الإيقاظ من الهجعة بالبرهان علي الرجعة

اشارة

الإيقاظ من الهجعة بالبرهان علي الرجعة

المؤلف : الحر العاملي.

المجموعة : من مصادر العقائد عند الشيعة الإمامية.

تحقيق : مشتاق المظفر.

سنة الطبع : 1422 - 1380 ش.

الايقاظ من الهجعة بالبرهان علي الرجعة.

المؤلف: المحدث الخبير الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي.

المتوفي سنة 1104 هجرية.

تحقيق: مشتاق المظفر.

ص :1

اشارة

جميع حقوق الطبع محفوظة ومسجلة.

الكتاب: الإيقاظ من الهجعة.

تأليف: الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي.

الطباعة والاخراج الفني:.

المطبعة:.

الطبعة الأولي:.

العدد:.

- - - 1: ISBN.

ص :2

بسم الله الرحمن الرحيم

ص :3

ص :4

الإهداء

إلي الذي بيمنه رزق الوري.

إلي الذي بوجوده ثبتت الأرض والسماء.

إلي الذي يملأ الأرض عدلا وقسطا.

إلي الذي إليه منتهي مواريث الأنبياء.

إلي حجة الله علي من في الأرض والسماء.

إلي نور الله الذي لا يطفي.

إلي صاحب يوم الفتح وناشر راية الهدي.

إلي ناظر شجرة طوبي وسدرة المنتهي.

إلي معز الأولياء ومذل الأعداء.

إلي الطالب بدم المقتول بكربلاء.

إلي خير من تقمص وارتدي.

إلي ابن النبي المصطفي وابن علي المرتضي.

إلي ابن خديجة الغرا وابن فاطمة الزهراء.

سيدي ومولاي الحجة بن الحسن العسكري عجل الله تعالي فرجك أقدم عملي هذا بين يديك الكريمتين راجيا منك القبول والتسديد والدعاء.

ص :5

ص :6

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله الواصل الحمد بالنعم والنعم بالشكر، نحمده علي آلائه كما نحمده علي بلائه، والحمد لله الذي جعل الحمد مفتاحا لذكره وسببا للمزيد من فضله ودليلا علي آلائه وعظمته.

ثم الصلاة والسلام علي نبيه نبي الرحمة وشفيع الأمة وعلي آله الطيبين الطاهرين المعصومين المنتجبين.

وبعد:

لم يترك لنا الشيخ الحر العاملي موضوعا من المواضيع التي تختص بالرجعة كي نتحدث عنه في المقدمة إلا وتطرق له بالتفصيل.

إذ تعرض للرجعة من كل نواحيها وجوانبها عقلا ونقلا وتفسيرا وحديثا وتراه شارحا لبعض الأحاديث الغامضة وأحيانا يرد بعض الشبهات بالأدلة القامعة علي من أنكر أو استبعد ذلك.

فرأينا من الأفضل أن نذكر بعض الكتب التي ألفت في الرجعة مطبوعة كانت أو مخطوطة، وهي كما يلي:

1 - آيات الحجة والرجعة (في تفسير الآيات المتعلقة بهما): للشيخ محمد علي بن حسن علي الهمداني (ت: 1378 ه).

2 - آيات الرجعة (في بيان الآيات الدالة علي الرجعة): فارسي للميرزا محسن عماد العلماء خوشنويس الأردبيلي (ت: ق 14 ه).

3 - آيات الظهور في انتظار الفرج والسرور: في تفسير مائة وعشرة آيات من القرآن الكريم في شأن ظهور الحجة والرجعة: للميرزا علي قلي الدهخوارقاني

ص :7

آذرشهري.

4 - إثبات الرجعة: للفضل بن شاذان بن خليل الأزدي النيسابوري (ت: 260 ه).

5 - إثبات الرجعة: للعلامة الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي (ت: 726).

6 - إثبات الرجعة: للمحقق الكركي علي بن الحسين بن عبد العالي (ت: 940 ه).

7 - إثبات الرجعة: رسالة فارسية في ألفي بيت للعلامة المجلسي (ت: 1110).

8 - إثبات الرجعة: للمحقق آقا جمال الدين محمد بن آقا حسين الخوانساري (ت: 1125) كتبه باسم شاه سلطان حسين.

9 - إثبات الرجعة: للشيخ سليمان بن أحمد آل عبد الجبار القطيفي (ت: 1266 ه).

10 - إثبات الرجعة: للمفتي مير محمد عباس بن علي أكبر الموسوي التستري اللكهنوي (ت: 1306 ه).

11 - إثبات الرجعة: معرب للشيخ محمد رضا الطبسي، طبع في النجف الأشرف سنة 1355 ه.

12 - إثبات الرجعة: للميرزا حسن بن عبد الرزاق اللاهيجي القمي.

13 - إثبات الرجعة: للسيد حسن بن السيد هادي الموسوي العاملي الكاظمي من آل صدر الدين.

14 - إثبات الرجعة: للسلطان محمود بن غلام علي الطبسي.

15 - إثبات الرجعة: للسيد محمود بن فتح الله الحسيني الكاظمي.

16 - إثبات الرجعة والرد علي منكريها: للمولي حسين التربتي نزيل سبزوار

ص :8

(ت: حدود 1300 ه).

17 - إيقاظ الأمة من الهجعة في إثبات الرجعة: للسيد مهدي بن محمد الموسوي الأصفهاني الكاظمي.

18 - برهان الشيعة في إثبات الرجعة: للسيد محمد علي بن شرف الدين السنقري.

19 - تحفة الشيعة في آيات الرجعة: للسيد حسين بن نصران عرب باغي.

20 - تنبيه الأمة في إثبات الرجعة: لمحمد رضا الطبسي الخراساني النجفي.

21 - الجوهر المقصود في إثبات الرجعة: للشيخ أحمد البيان بن حسن الواعظ الأصفهاني.

22 - دحض البدعة من إنكار الرجعة: للشيخ محمد علي بن حسن علي الهمداني الحائري.

23 - دلائل الرجعة (أو إيمان ورجعت) فارسي: لغلام علي بن محمد بن إسماعيل العقيقي الكرمانشاهي.

24 - كتاب الرجعة: للحسن بن علي البطائني.

25 - الرجعة: لأبي النضر محمد بن مسعود العياشي السمرقندي صاحب التفسير المعروف.

26 - الرجعة: للشيخ الصدوق محمد بن علي بن حسين بن بابويه القمي (ت: 381 ه).

27 - الرجعة: للميرزا محمد مؤمن بن دوست محمد الحسيني الاسترآبادي (ت: 1088 ه) محقق.

28 - الرجعة: ملا سليمان بن محمد الجيلاني التنكابني (ت: ق 11 ه).

29 - الرجعة: لحامد بن علي بن إبراهيم المفتي الدمشقي الحنفي

ص :9

(ت: 1171 ه).

30 - الرجعة: للشيخ أحمد بن صالح بن طوق البحراني (ت: ق 13 ه).

31 - الرجعة: مختصر فارسي: للشيخ حبيب الله بن علي مدد الكاشاني (ت: 1340 ه).

32 - الرجعة: للشيخ محمد علي بن حسن علي الهمداني السنقري.

33 - الرجعة بين العقل والقرآن: لحسن الطارمي.

34 - الرجعة وأحاديثها: للفضل بن شاذان بن الخليل الأزدي النيشابوري (ت: 260 ه).

35 - الرجعة وأحاديثها المنقولة عن آل العصمة (عليهم السلام): لأحمد بن الحسن بن إسماعيل من أحفاد المير أحمد بن موسي الكاظم (عليه السلام).

36 - الرجعة والرد علي أهل البدعة: للحسن بن سليمان الحلي. وهي رسالة أدرجها ضمن مختصر البصائر، نقل من المصادر التي لم ينقل منها سعد بن عبد الله الأشعري، وقد حققناه مع المختصر.

37 - الرجعة والظهور: للحاج ميرزا محمد طبيب زاده.

38 - الرجعة وظهور الحجة: في الأخبار المنقولة عن آل العصمة (عليهم السلام):

للميرزا محمد مؤمن الحسيني الاسترآبادي (ت: 1088 ه) الشهيد بمكة.

39 - رسالة في إثبات الرجعة: محمد بن هاشم السرابي التبريزي.

40 - رسالة في الرجعة: علي بن محمد رفيع الطباطبائي (ت: 1195 ه).

41 - الكرة والرجعة: في إثبات الرجعة بالبيان العصري، للسيد محمد صادق بن سيد باقر الهندي.

42 - مسألة في الرجعة: للشيخ المفيد.

43 - النجعة في إثبات الرجعة: للعلامة السيد علي نقي النقوي اللكهنوي.

ص :10

44 - نور الأبصار في الرجعة: للشيخ علي بن محمد علي بن حيدر الشروقي.

45 - وافية المؤمنين في تحقيق رجعة الأئمة المعصومين (عليهم السلام): ليوسف بن قاسم الاسترآبادي (ت: ق 11 ه).

ومن هنا يتضح للقارئ العزيز أهمية الرجعة ومدي اهتمام العلماء الماضين والمتأخرين والمعاصرين بهذا الموضوع لأنه يعد من إحدي عقائد الشيعة الإمامية الاثني عشرية.

فعندما تتصفح مصنفاتهم تري فيها إثباتات استدلالية مستخلصة من الآيات الشريفة والأحاديث المتواترة عن النبي وأهل بيته صلي الله عليه وعليهم.

فنسأل من الباري جل جلاله أن يثبتنا علي هذه العقيدة الحقة التي اعتقد بها النبي وآله صلي الله عليهم أجمعين فأرسوها في أحاديثهم الشريفة، وأن يميتنا معتقدين بها، ونسأله تعالي أن يرجعنا بعد الاندثار في ظهور الحجة المنتظر عجل الله فرجه لأخذ الثأر من الظالمين والقاتلين للعترة الطاهرة والغاصبين لحق الزهراء وأمير المؤمنين (عليهما السلام) لأنهما أول من ظلما بعد رسول الله (صلي الله عليه وآله) إنه مجيب الدعاء والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي النبي وآله الطيبين الطاهرين.

ص :11

ص :12

ترجمة المؤلف

نسبه:

هو الشيخ المحدث محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن الحسين الحر العاملي المشغري. من بيت كبير جليل خرج منه أعاظم الفقهاء والمحدثين الذي ينتهي نسبه إلي الحر بن يزيد الرياحي المستشهد بين يدي الإمام الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء.

مولده:

ولد في قرية مشغر (1) ليلة الجمعة في الثامن من شهر رجب الأصب سنة 1033 ه.

مشايخه:

قرأ في مدينة مشغر علي أبيه، وعمه الشيخ محمد الحر وجده لامه الشيخ عبد السلام بن محمد الحر، وخال أبيه الشيخ علي بن محمود وغيرهم.

وقرأ في قرية جبع علي عمه أيضا وعلي الشيخ زين الدين بن محمد بن

ص :13


1- 1 - مشغر: قرية من قري دمشق من ناحية البقاع علي سفح جبل لبنان. معجم البلدان 5: 157.

الحسن بن زين الدين وعلي الشيخ حسين الظهيري وغيرهم. وأقام في البلاد أربعين سنة وحج فيها مرتين.

أسفاره:

سافر إلي العراق فزار الأئمة (عليهم السلام)، ثم زار الإمام الرضا (عليه السلام) بطوس واتفق مجاورته بها مدة أربع وعشرين سنة وحج فيها أيضا مرتين، وزار العتبات المقدسة في العراق أيضا مرتين.

أقوال العلماء فيه:

قال ابن معصوم في السلافة: علم لا تباريه الأعلام، وهضبة فضل لا يفصح عن وصفها الكلام، أرجت أنفاس فوائده أرجاء الأقطار، وأحيت كل أرض نزلت بها فكأنها لبقاع الأرض أمطار، تصانيفه في جبهات الأيام غرر، وكلماته في عقود السطور درر (1).

ووصفه المحبي في خلاصة الأثر: بالأديب المشهور (2).

قال البحراني في لؤلؤة البحرين: كان عالما فاضلا محدثا اخباريا (3).

وقال الخوانساري في روضات الجنات: وأحد المحمدين الثلاثة المتأخرين الجامعين لأحاديث هذه الشريعة (4).

وقال النوري في خاتمة المستدرك: صاحب التصانيف الرائقة التي منها

ص :14


1- 1 - سلافة العصر: 359.
2- 2 - خلاصة الأثر 3: 433.
3- 3 - لؤلؤة البحرين: 76.
4- 4 - روضات الجنات 7: 96.

الوسائل الذي هو كالبحر الذي ليس له ساحل (1).

ووصفه القمي في الفوائد الرضوية: عالم، فاضل، محقق مدقق، متبحر جامع، كامل صالح، ورع ثقة، فقيه نبيه، محدث حافظ، شاعر أديب أريب (2).

أحواله:

قال المحبي: قدم مكة في سنة سبع أو ثمان وثمانين وألف، وفي الثانية منهما قتلت الأتراك بمكة جماعة من العجم لما اتهموهم بتلويث البيت الشريف حين وجد ملوثا بالعذرة وكان الحر العاملي قد أنذرهم قبل الواقعة بيومين وأمرهم بلزوم بيوتهم لمعرفته علي ما زعموا بالرمل فلما حصلت المقتلة فيهم خاف علي نفسه، فالتجأ إلي السيد موسي بن سليمان أحد أشراف مكة الحسنيين، وسأله أن يخرجه من مكة إلي نواحي اليمن، فأخرجه مع أحد رجاله إليها. ورأيت بخط بعض الفضلاء أن الحر العاملي رجع بعد القصة وأنشد شعرا:

فضل الفتي بالجود والإحسان * والجود خير الوصف للإنسان (3) وسيأتي في فصل أشعاره.

وفي روضات الجنات: ومن جملة ما حكي عن قوة النفس التي كان يتصف بها أنه ذهب - في مدة إقامته بأصفهان - إلي مجلس الشاه سليمان الصفوي، فدخل بدون استئذان، وجلس علي ناحية من المسند الذي كان الشاه جالسا عليه، فسأل عنه الشاه فأخبر أنه عالم جليل من علماء العرب يدعي محمد بن الحسن الحر

ص :15


1- 1 - خاتمة المستدرك 3: 390 حجري.
2- 2 - الفوائد الرضوية: 473.
3- 3 - خلاصة الأثر 3: 432 - 433.

العاملي، فالتفت إليه وقال له بالفارسية: شيخنا، فرق ميان حر وخر چقدر است؟ فأجابه الشيخ علي الفور: يك متكئ - معناه بالعربية: كم هو الفرق بين الحر والحمار؟ فأجابه ببديهته: مخدة واحدة - فتعجب الشاه من جرأته وسرعة إجابته.

ولما وصل إلي مشهد المقدس، ومضي علي ذلك زمان أعطي منصب قاضي القضاة وشيخ الاسلام في تلك الديار وصار بالتدريج من أعاظم علمائها (1).

مؤلفاته:

1 - الجواهر السنية في الأحاديث القدسية، وهو أول ما ألفه ولم يجمعها أحد قبله.

2 - الصحيفة الثانية من أدعية الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) الخارجة عن الصحيفة الكاملة.

3 - تفصيل وسائل الشيعة إلي تحصيل مسائل الشريعة. يشتمل علي جميع أحاديث الأحكام الشرعية الموجودة في الكتب الأربعة، وسائر الكتب المعتمدة - أكثر من سبعين كتابا - مع ذكر الأسانيد وأسماء الكتب وحسن الترتيب.

4 - هداية الأمة إلي أحكام الأئمة (عليهم السلام)، منتخبة من كتاب الوسائل مع حذف الأسانيد والمكررات.

5 - فهرست وسائل الشيعة. يشتمل علي عنوان الأبواب، وعدد أحاديث كل باب ومضمون الأحاديث.

6 - الفوائد الطوسية: يشتمل علي مائة فائدة في مطالب متفرقة.

ص :16


1- 1 - روضات الجنات 7: 104.

7 - إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات: يشتمل علي أكثر من عشرين ألف حديث، منقولة من جميع الكتب الخاصة والعامة، مع حسن الترتيب والتهذيب، واجتناب التكرار بحسب الإمكان.

8 - أمل الآمل في علماء جبل عامل: ألفه بسبب رؤيا رآها.

قال في خاتمة الأمل - الفائدة التاسعة -: إعلم أني في السنة التي قدمت فيها المشهد الرضوي - وهي سنة 1073 - وعزمت علي المجاورة به والإقامة فيه، رأيت في المنام كأن رجلا عليه آثار الصلاح، يقول لي: لأي شئ لا تؤلف كتابا تسميه " أمل الآمل في علماء جبل عامل "؟ فقلت له: إني لا أعرفهم كلهم، ولا أعرف مؤلفاتهم وأحوالهم كلها، فقال: إنك تقدر علي تتبعها واستخراجها من مظانها.

ثم انتبهت من هذا المنام، وفكرت في أن هذا بعيد أن يكون من وساوس الشيطان، ومن تخيل النفس، ولم يكن يخطر ببالي هذا الفكر من قبل أصلا، فلم ألتفت إلي هذا المنام، فإنه ليس بحجة شرعا، ولا هو مرجح لفعل شئ أو تركه، فلم أعمل به مدة أربع وعشرين سنة، لعدم الاهتمام بالمنام وللاشتغال بأشغال أخر، ثم خطر ببالي أن أفعل ذلك (1).

9 - الإيقاظ من الهجعة بالبرهان علي الرجعة: وفيها اثنا عشر بابا، تشتمل علي أكثر من ستمائة حديث، وأربعة وستين آية من القرآن، وأدلة كثيرة، وعبارات المتقدمين والمتأخرين، وجواب الشبهات وغير ذلك.

10 - رسالة في الرد علي الصوفية: تشتمل علي اثني عشر بابا واثني عشر فصلا، فيها نحو ألف حديث في الرد عليهم عموما وخصوصا في كل ما اختصموا

ص :17


1- 1 - أمل الآمل 2: 370.

به.

11 - رسالة في خلق الكافر وما يناسبه.

12 - رسالة في تسمية المهدي (عليه السلام) سماها " كشف التعمية في حكم التسمية ".

13 - رسالة الجمعة: في جواب من رد أدلة الشهيد الثاني في رسالة الجمعة.

14 - رسالة نزهة الاسماع في حكم الاجماع.

15 - رسالة تواتر القرآن.

16 - رسالة الرجال: مطبوعة مع الوسائل.

17 - رسالة أحوال الصحابة.

18 - رسالة تنزيه المعصوم عن السهو والنسيان.

19 - بداية الهداية: في الواجبات والمحرمات المنصوصة من أول الفقه إلي آخره في غاية الاختصار.

قال في آخرها: فصارت الواجبات: ألفا وخمسمائة وخمسة وثلاثين، والمحرمات: ألفا وأربعمائة وثمان وأربعين.

20 - الفصول المهمة في أصول الأئمة (عليهم السلام): يشتمل علي القواعد الكلية المنصوصة في أصول الدين وأصول الفقه وفروعه، وفي الطب، ونوادر الكليات.

21 - العربية العلوية واللغة المروية: ذكر فيه، ما يتعلق بالعربية في النحو والصرف والمعاني والبيان، وما يتعلق باللغة من تفسير الألفاظ الواردة في القرآن وغيره كل ذلك من الأخبار.

22 - إجازات متعددة للمعاصرين مطولات ومختصرات.

23 - ديوان شعر يقارب عشرين ألف بيت: أكثره في مدح النبي وآله (صلي الله عليه وآله).

24 - منظومة في المواريث.

25 - منظومة في الزكاة.

ص :18

26 - منظومة في الهندسة.

27 - منظومة في تاريخ النبي (صلي الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام): ووفياتهم، وعدد أزواجهم، وأولادهم، ومدة خلافتهم، وأعمارهم، ومعجزاتهم، وفضائلهم، تبلغ نحو ألف ومائتي بيت.

شعره:

قال ابن معصوم في السلافة: وله شعر مستعذب الجنا، بديع المجتبي والمجتني، ولا يحضرني من شعره إلا قوله:

فضل الفتي بالبذل والإحسان * والجود خير الوصف للإنسان أو ليس إبراهيم لما أصبحت * أمواله وقفا علي الضيفان حتي إذا أفني اللهي أخذ ابنه * فسخا به للذبح والقربان ثم ابتغي النمرود إحراقا له * فسخا بمهجته علي النيران بالمال جاد وبابنه وبنفسه * وبقلبه للواحد الديان أضحي خليل الله جل جلاله * ناهيك فضلا خلة الرحمن صح الحديث به فيا لك رتبة * تعلو بأخمصها علي التيجان وهذا الحديث رواه أبو الحسن المسعودي في كتاب أخبار الزمان وقال: " إن الله تعالي أوحي إلي إبراهيم (عليه السلام): إنك لما سلمت مالك للضيفان وولدك للقربان، ونفسك للنيران، وقلبك للرحمن اتخذناك خليلا " - انتهي ما ذكره صاحب سلافة العصر (1).

ولا بأس بذكر شئ من الشعر المذكور في ذلك الديوان، فمنه قوله من قصيدة

ص :19


1- 1 - سلافة العصر: 367.

تزيد علي أربعمائة بيت في مدح النبي (صلي الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام):

جد وجدي لفرقة وتنائي * عن ربي أرض مكة الغراء وشجاني بعد الحجاز خصوصا * عند بعدي عن طيبة الفيحاء إلي أن قال:

بنبي فاق الخلائق فضلا * وعلي وولده الأوصياء مفزع الناس مرجع الخلق طرا * منبع الفضل مجمع العلياء بحر علم وطود حلم رزين * معدن الجود منهل للظماء إن تشكك في فضل مجدهم فاسأل * جميع الأعداء والأولياء يشهدوا كلهم فأكرم بفضل * أثبتته شهادة الأعداء حبذا حبذا وناهيك ناهيك * خر وسؤدد وعلاء مدحتهم أهل السماوات والأر * ض وفي الأرض شاع بعد السماء سل ثقات الرواة إن شئت أن * تسمع عنهم غرائب الأنباء ومجال المديح فيهم فسيح * طال فيه تسابق الفصحاء غير أن الاعداد تقصر عنه * إن أرادوا ميلا إلي الإحصاء كلما قلت فيهم فهو صدق * من جميل ومدحة غراء إلي أن قال:

فالأكاذيب في مديح علاهم * غير مشهورة من الشعراء بمديحي لهم تشاغل فكري * لا بمدح الملوك والأمراء ذكرهم عندنا يلذ ويحلو * لا غناء عن ظبية غناء أنا داع إليهم وإلي الله * بهم كل من أجاب دعائي وجزائي شفاعة منهم يوم * جزائي فلينعموا بجزائي وإبائي يزداد عند سواهم * ولدي عزهم يزول إبائي

ص :20

أنا عبد لعبدهم وموال * لهم أولياؤهم أوليائي شمس مجد لهم تعالت وجلت * تخجل الشمس في سنا وسناء بلغوا سؤددا بليغا منيعا * بارع الوصف مفعم البلغاء أهل بيت هم سفينة نوح * وصراط النجاة يوم الجزاء فاز من كان يهتدي بهداهم * في اختلاف الأهواء والآراء أعلم الخلق بل إليهم تناهي * سند الناقلين والعلماء أترجاهم لدنياي والأخري * وهيهات أن يخيب رجائي جدهم سابق البروق علي متن * براق في ليلة الإسراء قاطعا للعوالم الملكوتية * يمضي قدما بغير انثناء خلف الأرض والسماوات والكر * سي والعرش خلفه من وراء خائضا في بحار وصل وقرب * يتلألأ في روضة الآلاء خاتم الأنبياء لكنه أضحي * إماما لسائر الأنبياء كم صلاة كان المقدم فيها * وهم خلفه بغير إباء أشرقت في دجي ظلام القضايا * من سنا علمهم وجوه القضاء سطعت نارهم علي كل طود * فاهتدي من رآه في البيداء خير نار يبدو الردي والهدي فيها * لكل الأعداء والأولياء صرعوا الكفر والضلالة لما * هاج منهم بأس لدي الهيجاء وعناق السيوف أحلي لديهم * من عناق البيضاء والسمراء وإذا أججت جحيم ضلال * أطفأوا نارها بغيث الداء فرؤوس الرؤوس ودعن بالرغم * صدور الصدور يوم اللقاء مدحهم خير قربة ظل يزري * بالعبادات أيما ازراء كل بيت منه ببيت من الجنة * يجزي أكرم بذاك الجزاء

ص :21

خبرا صادقا رواه ثقاة القول * لم نروه عن الضعفاء لو ظمئنا يوم الجزا لوجدنا * ساقي الحوض مرويا للظماء هم ملاذي إذا الخطوب ادلهمت * وهم مفزعي لدي الأدواء يتجلي عنا بهم كل خطب * وبهم يستجاب كل دعاء أنا حر رق الذنوب وأرجو * بهم أن أري من العتقاء كم عروس من المناقب راموها * فجاءت تسعي علي استحياء كلما جادلوا العدي أبطلوا كل * محال منهم وكل مراء فعليهم تحية وسلام * وصلاة منا وطيب ثناء وقوله من القصائد المحبوكات الطرفين في مدحهم (عليهم السلام) من قافية الهمزة:

أغير أمير المؤمنين الذي به * تجمع شمل الدين بعد تناء أبانت به الأيام كل عجيبة * فنيران بأس في بحور عطاء وهي تسع وعشرون قصيدة.

وقوله من قصيدة محبوكة الأطراف الأربعة:

فإن تخف في الوصف من إسراف * فلذ بمدح السادة الأشراف فخر لهاشمي أو منافي * فضل سما مراتب الآلاف فعلمهم للجهل شاف كافي * فضلهم علي الأنام وافي فاقوا الوري منتعلا وحافي * فضل به العدو ذو اعتراف فهاكها محبوكة الأطراف * فن غريب ما قفاه قاف وقوله:

إن سر الصديق عندي مصون * ليس يدريه غير سمعي وقلبي لم أكن مطلعا لساني عليه * قط فضلا عن صاحب ومحب حكمه أنني أخلده في السجن * أعني الفؤاد من غير ذنب

ص :22

لست أخفي سري وهذا هو الواجب * عندي إخفاء أسرار صحبي وقوله من قصيدة طويلة في مزج المدح بالغزل:

لئن طاب لي ذكر الحبائب أنني * أري ذكر أهل البيت أحلي وأطيبا فهن سلبن العلم والحلم في الصبا * وهم وهبونا العلم والحلم في الصبي هواهن لي داء هواهم دواؤه * ومن يك ذا داء يرد متطببا لئن كان ذاك الحسن يعجب ناظرا * فإنا رأينا ذلك الفضل أعجبا وقوله من قصيدة أخري طويلة في مزج الغزل بالمدح:

سعدي بسعدي فإذا ما نأت * سعدي فلا مطمع في السعد وفضل أهل البيت مع حسنها * كلاهما جازا عن الحد وتلك دنيانا وهم ديننا * وما من الأمرين من بد وحبها من أعظم الغي والحب * لهم من أعظم الرشد بل حبها عار وحبي لهم * مجد وليس العار كالمجد وقوله:

كم حازم ليس له مطمع * إلا من الله كما قد يجب لأجل هذا قد غدا رزقه * جميعه من حيث لا يحتسب وقوله:

كم من حريص رماه الحرص في شعب * منها إلي أشعب الطماع ينشعب في كل شئ من الدنيا له طمع * فرزقه كله من حيث يحتسب وقوله:

سترت وجهها بكف خضيب * إذ رأتني من خوف عين الرقيب

ص :23

كيف نحظي بالاجتماع وقد عاين * كل إذ ذاك كف الخضيب وبودي لو كان ذاك الذي لاح * من الورد في الخدود نصيبي ذلك الهجر في الصبي كان خيرا * من وصال سخت به في مشيبي وقوله:

ولما التقينا عانقتني غزالة * بديعة وصف من حسان الولائد ولم أجتهد في الضم منفردا به * ولكنني قلدت ذات القلائد وقوله:

سترت محاسنها الحسان بلؤلؤ * وبجوهر وبفضة وبعسجد هيهات ذاك الستر أظهر حسنها * حتي لقد فتنت إمام المسجد وقوله:

وذات خال خدها مشرق * نورا كركن الحجر الأسود كعبة حسن ولها برقع * من الحرير المحض والعسجد قد أكسبت كل امرئ فتنة * حتي إمام الحي والمسجد كم هام إذ شاهدها جاهل * بل هام فيها عالم المشهد وقوله:

أبخلت يا سلمي برد سلام * وفتنت شيخ مشايخ الاسلام وقوله:

يا سليمي سلبت لو تعلمينا * قلب شيخ الاسلام والمسلمينا ظالم طرفك الضعيف وإنا * لضعاف القوي فلا تظلمينا وقوله:

فتكت سليمي والمحاسن قد بدت * بشيخ شيوخ المسلمين ولم ترعي تحصنت مني يا سليمي مع الهوي * بحصنين مجدي ذي التقدس والشرع

ص :24

وقوله:

لا تكن قانعا من الدين بالدو * ن وخذ في عبادة المعبود واجتهد في جهاد نفسك وابذل * في رضي الله غاية المجهود وقوله من قصيدة في مدحهم (عليهم السلام):

وما حاز أجناس الجناس وسائر المحاسن * من فن البديع سوي شعري وديوان شعري في مديحهم لما * حوي بديع الحسن من كتب السحر وقوله من قصيدة في مدحهم (عليهم السلام):

وفي كل بيت قلته ألف نكتة * تحسنه من فضلهم وتجيده وغيري إذا ما قال شعرا محافظ * علي وزنه من غير معني يفيده وقوله من قصيدة:

قلما فاخروا سواهم وحاشا * ذهبا أن يفاخر الفخارا وأري قولنا الأئمة خير * من فلان ومن فلان عارا إنما سبقهم لبكر وعمرو * مثل ما يسبق الجواد الحمارا إنني ذو براعة واقتدار * جاوز الحد في الأنام اشتهارا وإذا رمت وصف أدني علاهم * لا أري لي براعة واقتدارا وقوله من قصيدة ثمانين بيتا خالية من الألف في مدحهم (عليهم السلام):

وليي علي حيث كنت وليه * ومخلصه بل عبد عبد لعبده لعمرك قلبي مغرم بمحبتي * له طول عمري ثم بعد لولده هم منيتي هم مهجتي هم عقيدتي * وقلبي بحبهم مصيب لرشده وكل كبير منهم شمس منبر * وكل صغير منهم شمس مهده

ص :25

وكل كمي منهم ليث حربه * وكل كريم منهم غيث وهده بذلت له ودي ومحض محبتي * وروحي وموجودي وضن بوده وقوله:

علمي وشعري اقتتلا واصطلحا * فخضع الشعر لعلمي راغما فالعلم يأبي أن أعد شاعرا * والشعر يرضي أن أعد عالما وقوله من قصيدة:

حسن شعري ما زال يرضي * ولا ينكر لي أن أعد في العلماء وعلومي غزيرة ليس ترضي * أبدا أن أعد في الشعراء وقوله:

حذار من فتنة الحسنا وناظرها * ولا ترح بفؤاد منه مكلوم فقلبها صخرة مع ضعف قوتها * وطرفها ظالم في زي مظلوم وقوله:

لحي الله من لا يغلب النفس والهوي * إذا طلبا ما ليس يحسن في العقل تمكن منه حب دنيا دنية * فأورده شر الموارد بالجهل وألجأ حب الجاه منه إلي الردي * فعاني العناء الصعب في المطلب السهل وقوله:

يا صاحب الجاه كن علي حذر * لا تك ممن يغتر بالجاه فإن عز الدنيا كذلتها * لا عز إلا بطاعة الله وقوله من أبيات:

ص :26

أما تبغي مدي الأيام شكري * أما ترضي بهذا الحر عبدا وقوله من قصيدة في مدحهم (عليهم السلام):

أنا الحر لكن برهم يسترقني * وبالبر والإحسان يستعبد الحر وقوله من قصيدة:

أنا حر لكن كرق لخود * سلبتني سكينة ووقارا كل حسن من الحرائر لا بل * من إماء يستعبد الأحرارا وهوي المجد والحسان وأهل ال * - بيت في القلب لم يدع لي قرارا وقوله من قصيدة:

سادتي إنني لعبد لكم قن * وإني ادعي مجازا بحر وقوله من أخري:

خليلي مالي والزمان معاندي * بتكسير آمالي الصحاح بلا جبر زمان يرينا في القضايا غرائبا * وكل قضاء منه جور علي الحر وقوله من أخري:

ولكنما يقضي من المدح واجبا * عليه وفرضا عبدك المخلص الحر وقوله من أخري:

والجواري الحور الحسان جوار * مقبلات بالأنس بعد النفار عاد قلبي رقا وليس عجيبا * كل حر غيد لتلك الجواري وقوله من أخري:

وإني له عبد وعبد لعبده * وحاشاه أن ينسي غدا عبده الحرا ولم يسب قلب الحر كالحور والعلي * وحب بني الحوراء فاطمة الزهرا

ص :27

وقوله من أخري:

أنا حر عبد لهم فمتي ما * شرفوني بالعتق عدت رقيقا أنا عبد لهم فلو أعتقوني * ألف عتق ما صرت يوما عتيقا وقوله من أخري:

أنا حر لدي سواهم وعبد * لهم ما حييت بل عبد عبد وقوله من أخري:

ونبي الهدي وكل النبيين * بل الله مادح الأبرار مدح عبد حر حقير لدي * مدح النبيين سادة الأحرار وقوله من قصيدة طويلة:

طال ليلي ولم أجد لي علي السهد * معينا سوي اقتراح الأماني وكأني في عرض تسعين لما * حلت الشمس أول الميزان ليت أني فيما يساوي تمام الميل * عرضا والشمس في السرطان وقوله من أخري:

غادة قد غدت لها حكمة ال * - عين وأضحت عن غيرها في انتفاء بين ألحاظها كتاب الإشارات * وفي ريقها كتاب الشفاء وقوله من أخري:

فروي لحظها كتاب الإشارات * وكم قد روي عن الغزالي وكتاب الشفاء عن ريقها يرويه * حيث يروي بذاك الزلال وقوله من أخري:

مطول الفرع علي متنها * وخصرها مختصر نافع وقوله من أخري:

لاحت محاسن برق مبسمها * حتي نسيت محاسن البرقي

ص :28

وقوله:

أأرغب عن وصل من وصله * دواء لقلبي وعقلي وديني كتاب المحاسن في وجهه * ويتلوه فيه كتاب العيون وقوله:

كأن قلبي إذ غدا طائرا * مضطربا للغم لما هجم ملامة في أذني عاشق * أو عربي في بلاد العجم (1)

ص :29


1- 1 - الأبيات منتقاة من بعض المصادر التي ترجمت لحياة الحر العاملي المذكورة في هوامش المقدمة مضافا إليها أعيان الشيعة 9: 169.

وفاته:

توفي رحمة الله عليه في المشهد الرضوي المقدس بطوس سنة 1104 ه، عن إحدي وسبعين سنة.

دفن رضوان الله عليه في إيوان بعض حجر الصحن الشريف، وتاريخ وفاته منقوش علي صخرة موضوعة علي قبره.

وقد رثاه أخوه الشيخ أحمد قائلا: في اليوم الحادي والعشرين من شهر رمضان سنة 1104 ه، كان مغرب شمس الفضيلة والإفاضة والإفادة، ومحاق بدر العلم والعمل والعبادة، شيخ الاسلام والمسلمين وبقية الفقهاء والمحدثين الناطق بهداية الأمة وبداية الشريعة، الصادق في النصوص والمعجزات ووسائل الشيعة الإمام الخطيب الشاعر الأديب، عبد ربه العظيم العلي الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الحر العاملي المنتقل إلي رحمة باريه، عند ثامن مواليه.

في ليلة القدر الوسطي وكان بها * وفاة حيدر الكرار ذي الغير يا من له جنة المأوي غدت نزلا * أرقد هناك فقلبي منك في سعر طويت عنا بساط العلم معتليا * فاهنأ بمقعد صدق عند مقتدر تاريخ رحلة عاما فجعت به * وأسري لنعمة باريه علي قدر وهو أخي الأكبر صليت عليه في المسجد تحت القبة جنب المنبر ودفن في إيوان حجرة في الصحن الرضوي (1).

ص :30


1- 1 - الفوائد الرضوية: 476.

منهجية التحقيق:

وكما هو المتعارف في أسلوب التحقيق قمنا بالمراحل التالية:

1 - عمدنا إلي مقابلة النسخة المطبوعة مع المخطوطة الفريدة وقد تكفلت بها ابنتي الكبيرة فجزاها الله عني خير الجزاء.

2 - قمنا بتقويم النص وإصلاح ما يجب علي المقوم إصلاحه.

3 - أرجعنا الأحاديث والأقوال إلي منابعها الأصلية.

4 - خرجنا الآيات الشريفة من القرآن الكريم.

5 - عرفنا الكلمات الغامضة مع تعريف للأماكن والبلدان.

6 - أعددنا فهارس للآيات والأحاديث والمحتويات ومصادر التحقيق.

النسخة المخطوطة:

هي النسخة التي رمزنا لها برمز " ش " وهي محفوظة في مكتبة آية الله العظمي السيد المرعشي النجفي (قدس سره) وهي بخط السيد أبو الحسن علوان تم نسخها سنة 1079 ه. وهي نسخة كاملة الأول والآخر، مقروءة الخط، قليلة الأخطاء، موافقة للنسخة المطبوعة.

شكر وتقدير:

أتقدم بالشكر والتقدير لإدارة مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) علي منحها لي الإجازة المطلقة للاستفادة من مكتبتها العامرة.

12 شوال 1421 ه الفقير إلي رحمة ربه الغني مشتاق المظفر

ص :31

مخطوطة

ص :32

ص :33

ص :34

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله محيي الأموات، ومميت الأحياء، الذي لا تعجز قدرته عن شئ من الأشياء، الذي فضل الأنبياء والأوصياء علي جميع القبائل والعشائر، وفضل بعدهم المؤمنين فبشرهم بأحسن البشائر، وذخر لأهل العصمة وشيعتهم أشرف الكنوز والذخائر، وخصهم بأفضل المفاخر وأكمل المآثر، وأتم لهم الفضائل الباطنة والظاهرة، وجعل لهم البشري في الحياة الدنيا والآخرة، فوعدهم بالدولة الظاهرة والصولة القاهرة، والصلاة والسلام علي محمد وآله الطاهرين، صلاة وسلاما دائمين إلي يوم الدين.

وبعد: فيقول الفقير إلي الله الغني محمد بن الحسن الحر العاملي عامله الله بلطفه الخفي والجلي: قد جمع بعض السادات المعاصرين رسالة في إثبات الرجعة التي وعد الله بها المؤمنين، والنبي والأئمة الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين، وفيها أشياء غريبة مستبعدة لم يعلم من أين نقلها، ليظهر أنها من الكتب المعتمدة، فكان ذلك سببا لتوقف بعض الشيعة عن قبولها، حتي انتهي إلي إنكار أصل الرجعة، وحاول إبطال برهانها ودليلها، وربما مال إلي صرفها عن ظاهرها وتأويلها، مع أن الأخبار بها متواترة والأدلة العقلية والنقلية علي إمكانها ووقوعها كثيرة متظاهرة.

وقد نقل جماعة من علمائنا إجماع الإمامية علي اعتقاد صحتها، وإطباق الشيعة الاثنا عشرية علي نقل أحاديثها وروايتها، وتأولوا معارضها علي شذوذه وندوره بالحمل علي التقية، إذ لا قائل بها من غير الشيعة الإمامية، وذلك دليل

ص :35

واضح علي صحتها، وبرهان ظاهر علي (ثبوتها ونقل روايتها) (1)، فالتمس مني بعض الإخوان جمع ما حضرني من أخبارها، والكشف عن حقيقة أسرارها، وما ورد فيها من أحاديث الكتب المعتمدة من الروايات، وما يمكن إثباته من كلام علمائنا الأثبات، فرأيت ذلك من جملة المهمات بل من الفروض الواجبات، فشرعت في جمعها إظهارا لنصيحة المؤمنين، ودفعا للشبهات عن أحكام الدين، مع ضيق الوقت، وتراكم الأشغال، وكثرة الموانع الموجبة للكلال واشتغال البال، وقلة وجود الكتب التي يحتاج إليها ويعول في مثل ذلك عليها، وفيما حضر من ذلك كفاية إن شاء الله تعالي لذوي الانصاف، الذين يتنكبون طريق البغي والاعتساف.

فإن الذي وصل إلينا في هذا المعني قد تجاوز حد التواتر المعنوي، وأوجب لأهل التسليم العلم القطعي اليقيني، وقد سميت هذه الرسالة ب " الإيقاظ من الهجعة بالبرهان علي الرجعة " سائلا من الله التوفيق والتسديد، راغبا من كرمه في المعونة والتأييد، راجيا منه جزيل الثواب، وأن ينفع بها في الدنيا ويوم الحساب، وهي مرتبة علي أبواب اثني عشر تبركا بهذا العدد الشريف.

الأول: في المقدمات.

الثاني: في الإشارة إلي الاستدلال علي الرجعة وإمكانها ووقوعها.

الثالث: في جملة من الآيات القرآنية الدالة علي ذلك ولو بانضمام الأحاديث في تفسيرها.

الرابع: في إثبات أن ما وقع في الأمم السابقة يقع مثله في هذه الأمة.

الخامس: في إثبات أن الرجعة قد وقعت في الأمم السابقة.

ص :36


1- 1 - في نسخة ش: ثبوت نقلها وروايتها.

السادس: في إثبات أن الرجعة قد وقعت في الأنبياء والأوصياء السابقين.

السابع: في إثبات أن الرجعة قد وقعت في هذه الأمة في الجملة، ليزول استبعاد الرجعة الموعود بها في آخر الزمان.

الثامن: في إثبات أن الرجعة قد وقعت للأنبياء والأئمة (عليهم السلام) في هذه الأمة في الجملة، ليزول بها الاستبعاد المذكور.

التاسع: في جملة من الأحاديث المعتمدة الواردة في الإخبار بالرجعة لجماعة من الشيعة وغيرهم من الرعية.

العاشر: في جملة من الأحاديث المعتمدة الواردة في الإخبار بالرجعة لجماعة من الأنبياء والأئمة (عليهم السلام).

الحادي عشر: في أنه هل بعد دولة المهدي (عليه السلام) دولة أم لا؟ الثاني عشر: في ذكر شبهة منكر الرجعة والجواب عنها.

والله ولي التوفيق وبيده أزمة التحقيق.

ص :37

بياض

ص :38

الباب الأول: في المقدمات

اشارة

التي لابد منها قبل الشروع في المقصود، ليكون الطالب لتحقيق هذه المسألة علي بصيرة في طلبه، ونذكرها علي وجه الاختصار إذ يكفي التنبيه عليها والإشارة إليها وهي اثنتا عشرة:

الأولي: في وجوب التسليم لما ورد عنهم (عليهم السلام).

والأحاديث في ذلك كثيرة جدا ولا بأس بإيراد شئ منها:

1 - روي الشيخ الجليل ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني - في باب التسليم - عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن عبد الله بن يحيي الكاهلي (1)، قال:

قال أبو عبد الله (عليه السلام): " لو أن قوما عبدوا الله وحده لا شريك له، وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وحجوا البيت، وصاموا شهر رمضان، ثم قالوا لشئ صنعه الله أو صنعه رسول الله (صلي الله عليه وآله): ألا صنع خلاف الذي صنع؟ كانوا (2) بذلك مشركين، ثم تلا

ص :39


1- 1 - هو أبو محمد عربي أخو إسحاق، رويا عن أبي عبد الله وأبي الحسن (عليهما السلام)، وكان وجها عند أبي الحسن (عليه السلام)، عده البرقي من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام)، وعده الشيخ من أصحاب الإمام الكاظم (عليه السلام). انظر رجال النجاشي: 221 / 580، رجال البرقي: 22، رجال الطوسي: 357 / 51.
2- 2 - في المصدر والمحاسن زيادة: أو وجدوا ذلك في قلوبهم لكانوا.

هذه الآية * (فلا وربك لا يؤمنون حتي يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) * (1) ثم قال: عليكم بالتسليم " (2).

2 - وعن علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن الخشاب، عن العباس بن عامر، عن ربيع المسلي، عن يحيي بن زكريا الأنصاري (3)، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " من سره أن يستكمل الإيمان كله فليقل: القول مني في جميع الأشياء قول آل محمد، فيما أسروا وما أعلنوا، وفيما بلغني عنهم وما لم يبلغني " (4).

3 - وفي باب معرفة الإمام والرد إليه. عن الحسين بن محمد (5)، عن الحسن بن علي، عن أحمد بن عائذ، عن أبيه، عن ابن أذينة، عن غير واحد، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: " لا يكون العبد مؤمنا حتي يعرف الله ورسوله والأئمة كلهم وإمام زمانه، ويرد إليه ويسلم له " (6).

4 - وعن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عمن ذكره، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلي، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:

" لا تكونون صالحين حتي تعرفوا، ولن تعرفوا حتي تصدقوا، ولن تصدقوا حتي تسلموا أبوابا أربعة، لا يصلح آخرها إلا بأولها (7)، ضل أصحاب الثلاثة وتاهوا

ص :40


1- 1 - سورة النساء 4: 65.
2- 2 - الكافي 1: 390 / 2 و 2: 398 / 6، واللفظ للثاني، وأورده البرقي في المحاسن 1: 422 / 969.
3- 3 - عده الشيخ الطوسي من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام). رجال الطوسي: 333 / 10.
4- 4 - الكافي 1: 391 / 6، وأورده الحلي في مختصر البصائر: 266 / 260.
5- 5 - في المصدر زيادة: عن معلي.
6- 6 - الكافي 1: 180 / 2، وفيه زيادة: ثم قال: كيف يعرف الآخر وهو يجهل الأول؟!.
7- 7 - في المصدر: لا يصلح أولها إلا بآخرها.

تيها بعيدا " (1).

أقول: والأدلة العقلية والنقلية علي ذلك كثيرة.

الثانية: في أن حديثهم (عليهم السلام) صعب مستصعب وأنه لا يجوز إنكاره.

5 - روي الكليني - في باب أن حديثهم صعب مستصعب - عن محمد بن يحيي، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن جابر قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): " قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): إن حديث آل محمد صعب مستصعب، لا يحتمله (2) إلا ملك مقرب أو نبي مرسل، أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان، فما ورد عليكم من حديث آل محمد فلانت له قلوبكم وعرفتموه فاقبلوه، وما اشمأزت منه قلوبكم وأنكرتموه فردوه إلي الله وإلي الرسول وإلي العالم من آل محمد، وإنما الهلاك (3) أن يحدث أحدكم بحديث (4) لا يحتمله، فيقول: والله ما كان هذا. والإنكار هو الكفر " (5).

ورواه الصفار في " بصائر الدرجات " عن محمد بن الحسين ببقية السند (6).

6 - وعن أحمد بن إدريس، عن عمران بن موسي، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة (7)، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " ذكرت التقية عند علي بن

ص :41


1- 1 - الكافي 2: 47 / صدر حديث 3.
2- 2 - في المصدر: لا يؤمن به.
3- 3 - في المصدر: الهالك.
4- 4 - في المصدر: بشئ منه.
5- 5 - الكافي 1: 401 / 1.
6- 6 - بصائر الدرجات: 40 / 1 - باب 11، باختلاف يسير.
7- 7 - هو العبدي يكني أبا محمد، روي عن أبي عبد الله وأبي الحسن (عليهما السلام)، عده البرقي من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام)، وعده الشيخ تارة من أصحاب الإمام الباقر (عليه السلام) قائلا: عامي، وأخري من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) قائلا: العبدي البصري أبو محمد. انظر: رجال النجاشي: 415 / 1108، رجال البرقي: 38، رجال الشيخ: 137 / 40 و 314 / 545.

الحسين (عليه السلام) فقال: والله لو علم أبو ذر ما في قلب سلمان لقتله، ولقد آخي رسول الله (صلي الله عليه وآله) بينهما فما ظنكم بسائر الخلق؟ إن علم العلماء صعب مستصعب، لا يحتمله إلا نبي مرسل، أو ملك مقرب، أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان، قال:

وإنما صار سلمان من العلماء لأنه امرؤ منا أهل البيت فلذلك نسبته إلي العلماء " (1).

أقول: قوله: " لقتله " يحتمل وجوها ذكرها السيد المرتضي في الدرر والغرر وغيره وأقربها أن الضمير المرفوع عائد إلي العلم الذي في قلب سلمان، والضمير المنصوب عائد إلي أبي ذر، والمعني إن أبا ذر لا يحتمل كل ذلك العلم فلو علمه لقتله علمه به.

ويؤيده الحديثان الآتيان، ألا تري أن بعضهم جن وذهب عقله بسبب حديث واحد، وبعضهم شاب رأسه ولحيته لأجل ذلك، ولو لم ينس الحديث لمات وقتله علمه.

7 - وروي الشيخ الجليل قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي في كتاب " نوادر المعجزات " الذي جعله ملحقا بكتاب " الخرائج والجرائح " ومضافا إليه قال: أخبرني جماعة منهم أبو جعفر محمد بن علي بن الحسن (2) النيسابوري ومحمد بن علي بن عبد الصمد، عن أبيه قال: حدثنا أبو محمد أحمد بن محمد

ص :42


1- 1 - الكافي 1: 401 / 2، وأورده الصفار في بصائره: 45 / 21.
2- 2 - في نسخة " ش ": الحسين.

المعمري (1)، عن محمد بن علي بن الحسين بن بابويه، عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن علي بن الحكم، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " أتي الحسين بن علي (عليه السلام) أناس من أصحابه (2) فقالوا له: يا أبا عبد الله (عليه السلام) حدثنا بفضلكم الذي جعله الله لكم، فقال: إنكم لا تطيقون، فقالوا: بلي (3)، فقال: إن كنتم صادقين فليتنح اثنان وأحدث واحدا فإن احتمل حدثتكم، فتنحي اثنان وحدث واحدا، فقام طائر العقل فخرج علي وجهه وذهب، وكلمه صاحباه فلم يرد عليهما وانصرفوا " (4).

8 - وبهذا الإسناد قال: " أتي رجل الحسين (عليه السلام) فقال: حدثني بفضلكم الذي جعله الله لكم، قال: إنك لن تطيق حمله، قال: بلي حدثني يا بن رسول الله فإني أحتمله، فحدثه الحسين بحديث، فما فرغ الحسين (عليه السلام) من حديثه حتي ابيض رأس الرجل ولحيته وانسي الحديث، فقال الحسين (عليه السلام): أدركته رحمة الله حين أنسي الحديث " (5).

9 - وروي الشيخ الأجل رئيس المحدثين أبو جعفر بن بابويه في " كتاب الأمالي " - في المجلس الأول - عن علي بن الحسين بن شقير (6) الهمداني، عن جعفر بن أحمد بن يوسف الأزدي، عن علي بن بزرج الحناط، عن عمرو بن

ص :43


1- 1 - في المصدر: أبو محمد أحمد بن محمد بن محمد العمري.
2- 2 - " من أصحابه " لم ترد في المصدر.
3- 3 - في المصدر زيادة: نتحمل.
4- 4 - الخرائج والجرائح 2: 795 / 4.
5- 5 - الخرائج والجرائح 2: 795 / 5.
6- 6 - في المعاني والخصال: سفيان، بدل: شقير.

اليسع، عن شعيب الحداد (1) قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: " إن حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرب، أو نبي مرسل، أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان، أو مدينة حصينة " فسألته عنها؟ فقال: " هي القلب المجتمع " (2).

أقول: والأحاديث في هذا المعني أيضا كثيرة جدا.

الثالثة: في عدم جواز التأويل بغير نص ودليل.

10 - روي الكليني - في باب صفة العلم وفضله - عن محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد (3) عن أبي البختري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:

" إن العلماء ورثة الأنبياء - إلي أن قال -: فانظروا علمكم هذا عمن تأخذونه، فإن فينا أهل البيت في كل خلف عدولا ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين " (4).

11 - وروي العامة والخاصة بأسانيد متعددة أن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال لعلي (عليه السلام):

" إنك تقاتل علي تأويل القرآن كما قاتلت علي تنزيله " (5).

ص :44


1- 1 - هو شعيب بن أعين الحداد، كوفي، ثقة، روي عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عده البرقي من أصحاب الإمام الباقر والصادق (عليهما السلام)، وعده الشيخ من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) وفي من لم يرو عنهم (عليهم السلام). انظر رجال النجاشي: 195 / 521، رجال البرقي: 29، رجال الطوسي: 217 / 2 و 476 / 2.
2- 2 - أمالي الصدوق: 52 / 6، معاني الأخبار: 189 / 1، الخصال: 207 / 27، والكل بزيادة يسيرة.
3- 3 - كان في المطبوع: أحمد بن خالد، وما أثبتناه من الكافي والبصائر ومرآة العقول. وفي نسخة " ش ": محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد بن خالد.
4- 4 - الكافي 1: 32 / 2، بصائر الدرجات: 30 / 1، مرآة العقول 1: 103 / 2.
5- 5 - أورده ابن حنبل بلفظين في مسنده 3: 420 / 10896 و 501 / 11364، والهيثمي في مجمع الزوائد 5: 186 و 6: 244، والمتقي الهندي في كنز العمال 11: 613 / 32967، وفيه: إن منكم من يقاتل علي تأويل القرآن كما قاتلت علي تنزيله، قيل: أبو بكر وعمر؟ قال: لا، ولكنه خاصف النعل - يعني عليا. وأورده الشيخ الطوسي في الأمالي ضمن حديث طويل: 351 / 66.

12 - وروي جماعة من علمائنا منهم الرضي في نهج البلاغة والطبرسي في الإحتجاج عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال في كلام له: " إنا أصبحنا نقاتل إخواننا في الدين علي ما دخل فيه من الزيغ، والشقاق (1)، والشبهة، والتأويل " (2).

أقول: والأحاديث في ذلك أيضا كثيرة جدا منها ما ورد في تفسير قوله تعالي * (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) * (3) وردت أحاديث كثيرة أن المراد بهم النبي والأئمة (عليهم السلام) (4).

الرابعة: في عدم جواز التعمق والتدقيق المنافي للتسليم.

13 - روي الكليني - في باب دعائم الكفر وشعبه - عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسي، عن إبراهيم بن عمر اليماني (5)، عن عمر بن أذينة (6) عن

ص :45


1- 1 - في النهج والاحتجاج: والإعوجاج، بدل: والشقاق.
2- 2 - نهج البلاغة 2: 3 / 118، الاحتجاج 1: 440 / 100.
3- 3 - سورة آل عمران 3: 7.
4- 4 - انظر تفسير العياشي 1: 162 / من حديث 4 إلي 8، وتفسير القمي 1: 96، وتفسير البرهان 1: 597 / من حديث 2 إلي 14.
5- 5 - هو الصنعاني، شيخ من أصحابنا، ثقة، روي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام)، عده البرقي من أصحاب الإمام الباقر والكاظم (عليهما السلام)، وعده الشيخ من أصحاب الإمام الباقر والصادق (عليهما السلام) قائلا: له أصول رواها عنه حماد بن عيسي. انظر رجال النجاشي: 20 / 26، رجال البرقي: 11 و 47، رجال الطوسي: 103 / 7 و 145 / 58.
6- 6 - كان في المطبوع: عن سليم، ولم يرد في نسخة " ش "، وما أثبتناه من الكافي والوافي 4: 225 / 1857، ومرآة العقول 11: 139 / 1، وبحار الأنوار 72: 116 / 15.

أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: " بني الكفر علي أربع دعائم: علي الفسق والغلو والشك والشبهة - إلي أن قال -: والغلو علي أربع شعب: علي التعمق بالرأي والتنازع فيه، والزيغ والشقاق، فمن تعمق لم ينب إلي الحق، ولم يزدد إلا غرقا في الغمرات، ولم تنحسر عنه فتنة إلا غشيته أخري، وانخرق دينه فهو يهوي في أمر مريج، ومن نازع بالرأي وخاصم شهر بالفشل (1) من طول اللجاج، ومن زاغ قبحت عنده الحسنة وحسنت عنده السيئة، ومن شاق (2) أوعرت عليه طرقه، واعترض عليه أمره، فضاق عليه مخرجه، إذ لم يتبع سبيل المؤمنين " (3) الحديث.

ورواه السيد الرضي في نهج البلاغة (4).

14 - وفي باب " النسبة " عن محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد (5)، قال: سئل علي بن الحسين (عليهما السلام) عن التوحيد، فقال: " إن الله عز وجل علم أنه يكون في آخر الزمان قوم متعمقون (6) فأنزل الله * (قل هو الله أحد) * والآيات من سورة الحديد إلي

ص :46


1- 1 - في نسخة " ش ": بالغل: وهو الحقد والحسد، وفي الكافي: بالعثل: وهو الحمق. انظر لسان العرب 11: 424 - عثل و 499 - غلل.
2- 2 - شاق: من المشاقة والشقاق: الخلاف والعداوة. القاموس المحيط 3: 340 - شقه.
3- 3 - الكافي 2: 391 / 1.
4- 4 - نهج البلاغة 3: 158 / 31، باختلاف.
5- 5 - هو الحناط الحنفي، أبو الفضل مولي بني حنيفة، كوفي، ثقة، عين، صدوق، روي عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عده البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام)، وقال الكشي: إنه مات بالكوفة. انظر رجال النجاشي: 301 / 821، رجال البرقي: 45، رجال الطوسي: 262 / 651، رجال الكشي: 367 / 682.
6- 6 - قال العلامة المجلسي: قوله (عليه السلام) " متعمقون ": أي ليتعمقوا فيه، أو لا يتعمقوا كثيرا بأفكارهم بل يقتصروا في معرفته سبحانه علي ما بين لهم، أو يكون لهم معيارا يعرضون أفكارهم عليها، فلا يزلوا ولا يخطئوا، والأوسط أظهر. مرآة العقول 1: 320.

قوله * (عليم بذات الصدور) * (1) فمن رام وراء ذلك فقد هلك " (2).

15 - وروي الحسن بن سليمان بن خالد القمي عنهم (عليهم السلام) أنهم قالوا: " نجا المسلمون وهلك المتكلمون " (3). والأحاديث في هذا المعني أيضا كثيرة.

الخامسة: في وجوب الرجوع في جميع الأحكام إلي أهل العصمة (عليهم السلام).

16 - روي الكليني - في باب الضلال - عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن هاشم صاحب البريد، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " أما والله إنه شر عليكم أن تقولوا بشئ ما لم تسمعوه منا " (4).

17 - وفي " باب من مات وليس له إمام " عن بعض أصحابنا عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن مالك بن عامر، عن المفضل بن زائدة، عن المفضل بن عمر، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " من دان (5) بغير سماع عن صادق ألزمه الله التيه (6) إلي العناء، ومن ادعي سماعا من غير الباب الذي فتحه الله تعالي فهو مشرك، وذلك الباب المأمون علي سر الله المكنون " (7).

أقول: والأحاديث في ذلك أكثر من أن تحصي، وأوفر من أن تستقصي، قد

ص :47


1- 1 - سورة الحديد 57: 6.
2- 2 - الكافي 1: 91 / 3.
3- 3 - مختصر البصائر: 221 / 212 و 222 / 213، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في موردين وفيهما: يهلك أصحاب الكلام وينجو المسلمون.
4- 4 - الكافي 2: 402 / ذيل حديث 1.
5- 5 - في المصدر زيادة: الله. ودان بمعني أطاع. لسان العرب 13: 170 - دين.
6- 6 - في المصدر: البتة.
7- 7 - الكافي 1: 377 / 4.

تجاوزت حد التواتر بمراتب، والأدلة العقلية والنقلية علي ذلك كثيرة.

السادسة: في وجوب العمل بما لا يحتمل التقية من الأحاديث وترك ما عارضه إذا وافق التقية.

18 - روي الكليني - في باب اختلاف الحديث - عن محمد بن يحيي، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عيسي، عن صفوان بن يحيي، عن داود بن الحصين، عن عمر بن حنظلة (1)، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث طويل أنه قال له:

فإن كان الخبران مشهورين عندكم، قد رواهما الثقات عنكم؟ قال: " ينظر، فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنة وخالف العامة فيؤخذ به، ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنة ووافق العامة ".

قلت: أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنة، ووجدنا أحد الخبرين موافقا للعامة والآخر مخالفا لهم؟ قال: " ما خالف العامة ففيه الرشاد " (2) الحديث.

19 - وروي الشيخ الجليل محمد بن أبي جمهور الإحسائي في كتاب " غوالي اللئالي " قال: روي العلامة مرفوعا عن زرارة قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) فقلت:

يأتينا عنكم حديثان متعارضان - إلي أن قال -: " انظر ما وافق منهما العامة فاتركه، وخذ بما خالفهم، فإن الحق فيما خالفهم " (3) الحديث.

أقول: والأحاديث في ذلك كثيرة جدا، وقد روي ما يدل علي جواز الأخذ

ص :48


1- 1 - هو العجلي البكري الكوفي، يكني أبا صخر، عده البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الباقر والصادق (عليهما السلام). رجال البرقي: 11 و 17، رجال الطوسي: 131 / 64 و 251 / 451.
2- 2 - الكافي 1: 68 / ذيل حديث 10.
3- 3 - غوالي اللئالي 4: 133 / 229.

بالحديث الذي ورد من باب التقية، ولكن ذلك غير صريح في وجود المعارض فيحمل علي عدم وجود معارض له، أو علي عدم العلم بكونه من باب التقية، لعدم الإطلاع علي اعتقاد العامة فيه، فيعمل بالمرجحات الباقية.

إذا تقرر هذا فاعلم أن أحاديث الرجعة لا توافق العامة بوجه فيجب العمل بها، ولا يظهر لها معارض صريح أصلا، وعلي تقدير وجوده يجب حمله علي التقية قطعا كما أشار إليه ابن بابويه.

السابعة: في وجوب الرجوع في جميع الأحكام إلي رواة الحديث فيما رووه عنهم (عليهم السلام).

20 - روي رئيس المحدثين ابن بابويه في كتاب " كمال الدين وتمام النعمة " ورئيس الطائفة الشيخ الطوسي " في كتاب الغيبة " وأمين الدين أبو منصور الطبرسي " في كتاب الاحتجاج " بأسانيدهم الصحيحة عن مولانا صاحب الزمان (عليه السلام) أنه كتب في جواب مسائل إسحاق بن يعقوب " وأما الحوادث الواقعة فارجعوا إلي رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله " (1).

أقول: والأحاديث الدالة علي وجوب الرجوع إلي رواة أحاديثهم (عليهم السلام) عموما وخصوصا كثيرة جدا لا تحصي، ويكفي الإشارة إليها. ومن جملتها:

21 - ما رواه الكليني - في باب اختلاف الحديث - بالإسناد السابق عن عمر بن حنظلة قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث، فتحاكما إلي السلطان أو إلي القضاة أيحل ذلك؟ فقال: " من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلي الطاغوت، وما يحكم له فإنما يأخذ سحتا، وإن كان حقا ثابتا - إلي أن قال -: ينظران إلي من كان منكم ممن قد روي

ص :49


1- 1 - كمال الدين: 484 / ضمن حديث 4، الغيبة للطوسي: 291 / ضمن حديث 247، الاحتجاج 2: 543 / ضمن حديث 344.

حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا، فليرضوا به حكما، فإني قد جعلته عليكم حاكما، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنما استخف بحكم الله وعلينا رد، والراد علينا راد علي الله، وهو علي حد الشرك بالله " (1).

22 - وروي ابن بابويه في " الأمالي " - في المجلس الرابع والثلاثين - عن الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن محمد بن أحمد بن يحيي بن عمران الأشعري، عن محمد بن علي، عن عيسي بن عبد الله العلوي العمري، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): اللهم ارحم خلفائي - ثلاثا - قيل:

يا رسول الله ومن خلفاؤك؟ قال: الذين يأتون بعدي، يبلغون حديثي وسنتي ثم يعلمونها أمتي " (2).

ورواه أيضا في آخر كتاب " من لا يحضره الفقيه " مرسلا (3).

23 - وقد روي الخاصة والعامة عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) أنه قال: " علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل " (4).

24 - وروي الثقة الجليل محمد بن الحسن الصفار في " بصائر الدرجات " - في باب ما يلقي إلي الأئمة (عليهم السلام) في ليلة القدر - عن عبد الله بن محمد ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن عبد الله، عن يونس، عن عمر بن يزيد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أرأيت من لم يقر بما يأتكم (5) في ليلة القدر كما

ص :50


1- 1 - الكافي 1: 67 / 10.
2- 2 - أمالي الصدوق: 247 / 4، وأورده في عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 37 / 94، وبدون ذيله في المواعظ: 133.
3- 3 - من لا يحضره الفقيه 4: 420 / 5919.
4- 4 - غوالي اللئالي 4: 77 / 67، ومن العامة العجلوني في كشف الخفاء 2: 83 / 1744، وملا علي القاري في الأسرار المرفوعة: 247 / 298، والشوكاني في الفوائد المجموعة: 286 / 47.
5- 5 - في المطبوع ونسخة " ش ": بأنكم، وما أثبتناه من المصدر هو الأنسب للسياق.

ذكرت ولم يجحده؟ قال: " أما إذا قامت عليه الحجة ممن يثق به في علمنا فلم يثق به فهو كافر، وأما من لم يسمع ذلك فهو في عذر حتي يسمع " ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): " يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين " (1).

أقول: والأحاديث في ذلك كثيرة جدا قد تجاوزت حد التواتر، وقد جمعت منها جملة في موضع آخر، وهي كما تري ليس فيها تعرض لاشتراط الملكة التي ذكرها بعض المتأخرين، ولا فيها رخصة للمذكورين في أن يعملوا بظنهم، أو يقولوا شيئا لم يثبت عندهم عن الأئمة (عليهم السلام).

إذا عرفت (2) ذلك ظهر لك صحة الرجعة، فإنها مذهب جميع رواة الحديث، وقد نقلوها عن الأئمة (عليهم السلام) كما ستعرفه إن شاء الله تعالي.

الثامنة: في وجوب عرض الحديث المشكوك فيه، والحديثين المختلفين علي

القرآن وقبول ما وافقه خاصة.

25 - روي الكليني - في باب الأخذ بالسنة وشواهد الكتاب - عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيي الحلبي، عن أيوب بن الحر (3) قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " كل شئ مردود إلي الكتاب والسنة، وكل حديث لم يوافق كتاب الله فهو زخرف " (4).

ص :51


1- 1 - بصائر الدرجات: 244 / 15.
2- 2 - في نسخة " ش ": علمت.
3- 3 - هو الجعفي الكوفي، مولي، ثقة، روي عن أبي عبد الله (عليه السلام)، يعرف بأخي أديم، عده البرقي من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام)، وزاد الشيخ عليه الإمام الكاظم (عليه السلام). انظر رجال النجاشي: 103 / 256، رجال البرقي: 29، رجال الطوسي: 150 / 161 و 343 / 14.
4- 4 - الكافي 1: 69 / 3، وأورده البرقي في المحاسن 1: 347 / 127، والعياشي في تفسيره 1: 9 / 4.

26 - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إن علي كل حق حقيقة، وعلي كل صواب نورا، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه " (1).

أقول: والأحاديث في ذلك أيضا كثيرة جدا، ويفهم من حديث آخر أن المراد عرض الحديث علي الواضحات من القرآن، أو علي الآيات التي ورد تفسيرها عنهم (عليهم السلام).

إذا عرفت ذلك فنقول: أحاديث الرجعة كلها من هذا القبيل الذي يوافق القرآن، فيجب الأخذ بها لما يأتي إن شاء الله تعالي.

التاسعة: في وجوب ترجيح الحديث الموافق لإجماع الشيعة بل الموافق للمشهور بينهم.

27 - روي الكليني - في باب اختلاف الحديث - بالإسناد السابق عن عمر بن حنظلة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث قال: " انظر إلي ما كان من روايتهم عنا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه بين أصحابك، فيؤخذ به من حكمنا، ويترك الشاذ النادر الذي ليس بمشهور عند أصحابك، فإن المجمع عليه لا ريب فيه " (2) الحديث.

أقول: والنصوص في ذلك كثيرة، إذا تقرر هذا فاعلم أن أحاديث الرجعة موافقة لإجماع الشيعة كما يأتي إن شاء الله تعالي، فتعين العمل بها.

العاشرة: في الإشارة إلي جملة من وجوه الترجيح المنصوص في محال التعارض.

إعلم أن الأحاديث في هذا المعني كثيرة جدا وتؤيدها أدلة عقلية متعددة، وأنا

ص :52


1- 1 - الكافي 1: 69 / 1.
2- 2 - الكافي 1: 68 / ضمن حديث 10، وأورده الطبرسي في الاحتجاج 2: 261 / 232.

أشير إلي الوجوه المذكورة اختصارا وهي اثنا عشر:

الأول: عدم موافقة أحد الخبرين للعامة، وموافقة الآخر لهم.

الثاني: مخالفة أشهر مذاهب العامة، وموافقة المعارض له.

الثالث: كون راوي أحدهما عدلا دون الآخر.

الرابع: كون أحد الراويين أعدل من الآخر (1).

الخامس: كون أحدهما أورع من الآخر.

السادس: موافقة أحدهما للإجماع دون معارضه.

السابع: موافقة أحدهما للمشهور بين الشيعة دون معارضه.

الثامن: كون أحد الراويين فقيها أو أفقه من الآخر.

التاسع: موافقة أحدهما للقرآن دون الآخر.

العاشر: موافقة أحدهما للسنة الثابتة دون الآخر.

الحادي عشر: كثرة رواة أحدهما بالنسبة إلي الآخر.

الثاني عشر: موافقة الاحتياط.

فهذه وجوه الترجيح المشهورة في الأحاديث وأقواها الأول عند التحقيق، ولها أحكام مفصلة في محل آخر، وأكثرها متلازمة كما يعرفه المتتبع الماهر، وإذا تأملت علمت أن أكثرها أو كلها موجودة في أحاديث الرجعة علي تقدير وجود معارض صريح لها.

الحادية عشر: في وجوب الرجوع إلي الكتب الأربعة وأمثالها من الكتب المعتمدة.

28 - روي الكليني - في باب رواية الكتب والحديث وفضل الكتابة والتمسك

ص :53


1- 1 - في نسخة " ش ": كون إحدي الروايتين أعدل من الأخري.

بالكتب - عن محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة (1) قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام):

" احتفظوا بكتبكم، فإنكم سوف تحتاجون إليها " (2).

29 - وعن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابه، عن أبي سعيد الخيبري، عن المفضل بن عمر قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): " اكتب وبث علمك في إخوانك، فإذا مت فأورث كتبك بنيك، فإنه يأتي علي الناس زمان هرج لا يأنسون فيه إلا بكتبهم " (3).

30 - وعن محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد ومحمد بن الحسين، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): يجيئني القوم فيسمعون مني حديثكم فأضجر ولا أقوي، قال: " فاقرأ عليهم من أوله حديثا، ومن وسطه حديثا، ومن آخره حديثا " (4).

31 - وعنه، عن أحمد بن عمر الحلال قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام):

الرجل من أصحابنا يعطيني الكتاب ولا يقول أروه عني، يجوز لي أن أرويه عنه؟ قال: " إذا علمت أن الكتاب له فاروه عنه " (5).

32 - وعن علي بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن أبي أيوب المدني، عن ابن

ص :54


1- 1 - هو ابن أعين الشيباني، مولي، كوفي، روي عن أبي عبد الله (عليه السلام)، ثقة ثقة، عين، لا لبس فيه ولا شك، عده البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام). انظر رجال النجاشي: 233 / 618، رجال البرقي: 23، رجال الطوسي: 240 / 266.
2- 2 - الكافي 1: 52 / 10.
3- 3 - الكافي 1: 52 / 11.
4- 4 - الكافي 1: 51 / 5.
5- 5 - الكافي 1: 52 / 6.

أبي عمير، عن حسين الأحمسي (1)، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " القلب يتكل علي الكتابة " (2).

33 - وعن الحسين بن محمد، عن معلي بن محمد، عن الوشاء، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " اكتبوا فإنكم لا تحفظون حتي تكتبوا " (3).

34 - وعن محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر، عن جميل بن دراج قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " أعربوا حديثنا فإنا قوم فصحاء " (4).

35 - وعن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن بن أبي خالد شينولة، قال: قلت لأبي جعفر الثاني (عليه السلام): إن مشايخنا رووا عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) وكانت التقية شديدة، فكتموا كتبهم فلم ترو عنهم، فلما ماتوا صارت الكتب إلينا فقال: " حدثوا بها فإنها حق " (5).

أقول: والأحاديث في ذلك كثيرة جدا قد تجاوزت حد التواتر، وقد نقل جماعة من عظماء العلماء الاجماع علي ذلك، ويستفاد بالتتبع والاستقراء أنهم كانوا يكتبون ما يسمعونه من أهل العصمة (عليهم السلام) بأمرهم، ويعرضون كل ما يشكون في صحته من حديث أو كتاب عليهم، وأنهم جمعوا أربعمائة كتاب سموها أصولا، وأجمعوا علي صحتها، فكانوا لا يعملون إلا بها، ولا يرجعون إلا إليها، وذلك بأمر

ص :55


1- 1 - هو الحسين بن عثمان الأحمسي البجلي، كوفي، ثقة، ذكره أبو العباس في رجال أبي عبد الله (عليه السلام)، وعده الشيخ من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام). انظر رجال النجاشي: 54 / 122، رجال الطوسي: 183 / 305.
2- 2 - الكافي 1: 52 / 8.
3- 3 - الكافي 1: 52 / 9.
4- 4 - الكافي 1: 52 / 13.
5- 5 - الكافي 1: 53 / 15.

الأئمة (عليهم السلام).

وأن الكتب الأربعة وأمثالها مأخوذة من تلك الأصول، فكل حديث منها مجمع علي ثبوته عن المعصوم، وكل كتاب منها متواتر عن مؤلفه، وتحقيق هذه المقدمات يظهر لمن طالع كتاب " الفوائد المدنية " وأمثاله.

وإذا عرفت ذلك ظهر لك أن أحاديث الرجعة ثابتة عن أهل العصمة (عليهم السلام)، لوجودها في الكتب الأربعة وغيرها من الكتب المعتمدة، وكثرة القرائن القطعية الدالة علي صحتها، وثبوت رواتها، وتحقيق ذلك في محل آخر، علي أنها لا تحتاج إلي شئ من القرائن لكونها قد بلغت حد التواتر، بل تجاوزت ذلك الحد، وكل حديث منها يفيد العلم مع القرائن المشار إليها، فكيف يبقي شك مع اجتماع الجميع؟!

الثانية عشر: في ذكر الكتب المعتمدة التي قد نقلت منها أدلة الرجعة وأحاديثها

ومقدماتها، ولم تحضرني جميع الكتب التي تشتمل علي الأحاديث في هذا المعني، وفيما حضر لي فيها بل في بعضها، بل في كتاب واحد منها، بل في حديث واحد كفاية لأهل التحقيق والتسليم، ولم أستوف جميع ما حضرني من الكتب، ولا نقلت جميع ما فيها، وإنما نظرت في مظان تلك الأحاديث، وكثيرا ما توجد أحاديث في غير مظانها، ومن تتبع أمكنة الزيادة علي ما نقلت من تلك الكتب، وأنا أذكر أسمائها هنا تيمنا وتبركا بها وهي:

كتاب الله القرآن الكريم.

الصحيفة الكاملة.

كتاب الكافي للكليني.

كتاب التهذيب للشيخ الطوسي.

كتاب من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق ابن بابويه.

ص :56

كتاب عيون الأخبار له.

كتاب معاني الأخبار له.

كتاب الخصال له.

كتاب كمال الدين وتمام النعمة له.

كتاب الاعتقادات له.

كتاب ثواب الأعمال وعقاب الأعمال له.

كتاب علل الشرائع والأحكام له.

كتاب الأمالي له.

كتاب التوحيد له.

كتاب المصباح الكبير للشيخ الطوسي.

كتاب المصباح الصغير له.

كتاب الغيبة له.

كتاب الأمالي لولده.

كتاب المصباح للكفعمي.

كتاب الخلاصة للعلامة.

كتاب النجاشي في الرجال.

كتاب ابن داود في الرجال.

كتاب الفهرست للشيخ في الرجال.

كتاب ميرزا محمد الاسترآبادي في الرجال.

كتاب الكشي في الرجال.

كتاب الاختيار من الكشي للشيخ في الرجال.

كتاب تفسير علي بن إبراهيم بن هاشم.

ص :57

كتاب المحاسن لأحمد بن أبي عبد الله البرقي.

كتاب المزار المسمي بكامل الزيارة للشيخ أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه.

كتاب الكفاية في النصوص علي عدد الأئمة (عليهم السلام) لمحمد بن علي الخزاز القمي.

رسالة المحكم والمتشابه للسيد المرتضي.

كتاب قصص الأنبياء للثقة الجليل سعيد بن هبة الله الراوندي.

كتاب الإرشاد في حجج الله علي العباد للشيخ المفيد.

كتاب كشف الغمة في معرفة الأئمة للشيخ أبي الحسن علي بن عيسي الأربلي.

كتاب الخرائج والجرائح للشيخ قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي.

كتاب مجمع البيان لعلوم القرآن للشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي.

كتاب بصائر الدرجات لمحمد بن الحسن الصفار.

كتاب قرب الإسناد لعبد الله بن جعفر الحميري.

كتاب مشارق أنوار اليقين في حقائق أسرار أمير المؤمنين (عليه السلام) للحافظ رجب البرسي.

كتاب الإحتجاج علي أهل اللجاج للشيخ أبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي.

كتاب الصراط المستقيم إلي مستحقي التقديم للشيخ زين الدين علي بن يونس العاملي.

كتاب جامع الأخبار للشيخ حسن بن الشيخ أبي علي الطبرسي.

كتاب الملهوف علي قتلي الطفوف للسيد رضي الدين علي بن طاووس.

كتاب مهج الدعوات له.

ص :58

كتاب كشف المحجة لثمرة المهجة له.

كتاب إرشاد القلوب إلي الصواب للشيخ أبي محمد الحسن بن محمد الديلمي.

كتاب مسكن الفؤاد للشيخ زين الدين علي بن أحمد العاملي.

كتاب إعلام الوري للشيخ أبي علي الطبرسي.

كتاب نهج البلاغة للسيد الرضي محمد بن الحسين الموسوي.

كتاب سليم بن قيس الهلالي.

رسالة للشيخ الجليل الحسن بن سليمان بن خالد القمي.

أقول: وهنا كتب أخري لم تحضرني وقت جمع هذه الأحاديث، لكن نقل منها أصحاب الكتب السابقة منها:

كتاب القائم للفضل بن شاذان.

كتاب الدلائل لعبد الله بن جعفر الحميري.

كتاب تفسير العياشي.

كتاب العيون والمحاسن للشيخ المفيد.

كتاب دلائل النبوة.

كتاب بصائر الدرجات لسعد بن عبد الله.

كتاب تفسير النعماني.

كتاب الواحدة للحسن بن محمد بن جمهور.

كتاب التنزيل للسياري.

كتاب الفصول للمفيد.

كتاب مختصر البصائر.

كتاب كنز الفوائد للشيخ أبي الفتح الكراجكي.

كتاب المزار للشهيد.

ص :59

كتاب المزار للمفيد.

كتبا المزار لابن طاووس.

رسالة لسعد بن عبد الله في أنواع آيات القرآن.

كتاب تأويل ما نزل من القرآن في محمد وآله (صلي الله عليه وآله)، لمحمد بن العباس بن مروان الثقة.

كتاب الغيبة للنعماني.

كتاب زوائد الفوائد.

كتاب الخطب.

كتاب المناقب.

كتاب المشيخة.

وغير ذلك من الكتب التي تأتي إن شاء الله تعالي.

ص :60

الباب الثاني: في الإشارة إلي الاستدلال علي صحة الرجعة وإمكانها ووقوعها

اشارة

إعلم أن الرجعة هنا في الحياة بعد الموت قبل القيامة، وهو الذي يتبادر من معناها، وصرح به العلماء هنا كما يأتي، ويفهم من مواقع استعمالها، ووقع التصريح به في أحاديثها، كما تطلع عليه فيما بعد، وقد صرح بذلك أيضا علماء اللغة، قال الجوهري في " الصحاح ": وفلان يؤمن بالرجعة أي بالرجوع إلي الدنيا بعد الموت (1).

وقال أيضا: الكر: الرجوع، يقال: كره وكر بنفسه يتعدي ولا يتعدي (2). انتهي.

وقال صاحب القاموس أيضا: ويؤمن بالرجعة أي بالرجوع إلي الدنيا بعد الموت (3)، انتهي.

فعلم أن هذا معناها الحقيقي، فلا يجوز العدول عنه في موضع لا قرينة فيه، والذي يدل علي صحتها وجوه اثني عشر:

الأول: الدليل الذي استدلوا به علي صحة المعاد بأنه ممكن وقد أخبر الصادق

ص :61


1- 1 - الصحاح 3: 1216 - رجع.
2- 2 - الصحاح 2: 805 - كرر.
3- 3 - القاموس المحيط 3: 36 - رجع.

به، فيكون حقا.

أما الأولي فظاهرة فإن ذلك قد وقع مرارا كثيرة، والوقوع دليل الإمكان.

وأما الثانية فمتواترة، ويأتي تحقيق الوقوع والإخبار المشار إليه إن شاء الله تعالي، وإنه قد حصلت الحياة بعد الموت لجماعة من الرعية ومن الأنبياء والأوصياء أيضا، بل استقامة هذا الدليل في إثبات الرجعة أوضح من استقامته في إثبات المعاد، لأن أمر المعاد أعظم، وأحواله أعجب وأغرب، ولم يقع مثله قط، بخلاف الرجعة، وفي الكتاب والسنة إشارات إلي هذا الدليل، ورد عظيم علي من ينكر إحياء الموتي، واعلم أن هذا الدليل شامل للأدلة الآتية أو أكثرها، فهو كالاجمال وما بعده كالتفصيل.

الثاني: الآيات الكثيرة القرآنية الدالة علي ذلك إما نصا صريحا، أو بمعونة

الأحاديث المعتمدة الواردة في تفسيرها، ويأتي جملة منها إن شاء الله تعالي.

الثالث: الأحاديث الكثيرة المتواترة عن النبي والأئمة (عليهم السلام) المروية في

الكتب المعتمدة التي هي صريحة أكثرها لا مجال إلي تأويله بوجه، فلا معني لتأويل الباقي، ولو جاز ذلك لجاز تأويل الأحاديث كلها، حتي النصوص علي الأئمة (عليهم السلام)، فإن أكثرها قابل للتأويل، لكن ذلك لا يجوز للنص والإجماع علي وجوب الحمل علي الحقيقة، وعدم جواز العدول عن الظاهر ما دام ممكنا.

وإذا تأملت أحاديث الرجعة وجدتها لا تقصر عن أحاديث النص علي واحد من الأئمة (عليهم السلام) كالرضا (عليه السلام) مثلا، وإن شئت فقابل بين النصوص الموجودة في عيون الأخبار، وبين ما جمعناه من أحاديث الرجعة، وارجع إلي الانصاف، مع أنا لا ندعي الإحاطة بها، ولعل ما لم نطلع عليه في هذا الوقت من أحاديث الرجعة أكثر مما اطلعنا عليه.

وقد رأيت أيضا أحاديث كثيرة في الرجعة غير ما جمعته في هذه الرسالة ولم

ص :62

أنقلها، لأن مؤلف ذلك الكتاب غير مشهور، ولا معلوم الحال، ورأيت رسائل في الرجعة لبعض المتأخرين تشتمل علي أحاديث غير ما أوردته، ولم أنقلها أيضا لاشتمالها علي أمور مستبعدة ينكرها أكثر الناس في بادئ الأمر، مع أنها لا تخرج عن قدرة الله، لكن الإقرار بها صعب علي الناظر فيها، وتحتمل الحمل علي المبالغة إذا ثبت ما يعارضها.

وفي الأحاديث التي أوردناها بل في بعضها كفاية إن شاء الله تعالي، وقد قسمناها أقساما كل قسم منها في باب، فإذا نظرت إلي مجموعها لا يبقي عندك شك ولا ريب وهي نصوص صريحة وأحاديث خاصة، فهي مقدمة علي العمومات والظواهر علي تقدير معارضتها، فإنه يجب تخصيص العام والعمل بالخاص قطعا، بل ليس هنا تعارض حقيقي كما يأتي بيانه إن شاء الله.

ولا ريب في بلوغ الأحاديث المذكورة حد التواتر المعنوي بدليل إيجابها لليقين، لكل من خلا قلبه من شبهة أو تقليد، وبدليل جزم العقل، وباستحالة تواطؤ جميع رواتها علي الكذب، وبدليل الاستقراء والتتبع للأخبار التي يذكرون أنها متواترة معني كأخبار كرم حاتم مثلا، فإنا نجزم بأن أحاديث الرجعة أكثر منها بكثير، بل من أخبار النصوص علي كل واحد من الأئمة (عليهم السلام) كما ذكرنا.

ومن المعلوم من حال السلف عند التتبع أنهم كانوا يعتمدون في النص علي تعيين الإمام علي خبر واحد محفوف بقرائن قطعية توجب العلم من حال ناقله، وغير ذلك أو علي أخبار يسيرة، فإن حصول اليقين غير منحصر في طريق التواتر.

ومما يدل علي ذلك قصة زرارة وإرساله ولده ليأتيه بخبر النص علي الكاظم (عليه السلام)، أو بخبر دعواه الإمامة وإظهاره للمعجز، وأي نسبة لذلك إلي أحاديث الرجعة.

الرابع: إجماع جميع الشيعة الإمامية، وإطباق الطائفة الاثني عشرية علي

ص :63

اعتقاد صحة الرجعة، فلا يظهر منهم مخالف يعتد به من العلماء السابقين ولا اللاحقين، وقد علم دخول المعصوم في هذا الاجماع بورود الأحاديث المتواترة عن النبي والأئمة (عليهم السلام)، الدالة علي اعتقادهم بصحة الرجعة، حتي أنه قد ورد ذلك عن صاحب الزمان محمد بن الحسن المهدي (عليه السلام) في التوقيعات الواردة عنه وغيرها، مع قلة ما ورد عنه في مثل ذلك بالنسبة إلي ما ورد عن آبائه (عليهم السلام).

وممن صرح بثبوت الاجماع هنا ونقله الشيخ الجليل أمين الدين أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي في كتاب " مجمع البيان لعلوم القرآن " في تفسير قوله تعالي * (ويوم نحشر من كل أمة فوجا) * (1) حيث قال: استدل بهذه الآية علي صحة الرجعة من ذهب إلي ذلك من الإمامية بأن دخول " من " في الكلام يفيد التبعيض، فدل علي أن المشار إليه في الآية يوم يحشر فيه قوم دون قوم، وليس ذلك صفة القيامة الذي يقول الله فيه * (وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا) * (2).

وقد تظاهرت الأخبار عن أئمة الهدي من آل محمد (عليهم السلام)، أن الله سيعيد عند قيام المهدي (عليه السلام) قوما ممن تقدم موتهم من أوليائه وشيعته، ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته، ويبتهجوا بظهور دولته، ويعيد أيضا قوما من أعدائه، لينتقم منهم وينالوا ما يستحقونه من العقاب في الدنيا، من القتل علي أيدي شيعته، أو الذل والخزي بما يرون من علو كلمته، ولا يشك عاقل أن هذا مقدور لله تعالي غير مستحيل في نفسه، وقد فعل الله ذلك في الأمم الخالية، ونطق القرآن بذلك في عدة مواضع، مثل قصة عزير وغيره علي ما فسرناه في موضعه.

ص :64


1- 1 - سورة النمل 27: 83.
2- 2 - سورة الكهف 18: 47.

وصح عن النبي (صلي الله عليه وآله) أنه قال: " سيكون في أمتي كل ما كان في الأمم السابقة (1) حذو النعل بالنعل، والقذة بالقذة حتي لو أن أحدهم دخل في جحر ضب لدخلتموه " أن جماعة من الإمامية تأولوا ما ورد من الأخبار في الرجعة علي رجوع الدولة والأمر والنهي، دون رجوع الأشخاص وإحياء الأموات، وأولوا الأحاديث الواردة في ذلك، كما ظنوا أن الرجعة تنافي التكليف، وليس كذلك، لأنه ليس فيها ما يلجئ إلي فعل الواجب والامتناع من القبيح.

والتكليف يصح معها كما يصح مع ظهور المعجزات الباهرة والآيات القاهرة، كفلق البحر، وقلب العصا ثعبانا وما أشبه ذلك، ولأن الرجعة لم تثبت بظواهر الأخبار المنقولة فيتطرق إليها التأويل عليها، وإنما المعول في ذلك علي إجماع الشيعة الإمامية وإن كانت الأخبار تؤيده وتعضده (2) انتهي.

ولا يخفي أن قوله في أول الكلام " من الإمامية " ينبغي أن لا تكون فيه " من " تبعيضية، بل هي بيانية، بدلالة التصريح في آخر الكلام بالإجماع من جميع الشيعة الإمامية، وإلا لزم تناقض الكلام ولم يعتبر من تأول الأخبار، إما لكونهم معلومي النسب فلا يقدح خلافهم في الاجماع، أو كونهم شذاذا لا يعتبر قولهم أصلا أو للعلم بدخول المعصوم في أقوال الباقين.

أو لكونهم من أهل التأويل الذين أولوا أكثر الشريعة، أو علما منه بأنهم أظهروا ذلك مراعاة للتقية، أو لأنهم تأولوا بعض الأخبار، ولم يصرحوا بالإنكار ونفي الرجعة، لأن أكثرها لا سبيل إلي تأويله بوجه، وقد أشار إلي ذلك بقوله: إن الرجعة

ص :65


1- 1 - في المصدر: في بني إسرائيل.
2- 2 - مجمع البيان 7: 430 - 431.

لم تثبت بظواهر الأخبار، فيتطرق لها التأويل (1).

ثم إن العلم بدخول المعصوم بالأحاديث الصريحة يوجب حجية الاجماع، ونقل مثل الطبرسي حجة في مثل هذا، وسيأتي نقله: أن العترة الطاهرة أجمعت عليه فكيف إذا انضم إليه غيره.

وقال أيضا في " مجمع البيان " في تفسير قوله تعالي * (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضي لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا) * (2).

روي العياشي عن علي بن الحسين (عليه السلام) أنه قال: " هم والله أهل البيت يفعل الله ذلك بهم علي يدي رجل منا وهو مهدي هذه الأمة ". وروي مثل ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام).

قال الطبرسي: فعلي هذا يكون المراد ب * (الذين آمنوا وعملوا الصالحات) * النبي وأهل بيته صلوات الرحمن عليهم، وتضمنت الآية البشارة لهم بالاستخلاف والتمكين في البلاد، وارتفاع الخوف عنهم عند قيام المهدي، ويكون المراد بقوله * (كما استخلف الذين من قبلهم) * أن جعل الصالح للخلافة خليفة مثل آدم وداود وسليمان (عليهم السلام)، ومما يدل علي ذلك قوله تعالي * (إني جاعل في الأرض خليفة) * (3) و * (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض) * (4) وغير ذلك.

ص :66


1- 1 - في المطبوع زيادة: ويمكن سبق تحقيق الاجماع علي من اختار التأويل أو انعقاده بعد (منه رحمه الله). ولم ترد العبارة في نسخة " ش ".
2- 2 - سورة النور 24: 55.
3- 3 - سورة البقرة 2: 30.
4- 4 - سورة ص 38: 26.

قال الطبرسي: وعلي هذا إجماع العترة الطاهرة، وإجماعهم حجة لقوله (عليه السلام):

" إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي " وأيضا فإن التمكين في الأرض علي الإطلاق لم يتفق فيما مضي، فهو مرتقب (1) لأن الله عز اسمه لا يخلف وعده (2) " انتهي ".

وهذا أوضح تصريحا في نقل الاجماع علي رجعة النبي والأئمة (عليهم السلام)، ويظهر ذلك من ملاحظة ضمائر الجمع في الآية وفي كلام الطبرسي، ومن لفظ الاستخلاف والتمكين وزوال الخوف والعبادة، وما هو معلوم من وجوب الحمل علي التقية (3)، ولو حملناه علي مجرد خروج المهدي (عليه السلام) لزم حمل الجميع علي المجاز والتأويل البعيد من غير ضرورة ولا قرينة، ولما صدقت المشابهة بين الاستخلافين، وكيف يشبه ملك الميت الذي ملك وأحد من أولاد أولاده بملك سليمان؟ علي أنه لو كان مراده تمكين أهل البيت مجازا بمعني خروج المهدي من غير رجعتهم، لما كان لتخصيص الاجماع بالعترة وجه، لأن ذلك إجماع من جميع الأمة وهو ظاهر، والأحاديث الصريحة الآتية لا يبقي معها شك.

وقد قال الشيخ الجليل رئيس المحدثين عمدة الإخباريين أبو جعفر ابن بابويه في كتاب " الاعتقادات " - باب الاعتقاد في الرجعة - قال الشيخ أبو جعفر:

إعتقادنا - يعني معشر الإمامية - في الرجعة أنها حق، وقد قال الله تعالي * (ألم تر إلي الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم) * (4) وهؤلاء كانوا سبعين ألف بيت، فماتوا جميعا - وذكر قصتهم إلي أن

ص :67


1- 1 - في المجمع: منتظر.
2- 2 - مجمع البيان 7: 285 - 286.
3- 3 - في نسخة " ش ": الحقيقة.
4- 4 - سورة البقرة 2: 243.

قال -: ثم أحياهم وبعثهم ورجعوا إلي الدنيا، ثم ماتوا بآجالهم، وقد قال الله تعالي * (أو كالذي مر علي قرية وهي خاوية علي عروشها قال أني يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه) * (1) فهذا مات مائة عام، ثم رجع إلي الدنيا وبقي فيها ثم مات بأجله وهو عزير - وروي أنه أرميا (عليه السلام) -.

وقال تعالي في قصة السبعين المختارين من قوم موسي فماتوا * (ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون) * (2) وقد قال الله تعالي لعيسي (عليه السلام) * (وإذ تخرج الموتي بإذني) * (3) فجميع الموتي الذين أحياهم الله لعيسي (عليه السلام) رجعوا إلي الدنيا وبقوا فيها، ثم ماتوا بآجالهم، وأصحاب الكهف لبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنة وازدادوا تسعا ثم بعثهم الله فرجعوا إلي الدنيا، وقصتهم معروفة.

فإن قال قائل (4): * (وتحسبهم أيقاظا وهم رقود) * (5).

قيل له: إنهم كانوا موتي وقد قال الله * (من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون) * (6) وإن كانوا قالوا ذلك فإنهم كانوا موتي، ومثل هذا كثير.

فقد صح أن الرجعة كانت في الأمم السالفة، وقد قال النبي (صلي الله عليه وآله): " يكون في هذه الأمة كل ما كان في الأمم السالفة حذو النعل بالنعل، والقذة بالقذة " فيجب علي هذا الأصل أن يكون في هذه الأمة رجعة.

وقد نقل مخالفونا أنه إذا خرج المهدي (عليه السلام) نزل عيسي بن مريم فصلي خلفه،

ص :68


1- 1 - سورة البقرة 2: 259.
2- 2 - سورة البقرة 2: 56.
3- 3 - سورة المائدة 5: 110.
4- 4 - في المصدر زيادة: إن الله عز وجل قال.
5- 5 - سورة الكهف 18: 18.
6- 6 - سورة يس 36: 52.

ونزوله ورجوعه إلي الدنيا بعد موته، لأن الله تعالي قال * (إني متوفيك ورافعك إلي) * (1) وقال الله عز وجل * (ويوم نحشر من كل أمة فوجا) * (2) فاليوم الذي يحشر فيه الجميع غير اليوم الذي يحشر فيه الفوج.

وقال تعالي: * (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلي وعدا عليه حقا) * (3) وذلك في الرجعة لأنه عقبه بقوله * (ليبين لهم الذي يختلفون فيه) * (4) والتبين إنما يكون في الدنيا لا في القيامة.

وسأجرد كتابا في الرجعة أذكر فيه كيفيتها، والأدلة علي صحة كونها إن شاء الله تعالي.

والقول بالتناسخ باطل، ومن قال بالتناسخ فهو كافر، لأن التناسخ إبطال الجنة والنار (5). انتهي كلام ابن بابويه.

وقد صرح في أول الكتاب بأن ما فيه إعتقاد الإمامية، وذكره في أول باب وأحال الباقي عليه، وهذا يدل علي الاجماع من جميع الشيعة.

ومما يدل علي ثبوت الاجماع اتفاقهم علي رواية أحاديث الرجعة حتي أنه لا يكاد يخلو منها كتاب من كتب الشيعة، ولا تراهم يضعفون حديثا واحدا منها، ولا يتعرضون لتأويل شئ منها، فعلم أنهم يعتقدون مضمونها، لأنهم يضعفون كل حديث يخالف اعتقادهم، أو يصرحون بتأويله وصرفه عن ظاهره، وهذا معلوم بالتتبع لكتبهم.

ص :69


1- 1 - سورة آل عمران 3: 55.
2- 2 - سورة النمل 27: 83.
3- 3 - سورة النحل 16: 38.
4- 4 - سورة النحل 16: 39.
5- 5 - اعتقادات الصدوق: 60 - 63، ضمن مصنفات الشيخ المفيد ج 5.

وقد استدل الشيخ في التبيان (1) علي ما نقل عنه علي صحة اعتقاد الرجعة، وقد ألف بعض المتأخرين - وهو الحسن بن سليمان بن خالد القمي - رسالة في ذلك، وقال فيها ما هذا لفظه: الرجعة مما أجمع عليه علماؤنا بل جميع الإمامية، وقد نقل الاجماع منهم علي هذه المسألة الشيخ المفيد (2) والسيد المرتضي (3) وغيرهما (4) " انتهي ".

وقال صاحب كتاب الصراط المستقيم كلاما طويلا في الرجعة ظاهره نقل الاجماع أيضا، ويأتي في محله إن شاء الله، وعادته أن يبالغ في ذكر الخلاف، ولم ينقل هنا خلافا أصلا.

ويأتي ما يؤيد ثبوت الاجماع هنا أيضا إن شاء الله تعالي.

ومما يدل علي ذلك أيضا كثرة النصوص الصريحة الموجودة في الكتب الأربعة وغيرها من الكتب المعتمدة المذكورة سابقا، فإن ذلك يدل علي وجود هذه الأحاديث، بل الأحاديث الكثيرة التي تزيد علي هذا القدر في الأصول الأربعمائة التي أجمع الإمامية علي صحتها، وعرضوها علي أهل العصمة صلوات الله عليهم، فأمروا بالعمل بها، ووجود حديث واحد في تلك الأصول يدل علي أن هذا المعني مجمع علي صحته وثبوت نقله، لدخوله في المجمع عليه.

ومما يدل علي الاجماع علي صحة النقل أيضا هنا، أن كثرة الجماعة الذين أجمعت العصابة علي تصحيح ما يصح عنهم، وأقروا لهم بالعلم والفقه، وهم ثمانية عشر بل أكثر، قد رووا أحاديث الرجعة فظهر الاجماع علي الثبوت وصحة

ص :70


1- 1 - تفسير التبيان 1: 254 - 255.
2- 2 - أوائل المقالات: 46 / 10، ضمن مصنفات المفيد ج 4.
3- 3 - رسائل الشريف المرتضي 1: 125.
4- 4 - المحتضر: 12، بتصرف باللفظ.

الروايات.

ومما يدل علي الاجماع أيضا ما أشار إليه الشيخ في الاستبصار، من أن كل حديث لا معارض له فهو مجمع عليه وعلي صحة نقله، ومعلوم أن أحاديث الرجعة لم ينقلوا لها معارضا صريحا علي ما يظهر (1).

ومما يدل علي ذلك كثرة المصنفين الذين رووا أحاديث الرجعة في مصنفات خاصة بها أو شاملة لها، وقد عرفت من أسماء الكتب التي نقلنا منها ما يزيد علي سبعين كتابا قد صنفها عظماء علماء الإمامية، كثقة الاسلام الكليني، ورئيس المحدثين ابن بابويه، ورئيس الطائفة أبي جعفر الطوسي، والسيد المرتضي، والنجاشي، والكشي، والعياشي.

وعلي بن إبراهيم، وسليم الهلالي، والشيخ المفيد، والكراجكي، والنعماني، والصفار، وسعد بن عبد الله، وابن قولويه، وعلي (2) بن عبد الحميد، والسيد علي بن طاووس، وولده، ومحمد بن علي بن إبراهيم، وسعيد بن هبة الله الراوندي، وفرات بن إبراهيم، والسياري، وأبي علي الطبرسي، وولده، وأبي منصور الطبرسي، وإبراهيم بن محمد الثقفي، ومحمد بن العباس بن مروان، والبرقي، وابن شهرآشوب، والحسن بن سليمان، والعلامة.

وعلي بن عبد الكريم، وأحمد بن داود، والحسن بن علي بن أبي حمزة، والشهيد الأول، والشهيد الثاني، والحسين بن حمدان، والحسن بن محمد بن جمهور، والحسن بن محبوب، وجعفر بن محمد بن مالك، وظهير بن عبد الله، وشاذان بن جبرئيل، وأبي علي الطوسي، وميرزا محمد الاسترآبادي، ومحمد بن

ص :71


1- 1 - الاستبصار 1: 4، أقسام الحديث ومحامله.
2- 2 - في نسخة " ش ": عبد الله، بدل: علي.

علي الخزاز القمي.

وعلي بن عيسي الأربلي، وعبد الله بن جعفر الحميري، والحافظ رجب البرسي، وعلي بن يونس العاملي، والحسن بن محمد الديلمي، والسيد الرضي، وغيرهم فقد صرحوا بصحة الرجعة ونقلوا أحاديثها كما ستعرفه إن شاء الله تعالي، وقد نقل جماعة منهم الاجماع علي ذلك ولم يظهر له مخالف وتقدم بعض عباراتهم.

وقد قال الشيخ المفيد في أجوبة المسائل العكبرية حين سئل عن قوله تعالي * (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد) * (1) فأجاب بوجوه فقال: وقد قالت الإمامية: إن الله تعالي ينجز الوعد بالنصر للأولياء قبل الآخرة عند قيام القائم، والكرة التي وعد بها المؤمنون (2) في العاقبة (3).

وروي المفيد في كتاب " الفصول " عن الحارث بن عبد الله (4) أنه قال: كنت جالسا في مجلس المنصور - وهو بالجسر الأكبر - وسوار القاضي عنده، والسيد الحميري ينشده:

إن الإله الذي لا شئ يشبهه * آتاكم الملك للدنيا وللدين آتاكم الله ملكا لا زوال له * حتي يقاد إليكم صاحب الصين وصاحب الهند مأخوذ برمته * وصاحب الترك محبوس علي هون حتي أتي علي القصيدة والمنصور مسرور، فقال سوار: والله إن هذا يعطيك بلسانه ما ليس في قلبه - إلي أن قال -: وإنه ليقول بالرجعة، ويتناول الشيخين

ص :72


1- 1 - سورة غافر 40: 51.
2- 2 - في المصدر زيادة: وهذا لا يمنع من تمام الظلم عليهم حينا مع النصر لهم.
3- 3 - المسائل العكبرية: 74. ضمن مصنفات المفيد ج 6.
4- 4 - في الفصول: الحارث بن عبيد الله الربعي.

بالسب والوقيعة.

فقال السيد: أما قوله: إني أقول بالرجعة، فإني أقول بذلك علي ما قال الله تعالي * (ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون) * (1) وقال في موضع آخر * (وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا) * (2) فعلمنا أن هاهنا حشرين:

أحدهما عام والآخر خاص، وقال سبحانه * (ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا) * (3) وقال تعالي * (فأماته الله مائة عام ثم بعثه) * (4) وقال تعالي * (ألم تر إلي الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم) * (5) فهذا كتاب الله وقد قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): " يحشر المتكبرون (6) في صورة الذر يوم القيامة ".

وقال (صلي الله عليه وآله): " لم يجر في بني إسرائيل شئ إلا ويكون في أمتي مثله، حتي الخسف والمسخ والقذف "، وقال حذيفة: ما أبعد أن يمسخ الله كثيرا من هذه الأمة قردة وخنازير.

فالرجعة التي أذهب إليها هي (7) ما نطق به القرآن وجاءت به السنة، وإني لأعتقد أن الله يرد هذا - يعني سوارا - إلي الدنيا كلبا أو قردا أو خنزيرا أو ذرة، فإنه والله متكبر متجبر كافر، فضحك المنصور وأنشأ السيد يقول:

ص :73


1- 1 - سورة النمل 27: 83.
2- 2 - سورة الكهف 18: 47.
3- 3 - سورة غافر 40: 11.
4- 4 - سورة البقرة 2: 259.
5- 5 - سورة البقرة 2: 243.
6- 6 - في نسخة " ش ": المنكرون.
7- 7 - " هي " أثبتناها من المصدر.

جاثيت سوارا بأشماله * عند الإمام الحاكم العادل إلي آخر الأبيات (1).

وقال المفيد أيضا في الكتاب المذكور: سأل بعض المعتزلة شيخا من أصحابنا - الإمامية - وأنا حاضر في مجلس فيهم جماعة كثيرة من أهل النظر والمتفقهة فقال:

إذا كان من قولك إن الله يرد الأموات إلي دار الدنيا قبل الآخرة عند قيام القائم ليشفي المؤمنين كما زعمتم من الكافرين، وينتقم لهم منهم كما فعل من بني إسرائيل، حيث يتعلقون بقوله تعالي * (ثم رددنا لكم الكرة عليهم) * (2) فما الذي يؤمنك أن يتوب يزيد وشمر وابن ملجم ويرجعوا عن كفرهم (3)، فيجب عليك ولايتهم والقطع بالثواب لهم؟ وهذا خلاف مذهب الشيعة.

فقال الشيخ المسؤول: القول بالرجعة إنما قلته من طريق التوقيف، وليس للنظر فيه مجال، وأنا لا أجيب عن هذا السؤال، لأنه لا نص عندي فيه، ولا يجوز لي أن أتكلف - من غير جهة النص - الجواب، فشنع السائل وجماعة المعتزلة عليه بالعجز والانقطاع.

قال الشيخ أيده الله: فأقول أنا أرد عن هذا السؤال جوابين:

أحدهما: إن العقل لا يمنع من وقوع الإيمان ممن ذكره السائل، لأنه يكون آنذاك قادرا عليه ومتمكنا منه، لكن السمع الوارد عن أئمة الهدي (عليهم السلام) بالقطع عليهم بالخلود في النار، والتدين بلعنهم والبراءة منهم إلي آخر الزمان منع من الشك في حالهم، وأوجب القطع علي سوء اختيارهم، فجروا في هذا الباب

ص :74


1- 1 - الفصول المختارة: 93 - 95، ضمن مصنفات المفيد ج 2.
2- 2 - سورة الإسراء 17: 6.
3- 3 - في المصدر زيادة: وضلالهم ويصيروا في تلك الحال إلي طاعة الإمام (عليه السلام).

مجري فرعون وهامان وقارون، ومجري من قطع الله علي خلوده في النار.

ودل القطع علي أنهم لا يختارون الإيمان ممن قال الله * (ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتي وحشرنا عليهم كل شئ قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله) * (1) يريد إلا أن يلجئهم الله، والذين قال الله تعالي فيهم * (ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون) * (2) وقال الله تعالي لإبليس * (لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين) * (3) وقال * (وإن عليك لعنتي إلي يوم الدين) * (4) وقال * (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه) * (5) وقال * (سيصلي نارا ذات لهب) * (4) فقطع عليه بالنار وأمن من انتقاله إلي ما يوجب له الثواب، وإذا كان الأمر علي ما وصفناه بطل ما توهموه.

والجواب الآخر: إن الله سبحانه إذا رد الكافرين في الرجعة لينتقم منهم لم تقبل لهم توبة، وجروا في ذلك مجري فرعون لما أدركه الغرق * (قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين) * (5) قال سبحانه له * (الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين) * (8) فرد الله عليه إيمانه ولم ينفعه في تلك الحال ندمه وإقلاعه، وكأهل الآخرة الذين لا يقبل الله لهم توبة ولا ينفعهم ندم، لأنهم كالملجئين إلي ذلك الفعل، ولأن الحكمة تمنع من قبول التوبة أبدا، وتوجب اختصاصها ببعض الأوقات.

وهذا هو الجواب الصحيح علي مذهب الإمامية، وقد جاءت به آثار متظافرة

ص :75


1- 1 - سورة الأنعام 6: 111.
2- 2 - سورة الأنفال 8: 23.
3- 3 و 4 - سورة ص 38: 85 و 78. 5 - سورة الأنعام 6: 28.
4- 6 - سورة المسد 111: 3.
5- 7 و 8 - سورة يونس 10: 90 و 91.

عن آل محمد (عليهم السلام) فروي عنهم في قوله تعالي * (يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا قل انتظروا إنا منتظرون) * (1) فقالوا: " إن هذه الآية هو القائم (عليه السلام)، فإذا ظهر لم تقبل توبة المخالف " وهذا يبطل ما اعتمده السائل.

(فإن قيل: فيكون الله) (2) قد أغري عباده بالعصيان، وأباحهم الهرج والمرج والطغيان، لأنهم إذا كانوا يقدرون علي الكفر وأنواع الضلال وقد يئسوا من قبول التوبة، لم يدعهم داع إلي الكف عما في طباعهم، ولا انزجروا عن فعل قبيح (3)، ومن وصف الله بإغراء خلقه بالمعاصي فقد أعظم الفرية عليه.

قيل لهم: ليس الأمر علي ما ظننتموه، وذلك أن الدواعي لهم إلي المعاصي تكون مرتفعة إذ ذاك (4)، لأنهم علموا بما سلف لهم من العذاب إلي وقت الرجعة، علي خلاف أئمتهم، ويعلمون في الحال أنهم معذبون علي ما سبق لهم من العصيان، وأنهم إن راموا فعل قبيح تزايد عليهم العقاب في الحال، وإن لزمنا هذا السؤال لزم جميع أهل الاسلام مثله في أهل الآخرة، وإبطال توبتهم، فما أجابوا به فهو جوابنا.

فإن قيل علي الجواب الأول: كيف يتوهم من القوم الإقامة علي العناد، وقد عاينوا العقاب في القبور وحل بهم عند الرجعة العذاب، وكيف يصح أن تدعوهم

ص :76


1- 1 - سورة الأنعام 6: 158.
2- 2 - في المصدر: سؤال: فإن قالوا في هذا الجواب: ما أنكرتم أن يكون الله سبحانه علي ما أصلتموه. بدل ما بين القوسين.
3- 3 - في المصدر زيادة: يصلون به إلي النفع العاجل.
4- 4 - في المصدر زيادة: ولا يحصل لهم داع إلي قبيح علي وجه من الوجوه ولا سبب من الأسباب.

الدواعي إلي ذلك؟ قيل: يصح ذلك لأن جميع ما عددتموه لا يمنع من دخول الشبهة عليهم في استحسان الخلاف، لأنهم يظنون أنهم إنما بعثوا بعد الموت تكرمة لهم وليلوا الدنيا كما كانوا يظنون، وإذا حل بهم العقاب توهموا قبل مفارقة أرواحهم أجسادهم أن هذا ليس علي سبيل الاستحقاق، وأنه من الله تعالي كما حل بالأنبياء، ولأصحاب هذا الجواب أن يقولوا: ليس ما ذكرناه بأعجب من كفر (1) قوم موسي وعبادتهم العجل، وقد شاهدوا منه الآيات وعاينوا ما حل بفرعون وملائه من العذاب علي الخلاف.

ولا بأعجب من إقامة أهل الشرك علي خلاف رسول الله (صلي الله عليه وآله) وهم يعلمون عجزهم عن مثل ما أتي به من القرآن، ويشهدون معجزاته وآياته، ويجدون وقوع ما يخبر به علي حقائقه، من قوله * (سيهزم الجمع ويولون الدبر) * (2) وقوله * (لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين) * (3) وقوله * (غلبت الروم * في أدني الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون) * (4) وغير ذلك، وما حل بهم من العذاب (5) بسيفه، وهلاك من توعده بالهلاك هذا، وفيمن أظهر الإيمان به المنافقون ينضافون في خلافه إلي أهل الشرك.

علي أن هذا السؤال لا يسوغ لأصحاب المعارف من المعتزلة، لأنهم يزعمون أن أكثر المخالفين علي الأنبياء كانوا من أهل العناد، وأن جمهور الذين يظهرون

ص :77


1- 1 - في المطبوع: أمر.
2- 2 - سورة القمر 54: 45.
3- 3 - سورة الفتح 48: 27.
4- 4 - سورة الروم 30: 2 - 3.
5- 5 - في المصدر: العقاب.

الجهل بالله تعالي يعرفونه علي الحقيقة، ويعرفون أنبياءه وصدقهم، ولكنهم علي اللجاجة والعناد، فلا يمتنع أن يكون الحكم في الرجعة وأهلها علي هذا الوصف.

وقد قال الله تعالي * (ولو تري إذ وقفوا علي النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين * بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون) * (1) فأخبر الله سبحانه أن أهل العقاب لو ردهم إلي الدنيا لعادوا إلي الكفر والعناد، مع ما شاهدوا في القبور وفي المحشر من الأهوال، وما ذاقوا من أليم العذاب (2).

وقال في " الإرشاد " عند علامات ظهور القائم (عليه السلام): وأموات ينشرون من القبور إلي الدنيا، فيتعارفون فيها ويتزاورون (3).

وقال في جواب المسائل السروية لما سئل عما يروي عن الصادق (عليه السلام) في الرجعة وما معني قوله (عليه السلام): " ليس منا من لم يقل بمتعتنا ويؤمن برجعتنا " أهي حشر في الدنيا مخصوص للمؤمن؟ أو لغيره من الظلمة الجبارين قبل يوم القيامة؟ فكتب الشيخ بعد الجواب عن المتعة.

وأما قوله: " من لم يقل برجعتنا فليس منا " فإنما أراد بذلك ما يختصه من القول به، في أن الله تعالي يحشر قوما من أمة محمد (صلي الله عليه وآله) بعد موتهم قبل يوم القيامة، وهذا مذهب يختص به آل محمد (عليهم السلام)، والقرآن شاهد به، قال الله تعالي في ذكر الحشر الأكبر يوم القيامة * (وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا) * (4) وقال سبحانه في حشر الرجعة قبل يوم القيامة * (ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب

ص :78


1- 1 - سورة الأنعام 6: 27 - 28.
2- 2 - الفصول المختارة: 153 - 157، ضمن مصنفات المفيد ج 2. باختلاف.
3- 3 - إرشاد المفيد 2: 369 - 370.
4- 4 - سورة الكهف 18: 47.

بآياتنا) * (1) فأخبر أن الحشر حشران: عام وخاص.

وقال سبحانه مخبرا عمن يحشر من الظالمين أنه يقول يوم الحشر الأكبر * (ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلي خروج من سبيل) * (2) وللعامة في هذه الآية تأويل مردود، وهو أن قالوا: المعني أنه خلقهم أمواتا ثم أماتهم بعد الحياة.

وهذا باطل لا يستمر (3) علي لسان العرب، لأن الفعل لا يدخل إلا علي من كان بغير الصفة التي انطوي اللفظ علي معناها، ومن خلقه الله أمواتا لا يقال أماته، وإنما يدخل (4) ذلك فيمن طرأ عليه الموت بعد الحياة، كذلك لا يقال أحيا الله ميتا إلا أن يكون قبل إحيائه ميتا، وهذا بين لمن تأمله.

وقد زعم بعضهم أن المراد الموتة التي تكون بعد سؤالهم في القبور فتكون الأولي قبل الإقبار، والثانية بعده، وهذا أيضا باطل من وجه آخر، وهو أن الحياة للمسألة ليست للتكليف، فيندم الانسان علي ما فاته في حاله، وندم القوم علي ما فاتهم في حياتهم المرتين يدل علي أنه لم يرد حياة المسألة، لكنه أراد حياة الرجعة التي تكون لتكليفهم الندم علي تفريطهم فلا يفعلون ذلك، فيندمون يوم العرض علي ما فاتهم من ذلك.

والرجعة عندنا تختص بمن محض الإيمان ومحض الكفر، دون من سوي هذين الفريقين، فإذا أراد الله تعالي علي ما ذكرناه أوهم الشيطان أعداء الله عز وجل أنهم إنما ردوا إلي الدنيا لطغيانهم علي الله، فيزدادوا عتوا، فينتقم الله

ص :79


1- 1 - سورة النمل 27: 83.
2- 2 - سورة غافر 40: 11.
3- 3 - في المصدر: لا يجري.
4- 4 - في المصدر: يقال.

منهم بأوليائه، ويجعل لهم الكرة عليهم، فلا يبقي منهم إلا من هو مغموم بالعذاب، وتصفو الأرض ويكون الدين لله.

وقد قال قوم: كيف يعود الكفار بعد الموت إلي طغيانهم وقد عاينوا عذاب البرزخ؟ فقلت: ليس ذلك بأعجب من الكفار الذين يشاهدون العذاب فيقولون * (يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين) * (1) فقال الله تعالي * (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه) * (2) فلم يبق للمخالف بعد هذا شبهة يتعلق بها (3).

وقال السيد المرتضي علم الهدي في جواب المسائل التي وردت عليه من الري حيث سألوا عن حقيقة الرجعة، لأن شذاذ الإمامية يذهبون إلي أن الرجعة رجوع دولتهم في أيام القائم دون رجوع أجسامهم.

الجواب: إن الذي تذهب إليه الشيعة الإمامية أن الله يعيد عند ظهور إمام الزمان المهدي (عليه السلام) قوما ممن كان تقدم موته من شيعته، ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته، ومشاهدة دولته. ويعيد أيضا قوما من أعدائه لينتقم منهم، والدليل علي صحة ذلك أن ذلك لا شبهة علي عاقل أنه مقدور لله غير مستحيل، فإنا نري كثيرا من مخالفينا ينكرون الرجعة إنكار من يراها مستحيلة.

وإذا ثبت جواز الرجعة فالطريق إلي إثباتها إجماع الإمامية، فإنهم لا يختلفون في ذلك، وإجماعهم - قد بينا في غير موضع من كتبنا أنه - حجة، وبينا أن الرجعة لا تنافي التكليف، فلا يظن ظان أن التكليف معها باطل، فإن التكليف كما يصح مع ظهور المعجزات، فكذا يصح مع الرجعة، لأنه ليس في ذلك ملجئ إلي فعل الواجب وترك القبيح.

ص :80


1- 1 و 2 - سورة الأنعام 6: 27 و 28. 3 - المسائل السروية: 32 - 36 (ضمن مصنفات المفيد ج 7) باختلاف.

فأما من تأول الرجعة بأن معناها رجوع الدولة دون رجوع الأشخاص وإحياء الأموات، فإن قوما من الشيعة لما عجزوا عن نصرة الرجعة عولوا علي هذا التأويل، وهذا غير صحيح، لأن الرجعة لم تثبت بظواهر الأخبار المنقولة فتطرق التأويلات عليها، وكيف يثبت ما هو مقطوع علي صحته بأخبار الآحاد التي لا توجب العلم! وإنما المعول في إثبات الرجعة علي إجماع الإمامية علي معناها، بأن الله يحيي أمواتا عند قيام القائم (عليه السلام) من أوليائه وأعدائه، فكيف تطرق التأويل علي ما هو معلوم فالمعني غير محتمل (1) " انتهي ".

وقال السيد رضي الدين بن طاووس في " الطرائف ": روي مسلم في صحيحه - في أوائل الجزء الأول - بإسناده إلي الجراح بن مليح، قال: سمعت جابرا يقول:

عندي سبعون ألف حديث عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) عن النبي (صلي الله عليه وآله) تركوها كلها.

ثم ذكر مسلم في صحيحه بإسناده إلي محمد بن عمر الرازي قال: سمعت جريرا يقول: لقيت جابر بن يزيد الجعفي فلم أكتب عنه، لأنه كان يؤمن بالرجعة.

قال ابن طاووس: انظر كيف حرموا أنفسهم الانتفاع برواية سبعين ألف حديث عن نبيهم برواية أبي جعفر (عليه السلام) الذي هو من أعيان أهل بيته، الذين أمرهم الله بالتمسك بهم، وإن أكثر المسلمين أو كلهم قد رووا إحياء الأموات في الدنيا، وحديث إحياء الله الأموات في القبور للمسألة، وقد تقدمت روايتهم عن أهل الكهف، وهذا كتابهم يتضمن * (ألم تر إلي الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم) * (2) والسبعون الذين أصابتهم الصاعقة

ص :81


1- 1 - رسائل الشريف المرتضي 1: 125 - 126.
2- 2 - سورة البقرة 2: 243.

مع موسي، وحديث العزير ومن أحياه عيسي بن مريم، وحديث جريح الذي أجمع علي صحته، وحديث الذين يحييهم الله في القبور للمسألة، فأي فرق بين هؤلاء وبين ما رواه أهل البيت وشيعتهم من الرجعة، وأي ذنب لجابر في ذلك حتي يسقط حديثه (1) " انتهي ".

وتأتي جملة أخري من عبارات علمائنا في هذا المعني إن شاء الله تعالي.

الخامس: الضرورة، فإن ثبوت الرجعة من ضروريات مذهب الإمامية عند

جميع العلماء المعروفين والمصنفين المشهورين، بل يعلم العامة أن ذلك من مذهب الشيعة، فلا تري أحدا يعرف اسمه ويعلم له تصنيف من الإمامية يصرح بإنكار الرجعة ولا تأويلها، ومعلوم أن الضروري والنظري يختلف عند الناظرين، فقد يكون الحكم ضروريا عند قوم، نظريا عند آخرين، والذي يعلم بالتتبع أن صحة الرجعة أمر محقق معلوم مفروغ منه مقطوع به، ضروري عند أكثر علماء الإمامية أو الجميع، حتي لقد صنفت الإمامية كتبا كثيرة في إثبات الرجعة كما صنفوا في إثبات المتعة وإثبات الإمامة وغير ذلك، ولا يحضرني أسماء جميع تلك الكتب وأنا أذكر ما حضرني من ذلك.

قال الشيخ الجليل رئيس الطائفة أبو جعفر الطوسي في " فهرست علماء الشيعة ومصنفيهم ": أحمد بن داود بن سعيد الفزاري يكني أبا يحيي الجرجاني، كان من أجلة أصحاب الحديث من العامة، ورزقه الله هذا الأمر واستبصر، وله مصنفات كثيرة في فنون الاحتجاج علي المخالفين - إلي أن قال -: فمن كتبه كتاب خلاف عمر - إلي أن قال -: كتاب المتعة، كتاب الرجعة (2).

ص :82


1- 1 - الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف: 190 - 191، صحيح مسلم 1: 20 - المقدمة.
2- 2 - فهرست الطوسي: 80 - 81 / 100.

وقال النجاشي في كتاب " الرجال ": أبو يحيي الجرجاني، قال الكشي: كان من أجلة أصحاب الحديث، رزقه الله هذا الأمر، وصنف في الرد علي الحشوية (1) تصنيفا كثيرا، فمنها كتاب خلاف عمر - إلي أن قال -: كتاب المتعة والرجعة (2).

وقال النجاشي في ترجمة الحسن بن علي بن أبي حمزة: له كتب منها كتاب القائم، كتاب الدلائل، كتاب المتعة، كتاب الرجعة، كتاب فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) (3).

وقال النجاشي أيضا: الفضل بن شاذان كان ثقة أجل أصحابنا الفقهاء والمتكلمين وله جلالة في هذه الطائفة، وهو في فضله أشهر من أن نصفه، وذكر الكنجي أنه صنف مائة وثمانين كتابا وقع إلينا منها: كتاب النقض علي الإسكافي - إلي أن قال -: كتاب إثبات الرجعة، كتاب الرجعة، كتاب حذو النعل بالنعل " انتهي " (4).

وقال الشيخ الطوسي في " الفهرست ": الفضل بن شاذان متكلم جليل القدر، له كتب منها: كتاب الفرائض - إلي أن قال -: كتاب في إثبات الرجعة (5) " انتهي ".

ص :83


1- 1 - الحشوية: وسميت بالحشوية لأنهم يحشون الأحاديث التي لا أصل لها في الأحاديث المروية عن رسول الله (صلي الله عليه وآله)، وجميع الحشوية يقولون بالجبر والتفويض. المقالات والفرق لسعد بن عبد الله الأشعري: 136.
2- 2 - رجال النجاشي: 454 / 1231.
3- 3 - نفس المصدر: 37 / 73.
4- 4 - نفس المصدر: 307 / 840. الظاهر أنه في مشابهة أحوال هذه الأمة لأحوال بني إسرائيل في الرجعة وغيرها وقد ألف الراوندي كتابا مختصرا في ذلك وجعله ملحقا بكتاب الخرائج والجرائح " منه (رحمه الله) " ولم ترد هذه التعليقة في النسخة الخطية.
5- 5 - فهرست الطوسي: 197 و 198 / 563.

وروي الكشي في مدحه وجلالته أحاديث بليغة تدل علي صحة اعتقاداته، والاعتماد علي مؤلفاته، فانظر إلي هذا الشيخ الجليل الذي هو أجل علماء الشيعة ومصنفيهم، قد صنف كتابين في إثبات الرجعة بل ثلاثة فكيف إذا انضم إليه غيره (1).

وقد ذكر النجاشي في ترجمة محمد بن علي بن الحسين بن بابويه بعدما ذكر له مدائح جليلة وأنه ألف كتبا كثيرة وعد منها كتاب المتعة، كتاب الرجعة ونحوه (2).

وذكر الشيخ في " الفهرست " وذكر من كتبه ومصنفاته كتاب " حذو النعل بالنعل " (3).

وقال العلامة في " الخلاصة ": محمد بن مسعود العياشي ثقة صدوق عين من عيون هذه الطائفة وكبيرها، جليل القدر واسع الأخبار بصير بالرواية، مضطلع بها، له كتب كثيرة، تزيد علي مائتي مصنف ونحوه (4).

وقال النجاشي والشيخ وذكرا من جملة كتبه ومصنفاته كتاب الرجعة (5).

وقد نقل جميع ما ذكرناه من علماء الرجال هنا مولانا ميرزا محمد الاسترآبادي في كتابه في الرجال (6).

ومما يدل علي أن صحة الرجعة أمر قد صار ضروريا ما يأتي نقله عن كتاب

ص :84


1- 1 - رجال الكشي: 537 / 1023.
2- 2 - رجال النجاشي: 39 / 1049.
3- 3 - فهرست الطوسي: 237 / 710.
4- 4 - خلاصة الأقوال: 246 / 836.
5- 5 - رجال النجاشي: 352 / 944، فهرست الطوسي: 214 / 604.
6- 6 - منهج المقال: 396 - ترجمة أحمد بن داود الجرجاني و 102 - ترجمة الحسن بن أبي حمزة و 260 - ترجمة الفضل بن شاذان و 307 - ترجمة محمد بن علي بن الحسين بن بابويه و 319 - ترجمة محمد بن مسعود العياشي.

" سليم بن قيس الهلالي " الذي صنفه في زمان أمير المؤمنين (عليه السلام) وقوله: حتي صرت ما أنا بيوم القيامة أشد يقينا مني بالرجعة (1) " انتهي ".

وقد تجدد بعده من الأحاديث التي يأتي ذكرها ما يزيد ذلك اليقين أضعافا مضاعفة، وقد صنف المتأخرون من علمائنا أيضا رسائلا وكتبا في إثبات الرجعة، وقد حضرني منها ثلاث رسائل، ولم تصل إلينا الكتب السابقة المذكورة في إثبات الرجعة لننقل بعض ما فيها من الأحاديث والأدلة، وفيما وصل إلينا من الأحاديث المتفرقة في الكتب المشهورة كفاية إن شاء الله تعالي.

وقال السيد الجليل رضي الدين علي بن طاووس في كتاب " كشف المحجة لثمرة المهجة ": جمعني وبعض أهل الخلاف مجلس منفرد، فقلت لهم: ما الذي تنكرون علي الإمامية؟ فقالوا: نأخذ عليهم تعرضهم بالصحابة، ونأخذ عليهم القول بالرجعة وبالمتعة، ونأخذ عليهم حديث المهدي وأنه حي مع تطاول زمان غيبته.

قال: فقلت لهم: أما تعرض من أشرتم إليه بذم الصحابة - إلي أن قال -: وأما ما أخذتم عليهم من القول بالرجعة، فأنتم تروون أن النبي (صلي الله عليه وآله) قال: " إنه يجري في أمته ما جري في الأمم السابقة ". وهذا القرآن يتضمن * (ألم تر إلي الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم) * (2) فشهد جل جلاله أنه قد أحياهم في الدنيا وهي رجعة، فينبغي أن يكون في هذه الأمة مثل ذلك فوافقوا علي ذلك (3). ثم ذكر كلامه معهم في القول بالمتعة وفي غيبة

ص :85


1- 1 - كتاب سليم بن قيس الهلالي 2: 562.
2- 2 - سورة البقرة 2: 243.
3- 3 - كشف المحجة: 54 - 55.

المهدي (عليه السلام).

وروي ابن بابويه في كتاب " كمال الدين وتمام النعمة " والشيخ الطوسي في كتاب " الغيبة " والطبرسي في كتاب " الاحتجاج " بأسانيدهم في توقيعات صاحب الأمر (عليه السلام) علي مسائل محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري أنه سأله عن رجل ممن يقول بالحق ويري المتعة ويقول بالرجعة، إلا أن له أهلا موافقة له قد عاهدها أن لا يتزوج عليها ولا يتمتع ولا يتسري.

الجواب: " يستحب له أن يطيع الله بالمتعة ليزول عنه الحلف في المعصية ولو مرة واحدة " (1).

أقول: فهذا يدل علي أن القول بالرجعة من خواص الشيعة وعلامات التشيع مثل إباحة المتعة ونحوها من الضروريات، وتقرير المهدي (عليه السلام) له علي ذلك يدل علي صحته.

وروي الطبرسي في " الاحتجاج " قال: قد كانت لأبي جعفر مؤمن الطاق مقامات مع أبي حنيفة، فمن ذلك: ما روي أنه قال يوما لمؤمن الطاق: إنكم تقولون بالرجعة؟ قال: نعم، قال أبو حنيفة: فأعطني الآن ألف درهم حتي أعطيك ألف دينار إذا رجعنا، قال الطاقي لأبي حنيفة: فأعطني كفيلا أنك ترجع إنسانا ولا ترجع خنزيرا (2).

أقول: هذا كما تري أيضا يدل علي أن القول بالرجعة أمر معلوم من مذهب الإمامية يعرفه المؤالف والمخالف، وهذا معني ضروري المذهب، وهذا أعلي

ص :86


1- 1 - لم أعثر عليه في الكمال ولا في كتب الصدوق، وقد أورده المصنف في الوسائل 21: 17 / 3، عن الاحتجاج ولم يشر إلي كتب الشيخ الصدوق، كتاب الغيبة: 383، الاحتجاج 2:

مرتبة من الاجماع، وفيه دلالة واضحة علي بطلان تأويل الرجعة برجوع الدولة وقت خروج المهدي (عليه السلام)، مضافا إلي التصريحات الباقية الآتية.

وقد قال النجاشي أيضا في " كتاب الرجال ": محمد بن علي بن النعمان مؤمن الطاق، روي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) فأما منزلته في العلم وحسن الخاطر فأشهر من أن يذكر - ثم ذكر جملة من كتبه إلي أن قال -: وكان له مع أبي حنيفة حكايات منها أنه قال له: يا أبا جعفر أتقول بالرجعة؟ فقال: نعم، قال: أقرضني من كيسك هذا خمسمائة دينار، فإذا عدت أنا وأنت رددتها إليك، فقال له في الحال:

أريد ضمينا يضمن لي أنك تعود إنسانا، فإني أخاف أن تعود قردا فلا أتمكن من استرجاع ما أخذت مني (1) " انتهي ".

ومما يدل علي أن صحة الرجعة قد صارت ضرورية عند كل من تتبع الأحاديث، إنك لا تجد في الضروريات كوجوب الصلاة وتحريم الزنا أكثر من الأحاديث الدالة علي صحة الرجعة، ومما يدل علي ذلك أن العامة قد نقلوا في كتبهم عن الإمامية أنهم قائلون بالرجعة وأنكروا عليهم ذلك، فمنهم الرازي، والنيشابوري، والزمخشري، والشهرستاني، وابن أبي الحديد وغيرهم، فقد ذكروا أن الشيعة تعتقد صحة الرجعة، وأنكروا عليهم ذلك، وهو دال علي صحتها وإنها من خواص الشيعة وضروريات مذهبهم.

قال محمد بن عبد الكريم الشهرستاني في " كتاب الملل والنحل " في بحث الجعفرية القائلين بإمامة جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) ما هذا لفظه: وهو ذو علم غزير في الدين، وأدب كامل في الحكمة، وزهد بالغ في الدنيا، وقد أقام بالمدينة مدة يفيد المنتمين إليه من الشيعة أسرار العلوم - إلي أن قال -: وقد تبرأ من

ص :87


1- 1 - رجال النجاشي: 325 / 886.

خصائص مذاهب الرافضة وحماقاتهم من القول بالغيبة والرجعة والبداء، ثم قال:

لكن الشيعة بعده افترقوا وانتحل كل واحد منهم مذهبا، وأراد أن يروج علي أصحابه فنسبه إليه وربطه به، والسيد برئ من ذلك (1) " انتهي ".

السادس: إن الرجعة قد وقعت في بني إسرائيل والأمم السابقة في الرعية وفي

الأنبياء والأوصياء، وكل ما وقع في الأمم السالفة يقع مثله في هذه الأمة حذو النعل بالنعل، والقذة بالقذة، والرجعة تقع في هذه الأمة البتة، والمقدمتان ثابتتان بالكتاب والسنة والإجماع، فتكون النتيجة حقا وهو المطلوب.

ويأتي إثبات المقدمتين إن شاء الله تعالي.

السابع: إن صحة الرجعة وثبوتها ووقوعها من اعتقادات أهل العصمة (عليهم السلام)،

وكل ما كان من اعتقاداتهم فهو حق بل قد أجمعوا علي صحتها، وإجماعهم حجة، وقد صرح الطبرسي (2) فيما تقدم بنقل إجماعهم، وروي الحديث الدال علي حجيته، ولها أدلة أخري كثيرة، أما الصغري فثابتة بالأحاديث المتواترة الآتية، وأما الكبري فثابتة بالأدلة العقلية والنقلية فتكون الرجعة حقا.

الثامن: إنا مأمورون بالإقرار بالرجعة واعتقادها وتجديد الاعتراف بها في

الأدعية والزيارات ويوم الجمعة، وكل وقت كما أنا مأمورون بالإقرار في كثير من الأوقات بالتوحيد والنبوة والإمامة والقيامة، وكل ما كان كذلك فهو حق، والصغري ثابتة بالنقل المتواتر الآتي، والكبري بديهية فالرجعة حق.

التاسع: إن الرجعة أمر لم يقل بصحته أحد من العامة علي ما يظهر، وقد قالت

بها الشيعة، وكل ما كان كذلك فهو حق، أما الصغري فظاهرة، وأما الكبري فالأدلة

ص :88


1- 1 - الملل والنحل 1: 166.
2- 2 - في نسخة " ش ": الطوسي.

عليها كثيرة تقدم بعضها في المقدمة السادسة، وقد روي عن الأئمة (عليهم السلام) أنهم قالوا في حق العامة: " والله ما هم علي شئ مما أنتم عليه، ولا أنتم علي شئ مما هم عليه، فخالفوهم فما هم من الحنيفية علي شئ " (1).

وروي الشيخ في كتاب القضاء من " التهذيب " وابن بابويه في " عيون الأخبار " حديثا مضمونه أن الانسان إذا كان في بلد ليس فيه أحد من علماء الشيعة يسأله عن مسألة خاصة فينبغي أن يسأل عنها قاضي البلد، فما أفتاه بشئ فليأخذ بخلافه فإن الحق في خلافه (2).

والأحاديث في مثل هذا كثيرة جدا وإذا خرج بعض الأفراد بنص بقي الباقي.

وقد قال بعض المحققين من علمائنا المتأخرين: إن من جملة نعماء الله علي هذه الطائفة المحقة أنه خلي بين العامة وبين الشيطان فأضلهم في جميع المسائل النظرية حتي يكون الأخذ بخلافهم ضابطة لنا، ونظيره ما ورد في حق النساء:

شاوروهن وخالفوهن (3) " انتهي ".

العاشر: إن الإمام يجب أن يكون مستجاب الدعوة، فإذا دعا الله بإحياء

الموتي وقع ذلك بإذن الله، والمقدمة الأولي ثابتة بالنصوص الكثيرة المذكورة في محلها، والثانية بديهية، فهذا دليل علي الإمكان واضح قريب، إذ لا دليل علي استحالة دعاء الإمام بذلك، وعدم قيام دليل الاستحالة كاف.

الحادي عشر: إن الله ما أعطي أحدا من الأنبياء فضيلة ولا علما إلا وقد أعطي

ص :89


1- 1 - أورده المصنف في وسائل الشيعة 27: 119 / 32، والفصول المهمة في أصول الأئمة 1: 577 / 880.
2- 2 - التهذيب 6: 295 / 27، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 275، وعلل الشرائع: 531 / 4، وعنهم في الوسائل 27: 115 / 23.
3- 3 - وسائل الشيعة 27: 116 / هامش رقم 1. تعليقة الحر العاملي، نقلا عن بعض أصحابنا.

نبينا (صلي الله عليه وآله) مثله بل أعظم منه، ومعلوم أن كثيرا من الأنبياء السابقين أحيا الله لهم الموتي، ولا ريب أن الإمام يرث علم الرسول وفضله، والمقدمات كلها ثابتة بالأحاديث الآتية وغيرها، بل وقد وقع إحياء الله الموتي لغير المعصومين من أهل العلم والعبادة، كما يأتي إن شاء الله تعالي، فيثبت مثله هنا بطريق الأولوية.

الثاني عشر: إن الإمام عالم بالاسم الأعظم الذي إذا دعي الله به لإحياء

الموتي أحياهم، والتقريب ما تقدم، فهذا مما يدل علي الإمكان بل الوقوع، وهذه الأدلة وإن كان فيها بعض التداخل، وأن بعضها يدل علي الإمكان وبعضها علي الوقوع ويمكن الزيادة فيها، لكن اقتصرنا عليها لأجل العدد الشريف، وأما ما يتخيل فيها من المفاسد فلا وجه له.

ويأتي الكلام في ذلك في آخر هذه الرسالة إن شاء الله.

ص :90

الباب الثالث: في جملة من الآيات القرآنية الدالة علي صحة الرجعة ولو بانضمام الأحاديث في تفسيرها

اشارة

إعلم أن مذهب قدمائنا وجميع الإخباريين أنه لا يجوز العمل والاعتماد في تفسير القرآن وغيره من الأمور الشرعية إلا علي كلام أهل العصمة (عليهم السلام)، وفعلهم وتقريرهم، والأحاديث في ذلك متواترة، والآيات المذكورة قد وردت الأحاديث في تفسيرها، وأن المراد بها الرجعة، فيجب الاعتماد عليها واعتقاد مضمونها، ثم إنه إذا ورد حديثان في تفسير آية بمعنيين مختلفين أحدهما في الرجعة مثلا، والآخر في غيرها، فلا يجوز إنكار أحد الحديثين فإنه قد ورد: " إن للقرآن ظاهرا وباطنا " (1)، وإنه قد يراه بآية واحدة معنيان فصاعدا.

والأحاديث الواردة في تفسير الآيات تأتي في بابها إن شاء الله تعالي.

إذا تقرر هذا فالذي يدل علي الرجعة ووقوعها والإخبار بها آيات كثيرة، وأنا أذكر ما تيسر ذكره، وما وصل إلي في تفسيره من حديث أو أحاديث، وذلك آيات:

الأولي:

قوله تعالي * (ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم

ص :91


1- 1 - الكافي 4: 549 / ذيل حديث 4، علل الشرائع: 609، معاني الأخبار: 340 / ذيل حديث 10.

يوزعون) * (1).

قد وردت الأحاديث الكثيرة في تفسيرها بالرجعة، علي أنها نص واضح الدلالة ظاهر بل صريح في الرجعة، لأنه ليس في القيامة قطعا، وليس بعد القيامة رجعة إجماعا، فتعين كون هذه الرجعة قبلها، وإنما آية القيامة * (وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا) * (2) وإذا ثبت أنه يحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآيات الله، ثبت باقي أقسام الرجعة وإلا لزم إحداث قول ثالث، مع أنه لا قائل بالفرق، فإن الإمامية تقر بالجميع، والعامة تنكر الجميع، فالفارق خارق للإجماع.

الثانية:

قوله تعالي * (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضي لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون) * (3).

قد وردت أحاديث كثيرة بتفسيرها في الرجعة، علي أنها نص في ذلك لا تحتمل سواه إلا أن تصرف عن ظاهرها، وتخرج عن حقيقتها، ولا ريب في وجوب الحمل علي الحقيقة عند عدم القرينة، وليس هنا قرينة كما تري.

وقد تقدم نقل الطبرسي إجماع العترة الطاهرة علي تفسير هذه الآية بالرجعة، ومعلوم أن الأفعال المستقبلة الكثيرة وضمائر الجمع المتعددة ولفظ الاستخلاف والتمكين والخوف والأمن والعبادة وغير ذلك من التصريحات والتلويحات، لا تستقيم إلا في الرجعة، وأي خوف وأمن واستخلاف وتمكين وعبادة يمكن

ص :92


1- 1 - سورة النمل 27: 83.
2- 2 - سورة الكهف 18: 47.
3- 3 - سورة النور 24: 55.

نسبتها إلي الميت بسبب تملك شخص من أولاد أولاده بعد أحد عشر بطنا، والتصريحات في الأحاديث الآتية تزيل كل شك وشبهة.

الثالثة:

قوله تعالي * (ونريد أن نمن علي الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين * ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون) * (1).

وهذه أوضح مما قبلها، لأنها تدل علي أن المن علي الجماعة المذكورين وجعلهم أئمة وارثين، والتمكين لهم في الأرض وحذر أعدائهم منهم، كله بعد ما استضعفوا في الأرض، وهل يتصور لذلك مصداق إلا الرجعة، وهل يجوز التصدي لتأويلها وصرفها عن ظاهرها ودليلها بغير قرينة، وضمائر الجمع وألفاظه في المواضع الثمانية يتعين حملها علي الحقيقة، ولا يجوز صرفها إلي تأويل بعيد ولا قريب، إلا أن يخرج الناظر فيها عن الانصاف، ويكذب الأحاديث الكثيرة المتواترة التي يأتي بعضها في تفسير الآية والإخبار بالرجعة.

الرابعة:

قوله تعالي * (وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون) * (2).

فإن ظاهرها أن تلك الدابة تخرج من الأرض، لأن الأصل عدم التقدير والإضمار، وأنها تكلم الناس وأنها حجة عليهم، وإلا لكان كلامها لهم عبثا لا يجب قبوله، خصوصا مع ملاحظة قوله تعالي * (وإذا وقع القول عليهم) * ويؤيد هذا الظاهر الأحاديث الآتية الدالة علي أن المراد بها أمير المؤمنين (عليه السلام).

الخامسة:

قوله تعالي * (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلي

ص :93


1- 1 - سورة القصص 28: 5 - 6.
2- 2 - سورة النمل 27: 82.

وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون * ليبين لهم الذي يختلفون فيه) * (1).

روي الكليني والصدوق وعلي بن إبراهيم (2) وغيرهم (3) أنها نزلت في الرجعة، ولا يخفي أنها لا تستقيم في إنكار البعث، لأنهم ما كانوا يقسمون بالله بل كانوا يقسمون باللات والعزي، ولأن التبين إنما يكون في الدنيا كما تقدم.

ويأتي التصريح بما قلناه في الأحاديث إن شاء الله.

السادسة:

قوله تعالي * (إن الله علي كل شئ قدير) * (4).

وهي تدل علي إمكان الرجعة، وقد تكررت هذه الآية في القرآن في مواضع كثيرة في مقام الرد علي من ينكر إحياء الموتي وغير ذلك، وفيها لغات كثيرة تستفاد من لفظ قدير، والتأكيد ب " إن " والجملة الإسمية والتنوين في " شئ " و " قدير " والتصريح بالعموم وغير ذلك.

وقد ورد في بعض الأحاديث أنهم (عليهم السلام) سئلوا عن الرجعة، فقالوا: " تلك القدرة ولا ينكرها إلا كافر ".

السابعة:

قوله تعالي * (أليس ذلك بقادر علي أن يحيي الموتي) * (5) وهي دالة علي إمكان الرجعة، فإنها من قسم إحياء الموتي لا تزيد علي ذلك، ولا شك في تساوي نسبة قدرة الله إلي جميع الممكنات.

الثامنة:

قوله تعالي * (أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر علي أن

ص :94


1- 1 - سورة النحل 16: 38 - 39.
2- 2 - الكافي 8: 50 / 14، اعتقادات الصدوق: 63 ضمن مصنفات المفيد ج 5، تفسير القمي 1: 385.
3- 3 - تفسير العياشي 2: 259 / 26.
4- 4 - سورة فاطر 35: 1، سورة الطلاق 65: 12.
5- 5 - سورة القيامة 75: 40.

يخلق مثلهم بلي وهو الخلاق العليم) * (1) وهي دالة كما تري علي إمكان الرجعة ولو مع ما دل علي وقوعها في الأمم السابقة من الآيات والروايات.

التاسعة:

قوله تعالي * (وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم) * (2).

وهي دالة علي إمكان الرجعة دلالة واضحة ظاهرة.

العاشرة:

قوله تعالي * (ألم تر إلي الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم) * (3).

دلت علي وقوع الرجعة وهو يستلزم إمكانها وعدم جواز إنكارها، وفيها دلالة علي وقوعها أيضا، بضميمة الأحاديث الدالة علي أن ما وقع في الأمم السابقة يقع مثله في هذه الأمة.

وقد روي في الأحاديث الآتية وغيرها أن المذكورين في هذه الآية كانوا سبعين ألفا، فأماتهم الله مدة طويلة ثم أحياهم، فرجعوا إلي الدنيا وعاشوا أيضا مدة طويلة.

الحادية عشر:

قوله تعالي * (أو كالذي مر علي قرية وهي خاوية علي عروشها قال أني يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلي طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلي حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلي العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال أعلم أن الله علي كل شئ قدير) * (4).

ص :95


1- 1 - سورة يس 36: 81.
2- 2 - سورة يس 36: 78.
3- 3 - سورة البقرة 2: 243.
4- 4 - سورة البقرة 2: 259.

فهذه الآية الشريفة صريحة في أن المذكور فيها مات مائة سنة ثم أحياه الله وبعثه إلي الدنيا وأحيا حماره، وظاهر القرآن يدل علي أنه من الأنبياء لما تضمنه من الوحي والخطاب له.

وقد وقع التصريح في الأحاديث الآتية بأنه كان نبيا، ففي بعض الروايات أنه أرميا النبي، وفي بعضها أنه عزير النبي (عليهما السلام)، وقد روي ذلك العامة والخاصة (1)، وبملاحظة الأحاديث المشار إليها سابقا يجب أن يثبت مثله في هذه الأمة.

الثانية عشر:

قوله تعالي * (إذ قال الله يا عيسي بن مريم اذكر نعمتي عليك - إلي قوله - وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتي بإذني) * (2) الآية.

وهي دالة علي إمكان الرجعة ووقوعها في الأمم السابقة، وبملاحظة الأحاديث المشار إليها المذكورة في الباب الآتي يجب أن يثبت في هذه الأمة.

الثالثة عشر:

قوله تعالي * (وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسي بن مريم - إلي قوله - ورسولا إلي بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتي بإذن الله) * (3).

وهذه الآية دالة علي المقصود كما تقدم.

الرابعة عشر:

قوله تعالي * (يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم

ص :96


1- 1 - تفسير العياشي 1: 141 / 468، وفيه: عزير، تفسير القمي 1: 90، وفيه: أرميا، الاحتجاج 2: 230، وفيه: أرميا، تفسير القرآن العظيم لابن كثير 1: 687، ذكر القولين وقال: المشهور هو عزير، الدر المنثور 2: 26، وفيه: عزير وص 29، وفيه: أرميا.
2- 2 - سورة المائدة 5: 110.
3- 3 - سورة آل عمران 3: 45 - 49.

- إلي قوله - وإذ قلتم يا موسي لن نؤمن لك حتي نري الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون * ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون * وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوي كلوا من طيبات ما رزقناكم) * (1). ووجه الاستدلال بها ما تقدم وهي أوضح من السابقة.

وقد ورد في الأحاديث الآتية أن المذكورين كانوا سبعين رجلا وإن الله أحياهم وبعثهم أنبياء، فهذه رجعة عظيمة ينبغي أن لا ينكر الإخبار بوقوع مثلها في هذه الأمة، لما يأتي من الإخبار برجعة جماعة من الأنبياء والأئمة (عليهم السلام).

الخامسة عشر:

قوله تعالي * (وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتي قال أولم تؤمن قال بلي ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل علي كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن يأتينك سعيا) * (2).

وهذه تدل علي إحياء الموتي في الأمم السابقة، وذلك يدل علي الإمكان والوقوع لما أشرنا إليه سابقا.

السادسة عشر:

قوله تعالي * (وإذ قال موسي لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة - إلي قوله - وإذ قتلتم نفسا فادارءتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون * فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتي ويريكم آياته لعلكم تعقلون) * (3).

وجه الاستدلال بها ما تقدم سابقا.

السابعة عشر:

قوله تعالي * (ألم تر إلي الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت) * (4).

ص :97


1- 1 - سورة البقرة 2: 40 - 57.
2- 2 - سورة البقرة 2: 260.
3- 3 - سورة البقرة 2: 67 - 73.
4- 4 - سورة البقرة 2: 258.

وفيها دلالة علي إمكان الرجعة، بل علي وقوعها لما يأتي من الحديث في أن الله أحيا بدعائه الموتي، وأن ما كان في تلك الأمم يقع مثله في هذه الأمة.

الثامنة عشر:

قوله تعالي * (ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا - إلي قوله - وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم) * (1).

روي ابن بابويه في اعتقاداته (2) وغيره أنهم ماتوا ثم أحياهم الله، وقد تقدمت عبارته فارجع إليها.

التاسعة عشر:

قوله تعالي * (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد) * (3).

وردت الأحاديث المتعددة الآتية في أن المراد بها الرجعة، ويؤيد تلك التصريحات ظاهر الآية، فإن كثيرا من الرسل والأئمة والذين آمنوا لم ينصروا، والفعل مستقبل والله لا يخلف الميعاد، والحمل علي إرادة خروج المهدي (عليه السلام) فيه:

أولا: إنه خروج عن الحقيقة إلي المجاز بغير قرينة وهو باطل إجماعا.

وثانيا: إنه خلاف التصريحات المشار إليها.

العشرون:

قوله تعالي * (واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا) * (4).

وردت الأحاديث الكثيرة إن الله جمع له الأنبياء ليلة المعراج، وإنهم اقتدوا به وصلوا خلفه (5). ورجوع الأنبياء السابقين مرارا متعددة لا شك في وقوعه وثبوته،

ص :98


1- 1 - سورة الكهف 18: 25.
2- 2 - اعتقادات الصدوق: 62، ضمن مصنفات الشيخ المفيد ج 5.
3- 3 - سورة غافر 40: 51.
4- 4 - سورة الزخرف 43: 45.
5- 5 - سورة الكافي 3: 302 / 1.

فيقع مثله في هذه الأمة لما يأتي إن شاء الله.

الحادية والعشرون:

قوله تعالي * (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه) * (1).

ومعلوم أن ذلك لم يقع بعد، فلا بد من وقوعه فإن الله لا يخلف الميعاد، فظاهر الآية نص في الرجعة، ويدل علي ذلك أيضا أحاديث صريحة، يأتي بعضها إن شاء الله فيها تفسير الآية بذلك.

الثانية والعشرون:

قوله تعالي * (ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين) * (2).

وردت الأحاديث بأن المراد بإحدي الحياتين والموتين: الرجعة (3)، ومعلوم أن ذلك لا يمتنع إرادته من الآية، وإنها ليست بطريق الحصر، ولا يدل علي نفي الزيادة وأن الحياة في القبر ليست حياة تامة، كما يفهم من بعض الأحاديث.

الثالثة والعشرون:

قوله تعالي * (كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون) * (4).

وجه الاستدلال أنه أثبت الإحياء مرتين، ثم قال بعدهما * (ثم إليه ترجعون) * والمراد به القيامة قطعا، والعطف خصوصا ب " ثم " ظاهر في المغايرة، فالإحياء الثاني إما الرجعة أو نظير لها، وبالجملة ففيها دلالة علي وقوع الإحياء قبل القيامة بعد الموت في الجملة.

الرابعة والعشرون:

قوله تعالي في حق عيسي * (إني متوفيك ورافعك

ص :99


1- 1 - سورة آل عمران 3: 81.
2- 2 - سورة غافر 40: 11.
3- 3 - ذكره القمي في تفسيره 2: 256، عن الإمام الصادق (عليه السلام).
4- 4 - سورة البقرة 2: 28.

إلي) * (1).

نقل الطبرسي عن ابن عباس: أن المراد * (إني متوفيك) * وفاة موت (2).

وقد تقدم مثله عن رئيس المحدثين محمد بن علي بن بابويه (3).

والآية ظاهرة واضحة في ذلك، وهي تدل علي أن نزول عيسي (عليه السلام) في آخر الزمان إلي الأرض من قسم الرجعة، وقد أجمع علي نقل ذلك جميع المسلمين، ونقل إجماعهم عليه جماعة من العلماء.

ونقل الطبرسي عن بعض العامة: أن عيسي لم يمت، وأنه رفع إلي السماء من غير وفاة، وتعرضوا لتأويل الآية تارة بالحمل علي وفاة النوم، وتارة بما هو أبعد من ذلك (4). وظاهر أن ذلك كله باطل وغلو عظيم في إنكار الرجعة، والإمامية لا يقبلون ذلك التأويل ولا يلزمهم العمل به.

الخامسة والعشرون:

قوله تعالي حكاية عن عيسي (عليه السلام) * (وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم) * (5).

وهي ظاهرة واضحة في وفاة عيسي (عليه السلام) لأنه يقول ذلك يوم القيامة بل لفظ:

* (توفيتني) * والعطف بالفاء الدالة علي التعقيب من غير تراخ، ولفظ * (ما دمت فيهم) * وغير ذلك صريح في أن نزول عيسي (عليه السلام) في آخر الزمان من قسم الرجعة.

السادسة والعشرون:

قوله تعالي * (واختار موسي قومه سبعين رجلا لميقاتنا

ص :100


1- 1 - سورة آل عمران 3: 55.
2- 2 - مجمع البيان 2: 373، وفيه: وفاة نوم.
3- 3 - الاعتقادات: 62، ضمن مصنفات المفيد ج 5.
4- 4 - مجمع البيان 2: 373.
5- 5 - سورة المائدة 5: 117.

فلما أخذتهم الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي) * (1) الآية.

وروي ابن بابويه والطبرسي وعلي بن إبراهيم وغيرهم: أن الله أحياهم بعد موتهم، بل بعثهم أنبياء (2).

كما مضي ويأتي إن شاء الله.

السابعة والعشرون:

قوله تعالي * (ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتي) * (3).

ذكر جماعة من المفسرين والنحويين أن جواب " لو " محذوف أي لكان هذا القرآن.

وروي الكليني في حديث أنهم قالوا (عليهم السلام): " عندنا هذا القرآن الذي تسير به الجبال وتقطع به الأرض ويكلم به الموتي " (4) ويأتي إن شاء الله.

وقال الطبرسي: * (أو كلم به الموتي) * أي أحيا به الموتي حتي يعيشوا ويتكلموا (5) " انتهي ".

وفيه دلالة واضحة علي إمكان الرجعة بل علي وقوعها عند التأمل.

الثامنة والعشرون:

قوله تعالي * (وقضينا إلي بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا * فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا * ثم رددنا لكم الكرة

ص :101


1- 1 - سورة الأعراف 7: 155.
2- 2 - اعتقادات الصدوق: 61، ضمن مصنفات المفيد ج 5، مجمع البيان 4: 399 - 400، تفسير القمي 1: 241.
3- 3 - سورة الرعد 13: 31.
4- 4 - الكافي 1: 226 / ضمن حديث 7.
5- 5 - مجمع البيان 6: 44.

عليهم وأمددناكم بأموال وبنين) * (1).

روي الكليني وعلي بن إبراهيم وغيرهما: أنها في الرجعة (2).

ويأتي توجيه ذلك إن شاء الله تعالي.

التاسعة والعشرون:

قوله تعالي * (ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرا * إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شئ سببا) * (3) الآية.

روي علي بن إبراهيم وغيره: أن قومه ضربوه علي قرنه فمات خمسمائة سنة، ثم أحياه الله وبعثه إليهم، فضربوه علي قرنه الآخر فأماته الله خمسمائة عام، ثم أحياه وبعثه إليهم فملكه الأرض (4).

وقد روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه نقل حديث ذي القرنين ثم قال: " وفيكم مثله " يعني نفسه، ويأتي ذلك إن شاء الله.

وقال الطبرسي: قيل: إن ذا القرنين نبي مبعوث فتح الله علي يديه الأرض (5).

ثم قال: في قوله تعالي * (قلنا يا ذا القرنين) * (6) استدل من ذهب إلي أن ذا القرنين كان نبيا بهذا، لأن قول الله لا يكون إلا بالوحي، والوحي لا يجوز إلا علي الأنبياء، وقيل: إن الله ألهمه ولم يوح إليه (7) " انتهي ".

أقول: ومع ضميمة الأحاديث الدالة علي أن ما كان في الأمم السابقة يكون

ص :102


1- 1 - سورة الإسراء 17: 4 - 6.
2- 2 - الكافي 8: 206 / 250، تفسير القمي 2: 14.
3- 3 - سورة الكهف 18: 83 - 84.
4- 4 - تفسير القمي 2: 40.
5- 5 - مجمع البيان 6: 435.
6- 6 - سورة الكهف 18: 86.
7- 7 - مجمع البيان 6: 437.

مثله في هذه الأمة، يتم الاستدلال علي صحة الرجعة بقصة ذي القرنين وأمثالها.

الثلاثون:

قوله تعالي * (وأيوب إذ نادي ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين * فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم) * (1) الآية.

روي الطبرسي وعلي بن إبراهيم وغيرهما: أن الله أحيا له من أهله من مات وقت البلاء * (ومثلهم معهم) * ممن مات من قبل (2).

كما يأتي إن شاء الله، فينبغي أن يقع مثله في هذه الأمة بدلالة الأحاديث المشار إليها.

الحادية والثلاثون:

قوله تعالي * (وحرام علي قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون) * (3).

روي الطبرسي وعلي بن إبراهيم وغيرهما: أنها في الرجعة، وأن كل قرية هلكت بعذاب لا يرجع أهلها في الرجعة، وأما في القيامة فيرجعون (4).

الثانية والثلاثون:

قوله تعالي * (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلي معاد) * (5).

روي في عدة أحاديث تأتي إن شاء الله: أن المراد بها الرجعة، ومعلوم أنها خطاب للرسول (صلي الله عليه وآله).

الثالثة والثلاثون:

قوله تعالي * (وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل

ص :103


1- 1 - سورة الأنبياء 21: 83 - 84.
2- 2 - مجمع البيان 7: 113، تفسير القمي 2: 74، التبيان 7: 271.
3- 3 - سورة الأنبياء 21: 95.
4- 4 - مجمع البيان 7: 119، عن أبي جعفر (عليه السلام)، تفسير القمي 2: 76، التبيان 7: 278، عن الجبائي.
5- 5 - سورة القصص 28: 85.

موته) * (1).

روي علي بن إبراهيم وغيره في تفسيرها: أن رسول الله (صلي الله عليه وآله) إذا رجع آمن به الناس كلهم (2).

الرابعة والثلاثون:

قوله تعالي * (إن الله قادر علي أن ينزل آية) * (3).

روي علي بن إبراهيم في " تفسيره ": عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه تلا هذه الآية ثم قال: " سيريك في آخر الزمان آيات، منها: دابة الأرض، والدجال، ونزول عيسي بن مريم، وطلوع الشمس من مغربها " (4).

الخامسة والثلاثون:

قوله تعالي * (وإما نرينك بعض الذي نعدهم) * (5).

روي علي بن إبراهيم وغيره: أن من جملته الرجعة (6)، ويأتي إن شاء الله.

السادسة والثلاثون: قوله تعالي * (أثم إذا ما وقع آمنتم به) * (7).

روي علي بن إبراهيم: أن معناه صدقتم به في الرجعة، فيقال: الآن تؤمنون به يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) (8).

السابعة والثلاثون:

قوله تعالي * (ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به) * (9).

ص :104


1- 1 - سورة النساء 4: 159.
2- 2 - تفسير القمي 1: 158.
3- 3 - سورة الأنعام 6: 37.
4- 4 - تفسير القمي 1: 198.
5- 5 - سورة يونس 10: 46.
6- 6 - تفسير القمي 1: 312.
7- 7 - سورة يونس 10: 51.
8- 8 - تفسير القمي 1: 312.
9- 9 - سورة يونس 10: 54.

روي علي بن إبراهيم: أنها نزلت في الرجعة (1).

الثامنة والثلاثون:

قوله تعالي * (فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فسئل الذين يقرءون الكتاب من قبلك) * (2).

روي علي بن إبراهيم وغيره: أن الله جمع الأنبياء لمحمد (صلي الله عليه وآله)، فأحياهم ورجعوا وصلوا خلفه (3). وأن هذا معني الآية، وهذه الآية دالة علي الرجعة للرسول (عليه السلام) لما تقدم.

التاسعة والثلاثون:

قوله تعالي * (فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون) * (4).

روي علي بن إبراهيم: أن معني قوله * (لا يؤمنون بالآخرة) * لا يؤمنون بالرجعة * (قلوبهم منكرة) * كافرة (5).

الأربعون:

قوله تعالي * (فأصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون) * (6).

روي علي بن إبراهيم: أن المراد العذاب في الرجعة (7).

الحادية والأربعون:

قوله تعالي * (يوم ندعوا كل أناس بإمامهم) * (8).

ص :105


1- 1 - تفسير القمي 1: 313.
2- 2 - سورة يونس 10: 94.
3- 3 - تفسير القمي 1: 316 - 317.
4- 4 - سورة النحل 16: 22.
5- 5 - تفسير القمي 1: 383.
6- 6 - سورة النحل 16: 34.
7- 7 - تفسير القمي 1: 385.
8- 8 - سورة الإسراء 17: 71.

روي علي بن إبراهيم أيضا ما ظاهره: أنها في الرجعة (1).

ويأتي إن شاء الله.

الثانية والأربعون:

قوله تعالي * (فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمي) * (2).

روي علي بن إبراهيم وغيره: أنها في النصاب وأن تلك المعيشة في الرجعة وأنهم يأكلون العذرة (3).

الثالثة والأربعون:

قوله تعالي * (ولقد آتينا داود منا فضلا) * (4).

روي علي بن إبراهيم في تفسير ذلك الفضل: إن من جملته: أن الله نزل عليه الزبور فيه توحيد الله وتمجيد ودعاء، وأخبار رسول الله وأمير المؤمنين والقائم وأخبار الرجعة (5).

الرابعة والأربعون:

قوله تعالي * (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) * (6).

روي علي بن إبراهيم وغيره: أن المراد بها أخبار الرجعة (7).

الخامسة والأربعون:

قوله تعالي * (أولم يروا أنا نسوق الماء إلي الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون * ويقولون متي

ص :106


1- 1 - تفسير القمي 2: 23.
2- 2 - سورة طه 20: 124.
3- 3 - تفسير القمي 2: 65، والقول مروي عن أبي عبد الله (عليه السلام).
4- 4 - سورة سبأ 34: 10.
5- 5 - تفسير القمي 2: 126، ورد القول في تفسير قوله تعالي * (ولقد آتينا داود وسليمان علما) * آية 15 من سورة النمل.
6- 6 - سورة الأنبياء 21: 105.
7- 7 - تفسير القمي 2: 126.

هذا الفتح إن كنتم صادقين) * (1).

روي علي بن إبراهيم: أن الآيتين في الرجعة (2).

السادسة والأربعون:

قوله تعالي * (أولم يسيروا في الأرض) * (3).

قال: أولم ينظروا في القرآن والأخبار برجعة الأمم الهالكة، رواه علي بن إبراهيم في تفسيرها (4).

السابعة والأربعون:

قوله تعالي * (ويريكم آياته) * (5).

روي علي بن إبراهيم: أن المراد بأمير المؤمنين والأئمة (عليهم السلام) وأنها في الرجعة (6).

الثامنة والأربعون:

قوله تعالي * (وتري الظالمين لما رأوا العذاب يقولون هل إلي مرد من سبيل) * (7).

روي علي بن إبراهيم: أن المراد بالعذاب هنا علي بن أبي طالب (عليه السلام) وخروجه في الرجعة (8).

التاسعة والأربعون:

قوله تعالي * (وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون) * (9).

ص :107


1- 1 - سورة السجدة 32: 27 - 28.
2- 2 - تفسير القمي 2: 171.
3- 3 - سورة فاطر 35: 44.
4- 4 - تفسير القمي 2: 210.
5- 5 - سورة غافر 40: 81.
6- 6 - تفسير القمي 2: 261.
7- 7 - سورة الشوري 42: 44.
8- 8 - تفسير القمي 2: 278.
9- 9 - سورة الزخرف 43: 28.

روي علي بن إبراهيم: أنها في الأئمة (عليهم السلام) وأنهم يرجعون إلي الدنيا (1).

الخمسون:

قوله تعالي * (فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين) * (2).

روي علي بن إبراهيم: أن ذلك إذا خرجوا في الرجعة من القبر (3).

الحادية والخمسون:

قوله تعالي * (ووصينا الانسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها) * (4).

روي علي بن إبراهيم وغيره: أنها في الحسين (عليه السلام)، وأن الله أخبر رسوله وبشره به قبل حمله، وأخبره بما يصيبه من القتل، وأنه يرده إلي الدنيا، وينصره حتي يقتل أعداءه، ويملكه الأرض، ف * (حملته كرها) * أي اغتمت وكرهت لما أخبرت بقتله (5).

الثانية والخمسون:

قوله تعالي * (يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج) * (6).

روي علي بن إبراهيم: أن المراد بها الرجعة (7).

الثالثة والخمسون:

قوله تعالي * (يوم تشقق الأرض عنهم سراعا) * (8).

روي علي بن إبراهيم: أن المراد بها الرجعة (9).

ص :108


1- 1 - تفسير القمي 2: 283.
2- 2 - سورة الدخان 44: 10.
3- 3 - تفسير القمي 2: 290.
4- 4 - سورة الأحقاف 46: 15.
5- 5 - تفسير القمي 2: 297، الكافي 1: 464 / 3 و 4.
6- 6 - سورة ق 50: 42.
7- 7 - تفسير القمي 2: 327.
8- 8 - سورة ق 50: 44.
9- 9 - تفسير القمي 2: 327.

الرابعة والخمسون:

قوله تعالي * (وفي السماء رزقكم وما توعدون) * (1).

روي علي بن إبراهيم: أن المراد بها أخبار الرجعة والقيامة * (فورب السماء والأرض إنه لحق) * (2) يعني ما وعدتكم (3).

الخامسة والخمسون: قوله تعالي * (وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك) * (2).

روي علي بن إبراهيم: أن المراد عذاب الرجعة بالسيف (3).

السادسة والخمسون:

قوله تعالي * (مهطعين إلي الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر) * (4).

روي علي بن إبراهيم: أن المراد بذلك الرجعة (5).

السابعة والخمسون:

قوله تعالي * (سنسمه علي الخرطوم) * (6).

روي علي بن إبراهيم: أنها في الرجعة، إذا رجع أمير المؤمنين (عليه السلام) ورجع أعداؤه فيسمهم بميسم معه (7).

الثامنة والخمسون:

قوله تعالي * (حتي إذا رأوا ما يوعدون) * (8).

روي علي بن إبراهيم: المراد بها القائم وأمير المؤمنين (عليهما السلام) في الرجعة (9).

ص :109


1- 1 و 2 - سورة الذاريات 51: 22 و 23. 3 - تفسير القمي 2: 330.
2- 4 - سورة الطور 52: 47.
3- 5 - تفسير القمي 2: 333.
4- 6 - سورة القمر 54: 8.
5- 7 - تفسير القمي 2: 341.
6- 8 - سورة القلم 68: 16.
7- 9 - تفسير القمي 2: 381.
8- 10 - سورة الجن 72: 24.
9- 11 - تفسير القمي 2: 391.

التاسعة والخمسون:

قوله تعالي * (قل إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا) * (1).

روي علي بن إبراهيم: أن المراد بها الرجعة (2).

الستون:

قوله تعالي * (عالم الغيب فلا يظهر علي غيبه أحدا إلا من ارتضي من رسول) * (3).

روي علي بن إبراهيم في تفسيرها: إن الله أخبر رسوله بما يكون من بعده من أخبار القائم (عليه السلام) والرجعة والقيامة (4).

الحادية والستون:

قوله تعالي * (قتل الانسان ما أكفره - إلي قوله - ثم إذا شاء أنشره) * (5).

روي علي بن إبراهيم: أنها نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) وأنه الانسان المذكور * (ما أكفره) * أي ما فعل وأذنب حتي قتلتموه * (ثم إذا شاء أنشره) * قال: ينشره في الرجعة * (كلا لما يقض ما أمره) * فقال: لم يقض أمير المؤمنين (عليه السلام) ما أمره، وسيرجع حتي يقضي ما أمره (6).

الثانية والستون:

قوله تعالي * (إنه علي رجعه لقادر) * (7).

روي علي بن إبراهيم: أن المراد يرده إلي الدنيا وإلي القيامة (8).

ص :110


1- 1 - سورة الجن 72: 25.
2- 2 - تفسير القمي 2: 391.
3- 3 - سورة الجن 72: 26.
4- 4 - تفسير القمي 2: 391.
5- 5 - سورة عبس 80: 17 - 22.
6- 6 - تفسير القمي 2: 405.
7- 7 - سورة الطارق 86: 8.
8- 8 - تفسير القمي 2: 415.

الثالثة والستون:

قوله تعالي * (وذكرهم بأيام الله) * (1).

روي ابن بابويه وغيره: أنها ثلاثة: يوم يقوم القائم، ويوم الكرة، ويوم القيامة (2).

الرابعة والستون:

قوله تعالي * (ومن كان في هذه أعمي فهو في الآخرة أعمي) * (3).

روي سعد بن عبد الله في " مختصر البصائر ": أن المراد بها الرجعة (4).

أقول: وربما تأتي بعض الآيات الواردة في الرجعة في تضاعيف الأحاديث الآتية إن شاء الله تعالي، وقد ألف بعض المتأخرين كتبا متعددة في تفسير القرآن وتأويله، والآيات النازلة في شأن أهل البيت (عليهم السلام) والرجعة، ولم تحضرني وقت جمع هذه الرسالة وفيما ذكر كفاية إن شاء الله تعالي.

ص :111


1- 1 - سورة إبراهيم 14: 5.
2- 2 - الخصال: 108 / 75، معاني الأخبار: 365 / 1، باب معني أيام الله عز وجل، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، تفسير القمي 2: 367.
3- 3 - سورة الإسراء 17: 72.
4- 4 - مختصر البصائر: 96 / 65، عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السلام).

ص :112

الباب الرابع: في إثبات أن ما وقع في الأمم السابقة يقع مثله في هذه الأمة

اشارة

إعلم أن هذا المعني ثابت عنهم (عليهم السلام) قد رواه العامة والخاصة ويمكن أن يستدل عليه من القرآن بقوله تعالي * (سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا) * (1) ومن السنة بالأحاديث الدالة علي التصريح بثبوته، واستدلال أهل العصمة (عليهم السلام) بها علي المعاندين وأعداء الدين، كما يأتي إن شاء الله.

وبإجماع المسلمين في الجملة، فإن الأحاديث بذلك كثيرة من طرق العامة والخاصة، وقد صنف علماؤنا كتبا في إثباته مذكورة في كتب الرجال، وتقدم ذكر بعضها، وأنا أذكر الذي يحضرني من الأحاديث في هذا المعني، وقد رأيتها في عدة كتب معتمدة مروية من عدة طرق مسندة ومرسلة فأقول:

الحديث الأول:

مما يدل علي ذلك ما رواه الشيخ الجليل رئيس المحدثين أبو جعفر ابن بابويه في كتاب " من لا يحضره الفقيه " الذي صرح بأنه لا يورد فيه إلا ما يفتي به ويحكم بصحته، ويعتقد أنه حجة بينه وبين ربه، وشهد بأن كل ما فيه مأخوذ من كتب مشهورة، عليها المعول وإليها المرجع (2).

قال في باب فرض الصلاة: قال النبي (صلي الله عليه وآله): " يكون في هذه الأمة كل ما كان

ص :113


1- 1 - سورة الأحزاب 33: 62.
2- 2 - الفقيه 1: 3، المقدمة.

في بني إسرائيل، حذو النعل بالنعل، والقذة بالقذة " (1).

الثاني:

ما رواه ابن بابويه أيضا في أواخر كتاب " كمال الدين وتمام النعمة " قال: قد صح عن النبي (صلي الله عليه وآله) أنه قال: " كل ما كان في الأمم السالفة يكون مثله في هذه الأمة، حذو النعل بالنعل، والقذة بالقذة " (2).

الثالث:

ما رواه الشيخ الجليل ثقة الاسلام أبو جعفر الكليني - في باب أن الأئمة ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) - عن محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير - يعني ليث المرادي - عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إن الله لم يعط الأنبياء شيئا إلا وقد أعطاه محمدا (صلي الله عليه وآله) " (3) الحديث.

الرابع:

ما رواه الكليني أيضا في الباب المذكور عن محمد بن يحيي، عن أحمد بن أبي زاهر أو غيره، عن محمد بن حماد، عن أخيه أحمد بن حماد، عن أبيه، عن أبي الحسن الأول (عليه السلام) قال: قلت له: أخبرني عن النبي (صلي الله عليه وآله) ورث النبيين كلهم؟ قال: " نعم " قلت: إن عيسي بن مريم كان يحيي الموتي بإذن الله؟ قال:

" صدقت، وسليمان كان يفهم منطق الطير، وكان رسول الله (صلي الله عليه وآله) يقدر علي هذه المنازل " (4) الحديث. وفيه: أن الأئمة (عليهم السلام) ورثوا ذلك.

الخامس:

ما رواه الكليني أيضا - في باب ما أعطي الله الأئمة (عليهم السلام) من الاسم الأعظم - عن محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد ومحمد بن خالد، عن زكريا بن عمران القمي، عن هارون بن الجهم، عن رجل

ص :114


1- 1 - الفقيه 1: 130 / 609.
2- 2 - كمال الدين: 576.
3- 3 - الكافي 1: 225 / 5.
4- 4 - الكافي 1: 226 / 7.

قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " إن عيسي بن مريم (عليه السلام) أعطي حرفين كان يعمل بهما، وأعطي موسي أربعة أحرف، وأعطي إبراهيم ثمانية أحرف، وأعطي نوح خمسة عشر حرفا، وأعطي آدم خمسة وعشرين حرفا، إن الله جمع ذلك كله لمحمد (صلي الله عليه وآله)، وإن الاسم الأعظم ثلاثة وسبعون حرفا أعطي محمد (صلي الله عليه وآله) اثنين وسبعين حرفا وحجب عنه حرف واحد " (1).

السادس:

ما رواه الكليني أيضا - في باب مولد أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) - عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن مثني الحناط، عن أبي بصير قال: دخلت علي أبي جعفر (عليه السلام) فقلت له: أنتم ورثة رسول الله؟ قال: " نعم " قلت: ورسول الله وارث الأنبياء كلهم، علم كل ما علموا؟ قال: " نعم " قلت: فأنتم تقدرون علي أن تحيوا الموتي وتبرئوا الأكمه والأبرص؟ قال: " نعم بإذن الله " (2) الحديث.

ورواه الراوندي في " الخرائج والجرائح " في الباب السادس (3).

ورواه علي بن عيسي في " كشف الغمة " نقلا من كتاب " الدلائل " لعبد الله بن جعفر الحميري (4).

ورواه الكشي في كتاب " الرجال " عن محمد بن مسعود العياشي، عن علي بن محمد القمي، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن علي بن الحكم مثله (5).

ص :115


1- 1 - الكافي 1: 230 / 2.
2- 2 - الكافي 1: 470 / 3.
3- 3 - الخرائج والجرائح 1: 274 / 5.
4- 4 - كشف الغمة 2: 142.
5- 5 - رجال الكشي: 174 / 298.

أقول: والأحاديث في هذا المعني كثيرة جدا ودلالته علي مضمون الباب ظاهرة لا تخفي.

السابع:

ما رواه الكليني أيضا في " الروضة " قريبا من النصف عن محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، وعن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد جميعا، عن ابن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال له: إن العامة يقولون: إن بيعة أبي بكر حيث اجتمع الناس عليها كانت لله رضي، وما كان الله ليفتن أمة محمد من بعده - إلي أن قال -: فقال أبو جعفر (عليه السلام): " أليس قد أخبر الله عن الذين من قبلهم من الأمم أنهم اختلفوا من بعدما جاءتهم البينات؟ حيث قال: * (وآتينا عيسي بن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعدما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر) * (1) " (2).

وفي هذا ما يستدل به علي أن أصحاب محمد اختلفوا من بعده، فمنهم من آمن ومنهم من كفر.

أقول: هذا دال علي مضمون الباب، وإلا لما صح الاستدلال.

الثامن:

ما رواه أبو جعفر بن بابويه في كتاب " كمال الدين وتمام النعمة " - في باب ما أخبر به الصادق (عليه السلام) من وقوع الغيبة - بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إن سنن الأنبياء وما وقع فيهم من الغيبة، جارية في القائم منا أهل البيت، حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة " (3).

ص :116


1- 1 - سورة البقرة 2: 253.
2- 2 - الكافي 8: 270 / 398.
3- 3 - كمال الدين: 345 / 31.

التاسع:

ما رواه الطبرسي في آخر كتاب " إعلام الوري " حيث قال: قد صح عن النبي (صلي الله عليه وآله) أنه قال: " كل ما كان في الأمم السالفة فإنه يكون في هذه الأمة مثله، حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة " (1).

ورواه علي بن عيسي في " كشف الغمة " نقلا عنه (2).

العاشر:

ما رواه ابن بابويه في " اعتقاداته " - في باب الاعتقاد في الرجعة - حيث قال: وقال النبي (صلي الله عليه وآله): " يكون في هذه الأمة ما كان في الأمم السالفة، حذو النعل بالنعل، والقذة بالقذة " (3).

الحادي عشر:

ما رواه الشيخ الثقة الجليل أبو عمرو الكشي في " كتاب الرجال " - في ترجمة حيان السراج - عن حمدويه قال: حدثنا الحسن بن موسي قال: حدثني محمد بن أصبغ، عن مروان بن مسلم، عن بريد العجلي، قال: دخلت علي أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: " لو سبقت قليلا لأدركت حيان السراج (4)، وكان هنا جالسا " فذكر له محمد بن الحنفية وذكر حياته فقلت له: أليس نزعم وتزعمون ونروي وتروون: أنه لم يكن في بني إسرائيل شئ إلا وفي هذه الأمة مثله؟ قال:

" بلي " قلت: فهل رأيتم ورأينا، وسمعتم وسمعنا، بعالم مات علي أعين الناس فنكح نساءه وقسمت أمواله وهو حي لا يموت؟ فقام ولم يرد علي شيئا (5).

ورواه ميرزا محمد بن علي الاسترآبادي في كتاب الرجال نقلا عن الكشي (6).

ص :117


1- 1 - إعلام الوري 2: 309.
2- 2 - كشف الغمة 2: 545.
3- 3 - اعتقادات الصدوق: 62، ضمن مصنفات المفيد ج 5.
4- 4 - كان حيان كيسانيا متعصبا (منه (رحمه الله)).
5- 5 - لم يتوفر لدينا رجال الكشي، بل هو موجود في اختيار معرفة الرجال: 314 / 568.
6- 6 - منهج المقال: 127.

ورواه الشيخ في كتاب الاختيار من الكشي مثله (1).

الثاني عشر:

ما رواه الكشي أيضا - في ترجمة سلمان الفارسي - عن محمد بن مسعود العياشي، عن الحسين بن اشكيب، عن الحسين بن خرزاذ القمي، عن محمد بن حماد الساسي، عن صالح بن نوح، عن زيد بن المعدل، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " خطب سلمان فقال: الحمد لله الذي هداني لدينه - إلي أن قال -: لتركبن طبقا عن طبق، سنة بني إسرائيل القذة بالقذة - ثم قال بعد كلام من جملة الخطبة -: والسبعين الذين اتهموا موسي علي قتل هارون فأخذتهم الرجفة فماتوا، ثم بعثهم الله أنبياء مرسلين وغير مرسلين، وأمر هذه الأمة كأمر بني إسرائيل فأين يذهب بكم؟ " (2) ثم ذكر تمام الخطبة.

ورواه الشيخ في الاختيار (3).

ورواه ميرزا محمد في كتاب الرجال نقلا عن الكشي (4).

الثالث عشر:

ما رواه ابن بابويه في كتاب " كمال الدين " - في باب ما أخبر به الصادق (عليه السلام) من وقوع الغيبة - ورواه الطبرسي في " إعلام الوري " وعلي بن عيسي في " كشف الغمة " عن سدير الصيرفي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث طويل قال: " وأما العبد الصالح - يعني الخضر (عليه السلام) - فإنه ما طول عمره لنبوة قدرها له، ولا كتاب نزل عليه، ولا بشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء، ولا لإمامة يلزم عباده الاقتداء بها، ولا لطاعة يفرضها له.

بل إن الله لما كان في سابق علمه أن يقدر من عمر القائم من أيام غيبته ما يقدر،

ص :118


1- 1 - اختيار معرفة الرجال: 314 / 568.
2- 2 - لم يتوفر لدينا رجال الكشي، بل هو موجود في اختيار معرفة الرجال: 20 / 47.
3- 3 - المصدر نفسه.
4- 4 - منهج المقال: 169 و 170.

وعلم ما يكون من إنكار عباده لمقدار ذلك العمر في الطول، عمر العبد الصالح من غير سبب أوجب ذلك، إلا لعلة الاستدلال به علي عمر القائم، وليقطع به حجة المعاندين، لئلا يكون للناس علي الله حجة " (1).

الرابع عشر:

ما رواه الشيخ أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في كتاب " الاحتجاج علي أهل اللجاج " - في احتجاج رسول الله (صلي الله عليه وآله) - عن أبي محمد الحسن العسكري (عليه السلام) أنه قيل لأمير المؤمنين (عليه السلام): هل كان لرسول الله (صلي الله عليه وآله) مثل آية موسي في رفعه الجبل؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): " والذي بعثه بالحق نبيا ما من آية كانت لأحد من الأنبياء من لدن آدم إلي أن انتهي إلي محمد إلا وقد كان لمحمد مثلها أو أفضل منها " (2) الحديث.

الخامس عشر:

ما رواه الطبرسي أيضا في " الاحتجاج " عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " خطب سلمان بعد دفن النبي (صلي الله عليه وآله) بثلاثة أيام فقال: أيها الناس اسمعوا حديثي - إلي أن قال -: إنكم أخذتم سنة بني إسرائيل أما والله لتركبن طبقا عن طبق، سنة بني إسرائيل حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة " (3).

السادس عشر:

ما رواه الشيخ الجليل قطب الدين الراوندي في كتاب " الخرائج والجرائح " - في باب أعلام النبي والأئمة (عليهم السلام) - عن أبي حمزة الثمالي قال: قلت لعلي بن الحسين (عليهما السلام): الأئمة منكم يحيون الموتي ويبرئون الأكمه والأبرص ويمشون علي الماء؟ فقال (عليه السلام): " ما أعطي الله نبيا شيئا إلا وقد أعطي الله محمدا مثله، وأعطاه ما لم يعطهم ولم يكن عندهم، وكل ما كان عند

ص :119


1- 1 - كمال الدين: 357، إعلام الوري 2: 238، كشف الغمة: لم أعثر عليه في مظانه.
2- 2 - الاحتجاج 1: 68 / 23.
3- 3 - الاحتجاج 1: 294 / 51.

رسول الله (صلي الله عليه وآله) فقد أعطاه أمير المؤمنين ثم الحسن ثم الحسين (عليهم السلام)، ثم إماما بعد إمام إلي يوم القيامة، مع الزيادة التي تحدث في كل سنة، وكل شهر، وكل يوم " (1) الحديث.

السابع عشر:

ما رواه الشيخ الجليل أمين الدين أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي في كتاب " مجمع البيان " عند تفسير قوله تعالي * (ويوم نحشر من كل أمة فوجا) * (2) قال: وصح عن النبي (صلي الله عليه وآله) قوله: " سيكون في أمتي كل ما كان في بني إسرائيل، حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة، حتي لو أن أحدهم دخل في جحر ضب لدخلتموه " (3).

الثامن عشر:

ما رواه رئيس المحدثين أبو جعفر ابن بابويه في كتاب " عيون أخبار الرضا (عليه السلام) " - في باب ما جاء عن الرضا (عليه السلام) في وجه دلائل الأئمة (عليهم السلام) والرد علي الغلاة والمفوضة - قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي، قال:

حدثني أبي قال: حدثنا أحمد بن علي الأنصاري، عن الحسن بن الجهم، عن الرضا (عليه السلام) في حديث طويل أن المأمون سأله فقال: يا أبا الحسن ما تقول في الرجعة؟ فقال الرضا (عليه السلام): " إنها لحق قد كانت في الأمم السالفة، ونطق بها القرآن ". وقد قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): " يكون في هذه الأمة كل ما كان في الأمم السالفة، حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة " (4) الحديث.

التاسع عشر:

ما رواه الشيخ قطب الدين الراوندي في كتاب " الموازاة بين المعجزات " الذي ألحقه وأضافه إلي كتاب الخرائج والجرائح، قال: قال

ص :120


1- 1 - الخرائج والجرائح 2: 583 / 1.
2- 2 - سورة النمل 27: 83.
3- 3 - مجمع البيان 7: 430.
4- 4 - عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 201 / 1.

الصادق (عليه السلام): " إن الله رد علي أيوب أهله وماله الذين هلكوا " ثم ذكر قصة عزير وأن الله أماته وأحياه، وقصة الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف وقال لهم الله موتوا ثم أحياهم (1) وغير ذلك، ثم قال: " فمن أقر بجميع ذلك كيف ينكر الرجعة في الدنيا؟ وقد قال النبي (صلي الله عليه وآله): ما جري في أمم الأنبياء قبلي شئ إلا ويجري في أمتي مثله " (2).

العشرون:

ما رواه الشيخ الجليل الحسن بن سليمان بن خالد القمي في " رسالته " نقلا من كتاب " مختصر البصائر " لسعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيي، عن أبي خالد القماط، عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: هل كان في بني إسرائيل شئ لا يكون مثله هاهنا؟ قال: " لا " (3) الحديث.

الحادي والعشرون:

ما رواه الحسن بن سليمان أيضا نقلا من كتاب " مختصر البصائر " لسعد بن عبد الله، عن محمد بن عبد الجبار، عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، عن حميد (4) بن المثني، عن شعيب الحداد، عن أبي الصباح الكناني قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن أشياء وجعلت أكره أن أسميها فقال:

" لعلك تسأل عن الكرات؟ " قلت: نعم، قال: " تلك القدرة ولا ينكرها إلا القدرية.

ص :121


1- 1 - اقتباس من سورة البقرة آية: 243.
2- 2 - الخرائج والجرائح 2: 933 - 934.
3- 3 - مختصر البصائر: 105 / 76، باب الكرات.
4- 4 - في المطبوع ونسخة " ش ": عبيد، وما أثبتناه من المصدر، وهو الصحيح، وهو العجلي، كوفي، ثقة، ثقة، يكني بأبي المغرا، روي عن أبي عبد الله وأبي الحسن (عليهما السلام). انظر رجال النجاشي: 133 / 340، معجم رجال الحديث 7: 309.

إن رسول الله (صلي الله عليه وآله) اتي بقناع (1) من الجنة عليه عذق، يقال له: سنة، فتناولها رسول الله (صلي الله عليه وآله) سنة من كان قبلكم " (2).

الثاني والعشرون:

ما رواه العامة والخاصة من قوله (صلي الله عليه وآله): " علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل " (3) والاستدلال به لا يخفي علي المتأمل.

الثالث والعشرون:

ما رواه علي بن إبراهيم في " تفسيره " عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) أنه قال: " لم يكن في بني إسرائيل شئ إلا وفي أمتي مثله " (4).

الرابع والعشرون:

ما رواه الشيخ الجليل علي بن محمد الخزاز القمي في كتاب " الكفاية في النصوص علي الأئمة (عليهم السلام) " - في باب ابن عباس - قال: حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني، عن أحمد بن مطرف (5)، عن أبي حاتم المهلبي المغيرة بن محمد، عن عبد الغفار بن كثير الكوفي، عن إبراهيم بن حميد، عن أبي هاشم، عن مجاهد عن ابن عباس، عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) في حديث طويل قال: " كائن في أمتي ما كان في بني إسرائيل، حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة " (6).

ص :122


1- 1 - القناع: طبق الرطب، لسان العرب 8: 301 - قنع.
2- 2 - مختصر البصائر: 101 / 72.
3- 3 - غوالي اللئالي 4: 77 / 67، ومن العامة العجلوني في كشف الخفاء 2: 83 / 1744.
4- 4 - تفسير القمي 1: 47.
5- 5 - في النسخة المطبوعة: أحمد بن مظفر، وما في المتن أثبتناه من نسخة " ش ". وفي المصدر: أحمد بن مطرق بن سواد بن الحسين القاضي البستي. وقد نقله المجلسي في البحار عن المصدر في موردين: فالأول 3: 303 / 40، عن أحمد بن مطوق بن سوار، والثاني 36: 283 / 106، عن أحمد بن مطوق. ولم يذكره أصحاب التراجم. انظر مستدركات النمازي 1: 488 / 1863.
6- 6 - كفاية الأثر: 15.

الخامس والعشرون:

ما رواه ابن طاووس في كتاب " كشف المحجة لثمرة المهجة " من طريق العامة والخاصة عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) أنه يجري في أمته ما جري في الأمم السالفة (1).

السادس والعشرون:

ما رواه الشيخ الثقة الجليل سعيد بن هبة الله الراوندي في كتاب " قصص الأنبياء " بإسناده عن ابن بابويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن الحسين بن سيف بن عميرة، عن أخيه علي، عن أبيه، عن محمد بن مارد، عن عبد الأعلي بن أعين، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):

حديث يرويه الناس أن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال: " حدث عن بني إسرائيل ولا حرج " قال: نعم، قلت: فنحدث عن بني إسرائيل ولا حرج علينا؟ قال: " أما سمعت ما قال، كفي بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع " قلت: كيف هذا؟ قال: " ما كان في الكتاب أنه كان في بني إسرائيل، فحدث أنه كائن في هذه الأمة ولا حرج " (2).

أقول: والأحاديث في ذلك كثيرة متواترة بين الشيعة والعامة، ولم أوردها كلها لضيق المجال وقلة وجود الكتب، وفيما أوردته منها بل في بعضه كفاية إن شاء الله، وهي دالة بعمومها وخصوصها علي صحة الرجعة، وعلي تقدير أن يثبت تخصيص العموم في بعض الأفراد بدليل شرعي صحيح صريح فإنه يقبل.

وأما في الرجعة فلا سبيل إلي تخصيص هذا العموم، لأن هذه الأحاديث كما رأيت تدل علي صحة الرجعة عموما وخصوصا، والنص علي الخصوص صريح في دخول هذا الفرد في العموم، وعدم إمكان اخراجه لكثرة التصريحات وقوة الدلالة وتظافر الأدلة والمساواة المستفادة من قولهم " حذو النعل بالنعل والقذة

ص :123


1- 1 - كشف المحجة لثمرة المهجة: 54.
2- 2 - قصص الأنبياء: 187 / 234.

بالقذة ".

يمكن حملها علي الغالب أو علي المبالغة أو علي المساواة من بعض الوجوه، إن ثبت التغاير في بعض الخصوصيات والتفاصيل، ومعلوم أن المساواة لا تفيد العموم وإلا لزم الاتحاد وهي بمنزلة المشابهة.

ومعلوم أن التشبيه صادق مع الاتفاق في وصف من الأوصاف دون الجميع، وإنما يلزم الحكم بالعموم في أول الحديث للتصريح فيه بلفظ العموم وتأكيد الحكم بوجوه لا تخفي، وإذا ثبت مضمون هذا الباب ظهر أن كل حديث في البابين الآتيين حجة ودليل علي صحة الرجعة، وإنها لابد أن تقع في هذه الأمة لجماعة كثيرة من الرعية وأهل العصمة (عليهم السلام)، مضافة إلي الأبواب الآتية المشتملة علي الأحاديث الصريحة والله الهادي.

ص :124

الباب الخامس: في إثبات أن الرجعة قد وقعت في الأمم السابقة

اشارة

إعلم أن هذا المعني لا خلاف ولا شك فيه عند أحد من المسلمين، وقد نطق به القرآن كما تقدم، وأنا أذكر هنا جملة من الأحاديث الواردة في ذلك ولا أدعي الاستقصاء فإنها أكثر من أن تحصي، وقد تضمنت كتب العامة والخاصة شيئا كثيرا من ذلك، وقد نقلوا هذا المعني في كتب التواريخ وكتب الحديث والتفاسير وغيرها، ولم أنقل إلا بعض ما ورد من طريق علماء الخاصة واقتصرت علي أحاديث:

الأول:

ما رواه الشيخ الجليل رئيس المحدثين أبو جعفر ابن بابويه في كتاب " عيون الأخبار " - في باب الأخبار المنثورة - قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه) قال: حدثنا علي بن موسي بن جعفر الكميداني، ومحمد بن يحيي العطار جميعا، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: " إن رجلا من بني إسرائيل قتل قرابة له، فطرحه علي طريق أفضل سبط من أسباط بني إسرائيل، ثم جاء يطلب بدمه.

فقال لموسي: إن سبط آل فلان قتلوا فلانا فأخبرنا من قتله، فقال: ائتوني ببقرة * (قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين) * (1) ولو أنهم عمدوا إلي

ص :125


1- 1 - سورة البقرة 2: 67.

بقرة أجزأتهم ولكن شددوا فشدد الله عليهم - إلي أن قال -: فاشتروها وجاؤوا بها فأمر بذبحها، ثم أمر أن يضرب الميت بذنبها، فلما فعلوا ذلك حيي المقتول فقال:

يا رسول الله إن ابن عمي قتلني دون من يدعي عليه قتلي " (1) الحديث.

الثاني:

ما رواه ابن بابويه أيضا في كتاب " عيون الأخبار " - في باب مجلس الرضا (عليه السلام) مع أهل الأديان وأهل المقالات في التوحيد عند المأمون - قال: حدثنا أبو محمد جعفر بن علي بن أحمد الفقيه القمي قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن حسن بن علي بن صدقة القمي قال: حدثني أبو عمرو محمد بن عبد العزيز الأنصاري قال: حدثني من سمع الحسن بن محمد النوفلي ثم الهاشمي يقول: ثم ذكر احتجاج الرضا (عليه السلام) علي أهل المقالات - إلي أن قال الرضا (عليه السلام) لبعض علماء النصاري -: " ما أنكرت أن عيسي (عليه السلام) كان يحيي الموتي بإذن الله؟ " قال الجاثليق: أنكرت ذلك من قبل، أن من أحيا الموتي وأبرأ الأكمه والأبرص فهو رب مستحق لأن يعبد.

فقال الرضا (عليه السلام): " فإن اليسع قد صنع مثل ما صنع عيسي (عليه السلام)، مشي علي الماء وأحيا الموتي وأبرأ الأكمه والأبرص، فلم تتخذه أمته ربا، ولم يعبده أحد من دون الله، ولقد صنع حزقيل النبي مثل ما صنع عيسي بن مريم (عليه السلام)، فأحيي خمسة وثلاثين ألف رجل بعد موتهم بستين سنة ".

ثم التفت إلي رأس الجالوت فقال له: " أتجد هؤلاء في شباب بني إسرائيل في التوراة، اختارهم بخت نصر من سبي بني إسرائيل حين غزا بيت المقدس، ثم انصرف بهم إلي بابل فأرسله الله إليهم فأحياهم، هذا في التوراة لا يدفعه إلا كافر منكم؟ " قال رأس الجالوت: قد سمعنا به وعرفناه قال: " صدقت " ثم أقبل علي

ص :126


1- 1 - عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 13: 31.

النصراني فقال: " يا نصراني فهؤلاء كانوا قبل عيسي أم عيسي كان قبلهم؟ " قال:

بل كانوا قبله.

فقال الرضا (عليه السلام): " لقد اجتمعت قريش إلي رسول الله (صلي الله عليه وآله) فسألوه أن يحيي لهم موتاهم، فوجه معهم علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: يا علي إذهب إلي الجبانة فناد بأسماء هؤلاء الرهط الذين يسألون عنهم بأعلي صوتك: يا فلان ويا فلان ويا فلان، يقول لكم محمد (صلي الله عليه وآله): قوموا بإذن الله، فقاموا ينفضون التراب عن رؤوسهم، فأقبلت قريش تسألهم عن أحوالهم ثم أخبروهم أن محمدا قد بعث نبيا، فقالوا: وددنا أنا أدركناه فنؤمن به - إلي أن قال -: إن قوما من بني إسرائيل خرجوا من ديارهم من الطاعون وهم ألوف حذر الموت، فأماتهم الله في ساعة واحدة، فعمد أهل القرية فحظروا عليهم حظيرة (1)، فلم يزالوا فيها حتي نخرت عظامهم وصارت رميما، فمر بهم نبي من أنبياء بني إسرائيل فتعجب من كثرة العظام البالية، فأوحي الله إليه: أتحب أن أحييهم لك فتنذرهم؟ قال: نعم يا رب، فأوحي الله إليه: نادهم فقال: أيتها العظام البالية قومي بإذن الله تعالي، فقاموا أحياء أجمعون، ينفضون التراب عن رؤوسهم.

ثم إبراهيم خليل الرحمن حين أخذ الطير فقطعهن قطعا، ثم وضع علي كل جبل منهن جزءا، ثم ناداهن فأقبلن سعيا إليه.

ثم موسي بن عمران وأصحابه الذين كانوا سبعين اختارهم فصاروا معه إلي الجبل، فقالوا: إنك قد رأيت الله سبحانه فأرناه كما رأيته، فقال: إني لم أره، فقالوا: (لن نؤمن لك حتي نري الله جهرة، فأخذتهم الصاعقة) (2) فاحترقوا عن

ص :127


1- 1 - الحظيرة: الموضع الذي يحاط عليه. لسان العرب 4: 204 - حظر.
2- 2 - ما بين القوسين اقتباس من قوله تعالي * (وإذ قلتم يا موسي لن نؤمن لك حتي نري الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون) * سورة البقرة آية 55.

آخرهم، فبقي موسي وحيدا فقال: يا رب إني اخترت منهم سبعين رجلا فجئت بهم وأرجع وحدي فكيف يصدقني قومي بما أخبرهم به، فأحياهم الله تعالي من بعد موتهم.

وكل شئ ذكرته لك لا تقدر علي دفعه، لأن التوراة والإنجيل والزبور والفرقان قد نطقت به " (1) الحديث.

ورواه ابن بابويه أيضا في كتاب " التوحيد " في الباب المذكور بالإسناد السابق (2).

ورواه الشيخ الطبرسي في كتاب " الاحتجاج " مرسلا (3).

أقول: قوله: " ما أنكرت "... إلي آخره. معناه أي شئ أنكرت من إحياء عيسي للموتي بإذن الله، حتي زعمت أنه ينافي البشرية ويستلزم الربوبية، فإن النصاري لم ينكروا إحياء الموتي وإنما أنكروا البشرية وهو ظاهر.

واعلم أن هذا الحديث الشريف يدل علي أن الرجعة لا تستلزم التكليف ولا تنافيه، بل يمكن كون أهل الرجعة كلهم مكلفين، وأن يكونوا غير مكلفين، وأن يكون بعضهم مكلفا وبعضهم غير مكلف، لأن الجماعة من قريش لما أحياهم الله لم يكونوا مكلفين وإلا لما قالوا: وددنا أنا أدركناه فنؤمن به، وأن الجماعة من بني إسرائيل لما أحياهم الله بعد موتهم كانوا مكلفين. ويأتي تحقيق ذلك إن شاء الله.

الثالث:

ما رواه ابن بابويه أيضا في " عيون الأخبار " - في باب ذكر مجلس

ص :128


1- 1 - عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 159 / 1.
2- 2 - التوحيد: 422 - 423.
3- 3 - الاحتجاج 2: 407 / 307.

آخر للرضا (عليه السلام) عند المأمون في عصمة الأنبياء (عليهم السلام) - قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي، عن أبيه، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، عن علي بن محمد بن الجهم - في حديث طويل - إن المأمون قال للرضا (عليه السلام):

فأخبرني عن قول إبراهيم * (رب أرني كيف تحيي الموتي قال أولم تؤمن قال بلي ولكن ليطمئن قلبي) * (1)؟ فقال الرضا (عليه السلام): " إن الله أوحي إلي إبراهيم (عليه السلام) إني متخذ خليلا إن سألني إحياء الموتي أحييتها له، فوقع في قلب إبراهيم أنه ذلك الخليل فقال * (رب أرني كيف تحيي الموتي قال أولم تؤمن قال بلي ولكن ليطمئن قلبي - علي الخلة - قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل علي كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن يأتينك سعيا) * (2).

فأخذ إبراهيم (عليه السلام) نسرا وبطا وطاووسا وديكا فقطعهن وخلطهن، ثم جعل علي كل جبل - من الجبال التي كانت حوله وكانت عشرة - منهن جزءا وجعل مناقيرهن بين أصابعه، ثم دعاهن بأسمائهن ووضع عنده حبا وماء، فتطايرت تلك الأجزاء بعضها إلي بعض حتي استوت الأبدان، وجاء كل بدن حتي انضم إلي رقبته ورأسه، فخلي إبراهيم عن مناقيرهن فطرن، ثم وقعن فشربن من ذلك الماء، والتقطن من ذلك الحب وقلن: يا نبي الله أحييتنا أحياك الله، فقال إبراهيم: بل الله يحيي ويميت وهو علي كل شئ قدير " فقال المأمون: بارك الله فيك يا أبا الحسن (3)، الحديث.

ورواه في كتاب " التوحيد " أيضا بهذا السند في باب القدرة (2).

ص :129


1- 1 و 2 - سورة البقرة 2: 260. 3 - عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 198 / 1.
2- 4 - التوحيد: 132 / 14.

ورواه الطبرسي في " الاحتجاج " مثله (1).

الرابع:

ما رواه ابن بابويه في " عيون الأخبار " - في الباب المذكور - بالإسناد السابق أن المأمون سأل الرضا (عليه السلام) فقال: أخبرني عن قول الله عز وجل * (ولما جاء موسي لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني) * (2) فقال:

" إن موسي لما كلمه ربه رجع إلي قومه فأخبرهم، فقالوا: لن نؤمن لك حتي نسمع كلامه، وكان القوم سبعمائة ألف، فاختار منهم سبعين ألفا، ثم اختار منهم سبعة آلاف، ثم اختار منهم سبعمائة، ثم اختار منهم سبعين رجلا.

فخرج بهم إلي طور سيناء، فلما سمعوا كلام الله، قالوا: (لن نؤمن لك حتي نري الله جهرة، فبعث الله عليهم صاعقة) (3) فأخذتهم بظلمهم فماتوا، فقال موسي:

يا رب ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم؟ فقالوا: إنك ذهبت بهم فقتلتهم لأنك لم تكن صادقا؟ فأحياهم الله وبعثهم معه " (4) الحديث.

ورواه الطبرسي في " الاحتجاج " مثله (5).

الخامس:

ما رواه ابن بابويه أيضا في كتاب " الخصال " - في باب الأربعة - قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، عن موسي بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن صالح بن سهل،

ص :130


1- 1 - الاحتجاج 2: 426.
2- 2 - سورة الأعراف 7: 143.
3- 3 - اقتباس من قوله تعالي * (لن نؤمن لك حتي نري الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون) * البقرة 2: 55.
4- 4 - عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 200 / 1.
5- 5 - الاحتجاج 2: 430.

عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالي * (فخذ أربعة من الطير) * (1) قال: " أخذ الهدهد والصرد والطاووس والغراب فذبحهن وعزل رؤوسهن، ثم دق أبدانهن حتي اختلطت ثم جزأهن عشرة أجزاء علي عشرة أجبل، ثم وضع عنده حبا وماء، ثم جعل مناقيرهن بين أصابعه، ثم قال: ائتين سعيا بإذن الله عز وجل، فتطاير بعضها إلي بعض - اللحم والريش والعظام - حتي استوت الأبدان كما كانت، وجاء كل بدن حتي التزق برقبته التي فيها رأسه والمنقار، فخلي إبراهيم عن مناقيرهن فوقفن وشربن من ذلك الماء، والتقطن من ذلك الحب، ثم قلن: أحييتنا يا نبي الله أحياك الله، فقال إبراهيم: بل الله يحيي ويميت " (2).

السادس:

ما رواه ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني - في باب النوادر من كتاب الجنائز - عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب (3)، عن يزيد الكناسي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " إن فتية من أولاد ملوك بني إسرائيل كانوا متعبدين، خرجوا يسيرون فمروا بقبر علي ظهر الطريق قد سفي (4) عليه السافي ليس منه إلا رسمه، فقالوا: لو دعونا الله الساعة فينشر لنا صاحب هذا القبر فساءلناه كيف وجد طعم الموت، فدعوا الله عز وجل فكان دعاؤهم الذي دعوا الله به: أنت إلهنا يا ربنا ليس لنا إله غيرك - إلي أن قال -: انشر لنا هذا الميت بقدرتك.

قال: فخرج من ذلك القبر رجل أبيض الرأس واللحية، ينفض رأسه من التراب فزعا شاخصا بصره إلي السماء، فقال لهم: ما يوقفكم علي قبري؟ فقالوا: دعوناك لتخبرنا كيف وجدت طعم الموت، فقال لهم: قد سكنت في قبري تسعا وتسعين

ص :131


1- 1 - سورة البقرة 2: 260.
2- 2 - الخصال: 264 / 146.
3- 3 - " عن أبي أيوب " أثبتناه من المصدر لضرورة وجوده في السند كما ورد في طبقات الرواة.
4- 4 - سفي: سفت الريح التراب: ذرته وحملته. القاموس المحيط 4: 380 - سفت.

سنة ما ذهب عني ألم الموت وكربه، ولا خرج مرارة طعم الموت من حلقي، فقالوا له: مت وأنت علي ما نري أبيض الرأس واللحية؟ فقال: لا ولكن لما سمعت الصيحة اخرج اجتمعت تربة عظامي إلي روحي فبقيت فيه، فخرجت فزعا شاخصا بصري، مهطعا إلي صوت الداعي، فابيض لذلك رأسي ولحيتي " (1).

أقول: وإذا جاز أن يحيي الله الموتي بدعاء أولاد ملوك المتعبدين، فكيف يجوز أن ينكر إحياء الموتي بدعاء أولاد الأنبياء المعصومين والأئمة الطاهرين، مع ما تقدم في الباب السابق وغيره.

السابع:

ما رواه الكليني أيضا - في كتاب العقل والجهل - عن الحسين بن محمد، عن أحمد بن محمد السياري، عن أبي يعقوب البغدادي، عن أبي الحسن (عليه السلام) (2) في حديث أنه قال: " إن الله بعث عيسي (عليه السلام) في زمان قد ظهرت فيه الزمانات، واحتاج الناس إلي الطب، فأتاهم من عند الله بما لم يكن عندهم مثله، وبما أحيا لهم الموتي وأبرأ الأكمه والأبرص بإذن الله " (3) الحديث.

ورواه ابن بابويه في كتاب " العلل " عن جعفر بن محمد بن مسرور، عن الحسين بن محمد مثله (4).

ورواه في كتاب " عيون الأخبار " أيضا قريبا من نصف الكتاب (5).

ورواه البرقي في كتاب العلل من " المحاسن " (6).

ص :132


1- 1 - الكافي 3: 260 / 38.
2- 2 - في المصدر: قال: قال ابن السكيت لأبي الحسن (عليه السلام).
3- 3 - الكافي 1: 24 / 20.
4- 4 - علل الشرائع: 121 / 6.
5- 5 - عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 79 / 12.
6- 6 - لم أعثر عليه في النسخ المطبوعة من المحاسن.

الثامن:

ما رواه الكليني في - باب أن الأئمة ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء عليهم السلام - عن محمد بن يحيي، عن أحمد بن أبي زاهر أو غيره، عن محمد بن حماد، عن أخيه أحمد بن حماد، [عن إبراهيم] (1)، عن أبيه، عن أبي الحسن الأول (عليه السلام) قال: قلت له: إن عيسي (عليه السلام) كان يحيي الموتي بإذن الله قال:

" صدقت، وسليمان كان يفهم منطق الطير، وكان رسول الله (صلي الله عليه وآله) يقدر علي هذه المنازل " (2) الحديث.

ورواه الصفار في " بصائر الدرجات " عن محمد بن حماد، عن أخيه أحمد بن حماد، عن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي الحسن (عليه السلام) مثله (3).

ورواه في باب آخر عن محمد بن حماد، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبيه، عن أبي الحسن الأول (عليه السلام) (4).

التاسع:

ما رواه الكليني في " الروضة " - بعد حديث قوم صالح - عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عمر بن يزيد وغيره، عن بعضهم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) وبعضهم عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالي * (ألم تر إلي الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم) * (5) فقال: " إن هؤلاء أهل مدينة من مدائن الشام وكانوا سبعين ألف بيت، كان الطاعون يقع فيهم في كل أوان، وكانوا إذا أحسوا به خرج الأغنياء لقوتهم،

ص :133


1- 1 - ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر لضرورته في السند.
2- 2 - الكافي 1: 226 / 7.
3- 3 - بصائر الدرجات: 67 / 1.
4- 4 - بصائر الدرجات: 134 / 3، والسند فيه هكذا: محمد بن الحسن، عن حماد، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبيه، عن أبي الحسن الأول (عليه السلام).
5- 5 - سورة البقرة 2: 243.

وبقي الفقراء لضعفهم، فيقل الطاعون في الذين خرجوا ويكثر في الذين أقاموا.

قال: فاجتمع رأيهم جميعا أنهم إذا أحسوا بالطاعون خرجوا من المدينة كلهم، فلما أحسوا بالطاعون خرجوا جميعا وتنحوا عن الطاعون حذر الموت، فساروا في البلاد ما شاء الله ثم إنهم مروا بمدينة خربة قد جلا أهلها وأفناهم الطاعون، فنزلوا بها فلما حطوا رحالهم، قال لهم الله: موتوا جميعا، فماتوا من ساعتهم وصاروا رميما وكانوا علي طريق المارة، فجمعوهم في موضع فمر بهم نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له: حزقيل، فلما رأي تلك العظام بكي واستعبر وقال:

رب لو شئت لأحييتهم الساعة كما أمتهم فعمروا بلادك وولدوا عبادك وعبدوك مع من يعبدك من خلقك، فأوحي الله إليه أفتحب ذلك؟ قال: نعم يا رب، فأوحي الله إليه أن قل كذا وكذا فقال الذي أمره الله أن يقول.

قال أبو عبد الله (عليه السلام): وهو الاسم الأعظم، قال: فلما قال حزقيل ذلك الكلام ونظر إلي العظام يطير بعضها إلي بعض فعادوا أحياء ينظر بعضهم إلي بعض، يسبحون الله ويكبرونه ويهللونه، فقال حزقيل عند ذلك: أشهد أن الله علي كل شئ قدير " قال عمر بن يزيد: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " فيهم نزلت هذه الآية " (1).

العاشر:

ما رواه الكليني أيضا في " الروضة " قريبا من النصف (عن محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد جميعا، عن النضر بن سويد) (2) عن يحيي بن عمران الحلبي، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل * (وآتيناه أهله

ص :134


1- 1 - الكافي 8: 198 / 237.
2- 2 - ما بين القوسين لم يرد في المصدر.

ومثلهم معهم) * (1) قلت: ولده كيف أوتي مثلهم؟ قال: " أحيا له من ولده الذين كانوا ماتوا قبل ذلك بآجالهم، والذين هلكوا يومئذ " (2).

الحادي عشر:

ما رواه الكليني أيضا في " الروضة " - في حديث عنوانه حديث الميت الذي أحياه عيسي (عليه السلام) - عن محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي جميلة (3)، عن أبان بن تغلب وغيره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه سئل هل كان عيسي (عليه السلام) أحيا أحدا بعد موته حتي كان له أكل ورزق ومدة وولد؟ قال: " نعم إنه كان له صديق مواخ له في الله، وكان عيسي يمر به وينزل عليه، وإن عيسي (عليه السلام) غاب عنه حينا ثم مر به ليسلم عليه، فخرجت إليه أمه فسألها عنه، فقالت: مات يا رسول الله، قال: أفتحبين أن تريه؟ قالت: نعم، فقال لها: إذا كان غدا فآتيك حتي أحييه لك بإذن الله.

فلما كان من الغد أتاها فقال لها: انطلقي معي إلي قبره فوقف عليه عيسي (عليه السلام)، ثم دعا الله عز وجل فانفرج القبر وخرج ابنها حيا، فلما رأته أمه ورآها بكيا فرحمهما عيسي (عليه السلام)، فقال عيسي: أحب أن تبقي مع أمك في الدنيا؟ فقال: يا نبي الله بأكل ورزق ومدة أم بغير أكل ولا رزق ولا مدة؟ فقال عيسي (عليه السلام): بل بأكل ورزق ومدة تعمر عشرين سنة، وتزوج ويولد لك، قال: نعم إذا، فدفعه عيسي (عليه السلام) إلي أمه فعاش عشرين سنة وتزوج وولد له " (4).

الثاني عشر:

ما رواه رئيس المحدثين أبو جعفر ابن بابويه في كتاب " علل الشرائع والأحكام " - في باب العلة التي من أجلها اتخذ الله إبراهيم خليلا - قال:

ص :135


1- 1 - سورة الأنبياء 21: 84.
2- 2 - الكافي 8: 252 / 354.
3- 3 - " عن أبي جميلة " أثبتناه من المصدر لضرورة وجوده في السند.
4- 4 - الكافي 8: 237 / 532.

سمعت محمد بن عبد الله بن طيفور يقول: إن إبراهيم سأل ربه أن يحيي له الموتي، فأمره أن يميت له الحي سواء بسواء لما أمره بذبح ابنه إسماعيل، وإن الله أمر إبراهيم أن يذبح أربعة من الطير طاووسا ونسرا وديكا وبطا. ثم ذكر القصة السابقة وأن الله أحياها له. وذكر ما في ذلك من الإشارة (1).

الثالث عشر:

ما رواه ابن بابويه أيضا في " العلل " - في باب النوادر بعد أبواب الحج - عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن عمرو، عن صالح بن سعيد، عن أخيه سهل الحلواني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " بينا عيسي بن مريم في سياحته إذ مر بقرية فوجد أهلها موتي في الطريق والدور، فقال: إن هؤلاء ماتوا بسخطة ولو ماتوا بغيرها تدافنوا، قيل له: يا روح الله نادهم، فقال: يا أهل القرية فأجابه مجيب: لبيك يا روح الله " (2). ثم ذكر ما جري بينهما من الكلام والخطاب والسؤال والجواب.

ورواه الكليني أيضا في " أصول الكافي " (3).

ورواه ابن بابويه أيضا في كتاب " ثواب الأعمال وعقاب الأعمال " في عقاب حب الدنيا وعبادة الطاغوت (4).

الرابع عشر:

ما رواه ابن بابويه في كتاب " كمال الدين وتمام النعمة " - في باب غيبة إدريس النبي (عليه السلام) - عن أبيه ومحمد بن الحسن ومحمد بن موسي بن المتوكل كلهم، عن سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري ومحمد بن يحيي جميعا، عن أحمد بن محمد بن عيسي وإبراهيم بن هاشم جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن

ص :136


1- 1 - علل الشرائع: 136 / 8.
2- 2 - علل الشرائع: 466 / 21.
3- 3 - الكافي 2: 318 / 11.
4- 4 - عقاب الأعمال: 303 / 1.

إبراهيم بن أبي البلاد، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث طويل " أن إدريس (عليه السلام) اضطره الجوع إلي أن وقف إلي باب عجوز فقال لها: أطعميني فإني مجهود من الجوع، فقالت: إنهما قرصتان واحدة لي وواحدة لابني، فقال لها: إن ابنك صغير يجزيه نصف قرصة فيحيي به، ويجزيني النصف الآخر فأحيي به، فأكلت المرأة قرصتها وكسرت النصف الآخر بين إدريس وبين ابنها، فلما رأي ابنها إدريس (عليه السلام) يأكل من قرصته اضطرب حتي مات.

فقالت أمه: يا عبد الله قتلت علي ابني جزعا علي قوته؟ قال إدريس: فأنا أحييه بإذن الله تعالي فلا تجزعي، ثم أخذ إدريس بعضدي الصبي فقال: أيتها الروح الخارجة من بدن هذا الغلام بإذن الله ارجعي إلي بدنه، بإذن الله وأنا إدريس النبي، فرجعت روح الغلام إليه بإذن الله، فلما سمعت المرأة ذلك ونظرت إلي ابنها قد عاش قالت: أشهد أنك إدريس النبي وخرجت تنادي " (1) الحديث.

الخامس عشر:

ما رواه ابن بابويه أيضا في كتاب " كمال الدين وتمام النعمة " - في حديث الخضر (عليه السلام) - بإسناده عن عبد الله بن سليمان قال: قرأت في بعض كتب الله عز وجل: أن ذا القرنين كان عبدا صالحا - إلي أن قال -: فوصفت له عين الحياة، وقيل له: من شرب منها شربة لم يمت حتي يسمع الصيحة، وأنه خرج في طلبها حتي انتهي إلي موضع فيه ثلاثمائة وستون عينا، وكان الخضر علي مقدمته فأعطاه حوتا مالحا وأعطي كل واحد من أصحابه حوتا مالحة، وقال لهم: ليغسل كل رجل منهم حوته عند عين.

فانطلق الخضر إلي عين من تلك العيون، فلما غمس الحوت في الماء حيي وأنساب، فلما رأي ذلك الخضر علم أنه ظفر بماء الحياة، فرمي بثيابه وسقط في

ص :137


1- 1 - كمال الدين: 131 - 132.

الماء، فجعل يرتمس فيه ويشرب منه، فرجع كل منهم إلي ذي القرنين وحوته معه، ورجع الخضر وليس معه حوت فسأله عن قصته فأخبره، فقال له: شربت من ذلك الماء؟ فقال: نعم فقال له: أنت صاحبها، فأبشر بالبقاء في هذه الدنيا مع الغيبة عن الأبصار، إلي النفخ في الصور (1).

السادس عشر:

ما رواه علي بن إبراهيم في " تفسيره " مرسلا وأورد قصة الخضر (عليه السلام) وحياة الحوت المذكور بنحو الرواية السابقة مع مخالفة في كثير من الألفاظ واكتفيت بالإشارة إليها للاختصار (2).

السابع عشر:

ما رواه الشيخ الجليل أمين الدين أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي في كتاب " مجمع البيان لعلوم القرآن " نقلا من كتاب " تفسير القرآن " للشيخ الجليل محمد بن مسعود العياشي مرفوعا عن الصادق (عليه السلام) في قوله تعالي * (فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتي) * (3) قال: " كان المقتول شيخا مثريا قتله بنو أخيه، وألقوه علي باب بعض الأسباط - إلي أن قال -: فأوحي الله إلي موسي أن يأمرهم بذبح بقرة ويضربوا القتيل ببعضها فيحيي الله القتيل " (4) الحديث.

قال الطبرسي: وإنما أمرهم بضرب القتيل ببعضها وجعل التخيير في وقت الإحياء إليهم، ليعلموا أن الله قادر علي إحياء الموتي في كل وقت من الأوقات (5).

ص :138


1- 1 - كمال الدين: 385 / 1.
2- 2 - تفسير القمي 2: 37 و 40.
3- 3 - سورة البقرة 2: 73.
4- 4 - مجمع البيان 1: 267، ولم يصرح صاحب المجمع أنه نقله عن تفسير العياشي، ولذا لم أعثر عليه في العياشي.
5- 5 - مجمع البيان 1: 273.

الثامن عشر:

ما رواه الطبرسي أيضا في " مجمع البيان " أيضا في قوله تعالي * (ألم تر إلي الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم) * (1) قال: أجمع أهل التفسير علي أن المراد بألوف هنا كثرة العدد إلا ابن زيد فإنه قال: خرجوا مؤتلفي القلوب فجعله جمع آلف مثل قاعد وقعود، واختلف من قال بالعدد.

فروي: أنهم كانوا ثلاثة آلاف وقيل: ثمانية آلاف وقيل عشرة آلاف، وقيل:

بضعة وثلاثين ألفا، وقيل: أربعين ألفا، وقيل: سبعين ألفا، فقال لهم الله: موتوا، معناه فأماتهم الله ثم أحياهم، قيل: أحياهم بدعاء نبيهم حزقيل، وقيل: إنه شمعون نبي من أنبياء بني إسرائيل (2). انتهي.

وهذا الكلام يشتمل علي عدة روايات مرسلة.

التاسع عشر:

ما رواه الطبرسي أيضا في هذه الآية قال: روي أن الله أماتهم جميعا وأمات دوابهم، وأتي عليهم ثمانية أيام حتي انتفخوا، فخرج إليهم الناس فعجزوا عن دفنهم، فحظروا عليهم حظيرة دون السباع، ومضت عليهم مدة حتي بليت أجسادهم وعريت عظامهم، فمر عليهم حزقيل فجعل يتفكر فيهم متعجبا، فأوحي الله إليه: تريد أن أريك آية كيف أحيي الموتي؟ قال: نعم فأحياهم الله تعالي (3).

العشرون:

ما رواه الطبرسي أيضا في هذه الآية قال: وروي أنهم كانوا قوم حزقيل فأحياهم الله تعالي بعد ثمانية أيام، وذلك أنه لما أصابهم ذلك خرج

ص :139


1- 1 - سورة البقرة 2: 243.
2- 2 - مجمع البيان 2: 171.
3- 3 - مجمع البيان 2: 172.

حزقيل فوجدهم موتي فبكي، فأوحي الله إليه: قد جعلت حياتهم إليك، فقال لهم حزقيل: أحيوا بإذن الله فعاشوا (1).

الحادي والعشرون:

ما رواه الطبرسي في هذه الآية قال: سأل حمران بن أعين أبا جعفر (عليه السلام) عن هؤلاء القوم الذين قال الله لهم * (موتوا ثم أحياهم) * (2) أحياهم الله حتي نظر الناس إليهم ثم أماتهم أم ردهم إلي الدنيا حتي سكنوا الدور وأكلوا الطعام؟ قال: " لا، بل ردهم الله حتي سكنوا الدور، وأكلوا الطعام، ونكحوا النساء، ومكثوا بذلك ما شاء الله، ثم ماتوا بآجالهم " (3).

الثاني والعشرون:

ما رواه الطبرسي في " مجمع البيان " في قوله تعالي * (أو كالذي مر علي قرية) * (4) الآية قال: قيل: " هو عزير " وهو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام)، وقيل: " هو أرميا " وهو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام)، وقيل: هو الخضر أحب الله أن يريه إحياء الموتي مشاهدة * (وانظر إلي العظام) * قيل: المراد عظام حماره، وقيل: عظامه وإن الله أول ما أحيا منه عينيه، فجعل ينظر إلي العظام البالية المتفرقة تجتمع إليه، وإلي اللحم الذي أكلته السباع يأتلف إلي العظام من هنا ومن هنا، ويلتزق بها حتي قام وقام حماره (5).

أقول: ويأتي ما يدل علي ذلك، وعلي أن عزيرا وأرميا من الأنبياء (عليهم السلام).

الثالث والعشرون:

ما رواه الطبرسي في تفسير قوله تعالي * (وإذ قال إبراهيم

ص :140


1- 1 - مجمع البيان 2: 172.
2- 2 - سورة البقرة 2: 243.
3- 3 - مجمع البيان 2: 173.
4- 4 - سورة البقرة 2: 259.
5- 5 - مجمع البيان 2: 218 - 219.

رب أرني كيف تحيي الموتي) * (1) قال: روي عن ابن عباس وسعيد بن جبير والسدي: أن الملك بشر إبراهيم بأن الله اتخذك خليلا وأنه يجيب دعوتك ويحيي الموتي بدعائك، فسأل الله أن يفعل ذلك ليطمئن قلبه، فأجاب الله دعوته وأحيا له الموتي (2).

الرابع والعشرون:

ما رواه الطبرسي أيضا في هذه الآية قال: روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله * (اجعل علي كل جبل منهن جزءا) * (3) " إن معناه فرقهن علي كل جبل، وكانت عشرة، ثم خذ بمناقيرهن وادعهن باسمي الأكبر يأتينك سعيا، قال: ففعل إبراهيم ذلك ثم دعاهن فقال: احيين بإذن الله، وكانت تجتمع وتأتلف وطارت إلي إبراهيم (عليه السلام) " (4).

الخامس والعشرون:

ما رواه الطبرسي في قوله تعالي * (فخذ أربعة من الطير) * قال: قيل: " إنها الطاووس والديك والحمام والغراب، أمر أن يقطعها ويخلط ريشها بدمها " وهو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام) (5).

السادس والعشرون:

ما رواه الطبرسي في تفسير قوله تعالي حكاية عن عيسي * (وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتي بإذن الله) * (6) قال: قيل: إن عيسي (عليه السلام) أحيا أربعة أنفس: عازر، وكان صديقا له، وكان قد مات منذ ثلاثة أيام، فقال لأخته: انطلقي إلي قبره، ثم قال: اللهم رب السماوات السبع ورب الأرضين

ص :141


1- 1 - سورة البقرة 2: 260.
2- 2 - مجمع البيان 2: 223، باختلاف.
3- 3 - سورة البقرة 2: 260.
4- 4 - مجمع البيان 2: 224.
5- 5 - المصدر نفسه.
6- 6 - سورة آل عمران 3: 49.

السبع، إنك أرسلتني إلي بني إسرائيل أدعوهم إلي دينك، وأخبرهم أني أحيي الموتي فأحيي عازرا، قال: فقام عازر وخرج من قبره، وبقي وولد له.

وابن العجوز تركته علي سريره ميتا فدعا الله عيسي (عليه السلام) فجلس علي سريره، ونزل عن أعناق الرجال، ولبس ثيابه ورجع إلي أهله وبقي وولد له.

وابنة العاشر، قيل له: أتحييها وقد ماتت أمس؟ فدعا الله فعاشت وبقيت وولدت.

وسام بن نوح دعاه باسم الله الأعظم فخرج من قبره وقد شاب نصف رأسه، وقال: قد قامت القيامة؟ قال: لا، ولكني دعوتك باسم الله الأعظم، قال: ولم يكونوا يشيبون في ذلك الزمان، وإن سام بن نوح قد عاش خمسمائة عام وهو شاب، فقال له: مت فقال: بشرط أن يعتقني الله من سكرات الموت فدعا الله ففعل (1).

السابع والعشرون:

ما رواه الطبرسي في تفسير هذه الآية قال: قيل: إن عيسي (عليه السلام) كان يحيي الموتي ب (يا حي يا قيوم) وقيل: إن الله كان يحيي الموتي عند دعائه (2).

الثامن والعشرون:

ما رواه الطبرسي في تفسير قوله تعالي * (واختار موسي قومه سبعين رجلا لميقاتنا) * (3) قال: روي " أن موسي اختار سبعين رجلا حين خرج إلي الميقات ليكلمه الله بحضرتهم، فلما حضروا وسمعوا كلامه سألوا الله الرؤية فأصابتهم الصاعقة، ثم أحياهم الله " (4).

ص :142


1- 1 - مجمع البيان 2: 365 - 366.
2- 2 - مجمع البيان 2: 366.
3- 3 - سورة الأعراف 7: 155.
4- 4 - مجمع البيان 4: 398.

قال: ورواه علي بن إبراهيم وهو الصحيح (1).

التاسع والعشرون:

ما رواه الطبرسي في تفسير قوله تعالي * (وآتيناه أهله ومثلهم معهم) * (2) عن ابن عباس وابن مسعود: إن الله رد علي أيوب أهله الذين هلكوا بأعيانهم، وأعطاه مثلهم معهم وكذلك رد الله عليه أمواله ومواشيه بأجمعها، وأعطاه مثلها معها. وبه قال الحسن وقتادة.

قال الطبرسي: وهو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام) وقيل: كان له سبع بنات وثلاث بنين، وقيل: سبع بنين وسبع بنات (3).

الثلاثون:

ما رواه الشيخ الثقة الجليل أبو الحسن علي بن إبراهيم بن هاشم القمي في " تفسير القرآن " قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عليه السلام) " أن رجلا - من خيار بني إسرائيل وعلمائهم - خطب امرأة فأنعمت له، وخطبها ابن عمه وكان فاسقا رديا فلم ينعموا له، فحسد ابن عمه فقعد له فقتله غيلة، ثم حمله إلي موسي فقال: يا نبي الله إن ابن عمي قد قتل، فقال موسي: من قتله؟ قال: لا أدري.

وكان القتل عظيما في بني إسرائيل، فاجتمعوا وبكوا وضجوا، فقال لهم موسي:

إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة - إلي أن قال -: فأوحي الله إلي موسي قل لهم:

اضربوه ببعضها، وقولوا له: من قتلك؟ فأخذوا الذنب فضربوه به، وقالوا: من قتلك يا فلان؟ قال: قتلني فلان بن فلان وهو قوله * (اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتي ويريكم آياته لعلكم تعقلون) * (4) " (5).

ص :143


1- 1 - تفسير القمي 1: 241.
2- 2 - سورة الأنبياء 21: 84.
3- 3 - مجمع البيان 7: 113.
4- 4 - سورة البقرة 2: 73.
5- 5 - تفسير القمي 1: 49.

الحادي والثلاثون:

ما رواه علي بن إبراهيم في " تفسيره " مرفوعا: " أنه كان وقع طاعون بالشام، فخرج منهم خلق كثير هربا من الطاعون، فصاروا إلي مغارة فماتوا في ليلة واحدة كلهم، فبقوا حتي كانت عظامهم يمر بها المار فينحيها برجله عن الطريق، ثم أحياهم الله فردهم إلي منازلهم فبقوا دهرا طويلا، ثم ماتوا وتدافنوا (1).

الثاني والثلاثون:

ما رواه علي بن إبراهيم أيضا في " تفسيره " قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:

" إن إبراهيم نظر إلي جيفة علي ساحل البحر تأكلها سباع الطير وسباع البحر، ثم تثب السباع بعضها علي بعض، فيأكل بعضها بعضا، فتعجب إبراهيم فقال * (رب أرني كيف تحيي الموتي) * قال الله * (أولم تؤمن قال بلي ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير) * (2) الآية.

فأخذ إبراهيم الطاووس والديك والحمام والغراب فقطعهن وأخذ لحماتهن ففرقه علي عشرة أجبال، وأخذ مناقيرهن ثم دعاهن فقال: إحيي بإذن الله، فكانت تتألف وتجتمع لحم كل واحد وعظمه إلي رأسه، وطارت إلي إبراهيم، فعند ذلك قال إبراهيم * (أن الله عزيز حكيم) * (3) " (4).

الثالث والثلاثون:

ما رواه علي بن إبراهيم في " تفسيره " أيضا مرسلا: " إن الله لما أنزل علي موسي التوراة وكلمه قال في نفسه: ما خلق الله خلقا أعلم مني، فأوحي الله إلي جبرئيل أن أدرك موسي وأعلمه أن عند ملتقي البحرين رجلا هو

ص :144


1- 1 - تفسير القمي 1: 80 - 81.
2- 2 و 3 - سورة البقرة 2: 260. 4 - تفسير القمي 1: 91.

أعلم منك فاتبعه وتعلم منه، فقال لوصيه يوشع: إن الله أمرني أن أتبع عند ملتقي البحرين رجلا وأتعلم منه فتزود يوشع حوتا مملوحا، وخرجا وبلغ ذلك المكان، فأخرج وصي موسي الحوت وغسله بالماء، ووضعه علي الصخرة، وكان ذلك الماء ماء الحيوان فحيي الحوت ودخل في الماء " (1) الحديث.

الرابع والثلاثون:

ما رواه علي بن إبراهيم أيضا في " تفسيره " قال: حدثنا جعفر بن أحمد، عن عبد الله بن موسي، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله تعالي * (ويسألونك عن ذي القرنين) * (2) فقال: " إن ذا القرنين بعثه الله إلي قومه فضرب علي قرنه الأيمن فأماته الله خمسمائة عام، ثم بعثه الله فضرب علي قرنه الأيسر فأماته الله خمسمائة عام،، ثم بعثه الله إليهم بعد ذلك، فملكه مشارق الأرض ومغاربها من حيث تطلع الشمس إلي حيث تغرب " (3).

أقول: ويأتي مثله في معناه وأن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: " وفيكم مثله " يعني نفسه.

الخامس والثلاثون:

ما رواه علي بن إبراهيم أيضا في " تفسيره " قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن تفسير هذه الآية * (واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون * إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث) * (4).

قال: " بعث الله رجلين إلي أهل مدينة أنطاكية، فجاؤوهما بما لا يعرفون، فغلظوا

ص :145


1- 1 - تفسير القمي 2: 37.
2- 2 - سورة الكهف 18: 83.
3- 3 - تفسير القمي 2: 40.
4- 4 - سورة يس 36: 13 - 14.

عليهما فأخذوهما وحبسوهما في بيت الأصنام، فبعث الله الثالث - وذكر القصة بطولها وفيها: أن الثالث أظهر دين الملك أولا ثم أمر بإحضارهما للمناظرة - فطلب منهما أن يدعوا لأعمي ومقعد بالشفاء، ففعلا مرة بعد أخري فأجاب الله دعاءهما، فقال: أيها الملك قد أتيا بحجتين ولكن بقي شئ واحد فإن فعلاه دخلت معهما في دينهما.

ثم قال: أيها الملك بلغني أنه كان للملك ولد واحد ومات فإن أحياه إلههما دخلت معهما في دينهما، فقال الملك: وأنا أيضا معك، ثم قال لهما: قد بقيت هذه الخصلة الواحدة، قد مات ابن للملك فادعوا إلهكما فيحييه، قال: فخرا ساجدين فأطالا السجود ثم رفعا رأسهما وقالا: ابعث إلي قبر ابنك تجده قد قام من قبره إن شاء الله.

قال: فخرج الناس فوجدوه قد خرج من قبره ينفض رأسه من التراب، فأتي به الملك فعرف أنه ابنه، فقال له: ما حالك يا بني؟ قال: كنت ميتا فرأيت رجلين بين يدي ربي الساعة ساجدين يسألانه أن يحييني فأحياني، فقال: يا بني تعرفهما إذا رأيتهما؟ قال: نعم، فأخرج الناس جملة إلي الصحراء، فكان ينظر إلي رجل رجل حتي مر بالأول بعد جمع كثير، فقال: هذا أحدهما، ثم مر أيضا بقوم كثيرين حتي رأي الآخر، فقال: وهذا الآخر، فآمن الملك وأهل مملكته " (1).

السادس والثلاثون:

ما رواه علي بن إبراهيم أيضا في " تفسيره " قال: حدثني أبي، عن ابن فضال، عن عبد الله بن بحر (2)، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن

ص :146


1- 1 - تفسير القمي 2: 212 - 214.
2- 2 - في النسخة الخطية والمطبوعة: عبد الرحمن بن أبي نجران، وما أثبتناه من المصدر وعنه في البحار 12: 341 / 3 وتفسير البرهان 4: 660 / 1، وكذلك ذكر السيد الخوئي الرواية بهذا السند في معجمه 11: 124.

أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن بلية أيوب - وذكر الحديث - إلي أن قال أبو عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالي * (ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكري لأولي الألباب) * (1) قال: " فرد الله عليه أهله الذين ماتوا قبل البلاء، ورد عليه أهله الذين ماتوا بعدما أصابهم البلاء كلهم، أحياهم الله تعالي فعاشوا معه " (2).

السابع والثلاثون:

ما رواه الشهيد الثاني الشيخ زين الدين (قدس سره) في كتاب " مسكن الفؤاد عند فقد الأحبة والأولاد " نقلا من كتاب " العيون والمحاسن " (3) للشيخ المفيد: عن معاوية بن قرة، قال: كان أبو طلحة يحب ابنه حبا شديدا، فتوفي الولد ثم ذكر أن امرأته صبرت صبرا عظيما، وأن أباه أيضا صبر وأن رسول الله (صلي الله عليه وآله) لما علم بذلك قال: " الحمد لله الذي جعل في أمتي مثل صابرة بني إسرائيل " فقيل: يا رسول الله ما كان من صبرها؟ فقال: " كان في بني إسرائيل امرأة لها زوج ولها منه غلامان، فأمرها بطعام ليدعو الناس عليه، ففعل واجتمع الناس في دارها، فانطلق الغلامان يلعبان فوقعا في بئر كان في الدار فماتا، فكرهت أن تنغص علي زوجها، الضيافة فأدخلتهما البيت وسجتهما بثوب.

فلما فرغوا دخل زوجها فقال: أين ابناي؟ فقالت: هما في البيت، وأنها كانت تمسحت بشئ من الطيب، وتعرضت للرجل حتي وقع عليها، ثم قال: أين ابناي؟ قالت: هما في البيت فناداهما فخرجا يسعيان، فقالت المرأة: سبحان الله قد والله كانا ميتين ولكن الله تعالي أحياهما ثوابا لصبري " (4).

الثامن والثلاثون:

ما رواه رئيس المحدثين أبو جعفر ابن بابويه في

ص :147


1- 1 - سورة ص 38: 43.
2- 2 - تفسير القمي 2: 339 - 242.
3- 3 - في مسكن الفؤاد: عيون المجالس.
4- 4 - مسكن الفؤاد: 69.

" اعتقاداته " - في باب الاعتقاد في الرجعة - مرسلا في قوله تعالي * (ألم تر إلي الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف) * (1) قال: " هؤلاء كانوا سبعين ألف بيت وكان فيهم الطاعون كل سنة - إلي أن قال -: فأجمعوا علي أن يخرجوا جميعا من ديارهم إذا كان وقت الطاعون، فخرجوا بأجمعهم فنزلوا علي شط بحر.

فلما وضعوا رحالهم ناداهم الله موتوا فماتوا جميعا، فكنستهم المارة عن الطريق، فبقوا بذلك ما شاء الله، فمر بهم نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له: أرميا، فقال: لو شئت يا رب لأحييتهم فيعمروا بلادك ويلدوا عبادك، ويعبدونك مع من يعبدك، فأوحي الله إليه أتحب أن أحييهم لك؟ قال: نعم، فأحياهم الله وبعثهم معه فهؤلاء ماتوا ورجعوا إلي الدنيا ثم ماتوا بآجالهم " (2).

التاسع والثلاثون:

ما رواه ابن بابويه أيضا في " اعتقاداته " مرسلا في قوله تعالي * (أو كالذي مر علي قرية وهي خاوية علي عروشها قال أني يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه) * (3) قال: فهذا مات مائة عام، ثم رجع إلي الدنيا ثم مات بأجله، وهو عزير (عليه السلام) (4). وروي أنه: أرميا (عليه السلام) (5).

الأربعون:

ما رواه ابن بابويه أيضا في " اعتقاداته " مرسلا في قصة المختارين من قوم موسي لميقات ربه وقوله تعالي * (ثم بعثناكم من بعد موتكم) * (6) قال: إنهم لما سمعوا كلام الله قالوا: لا نصدق به حتي نري الله جهرة فأخذتهم الصاعقة

ص :148


1- 1 - سورة البقرة 2: 243.
2- 2 - اعتقادات الصدوق: 60، ضمن مصنفات المفيد ج 5.
3- 3 - سورة البقرة 2: 259.
4- 4 - اعتقادات الصدوق: 61، ضمن مصنفات المفيد ج 5.
5- 5 - تفسير القمي 1: 86.
6- 6 - سورة البقرة 2: 56.

فماتوا، فقال موسي: يا رب ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم؟ فأحياهم الله عز وجل ثم رجعوا إلي الدنيا فأكلوا وشربوا ونكحوا النساء، وولد لهم الأولاد، وبقوا فيها ثم ماتوا بآجالهم (1).

الحادي والأربعون:

ما رواه ابن بابويه أيضا في " اعتقاداته " مرسلا: أن عيسي كان يحيي الموتي بإذن الله، وأن جميع الموتي الذين أحياهم عيسي (عليه السلام) بإذن الله رجعوا إلي الدنيا، وبقوا فيها ثم ماتوا بآجالهم (2).

الثاني والأربعون:

ما رواه ابن بابويه أيضا في " اعتقاداته " مرسلا: أن أصحاب الكهف لبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا، ثم بعثهم الله فرجعوا إلي الدنيا ليتساءلوا بينهم وقصتهم معروفة.

قال ابن بابويه: فإن قال قائل: قد قال الله * (وتحسبهم أيقاظا وهم رقود) * (3) قيل له: إنهم كانوا موتي، وقد قال الله عز وجل * (من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون) * (4) وإن قالوا ذلك فإنهم كانوا موتي ومثل هذا كثير (5) " انتهي ".

الثالث والأربعون:

ما رواه الشيخ تقي الدين إبراهيم بن علي العاملي الكفعمي في " مصباحه " - في الفصل الثلاثين في أدعية الأنبياء (عليهم السلام) دعاء آصف (عليه السلام) - روي: أنه أتي بعرش بلقيس بهذا الدعاء وأن به كان عيسي (عليه السلام) يحيي الموتي،

ص :149


1- 1 - اعتقادات الصدوق: 61، ضمن مصنفات المفيد ج 5.
2- 2 - اعتقادات الصدوق: 61 - 62، ضمن مصنفات المفيد ج 5.
3- 3 - سورة الكهف 18: 18.
4- 4 - سورة يس 36: 52.
5- 5 - اعتقادات الصدوق: 62، ضمن مصنفات المفيد ج 5.

وهو: " اللهم إني أسألك بأنك لا إله إلا أنت " (1) وذكر دعاء قصيرا.

الرابع والأربعون:

ما رواه الشيخ الجليل أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في كتاب " الاحتجاج علي أهل اللجاج " - في احتجاج الصادق (عليه السلام) علي الزنديق الذي سأله عن مسائل كثيرة - في حديث طويل يقول فيه الزنديق: فلو أن الله رد إلينا من الأموات في كل مائة عام لنسأله عمن مضي منا إلي ما صاروا وكيف حالهم؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): " هذه مقالة من أنكر الرسل وكذبهم، إن الله أخبر في كتابه علي لسان الأنبياء حال من مات منا، أفيكون أحد أصدق من الله ورسله؟ وقد رجع إلي الدنيا ممن مات خلق كثير، منهم أصحاب الكهف أماتهم الله ثلاثمائة عام وتسعة، ثم بعثهم في زمان قوم أنكروا البعث ليقطع حجتهم، وأمات الله أرميا النبي (عليه السلام) الذي نظر إلي خراب بيت المقدس فقال * (أني يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام) * (2) ثم أحياه وبعثه " (3) الحديث.

الخامس والأربعون:

ما رواه الطبرسي أيضا في " الاحتجاج " - في احتجاج الصادق (عليه السلام) علي بعض أعداء الدين - في حديث قال: " إن الله أمات قوما خرجوا عن أوطانهم، هاربين من الطاعون لا يحصي عددهم فأماتهم الله دهرا طويلا حتي بليت عظامهم، وتقطعت أوصالهم وصاروا ترابا، فبعث الله - في وقت أحب أن يري عباده قدرته - نبيا يقال له: حزقيل، فدعاهم فاجتمعت أبدانهم ورجعت فيها أرواحهم وقاموا كهيئة يوم ماتوا لا يفتقدون من أعدادهم رجلا، فعاشوا بذلك

ص :150


1- 1 - مصباح الكفعمي 1: 554.
2- 2 - سورة البقرة 2: 259.
3- 3 - الاحتجاج 2: 230.

دهرا طويلا " (1).

السادس والأربعون:

ما رواه الطبرسي أيضا في احتجاج الصادق (عليه السلام) في حديث طويل قال: " وإن الله تعالي أمات قوما خرجوا مع موسي حين توجه إلي الله فقالوا * (أرنا الله جهرة) * (2) فأماتهم الله ثم أحياهم " (3) الحديث.

السابع والأربعون:

ما رواه الشيخ الجليل قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي في كتاب " الخرائج والجرائح " - في أعلام فاطمة (عليها السلام) - عن المفضل بن عمر، عن الصادق (عليه السلام) قال: " لما تزوج رسول الله (صلي الله عليه وآله) خديجة هجرتها نساء قريش وقلن: تزوجت يتيم آل أبي طالب فقيرا لا مال له، فلما حضرت ولادة فاطمة (عليها السلام) بعثت إليهن وطلبتهن فلم تأت منهن واحدة.

فاغتمت خديجة، فبينا هي كذلك إذ دخلت عليها أربع نسوة طوال كأنهن من نساء بني هاشم، ففزعت منهن فقالت إحداهن: لا تحزني يا خديجة فإنا رسل ربك إليك ونحن أخواتك، أنا سارة وهذه آسية بنت مزاحم وهي رفيقتك في الجنة، وهذه مريم بنت عمران، وهذه أم البشر امنا حواء، بعثنا الله إليك لنلي منك ما تلي النساء من النساء، فجلست واحدة عن يمينها، وأخري عن شمالها، والثالثة بين يديها، والرابعة من خلفها، فوضعت فاطمة (عليها السلام) " (4) الحديث.

الثامن والأربعون:

ما رواه رئيس المحدثين أبو جعفر ابن بابويه في كتاب " الأمالي " - في المجلس السابع والثمانين - عن أبي عبد الله أحمد بن محمد الخليلي، عن محمد بن أبي بكر الفقيه، عن أحمد بن محمد النوفلي، عن

ص :151


1- 1 - الاحتجاج 2: 231.
2- 2 - سورة النساء 4: 153.
3- 3 - الاحتجاج 2: 231.
4- 4 - الخرائج والجرائح 2: 524 / 1.

إسحاق بن يزيد، عن حماد بن عيسي، عن زرعة بن محمد الحضرمي، عن المفضل بن عمر، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): كيف كانت ولادة فاطمة (عليها السلام)؟ فذكر الحديث بطوله، وفيه دخول النساء الأربع من الأمم السالفة علي خديجة (عليها السلام) كما رواه الراوندي، إلا أنه لم يذكر حواء أم البشر وإنما ذكر مكانها كلثم أخت موسي بن عمران (عليه السلام) (1).

التاسع والأربعون:

ما رواه الراوندي في كتاب " الموازاة بين المعجزات " - الذي ألحقه وأضافه إلي كتاب الخرائج والجرائح - قال: قال الصادق (عليه السلام): " إن الله رد علي أيوب أهله وولده الذين هلكوا بأعيانهم، وأعطاه مثلهم معه، وكذلك رد الله عليه ماله ومواشيه بأعيانها وأعطاه مثلها " (2).

الخمسون:

ما رواه الراوندي في كتاب " الموازاة " أيضا عن الصادق (عليه السلام) قال:

" إن عزيرا أماته الله مائة عام، ثم بعثه وأحياه وكان معه اللبن لم يتغير، قال: ولما مر عزير علي قرية وهي خاوية علي عروشها خراب أهلها كلهم موتي، فعلم أنهم ماتوا بسخط الله، فدعا ربه فقال تعالي: رش عليهم الماء ففعل فأحياهم الله وهم ألوف، وبعثه إليهم رسولا وعاش سنين " (3).

الحادي والخمسون:

ما رواه الراوندي أيضا في كتاب " الموازاة " رفعه قال:

" إن عيسي (عليه السلام) بعث رجلا إلي الروم لا يداوي رجلا إلا أبرأه ثم بعث آخر وعلمه الذي يحيي به الموتي، فدعا الروم فأدخل علي الملك، فقال: أنا أحيي الموتي، وكان للملك ولد قد مات، فركب الملك والناس معه إلي قبر ابنه، فدعا رسول

ص :152


1- 1 - أمالي الصدوق: 690 / 947.
2- 2 - الخرائج والجرائح 2: 933.
3- 3 - الخرائج والجرائح 2: 933.

عيسي وأمن طبيب الملك الذي هو رسول المسيح أولا.

فانشق القبر وخرج ابن الملك ثم جاء يمشي حتي جلس في حجر أبيه، فقال:

يا بني من أحياك؟ فنظر إلي الرسولين (1) فقال: هذا وهذا، فقاما وقالا: أيها الملك إنا رسول المسيح، فآمن الملك وأهل بيته في الحال " (2).

الثاني والخمسون:

ما رواه رئيس الطائفة أبو جعفر الطوسي في أوائل " كتاب الغيبة " مرسلا قال: " وإن أصحاب الكهف قد أخبر الله عنهم أنهم بقوا في كهفهم ثلاثمائة سنة وازدادوا تسعا، ثم أحياهم الله تعالي فعادوا إلي الدنيا ورجعوا إلي قومهم.

وقد كان من أمر صاحب الحمار (3) الذي نزل بقصته القرآن، وأهل الكتاب يرون أنه كان نبيا فأماته الله مائة عام ثم بعثه " (4).

الثالث والخمسون:

ما رواه الحسن بن سليمان بن خالد القمي في " رسالته " نقلا من كتاب " مختصر البصائر " لسعد بن عبد الله: عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن الحسن بن محبوب، عن الحسين بن علوان، عن محمد بن داود العبدي، عن الأصبغ بن نباتة أن عبد الله بن الكوا قام إلي أمير المؤمنين (عليه السلام): فقال: إن أبا المعمر يزعم أنك حدثته أنك سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله) يقول: إنا قد رأينا وسمعنا برجل أكبر سنا من أبيه.

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): " إن عزيرا خرج من أهله وامرأته في شهرها وله

ص :153


1- 1 - في الخرائج: رسولي المسيح.
2- 2 - الخرائج والجرائح 2: 947 - 948.
3- 3 - وهو الذي أخبر عنه الله عز وجل في سورة البقرة آية 259 * (أو كالذي مر علي قرية وهي خاوية علي عروشها قال أني يحيي هذه الله بعد موتها) * إلي آخر الآية.
4- 4 - الغيبة للطوسي: 111.

يومئذ خمسون سنة، فابتلاه الله وأماته مائة عام ثم بعثه ورجع إلي أهله واستقبله ابنه وهو ابن مائة سنة، ورد الله عزيرا إلي الذي كان به، وإن الله ابتلي قوما بذنوبهم فأماتهم قبل آجالهم، ثم ردهم إلي الدنيا ليستوفوا أرزاقهم، ثم أماتهم بعد ذلك.

إن الله قال في كتابه * (واختار موسي قومه سبعين رجلا لميقاتنا) * (1) فانطلق بهم فقالوا * (لن نؤمن لك حتي نري الله جهرة) * (2) قال الله عز وجل * (فأخذتكم الصاعقة - يعني الموت - وأنتم تنظرون * ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون * وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوي) * (3) فهذا بعد الموت إذ بعثهم، وأيضا مثلهم الملأ الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت، فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم، ومثلهم عزيرا أماته الله مائة عام ثم بعثه، يا ابن الكوا فلا تشكن في قدرة الله عز وجل " (4).

الرابع والخمسون:

ما رواه أيضا نقلا من " مختصر البصائر " لسعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيي، عن أبي خالد القماط، عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: هل كان في بني إسرائيل شئ لا يكون هاهنا مثله؟ قال: " لا " قال: فقلت: قوله تعالي * (ألم تر إلي الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم) * (3) هل أحياهم الله تعالي حتي نظر الناس إليهم ثم أماتهم من يومهم أو ردهم إلي الدنيا؟ قال: " بل ردهم إلي الدنيا حتي سكنوا الدور، وأكلوا الطعام ونكحوا النساء، ولبثوا بذلك

ص :154


1- 1 - سورة الأعراف 7: 155.
2- 2 و 3 - سورة البقرة 2: 55 - 57. 4 - مختصر البصائر: 102 / 74، باب الكرات وحالاتها وما جاء فيها.
3- 5 - سورة البقرة 2: 243.

ما شاء الله ثم ماتوا بالآجال " (1).

الخامس والخمسون:

ما رواه ابن بابويه في كتاب " الأمالي " - في المجلس السابع والثلاثين - عن علي بن الحسين بن شاذويه، عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما مضي لعيسي (عليه السلام) ثلاثون سنة، بعثه الله عز وجل إلي بني إسرائيل، فلقيه إبليس علي عقبة بيت المقدس - وهي عقبة أفيق (2) ثم ذكر ما جري بينهما من المكالمات إلي أن قال -:

فقال إبليس: أنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تخلق من الطين كهيئة الطير، فتنفخ فيه فيصير طيرا.

فقال عيسي (عليه السلام): " بل العظمة للذي خلقني وخلق ما سخر لي " قال إبليس:

فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تحيي الموتي؟ قال عيسي: " بل العظمة للذي بإذنه أحييهم ولا بد من أن يميت ما أحييت ويميتني " (3) الحديث.

السادس والخمسون:

ما رواه علي بن إبراهيم بن هاشم في " تفسيره " عند قوله تعالي * (أو كالذي مر علي قرية) * (4) الآية قال: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن يحيي الحلبي، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " لما عملت

ص :155


1- 1 - مختصر البصائر: 105 / 76، باب الكرات وحالاتها، وأورده العياشي في تفسيره 1: 30 / 433.
2- 2 - عقبة أفيق: العقبة: بالتحريك هو جبل طويل يعرض للطريق فيأخذ فيه، وهو صعب إلي صعود الجبل. وأفيق: قرية من حوران في طريق الغور في أول العقبة. معجم البلدان 4: 151، عقبة و 1: 276 - أفيق.
3- 3 - أمالي الصدوق: 272 / 1، المجلس السابع والثلاثون.
4- 4 - سورة البقرة 2: 259.

بنو إسرائيل بالمعاصي - وذكر الحديث بطوله - وأن الله سلط عليهم بخت نصر فقتلهم - إلي أن قال -: فخرج أرميا فنظر إلي سباع البر وسباع الطير تأكل من تلك الجيف، ففكر في نفسه وقال: أني يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه أي أحياه، فلما رحم الله بني إسرائيل وأهلك بخت نصر، رد بني إسرائيل إلي الدنيا " (1).

أقول: هذا الحديث مع قوة سنده جدا يدل علي أن الله أحيا بني إسرائيل بعد القتل وأحيا نبيهم بعد الموت ورده إليهم، فرجع ورجعوا إلي الدنيا وبقوا مدة طويلة.

السابع والخمسون:

ما رواه الراوندي في الباب السابع من كتاب " الخرائج والجرائح " عن يونس بن ظبيان قال: قلت للصادق (عليه السلام): قوله عز وجل لإبراهيم * (فخذ أربعة من الطير فصرهن) * (2) الآية قال: " نعم قد كان ذلك، فتحبون أن أريكم مثله " (3) الحديث.

الثامن والخمسون:

ما رواه الحسن بن سليمان بن خالد القمي في " رسالته " نقلا من كتاب " مختصر البصائر " لسعد بن عبد الله: عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، قال: دخلت علي أبي عبد الله (عليه السلام) فقلت: إنا نتحدث أن عمر بن ذر [لا يموت حتي يقاتل قائم آل محمد (صلي الله عليه وآله)، فقال (عليه السلام): " إن مثل عمر بن ذر مثل] (4) رجل كان في بني إسرائيل يقال له: عبد ربه، وكان يدعو أصحابه إلي ضلالة فمات، فكانوا يلوذون بقبره ويتحدثون

ص :156


1- 1 - تفسير القمي 1: 86 - 90.
2- 2 - سورة البقرة 2: 260.
3- 3 - الخرائج والجرائح 1: 297 / 4.
4- 4 - ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر لضرورته في سياق الحديث.

عنده، إذ خرج عليهم من قبره ينفض التراب من رأسه ويقول لهم: كيت وكيت " (1).

التاسع والخمسون:

ما رواه الثقة الجليل سعيد بن هبة الله الراوندي في كتاب " قصص الأنبياء " بإسناده عن ابن بابويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن محمد بن خالد البرقي، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن أبي بكر، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام): " إن داود كان يدعو الله أن يعلمه القضاء بما هو الحق عنده، فأوحي الله إليه: إن الناس لا يحتملون ذلك وإني سأفعل ".

وأتاه رجلان استعدي أحدهما علي الآخر فأمر المستعدي عليه أن يقوم إلي المستعدي فيضرب عنقه - إلي أن قال -: فأوحي الله إليه: إن هذا المستعدي قتل أبا هذا المستعدي عليه، فأمرت فضربت عنقه قودا بأبيه، وهو مدفون في حائط كذا وكذا تحت صخرة كذا، فأته فناده باسمه فإنه سيجيبك، فسأله فخرج إليه داود فناداه يا فلان فقام، فقال: لبيك يا نبي الله فقال: من قتلك؟ فقال: فلان، فقالت بنو إسرائيل: سمعناه يقول " (2) الحديث.

الستون:

ما رواه أيضا فيه عن ابن بابويه، عن محمد بن إبراهيم الطالقاني، عن أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إن عيسي بن مريم بعث إلي رسول الروم وعلمه ما به يحيي الموتي فأخبروا الملك، وكان ابنه مات، فركب الملك والناس إلي قبر ابن الملك، فدعا رسول المسيح وأمن طبيب الملك - الذي هو رسوله أيضا - فانشق القبر فخرج ابن

ص :157


1- 1 - مختصر البصائر: 98 / 68، باب الكرات وحالاتها.
2- 2 - قصص الأنبياء: 200 / 256.

الملك، ثم جاء يمشي حتي جلس في حجر أبيه، فقال: يا بني من أحياك؟ فنظر وقال: هذا وهذا " (1) الحديث.

أقول: وقد تقدم ما يدل علي مضمون هذا الباب، ويأتي ما يدل عليه في الباب الذي بعده وغيره.

ولا يخفي أن مضمون البابين واحد لكنني جعلت الأحاديث قسمين، لأن منكر الرجعة قد رجع إلي الإقرار برجعة الشيعة وغيرهم من الرعية، وتوقف في الإقرار برجعة الأنبياء والأئمة (عليهم السلام)، فأردت أن يكون القسم الثاني مجموعا في باب مفرد، وإلا فالقسمان دالان علي مضمون واحد، وقد تجاوزا حد التواتر المعنوي، مع أني لم أنقل جميع ما ورد في ذلك، ومع ضميمة أحاديث الباب الرابع يتم الاستدلال علي الرجعة، مع قطع النظر عن أحاديث الإخبار بالرجعة الصريحة بالكلية، فكيف إذا انضم الجميع بعضه إلي بعض والله الموفق.

ص :158


1- 1 - قصص الأنبياء: 267 / 309.

الباب السادس: في إثبات أن الرجعة قد وقعت في الأنبياء والأوصياء السابقين (عليهم السلام)

اشارة

والأحاديث في ذلك أيضا كثيرة وأنا أقتصر منها علي أخبار:

الأول:

ما رواه ثقة الاسلام أبو جعفر الكليني - في باب النوادر من كتاب الجنائز - عن علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن علي بن الحكم، عن ربيع بن محمد، عن عبد الله بن سليم العامري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إن عيسي (عليه السلام) جاء إلي قبر يحيي بن زكريا (عليهما السلام) وكان سأل ربه أن يحييه له، فدعاه فأجابه وخرج إليه من القبر، فقال له: ما تريد مني؟ قال: أريد أن تؤنسني كما كنت في الدنيا، فقال له، يا عيسي ما سكنت عني حرارة الموت وأنت تريد أن تعيدني إلي الدنيا وتعود علي حرارة الموت، فتركه فعاد إلي قبره " (1).

الثاني:

ما رواه الكليني في " أوائل الروضة " عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي وأبي منصور، عن الربيع، عن أبي جعفر (عليه السلام) أن نافعا (2) قال له: إني قرأت التوراة والإنجيل والزبور والقرآن وقد جئت أسألك عن مسألة لا يجيب فيها إلا نبي

ص :159


1- 1 - الكافي 3: 260 / 37.
2- 2 - هو مولي عمر بن الخطاب.

أو وصي نبي، قال: سل عما بدا لك، قال: أخبرني كم بين عيسي ومحمد (صلي الله عليه وآله)؟ قال: " أخبرك بقولي أم بقولك؟ " قال: أخبرني بالقولين جميعا.

قال: " أما في قولي: فخمسمائة سنة، وأما في قولك: فستمائة سنة " قال:

فأخبرني عن قول الله عز وجل * (واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا) * (1) من الذي سأل محمد (صلي الله عليه وآله)؟ قال: " فتلا أبو جعفر (عليه السلام) هذه الآية * (سبحان الذي أسري بعبده ليلا من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا) * (2) فكان من الآيات التي رآها حين أسري به إلي البيت المقدس أن حشر الله عز ذكره الأولين والآخرين من النبيين والمرسلين.

ثم نزل جبرئيل فأذن شفعا وأقام شفعا، وقال في أذانه: حي علي خير العمل، ثم تقدم محمد (صلي الله عليه وآله) فصلي بالقوم، ثم قال عز وجل: يا محمد واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا " ثم ذكر ما وقع بينه وبينهم من السؤال والجواب، فقال نافع:

صدقت يا أبا جعفر (3).

الثالث:

ما رواه الكليني أيضا في " الروضة " - في حديث عنوانه حديث نصراني الشام مع الباقر (عليه السلام) - عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن أبان، عن عمرو بن عبد الله الثقفي - وذكر حديث اخراج هشام بن عبد الملك أبا جعفر الباقر (عليه السلام) من المدينة إلي الشام، وما وقع بينه وبين عالم النصاري من السؤال والامتحان - إلي أن قال النصراني: يا معشر النصاري والله لأسألنه عن مسألة يرتطم فيها كما يرتطم الحمار في الوحل، فقال له: " سل ".

ص :160


1- 1 - سورة الزخرف 43: 45.
2- 2 - سورة الإسراء 17: 1.
3- 3 - الكافي 8: 120 / 93.

فقال: أخبرني عن رجل دنا من امرأته فحملت باثنين، حملت بهما جميعا في ساعة واحدة، وولدتهما في ساعة واحدة، وماتا في ساعة واحدة، ودفنا في ساعة واحدة، وعاش أحدهما خمسين ومائة سنة، وعاش الآخر خمسين سنة.

فقال أبو جعفر (عليه السلام): " هما عزير وعزرة، حملت أمهما بهما علي ما وصفت، ووضعتهما علي ما وصفت، وعاش عزير وعزرة كذا وكذا سنة، ثم أمات الله عزيرا مائة سنة، ثم بعثه فعاش مع أخيه عزرة هذه الخمسين سنة وماتا كلاهما في ساعة واحدة " فقال النصراني: ما رأيت بعيني قط أعلم من هذا الرجل.

الحديث (1).

ورواه الراوندي في كتاب " الخرائج والجرائح " بلفظ آخر، وصرح هناك بأن الله أكرم عزيرا بالنبوة عشرين سنة، ثم أماته مائة سنة ثم أحياه فعاش ثلاثين سنة (2).

الرابع:

ما رواه الكليني أيضا في " الروضة " عن علي بن إبراهيم، عن أبيه وأحمد بن محمد الكوفي، عن علي بن عمرو بن أيمن جميعا، عن محسن بن أحمد بن معاذ، عن أبان بن عثمان، عن بشير النبال، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:

" بينا رسول الله (صلي الله عليه وآله) جالسا إذ جاءته امرأة فرحب بها وأخذ بيدها وأقعدها، وقال: ابنة نبي ضيعه قومه - خالد بن سنان (3) - دعاهم فأبوا أن يؤمنوا - إلي أن

ص :161


1- 1 - الكافي 8: 122 / 94.
2- 2 - الخرائج والجرائح 1: 291 / 25.
3- 3 - خالد بن سنان: قال الكلبي في الأنساب ص 449: هو ابن غيث بن مريطة بن مخزوم الذي أطفأ نار الحدثان، الذي يقال: " إنه كان نبي ضيعه قومه ". وقال الجاحظ: وأما نار الحرتين هي نار خالد بن سنان الذي أطفأ الله به نار الحرتين، وكانت ببلاد بني عبس، فإذا كان الليل فهي نار تسطع في السماء. حياة الحيوان 4: 476. وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج 7: 115: وأما خالد بن سنان فلم يقرأ كتابا، ولا يدعي شريعة، وإنما كانت نبوته مشابهة لنبوة جماعة من أنبياء بني إسرائيل الذين لم يكن لهم كتب ولا شرائع، وإنما ينهون عن الشرك، ويأمرون بالتوحيد. وانظر المصادر التي ذكرت قصته: تاريخ المدينة لابن شبة 2: 420 - 433، مستدرك الحاكم 2: 598 - 600، الإصابة 4: 407، ترجمة محياة بنت خالد بن سنان العبسي، بحار الأنوار 14: 448، باب 30، وقال في آخره: بيان: الأخبار الدالة علي نبوته أقوي وأكثر، الكامل في التاريخ لابن الأثير 1: 376، الاشتقاق لابن دريد: 278.

قال -: ثم قال لهم: تؤمنون بي؟ قالوا: لا.

قال: فإني مت يوم كذا وكذا، فإذا أنا مت فادفنوني فإنه ستجئ عانة (1) من حمر يقدمها عير أبتر، حتي يقف علي قبري، فانبشوني وسلوني عما شئتم، فلما مات دفنوه وكان ذلك اليوم، إذ جاءت العانة فاجتمعوا وجاؤوا يريدون نبشه، فقالوا: ما آمنتم به في حياته فكيف تؤمنون به بعد موته؟ فاتركوه فتركوه " (2).

ورواه الراوندي في كتاب " الخرائج والجرائح " وفي " قصص الأنبياء " نحوه (3).

أقول: لا ريب أنهم لو نبشوه لعاش ورجع حيا كما أخبرهم (عليه السلام)، بل لعله عاش في ذلك الوقت ولو نبشوه لوجدوه حيا.

الخامس:

ما رواه الكليني في - كتاب العشرة، في باب حد الجوار - عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن عمه يعقوب بن سالم،

ص :162


1- 1 - العانة: القطيع من حمر الوحش. الصحاح 6: 2169 - عون.
2- 2 - الكافي 8: 342 / 540.
3- 3 - الخرائج والجرائح 2: 950 - 952، قصص الأنبياء: 276 / 334.

عن إسحاق بن عمار، عن الكاهلي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " إن يعقوب لما ذهب منه يوسف وبنيامين نادي: يا رب أما ترحمني أذهبت ابني؟ فقال الله عز وجل: لو أمتهما لأحييتهما لك " (1) الحديث.

السادس:

ما رواه رئيس المحدثين أبو جعفر ابن بابويه في " كتاب من لا يحضره الفقيه " - في باب فرض الصلاة - قال: قال الصادق (عليه السلام): " إن رسول الله (صلي الله عليه وآله) لما أسري به إلي السماء أمره ربه بخمسين صلاة، فمر علي النبيين نبي نبي لا يسألونه عن شئ حتي مر علي موسي بن عمران (عليه السلام)، فقال: بأي شئ أمرك ربك؟ قال: بخمسين صلاة، قال: اسأل ربك التخفيف، فإن أمتك لا تطيق ذلك " (2) الحديث، وفيه كلام طويل بين موسي ومحمد (عليهما السلام).

أقول: قد ظهر من هذا ومن الحديث الثاني أن جميع الأنبياء السابقين رجعوا وأحياهم الله تعالي ليلة الإسراء. ويأتي مثل ذلك إن شاء الله تعالي.

السابع:

ما رواه ابن بابويه أيضا في الكتاب المذكور، بإسناده عن زيد بن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: سألت أبي سيد العابدين (عليه السلام) عن جدنا رسول الله (صلي الله عليه وآله) - لما عرج به إلي السماء وأمره ربه بخمسين صلاة - كيف لم يسأله التخفيف عن أمته حتي سأله موسي بن عمران؟ فقال: " إنه كان لا يقترح علي ربه ولا يراجعه، فلما سأله موسي وصار شفيعا لامته لم يجز له رد شفاعة أخيه موسي (عليه السلام) " (3) الحديث.

ورواه في " العلل " في باب مفرد (4).

ص :163


1- 1 - الكافي 2: 666 / 4، ولم يرد فيه: يوسف (عليه السلام).
2- 2 - من لا يحضره الفقيه 1: 125 / 602.
3- 3 - نفس المصدر 1: 126 / 603.
4- 4 - علل الشرائع: 132 / 1 - باب 112.

ورواه في " الأمالي " - في المجلس السبعين - عن محمد بن محمد بن عصام، عن محمد بن يعقوب، عن علي بن محمد، عن محمد بن سليمان، عن إسماعيل، عن جعفر بن محمد التميمي، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد ابن علي، مثله (1).

الثامن:

ما رواه ابن بابويه في " عيون الأخبار " - في باب ذكر مجلس الرضا (عليه السلام) مع أهل الأديان وأهل المقالات - قال: حدثنا جعفر بن علي بن أحمد الفقيه، عن الحسن بن محمد بن الحسن بن صدقة، عن محمد بن عمر بن عبد العزيز، قال: حدثني من سمع الحسن بن محمد النوفلي يقول: - وذكر الحديث - يقول فيه الرضا (عليه السلام): " ثم موسي بن عمران وأصحابه الذين كانوا سبعين اختارهم وصاروا معه إلي الجبل، فقالوا: أرنا الله كما رأيته فقال: إني لم أره، فقالوا: لن نؤمن لك حتي نري الله جهرة فأخذتهم الصاعقة فاحترقوا عن آخرهم، وبقي موسي وحيدا، فقال: يا رب إني اخترت منهم سبعين رجلا، فجئت بهم وأرجع وحدي فكيف يصدقني قومي بما أخبرهم به؟ فأحياهم الله تعالي من بعد موتهم " (2) الحديث.

ورواه الطبرسي في " الاحتجاج " (3).

أقول: سيأتي ما يدل علي أن الله تعالي أحياهم وبعثهم أنبياء مرسلين وغير مرسلين، ومعلوم أن مقتضي قواعد الإمامية: إن الأنبياء معصومون قبل النبوة وبعدها، فهذه رجعة لسبعين من المعصومين (عليهم السلام)، فيجب أن يثبت مثله في هذه

ص :164


1- 1 - أمالي الصدوق: 543 / 727.
2- 2 - عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 160 - 161.
3- 3 - الاحتجاج 2: 409 - 410.

الأمة لما تقدم، ويجب حينئذ أن يقال: إنهم لم يطلبوا الرؤية لأنفسهم، بل طلبوها لقومهم، فهو كقول موسي * (رب أرني أنظر إليك) * (1) ولا بد من توجيهه بذلك ونحوه مما لا ينافي العصمة.

التاسع:

ما رواه ابن بابويه في " عيون الأخبار " - في باب مجلس آخر للرضا (عليه السلام) عند المأمون - عن تميم بن عبد الله بن تميم، عن أبيه، عن حمدان بن سليمان، عن علي بن محمد بن الجهم، عن الرضا (عليه السلام) - في حديث طويل - قال:

" إن موسي لما كلمه الله رجع إلي قومه فأخبرهم، فقالوا: لن نؤمن لك حتي نسمع كلام الله وكانوا سبعمائة ألف رجل (2)، فاختار منهم سبعين (ألفا، ثم اختار منهم سبعة آلاف، ثم اختار منهم سبعمائة، ثم اختار منهم سبعين) (3) رجلا لميقات ربه، فخرج بهم إلي طور سيناء، فلما سمعوا كلام الله، قالوا: لن نؤمن لك حتي نري الله جهرة، فبعث الله عليهم صاعقة فأخذتهم بظلمهم فماتوا، فقال موسي: يا رب ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم؟ فقالوا: إنك ذهبت بهم فقتلتهم، لأنك لم تكن صادقا، فأحياهم الله وبعثهم معه " (4).

ورواه الطبرسي أيضا في " الاحتجاج " مرسلا (5).

ويأتي ما يدل علي نبوتهم إن شاء الله تعالي.

العاشر:

ما رواه ابن بابويه في " كتاب الخصال " - في باب الأربعة - عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن الصفار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن ابن

ص :165


1- 1 - سورة الأعراف 7: 143.
2- 2 - في نسخة " ش ": سبعة آلاف رجل.
3- 3 - ما بين القوسين لم يرد في نسخة " ش ".
4- 4 - عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 200.
5- 5 - الاحتجاج 2: 430 - 431.

محبوب، عن هشام بن سالم، عمن ذكره، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " إن الله تبارك وتعالي لم يبعث الأنبياء ملوكا في الأرض إلا أربعة بعد نوح، ذو القرنين واسمه عياش، وداود، وسليمان، ويوسف (عليهم السلام) " (1) الحديث.

أقول: ويأتي ما يدل علي أن ذا القرنين قد رجع وأحياه الله بعد موته مرتين، وفي بعض الأخبار أنه لم يكن نبيا ولا ملكا - بفتح اللام - أي من ملائكة السماء، لكن تلك الرواية مرجوحة - كما سيأتي - في سندها، وعلي تقدير ترجيح تلك الرواية فكونه ملكا - بكسر اللام - أي من ملوك الأرض كاف في هذا المقام، إذ لا قائل برجوع أحد من هذه الأمة يملك المشرق والمغرب بعد موته، ويكون من غير الأنبياء والأئمة (عليهم السلام).

الحادي عشر:

ما رواه ابن بابويه في كتاب " العلل " - في العلة التي من أجلها سمي ذو القرنين ذا القرنين - عن أبيه، عن محمد بن يحيي، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمد بن أورمة، عن القاسم بن عروة، عن بريد العجلي، عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أن ابن الكوا قال له: أخبرني عن ذي القرنين؟ فقال: " لم يكن نبيا ولا ملكا، ولم يكن قرناه من ذهب ولا فضة، ولكن كان عبدا أحب الله فأحبه الله، وإنما سمي ذا القرنين، لأنه دعا قومه إلي الله فضربوه علي قرنه، فغاب عنهم حينا، ثم عاد إليهم فضربوه علي قرنه الآخر. وفيكم مثله " (2).

ورواه الطبرسي في " الاحتجاج " مرسلا (3).

ص :166


1- 1 - الخصال: 248 / 110.
2- 2 - علل الشرائع: 39 / 1، باب 37.
3- 3 - الاحتجاج 1: 545 / 132.

أقول: سيأتي التصريح بأنهم لما ضربوه مات، ثم أحياه الله، فرجع مرتين ثم ملك ما بين المشرق والمغرب.

وذكر رئيس المحدثين في " الخصال " وفي كتاب " كمال الدين " وذكر علي بن إبراهيم وغيرهما (1) أن المراد بقوله: " وفيكم مثله " يعني نفسه أي أن أمير المؤمنين (عليه السلام) أخبر عن نفسه بأن حاله كحال ذي القرنين، فعلم من ذلك أن ذا القرنين لما ضرب علي قرنه مات كما مات أمير المؤمنين (عليه السلام)، وانه يعود كما عاد، ويملك كما ملك، ويفهم من كتاب " كمال الدين وتمام النعمة " أن الله أوحي إلي ذي القرنين وخاطبه بكلام طويل، وكلفه بدعاء الناس إلي دينه، والحكم بينهم، وذلك يدل علي أنه كان من الدعاة إلي الله ومن حجج الله علي خلقه، والمطلب حاصل علي كل حال.

وقد تقدم وجهه ويأتي ما يؤيده إن شاء الله.

الثاني عشر:

ما رواه علي بن إبراهيم في " تفسيره " مرسلا " أن ذا القرنين لما ضرب علي قرنه مات خمسمائة سنة، ثم عاش ورجع إليهم فضربوه علي قرنه الآخر فمات خمسمائة سنة، ثم عاش ورجع إليهم فدعاهم إلي الله " (2).

أقول: لعل هذا وجه تسميته عياشا كما تقدم نقله، والله أعلم.

الثالث عشر:

ما رواه الطبرسي في " مجمع البيان " في تفسير قوله تعالي * (أو كالذي مر علي قرية وهي خاوية علي عروشها قال أني يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه) * (3) قال: " الذي مر علي القرية قيل: هو عزير " وهو

ص :167


1- 1 - الخصال: 248 / 110، كمال الدين: 394 / 4 و 5، تفسير القمي 2: 40 - 42.
2- 2 - تفسير القمي 2: 40، والرواية عن أبي عبد الله (عليه السلام).
3- 3 - سورة البقرة 2: 259.

المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام)، وقيل: " هو أرميا " وهو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام)، وقيل: هو الخضر أحب أن يريه الله إحياء الموتي مشاهدة * (فانظر إلي العظام) * قيل: المراد عظام حماره، وقيل: عظامه، وأن الله أول ما أحيا منه عينيه، فجعل ينظر إلي العظام البالية المتفرقة تجتمع إليه وإلي اللحم الذي أكلته السباع، يأتلف إلي العظام من هنا ومن هنا، ويلتزق بها حتي قام وقام حماره (1).

الرابع عشر: ما رواه الطبرسي أيضا في " مجمع البيان " قال: روي عن

علي (عليه السلام): " أن عزيرا خرج وامرأته حامل وله خمسون سنة، فأماته الله مائة سنة ثم بعثه، فرجع إلي أهله ابن خمسين سنة، وله ابن له مائة سنة، فكان ابنه أكبر منه، فكان ذلك آية من آيات الله، وقيل: إنه رجع وقد أحرق بخت نصر التوراة فأملاها من قلبه.

وقال رجل منهم: حدثني أبي، عن جدي أنه دفن التوراة في كرم فإن أريتموني كرم جدي أخرجتها لكم فأروه فأخرجها، فعارضوه فما خالف حرف حرفا، فقالوا: ما جعل الله التوراة في قلبه إلا وهو ابنه، فقالوا: عزير ابن الله " (2).

وروي الكشي في " كتاب الرجال " - في ترجمة أبي الخطاب - عن محمد بن مسعود، عن عبد الله بن محمد بن خالد، عن علي بن حسان، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث قال: " لو أن عزيرا جال في قلبه ما قالت فيه اليهود لمحا الله اسمه من ديوان النبوة " (3) الحديث.

أقول: وفي نسخة أخري: " إن عزيرا جال في قلبه ما قالت فيه اليهود فمحا الله

ص :168


1- 1 - مجمع البيان 2: 217 - 219.
2- 2 - مجمع البيان 2: 219.
3- 3 - رجال الكشي: 300 / 538، والمتن مطابق لما في نسخة أخري.

اسمه من ديوان النبوة " وعلي هذه النسخة لا يلزم زوال نبوته بل ذلك محال، ومحو اسمه أعم من ذلك، ولعله محي من ديوان المرسلين فبقي نبيا غير مرسل.

الخامس عشر:

ما رواه الطبرسي أيضا في تفسير قوله تعالي حكاية عن عيسي (عليه السلام) * (وأحيي الموتي بإذن الله) * (1): " أن عيسي (عليه السلام) أحيا أربعة أنفس عازر وكان صديقا له - إلي أن قال -: وسام بن نوح دعاه باسم الله الأعظم فخرج من قبره، وقد شاب نصف رأسه، فقال: قد قامت القيامة؟ قال: لا، ولكني دعوتك باسم الله الأعظم " (2) الحديث.

أقول: من المعلوم أن ساما وصي نوح (عليه السلام).

السادس عشر:

ما رواه الطبرسي في تفسير قوله تعالي * (واختار موسي قومه سبعين رجلا) * (3) قال: " إن موسي اختار سبعين رجلا حين خرج إلي الميقات ليكلمه الله بحضرتهم، فلما حضروا وسمعوا كلامه سألوا الرؤية فأصابتهم الصاعقة ثم أحياهم الله " (4).

السابع عشر:

ما رواه الطبرسي في هذه الآية أيضا عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: " إنما أخذتهم الرجفة - يعني السبعين - الذين اختارهم موسي من أجل دعواهم - يعني بني إسرائيل - علي موسي قتل هارون وذلك أن موسي وهارون، وشبر وشبير ابني هارون خرجوا إلي سفح جبل، فنام هارون في سريره فتوفاه الله، فلما مات دفنه موسي، فلما رجع إلي بني إسرائيل، قالوا له: أين هارون؟ قال: توفاه الله، فقالوا: لا، بل أنت قتلته حسدا علي خلقه ولينه، قال: فاختاروا

ص :169


1- 1 - سورة آل عمران 3: 49.
2- 2 - مجمع البيان 2: 365 - 366.
3- 3 - سورة الأعراف 7: 155.
4- 4 - مجمع البيان 4: 398.

من شئتم، فاختاروا منهم سبعين رجلا، فلما انتهوا إلي القبر، قال موسي: يا هارون أقتلت أم مت؟ فقام هارون فقال: ما قتلني أحد ولكن توفاني الله، فقالوا:

لن نعصي بعد هذا اليوم، فأخذتهم الرجفة وصعقوا وماتوا، ثم أحياهم الله وجعلهم أنبياء " (1).

أقول: قد علم من مذهب الإمامية أن الأنبياء معصومون قبل النبوة وبعدها، فهذه رجعة لهارون الذي هو نبي وإمام، ورجعة لسبعين من المعصومين (عليهم السلام)، أفما ينبغي أن يثبت مثله في هذه الأمة بمقتضي الأحاديث السابقة؟!.

الثامن عشر:

ما رواه الطبرسي أيضا عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنه قال: " كان ذو القرنين عبدا صالحا أحب الله فأحبه الله، وناصح لله فنصحه الله، أمر قومه بتقوي الله فضربوه علي قرنه فغاب عنهم زمانا، ثم رجع إليهم فدعاهم إلي الله فضربوه علي قرنه الآخر بالسيف، وفيكم مثله " (2) يعني نفسه (عليه السلام).

أقول: قد عرفت بعض حقيقة الحال وما يفهم من التشبيه في المقامين، ويأتي له مزيد تحقيق إن شاء الله.

التاسع عشر:

ما رواه الطبرسي أيضا في ذي القرنين، قال: وقيل أنه نبي مبعوث فتح الله علي يديه الأرض، ثم قال في قوله تعالي * (قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب) * (3) الآية، استدل من ذهب إلي أن ذا القرنين كان نبيا بهذا، لأن قول (4) الله لا يعلم إلا بالوحي، والوحي لا يجوز إلا علي الأنبياء. وقيل: إن الله ألهمه ولم

ص :170


1- 1 - مجمع البيان 4: 399.
2- 2 - مجمع البيان 6: 435.
3- 3 - سورة الكهف 18: 86.
4- 4 - في المصدر: أمر. بدل: قول.

يوح إليه (1).

أقول: يفهم من الآية ومن أحاديث قصة ذي القرنين أنه كان حجه لله علي خلقه، ومأمورا بالحكم والأمر والنهي والدعاء إلي الله، وذلك كاف في الدلالة علي المراد هنا مع ما مضي ويأتي إن شاء الله.

العشرون:

ما رواه علي بن إبراهيم بن هاشم في " تفسيره " مرسلا: أن السبعين الذين اختارهم موسي (عليه السلام) ليسمعوا كلام الله فلما سمعوا الكلام قالوا * (لن نؤمن لك حتي نري الله جهرة) * (2) فبعث الله عليهم الصاعقة فاحترقوا، ثم أحياهم الله بعد ذلك وبعثهم أنبياء.

قال علي بن إبراهيم: فذلك دليل علي الرجعة في أمة محمد (صلي الله عليه وآله)، فإنه (صلي الله عليه وآله) قال: " لم يكن في بني إسرائيل شئ إلا وفي أمتي مثله " (3).

الحادي والعشرون:

ما رواه علي بن إبراهيم أيضا في " تفسيره " قال: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " لما عملت بنو إسرائيل المعاصي - وذكر الحديث بطوله، وأن الله سلط عليهم بخت نصر بعدما أوحي الله إلي أرميا ما أوحي في حقه، وأنه قتل من بني إسرائيل خلقا كثيرا - إلي أن قال: فخرج أرميا فنظر إلي سباع البر وسباع الطير (4)، تأكل من تلك الجيف، ففكر في نفسه وقال * (أني يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه) * (5) أي أحياه لما رحم الله بني إسرائيل، وأهلك بخت نصر رد بني إسرائيل

ص :171


1- 1 - مجمع البيان 6: 437.
2- 2 - سورة البقرة 2: 55.
3- 3 - تفسير القمي 1: 47.
4- 4 - في المصدر: الجو. بدل: الطير.
5- 5 - سورة البقرة 2: 259.

إلي الدنيا، وبقي أرميا ميتا مائة سنة، ثم أحياه الله فأول ما أحيا منه عينيه، مثل غرقئ البيض (1)، فنظر فأوحي الله إليه * (كم لبثت قال لبثت يوما - ثم نظر إلي الشمس فقال - أو بعض يوم - فقال الله تعالي - بل لبثت مائة عام فانظر إلي طعامك وشرابك لم يتسنه - أي لم يتغير - وانظر إلي حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلي العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما) * (2) فجعل ينظر إلي العظام البالية المتفرقة تجتمع إليه وإلي اللحم الذي قد أكلته السباع، يتألف إلي العظام، حتي قام قائما وقام حماره * (قال أعلم أن الله علي كل شئ قدير) * (3) " (4).

أقول: هذا كما تري مع قوة سنده جدا دال علي أن الله رد بني إسرائيل إلي الدنيا، وأحياهم بعد القتل، ورد إليهم نبيهم أرميا، وأحياهم جميعا، ورجعوا إلي الدنيا وبقوا فيها ما شاء الله.

الثاني والعشرون:

ما رواه علي بن إبراهيم بن هاشم أيضا في " تفسيره " قال:

حدثني أبي، عن عمرو بن سعيد الراشدي، عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " لما أسري برسول الله (صلي الله عليه وآله) إلي السماء أوحي إليه في علي صلوات الله عليه ما أوحي، ورده إلي البيت المعمور وجمع له النبيين فصلوا خلفه، فأوحي الله إليه * (فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسئل الذين يقرءون الكتاب من قبلك) * (3) يعني الأنبياء، فقال الصادق (عليه السلام): فوالله ما شك وما سأل " (4).

ص :172


1- 1 - غرقئ البيض: القشرة الملتزقة ببياض البيض، أو البياض الذي يؤكل. القاموس المحيط 1: 28.
2- 2 و 3 - سورة البقرة 2: 259. 4 - تفسير القمي 1: 86 - 91.
3- 5 - سورة يونس 10: 94.
4- 6 - تفسير القمي 1: 316 - 317.

الثالث والعشرون:

ما رواه علي بن إبراهيم أيضا قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) وذكر حديث الاسراء عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) - إلي أن قال -: " فانتهينا إلي بيت المقدس، فدخلت المسجد ومعي جبرئيل، فوجدنا إبراهيم وموسي وعيسي فيمن شاء الله من أنبياء الله، قد جمعوا لي وأقيمت الصلاة، ولا أشك أن جبرئيل يتقدمنا فلما استووا أخذ جبرئيل بيدي فقدمني فأممتهم ولا فخر - ثم ذكر صعوده إلي السماوات - إلي أن قال: فرأيت رجلا آدما جسيما، فقلت: من هذا يا جبرئيل؟ قال: هذا أبوك آدم، فإذا هو تعرض عليه ذريته فيقول: روح طيب، وريح طيبة من جسد طيب، فسلمت علي أبي آدم وسلم علي، واستغفرت له واستغفر لي، وقال: مرحبا بالابن الصالح والنبي الناصح.

ثم قال: وصعدنا إلي السماء الثانية فإذا فيها رجلان متشابهان، فقلت: من هذان يا جبرئيل؟ قال: ابنا الخالة عيسي ويحيي، فسلمت عليهما وسلما علي، واستغفرت لهما واستغفرا لي، وقالا: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الناصح.

ثم صعدنا إلي السماء الثالثة فإذا فيها رجل فضل حسنه علي سائر الخلق كفضل القمر ليلة البدر علي سائر النجوم، فقلت: من هذا يا جبرئيل؟ قال: هذا أخوك يوسف، فسلمت عليه وسلم علي واستغفرت له واستغفر لي، وقال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي (الصالح والمبعوث في الزمن الصالح) (1).

ثم صعدنا إلي السماء الرابعة فإذا فيها رجل فقلت: يا جبرئيل من هذا؟ فقال:

هذا إدريس رفعه الله مكانا عليا فسلمت عليه وسلم علي، واستغفرت له واستغفر لي.

ص :173


1- 1 - في نسخة " ش ": الناصح، بدل ما بين القوسين.

قال: ثم صعدنا إلي السماء الخامسة فإذا فيها رجل كهل عظيم العين لم أر كهلا أعظم منه، حوله ثلاثة من أمته، فقلت: من هذا؟ قال: هذا هارون بن عمران، فسلمت عليه وسلم علي واستغفرت له واستغفر لي.

ثم صعدنا إلي السماء السادسة فإذا فيها رجل آدم طويل، فقلت: من هذا يا جبرئيل؟ قال: هذا أخوك موسي بن عمران، فسلمت عليه وسلم علي، واستغفرت له واستغفر لي.

ثم صعدنا إلي السماء السابعة وفيها شيخ أشمط (1) الرأس واللحية. جالس علي كرسيه فقلت: يا جبرئيل من هذا؟ قال: أبوك إبراهيم، فسلمت عليه وسلم علي " (2) الحديث.

الرابع والعشرون:

ما رواه علي بن إبراهيم بن هاشم أيضا في " تفسيره " قال:

سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن ذي القرنين أنبيا كان أم ملكا؟ قال: " لا نبيا ولا ملكا، بل عبد أحب الله فأحبه الله، ونصح لله فبعثه إلي قومه فضربوه علي قرنه الأيمن، فغاب عنهم ما شاء الله أن يغيب، ثم بعثه الثانية فضربوه علي قرنه الأيسر، فغاب عنهم ما شاء الله أن يغيب، ثم بعثه الثالثة فمكن له في الأرض. وفيكم مثله " يعني نفسه (عليه السلام) (3).

الخامس والعشرون:

ما رواه ابن بابويه في " اعتقاداته " مرسلا في قوله تعالي * (أو كالذي مر علي قرية وهي خاوية علي عروشها قال أني يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه) * (4) قال: فهذا مات مائة عام، ثم رجع إلي الدنيا

ص :174


1- 1 - الشمط: محركة، بياض يخالطه سواد. القاموس المحيط 2: 561 - شمط.
2- 2 - تفسير القمي 2: 3 - 9.
3- 3 - تفسير القمي 2: 41.
4- 4 - سورة البقرة 2: 259.

وبقي فيها ثم مات بأجله وهو عزير (1).

وروي: أنه أرميا (عليه السلام)، وصرح قبل ذلك بأن أرميا نبي من أنبياء بني إسرائيل.

السادس والعشرون:

ما رواه ابن بابويه في " اعتقاداته " أيضا في قصة المختارين من قوم موسي، أنهم لما سمعوا كلام الله قالوا * (لن نؤمن لك حتي نري الله جهرة) * (2) فأخذتهم الصاعقة، فماتوا ثم أحياهم الله، ثم رجعوا إلي الدنيا فأكلوا، وشربوا، ونكحوا النساء، وولدت لهم الأولاد، وبقوا فيها ثم ماتوا بآجالهم (3).

السابع والعشرون:

ما رواه محمد بن الحسن الصفار في كتاب " بصائر الدرجات " عن محمد بن عيسي، عن عثمان بن عيسي، عمن أخبره، عن عباية الأسدي قال: دخلت علي أمير المؤمنين (عليه السلام) وعنده رجل رث الهيئة وأمير المؤمنين (عليه السلام) مقبل عليه يكلمه، فلما قام الرجل قلت: يا أمير المؤمنين من هذا الذي شغلك عنا؟ قال: " وصي موسي بن عمران (عليه السلام) " (4).

ورواه حسن بن سليمان بن خالد في " رسالته " نقلا عن " بصائر الدرجات " مثله (5).

ورواه الحافظ البرسي في أواخر كتابه (6).

الثامن والعشرون:

ما رواه أبو عمرو الكشي في " كتاب الرجال " - في ترجمة

ص :175


1- 1 - اعتقادات الصدوق: 61، ضمن مصنفات المفيد ج 5.
2- 2 - سورة البقرة 2: 55.
3- 3 - إعتقادات الصدوق: 61، ضمن مصنفات المفيد: ج 5.
4- 4 - بصائر الدرجات: 302 / 19.
5- 5 - المحتضر: 5، وفيه: هذا وصي عيسي (عليه السلام).
6- 6 - لم أعثر عليه في مشارق الأنوار، ولعله في كتابه " الألفين في أسرار أمير المؤمنين (عليه السلام) ".

سلمان الفارسي - عن محمد بن مسعود، عن الحسين بن اشكيب، عن الحسين بن خرزاذ القمي، عن محمد بن حماد الساسي، عن صالح بن نوح، عن زيد بن معدل، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " خطب سلمان فقال: الحمد لله الذي هداني لدينه - إلي أن قال -: والسبعين الذين اتهموا موسي علي قتل هارون فأخذتهم الرجفة، ثم بعثهم الله أنبياء مرسلين وغير مرسلين، وأمر هذه الأمة كأمر بني إسرائيل فأين يذهب بكم؟ " (1) وذكر الخطبة.

التاسع والعشرون:

ما رواه الكشي أيضا في " كتاب الرجال " عن خلف بن حامد، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي عمير، عن يحيي بن عمران الحلبي، عن أيوب بن الحر، عن بشر، عن أبي عبد الله (عليه السلام).

وعن محمد بن مسعود، عن علي بن الحسن بن فضال (2)، عن العباس بن عامر، عن أبان بن عثمان، عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث عبد الله بن عجلان وما قاله في مرضه، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): " هيهات هيهات إن موسي اختار سبعين رجلا، فلما أخذتهم الرجفة كان موسي أول من قام منها، فقال: يا رب أصحابي، قال: إني أبدلك بهم خيرا منهم، قال: يا رب إني وجدت ريحهم وعرفت أسمائهم - قال ذلك ثلاثا - فبعثهم الله أنبياء " (3).

ورواه ميرزا محمد في كتاب الرجال وكذا الذي قبله (4).

الثلاثون:

ما رواه الطبرسي في " الاحتجاج " - في احتجاج الصادق (عليه السلام) علي

ص :176


1- 1 - رجال الكشي: 20 - 23 / 47، وأورده الاسترآبادي في منهج المقال: 169 - 170.
2- 2 - في المطبوع ونسخة " ش ": الحسن بن علي بن فضال، وما أثبتناه من المصدر فهو الأصح إن شاء الله تعالي. انظر ترجمة محمد بن مسعود في رجال النجاشي: 350 / 944.
3- 3 - رجال الكشي: 243 / 445.
4- 4 - منهج المقال: 208.

بعض الزنادقة - قال: لو أن الله رد إلينا من الأموات في كل عام لنسأله عمن مضي منا إلي ما صاروا؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): " قد رجع إلي الدنيا ممن مات خلق كثير، منهم أصحاب الكهف - إلي أن قال -: وأمات الله أرميا النبي (عليه السلام) الذي نظر إلي خراب بيت المقدس وما حوله حين غزاهم بخت نصر، فقال: أني يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم أحياه، ونظر إلي أعضائه كيف تلتئم وكيف تلبس اللحم إلي مفاصله، وعروقه كيف توصل، فلما استوي قاعدا * (قال أعلم أن الله علي كل شئ قدير) * (1) " (2).

الحادي والثلاثون:

ما رواه الشيخ قطب الدين الراوندي في كتاب " الخرائج والجرائح " - في الباب الأول في معجزات رسول الله (صلي الله عليه وآله) - قال: ومنها: أن أبا جعفر (عليه السلام) قال: " إن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال: لما أسري بي نزل علي جبرئيل بالبراق - إلي أن قال -: فركب وتوجه نحو بيت المقدس، فاستقبل شيخا فقال له جبرئيل:

هذا أبوك إبراهيم، فثني رجله وهم بالنزول، فقال له: كما أنت، فجمع ما شاء الله من الأنبياء في بيت المقدس، فأذن جبرئيل فتقدم رسول الله (صلي الله عليه وآله) فصلي بهم " (3) الحديث.

الثاني والثلاثون:

ما رآه الراوندي - في الباب المذكور - عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالي * (فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك) * (4) قال: " هؤلاء الأنبياء الذين جمعوا له ليلة الاسراء " * (فلا تكونن من

ص :177


1- 1 - سورة البقرة 2: 259.
2- 2 - الاحتجاج 2: 230 - 231.
3- 3 - الخرائج والجرائح 1: 84 / صدر حديث 138.
4- 4 - سورة يونس 10: 94.

الممترين) * (1) قال: " فلم يشك رسول الله (صلي الله عليه وآله) ولم يسأل " (2).

الثالث والثلاثون:

ما رواه الراوندي أيضا في " الخرائج والجرائح " - في الباب الثامن في معجزات الباقر (عليه السلام) - عن الصادق (عليه السلام). وذكر حديث قدوم الباقر والصادق (عليهما السلام) علي هشام بن عبد الملك بالشام وسؤال عالم النصاري وما امتحن به الباقر (عليه السلام) - إلي أن قال -: أخبرني عن اللذين ولدا في ساعة واحدة وماتا في ساعة واحدة، عاش أحدهما مائة وخمسين سنة وعاش الآخر خمسين سنة من كانا وكيف قصتهما؟ فقال الباقر (عليه السلام): " هما عزير وعزرة، أكرم الله عزيرا بالنبوة عشرين سنة، وأماته مائة سنة، ثم أحياه فعاش بعدها ثلاثين سنة وماتا في ساعة واحدة، فخر الشيخ مغشيا عليه " (3) الحديث.

الرابع والثلاثون:

ما رواه الراوندي أيضا في " الخرائج والجرائح " - في أعلام النبي والأئمة (عليهم السلام) - عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير الهاشمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " خرج أمير المؤمنين (عليه السلام) يريد صفين، فلما عبر الفرات وقرب من الجبل وحضر وقت صلاة العصر فتوضأ وأذن، فلما فرغ من الأذان انفلق الجبل عن هامة بيضاء ولحية بيضاء ووجه أبيض، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، مرحبا بوصي خاتم النبيين، فقال: وعليك السلام يا أخي شمعون بن حيون الصفا وصي روح القدس عيسي بن مريم كيف حالك؟ قال: بخير يرحمك الله - ثم ذكر ما تكلم به شمعون (عليه السلام) من الشهادة بأنهم علي الحق والترغيب في الجهاد ونصرة علي (عليه السلام) - ثم التأم الجبل عليه.

ص :178


1- 1 - سورة يونس 10: 94.
2- 2 - الخرائج والجرائح 1: 84 / ذيل حديث 138.
3- 3 - الخرائج والجرائح 1: 292 / 25.

وخرج أمير المؤمنين (عليه السلام) إلي القتال فسأله عمار بن ياسر ومالك الأشتر وهاشم بن أبي الوقاص وأبو أيوب الأنصاري وقيس بن سعد الأنصاري وعمرو بن الحمق وعبادة بن الصامت عن الرجل؟ فأخبرهم إنه شمعون بن حيون الصفا وصي عيسي (عليهما السلام)، وكانوا يسمعون كلامه فازدادوا بصيرة في الجهاد معه " (1) الحديث.

الخامس والثلاثون:

ما رواه الراوندي أيضا نقلا من كتاب " بصائر الدرجات " لمحمد بن الحسن الصفار، عن علي بن الحسن بن فضال، عن أبيه، عن العلاء بن يحيي المكفوف، عن محمد بن أبي زياد (2)، عن عطية الأبزاري أنه قال: طاف رسول الله (صلي الله عليه وآله) بالكعبة فإذا آدم بحذاء الركن اليماني فسلم عليه، ثم انتهي إلي الحجر فإذا نوح - وهو رجل طويل - فسلم عليه (3).

السادس والثلاثون:

ما رواه الراوندي أيضا نقلا عن الصفار، عن الحسن بن علي بن عبد الله، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إن عليا (عليه السلام) لما عبر الفرات يريد صفين (4) انفلق الجبل عن هامة بيضاء وهو يوشع بن نون " (5).

السابع والثلاثون:

ما رواه الراوندي في كتاب " الموازاة بين المعجزات " -

ص :179


1- 1 - الخرائج والجرائح 2: 743 / 62.
2- 2 - في الخرائج والبصائر: عمر بن أبي زياد.
3- 3 - الخرائج والجرائح 2: 819 / 31، بصائر الدرجات: 298 / 13.
4- 4 - صفين: هو موضع بقرب الرقة علي شاطئ الفرات من الجانب الغربي بين الرقة وبالس، وبه سميت وقعة صفين التي وقعت سنة 37 للهجرة بين جيش الإمام علي بن أبي طالب " أمير المؤمنين (عليه السلام) وجيش معاوية بن أبي سفيان عليه اللعنة والتي راح ضحيتها الآلاف ومن ضمنهم خمسة وعشرون صحابيا بدريا وعلي رأسهم الصحابي الجليل الذي أخبره رسول الله (صلي الله عليه وآله) بشهادته ألا وهو عمار بن ياسر رضوان الله عليه. انظر معجم البلدان 3: 471.
5- 5 - الخرائج والجرائح 2: 820 / 33، بصائر الدرجات: 300 / صدر حديث 16.

الذي ألحقه وأضافه إلي كتاب الخرائج والجرائح - قال: قال الصادق (عليه السلام): " إن الله رد علي أيوب أهله وولده الذين هلكوا - إلي أن قال -: وكذلك عزير لما أماته الله مائة عام وكان معه اللبن لم يتغير وكان معه حماره لم يتغير، وكذلك لما مر عزير علي قرية خاوية علي عروشها - إلي أن قال -: فأحياهم الله وهم ألوف وبعثه إليهم رسولا وعاش سنين " (1) الحديث.

الثامن والثلاثون:

ما رواه الراوندي في كتاب " الموازاة " أيضا مرسلا قال:

" إن عيسي كان له معجزات كثيرة لم تكن اليهود ينظرون فيها فيؤمنوا بها، فسألوه أن يحيي لهم سام بن نوح فأتي قبره وقال: قم يا سام بإذن الله فانشق القبر، فأعاد الكلام فتحرك، وأعاد الكلام فخرج، فقال له المسيح: أيما أحب إليك تبقي أو تعود؟ فقال: يا روح الله بل أعود، [إني] (2) لأجد لذعة الموت في جوفي إلي هذا اليوم " (3).

التاسع والثلاثون:

ما رواه رئيس الطائفة أبو جعفر الطوسي في أوائل كتاب " الغيبة " مرسلا قال: " وقد كان من أمر صاحب الحمار الذي نزل بقصته القرآن، وأهل الكتاب يرون أنه كان نبيا فأماته الله مائة عام ثم بعثه " (4).

الأربعون:

ما رواه الشيخ أيضا في أواخر كتاب " الغيبة " معلقا عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن يعقوب بن يزيد، عن علي بن الحكم، عن حماد بن عثمان، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " مثل أمرنا في

ص :180


1- 1 - الخرائج والجرائح 2: 933 - 934.
2- 2 - أثبتناه من المصدر.
3- 3 - الخرائج والجرائح 2: 949.
4- 4 - الغيبة للطوسي: 111.

كتاب الله مثل صاحب الحمار، أماته الله مائة عام ثم بعثه " (1).

الحادي والأربعون:

ما رواه الشيخ أيضا في آخر كتاب " الغيبة " معلقا عن محمد بن عبد الله الحميري، عن أبيه، عن جعفر بن محمد الكوفي، عن إسحاق بن محمد، عن القاسم بن ربيع، عن علي بن الخطاب، عن مؤذن مسجد الأحمر، قال:

سألت أبا عبد الله (عليه السلام) هل في كتاب الله مثل القائم؟ قال: " نعم، آية صاحب الحمار، أماته الله مائة عام ثم بعثه " (2).

أقول: المراد بالقائم هنا معناه اللغوي يعني من قام بالأمر ويكون مخصوصا بمن عدا المهدي (عليه السلام)، ويحتمل الحمل علي المشابهة من بعض الوجوه، فإن كلا منهما غاب مدة ثم ظهر وإن كان أحدهما مات والآخر لم يمت، أو المراد بالموت أعم من المجازي والحقيقي، فإن أحدهما مات، والآخر مات ذكره لطول غيبته.

الثاني والأربعون:

ما رواه الحسن بن سليمان بن خالد القمي نقلا من كتاب " مختصر البصائر " لسعد بن عبد الله: عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن الحسن بن محبوب، عن الحسين بن علوان، عن محمد بن داود العبدي، عن الأصبغ بن نباتة:

أن ابن الكوا قام إلي أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: إن أبا المعمر يزعم أنك حدثته أنك سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله) يقول: قد رأينا وسمعنا برجل أكبر سنا من أبيه، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): " إن عزيرا خرج من أهله وامرأته في شهرها وله يومئذ خمسون سنة، وأماته الله مائة عام ثم بعثه، ورجع إلي أهله واستقبله ابنه وهو ابن مائة سنة، ورد الله عزيرا في السن الذي كان به " (3) الحديث.

الثالث والأربعون:

ما رواه رئيس المحدثين أبو جعفر ابن بابويه في كتاب

ص :181


1- 1 - الغيبة للطوسي: 422 / 404.
2- 2 - الغيبة للطوسي: 423 / 405.
3- 3 - مختصر البصائر: 102 / 74، وفيه: أبو المعتمر. بدل: أبو المعمر.

" التوحيد " - في باب الرد علي الثنوية والزنادقة - قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، عن أحمد بن يحيي، عن بكر بن عبد الله بن حبيب، عن أحمد بن يعقوب بن مطر، عن محمد بن الحسن بن عبد العزيز الأحدب، عن أبيه، عن طلحة بن زيد، عن عبد الله بن عبيد، عن أبي معمر السعداني، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث طويل: " إن الله قال لموسي: إن أردت أن تراني في الدنيا فانظر إلي الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني، فأبدا الله سبحانه بعض آياته للجبل وتجلي ربنا للجبل، فتقطع الجبل فصار رميما وخر موسي صعقا، ثم أحياه الله وبعثه فقال * (سبحانك تبت إليك) * (1) " (2) الحديث.

الرابع والأربعون:

ما رواه رئيس المحدثين أبو جعفر ابن بابويه في كتاب " الأمالي " - في المجلس التاسع والستين - عن الحسين بن محمد بن سعيد الهاشمي، عن فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي، عن محمد بن أحمد بن علي الهمداني، عن الحسن بن علي الشامي، عن أبيه، عن أبي جرير، عن عطاء الخراساني، عن عبد الرحمن بن غنم، عن محمد بن علي الباقر (عليه السلام) قال: " أتي جبرئيل إلي رسول الله (صلي الله عليه وآله) بدابة - فوق الحمار ودون البغل - فركب ثم مضي حتي انتهي إلي بيت المقدس، فدخله ثم أم رسول الله (صلي الله عليه وآله) في بيت المقدس سبعين نبيا.

ثم صعد إلي السماء فمر علي شيخ فقال: من هذا يا جبرئيل؟ قال: أبوك إبراهيم، ثم مضي فمر علي شيخ فقال: من هذا يا جبرئيل؟ قال: أبوك آدم، ثم مضي فمر بموسي بن عمران - ثم ذكر ما جري بينهما من الكلام في فرض الصلاة وغيره - ثم مضي فمر علي إبراهيم. وذكر ما جري بينهما من الكلام " (3) الحديث.

ص :182


1- 1 - سورة الأعراف 7: 143.
2- 2 - التوحيد: 262 - 263.
3- 3 - أمالي الصدوق: 534 / 720.

الخامس والأربعون:

ما رواه الشيخ الجليل علي بن محمد الخزاز القمي في كتاب " الكفاية " - في باب ما جاء عن جعفر بن محمد (عليه السلام) - قال: حدثنا الحسين بن علي أبو عبد الله، قال: حدثنا هارون بن موسي، عن محمد بن الحسن، عن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) - في حديث طويل - قال: " ألم تسمعوا إلي قوله تعالي * (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار) * (1) وقوله تعالي * (لن تراني ولكن انظر إلي الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلي ربه للجبل جعله دكا وخر موسي صعقا - أي ميتا - فلما أفاق - ورد الله عليه روحه - قال سبحانك تبت إليك) * (2) " (3) الحديث.

السادس والأربعون:

ما رواه الحافظ البرسي في آخر " كتابه " أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال للحسن والحسين (عليهما السلام): " إذا وضعتماني في لحدي فصليا ركعتين ثم انظرا ما يكون " فلما وضعاه فعلا ما أمرهما، ونظرا فإذا آدم ونوح ورسول الله (صلي الله عليه وآله) يتحدثون مع أمير المؤمنين، ووجد الزهراء وحواء ومريم وآسية ينحن علي أمير المؤمنين ويندبنه (4).

أقول: والأحاديث أيضا في هذا المعني كثيرة، وفي هذا القدر بل في بعضه كفاية إن شاء الله تعالي، وقد عرفت أن أحاديث هذا الباب والذي قبله دالة علي مضمون واحد، وذكرت السبب الباعث علي قسمتها إلي بابين، فإذا ضممت هذه

ص :183


1- 1 - سورة الأنعام 6: 103.
2- 2 - سورة الأعراف 7: 143.
3- 3 - كفاية الأثر: 261 - 262.
4- 4 - الظاهر أنه كتاب الألفين في أسرار أمير المؤمنين (عليه السلام). ولم أعثر عليه في مشارق أنوار اليقين.

الأحاديث بعضها إلي بعض مع أحاديث الباب الرابع، حصل اليقين عندك وعند كل منصف بصحة الرجعة فكيف إذا انضم إلي ذلك ما يأتي إن شاء الله تعالي.

وليت شعري أي عاقل يشك في تواتر هذه الأحاديث، ويجوز الكذب علي جميع رواتها، وأي مطلب من مطالب الأصول والفروع يوجد فيه أكثر من هذه النصوص الكثيرة الصريحة المتعاضدة المتظافرة، وقد ظهر من هذه الأحاديث أن الرجعة قد وقعت في الأمم السالفة في أوقات كثيرة جدا، وفي الأنبياء والأوصياء والملوك السابقين، بل يظهر منها أن جميع الأنبياء السابقين قد رجعوا إلي الدنيا بعد موتهم، وجميع بني إسرائيل أيضا رجعوا بعد قتل بخت نصر إياهم.

وأن كثيرا من الأنبياء رجعوا إلي الدنيا وبقوا مدة طويلة، يدعون الناس إلي دين الله، كعزير وأرميا وموسي وغيرهم، وأن ذا القرنين رجع إلي الدنيا مرتين، وملك مشارق الأرض ومغاربها، وبقي مدة طويلة وسنين كثيرة يدعو الناس إلي الله سبحانه.

وأنه قد رجع مرة واحدة سبعون ألف رجل بعد موتهم وعاشوا مدة طويلة، ورجع مرة أخري خمسة وثلاثون ألفا بعد موتهم، ورجع مرة أخري سبعون ألف بيت، ويحتمل أن يكونوا سبعمائة ألف انسان أو أكثر، فأحياهم الله بعد موتهم وعاشوا مدة طويلة، وكل ذلك ثابت بروايات العامة والخاصة موافق للقرآن في آيات كثيرة جدا كما عرفت، فلا بد من وجود مثل ذلك في هذه الأمة بمقتضي الأحاديث السالفة وغيرها والله الموفق.

ص :184

الباب السابع: في إثبات أن الرجعة قد وقعت في هذه الأمة في الجملة

اشارة

ليزول بها استبعاد الرجعة الموعود بها في آخر الزمان ويدل علي ذلك أحاديث:

الأول:

ما رواه رئيس المحدثين أبو جعفر ابن بابويه في كتاب " عيون الأخبار " - في باب ذكر مجلس الرضا (عليه السلام) مع أهل الأديان - بالسند السابق، في الحديث الثاني من الباب الخامس، عن الرضا (عليه السلام) أنه قال: " لقد اجتمعت قريش إلي رسول الله (صلي الله عليه وآله) فسألوه أن يحيي لهم موتاهم، فوجه معهم علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال له: يا علي إذهب إلي الجبانة فناد هؤلاء الرهط الذين يسألون عنهم بأعلي صوتك: يا فلان ويا فلان يقول لكم محمد: قوموا بإذن الله. فقاموا ينفضون التراب عن رؤوسهم، فأقبلت قريش تسألهم عن أمورهم " (1) الحديث.

ورواه الطبرسي مرسلا في " الاحتجاج " (2).

الثاني:

ما رواه ابن بابويه أيضا في " عيون الأخبار " - في باب استسقاء المأمون بالرضا (عليه السلام) - عن محمد بن القاسم المفسر، عن يوسف بن محمد بن زياد

ص :185


1- 1 - عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 160.
2- 2 - الاحتجاج 2: 408 - 409.

وعلي بن محمد بن سيار، عن أبويهما، عن الحسن بن علي العسكري، عن آبائه، عن الرضا (عليهم السلام) أنه استسقي للناس وظهر للناس من إعجازه وإجابة دعائه وإخباره بما يكون وغير ذلك ما حمل بعض أعدائه علي أن أخذ رخصته من المأمون لمجادلته، فكلمه كلاما طويلا في مجلس عام من جملته أن قال: يا بن موسي لقد عدوت طورك وتجاوزت قدرك أن بعث الله مطرا قدره لوقته كأنك قد جئت بمثل آية الخليل لما أخذ رؤوس الطير بيده ودعا أعضاءها التي كان فرقها علي الجبال فأتينه سعيا، وتركبن علي الرؤوس، وخفقن وطرن بإذن الله، فإن كنت صادقا فيما توهم فأحيي هذين وسلطهما علي - وأشار إلي أسدين مصورين علي مسند المأمون -.

فغضب علي بن موسي الرضا (عليه السلام) وقال: " دونكما الفاجر فافترساه ولا تبقيا له عينا ولا أثرا، فوثبت الصورتان وصارتا أسدين فتناولا الرجل ورضضاه وهشماه وأكلاه ولحسا دمه، والقوم ينظرون إليه متحيرين، فلما فرغا منه أقبلا علي الرضا (عليه السلام) وقالا: يا ولي الله في أرضه فما تأمرنا أن نفعل بهذا، أنفعل به ما فعلنا بهذا؟ - يشيران إلي المأمون - فغشي علي المأمون مما سمع منهما - إلي أن قال -:

فقال: عودا إلي مقركما، فعادا إلي المسند، وصارتا صورتين كما كانتا " (1) الحديث.

الثالث:

ما رواه الكليني - في باب المسألة في القبر - عن محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إن الميت إذا خرج من بيته شيعته

ص :186


1- 1 - عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 171.

الملائكة إلي القبر، ويدخل عليه في قبره منكر ونكير، فيلقيان فيه الروح إلي حقويه (1) فيقعدانه فيسألانه " (2) ثم ذكر المسألة والسؤال والجواب. وذكر في الكافر نحو ذلك.

أقول: وفي معناه أحاديث كثيرة وهذه رجعة في الجملة وحياة بعد الموت قبل القيامة أو نظير للرجعة، يزول بها الاستبعاد، وفي باب أن الميت يزور أهله، أحاديث قريبة من هذا المعني.

الرابع:

ما رواه الكليني أيضا - في باب مولد أمير المؤمنين (عليه السلام) - عن محمد بن يحيي، عن سلمة بن الخطاب، عن عبد الله بن محمد، عن عبد الله بن القاسم، عن عيسي شلقان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " إن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان له خؤولة (3) في بني مخزوم وأن شابا منهم أتاه، فقال: يا خالي إن أخي مات وقد حزنت عليه حزنا شديدا، قال: فقال له: تشتهي أن تراه؟ قال: بلي، قال: فأرني قبره، قال: فخرج ومعه بردة رسول الله (صلي الله عليه وآله) متزرا بها، فلما انتهي إلي القبر تلملمت شفتاه ثم ركضه برجله، فخرج من قبره وهو يقول بلسان الفرس " (4) الحديث.

الخامس:

ما رواه الكليني أيضا - في باب مولد أبي الحسن موسي (عليه السلام) - عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عبد الله بن المغيرة، قال: مر العبد الصالح (عليه السلام) بامرأة بمني - وهي تبكي - وحولها صبيان لها

ص :187


1- 1 - الحقو: الخصر ومشد الإزار. الصحاح 6: 2317 - حقا.
2- 2 - الكافي 3: 239 / 12.
3- 3 - الخؤولة: مفردها خال، وهو الخال النسبي. القاموس المحيط 3: 509.
4- 4 - الكافي 1: 456 / 7.

يبكون، وقد ماتت لها بقرة فدنا منها وقال: " ما يبكيك يا أمة الله؟ " قالت: إن لنا صبيانا يتامي، وقد كانت لنا بقرة، معيشتي ومعيشة صبياني كانت منها وقد ماتت، قال: " أتحبين أن أحييها لك؟ " فألهمت أن قالت: نعم، فتنحي وصلي ركعتين، ثم رفع يده هنيئة وحرك شفتيه، ثم قام فصوت بالبقرة فنخسها نخسة وضربها برجله، فاستوت علي الأرض، فلما نظرت المرأة إلي البقرة صاحت وقالت: عيسي بن مريم ورب الكعبة، فخالط الناس وصار بينهم ومضي (عليه السلام) (1).

ورواه الصفار في " بصائر الدرجات " - في باب أن الأئمة (عليهم السلام) أحيوا الموتي - عن أحمد بن محمد مثله (2).

ورواه الراوندي في " الخرائج والجرائح " (3).

ورواه علي بن عيسي في " كشف الغمة " نقلا عن الراوندي نحوه (4).

السادس:

ما رواه الكليني في " أوائل الروضة " عن محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن غالب، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب، عن علي بن الحسين (عليه السلام) في حديث طويل قال: " يا بن آدم إن أجلك أسرع شئ إليك، وكان قد أوفيت أجلك وقبض الملك روحك وصرت إلي قبرك وحيدا، فرد إليك فيه روحك

ص :188


1- 1 - الكافي 1: 484 / 6.
2- 2 - بصائر الدرجات: 292 / 2.
3- 3 - الخرائج والجرائح 1: 314 / 7.
4- 4 - كشف الغمة 2: 247. وفيه: قال علي بن أبي حمزة: أخذ بيدي موسي بن جعفر (عليه السلام) يوما فخرجنا من المدينة إلي الصحراء، فإذا نحن برجل مغربي علي الطريق يبكي وبين يديه حمار ميت.... وهكذا في الخرائج.

واقتحم عليك ملكان " (1) ثم ذكر ما يقع بينه وبينهما من السؤال والجواب.

ورواه ابن بابويه في " الأمالي " - في المجلس السادس والسبعين - عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن غالب الأسدي، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب، عن علي بن الحسين (عليه السلام) مثله (2).

السابع:

ما رواه أبو علي الحسن ابن الشيخ أبي جعفر الطوسي في " الأمالي " بإسناده عن جعفر بن محمد (عليه السلام) قال: " مر أمير المؤمنين (عليه السلام) بالمقابر فسلم عليهم ثم قال: السلام عليكم يا أهل التربة، إن المنازل قد سكنت، وإن الأموال قد قسمت - إلي أن قال -: فأجابه هاتف يسمع صوته ولا يري شخصه: عليك السلام يا أمير المؤمنين " (3) وذكر الكلام الذي جري بينهما وأن جميع الحاضرين سمعوه.

الثامن:

ما رواه الشيخ أيضا في " الأمالي " بإسناده قال: كان رجل من أهل الشام يختلف إلي أبي جعفر (عليه السلام) وكان يبغضه، فلم يلبث أن مرض - إلي أن قال -:

فجاء وليه إلي أبي جعفر (عليه السلام) فقال: إن فلانا الشامي قد هلك وهو يسألك أن تصلي عليه، فقال: " كلا لا تعجلن علي صاحبكم حتي آتيكم " ثم قام من مجلسه فصلي ركعتين ثم مد يده ما شاء الله، ثم سجد حتي طلعت الشمس، ثم نهض وأتي منزل الشامي ودعا فأجابه، ثم أجلسه فسنده، ثم ما انصرف حتي قوي الشامي فأتي أبا جعفر (عليه السلام) فقال: أشهد أنك حجة الله علي خلقه، قال: " وما بدا لك؟ " قال: أشهد

ص :189


1- 1 - الكافي 8: 72 / 29.
2- 2 - أمالي الصدوق: 593 / 822.
3- 3 - أمالي الطوسي: 55 / 76.

أني عهدت بروحي، وعاينت بعيني فلم يفاجئني إلا ومناد أسمعه وما أنا بالنائم:

ردوا عليه روحه، فقد سألنا ذلك محمد بن علي. وصار بعد ذلك من أصحاب أبي جعفر (عليه السلام) (1).

التاسع:

ما رواه الراوندي في كتاب " الخرائج والجرائح " وعلي بن عيسي في كتاب " كشف الغمة " نقلا عنه - في معجزات موسي بن جعفر (عليه السلام) - عن أبي حمزة قال: أخذ بيدي موسي بن جعفر يوما فخرجنا من المدينة إلي الصحراء، فإذا نحن برجل يبكي علي الطريق وبين يديه حمار ميت ورحله مطروح، فقال له موسي (عليه السلام): " ما شأنك؟ " فقال: كنت مع رفقائي نريد الحج فمات حماري هاهنا ومضي أصحابي، وقد بقيت متحيرا فقال: " لعله لم يمت " فقال: أما ترحمني حتي تلهو بي؟ قال: " إن عندي رقية جيدة " فقال الرجل: ما يكفيني ما أنا فيه حتي تستهزئ بي؟ فدنا موسي (عليه السلام) من الحمار ودعا بشئ لم أسمعه، وأخذ قضيبا كان مطروحا فنخسه به وصاح عليه فوثب قائما صحيحا سالما، فقال: " يا مغربي تري هاهنا شيئا من الاستهزاء، إلحق بأصحابك " ومضينا وتركناه (2).

العاشر:

ما رواه الراوندي وعلي بن عيسي أيضا - في معجزات علي الهادي (عليه السلام) - عن زرافة حاجب المتوكل قال: وقع مشعبذ هندي يلعب بالحقة، وكان المتوكل لعابا فأراد أن يخجل عليا (عليه السلام) فقال للمشعبذ: إن أخجلته فلك ألف دينار، قال: فأمر أن يخبز رقاق خفاف تجعل علي المائدة وأنا إلي جنبه ففعل، وحضر علي (عليه السلام) للطعام، وجعل مسورة عليها صورة أسد وجلس اللاعب إلي

ص :190


1- 1 - أمالي الطوسي: 410 / 923.
2- 2 - الخرائج والجرائح 1: 314 / 7، كشف الغمة 2: 247.

جنب المسورة، فمد علي (عليه السلام) يده إلي رقاقة فطيرها اللاعب ثلاث مرات، فتضاحكوا فضرب علي (عليه السلام) يده إلي تلك الصورة وقال: " خذه " فوثبت من المسورة وابتلعت الرجل وعادت إلي المسورة فتحيروا ونهض علي (عليه السلام)، فقال له المتوكل: سألتك إلا جلست ورددته؟ فقال: " لا والله لا يري بعد هذا أبدا، أتسلط أعداء الله علي أوليائه؟ " وخرج من عنده ولم ير الرجل بعدها (1).

أقول: هذا وما قبله أعجب من الرجعة وأغرب فيزول به الاستبعاد لها.

الحادي عشر:

ما رواه علي بن إبراهيم في آخر تفسير سورة الحجر قال:

حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة وعبد الله بن سنان وأبي حمزة الثمالي قالوا: سمعنا أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) يقول: " لما حج رسول الله (صلي الله عليه وآله) حجة الوداع نزل بالأبطح (2)، ووضعت له وسادة فجلس عليها، ثم رفع يده إلي السماء وبكي بكاء شديدا، ثم قال: " يا رب إنك وعدتني في أبي وأمي وعمي أن لا تعذبهم.

قال: فأوحي الله إليه: إني آليت علي نفسي أن لا يدخل جنتي إلا من شهد أن لا إله إلا الله وأنك عبدي ورسولي، ولكن إئت الشعب فنادهم فإن أجابوك فقد وجبت لهم رحمتي، فقام رسول الله (صلي الله عليه وآله) إلي الشعب فقال: يا أبتاه ويا أماه

ص :191


1- 1 - الخرائج والجرائح 1: 400 / 6، كشف الغمة 2: 393 - 394.
2- 2 - الأبطح: موضع في مكة المكرمة. وقريش فريقان: قريش البطاح وقريش الظواهر، فقريش البطاح هم الذين ينزلون بطحاء مكة، وهم بنو عبد مناف وغيرهم. ولذا كان يقال لرسول الله (صلي الله عليه وآله) الأبطحي لأنه من ولد عبد مناف، وكان يقال لعبد المطلب: سيد الأباطح. انظر الروض المعطار في خبر الأقطار: 7.

ويا عماه، فخرجوا ينفضون التراب عن رؤوسهم، فقال لهم: ألا ترون إلي هذه الكرامة التي أكرمني الله بها؟ فقالوا: نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله حقا حقا، وأن جميع ما جئت به فهو الحق، فقال: ارجعوا إلي مضاجعكم. ودخل رسول الله (صلي الله عليه وآله) مكة وقدم علي (عليه السلام) من اليمن. فقال: ألا أبشرك يا علي؟ ثم أخبره، الخبر فقال علي (عليه السلام): الحمد لله " (1).

الثاني عشر:

ما رواه الشهيد الثاني في كتاب " مسكن الفؤاد " نقلا من كتاب " دلائل النبوة " عن أنس بن مالك قال: دخلنا علي رجل من الأنصار وهو مريض ولم يزل حتي قضي، فبسطنا عليه ثوبا، وله أم عجوز كبيرة عند رأسه، فقلنا:

يا هذه احتسبي مصيبتك عند الله عز وجل، قالت: ومات ابني؟ قلنا: نعم، قال:

فمدت يدها ثم قالت: اللهم إنك تعلم أني أسلمت لك وهاجرت إلي رسولك رجاء أن تعينني عند كل شدة ورخاء، ولا تحمل علي هذه المصيبة اليوم، فكشفت (2) الثوب عن وجهه ثم ما برح حتي طعمنا معه (3).

الثالث عشر:

ما رواه الشيخ الجليل قطب الدين الراوندي في كتاب " الخرائج والجرائح " - في معجزات أمير المؤمنين (عليه السلام) - قال: أخبرنا أبو منصور شهريار بن شيرويه الديلمي، عن أبيه، عن علي بن محمد بن عمرو، عن الحسن بن محمد الرقا أنه سمع راهبا يقول: كنت قاعدا في صومعة لي فأشرفت منها فإذا طائر كالنسر قد سقط علي شاطئ البحر، فتقيأ ربع انسان، ثم طار، فتفقدته فعاد فتقيأ ربع انسان،

ص :192


1- 1 - تفسير القمي 1: 380 - 381.
2- 2 - في الدلائل زيادة: قال أنس: فوالله ما برحت حتي كشف.
3- 3 - مسكن الفؤاد: 70، دلائل النبوة للبيهقي 6: 50، باختلاف يسير.

ثم طار، ثم جاء فتقيأ ربع انسان، ثم طار، ثم عاد فتقيأ ربع انسان، ثم دنت الأرباع بعضها إلي بعض، فقام رجل فهو قائم وأنا أتعجب منه.

ثم انحدر الطائر عليه فضربه فأخذ ربعه ثم طار، ثم عاد فأخذ ربعه ثم طار، فبقيت أتفكر في ذلك حتي رأيته قد عاد فتقيأ ربع انسان ثم ربعا حتي تقيأ أربعة ثم طار، فإذا الرجل قد قام، فدنوت منه فسألته من أنت؟ فسكت، فقلت له: بحق من خلقك من أنت؟ قال: أنا عبد الرحمن بن ملجم، قلت له: وأي شئ عملت من الذنوب؟ قال: قتلت علي بن أبي طالب فوكل بي هذا الطائر يقتلني كل يوم قتلة، فبينا هو يحدثني إذ انقض عليه الطائر فضربه فأخذ ربعه ثم طار، ثم عاد إلي أن أخذ كله، فسألت عن علي بن أبي طالب فقالوا: ابن عم رسول الله ووصيه (1).

الرابع عشر:

ما رواه الراوندي أيضا - في معجزات الحسين (عليه السلام) - عن أبي خالد الكابلي، عن يحيي بن أم الطويل قال: كنا عند الحسين (عليه السلام) إذ دخل عليه شاب يبكي، فقال: إن والدتي توفيت في هذه الساعة ولم توص، ولها مال وقد كانت أمرتني أن لا أحدث في أمرها شيئا حتي أعلمك، فقال الحسين (عليه السلام):

" قوموا " فقمنا معه حتي انتهينا إلي البيت الذي فيه المرأة مسجاة، فأشرف علي البيت ودعا الله ليحييها حتي توصي بما تحب من وصيتها، فأحياها الله فإذا المرأة قد جلست وهي تتشهد، فنظرت إلي الحسين (عليه السلام) - ثم ذكر ما جري بينه وبينها من الكلام والخطاب - إلي أن قال: ثم صارت المرأة ميتة كما كانت (2).

الخامس عشر:

ما رواه الراوندي أيضا - في معجزات الصادق (عليه السلام) - عن

ص :193


1- 1 - الخرائج والجرائح 1: 216 / 60.
2- 2 - الخرائج والجرائح 1: 245 / 1.

يونس بن ظبيان، قال: كنت مع الصادق (عليه السلام) في جماعة فقلت: قول الله لإبراهيم * (فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك) * (1) فقال: " أتحبون أن أريكم مثله؟ " قلنا:

بلي، قال: " يا طاووس " فإذا طاووس طار إلي حضرته، فقال: " يا غراب " فإذا غراب بين يديه، ثم قال: " يا بازي " فإذا بازي بين يديه، ثم قال: " يا حمامة " فإذا حمامة بين يديه، ثم أمر بذبحها كلها وتقطيعها ونتف ريشها وأن يخلط ذلك كله بعضه ببعض، ثم أخذ برأس الطاووس فقال: " يا طاووس " فرأيت لحمه وريشه يتميز حتي التصق ذلك كله برأسه، وقام الطاووس بين يديه حيا ثم صاح بالغراب كذلك، وبالبازي وبالحمامة كذلك، فقامت كلها أحياء بين يديه (2).

السادس عشر:

ما رواه أيضا - في الباب المذكور - عن أبي الصلت الهروي، عن الرضا، عن أبيه (عليهما السلام): " أن ملك الهند أرسل إلي الصادق (عليه السلام) هدايا وجارية جميلة مع رجل فلم يقبلها، وقال له: إنك خائن فحلف أنه ما خان، فقال له: إن شهد عليك بعض ثيابك بما خنت تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ثم دعا بدعاء وطلب من الله أن يأذن لفروة الهندي أن تتكلم بلسان عربي مبين، يسمعه من في المجلس، ليكون آية من آيات أهل بيت النبوة، ثم قال: أيتها الفروة تكلمي بما فعله الهندي، قال موسي: فانتفضت الفروة وصارت كالكبش وقالت: يا بن رسول الله إئتمنه الملك علي هذه الجارية - ثم ذكر قصة طويلة تتضمن كيفية خيانته بالجارية - إلي أن قال: ثم عاد الكبش فروة كما كانت (3).

ص :194


1- 1 - سورة البقرة 2: 260.
2- 2 - الخرائج والجرائح 1: 297 / 4.
3- 3 - الخرائج والجرائح 1: 299 - 302 / 6.

السابع عشر:

ما رواه أيضا في كتاب " الخرائج والجرائح " - في أعلام النبي والأئمة (عليهم السلام) - عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين (عليه السلام): " أن رسول الله (صلي الله عليه وآله) كان قاعدا فذكر اللحم فقام رجل من الأنصار فذبح له عنزا وشواها وحملها إليه ووضعها بين يديه، وقال لجميع أهل بيته ومن أحب من أصحابه: كلوا ولا تكسروا لها عظما، وأكل معه الأنصار وإذا العناق قد عاشت وقامت تلعب علي بابه (1).

الثامن عشر:

ما رواه أيضا - في الباب المذكور - عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) أنه دعا عنزا فلم تجبه (2)، فأمر بذبحه ففعلوا، وشووه وأكلوا لحمه ولم يكسروا له عظما، ثم أمر أن يوضع جلده ويطرح عظامه وسط الجلد فقام الجدي (3) حيا يرعي (4).

التاسع عشر:

ما رواه قطب الدين الراوندي في كتاب " الخرائج والجرائح " نقلا من كتاب " بصائر الدرجات " لمحمد بن الحسن الصفار، عن الحسن بن علي، عن العباس بن عامر، عن أبان بن بشير النبال، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " كنت خلف أبي وهو علي بغلة، فنفرت فإذا رجل في عنقه سلسلة ورجل يتبعه، فقال لأبي علي بن الحسين: اسقني، فقال الرجل الذي خلفه وكأنه موكل به: لا تسقه لا سقاه الله، فإذا هو معاوية " (5).

ص :195


1- 1 - الخرائج والجرائح 2: 583 / ضمن حديث 1.
2- 2 - في المصدر: غزالا فأتاه.
3- 3 - في المصدر: فقام الغزال. والجدي: هو الذكر من أولاد المعز. حياة الحيوان للدميري 1: 262.
4- 4 - الخرائج والجرائح 2: 584 / ذيل حديث 1.
5- 5 - الخرائج والجرائح 2: 813 / 22، بصائر الدرجات: 304 / 1.

العشرون:

ما رواه أيضا نقلا عن " بصائر الدرجات " عن الحجال، عن الحسن بن الحسين، عن ابن سنان، عن عبد الملك القمي، عن أخيه إدريس قال:

سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " بينا أنا وأبي متوجهين إلي مكة في موضع يقال له:

ضجنان، إذ جاءه رجل في عنقه سلسلة، فقال: اسقني، فسمعه أبي فصاح بي:

لا تسقه لا سقاه الله، فإذا رجل يتبعه حتي جذب السلسلة وطرحه علي وجهه، فغاب في أسفل درك من النار، قال أبي: هذا الشامي لعنه الله " (1).

الحادي والعشرون:

ما رواه أيضا عن كتاب " بصائر الدرجات " عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن علي بن المغيرة قال:

نزل أبو جعفر (عليه السلام) ضجنان فسمعناه ثلاث مرات يقول: " لا غفر الله لك " فقال له أبي: لمن تقول؟ قال: " مر بي الشامي لعنه الله، يجر سلسلته التي في عنقه، وقد دلع لسانه يسألني أن أستغفر له، فقلت: لا غفر الله لك " (2).

الثاني والعشرون:

ما رواه الراوندي أيضا في أواخر كتاب " الخرائج والجرائح " قال: كان علي عهد رسول الله (صلي الله عليه وآله) رجل هلكت له ابنة في الجاهلية، وكان قد رماها في واد، فلما أسلم ندم علي ما فعل، فقال: يا نبي الله إني فعلت كذا وكذا بابنة لي صغيرة، فجاء (عليه السلام) إلي شفير الوادي، فدعا بابنته فقالت: لبيك يا رسول الله، فقال: " إن أردت أن ترجعي إلي أبويك فهما الآن قد أسلما "، فقالت:

ص :196


1- 1 - الخرائج والجرائح 2: 814 / 23، بصائر الدرجات: 305 / 2. ولم ترد في البصائر الجملة الأخيرة: " قال أبي هذا الشامي لعنه الله ". والمراد به هو رئيس القاسطين معاوية بن أبي سفيان.
2- 2 - الخرائج والجرائح 2: 815 / 24.

يا رسول الله أنا عند ربي ولا أختار أبي وأمي علي ربي (1).

الثالث والعشرون:

ما رواه رئيس المحدثين محمد بن علي بن بابويه في " الأمالي " - في المجلس التاسع والعشرين - عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار وسعد بن عبد الله جميعا، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن أخيه الحسين، عن أبيه عل بن يقطين، قال:

استدعي الرشيد رجلا يبطل به أمر أبي الحسن موسي (عليه السلام)، ويقطعه ويخجله في المجلس، فانتدب إليه رجل معزم (2)، فلما حضرت المائدة عمل ناموسا (3) علي الخبز، فكان كلما رام خادم أبي الحسن (عليه السلام) أن يتناول رغيفا من الخبز طار من بين يديه، فاستفز هارون الفرح والضحك لذلك، فلم يلبث أبو الحسن (عليه السلام) أن رفع رأسه إلي أسد مصور علي بعض الستور، فقال له: " يا أسد الله خذ عدو الله " قال:

فوثبت تلك الصورة كأعظم ما يكون من السباع فافترست ذلك المعزم، فخر هارون وندماؤه علي وجوههم مغشيا عليهم، وطارت عقولهم خوفا من هول ما رأوه.

فلما أفاقوا قال هارون: يا أبا الحسن أسألك بحقي عليك لما سألت هذه الصورة أن ترد الرجل، قال: " إن كانت عصا موسي ردت ما ابتلعته من حبال القوم وعصيهم فإن هذه الصورة ترد ما ابتلعته من هذا الرجل " فكان ذلك أعمل

ص :197


1- 1 - الخرائج والجرائح 2: 949 - 950.
2- 2 - المعزم: الرجل المجد لما يريد فعله، وما عقد عليه قلبه. انظر لسان العرب 12: 399 - عزم.
3- 3 - الناموس: ما يتنمس به من الاحتيال. القاموس المحيط 2: 398 - نمس.

الأشياء في إفادته نفسه (1).

الرابع والعشرون:

ما رواه ابن بابويه أيضا في " الأمالي " - في المجلس التاسع والأربعين (2) - عن أحمد بن الحسن القطان، عن الحسن بن علي السكري، عن محمد بن زكريا الجوهري، عن محمد بن عمارة، عن أبيه قال: قال الصادق (عليه السلام):

" من أنكر ثلاثة أشياء فليس من شيعتنا: المعراج والمسألة في القبر والشفاعة " (3).

الخامس والعشرون:

ما رواه علي بن إبراهيم في " تفسيره " عند قوله تعالي * (أولم يسيروا في الأرض) * (4) رفعه قال: " أولم ينظروا في الأخبار والقرآن رجعة الأمم الهالكة * (فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم) * (5) " (6).

السادس والعشرون:

ما رواه الصفار في " بصائر الدرجات " - في باب أن الأئمة (عليهم السلام) أحيوا الموتي - أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن جميل بن دراج قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فدخلت عليه امرأة فذكرت أنها تركت ابنها - وقد قالت بالملحفة علي وجهه - ميتا فقال لها: " ولعله لم يمت، فقومي فاذهبي إلي بيتك واغتسلي وصلي ركعتين وادعي (5) وقولي: يا من وهبه لي ولم يكن شيئا جدد هبته لي، ثم حركيه ولا تخبري أحدا " قال: ففعلت وجاءت

ص :198


1- 1 - أمالي الصدوق: 212 / 236.
2- 2 - كان في النسخة المخطوطة والمطبوعة: التاسع والثلاثين، وما أثبتناه من المصدر.
3- 3 - أمالي الصدوق: 370 / 464، وأورده أيضا في صفات الشيعة: 129 / 69.
4- 4 و 5 - سورة فاطر 35: 44. 6 - تفسير القمي 2: 210.
5- 7 - كان في النسخة المخطوطة والمطبوعة: واجزعي، وما أثبتناه من المصدر والكافي.

وحركته فإذا هو قد بكي (1).

السابع والعشرون:

ما رواه الصفار - في الباب المذكور - عن عبد الله بن محمد، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي محمد بن بريد (2)، عن داود بن كثير الرقي، قال:

حج رجل من أصحابنا فدخل علي أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: فداك أبي وأمي إن أهلي توفيت وبقيت وحيدا، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): " أكنت تحبها؟ " قال: نعم قال: " إرجع إلي منزلك فإنك تراها وهي تأكل " (3).

الثامن والعشرون:

ما رواه الثقة الجليل عبد الله بن جعفر الحميري في كتاب " قرب الإسناد " - في الحديث الثالث والثمانين بعد المائة - عن السندي بن محمد، عن صفوان بن مهران الجمال، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلي الله عليه وآله) لجبرئيل: يا جبرئيل أرني كيف يبعث الله العباد يوم القيامة؟ قال: نعم، فخرج إلي مقبرة بني ساعدة فأتي قبرا، فقال له: اخرج بإذن الله، فخرج رجل ينفض التراب عن رأسه وهو يقول: والهفاه - واللهف هو الثبور - ثم قال: ادخل فدخل ثم قصد به إلي قبر آخر، فقال: اخرج بإذن الله، فخرج شاب ينفض رأسه من التراب وهو يقول: أشهد أن لا إله إلا الله. ثم قال: هكذا تبعثون يوم القيامة " (4).

التاسع والعشرون:

ما رواه الحافظ البرسي في كتابه قريبا من آخره عن زاذان قال: لما جاء أمير المؤمنين (عليه السلام) ليغسل سلمان وجده قد مات، فرفع الشملة عن

ص :199


1- 1 - بصائر الدرجات: 292 / 1، وأورده الكليني في الكافي 3: 479 / 11.
2- 2 - في نسخة " ش ": أبو محمد بن يزيد، وفي المصدر: أبو محمد بريد.
3- 3 - بصائر الدرجات: 294 / 5، وفي ذيله زيادة: قال: فلما رجعت من حجتي ودخلت منزلي رأيتها قاعدة وهي تأكل.
4- 4 - قرب الإسناد: 58 / 187.

وجهه فتبسم وتحرك وهم أن يقعد، فقال له علي (عليه السلام): " عد إلي موتك " فعاد (1).

أقول: ويأتي ما يدل علي ذلك، فإن أحاديث هذا الباب والذي بعده مضمون واحد، وقد عرفت سابقا سبب قسمتها والله ولي التوفيق.

ص :200


1- 1 - لم نعثر عليه في مشارق أنوار اليقين، ولعله في كتابه الثاني المسمي ب " الألفين في أسرار أمير المؤمنين (عليه السلام) " ولكن نقله المجلسي عن المشارق في البحار 22: 384 / 21، وأورده الحائري في شجرة طوبي 1: 74.

الباب الثامن: في إثبات أن الرجعة قد وقعت للأنبياء والأئمة (عليهم السلام) في هذه الأمة بالجملة

اشارة

ليزول بها استبعاد رجعتهم الموعود بها في آخر الزمان. ومن أحاديث هذا الباب يزول أيضا الإشكال الذي تخيله منكر الرجعة، من استلزامها تقديم المفضول علي الفاضل، وعزل المفضول عن الإمامة وكذلك ما مر من الأحاديث الكثيرة الدالة علي رجعة الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) في الأمم السالفة، ولا شك أن كل واحد منهم له وصي أو أوصياء، وهو أفضل منهم قطعا، فبأي توجيه وجه هذه الأحاديث الكثيرة يمكن أن توجه أحاديث الرجعة، ويأتي تمام الكلام إن شاء الله، ونقتصر مما يدل علي مضمون هذا الباب علي أحاديث:

الأول:

ما رواه الشيخ الجليل ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني - في باب ما نص الله ورسوله علي الأئمة (عليهم السلام) - عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن فضيل بن سكرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام).

ورواه - في باب حد الماء الذي يغسل به الميت - عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن فضيل بن سكرة قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): هل للماء الذي يغسل به الميت حد محدود؟ قال: " إن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال لعلي (عليه السلام): إذا أنا مت فاستق لي سبع قرب من ماء بئر غرس،

ص :201

فاغسلني وكفني وحنطني، فإذا فرغت من غسلي وكفني وتحنيطي فخذ بمجامع كفني وأجلسني ثم سلني عما شئت، فوالله لا تسألني عن شئ إلا أجبتك فيه " (1).

ورواه قطب الدين الراوندي في كتاب " الخرائج والجرائح " نقلا من كتاب " بصائر الدرجات " لسعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر مثله (2).

الثاني:

ما رواه الكليني أيضا - في باب ما نص الله ورسوله علي الأئمة (عليهم السلام) - عن محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن علي بن أبي حمزة، عن ابن أبي سعيد، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " لما حضر رسول الله (صلي الله عليه وآله) الموت دخل عليه علي (عليه السلام) فأدخل رأسه ثم قال: يا علي إذا أنا مت فغسلني وكفني ثم أقعدني وسل واكتب " (3).

الثالث:

ما رواه الشيخ الجليل قطب الدين الراوندي في كتاب " الخرائج والجرائح " - في باب نوادر المعجزات - نقلا من كتاب " بصائر الدرجات " لسعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن عباد بن يعقوب، عن الحسين بن زيد بن علي، عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، عن أبيه قال: قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): " أمرني رسول الله (صلي الله عليه وآله) إذا توفي أن أستسقي له سبع قرب من بئر غرس (4) فأغسله بها، فإذا غسلته وفرغت من غسله أخرجت من في البيت، قال: فإذا أخرجتهم فضع فاك علي في ثم سلني عما هو كائن إلي

ص :202


1- 1 - الكافي 1: 296 / 7 و 3: 150 / 1.
2- 2 - الخرائج والجرائح 2: 803 / 11، بصائر الدرجات: 304 / 9.
3- 3 - الكافي 1: 297 / 8.
4- 4 - بئر غرس: بئر بالمدينة في قباء، وكان رسول الله (صلي الله عليه وآله) يستطيب ماءها ويبارك فيه، وقال (صلي الله عليه وآله): إن فيها عينا من عيون الجنة. انظر معجم البلدان 4: 218 - 219.

يوم القيامة من أمر الفتن، قال علي (عليه السلام): ففعلت ذلك فأنبأني بما يكون إلي أن تقوم الساعة " (1).

الرابع:

ما رواه سعد بن عبد الله أيضا بالسند السابق عن علي (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): إذا أنا مت فغسلني بسبع قرب من بئر غرس، غسلني بثلاث قرب غسلا، وشن علي أربعا شنا، ثم ضع يدك علي فؤادي ثم سلني أخبرك بما هو كائن إلي يوم القيامة، قال: ففعلت، وكان علي (عليه السلام) إذا أخبرنا بشئ يكون، يقول: هذا مما أخبرني به رسول الله (صلي الله عليه وآله) بعد موته " (2).

الخامس:

ما رواه أيضا نقلا من كتاب " بصائر الدرجات " لسعد بن عبد الله، عن جعفر بن إسماعيل الهاشمي، عن أيوب بن نوح، عن زيد النوفلي، عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال:

" أوصاني النبي (صلي الله عليه وآله) فقال: إذا أنا مت فغسلني بسبع قرب من بئر غرس، فإذا فرغت من غسلي فادخلني في أكفاني، ثم ضع اذنك علي فمي، ففعلت فأنبأني بما هو كائن إلي يوم القيامة " (3).

قال: وروي هذا الحديث بعينه عن الباقر والصادق (عليهما السلام) (4).

السادس:

ما رواه الكليني - في باب أن الأئمة (عليهم السلام) يعلمون متي يموتون - عن محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن الوشا، عن مسافر، عن الرضا (عليه السلام) قال:

ص :203


1- 1 - الخرائج والجرائح 2: 800 / 9.
2- 2 - الخرائج والجرائح 2: 802 / 10.
3- 3 - الخرائج والجرائح 2: 804 / 12. وأورده الصفار في البصائر: 304 / 10.
4- 4 - وعن الإمام الباقر (عليه السلام) في الخرائج 2: 827 / 41. وعن الإمام الصادق (عليه السلام) في الخرائج 2: 828 / 43.

" إني رأيت رسول الله (صلي الله عليه وآله) البارحة وهو يقول: يا علي ما عندنا خير لك " (1).

السابع:

ما رواه الكليني أيضا بالإسناد المذكور عن الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " كنت عند أبي في اليوم الذي قبض فيه، فأوصاني بأشياء في غسله وكفنه، فقلت: يا أبة ما رأيتك منذ اشتكيت أحسن حالا منك اليوم، فقال: يا بني أما سمعت علي بن الحسين ينادي من وراء الجدار: يا محمد بن علي تعال، عجل؟ " (2).

الثامن:

ما رواه الكليني أيضا - في باب الإشارة والنص علي الرضا (عليه السلام) - عن أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن أبي الحكم الأرمني، عن عبد الله بن إبراهيم الجعفري وعبد الله بن محمد بن عمارة الجرمي جميعا، عن يزيد بن سليط - في حديث طويل - أن أبا إبراهيم (عليه السلام) قال له: " إني خرجت من منزلي فأوصيت إلي ابني فلان ولقد جاءني بخبره رسول الله (صلي الله عليه وآله) ثم أرانيه وأراني من يكون معه، وكذلك لا يوصي بأحد منا حتي يأتي بخبره رسول الله (صلي الله عليه وآله) وجدي علي (عليهما السلام)، ورأيت مع رسول الله خاتما وسيفا وعصا وكتابا - وذكر ما جري منهما من الخطاب والجواب - ثم قال أبو إبراهيم (عليه السلام): ورأيت ولدي جميعا الأحياء منهم والأموات، فقال لي أمير المؤمنين (عليه السلام): هذا سيدهم " (3) ثم ذكر ما جري بينهم من الكلام الطويل والمحاورات الكثيرة.

التاسع:

ما رواه الكليني أيضا - في باب النهي عن الإشراف علي قبر رسول الله (صلي الله عليه وآله) - عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن جعفر بن المثني الخطيب، عن مهران بن أبي نصر وإسماعيل بن عمار أنهما سألا

ص :204


1- 1 - الكافي 1: 260 / 6.
2- 2 - الكافي 1: 260 / 7.
3- 3 - الكافي 1: 314 - 315.

أبا عبد الله (عليه السلام) عن الصعود لنشرف علي قبر النبي (صلي الله عليه وآله) لما سقط سقف المسجد، فقال: " ما أحب لأحد أن يعلو فوقه، ولا آمنه أن يري شيئا يذهب بصره، أو يراه قائما يصلي، أو يراه مع بعض أزواجه (صلي الله عليه وآله) " (1).

العاشر:

ما رواه الكليني - في باب ما جاء في الاثني عشر (عليهم السلام) والنص عليهم - عن محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد بن عيسي ومحمد بن أبي عبد الله الكوفي ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد جميعا، عن الحسن بن العباس بن الحريش (2)، عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام) قال: " قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لأبي بكر * (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون) * (3) وأشهد أن رسول الله (صلي الله عليه وآله) مات شهيدا، والله ليأتينك فأيقن فإن الشيطان غير متخيل به.

فأخذ علي (عليه السلام) بيد أبي بكر فأراه رسول الله (صلي الله عليه وآله) فقال: يا أبا بكر آمن بعلي وبالأحد عشر من ولدي، إنهم مثلي إلا النبوة، وتب إلي الله مما في يدك فإنه لا حق لك فيه، قال: ثم ذهب فلم ير " (4).

أقول: وتأتي أحاديث متعددة في هذا المعني.

الحادي عشر:

ما رواه الشيخ المفيد في كتاب " الإرشاد " أن ابن زياد أمر برأس الحسين (عليه السلام) فدير به في سكك الكوفة، قال: فروي عن زيد بن أرقم أنه

ص :205


1- 1 - الكافي 1: 452 / 1.
2- 2 - في المطبوع ونسخة " ش ": الجريش، وما أثبتناه من الكتب الرجالية ظاهرا هو الصحيح. انظر رجال النجاشي: 60 / 138، فهرست الشيخ: 105 / 198، خلاصة الأقوال: 336 / 1326.
3- 3 - سورة آل عمران 3: 169.
4- 4 - الكافي 1: 533 / 13.

قال: مر بي وهو علي رمح، وأنا في غرفة لي فلما حاذاني سمعته يقرأ * (أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا) * (1) فناديت: والله يا بن رسول الله أمرك (2) أعجب وأعجب (3).

أقول: هذا أعجب من الرجعة وأغرب، لأن عود الروح إلي جميع البدن قد كثر وقوعه كما عرفت، وأما عودها إلي الرأس وحده فهو غريب غير معهود، فيزول به استبعاد الرجعة الموعود بها.

الثاني عشر:

ما رواه علي بن إبراهيم في " تفسيره " قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلي الله عليه وآله) - وذكر حديث الإسراء إلي أن قال -: حتي انتهينا إلي بيت المقدس، فدخلت المسجد فوجدنا إبراهيم وموسي وعيسي فيمن شاء الله من أنبياء الله قد جمعوا إلي وأقمت الصلاة، وأخذ جبرئيل بيدي فقدمني فأممتهم ولا فخر " (4) الحديث.

وقد تقدم أحاديث كثيرة في هذا المعني.

الثالث عشر:

ما رواه الراوندي في كتاب " الخرائج والجرائح " - في أعلام النبي والأئمة (عليهم السلام) - عن المنهال بن عمر قال: رأيت رأس الحسين (عليه السلام) بدمشق وبين يديه رجل يقرأ (5) * (أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا) * (6) فانطلق الرأس بلسان فصيح (7) فقال: " أعجب من أصحاب الكهف قتلي

ص :206


1- 1 - سورة الكهف 18: 9.
2- 2 - في المصدر: رأسك.
3- 3 - إرشاد المفيد 2: 117.
4- 4 - تفسير القمي 2: 4.
5- 5 - في المصدر زيادة: الكهف حتي بلغ قوله.
6- 6 - سورة الكهف 18: 9.
7- 7 - في المصدر: فأنطق الله الرأس بلسان ذرب ذلق.

وحملي " (1).

الرابع عشر:

ما رواه الراوندي أيضا نقلا من كتاب " بصائر الدرجات " لمحمد بن الحسن الصفار، عن الحجال، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي (2)، عن ابن سنان، عن أبي حمزة الثمالي، عن ابن أبي شعبة الحلبي، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إن أمير المؤمنين (عليه السلام) لقي أبا بكر فقال له: تعلم أن رسول الله (صلي الله عليه وآله) أمرك أن تسلم علي بإمرة المؤمنين، وأن تتبعني؟ فجعل يشكك عليه، فقال: اجعل بيني وبينك حكما، فقال علي (عليه السلام): أترضي برسول الله (صلي الله عليه وآله)؟ فقال: ومن لي به! فأخذ بيده حتي أدخله مسجد قبا، فإذا رسول الله (صلي الله عليه وآله) قاعد في المحراب، فقال له رسول الله (صلي الله عليه وآله): ألم آمرك أن تسلم لعلي وتتبعه؟ قال: بلي، قال: فاعتزل وسلم إليه واتبعه، قال: نعم، فلما رجع لقي صاحبه عمر فعرفه الخبر، فقال له: أنسيت سحر بني هاشم؟ وذكره بأشياء، فأمسك وقام علي أمره إلي أن مات " (3).

الخامس عشر:

ما رواه أيضا نقلا عن " بصائر الدرجات " لمحمد بن الحسن الصفار، عن عمار بن سليمان (4)، عن أبيه، عن عيثم بن أسلم، عن معاوية بن عمار، قال: دخل أبو بكر علي أمير المؤمنين (عليه السلام) - وذكر كلاما جري بينهما - قال:

ص :207


1- 1 - الخرائج والجرائح 2: 577 / 1، فصل في أعلام الإمام الشهيد الحسين بن علي (عليه السلام).
2- 2 - في النسخة الخطية والمطبوعة: العلوي، وما أثبتناه من المصدر ظاهرا هو الصحيح، حيث لم نعثر علي لقب العلوي لهذا الاسم وبهذه الطبقة من الرواة إلا في نسخة " ه " من الخرائج كما أشير في هامش الخرائج. وقد عده الشيخ في من لم يرو عنهم (عليهم السلام). انظر رجال الطوسي: 269 / 45، رجال النجاشي: 45 / 83.
3- 3 - الخرائج والجرائح 2: 805 / 15، بصائر الدرجات: 297 / 10.
4- 4 - في المصدر والبصائر: عباد بن سليمان، وكذلك الاختصاص.

فقال له علي (عليه السلام): " إن أريتك رسول الله (صلي الله عليه وآله) حتي يخبرك بأني أولي بالأمر منك، ويأمرك أن تعزل نفسك عنه تفعل؟ " فقال: إن رأيته حتي يخبرني ببعض هذا اكتفيت به، فقال له علي (عليه السلام): " فنلتقي إذا صليت المغرب حتي أريكه ".

قال: فرجع إليه بعد المغرب، فأخذ بيده فأخرجه إلي مسجد قبا، فإذا هو برسول الله (صلي الله عليه وآله) جالس في القبلة، فقال له: " يا فلان وثبت علي مولاك وجلست مجلسه، وهو مجلس النبوة لا يستحقه غيري، لأنه وصيي، ونبذت أمري وخالفت ما قلته لك، وتعرضت لسخط الله وسخطي، فانزع هذا السربال الذي تسربلته بغير حق ولا أنت من أهله، وإلا فموعدك النار " (1) الحديث. وفيه أن عمر منعه من ذلك.

قال: وروي الثقات عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثل ذلك (2).

السادس عشر:

ما رواه الصفار أيضا في " بصائر الدرجات " نقله عنه الراوندي عن معاوية بن حكيم، عن الحسن بن علي الوشا، عن الرضا (عليه السلام) قال: قال لي بخراسان: " رأيت رسول الله (صلي الله عليه وآله) هاهنا فالتزمته " (3).

السابع عشر:

ما رواه الراوندي بعد رواية حديث " بصائر الدرجات " قال:

وروي جماعة من أصحابنا ثلاث روايات عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) قالوا:

" لما حضرت رسول الله (صلي الله عليه وآله) الوفاة دخل علي (عليه السلام) فقال له: يا علي إذا أنا مت فغسلني وكفني وأقعدني وسائلني واحفظ عني " (4).

ص :208


1- 1 - الخرائج والجرائح 2: 807 / 16، بصائر الدرجات: 298 / 14.
2- 2 - أورده المفيد في الإختصاص: 272 - 273.
3- 3 - بصائر الدرجات: 294 / 1، الخرائج والجرائح 2: 817 / 26.
4- 4 - الخرائج والجرائح 2: 804 / 13 و 805 / 14 و 828 / 42 و 43، عن أبي عبد الله (عليه السلام). و 727 / 41، عن أبي جعفر (عليه السلام).

قال: وقد قدمنا ذلك بروايات سعد بن عبد الله.

الثامن عشر:

ما رواه الراوندي في أواخر " الخرائج والجرائح " نقلا من كتاب " بصائر الدرجات " لسعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن علي بن محمد، عن علي بن معمر، عن أبيه، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " جاء أناس إلي الحسن بن علي (عليهما السلام) فقالوا: أرنا بعض عجائب أبيك التي كان يريناها، فقال: أتؤمنون بذلك؟ قالوا: نعم، قال: أليس تعرفون أمير المؤمنين؟ قالوا: بلي كلنا نعرفه، فرفع لهم جانب الستر، فقال لهم: انظروا، فقالوا بأجمعهم: هذا والله أمير المؤمنين، ونشهد أنك ابنه، وإنه كان يرينا مثل ذلك كثيرا " (1).

التاسع عشر:

ما رواه الراوندي نقلا عن " البصائر " لسعد بن عبد الله، عن عمران بن أحمد، عن يحيي بن أم الطويل، عن رشيد الهجري، قال: دخلت علي أبي محمد الحسن بن علي (عليهما السلام) بعد مضي أبيه، فتذاكرنا شوقنا إليه، فقال الحسن (عليه السلام): " تريدون أن ترونه؟ " قلنا: نعم وأني لنا بذلك؟ فضرب بيده إلي ستر كان معلقا علي باب في صدر المجلس، فرفعه وقال: " انظروا إلي هذا البيت " فإذا أمير المؤمنين جالس كأحسن ما رأيناه في حياته، فقال: " هو هو " ثم أطلق الستر من يده، فقال بعضنا لبعض: هذا الذي رأيناه من الحسن (عليه السلام) مثل الذي شاهدناه من أمير المؤمنين (عليه السلام) ومعجزاته (2).

العشرون:

ما رواه أيضا نقلا عن سعد بن عبد الله أنه روي عن الباقر (عليه السلام): " أن الناس جاءوا بعد الحسن (عليه السلام) إلي الحسين (عليه السلام) فقالوا: يا بن رسول الله ما عندك من عجائب أبيك التي كان يريناها؟ فقال: هل تعرفون أبي؟ فقالوا: كلنا نعرفه، فرفع سترا كان علي باب البيت، ثم قال: انظروا في البيت، فنظرنا فإذا

ص :209


1- 1 - الخرائج والجرائح 2: 810 / 18.
2- 2 - الخرائج والجرائح 2: 810 / 19.

أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقلنا: نشهد أنه خليفة الله حقا وأنك ولده " (1).

الحادي والعشرون:

ما رواه أيضا نقلا من " بصائر الدرجات " للصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسي (2)، عن الحسين بن سعيد (3)، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن سماعة، قال: دخلت علي أبي عبد الله (عليه السلام) وأنا أحدث نفسي، فقال: " ما لك تحدث نفسك تريد أن تري أبا جعفر (عليه السلام)؟ " قلت: نعم، قال:

" قم فادخل هذا البيت فانظر " فدخلت فإذا أبو جعفر (عليه السلام) معه قوم من الشيعة من الذين ماتوا قبله وبعده (4).

الثاني والعشرون:

ما رواه أيضا عن الصفار، عن الحسن بن علي بإسناده قال:

سئل الحسين (عليه السلام) (5) بعد موت أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يريهم شيئا من العجائب فقال: " أتعرفون أمير المؤمنين (عليه السلام) إذا رأيتموه؟ " قالوا: نعم، قال: " فارفعوا هذا الستر " فرفعوه فإذا هو لا ينكرونه فكلمهم وكلموه " (6).

الثالث والعشرون:

ما رواه أيضا عن الصفار، عن محمد بن عيسي، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن عبيد بن عبد الرحمن الخثعمي (7)، عن أبي عبد الله (عليه السلام)

ص :210


1- 1 - الخرائج والجرائح 2: 811 / 20، ولم ترد فيه: وأنك ولده.
2- 2 - في المصدر والبصائر: محمد بن عيسي.
3- 3 - لم يرد الحسين بن سعيد في المصدر والبصائر.
4- 4 - الخرائج والجرائح 2: 818 / 28، بصائر الدرجات: 295 / صدر حديث 4.
5- 5 - في المصدر: الحسن بن علي (عليه السلام).
6- 6 - الخرائج والجرائح 2: 818 / 29، بزيادة في ذيله وهي: فقال لهم علي (عليه السلام): " إنه يموت من مات منا وليس بميت، ويبقي من بقي حجة عليكم ". وكذلك بصائر الدرجات: 295 / المقطع الثاني من حديث 4.
7- 7 - كان في النسخة المخطوطة والمطبوعة: عبد الرحمن الخثعمي، وما أثبتناه من المصدر. والبصائر وباسناد من كتب التراجم. انظر ترجمته في تنقيح المقال ومعجم رجال الحديث ومستدركات النمازي.

قال: " خرجت مع أبي (عليه السلام) إلي بعض أمواله، فلما صرنا في الصحراء استقبله شيخ، فنزل إليه أبي وسلم عليه، فسمعناه يقول له: جعلت فداك - ثم تحادثا طويلا - ثم ودعه أبي، فقام الشيخ وانصرف، وإنا لننظر إليه حتي غاب شخصه عنا، فقلت لأبي: من هذا؟ قال: هذا جدك الحسين (عليه السلام) " (1).

الرابع والعشرون:

ما رواه ابن بابويه في " عيون الأخبار " - في باب ثواب زيارة الرضا (عليه السلام) - عن أحمد بن محمد بن إبراهيم، عن داود البكري، عن علي بن دعبل بن علي الخزاعي، قال: لما حضرت أبي الوفاة تغير لونه واسود وجهه، فرأيته بعد ذلك فيما يري النائم، فقلت: ما فعل الله بك؟ فقال: إن الذي رأيته من سواد وجهي لم يزل حتي لقيت رسول الله (صلي الله عليه وآله) (2). الحديث.

أقول: ظاهره أنه رآه وقت الاحتضار كغيره، وفيه مكالمات جرت بينهما.

الخامس والعشرون:

ما رواه الكليني - في باب أن المؤمن لا يكره علي أخذ روحه - عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن سدير الصيرفي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): هل يكره المؤمن علي أخذ روحه؟ قال: " لا والله إنه إذا جاء ملك الموت لقبض روحه جزع عند ذلك، فيقول له ملك الموت: يا ولي الله لا تجزع - إلي أن قال - ويمثل له رسول الله وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ذريتهم (عليهم السلام) " (3). الحديث.

ص :211


1- 1 - الخرائج والجرائح 2: 819 / 30، عن أبي جعفر (عليه السلام)، بصائر الدرجات: 302 / 18، عن أبي إبراهيم (عليه السلام)، ولم يرد فيه: هذا جدك الحسين (عليه السلام).
2- 2 - عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 266 / 36، نقله الحر العاملي بتصرف.
3- 3 - الكافي 3: 127 / 2.

السادس والعشرون:

ما رواه الكليني أيضا - في باب ما يعاين المؤمن والكافر - عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث أنه قال له بعدما سأله عن حال المحتضر بعد ما سأله سبع عشرة مرة، فقال: " يراهما والله " فقال: من هما؟ قال: " رسول الله وأمير المؤمنين (عليهما السلام) " (1) ثم ذكر ما يجري بينهم من السؤال والجواب.

السابع والعشرون:

ما رواه الكليني - أيضا في الباب المذكور - عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسي، عن يونس، عن خالد بن عمارة، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " إذا حيل بينه وبين الكلام أتاه رسول الله ومن شاء الله " - ثم ذكر ما يجري بينهم من الخطاب - إلي أن قال: " فإذا وضع في قبره رد إليه الروح إلي وركيه " (2). الحديث.

الثامن والعشرون:

ما رواه أيضا فيه عن محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن يونس بن يعقوب، عن سعيد بن يسار أنه حضر أحد ابني سابور عند موته فبسط يده ثم قال: ابيضت يدي يا علي، فدخلت علي أبي عبد الله (عليه السلام) فسألني عن ذلك فأخبرته فقال: " رآه والله " (3).

التاسع والعشرون:

ما رواه فيه عن محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عمن سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في حديث المحتضر: " إذا كان ذلك واحتضر، حضره رسول الله (صلي الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) " ثم

ص :212


1- 1 - الكافي 3: 128 / 1.
2- 2 - الكافي 3: 129 / 2.
3- 3 - الكافي 3: 13 / 3، وفيه: " رآه والله " ثلاث مرات. ومعناه أن المحتضر رأي الإمام علي (عليه السلام) وقد صافحه، ولذا قال: ابيضت يدي يا علي.

ذكر ما يكون بينهم من المحاورات والبشارة للمؤمن وغير ذلك (1). الحديث.

وفيه: أن الكافر أيضا يري الرسول وأمير المؤمنين (عليه السلام) عند موته (2).

ورواه الحسن بن سليمان نقلا من كتاب " القائم " للفضل بن شاذان، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله (3).

الثلاثون:

ما رواه الكليني أيضا في الباب المذكور عن محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيي الحلبي، عن ابن مسكان، عن عبد الرحيم، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): حدثني صالح بن ميثم، عن عباية الأسدي أنه سمع علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول: " والله لا يبغضني عبد أبدا فيموت علي بغضي إلا رآني عند موته حيث يكره، ولا يحبني عبد أبدا فيموت علي حبي إلا رآني عند موته حيث يحب " فقال أبو جعفر (عليه السلام): " نعم ورسول الله باليمين " (4).

الحادي والثلاثون:

ما رواه أيضا فيه عن محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن علي بن محمد، عن معاوية بن وهب، عن يحيي بن سابور، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في المؤمن: " تدمع عيناه عند الموت، فقال: ذلك عند معاينة رسول الله (صلي الله عليه وآله) " (5) الحديث.

الثاني والثلاثون:

ما رواه أيضا فيه عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد

ص :213


1- 1 - الكافي 3: 131 / 4.
2- 2 - الكافي 3: 132.
3- 3 - المحتضر: 5.
4- 4 - الكافي 3: 132 / 5.
5- 5 - الكافي 3: 133 / 6.

الكندي، عن أبان بن عثمان، عن عقبة، عن أبي عبد الله (عليه السلام): " أن الرجل إذا وقعت نفسه هاهنا - أي في صدره - يري " قلت: وما يري؟ قال: " يري رسول الله وأمير المؤمنين (عليهما السلام) " (1). الحديث.

الثالث والثلاثون:

ما رواه أيضا فيه عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن عبد الله بن أبي يعفور، أنه حضر بعض النواصب (2) عند موته فسمعه يقول: ما لي ولك يا علي؟ فأخبر بذلك أبا عبد الله (عليه السلام) فقال: " رآه والله " (3).

ثم قال: " إذا بلغت نفس أحدكم هذه يقال له: رسول الله (صلي الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) (4) أمامك " (5).

الرابع والثلاثون:

ما رواه فيه عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيي، عن أبي المستهل، عن محمد بن حنظلة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث: أن المحتضر يري رسول الله وأمير المؤمنين وجبرئيل (عليهم السلام). وذكر ما يقول لهم وما يقولون له (6).

أقول: والأحاديث في ذلك كثيرة جدا، وقد روي البرقي في " المحاسن " كثيرا من الأحاديث في هذا المعني.

وقد تأولها الشيخ المفيد بالحمل علي معرفة المحتضر بثمرة ولايتهما (عليهما السلام)،

ص :214


1- 1 - الكافي 3: 133 / 8.
2- 2 - هو خطاب الجهني، كان شديد النصب لآل محمد (عليهم السلام).
3- 3 - الكافي 3: 133 / 9.
4- 4 - في المصدر زيادة: وفاطمة (عليها السلام).
5- 5 - الكافي 3: 134 / 10، بهذا السند: سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن عبد الحميد بن عواض قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول.
6- 6 - الكافي 3: 134 / 13.

وهذا كما تري بعيد جدا بل لا وجه له أصلا، وقد احتج لذلك باستحالة حلول الجسم الواحد في مكانين في وقت واحد، وما ذكره هنا مدفوع:

أما أولا: فلعدم معارض لهذه الأحاديث من كلامهم (عليهم السلام).

وأما ثانيا: فلإمكان حضوره (عليه السلام) في مكان معين، يراه كل محتضر تلك الساعة.

كما روي ابن بابويه وغيره: " أن ملك الموت سئل كيف تقبض الأرواح من المشرق والمغرب؟ فقال: إن الدنيا بين يدي كالقصعة بين يدي أحدكم يتناول منها ما يشاء " (1).

وأما ثالثا: فلأنه يمكن أن يكون مخصوصا بالمؤمن الكامل، والكافر الكامل، ومثل هذا لا يتفق في كل شهر مرة.

وأما رابعا: فلأن الأحاديث دالة علي الرؤية الحقيقية، لما فيها من ذكر الخطاب والعتاب والسؤال والجواب والإشراف والاقتراب، والمجئ والذهاب.

وأما خامسا: فلما مر من عدم جواز التأويل بغير نص ودليل.

وأما سادسا: فلأن الله قد أعطي النبي والأئمة (عليهم السلام) من القدرة والفضل ما لم يعطه أحدا، وما لا يمكن وصفه، وما هو أعظم مما ذكر، كما يدل عليه " أصول الكافي " و " بصائر الدرجات " وغيرهما.

وأما سابعا: فلأن أحوال تلك النشأة - أي ما بعد الموت - لا يلزم مساواتهما لأحوال هذه النشأة، بل لا شك في اختلافهما في أكثر الأحكام.

وأما ثامنا: فلأن الله قد أعطي ملك الموت ومنكرا ونكيرا مثل هذه القدرة، فلا ينكر أن يعطي النبي والأئمة مثلها بل ما هو أعظم منها.

ص :215


1- 1 - من لا يحضره الفقيه 1: 80 / 357.

وأما تاسعا: فلما روي من الأحاديث عنه (عليه السلام): " من رآني فقد رآني حقا " (1) وفي بعض الأحاديث: " من رآني في منامه فقد رآني " (2) والأخبار به كثيرة.

وبالجملة فالحمل علي الظاهر هنا ممكن بل واجب متعين، لعدم الصارف ووجود المانع من الصرف عن الظاهر والله أعلم.

الخامس والثلاثون:

ما رواه الثقة الجليل سعيد بن هبة الله الراوندي في كتاب " قصص الأنبياء " بإسناده عن ابن بابويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسي بن عبيد، عن النضر بن سويد، عن يحيي بن عمران الحلبي، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام): " إن الله أوحي إلي نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له: أرميا: إن بني إسرائيل عملوا بالمعاصي، فلأسلطن عليهم من يسفك دماءهم ويأخذ أموالهم، ولأخربن مدينتهم - يعني بيت المقدس - مائة عام، ثم لأعمرنها - إلي أن قال -: فخرج أرميا فلما كان مد البصر التفت إلي البلدة فقال * (أني يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام) * (3) ثم بعثه حيا سويا " (4).

السادس والثلاثون:

ما رواه أيضا في " قصص الأنبياء " بإسناده عن وهب بن منبه في حديث أرميا " أن الله أوحي إليه: أن الحق بإيليا، فانطلق إليه حتي إذا رفع

ص :216


1- 1 - أورده الكراجكي في كنز الفوائد 2: 63، والحلي في المحتضر: 3، وأحمد في المسند 6: 416 / 22100.
2- 2 - أورده الصدوق في الأمالي: 120 / 111، والفتال النيسابوري في روضة الواعظين: 234، وأحمد في المسند 2: 462 / 7128 و 3: 14 / 8303 و 132 / 9061، والتنوخي في الفرج بعد الشدة: 179، وابن ماجة في السنن 2: 1284 / 3901 و 3903 والترمذي في الصحيح 4: 535 / 2276.
3- 3 - سورة البقرة 2: 259.
4- 4 - قصص الأنبياء: 222 / 294.

له بيت المقدس، فرأي خرابا عظيما قال * (أني يحيي هذه الله بعد موتها) * (1) فنزل في ناحية واتخذ مضجعا، ثم نزع الله روحه وأخفي مكانه علي جميع الخلائق مائة عام - إلي أن قال -: ثم أمر الله عظام أرميا أن تحيي، فقام حيا كما ذكر الله تعالي في كتابه " (2).

السابع والثلاثون:

ما رواه أيضا فيه بإسناده عن ابن بابويه، عن جعفر بن محمد بن شاذان، عن أبيه، عن الفضل بن شاذان، عن محمد بن زياد أبي أحمد الأزدي - يعني ابن أبي عمير - عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: بعث الله جرجيس (عليه السلام) إلي ملك بالشام يعبد صنما، فدعاه إلي الله فعذبه عذابا شديدا، فأوحي الله إليه: يا جرجيس اصبر وأبشر ولا تخف، إن الله معك يخلصك وإنهم يقتلونك أربع مرات، في كل مرة أدفع عنك الألم والأذي.

فأمر الملك بجرجيس إلي السجن وعذبه بألوان العذاب، ثم قطعه قطعا وألقاها في جب، فأمر الله ميكائيل فقام علي رأس الجب، ثم قال: قم يا جرجيس حيا سويا، وأخرجه من الجب، فانطلق جرجيس حتي قام بين يدي الملك، وقال:

بعثني الله إليكم ليحتج بي عليكم، فقام صاحب الشرطة وقال: آمنت بإلهك الذي بعثك بعد موتك، واتبعه أربعة آلاف وآمنوا وصدقوا جرجيس فقتلهم الملك جميعا.

ثم أمر بلوح من نحاس أوقد عليه النار، فبسط عليه جرجيس وأوقد عليه النار حتي مات وأمر برماده فذر في الرياح، فأمر الله ميكائيل فنادي جرجيس

ص :217


1- 1 - سورة البقرة 2: 259.
2- 2 - قصص الأنبياء: 223 / 295.

صلوات الله عليه إلي الملك.

فأمر به الملك فمد بين خشبتين، ووضع المنشار علي رأسه حتي سقط المنشار من تحت رجليه، ثم أمر بقدر فألقي فيها زفت وكبريت ورصاص، وألقي فيها جسد جرجيس صلوات الله عليه، فطبخ حتي اختلط ذلك كله جميعا، فبعث الله إسرافيل فصاح صيحة خر منها الناس لوجوههم، ثم قال: قم يا جرجيس، فقام حيا سويا بقدرة الله.

وانطلق جرجيس إلي الملك فجاءته امرأة، فقالت: كان لنا ثور نعيش به فمات، فقال لها جرجيس: خذي عصاي هذه فضعيها علي ثورك، وقولي: إن جرجيس يقول: قم بإذن الله ففعلت، فقام حيا، فآمنت بالله، فأمر به الملك أن يقتل بالسيف، فضربوا عنقه فمات ثم أسرعوا إلي القرية فهلكوا كلهم (1).

الثامن والثلاثون:

ما رواه أيضا فيه عن ابن بابويه، عن محمد بن شاذان بن أحمد البرواذي، عن محمد بن محمد بن الحارث، عن صالح بن سعيد الترمذي، عن منعم بن إدريس، عن وهب بن منبه، عن ابن عباس - في حديث طويل يقول فيه -: إن إلياس (عليه السلام) نزل فاستخفي عند أم يونس (عليه السلام) ستة أشهر، ثم عاد إلي مكانه، فلم يلبث إلا يسيرا حتي مات ابنها حين فطمته، فعظمت مصيبتها، فخرجت في طلب إلياس ورقت الجبال حتي وجدت الياس.

فقالت: إني فجعت بابني وقد ألهمني الله أن أستشفع بك ليحيي لي ابني، فقال لها: ومتي مات؟ قالت: اليوم سبعة أيام، فانطلق إلياس، وسار سبعة أيام أخري حتي انتهي إلي منزلها، فرفع يديه بالدعاء واجتهد حتي أحيا الله تعالي بقدرته يونس (عليه السلام)، فلما عاش انصرف إلياس، ولما صار ابن أربعين سنة أرسله الله تعالي

ص :218


1- 1 - قصص الأنبياء: 238 / 280.

إلي قومه كما قال * (وأرسلناه إلي مائة ألف أو يزيدون) * (1) (2).

التاسع والثلاثون:

ما رواه أيضا فيه عن ابن بابويه، عن محمد بن يوسف المذكر، عن الحسن بن علي بن نصر الطوسي (3)، عن أبي الحسن بن قرعة القاضي (4)، عن زياد بن عبد الله (5)، عن محمد بن إسحاق، عن إسحاق بن يسار، عن عكرمة، عن ابن عباس في حديث أهل الكهف: إنهم لما أووا إلي الكهف أوحي الله إلي ملك الموت أن يقبض أرواحهم، ووكل بكل رجل منهم ملكين يقلبانه ذات اليمين وذات الشمال، فمكثوا ثلاثمائة سنة وتسع سنين، فلما أراد الله أن يحييهم أمر إسرافيل الملك أن ينفخ فيهم الروح، فنفخ فقاموا من رقدتهم، فقال بعضهم لبعض: قد غفلنا في هذه الليلة (6) الحديث.

ص :219


1- 1 - سورة الصافات 37: 147.
2- 2 - قصص الأنبياء: 250 / 293.
3- 3 - في المصدر: الطرسوسي، والظاهر ما في المتن هو الصحيح. انظر سير أعلام النبلاء 14: 287، لسان الميزان 2: 232 / 992، ميزان الاعتدال 1: 509 / 1909.
4- 4 - كذا في النسخة المخطوطة والمطبوعة والمصدر وعنه في البحار، والظاهر أن الصحيح أبو علي الحسن بن عرفة العبدي البغدادي. انظر تهذيب التهذيب 2: 254 / 523، سير أعلام النبلاء 11: 547 / 163.
5- 5 - في النسخة المخطوطة والمطبوعة: ماد بن عبد الله، وما أثبتناه من المصدر هو الصواب إن شاء الله تعالي. انظر الأنساب للسمعاني 1: 382، طبقات ابن سعد 6: 396، تهذيب التهذيب 3: 323 / 685، سير أعلام النبلاء 9: 5 / 1.
6- 6 - قصص الأنبياء: 259 / 300، وعنه في البحار 14: 416 - 417. والقائل هو الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، حينما جاء قوم من أحبار اليهود إلي عمر بن الخطاب يسألونه، فعجز عن جوابهم ونكس رأسه فقال: يا أبا الحسن ما أري جوابهم إلا عندك.

الأربعون:

ما رواه أيضا فيه بإسناده عن ابن بابويه، عن محمد بن إبراهيم الطالقاني، عن ابن عقدة (1)، عن أحمد بن عيسي، عن البزنطي، عن أبان بن عثمان، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث عيسي: " إنهم سألوه أن يحيي لهم سام بن نوح فأتي إلي قبره، فقال: قم يا سام بإذن الله، فانشق القبر، ثم أعاد الكلام فتحرك، ثم أعاد الكلام فخرج سام، فقال: أيما أحب إليك تبقي أو تعود؟ قال: بل أعود يا روح الله، إني لأجد لذعة الموت في جوفي إلي يومي هذا " (2).

أقول: والأحاديث في هذا المعني وغيره من المعاني السابقة كثيرة، وقد ظهر من هذا الباب والذي قبله أن الرجعة قد وقعت في هذه الأمة للرعية وأهل العصمة، ليزول استبعاد الرجعة الموعود بها.

فإن قيل: لعل هذه هي الرجعة الموعود بها، والتي يحصل بها مساواة أحوال هذه الأمة لأحوال الأمم السابقة، كما تضمنه الباب الرابع.

قلت: هذا خيال باطل من وجوه:

أحدها: إن هذه رجعة ضعيفة لا يكاد يعتد بها، بل بعضها ليس برجعة حقيقية، ولهذا قلنا في سائر المواضع: أنها رجعة في الجملة، فهي غير الرجعة الموعود بها فيما مضي ويأتي.

وثانيها: إنك لا تجد في شئ من أحاديث البابين أن أحدا منهم رجع إلي الدنيا وعاش فيها زمانا طويلا إلا نادرا، والنادر لا حكم له، فكيف تصدق المشابهة وحذو النعل بالنعل والقذة بالقذة؟.

ص :220


1- 1 - هو أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني.
2- 2 - قصص الأنبياء: 269 / 310.

وثالثها: إن هذه الوقائع أفراد معدودة في مدد متطاولة، فكيف تساوي أو تقارب تلك الرجعات العظيمة الهائلة، التي رجع في بعضها خمسة وثلاثون ألفا، وفي بعضها سبعون ألفا، وفي بعضها جميع بني إسرائيل، وفي بعضها سبعون ألف بيت. إلي غير ذلك مما مضي، فلا بد من الحكم بالمغايرة.

ورابعها: الاجماع فإن كل من قال: بأن الرجعة حق قال بالمغايرة، وقد ثبت أن الرجعة حق فتثبت المغايرة، وكل من قال ببطلان الرجعة من العامة، قال بصحة هذه الصور ووجودها (1) ونقلها، فلهذا أوردناها حجة عليهم في الاستبعاد فضلا عن الانكار.

وخامسها: إن الأحاديث الواردة في الأخبار بالرجعة، والوعد بوقوعها قد وردت قبل وقوع هذه الوقائع وبعدها، حتي في زمان المهدي (عليه السلام) كما يأتي إن شاء الله تعالي.

وسادسها: إن أحاديث الباب الرابع تدل علي أن كل ما وقع في الأمم السابقة يقع في هذه الأمة مثله، أو ما هو أعظم منه وأفضل أو أزيد، ووجهه واضح، فإن نبينا أفضل الأنبياء، وأمته أشرف الأمم، ألا تري إلي الغيبة وأمثالها مما وقع منه في هذه الأمة أضعاف ما وقع في الأمم السابقة؟!.

وسابعها: إن التصريحات بما يدفع هذا الخيال ويبطله ويرده أكثر من أن يحصي، كما ستقف عليه إن شاء الله تعالي والله الهادي.

ص :221


1- 1 - في نسخة " ش ": وجوزها.

صفحة بيضاء

ص :222

الباب التاسع: في جملة من الأحاديث المعتمدة الواردة في الإخبار بوقوع

اشارة

الرجعة لجماعة من الشيعة وغيرهم من الرعية، وما يدل علي إمكانها وعدم جواز إنكارها والأحاديث في ذلك كثيرة جدا، وقد وقفت في هذه الأيام علي شئ كثير ولم أورد الجميع لما مر، بل اقتصرت من ذلك علي أحاديث:

الأول:

ما رواه الشيخ الجليل رئيس المحدثين أبو جعفر ابن بابويه في كتاب " من لا يحضره الفقيه " وفي " عيون الأخبار " والشيخ الجليل رئيس الطائفة أبو جعفر الطوسي في كتاب " التهذيب " بأسانيدهما الصحيحة عن محمد بن إسماعيل البرمكي، عن موسي بن عبد الله النخعي (1)، قال: قلت لعلي بن محمد بن علي بن موسي (عليهم السلام): علمني قولا أقوله بليغا كاملا إذا زرت واحدا منكم.

فقال: " إذا صرت إلي الباب فقف واشهد الشهادتين - وذكر الزيارة الجامعة - إلي أن قال: " فثبتني الله أبدا ما بقيت علي موالاتكم، وجعلني ممن يقتص آثاركم، ويسلك سبيلكم، ويهتدي بهداكم، ويحشر في زمرتكم، ويكر في رجعتكم، ويملك في دولتكم، ويشرف في عافيتكم، ويمكن في أيامكم، وتقر

ص :223


1- 1 - في العيون: موسي بن عمران النخعي.

عينه غدا برؤيتكم " (1).

الثاني:

ما رواه ابن بابويه والشيخ بالإسناد السابق، عن الإمام علي بن محمد (عليهما السلام) في زيارة الوداع: " إذا أردت الانصراف فقل: السلام عليكم سلام مودع - إلي أن قال - السلام عليكم حشرني الله في زمرتكم، وأوردني حوضكم، وجعلني من حزبكم، ومكنني في دولتكم، وأحياني في رجعتكم، وملكني في أيامكم " (2).

أقول: في هذين الحديثين وأمثالهما مما يأتي وهو كثير، دلالة علي أن رجعة الشيعة ليست بعامة، بل إنما يرجع بعضهم، وإلا لكان الدعاء بغير فائدة، كما لا يجوز أن يقال: اللهم ابعثني يوم القيامة، واحشرني في الآخرة.

ويأتي ما هو صريح فيما قلناه إن شاء الله.

الثالث:

ما رواه ابن بابويه أيضا في كتاب " معاني الأخبار " - قبل آخر الكتاب باثنتي عشرة ورقة في النسخة المنقول منها في باب معني أيام الله عز وجل - قال:

حدثنا أبي (رحمه الله) قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن أبي عمير، عن مثني الحناط، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام) قال: " أيام الله ثلاثة: يوم يقوم القائم، ويوم الكرة، ويوم القيامة " (3).

ورواه في كتاب " الخصال " - في باب الثلاثة - عن أحمد بن محمد بن يحيي العطار، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن الحسن الميثمي،

ص :224


1- 1 - من لا يحضره الفقيه 2: 370 / 1625، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 272 / 1، التهذيب 6: 95 / 177.
2- 2 - نفس المصادر المتقدمة.
3- 3 - معاني الأخبار: 365 / 1.

عن مثني الحناط، عن أبي جعفر (عليه السلام) مثله (1).

ورواه الشيخ علي بن يونس في كتاب " الصراط المستقيم " نقلا من كتاب الحضرمي (2).

أقول: في هذا تصريح ببطلان تأويل الرجعة بخروج المهدي (عليه السلام) ورجوع الدولة، ويأتي ما هو أقوي تصريحا إن شاء الله تعالي، مع ما تقدم من تصريح علماء اللغة بمعناها.

وليس في سند الرواية من يحصل فيه شك أو يوجد فيه طعن، فإن إبراهيم بن هاشم والمثني ممدوحان مدحا جليلا مع صحة مذهبهما، بل لا يبعد الجزم بتوثيقهما عند التحقيق، والباقي في غاية الجلالة والثقة، وصحة المذهب والحديث.

الرابع:

ما رواه الشيخ الطوسي في " المصباح الكبير " - في فضل الزيارات في عمل رجب - حيث قال: زيارة رواها ابن عياش قال: حدثني حسين بن عبد الله، عن مولاه - يعني أبا القاسم الحسين بن روح أحد السفراء - قال: زر أي المشاهد كنت بحضرتها في رجب، تقول: " الحمد لله الذي أشهدنا مشهد أوليائه في رجب - إلي أن قال - السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حتي العود إلي حضرتكم، والفوز في كرتكم، والحشر في زمرتكم (3).

الخامس:

ما رواه الشيخ أيضا في " المصباح " - في أعمال شهر ذي الحجة زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام) - قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام): " مضي أبي علي بن

ص :225


1- 1 - الخصال: 108 / 75.
2- 2 - الصراط المستقيم إلي مستحقي التقديم 2: 264.
3- 3 - مصباح المتهجد: 755 - 756.

الحسين (عليه السلام) إلي قبر أمير المؤمنين (عليه السلام) ثم بكي وقال: " السلام عليك يا أمين الله في أرضه " وذكر الزيارة ثم قال: قال الباقر (عليه السلام): " ما قاله أحد من شيعتنا عند قبر أمير المؤمنين أو عند قبر أحد من الأئمة عليهم السلام إلا وضع (1) في درج من نور (2) حتي يسلم إلي القائم (عليه السلام)، فيلقي صاحبه بالبشري والتحية والكرامة إن شاء الله تعالي " (3).

ورواه الكفعمي في " مصباحه " (4) وكذا ما قبله.

أقول: الظاهر أنه يسلم إلي القائم (عليه السلام) بعد ظهوره بقرينة الطبع وغيره، وإن ضمير " يلقي " عائد إليه (عليه السلام)، بل لا يحتمل غير ذلك، فهو وعد بالرجعة وإخبار بها لمن زار بالزيارة المذكورة علي تقدير موته قبل خروجه (عليه السلام)، مضافا إلي التصريحات الكثيرة.

السادس:

ما رواه الشيخ في " المصباح " والكفعمي أيضا في " مصباحه " - في أدعية يوم الجمعة - في دعاء السمات المروي عن العمري (رضي الله عنه): " اللهم إني أسألك باسمك العظيم الأعظم الأعز الأجل الأكرم الذي إذا دعيت به علي مغالق أبواب السماء للفتح بالرحمة انفتحت، وإذا دعيت به علي مضايق أبواب الأرض للفرج انفرجت، وإذا دعيت به علي اليسر لليسر تيسرت، وإذا دعيت به علي الأموات للنشور انتشرت " (5) الدعاء.

أقول: لا شك أنهم (عليهم السلام) يعلمون ذلك الاسم، فإذا دعا المهدي (عليه السلام) به نشر الله

ص :226


1- 1 - في المصدر: إلا وقع، وفي مصباح الكفعمي: إلا رفع.
2- 2 - في المصدر زيادة: وطبع بطابع محمد (صلي الله عليه وآله)، وفي مصباح الكفعمي: بخاتم، بدل: بطابع.
3- 3 - مصباح المتهجد: 681 - 683.
4- 4 - مصباح الكفعمي 2: 151 - 152.
5- 5 - مصباح الكفعمي 2: 46، مصباح المتهجد: 374.

له الأموات، فهو دال علي إمكان الرجعة قطعا، وعلي وقوعها أيضا، باعتبار أن " إذا " موضوعة لما هو محقق الوقوع كما تقرر، فهو مؤيد للتصريحات الكثيرة.

السابع:

ما رواه الشيخ أيضا في " المصباح " والكفعمي أيضا - في أعمال ذي القعدة في يوم الخامس والعشرين منه - أنه يستحب أن يدعي فيه بهذا الدعاء " اللهم داحي الكعبة - إلي أن قال - وأشهدني أوليائك عند خروج نفسي، وحلول رمسي، وانقطاع عملي، وانقضاء أجلي - إلي أن قال - اللهم عجل فرج أوليائك واردد عليهم مظالمهم، وأظهر بالحق قائمهم.

ثم قال: اللهم صل عليه وعلي جميع آبائه، واجعلنا من صحبه، وابعثنا في كرته، حتي نكون في زمانه من أعوانه " (1).

الثامن:

ما رواه الشيخ أيضا في " المصباح " - في زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام) - إلي أن قال: فقلبي لك مسلم ونصرتي لك معدة.

ثم قال: " اللهم كما مننت علي بزيارة أمير المؤمنين وولايته، فاجعلني ممن ينصره وينتصر به، وتمن عليه بنصرك لدينك في الدنيا والآخرة " (2).

ورواه الشيخ أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه في " المزار " بالإسناد الآتي عن أبي الحسن (عليه السلام) (3).

ورواه الكفعمي في " مصباحه " في الفصل الحادي والأربعين (4).

التاسع:

ما رواه الشيخ أيضا في " المصباح " - في زيارة الأربعين للحسين (عليه السلام) بالإسناد الآتي في محله - عن الصادق (عليه السلام) في جملة زيارة " أشهد أني بكم مؤمن

ص :227


1- 1 - مصباح المتهجد: 611 - 612، مصباح الكفعمي 2: 458.
2- 2 - مصباح المتهجد: 687 - 688.
3- 3 - كامل الزيارات: 41 - 42.
4- 4 - مصباح الكفعمي 2: 148 - 149.

وبإيابكم موقن - إلي أن قال - ونصرتي لكم معدة حتي يأذن الله لكم، فمعكم معكم لا مع عدوكم " (1).

العاشر:

ما رواه الكليني - في باب زيارة الحسين (عليه السلام) - عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن نعيم بن الوليد، عن يوسف الكناسي (2)، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إذا أتيت قبر الحسين (عليه السلام) فقل - وذكر الزيارة إلي أن قال - اللهم العن قتلة الحسين، اللهم اجعلنا ممن ينصره وينتصر به، وتمن عليه بنصرك لدينك في الدنيا والآخرة " (3).

الحادي عشر:

ما رواه الكليني - في باب أن الأئمة (عليهم السلام) ورثوا علم النبي (صلي الله عليه وآله) وجميع الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) - عن محمد بن يحيي، عن أحمد بن أبي زاهر أو غيره، عن محمد بن حماد، عن أخيه أحمد بن حماد، عن أبيه، عن أبي الحسن الأول (عليه السلام) قال: قلت له: أخبرني عن النبي (صلي الله عليه وآله) ورث النبيين كلهم؟ قال: " نعم " قلت: إن عيسي بن مريم كان يحيي الموتي؟ قال: " صدقت، وداود كان يعلم منطق الطير، وكان رسول الله (صلي الله عليه وآله) يقدر علي هذه المنازل - إلي أن قال -: وإن الله يقول في كتابه * (ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به

ص :228


1- 1 - مصباح المتهجد: 732.
2- 2 - في الكافي: يونس الكناسي، وكذلك في مرآة العقول 18: 291 / 1، ولكن ما في الوافي 14: 1490 / 3، والوسائل 14: 483 / 1، مطابق لما في المتن وهو الصحيح كما صرح به السيد الخوئي في معجمه 21: 189 - 190، وكذلك أورد صدر الرواية ابن قولويه في كامل الزيارات: 204 / 8، والصدوق في من لا يحضره الفقيه 2: 360 / 1615 عن يوسف الكناسي قائلا: وقد أخرجت في كتاب الزيارات، وفي كتاب مقتل الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنواعا من الزيارات، واخترت هذه لهذا الكتاب لأنها أصح الروايات عندي من طريق الرواية وفيها بلاغ وكفاية.
3- 3 - الكافي 4: 572 / 1.

الموتي) * (1) وقد ورثنا نحن هذا القرآن الذي تسير به الجبال، وتقطع به الأرض، وتحيي به الموتي " (2) الحديث.

أقول: في هذا دلالة واضحة علي إمكان الرجعة وعدم جواز إنكارها.

الثاني عشر:

ما رواه الكليني أيضا - في باب ما أعطي الله الأئمة (عليهم السلام) من الاسم الأعظم - عن محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد ومحمد بن خالد، عن زكريا بن عمران القمي، عن هارون بن الجهم، عن رجل، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " إن عيسي بن مريم أعطي حرفين كان يعمل بهما - ثم ذكر ما أعطي الأنبياء - وإن الله جمع ذلك كله لمحمد (صلي الله عليه وآله) " (3) الحديث.

أقول: وهذا ما يدل علي إمكان الرجعة أيضا، بل عند وقوعها عند التحقيق.

الثالث عشر:

ما رواه الكليني - في باب مولد أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) - عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن مثني الحناط، عن أبي بصير، قال: دخلت علي أبي جعفر (عليه السلام) فقلت له: أنتم ورثة رسول الله (صلي الله عليه وآله)؟ قال: " نعم " قلت: رسول الله ورث الأنبياء كلهم، علم كل ما علموا؟ قال: " نعم " قلت: فأنتم تقدرون أن تحيوا الموتي وتبرئوا الأكمه والأبرص؟ قال: " نعم بإذن الله ".

ثم قال لي: " إدن مني يا أبا محمد " فدنوت منه، فمسح علي وجهي وعلي عيني فأبصرت الشمس والسماء، والبيوت وكل شئ في البلد، ثم قال لي:

" أتحب أن تكون هكذا ولك ما للناس وعليك ما عليهم يوم القيامة، أو تعود كما

ص :229


1- 1 - سورة الرعد 13: 31.
2- 2 - الكافي 1: 226 / 7.
3- 3 - الكافي 1: 230 / 2.

كنت ولك الجنة خالصا؟ " فقلت: أعود كما كنت، فمسح علي عيني، فعدت كما كنت (1).

ورواه الراوندي في " الخرائج والجرائح " (2).

ورواه علي بن عيسي في " كشف الغمة " نقلا من كتاب الدلائل لعبد الله بن جعفر الحميري (3).

ورواه الكشي في " كتاب الرجال " عن محمد بن مسعود العياشي، عن علي بن محمد القمي، عن محمد بن أحمد، عن علي بن الحسن، عن علي بن الحكم مثله (4).

وهذا أيضا دال علي إمكان الرجعة وعدم جواز إنكارها.

الرابع عشر:

ما رواه الكليني أيضا - في باب الدعاء في حفظ القرآن - عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عمن ذكره، عن عبد الله بن سنان، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) - وذكر الدعاء يقول فيه -: " وأسألك باسمك الذي تحيي به الموتي " (5).

أقول: ومثل هذا كثير جدا.

الخامس عشر:

ما رواه رئيس المحدثين أبو جعفر ابن بابويه في كتاب " علل الشرائع والأحكام " - في باب العلة التي من أجلها سمي علي أمير المؤمنين (عليه السلام)، والعلة التي من أجلها سمي القائم قائما - قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد

ص :230


1- 1 - الكافي 1: 470 / 3.
2- 2 - الخرائج والجرائح 1: 274 / 5.
3- 3 - كشف الغمة 2: 142 - 143.
4- 4 - رجال الكشي: 174 / 298.
5- 5 - الكافي 2: 576 / 1.

الدقاق ومحمد بن محمد بن عصام، قالا: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني، قال:

حدثنا القاسم بن العلاء، قال: حدثنا إسماعيل الفزاري، قال: حدثنا محمد بن جمهور العمي (1)، عن عبد الرحمن بن أبي نجران عمن ذكره، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) وذكر حديثا يقول فيه: " لما قتل جدي الحسين (عليه السلام) ضجت الملائكة إلي الله بالبكاء، فأوحي الله إليهم: قروا ملائكتي، وعزتي وجلالي لأنتقمن منهم ولو بعد حين، ثم كشف الله عز وجل عن الأئمة من ولد الحسين (عليهم السلام) فإذا أحدهم قائم يصلي، فقال الله عز وجل: بذلك القائم أنتقم منهم " (2).

أقول: الحصر الذي يفهم من التقديم هنا يتعين كونه إضافيا بالنسبة إلي الوقت الذي ضجت فيه الملائكة، وأرادوا تعجيل الانتقام منهم فيه لما يأتي إثباته إن شاء الله، علي أن الحصر الذي يفهم من التقديم ضعيف الدلالة، بل لا يتعين هنا كون التقديم هنا للحصر والتخصيص، بل لا يبعد كونه لمجرد الاهتمام، خصوصا مع كثرة المعارضات، وهذا يدل علي رجوع قتلة الحسين في زمان القائم (عليه السلام)، كما يأتي التصريح به إن شاء الله.

السادس عشر:

رواه ابن بابويه أيضا في " العلل " - في باب نوادر العلل - قال:

ص :231


1- 1 - في النسخة الخطية والمطبوعة: القمي، وما أثبتناه من المصدر هو الصحيح إن شاء الله تعالي، والعمي نسبة إلي بني العم من تميم، كما قاله النجاشي في ترجمة ابنه الحسن بن محمد بن جمهور. وقال السيد الخوئي: قد تكرر في الكشي ذكر محمد بن جمهور، مع توصيفه بالقمي في بعض الموارد، وهذا من غلط النسخة جزما. روي عن الإمام الرضا (عليه السلام)، وعده البرقي من أصحاب الإمام الكاظم (عليه السلام). انظر - رجال البرقي: 51، رجال النجاشي: 62 / 144 و 337 / 901، معجم رجال الحديث 16: 189 / 10439.
2- 2 - علل الشرائع: 160 / 1 - باب 129.

حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، عن محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن محمد بن سليمان، عن داود بن النعمان، عن عبد الرحمن القصير، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): " أما لو قام قائمنا لقد ردت إليه الحميراء حتي يجلدها، وحتي ينتقم لامه فاطمة منها " قلت: جعلت فداك ولم يجلدها الحد؟ قال: " لفريتها علي أم إبراهيم " قلت: فكيف أخر الله ذلك إلي القائم؟ قال: " إن الله بعث محمدا (صلي الله عليه وآله) رحمة ويبعث القائم (عليه السلام) نقمة " (1).

السابع عشر:

ما رواه الشيخ أبو علي ابن الشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي في " الأمالي " بإسناده عن أبي ذر الغفاري أنه أخذ بحلقة باب الكعبة واستند إليها ثم قال: سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله) يقول: " من قاتلني في الأولي وقاتل أهل بيتي في الثانية، حشره الله في الثالثة مع الدجال، وإنما مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف (2) عنها غرق " (3).

أقول: الظاهر من الأولي زمانه (صلي الله عليه وآله)، والثانية زمان أمير المؤمنين (عليه السلام)، والثالثة الرجعة، وإما أن يراد بالثانية والثالثة الرجعة كما روي في قتلة الحسين (عليه السلام) أنهم يرجعون مرارا، أو يراد بالثالثة وحدها الرجعة، وعلي كل حال فالمقصود ثابت.

الثامن عشر:

ما رواه أيضا في " الأمالي " بإسناده عن سفيان بن إبراهيم الغامدي (4)، عن جعفر بن محمد (عليه السلام) قال: " بنا يبدأ البلاء ثم بكم، وبنا يبدأ الرخاء

ص :232


1- 1 - علل الشرائع: 579 / 10.
2- 2 - في نسخة " ش ": تخلي.
3- 3 - أمالي الطوسي: 60 / 88.
4- 4 - في النسخة المطبوعة: صفوان بن إبراهيم الفايدي، وفي المخطوطة: سفيان بن إبراهيم الفايدي، وما أثبتناه تلفيق من المخطوطة والمصدر وهو الصحيح إن شاء الله تعالي. انظر مستدركات النمازي 4: 88 / 6343 و 50 / 6181، ترجمة سعدان بن إسحاق بن سعيد. وسفيان هذا لم يذكره أصحاب التراجم كما قال النمازي.

ثم بكم، والذي يحلف به لينتصرن الله بكم كما انتصر بالحجارة " (1).

أقول: ضمير جمع المخاطبين وغيره من الألفاظ يجب حمله علي الحقيقة حتي يتحقق قرينة مانعة قطعا، وذلك يستلزم رجوع المخاطبين في آخر الزمان أو جماعة منهم وهو المطلوب.

التاسع عشر:

ما رواه أيضا في " الأمالي " بإسناده عن محمد بن حمران قال:

قال أبو عبد الله (عليه السلام): " لما كان من أمر الحسين (عليه السلام) ما كان ضجت الملائكة إلي الله تعالي [وقالت: يا رب يفعل هذا بالحسين صفيك وابن نبيك؟!] (2) قال: فأقام الله لهم ظل القائم (عليه السلام) وقال: بهذا أنتقم له من ظالميه " (3).

العشرون:

ما رواه أيضا فيه بإسناده عن أبي ذر أنه سمع النبي (صلي الله عليه وآله) يقول: " من قاتلني في الأولي، وقاتل أهل بيتي في الثانية، فهو فيها من شيعة الدجال " (4).

الحادي والعشرون:

ما رواه الشيخ الجليل الثقة أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه في كتاب " المزار " - في الباب التاسع عشر في علم الأنبياء بقتل الحسين (عليه السلام) - قال: حدثني محمد بن جعفر الرزاز، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب وأحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن الحسن بن علي بن فضال، عن

ص :233


1- 1 - أمالي الطوسي: 74 / 109، وأورده المفيد في أماليه: 301 / 2، وسنده مطابق لما في المتن، وكذلك الطبري في بشارة المصطفي لشيعة المرتضي: 94، إلا أن فيه: العابدي، بدل: الغامدي.
2- 2 - ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.
3- 3 - أمالي الطوسي: 418 / 941.
4- 4 - أمالي الطوسي: 459 / 1026.

مروان بن مسلم، عن بريد (1) بن معاوية العجلي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) - في حديث طويل -: " إن الله وعد الحسين (عليه السلام) أن يكره إلي الدنيا حتي ينتقم بنفسه ممن فعل ذلك به ". الحديث (2).

ويأتي إن شاء الله تعالي.

الثاني والعشرون:

ما رواه الشيخ الثقة الجليل علي بن إبراهيم بن هاشم في " تفسيره " - في أوائله بعد تسع ورقات من أوله في النسخة المنقول منها في بحث الرد علي من أنكر الرجعة - قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن حماد - يعني ابن عثمان - عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " ما يقول الناس في هذه الآية * (ويوم نحشر من كل أمة فوجا) * (3) " قلت: يقولون إنها في القيامة قال: " ليس كما يقولون أنها في الرجعة، أيحشر الله في القيامة من كل أمة فوجا ويدع الباقين؟ إنما آية القيامة * (وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا) * (4) " (5).

الثالث والعشرون:

ما رواه علي بن إبراهيم أيضا - بعد الحديث السابق بغير فصل، والظاهر أنه بذلك الإسناد أيضا - في قوله تعالي * (وحرام علي قرية

ص :234


1- 1 - في نسخة " ش ": يزيد، وما في المتن والمصدر هو الصحيح. وبريد هو أبو القاسم، عربي، روي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام)، وجه من وجوه أصحابنا وفقيه أيضا، له محل عند الأئمة الأطهار (عليهم السلام)، عده البرقي والشيخ من أصحاب الإمامين الباقرين (عليهما السلام)، مات (رحمه الله) في حياة أبي عبد الله (عليه السلام) سنة مائة وخمسين. انظر رجال النجاشي: 112 / 287، رجال البرقي: 14 و 17، رجال الطوسي: 109 / 22 و 158 / 59.
2- 2 - كامل الزيارات: 63 / 3.
3- 3 - سورة النمل 27: 83.
4- 4 - سورة الكهف 18: 47.
5- 5 - تفسير القمي 1: 24.

أهلكناها أنهم لا يرجعون) * (1) قال: قال الصادق (عليه السلام): " كل قرية أهلكها الله بالعذاب لا يرجعون في الرجعة، وأما في القيامة فيرجعون، وأما من محض الإيمان محضا وغيرهم ممن لم يهلكوا بالعذاب، أو محض الكفر محضا فإنهم يرجعون " (2).

ورواه في موضع آخر من تفسيره مرسلا مثله (3).

الرابع والعشرون:

ما رواه ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني في أوائل " الروضة من الكافي " عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان المصري، عن أبيه، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) قوله تعالي * (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلي وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون) * (4) قال: " يا أبا بصير ما يقولون في هذه الآية؟ " قلت: إن المشركين يزعمون ويحلفون لرسول الله (صلي الله عليه وآله) أن الله لا يبعث الموتي، قال: فقال:

" تبا لمن قال هذا، سلهم هل كان المشركون يحلفون بالله أم باللات والعزي؟ ".

قال: قلت: فأوجدنيه، فقال: " يا أبا بصير لو قد قام قائمنا بعث الله قوما من شيعتنا قباع (5)، سيوفهم علي عواتقهم، فيبلغ ذلك قوما من شيعتنا لم يموتوا فيقولون: أبعث فلان وفلان وفلان من قبورهم وهم مع القائم؟! فيبلغ ذلك قوما من عدونا فيقولون: يا معشر الشيعة ما أكذبكم، هذه دولتكم وأنتم تقولون فيها

ص :235


1- 1 - سورة الأنبياء 21: 95.
2- 2 - تفسير القمي 1: 24 - 25.
3- 3 - نفس المصدر 2: 75 - 76.
4- 4 - سورة النحل 16: 38.
5- 5 - في نسخة " ش ": قيام، والقباع: قبع الرجل فهو قابع، إذا أعيا وانبهر. تهذيب اللغة 1: 284.

الكذب، لا والله ما عاش هؤلاء ولا يبعثون إلي يوم القيامة قال: فحكي الله قولهم فقال * (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت) * (1) " (2).

ورواه العياشي في " تفسيره " علي ما نقل عنه (3).

الخامس والعشرون:

ما رواه الشيخ الجليل المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان في كتاب " الإرشاد في حجج الله علي العباد " - في باب ذكر علامات قيام القائم (عليه السلام) - حيث قال: وردت الآثار بذكر علامات قيام القائم المهدي (عليه السلام)، وحوادث تكون أمام قيامه، وآيات ودلالات، فمنها: خروج السفياني - إلي أن قال -: وأموات ينشرون من القبور حتي يرجعوا إلي الدنيا، فيتعارفون فيها ويتزاورون - إلي أن قال -: فيعرفون عند ذلك خروج المهدي (عليه السلام) بمكة، فيتوجهون لنصرته (4).

السادس والعشرون:

ما رواه الشيخ المفيد أيضا في فصل آخر حيث قال: وقد وردت الأخبار بمدة ملك القائم روي عبد الكريم الخثعمي قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): كم يملك القائم (عليه السلام)؟ قال: " سبع سنين، تطول له الأيام والليالي حتي تكون السنة من سنينه مقدار عشر سنين من سنينكم هذه، وإذا آن قيامه مطر الناس جمادي الآخرة وعشرة أيام من رجب مطرا لم ير الخلائق مثله، فينبت الله به لحوم المؤمنين وأبدانهم من قبورهم، فكأني أنظر إليهم مقبلين من قبل جهينة (5)

ص :236


1- 1 - سورة النحل 16: 38.
2- 2 - الكافي 8: 50 / 14.
3- 3 - تفسير العياشي 2: 259 / 26.
4- 4 - إرشاد المفيد 2: 368 - 370، كشف الغمة 2: 457.
5- 5 - جهينة: وهو علم مرتجل في اسم أبي قبيلة من قضاعة، وسمي به قرية كبيرة من نواحي الموصل علي دجلة، وهي أول منزل لمن يريد بغداد من الموصل، وعندها مرج يقال له مرج جهينة. معجم البلدان 2: 225.

ينفضون شعورهم من التراب " (1).

ورواه الطبرسي في كتاب " إعلام الوري " (2).

ورواه علي بن عيسي في " كشف الغمة " نقلا عنهما (3)، وكذا الذي قبله.

السابع والعشرون:

ما رواه الشيخ المفيد أيضا في آخر " الإرشاد " قال: روي المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: " يخرج القائم (عليه السلام) من ظهر الكوفة سبعة وعشرين رجلا، خمسة عشر من قوم موسي، الذين كانوا يهدون بالحق وبه يعدلون، وسبعة من أهل الكهف، ويوشع بن نون، وسلمان، وأبا دجانة الأنصاري، والمقداد، ومالك الأشتر، فيكونون بين يديه أنصارا وحكاما " (4).

ورواه العياشي في " تفسيره " علي ما نقل عنه (5).

ورواه علي بن عيسي في " كشف الغمة " نقلا من إرشاد المفيد (6).

ورواه الشيخ زين الدين علي بن يونس العاملي في كتاب " الصراط المستقيم " مثله (7).

الثامن والعشرون:

ما رواه الشيخ الجليل أمين الدين أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي في كتاب " مجمع البيان لعلوم القرآن " عند قوله تعالي * (ويوم

ص :237


1- 1 - إرشاد المفيد 2: 381.
2- 2 - إعلام الوري 2: 290.
3- 3 - كشف الغمة 2: 463.
4- 4 - إرشاد المفيد 2: 386.
5- 5 - تفسير العياشي 2: 32 / 90.
6- 6 - كشف الغمة 2: 466.
7- 7 - الصراط المستقيم 2: 254.

نحشر من كل أمة فوجا) * (1) حيث قال: قد تظاهرت تلك الأخبار عن أئمة الهدي من آل محمد (عليهم السلام) في " أن الله تعالي سيعيد عند قيام المهدي (عليه السلام) قوما ممن تقدم موتهم من أوليائه وشيعته، ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته، ويبتهجوا بظهور دولته، ويعيد أيضا قوما من أعدائه لينتقم منهم، وينالوا بعض ما يستحقونه من العذاب والقتل علي أيدي شيعته، والذل والخزي بما يشاهدون من علو كلمته " (2).

التاسع والعشرون:

ما رواه الشيخ الجليل أبو جعفر ابن بابويه في كتاب " ثواب الأعمال وعقاب الأعمال " - في عقاب قاتل الحسين (عليه السلام) - عن محمد بن علي ماجيلويه، عن محمد بن يحيي، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): إذا كان يوم القيامة نصب الله لفاطمة (عليها السلام) قبة من نور، فيقبل الحسين (عليه السلام) ورأسه علي يده، فتصرخ صرخة (3) - إلي أن قال -: فيمثله الله لها في أحسن صورة وهو يخاصم قتلته، فيجمع الله قتلته والمجهزين عليه ومن شرك في دمه، فيقتلهم حتي أتي علي آخرهم.

ثم يحشرون فيقتلهم الحسن، ثم ينشرون فيقتلهم الحسين، ثم ينشرون فلا يبقي أحد من ذريتنا إلا قتلهم قتلة، فعند ذلك يكشف الله الغيظ، وينسي الحزن " (4).

ورواه السيد رضي الدين علي بن طاووس في كتاب " الملهوف علي قتلي

ص :238


1- 1 - سورة النمل 27: 83.
2- 2 - مجمع البيان 7: 430.
3- 3 - في المصدر: فإذا رأته شهقت شهقة.
4- 4 - عقاب الأعمال: 257 / 3.

الطفوف " (1).

أقول: الظاهر أن المراد من القيامة هنا الرجعة، لأنها مأخوذة من القيام الخاص أي الحياة بعد الموت، وقد أطلق علي الرجعة في كلام بعض المتقدمين اسم القيامة الصغري، والقرينة علي إرادة ذلك هنا ما يأتي التصريح به من وقوع هذا بعينه في الرجعة، وما هو معلوم من عدم ورود الأخبار بوقوع القتل والحياة بعد الموت مرارا كثرة جدا في القيامة الكبري أصلا، وغير ذلك من القرائن، علي أن هذا لم يكن من قسم الرجعة، فلا شك أنه أعجب منها وأغرب، فهو يزيل الاستبعاد لها ويمنع من إنكارها والله أعلم.

الثلاثون:

ما رواه الثقة الجليل علي بن إبراهيم في " تفسيره " مرسلا في قوله تعالي * (وإما نرينك - يا محمد - بعض الذي نعدهم - قال: من الرجعة وقيام القائم - أو نتوفينك - قبل ذلك - فإلينا مرجعهم) * (2) " (3).

الحادي والثلاثون:

ما رواه علي بن إبراهيم أيضا في قوله تعالي * (أثم إذا ما وقع آمنتم به) * (4) رفعه قال: " أي صدقتم في الرجعة، فيقال لهم: الآن تؤمنون به يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) " (5).

الثاني والثلاثون:

ما رواه علي بن إبراهيم أيضا مرسلا في قوله تعالي * (ولو أن

ص :239


1- 1 - الملهوف علي قتلي الطفوف: 58.
2- 2 - سورة يونس 10: 46.
3- 3 - تفسير القمي 1: 312. إعلم أن علي بن إبراهيم كرر بعض الآيات في تفسيره في مواضع لمناسبة، وأورد في كل موضع أحاديث، فبعض الأحاديث والآيات فيه موجودة في غير مظانها " منه (رحمه الله) ". ولم ترد هذه التعليقة في النسخة الخطية.
4- 4 - سورة يونس 10: 51.
5- 5 - تفسير القمي 1: 312.

لكل نفس ظلمت - آل محمد حقهم - ما في الأرض لافتدت به) * (1) يعني في الرجعة " (2).

الثالث والثلاثون:

ما رواه علي بن إبراهيم أيضا في تفسير قوله * (فالذين لا يؤمنون بالآخرة) * (3) قال: حدثني جعفر بن أحمد، عن عبد الكريم بن عبد الرحيم، عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضل (4)، عن أبي حمزة الثمالي، قال:

سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: " في قوله تعالي * (فالذين لا يؤمنون بالآخرة - يعني أنهم لا يؤمنون بالرجعة أنها تكون - قلوبهم منكرة - يعني كافرة - وهم مستكبرون) * يعني أنهم من ولاية علي مستكبرون " (5).

الرابع والثلاثون:

ما رواه علي بن إبراهيم أيضا في " تفسيره " قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالي * (قد مكر الذين من قبلهم فأتي الله بنيانهم من القواعد - إلي أن قال - فأصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون) * (6) " يعني من العذاب في الرجعة " (7).

الخامس والثلاثون:

ما رواه علي بن إبراهيم أيضا عن أبيه، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله * (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت

ص :240


1- 1 - سورة يونس 10: 54.
2- 2 - تفسير القمي 1: 313.
3- 3 - سورة النحل 16: 22.
4- 4 - في المصدر وعنه في تفسير البرهان 3: 411 / 2: محمد بن الفضيل، والظاهر هو الصحيح كما صرح به السيد الخوئي في ترجمة محمد بن الفضيل.
5- 5 - تفسير القمي 1: 383.
6- 6 - سورة النحل 16: 26 - 34.
7- 7 - تفسير القمي 1: 384 - 385.

بلي وعدا عليه حقا) * (1) قال: " ما يقول الناس فيها؟ " قلت: يقولون: نزلت في الكفار، قال: " إن الكفار لا يحلفون بالله، وإنما نزلت في قوم من أمة محمد (صلي الله عليه وآله) قيل لهم: ترجعون بعد الموت قبل القيامة، فيحلفون أنهم لا يرجعون، فرد الله عليهم فقال * (ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين) * (2) يعني في الرجعة، سيردهم فيقتلهم ويشفي صدور المؤمنين منهم " (3).

السادس والثلاثون:

ما رواه علي بن إبراهيم أيضا في " تفسيره " قال: حدثنا أحمد بن إدريس، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسي، عن ربعي بن عبد الله، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله تبارك وتعالي * (يوم ندعوا كل أناس بإمامهم) * (4) قال:

" يجئ رسول الله (صلي الله عليه وآله) في قرنه (5)، ويجئ علي (عليه السلام) في قرنه، والحسين في قرنه، وكل من مات بين ظهراني قوم جاؤوا معه " (6).

ورواه البرقي في " المحاسن " عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن ابن مسكان، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله (7).

أقول: في بعض النسخ في (قرية) بالياء آخر الحروف، وفي بعضها بالنون، فعلي الأول هو نص في الرجعة، والقرية صادقة علي المدينة العظيمة، وعلي

ص :241


1- 1 - سورة النحل 16: 38.
2- 2 - سورة النحل 16: 39.
3- 3 - تفسير القمي 1: 385.
4- 4 - سورة الإسراء 17: 71.
5- 5 - في المصدر: فرقة، وكذا الموارد التي بعدها. والقرن من الناس: أهل زمان واحد. الصحاح 6: 2180 - قرن.
6- 6 - تفسير القمي 2: 23.
7- 7 - المحاسن 1: 239 / 439.

الثاني يحتمل الرجعة وهو الأقوي، لما يأتي إن شاء الله من رواية سعد بن عبد الله له في " مختصر البصائر " في أحاديث الرجعة ويحتمل القيامة.

السابع والثلاثون:

ما رواه علي بن إبراهيم أيضا في " تفسيره " قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن إبراهيم بن المستنير، عن معاوية بن عمار، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول الله عز وجل * (فإن له معيشة ضنكا) * (1) قال: " هي والله للنصاب " قلت: جعلت فداك قد رأيناهم دهرهم الأطول في كفاية حتي ماتوا، قال: " ذلك والله في الرجعة يأكلون العذرة " (2).

ورواه الحسن بن سليمان بن خالد القمي في " رسالته " نقلا من كتاب " مختصر البصائر " لسعد بن عبد الله مثله (3).

الثامن والثلاثون:

ما رواه علي بن إبراهيم أيضا في " تفسيره " عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، عن أبي بصير، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله، وأبي جعفر (عليهما السلام) في قوله تعالي * (وحرام علي قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون) * (4) قالا: " كل قرية أهلك الله أهلها بالعذاب لا يرجعون في الرجعة ".

فهذه الآية من أعظم الدلالة في الرجعة، لأن أحدا من أهل الاسلام لا ينكر أن الناس كلهم يرجعون في القيامة، من هلك ومن لم يهلك، وقوله * (لا يرجعون) * نصا في الرجعة، فأما إلي القيامة فيرجعون حتي يدخلوا النار (5).

ص :242


1- 1 - سورة طه 20: 124.
2- 2 - تفسير القمي 2: 65.
3- 3 - مختصر البصائر: 91 / 59 - باب الكرات وحالاتها.
4- 4 - سورة الأنبياء 21: 95.
5- 5 - تفسير القمي 2: 75 - 76.

التاسع والثلاثون:

ما رواه علي بن إبراهيم في " تفسيره " أيضا مرسلا قال:

" بشر الله نبيه وأهل بيته أن يتفضل عليهم بعد ذلك، ويجعلهم خلفاء في الأرض وأئمة علي أمته، ويردهم إلي الدنيا مع أعدائهم حتي ينتصفوا منهم " (1).

الأربعون:

ما رواه أيضا فيه مرسلا في قوله تعالي * (ونري فرعون وهامان وجنودهما - وهم الذين غصبوا آل محمد حقهم - ما كانوا يحذرون) * (2) من القتل والعذاب حتي يردهم ويرد أعداءهم إلي الدنيا حتي يقتلوهم (3).

الحادي والأربعون:

ما رواه أيضا فيه مرسلا قال: وجعلت الجبال يسبحن مع داود، وأنزل الله عليه الزبور فيه: توحيد وتمجيد ودعاء، وأخبار رسول الله (صلي الله عليه وآله)، وأمير المؤمنين والأئمة (عليهم السلام)، وأخبار القائم، وأخبار الرجعة، وهو قوله * (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) * (4) (5).

الثاني والأربعون:

ما رواه أيضا فيه عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في جملة حديث: " أن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال لعلي (عليه السلام):

يا علي إذا كان في آخر الزمان أخرجك الله في أحسن صورة ومعك ميسم (6)، تسم به أعداءك " (7).

الثالث والأربعون:

ما رواه أيضا فيه في قوله تعالي * (ويوم نحشر من كل أمة

ص :243


1- 1 - تفسير القمي 2: 133.
2- 2 - سورة القصص 28: 6.
3- 3 - تفسير القمي 2: 133.
4- 4 - سورة الأنبياء 21: 105.
5- 5 - تفسير القمي 2: 126.
6- 6 - الميسم: بكسر الميم، المكواة. القاموس المحيط 4: 163.
7- 7 - تفسير القمي 2: 130.

فوجا) * (1) قال: قال رجل لأبي عبد الله (عليه السلام): إن العامة تزعم أنها في القيامة فقال:

" أيحشر الله في القيامة من كل أمة فوجا ويدع الباقين، لا ولكنه في الرجعة، وأما آية القيامة فهو قوله تعالي * (وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا) * (2) " (3).

الرابع والأربعون:

ما رواه أيضا فيه عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن المفضل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله عز وجل * (ويوم نحشر من كل أمة فوجا) * (4) قال:

" ليس أحد من المؤمنين قتل إلا يرجع حتي يموت، ولا يرجع إلا من محض (5) الإيمان محضا، أو محض الكفر محضا " (6).

الخامس والأربعون:

ما رواه أيضا في قوله تعالي * (أولم يروا أنا نسوق الماء إلي الأرض الجرز) * (7) قال: " هو مثل ضربه الله في الرجعة والقائم (عليه السلام)، فلما أخبرهم رسول الله (صلي الله عليه وآله) بخبر الرجعة قالوا * (متي هذا الفتح إن كنتم صادقين) * (8) " (9).

السادس والأربعون:

ما رواه علي بن إبراهيم أيضا في قوله تعالي * (ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلي خروج من سبيل) * (8) قال (عليه السلام):

ص :244


1- 1 - سورة النمل 27: 83.
2- 2 - سورة الكهف 18: 47.
3- 3 - تفسير القمي 2: 130 - 131.
4- 4 - سورة النمل 27: 83.
5- 5 - محض الايمان: أخلص الإيمان. انظر الصحاح 3: 1104 - محض.
6- 6 - تفسير القمي 2: 131.
7- 7 و 8 - سورة السجدة 32: 27 و 28. 9 - تفسير القمي 2: 171.
8- 10 - سورة غافر 40: 11.

" ذلك في الرجعة " (1).

السابع والأربعون:

ما رواه أيضا فيه في قوله تعالي * (وتري الظالمين - آل محمد حقهم - لما رأوا العذاب - وعلي هو العذاب في الرجعة - يقولون هل إلي مرد من سبيل) * (2) فنوالي عليا؟ (3).

الثامن والأربعون:

ما رواه أيضا فيه في قوله تعالي * (فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين) * (4) قال: " ذلك إذا خرجوا من القبر في الرجعة * (يغشي الناس - كلهم الظلمة فيقولوا - هذا عذاب أليم) * (5) " (6).

التاسع والأربعون:

ما رواه أيضا في قوله تعالي * (حملته أمه كرها ووضعته كرها) * (5) قال: " إن الله بشر نبيه (صلي الله عليه وآله) بالحسين (عليه السلام)، ثم أعلمه أنه يقتل ثم يرده إلي الدنيا حتي يقتل أعداءه " (6). الحديث.

أقول: ومثل هذا كثير يأتي في الباب الذي يلي هذا إن شاء الله.

الخمسون:

ما رواه أيضا فيه عند قوله تعالي * (يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج) * (7) قال: " هي الرجعة " (8).

الحادي والخمسون:

ما رواه أيضا فيه قال: حدثنا أحمد بن إدريس، قال:

ص :245


1- 1 - تفسير القمي 2: 256. والقول للإمام الصادق (عليه السلام).
2- 2 - سورة الشوري 42: 44.
3- 3 - تفسير القمي 2: 278. والقول للإمام أبي جعفر الباقر (عليه السلام).
4- 4 و 5 - سورة الدخان 44: 10 و 11. 6 - تفسير القمي 2: 290، والقول مروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله وأبي الحسن (عليهم السلام).
5- 7 - سورة الأحقاف 46: 15.
6- 8 - تفسير القمي 2: 297.
7- 9 - سورة ق 50: 42.
8- 10 - تفسير القمي 2: 327.

حدثنا محمد بن أحمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن جميل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالي * (يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج) * (1) قال: " هي الرجعة " (2).

الثاني والخمسون:

ما رواه أيضا فيه عند قوله تعالي * (يوم تشقق الأرض عنهم سراعا) * (3) قال: في الرجعة (4).

الثالث والخمسون:

ما رواه أيضا فيه في قوله تعالي * (وفي السماء رزقكم وما توعدون) * (5) قال: " المطر ينزل من السماء * (وما توعدون) * من أخبار الرجعة والقيامة والأخبار التي في السماء * (فورب السماء والأرض إنه لحق) * (6) يعني ما وعدتكم " (7).

الرابع والخمسون:

ما رواه أيضا فيه في قوله تعالي * (وإن للذين ظلموا عذابا) * (6) قال: " الذين ظلموا آل محمد * (عذابا) * قال: عذاب الرجعة بالسيف " (7).

الخامس والخمسون:

ما رواه أيضا فيه في قوله تعالي * (والمؤتفكة أهوي) * (8) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: " إن رسول الله (صلي الله عليه وآله) أخبرني عن جبرئيل أنه طوي له

ص :246


1- 1 - سورة ق 50: 42.
2- 2 - تفسير القمي 2: 327.
3- 3 - سورة ق 50: 44.
4- 4 - تفسير القمي 2: 327.
5- 5 و 6 - سورة الذاريات 51: 22 و 23. 7 - تفسير القمي 2: 330.
6- 8 - سورة الطور 52: 47.
7- 9 - تفسير القمي 2: 333.
8- 10 - سورة النجم 53: 53.

الأرض، فرأي البصرة أقرب الأرض من الماء، وأبعدها من السماء، إئتفكت (1) بأهلها مرتين وعلي الله تمام الثالثة، وتمام الثالثة في الرجعة " (2).

السادس والخمسون:

ما رواه أيضا فيه في قوله تعالي * (مهطعين إلي الداع) * قال: إذا رجع، فيقول: ارجعوا ف * (يقول الكافرون هذا يوم عسر) * (3). (4)

السابع والخمسون:

ما رواه أيضا فيه عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحيم القصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن * (ن والقلم - إلي قوله - إذا تتلي عليه آياتنا) * (5) قال: " كني عن الثاني * (سنسمه علي الخرطوم) * (6) قال: في الرجعة " (7) الحديث.

ويأتي إن شاء الله، وفيه أن أعداء أمير المؤمنين (عليه السلام) يرجعون.

الثامن والخمسون:

ما رواه أيضا في حديث قال: " لما أخبرهم رسول الله (صلي الله عليه وآله) بما يكون من الرجعة قالوا: متي يكون ذلك؟ قال الله تعالي * (قل - يا محمد - إن أدري أقريب ما توعدون به أم يجعل له ربي أمدا) * (6) " (7).

التاسع والخمسون:

ما رواه أيضا فيه في قوله تعالي * (عالم الغيب فلا يظهر

ص :247


1- 1 - إئتفكت: انقلبت. الصحاح 4: 1573 - أفك. ومنه حديث أنس " البصرة إحدي المؤتفكات " يعني أنها غرقت مرتين فشبه غرقها بانقلابها. النهاية في غريب الحديث 1: 56 - أفك.
2- 2 - تفسير القمي 2: 340.
3- 3 - سورة القمر 54: 8.
4- 4 - تفسير القمي 2: 341.
5- 5 و 6 - سورة القلم 68: 1 و 15 - 16. 7 - تفسير القمي 2: 381.
6- 8 - سورة الجن 72: 25.
7- 9 - تفسير القمي 2: 391.

علي غيبه أحدا * إلا من ارتضي من رسول) * (1) قال: " أخبر الله رسوله الذي يرتضيه بما كان عنده من الأخبار، وما يكون بعده من أخبار القائم والرجعة والقيامة " (2).

الستون:

ما رواه أيضا فيه في قوله تعالي * (إنه علي رجعه لقادر) * (3) قال: " كما خلقه من نطفة، يقدر أن يرده إلي الدنيا وإلي القيامة " (4).

الحادي والستون:

ما رواه علي بن إبراهيم في أواخر " تفسيره " قال: حدثنا جعفر بن أحمد، عن عبيد الله بن موسي (5)، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل * (فمهل الكافرين أمهلهم رويدا) * (6) قال: " لوقت القائم (عليه السلام) فينتقم لي (7) من الجبارين والطواغيت من قريش وبني أمية وسائر الناس " (8).

الثاني والستون:

ما رواه الشيخ الثقة الجليل أبو العباس أحمد بن علي بن أحمد بن العباس النجاشي في كتاب " الفهرست " - في ترجمة أبان بن تغلب - بعدما ذكر أنه عظيم المنزلة في أصحابنا، لقي علي بن الحسين وأبا جعفر وأبا عبد الله (عليهم السلام) وروي عنهم، وكانت له عندهم منزلة وقدم: وقال له أبو جعفر (عليه السلام):

" إجلس في مسجد المدينة وافت الناس، فإني أحب أن يري في شيعتي مثلك ".

ص :248


1- 1 - سورة الجن 72: 26 - 27.
2- 2 - تفسير القمي 2: 391.
3- 3 - سورة الطارق 86: 8.
4- 4 - تفسير القمي 2: 415.
5- 5 - في نسخة " ش ": عبد الله بن موسي.
6- 6 - سورة الطارق 86: 17.
7- 7 - في المطبوعة والنسخة الخطية: فيبعثهم له، وما أثبتناه من المصدر.
8- 8 - تفسير القمي 2: 416.

وقال أبو عبد الله (عليه السلام) لما بلغه نعيه: " أما والله لقد أوجع قلبي موت أبان " إلي أن قال: قال أبو علي أحمد بن رياح الزهري: حدثنا محمد بن عبد الله بن غالب، قال:

حدثني محمد بن الوليد، عن يونس بن يعقوب، عن عبد الله بن خفقة، قال: قال أبان بن تغلب: مررت بقوم يعيبون علي روايتي عن أبي جعفر (عليه السلام) (1)، قال: فقلت:

كيف تلوموني في الرواية عن رجل ما سألته عن شئ إلا قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله)؟ قال: فمر صبيان ينشدون:

العجب كل العجب * بين جمادي ورجب فسألته عنه، فقال: " لقاء الأحياء بالأموات " (2).

ورواه ميرزا محمد الاسترآبادي في كتاب " الرجال " نقلا عن النجاشي (3).

الثالث والستون:

ما رواه الشيخ الجليل تقي الدين إبراهيم بن علي الكفعمي العاملي في كتاب " المصباح " - في الفصل الحادي والأربعين في الزيارات - وقد أورد في أكثرها ما يدل علي الرجعة - إلي أن قال -: وأما زيارة المهدي (عليه السلام) - ثم أوردها - فمن جملتها " يا مولاي إن أدركت أيامك الزاهرة، فأنا عبدك متصرف بين أمرك ونهيك، وإن أدركني الموت قبل ظهورك فإني أتوسل بك وبآبائك الطاهرين، وأسأله أن يصلي علي محمد وآله، وأن يجعل لي كرة في ظهورك، ورجعة في أيامك، لأبلغ من طاعتك مرادي، وأشفي من أعدائك فؤادي " (4).

الرابع والستون:

ما رواه الشيخ الجليل العلامة جمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي في كتاب " الخلاصة " قال داود بن كثير الرقي: قال

ص :249


1- 1 - في المصدر: روايتي عن جعفر (عليه السلام).
2- 2 - رجال النجاشي: 10 - 13 / 7.
3- 3 - منهج المقال: 15 - 16.
4- 4 - مصباح الكفعمي 2: 176.

الشيخ: إنه ثقة، وروي الكشي بسند فيه يونس عمن ذكره عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه من أصحاب القائم (عليه السلام).

قال الكشي: وتذكر الغلاة أنه من أركانهم، ولم أر أحدا من مشايخ العصابة طعن فيه، وعاش إلي زمان الرضا (عليه السلام) (1).

ونقله ميرزا محمد في الرجال عنه (2).

الخامس والستون:

ما رواه أبو عمرو الكشي في " كتاب الرجال " عن علي بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن أبي عبد الله البرقي رفعه قال: نظر أبو عبد الله (عليه السلام) إلي داود الرقي وقد ولي، فقال: " من سره أن ينظر إلي رجل من أصحاب القائم (عليه السلام) فلينظر إلي هذا " (3).

ونقله ميرزا محمد عنه (4).

السادس والستون:

ما رواه الكشي أيضا عن طاهر بن عيسي، عن الشجاعي، عن الحسين بن بشار، عن داود الرقي قال: قلت له - يعني لأبي عبد الله (عليه السلام) -: إني قد كبرت سني، ودق عظمي، أحب أن يختم عمري (5) بقتل في محبتكم، فقال:

" وما من هذا بد، إن لم يكن في العاجلة يكون في الآجلة " (6).

وروي بسند آخر أن داود الرقي مات بعد المائتين بقليل بعد وفاة الرضا (عليه السلام) (7).

ص :250


1- 1 - خلاصة الأقوال: 140 / 388.
2- 2 - منهج المقال: 136.
3- 3 - رجال الكشي: 402 / 751.
4- 4 - منهج المقال: 136.
5- 5 - في المصدر: عملي.
6- 6 - رجال الكشي: 407 / 766.
7- 7 - رجال النجاشي: 156 / 410.

ونقل ذلك كله ميرزا محمد عنه (1).

السابع والستون:

ما رواه الكشي أيضا عن حمدويه بن نصير، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير.

ومحمد بن مسعود، عن أحمد بن منصور، عن أحمد بن الفضل، عن ابن أبي عمير، قال: حدثنا حماد بن عيسي، عن عبد الحميد بن أبي الديلم، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فأتاه كتاب عبد السلام بن عبد الرحمن بن نعيم، وكتاب الفيض بن المختار، وسليمان بن خالد، يخبرونه أن الكوفة شاغرة برجلها (2)، وأنه لو أمرهم بأخذها أخذوها، فلما قرأ الكتاب رمي به، ثم قال: " ما أنا لهؤلاء بإمام، أما علموا أن صاحبهم السفياني " (3).

ونقله ميرزا محمد (4).

أقول: هذا دال نصا علي رجعتهم معه.

الثامن والستون:

ما رواه الكشي أيضا عن خلف بن حماد، عن سهل بن زياد، عن علي بن الحكم، عن علي بن المغيرة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " كأني بعبد الله بن شريك العامري (5) عليه عمامة سوداء ذؤابتاها بين كتفيه، مصعدا في لحف الجبل (6)، بين يدي قائمنا أهل البيت، في أربعة آلاف يكبرون

ص :251


1- 1 - منهج المقال: 136 - 137.
2- 2 - بلدة شاغرة برجلها: إذا لم تمتنع من غارة أحد. الصحاح 2: 700 - شغر.
3- 3 - رجال الكشي: 353 / 662.
4- 4 - منهج المقال: 172 - ترجمة سليمان بن خالد.
5- 5 - يكني بأبي المحجل، روي عن الإمامين علي بن الحسين وأبي جعفر (عليهما السلام)، عده البرقي من أصحاب الإمام الباقر (عليه السلام). رجال البرقي: 10.
6- 6 - لحف الجبل: سفح الجبل. والمراد منه الجد والخشونة في الطلب.

ويكررون (1) " (2).

وقال الشيخ والعلامة وغيرهما أنه كان من أصحاب الباقر والصادق (عليهما السلام) وروي عنهما (3).

ونقل ذلك كله ميرزا محمد (4).

التاسع والستون:

ما رواه الكشي أيضا في " كتاب الرجال " عن عبد الله بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة الجمال، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " إني سألت الله في إسماعيل أن يبقيه بعدي فأبي، ولكنه قد أعطاني فيه منزلة أخري، أنه أول منشور في عشرة من أصحابه، ومنهم عبد الله بن شريك العامري وهو صاحب لوائه " (5).

ورواه ميرزا محمد الاسترآبادي نقلا عنه (6).

ورواه الحسن بن سليمان بن خالد القمي في " رسالته " نقلا من كتاب " البصائر " لسعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، ببقية السند مثله (7).

السبعون:

ما رواه الكشي أيضا عن خلف بن حامد، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي عمير، عن يحيي الحلبي، عن أيوب بن الحر، عن بشير، عن أبي عبد الله (عليه السلام).

وعن محمد بن مسعود، عن علي بن الحسن بن فضال، عن العباس بن عامر،

ص :252


1- 1 - في المصدر: مكرون ومكررون، وفي المطبوع من الايقاظ: يكرون ويكررون.
2- 2 - رجال الكشي: 217 / 390، وعنه في البحار 53: 76 / 81.
3- 3 - رجال الطوسي: 127 / 4 و 265 / 704، رجال العلامة: 196 / 612.
4- 4 - منهج المقال: 205.
5- 5 - رجال الكشي: 217 / 391.
6- 6 - منهج المقال: 205.
7- 7 - مختصر البصائر: 114 / 90، باب الكرات.

عن أبان بن عثمان، عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قالا: قلنا له: إن عبد الله بن عجلان مرض مرضه الذي مات فيه فكان يقول: إني لا أموت في مرضي هذا.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): " هيهات هيهات أني ذهب ابن عجلان، لا عرفه الله قبيحا من عمله، أما علم أن موسي بن عمران اختار سبعين رجلا، فلما أخذتهم الرجفة كان موسي أول من قام منها، فقال: يا رب أصحابي فقال: يا موسي أبدلك بهم خيرا منهم، قال: رب إني وجدت ريحهم، وعرفت أسماءهم - قال ذلك ثلاثا - فبعثهم الله أنبياء " (1).

ورواه ميرزا محمد نقلا عنه (2).

أقول: الظاهر أنه (عليه السلام) أخبر عبد الله بن عجلان أنه يجاهد مع القائم (عليه السلام)، فظن أن ذلك قبل الموت ولم يفهم المراد، فهذا وجه إخبار ابن عجلان بأنه لا يموت في ذلك المرض، فعلم أنه يرجع بعد الموت إلي الدنيا في الرجعة، ويفهم من هذا كما تري أن موسي (عليه السلام) مات في الرجفة، ثم رجع وأحياه الله كما أحيا السبعين بعد موتهم، وبعثهم أنبياء. وقد تقدم مثله كثيرا.

الحادي والسبعون:

ما رواه النجاشي في " كتاب الرجال " - في ترجمة محمد بن علي بن النعمان مؤمن الطاق - بعدما مدحه مدحا جليلا وذكر أنه روي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام). قال: فأما منزلته في العلم وحسن الخاطر فأشهر من أن يذكر - إلي أن قال -: وكان له مع أبي حنيفة حكايات منها أنه قال له يوما:

يا أبا جعفر تقول بالرجعة؟ فقال: نعم، فقال: أقرضني من كيسك هذا خمسمائة دينار، فإذا عدت أنا وأنت رددتها إليك، فقال له في الحال: أريد ضمينا يضمن لي

ص :253


1- 1 - رجال الكشي: 243 / 445.
2- 2 - منهج المقال: 208.

أنك تعود إنسانا، فإني أخاف أن تعود قردا، فلا أتمكن من استرجاع ما أخذت مني (1).

ورواه ميرزا محمد نقلا عنه (2).

الثاني والسبعون:

ما رواه العلامة في " الخلاصة " - في ترجمة ميسر بن عبد العزيز - بعدما ذكر أنه كان ثقة، قال: روي الكشي روايات كثيرة تدل علي مدحه، وروي العقيقي - يعني السيد علي بن أحمد - قال: أثني عليه - يعني علي ميسر - آل محمد (عليهم السلام) وهو ممن يجاهد (3) في الرجعة (4).

وقال الشيخ: إنه مات في حياة أبي عبد الله (عليه السلام) (5).

ورواه ابن داود مثله (6).

الثالث والسبعون:

ما رواه العلامة أيضا في " الخلاصة " وابن داود في " كتاب الرجال " - في ترجمة نجم بن أعين - عن السيد علي بن أحمد العقيقي، عن أبيه، عن عمران بن أبان، عن عبد الله بن بكير، عن أبي عبد الله (عليه السلام): " أنه - يعني نجم بن أعين - ممن يجاهد (7) في الرجعة " (8).

الرابع والسبعون:

ما رواه ابن بابويه في كتاب " كمال الدين وتمام النعمة " والطبرسي في كتاب " إعلام الوري " عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن أبي

ص :254


1- 1 - رجال النجاشي: 325 / 886.
2- 2 - منهج المقال: 310.
3- 3 - في المصدر: يجاهر.
4- 4 - رجال العلامة: 279 / 1022.
5- 5 - رجال الطوسي: 317 / 597.
6- 6 - رجال ابن داود: 195 / 1625.
7- 7 - في رجال العلامة: يجاهر.
8- 8 - رجال العلامة: 286 / 1053، رجال ابن داود: 195 / 1630.

الحسن علي بن محمد (عليهما السلام) في حديث طويل في أحوال القائم (عليه السلام) قال: " فإذا دخل المدينة أخرج اللات والعزي فأحرقهما " (1).

أقول: يأتي التصريح بأنهما يخرجان حيين.

الخامس والسبعون:

ما رواه ابن بابويه في كتاب " كمال الدين " والشيخ الطوسي في كتاب " الغيبة " والطبرسي في كتاب " الاحتجاج " بأسانيدهم الصحيحة في توقيعات صاحب الأمر (عليه السلام) علي مسائل محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، أنه سأله عن رجل ممن يقول بالحق ويري المتعة، ويقول بالرجعة، إلا أن له أهلا موافقة له قد عاهدها أن لا يتزوج عليها ولا يتمتع ولا يتسري (2)؟ الجواب: " يستحب له أن يطيع الله بالمتعة، ليزول عنه الحلف في المعصية ولو مرة واحدة " (3).

أقول: هذا يدل علي أن القول بالرجعة من علامات التشيع، ومن خصائص الشيعة، وتقرير المهدي (عليه السلام) دال علي صحة ذلك.

السادس والسبعون:

ما رواه الشيخ في كتاب " الغيبة " - في فصل مفرد في الأخبار المتضمنة لمن رأي صاحب الزمان ولم يعرفه ثم عرفه بعد - قال: أخبرنا جماعة، عن أبي محمد هارون بن موسي التلعكبري، عن أحمد بن علي الرازي، عن محمد بن علي، عن محمد بن أحمد بن خلف - وذكر حديثا طويلا - جري له مع المهدي (عليه السلام) ومع بعض خواصه، من جملته أن قال له: " ما فعل فلان؟ " - قال:

ص :255


1- 1 - كمال الدين: 378 / ذيل حديث 2، إعلام الوري 2: 243، وفيهما عن الإمام محمد بن علي (عليه السلام).
2- 2 - التسري: من السرية: الجارية المتخذة للملك والجماع. لسان العرب 4 / 358 - سرر.
3- 3 - لم أعثر عليه في الكمال، ولا في كتب الصدوق، الغيبة للطوسي: 383 / ضمن حديث 346، الاحتجاج 2: 573 / 355.

وسمي بعض إخواني المستبصرين - قلت: ببرقة (1) قال: " صدقت، ففلان؟ " - وسمي رفيقا لي مجتهدا في العبادة، مستبصرا في الديانة - فقلت: في الإسكندرية، حتي سمي لي عدة من إخواني.

ثم ذكر اسما غريبا فقال: " ما فعل نقفور؟ " قلت: لا أعرفه، قال: " وكيف تعرفه وهو رومي يهديه الله فيخرج ناصرا من قسطنطنية " ثم سألني عن رجل آخر فقلت: لا أعرفه، فقال: " هذا رجل من أهل هيت (2) من أنصار مولاي (عليه السلام)، امض إلي أصحابك فقل لهم: نرجو أن يكون قد أذن الله في الانتصار للمستضعفين، وفي الانتقام من الظالمين " (3).

أقول: من المستبعد جدا بل من المحال عادة بقاء المذكورين إلي الآن، بل قد ماتوا قطعا، وإلا لظهر لهم خبر وأثر، وكانوا من جملة المعمرين، وصاروا أشهر من نار علي علم، وقد حكم بأنهم من أنصار القائم (عليه السلام)، فلا بد من القول برجعتهم.

السابع والسبعون:

ما رواه الشيخ في أواخر كتاب " الغيبة " عن الفضل بن شاذان، عن محمد بن علي، عن جعفر بن بشير، عن خالد أبي عمارة (4)، عن المفضل بن عمر، قال: ذكرنا القائم (عليه السلام) ومن مات من أصحابنا ينتظره، فقال لنا أبو عبد الله (عليه السلام): " إذا قام أتي المؤمن في قبره فيقال له: يا هذا إنه قد ظهر

ص :256


1- 1 - برقة: اسم صقع كبير يشتمل علي مدن وقري بين الإسكندرية وإفريقية، واسم مدينتها: انطابلس. معجم البلدان 1: 462 / 1696.
2- 2 - هيت: بلدة علي الفرات من نواحي بغداد فوق الأنبار، ذات نخل كثير وخيرات واسعة، وقد نسب إليها قوم من أهل العلم. معجم البلدان 5: 482 / 12777.
3- 3 - الغيبة للطوسي: 256 / ضمن حديث 224.
4- 4 - في المصدر: خالد بن أبي عمارة.

صاحبك، فإن شئت أن تلحق به فالحق، وإن تشأ أن تقيم في كرامة ربك فأقم " (1).

الثامن والسبعون:

ما رواه الحسن بن سليمان بن خالد القمي في " رسالته " - في باب الكرات وما جاء فيها - نقلا من كتاب " مختصر البصائر " لسعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن المنخل بن جميل، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " ليس من المؤمنين أحد إلا وله قتلة وموتة، إنه من قتل نشر حتي يموت، ومن مات نشر حتي يقتل، وما من هذه الأمة بر ولا فاجر إلا سينشر، فأما المؤمنون فينشرون إلي قرة أعينهم، وأما الفجار فينشرون إلي خزي الله إياهم، إن الله يقول * (ولنذيقنهم من العذاب الأدني دون العذاب الأكبر) * (2) " (3).

أقول: هذا العموم مخصوص بمن محض الايمان محضا، أو محض الكفر محضا، لما مضي ويأتي إن شاء الله، لأن الخاص مقدم علي العام، ودلالته صريحة في منافاة العام في باقي الأفراد، ولا بد من العمل بهما وهو ما قلناه.

التاسع والسبعون:

ما رواه أيضا نقلا عن " مختصر البصائر " لسعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن صفوان بن يحيي، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: سمعته يقول في الرجعة: " من مات من المؤمنين قتل، ومن قتل منهم مات " (4).

الثمانون:

ما رواه أيضا نقلا عنه عن محمد بن الحسين وعبد الله بن محمد بن عيسي جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة، قال:

ص :257


1- 1 - الغيبة للطوسي: 458 / 470.
2- 2 - سورة السجدة 32: 21.
3- 3 - مختصر البصائر: 87 / 55 - باب الكرات.
4- 4 - مختصر البصائر: 93 / 62 - باب الكرات.

كرهت أن أسأل أبا جعفر (عليه السلام) فاحتلت مسألة لطيفة لأبلغ بها حاجتي فقلت:

أخبرني عمن مات أقتل (1)؟ قال: " لا، الموت موت والقتل قتل، [فقلت له: ما أحد يقتل إلا مات! قال: فقال: " يا زرارة قول الله أصدق من قولك،] (2) قد فرق بين الموت والقتل في القرآن فقال * (أفإن مات أو قتل انقلبتم علي أعقابكم) * (3) وقال * (ولئن متم أو قتلتم لإلي الله تحشرون) * (4) ليس كما قلت يا زرارة، الموت موت والقتل قتل، وقد قال الله تعالي * (إن الله اشتري من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا) * (5) وقال * (كل نفس ذائقة الموت) * (6) قال: ليس من قتل بالسيف كمن مات علي فراشه، إن من قتل لابد أن يرجع إلي الدنيا حتي يذوق الموت " (7).

ورواه العياشي في " تفسيره " علي ما نقل عنه عن زرارة مثله (8).

الحادي والثمانون:

ما رواه أيضا نقلا عنه، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن محمد بن عيسي بن عبيد، عن علي بن الحكم، عن مثني بن الوليد الحناط، عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: في قوله تعالي * (ومن كان في هذه أعمي فهو في الآخرة أعمي وأضل سبيلا) * (9) قال: " هي الرجعة " (10).

ص :258


1- 1 - في المصدر: عمن قتل مات؟.
2- 2 - ما بين المعقوفين أثبتناه من تفسير العياشي.
3- 3 - سورة آل عمران 3: 144.
4- 4 - سورة آل عمران 3: 158.
5- 5 - سورة التوبة 9: 111.
6- 6 - سورة آل عمران 3: 185، سورة الأنبياء 21: 35، سورة العنكبوت 29: 57.
7- 7 - مختصر البصائر: 92 / 61 - باب الكرات.
8- 8 - تفسير العياشي 1: 202 / 160 و 2: 112 / 139.
9- 9 - سورة الإسراء 17: 72.
10- 10 - مختصر البصائر: 96 / 65 - باب الكرات.

ورواه العياشي، عن الحلبي، عن أبي بصير مثله (1).

الثاني والثمانون:

ما رواه أيضا نقلا عنه، عن أحمد بن محمد ومحمد بن إسماعيل، عن علي بن الحكم، عن رفاعة بن موسي، عن عبد الله بن عطاء، عن أبي جعفر (عليه السلام) أن علي بن الحسين (عليه السلام) قال له: " يا بني إن هؤلاء العراقيين سألوني عن أمر كان مضي من آبائك وسلفك يؤمنون به ويقرون، فغلبني الضحك سرورا أن في الخلق من يؤمن به ويقر، قال: فقلت: ما هو؟ قال: سألوني عن الأموات متي يبعثون فيقاتلون الأحياء علي الدين " (2).

وعن السندي بن محمد، عن صفوان، عن رفاعة مثله (3).

الثالث والثمانون:

ما رواه أيضا نقلا عنه، عن علي بن الحكم، عن حنان بن سدير، عن أبيه، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الرجعة، فقال: " القدرية تنكرها - ثلاثا - " (4).

أقول: قد روي أحاديث متعددة في لعن القدرية وذمهم وكفرهم، وهم منسوبون إلي القدر، فإما أن يراد بهم من أثبت القدر علي وجه الإفراط وهم أهل الجبر، أو من نفاه علي وجه التفريط وهم أهل التفويض، وقد فسره العلماء بالوجهين، وقد يقرأ بضم القاف وسكون الدال نسبة إلي القدرة، ويوجه علي الوجهين، والقسم الأول الأشاعرة، والثاني المعتزلة، والقسمان منكرون للرجعة ولم يقل بها إلا الإمامية.

ص :259


1- 1 - تفسير العياشي 2: 306 / 131.
2- 2 - مختصر البصائر: 96 / 66 - باب الكرات. وفي أوله: عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كنت مريضا بمني وأبي (عليه السلام) عندي، فجاءه الغلام فقال: هاهنا رهط من العراقيين. إلي آخره.
3- 3 - نفس المصدر: 108 / 81 - باب الكرات.
4- 4 - مختصر البصائر: 97 / 67 - باب الكرات.

الرابع والثمانون:

ما رواه أيضا نقلا عنه، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل * (إن الله اشتري من المؤمنين أنفسهم وأموالهم) * (1) الآية فقال: " ذلك في الرجعة، ما من مؤمن إلا وله ميتة وقتلة، من مات بعث حتي يقتل، ومن قتل بعث حتي يموت " (2).

الخامس والثمانون:

ما رواه أيضا نقلا عنه، عن أحمد بن محمد بن عيسي ومحمد بن عبد الجبار جميعا، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن منصور بن يونس، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " لا يسأل في القبر إلا من محض الإيمان محضا أو محض الكفر محضا، ولا يسأل في الرجعة إلا من محض الإيمان محضا أو محض الكفر محضا " قلت: فسائر الناس؟ قال: " يلهي عنه " (3).

السادس والثمانون:

ما رواه أيضا نقلا عنه، عن محمد بن عبد الجبار وأحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، عن حميد بن المثني (4)، عن شعيب الحداد، عن أبي الصباح الكناني، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن أشياء وجعلت أكره أن أسميها، فقال: " لعلك تسأل عن الكرات؟ " قلت: نعم، قال: " تلك القدرة ولا ينكرها إلا القدرية " (5) الحديث.

أقول: إثبات القدر بطريق الجبر يستلزم نفي القدرة عن العبد، بل وعن الله

ص :260


1- 1 - سورة التوبة 9: 111.
2- 2 - مختصر البصائر: 99 / 69 - باب الكرات.
3- 3 - مختصر البصائر: 100 / 71 - باب الكرات.
4- 4 - في النسخة الخطية والمطبوعة: عبيد بن المثني، وما أثبتناه من المصدر، والظاهر هو الصحيح، حيث لم يذكر عبيد في كتب التراجم.
5- 5 - مختصر البصائر: 101 / 72 - باب الكرات.

أيضا عند التحقيق، ولعل هذا الحديث إشارة إلي ذلك، وفيه ترجيح لإرادة الأشاعرة وهم أكثر العامة، وأشهر أصحاب المذاهب المخالفة للإمامية، فلا يحتمل شئ من أحاديث الرجعة للتقية.

السابع والثمانون:

ما رواه أيضا نقلا عنه، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن صفوان بن يحيي، عن أبي خالد القماط، عن عبد الرحمين القصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قرأ هذه الآية " * (إن الله اشتري من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة) * (1) أتدري من يعني؟ " قلت: المؤمنون فيقتلون ويقتلون، قال: " لا ولكن من قتل رد حتي يموت، ومن مات رد حتي يقتل، وتلك القدرة فلا تنكرها " (2).

أقول: هذا مخصوص بما تقدم أعني من محض الإيمان محضا.

الثامن والثمانون:

ما رواه أيضا نقلا عنه، عن أحمد بن محمد بن عيسي ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن محمد بن مسلم، قال: سمعت عمران بن أعين وأبا الخطاب جميعا يحدثان - قبل أن يحدث أبو الخطاب ما أحدث - أنهما سمعا أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في حديث: " وإن الرجعة ليست بعامة، وهي خاصة لا يرجع إلا من محض الإيمان محضا، أو محض الشرك محضا " (3).

التاسع والثمانون:

ما رواه أيضا نقلا عنه بالإسناد السابق عن حماد بن عثمان، عن زرارة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن هذه الأمور العظام من الرجعة

ص :261


1- 1 - سورة التوبة 9: 111.
2- 2 - مختصر البصائر: 104 / 75 - باب الكرات.
3- 3 - نفس المصدر: 106 / 77 - باب الكرات.

وأشباهها، فقال: " إن الذي تسألون عنه لم يجئ أوانه بعد، وقد قال الله تعالي * (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله) * (1) " (2).

التسعون:

ما رواه أيضا نقلا عنه، عن يعقوب بن يزيد ومحمد بن الحسين ومحمد بن عيسي بن عبيد وإبراهيم بن محمد، عن ابن أبي عمير (3)، عن عمر بن أذينة، عن محمد بن الطيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: في قوله تعالي * (ويوم نحشر من كل أمة فوجا) * (4) قال: " ليس أحد من المؤمنين قتل إلا سيرجع حتي يموت، ولا أحد من المؤمنين مات إلا سيرجع حتي يقتل " (5).

الحادي والتسعون:

ما رواه أيضا نقلا عنه، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسي، عن الحسين بن المختار، عن أبي بصير، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): " أينكر أهل العراق الرجعة؟ " قلت: نعم، قال: " سبحان الله أما يقرؤون القرآن * (ويوم نحشر من كل أمة فوجا) * (6) " (7).

الثاني والتسعون:

ما رواه أيضا نقلا عنه، عن محمد بن الحسين، عن عبد الله بن المغيرة، عمن حدثه، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالي * (ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم) * (8) قال: " القتل في سبيل علي وذريته (عليهم السلام)، وليس

ص :262


1- 1 - سورة يونس 10: 39.
2- 2 - مختصر البصائر: 108 / 80 - باب الكرات.
3- 3 - " عن ابن أبي عمير " لم يرد في النسخة الخطية والمطبوعة وأثبتناه من المصدر لضرورته في طبقة الرواة.
4- 4 - سورة النمل 27: 83.
5- 5 - مختصر البصائر: 109 / 82 - باب الكرات.
6- 6 - سورة النمل 27: 83.
7- 7 - مختصر البصائر: 110 / 83 - باب الكرات.
8- 8 - سورة آل عمران 3: 157. وما بعدها في المصدر زيادة: فقال: يا جابر أتدري ما سبيل الله؟ قلت: لا والله، إلا إذا سمعت منك.

أحد يؤمن بهذا إلا وله قتلة وميتة، إنه من قتل ينشر حتي يموت، ومن مات ينشر حتي يقتل " (1).

ورواه العياشي كما نقل عنه (2).

الثالث والتسعون:

ما رواه أيضا نقلا عنه، عن محمد بن عيسي، عن القاسم بن يحيي، عن جده الحسن بن راشد، عن محمد بن عبد الله بن الحسين، قال: قال أبي لأبي عبد الله (عليه السلام): ما تقول في الكرة؟ قال: " أقول فيها ما قال الله عز وجل، وذلك أن تفسيرها: جاء إلي رسول الله (صلي الله عليه وآله) قبل هذا في قوله تعالي * (تلك إذا كرة خاسرة) * (3) إذا رجعوا إلي الدنيا ولم يقضوا ذحولهم " قال له أبي: * (فإنما هي زجرة واحدة * فإذا هم بالساهرة) * (4) قال: " إذا انتقم منهم وماتت الأبدان، بقيت الأرواح ساهرة لا تنام ولا تموت " (5).

الرابع والتسعون:

ما رواه أيضا نقلا عنه، عن محمد بن عيسي، عن الحسين بن سفيان، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: " إن لعلي (عليه السلام) إلي الأرض كرة مع الحسين (عليه السلام)، يقبل برايته حتي ينتقم من بني أمية ومعاوية وآل معاوية، ثم يبعث الله بأنصاره يومئذ إليهم من الكوفة ثلاثين ألفا، ومن سائر الناس سبعين ألفا، فيقاتلهم بصفين مثل المرة الأولي حتي يقتلهم، فلا يبقي منهم مخبر " (4) الحديث.

ص :263


1- 1 - مختصر البصائر: 111 / 85 - باب الكرات.
2- 2 - تفسير العياشي 1: 202 / 162.
3- 3 و 4 - سورة النازعات 79: 12 - 14. 5 - مختصر البصائر: 118 / 96 - باب الكرات.
4- 6 - مختصر البصائر: 120 / 99 - باب الكرات.

الخامس والتسعون:

ما رواه أيضا نقلا عنه، عن موسي بن عمر بن يزيد، عن عثمان بن عيسي، عن خالد بن يحيي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث قال: " اتقوا دعوة سعد " قلت: وكيف ذاك؟ قال: " إن سعدا يكر حتي يقاتل أمير المؤمنين (عليه السلام) " (1).

السادس والتسعون:

ما رواه الحسن بن سليمان بن خالد القمي أيضا في " رسالته " نقلا من كتاب " الواحدة " عن محمد بن الحسن بن عبد الله، عن جعفر بن محمد البجلي، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث في الرجعة يقول فيه: " فيا عجبا من أموات يبعثهم الله أحياء مرة بعد مرة، قد شهروا سيوفهم يضربون بها هام الجبابرة وأتباعهم، حتي ينجز الله ما وعدهم " (2) الحديث.

السابع والتسعون:

ما رواه الحسن بن سليمان أيضا نقلا من كتاب " سليم بن قيس الهلالي " الذي رواه عنه أبان بن أبي عياش وقرأه جميعه علي علي بن الحسين (عليه السلام) بحضور جماعة من أعيان الصحابة، منهم: أبو الطفيل فأقره عليه مولانا زين العابدين (عليه السلام) وقال: " هذه أحاديثنا صحيحة ".

قال أبان: لقيت أبا الطفيل في منزله فحدثني في الرجعة عن أناس من أهل بدر، وعن سلمان والمقداد وأبي ذر (3) وأبي بن كعب، فعرضت الذي سمعته علي علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: " هذا علم خاص من علمنا، لا يسع الأمة جهله،

ص :264


1- 1 - نفس المصدر: 122 / 100 - باب الكرات.
2- 2 - نفس المصدر: 130 / 102.
3- 3 - أبو ذر، لم يرد في المصدر.

ورد علمه إلي الله " ثم صدقني بكل ما حدثوني فيها، وتلا علي بذلك قراءة كثيرة، وفسره تفسيرا شافيا، حتي صرت ما أنا بيوم القيامة أشد يقينا مني بالرجعة (1).

الحديث.

أقول: قد رأيت كتاب سليم بن قيس المذكور وبقي عندي سنين كثيرة، ولكن لم يحضرني وقت جمع هذه الأحاديث، فلذا نقلت هذا الحديث من رسالة الحسن بن سليمان.

الثامن والتسعون:

ما رواه الحسن بن سليمان أيضا في " رسالته " - في باب الكرات وحالاتها - عن السيد الجليل بهاء الدين علي بن عبد الحميد الحسيني بطريقه عن أحمد بن محمد الأيادي رفعه إلي أحمد بن عقبة، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه سئل عن الرجعة أحق هي؟ قال: " نعم - وذكر الحديث - إلي أن قال: * (فتأتون أفواجا) * (2) قوما بعد قوم " (3).

التاسع والتسعون:

ما رواه أيضا نقلا من كتاب " التنزيل " عن أحمد بن محمد السياري، عن محمد بن خالد، عن عمر بن عبد العزيز، عن عبد الله بن نجيح اليماني، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) * (كلا سوف تعلمون * ثم كلا سوف تعلمون) * (4) قال: " مرة في الكرة، وأخري في القيامة " (5).

المائة:

ما رواه أيضا نقلا عن " مختصر البصائر " لسعد بن عبد الله، عن محمد بن

ص :265


1- 1 - مختصر البصائر: 145 / 112، كتاب سليم 2: 562.
2- 2 - سورة النبأ 78: 18.
3- 3 - مختصر البصائر: 165 / 139.
4- 4 - سورة التكاثر 102: 3 - 4.
5- 5 - مختصر البصائر: 477 / 525، التنزيل والتحريف للسياري: 70. نسخة خطية مصورة من مكتبة السيد المرعشي النجفي.

الحسين بن أبي الخطاب ويعقوب بن يزيد، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن محمد بن الحسن (1)، عن أبان بن عثمان، عن موسي الحناط، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " أيام الله ثلاثة: يوم يقوم القائم، ويوم الكرة، ويوم القيامة " (2).

الأول بعد المائة:

ما رواه أيضا نقلا عنه، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي داود، عن بريدة الأسلمي، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): " إذا سألت أمتي عن المهدي (3) يأتيها مثل قرن الشمس، يستبشر به أهل السماء والأرض " فقلت: يا رسول الله بعد الموت؟ فقال: " والله إن بعد الموت هدي وإيمانا ونورا " فقلت: وأي العمرين أطول؟ قال: " الآخر بالضعف " (4).

أقول: يحتمل أن يكون المراد بالموت موت الناس، يعني أيخرج المهدي بعدما مات أكثر الناس؟ فقال: " إن بعد الموت " إلي آخره، وله احتمال آخر يأتي إن شاء الله.

الثاني بعد المائة:

ما رواه نقلا عنه، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن عمر بن عبد العزيز، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالي * (واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب * يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج) * (5) قال: " هي الرجعة " (6)

ص :266


1- 1 - في المصدر: محمد بن الحسين.
2- 2 - مختصر البصائر: 89 / 56 - باب الكرات، وأورده الصدوق في الخصال: 108 / 75.
3- 3 - في المصدر: إذا استيأست أمتي من المهدي.
4- 4 - مختصر البصائر: 90 / 57 - باب الكرات.
5- 5 - سورة ق 50: 41 - 42.
6- 6 - مختصر البصائر: 92 / 60 - باب الكرات.

الثالث بعد المائة:

ما رواه أيضا نقلا عنه، عن أحمد بن محمد وعبد الله بن عامر، عن محمد بن خالد البرقي، (عن الحسين بن غنم، عن محمد بن الفضيل) (1)، عن أبي حمزة، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): " كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: من أراد أن يقاتل شيعة الدجال فليقاتل الباكي علي دم عثمان، وعلي دم أهل النهروان، وإن لقي الله مؤمنا بأن عثمان قتل مظلوما لقي الله ساخطا عليه، ولا يدرك الدجال إلا آمن به، قيل: فإن مات قبل ذلك؟ قال: فيبعث من قبره حتي يؤمن به وإن رغم أنفه " (2).

الرابع بعد المائة:

ما رواه أيضا نقلا عنه، عن السندي بن محمد، عن صفوان بن يحيي، عن رفاعة بن موسي، عن عبد الله بن عطاء، عن أبي جعفر (عليه السلام) " أن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: إن هؤلاء العراقيين سألوني عن أمر ما كنت أري أن أحدا علمه من أهل الدنيا غيري، فقلت: عما سألوك؟ فقال: سألوني عن الأموات متي يبعثون فيقاتلون الأحياء علي الدين " (3).

الخامس بعد المائة:

ما رواه أيضا نقلا عنه، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر، عن الحسين بن يزيد، عن عمار بن أبان، عن عبد الله بن بكير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " كأني بحمران بن أعين وميسر بن عبد العزيز يخبطان (4) الناس بأسيافهما بين الصفا والمروة " (5).

أقول: هذا لم يقع قطعا وإنما هو إخبار برجعتهما، وقد تقدم التصريح برجعة

ص :267


1- 1 - ما بين القوسين لم يرد في المصدر.
2- 2 - مختصر البصائر: 95 / 64 - باب الكرات، وعنه في البحار 53: 90 / 92.
3- 3 - مختصر البصائر: 96 / 66 - باب الكرات.
4- 4 - خبط: ضرب. الصحاح 3: 1121 - خبط.
5- 5 - مختصر البصائر: 110 / 84 - باب الكرات.

ميسر سابقا.

السادس بعد المائة:

ما رواه أيضا نقلا عنه، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان (1)، عن المنخل، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قيل لأمير المؤمنين (عليه السلام) - بعدما أخبرهم بالرجعة -: يا أمير المؤمنين أحياة قبل القيامة وموت؟ فقال: " نعم والله لكفرة من الكفرات بعد الرجعة أشد من الكفرات قبلها " (2).

السابع بعد المائة:

ما رواه أيضا، نقلا عنه، عن محمد بن عيسي بن عبيد، عن القاسم بن يحيي، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي إبراهيم (عليه السلام) قال: " لترجعن نفوس ذهبت، وليقيضن قوم لقوم، ومن عذب عذب بعذابه، ومن اغتيظ أغاظ بغيظه، ومن قتل اقتص بقتله، ويرد لهم أعداؤهم معهم حتي يأخذوا بثأرهم، ثم يعمرون بعدهم ثلاثين شهرا، ثم يموتون في ليلة واحدة، قد أدركوا ثأرهم وشفوا أنفسهم، ويصير عدوهم إلي أشد النار عذابا، ثم يوقفون بين يدي الجبار عز وجل فيؤخذ لهم بحقوقهم " (3).

الثامن بعد المائة:

ما رواه أيضا نقلا من كتاب تصنيف السيد الجليل الموفق بهاء الدين علي بن عبد الكريم بن عبد الحميد الحسيني بطريقه، عن علي بن إبراهيم بن مهزيار أنه رأي في منامه قائلا يقول له: حج في هذه السنة فإنك تلقي صاحب الزمان - وذكر الحديث بطوله - إلي أن قال: " إذا سار العباسي، وبويع السفياني، يؤذن لولي الله، فأخرج بين الصفا والمروة، وأحج بالناس، وأجئ إلي

ص :268


1- 1 - في المصدر: عمار بن مسروق.
2- 2 - مختصر البصائر: 114 / 89 - باب الكرات.
3- 3 - مختصر البصائر: 118 / 95 - باب الكرات.

يثرب فأهدم الحجرة، فاخرج من بها وهما طريان فآمر بهما تجاه البقيع، وآمر بخشبتين يصلبان عليهما " - إلي أن قال -: قلت: يا سيدي ما يكون بعد ذلك؟ قال:

" الكرة الكرة، الرجعة الرجعة، ثم تلا هذه الآية * (ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا) * (1) " (2).

التاسع بعد المائة:

ما رواه أيضا قال: حدثني الأخ الصالح الرشيد محمد بن إبراهيم بن محسن المطارآبادي قال: وجدت بخط أبي، عن الحسين بن حمدان، عن محمد بن إسماعيل وعلي بن عبد الله الحسنيين، عن أبي شعيب محمد بن نصير، عن عمر بن الفرات (3)، عن محمد بن المفضل، عن المفضل بن عمر، عن الصادق (عليه السلام) في حديث طويل - في أحوال المهدي (عليه السلام) وخروجه ومن يخرج معه - يقول فيه المفضل: يا سيدي فالاثنان وسبعون رجلا الذين قتلوا مع الحسين (عليه السلام) يظهرون معه؟ قال: " نعم يظهرون معه، وفيهم الحسين (عليه السلام) في اثني عشر ألفا مؤمنين من شيعة علي (عليه السلام) - إلي أن قال -: ثم تظهر الدابة بين الركن والمقام فيكتب في وجه المؤمن: مؤمن، وفي وجه الكافر: كافر ".

وذكر في اخراج ضجيعي رسول الله (صلي الله عليه وآله) وصلبهما وإنزالهما إليه، قال:

" فيحييهما بإذن الله تعالي، ويأمر الخلائق بالاجتماع، ثم يقص عليهم قصص فعالهما، يعدده عليهما ويلزمهما إياه فيعترفان به، ثم يأمر بهما فيقتص منهما في

ص :269


1- 1 - سورة الإسراء 17: 6.
2- 2 - مختصر البصائر: 427 / 508.
3- 3 - في النسخة الخطية والمطبوعة: عمران بن الفرات، وما أثبتناه من المختصر ونسخه الخطية الثلاث، والنسخة الخطية للهداية الكبري ص 98 ب. انظر معجم رجال الحديث 14: 56 / 8794، رجال الطوسي: 383 / 49 - أصحاب الإمام الرضا (عليه السلام)، خلاصة العلامة: 376 / 1504، رجال ابن داود: 240 - القسم الثاني.

ذلك الوقت بمظالم من حضر، ثم يصلبهما علي الشجرة ".

قال المفضل: فقلت: يا سيدي هذا آخر عذابهما؟ قال: " هيهات يا مفضل، والله ليردن وليحضرن السيد الأكبر محمد رسول الله (صلي الله عليه وآله)، والصديق الأعظم أمير المؤمنين، وفاطمة والحسن والحسين والأئمة (عليهم السلام)، وكل من محض الايمان محضا، ومحض الكفر محضا، وليقتصن منهما بجميع المظالم، ثم يأمر بهما فيقتلان في كل يوم وليلة ألف قتلة ".

ثم ذكر رجعتهم (عليهم السلام) وانتقامهم من أعدائهم، إلي أن قال المفضل: يا مولاي فإن من شيعتكم من لا يقول برجعتكم؟ فقال الصادق (عليه السلام): " أما سمعوا قول جدنا رسول الله (صلي الله عليه وآله) ونحن سائر الأئمة نقول * (ولنذيقنهم من العذاب الأدني دون العذاب الأكبر) * (1) ".

ثم قال الصادق (عليه السلام): " يا مفضل من أين قلت برجعتنا؟ ومقصرة شيعتنا تقول:

معني الرجعة: أن يرد الله إلينا ملك الدنيا، ويجعله للمهدي! ويحهم متي سلبنا الملك حتي يرده علينا؟ " قال المفضل: لا والله ما سلبتموه لأنه ملك النبوة والرسالة والوصية والإمامة.

فقال الصادق (عليه السلام): " لو تدبر شيعتنا القرآن لما شكوا في فضلنا، أما سمعوا قول الله عز وجل * (ونريد أن نمن علي الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين * ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون) * (2) والله يا مفضل إن تنزيل هذه الآية في بني إسرائيل وتأويلها فينا، وإن فرعون وهامان: تيم وعدي ".

ص :270


1- 1 - سورة السجدة 32: 21.
2- 2 - سورة القصص 28: 5 - 6.

ثم ذكر قيام الأئمة (عليهم السلام) واحدا واحدا إلي رسول الله (صلي الله عليه وآله)، وشكوي كل واحد منهم مما فعل به من قتله وظلمه، قال المفضل: فقوله * (ليظهره علي الدين كله) *؟ قال (عليه السلام): " إنما يظهره علي الدين كله في هذا اليوم وهذه الرجعة " (1).

العاشر بعد المائة:

ما رواه أيضا عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه خطب الناس فقال:

" أمرنا صعب مستصعب - إلي أن قال -: يا عجبا كل العجب بين جمادي ورجب " فقيل: ما هذا العجب؟ فقال: " ما لي لا أعجب وقد سبق القضاء فيكم، وأي عجب أعجب من أموات يضربون هامات الأحياء! والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لكأني أنظر إليهم قد تخللوا سكك الكوفة، قد شهروا سيوفهم علي عواتقهم، يضربون كل عدو لله ولرسوله وللمؤمنين، وذلك قول الله عز وجل * (لا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور) * (2) - إلي أن قال - فيومئذ تأويل هذه الآية * (ثم رددنا لكم الكرة عليهم) * (3) " (4).

الحادي عشر بعد المائة:

ما رواه أيضا عن أمير المؤمنين (عليه السلام) - في حديث طويل - أنه قال في ذكر خروج المهدي (عليه السلام) ووقائع آخر الزمان: " وينادي مناد من ناحية المشرق: يا أهل الهدي اجتمعوا، وينادي مناد من ناحية المغرب: يا أهل الضلال (5) اجتمعوا، ويفرق بين الحق والباطل، تخرج الدابة وتقبل الروم إلي قرية بساحل البحر عند كهف الفتية، ويبعث الله الفتية من كهفهم إليهم رجل يقال له:

تمليخا، فيبعث أحد ابنيه إلي الروم فيرجع بغير حاجة، ثم يبعث الآخر فيرجع

ص :271


1- 1 - مختصر البصائر: 433 / 512، الهداية الكبري: 392 - 407.
2- 2 - سورة الممتحنة 60: 13.
3- 3 - سورة الإسراء 17: 6.
4- 4 - مختصر البصائر: 468 / 521.
5- 5 - في نسخة " ش ": الصفا، وفي المصدر: الضلالة.

بالفتح.

ثم يبعث الله من كل أمة فوجا ليريهم ما كانوا يوعدون، فيومئذ تأويل هذه الآية * (ويوم نحشر من كل أمة فوجا) * (1) ويسير الصديق الأكبر براية الهدي، والسيف ذي الفقار حتي ينزل دار الهجرة مرتين وهي الكوفة - إلي أن قال - وعدة أصحابه ثلاثمائة وثلاثة عشر، منهم: تسعة من بني إسرائيل، وسبعون من الجن، وسبعون الذين عصموا النبي (صلي الله عليه وآله) إذ هجمت عليه مشركوا قريش، وعشرون من أهل اليمن فيهم المقداد بن الأسود، ومائتان وأربعة عشر كانوا بساحل البحر فبعث إليهم نبي الله برسالة فأتوا مسلمين " (2) الحديث.

الثاني عشر بعد المائة:

ما رواه الكليني - في كتاب الجنائز في باب ما يعاين المؤمن والكافر - عن محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عمن سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: - وذكر حال المؤمن بعد الموت إلي أن قال -: " فإذا وضع في قبره فتح له باب من أبواب الجنة قال: ثم يزور آل محمد (عليهم السلام) في جنان (3) رضوي يأكل من طعامهم ويشرب من شرابهم ويتحدث معهم في مجالسهم، حتي يقوم قائمنا أهل البيت، فإذا قام قائمنا بعثهم الله فأقبلوا معه يلبون زمرا، فعند ذلك يرتاب المبطلون، ويضمحل المحلون، ونجا المقربون " (4) الحديث.

قال في القاموس: رجل محل منتهك للحرام، ولا يري للشهر الحرام حرمة (5)

ص :272


1- 1 - سورة النمل 27: 83.
2- 2 - مختصر البصائر: 472 / 521.
3- 3 - في النسخة المطبوعة والمخطوطة: جبال، وما أثبتناه من المصدر.
4- 4 - الكافي 3: 131 / 4.
5- 5 - القاموس المحيط 3: 493 - حل.

" انتهي ".

والمقربون: بفتح الراء الذين يستعجلون هم المقربون، أو بكسر الراء الذين يقولون: الفرج قريب.

الثالث عشر بعد المائة:

ما رواه سعد بن عبد الله في " مختصر البصائر " علي ما نقل عنه، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن عبد الله بن قبيصة، عن أبيه، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل * (يوم هم علي النار يفتنون) * (1) قال: " يكسرون في الكرة كما يكسر الذهب حتي يرجع كل شئ إلي شبهه - يعني إلي حقيقته - " (2).

أقول: لعله إشارة إلي مزج الطينتين ثم تمييزهما في الرجعة، أو المراد امتحانهم حتي تظهر حقائقهم.

الرابع عشر بعد المائة:

ما رواه أيضا فيه عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنا نتحدث أن عمر بن ذر (3) لا يموت حتي يقاتل قائم آل محمد (صلي الله عليه وآله)، فقال: " إن مثل ابن ذر مثل رجل كان في بني إسرائيل يقال له: عبد ربه، وكان يدعو أصحابه إلي ضلالة فمات، فكانوا يلوذون بقبره ويتحدثون عنده، إذ خرج عليهم من قبره ينفض التراب من رأسه ويقول لهم: كيت وكيت " (4).

ص :273


1- 1 - سورة الذاريات 51: 13.
2- 2 - مختصر البصائر: 117 / 94.
3- 3 - عمر بن ذر: كان قاصا، قال ابن حجر: وقال أبو داود: كان رأسا في الإرجاء، وقال أبو حاتم: وكان مرجئا لا يحتج بحديثه، مات سنة ثلاث وخمسين ومائة في زمن المنصور العباسي. انظر طبقات ابن سعد 6: 362، تهذيب التهذيب 7: 390 / 732.
4- 4 - مختصر البصائر: 98 / 68 - باب الكرات وحالاتها.

أقول: المراد أن ابن ذر يحيي بعد موته ويقاتل القائم في الرجعة، فقوله: " لا يموت حتي يقاتل " يعني في الرجعة.

الخامس عشر بعد المائة:

ما رواه العياشي في " تفسير " علي ما نقل عنه بعض ثقات الأصحاب، عن زرارة، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): " * (كل نفس ذائقة الموت) * (1) لم يذق الموت من قتل، وقال: لا بد من أن يرجع حتي يذوق الموت " (2).

السادس عشر بعد المائة:

ما رواه أيضا فيه عن سيرين قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ قال: " ما يقول الناس في هذه الآية * (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت) * (3)؟ " قلت: يقولون لا قيامة ولا بعث ولا نشور، فقال:

" كذبوا والله، إنما ذلك إذا قام القائم وكر المكرون، فقال أهل خلافكم: قد ظهرت دولتكم يا معشر الشيعة وهذا من كذبكم، تقولون: رجع فلان وفلان، لا والله لا يبعث الله من يموت، ألا تري أنهم قالوا * (وأقسموا بالله جهد أيمانهم) * كانت المشركون أشد تعظيما باللات والعزي من أن يقسموا بغيرها، فقال الله تعالي * (بلي وعدا عليه حقا) * " (4).

السابع عشر بعد المائة:

ما رواه أيضا فيه عن أبي بصير قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل * (إن الله اشتري من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون) * (5) إلي آخر الآية، فقال:

ص :274


1- 1 - سورة آل عمران 3: 185، سورة الأنبياء 21: 35، سورة العنكبوت 29: 57.
2- 2 - تفسير العياشي 1: 210 / 170.
3- 3 - سورة النحل 16: 38.
4- 4 - تفسير العياشي 2: 259 / 28.
5- 5 - سورة التوبة 9: 111.

" ذلك في الميثاق، ثم قرأت * (التائبون العابدون) * (1) فقال: لا تقرأ ذلك ولكن إقرأ " التائبين العابدين " (2) إلي آخر الآية ثم قال: إذا رأيت هؤلاء فهم الذين اشتري منهم أنفسهم وأموالهم، يعني في الرجعة " (3).

ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): " ما من مؤمن إلا وله ميتة وقتلة، من مات يبعث حتي يقتل، ومن قتل يبعث حتي يموت " (4).

الثامن عشر بعد المائة:

ما رواه أيضا فيه عن رفاعة بن موسي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " إن أول من يكر إلي الدنيا الحسين بن علي (عليه السلام) وأصحابه، ويزيد بن معاوية وأصحابه، فيقتلهم حذو القذة بالقذة، ثم قرأ أبو عبد الله (عليه السلام) * (ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا) * (5) " (6).

التاسع عشر بعد المائة:

ما رواه الشيخ أبو الفتح الكراجكي في كتاب " كنز الفوائد " علي ما نقل عنه قال: روي الحسن بن أبي الحسن الديلمي بإسناده إلي محمد بن علي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل * (أفمن وعدناه وعدا

ص :275


1- 1 - سورة التوبة 9: 112.
2- 2 - قال الطبرسي في مجمع البيان 5: 139: أما الرفع في قوله * (التائبون العابدون) * فعلي القطع والاستئناف، أي هم التائبون، ويكون علي المدح. وأما " التائبين العابدين " فيحتمل أن يكون جرا، وأن يكون نصبا، أما الجر فعلي أن يكون وصفا للمؤمنين، أي من المؤمنين التائبين، وأما النصب فعلي إضمار فعل بمعني المدح، كأنه قال: أعني وأمدح التائبين.
3- 3 - تفسير العياشي 2: 112 / 140.
4- 4 - تفسير العياشي 2: 113 / 141.
5- 5 - سورة الإسراء 17: 6.
6- 6 - تفسير العياشي 2: 282 / 23.

حسنا فهو لاقيه) * (1) قال: " الموعود علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وعده الله أن ينتقم له من أعدائه في الدنيا، ووعده الجنة له ولأوليائه في الآخرة " (2).

العشرون بعد المائة:

ما رواه الكشي في " كتاب الرجال " عن محمد بن الحسن بن بندار القمي من كتابه بخطه، عن الحسن بن أحمد المالكي، عن جعفر بن فضيل، عن محمد بن فرات، عن الأصبغ أنه سمع أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول علي المنبر: " أنا سيد الشيب وفي سنة من أيوب، والله ليجمعن الله لي شملي كما جمعه لأيوب " (3).

أقول: قد تقدم أن الله أحيا لأيوب من مات من أهله.

ورواه العياشي في " تفسيره " علي ما نقل عنه عن مسعدة بن صدقة عن الصادق (عليه السلام) (4).

الحادي والعشرون بعد المائة:

ما رواه الكليني في " الروضة " عن الحسين بن محمد ومحمد بن يحيي، عن محمد بن سالم بن أبي سلمة، عن الحسن بن شاذان الواسطي، قال: كتبت إلي أبي الحسن الرضا (عليه السلام) أشكو إليه جفاء أهل واسط وحملهم علي، وكانت عصابة من العثمانية تؤذيني فوقع بخطه:

" إن الله جل ذكره أخذ ميثاق أوليائنا علي الصبر في دولة الباطل، فاصبر لحكم ربك، فلو قد قام سيد الخلق لقالوا * (يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد

ص :276


1- 1 - سورة القصص 28: 61.
2- 2 - تأويل الآيات 1: 422 / 18، وعن الكنز في البحار 36: 151 / 129 و 53: 76 / 79.
3- 3 - رجال الكشي: 221 / 396.
4- 4 - لم أعثر عليه في تفسير العياشي لأنه ناقص، بل وجدته في أمالي المفيد: 145 / 4، وإرشاد المفيد 1: 290، باختلاف يسير.

الرحمن وصدق المرسلون) * (1) " (2).

الثاني والعشرون بعد المائة:

ما رواه أصحابنا في " المزار " كالشهيد والمفيد وابن طاووس وغيرهم في زيارة القائم (عليه السلام) في السرداب: " ووفقني يا رب للقيام بطاعته، والمثوي في خدمته، فإن توفيتني قبل ذلك فاجعلني ممن يكر في رجعته، ويملك في دولته، ويمكن في أيامه " (3).

الثالث والعشرون بعد المائة:

ما رووه أيضا في زيارة أخري له (عليه السلام): " وإن أدركني الموت قبل ظهورك، فأتوسل بك إلي الله أن يصلي علي محمد وآله، وأن يجعل لي كرة في ظهورك، ورجعة في أيامك، لأبلغ من طاعتك مرادي، وأشفي من أعدائك فؤادي " (4).

الرابع والعشرون بعد المائة:

ما رووه أيضا في زيارة أخري له (عليه السلام): " اللهم أرنا وجه وليك الميمون في حياتنا وبعد المنون، اللهم إني أدين لك بالرجعة بين يدي صاحب هذه البقعة " (5).

الخامس والعشرون بعد المائة:

ما رووه أيضا في الزيارات عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: " من دعا الله أربعين صباحا بهذا العهد كان من أنصار قائمنا، فإن مات قبله أخرجه الله من قبره وأعطاه بكل كلمة ألف حسنة " (6) ثم ذكر الدعاء.

ص :277


1- 1 - سورة يس 36: 52.
2- 2 - الكافي 8: 247 / 346.
3- 3 - مصباح الزائر: 424، ولم أعثر عليها في المزارين الآخرين، وعن المصباح في البحار 53: 95 / 108.
4- 4 - المزار للشهيد الأول: 228، مصباح الزائر: 438، وعن المصباح في البحار 53: 95 / 109.
5- 5 و 6 - مصباح الزائر: 445.

السادس والعشرون بعد المائة:

ما رواه الشيخ أبو الفتح الكراجكي - في كنز الفوائد - عن محمد بن العباس بن مروان - وهو ثقة - عن علي بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمد، عن أحمد بن معمر، عن محمد بن الفضيل، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس في قوله تعالي * (إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين) * (1) قال: " هذه نزلت فينا وفي بني أمية، يكون لنا عليهم دولة، فتذل أعناقهم لنا بعد صعوبة وهوانا بعد عز " (2).

السابع والعشرون بعد المائة:

ما رواه الحسن بن سليمان نقلا من كتاب " المشيخة " للحسن بن محبوب، عن محمد بن سلام، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: في قوله تعالي * (ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين) * (3) قال: " هو خاص لأقوام في الرجعة بعد الموت، ويجري في القيامة " (4).

الثامن والعشرون بعد المائة:

ما رواه سعد بن عبد الله في رسالته في " أنواع آيات القرآن " برواية ابن قولويه علي ما نقل عنه قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): " نزل جبرئيل (عليه السلام) بهذه الآية هكذا (فإن للظالمين آل محمد حقهم عذابا دون ذلك) (5) يعني عذابا في الرجعة " (6).

التاسع والعشرون بعد المائة:

ما رواه العياشي في " تفسيره " علي ما نقل عنه، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالي * (فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم

ص :278


1- 1 - سورة الشعراء 26: 4.
2- 2 - تأويل الآيات 1: 386 / 1.
3- 3 - سورة غافر 40: 11.
4- 4 - مختصر البصائر: 462 / 519.
5- 5 - سورة الطور 52: 47. والآية هكذا * (وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك) *.
6- 6 - وعن رسالة سعد بن عبد الله في البحار 53: 117 / 144.

منكرة) * (1) يعني: " لا يؤمنون بالرجعة أنها حق " (2).

وعن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) مثله (3).

الثلاثون بعد المائة:

ما رواه الكراجكي في " كنز الفوائد " عن محمد بن العباس، عن علي بن محمد، عن أبي جميلة، عن الحلبي.

وعن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن الفضل بن عباس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالي * (فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها) * قال: " في الرجعة " * (ولا يخاف عقبيها) * (4) قال: " لا يخاف من مثلها إذا رجع " (5).

أقول: الظاهر أن المراد بربهم: صاحبهم وهو أمير المؤمنين (عليه السلام)، ليعود إليه ضمير يخاف، ويناسب التفسير لما في تفسير قوله تعالي * (وكان الكافر علي ربه ظهيرا) * (6) أن المراد بالرب: الصاحب وأنه علي (عليه السلام).

الحادي والثلاثون بعد المائة:

ما رواه الصدوق في " معاني الأخبار " عن أبيه، عن سعد، عن البرقي، عن محمد بن علي، عن سفيان، عن فراس، عن الشعبي، قال: قال ابن الكوا لعلي (عليه السلام): يا أمير المؤمنين أرأيت قولك: العجب كل العجب بين جمادي ورجب قال (عليه السلام): " ويحك يا أعور هو جمع أشتات، ونشر أموات، وحصد نبات، وهنات بعد هنات، مهلكات مبيرات، لست أنا ولا أنت هناك " (7).

ص :279


1- 1 - سورة النحل 16: 22.
2- 2 - تفسير العياشي 2: 257 / ضمن حديث 14.
3- 3 - تفسير العياشي 2: 257 / ذيل حديث 14. وكان في الإيقاظ المطبوع: عن أبي عبد الله (عليه السلام).
4- 4 - سورة الشمس 91: 15.
5- 5 - تأويل الآيات 2: 804 / ضمن حديث 1.
6- 6 - سورة الفرقان 25: 55.
7- 7 - معاني الأخبار: 406 / 81.

أقول: حمل الصدوق آخر الحديث علي التقية. فقال: إن أمير المؤمنين (عليه السلام) اتقي ابن الكوا في هذا الحديث، لأنه كان غير محتمل لأسرار آل محمد (عليهم السلام) (1).

" انتهي ".

ويمكن أن يكون إشارة إلي رجعة بعض الشيعة وأعدائهم في زمن المهدي (عليه السلام)، وإن ذلك يكون بين جمادي ورجب، وأما رجعة أمير المؤمنين (عليه السلام) فهي متأخرة عن هذه الرجعة كما يأتي، ولعلها لا تكون بين جمادي ورجب، فلا حاجة إلي التأويل بالحمل علي التقية، وقد تقدم ما يدل علي مضمون الباب.

ويأتي ما يدل عليه، فإن أحاديث هذه الأبواب كلها متعاضدة في الدلالة، وقد عرفت وجه إفراد هذا الباب عما بعده والله الموفق.

ص :280


1- 1 - معاني الأخبار: 407 - قال مصنف هذا الكتاب.

الباب العاشر: في ذكر جملة من الأخبار المعتمدة الواردة في الإخبار بالرجعة لجماعة من الأنبياء والأئمة (عليهم السلام)

الحديث الأول:

مما يدل علي ذلك ما رواه الشيخ الجليل رئيس المحدثين أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه في كتاب " من لا يحضره الفقيه " - في باب المتعة - بطريق القطع والجزم من غير حوالة علي سند حيث قال: قال الصادق (عليه السلام): " ليس منا من لم يؤمن بكرتنا، ويستحل متعتنا " (1).

أقول: هذا الضمير الموضوع للمتكلم ومعه غيره دال بطريق الحقيقة علي دخول الصادق (عليه السلام) في الرجعة، ومعه جماعة من أهل العصمة (عليهم السلام) أو الجميع، ولا خلاف في وجوب الحمل علي الحقيقة مع عدم القرينة.

الثاني:

ما رواه الشيخ الجليل رئيس الطائفة أبو جعفر الطوسي في " المصباح الكبير " - في أعمال يوم الجمعة - عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) أنه قال: " من أراد أن يزور قبر رسول الله (صلي الله عليه وآله) وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين وقبور الحجج (عليهم السلام) وهو في بلده فليغتسل يوم الجمعة - إلي أن قال -: وليقل:

السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام عليك أيها النبي المرسل،

ص :281


1- 1 - من لا يحضره الفقيه 3: 291 / 1384.

والوصي المرتضي، والسيدة الكبري، والسيدة الزهراء، والسبطان المنتجبان، والأولاد الأعلام، والامناء المستخزنون، جئت انقطاعا إليكم وإلي آبائكم وولدكم الخلف علي بركة الحق، فقلبي لكم سلم، ونصرتي لكم معدة حتي يحكم الله بدينه، فمعكم معكم لا مع عدوكم، إني من القائلين بفضلكم، مقر برجعتكم، لا أنكر لله قدرة، ولا أزعم إلا ما شاء الله " (1) الحديث.

الثالث:

ما رواه الشيخ أيضا في " المصباح " - في أعمال رجب - قال: زيارة رواها ابن عياش قال: حدثني خير بن عبد الله، عن مولاه - يعني أبو القاسم الحسين بن روح - قال: زر أي المشاهد كنت بحضرتها في رجب تقول:

" الحمد لله الذي أشهدنا مشهد أوليائه في رجب، وأوجب علينا من حقهم ما قد وجب، وصلي الله علي محمد المنتجب، وعلي أوصيائه الحجب - إلي أن قال -:

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حتي العود إلي حضرتكم، والفوز في كرتكم، والحشر في زمرتكم " (2).

الرابع:

ما رواه رئيس المحدثين أبو جعفر ابن بابويه في " الفقيه وعيون الأخبار " ورئيس الطائفة أبو جعفر الطوسي في " التهذيب " بأسانيدهما الصحيحة عن محمد بن إسماعيل البرمكي، عن موسي بن عبد الله النخعي (3)، عن الإمام علي بن محمد (عليهما السلام) في الزيارة الجامعة يقول فيها: " اشهد الله وأشهدكم أني مؤمن بكم وبما آمنتم به، كافر بعدوكم وبما كفرتم به - إلي أن قال -: معترف بكم، مؤمن بإيابكم، مصدق برجعتكم، منتظر لأمركم، مرتقب لدولتكم ".

ص :282


1- 1 - مصباح المتهجد: 253.
2- 2 - مصباح المتهجد: 755 - 756.
3- 3 - في عيون أخبار الرضا (عليه السلام): موسي بن عمران النخعي.

ثم قال: " ونصرتي لكم معدة، حتي يحيي الله دينه بكم، ويردكم في أيامه، ويظهركم لعدله، ويمكنكم في أرضه ".

ثم قال: " فثبتني الله أبدا ما بقيت علي موالاتكم، وجعلني ممن يقتص آثاركم، ويسلك سبيلكم، ويهتدي بهديكم، ويحشر في زمرتكم، ويكر في رجعتكم، ويملك في دولتكم، ويشرف في عافيتكم، ويمكن في أيامكم، وتقر عينه غدا برؤيتكم " (1).

أقول: قد عرفت أن الحمل علي الحقيقة واجب متعين في أمثال هذه الألفاظ إجماعا مع عدم القرينة كما هنا.

الخامس:

ما رواه الشيخ وابن بابويه أيضا بالسند السابق بعد الزيارة الجامعة في زيارة الوداع قال: " إذا أردت الانصراف فقل: السلام عليكم سلام مودع - إلي أن قال -: السلام عليكم حشرني الله في زمرتكم، وأوردني حوضكم، وجعلني من حزبكم، وأرضاكم عني، ومكنني في دولتكم، وأحياني في رجعتكم، وملكني في أيامكم " (2).

السادس:

ما رواه ابن بابويه أيضا في كتاب " عيون الأخبار " - في باب ما جاء عن الرضا (عليه السلام) في وجه دلائل الأئمة (عليهم السلام) والرد علي الغلاة والمفوضة - قال:

حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي، قال: حدثني أبي، قال: حدثني أحمد بن علي الأنصاري، عن الحسن بن الجهم - في حديث طويل - أن المأمون قال لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): ما تقول في الرجعة؟ فقال الرضا (عليه السلام): " إنها لحق، قد كانت في

ص :283


1- 1 - من لا يحضره الفقيه 2: 370 / 1625، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 275 - 276 / 1، التهذيب 6: 98 - 99 / 177.
2- 2 - من لا يحضره الفقيه 2: 375، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 278، التهذيب 6: 101.

الأمم السالفة وقد نطق بها القرآن، وقد قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): يكون في هذه الأمة كل ما كان في الأمم السالفة حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة. وقد قال (عليه السلام): إذا خرج المهدي من ولدي نزل عيسي بن مريم فصلي خلفه.

وقال (عليه السلام): إن الاسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا فطوبي للغرباء، قيل:

يا رسول الله ثم يكون ماذا؟ قال: ثم يرجع الحق إلي أهله " فقال المأمون: فما تقول في القائلين بالتناسخ؟ فقال: " من قال بالتناسخ فهو كافر مكذب بالجنة " (1) الحديث.

أقول: رجعة عيسي (عليه السلام) قد صرح بها في هذا الحديث وغيره، بل تواترت، وفي القرآن ما يدل علي وفاته كقوله * (وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم) * (2) وقوله تعالي * (إني متوفيك ورافعك إلي) * (3) وغير ذلك والأحاديث فيه كثيرة، وإن كان بعض العامة ينكر وفاته فليس بمعتبر، وما ذاك إلا لإفراطهم في إنكار الرجعة.

وقوله: " ثم يرجع الحق إلي أهله " يدل علي رجعة الأئمة (عليهم السلام)، مضافا إلي التصريحات الكثيرة، ولو كان المراد خروج المهدي (عليه السلام) وحده لما كان من قسم الرجعة لما عرفت من معناها، وصرح به صاحب الصحاح والقاموس وغيرهما (4).

وقد عرفت أيضا أن الطبرسي ذكر أن ذلك تأويل صدر من بعضهم ثم حكم بأنه مخالف لإجماع الإمامية (5)، والتصريحات البعيدة المنافية لهذا التأويل البعيد أكثر

ص :284


1- 1 - عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 201 - 202.
2- 2 - سورة المائدة 5: 117.
3- 3 - سورة آل عمران 3: 55.
4- 4 - الصحاح 3: 1216، القاموس المحيط 3: 36 - رجع.
5- 5 - مجمع البيان 7: 430 - 431.

من أن تحصي، ثم إن الحكم بعدها ببطلان التناسخ يدل علي عود الروح في الرجعة إلي بدنها الحقيقي لا إلي بدن آخر، وإلا لكان تناسخا قطعا.

السابع:

ما رواه ابن بابويه في " عيون الأخبار " - في باب ما حدث به هرثمة بن أعين من وفاة الرضا (عليه السلام) - عن تميم بن عبد الله القرشي، عن أبيه، عن محمد بن مثني (1)، عن محمد بن خلف الطاطري، عن هرثمة بن أعين، عن الرضا (عليه السلام) - في حديث طويل - قال: " إن المأمون سيقول لك وأنت تغسلني:

أليس زعمتم أن الإمام لا يغسله إلا إمام؟ فأجبه وقل له: إن الإمام لا يجب أن يغسله إلا إمام، فإن تعدي متعد فغسل الإمام لم تبطل إمامته، ولا إمامة الذي بعده، ولو ترك الرضا بالمدينة لم يغسله إلا ابنه ظاهرا مكشوفا، ولا يغسله الآن إلا هو من حيث يخفي " (2).

أقول: هذا المعني قد ورد في الأحاديث كثيرا، وهو يؤيد الأحاديث الكثيرة الواردة في الأخبار برجعة الحسين ليغسل المهدي (عليهما السلام).

الثامن:

ما رواه الكليني - في باب زيارة الحسين (عليه السلام) - عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن نعيم بن الوليد، عن يوسف الكناسي (3)، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إذا أتيت قبر الحسين (عليه السلام) - ثم ذكر الزيارة بطولها - تقول فيها: أشهدكم أني بكم مؤمن،

ص :285


1- 1 - في المصدر: محمد بن يحيي.
2- 2 - عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 200 - 201 / 1.
3- 3 - في الكافي: يونس الكناسي، وكذا مرآة العقول 18: 291 / 1، وما في المتن هو الصحيح، كما صرح به السيد الخوئي، وهو الموافق للوافي 14: 149 / 3 والوسائل 14: 483 / 1، ومن لا يحضره الفقيه 2: 360 / 1615، قائلا: وقد أخرجت في كتاب الزيارات أنواعا من الزيارات واخترت هذه لهذا الكتاب لأنها أصح الروايات عندي من طريق الرواية.

وبإيابكم موقن - إلي أن قال -: والعن قتلة الحسين (عليه السلام)، اللهم اجعلنا ممن ينصره وتنتصر به، وتمن عليه بنصرك لدينك في الدنيا والآخرة " (1).

ورواه أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه في " المزار " بالسند الذي يأتي ذكره، عقيب هذا الحديث إن شاء الله (2).

التاسع:

ما رواه الكليني أيضا في الباب المذكور بالسند السابق يقول فيه أبو عبد الله (عليه السلام): " إذا أردت أن تودعه فقل: السلام عليك ورحمة الله وبركاته أستودعك الله - إلي أن قال -: اللهم لا تجعله آخر العهد منا ومنه، اللهم ابعثه مقاما محمودا تنصر به دينك، وتقتل به عدوك، وتبير (3) به من نصب حربا لآل محمد، فإنك وعدت ذلك وأنت لا تخلف الميعاد، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته، أشهد أنكم نجباء شهداء، جاهدتم في الله وقتلتم علي منهاج رسول الله (صلي الله عليه وآله) " (4).

ورواه الشيخ الثقة الجليل أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه في كتاب المزار المسمي ب " كامل الزيارة " عن أبيه ومحمد بن الحسن بن الوليد، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد مثله (5).

وأورد هذا الحديث في الباب الثامن والثمانين في وداع قبر الحسين (عليه السلام) وأورد الحديث الذي قبله في الباب الذي قبله بهذا السند.

العاشر:

ما رواه الكليني أيضا - في باب أن الأئمة لم يفعلوا شيئا ولا يفعلون إلا بأمر من الله - عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم،

ص :286


1- 1 - الكافي 4: 572 / 1.
2- 2 - كامل الزيارات: 222 / 3.
3- 3 - البور: الهلاك. الصحاح 2: 597 - بور - وتبير أي تهلك.
4- 4 - الكافي 4: 575.
5- 5 - كامل الزيارات: 266 / 1 - باب 84.

عن أبي عبد الله البزاز، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث قال: " إن لكل واحد منا صحيفة فيها ما يحتاج إليه أن يعمل به في مدته، فإذا انقضي ما فيها مما أمر به عرف أن أجله قد حضر، فأتاه النبي (صلي الله عليه وآله) ينعي إليه نفسه، وأخبره بما له عند الله.

وإن الحسين (عليه السلام) قرأ صحيفته التي اعطيها وفسر له ما يأتي، وبقي أشياء لم تقض فخرج للقتال، وكانت تلك الأشياء التي بقيت، أن الملائكة سألت الله في نصرته فأذن لها، فمكثت تستعد للقتال وتتأهب لذلك حتي قتل، فنزلت وقد انقطعت مدته وقتل (عليه السلام)، فقالت الملائكة: يا ربنا أذنت لنا في الإنحدار، وأذنت لنا في نصره وقد قبضته؟ فأوحي الله إليهم: أن ألزموا قبره حتي تروه، وقد خرج فانصروه، وابكوا عليه وعلي ما فاتكم من نصرته، فإنكم قد خصصتم بنصرته وبالبكاء عليه، فبكت الملائكة حزنا علي ما فاتهم من نصرته، فإذا خرج يكونون أنصاره " (1).

ورواه الثقة الجليل أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه - في الباب السابع والعشرين من كتاب المزار - قال: حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن علي بن محمد بن سالم، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن حماد البصري، عن عبد الله بن عبد الرحمن، قال: حدثنا أبو عبيدة البزاز، عن حريز قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) وذكر مثله (2).

الحادي عشر:

ما رواه الكليني أيضا في أواسط " الروضة " عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد

ص :287


1- 1 - الكافي 4: 283.
2- 2 - كامل الزيارات: 92 / 17.

الرحمن، عن عبد الله بن القاسم البطل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالي * (وقضينا إلي بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين) * (1) قال: " قتل علي بن أبي طالب (عليه السلام) وطعن الحسن (عليه السلام) " * (ولتعلن علوا كبيرا) * قال: " قتل الحسين (عليه السلام) " * (فإذا جاء وعد أولاهما) * فإذا جاء نصر الحسين (عليه السلام) * (بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار) * يبعثهم الله قبل خروج القائم (عليه السلام) فلا يدعون وترا لآل محمد إلا قتلوه * (وكان وعدا مفعولا) * خروج القائم (عليه السلام) * (ثم رددنا لكم الكرة عليهم) * (2) خروج الحسين (عليه السلام) في سبعين من أصحابه عليهم البيض الذهب، لكل بيضة وجهان.

المؤدون إلي الناس: إن هذا الحسين (عليه السلام) قد خرج حتي لا يشك فيه المؤمنون، وإنه ليس بدجال ولا شيطان، والحجة القائم بين أظهرهم، فإذا استقرت المعرفة في قلوب المؤمنين أنه الحسين (عليه السلام) جاء الحجة الموت، فيكون الذي يغسله ويكفنه ويحنطه ويلحده في حفرته الحسين بن علي (عليه السلام)، ولا يلي الوصي إلا وصي " (3).

ورواه ابن قولويه في " المزار " - في الباب الثامن عشر فيما نزلت من القرآن في قتل الحسين (عليه السلام)، وانتقام الله له ولو بعد حين - قال: حدثني محمد بن جعفر الرزاز، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن موسي بن سعدان الحناط، عن عبد الله بن القاسم الحضرمي، عن صالح بن سهل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله إلي قوله * (وكان وعد الله مفعولا) * (2).

ص :288


1- 1 و 2 - سورة الإسراء 17: 4 - 6. 3 - الكافي 8: 206 / 250.
2- 4 - كامل الزيارات: 60 / 1.

أقول: وإنما ترك آخر الحديث لأنه لا يدل علي مضمون الباب، وهذه عادته كما قرر في أول كتابه وفيما أورده كفاية هنا.

واعلم أن بعض الأصحاب المعاصرين استشكل هذا الحديث جدا والذي ظهر لي في حل إشكاله وجوه:

أحدها: إنه قد تقرر أن للقرآن ظاهرا وباطنا، وأنه لا يعلم جميع معانيه إلا الأئمة (عليهم السلام)، فلعل ما ذكر معناه الباطني، وظاهره غير مراد.

وثانيها: إنه قد تقرر أيضا بالأحاديث الكثيرة، أن بعض الآيات أو أكثرها قد أريد به معنيان فصاعدا، بل سبعون معني، فلعل هذه الآية المراد منها ظاهرها، والمعني المروي أيضا وغيرهما.

وثالثها: أن يكون لفظ بني إسرائيل في الآية كناية عن هذه الأمة، لمشابهتهم لهم في أكثر الأحوال أو كلها كما مر، ويكون استعارة، فلا يكون المراد بها ظاهرها أصلا.

ورابعها: أن يكون المراد بها ظاهرها، وتكون في حكم بني إسرائيل، ويكون الحديث الوارد في تفسيرها المذكور هنا إشارة إلي الأحاديث السابقة: " إن كل ما كان في بني إسرائيل يكون في هذه الأمة مثله، حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة " فكأنه قال: ظاهر الآية واضح، ومعناها الذي يفهم منها مراد، ونظير هذا الأمر في هذه الأمة ما ذكرنا، ثم أورد الوقائع المشابهة للوقائع السابقة في بني إسرائيل.

وخامسها: وهو أقرب مما سبق، أن تكون الآية خطابا لهذه الأمة في قوله * (لتفسدن) * و * (لتعلن) * و * (بعثنا عليكم) * و * (رددناكم) * وغيرها. ويكون المراد إنا قضينا إلي بني إسرائيل في كتابهم أنكم لابد أن تفعلوا هذه الأفعال يعني أخبرناكم بأحوالكم وما تفعلون، وما يكون عاقبة أموركم والله أعلم.

الثاني عشر:

ما رواه رئيس المحدثين أبو جعفر ابن بابويه في كتاب

ص :289

" الخصال " - في باب العشرة - عن محمد بن أحمد بن إبراهيم، عن أبي عبد الله الوراق (1)، عن محمد بن عبد الله بن الفرج، عن علي بن بنان المقري، عن محمد بن سابق، عن زائدة، عن الأعمش، عن فرات القزاز، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن حذيفة بن أسيد الغفاري، عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال: " إنكم لا ترون الساعة حتي تروا قبلها عشر آيات: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الأرض، وخروج عيسي بن مريم، وخروج يأجوج ومأجوج " (2) الحديث.

أقول: يأتي إن شاء الله ما يدل صريحا علي أن دابة الأرض أمير المؤمنين (عليه السلام)، وتقدم ما يدل علي ذلك أيضا.

الثالث عشر:

ما رواه رئيس الطائفة أبو جعفر الطوسي في " المصباح الكبير " - في ذكر قنوت الوتر - قال: ويستحب أن يزاد هذا الدعاء " الحمد لله شكرا لنعمائه " - وذكر شكاية طويلة من أحوال الغيبة والدعاء لصاحب الزمان بتعجيل الفرج والخروج - إلي أن قال: " اللهم وشرف بما استقل به من القيام بأمرك لدي مواقف المسار مقامه، وسر نبيك محمدا (صلي الله عليه وآله) برؤيته ومن تبعه علي دعوته " ثم قال: " ورد عنه من سهام المكاره ما يوجهه أهل الشنآن إليه وإلي شركائه في أمره، ومعاونيه علي طاعة ربه " (3) الدعاء.

الرابع عشر:

ما رواه الشيخ أيضا في " المصباح " - في أدعية الصباح والمساء - في الدعاء الكامل المعروف بدعاء الحريق يقول في آخره: " اللهم صل علي محمد وأهل بيته الطاهرين وعجل اللهم فرجهم وفرجي، وفرج عن كل مؤمن

ص :290


1- 1 - في المصدر والبحار: أبو عبد الله الوراق محمد بن عبد الله بن الفرج.
2- 2 - الخصال: 449 / 52، وعنه في البحار 6: 304 / 3.
3- 3 - مصباح المتهجد: 137 و 141.

مهموم من المؤمنين، اللهم صل علي محمد وآل محمد وارزقني نصرهم وأشهدني أيامهم واجمع بيني وبينهم في الدنيا والآخرة، واجعل عليهم منك واقية حتي لا يخلص إليهم إلا بسبيل خير وعلي من معهم وعلي شيعتهم ومحبيهم وأوليائهم " (1) الدعاء.

ورواه الكفعمي في " مصباحه " في الفصل الرابع عشر (2).

الخامس عشر:

ما رواه أيضا في " المصباح " - في الصلوات المرغب في فعلها يوم الجمعة في صلاة أخري لفاطمة (عليها السلام) - قال: روي إبراهيم بن عمر الصنعاني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) - ثم ذكر كيفية الصلاة والدعاء بعدها - إلي أن قال: " وأسألك أن تصلي علي محمد وآل محمد وأن تفرج عن محمد وآل محمد وتجعل فرجي مقرونا بفرجهم " (3) الدعاء.

أقول: ومثل هذا كثير جدا في الأدعية، والحمل علي الحقيقة الذي هو واجب قطعا مع عدم قرينة المجاز، يدل علي الرجعة، ويؤيد التصريحات الكثيرة جدا.

السادس عشر:

ما رواه أيضا في " المصباح " - في دعاء كل يوم من شهر رمضان بعد ما ذكر الصلاة علي النبي والأئمة (عليهم السلام) واحدا واحدا - قال: " اللهم صل علي ذرية نبيك، اللهم أخلف محمدا في أهل بيته، اللهم مكن لهم في الأرض، اللهم اجعلنا من عددهم ومددهم، وأنصارهم علي الحق في السر والعلانية، اللهم اطلب بذحلهم (4) ووترهم ودمائهم، وكف عنا وعنهم وعن كل مؤمن ومؤمنة بأس

ص :291


1- 1 - مصباح المتهجد: 201.
2- 2 - مصباح الكفعمي: 78.
3- 3 - مصباح المتهجد: 266 - 267.
4- 4 - الذحل: الثأر. الصحاح 4: 1701 - ذحل.

كل طاغ وباغ " (1) الدعاء.

أقول: معلوم أن ضمير " مكن لهم " عائد إلي الجميع فهو كآية الوعد باستخلافهم وتمكينهم، والحمل علي الحقيقة كما عرفت دال علي الرجعة مع عدة من القرائن، كسؤال كف البأس عنهم وغير ذلك، مع التصريحات الكثيرة التي لا تحصي.

السابع عشر:

ما رواه الشيخ أيضا في " المصباح " - في أعمال ذي القعدة في دعاء يوم الخامس والعشرين منه - " اللهم داحي الكعبة وفالق الحبة - إلي أن قال -: وأشهدني أوليائك عند خروج نفسي وحلول رمسي، اللهم عجل فرج أوليائك واردد عليهم مظالمهم وأظهر بالحق قائمهم ".

ثم قال: " اللهم صل عليه وعلي آبائه واجعلنا من صحبه وابعثنا في كرته حتي نكون في زمانه من أعوانه " (2).

ورواه الكفعمي في " مصباحه " (3) وكذا أكثر الأدعية المذكورة هنا. ودلالتها علي المراد بملاحظة ضمائر الجمع والحمل علي الحقيقة والقرائن والتلويحات فهي مؤيدة للتصريحات.

الثامن عشر:

ما رواه أيضا في " المصباح " - في زيارة الحسين (عليه السلام) يوم عرفة - " أشهد أنك الإمام البر التقي وأن الأئمة من ولدك كلمة التقوي وأعلام الهدي اشهد الله وملائكته وأنبيائه ورسله أني بكم مؤمن وبإيابكم موقن " (4) الزيارة.

ص :292


1- 1 - مصباح المتهجد: 565.
2- 2 - مصباح المتهجد: 611 - 612.
3- 3 - مصباح الكفعمي: 658 - 659.
4- 4 - مصباح المتهجد: 664.

أقول (1): هذا أوضح دلالة في رجعتهم (عليهم السلام) فإن الإياب: الرجوع، وليس المراد القيامة قطعا لعدم إفادته، وعدم اختصاص الإقرار بالزائر أصلا.

التاسع عشر:

ما رواه الشيخ أيضا في " المصباح " - في زيارة العباس بن علي (عليه السلام) - يقول فيها: " أشهد أنك قتلت مظلوما وأن الله منجز لكم ما وعدكم جئتك يا بن أمير المؤمنين (عليه السلام) وقلبي لكم مسلم ورأيي لكم تبع ونصرتي لكم معدة حتي يحكم الله وهو خير الحاكمين فمعكم معكم لا مع عدوكم إني بكم وبإيابكم من المؤمنين وبمن خالفكم وقتلكم من الكافرين - إلي أن قال -: " جمع الله بيننا وبينك وبين رسوله وأوليائه " (2).

ورواه الشيخ أيضا في " التهذيب " (3).

ورواه الثقة الجليل أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه في " المزار " - في باب زيارة العباس (عليه السلام) - قال: حدثني أبو عبد الرحمن محمد بن أحمد بن الحسين العسكري، عن الحسن بن علي بن مهزيار، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن مروان، عن أبي حمزة الثمالي قال: قال الصادق (عليه السلام)، ثم أورد الزيارة (4).

أقول: الإياب: الرجعة، وهو إشارة إلي رجوع الحسين (عليه السلام) والسبعين الذين قتلوا معه ومن جملتهم العباس (عليه السلام).

العشرون:

ما رواه أيضا في " المصباح " - في زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام) - يقول فيها: " أتيتك انقطاعا إليك وإلي وليك الخلف من بعدك علي الحق فقلبي لك مسلم

ص :293


1- 1 - القول كله لم يرد في نسخة " ش ".
2- 2 - مصباح المتهجد: 668 - 669.
3- 3 - التهذيب 6: 66 - 67.
4- 4 - كامل الزيارات: 270 / 1.

وأمري لك متبع ونصرتي لك معدة - إلي أن قال -: اللهم لا تخيب توجهي إليك برسولك وآل رسولك إنك أنت مننت علي بزيارة أمير المؤمنين وولايته ومعرفته فاجعلني ممن ينصره وينتصر به ومن علي بنصره لدينك في الدنيا والآخرة " (1).

ورواه الشيخ الجليل أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه في كتاب " المزار " - في باب زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام) - قال: حدثني محمد بن الحسن بن الوليد فيما ذكره في كتابه الذي سماه " الجامع " قال: روي عن أبي الحسن (عليه السلام) أنه كان يقول عند قبر أمير المؤمنين (عليه السلام) (2). ثم ذكر الزيارة بطولها.

ورواه الكفعمي في " المصباح " في الفصل الحادي والأربعين (3).

الحادي والعشرون:

ما رواه الشيخ أيضا في " التهذيب " وفي " المصباح " - في زيارة الأربعين من أعمال صفر - قال: أخبرنا جماعة، عن هارون بن موسي التلعكبري قال: حدثنا محمد بن علي بن معمر، عن علي بن محمد بن مسعدة والحسن بن علي بن فضال جميعا، عن سعدان بن مسلم، عن صفوان بن مهران، قال: قال لي مولاي الصادق (عليه السلام) في زيارة الأربعين تقول: " السلام علي الحسين الشهيد المظلوم - إلي أن قال -: أشهد أنك الإمام البر التقي وأن الأئمة من ولدك كلمة التقوي، أشهد أني بكم مؤمن وبإيابكم موقن بشرايع ديني وخواتيم عملي وأمري لأمركم متبع ونصرتي لكم معدة حتي يأذن الله لكم فمعكم معكم لا مع عدوكم " (4).

الثاني والعشرون:

ما رواه الشيخ أيضا في " المصباح " - في عمل شعبان -

ص :294


1- 1 - مصباح المتهجد: 687 - 688.
2- 2 - كامل الزيارات: 41 - 42 / 2.
3- 3 - مصباح الكفعمي: 479.
4- 4 - التهذيب 6: 113 / 201، مصباح المتهجد: 730 - 731.

قال: اليوم الثالث منه فيه ولد الحسين بن علي (عليه السلام) خرج إلي القاسم بن العلاء الهمداني - وكيل أبي محمد (عليه السلام) - " أن مولانا الحسين بن علي (عليه السلام) ولد يوم الخميس لثلاث مضين من شعبان فصم وادع فيه بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك بحق المولود في هذا اليوم الموعود بشهادته قبل استهلاله وولادته، بكته السماء ومن فيها والأرض ومن عليها، ولما يطأ لابتيها، قتيل العبرة وسيد الأسرة، الممدود بالنصرة يوم الكرة، المعوض من قتله أن الأئمة من نسله، والشفاء في تربته، والفوز معه في أوبته، والأوصياء من عترته بعد قائمهم وغيبته، حتي يدركوا الأوتار ويثأروا الثأر ويرضوا الجبار ويكونوا خير أنصار، وصلي الله عليهم مع اختلاف الليل والنهار.

اللهم فصل علي محمد وعترته واحشرنا في زمرته، وبوئنا معه دار الكرامة ومحل الإقامة.

اللهم وكما أكرمتنا بمعرفته فأكرمنا بزلفته، وارزقنا مرافقته وسابقته، واجعلنا ممن يسلم لأمره، ويكثر الصلاة عليه عند ذكره، وعلي جميع أوصيائه الاثني عشر النجوم الزهر.

اللهم وهب لنا في هذا اليوم خير موهبة كما وهبت الحسين لمحمد جده، وعاذ فطرس بمهده، فنحن عائذون بقبره من بعده، نشهد تربته وننتظر أوبته آمين رب العالمين " (1).

الثالث والعشرون:

ما رواه الكليني - في باب ما يعاين المؤمن والكافر. من كتاب الجنائز - عن محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عمن سمع أبا عبد الله (عليه السلام) - وذكر حال المؤمن بعد الموت - إلي أن

ص :295


1- 1 - مصباح المتهجد: 758 - 759.

قال: " فإذا وضع في قبره فتح له باب من أبواب الجنة، ثم يزور آل محمد في جنان رضوي يأكل من طعامهم، ويشرب من شرابهم، ويتحدث معهم في مجالسهم، حتي يقوم قائمنا أهل البيت، فإذا قام قائمنا بعثهم الله، فأقبلوا معه يلبون زمرا، فعند ذلك يرتاب المبطلون، ويضمحل المحلون، ونجا المقربون " (1) الحديث.

الرابع والعشرون:

ما رواه الكليني - في باب الإشارة والنص علي الصادق (عليه السلام) - عن الحسين بن محمد، عن معلي بن محمد، عن الوشاء، عن أبان بن عثمان، عن أبي الصباح الكناني، قال: نظر أبو جعفر إلي أبي عبد الله (عليهما السلام) وهو يمشي فقال: " تري هذا؟ هذا من الذين قال الله عز وجل * (ونريد أن نمن علي الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين * ونمكن لهم في الأرض) * (2) " (3).

الخامس والعشرون:

ما رواه الكليني أيضا - في باب نكت ونتف من التنزيل في الولاية - عن علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن ابن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام) في قوله تعالي * (هو الذي أرسل رسوله بالهدي ودين الحق) * قال: " الولاية هي دين الحق " قلت * (ليظهره علي الدين كله) * (4) قال: " يظهره علي جميع الأديان عند قيام القائم " (5) الحديث.

أقول: الحمل علي الحقيقة الذي هو واجب عند عدم القرينة يستلزم الحكم

ص :296


1- 1 - الكافي 3: 131 / 4.
2- 2 - سورة القصص 28: 5 - 6.
3- 3 - الكافي 1: 306 / 1.
4- 4 - سورة الصف 61: 9.
5- 5 - الكافي 1: 432 / 91.

بالرجعة، مضافا إلي التصريحات الكثيرة.

السادس والعشرون:

ما رواه الكليني في أوائل " الروضة " عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن عيثم بن أسلم (1)، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث: " أن جبرئيل (عليه السلام) قال لرسول الله (صلي الله عليه وآله): ومنكم القائم يصلي عيسي بن مريم خلفه إذا أهبطه الله إلي الأرض " (2).

السابع والعشرون:

ما رواه ابن بابويه في " كتاب العلل " - في باب العلة التي من أجلها سمي ذو القرنين - عن أبيه، عن محمد بن يحيي، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمد بن أورمة، عن القاسم بن عروة (3)، عن بريد العجلي، عن الأصبغ بن نباتة، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) - وقد سئل عن ذي القرنين فقال -: " لم يكن نبيا ولا ملكا، ولم يكن قرناه من ذهب ولا فضة، ولكنه كان عبدا أحب الله فأحبه الله، وإنما سمي ذا القرنين، لأنه دعا قومه إلي الله عز وجل، فضربوه علي قرنه فغاب عنهم حينا، ثم عاد إليهم فضربوه علي قرنه الآخر، وفيكم مثله " (4).

أقول: قد عرفت سابقا أن المراد ب " مثله " أمير المؤمنين (عليه السلام)، وقد صرح به

ص :297


1- 1 - في روضة الكافي ومرآة العقول 25: 107 / 10: عيثم بن أشيم، وقد قال السيد الخوئي في معجم رجال الحديث 14: 189: ولا يبعد اتحاده مع عيثم بن أسلم لاتحادهما في الراوي والمروي عنهما.
2- 2 - الكافي 8: 49 / 10.
3- 3 - في النسخة الخطية والمطبوعة: القاسم بن محمد، وما أثبتناه من المصدر والبحار ظاهرا هو الصحيح لمطابقته للراوي والمروي عنه.
4- 4 - علل الشرائع: 39 / 1، وعنه في البحار 39: 39 / 12.

ابن بابويه وعلي بن إبراهيم وغيرهما وهو المفهوم من قوله " وفيكم " وقد تقدم أن ذا القرنين لما ضربوه مات خمسمائة عام ثم رجع حيا، ثم ضربوه فمات كذلك ثم رجع.

الثامن والعشرون:

ما رواه الشيخ أبو علي الحسن ابن الشيخ أبي جعفر الطوسي في " مجالسه " بإسناده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال له:

" كأنك بقوم قد تأولوا القرآن وأخذوا بالشبهات - إلي أن قال -: هم أهل فتنة يعمهون فيها، إلي أن يدركهم العدل، فقلت: يا رسول الله العدل منا أم من غيرنا؟ قال: بل منا، بنا فتح الله وبنا يختم، وبنا ألف القلوب بعد الشرك، وبنا يؤلف القلوب بعد الفتنة " (1).

أقول: قد عرفت أن الحمل علي الحقيقة يوجب الحكم بالرجعة، مضافا إلي التصريحات الكثيرة.

التاسع والعشرون:

ما رواه أيضا فيه بإسناده عن سفيان بن إبراهيم العائذي (2)، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام) قال: " بنا يبدأ البلاء ثم بكم، وبنا يبدأ الرخاء ثم بكم، والذي يحلف به لينتصرن الله بكم كما انتصر بالحجارة " (3).

أقول: ومثل هذا والذي قبله كثير جدا.

الثلاثون:

ما رواه أيضا فيه بإسناده عن حذيفة بن أسيد، عن أبي ذر أنه سمع النبي (صلي الله عليه وآله) يقول: " من قاتلني في الأولي وقاتل أهل بيتي في الثانية فهو فيها من

ص :298


1- 1 - أمالي الطوسي: 66 / 96، وأورده المفيد في أماليه: 289 / 7.
2- 2 - في المصدر وأمالي المفيد: الغامدي، وفي الطبعة القديمة من أمالي الطوسي 1: 72: العايدي.
3- 3 - أمالي الطوسي: 74 / 109، وأورده المفيد في أماليه: 301 / 2.

شيعة الدجال " (1).

أقول: هذا دال كما تري علي رجعة [قتلة] (2) أهل البيت (عليهم السلام) في وقت خروج الدجال، وعلي رجعة جماعة من الذين قاتلوه (صلي الله عليه وآله) أيضا.

الحادي والثلاثون:

ما رواه رئيس المحدثين أبو جعفر ابن بابويه في كتاب " كمال الدين وتمام النعمة " في أوائله عن محمد بن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد العزيز بن يحيي، عن الحسين بن معاذ، عن قيس بن حفص، عن يونس بن أرقم، عن أبي سيار الشيباني، عن الضحاك بن مزاحم، عن النزال بن سبرة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) - في حديث يذكر فيه أمر الدجال وخروجه إلي أن قال -:

" يقتله الله بالشام علي يد من يصلي خلفه المسيح عيسي بن مريم، ألا إن بعد ذلك الطامة الكبري ".

قلنا: وما ذاك يا أمير المؤمنين؟ قال: " خروج دابة الأرض من عند الصفا، معها خاتم سليمان، وعصا موسي، يضع الخاتم علي وجه كل مؤمن فيطبع فيه: هذا مؤمن حقا، ويضعه علي وجه كل كافر فيطبع فيه: هذا كافر حقا، ثم ترفع الدابة رأسها فيراها من بين الخافقين بإذن الله بعد طلوع الشمس من مغربها، فعند ذلك ترفع التوبة " (3) الحديث.

ورواه الراوندي في أواخر كتاب " الخرائج والجرائح " - في العلامات الدالة

ص :299


1- 1 - أمالي الطوسي: 459 / 1026، وأورده أيضا في صفحة 60 / 88، إلا أن فيه: حشره الله تعالي في الثالثة مع الدجال.
2- 2 - أثبتناها للضرورة، لأن الحديث يتكلم عن قتلة أهل البيت (عليهم السلام) هذا أولا، وثانيا: أن رجعة أهل البيت (عليهم السلام) لم تكن في زمن الدجال، وثالثا: إن الحديث يخبرنا عن قتلة أهل البيت (عليهم السلام) وخروجهم في زمن الدجال ليكونوا من أنصاره وأعوانه.
3- 3 - كمال الدين وتمام النعمة: 525 / 1.

علي صاحب الزمان (عليه السلام) - عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) مثله (1).

أقول: يأتي إن شاء الله ما هو صريح في أن دابة الأرض أمير المؤمنين (عليه السلام)، وإنه يخرج في الرجعة.

الثاني والثلاثون:

ما رواه ابن بابويه أيضا في كتاب " كمال الدين " بإسناده عن عبد الله بن سليمان وكان قارئا للكتب أنه قرأ في الإنجيل - وذكر كلاما طويلا - في إخبار الله عيسي (عليه السلام) بأحوال محمد (صلي الله عليه وآله) وأحوال أمته يقول فيه: " أرفعك إلي ثم أهبطك في آخر الزمان، لتري من أمة ذلك النبي العجائب، ولتعينهم علي قتل اللعين الدجال، أهبطك في وقت الصلاة لتصلي معهم إنهم أمة مرحومة " (2).

الثالث والثلاثون:

ما رواه أيضا - في باب اتصال الوصية من لدن آدم (عليه السلام) - عن أبيه ومحمد بن الحسن، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن الحسن بن سعيد، عن محمد بن إسماعيل، عمن حدثه عن إسماعيل بن أبي رافع، عن أبيه، عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) في حديث: " أن اليهود ادعت أنها دفنت عيسي حيا، وادعي بعضهم أنهم قتلوه وصلبوه، ولم يكن الله ليجعل لهم عليه سبيلا، وإنما شبه لهم، يقول الله * (إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا) * (3) فلم يقدروا علي قتله * (بل رفعه الله إليه) * (4) بعد أن توفاه " (5) الحديث.

ص :300


1- 1 - الخرائج والجرائح 3: 1136 / فصل.
2- 2 - كمال الدين: 160 / 18.
3- 3 - سورة آل عمران 3: 55.
4- 4 - سورة النساء 4: 158.
5- 5 - كمال الدين: 225 / 20.

أقول: وفي معناه أحاديث كثيرة في وفاة عيسي، رواه الطبرسي (1) عن ابن عباس وغيره، وتلك الروايات موافقة للقرآن في عدة آيات، وقد تواترت الأحاديث من طريق الخاصة والعامة برجعة عيسي (عليه السلام) في آخر الزمان، وهنا كلام آخر يأتي في محله إن شاء الله تعالي.

الرابع والثلاثون:

ما رواه أيضا فيه - في باب ما نص الله علي القائم (عليه السلام) - عن الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن سهل بن زياد، عن محمد بن آدم الشيباني، عن أبيه آدم، عن بن أبي إياس (2)، عن المبارك بن فضالة، عن وهب بن منبه رفعه إلي ابن عباس، عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) - في حديث قدسي طويل في النص علي الأئمة (عليهم السلام) - يقول فيه: " وآخر رجل منهم يصلي خلفه عيسي بن مريم " (3).

الخامس والثلاثون:

ما رواه أيضا - في باب ما روي عن النبي (صلي الله عليه وآله) في النص علي القائم (عليه السلام) - عن أحمد بن محمد بن سعيد، عن محمد بن حماد، عن غياث بن إبراهيم، عن الحسين بن زيد بن علي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال: " أبشروا ثم أبشروا - إلي أن قال -: فكيف تهلك أمة أنا أولها، واثنا عشر من بعدي من السعداء أولي الألباب، والمسيح بن مريم آخرها " (4).

ص :301


1- 1 - مجمع البيان 2: 373، وفيه: ما روي عن النبي (صلي الله عليه وآله) أنه قال: " إن عيسي بن مريم لم يمت، وإنه راجع إليكم قبل يوم القيامة ".
2- 2 - في المطبوعة ونسخة " ش ": عن أبيه آدم، عن ابن عباس، وما أثبتناه من المصدر وكتب التراجم ظاهرا هو الصحيح. انظر طبقات ابن سعد 7: 490، تهذيب التهذيب 1: 171، سير أعلام النبلاء 10: 335 / 82.
3- 3 - كمال الدين: 251 / 1.
4- 4 - كمال الدين: 269 / 14، والسند فيه هكذا: حدثنا حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد ابن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: أخبرني القاسم بن محمد بن حماد.....

السادس والثلاثون:

ما رواه أيضا فيه بإسناده عن ابن عباس، عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) في حديث أنه قال: " لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتي يخرج المهدي، فينزل عيسي بن مريم فيصلي خلفه، وتشرق الأرض بنور ربها " (1).

السابع والثلاثون:

ما رواه أيضا فيه بإسناده عن ابن عباس، عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) - في النص علي الأئمة (عليهم السلام) إلي أن قال -: " والحسن بن علي ومن يصلي خلفه عيسي بن مريم (عليه السلام) - القائم (عليه السلام) - " (2).

الثامن والثلاثون:

ما رواه أيضا - في باب ما روي عن الحسن بن علي (عليه السلام) - عن المظفر بن جعفر العلوي، عن جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه، عن جبرئيل بن أحمد، عن موسي، عن الحسن بن محمد الصيرفي، عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي سعيد عقيصا، عن الحسن بن علي (عليهما السلام) في حديث قال:

" أما علمت أنه ما منا أحد إلا ويقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه، إلا القائم الذي يصلي خلفه عيسي بن مريم " (3).

التاسع والثلاثون:

ما رواه أيضا - في باب ما أخبر به الصادق (عليه السلام) - بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث أنه قال له: فمن القائم منكم؟ قال:

" الخامس من ولد ابني موسي - إلي أن قال -: ثم يظهر فيفتح الله علي يديه مشارق

ص :302


1- 1 - كمال الدين: 280 / 27.
2- 2 - كمال الدين: 284 / 36.
3- 3 - كمال الدين: 315 / 2.

الأرض ومغاربها، وينزل روح الله عيسي بن مريم فيصلي خلفه " (1).

الأربعون:

ما رواه الكليني - في آخر كتاب الحج والزيارات في باب النوادر - قال: وروي إذا أخذته - يعني تراب قبر الحسين (عليه السلام) - فقل: " اللهم بحق هذه التربة الطاهرة، وبحق البقعة الطيبة، وبحق الوصي الذي وارثه، وبحق جده وأبيه وأخيه، والملائكة الذين يحتفون به، والملائكة العكوف علي قبر وليك ينتظرون نصره، صل علي محمد وآله، واجعل لي فيه شفاء من كل داء " (2) الدعاء.

ورواه الثقة الجليل جعفر بن محمد بن قولويه في " كتاب المزار " قال: حدثنا محمد بن يعقوب وأورد الحديث (3).

الحادي والأربعون:

ما رواه الشيخ الجليل الثقة أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه في كتاب المزار المسمي ب " كامل الزيارة " وفضلها، الذي صرح في أوله أنه ألفه لأجل تحصيل الثواب والتقرب إلي الله والنبي والأئمة (عليهم السلام)، وأنه خرجه وجمعه مما وقع إليه من أحاديث الثقات من أصحابنا، وأنه لم يخرج فيه حديثا واحدا روي عن الشذاذ من الرجال، يأثر ذلك عن المذكورين غير المشهورين بالحديث والعلم - فروي فيه في الباب الثامن عشر فيما نزل من القرآن في قتل الحسين (عليه السلام)، وانتقام الله له ولو بعد حين - قال: حدثني أبي (رحمه الله)، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن العباس بن معروف، عن صفوان بن يحيي، عن حكم الحناط، عن ضريس، عن أبي خالد الكابلي، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل * (اذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله علي نصرهم

ص :303


1- 1 - كمال الدين: 345 / 31.
2- 2 - الكافي 4: 589.
3- 3 - كامل الزيارات: 296 / 8.

لقدير) * (1) قال: " علي والحسن والحسين (عليهم السلام) " (2).

أقول: يفهم منه الوعد برجعتهم ونصرهم حملا علي الحقيقة كما هو الواجب، وقد فهم منه المصنف ذلك كما ذكره في العنوان، فهو مؤيد للتصريحات الكثيرة.

الثاني والأربعون:

ما رواه جعفر بن محمد بن قولويه أيضا في " المزار " - في الباب التاسع عشر في علم الأنبياء بقتل الحسين (عليه السلام) - قال: حدثني محمد بن جعفر الرزاز، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب وأحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن الحسن بن علي بن فضال، عن مروان بن مسلم، عن بريد بن معاوية العجلي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أخبرني عن إسماعيل الذي ذكره الله في قوله * (واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا) * (3) كان إسماعيل بن إبراهيم؟ فقال: " إن إسماعيل مات قبل إبراهيم، وإبراهيم كان حجة الله قائما صاحب شريعة، فإلي من أرسل إسماعيل؟ " قلت: فمن كان؟ قال: " كان إسماعيل بن حزقيل النبي بعثه الله إلي قومه فكذبوه وقتلوه وسلخوا وجهه، فغضب الله عليهم فوجه إليهم سطاطائيل ملك العذاب، فقال له: يا إسماعيل وجهني رب العزة إليك لا عذب قومك بأنواع العذاب إن شئت، فقال له إسماعيل: لا حاجة لي إلي ذلك.

فأوحي الله إليه فما حاجتك يا إسماعيل؟ فقال: يا رب إنك أخذت الميثاق لنفسك بالربوبية، ولمحمد بالنبوة، وأوصيائه بالولاية، وأخبرت خير خلقك بما تفعل أمته بالحسين بن علي من بعد نبيها، وإنك وعدت الحسين (عليه السلام) أن تكره إلي الدنيا حتي ينتقم بنفسه ممن فعل ذلك به، فحاجتي إليك يا رب أن تكرني إلي الدنيا

ص :304


1- 1 - سورة الحج 22: 39.
2- 2 - كامل الزيارات: 61 / 4.
3- 3 - سورة مريم 19: 54.

حتي أنتقم ممن فعل ذلك بي كما فعل، كما تكر الحسين (عليه السلام)، فوعد الله إسماعيل بن حزقيل ذلك فهو يكر مع الحسين بن علي (عليه السلام) " (1).

الثالث والأربعون:

ما رواه ابن قولويه أيضا في " المزار " - في الباب التاسع والسبعين في زيارة الحسين بن علي (عليه السلام) - قال: حدثني الحسين بن محمد بن عامر، عن أحمد بن إسحاق قال: حدثنا سعدان بن مسلم - قائد أبي بصير - قال:

حدثني بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) وذكر الزيارة للحسين (عليه السلام) يقول فيها بعد ذكر النبي والأئمة (عليهم السلام): " وحبب إلي مشاهدهم حتي تلحقني بهم، وتجعلهم لي فرطا، وتجعلني لهم تبعا في الدنيا والآخرة ".

قال: " ثم تقول: لبيك داعي الله، إن كان لم يجبك بدني فقد أجابك قلبي وشعري وبشري وهواي علي التسليم لخلف النبي المرسل والسبط المنتجب، فقلبي لكم مسلم، وأمري لكم متبع، ونصرتي لكم معدة حتي يحييكم الله لدينه ويبعثكم، فمعكم لا مع عدوكم، إني من المؤمنين برجعتكم، لا أنكر لله قدرة، ولا أكذب له مشيئة، ولا أزعم أن ما شاء الله لا يكون " (2) وذكر الزيارة.

الرابع والأربعون:

ما رواه أيضا - في الباب المذكور - قال: حدثني محمد بن أحمد بن الحسين العسكري ومحمد بن الحسن بن الوليد جميعا، عن الحسن بن علي بن مهزيار، عن أبيه، عن علي بن مهزيار، عن محمد بن أبي عمير، عن محمد بن مروان، عن أبي حمزة الثمالي، قال: قال الصادق (عليه السلام): " إذا أردت المسير إلي الحسين (عليه السلام) - ثم ذكر آداب الزيارة وأورد زيارة طويلة يقول فيها -:

" وقد أتيتك زائرا قبر ابن بنت نبيك فاجعل تحفتي فكاك رقبتي من النار - إلي أن قال -: " واجعلني من أنصاره يا أرحم الراحمين ".

ص :305


1- 1 - كامل الزيارات: 63 / 3.
2- 2 - كامل الزيارات: 232 / 16.

ثم قال فيها: " أتيتك انقطاعا إليك وإلي جدك وأبيك وولدك الخلف من بعدك، فقلبي لك مسلم ورأيي لك متبع ونصرتي لك معدة حتي يحييكم الله لدينه ويبعثكم، وأشهد أنكم الحجة وبكم ترجي الرحمة، فمعكم لا مع عدوكم إني بإيابكم من المؤمنين لا أنكر لله قدرة ولا أكذب منه مشيئة ".

ثم قال الشيخ: وتصلي علي الأئمة كلهم كما صليت علي الحسن والحسين (عليهم السلام).

ثم تقول: " اللهم تمم بهم كلماتك، وأنجز بهم وعدك، وأهلك بهم عدوك وعدوهم من الجن والإنس أجمعين.

اللهم اجعلنا لهم شيعة وأعوانا وأنصارا علي طاعتك وطاعة رسولك، وأحينا محياهم وأمتنا مماتهم، وأشهدنا مشاهدهم في الدنيا والآخرة " إلي أن قال:

" اللهم أدخلني في أوليائك وحبب إلي مشاهدهم وشهادتهم في الدنيا والآخرة إنك علي كل شئ قدير.

ثم قال: " اللهم اجعلني ممن ينصره وينتصر به لدينك في الدنيا والآخرة " إلي أن قال:

" اللهم اجعلني ممن له مع الحسين بن علي (عليه السلام) قدم ثابت، وأثبتني فيمن يستشهد معه " (1).

الخامس والأربعون:

ما رواه الشيخ الثقة الجليل علي بن إبراهيم بن هاشم في " تفسيره " - في أوائله بعد تسع ورقات من أول النسخة المنقول منها في بحث الرد علي من أنكر الرجعة - قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالي * (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به

ص :306


1- 1 - كامل الزيارات: 236 - 254 / 21.

ولتنصرنه) * (1).

قال: " ما بعث الله نبيا من لدن آدم وهلم جرا إلا ويرجع إلي الدنيا فينصر رسول الله (صلي الله عليه وآله) و (أمير المؤمنين، وهو قوله * (لتؤمنن به - يعني رسول الله) (2) ولتنصرنه) * أمير المؤمنين " (3).

ورواه الحسن بن سليمان بن خالد القمي في رسالته نقلا من " مختصر البصائر " لسعد بن عبد الله بسند آخر (4).

السادس والأربعون:

ما رواه علي بن إبراهيم أيضا في أوائل " تفسيره " مرسلا في قوله تعالي * (وعد الله الذين آمنوا منكم - يا معشر الأئمة - وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضي لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا) * (5) قال: هذا مما يكون في الرجعة (6).

السابع والأربعون:

ما رواه علي بن إبراهيم أيضا فيه مرسلا في قوله تعالي * (ونريد أن نمن علي الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين * ونمكن لهم في الأرض) * (7) قال: هذا مما يكون في الرجعة (8).

الثامن والأربعون:

ما رواه أيضا فيه قال: حدثني أبي، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، قال: ذكر عند أبي جعفر (عليه السلام) جابر، فقال: " رحم الله جابرا لقد

ص :307


1- 1 - سورة آل عمران 3: 81.
2- 2 - ما بين القوسين لم يرد في نسخة " ش ".
3- 3 - تفسير القمي 1: 25 - الرد علي من أنكر الرجعة، باختلاف، وص 106، نصا.
4- 4 - مختصر البصائر: 112 / 86.
5- 5 - سورة النور 24: 55.
6- 6 - تفسير القمي 1: 25 - مقدمة الكتاب.
7- 7 - سورة القصص 28: 5 - 6.
8- 8 - تفسير القمي 1: 25 مقدمة الكتاب.

بلغ من علمه أنه كان يعرف تأويل هذه الآية * (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلي معاد) * (1) يعني الرجعة " (2).

التاسع والأربعون:

ما رواه الشيخ المفيد في " الإرشاد " - في إخبار أمير المؤمنين (عليه السلام) - في فصل منفرد قال: ومن كلامه (عليه السلام) ما رواه الخاصة والعامة أنه (عليه السلام) قال في خطبة له: " نحن أهل بيت من علم الله علمنا، وبحكم الله حكمنا، فإن تتبعوا آثارنا تهتدوا ببصائرنا، وإن لم تفعلوا يهلككم الله بأيدينا، ألا وبنا تدرك ترة (3) كل مؤمن، وبنا تخلع ربقة الذل من أعناقكم، وبنا فتح لا بكم، وبنا يختم لا بكم " (4).

الخمسون:

ما رواه علي بن عيسي في كتاب " كشف الغمة " نقلا من كتاب " الدلائل " لعبد الله بن جعفر الحميري - في دلائل الباقر (عليه السلام) - في حديث: " أن أباه أوصي إليه أن يغسله وقال: إن الإمام لا يغسله إلا إمام " (5).

أقول: هذا يؤيد ما روي: " أن الحسين (عليه السلام) يرجع ليغسل المهدي (عليه السلام) " (6).

الحادي والخمسون:

ما رواه أيضا فيه من طرق متعددة من كتب العامة والخاصة: " أن عيسي (عليه السلام) يرجع ويهبط إلي الأرض ويصلي خلف المهدي (عليه السلام) " (7).

ص :308


1- 1 - سورة القصص 28: 85.
2- 2 - تفسير القمي 2: 147.
3- 3 - ترة: بمعني مظلمة. انظر القاموس المحيط 2: 247 - وتر.
4- 4 - إرشاد المفيد 1: 240.
5- 5 - كشف الغمة 2: 137.
6- 6 - الكافي 8: 206 / 250، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، مختصر البصائر: 460.
7- 7 - كشف الغمة 2: 479 - 480.

الثاني والخمسون:

ما رواه الشيخ الجليل أمين الاسلام أبو علي الطبرسي في كتاب " مجمع البيان " في تفسير قوله تعالي * (فتلقي آدم من ربه كلمات) * (1).

عن النبي (صلي الله عليه وآله) أنه قال: " بادروا بالأعمال ستا: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، والدخان، ودابة الأرض، وخويصة (2) أحدكم الموت، وأمر العامة يعني القيامة " (3).

أقول: قد وردت الأحاديث الصريحة في أن دابة الأرض هي أمير المؤمنين (عليه السلام)، وقد تقدم ذلك، ويأتي مثله إن شاء الله.

الثالث والخمسون:

ما رواه الطبرسي أيضا فيه عند قوله تعالي * (يا عيسي إني متوفيك ورافعك إلي) * (4) قال: قد صح عنه (عليه السلام) أنه قال: " كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم " (5).

رواه البخاري ومسلم في الصحيح (6).

الرابع والخمسون:

ما رواه الطبرسي أيضا عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: " إن ذا القرنين كان عبدا صالحا، أحب الله فأحبه، ونصح لله فنصحه الله، أمر قومه بتقوي

ص :309


1- 1 - سورة البقرة 2: 37.
2- 2 - الخويصة: تصغير خاصة، والمراد بها حادثة الموت التي تخص كل انسان، وصغرت لاحتقارها في جنب ما بعدها من البعث والعرض والحساب. انظر لسان العرب 7: 25 - خصص.
3- 3 - مجمع البيان 1: 176.
4- 4 - سورة آل عمران 3: 55.
5- 5 - مجمع البيان 2: 373.
6- 6 - صحيح مسلم 1: 136 / 244، عن أبي هريرة، عن رسول الله (صلي الله عليه وآله)، صحيح البخاري 4: 205 - باب واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت...

الله فضربوه بالسيف علي قرنه فمات زمانا، ثم رجع إليهم فدعاهم إلي الله فضربوه علي قرنه الآخر بالسيف، فذلك قرناه، وفيكم مثله ". يعني نفسه (عليه السلام) (1).

الخامس والخمسون:

ما رواه أيضا عند قوله تعالي * (وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض) * (2).

عن حذيفة عن النبي (صلي الله عليه وآله) قال: " دابة الأرض لا يدركها طالب، ولا يفوتها هارب، تسم المؤمن بين عينيه، وتكتب بين عينيه: مؤمن، وتسم الكافر بين عينيه وتكتب بين عينيه: كافر " (3).

السادس والخمسون:

ما رواه أيضا فيه عن النبي (صلي الله عليه وآله) أنه قال: " يكون للدابة ثلاث خرجات من الدهر: خروجا بأقصي المدينة فيفشو ذكرها بالبادية، ولا يدخل ذكرها القرية - يعني مكة - " (4) ثم ذكر تفصيل المرات الثلاث، وأنها تسم المؤمن في وجهه، والكافر في وجهه، ويكتب علي وجه كل أحد مؤمن أو كافر.

السابع والخمسون:

ما رواه الطبرسي أيضا عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: " أنا صاحب العصا والميسم " (5).

الثامن والخمسون:

ما رواه الكليني في زيارة طويلة لأمير المؤمنين (عليه السلام) قال:

" أشهد أنك صاحب العصا والميسم " (4).

التاسع والخمسون:

ما رواه علي بن إبراهيم في " تفسيره " ونقله عنه الطبرسي

ص :310


1- 1 - مجمع البيان 6: 435 - آية * (ويسألونك عن ذي القرنين) *.
2- 2 - سورة النمل 27: 82.
3- 3 و 4 - مجمع البيان 7: 429. 5 - مجمع البيان 7: 429.
4- 6 - الكافي 4: 570، وفيه: السلام عليك. بدل: أشهد أنك.

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال رجل لعمار بن ياسر: آية في كتاب الله أفسدت قلبي، قال عمار: أية آية هي؟ قال: هذه الآية * (وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم) * (1) فقال عمار: والله لا أجلس ولا آكل ولا أشرب حتي أريكها، فجاء عمار مع الرجل إلي أمير المؤمنين (عليه السلام) - وهو يأكل تمرا وزبدا - فقال: يا أبا اليقظان هلم، فجلس عمار يأكل معه، فتعجب الرجل، فلما قام عمار، قال الرجل: سبحان الله حلفت أنك لا تأكل ولا تشرب ولا تجلس حتي ترينها؟ قال عمار: قد أريتكها إن كنت تعقل " (2).

الستون:

ما رواه الطبرسي أيضا نقلا عن تفسير " العياشي " أنه روي مثل هذه القصة بعينها عن أبي ذر أيضا (3).

الحادي والستون:

ما رواه الشيخ أبو جعفر الطوسي في آخر كتاب " الغيبة " عن الفضل بن شاذان، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن جابر الجعفي، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: " والله ليملكن منا أهل البيت رجل بعد موته ثلاثمائة سنة يزداد تسعا، قلت: متي يكون ذلك؟ قال: بعد القائم، قلت:

وكم يقوم القائم في عالمه؟ قال: تسع عشرة سنة، ثم يخرج المنتصر فيطلب بدم الحسين (عليه السلام) ودماء أصحابه، فيقتل ويسير حتي يخرج السفاح " (4).

أقول: الظاهر أن قوله: " ثلاثمائة سنة " ظرف للموت، بمعني أنه يملك بعد مضي موته ثلاثمائة سنة، وليس بصريح في أنه يملك بعدها بغير فصل، بل إذا خرج بعد ذلك بألف سنة صدقت البعدية المذكورة، والحكمة في عدم ذكر الفاصلة

ص :311


1- 1 - سورة النمل 27: 82.
2- 2 - تفسير القمي 2: 131، وعنه في مجمع البيان 7: 429.
3- 3 - مجمع البيان 7: 430.
4- 4 - كتاب الغيبة: 478 / 505.

لا تخفي.

وقوله: " يزداد تسعا " يحتمل أن يراد بها الزيادة في مدة موته، وأن يراد بها مدة ملكه، لأنها زيادة علي عمره الأول، ويحتمل أن يكون مجموع الثلاثمائة والتسعة مدة ملكه كما لا يخفي.

وقوله: " بعد القائم " يمكن أن يراد به بعد غيبته أو خروجه، ويمكن أن يقرأ " بعد " بضم العين فعلا ماضيا، والقائم الثاني يحتمل المهدي، المذكور أولا علي بعض الوجوه.

وقوله: " ثم يخرج المنتصر " لا يلزم كونه بعد القائم، بل يحتمل الحمل علي أنه عطف علي قوله " ليملكن " ولا يبعد أن يكون المراد ب " المنتصر " الحسين و ب " السفاح " أمير المؤمنين (عليه السلام).

وقد وقع التصريح بالثاني في رسالة الحسن بن سليمان بن خالد القمي في رواية هذا الحديث.

ويأتي إن شاء الله مزيد تحقيق للحال والله أعلم.

الثاني والستون:

ما رواه الشيخ الجليل أبو محمد الحسن بن محمد الديلمي في كتاب " إرشاد القلوب إلي الصواب " في الباب الخامس (1) عشر في أشراط الساعة - قال: خطب الناس رسول الله (صلي الله عليه وآله) فقال: " أفضل (2) الحديث كتاب الله، وأفضل الهدي هدي الله، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة - إلي أن قال -: لا تقوم الساعة حتي يقبض العلم، ويكثر الزلزال، وتطلع الشمس من مغربها، وتخرج الدابة، ويظهر الدجال، وينزل عيسي بن مريم " (3) الحديث.

ص :312


1- 1 - كذا في نسخة " ش " والمطبوع، ولكن في المصدر المتوفر لدينا: السادس.
2- 2 - في المصدر: أصدق.
3- 3 - إرشاد القلوب: 66 - الباب السادس عشر.

الثالث والستون:

ما رواه علي بن إبراهيم بن هاشم في " تفسيره " في قوله تعالي * (وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته) * (1) قال: روي " أن رسول الله (صلي الله عليه وآله) إذا رجع آمن الناس كلهم " (2).

الرابع والستون:

ما رواه علي بن إبراهيم أيضا فيه عند هذه الآية قال: حدثني أبي، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن أبي حمزة، عن شهر بن حوشب، قال: قال لي الحجاج: آية في كتاب الله قد أعيتني، قلت: أيها الأمير أية آية؟ قال: قوله تعالي * (وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته) * (3) والله إني لآمر باليهودي والنصراني فتضرب عنقه، ثم أرمقه (4) فما أراه يحرك شفتيه حتي يخمد، فقلت: ليس علي ما تأولت، إن عيسي ينزل قبل يوم القيامة إلي الدنيا، فلا يبقي أهل ملة يهودي ولا غيره إلا آمن به قبل موته، ويصلي خلف المهدي. قال: أني لك هذا؟ قلت: حدثني به محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال:

جئت بها من عين صافية (5).

الخامس والستون:

ما رواه أيضا فيه عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالي * (إن الله قادر علي أن ينزل آية) * (6) قال: " سيريك في آخر الزمان آيات منها: دابة الأرض، والدجال، ونزول عيسي بن مريم، وطلوع الشمس من

ص :313


1- 1 - سورة النساء 4: 159.
2- 2 - تفسير القمي 1: 158.
3- 3 - سورة النساء 4: 159.
4- 4 - رمقه: لحظه لحظا خفيفا. القاموس المحيط 3: 322 - رمق.
5- 5 - تفسير القمي 1: 158.
6- 6 - سورة الأنعام 6: 37.

مغربها " (1).

السادس والستون:

ما رواه أيضا فيه عند قوله تعالي * (الذين آمنوا به - يعني برسول الله - وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معه) * (2) يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: أخذ الله ميثاق الرسول علي الأنبياء أن يخبروا أممهم به وينصروه، فقد نصروه بالقول وأمروا أممهم بذلك، وسيرجع رسول الله ويرجعون وينصرونه في الدنيا (3).

السابع والستون:

ما رواه أيضا فيه عند قوله تعالي * (أثم إذا ما وقع آمنتم به) * (4) قال: أي صدقتم به في الرجعة، فيقال لهم: الآن تؤمنون به - يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) (5) -.

الثامن والستون:

ما رواه أيضا فيه عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسي، عن ربعي بن عبد الله، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل * (يوم ندعوا كل أناس بإمامهم) * (6) قال: " يجئ رسول الله (صلي الله عليه وآله) في قرية (7) ويجئ علي (عليه السلام) في قرية، والحسن في قرية، والحسين (عليه السلام) في قرية، وكل من مات بين ظهراني قوم

ص :314


1- 1 - تفسير القمي 1: 198.
2- 2 - سورة الأعراف 7: 157.
3- 3 - تفسير القمي 1: 242.
4- 4 - سورة يونس 10: 51.
5- 5 - تفسير القمي 1: 312.
6- 6 - سورة الإسراء 17: 71.
7- 7 - كذا في المطبوع ونسخة " ش " وفي المصدر: قومه، وعنه في البحار: قرنه، بضم القاف بمعني: أهل زمان واحد. انظر القاموس المحيط 4: 259 - قرن. وكذلك الموارد التي تليها.

جاءوا معه " (1).

أقول: في بعض النسخ كما نقلنا " قرية " بالياء المثناة التحتانية، والمراد حينئذ الرجعة قطعا إذ لا قرية في القيامة، والقرية تطلق علي المدينة العظيمة، وفي بعض النسخ " قرنه " بالنون، وحينئذ يحتمل إرادة الرجعة ويحتمل إرادة القيامة.

التاسع والستون:

ما رواه علي بن إبراهيم أيضا في " تفسيره " مرسلا في قوله تعالي * (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض) * (2) قال: " خاطب الله الأئمة (عليهم السلام) ووعدهم أن يستخلفهم في الأرض من بعد ظلمهم وغصبهم، وهذا مما تأويله بعد تنزيله " (3).

السبعون:

ما رواه أيضا فيه رفعه قال: " وبشر الله نبيه وأهل بيته، أن يتفضل عليهم بعد ذلك، ويجعلهم خلفاء في الأرض وأئمة علي أمته، ويردهم إلي الدنيا مع أعدائهم حتي ينتصفوا منهم " (4).

الحادي والسبعون:

ما رواه أيضا فيه مرسلا في قوله تعالي * (ونري فرعون وهامان وجنودهما) * (5) قال: " هم الذين غصبوا آل محمد حقهم * (ما كانوا يحذرون) * قال: من القتل والعذاب، حين يردهم ويرد أعداءهم إلي الدنيا حتي يقتلوهم " (6).

الثاني والسبعون:

ما رواه أيضا فيه قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن

ص :315


1- 1 - تفسير القمي 2: 23، وعنه في البحار 8: 9 / 1.
2- 2 - سورة النور 24: 55.
3- 3 - تفسير القمي 2: 108.
4- 4 - نفس المصدر 2: 133.
5- 5 - سورة القصص 28: 6.
6- 6 - تفسير القمي 2: 133.

أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: " انتهي رسول الله (صلي الله عليه وآله) إلي أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو نائم في المسجد، فحركه من رجليه وقال: قم يا دابة الأرض (1)، فقال رجل: يا رسول الله أيسمي بعضنا بعضا بهذا الاسم؟ فقال: لا والله ما هو إلا له خاصة، وهو الدابة التي ذكرها الله في كتابه، فقال * (وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم) * (2).

ثم قال: يا علي إذا كان في آخر الزمان، أخرجك الله في أحسن صورة، ومعك ميسم تسم به أعداءك " (3) الحديث.

الثالث والسبعون:

ما رواه علي بن إبراهيم أيضا في " تفسيره " عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن المفضل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالي * (ويوم نحشر من كل أمة فوجا) * (4) قال: " ليس أحد من المؤمنين قتل إلا يرجع حتي يموت، ولا يرجع إلا من محض (5) الإيمان محضا أو محض الكفر محضا " (6).

أقول: ومثل هذا كثير جدا تقدم بعضه، ولا يخفي أن هذا دال علي رجعتهم (عليهم السلام) بطريق الأولوية، مضافا إلي التصريحات الكثيرة.

الرابع والسبعون:

ما رواه أيضا فيه عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سئل عن جابر، فقال: " رحم الله جابرا، لقد بلغ من فقهه أنه كان

ص :316


1- 1 - في المصدر: يا دابة الله.
2- 2 - سورة النمل 27: 82.
3- 3 - تفسير القمي 2: 130.
4- 4 - سورة النمل 27: 83.
5- 5 - المحض: الخالص. انظر القاموس المحيط 2: 524 - محض.
6- 6 - تفسير القمي 2: 131.

يعرف تأويل هذه الآية * (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلي معاد) * (1) يعني الرجعة " (2).

الخامس والسبعون:

ما رواه أيضا فيه قال: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن يحيي الحلبي، عن عبد الحميد الطائي، عن أبي خالد الكابلي، عن علي بن الحسين (عليه السلام) في قوله تعالي * (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلي معاد) * (3) قال: " يرجع إليكم نبيكم (صلي الله عليه وآله) وأمير المؤمنين والأئمة (عليهم السلام) " (4).

السادس والسبعون:

ما رواه أيضا في قوله تعالي * (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا) * (5) قال: " هو الرجعة إذا رجع رسول الله (صلي الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) " (6).

السابع والسبعون:

ما رواه أيضا فيه عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن جميل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: قول الله عز وجل * (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا) * (7) قال: " ذلك والله في الرجعة، أما علمت أن الأنبياء لم ينصروا في الدنيا وقتلوا، والأئمة من بعدهم لم ينصروا وقتلوا، وذلك في الرجعة " (8).

ورواه سعد بن عبد الله في " مختصر البصائر " كما نقله عنه الحسن بن سليمان بن

ص :317


1- 1 - سورة القصص 28: 85.
2- 2 - تفسير القمي 2: 147.
3- 3 - سورة القصص 28: 85.
4- 4 - تفسير القمي 2: 147.
5- 5 - سورة غافر 40: 51.
6- 6 - تفسير القمي 2: 258.
7- 7 - سورة غافر 40: 51.
8- 8 - تفسير القمي 2: 258 - 259.

خالد في " رسالته " (1).

الثامن والسبعون:

ما رواه أيضا في قوله تعالي * (ويريكم آياته) * (2) قال:

" يعني أمير المؤمنين والأئمة (عليهم السلام) في الرجعة، فإذا رأوهم * (قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين * فلم يك ينفعهم ايمانهم لما رأوا بأسنا) * (3) " (4).

التاسع والسبعون:

ما رواه أيضا فيه في قوله تعالي * (وتري الظالمين - آل محمد حقهم - لما رأوا العذاب - وعلي هو العذاب في الرجعة - يقولون هل إلي مرد من سبيل) * (5) فنوالي عليا (6)؟!

الثمانون:

ما رواه أيضا فيه مرسلا قال: ذكر الله الأئمة فقال * (وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون) * (7) أي: فإنهم يرجعون إلي الدنيا (8).

الحادي والثمانون:

ما رواه أيضا فيه في قوله تعالي * (ووصينا الانسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها) * (9) يعني الحسين، وذلك أن الله أخبر رسول الله (صلي الله عليه وآله) وبشره بالحسين (عليه السلام) قبل حمله، وأن الإمامة تكون في ذريته إلي يوم القيامة، ثم أخبره بما يصيبه من القتل والمصيبة في نفسه وولده، ثم عوضه بأن جعل الإمامة في عقبه، وأعلمه أنه يقتل، ثم يرده إلي الدنيا فينصره حتي يقتل

ص :318


1- 1 - مختصر البصائر: 91 / 60 - باب الكرات وحالاتها.
2- 2 - سورة غافر 40: 81.
3- 3 - سورة غافر 40: 84 - 85.
4- 4 - تفسير القمي 2: 261.
5- 5 - سورة الشوري 42: 44.
6- 6 - تفسير القمي 2: 278.
7- 7 - سورة الزخرف 43: 28.
8- 8 - تفسير القمي 2: 283.
9- 9 - سورة الأحقاف 46: 15.

أعداءه، ويملكه الأرض، وهو قوله * (ونريد أن نمن علي الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض) * (1). (2).

الثاني والثمانون:

ما رواه أيضا فيه في قوله تعالي * (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) * (3) قال: " بشر الله نبيه أن أهل بيته يملكون الأرض، ويرجعون إليها، ويقتلون أعداءهم، فأخبر رسول الله (صلي الله عليه وآله) فاطمة (عليها السلام) بخبر الحسين (عليه السلام) وقتله فحملته كرها ".

ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): " فهل رأيتم أحدا يبشر بولد ذكر فتحمله كرها؟ أي أنها اغتمت وكرهت لما أخبرت بقتله " (4).

الثالث والثمانون:

ما رواه أيضا فيه قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحيم القصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن * (ن والقلم) * وذكر الحديث - إلي أن قال -: " * (إذا تتلي عليه آياتنا - قال: كني عن الثاني - قال أساطير الأولين - أي أكاذيب الأولين - سنسمه علي الخرطوم) * (5) قال: في الرجعة إذا رجع أمير المؤمنين (عليه السلام) ورجع أعداءه، فيسمهم بميسم معه، كما توسم البهائم علي الخراطيم. أي علي الأنف والشفتين " (6).

الرابع والثمانون:

ما رواه أيضا فيه عن أبيه، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) في قوله تعالي * (وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا) * (7)

ص :319


1- 1 - سورة القصص 28: 5.
2- 2 - تفسير القمي 2: 297.
3- 3 - سورة الأنبياء 21: 105.
4- 4 - تفسير القمي 2: 297.
5- 5 - سورة القلم 68: 1 و 15 - 16.
6- 6 - تفسير القمي 2: 379 و 381.
7- 7 - سورة الجن 72: 18.

قال: " المساجد: الأئمة - إلي أن قال - * (حتي إذا رأوا ما يوعدون - قال: القائم وأمير المؤمنين (عليهما السلام) في الرجعة - فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا) * (1) " (2).

الخامس والثمانون:

ما رواه أيضا فيه في قوله تعالي * (قتل الانسان - أي أمير المؤمنين (عليه السلام) - ما أكفره - أي ما فعل وأذنب حتي قتلتموه - ثم السبيل يسره - قال: يسر له طريق الخير - ثم إذا شاء أنشره - قال: في الرجعة - كلا لما يقض ما أمره) * (3) أي لم يقض أمير المؤمنين (عليه السلام) ما قد أمره، وسيرجع حتي يقضي ما أمره (4).

السادس والثمانون:

ما رواه أيضا فيه قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر، عن جميل بن دراج، عن أبي أسامة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قوله تعالي * (قتل الانسان ما أكفره) * قال: " نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) * (ما أكفره) * يعني بقتلكم إياه * (من أي شئ خلقه) * يقول: من طينة الأنبياء * (خلقه فقدره - للخير - ثم السبيل يسره) * يعني سبيل الهدي * (ثم أماته فأقبره * ثم إذا شاء أنشره) * قال: في الرجعة * (كلا لما يقض ما أمره) * (5) قال: يمكث بعد قتله في الرجعة فيقض ما أمره " (6).

السابع والثمانون:

ما رواه أيضا فيه عن جعفر بن أحمد، عن عبد الله بن موسي، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في

ص :320


1- 1 - سورة الجن 72: 24.
2- 2 - تفسير القمي 2: 390 - 391.
3- 3 - سورة عبس 80: 17 و 20 و 22 - 23.
4- 4 - تفسير القمي 2: 405.
5- 5 - سورة عبس 80: 17 - 23.
6- 6 - تفسير القمي 2: 405 - 406.

قوله تعالي * (والسماء والطارق) * قال: " السماء هنا أمير المؤمنين (عليه السلام) - إلي أن قال - قلت: * (النجم الثاقب) * (1) قال: ذاك رسول الله (صلي الله عليه وآله).

ثم قال * (إنه علي رجعه لقادر) * (2) كما خلقه من نطفة يقدر أن يرده إلي الدنيا وإلي القيامة " (3).

الثامن والثمانون:

ما رواه الشيخ الجليل تقي الدين إبراهيم بن علي العاملي الكفعمي في " المصباح " - في الفصل السادس والأربعين في جملة الدعاء الذي يدعي به بعد صلاة العيد -: " اللهم صل علي محمد وعلي أئمة الهدي، الأئمة المهديين، والحجج علي خلقك - إلي أن قال -: اللهم اشعب بهم الصدع، وارتق بهم الفتق، وأمت بهم الجور، وأظهر بهم العدل، وزين بطول بقائهم الأرض، وأيدهم بنصرك، وانصرهم بالرعب، وقو ناصريهم، واخذل خاذليهم، ودمدم علي من نصب لهم، وأعز بهم المؤمنين، وأذل (4) بهم المنافقين " (5) الدعاء.

التاسع والثمانون:

ما رواه الشيخ الثقة الجليل أبو عمرو الكشي في " كتاب الرجال " - في ترجمة جابر بن عبد الله الأنصاري - عن أحمد بن علي القمي السلولي، عن إدريس بن أيوب القمي، عن الحسين بن سعيد، عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) (قال: " جابر يعلم " وأثني عليه خيرا، قال: فقلت له: وكان من أصحاب علي (عليه السلام)؟) (6) قال: " كان جابر يعلم قول

ص :321


1- 1 - سورة الطارق 86: 1 و 3.
2- 2 - سورة الطارق 86: 8.
3- 3 - تفسير القمي 2: 415.
4- 4 - في النسخة المطبوعة: واخذل.
5- 5 - مصباح الكفعمي: 653 - الفصل السادس والأربعون.
6- 6 - ما بين القوسين لم يرد في نسخة " ش ".

الله عز وجل * (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلي معاد) * (1) " (2).

التسعون:

ما رواه الكشي أيضا في " كتاب الرجال " عن أحمد بن علي، عن إدريس، عن الحسين بن بشير، عن هشام بن سالم، عن محمد بن مسلم وزرارة قالا: سألنا أبا جعفر (عليه السلام) عن أحاديث فرواها لنا عن جابر، فقلنا: ما لنا ولجابر؟ فقال: " بلغ من إيمانه أنه يقرأ هذه الآية * (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلي معاد) * (3) " (4).

الحادي والتسعون:

ما رواه أيضا فيه عن أحمد بن علي القمي، عن شقران السلولي، عن إدريس، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن إسماعيل، عن ابن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت: ما لنا ولجابر تروي عنه؟ فقال:

" يا زرارة إن جابرا كان يعلم تأويل هذه الآية * (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلي معاد) * (5) " (6).

الثاني والتسعون:

ما تضمنته الصحيفة الشريفة الكاملة المتواترة وسندها معلوم، وذلك في دعائه (عليه السلام) يوم الأضحي والجمعة " اللهم صل علي محمد وآل محمد إنك حميد مجيد، كصلواتك وبركاتك علي أصفيائك إبراهيم وآل إبراهيم، وعجل الفرج والروح والنصرة والتمكين والتأييد لهم، اللهم واجعلني من أهل التوحيد والإيمان بك والتصديق برسولك، والأئمة الذين حتمت طاعتهم ممن

ص :322


1- 1 - سورة القصص 28: 85.
2- 2 - رجال الكشي: 43 / 90.
3- 3 - سورة القصص 28: 85.
4- 4 - رجال الكشي: 43 / 91.
5- 5 - سورة القصص 28: 85.
6- 6 - رجال الكشي: 43 / 92، وفيه: أحمد بن علي القمي شقران السلولي، والظاهر هو من سهو الطباعة.

يجري ذلك به وعلي يديه آمين رب العالمين " (1).

الثالث والتسعون:

ما رواه الشيخ أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في كتاب " الاحتجاج " - في احتجاج رسول الله (صلي الله عليه وآله) - عن معمر بن راشد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث: " أن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال: ومن ذريتي المهدي، إذا خرج نزل عيسي بن مريم لنصرته، فقدمه وصلي خلفه " (2).

الرابع والتسعون:

ما رواه الطبرسي أيضا في " الاحتجاج " في أواخره عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري أنه قال: خرج من الناحية المقدسة بعد المسائل " بسم الله الرحمن الرحيم - إلي أن قال -: إذا أردتم التوجه بنا إلي الله، فقولوا كما قال الله * (سلام علي إل ياسين) * (3) السلام عليك يا داعي الله - إلي أن قال -: أشهدك يا مولاي أني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، لا حبيب إلا هو وأهله.

وأشهد أن أمير المؤمنين حجته، والحسن حجته، والحسين حجته، وعلي بن الحسين حجته، ومحمد بن علي حجته، وجعفر بن محمد حجته، وموسي بن جعفر حجته، وعلي بن موسي حجته، ومحمد بن علي حجته، وعلي بن محمد حجته، والحسن بن علي حجته.

وأشهد أنك (4) حجة الله، أنتم الأول والآخر، وأن رجعتكم حق لا ريب فيها يوم * (لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في ايمانها خيرا) * (5)

ص :323


1- 1 - الصحيفة الكاملة السجادية: 225.
2- 2 - الاحتجاج 1: 107.
3- 3 - سورة الصافات 37: 130.
4- 4 - في نسخة " ش ": أنكم.
5- 5 - سورة الأنعام 6: 158.

وأن الموت حق، وأن ناكرا ونكيرا حق، وأن النشر حق، والبعث حق " (1) الحديث.

الخامس والتسعون:

ما رواه الشيخ الثقة الجليل قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي في نوادر المعجزات من كتاب " الخرائج والجرائح " - في فصل الرجعة - عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن ابن فضيل، عن سعد الجلاب، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " قال الحسين (عليه السلام) لأصحابه - قبل أن يقتل -: إن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال لي: يا بني إنك ستساق إلي العراق، وإنك تستشهد ويستشهد معك جماعة من أصحابك، لا يجدون ألم مس الحديد، وتلا * (قلنا يا نار كوني بردا وسلاما علي إبراهيم) * (2) يكون الحرب عليك وعليهم بردا وسلاما، فأبشروا فوالله لئن قتلونا فإنا نرد إلي نبينا.

قال: ثم أمكث ما شاء الله فأكون أول من تنشق عنه الأرض، فأخرج خرجة توافق خرجة أمير المؤمنين (عليه السلام) وقيام قائمنا.

ثم لينزلن عيسي ووفد من السماء من عند الله لم ينزلوا إلي الأرض قط، ولينزلن إلي جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وجنود من الملائكة، وليركبن (3) محمد وعلي وأنا وأخي وجميع من من الله عليه في حمولات من حمولات الرب، جمال من نور لم يركبها مخلوق.

ثم ليهزن محمدا لواءه، وليدفعنه إلي قائمنا مع سيفه.

ثم إنا نمكث ما شاء الله.

ثم إن الله يخرج من مسجد الكوفة عينا من ذهب، وعينا من ماء، وعينا من

ص :324


1- 1 - الاحتجاج 2: 591 - 593.
2- 2 - سورة الأنبياء 21: 69.
3- 3 - في المصدر: ولينزلن.

لبن.

ثم إن أمير المؤمنين (عليه السلام) يدفع إلي سيف رسول الله (صلي الله عليه وآله) فيبعثني إلي المشرق والمغرب، فلا آتي علي عدو إلا أهرقت دمه، ولا أدع صنما إلا أحرقته، حتي آتي علي الهند فأفتحها.

وإن دانيال ويونس يخرجان إلي أمير المؤمنين (عليه السلام) يقولان: صدق الله ورسوله، وليبعثن رسول الله (صلي الله عليه وآله) معهما إلي البصرة سبعين رجلا، فيقتلون مقاتليهم، ويبعث بعثا إلي الروم فيفتح الله له.

ثم لأقتلن كل دابة حرام أكلها، حتي لا يكون علي وجه الأرض إلا الطيب، وتعرض علي اليهود والنصاري وسائر أهل الملل كلها لأخيرهم بين الاسلام والسيف، فمن أسلم مننت عليه، ومن أبي الاسلام أهرق الله دمه، ولا يبقي أحد من شيعتنا إلا بعث الله إليه ملكا يمسح عن وجهه التراب، ويعرفه أزواجه ومنزلته في الجنة، ولا يبقي علي وجه الأرض أعمي ولا مقعد ولا مبتلي إلا كشف الله عنه بلاءه بنا أهل البيت.

ولتنزلن البركات من السماء إلي الأرض حتي أن الشجرة لتضعف بما يزيد الله فيها من الثمرة، ولتؤكل ثمرة الصيف في الشتاء، وثمرة الشتاء في الصيف، وذلك قوله تعالي * (ولو أهل القري آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا) * (1) ثم إن الله ليهب لشيعتنا كرامة لا يخفي عليهم شئ في الأرض وما كان فيها " (2).

ورواه الحسن بن سليمان بن خالد القمي في " رسالته " قال: رواه لي ورويته

ص :325


1- 1 - سورة الأعراف 7: 96.
2- 2 - الخرائج والجرائح 2: 848 / 63.

عنه المولي السعيد بهاء الدين علي ابن السعيد عبد الكريم بن عبد الحميد الحسيني بإسناده عن أبي سعيد سهل رفعه إلي أبي جعفر (عليه السلام) مثله (1).

السادس والتسعون:

ما رواه رئيس الطائفة أبو جعفر الطوسي في كتاب " الغيبة " قريبا من نصف الكتاب معلقا عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن علي بن سليمان بن رشيد، عن الحسن بن علي الخزاز قال: دخل علي بن أبي حمزة علي أبي الحسن الرضا (عليه السلام) فقال له: أنت إمام؟ فقال: " نعم " فقال: إني سمعت جدك جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول: لا يكون الإمام إلا وله عقب، فقال:

" أنسيت يا شيخ أم تناسيت؟ ليس هكذا قال جعفر (عليه السلام)، إنما قال جعفر (عليه السلام):

لا يكون الإمام إلا وله عقب، إلا الذي يخرج عليه الحسين بن علي (عليه السلام) فإنه لا عقب له " فقال له: صدقت جعلت فداك هكذا سمعت جدك يقول (2).

السابع والتسعون:

ما رواه الشيخ الطوسي أيضا في كتاب " الغيبة " - في فصل الأخبار المتضمنة لمن رأي صاحب الزمان (عليه السلام) ولم يعرفه ثم عرفه بعد - عن أحمد بن عبدون، عن محمد بن الشجاعي، عن محمد بن إبراهيم النعماني، عن يوسف بن أحمد الجعفري - وذكر حديثا طويلا جري له مع صاحب الزمان (عليه السلام) وبراهين رآها منه - إلي أن قال يوسف: فقلت له: متي يكون هذا الأمر؟ قال: " إذا حيل بينكم وبين سبيل الكعبة، واجتمع الشمس والقمر، واستدار بها الكواكب والنجوم " فقلت: متي يا بن رسول الله؟ فقال: " في سنة كذا وكذا، تخرج دابة الأرض بين الصفا والمروة، معه عصا موسي، وخاتم سليمان، ويسوق الناس إلي

ص :326


1- 1 - مختصر البصائر: 168 / 146.
2- 2 - الغيبة للطوسي: 224 / 188.

المحشر " (1) الحديث.

الثامن والتسعون:

ما رواه أيضا في أواخر كتاب " الغيبة " عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن يعقوب بن يزيد، عن علي بن الحكم، عن حماد بن عثمان، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: " مثل أمرنا في كتاب الله مثل صاحب الحمار أماته الله مائة عام ثم بعثه " (2).

أقول: المراد أمرهم في الرجعة كما هو ظاهر.

التاسع والتسعون: ما رواه أيضا فيه عن محمد بن عبد الله الحميري، عن أبيه، عن جعفر بن محمد الكوفي، عن إسحاق بن محمد، عن القاسم بن ربيع، عن علي بن خطاب، عن مؤذن مسجد الأحمر، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) هل في كتاب الله مثل القائم؟ فقال: " نعم، آية صاحب الحمار، أماته الله ثم بعثه " (3).

أقول: المراد بالقائم هنا معناه اللغوي أعني: من يقوم منهم في الرجعة، بقرينة آخر الحديث، والتصريح بالموت والبعث.

المائة:

ما رواه أيضا فيه عن ابن فضال، عن حماد، عن الحسين بن المختار، عن أبي بصير (4)، عن عامر بن واثلة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال: " عشر قبل الساعة لابد منها: السفياني، والدجال، والدخان، وخروج القائم،

ص :327


1- 1 - نفس المصدر: 266 / 228، وسند هذا الحديث متعلق بحديث رقم 225 من الغيبة، وأما سند حديثنا هذا فهو: أخبرنا جماعة، عن التلعكبري، عن أحمد بن علي الرازي، عن علي بن الحسين، عن رجل - ذكر أنه من أهل قزوين لم يذكر اسمه - عن حبيب بن محمد بن يونس بن شاذان الصنعاني، قال: دخلت علي علي بن إبراهيم بن مهزيار.....
2- 2 - الغيبة للطوسي: 422 / 404.
3- 3 - الغيبة للطوسي: 423 / 405.
4- 4 - في المصدر والبحار: عن أبي نصر.

وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسي بن مريم " (1) الحديث.

الأول بعد المائة:

ما رواه أيضا فيه عن سعد بن عبد الله، عن الحسن بن علي الزيتوني و عبد الله بن جعفر الحميري جميعا، عن أحمد بن هلال، عن الحسن بن محبوب، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) - في حديث يذكر فيه أحوال الغيبة وآخر الزمان يقول فيه -: " ويرون بدنا بارزا نحو عين الشمس، ومناديا: هذا أمير المؤمنين قد كر في هلاك الظالمين " (2).

الثاني بعد المائة:

ما رواه أيضا فيه عن الفضل بن شاذان، عن نصر بن مزاحم، عن أبي لهيعة (3)، عن أبي زرعة، عن عبد الله بن رزين، عن عمار بن ياسر أنه قال:

دعوة أهل بيت نبيكم في آخر الزمان، فالزموا الأرض وكفوا حتي ترد أوقاتها (4).

ثم ذكر جملة من علاماتها (5).

الثالث بعد المائة:

ما رواه أيضا فيه عن الفضل، عن علي بن الحكم، عن سفيان الجريري، عن أبي صادق، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " دولتنا آخر الدول، ولن يبقي أهل بيت لهم دولة إلا ملكوا قبلنا، لئلا يقولوا إذا رأوا سيرتنا: إذا ملكنا سرنا مثل سيرة هؤلاء، وهو قول الله تعالي * (والعاقبة للمتقين) * (6) " (7).

الرابع بعد المائة:

ما رواه الثقة الجليل سعد بن عبد الله في " مختصر البصائر "

ص :328


1- 1 - الغيبة للطوسي: 436 / 426.
2- 2 - الغيبة للطوسي: 440 / 431.
3- 3 - في المصدر المحقق نشر مؤسسة المعارف الإسلامية: ابن لهيعة، وما في طبعة مكتبة بصيرتي ص 268 مطابق لما في المتن، وكذلك البحار نقلا عن الغيبة.
4- 4 - في المصدر والبحار: حتي تروا قادتها.
5- 5 - الغيبة للطوسي: 441 / 432، وعنه في البحار 52: 212 / 60.
6- 6 - سورة الأعراف 7: 128، سورة القصص 28: 83.
7- 7 - الغيبة للطوسي: 472 / 493.

علي ما نقله عنه الحسن بن سليمان بن خالد القمي في " رسالته " - في باب الكرات وما جاء فيها - عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن المنخل بن جميل، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:

" ليس أحد من المؤمنين إلا وله قتلة وميتة، إنه من قتل نشر حتي يموت، ومن مات نشر حتي يقتل - إلي أن قال -: في قوله تعالي * (يا أيها المدثر * قم فأنذر) * (1) قال: يعني محمد (صلي الله عليه وآله) وقيامه في الرجعة.

وقوله: * (إنها لإحدي الكبر * نذيرا للبشر) * (2) يعني محمد (صلي الله عليه وآله) في الرجعة.

وقوله * (وما أرسلناك إلا كافة للناس) * (3) قال: في الرجعة.

وقوله * (هو الذي أرسل رسوله بالهدي ودين الحق ليظهره علي الدين كله) * (4) قال: في الرجعة ".

وفي قوله * (حتي إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد) * (5) قال: هو أمير المؤمنين (عليه السلام) في الرجعة.

قال: وقال أبو عبد الله (6) (عليه السلام): في قوله تعالي * (ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين) * (7) قال: " في الرجعة " (8).

الخامس بعد المائة:

ما رواه أيضا فيه بهذا الإسناد عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " إن

ص :329


1- 1 - سورة المدثر 74: 1 - 2.
2- 2 - سورة المدثر 74: 35 - 36.
3- 3 - سورة سبأ 34: 28.
4- 4 - سورة التوبة 9: 33 وسورة الصف 61: 9.
5- 5 - سورة المؤمنون 23: 77.
6- 6 - في المصدر: أبو جعفر (عليه السلام).
7- 7 - سورة الحجر 15: 2.
8- 8 - مختصر البصائر: 87 / 55.

المدثر (1) هو كائن في الرجعة، فقال له رجل: أحياة قبل القيامة وموت؟ قال:

فقال: نعم والله، لكفرة من الكفرات بعد الرجعة أشد من الكفرات قبلها " (2).

السادس بعد المائة:

ما رواه أيضا في " مختصر البصائر " علي ما نقل عنه عن عمر بن عبد العزيز، عن جميل بن دراج، عن المعلي بن خنيس وزيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعناه يقول: " أول من يكر في رجعته الحسين بن علي (عليه السلام)، يمكث في الأرض حتي يسقط حاجباه علي عينيه " (3).

السابع بعد المائة:

ما رواه أيضا فيه عن أحمد وعبد الله ابني محمد بن عيسي، عن ابن محبوب، عن أبي جميلة، عن أبان بن تغلب (4)، عن أبي عبد الله (عليه السلام): " أن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال: كيف أنتم معاشر قريش وقد كفرتم بعدي، ثم رأيتموني في كتيبة أضرب وجوهكم بالسيف ورقابكم، فقال جبرئيل: يا محمد إن شاء الله أنت أو علي بن أبي طالب، فقال رسول الله (صلي الله عليه وآله): أو علي بن أبي طالب؟ فقال جبرئيل:

واحدة لك واثنتان لعلي " (5).

أقول: المراد " واحدة لك في الرجعة، واثنتان لعلي (عليه السلام) ": إحداهما بعد الرسول (صلي الله عليه وآله) بخمس وعشرين سنة، وذلك بعد قتل عثمان، والأخري في الرجعة

ص :330


1- 1 - في نسخة " ش ": الكوثر.
2- 2 - مختصر البصائر: 114 / 89.
3- 3 - مختصر البصائر: 91 / 58.
4- 4 - في نسخة " ش " والمطبوعة زيادة: عن أبي بصير، حذفناه لأمرين: الأول: لعدم وروده في المختصر ولا في بقية المصادر كأمالي المفيد والبحار ومدينة المعاجز. وثانيا: ذيل الحديث، حيث وجه الإمام (عليه السلام) كلامه إلي أبان، قائلا: يا أبان السلام من ظهر الكوفة، وهذا يدل علي أن أبان هو الراوي للحديث عن الإمام (عليه السلام). انظر رجال البرقي: 16، رجال النجاشي: 10 / 7، رجال الطوسي: 151 / 176.
5- 5 - مختصر البصائر: 94 / 63، وعنه في البحار 53: 66 / 60، وعن بصائر الأشعري في مدينة المعاجز 3: 98 / 759، وأورده المفيد في الأمالي: 112 / 4.

وقد صرح بذلك في قوله: " وقد كفرتم بعدي ثم رأيتموني في كتيبة أضرب وجوهكم " إلي آخره.

الثامن بعد المائة:

ما رواه أيضا فيه عن ابن فضال، عن أبي المعزي، عن داود بن راشد، عن حمران بن أعين، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام) لنا: " إن أول من يرجع لجاركم الحسين بن علي (عليه السلام)، فيملك حتي تقع حاجباه علي عينيه من الكبر " (1).

ورواه بإسناد آخر (2).

التاسع بعد المائة:

ما رواه أيضا فيه عن أحمد بن محمد بن عيسي ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن محمد بن مسلم، قال: سمعت حمران بن أعين وأبا الخطاب يحدثان - قبل أن يحدث أبو الخطاب ما أحدث - أنهما سمعا أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " أول من تنشق عنه الأرض ويرجع إلي الدنيا الحسين بن علي (عليه السلام)، وأن الرجعة ليست بعامة وهي خاصة، لا يرجع إلا من محض الإيمان محضا، أو محض الشرك محضا " (3).

العاشر بعد المائة:

ما رواه أيضا فيه عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن محمد بن سنان، عن عبد الله بن مسكان، عن قيصر (4) بن أبي شيبة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في هذه الآية * (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه) * (5) قال:

" ليؤمنن برسول الله، ولينصرن أمير المؤمنين عليا (عليه السلام) قال: نعم والله، من لدن آدم

ص :331


1- 1 - نفس المصدر: 101 / 73، وعنه في البحار 53: 44 / ذيل حديث 14.
2- 2 - مختصر البصائر: 117 / 93، وعنه في البحار 53: 43 / 14.
3- 3 - نفس المصدر: 106 / 77، وعنه في البحار 53: 39 / 1.
4- 4 - في المصدر والبحار: فيض. بدل: قيصر.
5- 5 - سورة آل عمران 3: 81.

وهلم جرا، فلم يبعث الله نبيا ولا رسولا إلا رد جميعهم إلي الدنيا، حتي يقاتلوا (1) بين يدي علي بن أبي طالب (عليه السلام) " (2).

ورواه العياشي في " تفسيره " علي ما نقل عنه عن فيض بن أبي شيبة مثله (3).

الحادي عشر بعد المائة:

ما رواه أيضا فيه عن أحمد بن محمد، عن علي بن النعمان، عن عامر بن معقل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:

" لا ترفعوا عليا فوق ما رفعه الله ولا تضعوا عليا دون ما وضعه الله، كفي بعلي أن يقاتل أهل الكرة، ويزوج أهل الجنة " (4).

ورواه ابن بابويه في كتاب " الأمالي " - في المجلس الثامن والثلاثين - عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن علي بن الحكم ببقية السند مثله (5).

الثاني عشر بعد المائة:

ما رواه أيضا فيه عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن موسي بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن عبد الكريم بن عمرو، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " ما من إمام إلا ويكر في قرنه، ويكر معه البر والفاجر في دهره، حتي يميز (6) المؤمن من الكافر " (7).

أقول: هذا مخصوص بمن محض الإيمان محضا أو الكفر محضا لما مر.

ص :332


1- 1 - في المطبوع ونسخة " ش ": يقتلوا، وما أثبتناه من المصدر.
2- 2 - مختصر البصائر: 112 / 86، وعنه في البحار 53: 41 / 9.
3- 3 - تفسير العياشي 1: 181 / 76.
4- 4 - مختصر البصائر: 112 / 87.
5- 5 - أمالي الصدوق: 284 / 313، وأورده الصفار في بصائر الدرجات: 435 / 5.
6- 6 - في المختصر والبحار: يديل، وهو من الإدالة بمعني الغلبة والنصرة. انظر مجمع البحرين 5: 374 - دول.
7- 7 - مختصر البصائر: 116 / 91، ضمن حديث طويل، وعنه في البحار 53: 42 / 12.

الثالث عشر بعد المائة:

ما رواه أيضا فيه بالإسناد السابق قال: " إن إبليس قال * (انظرني إلي يوم يبعثون) * (1) فأبي الله ذلك وقال * (فإنك من المنظرين * إلي يوم الوقت المعلوم) * (2) فإذا كان ذلك اليوم ظهر إبليس في جميع أشياعه إلي يوم الوقت المعلوم، وهي آخر كرة يكرها أمير المؤمنين (عليه السلام)، قلت: وإنها لكرات؟ قال: نعم إنها لكرات، وما من إمام في قرن إلا ويكر في قرنه، يكر معه البر والفاجر حتي يميز المؤمن من الكافر، فإذا كان يوم الوقت المعلوم كر أمير المؤمنين (عليه السلام) وأصحابه، وإبليس وأصحابه، فيقتلون قتلا لم يقتل مثله قط - إلي أن قال -: فيهبط رسول الله (صلي الله عليه وآله) فيطعن إبليس طعنة يكون هلاكه وهلاك جميع أتباعه، ويملك أمير المؤمنين (عليه السلام) أربعا وأربعين ألف سنة، حتي يولد للرجل من شيعة علي (عليه السلام) ألف ولد من صلبه " (3) الحديث.

الرابع عشر بعد المائة:

ما رواه أيضا فيه عن أيوب بن نوح والحسن (4) بن علي (عليه السلام) بن عبد الله بن المغيرة، عن العباس بن عامر، عن سعيد بن جبير، وعن داود بن راشد، عن حمران بن أعين عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " أول من يرجع الحسين بن علي (عليه السلام)، فيمكث حتي تقع حاجباه علي عينيه من الكبر " (5).

الخامس عشر بعد المائة:

ما رواه أيضا فيه عن جماعة من أصحابنا، عن

ص :333


1- 1 - سورة الحجر 15: 37 وسورة ص 38: 80.
2- 2 - سورة الحجر 15: 38 وسورة ص 38: 81.
3- 3 - مختصر البصائر: 115 / 91، وعنه في البحار 53: 42 / 12.
4- 4 - في المطبوع: عن الحسن، وغير واضحة في المخطوطة، وما أثبتناه من المصدر والبحار ظاهرا هو الصحيح، لأن أيوب بن نوح لم تذكر كتب التراجم أنه يروي عن الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة، بل كلاهما يرويان عن العباس بن عامر.
5- 5 - مختصر البصائر: 117 / 93، وعنه في البحار 53: 43 / 14.

الحسن بن علي وإبراهيم بن إسحاق، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل * (إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا) * (1) فقال: " الأنبياء: رسول الله وإبراهيم وإسماعيل، والملوك: الأئمة " قلت: وأي ملك أعطيتم؟ قال: " ملك الجنة وملك الكرة " (2).

السادس عشر بعد المائة:

ما رواه أيضا فيه عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد ومحمد بن خالد البرقي، عن النضر بن سويد، عن يحيي بن عمران الحلبي، عن المعلي بن عثمان، عن المعلي بن خنيس، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): " أول من يرجع إلي الدنيا الحسين بن علي (عليه السلام)، فيملك حتي يسقط حاجباه علي عينيه من الكبر " (3).

السابع عشر بعد المائة:

ما رواه أيضا فيه بهذا الإسناد قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): في قوله تعالي * (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلي معاد) * (4) قال: " نبيكم (صلي الله عليه وآله) راجع إليكم " (5).

الثامن عشر بعد المائة:

ما رواه أيضا فيه عن محمد بن عيسي، عن الحسين بن سفيان، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " إن لعلي (عليه السلام) إلي الأرض كرة مع الحسين (عليه السلام)، يقبل برايته حتي ينتقم من بني أمية ومعاوية وآل معاوية، ثم يبعث الله إليهم بأنصاره يومئذ من الكوفة ثلاثين ألفا، ومن سائر الناس سبعين ألفا، فيقاتلهم بصفين مثل المرة الأولي، حتي يقتلهم فلا يبقي منهم مخبر.

ص :334


1- 1 - سورة المائدة 5: 20.
2- 2 - مختصر البصائر: 119 / 97، وعنه في البحار 53: 45 / 18.
3- 3 - نفس المصدر: 119 / 98، وعنه في البحار 53: 46 / 19.
4- 4 - سورة القصص 28: 85.
5- 5 - نفس المصدر: 120 / ذيل حديث 98، وعنه في البحار 53: 46 / ذيل حديث 19.

ثم كرة أخري مع رسول الله (صلي الله عليه وآله) حتي يكون خليفته في الأرض، يعطي الله نبيه ملك جميع أهل الدنيا حتي ينجز له موعوده في كتابه، كما قال * (ليظهره علي الدين كله ولو كره المشركون) * (1) " (2).

التاسع عشر بعد المائة:

ما رواه أيضا فيه عن موسي بن عمر، عن عثمان بن عيسي، عن خالد بن يحيي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث قال: " اتقوا دعوة سعد، قلت: وكيف ذلك؟ قال: إن سعدا يكر حتي يقاتل أمير المؤمنين (عليه السلام) " (3).

العشرون بعد المائة:

ما رواه الحسن بن سليمان بن خالد القمي أيضا في " رسالته " نقلا من كتاب " الواحدة " عن محمد بن الحسن بن عبد الله، عن جعفر بن محمد البجلي، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:

" قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن الله واحد أحد - إلي أن قال -: وأخذ الله ميثاق الأنبياء بالإيمان والنصرة لنا، وذلك قول الله عز وجل * (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه) * (4) يعني لتؤمنن بمحمد ولتنصرن وصيه، وسينصرونه جميعا.

وإن الله أخذ ميثاقي مع ميثاق محمد (صلي الله عليه وآله) بالنصرة بعضنا لبعض، فقد نصرت محمدا (صلي الله عليه وآله) وجاهدت بين يديه، وقتلت عدوه ووفيت لله بما أخذ علي من العهد والنصرة لمحمد (صلي الله عليه وآله)، ولم ينصرني أحد من أولياء الله ورسله، وذلك لما قبضهم الله إليه، وسوف ينصرونني ويكون لي ما بين مشرقها إلي مغربها، وسيبعثهم الله أحياء

ص :335


1- 1 - سورة التوبة 9: 33، سورة الصف 61: 9.
2- 2 - مختصر البصائر: 120 / 99، وعنه في البحار 53: 74 / 75.
3- 3 - نفس المصدر: 123 / ذيل حديث 99، وعنه في البحار 53: 75 / ذيل حديث 76.
4- 4 - سورة آل عمران 3: 81.

من آدم إلي محمد (صلي الله عليه وآله)، يضربون بالسيف هام الأموات والأحياء جميعا.

فيا عجبا من أموات يبعثهم الله أحياء زمرة بعد زمرة، قد شهروا سيوفهم يضربون بها هام الجبابرة وأتباعهم حتي ينجز لهم ما وعدهم في قوله * (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض) * (1) الآية.

وإن لي الكرة بعد الكرة، والرجعة بعد الرجعة، وأنا صاحب الكرات والرجعات، وصاحب الصولات والنقمات، والدولات العجيبات، وأنا دابة الأرض، وأنا صاحب العصا والميسم " (2) الحديث.

الحادي والعشرون بعد المائة:

ما رواه أيضا نقلا من " كتاب سليم بن قيس الهلالي " الذي رواه عنه أبان بن أبي عياش وقرأه جميعه علي علي بن الحسين (عليهما السلام) بحضور جماعة من أعيان الصحابة منهم أبو الطفيل عامر بن واثلة فأقره عليه مولانا زين العابدين (عليه السلام) وقال: " هذه أحاديثنا صحيحة ".

قال أبان: لقيت أبا الطفيل فحدثني في الرجعة عن أناس من أهل بدر: عن سلمان والمقداد وأبي بن كعب، فعرضت الذي سمعته منهم علي علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: " هذا علم خاص لا يسع الأمة جهله " ثم صدقني بكل ما حدثوني فيها، وتلا علي بذلك قراءة كثيرة حتي صرت ما أنا بيوم القيامة أشد يقينا مني بالرجعة.

فقلت له: يا أمير المؤمنين * (وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم) * (3) ما الدابة؟ قال: " يا أبا الطفيل اله عن هذا " قلت: أخبرني به، قال:

ص :336


1- 1 - سورة النور 24: 55.
2- 2 - مختصر البصائر: 130 / 102، وعنه في البحار 53: 46 / 20.
3- 3 - سورة النمل 27: 82.

" هي دابة تأكل الطعام، وتمشي في الأسواق، وتنكح النساء " قلت: من هو؟ قال:

" رب الأرض " قلت: من هو؟ قال: " صديق الأمة وفاروقها وذو قرنيها " قلت: من هو؟ قال: " * (الذي عنده علم الكتاب) * (1) * (والذي جاء بالصدق) * (2) والذي صدق به أنا، والناس كلهم كافرون، غيري وغير محمد (صلي الله عليه وآله) " قلت: سمه لي، قال:

" قد سميته لك، ثم قال: إن حديثنا صعب مستصعب " (3) الحديث.

الثاني والعشرون بعد المائة:

ما رواه الحسن بن سليمان أيضا نقلا من كتاب محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن حسان، عن أبي عبد الله الرياحي، عن أبي الصامت الحلواني (4)، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " قال أمير المؤمنين: أنا قسيم النار - إلي أن قال -: وإني لصاحب الكرات ودولة الدول، وإني لصاحب العصا والميسم، والدابة التي تكلم الناس " (5).

الثالث والعشرون بعد المائة:

ما رواه الحسن بن سليمان أيضا - في باب

ص :337


1- 1 - سورة النمل 27: 40.
2- 2 - سورة الزمر 39: 33.
3- 3 - مختصر البصائر: 145 / 112، وعنه في البحار 53: 68 / 66، سليم بن قيس 2: 561 - 564.
4- 4 - في نسخة " ش " والمطبوع: علي بن حسان وأبي عبد الله الرياحي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، وما أثبتناه من المصدر والبصائر والكافي والبحار، حيث الرياحي لم يعد من أصحاب الإمام الباقر (عليه السلام). وإن كان في البصائر: الحلوائي، إلا أنه سهو، فما في المصدر والكافي ظاهرا هو الصحيح، وقد عده البرقي من أصحاب الإمام الباقر (عليه السلام)، وزاد الشيخ عليه الإمام الصادق (عليه السلام). رجال البرقي: 15، رجال الطوسي: 141 / 7 و 339 / 24.
5- 5 - مختصر البصائر: 148 / 114، بصائر الدرجات: 219 / ذيل حديث 1، الكافي 1: 198 / ذيل حديث 3.

الكرات وحالاتها - عن السيد الجليل بهاء الدين علي بن عبد الحميد الحسيني بطريقه عن أحمد بن محمد الأيادي يرفعه إلي أحمد بن عقبة، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه سئل عن الرجعة أحق هي؟ قال: " نعم " قلت: من أول من يخرج؟ قال: " الحسين بن علي (عليه السلام) يخرج علي أثر القائم (عليه السلام) " قلت: ومعه الناس كلهم؟ قال: " لا، بل كما ذكر الله في كتابه * (فتأتون أفواجا) * (1) قوما بعد قوم " (2).

الرابع والعشرون بعد المائة:

ما رواه أيضا عنه (عليه السلام) قال: " يقبل الحسين (عليه السلام) في أصحابه الذين قتلوا معه، ومعه سبعون نبيا كما بعثوا مع موسي بن عمران، فيدفع إليه القائم الخاتم فيكون الحسين (عليه السلام) هو الذي يلي غسله وكفنه وحنوطه وإبلاغه (3) حفرته " (4).

الخامس والعشرون بعد المائة:

ما رواه أيضا فيه عن بهاء الدين المذكور بسنده إلي أسد بن إسماعيل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه سئل عن اليوم الذي ذكره الله في كتابه فقال * (في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة) * (5) فقال: " هي كرة رسول الله (صلي الله عليه وآله) فيكون ملكه في كرته خمسين ألف سنة، ويملك أمير المؤمنين (عليه السلام) في كرته أربعا وأربعين ألف سنة " (6).

أقول: قد استبعد منكر الرجعة أمثال هذا جدا مع أنه يحتمل الحمل علي

ص :338


1- 1 - سورة النبأ 78: 18.
2- 2 - مختصر البصائر: 165 / 139 - أحاديث الرجعة من غير طريق سعد بن عبد الله، وعنه في البحار 53: 103 / 130.
3- 3 - في المصدر: ويواري به في حفرته. وإبلاغه: إيصاله. لسان العرب 8: 419 - بلغ.
4- 4 - مختصر البصائر: 165 / 140، وعنه في البحار 53: 103 / قطعة من حديث 130.
5- 5 - سورة المعارج 70: 4.
6- 6 - مختصر البصائر: 166 / 143، وعنه في البحار 53: 104 / ذيل حديث 130، وأورده البحراني في تفسير البرهان 5: 487 / 19.

المبالغة وغيرها، وقد ذكر جمع من المفسرين في قوله تعالي * (كان مقداره خمسين ألف سنة) * وفي طول القيامة أنه يقضي فيه من الأمور ما يقضي في مثل هذه المدة، وأنه لشدته يري طوله كهذه المدة، وهذان الوجهان ممكنان هنا غير بعيدين. علي تقدير وجود معارض له صريح.

السادس والعشرون بعد المائة:

ما رواه أيضا نقلا عن ابن بابويه، عن محمد بن أحمد بن إبراهيم، عن محمد بن عبد الله بن الفرج، عن علي بن سنان المقرئ (1)، عن محمد بن سابق، عن زائدة، عن الأعمش، عن فرات القزاز (2)، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن حذيفة بن أسيد الغفاري، عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال: " لا ترون الساعة حتي تروا قبلها عشر آيات: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الأرض، وخروج عيسي بن مريم " (3) الحديث.

السابع والعشرون بعد المائة:

ما رواه الحسن بن سليمان أيضا نقلا من كتاب السيد رضي الدين علي بن طاووس قال: وجدت في كتاب جعفر بن محمد بن مالك الكوفي بإسناده إلي حمران بن أعين، قال: عمر الدنيا مائة ألف سنة، لسائر الناس عشرون ألف سنة، وثمانون ألف سنة لآل محمد (عليهم السلام) (4).

أقول: هذا أيضا لا يبعد أن يراد به المبالغة، وقد يراد به أن نسبة دولة أهل الدول إلي دولة آل محمد (عليهم السلام) كهذه النسبة يعني الخمس والله أعلم، هذا علي

ص :339


1- 1 - في المختصر: علي بن بنان المقرئ، وفي الخصال: علي بن بيان المقرئ.
2- 2 - في نسخة " ش " والمطبوعة: فرار الفزاري، وما أثبتناه من المختصر والخصال ظاهرا هو الصحيح لعدم ورود فرار في كتب التراجم ولا في المصادر التي أوردت الحديث.
3- 3 - مختصر البصائر: 475 / 522، عن الخصال: 449 / 52، وأورده باختلاف ابن حبان في صحيحه 15: 257 / 6843، والطبراني في معجمه الكبير 3: 172 / 3030، وغيرهما.
4- 4 - مختصر البصائر: 494 / 557.

تقدير وجود معارض ثابت له، وإلا فالاستبعاد ليس بشئ وهو بالنسبة إلي قدرة الله وقابلية أهله قليل كما لا يخفي.

الثامن والعشرون بعد المائة:

ما رواه رئيس المحدثين أبو جعفر ابن بابويه في " الأمالي " - في المجلس الثامن - عن محمد بن علي ماجيلويه، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن ثابت بن أبي صفية، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): " إن الله أمرني أن أقيم لكم عليا علما وإماما وخليفة ووصيا - إلي أن قال -: إن عليا صديق هذه الأمة، وفاروقها، ومحدثها، إنه هارونها، ويوشعها، وآصفها، وشمعونها، إنه باب حطتها، وسفينة نجاتها، إنه طالوتها، وذو قرنيها " (1) الحديث.

أقول: الحكم بمساواته (عليه السلام) للمذكورين يدل علي رجعته (عليه السلام)، لأن أكثرهم أو كلهم قد رجعوا كما مر، وأوضح ما فيه ذكر ذي القرنين، فإنه قد رجع - كما تقدم - وملك الأرض كلها، وقد مر حديث خاص بالحكم بمماثلته لعلي (عليه السلام)، فعلم أنه لا بد من رجعته وتملكه الدنيا كلها، مضافا إلي التصريحات الكثيرة.

التاسع والعشرون بعد المائة:

ما رواه ابن بابويه أيضا - في المجلس التاسع والثلاثين - عن محمد بن علي ماجيلويه، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد ابن هلال، عن الفضل بن دكين، عن معمر بن راشد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) في حديث أنه قال: " ومن ذريتي المهدي، إذا خرج نزل عيسي بن مريم فقدمه وصلي خلفه " (2).

ص :340


1- 1 - أمالي الصدوق: 83 / 49، وعنه في البحار 38: 93 / 7.
2- 2 - أمالي الصدوق: 287 / 320، وجامع الأخبار: 44 / 48، وعنهما في البحار 26: 319 / 1.

الثلاثون بعد المائة:

ما رواه ابن بابويه أيضا - في المجلس الرابع والسبعين - عن محمد بن موسي بن المتوكل، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، قال: حدثني من سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:

" لكل أناس دولة يرقبونها * ودولتنا في آخر الدهر تظهر " (1) أقول: الحمل علي الحقيقة في ضمير المتكلم ومعه غيره يدل علي الرجعة كما مر مرارا.

الحادي والثلاثون بعد المائة:

ما رواه أيضا - في المجلس الثالث والثمانين - عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن القاسم بن يحيي، عن جده الحسن بن راشد، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) أنه قال في حديث طويل: " يا علي إن لك بيتا (2) في الجنة، وأنت ذو قرنيها " (3).

قال صاحب النهاية فيه: " وأنت ذو قرنيها " أي طرفي الجنة. وقال أبو عبيد (4):

أراد ذو قرني الأمة (5) " انتهي ".

أقول: قد تقدم الكلام في مثله.

الثاني والثلاثون بعد المائة:

ما رواه الثقة الجليل محمد بن الحسن الصفار في كتاب " بصائر الدرجات " - في باب أن الأئمة (عليهم السلام) جري لهم ما جري لرسول الله (صلي الله عليه وآله) - عن علي بن حسان، عن أبي عبد الله الرياحي، عن أبي الصامت

ص :341


1- 1 - نفس المصدر: 578 / 791، وعنه في البحار 51: 143 / 3.
2- 2 - في المصدر: لك كنز.
3- 3 - أمالي الصدوق: 656 / 891، وعنه في البحار 39: 307 / 122.
4- 4 - في المطبوع: أبو عبيدة، وما في المتن من نسخة " ش ": وهو الصحيح كما في كتب الهروي.
5- 5 - النهاية في غريب الحديث لابن الأثير 4: 51 - 52، غريب الحديث لأبي عبيد 1: 412.

الحلواني (1)، عن أبي جعفر (عليه السلام) - في حديث - أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: " أنا قسيم الجنة والنار - إلي أن قال -: وإني لصاحب الكرات ودولة الدول، وإني لصاحب العصا والميسم، والدابة التي تكلم الناس " (2).

الثالث والثلاثون بعد المائة:

ما رواه أيضا - في الباب المذكور - عن أحمد بن محمد وعبد الله بن عامر، عن محمد بن سنان، عن مفضل الجعفي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في حديث: " أن عليا (عليه السلام) كثيرا ما يقول: أنا قسيم الجنة والنار، وأنا الفاروق الأكبر، وأنا صاحب العصا والميسم " (3) الحديث.

الرابع والثلاثون بعد المائة:

ما رواه أيضا في " أول الجزء الثالث (4) من بصائر الدرجات " عن يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن محمد بن حمران، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " حدث عن بني إسرائيل يا زرارة ولا حرج " قلت: إن في أحاديث الشيعة ما هو أعجب من أحاديثهم! فقال: " وأي شئ هو يا زرارة؟ " فاختلس في قلبي، فمكثت (5) ساعة لا أذكر ما أريد، فقال:

" لعلك تريد الرجعة؟ " (6) قلت: نعم، قال: " حدث بها فإنها حق " (7).

أقول: رجعة الشيعة ليست بأعجب من أحاديث بني إسرائيل، وإنما ذاك رجعة الأئمة (عليهم السلام).

ص :342


1- 1 - في البصائر: الحلوائي وهو سهو، وقد عده البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الباقر (عليه السلام). وقد تقدمت الإشارة إليه.
2- 2 - بصائر الدرجات: 219 / 1، وعنه في البحار 25: 353 / 3.
3- 3 - بصائر الدرجات: 220 / 3.
4- 4 - في المصدر: الخامس.
5- 5 - في نسخة " ش " والمطبوع: فكنت، وما أثبتناه من المصدر والبحار.
6- 6 - في المصدر والبحار: التقية.
7- 7 - بصائر الدرجات: 260 / 19، وعنه في البحار 2: 237 / 28.

الخامس والثلاثون بعد المائة:

ما رواه الشيخ الجليل علي بن محمد الخزاز القمي في كتاب " الكفاية " - في باب الحسن (عليه السلام) - قال: حدثنا محمد بن علي - يعني ابن بابويه - عن المظفر بن جعفر العلوي، عن جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه، عن جبرئيل بن أحمد، عن موسي بن جعفر البغدادي، عن الحسن بن محمد الصيرفي، عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي سعيد عقيصا، عن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) - في حديث طويل - قال: " أما علمتم أنه ما منا أحد إلا وتقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه (1) إلا القائم الذي يصلي خلفه روح الله عيسي بن مريم " (2) الحديث.

السادس والثلاثون بعد المائة:

ما رواه أيضا فيه - في باب ما جاء عن أبي هريرة - قال: حدثنا محمد بن عبد الله الشيباني، عن هشام (3) بن مالك أبي دلف الخزاعي، عن العباس بن الفرج الرياشي، عن شرجيل (4) بن أبي عون، عن يزيد بن عبد الملك، عن سعيد المقري، عن أبي هريرة، عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) في

ص :343


1- 1 - في نسخة " ش " والمطبوع: بيعة الطاغية في زمانه، وما أثبتناه من المصدر وبقية المصادر المثبتة أدناه. والمراد من البيعة ليست هذه البيعة المتعارفة في زمن الخلفاء وما بعدهم، حيث الناس يأتون الخليفة ويصافحونه، بل المراد من البيعة لطاغية زمانه أي لم يعاصره ويعايشه ويكون تحت إشرافه وسيطرته، كما كان آباؤه المظلومين صلوات الله عليهم، وإلا فجميع الأئمة (عليهم السلام) لم يبايعوا طواغيت زمانهم، وحاشاهم من ذلك، لأن بيعتهم تعطي للطاغية صفة شرعية لخلافته، وهذا لم يحدث أبدا.
2- 2 - كفاية الأثر: 225، وأورده الصدوق في كمال الدين: 316 / 2، وأبو علي الطبرسي في إعلام الوري 2: 229 - 230، وأبو منصور الطبرسي في الاحتجاج 2: 67 - 68.
3- 3 - في المصدر والبحار: هاشم.
4- 4 - في المصدر: شرحبيل، وفي البحار وبعض نسخ الكفاية مطابق لما في المتن.

حديث قال: " إن الأئمة بعدي اثنا عشر من أهل بيتي، علي أولهم، وأوسطهم محمد، وآخرهم محمد وهو مهدي هذه الأمة، الذي يصلي خلفه عيسي بن مريم " (1).

السابع والثلاثون بعد المائة:

ما رواه أيضا - في باب ما جاء عن الحسين (عليه السلام) - عن المعافا بن زكريا، عن أحمد بن محمد بن سعيد، عن أحمد بن الحسن بن سعيد، عن أبيه، عن جعفر بن الزبير المخزومي (2)، عن عمران بن يعقوب الجعدي، عن أبيه، عن يحيي بن جعدة بن هبيرة (3) عن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) في حديث قال: " كيف تهلك أمة أنا أولها واثنا عشر من بعدي من السعداء أولي الألباب، والمسيح بن مريم آخرها " (4).

الثامن والثلاثون بعد المائة:

ما رواه رجب الحافظ البرسي في كتاب " مشارق أنوار اليقين في حقائق أسرار أمير المؤمنين (عليه السلام) " - في أواخر الكتاب في فصل مفرد - عن سلمان وأبي ذر، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في كلام طويل يقول فيه:

" يا سلمان ويا جندب، وكان محمد الناطق وأنا الصامت، ولابد في كل زمان من ناطق وصامت، فمحمد صاحب الجمع، وأنا صاحب الحشر، ومحمد صاحب الجنة، وأنا صاحب الرجعة " (5).

التاسع والثلاثون بعد المائة:

ما رواه أيضا فيه - في فصل آخر - عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث قال: " ومن أنكر أن لي في الأرض كرة

ص :344


1- 1 - كفاية الأثر: 79، وعنه في البحار 36: 312 / 157.
2- 2 - في المصدر: جعد بن الزبير المخزومي. وفي البحار: جعدة.
3- 3 - في المصدر: عن أبي يحيي ابن جعدة بن هيبرة. وفي البحار كما في المتن.
4- 4 - كفاية الأثر: 230، وعنه في البحار 36: 383 / 4.
5- 5 - مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين (عليه السلام): 161.

بعد كرة (ودعوة بعد دعوة) (1)، وعودة بعد رجعة، حديثا كما كنت قديما فقد رد علينا، ومن رد علينا فقد رد علي الله " (2).

الأربعون بعد المائة:

ما رواه أيضا فيه - في فصل آخر - عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبة له يقول فيها: " هيهات هيهات إذا كشف المستور، وحصل ما في الصدور، لقد كررتم كرات، وكم بين كرة وكرة من آية وآيات - إلي أن قال -:

وباعث محمد وإبراهيم لأقتلن أهل الشام بكم قتلات وأي قتلات، ولأقتلن أهل صفين بكل قتلة سبعين قتلة، ولأردن إلي كل مسلم حياة جديدة، ولأسلمن إليه صاحبه وقاتله، ولأقتلن بعمار بن ياسر وبأويس القرني ألف قتيل - إلي أن يقال -:

لا وكيف وأيان ومتي وأني وحتي.

ثم قال: لا تستعظموا هذا (3)، فإنا أعطينا علم المنايا والبلايا، كأني بهذا - وأشار إلي الحسين (عليه السلام) - قد نار نوره بين عينيه، وثار معه المؤمنون من كل مكان، وأيم الله لو شئت سميتهم رجلا رجلا بأسمائهم وأسماء آبائهم، فهم يتناسلون من أصلاب الرجال وأرحام النساء إلي يوم الوقت المعلوم - إلي أن قال -: حتي يخرج إلي ما أعد لي من الخيل والرجل، فأتخذ ما أحببت، وأترك ما أردت، ثم أسلم إلي عمار بن ياسر اثني عشر ألف أدهم (4)، علي كل أدهم منها محب لله ولرسوله، مع كل واحد اثنتي عشرة ألف كتيبة (5)، لا يعلم عددها إلا

ص :345


1- 1 - ما بين القوسين لم يرد في المصدر.
2- 2 - مشارق أنوار اليقين: 164.
3- 3 - في المصدر: فلا يستعظم ما قلت.
4- 4 - الأدهم: الفرس الأسود. القاموس المحيط 4: 64 - دهم.
5- 5 - في المصدر: اثنتي عشرة كتيبة.

الله " (1).

الحادي والأربعون بعد المائة:

ما رواه أيضا فيه - في فصل آخر - عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث طويل قال: " أنا صاحب النشر الأول والآخر، أنا صاحب المناقب والمفاخر - إلي أن قال -: أنا الذي اقتل مرتين وأحيي مرتين، أنا المذكور في سالف الأزمان، والخارج في آخر الزمان " (2).

الثاني والأربعون بعد المائة:

ما رواه السيد المرتضي في رسالة " المحكم والمتشابه " قال: قال أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن حفص النعماني في كتابه " تفسير القرآن " أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثنا أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن إسماعيل بن جابر، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) يقول: " إن الله بعث محمدا فختم به الأنبياء، وأنزل عليه كتابا فختم به الكتب - إلي أن قال -: ولقد سأل أمير المؤمنين (عليه السلام) شيعته عن هذا؟ فقال: إن الله أنزل القرآن علي سبعة أحرف، ثم قال: وإن في القرآن ناسخا ومنسوخا، ومحكما ومتشابها - إلي أن قال -: ومنه رد علي من أنكر الرجعة.

ثم قال: فكانت الشيعة إذا تفرغت من تكاليفها فسأله عن قسم قسم منها فيخبرها - إلي أن قال -: وأما الرد علي من أنكر الرجعة فقول الله عز وجل * (ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون) * (3) أي إلي الدنيا، فأما حشر الآخرة فقوله تعالي * (وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا) * (4) وقوله عز وجل

ص :346


1- 1 - مشارق أنوار اليقين: 167 - 168.
2- 2 - نفس المصدر: 171 - 172.
3- 3 - سورة النمل 27: 83.
4- 4 - سورة الكهف 18: 47.

* (وحرام علي قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون) * (1) في الرجعة، فأما في القيامة فإنهم يرجعون.

ومثل قوله تعالي * (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه) * (2) وهذا لا يكون إلا في الرجعة.

ومثله ما خاطب الله به الأئمة (عليهم السلام) ووعدهم بالنصر والانتقام من أعدائهم، فقال سبحانه * (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضي لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا) * (3) وهذا يكون إذا رجعوا إلي الدنيا.

ومثل قوله تعالي * (ونريد أن نمن علي الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين * ونمكن لهم في الأرض) * (4) وقوله سبحانه * (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلي معاد) * (5) أي رجعة في الدنيا.

ومثله قوله تعالي * (ألم تر إلي الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم) * (6) فردهم الله بعد الموت إلي الدنيا فأكلوا وشربوا ونكحوا ومثله خبر العزير " (7).

ص :347


1- 1 - سورة الأنبياء 21: 95.
2- 2 - سورة آل عمران 3: 81.
3- 3 - سورة النور 24: 55.
4- 4 - سورة القصص 28: 5 - 6.
5- 5 - سورة القصص 28: 85.
6- 6 - سورة البقرة 2: 243.
7- 7 - رسالة المحكم والمتشابه: 5 - 8، وعنه في البحار 93: 3.

الثالث والأربعون بعد المائة:

ما رواه سعد بن عبد الله في " مختصر البصائر " علي ما نقل عنه الحسن بن سليمان بن خالد، عن أحمد بن محمد بن عيسي ومحمد ابن الحسين، عن البزنطي، عن حماد بن عثمان، عن بكير بن أعين، قال: قال لي من لا أشك فيه - يعني أبا جعفر (عليه السلام) -: " أن رسول الله (صلي الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) سيرجعان " (1).

الرابع والأربعون بعد المائة:

ما رواه أيضا فيه بالإسناد عن حماد، عن الفضيل، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " لا تقولوا الجبت والطاغوت، ولا تقولوا الرجعة، فإن قالوا لكم: قد كنتم تقولون ذلك، فقولوا: أما اليوم فلا نقول، إن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قد كان يتألف الناس بالمائة ألف درهم ليكفوا عنه، فلا تتألفوهم بالكلام " (2).

الخامس والأربعون بعد المائة:

ما رواه أيضا فيه عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن موسي بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن الحسين بن أحمد المنقري، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إن الذي يلي حساب الخلائق قبل يوم القيامة الحسين بن علي (عليهما السلام)، فأما يوم القيامة فإنما هو بعث إلي الجنة، أو بعث إلي النار " (3).

السادس والأربعون بعد المائة:

ما رواه فيه أيضا عن إبراهيم بن هاشم، عن البرقي، عن محمد بن سنان أو غيره، عن عبد الله بن سنان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): لقد أسري بي ربي عز وجل فأوحي إلي من

ص :348


1- 1 - مختصر البصائر: 107 / 78، وعنه في البحار 53: 39 / 2.
2- 2 - نفس المصدر: 107 / 79، وعنه في البحار 53: 39 / 3.
3- 3 - مختصر البصائر: 117 / 92، وعنه في البحار 53: 43 / 13.

وراء حجاب ما أوحي، وكلمني بما كلمني به، وكان مما كلمني به أن قال: يا محمد إني أنا الله لا إله إلا أنا عالم الغيب والشهادة - إلي أن قال -: يا محمد علي أول من آخذ ميثاقه من الأئمة، يا محمد علي آخر من أقبض روحه من الأئمة، وهو الدابة التي تكلمهم " (1) الحديث.

السابع والأربعون بعد المائة:

ما رواه العياشي في " تفسيره " علي ما نقله عنه بعض ثقات المعاصرين عن سلام بن المستنير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " لقد تسموا باسم ما سمي الله به أحدا إلا علي بن أبي طالب (عليه السلام) وما جاء تأويله " قلت:

متي يجئ تأويله؟ قال: " إذا جاء جمع الله أمامه النبيين والمرسلين حتي ينصروه، وهو قول الله * (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة - إلي قوله - وأنا معكم من الشاهدين) * (2) فيومئذ يدفع رسول الله (صلي الله عليه وآله) اللواء إلي علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فيكون أمير الخلائق كلهم أجمعين، يكون الخلائق كلهم تحت لوائه، ويكون هو أميرهم فهذا تأويله " (3).

الثامن والأربعون بعد المائة:

ما رواه أبو الفتح الكراجكي في " كنز الفوائد " عن محمد بن العباس - وهو ثقة ثقة - عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر، عن جميل بن دراج، عن أبي سلمة، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله تعالي * (قتل الانسان ما أكفره) * قال: " نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) * (ما أكفره) * يعني بقتلكم إياه - إلي أن قال - * (ثم أماته) * ميتة الأنبياء * (فأقبره * ثم إذا

ص :349


1- 1 - نفس المصدر: 137 / 106، وعنه في البحار 53: 68 / 65، وأورده الصفار في بصائر الدرجات: 534 / 36.
2- 2 - سورة آل عمران 3: 81.
3- 3 - تفسير العياشي 1: 181 / 77، وعنه في البحار 53: 70 / 67.

شاء أنشره) * (1) قال: يمكث بعد قتله في الرجعة فيقضي ما أمره " (2).

التاسع والأربعون بعد المائة:

ما رواه أيضا فيه عن محمد بن العباس، عن جعفر بن محمد بن الحسين (3)، عن عبد الله بن عبد الرحمن (4)، عن محمد بن عبد الحميد (5)، عن مفضل بن صالح، عن جابر، عن أبي عبد الله الجدلي قال: دخلت علي علي بن أبي طالب (عليه السلام) يوما فقال: " أنا دابة الأرض " (6).

الخمسون بعد المائة:

ما رواه فيه عن محمد بن العباس، عن جعفر بن محمد بن مالك، عن القاسم بن إسماعيل، عن علي بن خالد العاقولي، عن عبد الكريم الخثعمي، عن سليمان بن خالد، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالي * (يوم ترجف الراجفة * تتبعها الرادفة) * (7) قال: " * (الراجفة) * الحسين بن علي (عليه السلام)، و * (الرادفة) * علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وأول من ينفض عن رأسه التراب الحسين بن علي (عليه السلام) في خمسة وسبعين ألفا، وهو قوله تعالي * (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد) * (8) " (9).

ص :350


1- 1 - سورة عبس 80: 17 و 21 - 22.
2- 2 - تأويل الآيات 2: 764 / 2، وأورده القمي في تفسيره 2: 405، وعنه في تفسير البرهان 5: 584، وفيهما عن أبي أسامة، وفي البحار 53: 99 / 119: عن أبي سلمة.
3- 3 - في تأويل الآيات وتفسير البرهان: الحلبي. بدل: الحسين، وفي المختصر: محمد بن جعفر بن محمد بن الحسن، وفي البحار: جعفر بن محمد بن الحسن.
4- 4 - في المصادر كلها: عبد الله بن محمد الزيات.
5- 5 - في المختصر والبحار: محمد يعني ابن الجنيد.
6- 6 - تأويل الآيات 1: 403 / 7، وعنه في تفسير البرهان 4: 229 / 6، والبحار 53: 110 / 3، ومختصر البصائر: 483 / 534.
7- 7 - سورة النازعات 79: 6 - 7.
8- 8 - سورة غافر 40: 51.
9- 9 - تأويل الآيات 2: 762 / 1، وعنه في البحار 53: 106 / 134، وأورده فرات في تفسيره: 537 / 1، وفيه: خمسة وتسعين ألفا، وابن شاذان في الفضائل: 139.

الحادي والخمسون في المائة:

ما رواه فيه عن محمد بن العباس، عن الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسي، عن يونس، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالي * (إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين) * (1) قال: " تخضع لها رقاب بني أمية، قال: وذلك علي بن أبي طالب (عليه السلام) يبرز عند زوال الشمس علي رؤوس الناس ساعة حتي يبرز وجهه، يعرف الناس حسبه ونسبه، ثم قال: أما إن بني أمية ليختبئن الرجل منهم إلي جنب شجرة، فيقول: هذا رجل من بني أمية فاقتلوه " (2).

الثاني والخمسون بعد المائة:

ما رواه فيه عن محمد بن العباس، عن علي بن أحمد بن حاتم، عن إسماعيل بن إسحاق، عن خالد بن مخلد (3)، عن عبد الكريم بن يعقوب، عن جابر بن يزيد، عن أبي عبد الله الجدلي، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث أنه قال: " أنا دابة الأرض، أنا أنف المهدي وعينه " (4).

الثالث والخمسون بعد المائة:

ما رواه أيضا فيه عن محمد بن العباس، عن أحمد بن محمد بن سعيد، عن الحسن السلمي، عن أيوب بن نوح، عن صفوان، عن يعقوب بن شعيب، عن عمران بن ميثم، عن عباية قال: أتي رجل أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: حدثني عن الدابة؟ قال: " هي دابة مؤمنة تقرأ القرآن، وتؤمن

ص :351


1- 1 - سورة الشعراء 26: 4.
2- 2 - تأويل الآيات 1: 386 / 3، وعنه في البحار 53: 109 / 2، وتفسير البرهان 4: 169 / 12، ومختصر البصائر: 482 / 533.
3- 3 - في المطبوع: خالد بن محمد.
4- 4 - تأويل الآيات 1: 404 / 8، وعنه في البحار 53: 110 / 4، وتفسير البرهان 4: 229 / 7، ومختصر البصائر: 483 / 535.

بالرحمن، وتأكل الطعام، وتمشي في الأسواق " (1).

الرابع والخمسون بعد المائة:

ما رواه فيه عن محمد بن العباس، عن الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسي، عن صفوان. مثله وزاد في آخره قلت: ومن هو؟ قال: " هو علي ثكلتك أمك " (2).

الخامس والخمسون بعد المائة:

ما رواه فيه عن محمد بن العباس، عن الحسين بن إسماعيل القاضي، عن عبد الله بن أيوب المخزومي، عن يحيي بن أبي بكر، عن أبي حريز، عن علي بن زيد، عن أوس بن خالد (3) عن أبي هريرة قال:

قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): " تخرج دابة الأرض ومعها عصا موسي، وخاتم سليمان، تجلو وجه المؤمن بعصا موسي، وتسم وجه الكافر بخاتم سليمان " (4).

السادس والخمسون بعد المائة:

ما رواه فيه أيضا عن محمد بن العباس، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن عبيد، عن الحسين بن علوان، عن سعد بن ظريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: دخلت علي أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو يأكل خبزا وخلا

ص :352


1- 1 - تأويل الآيات 1: 405 / 2 من هامش الصفحة، عن مختصر البصائر: 484 / 537، وعنه في البحار 53: 110 / 6.
2- 2 - تأويل الآيات 1: 406 / 3، هامش الصفحة عن مختصر البصائر: 484 / 538، وعنهما في البحار 53: 111 / 7.
3- 3 - في نسخة " ش " والمطبوع: خالد بن أوس، وما أثبتناه من كتب التراجم والمصادر السنية المثبتة أدناه. انظر ميزان الاعتدال 1: 277 / 1044، تهذيب التهذيب 1: 334 / 699، الثقات لابن حبان 4: 44، تهذيب الكمال 3: 388 / 577، التاريخ الكبير 2: 18 / 1547.
4- 4 - تأويل الآيات 1: 406 / 6، هامش الصفحة عن مختصر البصائر: 486 / 541، وعنه في البحار 53: 111 / 10، وتفسير البرهان 4: 230 / 11، وأورده باختلاف يسير أحمد بن حنبل في المسند 2: 572 / 7877، الحاكم في المستدرك 4: 485، الطيالسي في المسند: 334 / 2564، وابن كثير في التفسير 3: 387.

وزيتا، فقلت: قوله تعالي * (وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض) * (1) ما هذه الدابة؟ فقال: " دابة تأكل خبزا وخلا وزيتا " (2).

السابع والخمسون بعد المائة:

ما رواه فيه عن محمد بن العباس، عن الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسي، عن يونس بن عبد الرحمن، عن سماعة بن مهران، عن الفضيل (3) بن الزبير، عن الأصبغ بن نباتة، قال: قال لي معاوية: يا معشر الشيعة تزعمون أن عليا دابة الأرض؟ فقلت: نحن نقول واليهود تقوله، فأرسل إلي رأس الجالوت، فقال: ويحك تجدون دابة الأرض عندكم؟ فقال: نعم، فقال: ما هي؟ فقال: رجل، فقال أتدري ما اسمه؟ قال: نعم اسمه إليا، قال: فالتفت إلي فقال: ويلك يا أصبغ ما أقرب إليا من عليا (4).

الثامن والخمسون بعد المائة:

ما رواه فيه عن محمد بن العباس، عن الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسي، عن يونس، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالي * (وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم) * (5) فقال: " هو أمير المؤمنين (عليه السلام) " (6).

التاسع والخمسون بعد المائة:

ما رواه فيه عن محمد بن العباس، عن محمد بن

ص :353


1- 1 - سورة النمل 27: 82.
2- 2 - تأويل الآيات 1: 404 / 9.
3- 3 - في المصادر: الفضل.
4- 4 - تأويل الآيات 1: 404 / 10 وعنه في البحار 53: 112 / 12، وتفسير البرهان 4: 229 / 9، وأورده الحلي في مختصر البصائر: 486 / 542.
5- 5 - سورة النمل 27: 82.
6- 6 - تأويل الآيات 1: 406 / 7، هامش الصفحة عن مختصر البصائر: 487 / 543، وعنه في البحار 53: 112 / 13، وفي المصادر زيادة بعد أبي جعفر (عليه السلام): أي شئ يقول الناس في هذه الآية؟

الحسن، عن الحسين بن الحسن، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن سيابة ويعقوب بن شعيب، عن صالح بن ميثم، عن أبيه أنه سمعه يقول: إن عليا دابة الأرض، وعرض الحديث علي أبي جعفر (عليه السلام) فلم ينكره بل أقر به (1).

الستون بعد المائة:

ما رواه فيه عن محمد بن العباس، عن حميد بن زياد، عن ابن نهيك، عن عيسي بن هشام، عن أبان، عن عبد الرحمن بن سيابة، عن صالح بن ميثم، عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث أن عليا (عليه السلام) دابة الأرض قال:

" وإن عليا راجع إلينا وقرأ * (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلي معاد) * (2) " (3).

الحادي والستون بعد المائة:

ما رواه فيه عن محمد بن العباس، عن الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسي، عن يونس، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبان الأحمر، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالي * (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلي معاد) * (4) فقال أبو جعفر (عليه السلام): " ما أحسب نبيكم إلا سيطلع عليكم إطلاعة " (5).

الثاني والستون بعد المائة:

ما رواه فيه عن محمد بن العباس، عن جعفر بن

ص :354


1- 1 - تأويل الآيات 1: 407 / 8، هامش الصفحة عن مختصر البصائر: 487 / 545، وعنه في البحار 53: 112 / 14.
2- 2 - سورة القصص 28: 85.
3- 3 - تأويل الآيات 1: 423 / 20، وعنه في البحار 53: 113 / 15، وتفسير البرهان 4: 292 / 7، ومختصر البصائر: 488 / 548.
4- 4 - سورة القصص 28: 85.
5- 5 - تأويل الآيات 1: 424، هامش الصفحة عن مختصر البصائر: 489 / 549، وعنه في البحار 53: 113 / 16.

محمد بن مالك، عن الحسن بن علي بن مروان، عن سعيد بن عمار، عن أبي مروان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل * (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلي معاد) * (1) فقال لي: " لا والله لا تنقضي الدنيا، ولا تذهب حتي يجتمع رسول الله وعلي (عليهما السلام) بالثوية فيلتقيان، ويبنيان بالثوية (2) مسجدا له اثنا عشر ألف باب " يعني موضعا بالكوفة (3).

وعن أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن أبي مريم الأنصاري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله (4).

الثالث والستون بعد المائة:

ما رواه فيه عن محمد بن العباس، عن محمد بن عيسي، عن يونس، عن المفضل بن صالح، عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " * (العذاب الأدني دون العذاب الأكبر) * (5) الرجعة " (6).

الرابع والستون بعد المائة:

ما رواه فيه عن محمد بن العباس، عن الحسين بن محمد، عن محمد بن عيسي، عن يونس، عن مفضل بن صالح، عن زيد الشحام،

ص :355


1- 1 - سورة القصص 28: 85.
2- 2 - الثوية: بالفتح ثم الكسر وياء مشددة، ويقال: بلفظ التصغير، موضع قريب من الكوفة، وقيل خريبة إلي جانب الحيرة علي ساعة منها، ذكر العلماء: أنها كانت سجنا للنعمان بن المنذر، كان يحبس بها من أراد قتله، فكان يقال لمن حبس بها: ثوي أي أقام فسميت الثوية بذلك. معجم البلدان 2: 102.
3- 3 - تأويل الآيات 1: 424 / 21، وعنه في البحار 53: 113 / 17، وتفسير البرهان 4: 292 / 8، ومختصر البصائر: 210، بسندين.
4- 4 - مختصر البصائر: 490 / 551، ولم ترد الرواية في تأويل الآيات، بل نقلها المجلسي في البحار 53: 114 / ذيل حديث 17.
5- 5 - سورة السجدة 32: 21.
6- 6 - عنه في البحار 53: 114 / 18.

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " * (العذاب الأدني) * (1) دابة الأرض " (2).

الخامس والستون بعد المائة:

ما رواه فيه عن هاشم بن خلف (3)، عن إبراهيم بن إسماعيل بن يحيي بن سلمة بن كهيل، حدثني أبي، عن أبيه (4)، عن مجاهد، عن ابن عباس، عن النبي (صلي الله عليه وآله) قال في خطبة خطبها في حجة الوداع:

" لأقتلن العمالقة في كتيبة، فقال له جبرئيل: أو علي، فقال: أو علي بن أبي طالب (عليه السلام) " (5).

أقول: وقد نقل هذه الأحاديث كلها الحسن بن سليمان بن خالد البرقي عن محمد بن العباس من كتاب " تأويل ما نزل من القرآن في محمد وآله (عليهم السلام) " (6).

السادس والستون بعد المائة:

ما رواه جعفر بن محمد بن قولويه في " المزار " عن الحسين بن محمد، عن معلي بن محمد، عن أبي الفضل، عن ابن صدقة، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " كأني بسرير من نور قد وضع، وقد ضربت عليه قبة من ياقوتة حمراء مكللة بالجوهر، وكأني بالحسين (عليه السلام) جالسا علي ذلك السرير، وحوله تسعون ألف قبة خضراء، وكأني بالمؤمنين يزورونه ويسلمون عليه، فيقول الله عز وجل لهم: أوليائي سلوني فطالما أوذيتم وذللتم

ص :356


1- 1 - سورة السجدة 32: 21.
2- 2 - تأويل الآيات 2: 444 / 7، وعنه في البحار 53: 114 / ذيل حديث 18 مختصر البصائر: 491 / 552.
3- 3 - في المطبوع: هاشم بن أبي خلف.
4- 4 - في المطبوع: إبراهيم بن إسماعيل، عن يحيي بن مسلمة بن كهيل عن أبيه، وما أثبتناه من المخطوطة والمختصر.
5- 5 - مختصر البصائر: 491 / 553، وعنه 53: 114 / 19، وأورده باختلاف يسير الطبراني في المعجم الكبير 11: 74 / 11088، والحاكم في المستدرك 3: 126.
6- 6 - ذكرنا صفحات مختصر البصائر في تخريجة كل حديث.

واضطهدتم، فهذا يوم لا تسألوا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا قضيتها لكم، فيكون أكلهم وشربهم من الجنة " (1).

أقول: سؤال حوائج الدنيا يدل علي أن هذا في الرجعة إذ هي لا تسأل في الآخرة.

السابع والستون بعد المائة:

ما رواه النعماني في " تفسيره " علي ما نقل عنه عن ابن عباس في قوله تعالي * (والنهار إذا جليها) * (2) قال: " يعني الأئمة منا أهل البيت (عليهم السلام)، يملكون الأرض في آخر الزمان فيملأونها عدلا وقسطا " (3).

الثامن والستون بعد المائة:

ما رواه البرقي في " المحاسن " عن أحمد بن محمد وعبد الله بن عامر، عن ابن سنان، عن المفضل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أنا صاحب العصا والميسم " (4).

التاسع والستون بعد المائة:

ما رواه محمد بن الحسن الصفار في " بصائر الدرجات " عن عبد الله بن محمد، عن إبراهيم بن محمد الثقفي رفعه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أنا صاحب العصا والميسم " (5).

السبعون بعد المائة:

ما رواه أيضا فيه بسنده عن سلمان الفارسي، عن أمير

ص :357


1- 1 - كامل الزيارات: 146 / 3، وعنه في البحار 101: 65 / 53، والمستدرك 10: 246 / 32، وأورده الحلي في مختصر البصائر: 461 / 518.
2- 2 - سورة الليل 92: 3.
3- 3 - لم أعثر علي المصدر، بل وجدته في تفسير فرات الكوفي: 563 / ضمن حديث 6، وعنه في البحار 53: 118 / 148.
4- 4 - لم أعثر عليه في المحاسن، بل وجدته في بصائر الدرجات: 220 / 3، بنفس السند، والكافي 1: 196 / 1 و 197 / 2، وعلل الشرائع: 164 / 3، ومختصر البصائر: 134 / 102 و 459 / 515، باختلاف في الأسانيد.
5- 5 - بصائر الدرجات: 220 / 2.

المؤمنين (عليه السلام) قال: " أنا صاحب الميسم، وأنا الفاروق الأكبر، وأنا صاحب الكرات ودولة الدول " (1) الحديث.

الحادي والسبعون بعد المائة:

ما رواه العياشي في " تفسيره " علي ما نقل عنه، عن رفاعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " أول من يكر إلي الدنيا الحسين بن علي (عليه السلام) وأصحابه " (2) الحديث وقد مر.

الثاني والسبعون بعد المائة:

ما رواه أيضا فيه عن مسعدة بن صدقة، عن الصادق (عليه السلام) أن عليا (عليه السلام) قال علي المنبر: " أنا سيد الشيب، وفي سنة من أيوب، والله ليجمعن الله لي شملي كما جمعه لأيوب " (3).

ورواه الكشي في " كتاب الرجال " (4) كما مر.

الثالث والسبعون بعد المائة:

ما رواه العياشي في " تفسيره " علي ما نقل عنه، عن صالح بن سهل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالي * (ثم رددنا لكم الكرة عليهم) * (5) قال: " خروج الحسين (عليه السلام) في الكرة في سبعين من أصحابه الذين قتلوا معه " (6) الحديث.

الرابع والسبعون بعد المائة:

ما رواه المفيد في " إرشاده " عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: " أنا سيد الشيب، وفي سنة

ص :358


1- 1 - بصائر الدرجات: 222 / 5.
2- 2 - تفسير العياشي 2: 282 / 23.
3- 3 - لم أعثر عليه في تفسير العياشي، ولعله في القسم المفقود، بل وجدته في أمالي المفيد: 145 / 4، عن عباية الأسدي، وفيه: ليعقوب، بدل: لأيوب.
4- 4 - رجال الكشي: 221 / 396.
5- 5 - سورة الإسراء 17: 6.
6- 6 - تفسير العياشي 2: 281 / 20، وعنه في البحار 53: 89 / 90.

من أيوب، وسيجمع الله لي أهلي كما جمعهم ليعقوب، وذلك إذا استدار الفلك، وقلتم مات (1) أو هلك " (2) الحديث. وفيه جملة من علامات آخر الزمان.

الخامس والسبعون بعد المائة:

ما رواه محمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم في كتاب " علل الشرائع " علي ما نقل عنه قال: أخبر الله نبيه في كتابه بما يصيب أهل بيته بعده من القتل والغصب والبلاء، ثم يردهم إلي الدنيا ويقتلون أعداءهم ويملكهم الأرض وهو قوله تعالي * (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) * (3) وقوله تعالي * (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات) * (4) الآية (5).

السادس والسبعون بعد المائة:

ما رواه صاحب كتاب " المناقب " عن الرضا (عليه السلام) في قوله تعالي * (أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم) * (6) قال:

" علي (عليه السلام) " (7).

السابع والسبعون بعد المائة:

ما رواه أيضا فيه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في هذه الآية أنه قال: " أنا دابة الأرض " (8).

الثامن والسبعون بعد المائة:

ما رواه فيه عن الباقر (عليه السلام) في شرح قول أمير

ص :359


1- 1 - في المصدر: ضل. بدل: مات.
2- 2 - إرشاد المفيد 1: 290، وعنه في البحار 51: 111 / 6.
3- 3 - سورة الأنبياء 21: 105.
4- 4 - سورة النور 24: 55.
5- 5 - علل الشرائع لمحمد بن علي: غير مطبوع، وعنه في البحار 53: 117 / 143.
6- 6 - سورة النمل 27: 82.
7- 7 - المناقب لابن شهرآشوب 3: 122.
8- 8 - المناقب لابن شهرآشوب 3: 122.

المؤمنين (عليه السلام): " علي يدي تقوم الساعة " قال: " يعني الرجعة قبل القيامة ينصرني وذريتي المؤمنين " (1).

أقول: فهذه جملة من الأحاديث التي حضرتني في هذا الوقت مع ضيق المجال عن التتبع التام، وقلة وجود الكتب التي يحتاج إليها في هذا المرام، ولا ريب في تجاوزها حد التواتر المعنوي، فقد تقدم في غير هذا الباب ما يدل علي ذلك، ويأتي ما يدل عليه، والعقل يجزم باستحالة اتفاق جميع هؤلاء الرواة علي الكذب والافتراء، ووضع هذه الأحاديث الكثيرة جدا، ولعل ما لم يصل إلينا في هذا المعني أكثر مما وصل إلينا.

وليت شعري أي عاقل يجوز الكذب علي جميع هؤلاء الرواة الذين رووا هذا المعني، ويرد شهادة المشايخ المؤلفين للكتب المعتبرة حيث شهدوا بصحة أحاديثها، أو يتعرض لتأويلها مع صراحتها جدا، حتي أنها أكثر من أحاديث النصوص علي كل واحد من الأئمة (عليهم السلام)، وأوضح دلالة وتصريحا، ولا يكاد يوجد في شئ من مسائل الأصول والفروع أكثر مما وجد في هذه المسألة من الأدلة والآيات والروايات والله الهادي.

ص :360


1- 1 - المناقب لابن شهرآشوب 3: 438، وعنه في البحار 53: 120 / 153، وفيهما: ينصر الله بي وبذريتي المؤمنين.

الباب الحادي عشر: في أنه هل بعد دولة المهدي (عليه السلام) دولة أم لا؟

1 - روي الشيخ الأجل أبو جعفر الكليني - في باب تسمية من رآه (عليه السلام) - باسناده الصحيح عن عبد الله بن جعفر الحميري أنه سأل العمري (1) (رحمه الله) فقال له: إني أريد أن أسألك عن شئ وما أنا بشاك فيما أريد أن أسألك عنه، فإن اعتقادي وديني أن الأرض لا تخلو من حجة، إلا إذا كان قبل القيامة بأربعين يوما، فإذا كان ذلك رفعت الحجة، واغلق باب التوبة، فلم يك ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا، فأولئك شرار من خلق الله، وهم الذين تقوم عليهم القيامة، ولكني أحببت أن أزداد يقينا (2) الحديث.

ص :361


1- 1 - العمري: هو عثمان بن سعيد العمري، وهو أول السفراء الأربعة للحجة المنتظر عجل الله فرجه، يكني بأبي عمرو السمان، وقيل: الزيات، عده الشيخ من أصحاب الإمام الهادي والعسكري (عليهما السلام)، جليل القدر، ثقة، خدم الإمام الهادي (عليه السلام) وله من العمر إحدي عشرة سنة، وقد مدحه (عليه السلام) بقوله: " هذا أبو عمرو الثقة الأمين، ما قاله لكم فعني قوله، وما أداه إليكم فعني يؤديه ". وتوكل للإمام العسكري (عليه السلام) فقال في حقه: " ثقة الماضي، وثقتي في المحيا والممات ". وذكره الشيخ في كتابه " الغيبة " في السفراء الممدوحين قائلا: وهو الشيخ الموثوق به. انظر رجال الشيخ: 420 / 36 و 434 / 22، الغيبة للطوسي: 243 / 209 و 353، رجال العلامة: 220 / 729.
2- 2 - الكافي 1: 329 / 1.

أقول: وقد روي هذا المعني الشيخ وابن بابويه وغيرهما بطرق كثيرة.

2 - وروي الشيخ في كتاب " الغيبة " - في جملة الأحاديث التي رواها من طرق العامة، في النص علي الأئمة (عليهم السلام) - قال: أخبرنا جماعة عن أبي عبد الله الحسين بن علي بن سفيان البزوفري، عن علي بن سنان الموصلي العدل، عن علي بن الحسين، عن أحمد بن محمد بن الخليل، عن جعفر بن أحمد المصري، عن عمه الحسن بن علي، عن أبيه، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، عن أبيه، عن آبائه، عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) أنه قال - في الليلة التي كان فيها وفاته -:

" يا أبا الحسن أحضر دواة وصحيفة - فأملي رسول الله (صلي الله عليه وآله) وصيته حتي انتهي إلي هذا الموضع فقال -:

يا أبا الحسن إنه يكون بعدي اثني عشر إماما، ومن بعدهم اثني عشر مهديا، فأنت يا علي أول الاثني عشر إماما - وذكر النص بأسمائهم إلي أن انتهي إلي الحسن العسكري (عليه السلام) - فقال: إذا حضرته الوفاة فليسلمها إلي ابنه محمد المستحفظ من آل محمد (عليهم السلام)، فذلك اثني عشر إماما، ثم يكون من بعده اثني عشر مهديا، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلي ابنه أول المقربين وله ثلاثة أسامي، اسم كاسمي، واسم كاسم أبي وهو عبد الله وأحمد، والثالث المهدي هو أول المؤمنين " (1).

3 - وروي الشيخ في كتاب " الغيبة " في آخره عن محمد بن عبد الله الحميري، عن أبيه، عن محمد بن عبد الحميد ومحمد بن عيسي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث طويل قال: " يا أبا حمزة إن منا بعد

ص :362


1- 1 - الغيبة للطوسي: 150 / 111، وعنه في البحار 36: 260 / 81.

القائم (عليه السلام) اثني عشر مهديا من ولد الحسين (عليه السلام) " (1).

4 - وروي الشيخ أيضا في " المصباح الكبير " حيث أورد دعاء ذكر أنه مروي عن صاحب الزمان (عليه السلام) خرج إلي أبي الحسن الضراب الأصفهاني بمكة، بإسناد لم نذكره اختصارا، ثم أورد الدعاء بطوله إلي أن قال: " اللهم صل علي محمد المصطفي وعلي المرتضي وفاطمة الزهراء والحسن الرضا والحسين المصفي وجميع الأوصياء مصابيح الدجي - إلي أن قال -: وصل علي وليك وولاة أمرك والأئمة من ولده، ومد في أعمارهم، وزد في آجالهم، وبلغهم أقصي آمالهم دينا ودنيا وآخرة، إنك علي كل شئ قدير " (2).

5 - وروي أيضا في " المصباح " بعده بغير فصل دعاء مرويا عن الرضا (عليه السلام) فقال: روي عن يونس بن عبد الرحمن، عن الرضا (عليه السلام) أنه كان يأمر بالدعاء لصاحب الأمر (عليه السلام) بهذا الدعاء: " اللهم ادفع عن وليك وخليفتك - إلي أن قال -:

اللهم وصل علي ولاة عهده والأئمة من بعده، وزد في آجالهم، وبلغهم آمالهم " (3) الدعاء.

وهو يشتمل علي أوصاف وألقاب (4) لا تكاد تستعمل في غير المهدي (عليه السلام).

6 - وروي ابن بابويه في كتاب " الخصال " - في باب الاثني عشر - عن عبد الله بن محمد، عن محمد بن سعيد، عن الحسن بن علي (5)، عن أبي أسامة، عن ابن مبارك، عن معمر، عمن سمع وهب بن منبه يقول: " يكون بعدي اثنا عشر

ص :363


1- 1 - الغيبة للطوسي: 478 / 504، وعنه في البحار 53: 154 / 2.
2- 2 - مصباح المتهجد: 406 - 409.
3- 3 - نفس المصدر: 409 - 411.
4- 4 - في نسخة " ش ": من ألقاب.
5- 5 - في الخصال زيادة: عن إسماعيل الطيان.

خليفة ثم يكون الهرج، ثم يكون كذا وكذا " (1).

7 - وبالإسناد عن الحسن بن علي، عن الوليد بن مسلم، عن صفوان بن عمرو، عن شريح بن عبيد، عن عمرو البكائي، عن كعب الأحبار قال في الخلفاء: هم اثنا عشر، فإذا كان عند انقضائهم وأتي طائفة صالحة، مد الله لهم في العمر، كذلك وعد الله هذه الأمة، ثم قرأ * (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم) * (2) وكذلك فعل الله ببني إسرائيل، وليس بعزيز أن يجمع الله هذه الأمة يوما أو نصف يوم * (وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون) * (3) (4).

8 - وفي باب اتصال الوصية من لدن آدم من كتاب " كمال الدين " لابن بابويه:

حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر، عن أيوب بن نوح، عن الربيع بن محمد، عن عبد الله بن سليمان العامري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " ما زالت الأرض إلا ولله تعالي فيها حجة، يعرف الحلال من الحرام، ويدعو إلي سبيل الله، ولا تنقطع الحجة من الأرض إلا أربعين يوما قبل القيامة، وإذا رفعت الحجة اغلق باب التوبة ف * (لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا) * (5) أولئك شرار خلق الله وهم الذين تقوم عليهم القيامة " (6).

ص :364


1- 1 - الخصال: 474 / 34.
2- 2 - سورة النور 24: 55.
3- 3 - سورة الحج 22: 47.
4- 4 - الخصال: 474 / 35.
5- 5 - سورة الأنعام 6: 158.
6- 6 - كمال الدين: 229 / 34.

ورواه البرقي في " المحاسن " عن علي بن الحكم، عن الربيع بن محمد مثله (1).

9 - وقال الطبرسي في كتاب " إعلام الوري " - في آخر الباب الرابع -: قد جاءت الرواية الصحيحة أنه ليس بعد دولة المهدي (عليه السلام) دولة، إلا ما ورد من قيام ولده مقامه إن شاء الله ذلك ولم ترد علي القطع والبت، وأكثر الروايات أنه لن يمضي (عليه السلام) من الدنيا إلا قبل القيامة بأربعين يوما، يكون فيها الهرج، وعلامة خروج الأموات، وقيام الساعة، والله أعلم (2) " انتهي ".

10 - وقال المفيد في " الإرشاد ": ليس بعد دولة القائم لأحد دولة (3). ثم ذكر مثل كلام الطبرسي.

11 - وقال صاحب كتاب " الصراط المستقيم " وهو الشيخ زين الدين عل بن يونس العاملي: ليس بعد المهدي (عليه السلام) دولة واردة إلا في رواية شاذة من قيام أولاده من بعده، وهي ما روي عن ابن عباس من قول النبي (صلي الله عليه وآله): " لن تهلك أمة أنا أولها وعيسي بن مريم آخرها، والمهدي في وسطها " ومثله روي عن أنس وهاتان تدلان علي دولة بعد دولته، وأكثر الروايات أنه لا يمضي إلا قبل القيامة بأربعين يوما، وهو زمان الهرج، وعلامة خروج الأموات للحساب (4) " انتهي ".

أقول: أما حديث وفاة المهدي (عليه السلام) قبل القيامة بأربعين يوما، فقد ورد من طرق متعددة لا تحضرني الآن، والأحاديث في " أن الأرض لا تخلو من حجة " كثيرة، والأدلة العقلية علي ذلك قائمة، وأحاديث حصر الأئمة (عليهم السلام) في الاثني عشر أيضا كثيرة جدا، وتحتمل هنا وجوه:

ص :365


1- 1 - المحاسن 1: 368 / 802.
2- 2 - إعلام الوري 2: 295.
3- 3 - إرشاد المفيد 2: 387.
4- 4 - الصراط المستقيم 2: 254.

أحدها: أن يكون خلو الأرض من إمام علي ظاهره في مدة الأربعين، ويكون موت الناس وجميع المكلفين قبل الإمام، وتكون الأرض في تلك المدة اليسيرة خالية من المكلفين ومن الإمام، ولا ينافي ذلك ما روي من خروج المهدي (عليه السلام) من الدنيا شهيدا، لإمكان أن يسقيه أحد السم، أو يضربه بالسيف ونحوه، ثم يموت القاتل وسائر المكلفين قبل الإمام، وتكون الرجعة بعد المدة المذكورة أو قبلها، ولا يبعد كون أهل الرجعة غير مكلفين.

ويكون إغلاق باب التوبة لانقطاع التكليف وموت المكلفين، فلا ينفع نفسا إيمانها، لانتقال النفوس من الدنيا التي هي دار التكليف إلي البرزخ أو القيامة، ويكون المشار إليه بأولئك هم الذين لم يؤمنوا ولم يكسبوا في إيمانهم خيرا، وذلك غير بعيد لقول المشار إليهم في الذكر، ويكون قيام القيامة عليهم إشارة إلي أنها عليهم لا لهم، بخلاف غيرهم فإنها لهم أو عليهم ولهم، ونحوه * (لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت) * (1) والحاصل أنه لا يلزم حمله علي بقاء المحجوج بعد فناء الحجة.

وثانيها: أن يكون إشارة إلي قوم لا يموتون عند موت صاحب الزمان، بل يصيرون في حكم الأموات وبمنزلة المعدومين لارتفاع التكليف عنهم لفقدهم العقل أو غير ذلك، كاقتضاء الحكمة الإلهية انقضاء مدة التكليف وقيام الساعة، ولعل هؤلاء الجماعة المشار إليهم بقوله تعالي * (ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا ما شاء الله) * (2).

وحينئذ تخصيص الأحاديث المعارضة المشار إليها بزمان التكليف، أو يحمل

ص :366


1- 1 - سورة البقرة 2: 286.
2- 2 - سورة الزمر 39: 68.

الحجة فيها علي ما هو أعم من الإمام والعقل، لما رواه الكليني وغيره عنهم (عليهم السلام):

" إن لله علي الناس حجتين: ظاهرة وباطنة، والظاهرة: الأنبياء والأئمة (عليهم السلام)، والباطنة: العقل " (1).

وثالثها: أن يكون المراد بالأربعين يوما مدة الرجعة، ويكون ذلك إشارة إلي قلتها، بالنسبة إلي زمان النشأة الأولي والخلود في الجنة أو النار، فإنه يعبر بالسبعين عن الكثرة، وبما دونها عن القلة، أو إشارة إلي ما مر في هذه الأحاديث من قوله في هذا المقام * (وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون) * (2) ويكون وفاة جميع المكلفين قبل المهدي (عليه السلام)، ويكون أهل الرجعة غير مكلفين.

ويأتي إن شاء الله تمام الكلام.

ورابعها: أن تكون القيامة التي أخبر بوقوعها بعد الأربعين يوما هي قيام الأموات، وحياتهم بعد الموت، ويكون المراد الرجعة التي هي القيامة الصغري، ثم القيامة الكبري، ولا ريب في جواز استعمال القيامة فيما يشمل الصغري والكبري، بل قد تقدم إطلاق الآخرة في القرآن علي الرجعة، وورد الحديث بذلك.

وخامسها: أن يكون المراد ليس بعد دولة المهدي (عليه السلام) دولة مبتدأة فلا ينافي الرجعة، لأنها دولة ثانية، والأربعون يوما يحتمل كونها فاصلة بين الدولتين.

وسادسها: أن يكون المراد بموت المهدي (عليه السلام) الذي لا تتأخر القيامة عنه إلا أربعين يوما، الموت الثاني بعد رجعته (عليه السلام)، وقد ذكر ذلك بعض المحققين من المعاصرين، وأورد أحاديثا متعددة دالة علي رجعته (عليه السلام)، وذكر أنه نقلها من كتب

ص :367


1- 1 - الكافي 1: 16، باختلاف يسير.
2- 2 - سورة الحج 22: 47.

المتقدمين والله أعلم.

وأما أحاديث الاثني عشر بعد الاثني عشر، فلا يخفي أنها غير موجبة للقطع واليقين لندورها وقلتها، وكثرة معارضتها كما أشرنا إلي بعضه، وقد تواترت الأحاديث بأن الأئمة اثني عشر، وأن دولتهم ممدودة إلي يوم القيامة، وأن الثاني عشر خاتم الأوصياء والأئمة والخلف، وأن الأئمة من ولد الحسين إلي يوم القيامة، ونحو ذلك من العبارات، فلو كان يجب الإقرار علينا بإمامة اثني عشر بعدهم، لوصل إلينا نصوص متواترة تقاوم تلك النصوص، لينظر في الجمع بينهما.

وقد نقل عن السيد المرتضي أنه جوز ذلك علي وجه الإمكان والاحتمال، وقال: لا يقطع بزوال التكليف عند موت المهدي (عليه السلام)، بل يجوز أن يبقي بعده أئمة يقومون بحفظ الدين ومصالح أهله، ولا يخرجنا ذلك عن التسمية بالاثني عشرية، لأنا كلفنا أن نعلم إمامتهم، وقد بينا ذلك بيانا شافيا، فانفردنا بذلك عن غيرنا (1) " انتهي ".

ويؤيده عدم الدليل العقلي القطعي علي النفي، وقبول الأدلة النقلية للتقييد والتخصيص ونحوهما لو حصل ما يقاومهما، ولا يخفي أن الحديث المنقول أولا من " كتاب الغيبة " من طرق العامة، فلا حجة فيه في هذا المعني، وإنما هو حجة في النص علي الاثني عشر، لموافقته لروايات الخاصة، وقد ذكر الشيخ بعده وبعد عدة أحاديث أنه من روايات العامة، والباقي ليس بصريح.

وقد تقدم في الحديث السادس والتسعين من الباب السابق ما هو صريح في أن المهدي (عليه السلام) ليس له عقب، وهاهنا احتمالات:

أولها: أن تكون البعدية غير زمانية، بل هي مثل قوله تعالي * (فمن يهديه من

ص :368


1- 1 - رسائل السيد المرتضي 3: 146.

بعد الله) * (1) فيجوز كون المذكورين في زمن المهدي (عليه السلام)، ويكونوا نوابا له، كل واحد نائب في جهة، أو في مدة.

وثانيها: أن قوله * (من بعد) * لابد فيه من تقدير مضاف، فيمكن أن يقدر من بعد ولادته، أو من بعد غيبته، ويكون إشارة إلي السفراء والوكلاء علي الإنس والجن، أو إلي أعيان علماء شيعته في مدة غيبته، ويمكن أن يقدر من بعد خروجه، فيكونون نوابا له كما مر.

12 - وقد روي الصدوق في كتاب " كمال الدين وتمام النعمة " عن علي بن أحمد بن موسي الدقاق (2)، عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن موسي بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن أبي حمزة، عن أبيه (3) قال: قلت للصادق (عليه السلام): سمعت من أبيك أنه قال: يكون من بعد القائم اثنا عشر مهديا؟ فقال: " قد قال: اثنا عشر مهديا، ولم يقل اثنا عشر إماما، ولكنهم قوم من شيعتنا يدعون الناس إلي ولايتنا، ومعرفة فضلنا " (4).

أقول: فهذا الحديث يناسب الوجوه المذكورة، ويوافق ما يأتي أيضا علي وجه، علي أنه يحتمل الحمل علي التقية علي تقدير أن يراد منه نفي الرجعة، كما حمله بعض المحققين.

ص :369


1- 1 - سورة الجاثية 45: 23.
2- 2 - في المصدر: علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق، وما في المتن مطابق للمختصر والبحار اللذين نقلا الحديث عن الصدوق.
3- 3 - في المصدر: عن أبي بصير، بدل: عن أبيه، وفي المختصر والبحار: عن أبيه، عن أبي بصير.
4- 4 - كمال الدين: 358 / 54، وعنه في مختصر البصائر: 493 / 556، والبحار 53: 115 / 21.

وثالثها: أن يكون ذلك محمولا علي الرجعة، فقد عرفت جملة من الأحاديث الواردة في الأخبار برجعتهم (عليهم السلام) علي وجه الخصوص، وعرفت جملة من الأحاديث الواردة في صحة الرجعة علي وجه العموم، في كل: من محض الإيمان محضا أو محض الكفر محضا. وكل واحد من القسمين قد تجاوز حد التواتر المعنوي بمراتب، كما رأيت في الأبواب السابقة.

وعلي هذا فالأئمة من بعده هم الأئمة من قبله قد رجعوا بعد موتهم، فلا ينافي ما ثبت من أن الأئمة اثني عشر، لأن العدد لا يزيد بالرجعة، وهذا الوجه يحصل به الجمع بين رواية اثني عشر ورواية أحد عشر، فإن الأولي: محمول علي دخول المهدي أو النبي (عليهما السلام) والثانية: لم يلاحظ فيها دخول أحد منهما لحكمة أخري، ومثل هذه المحاورات كثير، والتخصيص بالذكر لا يدل علي التخصيص بالحكم، وليس بصريح في الحصر وما تضمنه الحديث المروي في " كتاب الغيبة " أو علي تقدير تسليمه في خصوص الاثني عشر بعد المهدي (عليه السلام) لا ينافي هذا الوجه، لاحتمال أن يكون لفظ ابنه تصحيفا، وأصله أبيه بالياء آخر الحروف، ويراد به الحسين (عليه السلام) لما روي سابقا في أحاديث كثيرة من رجعة الحسين (عليه السلام) عند وفاة المهدي (عليه السلام) ليغسله، ولا ينافي ذلك الأسماء الثلاثة لاحتمال تعدد الأسماء والألقاب لكل واحد منهم (عليهم السلام)، وإن ظهر بعضها ولم يظهر الباقي ولاحتمال تجدد وضع الأسماء في ذلك الزمان له (عليه السلام)، لأجل اقتضاء الحكمة الإلهية.

وقوله (عليه السلام) في حديث أبي حمزة: " اثنا عشر مهديا من ولد الحسين (عليه السلام) " لا يبعد تقدير شئ له يتم به الكلام بأن يقال: أكثرهم من ولد الحسين، ولا يخفي أنه قد يبني المتكلم كلامه علي الأكثر الأغلب عند ظهور الأمر، أو إرادة الاجمال، ومما يقرب ذلك ويزيل استبعاد ما ورد في أحاديث النص علي الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام): أنهم من ولد علي وفاطمة، والحديث موجود في أصول الكليني.

ص :370

ولا بد من حمله علي ما قلناه لخروج أمير المؤمنين (عليه السلام) هذا الحكم، ودخوله في الاثني عشر (عليهم السلام)، والضمائر في الدعاءين يحتمل عودها إلي الرسول وإلي الحسين (عليهما السلام)، ويحتمل الحمل علي الرجعة كما مر، لكن في الدعاء الثاني لا في الأول لوجود لفظ ولده فيه، وحديث كعب ووهب يحتملان بعض ما يرووهما إلي الرجعة أقرب علي أن قولهما ليس بحجة، لكن الظاهر أنهما راويان لهذا المعني عن بعض أهل العصمة (عليهم السلام) ويأتي زيادة تحقيق لبعض مضمون هذا الفصل إن شاء الله تعالي.

ص :371

صفحه خاليه

ص :372

الباب الثاني عشر: في ذكر شبهة منكر الرجعة والجواب عنها

اشارة

لا يخفي أنه لا يكاد يوجد حقا خاليا من شبهة تعارضه، فإن الجهل أكثر من العلم في هذه النشأة، وشياطين الإنس والجن يجهدون في ترويج الشبهات وتكثيرها، وقد قال الله سبحانه * (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب واخر متشابهات) * (1) ومعلوم أنه لا بد من حكمة في خلق الشهوات ونصب الشبهات، وإنزال المتشابهات، ومما ظهر لنا من الحكمة في ذلك إرادة امتحان العقول، وتشديد التكليف، والتعريض لزيادة الثواب، والعوض علي تحصيل الحق والعمل به، ومع ذلك فمن أخلص نيته وأراد الوصول إلي الحق من كلام الله وكلام نبيه وأوصيائه (عليهم السلام)، وجده راجحا علي الشبهات جدا.

إذا عرفت هذا فنقول: قد ثبت أن الرجعة حق بتصريح الآيات الكثيرة، وتصريحات الأحاديث المتواترة، بل المتجاوزة حد التواتر، وبإجماع الإمامية، حتي أنا لم نجد أحدا من علمائهم صرح بإنكار الرجعة، ولا تعرض لتضعيف حديث واحد من أحاديثها، ولا لتأويل شئ منها، وأكثرها كما رأيت لا تناله يد التأويل، وكل منصف يحصل له من أدلة الرجعة اليقين، وحينئذ يمكنه دفع كل شبهة بجواب إجمالي بأن يقول: هذا معارض لليقين، وكل ما كان كذلك فهو

ص :373


1- 1 - سورة آل عمران 3: 7.

باطل، وأنا أذكر ما يخطر لي من الشبهات التي استند إليها منكرها، وأجيب عنها تفصيلا فأقول:

الشبهة الأولي:

الاستبعاد، وهذا كان أصل إنكار من أنكرها، وذلك أن كثيرا من العقول الضعيفة لا تجوز ذلك ولا تقبله، وخصوصا ما روي في بعض الأحاديث السابقة مما ظاهرها أن مدة رجعة آل محمد (عليهم السلام) ثمانون ألف سنة، إلي غير ذلك من الأمور البليغة الهائلة.

فالجواب أولا: إن خصوص هذا التحديد لم يحصل به اليقين، ولا وصل إلي حد التواتر، وكل من جزم بالرجعة لا يلزمه الجزم بهذه المدة.

وثانيا: إن الاستبعاد ليس بحجة ولا دليل شرعي، فلا يجوز الالتفات إليه.

وثالثا: إن هذا لا يصل إلي حد الامتناع، بل هو ممكن لا يجوز الجزم بنفيه، لأنه يستلزم دعوي علم الغيب.

ورابعا: إنه لا يوجد له معارض صريح بعد التتبع التام فلا يجوز رده.

وخامسا: إنه يحتمل حمله علي المبالغة، وأن يكون مثل قوله تعالي * (وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون) * (1) وقوله تعالي * (يوم كان مقداره خمسين ألف سنة) * (2) كما ذكر بعض المفسرين أن المراد ما يقضي في ذلك اليوم ويفصل، ويقع من الأمور العظيمة يحتاج إلي مثل هذه المدة من السنين في الدنيا.

وسادسا: إن ذلك إن كان المراد منه ظاهره، فهو بالنسبة إلي فضل الأئمة (عليهم السلام) قليل، وبالنسبة إلي قدرة الله تعالي سبحانه وكرمه أقل، وما أحسن ما قاله في هذا المقام رجب البرسي في كتابه بعدما أورد حديثا عجيبا في فضلهم (عليهم السلام) في أوائل

ص :374


1- 1 - سورة الحج 22: 47.
2- 2 - سورة المعارج 70: 4.

كتابه، وقال بعده ما هذا لفظه: أنكر هذا الحديث من في قلبه مرض، فقلت له:

تنكر القدرة أم النعمة أم ترد علي المؤيدين بالعصمة؟ فإن أنكرت قدرة الرحمن فانظر إلي ما روي عن سليمان (عليه السلام)، أن سماطه كان كل يوم ملحه سبعة أكرار (1).

فخرجت دابة من دواب البحر وقالت: يا سليمان أضفني اليوم.

فأمر أن يجمع لها مقدار سماطه شهرا، فلما اجتمع ذلك علي ساحل البحر وصار كالجبل العظيم، أخرجت الحوت رأسها وابتلعته، وقالت: يا سليمان أين تمام قوتي اليوم؟ فإن هذا بعض طعامي، فتعجب سليمان، فقال لها: هل في البحر دابة مثلك؟ فقالت: ألف ألف أمة. فقال سليمان: سبحان الله الملك العظيم ويخلق ما لا تعلمون.

وأما نعمته الواسعة فقد قال الله سبحانه لداود: وعزتي وجلالي لو أن أهل سماواتي وأرضي أملوني فأعطيت كل مؤمل أمله، وبقدر دنياكم سبعين ضعفا، لم يكن ذلك إلا كما يغمس أحدكم إبرة في البحر ويرفعها، فكيف ينقص شئ أنا قيمه (2) " انتهي كلام الحافظ البرسي " ثم ذكر أحاديثا في كثرة العوالم الموجودة الآن وراء هذا العالم.

الثانية:

إن أحاديث الرجعة لم تثبت في الكتب المعتمدة، ولا وصلت إلي حد يوجب العلم، وذلك أن رسالة الرجعة التي جمعها بعض المعاصرين ووصلت إلي هذه البلاد، اشتملت علي أحاديث كثيرة ذكر في أولها أنه نقلها من كتب المتقدمين، ولم يذكر في كل حديث من أي كتاب نقله، فكان ذلك أيضا شبهة وسببا للإنكار، وظن بعضهم أن ذلك لم يوجد في الكتب المعتمدة والأصول

ص :375


1- 1 - أكرار: مفردها كر: وهو ثلاثمائة وثلاثة وتسعون كيلو ومائة وعشرون غراما.
2- 2 - مشارق أنوار اليقين: 41 - 42.

الصحيحة، إلا أن يكون بطريق الآحاد، ولذلك لم أنقل هنا من تلك الرسالة شيئا، مع أن أحاديثها لا تقصر عن الأحاديث التي جمعناها في العدد والاعتماد.

والجواب: قد عرفت أن كتب الحديث والمصنفات المعتمدة مملوءة من ذلك، وقد ذكرنا أسماء الكتب التي نقلنا منها، مع أنا لم نتمكن من مطالعة الجميع، لضيق الوقت وكثرة الموانع، ولا حضرنا جميع ما هو بأيدي الناس الآن من الكتب المشتملة علي ذلك، فضلا عن كتب المتقدمين التي ألفوها في ذلك وفي غيره مما هو أعم منه، وقد عرفت ثبوت أحاديث الرجعة في الكتب المعتمدة، وأنه لا يخلو كتاب منها إلا نادرا، فبطلت الشبهة ولا وجه للتوقف بعد ذلك.

الثالثة:

ما ورد في بعض أحاديث التلقين - عند وضع الميت في القبر - أنه ينبغي أن يقال له: هذا أول يوم من أيام الآخرة، وآخر يوم من أيام الدنيا. فهذا يدل علي نفي الرجعة.

الجواب أولا: إن الرجعة غير عامة لكل أحد، وإنما ينبغي تلقين الميت بذلك، لعدم العلم بأنه من أهل الرجعة قطعا، والأصل عدم كونه منهم أن يتحقق ويثبت.

وثانيا: إن الرجعة واسطة بين الدنيا والآخرة، فيجوز أن يطلق عليها كل واحد منهما، وقد عرفت إطلاق أهل اللغة اسم الدنيا عليها، ورأيت الأحاديث التي تفيد إطلاق كل واحد من اللفظين عليها باعتبارين، وتقدم حديث صريح في إطلاق اسم الآخرة عليها.

وثالثا:

إن أهل الرجعة يحتمل كونهم غير مكلفين، والمراد بالدنيا في حديث التلقين دار التكليف كما يفهم منه بالقرينة (1).

ورابعا: إن الحياة الأولي بالنسبة إلي الثانية يجوز أن يطلق عليها اسم الدنيا

ص :376


1- 1 - في نسخة " ش ": منهم. بدل: منه بالقرينة.

بحسب وضع اللغة، بأن تكون وضعت للأولي خاصة، إما من الدنو أو من الدناءة، ويكون إطلاقها علي الحياة الثانية محتاجا إلي القرينة، لأنه إنما يصدق عليها ذلك المعني بالنسبة إلي القيامة الكبري لا مطلقا.

وخامسا: إن الحديث المشار إليه غير متواتر، فلا يقاوم أحاديث الرجعة وأدلتها لو كان صريحا في المعارضة، فكيف واحتمالاته كثيرة.

الرابعة:

الأدلة العقلية والنقلية الدالة علي امتناع خلو الأرض من إمام طرفة عين، وامتناع تقديم المفضول علي الفاضل، مع الأحاديث الصريحة في حصر الأئمة (عليهم السلام) في اثني عشر، وأن الإمامة في ولد الحسين (عليه السلام) إلي يوم القيامة، وقولهم (عليهم السلام) في وصف الإمام " الإمام واحد دهره، لا يدانيه عالم، ولا يوجد له مثل ولا نظير " (1) وما تقرر من أن الإمامة رئاسة عامة، وأن المهدي (عليه السلام) خاتم الأوصياء والأئمة، فلا يجوز أن تكون الرجعة في زمان المهدي (عليه السلام) ولا بعده، لأنه يلزم إما عزله (عليه السلام)، وقد ثبت استمرار إمامته إلي يوم القيامة، وإما تقديم المفضول علي الفاضل أو زيادة الأئمة علي اثني عشر، وعدم عموم رئاسة الإمام، وهذه أقوي شبهات منكر الرجعة.

والجواب من وجوه:

أحدها: إنه يحتمل كون أهل الرجعة غير مكلفين، كما يفهم من بعض الأحاديث السابقة، وإنهم إنما يرجعوا ليحصل الفرج والسرور للمؤمنين، وينتقموا من أعدائهم، ويظهر تملكهم وتسلطهم، ويحصل الغم والذل للكافرين وأعداء

ص :377


1- 1 - أورده الكليني في الكافي 1: 201، والصدوق في الأمالي: 776، وعيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 219، وكمال الدين: 678، ومعاني الأخبار: 98، والنعماني في الغيبة: 220، وفي الكل: عن عبد العزيز بن مسلم، عن الإمام الرضا (عليه السلام).

الدين، وليس عندنا دليل قطعي علي كونهم مكلفين، وإلا لجاز أن يتوب كل واحد من أعداء الدين، لاطلاعه علي جملة من أحوال الآخرة.

والأدلة الدالة علي انقطاع التكليف بالموت بل قبله عند المعاينة كثيرة في الكتاب والسنة، فمن ادعي تكليفا بعد الموت فعليه الدليل، ولا سبيل إليه، وعمومات الخطاب قابلة للتخصيص، علي أنها لم تتناول جميع الأزمان بالإجماع وليس هنا إجماع، وكونهم يجاهدون ويفعلون أفعالا كثيرة لا يدل علي أنهم مكلفون بها، كما أنهم في الآخرة يفعلون أشياء كثيرة جدا لا يمكن عدها من المشي إلي موقف الحساب، وأخذ الكتاب باليمين والشمال، والجواب عن كل ما يسألون عنه، ومن المرور علي الحوض، وسقي من يسقي، وطرد من يطرد، ومن حمل اللواء، وتمييز أهل الجنة والنار، وسوقهم إلي منازلهم، والشفاعة، وهبة بعضهم حسناته لبعض.

وغض أبصارهم عند مرور فاطمة (عليها السلام)، وركوب بعضهم، ومشي الباقين، وقسمة الجنة والنار، والجثو علي الركب تارة والقيام أخري، ودخول الجنة والنار، والنزول بمنزل خاص، وما يصدر من الكلام الطويل بينهم، ومن الأكل والشرب والجماع والنوم والجلوس، وزيارة بعضهم بعضا، ومن التحميد والتسبيح، وغير ذلك مما هو كثير جدا، وليسوا مكلفين بشئ من ذلك، وقد ذكر هذا الوجه صاحب كتاب " الصراط المستقيم " فقال: بعدما ذكر بعض الآيات والأخبار في رجوع الأئمة الأطهار (عليهم السلام):

فإن قيل: فيكون علي (عليه السلام) في دولة المهدي (عليه السلام) وهو أفضل منه؟ قلنا: قد قيل:

إن التكليف يسقط عنهم، وإنما يحييهم الله ليريهم ما وعدهم، وبهذا يسقط ما خيلوا به من جواز رجوع معاوية وابن ملجم وشمر ويزيد وغيرهم، فيطيعون الإمام وينتقلون من العقاب إلي الثواب، وهو ينقض مذهبكم من أنهم ينشرون

ص :378

لمعاقبتهم والشفاية فيهم.

قلنا: أولا: لا تكليف يومئذ ولا توبة.

وثانيا: قد ورد السمع بخلودهم في النيران، وتبري الأئمة (عليهم السلام) منهم، ولعنهم إلي آخر الزمان، فقطعنا بأنهم لا يختارون الإيمان * (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه) * (1) ولأنه إذا نشرهم للإنتقام منهم فلا تقبل توبتهم كما وقعت في الآخرة، وقد تظافرت الأحاديث عنهم (عليهم السلام) بمنع التوبة عند خروج المهدي (عليه السلام) (2) " انتهي ".

وإذا كانوا غير مكلفين فلا حرج في اجتماعهم كما في القيامة.

وثانيها: أنه يمكن أن يكونوا مكلفين بتكليف خاص لا بنبوة وإمامة بعد الموت والرجعة، لما روي في الأحاديث: " من أن الله أوحي إلي نبيه في آخر عمره أنه قد انقضت نبوتك وانقطع أكلك، فاجعل العلم والإيمان وميراث النبوة في العقب من ذريتك " (3) وغير ذلك.

وثالثها: أنه يمكن كون الرجعة للأئمة (عليهم السلام) كلها بعد موت المهدي (عليه السلام) وهو الظاهر، لما روي من طرق كثيرة " إن أول من يرجع إلي الدنيا الحسين (عليه السلام) في آخر عمر المهدي " فإذا عرفه الناس مات المهدي وغسله الحسين (عليه السلام)، وتلك المدة اليسيرة جدا تكون مستثناة للضرورة، أو لخروج المهدي (عليه السلام) عن التكليف ساعة الاحتضار، لكن لا بد من رجعة المهدي (عليه السلام) بعد ذلك في وقت آخر كما يفهم من الأحاديث، ووقع التصريح به في أحاديث نقلت من كتب المتقدمين، ولم

ص :379


1- 1 - سورة الأنعام 6: 28.
2- 2 - الصراط المستقيم 2: 252.
3- 3 - انظر أمالي الصدوق: 565 / 24، وفيه: يا محمد، وكمال الدين: 134 / 3، وفيه: يا نوح، وعلل الشرائع: 195 / 1، وفيه: يا آدم، والكافي 8: 114، وفيه: يا آدم، و 285 / 430، وفيه: يا نوح.

أنقلها هنا لما مر، ورجعة الرعية يحتمل التقدم والتأخر والتعدد ولا مفسدة فيها أصلا، فلذلك أقر بها منكر رجعة الأئمة (عليهم السلام)، مع أن النصوص علي الثانية - أعني رجعة النبي والأئمة (عليهم السلام) - أكثر مما دل علي الأولي، وأما ما دل علي أن المهدي (عليه السلام) خاتم الأوصياء وأنه ليس بعده دولة فلا ينافي لما تقدم بيانه.

ورابعها: أنه يمكن اجتماعهم في زمن المهدي (عليه السلام) ولا يكونوا من رعيته لعدم احتياجهم إلي إمام لعصمتهم، فإن سبب الاحتياج إلي الإمام عدم العصمة، وإلا لاحتاج الإمام إلي إمام ويلزم التسلسل، وإذا لم يكونوا من رعية المهدي (عليه السلام) لا يلزم تقديم المفضول علي الفاضل كما هو ظاهر، ويكون الإمام علي الأحياء والأموات الذين رجعوا هو المهدي (عليه السلام)، فإن الإمام يجب أن يكون أفضل من رعيته، ولا يلزم أن يكون أفضل من جميع الموجودات وأشرف من سائر المخلوقات، وإن كان أئمتنا (عليهم السلام) كذلك بالنسبة إلي من عداهم، ومعلوم أنهم إذا اجتمعوا لا يحتاج أحد منهم إلي الآخر لعدم جهلهم، واستحالة صدور فساد منهم، وعدم جواز الاختلاف عليهم، ومعارضة بعضهم بعضا، ويؤيده الأحاديث الدالة علي أنه لا يكون إمامان إلا وأحدهما صامت، ولا يلزم كون حكم الرجعة موافقا لما قبلها، إذ ليس علي ذلك دليل قطعي.

وخامسها: أنه يمكن اجتماعهم واجتماع اثنين منهم فصاعدا، ويكون كل واحد إماما لجماعة مخصوصين أو أهل بلاد منفردين، أو كل واحد إمام أهل زمانه الذين رجعوا معه بعد موتهم، ولا يكون أحد منهم إماما للآخر، ولا أحد من الرعية مشتركا بينه وبين غيره، وهذا الوجه ربما يفهم من الأحاديث السابقة، ويؤيده الأحاديث الكثيرة " في أن كل ما كان في الأمم السالفة يكون مثله في هذه الأمة، حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة "، وقد كان تجتمع في الأمم السابقة حجتان فصاعدا من الأنبياء والأوصياء، بل مئات وألوف في وقت واحد كما ذكرنا، لا

ص :380

علي شخص واحد، بأن يكون رعية لنبيين أو إمامين، وحينئذ يتم توجيه الظواهر المشار إليها سابقا كما لا يخفي.

وسادسها: إن أحاديث الرجعة صريحة غير قابلة للتأويل بوجه كما عرفت، ولا وجد لها معارض صريح أصلا، والأحاديث المشار إليها في هذه الشبهة ظواهر ليس دلالتها قطعية بل لها احتمالات متعددة.

أما ما دل علي حصر الأئمة (عليهم السلام) في اثني عشر فظاهره أنه بالرجعة لا يزيد العدد، فإن من مات ثم عاش لا يصير اثنين، وما الموت إلا بمنزلة النوم في مثل ذلك.

وأما ما دل علي أن الإمامة في ولد الحسين (عليه السلام) إلي يوم القيامة فلا ينافي الرجعة علي جملة من الوجوه السابقة، مع احتمال حمل القيامة علي ما يشمل الرجعة كما مر، واحتمال استثناء مدة الرجعة بدليل خاص قد تقدم، ومعلوم أنه يمكن الاستثناء من هذه المدة، ولا تناقض أصلا، لأنها تدل علي شمول أجزائها بطريق العموم، وهو قابل للتخصيص.

ألا تري أنه يجوز أن يقال: يجب الصوم في شهر رمضان من أوله إلي آخره إلا الليل، ويجوز صوم ذي الحجة من أوله إلي آخره إلا العيد وأيام التشريق، وقولهم (عليهم السلام): " الإمام واحد دهره " (1) محمول إما علي ما عدا مدة الرجعة، فإنه يوجد فيها من يماثله وليس من رعيته، أو علي إرادة تفضيله علي جميع رعيته بقرينة قوله (عليه السلام): " لا يدانيه عالم "، فإن جبرئيل أعلم منه ومن الأنبياء، ولا أقل من المساواة، فإن علمهم وصل إليهم بواسطته، فكيف يصدق أنه لا يدانيه عالم،

ص :381


1- 1 - أورده الكليني في الكافي 1: 201، والصدوق في عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 197، والأمالي: 776، وكمال الدين: 678 ومعاني الأخبار: 98، والنعماني في الغيبة: 220.

والحاصل أنه ظاهر لا نص، فهو محتمل للتخصيص والتقييد وغيرهما، وعموم رئاسة الإمام ليس عليها دليل قطعي لأنهم قد تعددوا في الأمم السابقة، والظواهر لا تمنع من العمل بمعارضها الخاص لو ثبت التعارض، فإن أدلة الرجعة خاصة، والخاص مقدم علي العام، والعجب ممن يأتي تخصيص العام وينكر تقييد المطلق، ويجترئ علي رد الدليل الخاص، أو تأويل بعضه ورد الباقي، ويقدم ما يحتمل التأويل علي ما لا يحتمله، مع أن أحاديث الرجعة كما عرفت ليس لها معارض صريح.

وسابعها: إن ما ذكر في الشبهة معارض بما تقدم إثباته من وقوع الرجعة في الأنبياء والأوصياء السابقين في بني إسرائيل وغيرهم، فإن كل نبي أفضل من وصيه قطعا، وكذلك كل وصي أفضل ممن بعده أيضا، لامتناع تقديم المفضول علي الفاضل، وكل وصي كان النص عليه مقيدا بمدة، إما خروج نبي أو موت ذلك الوصي وقيام غيره مقامه، فلما رجع من رجع من الأنبياء والأوصياء السابقين لم يلزم فساد ولا بطلان تدبير، ومهما أجبتم هنا فهو جوابنا هناك.

وبالجملة الأدلة القطعية لا تنافي الرجعة. والظواهر محتملة لوجوه متعددة، فلا تعارض الدليل الخاص أصلا، وناهيك أن جميع علماء الإمامية قد رووا أحاديث الرجعة المتواترة الصريحة، وما ضعفوا شيئا، ولا تعرضوا لتأويله، بل صرحوا باعتقاد صحتها، فكيف يظن أنه ينافي اعتقاد الإمامية.

وثامنها: إنه معارض بما دل علي رجعة النبي والأئمة (عليهم السلام) في هذه الأمة، وحياتهم بعد موتهم خصوصا حياة الرسول (صلي الله عليه وآله) بعد تغسيله وتكفينه قبل الدفن، وعند كلامه لأبي بكر، فقد روي أن الرسول (صلي الله عليه وآله) دفن يوم الرابع من موته، وقيل:

الثالث، ويحتمل كون رجعته ثلاثة أيام وثلاث ليال أو أقل أو أكثر، وعلي كل حال فقد كان أمير المؤمنين (عليه السلام) إماما وحجة وخليفة، ولم يلزم من ذلك عزله

ص :382

ولا عدم عموم رئاسته، ولا تقدم المفضول علي الفاضل، لأن الرسول لم يكن من رعية أمير المؤمنين (عليه السلام)، ومهما أجبتم به فهو جوابنا، والإمكان لازم للوقوع.

وتاسعها: إنه معارض بالمعراج، بيانه: إن الأحاديث الكثيرة دالة علي أن الأرض لا تخلو من حجة طرفة عين، ولو خلت لساخت بأهلها، والأدلة العقلية دالة علي ذلك وثبوت المعراج لا شك فيه وقد نطق به القرآن، وقد روي الكليني:

" أنه عرج برسول الله (صلي الله عليه وآله) مرتين " (1).

وروي ابن بابويه في " الخصال ": " أنه عرج به مائة وعشرين مرة " (2) ولا شك أن المرة الواحدة متواترة مجمع عليها، ففي الحال المعراج إما أن تكون الأرض خالية من إمام وحجة فيلزم تخصيص تلك الأحاديث.

والأدلة أو القول بأن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يومئذ إماما، فإن كان الأول فيمكن التخصيص بمدة الرجعة أيضا، وإن كان الثاني انتفت المفسدة التي ادعيتموها في اجتماعهم.

والأحاديث الدالة علي أن أمير المؤمنين (عليه السلام) إماما وخليفة في زمن الرسول (صلي الله عليه وآله) وبعده كثيرة، ومن جملتها وفاة فاطمة بنت أسد أم علي (عليه السلام)، وتلقين الرسول (صلي الله عليه وآله) لها، وأنها سئلت عن إمامها، فقال لها الرسول (صلي الله عليه وآله): " ابنك ابنك " (3) فلا مفسدة، والحاصل أنك لا تري في شئ من الشبهات المذكورة ما هو صريح في المنافاة أصلا، بل يمكن توجيه الجمع بوجوه قريبة قد ذكرنا جملة منها.

الخامسة:

قوله تعالي * (حتي إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون * لعلي

ص :383


1- 1 - الكافي 1: 442 / 13.
2- 2 - الخصال: 600 / 3.
3- 3 - أورده الكليني في الكافي 1: 453 / 2، الصدوق في الاعتقادات: 59، ضمن مصنفات المفيد ج 5 والشريف الرضي في خصائص الأئمة: 65 - 66.

أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلي يوم يبعثون) * (1).

والجواب من وجوه:

أحدها: إنه ليس فيها شئ من ألفاظ العموم، فلعل المشار إليهم لا يرجع أحد منهم، لأن الرجعة خاصة كما عرفت.

وثانيها: إنه علي تقدير إرادة ظاهرها غير شاملة لأهل العصمة (عليهم السلام) قطعا، لأنه لا يقول أحد منهم ذلك، فلا يصح الاستدلال بها علي نفي رجعتهم.

وثالثها: إن الذي يفهم منها أن المذكورين طلبوا الرجعة قبل الموت لا بعده، والمدعي هو الرجعة بعده، فلا تنافي صحة الرجعة بهذا المعني.

ورابعها: إن الآية تحتمل إرادة الرجعة مع التكليف بل هو الظاهر منها، بل يكاد يكون صريح معناها، ونحن لا نجزم بوقوع التكليف في الرجعة فإن أريد منها نفيه فلا فساد فيه.

وخامسها: إن الرجعة التي نقول بها واقعة في مدة البرزخ، فلا ينافي مدلول الآية، ولعلهم طلبوا رجعة العمر الأول بعينه وسائر أحواله.

وسادسها: إن البعث أعم من الرجعة، فلعل المراد بالبعث منها الرجعة ثم القيامة، وإنهم طلبوا الرجعة عاجلة قبل حضور وقتها، فلم يجابوا إليها.

السادسة:

ما رواه الصدوق في " معاني الأخبار " عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن الصفار، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسي، عن صالح بن ميثم، عن عباية الأسدي، قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو متكئ وأنا قائم عليه: " لأبنين بمصر منبرا، ولأنقضن دمشق حجرا حجرا، ولأخرجن اليهود

ص :384


1- 1 - سورة المؤمنون 23: 99 - 100.

والنصاري من كل كور (1) العرب، ولأسوقن العرب بعصاي هذه " فقلت له: يا أمير المؤمنين كأنك تخبر أنك تحيي بعدما تموت؟ فقال: " هيهات يا عباية ذهبت في غير مذهب يفعله رجل مني " (2).

أقول: روي الصدوق قبله حديثا عن ابن الكوا. وقد تقدم في آخر الباب التاسع، ثم قال: إن أمير المؤمنين اتقي عباية الأسدي في هذا الحديث، واتقي ابن الكوا في الحديث الأول، لأنهما كانا غير محتملين لأسرار آل محمد (عليهم السلام) (3) " انتهي ".

ولا يخفي أنه لا ينافي رجعته (عليه السلام) بل يدل علي أن الفاعل لهذه الأفعال غيره، ولم يرد في أحاديث الرجعة أن أمير المؤمنين (عليه السلام) هو الذي يفعلها، فظهر عن هذه الشبهة جوابان صحيحان، وليس الحديث بصريح في نفيه رجعته (عليه السلام) كما لا يخفي علي منصف، وأما التعرض لتأويل الرجعة برجوع الدولة وخروج المهدي (عليه السلام)، فلا يخفي علي منصف بطلانه وفساده لوجوه اثني عشر:

الأول: إنه خلاف الاجماع الذي نقله جماعة من الأعيان، ولم يظهر ما ينافيه أصلا.

الثاني: إنه خلاف المتبادر من معني الرجعة، والتبادر علامة الحقيقة.

والثالث: ما يستفاد من تتبع مواقع استعمالها، والقرائن الكثيرة الدالة علي المعني المراد منها.

الرابع: ما عرفت سابقا من نص علماء اللغة علي تفسير معناها، والتصريح

ص :385


1- 1 - الكورة: بالضم، المدينة. وجمعها كور. القاموس المحيط 2: 218 - الكور.
2- 2 - معاني الأخبار: 406 / 82.
3- 3 - معاني الأخبار: 407.

بحقيقتها، وأن المراد بها الرجوع إلي الدنيا بعد الموت، ذكره صاحب القاموس والصحاح (1) وغيرهما.

الخامس: ما تقدم من التصريحات الكثيرة التي لا تحتمل التأويل بوجه.

السادس: إن الأحاديث اشتملت علي ألفاظ كثيرة غير الرجعة كلها دالة علي معناها، ولا سبيل إلي تأويل الجميع.

السابع: لا يعهد إطلاق الرجعة علي خروج المهدي (عليه السلام) في النصوص أصلا، وعلي تقدير وجود شئ نادر فكيف يجوز الالتفات إليه بعدما تقدم.

الثامن: إعترافهم بأنه تأويل، وقد عرفت سابقا ما دل علي عدم جواز التأويل بغير نص ودليل، ومعلوم أنه لا يجوز ما دام الحمل علي الظاهر ممكنا، وقد عرفت أنه لا ضرورة إليه هنا.

والتاسع: إن العامة لا تنكر الرجعة بهذا المعني، ولا يختص الشيعة بالإقرار به، بل لا ينكره أحد، وقد عرفت إجماع الإمامية علي الإقرار بها، وإجماع المخالفين علي إنكارها فلا وجه لهذا التأويل.

العاشر: إن الطبرسي (2) صرح بأن من تأولها بذلك ظن أنها تنافي التكليف، وذلك ظن فاسد فإنه لا يلزم عدم تكليف أهل الرجعة ولا تكليفهم، بل يحتمل الأمرين والتبعيض، وربما يستفاد الأخير من بعض ما مر كما أشرنا إليه في محله.

الحادي عشر: إنه يلزم عدم مساواة أحوال هذه الأمة للأمم السابقة حذو النعل بالنعل، والقذة بالقذة، لعدم الرجعة في هذه الأمة، وكثرة وجودها في الأمم السابقة كما عرفت.

ص :386


1- 1 - القاموس المحيط 3: 36، الصحاح 3: 1216 - رجع.
2- 2 - مجمع البيان 7: 430، آية * (ويوم نحشر من كل أمة فوجا) * النمل 27: 83.

الثاني عشر: إن بعض المعاصرين قد نقل حديثا في الرجعة عن المفضل بن عمر، عن الصادق (عليه السلام) في إنكار من تأول الرجعة برجوع الدولة في زمان المهدي (عليه السلام) والتصريح بفساده، وهو طويل يشتمل علي مبالغة زائدة في الانكار لهذا التأويل، وقد ذكرنا بعض هذا الحديث سابقا.

وأما تأويل الرجعة بالحمل علي العود بالبدن المثالي فهو أيضا باطل فاسد لا وجه له.

أما أولا: فلأنه تناسخ فإن التناسخ هو تعلق الروح ببدن آخر في الدنيا، وقد دلت النصوص المتواترة والإجماع علي بطلانه، والعجب أن منكر الرجعة تخيل أنها تستلزم التناسخ ثم وقع فيه.

وأما ثانيا: فللتصريحات الكثيرة السابقة بأنهم يخرجون من قبورهم، وأنهم ينفضون التراب عن رؤوسهم وغير ذلك.

وأما ثالثا: فلأنه خلاف الظاهر، ولا موجب للعدول عنه.

وأما رابعا: فلأن الانسان عند تعلق روحه بذلك البدن إما أن يكون ذلك الانسان الأول أولا، فإن كان الأول لزم ما تقدم من المفاسد التي ادعوها، وإن كان غيره لم يجز عقوبته بالضرب والقتل والإهانة والصلب والإحراق ونحو ذلك، لأن هذا البدن لم يذنب، وأيضا يلزم علي قولكم أن يكون مكلفا إذا رجع إلي الدنيا وتعود المفاسد، وإذا كان الانسان الثاني غير الأول لم تصدق أحاديث الرجعة، وأما عذاب البرزخ فلا نسبة له إلي عذاب الرجعة، وإنما هو عذاب للروح.

وأما خامسا: فلأنهم هربوا من لزوم عود التكليف لو حكموا برجوع الروح إلي البدن الأول، وقد عرفت أنه غير لازم بل يحتمل الأمرين.

وأما سادسا: فلما مر من الأحاديث الدالة علي أنه يكون في هذه الأمة كل ما

ص :387

كان في الأمم السابقة حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة، ومعلوم أن الرجعة التي وقعت في تلك الأمم مرارا كثيرة جدا لم تكن بالبدن المثالي قطعا.

فهذا ما خطر بالبال واقتضاه الحال من الكلام في إثبات الرجعة، ودفع شبهاتها علي ضعفها وعدم صراحتها في إبطال الرجعة، وقوة أحاديث الرجعة وأدلتها كما رأيت، فإنها وصلت إلي حد التواتر، بل تجاوزته بمراتب، فأوجبت القطع واليقين، بل كل حديث منها موجب لذلك، لكثرة القرائن القطعية من موافقة القرآن والأدلة والسنة النبوية وتعاضدها، وكثرتها، وصراحتها، واشتمالها علي ضروب من التأكيدات، وموافقتها لإجماع الإمامية، وإطباق جميع الرواة والمحدثين علي نقلها، ووجودها في جميع الكتب المعتمدة، والمصنفات المشهورة المذكورة سابقا وغيرها، وعدم وجود معارض صريح لها أصلا، وعدم احتمالها للتقية، واستحالة اتفاق رواتها علي الكذب، ولعدم قول أحد من العامة المخالفين للإمامية بها، ولعدالة أكثر رواتها وجلالتهم، ولصحة طرق كثيرة من أحاديثها، ولكون أكثر رواتها من أصحاب الاجماع الذين اجتمعت الإمامية علي تصحيح ما يصح عنهم، وتصديقهم وأقروا لهم بالعلم والفقه.

وللعلم القطعي بأن كثيرا من هذه الأحاديث كانت مروية في الأصول المجمع علي صحتها، التي عرضت علي الأئمة (عليهم السلام) فصححوها وأمروا بالعمل بها، ولكثرة تصانيف علماء الإمامية في إثبات الرجعة، ولم يبلغنا أن أحدا منهم صرح بردها وإنكارها، فضلا عن تأليف شئ في ذلك.

وإني مع قلة تتبعي لو أردت الآن لأضفت إلي أحاديث هذه الرسالة ما يزيد عليها في العدد، فتتضاعف الأحاديث، لأني لم أنقل من رسائل المتأخرين شيئا، مع أنه حضرني منها ثلاث رسائل، وفيما ذكرناه بل في بعضه كفاية إن شاء الله تعالي، فقد ذكرنا في هذه الرسالة من الأحاديث والآيات والأدلة ما يزيد علي

ص :388

ستمائة وعشرين، ولا أظن شيئا من مسائل الأصول والفروع يوجد فيه من النصوص أكثر من هذه المسألة، والله الموفق.

وكان الفراغ من تأليفه يوم العشرين من شهر ربيع الأول سنة 1079 من الهجرة.

ص :389

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.