبي: عبد الملك بن عبد ربه، قال:

حدّثنا الهيثم بن عدي، عن مسعر، و موسي بن عبد الملك بن عمير، كلاهما: عن عبد الملك بن ميسرة، عن النزّال بن سبرة، عن علي رضي اللّه عنه قال: جاءت فاطمة تشكو إلي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «أبغض النّساء إلي اللّه التي لا تزال رافعة ذيلها تشكو زوجها». فقالت: يا رسول اللّه! لا أشكوه أبدا(3).

ص: 91


1- . في «الأصل»: «ابن الورد» و هو تحرف، و التصويب من كتب الرجال.
2- - أبي إسحاق السبيعي؛ و هذا الأخير؛ و إن صرح بالتحديث؛ إلا أنه مختلط. و عليه فقول أحمد في عمارة هذا: مستقيم الحديث: لا يفيده كثيرا، و لهذا اعتمد الذهبي قول أبي حاتم فيه: شيخ مجهول، و قدمه علي قول أحمد.
3- . حديث موضوع: عبد الملك بن عبد ربه: متهم بالوضع، و هو الذي اتهم بوضع حديث: (ما بين قبري و منبري روضة من رياض الجنة»، و اللفظ الصحيح: «ما بين بيتي...». و قد قال ابن عبد البر عن اللفظ الموضوع: «هذا حديث كذب موضوع، وضعه عبد الملك هذا». و عبد الملك هذا يقال له أيضا: ابن زيد الطائي و هما شخص واحد؛ كما قال ذلك شيخنا رحمه اللّه تعالي في «الضعيفة» برقم (2514). و انظر: «لسان الميزان» برقم (188). و عبد الملك بن ميسرة هنا هو الهلالي العامري الثقة، و أما الآخران: البصري و الشامي فمجهولان.

بقية رواية أمير المؤمنين عن سيّدة نساء العالمين رضي اللّه عنهما:

116 - حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، قال: حدّثنا العبّاس بن محمّد الدوري، قال: حدّثنا محمّد بن عبيد الطنافسي، قال: حدّثنا هاشم بن البريد، عن حسين بن ميمون، عن عبد اللّه بن عبد اللّه قاضي الري، عن عبد الرحمن ابن أبي ليلي، قال: سمعت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه يقول: اجتمعت أنا، و فاطمة، و العبّاس، و زيد بن حارثة، فقال العبّاس: يا رسول اللّه! كبر سني، ورقّ عظمي، و كثرت مؤنتي، فإن رأيت يا رسول اللّه أن تأمر لي بكذا، و كذا: وسقا من طعام فافعل. فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «نفعل». قالت فاطمة: يا رسول اللّه! إن رأيت أن تأمر لي كما أمرت لعمّك فافعل. فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «أفعل»(1).

حديث آخر:

117 - حدّثني محمّد بن صالح بن هانئ، قال: حدّثنا يحيي بن محمّد بن يحيي، قال: حدّثنا مسدد، قال: حدّثنا عيسي بن يونس، قال: حدّثنا وكيع، قال: حدّثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن عليّ رضي اللّه عنه قال: «تزوجت فاطمة و ما لنا إلا إهاب

ص: 92


1- . حديث ضعيف منكر: حسين بن ميمون: ليس بالقوي، و إن وثقه العجلي و ابن حبان؛ فإنهما متساهلان في التوثيق. و محمد بن عبيد الطنافسي: يخطئ و يصر! و هاشم بن البريد: ثقة؛ لكنه شيعي؛ بل هو غال في التشيع هو و ابنه: علي؛ كما قال ابن عدي في «الكامل» (ج 5 /ص 183). و هو يروي هنا ما يؤيد بدعته؛ فلا يقبل منه قطعا! و أما النكارة في متنه ففي قوله: «يا رسول اللّه! إن رأيت أن توليني حقنا من الخمس في كتاب اللّه؛ فاقسمه في حياتك؛ كيلا ينازعنيه أحد بعدك فافعل، قال: ففعل...». و الحديث رواه أيضا: أحمد (ج 84/1)، و أبو يعلي برقم (348)، و أبو داود برقم (2983، 2984)، و أبو الشيخ في «أخلاق النبي» برقم (96)، و ابن شبة في «أخبار المدينة» (ج 2 /ص 645)، و علقه البخاري في «التاريخ الكبير» (ج 2 /ص 385)، و كذا رواه المزي في «تهذيب الكمال» (ج 6 /ص 490)، و من قبله العقيلي في «الضعفاء» (ج 1 /ص 253). و قال البوصيري في «إتحاف الخيرة المهرة» برقم (6417): «هذا إسناد ضعيف لضعف حسين بن ميمون».

كبش ننام علي ناحيته، و تعجن فاطمة علي ناحية»(1).

حديث آخر:

118 - أخبرني أبو العبّاس محمّد بن أحمد المحبوبي بمرو، قال: حدّثنا سعيد بن مسعود، و أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه الصفار، قال: حدّثنا محمّد بن سلمة قالا: حدّثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا سعيد بن زيد أخو حماد بن زيد، قال: حدّثنا عمرو بن خالد، عن محمّد بن عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن جده، عن عليّ رضي اللّه عنه: أنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» قال لفاطمة: «يا فاطمة! قومي فاشهدي أضحيتك؛ أما إنّ لك بأوّل قطرة من دمها أن يغفر لك كلّ ذنب عملتيه، و قولي: إِنَّ صَلاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيايَ وَ مَماتِي لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (162) لا شَرِيكَ لَهُ وَ بِذلِكَ أُمِرْتُ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163) [الأنعام: 162-163].

فقال أبو سعيد الخدريّ: يا رسول اللّه! أ هذا لأهل محمّد خاصة؛ فإنهم أهل لما خصّوا به، أم للناس عامة؟ فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «بل للناس عامة»(2).

حديث آخر:

119 - أخبرني إسماعيل بن محمّد بن الفضل بن محمّد الشعرانيّ، حدّثنا جدّي، قال: حدّثنا إسماعيل بن أبي أويس قال: حدّثني محمّد بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده، عن عليّ: أن فاطمة رضي اللّه عنهما كانت تبكي علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و كانت تقول: «وا أبتاه! من ربه ما أدناه، وا أبتاه! في الجنان مأواه، وا أبتاه! ربّ العرش يكرمه إذا أتاه، وا أبتاه! الرّسل تسلّمر.

ص: 93


1- . أثر ضعيف: الشعبي عن علي: منقطع كما قال الدّارقطني؛ فإنه لم يسمع منه سوي قول علي في الرجم. و انظر مقدمة الكتاب للمؤلف (ص 59) و الأثر رواه - أيضا -: أحمد في «الزهد» برقم (152)، و وكيع بن الجراح في «الزهد» أيضا برقم (110)، و ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج 42 /ص 376).
2- . حديث موضوع: و انظر تخريجه و الكلام علي علله في «الضعيفة» لشيخنا الألباني رحمة اللّه برقم (6829). فقد ذكر شيخنا أن المتهم بوضعه: عمرو بن خالد، ثم عزاه لعبد بن حميد برقم (79)، و للأصبهاني في «الترغيب و الترهيب» برقم (348)، و للبيهقي في «الكبري» (ج 9 /ص 283) فقط. قلت: و رواه أيضا: أحمد بن منيع في «مسنده» - كما في «المطالب العالية» برقم (2353) - و كذا رواه أبو الفتح الشافعي في «كتاب الترغيب» - كما في «نصب الراية» للزيلعي (ج 4 /ص 219) - و الديلمي في «مسند الفردوس» برقم (8655). و له شاهد من حديث عمران بن حصين؛ لكنه ضعيف جدّا كما بين شيخنا برقم (528) و خرجه هناك و زاده تخريجا تحت رقم (6828) فذكره تحت شاهده من رواية أبي سعيد الخدري - مع اختلاف بعض ألفاظه - و ضعفه؛ فأغني عن إعادته هنا؛ فمن أراد الاستزادة فعليه الرجوع إلي هذين الموضعين من «الضعيفة» غير مأمور.

عليه حين تلقاه»(1).

ذكر رواية سيد شباب الجنّة الحسين بن عليّ، عن أمّه: سيّدة نساء العالمين فاطمة:

120 - حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، قال: حدّثنا الحسن بن عليّ بن عفان العامريّ، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن موسي، قال: حدّثنا حسين بن زيد، عن عليّ بن محمّد، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين، عن الحسين بن عليّ:: أنّ النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» قال لأمّه فاطمة: «إنّ اللّه يغضب لغضبك و يرضي لرضاك»(2).

حديث آخر:

121 - أخبرنا أبو جعفر محمّد بن محمّد بن عبد اللّه البغداديّ، قال:

حدّثنا عبد اللّه بن الحسين بن جابر المصيصي، قال: حدّثنا موسي بن محمّد البلقاوي(3)، قال: حدّثنا الوليد بن محمّد الموقري، قال: كنّا علي باب الزّهريّ، إذ سمع جلبة، فقال: ما هذا يا وليد؟ فنظرت فإذا رأس زيد بن عليّ يطاف به بيد اللعابين، فأخبرته، فبكا الزّهريّ، ثمّ قال: أهلك هذا البيت العجلة. قلت: و يملّكون؟ قال: نعم؛ حدّثني عليّ بن الحسين، عن أبيه، أنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» قال لفاطمة: «أبشري؛ المهديّ منك»(4).

ذكر رواية سيد شباب أهل الجنّة الحسين بن عليّ بن أبي طالب عن أمّه فاطمة سيّدة نساء العالمين:

122 - أخبرنا أبو عليّ محمّد بن عليّ بن عمر المذكّر، قال: حدّثنا أحمد بن يوسف السّلمي، قال: حدّثنا عمرو بن أبي سلمة التّنّيسيّ، قال: حدّثنا أبو معبد حفص بن غيلان، عن الحكم بن عبد اللّه الأيليّ، عن محمّد بن عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن جدّه

ص: 94


1- . حديث صحيح بغير هذا اللفظ و السند: فانظر «صحيح البخاري» برقم (4462). و أما هذا السند: فمنقطع بين جد محمد بن جعفر، و بين علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه. ثم إن محمد بن جعفر هذا متكلم فيه.
2- . حديث منكر: و قد تقدم تخريجه و الكلام عليه برقم (19).
3- . ضبطها الناسخ هكذا: «البلقاني» و التصويب من كتب الرجال.
4- . حديث موضوع بهذا اللفظ و السند: آفته: موسي بن محمد البلقاوي؛ و قد كذبه أبو زرعة و أبو حاتم. و قال ابن عدي: يسرق الحديث. و الموقري صاحب القصة نفسه: كذاب! كما قال ابن معين. و المصيصي: متهم بسرقة الحديث و قلب الأخبار كما قال ابن حبان؛ و مع هذا وثقه المؤلف! انظر «اللسان» (ج 3 /ص 227). و من هذا الوجه رواه - أيضا -: ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج 19 /ص 457).

الحسين بن عليّ قال: خرج [الحسين](1) و أنا معه نريد أرضه التي بظهر الحرّة، فلما جئنا الصورين، و نحن نمشي، استقبلنا ابن النعمان بن بشير علي بغلة، فقرّبها إلي الحسين فقال:

اركب أبا عبد اللّه! قال: فكره ذلك الحسين، فلم يزل ذلك من إقسام ابن النعمان حتّي ركب الحسين، ثمّ قال: أما إذ أقسمت؛ فقد كلّفتني ما أكره، فاركب علي صدر دابّتك بشارة لك، إني سمعت أمّي فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» تقول: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «الرجل أحقّ بصدر فراشه، و صدر دابته، و الصلاة في منزله». فقال ابن النعمان: صدقت ابنة رسول اللّه، سمعت النعمان بن بشير يقول، و ها هو ذا يقول كما قالت. فركب الحسين في السّرج و ردفه ابن النعمان(2).

حديث آخر:

123 - حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، قال: حدّثنا الربيع بن سليمان، قال: حدّثنا أسد بن موسي، قال: حدّثنا حماد بن سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن أبيه، عن عبد اللّه بن الحسن بن الحسين، عن أمّه فاطمة بنت الحسين، عن أبيها الحسين بن عليّ، عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» قالت: دخلت علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، فقرّبت إليه شيئا مما غيّرت النار، ثمّ جاء بلال يؤذنه الصلاة، فأخذ رداءه ليخرج، فقلت: يا حبيبي! أ لا تتوضأ؟ قال: «و فيم يا بنيّة؟» فقلت: «أ لست قد أكلت مما غيّرت النار؟» فقال: «أ ليس من أطيب طعامكم ما غيرت النار؟». ثمّ خرج فصلّي و لم يتوضأ(3).م.

ص: 95


1- . الزيادة ليست في «الأصل» و السياق يقتضيها.
2- . حديث ضعيف بهذا اللفظ: أما سنده هنا فموضوع: الحكم بن عبد اللّه الأيلي: كذاب! و رواه - أيضا -: الدولابي في «الذرية الطاهرة» برقم (172)، و الطبراني في «الكبير» (ج 22 /ص 414)، و ابن حجر في «الأربعين المتباينة السماع» (ص 54)، و في «تغليق التعليق» (ج 5 /ص 79-80). و قد توبع الكذاب - عند بعض مخرجي الحديث - من قبل: صدقة مولي عبد الرحمن بن الوليد؛ و لكنه ضعيف، و منقطع بين محمد بن علي بن الحسين و بين جده؛ فقد ذكر الحافظ ابن حجر أن رواية هذا الأخير عن أم سلمة مرسلة؛ و هي قد عاشت بعد الحسين! ثم بين الحافظ أن في الباب حديثا صحيحا؛ فرواه من حديث بريدة. و قد صح الحديث - كما بين الألباني - من رواية بريدة، و رواية أبي سعيد الخدري؛ فانظر - غير مأمور -: «السلسلة الصحيحة» برقم (1595) و لفظه. 14 - «الرجل أحق بصدر دابته، و صدر فراشه، و أن يؤم في رحله».
3- . حديث ضعيف: في سنده تدليس محمد بن إسحاق، و لم أقف علي من خرجه سوي المؤلف هاهنا؛ فاللّه أعلم.

و من رواية عبد اللّه بن العبّاس بن عبد المطلب، عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»:

124 - أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن عليّ بن عبد الحميد الصّنعانيّ بمكة، قال: حدّثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن عبد اللّه بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي اللّه عنه قال: دخلت فاطمة علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» و هي تبكي، فقال: «يا بنيّة؛ ما يبكيك؟». قالت: يا أبت! ما لي لا أبكي، و هؤلاء الملأ من قريش في الحجر، يتعاقدون باللات، و العزي، و مناة الثالثة الأخري: لو قد رأوك؛ قاموا إليك فيقتلونك، فليس منهم رجل إلا و قد عرف نصيبه من ذلك. فقال: «يا بنيّة؛ ايتيني بوضوء». فتوضأ رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و خرج إلي المسجد، فلما رأوه قالوا: هو ذا. فطأطئوا رءوسهم، و سقطت أذقانهم بين ثديّيهم، ثمّ رفعوا أبصارهم، فتناول رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» قبضة من تراب، و هم في الحجر يحصبهم بها، و قال: «شاهت الوجوه»، فما أصاب رجلا منهم حصاة؛ إلا قتل يوم بدر كافرا(1).

125 - حدّثناه: الشيخ أبو بكر أحمد بن إسحاق، قال: أخبرنا أبو المثني، قال: حدّثنا مسدّد، قال: حدّثنا يحيي بن سليم المكّيّ، و أخبرنا عبد اللّه بن محمّد الدورقي، قال: حدّثنا محمّد بن إسحاق، قال: حدّثنا محمّد بن منصور الجواد، قال: حدّثنا يحيي بن سليم، قال:

حدّثنا عبد اللّه بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أنّ فاطمة دخلت

ص: 96


1- . حديث حسن: عبد اللّه بن خثيم هو: عبد اللّه بن عثمان بن خثيم: صدوق حسن الحديث؛ فقد وثقه جمع و تكلم فيه آخرون. و قد رواه المؤلف - مختصرا - في «المستدرك» (ج 3 /ص 157) من طريق أبي بكر بن أبي عياش عن عبد اللّه بن عثمان بن خثيم به، و قال: صحيح الإسناد! مع أن في سنده من هو سيئ الحفظ عند ابن حبان ألا و هو: و ضاح بن يحيي النهشلي؛ لكن قال ابن حبان: شيخ صدوق؛ ثم هو قد توبع كما هو عند المؤلف هنا، و عند غيره ممن ذكرهم شيخنا الألباني في تخريج هذا الحديث و الكلام علي طرقه و متابعاته في «الصحيحة» برقم (2824) بما أغني عن إعادته هاهنا؛ فمن أراد التوسع فعليه الاطلاع عليه هناك غير مأمور. و قد صحح شيخنا الحديث باعتبار أن ابن خثيم هذا ثقة؛ و الأرجح أنه قوي الحديث، و لا يبلغ درجة الثقة للخلاف فيه كما تقدم.

علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، فذكر الحديث مثله سواء(1):.

126 - و حدّثناه: محمّد بن محمّد بن يعقوب الحافظ، قال: أخبرنا أبو العبّاس محمّد بن إسحاق الثقفيّ، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن سعيد، قال: حدّثنا يحيي بن سليم(2)، قال: حدّثنا عبد اللّه بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن جبير: أن فاطمة دخلت علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، فذكر الحديث بنحوه مرسلا(3).

127 - و قد أخبرني: أبو الحسن أحمد بن محمّد بن سلمة العنزيّ، قال: حدّثنا عثمان بن سعيد الدارميّ، قال: حدّثنا وضّاح بن يحيي، قال: حدّثنا أبو بكر بن عياش، عن عبد اللّه بن عثمان بن خيثم القاريّ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» قالت: اجتمع مشركو قريش في الحجر، فقالوا: إذا مرّ محمّد ضربه كلّ رجل منا ضربة، فسمعته، فدخلت علي أبيها، فقالت: يا أبت! إنّه قد اجتمع مشركو قريش في الحجر، فقالوا: إذا مرّ محمّد، ضربه كلّ رجل منا ضربة. قال: «يا بنيّة! اسكني». ثمّ خرج، فدخل عليهم المسجد، فرفعوا رءوسهم، ثمّ نكسوا، فأخذ قبضة من تراب، فرمي بها نحوهم، ثمّ قال: «شاهت الوجوه»، فما أصاب رجلا منهم؛ إلا قتل يوم بدر(4).

حديث يحيي بن سليم بمتابعة معمر بن راشد إياه، و كذلك رواية أهل الشام عنه:

128 - حدّثناه: أحمد بن عليّ بن الحسن بن شاذان المقرئ، قال: حدّثنا عمران بن

ص: 97


1- . حديث حسن: و سنده لا بأس به في المتابعات من أجل: يحيي بن سليم و هو الطائفي؛ فإنه متكلم في حفظه. و محمد بن منصور الجواد: بالجيم؛ لم أقف له علي جرح أو تعديل.
2- . في «الأصل»: «سليمان» و التصويب من كتب الرجال.
3- . حديث حسن: و سنده مرسل هنا. و عبيد اللّه بن سعيد هو اليشكري: ثقة. و الراوي عنه هو: السراج: محمد بن إسحاق الثقفي. الحافظ الثقة الإمام. و انظر «تهذيب الكمال» (ج 19 /ص 53). تنبيه: وقع في «الأصل» زيادة كأنها مقحمة بعد قوله: مرسلا و هي: «فضربه أبو قدامة»! و قد تكون هذه الزيادة في الحديث المرسل عند المؤلف؛ لكني لم أقف عليها.
4- . حديث حسن: من أجل الخلاف في عبد اللّه بن عثمان بن خثيم؛ و الصحيح أنه صدوق حسن الحديث. و قد تقدم أن المؤلف رواه في «المستدرك» (ج 3 /ص 157)، فانظر رقم (121). و وضاح بن يحيي: سيئ الحفظ.

بكار الكلاعي بحمص، قال: حدّثنا الربيع بن روح الحضرمي، قال: حدّثنا إسماعيل بن عياش، عن عبد اللّه بن عثمان بن خيثم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي اللّه عنه قال:

اجتمع الملأ من قريش علي أن يضربوا رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، فحدّثتني فاطمة أنّها أخبرت بذلك النّبيّ - عليه السّلام -، فقال: «اسكني». فلما دخل المسجد، رفعوا رءوسهم، فأخذ النّبيّ - عليه الصلاة و السّلام - قبضة من تراب، فرماهم به، فما بقي منهم أحد إلا قتل كافرا يوم بدر(1).

حديث آخر:

129 - حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، قال: حدّثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي، قال: حدّثنا يونس بن بكير، عن محمّد بن إسحاق، حدّثني حسين ابن عبد اللّه بن عبيد اللّه، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: لما رجع رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» من أحد أعطي فاطمة ابنته سيفه، فقال: «يا ابنتي اغسلي هذا السيف عن الدّم». و أعطاها عليّ سيفه، فقال: و هذا فاغسلي عنه الدم؛ فو اللّه لقد نفعني اليوم، و لقد أحسنت به القتال، فسمعه رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، فقال:

«لئن كنت صدقت القتال اليوم؛ فلقد صدق بعدك القتال سهل بن حنيف، و سماك بن خرشة، أبو دجانة»(2).

هذا حديث ينبغي أن يتأدّب به العاقل، فلا يعد علي سيّده كبيرا مما يروقه من امتثال أمره و النيابة عنه(3).

ص: 98


1- . حديث حسن: و قد تقدم فانظر رقم (121-124). و عمران بن بكار: ثقة. و كذا: الربيع بن روح. و السند هنا: ضعيف جدّا. شيخ المؤلف يلقب بابن حسنويه: متهم بالكذب! «سير النبلاء» (ج 15 /ص 550).
2- . حديث ضعيف: مداره علي: حسين بن عبد اللّه بن عبيد اللّه، و قد ضعفه أكثر الأئمة. و قد رواه المؤلف أيضا في «المستدرك» (ج 3 /ص 24) و قال: (شاهد صحيح)! و لم يعلق الذهبي بشيء! و زاد: 1,15 - (قال ابن إسحاق: و قال علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه حين ناول فاطمة عليها السلام السيف: أ فاطم هاك السيف غير ذميم فلست بر عديد و لا بلئيم لعمري لقد أعذرت في نصر أحمد و مرضات رب بالعباد رحيم . قلت: و هو ضعيف مع كونه مرسلا أو معضلا.
3- . كذا في «الأصل» و لعل في العبارة غموضا.

حديث آخر:

130 - أخبرنا أبو العبّاس قاسم بن القاسم السياريّ بمرو، قال: حدّثنا إبراهيم بن هلال، قال: حدّثنا عليّ بن الحسن بن شقيق، قال: حدّثنا الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس: أنّ النّبيّ - عليه السّلام - كان إذا رجع من سفر قبّل فاطمة رضي اللّه عنها(1).

حديث آخر:

131 - أخبرنا العبّاس بن محمّد بن يعقوب، قال: حدّثنا العبّاس بن محمد الدوري، قال: حدّثنا وهب بن جرير بن حازم، قال: حدّثنا أبي، قال: سمعت محمّد بن إسحاق يقول: حدّثني خصيف، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قدم عليّ بن أبي طالب من اليمن، و قد أمر رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» فاطمة فحلّت، فدخل عليّ عليها، فقال: «مالك يا ابنة رسول اللّه؟» فقالت: «أمرنا رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» أن نهلّ بعمرة فحللنا»(2).

132 - حدّثني عليّ بن حمشاد العدل، و محمّد بن أحمد بن بالويه، و أحمد بن يعقوب الثقفيّ قالوا: أخبرنا الحسن بن عليّ بن رشيد المعمري، قال: حدّثنا عبد السلام بن صالح، قال: حدّثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: لما زوّج النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» عليّا. ابنته فاطمة قالت: «قد زوّجتني من عابد لا مال له». فقال لها رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «أ ما ترضين أن يكون اللّه تعالي اطّلع إلي أهل الأرض؛ فاختار منهم رجلين، فجعل أحدهما أباك، و الآخر زوجك»(3).

ص: 99


1- . حديث ضعيف: إبراهيم بن هلال: لم أعرفه، و لم يذكره المزي فيمن روي عن علي بن الحسن ابن شقيق من «تهذيب الكمال»، و لم أقف علي الحديث عند غير المؤلف؛ فاللّه أعلم.
2- . حديث ضعيف بهذا السند: و صح من وجه آخر؛ فإن خصيفا سيئ الحفظ - و هو ابن عبد الرحمن الجزري -: ضعفه أحمد و غيره. لكن صح الحديث من رواية البراء بن عازب عند أبي داود برقم (1797)، و النسائي (ج 5 /ص 185)، و في «الكبري» برقم (3691) بمعناه. و سيأتي له مزيد من التخريج برقم (163).
3- . حديث موضوع: عبد السلام بن صالح: رافضي يضع الحديث، و قال العقيلي: كذاب، و وافقه ابن طاهر، و اتهمه الدّارقطني بالوضع، و لم يعرفه من وثقه! و رواه أيضا: ابن الجوزي في «الواهيات» - العلل المتناهية - برقم (351، 352، 353)؛ لكنه ما أنصف و لا عدل حينما اتهم عبد الرزاق الصنعاني - و هو إمام - بالوضع! و هذه زلة عظيمة من ابن الجوزي، و إسراف مبين؛ فإن عبد الرزاق - و إن كان يتشيع - فالحمل في هذا الحديث الموضوع ليس عليه؛ بل علي الرواة عنه، و هم: عبد السلام بن صالح - الكذاب - و أحمد بن عبد اللّه بن يزيد - عند ابن الجوزي - و هو ممن يضع الحديث، و إبراهيم بن الحجاج - عند ابن الجوزي أيضا - و هو مجهول العين و الحمل عليه فيه؛ فقد قال عنه الذهبي: لا يعرف. و الحديث رواه أيضا: المؤلف في «المستدرك» (ج 3 /ص 140)، و الطبراني في «الكبير» (ج 11 /ص 93)، و الخطيب في «تاريخ بغداد» (ج 4 /ص 196)، و ابن عدي في «الكامل» (ج 5 /ص 313، ص 331)، و ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج 135/42، 136). و قد روي الحديث عن أبي هريرة أيضا عند الحاكم في «المستدرك» (ج 3 /ص 140)، و قال: (علي شرط الشيخين)! فرده الذهبي بقوله: (بل موضوع)!

حديث آخر:

133 - حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد بن يحيي المزكّي، قال:

حدّثنا أبو حامد أحمد بن محمّد بن الحسن الحافظ، نا عبد اللّه بن عبد الوهاب الخوارزميّ، قال: حدّثنا أحمد بن حماد المروزي، قال: حدّثنا محبوب بن حميد البصري - و سأله عن هذا الحديث: روح بن عبادة - قال: حدّثنا القاسم ابن بهرام، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس: في قوله تعالي: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَ يَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً [الإنسان، 7]. قال: مرض الحسن و الحسين، فعادهما جدّهما رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و عادهما عامة العرب، فقالوا: يا أبا الحسن! لو نذرت علي ولديك نذرا، و كلّ نذر ليس له وفاء فليس بشيء.

فقال عليّ: إن برءا مما بهما صمت للّه ثلاثة أيام شكرا. و قالت فاطمة كذلك، فألبس الغلامان العافية، و ليس عند آل محمّد صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» قليل و لا كثير، فانطلق عليّ إلي شمعون بن جابر اليهوديّ الخيبريّ، فاستقرض منه ثلاثة آصع من شعير، جاء به فوضعه في ناحية البيت، فقامت فاطمة إلي صاع؛ فطحنته و اختبزته، و صلّي عليّ مع النّبيّ - عليه السّلام -، ثمّ أتي المنزل؛ فوضع الطعام بين يديه؛ إذ أتاهم مسكين؛ فوقف بالباب، فقال: السلام عليكم أهل بيت محمّد! مسكين من أولاد المسلمين، أطعموني أطعمكم اللّه علي موائد الجنّة؛ فسمعه عليّ فأنشأ يقول:

أ فاطم يا ذات السّداد و اليقين يا بنت خير النّاس أجمعين

أ ما ترين البائس المسكين قد قام بالباب له حنين

ص: 100

يشكو إلي اللّه و يستكين يشكو إلينا جائع حزين

كلّ امرئ بكسبه رهين من يكسب الخير يقف سمين

فأنشأت فاطمة رضي اللّه عنها تقول:

أمرك لي نعم سمع و طاعه ما بي من لؤم و لا وضاعه

غذيت في الخير له صناعه أطعمه و لا أبالي الساعة

أرجو بأن أنقذ من مجاعه و ألحق الأحباب و الجماعه

و أدخل الجنّة لي شفاعه

قال: فاعطوه الطعام، و مكثوا يومهم و ليلتهم، و لم يذوقوا شيئا إلا الماء القراح.

فلما كان اليوم الثاني، قامت فاطمة إلي صاع، فطحنته و اختبزته، و صلّي عليّ مع النّبيّ - عليه السّلام -، ثمّ أتي المنزل، فوضع الطعام بين يديه؛ إذ أتاهم يتيم فوقف بالباب، فقال: السلام عليكم أهل بيت محمد! يتيم من أولاد المهاجرين، استشهد أبي يوم العقبة(1)، أطعموني أطعمكم اللّه علي موائد الجنة.

فسمعه عليّ، فأنشأ يقول:

أ فاطم بنت السيد الكريم بنت نبيّ ليس بالذّميم

قد جاءنا اللّه بهذا اليتيم من يرحم اليوم يكن رحيم

و يدخل الخلد و هو سليم قد حرّم الخير علي اللئيم

و لا يجوز في الصراط المستقيم يدكّ في النار إلي الحميم

شرابه الصّديد و الحميم

فأنشأت فاطمة تقول:

أطعمه اليوم و لا أبالي و أوثر اللّه علي عيالي

أمسوا جياعا و هم أشبالي أصغرهم يقتل في القتالب!

ص: 101


1- . و هل استشهد يوم العقبة صحابي؟! ما أجرأ الوضاعين علي الكذب!

بكربلا يقتل باغتيال الويل للقاتل و الوبال

يهوي في النار إلي سفال و في يديه الغلّ و الأغلال

كبوله زاد علي الأكبال

قال: فأعطوه الطعام، و مكثوا يومين و ليلتين لم يذوقوا شيئا إلا الماء القراح، فلما كان في اليوم الثالث، قامت فاطمة إلي الصّاع الباقي - و قال الخوارزمي مرّة: إلي الصاع الثالث - فطحنته و اختبزته، و صلّي عليّ مع النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، ثمّ أتي المنزل، فوضع الطعام بين يديه؛ إذا أتاهم أسير فوقف بالباب، فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمّد! صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، تأسرونا و لا تطعمونا، أطعموني؛ فإني أسير محمّد صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، أطعمكم اللّه علي موائد الجنة، فسمعه عليّ فأنشأ يقول:

أ فاطم يا بنت النّبيّ أحمد بنت نبيّ سيّد مؤيّد

اللّه سمّاه بحمده محمّد قد زانه ربّي بحسن أعبد

هذا أسير للنبيّ المهتد مثقل في غلّه مقيّد

شكا إلينا الجوع بالتمرد من يطعم اليوم يجاز في غد

عند العليّ الواحد الموحّد ما يزرع الزارع سوف يحصد

أعطيه و اجعليه منفد و ارتجي به جزاء سيّد

فأجابت فاطمة:

لم يبق مما جئت غير صاع قد دميت كفي مع الذراع

أبنائي - و اللّه - هما جياع يا ربّ لا تتركهما ضياع

أبو هما للخير ذو صناع يصنع المعروف بابتداع

عبل الذراعين شديد الباع و ما علي رأسي من قناع

إلا عباء نسجه نساع

ص: 102

كان اليوم الرابع، و قد قضي اللّه نذرهم، أخذ عليّ بيده اليمني الحسن، و بيده اليسري الحسين، و أقبل نحو رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و هم يرتعشون كالفراخ من شدّة الجوع، فلما بصر به النّبيّ عليه الصلاة و السلام قال: «يا أبا الحسن! ما أشدّ ما أري بكم! انطلق إلي ابنتي فاطمة». فانطلقوا إليها، و هي في محرابها، قد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع، و غارت عيناها، فلما رآها النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» قال: «أعوذ باللّه!! أهل بيت محمّد يموتون جوعا؟!». فهبط جبريل عليه الصلاة و السلام فقال: يا محمد! خذها. قال: «و ما آخذ يا جبريل؟». فأقرأه: هَلْ أَتي عَلَي الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً إلي قوله: إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَ لا شُكُوراً [الإنسان: 1-9](1).

ص: 103


1- . خبر موضوع لا أصل له: و قد افتري واضعه، و اختلق من الأكاذيب ما يضحك الثكلي! قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «منهاج السنة النبوية» (ج 7 /ص 177) فما بعدها بعد أن ذكر حجة الرافضي الذي قال عن هذه القصة: «و هي تدل علي فضائل جمة لم يسبقه إليها أحد، و لا يلحقه أحد، فيكون أفضل من غيره، فيكون هو الإمام»: و الجواب من وجوه: أحدها: المطالبة بصحة النقل، كما تقدم. و مجرد رواية الثعلبيّ و الواحدي و أمثالهما لا تدل علي أنه صحيح باتفاق أهل السنة و الشيعة. و لو تنازع اثنان في مسألة من مسائل الأحكام و الفضائل، و احتج أحدهما بحديث لم يذكر ما يدل علي صحته، إلا رواية الواحد من هؤلاء له في تفسيره، لم يكن ذلك دليلا علي صحته، و لا حجة علي منازعه باتفاق العلماء. و هؤلاء من عادتهم يروون ما رواه غيرهم، و كثير من ذلك لا يعرفون هل هو صحيح أم ضعيف، و يروون من الأحاديث الإسرائيليات ما يعلم غيرهم أنه باطل في نفس الأمر، لأن وصفهم النقل لما نقل، أو حكاية أقوال الناس، و إن كان كثير من هذا و هذا باطلا، و ربما تكلموا علي صحة بعض المنقولات و ضعفها، و لكن لا يطردون هذا و لا يلتزمونه. الثاني: أن هذا الحديث من الكذب الموضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث، الذين هم أئمة هذا الشأن و حكامه. و قول هؤلاء هو المنقول في هذا الباب، و لهذا لم يرو هذا الحديث في شيء من الكتب التي يرجع إليها في النقل، لا في الصحاح، و لا في المسانيد، و لا في الجوامع، و لا السنن، و لا رواه المصنفون في الفضائل، و إن كانوا قد يتسامحون في رواية أحاديث ضعيفة، كالنسائي فإنه صنّف «خصائص عليّ»، و ذكر فيها عدة أحاديث ضعيفة، و لم يرو هذا و أمثاله. و كذلك أبو نعيم في «الخصائص»، و خيثمة بن سليمان، و الترمذي في «جامعه» روي أحاديث كثيرة في فضائل عليّ، كثير منها ضعيف، و لم يرو مثل هذا لظهور كذبه. و أصحاب السير، كابن إسحاق و غيره، يذكرون من فضائله أشياء ضعيفة، و لم يذكروا مثل هذا، و لا رووا مما قلنا فيه: إنه موضوع باتفاق أهل النقل، من أئمة أهل التفسير، الذين ينقلونها بالأسانيد المعروفة، كتفسير ابن جريج، و سعيد بن أبي عروبة، و عبد الرزاق، و عبد بن حميد، و أحمد، و إسحاق، و تفسير بقي بن مخلد، و ابن جرير الطبري، و محمد بن أسلم الطوسي، و ابن أبي حاتم، و أبي بكر بن المنذر، و غيرهم من العلماء الأكابر، الذين لهم في الإسلام لسان صدق، و تفاسيرهم متضمنة للمنقولات التي يعتمد عليها في التفسير. الوجه الثالث: أن الدلائل علي كذب هذا كثيرة. منها: أن عليّا إنما تزوج فاطمة بالمدينة، و لم يدخل بها إلا بعد غزوة بدر، كما ثبت ذلك في «الصحيح». و الحسن و الحسين ولدا بعد ذلك، سنة ثلاث أو أربع. و الناس متفقون علي أن عليّا لم يتزوج فاطمة إلا بالمدينة و لم يولد له ولد إلا بالمدينة. و هذا من العلم العام المتواتر، الذي يعرفه كل من عنده طرف من العلم بمثل هذه الأمور. و سورة «هل أتي» مكّيّة باتفاق أهل التفسير و النقل، لم يقل أحد منهم: إنها مدنية. و هي علي طريقة السور المكّيّة في تقرير أصول الدين المشتركة بين الأنبياء، كالإيمان باللّه و اليوم الآخر، و ذكر الخلق و البعث. و لهذا قيل: إنه كان النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقرؤها مع: (ألم تنزيل) في فجر يوم الجمعة، لأن فيه خلق آدم، و فيه دخل الجنة، و فيه تقوم الساعة. و هاتان السورتان متضمنتان لابتداء خلق السموات و الأرض و خلق الإنسان إلي أن يدخل فريق الجنة و فريق النار. و إذا كانت السورة نزلت بمكة قبل أن يتزوج عليّ بفاطمة، تبين أن نقل أنها نزلت بعد مرض الحسن و الحسين من الكذب البيّن. الوجه الرابع: أن سياق هذا الحديث و ألفاظه من وضع جهّال الكذابين. فمنه قوله: «فعادهما جدهما و عامة العرب» فإن عامة العرب لم يكونوا بالمدينة، و العرب الكفّار ما كانوا يأتونهما يعودونهما. و منه قوله: «يا أبا الحسن لو نذرت علي ولديك». و عليّ لا يأخذ الدّين من أولئك العرب، بل يأخذه من النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم. فإن كان هذا أمرا بطاعة فرسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أحق أن يأمره به من أولئك العرب، و إن لم يكن طاعة لم يكن عليّ يفعل ما يأمرون به. ثم كيف يقبل منهم ذلك من غير مراجعة إلي النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في ذلك؟! الوجه الخامس: أن في «الصحيحين» عن النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أنه نهي عن النذر، و قال: «إنه لا يأتي بخير، و إنما يستخرج به من البخيل». و في طريق آخر: «إن النذر، يرد ابن آدم إلي القدر فيعطي علي النذر ما لا يعطي علي غيره». و إذا كان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ينهي عن النذر و يقول: «إنّه لا يأتي بخير و إنما يرد ابن آدم إلي القدر». فإن كان عليّ، و فاطمة و سائر أهلهما لم يعلموا مثل هذا، و علمه عموم الأمة، فهذا قدح في علمهم، فأين المدّعي للعصمة؟ و إن كانوا علموا ذلك، و فعلوا ما لا طاعة فيه للّه و لرسوله، و لا فائدة لهما فيه، بل قد نهيا عنه: إما نهي تحريم، و إما نهي تنزيل: كان هذا قدحا: إما في دينهم، و إما في عقلهم و علمهم. فهذا الذي يروي مثل هذا في فضائلهم جاهل، يقدح فيهم من حيث يمدحهم، و يخفضهم من حيث يرفعهم، و يذمهم من حيث يحمدهم. و لهذا قال بعض أهل البيت للرافضة ما معناه: إن محبتكم لنا صارت معرّة علينا. و في المثل السائر: «عدوّ عاقل خير من صديق جاهل». و اللّه تعالي إنما مدح علي الوفاء بالنذر، لا علي نفس عقد النذر. و الرجل ينهي عن الظهار، و إن ظاهر وجبت عليه كفّارة للظهار، و إذا عاود مدح علي فعل الواجب، و هو التكفير، لا علي نفس الظهار المحرّم. و كذلك إذا طلّق امرأته ففارقها بالمعروف، مدح علي فعل ما أوجبه الطلاق، لا نفس الطلاق المكروه. و كذلك من باع أو اشتري فأعطي ما عليه، مدح علي فعل ما أوجبه العقد، لا علي نفس العقد الموجب. و نظائر هذا كثيرة. الوجه السادس: أن عليّا و فاطمة لم يكن لهما جارية اسمها فضة، بل و لا لأحد من أقارب النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم. و لا نعرف أنه كان بالمدينة جارية اسمها فضة، و لا ذكر ذلك أحد من أهل العلم الذين ذكروا أحوالهم دقها و جلها. و لكن فضة هذه بمنزلة ابن عقب الذي يقال: إنه كان معلّم الحسن و الحسين، و أنه أعطي تفاحة كان فيها علم الحوادث المستقبلة، و نحو ذلك من الأكاذيب التي تروج علي الجهّال. و قد أجمع أهل العلم علي أنهما لم يكن لهما معلم، و لم يكن في الصحابة أحد يقال له: «ابن عقب». و هذه الملاحم المنظومة المنسوبة إلي: «ابن عقب»، هي من نظم بعض متأخري الجهّال الرافضة، الذين كانوا زمن نور الدين و صلاح الدين، لما كان كثير من الشام بأيدي النصاري، و مصر بأيدي القرامطة الملاحدة بقايا بني عبيد، فذكر من الملاحم ما يناسب تلك الأمور بنظم جاهل عامّي. و هكذا هذه الجارية فضة. 14,1 - و قد ثبت في «الصحيحين» عن عليّ: «أن فاطمة سألت النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم خادما، فعلّمها أن تسبّح عند المنام ثلاثا و ثلاثين، و تكبّر ثلاثا و ثلاثين، و تحمد أربعا و ثلاثين». و قال: «هذا خير لك من خادم». قال عليّ: «فما تركتهن منذ سمعتهن من النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم». قيل له: و لا ليلة صفّين؟ قال: و لا ليلة صفّين. و هذا خبر صحيح باتفاق أهل العلم، و هو يقتضي أنه لم يعطها خادما. فإن كان بعد ذلك حصل لهما خادم فهو ممكن، لكن لم يكن اسم خادمهما فضة بلا ريب. الوجه السابع: أنه قد ثبت في «الصحيح» عن بعض الأنصار أنه آثر ضعيفه بعشائهم، و نوم الصبية، و بات هو و امرأته طاويين، فأنزل اللّه سبحانه تعالي: وَ يُؤْثِرُونَ عَلي أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ [الحشر: 9]، و هذا المدح أعظم من المدح بقوله: وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلي حُبِّهِ مِسْكِيناً [الإنسان: 8]، فإن هذا كقوله: وَ آتَي الْمالَ عَلي حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبي وَ الْيَتامي وَ الْمَساكِينَ [البقرة: 117]. 14 - و في «الصحيحين» عن النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: أنه سئل: «أي الصدقة أفضل»؟ قال: «أن تصدّق و أنت صحيح شحيح، تأمل البقاء، و تخاف الفقر، و لا تمهل، حتي إذا بلغت الحلقوم، قلت: لفلان كذا، و لفلان كذا، و قد كان لفلان». و قال تعالي: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتّي تُنْفِقُوا مِمّا تُحِبُّونَ [آل عمران: 92]. فالتصدّق مما يحبه الإنسان جنس تحته أنواع كثيرة، و أما الإيثار مع الخصاصة فهو أكمل من مجرد التّصدّق مع المحبة، فإنه ليس كل متصدق محبّا مؤثرا، و لا كل متصدّق يكون به خصاصة، بل قد يتصدق بما يجب، مع اكتفائه ببعضه، مع محبة لا تبلغ به الخصاصة. فإذا كان اللّه مدح الأنصار بإيثار الضيف ليلة بهذا المدح، و الإيثار المذكور في قصة أهل البيت هو أعظم من ذلك، فكان ينبغي أن يكون المدح عليه أكثر، إن كان هذا مما يمدح عليه. و إن كان مما لا يمدح عليه، فلا يدخل في المناقب. الثامن: أن في هذه القصة ما لا ينبغي نسبته إلي عليّ و فاطمة رضي اللّه عنهما؛ فإنه خلاف المأمور به المشروع، و هو إبقاء الأطفال ثلاثة أيام جياعا، و وصالهم ثلاثة أيام. و مثل هذا الجوع قد يفسد العقل و البدن و الدين. و ليس هذا مثل قصة الأنصاري؛ فإن ذلك بيّتهم ليلة واحدة بلا عشاء، و هذا قد يحتمله الصبيان، بخلاف ثلاثة أيام بلياليها. التاسع: أن في هذه القصة أن اليتيم قال: «استشهد والدي يوم العقبة». و هذا من الكذب الظاهر، فإن ليلة العقبة لم يكن فيها قتال، و لكن النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بايع الأنصار ليلة العقبة قبل الهجرة، و قبل أن يؤمر بالقتال. و هذا يدل علي أن الحديث، مع أنه كذب، فهو من كذب أجهل الناس بأحوال النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم. و لو قال: «استشهد والدي يوم أحد» لكان أقرب. العاشر: أن يقال: إن النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم كان يكفي أولاد من قتل معه، و لهذا قال لفاطمة لما سألته خادما: «لا أدع يتامي بدر و أعطيك». فقول القائل: إنه كان من يتامي المجاهدين الشهداء من لا يكفيه النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، كذب عليه و قدح فيه. الحادي عشر: أنه لم يكن في المدينة قط أسير يسأل الناس، بل كان المسلمون يقومون بالأسير الذي يستأسرونه. فدعوي المدّعي أن أسراهم كانوا محتاجين إلي مسألة الناس كذب عليهم و قدح فيهم. و الأسراء الكثيرون إنما كانوا يوم بدر، قبل أن يتزوج عليّ بفاطمة رضي اللّه عنها و بعد ذلك فالأسري في غاية القلة. الثاني عشر: أنه لو كانت هذه القصة صحيحة، و هي من الفضائل، لم تستلزم أن يكون صاحبها أفضل الناس، و لا أن يكون هو الإمام دون غيره. فقد كان جعفر أكثر إطعاما للمساكين من غيره، حتي 14 - قال له النبي صلّي اللّه عليه و سلّم: «أشبهت خلقي و خلقي». 14 - و كان أبو هريرة يقول: «ما احتذي النعال بعد النبي صلّي اللّه عليه و سلّم أحد أفضل من جعفر». يعني في الإحسان إلي المساكين، إلي غير ذلك من الفضائل. فلم يكن بذلك أفضل من عليّ و لا غيره، فضلا عن أن يكون مستحقّا للإمامة. الثالث عشر: أنه من المعلوم أن إنفاق الصّدّيق أمواله أعظم و أحب إلي اللّه و رسوله؛ فإن إطعام الجائع من جنس الصدقة المطلقة، التي يمكن كل واحد فعلها إلي يوم القيامة، بل و كل أمة يطعمون جياعهم من المسلمين و غيرهم، و إن كانوا لا يتقربون إلي اللّه بذلك، بخلاف المؤمنين، فإنهم يفعلون ذلك لوجه اللّه، بهذا تميزوا. كما قال تعالي: إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَ لا شُكُوراً [الإنسان: 9]. و أما إنفاق الصّدّيق و نحوه، فإنه كان في أول الإسلام، لتخليص من آمن، و الكفّار يؤذونه أو يريدون قتله. مثل اشترائه بماله سبعة كانوا يعذّبون في اللّه، منهم بلال، حتي قال عمر: «أبو بكر سيدنا و أعتق سيدنا»، يعني بلالا. و إنفاقه علي المحتاجين من أهل الإيمان و في نصر الإسلام، حيث كان أهل الأرض قاطبة أعداء الإسلام. و تلك النفقة ما بقي يمكن مثلها. و لهذا قال النبي صلّي اللّه عليه و سلّم في الحديث المتفق علي صحته. 14 - «لا تسبّوا أصحابي، فو الذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مدّ أحدهم و لا نصيفه». و هذا في النفقة التي اختصوا بها. و أما جنس إطعام الجائع مطلقا، فهذا مشترك يمكن فعله إلي يوم القيامة. انتهي نقل كلام شيخ الإسلام ابن تيمية؛ و قد آثرت أن أنقله بتمامه لعظيم الفائدة منه في علوم شتي تشهد ببراعة هذا الإمام و استحقاقه - بحق - لقب: (شيخ الإسلام). و القصة رواها أيضا: ابن الأثير في «أسد الغابة» (ج 7 / ص 230-231) في ترجمة: (فضة النوبية جارية فاطمة الزهراء بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و سلّم). و كذا رواها أبو موسي في «الذيل» و الثعلبي في «تفسيره» - كما قال الحافظ ابن حجر في «الإصابة» (ج 8 /ص 75) - ثم نقل عن الذهبي قوله: (كأنه موضوع)! و قال: (و ليس ما قاله ببعيد). و من العجيب أن ينتقد القصة أيضا: الحكيم الترمذي في «نوادر الأصول» (ج 1 /ص 246) بقوله عن الخبر بأنه: (مزوّق) - يعني مكذوب - و كذا عزاه الزيلعي في «تخريج أحاديث الكشاف» (ج 4 /ص 134) للثعلبي، ثم نقل عن الحكيم الترمذي أنه قال: (هذا حديث مزوق مفتعل، لا يروج إلا علي أحمق جاهل). قلت: واضع هذه القصة المختلقة هو: قاسم بن بهرام قال الحافظ في «لسان الميزان» (ج 4 /ص 458-459) في ترجمته: و هو صاحب الحديث الطويل في نزول قوله تعالي: (يوفون بالنذر) ثم نقل عن ابن عدي أنه: كذاب. و قد جزم الذهبي في «ترتيب الموضوعات» بوضع الحديث، فقال: (هذا من وضع الجهلة)! و للحديث طريق أخري - و هي التي جزم الذهبي بوضعها - عند ابن الجوزي في «الموضوعات» برقم (733) من مرسل الأصبغ بن نباتة الكذاب! و فيه أيضا: محمد بن كثير قال أحمد: خرقنا حديثه. و فيه: أبو عبد اللّه السمرقندي. قال ابن الجوزي: لا يوثق به.

ص: 104

ص: 105

ص: 106

حديث آخر:

133 - أخبرنا أبو عليّ محمّد بن عليّ المذكّر، قال: حدثنا أحمد بن يوسف ابن خالد السلمي، قال: حدّثنا عبد الرزاق، أخبرنا يحيي(1) بن العلاء البجلي، عن عمّه شعيب بن خالد، عن حنظلة بن سمرة بن المسيب، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس رضي اللّه عنه: أنّ النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» لما زوّج فاطمة من عليّ، خرجت فاطمة فأقبلت، فلما رأت عليّا جالسا إلي جنب النّبيّ - عليه الصلاة و السلام - صاحت و بكت،

ص: 107


1- . في «الأصل»: (الحسين) و التصويب من مصادر التخريج..

فأشفق النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» أن يكون بكاؤها؛ لأنّ عليّا لا مال له، فقال النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «ما يبكيك؟ فما شيء ألوتك و نفسي، و قد أصبت لك خير أهلي، و الذي نفسي بيده لقد زوجتك سيّدا في الدنيا، و إنّه في الآخرة لمن الصالحين»، فألان منها، فقال النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «ائتيني بالمخضب فاملئيه ماء». فأتت أسماء بالمخضب، فملأته ماء، ثمّ مجّ النّبيّ - عليه السّلام - و غسل فيه قدميه و وجهه، ثمّ دعا فاطمة، فأخذ كفّا من ماء، فصبه علي رأسها، و كفّا بين ثدييها و بين رجليها، ثمّ التزمها، ثمّ قال: «اللهمّ أنّها منّي و أنا منها، اللهمّ كما أذهبت عنّي الرّجس و طهّرتني تطهيرا، فطهّرها». ثمّ دعا بمخضب آخر، ثمّ دعا لعليّ، فصنع به كما صنع لها، و دعا له كما دعا لها، ثمّ قال: «قوما إلي بيتكما، جمع اللّه شملكما، و بارك لكما في جمعكما، و أصلح بالكما». ثمّ قام فأغلق عليهما بابه بيده.

قال ابن عباس: فأخبرتني أسماء بنت عميس أنّها رمقت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، فلم يزل يدعو لها خاصة، لا يشركها في دعائه أحدا حتّي تواري في الحجرة(1).

ص: 108


1- . حديث موضوع بهذا السند و هذا التمام: أما سنده هنا فموضوع من أجل: يحيي بن العلاء؛ فإنه وضاع كذاب كما قال أحمد. و قد رواه المؤلف هنا من طريق عبد الرزاق في «المصنف» (ج 5 /ص 486) برقم (9782) مع زيادة في أوله لم يوردها المؤلف هي. 14 - (كانت فاطمة تذكر لرسول اللّه صلّي اللّه عليه و سلّم، فلا يذكرها أحد إلا صد عنه، حتي يئسوا منها، فلقي سعد بن معاذ عليّا، فقال: إني و اللّه ما أري رسول اللّه صلّي اللّه عليه و سلّم يحبسها إلا عليك، قال: فقال له علي: لم سر ذلك، قال: فو اللّه ما أنا بواحد من الرجلين، ما أنا بصاحب دنيا يلتمس ما عندي، و قد علم ما لي صفراء و لا بيضاء، و لا أنا بالكافر الذي يترفق بها عن دينه - يعني يتألفه بها - إني لأول من أسلم، فقال سعد: فإني أعزم عليك لتفرجنها عني، فإن في ذلك فرجا، قال: فأقول ما ذا؟ قال: تقول: جئت خاطبا إلي اللّه و إلي رسوله صلّي اللّه عليه و سلّم فاطمة بنت محمد صلّي اللّه عليه و سلّم، قال: فانطلق علي فعرض علي النّبيّ صلّي اللّه عليه و سلّم و هو يصلي سفل حصر، فقال النبي صلّي اللّه عليه و سلّم: «كأن لك حاجة يا علي»! قال: أجل، جئت خاطبا إلي اللّه و رسوله فاطمة ابنة محمد [صلّي اللّه عليه و سلّم]، فقال له النبي صلّي اللّه عليه و سلّم: «مرحبا»، كلمة ضعيفة، ثم رجع علي إلي سعد بن معاذ، فقال له: ما فعلت؟ قال: فعلت الذي أمرتني به فلم يزد علي أنه رحب بي كلمة ضعيفة، فقال سعد: أنكحك و الذي بعثه بالحق، إنه لا خلف الآن، و لا كذب عنده، عزمت عليك لتأتينه غدا، فتقولن: يا نبي اللّه! متي تبنيني؟ قال علي: هذه أشد من الأولي، أو لا أقول: يا رسول [اللّه!] حاجتي؟ قال: قل كما أمرتك، فانطلق علي، فقال: يا رسول اللّه! متي تبنيني؟ قال: «الثالثة إن شاء اللّه»، ثم دعا بلالا، فقال: «يا بلال! إني زوجت ابنتي ابن عمي، و أنا أحب أن يكون من سنة أمتي إطعام الطعام عند النكاح، فأت الغنم، فخذ شاة و أربعة أمداد أو خمسة، فاجعل لي قصعة لعلي أجمع عليها المهاجرين و الأنصار، فإذا فرغت منها فآذني بها». فانطلق ففعل ما أمره، ثم أتاه بقصعة، فوضعها بين يديه، فطعن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و سلّم في رأسها، ثم قال: «أدخل علي الناس زفة زفة، و لا تغادرن زفة إلي غيرها» - يعني إذا فرغت زفة لم تعد ثانية - فجعل الناس يردون كلما فرغت زفة وردت أخري، حتي فرغ الناس، ثم عمد النبي صلّي اللّه عليه و سلّم إلي ما فضل منها فتفل فيه، و بارك، و قال: «يا بلال! احملها إلي أمهاتك، و قل لهن: كلن، و أطعمن من غشيكن»، ثم إن النبي صلّي اللّه عليه و سلّم قام حتي دخل علي النساء، فقال: «إني قد زوجت ابنتي ابن عمي، و قد علمتن منزلتها مني، و إني دافعها إليه الآن إن شاء اللّه، فدونكن ابنتكن»، فقام النساء فغلفنها من طيبهن، و حليهن، ثم إن النبي صلّي اللّه عليه و سلّم دخل، فلما رآه النساء ذهبن، و بينهن و بين النبي صلّي اللّه عليه و سلّم سترة، و تخلفت أسماء ابنة عميس، فقال لها النبي صلّي اللّه عليه و سلّم... «علي رسلك، من أنت؟» قالت: أنا الذي حرس ابنتك، فإن الفتاة ليلة يبني لها، لا بد لها من امرأة تكون قريبا منها، إن عرضت لها حاجة، و إن أرادت شيئا أفضت بذلك إليها، قال: «فإني أسأل إلهي أن يحرسك من بين يديك، و من خلفك، و عن يمينك، و عن شمالك، من الشيطان الرجيم»، ثم صرخ بفاطمة، فأقبلت، فلما رأت عليّا جالسا إلي جنب النبي صلّي اللّه عليه و سلّم خفرت، و بكت.........)!. فهذه الزيادة التي في أوله لم يذكرها المؤلف هنا؛ و هي مع تمام هذا الحديث بهذا اللفظ و السند موضوعة لا تشبه الأحاديث النبوية؛ فليس عليها من أنوار النبوة شيء! و بهذه الزيادة و هذا السند روي القصة - أيضا - الطبراني في «الكبير» برقم (1022) و برقم (362) من المجلد (22)، و كذا رواها في «الأحاديث الطوال» له برقم (57). و لهذا الكذاب - أعني: يحيي بن العلاء - متابع عند الآجري في «الشريعة» برقم (1568) من طريق: محمد بن حميد الرازي - و هو متهم بالكذب - قال: حدثنا هارون بن المغيرة قال: حدثني عمرو بن قيس به. و هذا المتابعة لا قيمة لها؛ لأن ابن حميد قد كذبه بلديه - أي من هو معه في بلده من المحدثين - و هو: أبو زرعة الرازي. و قال الهيثمي: (رواه الطبراني و فيه يحيي بن يعلي و هو متروك)! «المجمع» (ج 333/9). ثم رأيت للقصة شاهدا عند أحمد في «فضائل الصحابة» برقم (958) من حديث أبي يزيد المدني مرسلا بنحوه. و هكذا رواه: إسحاق بن راهويه في «مسنده» برقم (2142). و له شاهد ثالث عند ابن شاهين في «فضائل فاطمة» برقم (35) من حديث عكرمة مرسلا؛ لكنه مختصر جدّا. «و لهذا فالحديث ضعيف فقط بشاهده المرسل من رواية أبي يزيد المدني هذا؛ و هو مقرون بعكرمة عند أحمد في «فضائل الصحابة» كما تقدم».

حديث آخر:

134 - حدّثني عليّ بن حمشاد العدل، قال: حدّثنا محمّد بن المغيرة السكري بهمذان، قال: حدّثنا القاسم بن الحكم العرني، قال: حدّثنا الحسن بن عمارة، عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي اللّه عنه قال: علّم رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» فاطمة كلمات؛ فكتبتهنّ في جريدة، ثمّ وضعتها في البيت، قال: فالتمستها، فوجدتها في كناس البيت، فأخذتها، فأعطيتها أبيّ بن كعب، فقرأها لها: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه

ص: 109

«و آله و سلّم»: «لا يؤمن باللّه من لا يأمن جاره بوائقه، من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر؛ فليكرم جاره، و من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر؛ فليكرم ضيفه، و من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر؛ فليقل خيرا أو ليصمت، إنّ اللّه يحبّ الحليم الحييّ العفيف المتعفف، و يبغض الفاحش السائل الملحف»(1).

و من رواية أبي هريرة الدوسيّ عن فاطمة سيدة النساء:

135 - حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن يعقوب الحافظ، قال: حدّثنا عليّ بن الحسن بن أبي عيسي الهلالي، قال: حدّثنا معلّي بن أسد العمّي، قال: حدّثنا عبد العزيز بن المختار، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه: أنّ فاطمة أتت النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» تستخدمه خادما، فقال: «أ لا أعلّمك ما هو خير لك من الخادم؛ تسبّحين ثلاثا و ثلاثين، و تكبرين ثلاثا و ثلاثين، و تحمدين أربعا و ثلاثين إذا أويت إلي فراشك»(2).

و هكذا رواه روح بن القاسم العبدي، و إبراهيم بن طهمان العابد، و وهيب بن خالد، و جرير بن عبد الحميد، و خالد بن عبد اللّه الواسطيّ، عن سهيل بن أبي صالح.

136 - أما حديث روح بن القاسم؛ فحدّثناه: دعلج بن أحمد السجزي ببغداد، قال:

حدّثنا أحمد بن عليّ بن مسلم الأبار، قال: حدّثنا أمية بن بسطام، قال: حدّثنا يزيد بن زريع، عن روح بن القاسم، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه: أن فاطمة أتت النّبيّ عليه الصلاة و السلام؛ فسألته(3) خادما، و شكت إليه العمل، فقال: «ما ألفيته عندنا، أ لا أدلك علي ما هو خير لك من خادم؛ تسبحين اللّه ثلاثا و ثلاثين، و تحمدين ثلاثا و ثلاثين، و تكبرين أربعا و ثلاثين حين تأخذين مضجعك»(4).

137 - و أما حديث إبراهيم بن طهمان: فأخبرناه بكر بن محمّد بن حمدان الصيرفي

ص: 110


1- . حديث موضوع: الحسن بن عمارة يضع الحديث، و القاسم بن الحكم ضعيف. لكن قد صح جزء الحديث: (لا يؤمن...) حتي قوله: (أو ليصمت). و محمد بن المغيرة السكري: صدوق، و قال السليماني: فيه نظر. قال الذهبي معقبا: «يشير إلي أنه صاحب رأي». «سير النبلاء» (ج 13 /ص 383).
2- . حديث صحيح: و قد تقدم تخريجه برقم (66، 91، 96-103).
3- . في «الأصل»: «فسأله».
4- . حديث صحيح: و سنده صحيح، و قد تقدم برقم (134).

بمرو، قال: حدّثنا عبد الصمد بن الفضل البلخي، قال: حدّثنا أزهر بن سليمان الكاتب، قال: حدّثنا إبراهيم بن طهمان(1):.

138 - و أخبرنا محمّد بن محمّد بن عبد اللّه الحناط(2)، قال: حدّثنا محمش بن عصام، قال: حدّثنا حفص بن عبد اللّه، قال: حدّثني إبراهيم بن طهمان(3):.

139 - و حدّثنا أبو أحمد محمّد بن محمّد بن إسحاق العدل، قال: حدّثنا موسي بن محمد الذهلي، قال: حدّثنا سعيد بن يزيد الفراء، قال: حدّثنا إبراهيم بن طهمان، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن فاطمة أتت النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» تستخدمه خادما، فقال: «أ لا أعلمك ما هو خير لك من الخادم؛ تسبحين ثلاثا و ثلاثين، و تكبرين ثلاثا و ثلاثين، و تحمدين أربعا و ثلاثين إذا أويت إلي فراشك»(4).

140 - و أما حديث وهيب بن خالد: فحدثناه أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ، قال: حدّثنا السري بن خزيمة، قال: حدّثنا موسي بن إسماعيل، قال: حدّثنا وهيب، قال:

حدّثنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه، عن أبي هريرة: أن فاطمة أتت النّبيّ عليه الصلاة و السلام تستخدمه خادما، فقال: «أ لا أعلمك ما هو خير لك من الخادم؛ تسبحين ثلاثا و ثلاثين، و تكبرين ثلاثا و ثلاثين، و تحمدين أربعا و ثلاثين إذا أويت إلي فراشك»(5).

141 - و أمّا حديث جرير بن عبد الحميد: فحدّثني عليّ بن عيسي الحيري، قال:

حدّثنا مسدد بن قطن القشيري، قال: حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدّثنا جرير، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن فاطمة أتت النّبيّ صلّي اللّه عليه تسأله خادما، فقال النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «أ لا أدلّك علي ما هو خير لك من خادم؛ تسبحين ثلاثا و ثلاثين، و تكبرين ثلاثا و ثلاثين، و احمدي اللّه أربعا و ثلاثين»(6).).

ص: 111


1- . حديث صحيح: و قد تقدم.
2- . في «الأصل»: «الجناد».
3- . حديث صحيح: و قد تقدم.
4- . حديث صحيح: و قد تقدم برقم (135).
5- . حديث صحيح: و قد تقدم.
6- . حديث صحيح: و قد تقدم برقم (135).

142 - و أما حديث خالد بن عبد اللّه الواسطيّ: فحدّثناه أبو عبد اللّه محمّد بن يعقوب الحافظ، قال: حدّثنا عليّ بن الحسن بن أبي عيسي، قال: حدّثنا محمّد بن عيسي بن الطباع، قال: حدّثنا خالد بن عبد اللّه، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: كان النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» يأمر أحدنا إذا أخذ مضجعه أن يقول: «اللهمّ ربّ السموات السبع، و رب العرش العظيم».

قال: و ذكر نحو حديث الأعمش، عن أبي صالح.

هكذا حدّثناه، و في متنه وهم(1)؛ فإنّ الأعمش قد خالف سهيل بن أبي صالح في متن هذا الحديث عن أبي صالح.

143 - حدّثنا بصحّة ما ذكرته: أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، قال: حدّثنا الحسن بن عليّ بن عفان العامري، قال: حدّثنا أبو أسامة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: جاءت فاطمة إلي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» تسأله خادما، فقال لها: «قولي: اللهمّ ربّ السموات السبع، و رب العرش العظيم، ربنا، و ربّ كلّ شيء، نعوذ بك من شر كلّ ما أنت آخذ بناصيته(2)، أنت الأول؛ فليس قبلك شيء، و أنت الآخر؛ فليس بعدك شيء، و أنت الظاهر؛ فليس فوقك شيء، و أنت الباطن؛ فليس دونك شيء، اقض عنا الدين، و أغننا من الفقر»(3). -

ص: 112


1- . صحيح: و قد تقدم؛ و الوهم الذي أشار إليه المؤلف غير متجه؛ فإن هذا المتن قد صح من قوله عليه الصلاة و السلام و تعليمه لأمته و منهم ابنته فاطمة؛ بل كان يقوله بنفسه عليه الصلاة و السلام عند نومه؛ فلا معارضة، و لا وهم في كل هذه الأحاديث! و بهذا اللفظ الذي رواه المؤلف أخرجه: الترمذي برقم (3400) و صححه المحدث الألباني في «صحيح سنن الترمذي» برقم (2706)؛ بل هو في «صحيح مسلم» برقم (2713)، و في «صحيح ابن حبان» برقم (5537)، و في «كبري النسائي» (ج 6 /ص 197)، و في «النعوت و الأسماء و الصفات» له أيضا برقم (156)، و من طريق النسائي رواه ابن السني في «عمل اليوم و الليلة» برقم (715، 790).
2- . في «الأصل»: «بناصيتها» و التصويب من مصادر التخريج.
3- . حديث صحيح: رواه - أيضا - المؤلف في «المستدرك» (ج 3 /ص 170)، و هو عند مسلم في «صحيحه» برقم (7018)، و في «سنن الترمذي» برقم (3403)، و في «علله» أيضا برقم (447)، و ابن ماجة برقم (3831)، و عبد بن حميد برقم (1534)، و ابن أبي شيبة في «المصنف» برقم (29833)، و أبي عروبة الحراني في «الأوائل» برقم (1)، و في «صحيح ابن حبان» برقم (971)، و في «الأسماء و الصفات» للبيهقي برقم (52، 7019)، و عند ابن خزيمة في «التوحيد» برقم (137)، و عند أبي يعلي في «المسند» برقم (6756)، و عند الجرجاني في «جزئه» برقم (4)، و الحسن بن علي الوخشي في «الوخشيات» برقم (11)، و ابن بشران في «الأمالي» برقم (8).

و هكذا رواه زهير بن معاوية الجعفيّ، و محمّد بن الحسن الهمذانيّ، و أبو حمزة محمّد بن ميمون السكري، و أبو عبيدة بن معن المسعودي، و أبو مسلم قائد الأعمش؛ كلّهم عن الأعمش.

144 - أما حديث زهير بن معاوية: فحدّثناه(1) أبو بكر أحمد بن سليمان الفقيه ببغداد، و أبو محمد عبد الرحمن بن حمدان الزاهد بهمذان قالا: قال: حدّثنا هلال بن العلاء الرقي، قال: حدّثنا حسين بن عياش الرقي، قال: حدّثنا زهير، عن سليمان، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: أتت فاطمة رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» تسأله خادما، فقال لها: «الذي جئت تطلبين أحبّ إليك أو خير منه؟». قال: فحسبت أنّها سألت عليّا فقال: قولي: ما هو خير منه. قال: «قولي: اللهمّ رب السموات السبع و رب العرش العظيم، ربنا و رب كلّ شيء، منزل التوراة و الإنجيل و القرآن، فالق الحبّ و النّوي، أعوذ بك من شرّ كلّ شيء أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء، و أنت الآخر فليس بعدك شيء، و أنت الظاهر فليس فوقك شيء، و أنت الباطن فليس دونك شيء؛ اقض عنا الدين و أغننا من الفقر»(2).

145 - و أما حديث أبي حمزة السكري: فأخبرناه: أبو العبّاس القاسم بن القاسم السياري بمرو، قال: حدّثنا عبد اللّه بن عليّ الغزال، قال: حدّثنا عليّ بن الحسن بن شقيق، قال: حدّثنا أبو حمزة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: دخلت فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» علي النّبيّ عليه الصلاة و السلام، فسألته خادما، فقال لها رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «أ لا أدلّك علي ما هو خير لك من ذلك؟ أن تقولي: اللهمّ رب السموات السبع و رب العرش العظيم، ربنا و ربّ كلّ).

ص: 113


1- . في «الأصل»: (حدثناه).
2- . حديث صحيح: و سنده جيد من أجل هلال بن العلاء؛ فإنه صدوق. و قد تقدم تخريجه برقم (142). و رواه من هذه الطريق: ابن منده في «التوحيد» برقم (220)، و النسائي في «النعوت و الأسماء و الصفات» برقم (211).

شيء، منزل التوراة و الإنجيل و القرآن، فالق الحب و النوي، أعوذ بك من شرّ كلّ دابّة أنت آخذ بناصيتها، أنت الأول فليس قبلك شيء، و أنت الآخر فليس بعدك شيء، و أنت الظاهر فليس فوقك شيء، و أنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين و أغننا من الفقر»(1).

146 - و أما حديث محمّد بن الحسن الهمذانيّ: فحدّثناه: أبو بكر محمّد بن جعفر المزكّي، قال: حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن إسحاق، قال: حدّثنا إسحاق بن عمر مولي بني هاشم، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الهمذاني، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: جاءت فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»؛ تسأله خادما، فقال لها رسول اللّه صلّي اللّه عليه و سلّم: «قولي: اللهمّ ربّ السموات السبع و رب العرش العظيم، ربنا و رب كلّ شيء، منزل التوراة و الإنجيل و الفرقان، فالق الحب و النوي، أعوذ بك من شر كلّ شيء أنت آخذ بناصيته»(2).

147 - و أما حديث أبي عبيدة بن معن المسعودي: فحدّثناه: أبو بكر بن أبي دارم الحافظ بالكوفة، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا أبو شيبة بن أبي بكر بن أبي شيبة، قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبيدة، قال: حدّثنا أبي، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: أتت فاطمة النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» تسأله خادما، فقال: «ما عندي ما أعطيك»

فرجعت، فأتاها رسول اللّه - عليه السّلام - بعد ذلك، فقال: «الذي سألت أحبّ إليك، أو ما هو خير لك؟»، فقال لها عليّ: «قولي: بل ما هو خير منه». فقال: «قولي: اللهمّ رب السموات السبع و رب العرش العظيم، ربنا و رب كلّ شيء، منزل التوراة و الإنجيل، فالق الحب و النوي، أعوذ بك من شر كلّ دابة أنت آخذ بناصيتها، أنت الأول فليس قبلك شيء، و أنت الآخر فليس بعدك شيء، و أنت الظاهر فليس فوقك شيء، و أنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين و أغننا من الفقر»(3).

148 - و أما حديث أبي مسلم عبيد اللّه بن سعيد قائد الأعمش: فأخبرناه: أبو جعفر محمّد بن محمّد بن عبد اللّه البغداذيّ، قال: حدّثنا إسماعيل بن الحسن الإسكافي بمصر،ث.

ص: 114


1- . حديث صحيح: و الغزال هذا لم أقف له علي جرح أو تعديل فيما بين يدي من كتب الرجال. و قد تقدم برقم (142).
2- . حديث صحيح: و قد تقدم برقم (142). و وقع في «الأصل»: «ناصيتها».
3- . حديث صحيح: و قد تقدم برقم (142). و شيخ المؤلف: وضاع رافضي خبيث.

قال: حدّثنا يحيي بن سليمان الجعفيّ، قال: حدّثنا عمرو بن عثمان بن سعيد بن مسلم الجعفي، قال: حدّثني عمّي أبو مسلم عبيد اللّه بن سعيد بن مسلم الجعفي، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: دخلت فاطمة بنت النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» تسأله معونة، فقال لها النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «أ لا أدلك علي ما هو خير لك من ذلك؟ تقولين: اللهمّ رب السموات السبع و رب العرش العظيم، ربنا و رب كلّ شيء، منزل التوراة و الإنجيل و الفرقان، فالق الإصباح و النوي، أعوذ بك من شر كلّ شيء أنت آخذ بناصيته، اللهمّ أنت الأول فليس قبلك شيء، و أنت الآخر فليس بعدك شيء و أنت الظاهر فليس(1) فوقك شيء، و أنت الباطن فليس دونك شيء، فاقض عنا الدين و أغننا من الفقر»(2).

رواه أبو الأحوص سلام بن سليم الحنفي، عن الأعمش فأرسله.

149 - حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب قال: حدّثنا السري بن يحيي التميمي، قال: حدّثنا الحسن بن الربيع، قال: حدّثنا أبو الأحوص قال: حدّثنا الأعمش، عن أبي صالح، قال: قال عليّ بن أبي طالب - عليه السّلام -: كنت أنزع بالغرب، فاشتكيت صدري، و كانت فاطمة - عليها السّلام - تطحن بيدها الشيء إذا أصابته، فأتينا النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» نطلب منه خادما، ثمّ رجعنا، فأتانا صلّي اللّه عليه فقال:

«الذي سألتما أحبّ إليكم أم ما هو خير منه؟». فقلت لها: قولي: ما هو خير منه.

قال: «تقولان: اللهمّ رب السموات السبع و رب العرش العظيم، ربنا و رب كلّ شيء، منزل التوراة و الإنجيل و الفرقان، فالق الحب و النوي، أعوذ بك من شر كلّ شيء أنت آخذ بناصيته، اللهمّ أنت الأول ليس قبلك شيء، و أنت الآخر ليس بعدك شيء، و أنت الظاهر فليس فوقك شيء، و أنت الباطن فليس دونك شيء، فاقض عنا الدين، و أغننا من الفقر»(3).).

ص: 115


1- . في «الأصل»: «ليس».
2- . حديث صحيح: و سنده ساقط من أجل عبيد اللّه بن سعيد و هو قائد الأعمش: متروك و قد تقدم أن الحديث صحيح؛ فانظر: برقم (142).
3- . حديث صحيح: و سنده مرسل؛ و قوله: «تقولان» لم أجد ما يشهد له؛ فهو شاذ. و قد تقدم الحديث برقم (142).

قد أرسل(1) أبو الأحوص الحنفيّ هذا الحديث عن الأعمش، و إرساله - و إن كان في محله الكبير(2) - لا يضرّ هذا الحديث؛ فقد تواترت(3) الأخبار المتصلة فيه عن الأعمش.

و قد روي هذا الحديث: عن الحسن بن أبي الحسن البصري، عن أبي هريرة، بذكر سماع أبي هريرة هذا الحديث من عليّ، و فاطمة عليهما السلام:

150 - أخبرنا أبو العبّاس عبد اللّه بن الحسين القاضي بمرو، قال: حدّثنا الحارث بن أبي أسامة، قال: حدّثنا داود بن محبر بن قحذم، قال: حدّثنا محمّد بن سعيد، عن أبان، عن الحسن، عن أبي هريرة، قال: دخلت علي عليّ و فاطمة عليهما السلام و هما يطحنان، فقلت:

أيكما أعقب؟ فقال علي: إيّاها، فقامت، و قعدت أطحن مع عليّ، فقالت: يا أبا هريرة! أ ما تري ما بيديّ من الطّحن؟ فقلت: ايت أباك فسليه خادما، فأتته، فقال: «يا بنيّة! هذا و اللّه شيء ليس هو لك، و لا لأبيك، و لكن أعلّمك ما هو خير لك من ذلك، قولي عند رقادك:

سبحان اللّه ثلاثا و ثلاثين، و الحمد للّه ثلاثا و ثلاثين، و لا إله إلا اللّه ثلاثا و ثلاثين، و اللّه أكبر أربعا و ثلاثين، فتلك مائة باللسان، و ألف في الميزان، فذلك خير من خادم». ثمّ أتاه بعد ذلك سبي، فأخذ غلاما أسود، فانطلق به إليها، فلما نظرت إلي أبيها و معه الغلام قامت فدخلت البيت، و عليها شملة، و كانت إذا رفعت الشّملة تغطّي رأسها بدت ساقاها، و إذا أرسلتها تغطّي ساقيها انكشف رأسها، فلما رأي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» ما تلقي قال: «اثبتي مكانك؛ إنما هو عبدك و غلامك». ثمّ قال لها: «ابن عمّك و هذا الغلام فسيكفيكم السّقي و الطّحن، فأعينوه إذا عجز، و لا تضربوه؛ فقد رأيته يصلّي، و إنّي نهيت عن ضرب المصلّين»(4).).

ص: 116


1- . في «الأصل»: «قد أرسله».
2- . في «الأصل»: «محله الكبير» و لعل الصواب ما أثبته.
3- . في «الأصل»: «توارت»!
4- . حديث موضوع: آفته: داود بن المحبر الوضاع المشهور بوضع الحديث! و أبان بن أبي عياش: متروك. و الحسن البصري: مدلس علي جلالته، و قد عنعنه؛ لكن قوله في آخر الحديث: «و إنّي نهيت عن ضرب المصلّين»: صحيح؛ فانظر - غير مأمور - «الصحيحة» برقم (1428).

ذكر رواية الصّدّيقة بنت الصّدّيق حبيبة حبيب اللّه: عائشة أمّ المؤمنين، عن سيدة نساء أهل الجنّة: فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و علي آله الطيّبين الطاهرين:

* ذكر رواية الصّدّيقة بنت الصّدّيق حبيبة حبيب اللّه(1): عائشة أمّ المؤمنين، عن سيدة نساء أهل الجنّة: فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و علي آله الطيّبين الطاهرين:

151 - أخبرنا أبو النّضر الفقيه، قال: حدّثنا صالح بن محمّد بن حبيب الحافظ، قال:

حدّثنا سعيد بن سليمان الواسطيّ، قال: قال: حدّثنا عباد بن العوام، عن محمّد بن إسحاق، عن محمّد بن جعفر بن الزّبير، عن أبيه، عن عائشة رضي اللّه عنها: أنّها كانت إذا ذكرت فاطمة صلوات اللّه عليها قالت: «و الذي ذهب بنفسها؛ ما رأيت أحدا قطّ أصدق لهجة منها إلا أن يكون الذي ولدها»(2).

152 - حدّثني أبو زكريا العنبري، قال: حدّثنا محمّد بن إبراهيم العبدي، قال: حدّثنا أمية بن بسطام، قال: حدّثنا(3) يزيد بن زريع، قال: حدّثنا روح بن القاسم، عن عمرو بن دينار، عن عبيد بن عمير، أنّ عائشة رضي اللّه عنها قالت: «ما رأيت أحدا قطّ كان أصدق لهجة من فاطمة غير أبيها، كان بيننا شيء، فقلت: يا رسول اللّه؛ سلها فإنّها لا تكذب»(4).

و هكذا رواه أبو الأسود محمّد بن عبد الرحمن بن نوفل القرشي، عن عروة:

153 - أخبرناه: أبو جعفر محمّد بن محمّد بن عبد اللّه البغداذي، قال: حدّثنا أبو علاثة: محمّد بن عمرو بن خالد، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا ابن لهيعة، عن أبي الأسود(5):.

154 - و حدّثنا الشيخ أبو بكر أحمد بن إسحاق - و اللّفظ لحديثه -، أخبرنا عبيد بن عبد الواحد، قال: حدّثنا ابن أبي مريم، أخبرنا ابن لهيعة، عن جعفر بن ربيعة، عن عبد اللّه بن عبيد اللّه بن الأسود، عن عروة، عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: إنّ رسول اللّه

ص: 117


1- . هو: «خليل اللّه» كما في الحديث الصحيح: «و إن صاحبكم: خليل اللّه»: رواه مسلم برقم (2383) من حديث ابن مسعود رضي اللّه عنه. و الخلة أعظم من المحبة في الدرجة.
2- . أثر صحيح: و قد تقدم برقم (44، 45، 46، 47، 48). و السند هنا فيه: تدليس محمد بن إسحاق.
3- . في «الأصل»: «و يزيد بن زريع».
4- . حديث صحيح: و قد تقدم برقم (48). و السند هنا صحيح.
5- . حديث صحيح: و انظر ما قبله. و أبو علاثة هذا لم أقف له علي ترجمة، و ابن لهيعة ليست الرواية عنه هنا من طريق من روي عنه قبل اختلاطه.

صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» دخل عليّ؛ فناجا فاطمة، فلما توفي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»؛ سألتها؟ فقالت: قال لي: «ما بعث نبيّ قطّ إلا كان له من العمر نصف عمر الذي كان قبله، و قد بلغت نصف عمر الذي كان قبلي(1)». فبكيت، فقال: «أنت سيدة نساء أهل الجنّة إلا مريم بنت عمران»(2). فضحكت.

155 - حدّثنا عليّ بن حمشاذ العدل، قال: حدّثنا هشام بن عليّ، و محمّد بن غالب، قالا: قال: حدّثنا سيف بن مسكين، قال: حدّثنا عمر بن عامر، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: لما قبض رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» أرسلت فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» إلي أبي بكر: «من يرث الميّت إذا مات؟ فأرسل إليها: يرثه أهله و ولده. فأرسلت إليه: ما لرسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» لم يرثه أهله و ولده؟ فأرسل إليها: إنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» لم يترك أرضا و لا دارا، و لا عبدا و لا أمة، و لا دينارا و لا درهما».

فأرسلت إليه: «إن كان رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» لم يترك أرضا و لا دارا(3)، و لا عبدا و لا أمة، و لا دينارا، و لا درهما؛ فقد ترك «فدك» صافية محمّد، و سهم ذي القربي.

فأرسل إليها: إنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» حدّثني: «أن اللّه يطعم النّبيّ و أهله الطّعمة؛ فإذا قبضه رفعت عنهم»(4).

156 - أخبرنا الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، أخبرنا عليّ بن عبد العزيز، قال: حدّثنا سليمان بن داود الهاشميّ، قال: حدّثنا إبراهيم بن سعيد، عن).

ص: 118


1- . في «الأصل»: «قبل».
2- . حديث منكر: و سنده ضعيف: ابن لهيعة اختلط بعد احتراق كتبه؛ و ليست الرواية عنه هنا من قبل من روي عنه قبل الاختلاط. و أما المتن فمنكر و قد تقدم بيانه برقم (15). و قد حكم عليه شيخنا الألباني بالضعف الشديد في «الضعيفة» برقم (4434).
3- . كررت كلمة: «و لا دينارا» في «الأصل».
4- . حديث حسن: لكن سنده هنا فيه: سيف بن مسكين: كان يروي الأشياء الموضوعة كما قال ابن حبان. و من هذا الوجه رواه ابن حبان في «المجروحين» (ج 1 /ص 347)، و الخطيب البغدادي في «موضح أوهام الجمع و التفريق» (ج 2 /ص 151). و سيأتي تخريجه و شاهده برقم (221).

أبيه، أن عروة حدّثه أنّ عائشة رضي اللّه عنها حدثته: أن رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» دعا فاطمة، فسارّها، فبكت، ثمّ سارّها، فضحكت. قالت عائشة: «فقلت لفاطمة: ما هذا الذي سارّك به رسول اللّه - عليه السّلام - فبكيت، ثمّ سارّك، فضحكت؟ قالت: سارّني، فأخبرني بموته، فبكيت، ثمّ سارّني، فأخبرني أني أوّل من يتبعه من أهل بيته، فضحكت»(1).

و قد روي هذا الحديث: عبد اللّه بن عباس، و مسروق بن الأجدع، و أبو سلمة، عن عبد الرحمن بن عوف، و عبد اللّه بن الطفيل، و فاطمة بنت الحسين، و عائشة بنت طلحة، و محمّد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن عائشة أم المؤمنين:

157 - أما حديث مسروق بن الأجدع: فحدّثناه: أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، قال:

حدّثنا الحسن بن عليّ بن عفان العامري، قال: حدثنا عبيد اللّه بن موسي، قال: أخبرنا شيبان بن عبد الرحمن، عن فراس، عن عامر، عن مسروق، عن عائشة، قالت: كنا أزواج النّبيّ - عليه السّلام - عنده جميعا، لم تغادر منهن امرأة، فأقبلت فاطمة تمشي؛ لا و اللّه الذي لا إله إلا هو ما تخطئ مشيتها مشية رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، فلما رآها قال: «مرحبا بابنتي». فجلست عن يمينه، فسارّها فبكت بكاء شديدا، فقلت لها من بين نسائه: يا فاطمة؛ اختصّك رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» من بين نسائه بالسرّ، ثمّ أنت تجزعين من البكاء كما أري؟

فلما رأي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» جزعها سارّها الثانية، فإذا تفتر ضاحكة، فقلت: ما رأيت بكاء أقرب من ضحك اليوم قط! فلما قام النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، قلت: حدثيني يا فاطمة! بما سارّك به رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»؟. قالت: لا و اللّه تعالي؛ ما كنت لأفشي علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» سرّه.

فلما توفي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، قلت: يا فاطمة! عزمت عليك بما لي عليك من الحقّ لما حدّثتيني بما سارّك به رسول اللّه صلّي اللّه عليه يوم تعلمين؟

قالت: أمّا الآن فنعم؛ أمّا المرّة الأولي فإنه قال لي: «إنّ جبريل كان يعارضني بالقرآن في كلّ سنة مرة، و إنّه عارضني به العام مرّتين، و إني لا أري إلا أجلي قد اقترب، فاتّقي اللّه).

ص: 119


1- . حديث صحيح: و قد تقدم برقم (6).

و اصبري؛ فإني نعم السّلف أنا و اللّه لك»، فجزعت، و كان البكاء لذلك، و سارّني الثانية، فقال: «أ ما ترضين أن تأتي يوم القيامة سيدة نساء العالمين - أو: نساء هذه الأمة -»(1).

و هكذا رواه زكريا بن أبي زائدة، و أبو عوانة الوضاح، عن فراس بن يحيي.

أما حديث زكريا بن أبي زائدة:

158 - فحدّثناه: الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا بشر بن مرة الأسدي، و محمّد بن سليمان بن الحارث الواسطيّ قالا: قال: حدّثنا أبو نعيم(2) (ح):.

159 - و حدّثنا: أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، قال: حدّثني محمّد بن إسحاق الصّنعانيّ، قال: حدّثنا أبو نعيم، قال: حدّثناه زكريا بن أبي زائدة، عن فراس، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة، قالت: كنت عند النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، فجاءت فاطمة كأن مشيتها مشية رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، فأجلسها عن يمينه، ثمّ أسرّ لها حديثا فبكت، فقلت: استخصّك رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» بحديث ثمّ تبكين؟ ثمّ أسرّ إليها فضحكت، فقلت: ما رأيت فرحا أقرب من حزن من هذا! أيّ شيء قال لك رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»؟ قالت: ما كنت لأفشي سرّه، فلما توفي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، سألتها؟ فقالت: نعم. قال لي: «إنّ جبريل عليه الصلاة و السلام كان يعارضني بالقرآن في كلّ عام مرة، و قد عارضني به العام مرتين، و لا أراني إلا و قد حضر أجلي، و إنك أول أهل بيتي لحوقا بي، و نعم السلف أنا لك». فبكيت لذلك. ثمّ قال: «أ لا ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين - أو: نساء هذه الأمة -»(3). فضحكت لذلك.

و أما حديث أبي عوانة، عن فراس:

160 - فحدّثني أبو بكر محمّد بن أحمد بن بالويه، قال: حدّثنا إسحاق بن الحسن الحربي، قال: حدّثنا عفان(4):.

161 - و أخبرني: أحمد بن يعقوب الثقفيّ، قال: حدّثنا الحسن بن المثنّي العنبريّ،

ص: 120


1- . حديث صحيح: و قد تقدم برقم (6).
2- . حديث صحيح: و قد تقدم برقم (6). و وقع في: «الأصل»: «أبو نعم»!
3- . حديث صحيح: و قد تقدم برقم (6). و أبو نعيم هو: الفضل بن دكين.
4- . حديث صحيح: و قد تقدم برقم (6).

قال: حدّثنا عفان، قال: حدّثنا أبو عوانة، عن فراس، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: كنّا عند رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» جميعا، لا تغادر منا واحدة: جاءت فاطمة تمشي، لا و اللّه! ما تخطئ مشيتها مشية رسول اللّه عليه الصلاة و السلام، حتّي انتهت إليه، فقال: «مرحبا بابنتي». فأقعدها عن يمينه، فسارّها بشيء، فبكت بكاء شديدا، ثمّ سارّها بشيء فضحكت. فلما قام رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، قلت: أخصك رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم من بيننا بشيء؟ إني رأيتك تبكين، أخبريني ما قال لك؟ قالت: ما كنت لأفشي علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» سرّه.

فلما توفي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، قلت: أسألك بما لي عليك من الحق إلا أخبرتني بما سارّك رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم؟. قالت: أما الآن فنعم؛ سارّني المرة الأولي فقال:

«إن جبريل صلوات اللّه عليه كان يعارضني القرآن في كلّ عام مرة، و إنّه يعارضني به العام مرتين، و لا أراني إلا أجلي قد اقترب، فاتقي اللّه و اصبري؛ فإني أنا نعم السلف لك». فكان الذي سمعتم، فلما رأي جزعي قال: «يا فاطمة! أ ما ترضين أنك سيدة نساء هذه الأمة - أو قال: سيدة نساء العالمين -»(1).

162 - و أما حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة رضي اللّه عنها: فحدّثناه:

الفضل بن الحسن بن يعقوب بن يوسف العدل، قال: حدّثنا يحيي ابن أبي طالب، قال:

حدّثنا عبد الوهاب بن عطاء، عن محمّد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن عائشة رضي اللّه عنها قالت:

قلت: يا فاطمة! أ رأيت حين أكببت علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، فبكيت(2)، ثمّ أكببت فضحكت؟

قالت: أخبرني أنّه ميت في وجعه هذا، فبكيت، ثمّ أكببت فأخبرني أني أسرع آله لحوقا به. و قال: «أنت سيدة نساء الجنة إلا مريم بنت عمران». قال: فضحكت لذلك(3).

و قد روي هذا الحديث عبد اللّه بن عباس رضي اللّه عنه، و عبد اللّه بن الطفيل، و عائشة بنت طلحة، و فاطمة بنت الحسين بن عليّ عن عائشة.).

ص: 121


1- . حديث صحيح: و قد تقدم برقم (6)، و في الحديث تصريح بالانتساب للسلفية.
2- . في «الأصل»: «لبكيت».
3- . حديث صحيح: و قد تقدم برقم (6).

163 - أما حديث عبد اللّه بن عباس: فحدّثناه: أبو الحسن أحمد بن محمّد بن إسماعيل بن مهران، قال: حدّثنا أبي، حدّثنا أبو يحيي بن أبي ميسرة المزكي، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا مسلم بن خالد، قال: حدّثنا زياد بن سعيد، عن عمرو بن دينار، عن يحيي بن جعدة، عن ابن عباس، عن عائشة رضي اللّه عنها، عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: أن رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» قال لها: «إن جبريل عليه الصلاة و السلام كان يعرض عليّ القرآن كلّ عام مرة، و إنّه عرض عليّ العام مرتين، و إنّه قد حضر أجلي». قالت:

فبكيت. قالت عائشة: فأخبرتني فاطمة بعد وفاة رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» أن رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» قال لها: «إنك أول أهل بيتي بي لحاقا»(1).

قد أرسل هذا الحديث سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار:

164 - حدّثناه: أبو عليّ الحافظ، قال: أخبرني محمّد بن إسحاق الإمام، قال: حدّثنا عبد الجبار بن العلاء، قال: حدّثنا سفيان، عن عمرو، عن(2) يحيي ابن جعدة قال: دعا النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» فاطمة في مرضه الذي مات فيه، فأسرّ إليها شيئا فبكت، ثمّ دعاها، فأسر إليها شيئا فضحكت، فسئلت: ما قال لك رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»؟ فأبت أن تخبرهم، فلما قبض رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، قالت: قال في الأولي: «أنّه لم يكن نبي فكان الذي بعده إلا عمر نصف عمره، و إن عيسي عمر في قومه أربعين عاما، و إن القرآن كان يعرض عليّ كلّ عام مرة، و قد عرض عليّ من العام مرتين، و لا أري ذلك إلا كذلك، و لا أراني إلا ميت». قالت:

فبكيت لذلك. قالت: ثمّ دعاني فقال: «إنك أسرع أهلي بي لحوقا». قالت: «فضحكت»(3).

و أما حديث عبد اللّه بن الطفيل، عن عائشة:

165 - فحدّثناه: أبو الطيب محمّد بن عبد اللّه الحناط، قال: حدّثنا محمش بن عصام، قال: حدّثنا حفص بن عبد اللّه، قال: حدّثني إبراهيم بن طهمان، عن عباد بن إسحاق، عن ابن أبي فلان(4)، عن عبد اللّه بن الطفيل، عن عائشة رضي اللّه عنها أنّها قالت: رأيت

ص: 122


1- . حديث صحيح: و قد تقدم تخريجه برقم (6).
2- . في «الأصل»: «بن».
3- . حديث صحيح: و قد تقدم تخريجه برقم (6).
4- . كذا في «الأصل»: و في «مغاني الأخيار» للعيني (ج 5 /ص 365) أن: ابن أبي فلان: هو إبراهيم بن سالم بن أمية المعروف ببردان.

رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» يكلم ابنته فاطمة في مرضه الذي قبضه اللّه، فبكت، ثمّ ناجاها فضحكت مرتين، فلما توفّي اللّه رسوله قلت لها: يا ابنة رسول اللّه! إني رأيت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» ناجاك فبكيت، ثمّ ناجاك فضحكت؟ فقالت: أخبرني أنّه ميت في مرضه هذا، فبكيت، ثمّ قال: «إنك أول أهل بيتي لحاقا بي، و إنك سيدة نساء الجنة إلا مريم»(1). فضحكت.

و أما حديث عائشة بنت طلحة، عن عائشة رضي اللّه عنها:

166 - فحدّثناه: أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، قال: حدّثنا محمّد بن إسحاق الصّنعانيّ، قال: حدّثنا عثمان بن عمرو بن فارس، قال: حدّثنا إسرائيل، عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، عن عائشة بنت طلحة، عن أم المؤمنين عائشة رضي اللّه عنها أنّها قالت:

ما رأيت أحدا كان أشبه كلاما و حديثا برسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» من فاطمة، و كانت إذا دخلت عليه قام، فقبلها، و رحّب بها، و أخذ بيدها، و أجلسها(2) في مجلسه، و كانت هي إذا دخل عليها رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» قامت إليه، فقبّلته، و أخذت بيده، فدخلت عليه في مرضه الذي توفي فيه، فأسرّ إليها فبكت، ثمّ أسرّ إليها فضحكت.

فقلت: كنت أحسب أنّ لهذه المرأة فضلا علي النساء؛ فإذا هي امرأة منهنّ، بينا هي تبكي إذ هي تضحك، فسألتها عن ذلك، فقالت: إني إذا لكذا أخبر بسرّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم».

فلما توفي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، سألتها عن ذلك؟ فقالت: «أسرّ إليّ أنّه ميت فبكيت، ثمّ أسرّ إلي فأخبرني أنّي أول أهله لحوقا به فضحكت»(3).

167 - و أما حديث فاطمة بنت الحسين بن عليّ، عن عائشة: فحدّثناه: أبو جعفر محمّد بن أحمد بن سعيد الرازي، قال: حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن مسلم بن وارة(4)، قال:

حدّثنا سعيد بن أبي مريم، قال: هذا كتاب لنافع بن يزيد - هو أعطاه بيده، و أنا شاكّ أن

ص: 123


1- . حديث صحيح: و قد تقدم تخريجه برقم (6).
2- . في «الأصل»: «و جلسها».
3- . حديث صحيح: و قد تقدم برقم (6).
4- . في «الأصل»: «دارة»!

أكون عرضته(1) عليه أم لا؟ - قال: حدّثني عمارة بن غزية، عن محمّد بن عبد اللّه، أن أمه فاطمة بنت حسين حدثته أن عائشة رضي اللّه عنها كانت تقول: إن رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» في مرضه الذي قبض فيه، قال لفاطمة: «يا بنية؛ أكبّي عليّ».

فأكبّت عليه، فناجاها ساعة، ثمّ انكشفت عنه و هي تبكي، و عائشة حاضرة، ثمّ قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» بعد ذلك بساعة: «أكبّي عليّ». فأكبّت عليه، فناجاها ساعة، ثمّ انكشفت عنه تضحك، فقالت عائشة: يا بنت رسول اللّه! أخبريني ما ذا ناجاك أبوك؟ قالت: أوشكت رأيته ناجاني علي حال سرّ، ثمّ ظننت أنّي أخبر بسرّه و هو حيّ؟! فشقّ ذلك علي عائشة أن يكون سرّ دونها.

فلما قبضه اللّه إليه، قالت عائشة لفاطمة: أ لا تخبريني ذلك الخبر؟ قالت: أما الآن فنعم؛ ناجاني في المرة الأولي، فأخبرني أن جبريل - عليه السّلام - كان يعارضه القرآن في كلّ عام مرة، و إنّه عارضه القرآن العام مرتين، و إنّه أخبره: «لم يكن نبي كان بعده نبي إلا عاش نصف عمر الذي كان قبله، و إنّه أخبرني أن عيسي عاش عشرين و مائة سنة، و لا أراني إلا و هو علي رأس الستين»، فأبكاني ذلك، و قال: «يا بنية؛ إنّه ليس من نساء المؤمنين أعظم رزيّة منك، فلا تكوني أدني امرأة صبرا». ثمّ ناجاني في المرة الأخري، فأخبرني أني أول أهله لحوقا به، فقال: «إنك سيدة نساء أهل الجنّة»(2).

و من رواية جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ صاحب رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»:

169 - حدّثنا الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، أخبرنا العبّاس بن الفضل الأسفاطي، قال: حدّثنا إسماعيل بن أبي أويس، قال: حدّثني سليمان بن بلال، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر قال: قدم عليّ من اليمن في حجة النّبيّ عليه الصلاة و السلام، فوجد فاطمة، و قد لبست ثوبا صبيغا، و تهيّأت، فقال لها: من أمرك بهذا؟ قالت: أمرني به النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»(3).

ص: 124


1- . في «الأصل»: «عرمتنه» و التصويب من «تاريخ دمشق».
2- . حديث منكر بهذا المتن: و أخرجه من طريق المؤلف: ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج 47 /ص 481)، و قد تقدم بيان وجه نكارته برقم (15).
3- . حديث صحيح: و قد تقدم تخريجه برقم (131) من رواية البراء بن عازب. و أما من رواية: جعفر بن محمد به: فرواه مسلم برقم (3028، 2922)، و مالك في «الموطأ» برقم (1057 و 1089 و 1090 و 1097)، و أحمد (340/3، 373/3، 397/3)، و الدارمي (1840، 1850، 1851)، و ابن ماجة (1008 و 2960 و 3158)، و التّرمذيّ (857، 817 و 862 و 2967)، و النّسائي (230/5 و 240 و 243 و 231/7 و 239/5، 243/5)، و في «الكبري» (3926 و 3951 و 3961 و 4493، 3940، 3962)، و ابن خزيمة (2718، 2756)، و الحميدي في «مسنده» (1267 و 1268 و 1269 و 1288)، و ابن الجارود في «المنتقي» (469، 465)، و البيهقي في «الكبري» (ج 5 /ص 6)، و ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج 3 /ص 335).

هكذا رواه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، عن جعفر بن محمد:

170 - أخبرناه: أحمد بن عليّ بن الحسن المقرئ، قال: حدّثنا أبو يوسف ابن سعيد بن مسلم المصيصي، قال: حدّثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج، قال: أخبرني جعفر بن محمد، عن أبيه قال: سمعت جابر بن عبد اللّه يقول: قدم عليّ من اليمن، فوجد فاطمة عليها ثياب صبيغ، فأنكر عليّ عليها، فقالت: إنّ أبي أمرني به. فذهب عليّ إلي النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، فسأله، فقال: «أنا أمرتها به». هذه لفظة من الحديث الطويل(1).

171 - أخبرنا بكر بن محمّد بن حمدان الصيرفي بمرو، قال: حدّثنا عبد الصمد بن الفضل البلخي، قال: حدّثنا أزهر بن سليمان، قال: حدّثنا إبراهيم بن طهمان(2):.

172 - و أخبرني الحسين بن عليّ التميمي، قال: حدّثنا محمّد بن حموية، قال: حدّثنا أحمد بن حفص بن عبد اللّه، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا إبراهيم بن طهمان، عن محمّد بن عبد اللّه بن مسلم، عن الزّهريّ، عن عروة، عن عائشة رضي اللّه عنها أنّها قالت: إنّ فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» سألت أبا بكر بعد وفاة رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» أن يقسم(3) لها ميراثها مما ترك رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» مما أفاء اللّه عليه، فقال لها أبو بكر: إنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» قال:

«لا نورث؛ ما تركنا صدقة». فغضبت فاطمة، فهجرت أبا بكر، و لم تزل مهاجرته حتّي توفّيت، و عاشت بعد ذلك ستة أشهر، و كانت فاطمة تسأل نصيبها مما ترك رسول اللّه».

ص: 125


1- . صحيح: و قد تقدم برقم (164).
2- . صحيح: و انظر ما قبله. و أزهر بن سليمان: ضعفه الأزدي.
3- في «الأصل»: «قسم».

صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» من «خيبر» و «فدك»، و صدقته بالمدينة. و قال أبو بكر: «لست تاركا شيئا كان رسول اللّه - عليه السّلام - يعمل به إلا عملت به، إنّي أخشي إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ»(1).

173 - أخبرني أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي الزاهد، قال: حدّثنا عبد اللّه بن محمّد بن خلاد القطان، قال: حدّثنا عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة، حدثتنا منيبة بنت مرة، قالت: حدثتني جدتي، أنّها سمعت عائشة تقول: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «يا فاطمة! اتق اللّه، و أطيعي زوجك: تدخلي الجنة بسلام»(2).

174 - حدّثنا محمّد بن عليّ بن عمر المذكّر، قال: حدّثنا أبو الأزهر، قال: حدّثنا أبو أسامة، عن مجالد، عن عامر، عن مسروق، عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: دخل عليّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» و أنا أبكي، فقال: «ما يبكيك؟»، قلت: قد سبّتني فاطمة. فقال:

«يا فاطمة! يا بنيّة؛ أ ما تحبين من أحبّ، و تبغضين من أبغض؟». قالت: بلي. قال: «فإني أحبّ عائشة، فأحبّيها»، قالت: و الذي بعثك بالحقّ: ما أقول لعائشة شيئا يؤذيها ما بقيت(3).

175 - أخبرنا عبد اللّه بن إسحاق الخراساني العدل ببغداد، قال: حدّثنا أبو قلابة، قال: حدّثنا أشهل، قال: حدّثنا ابن عون، أخبرنا عليّ بن زيد قال: لم أسمع في الانتصار مثل حديث أم ولد أبي محمد، عن عائشة قالت: جاءت فاطمة إلي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، فقالت: يا رسول اللّه! إنّ عائشة قالت لنا و قالت لنا، فقال لها النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «إنّها حبيبة أبيك»، فانصرفت(4). -

ص: 126


1- . حديث صحيح: رواه البخاري برقم (2926)، و مسلم برقم (1759)، و أبو داود برقم (2968)، و أحمد (ج 1 /ص 6)، و أبو عوانة (ج 4 /ص 250)، و البيهقي (ج 6 /ص 300)، و ابن بطة في «الإبانة» برقم (78).
2- . حديث موضوع: آفته: عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة؛ فهو كذاب يضع الحديث، و هو يروي عن منيبة: و لا ذكر لها في شيء من كتب الرجال التي وقفت عليها، و لعلها من اختلاق هذا الوضاع!
3- . حديث صحيح: و سنده هنا موضوع مع إرساله؛ المذكر: قال المزي عنه: «أحد الضعفاء الكذابين المعروفين بسرقة الأحاديث». «تهذيب الكمال» (ج 1 /ص 304) في ترجمة: أحمد بن الخليل البغدادي. و مجالد بن سعيد: ضعيف؛ لكن الحديث صحيح كما سيأتي برقم (171).
4- . حديث ضعيف بهذا اللفظ: علي بن زيد هو ابن جدعان: ضعيف، و كذا ابن فضالة، و هو مدلس إلي ذلك تدليسا خبيثا يعرف بتدليس التسوية، و لم يصرح بالتحديث عن شيخه و من فوقه! و أم محمد: مجهولة. و من هذا الوجه: أخرجه الخرائطي - أيضا - في «اعتلال القلوب» برقم (23)، و ابن أبي عاصم في «الآحاد و المثاني» برقم (3033).

176 - حدّثناه: أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، قال: حدّثنا أبو العبّاس محمد الدوري، قال: حدّثنا أبو عمرو الحوضي، قال: حدّثنا مبارك بن فضالة، عن عليّ بن زيد، عن عمته أم محمد، عن عائشة: أن فاطمة ذكرت عائشة عند النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، فقال: «يا بنيّة؛ إنّها حبيبة أبيك»(1).

177 - حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، قال: حدّثنا أحمد بن عبد الجبار، قال:

حدّثنا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال: و حدّثني صالح بن كيسان، عن عروة، عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: بعثت فاطمة إلي أبي بكر الصّدّيق فسألته من ميراثها عن أبيها، فقال لها: إن رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» قال: «إنا لا نورث؛ ما تركنا صدقة». فإن اتّهمتني فسلي المسلمين يخبرونك، ثمّ قامت علي ذلك حتّي ماتت(2).

178 - حدّثنا أحمد بن عليّ بن الحسن المقرئ، قال: حدّثنا عمران بن بكار البراد بحمص، قال: حدّثنا يحيي بن صالح الوحاظي، قال: حدّثنا الجراح بن منهال، عن الزّهريّ، أخبرني محمّد بن عبد الرحمن بن الحارث، أن عائشة قالت: أرسل أزواج النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» فاطمة إلي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و هو مضطجع معي في مرط، فأذن لها، فقالت: يا رسول اللّه! إن أزواجك أرسلنني إليك ينشدنك العدل في ابنة أبي قحافة؛ و أنا ساكتة، فقال لها: «أ لست تحبين ما أحب؟». قالت:

بلي. قال: «فأحبّي هذه»، فقامت فاطمة حين سمعت ذلك من رسول اللّه - عليه السّلام - إلي أزواج رسول اللّه؛ فأخبرتهن بالذي قالت، و بالذي قال لها رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم». فقلن لها: ما نراك أغنيت عنّا شيئا، فارجعي إلي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، فقولي: إن أزواجك ينشدنك العدل في ابنة أبي قحافة.ا.

ص: 127


1- . حديث ضعيف بهذا اللفظ: و انظر ما قبله؛ ففيه العلتان الآنفتان.
2- . حديث صحيح: و سنده هنا: حسن من أجل محمد بن إسحاق؛ فإنه مدلس، لكنه صرح بالإخبار فزالت شبهة التدليس، و أحمد بن عبد الجبار و شيخه: لا بأس بهما.

فقالت: «و اللّه لا أكلمه فيها أبدا»(1).

179 - حدّثني عليّ بن المؤمل بن الحسن، قال: حدّثنا محمّد بن يونس القرشي، قال:

حدّثنا حماد بن عيسي الجهني، قال: حدّثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر رضي اللّه عنه قال:

دخل رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» علي فاطمة، و هي تطحن بالرحي، فلما نظر إليها بكي، و قال: «يا فاطمة! تنقلي من لذة الدنيا لنعيم الجنة غدا»(2). فنزلت: وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضي [الضحي: 5].

180 - أخبرنا عبدان بن يزيد بن يعقوب الدقاق بهمذان، قال: حدّثنا إبراهيم ابن الحسين بن ديزيل، قال: حدّثنا موسي بن داود الضبي، قال: حدّثنا عبد اللّه بن المؤمل المكي، عن أبي الزّبير، عن جابر، عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»:

أن رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، قال لها: «أنت أول أهل بيتي بي لحوقا»(3).

و من رواية ثوبان مولي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليها:

181 - حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، قال: حدّثنا بكار بن قتيبة القاضي بمصر، قال: حدّثنا أبو داود الطيالسي، قال: حدّثنا هشام، عن يحيي بن أبي كثير، عن أبي سلام، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان قال: دخل رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» علي فاطمة، و أنا معه، و قد أخذت من عنقها سلسلة من ذهب، فقالت: هذه أهداها لي

ص: 128


1- . حديث صحيح: رواه مسلم في «صحيحه» برقم (2442)، و النسائي في «الصغري» (ج 7 /ص 64-66)، و في «الكبري» (ج 5 /ص 281-282)، و أحمد (ج 6 /ص 88)، و البخاري في «الأدب المفرد» برقم (559). و قد صح من وجه آخر عند البخاري برقم (2581)، و أحمد (150/6-151)، و النسائي (67/7-68)، و ابن حبان (7105)، و عبد الرزاق (20925)، و البغوي في «شرح السنة» برقم (3964).
2- . حديث موضوع: آفته: محمد بن يونس القرشي هو الكديمي: متهم بالوضع. و حماد بن عيسي هو: غريق الجحفة روي الموضوعات عن جعفر الصادق - كما قال المؤلف و النقاش - و هو هنا يروي عن: جعفر الصادق. و قد مضي بهذا السند حديث آخر برقم (15، 19، 54).
3- . حديث صحيح: و قد تقدم برقم (6)، و انظر: مقدمة المؤلف (ص 25-27). و سنده هنا: ضعيف من أجل عبد اللّه بن المؤمل، و تدليس أبي الزبير.

أبو حسن، فدخل رسول اللّه - عليه السّلام - و السلسلة في يدها، فقال: «يا فاطمة؛ أ يسرك أن يقول النّاس فاطمة بنت محمد، و في يدك سلسلة من نار». ثمّ خرج و لم يقعد، فعمدت فاطمة إلي السلسلة، فاشترت بها غلاما فأعتقته، فبلغ ذلك النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، فقال: «الحمد للّه الذي نجا فاطمة من النار»(1).

و من رواية البراء بن عازب الأنصاري صاحب رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»:

182 - حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، قال: حدّثنا محمّد بن عيسي العطار، قال: حدّثنا الحسن بن قتيبة المدائني، قال: حدّثنا يونس بن أبي إسحاق، عن البراء قال:

كنت مع عليّ حين أمّره النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» علي اليمن، فلما قدم عليّ وجد فاطمة قد نضحت البيت بنضوح، فأمرني عليّ، فتخطيته(2)، فقالت فاطمة: مالك؟؛ فإن رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» قد أمر أصحابه أن يحلّوا(3)

ص: 129


1- . حديث صحيح: و قد رواه المؤلف في «المستدرك» أيضا (ج 3 /ص 152، 153)، و هو عند أحمد (278/5)، و النسائي (285/2)، و الطيالسي (990)، و إسحاق بن راهويه في «المسند» (ج 5 /ص 11)، و الطحاوي في «المشكل» (ج 301/12). و يحيي بن أبي كثير مدلس؛ و قد عنعنه؛ لكنه صرح بالتحديث عند النسائي (284/2)، و أحمد (278/5). و النهي في هذا الحديث محمول عند كثير من أهل العلم علي أمور: إما أنه قبل نزول فرائض الزكاة، أو علي المنع من لبسه للتفاخر و التباهي، أو علي أنه فيما لم يؤد زكاته، أو علي خوف الافتتان به و الانشغال عن أمور الدين. و قالوا: إن ما يخص فاطمة رضي اللّه عنها محمول علي أنه عليه الصلاة و السلام كان يأخذ أهله بالعزيمة، و بما هو خير و أفضل. و الذي يرجح هذا هو الحديث الصحيح الذي 14 - خاطب به عليه الصلاة و السلام أهل بيته: «إن كنتم تريدون حلية الجنة و حريرها؛ فلا تلبسوها في الدنيا». و الجمهور علي أن ذلك في الذهب محلقا كان أم غير محلق؛ خلافا لما ذهب إليه شيخنا محدث العصر الألباني رحمه اللّه تعالي؛ فإنه ذهب إلي تحريم المحلق من الذهب علي النساء. و الذي تطمئن إليه النفس هو قول الجمهور؛ و بخاصة أنه قد ورد في بداية هذا الحديث الأخير قوله: «كان يمنع أهله الحلية و الحرير...» فهذا كأنه نص في موضع النزاع؛ و اللّه أعلم.
2- . في «الأصل»: «فتحللته» و التصويب من مصادر التخريج.
3- حديث صحيح: و قد تقدم تخريجه برقم (131). و كذا رواه: الروياني في «مسنده» برقم (306)، و الطبراني في «الأوسط» برقم (6306)، و النسائي في «الكبري» برقم (3726)، و ابن عبد البر في «الاستذكار» (ج 4 /ص 307) و سنده هنا: ضعيف جدّا من أجل: الحسن بن قتيبة؛ فإنه متروك. و محمد بن عيسي هو المدائني: ضعيف. و يونس عن البراء: منقطع.

و من رواية أم سلمة زوج النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» عن سيدة النساء: فاطمة عليها السلام:

183 - أخبرني أحمد بن محمّد بن إسماعيل بن مهران، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا جعفر بن مسافر، قال: حدّثنا ابن أبي فديك، عن موسي بن يعقوب، عن هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، عن عبد اللّه بن وهب بن زمعة، عن أم سلمة زوج النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» أخبرته: أن رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» دعا فاطمة بعد الفتح، فلما ناجاها بكت، ثمّ حدثها ساعة فضحكت. قال عبد اللّه: قالت أم سلمة:

فلم أسألها حتّي توفي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، فلما توفي، سألتها عن بكائها و ضحكها؟ فقالت فاطمة: أخبرني أنّه يموت، ثمّ أخبرني أني سيدة نساء أهل الجنّة بعد مريم بنت عمران، فذلك حين ضحكت(1).

و من رواية عمران بن حصين صاحب رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»:

184 - حدّثني عليّ بن حمشاد العدل، قال: حدّثنا أحمد بن عليّ بن مسلم الأبار، قال:

حدّثنا ليث بن داود القيسي، قال: حدّثنا مبارك بن فضالة، عن الحسن، عن عمران بن حصين: أن النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» قال لفاطمة: «أ ما ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين». قالت فاطمة: فأين مريم بنت عمران؟ قال لها: «أي بنية؛ تلك سيدة نساء عالمها، و أنت سيدة نساء عالمك، و الذي بعثني بالحق؛ لقد زوجتك سيدا في الدنيا، و سيدا في الآخرة، و لا يحبه إلا مؤمن، و لا يبغضه إلا منافق»(2).

ص: 130


1- . حديث صحيح: لكن المحفوظ هو أن السائلة هي الصديقة عائشة رضي اللّه عنها، و ليست أم سلمة رضي اللّه عنها؛ فذكرها هنا منكر؛ لأن: موسي بن يعقوب هو الزمعي: سيئ الحفظ. و من هذا الوجه رواه أيضا: الطبراني في «الكبير» (ج 22 /ص 412).
2- . حديث منكر جدّا بهذا التمام: و آفته: داود بن قيس الذي في هذا السند؛ فقد قال الحافظ ابن حجر في ترجمته من «لسان الميزان» (ج 4 /ص 493): (أتي بخبر منكر جدّا في «معجم ابن الأعرابي». قلت: هو هذا الخبر؛ فقد رأيته في «معجم ابن الأعرابي» برقم (2392)؛ فإن قوله: «سيدة نساء عالمها، و أنت....»: منكر جدّا لا أصل له. و أما قوله: «لا يحبه إلا مؤمن، و لا يبغضه....»: فقد صح من وجه آخر. ثم وجدت له طريقا أخري عند الآجري في «الشريعة» برقم (1561) و فيه: عمرو بن جميع العبدي، و هو متهم بالوضع و الكذب. و فيه: عمرو بن عبيد: و هو كذاب مبتدع. تنبيه: وهم الحافظ العراقي عند ما صحح سند حديث معقل بن يسار. 14 - «أ ما ترضين أن زوجتك أقدم أمتي سلما، و أكثرهم علما، و أعظمهم حلما». مع أن فيه: خالد بن طهمان، و هو ثقة؛ لكنه اختلط؛ فضعفه الأكثرون بسبب ذلك.

185 - أخبرنا أبو العبّاس إسماعيل بن عبد اللّه بن محمّد بن ميكال، قال: حدّثنا عبدان الأهوازي، قال: حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن ربع البصري، قال: حدّثنا النضر بن إسماعيل البجلي، أبو حمزة الثمالي، عن سعيد بن جبير، عن عمران بن حصين: أن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال لفاطمة: «قومي فاشهدي أضحيتك، و قولي: إِنَّ صَلاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيايَ وَ مَماتِي لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (162) لا شَرِيكَ لَهُ وَ بِذلِكَ أُمِرْتُ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163) [الأنعام: 162].

قال عمران: قلت: يا رسول اللّه! هذا لأهل بيتك خاصة، أم للناس عامة؟ قال: «بل للناس عامة»(1).

186 - حدّثنا أبو محمد المزني، قال: حدّثنا محمّد بن عبد اللّه الحضرمي، قال: حدّثنا سعيد بن عمرو الأشعثي، قال: حدّثنا عليّ بن هاشم، عن كثير النواء، عن سعيد بن جبير، عن عمران بن حصين: أن النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» قال له: «أ لا تنطلق بنا نعود فاطمة؛ فإنها تشتكي؟». قلت: بلي. قال: فانطلقنا، حتّي إذا انتهينا إلي بابها، فسلم، فاستأذن فقال: «أدخل أنا و من معي؟». قالت: نعم، و من معك يا أبتاه؛ فو اللّه ما عليّ إلا عباءة؟ فقال لها: «اصنعي بها هكذا، و اصنعي بها هكذا». فعلمها كيف تستّر، فقالت: و اللّه ما علي رأسي خمار. قال: فأخذ خلق ملاءة كانت عليه قال: «اختمري بها»، فأذنت لهما فدخلا، فقال: «كيف تجدينك يا بنية؟». قالت: إني لوجعة، و إنّه ليزيد فيّ أنّه ما لي طعام آكله(2). قال: «أ ما ترضين يا بنية أنك سيدة نساء العالمين؟». قال: تقول: يا أبت(3)! فأين».

ص: 131


1- . حديث منكر: رواه المؤلف في «المستدرك» (ج 4 /ص 222)؛ و قال: «صحيح الإسناد»! فرده الذهبي بقوله: «قلت: بل أبو حمزة ضعيف جدّا، و [ابن] إسماعيل ليس بذاك». و انظر «الضعيفة» برقم (528).
2- في «الأصل»: «و إنه ليزيدني أي مال طعام آكله»! و التصويب من «الحلية».
3- . في «الأصل»: «يا أبه» و التصويب من «الحلية».

مريم بنت عمران؟ قال: «تلك سيدة نساء عالمها، و أنت سيدة نساء عالمك، أما و اللّه! لقد زوجتك سيدا في الدنيا و الآخرة»(1).

و من رواية أنس بن مالك رضي اللّه عنه الأنصاري، خادم رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»:

187 - حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه الصفار، قال: حدّثنا محمّد بن مسلمة الواسطيّ(2)، قال: حدّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا حماد بن زيد، عن ثابت، عن أنس قال:

لما دفنا رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» و رجعنا، قالت لي فاطمة: «طابت أنفسكم أن دفنتم رسول اللّه و رجعتم»(3).

188 - حدّثنا يحيي بن منصور القاضي، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا أبو الأزهر، قال: حدّثنا أبو أسامة، عن حماد بن زيد، عن ثابت، عن أنس قال: قالت لي فاطمة: «يا أنس؛ طابت أنفسكم أن تحثوا التراب علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»؟»(4).

189 - حدّثني عليّ بن حمشاد العدل، قال: حدّثنا محمّد بن غالب، قال: حدّثنا أبو سلمة، و علي بن عثمان، قالا: حدّثنا حماد، عن ثابت، عن أنس قال: لما قبض رسول اللّه

ص: 132


1- . حديث منكر جدّا: و قد تقدم برقم (184) بيان ذلك. و سنده هنا: ضعيف من أجل كثير النواء؛ فهو شيعي ضعيف، و كذا: علي بن هاشم شيعي؛ فالحديث لا يصح سندا. و قال الحافظ العراقي في «طرح التثريب» (ج 1 /ص 128): «و كثير النواء: شيعي جلد ضعيف». و قد رواه من هذا الوجه أيضا: أبو نعيم في «الحلية» (ج 2 /ص 42).
2- . في «الأصل» رسمت هكذا: (محمد بن مسلمة.... الواسطي) مطموسة في مكان النقاط. و هو متهم بالوضع كما في «الكشف الحثيث» (ص 249).
3- . حديث صحيح: لكن بغير هذا اللفظ كما سيأتي في الذي بعده؛ و سنده موضوع من أجل الواسطي هذا؛ فإنه متهم بالوضع.
4- . حديث صحيح: و رواه الطيالسي أيضا في «مسنده» برقم (1374) عن حماد بن زيد به، و زاد: «و قالت فاطمة و رسول اللّه صلّي اللّه عليه و سلّم في الموت...» و سنده صحيح علي شرط الستة، و رواه المؤلف في «المستدرك» (ج 1 /ص 573)، و رواه ابن ماجة برقم (1630) بلفظ: «كيف سخت أنفسكم...». و رواه البخاري في «صحيحه» برقم (4193) 15 - بلفظ: «يا أنس أطابت أنفسكم أن تحثوا علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و سلّم التراب؟». و كذا رواه الدارمي في «مسنده» برقم (88)، و الطبراني في «الكبير» برقم (1029)، و أبو يعلي في «مسنده» برقم (3379، 3380)، و عبد بن حميد في «مسنده» برقم (1367)، و ابن سعد في «الطبقات الكبري» (ج 311/2).

صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» سمعنا فاطمة و هي ترثي رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» فتقول: «يا أبتاه! أجاب ربّا دعاه، يا أبتاه! من ربه ما أدناه، يا أبتاه! حبذا الفردوس مأواه، يا أبتاه! إلي جبريل أنعاه»(1).

190 - حدّثنا أبو بكر إسماعيل بن محمّد بن إسماعيل الفقيه بالري، قال: حدّثنا محمّد بن الفرج الأزرق، قال: حدّثنا حجاج بن محمد المصيصي، أخبرنا ابن جريج، قال:

أخبرني معمر، عن ثابت، عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه: أن النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لما قبض قالت فاطمة:

«يا أبتاه! من ربه ما أدناه، يا أبتاه! جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه! إلي جبريل ننعاه»(2).

191 - أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن عليّ الصّنعانيّ بمكة، قال: حدّثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري، أخبرنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن ثابت، عن أنس: أن فاطمة بكت أباها فقالت: «يا أبتاه! من ربه ما أدناه، يا أبتاه! إلي جبريل ننعاه، يا أبتاه! جنة الفردوس مأواه»(3).

192 - حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، قال: حدّثنا أحمد بن عبد الجبار، قال:

حدّثنا يونس بن بكير، عن المبارك بن فضالة، عن الحسن قال: لما وجد رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» كرب الموت قالت فاطمة: «وا كرباه». فقال صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «لا كرب علي أبيك بعد اليوم»(4).

قد وصل هذا الإسناد بذكر أنس بن مالك:

193 - أخبرناه: خلف بن محمد البخاري، قال: حدّثنا سهل بن شاذوية، قال: حدّثنا يحيي بن أيوب، قال: حدّثنا إسحاق بن عيسي، عن مبارك بن فضالة، عن الحسن، عن).

ص: 133


1- . حديث صحيح: و انظر ما قبله.
2- . حديث صحيح: و انظر ما قبله.
3- . حديث صحيح: و رواه المؤلف في «المستدرك» (ج 1 /ص 537)، و هو في «مصنف عبد الرزاق» برقم (6673)، و إسحاق بن راهويه في «مسنده» برقم (2111)، و أحمد في «مسنده» (ج 3 /ص 197)، و ابن حبان في «صحيحه» برقم (6621)، و النسائي في «السنن الكبري» (ج 1 /ص 606)، و البيهقي في «الكبري» (ج 4 /ص 71)، و في «الصغري» (ج 4 /ص 12)، و الطبراني في «الكبير» برقم (1028).
4- . حديث صحيح: و سنده هنا مرسل ضعيف من أجل مبارك بن فضالة؛ فإنه صدوق؛ لكنه يدلس و يسوي و قد عنعنه. و سيأتي ذكر طرقه الصحيحة برقم (196، 197)، و مضي برقم (182) أنه في «صحيح البخاري» و غيره. و من هذا الوجه المرسل رواه أيضا: الربعي في «وصايا العلماء عند الموت» برقم (10).

أنس: فذكر بنحوه(1).

194 - أخبرنا عبد اللّه بن الحسين القاضي بمرو، قال: حدّثنا الحارث بن أبي أسامة، قال: حدّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا حماد بن زيد، عن ثابت، عن أنس قال: لما ثقل رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» أسندته فاطمة إلي صدرها، و جعل يتغشّاه الكرب، و جعلت فاطمة تقول: «وا كرباه لكرب أبتاه». فقال: «لا كرب علي أبيك بعد اليوم»(2).

195 - أخبرناه عليّ بن محمد الحنيني بمرو، قال: حدّثنا محمّد بن معاذ، قال: حدّثنا أبو إبراهيم إسماعيل بن عبد اللّه الماليني، قال: حدّثنا بشير الكوسج، عن ثابت، عن أنس قال:

لما ثقل رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» ضمّته فاطمة إلي صدرها، ثمّ قالت: «وا كرب أبتاه». فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «إنّه لا كرب علي أبيك بعد اليوم»(3).

196 - أخبرنا أبو جعفر محمّد بن محمد البغداديّ بنيسابور، قال: حدّثنا أبو الزنباع:

روح بن الفرج المصريّ، قال: حدّثنا نصر بن حمّاد، قال: حدّثنا المبارك بن فضالة(4):.

197 - و حدّثنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن بالويه، قال: حدّثنا أبو المثني معاذ بن المثني العنبري، قال: حدّثنا يحيي بن معين، قال: حدّثنا أبو النضر، قال: حدّثنا المبارك بن فضالة، قال: أخبرني ثابت، عن أنس: أنّ فاطمة قالت و بكت، فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: «يا فاطمة! قد حضر من أبيك ما ليس اللّه بتارك أحدا منه لموافاة يوم القيامة»(5).

ص: 134


1- . حديث صحيح: و من هذا الوجه رواه أيضا: ابن حبان برقم (6613)، و أبو يعلي برقم (2769)، و البزار برقم (6673). و في سنده هنا: خلف بن محمد البخاري: سقط حديثه كما قال المؤلف! «لسان الميزان» (ج 2 /ص 404).
2- . حديث صحيح: و قد تقدم تخريجه برقم (186).
3- . حديث صحيح: و انظر ما قبله. و سنده هنا فيه: الحنيني: كذّبه المؤلف نفسه كما في «لسان الميزان» (ج 4 /ص 358). و بشير الكوسج: قال ابن حبان في «مشاهير علماء الأمصار» (ج 1 /ص 195): أبو نصر من أهل مرو لا يصح لقيه ابن عمر، و قد رأي عكرمة و الحسن و جماعة من التابعين. و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا؛ فهو مجهول العين!
4- . حديث حسن: و سيأتي في الذي بعده تفصيل الكلام عليه. و السند هنا: ضعيف جدّا: نصر بن حماد هو الوراق: متهم بالكذب.
5- . حديث حسن: و رواه أيضا: أحمد في «مسنده» (ج 3 /ص 141)، و ابن ماجة برقم (1629)، و الترمذي في «الشمائل» برقم (334)، و أبو نعيم في «تاريخ أصبهان» (ج 2 /ص 191)، و ابن عدي في «الكامل» (ج 4 /ص 175)، و البيهقي في «دلائل النبوة» (ج 8 /ص 315)، و الطبراني في «المعجم الأوسط» برقم (9313)، و ابن السني في «عمل اليوم و الليلة» برقم (563)، و أبو يعلي في «مسنده» برقم (3441)، و ابن الأعرابي في «معجمه» برقم (2169)، و أبو الفضل في «حديث الزهري» برقم (675)، و الشجري في «الأمالي الخميسية» برقم (2160)، و البغوي في «الأنوار في شمائل النبي المختار» برقم (1216)، و ابن أبي الفوارس في «الثالث من الفوائد المنتقاة» برقم (141)، و المزي في «تهذيب الكمال» (ج 14 /ص 5) و قد صرح المبارك بن فضالة بالإخبار عند المؤلف؛ فأمنّا تدليسه؛ لكنه يسوي أيضا، و لم يصرح بالإخبار بين ثابت و أنس؛ لكن تابعه: عبد اللّه بن الزبير: حدثنا ثابت به - كما هو عند ابن ماجة و الترمذي و أبي نعيم و أبي يعلي - و رواه البيهقي مرسلا برقم (3146) من طريق أحمد بن عبد الجبار، عن يونس بن بكير عن مبارك به؛ فخالف كلاّ من: أبي النضر، و آدم؛ و أحمد بن عبد الجبار لا تحتمل منه هذه المخالفة؛ لأنه خفيف الضبط. علي أنه قد رواه: أبو حاتم الرازي في «الزهد» برقم (75) فقال: 14 - أخبرنا هدبة قال: حدثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت قال: كان النبي يمرض و يصح؛ فلما مرض مرضه الذي توفاه اللّه فيه قال: «ما أري هذا إلا الذي ليس اللّه بتارك منه أحدا لموافاة يوم القيامة». لكن الوصل زيادة من ثقتين؛ فلا شك في قبولها.

198 - أخبرني أحمد بن محمّد بن إسماعيل بن مهران، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا أبو نعيم عبيد بن هشام، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن عمر الرّقّي، عن معمر، عن الزّهريّ، عن أنس رضي اللّه عنه: أنّ النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» وهب لفاطمة وصيفا، فقال: «لا تضربيه؛ فإني رأيته يصلّي، و إنّي نهيت عن ضرب المصلّين»(1).

199 - أخبرني عليّ بن عمر الحافظ، قال: حدّثنا محمّد بن مخلد العطار، قال: حدّثنا إسحاق بن إبراهيم الصّفّار، قال: حدّثنا يزيد بن الحباب، قال: حدّثنا عثمان بن موهب مولي بني هاشم قال: سمعت أنس بن مالك يقول: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» لفاطمة: «ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به؛ أن تقولي إذا أصبحت و إذا أمسيت:

يا حيّ يا قيّوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كلّه، و لا تكلني إلي نفسي طرفة عين»(2)

ص: 135


1- . حديث منكر: أبو نعيم عبيد بن هشام: ثقة؛ لكنه كان يتلقن ما ليس من حديثه؛ فالآفة منه؛ فإن المتن منكر؛ فالروايات الصحيحة دلت علي أن فاطمة لم تأخذ غلاما من السبي أصلا؛ و قد مضي سند موضوع لهذا المتن برقم (148) من وضع داود بن المحبر! لكن قد صح جزء الحديث الأخير «نهيت عن ضرب المصلّين». و من هذا الطريق رواه أيضا: السهمي في «تاريخ جرجان» (ج 1 /ص 379).
2- حديث صحيح: و رواه المؤلف في «المستدرك» (ج 1 /ص 730)، و النسائي في «الكبري» (ج 6 /ص 147)، و ابن السني في «عمل اليوم و الليلة» برقم (570)، و البيهقي في «شعب الإيمان» برقم (761)، و في «الأسماء و الصفات» برقم (212)، و الضياء في «الأحاديث المختارة» برقم (2330)، و الخرائطي في «مكارم الأخلاق» برقم (466)، و ابن عدي في «الكامل» (ج 5 /ص 530)، و البزار في «مسنده» - البحر الزخار - برقم (6368). و صححه المؤلف علي شرط الشيخين، و وافقه الذهبي، و هو وهم منهما؛ لأن: عثمان و هو ابن عبد اللّه بن موهب: لم يخرج له الشيخان أصلا؛ بل روي له النسائي فقط؛ ثم هو: صالح الحديث كما قال أبو حاتم؛ فالسند حسن فقط. و قد وقفت علي طريق أخري له عند الخطيب في «تاريخ بغداد» (ج 16 /ص 44) فقال: 14 - أخبرني الأزهري، و التنوخي، قالا: حدثنا أبو الفضل عبيد اللّه بن عبد الرحمن الزهري، قال: حدثنا هارون بن الحسين بن سعيد بن موسي النجاد، إملاء من حفظه في جوار أبي العباس بن سابور الدقاق، قال: حدثنا محمد بن عبد اللّه المخرمي، قال: حدثنا روح بن عبادة، قال: حدّثنا شعبة، عن محمد بن جحادة، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه لابنته فاطمة: «ما لي لا أسمعك بالغداة و لا العشي تقولين: يا حي، يا قيوم، أصلح لي شأني كله، و لا تكلني إلي نفسي؟». تفرد برواية هذا الحديث هارون بن الحسين النجاد بإسناده، و كذا روي عنه ابن الخلال فسمي أباه الحسين، و أما ابن مخلد فسماه الحسن قلت: و هذا سند قوي؛ و للّه الحمد؛ و به يصح الحديث. تنبيه: لم يتعرض شيخنا الألباني رحمه اللّه تعالي لهذه الطريق أصلا في «الصحيحة» برقم (227)؛ و لهذا اكتفي بتحسين الحديث.

200 - أخبرني الحسين بن محمّد بن أحمد بن الحسين الحافظ، أخبرنا أبو حفص عمر بن إبراهيم الكلابي بتنّيس، قال: حدّثنا حمدون بن عيسي، قال: حدّثنا يحيي بن سليمان الجعفي، قال: حدّثنا عباد بن عبد الصمد، عن الحسن، عن أنس بن مالك قال:

جاءت فاطمة و معها الحسن، و الحسين إلي النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» في المرض الذي قبض فيه، فأكبّت عليه فاطمة، و ألصقت صدرها بصدره، و جعلت تبكي، فقال النّبيّ عليه الصلاة و السلام: «مه يا فاطمة!» و نهاها عن البكاء، فانطلقت إلي البيت، فقال النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» و هو يستعبر الدّموع: «اللهمّ أهل بيتي، و أنا مستودعهم كلّ مؤمن» ثلاث مرّات(1).

ص: 136


1- و لعل الصواب: جبرون بن عيسي: و قد ذكروه بالجيم كما في «المشتبه» (ج 1 /ص 277)، و «الإكمال» (ج 1 /ص 163). و ذكره ابن حبان في «الثقات» (ج 8 /ص 288)، ثم ذكره في «المجروحين» (ج 1 /ص 326) لكنه و ثقه مع آخر. و انظر «الأنساب» للسمعاني (ج 2 /ص 238) و التعليق عليه.

201 - حدّثني عليّ بن حمشاد العدل، قال: حدّثنا هشام بن عليّ السيرافي، قال:

حدّثنا أبو الوليد الطيالسي، قال: حدّثنا عمّار بن أبي عمار صاحب الزعفراني أبو هاشم، قال: حدّثني محمّد بن مسلم بن عبيد اللّه، أنّ أنس بن مالك حدّثه: أن فاطمة جاءت بكسرة خبز لرسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، فقال: «ما هذه الكسرة؟» قالت:

قرص خبزته، فلم تطب نفسي حتّي أتيتك بهذه الكسرة، فقال: «أما إنّه أول طعام دخل بطن أبيك منذ ثلاثة أيام»(1).

و من رواية أبي سعيد الخدري صاحب رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»:

202 - حدّثني محمّد بن صالح بن هانئ، قال: حدّثنا الفضل بن محمد الشعراني، قال: حدّثنا كثير بن يحيي، قال: حدّثنا سعيد بن عبد الكريم و أبو عوانة، عن أبي الجحاف داود بن أبي عوف، عن عبد الرحمن بن أبي ذئاب، قال: حدّثنا عبد اللّه بن الحارث بن

ص: 137


1- حديث ضعيف جدّا: مداره علي: محمد بن مسلم بن عبيد اللّه، و هو مجهول العين، و قد استظهر شيخنا الألباني أنه هو نفسه الراسبي البصري. «الضعيفة» برقم (4873)؛ لكن فات شيخنا علة الإسناد الحقيقية و هي: شدة ضعف: عمار بن أبي عمار؛ فقد قال فيه البخاري: «فيه نظر» و هي تدل علي شدة الضعف عنده، و وثقه ابن معين و ابن حبان و أبو الوليد الطيالسي؛ و ذكره العقيلي في «الضعفاء»، و جرحه - عندي - جرح مفسر؛ لأن عبارة البخاري تدل علي أنه متهم؛ فالرجل واه علي الصحيح، و قد اعتمد الذهبي توثيقه في «الكاشف» برقم (3995)! و توسط الحافظ فقال: لا بأس به. «التقريب» برقم (4830). و الحق أنه متروك الحديث؛ لشدة ضعفه. و رواه أيضا: البخاري في «التاريخ الكبير» (ج 1 /ص 128)، و ابن أبي الدنيا في «الجوع» برقم (15)، و أحمد في «المسند» (ج 3 /ص 213)، و البيهقي في «شعب الإيمان» (ج 7 /ص 315)، و الطبراني في «المعجم الكبير» برقم (750)، و الضياء المقدسي في «الأحاديث المختارة» (ج 7 /ص 166)، و ابن سعد في «الطبقات الكبري» (ج 1 /ص 400)، و ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج 4 /ص 122)، و العقيلي في «الضعفاء الكبير» (ج 3 /ص 324)، و أبو الشيخ في «أخلاق النبي» (ص 285، 298). و قال الهيثمي: (رواه أحمد و الطبراني؛ و رجالهما ثقات)! «مجمع الزوائد» (ج 10 /ص 312).

نوفل، حدّثني أبو سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه: أنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» دخل علي ابنته فاطمة، و ابناها إلي جانبها، و عليّ نائم، فاستسقي الحسن، فأتي ناقة لهم فحلب منها، ثمّ جاءته منازعة الحسن أن يشرب قبله حتّي بكي، فقال: «يشرب أخوك ثمّ تشرب»، فقالت فاطمة: كأنّه أبرّ عندك منه. قال: «ما هو بأبرّ عندي منه، و إنهما عندي بمنزلة واحدة، و إنك، و هما، و هذا المضطجع معي في مكان واحد يوم القيامة»(1).

و من رواية عبد اللّه بن عمرو بن العاص السّهميّ صاحب رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»:

203 - أخبرنا عبد اللّه بن محمّد بن إسحاق الخزاعيّ بمكة، قال: حدّثنا أبو يحيي بن أبي مسرة، قال: حدّثنا عبد اللّه بن يزيد المقرئ، قال: حدّثنا حيوة و ابن لهيعة، قالا: أخذ ربيعة بن سيف المعافريّ عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص: أنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» رأي فاطمة ابنته، فقال لها: «من أين أقبلت يا فاطمة؟»، قالت:

أقبلت من وراء جنازة هذا الرجل. فقال لها: «هل بلغت معهم الكديّ؟». قالت: لا؛ و كيف أبلغها و قد سمعت منك ما سمعت. فقال لها النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «و الذي نفسي بيده؛ لو رأيت معهم الكدي ما رأيت الجنة حتّي يراها جدّ أبيك»(2).

ص: 138


1- . حديث ضعيف: و رواه من طريق المؤلف هنا: ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج 13 /ص 224) و في (ج 14 /ص 164). و سنده لا يصح؛ فإن عبد الرحمن بن أبي ذئاب: ذكره ابن حبان في «الثقات» و البخاري في «التاريخ الكبير» كما في «تعجيل المنفعة» برقم (621)؛ و داود بن أبي عوف - و إن وثقه جماعة - لكنه شيعي غالي؛ فلا تقبل روايته في هذا الباب. و كثير بن يحيي: ثقة؛ لكنه يتشيع أيضا؛ إلا أنه قد توبع عند ابن عساكر. و له شاهد من حديث علي: عند أحمد في «المسند» برقم (792)، و في «فضائل الصحابة» برقم (1183)، و في «الأمالي» للمحاملي برقم (188)، و في «تاريخ دمشق» (ج 14 /ص 163-164)؛ لكن في سنده: قيس بن الربيع، و هو سيئ الحفظ. و أبو المقدام هو: ثابت بن هرمز: ثقة، و ليس هو أبو المقدام المتروك؛ فذاك: هشام بن زياد. و كأن شعيبا الأرناءوط ظنه المتروك؛ فقال عن سنده: ضعيف جدّا! «المسند» برقم (792). و لحديث علي طريق أخري عند ابن عساكر (ج 14 /ص 162)، لكن في سنده: عمرو بن ثابت: رافضي متروك! و طريق ثالثة: (ج 14 /ص 164)؛ لكن فيه: خالد بن طليق، قال الدّارقطني: ليس بالقوي. و فيه: السري بن خزيمة، و لم أقف له علي جرح أو تعديل، و كذا شيخه و شيخ شيخه! فالإسناد ظلمات بعضها فوق بعض!
2- . حديث منكر: و رواه المؤلف في «المستدرك» (ج 1 /ص 373-374)، و أبو داود (3123)، و النسائي في «الصغري» (27/4-28)، و في «الكبري» برقم (2019)، و أحمد (168/2-169، 223)، و ابن عبد الحكم في «فتوح مصر» (ص 259)، و الطحاوي في «المشكل» (108/1)، و البيهقي في «السنن الكبري» (60/4، 77 - 78)، و ابن حبان (ج 5 /رقم 3167)، و ابن الجوزي في «العلل المتناهية» (903/2)، و البزار في «مسنده» برقم (2440)، و المزي في «تهذيب الكمال»: (ج 6 /ص 115). و قال الحاكم: علي شرطهما! و وافقه الذهبي! مع أن الأخير قال في «مهذب البيهقي» (ج 3 /ص 484): «قلت: هذا منكر، تفرد به ربيعة، و قد غمزه البخاري و غيره بأنه صاحب مناكير»! و أما البوصيري فقد قال بعد أن عزاه لأبي يعلي في «مسنده الكبير» - كما في «إتحاف الخيرة المهرة» (ج 2 /ص 152) -: «بإسناد حسن»! و المتن منكر في قوله: «ما رأيت الجنة حتّي يراها جدّ أبيك» فإن عبد المطلب مات كافرا من جهة؛ و من جهة أخري فإن زيارة القبور للنساء ليست معصية؛ فضلا أن تكون كفرا!! بل كثرة الزيارة لهن هو المنهي عنه في قوله عليه الصلاة و السلام في الحديث الصحيح الثابت: «لعن اللّه زوارات القبور» أي: كثيرات الزيارة لها؛ و عليه فاللفظ الآخر: «زائرات القبور» ضعيف لا يصح! و أما الدليل علي جواز الزيارة - و هو قول جمهور أهل العلم - فهو ما أخرجه البخاري (125/3، 148، و 132/13 - فتح)، و مسلم (15/626)، و أبو داود (3124)، و النسائي في «السنن» (22/4)، و في «عمل اليوم و الليلة» (1068)، و أحمد (143/3)، و أبو يعلي في «مسنده» (ج 6 /رقم 3458، 3504)، و البيهقي (65/4 و 101/10)، و البغوي في «شرح السنة» (447/5) من طريق شعبة، عن ثابت، عن أنس قال: أتي نبي اللّه صلّي اللّه عليه و سلّم علي امرأة تبكي علي صبي لها، فقال لها: «اتقي اللّه و اصبري». فقالت: و ما تبالي أنت بمصيبتي؟!!. فقيل لها: هذا النبي صلّي اللّه عليه و سلّم. فأتته فلم تجد علي بابه بوابين، فقالت: يا رسول اللّه! لم أعرفك، فقال: «إنما الصبر عند الصدمة الأولي». و لهذا قال الحافظ في «الفتح» (148/3): «و موضع الدلالة من الحديث أنه صلّي اللّه عليه و سلّم لم ينكر علي المرأة قعودها عند القبر، و تقريره حجة». و انظر: «أحكام الجنائز» (ص 180-187) لشيخنا المحدث الكبير محمد ناصر الدين الألباني رحمه اللّه تعالي و إيانا.

و من رواية فاطمة بنت الحسين بن عليّ عن جدّتها فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»:

204 - حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، قال: حدّثنا يحيي بن أبي طالب، قال:

حدّثنا إسحاق بن منصور، قالا: حدّثنا قيس بن الربيع، (ح):.

205 - و حدّثنا أبو العبّاس في موضع آخر، قال: حدّثنا الربيع بن سليمان، قال:

حدّثنا أسد بن موسي، قال: حدّثنا قيس بن الربيع، قال: حدّثني عبد اللّه بن الحسن، عن فاطمة بنت الحسين - و هي أمّه - عن فاطمة الكبري رضي اللّه عنها: أنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» كان إذا دخل المسجد قال: «اللهمّ صلّ علي محمد و سلم، اللهمّ اغفر لي ذنوبي، و افتح لي أبواب رحمتك». و إذا خرج قال: «اللهمّ صلّ علي محمد و سلم، اللهمّ اغفر

ص: 139

لي ذنوبي، و افتح لي أبواب فضلك»(1).

و هكذا رواه عاصم بن سليمان الأحول، و روح بن القاسم العنزي، قال: حدّثنا سفيان الثوري و عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، و عبد العزيز بن محمد الدراوردي، و ليث بن أبي سليم بن عبد اللّه بن الحسين عليهما السلام.

206 - أما حديث عاصم الأحول؛ فحدّثناه: دعلج بن أحمد السجزي ببغداد، قال:

حدّثنا أحمد بن عليّ بن مسلم الأبار، قال: حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن بكار مولي بني هاشم، قال: حدّثنا حسان بن إبراهيم الكرماني، عن عاصم بن سليمان الأحول، عن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب، عن أمه فاطمة بنت الحسين بن عليّ، عن أمها فاطمة بنت رسول صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: أن رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» كان إذا دخل المسجد قال: «السلام عليك أيها النّبيّ و رحمة اللّه و بركاته، اللهمّ اغفر لي ذنوبي و افتح لي أبواب رحمتك». و إذا خرج قال: «السلام عليك و رحمة اللّه و بركاته، اللهمّ اغفر لي و افتح لي أبواب رزقك»(2).

207 - و أما حديث روح بن القاسم فحدّثناه: أبو أحمد الحسين بن عليّ التميمي، قال: حدّثنا محمّد بن إسحاق الإمام، قال: حدّثنا يونس بن عبد الأعلي، قال: أخبرنا ابن).

ص: 140


1- . حديث صحيح: و رواه من هذا الوجه: أخرجه الترمذي في «السنن» برقم (314)، و ابن ماجة برقم (771)، و أحمد (ج 6 /ص 282-283)، و ابن أبي شيبة (298/1)، و الطبراني في «الدعاء» (ص 150)، و في «المعجم الكبير» (423/22)، و في «المعجم الأوسط» (21/6)، و عبد الرزاق (425/1)، و ابن عدي في «الكامل» (372/2)، و (96/6)، و الدولابي في «الذرية الطاهرة» (ص 105-106)، و أبو يعلي (121/12، و 199)، و عبد اللّه بن أحمد في «العلل» (381/2)، و عنه العقيلي في «الضعفاء» (255/1)، و أبو يعلي في «المعجم» برقم (24). و السند منقطع؛ لكنه حديث حسن لغيره؛ و هو صحيح من وجوه أخري؛ و لهذا قال الترمذي: (حديث حسن، و ليس إسناده بمتصل؛ و فاطمة بنت الحسين لم تدرك فاطمة الكبري، إنما عاشت بعد النبي صلّي اللّه عليه و سلّم أشهرا). و قد تتبع شيخنا الألباني ذلك كله في كتابه «الثمر المستطاب» (ج 1 /ص 400-404) فارجع إليه هناك - غير مأمور -.
2- . حديث صحيح بغير لفظ الخطاب: فقد رواه: العقيلي في «الضعفاء» (ج 1 /ص 255)، و ابن عدي في «الكامل» (ج 2 /ص 372، 373)، و أحمد في «العلل و معرفة الرجال» (ج 2 /ص 381)، ثم قال عبد اللّه بن أحمد: «قال أبي: ليس هذا من حديث عاصم الأحول؛ هذا من حديث: ليث بن أبي سليم». و حسان هذا: صدوق يخطئ كما قال الحافظ. و قد تقدم تخريج الحديث بغير لفظ الخطاب برقم (203، 204).

وهب، قال: حدّثنيه أبو سعيد التميمي، و هو شبيب بن سعيد، عن روح بن القاسم، عن أمّه، عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: قالت لها: إذا دخلت المسجد، فصلّي علي النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و قولي: «اللهمّ اغفر لي ذنوبي، و افتح لي أبواب رحمتك»، و إذا خرجت: فصلّي علي النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و قولي: «اللهمّ اغفر لي ذنوبي، و افتح لي أبواب فضلك»(1).

208 - و أمّا حديث سفيان الثوريّ؛ فحدّثناه أبو عمرو عثمان بن أحمد الزاهد ببغداد، قال: حدّثنا حنبل بن إسحاق بن حنبل، قال: حدّثني عليّ بن عبد اللّه، قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: سمعت سفيان الثوريّ يقول: سألت عبد اللّه بن الحسن بن الحسن عن حديث فاطمة: «إذا دخل أحدكم المسجد»(2). فلم يصحّحه لي.

209 - و أمّا حديث عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون: فأخبرني الحسين بن محمد الماسرجسي، قال: أخبرنا محمّد بن الصبح الصيداوي بصيدا، قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل البحتريّ، قال: حدّثني أبي، عن جدّي، عن عبد العزيز بن عبد اللّه الماجشون، عن عبد اللّه بن الحسن، عن أمه فاطمة بنت الحسين، عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: أن النّبيّ - عليه السّلام - كان إذا دخل المسجد قال: «اللهمّ صلّ علي محمد، و افتح لي أبواب فضلك»(3).

210 - و أمّا حديث عبد العزيز بن محمد الدراوردي: فحدّثناه محمّد بن صالح بن هانئ، قال: حدّثنا الحسن بن سفيان النساء الشيباني، و محمّد بن إسحاق الثقفي، قالا:

حدّثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدّثنا عبد العزيز بن محمد، عن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن، عن أمّه فاطمة بنت الحسين: أن النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، قال لابنته فاطمة - عليها السّلام -: «إذا دخلت المسجد فقولي: اللهمّ اغفر لي و سهّل لي أبواب رحمتك، و إذا خرجت من المسجد فقولي كذلك». إلا أنّه قال: «و سهّل لي أبواب رزقك»(4). : رواه

ص: 141


1- . حديث صحيح: و قد تقدم برقم (203، 204).
2- . حديث صحيح: و قد تقدم تخريجه برقم (204، 205).
3- . حديث صحيح: و قد تقدم تخريجه برقم (204، 205).
4- . حديث صحيح: و قد تقدم قريبا؛ لكن قوله «سهل لي» شاذ؛ لتفرد الدراوردي: عبد العزيز بن محمد بها؛ و هو خفيف الضبط لا تحتمل منه المخالفة للثقات.

ليث بن أبي سليم، و إسماعيل ابن عليّة، عن راهب آل محمد صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»:

عبد اللّه بن الحسن عليهما السلام:.

211 - أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن يعقوب الحافظ، قال: حدّثنا يحيي بن محمّد بن يحيي؛ «ح»:.

212 - و حدّثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، قال: أخبرنا أبو المثني، قال: حدّثنا مسدّد، قال: حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم، قال: أخبرنا ليث بن أبي سليم، عن عبد اللّه بن حسن بن حسن، عن أمّه فاطمة بنت حسين، عن جدّتها فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، قالت: «كان رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» إذا دخل المسجد صلّي علي محمّد و سلّم، ثمّ قال: «اللهمّ اغفر لي ذنوبي، و افتح لي أبواب رحمتك»، و إذا خرج صلّي علي محمد و سلّم، ثمّ قال: «اللهمّ اغفر لي ذنوبي، و افتح لي أبواب فضلك»(1).

قال إسماعيل: فلقيت عبد اللّه بن الحسن فسألته عن هذا الحديث، فقال لي: كان النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» إذا دخل المسجد قال: «ربّ افتح لي أبواب رحمتك». و إذا خرج قال: «ربّ افتح لي أبواب فضلك»(2). هكذا رواه الحسن بن صالح بن حي، و جرير بن عبد الحميد، و أبو حفص الأبار، و شريك بن عبد اللّه النخعي، و الحارث بن نبهان، عن ليث بن أبي سليم.

213 - أمّا حديث الحسن بن حي: فحدّثناه أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، قال:

حدّثنا يحيي بن أبي طالب، قال: حدّثنا إسحاق بن منصور السلولي، قال: حدّثنا الحسن بن صالح بن حي، عن ليث، عن عبد اللّه بن الحسن، عن فاطمة الصّغري، عن فاطمة الكبري، قالت: كان رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» إذا دخل المسجد صلّي علي محمد و سلّم، ثمّ يقول: «اللهمّ اغفر لي ذنوبي و افتح لي أبواب رحمتك». و إذا خرجم.

ص: 142


1- . حديث صحيح: و قد تقدم تخريجه و الكلام عليه برقم (204، 205).
2- . حديث صحيح: و قد تقدم.

صلّي علي محمد و سلّم، ثمّ يقول: «اللهمّ اغفر لي ذنوبي و افتح لي أبواب فضلك»(1).

214 - و أمّا حديث جرير بن عبد الحميد: فحدّثناه أبو الفضل محمّد بن إبراهيم المزكّي، قال: حدّثنا أحمد بن سلمة، قال: حدّثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا جرير، عن ليث، عن عبد اللّه بن الحسن، عن فاطمة بنت الحسين، عن فاطمة الكبري، عن أبيها رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، قالت: كان صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إذا دخل المسجد صلّي علي النّبيّ صلّي اللّه عليه و سلّم، ثمّ قال: «اللهمّ اغفر لي ذنوبي، و افتح لي أبواب رحمتك». و إذا خرج صلّي علي النّبيّ صلّي اللّه عليه و سلّم، و قال: «اللهمّ اغفر لي ذنوبي، و افتح لي أبواب فضلك»(2).

215 - و أمّا حديث أبي حفص الأبار: فحدّثناه الحسن بن محمّد بن إسحاق، قال:

حدّثنا محمّد بن رجاء السنديّ، قال: حدّثنا داود بن رشيد، قال: حدّثنا أبو حفص الأبار، عن ليث بن أبي ليث بن أبي سليم، عن عبد اللّه بن الحسن، عن أمّه فاطمة الصّغري، عن جدّتها فاطمة الكبري رضي اللّه عنها قالت: كان رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» إذا دخل المسجد صلي علي النّبيّ صلّي اللّه عليه و سلّم، و قال(3): «اللهمّ اغفر لي ذنوبي، و افتح لي أبواب رحمتك»، و إذا خرج صلّي علي النّبيّ صلّي اللّه عليه و سلّم، و قال: «اللهمّ اغفر لي ذنوبي، و افتح لي أبواب فضلك»(4).

216 - و أما حديث شريك بن عبد اللّه النخعي: فأخبرناه أبو العبّاس محمّد بن أحمد المحبوبي بمرو، قال: حدّثنا سعيد بن مسعود، قال: حدّثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا شريك، عن ليث، عن عبد اللّه بن الحسن، عن فاطمة الصّغري، عن فاطمة الكبري، قالت: كان رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» إذا دخل المسجد صلّي علي النّبيّ - عليه السّلام - و سلّم، ثمّ قال: «اللهمّ اغفر لي ذنوبي، و افتح لي أبواب رحمتك»، و إذا خرج صلّي علي النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و قال: «اللهمّ اغفر لي ذنوبي و افتح لي أبواب فضلك»(5).م.

ص: 143


1- . حديث صحيح: و قد تقدم.
2- . حديث صحيح: و قد تقدم برقم (204، 205).
3- . في «الأصل»: «قال» و الصواب ما أثبته.
4- . حديث صحيح: و قد تقدم، فانظر ما قبله.
5- . حديث صحيح: و قد تقدم.

217 - و أمّا حديث الحارث بن نبهان: فحدّثناه أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، قال:

حدّثنا بحر بن نصر بن سابق الخولاني، قال: حدّثنا عبد اللّه بن وهب، قال: أخبرني الحارث بن نبهان، عن ليث بن أبي سليم، عن عبد اللّه بن الحسن، عن أمّه فاطمة بنت الحسين، عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: أنّ رسول اللّه - عليه السّلام - كان إذا دخل المسجد صلّي علي النّبيّ و سلّم، ثمّ قال: «اللهمّ اغفر لي ذنوبي(1) و افتح لي أبواب رحمتك»، و إذا خرج صلّي علي النّبيّ - عليه السّلام - و سلّم، و قال: «اللهمّ اغفر لي ذنوبي و افتح لي أبواب فضلك»(2).

حديث آخر:

218 - أخبرنا أبو جعفر محمّد بن محمد البغداديّ بنيسابور، قال:

حدّثنا إسماعيل بن الحسن الإسكافيّ، قال: حدّثنا زهير بن عبّاد، قال: حدّثنا محمّد بن تمّام، قال: حدّثنا جرير، عن شيبة بن نعامة، عن فاطمة الصّغري - و هي بنت الحسين - عن فاطمة الكبري - و هي بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» - قالت: قال النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «كلّ بني أب ينتمون إلي عصبة غير ولد فاطمة فإنّي أنا أبوهم، و أبوها، و عصبتهم معي»(3).

رواية صفية بنت عبد المطلب، عن فاطمة رضي اللّه عنها:

219 - حدّثنا أبو بكر بن أبي دارم الحافظ بالكوفة، قال: حدّثنا الحسن بن القاسم البجلي، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن المعلّي، قال: حدّثنا عقيل بن محمّد بن عبد اللّه بن

ص: 144


1- . ضرب الناسخ علي قوله: «ذنوبي» من «الأصل» و الصواب إثباتها.
2- . حديث صحيح: و قد تقدم تخريجه برقم (204، 205). و سنده هنا: ضعيف جدّا من أجل: الحارث بن نبهان؛ فإنه متروك كما في «التقريب» برقم (1054). و بحر بن نصر الخولاني: ثقة كما في «التقريب» برقم (640).
3- . حديث ضعيف: في سنده: شيبة بن نعامة، و هو ضعيف. و من هذا الوجه رواه: ابن الجوزي في «الواهيات» برقم (418)، و الخطيب في «تاريخ بغداد» (ج 11 /ص 285)، و أورده الديلمي - دون سند - في «الفردوس» (ج 3 /ص 264)، و الطبراني في «المعجم الكبير» برقم (2632). و رواه الطبراني برقم (2631) بلفظ: «كلّ بني أنثي فإن عصبتهم لأبيهم ما خلا ولد فاطمة فإنّي أنا عصبتهم و أنا أبوهم» و شيخ الطبراني «الغلابي»: وضاع. و شيخه: بشر بن مهران: متروك. و من الغريب أن يكتفي الهيثمي بإعلاله بالمتروك و ترك الوضاع! «مجمع الزوائد» (ج 4 /ص 224) و (ج 6 /ص 301).

محمّد بن عقيل، عن أبيه، عن جدّه عبد اللّه بن محمّد بن عقيل، عن جابر، عن صفية بنت عبد المطّلب: أنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» لما مرض أقبلت صفيّة بنت عبد المطلب؛ فجلست عند فاطمة، و رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» مضطجع، فقالت لها صفية: سلي أباك: كيف هو ذا يا بنيّة؟ فقالت: يا أبتاه؛ كيف تجدك؟ قال:

«أجدني صالحا إن شاء اللّه، إنّ الحمّي من فيح جهنّم، فأطفئوها بالماء؛ فإنّ اللّه تعالي وتر يحبّ الوتر»(1).

و من رواية أسماء بنت عميس الخثعميّة، عن فاطمة بنت رسول اللّه - عليه السّلام -:

221 - أخبرني أحمد بن محمّد بن إسماعيل بن مهران، قال: حدّثنا أبي، قال حدّثنا جعفر بن مسافر، قال: حدّثنا ابن أبي فديك، عن محمّد بن موسي بن أبي عبد اللّه، عن عون بن محمّد بن عليّ بن أبي طالب - عليه السّلام -، عن أمّه أمّ جعفر، عن جدّتها، عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: أنّ رسول اللّه - عليه الصلاة و السلام - أتاها يوما فقال: «أين ابناي - يعني - حسنا و حسينا(2)؟». فقالت: أصبحا و ليس في بيتنا شيء يذوقه ذائق، فذهب بهما إلي اليهوديّ، فتوجّه إليه رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، فوجدهما يلعبان في مشربة بين أيديهما فضل من تمر، فقال: «يا عليّ؛ أ لا تقلب ابني قبل أن يشتدّ عليهما الحرّ؟». فقال عليّ: أصبحنا و ليس في بيتنا شيء، فلو جلست حتّي أجمع لفاطمة تمرات؛ فجلس رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و عليّ ينزع لليهوديّ كلّ دلوّ بتمرة، حتّي اجتمع له شيء من تمر، فجعله في حجره، ثمّ أقبل، فجعل رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، يأخذ أحدهما و عليّ الآخر حتّي أقلبهما(3).

ص: 145


1- . حديث موضوع بهذا السند و المتن: شيخ المؤلف: أبو بكر بن أبي دارم وضاع، و قد سبق بيان حاله في الأحاديث رقم (12، 22، 31، 59، 96، 98). و قد صح قوله: «إن الحمي من فيح جهنم؛ فأطفئوها بالماء»: متفق عليه. كما صح قوله: «إن اللّه وتر يحب الوتر»: متفق عليه أيضا.
2- . في «الأصل»: «أين ابني حسنا و حسينا» و ما أثبته موافق لمصادر التخريج.
3- . حديث ضعيف: و رواه المؤلف في «المستدرك» (ج 3 /ص 180)، و الدولابي في «الذرية الطاهرة» برقم (193)، و الطبراني في «المعجم الكبير» (ج 22 /ص 422)، و قال الهيثمي: «رواه الطبراني و إسناده حسن»! «المجمع» (ج 10 /ص 316). قلت: عون بن محمد و أمه كلاهما: مجهول الحال.

221 - و بإسناده عن عون بن محمد، عن أمّه، عن جدّتها قالت: «جهّزت جدّتك إلي جدّك عليّ - عليهما السلام - و ما كان حشو وسادتهما و فراشهما إلا ليفا، و لقد أولم لفاطمة؛ فما كانت وليمة في ذلك الزمان أفضل من وليمته؛ رهن درعه عند يهوديّ بشطر شعير»(1).

و من رواية أبي فاختة: صاحب رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»:

222 - أخبرنا أبو جعفر محمّد بن محمد البغداديّ بنيسابور، قال: حدّثنا محمّد بن إسحاق بن إبراهيم بن حوثي الصّنعانيّ، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا عبد الملك بن عبد الرحمن الذماري، عن هشام، عن محمّد بن عمارة، عن عمرو بن ثابت، عن أبيه ثابت بن المقدام، عن أبي فاختة، قال: كان النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» و عليّ، و فاطمة، و الحسن، و الحسين رضوان اللّه عليهم أجمعين في بيت، فاستسقا الحسن، فقام رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» في جوف الليل يسقيه، فتناوله حسين، فأبي رسول اللّه - عليه السّلام - أن يسقيه، فقالت فاطمة: يا رسول اللّه! كأنّ حسنا أحبّ إليك من حسين؟ قال: «لا، و لكنّه استسقي من قبله»، ثمّ قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «يا فاطمة؛ أنا و أنت و هذان، و هذا الرّاقد - لعليّ - في مقام واحد يوم القيامة»(2).

ص: 146


1- . حديث صحيح بغير هذا اللفظ: فأما تجهيز فاطمة فصح من وجه آخر، و أما الدرع فقصته مختلفة عما هاهنا. و قال الهيثمي: «رواه الطبراني في الكبير و فيه عون بن محمد بن الحنفية و لم أجد من ترجمه»! «المجمع» (ج 4 /ص 50)؛ هذا و هو نفسه الذي قال عن سند الحديث الماضي قبل هذا «إسناده حسن»! مع أن فيه: «عون بن محمد بن الحنفية» نفسه! قلت: هو في «كبير الطبراني» برقم (383). و عون هذا مترجم في «الثقات» لابن حبان (ج 7 /ص 279). و اللفظ الصحيح للتجهيز هو. 14 - «جهز رسول اللّه صلّي اللّه عليه و سلّم فاطمة في خميلة و وسادة أدم حشوها ليف». و انظر: «صحيح الترغيب و الترهيب» لشيخنا الألباني برقم (3301). أما الدرع فخبره الصحيح: 17 - «و: عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: توفي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و سلّم و درعه مرهونة عند يهودي في ثلاثين صاعا من شعير». رواه البخاري و مسلم و الترمذي. و انظر «صحيح الترغيب» برقم (3295).
2- . حديث ضعيف: و قد تقدم تخريجه و الكلام علي سنده برقم (196، 197).

و من رواية عبد اللّه بن عمر بن الخطّاب، عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»:

223 - أخبرنا حمزة بن العبّاس العقبي ببغداد، قال: حدّثنا العبّاس بن محمد الدوريّ، قال: حدّثنا يحيي بن حمّاد، قال: حدّثنا أبو عوانة، عن العلاء بن المسيب، عن إبراهيم بن قعيس، عن نافع، عن ابن عمر: أنّ النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» كان إذا خرج في سفر كان آخر عهده بفاطمة، و إذا رجع كان أوّل عهده بفاطمة، و إنّه خرج في غزوة، فلما قدم من سفر و معه عليّ، تهيّأت لأبيها و زوجها، و اشترت درعا و صبغته بزعفران، و ألقت في بيتها بساطا، فأتاها النّبيّ - عليه الصلاة و السلام - فلما رأي ذلك رجع فأتي المسجد و قعد فيه، فأرسلت فاطمة إلي بلال، و قالت: اذهب إلي أبي فاسأله: ما ردّه عنّي؟ فأتي بلال النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» فأخبره، ثمّ أخبر فاطمة أنّه كره ذلك، فقامت و وضعت الثّوبين عنها، و رفعت البساط، فأتاه بلال فأخبره، فجاء حتّي دخل عليها، فاعتنقها، و قال: «هكذا كوني فداك أبي و أمّي»(1).

و من رواية عبد اللّه بن مسعود، عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»:

224 - أخبرني الحسين بن محمد الحافظ، قال: أخبرنا غسان بن عبد اللّه القلزميّ بالقلزم، قال: حدّثنا أبو عمران موسي بن عمرو، قال: حدّثنا نصر بن عمّار، قال: حدّثنا خالد بن عمرو الكوفيّ، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن موسي، عن سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللّه بن مسعود، قال: أصابت فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» صبيحة عرسها رعدة، فقال لها رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «يا فاطمة؛ قد زوّجتك سيّدا أمينا في الدنيا و الآخرة، و إنّه لمن الصّالحين»(2).

و من رواية أبي الطّفيل: عامر بن واثلة، عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»:

ص: 147


1- . حديث ضعيف: و قد تقدم بيان ذلك برقم (2).
2- . حديث موضوع: و قد تقدم تخريجه برقم (132). و السند هنا موضوع أيضا: خالد بن عمرو الكوفي: وضاع كذاب! و اسمه: خالد بن عمرو بن محمد الأموي الكوفي: قال أحمد بن حنبل: ليس بثقة. و قال أبو زرعة: منكر الحديث. و قال صالح جزرة: كان يضع الحديث. انظر «تاريخ الإسلام» للذهبي و «تهذيب التهذيب» و غيرهما.

225 - حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الجبار، قال:

حدّثنا محمّد بن فضيل، عن الوليد بن جميع، عن أبي الطفيل، قال: جاءت فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» إلي أبي بكر، فقالت: يا خليفة رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: أنت ورثته، أم أهله؟ فقال: لا؛ بل أهله. قالت: فما بال الخمس؟» قال:

إني سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» يقول: «إنّ اللّه إذا أطعم نبيّا طعمة، ثمّ قبضه كانت للذي يلي بعده». فلمّا وليت رأيت أن أردّه علي المسلمين، فقالت فاطمة: أنت و رسول اللّه أعلم. ثمّ رجعت(1). -

ص: 148


1- . حديث حسن: و قد تقدم برقم (153). و في سند هذه القصة: الوليد بن جميع: و هو شيعي؛ لكنه لا يروي ما يؤيد بدعته هنا؛ بل لعله يروي ما هو ضده! ثم هو متكلم في حفظه؛ فحديثه حسن إذا لم يخالف؛ علي أن له شاهدا أورده شيخنا في «الإرواء» (ج 5 /ص 76) فقال: «قلت: و قد وجدت للحديث شاهدا من 14 - رواية سعد بن تميم - و كانت له صحبة - قال: قلت: يا رسول اللّه! ما للخليفة من بعدك؟ قال: «مثل الذي لي إذا عدل في الحكم و قسط في القسط و رحم ذا الرحم فخفف؛ فمن فعل غير ذلك فليس مني و لست منه». يريد الطاعة في الطاعة و المعصية في المعصية. أخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (37/2)، و تمام في «الفوائد» (ق 1/175)، و السهمي في «تاريخ جرجان» (ص 450-451)، و ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (1/238/3 و 2/24/10 و 2/37/11)، من طرق عن سليمان بن عبد الرحمن ثنا الوليد بن مسلم ثنا عبد اللّه بن العلاء بن زبر و غيره أنهما سمعا بلال بن سعد يحدث عن أبيه سعد به. و السياق لتمام. قلت: و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات و الحديث أورده الهيثمي في «باب فيما للإمام من بيت المال» من «المجمع» (231/5-232) دون قوله: «فخفف...» و هي رواية البخاري ثم قال: «رواه الطبراني و رجاله ثقات». ثم وجدت له شاهدا آخر قريبا من اللفظ الأول؛ و لكنه واه: 15,14 - رواه حماد بن سلمة عن محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن أم هانئ: أن فاطمة رضي اللّه عنها قالت: يا أبا بكر من يرثك إذا مت؟ قال: ولدي و أهلي. قالت: فما لك ترث النبي صلّي اللّه عليه و سلّم دوني؟ قال: يا ابنة رسول اللّه صلّي اللّه عليه و سلّم ما ورثت أباك دارا و لا ذهبا و لا غلاما. قالت: و لا سهم اللّه عزّ و جل الذي جعله لنا و صافيتنا التي بيدك؟ فقال: سمعت رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم يقول: «إنما هي طعمة أطعمنيها اللّه عزّ و جل فإذا مت كانت بين المسلمين». أخرجه الطحاوي (182/2، 183). قلت: و هذا إسناد ضعيف جدّا آفته الكلبي فإنه كذاب». انتهي. قلت: و سيأتي هذا الشاهد المكذوب الذي أورده شيخنا برقم (222). ثم إن الحافظ ابن كثير قد قال في بيان وجه هذه القصة كلاما جيدا أنقله بتمامه للفائدة قال رحمة اللّه في «تاريخه» (ج 5 /ص 269: «ففي لفظ هذا الحديث غرابة و نكارة و لعله روي بمعني ما فهم بعض الرواة؛ و فيهم من فيه تشيع فليعلم ذلك. و أحسن ما فيه قولها: «أنت و ما سمعت من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و سلّم». و هذا هو الصواب و المظنون بها و اللائق بأمرها و سيادتها و علمها و دينها رضي اللّه عنها؛ و كأنها سألته بعد هذا أن يجعل زوجها ناظرا علي هذه الصدقة؛ فلم يجبها إلي ذلك؛ لما قدمناه؛ فعتبت عليه بسبب ذلك و هي امرأة من بنات آدم: تأسف كما يأسفون؛ و ليست بواجبة العصمة؛ مع وجود نص رسول اللّه صلّي اللّه عليه و سلّم و مخالفة أبي بكر الصديق رضي اللّه عنها. و قد روينا عن أبي بكر رضي اللّه عنه أنه ترضي فاطمة و تلاينها قبل موتها فرضيت رضي اللّه عنها».

و من رواية أمّ هانئ بنت أبي طالب، عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»:

226 - حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، قال: حدّثنا الربيع بن سليمان، قال:

حدّثنا أسد بن موسي، قال: حدّثنا إسماعيل بن عيّاش، قال: حدّثني محمّد بن السائب الكلبيّ، عن أبي صالح، عن أم هانئ بنت أبي طالب، عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» قالت: دخلت علي أبي بكر حين استخلف، فقلت: يا أبا بكر! أ رأيت لو أنّك متّ؛ من يرثك؟ قال: ولدي و أهلي. فقلت: فما بالك ترث رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» دون ولده و أهله؟. قال: ما فعلت يا بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم». قالت: «قلت: بلي؛ قد عمدت إلي «فدك»، و قد كانت صافية رسول اللّه فأخذتها، و عمدت إلي سهم أنزله(1) اللّه من السماء فرفعتها. قال: يا ابنة رسول اللّه لم أفعل، حدّثني رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «أنّ اللّه تعالي يطعم النّبيّ الطّعمة ما دام حيّا، فإذا قبضه دفعه إلي من يلي أمره». قالت: أنت و رسول اللّه أعلم، ما أسألكه بعد مجلسي هذا(2).

و من رواية حابس بن سعد الطائيّ، عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»:

227 - أخبرني أبو عليّ الحسين بن محمد الحافظ، قال: أخبرنا عبيد اللّه بن رجاء، قال: حدّثنا العبّاس بن الخليل، قال: حدّثنا نصر بن خزيمة، عن أبيه، عن نصر بن علقمة، عن أخيه، عن ابن عائذ، قال: قال(3) حابس بن سعد: «أخبرتني فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» أنّها رأت في المنام أنّها نكحت أبا بكر، و نكح عليّ أسماء بنت عميس، و كانت أسماء بنت عميس تحت أبي بكر، فتوفي أبو بكر، و توفّيت

ص: 149


1- في «الأصل»: «أنزلها».
2- . حديث حسن: و قد تقدم بيانه برقم (153)، و انظر ما قبله. و سنده هنا فيه: الكلبي و اسمه: محمد بن السائب و هو كذاب وضاع!
3- . في «الأصل»: «و قال» و التصويب من «تاريخ دمشق».

فاطمة - عليها السّلام - و نكح عليّ - عليه السّلام - أسماء»(1).

و من رواية زينب بنت عليّ عليه السلام، عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»، و لم تسمع منها:

228 - حدّثنا خلف بن محمّد البخاريّ قال: حدّثنا صالح بن محمّد بن حبيب الحافظ، قال: حدّثنا أبو سعيد الأشجّ، قال: حدّثنا تليد(2) بن سليمان، عن أبي الجحاف داود بن أبي عوف، عن محمّد بن عمرو الهاشمي، عن زينب بنت عليّ - عليه السّلام - عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» قالت: نظر النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» إلي عليّ فقال: «هذا في الجنّة، و زمر من(3) شيعته: قوم لهم نبز؛ يقال لهم الرّافضة، من لقيهم فليقتلهم؛ فإنّهم مشركون»(4).

ص: 150


1- . سنده ضعيف جدّا: نصر بن علقمة، و أخوه: محفوظ بن علقمة كلاهما ثقة عند دحيم، و الأول وثقه ابن معين أيضا، و قال أبو زرعة: لا بأس به، و ذكره ابن حبان في «الثقات». و بعد كل هذا قال الحافظ عنه: صدوق!. و أما أخوه الذي وثقه دحيم و ابن حبان؛ فقد قال عنه: مقبول! و الصواب أن كليهما: ثقة؛ لكن العلة في: خزيمة بن علقمة: والد نصر بن خزيمة؛ فهو مجهول لم أقف له علي ترجمة! و ابن عائذ هو: عبد الرحمن بن عائذ: وثقه النسائي؛ و قال الذهبي: «كان ثقة، طلابة للعلم». «سير النبلاء» (ج 4 /ص 488). ثم الظاهر أن ابن عائذ لم يدرك حابسا؛ فقد كان يرسل كثيرا. قال محمد بن أبي حاتم، و غيره: «أحاديثه مراسيل» قال الذهبي معلقا: «يعني أنه يرسل عمن لم يلقه كعوائد الشاميين، و إنما اعتنوا بالإسناد لما سكن فيهم الزهري و نحوه». و الخبر رواه أيضا: ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج 11 /ص 348). ثم إن حابس اليماني هذا قال عنه الدّارقطني: «مجهول متروك» كما هو في سؤال البرقاني له في «تاريخ دمشق»؛ و عليه فالسند ضعيف جدّا.
2- . في «الأصل»: «تيد»! و التصويب من كتب الرجال.
3- . غير موجودة في «الأصل» و السياق يقتضيها.
4- . حديث موضوع إلا ذكر الروافض فإنه حسن بمجموع الطرق و الشواهد: تليد: كذاب! و شيخ المؤلف: خلف بن محمد البخاري: سقط حديثه كما قال المؤلف. انظر «لسان الميزان» (ج 2 /ص 404). و أبو الجحاف: شيعي غال في التشيع. و صالح بن محمد هو ابن عمرو بن حبيب المعروف بصالح جزرة: إمام حافظ من أئمة هذا الشأن. و أبو سعيد الأشج هو: عبد اللّه بن سعيد الكندي: ثقة. و من طريق هذا الكذاب - أعني: تليد بن سليمان - رواه: ابن عدي في «الكامل» (ج 3 /ص 82)، و ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج 332/42)، و ابن الجوزي في «العلل المتناهية» برقم (255)، و الخطيب البغدادي في «موضح أوهام الجمع و التفريق» (ج 1 /ص 51)، و ابن حبان في «المجروحين» (ج 1 /ص 205)، و أبو يعلي في «المسند» برقم (6749). و له شاهد من حديث أم سلمة: أورده شيخنا في «الضعيفة» برقم (5590) و حكم بوضعه من أجل: سوار بن مصعب؛ فإنه روي عن عطية الموضوعات كما قال المؤلف - أعني الحاكم - و هو يروي في هذا السند عن عطية العوفي نفسه؛ و هذا الأخير شيعي ضعيف الحديث. و فيه: الفضل بن غانم و هو قريب من الأول في الحكم. ثم إن سوار بن مصعب هذا اضطرب في إسناده كما ذكر شيخنا رحمه اللّه تعالي هناك. و له شاهد آخر أورده شيخنا في «الضعيفة» أيضا من حديث علي؛ و فيه: أبو جناب الكلبي: و هو ضعيف لكثرة تدليسه، و شيخه مجهول. و له شاهد ثالث من حديث ابن عباس: و هو ضعيف: كما بين شيخنا في «الضعيفة» برقم (6276). و لم ير شيخنا الألباني رحمه اللّه تقوية الحديث بهذه الطرق و الشواهد؛ لأن أكثرها شديد الضعف؛ بل و موضوع؛ إلا أني أري - و اللّه أعلم - أن الإخبار بالرافضة له أصل بمجموع الشواهد و الطرق التي لم يشتد ضعفها؛ و منها طرق لم يتعرض لها شيخنا أصلا منها ما رواه الآجري في «الشريعة» برقم (1932) من حديث ابن عمر؛ لكن فيه: يحيي بن سابق، و هو ممن يروي الموضوعات! و ما رواه الآجري أيضا برقم (1934) من حديث فاطمة؛ لكن فيه: زياد بن المنذر أبو الجارود الأعمي: كذاب! و ما رواه برقم (1936) من حديث علي؛ لكن فيه: محمد بن سعيد الأحول؛ و لم أقف له علي جرح أو تعديل! فهذه الشواهد و الطرق لم يذكرها شيخنا؛ و هي لا تفيد في تقوية الحديث؛ إلا الأخير؛ فلعله يقال بعد هذا: إن الحديث بذكر الرافضة و الإخبار عنهم: حسن بمجموع طرقه و شواهده. ثم رأيت صاحب كتاب: «إيثار الحق علي الخلق» (ج 1 /ص 383) مال إلي تقويته أيضا.

قال الأشجّ: «سألت أبا طاهر العلويّ، عن محمّد بن عمرو الهاشميّ، فقال: هو محمّد بن عمرو بن الحسن بن عليّ».

و من رواية فاطمة بنت عليّ - و هي الوسطي - عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»،

و لم تسمع منها؛ لأنّ عليّا - عليه السّلام - لم يكن له ولد من غير فاطمة الكبري إلي أن توفيت رضي اللّه عنها.

229 - أخبرنا أبو النضر محمّد بن محمّد بن يوسف الفقيه بالطابران، قال: حدّثنا أبو سعيد عبيد بن كثير بن عبد الواحد العامري، قال: حدّثنا محمّد بن مروان القصار، قال: حدّثنا زيد بن المعدل النمريّ، قال: حدّثنا أبان بن عثمان البجليّ، قال: حدّثني سليمان بن أبي المغيرة، عن فاطمة بنت الحسين بن عليّ - و هي الصّغري - عن فاطمة بنت

ص: 151

عليّ بن أبي طالب - و هي الوسطي - عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» قالت: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «إنّ نفس المؤمن تخرج كالرّشح، و إنّ نفس الكافر تخرج من شدقه كما تخرج نفس الحمار»(1).

و من رواية عمرو بن الشّريد بن سويد، عن فاطمة بنت رسول اللّه

صلّي اللّه عليه

ص: 152


1- . حديث صحيح: و سنده هنا ضعيف جدّا من أجل: عبيد بن كثير بن عبد الواحد و هو التمار. قال الدّارقطني و غيره: متروك الحديث. و محمد بن مروان القصار و شيخه: زيد بن المعدل: لم أقف لهما علي جرح أو تعديل. ثم هو منقطع بين فاطمة الصغري و فاطمة الكبري. و شيخ الحاكم هو: الطوسي الحافظ، قال عنه الحاكم: «رحلت إليه إلي طوس مرّتين، و سألته: متي تتفرّغ للتّصنيف مع هذه الفتاوي الكثيرة؟ فقال: جزّأت اللّيل أثلاثا: فثلث أصنّف، و ثلث أنام، و ثلث أقرأ القرآن. قال: و كان إماما عابدا، بارع الأدب، ما رأيت في مشايخي أحسن صلاة منه، و كان يصوم الدّهر و يقوم و يتصدّق بما فضل من قوته. أما متن الحديث فقد صح 14 - عن ابن مسعود مرفوعا: «لقّنوا موتاكم لا إله إلا اللّه؛ فإن نفس المؤمن تخرج رشحا و نفس الكافر تخرج من شدقه كما تخرج نفس الحمار». أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج 10 /ص 189). و قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج 2 /ص 323): «رواه الطبراني في الكبير و إسناده حسن». و اكتفي شيخنا بتحسين سنده في «الصحيحة» برقم (2151) بسبب عاصم بن أبي النجود؛ فإنه خفيف الضبط. إلا أن الحديث بجزئه الأخير قد صح موقوفا عن ابن مسعود عند: ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج 3 /ص 248)، و كذا عند عبد الرزاق في «المصنف» برقم (6772)، و البيهقي في «الشعب» (ج 7 /ص 255) كلهم من طريق الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود موقوفا بإسناد صحيح؛ و له حكم الرفع؛ فهو مما لا يقال بالرأي كما هو ظاهر. و رواه الطبراني في «الكبير» (ج 10 /ص 90)، و في «الأوسط» (ج 6 /ص 94)، و الشاشي في «مسنده» برقم (329، 331) مرفوعا بسند لا يصح. و قال الدّارقطني في «العلل» (143/5): «يرويه أبو معاوية و وكيع و ابن عيينة و محمد بن عبيد عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد اللّه موقوفا، و رواه القاسم بن مطيب: كوفي ثقة، عن الأعمش بهذا الإسناد مرفوعا، و رفعه حسام بن مصك عن أبي معشر عن إبراهيم عن علقمة عن عبد اللّه أيضا و الموقوف أصح». قلت: و قد بينا أن له حكم الرفع. أما جزء الحديث الأول «لقّنوا موتاكم لا إله إلا اللّه» فقد صح عند مسلم و غيره؛ فالحديث الذي أورده شيخنا في «الصحيحة» - كما ذكرنا - من حقه أن يكون صحيحا.

«و آله و سلّم»:

230 - أخبرنا أبو جعفر البغداديّ، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن بيان المصريّ، قال:

حدّثنا زهير بن عبّاد، قال: حدّثنا أبو بكر بن شعيب، عن مالك بن أنس، عن الزّهريّ، عن عمرو بن الشّريد، عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» قالت: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»: «من تختّم بالعقيق الأحمر لم يزل يري خيرا»(1).

و من رواية أبي ذرّ الغفاريّ، عن فاطمة بنت المصطفي صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»:

231 - حدّثني أبو عبد اللّه محمّد بن العبّاس الشهيد، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن رزين، قال: حدّثنا عليّ بن خشرم، قال: حدّثنا عيسي بن يونس، عن أبي بكر، عن راشد بن سعد، عن أبي ذرّ رضي اللّه عنه: أنّ النّبيّ صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» قال لفاطمة - عليها السّلام -: «إنّ ابن عمّك خطبك إليّ، و لست بمنكحك إلا برضا منك، و أنا بين يديك، فإن كرهت فاغمزيني بأصبعك». فلم تغمزه(2).

رواية لزيد بن عليّ بن الحسين عليهم السلام، عمّن حدّثه عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم»:

232 - حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، قال: حدّثنا محمّد بن إسحاق الصّنعانيّ، قال: حدّثنا أحمد بن عمر الوكيعيّ، قال: حدّثنا أصبغ بن زيد الواسطيّ، عن سعيد بن راشد، عن زيد بن عليّ، عمّن حدّثه عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله

ص: 153


1- . حديث موضوع: المتهم بوضعه: أبو بكر بن شعيب؛ قال ابن حبان: يروي عن مالك ما ليس من حديثه؛ ثم رواه بسنده في «المجروحين» (ج 3 /ص 153). و كذا رواه الطبراني في «الأوسط» برقم (103)، و ابن الجوزي في «الموضوعات» (ج 3 /ص 57). و قال الذهبي عن الحديث «كذب» و أقره الحافظ ابن حجر. و قد أطال الحافظ السخاوي النفس في الكلام علي طرق الحديث و شواهده بما لا مزيد عليه في «الفتاوي الحديثية» بتحقيقي برقم (32)، فارجع إليه - غير مأمور -. كما أن شيخنا الألباني أورد مجموعة من أحاديث العقيق الباطلة و الموضوعة في «الضعيفة» برقم (230، 5573، 5763).
2- . حديث ضعيف: أبو بكر هذا هو ابن عبد اللّه بن أبي مريم: ضعيف اختلط بعد سرقة بيته. و لم أر من أخرج الحديث سوي المؤلف هنا.

و سلّم»: أنّها سمعت أباها يقول: «في الجمعة ساعة، لا يوافقها عبد مسلم يسأل اللّه فيها خيرا إلا أوتيه». فقالت: يا فاطمة؛ أية ساعة هي؟ قالت: هي إذا تضيّفت(1) الشمس للغروب. قال: و كانت فاطمة رضي اللّه عنها تأمر وصيفا لها فتقول: اصعدي علي الظّراب، فإذا رأيت الشمس تدّلي نصفها للغرب فآذنيني، فتصعد فإذا هي تدلت للغروب آذنتها، فتقوم فاطمة فتذكر اللّه و تصلّي علي النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و تدعو حتّي تغرب(2).

تمّ الكتاب بحمد اللّه و منّته، و الصّلاة علي نبيّه محمّد و آله في السادس و العشرين من».

ص: 154


1- . أي: مالت للغروب.
2- . حديث صحيح: و هو في «صحيح البخاري» برقم (883، 4884)، و «صحيح مسلم» برقم (852)، و «الموطأ» لمالك برقم (240)، و النسائي في «الصغري» (ج 3 /ص 115)، و ابن ماجة برقم (1137) من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ: «إن في الجمعة لساعة لا يوافقها عبد مسلم، و هو قائم يصلي يسأل اللّه فيها خيرا إلا أعطاه إياه، و هي ساعة خفيفة». كما صح الحديث عن غيره من الصحابة. و قد روي الحديث البيهقي في «شعب الإيمان» (ج 3 /ص 93) فقال: 15,14 - أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان، حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا محمد بن صالح الأنماطي، حدثنا حسين بن عبد الأول، حدثنا المحاربي، حدثنا الأصبغ، عن سعيد بن أبي راشد، عن زيد بن علي، عن مرجانة، عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و سلّم، عن أبيها قال: «إن في الجمعة ساعة لا يوافقها مسلم يسأل اللّه خيرا إلا أعطاه إياه» قلت: يا أبت أية ساعة هي؟ قال: «إذا تدلي نصف الشمس للغروب» فكانت فاطمة إذا كان يوم الجمعة تأمر غلاما لها يقال له: زيد يصعد الطلال، فتقول: إذا تدلي نصف الشمس للغروب فأعلمني، فكان يصعد فإذا تدلي نصف الشمس للغروب أعلمها فتقوم فتدخل المسجد حتي تغرب الشمس و تصلي. قال البيهقي رحمه اللّه: «و رواه أحمد بن عمر الوكيعي، عن عبد الرحمن بن محمد المحاربي بإسناده و معناه و كان في كتاب أحمد ملأ، و أظنه قال نصف الشمس للغروب يعني سقط، 15,14 - و في رواية أحمد بن عمر قال عن زيد بن علي عمن حدثه و لم يقل عن مرجانة، و قال: فإذا رأيت الشمس قد تدلي نصفها للغروب فآذني». فقد بينت رواية البيهقي هذه أن المبهم في سند المؤلف هنا هي «مرجانة». و علي كل حال فالسند لا يصح: أصبغ بن زيد: مجهول كما قال الحافظ. و سعيد بن راشد - أو ابن أبي راشد كما هو في سند البيهقي -: مجهول الحال. و مرجانة: لم أقف لها علي ترجمة. و زيد بن علي الذي ينتسب إليه الزيدية: وثقه الحافظ في «التقريب». و قال الحافظ عن هذا الحديث من كتابه القيم «فتح الباري» (ج 421/2): «في إسناده اختلاف علي زيد بن علي، و في بعض رواته من لا يعرف حاله».

ربيع الآخر سنة ثمان و ثمانين و خمسمائة(1).

***ير

ص: 155


1- . و كان الفراغ من تحقيقه - قدر المستطاع - في سحر ليلة عرفة من عام 1428 للهجرة النبوية المباركة علي صاحبها أفضل الصلاة و أزكي التسليم. و كان الفراغ من تحريره - قدر المستطاع - في ليلة 25 من ذي الحجة لعام 1428 من الهجرة النبوية المباركة علي صاحبها الصلاة و السلام. و كتب علي رضا بن عبد اللّه بن علي رضا ختم اللّه له بخير

ص: 156

فهرست الكتاب و الفوائد الحديثية و غيرها

ص: 157

ص: 158

فهرست الكتاب و الفوائد الحديثية و غيرها(1)خطبة الحاجة و مشروعيتها ص 5 «ت»

الذهبي و السبكي لم يقفا علي هذا الكتاب ص 5

شيخ الإسلام ابن تيمية و تلميذه ابن القيم و كلامهما علي تصحيح الحاكم ص 6-7

قف علي حديث موضوع لوصي المسيح مع تخريجه ص 6

معاذ بن المثني له زيادات علي «مسند مسدد» ص 6 «ت»

غالب تصحيحات الحاكم: صحيحة ص 6

تصحيح ابن حبان يفوق تصحيح الحاكم ص 6

قد يصحح الحاكم لمن جرحهم من الرواة ص 7

الذهبي يجزم بتشيع الحاكم و ينتقد تصحيحه لأحاديث ساقطة و تعقب المحقق للذهبي ص 7

اعتذار ابن حجر للحاكم عن كثرة أوهامه في «المستدرك» ص 7

عبد الرحمن بن زيد بن أسلم روي له الحاكم في «المستدرك» و كان قد اتهمه بالوضع! ص 7

حديث «من كنت مولاه فعلي مولاه»: صحيح ص 8

قف علي كلام جيد للمعلمي حول تصحيح الحاكم ص 8-9

هل يعذر الحاكم بإخراجه أحاديث موضوعة في هذا الكتاب في فضائل فاطمة انتقاها من «بعض» ما انتهي إليه؟ ص 9

تعجب المحقق من المؤلف لروايته أحاديث رافضي كذاب و بيان حال هذا الوضاع و شيء من أخباره ص 9-11

ما قيل في تشيع الحاكم و تفصيل جيد للسبكي في مسألة الجرح مع ما في بعض كلامه من خطل و خلط! ص 11-20

السبكي يري أن الحاكم محدث و يبعد التشيع في المحدثين ص 11

السبكي يزعم أن الأشاعرة من شيوخ الحاكم هم أهل السنة! ص 11ا.

ص: 159


1- . ما ذكر في التعليق رمزنا له ب «ت» و بدونه يكون الكلام عنه في أصل الكتاب، و قد يكون فيهما معا.

السبكي يستقرئ المؤرخين فيري أنهم يغمزون مخالفيهم في العقيدة! ص 11-12

السبكي يرتاب في كون الحاكم شيعيّا لأن ابن عساكر أثبته في عداد الأشاعرة الذين يبدعون أهل التشيع ص 12

أبو إسماعيل الأنصاري صاحب «منازل السائرين» يرمي الحاكم بالرفض و ابن طاهر يرميه بالتقية! ص 12

«حديث الطير»: منكر و بيانه و أن الحاكم و الترمذي قد أخرجاه و كلام العلماء حول هذا الحديث ص 12-15 و «ت»

جزم شيخ الإسلام بوضع و كذب «حديث الطير» و خالفه الذهبي و السبكي و العلائي و الألباني ص 13-20 و «ت»

الذهبي يري أنه لو صح «حديث الطير» فيمكن توجيهه ص 13 «ت»

لابن أبي داود كلام سيئ حول «حديث الطير» فيما لو صح، و رد الذهبي عليه بقوة ثم الاعتذار عنه ص 13 و «ت»

موضوعات «المستدرك» سماء بالمقارنة مع «حديث الطير» كما قال الذهبي ص 14 و «ت»

ل «حديث الطير» طرق و شواهد كثيرة تمنع من الحكم عليه بالوضع ص 14 «ت»

السبكي يرمي أبا إسماعيل الأنصاري بالتجسيم و رد المحقق عليه ص 14-15 «ت»

الذهبي يري أن نصف «المستدرك»: علي شرط الشيخين و نحو الربع: صحيح السند و الربع الباقي: مناكير و واهيات و بعض هذا موضوعات ص 16

ابن طاهر المقدسي يفرد «حديث الطير» بالرواية فيتسبب في شياعه لدي الجهال! ص 17

حديث «يا عائشة! هؤلاء الخلفاء من بعدي»: منكر و بيانه ص 18

قوله لعثمان «: أنت وليي في الدنيا و الآخرة»: موضوع و بيانه ص 18

طلحة بن زيد يضع الحديث و عبيدة بن حسان يروي الموضوعات ص 18 و «ت»

للسبكي رأي خاص في الحاكم و أنه يميل إلي علي دون خروج إلي بدعة ص 18

و بعبارة أخري: إفراط في ميل لا ينتهي إلي بدعة ص 18

قد يكون «حديث الطير» مما أخرجه الحاكم من «المستدرك» ثم بقي في بعض النسخ أو أدخله بعض المغرضين فيه ص 19

ص: 160

العلائي أخطأ بتحسينه «حديث الطير» و بيان أن كثرة الطرق لا تقوي الحديث دائما ص 19-20 «ت»

محمد بن أحمد بن عياض: مجهول العين ص 20 و «ت»

محمد بن دينار العرقي: جزم ابن عراق بأنه: محمد بن زكريا بن دينار الغلابي الوضاع خلافا للذهبي و ابن حجر ص 20-21 و «ت»

الغلابي هو واضع حديث: «إن اللّه أمرني أن أزوج فاطمة من علي، فاشهدوا» و إقرار السيوطي و المناوي بذلك ص 21 «ت»

قف علي ترجمة للحاكم من «تذكرة الحفاظ» ص 21-27

الذهبي يصف الحاكم بالحافظ الكبير إمام المحدثين ص 21

سمع من ألفي شيخ، و رأي أبوه الإمام مسلم بن الحجاج ص 21

ممن حدث عنه: الدّارقطني و البيهقي ص 21

كان الحاكم يذاكر الدّارقطني و الجعابي و غيرهما ص 22

بين الطلمنكي و الحاكم رجلان مع أنهما في نفس الطبقة! ص 22

حديث: «أ كان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يصلي الضحي؟»: صحيح و لكن له توجيه صحيح ص 22 و «ت»

مناظرة بعض الحفاظ للحاكم و ما فيها من فوائد ص 22-23

الحاكم يختبر أحد المحدثين عن أحد الرواة ص 23

سبب تأليف «تاريخ نيسابور» ص 23

روي الحاكم عن خلف عن خلف عن خلف عن خلف عن خلف و حلّ الذهبي لهذا اللغز! ص 23-24

حديث «كل بني آدم حسود»: منكر عند الذهبي و قد روي من وجهين بينهما الألباني ص 24

للذهبي مصنف مستقل في «حديث الطير» مال فيه إلي تحسين الحديث و تعقب المحقق له ص 24 و «ت»

حديث: «كل بني آدم حسود»: منكر و الآفة من خلف بن محمد البخاري راوي حديث: «المواقعة قبل الملاعبة» ص 24 و «ت»

ص: 161

بقية أخبار الحاكم ص 24-26

شهادة الدّارقطني للحاكم بالإتقان ص 26

حديث: «إن بلالا يؤذن بليل»: صح عن جماعة من الصحابة و بيان حال يحيي بن عبد الحميد الحماني ص 26

حديث: «ما أحسن الهدية أمام الحاجة»: موضوع و بيان حال يحيي الموقري ص 26

قف علي تجرأ عجيب من ابن الجوزي علي الدّارقطني لروايته حديث: «إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه» دون بيان حاله مع وقوعه هو فيما هو أشد في عامة كتبه! ص 26 «ت»

تعاصر أربعة من الحفاظ في وقت واحد منهم الحاكم ص 27

الذهبي يصرح بانحراف الحاكم عن خصوم علي لكنه كان معظما للشيخين بكل حال ص 27

يقول الذهبي: ليت الحاكم لم يؤلف «المستدرك» ص 27

سبب وفاة الحاكم و مصادر ترجمته ص 27

نص الكتاب ص 30

معني: «ابن البيّع» ص 30 «ت»

الحاكم و الطبري يكتفيان بالصلاة دون التسليم و تعقب المحقق ذلك بزيادة مهمة ص 30 «ت»

سبب تأليف الحاكم للكتاب ص 30-31

ادعاء بعض الفقهاء أن عليّا رضي اللّه عنه كان لا يحفظ القرآن و رد المؤلف و المحقق عليه ص 30 و «ت»

قراءة عاصم المشهورة إنما هي عن علي رضي اللّه عنه ص 30

ادعاء المؤلف عدم سماع الشعبي من علي و رد المحقق عليه ص 30 «ت»

ادعاء المؤلف انحراف الشعبي إلي أعداء علي و ميله للدنيا و رد المحقق عليه ص 30-31 «ت»

الفقيه يدعي أن الرواة ينكرون كون رقية و أم كلثوم و زينب رضي اللّه عنهن بنات المصطفي من خديجة و رد المؤلف عليه ص 31

المؤلف يرد علي بعض من يتقرب للناصبة بحديث «خير بناتي زينب» فيدعي أنه في «البخاري»! و رد المؤلف عليه ص 31-32

ص: 162

المؤلف يفند ادعاء هذا المدعي بذكر جمعه ل «البخاري» أربع مرات كان هذا المدعي ممن قد أملاه عليه المؤلف! ص 31

المؤلف يوقع المدعي في حرج كبير ص 31-32

المؤلف يعيد النظر في «البخاري» من أوله إلي آخره يوما و ليلة بحثا عن الحديث ص 32

المؤلف يعثر علي الحديث لكن في كتابه «الإكليل» ص 32

الحديث الثابت عن زينب رضي اللّه عنها هو: «هي أفضل بناتي - أو: خير بناتي -» و توجيه العلماء له بما لا يتعارض مع حديث: «أفضل نساء أهل الجنة...» و ذكر منهن «فاطمة» رضي اللّه عنها ص 33 «ت»

تخريج حديث زينب هذا و الكلام علي سنده و تعقب المؤلف في تصحيحه في «المستدرك» ص 33 «ت»

المؤلف يصحح حديث «الغافقي» في «المستدرك» و يضعفه هنا! ص 34 «ت»

المحقق يتعقب المؤلف في أنه لم يستوعب صاحبا «الصحيحين» كل الأحاديث الصحيحة للرواة! ص 35 و «ت»

توجيه المؤلف لمعني حديث: «أفضل بناتي» ص 35

حديث: «ما رأيت أحدا كان أشبه كلاما، و حديثا من فاطمة برسول اللّه صلّي اللّه عليه «و آله و سلّم» و بيان صحته و فيه لفظة: «و أخذت بيده فقبلته» ص 35-36 و «ت»

المحدث الألباني يعتبر لفظة: «قبلت يده» شذوذا من الحاكم و تعقب المحقق له ص 36 و «ت»

المؤلف يزعم أن فاطمة كانت أفقه من عائشة بفقه هذا الحديث و رد المحقق عليه ص 36 و «ت»

عبارة شبه صريحة من المؤلف تدل علي صحة أحاديث الكتاب كلها عنده ص 37 و «ت»

الحديث (1) من أحاديث الكتاب: «إنما فاطمة بضعة مني» و بيان صحته و تخريجه و أن سنده هنا و في «المستدرك» ضعيف لكن قد توبع الضعيف من قبل أئمة فصح الحديث ص 37 و «ت»

قف علي اسم رسالة مفقودة للمؤلف ص 37 و «ت»

ص: 163

الحديث (2) من أحاديث الكتاب: «كان إذا سافر كان آخر الناس عهدا به فاطمة» و بيان ضعفه و مخالفته لما صح ص 37-38 و «ت»

الحديث (3) من أحاديث الكتاب: «هكذا كوني فداك أبي و أمي» و بيان ضعفه و أن مداره علي ضعيف شبه مجهول مع مخالفته للثقة في ألفاظ كثيرة ص 38 و «ت»

الحديث (4) من أحاديث الكتاب: «يا أهل الجمع غضوا أبصاركم عن فاطمة» و بيان وضعه مع تصحيح المؤلف له علي شرط الشيخين و أنه أول حديث موضوع في الكتاب ص 38-39 و «ت»

الحديث (5) من أحاديث الكتاب: «تحشر ابنتي فاطمة و عليها حلة الكرامة» و بيان وضعه و أنه مما انفرد به داود بن سليمان الغازي الذي وضع نسخة «علي بن موسي الرضا» و لم يروه المؤلف في «المستدرك» ص 39 و «ت»

الحديث (6) من أحاديث الكتاب: «إني قد نعيت إلي نفسي» قاله لفاطمة و بيان حسنه و أنه مما لم يروه المؤلف في «المستدرك» ص 39-40 و «ت»

هلال بن خباب حسن الحديث إذا لم يخالف ص 40 «ت»

الحديث (7) من أحاديث الكتاب: «أ ما ترضين أنك تأتين سيدة نساء المسلمين» و بيان صحته و ما فيه من فائدة في لفظة تصحّح النسبة إلي السلفية ص 40-41 و «ت»

الحديث (8) من أحاديث الكتاب: «كان بين النبي و فاطمة شهران» و بيان ضعفه و مخالفته لما صح و بيان حال ابن المؤمل ص 41 و «ت»

الحديث (9) من أحاديث الكتاب: «أن فاطمة لم تمكث بعد رسول اللّه إلا شهرين» و بيان ضعفه كسابقه مع علة أخري ص 41 و «ت»

الحديث (10) من أحاديث الكتاب: «يا فاطمة أ لا ترضين أنك سيدة نساء العالمين» و بيان صحته ص 42 و «ت»

الحديث (11) من أحاديث الكتاب: «يا فاطمة» الحديث بنحوه و بيان صحته ص 42 و «ت»

الحديث (12) من أحاديث الكتاب: «أ لا أخبركم بخير الناس أبا و أمّا» و بيان ضعفه و أنه مسلسل بالخلفاء العباسيين و بعض ولاتهم ممن لا يعرف فيهم جرح أو تعديل ص 42 و «ت»

ص: 164

الحديث (13) من أحاديث الكتاب: قول علي: «أنشدكم اللّه أ منكم أحد له زوجة مثل زوجتي» و بيان كذبه و أنه من اختلاق شيخ الحاكم الرافضي الوضاع و شيء من ضلال هذا الرافضي و جزم شيخ الإسلام بكذب الخبر ص 42-43 و «ت»

الحديث (14) من أحاديث الكتاب: قول علي أيضا: «إني لأخو رسول اللّه و وزيره» و بيان وضعه و أن فيه كذابين أحدهما شيعي غال ص 43 و «ت»

الحديث (15) من أحاديث الكتاب: «فاطمة سيدة نساء أهل الجنة» و بيان صحته لغيره و تعقب المحقق للمؤلف و للحافظ ص 43-44 و «ت»

الحديث (16) من أحاديث الكتاب: «يا ابنتي أكبي» و فيه: «أن عيسي عاش عشرين و مائة سنة» و بيان نكارته و مخالفته لما صح في وصف أهل الجنة ص 44 و «ت»

الحديث (17) من أحاديث الكتاب: «أخبرني أني سيدة نساء أهل الجنة» و بيان صحته إلا في تعيين السائلة لفاطمة و بيان أن السند و المتن من وضع الكديمي ص 44-45 و «ت»

الحديث (18) من أحاديث الكتاب: «سيدة نساء أهل الجنة بعد مريم بنت عمران:

فاطمة أو خديجة» و بيان صحته دون الشك الذي هو من أوهام الدراوردي ص 45 و «ت»

الحديث (19) من أحاديث الكتاب: «الحسن و الحسين سيدا شباب...» و فيه:

«فاطمة سيدة نساء...» و بيان صحته و أن المؤلف اختصره اختصارا شديدا فلم يذكر المتن! ص 45 و «ت»

الحديث (20) من أحاديث الكتاب: «يا فاطمة إن اللّه تعالي يغضب لغضبك و يرضي لرضاك» و بيان نكارته و أن راويه: حسين بن زيد لا يحل الاحتجاج به و مع هذا فقد حسن سنده الهيثمي و لم يتعرض الألباني لهذا الحديث في كتبه أصلا! ص 46 و «ت»

الحديث (21) من أحاديث الكتاب: «إن اللّه تعالي يغضب لغضبك» و بيان نكارته كسابقه و أن المتهم به غريق الجحفة ص 46 و «ت»

الحديث (22) من أحاديث الكتاب: قول عائشة: «ما رأيت أحدا أشبه كلاما» و بيان صحته ص 46-47

الحديث (23) من أحاديث الكتاب: «كان إذا رجع من سفر قبّل فاطمة» و بيان وضعه و أن المتهم به محدث له شأن كبير في السنة و الرد علي المبتدعة! و بيان أن الحديث لم

ص: 165

يروه سوي المؤلف علي حد علم المحقق ص 47 و «ت»

الحديث (24) من أحاديث الكتاب: قول عائشة لمن سألتها «من أحب الناس إلي رسول اللّه؟ فقالت: فاطمة و من الرجال زوجها» و بيان وضعه و أنه من افتراء شيخ الحاكم أبي بكر بن أبي دارم مع مخالفته للصحيح ص 47 و «ت»

الحديث (25) من أحاديث الكتاب: قول عائشة أيضا لمن سألتها عن علي: «ما أعلم رجلا كان أحب إلي رسول اللّه منه» و بيان بطلانه و أنه من وضع: جميع بن عمير و فيه رافضي داعية للرفض ص 47-48 و «ت»

الحديث (26) من أحاديث الكتاب: قول الصديقة أيضا لمن سألتها: أي الناس كان أحب إلي رسول اللّه: «فاطمة و من الرجال: زوجها» و بيان وضعه كسابقه و فيه أبو الجحاف و هو من غلاة الشيعة ص 48 و «ت»

الحديث (27) من أحاديث الكتاب: قول ابن بريدة: «كان أحب النساء إلي رسول اللّه: فاطمة و من الرجال: علي» و بيان وضعه و مخالفته للصحيح و أنه من وضع بعض الشيعة و ذكرهم ص 48-49 و «ت»

الحديث (28) من أحاديث الكتاب: «حسبك من نساء العالمين: مريم بنت عمران» و بيان صحته و تخريجه من مصادر كثيرة بعضها مخطوط ص 49 و «ت»

الحاكم يمدح شيخه: علي بن حمشاد العدل جدّا ص 49 «ت»

الحديث (29) من أحاديث الكتاب: «أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد» و بيان صحته مع الكلام علي سند المؤلف الضعيف ص 49-50 و «ت»

الحديث (30) من أحاديث الكتاب: «حسبك منهن أربع سيدات» صحيح و سنده عند المؤلف لا بأس به في الشواهد ص 50 و «ت»

قف علي ترجمة للباقر حي الذي كان ثقة ثم خلط و ادعي سماع أشياء لم يسمعها ص 50 «ت»

الحديث (31) من أحاديث الكتاب: «خير نساء العالمين أربع: مريم» و بيان صحته من وجه آخر و أن في السند ضعيفا و آخر صلب علي الزندقة! ص 50-51 و «ت»

الحديث (32) من أحاديث الكتاب: «أطعمني جبريل عنقود عنب» و بيان وضعه و أن ابن الجوزي قد أحسن بروايته للحديث في «الموضوعات» و أن تتابع الكذابين علي

ص: 166

رواية الموضوع يزيده و هنا علي وهن! ص 51 و «ت»

المؤلف شان كتابه برواية هذه الموضوعات مع أنه ذكر ما يخالف هذا في المقدمة ص 51 و «ت»

الحديث (33) من أحاديث الكتاب: «لما نزلت: وَ آتِ ذَا الْقُرْبي و أعطاها فدك» و بيان وضعه و أنه من اختلاق شيخ الحاكم غير الثقة عنده! ص 51-52 و «ت»

الحديث (34) من أحاديث الكتاب: «إذا كان يوم القيامة حملت علي البراق» و بيان أنه موضوع ص 52 و «ت»

ابن حبان يتهم راويا بالوضع ثم يورده في «الثقات» لكنه قال: في حديثه بعض المناكير! ص 52 «ت»

الحديث (35) من أحاديث الكتاب: «أحب حاضر لباد» و بيان أنه موضوع مسلسل بالمجاهيل مع مخالفته للصحيح ص 52-53 و «ت»

الحديث (36) من أحاديث الكتاب: «لما نزلت: وَ آتِ ذَا الْقُرْبي و أعطاها فدك» و بيان وضعه و أنه من اختلاق بعض الشيعة مع مخالفته للصحيح ص 53 و «ت»

الحديث (37) من أحاديث الكتاب: «لما أنزل علي النبي وَ آتِ ذَا الْقُرْبي هذا قسم قسمه اللّه لك» و بيان وضعه و أنه مما شان به الحاكم كتابه هذا مع أن في سنده متهما و شيعيّا و حطّا ظاهرا من الصديق الأكبر ص 53-54 و «ت»

الحديث (38) من أحاديث الكتاب: «أخبروني أي شيء خير للنساء؟» و أنه ضعيف لا ينجبر بطريقيه الثاني و الثالث و أن الألباني ممن جزم بضعفه ص 54 و «ت»

الحديث (39) من أحاديث الكتاب: «لا يرين الرجال و لا يرونهن» و أن ضعفه غير منجبر و بيان ذلك ص 54-55 و «ت»

الحديث (40) من أحاديث الكتاب: «إنما فاطمة شجنة مني» و بيان صحته و تخريجه ص 55 و «ت»

الحديث (41) من أحاديث الكتاب: «إنما فاطمة بضعة مني» و أنه صحيح و إن كان سند المؤلف واهيا ص 55 و «ت»

الحديث (42) من أحاديث الكتاب: قول عمر: «يا فاطمة إنه و اللّه ما كان أحد» و أنه لا يثبت و بيان ذلك ص 55-56 و «ت»

ص: 167

الحديث (43) من أحاديث الكتاب: قول عمر: «يا فاطمة... فذكره بنحوه و بيان ضعفه مع بيان حال شيخ المؤلف فيه: مكي بن بندار الزنجاني و حال بشر بن أبي عمرو بن العلاء و هارون بن أبي الهيذام ص 56 و «ت»

الحديث (44) من أحاديث الكتاب: قول جعفر بن محمد: «كانت فاطمة تسمي الصديقة» و بيان أنه مقطوع ضعيف ص 56 و «ت»

الحديث (45) من أحاديث الكتاب: قول عائشة: «رحم اللّه فاطمة ما كان أحد بعد النبي أصدق لهجة منها» و بيان صحته و أنه صح بسند آخر و أن سند المؤلف فيه كذاب يضع الحديث! ص 56-57 و «ت»

الحديث (46) من أحاديث الكتاب: قولها أيضا: «و الذي ذهب بنفسه ما رأيت آدميّا» و فيه لفظة: «الزهراء» و أنها لم تثبت عن الصديقة من أجل تدليس ابن إسحاق ص 57 و «ت»

الحديث (47) من أحاديث الكتاب: قولها أيضا: «ما رأيت أحدا كان أصدق لهجة منها» و بيان أن فيه العلة السابقة ص 57 و «ت»

الحديث (48) من أحاديث الكتاب: قولها أيضا: «ما رأيت أحدا قط» صحيح كما سبق لكن في السند ابن حميد الرازي و هو متهم و آخر كثير الخطأ و مع هذا صحح المؤلف سنده في «المستدرك» و وافقه الذهبي! ص 57 و «ت»

الحديث (49) من أحاديث الكتاب: قولها أيضا كما سبق و فيه: «سلها يا رسول اللّه فإنها لا تكذب» ص 57-58 و «ت»

الحديث (50) من أحاديث الكتاب: «يا فاطمة تدرين لم سميت فاطمة؟» و بيان أنه موضوع لا ينفك من وضع أحد رجلين في السند مع أن له طرقا أخري كلها موضوعة و أن سنده عند المؤلف مما تفرد به ص 58 و «ت»

الحديث (51) من أحاديث الكتاب: «إن فاطمة حصّنت فرجها فحرم اللّه ذريتها علي النار»: موضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية و أن المناوي حسّنه فاتهمه الغماري بفقدان العقل! ص 58-59 و «ت»

الحديث (52) من أحاديث الكتاب: «إن فاطمة أحصنت فرجها»: موضوع و أن الألباني اكتفي بتضعيفه جدّا و أن الصواب قول ابن تيمية ص 59 و «ت»

ص: 168

تتابع الكذابين و الواهين علي رواية هذا الحديث و بيان أن غياث بن عمرو و تليد بن سليمان و حفص الأيلي منهم ص 59 و «ت»

الحديث (53) من أحاديث الكتاب: «اللهم مشبع الجاعة و رافع الوضعة»: ضعيف مداره علي مجهول ص 59-60 و «ت»

الحديث (54) من أحاديث الكتاب: «أجل هو عبد اللّه و كلمته ألقاها إلي مريم»:

ضعيف و أنه روي من طرق مرسلة أو معضلة لا يتقوي بها علي خلاف زعم المؤلف في «علوم الحديث» أنه متواتر! ص 60-61 و «ت»

الحديث (55) من أحاديث الكتاب: «اللّهم هؤلاء أهلي»: صحيح اختصره المؤلف و أصله في «مسلم» ص 61 و «ت»

الحديث (56) من أحاديث الكتاب: «إن لكل بني أم عصبة ينتمون إليها إلا ولد فاطمة»: موضوع وضعه غريق الجحفة الذي اتهمه المؤلف نفسه و بيان أن السند ظلمات بعضها فوق بعض! ص 62 و «ت»

طاهرة بنت عمرو بن دينار: مجهولة العين ص 62 «ت»

عبد العزيز الأموي لم يعرفه المحقق و سليمان الملطي متهم عند ابن جميع و قاعدة:

«ليس في الملطيين ثقة» ص 62 «ت»

قف علي شاهد موضوع لحديث الملطي أورده الألباني في «الضعيفة» ص 62 «ت»

الحديث (57) من أحاديث الكتاب: «خرج النبي غداة و عليه مرط مرحل» و فيه أنه تلا هذه الآية: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ... : و بيان أنه صحيح و تخريجه من مصادر كثيرة ص 62-63 و «ت»

الحديث (57) من أحاديث الكتاب: «نزل علي رسول اللّه الوحي فأدخل عليّا و فاطمة»: و بيان أنه حسن الإسناد بسبب بكير بن مسمار و أنه من الأحاديث التي رواها الحسن بن عرفة في «جزئه» المشهور ص 63 و «ت»

الحديث (58) من أحاديث الكتاب: «أوّل من يدخل الجنة أنا، و فاطمة، و الحسن، و الحسين» و فيه قول علي: يا رسول اللّه! فمحبّونا؟ قال: «من ورائكم»: و بيان وضعه و أن القلب يشهد بوضعه كما قال الذهبي ص 63-64 و «ت»

ص: 169

الحديث (60) من أحاديث الكتاب: «أنا، و فاطمة، و الحسن، و الحسين، و عليّ في حظيرة القدس»: موضوع و أنه من عمل عمرو بن زياد الثوباني و أن السيوطي قوّاه بشاهد فيه مجهول البلاء منه! ص 64 و «ت»

الحديث (61) من أحاديث الكتاب: «أنا حرب لمن حاربتم و سلم لمن سالمتم»: و أنه حديث حسن من أجل الخلاف في رواية: السدي الكبير ص 64-65 و «ت»

الحديث (62) من أحاديث الكتاب: «أنا حرب لمن حاربتم» و أنه حسن كما تقدم إلا أن سنده موضوع عند المؤلف بسبب شيخه! ص 65 و «ت»

الحديث (63) من أحاديث الكتاب: «أنا حرب لمن حاربتم»: حسن كما تقدم و أن المؤلف دلّس اسم شيخه الوضاع فذكره باسمه! ص 65 و «ت»

الحديث (64) من أحاديث الكتاب: «أنا حرب لمن حاربتم»: حسن كسابقه لكن في سنده: تليد بن سليمان: و هو كذاب شتام للصحابة رافضي خبيث! ص 65 و «ت»

الحديث (65) من أحاديث الكتاب: «أنا حرب لمن حاربتم»: حسن أيضا و فيه الوضاع السابق! ص 66 و «ت»

الحديث (66) من أحاديث الكتاب: «يا فاطمة إذا كنتما بمنزلتكما هذه فسبحا ثلاثا و ثلاثين و احمدا»: صحيح متفق عليه ص 66 و «ت»

الحديث (67) من أحاديث الكتاب: «يا ابنتي هذا الشيطان جاء ليأكل من هذا الطعام»: موضوع فيه شيخ المؤلف الذي ادعي السماع من ابن ديزيل و ادعي الكتب و المصنفات التي لم يسمعها فكذبه القاسم بن أبي صالح لأجل ذلك في قصة أوردها الخطيب في «تاريخ بغداد» ص 66-67 و «ت»

بكير بن وادع و أبو الغصين و عبيد اللّه التمار ما يراهم المحقق إلا من تلفيق هذا الكذاب! ص 67 «ت»

الحديث (68) من أحاديث الكتاب: «إنها صغيرة» قاله لأبي بكر و عمر عن فاطمة ثم زوجها عليّا: و بيان أنه صحيح علي شرط مسلم ص 68 و «ت»

الحديث (69) من أحاديث الكتاب: «اللهم إني أعيذها و ذريتها بك من الشيطان الرجيم» و أنه قاله لفاطمة و قال مثله لعلي عند زواجهما: موضوع و بيان أنه من اختلاق

ص: 170

الغلابي الوضاع و أن المحقق لم يقف علي الحديث عند غير المؤلف ص 68-69 و «ت»

قف علي حال: قحطبة بن غدانة الجشمي و أنه صدوق و ذكر ابن شبة أنه كان من الصحابة و استبعاد المحقق لهذا النقل بالكلية! ص 69 «ت»

الحديث (70) من أحاديث الكتاب: قول أنس عن فاطمة: «كانت كالقمر ليلة البدر»: موضوع و المتهم به: محمد بن زكريا الغلابي ص 69-70 و «ت»

الحديث (71) من أحاديث الكتاب: قول أم أنس: «لم تر فاطمة دما في حيض و لا نفاس»: موضوع من افتراء الغلابي لكن برئت عهدة الخبر منه و تعلقت ب: العباس بن بكار و هو كذاب و اتهمه ابن حجر بوضع الخبر ص 70 و «ت»

الحديث (72) من أحاديث الكتاب: قول أم سليم: «لم تر فاطمة دما قط» و فيه: «لما أسري به دخل الجنة و أكل من فاكهة الجنة و شرب من ماء الجنة فنزل من ليلته فوقع علي خديجة فحملت بفاطمة فكان حمل فاطمة من ماء الجنة»: موضوع و المتهم به شيخ المؤلف:

مكي بن بندار الزنجاني ص 70-71 و «ت»

الحديث (73) من أحاديث الكتاب: «الخادم أحب إليك أم خير منه؟»: موضوع بهذا السند و التمام ففيه: عبد الوهاب بن مجاهد: كذاب كما قال الثوري ص 71 و «ت»

الحديث (74) من أحاديث الكتاب: «وا أبتاه من ربه ما أدناه»: لا يصح بهذا اللفظ و رواه البخاري بلفظ آخر ص 71-72 و «ت»

الحديث (75) من أحاديث الكتاب: «إنما سميت فاطمة لأن اللّه تعالي فطم من أحبها من النار»: موضوع فيه كذابان ص 72 و «ت»

الحديث (76) من أحاديث الكتاب: «ولدت خديجة لرسول اللّه غلامين و أربعة نسوة»: ضعيف جدّا من أجل أبي شيبة العبسي: متروك و تابعه من كذّبه و هو: شعبة لكن في الطريق إليه متهم و أن الحديث روي مرسلا ص 73 و «ت»

الحديث (77) من أحاديث الكتاب: قول أم أنس عن فاطمة: «كانت كالقمر ليلة البدر»: موضوع و المتهم به الغلابي أو العباس بن بكار ص 73 و «ت»

الحديث (78) من أحاديث الكتاب: قول أبي جعفر بن سليمان: «ولدت فاطمة سنة»: لا يصح و في سنده من لم يقف المحقق له علي ترجمة ص 73-74 و «ت»

ص: 171

الحديث (79) من أحاديث الكتاب: قول الزهري: «توفيت فاطمة بعد وفاة رسول اللّه بستة أشهر»: مرسل ضعيف من أجل ابن لهيعة ص 74 و «ت»

الحديث (80) من أحاديث الكتاب: قول عائشة: «مكثت فاطمة بعد وفاة رسول اللّه ستة أشهر»: صحيح و هو الثابت في بقائها بعده عليه الصلاة و السلام ص 74 و «ت»

الحديث (81) من أحاديث الكتاب: قول عائشة: «توفيت فاطمة بعد وفاة رسول اللّه بستة أشهر»: إسناده صحيح و كل رجاله أئمة ثقات ص 74 و «ت»

الحديث (82) من أحاديث الكتاب: قول فاطمة: «أصبحت و اللّه عائفة لدنياكم قالية لرجالكم»: موضوع و المتهم به الغلابي الوضاع ص 74-76 و «ت»

الحديث (83) من أحاديث الكتاب: «توفيت فاطمة بنت رسول اللّه ليلا فجاء أبو بكر و عمر و عثمان و طلحة و الزبير و سعد» و فيه: «فتقدم أبو بكر فصلي عليها و كبر عليها أربعا»: موضوع و المتهم به القدامي ص 76 و «ت»

الحديث (84) من أحاديث الكتاب: قول الزهري: «دفنت فاطمة بنت رسول اللّه ليلا دفنها علي و لم يسمع بدفنها أبو بكر»: و بيان صحته و إن كان سنده عند المؤلف مرسلا ص 76-77 و «ت»

الحديث (85) من أحاديث الكتاب: قول فاطمة لأسماء: «يا أمّه إني لأستحي مما يصنع بالنساء»: ضعيف فيه مجهولان ص 77 و «ت»

الحديث (86) من أحاديث الكتاب: قول فاطمة أيضا لأسماء: «يا أسماء إني أستقبح ما يصنع بالنساء»: و أنه ضعيف أيضا فيه راوية مجهولة ص 77-78 و «ت»

الحديث (87) من أحاديث الكتاب: قول أبي جعفر: «ما رأيت فاطمة ضاحكة بعد رسول اللّه إلا يوم أشرفت علي الموت»: ضعيف من أجل شيخ المؤلف المجهول: أحمد الموصلي ص 78 و «ت»

الحديث (88) من أحاديث الكتاب: قول الزهري: «و إنما مكثت فاطمة بعد رسول اللّه ثلاثة أشهر»: ضعيف فيه حمدان الوراق و لم يقف المحقق له علي جرح أو تعديل ص 78 و «ت»

الحديث (89) من أحاديث الكتاب: قول عائشة: «كان بين النبي و بين فاطمة شهران»: ضعيف فيه: ابن المؤمل ص 78 و «ت»

ص: 172

الحديث (90) من أحاديث الكتاب: قول جابر: «لم تمكث - يعني فاطمة - بعد النبي إلا شهرين»: و أن فيه العلة السابقة مع تدليس أبي الزبير ص 78-79 و «ت»

الحديث (91) من أحاديث الكتاب: قول أم أنس: «لم تر فاطمة دما في حيض و لا نفاس»: موضوع و المتهم به: العباس بن بكار كما جزم الحافظ ابن حجر ص 79 و «ت»

الحديث (92) من أحاديث الكتاب: قول علي: «لكل اجتماع من خليلين فرقة»: و أنه ضعيف جدّا من أجل محمد بن إبراهيم بن زياد و آخر قد يكون وضاعا ص 79 و «ت»

الحديث (93) من أحاديث الكتاب: «أ لا أدلك علي ما هو خير لك»: و بيان صحته و تخريجه من مصادر بعضها مخطوط ص 79 و «ت»

الحديث (94) من أحاديث الكتاب: مكرر ص 79-80 و «ت»

الحديث (95) من أحاديث الكتاب: قول علي لفاطمة: «ايتي رسول اللّه فسليه أن يخدمك خادما»: و بيان أن سنده موضوع فيه: عبد الوهاب بن مجاهد: كذبه الثوري و عبد العزيز بن بكر بن الشرود: ضعيف هو و أبوه و جده كما قال الدّارقطني و استدراك المحقق أن الأب: كذاب! ص 80 و «ت»

الحديث (96) من أحاديث الكتاب: «ما جاء بها إلا حاجة أو أمر»: صحيح إلا أن في سنده عند المؤلف علة التدليس ص 80-81 و «ت»

الحديث (97) من أحاديث الكتاب: «مكانكما»: و بيان أنه صحيح لكن في سند المؤلف: داود بن الزبرقان: كذاب! ص 81 و «ت»

الحديث (98) من أحاديث الكتاب: «أ لا أدلك علي خير من ذلك»: و أنه صحيح لكن سند المؤلف موضوع من أجل شيخه الوضاع و فيه جماعة من المجاهيل! ص 81-82 و «ت»

الحديث (99) من أحاديث الكتاب: قول علي: «أتانا رسول اللّه حتي وضع رجله بيني و بين فاطمة فعلمنا»: صحيح سندا و متنا ص 82 و «ت»

الحديث (100) من أحاديث الكتاب: «جاءت فاطمة إلي رسول اللّه تشتكي مجل يديها»:

صحيح لكن بغير سند المؤلف كما بين العقيلي و الترمذي و البخاري ص 82 و «ت»

الحديث (101) من أحاديث الكتاب: «أ لا أدلك علي ما هو خير لك مما سألت»:

صحيح لكن رواه المؤلف بسند موضوع من أجل شيخه الكذاب الذي اختلق مجموعة من

ص: 173

الرواة المجاهيل! ص 82-83 و «ت»

الحديث (102) من أحاديث الكتاب: «أ لا أدلك علي خير من ذلك»: و بيان أنه موضوع من أجل شيخ المؤلف و فيه: الحسن بن عمارة و هو متروك ص 83 و «ت»

الحديث (103) من أحاديث الكتاب: «لا و لكن أبيعهم و أنفق ثمنهم علي أصحاب الصفة»: صحيح و بيان أن رواية الثوري عن عطاء قبل الاختلاط و أن المحقق صحح الحديث في «مسند علي» و التنبيه إلي صحة الألفاظ التي وافقت رواية من روي عن عطاء قبل الاختلاط لا من روي عنه بعد الاختلاط أو من روي قبل و بعد الاختلاط كحماد بن سلمة! ص 83-85 و «ت»

الحديث (104) من أحاديث الكتاب: «كلمات علمنيهن جبريل»: و بيان صحته في ما وافق الألفاظ التي رواها الثوري و زائدة عن عطاء لأنها كانت قبل اختلاطه ص 85 و «ت»

الحديث (105) من أحاديث الكتاب: «و اللّه لا أعطيكما و أدع أهل الصفة»: صحيح و انظر ما قبله ص 85-86 و «ت»

قف علي وهم للهيثمي بشأن رواية حماد بن سلمة عن عطاء و تلخيص جيد من الحافظ لهذه المسألة و استدراك ابن الكيال عليه ص 85-86 «ت»

قف علي توثيق ابن معين للحارث الأعور و اعتراض الدارمي عليه و موافقة المحقق للأخير لأن الحارث: كذاب! ص 86 و «ت»

الحديث (106) من أحاديث الكتاب: «أ لا أنبئكما بشيء هو خير لكما من ذلك»: ضعيف جدّا بهذا السند و المتن و لا يبعد عن الوضع من أجل الأعور الكذاب! ص 86 و «ت»

الحديث (107) من أحاديث الكتاب: «اصبري يا فاطمة بنت محمد فإن خير النساء»: ضعيف جدّا بسبب عبيد اللّه بن زحر ص 86-87 و «ت»

الحديث (108) من أحاديث الكتاب: «ما لك يا بنية؟»: و بيان أنه حديث منكر بهذا التمام ففيه ألفاظ مخالفة للصحيح الثابت و مدار السند علي مجهول حال يخطئ ص 87-88 و «ت»

الحديث (109) من أحاديث الكتاب: «أ لا أدلكما علي ما يدوم لكما»: ضعيف بهذا السند و المتن و أن فيه: أبا مريم الثقفي لا الحنفي كما رجحه محدث العصر الألباني ص 88-89 و «ت»

قف علي ما يؤكد عدم وقوف السيوطي علي هذا الكتاب! ص 89 «ت»

ص: 174

الحديث (110) من أحاديث الكتاب: «أ لا أدلك علي خير من ذلك»: و بيان صحته و أن عبد اللّه بن يعلي: خطأ صوابه: ابن همام و أنه مجهول العين علي التحقيق خلافا للحافظ! ص 89 و «ت»

الحديث (111) من أحاديث الكتاب: «أرسلت فاطمة لما أصابها»: صحيح و سنده عند المؤلف فيه تدليس أبي إسحاق السبيعي و اختلاطه و بيان حال هانئ بن هانئ و أنه مجهول خلافا للنسائي ص 89-90 و «ت»

الحديث (112) من أحاديث الكتاب: «أ لا أدلكما علي ما هو خير من ذلك»: صحيح و فيه العلة السابقة مع جهالة هبيرة بن مريم البجلي خلافا لابن حبان! ص 90 و «ت»

الحديث (113) من أحاديث الكتاب: «لا بل أعلمكما ما هو خير لكما من خادم»:

و بيان أنه صحيح و أن فيه ثلاثة من المجاهيل ص 90-91 و «ت»

قف علي عبارة لأحمد في توثيق أحد المجاهيل عند أبي حاتم قدّم الذهبيّ قول الأخير علي الأول لأنه لم يرو عنه سوي واحد ص 91 «ت»

الحديث (114) من أحاديث الكتاب: قول علي: «يا ابن أعبد أ لا أخبرك عني و عن فاطمة»: صحيح و سنده لا بأس به في المتابعات و أن أبا الورد: هو ابن ثمامة مجهول العين ص 91 و «ت»

الحديث (115) من أحاديث الكتاب: «أبغض النساء إلي اللّه التي لا تزال رافعة ذيلها تشكو زوجها»: و بيان أنه موضوع و أن المتهم بوضعه هو: عبد الملك بن عبد ربه واضع حديث: «ما بين قبري و منبري» بشهادة ابن عبد البر ص 91-62 و «ت»

قف علي اسم آخر لهذا الوضاع ص 92 «ت»

قف علي التفريق بين عبد الملك بن ميسرة الثقة و الآخران: بصري و شامي:

مجهولان ص 92 «ت»

الحديث (116) من أحاديث الكتاب: «يا رسول اللّه: كبر سني ورق عظمي»: منكر و أن فيه: حسين بن ميمون: ليس بالقوي و محمد بن عبيد الطنافسي: يخطئ و يصر و هشام بن البريد: غال في التشيع و أن متنه فيه نكارة ص 92 و «ت»

الحديث (117) من أحاديث الكتاب: قول علي: «تزوجت فاطمة و ما لنا إلا إهاب

ص: 175

كبش»: ضعيف لانقطاعه بين الشعبي و علي و تخريجه ص 92-93 و «ت»

الحديث (118) من أحاديث الكتاب: «يا فاطمة قومي فاشهدي أضحيتك»:

موضوع و أن الألباني قد أعله بعمرو بن خالد الوضاع و اكتفي بعزوه للأصبهاني و البيهقي و استدراك المحقق عليه و أن للحديث شاهدين أحدهما ضعيف جدّا و الآخر ضعيف مع اختلاف بعض ألفاظه ص 93 و «ت»

الحديث (119) من أحاديث الكتاب: قول فاطمة: «وا أبتاه من ربه ما أدناه»:

ضعيف بهذا اللفظ و السند و أن رواية البخاري تخالفه ص 93-94 و «ت»

الحديث (120) من أحاديث الكتاب: «إن اللّه يغضب لغضبك»: منكر ص 94 و «ت»

الحديث (121) من أحاديث الكتاب: «أبشري المهدي منك»: موضوع بهذا اللفظ و السند و أن البلقاوي يسرق الحديث و الموقري كذاب ص 94 و «ت»

الحديث (122) من أحاديث الكتاب: «الرجل أحق بصدر فراشه و صدر دابته»:

ضعيف بهذا اللفظ موضوع بهذا السند و بيان أن الكذاب قد توبع في بعض المصادر و أن الحديث قد صح بلفظ آخر ص 94-95 و «ت»

الحديث (123) من أحاديث الكتاب: «أ ليس من أطيب طعامكم ما غيرت النار»: و أنه ضعيف للتدليس و أن المحقق لم يقف عليه عند غير المؤلف بهذا اللفظ ص 95 و «ت»

الحديث (124) من أحاديث الكتاب: «شاهت الوجوه»: و أنه حديث حسن من أجل الخلاف في عبد اللّه بن خثيم و أن الألباني صحح الحديث و ذكر تخريجه و طرقه فأغني عن إعادته ص 96 و «ت»

الحديث (125) من أحاديث الكتاب: «أن فاطمة دخلت علي رسول اللّه»: و أنه لا بأس به في المتابعات من أجل الطائفي و رجل آخر في عداد المجاهيل. ص 96-97 و «ت»

الحديث (126) من أحاديث الكتاب: «أن فاطمة دخلت علي رسول اللّه»: فذكر الحديث بنحوه و أنه مرسل و فيه الطائفي ص 97 و «ت»

الحديث (127) من أحاديث الكتاب: «يا بنية اسكني»: و أنه حسن من أجل ابن خثيم و أن سند المؤلف فيه: وضاح بن يحيي النهشلي و أنه سيئ الحفظ ص 97 و «ت»

الحديث (128) من أحاديث الكتاب: «اجتمع الملأ من قريش علي أن يضربوا

ص: 176

رسول اللّه»: و البيان بأنه حسن كما تقدم و أن سند ضعيف جدّا من أجل ابن حسنويه فإنه متهم بالكذب ص 97-98 و «ت»

الحديث (129) من أحاديث الكتاب: «يا ابنتي اغسلي هذا السيف عن الدم»: و بيان أنه ضعيف من أجل حسين بن عبد اللّه مع إرساله ص 98 و «ت»

قف علي عبارة للمؤلف في الأدب ص 98

الحديث (130) من أحاديث الكتاب: «كان إذا رجع من سفر قبل فاطمة»: و أنه ضعيف فيه من لم يعرفه المحقق و أنه لم يقف علي الحديث عند غير المؤلف ص 99 و «ت»

الحديث (131) من أحاديث الكتاب: «أمرنا رسول اللّه أن نهل بعمرة فحللنا»: و أن سنده ضعيف و صح من وجه آخر بمعناه ص 99 و «ت»

خصيف الجزري سيئ الحفظ ص 99 «ت»

الحديث (132) من أحاديث الكتاب: «أ ما ترضين أن يكون اللّه تعالي اطلع إلي أهل الأرض فاختار منهم رجلين فجعل أحدهما أباك و الآخر زوجك»: و أنه مكذوب مختلق من وضع عبد السلام بن صالح الرافضي الوضاع الذي لم يعرفه من وثقه! ص 99-100 و «ت»

ابن الجوزي يتهم الإمام عبد الرزاق بالوضع و دفاع المحقق عن الثاني و تخطئته لابن الجوزي ببيان أن الحمل ليس علي عبد الرزاق بل علي عبد السلام و وضاعين آخرين! ص 100 «ت»

الحديث (133) من أحاديث الكتاب: «أعوذ باللّه؛ أهل بيت محمد يموتون جوعا»: حديث موضوع مختلق من وضع الجهلة الذين لا يفقهون شيئا منهم: القاسم بن بهرام الكذاب كما قال ابن عدي و أن شيخ الإسلام ابن تيمية فنّد القصة من ثلاثة عشر وجها ص 100-107 و «ت»

الوجه الأول من وجوه تفنيد الخبر: المطالبة بصحة النقل و أن رواية الثعلبي و الواحدي لا تدل علي صحة القصة لأن هؤلاء يروون الصحيح و غيره دون تمييز ص 103 «ت»

الوجه الثاني: أن هذا الحديث و القصة من الكذب البين عند أهل النقل و أن أحدا ممن يروي الصحيح و غيره لم يرو هذه القصة مع تسامحهم في نقل الضعيف ص 103-104 «ت»

الوجه الثالث: أن هناك دلائل كثيرة علي كذب هذه القصة: ص 104 «ت»

منها: أن زواج علي بفاطمة كان في المدينة و الحسن و الحسين ولدا بعد ذلك ص 104 «ت»

ص: 177

و منها: أن سورة هَلْ أَتي مكية بالاتفاق و لم يقل أحد أنها مدنية ص 104 «ت»

الوجه الرابع: أن هناك ألفاظا تدل علي الكذب منها: «فعادهما جدهما و عامة العرب» فإن عامة العرب لم يكونوا بالمدينة، و العرب الكفّار ما كانوا يأتونهما يعودونهما ص 104 «ت»

و منه قوله: «يا أبا الحسن لو نذرت علي ولديك» و علي لا يأخذ دينه من العرب بل من النبي عليه الصلاة و السلام ص 104 «ت»

الوجه الخامس: أن النذر منهي عنه فإذا كان عامة الأمة علمت ذلك و خفي علي علي و فاطمة فهو قدح في علمهما و إلا فهو قدح في دينهما ص 104 «ت»

الرافضة تقدح في أئمتها من حيث لا تدري ص 104-105 «ت»

اللّه تعالي مدح علي الوفاء بالنذر لا علي نفس عقد النذر ص 105 «ت»

الوجه السادس: لا توجد جارية اسمها: «فضة» لعلي و فاطمة كما لا يوجد معلم اسمه: «ابن عقب» للحسن و الحسين بالاتفاق و أن هذا من أكاذيب جهلة الرافضة أيام نور الدين و صلاح الدين ص 105 «ت»

الوجه السابع: أن مدح الأنصار الذين آثروا الضيف أعظم من المدح في قوله تعالي:

وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلي حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً فكان ينبغي أن يكون المدح علي الأخير أكثر من الأول إن كان مما يمدح به و إلا فليس هذا من الفضائل ص 105-106 «ت»

الوجه الثامن: أن في القصة ما لا يجوز نسبته لعلي و فاطمة من ترك الأطفال جياعا ثلاثة أيام بخلاف الأنصاري الذي تركهم ليلة واحدة ص 106 «ت»

الوجه التاسع: أن والد اليتيم استشهد في يوم العقبة بحسب القصة و هذا من الكذب الظاهر فلم يكن قتال أصلا و هذا كذب و جهل! ص 106 «ت»

الوجه العاشر: أن في القصة افتراء علي الرسول عليه الصلاة و السلام بأنه لا يكفي أولاد من يقتل معه من آبائهم ص 106 «ت»

الوجه الحادي عشر: لم يكن بالمدينة أسير يسأل الناس بل هذا من القدح في دين المسلمين في ذلك الوقت ص 106 «ت»

الوجه الثاني عشر: أن القصة لو كانت من الفضائل فلا يلزم من ذلك أن يكون علي أفضل الناس و لا المستحق للإمامة ص 106 «ت»

ص: 178

الوجه الثالث عشر: أن إنفاق الصديق أبي بكر لا يعادله إنفاق غيره أصلا فما بقي يمكن مثلها لأنها كانت أول الإسلام ص 106-107 «ت»

الحديث (133) من أحاديث الكتاب: «ما يبكيك؟ فما شيء ألوتك و نفسي»: موضوع بهذا السند و هذا التمام من اختلاق يحيي بن العلاء و أن هناك زيادة كثيرة لم يذكرها المؤلف في بداية الحديث ص 107-109 و «ت»

قف علي متابع آخر لهذا الوضاع عند الآجري في «الشريعة» و هو محمد بن عبد الحميد الرازي ص 109 «ت»

قف علي شاهد آخر مرسل للحديث عند أحمد في «الفضائل» و ثالث مرسل أيضا عند ابن شاهين في «فضائل فاطمة» مختصر جدّا و أن هذه الشواهد جعلت الحديث ضعيفا فقط ص 109 «ت»

الحديث (134) من أحاديث الكتاب: «علم رسول اللّه فاطمة كلمات فكتبتهن في جريدة»: موضوع و أنه من افتراء الحسن بن عمارة ص 109-110 و «ت»

الحديث (135) من أحاديث الكتاب: «أ لا أعلمك ما هو خير لك من الخادم»: و أنه صحيح و أن تخريجه قد مضي ص 110 و «ت»

الحديث (136) من أحاديث الكتاب: «ما ألفيته عندنا أ لا أدلك علي ما هو خير لك»:

صحيح و في أوله زيادة صحيحة ص 110 و «ت»

الحديث (137) من أحاديث الكتاب: «أ لا أدلك علي ما هو خير لك»:

صحيح ص 110-111 و «ت»

الحديث (138) من أحاديث الكتاب: «أ لا أدلك علي ما هو خير لك»:

صحيح ص 111 و «ت»

الحديث (139) من أحاديث الكتاب: «أ لا أدلك علي ما هو خير لك»:

صحيح ص 111 و «ت»

الحديث (140) من أحاديث الكتاب: «أ لا أدلك علي ما هو خير لك»:

صحيح ص 111 و «ت»

الحديث (141) من أحاديث الكتاب: «أ لا أدلك علي ما هو خير لك»:

ص: 179

صحيح ص 111 و «ت»

الحديث (142) من أحاديث الكتاب: «كان النبي يأمر أحدنا إذا أخذ مضجعه أن يقول: اللهم رب السموات السبع»: صحيح؛ و رد المحقق علي المؤلف دعوي الوهم في السند ص 112 و «ت»

الحديث (143) من أحاديث الكتاب: «قولي: اللهم رب السموات السبع و رب العرش العظيم...» ص 112-113 و «ت»

الحديث (144) من أحاديث الكتاب: «الذي جئت تطلبين أحب إليك أو خير منه؟»: حسن بهذه الزيادة في أوله صحيح بدونها ص 113 و «ت»

الحديث (145) من أحاديث الكتاب: «أ لا أدلك علي ما هو خير من ذلك»: صحيح و أن سنده لا بأس به في المتابعات من أجل الغزال عبد اللّه بن علي ص 113-114 و «ت»

الحديث (146) من أحاديث الكتاب: «قولي اللهم رب السموات السبع»:

صحيح ص 114 و «ت»

الحديث (147) من أحاديث الكتاب: «ما عندي ما أعطيك»: صحيح و أن سنده عند المؤلف تالف من أجل ابن أبي دارم ص 114 و «ت»

الحديث (148) من أحاديث الكتاب: «أ لا أدلك علي ما هو خير لك»: صحيح و سند المؤلف: ساقط و بيانه ص 114-115 و «ت»

الحديث (149) من أحاديث الكتاب: «تقولان: اللهم رب السموات السبع»:

صحيح و سنده مرسل و بيان ما فيه من شذوذ ص 115-116 و «ت»

الحديث (150) من أحاديث الكتاب: «يا بنية هذا و اللّه شيء ليس هو لك و لأبيك»:

موضوع فيه: داود بن المحبر الوضاع و أبان بن أبي عياش المتروك و تدليس الحسن مع بيان الثابت من الحديث ص 116 و «ت»

حديث: «نهيت عن ضرب المصلين»: صحيح و أنه من أحاديث «الصحيحة» ص 116 «ت»

الحديث (151) من أحاديث الكتاب: قول عائشة عن فاطمة: «و الذي ذهب بنفسها»: صحيح و بيان التدليس في سند المؤلف ص 117 و «ت»

الخلة درجة فوق المحبة و تعقب المحقق للمؤلف في ذلك مدعما بالدليل

ص: 180

الصحيح ص 117 «ت»

الحديث (152) من أحاديث الكتاب: قول عائشة: «ما رأيت أحدا قط كان أصدق لهجة»: صحيح و سنده صحيح أيضا ص 117 و «ت»

الحديث (153) من أحاديث الكتاب: قولها أيضا: «ما رأيت أحدا»: صحيح و سنده فيه: أبو علاثة لم يقف المحقق له علي ترجمة ص 117 و «ت»

الحديث (154) من أحاديث الكتاب: «ما بعث نبي قط إلا كان له من العمر نصف عمر»: و أنه منكر ضعيف الإسناد و أن الألباني ضعفه جدّا ص 117-118 و «ت»

الحديث (155) من أحاديث الكتاب: «إن اللّه يطعم النبي و أهله الطعمة فإذا قبضه رفعت عنهم»: و أنه حسن إلا أن سند المؤلف فيه من يروي الموضوعات! ص 118 و «ت»

الحديث (156) من أحاديث الكتاب: «أن رسول اللّه دعا فاطمة فسارها فبكت»:

صحيح ص 118-119 و «ت»

الحديث (157) من أحاديث الكتاب: «مرحبا بابنتي»: صحيح ص 119-120 و «ت»

الحديث (158) من أحاديث الكتاب: «إن جبريل عليه الصلاة و السلام كان يعارضني بالقرآن في كل عام مرة»: صحيح و أنه مما تقدم تخريجه ص 120 و «ت»

الحديث (159) من أحاديث الكتاب: «إن جبريل عليه الصلاة و السلام كان يعارضني بالقرآن في كل عام مرة»: صحيح و أنه مما تقدم تخريجه ص 120 و «ت»

الحديث (160) من أحاديث الكتاب: «كنا عند رسول اللّه جميعا لا تغادر منا واحدة»: صحيح و قد تقدم تخريجه ص 120 و «ت»

الحديث (161) من أحاديث الكتاب: «كنا عند رسول اللّه جميعا لا تغادر منا واحدة»: صحيح و قد تقدم تخريجه و أن فيه تصريحا بالانتساب لمذهب السلف الصالح الذي يكون نبينا محمد عليه الصلاة و السلام هو القائد لنا فيه ص 120-121 و «ت»

الحديث (162) من أحاديث الكتاب: «أنت سيدة نساء الجنة إلا مريم بنت عمران»:

صحيح ص 121 و «ت»

الحديث (163) من أحاديث الكتاب: «إنك أول أهل بيتي لحوقا بي»:

صحيح ص 122 و «ت»

ص: 181

الحديث (164) من أحاديث الكتاب: «إنك أسرع أهل بيتي لحوقا بي»:

صحيح ص 122 و «ت»

الحديث (165) من أحاديث الكتاب: «إنك أول أهل بيتي لحاقا بي»: صحيح و بيان من هو ابن أبي فلان من الرواة! ص 122-123 و «ت»

الحديث (166) من أحاديث الكتاب: «و كانت إذا دخلت عليه قام يقبلها و رحب بها»: صحيح ص 123 و «ت»

الحديث (167) من أحاديث الكتاب: «يا بنية أكبي عليّ»: صحيح و أنه مما أخذه سعيد بن أبي مريم من كتاب نافع بن يزيد من يده مع الشك في عرضه عليه! ص 123-124 و «ت»

«يا بنية إنه ليس من نساء المؤمنين أعظم رزية منك»: و أنه منكر بهذا اللفظ و بيان ذلك ص 124 و «ت»

الحديث (169) من أحاديث الكتاب: «أمرني به النبي»: و أنه صحيح و تخريجه من مصادر كثيرة ص 124-125 و «ت»

الحديث (170) من أحاديث الكتاب: «أنا أمرتها به»: صحيح و فيه تصريح ابن جريج بالإخبار ص 125 و «ت»

الحديث (171) من أحاديث الكتاب: «أنا أمرتها به»: صحيح لكن في سند المؤلف أزهر بن سليمان: ضعفه الأزدي ص 125 و «ت»

الحديث (172) من أحاديث الكتاب: «لا نورث ما تركنا صدقة»: صحيح و أنه من فضائل الصديق رضي اللّه عنه و عن فاطمة ص 125-126 و «ت»

الحديث (173) من أحاديث الكتاب: «يا فاطمة اتق اللّه و أطيعي زوجك تدخلي الجنة بسلام»: و بيان وضعه و أن آفته: عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة و هو يروي عن مجهولة! ص 126 و «ت»

الحديث (174) من أحاديث الكتاب: «يا فاطمة يا بنيتي أ ما تحبين من أحب؟»: و بيان أنه من الأحاديث الصحيحة لكن المؤلف رواه من طريق أحد كبار المتهمين بسرقة الأحاديث:

و هو: محمد بن علي المذكر: شيخ الحاكم و فيه: مجالد بن سعيد: ضعيف! ص 126 و «ت»

الحديث (175) من أحاديث الكتاب: «إنها حبيبة أبيك»: و أنه ضعيف بهذا اللفظ:

ص: 182

فيه: ابن جدعان و ابن فضالة و الثاني ضعيف كالأول لكنه يدلس إلي ذلك تدليسا خبيثا يعرف بتدليس التسوية و أن فيه مجهولة تدعي: أم محمد! ص 126-127 و «ت»

الحديث (176) من أحاديث الكتاب: «يا بنية إنها حبيبة أبيك»: و أنه ضعيف بهذا اللفظ: فيه كل العلل السابقة! ص 127 و «ت»

الحديث (177) من أحاديث الكتاب: «إنا لا نورث ما تركنا صدقة»: صحيح و أن سنده حسن من أجل ابن إسحاق و أحمد بن عبد الجبار و يونس بن بكير و أن فيه أمر الصديق لفاطمة أن تسأل المسلمين إن كانت تتهمه و حاشاها و حاشاه رضي اللّه عنهما ص 127 و «ت»

الحديث (178) من أحاديث الكتاب: «أ لست تحبين ما أحب؟»: و أنه صحيح متفق عليه ص 127-128 و «ت»

الحديث (179) من أحاديث الكتاب: «يا فاطمة تنقلي من لذة الدنيا و نعيمها»:

موضوع و أنه لا ينفك من وضع الكديمي أو غريق الجحفة! ص 128 و «ت»

الحديث (180) من أحاديث الكتاب: «أنت أول أهلي لحوقا بي»: صحيح و أن سنده عند المؤلف فيه ضعيف هو: ابن مؤمل و تدليس أبي الزبير ص 128 و «ت»

الحديث (181) من أحاديث الكتاب: «الحمد للّه الذي نجي فاطمة من النار»: صحيح و أن في سند المؤلف تدليس يحيي بن أبي كثير لكنه صرح بالتحديث عند غيره و الكلام عن مسألة تحريم الذهب علي النساء و الذهب المحلق و ترجيح مذهب الجمهور علي مذهب شيخنا الألباني رحمة اللّه لأحاديث صحيحة في الباب ص 128-129 و «ت»

الحديث (182) من أحاديث الكتاب: «مالك فإن رسول اللّه أمر أصحابه أن يحلوا!»: صحيح و أن سنده واه عند المؤلف من أجل: الحسن بن قتيبة: متروك و فيه محمد بن عيسي المدائني: ضعيف و هو إلي ذلك منقطع! ص 129-130 و «ت»

الحديث (183) من أحاديث الكتاب: «أن رسول اللّه دعا فاطمة بعد الفتح»:

صحيح لكن المحفوظ أن السائلة هي: الصديقة لا أم سلمة فهو منكر بذكرها لأن موسي الزمي: سيئ الحفظ! ص 130 و «ت»

الحديث (184) من أحاديث الكتاب: «أي بنية تلك سيدة نساء عالمها و أنت سيدة نساء عالمك»: و أنه منكر جدّا بهذا التمام كما شهد بذلك ابن حجر و أن له طريقا

ص: 183

أخري فيها متهم بالوضع هو: عمرو بن جميع العبدي و فيه: عمرو بن عبيد المبتدع الكذاب! ص 130-131 و «ت»

صح حديث: «لا يحبه إلا مؤمن و لا يبغضه إلا منافق» في علي رضي اللّه عنه ص 131 «ت»

قف علي وهم للعراقي بتصحيحه حديث: «أ ما ترضين أن زوجتك أقدم أمتي سلما و أكثرهم علما و أعظمهم حلما» مع أن في سنده خالد بن طهمان و هو ثقة اختلط فضعفه الأكثرون بسبب ذلك! ص 131 «ت»

الحديث (185) من أحاديث الكتاب: «قومي فاشهدي أضحيتك»: منكر فيه:

أبو حمزة الثمالي و هو ضعيف جدّا كما قال الذهبي و أن: النضر بن إسماعيل: ليس بذاك ص 131 و «ت»

الحديث (186) من أحاديث الكتاب: «تلك سيدة نساء عالمها»: منكر جدّا و قد تقدم بيان ذلك و أن كثير النواء: شيعي ضعيف و كذا: علي بن هاشم: شيعي و هما يرويان ما يؤيد بدعتهما! ص 131-132 و «ت»

الحديث (187) من أحاديث الكتاب: «طابت أنفسكم أن دفنتم رسول اللّه و رجعتم؟»: و أنه صحيح لكن سند المؤلف فيه: محمد بن مسلمة الواسطي و هو متهم بالوضع كما في «الكشف الحثيث» ص 132 و «ت»

الحديث (188) من أحاديث الكتاب: «يا أنس طابت أنفسكم أن تحثوا التراب علي رسول اللّه؟»: و أنه صحيح و أن سنده صحيح علي شرط الستة ص 132 و «ت»

الحديث (189) من أحاديث الكتاب: «يا أبتاه أجاب ربّا دعاه»: و أنه صحيح ص 132-133 و «ت»

الحديث (190) من أحاديث الكتاب: «يا أبتاه من ربه ما أدناه»: و أنه صحيح ص 133 و «ت»

الحديث (191) من أحاديث الكتاب: «يا أبتاه من ربه ما أدناه»: و أنه صحيح و تخريجه ص 133 و «ت»

الحديث (192) من أحاديث الكتاب: «لا كرب علي أبيك بعد اليوم»: و أنه صحيح إلا أن سند المؤلف فيه: المبارك بن فضالة: يدلس و يسوي و لم يصرح بالتحديث عمن فوقه

ص: 184

علي أنه من مراسيل الحسن! ص 133 و «ت»

الحديث (193) من أحاديث الكتاب: «لا كرب علي أبيك بعد اليوم»: و أنه صحيح إلا أن فيه كل العلل السابقة مع كون شيخ المؤلف: خلف البخاري قد سقط حديثه باعتراف المؤلف! ص 133-134 و «ت»

الحديث (194) من أحاديث الكتاب: «لا كرب علي أبيك بعد اليوم»: و أنه صحيح ص 134 و «ت»

الحديث (195) من أحاديث الكتاب: «إنه لا كرب علي أبيك بعد اليوم»: و أنه صحيح و من العجب أن يكون المؤلف قد كذب شيخه: الحنيني هنا ثم هو يروي عنه! و فيه مجهول عين ص 134 و «ت»

الحديث (196) من أحاديث الكتاب: «يا فاطمة قد حضر من أبيك ما ليس اللّه بتارك أحدا منه لموافاة يوم القيامة»: حسن كما سيأتي علي أن سند المؤلف فيه: نصر بن حماد الوراق: متهم ص 134 و «ت»

الحديث (197) من أحاديث الكتاب: «يا فاطمة قد حضر من أبيك ما ليس اللّه بتارك أحدا منه لموافاة يوم القيامة»: و أنه من الأحاديث الحسنة و تخريجه من مصادر كثيرة جدّا و أن فيه تدليس ابن فضالة و تسويته لكن العلة الأولي زالت و بقيت الثانية إلا أنه قد توبع و روي مرسلا لكن الوصل زيادة ثقة فوجب قبولها ص 134-135 و «ت»

الحديث (198) من أحاديث الكتاب: «لا تضربيه فإني رأيته يصلي»: صحيح إلا أن فيه نكارة في كونه عليه الصلاة و السلام وهب فاطمة وصيفا و أن ذلك مخالف لما رواه الثقات و أن الآفة من عبيد بن نعيم فإنه كان يتلقن ما ليس من حديثه!.. ص 135 و «ت»

الحديث (199) من أحاديث الكتاب: «ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به: أن تقولي إذا أصبحت...»: و أنه حديث صحيح خلافا لمن اكتفي بتحسينه كالألباني و أن المحقق وقف علي طريق لم يتعرض لها الشيخ فصحح الحديث من أجل ذلك ص 135-136 و «ت»

الحديث (200) من أحاديث الكتاب: «اللهم أهل بيتي و أنا مستودعهم كل مؤمن»:

موضوع و أن آفته: عباد بن عبد الصمد: منكر الحديث و اتهمه ابن حبان و فيه علل أخري و أن السيوطي لم يقف علي هذا الجزء في «فضائل فاطمة» ص 136-137 و «ت»

ص: 185

قف علي الضبط الصحيح لاسم راو ص 137 «ت»

الحديث (201) من أحاديث الكتاب: «أما إنه أول طعام دخل بطن أبيك منذ ثلاثة أيام»: و أنه ضعيف جدّا فيه: عمار بن أبي عمار و أن الألباني لم يعله بعلته الحقيقية و كأن ذلك من أجل توثيق جماعة إلا أن جرحه مفسر فهو متهم عند البخاري و من عرف حجة علي من لم يعرف! و أن إعلال الألباني كان بمجهول العين: محمد بن مسلم الراسبي و تخريج الحديث من مصادر كثيرة ص 137 و «ت»

قف علي وهم للهيثمي ص 137 «ت»

الحديث (202) من أحاديث الكتاب: «ما هو بأبرّ عندي منه و إنهما عندي بمنزلة واحدة و إنك و هما و هذا المضطجع»: و بيان ضعفه و أن فيه شيعيّا غاليا في التشيع فلا تقبل روايته و شيعي آخر هو: كثير بن يحيي و ثالث لم يوثقه سوي ابن حبان و أن الشيعي الآخر توبع و أن له شاهدا واهيا لا يتقوي الحديث به ص 137-138 و «ت»

الحديث (203) من أحاديث الكتاب: «و الذي نفسي بيده لو رأيت معهم الكدي ما رأيت الجنة حتي يراها جد أبيك»: و أنه منكر و إن صححه المؤلف علي شرط الشيخين و وافقه الذهبي الذي فات عليه أنه هو نفسه الذي تكلم في أحد رواته في «مهذب البيهقي» و هو: ربيعة بن سيف المعافري و أن من تساهل البوصيري قوله عن السند: «حسن»! ص 138-139 و «ت»

قف علي سبب نكارة المتن من كون عبد المطلب مات كافرا و بيان أن زيارة القبور جائزة للنساء بشروط و أن حديث النهي ضعيف له ما يعارضه من الأحاديث الصحيحة علي قول جمهور العلماء ص 139 «ت»

الحديث (204) من أحاديث الكتاب: كان إذا دخل المسجد قال: «اللهم صل علي محمد و سلم اللهم...»: و أنه حديث صحيح كما سيأتي في الذي بعده ص 139

الحديث (205) من أحاديث الكتاب: كان إذا دخل المسجد قال: «اللهم صل علي محمد و سلم اللهم...»: و أنه حديث صحيح و تخريجه من مصادر كثيرة و أن سند المؤلف حسن لغيره بسبب الانقطاع لأن فاطمة الصغري لم تدرك فاطمة الكبري لكن الحديث صحيح و أن الألباني تتبع طرقه و شواهده في «الثمر المستطاب» ص 139-140 و «ت»

الحديث (206) من أحاديث الكتاب: أن رسول اللّه كان إذا دخل المسجد قال:

ص: 186

«السلام عليك أيها النبي و رحمة اللّه و بركاته»: ضعيف بهذا اللفظ و أن راويه: حسان بن إبراهيم قد أنكر عليه أحمد هذا الحديث ص 140 و «ت»

الحديث (207) من أحاديث الكتاب: قول فاطمة لأم روح بن القاسم «إذا دخلت المسجد فصلي علي النبي و قولي» و أنه حديث صحيح ص 140-141 و «ت»

الحديث (208) من أحاديث الكتاب: «إذا دخل أحدكم المسجد»: صحيح ص 141 و «ت»

الحديث (209) من أحاديث الكتاب: كان إذا دخل المسجد قال: «اللهم صل علي محمد و افتح لي أبواب فضلك»: و أنه حديث صحيح ص 141 و «ت»

الحديث (210) من أحاديث الكتاب: «إذا دخلت المسجد فقولي: اللهم اغفر لي و سهل لي أبواب رحمتك»: و أنه حديث شاذ بهذا اللفظ لا يحتمل من الدراوردي! ص 141-142 و «ت»

الحديث (211) من أحاديث الكتاب: «كان رسول اللّه إذا دخل المسجد صلي علي محمد و سلم»: و أنه حديث صحيح ص 142 و «ت»

الحديث (212) من أحاديث الكتاب: «كان رسول اللّه إذا دخل المسجد صلي علي محمد و سلم»: و أنه حديث صحيح كالذي قبله ص 142 و «ت»

الحديث (213) من أحاديث الكتاب: «كان رسول اللّه إذا دخل المسجد صلي علي محمد و سلم»: و أنه حديث صحيح ص 142-143 و «ت»

الحديث (214) من أحاديث الكتاب: «كان صلّي اللّه عليه و سلّم إذا دخل المسجد صلي علي النبي»:

صحيح ص 143 و «ت»

الحديث (215) من أحاديث الكتاب: «كان رسول اللّه إذا دخل المسجد صلي علي النبي»: و أنه حديث صحيح ص 143 و «ت»

الحديث (216) من أحاديث الكتاب: «كان رسول اللّه إذا دخل المسجد صلي علي النبي»: و أنه حديث صحيح ص 143 و «ت»

الحديث (217) من أحاديث الكتاب: «أن رسول اللّه عليه السلام كان إذا دخل المسجد صلي علي النبي و سلم»: و أنه حديث صحيح و لكن سند المؤلف ضعيف جدّا من أجل: الحارث بن نبهان فإنه متروك كما قال ابن حجر ص 144 و «ت»

الحديث (218) من أحاديث الكتاب: «كل بني أب ينتمون إلي عصبة غير ولد

ص: 187

فاطمة»: و أنه ضعيف من أجل شيبة بن نعامة و أنه روي بإسناد موضوع بلفظ: «كلّ بني أنثي فإن عصبتهم لأبيهم ما خلا...» و أن الهيثمي قصر بتركه إعلال السند بالوضاع و الحمل علي المتروك! ص 144 و «ت»

الحديث (219) من أحاديث الكتاب: «أجدني صالحا إن شاء اللّه»: و أنه موضوع بهذا السند و المتن من أجل شيخ المؤلف الوضاع غير أنه قد صح قوله: «إن الحمي من فيح جهنم؛ فأطفئوها بالماء» كما صح قوله: «إن اللّه وتر يحب الوتر» ص 144-145 و «ت»

الحديث (220) من أحاديث الكتاب: «أين ابني حسنا و حسينا؟»: و أنه ضعيف من أجل جهالة محمد بن عون و أمه ص 145-146 و «ت»

الحديث (221) من أحاديث الكتاب: قول جدة أم محمد بن عون: «جهزت جدتك إلي جدك علي و ما كان حشو وسادتهم»: و أنه صح بغير هذا اللفظ و أما قصة الدرع فمختلفة و أن الهيثمي حسن السند عند الطبراني بعد أن كان أعله بالجهالة! ص 146 و «ت»

قف علي اللفظ الصحيح لتجهيز فاطمة رضي اللّه عنها و كذا قصة الدرع الصحيحة ص 146 «ت»

الحديث (222) من أحاديث الكتاب: «يا فاطمة؛ أنا و أنت و هذان، و هذا الرّاقد - لعليّ - في مقام واحد يوم القيامة»: و أنه حديث ضعيف ص 146 و «ت»

الحديث (223) من أحاديث الكتاب: «هكذا كوني فداك أبي و أمي»: و أنه ضعيف ص 147 و «ت»

الحديث (224) من أحاديث الكتاب: «يا فاطمة؛ قد زوّجتك سيّدا أمينا في الدنيا و الآخرة، و إنّه لمن الصّالحين»: و أنه موضوع فيه: خالد بن عمرو الكوفي و هو وضاع ص 147 و «ت»

الحديث (225) من أحاديث الكتاب: «إن اللّه إذا أطعم نبيّا طعمة ثم قبضه»: و أنه حديث حسن مع أن في سند القصة شيعيّا إلا أنه لا يروي ما يؤيد بدعته و هو حسن الحديث إذا لم يخالف و أن للحديث شاهدا بلفظ: «يا رسول اللّه! ما للخليفة من بعدك؟ قال: «مثل الذي لي إذا عدل في الحكم و قسط في القسط» بإسناد صحيح كما قال الألباني و شاهد آخر؛ لكنه واه. و أن ابن كثير استنكر القصة لكنه أيد قول فاطمة للصديق: «أنت و ما سمعت من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و سلّم و أنه رضي اللّه عنها ليست معصومة و أن الصديق معه نص صريح في منعها الإرث

ص: 188

و ما روي في أنه استرضاها قبل موتها رضي اللّه عنها و عنه ص 148-149 و «ت»

الحديث (226) من أحاديث الكتاب: «إنّ اللّه تعالي يطعم النّبيّ الطّعمة ما دام حيّا، إذا قبضه دفعه إلي من يلي أمره» و أنه حديث حسن و قد تقدم. و أن في سند المؤلف: الكلبي و هو كذاب! ص 149 و «ت»

الحديث (227) من أحاديث الكتاب: أن فاطمة رأت في المنام أنّها نكحت أبا بكر، و نكح عليّ أسماء بنت عميس: و أنه خبر لا يصح من أجل: خزيمة بن علقمة: والد نصر بن خزيمة؛ فهو مجهول لم أقف له علي ترجمة و أن في السند انقطاعا ص 149-150 و «ت»

الحديث (228) من أحاديث الكتاب: «هذا و زمر من شيعته في الجنة»: و أنه حديث موضوع: تليد بن سليمان: كذاب، و شيخ المؤلف «خلف البخاري: متهم، و أبو الجحاف شيعي غال في التشيع، و أن للحديث شاهدا موضوعا بسبب: سوار بن مصعب عن عطية العوفي: شيعي و فيه: الفضل بن غانم و هو قريب من سوار ابن مصعب مع الاضطراب في السند، و له شاهد آخر فيه أبو جناب الكلبي: ضعيف لكثرة تدليسه و شيخه مجهول، و شاهد ثالث: ضعيف ص 150-151 و «ت»

المحقق يخالف شيخه الألباني في الحكم علي خبر الرافضة فيحسنه لأن طرقه و شواهده التي لم يشتد ضعفها ترفعه إلي مصاف الأحاديث الحسنة و أن بعض تلك الطرق لم يتعرض لها الألباني أصلا منها: طريق لا بأس بها في الشواهد و المتابعات، و أن صاحب: «إيثار الحق ممن حسنه، و اللّه أعلم ص 151 «ت»

الحديث (229) من أحاديث الكتاب: «إن نفس المؤمن تخرج كالرشح، و إن نفس الكافر تخرج من شدقه كما تخرج نفس الحمار»: و أنه حديث صحيح و إن كان سند الحاكم واهيا من أجل: عبيد بن كثير بن عبد الواحد و هو: متروك الحديث. و أن القصار و شيخه زيد بن المعدل لم يقف المحقق لهما علي جرح أو تعديل مع الانقطاع بين فاطمة الصغري و الكبري ص 151-152 و «ت»

صح الحديث عن ابن مسعود موقوفا عليه و أن له حكم الرفع لأنه لا يقال بالرأي و أن المحقق يتعجب من شيخه الألباني في اكتفائه بتحسين الحديث بسبب عاصم بن أبي النجود و أنه قد فاته الإسناد الصحيح الذي لو وقف عليه لجزم بصحة الحديث ص 152 «ت»

ص: 189

قف علي ترجمة لشيخ الحاكم: الطوسي الذي قسم وقته بالليل أثلاثا ص 152 «ت»

قف علي تعليل الدّارقطني للحديث بأن الموقوف أصح من المرفوع و تعليق المحقق علي ذلك بأنه لا يضر الحديث لأن له حكم الرفع ص 152 «ت»

قف علي شاهد عند مسلم لقوله: «لقنوا موتاكم لا إله إلا اللّه» و بيان أن كلا جزئي الحديث قد صح فكان ينبغي تصحيح الحديث من قبل المحدث الألباني ص 152 «ت»

الحديث (230) من أحاديث الكتاب: «من تختم بالعقيق الأحمر لم يزل يري خيرا»:

و أنه موضوع مختلق من قبل أبي بكر بن شعيب و بيان أن السخاوي قد أفرد هذا الحديث في كتابه: «الفتاوي الحديثية» و أن المحقق عمل علي الكتاب و أن الألباني قد أورد أحاديث العقيق في «الضعيفة» و حكم ببطلانها ص 153 و «ت»

الحديث (231) من أحاديث الكتاب: «إن ابن عمك خطبك إليّ»: و بيان ضعفه لاختلاط راويه: أبي بكر بن أبي مريم و انفراد المؤلف برواية الحديث ص 153 و «ت»

الحديث (232) من أحاديث الكتاب: «في الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم»: و أنه من الأحاديث الصحيحة المتفق عليها من حديث أبي هريرة و أنه صح عن غيره كذلك و إيراد المحقق لرواية البيهقي للحديث كاملة من كتابه «شعب الإيمان» لبيان المبهم في السند عند المؤلف و أنه «مرجانة» التي لم يقف المحقق لها علي جرح أو تعديل و أن في السند: أصبغ بن زيد و هو مجهول أيضا و سعيد بن راشد أو ابن أبي راشد و أنه مجهول الحال و أن: زيد بن علي الذي ينتمي إليه الزيدية: ثقة عند ابن حجر الذي أعل هذه الرواية بالاختلاف علي زيد هذا و جهالة بعض رواته ص 153-154 و «ت»

تم الكتاب بحمد اللّه و الصلاة و السلام علي نبيه و آله و صحبه أجمعين ص 154-155

ص: 190

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.