الامام المنتظر و علامات الظهور

اشارة

الِامام المُنتَظَر وَعَلَامَات الظّهُور

السَيَّد قَاسِم المُوسَوي

دار العُلوم لِلتَحقيقِ و الطِبَاعَةِ وَالنّشرِ وَ التّوزيع

ص: 1

اشارة

كافة الحقوقه محفوظة و مُسجّلة

الطبعَة الأول

1432ه /2011م

دار العُلوم

لِلتَحقيقِ و الطِبَاعَةِ وَالنّشرِ وَ التّوزيع

المكتب : الرويس - بناية عروس الرويس - تلفاكس : 01/545182--03/473919

ص . ب : 140/ 24 - المستودع : بئر العبد - مقابل البنك اللبناني الفرنسي - هاتف : 01/541650

E-mail:info@daraloloum.com www.daraloloum.com

ص: 2

الِامام المُنتَظَر وَعَلَامَات الظّهُور

السَيَّد قَاسِم المُوسَوي

دار العُلوم لِلتَحقيقِ و الطِبَاعَةِ وَالنّشرِ وَ التّوزيع

ص: 3

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ

ص: 4

مقدمة

الحمد لله رب العالمين وصلي الله علي سيد الخلق أجمعين محمد المصطفي وعترته الطاهرين، سيما خاتمهم وقائمهم مولانا بقية الله في الأرضين المهديّ الموعود (عجل الله تعالي فرجه الشريف)، ولعنة الله علي أعدائهم أجمعين إلي يوم الدين.

وبعد،فيقول المحتاج إلي فضل الله تعالي و قبول حجة الله الغائب (عجل الله تعالي فرجه الشريف) السيّد قاسم الموسوي:

إن الحديث عن مولانا الإمام المنتظر عليه السلام حديث واسع وذو أبعاد كثيرة.

الإمام الذي بشّرت به كتب السّماء، وذكره الأنبياء والرّسل - علي نبينا وآله وعليهم السّلام - وسبقهم الله تعالي فذكره للملائكة الذين «لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ» قبل أن يخلق البشر.

وقبل ذلك أيضاً حيث خلق الله عز وجل نور الإمام عليه السلام مع أنوار أجداده الثلاثة عشر الطاهرين الطيبين (محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والسجاد والباقر والصادق والكاظم والجواد والهادي والعسكري - صلوات الله عليهم أجمعين).

وقد عزمنا في هذه (الوجيزة) التي أسميناها (الإمام المهدي المنتظر (عج) وعلائم الظهور) بيان مختصر عن هذا البحر المحيط المترامي الأطراف، وعن تاريخه المشرق، وعن علائم ظهوره، الذي عنده تمتلي الأرض قسطا وعدلا، بعدما

ص: 5

ملئت ظلماً وجوراً. ليكون ذلك نبراساً للضائعين، وهدايةً للتائهين، وأملاً للجميع.

والله المسؤول أن يجعلنا من الموفقين في هذا المجال وأن يشفع الإمام عليه السلام في حوائجنا للدنيا والآخرة، وهو الغاية والنهاية .

ص: 6

الإهداء

السلام عليك يا سيدة النساء من الأولين والآخرين، السلام عليك يا بنت محمد المصطفي وزوجة علي المرتضي وأم الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة فاطمة الزهراء أم أبيها، والسلام علي ابنتها وكفيلتها في كربلاء الحسين عقيلة الطالبيين السيدة زينب بنت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم الصلاة والسلام، والسلام علي أم البنين أم الشهداء الأربعة الذين استشهدوا مع الحسين عليه السلام لا سيما حامل لوائه قمر العشيرة: أبو الفضل العباس عليه السلام.

أهدي هذا الكتاب المتواضع إلي السيدات النجيبات اللواتي ضحين من أجل الإسلام وحفظه، أهدي هذا الكتاب المتواضع إلي سيدتي ومولاتي فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين (صلوات الله وسلامه عليها) وإلي سيدتي ومولاتي أم البنين (صلوات الله وسلام عليها) وإلي سيدتي ومولاتي عقيلة بني هاشم السيدة زينب (صلوات الله وسلامه عليها).

عسي أن ينال رضاهن وهن شفعائي في الآخرة..

السيد قاسم الموسوي

5 جمادي الأول 1431 2010/4/21 م

لندن

ص: 7

ص: 8

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الإمام الحجة المنتظر (عجل الله تعالي فرجه الشريف) وعلامات الظهور

«من هو الإمام المهدي عليه السلام»

لو أردنا التحدث عن الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت عليه السلام - ألا وهو الإمام المنتظر المهدي عجل الله فرجه الشريف - يكون حديثنا عن موضوع عقائدي وديني بحت له غاية الأهمية وسيكون له الصلة الكاملة بالإسلام والمسلمين.

لذا فإن شخصية الإمام المنتظر المهدي عليه السلام، ليست وهمية أو مما يسطرها أصحاب الأساطير والبطولات كما في كتب الخيال، بل هي شخصية حقيقية إسلامية، وهي مسألة من أهم المسائل الدينية. وتعتبر من صميم الدين الحنيف.

إن شخصية الإمام المهدي عليه السلام هي امتداد للإسلام والقرآن وهي مسألة جوهرية مهمة. قد بشر بها الكتاب أي القرآن الكريم، وتحدثت عنه السنة أي تحدث عن هذه الشخصية الرسول الأعظم صلي الله عليه و آله و سلم في مواطن كثيرة وفي مناسبات عديدة، وكذلك بشر بها أئمة المسلمين عليه السلام شيعتهم، بل وبشروا بها الأمة الإسلامية جمعاء، بل العالم، وقد كتب عن شخصيته عليه السلام العلماء والمحدثون والمفسرون والمؤرخون علي مر القرون. وألفوا عشرات بل مئات الكتب حول هذا الموضوع بالذات.

إذن فالموضوع في شخصية مولانا الإمام المهدي المنتظر عليه السلام موضوع استراتيجي ومهم جداً، وقد يكون فريداً من نوعه، ويمتاز بمزايا كثيرة مهمة وشيقة وخاصة وقد كثر حول الإمام المهدي عليه السلام النقاش، وتضاربت في رحابه الآراء،

ص: 9

وطاشت الأقلام، وكثرت عليه الأقوال، فآمن به قوم، وتحير قوم أو سكت آخرون، ناهيك وقد سخرت منه طائفة أو طوائف، هذا كله حول شخصية الإمام المهدي المنتظر عليه السلام.

إذن فإمامنا الثاني عشر الإمام الموعود المهدي المنتظر عليه السلام ليس من الذين أكل الدهر عليهم وشرب وصار نسياً منسياً، بل هو نداء إلي الملايين بل إلي كل من علي الأرض، وهو محط أنظار الأمم ومعقد آمال الشعوب كلها.

إذن الإمام المهدي المنتظر هو إنسان ولد قبل ألف ومئة وخمسة وسبعون سنة بالضبط أي من حين تأليف هذا الكتاب المتواضع وهو 1430ه.

ولا يزال إمامنا - أرواحنا له الفداء - حيا، ويعيش إلي الآن علي وجه الأرض يأكل ويشرب، ويعبد الله وهو منتظر وينتظر الأمر له بالخروج والظهور.

فالإمام المهدي عليه السلام غائب عن الأبصار، وقد يراه الناس ولا يعرفونه، وهو لا يعرف نفسه. ويحضر في كل مكان إذا أراد بإذن الله.

وله الإشراف علي العالم والإحاطة بالعباد والبلاد حيث يعلم بإذن الله تعالي كل ما يجري علي وجه الأرض.

وسيكون ظهوره في يوم معلوم عند الله تعالي ومجهول عندنا حيث ستكون قبل ظهوره عليه السلام أحداث وعلامات حتمية تشير إلي ظهوره الشريف.

إذا ظهر الإمام المهدي المنتظر عليه السلام سيحكم الكرة الأرضية جمعاء، وسوف ينزل عيسي ابن مريم عليه السلام من السماء ويصلي خلفه، وستخضع له جميع الشعوب والدول في العالم وستكون بإمرته عليه السلام.

وستنقاد له جميع الأديان والملل ومن في الأرض جميعاً حيث وعند ظهوره سيعود الإسلام صحيحاً كما جاء به خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلي الله عليه و آله و سلم .

إذن هذه هي بعض رؤي الأقلام فيما يتعلق بشخصية الإمام المهدي المنتظر عليه السلام .

ص: 10

من هو الإمام المهدي عليه السلام

اسمه و نسبه؟

هو الإمام محمد المهدي المنتظر عليه السلام .

ابن الإمام الحسن بن علي العسكري عليه السلام.

ابن الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام.

ابن الإمام محمد بن علي الجواد عليه السلام.

ابن الإمام علي بن موسي الرضا عليه السلام.

ابن الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليه السلام.

ابن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام.

ابن الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام.

ابن الإمام علي بن الحسين السجاد عليه السلام.

ابن الإمام الحسين بن علي الشهيد عليه السلام.

ابن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، وابن فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلوات الله عليهم أجمعين وما أجمل ما قاله الفرزدق الشاعر حيث قال:

أولئك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع

الإمام المهدي من المهد إلي الظهور:

إذن هذا نسبه الشريف الأرفع، كما صرحت بذلك الأحاديث المتواترة الكثيرة.

ص: 11

وأما أمه فهي السيدة الجليلة السعيدة المعظمة المكرمة المسماة (نرجس) وهي أم ولد تركية يتصل نسبها بأوصياء عيسي ابن مريم عليها السلام واسمها نرجس وكنيتها أم محمد.

وقد ذكر المحدثون أن لها ثمانية أسماء:

نَرجس، سَؤسَن، صَيقل أو صقيل، حديثة، حكيمة، مَليكة، ريحانة، و خَمط.

إذن فإن أشهر أسمائها نرجس، ومعلوم أن تعدد الأسماء لا يدل علي تعدد المسمي فها هي السيدة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين عليهاالسلام كانت لها أسماء عديدة، لذا فلا مانع من أن تسمي المرأة بأسماء متعددة لمناسبات مختلفة، ولعل هناك أسباباً وحكماً ومصالح سياسية أو اجتماعية وقد خفيت علينا.

وقد عبر عنها الأئمة عليهم السلام بأنها: (خيرة الإماء) أو (سيدة الإماء).

إذن فلا يضر الاختلاف في حسبها ونسبها فالشخصية واحدة والأقوال التي حولها مختلفة.

ونذكر رواية عن بشير بن سليمان النخاس، وهو من ولد أبي أيوب الأنصاري، وأحد موالي(1) الإمام علي الهادي عليه السلام والإمام الحسن العسكري عليه السلام وجارهما بسر من رأي، حيث قال: كان مولانا أبو الحسن الهادي عليه السلام فقهني في علم الرقيق(2) فكنت لا أبتاع(3) ولا أبيع إلا بإذنه، فاجتنبت بذلك موارد الشبهات حتي كملت معرفتي فيه، وأحسنت الفرق بين الحلال والحرام، فبينما أنا ذات ليلة في منزلي بسر من رأي، وقد مضي هوي(4) من الليل إذ قرع الباب قارغ، فإذا أنا بكافور الخادم، رسول مولانا أبي الحسن علي بن محمد عليهماالسلام يدعوني إليه فلبست ثيابي ودخلت عليه، فرأيته يحدث ابنه أبا محمد وأخته حكيمة من وراء الستر، فلما جلست قال:

«يا بشر: إنك من ولد الأنصار، وهذه الموالاة لم تزل فيكم، يرثها خلف عن

ص: 12


1- أي أحد الموالين للإمام.
2- الرقيق : المملوك من الجواري والعبيد
3- لا أبتاع: أي لا أشتري
4- هويُّ من الليل : أي ساعة

سَلَف، وأنتم ثِقاتنا أهل البيت، وإني مُزَكِّيك ومُشرفك بفضيلةٍ تسبق بها شأو الشيعة في الموالاة بها: بِسِرًّ أطلِعُكَ عليه، وأُنقذك في ابتياع(1) أمة».

فَكَتَبَ كتاباً ملصقاً بخطٍ روميٍ ولغةٍ روميّة، وطَبَعَ عليه بخاتمه، وأخرج شنقة(2) صفراء فيها مائتان وعشرون ديناراً، فقال: خذها وتوجه بها إلي بغداد، واحضَر مَعبَرَ الصُّراة(3) ضَحوَة يوم كذا(4)، فإذا وَصَلَت إلي جانبك زوارق(5) السبايا، وبَرَزنَ الجواري منها، فَسَتُحدقُ؛ بهن طوائف المبتاعين(6) من وكلاء قواد بني العباس، وشَراذِم(7) من فتيان العراق، فإذا رأيت ذلك فأشرف من البُغد علي المسمي عمر بن يزيد النخاس(8) عامَةَ نَهارِك إلي أن تبرز للمبتاعين جارية صِفتُها كذا وكذا، لابسة حريرتين صَفِيقَتَين(9) تمنع من السفور ولمس المعترض والانقياد لمن يحاول لمسها، ويشغل نَظَرَه بتأمُل مكاشفها من وراء الستر الرقيق. فيضربها النخاس، فتصرخ صرخة رومية، فاعلم أنها تقول: واهتك ستراه. فيقول بعض المبتاعين: علي بثلاثمائة دينار، فقد زادني العفاف فيها رغبة. فتقول له - بالعربية -: لو برزت في زي سليمان بن داود وعلي مثل سرير ملكه ما بدت لي فيك رغبة، فأشفق علي مالك.

فيقول الناس: فما الحيلة؟ ولا بد من بيعكِ؟

ص: 13


1- ابتياع : أي شراء
2- الشنتقة : هي الصرة توضع فيها النقود
3- معبر: أي الجسر الذي يعبر الناس عليه. الصراة : اسم لنهرين في بغداد، هما: الصراة الكبري، والصراة الصغري. ذكر ذلك ياقوت الحموي في كتابه (معجم البلدان). هذا... والموجود في المصدر: «معبر الفرات» لكن يبدو أن ذلك من أخطاء النساخ أو المطبعة، إذ من الواضح أن النهر الذي يجري في بغداد هو: دجلة.. لا الفرات.
4- «ضحوة كذا»: أي وقت الضحي من يوم كذا.
5- زوارق - جمع زورق -: السفينة الصغيرة والموجود في المصدر الزواريق، ولكن لم نجد ذلك في اللغة.
6- المبتاعين جمع مبتاع -: وهو المشتري. قوله «فَسَتُحدِق : يقال حَدَقَ القومُ به : أي أطافوا وأحاطوا به من كل جهة
7- شراذم - جمع شرذمة : وهي الجماعة القليلة من الناس
8- النخاس: بياع الجواري والعبيد
9- «صفيقتين»: يقال ثوب صفيق : أي كثيفٌ نَسجُه.

فتقول الجارية: وما العجلة؟ ولا بد من اختيار مبتاع يسكن قلبي إليه وإلي وفائه وأمانته.

فعند ذلك.. قم إلي عمر بن يزيد النخاس وقل له: إن معي كتاباً ملصقاً لبعض الأشراف، كَتَبَه بِلُغَة رومية و خَطًّ رومي ووَصَفَ فيه كَرَمه ووَفاءَه ونُبلَه وسخاءه فناوِلها لتتأَمل مِنه أخلاقَ صاحبِه، فإن مالت إليه ورضيته فأنا وكيله في ابتياعها منك.

قال بشر: فامتَثَلتُ جميعَ ما حَدَه(1) لي مولاي أبو الحسن عليه السلام في أمر الجارية .

فلما نَظَرَت في الكتاب بكَت بكاءً شديداً، وقالت لعمر بن يزيد: بعني من صاحب هذا الكتاب. وحَلَفَت بالمُحرِجة المغلَّظَة(2) أنه متي امتَنَعَ مِن بيعها منه قتلت نفسها.

فما زلت أشاحه(3) في ثمنها حتي استقر الأمر فيه علي مقدار ما كان أصحبنيه مولاي عليه السلام من الدنانير في الشنتقة الصفراء، فاستوفاه مني وتسلمت منه الجارية ضاحكة مستَبشِرَةً، وانصرَفتُ بها إلي حُجرتي التي كنت آوي إليها ببغداد.

فما أخذها القرار حتي أخرجت كتاب مولاها عليه السلام من جيبها وهي تلثمه(4) وتضعه علي خدها، وتطبقه علي جفنها(5)، وتمسحه علي بدنها. فقلت - تعجبأً منها - أتلثمين كتاباً لا تعرفين صاحبه؟

فقالت: أيها العاجز، الضعيف المعرفة بمحل أولاد الأنبياء! أعرني سمعك وفرغ لي قلبك: أنا مليكة بنت يشوعا بن قصر ملك الروم، وأمي من ولد الحواريين(6) تنتسب إلي وصي المسيح: شمعون.

ص: 14


1- حه: أي عرفه وبينه
2- المحرجة: أي القسم واليمين التي تضيق علي الحالف، بحيث لا يبقي له مجال عن بر قسمه. قوله «المغلظة»: أي المؤكدة من اليمين والقسم
3- قوله : « أشاحه، يقال: تشاح الرجلان علي كذا: أي لا يريدان أن يفوتهما، والمقصود أنه كان يساوم في ثمن الجارية ويطلب منه التخفيض في قيمتها
4- تلثمه: أي تقبله
5- تطبقه علي جفنها: أي تضعه علي عينها
6- الحواريون: هم خواص أصحاب النبي عيسي عليه السلام

أُنبئُكَ العجَبَ العجيب: إن جدي قيصر أراد أن يزوجني من ابن أخيه، وأنا من بنات ثلاث عشرة سنة، فجمع في قصره من نسل الحواريين ومن القسيسين والرهبان ثلاثمائة رجل، ومن ذوي الأخطار(1) سبعمائة رجل، وجمع من أمراء الأجناد وقؤاد العساكر ونقباء الجيوش وملوك العشائر أربعة آلاف، وأبرز من بهو(2) ملكه عرشاً مصنوعاً(3)من أصناف الجواهر إلي صحن القصر، فرفعه فوق أربعين مرقاة.

فلما صعد ابن أخيه وأحدقت به الصلبان(4) وقامت الأساقفة(5) عُكَّفاً، ونُشرت أسفار الإنجيل(6) تساقطت الصلبان من الأعالي فلصقت بالأرض، وتقوضت الأعمدة فأنهارت إلي القرار، وخر الصاعد من العرش مغشياَ عليه(7) فتغيرت ألوان الأساقفة وارتعدت فرائصهم، فقال كبيرهم لجدي: أيها الملك أعفنا من ملاقاة هذه النحوس الدالة علي زوال هذا الدين المسيحي والمذهب الملكاني(8).

فتطير جدي من ذلك تطيراً شديداً(9)، وقال للأساقفة: أقيموا هذه الأعمدة وارفعوا الصلبان وأحضروا أخا هذا المدير العاثر المنكوس جده(10) لأزوج منه هذه الصبية فيدفع نحوسه عنكم بسعوده.

ص: 15


1- ذوي الأخطار-جمع الخطر – أصحاب الشرف، والشخصيات البارزة
2- البهو: هو البيت المقدم أمام البيوت، والذي يعبر عنه ب(قاعة الاستقبال)
3- وفي نسخة: مصوغاً
4- الصلبان: جمع صليب، قال الليث: ما يتخذه النصاري قبلة
5- الأساقفة جمع أسقف -: هو الرئيس الديني عند النصاري . وهو أعلي مرتبة من القسيس
6- أسفار جمع سفر: جزء من أجزاء الإنجيل
7- يقال لهذا النوع من الحوادث : الإرهاص: ومعناه الإخبار عن حادث عظيم قبل وقوعه بفترة طويلة، كما حدث شبيه هذا... ليلة ميلاد نبي الإسلام الرسول الأعظم. وسقطت شرفات من طاق كسري وخمدت نار فارس وأمثال ذلك
8- الملكانية: من المذاهب المسيحية
9- تطير: أي تشاءم
10- المنكوس جده: أي المقلوب حظه، والمقصود: أن قيصر لما رأي ما جري في زواج ابن أخيه أراد أن يزوج السيدة نرجس من أخ ذلك العريس

فلما فعلوا ذلك حدث علي الثاني ما حدث علي الأول، وتفرق الناس، وقام جدي قيصر مغتماً، ودخل قضره، وأرخيت الستور.

فأريت في تلك الليلة كأن المسيح وشمعون وعدة من الحواريين قد اجتمعوا في قصر جدي، ونصبوا فيه منبراً يباري السماء غلواً وارتفاعاً في الموضع الذي كان جدي نصب فيه عرشه، فدخل عليهم محمد صلي الله عليه و آله و سلم مع فتية وعدة من بنيه، فتقدم المسيح إليه فاعتنقه، فقال(1) له محمد صلي الله عليه و آله و سلم :

«يا روح الله إني جئتك خاطباً ممن وصيك شمعون فتاته مليكة لابني هذا»، وأومأ بيده إلي أبي محمد ابن صاحب هذا الكتاب.

فنظر المسيح إلي شمعون وقال له: قد أتاك الشرف، فصل رحمك برحم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم . قال: قد فعلت. فصعد ذلك المنبر وخطب محمد صلي الله عليه و آله و سلم وزوجني من ابنه وشهد المسيح عليه السلام وشهد أبناء محمد صلي الله عليه و آله و سلم (2) والحواريون.

فلما استيقظت من نومي أشفقت أن أقص هذه الرؤيا علي أبي وجدي مخافة القتل.

وضرب صدري بمحبة أبي محمد(3) حتي امتنعت من الطعام والشراب، وضعفت نفسي، ودق شخصي، ومرضت مرضاً شديداً، فما بقي في مدائن الروم طبيب إلا أحضره جدي وسأله عن دوائي، فلما برح به اليأس قال: يا قرة عيني هل تشتهين شيئاً؟

فقلت: يا جدي أري أبواب الفرج علي مغلقة، فلو كشفت العذاب عمن في سجنك من أساري المسلمين، وفككت عنهم الأغلال، وتصدقت عليهم، ومننت عليهم بالخلاص، لرجوت أن يهب المسيح وأُمُّه لي عافية وشفاءً.

فلما فعل ذلك جدي تجلدت في إظهار الصحة في بدني، وتناولت يسيراً من الطعام، فسر بذلك جدي، وأقبل علي إكرام الأساري وإعزازهم.

ص: 16


1- الموجود في المصدر : «فيقول» عوضاً عن «فقال»
2- وفي نسخة «بنو محمد»
3- ضرب صدري: أي ألزم وأحيط بمحبة أبي محمد

فرأيت أيضاَ - بعد أربع ليال -: كأن سيدة النساء قد زارتني ومعها مريم بنت عمران وألف وصيفة من وصائف الجنان، فتقول لي مريم: هذه سيدة نساء العالمين، وأم زوجك أبي محمد. فأتعلق بها وأبكي وأشكو إليها امتناع أبي محمد من زيارتي.

فقالت لي سيدة النساء: إن ابني لا يزورك وأنت مشركة بالله وعلي مذهب النصاري، وهذه أختي مريم تبرأ إلي الله من دينك، فإن ملت(1) إلي رضي الله عز وجل ورضي المسيح ومريم عنك وزيارة أبي محمد إياك فقولي: أشهد أن لا إله إلا الله وأن أبي محمداً رسول الله.

فلما تكلمت بهذه الكلمة ضمتني سيدة النساء إلي صدرها، فطيبت لي نفسي وقالت: الآن توقعي زيارة أبي محمد إياك فائي منفدته إليك.

فانتبهت وأنا أقول: واشوقاه إلي لقاء أبي محمد. فلما كانت الليلة القابلة جاءني أبو محمد عليه السلام في منامي، فرأيتهُ كأني أقولُ له: جفوتني يا حبيبي بعد أن شغلت قلبي بجوامع حبك؟. فقال: ما كان تأخيري عنك إلا لشركك، وإذ قد أسلمت فإني زائرك في كل ليلة إلي أن يجمع الله شملنا في العيان. فما قطع عني زيارته بعد ذلك إلي هذه الغاية.

قال بشر: فقلت لها: وكيف وقعت في الأسر؟

فقالت: أخبرني أبو محمد ليلة من الليالي أن جد سيسير جيشاً إلي قتال المسلمين يوم كذا، ثم يتبعهم، فعليك باللحاق بهم متنكّره في زِيِّ الخَدَمِ مَعَ عِدَّهٍ من الوصائف من طريق كذا.

ففعلت، فوقعت علينا طلاع المسلمين حتي كان من أمري ما رأيت وشاهدت، وما شَعَرَ أحَدٌ - بي بأني ابنة ملك الروم إلي هذه الغاية - سواك، وذلك باطلاعي إياك عليه.

ولقد سألني الشيخ الذي وقعت إليه في سهمه الغنيمة عن اسمي، فَأَنكَرتُهُ وقُلتُ:

نرجس. فقال: اسم الجواري.

ص: 17


1- ملت: اي رغبت

فقلت: العجب إنك رومية ولسانك عربي؟(1).

قالت: بلغ من ولوع(2) جدي وحمله إياي علي تعلم الآداب أن أوعز إلي امرأة ترجمانة في الاختلاف إلي(3)، فكانت تقصدني صباحاً ومساءً، وتفيدني العربية حتي أستمر عليها لساني وأستقام.

قال بشر: فلما انْكَفَأَتِ(4) بها إلي (سر من رأي) دخلت علي مولانا أبي الحسن العسكري عليه السلام (5) فقال لها: كيف أراك الله عز الإسلام وذل النصرانية(6) وشرف أهل بيت محمد صلي الله عليه و آله و سلم؟

قالت: كيف أصف لك يا بن رسول الله ما أنت أغلم به مني؟

قال: فإني أريد(7) أن أكرمك، فأيما أحب إليك: عشرة آلاف درهم؟ أم بشري لك بشرف الأبد؟

قالت: بل البشري.

قال عليه السلام : فَأَبشِري بِوَلَدٍ يَملِكُ الدُّنيا شَرقاً وغَرباً، ويَملَأُ الأَرضَ قِسطاً وعَدلاً، كَما مُلِئَت ظُلماً وجَوراً.

قالت: ممن؟ قال عليه السلام ممن خطبك رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم له، لَيلَهِ كَذا مِن شَهرِ كَذا، مِن سَنَهِ كَذا بِالرّومِيَّهِ(8).

قالت: من المسيح ووصيه؟

ص: 18


1- هذا كلام بشر وسؤاله منها
2- الؤلع: شدة الحب والتعلق بشيء
3- الاختلاف إلي: أي التردد يقال: اختلف إلي المكان: أي تردد، وجاء إليه المرة بعد الأخري
4- انكفأت: أي رجَعتُ
5- إن لقب «العسكري» قديطلق علي الإمام الهادي والد الإمام الحسن العسكري (عليهماالسلام)
6- إشارة إلي انتصار المسلمين علي جيش قيصر جد نرجس
7- وفي نسخة: إني أحب
8- أي بالتاريخ الميلادي ... لا التاريخ الهجري

قال: مِمَّنْ زَوَّجَكِ اَلْمَسِيحُ وَ وَصِيُّهُ؟

قالت: من ابنك أبي محمد؟

فقال: هل تعرفينه؟

قالت: وَ هَلْ خَلَتْ لَيْلَةٌ لَمْ يَرَنِي فِيهَا مُنْذُ اَللَّيْلَةِ اَلَّتِي أَسْلَمْتُ عَلَي يَدِ سَيِّدَةِ اَلنِّسَاءِ أُمِّهِ(1)؟

فقال أبو الحسن الهادي عليه السلام: يَا كَافُورُ اُدْعُ لِي أُخْتِي حَكِيمَةَ فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قَالَ لها: ها هيه. فأعتنقتها طويلاً، وسرت بها كثيراً، فقال لها أبو الحسن عليه السلام: يا بنت رسول الله خذيها إلي منزلك، وعلميها الفرائض والسنن، فإنها زوجة أبي محمد وأم القائم عليه السلام(2).

أيها القاريء الكريم: لعل هذا الحديث يحتاج إلي شيء من التعليق والتحليل والتحقيق فأقول:

الرؤيا الصادقة حقيقة ثابتة في القرآن والسنة، واستيعاب هذا البحث يحتاج إلي تأليف خاص، كما فعل ذلك شيخنا النوري (عليه الرحمة) في كتابه: (دار السلام) ويمكن أن نلخص القول فيما يلي:

لقد ذكر الله تعالي في القرآن الكريم منامات عديدة للأنبياء وغيرهم، فذكر في سورة الصافات رؤيا النبي إبراهيم عليه السلام(3) وفي سورة يوسف تجد أربع منامات أحدها ليوسف بن يعقوب عليهما السلام واثنين للشابين اللذين دخلا معه السجن، ورؤيا للملك يومذاك، وكانت هذه الأحلام والمنامات صادقة، فقد تحقق تأويلها وتعبيرها في الخارج(4)

ص: 19


1- يعبر عن السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) ب «أم الأئمة» لأن الأئمة الأحد عشر أبناؤها
2- روي هذا الحديث الشيخ الصدوق في (إكمال الدين) والشيخ الطوسي في (كتاب الغيبة) بألفاظ متقاربة ونحن جمعنا بين الروايات بقدر المستطاع واخترنا أحسن الوجوه
3- انظر سورة الصافات، الآية : 102.
4- تجد ذلك في سورة يوسف الآيات 4، 36، 37، 40، 42.

وفي الأحاديث النبوية وأحاديث أئمة أهل البيت عليه السلام تجد كمية كثيرة من المنامات والأحلام الصادقة التي تحقق تأويلها وتعبيرها، فلقد رأي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في المنام: «أن رِجَالًا يَنْزُونَ عَلَي مِنْبَرِهِ نَزْوَ الْقِرَدَةِ يَرُدُّونَ النَّاسَ عَلَي أَعْقَابِهِمُ الْقَهْقَرَي»، فَاسْتَوَي رَسُولُ اللَّهِ جَالِساً وَ الْحُزْنُ يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ فَأَتَاهُ جَبْرَئِيلُ بِهَذِهِ الْآيَهًِْ:

«وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا »(1) يعني بَني اُمَيَّةَ(2)

ورأي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم منامات أخري وفسرها فكانت كما أخبر بها، تجد التفاصيل في الكتب التي تتحدث عن سيرته صلي الله عليه و آله و سلم.

والسيدة فاطمة الزهراء عليهاالسلام رأت أباها رسول الله في المنام في يوم وفاتها، فقال لها النبي صلي الله عليه و آله و سلم:

«أنت الليلة عندي». فتوفيت عليهاالسلام في ذلك اليوم، وكذلك الإمام علي أمير المؤمنين والإمام الحسين عليهماالسلام كل منهما رأي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في المنام. فأخبر النبي كلا منهما باقتراب شهادته وتعيين يومها.

فالرؤيا الصادقة تعتبر للإنسان الرائي مكاشفة ومكالمة ومخابرة من عالم ما وراء الطبيعة، ولقد ثبت في الأحاديث الصحيحة كلام رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم حيث قال:

«مَنْ رَآنِي فَقَدْ رآني، فإن الشَّيْطانُ لا يَتَمثَّلُ بِي» وروي الحديث أيضاً هكذا: «من رآنا فقد رآنا».

لقد كانت رؤيا السيدة نرجس رؤيا صادقة، بل تعتبر رؤياها نوعاً من المكاشَفَة، فقد خَطَبها رسولُ الله صلي الله عليه و آله و سلم في عالم الرؤيا، وأسلَمت في عالَم الرؤيا بعد أن لَقَّنَتها

ص: 20


1- سورة الإسراء، الآية: 60.
2- بعض مصادر الحديث : السيوطي في (الدر المنثور) في تفسير الآية، مقدمة الصحيفة السجادية البيهقي في (الدلائل)، وابن عساكر، والألوسي في تفسيره (روح البيان) ج15 ص100، وابن كثير في تفسيره ج 3 ص 49، والفخر الرازي في تفسيره

السيدة فاطمة الزهراء عليهاالسلام كلمة الشهادتين، وكانت السيدة نرجس تري الإمام الحسن العسكري في منامها في كل ليلة، وأخيراً أخبرها الإمام بأن جدها قيصر ينوي محاربة المسلمين، وأمرها أن تجعل نفسها مع الوصائف والخدم وترافق الجيش ليكون ذلك وسيلة لوصولها إلي البلاد الإسلامية، ثم تحظي بشرف المثول والحضور عند الإمام العسكري عليه السلام.

كل هذه الأشياء تعتبر من الأمور الممكنة، وقد وقعت أمثالها بكثرة علي مر التاريخ. واختص الله تعالي السيدة نرجس بهذا الشرف الأرفع الخالد، بعد أن خلق فيها المؤهلات والمواهب من: نفسية شريفة، وفضائل شخصية، ومزايا جمة، كالحياء والعفة، وقوة الشخصية، والإيمان والأصالة وغيرها، وهذه الفضائل والامتيازات قد أهلتها لتكون والدة لسيدنا صاحب الزمان الحجة ابن الحسن، المهدي عليهماالسلام فإن الوراثة لها كل الأثر في الطفل... وإلا فما هي الدوافع والدواعي لأن يخطبها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في المنام وهي في بلاد الروم؟

أما وجد الإمام العسكري عليه السلام في البلاد الإسلامية امرأة مسلمة يتزوجها، أو جارية مسلمة يشتريها؟؟. فلماذا هذه المقدمات الطويلة العريضة، وهذه التشريفات الخاصة العجيبة؟

من الواضح أننا لا نستطيع الإحاطة والاطلاع بصورة مفصلة عن حياة السيدة نرجس من حيث نفسيتها الممتازة وشخصيتها المثالية!

ص: 21

ص: 22

ميلاد الإمام المهدي المنتظر عليه السلام

ولد الإمام المهدي عليه السلام ليلة النصف من شعبان وقت السحر سنة 255ه. وقبيل الفجر في جو من الكتمان والخفاء، والتي كان فيها جبابرة بني العباس وأتباعهم في نوم عميق، كعادتهم في كل ليلة.

وأما في الطرف الثاني في بيت النبوة والإمامة في البيت العلوي الطاهر، في بيت الإمام الحسن العسكري عليه السلام كان هذا البيت الطاهر عامراً بأصوات الدعاء والابتهال والصلاة إلي الله تعالي وتلاوة القرآن.

وما أشرف وأسعد تلك اللحظات من سحر ليلة الجمعة من النصف من شعبان !! وما أسعدها من ليلة حيث «لا يولد مولود إلا كان مؤمناً، وإن ولد في أرض الشرك نقله الله إلي الإيمان ببركة الإمام المهدي المنتظر عليه السلام(1)!! وما أنسب ذلك الوقت لولادته عليه السلام حيث روعيت فيه جوانب الحكمة كلها!»

ولولادة الإمام المهدي المنتظر عليه السلام قصة عجيبة تدل علي عناية الله له.

فها هي السيدة حكيمة - بنت الإمام محمد بن علي الجواد عليه السلام وأخت الإمام علي الهادي عليه السلام وعمة الإمام الحسن العسكري عليه السلام - حاضرة عند ولادة الإمام المهدي المنتظر عليه السلام، وقد شاهدت المراحل كلها في تلك الليلة.

ص: 23


1- نقل الشيخ المجلسي في كتابه (بحار الأنوار) ما نصه: «نقل من خط الشهيد عن الصادق عليه السلام قال : إن الليلة التي يولد فيها القائم عليه السلام لا يولد فيها مولود إلا كان مؤمناً، وإن ولد في أرض الشرك نقله الله إلي الإيمان ببركة الإمام عليه السلام، مراجعة (بحار الأنوار) ج51، ص28 من الطبعة الحديثة في إيران سنة 1393ه . وهناك رأي بعض العلماء بأنه يكون من المحتمل الذين ولدوا في نفس الليلة التي ولد فيها الإمام عليه السلام من نفس السنة أي سنة (255ه) والله العالم

ومن الطبيعي أن الولادة تثبت بشهادة نساء الأسرة أو القابلة المولدة، وشهادة السيدة حكيمة شهادة ثقة حيث إنها بنت إمام وأخت إمام وعمة إمام، كما أنها ولدت ونشأت وترعرعت في بيت الإباء والإمامة حيث الصدق والعلم والإيمان، وهل هناك في ذلك العصر امرأة جليلة أصدق منها قولاً؟ وأوثق منها كلاماً؟ وأطهر لساناً وأكثر اطمئناناً من تلك السيدة الجليلة العابدة الطاهرة المتهجدة الصالحة؟ فلا شك ولا ريب في صدق كلامها وحديثها سلام الله عليها.

تقول السيدة الجليلة الفاضلة حكيمة (رضوان الله عليها):

بعث إلي الإمام أبو محمد الحسن بن علي عليه السلام فقال:

«يا حكيمة اجعلي إفطارك عندنا هذه الليلة فإنها ليلة النصف من شعبان، فإن الله تبارك وتعالي سيظهر في هذه الليلة الحجة المنتظر عليه السلام وهو حجته علي أرضه» .

قالت: فقلت: ومن أمه؟

فقال لي: «نرجس».

قلت له: جعلت فداك والله ما بها من أثر.

فقال: «هو ما أقول لك».

قالت: فجئت فلما سلمت وجلست جاءت نرجس عليهاالسلام تنزع خفي، وقالت لي يا سيدتي، وسيدة أهلي، كيف أمسيت؟ فقلت: بل أنت سيدتي وسيدة أهلي، فأنكرت قولي، وقالت: ما هذا يا عمة؟! عندها قلت لها: «إن الله تعالي سيهب لك في هذه الليلة غلاماً سيداً في الدنيا والآخرة».

قالت: فخجلت واستحيت، فلما أن فرغت من صلاة العشاء الآخرة أفطرت وأخذت مضجعي فرقدت، فلما أن كان في جوف الليل قمت إلي الصلاة ففرغت من صلاتي وهي نائمة (أي نرجس) ليس بها حادثة، ثم جلست معقية ثم اضطجعت ثم انتبهت فزعةً وهي راقدة، ثم قامت فضلت ونامت.

ص: 24

قالت حكيمة: فخرجت أتفقد الفجر فإذا أنا بالفجر الأول كذئب السرحان وهي نائمة فداخلني الشك، فناداني الإمام أبو محمد الحسن العسكري عليه السلام من المجلس، فقال لي:

«لا تعجلي يا عمة! فهناك الأمر قد قرب»، قالت: فجلست وقرأت ألم السجدة ويس. فبينما أنا كذلك انتبهت فزعة فوثبت إليها فقلت اسم الله عليك، ثم قلت لها: أتحسين شيئاً؟

قالت: نعم يا عمة.

فقلت لها: اجمعي نفسك واجمعي قلبك فهو ما قلت لك.

فأخذتني فترة وأخذتها فترة، وانتبهت بحسن سيدي فكشفت عنها، فإذا أنا به عليه السلام ساجداً يتلقي الأرض بمساجده فضممته عليه السلام، فإذا أنا به نظيف منظف فصاح بي الإمام أبو محمد الحسن العسكري عليه السلام هلمي إلي ابني يا عمة، فجئت به إليه فوضع يده تحت أليته وظهره ووضع قدميه في صدره ثم أدلي لسانه في فيه وأمر يده علي عينيه ومفاصله(1)

وفي رواية أخري، قالت حكيمة: فأخذت بكتفيه فضممته إلي، وأجلسته في حجري، فإذا هو نظيف منظف، فصاح بي أبو محمد العسكري عليه السلام هلمي لي بابني يا عمة، فجئت به إليه، فأجلسته علي راحته اليسري، وجعل راحته اليمني علي ظهره، ثم أدخل الإمام العسكري، لسانه في فيه، وأمر يده علي رأسه وعينيه و سمعه ومفاصله، ثم قال له: تكلم يا حجة الله وبقية الأنبياء، وخاتم الأوصياء، تكلم يا خليفة الأتقياء...

فتشهد الشهادتين وصلي علي النبي والأئمة الطاهرين واحداً واحداً، ثم سكت بعد وصوله إلي اسم أبيه، ثم استعاذ من الشيطان الرجيم وتلا هذه الآية:

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»

ص: 25


1- الإمام المهدي عليه السلام قدوة وأسوة ص365.

«وَنُريدُ أَن نَمُنَّ عَلَي الَّذينَ استُضعِفوا فِي الأَرضِ وَنَجعَلَهُم أَئِمَّةً وَنَجعَلَهُمُ الوارِثينَ*وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ» (1)

فناولنيه الإمام أبو محمد العسكري عليه السلام وقال: يا عمة رديه إِلي أُمِّهِ كَي تَقَرَّ عَينُها وَلا تَحزَنَ وَلِتَعلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ الناس لَا يَعْلَمُونَ. فَرَدَدْتُهُ إِلَي أُمِّهِ وَ قَدِ انْفَجَرَ الْفَجْرُ الثَّانِي(2) فَصَلَّيتُ الْفَرِيضَه، ثُمَّ وَدَّعتُ الإمام أبو محمد العسكري عليه السلام وانصَرَفتَ.

ص: 26


1- سورة القصص، الآيتان: 5، 6.
2- الفجر الثاني: ويعبر عنه ب «الفجر الصادق»: هو البياض «الضوء» الذي يظهر في عرض الأفق في جانب المشرق يمتد وينتشر حتي يعم السماء كلها وهو علامة دخول وقت الصلاة. المصادر: بحار الأنوار الشيخ المجلسي ج51، ص13 ، 28 والطبعة الحديثة، طبع إيران 1393ه. إكمال الدين الشيخ الصدوق: ج2 ص424 - 433؛ طبع إيران 1395

العقيقة والإطعام

ما هي العقيقة وتعريفها

العقيقة: هي الذبيحة من شاة أو بقر أو إبل تذبح بعد ولادة المولود وهي من السنة النبوية المستحبة شرعاً، وقد عق رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم عن ولديه الحسن والحسين عليهما السلام بكبشين في اليوم السابع من ولادتهما(1).

إذن فالعقيقة تعتبر فداء للطفل وتأمينا علي حياته، ففي الحديث الشريف روي عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم:

«كُلُّ اِمْرِئٍ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ»(2).

وعن الإمام الصادق عليه السلام قال:

«كُلُّ مَوْلُودٍ مُرْتَهَنٌ بِالْعَقِيقَةِ»(3) .

ومن هذه المقدمة فقد عق الإمام أبو محمد العسكري عليه السلام عن ابنه الإمام المهدي المنتظر عليه السلام بثلاثمائة عقيقة(4).

إذن لم يذكر التاريخ بأن مولوداً عق عنه بثلاثمائة عقيقة، سوي الإمام المهدي المنتظر عليه السلام.

ص: 27


1- فرائد السمطين للحموي الشافعي ج2 ص 104 - 105 طبع لبنان 1400 ه. ذخائر العقبي للطبري الشافعي ص118، طبع مصر 1356 ه
2- بحار الأنوار للشيخ المجلسي ج104 ص126 طبع طهران 1389ه.
3- مكارم الأخلاق للطبرسي ص 226 طبع لبنان 1392 ه.
4- إكمال الدين للشيخ الصدوق ج2 ص106، طبع طهران المطبوع مع الترجمة الفارسية سنة 1396ه

والسر في هذا عظيم، فإن العقيقة الواحدة إذا كانت نافذة المفعول في طول عمر المولود بالعمر الطبيعي المتعارف و هو ما بين الستين والسبعين كما يروي عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم:

«أعمار أمتي بين الستين والسبعين فإن المولود الذي قدر الله تعالي له أن يعيش ألفاً ومئات السنين مع كثرة أعدائه، يتطلب أن يعق عنه بمئات الذبائح لنفس الغرض» .

ولا منافاة في أن يكون الله تعالي هو الحافظ والحارس للإمام المهدي المنتظر عليه السلام خلال قرون حياته، وفي نفس الوقت يعق عنه بهذه الكمية والعدد الوافرتحقيقاً للهدف.

لذا فإن العقيقة لها آثارها الوضعية.

لذا نفهم من خلال هذا الموضوع بأن الإمام أبا محمد العسكري عليه السلام قام بهذه العملية لأمرين:

1- تمديداً لطول عمر ولده الإمام المهدي المنتظر عليه السلام .

2 - إعلاماً لشيعته بولادة الإمام المهدي المنتظر .

ص: 28

النص علي إمامة الإمام المهدي المنتظر عليه السلام

1- قال أبو غانم الخادم: ولد للإمام أبي محمد العسكري عليه السلام مولود فسماه محمداً، فعرضه علي أصحابه يوم الثالث، وقال: هذا صاحبكم من بعدي وخليفتي عليكم، وهو القائم الذي تمتد إليه الأعناق بالانتظار، فإذا امتلأت الأرض جوراً وظلماً فيملؤها قسطاً وعدلاًً(1)

2- قال محمد بن عثمان العمري: عرض علينا أبو محمد الحسن بن علي عليه السلام ولده ونحن في منزله وكنا أربعين رجلاً، فقال: هذا إمامكم من بعدي وخليفتي عليكم، أطيعوه ولا تتفرقوا من بعدي في أديانكم لتهلكوا، أما إنكم لا ترونه بعد يومكم هذا، قالوا: فخرجنا من عنده، فما مضت إلا أياماً قلائل حتي مضي أبو محمد الحسن بن علي العسكري عليه السلام

ص: 29


1- الإمام المهدي لدخيل / 132

ص: 30

الإمام المهدي المنتظر عليه السلام في القرآن الكريم

القرآن الكريم، كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .

لذا نري أن القرآن الكريم قد أخبر عن أحداث كثيرة حيث تحدث عن غلبة الروم علي الفرس، وعن قيام دولة اليهود مع الدول الكبري، وقد أخبر عن يأجوج ومأجوج ومصيرهما في المستقبل.

وقد أخبر القرآن عن غزو الفضاء بقوله تعالي: «يمَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطنٍ(1)

فهل يا تري أن القرآن الكريم، يسكت عن هذا الحادث العظيم والجلل الذي يعتبر تبدلاً عظيماً في الحياة البشرية.

أتري بأن القرآن الكريم لا يخبرنا عن ظهور مولانا الإمام المهدي المنتظر عليه السلام واستيلائه علي الحكم؟

كلا ثم كلا! بل القرآن الكريم قد أخبر عن الإمام المهدي المنتظر عليه السلام وقيام حكومته حكومة العدل الإلهي وقيام تلك الحكومة العادلة وتحت رايته الشريفة في مواضع عديدة و آيات متعددة وكثيرة.

وتلك الآيات إما مفسرة أو مأولة بالإمام المهدي المنتظر عليه السلام وظهوره كما صرح بذلك أئمة أهل البيت عليهم السلام والذي قد نزل القرآن الكريم في بيوتهم وأهل البيت عليهم السلام هم أعلم وأدري بما في البيت.

ص: 31


1- سورة الرحمن، الآية: 133

وإليك بعض الآيات الكريمة:

«فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا»(1).

عن المفضل بن عمر، عن الصادق عليه السلام قال: «إذا أوذن الإمام دعا الله عز وجل باسمه العبراني فانتجب له أصحابه الثلاثمائة وثلاثة عشر قزع كقزع الخريف وهم أصحاب الألوية»(2).

وفي كمال الدين(3) عن الصادق عليه السلام قال:

«لقد نزلت هذه الآية في المفتقدين من أصحاب القائم عليه السلام.. إنهم ليفتقدون عن فرشهم ليلاً فيصبحون بمكة وبعضهم يسير في السحاب يعرف باسمه واسم أبيه وحليته ونسبه». قال، قلت: جعلت فداك أيهم أعظم إيماناً؟ قال عليه السلام:

«الذي يسير في السحاب نهاراً»

وأيضا قال أبو جعفر عليه السلام:

«والله لكأني أنظر إلي القائم عليه السلام وقد أسند ظهره إلي الحج ثم ينشد الله حقه ثم يقول: يا أيها الناس من يحاجني في الله فأنا أولي بالله... (في حديث قال فيه): فيكون أول من يبايعه جبريل، ثم الثلاثمائة والثلاثة عشر رجلاً. فمن كان ابتلي بالمسير وافي، ومن لم يبتل بالمسير فقد من فراشه.. وذلك قول الله: «فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَميعاً» (4)

وفي الروضة(5) عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: «فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ» قال:

ص: 32


1- سورة البقرة، الآية: 148
2- تفسير العياشي: ج1 ص67، ح118؛ والغيبة للنعماني: ص312، ح 320.
3- كمال الدين: ج2 ص672، باب : (58)، ح 24؛ وتفسير العياشي: ج1 ص67، ح 118.
4- تفسير العياشي: 2/ 56، ح 49، وتفسير القمي: 205/2 ، والغيبة للنعماني: ص181 باب: (10)، ح30، والكافي : 8/ 313 :487
5- روضة الكافي: ص 313

«الخيرات: الولاية وقوله: «أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا» يعني أصحاب القائم عليه السلام الثلاثمائة والبضعة عشر... هم والله الأمة المعدودة.. يجتمعون والله في ساعة واحدة قزع كقزع الخريف».

وأيضاً عن علي بن الحسين عليه السلام أنه قال:

«الفقداء قوم يفقدون من فرشهم فيصبحون بمكة وهو قول الله عز وجل «ايْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا» وهم أصحاب القائم عليه السلام»(1)

وأيضا عن الإمام الصادق عليه السلام في قوله: «ايْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا»

قال:

«نزلت في القائم عليه السلام وأصحابه يجتمعون علي غير ميعاد»(2)

وفي كتاب الغيبة(3)عن أمير المؤمنين عليه السلام قال:

«لا يزال الناس ينقصون حتي لا يقال (الله) فإذا كان ذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه، فيبعث الله قوماً من أطرافها يجيئون قزعاً كقزع الخريف، والله إني لأعرفهم وأعرف أسماءهم وقبائلهم واسم أميرهم، وهم قوم يحملهم الله كيف شاء... فيتوافون من الآفاق ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً عدة أهل بدر، وهو قول الله «ايْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا» حتي أن الرجل ليحتبي فلا يحل حبوته حتي يبلغه الله ذلك».

وأيضا عن الإمام الباقر عليه السلام في حديث طويل حول المهدي وأصحابه وأعدائه قال فيه:

«ويجيء والله ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً فيهم خمسون امرأة يجتمعون بمكة علي غير ميعاد، قزعاً كقزع الخريف، يتلو بعضهم بعضاً وهي الآية التي قال الله «ايْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا»»(4)

ص: 33


1- كتاب الغيبة للنعماني : ص 168، وكمال الدين للصدوق: ج1 ص 654 باب : (57)، ح21.
2- المصدر السابق : ص127
3- الغيبة للشيخ الطوسي: ص 477، ح503
4- تفسير العياشي:1/ 64، ح 117، ونحوه في الغيبة للنعماني :ص279 باب : (14)، والإرشاد للمفيد : ص 359، والغيبة للطوسي: ص 441، ح 434.

وأيضا عن أبي عبد الله جعفر الصادق عليه السلام في ذكر أصحاب المهدي عليه السلام قال:

«فذلك ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً بعدد أهل بدر يجمعهم الله إلي مكة في ليلة واحدة وهي ليلة الجمعة فيتوافون في صبيحتها إلي المسجد الحرام لا يختلف منهم رجل واحد... يلقي بعضهم بعضا كأنهم بنو أب وأم. وإن افترقوا عشاء التقوا غدوة وذلك تأويل هذه الآية : «فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا»(1).

وعن الرضا عليه السلام وقد سئل عن الآية، قال:

«وذلك والله أن لو قد قام قائمنا يجمع الله إليه شيعتنا من جميع البلدان»(2).

وفي حديث طويل للإمام الجواد عليه السلام حول المهدي وأصحابه قال فيه:

«تطوي له الأرض، ويذل له كل صعب، يجتمع إليه من أصحابه عدة أهل بدر.. من أقاصي الأرض وذلك قول الله: «فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا» فإذا اجتمعت له هذه العدة من أهل الإخلاص أظهر الله أمره فإذا كمل له العقد وهو عشرة آلاف رجل خرج بإذن الله...»(3)

«ولَنَبلُوَنَّكُم بِشَيءٍ مِنَ الخَوفِ وَالجوعِ وَ نَقصٍ مِنَ الاَموالِ وَ الاَنفُسِ وَ الثَّمَراتِ وَ بَشِّرِ الصابِرين»(4).

وعن الباقر عليه السلام فيما رواه العياشي، والنعماني في الغيبة، في حديث له قال:

«وذاك الخوف (بالشام) إذا قام القائم عليه السلام، وأما الجوع فقبل قيام القائم عليه السلام وذلك قوله: «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ»(5).

عن الصادق عليه السلام قال:

ص: 34


1- دلائل الإمامة للطبري: ص 560، وملاحم ابن طاوس : ص 201.
2- تفسير العياشي:66/1 ، ح 117
3- كمال الدين للصدوق : ج 2 ص 377 باب : (36)، ح2
4- سورة البقرة، الآية : 155.
5- تفسير العياشي: 68/1، والغيبة للنعماني : ص251 باب : (14)، ح7.

«لا بد أن يكون قدام القائم سنة يجوع فيها الناس ويصيبهم خوف شديد من القتل ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، فإن ذلك في كتاب الله لبين» ثم تلا هذه الآية(1).

عن الصادق عليه السلام قال:

«إن قدام القائم علامات تكون من الله للمؤمنين» قلت: وما هي جعلني الله فداك؟

قال:

«ذلك قول الله عز وجل: «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ» يعني المؤمنين قبل خروج القائم عليه السلام» .

«هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ أللهُ في ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَ الْمَلائِكَةُ وَ قُضِيَ الْأَمْرُ وَ إِلَي اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ»(2) (3)

عن الإمام الباقر عليه السلام قال:

«ينزل المهدي في سبع قباب من نور، لا يعلم في أيها هو ينزل في ظهر الكوفة»(4) وفي الحديث بسند آخر عنه أيضاً:

«إنه نازل في قباب من نور حين ينزل بظهر الكوفة علي الفاروق»(5).

«يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا »(6)

سأل أبو بصير عن الإمام الباقر عليه السلام من الآية، فقال:

«معرفة الإمام واجتناب الكبائر، ومن مات وليس في رقبته بيعة لإمام مات ميتة

ص: 35


1- غيبة النعماني : ص 250 باب (14) ح6.
2- سورة البقرة، الآية:210
3- الإمامة والتبصرة من الحيرة: ص129، وكمال الدين: ص469 باب: (57) ح3، وكفاية الأثر: ص 153، والغيبة للشيخ الطوسي : ص 148، ح 109
4- تفسير العياشي: 103/1 ، ح 301.
5- المصدر السابق: 103/1، ح303.
6- سورة البقرة الآية : 269

جاهلية .. فمن مات وهو عارف بالإمامة لم يضره [شيء] تقدم هذا الأمر أو تأخر، فكان كمن هو مع القائم في فسطاطه.. لا بل كمن قاتل معه، لا بل والله كمن استشهد مع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم(1)

«ءامَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ ءامَنَ بِاللَّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ»(2)

المؤمنون هنا هم الأئمة عليهم السلام، وقد روي عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في حديث طويل يذكر فيه قصة المعراج وأنه رأي أنوار الأئمة، جاء فيه:

«يا محمد تحب أن تراهم؟ قلت: نعم يا رب، فقال عز وجل: ارفع رأسك، فرفعت رأسي وإذاً أنا بأنوار علي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسي بن جعفر وعلي بن موسي ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي ومحمد بن الحسن القائم في وسطهم كأنه كوكب دري، قلت: رب من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الأئمة، وهذا القائم الذي يحلل حلالي ويحرم حرامي، وبه أنتقم من أعدائي، وهو راحة لأوليائي، وهوالذي يشفي قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين، فيخرج اللات والعزي طريين فيحرقهما، فلفتنة الناس يومئذ بهما أشد من فتنة العجل والسامري»(3).

«وَ لِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ يَمْحَقَ الْكافِرِينَ»(4)

أخرج الفقيه الشافعي (الحمويني) بسنده المذكور قال:

عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم:

«إن علياً وصيي ومن ولده (القائم) المنتظر الذي يملأ به الأرض قسطاً وعدلاً كما

ص: 36


1- أعلام الدين: ص459.
2- سورة البقرة ، الآية : 285.
3- فرائد السمطين: ج2، ص32.
4- سورة آل عمران، الآية: 141.

ملئت جوراً و ظلماً، والذي بعثني بالحق بشيراً و نذيراً إن الثابتين علي القول بإمامته في زمان غيبته لأعز من الكبريت الأحمر»(1). فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاري فقال: يا رسول الله و للقائم من ولدك غيبة؟ قال صلي الله عليه و آله و سلم:

«أي وربي، ليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين. يا جابر: إن هذا الأمر من الله، وسر من سر الله فإياك والشك، فإن الشك في أمر الله عز وجل كفر»(2)

(نقول): وممن أخرج الحديث ابن خلدون في مقدمته(3) وكذلك الحافظ نورالدين علي بن أبي بكر الهيثمي في كتاب (مجمع الفوائد ومنبع الفرائد)(4)

إذن فالمؤمن بالإمام المهدي المنتظر عليه السلام أقل وجوداً في آخر الزمان كما دل الحديث واستدل بالكبريت الأحمر الذي هو نادر الوجود لذا فإن الحديث دليل علي أن غيبة الإمام المهدي المنتظر عليه السلام سببها امتحان الناس، وتمحيص المؤمن الخالص، والكافر، والمؤمن المغشوش. فالكافر بالإمام المهدي عليه السلام يمحق ويضمحل، والمؤمن المغشوش ينكر الإمام المهدي المنتظر عليه السلام عند طول غيبته فينطبق عليه حديث الرسول صلي الله عليه و آله و سلم:

«من أنكر خروج المهدي فقد كفر بما أنزل علي محمد»(5)

والمؤمن الخالص يبقي علي الاعتقاد بإمامته مهما طالت الغيبة .

فقول الرسول صلي الله عليه و آله و سلم:

«إن هذا الأمر» والمراد منه وقت ظهور الإمام المهدي المنتظر عليه السلام والله العالم.

وقول الرسول صلي الله عليه و آله و سلم:

ص: 37


1- الكبريت الأحمر: من معانيه الذهب الأحمر أي الخالص والمقصود، أن المؤمن بالإمام المهدي المنتظر عليه السلام في أيام غيبته أقل وجوداً من الذهب الخالص.
2- فرائد السمطين: ج 2، آخره
3- مقدمة ابن خلدون: ص269
4- مجمع الفوائد ومنبع الفرائد: ج 7، ص318
5- ينابيع المودة : ص447.

«وإياكم والشك» يعني: إذا طالت الغيبة فلا تشكوا في الإمام، ولا تقولوا: لو كان لظهر فإنه كفر.

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»(1)

عن بريدة بن معاوية العجلي، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام في قوله: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا» قال:

«اصبروا علي أداء الفرائض، وصابروا عدوكم، ورابطوا إمامكم المنتظر عليه السلام. يا جابر إن هذا الأمر أمر من أمر الله وسر من سر الله، مطوي عن عباد الله، فإياك والشك فيه، فإن الشك في أمر الله عز وجل كفر»(2)

وعن يعقوب السراج، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أتبقي الأرض يوماً بغير عالم منكم يفزع الناس إليه؟ قال:

«إذا لا يعبد الله، لا تخلو الأرض من عالم منا، ظاهر يفزع الناس إليه في حلالهم وحرامهم، وإن ذلك لمبين في كتاب الله، قال الله: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا» علي دينكم «صَابِرُواْ» عدوكم فمن يخالفكم «وَرَابِطُوا» إمامكم «وَاتَّقُوا الله» فيما أمركم به وافترض عليكم»(3)

«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا»(4).

في حديث طويل عن جابر، عن الباقر عليه السلام أنه قال:

«فينادي مناد من السماء: يا بيداء، أبيدي بالقوم، فيخسف بهم، فلا يفلت منهم إلا ثلاثة نفر يحول الله وجوههم إلي أقفيتهم.. وفيهم نزلت هذه الآية «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ» والقائم يومئذ بمكة قد أسند ظهره إلي البيت الحرام ..»(5).

ص: 38


1- سورة آل عمران، الآية:200.
2- الغيبة للنعماني: ص27 و 199
3- تفسير العياشي: 1/ 212، ح 181.
4- سورة النساء، الآية: 47.
5- كتاب الغيبة للنعماني : ص 280، ج67، والاختصاص، ص256

«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ»(1).

عن جابر بن عبد الله الأنصاري، عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال:

«هم خلفائي وأئمة المسلمين من بعدي يا جابر، أولهم علي بن أبي طالب ثم الحسن ثم الحسين... ثم سميي محمد وكنيي حجة الله في أرضه وبقيته في عباده، ابن الحسن بن علي، ذاك الذي يفتح الله تعالي ذكره علي يديه مشارق الأرض ومغاربها، ذاك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه ...»(2)

وفي حديث لأمير المؤمنين عليه السلام قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بعد ذكر الآية:

«وذكر أولي الأمر: منهم مهدي هذه الأمة الذي يملأ الأرض قسطاَ وعدلاَ كما ملئت ظلماَ وجوراً، والله إني لأعرف جميع من يبايعه بين الركن والمقام وأعرف أسماء الجميع وقبائلهم»(3).

وعن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ» قال:

«الأئمة من ولد علي وفاطمة عليهماالسلام إلي أن تقوم الساعة»(4).

وعن أبان، أنه دخل علي أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: فسألته عن قول الله: «َأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ» فقال:

«ذلك علي ثم الحسن ثم الحسين...»(5) حتي سماهم إلي آخرهم عليهم السلام.

ص: 39


1- سورة النساء، الآية: 59
2- كمال الدين : ص253 باب : (23)، ح3، وكفاية الأثر: ص53.
3- كتاب سليم بن قيس: ص103، وتفسير العياشي: 14/1 ، ح2 و ص253 ح177، وكتاب الغيبة للنعماني: ص81 باب : 14 ح 10، وكمال الدين: 1/ 284 ح 37.
4- كمال الدين: 1/ 222، باب : (22)، ح8.
5- تفسير العياشي: 251/1 ، ح 171.

عن أبي جعفر الباقر عليه السلام فيما رواه الصدوق، وقد سأله جابر الجعفي، لأي شيء يحتاج إلي النبي والإمام، فقال عليه السلام:

«لبقاء العالم علي صلاحه، وذلك أن الله عز وجل يرفع العذاب عن أهل الأرض إذا كان فيها نبي أو إمام، قال الله: «وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ»(1). وقال النبي صلي الله عليه و آله و سلم:

«أهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل بيتي أتي أهل الأرض ما يكرهون، يعني بأهل بيته الأئمة الذين قرن الله عز وجل طاعتهم بطاعته فقال: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ» وهم المعصومون المطهرون الذين لا يذنبون ولا يعصون، وهم المؤيدون الموفقون المسددون، بهم يرزق الله عباده، وبهم تعمر بلاده وبهم تنزل القطر من السماء، وبهم يخرج بركات الأرض، وبهم يمهل أهل المعاصي، ولا يعجل عليهم بالعقوبة والعذاب، لا يفارقهم روح القدس ولا يفارقونه، ولا يفارقون القرآن ولا يفارقهم»(2).

«الَّذينَ أَنعَمَ اللَّهُ عَلَيهِم مِنَ النَّبِيّينَ وَالصِّدّيقينَ وَالشُّهَداءِ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً»(3)

عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أنه قال عن هذه الآية :

«الأئمة الاثنا عشر بعدي»(4).

وعن علي بن إبراهيم قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم:

««وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً» القائم من آل محمد»(5)

ص: 40


1- سورة الأنفال، الآية: 33.
2- علل الشرائع، ص123 باب : 19103. ونحو هذا المعني ذكره العياشي في تفسيره: 1/ 246، ح 153، والكليني في الكافي:205/1 ، ح 1، وص206 ح 5، وج2، ص21 ح 9، ورجال الكشي: ص424 ح 799.
3- سورة النساء، الآية : 69.
4- تفسير فرات الكوفي: ص 112، وتفسير القمي: 1/ 142، والأربعون للخزاعي: ح24، وشواهد التنزيل : 154/1ح207.
5- شواهد التنزيل: 197/1، ح 207.

وفي حديث طويل عن أمير المؤمنين عليه السلام قال فيه:

«والمهدي يجعله الله من أحب ما أهل البيت»(1).

«وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً» (2)

وعن الباقر عليه السلام قال:

«إن عيسي ينزل قبل القيامة إلي الدنيا فلا يبقي أهل ملة يهودي ولا نصراني إلا آمن به من قبل موته ويصلي [عيسي] خلف المهدي»(3)

«وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَي أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ»(4)

عن أبي الربيع الشامي قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام:

«لاتشتر من السودان أحداً، فإن كان ولا بد فمن النوبة، فإنهم من الذين قال الله عز وجل: «وَ مِنَ الَّذينَ قالوِّا اِنّا نَصاري» أما إنه سيذكرون ذلك الحظ وسيخرج مع القائم عليه السلام هنا عصابة منهم»(5).

«اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاءَ وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ»(6)

قال الإمام الصادق عليه السلام :

«الأنبياء رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم وإبراهيم وإسماعيل وذريته والملوك: الأئمة عليهم السلام».

قال الراوي: فقلت: وأي ملك أعطيتهم؟ فقال عليه السلام:

ص: 41


1- تفسير فرات : ح (113 و 114)، والكافي: 1/ 450، ح34.
2- سورة النساء الآية : 159.
3- تفسير القمي: 1/ 158.
4- سورة المائدة، الآية: 14.
5- الكافي:352/5
6- سورة المائدة، الآية: 20.

«ملك الجنة وملك الكرة»(1).

« يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا مَن يَرتَدَّ مِنكُم عَن دينِهِ فَسَوفَ يَأتِي اللَّهُ بِقَومٍ يُحِبُّهُم وَيُحِبّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَي المُؤمِنينَ أَعِزَّةٍ عَلَي الْكَافِرِينَ»(2).

وقال بعض من أهل الله وأصحاب الكشف والشهود وعلماء الحروف: إنني ناقل عن الإمام علي عليه السلام: سيأتي الله بقوم يحبهم الله ويحبونه، ويملك من هو بينهم غريب وهو المهدي، أحمر الوجه بشعره صهوبة، يملأ الأرض عدلاً بلا صعوبة، يعتزل في صغره عن أمه وأبيه، ويكون عزيزاً في مرباه، فيملك بلاد المسلمين بأمان، ويصفو له الزمان، ويسمع كلامه ويطيعه الشيوخ والفتيان، ويملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، فعند ذلك كملت إمامته، وتقررت خلافته، والله يبعث من في القبور.. وتزهو الأرض بمهديها، وتجري به أنهارها، وتعدم الفتن والغارات، ويكثر الخير والبركات.

وقال الإمام الباقر عليه السلام:

«إن صاحب هذا الأمر محفوظ له فلا تذهبن يميناً ولا شمالاً، فإن الأمر والله واضح، والله لو أن أهل السماء والأرض اجتمعوا علي أن يحولوا هذا الأمر من موضعه الذي وضعه الله فيه ما استطاعوا، ولو أن الناس كفروا جميعاً حتي لا يبقي أحد لجاء الله لهذا الأمر بأهل يكونون من أهله» ثم قال: «أما تسمع الله يقول: «يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا مَن يَرتَدَّ» وقال في آية أخري: «فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَآءِ فَقَد وَكَّلنَا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ»(3)».

ونحوه في الغيبة(4)، عن الإمام الصادق عليه السلام .

«قُلْ أَرَأَيْتَكمْ إِنْ أَتاكمْ عَذابُ اللّه أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ»(5)؟

ص: 42


1- مختصر بصائر الدرجات : ص28.
2- سورة المائدة، الآية: 54.
3- سورة الأنعام، الآية : 89.
4- الغيبة للنعماني: ص316، باب : (21)، ح12.
5- سورة الأنعام، الآية: 40

روي السيوطي (الفقيه الشافعي) قال: وأخرج الحاكم وصححه عن واثلة بن الأسقع: سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول:

«لا تقوم الساعة حتي تكون عشر آيات:

خسف بالمشرق.

وخسف بالمغرب.

وخسف بجزيرة العرب.

والدجال.

ونزول يأجوج ومأجوج.

والدابة.

وطلوع الشمس من مغربها.

ونار تخرج من قعر (عدن) تسوق الناس إلي المحشر تحشر الذر والنمل»(1).

(نقول) لعل الراوي نسي اثنتين من الآيات، أو أن يعتبر نزول يأجوج آية، ونزول مأجوج آية أخري.

وهكذا يعتبر (تحشر النذر والنمل) آية مستقلة حتي تتم الآيات عشراً قوله صلي الله عليه و آله و سلم (والدابة) لعله إشارة إلي قول تعالي:

«وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ»(2)

(ولا يخفي) أن هذه العلامات كلها علامات مذكورة لظهور المهدي عليه السلام في روايات عديدة، كما يجدها الباحث في كتب التفسير، والحديث، والتاريخ، فالمراد ب(الساعة) هو ساعة ظهور المهدي عليه السلام، أو هي ساعة القيامة، لأن القرآن له ظهر وبطن، وتفسير وتنزيل، وتأويل.

ص: 43


1- الدر المنثور: ج6، ص 60
2- سورة النمل، الآية : 82

« يَوْمَ يَأْتي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إيمانُهالَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ في إيمانِها خَيْراً قُلِ انْتَظِرُواإِنَّا مُنْتَظِرُونَ»(1).

قال الإمام الصادق عليه السلام:

«الآيات هم الأئمة «بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ» القائم عليه السلام فيومئذ «لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ» عند قيامه بالسيف وإن آمنت بمن تقدمه من آبائه عليه السلام»(2).

وفي الفتن(3) عن أبي هريرة، ونحوه في المصنف لابن أبي شيبة(4) وتفسير الطبري، والمستدرك للحاكم، والدر المنثور، عن عبد بن حميد وابن مردويه كلهم عن عبد الله بن مسعود، عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم:

«خمسة لا أدري أيتهن أول من الآيات وأيتهن إذا جاءت لم ينفع نفساً إيمانها..

طلوع الشمس من مغربها والدجال ويأجوج ومأجوج والدخان والدابة».

وعن أبي جعفر الباقر عليه السلام في قوله: «يَوْمَ يَأْتِي ... مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ في إيمانِها خَيْراً»

قال:

«يعني صفوتنا ونصرتنا.. إن نصرتنا باللسان كنصرتنا بالسيف، ونصرتنا بالدين أفضل والقيام بها.. إن القرآن نزل أثلاثاً فثلث فينا وثلث في عدونا وثلث في الفرائض والأحكام، ولو أن آية نزلت في قوم ثم ماتوا أولئك ماتت الآية إذاً ما بقي من القرآن شيء، إن القرآن يجري من أوله إلي آخره وآخره إلي أوله ما قامت السماوات والأرض فلكل قوم آية يتلونها.. إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً فطوبي للغرباء... سيأتي علي الناس زمان لا يعرفون ما هو التوحيد حتي يكون خروج الدجال وحتي ينزل

ص: 44


1- سورة الأنعام، الآية : 158.
2- الإمامة والتبصرة من الحيرة: ص 103.باب : (26)، ح 91، كمال الدين : ص 18 و 30 و 336، ح 8.
3- كتاب الفتن لابن حماد: ص 653، ح 1839.
4- كتاب المصنف لابن أبي شيبة: 15/ 6665، ح19130، تفسير الطبري: 74/8 ، والمستدرك للحاكم : 4/ 545، والدر المنثور: 59/3

عيسي ابن مريم من السماء ويقتل الله الدجال علي يديه، ويصلي بهم رجل منا أهل البيت، ألا تري أن عيسي يصلي خلفنا وهو نبي؟ ألا ونحن أفضل منه»(1).

وقال الإمام الباقر والإمام الصادق عليهماالسلام:

«بعث الله محمداً صلي الله عليه و آله و سلم بخمسة أسياف، ثلاثة منها شاهرة لا تغمد إلي أن تضع الحرب أوزارها، ولن تضح الحرب أوزارها حتي تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت الشمس من مغربها آمن الناس كلهم في ذلك اليوم، فيومئذ «لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها» وسيف منها ملفوف، وسيف منها مغمود سله إلي غيرنا وحكمه إلينا(2)

وفي تفسير العياشي(3) عن الإمام الباقر والصادق عليهماالسلام في قوله تعالي: «يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ» الآية، قال:

طلوع الشمس من المغرب، وخروج الدابة والدجال، والرجل يكون مصراً ولم يعمل علي الإيمان ثم تجيء الآيات فلا ينفعه إيمانه».

وأيضا عن الإمام الصادق عليه السلام في قوله عز وجل: «يَوْمَ يَأْتِي ... خَيْراً» قال:

«يعني خروج القائم المنتظر منا»، ثم قال عليه السلام:

«طوبي لشيعة قائمنا، المنتظرين لظهوره في غيبته والمطيعين له في ظهوره، أولئك أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون»(4).

«وَ نادي أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ قالُوا مآ أَغْني عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ»(5).

ص: 45


1- تفسير فرات الكوفي : ص 138، ح166.
2- تفسير القمي 2/ 320، الكافي 5/ 10، ج3، الخصال: 1/ 274، باب: (ه)، ح18، وتهذيب الأحكام: 4/ 114، باب : (31)، ح336.
3- تفسير العياشي:1/ 384، ح128.
4- كمال الدين : ص 357، باب : (33)، ح 54.
5- سورة الأعراف، الآية: 48.

المهدي وآباؤه هم أصحاب الأعراف:

روي الحافظ القندوزي (الحنفي) بإسناده قال: عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال:

سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول لعلي أكثر من عشر مرات:

«يا علي إنك والأوصياء من ولدك أعراف بين الجنة والنار، لا يدخل الجنة إلا من عرفكم وعرفتموه. ولا يدخل النار إلا من أنكركم وأنكرتموه»(1).

(نقول) حيث إن الإمام المهدي عليه السلام هو آخر أوصياء النبي (صلي الله عليه وعليهم) كان ممن نزلت فيهم هذه الآية، وقد نص رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بأسماء أوصيائه، وآخرهم المهدي المنتظر.

«اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ للهِ يورِثُها مَن يَشآءُ مِن عِبادِهِ ۖ وَالعاقِبَةُ لِلمُتَّقينَ»(2).

قال الإمام الباقر عليه السلام:

«وجدنا في كتاب علي عليه السلام: «إِنَّ الأَرْضَ للهِ يورِثُها مَن يَشآءُ مِن عِبادِهِ ۖ وَالعاقِبَةُ لِلمُتَّقينَ» أنا وأهل بيتي الذين أورثنا الأرض، ونحن المتقون، والأرض كلها لنا، فمن أحيا أرضاً من المسلمين فعمرها فليؤد خراجها إلي الإمام من أهل بيتي وله ما أكل منها، فإن تركها أو أخربها وأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها وأحياها فهو أحق بها من الذي تركها، يؤدي خراجها إلي الإمام من أهل بيتي وله ما أكل منها. حتي يظهر القائم من أهل بيتي بالسيف فيحويها ويمنعها ويخرجهم منها، كما حواها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ومنعها إلا ما كان في أيدي شيعتنا فإنه يقاطعهم علي ما في أيديهم ويترك الأرض في أيديهم»(3).

قال الإمام الباقر عليه السلام أيضاَ:

«دولتنا آخر الدول، ولم يبق أهل بيت لهم دولة إلا ملكوا قبلنا، لئلا يقولوا إذا رأوا

ص: 46


1- ينابيع المودة
2- سورة الأعراف، الآية: 128.
3- الغيبة للطوسي: ص 472، ح393

سيرتنا: إذا ملكنا سرنا سيرة هؤلاء، وهو قول الله عز وجل: «وَالْعَ-قِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ»(1).

«وَ قاتِلُوهُمْ حَتَّي لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ»(2)

قال الإمام الباقر عليه السلام:

«لم يجئ تأويل هذه الآية بعد، إن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم رخص لهم لحاجته وحاجة أصحابه فلو قد جاء تأويلها لم يقبل منهم لكنهم يقتلون حتي يوحد الله عز وجل وحتي لا يكون الشرك»(3).

وفي حديث طويل عن أبي جعفر عليه السلام قال فيه:

«ولا يقبل صاحب هذا الأمر الجزية كما قبلها رسول الله صلي الله عليه و اله وهو قول الله: «وَ قاتِلُوهُمْ حَتَّي لا تَكُونَ فِتْنَةٌ» يقاتلون والله حتي يوحد الله ولا يشرك به شيئاَ، وحتي تخرج العجوز الضعيفة من المشرق تريد المغرب ولا ينهاها أحد، ويخرج الله من الأرض بذرها وينزل من السماء قطرها ويخرج الناس خزاجهم علي رقابهم إلي المهدي عليه السلام ويوسع الله علي شيعتنا...»(4).

وفي الكافي رواية عن الكاظم عليه السلام استشهد فيها بالآية الثامنة والتاسعة من سورة الصف المشابهة للآية: 32 و 33 من هذه السورة، فلاحظ.

وروي زرارة وغيره عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال:

«لم يجئ تأويل الآية، ولو قام قائمنا بعد سيري من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية دين محمد صلي الله عليه و آله و سلم ما بلغ الليل حتي يكون مشرك في ظهر الأرض كما تعالي:

«يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا»(5).

ص: 47


1- الكافي: 407/1 و408، وتفسير العياشي: 2/ 25.
2- سورة الأنفال، الآية : 39
3- الكافي 201/8، ح 243.
4- تفسير العياشي: 2/ 56، ح 49.
5- تفسير العياشي: 56/2 ، مجمع البيان: ذيل الآية الكريمة

«هُوَ الَّذي أَرسَلَ رَسولَهُ بِالهُدي وَدينِ الحَقِّ لِيُظهِرَهُ عَلَي الدّينِ كُلِّهِ وَلَو كَرِهَ المُشرِكونَ»(1)

روي الحافظ القندوزي (الحنفي) بإسناده قال: عن جعفر الصادق (رضي الله عنه) في قوله تعالي:

«هُوَ الَّذي أَرسَلَ رَسولَهُ بِالهُدي وَدينِ الحَقِّ لِيُظهِرَهُ عَلَي الدّينِ كُلِّهِ وَلَو كَرِهَ المُشرِكونَ» .

قال: «والله ما يجيء تأويلها حتي يخرج القائم المهدي عليه السلام، فإذا خرج (القائم) لم يبق مشرك إلا كره خروجه، ولا يبقي كافر إلا قتل، حتي لو كان كافر في بطن صخرة قالت: يا مؤمن في بطني كافر فاكسرني واقتله»(2).

(أقول) قوله: (ولا يبقي كافر إلا قتل) يعني: الكافر المعاند الذي عبر القرآن الحكيم عنهم ب«ازْدَادُوا كُفْرًا»، وإلا فقد تظافرت الأحاديث الشريفة علي أن الكفار - غير المعاندين - يؤمنون بالإسلام ديناً، وبالإمام المهدي إماماً وخليفة لرسول الله، وذلك فيما سبق من تفسير «وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ»(3) الآية.

قوله عليه السلام «قالت: يا مؤمن في بطني كافر فاكسرني واقتله» ليس هذا غريباً إذ بعد الإيمان بقدرة الله تعالي علي إنطاق الجمادات، وأن الإمام المهدي عليه السلام إمام من عند الله، فأي مانع في أن يمنحه الله هذه المعجزات؟ وأي محذور في أن يعمل الله علي يد الإمام المهدي هذه الخوارق ليظهر دينه علي الدين كله؟

أليست الحصي تكلمت في يد الرسول صلي الله عليه و آله و سلم ولم يكن الله شاء آنذاك إظهار دينه علي كل الأديان، وفي كل بقاع الأرض!.

فلتتكلم الصخرات في عهد حفيد الرسول ومجدد دينه المهدي المنتظر، من أجل إرادة الله تعالي إظهار دينه علي كل الأديان، وفي كل الأصقاع.

ص: 48


1- سورة التوبة، الآية : 33.
2- ينابيع المودة : ص 508.
3- سورة النساء الآية : 159.

(ولا يخفي) أنه لا مانع من كون المقصود بإرسال الرسول صلي الله عليه و آله و سلم هو إظهار دين الله علي كل الأديان، ومع ذلك تأخير هذا الإظهار أكثر من ألف سنة عن مبعث الرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فإن مصالح الله تعالي في عباده لا يضايقها طول الزمان.

ألم يبعث الله تعالي نبيه نوحاً لهداية أمته ومع ذلك لم يؤمن إلا القليل منهم طيلة تسعمائة وخمسين عاماً من بعثته؟

(تنبيه): حيث إن هذه الآية بنصها وبألفاظها كررت في القرآن الحكيم ثلاث مرات، هنا وفي صورة (الفتح) و(الصف)، وحيث إن ذلك يجعلها ثلاث آيات لا آية واحدة، لذلك نكرر ذكرها أيضاً مع تفسيرها وتأويلها في سورتي الفتح والصف أيضاً اتباعاً للقرآن الحكيم.

«إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كتابِ اللهِ يوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرْضَ»(1)

روي العلامة الكبير السيد هاشم البحراني (قدس سره) في كتابه (غاية المرام) عن أبي الحسن الفقيه محمد بن علي بن شاذان في (المناقب المائة من طريق العامة) بحذف الإسناد قال: عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول في حديث طويل :

«معاشر الناس: من أحب أن يعرف الحجة بعدي فليعرف علي بن أبي طالب. معاشر الناس: من سره ليقتدي بي فعليه أن يتولي ولاية علي بن أبي طالب والأئمة من ذريتي فإنهم خزان علمي». فقام جابر بن عبد الله الأنصاري فقال: يا رسول الله ما عدة الأئمة؟ قال صلي الله عليه و آله و سلم :

«يا جابر سألتني رحمك الله عن الإسلام بأجمعه، عدتهم عدة الشهور وهو «عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كتابِ اللهِ يوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرْضَ» الحديث.

ص: 49


1- سورة التوبة، الآية: 39.

ثم قال صلي الله عليه و آله و سلم :

«فالأئمة يا جابر اثنا عشر إماماً أولهم علي بن أبي طالب، وآخرهم (القائم)»(1).

(فنقول) تشبيه النبي صلي الله عليه و آله و سلم الأئمة الاثني عشر عليه السلام بالشهور الاثني عشر، وقراءته نص الآية الكريمة، وتعقيبه صلي الله عليه و آله و سلم بأن الأئمة اثنا عشر وآخرهم (القائم) كلها أدلة و شواهد علي تأويل هذه الآية بالأئمة عليهم السلام وتأويل النبي صلي الله عليه و آله و سلم وهو روح القرآن.

- «بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ»(2).

عن الباقر عليه السلام في حديث له عن الملاحم، قال:

«وجاءت صيحة من السماء بأن الحق فيه وفي شيعته، فعند ذلك خروج قائمنا، فإذا خرج أسند ظهره إلي الكعبة، واجتمع إليه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، وأول ما ينطق به هذه الآية: «بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ». ثم يقول:

«أنا بقية الله في أرضه وخليفته، وحجته عليكم، فلا يسلم عليه مسلم إلا قال: (السلام عليك يا بقية الله في أرضه)، فإذا اجتمع إليه العقد، وهو عشرة آلاف رجل، خرج، فلا يبقي في الأرض معبود دون الله عز وجل من صنم وغيره إلا وقعت فيه نارٌ فاحترق، وذلك بعد غيبة طويلة، ليعلم الله من يطيعه بالغيب ويؤمن به»(3).

وعن أبي عبد الله عليه السلام، سأله رجل عن القائم يسلم عليه بإمرة المؤمنين؟ قال:

«لا، ذاك اسم سمي الله به أمير المؤمنين عليه السلام، لم يسم أحد قبله ولا يسمي به بعده إلا كافر» قلت: جعلت فداك كيف يسلم عليه؟ قال عليه السلام:

«يقولون: السلام عليك يا بقية الله ثم قرأ: «بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ»(4).

ص: 50


1- غاية المرام : ص244.
2- سورة هود، الآية : 83.
3- كمال الدين : ص 330 باب : (132)، ح16، مختصر إثبات الرجعة: ح18، أعلام الوري : ص 933، والمقصود المهمة : ص302
4- الكافي 411/1، تفسير فرات : ص63

وعن الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام في حديث له قال:

«وعليه تجتمع هذه الأمة ثم قرأ: «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ*بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ» ثم قال: نحن بقيه الله»(1).

«قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلي يَوْمِ يُبْعَثُونَ* قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ* إِلي يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ»(2)

عن وهب بن جميع قال: سألت جعفر الصادق عليه السلام أي يوم هو؟ قال:

«يا وهب، أتحسب أنه يوم يبعث الله فيه الناس؟ إن الله أنظره إلي يوم يبعث فيه قائمنا فإذا بعث الله قائمنا كان في مسجد الكوفة، وجاء إبليس حتي يجثو بين يديه علي ركبته فيقول: يا ويله، من هذا اليوم! فيأخذ فيضرب عنقه، فذلك اليوم هو الوقت المعلوم»(3).

وعن الصادق عليه السلام في الآية الكريمة، قال:

«يوم الوقت المعلوم يوم يذبحه وصي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم علي الصخرة التي في بيت المقدس»(4).

وفي سعد السعود: فيما نقله من صحف إدريس عليه السلام: قال: رب فأنظرني إلي يوم يبعثون؟ قال: لا ولكنك من المنظرين إلي يوم الوقت المعلوم، فإنه يوم قضيت و حتمت أن أطهر الأرض ذلك اليوم من الكفر والشرك والمعاصي، وأنتخب لذلك الوقت عباداً لي امتحنت قلوبهم للإيمان، وحشوتها بالروح والإخلاص واليقين والتقوي والخشوع والصدق والحلم والصبر والوقار والشعار والزهد في الدنيا، والرغبة فيما عندي بعد الهدي.. واستخلفهم في الأرض وأمكن له دينهم الذي ارتضيته لهم،

ص: 51


1- كمال الدين : 2/ 382، باب : (37)، ح9، الخصال : ص394، ح 102، إثبات الوصية : ص225، معاني الأخبار : ص 123 ح 1.
2- سورة الحجر، الآيات: 36 - 38.
3- تفسير العياشي: 2/ 428، ونحوه في دلائل الإمامة: ص 240.
4- تفسير القمي: 2/ 245.

يعبدونني لا يشركون بي شيئاً، يقيمون الصلاة لوقتها، يؤتون الزكاة لحينها، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر .. ذلك الوقت حجبته في علم غيبي ولا بد أنه واقع ليبيدك يومئذ وخيلك ورجلك وجنودك أجمعين فاذهب فإنك من المنظرين إلي يوم الوقت المعلوم(1).

وفي منتخب الأنوار المضيئة: عن زين العابدين عليه السلام قال:

«الوقت المعلوم يوم قيام القائم، فإذا بعثه الله كان في مسجد الكوفة وجاء إبليس حتي يجثو علي ركبته فيقول: يا ويلاه من هذا اليوم، فيأخذ بناصيته فيضرب عنقه، فذلك يوم الوقت المعلوم منتهي أجله»(2).

وفي كمال الدين: عن الرضا عليه السلام قال:

«لا دين لمن لا ورع له، ولا إيمان لمن لا تقية له، إن أكرمكم عند الله أعملكم بالتقية»، فقيل له: يا ابن رسول الله إلي متي؟ قال:

«إلي يوم الوقت المعلوم وهو يوم خروج قائمنا أهل البيت، فمن ترك التقية قبل خروج قائمنا فليس منا» ، فقيل له: يا ابن رسول الله ومن القائم منكم أهل البيت؟ قال:

«الرابع من ولدي ابن سيدة الإماء، يطهر الله به الأرض من كل جور، ويقدسها من كل ظلم، الذي يشك الناس في ولادته، وهو صاحب الغيبة قبل خروجه، فإذا خرج أشرقت الأرض بنوره، ووضع ميزان العدل بين الناس فلا يظلم أحد أحداً، وهو الذي تطوي له الأرض، ولا يكون له ظل، وهو الذي ينادي مناد من السماء يسمعه جميع أهل الأرض بالدعاء إليه يقول: ألا إن حجة الله قد ظهر عند بيت الله فاتبعوه، فإن الحق معه وهو قول الله عز وجل: «إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمآءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ»»(3).

ص: 52


1- سعد السعود: ص 34.
2- منتخب الأنوار المضيئة: ص 203.
3- كمال الدين : ص371 باب : (35)، ح5.

سورة الأنبياء

«فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ* لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَي مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ* قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ*ما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّي جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ»(1)

قال الإمام الباقر عليه السلام:

«إذا قام القائم عليه السلام بعث إلي بني أمية بالشام اهربوا إلي الروم، فيقول لهم الروم لا ندخلكم حتي تتنصروا فيعلقون في أعناقهم الصلبان فيدخلونهم فإذا نزل بحضرتهم أصحاب القائم عليه السلام طلبوا الأمان والصلح، فيقول أصحاب القائم عليه السلام لا نفعل حتي تدفعوا إلينا من قبلكم منا فيدفعونهم إليهم فذلك قوله: «لا تَرْكُضُوا وَ ارْجِعُوا»(2).

قال:

«يسألهم الكنوز وهو أعلم بها» قال: «فيقولون «يوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ* فمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّي جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ» بالسيف».

وفي تفسير العياشي(3) في حديث طويل تقدم بعضه ذيل الآية : (148) من سورة البقرة عن الباقر عليه السلام قال:

«لكأني أنظر إليهم - يعني القائم عليه السلام وأصحابه - مصعدين من نجف الكوفة ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً كأن قلوبهم زبر الحديد، جبرائيل عن يمينه و ميكائيل عن يساره...، ثم يرسل جريدة خيل إلي الروم فيستحضرون بقية بني أمية فإذا انتهوا إلي الروم قالوا: أخرجوا إلينا أهل ملتنا عندكم فيأبون ويقولون: والله لا نفعل، فتقول الجريدة: والله لو أمرنا لقاتلناكم، ثم ينطلقون إلي صاحبهم فيعرضون ذلك عليه فيقول: انطلقوا فأخرجوا إليهم أصحابهم فإن هؤلاء قد أتوا بسلطان، وهو قول الله

ص: 53


1- سورة الأنبياء، الآيات: 12 - 15.
2- الكافي : 51/8، ح15.
3- تفسير العياشي: 2/ 6059، ح 49.

تعالي: «فَلَمَّآ أَحَسُّوا بَأْسَنَا» قال: يعني الكنوز التي كنتم تكنزون، «قالُوا يَا وَيْلَنَآ» لا يبقي منهم مخبر».

وفي تفسير محمد بن العباس كما في تأويل الآيات عن أبي جعفر الإمام محمد الباقر عليه السلام وقد سئل عن قول الله تعالي: «فلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَآ إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ» قال:

«ذلك عند قيام القائم عجل الله فرجه»(1).

«أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَي نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ»(2).

قال الإمام الصادق عليه السلام:

«إنما هو القائم عليه السلام إذا خرج يطلب بدم الحسين عليه السلام وهو يقول: نحن أولياء الدم وطلاب الترة»(3)

وعن أبي جعفر عليه السلام في تفسير الآية، قال:

«هي في القائم وأصحابه»(4)

«الَّذينَ إِن مَكَّنّاهُم فِي الأَرضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَروا بِالمَعروفِ وَنَهَوا عَنِ المُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الأُمورِ»(5).

قال الإمام الباقر عليه السلام:

«هذه الآية لآل محمد وفي المهدي وأصحابه، يملكهم الله مشارق الأرض ومغاربها، ويظهر الدين ويمت الله عز وجل به وبأصحابه البدع والباطل كما أمات السفهة الحق، حتي لا يري أثر الظلم ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ولله عاقبة الأمور»(6).

ص: 54


1- تأويل الآيات: 1/ 326، ح 6.
2- سورة الحج، الآية: 39.
3- تفسير القمي: 2/ 84.
4- تفسير محمد بن العباس كما في تأويل الآيات: 1/ 338 ح 16، والغيبة للنعماني: ص 241
5- سورة الحج، الآية: 41.
6- تفسير القمي: 2/ 87، وتأويل الآيات عن تفسير محمد بن العباس: 363/1 ، ح25.

وفي تفسير فرات(1) عن الباقر عليه السلام في هذه الآية قال:

«إذا رأيت هذا الرجل منا فاتبعه فإنه هو صاحبه».

وفيه أيضاً: عن زيد الشهيد، قال:

«إذا قام القائم عليه السلام من آل محمد يقول: يا أيها الناس نحن الذين وعدكم الله في كتابه العزيز: «الَّذينَ إِن مَكَّنّاهُم فِي الأَرضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَروا بِالمَعروفِ وَنَهَوا عَنِ المُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الأُمورِ»»(2).

سورة النور

«اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَوةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَي نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ»(3).

عن جابر بن عبدالله الأنصاري، قال: دخلت مسجد الكوفة وأمير المؤمنين يكتب بإصبعيه ويتبسم، فقلت له: يا أمير المؤمنين ما الذي يضحك؟ فقال:

«عجبت لمن يقرأ هذه الآية ولم يعرفها حق معرفتها» .

فقلت له: أي آية؟ فقال:

« اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ» «كَمِشْكَوة» محمد صلي الله عليه و آله و سلم «فِيهَا مِصْبَاحٌ» أنا المصباح «فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ»: الحسن والحسين «كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ» وهو علي بن الحسين «يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ» محمد بن علي «زَيْتُونَةٍ» جعفر بن محمد «لَا شَرْقِيَّةٍ» موسي بن جعفر «وَلَا غَرْبِيَّةٍ» علي بن موسي الرضا «يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ» محمد بن علي «وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ» علي بن محمد «نُورٌ عَلَي نُورٍ» الحسن بن علي «يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ»: القائم المهدي»(4).

ص: 55


1- تفسير فرات الكوفي : ص 274، ح 370.
2- المصدر السابق : ح 371.
3- سورة النور، الآية : 35.
4- غاية المرام: ص 742، والبرهان: ج3 ص136 - 137، ح 16، والمحجة: ص147 ولم ينسبه إلي كتاب أو مؤلف

وعن أمير المؤمنين في حديث طويل له منه، في نعت المعصوم وأنه نور الله وذكر الآية، وقال:

«والكوكب الدري القائم المنتظر عليه السلام الذي يملأ الأرض عدلاً»(1).

وفي التوحيد للصدوق: عن الباقر عليه السلام في حديث له في تفسير الآية، قال فيه:

«« نُورٌ عَلي نُورٍ» يعني إماماً مؤيداً بنور العلم والحكمة في إثر إمام من آل محمد عليهم السلام»(2).

وذلك من لدن آدم إلي أن تقوم الساعة، فهؤلاء الأوصياء الذين جعلهم الله عز وجل خلفاء في أرضه وحججه علي خلقه، لا تخلو الأرض في كل عصر من واحد منهم.

«وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ ۖ قُلْ لَا تُقْسِمُوا ۖ طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ»(3)

عن عبد الله بن عجلان، قال: ذكرنا خروج القائم عليه السلام عند أبي عبد الله عليه السلام فقلت له: كيف لنا أن نعلم ذلك؟ فقال:

«يصبح أحدكم وتحت رأسه صحيفة عليها مكتوب: طاعة معروفة»(4)

« وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَي لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا»(5)

وعن النبي صلي الله عليه و آله و سلم في حديث له عند ذكر الآية، وقد سئل عن الخوف المذكور في الآية، فقال:

ص: 56


1- المحكم والمتشابه: ص25 عن التفسير النعماني بسنده عن أمير المؤمنين عليه السلام.
2- التوحيد للصدوق: ص 158 باب : (15)، ح4.
3- سورة النور، الآية: 53.
4- كمال الدين : 2/ 654، باب : (57)، ح22
5- سورة النور، الآية: 55

«في زمن كل واحد منهم (أي الأوصياء) سلطان يعتريه ويؤذيه، فإذا عجل الله خروج قائمنا يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً»(1).

وعن أمير المؤمنين في حديث طويل، قال فيه: «كل ذلك لتتم النظرة التي أوحاها الله تعالي لعدوه إبليس إلي أن يبلغ الكتاب أجله، ويحق القول علي الكافرين، ويقترب الوعد الحق الذي قد بينه في كتابه بقول: «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ» وذلك إذا لم يبق من الإسلام إلا اسمه ومن القرآن إلا رسمه، وغاب صاحب الأمر»(2)

وقد تقدم بعضه الآخر ذيل الآية: (33) من سورة التوبة .

وعن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال:

«فيا عجباه و كيف لا أعجب من أموات يبعثهم الله أحياء يلبون زمرة زمرة بالتلبية لبيك لبيك يا داعي الله قد أطلوا بسكك الكوفة قد شهروا سيوفهم علي عواتقهم، ليضربون بها هام الكفرة وجبابرتهم وأتباعهم من جبابرة الأولين والآخرين حتي ينجز الله ما وعدهم في قوله عز وجل: «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ» أي يعبدونني آمنين لا يخافون أحداً...»(3)

وعن العياشي بإسناده عن زين العابدين عليه السلام أنه قرأ هذه الآية وقال:

«هم شيعتنا أهل البيت يفعل الله ذلك بهم علي يدي رجل منَّا، وهو مهدي هذه الأمة، وهو الذي قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم : لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتي يلي رجل من عترتي اسمه اسمي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً»(4).

وعن زين العابدين عليه السلام في قوله: «إِنَّهُ لَحَقٌّ» قال:

ص: 57


1- كفاية الأثر: ص56.
2- الاحتجاج:256/1
3- مختصر بصائر الدرجات : ص32
4- مجمع البيان: 152/7

هو قيام القائم وفيه نزلت: «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ»(1).

وفي تأويل الآيات (2) عن كتاب محمد بن العباس: عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام في قول الله عز وجل: «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ» قال عليه السلام:

«عني به ظهور القائم عليه السلام ».

وفي الغيبة(3)، عنه عليه السلام في الآية، قال:

«نزلت في القائم وأصحابه».

وعنه عليه السلام أنه قال:

«إذا كان ليلة الجمعة أهبط الرب تعالي ملكاً إلي السماء الدنيا، فإذا طلع الفجر جلس ذلك الملك علي العرش فوق البيت المعمور، ونصب لمحمد وعلي والحسن والحسين عليه السلام منابر من نور فيصعدون عليها، وتجمع لهم الملائكة والنبيون، وتفتح أبواب السماء، فإذا زالت الشمس، قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم : يا رب ميعادك الذي وعدت به في كتابك وهو هذه الآية: «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ» الآية، ثم يقول الملائكة والنبيون مثل ذلك، ثم يخر محمد وعلي والحسن والحسين سجداً ثم يقولون: يا رب اغضب فإنه قد هتك حريمك، وقتل أصفياؤك، وأذل عبادك الصالحون، فيفعل الله ما يشاء، وذلك يوم معلوم»(4)

«انْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ»(5)

قال الإمام الصادق عليه السلام:

«خمس علامات قبل قيام القائم عليه السلام: الصيحة، وخروج السفياني، والخسف، وقتل النفس الزكية، واليماني».

ص: 58


1- تأويل الآيات: 615/2: عن تفسير محمد بن العباس ونحوه في الغيبة للطوسي: ص176 ح 133.
2- المصدر السابق: ص365.
3- كتاب الغيبة للنعماني : ص 240، باب : (13)، ح35.
4- تأويل الآيات ص 276، باب: 14، ح 56.
5- سورة الشعراء، الآية: 4.

فقيل له: جعلت فداك، إن خرج أحد من أهل بيتك قبل هذه العلامات أنخرج معه!

قال: «لا»، فلما كان من الغد تلوت هذه الآية، فقلت له: أهي الصيحة؟ قال: «أما لو كانت خضعت أعناق أعداء الله عز وجل»(1).

وسيأتي ذيل الآية : (37) من سورة مريم ما يرتبط بهذه عن أمير المؤمنين عليه السلام فلاحظ.

وعن تفسير محمد بن العباس عن أبي جعفر الباقر عليه السلام في الآية، قال:

«نزلت في قائم آل محمد صلوات الله عليهم ينادي باسمه من السماء»(2) .

وعن تفسير محمد بن العباس عن الباقر عليه السلام في الآية، قال:

«النداء من السماء باسم رجل واسم أبيه»(3).

وعن الباقر عليه في الآية، قال:

«سيفعل الله ذلك لهم (بني أمية وأتباعهم، وآيته) ركود الشمس ما بين زوال الشمس إلي وقت العصر، وخروج صدر رجل ووجه في عين الشمس يعرف بحسبه ونسبه. وذلك في زمان السفياني، وعندها يكون بواره وبوار قومه»(4)

وبأسانيد عن الصادق عليه السلام وقد قال له رجل من همدان: إثر هؤلاء العامة يعيروننا ويقولون لنا إنكم تزعمون أن منادياً ينادي من السماء باسم صاحب هذا الأمر؟، وكان متكئاً فغضب وجلس ثم قال:

«لا تروه عنّي.. أشهد أني قد سمعت أبي عليه السلام يقول: والله إن ذلك في كتاب الله عز وجل لبيّن حيث يقول: «نْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ»(5)

فلا يبقي في الأرض يومئذ أحد إلا خضع وذلت رقبته لها، فيؤمن أهل الأرض إذا

ص: 59


1- الكافي: 310/8، ح 483، والغيبة للنعماني: ص 252، باب : (14)، ح9، وكمال الدين: 649/ باب : (57)، ح1 و 7، والخصال : ص303 باب: (5)، ح82، دلائل الإمامة :261، والغيبة للطوسي: ح 427.
2- تأويل الآيات: 386/1 ح2
3- مختصر البصائر : ص482 ح532.
4- الإرشاد للمفيد: ص359.
5- سورة الشعراء، الآية: 4.

سمعوا الصوت من السماء: ألا إن الحق في علي بن أبي طالب عليه السلام و شيعته.. فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت علي الحق وهو النداء الأول ويرتاب يومئذ الذين في قلوبهم مرض، والمرض والله عداوتنا..»(1).

هذا واللفظ للسند الأول والثاني.

وعن الصادق عليه السلام في الآية، قال:

«تخضع رقابهم - يعني بني أمية - وهي الصيحة من السماء باسم صاحب الأمر»(2).

وعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال:

«أما إن النداء من السماء باسم القائم في كتاب الله لبين (وتلا الآية وقال:) إذا سمعوا الصوت أصبحوا وكأنما علي رؤوسهم الطير»(3).

وعن الإمام الصادق عليه السلام قال:

«إن القائم لا يقوم حتي ينادي مناد من السماء يسمع الفتاة في خدرها ويسمع أهل المشرق والمغرب وفيه نزلت هذه الآية»(4).

وعن الرضا عليه السلام في حديث له تقدم صدره ذيل الآية: 38 من سورة الحجر، قال فيه:

«وهو صاحب الغيبة قبل خروجه، فإذا خرج أشرقت الأرض بنوره، ووضع ميزان العدل بين الناس فلا يظلم أحد أحداً، وهو الذي تطوي له الأرض، ولا يكون له ظل، وهو الذي ينادي مناد من السماء يسمعه جميع أهل الأرض بالدعاء إليه يقول: ألا إن حجة الله قد ظهر عند بيت الله فاتبعوه فإن الحق معه وهو قول الله تعالي: «إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ»(5)(6)

ص: 60


1- الغيبة للنعماني : ص 260 و 261.
2- تفسير القمي: 2/ 118.
3- الغيبة للنعماني : ص 263 باب : (14) ح23
4- الغيبة للطوسي: 177 ح 134
5- سورة الشعراء الآية: 4.
6- كمال الدين : ص371 باب :(35) ح5.

«أَمَّنْ يجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيكشِفُ السُّوءَ وَيجْعَلُكمْ خُلَفاءَ الأَرْضِ»(1)

عن الإمام الصادق عليه السلام قال:

«نزلت في القائم عليه السلام، هو والله المضطر إذا صلي في المقام ركعتين ودعا الله فأجابه، ويكشف السوء ويجعله خليفة في الأرض»(2).

وفي تفسير عن الباقر عليه السلام في حديث له، تقدم بعضه ذيل الآية: (148) من سورة البقرة، قال:

«يكون لصاحب هذا الأمر غيبة في بعض هذه الشعاب، ثم أومأ بيده إلي ناحية ذي طوي، حتي إذا كان قبل خروجه بليلتين، انتهي المولي الذي يكون بين يديه حتي يلقي بعض أصحابه فيقول: كم أنتم هاهنا؟ فيقولون: نحو من أربعين رجلاً، فيقول: كيف أنتم لو قد رأيتم صاحبكم؟ فيقولون: والله لو يأوي بنا الجبال لأويناها معه، ثم يأتيهم من القابلة فيقول لهم: أشيروا إلي ذوي أسنانكم وأخياركم عشيرة، فيشيرون له إليهم فينطلق بهم حتي يأتوا صاحبهم، ويعدهم إلي الليلة التي تليها»(3)

ثم قال أبو جعفر عليه السلام:

«والله لكأني أنظر إليه وقد أسند ظهره إلي الحجر ثم ينشد الله حقه ثم يقول: يا أيها الناس من يحاجني في الله فأنا أولي الناس بالله، ومن يحاجني في آدم.. نوح.. إبراهيم.. موسي.. عيسي.. محمد.. كتاب الله.. فأنا أولي الناس.. ثم ينتهي إلي المقام فيصلي ركعتين ثم ينشد الله حقّه».

قال أبو جعفر عليه السلام:

«هو والله المضطر في كتاب الله، وهو قول الله: «أَمَّنْ يجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيكشِفُ السُّوءَ وَيجْعَلُكمْ خُلَفاءَ الأَرْضِ» وجبرائيل علي الميزاب في صورة طائر

ص: 61


1- سورة النمل، الآية : 62.
2- تفسير القمي: 2/ 129.
3- تفسير العياشي: 2/ 56، ح 49.

أبيض، فيكون أول خلق الله يبايعه جبرائيل، ويبايعه الثلاثمائة والبضعة العشر رجلاً» .

ونحوه باختصار في الغيبة(1) عن الباقر عليه السلام وفي تأويل الآيات(2) عن تفسير محمد بن العباس عن الصادق عليه السلام.

وفي تأويل الآيات، عن تفسير محمد بن العباس عن الباقر عليه السلام في الآية، قال:

«هذه نزلت في القائم عليه السلام إذا خرج تعمم وصلي عند المقام وتضرع إلي ربه فلا ترد له راية أبداً»(3).

وفي إثبات الهداة(4) في الآية الشريفة عن الإمام الصادق عليه السلام قال:

«هو والله القائم إذا قام في الكعبة وصلي ركعتين ودعا الله، فهذا مما لم يكن بعد، وسيكون إن شاء الله».

قوله تعالي:

«الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَي الْأَرضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ*» إلي قوله تعالي: «وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ*بِنَصْرِ اللَّهِ»(5).

محمد بن العباس: قال: حدثنا الحسن بن محمد بن جمهور القمي، عن أبيه، عن جعفر بن بشير الوشا، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سألته عن تفسير « الم * غُلِبَتِ الرُّومُ» قال:

«هم بنو أمية وإنما أنزلها الله عز وجل «الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَي الْأَرضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ* فِي بِضْعِ سِنِينَ ۗ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ» عند قيام القائم عليه السلام»(6)

ص: 62


1- الغيبة للنعماني: ص314، باب : (20)، ح6.
2- تأويل الآيات: 402/1 .
3- المصدر السابق: 403/1 ، ح6.
4- إثبات الهداة : 576/3 باب : (32)، ف(51)، ح730.
5- سورة الروم، الآيات: 1- 5.
6- تأويل الآيات الظاهرة.

عنه قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، عن الحسن بن القسم [قال] قراءة عن علي بن إبراهيم المعلي، عن الفضيل (بن فضيل) بن إسحاق، عن يعقوب بن شعيب، عن عمران بن ميثم، عن عبادة [عناية] عن علي عليه السلام قال: قوله عز وجل: «الم * غُلِبَتِ الرُّومُ»:

«[هي] فينا وفي بني أمية »(1).

أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: في مسند فاطمة قال: حدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك قال: حدثنا إسحاق بن محمد بن سميع، عن محمد بن الوليد، عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام في قول الله تعالي: «يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ* بِنَصْرِ اللهِ» قال:

« في قبورهم بقيام القائم عليه السلام»(2)

«وَلَوْ تَرَي إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ* وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّي لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ*وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ ۖ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ* وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ»(3)

عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في حديث له عن فتنة السفياني بالشام والعراق والحجاز جاء فيه:

«ثم يخرجون (أي جنود السفياني) متوجهين إلي مكة حتي إذا كانوا بالبيداء بعث الله سبحانه جبرائيل. فيضربها.. ضربة يخسف الله بهم فذلك قوله.. «وَ لَوْ تَري إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ» فلا ينفلت منهم إلا رجلان أحدهما بشير والآخر نذير ..»(4)

ص: 63


1- المصدر السابق.
2- دلائل الإمامة: ص248.
3- سورة سبأ، الآيات: 51 - 54.
4- تفسير الطبري: 73/22

وفي مجمع البيان(1) قال: وروي أصحابنا في أحاديث المهدي عن أبي عبد الله وأبي جعفر عليهماالسلام مثله.

وفي الملاحم(2) بسنده عن عبد العزيز بن رفيع.. عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم وسئل عن الآية، فقال:

«يبعث جيش حتي إذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم ..» قال ابن رفيع: فذكرت ذلك لأبي جعفر محمد بن علي فقال: «هي بيداء المدينة» وبهذا المعني أحاديث كثيرة لكن ليس فيها ذكر الآيات.

وفي الفتن(3) عن علي عليه السلام قال: «إذا نزل جيش في طلب الذين خرجوا إلي مكة فنزلوا البيداء خسف بهم ويباد بهم، وهو قوله عز وجل: «وَلَوْ تَرَي إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ» من تحت أقدامهم، ويخرج رجل من الجيش في طلب ناقة له ثم يرجع إلي الناس فلا يجد منهم أحداً ولا يحس بهم، وهو الذي يحدث الناس بخبرهم».

وفي مختصر(4)عن رضي الدين ابن طاوس عن كتاب خطب أمير المؤمنين عليه السلام وذكر فيها توجه السفياني نحو المدينة ومكة، وقال:

«ويبعث [السفياني] خيلاً في طلب رجل من آل محمد صلي الله عليه و آله و سلم قد اجتمع إليه رجال من المستضعفين بمكة، أميرهم رجل من غطفان، حتي إذا توسطوا الصفائح البيض بالبيداء يخسف بهم، فلا ينجو منهم أحد إلا رجل واحد يحول الله وجهه في قفاه لينذرهم وليكون آية لمن خلفه فيومئذ تأويل هذه الآية: «وَ لَوْ تَري إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ»»

ص: 64


1- مجمع البيان: 4/ 398
2- الملاحم لابن المنادي : ص 183.
3- كتاب الفتن لنعيم بن حماد: 329/2
4- مختصر البصائر: ص199.

وفي الغيبة(1) عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال:

«المهدي أقبل، جعدٌ، بخده خال، يكون مبدؤه من قبل المشرق، وإذا كان ذلك خرج السفياني.. بالشام فينقاد له أهل الشام إلا طوائف من المقيمين علي الحق يعصمهم الله من الخروج معه، ويأتي المدينة بجيش جرار حتي إذا انتهي إلي بيداء المدينة خسف الله به وذلك قول الله عز وجل..».

وفي كتاب سليم(2) في حديث طويل لأمير المؤمنين عليه السلام في كتابه إلي معاوية يقول فيها:

«وأن رجلاً من ولدك، مشوم ملعون، جلف جاف، منكوس القلب، فظ غليظ، قد نزع الله من قلبه الرأفة والرحمة.. فيبعث جيشاً إلي المدينة.. ويهرب منهم رجلٌ زكيّ نقيّ، الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً، وإني لأعرف اسمه وابن كم هو يومئذ وعلامته وهو من ولد ابني الحسين.. وهو الثائر بدم أبيه فيهرب إلي مكة.. ثم يسير ذلك الجيش إلي مكة.. فإذا دخلوا البيداء واستوت بهم الأرض خسف الله بهم، قال الله عز وجل: «وَلَوْ تَرَي إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ» من تحت أقدامهم فلا يبقي من ذلك الجيش أحدٌ غير رجل واحد يقلب الله وجهه من قبل قفاه.. ويبعث الله للمهدي أقواماً يجمعون من الأرض قزعاً كقزع الخريف.. فيدخل المهدي الكعبة ويبكي ويتضرع».

وعن علي عليه السلام في حديث يصف فيه جيش السفياني وأعمالهم الشنيعة بالشام والمدينة قال فيه:

«فعند ذلك يشتد غضب الله عليهم فيخسف بهم الأرض وذلك قوله: «وَلَوْ تَرَي» أي من تحت أقدامهم»(3).

ص: 65


1- الغيبة للنعماني: ص304 باب : (18)، ح14.
2- كتاب سليم: ص197.
3- البدء والتاريخ : 177/2

وفي خبر آخر: «أنهم يخرجون المدينة حتي لا يبقي رائح ولا سارح».

وفي مجمع البيان(1) عن زين العابدين عليه السلام والحسن المثني أنهما قالا: «هو جيش البيداء يؤخذون من تحت أقدامهم».

ونحوه في تفسير النقاش كما في عقد الدر(2).

وفي تفسير محمد بن العباس كما في تأويل الآيات(3) عن أبي جعفر الباقر عليه السلام أنه قال:

«يخرج القائم عليه السلام فيسير حتي يمر بمر، فيبلغه أن عامله قد قتل، فيرجع إليهم فيقتل المقاتلة لا يزيد علي ذلك شيئاً، ثم ينطلق فيدعو الناس، حتي ينتهي إلي البيداء، فيخرج جيشان للسفياني فيأمر الله عز وجل الأرض أن تأخذ بأقدامهم، وهو قوله عز وجل: « وَلَوْ تَرَي إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ* وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ» يعني بقيام القائم «وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ» يعني بقيام آل محمد عليه السلام « وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ* وَحِيلَ بَينَهُم وَبَينَ مَا يَشتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشيَاعِهِم مِّن قَبلُ إِنَّهُم كَانُواْ فِي شَكّ مُّرِيبِ»».

وفي تفسير القمي(4) عن الباقر عليه السلام في حديث له قال فيه:

«فإذا جاء القائم إلي البيداء يخرج إليه جيش السفياني فيأمر الله الأرض فتأخذ أقدامهم..» وذكر نحو ما تقدم.

وفيه أيضاً(5) عن الباقر عليه السلام:

« وَلَوْ تَرَي إِذْ فَزِعُوا» من الصوت وذلك الصوت من السماء، «وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ» من تحت أقدامهم خسف بهم».

ص: 66


1- مجمع البيان: 397/4
2- عقد الدر: ص76.
3- تأويل الآيات: 2/ 478، ح12.
4- تفسير القمي:205/2
5- المصدر السابق: 2/ 205

وفي تفسير العياشي(1) في حديث طويل للإمام الباقر عليه السلام وذكر نحو ما تقدم عن تفسير محمد بن العباس وقال:

«فيخرج إليه جيش السفياني فيأمر الله الأرض فتأخذهم من تحت أقدامهم..».

قوله تعالي: «وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ»(2). ابن بابويه: عن محمد بن عبد الله الشيباني رحمه الله قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن العلوي قال: حدثني أبو نصر أحمد بن عبد المنعم الصيداوي قال: حدثني عمرو بن شمر الجعفري، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام، قال: قلت له: يا بن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ، إن قوماً يقولون إن الله تبارك وتعالي جعل الأئمة في عقب ولد الحسن دون الحسين، قال:

«كذبوا والله أو لم يسمعوا أن الله تعالي ذكره يقول: «وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ» فهل جعلها إلا في عقب الحسين عليه السلام». فقال عليه السلام:

«يا جابر إن الأئمة هم الذين نص عليهم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بالإمامة وهم الذين قال رسول الله: لما أسري بي إلي السماء وجدت أسماءهم مكتوبة علي ساق العرش بالنور، اثنا عشر اسماً منهم علي وسبطاه وعلي ومحمد وجعفر و موسي وعلي ومحمد وعلي والحسن والحجة القائم عليهم السلام، فهذه الأئمة من أهل بيت الصفوة والطهارة، والله ما يدعيه أحد غيرنا إلا حشره الله تبارك وتعالي مع إبليس وجنوده، ثم تنفس عليه السلام فقال: لا رعي الله حق هذه الأمة فإنها لم ترع حق نبيها [أما] والله لو تركوا الحق علي أهله لما اختلف في الله اثنان، ثم أنشأ عليه السلام يقول:

إن اليهود لحبهم لنبيهم*آمنوا بوائق حادث الأزمانِ

وذوو الصليب بحب عيسي أصبحوا*يمشون رهواً في قري نجرانِ

والمؤمنون بحب آل محمد*يرمون في الآفاق بالنيرانِ

ص: 67


1- تفسير العياشي: 2/ 195، ح 1729.
2- سورة الزخرف، الآية : 28.

قلت: يا سيدي أليس هذا الأمر لكم؟ قال: «نعم». قلت: فلم قعدتم عن حقكم ودعواكم وقد قال الله تبارك وتعالي: «وَ جاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ*فما بال أمير المؤمنين عليه السلام قعد عن حقه؟ قال: فقال عليه السلام:

«حيث لم يجد ناصراً، ألم تسمع الله يقول في قصة لوط عليه السلام، قال: «لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلي رُكْنٍ شَدِيدٍ» ويقول حكاية عن نوح عليه السلام: «فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ» ويقول في قصة موسي عليه السلام: «رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَ أَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ» فإذا كان النبي هكذا، فالوصي أعذر. يا جابر: مثل الإمام مثل الكعبة تؤتي ولا تأتي».

عنه قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن عبد الله الجوهري قال: حدثنا عبد الصمد بن علي بن محمد بن مكرم قال: حدثنا الطيالسي أبو الوليد، عن أبي زياد عبد الله بن ذكوان : عن أبيه، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: سألت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم عن قوله عز وجل: «وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً في عَقِبِهِ». قال صلي الله عليه و آله و سلم :

«جعل الأئمة في عقب الحسين يخرج من صلبه تسعة من الأئمة ومنهم مهدي هذه الأمة، ثم قال: لو أن رجلاً ظعن بين الركن والمقام ثم لقي الله مبغضاً لأهل بيتي دخل النار»(1).

وعنه قال: حدثنا محمد بن [محمد بن] عاصم الكليني (رضي الله عنه) قال: حدثنا محمد بن يعقوب [الكليني] قال: حدثنا القاسم بن العلا قال: حدثني [ثنا] إسماعيل بن علي القزويني قال: حدثني علي بن إسماعيل، عن عاصم بن حميد الخياط، عن محمد بن قيس، عن ثابت الثمالي، عن علي بن الحسين [بن علي بن أبي طالب أنه] قال:

«فينا نزلت هذه الآية: «وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَي بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ» وفينا نزلت هذه الآية: «وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ» والإمامة في عقب الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام إلي يوم القيامة، فإن للغائب [للقائم عليه السلام] منا غيبتين إحداهما أطول من

ص: 68


1- تفسير البرهان: ج4 ص 140.

الأخري، أما الأولي فستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنين، وأما الأخري فيطول أمدها حتي يرجع عن هذا الأمر أكثر من يقول به، فلا يثبت عليه إلا من قوي يقينه وصحت معرفته ولم يجد في نفسه حرجاً مما قضينا وسلم لنا أهل البيت»(1).

«أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ* اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»(2)

قال في كتاب الغيبة(3) ونحوه في تأويل الآيات(4) نقلاً عن الشيخ المفيد عن الإمام الصادق عليه السلام قال:

«نزلت هذه الآية في سورة الحديد: «وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ» في أهل زمانه الغيبة، وإنما الأمد أمد الغيبة ثم قال: عز وجل: «أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها» فإنه أراد عز وجل يا أمة محمد أو يا معشر الشيعة لا تكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد، فتأويل هذه الآية جاء في أهل زمان الغيبة وأيامها، دون غيرهم من أهل الأزمنة، وإن الله تعالي نهي الشيعة عن الشك في حجة الله تعالي أو أن يظنوا أن الله تعالي يخلي أرضه منها طرفة عين، كما قال أمير المؤمنين عليه السلام في كلامه لكميل بن زياد: «بلي اللهم لا تخلو الأرض من حجة الله إما ظاهر معلوم أو خائف مغمور، لئلا تبطل حجج الله وبناته»، وحذرهم من أن يشكوا ويرتابوا فيطول عليهم الأمد فتقسو قلوبهم». ثم قال عليه السلام:

«ألا تسمع قوله تعالي في الآية التالي لهذه الآية: « أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ» أي يحييها الله بعدل القائم عند ظهوره بعد موتها بجور أئمة الضلال».

ص: 69


1- كمال الدين وتمام النعمة: ج2 ص323.
2- سورة الحديد، الآيتان: 16 - 17.
3- الغيبة للنعماني: ص24.
4- تأويل الآيات: 2/ 662، ح 14.

ونحو هذا باختصار ورد في كمال الدين(1) وتأويل الآيات(2) نقلاً عن تفسير محمد بن العباس، عن الباقر عليه السلام، وبتفصيل عن الصادق عليه السلام عن الشيخ المفيد وروي نحوه باختصار عن ابن عباس بما يرتبط بالآية: (18) كما في الغيبة(3) .

«وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا* وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا* وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا*وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا»(4)

عن الإمام الحسين عليه السلام وقد سئل عن الآية فقال:

«وَالشَّمْسِ» محمد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ، «وَالْقَمَرِ» أمير المؤمنين عليه السلام يتلو محمداً صلي الله عليه و آله و سلم ، «وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا» ذلك القائم من آل محمد يملأ الأرض عدلاً وقسطاً»(5).

ونحوه عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال:

«وَالشَّمْسِ» رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أوضح للناس دينهم، «وَالْقَمَرِ» أمير المؤمنين عليه السلام تلا رسول الله «وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا» ذاك الإمام من ذرية فاطمة فيجلي ظلام الجور والظلم يعني به القائم عليه السلام»(6).

وعن جعفر بن محمد عليه السلام أنه قال ما ملخصه:

«وَالشَّمْسِ» رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم، «وَالْقَمَرِ» أمير المؤمنين عليه السلام «وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا»: الأئمة منّا أهل البيت يملكون الأرض في آخر الزمان فيملؤونها عدلاً وقسطاً، المعين لهم كمعين موسي علي فرعون، والمعين عليهم كمعين فرعون علي موسي»(7).

وعن الصادق عليه السلام قال:

ص: 70


1- كمال الدين : 2/ 668 باب : (58)، ح3 و 12.
2- تأويل الآيات: 2/ 663، ح15.
3- كتاب الغيبة للطوسي: ص 175، ح130.
4- سورة الشمس، الآيات: 1-4.
5- تفسير فرات الكوفي : ص 563، ح 721.
6- تفسير فرات الكوفي: ص 563، ح723، وتأويل الآيات: 2/ 805، ح3.
7- تفسير فرات : ص 563، ح722.

«وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا» الشمس: أمير المؤمنين عليه السلام ضحاها قيام القائم عليه السلام لأن الله سبحانه قال: «وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًي»(1)، «وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا» الحسن والحسين عليهماالسلام، «وَ النَّهارِ إِذا جَلَّاها» هو قيام القائم عليه السلام، «وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشاها» حبتر ودولته قد غشي عليه الحق..»(2)

ص: 71


1- سورة طه ، الآية: 59.
2- تأويل الآيات:803/2 ح 1.

ص: 72

الإمام المهدي المنتظر عليه السلام في الروايات والأحاديث عن أهل البيت عليه السلام

إن الأحاديث والروايات المروية عن خاتم الأنبياء الرسول الأكرم محمد صلي الله عليه و آله و سلم وعن أهل البيت عليهم السلام حول الإمام المهدي المنتظر عليه السلام لا تعد ولا تحصي.

لكن الأعجب من هذا الأحاديث التي تروي في كتب أهل السنة والمروية عن الرسول صلي الله عليه و آله و سلم بأسانيد و مضامين متنوعة ومتعددة.

ولهذا فإن الموضوع يعد غاية في الأهمية، وإلا فلماذا كل هذا الاهتمام والعناية والإلحاح علي هذا الموضوع، وكذلك التركيز والتكرار في الإخبار عن الإمام المهدي المنتظر عليه السلام.

وسوف ننقل لكم تلك الأحاديث والروايات عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم وعن أئمة أهل البيت عليهم السلام وعما ينقل عن علماء أهل السُّنة المروية عن أهل البيت عليهم السلام.

- قال نعيم وحدثنا عبد الله بن مروان عن سعيد التنوخي عن الزهري قال:

«المهدي من ولد فاطمة»(1).

- حدثنا نعيم حدثنا يحيي بن اليمان عن سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي عليه السلام قال:

«هو رجل مني»(2)

- حدثنا نعيم، حدثنا ابن وهب عن إسحاق بن يحيي بن طلحة التيمي عن طاوس، قال: قال علي بن أبي طالب:

ص: 73


1- كتاب الفتن لابن حماد: ج1 ص375، ح1164.
2- المصدر السابق : ج1، ص369، ح1084.

«هو فتي من قريش ضَرَبَ مِنَ الرِجال»(1).

- حدثنا الوليد بن مسلم عن أبي عبد الله عن الوليد بن هشام المعيطي عن إبان بن الوليد قال:

«سمعت ابن عباس وهو عند معاوية يقول: يبعث الله ما أهل البيت المهدي»(2).

- حدثنا نعيم، حدثنا الوليد عن شيخ عن الزهري عن عائشة عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم قال:

«هو رجل من عترتي يقاتل علي سنتي، كما قاتلت أنا علي القرآن»(3).

- حدثنا نعيم، حدثنا الوليد عن سعيد عن قتادة عن أبي بكر الصديق عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم قال:

«هو رجل من أمتي يقاتل علي سنتي كما قاتلت أنا علي الوحي»(4)

- حدثنا نعيم، حدثنا الوليد وقال أبو رافع عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم قال: «هو من عترتي»(5)

فقول الرسول صلي الله عليه و آله و سلم «هو» أي يعني الإمام المهدي المنتظر عليه السلام

- عن ابن عباس(6) قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«إن خلفائي وأوصيائي وحجج الله علي الخلق بعدي، الاثنا عشر، أولهم: أخي، وآخرهم ولدي». قيل: يا رسول الله ومن أخوك؟ قال:

«علي بن أبي طالب». قيل: فمن ولدك؟ قال:

«المهدي الذي يملؤها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً. والذي بعثني بالحق بشيراً، لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحدة لطول الله ذلك اليوم حتي يخرج فيه ولدي

ص: 74


1- كتاب الفتن لابن حماد: ج1، ص366، ح1074.
2- المصدر السابق : ج 1، ص 370، ح 1087.
3- المصدر السابق : ج 1، ص 371، ح1092.
4- المصدر السابق : ج 1، ص 371ح1093
5- المصدر السابق : ج1، ص371، ح1094.
6- كمال الدين: ص 280، باب : (24)، ح 27

المهدي، فينزل روح الله عيسي ابن مريم فيصلي خلفه، وتشرق الأرض بنور ربها، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب».

- عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«أنا سيد النبيين، وعلي سيد الوصيين، وإن أوصيائي بعدي اثنا عشر، أولهم علي وآخرهم المهدي»(1).

- عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«يخرج المهديّ وعلي رأسه ملك ينادي: هذا المهدي خليفة الله فاتبعوه»(2).

قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام:

«ألا أخبركم بأفضل خلق الله عند الله يوم يجمع الرسل؟» قلنا: بلي يا أميرالمؤمنين، قال:

«أفضل الرسل محمد، وإن أفضل الخلق بعدهم الأوصياء، وأفضل الأوصياء أنا، وأفضل الناس بعد الرسل والأوصياء الأسباط، وإن خير الأسباط سبطا نبيكم - الحسن والحسين - وإن أفضل الخلق بعد الأسباط الشهداء، وإن أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب، قال ذلك النبيّ، وجعفر بن أبي طالب ذو الجناحين مخضبان، بكرامة خص الله عز وجل بها نبيكم، والمهدي منا في آخر الزمان، لم يكن في أمة من الأمم مهدي ينتظر غيره»(3).

قال في مقائل الطالبيين(4) ونحوه في مناقب الكوفي(5) وغيره، عن الإمام الحسن عليه السلام في كلام له بعد ما قال له سفيان بن أبي ليلي (أو الليل) بعد صلح الحسن عليه السلام: أذللت رقابنا حين أعطيت هذا الطاغية البيعة وسلمت الأمر إلي اللعين ابن اللعين ابن آكلة الأكباد ومعك مئة ألف كلهم يموت دونك... فقال عليه السلام:

ص: 75


1- المصدر السابق: ص 280، باب : (24)، ح29.
2- مسند الشاميين للطبراني: 3/ 72، ح 973.
3- دلائل الإمامة: ص479، ح470، وشرح الأخبار: 1/ 124، ح 54.
4- مقاتل الطالبيين: ص 43
5- مناقب محمد بن سليمان الكوفي : ج2 ص128

«إنا أهل بيت إذا علمنا الحق تمسكنا به».

وذكر كلاماً في غلبة الباطل عاجلاً علي المسلمين، ثم ذكر كلاماً في حب أهل البيت وقال بعده:

«أبشر با سفيان فإن الدنيا تسع البر والفاجر حتي يبعث الله إمام الحق من آل محمد صلي الله عليه و آله و سلم ».

- وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال في خطبة له يذكر فيها غلبة بني أمية والباطل علي المسلمين، ثم يقول:

«وأيم الله لو فرّ قومكم تحت كل حجر لجمعكم لشر يوم لهم، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتي يملك الأرض رجلٌ مني يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً»(1).

- قال الإمام الحسن المجتبي عليه السلام:

«الأئمة بعد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم اثنا عشر، تسعة من صلب أخي الحسين، ومنهم مهدي هذه الأمة»(2).

- قال عيسي الخشاب للحسين عليه السلام: أنت صاحب الأمر؟ قال:

«لا ولكن صاحب الأمر الطريد الشريد، الموتور بأبيه، المكني بعمه، يضع سيفه علي عاتقه ثمانية أشهر»(3)

- عن الحسين عليه السلام. قال:

«من أحبنا.. لله جئنا نحن وهو كهاتين.. ومن أحبنا.. للدنيا فإنه إذا قام قائم العدل وسع عدله البر والفاجر»(4)

- عن الحسين عليه السلام قال:

ص: 76


1- أمالي الشجري: 2/ 84.
2- كفاية الأثر: ص 223.
3- كمال الدين : 318/1، باب : (30)، ح5.
4- المحاسن: ص61، باب: (80)، ح104.

«قائم هذه الأمة هو التاسع من ولدي، وهو صاحب الغيبة، وهو الذي يقسم ميراثه وهو حي»(1).

- عن علي بن الحسين عليهماالسلام قال:

«إذا قام قائمنا أذهب الله عز وجل عن شيعتنا العاهة، وجعل قلوبهم كزبر الحديد، وجعل قوة الرجل منهم قوة أربعين رجلاً، ويكونون من حكام الأرض وسنامها»(2).

- قال الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام:

«في القائم منا سنن من سنن الأنبياء عليه السلام سنة من آدم، وسنة من نوح، وسنة من إبراهيم، وسنة من موسي، وسنة من عيسي، وسنة أيوب، وسنة محمد صلي الله عليه و آله و سلم ، فأما من آدم ومن نوح فطول العمر، وأما من إبراهيم فخفاء الولادة واعتزال الناس، وأما من موسي فالخوف والغيبة، وأما من عيسي فاختلاف الناس فيه، وأما من أيوب فالفرج بعد البلوي، وأما من محمد صلي الله عليه و آله و سلم فالخروج بالسيف»(3).

- عن أبي جعفر محمد بن علي عليهم السلام قال:

«آيتان تكونان قبل قيام القائم عليه السلام لم تكونا منذ هبط آدم إلي الأرض، تنكسف الشمس في النصف من شهر رمضان والقمر في آخره». فقال له رجل: يا ابن رسول الله تنكسف الشمس في آخر الشهر والقمر في النصف؟!. فقال أبو جعفر عليه السلام:

«إني أعلم ما تقول ولكنهما آيتان لم تكونا منذ هبط آدم عليه السلام»(4).

- قال أبو جعفر عليه السلام: «إذا خرج القائم عليه السلام من مكة ينادي مناديه: ألا لا يحملن أحد طعاماً ولا شراباً، وحمل معه حجر موسي بن عمران عليه السلام وهو وقر بعير، فلا ينزل منزلا إلا انفجرت منه عيون، فمن كان جائعاً شبع، ومن كان ظمأناً روي، ورويت دوابهم حتي ينزلوا النجف من ظهر الكوفة»(5).

ص: 77


1- كمال الدين: 1/ 317، باب: (30)، ح2.
2- الخصال : ص 541، ح 14.
3- كمال الدين للصدوق، ص 322، باب : (31)، ح3.
4- الكافي : 8/ 212، ح258.
5- كمال الدين : ص 670، باب النوادر : ح7، الكافي: 231/1، ح 3. بصائر الدرجات : ص408، ح 54.

- قال الإمام الصادق عليه السلام:

«إن قائمنا إذا قام أشرقت الأرض بنور ربها، واستغني العباد عن ضوءالشمس، وذهبت الظلمة، يعمر الرجل في ملكه حتي يولد له ألف ذكر، لا تولد فيهم أنثي، وتظهر الأرض كنوزها حتي تراها الناس علي وجهها، ويطلب الرجل منكم من يصله بماله، ويأخذ من زكاته، لا يوجد أحد يقبل منه ذلك، استغني الناس بما رزقهم من فضله »(1).

- وعن أبي عبد الله عليه السلام قال:

«لما كان من أمر الحسين ما كان، ضجت الملائكة وقالوا: يا ربنا هذا الحسين صفيك وابن صفيك وابن بنت نبيك» قال:

«فأقام الله ظل القائم وقال: بهذا (يعني المهدي) أنتقم له من ظالميه»(2).

- قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام:

«إذا خرج القائم لم يبق بين يديه أحد إلا عرفه صالح أو طالح»(3) .

- عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال:

«هل تدري ما أول - ما – يبدأ به القائم عليه السلام؟». قلت: لا. قال عليه السلام:

«يخرج هذين (الأول والثاني) رطبين غضين فيحرقهما ويذريهما في الريح»(4) .

- عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال:

«إن سنن الأنبياء عليهم السلام بما وقع بهم من الغيبات حادثة في القائم منا أهل البيت.. هو الخامس من ولد ابني موسي، ذلك ابن سيدة الإماء، يغيب غيبة يرتاب فيها المبطلون، ثم يظهره الله عز وجل فيفتح الله علي يده مشارق الأرض ومغاربها وينزل عيسي ابن مريم عليه السلام فيصلي خلفه»(5).

ص: 78


1- الإرشاد: 381/2
2- الكافي: 1/ 465، ح ، وأمالي الطوسي: المجلسي: (14)، ح92.
3- بحار الأنوار: 389/52 ، ح208.
4- المصدر السابق :389/52 ، ح 200.
5- كمال الدين : 2/ 345، باب : (33)، ح31

- عن يونس بن عبد الرحمن، قال: دخلت علي موسي بن جعفر عليهم السلام فقلت له: يا ابن رسول الله أنت القائم بالحق؟، فقال:

«أنا القائم بالحق، ولكن القائم الذي يطهر الأرض من أعداء الله ويملؤها عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، هو الخامس من ولدي، له غيبة يطول أمدها خوفاً علي نفسه، ويرتد فيها قوم ويثبت فيها آخرون». ثم قال عليه السلام:

«طوبي لشيعتنا المتمسكين بحبلنا في غيبة قائمنا، الثابتين علي موالاتنا، والبراءة من أعدائنا، أولئك منا ونحن منهم، قد رضوا بنا أئمة، ورضينا بهم شيعة، فطوبي لهم ثم طوبي لهم، وهم والله معنا في درجتنا يوم القيامة»(1).

- عن الحسن بن القاسم العباسي، قال: دخلت علي أبي الحسن موسي بن جعفر عليه السلام ببغداد وهو يصلي صلاة جعفر عند ارتفاع النهار يوم الجمعة فلم أصل خلفه حتي فرغ، ثم رفع يديه إلي السماء، ثم قال:

«يا من لا تخفي عليه اللغات، ولا تتشابه عليه الأصوات، ويا من هو كل يوم في شأن، يا من لا يشغله شأن عن شأن، يا مدبر الأمور، يا باعث من في القبور، يا محيي العظام وهي رميم..، اللهم صل علي محمد وآل محمد، وعلي منارك في عبادك، الداعي إليك بإذنك، القائم بأمرك، المؤدي عن رسولك عليه وآله السلام، اللهم إذا أظهرته فأنجز له ما وعدته، وسق إليه أصحابه، وانصره وقو ناصريه، وبلغه أفضل أمله، وأعطه سؤله، وجدد به عن محمد وأهل بيته بعد الذل الذي قد نزل بهم بعد نبيك فصاروا مقتولين مطرودين مشردين خائفين غير آمنين، لقوا في جنبك ابتغاء مرضاتك وطاعتك الأذي والتكذيب، فصبروا علي ما أصابهم فيك، راضين بذلك مسلمين لك في جميع ما ورد عليهم وما يرد عليهم، اللهم عجل فرج قائمهم بأمرك وانصره، وانصر به دينك الذي غير وبدل، وجدد به ما امتحي منه وبدل بعد نبيك صلي الله عليه و آله و سلم(2)

- ومن دعاء للإمام موسي بن جعفر عليه السلام قال فيه:

«اللهم إنا قد تمسكنا بكتابك وبعترة نبيك صلوات الله عليهم...، فاجعلنا

ص: 79


1- كمال الدين للصدوق: ص361، باب : (34)، ح5
2- جمال الأسبوع: ص 285.

من الصادقين المصدقين لهم، المنتظرين لأيامهم، الناظرين إلي شفاعتهم»(1).

- عن الريان بن الصلت، قال: قلت للرضا عليه السلام : أنت صاحب هذا الأمر؟ فقال:

«أنا صاحب هذا الأمر، ولكني لست بالذي أملاها عدلاً كما ملئت جوراً.. وإن القائم هو الذي إذا خرج كان في سن الشيوخ ومنظر الشبان، قوياً في بدنه حتي لو مد يده إلي أعظم شجرة علي وجه الأرض لقلعها، ولو صاح بين الجبال لتدكدكت صخورها، يكون معه عصا موسي، وخاتم سليمان، ذاك الرابع من ولدي، يغيبه الله في ستره، ما شاء، ثم يظهره فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً»(2).

- عن أيوب بن نوح، قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: إني أرجو أن تكون صاحب هذا الأمر، وأن يسوقه الله إليك بغير سيف، فقد بويع لك وضربت الدراهم باسمك، فقال عليه السلام:

«ما منا أحد اختلفت إليه الكتب وأشير إليه بالأصابع وسئل عن المسائل وحملت إليه الأموال إلا اغتيل أو مات علي فراشه، حتي يبعث الله لهذا الأمر غلاماً منا خفي الولادة والمنشأ، غير خفي في نسبه»(3).

- عن حصين الثعلبي، قال: لقيت أبا جعفر محمد بن علي عليهم السلام في حج أو عمرة فقلت له: كبرت سني ودق عظيم، فلست أدري يقضي لي لقاؤك أم لا، فاعهد إلي عهداً وأخبرني متي الفرج؟ فقال عليه السلام:

«إن الشريد الطريد الفريد الوحيد، المفرد من أهله، الموتور بوالده(4)، المكني بعمه، هو صاحب الرايات، واسمه اسم نبي». فقلت: أعد علي، فدعا بكتاب أديم أو صحيفة فكتب لي فيها(5).

ص: 80


1- مصباح المتهجد: ص708.
2- كمال الدين : 2/ 376، باب : (35)، ح 7.
3- الكافي: 1/ 341، ح25.
4- الموتور بوالده: أي قتل والده ولم يطلب بدمه، والمراد بالوالد الإمام الحسن العسكري عليه السلام أو الإمام الحسين عليه السلام أو جنس ليشمل جميع الأئمة عليهم السلام لأنهم قتلوا ولم يطلب بثأرهم
5- الغيبة للنعماني : ص 178 ح 22، ونحوه في دلائل الإمامة : ص261.

- عن عبد العظيم الحسني، قال: دخلت علي الجواد عليه السلام وأنا أريد أسأله عن القائم أهو المهدي أو غيره؟ فابتدأني هو وقال:

«يا أبا القاسم، إن القائم منا هو المهدي الذي يجب أن ينتظر في غيبته وطاع في ظهوره، وهو الثالث من ولدي، والذي بعث محمداً بالنبوة وخصنا بالإمامة إنه لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتي يخرج فيه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، وإن الله تبارك وتعالي ليصلح له أمره في ليلة، كما أصلح أمر كليمه موسي عليه السلام إذ ذهب ليقتبس لأهله ناراً فرجع وهو رسول نبي». ثم قال عليه السلام:

«إن أفضل أعمال شيعتنا انتظار الفرج»(1).

- عن الصقر بن أبي دلف، قال: سمعت الإمام الهادي عليه السلام يقول:

«إن الإمام بعدي الحسن ابني وبعد الحسن ابنه القائم الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً»(2).

- عن داود بن القاسم الجعفري، قال: سمعت أبا الحسن عليهم السلام - علي بن محمد - يقول: «الخلف من بعدي ابني الحسن، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟». فقلت: ولم جعلني الله فداك؟ فقال عليه السلام:

«إنكم لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه». فقلت: فكيف نذكره؟ فقال عليه السلام:

«قولوا: الحجة من آل محمد عليهم السلام»(3)

- عن أحمد بن إسحاق بن سعد، قال: سمعت أبا محمد الحسن بن علي عليهم السلام يقول:

«الحمد لله الذي لم يخرجني من الدنيا حتي أراني الخلف من بعدي، أشبه الناس برسول الله صلي الله عليه و آله و سلم خلقاً وخلقاً، يحفظه الله تبارك وتعالي في غيبته، ثم يظهره فيملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً»(4)

ص: 81


1- كمال الدين: ص 377، باب : (36)، ح1.
2- كفاية الأثر: ص288، وكمال الدين : ص383، باب : (37)، ح 10.
3- الكافي: 1/ 328، ح 13، وص332، ح 1، والهداية الكبري : ص87
4- كمال الدين: ص408، باب : (38)، ح7

- عن عيسي بن صبيح، قال: دخل الإمام الحسن العسكري عليه السلام علينا الحبس وكنت به عارفاً فقال لي:

«لك خمس وستون سنة وشهر ويومان».

وكان معي كتاب دعاء عليه تاريخ مولدي وإني نظرت فيه فكان كما قال، وقال عليه السلام:

«هل رزقت ولداً؟». فقلت: لا. فقال:

«اللهم ارزقه ولداً يكون له عضداً، فنعم العضد الولد» ثم تمثل عليه السلام:

من كان ذا عضد يدرك ظلامته* إن الذليل الذي ليست له عضد

قلت له: ألك الولد؟ قال عليه السلام:

«إي والله، سيكون لي ولد يملأ الأرض قسطاً، فأما الآن فلا».

ثم تمثل:

لعلك يوماً أن تراني كأنما*بني حوالي الأسود اللوابد

فإن تميماً قبل أن يلد الحصا*أقام زماناً (وهو) في الناس واحد(1)

ص: 82


1- الخرائج:1/ 478، باب : (13)، ح 19.

الأحاديث المروية عن كتب أهل السنة عن الإمام المهدي المنتظر عليه السلام

ينابيع المودة طبع اسلامبول سنة 1301 ص440 قال: أخرج موفق بن أحمد أخطب خطباء خوارزم بسنده (المتصل) في ص35 طبع إيران سنة (1313ه). وفي هذا الحديث (15) منقبة من أهم المناقب لمولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهماالسلام عن عبد الرحمن بن أبي ليلي عن أبيه قال(1):

1- دفع النبي صلي الله عليه و آله و سلم الراية يوم خيبر إلي علي ففتح الله بيده .

2- ثم في غدير خم أعلم الناس أنه مولي كل مؤمن ومؤمنة .

3- وقال له: أنت مني وأنا منك.

4 - وأنت تقاتل علي التأويل كما قاتلت علي التنزيل.

5- وأنت مني بمنزلة هارون من موسي

6 - وأنا سلم لمن سالمك وحرب لمن حاربك.

7- وأنت العروة الوثقي.

8- وأنت تبين ما اشتبه عليهم من بعدي.

9- وأنت إمام وولي كل مؤمن ومؤمنة بعدي.

10 - وأنت الذي أنزل الله فيه «و أذن من الله ورسوله إلي الناس يوم الحج الأكبر»(2)

ص: 83


1- ينابيع المودة طبع استنبول سنة 1301، ص 440.
2- سورة التوبة، الآية: 3.

11 - وأنت الآخذ بسنتي وذاب البدع عن ملتي.

12 - وأنا أول من ينشق الأرض عنه وأنت معي.

13 - وأنت معي في الجنة.

14 - وأول من يدخلها أنا وأنت والحسن والحسين وفاطمة.

- وإن الله أوحي إلي أن أخبر فضلك فقمت به بين الناس وبلغتهم ما أمرني الله بتبليغه وذلك قوله تعالي: «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ»(1)، إلي آخر الآية، ثم قال: يا علي اتق الضغائن التي هي في صدور من لا يظهرها إلا بعد موتي أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون. ثم بكي صلي الله عليه و آله و سلم وقال: «أخبرني جبرائيل أنهم يظلمونه بعدي وإن ذلك الظلم يبقي حتي إذا قام قائمهم وعلت كلمتهم واجتمعت الأمة علي محبتهم وكان الشاني لهم قليلاً، والكاره لهم ذليلاً، وكثر المادح لهم». وذلك حين تغيرت البلاد وضعف العباد واليأس من الفرج. فعند ذلك يظهر (القائم) المهدي من ولدي يقوم ويظهر الله الحق بهم، ويخمد الباطل بأسيافهم، ويتبعهم الناس راغباً إليهم أو خائفاً... ثم قال صلي الله عليه و آله و سلم :

«معاشر الناس أبشروا بالفرج، فإن وعد الله حق لا يخلف، وقضاءه لا يرد وهو الحكيم الخبير، وإن فتح الله قريب اللهم إنهم أهلي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً: اللهم اكلاهم وادرأ عنهم وكن لهم وانصرهم وأعزهم ولا تذلهم واخلفني فيهم إنك علي ما تشاء قدير». وقد أخرج موفق بن أحمد الخوارزمي الحنفي الحديث مع اختلاف في كتاب المناقب ص 30 ط سنة 1313.

- وفي الملاحم والفتن لابن طاوس الباب (193) قال فيما ذكره أبو نعيم عن عائشة أنه قال صلي الله عليه و آله و سلم :

«قال هو رجل من عترتي يقاتل علي سنتي كما قاتلت علي القرآن» .

ص: 84


1- سورة المائدة ، الآية :67.

- في مسند أحمد ج1 ص376 أخرج بسنده عن عاصم عن زر عن عبد الله عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم قال:

«لا تقوم الساعة حتي يأتي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي».

(المؤلف): أخرج الحمويني في فرائد السمطين ج 2. آخر الكتاب في الحديث (16) هذا الحديث.

- فرائد السمطين في آخر الجزء الثاني. أخرج بسنده عن المهدي (العباسي) عن أبيه عن ابن عباس. قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«كيف يهلك أمة أنا في أولها وعيسي في آخرها والمهدي من أهل بيتي في أوسطها».

- أخرج أبو المظفر السمعاني في فضائل الصحابة(1) بإسناده عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال: دخلت فاطمة علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فلما رأت ما برسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من الضعف خنقتها العبرة حتي جرت دموعها علي خد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فقال لها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«ما يبكيك يا فاطمة؟» فقالت:

«يا رسول الله أخشي الضيعة من بعدك. فقال لهارسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«يا فاطمة أما علمت أن الله تعالي اطلع إلي الأرض اطلاعة فاختار منهم أبالي فبعثه رسولاً، ثم اطلع ثانية فاختار منهم بعلك فأمرني أن أزوجك منه فزوجت منه (وهو) أعظم المسلمين حلماً وأكثرهم علماً وأقدمهم سلماً (إسلاماً). ما أنا زوجتك ولكن الله زوج منه»، (قال) فضحكت فاطمة واستبشرت. (ثم قال صلي الله عليه و آله و سلم وسلم):

«يا فاطمة إنا أهل بيت أعطينا سبع خصال لم يعطها أحد من الأولين ولا يدركها أحد من الآخرين: نبينا خير الأنبياء وهو أبوك، ووصينا خير الأوصياء، وهو بعلك،

ص: 85


1- فضائل الصحابة، أبو المظفر السمعاني

و شهيدنا خير الشهداء وهو حمزة عم أبيك، ومنا من له جناحان يطير بهما في الجنة حيث يشاء وهو جعفر، ومنا سبطا هذه الأمة وهما ابناك، ومنا مهدي هذه الأمة».

(قال أبو هارون العبدي) ولقيت وهب بن منبه أيام الموسم فعرضت عليه هذا الحديث فقال لي وهب: يا أبا هارون العبدي، إن موسي بن عمران لما فتن قومه واتخذوا العجل إلهاً، فكبر علي موسي فقال:

«يا رب فتنت قومي حيث غبت عنهم. قال الله: يا موسي إن كل من كان قبلك من الأنبياء افتتن قومهم، وكذلك من كائن بعدك من الأنبياء تفتتن أمتهم إذا فقدوا نبيهم. قال موسي:

«وأمة أحمد أيضاً مفتونون وقد أعطيتهم من الفضل والخير ما لم يعطه من كان قبله في التوراة». فأوحي الله إلي موسي أن أمة أحمد سيصيبهم فتنة عظيمة من بعده حتي يعبد (يلعن) بعضهم بعضاً ويتبرأ بعضهم من بعض حتي يصيبهم حال أو حتي يجحدوا ما أمرهم به نبيهم، ثم يصلح الله أمرهم برجل من ذرية أحمد وعترته . فقال موسي:

«يا رب اجعله من ذريتي»، قال: يا موسي إنه من ذرية أحمد وعترته. وقد جعلته في الكتاب السابق (أي اللوح المحفوظ) أنه من ذرية أحمد وعترته أصلح به أمر الناس وهو المهدي.

- تذكرة الحفاظ ج2 ص 292 ط حيدر آباد سنة 1333، وفي ترجمة ابن قتيبة بإسناده عن تميم الدارمي قال: قلت يا رسول الله ما رأيت للروم مدينة مثل مدينة يقال لها أنطاكية وما رأيت أكثر مطراً منها. فقال النبي صلي الله عليه و آله و سلم :

«نعم وذلك أن فيها التوراة و عصي موسي ورضاض من الألواح ومائدة سليمان في غار (إلي أن قال) فلا تذهب الأيام والليالي حتي يسكنها رجل من عترتي اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي خلقه خلقي وخلقه خلقي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً و جوراً». ثم قال: رواه الخطيب في تاريخه عن أحمد بن الحسن بن خيرون عن أبي بطحاء(1).

ص: 86


1- تذكرة الحفاظ : ج2، ص292.

- وفي عقد الدرر الحديث (162) أخرج بسنده عن علقمة بن قيس وعبيد السلماني عن عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) قال: أتينا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فخرج إلينا مستبشراً يعرف السرور في وجهه فما سألنا عن شيء إلا أخبرنا به ولا سكتنا إلا ابتدأنا حتي مرت فتية من بني هاشم فيهم الحسن والحسين فلما خبر بممرهم أهملت عيناه فقلنا: يا رسول الله ما نزال نري في وجهك شيئاً نكرهه. فقال:

«إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة علي الدنيا وأنه سيلقي أهل بيتي من بعدي تطريداً وتشريداً حتي ترفع رايات سود من المشرق فيسألون الحق فلا يعطونه ثم يسألونه فلا يعطونه فيقاتلون فينصرون فمن أدركه منكم أو من أعقابكم فليأت أمام أهل بيتي ولو حبواً علي الثلج فإنها رايات هدي يدفعونها إلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، أخرجه الإمام الحافظ أبو عبد الله في مستدركه، هكذا رواه الحافظ أبو نعيم الأصفهاني والإمام أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة، والحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد وكلهم بمعناه(1).

- في فرائد السمطين لإبراهيم بن محمد الحمويني الشافعي ج 2 في آخر الكتاب. أخرج بسنده المتصل عن سلامة عن أبي سلمي راعي إبل رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم . قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول ليلة أسري بي إلي السماء قال لي الجليل جل جلاله:

«آمَنَ الرَّسُولُ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ»(2). قلت: والمؤمنون قال: صدقت يا محمد قال: من خلفت في أمتك. قلت: خيرها. قال: علي بن أبي طالب. قلت: نعم يا رب.

قال:

«يا محمد إني اطلعت إلي الأرض اطلاعة فاخترتك منها وشققت لك اسماً من أسمائي فلا أذكر في موضع إلا ذكرت معي. فأنا المحمود وأنت محمد، ثم اطلعت الثانية فاخترت منها علياً وشققت له اسماً من أسمائي وأنا الأعلي وهو علي، يا محمد إني خلقتك وخلقت علياً وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ولده من سنخ

ص: 87


1- عقد الدرر: ج162.
2- سورة البقرة ، الآية : 285.

نوري وعرضت ولايتكم علي أهل السماوات وأهل الأرض فمن قبلها كان عندي من المؤمنين و من جحدها كان عندي من الكافرين، يا محمد لو أن عبداً من عبيدي عبدني حتي ينقطع أو يصير كالشئ البالي ثم أتاني جاحداً لولايتكم ما غفرت له حتي يقر بولايتكم، يا محمد تحب أن تراهم؟ قلت: نعم يا رب، فقال لي: التفت عن يمين العرش، فالتفت فإذا بعلي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسي بن جعفر وعلي بن موسي ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والمهدي في ضحضاح من نور قياماً يصلون وهو في وسطهم يعني المهدي كأنه كوكب دري وقال: يا محمد هؤلاء الحجج وهو الثائر من عترتك وعزتي وجلالي إنه الحجة الواجبة لأوليائي والمنتقم من أعدائي.

- وفي حلية أبي نعيم وفي كتاب الفردوس للديلمي باب الياء. أخرجا بسنديهما عن جابر، قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«يكون بعدي خلفاء وبعد الخلفاء أمراء وبعد الأمراء ملوك وبعد الملوك جبابرة وبعد الجبابرة يخرج رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلاً»(1).

- وفي الأربعين حديثة التي جمعها الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله في أحوال الإمام المهدي عليه السلام؛ أخرج بسنده عن أبي سعيد الخدري، قال: قال النبي صلي الله عليه و آله و سلم :

«لا تنقضي الساعة حتي يملك الأرض رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً يملك سبع سنين».

- وفي الأربعين للحافظ أبي نعيم. أخرج بسنده عن عبد الرحمن بن عوف. قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«ليبعثن الله من عترتي رجلاً أفرق الثنايا أقني الجبهة يملأ الأرض عدلاً يفيض

المال عليه فيضأً».

ص: 88


1- الفردوس، الديلمي : (باب) الياء.

- وفي مسند أحمد بن حنبل ج 1 ص376 وفي عقد الدرر الحديث (). قال: أخرج الحافظ أبو بكر البيهقي عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«لا تقوم الساعة حتي يلي رجل من أهل بيتي».

- في الأربعين للحافظ أبي نعيم. أخرجه بسند عن عبد الله بن عمر (قال) قال النبي صلي الله عليه و آله و سلم :

«لا تقوم الساعة حتي يملك الأرض رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي يملا الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً».

- وفي الأربعين للحافظ أبي نعيم بسند أبي سعيد الخدري. قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«لتملأن الأرض ظلماً وعدواناً ثم ليخرجن رجل من أهل بيتي حتي يملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً وعدواناً».

- وفي الأربعين للحافظ أبي نعيم بسنده عن زرارة بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«خرج رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي وخلقه خلقي. يملؤها قسطاً وعدلاً».

- وفي الأربعين للحافظ أبي نعيم. أخرج بسنده عن أبي سعيد الخدري. قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«يخرج رجل من أهل بيتي يعمل بسنتي وتنزل له البركة من السماء. وتخرج له الأرض بركتها ويملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراض، ويحكم علي هذه الأمة سبع سنين وينزل بيت المقدس».

- في مسند أحمد بن حنبل ج 1 ص 99 حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا حجاج وأبو نعيم . قالا: حدثنا فطر عن القاسم بن أبي مرة عن أبي الطفيل. قال حجاج: سمعت علياً رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم:

ص: 89

«لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لبعث الله عز وجل رجلاً منا يملؤها عدلاً كما ملئت جوراً». قال أبو نعيم: رجلاً منا قال: وسمعته مرة يذكره عن حبيب عن أبي الطفيل عن علي رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم .

- وفي مجمع الفوائد ومنبع الفرائد ج 7 ص314. أخرج بسنده عن أبي هريرة. قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«ليقومن علي أمتي من أهل بيتي (رجل) أقني أجلي يوسع الأرض عدلاً كما وسعت ظلماً وجوراً يملك سبع سنين». رواه أبو يعلي في مسنده، ورجاله رجال الصحيح غير عدي بن أبي عمارة.

- وفي كتاب مجمع الفوائد ومنبع الفرائد ج 7 ص317. أخرج بسنده عن علي بن أبي طالب عليه السلام أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال:

«تكون في آخر الزمان فتنة يحصل الناس (منها) كما يحصل الذهب في المعدن فلا تسبوا أهل الشام ولكن سبوا أشرارهم فإن فيهم الأبدال، (و) يوشك أن يرسل علي أهل الشام سيب (صيب) فيفرق جماعتهم حتي لو قاتلوا الثعالب غلبتهم، فعند ذلك يخرج خارج من أهل بيتي في ثلاث رايات المكثر يقول (هم) خمسة عشر ألفاً والمقل يقول (هم) اثنا عشر ألفاً (و)إمارتهم أوت أمت يلقون سبع رايات تحت كل راية منها رجل يطلب الملك فيقتلهم الله جميعاً ويرد (الله) إلي المسلمين ألفتهم ونعمتهم ومآسيهم ودانيتهم».

- وفي كنز العمال ج 7 ص 187 الحديث (1950). أخرج بسنده عن ابن ماجة في سننه وقال: روي أبو هريرة قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطوله الله تعالي حتي يملك رجل من أهل بيتي جبل الديلم والقسطنطينية».

- وفي كنز العمال ج 7 ص187 من المعجم الكبير للطبراني بسنده عن ابن مسعود. قال:

ص: 90

قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم : لو لم يبق من الدنيا إلا ليلة لملك فيها رجل من أهل بيتي».

- وفي مستدرك الحاكم ج 4 ص 553 عن عبد الله بن زرير الغافقي. قال: (سمعت) علي بن أبي طالب يقول:

«ستكون فتنة يحصل الناس منها كما يحصل الذهب في المعدن فلا تسبوا أهل الشام وسبوا ظلمتهم فإن فيهم الأبدال وسيرسل الله إليهم سبباً من السماء فيفرقهم حتي لو قاتلهم الثعالب غلبتهم ثم يبعث الله عند ذلك رجلاً من عترة الرسول صلي الله عليه و آله و سلم في اثنا عشر ألفاً إن قلوا وخمسة عشر ألفاً إن كثروا وإمارتهم أو علامتهم (أي علاقتهم) أمت أمت علي ثلاث رايات يقاتلهم أهل (سبع رايات) (تسع رايات) ليس من صاحب راية إلا وهو يطمع بالملك فيقتتلون ويهزمون ثم يظهر الهاشمي فيرد الله إلي الناس ألفتهم ونعمتهم فيكونون علي ذلك حتي يخرج الدجال». هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (أي البخاري ومسلم في صحيحيهما).

وفي ذخائر العقبي ص135 عن علي بن الهلالي عن أبيه قال: دخلت علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في الحالة التي قبض فيها فإذا فاطمة عند رأسه فبكت حتي ارتفع صوتها. فرفع صلي الله عليه و آله و سلم طرفه إليها فقال:

«حبيبتي فاطمة ما الذي يبكيك؟ فقالت: أخشي الضيعة من بعدك. فقال: يا حبيبتي أما علمت أن الله اطلع علي أهل الأرض اطلاعة فاختار منها أباك فبعثه برسالته. ثم اطلع اطلاعة (أخري) فاختار منها بعلك، وأوحي إلي أن أنكحك إياه. يا فاطمة ونحن أهل بيت قد أعطانا الله سبع خصال لم يعط أحداً قبلنا ولا تعط أحداً بعدنا. وأنا خاتم النبيين وأكرمهم علي الله عز وجل وأحب المخلوقين إلي الله عز وجل وأنا أبوك. ووصيي خير الأوصياء وأحبهم إلي الله عز وجل وهو بعلك وشهيدنا خير الشهداء وأحبهم إلي الله عز وجل وهو حمزة بن عبد المطلب عم أبيك وعم بعلك ومنا من له جناحان أخضران يطير بهما في الجنة حيث يشاء مع الملائكة وهو ابن عم أبيك وأخو بعلك ومنا سبطا هذه الأمة وهما ابناك الحسن والحسين وهما سيدا شباب أهل

ص: 91

الجنة، وأبوهما والذي بعثني بالحق خير منهما يا فاطمة، والذي بعثني بالحق إن منهما مهدي هذه الأمة إذا صارت الدنيا هرجاً و مرجاً وتظاهرت الفتن وتقطعت السبل وأغار بعضهم علي بعض، فلا كبير يرحم صغيراً ولا صغير يوقر كبيراً فيبعث الله عز وجل (المهدي من ولدك). عند ذلك يفتح حصون الضلالة وقلوباً غلفاً يقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت به في أول الزمان، ويملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً». أخرجه الحافظ أبو العلاء الهمداني في الأربعين حديثاً في المهدي.

- في عقد الدرر الحديث (29) من الباب (1). أخرج بسنده عن حذيفة (رضي الله عنه) قال: خطبنا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فذكر لنا بما هو كائن إلي يوم القيامة. ثم قال:

«لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله عز وجل ذلك اليوم حتي يبعث رجل من ولدي اسمه اسمي». فقام سلمان (رضي الله عنه) فقال: يا رسول الله: إنه من (أي) ولدك؟ قال:

«هو من ولدي هذا وضرب بيده علي الحسين بن علي». أخرجه أبو نعيم في صفة المهدي.

- وفي فرائد السمطين لإبراهيم بن محمد الحمويني الشافعي. أخرج بسنده عن الحسن بن خالد عن علي بن موسي الرضا عليهاالسلام عن أبيه عن آبائه، قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«من أحب أن يتمسك بديني ويركب سفينة النجاة بعدي فليقتد بعلي بن أبي طالب عليهماالسلام، وليعاد عدوه و ليوال وليه، فإنه وصيي وخليفتي علي أمتي في حياتي وبعد وفاتي، وهو إمام كل مسلم وأمير كل مؤمن بعدي، قوله قولي وأمره أمري ونهيه نهيي وتابعه تابعي وناصره ناصري وخاذله خاذلي». ثم قال عليه السلام:

«من فارق علياً بعدي لم يرني ولم أره يوم القيامة. ومن خالف علياً حرم الله عليه الجنة وجعل مأواه النار. ومن خذل علياً خذله الله يوم يعرض عليه. ومن نصر علياً نصره الله يوم يلقاه، ولقنه حجته عند المسألة». ثم قال عليه السلام:

ص: 92

«والحسن والحسين إماما أمتي بعد أبيهما وسيدا شباب أهل الجنة، أمهما سيدة نساء العالمين وأبوهما سيد الوصيين ومن ولد الحسين تسعة أئمة. تاسعهم القائم من ولدي طاعتهم طاعتي ومعصيتهم معصيتي. إلي الله أشكو المنكرين لفضلهم والمضيعين لحرمتهم بعدي. وكفي بالله ولياً وناصراً لعترتي وأئمة أمتي. ومنتقماً من الجادين حقهم «وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ»(1)».

- وفي ينابيع المودة ص497؛ قال: وفي شرح نهج البلاغة (قال) وروي قاضي القضاة عن كافي الكفاة أبي القاسم إسماعيل بن عباد بإسناده متصل بعلي كرم الله وجهه أنه ذكر المهدي وقال:

«إنه من ولد الحسين سلام الله عليهم وذكر حليته. فقال (المهدي): رجل أجلي الجبين أقني الأنف ضخم البطن أزيل الفخذين أبلج الثنايا بفخذه اليمني (بخده الأيمن) شامة». (قال) وذكر الحديث بعينه عبد الله بن قتيبة في كتاب غريب الحديث.

- وفي الفصول المهمة الباب (12) ص 277 - 278 نقلاً من الجرح والتعديل للدارقطني قال: وعن أبي هارون العبدي قال: أتيت أبا سعيد الخدري، فقلت له: هل شهدت بدراً؟ قال: نعم. فقلت: أفلا تحدثني بما سمعت من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في علي عليه السلام وفضله. قال: بلي أخبرك أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم مرض مرضة نقه منها فدخلت عليه فاطمة عليه السلام وأنا جالس عن يمين النبي صلي الله عليه و آله و سلم فلما رأت فاطمة ما برسول الله انه من الضعف خنقتها العبرة حتي بدت دموعهاعلي خدها فقال لها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«يا فاطمة إن الله تعالي اطلع علي الأرض اطلاعة علي خلقه فاختار منهم أباك فبعثه نبياً، ثم اطلع ثانية فاختار منهم بعلك فأوحي إلي أن أنكحه فاطمة فأنكحته إياك واتخذته وصياً. أما علمت أنك بكرامة الله تعالي إياك زوجك أغزرهم علماً، وأكثرهم حلماً، وأقومهم سلماً»، فاستبشرت، فأراد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أن يزيدها من مزيد الخير الذي قسمه الله تعالي لمحمد (وآل محمد) صلي الله عليه و آله و سلم قال، فقال لها:

ص: 93


1- سورة الشعراء، الآية : 227.

«يا فاطمة ولعلي ثمانية أضراس، يعني مناقب، إيمان بالله ورسوله. وحكمته وزوجته وسبطاه الحسن والحسين وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر. يا فاطمة إنا أهل بيت أعطينا ست خصال لم يعطها أحد من الأولين ولا يدركها أحد من الآخرين غيرنا. نبينا خير الأنبياء، ووصينا خير الأوصياء وهو بعلك وشهيدنا خير الشهداء وهو عم أبيك، ومنا من له جناحان يطير بهما في الجنة حيث يشاء وهو جعفر. ومنا سبطا هذه الأمة وهما ابناك. ومنا مهدي الأمة (هذه الأمة) الذي يصلي خلفه عيسي ابن مريم». ثم ضرب علي منكب الحسين عليه السلام وقال:

«من هذا مهدي هذه الأمة». (ثم قال):

هكذا أخرجه الدارقطني صاحب الجرح والتعديل.

- وفي كتاب إكمال الدين وإتمام النعمة ج1 ص422. أخرج بسنده عن الإمام الرضا عليه السلام عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: (لولده الحسين عليه السلام):

«التاسع من ولدك يا حسين هو القائم بالحق والمظهر للدين والباسط للعدل» . قال الحسين عليه السلام: وإن ذلك لكائن. قال عليه السلام:

«أي والذي بعث محمداً بالنبوة واصطفاه علي جميع البرية. ولكن بعد غيبة وحيرة. لا يثبت فيها علي دينه إلا المخلصون المباشرون لروح اليقين الذين أخذ الله ميثاقهم بولايتنا وكتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه».

- في ينابيع المودة ص440 نقلاً من كتاب فرائد السمطين لإبراهيم بن محمد الحمويني الشافعي في ج2 باب (31). حيث أخرج بسنده عن مجاهد عن ابن عباس قال: قدم يهودي يقال له نعثل. فقال: يا محمد، أسألك عن أشياء تلجلج في صدري منذ حين، فإن أجبتني عنها أسلمت علي يديك. قال: سل يا أبا عمارة فقال: يا محمد صف لي ربك فقال صلي الله عليه و آله و سلم :

«(إن الله) لا يوصف إلا بما وصف به نفسه، وكيف يوصف الخالق الذي تعجز

ص: 94

العقول أن تدركه، والأوهام أن تناله، والخطوات أن تحده، والأبصار أن تحيط به جل وعلا عما يصفه الواصفون، ناء في قربه، قريب في نأيه، وهو كيف الكيف، وأين الأين، فلا يقال له أين هو، منقطع الكيفية، والأينونية، فهو الأحد الصمد كما وصف نفسه والواصفون لا يبلغون نعته، لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد»، قال: صدقت يا محمد، فأخبرني عن قولك: إنه واحد، لا شبيه له، أليس الإله واحد والإنسان واحد فقال صلي الله عليه و اله و سلم:

«(الله) عز وعلا، واحد حقيقي أحدي المعني أي لا جزء له ولا تركيب له، والإنسان واحد ثنائي المعني مركب من روح وبدن». قال: صدقت، فأخبرني عن وصيك من هو، فما من نبي إلا وله وصي، وإن نبينا موسي بن عمران أوصي إلي يوشع بن نون فقال صلي الله عليه و آله و سلم :

«إن وصيي علي بن أبي طالب عليهماالسلام وبعده سبطاي الحسن والحسين تتلوه تسعة أئمة من صلب الحسين»، قال: يا محمد فسمهم لي، قال صلي الله عليه و آله و سلم :

«إذا مضي الحسين، فابنه علي، فإذا مضي علي، فابنه محمد، فإذا مضي محمد، فابنه جعفر، فإذا مضي جعفر فابنه موسي، فإذا مضي موسي، فابنه علي، فإذا مضي علي فابنه محمد، فإذا مضي محمد فابنه علي، فإذا مضي علي فابنه الحسن، فإذا مضي الحسن فابنه الحجة، محمد المهدي، فهؤلاء اثنا عشر». قال: أخبرني عن كيفية موت علي والحسن والحسين قال صلي الله عليه و آله و سلم :

«يقتل علي بضربة علي قرنه والحسن يقتل بالسم، والحسين بالذبح»، قال: فأين مكانهم قال:

«في الجنة، في درجتي. قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، وأشهد أنهم الأوصياء بعدك، ولقد وجدت في كتب الأنبياء المتقدمة، وفيما عهد إلينا موسي بن عمران عليه السلام أنه إذا كان آخر الزمان يخرج نبي يقال له أحمد ومحمد وهو خاتم الأنبياء، ولا نبي بعده، فيكون أو صياؤه بعده اثنا عشر أولهم ابن عمه وختنه، والثاني

ص: 95

والثالث كانا أخوين من ولده ويقتل أمة النبي الأول بالسيف، والثاني بالسم، والثالث مع جماعة من أهل بيته بالسيف، وبالعطش، في موضع الغربة، فهو كولد الغنم يذبح، ويصبر علي القتل، لرفع درجاته ودرجات أهل بيته، وذريته لإخراج محبيه وأتباعه من النار، وتسعة الأوصياء منهم من أولاد الثالث، فهؤلاء الاثني عشر، عدد الأسباط. قال صلي الله عليه و آله و سلم :

«أتعرف الأسباط»، قال: نعم، كانوا اثني عشر، أولهم، لاوي بن برخيا، وهو الذي غاب عن بني إسرائيل، غيبة، ثم عاد فأظهر الله به شريعته، بعد اندراسها، وقاتل قرسطيا الملك، قال صلي الله عليه و آله و سلم :

«كائن في أمتي ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة، وإن الثاني عشر من ولدي يغيب حتي لا يري، ويأتي علي أمتي، بزمن لا يبقي من الإسلام إلا اسمه، ولا يبقي من القرآن إلا رسمه، فحينئذ يأذن الله تبارك وتعالي له بالخروج، فيظهر الله الإسلام به ويجدده. طوبي لمن أحبهم واتبعهم، والويل لمن أبغضهم وخالفهم. طوبي لمن تمسك بهداهم»، فأنشأ نعثل، هذه الأبيات:

صلي الإله ذوي العلي عليك يا خير البشر*أنت النبي المصطفي والهاشمي المفتخر

بكم هدانا ربنا وفيك نرجوا ما أمر*ومعشر سميتهم أئمة اثنا عشر

حباهم رب العلي ثم اصطفاهم من كدر*قد فاز من ولاهم وخاب من عادي الزهر

آخرهم يسقي الظماء وهو الإمام المنتظر* عترتك الأخيار لي والتابعين ما أمر

من كان عنهم معرضاً فسوف تصلاه سقر

- (ومنهم) العلامة السيد علي بن شهاب الدين الهمداني الشافعي المتوفي سنة (786) فإنه أخرج في كتابه المودة والقربي في المودة العاشرة، أحاديث عدة فيها إثبات وجود الإمام المهدي (عليه السلام) وأنه يظهر في آخر الزمان يملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً.

(ومنهم) الشيخ شهاب الدين الدولة أبادي المتوفي سنة 849ه وله مؤلفات

ص: 96

عديدة في التفسير والمناقب وله كتاب سماه (هداية السعداء) وذكر فيه أسماء الأئمة الاثني عشر عند الإمامية وذكر أحاديث في أحوال الإمام الحجة المنتظر ابن الحسن العسكري. وذكر فيه أنه غائب عن الأبصار وله عمر طويل كما عمر مثله من المؤمنين عيسي وإلياس والخضر، ومن الكافرين الدجال والشيطان والسامري.

- (ومنهم) شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي الشافعي المتوفي سنة (804)، فإنه أخرج في كتابه دول الإسلام ج1 ص122 طبع حيدرآباد سنة 1337 وقال: بأن الإمام المهدي عليه السلام من أولاد الإمام الحسن العسكري وهو باق إلي أن يأذن الله له بالخروج فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.

- (ومنهم) الشيخ علي بن محمد بن أحمد المالكي المكي المعروف بابن الصباغ المتوفي سنة (855ه). فإنه أخرج في كتابه الفصول المهمة ص273 وص274 من الباب (12) أحوال الإمام المهدي عليه السلام. وذكر ولادته وتاريخها. وقال إن أمه نرجس خير أمة. قال: ولد أبو القاسم محمد ابن الحجة ابن الحسن الخالص بسر من رأي ليلة النصف من شعبان سنة (255ه). وأما نسبه أباً وأماً فهو أبو القاسم، محمد الحجة ابن الحسن الخالص بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسي الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي (زين العابدين) بن الحسين بن علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم أجمعين) وأما أمه فأم ولد، يقال لها نرجس، خير أمة، وقيل اسمها غير ذلك، وأما كنيته فأبو القاسم، وأما لقبه، فالحجة، والمهدي والخلف الصالح، والقائم المنتظر، وصاحب الزمان، وأشهرها المهدي، صفته عليه السلام. شاب مربوع القامة، حسن الوجه والبشرة يسيل شعره علي منكبيه، أقني الأنف، أجلي الجبهة، بوابه محمد بن عثمان، معاصره المعتمد (العباسي).

- (ومنهم) الشيخ شمس الدين أبو المظفر يوسف بن قزاغلي الحنفي بن عبد الله.

وهو سبط ابن الجوزي المعروف المتوفي سنة (654). قال سبط ابن الجوزي الحنفي في كتابه تذكرة خواص الأثمة ص88 ط أول في إيران سنة (1287ه) فصل الحسن بن

ص: 97

علي بن محمد بن علي بن موسي الرضا بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وأمه أم ولد اسمها سوسن، وكنيته أبو محمد، ويقال له، العسكري أيضاً، ولد عليه السلام سنة (231ه) بسر من رأي وتوفي بها سنة (260ه) في خلافة المعتمد علي الله (العباسي)، وكان سنه (عند الوفاة) تسعاً وعشرين سنة (ثم قال): وأولاده (أي أولاد الإمام الحسن العسكري) منهم محمد الإمام. (ثم قال) فصل هو محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسي الرضا بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام وكنيته أبو عبد الله، وأبو القاسم، وهو الخلف الحجة، صاحب الزمان، القائم، المنتظر، التالي، وهو آخر الأئمة. (ثم قال): أنبأ عبد العزيز بن محمود بن البزار عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«يخرج في آخر الزمان، رجل من ولدي اسمه اسمي وكنيته ككنيتي يملأ الأرض عدلاً، كما ملئت جوراً. فذلك المهدي». (ثم قال سبط ابن الجوزي) وهذا الحديث مشهور. وقد أخرج أبو داود، والزهري عن علي بمعناه. (ثم قال): ويقال له ذو الاسمين، محمد وأبو القاسم (قال): قالوا أمه أم ولد يقال لها صيقل.

- (ومنهم) شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي نزيل مكة المشرفة الشافعي المتوفي سنة (993) فإنه أخرج في الصواعق المحرقة له ص 127 ط مصر سنة (1308). وقال عند ذكره الأئمة الاثني عشر (أبو محمد الحسن الخالص) ولد سنة (232ه) (ثم ذكر كرامة من كراماته المعروفة وقضية الاستسقاء في سامراء وقضية الراهب الذي كان يحمل في يده من عظام بعض الأنبياء، وإذا أخرجه كانت تمطر السماء وإذا ستره يقف المطر فعرف ذلك الإمام فأخذ منه العظم وكلما دعا لم تمطر، فخرج الناس من الاشتباه وعرفوا حيلة العالم النصراني. قال: وكان الإمام الحسن العسكري عزيزاً مكرماً إلي أن مات بسر من رأي ودفن عند أبيه (علي الهادي) وعمره ثمانية وعشرون سنة. (قال): ويقال إنه سيتم أيضاً (كما سموا آباؤه الكرام) قال: ولم يخلف غير ولده (أبي القاسم محمد الحجة) وعمره عند وفاة أبيه (كان) خمس سنين

ص: 98

آتاه الله الحكمة (قال): ويسمي القائم، المنتظر. قيل: لأنه ستر وغاب فلم يعرف أين (هو) ذهب. انتهي ما في الصواعق لابن حجر مع الاختصار.

- (ومنهم) الشيخ عبد الله بن محمد بن عامر الشبراوي الشافعي المتوفي بعد سنة (1154). فإنه أخرج في كتابه الإتحاف بحب الأشراف ص 178 طبع مصر سنة (1316) وقال: الحادي عشر من الأئمة الحسن الخالص ويلقب بالعسكري، ولد بالمدينة لثمان خلون من ربيع الأول سنة (232ه) وتوفي عليه السلام يوم الجمعة لثمان خلون من ربيع الأول سنة (260ه) وله من العمر ثمان وعشرون سنة. قال:

«ويكفيه شرفاً أن الإمام المهدي المنتظر من أولاده فلله در هذا البيت الشريف، والنسب الخضم المنيف وناهيك به فخاراً، وحسبك فيه من علوه مقداراً، فهم جميعاً، في كرم الأرومة، وطيب الجرثومة كأسنان المشط، متعادلون، ولسهام المجد مقتسمون، فيا له من بيت عالي الرتبة سامي المحلة فلقد طال السماك غلاً ونبلاً وسما علي الفرقدين منزلةً ومحلاً، واستغرق صفات الكمال، فلا يستثني فيه بغير ولا بالا انتظم في المجد هؤلاء الأئمة، انتظام اللآليء وتناسقوا في الشرف، فاستوي الأول والتالي، وكم اجتهد قوم في خفض منارهم، والله يرفعه، وركبوا الصعب والذلول، في تشتيت شملهم والله يجمعه وكم ضيعوا من حقوقهم، ما لا يهمله الله، ولا يضيعه، أحيانا الله علي حبهم، وأماتنا عليه، وأدخلنا في شفاعة من ينتمون في الشرف إليه صلي الله عليه و آله و سلم ، وكانت وفاته (أي الحسن العسكري) بسر من رأي، ودفن بالدار التي دفن فيها أبوه، وخلف بعده ولده وهو الثاني عشر من الأئمة، أبو القاسم، محمد الحجة، الإمام ولد الإمام محمد الحجة، ابن الإمام الحسن الخالص، بسر من رأي ليلة النصف من شعبان سنة (255) قبل موت أبيه بخمس سنين، وكان أبوه قد أخفاه حين ولد، وستر أمره، لصعوبة الوقت، وخوفه من الخلفاء (العباسيين) فإنهم كانوا في ذلك الوقت يتطلبون الهاشميين ويقصدونهم بالحبس والقتل ويرون إعدامهم (وذلك لإعدامهم من يعدم) سلطنة الظالمين وهو الإمام المهدي عليه السلام كما عرفوا ذلك من

ص: 99

الأحاديث التي وصلت إليهم من الرسول الأكرم صلي الله عليه و آله و سلم وأخبرتهم أن الإمام المهدي الموعود المنتظر عليه السلام يقطع دابر الظالمين ويستولي علي الدنيا ولا يترك أحداً منهم في الأرضين». (قال الشبراوي): وكان الإمام محمد الحجة يلقب أيضاً بالمهدي، والقائم، والمنتظر، والخلف الصالح، وصاحب الزمان، وأشهرها: المهدي. (قال): ولذلك ذهبت الشيعة (إلي) أنه الذي صحت (الأخبار) والأحاديث بأنه يظهر في آخر الزمان، وأنه موجود ولهم في ذلك تأليف كثيرة. ثم أخذ في الرد علي الشيعة بالنسبة إلي ما ينسبه إليهم وهم منه براء. ثم قال:

«وقد أشرق نور هذه السلسلة الهاشمية، والبيضة الظاهرة النبوية والعصابة العلوية وهم اثنا عشر إماماً مناقبهم علية وصفاتهم سنية، ونفوسهم شريفة أبية، وأرومتهم كريمة محمدية، وهم محمد الحجة ابن الحسن الخالص بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسي الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين ابن الإمام الحسين أخو الإمام الحسن ولدي الليث الغالب علي بن أبي طالب (رضي الله تعالي عنهم أجمعين).

- (ومنهم) الشيخ أبو المواهب الشيخ عبد الوهاب بن أحمد بن علي الشعراني المتوفي سنة (973ه) أو سنة (960). فإنه قال في كتابه (اليواقيت والجواهر) ص145 طبع مصر سنة (1307ه). قال: البحث الخامس والستون، في بيان أن جميع أشراط الساعة التي أخبر بها الشارع حق لا بد أن تقع كلها قبل قيام الساعة. وذلك، كخروج المهدي عليه السلام. قال: وهو من أولاد الإمام حسن العسكري، ومولده عليه السلام ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، وهو باق إلي أن يجتمع بعيسي ابن مريم عليه السلام فيكون عمره إلي وقتنا هذا وهو سنة (958ه) سبعمائة وست وستين سنة (766). (ثم قال الشعراني): هكذا أخبرني الشيخ حسن العراقي المدفون فوق كرم الريش المطل علي بركة الرطل بمصر المحروسة عن الإمام المهدي حين اجتمعت به ووافقه علي ذلك شيخنا سيد علي الخواص.

ص: 100

- (ومنهم) الشيخ حسن العراقي المدفون فوق كرم الريش. فإنه ذكر الإمام الحجة المهدي عليه السلام واعترف بوجوده. وأنه اجتمع به. وذلك كما ذكره الشعراني في (لواقح الأنوار في طبقات الأخبار) ج2 المطبوع بمصر سنة (1305ه) وقال فيه: إن الشيخ حسن العراقي في ضمن سياحته اجتمع مع الإمام المهدي الحجة وسأله عن عمره فقال له:

«يا ولدي عمري الآن (620) سنة». قال الشعراني: فقلت ذلك لسيدي علي الخواص فوافق علي عمر المهدي (رضي الله عنهما).

- (ومنهم) الشيخ الفاضل البارع عبد الله بن محمد المطيري شهرة والمدني مسكناً والشافعي مذهباً. فإنه قال في كتابه (الرياض الزاهرة في فضل آل بيت النبي وعترته الطاهرة) الأئمة الاثنا عشر فعدهم واحداً بعد واحد إلي أن وصل إلي الإمام الحادي عشر. فقال: إن ابنه الإمام الثاني عشر (اسمه) محمد القائم المهدي قال: وقد ورد النص عليه في الأحاديث من جده رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ومن جده علي بن أبي طالب عليهماالسلام ومن بقية آبائه الكرام أهل الشرف والمقام وهو صاحب السيف القائم المنتظر كما ورد في الصحيح من الخبر قال: وله قبل قيامه غيبتان. ثم ذكر أحواله في غيبته وبعد ظهوره.

- (ومنهم) الشيخ المحقق بهلول بهجت أفندي مؤلف كتاب (المحاكمة في تاريخ آل محمد). وقد ترجم بالتركية والفارسية. وقد طبع مكرراً لرغبة الناس فيه وهو كتاب جيد نافع لمن طلب الحق والحقيقة وترك التعصب واللجاج وذكر فيه إمامة الأئمة الاثني عشر عليه السلام إلي أن ذكر ولادة الإمام المهدي الحجة المنتظر عليه السلام. وقال: ولد في الخامس عشر من شعبان سنة (255). وأن اسم أمه نرجس. وذكر أن له غيبتين الأولي الصغري، والثانية الكبري. وصرح بطول عمره وبقائه عليه السلام. وأنه يظهر عندما يأذن الله له بالخروج فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً . (ثم قال) وإن ظهوره عليه السلام أمر اتفق عليه المسلمون فلا حاجة لذكر الدلائل له.

ص: 101

- (ومنهم) الشيخ شمس الدين محمد بن يوسف الزرندي. فإنه ذكر في كتابه (معراج الوصول إلي فضيلة آل الرسول) الأئمة. وقال: الإمام الثاني عشر هو صاحب الكرامات المشهورة الذي عظم قدره بالعلم واتباع الحق القائم بالحق والداعي إلي منهج الحق الإمام أبو القاسم محمد بن الحسين ثم ذكر تاريخ ولادته وبعض أحواله عليه السلام.

- (ومنهم) الشيخ الجليل عبد الكريم اليماني (قدس سره) ووهب لنا فيوضه وعلومه قال في شعره كما في ينابيع المودة ص466.

في يمن أمن يكون لأهلها* إلي أن تري نور الهداية مقبلا

بميم مجيد من سلالة حيدر* ومن آل بيت طاهرين بمن علا

يسمي بمهدي من الحق ظاهر* بسنة خير الخلق يحكم أولا

(ومنهم) الشيخ المحدث الفقيه محمد بن إبراهيم الجويني الحمويني الشافعي. فإنه قال في كتابه فرائد السمطين: برواية عن دعبل الخزاعي عن علي الرضا ابن موسي الكاظم، قال:

«إن الإمام من بعدي ابني الجواد التقي، ثم الإمام من بعده ابنه الهادي والنقي ثم الإمام من بعده ابنه الحسن العسكري. ثم الإمام من بعده ابنه محمد الحجة المهدي المنتظر في غيبته المطاع في ظهوره». كما في ينابيع المودة ص471 - 472.

(ثم قال أيضا): وأما شيخ المشايخ العظام أعني حضرات: شيخ الإسلام أحمد الجامي النامقي، والشيخ عطار النيسابوري، والشيخ شمس الدين التبريزي، وجلال الدين مولانا الرومي، والسيد نعمة الله الولي، والسيد النسيمي، وغيرهم ذكروا في أشعارهم في مدائح الأئمة من أهل البيت الطيبين (رضي الله عنهم). مدح المهدي في آخرهم متصلاً بهم فهذه أدلة (واضحة) علي أن المهدي ولد أولاً. قال: ومن تتبع آثار هؤلاء الكاملين العارفين يجد الأمر واضحاً عياناً.

- وفي عقد الدرر الحديث (59) من الباب (2). أخرج بسنده عن جابر بن عبد الله

ص: 102

(رضي الله عنه) قال: دخل رجل علي أبي جعفر محمد بن علي (رضي الله عنهما) فقال: اقبض مني هذه الخمسمائة درهماً فإنها زكاة مالي. فقال له أبو جعفر:

«خذها أنت وضعها في جيرانك من أهل الإسلام والمساكين من إخوانك المسلمين». ثم قال: «إذا قام مهدينا أهل البيت قسم بالسوية وعدل في الرعية فمن أطاعه فقد أطاع الله ومن عصاه فقد عصي الله. وإنما سمي المهدي لأنه يهدي إلي أمر خفي ويستخرج التوراة والإنجيل من أرض يقال لها إنطاكية». أخرجه الإمام أبو عبد الله نعيم بن حماد في كتاب الفتن من وجوه. وفي بعض رواياته قال:

«إنما سمي المهدي لأنه يهدي إلي أسفار من التوراة ويستخرجها من جبال الشام فيدعو إليها اليهود فيسلم علي تلك الكتب جماعة كثيرة نحواً من ثلاثين ألفاً». وذكر الإمام أبو عمر الداني في سننه. قال ابن شوذب: إنما سمي (المهدي) لأنه يهدي إلي جبل من جبال الشام يستخرج منه أسفار التوراة يحاج بها اليهود فيسلم علي يديه جماعة من اليهود.

- (ومنهم) الشيخ الحافظ محمد بن محمد بن محمود النجار المعروف بخواجه پارسا. وهو من أعيان علماء الحنفية وكبار مشايخ النقشبندية المتوفي سنة (822) كما في كشف الظنون، فإنه قال في كتابه (فصل الخطاب) عند ذكره الأئمة عليه السلام (وأبو محمد الحسن العسكري) ولده م ح م د (رضي الله عنهما) معلوم عند خاصة أصحابه، وثقات أهله، ثم ذكر حديث السيدة حكيمة في ولادة الإمام المهدي عليه السلام وذكر حكاية إرسال المعتضد جلاوزته إلي سامراء وأمره بأخذه أين وجدوه. وذكر قضية دخولهم دار الإمام ثم دخولهم السرداب وأنهم رأوه مملوءاً بالماء وكلما أراد أحد منهم أن يدخل الماء ويأخذ الإمام عليه السلام الذي كان في آخر السرداب علي حصير مفروش علي الماء ثم ذكر بعض علائم ظهوره عليه السلام. وقال: الأخبار في ذلك أكثر من أن تحصي. وقال: وقد تظاهرت علي ظهوره، وإشراق نوره، (وإنه) يجدد الشريعة المحمدية ويجاهد في الله حق جهاده ويطهر من الأدناس أقطار بلاده زمانه زمان

ص: 103

المتقين، وأصحابه خلصوا من الريب، وسلموا من العيب، وأخذوا بهديه وطريقه، واهتدوا من الحق إلي تحقيقه به ختمت الخلافة والإمامة، وهو الإمام من لدن مات أبوه (الإمام الحسن العسكري عليه السلام) إلي يوم القيامة، وعيسي عليه السلام يصلي خلفه، ويصدقه علي دعواه، ويدعو إلي ملته التي هو عليها، والنبي صلي الله عليه و آله و سلم صاحب الملة. انتهي ما في منتخب الأثر.

- (ومنهم) الشيخ حسين بن محمد بن الحسن الديار بكري المالكي المتوفي سنة (966). فإنه ذكر في كتابه تاريخ الخميس ج 2 ص 321، قال: الحادي عشر (من الأئمة) الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسي بن جعفر الصادق ويكني أبا محمد ويلقب بالزكي والخالص والسراج وهو مثل أبيه مشهور بالعسكري. أمه أم ولد اسمها سوسن. وقيل غير ذلك. ولد بالمدينة سنة (232ه) وتوفي في سر من رأي في سنة (260ه) و قبره بجنب أبيه. (ثم قال): الثاني عشر (من الأئمة) محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا، يكني أباالقاسم ولقبه الإمامية، بالحجة، والقائم، والمهدي، والمنتظر، وصاحب الزمان، وهو عندهم خاتم الاثني عشر إماماً، وأمه أم ولد اسمها صيقل وقيل سوسن، وقيل نرجس وقيل غير ذلك ولد في سر من رأي في الثالث والعشرين من رمضان سنة ثمان وخمسين ومائتين (258ه).

- (ومنهم) الشيخ سعد الدين الحموي كما قال الشيخ سليمان الحنفي في ينابيع المودة ص 474 قال الشيخ عزيز بن محمد النسفي إن شيخ الشيوخ سعد الدين الحموي (قدس سره) قال: لم يكن قبل نبينا في الأديان السابقة من يسمي ولياً وكان اسم النبي. وإن المقربين عند الله الذين كانوا صاحبين للشريعة كانوا يسمّون بالأنبياء، ولم يكن في الأديان السابقة في كل شريعة إلا دين واحد. ففي عصر آدم عليه السلام كانوا أنبياء عديدة. غير أنهم كانوا يأمرون الناس بالعمل بشريعة آدم عليه السلام وليس لهم شريعة خاصة، وكذلك في عصر نوح عليه السلام كانت الشريعة شريعة واحدة وكان الأنبياء في عصره يأمرون الناس بالعمل بشريعة نوح عليه السلام لا غيره. وكذلك كان في زمان إبراهيم، وموسي وعيسي عليه السلام كانوا

ص: 104

أنبياء متعددين وفي كل عصر من أعصار الأنبياء كانوا يأمرون الناس بالعمل بدين ذلك النبي، ولما ظهر دين الإسلام دين محمد بن عبد الله صلي الله عليه و آله و سلم إن الله تبارك وتعالي اختار اثني عشر رجلاً من أهل بيت نبيه محمد صلي الله عليه و آله و سلم وأورثهم علمه و كانوا مقربين عنده وجعلهم نوابه وأولياءه والعلماء الذين ورد في حقهم (العلماء ورثة الأنبياء) هم هؤلاء لا غيرهم. وقوله صلي الله عليه و آله و سلم : «علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل» هؤلاء الاثنا عشر وهم المقصودون في الحديث والخبر: والولي الثاني عشر والنائب الثاني عشر كان يسمي المهدي صاحب الزمان. (ثم قال: قال الشيخ سعد الدين الحموي: إن الأولياء في العالم لم يزيدوا علي الاثني عشر وإن الثاني عشر منهم هو خاتم الأولياء في الإسلام، وكان يسمي المهدي صاحب الزمان وسائر المقربين أو رجال الغيب لم يسموا بالأولياء بل كانوا يسمون بالأبدال). هذا ما ذكره الشيخ سليمان القندوزي الحنفي في ينابيع المودة ص474 بالفارسية ونحن ذكرنا ذلك مترجماً بالعربية مع الاختصار.

- وفي عقد الدرر الحديث (99) من الباب (4). أخرج بسنده عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«أبشركم بالمهدي يبعث في أمتي علي اختلاف من الناس وزلزال. فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً». أخرجه أبو نعيم في صفة المهدي. وأخرجه أحمد بن حنبل في مسنده ج3 ص 37 وص52 وص98 وقال: وزلازل يملأ الأرض قسطاً.

- (ومنهم) كما في ينابيع المودة ص 468 الشيخ صدر الدين القونوي قدس سره (فإنه قال) في شأن المهدي الموعود عليه السلام شعراً:

يقوم بأمر الله في الأرض ظاهراً* علي رغم شيطانين يمحق للكفر

يؤيد شرع المصطفي وهو ختمه* ويمتد من ميم بأحكامها يدري

ومدته ميقات موسي وجنده* خيار الوري في الوقت يخلو عن الحصر

علي يده محق اللئام جميعهم* بسيف قوي المتن علك أن تدري

ص: 105

حقيقة ذاك السيف و القائم الذي* تعيّن للدين القويم علي الامر

لعمري هو الفرد الذي بان سره*بكل زمان في مظاء له يسري

تسمي بأسماء المراتب كلها*خفاءً وإعلاناً كذاك إلي الحشر

أليس هو النور الأتم حقيقة*ونقطة ميم منه إمدادها يجري

يفيض علي الأكوان ما قد أفاض*عليه إله العرش في أزير الدهر

فما ثم إلا الميم لا شيء غيره*وذو العين من نوابه مفرد العصر

هو الروح فأعلمه وخذ عهده إذا* بلغت إلي مد مديد من العمر

كأنك بالمذكور تصعد راقياً* إلي ذروة المجد الأثيل علي القدر

وما قدره إلا ألوف بحكمة*علي حد مرسوم الشريعة بالأمر

بذا قال أهل الحل والعقد فاكتف* بنصهم المثبوت في صحف الزبر

فإن تبغ ميقات الظهور فإنه*يكون بدور جامع مطلع الفجر

بشمس تمد الكل من ضوء نورها*وجميع دراري الأوج فيها مع البدر

وصل علي المختار من آل هاشم* محمد المبعوث بالنهي والأمر

عليه صلاة الله ما لاح بارق*وما أشرقت شمس الغزالة في الظهر

وآل وأصحاب أولي الجود والتقي*صلاة وتسليماً يدومان للحشر

وفي عقد الدرر الحديث (325) من الباب (8) عن جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«من كذب بالدجال فقد كفر، ومن كذب بالمهدي فقد كفر»، أخرجه أبو بكر الإسكاف في فوائد الأخبار.

- (ومنهم) الشيخ مؤمن بن حسن بن مؤمن الشبلنجي الشافعي المتوفي سنة (1298ه). وله مؤلفات عديدة منها نور الأبصار تعرض فيه لبعض أحوال الخلفاء الأربعة عند أهل السنة. وذكر بعض أحوال الأئمة الاثني عشر عليه السلام من الكرامات وخوارق العادات وغيرها إلي أن قال في ص150 ط مصر سنة (1322ه): الحسن الخالص بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسي الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب

ص: 106

(رضي الله عنهم). أمه أم ولد يقال لها حديثة وقيل سوسن وكنيته أبو محمد، وألقابه: الخالص والسراج والعسكري. ولد أبو محمد بالمدينة لثمان خلون من ربيع الآخر سنة (232 ه). إلي أن قال في ص152: وكانت وفاة أبي محمد الحسن بن علي في يوم الجمعة لثمان خلون من شهر ربيع الأول سنة ستين ومائتين (260). وخلف من الولد ابنه محمد.

ثم أخذ في ذكر أوصاف الإمام الثاني عشر. وقال: فصل في ذكر مناقب محمد بن الحسن الخالص بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسي الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي بن الحسين زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنهم). أمه أم ولد يقال لها نرجس وقيل صيقل وقيل سوسن، وكنيته أبو القاسم ولقبه الإمامية بالحجة والمهدي، والخلف الصالح، والقائم، والمنتظر، وصاحب الزمان. وأشهرها: المهدي.

وفي كتاب ينابيع المودة ص489 نقلاً من صحيح النسائي أو سننه قال: أخرج مرفوعاً (إلي النبي صلي الله عليه و آله و سلم أنه قال):

«أبشروا وبشروا إنما أمتي كالغيث لا يدري آخره خير أم أوله، أو كحديقة أطعم منها فوج عاماً لعل آخرها فوجاً يكون أعرضها عرضاً وأعمقها عمقاً، وأحسنها حسناً، كيف تهلك أمة أنا أولها والمهدي أوسطها والمسيح آخرها، ولكن بين ذلك شيخ أعوج، ليسوا مني ولا أنا منهم».

- أخرج في كتاب البيان في أخبار صاحب الزمان للكنجي الشافعي ص 322، وقال: ذكر ابن شيرويه الديلمي في كتابه ( مسند) الفردوس في باب الألف واللام بإسناده عن ابن عباس قال، قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«المهدي طاوس أهل الجنة» .

- وفي عقد الدرر الحديث (202). أخرج بسنده من سنن النسائي أو صحيحه وقال عن أبي جعفر محمد بن علي (رضي الله عنهما) عن أبيه عن جده رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال:

ص: 107

«أبشروا أبشروا (وبشروا) إنما أمتي كالغيث لا يدري آخره خيراً وأوله أو كحديقة أطعم منها فوج عاماً لعل آخرها فوجاً يكون أعرضها عرضاً وأعمقها عمقاً وأحسنها حسناً كيف تهلك أمة أنا أولها والمهدي أوسطها والمسيح آخرها ولكن بين ذلك شيخ أعوج ليس مني ولا أنا منهم».

- وفي عقد الدرر الحديث (201). أخرج بسنده من مسند أحمد بن حنبل عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«لن تهلك أمة أنا أولها وعيسي في آخرها، والمهدي في وسطها». وقد أخرج الحديث أبو نعيم في كتابه (العوالي). وأخرج الشيخ سليمان الحنفي حديث عقد الدرر في ينابيع المودة ص489 نقلاً من صحيح النسائي. وقد تقدم لفظه.

- وفي عقد الدرر الحديث (322) من الباب (2). أخرج بسنده عن جابر بن عبيد الله قال: دخل رجل علي أبي جعفر محمد بن علي عليهماالسلام فقال: اقبض مني هذه الخمسمائة درهم فإنها زكاة مالي فقال له أبو جعفر:

«خذها أنت وضعها في جيرانك من أهل الإسلام والمساكين من إخوانك المسلمين، ثم قال:

«إذا قام مهدينا أهل البيت قسم بالسوية وعدل في الرعية. فمن أطاعه فقد أطاع الله، ومن عصاه فقد عصي الله، وإنما سمي المهدي لأنه يهدي إلي أمر خفي ويستخرج التوراة، والإنجيل من أرض يقال لها إنطاكية». أخرجه نعيم بن حماد في كتاب الفتن من وجوه، وفي بعض الروايات قال:

«إنما سمي المهدي لأنه يهدي إلي أسفار من التوراة فيستخرجها من جبال الشام فيدعو إليها اليهود فيسلم علي تلك الكتب جماعة كثيرة نحواً من ثلاثين ألفاً». وذكر الإمام أبو عمر الداني في سننه وقال: قال ابن شوذب: إنما سمي المهدي لأنه يهدي إلي جبل من جبال الشام يستخرج منها أسفار التوراة يحاج بها اليهود فيسلم علي يده جماعة من اليهود.

ص: 108

- وفي عرف الوردي ص 75 من ج 2 قال: قال كعب (الأحبار) وإنما سمي المهدي لأنه يهدي لأمر خفي يستخرج التابوت من أرض يقال لها إنطاكية.

- وفي عقد الدرر الحديث (44) من الباب (3) عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية قال: حدثني أبي حدثني علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

« المهدي منا أهل البيت». وعن أبي سعيد الخدري عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم و سلام أنه قال:

«المهدي منا أهل البيت. رجل من أمتي أشم الأنف يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً». أخرجهما الحافظ أبو نعيم في صفة المهدي، وأخرجه الشيخ سليمان الحنفي في ينابيع المودة ص488 نقلاً من فرائد السمطين عن أبي سعيد ولفظه يساوي لفظ أبي.

- في كتاب الجامع الصغير لجلال الدين السيوطي الشافعي الحديث (9244) والحديث عن أبي سعيد الخدري وغيره. أن النبي الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«المهدي مني أجلي الجبهة أقني الأنف يملأ الأرض قسطاَ وعدلاَ كما ملئت جوراً وظلماً، يملك سبع سنين».

- وفي ينابيع المودة ص445. أخرج بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«إن الله فتح هذا الدين بعلي، وإذا قتل فسد الدين ولا يصلحه إلا المهدي». وروي الحديث في مورد آخر من ينابيع المودة أي في ص209 نقلاً من كتاب مودة القربي في المودة (10). وفي لفظه زيادة كلمات. قال عن ابن عباس رفعه إلي النبي الله صلي الله عليه و آله و سلم قال:

«إن الله فتح هذا الدين بعلي وإذا مات علي فسد الدين ولا يصلحه إلا المهدي بعده».

- وفي عقد الدرر الحديث (9) و(25) عن حذيفة قال: خطبنا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فذكر لنا بما هو كائن إلي يوم القيامة ثم قال:

ص: 109

«لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله عز وجل ذلك اليوم حتي يبعث رجلاً من ولدي اسمه اسمي». فقام سلمان وقال: يا رسول الله من أي ولدك؟ قال:

«هو من ولدي هذا وضرب بيده علي الحسين». أخرجه الحافظ أبو نعيم في صفة المهدي.

- وفي عرف الوردي ص 58 قال: أخرج أبو نعيم عن أبي سعيد عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم قال:

«المهدي منا أهل البيت، رجل من أمتي أشم الأنف يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً».

- وفي عقد الدرر الحديث (49) من الباب (3). أخرج بسنده عن حذيفة بن اليمان عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في قضية السفياني وما يفعله من الفجور والقتل، قال:

«فعند ذلك ينادي مناد من السماء: يا أيها الناس إن الله قطع منكم مدة الجبارين والمنافقين وأشياعهم. ووليكم خير أمة محمد صلي الله عليه و آله و سلم فألحقوه بمكة فإنه المهدي واسمه أحمد بن عبد الله». قال حذيفة بن اليمان: فقام عمران بن الحصين فقال: يا رسول الله كيف لنا بهذا حتي نعرفه قال:

«هو رجل من ولدي كأنه من رجال بني إسرائيل عليه عباءتان قطوانيتان كأن وجهه الكوكب الدري، عربي اللون، في خده الأيمن خال كابن أربعين سنة». أخرجه الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد المقري في سننه.

- وفي كتاب عقد الدرر الحديث (128) من الفصل الثاني عن حذيفة، قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«إذ خرجت السودان طلبت العرب».

ثم ذكر حديثاً مفصلاً أخرجناه في قوله صلي الله عليه و آله و سلم : «المهدي من ولدي» في باب (1) في رقم (21) وقال في آخره بعد ذكره جرائم السفياني:

«فعند ذلك ينادي مناد من السماء أيها الناس إن الله عز وجل قد قطع عنكم مدة الجبارين والمنافقين وأشياعهم وأولاكم خير أمة محمد صلي الله عليه و آله و سلم فألحقوه بمكة فإنه

ص: 110

المهدي واسمه أحمد بن عبد الله». قال حذيفة: فقام عمران بن حصين فقال: يا رسول الله صفه لنا حتي نعرفه قال:

«هو رجل من ولدي كأنه من رجال بني إسرائيل عليه جبتان قطوانيتان كأن وجهه كوكب دري في اللون عربي في خده الأيمن خال أسود كابن أربعين سنة فتخرج إليه الأبدال من الشام وأشباههم ويخرج إليه النجباء من مصر وعصائب أهل المشرق وأشباههم فيأتون مكة فيبايعونه بين الركن والمقام. ثم يخرج متوجهاً إلي الشام و جبرائيل علي مقدمته و ميكائيل علي ساقته فيفرح به أهل السماء وأهل الأرض والطير والوحوش والحيتان في البحر، وتزيد المياه في دولته ويملا الأنهار وتضعف الأرض ويستخرج الكنوز كلها ويقدم الشام فيذبح السفياني تحت الشجرة التي أغصانها إلي بحيرة طبرية ويقتل كلباً». قال حذيفة: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«فالخائب من خاب يوم كلب (أي من غنائمها)» ولو بعقال. الحديث وله تتمة .

- وفي ينابيع المودة ص493. أخرج بسنده عن أبي بصير عن (الإمام) الصادق جعفر بن محمد عن آبائه عن أمير المؤمنين قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«المهدي من ولدي اسمه اسمي وكنيته كنيتي وهو أشبه الناس بي خلقاً وخلقاً.

تكون له غيبة وحيرة في الأمم حتي تضل الخلق عن أديانهم فعند ذلك يقبل كالشهاب الثاقب، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً».

- وفي عقد الدرر الحديث (56) من الباب (3). أخرج بسنده عن كعب الأحبار قال:

«المهدي خاشع لله كخشوع النسر لجناحيه». رواه الإمام أبو محمد الحسين بن سعيد في كتاب المصابيح. وأخرجه الإمام أبو عبد الله نعيم بن حماد.

- وفي عقد الدرر الحديث (62) من الباب (3). أخرج بسنده عن الحارث بن المغيرة النسري قال: قلت لأبي عبد الله الحسين بن علي عليه السلام بأي شيء نعرف الإمام المهدي، قال:

ص: 111

«بالسكينة والوقار»، قلت: وبأي شيء قال:

«وبمعرفة الحلال والحرام وبحاجة الناس إليه ولا يحتاج إلي أحد»

- وفي عقد الدرر الحديث (61) من الباب (3). أخرج بسنده عن أبي جعفر محمد بن علي (رضي الله تعالي عنهما). قال: سأل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليها السلام عن صفة المهدي فقال:

«هو شاب مربوع حسن الوجه يسيل شعره علي منكبه يعلو نور وجهه سواد شعر الحيته ورأسه».

- وفي عقد الدرر الحديث (63) من الباب (3). أخرج بسنده عن أبي عبد الله الحسين بن عليهماالسلام قال:

«لوقام المهدي لأنكره الناس لأنه يرجع إليهم شاباً موفقاً. وإن من أعظم البلية أن يخرج إليهم صاحبهم شاباً وهم يظنونه شيخاً كبيراً».

- وفي عقد الدرر الحديث (64) من الباب (3). أخرج بسنده عن أبي جعفر (الإمام الباقر عليه السلام) إنه قال:

«يكون هذا الأمر في أصغرنا ستاً وأجملنا ذكراً) ويورثه الله علمأً ولا يكله إلي نفسه».

- وفي فرائد السمطين آخر الجزء الثاني. أخرج بسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«إن علي بن أبي طالب إمام أمتي وخليفتي عليها بعدي، ومن ولده القائم المنتظر الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، والذي بعثني بالحق بشيراً ونذيراً، إن الثابتين علي القول بإمامته، في زمان غيبته لأعز من الكبريت الأحمر»، فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاري، فقال: يا رسول الله، وللقائم من ولدك غيبة؟ قال:

«أي وربي ليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين، يا جابر إن هذا الأمر لأمر

ص: 112

من أمر الله وسر من سر الله. من سر علته مطوية عن عبادة فإياك والشك فإن الشك في أمر الله عز وجل كفر».

- وفي فرائد السمطين آخر الجزء الثاني. أخرج بسنده عن الحسن بن الخالد قال: قال علي بن موسي الرضا عليه السلام:

«لا دين لمن لا ورع له ولا إيمان لمن لا تقية له، وإن أكرمكم عند الله أتقاكم أي أعملكم بالتقية»، فقيل: إلي متي يا بن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال :

«إلي يوم الوقت المعلوم، وهو يوم خروج قائمنا، فمن ترك التقية قبل خروج قائمنا فليس منا» ، فقيل له: يا بن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ومن القائم منكم أهل البيت؟ قال:

«الرابع من ولدي ابن سيد الإماء يطهر الله به الأرض من كل جور ويقدسها من كل جرم وظلم، وهو الذي يشك الناس في ولادته، وهو صاحب الغيبة قبل خروجه، فإذا خرج أشرقت الأرض بنوره، ووضع ميزان العدل بين الناس، فلا يظلم أحد أحداً، وهو الذي تطوي له الأرض، ولا يكون له ظل وهو الذي ينادي مناد من السماء يسمعه جميع أهل الأرض، الدعاء إليه يقول: ألا إن حجة الله قد ظهر عند بيت الله فاتبعوه فإن الحق فيه ومعه، وهو قول الله: «إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ»(1).

- وفي عقد الدرر في الحديث (181) من الباب (5). أخرج بسنده عن أبي عبد الله الحسين بن علي عليهماالسلام. أنه قال:

«لصاحب هذا الأمر يعني المهدي عليه السلام غيبتان إحداهما تطول حتي يقول بعضهم مات (ويقول بعضهم): قتل و(يقول) بعضهم ذهب ولا يطلع علي أمره إلا الذي يلي أمره.

- وفي كتاب العرف الوردي في أخبار الإمام المهدي ص 77 قال: أخرج نعيم بن حماد عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم قال:

«يأوي إلي المهدي أمته كما تأوي النحل إلي يعسوبها، يملأ الأرض عدلاً كما

ص: 113


1- سورة الشعراء، الآية:4

ملئت جوراً حتي يكون الناس علي مثل أمرهم الأول أي كما كانوا في زمان النبي صلي الله عليه و آله و سلم لا يوقظ نائماً ولا يهريق دماً (أي علي الباطل».

- وفي مجمع الفوائد ومنبع الفرائد النور الدين الهيتمي الشافعي ج 7 ص317.

أخرج بسنده عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله الله يقول:

«يخرج رجل من أمتي يقول بسنتي ينزل الله عز وجل له القطر من السماء وينبت الله له الأرض من بركاتها يملأ الأرض منه قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، يعمل علي هذه الأمة سبع سنين وينزل بيت المقدس»، رواه الترمذي وابن ماجه ورواه الطبراني في الأوسط مع اختلاف.

- وفي كنز العمال ج 7 ص187. أخرج بسنده من المعجم الكبير للطبراني عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«ستكون بينكم وبين الروم، أربع هدن، يوم الرابعة علي يد رجل من آل هارون، يدوم سبع سنين». قيل: يا رسول الله من إمام الناس يومئذ؟ قال:

«(رجل) من ولدي ابن أربعين سنة كأن وجهه كوكب دري في خده الأيمن خال أسود عليه عباءتان قطوانيتان كأنه من رجال بني إسرائيل، يملك عشرين سنة يستخرج الكنوز ويفتح مدائن الشرك (طب عن أبي إمامة)».

- وفي تاريخ ابن الخشاب. أخرج بسنده قال حدثني أبو القاسم الطاهر بن هارون بن موسي العلوي عن أبيه هارون عن أبيه موسي قال:

«سيدي جعفر بن محمد الخلف الصالح من ولدي، وهو المهدي، اسمه محمد وكنيته أبو القاسم، يخرج في آخر الزمان يقال لأمه صيقل». قال: لنا أبو بكر الزراع وفي رواية أخري:

«بل أمه حكيمة وفي رواية ثالثة يقال لها نرجس ويقال سوسن والله أعلم بذلك. ويكني أبا القاسم وهو ذو الاسمين، خلف، ومحمد، يظهر في آخر الزمان (و) علي رأسه غمامة تظلله عن الشمس تدور معه حيثما دار تنادي بصوت فصيح هذا المهدي» .

ص: 114

- وفي ينابيع المودة ص467 طبع إسلامبول سنة 1301 قال وعن بعض أصحاب الكشف والشهود عن مولانا أمير المؤمنين (علي بن أبي طالب عليهماالسلام) أنه قال:

سيأتي الله بقوم يحبهم الله ويحبونه ويملك من هو بينهم غريب، فهو المهدي، أحمر الوجه بشعره صهوبة، يملأ الأرض عدلاً، بلا صعوبة، يعتزل في صغره عن أمه وأبيه (أي يغيب عنهم) ويكون عزيزاً في مرباه، فيملك بلاد المسلمين (وغير المسلمين) بأمان ويصفو له الزمان ويسمع كلامه ويطيعه الشيوخ والفتيان ويملا الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، فعند ذلك كملت إمامته وتقررت خلافته، والله يبعث من في القبور (أي يحييهم) فأصبحوا لا تري إلا مساكنهم، وتعمر الأرض، وتصفو وتزهو بمهديها، وتجري به الأنهار (أي يزداد ماؤها) وتعدم الفتن والغارات ويكثر الخير والبركات».

- وفي كنز العمال ج 7 ص 188 ، أخرج بسنده من المعجم الكبير للطبراني عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«يخرج رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمه وخلقه خلقي فيملؤها عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً»، (طب عن ابن مسعود) في الحديث (1978).

- وفي كنز العمال ج 7 ص 188 الحديث (1979)، أخرج بسنده من مسند أبي يعلي و من تاريخ ابن عساكر معاً عن أبي سعيد قال:

«قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم : يكون في آخر الزمان عند تظاهر من الفتن وانقطاع من الزمن أمير أول ما يكون عطاءه للناس أن يأتيه الرجل فيحثي له في حجره، يهمه من يقبل من صدقته ذلك اليوم لما يصيب الناس من الفرح عليه السلام» وابن عساكر عن أبي سعيد.

- وفي ينابيع المودة للشيخ سليمان القندوزي الحنفي ص401 طبع إسلامبول سنة 1301، أخرج بسنده من كتاب درة المعارف للشيخ عبد الرحمن البسطامي أنه قال في أوصاف الإمام المهدي عليه السلام وحليته ما هذا نصه:

ص: 115

« المهدي عليه السلام» أكثر الناس علماً و حلماً، وعلي خده الأيمن خال أسود وهو من ولد الحسين عليه السلام».

- وفي مجمع الفوائد ومنبع الفرائد ج 2 ص314. أخرج بسنده عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم أنه قال:

«ليقومن علي أمتي من أهل بيتي أقني أجلي يوسع الأرض عدلاً كما وسعت ظلماً وجوراً».

- وفي ينابيع المودة ص 432، وفي سنن أبي داود ج 2 ص 131 في كتاب المهدي وفي فتن ابن طاوس من فتن السليلي واللفظ له، أخرج بسنده عن علي بن بهرام، قال: حدثنا موسي بن إبراهيم قال حدثنا موسي بن جعفر عليه السلام عن أبيه عن جده عليه السلام قال: دخل الحسين علي علي بن أبي طالب عليهماالسلام وعنده جلساؤه، فقال:

«هذا سيدكم سماه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم سيداً، وليخرجن رجل من صلبه شبهي شبهه في الخلق والخلق، يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً، قيل له: ومتي ذلك، يا أمير المؤمنين، فقال: هيهات، إذا خرجتم عن دينكم كما تخرج المرأة عن وركيها لبعلها».

- وفي فرائد السمطين للحمويني الشافعي ج2 الباب (27)، أخرج بسنده عن سدير عن أبيه عن أبي سعيد عقيقاً أنه قال: لما صالح الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب عليهماالسلام دخل الناس عليه فلامه بعضهم علي بيعته، فقال:

«ويحكم ما تدرون ما علمت، والله الذي علمت خير، ليسعني مما طلعت عليه الشمس أو غربت، ألا تعلمون أني إمامكم ومفترض الطاعة عليكم، وأحد سيدي شباب أهل الجنة بنص رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم »، قالوا: بلي، قال:

«أما علمتم أن الخضر لما خرق السفينة وأقام الجدار وقتل الغلام كان ذلك سخطأً لموسي بن عمران إذ خفي عليه وجه الحكمة في ذلك، وكان عند الله تعالي ذكره

ص: 116

حكمة وصواباً، أما علمتم أنه ما منا أحد إلا ويقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه، إلا القائم الذي يصلي روح الله عيسي ابن مريم خلفه، فإن الله عز وجل يخفي ولادته ويغيب شخصه لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة، إذا خرج (وهو) التاسع من ولد أخي الحسين ابن سيدة الإماء يطيل الله عمره، في غيبته، ثم يظهره الله بقدرته في صورة شاب دون الاربعين سنة، ليعلم أن الله علي كل شيء قدير»

وفي الملاحم والفتن لابن طاوس ج 1ص 48 طبع الأول نقل من فتن نعيم وقال: فيما ذكره نعيم أن المهدي عليه السلام فتي من قريش ضرب من الرجال.

- وفي تاريخ الخميس ج2 ص321 نقل من الفتوحات المكية لمحيي الدين في أحوال الإمام المهدي عليه السلام وقال: إن الله يستوزر له طائفة خبأهم في مكنون غيبه، أطلعهم الله كشفاً و شهوداً علي الحقائق (ثم ذكر في علمه عليه السلام) وعدله وقال : وهذا الخليفة يفهم منطق الحيوان ويسري عدله في الإنس والجان.

- وفي مشارق الأنوار ص 104 وفي إسعاف الراغبين المطبوع بهامش نور الأبصار ص 131 واللفظ لمشارق الأنوار قال بعد ما ذكر بعض أحوال الإمام المهدي عليه السلام: يعز الله به الإسلام بعد ذله، ويحييه بعد موته، ويضع الجزية ويدعو إلي الله بالسيف، فمن أبي قتل، ومن نازعه خذل، يحكم بالدين الخالص عن الرأي ويخالف في غالب أحكامه، مذاهب العلماء فينقبضون لذلك لظنهم أن الله تعالي لا يحدث بعد أئمتهم مجتهداً. ثم ذكر بعض أحواله عليه السلام وأحوال أصحابه وقال: إنه عليه السلام يحكم بما ألقي إليه ملك الإلهام من الشريعة وذلك بأن يلهمه الشرع المحمدي فيحكم به كما أشار إليه حديث قال فيه النبي صلي الله عليه و آله و سلم عند بيان أحواله عليه السلام (المهدي يقفو أثري لا يخطي) فعرفنا رسول اللهصلي الله عليه و آله و سلم أنه متبع (للشريعة الإسلامية) لا مبتدع، وأنه عليه السلام معصوم في حكمه، فعلم أنه يحرم عليه القياس مع وجود النصوص التي منحه الله (تعالي) إياه علي لسان ملك الإلهام.

- وفي عقد الدرر في الباب (3) الحديث (59) وهو مفصل وقال في ضمنه: إذا

ص: 117

قام مهدينا أهل البيت قسم بالسوية، وعدل في الرعية، فمن أطاعه فقد أطاع الله، ومن عصاه فقد عصي الله، وإنما سمي المهدي لأنه يهدي إلي أمر خفي، ويستخرج التوراة والإنجيل من أرض يقال لها إنطاكية.

- وفي الملاحم والفتن لابن طاوس ج 1 ص 56 وص57 باب (192)، أخرج بسنده عن الزهري عن عائشة عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم قال:

«المهدي) هو رجل من عترتي يقاتل علي سنتي كما قاتلت أنا علي القرآن».

- وفيه أيضاً بسنده عن أبي سعيد الخدري أنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

« المهدي منا أجلي الجبين أقني الأنف»

- وفيه أيضاً بسنده عن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«ليبعثن الله تعالي من عترتي رجلاً أفرق الثنايا أجلي الجبهة يملأ الأرض عدلاً يفيض المال فيضاً».

- وفي كتاب العرف الوردي في أخبار المهدي عليه السلام لجلال الدين السيوطي الشافعي ج2 ص71 وص72 وفي الملاحم والفتن لابن طاوس ج1 باب(129) ص40 طبع أول سنة 1368ه واللفظ لابن طاوس قال: حدثنا نعيم حدثنا سعيد بن عثمان عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال:

«يظهر المهدي بمكة عند العشاء، ومعه راية رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم وقميصه، وسيفه، وعلامات، ونور وبيان، فإذا صلي العشاء نادي بأعلي صوته يقول، أذكركم الله، أيها الناس ومقامكم بين يدي ربكم، وقد أكد الحجة وبعث الأنبياء، وأنزل الكتاب يأمركم أن لا تشركوا به شيئاً، وأن تحافظوا علي طاعته وطاعة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم وأن تحيوا ما أحيا القرآن، وتميتوا ما أمات وتكونوا أعواناً علي الهدي، ووزراء علي التقوي، فإن الدنيا قد دنا فناؤها وزوالها وأذنت بالوداع، وإني أدعوكم، إلي الله، وإلي رسوله صلي الله عليه و آله و سلم والعمل بكتابه وإماتة الباطل وإحياء السنة (قال) فيظهر عليه السلام في ثلاثمائة وثلاثة عشر

ص: 118

رجلاً، عدة أهل بدر، علي غير ميعاد قزعاً كقزع الخريف رهبان بالليل أُسُد بالنهار فيفتح الله(1) أرض الحجاز، ويستخرج من كان في السجن من بني هاشم، وتنزل الرايات السود الكوفة فيبعث بالبيعة إلي المهدي، ويبعث المهدي جنوده إلي الآفاق، ويميت الجور وأهله ويستقيم له البلدان، ويفتح الله علي يديه القسطنطينية».

- وفي الملاحم والفتن ج 2 ص 99 باب (64) نقلاً من كتاب فتن السليلي، أخرج بسنده عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«يخرج رجل من عترتي، يواطئ اسمه اسمي، وخلقه خلقي يملؤها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً».

- وفي كتاب العرف الوردي في أخبار المهدي عليه السلام ج2 ص75 قال: أخرج نعيم بن حماد عن طاوس قال: علامة المهدي أن يكون شديداً علي العمال، جواداً بالمال، رحيماً بالمساكين».

- وفي فرائد السمطين آخرج؟. أخرج بسند عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم أنه قال:

«المهدي منا أهل البيت رجل من أمتي أشم الأنف يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً».

- وفي الملاحم والفتن لابن طاوس ج 2 ص 93 باب (52) الطبعة الأولي سنة 1367 أخرج بسنده عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فذكر الملاحم، وقال في آخرها:

«ويباع الأحرار للجهد الذي يحل بهم، يقرون بالعبودية، الرجال والنساء ويستخدم المشركون المسلمين، ويبيعونهم في الأمصار، لا يتحاشي لذلك بر ولا فاجر، يا حذيفة لا يزال ذلك البلاء علي أهل ذلك الزمان، حتي إذا أيسوا وقنطوا، وساؤوا الظن، ألا يفرج عنهم، إذ بعث الله رجلاً من أطايب عترتي، وأبرار ذريتي، عدلاً مباركاً ذكياً، لا

ص: 119


1- في نسخة أخري : للمهدي

يغادر مثقال ذرة يعز الله به الدين، والقرآن والإسلام وأهله، ويذل به الشرك وأهله، يكون من الله علي حذر، لا يغتر بقرابته، لا يضع حجراً علي حجر، ولا يقرع أحداً في ولايته بسوء، إلا في حد، يمحو الله به البدع كلها، ويميت به الفتن كلها، يفتح الله به باب الحق، ويغلق به كل باب باطل، يرد الله به سبي المسلمين حيث كانوا، (قال حذيفة) قلت: فسم لنا هذا العبد (الصالح) الذي اختاره الله لأمتك وذريتك، فقال صلي الله عليه و آله و سلم :

اسمه كاسمي واسم أبيه كاسم أبي، لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لجعله الله مقدار ما يكون فيه ما ذكرت».

- وفي ينابيع المودة ص437، باب (74)، أخرج كلمات لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ذكر فيها عليه السلام بعض أوصاف الإمام المهدي عليه السلام (ومن جملتها) قال عليه السلام:

«المهدي يعطف الهوي علي الهدي إذا عطفوا الهدي علي الهوي ويعطف الرأي علي القرآن، إذا عطفوا القرآن علي الرأي»، (ومن جملتها ) قال عليه السلام:

«منا المهدي يسري في الدنيا بسراج منير ويحذو فيها علي مثال الصالحين، ليحل ربقاً ويعتق رقاً، ويصدع شعباً، ويشعب صدعاً، في سترة عن الناس، لا يبصر القائف أثره ولو تابع نظره». (ومن جملتها ) قال عليه السلام في وصف الإمام المهدي عليه السلام:

«فهو مغترب إذا اغترب الإسلام وضرب بعسيب ذنبه، وألصق الأرض بجرانه، بقية من بقايا حجته، خليفة من خلائف أنبيائه». (ومن جملتها) قوله عليه السلام:

«فإذا كان ذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه، فيجتمعون إليه، كما يجتمع قزع الخريف»، (ومن جملتها) قوله عليه السلام:

«فتخرج له عليه السلام الأرض أفالية كبدها، وتلقي سلماً مقاليدها، فيريكم عليه السلام كيف عدل السيرة، ويحيي ميت الكتاب والسنة.

ص: 120

أسماء الإمام المهدي المنتظر عليه السلام

إن للإمام المنتظر عليه السلام أسماء متعددة قد وردت لمناسبات وأحاديث عديدة وهذا هو شأن العظماء في التاريخ.

فقد تعددت أسماؤهم وصفاتهم لعظم شأنهم ومسيرتهم في الحياة. لذا نجد الرسول الأكرم محمد صلي الله عليه و آله و سلم كانت له أسماء عديدة في الكتب السماوية مثل: محمد/ أحمد/ طه / يس/ البشير/ النذير / هذا في القرآن الكريم.

في الإنجيل فارقليطا باللغة السريانية وبركلو طوسا باللغة اليونانية.

ونجد أن لوصي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم وخليفته الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام أسماء أيضاً مثل: علي/حيدر/المرتضي/ الضرغام.

ولسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليهاالسلام أسماء مثل: فاطمة/ الزهراء/ المباركة/المحدثة / الصديقة/ الطاهرة.

لذا فإذا نظرنا إلي الإمام المهدي عليه السلام فهو كغيره من العظماء الذين يخلدهم التاريخ وهو الذي يظهر ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً.

فالنسبة للإمام المنتظر عليه السلام فقد وردت أحاديث عديدة ومتواترة عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم وعن الأئمة الأطهار عليهم السلام وصرحت به فمنها:

1- محمد: كما صرح به الرسول الأكرم اسمه اسمي وكنيته كنيتي.

2 - المهدي: عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم : «اسم المهدي اسمي».

ص: 121

وكذلك عن ابن شيرويه الديلمي في كتابه ( مسند الفردوس في باب الألف واللام بإسناده عن ابن عباس قال، قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«المهدي طاوس أهل الجنة» .

وفي تاريخ ابن عساكر من ابن مسعود أنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«المهدي يواطئ اسمه اسمي».

لذا فقد سمي بالمهدي لأن الله تعالي يهديه ويرشده إلي الأمور الخفية التي لا يطلع عليها أحد.

3 - القائم: وقد سمي بالقائم لأنه يقوم في آخر الزمان بأعظم قيام عرفه تاريخ البشرية، حيث يقوم الإمام المهدي عليه السلام بالحق والذي لا يشوبه باطل أبداً وهذه من الميزات التي امتاز بها قائمنا عليه السلام فعن الإمام جعفر الصادق عليه السلام قال:

سمي «القائم» لقيامه بالحق»(1).

وفي كتاب (كفاية الأثر) أخرج بسنده عن الصقر بن أبي دلف. قال سمعت أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام، يقول: الإمام بعدي، ابني علي، أمره أمري، وقوله قولي، وطاعته طاعتي»، ثم سكت فقلت له: يا ابن رسول الله فمن الإمام بعد علي؟ قال:

«ابنه الحسن»، قلت: يا ابن رسول الله فمن الإمام بعد الحسن؟ فبكي عليه السلام بكاءً شديداً ثم قال:

«إن من بعد الحسن، ابنه القائم بالحق، المنتظر»، فقلت له: يا ابن رسول الله، ولم سمي القائم؟ قال: «لأنه يقوم بعد موت ذكره وارتداد أكثر القائلين بإمامته»، فقلت: ولم سمي المنتظر؟ قال:

ص: 122


1- بحار الأنوار، الشيخ المجلسي: ج51، ص28 - 29. وانظر أيضاً: علل الشرائع ، الشيخ الصدوق

«إن له غيبة يكثر أيامها، ويطول أمدها، فينتظر خروجه المخلصون وينكره المرتابون، ويستهزيء به الجاحدون، ويكذب فيها الوقاتون ويهلك فيها المبطلون، وينجو فيها المسلمون».

4 - المنتظر : سمي بالمنتظر لأن الناس والبشرية جمعاء كانوا ولا يزالون ينتظرون ظهوره الشريف. وليطهر الكرة الأرضية من كل ظلم وجور.

فسئل الإمام الجواد عليه السلام: يا ابن رسول الله ولم سمي بالمنتظر قال: لأن له غيبة تكثر أيامها، ويطول أمدها، فينتظر خروجه المخلصون وينكره المرتابون... إلي آخر الحديث(1).

وفي كتاب أعلام الوري، أخرج بسنده عن المفضل بن عمر، قال: دخلت علي سيدي، جعفر بن محمد الصادق عليه السلام فقلت: يا سيدي لو عهدت إلينا من الخلف من بعدك فقال: يا مفضل، الإمام من بعدي موسي، والخلف المنتظر «م ح م د» ابن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسي عليه السلام.

5 - صاحب الأمر: يسمي بصاحب الأمر، لأنه الإمام الحق الذي فرض الله طاعته علي العباد في قوله تعالي: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ»(2) .

حيث صرحت الأحاديث الصحيحة أن أولي الأمر هم أئمة أهل البيت عليه السلام.

6 - الحجة: سمي بالحجة لأنه حجة الله علي العالمين. وبه يحتج الله تعالي علي خلقه. ففي (كفاية الأثر) أخرج بسنده عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري قال: سمعت أبا الحسن صاحب العسكر (علي الهادي عليه السلام) يقول:

«الخلف من بعدي ابني الحسن، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف»، فقلت:

كيف (وِلمَ) جعلني الله فداك، قال:

ص: 123


1- بحار الأنوار: ج 51، ص 30 طبع طهران.
2- سورة النساء، الآية: 59.

«لأنكم لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه، قلت: فكيف نذكره، قال: قولوا: الحجة من آل محمد صلي الله عليه و آله و سلم .

وللإمام المهدي علي أسماء وألقاب أخري واضحة، فلا نحتاج إلي شرحها وتفصيلها.

ص: 124

غيبة الإمام المهدي المنتظر عليه السلام الصغري

لقد اختلف العلماء والمحدثون عن غيبة الإمام عليه السلام الصغري ومتي غاب أو استتر عن العالم البشري؟

فهل بدأت غيبته عليه السلام في عهد أبيه الإمام العسكري عليه السلام أم بدأت من شهادة الإمام العسكري عليه السلام.

نري بأن الأحاديث المتواترة والأقوال تقول إن اختفاء واستتار الإمام المهدي عليه السلام منذ أوائل عمره الشريف، لذا يحسن بنا أن نقول بأن غيبته عليه السلام ابتدأت مع حياة والده الإمام العسكري عليه السلام، أي إنها كانت غيبته منذ ولادته وكذلك السنوات الخمس التي عاشها مع والده الإمام العسكري عليه السلام.

لذا فإن الغيبة الصغري هي مقدمة وتمهيد للغيبة الكبري والتي من بعدها ينتظر الطلعة الرشيدة لظهوره عليه السلام.

لذا نري أن من جملة الوسائل والطرق الحكيمة التي اختارها الإمام المهدي عليه السلام للتخلص من مشاكل الرقابة ومضاعفاتها هي أنه عن بعض الثقات من شيعته في بغداد ليكون الوسيط أو الواسطة أو بالمعني الأهم حلقة الربط بين الإمام المهدي عليه السلام وبين شيعته ومحبيه للإجابة علي مسائلهم ومشاكلهم وأمورهم الدينية والدنيوية.

لذا نري بأن الأموال والمسائل الدينية كانت تسلم إليهم فكانوا الثقات أو وكلاء الإمام المهدي عليه السلام يقومون بالوساطة بين الإمام وبين الشيعة، لذا فهؤلاء الوكلاء هم كهمزة وصل بين الإمام والشيعة، وقد كان هذا في زمن الإمام العسكري عليه السلام وبعد استشهاد الإمام عليه السلام أبقي الإمام المنتظر عليه السلام الوكلاء علي وكالتهم، لذا ارتينا أن نذكر سيرة بعض نواب الإمام عليه السلام والذين كانوا صلة الوصل بينه عجل الله فرجه وبين شيعته.

ص: 125

ص: 126

النواب الأربعة

اشارة

النيابة الخاصة تعتبر من المناصب الخطيرة والتي تكون ذات أهمية كبيرة علي عاتق النائب ولا تكون هذه النيابة إلا لمن يليق به هذا المقام السامي والجليل ومن تتوافر فيه الصفات المطلوبة التي تليق بأن يكون همزة وصل بين الإمام المعصوم عليه السلام وبين شيعته، ويجب أن يتصف نائب الإمام بصفات تؤهله لذلك وهي التقوي/ الورع / و كتمتن الأمور و عدم إفشاؤها/عدم التصرف بالأمور الخاصة/و تنفيذ الأوامر الصادرة إليه من الإمام المعصوم عليه السلام و غيرها من الشروط.

لذا فإن النائب يكون بمنزلة المجتهد في وقتنا الحاضر أي المرجع حيث يجب أن يتصف بصفات عديدة منها: العدالة ومخالفة الهدي، الاجتهاد المحفوظ بالشروط اللازمة والالتزام بالموازين الشرعية والتمسك بها، والصدق، والصبر وغيرها من الأمور.

1- عثمان بن سعيد

كنيته: أبو عمرو.

لقبه: العمري، السمَّان، الزيّات، الأسدي، العسكري، وسبب تسميته بالسمان والزيات لأنه كان يتجر بالسمن والزيت، لتغطية العمل الذي أوكل إليه والتقية من السلطة الظالمة آنذاك حيث كانت تتبع آثار الإمام المهدي عليه السلام وأصحابه وأنصاره.

لذا نري بأن الشيعة كانوا يحملون إليه الأموال والرسائل فكان عثمان بن سعيد يجعلها في جراب السمن وزقاقه(1) لكي لا يعلم بذلك أحد حتي يبعثها إلي الإمام المهدي عليه السلام .

ص: 127


1- الجراب: وعاء من جلد، الزقاق: جلد يستعمل لحمل الماء أو السمن

ومن أحوال عثمان بن سعيد العمري أنه كان له شرف خدمة الإمام الهادي عليه السلام عندما كان عمره إحدي عشرة سنة، وإن دل ذلك علي شيء فإنه يدل علي ما كان يتمتع به من الذكاء، العقل والرشد الفكري المبكر، العدالة، الإبانة، الوثاقة، حيث إن الله تعالي يختص برحمته من يشاء.

وبعد شهادة الإمام الهادي عليه السلام أصبح عثمان بن محمد العمري وكيلاً للإمام العسكري عليه السلام أيضاً.

فقد روي عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام أنه قال لأحمد بن إسحاق:

« العمري وابنه ثقتان فما أديا إليك عني فعني يؤديان وما قالا لك فعني يقولان: فاسمع لهما وأطعهما، فإنهما الثقتان المأمونان»(1).

وبعد شهادة الإمام العسكري عليه السلام أبقي الإمام المهدي المنتظر عليه السلام عثمان بن سعيد العمري علي وكالته، وعلي هذا الأساس يعتبر العمري النائب والوكيل الأول للإمام المهدي عليه السلام.

فهو همزة وصل بين الإمام المهدي عليه السلام وشيعته في مراسلاتهم وقضاياهم وحل مشاكلهم... وغيرها.

فالعمري كان من النوابغ.. فكراً وعقلاً أضف إلي ذلك كان يتصف بصفات التقوي والورع / الأمانة... وغيرها من الصفات التي جعلته أهلا للنيابة والوكالة الخاصة، وقد أمره الإمام المهدي عليه السلام بأن ينصب ولده محمد بن عثمان من بعده، ليتولي الأمور بعد وفاة أبيه.

فكانت نيابة عثمان بن سعيد العمري للإمام المهدي المنتظر عليه السلام من عام (260ه إلي عام 280ه) أي عشرين سنة.

ص: 128


1- كتاب الأصول من الكافي: ج1، ص 330 طبع طهران سنة 1388ه الغيبة للطوسي: ص219 طبع طهران 1398

2- محمد بن عثمان

كنيته: أبو جعفر .

لقبه: العمري، العسكري، الزيات.

فقد كان يشبه أباه في المؤهلات والمزايا والفضائل وكما يقال: «ومن شابه أباه فما ظلم».

لذا فقد اختاره الإمام المهدي عليه السلام ليقوم مقام أبيه عثمان بن محمد العمري ويمارس أعماله.

فقد بعث الإمام المنتظر عليه السلام رسائل متعددة إلي زعماء شيعته، يخبرهم فيها أنه قد عن محمد بن عثمان العمري نائبا عنه(1) ومنها الرسالة التي كتبها الإمام المهدي عليه السلام إلي محمد إبراهيم بن مهزيار الأهوازي، وقد جاء فيها:

«... والابن (وقاه الله) لم يزل ثقتنا في حياة الأب (رضي الله عنه وأرضاه، ونضر وجهه، يجري عندنا مجراه، ويسد مسده، وعن أمرنا يأمر الابن، وبه يعمل تولاه الله، فانته إلي قوله (2)...»(3).

لقد كان محمد بن عثمان كأبيه سفيراً بين الإمام المهدي عليه السلام وبين جميع الشيعة في ذلك العصر وفي كل أرجاء المعمورة الإسلامية.

فقد كان يؤدي جميع ما يملي عليه من الواجبات والوظائف التي كانت علي عاتقه في جو من التقية والكتمان والسر، وكان كأبيه يستلم الأموال والحقوق الشرعية من الشيعة ويحملها إلي الإمام المهدي عليه السلام بصورة سرية تامة.

وأما كيف كان ينقل الأموال فهذا لا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم. وقد أخبر

ص: 129


1- كتاب الغيبة، للشيخ الطوسي: ص 220.
2- فانته إلي قوله: «أي اسمع كلامه وامتثل أوامره»
3- كتاب الغيبة، للشيخ الطوسي ص 220، طبع طهران سنة 1398ه

محمد بن عثمان بأكثر من مرة بأن الذي يقوم مقامه بعد وفاته هو: الحسين بن روح النوبختي.

لذا كانت مدة نيابته للإمام المهدي المنتظر عليه السلام من عام (280ه إلي عام 305ه).

3- الحسين بن روح

كنيته: أبو القاسم.

لقبه: النوبختي.

فقد كان الحسين بن روح شخصية معروفة ومشهورة عند الشيعة، حيث كان قبل توليه الوكالة المباشرة للإمام المهدي عليه السلام الوكيل الثاني لمحمد بن عثمان. يشرف علي أملاكه ويقوم بدور الوسيط بين محمد بن عثمان وبين زعماء الشيعة في نقل الأوامر والتعليمات والأخبار السرية.

لذا ازدادت ثقة الشيعة به، بعدما رأوا منه الإخلاص والأمانة، والصدق في الحديث والسرية في الأخبار.

وكان الحسين بن روح مشهوراً ومعروفاً بالعقل والرشد حيث شهد له الموافق والمخالف، لذا وقبل وفاة النائب الثاني للإمام عليه السلام صدر الأمر من الإمام المهدي عليه السلام إليه بأن يقيم الحسين بن روح مقامه بالنيابة الخاصة، فامتثل النائب الثاني أمر الإمام حيث أمر الإمام المعصوم حجة، وأعلن أن النائب الثالث الذي يقوم مقامه: هو الحسين بن روح النوبختي.

لذا وقبل وفاة النائب الثاني محمد بن عثمان بساعات حضر عنده جمع غفير من زعماء الشيعة وشيوخهم، فقال لهم:

«هذا أبوالقاسم الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي، القائم مقامي، والسفير بينكم وبين صاحب الأمر عليه السلام والوكيل والثقة الأمين، فارجعوا إليه في أموركم، وعولوا عليه في مهماتكم، بذلك أمرت، وقد بلغت».

ص: 130

وهكذا أصبح الحسين بن روح الوكيل الخاص للإمام عليه السلام وهمزة الوصل بين الإمام وبين شيعته وكان مركز ثقة الشيعة آنذاك وينقل أنه كانت مدة وكالته وسفارته للإمام المهدي عليه السلام إحدي وعشرين سنة أو اثنتين وعشرين سنة حيث توفي الحسين بن روح سنة 326ه.

فكانت نيابته للإمام المهدي المنتظر عليه السلام من (عام 305ه إلي عام 326ه).

4- علي بن محمد

كنيته: أبو الحسن.

لقبه: السمري.

لقد اختاره الإمام المهدي عليه السلام ليكون له سفيراً، حيث أمر الحسين بن روح السمري بأن يقيم علي بن محمد مقامه، ونفذ الحسين بن روح أمر الإمام عليه السلام.

وقد كان الوكلاء السابقون ذوي شخصيات تقنية، ويتصفون بالأمانة والصدق/الكتمان/ وغيرها من الصفات الحميدة.

والحسين بن روح بقي وكيلاً للإمام عليه السلام إلي أن وافاه الأجل وله كرامات. وهنا نحب أن نذكر بأن قبور الوكلاء الأربعة في بغداد في العراق.

و بوفاة الحسين بن روح السمري انقطعت السفارة وانتهت الغيبة الصغري وابتدأت الغيبة الكبري والتي امتدت إلي يومنا هذا وسوف تنتهي بظهور الإمام المهدي عليه السلام.

وقد صدر توقيع من الإمام المهدي عليه السلام إلي السمري قبل وفاته بستة أيام وقد جاء فيه:

«بسم الله الرحمن الرحيم، يا علي بن محمد السمري: أعظَمَ الله أجر إخوانك فيك فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام، فاجمع أمرك، ولا توصي إلي أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة التامة(1) فلا ظهور إلا بعد إذن الله تعالي ذكره، وذلك

ص: 131


1- في بعض النسخ: «فقد وقعت الغيبة الثانية»

بعد طول الأمد، وقسوة القلوب، وامتلاء الأرض جوراً...» إلي آخر كلامه عليه السلام(1).

فأخرج علي بن محمد السمري هذا التوقيع إلي الناس، فكتبوه وخرجوا من داره، فلما كان اليوم السادس عادوا إليه وهو يجود بنفسه(2) فقيل له: من وصيك؟ فقال: لله أم هو بالغه.

وكان هذا آخر ما سمع منه رضوان الله تعالي عليه وكانت وفاته سنة 329ه.

لذا فكانت نيابته للإمام المهدي المنتظر عليه السلام (من عام 326ه إلي عام 329ه)

فكانت مدة وكالته للإمام عليه السلام 31 شهراً.

لذا نري أن عمر الإمام المهدي المنتظر عليه السلام إلي آخر نهاية الغيبة الصغري هو (74 عام)(3)

ص: 132


1- كتاب الغيبة للطوسي: ص 242 - 243، إكمال الدين للصدوق: ج2، ص516.
2- يجود بنفسه : أي يعالج سكرات الموت ويقضي اللحظات الأخيرة من حياته.
3- كتاب الغيبة للشيخ الطوسي : ص 303 وما بعده

«الغيبة الكبري»

فعن الإمام محمد بن علي الجواد عليهماالسلام في حديث أنه سئل عن القائم عليه السلام فقيل: لم سمي بالمنتظر؟ قال:

«لأن له غيبة تكثر أيامها ويطول أمدها فينتظر خروجه المخلصون وينكره المرتابون، ويستهزيء بذكره الجاحدون، ويكذب فيه الوقاتون، ويهلك فيها المستعجلون، وينجو فيها المسلمون»(1).

لذا فحسب وصية الإمام المهدي عليه السلام إلي نائبه الأخير علي بن محمد السمري حين أخبره فيه أنه سيموت إلي ستة أيام وأمره فيه بعدم الوصية إلي أحد من بعده لمقام النيابة، فقد وقعت الغيبة الكبري: فلا ظهور إلا بعد إذن الله تعالي بالخروج ولا يكون هذا إلا بعد طول الأمل أو قسوة القلوب، وامتلاء الأرض جوراً، وظهور من يدعي بأنه الإمام المهدي عليه السلام فمن يدعي بهذا فهو كذاب ومفتر لأنه هناك علامات محتومة قبل ظهوره الشريف.

لذا نري بأن الإمام المهدي المنتظر عليه السلام لم تنقطع إليه السبل في غيبته الكبري، فقد كتب إلي أحد وجهاء الشيعة وهو إسحاق بن يعقوب، بواسطة النائب الثاني محمد بن عثمان، توقيعاً جاء فيه:

«... وأما الحوادث الواقعة، فارجعوا فيها إلي رواة حديثنا، فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليكم...»(2).

ص: 133


1- بحار الأنوار: ج 51، ص 30، ح4.
2- كتاب الغيبة للشيخ الطوسي: ص 243، الاحتجاج للطبرسي: ج2، ص470؛ حيث لا يوجد لفظ «عليهم» ولا «عليكم». كمال الدين: ج2، ص516، ح44.

وبهذه الرسالة فتح الإمام عليه السلام لشيعته خطاً جديداً لمعرفة المسائل الفقهية وأمورهم الدينية، وكان هذا عن طريق القيادات المرجعية والفقهاء والذين جسدوا ذلك عن طريق أحاديث أئمة أهل البيت عليهم السلام، حيث يخرجون تلك الأحاديث والروايات باستنباطهم للأحكام الشرعية من الأدلة وهي القواعد والأصول العامة والتي يستخرجونها من الأحاديث المتواترة والصحيحة والمنقولة عن أئمة أهل البيت عليه السلام.

فلهذا فإن الإمام المهدي المنتظر عليه السلام لم يعتزل عن مركز القيادة والتصرف في العالم، أو هو منقطع عن هذا العالم بأكمله أو هو بعد عما يحدث في العباد والبلاد علي هذه البسيطة أي الكرة الأرضية ومن عليها.

وكذلك لا يدل هذا علي انتهاء نظام الإمامة وانهيارها كلا ثم كلا؛ بل علي العكس من ذلك فإن الإمام المهدي عليه السلام هو داخل هذا النسيج ويري ما يحدث في هذا العالم وما يحدث بالبلاد وهو لا يقبل الزوال سواء كان هذا العالم حاكماً في المجتمع كله أو ما يحدث علي الساحة الإسلامية بالخصوص.

والآن ما يتبادر إلي ذهن كل إنسان هو: -

ما الفائدة من وجود الإمام الغائب والممنوع من الظهور وكيف تنتفع منه البشرية؟؟

فالجواب علي هذا السؤال كما ورد في أحاديث عديدة عن أهل البيت عليه السلام تذكر فيه فوائد ومنافع عن وجود الإمام الغائب عليه السلام .

عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه سأل النبي صلي الله عليه و آله و سلم : : هل ينتفع الشيعة بالقائم عليه السلام في غيبته؟

فقال الرسول صلي الله عليه و آله و سلم :

«أي والذي بعثني بالنبوة، لينتفعون به، ويستضيئون بنور ولايته في غيبته الانتفاع الناس بالشمس وإن جللها السحاب»(1)

ص: 134


1- إكمال الدين: ج1، ص253، طبع طهران سنة 1395ه

وعن سليمان الأعمش عن الإمام الصادق عليه السلام قال:

«لن تخلو الأرض منذ خلق الله آدم من حجة الله فيها، ظاهر مشهور، أو غائب مستور، ولا تخلو إلي أن تقوم الساعة من حجة لله فيها ولولا ذلك لن يعبد الله» .

قال سليمان: فقل للإمام الصادق عليه السلام فكيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟

قال الإمام عليه السلام:

«كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب»(1).

لذا نري من الأحاديث الشريفة والتي عرفت عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم وعن الأئمة أنهم قد شبهوا الإمام المهدي المنتظر عليه السلام بالشمس المستورة بالسحاب.

وهذا دليل لأن نور الشمس هو من ذاتها أي إن اكتساب نور الشمس من نفس ذات الشمس وهذا يختلف عن الأجرام السماوية الأخري كما في القمر حيث يكتسب نوره من الشمس. وإن نور الشمس يعم الكرة الأرضية جمعاء بلا استثناء، هذا من ناحية ومن ناحية أخري فإن الشمس هي أمان للمجموعة الشمسية والأجرام والكواكب الأخري من الفناء والزوال.

فهذا هو وجه الشبه الذي تحدثت عنه الأحاديث والروايات عن الرسول صلي الله عليه و آله و سلم وأئمة الهدي عليهم السلام فمن ألطاف الله عز وجل نري بأن الإمام المهدي المنتظر عليه السلام بالرغم من غيبته والتي أرادها الله تعالي عن البشرية له، فإن الإمام عليه السلام يتمتع بقدرة من الله تمكنه من كل ما يريد، وتتوفر لديه وتخضع له جميع الوسائل اللازمة وكل ما يتصوره البشر بإذن الله تعالي.

لذا فإن الإمام الذي اختاره الله تعالي وليس الذي يختاره البشر تكون متوافرة عنده جميع المؤهلات والشروط التي أرادها الله تعالي.

ص: 135


1- إكمال الدين: ج 1، ص207، فرائد السمطين للجويني الشافعي، ج1، ص46 طبع لبنان 1398ه.

لذا فالإمام المنتظر عليه السلام وجوده هو أمان لأهل الأرض ولبقائها ومن عليها، «فبيمنه رزق الوري، وبوجوده ثبتت الأرض والسماء» .

وها نحن نذكر بعض الأحاديث الشريفة الواردة في المراجع الكبيرة بهذا الصدد ومنها:

*عن أياس بن سلمة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأمتي»(1).

* عن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«النجوم أمان لأهل السماء، فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض»(2).

* عن سليمان الجعفري، قال: سألت أبا الحسن الرضا عله السلام فقلت: أتخلو الأرض من حجة؟ فقال:

«لَوْ خَلَت طَرْفَةَ عَيْنٍ لَسَاخَتْ بِأَهْلِهَا»(3).

*كتب محمد بن إبراهيم رسالة إلي الإمام جعفر الصادق عليه السلام جاء فيها: أخبرنا ما فضلكم أهل البيت؟

فكتب الإمام عليه السلام - في الجواب -:

«إن الكواكب جعلت في السماء أماناً لأهل السماء، فإذا ذهب نجوم السماء جاء أهل السماء ما كانوا يوعدون. وقال رسول الل صلي الله عليه و آله و سلم :

«جعل أهل بيتي أماناً لأمتي، فإذا ذهب أهل بيتي جاء أمتي ما كانوا يوعدون»(4)

* قال الإمام علي الرضا عليه السلام:

ص: 136


1- الجامع الصغير للسيوطي: ج 2 ص 189، الصواعق المحرقة لابن حجر: ص185.
2- الصواعق المحرقة لابن حجر: ص 150، فرائد السمطين: ج2 ص 253، بحار الأنوار للمجلسي: ج27، ص 310.
3- إكمال الدين: ج 1، ص204.
4- المصدر السابق : ج1، ص205

«نحْنُ حُجَجُ اللّه ِ عَلي خَلْقِهِ،... بِنَا يُمْسِكُ اللَّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا، وَ بِنَا يُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَ يَنْشُرُ الرَّحْمَةَ وَ لَا تَخْلُو الْأَرْضُ مِنْ قَائِمٍ مِنَّا ظَاهِرٍ أَوْ خَافٍ وَ لَوْ خَلَتْ يَوْماً بِغَيْرِ حُجَّةٍ لَمَاجَتْ بِأَهْلِهَا كَمَا يَمُوجُ اَلْبَحْرُ بِأَهْلِهِ»(1).

*عن سليمان الجعفري، قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام فقلت: أتَخْلُو الأرض مِنْ حُجَّةٍ؟ فقال:

«لَوْ خَلَت طَرْفَةَ عَيْنٍ لَسَاخَتْ بِأَهْلِهَا»(2)

*قال الإمام محمد الباقر عليه السلام:

«وْ بَقِيتِ الْأَرْضُ - يوماً - بِلَا إِمَامٍ مِنَّا لَسَاخَتِ بِأَهْلِهَا، وَ لَعَذَّبَهُمُ اللهُ بِأَشَدِّ عَذَابِهِ. إِنَّ اللَّهَ - تَبَارَكَ وَ تَعَالَي- جَعَلَنَا حُجَّةً فِي أَرْضِهِ وَ أَمَاناً فِي الْأَرْضِ لِأَهْلِ الْأَرْضِ، لَنْ يَزَالُوا فِي أَمَانٍ مِنْ أَنْ تَسِيخَ بِهِمُ الْأَرْضُ مَا دُمْنَا بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ وَ فإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُهْلِكَهُمْ ثم لَا يُمْهِلَهُمْ وَ لَا يُنْظِرَهُمْ...ذَهَبَ بِنَا مِنْ بَيْنِهِمْ وَ رَفَعَنَا اليه ثُمَّ يَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَ يُحَبُ»(3).

* قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام:

«لَولا مَن عَلَي الأَرضِ مِن حُجَجِ اللّهِ ، لَنَفَضَتِ الأَرضُ ما فيها وأَلقَت ما عَلَيها، إِنَّ الْأَرْضَ لَا تَخْلُو ساعة من الحجة»(4).

قال الإمام محمد الباقر عليه السلام:

«لَو أنّ الإمامَ رُفِعَ مِنَ الأرضِ ساعةً..لَماجَتْ بأهْلِها كَما يَمُوجُ البَحْرُ بأهلِهِ»(5)

ص: 137


1- ماج : اضطرب. إكمال الدين : ج1، ص202 - 203.
2- إكمال الدين: ج1، ص 204
3- المصدر السابق : ج1، ص204
4- المصدر السابق : ج1، ص202.
5- المصدر السابق: ج 1، ص 202، كتاب أصول الكافي للشيخ الكليني: ج1، ص179، طبع طهران 1388ه ، وكتاب الغيبة لمحمد بن إبراهيم النعماني : ص 139، طبع طهران سنة 1397ه

*سئل الإمام محمد الباقر عليه السلام:

«لأي شيء يحتاج إلي النبي والإمام؟ فقال:

«لِبَقاء العالَم علي صَلاحه، وذلك أنَّ الله (عَزَّ وجَلَّ ) يَرْفَعُ العَذابَ عن أهل الأرض إذا كان فيهم نبي أو إمام، قال الله (عَزَّ وجَلَّ): «وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ...»(1) وقال النبي صلي الله عليه و آله و سلم :

« النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهبت النجوم أتي أهل السماء ما يكرهون، وإذا ذهب أهل بيتي أتي أهل الأرض ما يكرهون»، يعني بأهل بيته: الْأَئِمَّةَ الَّذِينَ قَرَنَ اللَّهُ طاعتهم بطاعته فقال: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ» (2)وهم المعصومون المطهرون، الذين لا يذنبون ولا يعضون، وهم المؤيدون الموفقون المسددون، بهم يرزق الله عباده، و بهم يعمر بلاده، وبهم ينزل القطر من السماء، وبهم تخرج بركات الأرض، وبهم يمهل أهل المعاصي ولا يعجل عليهم بالعقوبة والعذاب، لا يفارقهم روح القدس ولا يفارقونه، ولا يفارقهم القرآن ولا يفارقونه، صلوات الله عليهم»(3).

نكتفي بهذا المقدار من الأحاديث الشريفة، عن الغيبة الكبري.

ص: 138


1- سورة الأنفال، الآية : 33.
2- سورة النساء الآية : 59.
3- علل الشرائع للشيخ الصدوق: ص52.

القيادة المرجعية

اشارة

لقد كان ابتداء استلام القيادة المرجعية الدينية في الغيبة الكبري - حسب اطلاعنا- علي يد الشيخ الفقيه: الحسن بن علي بن أبي عقيل العماني(1).

فقد قال السيد محمد مهدي بحر العلوم (رضوان الله عليه): «... وهو أوَّل مَن هَذَّب الفِقه، واستَعملَ النظَر(2) و فَتَقَ البَحث عن الأُصول والفَروع في ابتداء الغيبة الكبري»(3).

وقال أيضاً: إنَّ حال هذا الشيخ الجليل - في الثَّقَة والعِلم والفَضل والكلام(4) والفِقه - أظهَر مِن أن يَحتاج إلي البَيان، وللأصحاب(5) مَزيدُ اعتِناء بنَقل أقواله وضَبط فتاواه، خصوصاً الفاضِلَين(6) وَمَن تَأَخَّرَ عنهما(7)...»(8)

وللفقيه العماني منزلة كبيرة جداً عند الفقهاء، وقد أثني عليه علماؤنا القدامي، كالشيخ المفيد والشيخ الطوسي.

ص: 139


1- نسبة إلي عمان - بضم العين وتخفيف الميم -: بلاد تقع في الجنوب الشرقي من شبه الجزيرة العربية، وتعرف اليوم باسم (سلطنة عمان) وعاصمتها: مسقط.
2- أي : اجتهد في استنباط الأحكام الشرعية الفرعية من أدلتها التفصيلية.
3- فَتَقَ البحث: نَقَّحَه وقوَّمَه ووسَّعه
4- علم الكلام في اصطلاح الفقهاء يطلق علي العقائد والفلسفة الإسلامية
5- المقصود من «الأصحاب » - في كلمات الفقهاء - : هم الفقهاء
6- الفاضلان : العلامة الحلي والمحقق الحلي، وهما من أكابر العلماء والفقهاء وأعاظمهم
7- من تأخر عنهما: من جاء بعدهما، باعتباره متأخِّراً مِن حيث الزَّمَن.
8- كتاب (الفوائد الرجالية) المعروف ب(رجال السيد بحر العلوم) ج1 ص 220، طبع النجف الأشرف سنة1385.

وللعماني كتاب (الكَرُّ والفَرُّ) في موضوع الإمامة، وكتاب (المتمسك بحبل آل الرسول في الفقه، وهو كتاب حسن كبير، وكان مشهوراً في ذلك الزمان، ولكنه الآن غير موجود.

أقول: لم أجد في كتب التراجم - الموجودة عندي - تاريخ مولده أو وفاته، ولكنه كان قبل الشيخ المفيد، بسنوات عديدة، لأنَّه أسبَق زمناً مِن ابن الجُنَيد، وابن الجُنَيد مِن مشايخ المفيد وأساتِذته(1).

ولعل من الصحيح أن نقول: إن هذه الفترة - وهي ما بين وفاة النائب الرابع وبين بوغ الشيخ المفيد - فترة مفقودة الحلقات، فقد كانت وفاة النائب الرابع سنة 329ه وولد الشيخ المفيد سنة 336 أو 338 هجرية.

وعلي كل حال، فقد أخذت القيادة المرجعية طابعها الخاص، وتكونت حلقات التدريس في بغداد، وانقضت سنوات، ولمع نجم الشيخ المفيد في بغداد، وأسس الحوزة العلمية، وكان يحضر مجلس درسه العشرات من الفضلاء وفي طليعتهم السيدان: الرضي والمرتضي، ويعتبر كل واحد منهما من ألمع الشخصيات العلمية وأبرزها.

وكان الشيخ المفيد آية من آيات الله تعالي، ونادرة من نوادر الكون، ونابغة من نوابغ الدهر، فهو شيخ المشايخ ورئيس الفقهاء، وقد اجتمعت فيه صفات الفضل، وانتهت إليه الرئاسة العامة، واتفق الجميع علي علمه وفقهه، وفضله وورعه وتقواه، وزهده وعدالته وجلالته.

فلا عجب إذا ساعده الحظ والتوفيق، فكتب إليه الإمام المهدي عليه السلام رسائل عديدة في السنوات الأخيرة من حياته، وكان عليه السلام يرسل إليه في كل سنة رسالة.

ونجد في كتب التراجم رسالتين فقط، ولكن يستفاد من نصوص الرسالة الثانية أن الإمام المهدي عليه السلام أرسل إليه أكثر من رسالتين، وستعرف ذلك قريباً.

ص: 140


1- كتاب (رجال السيد بحر العلوم) ج2 ص 220.

وكل رسالة من تلك الرسائل تضع وسام الفخر علي صدر الشيخ المفيد، وتاج العز والشرف علي رأسه، والله يختص برحمته من يشاء.

وإليك نص الرسالة الأولي التي وصلت في شهر صفر سنة 410 ه مع شرح بعض نقاطها بعد ذلك:

«للأخ الشديد، والولي الرشيد، الشيخ المفيد: أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أدام الله إعزازه.

من متودع العهد المأخوذ علي العباد:

بسم الله الرحمن الرحيم

أما بعد: سلام عليك أيها المخلص في الدين، المخصوص فينا باليقين، فإنا نخمد - إليك - الله الذي لا إله إلا هو، ونسأله الصلاة علي سيدنا ومولانا ونبينا محمد وآله الطاهرين.

ونُعْلِمُك - أدام الله توفيقَك لنصرةِ الحق، وأجزَلَ مَثوبَتَكَ عَلَي نُطْقِكَ عَنَّا بِالصِّدْقِ -: أنّه قَدْ أُذِنَ لَنَا فِي تتَشْرِيفِكَ بِالْمُكَاتَبَةِ وَ تَكْلِيفِكَ مَا تُؤَدِّيهِ عَنَّا إِلَي مَوَالِينَا قِبَلَكَ - أأَعَزَّهُمُ اللهُ بِطَاعَتِهِ وَ كَفَاهُمُ المُهِمَّ بِرِعَايَتِهِ لَهُم وَ حِرَاسَتِه - .

فَقِف-أمدَكَ اللَّهُ بِعَونِهِ(1) عَلي أعدائِهِ المارِقينَ من دينِهِ-عَلي ما نَذكُرُهُ(2) وَاعمَل في تَأدِيَتِهِ إلي مَن تَسكُنُ إلَيهِ بِما نَرسُمُهُ إن شاءَ اللَّهُ:

نحْنُ وَإنْ كُنّا ثاوينَ بِمَكانِنَا النّائي عَنْ مَساكِنِ الظّالِمينَ، حَسَبَ الَّذِي أَرَانَاهُ اللَّهُ تَعَالَي لَنَا مِنَ الصَّلَاحِ وَ لِشِيعَتِنَا الْمُؤْمِنِينَ فِي ذَلِكَ مَا دَامَتْ دَوْلَهُ الدُّنْيَا لِلْفَاسِقِينَ.

فَإِنَّا نُحِيطُ عِلْماً بِأَنْبَائِكُمْ وَ لَا يَعْزُبُ عَنَّا شَيْ ءٌ مِنْ أَخْبَارِكُمْ- وَ مَعْرِفَتُنَا بِالذُّلِّ»(3) الذي

ص: 141


1- وفي نسخة : أَيَّدَكَ اللَّهُ بِعَوْنِهِ
2- وفي نسخة: علي ما أذكره
3- وفي نسخة: بالزلل

أَصَابَكُمْ مُذْ جَنَحَ كَثِيرٌ مِنْكُمْ إِلَي مَا كَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ عَنْهُ شَاسِعاً وَ نَبَذُوا الْعَهْدَ الْمَأْخُوذَ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ.

انَّا غَيْرُ مُهْمِلِينَ لِمُرَاعَاتِكُمْ وَ لَا نَاسِينَ لِذِكْرِكُمْ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَنَزَلَ بِكُمُ اللَّأْوَاءُ وَ اصْطَلَمَكُمُ الْأَعْدَاءُ فَاتَّقُوا اللَّهَ جَلَّ جَلَالُهُ وَ ظَاهِرُونَا عَلَي انْتِيَاشِكُمْ مِنْ فِتْنَهٍ قَدْ أَنَافَتْ عَلَيْكُمْ يَهْلِكُ فِيهَا مَنْ حُمَّ أَجَلُهُ وَ يُحْمَي عَنْهَا مَنْ أَدْرَكَ أَمَلَهُ وَ هِيَ أَمَارَهٌ لِأُزُوفِ حَرَكَتِنَا وَ مُبَاثَّتِكُمْ بِأَمْرِنَا وَ نَهْيِنَا وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ.

اعْتَصِمُوا بِالتَّقِيَّهِ مِنْ شَبِّ نَارِ الْجَاهِلِيَّهِ تُحَشِّشُهَا عَصَبٌ أُمَوِيَّهٌ يَهُولُ بِهَا فِرْقَهً مَهْدِيَّهً .

أَنَا زَعِيمٌ بِنَجَاهِ مَنْ لَمْ يَرُمْ فِيهَا الْمَوَاطِنَ الخَفِيَّة وَ سَلَكَ فِي الطَّعْنِ مِنْهَا السُّبُلَ الْمَرْضِيَّهَ.

إِذَا حَلَّ جُمَادَي الْأُولَي-مِنْ سَنَتِكُمْ هَذِهِ-فَاعْتَبِرُوا بِمَا يَحْدُثُ فِيهِ وَ اسْتَيْقِظُوا مِنْ رَقْدَتِكُمْ لِمَا يَكُونُ فِي الَّذِي يَلِيهِ.

سَتَظْهَرُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَهٌ جَلِيَّهٌ- وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلُهَا بِالسَّوِيَّهِ وَ يَحْدُثُ فِي أَرْضِ الْمَشْرِقِ مَا يَحْزُنُ وَ يُقْلِقُ وَ يَغْلِبُ مِنْ بَعْدُ عَلَي الْعِرَاقِ طَوَائِفُ عَنِ الْإِسْلَامِ مُرَّاقٌ تَضِيقُ-بِسُوءِ فِعَالِهِمْ-عَلَي أَهْلِهِ الْأَرْزَاقُ ثُمَّ تَنْفَرِجُ الْغُمَّهُ-مِنْ بَعْدُ-بِبَوَارِ طَاغُوتٍ مِنَ الْأَشْرَارِ ثُمَّ يُسَرُّ بِهَلَاكِهِ الْمُتَّقُونَ الْأَخْيَارُ .

وَ يَتَّفِقُ لِمُرِيدِي الْحَجِّ مِنَ الْآفَاقِ مَا يُؤَمِّلُونَهُ مِنْهُ عَلَي تَوْفِيرٍ عَلَيْهِ مِنْهُمْ وَ اتِّفَاقٍ(1) وَ لَنَا-فِي تَيْسِيرِ حَجِّهِمْ عَلَي الِاخْتِيَارِ مِنْهُمْ وَ الْوِفَاقِ-شَأْنٌ يَظْهَرُ عَلَي نِظَامٍ وَ اتِّسَاقٍ.

فَلْيَعْمَلْ كُلُّ امْرِئٍ مِنْكُمْ بِمَا يَقْرُبُه مِنْ مَحَبَّتِنَا(2) وَ يَتَجَنَّبُ مَا يُدْنِيهِ مِنْ كَرَاهَتِنَا وَ سَخَطِنَا فَإِنَّ أَمْرَنَا بَغْتَهٌ فُجَاءَهٌ حِينَ لَا تَنْفَعُهُ تَوْبَهٌ وَ لَا يُنْجِيهِ مِنْ عِقَابِنَا نَدَمٌ عَلَي حَوْبَهٍ وَ اللَّهُ يُلْهِمُكُمُ الرُّشْدَ وَ يَلْطُفُ لَكُمْ فِي التَّوْفِيقِ بِرَحْمَتِهِ».

ص: 142


1- وفي نسخة: علي توفير غلبة منهم وإنفاق
2- وفي نسخة: «بما يقرب به من محبتنا»

نسخة التوقيع باليد العليا، علي صاحبها السلام:

«هَذَا كِتَابُنَا إِلَيْكَ أَيُّهَا الْأَخُ الْوَلِيُّ وَ الْمُخْلِصُ فِي وُدِّنَا الصَّفِيُّ وَ النَّاصِرُ لَنَا الْوَفِيُّ حَرَسَكَ اللَّهُ بِعَيْنِهِ الَّتِي لَا تَنَامُ فَاحْتَفِظْ بِهِ وَ لَا تُظْهِرْ عَلَي خَطِّنَا-الَّذِي سَطَرْنَاهُ بِمَا لَهُ ضَمَّنَّاهُ-أَحَداً وَ أَدِّ مَا فِيهِ إِلَي مَنْ تَسْكُنُ إِلَيْهِ وَ أَوْصِ جَمَاعَتَهُمْ بِالْعَمَلِ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ صَلَّي اللَّهُ عَلَي مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّاهِرِينَ»(1).

رسالة أخري إلي الشيخ المفيد

وورد علي الشيخ المفيد رسالة أخري من ناحية الإمام المهدي عليه السلام في يوم الخميس، الثالث والعشرين من شهر ذي الحجة سنة 413ه، هذا نصها:

«من عبد الله المرابط في سبيله إلي ملهم الحق ودليله.

بسم الله الرحمن الرحيم

سَلامُ اللَّهِ عَلَيكَ أيُّهَا النّاصِرُ لِلحَقِّ ، الدّاعي إلَيهِ بِكَلِمَةِ الصِّدقِ ، فَإِنّا نَحمَدُ اللَّهَ إلَيكَ الَّذي لا إله إِلّا هُوَ ، إلهُنا وإلهُ آبائِنَا الأَوَّلينَ ، ونَسأَ لُهُ الصَّلاةَ عَلي وسَيِّدِنا ومَولانا مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيّينَ ، وعَلي أهلِ بَيتِهِ الطّاهِرينَ.

وبَعدُ...فَقَد كُنّا نَظَرنا مُناجاتَكَ عَصَمَكَ اللَّهُ بِالسَّبَبِ الَّذي وَهَبَهُ اللَّهُ لَكَ مِن أولِيائِهِ ، وحَرَسَكَ بِهِ مِن كَيدِ أعدائِهِ ، وشَفَّعَنا ذلِكَ.

الآنَ مِن مُستَقَرٍّ لَنا يُنصَبُ في شِمراخٍ ، مِن بَهماءَ صِرنا إلَيهِ آنِفاً مِن غَماليلَ، ألجَأَنا إلَيهِ السَّباريتُ مِنَ الإِيمانِ ، ويوشِكُ أن يَكونَ هُبوطُنا إلي صَحصَحٍ مِن غَيرِ بُعدٍ مِنَ الدَّهرِ ولا تَطاوُلٍ مِنَ الزَّمانِ.

ويَأتيكَ نَبَأٌ مِنّا بِما يَتَجَدَّدُ لَنا مِن حالٍ ، فَتَعرِفُ بِذلِكَ ما تعتَمِدُهُ مِنَ الزُّلفَةِ إِلَينا بِالأَعمالِ ، وَاللَّهُ مُوَفِّقُكَ لِذلِكَ بِرَحمَتِهِ.

ص: 143


1- كتاب الاحتجاج للشيخ الطبرسي: ج2 ص 497، طبع لبنان 1401ه

فَلْتَكُنْ-حَرَسَكَ اللَّهُ بِعَيْنِهِ الَّتِي لَا تَنَامُ-أَنْ تُقَابِلَ لذَلِكَ فَتنهِ تُبْسَلُ نُفُوسُ قَوْمٍ حَرَثَتْ بَاطِلًا لِاسْتِرْهَابِ الْمُبْطِلِينَ وَ تَبْتَهِجُ لِدَمَارِهَا الْمُؤْمِنُونَ وَ يَحْزَنُ لِذَلِكَ الْمُجْرِمُونَ.

وَ آيَةُ حَرَكَتِنَا مِنْ هَذِهِ اللُّوثَةِ حَادِثَةٌ بِالْحَرَمِ الْمُعَظَّمِ مِنْ رِجْسِ مُنَافِقٍ مُذَمَّمٍ مُسْتَحِلٍّ لِلدَّمِ الْمُحَرَّمِ يَعْمِدُ بِكَيْدِهِ أَهْلَ الْإِيمَانِ وَ لَا يَبْلُغُ بِذَلِكَ غَرَضَهُ مِنَ الظُّلْمِ وَ الْعُدْوَانِ لِأَنَّنَا مِنْ وَرَاءِ حِفْظِهِمْ بِالدُّعَاءِ الَّذِي لَا يُحْجَبُ عَنْ مَلِكِ الْأَرْضِ وَ السَّمَاءِ.

فَلْيَطْمَئِنَّ بِذَلِكَ مِنْ أَوْلِيَائِنَا الْقُلُوبُ وَ لِيَثِقُوا بِالْكِفَايَةِ مِنْهُ وَ إِنْ رَاعَتْهُمْ بِهِمُ الْخُطُوبُ وَ الْعَاقِبَةُ-لِجَمِيلِ صُنْعِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ-تَكُونُ حَمِيدَةً لَهُمْ مَا اجْتَنَبُوا الْمَنْهِيَّ عَنْهُ مِنَ الذُّنُوبِ.

وَ نَحْنُ نَعْهَدُ إِلَيْكَ-أَيُّهَا الْوَلِيُّ الْمُخْلِصُ الْمُجَاهِدُ فِينَا الظَّالِمِينَ (أَيَّدَكَ اللَّهُ بِنَصْرِهِ الَّذِي أَيَّدَ بِهِ السَّلَفَ مِنْ أَوْلِيَائِنَا-الصَّالِحِينَ) أَنَّهُ مَنِ اتَّقَي رَبَّهُ مِنْ إِخْوَانِكَ فِي الدِّينِ وَ خَرَجَ ممَا عليه الي مُسْتَحِقُّهُ كَانَ آمِناً مِنَ الْفِتْنَةِ الْمُبطلَّةِ وَ مِحَنِهَا الْمُظْلِمَةِ الْمُضِلَّةِ.

وَ مَنْ بَخِلَ مِنْهُمْ بِمَا أَعَارَهُ اللَّهُ مِنْ نِعْمَتِهِ عَلَي مَنْ أَمَرَهُ بِصِلَتِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ خَاسِراً بِذَلِكَ لِأُولَاهُ وَ آخِرَتِهِ(1).

وَ لَوْ أَنَّ أَشْيَاعَنَا-وَفَّقَهُمُ اللَّهُ لِطَاعَتِهِ-عَلَي اجْتِمَاعٍ مِنَ الْقُلُوبِ فِي الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ عَلَيْهِمْ لَمَا تَأَخَّرَ عَنْهُمُ الْيُمْنُ بِلِقَائِنَا وَ لَتَعَجَّلَتْ لَهُمُ العَادَةُ بِمُشَاهَدَتِنَا عَلَي حَقِّ الْمَعْرِفَةِ وَ صِدْقِهَا مِنْهُمْ بِنَا!

فَمَا يَحْبِسُنَا عَنْهُمْ إِلَّا مَا يَتَّصِلُ بِنَا مِمَّا نَكْرَهُهُ وَ لَا نُؤْثِرُهُ مِنْهُمْ. وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ وَ هُوَ حَسْبُنَا وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ وَ صَلَوَاتُهُ عَلَي سَيِّدِنَا الْبَشِيرِ النَّذِيرِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّاهِرِينَ وَ سَلَّمَ.

وَ كَتَبَ فِي غُرَّةِ شَوَّالٍ مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَ أَرْبَعِمِائَةٍ.

نُسْخَةُ التَّوْقِيعِ بِالْيَدِ الْعُلْيَا (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَي صَاحِبِهَا):

«هَذَا كِتَابُنَا إِلَيْكَ أَيُّهَا الْوَلِيُّ الْمُلْهَمُ لِلْحَقِّ الْعَلِيُّ، بِإِمْلَائِنَا، وَ خَطِّ ثِقَتِنَا فَأَخْفِهِ عَنْ كُلِّ

ص: 144


1- وفي نسخة: لأولاه وأخراه

أَحَدٍ وَ اطْوِهِ وَ اجْعَلْ لَهُ نُسْخَةً تطَّلِعُ عَلَيْهَا مَنْ تَسْكُنُ إِلَي أَمَانَتِهِ مِنْ أَوْلِيَائِنَا شَمِلَهُمُ اللَّهُ-بِبَرَكَتِنَا -إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ الصَّلَاةُ عَلَي سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّاهِرِين».

نحن نقول إن هذه الرسالة كسابقتها حيث اشتملت علي رموز وكنايات لا يعرفها إلا الشيخ المفيد - رضوان الله عليه - نفسه حيث تضمنت عن إخبارات عن المستقبل واحتواء الرسالة علي كلمات غير مألوفة في واقعنا الحاضر وهذا يدل علي هذا الغموض وعدم المعرفة هو دليل علي الحكمة والعناية الخاصة للإمام المهدي عليه السلام.

حيث استدل في بداية الكلام «من عبد الله المرابط في سبيله». المرابطة في اللغة هي الملازمة والمواظبة علي حفظ أي ثغر من ثغور البلاء من شر العدو.

وإن الإمام المهدي عليه السلام يسمي نفسه: المرابط في سبيل الله لأنه هو المحافظ علي الدين الإسلامي الصحيح من الضياع والتلف. وحيث يقف بالمرصاد علي كل من يحاول الاعتداء علي الإسلام وأن الناس لاهون بإعمالهم وأشغالهم وهم لا يعلمون بالأظفار التي تتوجه نحو الإسلام، الدين الحنيف.

وهناك كلمات في هذه الرسالة غاية في الدقة ولا يفهمها إلا الراسخون في العلم ومن أشار إليهم الإمام المهدي المنتظر عليه السلام.

لذا نحن نعتقد بأن دعاء الإمام المهدي عليه السلام لا يحجب عن الله تعالي، لعدم وجود ما يحبس الدعاء عن الإجابة ويمنعه من التنفيذ، فدعاء الإمام عليه السلام لا يرد بالغاً ما بلغ وكائناً ما كان ولا يحول دون إجابته حائل.

لذا فإن الله عز وجل يدفع الفتن بدعاء الإمام المهدي عليه السلام فالإمام المهدي هو الحافظ لشيعته عن طريق الدعاء لهم فلولا دعاء الإمام لشيعته لكانت الحياة مختلفة تماماً عما هي عليه الآن.

لذا نري أن المصائب والمآسي والبلاء قد انصبت علي الشيعة في كثير من البلدان وخاصة بلاد الشرق الأوسط وأينما كانوا، فقُتل من قُتل منهم، وأُسر من أُسر، وسُجن

ص: 145

من سُجن، وتشتتت العوائل، وتفرقت العشائر، وهدمت البيوت، وحرقت الأجساد، وزهقت النفوس تحت الأنقاض وهتكت الأعراض، وصودرت الأموال والعقار.

لذا عاشت الشيعة وما تزال في جو من الضغط والكبت والاختناق، وانقلبت عليهم الأمور حيث أصبح الأغنياء فقراء والأعزّة أذلة، وقد شملهم الخوف والرعب والذل والهوان، فتمخضت الويلات والدموع والآهات مما تعجز الأقلام عن وصفها والألسن عن شرحها، وما هذه الآهات والويلات التي انكبت علينا إلا نتيجة ابتعادنا عن تعاليم وسنن أهل البيت عليه السلام والتي أرسوها لنا علي البر والأمان.

فلو قارنا مجتمعنا مع التعاليم الإسلامية والعقائد الصحيحة التي سنها لنا أهل البيت عليهم السلام لرأينا هناك ابتعاداً شاسعاً وكبيراً وفرقاً كبيراً.

فأين التشيع الذي سنه لنا أهل بيت العصمة والنبي صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين من السفور والخلاعة والخمور والفجور والربا والزنا وأكل الحرام والأمر بالمنكر والنهي عن المعروف وهذا كله انحراف واضح عن خط أهل البيت عليهم السلام والذي هو خط الإسلام؟

لذا لا عجب أن يطلق علي الكثير من الشيعة هم شيعة بالولادة، أي إنهم شيعة اسماً لا شيعة سلوكاً وعقيدة وعملاً، وهذه الانحرافات لا تنطبق علي الشيعة فقط بل تشمل كافة المذاهب الإسلامية الأخري حيث لا قياس بين الشيعة والمذاهب الأخري لأنه هناك المفاسد أكثر وأكبر مما هو موجود عند الشيعة.

فلو كان الشيعة ملتزمين بسنن الإسلام وتعاليمه التي سنها لنا أهل البيت عليهم السلام لكان الطريق مفتوحاً لنا بلقاء الإمام المهدي عليه السلام وبصورة مكشوفة وواضحة، لذا نري أن الإمام المهدي عليه السلام قد غاب عنا بعد ما ابتعدنا عن الكتاب والسنة ولا يظهر إلا بعد أن تملأ الأرض جوراً و ظلماً حيث يظهر ليملأها قسطاً وعدلاً.

ص: 146

من الذي رأي الإمام الحجة المنتظر عليه السلام في الغيبة الكبري

اشارة

إن الذين تشرفوا بلقاء الإمام الحجة المهدي المنتظر عليه السلام في أيام الغيبة الكبري - كثيرون جداً، فلا يمكن تعدادهم أو إحصاؤهم، كما أنه يصعب استيعاب أسمائهم كما ذكرتهم كتب التاريخ والحديث.

فقد ذكر الشيخ المجلسي (رحمه الله) أسماء جماعة من الذين تشرفوا بلقاء الإمام في أيام الغيبة الكبري في كتاب بحار الأنوار(1) وأيضاً ذكر الشيخ النوري في كتاب (النجم الثاقب حيث اختار من مجموع القصص ثمان وخمسين قصة وحكاية وذكرها في كتاب جنة المأوي)(2).

وهنالك كتب كثيرة ذكرت من تشرفوا بلقاء الإمام المهدي المنتظر عليه السلام علي سبيل الذكر:

- كتاب تبصرة الولي، فيمن رأي القائم المهدي، للسيد هاشم البحراني

- تذكرة الطالب فيمن رأي الإمام الغائب.

- دار السلام فيمن فاز بسلام الإمام، للشيخ محمود الميثمي العراقي.

- بدائع الكلام فيمن اجتمع بالإمام، للسيد جمال الدين محمد بن الحسين اليزدي الطباطبائي.

وغيرها من الكتب التي قد يطول ذكرها.

ص: 147


1- بحار الأنوار: ج 52، ص1-77 طبع طهران سنة 1393ه.
2- لقد طبع كتاب (جنة المأوي) مع الجزء الثالث والخمسين من بحار الأنوار

وهناك قصص وحكايات كثيرة كثيرة ممن تشرفوا بلقاء الإمام المهدي المنتظر عليه السلام في زماننا هذا، ومن الجدير بالذكر أن كثيراً من الذين تشرفوا بلقاء الإمام عليه السلام ، ما كانوا يخبرون أحداً بذلك، خوفاً من الشهرة، أو من أن يتهموا بالدجل والكذب حيث لا يصدقهم أحد، أو تقية من السلطة أو ما شابه ذلك، لذلك نراهم يفضلون السكوت علي الإخبار بذلك.

لذلك سوف أذكر من أخبروا بالتشرف بالإمام المهدي المنتظر عليه السلام وبلقائه، ممن وصلتنا أخبارهم إما لضرورة تقتضي لذلك أو للتكليف الشرعي الذي فرض عليهم لا لشيء بل إثباتاً للحق وتثبيتاً لعقائد الناس.

وهذه بعض القصص المختارة وهي قطرة في بحر مع مراعاة الاختصار.

قِصَّة ياقوت الدَّهَّان

روي عن الشيخ الجليل العالم النبيل الشيخ علي الرشيت - وكان من أجلاء العلماء الأتقياء - قال: سافرت من مدينة كربلاء المقدسة إلي النجف الأشرف عن طريق (طويريج)(1) فركبنا السفينة، وفيها جماعة كانوا مشغولين باللهو واللعب وبعض الأعمال المنافية للوقار والأدب، ورأيت رجلا معهم لا يشاركهم في أعمالهم، بل يحافظ علي وقاره وأخلاقه، ولا يشترك معهم إلا عند تناول الطعام، وكانوا يستهزئون به ويخاطبونه بكلام لاذع، وربما طَعَنوا فِي مَذهَبه !

فسألته عن سبب ابتعاده عن تلك الجماعة وعدم اشتراكه معهم في اللهو واللعب؟

فقال: هؤلاء أقاربي، وهم أهل السُّنَّة، وأبي منهم، ولكن والدتي من أهل الإيمان (أي: إنها شيعيَّة) وكنت أنا أيضاً علي مذهبهم، ولكنَّ الله تعالي مَنَّ عليَّ بالتَّشَيَّع ببركة الإمام الحجة صاحب الزمان عليه السلام.

ص: 148


1- طويريج : اسم مدينة تبعد عن كربلاء حوالي خمسة عشر كيلومتراً، وتعرف اليوم ب(قضاء الهِنديَّة) وقد كان الناس يسافرون - بالزوارق والسُّفُن - من كربلاء إلي طويريج، ومنها إلي النجف.

فسألته عن سبب هدايته وتشرفه بالتشيع؟

فقال: اسمي: ياقوت، وأنا دَهَّان(1) في مدينة الحلة. ثم بدأ يحكي لي قصة هدايته فقال: خرجت - في بعض السنين - إلي البراري، خارج الحلة، لشراء الدهن، فاشتريت كمية من الدهن ورجعت مع جَمَاعَة، ووَصَلنا ليلاً إلي مَنزِل - في الطريق - فَبِتنا فيه تلك الليلة، فلما انتَبَهبتُ من النوم، رأيتُ أنَّ الجماعة قد رَحَلوا جميعاَ، فخرجت في أثرهم، وكان الطريق في البَرِّ الأقفَر، وأرضٍ ذات سباع، فضللت عن الطريق، وبقيت مُتحيِّراً خائفاً من السباع والعطش.

فجعلت أستغيث بالخلفاء !! وأسألهم الإعانة، فلم يظهر منهم شيء ! وكنت - فيما مضي - قد سمعت من أمي أنها قالت: إن لنا إماماَ حياَ، يكني: أبا صالح، وهو رشد الضال(2) ويغيث الملهوف ويعين الضعيف، فعاهدت الله تعالي: إن أغاثني ذلك الإمام أن أدخل في دين أُمِّي (أي: أعتَنِقَ مَذهب التَّشَيُّع).

فناديث: يا أبا صالح!

وإذا برجل في جنبي وهو يمشي معي وقد تعمم بعمامة خضراء، فدلني علي الطريق، وأمرني بالدخول في دين أمي، وقال: ستصل إلي قرية أهلها جميعاً من الشيعة .

فقلت له: ألا تأتي معي إلي هذه القرية؟.

قال: لا.. لأنه قد استغاث بي - الآن - ألف إنسان في أطراف البلاد، وأريد أن أغيثهم. ثم غاب عني، فمشيت قليلاً، فوصلت إلي القرية وكانت تبعد عن ذلك المنزل - الذي نزلنا فيه لياً - مسافةً بعيدة، ووصلت الجماعة إلي تلك القرية بعدي بيوم !

ودخلت الحلة، وذهبت إلي دار السيد مهدي القزويني(3) فذكرت له القصة، وتعلمت منه معالم الدين ... إلي آخر كلامه(4).

ص: 149


1- أي: إن مهنتي بيع الدهن
2- أي : التائه الذي ضاع وضل عن الطريق
3- كان من علماء الشيعة البارزين في عصره
4- كتاب (جنة المأوي في ذكر من فاز بلقاء الحجة عاليه السلام في الغيبة الكبري) لمؤلفه الشيخ النوري، ص293، المطبوع مع الجزء الثالث والخمسين من بحار الأنوار.

قصة إسماعيل بن الحسن الهرقلي

حكي عن شمس الدين بن إسماعيل الهرقلي(1) أن أباه كان - في أيام شبابه - قد أصيب بقرحة علي فخذه الأيسر يقال لها: (توثة) وكانت تَتَشَقَّق - في موسم الربيع - ويخرج منها دم وقيح. فخرج من قريته (هِرِقل) وقصد مدينة الحلة(2) وشكي إلي السيد رضي الدين علي بن طاوس(3) ما يجده من الألم، فأخضر ابن طاوس الأطباء لمعاينته، وبعد الفحص قال الأطباء: إن في إجراء العملية الجراحية علي هذه القرحة خطر الموت، وإنَّ نسبة نجاح العَمَليَّة ضئيلة جداً. فذهب إسماعيل الهِرِقلي مع السيِّد ابن طاوس إلي بغداد لمراجعة الأطباء الحاذقين. فكان الجواب نفس الجواب الأول.

فتوجه إسماعيل إلي مدينة (سامراء) للتوسل بالإمام المهدي عليه السلام وطلب الشفاء منه، وبعد أيام ذهب إلي نهر دجلة، واغتسل فيه ولبس ثوباً نظيفاً، فالتقي به أربعة فرسان، أحَدهم بيده رُمح وعليه فَرَجِيَّة(4).

فتقدم إليه صاحب الفرجية، ووقف أصحابه الثلاثة علي جانبي الطريق، وسلموا علي إسماعيل، فسأله صاحب الفرجية: أنت غداً تروح إلي أهلك؟

قال إسماعيل: نعم.

فقال له: تقدم حتي أبصر ما يوجعك. فجعل يلمس جسم الهرقلي، حتي أصابت يده القرحة فعصرها ثم استوي علي سرج فرسه.

فقال أحد الفرسان الثلاثة: أفلحت يا إسماعيل! .

فتعجب إسماعيل من معرفتهم اسمه، ولكنه لم ينتبه إلي ما يجري عنده، وقال:

أفلحنا وأفلحتم إن شاء الله.

ص: 150


1- هرقل : اسم قرية كانت في ضواحي مدينة الحلة.
2- الحلة: اسم مدينة في العراق، تقع علي نهر الفرات، تبعد عن مدينة كربلاء حوالي 40 كيلومتراً.
3- هو من كبار علماء الشيعة ولد سنة 589ه، وتوفي سنة 664ه.
4- الفرجية: ثوب واسع، طويل الأكمام، يتزيا به علماء الدين

فقال له الرجل: هذا هو الإمام - وأشار إلي صاحب الفرجية -.

فتقدم إسماعيل واحتضن رجله وقبل فخذه، فقال له الإمام - بلطف ورأفة -: ارجع.

قال إسماعيل: لا أفارقك أبدا.

فقال الإمام: المصلحة في رجوعك.

فأعاد إسماعيل كلامه الأول.

فقال أحدهم: يا إسماعيل ما تستحي؟! يقول لك الإمام - مرتين -: ارجع. وتخالفه؟ !

فتوقف إسماعيل عند ذلك، فقال له الإمام: إذا وصلت بغداد فلا بد أن يطلبك أبو جعفر - يعني الحاكم العباسي: المستنصر - فإذا حضرت عنده وأعطاك شيئا فلا تأخذه، وقل لولدنا الرضي: ليكتب لك إلي علي بن عوض، فإني أوصيه يعطيك الذي تريد.

ثم تركه الإمام وأصحابه وواصلوا المسير، ومضي إسماعيل إلي مشهد الإمامين العسكريين فالتقي به بعض الناس فسألهم عن الفرسان الأربعة؟ فقالوا: هم من الشرفاء أرباب الغنم.

فقال لهم: بل هو الإمام.

فقالوا: أريته المرض الذي فيك؟

قال: هو قبضه بيده. ثم كشف عن رجله فلم ير أثرا لذلك المرض، فتداخله الشك في أن تكون القرحة في الرجل الأخري، فكشف عن رجله الأخري فلم ير شيئا، فتهافت الناس عليه، يمزقون قميصه تبركا به.

وجاءه رجل من قبل السلطة العباسية، وسأله عن اسمه و تاريخ مغادرته بغداد؟ فأخبره بكل شيء، فكتب الرجل بالخبر إلي بغداد.

ص: 151

وبعد يوم واحد خرج إسماعيل من مدينة سامراء متوجها إلي بغداد، فلما وصل إليها رأي الناس مزدحمين علي القنطرة - خارج المدينة - يسألون كل قادم عن اسمه ونسبه وأين كان؟ فسألوه عن اسمه، فأخبرهم بكل شيء، فاجتمعوا عليه يمزقون ثيابه للتبرك، ووصل إلي بغداد وقد كاد أن يموت من كثرة الازدحام.

وخرج السيد ابن طاوس ومعه جماعة، فالتقوا بإسماعيل وردوا الناس عنه، فلما رآه السيد قال له: أعنك يقولون؟

قال: نعم.

فنزل عن دابته وكشف عن فخذ إسماعيل، فلم ير أثرا من القرحة، فغشي عليه..

ولما أفاق أخذ بيد إسماعيل وأدخله علي الوزير باكيا، وقال: هذا أخي وأقرب الناس إلي قلبي.

فسأله الوزير عن القصة فحكي له، فأحضر الوزير الأطباء- الذين عاينوا القرحة قبل ذلك وقالوا ليس لها دواء إلا القطع بالحديد وفيه خطر الموت - فقال لهم : فبتقدير أن يقطع ولا يموت.. في كم تبرأ؟(1).

قالوا: في شهرين، ويبقي مكانها حفيرة بيضاء لا ينبت فيها شعر!

فسألهم الوزير: متي رأيتم القرحة؟

قالوا: منذ عشرة أيام.

فكشف الوزير عن الفخذ التي كانت فيه القرحة، فلم يروا لها أثرا، فصاح أحد الأطباء: هذا عمل المسيح !

فقال الوزير : حيث لم يكن هذا من عملكم، فنحن نعرف من عملها.

ثم إن الحاكم العباسي المستنصر أحضر إسماعيل وسأله عن القضة ؟ فقصها عليه،فأمر له بألف دينار وقال له: هذه وأنفقها.

ص: 152


1- أي: لو فرضنا أن العملية أجريت له ونجحت، في كم مدة يندمل الجرح ويبرأ؟

فقال إسماعيل: ما أجسر أن آخذ منه حبة واحدة !!

فقال المستنصر - متعجباً - من تخاف؟!

قال: من الذي فعل معي هذا، فإنه قال: لا تأخذ من المستنصِر شيئاً!

فبكي المستنصر وتكدَّر، وخرج إسماعيل من عنده ولم يأخذ منه شيئاً.

قال شمس الدين بن إسماعيل الهرقلي: رأيت فخذ أبي - بعد ما صلحَت - ولا أثَرَ فيها، وقد نبت في موضعها الشعر(1).

قصَّة أبي راجح الحمامي

روي الشيخ المجلسي عن الشيخ العابد المحقق شمس الدين محمد بن قارون قال: كان في مدينة الحلة رجل يقال له: أبو راجح الحمامي، وحاكمٌ ناصبيٌ اسمه مرجان الصغير(2)وذات يوم أخبروا الحاكم بأنَّ أبا راجح يسبُّ بعض الصحابة !، فأحضَرَه وأمَرَ بِضَربه وتعذيبه، فضربوه ضربا ممهلكاً علي وجهه وجميع بدنه، فسقطت أسنانه، ثم أخرجوا لسانه وأدخلوا فيه إبرَةً عظيمة، وثَقَبوا أنفَه، وجعَلوا في الثُّقب خيطاً وشدُّوا الخَيط بِحبل وجعلوا يدورون به في طرقات الحلة، والضَربُ يأخذه من جميع جوانبه، حتي سقط علي الأرض.

فأمر الحاكم بقتله، فقال الحاضرون: إنه شيخ كبير، وسوف يموت من شدة الضرب وكثرة الجراحات. فتركوه علي الأرض، وجاء أهله وحملوه إلي الدار، وكان بحالة فظيعة لا يَشكُّ أحد أنَّ الرجل سَيُفارق الحياة، مما نَزَل به من التعذيب الوحشي.

وأصبح الصباح، وإذا الرجل قائم يُصلِّي علي أحسَن حالة، وقد عادت إليه أسنانُه،التي سقطت، والتأمَت جراحاته، ولم يبق في بدنه أثر من ذلك التعذيب !!

ص: 153


1- كتاب بحار الأنوار ج52، ص61-64، نقلاً عن كتاب (كشف الغُمَّة في معرفة الأئمَّة) لمؤلفه علي بن عيسي الإربلي.
2- الناصبي: هو الذي يتظاهر بعداوة أهل البيت، أو شيعتهم لأجل متابعتهم لأهل البيت. مجمع البحرين للطريحي.

فتعجب الناس من ذلك، وسألوه عن واقع الأمر؟ فأخبرهم أنه استغاث بالإمام المهدي (عجل الله ظهوره) وتوسل إلي الله تعالي به، فجاءه الإمام إلي داره، فامتلأت الدار نوراً.

قال أبو راجح: فمسح الإمام بيده الشريفة علي وجهي، وقال لي: اخرج وكد علي عيالك (1)فقد عافاك الله تعالي، فأصبحتُ كما ترون.

ورآه محمد بن قارون وقد عادت إليه نضارة الشباب، واحمرَّ وجهه واعتدلَت قامته.

وشاع الخَبَر في الحلة، فأمَرَ الحاكم بإحضاره - وكان قد رآه يوم أمس وقد تورم وجهُه مِن الضَّرب - فلما رآه صحيحلً سليماً ولا أثَرَ للجراحات في جسمه، خاف الحاكم خوفاً شديداً، وغيِّر سُلوكه مع شيعة أهل البيت عليهم السلام وصار يُحسن المعاملة معهم.

وكان أبو راجح - بعد تشرُّفه بلقاء الإمام - كأنه ابن عشرين سنة ولم يزل كذلك حتي أدركته الوفاة(2).

قصة المقدس الأدَبيلي

ذَكَر العلامة المجلسي (رحمه الله) أنَّه سمع من جماعة أخبروه عن السيد الفاضل أمير عَلَّام قال: كنتُ في صحن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام (3) في ساعة متأخِّرة من الليل، فرأيتُ رجلاً مُقبِلاً نحو الروضة المقدَّسة، فاقتربتُ منه فإذا هو العالم التقي مولانا أحمد الأردبيلي - قدَّس الله روحَه - فاختفيتُ عنه، فجاء إلي باب الرَّوضة - وكان مُغلَقاً - فانفَتَح له الباب، ودخَل الروضة، فسمعتُه يتكلَّم كأنّه يُناجي أحداً، ثم خرج، وأُغلِقَ بابُ الروضة، فتوجه نحو مسجد الكوفة، وأنا خلفه أتَّبِعَه وهو لا يَراني،

ص: 154


1- كِدَّ علي عيالك : أي : اطلُب الرِزق لهم.
2- بحار الأنوار للشيخ المجلسي:ج52، ص70-71.
3- الصحن: الساحة التي تحيط ببناء الروضة التي فيها قبر الإمام علي أمير المؤمنين عليه السلام .

فدخل المسجد وقصد نحو المحراب الذي استشهد فيه الإمام أمير المؤمنين عليه السلام.

ومكث هناك طويلا، ثم رجع نحو النجف وكنت خلفه أيضا، وفي أثناء الطريق غلبني السعال، فسعلت، فالتفت إلي وقال: أنت أمير علام؟

قلت: نعم.

قال: ما تصنع هاهنا؟!

قلت: كنت معك منذ دخولك الروضة المقدسة وإلي الآن، وأقسم عليك بحق صاحب القبر أن تخبرني بما جري عليك من البداية إلي النهاية.

قال: أخبرك بشرط أن لا تخبر به أحدا ما دمت حيا، فوافقت علي الشرط.

فقال: كنت أتفكر في بعض المسائل الفقهية الغامضة، فقررت أن أحضر عند مرقد الإمام أمير المؤمنين عليه السلام لأسأله عنها، فلما وصلت إلي باب الروضة انفتح لي الباب بغير مفتاح، فدخلت الروضة وسألت الله تعالي أن يجيبني مولاي أمير المؤمنين عليه السلام عن تلك المسائل، فسمعت صوتا من القبر: أن ائت مسجد الكوفة، وسل من القائم، فإنه إمام زمانك.

فأتيت المسجد عند المحراب، وسألت الإمام المهدي عليه السلام عنها فأجابني عن ذلك، وها أنا راجع إلي بيتي.(1)

قصة الشيخ محمد حسن النجفي

ذكر الشيخ النوري - في كتاب جنة المأوي - عن بعض علماء النجف الأشرف: أنه كان في النجف رجل من طلاب العلوم الدينية، اسمه الشيخ محمد حسن سريرة، وكان يعاني ثلاث مشاكل:

1- يقذف الدم من صدره.

2 - يعيش في فقر شديد.

ص: 155


1- بحار الأنوار: ج52، ص175

3- يحب الزواج من امرأة امتنع أهلها أن يزوجوها إياه، لفقره.

فلما يئس من ذلك، قرر الذهاب إلي مسجد الكوفة(1)أربعين ليلة أربعاء، لأنه قد اشتهر بين المؤمنين أن من واظب علي زيارة مسجد الكوفة أربعين ليلة أربعاء، فلا بد أن يري الإمام المهدي صاحب الزمان عليه السلام

فواظب الرجل علي ذلك، أملا في أن يتشرف بلقاء الإمام، ويعرض عليه حوائجه الثلاث.

فلما كانت الليلة الأخيرة - وكانت ليلة ظلماء باردة ذات ريح عاصفة - جلس الرجل علي دكة باب المسجد في الخارج - لأنه لم يستطع اللبث في المسجد، بسبب الدم الذي كان يقذفه من صدره عند السعال - وجعل يفكر في أنه لم يوفق لزيارة الإمام المهدي عليه السلام بالرغم من أنه في آخر أسبوع من الأسابيع الأربعين.

كان الرجل متعودا علي شرب القهوة، فأشعل النار لصنع القهوة، وإذا به يري رجلا قصده، فانزعج من ذلك وقال في نفسه: إن هذا الأعرابي سيشرب القهوة كلها، ولا يبقي لي شيء !

يقول: فوصل الرجل وسلم علي باسمي. فتعجبت من معرفته باسمي وجعلت أسأله: من أية طائفة أنت، من طائفة فلان؟ فيقول: لا، حتي ذكرت أسماء طوائف متعددة، وهو يقول: لا. لا.

وأخيرا سألني: ما الذي جاء بك إلي هنا؟.

فقلت له: ولماذا تسأل عن ذلك؟

فقال: وما يترك لو أخبرتني به؟!.

فصبب له القهوة في الكأس المعروفة ب (الفنجان) وقدمته له، فشرب قليلا منه،

ص: 156


1- مسجد الكوفة : مسجد عظيم مبارك، يقع في مدينة الكوفة بالقرب من النجف الأشرف، وقد كان الإمام علي أمير المؤمنين يصلي بالناس فيه، وفيه قتل، وقد جدد بناؤه عدة مرات.

ثم رد الفنجان وقال لي: أنت اشربها. فأخذ الكأس منه وشربت ما تبقي من القهوة.

ثم بدأ ببيان حوائجي فقلت له: أنا في غاية الفقر والحاجة، ومصاب بقذف الدم منذ سنين، وقد تعلق قلبي بامرأة، وامتنع أهلها من تزويجها إياي.

وقد خدعني بعض رجال الدين إذ قالوالي: اقصد - في حوائجك - الإمام صاحب الزمان عليه السلام واذهب إلي مسجد الكوفة أربعين ليلة أربعاء، فتقضي حوائجك، وقد تحملت المشاق والمتاعب في هذه الليالي، وهذه هي الليلة الأخيرة ولم أر فيها أحدا.

فقال لي - وأنا غافل -: أما صدرك فقد برأ، وأما المرأة فستتزوج بها قريبا، وأما الفقر فلا يفارقك حتي الموت.

.. ولما أصبح الصباح شعرت أن صدري قد برأ، وبعد أسبوع تزوجت تلك المرأة،وبقي الفقر علي حاله(1).

قصة آية الله القزويني

ذكر الشيخ النوري - في كتاب جنة المأوي - ثلاث قصص من تشرف العالم الجليل آية الله السيد مهدي القزويني(2) بلقاء الإمام المهدي عليه السلام ونحن نذكر منها قصتين يرويها السيد ميرزا صالح نجل السيد المذكور عن رجل من صلحاء الحلة اسمه علي:

يقول: خرجت من داري قاصدا دار السيد مهدي القزويني، فمررت علي مرقد السيد محمد المعروف ب(ذي الدمعة) وهو ابن زيد بن علي بن الحسين عليهم السلام وكان للمرقد شباك علي الطريق، فرأيت رجلا جليل القدر، بهي المنظر، واقفا عند الشباك يقرأ سورة الفاتحة علي روح صاحب المرقد.

فوقفت أنا وقرأت الفاتحة، وبعد الفراغ سلمت علي ذلك الرجل، فرد علي السلام وقال لي: يا علي أنت ذاهب لزيارة السيد مهدي القزويني؟

ص: 157


1- جنة المأوي في ذكر من فاز بلقاء الحجة عليه السلام في الغيبة الكبري. الحكاية الخامسة عشرة.
2- كان السيد المذكور يسكن في مدينة الحلة بالعراق، وقد توفي سنة 1300ه-.

قلت: نعم.

قال: لنذهب معا.

وفي أثناء الطريق قال لي: يا علي لا تحزن علي ما أصابك من الخسران وذهاب المال في هذه السنة، فإنك رجل امتحنك الله بالمال فوجدك مؤديا للحق، وقد قضيت ما فرض الله عليك، وأما المال فإنه عرض يأتي ويذهب.

يقول علي: وكنتُ - في تلك السنة - قد أصِبتُ بخسارة كبيرة في التجارة، ولم يطلع عليها أحد، ولكني اغتممت كثيرا عندما رأيت أنَّ هذا الرجل الغريب يعلم بخسارتي، وظننت أن هذا الخبر قد انتشر بين الناس، بحيث إن هذا الغريب اطلع عليه.

فقلت له: الحمد لله علي كل حال.

فقال: إن ما ذهب من أموالك سوف يعود إليك بعد مدة، وتقضي ديونك ! ولما وصلنا إلي دار السيد مهدي، وقفت وقلت له: ادخل يا مولاي فأنا من أهل الدار فقال: ادخل أنت، أنا صاحب الدار !

فامتنعت من أن أتقدم عليه، فأخذ بيدي وأدخلني الدار، وكان بجوار دار السيد مسجد له باب إلي دار السيد، فدخلنا المسجد فوجدنا جماعة من طلبة العلوم الدينية ينتظرون خروج السيد من داخل الدار للتدريس. فجلس الرجل في مكان السيد - الذي كان يجلس فيه كل يوم للتدريس، وأخذ كتابا كان هناك - وهو كتاب شرائع الإسلام للمحقق الحلي - وفتحه فوقع نظره علي أوراق كان السيد قد كتب فيها بعض المسائل و جعلها في الكتاب، فجعل الرجل يتصفح تلك الأوراق ويقرأ تلك المسائل.

ودخل السيد مهدي، فرأي الرجل جالسا في مكانه، فرحب به، وتنحي الرجل عن مكان السيد، ولكن السيد أصر عليه أن يجلس في مكانه.

يقول السيد مهدي - وهو يحكي لنا جانبا من القضية -: (رأيته رجلا بهي المنظر،

ص: 158

وسيم الشكل(1)، فأقبلت عليه أسأله عن حاله، واستحييت أن أسأله عن اسمه ووطنه).

وشرع السيد بتدريس الفقه، فجعل الرجل يناقشه في المسألة التي طرحها السيد علي بساط البحث !

فقال أحد الطلبة المتطفلين - لذلك الرجل -: اسكت ! ما أنت وهذا؟ !

فتبسم الرجل وسكت !

وبعد الفراغ من البحث سأله السيد: من أين مجيئك إلي الحلة؟ فقال: من بلدة السليمانية.

قال السيد: متي خرجت من السليمانية؟

فقال: بالأمس خرجت منها. وقد دخلها (نجيب باشا) فاتحا، وقد ألقي القبض علي المتمرد: أحمد باشا (وكان أحمد باشا قد تمرد علي الدولة العثمانية الحاكمة في العراق يومذاك).

يقول السيد: فجعلت أتفكر في كلامه وأنه كيف لم يصل خبر فتح الشليمانية إلي حكام الحلة؟ !، ولم يخطر ببالي أن أسأله: كيف وصلت إلي الحلة وبالأمس خرجت من السليمانية؟ ! لأن المسافة تزيد علي عشرة أيام. (أي حوالي أربعمائة كيلومتر).

ثم طلب الرجل ماء ليشرب، فقام أحد الخدم ليأتيه بالماء من (الحب)(2) فناداه الرجل: لا تفعل، فإن في الحب حيوانا ميتا! فنظر فيه فإذا فيه (سام أبرص) ميت، فجاء الخادم بالماء من مكان آخر وشرب الرجل، ثم قام ليخرج فقام السيد وودعه.

فلما خرج الرجل قال السيد للحاضرين: لماذا لم تنكروا عليه خبر فتح السليمانية؟ !

وهنا شرع الحاج علي - الذي التقي بالرجل عند مرقد ذي الدمعة - يحدث الحاضرين بما سمعه من الرجل في أثناء الطريق. فقام الحاضرون - وقد أخذتهم

ص: 159


1- الوسيم: الجميل الوجه.
2- الحب : إناء خزفي كبير، الجرة الكبيرة .

الدهشة والحيرة - وخرجوا من الدار يبحثون عنه، فما وجدوه، فكأنه صعد إلي السماء أو غاب في الأرض !

فقال السيد لهم: هو - والله - صاحب الأمر، روحي فداه.

وبعد عشرة أيام جاء الخبر بفتح السليمانية .. إلي آخر القصة(1)

ص: 160


1- جنة المأوي للشيخ النوري، الحكاية الرابعة والأربعون.

متي يظهر الإمام المهدي المنتظر عليه السلام

نعرف جيدا بأن الحكمة الإلهية اقتضت أن يكون وقت ظهور الإمام المهدي المنتظرعليه السلام مجهولا عن الناس وسره مكتوما حيث إنهم لا يعلمون في أي وقت وأي زمان يظهر عليه السلام.

علي الرغم من الأحاديث الكثيرة الواردة عن النبي صلي الله عليه و آله والأئمة المعصومين عليهم السلام حيث تكلموا كثيرا عن جوانب من حياة الإمام المهدي عليه السلام عن حياته وبما يحدث قبل ظهوره ولكن لم يتكلموا بحتمية ساعة الظهور وتاريخه في أي ساعة أو أي لحظة ولكن العكس هو الصحيح، حيث كذبوا عن كل من يخبر بوقت وساعة الظهور للإمام عليه السلام.

لذلك نورد هنا أحاديث و روايات كثيرة عن النبي صلي الله عليه و آله وعن الأئمة الطاهرين المعصومين عليهم السلام.

فقد روي عن النبي صلي الله عليه و آله في إخباره عن غيبة الإمام المهدي عليه السلام.

«...وَيكذِبُ فيها الوَقَّاتون»(1)

وفي حديث حيث سأل الفضيل من الإمام محمد الباقر عليه السلام هل لهذا الأمروقت؟ فقال عليه السلام.

«كذب الوقاتون، كذب الوقاتون، كذب الوقاتون»(2).

وقد روي عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام أنه قال:

«كذب الموقتون، ما وقتنا فيما مضي، ولا نوقت فيما يستقبل»(3)

ص: 161


1- كفاية الأثر للرازي القمي، وهو من تلامذة الشيخ الصدوق.
2- كتاب الغيبة للشيخ الطوسي ص262، وكتاب الكافي: ج1، ص368
3- المصدر السابق ص262

حيث يظهر من كلام عدم التوقيت في الحديث هو عدم تحديد السنة التي يظهرفيها الإمام المهدي المنتظر عليه السلام بالضبط.

ويتبادر إلي أذهان شيعته ما هي الحكمة من إخفاء وقت ظهور الإمام عليه السلام؟

إن الحكمة في هذا السر المكنون والمكتوم هو بأن يبقي المؤمنون والتواقون لرؤية طلعته البهية ينتظرون ظهوره عليه السلام حيث يثابون ويؤجرون علي هذا الانتظار.

لذا فإن الأجيال، منذ الغيبة الصغري للإمام المهدي المنتظر عليه السلام وإلي يومنا هذا لا تزال ترجو أن تدرك ظهوره الشريف وطلعته البهية.

نري من هذا لو كان وقت ظهور الإمام المهدي المنتظر عليه السلام معلوما ومحددا في سنته ووقته لما كان هذا الانتظار كل هذه السنين الطويلة. بل كانت الآمال تنقلب إلي اليأس وكان حرمان الناس من ثواب الانتظار والبشائر بظهوره الشريف حيث يملأ الأرض عدلا وقسطا بعد أن تملأ الأرض جورا وظلما.

لذا نري في ثواب الانتظار أحاديث كثيرة منها:

عن النبي صلي الله عليه و آله أنه قال:

«أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج(1)

وعن أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال:

المنتظر لأمرنا كالمتشحط بدمه في سبيل الله»(2)

وعن الإمام الصادق عليه السلام:

«من مات منتظرا لهذا الأمر كان كمن كان مع القائم عليه السلام في فسطاطه(3) لا... بل كان بمنزلة الضارب بين يدي رسول الله صلي الله عليه و آله بالسيف»(4).

ص: 162


1- إكمال الدين للشيخ الصدوق: ج 2، ص644، وكذلك رواه الجويني الشافعي في فرائد السمطين.
2- المصدر السابق : ج2، ص645.
3- فسطاطه: الخيمة التي يعسكر فيها الإمام.
4- إكمال الدين : ج2، ص338.

لذا نري أن الفائدة والثواب من انتظار الناس لظهور الإمام المهدي المنتظر عليه السلام.

هو تصديقا لكلام الله تعالي وكلام وأحاديث النبي صلي الله عليه و آله والأئمة الطاهرين عليهم السلام

لذا نري أن تصديق الانتظار للإمام المهدي المنتظر عليه السلام هي مرتبة من مراتب الإيمان ودرجة من درجات الطاعة والتسليم.

وهناك حكمة أخري وفائدة أخري من الانتظار وهي الامتحان والاختبار فإن الله سبحانه وتعالي حيث يمتحن ويختبر عباده بشتي أنواع الامتحانات ومنها القضايا العقائدية. فالذين آمنوا بالله وبالرسول وبما جاء به من عند ربه حول الإمام المهدي المنتظرعليه السلام لا يهمهم طول الغيبة، مهما طالت المدة وطال الانتظار.

وأما المنافقون ما أدراك ما المنافقين، فإنهم يجدون المجال مناسبا للاستهزاء بهذه العقيدة المقدسة عند شيعة آل محمد حيث إيمانهم واعتقادهم بانتظار الفرج للإمام المهدي المنتظر عليه السلام ، فالمنافقون يضربون الآيات القرآنية والأحاديث النبوية عرض الحائط، فهذه هي عادة أهل الباطل والنفاق في كل زمان ومكان.

وقد روي عن الإمام موسي الكاظم عليه السلام أنه قال في حديثه عن غيبة الإمام المهدي المنتظر عليه السلام:

«... إنما هي محنة من الله - عزوجل - امتحن بها خلقه...»(1).

لذا فإن الله - عزوجل - يمتحن عباده لعدة أمور منها -:

إتمام الحجة علي الخلق لئلا يكون للناس علي الله حجة.

*ومنها: حتي ينجح المؤمن في الامتحان فعندها يستحق الأجر والثواب الجزيل.

ص: 163


1- كتاب الكافي للشيخ الكليني : ج1، ص336.

ص: 164

علائم الظهور للإمام المهدي المنتظر عليه السلام

اشارة

إن لظهور وقيام هذه الدولة الإلهية علي الأرض علامات و حوادث تبشر وتنذربقرب حدوثها.

وعلي هذا فعلم الله - عز وجل - المطلق، وإحاطته بالماضي والحاضر والمستقبل، هو أساس ما ورد من إخبارات مستقبلية توضح مراحل المسيرة البشرية، والتخطيط الرباني لها، لتكون منارا للمعتدين منهم، ودعما لمواقفهم، وإسنادا التخطيطهم وليكونوا علي بينة من أمرهم، ومن ذلك ترقب قيام هذه الدولة المباركة بقيادة بقية الله في الأرض الإمام المهدي المنتظرعليه السلام.

فنلاحظ أن أكثر ما جاءنا عن النبي المختار والأئمة الأطهار (عليهم الصلاة والسلام) من الأحاديث والأخبار والتي توضح فيها إخبارات تعطي علائم وأمارات علي قرب هذه المرحلة، أي مرحلة قيام دولة الحق، وإزهاق الباطل وما تلك إلا لطف قد خص بها الله - عز وجل - عباده المؤمنين التواقين لتلك اللحظة والساعة والتي يأخذ فيها المظلوم حقه فيسود فيها العدل وتسود فيها المودة بين البشر.

وقد تعدت هذه الأخبار علي ما وردنا في العصر الإسلامي من تاريخنا البشري،حيث بشر بذلك الأنبياء السابقون فمنهم علي وجه الخصوص النبي عيسي عليه السلام حيث كانت رسالته هي البشارة والتبشير بقيام دولة الله في الأرض(1).

وقد جاءت هذه العلائم صريحة تارة وعلي شكل رموز تارة أخري. لذا نري

ص: 165


1- كتاب المهدي والمسيح عليه السلام للسيد باسم الهاشمي.

أن هذه العلائم اختلطت علي الرواة ونقلة الحديث فمنهم من نقلها بصدق مسندها ومتواترها ومنهم من كذبها ودس فيها.

لذلك نجد هناك خلاصات لعلائم الظهور وقيام دولة الحق بقيادة إمامنا وملاذنا اعليه السلام، حيث اقتبست من عموم ما ورد في طيات الأحاديث الشريفة والكتب المعتبرة والأحاديث المتواترة.

لذا رأينا أن نقسم علائم ظهور الإمام المهدي عليه السلام إلي قسمين:

القسم الأول:

علائم وأمارات متناثرة جزئية تمتد علي مساحة واسعة من الزمن لم تحدد حين صدورها من المعصوم عليه السلام إلا أننا نجد أن بعضها حدث قبل عشرات السنين وحتي يومنا هذا، وعلائم تحدث قريبا من ظهور الإمام المهدي المنتظر عليه السلام بسنوات غير كثيرة. وهذا لا يدل علي وقوع الظهور في تلك السنة. وما هي إلا نوع من أنواع الملاحم والفتن في القرون المتأخرة عن صدور الأحاديث المروية.

لذا نري أن هذه العلائم يمكن أن تقدم أو تتأخر أو تلغي أو تستبدل وبتعبيرآخر إنها قابلة للبداء وهي ترتبط بالعوامل المتحركة في حياة الناس وكذلك حركة الدين من خلال الأجيال البشرية المتعاقبة.

لذا سوف نقتطف بعض الأحاديث الواردة في هذا الشأن:

1- روي عن النزال بن سبرة قال: خطبنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) فحمد الله - عزوجل - وأثني عليه، وصلي علي محمد وآله، ثم قال:

«سلوني - أيها الناس - قبل أن تفقدوني»-قالها ثلاث مرات -. فقام إليه .

صعصعة بن صوحان فقال: يا أمير المؤمنين متي يخرج الدجال؟.

فقال عليه السلام له:

«اقعد، فقد سمع الله كلامك، وعلم ما أردت..»إلي أن قال:

ص: 166

ولكن لذلك علامات وهيئات يتبع بعضها بعضا كحذو النعل بالنعل، وإن شئت أنبأتك بها».قال: نعم يا أمير المؤمنين. فقال عليه السلام:

«احفظ.. فإن علامة ذلك: إذا أمات الناس الصلاة، وأضاعوا الأمانة، واستحلوا الكذب، وأكلوا الربا، وأخذوا الرشا.. وباعوا الدين بالدنيا، واستعملوا السفهاء، وقطعوا الأرحام، واتبعوا الأهواء، واستخفوا بالدماء، وكان الحلم ضعفا، والظلم فخرا، وكان الأمراء فكرة، والوزراء ظلمة، والعرفاء خونة، والقراء فسقة، وظهرت شهادات الزور، واستعلن الفجور وقول البهتان، والإثم والطغيان، وحليت المصاحف، وزخرفت المساجد، وطولت المنارات، وأكرم الأشرار، وازدحمت الصفوف، واختلفت الأهواء، ونقضت العهود، واقترب الموعود، وشارك النساء أزواجهن في التجارة حرصا علي الدنيا، وعلت أصوات الفساق واستمع منهم، وكان زعيم القوم أرذلهم، واتقي الفاجر مخافةشره، وصدق الكاذب، واؤتمن الخائن، واتخذت القيان والمعازف(1) ولعن آخر هذه الأمة أولها، وركبت ذوات الفروج السروج، وتشبه النساء بالرجال والرجال بالنساء، وشهد شاهد من غير أن يستشهد وشهد الآخر قضاء لذمام بغير حق عرفه، وتفقه لغير الدين، وآثروا عمل الدنيا علي الآخرة، ولبسوا جلود الضأن علي قلوب الذئاب، وقلوبهم أنتن من الجيف وأمر من الصبر، فعند ذلك. الوحا.. الوحا.. ثم العجل العجل...»إلي آخر الحديث (2)

والآن... نذكر بعض العبارات الواردة في هذا الحديث، مع شيء من الشرح والتفصيل، حسب ما يتبادر إلي الذهن، والله العالم:

الحديث المذكور يشير إلي بعض المفاسد في المجتمعات الإسلامية، وقلب المفاهيم، وتبدل المقاييس، وضعف الجانب العقائدي، وعدم المبالاة بالنواميس

ص: 167


1- القيان : الإماء المغنيات : وقيل : المغنيات.. سواء كن من الإماء أو لا. والمعازف : هي آلات اللهو يضرب بها.. من الدفوف وغيرها.
2- الوحا.. الوحا: أي العجل.. العجل .. إكمال الدين للشيخ الصدوق ج2، ص525-526.

الإسلامية، وكثرة الاهتمام بالأشياء التافهة، واستيلاء المنحرفين علي الحكم، وسقوط الفضائل عن الاعتبار وانتشار المنكرات بلا خوف ولا خجل.

فالصلاة - التي هي عمود الدين - تفقد جوهرها، والأمانات تضيع، ويصبح الكذب الحرام حلالا، والربا مباحا، ويستولي الفاقدون للمؤهلات علي الحكم، والعلاقات الودية بين الأقارب والأرحام تنقطع، ويستهان بإراقة دماء الأبرياء والظالم يفتخر بالظلم، وينتشر الفجور بين الأمراء، والظلم بين الوزراء، والخيانة بين العرفاء(1)والفسق بين القراء - قراء القرآن أو الخطباء -.

ويكون احترام القرآن العظيم بأناقة الطباعة وتلوين الغلاف وما شابه ذلك، لا تلاوته ولا العمل به.

وصفوف صلاة الجماعة تكون مزدحمة بالمصلين الذين يحملون قلوبا متنافرة،فالأجساد متقاربة والقلوب متباعدة.

وتنزل النساء والفتيات إلي الأسواق والحوانيت، جلبا للمال، وأصوات الفساق تعلو وتنتشر بين الإذاعات و غيرها، والناس يصدقون كلامهم ويعتبرونه وحيا يوحي.

وتكون الزعامة والرئاسة للسفلة الأراذل الذين لا يؤمنون بالقيم والشرف، والناس يخافون من شر الفجار فيدارونهم اتقاء شرهم.

وأما أصوات المغنيات والراقصات والمطربات - المقرونة بالموسيقي والدف وأمثال ذلك - فهي مرتفعة من أكثر البيوت، وتسمعها في الجو والبر والبحر، وفي الشوارع والأسواق وحتي في الصحاري والبراري - في الوسائل النقلية - كل ذلك عبر الإذاعات وأجهزة التسجيل والأشرطة.

وركوب النساء الدراجات الهوائية أو النارية أو الخيول.. ولا شك أن ركوب المرأة علي السرج يهيج فيها غريزة الجنس، بسبب الحركة العنيفة، المصحوبة

ص: 168


1- الظاهر أن العرفاء : هم الشرطة والجواسيس، وما يسمون برجال أمن الدولة.

كيفية جلوسها علي السرج، مع العلم أن ركوب السيارة وأمثالها ليس فيه هذا التأثير .

وأما تشبه النساء بالرجال فقد صار من أرقي مراتب الحضارة والتقدم، فالفتاة تلبس البدلة الرجالية، وتقصر شعر رأسها، بحيث يصعب التمييز بينها وبين الرجل. هذا من ناحية الملبس والمظهر.

وأما التوظف في الدوائر والاستخدام في المحلات، والمشاركة في بقية مرافق الحياة الخاصة بالرجل - كالوزارة والمجلس النيابي والمحاماة وأمثالها - فحدث ولا حرج !!.

وأما تشبه الرجال بالنساء.. فتراه في كل مكان، فالرجل يلبس القميص الملون والبنطلون الضيق، ويضع السلسلة الذهبية في رقبته، ويتختم بالذهب، ويحلق اللحية مع الشارب ويرقق حاجبيه عند الحلاق، ويستعمل المساحيق الخاصة لطراوة الوجه ولمعانه، وكأنه يجلب الأنظار إلي نفسه ! وكأن هناك اتفاقية بين الرجال والنساء للتبادل الثقافي !!

نعم.. هذه بعض مظاهر تشبه الرجال بالنساء !

وأما في المحاكم فالشاهد يشهد من غير أن يطلب منه الشهادة، والآخر يشهد لصديقه رعاية لحقه، وهو لا يعرف القضية ولا يعلم الحق مع من؟!

ولا تسأل عما يجري في هذه المحاكم من بذل المال والرشوة والهدايا إلي الحاكم أو الوسيط، جلبا لرضاه ورعايته. فذلك مما لا يخفي علي أحد.

وأما التفقه لغير الدين، فقد صار متعارفا عند البعض، فتراه يتفقه لا للدين.. بل للدنيا، يدرس العلوم الدينية لكي يتخرج ويصبح قاضيا، فيجري له راتب يؤخر له الحياة المرفهة ولا يهمه من أمور الدين شيء أبدا.

وهناك أفراد يتظاهرون بالصلاح والورع، ولكنهم يحملون نفوسا شريرة،ونوايا سيئة وضمائر قذرة، فإذا أتيحت لهم الفرصة فلا وجدان ولا عطف ولا إنسانية ولا دين

ص: 169

ولا مذهب، تماما كالذئب الذي لا يعرف شيئا سوي تمزيق فريسته، وشرب دمائها وتقطيع أعضائها !

أيها القاريء الكريم: كان هذا شرحا موجزا لبعض العبارات التي وردت فيما روي عن مولانا وسيدنا علي أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه).

2- عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال:

«القائم منا منصور بالرعب، مؤيد بالظفر، تطوي له الأرض، وتظهر له الكنوز، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب، ويظهر الله دينه علي الدين كله ولو كره المشركون، فلا يبقي في الأرض خراب إلا عمره، ولا تدع الأرض شيئا من نباتها إلا أخرجه، ويتنغم الناس في زمانه نعمة لم يتنعموا مثلها قط»(1).

قال الراوي: فقلت: يا ابن رسول الله فمتي يخرج قائمكم؟، قال عليه السلام :

ا- إذا تشبه الرجال بالنساء .

2- والنساء بالرجال.

3- وركبت ذوات الفروج السروج.

4 - وأمات الناس الصلوات.

5 - واتبعوا الشهوات.

6- وأكلوا الربا.

7- واستخفوا بالدماء.

8- وتظاهروا بالزنا.

9- و شيدو البناء.

10 - واستحلوا الكذب.

11 - وأخذوا الرشاء.

12 - واتبعوا الهوي.

13 - وباعوا الدين بالدنيا.

ص: 170


1- إكمال الدين : ص 330 باب : (32) ح16، ومختصر إثبات الرجعة : ص216.

14 - وقطعوا الأرحام.

15 - ومنوا بالطعام(1)

16 - وكان الحلم ضعفا.

17 - والظلم فخرا.

18 - والأمراء فجرة.

19 - والوزراء كذبة.

20 - والأمناء خونة.

21 - والأعوان ظلمة.

22 - والقراء فسقة .

23 - وظهر الجور.

24 - وكثر الطلاق.

25 - وبدا الفجور.

26 - وقبلت شهادة الزور.

27 - وشربت الخمور.

28 - وركبت الذكور الذكور.

29 - واستغنت النساء بالنساء.

30 - واتخذوا الفيء مغنما.

31- والصدقة مغرما.

32 - واتقي الأشرار مخافة ألسنتهم.

33 - وخرج السفياني من الشام.

34 - واليماني من اليمن.

35 - وخسف بالبيداء بين مكة والمدينة .

36 - وقتل غلام من آل محمد بين الركن والمقام.

37 - وصاح صائح من السماء بأن الحق معه ومع أتباعه.

ص: 171


1- ي نسخة : « و ظنوا بالطعام»

«فعند ذلك خروج قائمنا، فإذا خرج أسند ظهره إلي الكعبة، واجتمع إليه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا من أتباعه، فأول ما ينطق به هذه الآية: «بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ »(1)

ثم يقول: أنا بقية الله، وخليفته، وحجته عليكم، فلا يسلم مسلم عليه إلا قال: السلام عليك يا بقية الله في الأرض، فإذا اجتمع عنده العقد، عشرة آلاف رجل، فلا يبقي يهودي ولا نصراني، ولا أحد ممن يعبد غير الله، إلا آمن به، وصدقه، وتكون الملة واحدة ملة الإسلام، وكل ما كان في الأرض من معبود سوي الله فينزل عليه نار من السماء فتحرقه»(2)

يستفاد من بعض الأحاديث والروايات أن هذه الحوادث والعلامات منها ما هومحتوم ومنها ما هو مشترط، والله أعلم.

3- وفي عقد الدرر الحديث (137) من الفصل الثاني في الخاتمة أخرج عن أميرالمؤمنين عليه السلام أنه قال:

«يختلف ثلاث رايات راية في المغرب ويل لمصر وما يحل بها منهم، وراية بالجزيرة، وراية بالشام تدوم الفتنة بينهم سنة، ثم يخرج رجل من ولد العباس بالشام حتي يكون بينهم مسيرة ليلتين فيقول أهل المغرب قد جاء كم قوم جفاة أصحاب أهواء مختلفة فتضطرب أهل الشام وفلسطين فيقول اطلبوا الملك الأول فيطلبونه فيوافونه بغوطة دمشق بموضع يقال له حرستا فإذا أحس بهم هرب إلي أخواله كلب وذلك ذهاب منه ويكون بالوادي اليابس عدة عديدة فيقولون له: يا هذا ما يحل لك أن تضيع الإسلام أما تري ما بالناس فيه من الخوان والمنافقين فاتق الله. واخرج أما تنصر دينك فيقول: لست بصاحبكم فيقولون: ألست من قريش من بيت الملك القديم أما تغضب الأهل بيتك وما نزل بهم من الذل والهوان.

ص: 172


1- سورة هود، الآية : 86.
2- إكمال الدين : ص 330، باب : (32) ح16، ومختصر إثبات الرجعة : ص216.

ويخرج راغبا في الأموال ويعيش الرغد فيقول: اذهبوا إلي خلفائكم الذين كنتم تدينون لهم هذه المدة ثم يجيئهم فيجيء يوم الجمعة فيصعد منبر دمشق وهو أول منبر يصعده فيخطب ويأمر بالجهاد ويبايعهم علي أنهم لا يخالفون له أمرا رضوه أم كرهوه فقام رجل فقال: ما اسمه يا أمير المؤمنين؟ قال: هو حرب بن عنبسة بن مرة بن سلمة بن يزيد بن عثمان بن خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بن صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس. ملعون في السماء ملعون في الأرض أشد خلق الله جورا وأكثر خلق الله ظلما. قال: ثم يخرج إلي الغوطة فما يبرح حتي يجمع الناس إليه ويلاحق بهم أهل الضغائن فيكون في خمسين ألفا، ثم يبعث إلي كلب فيأتيهم منه مثل السيل ويكون في ذلك رجال البربريقاتلون رجال الملك من ولد العباس، وهم الترك والديلم والعجم رايتهم سوداء وراية البربر صفراء وراية السفياني حمراء فيقتتلون ببطن الوادي في الأردن قتالا شديدا، فيقتل فيما بينهم ستون ألفا فيغلب السفياني وأنه ليعدل فيهم حتي يقول القائل:والله ما كان يقال فيه إلا كذب والله إنهم لكاذبون لو يعلمون ما يلقي أمة محمد صلي الله عليه واله منه ما قالوا ذلك فلا يزال يعدل حتي يسير ويعبر الفرات ينزع الله من قلبه الرحمة

ثم يرجع إلي دمشق وقد دان له فيجيش جيشين جيشا إلي المدينة وجيشا إلي المشرق. فأما جيش المشرق فيقتلون بالزوراء سبعون ألفا ويبقرون بطون ثلاثمائة امرأة. ويخرج الجيش إلي الكوفة فيقتل بها خلقا، وأما جيش المدينة إذا توسطوا البيداء صاح بهم صائح وهو جبرائيل عليه السلام فلا يبقي منهم صالح إلا خسف الله تعالي به، ويكون في آخر الجيش رجلان يقال لهما: بشير فيبشرهم بما سلمهم الله تعالي عز وجل، والآخر نذير فيرجع إلي السفياني فيخبره بما نال الجيش، عند ذلك قال: (وعند جهينة الخبر اليقين) لأنهما من جهينة. ثم يهرب قوم من ولد رسول الله صلي الله عليه و آله إلي بلد الروم، فيبعث السفياني إلي ملك الروم رد إلي عبيدي، فيردهم إليه فيضرب أعناقهم علي الدرج شرقي مسجد دمشق، فلا ينكر ذلك عليه، ثم يسير في سبعين ألفا نحو العراق والكوفة والبصرة، ثم يدور الأمصار ويحل عري الإسلام عروة بعد

ص: 173

عروة. ويقتل أهل العلم ويحرق المصاحف ويخرب المساجد ويستبيح الحرام، ويأمربضرب الملاهي والمزامير في الأسواق والشرب علي قوارع الطريق ويحل الفواحش ويحرم عليهم كل ما فرض الله تعالي عليهم من الفرائض ولا يردع عن الظلم والفجور، بل يزداد تمردا وعتوا ويقتل كل من اسمه أحمد ومحمد وعلي وجعفر وحمزة وحسن وحسين وفاطمة وزينب ورقية وأم كلثوم وخديجة وعاتكة حنقا وبغضا لآل بيت رسول الله صلي الله عليه و آله.

ثم يبعث فيجمع الأطفال ويغلي الزيت لهم فيقولون: إن كان آباؤنا عصوك فنحن ما آذيناك. فيأخذ منهم اثنين اسمهما حسن وحسين فيصلبهما ثم يسير إلي الكوفة فيفعل بهم كما فعل بالأطفال، ويصلب علي باب مسجدها طفلين اسمهما حسن وحسين فيغلي دماءهما كما غلي دم يحيي بن زكريا عليه السلام. فإذا رأي ذلك أيقن بالبلاء والهلاك. فيخرج منها متوجها إلي الشام فلا يري في طريقه أحدا يخالفه فإذ دخل دمشق اعتكف علي شرب الخمر والمعاصي. ويأمر أصحابه بذلك ويخرج السفياني وبيده حربة فيأخذ المرأة الحامل فيدفعها إلي بعض أصحابه فيقول: افجر بها في وسط الطريق ويبقر بطنها فيسقط الجنين من بطن أمه فلا يقدر أحد أن يغير ذلك، فتضطرب الملائكة في السماء فيأمر الله عز وجل جبرائيل عليه السلام فيصيح علي سور مسجد دمشق: ألا قد جاءكم الغوث يا أمة محمد صلي الله عليه و آله قد جاءكم الفرج وهو المهدي خارج مكة فأجيبوه. ثم قال (رضي الله عنه) ألا أصفه لكم ألا وإن الدهر فينا قسمت حدوده ولنا أخذت عهوده وإلينا ترد شهوده، ألا وإن أهل حرم الله عز وجل سيطلبون لنا بالفضل من عرف عودتنا فهو مشاهد. ألا فهو أشبه خلق الله عز وجل برسول الله صلي الله عليه و آله. علي اسمه و اسم أبيه علي اسم ابيه من ولد فاطمة بنت محمد صلي الله عليه و آله، ألا فمن تولي غيره لعنه الله.

ثم قال (رضي الله عنه): ثم يجمع الله بأصحابه علي عدد أهل بدر وعلي عدد أصحاب طالوت ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا كأنهم ليوث قد خرجوا من غابة قلوبهم

ص: 174

مثل زبر الحديد، لو هموا بإزالة الجبال لأزالوها. الزي واحد، واللباس واحد، كأنما آباؤهم أب واحد. قال أمير المؤمنين: وأنا أعرف أسماؤهم ثم سماهم. وقال: ثم يجمعهم الله تعالي من مطلع الشمس إلي مغربها في أقل من نصف ليلة، فيأتون مكة فيشرف عليهم أهل مكة فلا يعرفونهم، فيقولون: لسنا أصحاب السفياني فإذا انجلي لهم الصباح يرونهم طائعين مصلين فينكرونهم. فعند ذلك يقيض الله من يعرفهم المهدي عليه السلام وهو مختف فيجتمعون إليه ويقولون: أنت المهدي عليه السلام فيقول: أنا الصاري والله ما كذبت، لأنه ناصر الدين، ويتغيب عنهم فيخبرونهم أنه قد لحق بقبر جده فيلحقونه بالمدينة، فإذا أحس بهم رجع إلي مكة فلا يزالون به إلي أن يجيبهم إلي ذلك. فيقول: إني لست قاطعا أمرا حتي تبايعوني علي ثلاثين خصلة تلزمكم لا تغيرون منها شيئا، ولكم علي ثمان خصال، قالوا: قد فعلنا ذلك فاذكر ما أنت ذاكر يا ابن رسول الله.

فيخرجون معه إلي الصفا، فيقول: أنا معكم علي أن لا تولوا (1) ولا تسرقوا (2) ولا تزنوا (3) ولا تقتلوا محرما (4) ولا تأتوا فاحشة (5) ولا تضربوا أحدا إلا بحقه (6) ولا تكنزوا ذهبا (7) ولا فضة (8) ولا برا (9) ولا شعيرا (10) ولا تأكلوا مال اليتيم (11) ولا تشهدوا بما لا تعلمون (12) ولا تخربوا مجدا (مسجدا) (13) ولا تقبحوا مسلما (14) ولا تلعنوا مؤاجرا (10) ولا تشربوا مسكرا (16) ولا تلبسوا ذهبا (17) ولا الحرير (18) ولا الديباج (19) ولا تتبعوا هاربا (20) ولا تسفكوا دما حراما (21) ولا تغدروا علي مستأمن (22) التراب علي الخدود (25) وتجاهدون في الله حق جهاده (26) ولا تشتمون (27) وتكرهون التحاسد (28) وتأمرون بالمعروف (29) وتنهون عن المنكر (30) فإذا فعلتم ذلك فعلي أن لا أتخذ حاجبا (31) ولا بوابا (32) ولا ألبس إلا كما تلبسون (33) ولا أركب إلا كما تركبون (34) وأملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا (35) وأعبد الله عز وجل حق عبادته (36) أفي لكم (7) وتفوا لي (38).

ص: 175

قالوا رضيناك. واتبعنا علي هذا، فيصافحهم رجلا رجلا فيفتح الله عز وجل له خراسان. ويطيعه أهل اليمن. وتقبل الجيوش أمامه. وتكون همدان وزراءه وخولان جيوشه وحمير أعوانه ومضر قواده. ويكثر الله عز وجل جمعهم بتميم ويشتد ظهره بقيس ويسير راياته أمامه وعلي مقدمته عقيل، وعلي ساقته الحارث، وتخالفه ثقيف وعذاف. ويسير الجيوش حتي تصير بوادي القري في هدوء ورفق فيلحقه هناك ابن عمه الحسني في اثنا عشر ألف فارس، فيقول له الحسني: هل لك من آية فنبايعك فيومي المهدي عليه السلام إلي الطير فيسقط علي يديه فيغرس قضيبا في بقعة من الأرض فيخضر ويورق فيقول له الحسني: يا ابن عم هي لك ويسلم إليه جيشه. ويكون علي مقدمته واسمه علي اسمه. وتقع الضجة في الشام ألا إن أعراب الحجاز قد خرجوا إليكم. فيقول السفياني لأصحابه: ما تقولون في هؤلاء القوم؟ فيقولون: هم أصحاب نبل وإبل ونحن أصحاب القوة والسلاح، اخرج بنا إليهم فيرونه قد جبن وهو عالم بما يراد منه فلا يزالون به حتي يخرجوه، فيخرج بخيله ورجله بمائتي ألف وستين ألفا حتي ينزلوا بحيرة طبرية فيسير المهدي عليه السلام لا يحدث في بلد حادثة إلا الأمن والإيمان والبشري وعن يمينه جبرائيل وعن يساره ميكائيل، والناس يلحقونهم من الآفاق حتي يلحقوا السفياني علي بحيرة طبرية ويغضب الله تعالي علي السفياني وجيشه ويغضب سائر خلقه عليهم حتي الطير في السماء فترميهم بأجنحتها، وإن الجبال لترميهم بصخورها فيكون وقعة يهلك الله عز وجل فيها جيش المهدي عليه السلام وهو يصلي العشاء الآخرة فيبشره فيخفف في الصلاة ويخرج، ويكون السفياني قد جعلت عمامته في عنقه ويسحب فيوقفه بين يديه، فيقول السفياني للمهدي:

يا ابن العم من علي بالحياة، أكن لك سيفا بين يديك، أجاهد أعداءك، والمهدي جالس بين أصحابه وهو أحيي من عذراء فيقول: خلوه فيقول أصحاب المهدي: يا ابن بنت رسول الله تمن عليه بالحياة وقد قتل أولاد رسول الله صلي الله عليه و آله. فيقولون: ما نصبر علي ذلك. فيقول: شأنكم وإياه، وقد كان خلاه واختلي فيلحقه صباحا في جماعة إلي عند السدرة فيضجعه ويذبحه ويأخذ رأسه فيأتي به إلي المهدي. فتنظر شيعته إلي

ص: 176

الرأس فيهللون ويكبرون ويحمدون الله علي ذلك. ثم يأمر المهدي بدفنه، ثم يسير في عساكره فينزل دمشق وقد كان أصحاب الأندلس أحرقوا مسجدها وأخربوه (وأخربوا بيوتها نسخة)، ويقيم في دمشق مدة فيأمر بعمارة جامعها وإن دمشق فسطاط المسلمين يومئذ، وهي خير مدينة علي وجه الأرض في ذلك الوقت إلا وفيها آثار النبيين وبقايا الصالحين. معصومة من الفتن منصورة علي أعدائها، فمن وجد السبيل إلي أن يتخذ فيها موضعا ولو مربط شاة فإن ذلك خير له من عشرة حيطان بالمدينة. ينتقل أخيار العراق إليها ثم إن المهدي يبعث بجيش إلي أحياء كلب والخائب من خاب من غنيمة كلب والله أعلم بالصواب.

القسم الثاني:

اشارة

العلائم الحتمية لظهور الإمام المهدي المنتظر عليه السلام والتي تحدث قطعا وحتمية حدوثها وهي خمس ولا بد من حدوثها ولا يشملها البداء، ويكون ارتباطها أي هذه العلامات بيوم الظهور من عصر الغيبة.

حيث هناك أحاديث كثيرة قد ذكرت هذه العلائم، ولكن مع اختلاف في ترتيبها بالتقديم والتأخير، إذن فهي خمس علامات.

والآن نذكر بعض الأحاديث المتضمنة لهذه العلامات. قال الإمام الصادق عليه السلام :«خمس قبل قيام القائم عليه السلام اليماني، والسفياني، والمنادي ينادي من السماء،وخسف بالبيداء وقتل النفس الزكية »(1).

وقال الصادق عليه السلام:

«قبل قيام القائم عليه السلام خمس علامات محتومات: اليماني، والسفياني، والصيحة،وقتل النفس الزكية، والخسف بالبيداء»(2).

ص: 177


1- إكمال الدين للشيخ الصدوق : ج 2، ص 649، ورواه الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة ص267.
2- المصدر السابق : ج 2، ص 650.

1.السفياني

حيث ذكر السفياني في أحاديث كثيرة جدا، وقد صرحت طائفة منها بأن اسمه: (عثمان بن عنبسة).

إذن هو إنسان وفرد من أفراد البشر حيث ورد عن الإمام الصادق عليه السلام قوله: «كفاكم بالسفياني علامة»(1).

فالسفياني رجل يخرج من الشام، من نسل بني أمية واسمه الصريح هو (عثمان بن عنبسة) ويكون وجهه قبيحا، وفيه أثر الجدري وقد ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام قوله:

«هو رجل ربعة، وحش الوجه، ضخم الهامة، بوجهه أثر الجدري، إذا رأيته حسبته أعور، اسمه عثمان وأبو عنبسة، وهو من ولد أبي سفيان»(2)

وقد ذكرت الأحاديث التي تحدثت عنه أي السفياني وأعماله وجرائمه ووحشيته وعداوته لآل محمد عليهم السلام حتي تقشعر منه الجلود، وتفزع منه القلوب، حيث لا يعرف معني للرحمة والعاطفة منه، ويكون أكثر البشر جريمة وجرأة علي الله تعالي وأكثرهم قساوة للقلب، وهو سفاك للدماء بلا هوادة ويهتك ستور النساء المسلمات، ولا يدع حراما إلا أباحه، ولا جريمة إلا ارتكبها.

لذا نري أن الفترة التي يحكم بها السفياني هي من شر الفترات في تاريخ الأمة الإسلامية، ففي أيام حكومته الظالمة ينتشر الظلم وتكثر المآسي والكوارث والفجائع، وتقام المجازر والمذابح بين الرجال والنساء والأطفال، حيث لا تكون قيمة وكرامة للبشر ويكون البشر آنذاك كالبهيمة أي مهدوري القيمة والكرامة.

وتبدأ قصة السفياني علي أثر حرب عالمية ثالثة مدمرة وردت الإشارة إليها في الأحاديث الشريفة حيث تقول:

ص: 178


1- البحار: ج52، ص302
2- المصدر السابق : ج52، ص205 عن إكمال الدين.

نار تخرج من المشرق فتصيب المغرب ونار تخرج من المغرب فتصيب المشرق».

حيث أشار إلي الصواريخ عابرة القارات.

وأيضا: اختلاف صنفين من العجم وسفك دماء كثيرة فيما بينهم(1).

وعن الإمام الصادق عليه السلام. قال:

«لا يكون هذا الأمر حتي يذهب ثلثا الناس».. فقلنا: إذا ذهب ثلثا الناس فمن يبقي؟ فقال الإمام عليه السلام:

«أما ترضون أن تكونوا في الثلث الباقي(2).

إذن فالدمار شامل يبيد أكثر الناس، ولا يكون ذلك إلا بحرب عالمية حديثة يستعمل فيها السلاح بأشد صوره وأكثر أنواعه فتكا.

وأما القتلي سوف لا يكون موتهم بالسلاح مباشرة، بل قسم منهم بالأوبئة الطبيعية مثل الأمراض (الإيدز، الطاعون... إلخ). أو ما ينتج من تفسخ الأجساد المقتولة من أمراض وأوبئة .

فعن الإمام الصادق عليه السلام كما يروي أبو بصير:

«إنه لا بد أن يكون قدام ذلك الطاعونان: الطاعونان الأبيض، والطاعون الأحمر»وفي رواية: (الموت الأبيض والموت الأحمر)(3) قلت: جعلت فداك، أي شيء الطاعون الأبيض، وأي شيء الطاعون الأحمر؟ قال الإمام عليه السلام:

«الطاعون الأبيض الموت الجارف والطاعون الأحمر السيف»(4)

ص: 179


1- البحار: ج52، ص 220 عن الإرشاد
2- المصدر السابق: ج 52، ص113.
3- المصدر السابق: ج 52، ص207 عن إكمال الدين .
4- المصدر السابق : ج52، ص119 عن غيبة النعماني.

نستدل من هذه الأحاديث والأوصاف أن هناك حرب عالمية ثالثة أو رابعة، لما أفرزه سباق التسلح من تطور في التكنولوجيا العسكرية الحديثة ما جعله كفيلا بتحقيق حرب عالمية مقبلة، حيث يكون هناك موت واسع في البشرية حتي يذهب ثلثا العالم بالقتل والموت وذلك ما عبر عنه بالموت الأحمر أي القتل، والموت الأبيض وهو الموت بالأمراض الفتاكة والأوبئة التي ستنشر نتيجة تفسخ جثث القتلي الهائلة.

نذكر بأن هذا الموت الواسع لا يشمل كل مناطق العالم بل يتمركز في نقاط الصراع ومحاوره.

إن الحرب العالمية الثالثة ما هي إلا دليل علي استبداد الإنسان وابتعاده عن الدين الإلهي وعن الفطرة الإنسانية السليمة والظلم والجور، عندها ستتطلع الشعوب المتبقية من الدمار الواسع والعميق إلي نظام جديد أو قائد مخلص لها ليقربها للذين الإلهي ويهيئ الأجواء النفسية الصالحة لتلك الشعوب.

عندها يظهر القائد المصلح لها - أي الشعوب - وما هي إلا قيادة الإمام المهدي المنتظر عليه السلام، وقيام دولة الحق بنظام عالمي جديد يعتمد علي التعاليم والأحكام الربانية.

نري أنه عند قيام تلك الحرب المدمرة، واختلال التوازن الدولي وذهاب مراكز القوة، سيتسع المجال أمام تغييرات جديدة في الخريطة السياسية للعالم، بما في ذلك العالم الثالث، وسيكون بعض تلك التغيرات بوحي من العالم الغربي أيضا، حيث ورد تحالف السفياني مع الروم وأنه يحمل الصليب:

«يقبل السفياني من بلاد الروم متنصرا في عنقه صليب، وهو صاحب القوم».

وإليك بعض الأحاديث الواردة حول السفياني:

1- روي عن حذيفة بن اليمان، أن النبي صلي الله عليه و آله ذكر فتنة تكون بين أهل المشرق والمغرب، قال:

ص: 180

«فبينما هم كذلك يخرج عليهم السفياني من الوادي اليابس في فور ذلك(1) حتي ينزل دمشق، فيبعث جيشين: جيشا إلي المشرق(2) وآخر إلي المدينة، حتي ينزلوا بأرض بابل من المدينة الملعونة - يعني بغداد(3) - فيقتلون أكثر من ثلاثة آلاف، ويفضحون أكثر من مائة امرأة، ويقتلون بها ثلاثمائة كبش من بني العباس(4).

ثم ينحدرون إلي الكوفة فيخربون ما حولها، ثم يخرجون متوجهين إلي الشام، فتخرج راية هدي من الكوفة فتلحق ذلك الجيش فيقتلونهم، لا يفلت منهم مخبر، ويستنقذون ما في أيديهم من السبي والغنائم. ويحل الجيش الثاني بالمدينة، فينتهبونها ثلاثة أيام بلياليها، ثم يخرجون متوجهين إلي مكة، حتي إذا كانوا بالبيداء بعث الله جبرائيل فيقول: جبرائيل عليه السلام اذهب فابدهم. فيضربها - أي يضرب الأرض - برجله، ضربة يخسف الله بهم عندها، ولا يفلت منها إلا رجلان من جهينة...» إلي آخر الحديث (5)

هذا.. وللإمام أمير المؤمنين عليه السلام خطبة مشهورة تسمي بخطبة البيان، فيها شيء من الملاحم والفتن، ومنها: خروج السفياني، ونقتطف من تلك الخطبةبعض ما يتعلق بالموضوع : قال (سلام الله عليه):

«... ألا، يا ويل لكوفانكم هذه.. وما يحل بها من السفياني في ذلك الزمان !!

ص: 181


1- الوادي اليابس: منطقة في ضواحي دمشق. في فور ذلك : أي : في أوج تلك الفتنة المشار إليها.
2- لعل المراد من كلمة «المشرق»-هنا -: هو مدينة الكوفة، باعتبار أنها تقع في العراق.. شرق سوريا. ويستفاد من هذه الخطبة أن جيش السفيان يمر - في طريقه إلي الكوفة - علي بابل، وبابل : اسم منطقة تقع بين بغداد ومدينة الحلة.
3- المدينة الملعونة هي بابل، لأن أهلها عذبوا، وقد مر عليها الإمام علي أمير المؤمنين عليه السلام بجيشه فلم يصل فيها. أما تفسير المدينة الملعونة ببغداد، فلا أعلم قائله ولعله من الراوي. والله العالم، خاصة مع أن هذه الكلمة «يعني بغداد»لم ترد في كثير من مصادر هذا الحديث.
4- الكبش : سيد القوم.
5- بحار الأنوار: ج 52ص186 عن تفسير الثعلبي الشافعي، ورواه أيضا - الطبري في تفسيره والسلمي في كتابه عقد الدرر.

يأتي إليها من ناحية هجر، بخيل سباق تقودها أسود ضراغمة، وليوث قشاعمة(1) أول اسمه شين(2).. فياويل لكوفانكم من نزوله بداركم، يملك حريمكم، ويذبح أطفالكم، ويهتك نساء كم، عمره طويل، وشره غزير، ورجاله ضراغمة .. ألا و إن السفياني يدخل البصرة ثلاث دخلات، يذل فيها العزيز، ويسبي فيها الحريم... وعلامة خروج السفياني: اختلاف ثلاث رايات: راية من المغرب، فيا ويل لمصر، وما يحل بها منهم. ورايةً من البحرين من جزيرة أوال(3) من أرض فارس. وراية من الشام. فتدوم الفتنة سنة، ثم يخرج رجل من ولد العباس، فيقول أهل العراق: قد جاءكم قوم حفات (4) أصحاب أهواء مختلفة، فيضطرب أهل الشام وفلسطين، ويرجعون إلي رؤساء الشام ومصر فيقولون: أطلبوا ولد الملك. (يعني: السفياني). فيطلبونه، ثم يوافقونه بغوطة دمشق، بموضع يقال لها: (حرستا) فإذا حل بهم، أخرج أخواله: بني كلب وبني دهانة، ويكون له بالوادي اليابس عدة (أي: جماعة) عديدة». .

منبر يصعده، ثم يخطب ويأمرهم بالجهاد، ويبايعهم علي أن لا يخالفوا أمره، رضوه أم كرهوه، ثم يخرج إلي الغوطة، ولا يلج بها حتي يجتمع الناس عليه. فعند ذلك يخرج السفياني في عصائب أهل الشام، فتختلف ثلاث رايات: قراية الترك والعجم، وهي سوداء. وراية للبريين لابن العباس - صفراء. وراية للسفياني. فيقتتلون ببطن الأزرق(5) قتالا شديدا، فيقتل منهم ستون ألفا، ثم يغلبهم السفياني، فيقتل منهم خلقا كثيرا، ويملك بطونهم(6)ويعدل فيهم حتي يقال فيه: «والله ما كان يقال عليه إلا

ص: 182


1- قشاعمة - جمع قشعم -: الضخم المسن.
2- أول اسمه شين، هكذا وجدت في المصادر الموجودة لدي - حاليا -، ولعل الصحيح هو: «عين»فيكون «شين» من أخطاء النساخ، خاصة مع الانتباه إلي التشابه الكثير بين «شين»و«عين».
3- أوال : هذا الاسم كان يطلق - قديما - علي بلاد البحرين.
4- وفي نسخة : جفاة.
5- وفي نسخة: ببطن الأردن .
6- البطون: القبائل .

كذبا»(1). والله إنهم لكاذبون، ولا يعلمون ما تلقي أمة محمد صلي الله عليه و آله ولو علموا لما قالوا ذلك. ولا يزال يعدل فيهم حتي يسير، فأول سيره إلي حمص، وإن أهلها بأسوأ حال، ثم يعبر الفرات من باب مصر، يسير إلي موضع يقال له: (قرية سبا) فيكون له بها وقعة عظيمة، فلا يبقي بلد إلا وبلغهم خبره، فيدخلهم من ذلك خوف وجزع، فلا يزال يدخل بلدابعد بلد...

ثم يرجع إلي دمشق، وقد دانت له الخلق، فيجيش (2) جيشا إلي المدينة، وجيش إلي المشرق، فيقتل بالزوراء سبعين ألفا، ويبقر بطون ثلاثمائة امرأة حامل !. ويخرج الجيش إلي كوفانكم هذه، فكم من باك وباكية..

وأما جيش المدينة، فإنه إذا توسط البيداء صاح به جبرائيل صيحة عظيمة، فلا يبقي أحد إلا وخسف الله به الأرض إلا رجلان.. فيهرب قوم من أولاد رسول الله صلي الله عليه و آله وهم أشراف - إلي بلد الروم، فيقول السفياني لملك الروم: ترد علي عبيدي !! فيردهم إليه، فيضرب أعناقهم علي الدرج الشرقي لجامع دمشق، فلا ينكر ذلك عليه أحد. ألا وإن علامة ذلك تجديد الأسوار بالمدائن..».فقيل: يا أمير المؤمنين أذكر لنا الأسوار؟ . فقال:

تجدد سور بالشام، والعجوز والحان يبني عليهما سوران، وعلي واسط سوروالبيضاء يبني عليها سور، والكوفة يبني عليها سوران، وعلي شوشتر سور، وعلي أرمينية سور، وعلي الموصل سور، وعلي همدان سور، وعلي الرقة سور، وعلي ديار يونس سور، وعلي حمص سور، وعلي مطر دين سور، وعلي الرقطاء سور، وعلي الرحبة سور، وعلي دير هند سور، وعلي القلعة سور(3). معاشر الناس: ألا وإنه إذا ظهر

ص: 183


1- أي: إن الناس يكذبون الإشاعات المنتشرة بذم السفياني، فيعتبرونه رجلا صالحا عادلا، لما يرون من عدله أيام حكومته.
2- يلجيش: يسير، أو يجهز.
3- لعل المقصود من السور - هنا - القاعدة العسكرية، لا الجدار المحيط بالبلد، وقد حدثت القواعد العسكرية في أكثر البلاد المذكورة في هذا الحديث .

السفياني تكون له وقائع عظام، فأول وقعة بحمص، ثم بحلب، ثم بالرقة، ثم بقرية سبأ، ثم برأس العين، ثم بنصيبين، ثم بالموصل، وهي وقعة عظيمة، يقتل منهم - السفياني ستين ألفا.... ولا يزال السفياني يقتل كل من اسمه: محمد وعلي وحسن وحسين وفاطمة وجعفر و موسي وزينب وخديجة ورقية، بغضا وحنقا لآل محمد !!. ويرجع منهزما إلي الشام.. فإذا دخل إلي بلده اعتكف علي شرب الخمر والمعاصي، ويأمر أصحابه بذلك، فيخرج السفياني وبيده حربة، ويأمر بالمرأة فيدفعها إلي بعض أصحابه فيقول له: «افجر بها في وسط الطريق» فيفعل بها، ثم يبقر بطنها، ويسقط الجنين من بطن أمه، فلا يقدر أحد أن ينكر عليه ذلك(1). فعند ذلك تضطرب الملائكة في السماوات، ويأذن الله بخروج القائم من ذريتي، وهو صاحب الزمان، ثم يشيع خبره في كل مكان، فينزل - حينئذ - جبرائيل علي صخرة بيت المقدس، فيصيح في أهل الدنيا: «جاء الحقُّ وزَهق الباطلُ إنَّ الباطلَ كانَ زَهوقاً».فيقول جبرائيل في صيحته:

«يا عباد الله عليه السلام اسمعوا ما أقول: إن هذا مهدي آل محمد، خارج من أرض مكة فأجيبوه...»(2).

وعن ابن أذينة قال: قال أبو عبد الله - الصادق عليه السلام-: قال أبي عليه السلام : قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه):

«يخرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس(3)، وهو رجل ربعة(4) وحش الوجهه(5)

ص: 184


1- لعل ذلك الرجل يزني بها وهي حامل، ولهذا يسقط جنينها إذا شق بطنها.
2- المصدر: إلزام الناصب ج2، ص188-200 وكتاب (نوائب الدهور في علائم الظهور للمير جهاني الطباطبائي
3- ابن آكلة الأكباد : هو معاوية بن أبي سفيان، واكلة الأكباد:هي هند زوجة أبي سفيان.. أم معاوية، وهي التي مثلت بجسد سيدنا حمزة - عم رسول الله - وأخرجت كبده، ووضعت الكبد في فمها لتأكله، فلم ثؤثر أسنانها في الكبد، فلفظته من فمها، وعرفت من ذلك اليوم ب-«أكلة الأكباد».وبما أن نسب السفياني ينتهي إلي آكلة الأكباد عن طريق معاوية، وهو –أيضا–امتداد لأسلافة الأمويين في عدائه وبغضه لآل الرسول، عبر عنه الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ب-«ابن آكلة الأكباد».
4- رجل ربعة : أي متوسط القامة.
5- وحش الوجه: أي يستوحش من يراه، ولا يستأنس به أحد.

ضخم الهامة، بوجهه أثر الجدري، إذا رأيته حسبته أعور، اسمه: عثمان بن عنبسة، وهو من ولد أبي سفيان، حتي يأتي أرض ذات قرار ومعين»(1)(2).

وروي جابر الجعفي عن الإمام محمد الباقر عليه السلام أنه قال:

«يا جابر: الزم الأرض، ولا تحرك يدا ولا رجلا(3)حتي تري علامات أذكرها لك.. إن أدركتها(4): أولها: اختلاف بني العباس، وما أراك تدرك ذلك، ولكن حدث به - من بعدي - عني. ومناد ينادي من السماء، ويجيئكم الصوت من ناحية دمشق بالفتح، وتخسف قرية من قري الشام تسمي (الجابية) وتسقط طائفة من مسجد دمشق الأيمن، ومارقة تمرق من ناحية الترك. ويعقبها هرج (أي: قتل الروم، وسيقبل إخوان الترك حتي ينزلوا الجزيرة، وستقبل مارقة الروم حتي ينزلوا الرملة. فتلك السنة - يا جابر - فيها اختلاف كثير في كل أرض من ناحية المغرب عليه السلام فأول أرض تخرب أرض الشام. ثم يختلفون عند ذلك علي ثلاث رايات: راية الأصهب، وراية الأبقع، وراية السفياني، فيلتقي السفياني بالأبقع فيقتتلون، ويقتله السفياني ومن تبعه، ويقتل الأصهب، ثم لا يكون له همة إلا الإقبال نحو العراق، ويمر جيشه بقرقيسا(5) فيقتتلون بها، فيقتل بها من الجبارين مائة ألف، وبعث السفياني جيشا إلي الكوفة وعدتهم سبعون ألفا، فيصيبون من أهل الكوفة قتلا وصلبا وسبيا فبينا هم كذلك، إذ أقبلت رايات من قبل خراسان، تطوي المنازل طيا حثيثا، ومعهم نفرٌ (أي: جماعة) من أصحاب القائم، ثم يخرج

ص: 185


1- للمفسرين أقوال في معني «ذات قرار ومعين»، فمنها: أين ذات قرار: مسجد الكوفة، والمعين: هو نهرالفرات. وهذا القول مروي عن الإمامين: الباقر والصادق عليهما السلام.
2- بحار الأنوار للشيخ المجلسي: ج52، ص205. نقلا عن إكمال الدين للشيخ الصدوق.
3- لعل المعني : لا تنخدع بكل من يدعي المهدوية، بل إن هناك علامات لا بد أن تتحقق قبل ظهور الإمام المهدي عليه السلام.
4- ليس جابر - نفسه - المقصود من هذا الخطاب، إذ إنه مات،والإمام كان يعلم بأنه يموت ولا يدرك من وقوع علامات الظهور، بل المقصود: هو أن جابر ينقل الحديث إلي الآخرين، حتي يصل إلي الأفراد الذين يدركون زمن وقوع تلك العلامات.
5- قرقيسا: اسم بلدة تقع في سوريا، وهي الآن - قريبة من الحدود السورية - العراقية .

رجل من موالي أهل الكوفة في شعفاء، فيقتله أمير جيش السفياني بين الحيرة والكوفة. ويبعث السفياني بعثا إلي المدينة، فينفر(أي: يخرج) المهدي منها إلي مكة، فيبلغ أمير جيش السفياني أن المهدي قد خرج إلي مكة، فيبعث جيشا علي أثره، فلا يدركه حتي يدخل (الإمام المهدي) مكة خائفا يترقب، علي سنة موسي بن عمران(1). وينزل أمير جيش السفياني البيداء، فينادي مناد من السماء: «يا بيداء أبيدي القوم»(2)فيخسف بهم، فلا يفلت منهم إلا ثلاثة نقر، يحول الله وجوههم إلي أقفيتهم(3)وهم من كلب(4) وفيهم نزلت هذه الآية: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَيٰ أَدْبَارِهَا »(5).

وروي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال:

«كأني بالسفياني - أو بصاحب السفياني(6)قد طرح رحله في رحبتكم بالكوفة(7)فنادي مناديه: «من جاء برأس شيعة علي فله ألف درهم»فيثب الجار علي جاره ويقول:«هذا منهم»، فيضرب عنقه، ويأخذ ألف درهم»(8).

وروي - أيضا - عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال:

ص: 186


1- يترقب -في اللغة - بمعني: ينتظر، ولعل الإمام ينتظر وصول الأخبار، أو ينتظر إذن الله بالظهور والقيام. السنة - في اللغة -: الطريقة والسيرة، «علي سنة موسي»أي : كما حدث ذلك لموسي، حيث إنه خرج من مدينة فرعون - مصر- خائفا ينتظر ملاحقة أعوان فرعون له، قال تعالي : «فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ»[القصص:21].
2- البيداء : الفلاة. أبيدي: أي أهلكي، يقال : أباده : أي أهلكه، من الإبادة .
3- أقفية - جمع قفا: أي يقلب الله وجوههم إلي الخلف.
4- من كلب : أي من قبيلة كلب.
5- سورة النساء، الآية: 47، وقوله عليه السلام : «وفيهم نزلت هذه الآية»:أي تأويلا. وهذا الحديث رواه النعماني في كتاب الغيبة ص279–280. وذكره الشيخ المجلسي في كتاب بحار الأنوار ج 52، ص 237.
6- من الواضح أن الترديد من الراوي .. لا من الإمام
7- الرحبة: محلة في الكوفة، والرحبة - في اللغة - : الساحة الواسعة المنبسطة. وعليه يكون المعني: «نزل في ساحتكم بالكوفة».
8- كتاب الغيبة للشيخ الطوسي، وذكره الشيخ المجلسي في كتاب بحار الأنوار ج52، ص215.

«سفياني من المحتوم، وخروجه في رجب، ومن أول خروجه إلي آخره خمسة عشر شهرا، ستة أشهر يقاتل فيها، فإذا ملك الكور الخمس(1)ملك تسعة أشهر، ولم يزد عليها يوما واحدا»(2)

وروي عن معلي بن خنيس قال: سمعت أبا عبد الله - الصادق عليه السلام- يقول:

«من الأمر محتوم، ومنه ما ليس بمحتوم، ومن المحتوم: خروج السفياني في رجب»(3).

وروي عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام:

«إذا اختلف الرمحان بالشام لم تنجل إلا عن آية من آيات الله»(4). قيل: وما هي ياأمير المؤمنين؟ قال:

«رجفة تكون بالشام يهلك فيها أكثر من مائة ألف، يجعلها الله رحمة للمؤمنين وعذابا علي الكافرين، فإذا كان ذلك فانظروا إلي أصحاب البراذين الشهب المحذوفة (5) والرايات الصفر، تقبل من المغرب حتي تحل بالشام، وذلك عند الجزع الأكبر والموت

ص: 187


1- الكور - جمع كورة، علي وزن غرف وغرفة -: هي المدينة، والناحية، كما في مجمع البحرين للطريحي. والكور الخمس هي : دمشق، وحمص، وفلسطين، والأردن، وقنسرين. كما تمر ذلك في حديث عن الإمام الصادق عليه السلام مروي في بحار الأنوار ج 52، ص206.
2- كتاب الغيبة للنعماني ص 300، وذكره المجلسي في بحار الأنوار ج 52، ص248.
3- المصدر السابق ص300، وبحار الأنوار ج 52، ص249.
4- لم تنجل: أي لم تنكشف، من الانجلاء: بمعني الانكشاف.
5- البراذين - جمع برذون -: التركي من الخيل، وقد يطلق هذا الاسم علي الدابة التي تحمل الأثقال . الشهب : صفة لون البراذين، والشهبة : اللون الأبيض الذي يتخلله سواد. المحذوفة : أي مقطوعة الأذان أو الأذناب أو قصيرتهما، ويحتمل أن يكون الصحيح «المخذرفة»أي المسرعة، والخذرفة: ما ترمي الإبل بأخفافها من الحصي إذا أسرعت. كما في كتاب (لسان العرب) مادة خذرف. ويحتمل أن تكون هذه الألفاظ إشارة إلي الوسائل النقلية أو الحربية، كالدبابات وناقلة الجنود، ويكون الشهب: لون تلك السيارات والوسائل، ويكون التعبير عن تلك الوسائل ب-«البراذين»تكما مع الناس بلغتهم، في ذلك العصر الذي لم تكن فيه سيارة أو دبابة أو ما أشبهها من الوسائل المتطورة الحديثة الموجودة حاليا.

الأحمر. فإذا كان ذلك فانظروا خسف قرية من دمشق يقال لها: (حرستا)(1)فإذا كان ذلك خرج ابن آكلة الأكباد(2)من الوادي اليابس، حتي يستوي علي منبر دمشق، فإذا كان ذلك فانتظروا خروج المهدي عليه السلام (3).

وروي عن الأصبع بن نباتة قال: سمعت أمير المؤمنين صلي الله عليه و آله يقول للناس:

«... ولذلك علامات: ... وخروج السفياني براية حمراء، أميرها رجل من كلب(4)واثني عشر ألف عنان(5)من خيل السفياني يتوجه إلي مكة والمدينة، أميرها (6) رجل من بني أمية يقال له: خزيمة، أطمس العين الشمال (7)علي عينه ظفرة غليظة(8) يمثل بالرجال(9) لا ترد له راية(10) حتي ينزل المدينة في دار يقال لها: دار أبي الحسن الأموي. ويبعث خيلا في طلب رجل من آل محمد(11) وقد اجتمع إليه ناس من الشيعة يعود إلي مكة، أميرها رجل من غطفان، إذا توسط القاع الأبيض، خسف بهم، فلا ينجو إلا رجل يحول الله وجهه إلي قفاه، لينذرهم،

ص: 188


1- حرستا: اسم قرية كبيرة عامرة، تقع في ضواحي دمشق .. علي طريق حمص.. كما في معجم البلدان ومراصد الاطلاع
2- ابن آكلة الأكباد: يعني السفياني.
3- كتاب الغيبة للنعماني صه 305-306، وكتاب عقد الدرر ليوسف بن يحيي الشافعي ص 53، طبع مصر سنة 1399 ه-.
4- كلب : اسم قبيلة.
5- عنان - بكسر العين وتخفيف النون -: هو سير اللجام. وعنان - بفتح العين وتشديد النون- :السباق.
6- أميرها: أي قائد الراية المرسلة إلي مكة والمدينة وهو خزيمة.
7- أطمس العين الشمال، الطمس : ذهاب ضوء العين، والشمال : أي العين اليسري هي المصابة بالطمس.
8- الظفرة : جلدة تغشي العين، وهي تشبه الظفر في بياضها وصلابتها، تنبت من الجانب الذي يلي الأنف علي بياض العين إلي سوادها. يقال ظفرت عينه: أي نبتت فيها الظفرة.
9- لعل الأصح: يمثل بالرجال، من المثلة: وهي قطع أعضاء القتيل، كالأنف والأذنين وأصابع اليدين والرجلين.
10- أي ينتصر ويتغلب علي كل بلدة قصدها
11- الظاهر من هذا الحديث – هو أن قائد الجيش (خزيمة) يبقي في المدينة، ويرسل الجيش إلي مكة لإلقاء القبض علي الإمام المهدي عليه السلام. ويكون قائد الجيش المرسل إلي مكة رجلا من غطفان.

ويكون آية لمن خلفهم، ويومئذ تأويل هذه الآية: «وَلَوْ تَرَيٰ إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ»(1) ويبعث مائة وثلاثين ألفا إلي الكوفة، وينزلون الروحاء والفارق، فيسير منها ستون ألفا حتي ينزلوا الكوفة موضع قبر هود عليه السلام بالنخيلة يوم الزينة(2) وأمير الناس جبار عنيد، يقال له: الكاهن الساحر.فيخرج من مدينة الزوراء (أي: بغداد) إليهم أمير في خمسة آلاف من الكهنة، ويقتل علي جسرها سبعين ألفا(3)، حتي تحتمي (4)الناس من الفرات ثلاثة أيام، من الدماء ونتن الأجساد، وتسبي من الكوفة سبعون ألف بكر، لا يكشف عنها كف ولا قناع حتي يوضعن في المحامل(5)، ويذهب به إلي الثوية وهي العري(6)...»(7).

وروي عن الإمام علي أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال في حديثه عن السفياني -:

«...ثم يسير - في سبعين ألف - نحو العراق والكوفة والبصرة. ثم يدور الأمصار والأقطار، ويقتل أهل العلم، ويحرق المصاحف، ويخرب المساجد، ويستبيح الحرام، ويأمر بضرب الملاهي والمزامير في الأسواق، والشرب علي قوارع الطرق، ويحلل لهم الفواحش، ويحرم عليهم كل ما افترضه الله (عزوجل) من الفرائض، ولا يرتدع عن الظلم والجور، بل يزداد تمردا وعتوا وطغيانا ... ثم يبعث فيجمع الأطفال، ويغلي الزيت لهم، فيقولون: إن كان آباؤنا عصوك فنحن ما ذنبنا؟. فيأخذ منهم اثنين، اسمهما: حسن و حسين، فيصلبهما، ثم يسير إلي الكوفة، فيفعل بهم كما فعله بالأطفال ويصلب علي باب مسجدها طفلين، اسمهما حسن وحسين، فتغلي دماؤهما، كما غلي دم

ص: 189


1- سورة سبأ، الآية: 51. وروي في تفسير علي بن إبراهيم عن الإمام الباقر عليه السلام - في تفسير هذه الآية - أنه قال: «ولو تري إذ فزعوا فلا فوت»من الصوت، وذلك الصوت من السماء «وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ»من تحت أقدامهم، خسف بهم.
2- يوم الزينة: أي يوم العيد.
3- جسرها: أي جسر الكوفة.
4- تحتمي: أي تمتنع وتجتنب .
5- الظاهر أن المراد من المحامل - هنا -: الوسائل النقلية كالسيارات وغيرها.
6- الغري: مدينة النجف الأشرف.
7- بحار الأنوار للشيخ المجلسي: ج52، ص273-274: نقلا عن كتاب (سرور أهل الإيمان)

يحيي بن زكريا، فإذا رأي - السفياني - ذلك أيقن بالهلاك والبلاء، فيخرج هاربا منها متوجها إلي الشام، فلا يري في طريقه أحدا يخالفه. فإذا دخل دمشق، اعتكف علي شرب الخمر والمعاصي، ويأمر أصحابه بذلك..(1)

وروي محمد بن مسلم عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال:

«السفياني أحمر أشقر أزرق(2)، لم يعبد الله قط، ولم ير مكة والمدينة قط، يقول:يا رب.. ثاري والنار، يا رب.. ثاري والنار (3)».

2.اليماني

إن خروج اليماني من العلائم المحتومة لظهور الإمام المهدي المنتظر عليه السلام.

ولقد ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: - ويسبي من الكوفة سبعون ألف بكر لا يكشف عنها كف ولا قناع حتي يوضعن في المحامل ويذهب بهن إلي الثوية وهي الغري... وتقبل رايات من شرقي الأرض غير معلمة ليست بقطن ولا كان ولا حرير، مختوم في رأس القناة بخاتم السيد الأكبر، يسوقها رجل من آل محمد، تظهر بالمشرق وتوجد ريحها بالمغرب كالمسك الأذفر، يسير الرعب أمامها بشهر حتي ينزلوا الكوفة طالبين بدماء آبائهم (من ظاهر الكلام يبدو أنهم من أهل العراق).

ص: 190


1- عقد الدرر للشافعي: ص 93–94.
2- لعل المراد : أنه أحمر اللون، أشقر الشعر، أزرق العين.
3- أي : إني أطلب ثاري ولو كان بدخول النار، ويقصد من الثار: ما فعله السيد الهاشمي، من قتل بني أمية وإبادتهم، فقد روي نعيم بن حماد - شيخ البخاري - في كتاب الفتن، عن أبي قبيل، قال : يملك رجل من بني هاشم، فيقتل بني أمية، فلا يبقي منهم إلا اليسير، لا يقتل غيرهم، ثم يخرج رجل من بني أمية، فيقتل بكل رجل رجلين، حتي لا يبقي إلا النساء، ثم يخرج المهدي. وروي –أيضا –عن أبي قبيل قال : يبعث السفياني جيشا إلي المدينة، فيأمر بقتل كل من كان فيها من بني هاشم حتي الحبالي، وذلك لما صنع الهاشمي الذي يخرج من الشرق يقول: ما هذا البلاء كله وقتل أصحابي إلا من قبلهم، فيأمر بقتلهم فيقتلون، حتي لا يعرف بالمدينة منهم أحد، ويفترقوا منها هاربين إلي البوادي والجبال وإلي مكة، حتي نساؤهم يضع فيهم السيف أياما، ثم يكف عنهم، فلا يظهر منهم إلا خائف، حتي يظهر أمر المهدي عليه السلام بمكة، المصدر: عقد الدرر ليوسف بن يحيي الشافعي.

فبينما هم علي ذلك إذ أقبلت خيل اليماني والخراساني يستبقان كأنهما فرسي رهان...(1).

وعن النبي صلي الله عليه و آله لا يخرجون متوجهين إلي الشام فتخرج راية هدي من الكوفة فتلحق ذلك الجيش فيقتلونهم، ولا يفلت منهم مخبر (أي ولا واحد منهم)، ويستنقذون ما في أيديهم من السبي والغنائم»(2).

وروي عن الباقر عليه السلام أنه قال، وضمن حديث طويل:

«وخروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة، في شهر واحد، في يوم واحد، نظام كنظام الخرز(3) يتبع بعضه بعضا... وليس في الرايات أهدي من راية اليماني، هي راية هدي لأنه يدعوكم إلي صاحبكم(4) فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح علي الناس وكل مسلم، وإذا خرج اليماني فانهض إليه، فإن رايته راية هدي، ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه(5) فمن فعل ذلك فهو من أهل النار، لأنه يدعو إلي الحق وإلي طريق مستقيم(6).

3. الصيحة في السماء

إن الله عز وجل شاء أن يوفر كل عوامل النجاح لقيام ثورة الحق للإمام المهدي المنتظر عليه السلام سواء كانت تلك العوامل طبيعيةضمن حركة الأحداث والأحوال في المجتمع البشري، أو المعاجر السائدة لظهوره الشريف، فالله بالغ أمره.

لذا تعتبر الصيحة السماوية، أو النداء السماوي من العلائم المحتومة.

فالصيحة هي صوت عظيم يحدث في السماء كصوت الرعد أو ما شابه ذلك،

ص: 191


1- بحار الأنوار: ج52، ص274.
2- المصدر السابق : ج52، ص238 عن غيبة النعماني.
3- الخرز - جمع خرزة - وهي الحبات المثقوبة والتي تصنع من السبحة والقلادة .
4- أي الإمام المهدي المنتظر عليه السلام.
5- يلتوي عليه : أي يتثاقل، أو يدير وجهه عنه إعراضا واستكبارا
6- المصدر السابق : ج52، ص232، وكتاب الغيبة للنعماني ص255 باب 14 حديث 13

يحدث في فجر ليلة القدر الثالث والعشرين من آخر شهر رمضان ضمن عصر الغيبة حيث يتعقبه ظهور الإمام المهدي المنتظر عليه السلام في شهر محرم الحرام.

فعن الإمام الصادق عليه السلام قال: «الصيحة التي في شهر رمضان تكون ليلة الجمعة لثلاث وعشرين مضين من شهر رمضان»(1).

وهذا الصوت سيكون علي شكل عبارة أو عبارات يسمعها كل أهل لغة بلغتهم وقد صرحت الأحاديث أن الصيحة السماوية تكون بصوت جبرائيل عليه السلام وأنه هو المنادي.

وعن أبي حمزة الثمالي أنه قال للإمام الصادق عليه السلام:

... فكيف يكون النداء؟ قال:

«ينادي مناد من السماء أول النهار يسمعه كل قوم بألسنتهم: «ألا إن الحق في علي وشيعته» ثم ينادي إبليس - في آخر النهار -: «ألا إن الحق في السفياني وشيعته»فيرتاب عند ذلك المبطلون»(2).

وعن الإمام الباقر عليه السلام: «الصوت في شهر رمضان في ليلة ثلاث وعشرين، فلا يبقي شيء خلق الله فيه الروح إلا سمع الصيحة، فتوقظ النائم ويخرج إلي صحن داره، وتخرج العذراء من خدرها»(3)

وعن الإمام الصادق عليه السلام: «إنّ أول من يبايع القائم عليه السلام جبرائيل، ينزل في صورة طير أبيض، فيبايعه ثم يضع رجلا علي بيت الله الحرام ورجلا علي بيت المقدس، ثم ينادي بصوت طلق ذلق (4)تسمعه الخلائق: «أَتَي أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ »(5)

وعن زرارة بن أعين أنه سمع الإمام الصادق عليه السلام يقول:

ص: 192


1- بحار الأنوار: ج 52، ص 204 عن إكمال الدين.
2- كتاب الغيبة للشيخ الطوسي ص266، إكمال الدين: ج2، ص652.
3- المصدر السابق
4- طلق ذلق : البليغ الفصيح اللسان.
5- إكمال الدين، والآية من سورة النحل رقم 1.

«...وينادي منادٍ: إن عليا وشيعته هم الفائزون».قلت: فمن يقاتل المهدي بعد هذا؟ فقال:

«إن الشيطان ينادي: إن فلانا وشيعته هم الفائزون - لرجل من بني أمية(1). قلت: فمن يعرف الصادق من الكاذب؟ فقال:

يعرفه الذين كانوا يروون حديثنا ويقولون إنه يكون قبل أن يكون، ويعلمون أنهم هم المحقون الصادقون»(2).

وفي حديث آخر قال الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام:

«... فيقول جبرائيل في صيحته: «يا عباد الله، اسمعوا ما أقول: إن هذا مهدي آل محمد، خارج من أرض مكة فأجيبوه»(3)

4. قتل النفس الزكية

إن من العلائم المحتومة هو قتل النفس الزكية، وإن ذبح النفس الزكية والتي تكون بمكة المكرمة بين الركن والمقام وفي المسجد الحرام هي علامة حتمية لظهور الإمام المهدي المنتظر عليه السلام.

وقد روي: النفس الزكية حسب الأحاديث هو غلام من آل محمد وهو في أوائل شبابه واسمه محمد بن الحسن يرسله الإمام المهدي المنتظر عليه السلام إلي أهل مكة ليستنصرهم فينقضون عليه ويذبحونه بين الركن والمقام. فإذا قتلوه لم يبق لهم في السماء عاذر ولا في الأرض ناصر.

ويكون بين قتل النفس الزكية وقيام المهدي المنتظر عليه السلام خمسة عشر يوما.

وإنما سمي بالنفس الزكية لأنه يقتل بلا ذنب، اقترفه أو جرم أو ظلم أقامه،بل إنه يقتل لأنه أرسل إلي أهل مكة من قبل الإمام المهدي المنتظر عليه السلام، والرسالة شفوية

ص: 193


1- أي عثمان بن عنبسة والملقب بالسفياني.
2- كتاب الغيبة للنعماني ص264، الباب الرابع عشر، ج28.
3- خطبة البيان، إلزام الناصب : ج2، ص200.

ولا تشمل علي شيء من التهديد والوعيد والسب وغيره، بل شملت الاستنصار والاستنجاد بأهل مكة.

وعن الإمام الباقر عليه السلام قال في حديث طويل: يقول القائم عليه السلام لأصحابه (في المدينة):

«يا قوم إن أهل مكة لا يريدونني، ولكني مرسل إليهم لأحتج عليهم بما ينبغي لمثلي أن يحتج عليهم».

فيدعو رجلا من أصحابه فيقول له: امض إلي أهل مكة فقال: يا أهل مكة أنا رسول فلان(1) إليكم وهو يقول لكم: إنا أهل بيت الرحمة، ومعدن الرسالة والخلافة، ونحن ذرية محمد وسلالة النبيين، وإنا قد ظلمنا واضطهدنا وقهرنا، وابتز منا حقنا منذ قبض نبينا إلي يومنا هذا، فنحن نستنصركم فانصرونا».

فإذا تكلم هذا الفتي بهذا الكلام أتوا إليه فذبحوه بين الركن والمقام، وهي النفس الزكية.

فإذا بلغ ذلك الإمام قال لأصحابه: ألا أخبرتكم أن أهل مكة لا يريدوننا(2).

وقال الإمام الباقر عليه السلام:

«...وقتل غلام من آل محمد صلي الله عليه و آله بين الركن والمقام، اسمه محمد بن الحسن:

النفس الزكية، ... فعند ذلك خروج قائمنا»(3)

ووصف أمير المؤمنين عليه السلام قتل النفس الزكية فقال:

«قتل نفس حرام في يوم حرام في بلد حرام عن قوم من قريش، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما لهم ملك بعده غير خمس عشرة ليلة»(4)

ص: 194


1- فلان : ويقصد به نفسه المقدسة أي الإمام المهدي المنتظر عليه السلام.
2- بحار الأنوار: ج 52، ص307.
3- المصدر السابق: ج52، ص192، نقلا عن إكمال الدين للشيخ الصدوق.
4- المصدر السابق: ج52، ص234، عن غيبة النعماني

وأكد الإمام الصادق عليه السلام فقال:

ليس بين قيام قائم آل محمد وبين قتل النفس الزكية إلا خمس عشرة ليلة»(1).

لذا نري من هذه الروايات، عندما يري الإمام عليه السلام قتل رسوله، وأن جيش السفياني قد خرج في طريقه إلي المدينة المنورة يخرج الإمام المهدي المنتظر عليه السلام منها متوجها إلي مكة مهبط وحي الله.

يقول الإمام الباقر عليه السلام :

«ويبعث - أي السفياني - بعثا إلي المدينة ... ويخرج المهدي عليه السلام منها علي ستة موسي خائفا يترقب حتي يقدم مكة»(2).

وعن الصادق عليه السلام . قال:

«كأني أنظر إليه دخل مكة وعليه بردة رسول الله صلي الله عليه و آله وعلي رأسه عمامة صفراء، وفي رجليه نعل رسول الله صلي الله عليه واله المخصوفة، وفي يده هراوته يسوق بين يديه عنازا عجافا حتي يصل بها نحو البيت ليس ثم أحد يعرفه(3).

وما إن يصل جيش السفياني إلي المدينة المنورة حتي يستبيحها ثلاثة أيام كما فعل أسلافه في أيام يزيد بن معاوية، فيعيثون فيها الفساد قتلا ونهبا وهتكا للأعراض والحرمات، باحثا عن الإمام المهدي عليه السلام الثائر»..

وقد روي عن النبي صلي الله عليه و آله مشاهده قال:

«ويحل الجيش الثاني (كان الأول من العراق) بالمدينة فينتهبونها ثلاثة أيام بلياليها»(4) .

ص: 195


1- بحار الأنوار: ج 52، ص203 عن إكمال الدين.
2- المصدر السابق : ج 52، ص223، عن تفسير العياشي.
3- المصدر السابق : ج53، ص6.
4- المصدر السابق : ج2ص186 عن تفسير الكشاف.

5- الخسف في البيداء

وهي العلامة الخامسة من العلائم المحتومة لظهور الإمام المهدي المنتظر عليه السلام.

وقد تكرر ذكر الخسف في الأحاديث المتقدمة والكثيرة.

فنري أن السفياني يرسل جيشا جرارا إلي المدينة المنورة وذلك لملاحقة الإمام المهدي المنتظر عليه السلام ومحاربته والقضاء عليه. فعندما يصل جيش السفياني إلي المدينة المنورة يسمع بأن الإمام عليه السلام قد خرج نحو مكة المكرمة، فعندها يخرج الجيش من المدينة نحو مكة، وعندما يصل إلي وسط الصحراء بين المدينة المنورة ومكة المكرمة، فيخسف بهم الله الأرض، فتبتلعهم جميعا بمن فيهم ولا ينجو منهم إلا رجلان من قبيلة جهينة وعند جهينة الخبر اليقين بالخسف.

وهذه إرادة الله عز وجل حيث قال في كتابه العزيز:

«إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ»(1)

إذن فالخسف هو انشقاق الأرض وحدوث فجوة وحفرة عميقة حيث لا نستطيع نحن البشر أن تقدر أبعادها وعمقها، فتنشق فجأة ويتساقط جيش السفياني الظالم في أعماقها ومن بعدها تنهار عليهم ملايين الأطنان من التراب وعندها يهلكوا جميعا ولا تبقي منهم باقية فعن النبي صلي الله عليه و آله:

«ولا يفلت منهم إلا رجلان من جهينة».

يقول الراوي: فلذلك جاء القول: وعند جهينة الخبر اليقين(2)

وعن الباقر عليه السلام قال:

«فيبلغ أمير جيش السفياني أن المهدي قد خرج إلي مكة فيبعث جيشا علي أثره فلا يدركه، حتي يدخل مكة خائفا يترتب علي سنة موسي بن عمران.

ص: 196


1- سورة يس ، الآية 82.
2- بحار الأنوار : ج52، ص187 عن تفسير الكشاف.

قال: وينزل أمير جيش السفياني البيداء فينادي مناد من السماء: يا بيداء أبيدي القوم.

فيخسف بهم(1)

وفي هذا المجال روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال - في حديث طويل تحدث فيه عن ما بعد ظهور الإمام المهدي:

«وسيدنا القائم مسند ظهره إلي الكعبة،... ثم يقبل علي القائم رجل وجهه إلي قفاه، وقفاه إلي صدره، ويقف بين يديه فيقول: يا سيدي أنا بشير، أمرني ملك من الملائكة أن ألحق بك، وأبشرك بهلاك جيش السفياني بالبيداء، فيقول له القائم: بين قصتك وقصة أخيك؟. فيقول الرجل: كنتُ وأخي في جيش السفياني، وخربنا الدنيا من دمشق إلي الزوراء(2) وتركناها جماء (3) وخربنا الكوفة وخربنا المدينة، وكسرنا المنبر، وراثت بغالنا في مسجد رسول الله صلي الله عليه و اله وخرجنا منها.. نريد إخراب البيت وقتل أهله، فلما صرنا في البيداء عرسنا فيها(4)فصاح بنا صائح: يا بيداء أبيدي القوم الظالمين، فانفجرت الأرض وبلعت كل الجيش، فوالله ما بقي علي وجه الأرض عقال ناقة فما سواه غيري وغير أخي، فإذا نحن بملك قد ضرب وجوهنا فصارت إلي ورائنا كما تري، فقال لأخي: ويلك امض إلي الملعون السفياني بدمشق فأنذره بظهور المهدي من آل محمد، وعرفه أن الله قد أهلك جيشه بالبيداء. وقال لي: يا بشير الحق بالمهدي بمكةوبشره بهلاك الظالمين، وتب علي يده فإنه يقبل توبتك، فيمر القائم يده(5) فيرده سويا كما كان أو يبايعه ويكون معه»(6)

ص: 197


1- بحار الأنوار: ج52، ص238 عن غيبة النعماني.
2- الزوراء : بغداد.
3- جماء : ملساء، ولعل المعني: تركنا الأرض قاعا صفصفا.
4- عرس في المكان : نزل به.
5- أي: يمسحها.
6- كتاب إلزام الناصب : ج2، ص259.

ص: 198

ظهور الامام المهدي المنتظر عليه السلام

اشارة

نري أن ظهور الإمام عليه السلام هي آخر مرحلة من مراحل سير البشرية، عبر العصور والتاريخ البشري وستكون تلك المرحلة هي مرحلة إظهار الحق وإزهاق الباطل بتلك الطلعة البشرية السمحاء وظهور الإمام المهدي المنتظر عليه السلام حيث عند ظهوره الشريف روحي وأرواح العالمين لمقدمه الفداء، سيحكم الإمام عليه السلام بكتاب الله وسنة نبيه صلي الله عليه و آله ،وسيكون هناك الانسجام التام لتلك البشرية عن طريق حكمة كتاب الله الحاكم الحكيم وسنة نبي الرحمة محمد صلي الله عليه و آله.

نري أن ظهور الإمام المهدي عليه السلام لا يكون ولن يتحقق ولا يثمر إلا بوجود عوامل متهيئة للبدء والقيام بأكبر حملة تطهير علي وجه الأرض والتغيير الذي يحدث في مجالات الحياة والبشر لنشر راية الحق وإظهارها وإزهاق الباطل وإفشاله.

لذا نري أن هذه الثورة التغييرية تحتاج إلي عوامل ثابتة لإنجاحها وقيامها فعلي سبيل المثال منها:

1- إن ظهور الإمام المهدي عليه السلام لم يكن من عالم الصدفة والحدس، وإنما نتيجة رسالة ومبدأ يكون له منهاجا يسير عليه.

2 - إن هذه الثورة التغييرية لإثبات الحق تحتاج إلي قائد ومخلص ويكون ملما ومدركا للرسالة الربانية والسنة النبوية والعدالة الإلهية حيث يتمكن من خلالها القيام بها وهذه لن تكون إلا بيد الإمام المهدي المنتظر عليه السلام.

3- وهذه القيادة المخلصة للإمام المهدي المنتظر عليه السلام لا تكون إلا بوجود قاعدة لها للقيام والظهور وهذه القاعدة هي الأنصار المطيعين للإمام عليه السلام، أي إن

ص: 199

هؤلاء الأنصار هم المطيعون لتلك القيادة العظيمة والتي أشارت لها الأحاديث الكثيرة عن النبي صلي الله عليه و آله والأئمة المعصومون الطاهرون للقيام بها.

4 - تهيئة تلك الظروف والتي يجب أن تكون ملائمة وحاضرة للقيام بتلك الثورة المباركة لظهوره المحتوم.

لذا نري مما ظهر أن هذه ما هي إلا عبارة عن مباديء عقلانية تستند لها الثورات للقيام بها مهما تكون اتجاهاتها. وما ثورة ظهور الإمام المهدي المنتظر عليه السلام والتي تكون مؤيدة بتأييد الباري (عزوجل) إلا واحدة من تلك الثورات وهي أفضلها علي الإطلاق حيث لا تشذ عن تلك المباديء.

فالإسلام هو نظام إلهي شامل وكامل قد بعثه الله عز وجل وأنزله علي خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلي الله عليه و آله .ليظهره علي البشر كافة.

فنري هذا المنهاج العادل من الله العادل الحاكم والذي بعثه عن طريق خير البشر النبي الأكرم، هو النهج الذي يرتضيه الله عز وجل لعباده.

إن الدين عند الله الإسلام: فلو استجاب الناس منذ أنزل الله الكتاب علي النبي محمد صلي الله عليه و آله وبينه النبي الأكرم واستجاب له الناس والبشرية منذ وجوده ونزوله لما كنا نحن الناس علي الحال الذي نحن عليه الآن !!

فلذا نري أن المنجي والقائد الهمام الذي يدرك تلك الرسالة المحمدية ويملك تلك القيادة لقيادتها وتطبيقها علي المجتمعات والبشر كافة بعدما ساخت في الأرض فسادا وثبورا، لإجراء العملية التغييرية الهادفة للمجتمع.

فلا أفضل ولا أحسن من الإمام المهدي المنتظر عليه السلام بقية الله في الأرض، فهو وفق العقيدة الحقة، قائد وإمام معصوم عن الخطأ وظهوره يكون مسددا من الله (عزوجل) ومؤيدا بالملائكة ولا يقف أمامه حاجز ومانع عن المضي بإقامة العدل الإلهي وتطبيق الشريعة السمحاء وإنقاذ المحرومين والمستضعفين علي وجه الأرض والقضاء علي الجبروت والفساد والجور والحرمان.

ص: 200

إذن فالإمام المهدي المنتظر عليه السلام هو القائد الذي ادخره الله عز وجل لليوم الموعود، وهو يوم النصر المشهود والإلهي، والتي أوكلت له هذه القيادة لهداية البشر وإنقاذها من الهاوية لإحقاق الحق وإزهاق الباطل.

لذا فعند ظهور الإمام المهدي المنتظر عليه السلام والمباديء التي يستند إليها من الكتاب الذي أنزله الله علي النبي الأكرم عليه السلام هو نظام يكفل الحريات وتوزيع الثروات بالعدل وحفظ حقوق البشر وحماية الضعفاء والقضاء علي الباطل، حيث يهدي للتي هي أقوم وأصلح في حياة الفرد والمجتمع للبشرية وما خلق علي الأرض كافة وعامة.

وسوف تسقط عند ظهوره عليه السلام كل الحضارات المادية والأنظمة الوضعية التي وضعها البشر نفسهم وليس الخالق المالك الله (عز وجل) ويزيلها ويرسم ويطبق النظام الإلهي الذي جاء به الرسول الأعظم عليه السلام والتي تنبئ بالخير والسعادة التي يأملها الناس والبشرية عامة.

لذا نجد أن عوامل انتصار الإمام عليه السلام علي الباطل ستكون متوافرة ومتهيئة العملية الظهور للمصلح والمخلص، حيث ستصبح محط آمال المنهكين والمظلومين والمحرومين لتلك الطلعة البهية والعدالة الإلهية، وقيام دولة الحق. فعند ظهوره ينادي منادٍ في السماء كما يروي الحديث.

فعن حذيفة عن رسول الله صلي الله عليه و آله أنه قال:

«إذا كان عند خروج القائم، ينادي مناد من السماء: أيها الناس، إن الله قطع عنكم مدة الجبارين، وولي الأمر خير أمة محمد صلي الله عليه و آله، فالحقوا بمكة، فيخرج النجباء من مصر، والأبدال من الشام، وعصائب العراق رهبان بالليل، ليوث بالنهار، كأن قلوبهم زبر الحديد، فيبايعونه بين الركن والمقام»(1).

ص: 201


1- بحار الأنوار: ج 52، ص304. نقلا عن كتاب الاختصاص

أصحاب الإمام المهدي المنتظر عليه السلام وأنصاره

لا بد لكل قائد وثائر من أصحاب وأنصار والأصحاب تسمية أخص من الأنصارلذا فهناك فرق بين الأصحاب والأنصار.

1- فالأصحاب: هم الثلاثمائة والثلاثة عشر، أي عدد أصحاب رسول الله يوم بدر، والذين عبر عنهم أمير المؤمنين عليه السلام «هم أصحاب الألوية»، حيث تتوافر فيهم كل المؤهلات لقيادة الجيوش والعساكر، وقد قال وعبر عنهم الإمام الصادق عليه السلام بقوله:

«وهم حكام الله في أرضه».

فهم الذين تجتمع فيهم أسمي درجات الإيمان والأخلاق وأعلي درجات الشدة والبأس، بالإضافة إلي الطاعة الكاملة لقائد نادر واستماتة في سبيل الله.

لذا فهم من خيرة الأرض يومذاك، فهم الصفوة المختارة الذين يختارهم الله عز وجل لهذا اليوم، فهم ليسوا من بلد واحد، بل من بلاد متعددة ومن قوميات مختلفة بل هم من قارات وأقاليم مختلفة أيضا كما صرحت عنهم الروايات والأحاديث الكثيرة.

إذن فالأصحاب هم ثلاثمائة وثلاثة عشر حيث سيكونون علي قيادة جيش الإمام المهدي المنتظر عليه السلام. فهم كما قال الإمام زين العابدين عليه السلام:

«ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا عدة أهل بدر»(1)

2 - الأنصار: وأما الأنصار فهم المؤمنون الصالحون الذين يلتحقون بالإمام المهدي المنتظر عليه السلام في مكة المكرمة وغيرها من المدن والبلدان المختلفة، وينضوون تحت لوائه الشريف، وهم الذين يحاربون أعداء الله ورسوله.

فعند اجتماع الأصحاب عند رسول الله بين الركن والمقام وهم الثلاثمائة وثلاثة عشر ويخرج بهم الإمام المهدي المنتظر عليه السلام سيخرج أيضا ومعه علي بعض الروايات عشرة آلاف رجل من الأنصار وما هم إلا بعض من أنصاره وسيلتحق بالإمام عليه السلام أنصار في العراق وفي غيرها من البلدان وهم الذين يمتثلون أوامره وتعليماته .

ص: 202


1- بحار الأنوار : ج 52، ص283 عن إكمال الدين .

أحاديث حول أصحاب الإمام المهدي المنتظر عليه السلام

لقد وردت أحاديث كثيرة في مدح هؤلاء الصفوة الذين اختارهم الله تعالي لشرف صحبة الإمام المهدي عليه السلام وفي كيفية التحاقهم بالإمام وتواجدهم في مكة، بل وفي القرآن الكريم آيات مأولة بهذه الجماعة.

وفيما يلي نذكر بعض ما روي في هذا المجال، ثم نشرح بعض ما يتطلب الشرح والتوضيح:

1- روي عن الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام في تأويل قوله تعالي: «وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَيٰ أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ»(1) أنهما قالا:

«إن الأمة المعدودة هم أصحاب المهدي في آخر الزمان، ثلاثمائة وثلاثة عشررجلا، كعدة أهل بدر، يجتمعون في ساعة واحدة، كما يجتمع قزع الخريف (2)»(3).

2- وروي عن الإمام الصادق - عليه السلام - في قوله تعالي: «فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا»(4)- أنه قال: «يعني أصحاب القائم، الثلاثمائة وبضع عشرة، وهم - والله - الأمة المعدودة، يجتمعون في ساعة واحدة كقزع الخريف»(5).

ص: 203


1- سورة هود، الآية:8
2- ينابيع المودة للقندوزي الحنفي، وتفسير البرهان للبحراني في تفسير الآية.
3- القزع - جمع قزعة : وهي القطعة من السحاب، وقزع الخريف : أي قطع السحاب المتفرقة، فكما أن السحاب يري - في فصل الخريف - قطعا صغيرة متفرقة، ثم تجتمع وتتراكم وتصير قطعة واحدة ، كذلك أصحاب الإمام المهدي عليه السلام يجتمعون - من بلاد مختلفة - في مكة، ويلتقي بعضهم ببعض،فتتكون منهم كتلة واحدة.
4- سورة البقرة ، الآية: 148.
5- ينابيع المودة، ورواه النعماني في كتاب الغيبة باب 20 حديث 3.

3- وروي عن الإمام علي أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال:

«يجتمعون قزعا كقزع الخريف من القبائل، ما بين الواحد والاثنين والثلاثة والأربعة والخمسة والستة والسبعة والثمانية والتسعة والعشرة(1)»(2).

4 - وروي عن الإمام محمد الباقر عليه السلام أنه قال:

«أصحاب القائم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، أولاد العجم، بعضهم يحمل في السحاب نهارا، يعرف باسمه واسم أبيه ونسبه وحليته، وبعضهم نائم علي فراشه، فيوافيه في مكة علي غير ميعاد»(3).

5- وروي عن الإمام علي أميرالمؤمنين عليه السلام أنه قال:

«إن أصحاب القائم شباب، لاكهول فيهم إلا كالكحل في العين، أو كالملح في الزاد(4)وأقل الزاد الملح»(5).

6- وقال عليه السلام أيضا - وقد سأله رجل عن الإمام المهدي عليه السلام:

«...فيجمع الله تعالي له قوما، قزع كقزع السحاب، يؤلف الله بين قلوبهم، لا يستوحشون من أحد، ولا يفرحون بأحد يدخل فيهم، علي عدة أصحاب بدر، لم يسبقهم الأولون، ولا يدركهم الآخرون...» إلي آخر الحديث(6).

7- وروي عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام أنه قال:

«فيصير إليه أنصاره من أطراف الأرض، تطوي لهم طيا، حتي يبايعوه»(7)

ص: 204


1- أي : إنهم من قبائل عديدة، فبعض القبائل يكون منها رجل واحد، وبعضهارجلان وبعضها ثلاثة وهكذا إلي العشرة.
2- كتاب الغيبة للنعماني : باب 20 حديث 2.
3- المصدر السابق: باب 20 حديث 8.
4- إشارة إلي قلة وجود الكهول فيهم.
5- بحار الأنوار : ج52، ص333، وكتاب الغيبة للنعماني باب 20 حديث 10.
6- مستدرك الصحيحين للحاكم النيسابوري ج4 ص 554، عقد الدرر ليوسف بن يحيي الشافعي
7- الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي: الفصل الثاني عشر.

8- وقال عليه السلام أيضا:

«إذا أذن الإمام(1) دعا الله باسمه العبراني، فأتيحت له صحابته الثلاثمائة وثلاثة عشر(2) قزع كقزع الخريف، فهم أصحاب الألوية، منهم من يفقد من فراشه ليلا، فيصبح بمكة، ومنهم من يري يسير في السحاب نهارا، يعرف باسمه واسم أبيه وحليته و نسبه».قال الراوي: قلت: جعلت فداك .. أيهم أعظم إيمانا؟ قال عليه السلام:

«الذي يسير في السحاب نهارا، وهم المفقودون، وفيهم نزلت هذه الآية: «أينَ مَا تَكُونُوا يَأتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً (3)

9- وقال الإمام الصادق عليه السلام :

«...ورجال كأن قلوبهم زبر الحديد، لا يشوبها شك في ذات الله، أشد من الحجر، لو حملوا علي الجبال لأزالوها... كأن علي خيولهم العقبان(4) يتمسحون بسرج الإمام (5) يطلبون بذلك البركة، ويحفون به يقونه بأنفسهم في الحروب(6)ويكفونه ما يريد. رجال لا ينامون الليل، لهم دوي في صلاتهم كدوي النحل، يبيتون قياما علي أطرافهم، ويصبحون علي خيولهم، رهبان بالليل، ليوث بالنهار. هم أطوع له من الأمة لسيدها(7) كالمصابيح... كأن قلوبهم القناديل، وهم من خشية الله مشفقون، يدعون بالشهادة، ويتمنون أن يقتلوا في سبيل الله، شعارهم: يا لثارات الحسين. إذا

ص: 205


1- لعل الصحيح هو: «إذا أذن للإمام»ويكون المعني: إذا أذن الله تعالي للإمام بالظهور والقيام، دعا ربه باسم خاص له سبحانه.
2- يقال: أتيح له الشيء: أي قدر ويسر له.
3- كتاب الغيبة للنعماني باب 20 حديث 3.
4- لعل الصحيح : كأنهم علي خيولهم العقبان - جمع عقاب -: وهو طائر من الجوارح، قوي المخالب، ويحتمل أن تكون العبارة هكذا: كأن خيولهم العقبان، فهو تشبيه للخيول بالعقبان، وعلي كل حال فإن «العقبان»يمكن أن تكون صفة للأصحاب، ويمكن -أيضا- أن تكون صفة لمراكبهم التي عبر عنها بالخيول.
5- أي : يتمسحون بسرج فرس الإمام عليه السلام .
6- يقونه من الوقاية. أي : يحفظونه.
7- الأمة : الجارية المملوكة، ولعل التشبيه بها لكونها تطيع أمر مولاها بلا تأمل ولا مناقشة

ساروا يسير الرعب أمامهم مسيرة شهر، يمشون إلي المولي إرسالا، بهم ينصر الله إمام الحق...»(1)

10 - وروي عن الإمام محمد الباقر عليه السلام أنه قال:

«...فمن كان ابتلي بالمسير، وافي في تلك الساعة، ومن لم يبتل بالمسير فقد من فراشه، وهو قول أمير المؤمنين علي عليه السلام:

«المفقودون من فراشهم...»(2).

11 - وقال الإمام الصادق عليه السلام :

«بينا شباب الشيعة علي ظهور سطوحهم نيام، إذ وافوا إلي صاحبهم في ليلة واحدة علي غير ميعاد، فيصبحون بمكة»(3)

12 - وروي عن الإمام علي أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال:

... ألا: وإن المهدي أحسن الناس خلقا وخلقا، ثم إذا قام يجتمع إليه أصحابه،علي عدة أهل بدر وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، كأنهم ليوث قد خرجوا من غاباتهم، مثل زبر الحديد، لو أنهم هموا بإزالة الجبال الرواسي لأزالوها عن مواضعها(4) فهم الذين وحدوا الله حق توحيده، لهم بالليل أصوات كأصوات الثواكل، خوفا وخشية من الله تعالي(5) قوام الليل، صوام النهار، كأنما رباهم أب واحد وأم واحدة، قلوبهم مجتمعة بالمحبة والنصيحة.. ألا وإني أعرف أسماءهم وأمصارهم...»(6).

13 - وقال الإمام محمد الباقر عليه السلام :

ص: 206


1- بحار الأنوار: ج 52، ص308.
2- كتاب الغيبة للنعماني: باب 20 حديث 6.
3- المصدر السابق: باب 21 حديث 11.
4- الرواسي : الثوابت الرواسخ
5- الثواكل - جمع ثكلي - : المرأة التي فقدت عزيزها.
6- إلزام الناصب للشيخ علي الحائري ج2 ص200، نوائب الدهور للميرجهاني ج2، ص114.

يبايع القائم- بين الركن والمقام - ثلاثمائة ونيف، عدة أهل بدر، فيهم النجباء من أهل مصر، والأبدال من أهل الشام، والأخبار من أهل العراق»(1)...»(2).

14 - وروي حذيفة عن رسول الله صلي الله عليه و آله أنه قال:

«إذا كان عند خروج القائم، ينادي مناد من السماء: أيها الناس، إن الله قطع عنكم مدة الجبارين، وولي الأمر خير أمة محمد صلي الله عليه و آله فالحقوا بمكة، فيخرج النجباء من مصر، والأبدال من الشام، وعصائب العراق رهبان بالليل، ليوث بالنهار، كأن قلوبهم زبر الحديد، فيبايعونه بين الركن والمقام»(3).

فبعد الاستعراض الذي استعرضناه حول أصحاب الإمام المهدي المنتظر عليه السلام وعدتهم وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر عدد عدة بدر نري الآن كيفية ظهورهم واجتماعهم مع الإمام المهدي المنتظر عليه السلام.

نري أن عددا من الأصحاب يتواجدون في مكة المكرمة فيبحثون عن الإمام عليه السلام.

فيأتيهم رجل من عند الإمام ويسألهم: كم أنتم هاهنا؟

فيقولون: نحو من أربعين رجلا.

فيقول: كيف أنتم لو رأيتم صاحبكم - يعني الإمام المهدي المنتظر عليه السلام؟

فيقولون: والله لو نادي بنا الجبال لناديناها معه. (أي: لو نهض بنا لمقاتلة الجبال النهضنا نقاتل معه الجبال، وبهذا الكلام يعبرون عن عمق اعتقادهم بالإمام المهدي المنتظر عليه السلام وهم بأتم الاستعداد للفداء والتضحية والامتثال لأوامره.

ص: 207


1- الأبدال : قوم من الصالحين لا تخلو الدنيا منهم، إذا مات واحد أبدل الله مكانه آخر. كما في (مجمع البحرين) للطريحي. وقال الفيروزآبادي في القاموس: الأبدال : قوم يقيم الله بهم الأرض، وهم سبعون: أربعون بالشام (المقصود من الشام - هنا -: سوريا ولبنان وفلسطين والأردن) وثلاثون بغيرها، لا يموت أحدهم إلا قام مقامه آخر من سائر الناس. وقال - أيضا- :النجباء: هم الأفاضل من الناس.
2- بحار الأنوار: ج52، ص334، نقلا عن كتاب (الغيبة) للشيخ الطوسي.
3- المصدر السابق : ج52، ص304، نقلا عن كتاب الاختصاص.

ثم يأتيهم الرجل في الليلة القابلة ويقول: أشيروا إلي رؤوسكم أو خياركم عشرة، فيشيرون له إليهم، فينطلق بهم حتي يلتقوا بالإمام المهدي عليه السلام.(1)

وفي الليلة الأخري يفسح المجال للآخرين حتي يلتقوا بالإمام المهدي عليه السلام بصورة مكشوفة.

وأخيرا: يجتمع العدد الكامل وهو (ثلاثمائة وثلاثة عشر) عند الإمام المهدي المنتظر عليه السلام ويكون اجتماعهم معه في مكة المكرمة أو في ضاحية من ضواحيها.

فإذا صار اليوم الخامس والعشرون من شهر ذي الحجة أرسل الإمام المهدي المنتظر عليه السلام الرجل الملقب (بالنفس الزكية) والذي قد ذكرناه بأنه من العلائم المحتومة إلي أهل مكة فينقضون عليه ويذبحونه بين الركن والمقام، ويرسلون برأسه إلي السفياني بالشام».

لذا فهؤلاء الأصحاب هم خلاصة التكامل البشري فيما دون الأنبياء والأئمة.

وهم معروفون في السماء وعند الأئمة عليهم السلام ولهم أسماء وقبائل وبلدان متعددةولا يزيد عليهم واحد ولا ينقص.

ويغلب علي هؤلاء الأصحاب الأصفياء والنجباء عنصر الشباب كقائدهم الغيور الإمام الهمام المهدي المنتظرعليه السلام الذي يبدو كشاب في الأربعين من عمره حسب الروايات والأحاديث الكثيرة عنه. وبالرغم من تجاوز عمره الحقيقي الألف عام.

ففي الحديث عن أمير المؤمنين عليه السلام :

أصحاب المهدي شباب لا كھول فيهم إلا مثل كحل العين، والملح في الزاد،وأقل الزاد الملح»(2).

وعن النبي صلي الله عليه و آله يصفهم مع سيدهم وإمامهم:

ص: 208


1- كتاب الغيبة للنعماني: باب 30 ص182، مرويا عن الإمام الباقر عليه السلام، وقد ضممنا إلي الحديث بعض التوضيحات.
2- بحار الأنوار: 284 وعنه في بحار الأنوار: ج52، ص334.

«كدادون مجدون في طاعته(1).

لذا تراهم (الأصحاب الثلاثمائة وثلاثة عشر) يعرفون الإمام المهدي المنتظر عليه السلام حق المعرفة وقد ذابت قلوبهم شوقا إليه و انتظارا لظهوره، وهاهم يرونه أي الإمام عليه السلام إمامهم وقد حباهم الله بنصرته والجهاد بين يديه.

لذا فالإمام المهدي المنتظر عليه السلام يعتبر لديهم أعز من كل أحد، فقد تركوا الأوطان والأهل والأحباء واستبدلوا كل هذا بقربه وخدمته، بل هو أعز لديهم من أنفسهم وقدجعلوها وفاء له يفدونه بها.

لذا نراهم هم الصفوة والخيرة من المؤمنين، وسيكون لهم دور القيادة الثانوية بعد الإمام المهدي عليه السلام حيث سيحتلون مراكز الولاية للإمام في أرجاء الأرض بعد استقرار دولة الحق.

يقول الإمام الصادق عليه السلام واصفا حضور أصحاب الإمام عليه السلام في مكة قبل يوم الظهور:

«...فهؤلاء ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا يجمعهم الله عز وجل بمكة في ليلة واحدة وهي ليلة الجمعة، فيصبحون بمكة في بيت الله الحرام».

«لا يتخلف منهم رجل واحد، فينتشرون بمكة في أزقتها ويطلبون منازل يسكنونها فينكرهم أهل مكة، وذلك لأنهم لم يعلموا بقافلة قد دخلت من بلدة من البلدان لنجح ولا لعمرة ولا تجارة، فيقول من يقول من أهل مكة بعضهم لبعض: ما ترون قوما من الغرباء في عامنا هذا؟ عليه السلام لم يكونوا قبل هذا عليه السلام ليس هم من أهل بلدة واحدة، ولا هم من قبيلة واحدة، ولا معهم أهل ولا دواب !

(إنهم مجموعة كبيرة من الشباب المؤمن ذوو السيماء الصالحة المميزة التي يندروجودها في أهل مكة مما يلفت النظر إليها).

ص: 209


1- بحار الأنوار: ج 52، ص311 عن عيون أخبار الرضا عليه السلام.

فبينما هم كذلك إذ أقبل رجل من بني مخزوم فيتخطي رقاب الناس ويقول: رأيت في ليلتي هذه رؤيا عجيبة، وأنا لها خائف و قلبي منها وجل!

فيقولون له: سر بنا إلي فلان الثقفي فأقصص عليه رؤياك. فيأتون الثقفي فيقول المخزومي: رأيت سحابة انقضت من عنان السماء فلم تزل حتي انقضت علي الكعبة ما شاء الله وإذا فيها جراد ذو أجنحة خضر، ثم تطايرت يمينا وشمالا لا تمر ببلد إلا أحرقته، ولا بحصن إلا حطمته.

فيقول الثقفي : لقد طرقكم في هذه الليلة جند من جنود الله جل وعز لا قوة لكم به.

فيقولون: أما والله لقد رأينا عجبا !

ويحدثونه بأمر القوم، ثم ينهضون من عنده فيهتمون بالوثوب بالقوم وقد ملأ الله قلوبهم رعبأ وخوفا، فيقول بعضهم لبعض وهم يأتمرون بذلك: يا قوم، لا تعجلوا علي القوم ولم يأتوكم بمنكر، ولا شهروا السلاح، ولا أظهروا الخلاف، ولعله أن يكون في القوم رجل من قبيلتكم (أي لهم من يعرفهم من أهل مكة) فإن بدا لكم من القوم أمر تنكرونه فأخرجوهم.

أما القوم فمتنسكون، سيماهم حسنة، وهم في حرم الله جل وعز الذي لا يفزع من دخله حتي يحدثوا فيه حادثة، ولم يحدث القوم ما يجب به محاربتهم.

فيقول المخزومي وهو عميد القوم: أنا لا آمن أن يكون وراءهم مادة (أي قوات تصل تباعا) وإن أتت إليهم انكشف أمرهم وعظم شأنهم، فاحصوهم وهم في قلة العدد وعرة بالبلد قبل أن تأتيهم المادة، فإن هؤلاء لم يأتوكم إلا وسيكون لهم شأن، وما أحسب تأويل رؤيا صاحبكم إلا حقا.

فيقول بعض لبعض: إن كان من يأتيكم مثلهم فإنه لا خوف عليكم منهم، لأنه لا سلاح معهم، ولا حصن يلجأون إليه، وإن أتاكم جيش نهضتم بهؤلاء فيكونون كشربة ظمآن.

فلا يزالون في هذا الكلام ونحوه حتي يحجز الليل بين الناس، فيضرب علي آذانهم

ص: 210

بالنوم فلا يجتمعون بعد انصرافهم إلي أن يقوم القائم، فيلقي أصحاب القائم عليه السلام بعضهم بعضا كبني أب وأم افترقوا غدوة واجتمعوا عشية(1).

يتم التعارف بين أصحاب الإمام عليه السلام فرحين بهذا التوفيق لنصرة خليفة الله في الأرض المستتر من الناس، وهم يترقبون إعلان ظهوره المبارك.

وفي صباح يوم الجمعة العاشر من محرم يقف الإمام عليه السلام بين الركن والمقام ليعلن بداية المرحلة الأخيرة في المسيرة الإنسانية علي الأرض في إقامة حكم الله عز وجل في كافة المعمورة ولتتحقق إرادته جل وعلا وغايته من خلق الجن والإنس ألا وهي العبادة«وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ»(2).

يقول الإمام الصادق عليه السلام:

«إن القائم صلوات الله عليه ينادي باسمه ليلة ثلاث وعشرين (من شهر رمضان) ويقوم يوم عاشوراء يوم قتل فيه الحسين بن علي عليه السلام»(3).

إنها نهاية تاريخ طويل من المعاناة والصراع بين الحق والباطل، ونهاية عصر غيبة طويل دام أكثر من ألف سنة.

طال فيه انتظار المؤمنين، ودمعت فيه عيونهم شوقا إليه وإلي ما يحمل من خير وعدل و صلاح، وليخلصهم من التيه والضياع الذي أثقل عليهم دون أن يتمتعوا بمزايا وجود الإمام بشكل مباشر.

يقول أمير المؤمنين عليه السلام :

«للقائم منا غيبة أمدها طويل، كأني بالشيعة يجولون جولان النعم في غيبته،يطلبون المرعي فلا يجدونه»(4)!

ص: 211


1- الملاحم والفتن: 169.
2- سورة الذاريات، الآية: 56.
3- بحار الأنوار: ج 52، ص 290 عن غيبة الطوسي.
4- المصدر السابق : ج51، ص109 عن إكمال الدين.

إنها فتن وآلام وأحزان أن يفقد المؤمن إمامه وقائده وبابه إلي الله، وقد ورد عن النبي صلي الله عليه و آله قوله لعلي عليه السلام:

«ستكون بعدي فتنة صماء صيلم (أي تدع الناس حياري لا يجدون منها المخرج، وصيلم شديدة) يسقط فيها كل وليجة وبطانة وذلك عند فقدان الشيعة الخامس من ولد السابع من ولدك، يحزن لفقده أهل الأرض والسماء، فكم مؤمن ومؤمنة متأسف متلهف حيران عند فقده»(1)!

وعن الصادق عليه السلام قال:

«أما والله ليغيبن إمامكم سنينا من دهركم، وليخملن حتي يقال: مات، أو: هلك بأي واد سلك، ولتدمعن عليه عيون المؤمنين، ولتكفأن كما تكفا السفن في أمواج البحر، فلا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه، وكتب في قلبه الإيمان، وأيده بروح منه»(2).

إنهم سيفرحون بظهوره، ويذهب عنهم الحزن لفقده، كما يقول الإمام الرضا عليه السلام:

«كم من مؤمن متأسف حران حزين عند فقد الماء المعين، كأني بهم أسر ما يكونون وقد نودوا نداء يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب، يكون رحمةللمؤمنين وعذابا للكافرين».

لعله نداء «إذاعي» يسمعه البعيد والقريب، يعلن فيه ظهور الإمام فيفرح به المؤمنون ويكون رحمة لهم، ويحزن به الكافرون ويكون عذابا لهم، وسيكون لظهور الإمام المهدي عليه السلام آثار جليلة علي المؤمنين من حيث القوة وذهاب الخوف، وكذلك ارتفاع العاهات عنهم ببركة قيامه.

ويقول الإمام الصادق عليه السلام:

«إن الله عز وجل يلقي في قلوب شيعتنا الرعب، فإذا قام قائمنا وظهر مهدينا كان الرجل أجري من ليث وأمضي من سنان»(3).

ص: 212


1- بحار الأنوار: ج51، ص109 عن كفاية الأثر.
2- المصدر السابق : ج 52، ج281 عن إكمال الدين .
3- المصدر السابق : ج 52، ص 370 عن كشف الغمة

ولعل هذه الحالة من الخوف تتأكد في خاصة المؤمنين الذين هم أفضل مصداق الشيعتهم عليه السلام، وعلي الأخص أصحابه الثلاثمائة والثلاثة عشر حيث يصابون بالخوف نتيجة الفتن والمحن والضغوط التي سيمرون بها قبل الظهور، سواء في الأحداث العامة أو في فتنة السفياني الصعبة.

وفي الخوف امتحان للقلب يحضره للإيمان، وهو ما يستفاد من الأحاديث الكثيرة كقول الباقر عليه السلام:

«حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرب، أو نبي مرسل، أو مؤمن ممتحن، أو مدينة حصينة»(1)...

وفي روايات أخري كثيرة: أو مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان(2).

وامتحان القلب ليس بالإيمان وإنما للإيمان، لأن القلوب الممتحنة والمعرضة للصدمات والضغوط النفسية الشديدة - كالخوف مثلا - تكون مفتوحة البصائر، بعيدة عن العمي والغفلة، متيقظة للحياة وللمعاني، فتكون بذلك مؤهلة لدرك الإيمان والإحساس بمعانيه الدقيقة، أما القلوب غير الممتحنة فتتعامل مع الإيمان وحقائقه بإحساس غير مرهف وقد غطتها ستائر الغفلة والسكون.

وهذا الخوف لدي الأصحاب والشيعة الحقيقيين سينتهي بالظهور ويستبدل بقوة تفوق قوة الرجل العادية. فعن الباقر عليه السلام:

«فإذا وقع أمرنا وجاء مهدينا كان الرجل من شيعتنا أجري من ليث، وأمضي من سنان، يطأ عدونا برجليه، ويضربه بكفيه، وذلك عند نزول رحمة الله وفرجه علي العباد(3). وعنه عليه السلام أيضا:

ص: 213


1- بحار الأنوار: ج 52، ص318 عن بصائر الدرجات.
2- راجع الجزء الثاني من البحار: باب العلم
3- بحار الأنوار: ج 52، ص318 عن البصائر.

«إنه إذا كان ذلك أعطي الرجل منكم قوة أربعين رجلا، وجعلت قلوبكم كزبر الحديد، لو قذفتم بها الجبال فلقتها، وأنتم قوام الأرض وخزانها»(1).

وعن الإمام السجاد عليه السلام:

«إذا قام قائمنا أذهب الله عز وجل عن شيعتنا العاهة، وجعل قلوبهم كزبر الحديد،وجعل قوة الرجل منهم قوة أربعين رجلا، ويكونون حكام الأرض وسنامها»(2).

وارتفاع العاهة إما سيكون من كافة الموالين لأهل البيت عليه السلام، أو علي الأقل لأصحاب الإمام عليه السلام باعتبارهم أوضح مصاديق الشيعة، وبقرينة آخر الحديث حيث وصفهم بأنهم حكام الأرض وسنامها، فلعل تخصيصهم بالإشارة لذلك الاعتبار.

أما شفاء عموم المؤمنين فيستفاد من قول أبي جعفر عليه السلام:

«من أدرك قائم أهل بيتي من ذي عاهة برأ، ومن ذي ضعف قوي»(3).

وهكذا ستعم الفرحة قلوب المؤمنين، ويسعدون بهذا الإعلان في بداية عصر الإيمان و الجلال الإلهي علي الأرض، وسيكون له الأثر حتي علي عالم الغيب فيفرح الملائكة، ويفرح المؤمنون الموتي والشهداء منهم في قبورهم أيضا، كما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام:

«ولا يبقي ميت إلا دخلت عليه تلك الفرحة في قلبه وفي قبره، وهم يتزاورون في قبورهم ويتباشرون بقيام القائم عليه السلام»(4).

وبعد أن يصلي الإمام المهدي - عجل الله فرجه - عند مقام إبراهيم أربع ركعات ويسند ظهره إلي الحجر الأسود يحمد الله، ويثني عليه، ويذكر النبي صلي الله عليه و آله ويصلي عليه، ويتكلم بكلام لم يتكلم به أحد من الناس. ومما يقوله عليه السلام:

ص: 214


1- بحار الأنوار: ج 52، ص335 عن الخرائج.
2- المصدر السابق: ج52، ص317 عن الخصال.
3- المصدر السابق : ج 52، ص335 عن الخرائج .
4- المصدر السابق : ج 51، ص35 عن غيبة الطوسي.

«يا أيها الناس، إنا نستنصر الله ومن أجابنا من الناس، وإنا أهل بيت نبيكم محمد، ونحن أولي الناس بالله وبمحمد. فمن حاجني في آدم فأنا أولي الناس بآدم، ومن حاجني في نوح فأنا أولي الناس بنوح، ومن حاجني بإبراهيم فأنا أولي الناس بإبراهيم، ومن حاجني في محمد فأنا أولي الناس بمحمد، ومن حاجني بالنبيين فأنا أولي الناس بالنبيين. أليس الله يقول في محكم كتابه: «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَيٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَي الْعَالَمِينَ(33)ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ »؟!(1) فأنا بقية من آدم، وذخيرة من نوح، ومصطفي من إبراهيم، وصفوة من محمد صلي الله عليهم أجمعين. ألا من حاجني في كتاب الله فأنا أولي الناس بكتاب الله، ألا ومن حاجني في سنة رسول الله فأنا أولي الناس بسنة رسول الله. فأنشد الله من سمع كلامي اليوم لما بلغ منكم الشاهد الغائب، وأسألكم بحق الله و بحق رسوله وبحقي، فإن لي عليكم حق القربي من رسول الله، ألا أعنتمونا، ومنعتمونا ممن يظلمنا، فقد أخفنا، وظلمنا، وطردنا من ديارنا وأبنائنا، وبغي علينا، ودفعنا عن حقنا، فأفتري أهل الباطل علينا. فالله الله فينا، لا تخذلونا، وانصرونا ينصركم الله»(2).

فيقومون إليه ليقتلوه، فيقوم أصحابه فيمنعونه عنهم، وبعد مناوشات وأحداث تتم السيطرة علي مكة، ويخضع له أهلها، ويعلن أمره من وسائل إعلامها.

يقول الباقر عليه السلام:

«فينادي المنادي بمكة باسمه وأمره من السماء (أي الموجات الإذاعية) حتي يسمعه أهل الأرض كلهم»(3).

فيقبل الأنصار من كل حدب وصوب، حتي إذا اكتمل العقد وهو عشرة آلاف يبدأ الإمام عليه السلام بالمسير نحو العراق عاصمته بعد أن يستخلف علي مكة .قال الباقر عليه السلام:

ص: 215


1- سورة آل عمران، الآيتان: 33-34.
2- بحار الأنوار: ج52، ص238 عن غيبة النعماني.
3- المصدر السابق : ج52، ص223 عن تفسير العياشي.

«ويستعمل علي مكة ثم يسير فيبلغه أن قد قتل عامله فيرجع إليهم فيقتل المقاتلة لا يزيد علي ذلك شيئا»(1).

وفي الطريق تظهر منه المعاجز لزيادة يقين أصحابه وأنصاره وتسهيلا للمهمة، فيسقيهم من حجر موسي، ويطعمهم كذلك، فلا يحملون معهم التموين. قال أبو جعفر عليه السلام:

«إذا خرج القائم عليه السلام من مكة ينادي مناديه: ألا لا يحمل أحد طعاما ولا شرابا، وحمل معه حجر موسي بن عمران عليه السلام وهو وقر بعير، فلا ينزل منزلا إلا انفجرت منه عيون، فمن كان جائعا شبع، ومن كان ظمآنا روي»(2).

وعنه عليه السلام :

«فيكون زادهم حتي ينزلوا النجف من ظاهر الكوفة، فإذا نزلوا ظاهرها انبعث منه الماء واللبن دائما، فمن كان جائعا شبع، ومن كان عطشانا روي»(3).

يسير الإمام ويسير الرعب أمامه مسيرة شهر، فهو القائد المنتصر، و أمل المظلومين والمحرومين، ومعه جيش الغضب الذي لا يترك معقلا للباطل إلاهدّه، ولا ظالما إلا قضي عليه.

قال الإمام الصادق عليه السلام في قوله تعالي: «أَتَيٰ أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ ۚ »(4)، قال:

«هو أمرنا، أمر الله لا يستعجل به، يؤيده ثلاثة أجناد: الملائكة، والمؤمنون، والرعب»(5).

وعن الباقر عليه السلام :

«والرعب مسيرة شهر أمامه وخلفه و عن يمينه وعن شماله... الويل كل الويل لمن

ص: 216


1- بحار الأنوار: ج 52، ص139 عن غيبة النعماني.
2- المصدر السابق : ج 52، ص348 عن غيبة النعماني.
3- المصدر السابق : ج 52، ص284 عن إكمال الدين.
4- سورة النحل، الآية :1.
5- بحار الأنوار : ج52، ص342 عن تفسير العياشي.

خالفه وخالف أمره وكان من أعدائه.. ليس من شأنه إلا القتل، ولا يستتيب أحدا، ولا تأخذه في الله لومة لائم»(1).

إنه سيف الله في الأرض يستأصل به كل فاسد ومفسد، وكل ما يعيق تطبيق الدين الإلهي في المعمورة من أهل الكفر والحجود.

يقول الإمام الجواد عليه السلام :

«يطهر الله به الأرض من أهل الكفر والجحود، ويملأها عدلا وقسطا»(2)

وعملية التطهير عملية استئصال نهائية لا يترك فيها حتي الهارب من المعركة والجريح.

عن أمير المؤمنين عليه السلام قال:

«القائم له أن يقتل الموتي ويجهز علي الجريح»(3).

وعن الباقر عليه السلام قال:

«إن رسول الله سار في أمته باللين، كان يتألف الناس، والقائم عليه السلام يسير بالقتل، بذلك أمر في الكتاب الذي معه أن يسير بالقتل ولا يستتيب أحدا، ويل لمن ناواه(4). إن القائم عجل الله فرجه سيكون منتقما لدماء الشهداء والصالحين عبر التاريخ، وسيثأر لحرمات الله عز وجل، فهو غضب من الله علي عباده، والله شديد العقاب».

وعن عبد العظيم الحسني عن الإمام الجواد عليه السلام أنه قال في حديث طويل:

«فلا يزال يقتل أعداء الله حتي يرضي الله تبارك وتعالي».

قال عبد العظيم: قلت له: يا سيدي، وكيف يعلم أن الله قد رضي؟

ص: 217


1- بحار الأنوار: ج52، ص324 عن إكمال الدين.
2- المصدر السابق : ج52، ص335 عن الخرائج.
3- المصدر السابق : ج52، ص353 عن غيبة النعماني.
4- المصدر السابق : ج 52، ص353 عن غيبة النعماني.

قال:

«يلقي في قلبه الرحمة»(1).

أما قبل ذلك فلا رحمة، ولا مهادنة، بل غضب وتطهير، وقد وصف رسول الله صلي الله عليه و آله سيفه فقال:

«كحريق النار»(2).

ولعله إشارة إلي الأسلحة النارية الحديثة أيضا.

ولشدة بطشه بأعداء الله وقتله المنافقين سيري الناس أن ذلك خلاف الرحمة، غير ملتفتين إلي إرادة الله عز وجل العليا في إصلاح البشرية، والقضاء علي عوامل الفساد، وعوائق الهداية في الكرة الأرضية، فيشكون بالإمام عليه السلام أنه ليس من أهل البيت عليهم السلام.

يقول الإمام الباقرعليه السلام :

«لو يعلم الناس ما يصنع القائم إذا خرج لأحب أكثرهم أن لا يروه مما يقتل من الناس... حتي يقول كثير من الناس: ليس هذا من آل محمد، لو كان من آل محمد لرحم»(3).

وعن الصادق عليه السلام:

«يقتل حتي يقول الجاهل: لو كان هذا من ذرية محمد لرحم»(4).

إن الله عز وجل صبر علي العباد كثيرا منذ آدم وحتي ظهور المنتقم - عجل الله فرجه - فكم من نبي قتلوا؟ وكم من مؤمن ذبحوا؟ وكم من حكم عطلوا؟ وكم من ظلم عملوا؟ وكم من فساد نشروا؟

ص: 218


1- بحار الأنوار: ج 51، ص157 عن كفاية الأثير.
2- المصدر السابق : ج 51، ص77 عن غيبة النعماني.
3- المصدر السابق : ج52، ص354 عن غيبة النعماني.
4- المصدر السابق : ج51، ص146 عن غيبة الطوسي.

ليس من المعقول أن يتمرد هذا الكائن الصغير المليء بالحاجات حتي إلي نسمة الهواء، والذي تقتله الشرقة، وتذله الذبابة، وهو مع ذلك يواجه خالقه خالق السماء والأرض متمردا معترضا مخالفا محاربا!!

من أنت أيها الإنسان حتي تقف مواجها لجبار السماوات والأرض؟!

من أنت حتي تضطهد أولياء الله؟!

من أنت حتي تقتل الحسين عليه السلام؟ فيا لثارات الحسين !

إن قتل الحسين أشد جناية للباطل وأهله مع الحق وأهله، فقد تجسد الحق في واقعة الطف بأسمي صوره، وظهر الباطل فيها بأبشع حالاته، ولذا أصبحت قضية الحسين رمزا للصراع بين الحق والباطل علي مدي التاريخ، فلا غرابة إذا كان شعار ثورة الإمام المهدي عليه السلام: «يا لثارات الحسين».

وقد روي أنه يذهب إلي مرقد الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء مع أصحابه وأنصاره فيمد يده ويستخرج الطفل الرضيع منه، الوليد الذي ذبح يوم عاشوراء علي يد أبيه الحسين عندما عرضه عليهم ليأخذوه ويسقوه قطرات من الماء فرموده بسهم اخترق رقبته الصغيرة، فأخذ يرفس، وأخرج يديه من القماط ماسكا بأبيه من حرارة السهم حتي قضي عطشانا مذبوحا عليه السلام !

وبعد إخراجه ينظر إليه ثم ينظر إلي الناس فيقول: بأي ذنب قتلوه؟ !

فيضج الجميع بالبكاء، فيطلق الإمام عليه السلام صرخته قائلا: يا لثارات الحسين !

ص: 219

ص: 220

البيعة للإمام المهدي المنتظرعليه السلام

هناك أحاديث كثيرة تتحدث عن بيعة الإمام المهدي عليه السلام وها نحن نذكر بعض هذه الأحاديث المروية.

عن الإمام الصادق عليه السلام قال:

«إن أول من يبايع القائم جبرائيل»(1).

وقال الإمام محمد الجواد عليه السلام :

«كأني بالقائم - يوم عاشوراء يوم السبت - قائما بين الركن والمقام، بين يديه جبرائيل ينادي: البيعة لله»(2).

وقال الإمام الصادق عليه السلام:

«إذا أذن الله تعالي للقائم في الخروج، صعد المنبر، فدعا الناس إلي نفسه، وناشدهم الله ودعاهم إلي حقه، وأن يسير فيهم بسنة رسول الله صلي الله عليه و آله ويعمل فيهم بعلمه.

فيبعث الله (جل جلاله) جبرائيل حتي يأتيه فينزل علي الحطيم(3).

يقول: إلي أي شيء تدعو ؟ !

فيخبره القائم عليه السلام فيقول جبرائيل:

ص: 221


1- إكمال الدين.
2- كتاب الغيبة للطوسي.
3- الحطيم هو ما بين الركن الذي فيه الحجر الأسود وبين باب الكعبة.

«أنا أول من يبايعك، ابسط يدك فيمسح علي يديه، وقد وافاه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا فيبايعونه، ويقيم بمكة حتي يتم أصحابه عشرة آلاف نفس، ثم يسير منها إلي المدينة».

فلذا نستنتج من هذه الأحاديث ونعلم بأن معني (البيعة) هي المعاهدة علي الطاعة والانقياد وعدم التمرد والقيام بمؤامرة وغيرها.

وبيعة الإمام المهدي المنتظر عليه السلام تختلف عن بيعة القيادات الأخري حيث إن بيعة الإمام المهدي المنتظر عليه السلام يشترك فيها أهل الأرض والسماء حيث شاهدنا أن أول من يبايع الإمام عليه السلام هو أمين وحي الله جبرائيل عليه السلام، حيث سبقت بيعة الناس وما هو إلا اعتراف مشروعية السماء للإمام عليه السلام.

لذا فالإمام المهدي عليه السلام قد أوجب لمن يبايعه أن يلتزم بكافة ما حرم الله من المنكرات والمفاسد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكذلك بعضها يتعلق بالزهد والأخلاق وإن أصحاب الإمام هم أهل لذلك.

ص: 222

حركة الإمام المهدي المنتظرعليه السلام وإنجازاته في دولة الحق التي يقودها

اشارة

بعد أن تتم البيعة للإمام المهدي المنتظرعليه السلام يستلم الحكم ابتداء من مكة المكرمة حيث بدايته هي بين الركن والمقام مع أصحابه الثلاثمائة وثلاثة عشر وأنصاره العشرة آلاف، حيث يهيمن علي مراكز القوة، بعد سقوط الحكم السابق انهياره بقيادة السفياني.

وحسب الأحاديث الواردة إن مكة المكرمة سوف تستسلم للإمام المهدي عليه السلام ويسيطر علي البلدة بكاملها حيث يقوم الإمام المهدي المنتظرعليه السلام بأعمال وإنجازات فيها:

1- إعادة المسجد الحرام إلي ما كان عليه:

قال الإمام الصادق عليه السلام:

«إذا قام القائم هدم المسجد الحرام حتي يرده إلي أساسه، وحول المقام إلي الموضع الذي كان فيه»(1).

2 - إعادة مقام إبراهيم إلي موضعه الأول:

ومقام إبراهيم هو الصخرة التي وقف عليها النبي إبراهيم الخليل عليه السلام حين بني الكعبة حيث كان المقام بجوار الكعبة في عهد رسول الله صلي الله عليه و آله وعندما جاء عمر بن الخطاب إلي الحكم، نقل المقام من مكانه وغير موضعه وعندما استلم أمير المؤمنين عليه السلام الحكم أراد إعادة المقام لما كان عليه بالأول اختار في وجه الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام المنافقون والمناوئون، وعندما رأي الإمام ذلك عمل علي

ص: 223


1- كتاب الإرشاد للشيخ المفيد .

تجميد القضية إلي وقت آخر وهكذا بقي مقام إبراهيم الخليل عليه السلام في غير موضعه إلي يومنا هذا وعند ظهوره عليه السلام، هو رد مقام إبراهيم الخليل إلي موضعه الأول بجوار الكعبة.

3- قطع أيدي بني شيبة:

قال الإمام الصادق عليه السلام:

«أما إ قائمنا لو قد قام، لأخذ بني شيبة وقطع أيديهم وطاف بهم وقال: هؤلاء سراق الله»(1).

(بنو شيبة) هم سدنة الكعبة الذين كانت بأيديهم مفاتيح الكعبة، يتوارثونها خلفا عن سلف، وكان هؤلاء يسرقون الأموال والذخائر المهداة إلي الكعبة، ويتصرفون بها كما تشتهيه أنفسهم، وبهذه المناسبة سماهم الإمام عليه السلام: سراق الله، أي: سراق أموال الله.

حيث إن الإمام المهدي عليه السلام لا يكتفي بقطع أيدي بني شيبة بل يأمر بأن يطاف بهم، وهذا الإجراء من الإمام المهدي المنتظر عليه السلام يعتبر إنذارا وتهديدا لكل السراق، ولكل من يتصرف في أموال لا يملكها تصرفا غير مشروع. ثم الخزي والعذاب في الآخرة هذه هي إنجازات الإمام المهدي المنتظر عليه السلام في مكة المكرمة.

بعدها يتجه الإمام عليه السلام إلي المدينة المنورة ومن ثم إلي العراق وبالتحديد الكوفة والنجف الأشرف، حيث يرابط هناك الخراساني مع جيشه الذين قدموا لنجدة الشعب العراقي وشيعة أهل البيت عليهم السلام من يد السفياني.

لذا نري أن الخراساني سوف يبايع الإمام المهدي المنتظر عليه السلام بعد أن يطلب منه دليلا.

يقول الإمام الصادق عليه السلام عن الخراساني:

«فيتصل به وبأصحابه خبر المهدي المنتظر عليه السلام ويقولون: يا ابن رسول الله، من هذا الذي قد نزل بساحتنا؟ فيقول:

ص: 224


1- كتاب الكافي: ج4، ص 243.

«اخرجوا بنا إليه حتي ننظر من هو، وما يريد؟

وهو والله يعلم أنه المهدي، وأنه ليعرفه، ولم يرد بذلك الأمر إلا ليعرف أصحابه من هو. فيخرج الحسين فيقول: إن كنت مهدي آل محمد فأين هراوة جدك رسول الله صلي الله عليه و آله، وخاتمه، وبردته، ودرعه الفاضل، وعمامته السحاب، وفرسه اليربوع، وناقته العضباء، وبغلته الدلول، وحماره اليعفور، ونجيبه البراق، ومصحف أمير المؤمنين؟

فيخرج له ذلك، ثم يأخذ الهراوة فيغرسها في الحجر الصلد وتورق ولم يرد بذلك إلا أن يري أصحابه فضل المهدي عليه السلام حتي يبايعوه فيقول الحسين: الله أكبر، مد يدك يا ابن رسول الله حتي نبايعك. فيمد يده فيبايعه، ويبايعه سائر العسكر الذي مع الحسين الأربعين ألفا أصحاب المصاحف المعروفون بالزيدية فإنهم يقولون: ما هذا إلا سحر عظيم.

فيختلط العسكران فيقبل الإمام المهدي المنتظر عليه السلام علي الطائفة المنحرفة (الزيدية) فيعظهم ويدعوهم ثلاثة أيام، فلا يزدادون إلا طغيانا وكفرا، فيأمر بقتلهم، فيقتلون جميعا ثم يقول لأصحابه: لا تأخذوا المصاحف ودعوها تكون عليهم حسرة كما بدلوها و غيروها وحرفوها ولم يعملوا بما فيها(1).

وبعد أن يستتب الأمن للإمام المهدي المنتظر عليه السلام في عاصمته يبدأ فتوحاته النشر الإسلام في ربوع الأراضي وتحطيم عروش الظلم والاستبداد والطغيان، حيث لا ترد له راية كما روي عن الإمام الباقرعليه السلام :

«ينصر بالسيف والرعب، وأنه لا ترد له راية»(2)

فيبدأ الإمام المهدي عليه السلام بتوجيه البعوث العسكرية باتجاهات مختلفة منها إلي الشام و فلسطين للقضاء علي السفياني نهائيا، كما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام :

«يثور سرايا علي السفياني إلي دمشق فيأخذونه ويذبحونه علي الصخرة»(3).

ص: 225


1- بحار الأنوار: ج53، ص 15.
2- بحار الأنوار : ج51، ص218 عن إكمال الدين.
3- المصدر السابق : ج53، ص15.

ويبعث أيضا سرايا وأفواج للتصدي لحملة واسعة يقوم بها الغرب للقضاء عليه حيث تتقدم إلي ساحل فلسطين علي غرار الحروب الصليبية فتحدث المعركة الحاسمة هناك ينتصر فيها الإسلام والإمام والمؤمنون علي الغرب، فيسقط العالم الغربي سياسيا بعد هزيمته العسكرية هذه.

ثم تذهب طلائع المؤمنين إلي فتح بلاد الغرب عنوة أو سلما حيث ستكون أكثر الفتوحات سلما لأنه سيكون الغرب مستعدا لاستقبال القوة الجديدة والنظام الجديد الذي يأخذ بأيديهم بعد الحرب العالمية الثالثة المأساوية.

لذا نري أن الانتصارات طالت بقية مناطق العالم علي يد الإمام المهديالمنتظر عليه السلام وجيشه. وبالطبع لا يكون هذا في أيام وليالي بل ستطول حروب الإمام المهدي عليه السلام لمدة ثمانية أشهر كما صرحت بها الروايات والأحاديث الشريفة.

فعني الإمام الباقر عليه السلام :

«يضع سيفه علي عاتقه ثمانية أشهر»(1)

لذا ستكون حروبه شديدة ومتعبة ولا تستخدم فيها المعاجز إلا للضرورة التي يراها الإمام المهدي عليه السلام

قال بشير النبال للإمام الباقر عليه السلام : إنهم يقولون إن المهدي لو قام لاستقامت له الأمور عفوا فلا يهرق محجمة دم؟ ! فقال الإمام عليه السلام :

«كلا والذي نفسي بيده، لو استقامت لأحد عفوا لاستقامت لرسول الله صلي الله عليه و آله حين أدميت رباعيته، وشج في وجهه، كلا والذي نفسي بيده حتي نمسح نحن وأنتم العرق والعلق - ثم مسح جبهته»(2).

ص: 226


1- المصدر السابق : ج51، ص0218
2- بحار الأنوار: ج52، ص358 عن غيبة النعماني.

استقرار دولة الحق وعاصمة الإمام المهدي المنتظر عليه السلام

بعد استتاب الأمر وانصياع العالم بأكمله وانتهاء الحروب والتي تدوم ثمانية أشهر حسب الروايات التي نقلناها للإمام المهدي المنتظر عليه السلام سيتوجه الإمام عليه السلام التحقيق كامل أهداف نهضته المباركة وقيادته للبشرية جمعاء، حيث سيطبق أحكام الدين الإلهي بالكتاب والسنة سوءا علي صعيد الفرد أو علي صعيد المجتمع.

ويتبادر إلي ذهن القاريء الكريم عدة استفسارات وملاحظات عن طبيعة هذه الدولة الجديدة ومواقفها مع مختلف الأديان والمذاهب وكيفية ضم وصهر الجميع في بوتقة واحدة ليأخذها في طريق التكامل الإنساني نحو الله عز وجل.

قبل الخوض في عملية استقرار دولة الحق لا بد أن تعرف ما هي عاصمة الإمام المهدي المنتظر وأين تكون، وفي أي بلد مستقر الإمام عليه السلام وعاصمة حكومته ودار خلافته ومقر دولته حسب الروايات التي أخبر عنها الأئمة الطاهرون المنتجبون عليهم السلام.

وفيما يلي بعض الأحاديث التي تتحدث عن عاصمة الإمام المهدي المنتظرعليه السلام في المستقبل.

قال الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام :

«...ثم يقبل إلي الكوفة فيكون منزله بها، فلا يترك عبد مسلما إلا اشتراه وأعتقه،ولا غارما إلا قضي دينه، ولا مظلمة لأحد من الناس إلا ردها، ولا يقتل عبد إلا أدي ثمنه«فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَيٰ أَهْلِهِ »،(1) ولا يقتل قتيل إلا قضي عنه دينه وألحق عياله

ص: 227


1- سورة النساء، الآية :92.

في العطاء، حتي يملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت ظلما وجورا وعدوانا. ويسكن هو وأهل بيته الرحبة، والرحبة إنما كانت مسكن نوح، وهي أرض طيبة، لا يسكن رجل من آل محمد عليهم السلام ولا يقتل إلا بأرض طيبة زاكية، فهم الأوصياء الطيبون(1).

خلواته : الذكوات البيض من الغريين. قال المفضل: يا مولاي.. كل المؤمنين يكونون بالكوفة؟ قال عليه السلام:

«إي والله.. لا يبقي مؤمن إلا كان بها أو حواليها، وليبلغن مجالة فرس منها ألفي درهم، وليودن أكثر الناس أنه إذا قام القائم ودخل الكوفة، لم يبق مؤمن إلا وهو بها(2)(3) وقال الإمام الحسن بن علي عليه السلام : لموضع الرجل(4) في الكوفة أحب إلي من دار بالمدينة(5) وقال الإمام الباقر عليه السلام - في حديث له عن الإمام المهدي -:... ثم يرجع إلي الكوفة، فيبعث الثلاثمائة والبضعة عشر رجلا إلي الآفاق كلها، فيمسح بين أكتافهم وعلي صدورهم، فلا يتعايون(6)في قضاء...

وعن الازدهار العمراني في الكوفة، يقول الإمام الصادق عليه السلام:

«إذا قام قائم آل محمد (صلوات الله عليهم)... اتصلت بيوت الكوفة بنهر كربلاء»(7).

وسأل المفضل من الإمام الصادق عليه السلام: يا سيدي.. فأين تكون دار المهدي ومجتمع المؤمنين؟ قال عليه السلام:

ص: 228


1- تفسير العياشي: ج1، ص66.
2- لعل الصحيح هو: «لم يبق مؤمن إلاوهواها»أي: مال إليها وأحب السكني فيها، وقد كانت أصول الكتابة- فيما مضي - تبدل الألف بالياء، مثل : (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا﴿1﴾وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا﴾ و يؤيد ذلك رواية اخري تقول: «...فلا يبقي مؤمن إلا كان فيها، أو حن إليها».
3- بحار الأنوار: ج 52، ص385 ح197.
4- الرجل : القدم
5- بحار الأنوار: ج52، ص385 ح 198.
6- لايتعايون : لا يعجزون عن معرفة الأحكام والقضايا.
7- بحار الأنوار: ج 52، ص336.

«دار ملكه: الكوفة، ومجلس حكمه: جامعها، وبيت ماله ومقسم غنائم المسلمين:

مسجد السهلة، وموضع خلواته الذكوات البيض من الغربيين»(1).

قال الباقر عليه السلام:

«إذا دخل القائم الكوفة لم يبق مؤمن إلا وهو بها أو يجيء إليها»(2).

وسأل المفضل الصادق عليه السلام فقال: يا مولاي، كل المؤمنين يكونون بالكوفة؟

قال:

«أي والله، لا يبقي مؤمن إلا كان بها أو حواليها، وليبلغن مجالة فرس منها ألفي درهم، وليودن أكثر الناس أنه اشتري شبرا من أرض السبع بشبر من ذهب - والسبع خطة من خطط همدان - ولتصيرن الكوفة أربعة وخمسين ميلا، ولتجاورن قصورها كربلاء. وليصيرن الله كربلاء معقلا ومقاما تختلف فيه الملائكة والمؤمنون وليكونن لها شأن من الشأن، وليكون فيها من البركات ما لو وقف مؤمن ودعا ربه بدعوة لأعطاه الله بدعوته الواحدة مثل ملك الدنيا ألف مرة(3).

وعن الباقر عليه السلام :

فإذا كانت الجمعة الثانية قال الناس: يا ابن رسول الله، الصلاة خلفك تضاهي الصلاة خلف رسول الله صلي الله عليه و آله والمسجد لا يسعنا. فيقول:

«أنا مرتاد لكم. فيخرج إلي الغري فيخط مسجدا له ألف باب يسع الناس»(4).

وسيكون المسجد الجديد الذي يخطه الإمام المهدي المنتظرعليه السلام محلا لصلاته وخطبه، وقد ورد أن الناس عندما ما سيخطب لا يسمعون حديثه لكثرة البكاء.

ولم لا يبكون وها هم ينظرون إلي إمامهم الغائب الذي طالما انتظروه لأكثر من

ص: 229


1- بحار الأنوار: ج 53، ص 11.
2- المصدر السابق : ج52، ص330 عن غيبة الطوسي.
3- المصدر السابق : ج 53، ص 11.
4- المصدر السابق: ج52، ص331 عن غيبة الطوسي.

ألف عام، والآن يقف أمامهم ليأخذ بأيديهم إلي الله عز وجل وإلي الجنة، ويصلح لهم دنياهم وأخراهم !

و هذا وبالإضافة إلي النور الذي يشع من وجهه الكريم، وكلماته التي تنفذ إلي قلوب المؤمنين لتذكرها بالله، وتدعوها إلي القرب إليه.

كذلك سيراه المؤمنون في كل العالم بواسطة الأجهزة المرئية كما نقل عن الإمام الصادق عليه السلام حيث يقول: -

«إن قائمنا إذا قام مد الله لشيعتنا في أسماعهم وأبصارهم حتي لا يكون بينهم وبين القائم بريد، يكلمهم فيسمعون وينظرون إليه وهو في مكانه»(1).

وهذه هي صفة من صفات التلفزيون، ويؤيدها ما روي عن الإمام الصادق عليه السلام حيث يقول:

«إن المؤمن في زمان القائم وهو بالمشرق ليري أخاه الذي في المغرب، وكذا الذي في المغرب ليري أخاه الذي في المشرق»(2).

وأما الامتحان الصعب فالذي سيمر به أصحاب الإمام المهدي المنتظرعليه السلام الخلص في مسجد الكوفة كما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام حيث يقول:

«كأني أنظر إلي القائم علي منبر الكوفة وحوله أصحابه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا عدة أهل بدر، وهم أصحاب الألوية، وهم حكام الله في أرضه علي خلقه، حتي يستخرج من قبائه كتابة مختوما بخاتم من ذهب، عهد معهود من رسول الله صلي الله عليه و آله فيجفلون عنه إجفال الغنم، فلا يبقي منهم إلا الوزير وأحد عشر نقيبا كما بقوا مع موسي بن عمران عليه السلام.

فيجولون في الأرض فلا يجدون عنه مذهبا فيرجعون إليه، والله إني لأعرف الكلام الذي يقوله لهم فيكفرون به»(3).

ص: 230


1- بحارالانوار: ج52، ص336 عن الخرائج
2- المصدر السابق: ج52،ص391 عن سعد السعود
3- المصدر السابق : ج52، ص326 عن إكمال الدين.

لذا فقد وردت في الروايات بأن دولة الإمام المهدي المنتظر عليه السلام سوف تقسم إلي ولايات عديدة يتولي إدارتها أصحابه الثلاثمائة والثلاثة عشر، وهم أعلي مستوي من الإيمان والكمال بعد الإمام عليه السلام ضمن المجتمع البشري فيكونون مؤهلين لهذه المهمة العالية.

وهناك استفهام حيث إن الإمام المهدي المنتظر عندما يرسل أصحابه الثلاثمائة وثلاثة عشر إلي تلك الولايات حيث ستكون ذات طبيعة خاصة ومختلفة لغويا، اجتماعيا، جغرافيا فهل يا تري أن الإمام المهدي عليه السلام وهو الذي يعلم الغيب بإذن الله وهو الذي يحكم بالكتاب والسنة (النبوية)؟ فعندما يرسل الإمام عليه السلام واليا عنه من المؤمنين الخلص والذين هم عادة من بلدان مختلفة عن تلك التي أرسلوا إليها حيث لا يعرفون عاداتهم ولغتهم ولا تاريخهم وها هم قد بلغوا أعلي مراتب الإيمان سوف يرسلون إلي تلك المجتمعات المنحرفة وهم يعيشون معهم؟..

والجواب علي هذا السؤال الافتراضي قد أشارت له أحاديث أهل البيت عليهم السلام حيث تقول الرواية:

إن بعض أصحاب الإمام المهدي المنتظر عليه السلام يذهبون إلي بلاد الروم قبل ظهوره ويعيشون هناك أو يعرفون أهلها حتي إذا كان يوم الظهور افتقدوا وظهروا في مكة، وفي اليوم التالي يبحث عنهم في مناطقهم وتوضع الجوائز للعثور عليهم مما يشير إلي أنهم سيكونون معروفين بصفة رسمية.

وبعد أن يواكبوا الإمام عليه السلام في حروبه وينتصر الإمام عليه السلام وتستقر دولته المباركة يرسل أصحابه الخلص إلي تلك المناطق التي عاشوا فيها واعتادوا عليها.

لذا تكون إدارة الأرض كلها بجهاز صالح ومستقيم للغاية يرتبط برجل معصوم قد ادخره الله تعالي لهذه المهمة الشاقة، والتي لا يقوي عليها أي إنسان عادي ومهما أوتي من قوة وعلم، فيملؤها قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا. وهو الإمام المهدي المنتظر عليه السلام .

ص: 231

لذا فإن حكم الإمام المعصوم والمدخر لهذا اليوم سيسوده العدل الذي لا يخشي منه أن يميل في حكمه وقضائه إلي الباطل والضلال، وكذلك لا يتصور في حقه أي انحراف أو فساد.

إذن فالإمام المهدي المنتظر عليه السلام الذي بوجوده ملئت الأرض قسطا وعدلا أو أنه سوف يحكم حسب علمه الشخصي بالقضايا ولا ينتظر شهادة الشهود ولا إقامة البينة من المدعي، وكذلك لا يرتب أثر علي اليمين التي يأتي بها المدعي أو المدعي عليه، سواء كانا صادقين أم كاذبين.

فالإمام المهدي المنتظر عليه السلام سوف يقيم الحد، ويقتص ويعزر من صدر منه ما يوجب القصاص أو التعزير. حتي إذا لم يشهد الشهود ولم تقم البينة.

فعلي سبيل المثال: لو أن إنسانا شرب الخمر في بيته ولم يره أحد حتي يشهد عليه فإن الإمام عليه السلام يعلم ذلك بعلم الإمامة وله أن يقيم عليه شارب الخمر وهكذا بالجرائم الأخري والتي يستحق بها المجرم الذي يقوم بها حد القصاص أو التعزير أي يحكم عليه بحكم الله ويطبق عليه قانون العقوبات الإلهية.

وسيكون هذا هو الرادع القوي لكل من يريد ارتكاب الجرائم، وعندها سوف يتورع الناس عن كل انحراف أو رذيلة في جميع المجالات، ولا يتجرأ أحد علي مخالفة القانون الإسلامي.

حيث إن الإمام عليه السلام سوف يحكم حسب علم الإمامة ولا ينتظر من أحد الترافع اليه.

ولذا نري أن الإمام عليه السلام سيحكم بحكم داود عليه السلام أي لا يطلب البينة، وإنمايحكم بعلمه المستمد من الله عز وجل وبالتالي فالحكم سيكون لله تعالي واقعا.

فعن الباقر عليه السلام يقول:

«إذا قام قائم آل محمد صلي الله عليه و آله حكم بحكم داود، ولا يسأل البينة»(1).

ص: 232


1- كتاب رسائل الشيعة. البينة: الدليل والحجة

وقال الإمام الصادق عليه السلام:

«إذا قام قائم آل محمد عليه السلام حكم بين الناس بحكم داود، لا يحتاج إلي بينة،يلهمه الله تعالي، فيحكم بعلمه، ويخبر كل قوم بما استنبطوه»(1).

وعن الإمام الحسن العسكري عليه السلام قال:

«...فإذا قام يقضي بين الناس بعلمه كقضاء داود عليه السلام لا يسأل البينة(2).

لذا سوف ينتهي الظلم في دولته وينتشر العدل علي الصعيد الفردي والاجتماعي.

فعن الإمام الرضا عليه السلام قال:

«فإذا خرج أشرقت الأرض بنور ربها، ووضع ميزان العدل بين الناس فلا يظلم أحد أحدا»(3)

فإذا أتاه خصمان مع أحدهما البينات والشهود علي أن الحق له والآخر حرم منها لضعفه، وهو صاحب الحق في الواقع، فنجد الإمام عليه السلام يحكم للثاني بغض النظر عما يقدمه الأول من أدلة مزورة بعناية.

وأما ولاة الأمر فلا شك أنهم سيقيمون العدل كما يقيمه الإمام عليه السلام أي بعبارة أخري فإن الولاة سوف لا يخرجون عن الخط العام الذي تسير عليه دولةالإمام المهدي المنتظر عليه السلام في إقامة العدل الكامل في الأرض، ولكن هل يمكنهم ذلك وهم غير معصومين ولا يعلمون الغيب عن الله عز وجل؟

والجواب علي هذا يقول الإمام الصادق عليه السلام:

«إذا قام القائم بعث في أقاليم الأرض في كل إقليم رجلا يقول (له): عهدك في كفك، فإذا ورد عليك أمر لا تفهمه ولا تعرف القضاء فيه، فانظر إلي كفك، واعمل بما فيها...»(4).

ص: 233


1- بحار الأنوار: ج52، ص 339.
2- المصدر السابق : ج52، ص 320 عن دعوات الراوندي.
3- المصدر السابق : ج52، ص322 عن إكمال الدين.
4- كتاب الغيبة للنعماني باب 21.

أي إنه ينظر إلي كفه فيأخذ منه الجواب وهذا إما بالإعجاز، أو لعله جهاز صغير يضعه في يده فيتصل بمركز القيادة لأخذ الأوامر أو إنها مجموعةتعليمات مختصرة جدا تكون مفتاحا للمسائل كلها.

وخلاصة القول: إن الإمام المهدي عليه السلام يكون علي اتصال دائم مع الحكام الذين نصبهم ووزعهم في جميع الأقاليم.

ص: 234

نزول عيسي ابن مريم عليه السلام من السماء

يعتبر نزول النبي عيسي ابن مريم عليه السلام من السماء - عند قيام الإمام المهدي عليه السلام - من الحقائق الثابتة عند جميع المسلمين - علي اختلاف مذاهبهم - ومن الأمور التي لا تقبل الشك والجدل.

ولعل الحكمة الوحيدة في نزوله عند قيام الإمام المهدي عليه السلام هي تقوية جانب الإمام المهدي، والاعتراف والتصديق بأنه حق لا ريب فيه، وخاصة بعد اقتدائه بالإمام المهدي في الصلاة - كما ستعرف ذلك -.

ويعتبر نزول عيسي إلي الأرض من أعجب الأعاجيب وأهم الحوادث، وأعظم الآيات وأكبر الدلالات.

أليس من العجيب أن إنسانا كان يعيش علي الأرض، ثم عرج به إلي السماء، وعاش هناك أكثر من ألفي سنة ثم يهبط إلي الأرض؟ !

مع الانتباه إلي أن هذا الإنسان يمتاز عن غيره بأنه :

أولا: نبي من أنبياء الله تعالي، ومن أولي العزم.

ثانيا: أنه صاحب شريعة وكتاب سماوي - وإن امتدت يد التحريف والتشويه إلي شريعته من بعده - .

ثالثا: أنه خلق من غير أب.

رابعا: أين أمته - اليوم - حوالي ألف مليون نسمة، بمن فيهم الملوك والأمراء ورؤساء الجمهوريات، وغيرهم من كافة الطبقات.

خامسا: أن ملايين من تماثيله منصوبة علي الكنائس والمدارس، ومعلقة علي صدور أتباعه، وموجودة في البيوت والمحلات.

ص: 235

أضف إلي ذلك: العقائد الشاذة الموجودة عند المسيحيين تجاه عيسي ابن مريم، فمنهم من يعتقد أنه ابن الله، أو أنه الله.. تعالي الله عما يقول الكافرون والمشركون.

وعلي كل حال.. فالنبي عيسي أقدس موجود عند المسيحيين، ومن الطبيعي أن بقية الملل والأديان لا تتجاهل هذه الشخصية.

وكذلك المسلمون، يضعون المسيح في المكان اللائق به، اتباعا للقرآن الكريم الذي ذكر المسيح بالنزاهة والتبجيل، في مواضع عديدة منه.

ونظرا لأهمية هذه الحقيقة - وهي نزول عيسي من السماء - تجد أحاديث كثيرة متواترة، تصرح بهذا المعني.

وعندما نراجع موسوعات الحديث نجد الكثير من علماء السنة وحفاظهم وأئمة الحديث يذكرون نزول عيسي ابن مريم من السماء عند قيام الإمام المهدي عليه السلام، وإن كان بعضهم لا يعجبه التصريح بهذه الحقيقة، فتراه يشوه الحديث، فيحذف أوله أو آخره، أو يتلاعب بألفاظ الحديث لأهداف يعلمها الله تعالي.

فهذا البخاري - الذي يعتبر عند السنة من أئمة الحديث، ويعتبرون كتابه في قمة الكتب الصحاح - يذكر اقتداء النبي عيسي بالإمام المهدي عليه السلام ولكن مع رعاية الإجمال والإبهام، فتراه يروي الحديث هكذا:

عن أبي هريرة قال رسول الله صلي الله عليه و آله:

«كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم؟»(1).

ويذكره مسلم في صحيحه(2) والديلمي في كتابه فردوس الأخبار، حرف الكاف،وأحمد بن حنبل في مسنده(3).

ص: 236


1- صحيح البخاري، باب نزول عيسي ابن مريم، ج2 ص 158، طبع المطبعة الميمنية بمصر، سنة 1312ه-.
2- صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب نزول عيسي ابن مريم، ج2 ص 500.
3- مسند أحمد: ج2، ص336، طبع المطبعة الميمنية بمصر، سنة 1313ه-. ورواه الشبلنجي في كتابة نور الأبصار ص 170 طبع مصر 1384ه، ورواه يوسف بن يحيي الشافعي في كتاب عقد الدرر، الباب العاشرص 229، نقلا عن صحيح البخاري وصحيح مسلم.

ويأتي نعيم بن حماد - شيخ البخاري - ويذكر نزول عيسي من السماء، ولكنه لا يعجبه التصريح باسم الإمام المهدي عليه السلام فيروي الحديث بإسناده عن كعب هكذا: - قال: يهبط المسيح عيسي ابن مريم عند القنطرة البيضاء علي باب دمشق الشرقي، طرف السحر (1) تحمله غمامة، واضعا يديه علي منكب ملكين، عليه ريطتان(2) مؤتزرا بإحداهما، مرتديا بالأخري(3)، إذا أكب رأسه يقطر منه كالجمان(4)، فيأتيه اليهود فيقولون: نحن أصحابك. فيقول: كذبتم. ثم تأتيه النصاري فيقولون: نحن أصحابك. فيقول: كذبتم، بل أصحابي المهاجرون، بقية أصحاب الملحمة، فيأتي مجمع المسلمين حيث هم، فيجد خليفتهم يصلي بهم، فيتأخر المسيح حين يراه، فيقول: يا مسيح الله صل بنا. فيقول: بل أنت فصل بأصحابك فقد رضي الله عنك، فإنما بعثت وزيرا ولم أبعث أميرا، فيصلي بهم خليفة المهاجرين ركعتين مرة واحدة، وابن مريم فيهم... إلي آخر كلامه(5)

ثم يروي نعيم بن حماد - أيضا - حديثا آخر عن حذيفة بن اليمان عن النبي صلي الله عليه و آله، فتراه يتلاعب بألفاظ الحديث، ويقول:

«فيهبط عيسي، فيرحب به الناس، ويفرحون بنزوله لتصديق حديث رسول الله صلي الله عليه و آله ثم يقول للمؤذن: أقم الصلاة، ثم يقول الناس: صل بنا، فيقول: انطلقوا إلي إمامكم فليصل بكم فإنه نعم الإمام، فيصلي بهم إمامهم، فيصلي معهم عيسي»(6).

وهكذا رأيت - أيها القاريء - كيف تلاعب هؤلاء بهذه الأحاديث فلم يصرحوا باسم الإمام المهدي عليه السلام بل عبروا عنه - تارة - ب-«إمامكم» وأخري ب-«خليفتهم» وفي بعض كتبهم ب-«أميرهم».

ص: 237


1- أي: يكون نزوله في وقت السحر.
2- الريطة - بفتح الراء .: كل ملاءة إذا كانت قطعة واحدة .
3- أي : يجعل إحداهما إزارا والأخري رداء.
4- الجمان - بضم الجيم وتخفيف الميم : جمع جمانة وهي اللؤلؤة، ولعل المعني أن العرق أو الماء يتساقط من رأسه كاللؤلؤ.
5- كتاب الملاحم والفتن لابن طاوس: باب 187 ص83
6- المصدر السابق : باب 187 ص84.

ولكن في نفس الوقت تجد بعض علمائهم - ممن لم تطغ اتجاهاتهم علي أقلامهم - يروون هذا الحديث لا تشويه أو تمويه أو تحريف. وفيما يلي نذكر بعض تلك الأحاديث:

عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله:

«منا الذي يصلي ابن مريم خلفه»(1). وعن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله:

«يلتف المهدي وقد نزل عيسي ابن مريم كانما يقطر من شعره الماء(2) فيقول المهدي: تقدم وصل بالناس عليه السلام. فيقول عيسي ابن مريم: إما أقيمت الصلاة لك. فيصلي عيسي خلف رجل من ولدي، فإذا صليت قام عيسي حتي جلس في المقام فيبايعه»(3).

وعن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله:

«...والذي بعثني بالحق بشيراً لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتي يخرج فيه ولدي المهدي، فينزل عيسي ابن مريم فيصلي خلفه...»(4).

وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام - في قصة الدجال -:

«...ويدخل المهدي عليه السلام بيت المقدس ويصلي بالناس إماما، فإذا كان يوم الجمعة وقد أقيمت الصلاة، نزل عيسي ابن مريم عليه السلام بثوبين مشرقين، أحمر، كأنما يقطر من رأسه الدهن، رجل الشعر(5) صبيح الوجه، أشبه خلق الله بأبيكم إبراهيم

ص: 238


1- عقد الدرر، الباب العاشر ص 230 ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ورواه الحافظ أبو نعيم في كتابيه: الأربعين وحلية الأولياء
2- أي : إن شعر رأسه يلمع كأن دهن شعره، أو غسله بالماء
3- عقد الدرر ص229-230، طبع مصر 1399ه-، وقال بعد ذكر الحديث: أخرجه الحافظ أبو نعيم في (مناقب المهدي) والطبراني في معجمه.
4- فرائد السمطين للجويني الشافعي ج2 ص312.
5- أي : مسرح الشعر، كالذي استعمل المشط.

خليل الرحمن، فيري المهدي عيسي، فيقول لعيسي: يابن البتول صل بالناس(1)، فيقول: لك أقيمت الصلاة. فيتقدم المهدي عليه السلام فيصلي بالناس، ويصلي عيسي خلفه ويبايعه...».

والآن... نذكر بعض ما قاله علماء العامة حول نزول عيسي عند قيام الإمام المهدي عليه السلام:

قال الآلوسي (2): والمشهور نزوله - أي: عيسي عليه السلام بدمشق والناس في صلاة الصبح، فيتأخر الإمام - وهو المهدي - فيقدمه عيسي عليه السلام ويصلي خلفه ويقول: إنما أقيمت لك.

وفي كتاب الحاوي علي الفتاوي ج 2 ص167 قال السيوطي - في الرد علي من أنكر أن عيسي يصلي خلف المهدي -: هذا من أعجب العجب، فإن صلاة عيسي خلف المهدي ثابتة في عدة أحاديث صحيحة بإخبار رسول الله صلي الله عليه و آله وهو الصادق المصدق الذي لا يخلف خبره.

ثم ذكر السيوطي بعض ما روي في هذا المجال.

أيها القاريء الكريم: هذه بعض الأحاديث وبعض مصادرها من كتب العامة،وأقوال علمائهم حول نزول عيسي ابن مريم من السماء عند قيام الإمام المهدي عليه السلام.

أما الأحاديث الواردة في كتب الشيعة المروية عن رسول الله صلي الله عليه و آله والأئمة الطاهرين عليهم السلام فكلها تصرح باقتداء عيسي ابن مريم عليهما السلام بالإمام المهدي عليه السلام ولا نبالغ إذا قلنا: إن نزول عيسي من السماء واقتداءه بالإمام المهدي يعتبر - عند الشيعة - من الأمور القطعية، بل من أشهر القضايا، حتي جاء في كتاب عيون المعجزات (3):

ص: 239


1- البتول : هي المرأة التي لا تري دم الحيض والنفاس، وقد كانت السيدة مريم - والدة عيسي - طاهرة.. لا تري دما، كما ورد ذلك في الأحاديث.
2- في كتابه روح المعاني : ج25، ص95، في تفسير الآية 59 من سورة الزخرف.
3- لحسين بن عبد الوهاب، وهو من علماء القرن الخامس الهجري.

أن رسول الله صلي الله عليه و آله أخبر الأئمة بخروج المهدي خاتم الأئمة، الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما و جورا، وأن عيسي ينزل عليه وقت خروجه وظهوره ويصلي خلفه. ثم قال: وهذا خبر اتفقت عليه الشيعة، والعلماء وغير العلماء، والسنة، والخاص والعام، والشيوخ والأطفال، لشهرته.

ص: 240

الجانب الاجتماعي في دولة الحق للإمام المهدي المنتظر عليه السلام

اشارة

إن العالم كله سيكون راض في دولة الحق والقائد المنقذ لها وهو الإمام المهدي عليه السلام، وهو الأمل الأخير في تحقيق السعادة الإنسانية والعدالة الإلهية وإحقاق الحق وإزهاق الباطل، إلا إنهم أي الناس في العالم كله غير متفقين في عقائدهم ومذاهبهم وأفكارهم وتطلعاتهم.

فهناك المسيحيون، واليهود، والأديان الأخري إضافة إلي المسلمين الذين افترقوا إلي عدة فرق كمذاهب ضمن المجتمع الإسلامي.

وبالتالي فإن العملية الاجتماعية والتربوية التي يهدف لها الإمام المهدي عليه السلام ستواجه النقطة الأولي في حركتها ألا وهي رفع الاختلافات بين الأديان والمذاهب وتوحيدها علي تبني الإسلام الحقيقي والخالص من الانحرافات والآراء الباطلة والبدع والدجل، ومن ثم الانطلاق في التفاصيل والمراحل التربوية التي يحددها الإمام المعصوم المهدي المنتظر عليه السلام وفق منهج رباني لا يختلف عن أمر الله وسنة نبيه، حتي تتحقق إرادته من الخلق حيث قال تعالي:«وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ»(1).

حيث يصف الإمام الجواد عليه السلام القائم المهدي فيقول:

«الذي يطهر الله به الأرض من أهل الكفر والجحود»(2).

حيث إن الإمام عليه السلام سينهي في البداية وجود أعداء الله والرافضين لدينه كما قال النبي صلي الله عليه و اله عن المهدي عليه السلام.

ص: 241


1- سورة الذاريات، الآية: 56.
2- بحار الأنوار: ج52، ص283 عن إكمال الدين.

«فيخرج ويقتل أعداء الله حيث ثقفهم، ويقيم الحدود ويحكم بحكم الله»(1).

وبهذا المنهاج ستنتهي دولة الباطل وتقدم دولة الحق بقيادة الإمام المهدي المنتظر عليه السلام حيث يقول الإمام الباقرعليه السلام :

«إذا قام القائم عليه السلام ذهبت دولة الباطل».

وعنه عليه السلام :

«وتشرق الأرض بنور ربها ولا تبقي في الأرض بقعة عبد فيها غير الله عز وجل إلا عبد الله فيها، ويكون الدين كله لله ولو كره المشركون»(2).

حيث سيتحقق العدل الإلهي بقوله تعالي: «هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَيٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ »(3)، حيث قال الإمام الكاظم عليه السلام:

«علي جميع الأديان عند قيام القائم»(4).

وعن ابن عباس قال: لا يكون ذلك حتي لا يبقي يهودي ولا نصراني ولا صاحب ملة إلا دخل في الإسلام(5)

حيث سيكون الدخول في الإسلام طوعيا من دون إكراه حيث يقوم الإمام المهدي المنتظر عليه السلام بالاحتجاج علي أصحاب الكتب السماوية والمناظرة معهم حتي يظهر لهم الحق ويدخلون في دين الله أفواجا

وهناك دلائل يقدمها الإمام عليه السلام علي أهل الكتب السماوية هو إظهار النسخ الصحيحة من تلك الكتب.

ونزول النبي عيسي ابن مريم عليه السلام ويصلي خلف الإمام المهدي عليه السلام .

ص: 242


1- بحار الأنوار: ج 52، ص311 عن عيون أخبار الرضا.
2- المصدر السابق: ج51، ص 146 عن إكمال الدين .
3- سورة التوبة، الآية : 33.
4- بحار الأنوار : ج51، ص60 عن كنز الفوائد .
5- المصدر السابق : ج51، ص 61 عن كنز الفوائد .

يقول الإمام الباقر عليه السلام:

«يستخرج التوراة وسائر كتب الله من غار بإنطاكية»(1).

وعن الصادق عليه السلام أنه:

«سيخاطب الناس فيقول: ومن كان يقرأ الكتب والصحف فليسمع مني. ثم يبتديء الإمام عليه السلام بالصحف التي أنزلها الله علي آدم وشيث عليهما السلام، وتقول أمة آدم و شيث هبة الله. هذه والله هي الصحف حقا، ولقد أرانا ما لم نكن نعلمه فيها، وما كان خفي علينا، وما كان أسقط منها وبدل وحرف. ثم يقرأصحف نوح وصحف إبراهيم والتوراة والإنجيل والزبور فيقول أهل التوراة والإنجيل والزبور: هذه والله صحف نوح وإبراهيم عليهم السلام حقا وما أسقط منها وبدل وحرف منها، هذه والله التوراة الجامعة والزبور التام والإنجيل الكامل، وإنها أضعاف ما قرأنا منها»(2).

وعن الصادق عليه السلام حيث قال المفضل: فوالله يا مفضل ليرفع عن الملل والأديان الاختلاف، ويكون الدين كله واحدا كما قال الله عز وجل ذكره«إِنَّ الدّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسلامُ ۗ».

وقال الله تعالي: «وَمَن يَبتَغِ غَيرَ الإِسلامِ دينًا فَلَن يُقبَلَ مِنهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخاسِرينَ»(3).

لذا فمن أبي دخول الإسلام وأصر علي ما هو عليه من دين ولم يكن محاربا، حيث إنه لو كان محاربا لقتل في أثناء عملية التطهير الشامل، وأما هؤلاء فقد ورد بشأنهم أمرين:

أ- إنهم سيدفعون الجزية عن يد وهم صاغرون، كما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام حيث يقول: يسالمهم كما سالمهم رسول الله صلي الله عليه و آله ويؤدون الجزية عن يد وهم صاغرون(4).

ص: 243


1- بحار الأنوار: ج51، ص29 عن علل الشرائع.
2- المصدر السابق : ج 32، ص19.
3- بحار الأنوار: ج53، ص4 والآية الأولي سورة آل عمران، الآية : 19. والآية الثانية سورة الحج، الآية : 78.
4- المصدر السابق : ج52، ص 381 عن المزار الكبير.

2 - إنهم يقتلون، كما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام في قوله تعالي:«وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا »(1).

قال:

«إذا قام القائم لا تبقي أرض إلا نودي فيها شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله»(2).

وعن الإمام الكاظم عليه السلام قال:

«أنزلت في القائم عليه السلام إذا خرج (أتي) باليهود والنصاري والصائبين والزنادقة وأهل الردة والكفار في شرق الأرض وغربها فعرض عليهم الإسلام، فمن أسلم طوعا أمره بالصلاة والزكاة وما يؤمر به المسلم ويجب لله عليه، ومن لم يسلم ضرب عنقه حتي لا يبقي في المشارق والمغارب أحد إلا وحد الله»(3).

لذا فمن يرفض الإسلام ويبقي علي ضلاله حصرا من دون حجة أو برهان، سيكون مصيره هو الاستئصال من بنية المجتمع البشري فهو حالة مريضة قد استحال علاجها.

لذا نري الوضع الاجتماعي في دولة الإمام المهدي المنتظرعليه السلام ومواقفه من أهل الكتاب والمذاهب الإسلامية.

الموقف من المسيحيين:

يشكل المسيحيون حاليا النسبة الكبيرة من سكان العالم وسيذهب كثير منهم في الحرب العالمية الثالثة سواء بالقتل المباشر (وهو الموت الأحمر) أو بالأمراض والأوبئة (وهو الموت الأبيض) كما أشارت لها الروايات حيث يذهب ثلثي العالم أغلبهم من غير المسلمين ولكن مع هذا سيبقي منهم عدد كثير وسيشاركون المسلمين في دولتهم العالمية الجديدة.

ص: 244


1- سورة آل عمران، الآية : 83.
2- بحار الأنوار: ج52، ص 340 عن تفسير العياشي.
3- المصدر السابق : ج52، عن تفسير العياشي.

سيرضي المسيحيون بحكم الإمام المهدي المنتظر عليه السلام وينظرون إليه باعتباره قائدا جديدا يأملون منه العدل والإصلاح بعد أن شاهدوا بأم أعينهم المأساة التي نتجت عن اتباع النظام الرأسمالي والشيوعي. وعن الابتعاد عن الدين والأخلاق والارتماء في أحضان الشهوات والماديات والمفاسد.

ولكن هذا لا يعني لديهم أن دينهم غير صحيح، وخصوصا أنهم ورثوا ذلك منذ ما يقرب من ألفي عام أو أكثر دون أن يعرفوا غيره. حيث ستكمن العقدة في إصلاحهم، حيث لا بد للإمام المهدي عليه السلام أن يعالج هذا الأمر كي ينطلقوا معه في المسيرة الجديدة نحو الدين الإلهي القويم.

وإن الله لطيف بعباده ولا يرضي لهم الكفر، ويحب هدايتهم وصلاحهم وبما أنهم أعداد غفيرة من عباده، وأن كثيرا منهم لم يقصدوا الانحراف والضلال باعتقادهم بدينهم علي ما هو عليه الآن وأتباعهم الكنيسة، وإنما يبغون الالتزام بالدين ولم يعرفونهم غيره كما يجب، فلأجل ذلك ادخر الله عز وجل لهم نبيهم في السماء لينزله إليهم فيحل عقدة انحرافهم ويوجههم نحو الدين الإلهي القويم وهو الإسلام وتتمركز هذه العقدة بينهم وبين الإسلام في مسألتين:

الأولي: عقيدة التثليث التي ابتدعت لهم، وأن المسيح عليه السلام هو ابن الله عز وعلا عن ذلك.

الثانية: أن الإسلام هو الدين عند الله وأن المسيحية قد ألغيت بمجيئه.

وأفضل أسلوب لعلاج هذا الفهم الخاطيء عندهم هو أن يأتيهم السيد المسيح عليه السلام بنفسه فيخبرهم بالحق، فإذا كانوا يعتقدون أنه ابن الله وإله فسيخبرهم أنه عبد الله ورسوله وليس ابنه وليس إلها، فلا مجال لأي إنكار أو ضلال بعد ذلك.

وسيخبرهم عليه السلام أن الدين عند الله هو الإسلام، وفعلا سينزل السيد المسيح عيسي ابن مريم عليه السلام في الشام (غرب دمشق علي بعض الروايات وسيعرفه

ص: 245

المسيحيون بالعلامات لأنهم أخبروا بذلك ويعيشون انتظاره بلهفة وشوق فيخبرهم بالتحريف الذي خدعوا به منذ قديم الأزمان، ثم يدعوهم إلي المسيرة مع الإمام المهدي المنتظر عليه السلام بقية الله في الأرض، وعندها يحضر وقت الصلاة يصلي خلف الإمام عجل الله فرجه الشريف لأنه صاحب الزمان، والحاكم من قبل الله عز وجل في الأرض.

يقول الإمام الباقر عليه السلام :

وينزل روح الله عيسي ابن مريم عليه السلام فيصلي خلفه»(1).

والصلاة خلفه اعتراف بأن الدين عند الله الإسلام، ويبطلان المسيحية الحقة.

وبذلك تنتهي المشكلة المسيحية ويدخلون في دين الله الحقيقي أفواجا، وسوف لا يكون دور السيد المسيح عيسي ابن مريم عليه السلام هو إخبارهم بالحقيقة فقط بل سيبقي معهم مربيا تحت ظل الإمام المهدي عليه السلام وفي بعض الروايات أنه يعيش أربعين سنة ثم يتوفاه الله عز وجل(2).

وقد روي عن النبي صلي الله عليه و آله أنه قال:

«والذي نفسي بيده ليوشكن أو ينزل فيكم ابن مريم حكماعدلا (فيما يكون من اختلاف بين المسلمين والمسيحيين) يكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية »(3)

لذا ستلغي النصرانية بشكلها الحالي ويحرم ما حرم الإسلام كأكل لحم الخنزير ويضع الجزية، أي يحملهم علي الإسلام بعد إقامة الحجة عليهم بشكل كامل فيأمر الإمام المهدي عليه السلام باتباع الدين الإسلامي طوعا أو كرها وذهاب الجزية هو لعدم بقاء أهل الذمة بعد ذلك.

ص: 246


1- بحار الأنوار: ج52، ص191 عن إكمال الدين.
2- المصدر السابق : ج52، ص283.
3- المصدر السابق : ج52، ص382 عن شرح السنة للحسين بن مسعود

الموقف من اليهود:

إن اليهود هم أشد الناس انحرافا عن الدين الإلهي القديم. وأشد الناس عداوة اللذين آمنوا، حيث لازالوا هم الدور الأساسي في الإفساد البشري، وقد توعدهم الله القتل والإبادة بعد الإفساد الثاني «لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ»(1) ويكون بأن يبعث الله عليهم عبادا له أولي بأس شديد وقوة فيحبسون خلال الديار ويقتلونهم، وقد ورد في الأخبار أن اليهودي إذا اختبأ وراء حجر صاح ذلك الحجر: يا مسلم هذا يهودي خلفي فاقتله.

وهذه إشارة إلي تيسير قتلهم علي يد أصحاب الإمام المهدي المنتظر عليه السلام، حيث سيرسلهم إلي بيت المقدس فيفتحه ويبيد العتاة والمفسدين من اليهود.

عن النبي صلي الله عليه و آله انه قال، عن المهدي عليه السلام :

«وينزل بيت المقدس»(2).

حيث لا يمنع هذا من بقاء البعض منهم ممن يرضي بحكم الإمام المهدي عليه السلام حقيقة ويسلم، وهؤلاء يخرج لهم الإمام المهدي عليه السلام التوراة الحقيقية التي ورد أنها مخبأة في مكان أمين (غار في إنطاكية، أو بحيرة طبرية) فيحتج بها عليهم، ويهديهم إلي الإسلام.

الموقف من المذاهب الإسلامية:

ما أعسر علي المتشبث بالباطل أن يغير منهج حياته نحو الحق، وقليل ممن يملكون قدرة هذا التغيير والتفكير الحر السليم، حيث سيقارن بين الحق والباطل ويبحث عن الحق وهو مع الإمام المهدي المنتظر عليه السلام فيختاره بكل حرية وشجاعة.

لذا نجد أن توحيد المسلمين وجمعهم علي مذهب واحد صحيح و مسند هو أمر عسير

ص: 247


1- سورة الإسراء، الآية: 4.
2- بحار الأنوار: ج 51، ص 82 عن كشف الغمة.

جدا، حيث لا يمكن تحققه فأصبح المخلصون من كل الأطراف يدعون إلي الحلول الوسطي والاجتماع علي ما اتفق عليه وسيختص كل مذهب برأيه فيما اختلف فيه.

فعند مجيء الإمام المهدي المنتظر عليه السلام سيعمل علي هداية الناس وهي من مهامه وأهدافه السامية نحو الله بدين قويم جاء به النبي صلي الله عليه و آله من دون تحريف أو تغيير. وإن هذا الدين هو ما ورد عن أئمة أهل البيت عليهم السلام فهم أدري بما فيه وأن الإمام المهدي المنتظر هو آخرهم وهو الوارث لعلومهم، حيث سينادي بهذه الحقيقة في ليلة القدر والتي تسبق الظهور، أي فجر الثالث والعشرين من شهر رمضان المبارك. إن الحق في آل محمد صلي الله عليه و آله وإن هذا رواه المسلمون جميعا. كما رواه ابن حجر الهيثمي في كتاب «القول المختصر في علامات المهدي المنتظر»حيث قال في العلامة الحادية والأربعين: ينادي مناد من السماء: إن الحق في آل محمد(1).

ولكن هل سيكفي هذا النداء في حل مشكلة المذاهب الإسلامية مع الأخذ بنظر الاعتبار عن التشويشات التي ستصدر من قبل أهل الضلال لتشكك الناس في هذا النداء؟

حيث سيعرض الإمام المهدي عليه السلام الإسلام بشكل جديد ويكشف عنه كل لبس، ويرد البدع والانحرافات عنه ببيانه السامي، وهدايته المقدسة، حيث سيجمع الكثير من المسلمين وأتباع المذاهب المختلفة علي نهجه القديم.

كما لاحظنا عبر التاريخ ونلاحظ اليوم أن عامة الناس لا يمكن هدايتهم بنداء واحد أو علامة واحدة؟ أو اثنتين حيث للجهل حالات يصعب اقتحامها بالعلم والحجة.

لذا تدخل هنا الضرورة ويفيض اللطف الإلهي لهداية العدد الغفير من المسلمين نحو الحق، حيث سيقوم الإمام المهدي عليه السلام بعد استقرار وضع الدولة بحل هذه المعضلة كما حلت معضلة النصاري بإنزال السيد المسيح عليه السلام لهم لتحل المشكلة من أساسها.

ص: 248


1- القول المختصر: ص65.

وسيقوم الإمام المهدي عليه السلام بإحياء الخليفة الأول والثاني بإذن الله عز وجل ولطفا منه بعباده، فيعترفون للناس بما جري في صدر الإسلام ويضعوا النقاط علي الحروف، ويعترفوا للمسلمين كافة بأن الحق كان ولا يزال في آل محمد صلي الله عليه و آله، وأنهم نافسوهم في ذلك ما أدي إلي انحراف المنهج الإسلامي الذي قرره الله عز وجل لهداية المسلمين بوضع خلفاء اثني عشر للرسول الله صلي الله عليه و آله أولهم الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وآخرهم المهدي عجل الله فرجه(1).

وفي ذلك هداية للناس وإقامة للحجة عليهم وليس هناك حجة أكبر من ذلك، وفعلا سيهتدي جل المسلمين نحو الحق ويتوحدون في المذهب الصحيح وهو مذهب أهل البيت عليهم السلام.

وبعد كل هذه المراحل في هداية البشرية تصبح الأرض شعبا واحدا، وإماما واحدا، ودينا واحدا، تسير نحو العدل والصلاح وعبادة الله رب العالمين.

ص: 249


1- بحار الأنوار: ج53، ص 13.

ص: 250

عمر الإمام المهدي المنتظر عليه السلام وكم سنة يحكم

إن دولة الإمام المهدي المنتظر عليه السلام سوف تستمر إلي يوم القيامة إلا أن الإمام عليه السلام لا يبقي إلي نهايتها.

وقد وردت روايات كثيرة لعمره الشريف في دولته العادلة وفي هذه الروايات تباين بالأرقام حيث لا تتفق علي قدر معين بل تتراوح بين السنوات القليلة إلي الثلاثمائة وتسعة سنين كالمدة التي قضاها أصحاب الكهف في كهفهم.

فعن الباقر عليه السلام قال:

«إن القائم يملك ثلاثمائة وتسع سنين كما لبث أهل الكهف في كهفهم»(1).

وهناك أحاديث أخري عن عمره الشريف وقتل الإمام المهدي عليه السلام ، فقد روي عن الإمام الحسن المجتبي عليه السلام حيث قال لجنادة بن أبي أمية:

«والله لقد عهد إلينا رسول الله صلي الله عليه و آله أن هذا الأمر يملكه أحد عشر إماما من ولدعلي وفاطمة عليهما السلام ما منا إلا مسموم أو مقتول».

لذا فالإمام المهدي المنتظر عليه السلام هو أحد أئمة أهل البيت عليه السلام وخاتمهم، حيث لا يفارق الحياة بالموت الطبيعي بل تكون نهايته عليه السلام بالقتل كما وردت في بعض الروايات والقاتل هي امرأة(2) كما ذكره اليزدي في كتابه إلزام الناصب ص190 من الطبعة الأولي.

ص: 251


1- غيبة الطوسي: ص283
2- ذكره اليزدي في كتابه إلزام الناصب ص 190 من الطبعة الأولي.

حيث يقول في ملخص الحديث:

«...فإذا تمت السبعون سنة، أتي الحجة الموت، فتقتله امرأة من بني تميم اسمها سعيدة، لها لحية كلحية الرجال. يجاوز صخر من فوق سطح، وهو متجاوز في الطريق، فإذا مات تولي تجهيزه الحسين...» إلي آخر كلامه حيث وردت في الأحاديث أن الإمام المعصوم لا يغسله إلا إمام معصوم ولا يصلي عليه إلا إمام معصوم وكذلك هذه هي معتقدات الشيعة قديما وحديثا.

وقد روي عن الإمام الحسن بن علي عليه السلام أنه قال:

«والله لقد عهد إلينا رسول الله صلي الله عليه و آله أن هذا الأمر يملكه أحد عشر إماما من ولد علي وفاطمة عليهما السلام ما منا إلا مسموم أو مقتول، حيث إن هذه الحقيقة ثابتة تاريخيا بالنسبة إلي أئمة أهل البيت عليهم السلام حيث لم يمت أحد منهم حتف أنفه فالكل مات إما بالسم أو بالقتل، وإن الإمام المهدي المنتظر عليه السلام أحدهم فلا بد أن ينتهي إلي نفس مصير آبائه صلوات الله عليهم أجمعين عندما تقتله امرأة من بني تميم.

وأما مدة حكمه فالروايات مختلفة وكثيرة في هذا المجال، وإن الأحاديث الواردة في مدة حكمه عليه السلام كثيرة، فبعض الأحاديث تحددها بسبع سنين وبعضها بأقل من عشرين سنة وبعضها بسبعين وبعضها بأكثر من ذلك والله العالم».

قال محمد: وقال قتادة: بلغني أن رسول الله صلي الله عليه و آله قال:

«يعيش في ذلك سبع سنين»(1)

وروي حديث أن المهدي يملك سبع سنين وشهرين وأياما(2).

وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله:

ص: 252


1- كتاب الفتن لابن حماد: ج1، ص376، ح 1123.
2- المصدر السابق : ج 1، ص378، ح 1130.

لا يكون المهدي في أمتي إن قصر فسبع وإلا فثمان أو تسع»(1).

وفي رواية عن سليمان بن عيسي وكان علامة في الفتن قال بلغني أن المهدي يملك أربع عشرة سنة(2).

وقال الإمام جعفر الصادق عليه السلام :

«ملك القائم منا تسع عشرة سنة وأشهرا»(3).

فيه حديث آخر:

«يملك القائم عليه السلام تسع عشرة سنة وأشهر»(4).

وسأل جابر بن يزيد الجعفي من الإمام الباقرعليه السلام كم يقوم القائم في عالمه حتي يموت؟

فقال الإمام عليه السلام :

«تسع عشرة سنة، من يوم قيامه إلي يوم موته»(5)

إذن فنستخلص من الأحاديث والروايات المروية في كلا الفريقين بأن مدة خلافة الإمام المهدي المنتظرعليه السلام ما بين سبع سنين وثمان وتسع وأربعة عشر وتسعة عشر وعدة أشهر والله هو العالم بأمره.

ثم ماذا يكون بعد الإمام المهدي المنتظرعليه السلام :

في البداية نعلم أن الأرض لا يمكن أن تخلو من حجة لله، سواء كان ظاهرا مشهورا أو غائب مستورا وإلا لساخت الأرض بأهلها.

ص: 253


1- كتاب الفتن لابن حماد: ج1، ص377، ح 1127.
2- المصدر السابق : ج 1، ص 392-393، ح 1181.
3- كتاب الغيبة للنعماني: باب : 26، ج2.
4- المصدر السابق: باب : 26، ج1.
5- المصدر السابق : ص332.

فالله عز وجل لا يحاسب العباد من دون أن يضع لهم إماما حجة عليهم ولم يخل الأرض من نبي مرسل أو وصي أو إمام لكي يكونوا حجة الله علي الخلق.

إذن فلا بد أن يحكم بعد الإمام المهدي المنتظر عليه السلام حجة لله عز وجل.

وما يكون هذا إلا لسد الفراغ الحاصل من غياب الإمام المهدي المنتظرعليه السلام وماهي إلا الرجعة.

فالرجعة هي أن أئمة أهل البيت عليه السلام وطوائف كثيرة من الأموات سوف يرجعون إلي الحياة الدنيا بقدرة الباري عز وجل وإرادته، فهو الذي خلق آدم عليه السلام من تراب، وهو الذي أحيا«أَلَمْ تَرَ إِلَي الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَي النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ»(1).

تتكلم هذه الآية عن قوم من بني إسرائيل فروا من طاعون وقع بأرضهم فأماتهم الله تعالي وأمات دوابهم وتفسخت أبدانهم وتلاشت أعضاؤهم.

وذات يوم مر عليهم نبي الله حزقيل، وسأل من الله تعالي أن يحييهم، فأحياهم الله تعالي، كما صرحت بذلك الآية الشريفة:

إذن، فإن الرجعة تعتبر من الأمور الثابتة في أحاديث أهل البيت عليهم السلام

ولا غرابة منها إذا لاحظنا أن الله عز وجل يريد بلوغ أمره، ويعز عليه أن يخرج أولياؤه من الدنيا دون أن يأخذوا موقعهم الطبيعي في المجتمع. و فعزيز علي الله أن يقتل الإمام الحسين عليه السلام تلك القتلة ثم ينتهي الأمر ولا يكون إماما لكل الناس.

ولذا ورد أن أول إمام يرجع فيحكم بعد الإمام المهدي المنتظر عليه السلام هو جده الحسين بن علي عليهما السلام.

ص: 254


1- سورة البقرة، الآية : 243.

فالرجعة لا تكون لكل البشر بل إن الرجعة تكون خاصة ولكن أهل البيت الأئمة الأطهار عليهم السلام سوف يرجعون ويحكمون البلاد.

وقال الإمام الصادق عليه السلام:

إن الرجعة ليست بعامة، وهي خاصة، لا يرجع إلي الدنيا إلا من محض الإيمان محضأ، أو محض الكفر محضا»(1).

لذا، فبعد الإمام عليه السلام يأتي دور الأئمة عليهم الصلاة والسلام ومنهم أمير المؤمنين عليه السلام فيحكمون ما شاء الله قبل أن يسدل الستار علي الحياة البشرية، حيث تحققت فيها أهداف إيجاد الخليقة من العبادة لله عز وجل الواحد الأحد وإقامة حكمه في الأرض طوعا واختيارا.

ومن بعد موت آخر حجة لله عز وجل بأربعين يوما تقوم القيامة علي أشراريستحقون رؤية أهوالها.

ص: 255


1- بحار الأنوار، ج 53، ص39.

ص: 256

الإمام المهدي المنتظر عليه السلام في الشعر العربي

قصيدة بالمناسبة

اشارة

لآية الله السيد مجتبي الشيرازي (دام عزه) قصيدة بهذه المناسبة، وقد نظمها قبل حوالي أكثر من ثلاثين عاما. أحببت إيرادها هنا، وهي:

الكون ينشد.. والطيور ترتم:*** بشراكمو.. ولد الإمام الأعظم

الحجة المهدي.. مصباح الهدي.. ***أمل الشعوب.. ونصرها المتحتم

فربوع (سامراء) تزهو - بهجة -*** بوليدها.. نعم الوليد الأكرم

وتباشرت بالخير شيعة حيدر*** وبه تهلل وجه من هو مسلم

والعسكري.. ونرجس.. وحكيمة.. ***بالحمد - للباري الودود - ترنموا

وملائك الرحمن تتري هبطا ***وعلي وجوههم البشائر ترسم

فوج يمسح مهده شغفا.. وذا ***فوج يخر لوجهه كي يلثم

كنفته روح القدس، يرعي نشأه*** جبريل، والميكال عبد يخدم

والله يكلؤه بلطف سابغ***ذخرا.. فيوم ظهوره متحتم

وليملأن به البلاد عدالة*** فيقوم - باسم الله - فيها يحكم

* * *

يا ناصر الإسلام! يا كهف الوري!*** أشكو.. وقلبي - بالأسي - متضرم

شكواي لا تلفي سوي كمد الحشا..*** ونواظر عبري.. ودمع يسجم

هذي شريعتكم طوتها أنفس*** مرضي.. وهذا صرحكم متهدم

فالخارجي يحيك كل مكيدة ***والداخلون - علي التخاذل - صمموا

ص: 257

هذا.. يغمغم بالكلام محركا***رأسا، وآخر.. في المقال يجمجم

ويقول بعض: لا علاج - لدائنا - ***نلفيه، فالإصلاح: لغز.. طلسم

وهناك من يلوي اللسان منددا ***بالمصلحين.. وبالدعاة.. ويزعم:

أن ذا قضاء الله.. شاء لدينه ***هجرا.. وللكفار أن يتحكموا

لو شاء نصر الدين أرسل للوري ***مهديهم، فبه الهدي يتبسم

هل كان دين محمد لزمانه؟ ***أم أن حكم الله زيغ يزلم؟

ف-«حلال أحمد» خالد رغم الفنا*** وحرامه - حتي القيام - محرم

حتم علي كل الأنام لغير تغ-***-يير.. ووقت الذين لا يتصم

هبوا - بني الإسلام! - هبة باسل*** وإلي ميادين الجهاد تقدموا

* * *

يا ناصر الإسلام! منتجع الوري! ***رفقا بنا.. فالكون أجهم مظلم

مولاي! عطفا نحونا بسنا الهدي ***فالظلم باد.. والضلال مخيم

والجور يزأر صائلا.. متبخترا.. ***والعدل - في الآفاق - أمر معدوم

والكفر قد شمل البلاد فلا تري*** - بالدين - يصدح طائر.. مترنم

وقلوبنا ولهي يمزقها الأسي ***وصدورنا جرحي يفيض بها الدم

أنت الطبيب لنا فعجل نحونا ***وأظهر فإنك - للجراح - البلسم

وأغث محبيك الأولي انتظروا - علي*** مضض - قدومك والحشا متضرم

أنت الإمام الحق فانهض ثائرا*** ليشاد - للإيمان - صرح.. محكم

يا ناصر الإسلام أنت ملاذنا.. ***ومجيرنا.. أنت السبيل الأقوم

قدمسنا الضر المهين.. وقد بدي ال-*** -ظلم المشين.. فأنت أنت محكم

هذي البلاد وخطبها جلل، وها.. ***تتري عليها الكارثات فتهشم

في كل يوم نلتقي بمصيبة ***دهياء منها الطفل - ذعرا - يهرم

وحقوقنا ضاعت.. وقد ذهبت سدي ***طلباتنا.. والأفق أكدر مظلم

لا من مجيب.. وصوتنا لا يسمع*** فكأننا - من تركها.. أو - ديلم

وتري الأقليات يحفظ حقها*** وتخط للشعب المصير وترسم

ص: 258

لكن حق الأكثرية مهمل*** سحقا يداس.. و - في جهار - يهضم

نحن الذين بنا البلاد تحررت ***في ثورة العشرين، كل يعلم

لولا انتفاضتنا وفتوي شيخنا ***هل كان من أحد يثور.. ويقدم؟

وعلي كواهلنا استقامت دولة*** وطنية من بعد ما سال الدم

وعلي جماجمنا أقمنا صرحنا ***فانهد.. وانهزم العدو المغشم

فهل البناة الأمة من حقهم ***كبت.. وتحقير.. وظلم أسحم؟

عجل - إمام العصر! - أنت مغيثنا*** فسيصلح الدنيا حسام مخدم

السيد رضا الهندي

وقال الإمام المهدي عليه السلام ردا علي الشاعر الألوسي الذي استبعد وجود الإمام المهدي(1):

يمثلك الشوق المبرح والفكر*** فلا حجب تخفيك عني ولا ستر

ولو غبت عني ألف عام فإن لي ***رجاء وصال ليس يقطعه الدهر

تراك بكل الناس عيني فلم يكن*** ليخلو ربع منك أو مهمة قفر

وما أنت إلا الشمس ينأي محلها*** ويشرق من أنوارها البر والبحر

تمادي زمان البعد وامتد ليله ***وما أبصرت عيني محياك يا بدر

ولو لم تعللني بوعدك لم يكن ***ليألف قلبي في تباعدك الصبر

ولكن عقبي كل ضيق وشدة*** رخاء وإن العسر من بعده يسر

وإن زمان الظلم إن طال ليله ***فعن كثب يبدو بظلمائه الفجر

ص: 259


1- جاء من بغداد سنة 1317 ه- إلي النجف قصيدة من أحد الآلوسيين يستبعد فيها وجود الإمام المهدي وغيبته، وأولها: أيا علماء العصر يامن لهم خبر*** بكل دقيق حار في مثله الفكر لقد حار مني الفكر في القائم الذي*** تنازع فيه الناس والتبس الامر فمن قائل في القشرلب وجوده ***ومن قائل قد ذب عن لبه القشر وقد تصدي للرد عليه جماعة من الأعلام منهم السيد رضا بهذه القصيدة.

ويطوي بساط الجور في عدل سيد ***لألوية الدين الحنيف به نشر

هو القائم المهدي ذو الوطأة التي*** بها يذر الأطواد يرجحها الذر

هو الغائب المأمول يوم ظهوره*** يلبيه بيت الله والركن والحجر

هو ابن الإمام العسكري محمد ***بذا كله قد أنبأ المصطفي الطهر

كذا ما روي عنه الفريقان مجملا*** بتفصيله تفني الدفاتر والحبر

فأخبارهم عنه بذاك كثيرة ***وأخبارنا قلت لها الأنجم الزهر

ومولده نور به يشرق الهدي***وقيل لظامي العدل مولده نهو(1)

فيا سائلا عن شأنه اسمع مقالة*** هي الدر والفكر المحيط لها بحر

ألم تدر أن الله كوَّن خلقه ***ليمتثلوه كي ينالهم الأجر

وما ذاك إلا رحمة بعباده ***وإلا فما فيه إلي خلقهم فقر

ويعلم أن الفكر غاية وسعهم ***وهذا مقام دونه يقف الفكر

فأكرمهم بالمرسلين أدلة ***لما فيه يرجي النفع أو يختشي الضر

ولم يؤمن التبليغ منهم من الخطا ***إذا كان يعروهم من السهو ما يعرو

ولو أنهم يعصونه لاقتدي الوري ***بعصيانهم فيهم وقام لهم عذر

فنزههم عن وصمة السهو والخطا ***كما لم يدنس ثوب عصمتهم وزر

وأيدهم بالمعجزات خوارقا*** لعاداتنا كي لا يقال هي السحر

ولم أدر لم دلت علي صدق قولهم ***إذا لم يكن للعقل نهي ولا أمر

ومن قال للناس انظروا في ادعائهم*** فإن صح فليتبعهم العبد والحر

ولو أنهم فيمالهم من معاجز***علي خصمهم طول المدي لهم النصر

لغالي بهم كل الأنام وأيقنوا*** بأنهم الأرباب والتبس الأمر

كذلك تجري حكمة الله في الوري ***وقدرته في كل شيء له قدر

وكان خلاف اللطف، واللطف واجب*** إذا من نبي أو وصئ خلا عصر

ص: 260


1- في هذا البيت إشارة إلي تاريخ ميلاد الإمام المهدي، وفيه قولان، أولهما: إنه ولد سنة 256ھ وذلك ما تشير إليه كلمة «نور» في صدر البيت، إذ إن مجموع هذه الكلمة بحساب التأريخ الأبجدي 256، وثانيهما، إنه ولد سنة 255ه- ، وذلك ما تشير إليه كلمة «نهر»في عجز البيت ومجموعها 255.

أينشيء للإنسان خمس جوارح*** تحس وفيها تدرك العين والأثر

وقلبا لها مثل الأمير يردها*** إذا أخطأت في الحس واشتبه الأمر

ويترك هذا الخلق في ليل ضلة*** بظلمائه لا تهتدي الأنجم الزهر

فذلك أدهي الداهيات ولم يقل ***به أحد إلا أخو السفه الغر

فأنتج هذا القول، إن كنت مصغيا*** وجوب إمام عادل أمره الأمر

وإمكان أن يقوي وإن كان غائبا*** علي رفع ضر الناس إن نالها الضر

وإن رمت نجح السؤل فاطلب مطالب ال-*** -مسؤول فمن يسلكه يسهل له الأمر

ففيه أقر الشافعي ابن طلحة*** برأي عليه كل أصحابنا قروا

وجادل من قالوا خلاف مقاله*** فكان عليهم في الجدال له نصر

وكم للجويني انتظمن فرائد*** من الدر لم يسعد بمكنونها البحر

فرائد سمطين المعاني بدرها*** تحلت لأن الحلي أبهجه الدر

فوكل بها عينيك فهي كواكب*** لدريها أعياني العد والحصر

ورد من ينابيع المودة موردا*** به يشتفي من قبل أن يصدر الصدر

وفتش علي كنز الفوائد فاستعن*** به فهو نعم الذخر إن أعوز الذخر

ولاحظ به ماقد رواه الكراجكي*** من خبر الجارود إن أغنت النذر

وقد قيل قدما في ابن خولة إنه*** له غيبة والقائلون به كثر

وفي غيره قد قال ذلك غيرهم ***وما هم قليل في العداد ولا نزر

وما ذاك إلا لليقين بقائم*** يغيب وفي تعينه التبس الأمر

وكم جد في التفتيش طاغي زمانه ***ليفشي سر الله فانكتم السر

وحاول أن يسعي لإطفاء نوره*** وما ربحه إلا الندامة والخسر

وما ذاك إلا أنه كان عنده*** من العترة الهادين في شأنه خبر

وحسبك عن هذا حديث مسلسل*** لعائشة ينهيه أبناؤها الغر

بأن النبي المصطفي كان عندهم*** وجبريل إذ جاء الحسين ولم يدروا

فأخبر جبريل النبي بأنه*** سيقتل عدوانا وقاتله شمر

وأن بنيه تسعة ثم عدهم ***بأسمائهم والتاسع القائم الطهر

ص: 261

وأن سيطيل الله غيبة شخصه ***ويشقي به من بعد غيبته الكفر

وما قال في أمر الإمامة أحمد*** وأن سيليها اثنان بعدهم عشر

فقد كاد أن يرويه كل محدث*** وما كاد يخلو من تواتره سفر

وفي جلها أن المطيع لأمرهم ***سينجو إذا ما حاق في غيره المكر

ففي أهل بيتي فلك نوح دلالة ***علي من عناهم بالإمامة يا حبر

فمن شاء توفيق النصوص وجمعها*** أصاب وبالتوفيق شد له أزر

وأصبح ذا جزم بنصب ولاتنا*** لرفع العمي عنا بهم يجبر الكسر

وآخرهم هذا الذي قلت إنه*** تنازع فيه الناس واشتبه الأمر

وقولك إن الوقت داع لمثله*** إذا صح لم لا ذب عنه لبه القشر

وقولك إن الاختفاء مخافة*** من القتل شيء لا يجوزه الحجر

فقل لي لماذا غاب في الغار أحمد*** وصاحبه الصديق إذ حسن الحذر

ولم أمرت أم الكليم بقذفه*** إلي نيل مصر حين ضاقت به مصر؟

وكم من رسول خاف أعداه فاختفي*** وكم أنبياء من أعاديهم فروا

أيعجز رب الخلق عن نصر دينه*** علي غيرهم؟ كلا فهذا هو الكفر

وهل شاركوه في الذي قلت إنه ***يؤول إلي جبن الإمام وينجر

فإن قلت هذا كان فيهم بأمر من ***له الأمر في الأكوان والحمد والشكر

فقل فيه ماقد قلت فيهم فكلهم*** علي ما أراد الله أهواؤهم قصر

وإظهار أمر الله من قبل وقته ال-*** مؤجل لم يوعد علي مثله النصر

وليس بموعود إذا قام مسرعا*** إلي وقت عيسي يستطيل له العمر

وإن تسترب فيه لطول بقائه ***أجابك إدريس وإلياس والخضر

ومكث نبي الله نوح بقومه ***كذا نوم أهل الكهف نص به الذكر

وقد وجد الدجال في عهد أحمد*** ولم ينصرم منه إلي الساعة العمر

وقد عاش عوج ألف عام وفوقها*** ولولا عصي موسي لأخره الدهر

ومن بلغت أعمارهم فوق مائة*** وما بلغت ألفا فليس لهم حصر

وما أسعد السرداب في سر من رأي*** وأسعد منه مكة فلها البشر

ص: 262

سيشرق نور الله منها فلا تقل*** له الفضل عن أم القري ولها الفخر

فإن أخر الله الظهور لحكمة ***به سبقت في عمله وله الأمر

فكم محنة لله بين عباده*** يميز فيها فاجر الناس والبر

ويعظم أجر الصابرين لأنهم*** أقاموا علي ما دون موطئه الجمر

ولم يمتحنهم كي يحيط بعلمهم*** عليم تساوي عنده السر والجهر

ولكن ليبدوا عندهم سوء ما اجتروا*** عليهم فلا يبقي لإثمهم عذر

وإني لأرجو أن يحين ظهوره*** لينتشر المعروف في الناس والبر

ويحيي به قطر الحياميت الثري ***فتضحك من بشر إذا ما بكي القطر

فتخضر من وكاف نائل كفه ***ويمطرها فيض النجيع فتحمر

ويطهر وجه الأرض من كل مأثم*** ورجس فلا يبقي عليها دم هدر

وتشقي به أعناق قوم تطولت*** فتأخذ منها حظها البيض والسمر

فكم من كتابي علي مسلم علا*** وآخر حربي به شمخ الكبر

ولولا أمير المؤمنين وعدله*** إذن لتوالي الظلم وانتشر الشر

فلا تحسبن الأرض ضاقت بظلمها*** فذلك قول عن معايب يفتر

وذا الدين في عبد الحميد بناؤه*** رفيع وفيه الشرك أربعة دثر

إذا خفقت بالنصر رايات عزه ***فأحشاء أعداء بها يخفق الذعر

وعنه سل اليونان كم ميت لهم*** له جدثان الذئب والقشعم النسر

وكم جحفل إذ ذاك قبل لقائه*** بنو الأصفرانحازت وأوجهها صفر

عشية جاء المسلمون كتائبا ***مؤيدة بالرعب يقدمها النصر

ببيض مواض تمطر الموت أحمر*** ورقش صلال تحتها الدهم والشقر

فلا يبرح السلطان منه مخلدا*** ولا يخل من آثار قدرته قطر

وخذه جوابا شافيا لك كافيا*** معانيه آيات وألفاظه سحر

وماهو إن أنصفته قول شاعر*** ولكنه عقد تحلي به الشعر

ولو شئت إحصاء الأدلة كلها ***عليك لكل النظم عن ذاك والنثر

فكم قد روي أصحابكم من رواية*** هي الصحو للسكران والشبه السكر

ص: 263

وفي بعض ما أشمعته لك مقنع*** إذا لم يكن في أذن سامعه وقر

وإن عاد إشكال فعد قائلنا لنا***أيا علماء العصر يا من لهم خبر(1)

انتهي رد العلامة الشاعر السيد رضا الهندي (قدس سره).

الشيخ محمد جواد البلاغي

*الشيخ محمد جواد البلاغي (2)

هذه القصيدة هي إحدي القصائد التي اخترناها من مجموعة القصائد التي جاءت ردا علي القصيدة التي وردت من بغداد سنة 1317ه- إلي النجف من أحد المنكرين لوجود الإمام المهدي عليه السلام، وهي من النقائض العقائدية المهمة، استدل فيها الشيخ البلاغي علي وجود الإمام المهدي عليه السلام بأدلة وافية، ورد فيها علي جميع الشبهات الواردة في قصيدة المنكر بأسلوب رصين وكلام جزل، وهي في الأصل (109) أبيات، وهذه هي القصيدة :

أطعت الهوي فيهم وعاصاني الصبر*** فها أنا ما لي فيه نهب ولا أمر

أنست بهم سهل القفار ووعرها*** فما راعني منهن سهل ولا وعر

أخا سفر ولهان اغتنم السري*** من الليل تغليسا إذا عرس السفر

بذا ملة أنكرت ألم الوجي*** وما صدها عن قصدها مهمه قفر

يضيق بها صدر الفضا فكأنها*** بصدر مذيع عي عن كتمه سر

تحن إذا ذكرتها بديارهم ***حنين مشوق هاج لوعته الذكر

وشملالة أعديتها بصبابتي*** إذا هاجها شوق الديار فلا نكر

أروح وقلبي للواعج والجوي*** مباح وأجفاني عليها الكري حجر

ص: 264


1- الديوان : 26-31.
2- هو الشيخ محمد جواد بن حسين بن طالب البلاغي الربعي النجفي، ولد في النجف الأشرف سنة . 1282ه-، ورحل لطلب العلم إلي سامراء والكاظمية، ثم عاد إلي النجف وعكف علي التأليف والتصنيف،حتي توفي سنة 1352ھ ودفن بالصحن العلوي الشريف، وله مصنفات كثيرة ومهمة تصل إلي 46 كتابا، منها : آلاء الرحمن في تفسير القرآن، والرحلة المدرسية، والهدي إلي دين المصطفي وغيرها. راجع رسالة القرآن - العدد العاشر - الصفحة 71-83.

وأحمل أوزار الغرام وإنه ***غرام به ينحط عن كاهلي الوزر

وكم لذلي خلع العذار وإن يكن*** بحبي آل المصطفي فهو لي عذر

علقت بهم طفلا فكانت تمائمي*** مودتهم لا ما يقلده النحر

وما زج دري حبهم يوم ساغ لي ***ولولا مزاج الحب ما ساغ لي در

نعمت بحبهم ولكن بليتي*** ببينهم والبين مطعمه، مر

ونائين تدنيهم إلي صبابتي*** فعن ناظري غابوا وفي خاطري قروا

فمن نازح قد غيب الرمس شخصه*** ومن غائب قد حال من دونه الستر

أطال زمان البين والصبر خانني*** وما يصنع الولهان إن خانه الصبر

إلي م وكم تنكي بقلبي جراحة*** من البين لا يأتي علي قعرها سبر

فكم سائل عنه يسيل مدامعي ***بتذكاره وكفا كما يكف القطر

فيا سائلا سمعا لآية معجز*** بآياته لا ما يزخرفة الشعر

فما الحجر في التقليد إلا حجارة ***وليس بغير الجد يصفو لك الحجر

لتدرك فيه الحسن والقبح مثلما ***يحس بحس الذائق الحلو والمر

فإن قلت بالعدل الذي قال ذو اللنهي ***به وله يهدي بمحكمه الذكر

ودنت بتنزيه الإله وإنه ***غني فلا يلجيه في فعله فقر

وأقررت لله اللطيف الإمام بأنه*** ينوب أصول الدين من وهمه كسر

وأوجبت باللطف الإمام وإنه*** ينوب من عصاة الخلق ينقطع العذر

وعاينت فيمن مات فهو لذي الحجي*** شفاء إذا أعيي بأدوائه الصدر

تؤسس بنيان الصواب علي التقي ***ويطلع من أفق اليقين لك الفجر

وفي خبر الثقلين هاد إلي الذي*** تنازع فيه الناس والتبس الأمر

إذا قال خير الرسل لن يتفرقا*** فكيف إذن يخلو من العترة العصر

وما إن تمسكتم بتينك إنهم ***هم السادة الهادون والقادة الغر

ولما انطوي عصر الخلافة وانتهي ***ولف بساط العدل وابتدأ الشر

وزاد يزيد الدين نقصا وبعده*** دهي بالوليد القرد أم الهدي عقر

تنادي لإحياء الهدي عترة الهدي*** فما عاقهم قتل ولا هالهم ضر

ص: 265

وكم بذلوا في الوعظ والزجر جهدهم ***ولم يجد بالغاوين وعظ ولا زجر

وكم ندبوا لله سرا وجهرة ***وقد خلصا منهم له السر والجهر

إلي أن تفانوا كابرا بعد كابر*** وما دولة إلا وفيها لهم وتر

ولا مثل يوم الطف يوم فجيعة*** لذكراه في الأيام ينقصم الظهر

يذيب سويداء القلب حزنا فعاذر*** إذا سفحت من ذوبها الأدمع الحمر

ومذ أعذورا بالنصح في الله والدعا*** إليه وآذان الوري صكها وقر

وشاء إله العرش أن يعضد الهدي*** ويظهر من مكنون أسمائه السر

تألب أحزاب الضلال لقتله*** عصائب يغريها به البغي والغدر

وهموا به خبطا كموسي وجده ال-*** خليل فأضحي ربح همهم الخس

فأغشاهم عنه وغشاه نوره ***وكان بما هموا لجدهم العثر

وقام لخمس بالإمامة آية ***كعيسي ويحيي آية وله الفخر

إذا أم معصوم من الآل زاخر ***من العلم لا ساجي العباب ولا نزر

وكان كداود فسل هيثمكم ***أهل بعد هذا في إمامته نكر

وغاب بأمر الله للأجل الذي*** يراد له في علمه وله الأمر

وأوعده أن يحيي الدين سيفه ***وفيه لدين المصطفي يدرك الوتر

ويخدمه الأملاك جندا وإنه*** يشد له بالروح في ملكه أزر

وإن جميع الأرض ترجع ملكه ***ويملؤها قسطا ويرتفع المكر

فأيقن أن الوعد حق وإنه*** إلي وقت عيسي يستطيل له العمر

فسلم تفويضا إلي الله صابرا*** وعن أمره منه النهوض أو الصبر

ولم يك من خوف الأذاة اختفاؤه ***ولكن بأمر الله خير له الستر

وحاشاه من جبين لكن هو الذي ***غدا يحتشيه من حوي البر والبحر

أكل اختفاء خلت من خيفة الأذي ***فرب اختفاء فيه يستنزل النصر

وكل فرار خلت جبنا فربما*** يفر أخو بأس ليمكنه الكر

فكم قد تمارت للنبيين غيبة*** علي موعد فيها إلي ربهم فروا

وإن بيوم الغار والشعب قبله*** غناء كما يغني عن الخبر الخبر

ص: 266

ولم أدر لم أنكرت كون اختفائه*** بأمر الذي يعيي بحكمته الفكر

أتحصر أمر الله في العجز أم لدي ***إقامة ما لفقت أقعدك الحصر

فذلك أدهي الداهيات ولم يقل ***به أحد إلا أخو السفه الغمر

ودونك أمر الأنبياء وما لقوا ***ففيه لذي عينين يتضح الأمر

فمنهم فريق قد سقاهم حمامهم ***بكأس الهوان القتل والذبح والنشر

أيعجز رب الخلق عن نصر حزبه*** علي غيرهم كلا فهذا هو الكفر

وكم مختف بين الشعاب وهارب ***إلي الله في الأجبال يألفه النسر

فهلا بدي بين الوري متحملا*** مشقة نصح الخلق من دأبه الصبر

وإن كنت في ريب لطول بقائه*** فهل رابك الدجال والصالح والخضر

أيرضي لبيب أن يعمر كافر*** ويأباه في باق ليمحي به الكفر

ودونك أنباء النبي به تزد ***بأحادها خبرا وأحادها كثر

فكم في ينابيع المودة منهل ***نمير به يشفي لوارده الصدر

وفي غيره كم من حديث مسلسل*** به يفطن الساهي ويستبصر الغر

ومن بين أسفار التواريخ عندكم*** يؤلف في تأريخ مولده سفر

وكم قال من أعلامكم مثل قولنا ***به عارف بحر وذو خبرة حبر

فكم في يواقيت البيان كفاية*** يقلد من فصل الخطاب بها النحر

وذي روضة الأحباب فيها مطالب ***السؤول وفي كل الفصول لها نشر

مناقب آل المصطفي الشواهد النبو***ة فيها وهي تذكرة ذكر

وذا الشيخ أضحي في فتوحاته له*** علي كل تاريخ بتأريخه قصر

ولاح بمرقاة الهداية في المكا***شفات لدي مرأة أسراره السر

وللحسن الشيخ العراقي قصة*** بسبع لياليها له ارتفع الستر

وصدقه الخواص فيما يقوله ***وكل لديكم عارف ثقة بر

وما أسعد السرداب حظا ولا تقل ***له الفضل عن أم القري وله الفخر

لئن غاب في السرداب يوما فإنما ***علي الناس من أم القري يطلع البدر

ولم يتخذه البدر برجا وإنما*** غدا أفقأ من خطه يضرب الستر

ص: 267

وهاهو بين الناس كالشمس ضمها*** سحاب ومنها يشرق البر والبحر

به تدفع الجلي ويستنزل الحيا*** وتستنبت الغبرا ويستكشف الضر

ولا عجب إن كان في كل حجة*** يحج وفيه يسعد النحر والنفر

ويعرفه البيت الحرام وركنه*** وزمزم والأستار والخيف والحجر

ولكنه عن أعين الناس غائب*** كما غاب بين الناس إلياس والخضر

وقولك هذا الوقت داع لمثله*** ففيه توالي الظلم وانتشر الشر

يعيبك فيه السامعون فإنه*** لعمري قول عن معايب يفتر

فما أنت والداعي فدعه مسلما*** العلم عليم عنه لا يعزب الذر

وقد جاء في الآثار أن ظهوره*** يكون إذا ما جاء بالعجب الدهر

ويعرو أناسا قد تماروا بغيهم*** من القذف بعد المسخ والخسف ما يعرو

وتغدو الوري إذ كان يقتادها العمي*** ويحملها من جهلها المركب الوعر

حياري به دين وذو الدين قابض*** علي دينه ضعفا كما يقبض الجمر

وكيف وهذا الدين يزهر روضه*** وينفح من حافات زاهره انشر

وهذي ثغور المسلمين منيعة*** بكل رباط فيه يبتسم الثغر

وذي راية التوحيد يخفق ظلها*** فينكص رعبا دونها الشرك والكفر

وهاهم ملوك المسلمين وعدلهم ***وذي علماء الأمة الأنجم الزهر

فدع عنك وهما تهت في ظلماته*** ولا يرتضيه العبد كلا ولا الحر

وإن شئت تقريب المدي فلربما*** بكل بميدان الجياد بك الفكر

فمذ قادنا هادي الدليل بما قضي*** به العقل والنقل اليقينان والذكر

إلي عصمة الهادين آل محمد*** وإنهم في عصرهم لهم الأمر

وقد جاء في الآثار عن كل واحد*** أحاديث يعيي من تواترها الحصر

تعرفنا ابن العسكري وإنه*** هو القائم المهدي والواتر الوتر

تبعنا هدي الهادي فأبلغنا المدي***بنور الهدي والحمد لله والشكر(1)

ص: 268


1- ملحقات كشف الأستار: 263-268.

الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء

*الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء (1)

هذه هي القصيدة الرابعة التي اخترناها من مجموعة القصائد التي جاءت ردا علي القصيدة الواردة من بغداد إلي النجف سنة 1317ه- من أحد المنكرين للإمام المهدي عليه السلام، وقد استدل الشيخ كاشف الغطاء فيها علي رجوع الإمام عليه السلام ورد جميع الشبهات التي أثارها المنكر في قصيدته، وهي في الأصل 202 بيتا، تقترن بالأدلة الواضحة والبراهين الساطعة، فإليك بعض أبياتها:

بنفسي بعيد الدار قربة الفكر*** وأدناه من عشاقه الشوق والذكر

تستر لكن قد تجلي بنوره*** فلا حجب تخفيه عنهم ولا ستر

ولاح لهم في كل شيء تجليا*** فلا يشتكي منه البعاد ولا الهجر بمرآه تشقي العين حسرا وخيبة ويسعد في أنواره القلب والصدر

ألا طل وإن عذبت يا ليل بعده*** فمن بعد طول الليل يستعذب الفجر

وأقصر أطلت اللوم يا عاذلي به ***فلا مفصل إلا علي حبه قصر

عداك السنا من هذه الجذوة التي ***بأكباد أهل الحب شب لها جمر

وما الحب إلا السدرة المنتهي التي ***لهم من جناها لبه ولك القشر

حبيبي بك الأشياء قامت فما الذي ***يقيم علي إثباتك الجاهل الغمر

بفيك جرت عين الحياة ومذ دنا ***ليشرب منها عمر الشارب الخضر

ولي فيك سر لو أبوح ببعضه*** لقلت من الإيجاد هذا هو السر

فيا بأبي بح للبرية أو فغب*** وليس علي علياك من غيبة ضر

فشمس الضحي والبدر نوراهما هما ***وإن غربت أو غيب الشمس والبدر

ولا غرو إن لاحت ولم ير ضوءها*** أخو نظر لكن علي عينه نكر

ولا بأس ممكن ممن جاء يسأل قائلا*** أيا علماء العصر يا من لهم خبر

ص: 269


1- هو الشيخ محمد حسين بن علي كاشف الغطاء، أشهر مشاهير زعماء الدين، ورائد من رواد الإصلاح،ولد في النجف عام 1294ه، وتوفي في كرمانشاه سنة 1373ھ، ودفن في النجف، وترك آثارا علمية، منها: الدين والإسلام، المراجعات، أصل الشيعة وأصولها، الآيات البينات وغيرها، شعراء الغري:99:8.

لقد حار مني الفكر بالقائم الذي*** تنازع فيه الناس والتبس الأمر

عثرت ألا يا سائلا تاه فكره*** علي من له في كل مسألة خبر

أعرني منك اليوم أذنا سميعة*** إذا ما قرأت الحق لم يعرها وقر

وقلبا ذكيا في التخاصم يغتدي ***لطائرة الإنصاف عنك به وكر

وخذ عندها من نظم فكري لآلئا*** بهن إليك الخبر يقذف لا البحر

مضامينها الغر الصحيحة صادر ***بها مصدر العلم الإلهي والصدر

إمام الهدي النوري من نور علمه*** أنارت به في الأفق أنجمه الزهر

يقول ولا تنفك أعلام فضله ***علي أرؤس الأعلام في طيها نشر

ألا إن ما استغربت ما مقالة ***به قال منكم معشر ما لهم حصر

وكلهم أضحوا لديكم أئمة*** عنا لعلاهم من حوي البر والبحر

موثقة أسماؤهم في رجالكم ***ففي كل سفر من فضائلهم شطر

فمنهم كمال الدين كم في مطالب السؤول ***طوي سؤلا به انكشف الستر

وذا الحافظ الكنجي كم في بيانه*** بيان براهين يبين بها الأمر

وكم لابن صباغ فصول مهمة ***تفصل ما قد أجمل الكتب والسفر

وإن لشمس الدين تذكرة لمن*** يريد خواصا طبقها النص والذكر

وحسبي بمحيي الدين نقض*** الفتوح عليك الفتح قد جاء والنصر

وكم في يواقيت الجواهر جوهر*** به عاد شعرانيكم وله الفخر

الواقح أنوار له انظر فإن للعراقي*** فيه قصة عودهانضر

وصدقه فيه الخواص علي من ***كراماته لا يستطاع لها ذكر

وذو القدر ها هم بينوا قدر عمره ***فماذا يقول اليوم من ما له قدر

وشاهدهم فيما ادعوه شواهد ***النبوة فالجامي ممن له خبر

وفصل الخطاب الخواجة بارسا قد احتوي*** تفاصيل فيها يثلج القلب والصدر

وهذا أبو الفتح احتوت أربعينه ***أحاديث فيها جل أصحابكم قروا

وكم للبخاري الدهلوي رسائل*** بهن مع المهدي آبائه الغر

وفي روضة الأحباب للحق روضة*** بعرف عطاء الله ضاع لها نشر

ص: 270

وهذا البلاذري سل عن مسلسلاتهم ***تجده روي عنه شفاها ولا نكر

وهذا مواليد الأئمة قاطع*** بهاكم تبدي لابن خشابكم سر

وهالابن شمس الدين كم من هداية ***علي سعداء الكشف آثارها غر

يقول أري المهدي حقا وإنه*** سيبدو وإن كان استطال له العمر

ففي الكافرين السامري نظيره*** وفي المؤمنين إلياس والروح والخضر

وكالسامري الدجال إن لشأنه ***حديثا غريبا سوف يأتي له ذكر

وفضل بن روزبهانكم مع عناده ***أقر بما قلناه إذ وضح الأمر

وناصر دين الله لولا اعتقاده*** علي أن ذا السرداب غاب به البدر

لما شيدت منه المباني بأمره*** وحرر فيها باسمه الخلف الطهر

وهذي ينابيع المودة كم جرت ***لنا من سليمان به الأبحر الغزر

وذا أحمد الجامي والعارف الذي ***غدا شيخ إسلام لكم أيها النفر

وللصفدي شرح دائرة بها*** علي المغيب محيي الدين أطلعه الفجر

وعينه في شعره مادحا أبو*** المعالي ذي الأسرار القونوي الصدر

وملا جلال الدين المثنوي الذي ***يحق له الكشف لوسجدوا خروا

وكم عبد رحمن لكم متأله*** بمرآة أسرار تجلي له الستر

وذا النسفي يحكيه عن حمويكم ***وعن ذاك تحقيق النبوة يفتر

براهين ساباطيكم كم تضمنت ***لقاضي جواد ما يبين له العذر

وكم حل مؤديكم بالمكاشفات من*** غوامضها ما ضمت الحجب والستر

وكم نظم البصيري عامر تحفة*** غدت ذات أنوار مضامينها الغر

تعرض فيها الفارضية فاعتلت*** عليها ولم لا تعتلي وهي البكر

يقول بها حتي متي أنت غائب*** إمام الهدي قد ضاق منا لك الصدر

كذا الهمداني والنسيمي وشيخكم ***محمد صبان الذي أنتجت مصر

كذا العارف العطار كم ضم شعره*** مدائح من أرواحها نفح العطر

وهذا الخوارزمي الخطيب روي لنا ***حديثا به لا شك يعتقد الحبر

ألا فانظروا يا مسلمون لمنكر*** علي مقالا ما به أبدا نكر

ص: 271

يكفرني فيما أقول وإنما*** تدين به تالله أقوامه الغر

وكلهم ما بين راو وعارف*** وشيخ له الكشف المبجل والسر

وما ذكروا في جنب من لم أبح بهم*** كما سخت من شاهقات الذري در

وفيما ذكرناه تري الحق عند من ***غدا قائلا قد ذب عن لبه القشر

ويا ليت شعري ما العيان الذي قضي ***ببطلان هذا عند من ماله شعر

فأما التجلي للعيون فما ادعي ***به أحد إلا أخو السفه الغمر

ففي الهند أبدي المهدوية كاذب*** فكذبه كل الوري البدو والحضر

وما كل من أضحي مضلا يناله*** كما تخب القتل المعجل والضر

وإلا فإنا نحن أو أنتم علي*** ضلال فلم لا نالنا السوء والشر

نعم هو موجود ولكن الحكمة ***بها الله أدري اختير عنا له الستر

وإلا فكم فاز الخواص بشخصه ***كما للعراقي والخواص عني ذكر

وعد رجال الغيب ذا نسفيكم*** ثلاث مئين بل يزيدهم الحصر

وقال وهم كلا حضور لدي الوري*** ولم يرهم إلا الأخصاء والنزر

فلم لا بذا المقدار كذبت حائرا*** كما حار منك اليوم في واحد فكر

وما هو مسجون فتحسب أنه*** قد اتخذ السرداب برجا له البدر

بلي هو في الأمصار غاد ورائح ***يخيب به مصرويحظي به مصر

وها هو قطب الكائنات جميعها*** لولاه لم يوجد ذري ولا ذر

وما حق من لا يدرك العقل وجهه ***ويعجز عن إداركه الذهن والفكر

مسارعة الإنكار فيه فإنما*** ينزه عن أمثالها العالم الحبر

وهذا تميم قد حكي لنبيه*** حديثا حكاه كامن قبله الطهر

غداة بهم سفن المسير تكسرت*** فألقاه في عظمي جزائره البحر

هنالك إذ جساسة ظن أنها*** لشيطانة من فرقها أرتكم الشعر

فجاءت بهم تسعي لشخص مغلل ***تحير فيه العقل واندهش الفكر

فأخبرهم فيما سيجري به القضا ***وقال أنا الدجال بي تعد النذر

فلا مرسل إلا ويوعد قومه ***بأعور دجال سيقوي به الكفر

ص: 272

فهذا لعمر الله أعظم حيرة*** وأجدر أن لو رده اللب والحجز

وأحري لعمري لو تحيرت سائلا*** بإيجاده من قبل ذلك ما السر

وتلك علوم الغيب من جاءه بها*** وها هو ملعون له الخزي والخسر

وقد كان مغلول اليدين من الذي*** لإطعامه إياه أخره الدهر

وبعد تميم كيف لم يره امرؤ*** وكم موكب بالأبحر السبع قد مروا

ولكنه عن فعله ليس يسأل إلا له*** وجاء النهي عن ذاك والزجر

وإن عقول الخلق أقصر مبتغي*** عروجا إلي ما دبر الخالق البر

وقد صح بالبرهان أن إلهنا*** حكيم غني ليس يلجئه فقر

وكم مشكل يعي العقول وإنما*** بما قد أشرنا يكتفي الفطن الحر

فكل بيان جاءنا عن نبينا*** تناقله قوم هم بيننا السفر

علينا وجوبا أن يكون اعتقادنا*** هو الحق لا يعروه ريب ولا نكر

وإنا أناس لم ننازع ولم نكن*** شركناه في خلق فيبدو لنا السر

وقد وردت أخباركم وتواترت ***إن الخلفاء اثنان بعدهما عشر

وفيهم يقوم الدين أبلج واضحا*** ويندفع اللأواء ويستنزل القطر

ولما انقضت للراشدين خلافة*** وأضحي عضوضأ بعدهم ذلك الأمر

وأنقص دين الله قدرا يزيده*** فأصبح دين الله ليس له قدر

لكعبته هدم وقبر نبيه*** تطل الدما فيه وينسكب الخمر

وآل رسول الله تلك دماؤهم*** لدي كل رجس من الئام الوري هدر

مصائبهم شتي وشتي قبورهم*** فلا بقعة إلا وفيها لهم قبر

علي ظمأتقضي ومن فيض نحرها*** تروي الصفاح البيض والذبل السمر

ويمسي حسين بالطفوف مجدلا*** ويرفع منه الرأس فوق القنا شمر

وتسبي بنات المصطفي الطهر حسرا*** ونسوة صخر لا يراع لها وكر

أتوها بنو مروان فافتعلوا بها*** أفاعيل منها شنعة برئ الكفر

فكم أخربوا فيها بلادا وأهلكوا*** عبادا وضج القتل في الناس والأسر

وأولهم تنبيك مكة ما جني***عشية بالحجاج شد له أزر

ص: 273

علي حرم الله المجانيق نصبت*** فهدم حتي البيت والركن والحجر

وولي من بعد العراق فعندها*** توالي هناك الظلم وانتشر الشر

وما زال في كوفان يعبث ظلمه*** إلي أن أعيدت وهي مخربة قفر

فكم من سعيد قد شقي بهلاكه*** وكم عابد صلت علي عنقه البسر

ودع للوليد الذكر إن بذكره*** يزعزع عرش الله والرسل الطهر

أما جعل القرآن مرمي سهامه*** فمزقه رميا كما يشهد الشعر

ألم ترد الأخبار عنه بلعنهم ***وطرد أناس ما استطال له العمر

ألم ير رؤيا أزعجته فنزلت*** بلعنهم الآيات إذ ذاك والذكر

أما عاد مال المسلمين وبيته ***لهم دخلا يشري به اللهو والسكر

أولئك للإسلام كانوا أئمة ***إليه من الله انتهي النهي والأمر

تعد بنو مروان فيكم أئمة*** وآل رسول الله ليس لهم ذكر

وتحكي مزاياهم مساوي عداهم ***فكل به تفتي الدفاتر والحبر

وحسب بني المختار أحمد جدهم ***وحسب بني مروان جدهم صخر

وأن اجتماع الناس لا خيرة لهم ***ولكنما ألجأهم الخوف والقهر

وليس الذي يعنيهم من تجمعت ***عليه الوري قسرا ولو دأبه الكفر

وذا خبر الثقلين أضحي مسلما*** لدي الكل لا ريب عراه ولا نكر

وها هو بالتعيين نص بأهله ***فقد قرنوا هم بالتمسك والذكر

فمن أهله لن يخلو عصر بحكمه*** كما من كتاب الله لن يخلون عصر

وأكده من قال لن يتفرقا*** إلي أن يوافيني معا بهما الحشر

سفينة نوح هم فراكبها نجا*** وتاركها يلقيه في لجة البحر

وأورد سمهوديكم في خلاصة*** الوفا خبرا ما أن يحيق به المكر

إلي حائط جاء النبي وكفه*** بكف علي في السماء له القدر

هنالك صاحب النخل هذا النبي والولي ***الذي منه أئمتنا الطهر

فقال رسول الله للصهر سم ذا ***من النخل صبحاني ليشتهر الأمر

فواعجبا حتي الجمادات سلمت*** فما بال قوم تدعي أن لها حجر

ص: 274

وثم حديث قد روته كباركم ***بإسناده قد صح مضمونه البكر

هم أمن أهل الأرض لولاهم هوي*** كأهل السما أمن لها الأنجم الزهر

ومن هاهنا قد بان نفع وجوده*** لكل الوري من أنكروه ومن قروا

وكم مثل ذا ما لو تأملتم به ***لكم لاح من أسراره البطن والظهر

ومن مات لم يعرف إمام زمانه*** يصرح عما ندعيه ويفتر

وياليت شعري لو سألت من الذي ***إذا مت لم تعرفه عاجلك الخسر

وفي أي ثقل قد تمسكت طائعا*** نبيك في أهليه إذ جاءك الأمر

أتكفرها من بعد ما قد تواترت*** وسلم فيها الكل لا الشفع والوتر

أجل أم تقل في غير آل محمد ***مؤولة تلك الأحاديث والزبر

فجئنا بأهدي منهم نتبعهم*** وإلا فمن زيد إذا عد أم عمرو

ومن ذا جميعا بان لا بد ثم من ***إمام هدي لم يخل من شخصه عصر

وقولك - هذا الوقت داع لمثله - ***ضلال فلا ظلم توالي ولا شر

وما ظلم ذاك الوقت إلا إذا ملا***البقاع وما تحت السما الكفر والغدر

بحيث لو استبقي من الناس مؤمن*** لأهلكه ما بينها الخوف والحذر

هناك له يأتي الإله بعدة. ***كعدة ما للمصطفي ضمنت بدر

ويأتي له من ربه الإذن عندها*** فيملؤها قسطا ويرتفع المكر

ولم يأت للآن النداء من السما ***علي أحد هذا هو الخلف الطهر

وحاشاه أن يعصي ويخرج قبل أن ***يجيء له من ربه الإذن والنصر

ومنا إله العرش أدري بفعله*** وليس لنا نهي عليه ولا أمر

ولم نعترض هلا أذنت بوقتنا*** ففيه توالي الظلم وانتشر الشر

علي أنه لا ظلم باد وهذه ***ملوك بني عثمان آثارهاغر

وراياتها في كل شرق ومغرب ***علي طي أعناق الملوك لها نشر

بسلطاننا عبد الحميد قد اغتدت*** ثغور بني الإسلام بالعدل تفتر

بيض أياديه وزرق سيوفه ***جميع بقاع الأرض يانعة خضر

ولم نر في الأعصار عصرا كعصره*** به انبسط الإيمان وانتشر البشر

ص: 275

ومنه قد استوجبت حدا وإنما ***بقولك ذا عماله الصيد لم يدروا

علي أنه لو سلم الظلم في الوري ***وإن جميع الأرض قد عمها النكر

فذاك عليكم وارد حيث إنه ***إلي الآن لم يولد ولم يبده الدهر

وقولك - من خوف الطغاة قد اختفي - ***وإن ذاك شيء لا يجوزه الحجر

كقولك - من خوف الأذاة قد اختفي - ***فذلك قول عن معايب يفتر

ويتلو هذا الاختفاء بأمر من ***له الأمر في الأكوان والحمد والشكر

وإن رمت توضيح المقال لدفع ما ***به وقع الإشكال والتبس الأمر

فاجمعها طول علي غير طائل ***وتكرير ألفاظ بها قبح السكر

وما الكل إن لاحظتها غير شبهة*** لكل جهول ما له مسكة تعرو

فمنا اغتنم حلا ونقضا جوابها*** علي أن هذا الأمر مسلكه وعر

وذلك أن الله أرسل رسله*** فلم يبق للعاصي بمعصية عذر

ودلت عليه بالعقول خوارق*** ومعجزة كيلا يقال هي السحر

ولو أنهم في كل حال يري لهم ***علي كل من عداهم الفتح والنصر

لأوشك من ضعف العقول يرونهم ***عن الله أربابا فينعكس الأمر

فمن أجل هذا لم يزل لعداهم*** عليهم علي طول المدي القهر والظفر

ويشهد فيما قلته كل من له ***بأحوال رسل الله من قبل ذا سبر

وإلا فقل مذ غاب في الغار أحمد*** وصاحبه لما أطلهم المكر

أيعجز رب الخلق عن نصر حزبه*** علي غيرهم حاشا فهذا هو الكفر

وليتك مذ منك المعاني تكسرت*** حفظت مبانيها فلم يعرها الكسر

بلي حينما قد خانك النصر جئتنا*** نقول بها - وهو المؤيده النصر -

وقد بان من هذا بأن لو بكل ما*** نقول التزمنا ما علينا بها ضر

وإن خلافا منك ذا حيث لم تكن*** بحسن تقول الأشعرية والجبر

ولا حسن إلا ما به الشرع قد أتي ***ولا قبح إلا عنه ما قد أتي الزجر

فكان جديرا لو سألت من الذي ***يقول به ما قاله الشارع الطهر

وطالبت في دعواه حق دليلها ***فإن قاله فالحمد لله والشكر

ص: 276

وإن لم يقله كان حقا عليك لو ***سخرت بها واهتزك الجهل والكبر

ولكن بحمد الله أصبحت أجهل الأ*** نام فلا عرف لديكم ولا نكر

رددت دعاوانا بأسوأ فرية ***كما ردها يوما بسوءته عمرو

حفرت لنا بئرا لتوقعنا بها ***وقد أوقعتكم في حفيرتها البئر

وشعرك لم يعذب علي أن كله ***افتراء بالكذب يستعذب الشعر

ولكن من العجز اخترعت كواذب*** تثير من الأحقاد ما كمن الصدر

شققت عصا الإسلام فيها وإن ذا ***بإيحاء أهل الكفر كي يغلب الكفر

شياطينهم غرتك فيه وإنما*** قد استلبت إيمانك البيض والصفر

فترجمت من تلك الأباطيل جيفة***كستها بنتن الخبث ألفاظك الغبر

وألقيت بالبغضاء في أهل ملة*** ليشغلها ما بينها الكر والفر

فتأخذها الأعداء من كل جانب*** وتنهش أسد الدين أكلبها العقر

أجل فاختراع الكذب فيكم سجية ***ففيكم علي أشياخكم يقتفي الأثر

فكم نسبوا أمرة إلينا ولم يفه ***به أحد منا ولا ضمه سفر

فذا الهيتمي كم في صواعقه رمي ***إلينا أمورا ليس فينا لها ذكر

وذا الحافظ الذهبي يزعم أن نري ***بسردابه المهدي أعدمه الستر

وها نحن كلا قائلون بأن من ***رأي شخصه بالذات لم يحصه الذكر

بكبراه والصغري معا بأن للوري*** وفي كل هذا كل أصحابنا قروا

وينكر منا القول إن هو جامع ***العلوم وإن في كل شيء له خبر

وما هو إلا وارث علم جده ***وإن علوم المصطفي ما لها حصر

فلا غرو أن لو تفتري اليوم قائلا*** له الفضل عن أم القري وله الفخر

وتهزأ في السرداب جهلا وفيهم ***ويبدو علي ما تفتري الهزء والسخر

فما أسعد السرداب بالبدر وحده ***نعم ما أظلته السما البر والبحر

وأسعدها أم القري فيه إنه*** سيطلع منها مشرقا ذلك البدر

وذا منك جهلا وافتراء بأننا*** عليها نري السرداب أضحي له الفخر

وما شرف السرداب إلا لأنه ***غدا لهم بيتا به برهة قروا

ص: 277

وهم في بيوت ربها أذن لها ***لترفع إجلالا وتلي بها الذكر

فيا مفتري هذا المقال ابن لنا*** بذلك من ذا قال فلتنشر السفر

وقد صرح الأصحاب أن طلوعه*** بحيث كشمس الدين أطلعها الطهر

أبا صالح خذها إليك خريدة ***ولا ترتجي إلا القبول لها مهر

تمزق من أعداك كل ممزق ***ويمرق في أكبادها الخوف والذعر

وذخرا ليوم الحشر أعددتكم بها*** ولم يفتقر عبد وأنتم له الذخر

إذا اسود وجهي بالذنوب فإن لي*** لديكم بها ما يستضاء به الحشر

ألستم لشرع الدين أنتم نشرتم ومنه إليكم فوض الحشر والنشر

ألستم بساق العرش نورا ومنكم ***لأهل السما التسبيح يعلم والذكر

صفا الذهب الإبريز أنتم وإنما*** فؤادي إلا عن ولايتكم صفر

موالي ما آتي به من ثنائكم*** وقد ملئت منه الأناجيل والزبر

يواليكم قلبي علي أن جرحه ***لرزئكم لا يستطاع له سبر

سلام عليكم كلما نفحت صبا*** وما غربت شمس وما طلع البدر

وينصركم مني لساني ومقولي*** إذا ما يدي قد فاتها لكم النصر

ولا صبر لي حتي أراها تطالعت*** لقائمكم في الجو راياته الخضر

بكم أستمد الفيض ثم أمدكم*** ببحر ثناء فيكم ما له قعر(1)

ص: 278


1- ملحقات كشف الأستار: 247-258.

في الأدعية المطلقة التي لا تختص قراءتها بيوم خاص

اشارة

ص: 279

ص: 280

مراسلة الإمام المهدي عليه السلام

اشارة

إذا أردت استغاثة بالإمام المهدي عليه السلام تكتب ما سنذكره في رقعة وتطرحها علي قبر من قبور الأئمة المعصومين عليهم السلام أو فشدها واختمها واعجن طينا نظيفا واجعلها فيه واطرحها في نهر أو بئر عميقة أو غدير ماء فإنها تصل إلي مولانا صاحب الأمر عليه السلام وهو يتولي قضاء حاجتك بنفسه إن شاء الله(1)

تكتب:

بسم الله الرحمن الرحيم

كتبت يا مولاي صلوات الله عليك مستغيثا، وشكوت ما نزل بي مستجيرا بالله عز وجل ثم بك، من أمر دهمني وأشغل قلبي، وأطال فكري وسلبني بعض لبي، وغير خطير نعمة الله عندي، أسلمني عند تخيل وروده، الخليل، وتبرأ مني عند ترائي إقباله إلي الحميم، وعجزت عن دفاعه حيلتي، وخانني في تحمله صبري وقوتي، فلجأت فيه إليك، وتوكلت في المسألة لله جل ثنائه عليه وعليك في دفاعه عني، علما بمكانك من الله رب العالمين ولي التدبير ومالك الأمور، واثقا بك في المسارعة في الشفاعة إليه جل ثناؤه في أمري، متيقنا لإجابته تبارك وتعالي إياك بإعطاء سؤلي، وأنت يا مولاي جدير بتحقيق ظني وتصديق أملي فيك في أمر كذا وكذا - وتذكر حاجتك - فيما لا طاقة لي بحمله، ولا صبر لي عليه، وإن كنت مستحقا له ولاضعافه بقبيح أفعالي وتفريطي في الواجبات التي لله عز وجل فأغثني يا مولاي صلوات الله عليك عند اللهف وقدم المسألة لله عز وجل في أمري قبل حلول التلف، وشماتة الأعداء، فيك بسطت النعمة علي، وأسأل الله جل جلاله لي نصرا عزيزا وفتحا قريبا فيه بلوغ

ص: 281


1- المصباح للكفعمي:404، والبلد الأمين : ص157.

الآمال وخير المباديء وخواتيم الأعمال، والأمن من المخاوف كلها في كل حال، إنه جل ثناؤه لما يشاء فعال، وهو حسبي ونعم الوكيل في المبدء والمال.

ثم تصعد النهر أو الغدير وتعمد بعض الأبواب إما عثمان بن سعيد العمري، أو ولده محمد بن عثمان، أو الحسين بن روح، أو علي بن محمد السمري، فهؤلاء كانوا أبواب الإمام المهدي عليه السلام فتنادي بأحدهم:

يا فلان بن فلان، سلام عليك، أشهد أن وفاتك في سبيل الله وأنك حي عند الله مرزوق، وقد خاطبتك في حياتك التي لك عند الله عز وجل، وهذه رقعتي وحاجتي إلي مولانا عليه السلام فسلمها إليه فأنت الثقة الأمين.

ثم ارمها في النهر أو البئر أو الغدير ، تقضي حاجتك إن شاء الله.

***

دعاء الفرج

(إلهي عظم البلاء)

قال الشيخ الكفعمي (رحمه الله) في «البلد الأمين»:دعاء لصاحب الأمر صلوات الله عليه علمه رجلا محبوسا فخلص :

إِلٰهِي عَظُمَ الْبَلاءُ، وَبَرِحَ الْخَفاءُ، وَانْكَشَفَ الْغِطاءُ، وَانْقَطَعَ الرَّجاءُ، وَضاقَتِ الْأَرْضُ، وَمُنِعَتِ السَّماءُ، وَأَنْتَ الْمُسْتَعانُ، وَ إِلَيْكَ الْمُشْتَكيٰ، وَعَلَيْكَ الْمُعَوَّلُ فِي الشِّدَّةِ وَالرَّخاءِ.

اللّٰهُمَّ صَلِّ عَليٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ أُولِي الْأَمْرِ الَّذِينَ فَرَضْتَ عَلَيْنا طاعَتَهُمْ، وَعَرَّفْتَنا بِذَلِكَ مَنْزِلَتَهُمْ، فَفَرِّجْ عَنّا بِحَقِّهِمْ فَرَجاً عاجِلاً قَرِيباً كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ.

ص: 282

يَا مُحَمَّدُ يَا عَلِيُّ، يَا عَلِيُّ يَا مُحَمَّدُ اكْفِيانِي فَإِنَّكُما كافِيانِ، وَانْصُرانِي فَإِنَّكُما ناصِرانِ.يَا مَوْلانا يَا صاحِبَ الزَّمانِ، الْغَوْثَ الْغَوْثَ الْغَوْثَ، أَدْرِكْنِي أَدْرِكْنِي أَدْرِكْنِي، السَّاعَةَ السَّاعَةَ السّاعَةَ، الْعَجَلَ الْعَجَلَ الْعَجَلَ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ.(1)

الدعاء للنجاة من الفتن

نقله في كتاب سلاح المؤمنين:

بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

أللهُمَّ صَلِّ عَلي مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ عَجِّل فَرَجَهُم، (يا أرحَمَ الرّاحمينَ سبعاً).

أللهُمَّ عُمَّ أعداءَ آلِ نَبِيك وَ ظالِميهِم وَ أعداءَ شيعَتِهِم وَ أعداءَ مَواليهِم بِالشَّرِّ عَمّاً وَ طُمَّهُم بِالشَّرِّ طَمّاً، وَاطرُقهُم بِلَيلَةٍ لا اُختَ لَها، وَ ساعَةٍ لا مَنجي مِنها، وَ انتَقِم مِنهُمُ انتِقاماً عاجِلاً، و أحرِق قُلُوبَهُم بِنارِ غَضَبِك.

أللهُمَّ شَتِّت شَملَهُم، وَ فَرِّق جَمعَهُم، وَ قَلِّب تَدبيرَهُم، وَ نَكس أعلامَهُم، وَ خَرِّب بُنيانَهُم، وَ قَرِّب آجالَهُم، وَ ألقِ بَأسَهُم بَينَهُم، وَاجعَلنا مِن بَينِهِم سالِمينَ، وَ خُذهُم أخذَ عَزيزٍ مُقتَدرٍ.

أللهُمَّ ألقِ الأوجاعَ وَ الأسقامَ في أبدانِهِم، وَ ضَيق مَسالِكهُم، وَاسلُبهُم مَمالِكهُم، وَ حَيّرهُم في سُبُلِهِم، وَاقطَع عَنهُمُ المَدَدَ وَ انقُض مِنهُم العَدَدَ.

أللهُمَّ واحفَظ مَوالِي آلِ بَيتِ نَبِيك عَلَيهِمُ السَّلامُ مِن شُرُورِهِم، وَ سَلِّمهُم مِن مَكرِهِم، وَ خَدعِهِم وَ ضُرِّهِم، وَانصُرهُم عَلَيهِم بِنَصرِك، وَاجمَع كلِمَتَهُم

ص: 283


1- البلد الأمين: 607، المزار للشهيد: 231، المصباح: 235، منهاج العارفين: 483.

وَ ألِّف جَمعَهُم، وَ دَبِّر أمرَهُم، وَ عَرِّفهُم ما يجهَلُونَ، وَ عَلِّمهُم ما لا يعلَمُونَ، وَ بَصِّرهُم ما لا يبصِرُونَ، وَ أعلِ كلِمَتَهُم، وَاجعَلهَا العُليا، وَاجعَلَ كلِمَةَ الأعداء السُّفلي.(1).

دعاء العهد

قال الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام:

«من دعا إلي الله أربعين صباحا بهذا العهد كان من أنصار قائمنا، وإن مات أخرجه الله إليه من قبره، وأعطاه الله بكل كلمة ألف حسنة ومحا عنه ألف سيئة، وهذا هو العهد»(2):

اللّٰهُمَّ رَبَّ النُّورِ الْعَظِيمِ، وَرَبَّ الْكُرْسِيِّ الرَّفِيعِ، وَرَبَّ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ، وَمُنْزِلَ التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ، وَرَبَّ الظِّلِّ وَالْحَرُورِ، وَمُنْزِلَ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَرَبَّ الْمَلائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَالْأَنْبِياءِ وَ الْمُرْسَلِينَ .

اللّٰهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ وَبِنُورِ وَجْهِكَ الْمُنِيرِ وَمُلْكِكَ الْقَدِيمِ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ بِهِ السَّمَاواتُ وَالْأَرَضُونَ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي يَصْلَحُ بِهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ، يَا حَيّاً قَبْلَ كُلِّ حَيٍّ، وَيَا حَيّاً بَعْدَ كُلِّ حَيٍّ، وَيَا حَيّاً حِينَ لَاحَيَّ، يَا مُحْيِيَ الْمَوْتيٰ، وَمُمِيتَ الْأَحْياءِ، يَا حَيُّ لَاإِلٰهَ إِلّا أَنْتَ؛

اللّٰهُمَّ بَلِّغْ مَوْلانَا الْإِمامَ الْهادِيَ الْمَهْدِيَّ الْقائِمَ بِأَمْرِكَ صَلَواتُ اللّٰهِ عَلَيْهِ وَعَلَيٰ آبائِهِ الطَّاهِرِينَ عَنْ جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ فِي مَشارِقِ الْأَرْضِ وَمَغارِبِها،

ص: 284


1- سلاح المؤمنين: 59.
2- بحار الأنوار :41/94.

سَهْلِها وَجَبَلِها، وَبَرِّها وَبَحْرِها، وَعَنِّي وَعَنْ وَالِدَيَّ مِنَ الصَّلَواتِ زِنَةَ عَرْشِ اللّٰهِ، وَمِدادَ كَلِماتِهِ، وَمَا أَحْصاهُ عِلْمُهُ، وَأَحاطَ بِهِ كِتابُهُ .

اللّٰهُمَّ إِنِّي أُجَدِّدُ لَهُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِي هٰذَا وَمَا عِشْتُ مِنْ أَيَّامِي عَهْداً وَعَقْداً وَبَيْعَةً لَهُ فِي عُنُقِي لَا أَحُولُ عَنْها وَلَا أَزُولُ أَبَداً.

اللّٰهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ أَنْصارِهِ وَأَعْوانِهِ، وَالذَّابِّينَ عَنْهُ، والْمُسارِعِينَ إِلَيْهِ فِي قَضاءِ حَوَائِجِهِ، وَالْمُمْتَثِلِينَ لِأَوامِرِهِ ، وَالْمُحامِينَ عَنْهُ، وَالسَّابِقِينَ إِليٰ إِرادَتِهِ، وَالْمُسْتَشْهَدِينَ بَيْنَ يَدَيْهِ.

اللّٰهُمَّ إِنْ حالَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ الْمَوْتُ الَّذِي جَعَلْتَهُ عَلَيٰ عِبادِكَ حَتْماً مَقْضِيّاً فَأَخْرِجْنِي مِنْ قَبْرِي مُؤْتَزِراً كَفَنِي، شاهِراً سَيْفِي، مُجَرِّداً قَناتِي، مُلَبِّياً دَعْوَةَ الدَّاعِي فِي الْحاضِرِ وَالْبادِي .

اللّٰهُمَّ أَرِنِي الطَّلْعَةَ الرَّشِيدَةَ، وَالْغُرَّةَ الْحَمِيدَةَ، وَاكْحُلْ ناظِرِي بِنَظْرَةٍ مِنِّي إِلَيْهِ، وَعَجِّلْ فَرَجَهُ، وَسَهِّلْ مَخْرَجَهُ، وَأَوْسِعْ مَنْهَجَهُ، وَاسْلُكْ بِي مَحَجَّتَهُ، وَأَنْفِذْ أَمْرَهُ، وَاشْدُدْ أَزْرَهُ .

وَاعْمُرِ اللّٰهُمَّ بِهِ بِلادَكَ، وَأَحْيِ بِهِ عِبادَكَ، فَإِنَّكَ قُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ: ﴿ظَهَرَ الْفَسٰادُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ بِمٰا كَسَبَتْ أَيْدِي النّٰاسِ(1).

فَأَظْهِرِ اللّٰهُمَّ لَنا وَلِيَّكَ وَابْنَ بِنْتِ نَبِيِّكَ الْمُسَمَّيٰ بِاسْمِ رَسُولِكَ، صلي الله عليه و آله حَتَّيٰ لَايَظْفَرَ بِشَيْءٍ مِنَ الْباطِلِ إِلّا مَزَّقَهُ، وَيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُحَقِّقَهُ.

وَاجْعَلْهُ اللّٰهُمَّ مَفْزَعاً لِمَظْلُومِ عِبادِكَ، وَناصِراً لِمَنْ لَايَجِدُ لَهُ ناصِراً غَيْرَكَ، وَمُجَدِّداً

ص: 285


1- سورة الروم، الآية: 41.

لِمَا عُطِّلَ مِنْ أَحْكامِ كِتابِكَ، وَمُشَيِّداً لِمَا وَرَدَ مِنْ أَعْلامِ دِينِكَ وَسُنَنِ نَبِيِّكَ صَلَّي اللّٰهُ عَلَيْهِ وآلِهِ، وَاجْعَلْهُ اللّٰهُمَّ مِمَّنْ حَصَّنْتَهُ مِنْ بَأْسِ الْمُعْتَدِينَ .

اللّٰهُمَّ وَسُرَّ نَبِيَّكَ مُحَمَّداً صَلَّي اللّٰهُ عَلَيْهِ وآلِهِ بِرُؤْيَتِهِ وَمَنْ تَبِعَهُ عَلَيٰ دَعْوَتِهِ، وَارْحَمِ اسْتِكانَتَنا بَعْدَهُ . اللَّهُمَّ اكْشِفْ هٰذِهِ الْغُمَّةَ عَنْ هٰذِهِ الْأُمَّةِ بِحُضُورِهِ، وَعَجِّلْ لَنا ظُهُورَهُ، إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَرَاهُ قَرِيباً، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

ثم تضرب علي فخذك الايمن بيدك ثلاث مرات، و تقول في كل مرة:

الْعَجَلَ الْعَجَلَ يَا مَوْلايَ يَا صاحِبَ الزَّمانِ.(1)

ص: 286


1- مفاتيح الجنان:539، زادالمعاد:488، البلد الامين: 124، مصباح الزائر: 455، المصباح: 729، الصحيفة الصادقية: 204، باب السعادة، 214.

زيارة صاحب الأمر أرواحنا فداه يزار بها في المضائق والمخاوف

اشارة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ الْحُجَّهَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ ياصاحِبَ الْأَمْرِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا صاحِبَ التَّدْبيرِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْلانا يا صاحِبَ الزَّمانِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْإِمامُ الْمُنْتَظَرُ،اَلسَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْقائِمُ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْخَلَفُ الصَّالِحُ لِلْأَئِمَّهِ الْمَعْصُومينَ الْمُطَهَّرينَ.

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا إِمامَ الْمُسْلِمينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِيَّ اللَّهِ،اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا خَليفَهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا فِلْذَهَ كَبِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّهَ اللَّهِ.

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا بَضْعَهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ،اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا جادَّهَ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا غَوْثَ الْمُسْتَغيثينَ،اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا غَوْثَ الْمَلْهُوفينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا عَوْنَ الْمَظْلُومينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا قُطْبَ الْعالَمِ.

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا إِمامَ الْمَسيحِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا عَديلَ الْخَيْرِ، أَدْرِكْني، أَدْرِكْني، أَدْرِكْني، أَعِنّي وَلاتُعِنْ عَلَيَّ،وَانْصُرْني وَلاتَنْصُرْ عَلَيَّ، كُنْ مَعي وَلاتُفارِقْني، تَوَكَّلْتُ عَلَي اللَّهِ شاكِراً وَمُصَلِّياً وَهُوَ حَسْبي وَنِعْمَ الْوَكيلُ، وَصَلَّي اللَّهُ عَلي سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ.(1)

ص: 287


1- جمال الأسبوع، 41.

دعاء الإمام الحجة (عجل الله تعالي فرجه)

دعاء لمولانا صاحب الزمان (صلوات الله عليه) نقله السيد الأجل في مهج الدعوات.:

الهِي بِحَقِّ مَنْ ناجاكَ، وَبِحَقِّ مَنْ دَعاكَ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَتَفَضَّلْ عَلي فُقَرآءِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِالْغَني وَالثَّرْوَهِ، وَعَلي مَرْضَي الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِالشِّفآءِ وَالصِّحَّهِ، وَعَلي أَحْيآءِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِاللُّطْفِ وَالْكَرَمِ، وَعَلي أَمْواتِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِالْمَغْفِرَهِ وَالرَّحْمَهِ، وَعَلي غُرَبآءِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِالرَّدِّ إِلي أَوْطانِهِمْ سالِمِينَ غانِمِينَ، بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ أَجْمَعِينَ.(1)

دعاء آخر مروي عنه (عجل الله تعالي فرجه)

دعاء مروي عن الإمام المهدي صلوات الله عليه:

اللَّهُمَّ ارْزُقْنا تَوْفيقَ الطاعَة وَبُعْدَ الْمَعْصيَة، وَصِدْقَ النية، وَعِرْفانَ الْحُرْمة، وَاكْرِمْنا بِالْهُدي وَالاسْتِقامَة، وَسَدِّدْ الْسِنَتَنا بِالصَّوابِ وَالْحِكْمَة، وَامْلَأْ قُلُوبَنا بِالْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَة، وَطَهِّرْ بُطُونَنا مِنَ الْحَرامِ وَالشُّبْهَة ...»وَاكْفُفْ أَيْدِيَنا عَنِ الظُّلْمِ وَالسَّرِقَة، وَاغْضُضْ أَبْصارَنا عَنِ الْفُجُورِ وَالْخِيانَة، وَاسْدُدْ أَسْماعَنا عَنِ اللَّغْوِ وَالْغِيبَة

وَتَفَضَّلْ عَلي عُلَمآئِنا بِالزُّهْدِ وَالنَّصِيحَة، وَعَلَي الْمُتَعَلِّمِينَ بِالْجُهْدِ وَالرَّغْبَة، وَعَلَي الْمُسْتَمِعِينَ بِالاِتِّباعِ وَالْمَوْعِظَة، وَعَلي مَرْضَي الْمُسْلِمِينَ بِالشِّفآءِ وَالرّاحَة، وَعَلي مَوْتاهُمْ بِالرَّأْفَة وَالرَّحْمَة، وَعَلي مَشايِخِنا بِالْوَقارِ وَالسَّكِينَة، وَعَلَي الشَّبابِ بِالْإِنابَة وَالتَّوْبَة.

ص: 288


1- مهج الدعوات: 352

وَعَلَي النِّسآءِ بِالْحَيآءِ وَالْعِفَّة، وَعَلَي الْأَغْنِيآءِ بِالتَّواضُعِ وَالسَّعَة، وَعَلَي الْفُقَرآءِ بِالصَّبْرِ وَالْقَناعَة، وَعَلَي الْغُزاة بِالنَّصْرِ وَالْغَلَبَة، وَعَلَي الْأُسَرآءِ بِالْخَلاصِ وَالرّاحَة، وَعَلَي الْأُمَرآءِ بِالْعَدْلِ وَالشَّفَقَة،وَعَلَي الرَّعِيَّة بِالْإِنْصافِ وَحُسْنِ السِّيرَة، وَبارِكْ لِلْحُجّاجِ وَالزُّوّارِ فِي الزّادِ وَالنَّفَقَة، وَاقْضِ ما أَوْجَبْتَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَة، بِفَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ.(1)

***

دعاء «يا نور النور»

عن الإمام الحجة (عجل الله تعالي فرجه)

نقله الشيخ الكفعمي رحمه الله في المصباح عن مولانا الحجة (صلوات الله عليه):

يَا نُورَ اَلنُّورِ يَا مُدَبِّرَ اَلْأُمُورِ يَا بَاعِثَ مَنْ فِي اَلْقُبُورِ صَلِّ عَلَي مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اِجْعَلْ لِي وَ لِشِيعَتِي مِنَ اَلضِّيقِ فَرَجاً وَ مِنَ اَلْهَمِّ مَخْرَجاً وَ أَوْسِعْ لَنَا اَلْمَنْهَجَ وَ أَطْلِقْ لَنَا مِنْ عِنْدِكَ مَا يُفَرِّجُ وَ اِفْعَلْ بِنَا مَا أَنْتَ أَهْلُهُ يَا كَرِيمُ .(2)

وروي أنه من اختار هذا الدعاء يحشر مع صاحب الأمر (صلوات الله عليه)(3)

دعاء آخر عنه أرواحنا فداه

لرفع الشدائد

دعاء آخر لمولانا الحجة أرواحنا فداه لكفاية المهمات، نقله في قصص الأنبياء:

يا مَنْ إذا تَضايَقَتِ الأُمورُ فَتَحَ لَنا باباً لَمْ تَذهَبْ إلَيهِ الأوهامُ، فَصَلِّ، عَليٰ مُحَمَّدٍ

ص: 289


1- البلد الأمين: 480، المصباح: 374.
2- المصباح: 407، جنات الخلود: 41، ضياء الصالحين : 533.
3- منتخب الأثر: 521.

وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَافْتَحْ لِأُمورِيَ المُتَضايِقَة باباً لَمْ يَذهَبْ إلَيهِ وَهْمٌ، يا أرْحَمَ الرّاحِمِينَ(1)

دعاء عظيم الشأن مروي عنه (عجل الله تعالي فرجه)

لقضاء الحوائج

قال في الكلم الطيب: هذا دعاء عظيم عن صاحب الأمر (صلوات الله عليه) المن ضاع له شيء أو كانت له حاجة، فليكثر الاعي من قراءته عند طلب مهماته وهو:

بسم الله الرحمن الرحيم

انْتَ اللَّهُ لا الهَ الَّا انْتَ مُبْدِئُ الْخَلْقِ وَمُعيدُهُمْ، وَانْتَ اللَّهُ الذي لا الهَ الَّا انْتَ مُدَبِّرُ الأُمُورِ وَباعِثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ، وانْتَ الله الذي لا اله الَّا انْتَ الْقابِضُ الْباسِطُ، وَانْتَ اللَّهُ الذي لا الهَ الَّا انْتَ وارِثُ الْأَرْضِ وَمَنْ عَلَيْها،

أسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذي اذا دُعيتَ بِهِ اجَبْتَ، وَاذا سُئِلْتَ بِهِ اعْطَيْتَ، وَأَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَاهْلِ بَيْتِهِ، وَبِحَقِّهِمُ .الَّذي اوْجَبْتَهُ عَلي نَفْسِكَ انْ تُصَلِّيَ عَلي مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَانْ تَقْضِيَ لي حاجَتي السَّاعَة الساعةَ

يا سَيِّداهُ يا مَوْلاهُ يا غِياثاهُ، أَسأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ سَمَّيْتَه بِهِ نَفْسَكَ، اوِ اسْتَاْثَرْتَ بِهِ في عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، انْ تُصَلِّيَ عَلي مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَانْ تُعَجِّلَ خَلاصَنا مِن هذهِ الشِّدّهِ، يا مُقلّب القُلوبِ وَالأبصار، يا سَميعَ الدُّعاءِ، إنّكَ علي كُلِّ شيءٍ قديرُ، برحمَتِك يا أرحَمَ الرّاحِمينَ(2)

ص: 290


1- قصص الأنبياء: 363
2- الكلم الطيب : 14.

دعاء مولانا صاحب الزمان (عجل الله تعالي فرجه)

للشفاء من الأمراض

قال المحدث النوري رحمه الله : قال الشيخ الجليل الكفعمي في كتاب البلد الأمين عن المهدي (صلوات الله عليه):

من كتب هذا الدعاء في إناء جديد بتربة الحسين عليه السلام، وغسله وشربه، شفي من علته:

بِسْمِ اللّه ِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ،

بِسْمِ اللّه ِ دَواءٌ، وَالْحَمْدُ للّه ِشِفاءٌ، وَلا اِلهَ اِلاَّ اللّه ُ كِفاءٌ، هُوَ الشّافي شِفاءٌ، وَهُوَ الكافي كِفاءٌ، اَذْهِبِ الْبَأْسَ بِرَبِّ النّاسِ شِفاءٌ لا يُغادِرُهُ سُقْمٌ، وصَلَّي اللّه ُ عَلي مُحَمَّدٍ وَالِهِ النُّجَباءِ.

***

الدعاء لظهوره (عجل الله تعالي فرجه)

في حرم الإمام موسي بن جعفر عليهما السلام

تقف عند رجليه عليه السلام وتقول:

اللَّهُمَّ عَظُمَ الْبَلَاءُ وَ بَرِحَ الْخَفَاءُ وَ انْكَشَفَ الْغِطَاءُ وَ ضَاقَتِ الْأَرْضُ وَ مَنَعَتِ السَّمَاءُ وَ أَنْتَ يَا رَبِّ الْمُسْتَعَانُ وَ إِلَيْكَ يَا رَبِّ الْمُشْتَكَي

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَي مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الَّذِينَ فَرَضْتَ طَاعَتَهُمْ وَ عَرَّفْتَنَا بِذَلِكَ مَنْزِلَتَهُمْ وَ فَرِّجْ عَنَّا كَرْبَنَا قَرِيباً كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ يَا أَبْصَرَ النَّاظِرِينَ وَ يَا أَسْمَعَ السَّامِعِينَ وَ يَا أَسْرَعَ الْحَاسِبِينَ وَ يَا أَحْكَمَ الْحَاكِمِينَ .

يَا مُحَمَّدُ يَا عَلِيُّ يَا عَلِيُّ يَا مُحَمَّدُ يَا مُصْطَفَي يَا مُرْتَضَي يَا مُرْتَضَي يَا مُصْطَفَي

ص: 291

انْصُرَانِي فَإِنَّكُمَا نَاصِرَايَ وَ اكْفِيَانِي فَإِنَّكُمَا كَافِيَايَ يَا صَاحِبَ الزَّمَانِ الْغَوْثَ الْغَوْثَ الْغَوْثَ أَدْرِكْنِي أَدْرِكْنِي أَدْرِكْنِي. تَقُولُ ذَلِكَ حَتَّي يَنْقَطِعَ النَّفَسُ ثُمَّ تَسْأَلُ حَاجَتَكَ فَإِنَّهَا تُقْضَي بِإِذْنِ اللَّهِ تعالي.

***

الصلاة علي مولانا صاحب الأمر أرواحنا فداه

اَللّهُمَّ صَلِّ عَلي وَلِيِّكَ وَابْنِ اَوْلِيآئِكَ الَّذينَ فَرَضْتَ طاعَتَهُمْ، وَاَوْجَبْتَ حَقَّهُمْ، وَاَذْهَبْتَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرْتَهُمْ تَطْهيراً، اَللّهُمَّ انْتَصِرْ بِهِ لِدينِكَ، وَانْصُرْ بِهِ اَوْلِيآئَكَ، وَ اَوْلِيآءَهُ وَشيعَتَهُ وَاَنْصارَهُ، وَاجْعَلْنا مِنْهُمْ.

اَللّهُمَّ اَعِذْهُ مِنْ شَرِّ كُلِّ باغٍ وَطاغٍ، وَمِنْ شَرِّ جَميعِ خَلْقِكَ، وَاحْفَظْهُ مِنْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ، وَعَنْ يَمينِهِ وَعَنْ شِمالِهِ، وَاحْرُسْهُ وَامْنَعْهُ مِنْ اَنْ يُوصَلَ اِلَيْهِ بِسُوءٍ، وَاحْفَظْ فيهِ رَسُولَكَ، وَآلَ رَسُولِكَ، وَاَظْهِرْ بِهِ الْعَدْلَ، وَاَيِّدْهُ بِالنَّصْرِ، وَانْصُرْ ناصِريهِ، وَاخْذُلْ خاذِليهِ، وَاقْصِمْ بِهِ جَبابِرَة الْكُفْرِ، وَاقْتُلْ بِهِ الْكُفّارَ وَالْمُنافِقينَ، وَجَميعَ الْمُلْحِدينَ حَيْثُ كانُوا مِنْ مَشارِقِ الاَرْضِ وَ مَغارِبِها، بَرِّها وَبَحْرِها، وَامْلا بِهِ الارْضَ عَدْلاً، وَاَظْهِرْ بِهِ دينَ نَبِيِّكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ السلام، وَاجْعَلْنِي اللّهُمَّ مِنْ اَنْصارِهِ وَ اَعْوانِهِ، وَ اَتْباعِهِ وَشيعَتِهِ، وَاَرِني في آلِ مُحَمَّدٍ ما يَاْمُلُونَ، وَفي عَدُوِّهِمْ ما يَحْذَرُونَ، اِلهَ الْحَقِّ آمينَ(1)

***

زيارة أمير المؤمنين عليه السلام في يوم الأحد

المنقول عن مولانا صاحب الزمان (عجل الله تعالي فرجه)

زيارة أمير المؤمنين عليه السلام برواية من شاهد صاحب الزمان صلوات الله عليه،

ص: 292


1- مصباح الزائر: 386.

وهو يزور بها في اليقظة، لا في النوم، في يوم الأحد وهو يوم أمير المؤمنين عليه السلام(1):

السَّلامُ عَلَي الشَّجَرَة النَّبَوِيَّة،وَالدَّوحَة الهاشِمِيّة المُضيئَة،المُثمِرَةبِالنُّبُوّة، المونِعَهِ بِالإِمامَة،وعَلي ضَجيعَيكَ آدَمَ ونوحٍ،عَلَيهماالسَّلامُ وعَلي أهلِ بَيتِكَ الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ،السَّلامُ عَلَيكَ وعَلَي المَلائِكَة المُحدِقينَ بِكَ وَالحافّينَ بِقَبرِكَ.

يا مَولايَ يا أميرَ المُؤمِنينَ،هذا يَومُ الأَحَدِ وهُوَ يَومُكَ وبِاسمِكَ وأَنَا ضَيفُكَ فيهِ وجارُكَ،فَأَضِفني يا مَولايَ وأَجِرني،فَإِنَّكَ كَريمٌ تُحِبُّ الضِّيافَة ومَأمورٌ بِالإِجارَة.

فَافعَل ما رَغِبتُ إلَيكَ فيهِ ورَجَوتُهُ مِنكَ،بِمَنزِلَتِكَ وآلِ بَيتِكَ عِندَ اللّهِ وبِمَنزِلَتِهِ عِندَكُم، وبِحَقِّ ابنِ عَمِّكَ رَسولِ اللّهِ صَلَّي اللّهُ عَلَيهِ وعَلَيكُم أجَمعينَ(2)

ص: 293


1- مصباح المتجهد: 405.
2- جمال الأسبوع: 38، جنة المأوي: 271.

ص: 294

ختام واعتذار

في البداية، المعذرة إلي الله تعالي وإلي رسوله الأكرم عليه السلام وإلي الأئمة الأطهار (عليهم الصلاة والسلام) أجمعين، لا سيما مولانا وملاذنا وحبيب قلوبنا الإمام الحجة ابن الحسن روحي وأرواح العالمين لمقدمه الفداء وعجل الله تعالي فرجه الشريف وأنارنا بطلعته الرشيدة وجعلنا من أنصاره وأعوانه.

نعتذر عن كل قصور أو تقصير، أو أي خطأ غير متعمد، أو سهو غير مقصود من نقل و تأويل بعض الأحاديث الشريفة.

وكلي أمل وشوق أن ينال هذا الجهد الضئيل والمتواضع شرف القبول من الباري عز وجل، والذي يقبل اليسير ويعفو عن الكثير، وأن ينال رضا رسوله الأكرم محمد صلي الله عليه و آله والأئمة الأطهار المعصومين (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين).

وها أنا قد أمضيت أيام وليالي بكتابة هذا الكتاب المتواضع والذي أضعه بين يدي أحبتي الكرام كما قضيت ساعات وساعات في رحاب سيدي ومولاي إمام زماننا الحجة ابن الحسن المنتظر عليه السلام وكأنني أعيش معه منذ الولادة إلي يوم الظهور.

وباعتباره أول مؤلفاتي فعسي أن ينال رضا القراء الكرام.

وفي الختام، أسأل الله تعالي أن يمن علي بالمزيد من التوفيق لخدمة النبي الأكرم صلي الله عليه و آله والأئمة المعصومين (عليهم الصلاة والسلام) لما يحب ويرضي إنه سميع مجيب.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

السيد قاسم الموسوي

و جمادي الأول - 1431ه-

21 نيسان - 2010 م

لندن

ص: 295

ص: 296

المصادر

1 القرآن الكريم.

2 إكمال الدين، الشيخ الصدوق.

3 الغيبة، الشيخ الطوسي.

4 الدر المنثور، السيوطي.

5 بحار الأنوار، المجلسي

6 الإمام المهدي قدوة وأسوة.

7 الإمام المهدي من المهد إلي الظهور، السيد كاظم القزويني.

8 فرائد السمطين، الحموي الشافعي.

9 ذخائر العقبي، الطبري الشافعي.

10 مكارم الأخلاق، الطبرسي.

11 الإمام المهدي، دخيل.

12 تفسير العياشي.

13 تفسير فرات الكوفي.

14 تفسير الطبري.

15 الغيبة للنعماني.

16 روضة الكافي.

17 الإرشاد، للشيخ المفيد.

18 دلائل الإمامة، الطبري.

19 الملاحم، ابن طاوس.

20 الفتن، ابن حماد.

21 أعلام الدين.

ص: 297

22 مقدمة ابن خلدون.

23 مجمع الفوائد ومنبع الفرائد.

24 ينابيع المودة.

25 الاختصاص.

26 كتاب سليم بن قيس.

27 تفسير القمي.

28 مختصر بصائر الدرجات.

29 المستدرك، للحاكم.

30 الكافي.

31 تهذيب الأحكام.

32 الخصال.

33 غاية المرام.

34 الفصول المهمة.

35 تأويل الآيات.

36 المحجة.

37 البرهان.

38 التوحيد، الصدوق.

39 إثبات الهداة.

40 دلائل الإمامة.

41 مختصر البصائر .

42 كتاب الفتن، لنعيم بن حماد.

43 البدء والتاريخ.

44 عقد الدرر.

45 كمال الدين وتمام النعمة.

46 مطالب الطالبيين.

47 كفاية الأثر.

ص: 298

48 بصائر الدرجات.

49 مصباح المتهجد.

50 الخرائج.

51 فضائل الصحابة، أبو المظفر .

52 عقد الدرر.

53 الفردوس، الديلمي.

54 فرائد السمطين.

55 علل الشرائع، الصدوق.

56 كتاب رجال السيد بحر العلوم.

57 كتاب الفوائد الرجالية .

58 الاحتجاج.

59 جنة المأوي، الشيخ النوري.

60 كشف الغمة في معرفة الأئمة، الأربلي.

61 كفاية الأثر، الرازي القمي.

62 المهدي والمسيح، الهاشمي.

63 إلزام الناصب.

64 مستدرك الصحيحين، الحاكم النيسابوري.

65 الفصول المهمة، المالكي.

66 الملاحم والفتن، لابن طاوس.

67 وسائل الشيعة.

68 صحيح البخاري.

69 صحيح مسلم.

70 مسند أحمد.

71 القول المختصر.

72 الصحيفة المهدوية.

ص: 299

ص: 300

المحتويات

مقدمة ...5

الإهداء ... 7

الإمام الحجة المنتظر (عج) وعلامات الظهور من هو الإمام المهدي ... 9

من هو الإمام المهدي عليه السلام ... 11

الإمام المهدي عليه السلام من المهد إلي الظهور ... 11

ميلاد الإمام المهدي المنتظر عليه السلام ... 23

العقيقة والإطعام ...27

ماهي العقيقة وتعريفها ...27

النص علي إمامة الإمام المهدي المنتظر عليه السلام...29

الإمام المهدي المنتظر عليه السلام في القرآن الكريم ...31

الإمام المهدي المنتظر عليه السلام في الروايات والأحاديث عن أهل البيت عليه السلام ... 73

الأحاديث المروية عن كتب أهل السنة عن الإمام المهدي المنتظر عليه السلام... 83

أسماء الإمام المهدي المنتظر عليه السلام... 121

غيبة الإمام المهدي المنتظر عليه السلام الصغري ...125

النواب الأربعة ...127

الغيبة الكبري ...133

القيادة المرجعية ...139

من الذي رأي الإمام المهدي المنتظر عليه السلام ...147

متي يظهر الإمام المهدي المنتظر عليه السلام ...161

علائم الظهور للإمام المهدي المنتظر عليه السلام...165

ص: 301

ظهور الإمام المهدي المنتظر عليه السلام ... 199

أحاديث حول أصحاب الإمام المهدي المنتظر عليه السلام ...203

البيعة للإمام المهدي المنتظر عليه السلام ...221

حركة الإمام المهدي المنتظر عليه السلام وإنجازاته في دولة الحق التي يقودها ... 223

استقرار دولة الحق وعاصمة الإمام المهدي المنتظر عليه السلام 227

نزول عيسي ابن مريم عليه السلام من السماء ... 235

الجانب الاجتماعي في دولة الحق للإمام المهدي المنتظر عليه السلام... 241

عمر الإمام المهدي المنتظر عليه السلام وكم سنة يحكم ...251

الإمام المهدي المنتظر عليه السلام في الشعر العربي ...257

في الأدعية المطلقة التي لا تختص قراءتها بيوم خاص ...279

زيارة صاحب الأمر أرواحنا فداه ...287

ختام واعتذار ... 295

المصادر... 297

ص: 302

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.