مستدرك نهج البلاغة موسوم به مصباح البلاغة في مشكاة الصياغة المجلد 1-4

اشارة

پديدآوران: ميرجهاني طباطبايي، سيد محمدحسن (نويسنده)

ناشر: حسن ميرجهاني طباطبايي

مكان نشر: قم - ايران

سال نشر: 1388 ق

زبان: عربي

تعداد جلد: 4

ص: 1

الجزء الاوّل

مقدمة المؤلف

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم و به نستعين الحمد للعلّي الاعلي الّذي اعلي بكلمته كلمة الاسلام و الشّكر للمليّ المولي الّذي املي علي عبده و رسوله ما ملأ به الكون من النّعم الجسام منطق البلغاء و مفصح الفصحاء اللّطيف بافضاله علي من يشاء بما يشاء و افضل صلواته و اكمل تسليماته و ابلغ تحيّاته علي افضل سفرائه و اكمل انبيائه و اعظم رسله و نجبائه و اصفيائه الّذي خصّه اللّه بالنّبوّة الكبري و الرّسالة العظمي محمّد المصطفي المصفّي ذي الخلق العظيم و الكرم العميم صفوة سلالة الخليل ابراهيم من كان نبيّا و ادم بين الماء و الطّين الّذي

ص: 2

ارسله اللّه تعالي رحمة للعالمين و جعله شفيعا للمذنبين و علي اله و عترته الهداة المهديّين الطّاهرين المطهّرين المعصومين الاطيبين المنتجبين الصّاعدين ذري الحقائق و المعارف باقدام الرّسالة و الولاية و اعلام الفتوّة و الهداية سيّما ابن عمّه و خليفته المخلوق من طينته و وصيّه و نسيبه و ظهيره و صهره و وارث علمه و باب مدينة حكمته و حافظ سنّته و شريعته جامع متضادّ الكمال قاصم شوكة الكفر و الضّلال حلاّل المشكلات كشّاف المعضلات خوّاض الغمرات المشهور في السّموات صاحب الدّلالات الواضحات مظهر الكرامات الباهرات مظهر العجائب المعجزات الصّدّيق الاكبر حامل الّلواء في المحشر السّاقي لشيعته و مواليه من الكوثر قاسم الجنّة و السّقر من هو بعد سيّد البشر افضل البشر امام الموحّدين قائد المتّقين برهان الواصلين قبلة العارفين امير المؤمنين عليّ الّذي علا علي اعلي مرقاة الكمال و اللّعنة الدّائمة علي اعدائهم اولي الكفر و الجحود و الغيّ و الضّلال

ص: 3

امّا بعد فلا يخفي علي اولي اللّبّ و النّهي و الدّراية و الحجي في انّ اعلي الكلام كلام الملك العلاّم القران الحكيم و الكتاب الكريم الّذي تحدّي الفصحاء من العرب العرباء ان يأتوا بمثله او بسورة من سوره فاعترفوا بالعجز لفصاحته و بلاغته و قصورهم عن الاتيان بمثله او سورة من مثله فاقرّ المنصف الماهر و اصرّ المتعسّف المكابر فلجاء الي القتال بالسّيوف و تجرّع مرارات الحتوف و بغده كلام شمس الظّلام و بدر التّمام افصح العرب و العجم من اوتي جوامع الكلم المنزل في شانه ما ينطق عن الهوي ان هو الاّ وحي يوحي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ثمّ بعد ذلك احسنه و اتقنه و افصحه و ابلغه و ابينه و امتنه كلام من هو في امّ الكتاب لدي اللّه لعليّ حكيم المحتوي لاتمّ الكنايات و ابلغ النّهايات و ادّل الدّلالات ما اطيب وعظه و خطابه و ما احلي كلامه و كتابه فعلي روّام العلوم و طلاّب الحكم ان يجعلوا اعظم اجتهادهم و يصرفوا جلّ عناياتهم في ارتيادهم

ص: 4

الي المعرفة بوجوه كلماته و خطبه و وصاياه و كتبه و مواعظه و عبره و زواجره و نذره و الوقوف علي امثاله و رسومه و فنونه و علومه و براهينه و حكمه و لقد جاد و اجاد من انشاء و افاد كلام عليّ كلام علي و ما قاله المرتضي مرتضي

و لقد عني من عني من السّلف و الخلف في مرور الدّهور و مضيّ الاعصار عصابة هم اهل الاصابة لاحراز دقائق كلامه عليه السّلام و ابراز حقائقه حتّي عمروا دمنه و فرعوا فننه و قنصوا شوارده و نظموا قلائده فالّفوا و افادوا و حقّقوا و استفادوا و صنّفوا و اجادوا و بلغوا من المقاصد قاصيتها و ملكوا من المحاسن ناصيتها فشكّر اللّه مساعيهم و جزاهم اللّه تعالي من شئابيب رحمته و احلّهم في رياض القدس من جنانه و منهم السيّد الايّد البارع الجاهد النّاسك المجاهد الورع الزّاهد العلاّمة الماجد دوحة شجرة المحمّديّة سلالة السّادة الفاطميّة زبدة الاطائب الموسوّية العلويّة

ص: 5

ذو الفضايل الشّايعة و الفواضل الجامعة نقيب النّقباء الشّريف الاجلّ ذو الحسبين محمّد بن الحسين الموسويّ الملقّب بالرّضيّ رضي اللّه عنه و ارضاه مؤلّف كتاب نهج البلاغة و هو الّذي قد جدّ و اجدّ و كدّ و اكدّ في جمع درر كلامه عليه السّلام و تنظيمه علي نظام لم يسبقه سابق فلمّا ظفرت بكتابه و امعنت النظر في محتويات فصوله و ابوابه و وردت رياضه و اتيت حياضه و رايت اصناف مختاره سئلت اللّه عزّ و جلّ ان يوفّقني لاقتفاء اثره في جمع ما تيسّر لي من جوامع كلامه عليه السّلام ممّا لم يجمعها اعلي اللّه مقامه علي نهج النّهج من الخطب و الكلمات دون القصار من كلماته لانّها قد جمعها بعض المتتبّعين من علماء الخاصّة و العامّة و لقد اشار الرّضيّ رضي اللّه عنه في اواخر النّهج بانّه كان من عزمه و تفصيله اوراقا من البياض في اخر كلّ باب من ابواب كتابه اقتناصا للشّارد و استلحاقا للوارد مرجّوا ان يظهر له بعد الغموض و يقع اليه بعد

ص: 6

الشّذوذ كما اشار في ديباجة الكتاب بقوله و مفصّلا فيه اوراقا لتكون مقدّمة لاستدراك ما عساه يشذّ عنّي عاجلا و يقع اليّ اجلا فاقول الرّجاء الواثق من وليّ التّوفيق ان يوفّقني لاحياء عزمه و اتّباع نيّته و الاقتداء بحسن اختياره و ليس علي اللّه بعزيز ان يهديني الي جمع شتات ما فات من قلمه الشّريف او لم يكتبه او لم يظفر به و ان لم اكن من جائلي هذا المجال و فرسان هذا الميدان و ليس لي من الطّاوس الاّ رجله و لا من الورد الاّ شوكه و لا من النّار الاّ دخانه كمن يحدوا و ليس له بعير و من يرعي و ليس له سوام

و من يسقي و قهوته سراب و من يدعو الضّيوف و لا طعام

كيف ما كان فاستخرت اللّه مستمدّا من باطن الولاية الكلّيّة للوصول الي غاية المامول و هممت الفحص في كتب الاخبار و الاثار و مؤلّفات الفحول و الاخيار لالتقاط درر كلماته من بحار الاحاديث و الاثار و اخذت في البحث عنها و اعطيت النّظر فيها فوصلت في سلوك شوارعها الي حدائق

ص: 7

ذات وهجة و خضرة و رياض ذات بهجة و نضرة مزيّنة بازهار كلّ علم و اثمار كلّ حكمة و ابصرت في طيّ منازلها سبلا مسلوكة معمورة موصلة الي كلّ شرف و منزلة فبادرت و سارعت الي ما علمت انّه وسيلة لنيل السّعادة و سينفعني اللّه بها في يوم لا ينفع فيه مال و لا بنون و الحمد للّه الّذي هدانا لهذا و ما كنّا لنهتدي لو لا ان هدانا اللّه و لقد ان ان ان اشرع في المقصود بعون الرّبّ الودود و عناية وليّ المعبود و انا العبد الذّليل الفاني ابن عليّ بن القاسم حسن المير جهاني الطّباطبائي المحمّد اباديّ الجرقوئيّ الاصفهانيّ وفاه اللّه عن التّواني فشمّرت ذيل العزلة و اخرجت يدي عن جيب الوحدة و انست بالحقّ و ذلك احقّ اذ الخير كلّه خصوصا في هذا الزّمان العضوض في العزلة و السّلامة في الوحدة و النّجاة في ترك العشرة مع النّاس فانّ اخوان الزّمان جواسيس العيوب و لقد جرّبت هذا مرارا و شربت من كؤس ايذائهم انهارا فالي اللّه المشتكي و عليه المعوّل في الشّدّة و الرّخاء

ص: 8

و لمّا كان كلامه عليه السّلام نورا لمن استضاء به فسمّيت مجموعتي هذه مصباح البلاغة في مشكوة الصّياغة و في توصيفه و تاليفه لقد حذيت حذو الرضيّ رضي اللّه عنه لا من حيث التّرسيل و التّقطيع بل من حيث الخطب و الاوامر و الكتب و الرّسائل دون الحكم و المواعظ الّتي جعلها الباب الثالث من الكتاب و ابتدءت بما ابتدء و صنعت كما صنع الاّ انّي قد بيّنت كلّ ما نقلت مأخذها و مسانيدها ان كانت لها سند و كلّما منها قطّعت في النّهج لو ظفرت بتمامها اكتبها و اشير الي مدركها و ما من الخطب و الكلم و الكتب و الحكم التي ظفرت بها لا كتب تمام ما ظفرت به و لا اقطّعها و هذا بحوله و قوّته و توفيقه و ربّما يري في اثناء هذا الكتاب تكرار في الخطبة او الكلام او اللّفظ اعتذر كما اعتذر السيّد في النّهج بقوله و العذر في ذلك انّ روايات كلامه(عليه السّلام)تختلف اختلافا شديدا فربّما اتّفق الكلام المختار في رواية فنقل علي وجهه ثمّ وجد بعد ذلك

ص: 9

في رواية اخري موضوعا غير وضعه الاوّل امّا بزيادة مختارة او بلفظ حسن عبارة فتقتضي الحال ان يعاد استظهارا للاختيار و غيرة علي عقائل الكلام و ربّما بعد العهد ايضا بما اختير اوّلا فاعيد بعضه سهوا و نسيانا لا قصدا و اعتمادا و لا ادّعي مع ذلك انّي احيط باقطار جميع كلامه(عليه السّلام)حتّي لا يشذّ عنّي منه شاذّ و لا يندّ نادّ بل لا ابعد ان يكون القاصر عنّي فوق الواقع اليّ و الحاصل في ربقتي دون الخارج من يديّ و ما عليّ الاّ بذل الجهد و بلاغ الوسع و علي اللّه سبحانه نهج السّبيل و رشاد الدّليل ان شاء اللّه انتهي كلامه

باب خطبه عليه السّلام و كلماته ممّا يجري مجراها

1-من خطبه عليه السّلام

كتاب منتخب كنز العمّال في سنن الاقوال و الافعال تاليف الشيخ الامام علاء الدين علي بن حسام الدين الشهير بالمتقي الهندي و هو المطبوع بهامش كتاب مسند ابن حنبل امام الحنابلة في المطبعة الميمنة بمصر سنة 1313 ه نقلتها عن الجزء السادس من المسند ص 315 روي عن وكيع و العسكري في المواعظ عن يحيي بن عبد اللّه بن الحسن عن ابيه قال كان عليّ(عليه السّلام)يخطب فقام اليه

ص: 10

رجل و قال يا امير المؤمنين اخبرني من اهل الجماعة و من اهل الفرقه و من اهل السنّة و من اهل البلاغة فقال ويحك امّا اذا سألتني فافهم عنّي و لا عليك ان لا تسئل عنها احدا بعدي فامّا اهل الجماعة فانا و من اتّبعني و ان قلّوا و ذلك الحقّ عن امر اللّه و امر رسوله(صلّي اللّه عليه و آله و سلّم)و امّا اهل الفرقة فالمخالفون لي و لمن اتّبعني و ان كثروا و امّا اهل السّنّة فالمتمسّكون بما سنّه اللّه لهم و رسوله و ان قلّوا و امّا اهل البدعة فالمخالفون لامر اللّه و لكتابه و رسوله العاملون برايهم و اهوائهم و ان كثروا و قد مضي منهم الفوج الاوّل و بقيت افواج و علي اللّه قصمها و استئصالها عن جدبة الارض فقام اليه عمّار فقال يا امير المؤمنين ان النّاس يذكرون الفيء و يزعمون انّ من قاتلنا فهو و ماله و اهله فييء لنا و ولده فقام رجل من بكر بن وائل يدعي عبّاد بن قيس،و كان ذا عارضة لسان شديد فقال يا امير المؤمنين و اللّه ما قسمت بالسوّية و لا عدلت في الرّعية فقال عليّ و لم ويحك قال لانك قسمت ما في العسكر و تركت الاموال و النساء و الذرّية فقال علي(عليه السّلام) ايّها النّاس من كان به جراحة فليداوها بالسّمن فقال عبّاد جئنا لنطلب غنائمنا فجاءنا بالتّرهات فقال له عليّ(عليه السّلام) ان كنت كاذبا فلا اماتك اللّه حتي تدرك غلام ثقيف فقال رجل من القوم و من غلام ثقيف يا امير المؤمنين فقال رجل لا يدع للّه حرمة الاّ انتهكها قال فيموت او يقتل قال بل يقصمه قاصم الجبّارين قتلة بموت فاحش

ص: 11

يحترق منه دبره لكثرة ما يجري من بطنه يا اخا بكر انت امرء ضعيف الرّاي او ما علمت انّا لا نأخذ الصّغير بذنب الكبير و انّ الاموال كانت لهم قبل الفرقة و تزوّجوا علي رشدة و ولدوا علي الفطرة و انّما لكم ما حوي عسكرهم و ما كان في دورهم فهو ميراث لذرّيّتهم فان عدّا علينا احد منهم اخذناه بذنبه و ان كفّ عنّا لم نحمل عليه ذنب غيره يا اخا بكر لقد حكمت فيهم بحكم رسول اللّه صلّي اللّه عليه(و آله)و سلّم في اهل مكّة قسم ما حوي العسكر و لم يعرّض لما سوي ذلك و انّما أتبعت اثره حذو النّعل بالنّعل يا اخا بكر اما علمت انّ دار الحرب يحلّ ما فيها و انّ دار الهجرة يحرم ما فيها الاّ بحقّ فمهلا مهلا رحمكم اللّه فان أنتم لم تصدّقوني و اكثرتم عليّ و ذلك انّه تكلّم في هذا غير واحد فايّكم يأخذ امّه عايشه بسهمه قالوا لا اينا يا امير المؤمنين بل اصبت و اخطأنا و علمت و جهلنا و نحن نستغفر اللّه و تنادي الناس من كلّ جانب اصبت يا امير المؤمنين اصاب اللّه بك الرّشاد و السّداد فقام عمّار و قال يا ايّها الناس انكم و اللّه ان اتبعتموه و اطعتموه لم يضل بكم عن منهاج نبيّكم قيس شعرة و كيف يكون ذلك و قد استودعه رسول اللّه صلي اللّه عليه(و اله)و سلّم المنايا و الوصايا و فصل الخطاب

ص: 12

علي منهاج هرون بن عمران اذ قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه(و اله)و سلّم انت مني بمنزلة هرون من موسي الاّ انه لا نبيّ بعدي فضلا خصّه اللّه به اكراما منه لنبيّه صلي اللّه عليه(و اله)و سلّم حيث اعطاه ما لم يعطه احدا من خلقه ثم قال عليّ(عليه السّلام) انظروا رحمكم اللّه ما تؤمرون به فامضوا له فانّ العالم اعلم بما يأتي من الجاهل الخسيس الاخسّ فانّي حاملكم ان شاء اللّه تعالي ان اطعتموني علي سبيل الجنّة و ان كان ذا مشقّة شديدة و مرارة عتيدة و انّ الدّنيا حلوة الحلاوة لمن اغترّ بها من الشّقوة و النّدامة عمّا قليل ثمّ انّي مخبركم انّ جيلا من بني اسرائيل امرهم نبيّهم ان لا يشربوا من النّهر فلجّوا في ترك امره فشربوا منه الاّ قليلا منهم فكونوا رحمكم اللّه من اولئك الّذين اطاعوا نبيّهم و لم يعصوا ربّهم و امّا عايشة فادركها رأي النّساء و شيء كان في نفسها عليّ يغلي في جوفها كالمرجل و لو دعيت لتنال من غيري ما اتت اليّ لم تفعل و لها بعد ذلك حرمتها الاولي و الحساب علي اللّه يعفو عمنّ يشاء و يعذّب من يشاء فرضي بعد ذلك اصحابه و سلّموا الامرة بعد اختلاط شديد

ص: 13

فقالوا يا امير المؤمنين حكمت و اللّه فينا بحكم اللّه غير انّا جهلنا و مع جهلنا لم نات ما يكره امير المؤمنين و قال ابن بسّاف الانصاري انّ رايا رأيتموه سفاها لخطاء يراد و الاصدار

ليس زوج النّبيّ يقسم فيئا ذا كزيغ القلوب و الابصار

فاقبلوا اليوم ما يقول عليّ لا تناجوا في الاثم بالاسرار

ليس ما ضمّت البيوت بفييء انّما الفيء ما تضمّ الاوار

من كراع و عسكر و سلاح و متاع يبيع ايدي التجّار

ليس في الحقّ قسم ذات نطاق لا و لا اخذكم لذات خمار

ذاك هو فيئكم خذوه و قولوا قد رضينا لا خير في الاكثار

انّها امّكم و ان عظم الخطب و جاءت بزّلة و عثار

فلها حرمة النّبيّ و حقّان علينا من سترها و وقار

فقام عباد بن قيس و قال يا امير المؤمنين اخبرنا عن الايمان فقال(عليه السّلام) نعم انّ اللّه ابتدء الامور فاصطفي لنفسه ما شاء منها و استخلص ما احبّ فكان ممّا احبّ انّه ارتضي الاسلام و اشتقّه من اسمه فنحّله من احبّ من خلقه ثمّ شقّه فسهّل شرايعه لمن ورده

ص: 14

و عزّز اركانه علي من حاربه هيهات من ان يصطلمه مصطلم جعله سلما لمن دخله و نورا لمن استضاء به و برهانا لمن تمسّك به و دينا لمن انتحله و شرفا لمن عرفه و حجّة لمن خاصم به و علما لمن رواه و حكمة لمن نطق به و حبلا وثيقا لمن تعلّق به فالايمان اصل الحقّ و الحقّ سبيل الهدي و سيفه جامع الحلية قديم العدّة الدّنيا مضماره و الغنيمة حليته فهو ابلج منهاج و انور سراج و ارفع غاية و افضل داعية بشير لمن سلك قصد القاصدين واضح البيان عظيم الشان الا من منهاجه و الصّالحات مناره و الفقه مصابيحه و المحسنون فرسانه فعصم السّعداء بالايمان و خذل الاشقباء بالعصيان من بعد اتّجاه الحجّة عليهم بالبيان اذ وضح لهم منار الحقّ و سبيل الهدي فتارك الحقّ مشئوم يوم التّغابن داحض حجّته عند فوز السّعداء بالجنّة فالايمان يستدلّ به علي الصّالحات و بالصّالحات يعمر

ص: 15

الفقه و بالفقه يرهب الموت و بالموت يختم الدّنيا و بالدّنيا تخرج الاخرة و في القيمة حسرة اهل النّار و في ذكر اهل النّار موعظة اهل التّقوي و التّقوي غاية لا يهلك من اتّبعها و لا يندم من عمل بها لانّ بالتّقوي فاز الفائزون و بالمعصية خسر الخاسرون فليزدجر اهل النّهي و ليتذكّر اهل التّقوي فانّ الخلق لا مقصر لهم في القيمة دون الوقوف بين يدي اللّه مر فلي في مضمارها نحو القصبته العليا الي الغاية القصوي مهطعين باعناقهم نحو داعيها قد شخصوا من مستقرّ الاجداث و المقابر الي الضّرورة ابدا لكلّ دار اهلها قد انقطعت بالاشقياء الاسباب و افضوا الي عدل الجبّار فلا كرّة لهم الي دار الدّنيا فتبرّءوا من الّذين اثروا طاعتهم علي طاعة اللّه و فاز السّعداء بولاية الايمان فالايمان يابن قيس علي اربع دعائم الصّبر و اليقين و العدل و الجهاد فالصّبر من ذلك علي اربع دعائم

ص: 16

الشّوق و الشّفق و الزّهد و التّرقّب فمن اشتقاق الي الجنّة سلا عن الشّهوات و من اشفق من النّار رجع عن المحرّمات و من زهد في الدّنيا هانت عليه المصيبات و من ارتقب الموت سارع في الخيرات و اليقين من ذلك علي اربع دعائم تبصرة الفطنة و موعظة العبرة و تاويل الحكمة و سنّة الاوّلين فمن ابصر الفطنة تاوّل الحكمة و من تاوّل الحكمة عرف العبرة و من عرف العبرة عرف السّنّة و من عرف السّنّة فكانّما كان في الاوّلين فاهتدي الي الّتي هي اقوم و العدل من ذلك الي اربع دعائم غائص الفهم و غمرة العلم و زهرة الحكم و روضة الحكم فمن فهم فسّر جميع العلم و من علم عرف شرائع الحكم و من عرف شرائع الحكم لم يضلّ و من حلم لم يفرط امره و عاش في النّاس حميدا و الجهاد من ذلك علي اربع دعائم الامر بالمعروف و النّهي عن المنكر و الصّدق في المواطن و شنئان الفاسقين فمن امر بالمعروف شدّ ظهر المؤمن و من نهي

ص: 17

عن المنكر ارغم انف المنافق و من صدّقه في المواطن قضيّ الّذي عليه و من شنأ المنافقين و غضب للّه غضب اللّه له فقام اليه عمّار فقال يا امير المؤمنين اخبرنا عن الكفر علي ما بقي كما اخبرتنا عن الايمان قال نعم يا ابا اليقظان بني الكفر علي اربع دعائم علي الجفاء و العمي و الغفلة و الشّكّ فمن جفا فقد احتقر الحقّ و جهر بالباطل و مقت العلماء و اصرّ علي الحنث العظيم و من عمي نسي الذّكر و اتّبع الظّنّ و طلب المغفرة بلا توبة و لا استكانة و من غفل حاد عن الرّشد و غرّته الامانيّ و اخذته الحسرة و النّدامة و بدا له من اللّه ما لم يكن يحتسب و من عني في امر اللّه شكّ و من شكّ تعالي اللّه عليه فاذلّه بسلطانه و صغّره بجلاله كما فرّط في امره فاغترّ بربّه الكريم و اللّه اوسع بما لديه من العفو و التّيسير فمن عمل بطاعة اللّه اجتلب بذلك ثواب اللّه و من تمادي في معصية اللّه ذاق وبال نقمة اللّه فهنيئا

ص: 18

لك يا ابا اليقظان عقبي لا عقبي غيرها و جنّات لا جنّات بعدها فقام اليه رجل فقال يا امير المؤمنين حدّثنا عن ميّت الاحياء قال نعم انّ اللّه بعث النّبيّين مبشّرين و منذرين فصدّقهم مصدّقون و كذّبهم مكذّبون فيقاتلون من كذّبهم بمن صدّقهم فيظهرهم اللّه ثمّ يموت الرّسل فتخلّف خلوف منهم منكر للمنكر بيده و لسانه و قلبه فذلك استكمل خصال الخير و منهم منكر للمنكر بلسانه و قلبه تارك له بيده فذلك خصلتين من خصال الخير تمسّك بهما و ضيّع خصلة واحدة و هي اشرفها و منهم منكر للمنكر بقلبه تارك له بيده و لسانه فذلك ضيّع شرف الخصلتين من الثّلاث و تمسّك بواحدة و منهم تارك له بلسانه و يده و قلبه فذلك ميّت الاحياء فقام اليه رجل و قال يا امير المؤمنين اخبرنا علي ام قاتلت طلحة و الزّبير قال قاتلتهم علي نقضهم بيعتي و قتلهم شيعتي من المؤمنين حكيم بن جبل العبديّ من عبد القيس و السّائحة و الاساورة

ص: 19

بلا حقّ استوجبوه منهما و لا كان ذلك لهما دون الامام و انّهما لو فعلا ذلك بابي بكر و عمر لقاتلاهما و لقد علم من هاهنا من اصحاب النّبيّ صلّي اللّه عليه(و آله)و سلّم انّ ابا بكر و عمر لم يرضيا ممّن امتنع من بيعه ابي بكر حتّي بايع و هو كاره و لم يكونوا بابعوه بعد الانصار فما بالي و قد بايعاني طائعين غير مكرهين و لكنّهما طمعا منّي في ولاية البصرة و اليمن فلمّا لم اولّهما و جاءهما الّذي غلب من حبّهما الدّنيا و حرصهما عليها خفت ان يتّخذا عباد اللّه خولا و مال المسلمين لانفسهما دولا فلمّا زوّيت ذلك عنهما و ذلك بعد ان جرّبتهما و احتججت عليهما فقام اليه رجل فقال يا امير المؤمنين اخبرنا عن الامر بالمعروف و النهي عن المنكر واجب هو قال سمعت رسول اللّه صلي اللّه عليه(و آله)و سلّم يقول انّما اهلك اللّه الامم السّالفة قبلكم بتركهم الامر بالمعروف و النّهي عن المنكر يقول اللّه عزّ و جلّ كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون و انّ الامر بالمعروف

ص: 20

و النّهي عن المنكر لخلقان من خلق اللّه فمن نصرهما نصره اللّه و من خذلهما خذله اللّه و ما اعمال البرّ و الجهاد في سبيله عند الامر بالمعروف و النّهي عن المنكر الاّ كبقعة في بحر لجّي فمروا بالمعروف و انهوا عن المنكر فانّ الامر بالمعروف و النّهي عن المنكر لا يقرّبان من اجل و لا ينقصان من رزق و افضل الجهاد كلمة عدل عند امام جائر و انّ الامر لينزل من السّماء الي الارض كما ينزل قطر المطر الي كلّ نفس بما قدّر اللّه لها من زيادة او نقصان في نفس او اهل او مال فاذا اصاب احدكم نقصانا في شيء من ذلك و رأي الاخر ذا يسار لا يكوننّ له فتنة فانّ المرء المسلم البريء من الخيانة لينتظر من اللّه احدي الحسنيين امّا من عند اللّه فهو خير واقع و امّا من رزق من اللّه يأتيه عاجل فهو ذو اهل و مال و معه حسبته في دينه المال و البنون زينة الحيوة الدّنيا و الباقيات الصّالحات حرث الدّنيا و العمل الصّالح حرث الاخرة و قد يجمعها اللّه لاقوام فقام اليه رجل فقال يا امير المؤمنين اخبرنا عن احاديث البدع قال نعم سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه(و آله)و سلّم يقول

ص: 21

انّ احاديث ستظهر من بعدي حتّي يقول قائلهم قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه(و آله)و سلّم و سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه(و آله) و سلّم كلّ ذلك افتراء عليّ و الّذي بعثني بالحقّ لتفترقنّ امّتي علي اهل دينها و جماعتها علي ثنتين و سبعين فرقة كلّها ضالّة مضلّة تدعو الي النّار فاذا كان ذلك فعليكم بكتاب اللّه فانّ فيه نباء ما كان قبلكم و نباء ما يأتي بعدكم و الحكم فيه بيّن من خالفه من الجبابرة قصمه اللّه و من ابتغي العلم في غيره اضلّه اللّه فهو حبل اللّه المتين و نوره المبين و شفاءه النّافع عصمته لمن نتمسّك به و نجاة لمن تبعه لا يعوج فيقام و لا يزيغ فيشعّب و لا تنقضي عجائبه و لا يخلقه كثرة الرّدّ هو الّذي سمعته الجنّ فلم تناه ان ولّوا الي قومهم منذرين قالوا يا قومنا انّا سمعنا قرآنا عجبا يهدي الي الرّشد من قال به صدق و من عمل به اجر و من تمسّك به هدي الي صراط مستقيم فقام اليه رجل فقال يا امير المؤمنين اخبرنا عن الفتنة هل سئلت

ص: 22

عنها رسول اللّه صلي اللّه عليه(و آله)و سلّم قال نعم انّه لمّا نزلت هذه الاية من قول اللّه الم احسب النّاس ان يتركوا ان يقولوا امنّا و هم لا يفتنون علمت انّ الفتنة لا تنزل بنا و رسول اللّه صلّي اللّه عليه (و آله)و سلّم حيّ بين اظهرنا فقلت يا رسول اللّه ما هذه الفتنة الّتي اخبرك اللّه بها فقال يا عليّ انّ امّتي سيفتنون من بعدي قلت يا رسول اللّه او ليس قد قلت لي يوم احد من استشهد من المسلمين و حزنت علي الشّهادة فشقّ ذلك عليّ فقلت لي ابشر يا صدّيق فانّ الشّهادة من وراءك فقال لي فانّ ذلك لكذلك فكيف صبرك اذا خضبت هذه من هذه و اهوي بيده الي لحيتي و راسي فقلت بابي انت و امّي يا رسول اللّه ليس ذلك من مواطن الصّبر و لكن من مواطن البشري و الشّكر فقال لي اجل ثمّ قال لي يا عليّ انّك باق بعدي و مبتلي بامّتي و مخاصم يوم القيمة بين يدي اللّه فاعدد جوابا فقلت بابي انت و امّي بيّن لي ما هذه

ص: 23

الفتنة الّتي يبتلون بها و علي م اجاهدهم بعدك فقال انّك ستقاتل بعدي النّاكثة و القاسطة و المارقة و حلاّهم و سمّاهم رجلا رجلا ثمّ قال لي و تجاهد امّتي علي كلّ من خالف القرءان ممّن يعمل في الدّين بالرّاي و لا رأي في الدّين انّما هو امر من الرّبّ و نهيه فقلت يا رسول اللّه فارشدني الي الفلج عند الخصومة يوم القيمة فقال نعم اذا كان ذلك فاقتصر علي الهدي اذا قومك عطفوا الهدي علي الهوي و عطفوا القرآن علي الرّاي فتاوّلوه برايهم تتبع الحجج من القرآن بمشتبهات الاشياء الكاذبة عند الطّمانينة الي الدّنيا و التّهالك و التّكاثر فاعطف انت الرّاي علي القرآن اذا قومك حرّفوا الكلم عن مواضعه عند الاهواء السّاهية و الامر الصّالح و الهرج الاثم و القادة الناكثة و الفرقة القاسطة و الاخري المارقة اهل الافك المرديّ و الهوي المطغيّ و الشّبهة الحالقة و لا تتكلنّ علي فضل العاقبة فانّ العاقبة للمتّقين

ص: 24

و ايّاك يا عليّ ان يكون خصمك اولي بالعدل و الاحسان و التّواضع للّه و الاقتداء بسنّتي و العمل بالقرءان منك فانّ من فلج الرّب علي العبد يوم القيمة ان يخالف فرض اللّه او سنّة سنّها نبيّ او يعدل عن الحقّ و يعمل بالباطل فعند ذلك يملي لهم فيزدادوا اثما يقول اللّه انّما نملي لهم ليزدادوا اثما فلا يكوننّ الشّاهدون بالحقّ و القوّامون بالقسط عندك كغيرهم يا عليّ انّ القوم سيفتنون و يفتخرون باحسابهم و اموالهم و يزكّون انفسهم و يمنّون دينهم علي ربّهم و يتمنّون رحمته و يأمنون عقابه و يستحلّون حرامه بالمشتبهات الكاذبة فيستحلّون الخمر بالنّبيذ و السّحت بالهديّة و الرّبا بالبيع و يمنعون الزّكوة و يطلبون البرّ و يتّخذون فيما بين ذلك اشياء من الفسق لا توصف صفتها و يلي امرهم السّفهاء و يكثر تتبعّهم علي الجور و الخطاء فيصير الحقّ عندهم باطلا و الباطل حقّا و يتعاونون عليه و يرمونهم بالسنتهم و يعيبون العلماء و

ص: 25

يتّخذونهم سخريّا قلت يا رسول اللّه فبايّة المنازل هم اذا فعلوا ذلك بمنزلة فتنة او بمنزلة ردّة قال بمنزلة فتنة ينقذهم اللّه فبايّة المنازل هم اذا فعلوا ذلك بمنزلة فتنة او بمنزلة ردّة قال بمنزلة فتنة ينقذهم اللّه بنا اهل البيت عند ظهورنا السّعداء من اولي الالباب الاّ ان يدعوا الصّلوة و يستحلّوا الحرام في حرم اللّه فمن فعل ذلك منهم فهو كافر يا عليّ بنا فتح اللّه الاسلام و بنا يختمه بنا اهلك الاوثان و من يعبدها و بنا يقصم كلّ جبّار و كلّ منافق حتّي انّا لنقتل في الحقّ مثل من قتل في الباطل يا عليّ انّما مثل هذه الامّة مثل حديقة اطعم منها فوجا عاما فلعلّ اخرها فوجا ان يكون اثبتها اصلا و احسنها فرعا و احلاها جني و اكثرها خيرا و اوسعها عدلا و اطولها ملكا باعليّ كيف يهلك اللّه امّة انا اوّلها و مهديّنا اوسطها و المسيح بن مريم اخرها يا عليّ انّما مثل هذه الامّة كمثل الغيث لا يدري اوّله خير ام اخره و بين ذلك نهج اعوج لست منه و ليس منّي يا عليّ و في تلك الامّة يكون الغلول و الخيلاء و انواع

ص: 26

المثلات ثمّ تعود هذه الامّة الي ما كان عليه خيار اوائلها فذلك من بعد حاجة الي قوة امرأته يعني غزلها حتّي انّ اهل البيت ليذبحون الشّاة فيقنعون منها براسها و يواسون ببقيّتها من الرّافة و الرّحمة بينهم اقول جدبة الارض من الجدب بفتح الجيم و سكون الدّال خلاف الخصب و جدبت البلاد و اجدبت اي قحطت و غلت اسعارها الرّشدة بكسر الراء و فتحها اي صحيح النسب و في المجمع نقل عن الازهري الفتح افصح من الكسر المرجل بكسر الميم و سكون الراء القدر من النحاس او غيره الاصطلام الاستيصال الابلج المنهاج اي واضح الطريق يوم التغابن اي يوم يغبن فيه اهل الجنّة اهل النّار و انه مستعار من تغابن القوم في التجارة داحضة اي باطلة مقصر كمقعد و منزل الطعام و العشيّ مهطعين اي مسرعين الكرّة الرّجعة سلا عن الشهوات اي صبر عنها الشنئان بمعني البغضاء الحنث العظيم بكسر الحاء الذنب و قيل الشرك و قيل الاثم و قيل هو اليمين الفاجرة حاد عن الرشد اي مال عنه السّائحة الذين يسيحون في الارض اي الذين يمضون في طاعة اللّه و رسوله و قيل يهاجرون في الله او يصومون له و الاساورة قوله و ضرب بينهم بسور له باب اي بين المؤمنين و المنافقين بسور حائل بين الجنة و النار الخول الخدم و العبيد قوله عليه السّلام يتخذا عباد الله خولا اي خدما و عبيدا و الخول بالتحريك قوله و لا يخلقه خلق الثوب بالضمّ اذا بلي فهو خلق بفتحتين و في القاموس و خلق الثوب كنضر و سمع و كرم خلوقة و خلقا محركة بلي الفلج الظفر و الفوز الهديّه كغنيّة ما اتحف و جمعها الهدايا الغلول السرقه من الغنيمة قبل القسمة و كل من خان في شيء خفية فقد غلّ و سمّي غلولا لان الايدي فيها مغلولة اي ممنوعة الخيلاء بالضم و الكسر الكبر و انواع المثلات اي عقوبات امثالهم من المكذبين يقال المثلات الاشباه و الامثال فيما يعتبر به

2 و من خطبه عليه السّلام

منتخب كنز العمال ص 320 هامش المسند قال قال ابو الفتوح يوسف بن المبارك بن كامل الخفاف في مشيخته انبأنا الشيخ ابو الفتح عبد الوهاب بن محمد بن الحسين الصّابوني قراءة عليه و انا اسمع في جمادي الاخرة من

ص: 27

سنة خمس و ثلاثين و خمسمائة انبأنا ابو المعالي ثابت بن بندار بن ابراهيم البقال قراءة عليه انبأنا ابو محمد المتاسف بن محمّد الخلال قرأت علي ابي الحسن احمد بن محمد بن عمران بن موسي بن عروة بن الجراح في يوم الخميس لثمان بقين من ذي الحجة سنة ثمان و ثمانين و ثلاثمائة قلت له حدّثكم ابو علي العماري قال حدثني ابو عوسجة سجلة بن عرفجة من اليمن قال حدثني ابي عرفجة بن عرفطة قال حدثني ابو الهراش جري بن كليب قال حدثني هشام بن محمّد عن ابيه محمد بن السائب الكلبي عن ابي صالح قال جلس جماعة من اصحاب رسول اللّه صلي اللّه عليه(و آله)و سلّم يتذاكرون فتذاكروا اي الحروف ادخل في الكلام فاجمعوا علي ان الالف اكثر دخولا في الكلام من سائرها فقام امير المؤمنين علي بن ابي طالب رضي اللّه عنه فخطب هذه الخطبة علي البديهة و اسقط منها الالف و سمّاها المونقة و قال حمدت و عظّمت من عظمت منّته و سبغت نعمته و سبقت رحمته غضبه و تمّت كلمته و نفذت مشيّته و بلغت قضيّته حمد عبد مقرّ بربوبيّته متخضّع لعبوديّته متنصّل لخطيئته معترف بتوحيده مؤمّل من ربّه مغفرة تنجيه يوم يشغل عن فصيلته و بنيه و يستعينه و يسترشده و يستهديه و يؤمن به و يتوكّل عليه و شهدت له تشهّد مخلص موقن و بعزّته مؤمن و فرّدته تفريد مؤمن متقن و وحّدت له توحيد عبد مذعن ليس له شريك في ملكه و لم يكن له وليّ في صنعه جلّ عن مشير و وزير و عن عون و معين و نظير علم فستر و بطن فخبر و ملك فقهر و عصي

ص: 28

فغفر و حكم فعدل و لن يزول و لم يزل ليس كمثله شيء و هو قبل كلّ شيء و بعد كلّ شيء ربّ متفرّد بعزّته متمكّن بقوّته متقدّس بعلوّه متكبّر بسموّه ليس يدركه بصر و ليس يحيط به نظر فويّ معين منيع عليم سميع بصير رؤوف رحيم عطوف كريم عجز عن وصفه من يصفه و ضلّ عن نعته من يعرفه قرب فبعد و بعد فقرب يجيب دعوة من يدعوه فيرزقه و يحبوه ذو لطف خفيّ و بطش قويّ و رحمة موسعة و عقوبة موجعة رحمته جنّة عريضة مونقة و عقوبته جحيم ممدودة موبقة و شهدت ببعث محمّد عبده و رسوله و صفيّه و نبيّه و حبيبه و خليله صلّي عليه صلاة تخظّيه و تزلفه و تعليه و تقرّبه و تذنيه بعثه في خير عصر و حين فترة و كفر رحمة منه لعبيده و منّة لمزيده ختم به نبوّته و وضح به حجّته فوعظ و نصح و بلّغ و كدح رؤف بكلّ مؤمن رحيم سخيّ رضيّ زكيّ وليّ عليه رحمة و تسليم و بركة و تكريم من ربّ غفور رحيم

ص: 29

قريب مجيب وصيّتكم معشر من حضرني بوصيّة ربّكم و ذكّرتكم سنّة نبيّكم فعليكم برهبة تسكّن قلوبكم و خشية تدري دموعكم و تقة تنجيكم قبلي يوم يذهلكم و يبلّدكم يوم يفوز فيه من ثقل وزن حسنته و خفّ وزن سيّئة و لتكن مسئلتكم و تملّقكم مسئلة ذلّ و خضوع و شكر و خشوع و توبة و نزوع و ندم و رجوع و ليغتم كلّ مغتنم منكم صحّته قبل سقمه و شيبته قبل هرمه و كبره و سعته قبل فقره و فرغته قبل شغله و حضره قبل سفره قبل كبر فيهرم و مرض فيسقم و يملّه طبيبه و يعرض عنه حبيبه و ينقطع عمره و يتغيّر عقله ثمّ قيل هو موعوك و جسمه منهوك ثمّ حدّ في نزع شديد و حضره كلّ حبيب قريب و بعيد فشخص ببصره و طمح بنظره و رشح جبينه و خطف عرنينه و سكن حنينه و جذبت نفسه و بكته عرسه و حفر رمسه و يتم منه ولده و تفرّق عنه صديقه و عدوّه و قسم جمعه و ذهب

ص: 30

بصره و سمعه و كفّن و مدّد و وجّه و جرّد و غسّل و عري و نشف و سجيّ و بسط و هيّيء و نشر عليه كفنه و شدّ منه ذقنه و قمّص و عمّم و ودّع و عليه سلّم و حمل فوق سريره،و صلّي عليه بتكبيره و نقل من دور مزخرفة و قصور مشيّدة و حجر منجّدة فجعل في ضريح ملحود ضيق مرصود بلبن منضود مسقّف بجلمود و هيل عليه عفره و حثي عليه مدره فتحقّق حذره و نسي خبره و رجع عنه وليّه و صفيّه و نديمه و نسيبه و تبدّل به قرينه و جبينه فهو حشو قبر و رهين قفر يسعي في جسمه دود قبره و يسيل صديده علي صدره و نحره و يستحق تربته لحمه و ينشف دمه و يرمّ عظمه حتّي يوم حشره فينشر في قبره و ينفخ في صوره و يدعي لحشره و نشوره فثمّ بعثرت قبور و حصّلت سريرة صدور و جييء بكلّ نبيّ و صدّيق و شهيد و قصد للفصل بعبده خبير بصير فكم زفرة تغنيه و حسرة تفضيه في موقف مهيل و

ص: 31

مشهد جليل بين يدي ملك عظيم بكلّ صغيرة و كبيرة عليم حينئذ يلجمه عرقه و يخفره عبرته غير مرحومة و ضرعته غير مسموعة و حجّته غير مقبولة تنشر صحيفته و تبيّن جريرته حين نظر في سوء عمله و شهدت عينه بنظره و يده ببطشه و رجله بخطوه و فرجه بلمسه و يهدّده منكر و نكير فكشف له عن حيث يسير فسلسل جيده و غلت يده و سيق يسحب و خده فورد جهنّم بكرب و شدّة فظلّ يعذّب في جهنّم و يسقي شربة من حميم يشوي وجهه و يسلخ جلده يضربه ملك بمقمع من حديد يعود جلده بعد نضجه كجلد جديد فيستغيث فتعرض عنه خزنة جهنّم و يسترخ فلم يجب ندم حيث لم ينفعه ندم فيلبث حقبه نعوذ بربّ قدير من شرّ كلّ مصير و نسأله عفو من رضي عنه و مغفرة من قبل منه فهو وليّ مسئلتي و منجح طلبتي فمن زحزح عن تعذيب ربّه جعل في

ص: 32

جنّة بقربه و خلّد في قصور مشيّدة و ملك من حور عين و حفدة و طيف عليه بكئوس و سكن حظيرة قدس في فردوس و تقلّب في نعيم و سقي من تسنيم و شرب من عين سلسبيل قد مزّج بزنجبيل ختم بمسك و عنبر مستديم للملك(للحبور)مستشعر للعشور(للسّرور)يشرب من خمور في روض مغدق ليس يترف في شربه هذه منزلة من خشي ربّه و حذّر نفسه و تلك عقوبة من عصي منشئه و سوّلت له نفسه معصيته لهو قول فصل و حكم عدل خير قصص قصّ و وعظ نصّ تنزيل من حكيم حميد نزل به روح قدس مبين من عند ربّ كريم علي قلب نبيّ مهتد رشيد صلّت عليه سفرة مكرّمون بررة و عدت بربّ حكيم عليم قدير رحيم من شرّ عدوّ لعين رجيم يتضرّع متضرّعكم و يبتهل مبتهلكم و نستغفر ربّ كلّ مربوب لي و لكم ثمّ قرء بسم اللّه الرّحمن الرّحيم تلك الدّار الاخرة نجعلها للّذين لا يريدون علوّا

ص: 33

في الارض و لا فسادا و العاقبة للمتّقين -ثمّ نزل رضي اللّه عنه اقول ان هذه الخطبة من مشتهرات خطبه عليه السّلام بين الخاصة و العامّة و سمّاها عليه السّلام بالمونقة و المونقة التي يسرّ بها و تعجب من رءاها و يستحسنها و الانق السّرور و شيء انيق اي حسن معجب و تانّق فلان في الروضة اي وقع فيها معجبا بها قوله متنصل من خطيئته اي متبرّء من ذنبه قوله فصيلته اي عشيرته و رهطه الادنون قوله يحبوه اي يعطيه البطش الاخذ بالسّرعة الموبقة المهلكة كدح اي سعي بجهد و تعب الرّهبة الخوف تذري اي تصبّ من ذرات العين دمعها اي صبّته الذهول الذهاب عن الأمر بدهشة التّبلّد التجلّد و التصبّر علي الامر النزوع يقال نزع عن المعاصي نزوعا اي انتهي عنها الموعوك المحموم وعكته الحمّي من باب وعد اشتدت عليه فهو موعوك المنهوك يقال نهكته الحمّي من باب نفع اذا اضننته و جهدته و نفضت لحمه قوله حدّي اي اتّقد و وهج عرنين الأنف الغرس بكسر العين قوله بكته عرسه اي زوجته و في نسخة نكبته عرسه اي اصابت زوجته نكبة و نكبات الدهر نوائبه نشف الرجل اي مسح الماء عن جسده بخرقة و سجّي اي غطّي بيت منجّد اي مزيّن الجلود الحجر الصّخر هال عليه التراب يهيله هيلا اذا صبّ يرّم عظمه بكسر الراء يقال يرمّ رمّة اذا بلي بعثرت الشيء اذ استخرجت و كشفت قوله يسحب اي يجرّ مقمع شيء من الحديد كالمحجن يعزب به الحقب هنا بمعني الزمان الطويل قوله زحزح اي نجي و بعد العشور القريب و الصّديق المغدق موسّع الرزق

3 و من خطبه عليه السّلام

كتاب التهذيب لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطّوسي رفع اللّه في الخلد مقامه و هو احدي الكتب الاربعة التي عليها المدار في كتاب الصّلوة منه في باب صلاة الاستسقاء قال روي ان امير المؤمنين عليه السّلام خطب بهذه الخطبة في صلاة الاستسقاء فقال(صلوات اللّه و سلامه عليه) الحمد للّه سابغ النّعم و مفرّج الهمم و باريء النّسم الّذي جعل السّموات لكرسيّه عمادا و الجبال اوتادا و الارض للعباد مهادا و ملائكته علي ارجاءها و حملة عرشه علي امطائها

ص: 34

و اقام بعزّته اركان العرش و اشرق بضوئه شعاع الشّمس و اطفاء بشعاعه ظلمة الغطش و فجّر الارض عيونا و القمر نورا و النّجوم بهورا ثمّ تجلّي فتمكنّ و خلق فاتقن و اقام فتهيمن فخضعت له نخوة المستكبر و طلبت اليه خلّة المتمكّن(و المتمسكن)اللّهمّ فبدرجتك الرّفيعة و محلّتك المنيعة و فضلك البالغ و سبيلك الواسع أسألك ان تصلّي علي محمّد و ال محمّد كما دان لك و دعا الي عبادتك و وفي بعهودك و انفذ احكامك و اتّبع اعلامك عبدك و نبيّك و امينك علي عهدك الي عبادك القائم باحكامك و مريد من اطاعك و قاطع عذر من عصاك اللّهمّ فاجعل محمّدا اجزل من جعلت له نصيبا من رحمتك و انضر من اشرق وجهه بسجال عطيّتك و اقرب الانبياء زلفة يوم القيمة عندك و اوفرهم حظّا من رضوانك و اكثرهم صفوف امّة في جنانك كما لم يسجد للأحجار و لم يعتكف للأشجار و لم يستحلّ السّباء و لم يشرب الدّماء اللّهمّ خرجنا اليك حين فاجئتنا المضايق الوعرة و الجاتنا المحابس العسرة و عضّتنا علائق الشّين و تاثّلت

ص: 35

علينا لواحق المين و اعتكرت علينا حدابير السّنين و اخلفتنا مخايل الجود و استظمانا لصوارخ القود(العود)فكنت رجاء المتابّس و الثّقة للملتمس ندعوك حين قنط الانام و منع الغمام و هلك السّوام يا حيّ يا قيّوم عدد الشّجر و النّجوم و الملائكة الصّفوف و العنان المكفوف (المعكوف)ان لا تردّنا خائبين و لا تؤاخذنا باعمالنا و لا تحاصّنا (و لا تخاصمنا)بذنوبنا و انشر علينا رحمتك بالسّحاب المتّأق و النّبات المونق و امنن علينا بتنويع الثّمرة و احي بلادك ببلوغ الزّهرة و اشهد ملائكتك الكرام السّفرة سقيا منك نافعة دائمة غزرها(و في نسخة مروية هنيئة مرّية عامّة طيّبة مباركة مريعة) واسعا درّها سحابا وابلا سريعا عاجلا تحيي بها ما قد مات و تخرج به ما هوات اللّهمّ اسقنا غيثا مغيثا ممرعا طبقات مجلجلا متتابعا خفوفه منبجسة بروقه مرتجسة هموعه و سيبه مستدرّ و صوبه مستبطر و لا تجعل ظلّه علينا سموما و برده علينا حسوما وضوئه علينا رجوما

ص: 36

و مائه اجاجا و نباته رمادا و مدادا اللّهمّ انّا نعوذ بك من الشّرك و هواديه و الظّلم و دواهيه و الفقر و دواعيه يا معطي الخيرات من اماكنها و مرسل البركات من معادنها منك الغيث المغيث و انت الغياث المستغاث و نحن الخاطئون من اهل الذّنوب و انت المستغفر الغفّار نستغفرك للجهالات من ذنوبنا و نتوب اليك من عوام خطايانا اللّهمّ فارسل علينا ديمة مدرارا و اسقنا الغيث واكفا مغزارا غيثا واسعا و بركة من الوابل نافعة يدافع الودق بالودق دفاعا و يتلوا القطر منه القطر غير خلّب برقه و لا مكذّب وعده و لا عاصفة جنائبه بل ريّا يغضّ بالرّيّ ربابه و فاض فانساع به سحابه و جري اثار هيد به جنابه سقيا منك محيية مروية محفلة متّصلة زاكيا نبتها ناميا زرعها ناضرا عودها ممرعة اثارها جارية بالخصب و الخير علي اهلها تنعش بها الضّعيف من عبادك و تحيي بها الميّت من بلادك و تنعّم بها المبسوط من رزقك و تخرّج

ص: 37

بها المخزون من رحمتك و تعمّ بها من نأي من خلقك حتّي يخصب لامراعها المجدبون و يحيي ببركتها المسنّتون و تترع بالقيعان غدرانها و تورع ذري الاكمام رجوانها و يدهامّ بذري الاكام شجرها و تستحقّ علينا بعد الياس شكرا منّة من مننك مجلّلة و نعمة من نعمك متّصلة علي بريّتك المرملة و بلادك المغربة و بهائمك المعملة و وحشك المهملة اللّهمّ منك ارتجاءنا و اليك مأبنا فلا تحبسه عنّا لتبطنّك سرائرنا و لا تؤاخذنا بما فعل السّفهاء منّا فانّك تنزّل الغيث من بعد ما قنطوا و تنشر رحمتك و انت الوليّ الحميد-ثم بكي عليه السّلام و قال سيّدي ساخت جبالنا و اغبرّت ارضنا و هامّت دوابّنا و قنط ناس منّا و تاهت البهائم و تحيّرت في مراتعها و عجّت عجيج الثّكلي علي اولادها و ملّت الدّوران في مراتعها حين حبست عنها قطر السّماء فدقّ لذلك عظمها و ذهب لحمها و ذاب شحمها و انقطع درّها اللّهمّ ارحم انين الانّة و حنين الحانّة ارحم تحيّرها في مراتعها و انينها في مرابضها يا كريم

ص: 38

اقول الارجاء جمع الرّجاء و هو الناحية الامطاء جمع المطا و هو الظهر الغطش الليل المظلم شديد الظلمة قوله و النجوم بهور البهرة الاضائة قوله فتهيمن اي صار رقيبا و حافظا الخلّة الحاجة و الفقر و الخصاصة النضرة النقمة و العيش و السّرور و الغني السّجال العطاء و الاعطاء السباء بالكسر و المدّ الخمر الوعرة اي الصّبعة و عضّتنا علائق الشين اي الزمتنا السنة الصّعبة علائق الذلّ و المعايب تاثلّت علينا اي عظمت و اعتكرت علينا اي و اختلطت و تكثرت و قامت بعضها علي بعض الحدابير جمع حدبار بالكسر و هي الناقة الضامرة التي بدء عظم ظهرها من الهزال فشبّه السنين القحط و الجدب بها مخائل الجود اي سحائب المطر القود الخيل السّوام الحيوانات الرّاعية الشجر و النجوم المراد من النجوم هنا النبات كما قال الله تعالي النجم و الشجر يسجدان اراد بالنجم النبات و العنان المكفوف اي السحاب الممنوع من المطر و لا تحاصّنا اي و لا تضيّق علينا و في نسخة المصباح للكفعمي و لا تخاصمنا السحاب المتّأق اي الممتلي و يحتمل ان يكون من باب الافعال اي يملأ الحياض و الحبّات المونق المعجب الزهرة و الزّهرة النبات و نوره واسعا درّها اي سيلها درّ العمرق اي سال الوابل المطر الشديد ممرّعا اي خصيبا واسعا طبقا اي مطرا عامّا مجلجلا اي شديد الصّوت خفوفه منبجسة الخفوف صوت الرّعد منجبة اي منفجرة و هموعه مرتجسه اي جريانه و سيلانه شديدة و سيبه مستدر أي عطائه جار كثير السيلان و النفع و صوبه مستبطر الصوب نزول المطر و المستبطر الشديد الحسوم بالضمّ الشوم الرجوم هنا بمعني العذاب هوادي الشرك مقدماته من اماثلها اي من افاضلها الدّيمة المطر الذي بلا رعد و برق و اكفا مغزارا اي سائلا كثيرا الودق بالودق اي يدافع بعضها بعضا في الكثرة الخلّب بضمّ الخاء و تشديد اللام المفتوحة الذي لا غيث فيه كانه خادع عاصفة جنابية اي هبت بها الرياح الجنوبيّة فانها تكسر السحاب و تمتع عن المدرار و تلحق روادفه بخلاف الشمالية فانها تمزقه ريّا يعض بالرّي ربابه الرّي بالكسر من روي بالماء يروي ريّا و جمعه رواء ككتاب في المذكر و المؤنث و الرّباب النبت الهيدب السحاب و فاض فانصاع به سحابه اي تفرق في امكنة متفرقة متعددة ليعمّ نفعه محفلة اي مجتمعة تنعش الضعيف اي تقوّيه و نقيمه المسنّتون اي الذين اصابهم شدّة السّنة استنت القوم اي اجدبوا القيعان جمع القيعة و هي جمع القاع و هو المستوي من الارض الاكام التلال الصّغار لتبطنك سرائرنا كناية عن انّك تعلم سرائرنا و شدة ما نزل بنا من القحط و السنين و الجدب و حبس المطر

4 و من خطبه عليه السّلام

خطبها عليه السّلام يوم عيد الاضحي رواها الصّدوق رضي الله عنه في كتاب من لا يحضره الفقيه و هو من الكيث الاربعة التي عليها المدار قافي كتاب الصّلوة فاذا فرغ(عليه السّلام)من الصّلوة(اي صلاة العيد)صعد

ص: 39

المنبر ثم بدء فقال اللّه اكبر اللّه اكبر زنة عرشه و رضي نفسه و عدد قطر سماءه و بحاره له الاسماء الحسني و الحمد للّه حتّي يرضي و هو العزيز الغفور اللّه اكبر كبيرا متكبّرا و لها متغرّزا و رحيما متحنّنا يعفو بعد القدرة و لا يقنط من رحمته الاّ الضّالّون اللّه اكبر كبيرا و لا اله الاّ اللّه كثيرا و سبحان اللّه حنّانا قديرا و الحمد للّه نحمده و نستعينه و نستغفره و نستهديه و نشهد ان لا اله الاّ هو و انّ محمّدا عبده و رسوله من يطع اللّه و رسوله فقد اهتدي و فاز فوزا عظيما و من يعص اللّه و رسوله فقد ضلّ ضلالا بعيدا و خسر خسرانا مبينا اوصيكم عباد اللّه بتقوي اللّه و كثرة ذكر الموت و الزّهد في الدّنيا الّتي لم يتمتّع بها من كان فيها من قبلكم و لن يبقي لاحد من بعدكم و سبيلكم فيها سبيل الماضين الا ترون انّها قد تصرّمت و اذنت بانقضاء و تنكّر معروفها و ادبرت جدّاء فهي تخبر بالفناء و ساكنها يحدا بالموت فقد امّر منها ما كان حلوا و كدر منها ما

ص: 40

كان صفوا فلم يبق منها الاّ سملة كسملة الاداوة و جرعة كجزعة الاناء و لو يتمزّزها الصّديان لم تنفع غلّته فازمعوا عباد اللّه بالرّحيل من هذه الدّار المقدور علي اهلها الزّوال الممنوع اهلها من الحيوة المذلّلة انفسهم بالموت فلا حيّ يطمع في البقاء و لا نفس الاّ مذعنة بالمنون فلا يغلبنّكم الامل و لا يطل عليكم الامد و لا تغترّوا فيها بالامال و تعبّدوا اللّه ايّام الحيوة فو اللّه ما حننتم حنين الواله العجلان و دعوتم بمثل دعاء الانام و جارتم جؤار متبتّلي الرّهبان و خرجتم الي اللّه من الاموال و الاولاد التماس القربة اليه اليه في ارتفاع درجة عنده او غفران سيّئة احصتها كتبه و حفظتها رسله لكان قليلا فيما ارجو لكم من ثوابه و اتخوّف عليكم من اليم عقابه و باللّه لو انما ثت قلوبكم انمياثا و سالت عيونكم من رغبة اليه و رهبة منه دما ثمّ عمّرتم في الدّنيا ما كانت الدّنيا باقية ما جزت اعمالكم و لو لم تبقوا شيئا من جهدكم لنعمه العظام عليكم

ص: 41

و هداه ايّاكم الي الايمان ما كنتم لتستحقّوا ابد الدّهر ما الدّهر قائم باعمالكم جنّته و لا رحمته و لكن برحمته ترحمون و بهداه تهتدون و بهما الي جنّته تصيرون جعلنا اللّه و ايّاكم من التّائبين العابدين و انّ هذا يوم حرمته عظيمته و بركته مامولة و المغفرة فيه مرجوّة فاكثروا ذكر اللّه تعالي و استغفروه و توبوا اليه انّه هو التّواب الرّحيم و من ضحي منكم بجدع من المعز فانّه لا يجزيء عنه و الجذع من الضّأن يجزيء و من تمام الاضحيّة استشراف عينها و اذنها و اذا سلمت العيون و الاذن تمّت الاضحيّة و ان كانت عضباء القرن او تجرّ برجلها الي المنسك فلا يجزيء و اذا ضحّيتم فكلوا و اطعموا و اهدوا و احمدوا اللّه علي ما رزقكم من بهيمة الانعام و اقيموا الصّلوة و اتوا الزّكوة و احسنوا العبادة و اقيموا الشّهادة و ارغبوا فيما كتب عليكم و فرض من الجهاد و الحجّ و الصّيام فانّ ثواب ذلك عظيم لا ينفد و تركه و بال لا يبيد و مروا بالمعروف و انهوا عن

ص: 42

المنكر و اخيفوا الظّالم و انصروا المظلوم و خذوا علي يد المريب و احسنوا الي النّساء و ما ملكت ايمانكم و اصدقوا الحديث و ادّوا الامانة و كونوا قوّامين بالحقّ و لا تغرّنّكم الحيوة الدّنيا و لا تعزّنّكم باللّه الغرور انّ احسن الحديث ذكر اللّه و ابلغ موعظة المتّقين كتاب اللّه اعوذ باللّه من الشّيطان الرّجيم بسم اللّه الرّحمن الرّحيم قل هو اللّه احد اللّه الصّمد لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا احد اقول قد نقل السيّد رضي اللّه عنه بعض هذه الخطبة في فصلين و اني نقلتها بتمامها عن الفقيه و الصّدوق اسبق من السيد في نقلها و نقل الشيخ ايضا تمامها في مصباح المتهجّد عن ابي مخنف عن عبد الرحمن بن جندب عن ابيه عن عليّ عليه السّلام قوله تصرّمت اي تقطعت و فنيت و الصرم القطع و منه الصارم للسيف القاطع و اذنت اي اعلمت و تنكر معروفها اي صارا منكرا ما كان يعرفه الناس منه و يعدّونه حسنا و ادبرت جدّاء اي مقطوعة او سريعة و قيل منقطعة الدّر و الخير و في كثير من النسخ بالحاء المهملة اي حفيفة سريعة و في النهج و هي تخفر بالفناء بالخاء و الفاء و الزاء المعجمة اي دفعه من خلفه و حثّه و اعجله و خفز بالرمح اي طعنه قوله يحدا بالموت و في النهج تحدوا اي تبعث و تساق او تبعث و تسيق او تسوق للموت من الحدّ و هو سوق الابل و امّر الشيء صار مرّا و كدر مثلثة الدال ضدّ صفا و المضبوط في نسخ النهج بالكسر السملة بالتحريك القليل من الماء تبقي في الاناء و الادواة بالكسر المطهرة و الجرعة بالضم الاسم من الشرب اليسير و بالفتح المرّة الواحدة يتمزّزها الصّديان اي يمصّه قليلا قليلا العطشان قوله لم تنقع غلّته اي لم تسكن شدة عطشه الغلّة بالضم العطش او شدته او حرارة الجوف قوله فازمعوا اي فاجمعوا و اعزموا الزمع الجمع و العزم و في النهج بعد اهلها الزوال و لا يغلبنّكم فيها الامل و لا يطولنّ عليكم الامد قوله مذعنة بالمنون اذ عن اي خضع و ذل و المنون الموت الامل الرجاء و الامد غاية الزّمان الواله العجلان و في النهج الوله العجال الوله بالتحريك ذهاب العقل و التحير من شدة الحزن يقال رجل واله و امرأة والهة المتحير و المتحيرة و الواله كل انثي فارقت ولدها و العجلان

ص: 43

المتسرع في الامور جأر كمنع جأرا و جؤرا تضرّع و استغاث رافعا صوته بالدعاء و المتبتّل المنقطع عن النساء و عن الدّنيا و منه التبتّل في الدعاء اي الانقطاع الي اللّه عن غيره من الخلق و الاهل و الاولاد و النساء و عن الدّنيا و الرهبان جمع راهب و هو المتعبد من النصاري انماث الملح في الماء اي ذاب و سال و الجهد بالضم كما في النسخ الوسع و الطاقة و بالفتح المشقة الجذع ما كمل من الضّان او المعز بستة اشهر و المنسك بفتح السين و كسرها المذبح و كل موضع للعبادة منسك و النسيكة الذبيحة و الوبال الشدّة و الثقل

5 و من خطبه عليه السّلام

منتخب كنز العمّال الموضوع في هامش كتاب المسند لاحمد بن حنبل في الجزء السّادس ص 322 روي عن ابن زكريا و وكيع عن عليّ عليه السّلام انّه قال ذمّتي رهينة و انا به زعيم صرّحت له العبر ان لا يهيج علي التّقوي زرع قوم و لا يظمأ علي الهدي سنخ اصل الا و انّ ابغض خلق اللّه رجل قمس علما غارّا في اغباش الفتنة عميا بما في الهدنة اشباهه من النّاس عالما و لم يغن في العلم يوما سالما فاستكبر فما قلّ منه فهو خير ممّا كثر حتّي اذا ما ارتوي من ماء اجن و اكثر من غير طائل فعدّ للنّاس مفتيا لتخليص ما التبس علي غيره ان نزلت به احدي المبهمات هيّأ حشوا من رايه فهو من قطع المشتبهات في مثل غزل العنكبوت لا يعلم اخطاء ام اصاب خبّاط عشوات ركّاب جهالات لا يعتذر ممّا لا يعلم فسيلّم

ص: 44

و لا يعضّ في العلم بضرس قاطع ذرء الرّواية ذرء الرّيح الهشيم تبكي منه الدّماء و تصرخ منه المواريث و يستحلّ بقضائه الحرام لاملّي و اللّه باصدار ما ورد عليه و لا اهل لما فرط به اقول الزعيم الضّمين الكفيل لا يهيج علي التقوي زرع قوم اي من عمل للّه لم يفسد عمله و لم يبطل كما يهيج الزرع و يهلك هاج النبت هياجا يبس السنخ بالكسر من كل شيء اصله و الجمع اسناخ كالحمل و احمال و منه الحديث التقوي سنخ الايمان القمس قمس اي ناظر من هو اعلم منه الغارّ الغافل و غارا هنا اي غافلا علي الحاليّة و اغباش الفتنة اي ظلمتها قوله اذا ما ارتوي من ماء اجن الارتواء افتعال الرّي و الاجن المتغير من الماء و هذا عندهم من المجاز المرشح و قد شبه عليه السّلام علمه بالماء و الاجن لانه لا ينتفع به خباط عشوات اي يخيط في الظلام و الامر الملتبس فيتحيّر العضّ الامساك بالاسنان و قوله لا يعض في العلم كناية عن عدم التتبع و التعمق فيه قوله ذرء الرّواية ذرء الريح الهشيم اي ردّ الرواية كما ينسف الريح هشيم النبت و الهشيم اي اليابس منه تصرخ منه المواريث اي تصيح

6 و من خطبه عليه السّلام

منتخب كنز العمال هامش جزؤ السادس من المسند ص 324 روي عن عبد اللّه بن صالح العجلي عن ابيه قال خطب علي بن ابي طالب يوما فحمد اللّه و اثني عليه و صلّي علي النبي صلي اللّه عليه(و آله)و سلّم ثم قال(عليه السّلام) يا عباد اللّه لا تغرّنّكم الحيوة الدّنيا فانّها دار بالبلاء محفوفة و بالفناء معروفة و بالغدر موصوفة و كلّ ما فيها الي زوال و هي ما بين اهلها دول و سجال لم يسلم من شرّها نزّالها بينا اهلها في رخاء و سرور اذا هم منها في بلاء و غرور العيش فيها مذموم و الرّخاء فيها لا يدوم و انّما اهلها فيها اغراض مستهدفة ترميهم بسهامها و تقصمهم بجمامها عباد اللّه

ص: 45

انّكم و ما أنتم من هذه الدّنيا عن سبيل من قد مضي ممّن كان اطول منكم اعمارا و اشدّ منكم بطشا و اعمر ديارا و ابعد اثارا و اصبحت اصواتهم هامدة خامدة من بعد طول تقلّبها و اجسادهم بالية و ديارهم خالية و اثارهم عافية الصّخور استبدلوا بالقصور المشيّدة و السّرر و النّمارق الممهّدة و الاحجار المسنّدة في القبور الملاطئة الملحّدة الّتي قد بيّن الخراب فناءها و شيّد بالتّراب بناءها فحملها مقترب و ساكنها مغترب بين اهل عمارة موحشين و اهل محلّة متشاغلين لا يستأنسون بالعمران و لا يتواصلون تواصل الجيران علي ما بينهم من قرب الجوار و دنوّ الدّار و كيف يكون بينهم تواصل و قد طحنهم البلي و اكلتهم الجنادل و الثّري فاصبحوا بعد الحيوة امواتا و بعد غضارة العيش رفاتا فجع بهم الاحباب و سكنوا التّراب و ظعنوا فليس لهم اياب هيهات هيهات كلاّ انّها كلمة هو قائلها و من ورائهم

ص: 46

برزخ الي يوم يبعثون فكان قد صرتم الي ما صاروا عليه من الوحدة و البلاء في دار الموتي و ارتهنتهم في ذلك المضجع و ضمّكم ذلك المستودع فكيف بكم لو قد تناهت الامور و بعثرت القبور و حصّل ما في الصّدور و اوقفتم للتّحصيل بين يدي ملك جليل فطارت القلوب لاشفاقها من سالف الذّنوب و هتكت عنكم الحجب و الاستار فظهرت منكم العيوب و الاسرار هنا لك تجزي كلّ نفس بما كسبت ليجزي الّذين اساءوا بما عملوا و يجزي الّذين احسنوا بالحسني و وضع الكتاب فتري المجرمين مشفقين ممّا فيه و يقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة و لا كبيرة الاّ احصاها و وجدوا ما عملوا حاضرا و لا يظلم ربّك احدا جعلنا اللّه و ايّاكم عاملين بكتابه متّبعين لاوليائه حتّي يحلّنا و ايّاكم دار المقامة من فضله انّه حميد مجيد اقول قوله سجال اي مرّة لنا و مرّة علينا الحمام بالكسر و التخفيف الموت البطش الاخذ بالسرعة و العنف هامدة اي يابسة ميّتة خامدة اي ميّته و خمود الانسان موته و نار خامدة اي ساكنة لهبها

ص: 47

اجسادهم بالية اي فانية افنتها الارض اثارهم عافية اي ماحية السّرر جمع السّرير و هو مجلس السّرور و قيل انما رفعت ليري الناس بجلوسهم عليها جميع ما حولهم النمارق جمع النمرقة بكسر النون و هي الوسائل الملاطئه الملاصقة من الملاط و هو الطين الذي يجعل بين ساقي البناء يملط به الحائط اي يخلط او من لطت الحوض بالطين لوطا اي ملطّته الملحدة من باب الافعال اي جعلت في اللّحد كالفلس و في لغة بالضمّ كالقفل و هو الشق في جانب القبر و جمعه اللحود الفناء يقال فناء الكعبه بالمدّ سعة امامها و قيل ما امتد من جوانبها دورا و هو حريمها خارج المملوك منها و مثله فناء الدّار و الجمع افنية غضارة العيش طيب العيش قوله رفاتا اي فتاة و الفتاة الحطام و ما تناثر من كل شيء ظعنوا اي ساروا و ارتحلوا بعثرت القبور اي قلبت و اخرجت و قد نقل الرضي ره هذه باختلاف في فقراتها بالزيادة و النقصان

7 و من خطبه عليه السّلام

منتخب كنز العمال في هامش الجزء السّادس من المسند ص 326 روي عن ابن النّجار عن يحيي بن يعمر انه قال انّ علي بن ابي طالب خطب النّاس فحمد اللّه و اثني عليه ثم قال ايّها النّاس انّما هلك من كان قبلكم بركوبهم المعاصي و لم ينههم الرّبانيّون و الاحبار انزل اللّه بهم العقوبات الا فمروا بالمعروف و انهوا عن المنكر قبل ان ينزل بكم الّذي نزل بهم و اعلموا انّ الامر بالمعروف و النّهي عن المنكر لا يقطع رزقا و لا يقرّب اجلا انّ الامر ينزل من السّماء كقطر المطر الي كلّ نفس بما قدّر اللّه لها من زيادة او نقصان في اهل او مال او نفس و رأي لغيره غيره فلا يكوننّ ذلك له فتنة فانّ المرء المسلم ما لم يغش دنائة يظهر تخشّعا لها اذا ذكرت و

ص: 48

و يعزّي به لئام النّاس كالياسر الفالج الّذي ينتظر اوّل فورة من قداحه توجب له المغنم و تدفع عنه المغرم فكذلك المرء المسلم البريء من الخيانة انّما ينتظر احدي الحسنيين اذا ما دعا اللّه فما عند اللّه خير له و امّا ان يرزقه اللّه مالا فاذا هو ذو اهل و مال و الحرث حرثان المال و البنون حرث الدّنيا و العمل الصّالح حرث الاخرة و قد يجمعها اللّه لاقوام قال سفيان بن عينيه و من يحسن يتكلم بهذا الكلام الاّ علي بن ابي طالب(عليه السّلام)قوله الياسر الغني الفالج الفائز الفورة اول الوقت الحاضر الذي لا تاخير فيه القداح السّهم احدي الحسنين اي احدي العاقبتين اللتين كل واحدة منها حسني العواقب

8 و من خطبه عليه السّلام

كتاب نصر بن مزاحم المنقري التميمي الكوفي الملقب بالعطّار ص 7 المطبوع في عاصمة طهران في سنة 1300 الهجرية و هو الذي ثبّته ابن ابي الحديد المعتزلي في شرحه علي النهج عند بحثه عن واقعة صفّين و قال بصحّة نقله بقوله و نحن نذكر ما اورده نصر بن مزاحم من كتاب صفّين في هذا المعني فهو في نفسه ثبت صحيح النقل غير منسوب الي هوي و ادغال و هو من رجال اصحاب الحديث انتهي كلامه فاقول قال النّصر قال ابو عبد اللّه عن سليمان بن المغيرة عن عليّ بن الحسين خطبة علي بن ابي طالب في الجمعة بالكوفة و المدينة الحمد للّه احمده و استعينه و استهديه و اعوذ باللّه من الضّلالة من يهدي اللّه فلا مضلّ له و من يضلل فلا هادي له و اشهد ان لا اله الاّ اللّه وحده لا شريك له و انّ محمّدا عبده و رسوله انتجبه

ص: 49

لامره و اختصّه بالنّبوّة اكرم خلقه عليه و احبّهم اليه فبلّغ رسالة ربّه و نصح لامّته و ادّي الّذي عليه و اوصيكم بتقوي اللّه فانّ تقوي اللّه خير ما تواصي به عباد اللّه و اقربه لرضوان اللّه و خيره في عواقب الامور عند اللّه و بتقوي اللّه امرتم و للإحسان و الطّاعة خلقتم فاحذروا من اللّه ما حذّركم من نفسه فانّه حذّر باسا شديدا و اخشوا اللّه خشية ليست بتعذير و اعملوا في غير رياء و لا سمعة فانّه من عمل لغير اللّه و كله اللّه الي ما عمل له و من عمل للّه مخلصا تولّي اللّه اجره و اشفقوا من عذاب اللّه فانّه لم يخلقكم عبثا و لم يترك شيئا من امركم سدي قد سمّي اثاركم و علم اعمالكم و كتب اجالكم فلا تغتّروا بالدّنيا فانّها غرّارة باهلها مغرور من اغترّ بها و الي فناء ما هي عليها انّ الاخرة هي دار الحيوان لو كانوا يعلمون اسأل اللّه منازل الشّهداء و مرافقة الانبياء و معيشة السّعداء فانّما نحن له و به

ص: 50

9 و من خطبه عليه السّلام

كتاب النّصر ص 15 روي عن عمر بن سعد عن ابي يحيي عن محمّد بن طلحة عن ابي سنان الاسلمي قال لمّا اخبر علي بخطبة معاوية و عمرو و تحريصهما الناس عليه امر بالناس فجمعوا قال و كانّي انظر الي عليّ متوكّيا علي قوسه و قد جمع اصحاب رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله عنده فهم يلونه و احبّ ان يعلم الناس انّ اصحاب رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله متوافرون فحمد اللّه و اثني عليه ثم قال ايّها النّاس اسمعوا مقالتي وعوا كلامي فانّ الخيلاء من التّجبّر و انّ النّخوة من التّكبّر و انّ الشّيطان عدوّ حاضر يعدكم الباطل الا انّ المسلم اخ المسلم لا تنابذوا و لا تخاذلوا فانّ شرايع الدّين واحدة و سبله قاصدة من اخذ بها لحق و من تركها مرق و من فارقها محق ليس المسلم بالخائن اذا ائتمن و لا بالمخلف اذا وعد و لا بالكذّاب اذا نطق نحن اهل بيت الرّحمة و قولنا الصّدق و من فعالنا القصد و منّا خاتم النّبيّين و فينا قادة الاسلام و منّا قرّاء الكتاب ندعوكم الي اللّه و الي رسوله و الي جهاد عدوّه و الشّدّة في امره و ابتغاء رضوانه و اقام الصّلوة و ايتاء الزّكوة و حجّ البيت و صيام شهر رمضان و توفير الفيء لاهله الا و انّ من اعجب العجائب

ص: 51

انّ معاوية بن ابي سفيان الامويّ و عمرو بن العاص السّهميّ اصبحا يحرضان النّاس علي طلب الدّين بزعمهما و قد علمتم انّي لم اخالف رسول اللّه قطّ و لم اعصه في امر قطّ اقيه بنفسي في المواطن الّتي ينكص فيها الابطال و ترعد فيها الفرائص نجدة اكرمني اللّه بها فله الحمد و لقد قبض رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و انّ رأسه لفي حجري و لقد ولّيت غسله بيدي وحدي تقلّبه الملائكة المقرّبون معي و ايم اللّه ما اختلفت امّة قطّ بعد نبيّها الاّ ظهر اهل باطلها علي حقّها الاّ ما شاء اللّه

10 و من خطبه عليه السّلام

كتاب النّصر ص 115 روي عن عمرو بن شمر عن مالك بن اعين عن زيد بن وهب ان عليّا قال في هذه الليلة حتي متي لا تناهض القوم باجمعنا قال فقام في الناس عشية الثلثا ليلة الاربعاء بعد العصر فقال الحمد للّه الّذي لا يبرم ما نقض و لا ينقض ما ابرم و لو شاء ما اختلف اثنان من هذه الامّة و لا من خلقه و لا تنازعت الامّة في شيء من امره و لا جحد المفضول ذا الفضل فضله و قد ساقنا

ص: 52

و هؤلاء القوم الاقدار حتّي الّفت بيننا في هذا المكان فنحن من ربّنا بمرئي و مسمع فلو شاء لعجّل النّقمة و كان منه التّغير حتّي يكذّب اللّه الظّالم و يعلم الحقّ اين مصيره و لكنّه جعل الدّنيا دار الاعمال و جعل الاخرة عنده دار القرار ليجزي الّذين اساءوا بما عملوا و يجزي الّذين احسنوا بالحسني الا انّكم لاقوا العدوّ غدا ان شاء اللّه فاطيلوا اللّيلة القيام و اكثروا تلاوة القرءان و اسألوا اللّه الصّبر و النّصر و القوهم بالجدّ و الحزم و كونوا صادقين ثم انصرف و وثب النّاس علي سيوفهم و رماحهم و نبالهم يصلحونها

11 و من خطبه عليه السّلام

كتاب النّصر ص 120 قال قال عمر بن سعد عن عبد الرحيم بن عبد الرّحمن عن ابيه ان عليّا امير المؤمنين حرّض النّاس و قال انّ اللّه عزّ و جلّ قد دلّكم علي تجارة تنجيكم من العذاب و تشفي بكم علي الخير ايمان باللّه و رسوله و جهاد في سبيله و جعل ثوابه مغفرة الذّنوب و مساكن طيّبة في جنّات عدن و رضوان من اللّه اكبر فاخبركم بالّذي يحبّ فقال انّ اللّه يحبّ الّذين يقاتلون في سبيله صفّا كانّهم بنيان مرصوص فسوّوا صفوفكم كالبنيان المرصوص و قدّموا الدّارع

ص: 53

و اخّروا الحاسر و عضّوا علي الاضراس فانّه انبا للسّيوف عن الهام و اربط للجاش و اسكن للقلوب و اميتوا الاصوات فانّه اطرد للقتل و اولي بالوقار و التووا في اطراف الرّماح فانّه امور للاسنّة و راياتكم فلا تميلوها و لا تزيلوها و لا تجعلوها الاّ في ايدي شجعانكم المانعيّ الذّمار و الصّبر عند نزول الحقائق اهل الحفاظ الّذين يحفّون براياتكم و يكشفونها يضربون خلفها و امامها و لا تضيّعوها اجزاء كلّ امرء منكم رحمكم اللّه قرنه و واسي اخاه بنفسه و لم يكل قرنه الي اخيه فيجتمع عليه قرنه و قرن اخيه فيكتسب بذلك لائمة و يأتي به دنائة و انّي هذا و كيف يكون هكذا هذا يقاتل اثنين و هذا ممسك يده قد خلّي قرنه علي اخيه هاربا منه و قائما ينظر اليه من يفعل هذا يمقته اللّه فلا تعرّضوا لمقت اللّه فانّما مردّكم الي اللّه قال اللّه لقوم قل لا ينفعكم الفرار ان فررتم من الموت او القتل و اذا لا تمتّعون الاّ قليلا و ايم اللّه لئن فررتم من سيف العاجلة لا تسلمون

ص: 54

من سيف الاخرة استعينوا بالصّدق و الصّبر فانّه بعد الصّبر ينزل النّصر اقول قوله صفا كانهم بنيان مرصوص اي لاصق بعضه ببعض و تراص القوم بالصف اي تلاصقوا حتي لا يكون بينهم فرج و الاصل في ذلك رصّ البناء الدّارع الّذي عليه درع من الحديد و الحاسر من لا مغفر له و لا درع او لا جنّة له و فحل عدل عن الضّراب عضّوا علي الاضراس اي شدّوا علي الاستمساك بها قوله فانه انبا للسيوف عن الهام قال في المجمع قيل هو من الابناء و هو الابعاد قوله اربط للجاش اي للقلب جاش القلب هو رواعه اذا اضطرب عند الفزع يقال فلان رابط الجاش اي ربط نفسه عن الفرار الشجاعته قوله مانعي الذمار ذمار الرّجل ممّا ورائه و يحق عليه ان يحميه و لزمه حفظه القرن بالكسر كفو الرّجل في الشجاعة(قد نقل الرضي بعض فقراتها في النهج)

12 و من خطبه عليه السّلام

كتاب النّصر ص 119 عن عمر بن سعد عن عبد الرحمن بن جندب عن ابيه قال لمّا كان غداة الخميس صلّي عليّ فغلّس بالغدوة ما رايت عليّا غلسّ بالعذاة اشد من تغليسه يومئذ ثم خرج بالناس الي اهل الشّام فزحف اليهم و كان هو يبدءهم فيسير اليهم فاذا راوه و قد زحف استقبلوه بزحوفهم قال و قال نصر فحدثني ملك بن اعين عن زيد بن وهب انّ عليّا خرج اليهم فاستقبلوه فقال(عليه السّلام) اللّهمّ ربّ السّقف المحفوظ المكفوف الّذي جعلته مغيضا للّيل و النّهار و جعلت فيه مجري الشّمس و القمر و منازل الكواكب و النّجوم و جعلت سكّانه سبطا من الملائكة لا يسئمون العبادة و ربّ هذه الارض الّتي جعلتها قرارا للأنام و الهوامّ و الانعام و ما لا يحصي ممّا لا يري و ممّا يري من خلقك العظيم و ربّ الفلك الّتي تجري في البحر بما ينفع النّاس و ربّ السّحاب المسخّر بين السّماء و الارض و ربّ البحر المسجور(المحيط بالعالم)و ربّ العالمين

ص: 55

و ربّ الجبال الرّواسي الّتي جعلتها للارض اوتادا و للخلق متاعا ان اظهرتنا علي عدوّنا فجنّبنا البغي و سدّدنا للحقّ و ان اظهرتم علينا فارزقنا الشّهادة و اعصم بقيّة اصحابي من الفتنة اقول المكفوف اي الممنوع من الاسترسال ان يقع علي الارض و هي معلّقة بلا عمد مغيضا اي محل اجتماع الماء السّبط هنا بمعني القبيلة لا يسئمون اي لا يمّلون المسجور اي المملوّ الرّواسي بمعني الثوابت الاوتاد جمع الوتد المسمار

13 و من كلامه عليه السّلام

كتاب النصر ص 118 و فيه عن عمرو بن شمر عن جابر عن تميم قال كان عليّ اذا سار الي القتال ذكر اسم اللّه حين يركب ثم يقول الحمد للّه علي نعمه علينا و فضله العظيم سبحان الّذي سخّر لنا هذا و ما كنّا له مقرنين و انّا الي ربّنا لمنقلبون ثمّ يستقبل القبله و يرفع يديه الي اللّه و يقول اللّهمّ اليك نقلت الاقدام و اتعبت الابدان و افضت القلوب و رفعت الايدي و شخصت الابصار ربّنا افتح بيننا و بين قومنا بالحقّ و انت خير الفاتحين سيروا علي بركة اللّه ثمّ يقول اللّه اكبر اللّه اكبر لا اله الاّ اللّه و اللّه اكبر يا اللّه يا احد يا صمد يا ربّ محمّد (صلّي اللّه عليه و آله و سلّم)بسم اللّه الرّحمن الرّحيم لا حول و لا قوّة الاّ باللّه العليّ العظيم ايّاك نعبد و اياك نستعين اللّهمّ كفّ عنّا باس الظّالمين

ص: 56

فكان هذا شعاره بصفّين رضي اللّه عنه روي نصر عن الابيض بن الاعزّ بن سعد بن طريف عن الاصبغ قال ما كان عليّ في قتال قطّ الاّ نادي كهيعص و عن قيس بن الرّبيع عن عبد الواحد بن حسّان العجلي عمّن حدّثه عن عليّ انّه سمع يقول يوم صفّين اللّهمّ اليك رفعت الابصار و بسطت الايدي و دعت الالسن و افضت القلوب و تحوكم اليك في الاعمال فاحكم بيننا و بينهم بالحقّ و انت خير الفاتحين اللّهمّ انّا نشكوا اليك غيبة نبيّنا و قلّة عددنا و كثرة عدوّنا و تشتّت اهواءنا و شدّة الزّمان و ظهور الفتن اعنّا عليهم بفتح تعجّله و نصر تعزّ به سلطان الحقّ و تظهره

14 و من كلامه عليه السّلام

كتاب النّصر ص 130 عن عمر عن مالك بن اعين عن زيد بن وهب انّ عليّا لمّا رأي ميمنته قد عادت الي موقفها و مصافها و كشف من بازائها حتّي ضاربوهم في مواقفهم و مراكزهم فاقبل حتي انتهي اليهم فقال انّي قد رأيت جولتكم و انحيازكم عن صفوفكم و تحرّزكم الجفاة و الطّغاة و اعراب اهل الشّام و أنتم لها ميم العرب و السّنام الاعظم و عمّار اللّيل بتلاوة القرءان و اهل دعوة الحقّ اذا ضلّ الخاطئون فلو لا اقبالكم بعد ادباركم و كرّكم بعد انحيازكم وجب عليكم ما

ص: 57

وجب علي الموّلي يوم الزّحف دبره و كنتم فيما اري من الهالكين و لقد هوّن عليّ بعض و جدي و شفا بعض حاج نفسي انّي رايتكم باخرة حزتموهم كما حازوكم و ازلتموهم عن مصافهم كما ازالوكم تحوزونهم بالسّيوف ليركب اوّلهم اخرهم كالابل المطرودة اليهم فالأن فاصبروا انزلت عليكم السّكينة و ثبّتكم اللّه باليقين و ليعلم المنهزم انّه مسخط لربّه و موبق نفسه و في الفرار موجدة اللّه عليه و الذّل الّلازم و فساد العيش و انّ الفارّ لا يزيد الفرار في عمره و لا يرضي ربّه فموت الرّجل محقّا قبل اتيان هذه الخصال خير من الرّضا بالتّلبّس بها و الاقرار عليها اقول قوله جولتكم يقال جال جولة اذا دار و منه قوله و للباطل جولة فقوله جولتكم اي عدم استقراركم علي الحرب و عدم اطمينانكم اليه و قوله انجيازكم اي عدو لكم عن الحرب هاميم العرب لعله اراد به شجعان العرب و ساداتهم السّنام او لو الدّرجات الرفيعة يوم الزحف اي الجهاد حاج نفسي اي سلامة نفسي

15 و من كلامه عليه السّلام

كتاب النّصر ص 207 قال و حدثني رجل عن مالك الجهني عن زيد بن وهب انّ عليا مرّ علي جماعة من اهل الشام بصفّين فيهم الوليد بن عقبة و هم يشتمونه و يقصبونه فاخبروه بذلك فوقف في ناس من اصحابه فقال انهدوا اليهم و عليكم السّكينة و سيماء الصّالحين و وقار الاسلام و اللّه لاقرب قوم الي الجهل باللّه عزّ و جلّ قوم قائدهم

ص: 58

و مؤدّبهم معاوية و ابن النّابغة و ابو اعور السّلمّي و ابن ابي شارب الحرام و المجلود حدّا في الاسلام و هم اولي يقومون فيقصبونني و يشتمونني و قبل اليوم ما قاتلوني و شتموني و انا اذ ذاك ادعوهم الي الاسلام و هم يدعونني الي عبادة الاصنام فالحمد للّه و لا اله الاّ اللّه و قديما ما عاداني الفاسقون انّ هذا الهو الخطب الجليل انّ فسّاقا كانوا عندنا غير مرضيّين و علي الاسلام و اهله متخوفّين خدعوا شطر هذه الامّة فاشربوا قلوبهم حبّ الفتنة فاستمالوا اهوائهم بالافك و البهتات و قد نصبوا لنا الحرب و جدّوا في اطفأ نور اللّه و اللّه متمّ نوره و لو كره الكافرون اللّهمّ فانّهم قد ردّوا الحقّ فافضض جمعهم و شتّت كلمتهم و ابسلهم بخطاياهم فانّه لا يذلّ من واليت و لا يعزّ من عاديت قوله انهدوا النّهد النّهوض و التقدّم و منه نهدت الي العدوّ و من بابي قتل و نفع فانهدوا اي انهضوا و تقدّموا قوله فيقصبونني اي يعيبونني و يشتمونني الخطب الجليل اي الامر العظيم فافضض جمعهم اي فرق جمعهم

16 و من كلامه عليه السّلام

ص: 59

كتاب النّصر ص 284 عن عمره عن فضيل بن خديج قال قيل لعليّ لما كتبت الصحيفة انّ الاشتر لم يرض بما في هذه الصحيفة و لا يري الاّ قتال القوم فقال عليّ(عليه السّلام) بلي انّ الاشتر ليرضي اذا رضيت و رضيتم و لا يصلح الرّجوع بعد الرّضا و لا التّبديل بعد الاقرار الاّ ان يعصي اللّه و يتعدّي ما في كتابه و امّا الّذي ذكرتم من تركه امري و ما انا عليه فليس من اولئك و ليس اتخوّفه علي ذلك و ليت فيكم مثله اثنان بل ليت فيكم مثله واحد يري في عدوّه مثل رأيه اذا لخفّت عليّ مؤنتكم و رجوت ان يستقيم لي بعض اودكم و امّا القضيّة فقد استوثقنا لكم فيها و قد طمعت ان لا تضلّوا ان شاء اللّه ربّ العالمين الاود العوج و القوة

17 و من كلامه عليه السّلام

كتاب النّصر ص 289 قال في جواب من قاله ع اذا سئل عن قول ذي الرأي قال يقولون انّ عليّا كان له جمع عظيم ففرّقه و حصن حصين فهدّمه فحتّي متي يبني مثل ما قد هدم و حتّي متي يجمع مثل ما قد فرّق فلو انّه كان مضي بمن اطاعه اذ عصاه من عصاه فقاتل حتّي يظهره اللّه او يهلك اذا كان ذلك هو الجرم فقال(عليه السّلام) هدمت ام هم هدموا ام انا فرّقت ام هم تفرّقوا و امّا قولهم لو انّه مضي بمن اطاعه اذا عصاه من عصاه فقاتل حتّي يظفر او يهلك اذا كان

ص: 60

ذلك هو الخرم فو اللّه ما غني عن ذلك الرّأي و ان كنت سخيّ النّفس بالدّنيا طيب النّفس بالموت و لقد هممت بالاقدام فنظرت الي هذين قد استقدماني فعلمت انّ هذين ان هلكا انقطع نسل محمّد من هذه الامّة فكرهت ذلك و اشفقت علي هذين ان يهلكا و لو علمت انّ لو لا مكاني لم يستقدما يعني بذلك ابنيه الحسن و الحسين و ايم اللّه لئن لقيتهم بعد يومي لقيتهم و ليس هما معي في عسكر و لا دار قال ثمّ مضي حتّي جزنا دور بني عوف فاذا نحن عن ايماننا بقبور سبعة او ثمانية فقال امير المؤمنين ما هذه القبور فقال له قدامة بن عجلان الازدي يا امير المؤمنين انّ خباب بن الارت توفي بعد مخرجك فاوصي ان يدفن في الظّهر و كان الناس يدفنون في دورهم و افنيتهم فدفن الناس الي جنبه فقال عليّ(عليه السّلام) رحم اللّه خبابا قد اسلم راغبا و هاجر طايعا و عاش مجاهدا و ابتلي في جسده احوالا و لن يضيع اللّه اجر من احسن عملا فجاء حتّي وقف عليهم ثم قال عليكم السّلام يا اهل الدّيار الموحشة و المحالّ المغفرة من المؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات أنتم لنا سلف و فرط و نحن لكم تبع و بكم عمّا قليل لا حقون اللّهمّ اغفر لنا و لهم و تجاوز عنّا و عنهم ثم قال الحمد للّه الّذي جعل الارض

ص: 61

كفاتا احياء و امواتا الحمد للّه الّذي منها خلقنا و فيها يعيدنا و عليها يحشرنا طوبي لمن ذكر المعاد و عمل للحساب و قنع بالكفاف و رضي عن اللّه بذلك اقول الحرم ضبط الرّجل امره و الحذر من فواته من قولهم خرمت الشيء اي شدّدته و في معاني الاخبار فقال ما الخرم قال ان تنتظر فرصتك و تعاجل ما امكنك و حزم فلان رأيه اي اتقنه خباب بالخاء المعجمه و البائين بينهما الف ابن الارّت بالهمزة المفتوحه و الراء المفتوحة و التاء المشددة مات قبل الفتنه و ترحّم علي عليه السّلام له دليل علي حسن حاله المقفرة من الارض التي لا ماء فيها و لا نبات منها أنتم لنا سلف و فرط بالتحريك اي اجر و ذخر يتقد منا جعل الارض كفاتا اي اوعية و منها ما ينبت و منها لا ينبت

18 و من خطبه عليه السّلام

رواها الامام العلاّمة من اعاظم علماء العامة ابو المظفّر شمس الدين بن يوسف الملقب بسبط العلاّمة الشهير بابي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي المتوفي سنة 654 الهجريه في كتابه المسمّي بالتذكرة و انا ناقلها من نسخته المطبوعة في النجف الاشرف-ص 138 قال خطبة في مدح النبيّ صلي اللّه عليه(و آله)و سلّم و الائمة اخبرنا ابو طاهر الخزيمي اخبرنا ابو عبد اللّه الحسين بن علي اخبرنا عبد اللّه بن عطاء الهروي اخبرنا عبد الرحمن بن عبيد الثقفي اخبرنا الحسين بن محمّد الدينوريّ اخبرنا عبد اللّه بن ابراهيم الجرجاني نبّأنا محمد بن علي بن الحسين العلويّ اخبرنا احمد بن عبد اللّه الهاشمي حدّثنا الحسن بن عليّ بن محمّد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن عليّ عليهم السّلام قال خطب ابي امير المؤمنين عليه السّلام يوما بجامع الكوفة خطبة بليغة في مدح رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله فقال بعد حمد اللّه لمّا اراد ان ينشيء المخلوقات و يبدع الموجودات اقام الخلائق في صورة قبل دحو الارض و رفع السّموات ثمّ افاض نورا من نور عزّه فلمع قبسا من ضيائه و سطع ثمّ اجتمع في تلك الصّورة و فيها هيئة نبيّنا محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فقال له تعالي انت المختار

ص: 62

و عندك مستودع الانوار و انت المصطفي المنتخب الرّضا المنتخب المرتضي من اجلك اضع البطحاء و ارفع السّماء و اجري الماء و اجعل الثّواب و العقاب و الجنّة و النّار و انصب اهل بيتك علما للهداية و اودع اسرارهم من سرّي بحيث لا يشكل عليهم دقيق و لا يغيب عنهم خفيّ و اجعلهم حجّتي علي بريّتي و المنبّهين علي قدري و المطّلعين علي اسرار خزائني و في نسخة و اسكّن قلوبهم انوار عزّتي و اطّلعهم علي معادن جواهر خزائني ثمّ اخذ الحقّ سبحانه عليهم الشّهادة بالرّبوبية و الاقرار بالوحدانيّة و انّ الامامة فيهم و النّور معهم ثمّ انّ اللّه اخفي الخليقة في غيبه و غيّبها في مكنون علمه و نصب العوالم و موّج الماء و اثار الزّبد و اهاج الدّخان فطفي عرشه علي الماء ثمّ انشأ الملائكة من انوار ابدعها و انواع اخترعها و في نسخة ثمّ خلق المخلوقات فاكملها ثمّ خلق الارض و ما فيها ثمّ قرن بتوحيده نبوّة نبيّه محمّد و صفيّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فشهدت السّموات و الارض

ص: 63

و الملائكة و العرش و الكرسيّ و الشّمس و القمر و النّجوم و ما في الارض له بالنّبوّة فلمّا خلق ادم ابان الملائكة فضله و اراهم ما خصّه به من سابق العلم فجعله محرابا و قبلة لهم فسجدوا له و عرفوا حقّه ثمّ بيّن لادم حقيقة ذلك النّور و مكنون ذلك السّرّ فلمّا حانت ايّامه اودعه شيثا و لم يزل ينتقل من الاصلاب الفاخرة الي الارحام الطّاهرة الي ان وصل الي عبد المطّلب ثمّ الي عبد اللّه و في نسخة ثمّ صانه اللّه عن الخثعميّة حتّي وصل الي امنة ثمّ الي نبيّه صلّي اللّه عليه و اله و سلّم فدعا النّاس ظاهرا و باطنا و ندبهم سرّا و علانية و استدعي الفهوم الي القيام بحقوق ذلك السّر اللّطيف و ندب العقول الي الاجابة لذلك المعني المودع في الذّرّ قبل النّسل فمن وافقه قبس من لمحات ذلك النّور غشي بصر قلبه عن ادراكه و اهتدي الي السرّ و انتهي الي العهد المودع في باطن الامر و غامض العلم و من غمرته الغفلة و شغلته المحنة

ص: 64

استحقّ البعد ثمّ لم يزل ذلك النّور ينتقل فينا و يتشعشع في غرايزنا فنحن انوار السّموات و الارض و سفن النّجاة و فينا مكنون العلم و الينا مصير الامور و بمهدّينا تقطع الحجج فهو خاتم الائمّة و منقذ الامّة و منتهي النّور و غامض السّرّ فليهنّ من استمسك بعروتنا و حشر علي محبّتنا

19 و من خطبه عليه السّلام

تذكرة الخواص ايضا ص 139 قال و من خطبه عليه السّلام عقيب قتل عثمان(رض)اخبرنا غير واحد عن عبد الوهّاب بن المبارك الحافظ الانماطي اخبرنا ابو الفتح احمد بن محمّد الحدّاد اخبرنا ابو بكر احمد بن عليّ من ابراهيم بن فنجويه اخبرنا محمد بن احمد بن اسحق اخبرنا عبد اللّه بن سليمان بن الاشعث حدثنا الحسن بن عرفه حدّثنا عبّاد بن عبّاد بن حبيب بن المهلب بن ابي صفرة عن مجالد عن سعيد بن عمير قال خطب امير المؤمنين عليه السّلام يوما بعد ما قتل عثمان بعد حمد اللّه و الصّلوة علي رسوله صلّي اللّه عليه(و آله) ايّها النّاس تدرون ما مثلي و مثلكم و مثل عثمان كمثل ثلاثة اثوار كنّ في اجمة ثور ابيض و ثور اسود و ثور احمر و معهم اسد و كان الاسد لا يقدر عليهم لاجتماعهم عليه و اتّفاقهم فقال الاسد للثّور الاسود و الاحمر انّه لا يدلّ الناس علينا الاّ الثّور الابيض فانّه مشهور بالبياض فلو تركتماني اكله فتصفوا الاجمة لنا و نعيش فيها فقالا له افعل فاكله ثمّ لبث مدّة و قال للثّور الاحمر انّه لا يدلّ

ص: 65

علينا النّاس الاّ الثّور الاسود بسواد لونه فانّ لوني و لونك لا يختلفان و يشبهان فان تركتني اكله فتصفو الاجمة لي و لك فقال افعل فاكله ثمّ لبث مدّة و قال للثّور الاحمر انّي اكلك فقال دعي انادي ثلاثة اصوات فقال ناد فصاح الا انّي اكلت يوم اكل الثّور الابيض قالها ثلاثا ثم قال عليّ عليه السّلام الا انّي وهنت يوم قتل عثمان

20 و من كلامه عليه السّلام

تذكرة سبط بن الجوزي ص 165 قال و روي الوالي عن ابن عبّاس قال جاء رجل الي امير المؤمنين(عليه السّلام)فسئله عن القدر فقال اخبرني عن القدر ما هو قال طريق مظلم فلا تسلكوه فقال اخبرني عن القدر فقال سرّ اللّه فلا تفشه فقال اخبرني عن القدر فقال بحر عميق فلا تلجه ثم قال ايّها السّائل خلقك اللّه كما تشاء او كما يشاء فقال كما يشاء فقال ايميتك كما يشاء او كما تشاء فقال علي ما يشاء فقال الك مشيّة فوق مشيّة اللّه ام لك مشيّة مع مشيّة اللّه او لك مشيّة دون مشيّة اللّه فان قلت لك مشيّة فوق مشيّة اللّه فقد ادّعيت الغلبة للّه تعالي و ان

ص: 66

قلت لك مشيّة مع مشيّة اللّه فقد ادّعيت الشّركة و ان قلت مشيّة دون مشيّة فقد اكتفيت بمشيّتك دون مشيّة اللّه ثم قال له قل لا حول و لا قوّة الاّ باللّه فقال لها ثم قال يا امير المؤمنين علّمني تفسيرها فقال لا حول عن معصية اللّه الاّ بعصمته و لا قوّة علي طاعة اللّه الاّ بمعونته اعقلت عن اللّه قال نعم فقال لاصحابه الأن اسلم اخوكم فقوموا اليه فصافحوه

21 و من كلامه عليه السّلام

في المجلد الاول من كتاب حلية الاولياء للحافظ ابي نعيم الاصبهاني المتوفي سنة 430 الهجريّة من نسخته المطبوعة بمطبعة السّعادة بجوار محافظة مصر في سنة 1351 ه ص 72 قال حدّثنا ابو بكر احمد بن محمّد الحارث ثنا الفضل بن الحباب الجمحي ثنا مسدّد ثنا عبد الوارث بن سعيد عن محمد بن اسحق عن النعمان بن سعد قال كنت بالكوفة في دار الامارة دار عليّ بن ابي طالب(عليه السّلام) اذ دخل علينا نوف بن عبد اللّه فقال يا امير المؤمنين بالباب اربعون رجلا من اليهود فقال عليّ عليّ بهم فلمّا وقفوا بين يديه قالوا له يا عليّ صف لنا ربّك هذا الذي في السماء كيف هو و كيف كان و متي كان و علي ايّ شيء هو فاستوي علي(عليه السّلام)جالسا و قال يا معشر اليهود اسمعوا منّي و لا تبالوا ان لا تسئلوا احدا غيري انّ ربّي عزّ و جلّ هو الاوّل لم يبد ممّا و لا ممازج مع ما و لا حالّ و هما و لا شبح يتقصّي و لا محجوب فيحوي و لا كان بعد ان لم يكن فيقال

ص: 67

حادث بل جلّ ان يكيّف المكيّف للاشياء كيف كان بل لم يزل و لا يزول لاختلاف الازمان و لا لتقلّب شان بعد شان و كيف يوصف بالاشباح و كيف ينعت بالالسن الفصاح من لم يكن في الاشياء فيقال بائن و لم يبن عنها فيقال كائن بل هو بلا كيفيّة و هو اقرب من حبل الوريد و ابعد في الشّبه من كلّ بعيد لا يخفي عليه من عباده شخوص لحظة و كرور لفظة و لا ازدلاف رقوة و لا انبساط خطوة في غسق ليل داج و لا ادلاج لا يتغشّي عليه القمر المنير و لا انبساط الشّمس ذات النّور بضوئهما في الكرور و لا اقبال ليل مقبل و لا ادبار و نهار مدبر الاّ و هو محيط بما يريد من تكوينه فهو العالم بكلّ مكان و كلّ حين و اوان و كلّ نهاية و مدّة و الامد الي الخلق مضروب و الحدّ الي غيره منسوب لم يخلق الاشياء من اصول اوّليّة و لا باوائل كانت قبله بديّة بل خلق ما خلق فاقام

ص: 68

خلقه و صوّر ما صوّر فاحسن صورته توحّد في علوّه فليس لشيء منه امتناع و لا له بطاعة شيء من خلقه انتفاع اجابته للدّاعين سريعة و الملائكة في السّموات و الارضين له مطيعة علمه بالاموات البائدين كعلمه بالاحياء المتقلّبين و علمه بما في السّموات العلي كعلمه بما في الارض السّفلي و علمه بكلّ شيء لا تحيّره الاصوات و لا تشغله اللّغات سميع للأصوات المختلفة بلا جوارح و لا ادوات و لا شفة و لا لهوات سبحانه و تعالي عن تكييف الصّفات من زعم انّ الهنا محدود فقد جهل الخالق المعبود و من ذكر انّ الاماكن به تحيط لزمته الحيرة و التّخليط بل هو المحيط بكلّ مكان فان كنت صادقا ايّها المتكلّف لوصف الرّحمن بخلاف التّنزيل و البرهان فصف لي جبرئيل و ميكائيل و اسرافيل هيهات ا تعجز عن صفة مخلوق مثلك و تصف الخالق المعبود و انت تدرك صفة ربّ الهيئة و الادوات فكيف من لم

ص: 69

تأخذه سنة و لا نوم له ما في الارضين و السّموات و ما بينهما و هو ربّ العرش العظيم اقول الشّبح محرّكة الشخص و جمعه اشباح كالسبب و اسباب قوله فتقصّي اي فبلغ الغاية قوله الازدلاف التقدّم قوله رقوة قال في القاموس الرّقو و الرّقوة فويق الدعص من الرّمل و الدّغص بالكسر قطعة من الرّمل مستديرة او الكثيب منه المجتمع او الصغير منه و الدّعصا الارض السهلة يحمي عليها الشمس فتكون رمضاءها اشدّ حرّا من غيرها ليل داج اي مظلم الادلاج اي السير في الليل يقال ادلج ادلاجا اي سار اللّيل كلّه لا يتغشّي اي لا يتلبس و لا يتغطّي قوله كرور لفظه الكرور و الكرّ قال في القاموس كرّ عليه كرّا و كرورا و كري را و كري را و تكرارا عطف و عنه رجع الامد نهاية البلوغ البائدين اي الهالكين

22 و من كلامه عليه السّلام

الحلية الاولياء ايضا ص 77 قال حدّثنا سهل بن عاصم ثنا عبده ثنا ابراهيم بن مجاشع عن عمرو بن عبد اللّه عن ابي محمد اليماني عن بكر بن خليفة قال قال عليّ بن ابي طالب(عليه السّلام) ايّها النّاس انّكم و اللّه لو حننتم حنين الوله العجال و دعوتم دعاء الحمام و جارتم جؤار متبتّلي الرّهبان ثمّ جرجتم الي اللّه من الاموال و الاولاد التماس القربة اليه في ارتفاع الدّرجة عنده او غفران سيّئة احصاها كتبته لكان قليلا فيما ارجو لكم من جزيل ثوابه و اتخوّف عليكم من اليم عقابه فباللّه باللّه باللّه لو سالت عيونكم رهبة منه و رغبة اليه ثمّ عمرتم في الدّنيا ما الدّنيا باقية و لو لم تبقوا

ص: 70

شيئا من جهدكم لا نعمه العظام عليكم بهدايته ايّاكم للاسلام ما كنتم تستحقّون به الدّهر ما الدّهر قائم باعمالكم جنّته و لكن برحمته ترحمون و الي جنّته يصير منكم المقسطون جعلنا اللّه و ايّاكم من التّائبين العابدين

23 و من كلامه عليه السّلام

حلية الاولياء ايضا ص 77 قال حدّثنا ابي ثنا ابراهيم بن محمد بن الحسن قال كتب اليّ احمد بن ابراهيم بن هشام الدّمشقي ثنا ابو صفوان القاسم بن يزيد بن عوانه عن ابن حرث عن ابن عجلان عن جعفر بن محمّد عن ابيه عن جدّه انّ عليّا شيّع جنازة فلمّا وضعت في لحدها عجّ اهلها و بكوا فقال ما تبكون اما و اللّه لو عاينوا ما عاين ميّتهم لاذهلتهم معاينتهم عن ميّتهم و انّ له فيهم لعودة ثمّ عودة حتّي لا يبقي منهم احد ثم قام فقال اوصيكم عباد اللّه بتقوي اللّه الّذي ضرب لكم الامثال و وقّت لكم الاجال و جعل لكم اسماعا تعي ما عناها و ابصار لتجلو عن غشاها و افئدة تفهم ما دهاها في تركيب صوّرها و ما اعمرها فانّ اللّه لم يخلقكم عبثا و لم يضرب عنكم الذّكر صفحا بل اكرمكم بالنّعم السّوابغ و ارفدكم باوفر الرّوافد و احاط بكم الاحصاء و ارصد لكم الجزاء في السّرّاء و الضّرّاء

ص: 71

فاتّقوا اللّه عباد اللّه وجدّوا في الطّلب و بادروا بالعمل مقطّعات النّهمات و هادم اللّذات فانّ الدّنيا لا يدوم نعيمها و لا تؤمن فجائعها غرور حائل و شبح فائل و سناد مائل يمضي مستطرفا و يردي مستردفا باتعاب شهواتها و ختل تراضعها اتّعظوا عباد اللّه بالعبر و اعتبروا بالايات و الاثر و ازدجروا بالنّذر و انتفعوا بالمواعظ فكان قد علقتكم مخالب المنيّة و ضمّكم بيت التّراب و دهمتكم مفظعات الامور بنفخة الصّور و بعثرت القبور و سياقه المحشر و موقف الحساب باحاطة قدرة الجبّار كلّ نفس معها سائق يسوقها لمحشرها و شاهد يشهد عليها بعملها و اشرقت الارض بنور ربّها و وضع الكتاب و جيء بالنّبيّيّن و الشّهداء و قضي بينهم بالحقّ و هم لا يظلمون فارتجّت لذلك اليوم البلاد و نادي المناد و كان يوم التّلاق و كشف عن ساق و كسفت الشمّس و حشرت الوحوش مكان مواطن الحشر و بدت الاسرار

ص: 72

و هلكت الاشرار و ارتجّت الافئدة فنزلت باهل النّار من اللّه سطوة مجيحة و عقوبة منيحة و برّزت الجحيم لها كلب و لجب و قصيف رعد و تغيّظ و وعيد تاجّج جحيمها و غلا حميمها و توقّد سمومها فلا ينفّس خالدها و لا تنقطع حسراتها و لا يقصم كبولها معهم ملائكة يبشّرونهم بنزل و حميم و تصلية جحيم عن اللّه محجوبون و لأوليائه مفارقون و الي النّار منطلقون عباد اللّه اتّقوا اللّه تقيّة من كنع فخنع و وجل و رحل و حذر فابصر فازدجر فاحتثّ طلبا و نجا هربا و قدّم للمعاد و استظهر بالزّاد و كفي باللّه منتقما و بصيرا و كفي بالكتاب خصما و حجيما و كفي بالجنّة ثوابا و كفي بالنّار و بالا و عقابا و استغفر اللّه لي و لكم اقول الذّهول الذهاب عن الامر بدهشة قال في القاموس ذهله و عنه كمنع ذهلا و ذهولا تركه علي عهد او نسيته لشغل.قوله اسماعا تعي اي تحفظ قوله ارفدكم اي اعطاكم و اعانكم ارصد لكم اي اذا جعل لكم عدّة و اعدّ لكم قوله النهمات اي افراط الشهوات الفائل الضعيف و المخطي مستطرفا اي مستأنفا الختل الخدعة المنيّة الموت دهمتكم اي غشيتكم الفظيع اي الشديد و الشنيع و افطعه اي وجده فضيعا بعثرت القبور اي ايثرت و بحثرت و اخرجت ارتجّت اي اضطربت يوم التلاق يعني يوم يلتقي فيه اهل الارض و السماء قوله كشف عن ساق اي عن الامور التي خفيت و قيل هو كناية عن الاشتداد محجة اي مهلكة منيحة اي عظيمة شديدة كلب محركة الشّدة و الصّعوبة لجب صوت يوجب الاضطراب و كلاهما صفتان لنار جهنم الرعد القاصف شديد الصوت الكبول القيود من كنع فخنع اي من دني و قرب من الذّل فخضع و خشع(و نقلها سبط ابن الجوزي في التذكرة باختلاف)

ص: 73

24 و من خطبه عليه السّلام

كتاب عقد الفريد لشهاب الدين احمد المعروف بابن عبد ربّه الاندلسيّ المالكي المتوفي سنة 327 الهجريّة المطبوع بمصر سنة 1293 ه قال في الجزء الثاني منه ص 162 و خطبة له اي لعلي عليه السّلام ايضا حمد اللّه و اثني عليه ثم قال اوصيكم عباد اللّه و نفسي بتقوي اللّه و لزوم طاعته و تقديم العمل و ترك الامل فانّه من فرّط في عمله لم ينتفع بشيء من امله اين التّعب باللّيل و النّهار المقتحم للحج البحار و مفاوز القفار يسير من وراء الجبال و عالج الرّمال يصل الغدوّ بالرّواح و المساء بالصّباح في طلب محقّرات الارباح هجمت عليه منيته فعظمت بنفسه رزيّته فصار ما جمع بورا و ما اكتسب غرورا و وافي القيمة محسورا ايّها الّلاهي الغارّ بنفسه كانّي بك و قد اتاك رسول ربّك لا يقرع لك بابا و لا يهاب لك حجّابا و لا يقبل منك بديلا و لا يأخذ منك كفيلا و لا يرحم لك صغيرا و لا يوقّر فيك كبيرا حتّي يؤدّيك الي قعر مظلمة ارجاءها موحشة كفعله بالامم الخالية و القرون الماضية اين من سعي

ص: 74

و اجتهد و جمع و عدّد و بني و شيّد و زخرف و نجّد و بالقليل لم يقنع و بالكثير لم يمتّع اين من قاد الجنود و نشر البنود اضحوا رفاتا تحت الثّري امواتا و أنتم بكأسهم شاربون و لسبيلهم سالكون عباد اللّه فاتّقوا اللّه و راقبوه و اعملوا لليوم الّذي تسير فيه الجبال و تشّقّق السّماء بالغمام و تطاير الكتب عن الايمان و الشّمائل فايّ رجل يومئذ تراك أ قائل ها ام اقروا كتابيه ام يا ليتني لم اوت كتابيه نسئل من وعدنا باقامة الشّرايع جنّته ان يقينا سخطه انّ احسن الحديث و ابلغ الموعظة كتاب اللّه الّذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد اقول قوله التعبّ بكسر العين هو الذي اعيا و كلّ المقتحم الدّاخل في الشيء بشدّة و قوّة المفاوز جمع المفازة و هي المنجاة و المهلكه و المظلّة كما في القاموس القفار جمع القفر و القفره الخلاء من الارض عالج الرّمال ما تراكم من الارض من الرّمل و دخل بعضه في بعض بورا اي باطلا و كاسدا الغارّ من الغرور و هو الخدعة و التّسويل فالغار هو الخادع و المسوّل ارجاءها اطرافها البنود الحيل المستعملة ها ام اقرءوا كتابيه اي خذوا كتابي و انظروا ما فيه لتقفوا علي نجاتي و فوزي يقال للرجل المفرد ها اي خذ و للاثنين هاءما اي خذا و للجمع هاام يعني خذوا

25 و من كلامه عليه السّلام

العقد الفريد ص 165 قال و ممّا حفظ عنه(عليه السّلام)بالكوفة علي المنبر قال نافع بن كليب دخلت الكوفة للتسليم علي امير المؤمنين عليّ رضي اللّه عنه فاني لجالس تحت منبره و عليه عمامة سوداء و هو يقول

ص: 75

انظروا هذه الحكومة فمن دعا اليها فاقتلوه و ان كانت تحت عما متي هذه فقال له عديّ بن حاتم قلت لنا امس من ابي عنها فاقتلوه و تقول لنا اليوم من دعا اليها فاقتلوه و اللّه ما ندري ما نصنع بك و قام اليه رجل احدب من اهل العراق فقال امرت بها امس و تنهي عنها اليوم فانت كما قال الاوّل اكلك و انا اعلم ما انت فقال علي(عليه السّلام) اليّ يقال هذا اصبحت اذكر ارحاما و اصرّة بدّلت منها هوي الرّيح بالقصب اما و اللّه لو انّي حين امرتكم به و نهيتكم عمّا نهيتكم عنه حمّلتكم علي المكروه الّذي جعل اللّه عاقبته خيرا اذا كان فيه و لكانت الوثقي الّتي لا تقلع و لكن متي و الي متي اداويكم كانّي و اللّه بكم كناقش الشّوكة بالشّوكة يا ليت لي بعض قومي و ليت لي من بعد خير قومي اللّهمّ انّ دجلة و الفرات نهران اعجمان اصمّان ابكمان اللّهمّ سلّط عليهما بحرك و انزع بصرك ويل للنّزعة اشطان الرّكيّ دعوا الي الاسلام فقبلوه و قرءوا القرءان فاحسنوه و نطقوا بالشّعر فاحكموه و هيّجوا الي الجهاد فولّوا اللّقاح اولادها و سلّوا السّيوف اغمادها ضربا ضربا و زحفا زحفا لا يتباشرون بالحياة و لا يغزون علي القتلي و لا يغيرون علي العلي اولئك

ص: 76

اخواني الزّاهدون فحقّ البكاء لهم ان يطيبا

رزئت حبيبا علي فاقة و فارقت بعد حبيب حبيبا

ثم نزل تدمع عيناه فقلت انّا للّه و انّا اليه راجعون علي ما صرت اليه فقال نعم انّا للّه و انّا اليه راجعون اقومهم و اللّه غدوة و يرجعون الي عشيّة مثل ظهر الحيّة حتّي متي و الي متي حسبي اللّه و نعم الوكيل الاصرّة من الصّر بفتح الصاد العطفة و الجماعة ناقش الشوكة مخرجها قوله ويل للنزعة اي الذين يفسدون و يطعنون و يغتابون و يوسوسون اشطان من الشطن اي البعد اي الذين تباعدوا عن الخير الرّكي كغنيّ الضعيف فلعل المراد انهم مع شيطنتهم و تباعدهم عن الخير كانوا ضعفاء و كيد الشيطان كان ضعيفا و قوله دعوا الي الاسلام اشارة الي جملة يا ليت لي بعض قومي و الزحف الجهاد

26 و من خطبه عليه السّلام

عقد الفريد ج 2 ص 165 قال و هذه خطبة الغرّاء خطبها رضي اللّه عنه(عليه السّلام) الحمد للّه الاحد الصّمد الواحد المنفرد الّذي لا من شيء كان و لا من شيء خلق الاّ و هو خاضع له قدرة بان بها من الاشياء و بانت الاشياء منه فليست له صفة تنال و لا حدّ يضرب فيه الامثال كلّ دون صفته تحبير اللّغات و ضلّت هناك تصاريف الصّفات و حارت دون ملكوته مذاهب التّفكير

ص: 77

و انقطعت دون علمه جوامع التّفسير و حالت دون غيبه حجب تاهت في ادني دنوّها طامحات العقول فتبارك اللّه الّذي لا يبلغه بعد الهمم و لا يناله غوص الفتن و تعالي الّذي ليس له نعت موجود و لا وقت محدود و سبحان الّذي ليس له اوّل مبتدا و لا غاية منتهي و لا اخر يفني و هو سبحانه كما وصف نفسه و الواصفون لا يبلغون نعته احاط بالاشياء كلّها علمه و اتقنها صنعه و ذلّلها امره و احصاها حفظه فلا يعزب عنه غيوب الهوي و لا مكنون ظلم الدّجي و لا ما في السّموات العلي الي الارض السّابعة السّفلي فهو لكلّ شيء منها حافظ و رقيب احاط بها الاحد الصّمد الّذي لم تغيّره صروف الازمان و لا يتكأّده صنع شيء منها كان قال لما شاء ان يكون كن فكان ابتدء ما خلق بلا مثال سبق و لا تعب و لا نصب(في توحيد الصدوق ره و كلّ صانع شيء فمن شيء صنع و اللّه لا من شيء صنع ما خلق)و كلّ عالم من(فمن)بعد جهل تعلّم و اللّه لم

ص: 78

يجهل و لم يتعلّم احاط بالاشياء كلّها علما و لم يزدد بتجربتها خبرا علمه بها قبل كونها(ان يكوّنها)كعلمه بها بعد تكوينها لم يكوّنها لتسديد(لشدّة)سلطان و لا خوف من زوال و لا نقصان و لا استعانة علي ضدّ مناويء(و لا لسعاية علي ضدّ مساور)و لا ندّ مكاثر(و لا شريك مكائد)و لكن خلائق مربوبون و عباد اخرون فسبحان الّذي لم يؤده(لا يؤده)خلق ما ابتدء و لا تدبير ما برء(اكتفي علم ما خلق و خلق ما علم لا بالتّفكير و لا بعلم حادث اضات ما خلق)خلق ما علم و علم ما اراد و لا يتفكّر علي حادث اصاب و لا شبهة دخلت عليه فيما اراد(لم يخلق)لكن قضاء متقن و علم محكم و امر مبرم توحّد فيه بالرّبوبيّة و خصّ نفسه بالوحدانيّة فليس العزّ و الكبرياء و استخلص المجد و السّناء و استكمل الحمد و الثّناء فانفرد بالتّوحيد و توحّد بالتّمجيد فجلّ سبحانه و تعالي عن الابنا (فتحمّد بالتّمجيد و علا عن اتّخاذ الابناء)و تطهّر و تقدّس عن

ص: 79

ملامسة النّساء(و عزّ و جلّ عن مجاورة الشّركاء)فليس له فيما خلق ندّ و لا فيما ملك ضدّ(و لم يشرك في ملكه احد الواحد الاحد الصّمد المبيد للابد)هو اللّه الواحد الاحد الصّمد الوارث للابد الّذي لا يبيد و لا ينفد ملك السّموات العلي و الارضين السّفلي ثمّ دني فعلا و علا فدني له المثل الاعلي و الاسماء الحسني و الحمد للّه ربّ العالمين ثمّ انّ اللّه تبارك و تعالي سبحانه و بحمده خلق الخلق بعلمه ثمّ اختار منهم صفوته و اختار من كلّ خيار صفوته امناء وحيه و خزنة له علي امره اليهم ينتهي رسله و عليهم ينزل وحيه جعلهم اصفياء مصطفين انبياء مهذّبين نجباء استودعهم و اقرّهم في خير مستقرّ تناسختهم اكارم الاصلاب الي مطهّرات الامّهات كلّما مضي منهم سلف انبعث لامرة منهم خلف حتّي انتهت نبوّة اللّه و افضت كرامته الي محمّد صلي اللّه عليه(و آله)و سلّم فاخرجه من افضل المعادن محتدا و اكرم

ص: 80

المغارس منبتا و امنعها ذروة و اعزّها ارومة و اوصلها مكرمة من الشّجرة الّتي صاغ منها امناء و انتخب منها انبياء شجرة طيّبة العود معتدلة العمود باسقة الفروع مخضرّة الاصول و الغصون يانعة الثّمار كريمة المجتني في كرم نبتت و فيه بسقت و اثمرت و غرّت فامتنعت حتّي اكرمه اللّه بالرّوح الامين و النّور المبين فختم به النّبيّين و اتمّ به عدّة المرسلين خليفته علي عباده و امينه في بلاده زيّنه بالتّقوي و اثار الذّكري و هو امام من اتّقي و نصر من اهتدي سراج لمع ضوئه و زند برق لمعه و شهاب سطع نوره فاستضاءت به العباد و استنارت به البلاد و طوي به الاحساب فازجي به السّحاب و سخّر له البراق حتّي صافحته الملائكة و اذعنت له الالسنة و هدم به اصنام الالهة سيرته القصد و سنّته الرّشد و كلامه فصل و حكمه عدل فصدع صلّي اللّه عليه(و اله)و سلّم بما امره به حتّي افصح بالتّوحيد دعوته و اظهر

ص: 81

في خلقه لا اله الاّ اللّه حتّي اذعن له بالرّبوبيّة و اقرّ له بالعبوديّة و الوحدانيّة اللّهمّ فحضّ محمّدا بالذّكر المحمود و الحوض المورود اللّهمّ ات محمّدا الوسيلة و الرّفعة و الفضيلة و اجعل في المصطفين محلّته و في الاعلين درجته و شرّف بنيانه و عظّم برهانه و اسقنا بكاسه و اوردنا حوضه و احشرنا في زمرته غير خرايا و لا ناكثين و لا شاكّين و لا مرتابين و لا ضالّين و لا مفتونين و لا مبدّلين و لا حائدين و لا مضلّين اللّهمّ اعط محمّدا من كلّ كرامة افضلها و من كلّ نعيم اكمله و من كلّ عطاء اجزله و من كلّ قسم اتمّه حتّي لا يكون احد من خلقك اقرب منك مكانا و لا اخطي عندك منزلة و لا اقرب اليك وسيلة و لا اعظم عليك حقّا و لا شفاعة من محمّد و اجمع بيننا و بينه في ظلّ العيش و برد الرّوح و قرّة الاعين و نضرة السّرور و بهجة النّعيم فانّا نشهد انّه قد بلّغ الرّسالة و ادّي الامانة و النّصيحة

ص: 82

و اجتهد للأمّة و جاهد في سبيلك و اوذي في جنبك و لم يخف لومة لائم في دينك و عبدك حتّي اتاه اليقين امام المتّقين و سيّد المرسلين و تمام النّبيّين و خاتم المرسلين و رسول ربّ العالمين اللّهمّ ربّ البيت الحرام و ربّ البلد الحرام و ربّ الرّكن و المقام و ربّ المشعر الحرام بلّغ محمّدا منّا السّلام اللّهمّ صلّ علي ملائكتك المقرّبين و علي انبياءك المرسلين و علي الحفظة الكرام الكاتبين و صلّي اللّه علي اهل السّموات و الارضين من المؤمنين

27 و من خطبه عليه السّلام

عقد الفريد للمالكي ج 2 ص 167 قال و خطبته الزهراء اي من خطبه عليه السّلام خطبة الزهراء الحمد للّه الّذي هو اوّل كلّ شيء و بديّه و منتهي كلّ شيء و وليّه و كلّ شيء خاشع له و كلّ شيء قائم به و كلّ شيء ضارع اليه و كلّ شيء مستكين له خشعت له الاصوات و كلّت دونه الصّفات و ضلّت دونه الاوهام و حارت دونه الاحلام و انحسرت دونه

ص: 83

الابصار لا يقضي في الامور غيره و لا يتمّ شيء منها دونه سبحانه ما اجلّ شأنه و اعظم سلطانه تسبّح له السّموات العلي و من في الارض السّفلي له التّسبيح و العظمة و الملك و القدرة و الحول و القوّة يقضي بعلم و يعفو بحلم قوّة كلّ ضعيف و مفزع كلّ ملهوف و عزّ كلّ ذليل و وليّ كلّ نعمة و صاحب كلّ حسنة و كاشف كلّ كربة المطّلع علي كلّ خفيّة المحصي كلّ سريرة يعلم ما تكنّ الصّدور و ما ترخي عليه السّتور الرّحيم بخلقه الرّؤف بعباده من تكلّم منهم سمع كلامه و من سكت منهم علم ما في نفسه و من عاش منهم فعليه رزقه و من مات منهم فاليه مصيره احاط بكلّ شيء علمه و احصي كلّ شيء حفظه اللّهمّ لك الحمد عدد ما تحيي و تميت و عدد انفاس خلقك و لفظهم و لحظ ابصارهم و عدد ما تجري به الرّيح و تحمله السّحاب و يختلف به اللّيل و النّهار و يسير به الشّمس و القمر و النّجوم حمدا لا ينقضي عدده و لا يفني امده اللّهمّ انت

ص: 84

قبل كلّ شيء و اليك مصير كلّ شيء و تكون بعد هلاك كلّ شيء و تبقي و يفني كلّ شيء و انت وارث كلّ شيء احاط علمك بكلّ شيء و ليس يعجزك شيء و لا يتواري عنك شيء و لا يقدر احد قدرتك و لا يشكرك احد حقّ شكرك و لا تهتدي العقول لصفتك و لا تبلغ الاوهام حدّك حارت الابصار دون النّظر اليك فلم ترك عين فتخبر عنك كيف انت و كيف كنت لا نعلم اللّهمّ كيف عظمتك غير انّا نعلم انّك حيّ قيّوم لا تأخذك سنة و لا نوم لم ينته اليك نظرو لم يدركك بصر و لا يقدّر قدرتك ملك و لا بشر ادركت الابصار و كتمت الاجال و احصيت الاعمال و اخذت بالنّواصي و الاقدام لم تخلق الخلق لحاجة و لا لوحشة ملئت كلّ شيء عظمة فلا يردّ ما اردت و لا يعطي ما منعت و لا ينقص سلطانك من عصاك و لا يزيد في ملكك من اطاعك كلّ سرّ عندك علمه و كلّ غيب عندك شاهده فلم يستتر عنك شيء و لم يشغلك شيء عن شيء و قدرتك

ص: 85

علي ما تقضي كقدرتك علي ما قضيت و قدرتك علي القويّ كقدرتك علي الضّعيف و قدرتك علي الاحياء كقدرتك علي الاموات فاليك المنتهي و انت الموعد لا منجا الاّ اليك بيدك ناصية كلّ دابّة و باذنك تسقط كلّ ورقة لا يعزب عنك مثقال ذرّة انت الحيّ القيّوم سبحانك ما اعظم ما يري من خلقك ما اعظم ما يري من ملكوتك و ما اقلّهما فيما غاب عنّا منه و ما اسبغ نعمتك في الدّنيا و احقرها في نعيم الاخرة و ما اشدّ عقوبتك في الدّنيا و ما ايسرها في عقوبة الاخرة و ما الّذي نري من خلقك و نعتبر من قدرتك و نصف من سلطانك فيما يغيب عنّا منه ممّا قصرت ابصارنا عنه و كانت عقولنا دونه و حالت الغيوب بيننا و بينه فمن قرع سنّه و اعمل فكره كيف اقمت عرشك و كيف ذرات خلقك و كيف علّقت في الهوي سمواتك و كيف مددت ارضك يرجع طرفه حاسرا و عقله مبهورا

ص: 86

و سمعه و الها و فكره متحيّرا فكيف يطلب علم ما قبل ذلك من شانك اذا انت وحدك في الغيوب الّتي لم يكن فيها غيرك و لم يكن لها سواك لا احد شهدك حين فطرت الخلق و لا احد حضرك حين ذرأت النّفوس فكيف لا يعظم شانك عند من عرفك و هو يري من خلقك ما ترتاع به عقولهم و يملأ قلوبهم من رعد تفزع له القلوب و برق يخطف الابصار و ملائكة خلقتهم و اسكنتهم سمواتك و ليست فيهم فترة و لا عندهم غفلة و لا بهم معصيته هم اعلم خلقك بك و اخوفهم لك و اقومهم بطاعتك ليس يغشاهم نوم العيون و لا سهو العقول لم يسكنوا الاصلاب و لم تضمَّهم الارحام انشاتهم انشاء و اسكنتهم سمواتك و اكرمتهم بجوارك و ائتمنتهم علي وحيك و جنّبتهم الافات و وقيتهم السّيئات و طهّرتهم من الذّنوب فلو لا تقويتك لم يقوّوا و لو لا تثبيتك لم يثبتوا و لو لا رهبتك لم يطيعوا و لولاك لم يكونوا امّا انّهم علي مكانتهم منك

ص: 87

و منزلتهم عندك و طول طاعتهم ايّاك لو يعاينون ما يخفي عليهم لا احتقروا اعمالهم و لعلموا انّهم لم يعبدوك حقّ عبادتك فسبحانك خالقا معبودا و محمودا و نحمدك بحسن بلاءك عند خلقك انت خلقت ما دبّرته مطعما و مشربا ثمّ ارسلت الينا داعيا رسولا فلا الدّاعي اجبنا و لا فيما رغّبتنا فيه رغبنا و لا الي ما شوّقتنا اليه اشتقنا اقبلنا كلّنا علي جيفة ناكل منها و لا نشبع و قد زاد بعضنا علي بعض حرصا لما يري بعضنا من بعض فافتضحنا باكلها و اصطلحنا علي حبّها فاعمت ابصار صالحينا و فقهائنا فهم ينظرون باعين غير صحيحة و يسمعون باذان غير سميعة فحيثما زالت زالوا معها و حيثما مالت اقبلوا اليها و قد عاينوا الماخوذين علي الغرّة كيف فجاتهم الامور و نزل بهم المحذور و جاءهم من فراق الاحبّة ما كانوا يتوقّعون و قدّموا من الاخرة ما كانوا يوعدون فارقوا الدّنيا و صاروا الي القبور و عرفوا ما كانوا فيه من الغرور فاجتمعت عليهم حسرتان حسرة الفوت و حسرة

ص: 88

الموت فاغبّرت لها وجوههم و تغيّرت بها الوانهم و عرقت بها جباههم و شخصت ابصارهم و بردت اطرافهم وحيل بينهم و بين المنطق و انّ احدهم لبين اهله ينظر ببصره و يسمع باذنه ثمّ زاد الموت في جسده حتّي خالط بصره فذهبت من الدّنيا معرفته و هلكت عند ذلك حجّته و عاين هول امر كان مغطّي عليه فاحدّ لذلك بصره ثمّ زاد الموت في جسده حتّي بلغت نفسه الحلقوم ثمّ خرج من جسده فصار جسدا ملقي لا يجيب داعيا و لا يسمع باكيا فنزعوا ثيابه و خاتمه ثمّ وضّئوه وضوء الصّلوة ثمّ غسّلوه و كفّنوه ادراجا في اكفانه و حنّطوه ثمّ حملوه الي قبره فدلّوه في حفرته و تركوه مخلّي بمفظعات من الامور و تحت مسئلة منكر و نكير مع ظلمة و ضيق و وحشة قبر فذاك مثواه حتّي يبلي جسده و يصير ترابا حتّي اذا بلغ الامر الي مقداره و الحق اخر الخلق باوّله و جاءه امر من خالقه اراد به تجديد خلقه فامر بصوت من سماواته فمارت

ص: 89

السّموات مورا و فزع من فيها و بقي ملائكتها علي ارجاءها ثمّ وصل الامر الي الارض و الخلق رفات لا يشعرون فارّج ارضهم و ارجفها و زلزلها و قلع جبالها و نسفها و سيّرها و ركبّ بعضها بعضا من هيبته و جلاله و اخرج من فيها فجدّدهم بعد بلاءهم و جمعهم بعد تفريقهم يريد ان يحصيهم و يميّزهم فريقا في ثوابه و فريقا في عقابه فخلّد الامر لابده دائما خيره و شرّه ثمّ لم ينس الطّاعة من المطيعين و لا المعصية من العاصين فاراد عزّ و جلّ ان يجازي هؤلاء و ينتقم من هؤلاء فاثاب اهل الطّاعة بجواره و حلول داره و عيش رغد و خلود ابد و مجاورة الرّب و موافقة محمّد صلّي اللّه عليه(و آله)و سلّم حيث لا ظعن و لا تغيّر و حيث لا تصيبهم الاحزان و لا تعترّ منهم الاخطار و لا تشخصهم الابصار و امّا اهل المعصية فخلّدهم في النّار و اوثق منهم الاقدام و غلّت منهم الايدي الي الاعناق في لهب قد اشتدّ

ص: 90

حرّه و نار مطبقة علي اهلها لا يدخل عليهم بها روح همّهم شديد و عذابهم يزيد و لا مدّة للدّار تنقضي و لا اجل للقوم ينتهي اللّهمّ انّي أسألك بانّ لك الفضل و الرّحمة بيدك فانت وليّهما لا يليهما احد غيرك و أسألك باسمك المخزون المكنون الّذي قام به عرشك و كرسيّك و سمواتك و ارضك و به ابتدءت خلقك الصّلوة علي محمّد و النّجاة من النّار برحمتك امين انّك وليّ كريم اقول الاحلام العقول قوله و انحسرت دونه الابصار قال في القاموس و البصر يحسر حسورا كلّ و انقطع من طول مدي قوله تكنّ الصّدور الكنّ وقاء كلّ شيء و سرّه قوله اخذت بالنواصي و الاقدام النواصي جمع الناصية اي انت مالك لها قادر عليها تصرفها علي ما تريد بها و الاخذ بالنواصي تمثيل قوله تعالي فيؤخذ بالنواصي و الاقدام قيل اي يجمع بين ناصيته و قدمه بسلسلة من وراء ظهره و قيل يسحبون تارة بالنواصي و تارة بالاقدام لا يعزب عنك اي لا يغيب عنك اسبغ نغمتك اي اكمل قوله و عقله مبهورا البهر الغلبة و المبهور المغلوب ذرأت خلقك اي جعلت لهم من الذكور و الاناث من الناس و الانعام للتوالد و التناسل و منه قوله ذرأت النفوس قوله الماخوذين علي الغرّة بالكسر بمعني الخدعة فمارت السّموات مؤرا اي دارت دورا الرفات ما تناثر من كل شيء قوله لا تعتّر المعترّ هو الذي يعتريك اي يلّم بك و لا يسئل

28 و من خطبه عليه السّلام

عقد الفريد ص 14 قال فصعد عليّ(عليه السّلام)المنبر فتكلّم كلاما خفيّا لا يسمع فظن الناس انّه يدعو اللّه ثم رفع صوته و قال امّا بعد يا اهل الكوفة اكلّما اقبل منسر من مناسر اهل الشّام اغلق كلّ امرء بابه و انحجز في بيته انحجاز الضّبّ

ص: 91

و الضّبع الذّليل في وجاره افّ لكم لقد لقيت منكم يوما اناجيكم و يوما اناديكم فلا اخوان عند النّجاء و لا احرار عند النّداء اقول هذه الخطبة منه عليه السّلام في ذمّ اصحابه قوله كلّما اقبل في نسخة كلّما ظلّ المنسر كمسجد و بالعكس كمنبر القطعة من الجيش من المأة الي الماتين و جار الضبع حجرها بتقديم الجيم علي الحاء و جمعه او جرة

29 و من خطبه عليه السّلام

عقد الفريد ج-ص 140 قال لمّا اعاد الضحّاك بن قيس علي القطقطانيّة فبلغ عليّا اقباله و انه قد قتل ابن عميش فقام عليّ عليه السّلام خطيبا فقال يا اهل الكوفة اخرجوا الي جيش لكم قد اصيب منه طرف و الي الرّجل الصّالح ابن عميش فامنعوا حريمكم و قاتلوا عدوّكم فردّوا ردّا ضعيفا فقال يا اهل العراق وددت انّ لي بكم بكلّ ثمانية منكم رجلا من اهل الشّام و ويل لهم قاتلوا مع تصبّرهم علي جور و يحكم اخرجوا معي ثمّ فرّوا عنّي ان بدا لكم فو اللّه انّي لارجو شهادة و انّها لتدور علي راسي مع مالي من الرّوح العظيم في ترك مداراتكم كيما تداري البكار الغمرة اذ الثّياب المتهّتكة كلّما حيطت من جانب تهّتكت من جانب اقول القطقطانيّة بالضم ثم السّكون ثم قاف اخري مضمومة و طاء اخري و حكي عن الازهري بالفتح موضع قرب الكوفة من جهة البرّ كان سجن النعمان بن المنذر قوله ترك مدارتكم كيما تداري البكار

ص: 92

كذا وجدت في النسخة و الظاهر ان هذه العبارة لا تخلو عن التصحيف و الصحيح ما نقلها صاحب المجمع و هي هذه كم اداريكم كما تداري البكار العمدة و الثياب المتداعية قال الفاضل ابن ميثم البكار العمدة التي انشدخ باطن اسنمتها اي انكسر لثقل الحمل و تسمي العمدة لذلك و وجه شبه مداراتهم بمداراتها قوة المداراة و كثرتها و البكار جمع بكرة خصها لانها اشدّ تضجّرا بالحمل عند ذلك الدّاء و اشار الي وجه شبهها بمدارات الثياب المتتابعة في التمزّق بقوله عليه السّلام كلما حيصت من جانب تهتكت من اخر و حيصت حيطت و جمعت اي كلّما اصلح حال بعضهم و جمعهم للحرب فسد بعض اخر عليه و تفرق عنه و البكارة بالفتح و هي الناقة اذا ولدت

30 و من خطبه عليه السّلام

ارشاد المفيد و هو محمد بن محمد بن النعمان المتوفّي في الثالث عشر من العشر الثاني من الماة الرابعة من الهجرة اخذت من نسخته المطبوعة في طهران سنة 1377 ه ص 118 قال و لمّا توجه امير المؤمنين عليه السّلام الي البصرة نزل الرّبذة فلقاه بها اخرج الحاج فاجتمعوا ا ليسمعوا من كلامه و هو في خبائه قال ابن عبّاس رضي اللّه عنه فاتيته و هو(فوجدته)يخصف نعلا فقلت له نحن الي ان تصلح امرنا احوج منا الي ما تصنع فلم يكلّمني حتي فرغ من نعله ثم ضمّها الي صاحبتها و قال لي قوّمهما فقلت ليس لهما قيمة قال عليّ ذاك قلت كسر درهم قال و اللّه لهما احبّ اليّ من امركم هذا الاّ ان اقيم حقّا او ادفع باطلا قلت ان الحاج قد اجتمعوا ليسمعوا من كلامك فتاذن لي ان اتكلّم فان كان حسنا كان منك و ان كان غير ذلك كان منّي قال لا انا اتكلّم ثم وضع يده علي صدري و كان شثن الكفّين ثم قام فاخذت بثوبه و قلت نشدتك اللّه و الرّحم قال لا تنشدني ثم جرج فاجتمعوا عليه فحمد اللّه و اثني عليه ثمّ قال امّا بعد فانّ اللّه بعث محمّدا صلّي اللّه عليه و آله و ليس في العرب احد يقرأ كتابا و لا يدّعي نبوّة فساق النّاس الي مناجاتهم ام و اللّه ما زلت في ساقتها ما غيّرت و ما بدّلت و لا خنت حتّي تولّت بحذافيرها مالي و لقريش ام و اللّه لا بقرنّ الباطل حتّي يخرج الحقّ من خاصرته

ص: 93

ما تنقم منّا قريش الاّ انّ اللّه اختارنا عليهم فادخلناهم في خيّرنا و انشد ذنب لعمري شربك المحض خالصا و اكلك بالزّبد المقشّرة التّمرا

و نحن وهبناك العلاء و لم تكن عليّا و حطنا حولك الجرد و السّمرا

اقول قوله بحذافيرها اي بجوانبها او باسرها او باعاليها قوله لابقرنّ الباطل اي اشقّنه

31 و من خطبه عليه السّلام

ارشاد المفيد ص 138 قال و روي مسعدة بن صدقه قال سمعت ابا عبد اللّه جعفر بن محمّد عليهما السّلام يقول خطب الناس امير المؤمنين عليه السّلام بالكوفة فحمد اللّه و اثني عليه ثم قال انا سيّد الشّبيب و فيّ سنّة من ايّوب و سيجمع اللّه لي اهلي كما جمع ليعقوب شمله و ذاك اذ استدار الفلك و قلتم ضلّ او هلك الا فاستشعروا قبلها بالصّبر و توبوا الي اللّه بالذّنب فقد نبذتم قدسكم و اطفاتم مصابيحكم و قلدّتم هدايتكم من لا يملك لنفسه و لا لكم سمعا و لا بصرا ضعف و اللّه الطّالب و المطلوب هذا و لو لم تتواكلوا امركم و لم تتخاذلوا عن نصرة الحقّ بينكم و لم تهنوا عن توهين الباطل لم يتشجّع عليكم من ليس مثلكم و لم يقوّ من قوّي عليكم و علي هضم الطّاعة و ازوائها عن اهلها

ص: 94

فيكم تهتم كما تاهت بنو اسرائيل علي عهد موسي و بحقّ اقول ليضعفنّ عليكم التّيه من بعدي باضطهادكم ولدي ضعف ما تاهت بنو اسرائيل فلو قد استكملتم نهلا و امتلأتم عللا من سلطان الشّجرة الملعونة في القرءان لقد اجتمعتم علي ناعق ضلال و لاجبتم الباطل ركضا ثمّ لغادرتم داعي الحقّ و قطعتم الادني من اهل بدر و وصلتم الا بعد من أبناء حرب الا و لو ذاب ما في ايديهم لقد دني التّمحيص للجزاء و كشف الغطاء و انقضت المدّة و ازف الوعد بدا لكم النّجم من قبل المشرق و اشرق لكم قمركم كملاء شهر و كليلة تمّ فاذا استبان ذلك فراجعوا التّوبة و خالعوا الحوبة و اعلموا انّكم ان اطعتم طالع الشّرق سلك بكم منهاج رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فتداويتم من الصّمم و استشفيتم من البكم و كفيتم مؤنة التّعسّف و الطّلب و نبذتم الثّقل الفادح عن الاعناق فلا يبعّد اللّه الاّ من ابي الرّحمة و فارق العصمة و سيعلم الّذين ظلموا ايّ منقلب ينقلبون

ص: 95

اقول قوله لم تتواكلوا اي لم تتّكلوا بعضهم الي بعض يعني لم يعتمدوا و لم تتخاذلوا اي لم تخذل بعضكم بعضا و لم تجنبوا عن القتال و لا تخافون القتال و ملاقات الابطال ازوائها اي ضمّها و قبضها اضطهادكم اي قهركم يقال ضهدته فهو مضهود و مضطهد اي مقهور قوله نهلا النهل بالتحريك الشرب الاول و العلل محركة الشرب الثاني لان الايل تسقي في اول الورد فتردّ الي الطعن ثم تسقي الثّانية فترد الي المرعي التمحيص الاختبار و الامتحان ازف الوعد اي قرب التعسّف الاخذ من غير طريق و الظّلم الفادح من يثقل و يبهض و يقدح

32 و من خطبه عليه السّلام

الارشاد ص 111 قال و من كلامه في اهل البدع و من قال في الدين برايه و خالف طريق اهل الحق في مقاله و ما رواه ثقات اهل النقل عند الخاصة و العامة في كلام افتتاحه الحمد للّه و الصّلوة علي نبيّه صلّي اللّه عليه و اله امّا بعد فذمّتي بما اقول رهينة و انا به زعيم انّه لا يهيج علي التّقوي زرع قوم لا يظمأ عنه سنخ اصل و انّ الخير كلّه فيمن عرف قدره و كفي بالمرء جهلا ان لا يعرف قدره و انّ ابغض الخلق الي اللّه تعالي رجل و كله اللّه الي نفسه جائر عن قصد السّبيل مشعوف بكلام بدعة قد لهج فيها بالصّوم و الصّلوة فهو فتنة لمن افتتن به ضالّ عن هدي من كان قبله مضلّ لمن اقتدي به حمّال خطايا غيره رهن بخطيئة قد قمش جهلا في جهار عشوة غارّ باغباش الفتنة عمي عن الهدي

ص: 96

قد سمّاه اشباه النّاس عالما و لم يغن فيه يوما سالما بكّر فاستكثر ممّا قلّ منه خير ممّا كثر حتّي اذا ارتوي من اجن و استكثر من غير طائل جلس للنّاس قاضيا ضامنا لتخليص ما التبس علي غيره ان خالف من سبقه لم يامن من نقض حكمه من يأتي بعده كفعله بمن كان قبله و ان نزلت به احدي المبهمات هيّئا لها حشوا من رايه ثمّ قطع عليه فهو من لبس الشّبهات في مثل نسج العنكبوت لا يدري اصاب ام اخطأ و لا يري انّ من وراء ما بلغ مذهبا ان قاس شيئا بشيء لا يكذّب رايه و ان اظلم عليه امرا كتتم به لما يعلم من نفسه من الجهل و النّقص و الضّرورة كيلا يقال انّه لا يعلم ثمّ اقدم بغير علم فهو خائض عشوات ركّاب شبهات خبّات جهالات لا يعتذر ممّا لا يعلم فيسلّم و لا يعضّ في العلم بضرس قاطع فيغنم يذري الرّوايات ذرو الرّيح الهشيم يبكي منه المواريث و تصرخ منه الدّماء و يستحلّ بقضائه الفرج الحرام و يحرم به الحلال لا يسلّم باصدار ما

ص: 97

عليه ورد و لا يندم علي ما منه فرط ايّها النّاس عليكم بالطّاعة و المعرفة بمن لا تعذرون بجهالته فانّ العلم الّذي هبط به ادم عليه السّلام و جميع ما فضّلت به النّبيّون الي نبيّكم خاتم النّبيين في عترة نبيّكم محمّد صلّي اللّه عليه و آله فاين يتاه بكم بل اين تذهبون يا من نسخ من اصحاب السّفينة هذه مثلها فيكم فاركبوها فكما نجي في هاتيك من نجي فكذلك ينجو في هذه من دخلها انارهين بذلك قسما حقّا و ما انا من المتكلّفين و الويل لمن تخلّف اما بلغكم ما قال فيهم نبيّكم صلّي اللّه عليه و اله حيث يقول في حجّة الوداع انّي تارك فيكم الثّقلين ما ان تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي كتاب اللّه و عترتي اهل بيتي و انّهما لن يفترقا حتّي يردا عليّ الحوض فانظروا كيف تخلّفوني فيهما الا هذا عذب فرات و هذا ملح اجاج فاجتنبوا اقول الزعيم الضمين و الكفيل لا يهيج علي التقوي زرع قوم اي من عمل للّه لم يفسد عمله و لم يبطل كما يهيج الزرع و يهلك هاج البنت هياجا يبس السنخ بالكسر من كلّ شيء اصله و جمعه اسناخ كالحمل و احمال و منه الحديث التقوي سنخ الايمان قوله قمس اي ناظر من هو اعلم منه عشوة الظلمة و الامر المشتبه قوله غارّ باغباش الفتنة الغارّ اي غافل بسبب ظلمة الفتنة قوله حتي اذ ارتوي من ماء اجن الارتواء

ص: 98

الافتعال و الاجن المتغيّر من الماء و هذا عندهم من المجاز المرشح و قد شبّه عليه السّلام علمه بالماء الاجن لانه لا ينتفع به قوله خبّات جهالات قوله تعالي اخبتوا الي ربّهم اي اطمانوا و سكنت قلوبهم و نفوسهم اليه قوله و لا يعضّ في العلم العضّ الامساك بالاسنان و قوله عليه السّلام كناية عن عدم تتبعه في العلم و عدم تعمقه فيه قوله عليه السّلام يذري الرّوايات ذرو الرّيح الهشيم اي يردّ الرواية كما ينسف الريح اليابس من النبت

33 و من خطبه عليه السّلام

عقد الفريد ج 3 ص 164 قال و خطب اذا استقر الكوفة الحرب الجمل فاقبلوا اليه مع ابنه الحسن رضي اللّه فقام فيهم خطيبا فقال الحمد للّه ربّ العالمين و صلّي اللّه علي سيّدنا محمّد خاتم النّبيّين و اخر المرسلين امّا بعد فانّ اللّه بعث محمّدا عليه الصّلوة و السّلام الي الثّقلين كافّة و النّاس في اختلاف و العرب بشّر المنازل مستضيئون للثّارات بعضهم علي بعض فرأب اللّه به الثأي و لمّ به الصّدع و رتق به الفتق و امن به السّبل و حقن به الدّماء و قطع به العداوة الواغرة للقلوب و الضّغائن المخشنة للصّدور ثمّ قبضه اللّه عزّ و جلّ مشكورا سعيه مرضيّا عمله مغفورا ذنبه كريما عند ربّه نزله فيا لها مصيبته عمّت المسلمين و خصّت الاقربين و وليّ

ص: 99

ابو بكر فسار بسيرة رضيها المسلمون ثمّ وليّ عمر فسار بسيرة ابي بكر رضي اللّه عنهما ثمّ وليّ عثمان فنال منكم و نلتم منه حتّي اذا كان من امره ما كان اتيتموه ثمّ اتيتموني فقلتم لي بايعنا فقلت لكم لا افعل و قبضت يدي فبسطتموها و نازعت كفيّ فجذبتموها و قلتم لا نرضي الاّ بك و لا نجتمع الاّ عليك و تداككتم عليّ تداكك الابل الهيم علي حياضها يوم ورودها حتّي ظننت انّكم قاتلي و انّ بعضكم قاتل بعض فبايعتموني و بايعني طلحة و الزّبير ثمّ ما لبثا ان استأذناني للعمرة فسار الي البصرة فقتلا بها المسلمين و فعلا الافاعيل و هما يعلمان و اللّه انّي لست بدون واحد ممّن مضي و لو اشاء ان اقول لقلت اللّهمّ انّهما قطعا قرابتي و نكثا بيعتي و البّا علي عدوّي اللّهمّ فلا تحكم لهما ما ابرما و ارهما المسائة فيما عملا و املا اقول فرأب اللّه اي اصلح الثأي كالسّعي و الثري الافساد و الجراح و القتل و نحوها قوله و لامّ به الصّدع اي اصلح به الشّق بين الفريقين الضّغائن من الضغن و هو الحقد المخشنة اي الشديدة

ص: 100

تداككتم عليّ تداكك الابل اي ازدحمتم علي ازدحام الابل البّا عليّ اي اقاما علي الهيم الابل العطاش

34 و من كلامه عليه السّلام

عقد الفريد ج 2 ص 164 قال خطب امير المؤمنين عليه السّلام اوّل خطبة خطبها بالمدينة فحمد اللّه و اثني عليه و صلّي علي نبيّه عليه الصّلوة و السّلام ثم قال ايّها النّاس كتاب اللّه و سنّة نبيّكم صلّي اللّه عليه(و اله)و سلّم فلا يدّعينّ مدّع الاّ علي نفسه شغل عن الجنّة و النّار امامه ساع مجتهد و طالب يرجو و مقصّر في النّار ملك طار بجناحيه و نبيّ اخذ اللّه بيده لا سادس هلك من ادّعي وردي من اقتحم اليمين و الشّمال مضلّة و الوسطي الجادّة منهج عليه امّ الكتاب و السّنّة و اثار النّبوّة انّ اللّه داوي هذه الامّة بدوائين السّوط و السّيف لا هوادة عند الامام فيهما استتروا ببيوتكم و اصلحوا فيما بينكم فالموت من ورائكم من ابدي صفحته للحقّ هلك قد كانت امور لم تكونوا فيها محمودين امّا انّي لو اشاء ان اقول لقلت عفي اللّه عمّا سلف سبق الرّجلان و قام الثّالث كالغراب همّته

ص: 101

بطنه ويله لو قصّ جناحاه و قطع راسه لكان خيرا له انظروا فان انكرتم فانكروا و ان عرفتم فاعرفوا حقّ و باطل و لكلّ اهل و لئن امر الباطل فهل و لئن قلّ الحقّ لربّما و لعلّ و لقلّما ادبر شيء فاقبل رجعت اليكم اموركم انّكم لسعداء و انّي لا خشي ان تكونوا في فترة و ما علينا الاّ الاجتهاد و روي فيها جعفر بن محمّد رضوان اللّه عليه الا انّ الابرار عترتي و اطائب ارومتي احلم النّاس صغارا و اعلم النّاس كبارا الا و انّا اهل البيت من علم اللّه علمنا و بحكم اللّه حكمنا و من قول صادق سمعنا فان تتّبعوا اثارنا تهتدوا ببصائرنا معنا راية الحقّ من يتبعنا لحق و من تاخّر عنها غرق الاوبنا تردّ ترة كلّ مؤمن و بنا تخلع ربقه الذّلّ من اعناقكم و بنا فتح و بنا يختم قوله و لا هوادة بفتح الهاء اي السّكون و المحاباة و الصلح و الميل و اللين و المراد انه لا لاحد عند الامام هوادة اي لا تسكن عند وجوب حدّ اللّه و لا تحابا فيه احد قوله الا و بنا تردّ ترة كل مؤمن اي بنا يدرك ترة كل مؤمن يطلب بها

35 و من خطبه عليه السّلام

ص: 102

تاريخ اليعقوبي لاحمد بن يعقوب بن جعفر بن وهب الكاتب المعروف بابن واضح الاخباري المتوفي بعد سنة 293 الهجرية قال في الجزو الثاني من كتابه المطبوع في بيروت سنة 1357 ه لما قدّم عليّ عليه السّلام الكوفة قام خطيبا فقال بعد حمد اللّه و الثناء عليه و التذكير لنعمه و الصلاة علي محمّد و ذكره بما فضّله اللّه به امّا بعد فانا فقات عين الفتنة و لم يكن ليجترئ عليها احد غيري و لو لم اكن فيكم ما قوتل النّاكثون و لا القاسطون و لا المارقون ثمّ قال سلوني قبل ان تفقدوني فانّي عن قليل مقتول فما يحبس اشقاها ان يخضبها بدم اعلاها فو الّذي فلق الحبّة و برء النّسمة لا تسألوني عن شيء فيما بينكم و بين السّاعة و لا عن فئة تضلّ مأئة او تهدي مأئة الاّ انباتكم بناعقها و قائدها و سائقها الي يوم القيمة انّ القرءان لا يعلم علمه الاّ من ذاق طعمه و علم بالعلم جهله و ابصر عماه و اسمع صممه و ادرك به ما رءاه و حيّ به ان مات فادرك به الرّضا من اللّه فاطلبوا ذلك فانّهم في بيت الحيوة(الوحي)و مستقرّ القرآن و منزل الملائكة و اهل العلم الّذين يخبركم عملهم عن علمهم و ظاهرهم عن باطنهم هم الّذين لا يخالفون الحقّ و لا

ص: 103

يختلفون فيه قد مضي فيهم من اللّه حكم صادق و في ذلك ذكري للذّاكرين اما انّكم ستلقون بعدي ذلاّ شاملا و سيفا قاتلا و اثرة قبيحة يتّخذها الظّالمون عليكم سنّة تفرّق جموعكم و تبكي عيونكم و تدخل الفقر بيوتكم و ستذكرون ما اقول لكم عن قليل و لا يبعّد اللّه الاّ من ظلم اقول قوله عليه السّلام انا فقأت اي شققت الفقأ بالهمزة الشّق ناعقها اي داعيها و اثرة اي حال غير مرضية

36 و من كلامه عليه السّلام

عقد الفريد ج 2 ص 273 قال لما انكر الناس علي عثمان ما انكروا و اجتمعوا الي عليّ (عليه السّلام)و سئلوه ان يلقي لهم عثمان فاقبل حتي دخل عليه فقال(عليه السّلام) انّ النّاس ورائي قد كلّموني ان اكلّمك و اللّه ما ادري ما اقول لك ما اعرف شيئا تنكره و لا اعلمك شيئا تجهله و ما ابن الخطّاب اولي بشيء من الخير منك و ما نبصّرك من عمي و ما نعلّمك من جهل و انّ الطّريق لبيّن واضح تعلم يا عثمان انّ افضل النّاس عند اللّه امام عدل هدي و هدي فاحيي سنّة معلومة و امات بدعة مجهولة و انّ شرّ النّاس عند اللّه

ص: 104

امام ضلالة ضلّ و اضلّ فاحيي بدعة مجهولة و امات سنّة معلومة و انّي سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه(و آله)و سلّم يقول يؤتي الامام الجائر يوم القيمة و ليس معه ناصر و لا له عاذر فيلقي في جهنّم فيدور دور الرّحي يرتطم بجمرة النّار الي آخر الابد و انا احذّرك ان تكون امام هذه الامّة المقتول يفتح به باب القتل و القتال الي يوم القيمة يمرج بهم امرهم و يمرجون قوله ير نظم اي لم يقدر علي الخروج بجمرة النّار

37 و من كلامه عليه السّلام

الجزء الخامس من تاريخ الطّبري و هو ابي جعفر محمّد بن جرير الطّبري الطبعة الاولي المطبوع بالمطبعة الحسينيّة المصريّة ص 185 قال كتب اليّ السري عن شعيب عن سيف عن محمّد و طلحة قالا لمّا قدّم عليّ الرّبذة اقام بها و سرح منها الي الكوفة محمّد بن ابي بكر و محمّد بن جعفر الي ان قال و بقي عليّ بالرّبذة يتهيّأ و ارسل الي المدينة فلحقه ما اراد من دابة و سلاح و امرّ امرة و قام في الناس فخطبهم و قال انّ اللّه عزّ و جلّ اعزّنا بالاسلام و رفعنا به و جعلنا به اخوانا بعد ذلّة و قلّة و تباغض و تباعد فجري النّاس علي ذلك ما شاء اللّه الاسلام دينهم و الحقّ فيهم و الكتاب امامهم حتّي اصيب هذا الرّجل بايدي هؤلاء القوم الّذين نزعهم الشّيطان لينزع بين

ص: 105

هذه الامّة الا انّ هذه الامّة لابدّ متفرّقة كما افترقت الامم قبلهم فنعوذ باللّه من شرّ ما هو كائن ثم عاد ثانية فقال انّه لا بدّ ممّا هو كائن ان يكون و انّ هذه الامّة ستفترق علي ثلاث و سبعين فرقة شرّها فرقة تنتحلني و لا تعمل بعملي فقد ادركتم و رأيتم فالزموا دينكم و اهدوا بهدي نبيّكم صلّي اللّه عليه(و آله)و سلّم و اتّبعوا سنّته و اعرضوا ما اشكل عليكم علي القرآن فما عرّفه القرآن فالزموه و ما انكره فردّوه و ارضوا باللّه جلّ و عزّ ربّا و بالاسلام دينا و بمحمّد صلّي اللّه عليه(و اله)و سلّم نبيّا و بالقرآن حكما و اماما

38 و من كلامه عليه السّلام

الجزء السّادس من تاريخ الطبري ص 6 قال قال ابو مخنف و حدثني إسماعيل بن يزيد عن ابي صادق عن الحضرمي قال سمعت عليّا يحرض الناس في ثلاثة مواطن يحرض الناس يوم صفين و يوم الجمل و يوم النهر يقول عباد اللّه اتّقوا اللّه و غضّوا الابصار و اخفضوا الاصوات و اقلّوا الكلام و وطّنوا انفسكم علي المنازلة و المجاولة و المبارزة و المناضلة و المبالدة و المعانقة و المكادمة و الملازمة فاثبتوا و اذكروا اللّه

ص: 106

كثيرا لعلّكم تفلحون و لا تنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم و اصبروا انّ اللّه مع الصّابرين اللّهمّ الهمهم الصّبر و انزل عليهم النّصر و اعظم لهم الاجر اقول المنازلة شدائد الحرب و شدائد الدهر من النازلة بين الطرفين و المجادلة المخاصمة و المدافعة و طلب المغالبة المبارزة في المحاربة اظهارها المناضلة المدافعة و المرامات يقال فاضلة اذا راماه ثم اتسع فيه فيقال فلان يناضل عن فلان اذا تكلم بعذره و دفع و نضلته من باب قتل غلبته بالرّمي و المبالدة و التبلّد ضدّ المجالدة و التّجلّد و المعانقة مفاعلة و هو الضمّ و الالتزام و هو ان يضع كل من الشخصين يده علي عنق صاحبه و يضمه اليه و المكادمة من الكدم اي العضّ بادني الفم كما يكدم الحمار و الملازمة من لزم الشيء لزوما اذا ثبت و دام قوله فتفشلوا اي فتجنبوا و رجل فشل اي ضعيف جان

39 و من كلامه عليه السّلام

الجزء السادس من تاريخ الطبري ص 31 قال قال ابو مخنف حدثني إسماعيل بن يزيد عن حميد بن مسلم عن جندب بن عبد اللّه انّ عليّا قال للنّاس يوم صفّين لقد فعلتم فعلة ضعضعت قوّة و اسقطت منة و اوهنت و اورثت و هنا و ذلّة و لمّا كنتم الاعلين و خاف عدوّكم الاجتياح و استحرّ بكم القتل و وجدوا الم الجراح ارفعوا المصاحف و دعوكم الي ما فيها ليفثئوكم عنهم و يقطعوا الحرب فيما بينكم و بينهم و يتربّصون ريب المنون خديعة و مكيدة فاعطيتموهم ما سئلوا و ابيتم الاّ ان تدهنوا و تجوّزوا و ايم اللّه ما اظنّكم بعدها توافقون رشدا و لا تصيبون باب حزم

ص: 107

قوله ضعضعت اي خضعت و ذلّت و هدمت اركانه و هنا اي ضعفا الاجتياح الاهلاك و الاستيصال و استحرّ بهم القتل اي اشتدّ بهم ليفثؤكم اي ليكسروا حدّتكم المنون الدّهر و المنيّة لانها تقطع المدد و تنقص العدد قوله باب حزم الحزم ضبط الرجل امره و الحذر من فواته من قولهم خرمت الشّيء خرما اي شددته و اخذت بالحزم اي المتقن المتيقّن و في معاني الاخبار الحزم ان تنتظر فرصتك و تعاجل ما امكنك

40 و من كلامه عليه السّلام

الجزء السّادس من تاريخ الطبري ص 48 قال قال ابو مخنف حدثني ابو سلمة الزهري و كانت امّه بنت انس بن مالك انّ عليّا(عليه السّلام)قال لاهل النهروان يا هؤلاء انّ انفسكم قد سوّلت لكم فراق هذه الحكومة الّتي أنتم ابتدأتموها و سالتموها و انا لها كاره و انباتكم انّ القوم سالكموها مكيدة و دهنا فابيتم عليّ اباء المخالفين و عدلتم عنّي عدول النّكداء العاصين حتّي صرفت رأيي الي رأيكم و أنتم و اللّه معاشر اخّفاء الهام سفهاء الاحلام فلم ات لا ابا لكم بجرا اما و اللّه ما خبلتكم عن اموركم و لا اخفيت شيئا من هذا الامر عنكم و لا اوطاتكم عشوة و لا دنيت لكم الضّراء و ان كان امرنا لامر المسلمين ظاهرا فاجمع رأي ملاءكم ان اختاروا رجلين فاخذنا عليهما ان يحكما بما في القرآن و لا يعدواه فتاها و تركا الحقّ و هما يبصرانه و كان الجور هواهما و

ص: 108

قد سبق اشتياقنا عليهما في الحكم بالعدل و الصّد للحقّ بسوء رأيهما و جور حكمهما و الثّقة في ايدينا لانفسنا حين خالفا سبيل الحقّ و اتيا بما لا يعرف فبيّنوا لنا بما ذا تستحلّون قتالنا و الخروج من جماعتنا ان اختار النّاس رجلين ان تضعوا اسيافكم علي عواتقكم ثمّ تستعرضوا النّاس تضربون رقابهم و تسفكون دمائهم انّ هذا لهو الخسران المبين و اللّه لو قتلتم علي هذا دجاجة لعظم عند اللّه قتلها فكيف بالنّفس الّتي قتلها عند اللّه حرام فتنادوا لا تخاطبوهم و لا تكلّموهم و تهيّأ و اللقاء الربّ الرّواح الرّواح الي الجنّة قوله النّكداء الذي تعاسر و النّكد بالضم قلة العطاء و يفتح الهام جمع مفرده الهامه اي راس كل شيء و خفيف الهام هم الذين عقولهم خفيفة الاحلام بمعني العقول ما خبلتكم اي ما افسدت عقولكم و قوله و لا اوطئتكم عشوة اي لا ركّبتكم علي غير هدي الضّراء الزّمانة و الشّدة و النقص في الاموال و الانفس

41 و من كلامه عليه السّلام

الجزء السادس منه ص 51 قال قال ابو مخنف عمن ذكره عن زيد بن وهب ان عليا قال للناس و هو اول ما قال لهم بعد النّهر ايّها النّاس استعدّوا للمسير الي عدوّ في جهاده القربة الي اللّه

ص: 109

و درك الوسيلة عنده حياري في الحقّ جفاة عن الكتاب نكّب عن الدّين يعمهون في الطّغيان و يعكسون في غمرة الضّلال فاعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة و من رباط الخيل و توكّلوا علي اللّه و كفي باللّه وكيلا و كفي باللّه نصيرا قال فلا هم نفروا و لا تسيّروا فتركهم ايّاما حتي اذا يس من ان يفعلوا دعا رؤسائهم و وجوههم فسالهم عن رأيهم و ما الّذي نظرهم فمنهم المعتل و منهم المكره و اقلّهم من نشط فقام فيهم خطيبا-(اقول و الخطبة هي الاتي ذكرها)

42 و من خطبه عليه السّلام

الجزء السّادس من التاريخ ص 51 بعد قوله فقام فيهم خطيبا فقال(عليه السّلام) عباد اللّه ما لكم اذا امرتكم ان تنفروا اثّا قلتم الي الارض ارضيتم بالحياة الدّنيا من الاخرة و بالذّلّ و الهوان من العزّ او كلّما ندبتكم الي الجهاد دارت اعينكم كانّكم من الموت في سكرة و كانّ قلوبكم مالوسة فانتم لا تعقلون و كانّ ابصاركم كمه فانتم لا تبصرون للّه أنتم ما أنتم الاّ اسود الشّري في الدّعة و ثعالب روّاغة حين تدعون الي الباس ما أنتم لي بثقة سجيس اللّيالي ما أنتم بركب يصال بكم و لا ذي عزّ يعتصم اليه لعمر

ص: 110

اللّه لبئس حشاش الحرب أنتم انّكم تكادون و لا تكيدون و يتنقّص اطرافكم و لا تتحاشون و لا ينام عنكم و أنتم في غفلة ساهون انّ اخا الحرب اليقظان ذو عقل و بات لذلّ من وادع و غلب المتجادلون و المغلوب مقهور و مسلوب ثم قال امّا بعد فانّ لي عليكم حقّا و انّ لكم عليّ حقّا فامّا حقّكم عليّ النّصيحة لكم ما صحبتكم و توفير فيئكم عليكم و تعليمكم كيما لا تجهلوا و تاديبكم كي تعلّموا و امّا حقّي عليكم فالوفاء بالبيعة و النّصح لي في الغيب و المشهد و الاجابة حين ادعوكم و الطّاعة حين امركم فان يرد اللّه بكم خيرا انتزعوا عمّا اكره و تراجعوا الي ما احبّ تنالوا ما تطلبون و تدركوا ما تاملون اقول قوله قلوبكم مالوسة الالس اختلاط العقل و ما لوس مفعول و بمعني الخيانة و الغش و الكذب و السرقة و اخطاء الرأي و الرّيبة و تغير الخلق و الجنون قوله كمه بالتخفيف من ركب عمي كناية عمن لا يسلك طريق الواضح و يقال للذي هو يولد اعمي اسود جمع الاسد الشري الخارجون عن طاعة الامام الدعة السعة و الخفض في العيش و بمعني الرّاحة قوله ثعالب روّاغة راغ الثعلب من باب قال يروغ روغا و روغانا اي ذهب يمنة و يسرة في سرعة خديعة لا يستقر في جهة سجيس الليالي قال الفيروزآباديّ في القاموس سجس الماء كفرح فهو سجس و سجيس تغير و كدر و لا اتيك سجيس الليالي و سجيس الاوجس اي ابدا

ص: 111

قوله لعمر الله اي مدة بقاء اللّه و لا مدة لبقائه اذ هو ابدي الذات لم يزل و لا يزال قوله و حشاش الحرب الحشاش ما تحش به النار اي توقد و حشاش الحرب موقد ناره قوله لا تتحاشون اي لا تكترثون بما تفعلون و لا تخافون و باله و عقوبته لا تكترثون اي لا تعتدّون و لا تبالون

43 و من خطبه عليه السّلام

الجزء السادس من التاريخ ص 61 قال قال هشام عن ابي مخنف قال و حدثني الحارث بن كعب بن فقيم عن جندب عن عبد الله بن فقيم عم الحارث بن كعب...يستصرخ من قبل محمد بن ابي بكر الي عليّ و محمّد يومئذ اميرهم فقام عليّ في النّاس و قد امر فنودي للصّلوة جامعة فاجتمع الناس فحمد اللّه و اثني عليه و صلّي علي محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ثم قال امّا بعد فانّ هذا صريخ محمّد بن ابي بكر و اخوانكم من اهل مصر قد صار اليهم ابن النّابغة عدوّ اللّه و وليّ من عادي اللّه فلا يكوننّ اهل الضّلال الي باطلهم و الرّكون الي سبيل الطّاغوت اشدّ اجتماعا منكم علي حقّكم هذا فانّهم قد بداوكم و اخوانكم بالغزو فاعجلوا اليهم بالمواساة و النّصر عباد اللّه انّ مصر اعظم من الشّام اكثر خيرا و خير اهلا فلا تغلبوا علي مصر فانّ بقاء مصرفي ايديكم عزّ لكم و كبت لعدوّكم اخرجوا الي الجرعة بين الحيرة و الكوفة فوافوني بها هناك غدا ان شاء اللّه قال فلمّا كان من الغد خرج يمشي فنزلها بكرة فاقام بها حتي انتصف النهار يومه ذلك فلم يوافه منهم رجل واحد فرجع فلمّا كان من العشي بعث الي اشراف الناس فدخلوا عليه القصر و هو خرين كئيب

ص: 112

44 و من كلامه عليه السّلام في المقام

الجزء السّادس من التاريخ ص 61 قال فقال(صلوات اللّه و سلامه عليه) الحمد للّه علي ما قضي من امري و قدّر من فعلي و ابتلاني بكم ايّتها الفرقة ممّن لا يطيع اذا امرت و لا يجيب اذا دعوت لا ابا لغيركم ما تنتظرون بصبركم و الجهاد علي حقّكم الموت و الذّل لكم في هذه الدّنيا علي غير الحقّ فو اللّه لئن جاء الموت و لياتينّ ليفرّقنّ بيني و بينكم و انا لصحبتكم قال و بكم غير ضنين للّه أنتم لا دين يجمعكم و لا حميّة تحميكم اذا أنتم سمعتم بعدوّكم يرد بلادكم و يشنّ الغارة عليكم او ليس عجبا انّ معاوية يدعو الجفاة الطّغام فيتّبعونه علي غير عطاء و لا معونة و يجيبونه في السّنة المرّتين و الثّلاث الي ايّ وجه شاء و انا ادعوكم و أنتم أولو النّهي و بقيّة النّاس علي المعونة و طائفة منكم علي العطاء فتقومون عنّي و تعصونني و تختلفون علي

45 و من خطبه عليه السّلام

ص: 113

الجزء السّادس من تاريخ الطبري ص 62 خطبها حين اتاه هلاك محمد بن ابي بكر رضي اللّه عنه قال و حزن عليّ عليه السّلام علي محمد بن ابي بكر حتّي رعي ذلك في وجهه و تبيّن فيه و قام في النّاس خطيبا فحمد اللّه و اثني عليه و صلّي علي رسوله صلي اللّه عليه و آله و سلّم و قال الا انّ مصر قد افتتحها الفجرة اولو الجور و الظّلم الّذين صدّوا عن سبيل اللّه و بغوا الاسلام عوجا الا و انّ محمّد بن ابي بكر قد استشهد رحمه اللّه فعند اللّه نحتسبه اما و اللّه ان كان ما علمت لمن ينتظر القضاء و يعمل للجزاء و يبغض شكل الفاجر و يحبّ هدي المؤمن انّي و اللّه ما الوم نفسي علي التّقصير و انّي لمقاساة الحرب نجد خبير و انّي لا قدم علي الامر و اعرف وجه الحزم و اقوم فيكم بالرّأي المصيب فاستصرخكم معلنا و اناديكم نداء المستغيث معربا فلا تسمعون لي قولا و لا تطيعون لي امرا حتّي تصير بي الامور الي عواقب المساءة فانتم القوم لا يدرك بكم الثّار و لا ينقض بكم الاوتار دعوتكم الي غياث اخوانكم منذ بضع و خمسين ليلة فتجر جرتم جرجرة الجمل الاشدق و تثاقلتم الي الارض تثاقل من

ص: 114

ليس له نيّته في جهاد العدوّ و لا اكتساب الاجر ثمّ خرج اليّ منكم جنيد متذانب كثيرة يساقون الي الموت و هم ينظرون فافّ لكم اقول قوله نجد خبير اي شجاع صاحب خبرة الحزم الشدّة معربا اي احدا التجرجر صوت يردده البعير في حنجرته الشّدّق بالفتح جانب الفم و الاشدق جوانب الفم كذا قال في المجمع جنيد مصغر الجند المتذانب الذي يكون في اخر الجند

46 و من كلامه عليه السّلام

بشارة المصطفي لشيعة المرتضي تاليف ابي جعفر محمد بن ابي القاسم الطبري ابن محمد عليّ الطبري من اكابر علماء الاماميّة في المأة السادسة من الهجرة المطبوع في النجف الاشرف سنة 1369 ه ص 29 قال اخبرنا الشيخ ابو البقاء ابراهيم بن الحسين بن ابراهيم البصري بقراءتي عليه في المحرم سنة ست عشرة و خمسمائة بمشهد مولينا امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السّلام قال حدثنا ابو طالب محمّد بن الحسن بن عتبة قال حدثنا ابو الحسن محمد بن الحسين بن احمد قال اخبرنا محمد بن وهبان الدّبيلي قال حدثنا علي بن احمد بن كثير العسكري قال حدّثني احمد بن المفضّل ابو اسامة الاصفهاني قال اخبرني راشد بن علي بن وايل القرشي قال حدّثني عبد اللّه بن حفص المدنيّ قال اخبرني محمد بن اسحق عن سعيد بن زيد بن ارطاة قال لقيت كميل بن زياد و سألته عن فضل امير المؤمنين عليه السّلام علي بن ابي طالب فقال الا اخبرك بوصيّته اوصاني يوما هو خير من الدّنيا بما فيها فقلت بلي قال قال لي عليّ عليه السّلام يا كميل بن زياد سمّ كلّ يوم بسم اللّه و لا حول و لا قوّة الاّ باللّه و توكّل علي اللّه و اذكرنا و سمّ باسمائنا و صلّ علينا و استعذ باللّه ربّنا و ادرأ بذلك عن نفسك و ما تحوطه عنايتك تكف شرّ ذلك اليوم يا كميل انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله و سلّم ادّبه اللّه عزّ و جلّ و هو ادّبني و اناء ادّب المؤمنين و اورّث الادب المكرمين يا كميل

ص: 115

ما من علم الاّ و انا افتحه و ما من سرّ الاّ و القائم عليه السّلام يختمه يا كميل ذرّية بعضها من بعض و اللّه سميع عليم يا كميل لا تأخذ الاّ عنّا تكن منّا يا كميل ما من حركة الاّ و انت محتاج الي معونة فيها الي معرفة يا كميل اذا اكلت الطّعام فسمّ باسم اللّه الّذي لا يضرّ مع اسمه شيء و هو الشّفاء من جميع الاسواء يا كميل اذا اكلت الطّعام فواكل به و لا تبخل به فانّك لم ترزق النّاس شيئا و اللّه يجزل لك الثّواب بذلك يا كميل احسن خلقك و ابسط الي جليسات و لا تنهرنّ خادمك يا كميل اذا اكلت فطوّل اكلك يستوف من معك و يرزق منه غيرك يا كميل اذا استوفيت طعامك فاحمد اللّه علي ما رزقك و ارفع بذلك صوتك ليحمده سواك فيعظم بذلك اجرك يا كميل لا توقرنّ معدتك طعاما ودع فيها للماء موضعا و للرّيح مجالا يا كميل لا تنفد طعامك فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله لم ينفده يا كميل لا ترفعنّ يدك من الطّعام الاّ و انت تشتهيه فاذا فعلت ذلك فانت تستمرئه

ص: 116

يا كميل صحّة الجسم من قلّة الطّعام و قلّة الماء يا كميل البركة في المال من ايتاء الزّكوة و مواساة المؤمنين و صلّة الاقربين و هم الاقربون لنا يا كميل زد قرابتك المؤمن علي ما تعطي سواه من المؤمنين و كن بهم ارأف و عليهم اعطف و تصدّق علي المساكين يا كميل لا تردّنّ سائلا و لو بشقّ تمرة او من شطر عنب يا كميل الصّدقة تنمي عند اللّه يا كميل حسن خلق المؤمن التّواضع و جماله التّعطّف و شرفه الشّفقة و عزّه ترك القال و القيل يا كميل ايّاك و المراء فانّك تغري بنفسك السّفهاء اذا فعلت و تفسد الاخاء يا كميل اذا جادلت في اللّه تعالي فلا تخاطب الاّ من يشبه العقلاء و هذا ضرورة يا كميل هم علي كلّ حال سفهاء كما قال اللّه تعالي الا انّهم هم السّفهاء و لكن لا يعلمون يا كميل في كلّ صنف قوم ارفع من قوم فايّاك و مناظرة الخسيس منهم فان اسمعوك فاحتمل و كن من الّذين وصفهم اللّه تعالي بقوله و اذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما

ص: 117

يا كميل قل الحقّ علي كلّ حال و وازر المتّقين و اهجر المنافقين و لا تصاحب الخائنين يا كميل ايّاك ايّاك و التطرّق الي ابواب الظّالمين و الاختلاط بهم و الاكتساب منهم و ايّاك ان تطيعهم و ان تشهد في مجالسهم بما يسخط اللّه يا كميل ان اضطررت الي حضورها فداوم ذكر اللّه تعالي و التّوكّل عليه و استعذ باللّه من شرّهم و اطرق عنهم و انكر بقلبك فعلهم و اجهر بتعظيم اللّه عزّ و جلّ و اسمعهم فانّهم يهابونك و تكفي يا كميل انّ احبّ ما امتثله العباد الي اللّه تعالي بعد الاقرار به و باوليائه التّجمّل و التّعفّف و الاصطبار يا كميل لا باس بان لا يعلم سرّك يا كميل لا ترينّ النّاس افتقارك و اضطرارك و اصطبر عليه احتسابا تعرف بستر يا كميل اخوك اخوك الّذي لا يخذلك عند الشّدّة و لا يغفل عنك عند الجريرة و لا يخدعك حين نسأله و لا يتركك و امرك حتّي يعلمه فان كان مميلا اصلحه يا كميل المؤمن مرآت

ص: 118

المؤمن يتامّله و يسدّ فاقته و يجمّل حالته يا كميل المؤمنون اخوة و لا شيء اثر عند كلّ اخ من اخيه يا كميل اذا لم تحبّ اخاك فلست اخاه يا كميل انّما المؤمنون من قال بقولنا فمن تخلّف عنّا قصر عنّا و من قصر عنّا لم يلحق بنا و من لم يكن معنا ففي الدّرك الاسفل من النّار يا كميل كلّ مصدور ينفث فمن نفث اليك منّا بامر و امرك بستره فايّاك ان تبديه فليس لك من إبدائه توبة فاذا لم يكن لك توبة فالمصير الي لظي يا كميل اذاعة سرّ ال محمّد عليهم السّلام لا يقبل اللّه تعالي منها و لا يحتمل عليها احدا يا كميل و ما قالوه لك مطلقا فلا تعلمه الاّ مؤمنا موّفقا يا كميل لا تعلم الكافرين اخبارنا فيزيدوا عليها فيبذوكم بها يوم يعاقبون عليها يا كميل لا بدّ لما ضيكم خير من اوبة و لا بدّ لنا فيكم من غلبة يا كميل سيجمع اللّه لكم خير البدء و العاقبة يا كميل أنتم ممتّعون باعدائكم تطربون بطربهم و تشربون بشربهم و تأكلون

ص: 119

باكلهم و تدخلون مداخلهم و ربما غلبتم علي نعمتهم اي و اللّه علي اكراه منهم لذلك و لكنّ اللّه عزّ و جلّ ناصركم و خاذلهم فاذا كان و اللّه يومكم و ظهر صاحبكم لم يأكلوا و اللّه معكم و لم يردوا مواردكم و لم يقرعوا ابوابكم و لم ينالوا نعمتكم اذّلة خاسئين اينما ثقفوا اخذوا و قتّلوا تقتيلا يا كميل احمد للّه تعالي و المؤمنون علي ذلك و علي كلّ نعمة يا كميل قل عند كلّ شدّة لا حول و لا قوّة الاّ باللّه العليّ العظيم تكفها و قل عند كلّ نعمة الحمد للّه تزد منها و اذا ابطات الارزاق عليك فاستغفر اللّه يوسع عليك فيها يا كميل اذا وسوس الشيطان في صدرك فقل اعوذ باللّه القويّ من الشّيطان الغويّ و اعوذ بمحمّد الرّضيّ من شرّ ما قدّر و قضي و اعوذ باله النّاس من شرّ الجنّة و النّاس أجمعين و سلّم تكف مؤنة ابليس و الشّياطين معه و لو انّهم كلّهم ابالسة مثله يا كميل انّ لهم خداعا او شقاشق و

ص: 120

زخاريف و وساوس و خيلاء علي كلّ احد قدر منزلته في الطّاعة و المعصية فبحسب ذلك يستولون عليه بالغلبة يا كميل لا عدوّ اعدي منهم و لا ضارّ اضرّ منهم امنيّتهم ان تكون معهم غدا اذا اجتثّوا في العذاب الاليم لا يفترّ عنهم شرره و لا يقصّر عنهم خالدين فيها ابدا يا كميل سخط اللّه محيط بمن لم يحترز منهم باسمه و نبيّه و جميع غرائمه و عوذه جلّ و عزّ و صلّي اللّه علي نبيّه و اله و سلّم يا كميل انّهم يخدعونك بانفسهم فاذا لم تحبّهم مكروا بك و بنفسك و بتحسينهم اليك شهواتك و اعطاءك امانيّك و ارادتك و يسوّلون لك و ينسونك و ينهونك و يأمرونك و يحسنون ظنّك باللّه عزّ و جلّ حتّي ترجوه فتغيّر بذلك و تعصيه و جزاء العاصي لظي يا كميل احفظ قول اللّه عزّ و جلّ الشّيطان سوّل لهم و املي لهم و المسوّل الشّيطان و المملي اللّه تعالي يا كميل اذكر قول اللّه تعالي لابليس لعنه اللّه و اجلب عليهم بخيلك و رجلك و شاركهم

ص: 121

في الاموال و الاولاد وعدهم و ما يعدهم الشّيطان الاّ غرورا يا كميل انّ ابليس لا يعد عن نفسه و انّما يعد عن ربّه ليحملهم علي معصيته فيورّطهم يا كميل انّه يأتي لك بلطف كيده فيامرك بما يعلم انّك قد الفته من طاعة لا تدعها فتحسب انّ ذلك ملك انّما هو شيطان رجيم فاذا سكنت اليه و اطماننت علي العظائم المهلكة الّتي لا نجاة معها يا كميل انّ له فخاخا ينصبها فاحذر ان يوقعك فيها يا كميل انّ الارض مملوّة من فخاخهم فلن ينجو منها الاّ عباده و عباده اولياءنا يا كميل و هو قول اللّه عزّ و جلّ انّ عبادي ليس لك عليهم سلطان و قوله عزّ و جلّ انّما سلطانه علي الّذين يتولّونه و الّذين هم به مشركون يا كميل انج بولايتنا من ان يشركك في مالك و ولدك كما امر يا كميل لا تغترّ باقوام يصلّون فيطيلون و يصومون فيداومون و يتصدّقون فيحسبون انّهم موفّقون يا كميل اقسم باللّه لسمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله و سلّم يقول انّ الشّيطان اذا حمل قوما علي الفواحش مثل الزّنا و

ص: 122

شرب الخمر و الرّبا و ما اشبه ذلك من الخنا و الماثم حبّب اليهم العبادة الشّديدة و الخشوع و الرّكوع و الخضوع و السّجود ثمّ حملهم علي ولاية الائمّة الّذين يدعون الي النّار و يوم القيمة لا ينصرون يا كميل انّه مستقرّ و مستودع فاحذروا ان تكونوا من المستودعين يا كميل انّما تستحقّ ان تكون مستقرّا اذا لزمت الجادّة الواضحة الّتي لا تخرجك الي عوج و لا تزيلك عن منهج ما حملناك عليه و هديناك اليه يا كميل لا رخصة في فرض و لا شدّة في نافلة يا كميل انّ اللّه عزّ و جلّ لا يسئلك الاّ عمّا فرض و انّما قدّمنا عمل النّوافل بين ايدينا للاهوال العظام و الطّامّة يوم المقام يا كميل انّ الواجب للّه اعظم من ان تزيله الفرائض و النّوافل و جميع الاعمال و صالح الاموال و لكن من تطوّع خيرا فهو خير له يا كميل انّ ذنوبك اكثر من حسناتك و غفلتك اكثر من ذكرك و نعمت اللّه عليك اكثر من كلّ عملك يا كميل انّه لا تخلو من نعمت اللّه عزّ و جلّ

ص: 123

عندك فلا تخل من تحميده و تمجيده و تسبيحه و تقديسه و شكره و ذكره علي كلّ حال يا كميل لا تكوننّ من الّذين قال اللّه عزّ و جلّ نسو اللّه فانساهم انفسهم و نسبهم الي الفسق اولئك هم الفاسقون يا كميل ليس الشّان ان تصلّي و تصوم و تتصدّق انّما الشّان ان تكون الصّلوة فعلت بقلب نقيّ و عمل عند اللّه مرضيّ و خشوع سويّ ابقاء للحدّ فيها يا كميل عند الرّكوع و السّجود و ما بينهما تبتلّت العروق و المفاصل حتّي تستوفي الي ما تاتي من جميع صلواتك يا كميل انظر فيم تصلّي و علي ما تصلّي ان لم يكن من وجهه و حلّه فلا قبول يا كميل انّ اللّسان يبوح من القلب و القلب يقوم بالغذاء فانظر فيما تغذّي قلبك و جسمك فان لم يكن ذلك حلالا لم يقبل اللّه تسبيحك و لا شكرك يا كميل افهم و اعلم انّا لا نرخّص في ترك اداء الامانات لاحد من الخلق فمن روي عنّي في ذلك رخصته فقد ابطل و اثم و جزائه النّار بما كذب اقسم لقد سمعت رسول اللّه

ص: 124

صلّي اللّه عليه و اله و سلّم يقول لي قبل وفاته مرارا بساعة ثلاثا يا ابا الحسن ادّ الامانة الي البرّ و الفاجر فيما قلّ و جلّ في الخيط و المخيط يا كميل لا غزو الاّ مع امام عادل و نفل الاّ مع امام فاضل يا كميل ارايت لو انّ اللّه لم يظهر نبيّا و كان في الارض مؤمن تقيّ كان في دعائه الي اللّه مخطئا حتّي ينصبه اللّه عزّ و جلّ و يؤهّله يا كميل الدّين للّه فلا تغترنّ باقوال الامّة المخدوعة الّتي ضلّت بعد ما اهتدت و انكرت و جحدت بعد ما قبلت يا كميل الدّين للّه فلا يقبل اللّه تعالي من احد القيام به الاّ رسولا او نبيّا او وصيّا يا كميل هو نبوّة و رسالة و امامة و ما بعد ذلك الاّ متولّين و متغلّبين و ضالّين و معتدين يا كميل انّ النّصاري لم تعطّل اللّه تعالي و لا اليهود و لا جحدت موسي و لا عيسي و لكنّهم زادوا و نقصوا و حرّفوا و الحدوا فلعنوا و مقتوا و لم يتوبوا و لم يقبلوا يا كميل انّما يتقبّل اللّه من المتّقين يا كميل انّ ابانا ادم

ص: 125

عليه السّلام لم يلد يهوديّا و لا نصرانيّا و لا كان ابنه الاّ حنيفا مسلما فلم يقم بالواجب عليه فادّاه ذلك الي ان يقبل اللّه له قربانا بل قبل من اخيه فحسده و قتله و هو من المسجونين في الفلق الّذين عدّتهم اثني عشر ستّة من الاوّلين و ستّة من الاخرين و الفلق الاسفل من النّار و من بخاره حرّ جهنّم حسبك فيما حرّ جهنّم من بخاره يا كميل نحن و اللّه الّذين اتّقوا و الّذين هم محسنون يا كميل انّ اللّه عزّ و جلّ كريم رحيم عظيم حليم دلّنا علي الخلافة و امرنا بالاخذ بها و حمل النّاس عليها فقد ادّيناها غير مختلفين و ارسلناها غير منافقين و صدّقناها غير مكذّبين و قبلناها غير مرتابين لم يكن لنا و اللّه شياطين نوحي اليها و توحي الينا كما وصف اللّه تعالي قوما ذكرهم اللّه عزّ و جلّ باسمائهم في كتابه فاقرأ كما انزل شياطين الانس و الجنّ و يوحي بعضهم الي بعض زخرف القول غرورا يا كميل الويل لهم فسوف يلقون غيّا

ص: 126

يا كميل لست و اللّه متعلّقا حتّي اطاع و ممتنّا حتّي اعصي و لا مهانا لطغام الاعراب حتّي انتحل امرة المؤمنين او ادعي بها يا كميل نحن الثّقل الاصغر و القرآن الثّقل الاكبر و قد اسمعهم رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله و سلّم و قد جمعهم فنادي فيهم الصّلوة جامعة يوم كذا و كذا فلم يتخلّف احد فصعد المنبر فحمد اللّه و اثني عليه ثمّ قال معاشر النّاس انّي مؤدّ عن ربّي عزّ و جلّ و لا مخبر عن نفسي فمن صدّقني فللّه صدّق و من صدّق اللّه اصابه الجنان و من كذّبني كذّب اللّه عزّ و جلّ و من كذّب اللّه اعقبه النّيران ثمّ ناداني فصعدت فاقامني دونه و راسي الي صدره و الحسن و الحسين عن يمينه و شماله ثمّ قال معاشر النّاس امرني جبرئيل عليه السّلام عن اللّه تعالي انّه ربّي و ربّكم ان اعلّمكم انّ القرآن الثّقل الاكبر و انّ وصيّي هذا و ابناي و من خلفهم من اصلابهم حاملا وصاياهم هم الثّقل الاصغر يشهد الثّقل الاكبر للثّقل الاصغر و يشهد الثّقل

ص: 127

الاصغر للثّقل الاكبر كلّ واحد منهما ملازم لصاحبه غير مفارق له حتّي يرد الي اللّه فيحكم بينهما و بين العباد يا كميل فاذا كنّا كذلك فعلام تقدّمنا من تقدّم و تاخّر عنّا من تاخّر يا كميل قد بلّغهم رسول اللّه رسالة ربّه و نصح لهم و لكن لا يحبّون النّاصحين يا كميل قال رسول اللّه صلّي اللّه و اله لي قولا و المهاجرون و الانصار متوافرون يوما بعد العصر يوم النّصف من شهر رمضان قائما علي قدميه فوق منبره عليّ و ابناي منه الطّيّبون منّي و انا منهم و هم الطّيّبون بعد امّهم و هم سفينة من ركبها نجي و من تخلّف عنها هوي النّاجي في الجنّة و الهاوي في لظي يا كميل الفضل بيد اللّه يؤتيه من يشاء و اللّه ذو الفضل العظيم يا كميل علي ام يحسدوننا و اللّه انشانا من قبل ان يعرفونا افتراهم بحسدهم ايّانا عن ربّنا يزيلونا يا كميل من لا يسكن الجنّة فبشّره بعذاب اليم و خزي مقيم و اكبال و مقامع و سلاسل طوال و مقطّعات النّيران و مقارنة

ص: 128

كلّ شيطان الشّراب صديد و اللّباس حديد و الخزنة فظظة و النّار ملتهبة و الابواب موثّقة مطبّقة ينادون فلا يجابون و يستغيثون فلا يرحمون ندائهم يا مالك ليقض علينا ربّك قال انّكم ماكثون لقد جئناكم بالحقّ و اكثرهم للحقّ كارهون يا كميل نحن و اللّه الحقّ الّذي قال اللّه عزّ و جلّ و لو اتّبع الحقّ اهوائهم لفسدت السّموات و الارض و من فيهنّ يا كميل ثمّ ينادون اللّه تقدّست اسمائه بعد ان يمكثوا احقابا اجعلنا علي الرّجا فيجيبهم اخسؤا و لا تكلّمون يا كميل فعندها ييئسون من الكرّة و اشتدّت الحسرة و ايقنوا بالهلكة و المكث جزاء بما كسبوا و عذّبوا يا كميل قل الحمد للّه الّذي نجّانا من القوم الظّالمين يا كميل انا احمد اللّه علي توفيقه ايّاي و المؤمنين و علي كلّ حال يا كميل انّما خطا من خطا بدنيا زائلة مدبرة فافهم تخظّأ باخرة باقية ثابتة يا كميل كلّ يصير الي الاخرة و الّذي يرغب منها رضي اللّه تعالي و الدّرجات العلي

ص: 129

من الجنّة الّتي لا يورثها الاّ من كان تقيّا يا كميل ان شئت فقم اقول قوله فواكل به اي اطعمه لا تنهرّن اي لا تزجرّن تستمرء به اي تلذّذ به الجريرة الجناية النفث ريح حفيف بلا ريق و نفخ لطيف و هو ما يلقي في قلب الانسان و المصدور يطلق علي الذي يشتكي صدره الشقاشق جمع شقشقة و هي التي يخرجها الجمل العربي من جوفه ينفخ فيها فتظهر من شدقه و لا تكون الاّ للعربي و هنا استعارة الخنا الفحش من القول الطامّة الدّاهية الطّغام كسحاب رزّال الناس و الحمقاء الفظظه جمع الفظّ سيّيء الخلق اخسؤا اي ابعدوا و هو ابعاد بمكروه و العرب اذا اراد ابعاد الكلب يقول اخسئا

47 و من خطبه عليه السّلام

بشارة المصطفي ص 14 قال اخبرنا الشيخ ابو محمد الحسن بن الحسين عن عمّه الشيخ السعيد ابي جعفر محمد بن علي ره قال حدّثنا ابو العبّاس محمد بن ابراهيم بن اسحق الطالقاني قال حدثنا عبد العزيز بن يحيي بالبصرة قال حدثني المغيرة بن محمّد قال حدّثنا رجاء بن ابي سلمة عن عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن ابي جعفر محمد بن عليّ عليهما السّلام قال خطب امير المؤمنين عليه السّلام علي بن ابي طالب بالكوفة عند منصرفه من النهروان و بلغه ان معاوية يسبّه و يعيبه و يقتل اصحابه فقام خطيبا فحمد اللّه و اثني عليه و صلّ علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله و ذكر ما انعم اللّه علي نبيّه و عليه ثمّ قال لو لا اية في كتاب اللّه ما ذكرت ما انا ذاكره في مقامي هذا يقول اللّه عزّ و جلّ و امّا بنعمة ربّك فحدّث اللّهمّ لك الحمد علي نعمك الّتي لا تحصي و فضلك الّذي لا ينسي ايّها النّاس انّه بلغني ما بلغني و انّي اراني قد اقترب اجلي و كانّي بكم و قد جهلتم امري و انّي تارك فيكم ما تركه رسول اللّه(صلّي اللّه عليه و اله)كتاب اللّه و عترتي و هي عترة الهادي الي النّجاة خاتم الانبياء و سيّد النّجباء

ص: 130

و النّبي المصطفي يا ايّها النّاس لعلّكم لا تسمعون قائلا يقول مثل قولي بعدي الاّ مفتر انا اخو رسول اللّه و ابن عمّه و سيف نقمته و عماد نصرته و باسه و شدّته انا رحي جهنّم الدّائرة و اضراسها الطّاحنة انا مؤتم البنين و البنات و قابض الارواح و باس اللّه الّذي لا يردّه عن القوم المجرمين انا مجدّل الابطال و قاتل الفرسان و مبيد من كفر بالرّحمن و صهر خير الانام انا سيّد الاوصياء و وصيّ خير الانبياء انا باب مدينة العلم و خازن علم رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله و وارثه و انا زوج البتول سيّدة نساء العالمين فاطمة التّقيّة النّقية الزّكيّة البرّة المهديّة حبيبة حبيب اللّه و خير بناته و سلالته و ريحانة رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله خير الاسباط و ولدي خير الاولاد هل ينكر احد ما اقول اين مسلمو اهل الكتاب انا اسمي في الانجيل اليا و التّورية بريا و في الزّبور اريا و عند الهند كابر و عند الرّوم بطريسا و عند الفرس جبير(حبتر)و عند التّرك تبير و عند الزّنج خبير(خيتر)

ص: 131

و عند الكهنة بويّ و عند الحبشة بتريك و عند امّي حيدرة و عند ظئري ميمون و عند العرب عليّ و عند الارمن فريق و عند ابي ظهير الا و انّي مخصوص في القرآن باسماء احذروا ان تغلبوا عليها فتضلّوا في دينكم يقول اللّه عزّ و جلّ انّ اللّه مع الصّادقين انا ذلك الصّادق و انا المؤذّن في الدّنيا و الاخرة قال اللّه تعالي و اذان من اللّه و رسوله فانا ذلك الاذان و انا المحسن يقول اللّه عزّ و جلّ و انّ اللّه لمع المحسنين و انا ذو القلب يقول اللّه عزّ و جلّ انّ في ذلك لذكري لمن كان له قلب و انا الذّكر يقول اللّه عزّ و جلّ الّذين يذكرون اللّه قياما و قعودا و علي جنوبهم و نحن اصحاب الاعراف انا و عمّي و اخي و ابن عمّي و اللّه فالق الحبّ و النّوي لا يلج النّار لنا محبّ و لا يدخل الجنّة مبغض يقول اللّه عزّ و جلّ و علي الاعراف رجال يعرفون كلاّ بسيماهم و انا الصّهر يقول اللّه عزّ و جلّ و هو الّذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا و صهرا و انا الاذن الواعية

ص: 132

يقول اللّه عزّ و جلّ و تعيها اذن واعية و انا السّلم لرسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله يقول اللّه عزّ و جلّ و رجلا سلما لرجل و من ولدي مهديّ هذه الامّة و قد جعلت محنتكم ببغضي يعرف المنافقون و بمحبّتي امتحن اللّه المؤمنين هذا عهد النّبيّ الامّي صلّي اللّه عليه و آله اليّ انّه لا يحبّك الاّ مؤمن و لا يبغضك الاّ منافق و انا صاحب لواء رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله في الدّنيا و الاخرة و رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله فرطي و انا فرط شيعتي و اللّه لا عطش محبّي و لا خاف و اللّه مواليّ انا وليّ المؤمنين و اللّه وليّه يحبّ محبّي ان يحبّوا من احبّ اللّه و يحبّ مبغضّي ان يبغضوا من احبّ اللّه الا و انّه قد بلغني انّ معاوية سبّني و لعنني اللّهمّ اشدد وطاتك عليه و انزل اللّعنة علي المستحقّ امين ربّ العالمين ربّ إسماعيل و باعث ابراهيم انّك حميد مجيد ثم نزل عن اعواده عليه السّلام فما عاد اليها حتّي قتله ابن ملجم لعنه اللّه تعالي

48 و من خطبه عليه السّلام

المسترشد للمحدّث الكبير ابي جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري المتوفي اوائل الاربعمائة الهجريّة مؤلف كتاب دلائل الامامة اخذت من نسخته المطبوعة في النجف الاشرف في المطبعة الحيدريّة ص 79 عن محمد بن هرون عن ابان بن عثمان قال

ص: 133

حدثني سعيد بن قدامة عن زائدة بن قدامة ان ابا بكر دعا عليّا عليه السّلام الي البيعة فامتنع و قال عليه السّلام انّي لاخو رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله و سلّم لا يقولها غيري الاّ كذّاب و انا و اللّه احقّ بهذا الامر منكم و أنتم اولي بالبيعة لي انّكم اخذتم هذا الامر من العرب بالحجّة و تأخذونه منّا اهل البيت غصبا و ظلما احتججتم علي العرب بانّكم اولي النّاس بهذا الامر منهم بقرابة رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله و سلّم فاعطوكم المقادة و سلّموا لكم الامر فانا احتجّ اليكم بما احتججتم به علي العرب فنحن و اللّه اولي بمحمّد صلّي اللّه عليه و اله و سلّم منكم فانصفونا من انفسكم ان كنتم تؤمنون باللّه و اعرفوا النّاس من هذا الامر ما عرّفته لكم العرب و الاّ فبوء و بالظّلم و أنتم تعلمون فقال ابو عبيدة بن الجراح ابو بكر اقوي علي هذا الامر و اشدّ احتمالا فارض به و سلّم له و انت بهذا الامر خليق و به حقيق في فضلك و قرابتك و سابقتك فقال لهم يا معشر قريش اللّه اللّه لا تخرجوا سلطان محمّد من بيته الي بيوتكم فانّكم ان تدفعونا اهل البيت عن مقامه في النّاس و حقّة تؤزروا فو اللّه لنحن اهل البيت احقّ بهذا الامر منكم ما كان فينا القاري لكتاب اللّه

ص: 134

الفقيه في دين اللّه العالم بسنّة رسول اللّه المضطلع بامر الرّعيّة فو اللّه انّ ذلك فينا فلا تزيّنوا لانفسكم ما قد سمّونا و لا تتّبعوا الهوي تضلّوا و لا تزدادوا الاّ بعدا اقول قوله فبوءوا اي فانصرفوا تؤزروا اي تحملوا الوزر و الاثم و الثقل الاضطلاع من الضّلاعة و هي القوّة المضطلع بامر الرّعيّة اي القويّ بالأمر يعني الامامة

49 و من كلامه عليه السّلام

المسترشد ص 86 قال قال عليه السّلام لعبد الله بن عبّاس في جواب احتجاج الخوارج حيث بعثه اليهم يابن عبّاس قل لهم الستم ترضون بحكم اللّه و حكم رسوله قالوا نعم قال بدء علي ما بداتم به اوّل الامر فقد كنت اكتب لرسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله و سلّم يوم صالح ابا سفيان و سهيل بن عمير فكتبت بسم اللّه الرّحمن الرّحيم هذا ما صالح عليه محمّد رسول اللّه و سهيل بن عمير و صخر بن حرب فقال سهيل انّا لا نعرف الرّحمن الرّحيم و لا نقرّ انّك رسول اللّه و لكن نحسب ذلك شرفا لك ان تقدّم اسمك قبل اسمي و اسم ابيك قبل اسم ابي و انّي اسنّ منك و ابي اسنّ من ابيك فامرني رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله و سلّم فمحوت

ص: 135

الرّحمن الرّحيم و كتبت باسمك اللّهمّ و محوت رسول اللّه و كتبت محمّد بن عبد اللّه فقال لي يا عليّ انّك تدعي الي مثلها فتجيب و انت مكره و هكذا كتبت بيني و بين معاوية و عمرو بن العاص فقالا قد ظلمناك ان اقررنا بانّك امير المؤمنين و قاتلناك و لكن اكتب عليّ بن ابي طالب فمحوت كما محي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله و سلّم و كتبت كما كتب رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله و سلّم فان اثبتّ ما ثبّتوني فقالوا هذه لك خرجت منها قال و امّا قولكم انّي شككت في نفسي حيث قلت للحكمين انظرا فان كان معاوية احقّ بها منّي فاثبتاه فانّ ذلك لم يكن شكّا منّي و لكنّه نصف من القول و قد قال اللّه تعالي و انا و ايّاكم لعلي هدي او في ضلال مبين فلم يكن ذلك شكّا و قد علم اللّه انّ نبيّه كان علي الحقّ قالوا و هذه لك خرجت منها قال و امّا قولكم انّي جعلت الحكم الي غيري و قد كنت عندكم من احكم النّاس فهذا رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم

ص: 136

جعل الحكم الي سعد يوم بني قريظة و قد كان احكم النّاس و قد قال اللّه تعالي لقد كان لكم في رسول اللّه اسوة حسنة فتاسّيت برسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله و سلّم قالوا و هذه لك خرجت منها قال و امّا قولكم انّي حكّمت في دين اللّه الرّجال فقد حكّم اللّه جلّ ذكره في طائر فقال و من قتله منكم متعمّدا فجزائه مثل ما قتل من النّعم يحكم به ذوا عدل منكم فدماء المسلمين اعظم من دم طائر قالوا و هذه لك خرجت منها قال و امّا قولكم انّي قسمت يوم البصرة الكراع و السّلاح و منعتكم النّساء و الذّريّة فانّي مننت علي اهل البصرة كما منّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله و سلّم علي اهل مكّة و قد عدوّا علينا اخذناهم بذنوبهم و لم نأخذ صغيرا بكبير و بعد فايّكم يأخذ عايشة بسهمه قالوا و هذه لك خرجت منها قال و امّا قولكم انّي كنت وصيّا فضيّعت الوصاية فانتم كفرتم و قدّمتم عليّ غيري و ازلتم الامر عنّي و لم اك انا كفرت بكم و ليس علي الاوصياء الدّعاء الي انفسهم فانّما تدعوا الانبياء الي

ص: 137

انفسهم و الوصّي مدلول عليه مستغن عن الدّعاء الي نفسه ذلك لمن امن باللّه و برسوله و قد قال اللّه تعالي و للّه علي النّاس حجّ البيت من استطاع اليه سبيلا فلو ترك النّاس الحجّ لم يكن البيت ليكفر بتركهم ايّاه و لكن كانوا يكفرون بتركه لانّ اللّه تبارك و تعالي قد نصبه لهم علما و كذلك نصبني علما حيث قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله و سلّم يا عليّ انت بمنزلة الكعبة يؤتي اليها و لا تاتي فقالوا و هذه لك خرجت منها و حججت فاذعنوا و خرج معه أربعة الاف رجل ممن قعدوا عنه فايّ دليل اوضح من هذا الدّليل في قعوده عن طلب حقه بالسّيف

50 و من خطبه عليه السّلام

المسترشد ص 88 قال لما بويع عليه السّلام و نكث من نكث طلبهم علي النكث و قاتلهم عليه و قد خطب الناس و قال في خطبته انّ اللّه ذا الجلال و الاكرام لمّا خلق الخلق و اختار خيرة من خلقه و اصطفي صفوة من عباده ارسل رسوله منهم و انزل عليه كتابه و شرع له دينه و فرض فرائضه و كانت الجملة قول اللّه عزّ و جلّ اطيعوا اللّه و اطيعوا الرّسول و اولي الامر منكم و هؤلاء اهل البيت خاصّة دون غيرهم فانقلبتم

ص: 138

علي اعقابكم و ارتددتم و نقضتم الامر و نكثتم العهد و لم تضرّوا اللّه شيئا و قد امركم اللّه ان تردّوا الامر الي اللّه و الي رسوله و الي اولي الامر منكم المستنبطين العلم فاقررتم بمن جحدتم و قد قال لكم اوفوا بعهدي اوف بعهدكم و ايّاي فارهبون انّ اهل الكتاب و الحكمة و الايمان ال ابراهيم بيّنه اللّه لكم فحسدوا فانزل اللّه عزّ و جلّ ام يحسدون النّاس علي ما اتاهم اللّه من فضله فقد اتينا ال ابراهيم الكتاب و الحكمة و اتيناهم ملكا عظيما فمنهم من امن به و منهم من صدّ عنه و كفي بجهنّم سعيرا فنحن آل ابراهيم فقد حسدنا كما حسد آباءنا و اوّل من حسد ادم عليه السّلام الّذي خلقه اللّه بيده و نفخ فيه من روحه و اسجد له ملائكته و علّمه الاسماء و اصطفاه علي العالمين فحسده الشّيطان فكان من الغاوين ثمّ حسد قابيل هابيل فقتله فكان من الخاسرين و نوح حسدة قومه فقالوا ما هذا الاّ بشر مثلكم ياكل ممّا تأكلون و يشرب ممّا تشربون

ص: 139

و لئن اطعتم بشرا مثلكم انّكم اذ الخاسرون و للّه الخيرة يختار من يشاء من عباده و يختصّ برحمته من يشاء يؤتي الملك من يشاء و يؤتي الحكمة من يشاء ثمّ حسد نبيّنا صلّي اللّه عليه و اله و سلّم الا و نحن اهل البيت الّذين اذهب اللّه عنّا الرّجس فنحن محسودون كما حسد آباءنا قال اللّه تعالي انّ اولي النّاس بابراهيم للّذين اتّبعوه و هذا النّبيّ و قال و أولو الارحام بعضهم اولي ببعض في كتاب اللّه فنحن اولي النّاس بابراهيم و نحن ورثناه و نحن اولو الارحام الّذين ورثناه الكعبة و الحكمة و نحن اولي بابراهيم أ فترغبون عن ملّة ابراهيم و قد قال اللّه عزّ و جلّ فمن اتّبعني فانّه منّي يا قوم ادعوكم الي اللّه و الي رسوله و الي كتابه و الي وليّ امره و وصيّة و وارثه فاستجيبوا لنا و اتّبعوا ال ابراهيم و اقتدوا بنا فانّ ذلك لنا فرضا واجبا و الافئدة من النّاس تهوي الينا و ذلك دعوة ابراهيم عليه السّلام حيث قال و اجعل افئدة من النّاس

ص: 140

تهوي اليهم فهل نقمتم منّا الاّ ان امنّا باللّه و ما انزل علينا فلا تفرّقوا فتضلّوا و اللّه شهيد عليكم فقد انذرتكم و دعوتكم و ارشدتكم ثمّ اعلم و ما تختارون

51 و من خطبه عليه السّلام

المسترشد للطّبري ص 90 و قال ايضا عليه السّلام في خطبته هلك من قارن حسدا و قال باطلا و والي علي عداوتنا او شكّ في فضلنا انّه لا يقاس بنا ال محمّد احد و لا يسوّي بنا من جرت نعمتنا عليهم نحن اطول النّاس اغراسا و نحن افضل النّاس انفاسا و نحن عماد الدّين بنا يلحق التّالي و الينا يفيء الغالي و لنا خصائص حقّ الولاية و فينا الوصيّة و الوراثه و حجّة اللّه عليكم في حجّة الوداع يوم غدير خمّ و بذي الحليفة و بعده المقام الثّالث باحجار الزّيت تلك فرائض ضيّعتموها و حرمات انتهكتموها و لو سلّمتم الامر لاهله سلمتم و لو ابصرتم باب الهدي رشدتم اللّهمّ انّي قد بصّرتهم الحكمة و دللتهم علي طريق

ص: 141

الرّحمة و حرصت علي توفيقهم بالتّنبيه و التّذكرة و دللتهم علي طريق الجنّة بالتّبصّر و العدل و التّانيب ليثبّت راجع و يقبل و يتّعظ مدّكر فلم يطع لي قول اللّهمّ انّي اعيد عليهم القول ليكون اثبت للحجّة عليهم يا ايّها النّاس اعرفوا فضل من فضّل اللّه و اختاروا حيث اختار اللّه و اعلموا انّ اللّه قد فضّلنا اهل البيت بمنّه حيث يقول انّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرّجس اهل البيت و يطهّركم تطهيرا فقد طهّرنا اللّه من الفواحش ما ظهر منها و ما بطن و من كلّ دنيّة و كلّ رجاسة فنحن علي منهاج الحقّ و من خالفنا فعلي الباطل و اللّه لئن خالفتم اهل بيت نبيّكم لتخالفنّ الحقّ انّهم لا يدخلونكم في ردي و لا يخرجونكم من باب هدي و لقد علمتم و علم المستحفظون من اصحاب رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله و سلّم انّي و اهل بيتي مطهّرون من الفواحش و قد قال صلّي اللّه عليه و اله لا تسبقوهم فتضلّوا و لا تخالفوهم فتجهلوا و لا تخلّفوا

ص: 142

عنهم فتهلكوا لا تعلّموهم فانّهم اعلم منكم كبارا و احكمكم صغارا و اتّبعوا الحقّ و اهله حيث كانوا قد و اللّه فزع من الامر لا يزيد فيمن احبّني رجل منهم و لا ينقص منهم رجل و ذلك انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله و سلّم قال لي يا عليّ انّ اللّه قد اخذ من شيعتك الميثاق و لا يزيد فيهم رجل و لا ينقص منهم رجل انت و شيعتك في الجنّة

52 و من كلامه عليه السّلام

المسترشد ص 91 و قال عليه السّلام في مقام اخر لقد استكبر اقوام في زمن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله و سلّم و اضمروا لعليّ الغلّ المدفون و من بعده ما قعدوا للثّقل الاكبر بالمرصد حتّي ادخلوا فيه الالحاد و قعدوا للثّقل الاصغر بالاضطهاد و لقد اسرّوا في رسول اللّه النّجوي و صدّق فيه بعضهم بعضا و تعارضوا عليه الحسد من عند انفسهم و اللّه لقد ارتدّ بعد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله و سلّم اقوام ارتدّوا علي الاعقاب

ص: 143

و غالتهم السّبيل و اتّكلوا علي الولايج و هجروا السّبب الّذي امروا بمودّته و اصابوا بالامر غير اهله و نقلوا البناء من غروس اساسه و بنوه في غير موضعه فتلك لعمري اكبر الكبائر فتحوا علي انفسهم باب البلاء و اغلقوا باب العافية و تركوا الرّخاء و اختاروا البلاء فصاروا في غمرة تغشي ابصار النّاظرين و ريب بنته لها عقول الطّامعين منها يشعث البنيان و اتّبعوا ملّة من شكّ و ظلم و حسد و ركن الي الدّنيا و هو القائل لاشباهه في الاسلام مضاهيا للسّامريّ في قوله مقتديا به في فعاله جاهلا لحقّ القرابة مستكبرا عن الحقّ ملقيا بيديه الي التّهلكة بعد البيان من اللّه عزّ و جلّ و الحجج الّتي تتلو بعضها بعضا معتديا علي القرابة كما اعتدي في السّبت اهله الا و انّ لكلّ دم ثائر و انّ الثّائر يريد دماءنا و الحاكم في حقّ ذي القربي و اليتامي و المساكين و أبناء السّبيل اللّه الّذي لا يفوته مطلوب يؤثر حذو النّعل بالنّعل ماكلا بماكل و مشربا بمشرب امرّ من طعم العلقم

ص: 144

و كما هو ات قريب و بحسبكم ما تزوّدتم و حملتم علي ظهوركم من مطايا الخطايا مع الّذين ظلموا ثم اقبل عليه السّلام الي الحسن فقال يا بنيّ ما زال و اللّه ابوك مدفوعا عن حقّه مستاثرا عليه منذ قبض رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله و سلّم حتّي يوم النّاس هذا و سيعلم الّذين ظلموا ايّ منقلب ينقلبون اقول الغلّ الضّعن و الخيانة و السّرقه الاضطهاد من الضّهد بمعني القهر و مضطهد اي مقهور الولائج جمع الوليجة و هي البطانة و الّدخلاء و الخاصة يشعث البنيان اي نعيّر و يتفرق مضاهيا اي مشابها العلقم شجر مرّ و الحنظل

53 و من كلامه عليه السّلام

المسترشد ص 92 و قال عليه السّلام في مقام اخر و ذلك بعد وفاة رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لمّا عدلوا بالامر عنه عليه السّلام ايّها النّاس استصحبوا من شعلة مصباح واضح و امتاحوا من عين صافية قد روّقت من الكدر و امتاروا من طور الياقوت الاحمر فلعمري ما فوّض اليكم و اعلموا انّ الّذي هو اعلم بكم لو وقفتم ببابه و قلّدتموه الامر هداكم فليس المعروف كلّما عرفتموه و ليس المنكر كلّما انكرتموه فلربّما سمّيتم المعروف منكرا و سمّيتم المنكر معروفا و احتجتم الي رأي البائس

ص: 145

الفقير الّذي يحدث الرّأي بعد الرّأي يريد ان يلصق ما لا يلتصق بنقض رايه ما قد ابرمه ال الرّسول صلّي اللّه عليه و اله و سلّم و يهدم ما قد شيّدوه لكم و لو سلّمتم الامر لاهله سلمتم و لو ابصرتم باب الهدي رشدتم اللّه اللّه عباد اللّه القوا هذه الازمّة الي صاحب الامر عفوا و لا تقيسوا هذه الامور بآرائكم فترتدّوا القهقري علي اعقابكم و لا تتّكلوا علي اعمالكم خوفا ممّا في غبّ اناتكم و لا تزولوا عن صاحب الامر فتذوقوا غبّ فعالكم الا فتمسّكوا من امام الهدي بحجزته و خذوا من يهديكم و لا يضلّكم فانّ العروة الوثقي تفوتكم انّ اللّه مع الّذين اتّقوا و هم محسنون اقول قوله و امتاحوا من متح الماء بمعني نزعه قوله روقت من الرّوق و هو الصافي من الماء و ضدّه الكدر قوله و امتاروا من الميرة و هي جلب الطّعام الطور ما كان علي حدّ الشيء او بازائه الغبّ بالكسر العاقبة الاناة الحلم و الوقار و الغاية و الادراك الحجزة بالضم و السكون معقد الازار و قد استعير الاخذ بالحجزة للتمسك و الاعتصام و استعار لفظة الحجزة لهدي الهادي و لزوم قصده و الاقتداء به

54 و من كلامه عليه السّلام

ص: 146

المسترشد ص 94 قال عليه السّلام يا معشر قريش انّا اهل البيت احقّ بهذا الامر منكم ما كان فينا من يقرأ القرآن و يعرف السّنّة و يدين بدين الحقّ فخشي القوم ان انا ولّيت عليهم ان لا يكون لهم في الامر نصيب ما بقوا او اخذ بانفاسهم و اعترض في حلوقهم فاجمعوا جماعا واحدا فصرفوا الولاية عنّي الي عثمان و اخرجوني من الامرة عليهم رجاء ان ينالوها و يتداولوها ثمّ قالوا هلّم فبايع و الاّ جاهدناك فبايعت مستكرها و صبرت محتسبا فقال عبد الرّحمن يابن ابي طالب انّك علي هذا الامر لحريص قلت حرصي علي ان يرجع اليّ حقّي في عافية و لا يجوز لي عنه السّكوت لاثبات الحجّة عليكم و أنتم حرصتم علي دنيا تبيد فانّي قد جعلني اللّه و رسوله اولي به منكم و أنتم تصرفون وجهي دونه و تحولون بيني و بينه فبهتوا و اللّه لا يهدي القوم الظّالمين اللّهمّ انّي استعديك علي قريش فانّهم قطعوا رحمي و اضاعوا سنّتي و صغّروا عظيم منزلتي

ص: 147

و اجمعوا علي منازعتي امرا كنت اولي النّاس به منهم فسلبونيه ثمّ قالوا الاّ انّ في الحقّ ان تأخذه و في الحقّ ان تمنعه فاصبر كمدا اومت متاسفا حنقا و ايم اللّه ان استطاعوا ان يدفعوا قرابتي كما قطعوا سنّتي فعلوا و لكن لم يجدوا الي ذلك سبيلا و كان نبيّ اللّه صلّي اللّه عليه و اله و سلّم عهد اليّ فقال يابن ابي طالب لك ولاية امّتي من بعدي فان ولّوك في عافية و اجتمعوا عليك بالرّضا فقم بامرهم و ان اختلفوا عليك فدعهم و ما هم فيه فانّ اللّه سيجعل لك مخرجا فنظرت فاذا ليس معي رافد و لا ذابّ و لا مساعد الاّ اهل بيتي فضننت بهم عليّ الموت و الهلاك و لو كان بهم حمزة او اخي جعفر ما بايعت كرها فاغضيت علي القذي و تجرّعت علي الشّجي و صبرت من كظم الغيظ عليّ امرّ من العلقم و الم للقلوب من حزّ الشّفار ثمّ تفاقمت الامور فما زالت تجري علي غير جهتها فصبرت عليكم حتّي نقمتم علي عثمان اتيتموه فقتلتموه خذله اهل بدر

ص: 148

و قتله اهل مصر و اللّه ما امرت و لا نهيت عنه و لو امرت به لكنت قاتلا و لو نهيت عنه لصرت ناصرا ثمّ جئتموني لتبايعوني فابيت عليكم و امسكت يدي فنازعتموني و ارفعتموني و بسطتم يدي فكففتها و مددتموها فقبضتها ثمّ تداككتم عليّ تداكك الهيم علي حياضها يوم ورودها و ازدحمتم عليّ حتّي ظننت انّ بعضكم قاتل بعضا و انّكم قاتلي حتّي انقطع النّعل و سقط الرّداء و وطيء الضّعيف و بلغ من سرور النّاس ببيعتهم ايّاي ان حمل الصّغير و خرج اليها الكبير و تحامل اليها العليل و حسرت اليها الكفّار فقلتم بايعنا لا نجد غيرك و لا نرضي الاّ بك فبايعنا لا نتفرّق و لا نختلف فبايعتكم علي كتاب اللّه و سنّة نبيّه صلّي اللّه عليه و اله و سلّم و دعوت النّاس الي بيعتي فمن بايعني طائعا قبلت منه و من ابي تركته فبايعني فيمن بايعني طلحة و الزّبير و لوابيا ما اكرهتهما كما لم اكره غيرهما و كان طلحة يرجوا اليمن و الزّبير يرجو

ص: 149

العراق فلمّا علما انّي غير موليّهما استاذنا في العمرة يريدان الغدرة فاتيا عايشة فاستخفاها مع شيء كان في نفسها عليّ و النّساء نواقص العقول و نواقص الايمان و نواقص الخطوط فامّا نقصان ايمانهنّ فقعودهنّ عن الصّلوة في ايّام حيضهنّ و امّا نقصان عقولهنّ فلا شهادة لهنّ الاّ في الدّين و شهادة امراتين برجل و امّا نقصان حظوظهنّ فمواريثهنّ علي الانصاف من مواريث الرّجال و قادهما عبد اللّه بن عامر الي البصرة و ضمن لهما الاموال و الرّجال فبيناهما يقودانها اذ هي تقودهما فاتّخذاها دريئة يقاتلان بها و الي خطيئة اعظم ممّا اتيا اخرجا امّهما زوجة رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله و سلّم و كشفا عنها حجابا ستره اللّه جلّ اسمه عليها و صانا حلائلهما ما انصفا اللّه و رسوله فاصابوا ثلاث خصال من حقّها علي من فعلها من النّاس في كتاب اللّه عزّ و جلّ البغي و النّكث و المكر قال اللّه تعالي يا ايّها النّاس انّما

ص: 150

بغيكم علي انفسكم و قال تعالي و من نكث فانّما ينكث علي نفسه و قال و لا يحيق المكر السّيئي الاّ باهله فقد و اللّه بغيا عليّ و نكثا بيعتي و غدر ابي انّي منيت بأربعة ما مني احد بمثلهنّ منيت باطوع النّاس في النّاس عايشة بنت ابي بكر و اشجع النّاس الزّبير بن العوّام و باخصم النّاس طلحة بن عبيد اللّه و باكثر النّاس ما لا يعلي بن حنبة التّميمي اعان عليّ باصراع الدّنانير و اللّه لئن استقام هذا الامر لاجعلنّ ماله و ولده فيئا للمسلمين فاتيا البصرة و اهلها مجتمعون علي طاعتي و بيعتي و بها شيعتي و خزّان بيت مال المسلمين فدعوا النّاس الي معصيتي و الي نقض بيعتي فمن اطاعهم اكفروه و من عصاهم قتلوه فثار بهم حكيم بن جبلّة العبديّ في سبعين رجلا من عبّاد اهل البصرة و كانوا يسمّون اصحاب الثّفنات كانّ جبهاتهم ثفنات الابل و ابي ان يبايعهما يزيد بن الحرث اليشكريّ

ص: 151

و هو شيخ اهل البصرة يومئذ و قال اتّقيا اللّه انّ اوّلكما قادنا الي الجنّة فلا يقودنا اخركما الي النّار امّا يميني فشغلها عليّ عليه السّلام عنّي و امّا شمالي فهذه خذاها فارغة ان شئتما فخنّق حتّي مات و قام عبد اللّه بن حكيم التّميمي فقال يا طلحة تعرف هذا الكتاب قال نعم هذا كتابي اليك قال هل تدري ما فيه قال اقراه عليّ فقرأ فاذا فيه عيب عثمان و دعاءه الي قتله ثمّ اخذا عاملي عثمان بن حنيف امير الانصار فمثّلا به نتفا كلّ شعرة في راسه و وجهه و قتلا شيعتي طائفة صبرا و طائفة غدرا و طائفة جالدوا باسيافهم حتّي لقوا اللّه عزّ و جلّ صادقين فو اللّه لو لم يصيبوا منهم الاّ رجلا واحدا متعمّدين بقتله لحلّ لي قتالهم و قتل ذلك الجيش كلّه امّا طلحة فرماه مروان بسهم فقتله و امّا الزّبير فذكّر قول رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله و سلّم له تقاتل عليّا و انت ظالم فرجع من الحرب علي عقبه و امّا عايشه فانّ نبيّ اللّه نهاها

ص: 152

عن مسيرها فعضّت يدها ندامة علي ما كان منها و كان طلحة لمّا نزل بذي قار قام خطيبا و قال ايّها النّاس انّا اخطانا في امر عثمان خطيئة لا يخرجنا منها الاّ الطّلب بدمه و عليّ قاتله عليه القود و قد نزل ذا قار مع نسّاجيّ اليمن و قصّابي و منافقي مصر فلمّا بلغني ذلك كتبت اليه انا شده بحقّ محمّد صلّي اللّه عليه و اله و سلّم الست اتيتني في اهل مصر و قد حضروا عثمان فقلت انهض بنا الي هذا الرّجل فانّا لا نستطيع قتله الاّ بك الا تعلم انّه سيّر ابا ذر و فتق بطن عمّار و اوي الحكم بن ابي العاص طريد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله و سلّم و استعمل الفاسق في كتاب اللّه الوليد بن عقبة بن ابي معيط و قد ضرب في الخمر و سلّط خالد بن الوليد علي عرفطة العذريّ و انحي علي كتاب اللّه يحرّفه و يحرقه فقلت لا اري قتله اليوم و انت اليوم تطلب بدمه فاتياه معكما عمرو و سعيد فخلّيا عنهما يطلبان بدم ابيهما متي كانت اسد و تيم اولياء دم بني

ص: 153

اميّة فانقطعا عند ذلك و قام عمران بن الحصين الخزاعيّ صاحب رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فقال يا هذان لا تخرجانا من طاعة اللّه علي انفسكما و لا تحملانا علي نقض بيعته فانّها للّه رضي اما وسّعتكما بيوتكما حتّي جئتما امّ المؤمنين لطاعتها ايّاكما من مسيرها معكما و كفي عنّا انفسكما و ارجعا فابيا عليه ثمّ نظرت في اهل الشّام فاذا هم بقيّة الاحزاب و حثالة الاعراب فراش نار و ذبّان طمع تجمّعوا من كلّ اوب و منزل ممّن كان ينبغي ان يؤدّب و يدرّب و يولّي عليه ليسوا من المهاجرين و الانصار و لا التّابعين باحسان فسرت اليهم و دعوتهم الي الطّاعة و الجماعة فابوا الاّ شقاقي و عنادي و فراقي و قاموا في وجوه المسلمين ينضحونهم بالنّبل فهناك نهدت اليهم بالمسلمين فقاتلوهم فلمّا عضّهم السّلاح و وجدوا الم الجراح رفعوا المصاحف يدعون الي ما فيها فأنبأتهم انّهم ليسوا باصحاب دين و لا قرآن و انّهم

ص: 154

رفعوها خديعة و مكرا و مكيدة و غدرا فامضوا الي حقّكم و قتالكم فابيتم عليّ و قلتم اقبل منهم فان اجابونا الي ما في الكتاب جامعونا علي ما نحن عليه من الحقّ و ان ابوا كان اعظم لحجّتنا عليهم فقبلت منهم و كففت عنهم و كان الصّلح بينكم و بينهم علي رجلين حكمين يحييان ما احيا القرآن و يميتان ما امات القرآن فاختلف رايهما و تفرّق حكمهما و نبذا حكم القرآن و خالفا ما في الكتاب و اتّبعا اهوائهما بغير هدي من اللّه فجنّبهما اللّه السّداد و ركبهما في الضّلال و انحازت فرقة عنّا فتركناهم و ما تركونا فقلنا ادفعوا الينا قتلة اخواننا ثمّ كتاب اللّه بيننا و بينكم فقالوا كلّنا قتلهم و كلّنا استحلّ دماءهم و دمائكم فشدّت عليهم خيلنا فصرعهم اللّه مصارع الظّالمين اقول قد نقل الرضي رضي اللّه عنه بعض فقرات هذه الخطبة في النّهج رايت نقل ما لم ينقل هناك تتميما للفائدة و توفير العائدة الحنق محركة الغيظ الرّافد المعين قوله فاغضيت علي القذا اي ادنيت الجفون ممّا وقع في العين قوله و تجرّعت علي الشجي اي بلّعت علي ما اعترض في حلقي العلقم الحنظل و كلّ شيء طعمه مرّ قوله حزّ الشفار اي قطع السّيوف تفاقمت الامور اي لم تجر علي الاستواء تداككتم علي تداكك الهيم اي ازدحمتم

ص: 155

علي ازدحام الابل العطاش الدّريئة الدفيعة و الحلقة ليتعلم الطعن و الرمي عليها و لا يحيق المكر النسيء الاّ باهله اي لا يحيط و ينزل الاّ باهله قوله منيت اي ابتلأت و اختبرت اصراع الدنانير اعطاءها و طرحها حثالة الاعراب بضم الحاء اي الرّدي من الاعراب و ارازلهم قوله فراش نار الفراش بفتح الفاء و تخفيف الرّاء جمع الفرّاشة و هي صغار البق و قيل شبهة بالبعوض يتهافت في النّار و دبّان جمع الذباب ينضحونهم بالنبل اي يرمونهم نهدت اي نهضت

55 و من خطبه عليه السّلام

الجزء الثامن من البحار المشتهر بالفتن و المحن للعلامة المجلسي ره طبع امين الضرب ص 169 نقلها عن كتاب العدد عن كتاب الارشاد لكيفيته الطلب في أئمه العباد لمحمّد بن الحسن الصّفار مؤلف كتاب بصائر الدّرجات انّه قال قال و قد كفانا امير المؤمنين صلوات اللّه عليه المؤنة في خطبة خطبها اودعها من البيان و البرهان ما يجلي الغشاوة عن ابصار متامّليه و العمي عن عيون متدبّريه و حلينا هذا الكتاب بها ليزداد المسترشدون في هذا الامر بصيرة و هي منّة اللّه جلّ ثنائه علينا و عليهم يجب شكرها خطب صلوات اللّه عليه فقال ما لنا و لقريش و ما تنكر منّا قريش غير انّا اهل بيت شيّد اللّه فوق بنيانهم بنياننا و اعلا فوق رؤوسهم رءوسنا و اختارنا اللّه عليهم فنقموا علي اللّه ان اختارنا عليهم و سخطوا ما رضي اللّه و احبّوا ما كره اللّه فلمّا اختارنا اللّه عليهم شركناهم في حريمنا و عرّفناهم الكتاب و النّبوّة و علّمناهم الفرض و الدّين و حفّظناهم الصّحف و الزّبر و ديّنّاهم الدّين و الاسلام فوثبوا علينا و التونا اسباب اعمالنا و اعلامنا و جحدوا حقّنا

ص: 156

اللّهمّ فانّي استعديك علي قريش فخذ لي بحقّي منها و لا تدع مظلمتي لديها و طالبهم يا ربّ بحقّي فانّك الحكم العدل فانّ قريشا صغّرت عظيم امري(قدري)و استحلّت المحارم منّي و استخفّت بعرضي و عشيرتي و قهرتني علي ميراثي من ابن عمّي و اعزوا بي اعدائي و وترا بيني و بين العرب و العجم و سلبوني ما مهدّت لنفسي من لدن صباي بكدّي و جهدي و منعوني ما خلّفه اخي و جسمي(و حميمي)و شقيقي و قالوا انّك لحريص متهم أ ليس بنا اهتدوا من متاه الكفر و من عمي الضّلالة وعيّ الظّلماء(الجهالة) أ ليس انقذتهم من الفتنة الصّمّاء و المحنة العمياء ويلهم الم اخلصتهم من نيران الطّغاة و كرّة العتاة و سيوف البغاة و وطئة الاسد و مقارعة الطّماطمة و مماحكة(مجادلة)القماقمة الّذين كانوا عجم العرب و غنم الحروب و قطب الاقدام و جبال القتال و سهام الخطوب و سلّ(سيل)السّيوف أ ليس بي

ص: 157

كان يقطّع الدّروع الدّلاص و تصطلم الرّجال الحراص و بي كان تفري جماجم البهم و هام الابطال اذا فزعت تيم الي الفرار و عديّ الي الانتكاص اما و انّي لو اسلمت قريشا للمنايا و الحتوف و تركتها فحصدها سيوف الغوانم(العرازم)و وطئتها خيول الاعاجم و كرّات الاعادي و حملات الاعالي و طحنتهم سنابك الصّافنات و حوافر الصّاهلات في مواقف الازل و الهزل في ظلال(طلاب)الاعنّة و بريق الاسنّة ما بقوا لهضمي و لا عاشوا لظلّي و لما قالوا انّك لحريص متّهم اليوم نتواقف علي حدود الحقّ و الباطل اللّهمّ افتح بيننا وبين قومنا بالحقّ فانّي مهّدت مهاد نبوّة محمّد صلّي اللّه عليه و اله و سلّم و رفعت اعلام دينك و اعلنت منار رسولك فوثبوا عليّ و غالبوني و نالوني (و قالوني)و واتروني فقام اليه ابو حازم الانصاري فقال يا امير المؤمنين ابو بكر و عمر ظلماك ا حقّك اخذوا علي الباطل مضيا ام علي حق كانا اعلي صواب ا قاما ام ميراثك غصبا ا فهمنا لنعلم باطلهم من حقك او نعلم حقهما من حقك ابّراك امرك

ص: 158

ام غصباك امامتك ام غالباك فيها عزّا ام سبقاك اليها عجلا فجرت الفتنة و لم تستطع منها استقلالا فانّ المهاجرين و الانصار يظنّان انّهما كانا علي احق و علي الحجة الواضحة مضيا فقال صلوات اللّه عليه يا اخا اليمن لا بحقّ اخذا و لا علي اصابة اقاما و لا علي دين مضيا و لا علي فتنة خشيا يرحمك اللّه اليوم نتواقف علي حدود الحقّ و الباطل أ تعلمون يا اخواني انّ بني يعقوب علي حقّ و محجّة كانوا حين باعوا اخاهم و عقّوا اباهم و خانوا خالقهم و ظلموا انفسهم فقالوا لا فقال او ليس كلّ فعل بصاحبه ما فعل لحسده ايّاه و عدوانه و بغضائه له فقالوا نعم قال و كذلك فعلا بي ما فعلا حسدا ثمّ انّه لم يتب علي ولد يعقوب الاّ بعد استغفار و توبة و اقلاع و انابة و اقرار و لو انّ قريشا تابت اليّ و اعتذرت من فعلها لاستغفرت اللّه لها ثم قال عليه السّلام انطق لكم العجماء ذات البيان و افصح الخرساء ذات البرهان لانّي فتحت الاسلام و نصرت الدّين و عزّزت الرّسول و ثبّتت اركان الاسلام و بيّنت اعلامه و اعليت مناره و

ص: 159

اعلنت اسراره و اظهرت اثاره و حاله و صفيت الدّولة و وطئت للماشي و الرّاكب ثمّ قدتها صافية علي انّي بها مستاثر ثم قال بعد كلام ثمّ سبقتني اليه التّيميّ و العدويّ كسباق الفرس احتيالا و اغتيالا و خدعة و غلبته ثم قال بعد كلام اليوم انطق الخرساء ذات البرهان و افصح العجماء ذات البيان فانّه شارطني رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله في كلّ موطن من مواطن الحروب و صافقني علي ان احارب للّه و احامي للّه و انصر رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله جهدي و طاقتي و كدحي و كدّي و احامي عن حريم الاسلام و ارفع عن اطناب الدّين و اعزّ الاسلام و اهله علي انّ ما فتحت و بيّنت عليه دعوة الرّسول صلّي اللّه عليه و اله و قرأت فيه المصاحف و عبد فيه الرّحمن و فهم به القرآن فلي امامته و حلّه و عقده و اصداره و ايراده و لفاطمة فدك و ممّا خلّفه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله النّصف فسبقاني الي جميع نهاية

ص: 160

الميدان يوم الرّهان و ما شككت في الحقّ منذ رايته هلك قوم اوجفوا عنّي انّه لم يوجس موسي في نفسه خيفة و ارتيابا و لا شكّا فيما اتاه من عند اللّه و لم اشكك فيما اتاني من حقّ اللّه و لا ارتبت في امامتي و خلافة ابن عمّي و وصيّة الرّسول و انّما اشفق اخي موسي من غلبة الجهّال و دول الضّلاّل و غلبة الباطل علي الحقّ و لمّا انزل اللّه عزّ و جلّ وات ذا القربي حقّه دعا رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله فاطمة فنحلّها فدك و اقامني للنّاس علما و اماما و عقد لي و عهد اليّ فانزل اللّه عزّ و جلّ اطيعوا اللّه و اطيعوا الرّسول و اولي الامر منكم فقاتلت حقّ القتال و صبرت حقّ الصّبر عليّ انّه اعزّ تيما و عديّا علي دين اتت به تيم و عديّ ام علي دين اتي به ابن عمّي و صنوي و جسمي عليّ ان انصر تيما و عديّا ام انصر ابن عمّي و حقّي و ديني و امامتي و انّما قمت تلك المقامات و احتملت تلك الشّدائد و تعرّضت للحتوف علي ان تصيبني من الاخرة موفّرا و انّي صاحب محمّد و خليفته و

ص: 161

امام امّته بعده و صاحب رايته في الدّنيا و الاخرة اليوم اكشف السّريرة عن حقّي و اجلي القذي عن ظلامتي حتّي يظهر لاهل اللّبّ و المعرفة انّي مذلّل مضطهد مظلوم مغصوب مقهور محقور و انّهم ابتزّوا حقّي و استأثروا بميراثي اليوم نتواقف علي حدود الحقّ و الباطل من استودع خائنا فقد غشّ نفسه من استرعي ذئبا فقد ظلم من ولّي غشوما فقد اضطهد هذا موقف صدق و مقام انطق فيه بحقّي و اكشف السرّ و الغمّة عن ظلامتي يا معشر المجاهدين المهاجرين و الانصار اين كانت سبقة تيم و عديّ الي سقيفة بني ساعدة خوف الفتنة الا كانت يوم الابواء اذا تكاثفت الصّفوف و تكاثرت الحتوف و تقارعت السّيوف ام هلاّ خشيا فتنة الاسلام يوم ابن عبدودّ و قد نفخ بسيفه و شمخ بانفه و طمح بطرفه و لم لم يشفقا علي الدّين و اهله يوم بواط اذا اسوّد لون الافق و اعوّج عظم العنق و انحلّ سيل الغرق و لم لم يشفقا يوم رضوي اذ السّهام

ص: 162

تطير و المنايا تسير و الاسد تزءر و هلاّ بادرا يوم العشيرة اذ الاسنان تصطكّ و الاذان تستكّ و الدّروع تهتكّ و هلاّ كانت مبادرتهما يوم بدر اذ الارواح في السّعداء ترتقي و الجياد بالصّناديد ترتدي و الارض من دماء الابطال ترتوي و لم لم يشفقا علي الدّين يوم بدر الثانية و الرّعابيت ترعب و الاوداج تشخب و الصّدور تخصب ام هلاّ بادرا يوم ذات اللّيوث و قد ابيح النّولب و اصطلم الشّوقب و ادلهمّ الكوكب و لم لا كانت شفقتهما علي الاسلام يوم الكدو و العيون تدمع و المنيّة تلمع و الصّفايح تنزع ثم عدّ وقايع النبيّ صلي اللّه عليه و اله كلّها علي هذا النسق و قرعهما بانهما في هذه المواقف كلّها كانا مع النّظارة و الخوالف و القاعدين فكيف بادر الفتنة بزعمهما يوم السقيفة و قد توطأ الاسلام بسيفه و استقر قراره و زال خداره ثم قال عليه السّلام بعد ذلك كلّه ما هذه الدّهماء و الدّهياء الّتي و ردت علينا من قريش انا صاحب هذه المشاهد و ابو هذه المواقف و ابن هذه الافعال يا معشر المهاجرين و الانصار انّي علي بصيرة من امري و علي ثقة من ديني اليوم انطقت الخرساء البيان و فهمّت العجماء الفصاحة و اتيت العمياء البرهان هذا يوم ينفع الصّادقين صدقهم قد توافقنا علي حدود الحقّ و الباطل و اخرجتكم من الشّبهة

ص: 163

الي الحقّ و من الشّك الي اليقين فتبرّءوا رحمكم اللّه ممّن انكث البيعتين و غلب الهوي به(عليه)فضّل و ابعدوا رحمكم اللّه ممّن اخفي العذر و طلب الحقّ من غير اهله فتاه و العنوا رحمكم اللّه من انهزم الهزيمتين اذ يقول اللّه اذا لقيتم الّذين كفروا زحفا فلا تولّوهم الادبار و من يولّهم يومئذ دبره الاّ متحرّفا لقتال او متحيّزا الي فئة فباءوا بغضب من اللّه و قال و يوم حنين اذا عجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا و ضاقت عليكم الارض بما رحبت ثمّ ولّيتم مدبرين و اغضبوا رحمكم اللّه علي من غضب اللّه عليهم و تبرّءوا رحمكم اللّه ممّن يقول فيه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله يرتفع يوم القيمة ريح سوداء تختطف من دوني قوما من اصحابي من عظماء المهاجرين فاقول اصحابي فيقال يا محمّد انّك لا تدري ما احدثوا بعدك و تبرّء و ارحمكم اللّه من النّفس الضّالّ من قبل ان يأتي يوم لا بيع فيه و لا خلال فيقولوا ربّنا ارنا الّذين اضلاّنا من الجنّ و الانس نجعلهما تحت اقدامنا ليكونا من الاسفلين

ص: 164

و من قبل ان يقولوا يا حسرتا علي ما فرّطت في جنب اللّه و ان كنت لمن السّاخرين او يقولوا و ما اضلّنا الاّ المجرمون او يقولوا ربّنا انّا اطعنا سادتنا و كبراءنا فاضلّونا السّبيلا انّ قريشا طلبت السّعادة فشقيت و طلبت الهداية فضلّت انّ قريشا قد اضلّت اهل دهرها و من يأتي من بعدها من القرون انّ اللّه تبارك اسمه وضع امامتي في قرآنه فقال و الّذين يبيتون لربّهم سجّدا و قياما و الّذين يقولون ربّنا هب لنا من ازواجنا و ذرّيّاتنا قرّة عين و اجعلنا للمتّقين اماما و قال الّذين ان مكّنّاهم في الارض اقاموا الصّلوة و اتوا الزّكوة و امروا بالمعروف و نهوا عن المنكر و للّه عاقبة الامور و هذه خطبة طويلة و قد قال صلوات اللّه عليه في بعض مقاماته كلاما لو لم يقل غيره لكفي قوله صلوات اللّه عليه انا وليّ هذا الامر دون قريش لان رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله بعتق الرقاب من النّار و بعتقها من السّيف و هذان لمّا اجتمعا كانا افضل من عتق الرّقاب من الرّق فما كان لقريش علي العرب برسول اللّه صلي اللّه عليه و اله كان لبني هاشم و ما كان لبني هاشم علي قريش و ما كان لبني هاشم علي قريش برسول اللّه كان لي علي بني هاشم لقول رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يوم غدير خمّ من كنت مولاه فعليّ مولاه(انتهي)قال المجلسي بيان ديّناهم علي بناء التفعيل اي جعلنا الاسلام دينهم و قررناهم عليه قال الفيروز ابادي و انّ فلانا حمله علي ما يكره و ازلّه و ديّنه تديينا و كله الي دينه و في المناقب و علمناهم الفرائض و السّنن و حفظناهم الصّدق و اللّين و ورثناهم الدين قوله و التونا اي نقصونا و

ص: 165

منعونا ما هو من اسباب قوتنا و اقتدارنا و اعلامنا بالفتح اي ما هو علامة لامامتنا و دولتنا او بالكسر اي ما هو سبب تعليمنا كما قال اللّه و ما التناهم من عملهم و في المناقب و التوونا من التوي عن الامر اي تثاقل وليّ الغريم معروف و يقال استعديت علي فلان الامير فاعداني اي استعنت به عليه فاعانني عليه قوله و وتروا اي القوا الجنايات و الدخول بيني و بين العرب و العجم فانهم غصبوا خلافتي و اجرو الناس علي الباطل فصار ذلك سببا للحروب و سفك الدماء و الوتر بالكسر الجناية و الموتور الذي قتل له قتيل فلم يدرك بدمه و المتاه اسم مكان او مصدر ميمي من التيه و هو الحيرة و الضلالة و قال في النهاية فيه الفتنة الصّماء العمياء اي التي لا سبيل الي تسكينها لتناهيها في زمانها لان الاصمّ لا يسمع الاستغاثة و لا يقلع عمّا يفعله و قيل هي كالحيّة الصّماء التي لا تقبل الرّقيّ قوله و وطئة الاسد قال الجزري الوطي في الاصل الدوس بالقدم فسمي به الغزو و القتل لان من يطأ علي الشيء برجله فقد استقضي في هلاكه و اهانية و منه الحديث اللهم اشدد وطأك علي مضر اي خذهم اخذا شديدا و الطمطام معظم ماء البحر و قد يستعار لمعظم النار و استعير هنا لعظماء اهل الشرّ و الفساد و قال الجوهري المحك اللجاج و المماكحه الملاحة و القمقام البحر و الامر الشديد و السيّد و العدد الكثير قوله و عجم العرب اي كانوا من العرب بمنزلة الحيوانات العجم و غنم الحرب اي اهل غنم الحرب الذين لهم غنائمها او يغتنمونها و يمكن ان يقرأ الحرب بالتحريك و هو سلب المال و في بعض النسخ الحروب قوله و قطب الاقدام لعلّه بكسر الهمزة اي كانوا كالقطب للاقدام علي الحروب او بالفتح اي بهم كانت الاقدام تستقر في الحروب او كانت اقدامهم بمنزلة القطب للرّحا القطب ايضا سيّد القوم و ملاك الشّيء و مداره ذكره الفيروز ابادي قوله و سلّ السّيوف الحمل علي المبالغة اي سلاّل السيوف و لعله تصحيفه و الدلاص بالكسر اللين البرّاق يقال درع دلاص و ادرع دلاص قوله يفري جماجم البهم و في بعض النسخ يبري بالباء الفري الشق و البري النحت و البهم كصرد جمع بهمة و هو الفارس الذي لا يدري من اين يؤتي من شدة باسه و الجمجمة بالضم القحف و العظم فيه الدّماغ و الهام جمع هامة و هو راس كل شيء و الابطال الشجعان و النّكص الاحجام عن الامر و الرجوع عنه و الحتوف بالضم جمع الحتف و هو الموت و الغوانم الجيوش الغانمة و في بعض النسخ العرازم جمع عرزم و هو الشديد و الاسد و في بعض النسخ الغواة و السنبك بالضم طرف الحافر و صفن الفرس قام علي ثلثة قوائم و طرف حافر الرابعة و الازل الضيق و الشدّة و قوله و الهزل لعل المراد انهم لم يكونوا يثبتون في مقام الهزل فكيف في مقام الجدّ و في بعض النسخ الزلزال قوله في ظلال الاعنّة و في بعض النسخ في طلاب الاعنّة اي مطالبتها و في بعضها في اطلاق الاعنّة و هو اصوب قوله نتواقف اي وقفت علي حد الحق و وقفتم علي حدّ الباطل قوله و نالوني اي اصابوني بالمكاره و في بعض النسخ قالوني من القلا و هو البغض و يقال بزّه ثيابه

ص: 166

و ابتزّه اذا سلبه ايّاها قوله العجماء ذات البيان قيل كني عليه السّلام بها عن العبر الواضحة و ما حلّ بقوم فسقوا عن امر ربّهم و عمّا هو واضح من كمال فضله عليه السّلام و عن حال الدين و مقتضي اوامر اللّه تعالي فان هذه الامور عجماء لا نطق لها ذات البيان حالا و لمّا بينها عليه السّلام فكانه انطقها لهم و قيل العجماء صفة المحذوف اي الكلمات العجماء و المراد ما في هذه الخطبة من الامور التي و الرموز التي لا نطق لها مع انّها ذات بيان عند اولي الالباب قوله علي انّي بها مستاثر علي بناء المفعول و الاستيثار الاستبداد و الانفراد بالشيء و الكلام مسوق علي المجاز اي ثم تصرفوا في الخلافة علي وجه كانّي فعلت جميع ذلك ليأخذوها منّي مستبدّين بها و يحتمل الاستفهام الانكاري و يمكن ان يقرأ علي بناء اسم الفاعل و الكدح العمل و السّعي و الغشم الظّلم و اكتنفه احاط به و كانفه عاونه و قال الجوهري نفجه بالسّيف تناوله من بعيد قوله تزرأ زرء الرزء و الزئير صوت الاسد من صدره و الفعل كضرب و منع و سمع و في بعض النسخ بالياء و لعلّه علي التخفيف بالقلب لرعاية السّجع و الاستكاك الصّم و الصعد المشقّة او هو بالمدّ بمعني ما يصعد عليه قوله عليه السّلام ترتدي لعلّه عليه السّلام شبّه وقوعهم بعد القتل علي اعناق الجياد بارتدائها بهم او هو افتعال من الرّدي و هو الهلاك و ان لم يأت فيما عندنا من كتب اللغة و في بعض النسخ تردي فالباء زائدة او بمعني مع او للتعديه اذا قرء علي بناء المجرّد و يقال ردي الفرس كرمي اذا رجمت بحوافرها او بين العدو و المشي و الشيء كسره و فلانا صدمه وردي رديء هلك قوله و الرعابيب ترعب قال الفيروز ابادي الرعبوب الضعيف الجبان و جارية رعبوبة و رعبوب و رعبيب بالكسر شطبة تارة او بيضاء حسنة رطبة حلوة او ناعمة و من النوق طياشة او في قب و الدعاس ترعب من الدّعس و هو الطّعن و المداعسة المطاعنة قوله عليه السّلام و قد ابيح التولب الولد الحمار و هو كناية عن كثرة الغنائم او الاساري علي الاستعارة و في قب و قد امج التولب امّا بتشديد الجيم من امجّ الفرس اذا بديء بالجري قبل ان يضطرم و امجّ الرجل اذا ذهب في البلاد او بالتخفيف من امج كفرح اذا سار شديدا و لعلّه علي الوجهين كناية عن الفرار و النسخة الاولي اظهر و انسب و الاضطلام الاستيصال و الشوقب الرجل الطويل و الواسع من الحوافر و خشبتا القتب اللتان تعلق فيهما الحبال قوله و الصفائح تنزع في بعض النسخ تربع من ربع الابل اذا سرحت في المرعي و اكلت حيث شاءت و شربت و كذلك الرجل بالمكان ثم ان غزوة الابواء وقعت بعد اثني عشر شهرا من الهجرة خرج رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله من المدينة يريد قريشا و بني ضمرة قالوا ثم رجع و لم يلق كيدا و غزوة بواط كانت في السنة الثانية في ربيع الاول و بعدها في جميدي الاخرة كانت غزوة العشيرة و الرضوي جيل بالمدينة و لا يبعد كونه اشارة الي غزوة احد و ذات الليوث الي غزوة حنين و الكدر

ص: 167

و في بعض النسخ الاكيدر الي عروة دومة الجندل و في القاموس وطأه هيّأه و دمّثه و سهّله فاتطأ و واطئه علي الامر وافقه كتواطأه و توطّأه و ايتطأ كافتعل استقام و بلغ نهايته و تهيّاء و الدّهماء الفتنة المظلمة و الدّهياء و الدّاهية الشديده اقول اورد ابن شهر اشوب في المناقب الخطبة الاولي الي قوله و اين هذه الافعال الحميدة مع اختصار في بعض المواضع(انتهي)

56 و من كلامه عليه السّلام

كتاب الغيبة لمحمّد بن ابراهيم بن جعفر ابي عبد اللّه الكاتب النعماني الشهير بابن زينب المعاصر للكليني صاحب الكافي و المتوفي في المأة الرّابعة من الهجرة من نسخته المطبوعة في طهران سنه 1317 ص 71 عن احمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة الكوفي قال حدّثنا احمد بن محمّد الدينوري قال حدّثنا عليّ بن الحسن الكوافي عن عميرة بنت اوس قالت حدّثني جدّي الخضر بن عبد الرحمن عن ابيه عن جدّه عمر بن سعيد عن امير المؤمنين عليّ بن ابي طالب عليه السّلام انّه قال لحذيفة بن اليمان يا حذيفة لا تحدّث النّاس بما لا يعلمون(لا يعرفون)فيطغوا و يكفروا انّ من العلم صعبا شديدا محمله لو حملته الجبال عجزت عن حمله انّ علمنا اهل البيت يستنكر و يبطل و يقتل رواته و يساء الي من يتلوه بغيا و حسدا لما فضّل اللّه به عترة النبيّ (الوصي)وصيّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله يابن اليمان انّ النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله تفل في فمي و امرّ يده علي صدري و قال اللّهمّ اعط خليفتي و وصيّيي و قاضي ديني و

ص: 168

منجز وعدي و امانتي و وليّي و وليّ حوضي و ناصري علي عدوّك و عدوّي و مفرّج الكرب عن وجهي ما اعطيت ادم من العلم و ما اعطيت نوحا من الحلم و ما اعطيت ابراهيم من العترة الطّيّبة و السّماحة و ما اعطيت ايّوب من الصّبر عند البلاء و ما اعطيت داود من الشّدة عند منازلة الاقران و ما اعطيت سليمان من الفهم لا تخف عن عليّ شيئا من الدّنيا حتّي تجعلها كلّها بين عينيه مثل المائدة الصّغيرة بين يديه اللّهمّ اعطه جلادة موسي و اجعل في نسله شبيه عيسي اللّهمّ انّك خليفتي عليه و علي عترته و علي ذرّيّته الطّيّبة المطهّرة الّتي اذهبت عنها الرّجس و النّجس و صرفت عنها ملامسة الشّيطان اللّهمّ ان بغت قريش عليه و قدّمت غيره عليه فاجعله بمنزلة هرون من موسي اذ غاب عنه موسي ثمّ قال يا عليّ كم من ولدك من ولد فاضل يقتل و النّاس قيام ينظرون لا يعيّرون فقبحت امّة تري اولاد نبيّها يقتلون ظلما و لا يعيّرون انّ القاتل و الامر و المساعد

ص: 169

الّذي لا يعيّر كلّهم في الاثم و اللّعان مشتركون يابن اليمان انّ قريشا لا تنشرح صدورها و لا ترضي قلوبها و لا تجري ألسنتها ببيعة عليّ و موالاته الاّ علي الكره و العمي و الطّغيان يابن اليمان ستبايع قريش عليّ ثمّ تنكث عليه و تحاربه و تناضله و ترميه بالعظائم و بعد عليّ بالحسن و ستنكث عليه ثمّ يلي الحسين فيقتل فلعنت امّة تقتل ابن بنت نبيّها و لا تعزّ من امّة و لعن القائد لها و المرتّب لجيشها فو الّذي نفس عليّ بيده لا تزال هذه الامّة بعد قتل الحسين ابني في ضلال و ظلمة و عسفة و جور و اختلاف في الدّين و تغيير و تبديل لما انزل اللّه في كتابه و اظهار البدع و ابطال السّنن و اختلاف و قياس مشتبهات و ترك محكمات حتّي تنسلخ من الاسلام و تدخل في العمي و التّلدّد و التّكسّع ما لك يا بني اميّة و مالك يا بني فلان لك الاتعاس فما في بني فلان الاّ ظالم معتد متمرّد علي اللّه بالمعاصي قتّال لولدي هتّاك لستر

ص: 170

حرمتي فلا تزال هذه الامّة جبّارين يتكالبون علي حرام الدّنيا منغمسين في بحار الهلكات في اودية الدّماء حتّي اذا غاب المتغيّب من ولدي عن عيون النّاس و ماج النّاس بفقده او بقتله او بموته اطلعت الفتنة و نزلت البليّة و اتيحت العصبيّة و غلا النّاس في دينهم و اجتمعوا علي انّ الحجّة ذاهبة و الامامة باطلة و يحجّ حجيج النّاس في تلك السّنة من شيعة عليّ و نواصبهم للتّمكّن و التّجسّس عن خلف الخلف فلا يري له اثر و لا يعرف له خلف فعند ذلك سبّت شيعة عليّ سبّها اعدائها و غلبت عليها الاشرار و الفسّاق باحتجاجها حتّي اذا تعبت الامّة و تدلّهت اكثرت في قولها انّ الحجّة هالكة و الامامة باطلة فوربّ عليّ انّ حجّتها عليها قائمة ماشية في طرقاتها داخلة في دورها و قصورها جوّالة في شرف الارض و غربها يسمع الكلام و يسلّم علي الجماعة يري و لا يري الي يوم الوقت و الوعد و نداء المنادي من السّماء ذلك يوم سرور

ص: 171

ولد عليّ و شيعة عليّ(و شيعته)عليه السّلام اقول السّماحة الجود التعيير التقبيح يقال عيّرته اي قبّحته العسف بالفتح و السّكون الاخذ علي غير الطريق و الظلم ايضا و كذا التعسّف و الاعتساف قوله التلدّد قال الفيروز ابادي تلدّد اي تلفّت يمينا و شمالا و تحيّر قوله التسكّع اي التمادي في الباطل الاتعاس جمع التّعس بمعني الهلاك الاتاحة التعرض فيما لا يعني يقال اتاحه اللّه فاتيح التدلّه ذهاب العقل و التحيّر من الهوي يقال دلهه الحبّ اي حيّره و دهّشه

57 و من خطبه عليه السّلام

خطبة الحكمة و الوسيلة و الخلافة قد نقلها ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني رضوان اللّه عليه في اوّل روضة الكافي رواها عن محمد بن عليّ بن معمّر عن محمد بن علي بن عكاية التميمي عن الحسين بن النّضر العبديّ و الفهريّ عن ابي عمرو الاوزاعي عن عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد قال دخلت علي ابي جعفر عليه السّلام فقلت يابن رسول اللّه قد ارمضني اختلاف الشيعة في مذاهبها فقال يا جابر الم اقفك علي معني اختلافهم من اين اختلفوا و من ايّ جهة تفرّقوا فلا تختلف اذا اختلفوا يا جابر انّ الجاحد لصاحب الزّمان كالجاحد لرسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله و سلّم في ايّامه يا جابر اسمع و ع قلت اذا شئت قال اسمع وع و بلّغ حيث انتهت بك راحلتك انّ امير المؤمنين عليه السّلام خطب النّاس بالمدينة بعد سبعة ايّام من وفات رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و ذلك حين فرغ من جمع القرآن و تاليفه فقال الحمد للّه الّذي منع الاوهام

ص: 172

ان تنال الي وجوده و حجب العقول ان تتخيّل ذاته لامتناعها من الشبه و التّشاكل بل هو الّذي لا يتفاوت في ذاته و لم يتبعّض بتجزية العدد في كماله فارق الاشياء لا علي اختلاف الاماكن و يكون فيها لا علي وجه الممازجة و علمها لا باداة لا يكون العلم الاّ بها و ليس بينه و بين معلومه علم عبّره به كان عالما بمعلومه ان قيل كان فعلي تاويل ازليّة الوجود و ان قيل لم يزل فعلي تاويل نفي العدم فسبحانه تعالي عن قول من عبد سواه و اتّخذ الها غيره علوّا كبيرا نحمده بالحمد الّذي ارتضاه من خلقه و اوجب قبوله علي نفسه و اشهد ان لا اله الاّ اللّه وحده لا شريك له و اشهد انّ محمّدا عبده و رسوله شهادتان ترفعان القول و تضاعفان العمل خفّ ميزان ترفعان منه و ثقل ميزان توضعان فيه و بهما الفوز بالجنّة و النّجاة من النّار و الجوار علي الصّراط و بالشّهادة تدخلون الجنّة و بالصّلوة تنالون الرّحمة اكثروا من الصّلوة علي نبيّكم انّ اللّه و ملائكته يصلّون علي النبيّ يا ايّها الّذين امنوا صلّوا عليه و

ص: 173

سلّموا تسليما ايّها النّاس انّه لا شرف اعلي من الاسلام و لا كرم اعز من التّقوي و لا معقل احرز من الورع و لا شفيع انجح من التّوبة و لا لباس اجمل من العافية و لا وقاية امنع من السّلامة و لا مال اذهب بالفاقة من الرّضا بالقناعة و لا كنز اغني من القنوع و من اقتصر علي بلغة الكفاف فقد انتظم الرّاحة و تبوّء خفض الدّعة و الرّغبة مفتاح التّعب و الاحتكار مطيّة النّصب و الحسد افة الدّين و الحرص داع الي التّقحّم في الذّنوب و هو داع الحرمان و البغي سايق الي الحين و الشرّ جامع لمساوي العيوب ربّ طمع خائب و امل كاذب و رجاء يؤدّي الي الحرمان و تجارة تؤل الي الخسران الا و من تورّط في الامور غير ناظر في العواقب فقد تعرّض لفضحات النّوائب و بئست القلادة قلادة الذّنب للمؤمن ايّها النّاس انّه لا كنز انفع من العلم و لا عزّ ارفع من الحلم و لا حسب ابلغ من الادب و لا نصب اوضع من الغضب و لا جمال ازين من العقل و لا سوءة اسوء من الكذب و لا حافظا احفظ احفظ من الصّمت و لا غائب اقرب من الموت

ص: 174

ايّها النّاس من نظر في عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره و من سلّ سيف البغي قتل به و من حفر لاخيه بئرا وقع فيها و من هتك حجاب غيره انكشفت عورات بيته و من نسي زلله استعظم زلل غيره و من اعجب برايه ضلّ و من استغني بعقله زلّ و من تكبّر علي النّاس ذلّ و من سفه علي النّاس شتم و من خالط الانذال حقر و من حمل ما لا يطيق عجز ايّها الّناس انّه لا مال اعود من العقل و لا فقر اشدّ من الجهل و لا واعظ ابلغ من النّصح و لا عقل كالتّدبير و لا عبادة كالتّفكّر و لا مظاهرة اوثق من المشاورة و لا وحشة اشدّ من العجب و لا ورع كالكفّ و لا حلم كالصّبر و الصّمت ايّها النّاس في الانسان عشر خصال يظهرها لسانه شاهد يخبر عن الضّمير و حاكم يفصل بين الخطاب و ناطق يردّ به الجواب و شاهد يدرك به الحاجة و واصف يعرف به الاشياء و امر يأمر بالحسن و واعظ ينهي عن القبيح و معزّ يسكن به الاحزان و حاضر تجلّي به الضّغاين و مونق يلهي الاسماع ايّها النّاس انّه لا خير في الصّمت عن

ص: 175

الحكم كما انّه لا خير في القول بالجهل و اعلموا ايّها النّاس انّه من لم يملك لسانه يندم و من لا يعلم يجهل و من لا يتحلّم لا يحلم و من لا يرتدع لا يعقل و من يهن لا يوقّر و من يتّق ينج و من يكتسب مالا من غير حقّه يصرفه في غير اجره و من لا يدع و هو محمود يدع و هو مذموم و من لم يعط قاعدا منع قائما و من يطلب العزّ من غير حقّ يذلّ و من يغلب بالجور يغلب و من عائدا الحقّ لزمه الوهن و من تفقّه وقّر و من تكبّر حقّر و من لا يحسن لا يحمد و اعلموا ايّها النّاس انّ المنيّة قبل الدّنيّة و التّجلّد قبل التّبلد و الحساب قبل العقاب و القبر خير من الفقر و غضّ البصر خير من كثير من النّظر و الدّهر يوم لك و يوم عليك فاذا كان لك فلا تبطر و اذا كان عليك فاصبر فبكليهما تمتحن(و في نسخة و كلاهما سيخسر)و اعلموا ايّها النّاس اعجب ما في الانسان قلبه و له موادّ من الحكمة و اضداد من خلافها فان سنح له الرّجاء اذلّه الطّمع و ان هاج به الطّمع اهلكه الحرص و ان ملّكه اليأس قتله الاسف و ان عرض له الغضب اشتدّ به الغيظ و ان اسعد

ص: 176

بالرّضا نسي التّحفّظ و ان ناله الخوف شغله الحذر و ان اتّسع له الامن استلبته العزّة(و في نسخة اخذته العزّة)و ان جدّدت له النّعمة اخذته العزّة و ان افاد ما لا اطغاه الغنا و ان غضّته فاقة شغله البلاء(و في نسخة جهده البكاء)و ان اصابته مصيبة فضحه الجزع و ان اجهده الجوع قعد به الضّعف و ان افرط في الشّبع كظّته البطنة فكلّ تقصير به مضرّ و كلّ افراط له مفسد ايّها النّاس انّه من قلّ ذلّ و من جاد ساد و من كثر ماله رأس و من كثر حلمه نبل و من افكر في ذات اللّه تزندق و من اكثر من شيء عرف به و من كثر مزاحه استخفّ به و من كثر ضحكه ذهبت هيبته فسد حسب من ليس له ادب انّ افضل الفعال صيانة العرض بالمال ليس من جالس الجاهل بذي معقول من جالس الجاهل فليستعدّ لقيل و قال لن ينجو من الموت غنيّ بماله و لا فقير لاقلاله ايّها النّاس لو انّ الموت يشتري لا اشتراه من اهل الدّنيا الكريم الابلج و اللّئيم

ص: 177

الملهوج ايّها النّاس انّ للقلوب شواهد تجري الانفس عن مدرجة اهل التّفريط و تفطّنه الفهم للمواعظ ما يدعو النّفس الي الحذر من الخطر و للقلوب خواطر للهوي و العقول تنهي و تزجر و في التّجارب علم مستانف و الاعتبار يقود الي الرّشاد و كفاك ادبا لنفسك ما تكرهه لغيرك و عليك لاخيك المؤمن مثل الّذي لك عليه لقد خاطر من استغني برايه و التّدبّر قبل العمل فانّه يؤمنك من النّدم من استقبل وجوه الاراء عرف مواقع الخطاء و من امسك عن الفضول عدّلت رايه العقول و من حصر شهوته فقد صان قدره و من امسك لسانه امنه قومه و نال حاجته و في تقلّب الاحوال علم جواهر الرّجال و الايّام توضح لك السّرائر الكامنة و ليس في البرق الخاطف مستمتع لمن يخوض في الظّلمة و من عرف بالحكمة لخطته العيون بالوقار و الهيبة و اشرف الغني ترك المني و الصّبر جنّة من الفاقة و الحرص علامته الفقر و البخل جلباب المسكنة و المودّة قرابة

ص: 178

مستفادة و وصول معدم خير من جاف مكثر و الموعظة كهف لمن وعاها و من اطلق طرفه كثر اسفه و قد اوجب الدّهر شكره علي من نال سؤله و قلّ ما ينصفك اللّسان في نشر قبيح او احسان و من ضاق خلقه ملّه اهله و من نال استطال قلّ ما تصدّقك الامنيّة و التّواضع يكسوك المهابة و في سعة الاخلاق كنوز الارزاق كم من عاكف علي ذنبه في اخر ايّام عمره و من كساه الحياء ثوبه خفي علي النّاس عيبه و انح القصد من القول فانّ من تحرّي القصد خفّت عليه المؤن و في خلاف النّفس رشدك من عرف الايّام لم يغفل عن الاستعداد الا و انّ مع كلّ جرعة شرقا و انّ في كلّ اكلة غصصا لا تنال نعمة الاّ بزوال اخري و لكلّ رمق قوت و لكلّ حبّة اكل و انت قوت الموت اعلموا ايّها النّاس انّه من مشي علي وجه الارض فانّه يصير الي بطنها و اللّيل و النّهار يتسارعان(يتنازعان)في هدم الاعمار يا ايّها

ص: 179

النّاس كفران النّعمة لوم و صحبة الجاهل شوم انّ من الكرم لين الكلام و من العبادة اظهار اللّسان و افشاء السّلام ايّاك و الخديعة فانّها من خلق اللّئيم ليس كلّ طالب يصيب و لا كلّ غائب يؤب لا ترغب فيمن زهد فيك ربّ بعيد هو اقرب من قريب سل عن الرّفيق قبل الطّريق و عن الجار قبل الدّار الا و من اسرع في المسير ادركه المقيل استر عورة اخيك لما تعلمها فيك اغتفر زلّة صديقك ليوم يركبك عدوّك من غضب علي من لا يقدر علي ضرّه طال حزنه و عذّب نفسه من خاف ربّه كفّ ظلمه(من خاف ربّه كفّي عذابه)من لم يرع في كلامه اظهر فخره و من لم يعرف الخير من الشرّ فهو بمنزلة البهيمة انّ من الفساد اضاعة الزّاد ما اصغر المصيبة مع عظم الفاقة غدا هيهات هيهات و ما تناكرتم الاّ لما فيكم من المعاصي و الذّنوب فما اقرب الرّاحة من التّعب و البؤس من النّعيم و ما شرّ بشرّ بعده الجنّة و ما خير بخير بعده

ص: 180

النّار و كلّ نعيم دون الجنّة محقور و كلّ بلاء دون النّار عافية و عند تصحيح الضّمائر تبدو الكبائر تصفية العمل اشدّ من العمل و تخليص النّية من الفساد اشدّ علي العاملين من طول الجهاد هيهات لو لا التّقي كنت ادهي العرب ايّها النّاس انّ اللّه تعالي وعد نبيّه محمّدا صلّي اللّه عليه و آله و سلّم الوسيلة و وعده الحقّ و لن يخلف اللّه وعده الا و انّ الوسيلة اعلي درج الجنّة و ذروة ذرايب الزّلفة و نهاية غايته الامنيّة لها الف مرقاة ما بين المرقاة الي المرقاة حضر الفرس الجواد مأئة(الف) عام و هو ما بين مرقاة درّة الي مرقاة جوهرة الي مرقاة زبرجدّ الي مرقاة لؤلؤ الي مرقاة ياقوتة الي مرقاة زمرّدة الي مرقاة مرجان الي مرقاة كافور الي مرقاة عنبر الي مرقاة يلنجوج الي مرقاة ذهب الي مرقاة فضّة الي مرقاة غمام الي مرقاة هواء الي مرقاة نور قد انافت علي كلّ الجنان و رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم

ص: 181

يومئذ قاعد عليها مرتد بريطتين ريطة من رحمة اللّه و ريطة من نور اللّه عليه تاج النّبوّة و اكليل الرّسالة قد اشرق بنوره الموقف و انا يومئذ علي الدّرجة الرّفيعة و هي دون درجته و عليّ ريطتان ريطة من ارجوان النّور و ريطة من كافور و الرّسل و الانبياء قد وقفوا علي المراقي و اعلام الازمنة و حجج الدّهور عن ايماننا قد تجلّلتهم حلل النّور و الكرامة لا يرانا ملك مقرّب و لا نبيّ مرسل الاّ بهت بانوارنا و عجب من ضيائنا و جلالتنا و عن يمين الوسيلة عن يمين الرّسول صلّي اللّه عليه و آله و سلّم غمامة بسيطة(بسطة)البصر يأتي منها النّداء يا اهل الموقف طوبي لمن احبّ الوصيّ و امن بالنّبي الامّي العربيّ و من كفر به فالنّار موعده و عن يسار الوسيلة عن يسار الرّسول صلّي اللّه عليه و اله و سلّم ظلّة يأتي منها النّداء يا اهل الموقف طوبي لمن احبّ الوصيّ و امن بالنّبيّ الامّي و الّذي له الملك الاعلي لا فاز

ص: 182

احد و لا ناله الرّوح و الجنّة الاّ من لقي خالقه بالاخلاص لهما و الاقتداء بنجومهما فايقنوا يا اهل ولاية اللّه ببياض وجوهكم و شرف مقعدكم و كرم ما بكم و بفوزكم اليوم علي سرر متقابلين و يا اهل الانحراف و الصّدود عن اللّه عزّ ذكره و رسوله و صراطه و اعلام الازمّة ايقنوا بسواد وجوهكم و غضب ربّكم جزاء بما كنتم تعملون و ما من رسول سلف و لا نبيّ مضي الاّ و قد كان مخبرا امّته بالمرسل الوارد من بعده و مبشّرا برسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و موصيا قومه باتّباعه و محلّه عند قومه ليعرفوه بصفته و ليتّبعوه علي شريعته وكيلا يضلّوا فيه من بعده فيكون من هلك و ضلّ بعد وقوع الانذار و الاغدار عن بيّنة و تعيين حجّة فكانت الامم في رجاء من الرّسل و ورود من الانبياء و لئن اصيبت بفقد نبيّ بعد نبيّ علي عظم مصائبهم و فجائعها بهم فقد كانت علي سعة من الاهل و لا مصيبة عظمت و لا رزيّة جلّت كالمصيبة برسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم

ص: 183

لانّ اللّه ختم به الانذار و الاعذار و قطع به الاحتجاج و العذر بينه و بين خلقه و جعله بابه الّذي بينه و بين عباده و مهيمنه الّذي لا يقبل الاّ به و لا قربة اليه الاّ بطاعته و قال في محكم كتابه و من يطع الرّسول فقد اطاع اللّه و من يتولّي فما ارسلناك عليهم حفيظا فقرن طاعته بطاعته و معصيته بمعصيته و كان ذلك دليلا علي ما فوّض اللّه اليه و شاهدا له علي من اتّبعه و عصاه و بيّن ذلك في غير موضع من الكتاب العظيم فقال تعالي في التّحريص علي اتّباعه و الترغيب في تصديقه و القبول لدعوته قل ان كنتم تحبّون اللّه فاتّبعوني يحببكم اللّه و يغفر لكم ذنوبكم فاتّباعه محبّة اللّه و رضاه غفران الذّنوب و كمال الفوز و وجوب الجنّة و في التّولّي عنه و الاعراض محادّة اللّه و غضبه و سخطه و البعد منه مسكن النّار و ذلك قوله و من يكفر به من الاحزاب فالنّار موعده يعني الجحود به و العصيان له فانّ اللّه تعالي امتحن بي عباده و قتل بيدي اضداده و افني بسيفي جحّاده و جعلني زلفة للمؤمنين و حيّاض موت علي

ص: 184

الجبّارين و سيفه علي المجرمين و شدّ بي ازر رسوله و اكرمني بنصره و شرّفني بعلمه و حباني باحكامه و اختصّني بوصيّته و اصطفاني بخلافته في امّته و قد حشده المهاجرون و الانصار و انغصّت به المحافل ايّها النّاس انّ عليّا منّي كهرون من موسي الاّ انّه لا نبيّ بعده فعقّل المؤمنون عن اللّه نطق الرّسول اذ عرفوني انّي لست باخيه لابيه و امّه و لا كنت نبيّا فاقتضي نبوّة و لكن كان ذلك منه استخلافا لي كما استخلف موسي هرون حيث يقول اخلفني في قومي و اصلح و لا تتّبع سبيل المفسدين و قوله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم حين تكلّمت طائفة و قالت نحن موالي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فخرج رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم الي حجّة الوداع ثمّ صار الي غدير خمّ فامر فاصلح له شبه المنبر ثمّ علاه و اخذ بعضدي حتّي راي بياض ابطيه رافعا صوته قائلا في محفله من كنت مولاه فعليّ مولاه اللّهمّ و ال من والاه و عاد من عاداه و كانت علي ولايتي ولاية اللّه و علي عداوتي عداوة اللّه

ص: 185

و انزل اللّه تعالي فيّ ذلك اليوم اكملت لكم دينكم و اتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الاسلام دينا فكانت ولايتي كمال الدّين و رضا الرّبّ تعالي و انزل اللّه تعالي اختصاصا لي و تكريما نحنيه و اعظاما و تفضيلا من رسول اللّه منحنيه و هو قوله تعالي ثمّ ردّوا الي اللّه مولهم الحقّ الاله الحكم و هو اسرع الحاسبين فيّ مناقب لو ذكرتها لعظم بها الارتفاع و طال لها الاستماع و لئن تقمّصها دوني الاشقيان و نازعاني فيما ليس لهما بحقّ و ركباها ضلالة و اعتقداها جهالة فلبئس ما عليه وردا و لبئس ما لانفسهما مهّدا يتلاعنان في دورهما و يبرء كلّ واحد منهما من صاحبه يقول لقرينه اذا التقيا يا ليت بيني و بينك بعد المشرقين فبئس القرين فيجيبه الاشقي علي رثوثة يا ليتني لم اتّخذك خليلا لقد اضللتني عن الذّكر بعد اذ جائني و كان الشّيطان للإنسان خذولا فانا الذّكر الّذي عنه ضلّ و السّبيل الّذي عنه مال و الايمان الّذي به كفر و القرآن الّذي ايّاه هجر

ص: 186

و الدّين الّذي به كذّب و الصّراط الّذي عنه نكب و لئن رتعا في الحطام المنصرم و الغرور المنقطع و كانا منه علي شفا حفرة من النّار لهما علي شرّ ورود في اخيب وفود و العن مورود يتصارخان باللّغنة و يتناعقان بالحسرة مالهما من راحة و لا عن عذابهما من مندوحة انّ القوم لم يزالوا عبّاد اصنام و سدنة اوثان يقيمون لها المناسك و ينصبون لها العتاير(العماير)و يتّخذون لها القربان و يجعلون لها البحيرة و الوصيلة و السّائبة و الحام و يستقسمون بالازلام عامهين عن اللّه عزّ و جلّ جائزين عن الرّشاد و مهطعين الي البعاد قد استحوذ عليهم الشّيطان و غمرتهم سوداء الجاهليّة و رضعوا جهالة و انفطموا ضلالة فاخرجنا اللّه اليهم رحمة و اطلعنا عليهم رأفة و اسفر بنا عن الحجب نور المن اقتبسه و فضلا لمن اتّبعه و تاييدا لمن صدّقه فتبوّء و العزّة بعد الذّلّة و الكثرة بعد القلّة و هابتهم القلوب و الابصار و اذعنت لهم الجبابرة و طوائفها

ص: 187

و صاروا اهل نعمة مذكورة و كرامة ميسورة و امن بعد خوف و جمع بعد كوف و اضاءت بنا مفاخرة معد بن عدنان و اولجناهم باب الهدي و ادخلناهم دار السّلام و اشملناهم ثوب الايمان و فلجوا بنا في العالمين و ابدت لهم ايّام الرّسول اثار الصّالحين من حام مجاهد و مصلّ قانت و معتكف زاهد يظهرون الامانة و يأتون المثابة حتّي اذا دعي اللّه عزّ و جلّ نبيّه صلّي اللّه عليه و آله و رفعه اليه لم يك ذلك بعده الاّ كلمحة من خفقة او و ميض من برقة الي ان رجعوا الي الاعقاب و انتكصوا علي الادبار و طلبوا بالاوتار و اظهروا الكتائب و ردموا الباب و فلّوا الدّار و غيّروا اثار الرّسول صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و رغبوا عن احكامه و بعدوا من انواره و استبدلوا بمستخلفه بديلا اتّخذوه و كانوا ظالمين و زعموا انّ من اختاروا من ال ابي قحافة اولي بمقام رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ممّن اختاره الرّسول صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لمقامه و انّ مهاجر آل

ص: 188

ابي قحافة خير من مهاجريّ الانصار الرّبّانيّ ناموس هاشم بن عبد مناف الا و انّ اوّل شهادة زور وقعت في الاسلام شهادتهم انّ صاحبهم مستخلف رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فلمّا كان من امر سعد بن عبادة ما كان رجعوا عن ذلك و قالوا انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم مضي و لم يستخلف و كان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله الطّيّب المبارك اوّل مشهود الزّور في الاسلام(و في نسخة اوّل مشهود عليه بالزّور في الاسلام)و عن قليل يجدون غبّ ما يعملون و سيجد التّالون غبّ ما سنّته(اسّسته)الاوّلون و لئن كانوا في مندوحة من المهل و شقاء من الاجل و سعة من المنقلب و استدراج من الغرور و سكون من الحال و ادراك من الامل فقد امهل اللّه عزّ و جلّ شدّاد بن عاد و ثمود بن عبّود و بلعم بن باعور(بحور)و اسبغ عليهم نعمه ظاهرة و باطنة و امدّهم بالاموال و الاعمار و اتتهم الارض ببركاتها ليذكروا

ص: 189

الاء اللّه و ليعترفوا الاهابة له و الانابة اليه و لينتهوا عن الاستكبار فلمّا بلغوا المدّة و استتمّوا الاكلة اخذهم اللّه عزّ و جلّ و اضطلمهم فمنهم من حصب و منهم من اخذته الصّيحة و منهم من احرقته الظّلمة و منهم من اردته الرّجعة و منهم من اردته الخسفة و ما كان اللّه ليظلمهم و لكن كانوا انفسهم يظلمون الا و انّ لكلّ اجل كتابا فاذا بلغ الكتاب اجله لو كشف لك عمّا هوي اليه الظّالمون و ال اليه الاخسرون لهربت الي اللّه عزّ و جلّ ممّا هم عليه مقيمون و اليه صايرون الا و انّي فيكم ايّها النّاس كهرون في ال فرعون و كباب حطّة بني اسرائيل و كسفينة نوح في قوم نوح و انّي النّبأ العظيم و الصدّيق الاكبر و عن قليل ستعلمون ما توعدون و هل الاّ كلعقة الاكل و مذقة الشّارب و خفقة الوسنان ثمّ تلزمهم المعرّات جزاء في الدّنيا و يوم القيمة تردّون الي اشدّ العذاب و ما اللّه بغافل عمّا يعملون فما جزاء من تنكّب محجّته و انكر حجّته

ص: 190

و خالف هداته و حار عن نوره و اقتحم في ظلمه و استبدل بالماء السّراب و بالنّعيم العذاب و بالفوز الشّقاء و بالسّراء الضّراء و بالسّعة الضّنك الاّ جزاء افتراقه و سوء خلافه فليوقنوا بالوعد علي حقيقته و ليستيقنوا بما يوعدون ثمّ تاتي الصّيحة بالحقّ ذلك يوم الخروج انّا نحن نحيي و نميت و الينا المصير يوم تشقّق الارض منهم سراعا (الي اخر السّورة) اقول قوله اعزّ من التّقوي العز خلاف الذل و العزة ايضا القلّة و ندرة الوجود و يكون بمعني الغلبة و الغريز الغالب و لا يخفي مناسبته مع جميع المعاني و ان احتاج الاخير الي تكلف المعقل بالكسر الملجأ و الحصن قوله و لا شفيع انجح النجح و النجاح الظفر بالحوائج قوله و لا لباس اجمل الجمال الحسن و البهاء و الزينة و العافية قوله من الرضا بالقناعة في نهج البلاغة الرّضا بالقوت البلغة ما يتبلغ به من العيش و التي تكفّ عن الناس قوله و تبؤا حفظ و الدّعة متقاربان كلاهما بمعني السكون و الاضافة للتاكيد و المبالغة اي اتخذها غاية السكون و الرّاحة و المطيّة المركوب التقحّم الدخول في الامر البغي الظلم و الاستطالة و مجاوزة الحدّ و الحين بالفتح الهلاك و النصب بالفتح التعبّ و في بعض النسخ بالسين اي نسب صاحب الغضب السّوءة الخلة القبيحة الانذال جمع النذل الخسيس اي ذوي الاخلاق الدنيّة أعود اي انفع العجب اعجاب المرء بنفسه و فضائله و اعماله الحلم بضم الحاء العقل و في بعض النسخ الحكم بمعني الحكمة لا يرتدع اي لا ينزجر عن القبائح لا يدع اي لا يترك الدنيّة النقيصة و الحالة الخسيسة المنيّه الموت التجلّد ضد التبلّد الذي هو التردّد غضّ البصر في بعض النسخ عمي البصر و هو لعلّه اظهر كظته البطنة الكّظه بالكسر شيء يعتري الانسان عن الامتلاء من الطعام و يقال كظنّي هذا الامر اي جهّدني من الكرب رأس بفتح الهمزه اي رئيس للقوم نبل من النبالة بمعني الفضل و الشرف تزندق اي صار زنديقا و هو يطلق علي منكر الصّانع و كل ملحد الابلج اي مشرق الوجه و الذي قد وضح ما بين حاجبيه و الملهوج من اللهج و اللهج بالشيء الولوع به و الظاهر ان الملهوج بمعني الحريص المدرجة المذهب و المسلك جلباب

ص: 191

المسكنة كسرداب و كسّنمار القميص و ثوب واسع للمرأة دون الملحفة او هو الخمار و وصول معدم اي يصل الناس بحسن الخلق و المودّة مع فقره و جاف بمعني سيئ الخلق و الغليظ النّيل اصابة الشيء و نال بمعني اصاب المال او العلم او العزّ و نحوها انح القصد اي اقصد الوسط و جانب التعدّي و الافراط و التفريط الشرق و الغصة اعتراض الشيء في الحلق و عدم اساغته و الاول يطلق في الشرب و الثاني في الاكل و ذي رمق بمعني ذي حيوة ادركه المقيل اي النوم و الاستراحة استر عورة اخيك اي عيوبه من لم يرع بالمهملة من رعي يرعي اي عدم الرعاية في الكلام يوجب اظهار الفخر و لا يبعد ان يكون بضمّ الراء من الروع اي الخوف و في بعض النسخ بالمعجمة يقال كلام مرغ اذا لم يفصح اضاعة الراي اي الاسراف فيه ادهي العرب الدّهي الفكر وجودة الرأي و ذروة ذوائب الزلفة قال الجوهري ذريء الشيء بالضم اعاليه الواحد ذروة و ذروة و المراد هنا الحيل الباطلة و الحضر بالضم العدو قد اناقت اي ارتفعت و اشرفت بريطتين الريطة بفتح الراء كل ثوب رقيق لين و الاكليل شبه عصابة تزيّن بالجواهر يزيّن به التّاج الارجوان معرّب ارغوان بهت اي تحيّر بسطة البصر اي قد رمّد البصر اظلة و في بعض النسخ ظلّة بضم الظاء السّحاب و ما اظلك من شجر و غيرها و محلّيه اي يذكر حليته و الحلية الصفة و النعت و الاقتداء بنجومهما اي الائمة عليهم السّلام حسم اي قطع و في بعض النسخ ختم و مهيمنه اي شاهده و شاهدا اي حجّة و برهانا محادّة اللّه المحادّة المخالفة و المنازعة الزّلفة بالضّم و القرب و المنزلة الازر القوّة و حباني اي اعطاني و انغصّت اي تضيّقت من غاصّ باهله تقمّصها اي لبسها يتلاعنان في دورهما الدور جمع الدار و المراد بهما نار البرزخ و نار الخلد الحطام هو المتكسر من الخشب و الحشيش و النبات يتناهقان النهيق صوت الغراب و الصوت الذي يزجر به الغنم اي يتناهقان بصوت البهائم المندوحة السّعة سدانة اوثان اي خادم بيت الاصنام العتاير جمع عتيرة و هي التي كانت تعترها الجاهلية و هي ذبيحة تذبح في بيت الاصنام فيصبّ دمها علي راسها البحيرة الناقة اذ انتجت خمسة ابطن فان كان اخرها ذكرا بحروا اذنها اي شقوها و حرّموا ركوبها و لا تطرد عن ماء و لا مرعي و لو لقاها المعبّر لم يركبها و السّائبة ما كانوا يسيبونه كانّ الرّجل يقول اذا قدمت من سفري او برءت من مرضي فناقتي سائبة فكانت كالبحيرة في تحريم الانتفاع بها و الوصيلة في الغنم كانت الشاة اذا ولدت انتهي فهي لهم و اذا ولدت ذكرا ذبحوه لالهتهم فان ولدت ذكرا و انثي قالوا وصلت اخاها فلم يذبحوا الذكر لاجلها و الحام هو الفحل اذا انتجت من صلبه عشرة ابطن قالوا قد حتي ظهره فلا يرتكب و لا يحمل عليه و لا يمنع من ماء و لا مرعي و لهذه الاربعة معان اخر لا يقتضي المقام ذكرها

ص: 192

و يستقسمون بالازلام قال الطبرسي هي قداح كانت لهم مكتوب علي بعضها امرني ربي و علي بعضها نهاني ربّي و علي بعضها غفل فمعني الاستقسام بالازلام طلب معرفة ما يقسم له بالازلام و قيل هو الميسر و قسمتهم الجزور علي القداح العشرة فالقدّ له سهم و التوام له سهمان و المسبل له ثلاثة اسهم و النافس من له أربعة اسهم و الرقيب له ستة اسهم و المعلّي له سبعة اسهم و السفيح و المنيح و الوعد لا انصباء لها و كانوا يدفعون القداح الي رجل يقسمها و كان ثمن الجزور علي من لم يخرج هذه الثلاثة التي لا انصباء لها و هو القمار الذي حرّمه اللّه تعالي و قيل هو الشطرنج و الزاد عامهين عن اللّه العمه في البصيرة كالعمي في البصر مهطعين الي البعاد يقال اهطع في عدوه اي اسرع فهو بمعني مسرعين الي ما يبعّدهم عن اللّه و عن الحق و الرّشاد استحوذ اي غلب اسفر بنا اي ظهر بنا الباء للسبّيته فتبوءوا العزّ بعد الذلة اي اسكنوا و استقروا في العزّ بعد كوف اي تفرق و تقطّع معد بن عدنان ابو العرب اولجناهم اي دخلناهم المثابة الكعبة و اشملناهم اي البسناهم و اعطيناهم و فلجوا اي ظفروا و فازوا من حام اي من يحمي الدين بالجهاد اللمحة سرعة الابصار الخفقة النعسة و الاضطراب و انتكصوا اي رجعوا قهقري الاوتار جمع وتر بالكسر و هو الجناية الكتائب جمع كتيبه بمعني الجيش ردموا الباب اي سدّوه فلوّا بالفاء و اللاّم المشدّدة اي كسروا الغبّ بالكسر عاقبة الشيء مندوحة من المهل اي سعة من المهلة و شقي اي قليل و سعة من المنقلب اي الانقلاب و الرجوع الي اللّه بالموت و عبّود كتنّور اسم ابي ثمود و هي قوم صالح النّبي عليه السّلام الاهابة الهبة و المخافة و استتموا لاكلة اي الرزق المقدّر لهم من حصب علي البناء للمفعول عن المجرد اي رمي بالحصبا و هي الحصا و الظّلة السّحاب اردته الرجفة اي اهلكته الزلزلة الخسفة اي الخسف و السّوخ في الارض اللعقه الاكل بالاصبغ مرّة و نعسة نعسها و سنان اي النائم الذي لم يستقر و لم يستغرق في النّوم المعرّة الاثم و الاذي و العزم و الدّية و الجناية من تنكّب محجّته اي عدله عن طريقه الواضح حاد اي مال الاقتحام الدخول في الامر بغير رويّة

58 و من كلامه عليه السّلام

في صفات الامام رواه الشيخ العارف رجب الرسي في المشارق و نقل ايضا عنه المجلسي ره في الجزء السّابع من بحار الانوار و قال في الجزء الاول من البحار ص 6 و كتاب مشارق الانوار و كتاب الالفين للحافظ رجب البرسي و لا اعتمد علي ما يتفرد بنقله لاشتمال كتابيه علي ما يوهم الخبط و الخلط و الارتفاع و انّما اخرجنا منهما ما يوافق الاخبار الماخوذة من الاصول المعتبرة انتهي كلامه فيه و ممّا اخرج من المشارق و نقله في البحار في الجزء السابع في باب جامع في صفات الامام و شرايطه ص 222 هو هذا قد نقل عن طارق

ص: 193

ابن شهاب عن امير المؤمنين عليه السّلام انه قال يا طارق الامام كلمة اللّه و حجّة اللّه و وجه اللّه و نور اللّه و حجاب اللّه و اية اللّه يختاره اللّه و يجعل فيه ما يشاء و يوجب بذلك الطّاعة و الولاية علي جميع خلقه فهو وليّه في سماواته و ارضه اخذ له بذلك العهد علي جميع عباده فمن تقدّم عليه كفر باللّه من فوق عرشه فهو يفعل ما يشاء و اذا شاء اللّه شاء و يكتب علي عضده و تمّت كلمة ربّك صدقا و عدلا فهو الصّدق و العدل فينصب له عمود من نور من الارض الي السّماء يري فيه اعمال العباد و يلبس الهيبة و علم الضّمير و يطّلع علي الغيب و يري ما بين المشرق و المغرب فلا يخفي عليه شيء من عالم الملك و الملكوت و يعطي منطق الطّير عند ولايته فهذا الّذي يختاره اللّه لوحيه و يرتضيه لغيبه و يؤيّده بكلمته و يلقّنه حكمته و يجعل قلبه مكان مشيّته و ينادي له بالسّلطنة و يذعن له بالامرة و يحكم له بالطّاعة

ص: 194

و ذلك لان الامامة ميراث الانبياء و منزلة الاصفياء و خلافة اللّه و خلافه رسل اللّه فهي عصمته و ولايته و سلطنته و هداية و انّه تمام الدّين و رجح الموازين الامام دليل للقاصدين و منار للمهتدين و سبيل السّالكين و شمس مشرقة في قلوب العارفين ولايته سبب للنّجاة و طاعته مفترضة في الحيوة و عدة بعد الممات و عزّ المؤمنين و شفاعة المذنبين و نجاة المحبّين و فوز التّابعين لانّها راس الاسلام و كمال الايمان و معرفه الحدود و الاحكام و تبيين الحلال من الحرام فهي مرتبة لا ينالها الاّ من اختاره اللّه و قدّمه و ولاّه و حكّمه و الولاية هي حفظ الثّغور و تدبير الامور و تعديد الايّام و الشّهور الامام الماء العذب علي الظّماء و الدّالّ علي الهدي الامام المطهّر عن الذّنوب المطّلع علي الغيوب الامام هو الشّمس الطّالعة علي العبادة بالانوار فلا تناله الايدي و الابصار و اليه الاشارة

ص: 195

بقوله تعالي فللّه العزّة و لرسوله و للمؤمنين عليّ و عترته فالعزّة للنّبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و للعترة و النّبيّ و العترة لا يفترقان في العزّة الي اخر الدّهر فهم رأس دائرة الايمان و قطب الوجود و سماء الجود و شرف الموجود وضوء شمس الشّرف و نور قمره و اصل العزّ و المجد و مبدئه و معناه و مبناه فالامام هو السّراج الوهّاج و السّبيل و المنهاج و الماء الثّجاج و البحر العجّاج و البدر المشرق و الغدير المغدق و المنهج الواضح للسّالك و الدّليل اذا عمّت المهالك و السّحاب الهاطل و الغيث الهامل و البدر الكامل و الدّليل الفاصل و السّماء الظّليلة و النّعمة الجليلة و البحر الّذي لا ينزف و الشّرف الّذي لا يوصف و العين الغزيرة و الرّوضة المطيرة و الزّهر الاريح و البدر البهيج و النيّر اللاّيح و الطّيب الفايح و العمل الصّالح و المتجر الرّابح و المنهج الواضح و الطّيّب الرّفيق و الاب الشّفيق مفزع العباد في

ص: 196

الدّواهي و الحاكم و الامر و النّاهي مهيمن اللّه علي الخلائق و امينه علي الحقائق حجّة اللّه علي عباده و محجّته في ارضه و بلاده مطهّر من الذّنوب مبرّء من العيوب مطلّع علي الغيوب ظاهره امر لا يملك و باطنه غيب لا يدرك واحد دهره و خليفة اللّه في نهيه و امره لا يوجد له مثيل و لا يقوم له بديل فمن ذا ينال معرفتنا او يعرف درجتنا و يشهد كرامتنا او يدرك منزلتنا حارت الالباب و العقول و تاهت الافهام فيما اقول تصاغرت العظماء و تقاصرت العلماء و كلّت الشّعراء و خرست البلغاء و لكنت الخطباء و عجزت الفصحاء و تواضعت الارض و السّماء عن وصف شان الاولياء و هل يعرف او يوصف او يعلم او يفهم او يدرك او يملك من هو شعاع جلال الكبرياء و شرف الارض و السّماء جلّ مقام الي محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عن وصف الواصفين و نعت النّاعتين و ان يقاس بهم احد من العالمين

ص: 197

كيف و هم الكلمة العليا و التّسمية البيضاء و الوحدانيّة الكبري الّتي اعرض منها من ادبر و تولّي و حجاب اللّه الاعظم الاعلي فاين الاختيار من هذا و اين العقول من هذا و من ذا عرف او وصف من وصف ظنّوا انّ ذلك في غير ال محمّد كذبوا و زلّت اقدامهم اتّخذوا العجل ربّا و الشّياطين حزبا ياكل ذلك بغضه لبيت الصّفوة و دار العصمة و حسدا لمعدن الرّسالة و الحكمة و زيّن لهم الشّيطان اعمالهم فتبّا لهم و سحقا كيف اختاروا اماما جاهلا عابدا للاصنام جبانا يوم الزّحام و الامام يجب ان يكون عالما لا يجهل و شجاعا لا ينكل لا يعلو عليه حسب و لا يدانيه نسب فهو في الذّروة من قريش و الشّرف من هاشم و البقيّة من ابراهيم و النّهج من النّبع الكريم و النّفس من الرّسول و الرّضي من اللّه و القول عن اللّه فهو شرف الاشراف و الفرع من عبد مناف عالم بالسّياسة قائم بالرّياسة مفترض الطّاعة الي يوم القيمة اودع اللّه قلبه سرّه

ص: 198

و اطلق به لسانه فهو معصوم موفّق ليس بجبان و لا جاهل فتركوه يا طارق و اتّبعوا اهوائهم و من اضلّ ممّن اتّبع هواه بغير هدي من اللّه و الامام يا طارق بشر ملكيّ و جسد سماويّ و امر الهيّ و روح قدسيّ و مقام عليّ و نور جليّ و سرّ خفيّ فهو ملكيّ الذّات الهيّ الصّفات زائد الحسنات عالم بالمغيبات خصّا من ربّ العالمين و نصّا من الصّادق الامين و هذا كلّه لال محمّد لا يشاركهم فيه مشارك لانّهم معدن التّنزيل و معني التّاويل و خاصّة لربّ العالمين و مهبط الامين جبرئيل صفوة اللّه و سرّه و كلمته و شجرة النّبوّة و معدن الصّفوة عين المقالة و منتهي الدّلالة و محكم الرّسالة و نور الجلالة جنب اللّه و وديعته و موضع كلمة اللّه و مفتاح حكمته و مصابيح رحمة اللّه و ينابيع نعمته السّبيل الي اللّه و السّلسبيل و القسطاس المستقيم و المنهاج القويم و الذّكر الحكيم و الوجه الكريم و النّور القديم اهل التّشريف و التّقويم و التّقديم و التّعظيم و التّفضيل خلفاء النّبيّ

ص: 199

الكريم و أبناء الرّؤوف الرّحيم و امناء العليّ العظيم ذرّية بعضها من بعض و اللّه سميع عليم السّنام الاعظم و الطّريق الاقوم من عرفهم و اخذ عنهم فهو منهم و اليه الاشارة بقوله و من تبعني فانّه منّي خلقهم اللّه من نور عظمته و ولاّهم امر مملكته فهو سرّ اللّه المخزون و اولياءه المقرّبون و امره بين الكاف و النّون الي اللّه يدعون و عنه يقولون و بامره يعملون علم الانبياء في علمهم و سرّ الاوصياء في سرّهم و عزّ الاولياء في عزّهم كالقطرة في البحر و الذّرّة في القفر و السّموات و الارض عند الامام كيده من راحته يعرف ظاهرها من باطنها و يعلم برّها من فاجرها و رطبها من يابسها لانّ اللّه علّم نبيّه علم ما كان و ما يكون و ورث ذلك السّر المصون الاوصياء المنتجبون و من انكر ذلك فهو شقيّ ملعون يلعنه اللّه و يلعنه اللاّعنون و كيف يفرض اللّه علي عباده طاعة من يحجب عنه ملكوت السّموات و الارض و انّ الكلمة من ال محمّد تنصرف الي سبعين وجها و كلّما في الذّكر الحكيم و

ص: 200

الكتاب الكريم و الكلام القديم من اية تذكر فيها العين و الوجه و اليد و الجنب فالمراد منها الوليّ لانّه جنب اللّه و وجه اللّه يعني حق اللّه و علم اللّه و عين اللّه و يد اللّه فهم الجنب العليّ و الوجه الرّضيّ و المنهل الرّويّ و الصّراط السّويّ و الوسيلة الي اللّه و الوصلة الي عفوه و رضاه فهم سرّ الواحد و الاحد فلا يقاس بهم من الخلق احد خاصّة اللّه و خالصته و سرّ الدّيّان و كلمته و باب الايمان و كعبته و حجّة اللّه و محجّته و اعلام الهدي و رايته و فضل اللّه و رحمته و عين اليقين و حقيقته و صراط الحقّ و عصمته و مبدء الوجود و غايته و قدرة الرّبّ و مشيّته و امّ الكتاب و خاتمته و فصل الخطاب و دلالته و خزنة الوحي و حفظته و اية الذّكر و ترجمته و معدن التّنزيل و نهايته فهم الكواكب العلويّة المشرقة من شمس العصمة الفاطميّة في سماء العظمة المحمديّة و الاغصان النّبويّة النّابتة في الدّوحة الاحمديّة و الاسرار الالهيّة المودعة في الهياكل البشريّة و الذّريّة الزّكيّة و

ص: 201

العترة الهاشميّة الهادية المهديّة اولئك هم خير البريّة فهم الائمّة الطّاهرون و العترة المعصومون و الذّريّة الاكرمون و الخلفاء الرّاشدون و الكبراء الصّدّيقون و الاوصياء المنتجبون و الاسباط المرضيّون و الهداة المهديّون و الغرّ الميامين من ال طه و يس و حجج اللّه علي الاوّلين و الاخرين و اسمهم مكتوب علي الاحجار و علي اوراق الاشجار و علي اجنحه الاطيار و علي ابواب الجنّة و النّار و علي العرش و الافلاك و علي اجنحة الاملاك و علي حجب الجلال و سرادقات العزّ و الجمال و باسمهم تسبّح الاطيار و تستغفر لشيعتهم الحيتان في لحجج البحار و انّ اللّه لم يخلق احدا الاّ و اخذ عليه الاقرار بالوحدانيّة و الولاية للذّريّة الزّكيّة و البراءة من اعدائه و انّ العرش لم يستقرّ حتّي كتب عليه بالنّور لا اله الاّ اللّه محمّد رسول اللّه عليّ وليّ اللّه قوله رجح الموازين اي بالامامة ترجح الموازين في القيمة و اغدق المطر اي كثر قطره و الهطل المطر المتفرق العظيم القطر و همكت السّماء اي دام مطرها و الارح محركة و الاريح توهّج ريح الطّيب و فاح المسك انتشرت رائحته و لكنت كخرست بكسر الكاف يقال لمن لا يقيم العربيّة لعجمة لسانه خصّا مصدر خصّ خصّا و خصوصا و امره بين الكاف و النون اي هم عجيب امر الله المكنون الذي ظهر بين الكاف و النون

ص: 202

59 و من خطبه عليه السّلام

قال العلامة المجلسي اعلي اللّه مقامه في الجزء السّابع من البحار في باب بدء ارواحهم و انوارهم و طينتهم ص 186 و روي علي بن الحسين المسعودي في كتاب اثبات الوصيّة عن امير المؤمنين صلوات اللّه عليه هذه الخطبة الحمد للّه الّذي توحّد بصنع الاشياء و فطر اجناس البرايا علي غير اصل و لامثال سبقه في انشاءها و لا اعانه معين علي ابتداعها بل ابتدعها بلطف قدرته فامتثلت في مشيّته خاضعة ذليلة مستحدثة لامره الواحد الدّائم بغير حدّ و لا امد و لا زوال و لا نفاد و كذلك لم يزل و لا يزال لا تغيّره الازمنة و لا تحيط به الامكنة و لا تبلغ صفاته الازمنة و لا تأخذه نوم و لا سنة لم تره العيون فتخبره عنه برؤيته و لم تهجم عليه العقول فتتوهّم كنه صفته و لم تدر كيف هو الاّ بما اخبر عن نفسه ليس لقضاءه مردّ و لا لقوله مكذّب ابتدع الاشياء بغير تفكّر و لا معين و لا ظهير و لا وزير فطرها بقدرته و صيّرها الي مشيّته و ساق اشباحها و برء ارواحها و استنبط اجناسها خلقا مبروءا مذروءا في اقطار السّموات و الارضين لم يات بشيء علي غير ما اراد

ص: 203

ان يأتي عليه ليري عباده آيات جلاله و الائه فسبحانه لا اله الاّ هو الواحد القهّار و صلّي اللّه علي محمّد و آله و سلّم تسليما اللّهمّ فمن جهل فضل محمّد فانّي مقرّ بانّك ما سطحت ارضا و لا برأت خلقا حتّي احكمت خلقه و اتقنته من نور سبقت به السّلالة و انشات ادم له جرما فاودعته منه قرارا مكينا و مستودعا مامونا و اعذته من الشّيطان و حجبته عن الزّيادة و النّقصان و حصّلت له الشّرف الّذي يسامي به عبادك فايّ بشر كان مثل ادم فيما سابقت به الاخبار و عرّفتنا كتبك في عطاياك و اسجدت له ملائكتك و عرّفته ما حجبت عنهم من علمك اذ تناهت به قدرتك و تمّت فيه مشيّتك دعاك بما اكنت فيه فاجبته اجابة القبول فلمّا اذنت اللّهمّ في انتقال محمّد صلّي اللّه عليه و آله من صلب ادم الفّت بينه و بين زوج خلقتها له سكنا و وصلت لهما به سببا فنقلته من بينهما الي

ص: 204

شيث اختيارا له بعلمك فانّه بشر كان اختصاصه برسالتك ثمّ نقلته الي انوش فكان خلف ابيه في قبول كرامتك و احتمال رسالاتك ثمّ قدّرت المنقول اليه قينان و الحقته في الخطوة بالسّابقين و في المنحة بالباقين ثمّ جعلت مهلائيل رابع اجرامه قدرة تودعها من خلقك من تضرب لهم بسهم النّبوّة و شرف الابوّة حتّي اذا قبله يرد عن تقديرك تناهي به تدبيرك الي اخنوخ فكان اوّل من جعلت من الاجرام ناقلا للرّسالة و حاملا اعباء النّبوّة فتعاليت يا ربّ لقد لطف حلمك و جلّ قدرتك عن التّفسير الاّ بما دعوت اليه من الاقرار بربوبيّتك و اشهد انّ الاعين لا تدركك و الاوهام لا تلحقك و العقول لا تصفك و المكان لا يسعك و كيف يسع من كان قبل المكان و من خلق المكان ام كيف تدركه الاوهام و لم تؤمر(تعثر)الاوهام علي امره كيف تؤمر الاوهام علي امره و هو الّذي لا نهاية له و لا غاية و كيف تكون

ص: 205

له نهاية و غاية و هو الّذي ابتدء الغايات و النّهايات ام كيف تدركه العقول و لم يجعل لها سبيلا الي ادراكه و كيف يكون ادراكه بسبب و قد لطف بربوبيّته عن المجانسة(المحاسّة)و المجاسّة و كيف لا يلطف عنهما من لا ينتقل عن حال الي حال و كيف ينتقل من حال الي حال و قد جعل الانتقال نقصا و زوالا فسبحانك ملأت كلّ شيء و باينت كلّ شيء فانت لا يفقدك شيء و انت الفعّال لما تشاء تباركت يا من كلّ مدرك من خلقه و كلّ محدود من صنعه انت الّذي لا يستغني عنك المكان و لا نعرفك الاّ بانفرادك بالوحدانيّة و القدرة و سبحانك ما ابين اصطفاءك لادريس الاّ من سلك من الحاملين و لقد جعلت له دليلا من كتابك اذ سمّيته صدّيقا نبيّا و رفعته مكانا عليّا و انعمت عليه نعمة حرّمتها علي خلقك الاّ من نقلت اليه نور الهاشميّين و جعلته اوّل منذر من انبياءك ثمّ اذنت في انتقال محمّد صلّي اللّه عليه و آله من القابلين له

ص: 206

متوشلخ و لمك(لامك)المفضيّين الي نوح فايّ الاءك يا ربّ علي ذلك لم تولّه و ايّ خواصّ كرامتك لم تعطه ثمّ اذنت في ايداعه ساما دون حام و يافث فضربت لهما بسهم في الذّلّة و جعلت لما اخرجت من بينهما لنسل سام خولا ثمّ تتابع عليه القابلون من حامل الي حامل و مودع الي مستودع من عترته في فطرات الدّهور حتّي قبله تارخ اطهر الاجسام و اشرف الاجرام و نقلته الي ابراهيم فاسعدت بذلك جدّه و اعظمت به مجده و قدّسته في الاصفياء و سمّيته بين رسلك خليلا ثمّ خصّصت به إسماعيل دون ولد ابراهيم فانطقت لسانه بالعربيّة فضّلتها علي سائر اللّغات فلم تزل تنقله محظورا عن الانتقال في كلّ مقذوف من اب الي اب حتّي قبله كنانة عن مدركة فاخذت له مجامع الكرامة و مواطن السّلامة و اجللت له البلدة الّتي قضيت فيها مخرجه فسبحانك لا اله الاّ انت ايّ صلب اسكنته فيه و ايّ نبيّ بشّر به و بيّن فلم

ص: 207

يتقدّم في الاسماء اسمه و ايّ ساحة من الارض سلكت به لم تظهر بها قدسه حتّي الكعبة الّتي جعلت فيها مخرجه غرست اساسها بياقوته من جنّات عدن و امرت الملكين المطهّرين جبرئيل و ميكائيل فتوسّطا بها ارضك و سمّيتها بيتك و اتّخذتها معمدا لنبيّك و حرّمت وحشها و شجرها و قدّست حجرها و مدرها و جعلتها مسلكا لوحيك و منسكا لخلقك و مامن الماكولات و حجابا للأكلات العاديات تحرم علي انفسها اذعار من اجرت ثمّ اذنت للنّضر من قبوله و ايداعه مالكا ثمّ من بعد مالك فهرا ثمّ خصّصت من ولد فهر غالبا انّ له حركة تقديس فلم تودعه من بعده صلبا الاّ جلّلته نورا تانس به الابصار و تطمئنّ اليه القلوب فانا يا الهي و سيّدي و مولاي المقرّ لك بانّك الفرد الّذي لا ينازع و لا يغالب و لا يشارك سبحانك لا اله الاّ انت ما العقل مولود و فهم مفقود مدحق من ظهر مريج

ص: 208

تبع من عين مشيج بمحيض لحم و علق و درائي فضالة الحيض و علالة الطّعم و شاركته الاسقام و التحفت عليه الالام لا يقدر علي فعل و لا يمتنع من علّة ضعيف التّركيب و البنية ما له و الاقتحام علي قدرتك و الهجوم علي ارادتك و تفتيش ما لا يعلمه غيرك سبحانك ايّ عين تقوم نصب بهاء نورك و ترقي الي نور ضياء قدرتك و ايّ فهم يفهم ما دون ذلك الاّ ابصار كشفت عنها الاغطية و هتكت عنها الحجب العميّة فرقت ارواحها الي اطراف اجنحة الارواح فناجوك في اركانك و الحّوا(و لجوّا) بين انوار بهاءك و نظروا من مرتقي التّربة الي مستوي كبرياءك فسمّاهم اهل الملكوت زوّارا و دعاهم اهل الجبروت عمّارا فسبحانك يا من ليس في البحار قطرات و لا في متون الارض جنبات و لا في رتاج الرّياح حركات و لا في قلوب العباد خطرات و لا علي متون السّحاب نفحات الاّ و في قدرتك متحيّرات امّا السّماء فتخبر عن عجائبك و

ص: 209

امّا الارض فتدلّ علي مدائحك و امّا الرّياح فتنشر فوائدك و امّا السّحاب فتهطل مواهبك و كلّ ذلك يحدّث بتحنّنك و يخبر افهام العارفين بشفقتك و انا المقرّ بما انزلت علي السن اصفياءك انّ ابانا ادم عند اعتدال نفسه و فراغك من خلقه رفع وجهه فواجهه من عرشك و سم(رسم)فيه لا اله الاّ اللّه محمّد رسول اللّه فقال الهي من المقرون باسمك فقلت محمّد خير من اخرجته من صلبك و اصطفيته من بعدك من ولدك و لو لاه ما خلقتك فسبحانك لك العلم النّافذ و القدر الغالب لم تزل الاباء تحمله و الاصلاب تنقله كما انزلته ساحة صلب جعلت له فيها صنعا يحثّ العقول علي طاعته و يدعوها الي متابعته حتّي نقلته الي هاشم خير ابائه بعد إسماعيل فايّ اب و جدّ و والد اسرة و مجتمع عترة و مخرج طهر و مرجع فخر جعلت يا ربّ هاشما لقد اقمته لدن بيتك و جعلت له المشاعر و المتاجر

ص: 210

(المفاخره)ثمّ نقلته من هاشم الي عبد المطّلب فاذبحته سبيل ابراهيم و الهمته رشدا للّتاويل و تفصيل الحقّ و وهبت له عبد اللّه و ابا طالب و حمزة و فديته في القربان بعبد اللّه كسمتك في ابراهيم بإسماعيل و وسمت بابي طالب في ولده كسمتك في اسحق بتقديسك عليهم و تقديم الصّفوة لهم فلقد بلغت الهي ببني ابي طالب الدّرجة الّتي رفعت اليها فضلهم في الشّرف الّذي مددت به اعناقهم و الذّكر الّذي حليت به اسماءهم و جعلتهم معدن النّور و جنّته و صفوة الدّين و ذروته و فريضة الوحي و سنّته ثمّ اذنت لعبد اللّه في نبذه عند ميقات تطهير ارضك من كفّار الامم الّذين نسوا عبادتك و جهلوا معرفتك و اتّخذوا اندادا و جحدوا ربوبيّتك و انكروا وحدانيّتك و جعلوا لك شركاء و اولادا و صبوا الي عبادة الاوثان و طاعة الشّيطان فدعاك نبيّنا صلّي اللّه عليه و آله بنصرته فنصرته بي و بجعفر و حمزة

ص: 211

فنحن الّذين اخترتنا له و سمّيتنا في دينك لدعوتك انصارا لنبيّك قائدنا الي الجنّة خيرتك و شاهدنا انت ربّ السّموات و الارضين جعلتنا ثلاثة ما نصب لنا عزيز الاّ اذللته بنا و لا ملك الاّ طححته اشدّاء علي الكفّار رحماء بينهم تراهم ركّعا سجّدا و وصفتنا يا ربّنا بذلك و انزلت فينا قرآنا جليت به عن وجوهنا الظّلم و ارهبت بصولتنا الامم اذا جاهد فحمد رسولك عدوّا لدينك تلوذ به اسرته و تحفّ به عترته كانّهم النّجوم الزّهراء اذا توسّطهم القمر المنير ليلة تمّه فصلواتك علي محمّد عبدك و نبيّك و صفيّك و خيرتك و اله الطّاهرين ايّ منيعة لم تهدمها دعوته و ايّ فضيلة لم تنلها عترته جعلتهم خير امّة اخرجت للنّاس يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و يجاهدون في سبيلك و يتواصلون بدينك طهّرتهم بتحريم الميتة و الدّم و لحم الخنزير و ما اهلّ و نسك به لغير اللّه تشهد لهم ملائكتك انّهم

ص: 212

باعوك انفسهم و ابتذلوا من هيبتك أبدانهم شعثة رؤسهم تربة وجوههم تكاد الارض من طهارتهم تقبضهم اليها و من فضلهم تميد بمن عليها و رفعت شانهم بتحريم انجاس المطاعم و المشارب من انواع المسكر فايّ شرف يا ربّ جعلته في محمّد و عترته فو اللّه لاقولنّ قولا لا يطيق ان يقوله احد من خلقك انا علم الهدي و كهف التّقي و محلّ السّخي و بحر النّدي و طود النّهي و معدن العلم و نور في ظلم الدّجي و خير من امن و اتّقي و اكمل من تقمّص و ارتدي و افضل من شهد النّجوي بعد النبيّ المصطفي و ما ازكّي نفسي و لكن بنعمة ربّي احدّث انا صاحب القبلتين و حامل الرّايتين فهل يوازي فيّ احد و انا ابو السّبطين فهل يساوي بي بشر و انا زوج خير النّسوان فهل يفوقني احد و انا القمر الزّاهر بالعلم الّذي علّمني ربّي و الفرات الزّاخر اشبهت من القمر نوره و بهائه و من الفرات بذله و سخاءه ايّها النّاس بنا

ص: 213

انار اللّه السّبل و اقام الميل و عبد اللّه في ارضه و تناهت اليه معرفة خلقه و قدّس اللّه جلّ و تعالي بابلاغنا الالسن و ابتهلت بدعوتنا الاذهان فتوفّي اللّه محمّد صلّي اللّه عليه و آله سعيدا شهيدا هاديا مهديّا قائما بما استكفاه حافظا بما استرعاه تممّ به الدّين و اوضح به اليقين و اقرّت العقول بدلالته و ابانت حجج انبيائه و اندمغ الباطل زاهقا و وضح العدل ناطقا و عطّل مظانّ الشّيطان و اوضح الحقّ و البرهان اللّهمّ فاجعل فواضل صلواتك و نوامي بركاتك و رأفتك و رحمتك علي محمّد نبيّ الرّحمة و علي اهل بيته الطّاهرين قوله خلقه الظاهر ان الضمير راجع الي النبي صلّي اللّه عليه و آله و قوله سبقت به السّلالة لعلّ المراد ان السلالة انما سبقت خلقته لاجل ذلك النور و ليكون محلاّ له و المراد بالسلالة ادم عليه السّلام لانه تعالي خلقه من سلالة من طين و يحتمل التصحيف في العبارة و الجرم بالكسر الجسد بما اكننت اي بالذي سترته قوله قدرة ان لم يكن تصحيفا فهو حال عن ضمير اجرامه و برد او يارد او برد بالباء او مارد او ادد او اياد كما ورد كلّها في الاخبار و كتب الانساب الخامس من الاباء و قوله اول من جعلت يدل علي ان من بينه و بين ادم لم يكونوا رسلا و لا ينافي كونهم انبياء قوله و لم تؤمر الاوهام علي بناء التفعيل بصيغة المجهول اي لم تجعل الاوهام اميرا علي امر معرفته او بالتخفيف بتضمين او يكون علي بمعني الباء اي لم يأمر اللّه الاوهام بمعرفته و في بعض النسخ لم يعثر اي لم يطلع كما في موضع اخر من العثور بمعني الاطلاع فخلقه خبر كلّ المفضيين اي قبل ذلك

ص: 214

النور متوشلح و منه انتقل الي لمك او لامك و منه الي نوح عليه السّلام و قوله علي ذلك اي بسبب قبول النور و ضمير لم تولّه و لم تعطه مرجعهما نوح و محظورا اي ممنوعا من ان ينتقل الي من يقذف بسوء من اب متعلق بقوله تنقله و مدركة اسم والد خزيمة و خزيمه و الدكنانه معمّدا مقصدا وزنا و مغي ان له حركة تقديس اي صار النور بعد ذلك اظهر و تاثير الكرامة للاباء لقربهم اكثر مدحق من دحقه كمنعه اي طرده و ابعده كاطرده و ادحقه قوله مريج من مرج الشيء اذا خلط اي مخلوط و يقال خوط مريج اي متداخل في الاعضان قوله مشيج اي مختلط من كل شيء و جمعه امشاج قوله بمحيض في المنقول عن المنقول منه بالحاء المهملة يتعلق بمحيض اي مختلط بالحيض و يحتمل ان يكون مخيضا بالمعجمة من قولهم محض اللبن اذا اخذ زبده و المحض هو الحركة الشديدة و الفضالة بالضم البقية و العلالة بالضم ما يتعلل به و الحجب القيمة اي الكثيفة الحاجبة العلماء السحاب الرقيق اجنحة الارواح هو امّا جمع الروح بمعني الرّحمة او الراحة او جمع الريح بمعني الرحمة او الغلبة و النصرة و يحتمل ان يكون الادواح بالدال المهملة و هو جمع دوحة بمعني الشجرة العظيمة و الجنبات جمع جنبة بالتحريك و هو ناحية الوادي قوله و لا في رتاج الرياح من قولهم رتج البحر اي هاج و كثر مائه فغمر كل شيء و يحتمل ان يكون تصحيف رجاج البحر من الرجّ و هو التحريك و الاهتزاز و الرجّة الاضطراب و الهطل تتابع المطر و قائدنا صفة لنبيك و نصب لفلان اي عاداه و طحطح اي كسر و فرّق و بدّد اهلاكا منيعة اي نبيّة رفيعة حصينة و ابتذال الثوب امتهانه و السخاء ممدود و لعل قصره لرعاية السّجع و الندي الجود و المطر و البلل الطود الجبل العظيم

60 و من خطبه عليه السّلام

نقلها العالم الفقيه و المحدّث البنيه امين الملة و الدين صدوق المحدثين الشيخ الجليل ابو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي في الامالي و انا ناقلها من نسخته المطبوعة بنفقه الحاج محمد حسن التاجر الاصفهاني الشهير بامين الضرب في سنة 1300 ه ص 369 قال ره في المجلس التسعين منه حدّثنا علي بن احمد بن موسي الدقاق رض قال حدثنا محمد بن الحسن الصفّار قال حدثنا محمد بن محسن عن المفضل بن عمر عن الصّادق جعفر بن محمّد عن ابيه عن جدّه عن ابائه عليهم السّلام قال قال امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السّلام و اللّه ما دنياكم عندي الاّ كسفر علي منهل حلّوا اذا صاح بهم صائحهم فارتحلوا و لا لذاذتها(لذّتها) في عيني الاّ كحميم اشربه غسّاقا او علقم اتجرّعه زعاقا او سمّ افعيّ

ص: 215

(افعاة)اسقاه دهاقا او قلادة من نار ارهقها خناقا و لقد رقعت مدرعتي هذه حتّي استحييت من راقعها و قال لي اقذف بها قذف الاتن لا يرتضيها ليراقعها(لرقعها)فقلت اعزب عنّي فعند الصّباح يحمد القوم السّري و تتجلّي عنّا(و ينجلي عنهم)غيابات الكري و اللّه لو شئت لتسربلت بالعبقريّ المنقوش من ديباجكم و شربت الماء الزّلال برقيق زجاجكم و لاكلت لباب البرّ بصدور دجاجكم و لكنّي اصدّق اللّه جلّ جلاله(جلّت عظمته)حيث قال من كان يريد الحيوة الدّنيا و زينتها نوفّ اليهم اعمالهم و هم فيها لا يبخسون اولئك الّذين ليس لهم في الاخرة الاّ النّار فكيف استطيع الصّبر علي نار لو قذفت بشرارة من شررها الي الارض لاحرقت نبتها و لو اعتصمت نفس بقلّة لا نضجتها وهيج النّار في قلّتها و ايّما خير لعليّ ان يكون عند ذي العرش مقرّبا او يكون في اللّظي خسيئا مبعّدا مسخوطا عليه بجرمه معذّبا و اللّه لئن ابيت علي حسك

ص: 216

السّعدان مرقّدا و تحتي اطمار علي سفاها ممدّدا او اجرّ في اغلالي مصفّدا احبّ اليّ من ان القي محمّدا خائنا و في ذي يتمة اظلمه بفلسة تعمّدا و لم اظلم اليتيم و غير اليتيم لنفس تسرع الي البلا قفولها و يمتدّ في اطباق الثّري حلولها و ان عاشت رويدا فبذي العرش نزولها معاشر شيعتي احذروا فقد عضّتكم الدّنيا بانيابها تختطف منكم نفسا بعد نفس كذّابها و هذه مطايا الرّحيل قد انيخت لركّابها الا انّ الحديث ذو شجون فلا يقولنّ قائلكم انّ كلام عليّ متناقض لانّ الكلام عارض و لقد بلغني انّ رجلا من قطّان المدائن تبع بعد الحنيفيّة علوجه و ليس من ناله دهقانه منسوجة(و ليس سرباله دهقانيّة منسوجه)و تضمخ بمسك هذه النّوافج صباحه و تنجر ببخور الهند رواحه و حوله ريحان حديقة يشمّ تفّاحه و قد مدّ له مفروشات الرّوم علي سرره تعسا له بعد ما ناهر(نهر)السّبعين من عمره و حوله شيخ يدبّ علي ارضه من هرمه و ذا يتمه تضوّر من ضرّه و قومه فما واساهم

ص: 217

بفاضلات من علقمه لئن امكنني اللّه به لاخضمنّه خضم البرّ و لاقيمنّ عليه حدّ المرتدّ و لا ضربنّه الثّمانين بعد حدّ و لاسدّنّ من جهله كلّ سدّ تعسا له افلا شعر افلا صوف افلا وبر افلا رغيف قفار لليل افطار مقدّم افلا عبرة في ظلمة ليال تنحدر و لو كان مؤمنا لاتّسعت له الحجّة اذا ضيّع ما لا يملك و اللّه لقد رايت عقيلا اخي و قد املق حتّي استماحني من برّكم صاعة و عاودني في عشر وسق من شعيركم يطعمه جياعه يكاد يلوي ثالث ايّامه خامصا ما استطاعه و لقد رايت اطفاله عري شعث الالوان من ضرّهم كانّما اشمازّت وجوههم من قرّهم فلمّا عاودني في قوله و كرّره اصغيت اليه سمعي فقره و ظنّني اوتع ديني فاتّبع ما سرّه احميت له حديدة لينزجر اذ لا يستطيع منها و لا يصبر ثمّ ادنيتها من جسمه فضّج من المه ضجيح ذي دنف يانّ من سقمه و كان يسبّني سفها من كظمه و لحرقه في لظي اضني له من عدمه فقلت له ثكلتك الثّواكل يا عقيل اتانّ

ص: 218

من حديدة احماها انسانها لمدعبة و تجرّني الي نار سجرها جبّارها من غضبه اتانّ من الاذي و لا ائنّ من لظي و اللّه لو سقطت المكافاة عن الامم و تركت في مضاجعها باليات في الرّمم لا استحييت من مقت رقيب يكشف فاضحات من الاوزار و تنسخ فصبرا علي دنيا تمدّ بلوائها(تمرّ بلاواتها)كليلة باحلامها تنسلخ كم بين نفس في خيامها ناعمة و بين اثيم في جحيم يصطرخ و لا تعجّب من هذا و اعجب بلا صنع منّا من طارق طرقنا بملفوفات زمّلها في وعائها و معجونة بسطها في انائها فقلت له اصدقة ام نذر ام زكاة و كلّ ذلك يحرم علينا اهل بيت النّبوّة و عوّضنا منه خمس ذي القربي في الكتاب و السّنّة فقال لي لا ذاك و لا ذاك و لكنّه هديّة فقلت له ثكلتك الثّواكل افعن دين اللّه تخدعني بمعجونة غرفتموها بقندكم صفراء اتيتموني بها بعصير تمركم ا مختبط ام ذو جنّة ام تهجر أ ليست النّفوس عن مثقال حبّة من خردل مسئولة

ص: 219

فما ذا اقول في معجونة ارتزقها(اترفها)معمولة و اللّه لو اعطيت الاقاليم السّبعة بما تحت افلاكها و استرقّ لي قطّانها مذعنة باملاكها علي ان اعصي اللّه في نملة اسلبها شعيرة فالوكها ما قبلت و لا اردت و لديناكم اهون عندي من ورقة في فم جرادة تقضمها و اقذر عندي من عراقة خنزير يقذف بها اجذمها و امرّ علي فؤادي من حنظلة يلوكها ذو سقم فيشمّها فكيف اقبل علي ملفوفات عكمتها (عملتها)في طيهّا و معجونة كانّها عجنت بريق حيّة او قيئها اللهّمّ انّي نفرت عنها نفار المهرة من كيّها اريها السّها و تريني القمر(اراه السّها و تراني القمر)امتنع من وبرة من قلوصها ساقطة و ابتلع ابلا في مبركها رابطة اديب العقارب من وكرها التقط ام قواتل الرّقش في مبيتي ارتبط فدعوني اكتفي من دنياكم بملحي و اقراصي فبتقوي اللّه ارجو خلاصي ما لعليّ و نعيم يفني و لذّة تنحتها المعاصي القي و شيعتي ربّنا بعيون ساهرة(مرّة)و بطون خماص ليمحصّ

ص: 220

اللّه الّذين امنوا و يمحق الكافرين و نعوذ باللّه من سيّئات الاعمال و صلّي اللّه علي محمّد و آله قوله كسفر علي منهل السّفر بسكون الفاء اي المسافرون المنهل المورد و هو عين ماء ترده الابل في المراعي و اسم للمنزل الذي في المفازة علي طريق السّفر و جمعه المناهل اي المنازل التي في المفازاة بين الطريق في الاسفار قوله كحميم اشربه غسّاقا الغسّاق بالتشديد و التخفيف ما يغسق من صديد اهل النار اي يسيل و يقال الحميم يحرق بحرّه و الغسّاق يحرق ببرده العلقم الحنظل و كل شيء مرّ الزعاق بالضم الماء المرّ الذي من مرارته و غلظته لا يطاق شربه الافعيّ قيل هي حيّة رفشا رقيقة العنق عريضة الرأس لا تزال مستديرة علي نفسها لا ينفع منها ترياق و لا رقّية و الافعي اسم يقبل التنوين اذ ليس بصفة و جمعه الافاعي و الافعاة دهاقا ان مترعة ممتلية ارهقها اي غشّاها من المكروه و الذلة و الضعف و السّفه المدرعة ثوب من صوف يتدرّع به الرّقعه بالضم الخرقة التي يرقع بها الثوب و منه قوله عليه السّلام و لقد رقعت مدرعتي قوله اقذف بها قذف الاتن القذف الرمي و الطرح الاتن بضمتين الاناث من الحمير اعزب اي ابعد نفسك عن الأمر السري الشيء الدني غيابات الكري اي خفايا الأمر حسك السّعدان عشبة شوكها مدحرج يقال لواحده حسكة مرقدا من الرقاد بالضم و هو النوم الطّمر بالكسر الثوب العتيق او الكساء البالي من غير الصوف و جمعه اطمار كاقمار علي سفاها ممددا قال الفيروز ابادي السّفاكل شجر له شوك مصفدا اي مقيّد بالاغلال و القيود البلي بالكسر و القصر الخلق و افتان الارض و منه الحديث عن الصادق عليه السّلام و قد سئل عن الميت يبلي جسده تميد اي تتحرك و تميل عضّتكم اي لزمتكم تختطف اي تستلب الشجون الهموم و الاحزان العلج بكسر اللام و سكون الجيم الرجل الضّخم و الكافر مطلقا و الجمع العلوج كحمول السّريال القميص و كلما يلبس تضمّخ اي تلطّخ بالطيب التعس الهلاك و العثار و السقوط و البعد و الشرّ و الانحطاط النّهزه بضم النون هو الفرصة و منه نهز الرّجل و انتهز اغتنم الفرصة و في نسخة اخري نهر بالراء المهملة اي زجر يضوره و يضيره ضيرا اذا ضرّه القرم بالتحريك شدة شهوة اللحم خضمه يخضمه اختضمه اي قطعه و هو من باب سمع و ضرب اتّسقت اي اجتمعت الوسق ستون صاعا و هو ثلاثمائة و عشرون رطلا عند اهل الحجاز و أربعمائة و ثلثون رطلا عند اهل العراق شعث الالوان اي كانما شجت الوانهم و يبست جلودهم اشمئزت اي انقبضت الغرّ البرد اضنني له من عدمه اي اصابه المرض الدّعابة المزاح و منه المدعبة سجّرها اي ملئها زمّلها اي لفّها عكمتها من عكم المتاع يعكمه شدّه بثوب المهرة الانثي من ولد الفرس الكيّ الوسم القلوص الناقة الشابّة الرقيش الحية الرقشاء التي فيها نقط سود و بيض

ص: 221

61 و من كلامه عليه السّلام

تحف العقول المطبوع في المطبعة الحيدرية في طهران سنة 1376 ص 100 للعالم النبيل و المحدّث الجليل الحسن بن عليّ بن الحسين بن شعبة الحرّاني من اكابر اعلام الشيعة الزاكية و الفرقة الناجية الاثني عشرية الاماميّة في المأة الرابعة الهجرية القمريّة و فيه بيان بعض الاداب لاصحابه عليه السّلام و هي أربعمائة باب و لقد روي هذا الكلام ايضا صدوق المحدثين محمد بن علي بن الحسين بن بابويه في كتابه الخصال باختلاف يسير في بعض فقراته و نقلي هنا من كتاب التحف قال عليه السّلام الحجامة تصحّ البدن و تشدّ العقل اخذ الشّارب من النّظافة و هو من السّنّة الدّهن يلين البشرة و يزيد في الدّماغ و العقل و يسهّل موضع الطّهور و يذهب بالشّعث و يصفي اللّون السّواك مرضاة للربّ و مطيبته للفم و هو من السّنّة غسل الرّأس بالخطميّ يذهب بالدّرن و ينقّي الاقذار المضمضة و الاستنشاق بالماء عند الطّهور طهور للفم و الانف السّعوط مصحّة للرّأس و شفاء للبدن و سائر اوجاع الرّأس النّورة مشدّة للبدن و طهور للجسد و تقليم الاظفار يمنع الدّاء الاعظم الشّعث هو الانتثار و التفرّق حول الاظفار كما يتشعث راس السّواك السّنة الطريقة و هكذا ما بعده و المراد منها سنة ابراهيم الخليل عليه السّلام من السنن الخمسة الّتي في الرأس المضمضة ادارة الماء في الفم و تحريكه بالاصابع او بقوة الفم الاستنشاق جعل الماء في الفم و جذبه بالنفس ليزول ما في الانف من القذي

ص: 222

و يحلب الرّزق و يدرّ نتف الابط ينفي الرّائحة الكريهة و هو من السّنّة(الرّائحة المنكرة و هو طهور و سنّة)غسل اليدين قبل الطّعام و بعده زيادة في الرّزق غسل الاعياد طهور لمن اراد طلب الحوائج بين يدي اللّه عزّ و جلّ و اتّباع السّنّة قيام اللّيل مصحّة للبدن و رضي للربّ و تعرّض للرّحمة و تمسّك باخلاق النّبييّن اكل التّفّاح نضوح للمعدة مضغ الّلبان يشدّ الاضراس و ينفي البلغم و يقطع ريح الفم الجلوس في المسجد بعد طلوع الفجر الي طلوع الشّمس اسرع في طلب الرّزق من الضّرب في الارض اكل السّفرجل قوّة للقلب الضّعيف و هو يطيب المعدة و يذكّي الفؤاد و يشجّع الجبان و يحسن الولد اكل احدي و عشرين زبيبة حمراء علي الرّيق في كلّ يوم تدفع الامراض يدرّ اي يزيد جريان الرزق نتف الشعر نتفا من باب ضرب نزعته الابط كحمل ما تحت الجناح يذكّر و يؤنث نضوح للمعدة من النضح بالحاء المهملة يقال نضح ما فيها اي نثر و دفع و ذبّ المضغ اللّوك و هو ادارة الشيء في الفم اللبان بضم اللام الكندر قوله الجلوس في المسجد لعل المراد مطلق المسجد لا المسجد المصطلح فيطلق علي ايّ مكان صلّي و سجد فيه سفرجل ثمر معروف يقال بالفارسيّة(به و گلابي)

ص: 223

الاّ مرض الموت يستحبّ للمسلم ان يأتي اهله في اوّل ليلة من شهر رمضان لقول اللّه تعالي احلّ لكم ليلة الصّيام الرّفث الي نساءكم لا تختّموا بغير الفضّة فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله قال ما طهّر اللّه يدا فيه خاتم حديد من نقش علي خاتمه اسما من اسماء اللّه فليحوّله عن اليد الّتي يستنجي بها اذا نظر احدكم الي المرأة فليقل الحمد للّه الّذي خلقني فاحسن خلقي و صوّرني فاحسن صورتي وزان منّي ما شان من غيري و اكرمني بالاسلام ليتزيّن احدكم لاخيه المسلم اذا اتاه كما تزيّن للغريب الّذي يحبّ ان يراه في احسن هيئته صوم ثلاثة ايّام من كلّ شهر و صوم شعبان يذهب بوسواس الصّدر و بلابل القلب الاستنجاء بالماء البارد يقطع البواسير غسل الثّياب يذهب بالهمّ و طهور قوله تعالي احل لكم ليلة الصّيام الرفث الي نساءكم قال الشيخ ابو علي ره قرء شاذا احلّ بالبناء للفاعل و نصب الرفث و القرائة الصحيحة احلّ علي البناء للمفعول و رفع الرفث و الرفث قيل الفحش من القول عند الجماع و الاصحّ انه الجماع وزان مني ما شان من غيري الزينة ما يتزين به الانسان و الزين نقيض الشّين يقال زان الشيء صاحبه زينا و الاسم منه الزينة و الشين بمعني العيب و ما يحدث في ظاهر الجلد

ص: 224

للصّلوة لا تنتفوا الشيّب فانّه نور و من شابّ شيبته في الاسلام كانت له نورا يوم القيمة لا ينام المسلم و هو جنب و لا ينام الاّ علي طهور فان لم يجد الماء فليتيمّم بالصّعيد فانّ روح المؤمن ترتفع الي اللّه عزّ و جلّ فيقبلها و يبارك عليها فان كان اجلها قد حضر جعلها في صورة حسنة و ان لم يحضر اجلها بعث بها مع امنائه من الملائكة فردّها في جسده لا يتفعل المسلم في القبلة فان فعل ناسيا فليستغفر اللّه لا ينفخ المرء موضع سجوده و لا في طعامه و لا في شرابه و لا في تعويذه و لا يتغوّطنّ احدكم علي المحجّة و لا يبل علي سطح في الهواء و لا في ماء جار فمن فعل ذلك فاصابه شيء فلا يلومنّ الاّ نفسه فانّ للماء اهلا و للهواء اهلا و اذا بال احدكم فلا يطمحنّ ببوله و لا يستقبل به الرّيح لا ينامنّ مستلقيا علي ظهره لا يقومنّ الشّيب الشّعر و بياضه و شابّ شيبه اي ابيضّ شعره الصّعيد وجه الارض لا يتفل المسلم تفل يتفل من باب حسب اي بصق و التفل و التفال بضمهما البصاق و الزيد لا يتغوطنّ من التغوّط و هو قضاء الحاجة و الغائط العذرة المحجّة جادة الطريق اي وسطه لا يطحنّ ببوله اي لا يرميّنه في الهواء قوله مستلقيا علي ظهره الاستلقاء النوم علي القفا

ص: 225

الرّجل في الصّلوة متكاسلا و لا متقاعسا ليقلّ العبد و الفكر اذا قام بين يدي اللّه فانّما له من صلوته ما اقبل عليه لا تدعوا ذكر اللّه في كلّ مكان و لا علي كلّ حال لا تلتفتنّ احدكم في صلوته فانّ العبد اذا التفت فيها قال اللّه له اليّ عبدي خير لك ممّن تلتفت اليه كلوا ما يسقط من الخوان فانّه شفاء من كلّ داء باذن اللّه لمن اراد ان يستشفي به البسوا لباس(ثياب)القطن فانّه لباس رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و لم يكن يلبس الصّوف و لا الشّعر الاّ من علّة اذا اكل احدكم الطّعام فمصّ اصابعه الّتي اكل بها قال اللّه عزّ و جلّ ذكره بارك اللّه فيك انّ اللّه ليحبّ الجمال اذا يري اثر نعمته علي عبده صلوا ارحامكم و لو بالسّلام لقول اللّه و اتّقوا اللّه الّذي تسائلون به و الارحام و لا تقطعوا نهاركم بكيت و كيت و فعلنا قوله متكاسلا التكاسل التثاقل و التواني عمّا لا ينبغي ان يتواني عنه قوله متقاعسا التقاعس الاخراج عن الامر و التاخّر عنه و التعصّب له في دخوله فيه قوله من الخوان و هو ما يوضع عليه الطعام ليؤكل و تسمّيه العامّة السّفرة المصّ الرّشف و هو الشرب الرّقيق قوله كيت و كيت بفتح الكاف و قد يكسر اخرهما يكنّي بهما عن الحديث و الخبر تقول قال فلان كيت و كيت او كيت كيت بدون الواو و لا تستعملان الا مكرّرتين

ص: 226

كذا و كذا فانّ معكم حفظة يحفظون عليكم و اذكروا اللّه عزّ و جلّ بكلّ مكان صلّوا علي النّبيّ و اله صلّي اللّه عليه و آله و عليهم فانّ اللّه يتقبّل دعاءكم عند ذكره و رعايتكم له اقرّوا الحارّ حتّي يبرد و يمكن فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله قال و قد قرب اليه طعام حارّ اقرّوه حتّي يبرد و يمكن و ما كان اللّه ليطعمنا الحارّ و البركة في البارد و الحارّ غير ذي بركة علمّوا صبيانكم ما ينفعهم اللّه به لا تغلب عليه المرجئة ايّها النّاس كفّوا ألسنتكم و سلّموا تسليما ادّوا الامانات و لو الي قتلة الانبياء اكثروا ذكر اللّه اذا دخلتم الاسواق و عند اشتغال النّاس بالتّجارات فانّه كفّارة للذّنوب و زيادة في الحسنات و لا تكونوا من الغافلين ليس للعبد ان يسافر اذا حضر شهر رمضان لقول اللّه فمن شهد منكم الشّهر فليصمه ليس في شرب المسكر و المسح علي الخفّين تقيّة ايّاكم و الغلوّ فينا قولوا انّا عباد قوله اقروا الحار من القرّ بكسر القاف اي البارد يعني برّد و الحار قوله و يمكن من امكن الامر فلانا و لفلان اي سهّل عليه او تيسّر المرجئة فرقه من فرق الاسلام يعتقدون بانه لا يضر مع الايمان معصيته كما لا ينفع مع الكفر طاعة

ص: 227

مربوبون و قولوا في فضلنا ما شئتم من احبّنا فليعمل بعملنا و يستعن بالورع فانّه افضل ما يستعان به في الدّنيا و الاخرة لا تجالسوا لنا عائبا و لا تمدحونا معلنين عند عدوّنا فتظهروا حبّنا و تذلّوا انفسكم عند سلطانكم الزموا الصّدق فانّه منجاة ارغبوا فيما عند اللّه و اطلبوا مرضاته و طاعته و اصبروا عليهما فما اقبح بالمؤمن ان يدخل الجنّة و هو مهتوك السّتر لا تعيونا في طلب الشّفاعة لكم يوم القيمة بسبب ما قدّمتم و لا تفضحوا انفسكم عند عدوّكم يوم القيمة و لا تكذّبوا انفسكم في منزلتكم عند اللّه بالحقير من الدّنيا تمسّكوا بما امركم اللّه به فما بين احدكم و بين ان يغتبط و يري ما يحبّ الاّ ان يحضره رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و ما عند اللّه خير و ابقي و تاتيه البشارة و اللّه فتقرّ عينه و يحبّ لقاء اللّه لا تحقّروا ضعفاء اخوانكم فانّه من احتقر مؤمنا حقّره اللّه و لم يجمع بينهما يوم القيمة الاّ ان يتوب و لا يكلّف المرء اخاه الطّلب

ص: 228

اليه اذا عرف حاجته تزاوروا و تعاطفوا و تباذلوا و لا تكونوا بمنزلة المنافق الّذي يصف ما لا يفعل تزوّجوا فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله قال من كان يحبّ ان يستنّ بسنّتي فليتزوّج فانّ من سنّتي التزويج اطلبوا الولد فانّي مكاثر بكم الامم توقّوا علي اولادكم من لبن البغيّ من النّساء و المجنونة فانّ اللّبن يعدّي تنزّهوا عن اكل الطّير الّذي ليس له قانصة و لا صيصية و لا حوصلة و لا كابرة اتّقوا كلّ ذي ناب من السّباع و كلّ ذي مخلب من الطّير و لا تأكلوا الطّحال فانّه ينبت من الدّم الفاسد و لا تلبسوا السّوداء فانّه لباس فرعون اتّقوا الغدد من اللّحم فانّها تحرّك عرق الجذام لا تقيسوا الدّين فانّه لا يقاس و سياتي قوم يقيسون الدّين هم اعداءه و اوّل من قاس ابليس لا تتّخذوا الملسّن فانّه قوله قانصة هي من الطير كالمعدة للانسان صيصية شوكة الدّيك و لبعض الطّيور الحوصلة ما يجتمع فيه من الحبّ و غيره من الماكول للطّير و يقال بالفارسيّة(چينه دان)و قال بعض اللّغويين القانصة اللحمة الغليظة جدّا التي يجتمع فيها كلّما تنقر من الحصا الصّغار بعد ما انحدر من الحوصلة و يقال لها بالفارسية(سنگدان) و هذا القول هو الصّواب لموافقته للاخبار قوله و لا كابرة ليست هذه في خصال الصدوق و لم اظفر بلغته في اللغات

ص: 229

حذاء فرعون و هو اوّل من حذا الملسّن خالفوا اصحاب المسكر و كلوا التّمر فانّه شفاء فيه من كلّ داء(فيه شفاء من الادواء) اتّبعوا قول رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله فانّه قال من فتح علي نفسه باب مسئلة فتح اللّه عليه باب فقر اكثروا الاستغفار فانّه يجلب الرّزق قدّموا ما استطعتم من عمل الخير تجدوه غدا ايّاكم و الجدال فانّه يورث الشّكّ من كانت له الي اللّه حاجة فليطلبها في ثلاث ساعات من يوم الجمعة ساعة الزّوال حين تهبّ الرّيح و تفتح ابواب السّماء و تنزّل الرّحمة و تصوّت الطّير و ساعة في اخر اللّيل عند طلوع الفجر فانّ ملكين يناديان هل من تائب فاتوب عليه هل من سائل فيعطي هل من مستغفر فيغفر له هل من طالب حاجة فاجيبوا داعي اللّه و اطلبوا الرّزق فيما بين طلوع الفجر الي طلوع الشمس فانّه اسرع لطلب الرّزق من الضّرب في الارض و هي السّاعة الّتي الحذا و الحذو النّعل و الملسّن كمعظّم علي بناء المفعول و هو ما جعل طرفه كطرف اللّسان و الملسّنه من النعال ما فيها طول و لطافة كهيئة اللّسان

ص: 230

يقسّم اللّه جلّ و عزّ فيها الارزاق بين عباده انتظروا الفرج و لا تيئسوا من روح اللّه فانّ احبّ الامور الي اللّه انتظار الفرج و ما دوام عليه المؤمن توكّلوا علي اللّه عند ركعتي الفجر بعد فراغكم منها ففيها تعطي الرّغائب لا تخرجوا بالسّيوف الي الحرم و لا يصلّ احدكم و بين يديه سيف فانّ القبلة امن المّوا برسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله اذا حججتم فانّ تركه جفاء و بذلك امرتم و المّوا بالقبور الّتي يلزمكم حقّ سكّانها و زوروها و اطلبوا الرّزق عندها فانّهم يفرحون بزيارتكم ليطلب الرّجل الحاجة عند قبر ابيه و امّه بعد ما يدعو لهما لا تستصغروا قليل الاثم لمّا لم تقدروا علي الكبير فانّ الصّغير يحصي و يرجع الي الكبير اطيلوا السّجود فمن اطاله اطاع و نجا اكثروا ذكر الموت و يوم خروجكم من القبور و يوم قيامكم بين يدي اللّه تهن عليكم المصائب اذا اشتكي احدكم عينه فليقرأ اية قوله الموّا برسول اللّه يقال المّ به اي اتاه و نزل به وزاره زيارة غير طويلة يعني اذا حججتم الي مكّة لزيارة بيت اللّه اذا فرغتم من اعمال الحجّ فاذهبوا الي المدينة و زوروا قبر النّبي صلّي اللّه عليه و آله و تبركها لا تجفوه

ص: 231

الكرسيّ و ليضمر في نفسه انّها تبرء فانّه يعافي ان شاء اللّه توقّوا الذّنوب فما من بليّة و لا نقص رزق الاّ بذنب حتّي الخدش و النّكبة و المصيبة فانّ اللّه جلّ ذكره يقول ما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم و يعفو عن كثير اكثروا ذكر اللّه عزّ و جلّ علي الطّعام و لا تلفظوا فيه فانّه نعمة من نعم اللّه و رزق من رزقه يجب عليكم شكره و حمده احسنوا صحبة النّعم قبل فراقها فانّها تزول و تشهد علي صاحبها بما عمل فيها من رضي من اللّه باليسير من الرّزق رضي اللّه منه باليسير من العمل ايّاكم و التّفريط فانّه يورث الحسرة اذا لقيتم عدوّكم في الحرب فاقلّوا الكلام اكثروا ذكر اللّه جلّ و عزّ و لا تولّوا الادبار فتسخطوا اللّه و تستوجبوا غضبه اذا رايتم من اخوانكم المجروح في الحرب او من قد نكّل او طمع عدوّكم فيه قوله توقوا من الوقاية بمعني الحفظ و الصيانة اي تحفّظوا او صونوا عن الذنوب الخدش الخمس و التمزيق و قشر الجلد بعود و غيره النكبة المصيبة و نكب عنه كنصر و فرح نكبا و نكبا و نكوبا اي عدل و النكب الطرح و النكبة كسجدة الجراحة و ما يصيب الانسان من الحوادث كما انّ الخدش ايضا تفرق اتصال في الجلد و الظفر او نحو ذلك و ان لم يخرج الدّم و النكالة و نكل به من باب قتل و نكّل بالتشديد اي اصابه بنازلة

ص: 232

فقوّوه بانفسكم اصطنعوا بالمعروف بما قدّرتم عليه فانّه يقي مصارع السّوء من اراد منكم ان يعلم كيف منزلته عند اللّه فلينظر كيف منزلة اللّه منه عند الذّنوب افضل ما يتّخذه الرّجل في منزله الشّاة فمن كانت في منزله شاة قدّست عليه الملائكة كلّ يوم مرّة و من كان عنده شاتان قدّست عليه الملائكة كلّ يوم مرّتين و كذلك في الثّلاث و يقول اللّه بورك فيكم اذا ضعف المسلم فلياكل اللّحم باللّبن فانّ اللّه جعل القوّة فيهما اذا اردتم الحجّ فتقدّموا في شراء بعض حوائجكم بانفسكم فانّ اللّه تبارك و تعالي قال و لو اراد الخروج لا عدّوا له عدّة اذا جلس احدكم في الشّمس فليستدبرها لظهره فانّما تظهر الدّاء الدّفين اذا حججتم فاكثروا النّظر الي بيت اللّه فانّ للّه مأئة و عشرين رحمة عند بيته الحرام منها ستّون للطّائفين و اربعون للمصلّين و عشرون للنّاظرين اقرّوا بيت اللّه الحرام بما حفظتموه من ذنوبكم و ما لم تحفظوه فقولوا ما

ص: 233

حفظته يا ربّ علينا و نسيناه فاغفره لنا فانّه من اقرّ بذنوبه في ذلك الموضع و عدّدها و ذكرها و استغفر اللّه جلّ و عزّ منها كان حقّا علي اللّه ان يغفرها له تقدّموا في الدّعاء قبل نزول البلاء فانّه تفتح ابواب السّماء في ستّة مواقف عند نزول الغيث و عند الزّحف و عند الاذان و عند قراءة القرآن و مع زوال الشمس و عند طلوع الفجر من مسّ جسد ميّت بعد ما يبرد لزمه الغسل من غسّل مؤمنا فليغتسل بعد ما يلبسه اكفانه و لا يمسّه بعد ذلك فيجب عليه الغسل و لا تجمّروا الاكفان و لا تمسّوا موتاكم الطّيب الاّ الكافور فانّ الميّت بمنزلة المحرم مروا اهاليكم بالقول الحسن عند الميّت فانّ فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله لمّا قبض ابوها عليهما السّلام اشعرها بنات هاشم فقالت اتركوا الحداد و عليكم بالدّعاء الرّجف هنا بمعني الجهاد و يطلق علي الجيش الكثير ايضا قوله لا تجمّروا اي لا يتجزوا بالطيّب قوله مروا يمكن ان يكون عزّوا بمعني التعزية اومروا من امر يأمر كما في الخصال للصّدوق ره قوله اشعرها بنات هاشم و في الخصال(ساعدها جميع بنات بني هاشم فقالت دعوا التعداد)و الحداد بالكسر ترك الزينة و ثياب المأتم السّود و منه حدّت المرأة علي زوجها اذا احزنت و لبست ثياب السّود و الحزن و تركت الزينة

ص: 234

المسلم مرأة اخيه فاذا رايتم من اخيكم هفوة فلا تكونوا عليه البا و ارشدوه و انصحوا له و ترفّقوا به و ايّاكم و الخلاف فانّه مرءوف و عليكم بالقصد تراءفوا و تراحموا من سافر بدابّته بدأ بعلفها و سقيها لا تضربوا الدّوابّ علي حرّ وجوهها فانّها تسبّح ربّها من ضلّ منكم في سفر او خاف علي نفسه فليناد يا صالح اغثني فانّ في اخوانكم الجنّ من اذا سمع الصّوت اجاب و ارشد الضّالّ منكم و حبس عليه دابّته و من خاف منكم الاسد علي نفسه و دابّته و غنمه فليخطّ عليها خطّة و ليقل اللّهمّ ربّ دانيال و الجبّ و كلّ اسد مستاسد احفظني و غنمي و من خاف منكم الغريق فليقل بسم اللّه مجريها و مرسها انّ ربّي لغفور رحيم و ما قدروا اللّه حقّ قدره و الارض جميعا في قبضته يوم القيمة و السّموات مطويّات بيمينه سبحانه و تعالي عمّا يشركون و من خاف العقرب فليقرأ سلام علي نوح في العالمين انّا كذلك نجري

ص: 235

المحسنين انّه من عبادنا امير المؤمنين عقّوا عن اولادكم في اليوم السّابع و تصدّقوا اذا حلقتم رءوسهم بوزن شعورهم فضّة فانّه واجب علي كلّ مسلم و كذلك فعل رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله بالحسن و الحسين اذا ناولتم سائلا شيئا فاسئلوه ان يدعو لكم فانّه يستجاب فيكم و لا يجاب في نفسه لانّهم يكذبون و يردّ الّذي يناوله يده الي فيه فليقبّلها فانّ اللّه يأخذها قبل ان تقع في يد السّائل قال اللّه تبارك و تعالي و يأخذ الصّدقات تصدّقوا باللّيل فانّ صدقة اللّيل تطفي غضب الرّبّ احسبوا كلامكم في اعمالكم يقلّ كلامكم الاّ في الخير انفقوا ممّا رزقكم اللّه فانّ المنفق فيّ بمنزلة المجاهد في سبيل اللّه فمن ايقن بالخلف انفق و سخت نفسه بذلك من كان علي يقين فاصابه ما يشكّ فليمض علي يقينه فانّ الشّك لا يدفع اليقين و لا ينقضه و لا تشهدوا قول الزّور و لا تجلسوا علي مائدة يشرب عليها الخمر فانّ العبد

ص: 236

لا يدري متي يؤخذ و اذا جلس احدكم علي الطّعام فليجلس جلسته العبد و ياكل علي الارض و لا يضع احدي رجليه علي الاخري و لا يتربّع فانّها جلسة يبغضها اللّه و يمقت صاحبها عشاء الانبياء بعد العتمة فلا تدعوا العشاء فانّ تركه يخرّب البدن الحمّي رائد الموت و سجن اللّه في الارض يحبس بها من يشاء من عباده و هي تحت الذّنوب كما يحاثّ الوبر عن سنام البعير ليس من داء الاّ و هو داخل الجوف الاّ الجراحة و الحمّي فانّهما يردان علي الجسد ورودا اكسروا حرّ الحمّي بالبنفسج و الماء البارد فانّ حرّها من قيح جهنّم لا يتداوي المسلم حتّي يغلب مرضه صحّته الدّعاء يردّ القضاء المبرم فاعدّوه و استعملوه الوضوء بعد الطّهر عشر حسنات فتطهّروا ايّاكم و الكسل فانّه من كسل لم يؤدّ حقّ اللّه تنظّفوا بالماء من الرّيح المنتنة و تعهّد و انفسكم فانّ العشاء بالفتح طعام العشي العتمة بالتحريك ظلمة الليل و يطلق ايضا علي الثلث الاوّل من اللّيل الرّائد المراد هنا الذي يخبر بالموت تحت الذّنوب اي تزول و تردّ و تسقط الذنوب و الحتّ الحذّ

ص: 237

اللّه يبغض من عباده القاذورة الّذي يتافّف به من جلس اليه لا يعبث احدكم بلحيته في الصّلوة و لا بما يشغله عنها بادروا بعمل الخير قبل ان تشغلوا عنه بغيره المؤمن نفسه منه في تعب و النّاس منه في راحة ليكن جلّ كلامكم ذكر اللّه احذروا الذّنوب فانّ العبد يذنب الذّنب فيحبس عنه الرّزق داوا مرضاكم بالصّدقة و حصّنوا اموالكم بالزّكوة الصّلوة قربان كلّ تقيّ و الحجّ جهاد كلّ ضعيف حسن التّبعّل جهاد المرأة الفقر موت الاكبر قلّة العيال احد اليسارين التّقدير نصف المعيشة الهمّ نصف الهرم ما عال امرء اقتصد ما عطب امرء استشار لا تصلح الصّنيعة الاّ عند ذي حسب و دين لكلّ شيء ثمرة و ثمرة المعروف تعجيل السّراج من ايقن بالخلف جاد بالعطيّة من ضرب علي فخذيه عند المصيبة يتاقّف اي يقول افّ من كرب او ضجر قوله فان اللّه يبغض العبد القاذورة قال الطريحي ره في المجمع و في الحديث بئس العبد القاذورة و ان الله يبغض العبد القاذورة القاذورة من الرّجال الذي لا يبالي بما قال و ما صنع و القاذورة الشيء الخلق و كان المراد به هنا الوسخ الذي لم يتنزّه عن الاقذار و قد يطلق القاذورة علي الفاحشة و عطب اي هلك الصّنيعة الاحسان حبط اجره اي حرم من ثواب اعماله

ص: 238

فقد حبط اجره افضل عمل المؤمن انتظار الفرج من احزن والديه فقد عقّهما استنزلوا الرّزق بالصّدقة ادفعوا انواع البلاء بالدّعاء عليكم به قبل نزول البلاء فو الّذي فلق الحبّة و برء النّسمة للبلاء اسرع الي المؤمن من السّيل من اعلي التّلعة الي اسفلها او ركض البرازين سلوا العافية من جهد البلاء فانّ جهد البلاء ذهاب الدّين السّعيد من وعظ بغيره و اتّعظ روّضوا انفسكم علي الاخلاق الحسنة فانّ عبد المؤمن يبلغ بحسن خلقه درجة الصّائم القائم من شرب الخمر و هو يعلم انّها خمر سقاه اللّه من طينة الخبال و ان كان مغفورا له لا نذر في معصيته و لا يمين في قطيعة الدّاعي بلا عمل كالرّامي بلا وتر لتطيّب المرأة قوله فقد عقّهما يقال عقّ الولد اباه يعقّه عقوقا من باب قعد اذا اذاه و عصاه و ترك الاحسان اليه و هو البرّ به و اصله من العق و هو الشّق و القطع النّسمة كل ذي روح من انسان و غيره و التلعة ما علا من الارض و البرازين جمع البرذون بكسر الباء و فتح الزّاء المعجمة التركيّ من الخيل و الدابّة و خلافها الغراب حكي عن المغرب و عن ابن الانباري يقع علي الذكر و الانثي و ركضها سرعتها و اصلها برذن اي اثقل الجهد المشقّة و بمعني الطاقة و الاستطاعة و الاوّل هنا المراد قوله طينة الخبال فسّرت بصديد اهل النّار و ما يخرج من فروج الزّناة فيجتمع ذلك في جهنّم و اصله الفساد والهلاك و السّم القاتل

ص: 239

لزوجها المقتول دون ماله شهيد المغبون لا محمود و لا محاور(ماجور) لا يمين للولد مع والده و لا للمرأة مع زوجها لا صمت الي اللّيل الاّ في ذكر اللّه لا تعرّب بعد الهجرة و لا هجرة بعد الفتح تعرّضوا لما عند اللّه عزّ و جلّ فانّ فيه غني عمّا في ايدي النّاس انّ اللّه يحبّ المحترف الامين ليس من عمل احبّ الي اللّه من الصّلوة لا تشغلنّكم عن اوقاتها امور الدّنيا فانّ اللّه ذمّ اقواما استهانوا باوقاتها فقال الّذين عن صلوتهم ساهون يعني غافلين اعلموا انّ صالحي عدوّكم يرائي بعضهم من بعض و ذلك انّ اللّه عزّ و جلّ لا يوفّقهم و لا يقبل الاّ ما كان له البرّ لا يبلي و الذّنب لا ينسي انّ اللّه مع الّذين اتّقوا و الّذين هم محسنون المؤمن لا يعيّر اخاه و لا يخونه و لا يتهّمه و لا يخذله و لا يتبرء منه اقبل عذر اخيك قوله و لا يحاور التحاور التراجع و التخاطب و التجاوب يقال اذا تحاور الرّجلان اي ردّ كل منهما علي صاحبه و في الخصال لا محمود و لا ماجور قوله لا تعرّب بعد الهجرة اي الالتحاق ببلاد الكفر و الاقامة بها بعد المهاجرة عنها الي بلاد الاسلام و لا يبعد ان يقال في زماننا هذا ان فيشتغل الانسان بتحصيل العلم و المعرفة في الدين ثم يتركه و يصير منه غريبا المحترف المكتسب استهانوا من الهون و الاستهانه اي الاستخفاف و الاستحقار

ص: 240

فان لم يكن له عذر فالتمس له عذرا مزاولة قلع الجبال ايسر من مزاولة ملك مؤجّل استعينوا باللّه و اصبروا انّ الارض للّه يورثها من يشاء من عباده و العاقبة للمتّقين لا تجعلوا الامر قبل بلوغه فتندموا و لا يطولنّ عليكم الامد فتقسوا قلوبكم ارحموا ضعفاءكم و اطلبوا الرّحمة من اللّه عزّ و جلّ ايّاكم و الغيبة فانّ المسلم لا يغتاب اخاه و قد نهي اللّه عن ذلك فقال ايحبّ احدكم ان ياكل لحم اخيه ميتا فكرهتموه و لا يجمع المؤمن يديه في الصّلوة و هو قائم يتشبّه باهل الكفر لا يشرب احدكم الماء قائما فانّه يورث الّداء الّذي لا دواء له الاّ ان يعافي اللّه اذا اصاب احدكم في الصّلوة الدّابّة فليدفنها او يتفل عليها او يضمّها في ثوبه حتّي ينصرف و الالتفات الفاحش يقطع الصّلوة و من فعل فعليه الابتداء بالاذان و الاقامة و التّكبير من قرء قل هو اللّه احد الامد هو نهاية البلوغ بلغ امده اي بلغ غايته و عن الراغب الامد و الابد متقاربان لكن الامد عبارة عن مدة الزمان التي ليس لها حدّ بخلاف الامد قوله الدابّة لعل المراد منها صغارها كالحيات و العقارب و الحلم و نحوها

ص: 241

الي ان تطلع الشّمس عشر مرّات و مثلها انّا انزلناه في ليلة القدر و مثلها اية الكرسيّ منع ماله ممّا يخاف عليه و من قرء قل هو اللّه احد و انّا انزلناه في ليلة القدر قبل طلوع الشّمس لم يصب ذنبا و ان اجتهد فيه ابليس استعيذوا باللّه عزّ و جلّ من غلبة الدّين مثل اهل البيت كمثل سفينة نوح من تخلّف عنها هلك تشمير الثّياب طهور للصّلوة قال اللّه تعالي و ثيابك فطهّر اي فشمّر لعق العسل شفاء قال اللّه يخرج من بطونها شراب مختلف الوانه فيه شفاء للنّاس ابدءوا بالملح في اوّل طعامكم و اختموا به فلو يعلم النّاس ما في الملح لاختاروه علي التّرياق (الدّرياق)من ابتدء طعامه به اذهب اللّه عنه سبعين داء لا يعلمه الاّ اللّه صوموا ثلاثة ايّام من كلّ شهر فهي تعدل صوم الدّهر و نحن نصوم خميسين و اربعاء بينهما لانّ اللّه خلق جهنّم يوم الاربعاء فتعوّذوا باللّه جلّ و عزّ منها اذا اراد

ص: 242

احدكم الحاجة فليبكّر فيها يوم الخميس فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله قال اللّهمّ بارك لامّتي في بكرتها يوم الخميس و ليقرأ اذا خرج من بيته انّ في خلق السّموات و الارض و اختلاف اللّيل و النّهار الي قوله انّك لا تخلف الميعاد و اية الكرسيّ و انّا انزلناه في ليلة القدر و امّ الكتاب فانّ فيها قضاء حوائج الدّنيا و الاخرة عليكم بالصّفيق من الثّياب فانّه من رقّ ثوبه رقّ دينه لا يقومنّ احدكم بين يدي ربّه جلّ و عزّ و عليه ثوب يصفه توبوا الي اللّه و ادخلوا في محبّته فانّ اللّه يحبّ التّوّابين و يحبّ المتطهّرين و المؤمن منيب و توّاب اذا قال المؤمن لاخيه افّ انقطع ما بينهما و اذا قال له انت كافر كفر احدهما و لا ينبغي له ان يتهّمه فان اتّهمه انماث الايمان بينهما كما ينماث الملح في الماء باب التّوبة مفتوح(مفتوحة)لمن ارادها فتوبوا الي اللّه توبة نصوحا عسي ربّكم ان يكفّر عنكم سيّئاتكم اوفوا بالعهود اذا عاهدتم

ص: 243

فما زالت نعمته عن قوم و لا عيش الاّ بذنوب اجترحوها انّ اللّه ليس بظلاّم للعبيد و لو استقبلوا ذلك بالدّعاء لم تزل و لو انّهم اذا نزلت بهم النّقم او زالت عنهم النّعم فزعوا الي اللّه عزّ و جلّ بصدق من نيّاتهم و لم يهنوا و لم يسرفوا لا صلح لهم كلّ فاسد و ردّ عليهم كلّ ضائع اذا ضاق المسلم فلا يشكونّ ربّه و لكن يشكو اليه فانّ بيده مقاليد الامور و تدبيرها في السّموات و الارضين و ما فيهنّ و هو ربّ العرش العظيم و الحمد للّه ربّ العالمين و اذا جلس العبد من نومه فليقل قبل ان يقوم حسبي الرّبّ من العباد حسبي هو حسبي و نعم الوكيل و اذا قام احدكم من اللّيل فلينظر الي اكناف السّماء و ليقرأ انّ في خلق السّموات و الارض و اختلاف اللّيل و النّهار الي قوله لا تخلف الميعاد الاطلاع في بئر زمزم يذهب بالدّاء فاشربوا من مائها ممّا يلي الرّكن الّذي فيه حجر الاسود أربعة انهار من الجنّة الفرات و النّيل و سيحان و

ص: 244

جيحان و هما نهران لا يخرج المسلم في الجهاد مع من لا يؤمن علي الحكم و لا ينفذ في الفئة امر اللّه جلّ و عزّ و ان مات في ذلك كان معينا لعدوّنا في حبس حقّنا و الاشاطة بدمائنا و ميتته ميتة جاهليّة ذكرنا اهل البيت شفاء من الوغل و الاسقام و وسواس الذّنب و حبّنا رضي الرّبّ و الاخذ بامرنا و طريقتنا و مذهبنا معنا غدا في حظيرة الفردوس و المنتظر لامرنا كالمتشحّط بدمه في سبيل اللّه من شهدنا في حربنا و سمع و اعيتنا فلم ينصرنا اكبّه اللّه علي منخريه في النّار نحن باب الجنّة اذا بعثوا و ضاقت المذاهب و نحن باب حطّة و هو السّلم من دخل نجا و من تخلّف عنه هوي بنا فتح اللّه جلّ و عزّ و بنا يختم اللّه و بنا يمحو اللّه ما يشاء و بنا يدفع اجترحوها اي اكتسبوها الاكناف الجوانب و النّواحي الاطلاع في بئر زمزم كذا في التحف و كتاب الحج من البحار لعلّ المراد منه الطلاع بمعني الاناء و يحتمل ان يكون التصحيف للاطلاء بالهمزة بدل العين من الطّلي و منه طليت الدّهن الفرات في العراق و النيل بمصر و سيحان و جيحان ببلخ اشاط السلطان و استشاط اذا التهب و غضب و عرضه للقتل و اهدر دمه المتشحط بدمه اي المقتول المضطرب المتمرّغ بدمه من قولهم يتشحط بدمه اي يتحنّط فيه و يضطرب و يتمرّغ الواعيّة الصّراخ علي الميّت الوغل الخباثة و الاغتيال و الافساد قوله باب حطّة يقال هي كلمة امر بها بنو اسرائيل لو قالوها لحطّت اوزارهم و لكنهم قالوا حنطة في شعير فبدّلوا الحطّة بالحنطه و قوله حطّة اي حطّ عنا اوزارنا

ص: 245

اللّه الزّمان الكلب و بنا ينزّل الغيث و لا يغرّنكم باللّه الغرور لو قد قام قائمنا لانزلت السّماء قطرها و لاخرجت الارض نباتها و ذهبت الشّحناء من قلوب العباد و اصطلحت السّباع و البهائم حتّي تمشي المرأة بين العراق و الشّام لا تضع قدميها الاّ علي نبات و علي راسها زنبيلها لا يهيّجها سبع و لا تخافه لو تعلمون ما في مقامكم بين عدوّكم و صبركم علي ما تسمعون من الاذي لقرّت اعينكم لو قد فقدتموني لرايتم بعدي اشياء يتمنّي احدكم الموت ممّا يري من الجور و العدوان و الاثرة و الاستخفاف بحقّ اللّه و الخوف علي نفسه فاذا كان ذلك فاعتصموا بحبل اللّه جميعا و لا تفرّقوا و عليكم بالصّبر و الصّلوة و التّقيّة و اعلموا انّ اللّه عزّ و جلّ يبغض من عباده التّلوّن لا تزولوا عن الحقّ و اهله فانّ من استبدل بنا هلك و فاتته الدّنيا و خرج منها اثما اذا دخل احدكم الزمان الكلب الشديد الصّعب الشحناء العداوة التي امتلئت منها النفس و اصطلحت اي تصالحت و الاثرة بالتحريك اسم من استأثر بالشيء اذا استبد به بمعني الاختيار و حبّ النفس المفرط و العمل برايه كما اراد دون غيره

ص: 246

منزله فليسلّم علي اهله فان لم يكن له اهل فليقل السّلام علينا من ربّنا و يقرأ قل هو اللّه احد حين يدخل منزله فانّه ينفي الفقر علّموا صبيانكم الصّلوة و خذوهم بها اذا بلغوا ثماني سنين تنزّهوا عن قرب الكلاب فمن اصابه كلب جاف فلينضح ثوبه بالماء و ان كان الكلب رطبا فليغسّله اذا سمعتم من حديثنا ما لا تعرفونه فردّوه الينا و قفوا عنده و سلّموا اذا تبيّن لكم الحقّ و لا تكونوا مذائيع عجلي فالينا يرجع الغالي و بنا يلحق المقصّر من تمسّك بنا لحق و من تخلّف عنّا محق و من اتّبع امرنا لحق من سلك غير طريقتنا سحق لمحبيّنا افواج من رحمة اللّه و لمبغضينا افواج من سخط اللّه طريقنا القصد و امرنا الرّشد لا يجوز السّهو في خمس الوتر و الرّكعتين قوله فليسلّم علي اهله قال اللّه تعالي(و تسلّموا علي اهلها)و فاذا دخلتم بيوتا فسلّموا علي انفسكم تحيّة من عند اللّه مباركة طيّبة)قوله فلينضح ثوبه بالماء اي رشّه و بلّه لينظف به قوله مذائيع عجلي جمع مذياع و هو الذي لا يكتم السرّ من الاضاعة بمعني الافشاء و عجلي مؤنث العجلان بمعني العجول الغالي من يقول في اهل البيت ما لا يقولون في انفسهم كمن يدّعي فيهم النبوّة و الالهيّة و التّالي المرتاد يريد الخبر ليبلغه ليوجر عليه المحق ذهاب الشيء كله حتي لا يري منه اثر و بمعني الهلاكة و منه ما في الدعاء طهر قلبي من كل افة تمحق ديني اي تهلكه و تفنيه و محقه من باب نقع نقصه و اذهب منه البركة لا يجوز السّهو اي لا يكون

ص: 247

الاوليين من كلّ صلاة مفروضة اللّتي تكون فيهما القرائة و الصّبح و المغرب و كلّ ثنائيّة مفروضة و ان كانت سفرا و لا يقرأ العاقل القرآن اذا كان علي غير طهر حتّي يتطهّر له اعطوا كلّ سورة حقّها من الرّكوع و السّجود اذا كنتم في الصّلوة لا يصلّي الرّجل في قميص متوشّحا به فانّه من فعال اهل لوط تجزي للرّجل الصّلوة في ثوب واحد يعقد طرفيه علي عنقه و في القميص الصّفيق يزرّه عليه لا يسجد الرّجل علي صورة و لا علي بساط هي فيه و يجوز ان تكون الصّورة تحت قدميه او يطرح عليها ما يواريها و لا يعقد الرّجل الدّرهم الّذي فيه الصّورة في ثوبه و هو يصلّي و يجوز ان يكون الدّرهم في هميان او في ثوب ان كان طاهرا لا يسجد الرّجل علي كدس حنطة و لا علي قوله متوشحا التوشح بثوبه ان يدخله تحت ابطه فالقاه علي منكبه كما يتوشح الرّجل بحمائل سيفه و في الحديث التوشح في القميص من فعل الجبابرة الصّفيق خلاف السّخيف و يزرّه اي يشدّ ازراره و ادخلها في العري و الازرار جمع الزّر و هو ما يجعل في العروة و عروة الثوب ما يدخل فيه الزّر عند شدّة الكدس الحبّ المحصود المجموع و بالفارسيّة يعبّر بالخرمن و هو بضم الكاف و سكون الدّال

ص: 248

شعير و لا علي شيء ممّا يؤكل و لا علي الخبز اذا اراد احدكم الخلاء فليقل بسم اللّه اللّهمّ امط عنّي الاذي و اعذني من الشّيطان الرّجيم و ليقل اذا جلس اللّهمّ كما اطعمتنيه طيّبا و سوّغتنيه فاكفنيه فاذا نظر بحدثه بعد فراغه فليقل اللّهمّ ارزقني الحلال و جنّبني الحرام فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله قال ما من عبد الاّ و قد وكّل اللّه به ملكا يلوي عنقه اذا احدث حتّي ينظر اليه فعند ذلك ينبغي له ان يسئل اللّه الحلال فانّ الملك يقول يابن ادم هذا ما حرصت عليه انظر من اين اخذته و الي ما ذا صار لا يتوضّأ الرّجل حتّي يسمّي قبل ان يمسّ الماء يقول بسم اللّه اللّهمّ اجعلني من التّوابين و من المتطهّرين فاذا فرغ من طهوره قال اشهد ان لا اله الاّ اللّه وحده لا شريك له و انّ محمّدا عبده و رسوله صلّي اللّه عليه فعندها يستحقّ المغفرة من اتي ماط و اماط عنه اي ازال و ابعده و يريد بالاذي الفضلة قوله سوّغتنيه من ساغ الطّعام او الشراب اي هنّأ و سهّل مدخله في الحلق و السائغ من الشراب سهل المرور في الحلق

ص: 249

الصّلوة عارفا بحقّها غفر اللّه له و لا يصلّ الرّجل نافلة في وقت فريضة و لا يتركها الاّ من عذر و ليقض بعد ذلك اذا امكنه القضاء فانّ اللّه عزّ و جلّ يقول الّذين هم علي صلوتهم دائمون هم الّذين يقضون ما فاتهم من اللّيل بالنّهار و من النّهار باللّيل لا تقضوا النّافلة في وقت الفريضة و لكن ابدءوا بالفريضة ثمّ صلّوا ما بدا لكم الصّلوة في الحرمين تعدل الف صلاة درهم ينفقه الرّجل في الحجّ يعدل الف درهم ليخشع الرّجل في صلوته فانّه من خشع للّه في الرّكعة فلا يعبث بشيء في صلاة القنوت في كلّ صلاة ثنائيّة قبل الرّكوع في الرّكعة الثّانية الاّ الجمعة فانّ فيها قنوتان احدهما قبل الرّكوع في الرّكعة الاولي و الاخر بعده في الثّانية و القرائة في الرّكعة الاولي بسورة الجمعة بعد فاتحة الكتاب و اذا جاءك المنافقون (اي في الرّكعة الثانية بعد الفاتحة)اجلسوا بعد السّجدتين حتّي تسكن

ص: 250

جوارحكم ثمّ قوموا فانّ ذلك من فعلنا اذا افتتح احدكم الصّلوة فليرفع يديه بحذاء صدره اذا قام احدكم بين يدي اللّه فليتجوّز و ليقم صلبه و لا ينحني اذا فرغ احدكم من الصّلوة فليرفع يديه الي السّماء في الدّعاء فلينتصب فقال ابن سبايا امير المؤمنين أ ليس اللّه بكلّ مكان قال بلي قال فلم ترفع ايدينا الي السّماء فقال ويحك اما تقرء و في السّماء رزقكم و ما توعدون فمن اين نطلب الرّزق الاّ من موضعه و هو ما وعد اللّه في السّماء لا تقبل من عبد صلاة حتّي يسئل اللّه الجنّة و يستجير به من النّار و يسئله ان يزوّجه من الحور العين اذا قام احدكم الي الصّلوة فليصلّ صلاة مودّع لا يقطع الصّلوة التّبسّم و تقطعها القهقهة اذا خالط النّوم القلب فقد وجب الوضوء اذا غلبتك عينك و انت في الصّلوة فاقطعها و نم فانّك لا تدري لعلّك ان تدعو علي نفسك من احبّنا قوله فليتجوز اي فليقتصر علي الجائز المجري و في الخصال(فليتحرّي بصدره)و الصّلب عظم الفقرات تكون في الظّهر و يمتد من الكاهل الي اسفل الصّدر و ابن سبا هو عبد اللّه الذي اظهر الغلوّ

ص: 251

بقلبه و اعاننا بلسانه و قاتل معنا بيده فهو معنا في الجنّة في درجتنا و من احبّنا بقلبه و لم يعنّا بلسانه و لم يقاتل معنا فهو اسفل من ذلك بدرجة و من احبّنا بقلبه و لم يعنّا بلسانه و لا بيده فهو معنا في الجنّة و من ابغضنا بقلبه و اعان علينا بلسانه و يده فهو في اسفل درك من النّار و من ابغضنا بقلبه و اعان علينا بلسانه و لم يعن علينا بيده فهو فوق ذلك بدرجة و من ابغضنا بقلبه و لم يعن علينا بلسانه و لا يده فهو في النّار انّ اهل الجنّة لينظرون الي منازل شيعتنا كما ينظر الانسان الي الكواكب الّذي في السّماء اذا قرأتم من المسبّحات شيئا فقولوا سبحان ربّ الاعلي و اذا قراتم انّ اللّه و ملائكته يصلّون علي النّبيّ فصلّوا عليه في الصّلوة كثيرا و في غيرها ليس في البدن اقلّ شكرا من العين فلا تعطوها سؤلها فتشغلكم عن ذكر اللّه جلّ و عزّ اذا قرأتم و التّين فقولوا في اخرها

ص: 252

و نحن علي ذلك من الشّاهدين اذا قراتم قولوا امنّا باللّه فقولوا امنّا باللّه حتّي تبلغوا الي قوله و نحن له مسلمون اذا قال العبد في التّشهّد الاخير من الصّلوة المكتوبة اشهد ان لا اله الاّ اللّه وحده لا شريك له و انّ محمّدا عبده و رسوله و انّ السّاعة اتية لا ريب فيها و انّ اللّه يبعث من في القبور ثمّ احدث حدثا فقد تمّت صلوته ما عبد اللّه جلّ و عزّ بشيء هو اشدّ من المشي الي الصّلوة اطلبوا الخير في اعناق الابل و اخفافها صادرة و واردة انّما سمّي نبيذ السّقاية لانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله اتي بزبيب من الطّائف فامر ان ينبذ و يطرح في ماء زمزم لانّه مرّ فاراد ان تسكن مرارته فلا تشربوا اذا اعتق اذا تعرّي الرّجل نظر اليه الشّيطان فطمع فيه فاستتروا ليس للرّجل ان يكشف ثيابه عن فخذه و يجلس قوله ثم احدث حدثا اي اتي بشيء من المبطلات اقول هذا محمول علي التّقيّة او غيرها قوله انما سمّي نبيذ السقاية الظاهر انه ليس المراد بالنبيذ المسكر الذي حرّم اللّه شربه في الاسلام و لذا عبّر عنه بالسقاية و علل نبيذه في ماء زمزم بامر رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و انّه مرّ و انما هو ماء مالح قد نبذ فيه تمرات ليطيب طعمه و قد كان ماء صافيا فوقها كذا جاءت الرّواية بتفسيره كما قال الطّريحي في المجمع و صرّح فيه عن بعض الشّراح انه ص توضأ بالنّبيذ

ص: 253

بين يدي قوم من اكل شيئا من المؤذيّات فلا يقربنّ المسجد ليرفع السّاجد مؤخّره في الصّلوة اذا اراد احدكم الغسل فليبدأ بذراعيه فليغسلهما اذا صلّيت وحدك فاسمع نفسك القرائة و التّكبير و التَّسبيح اذا انفتلت من صلوتك فعن يمينك تزودّوا من الدّنيا التّقوي فانّها خير ما تزوّدتموه منها من كتم وجعا اصابه ثلاثة ايّام من النّاس و شكي الي اللّه كان حقّا علي اللّه ان يعافيه منه ابعد ما يكون العبد من اللّه اذا كانت همّته بطنه و فرجه لا يخرج الرّجل في سفر يخاف علي دينه منه اعط السّمع أربعة في الدّعاء الصّلوة علي النّبي و اله و اطلب من ربّك الجنّة و التّعوّذ من النّار و سؤالك ايّاه الحور العين اذا فرغ الرّجل من صلوته فليصلّ علي النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و ليسئل اللّه الجنّة و يستجير به من النّار و يسئله ان يزوّجه الحور انفتلت من الصلاة اي انصرفت عنها و الانفلات الخروج بالسرعة قوله مؤخّره في الصّلوة قال الفيروز ابادي المؤخّر من الرّجل خلاف قادمته و المؤخّر كالمقدّم بفتح الخاء المشدّدة و كالمؤمن كلاهما بمعني واحد

ص: 254

العين فانّه من لم يصلّ علي النّبيّ رجعت دعوته و من سئل اللّه الجنّة سمعت الجنّة فقالت يا ربّ اعط عبدك ما سئل و من استجار به من النّار قالت النّار يا ربّ اجر عبدك ممّا استجار منه و من سئل الحور العين سمعت الحور العين فقالت اعط عبدك ما سئل الغناء نوح ابليس علي الجنّة اذا اراد احدكم النّوم فليضع يده اليمني تحت خدّه الايمن و ليقل بسم اللّه وضعت جنبي للّه علي ملّة ابراهيم و دين محمّد و ولاية من افترض اللّه طاعته ما شاء اللّه كان و ما لم يشا لم يكن من قال ذلك عند منامه حفظ من اللصّ المغير و الهدم و استغفرت له الملائكة حتّي ينتبه و من قرء قل هو اللّه احد حين يأتي مضجعه و كلّ اللّه به خمسين الف ملك يحرسونه ليلته اذا نام احدكم فلا يضعنّ جنبه حتّي يقول اعيذ قوله نوح ابليس النوح الصيحة مع الجزع اللّصّ بضم اللام و كسرها واحد اللّصوص و هو السّارق المغير من الغاراة و من الاغارة بمعني النّهب و منه قولهم تغير علي لجوم الاضاحي بمعني الاغارة و النّهب نفسي و اهلي و ديني و مالي و ولدي و خواتيم عملي و ما خوّلني ربّي

ص: 255

ربّي(و في الخصال و ما رزقني ربّي و خوّلني)و رزقني بعزّة اللّه و عظمة اللّه و جبروت اللّه و سلطان اللّه و رحمة اللّه و رأفة اللّه و غفران اللّه و قوّة اللّه و قدرة اللّه و لا اله الاّ اللّه و اركان اللّه و صنع اللّه و جمع اللّه و برسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و بقدرته علي ما يشاء من شرّ السّامّة و الهامّة و من شرّ الجنّ و الانس و من شرّ ما ذرء في الارض و ما يخرج منها و من شرّ ما ينزل من السّماء و ما يعرج فيها و من شرّ كلّ دابّة انت اخذ بناصيتها انّ ربّي علي صراط مستقيم و هو علي كلّ شيء قدير و لا حول و لا قوّة الاّ باللّه فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله كان يعوّذ الحسن و الحسين بها و بذلك امرنا رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و عليهم أجمعين نحن الخزّان لدين اللّه و نحن مصابيح العلم اذا مضي منّا علم بدا علم لا يضلّ من اتّبعنا خوّله الشيء ملكه ايّاه و اعطاه متفضّلا السّامّة بتشديد الميم هو كلّ ما سمّ و لا يبلغ ان يقتل بسمّ كالعقرب و الزنبور و الهامّة ما يسمّ و يقتل و قد تطلق علي ما يدبّ و ان لم تقتل كالحشرات و قيل ما يطلق علي المخوف كالحيّة

ص: 256

و لا يهتدي من انكرنا و لا ينجو من اعان علينا عدوّنا و لا يعان من اسلمنا و لا يخلو عنّا بطمع في حطام الدّنيا الزّائلة عنه فانّه من اثر الدّنيا علينا عظمت حسرته غدا و ذلك قول اللّه ان تقول نفس يا حسرتا علي ما فرّطت في جنب اللّه و ان كنت لمن السّاخرين اغسلوا صبيانكم من الغمر فانّ الشّيطان يشمّ الغمر فيفزع الصّبيّ في رقاده و يتاذّي به الكاتبان لكم من النّساء اوّل نظره فلا تتبعوها و احذروا الفتنة مدمن الخمر يلقي اللّه عزّ و جلّ حين يلقاه كعابد وثن فقال له حجر بن عديّ يا امير المؤمنين من المدمن الخمر قال الّذي اذا وجدها شربها من شرب مسكر لم تقبل صلوته اربعين ليلة من قال لمسلم قولا يريد به انتقاص مروّته حبسه اللّه في طينة خبال حتّي يأتي ممّا قال بمخرج لا ينم الرّجل مع الرّجل في ثوب قوله من اثر الدنيا علينا اي قدّم نفسه علينا و غصب حقنا فرّطت اي قصرت الغمر بالتحريك الدّسم و الزهومة من اللحم و الوضر من السّمن و في الحديث لا يبيتنّ احدكم و يده غمرة الكاتبان اي الملكان الموكّلان علي الانسان اللذان يكتبان اعماله من الخير و الشرّ حجر بن عدي بتقديم الحاء علي الجيم من خواص اصحابه عليه السّلام انتقاص مروّته يقال انتقص الرّجل عابه و الخبال الفساد و طينة الخبال صديد اهل النّار

ص: 257

واحد و لا المرأة مع المرأة في ثوب واحد و من فعل ذلك وجب عليه الادب و هو التّعزير كلوا الدّباء فانّه يزيد في الدّماغ و كان يعجب النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله كلوا الاترج قبل الطّعام و بعده فانّ ال محمّد صلّي اللّه عليه و آله يأكلونه الكمثّري يجلو القلب و يسكّن اوجاعه باذن اللّه اذا قام الرّجل في الصّلوة اقبل ابليس ينظر اليه حسدا لما يري من رحمة اللّه الّتي تغشاه شرّ الامور محدثاتها خير الامور ما كان للّه جلّ و عزّ رضي من عبد الدّنيا و اثرها علي الاخرة استوخم العاقبة لو يعلم المصلّي ما يغشاه من رحمة اللّه ما انفتل و لا سرّه ان يرفع راسه من السّجدة ايّاكم و التّسويف في العمل بادروا به اذا امكنكم ما كان لكم من رزق فسياتيكم الدّبا القرع و هو نوع من اليقطين و الاترج الترنج المحدثات ما لم يكن معروفا في الكتاب و السّنة و الاجماع و منه قوله عليه السّلام شر الامور محدثاتها قوله اثرها اي اختارها و فضّلها عليها قوله و استوخم العاقبة اي وجدها وخيما اي ثقيلا ما يغشاه اي يشمله و منه غشيتهم الرّحمة اي شملتهم انتقل اي انصرف التسويف في الامر تاخيره و القول بانّي سوف افعل

ص: 258

علي ضعفكم و ما كان عليكم فلن تقدروا علي دفعه بحيلة مروا بالمعروف و انهوا عن المنكر اذا وضع الرّجل في الرّكاب يقال سبحان الّذي سخّر لنا هذا و ما كنّا له مقرنين و انّا الي ربّنا لمنقلبون و اذا خرج احدكم في سفر فليقل اللّهمّ انت الصّاحب في السّفر و الحامل علي الظّهر و الخليفة في الاهل و المال و الولد و اذا نزلتم فقولوا اللّهمّ انزلنا منزلا مباركا و انت خير المنزلين اذا دخلتم الاسواق لحاجة فقولوا اشهد ان لا اله الاّ اللّه وحده لا شريك له و انّ محمّدا عبده و رسوله صلّي اللّه عليه و آله اللّهمّ انّي اعوذ بك من صفقة خاسرة و يمين فاجرة و اعوذ بك من بواء الاثم المنتظر وقت الصّلوة بعد العصر زائر للّه و حقّ علي اللّه عزّ و جلّ ان يكرم زائره و يعطيه ما سأل الصّفقة ضرب اليد علي اليد في البيع و كانت العرب اذا وجب البيع ضرب احدهما يده علي يد صاحبه ثم استعملت الصفقة علي البيع و المراد هنا بيعة خاسرة و يمين فاجرة اي حلف كاذبه و البواء هو الرّجوع بواء الاثم اي الرجوع بالذنب او جزاء الاثم و يجيء بمعني السّواء و الكفو و النكاح ايضا و المراد هنا الاوّل و الثاني.

ص: 259

الحاجّ و المعتمر وفد اللّه و حقّ علي اللّه ان يكرم وفده و يحبوه بالمغفرة من سقي صبيّا مسكرا و هو لا يعقل حبسه اللّه في طينة خبال حتّي يأتي ممّا فعل بمخرج الصّدقة جنّة عظيمة و حجاب للمؤمن من النّار و وقاية للكافر من تلف المال و يعجّل له الخلف و يدفع السّقم عن بدنه و ماله في الاخرة من نصيب باللّسان يكبّ اهل النّار في النّار و باللّسان يستوجب اهل القبور النّور فاحفظوا ألسنتكم و اشغلوها بذكر اللّه من عمل الصّور سئل عنها يوم القيمة اذا اخذت من احدكم قذاه فليقل اماط اللّه عنك ما تكره اذا خرج احدكم من الحمّام فقال له اخوه طاب حميمك فليقل انعم اللّه بالك و اذا قال له حيّاك اللّه بالسّلام فليقل و انت فحيّاك اللّه بالسّلام و احلّك دار المقام الوافد الوارد القادم و يحبوه اي و يعطيه من حباه بكذا اي اعطاه اباه بلا جزاء القذي و القذاة ما يقع في العين او في الشراب من تراب و تبن و نحوهما و اماط اي نحّاه و ابعده البال الامر و الحال و النفس و القلب و انعم اللّه بالك المراد حالك او نفسك او قلبك حيّاك اللّه اي ابقاك اللّه مع السّلامة في الدّنيا و الاخرة و السّلام تحية من اللّه لعباده المؤمنين

ص: 260

السّؤال بعد المدح فامدحوا اللّه ثمّ سلوه الحوائج و اثنوا عليه قبل طلبها يا صاحب الدّعاء لا تسئل ما لا يكون و لا يحلّ اذا هنّا تم الرّجل من مولود ذكر فقولوا بارك اللّه لك في هبته و بلغ اشدّه و رزقت برّه اذا قدم احدكم من مكّة فقبّل عينيه و فمه الّذي قبّل الحجر الاسود الّذي قبّله رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله و قبّل موضع سجوده و جبهته و اذا هنّئتموه فقولوا قبّل اللّه نسكك و شكّر سعيك و اخلف عليك نفقتك و لا جعله اخر عهدك ببيته الحرام احذروا السّفلة فانّ السّفلة لا يخاف اللّه جلّ و عزّ انّ اللّه اطّلع فاختارنا و اختار لنا شيعتنا ينصروننا و يفرحون بفرحنا و يحزنون بحزننا و يبذلون اموالهم و انفسهم فينا اولئك منّا و الينا ما من شيعتنا احد يقارف امرا نهيناه عنه فيموت حتّي يبتلي ببليّة تمحّص بها ذنوبه امّا في مال او ولد و امّا في نفسه حتّي يلقي اللّه محبّنا و قوله يقارف امرا اي يقارب أمرا و يدنوه قوله تمحّص بها ذنوبه اي تطهّرها و ينقّيها بها قال اللّه تعالي و ليمحصّ اللّه الذين امنوا اي يخلّصهم من ذنوبهم و ينقّيهم و محص اللّه العبد من الذنب اي طهّره

ص: 261

ماله ذنب و انّه ليبقي عليه شيء من ذنوبه فيشدّد عليه عند الموت فيمحّص ذنوبه الميّت من شيعتنا صدّيق شهيد صدّق بامرنا و احبّ فينا و ابغض فينا يريد بذلك وجه اللّه مؤمنا باللّه و رسوله من اذاع سرّنا اذاقه اللّه باس الحديد اختنوا اولادكم يوم السّابع و لا يمنعكم حرّ و لا برد فانّه طهر للجسد و انّ الارض لتضجّ الي اللّه من بول الاقلف اصناف السّكر أربعة سكر الشّباب و سكر المال و سكر النّوم و سكر الملك احبّ للمؤمن ان يطلي في كلّ خمس عشر يوما مرّة بالنّورة اقلّوا اكل الحيتان فانّها تذيب البدن و تكثر البلغم و تغلّظ النّفس الحسو باللّبن شفاء من كلّ داء الاّ الموت كلوا الرّمّان بشحمه فانّه دبّاغ للمعدة و حيوة القلب و يذهب بوسواس الشّيطان كلوا الهندباء فانّه ما قوله اذاقه اللّه باس الحديد يعني بالسيف في الدّنيا لانّ من اذاع سرّ اهل البيت سيّما في زمان خلفاء الجور قتل به الاقلف الذي لم يختن سكر الشباب في الخصال سكر الشراب الحسو من اللبن بالضمّ و الفتح الجرعة اي شربه شيئا بعد شيء الهندبا نبات يقال بالفارسيّة(كاسني)و هي بكسر الهاء و فتح الدال و قيل بالكسر ممدودة و معصورة بقلة معروفة نافعة للمعدة و الكبد و الطحال اكلا و للسعة العقرب ضمادا باصولها

ص: 262

من صباح الاّ و عليه قطرة من قطرات الجنّة اشربوا ماء السّماء فانّه طهور للبدن و يدفع الاسقام قال اللّه عزّ و جلّ و ينزّل عليكم من السّماء ماء ليطهرّكم و يذهب عنكم رجز الشّيطان الحبّة السّوداء ما من داء الاّ و فيها منه شفاء الاّ السّام لحوم البقرد آء و البانها شفاء و كذلك آسمانها ما تأكل الحامل شيئا و لا تبتدء به افضل من الرّطب قال اللّه و هزّي اليك بجذع النّخلة تساقط عليك رطبا جنيّا حنّكوا اولادكم بالتّمر فهكذا فعل رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله بالحسن و الحسين اذا اراد احدكم ان يأتي اهله فلا يعاجلّنها و ليمكث يكن منها مثل الّذي يكون منه اذا رأي احدكم امرأة تعجبه فليلق اهله فانّ عندها مثل الّذي رأي و لا يجعل للشّيطان علي قلبه سبيلا و ليصرف بصره عنها فان لم تكن له زوجة فليصلّ ركعتين قوله الاّ السّام اي الموت آسمانها جمع السمن بمعني الدّهن قوله حنّكوا اولادكم الحنك بالتحريك اعلي باطن الفم و الاسفل من طرف مقدم اللحيين و قد يطلق علي ما تحت الذقن و تحنّك المولود بالتمر هو ان يمضغ حتّي يصير مايعا فيوضع فيه ليصل شيء منه الي جوفه يقال حنّك اي مضّغ فدلك بحنكه قوله تعالي و هزّي اليك بجذع النخلة اي حرّكي يقال هزّه و هزّيه اذا حركه و اهتز العرش اي تزلزل و جذع النخلة اي ساقها

ص: 263

و يحمد اللّه كثيرا اذا اراد احدكم غشيان زوجته فليقلّ الكلام فانّ الكلام عند ذلك يورث الخرس لا ينظرنّ احدكم الي باطن فرج المزئة فانّه يورث البرص و اذا اتي احدكم زوجته فليقل اللّهمّ انّي استحللت فرجها بامرك و قبلتها بامانتك فان قضيت منها ولدا فاجعله ذكرا سويّا و لا تجعل للشّيطان فيه شركا و نصيبا الحقنة من الاربعة الّتي قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله فيها ما قال و افضل ما تداويتم به الحقنة و هي تعظّم البطن و تنقّي داء الجوف و تقوّي الجسد استعطّوا بالبنفسج فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله قال لو يعلم الناس ما في البنفسج لحسوه حسوا اذا اراد احدكم اتيان اهله فليتوّق الاهلّة و انصاف الشّهور فانّ الشّيطان يطلب الولد في هذين الوقتين توقّوا الحجامة يوم الاربعاء و يوم الجمعة فانّ الاربعاء نحس مستمرّ و فيه خلقت جهنّم و في يوم الجمعة لا يحتجم احد الاّ مات

ص: 264

الغشيان بالكسر الاتيان بالجامعة و الخرس بالتحريك افة تصيب اللسان فتمنعه من الكلام استعطوا التنقيح اي ادخلوه في الانف الاستعاط ادخال الدواء في الانف من السّعوط الحسو و حسوة الجرعة من الشراب و في الحديث فاكل رسول اللّه و صلّي اللّه عليهما و الهما و حسوا المرق اي شربا منه شيئا بعد شيء و الحسوة قدر ما يحتسي

62 و من خطبه عليه السّلام

في وصفه الدنيا للمتقين نقلها في تحف العقول ص 186 قال قال جابر بن عبد اللّه الانصاري كنّا مع امير المؤمنين عليه السّلام بالبصرة فلما فرغ من قتال من قاتله اشرف علينا من اخر الليل فقال ما أنتم فيه فقلنا في ذم الدّنيا فقال عليّ عليه السّلام تذم الدنيا يا جابر ثم حمد اللّه و اثني عليه و قال ع يا جابر امّا بعد فما بال اقوام يذمّون الدّنيا انتحلوا الزّهد فيها الدّنيا منزل صدق لمن صدّقها و مسكن عافية لمن فهم عنها و دار غني لمن تزوّد منها مسجد انبياء اللّه و مهبط وحيه و مصلّي ملائكته و مسكن احبّائه و متجر اوليائه اكتسبوا فيها الرّحمة و ربحوا منها الجنّة فمن ذا يذمّ الدّنيا يا جابر قد اذنت ببينها و نادت بانقطاعها و نعت نفسها بالزّوال و مثّلت ببلائها البلاء و شوّقت بسرورها الي السّرور و راحت بفجيعة و ابتكرت بنعمة اقول روي الشيخ هذه الخطبة في الامالي في المجلس السّابع مع اختلاف كثير و ابن طلحة في مطالب السئول و المفيد في الارشاد قوله اشرف علينا اي دنا منّا فقال ما أنتم اي في ايّ حال أنتم و ما كلامكم قوله عليه السّلام اذنت بمدّ الهمزة اي اعلمت ببينها اي ببعذها و نعاه اي اخبر بفقده و راحت اي وافت وقت العشيّ و ابتكرت اي اصبحت الفجيعة بمعني الرّزية و فجعته في المال فجعا من باب نفع فهو مجموع و تفجعت له توجّعت

ص: 265

و عافية ترهيبا و ترغيبا يذمّها قوم عند النّدامة خدمتهم جميعا فصدقتهم و ذكّرتهم فذكروا و وعظتهم فاتّغظوا و خوّفتهم فخافوا و شوّقتهم فاشتاقوا فايّها الذّام للدّنيا المغترّ بغرورها متي استذمّت اليك بل متي غرّتك بنفسها بمصارع آباءك من البلي ام بمضاجع امّهاتك من الثّري كم مرضت بيديك و عللت بكفيّك تستوصف لهم الدّواء و تطلب لهم الاطبّاء لم تدرك فيه طلبتك و لم تسعف فيه بحاجاتك بل مثّلت الدّنيا به نفسك و بحاله حالك غداة لا ينفعك احبّاءك و لا يغني عنك نداءك حين يشتدّ من الموت اعالين المرض و اليم لو عات المضض حين لا ينفع الاليل و لا يدفع العويل يحفز بها الحيزوم و يغصّ بها الحلقوم المصرع مكان الصّرع اي السّقوط و البلي بكسر الباء الفناء بالتحليل الثري التراب النّدا مرضّت المريض اي خدمته في مرضه و علّلت اي خدمته في علّته الطلبة بالكسر ما يطلب اي المطلوب و تسعف نجاجتك اي تقضاها لك اعالين المرض كذا في جميع النسخ التي نقلوا فيها هذه الخطبة من الامالي و الارشاد و مطالب السئول و غيرها و لعلّه جمع اعلان و المراد منها امارات مرض المؤت و لو عات جمع لوعة و هي الحرقة من همّ او شوق و المضض الالم و الوجع و لوعة المضض حرقته و الاليل الانين و الثكل و العويل رفع الصوت بالبكاء و الصّياح و الحفر الدّفع و الطعن و الازعاج الحيزوم وسط الصّدر و الظهر و البطن و يغصّ بها اي يضيق بها

ص: 266

لا يسمعه النّداء و لا يروعه الدّعاء فيا طول الحزن عند انقطاع الاجل ثمّ يراح به علي شرجع نقله اكفّ اربع فيضجع في قبره في لبث و ضيق جدث فذهبت الجدة و انقطعت المدّة و رفضته العطفة و قطعته اللّطفة لا تقاربه الاخلاّء و لا يلمّ به الزّوار و لا اتّسقت به الدّار انقطع دونه الاثر و استعجم دونه الخبر و بكّرت ورثته فاقسمت تركته و لحقه الحوب و احاطت به الذّنوب فان يكن قدّم خيرا طاب مكسبه و ان يكن قدّم شرّا تبّ منقلبه و كيف ينفع نفسا قرارها و الموت قصارها و القبر مزارها فكفي بهذا واعظا كفي يا جابر امض معي فمضيت معه حتي اتينا القبور فقال يا اهل التّربة امّا المنازل فقد سكنت و امّا المواريث فقد قسّمت و امّا الازواج فقد نكحت هذا خبر ما عندنا فما خبر ما عندكم ثمّ امسك عنّي مليّا ثم رفع راسه فقال و الّذي اقلّ السّماء فعلت و سطح الارض فدحت لو اذن للقوم في الكلام لقالوا انّا وجدنا خير الزّاد

ص: 267

التّقوي ثم قال يا جابر اذا شئت فارجع قوله راح اي ذهب في الرواح اي العشيّ و عمل فيه و يستعمل لمطلق الذهاب و المضيّ ايضا و الشّرجع بالجيم كعسكر الطويل و النعش و الجنازة و السّرير و الخشبة الطويلة المربعة الجده:الوجد القدرة و الغني لمّ بفلان اتاه فنزل به استعجم سكت عجزا و لم يقدر عليه بكرت اسرعت و تقدمت و الحوب الاثم تبّ خسر قصارها بالفتح و الضم غاية جهدها و اخر امرها اقلّ و استقل السماء رفعها

63 و من خطبه عليه السّلام

نقلها ابن ابي الحديد في شرح النهج ص 55 قال و روي الكلبي قال لمّا اراد علي عليه السّلام المسير الي البصرة قام فخطب النّاس فقال بعد ان حمد اللّه و صلّي علي رسوله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم انّ اللّه لمّا قبض نبيّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم استأثرت علينا قريش بالامر و دفعتنا عن حقّ نحن احقّ به من النّاس كافّة فرأيت انّ الصّبر علي ذلك افضل من تفريق كلمة المسلمين و سفك دمائهم و النّاس حديثو عهد بالاسلام و الدّين يمخض مخض الوطب يفسده ادني وهن و يعكسه اقلّ خلق فولّي الامر قوم لم يألوا في امرهم اجتهادا ثمّ انتقلوا الي دار الجزاء و اللّه وليّ تمحيص سيّئاتهم و العفو عن هفواتهم فما بال طلحة و الزّبير و ليسا من هذا الامر بسبيل لم يصبرا عليّ حولا و لا اشهرا حتّي وثبا و مرقا و نازعاني امرا لم يجعل اللّه لهما اليه سبيلا بعد ان بايعا طائعين غير مكرهين يرتضعان امّا

ص: 268

قد فطمت و يحييان بدعة قد اميتت ادم عثمان زعما و اللّه ما التّبعة الاّ عندهم و فيهم و انّ لاعظم حجّتهم لعلي انفسهم و انا راض بحجّة اللّه عليهم و علمه فيهم فان فاءا و انابا فحظّهما احرزا و انفسهما غنما و اعظم بهما غنيمة و ان ابيا اعطيتهما حدّ السّيف و كفي به ناصر الحقّ و شافيا لباطل ثمّ نزل قوله استأثر يقال استأثر فلان بالشيء اي استبدّ به قوله يمخض مخض الوطب اي يستخرج كما يستخرج الزبد من اللبن الوطب سقاء اللبن لم يألوا اي لم يقصروا التمحيص الابتلاء و الاختبار الهفوات بمعني الزّلات

64 و من كلامه عليه السّلام

في الجزء التاسع من البحار ص 537 عن الكافي عن عليّ عن ابيه عن حمّاد بن عيسي عن حريز عن يزيد بن معاوية قال سمعت ابا عبد اللّه عليه السّلام يقول بعث امير المؤمنين عليه السّلام مصدّقا من الكوفة الي باديتها فقال يا عبد اللّه انطلق و عليك بتقوي اللّه وحده لا شريك له و لا تؤثرنّ دنياك علي اخرتك و كن حافظا لما ائتمنتك عليه مراعيا لحقّ اللّه فيه حتّي تاتي نادي بني فلان فاذا قدمت فانزل بمائهم من غير ان تخالط ابياتهم ثمّ امض اليهم بسكينة و وقار حتّي تقوم بينهم فتسلّم عليهم ثمّ قل لهم يا عباد اللّه ارسلني

ص: 269

اليكم وليّ اللّه لاخذ منكم حقّ اللّه في اموالكم فهل للّه في اموالكم حقّ فتؤدّوه الي وليّه فان قال لك قائل لا فلا ترجعه و ان انعم لك منهم منعم فانطلق معه من غير ان تحيفه او تعده الاّ خيرا فاذا اتيت ماله فلا تدخله الاّ باذنه فانّ اكثره له فقل يا عبد اللّه أتأذن لي في دخول مالك فان اذن لك فلا تدخله دخول متسلّط عليه فيه و لا عنف به فاصدع المال صدعين ثمّ خيّره ايّ الصّدعين شاء فايّهما اختار فلا تعرّض له ثمّ اصدع الباقي صدعين ثمّ خيّره فايهما اختار فلا تعرّض له و لا تزال كذلك حتّي يبقي ما فيه وفاء لحقّ اللّه تبارك و تعالي في ماله فاذا بقي ذلك فاقبض حقّ اللّه منه و ان استقالك فاقله ثمّ اخلطهما و اصنع مثل الّذي صنعت اوّلا حتّي تأخذ حقّ اللّه في ماله فاذا قبضته فلا توكل به الاّ ناصحا شفيقا امينا حفيظا غير معنف بشيء منها ثمّ احدر كلّما اجتمع عندك من كلّ ناد الينا نصيّره حيث امر اللّه عزّ و جلّ فاذا انحدر فيها

ص: 270

رسولك فاوغر اليه ان لا يحول بين ناقة و بين فصيلها و لا يفرّق بينهما و لا يمصّرنّ لبنها فيضرّ ذلك بفصيلها و لا يجهد بها ركوبا و ليعدل بينهنّ في ذلك و ليوردهنّ كلّ ماء يمرّ به و لا يعدل بهنّ عن نبت الارض الي جواد الطّريق في السّاعة الّتي فيها تريح و تغبق و ليرفق بهنّ جهده حتّي يأتينا باذن اللّه سحاحا سمانا غير متعبات و لا مجهدات فنقسمهنّ باذن اللّه علي كتاب اللّه و سنّة نبيّه صلّي اللّه عليه و آله علي اولياء اللّه فانّ ذلك اعظم لاجرك و اقرب لرشدك ينظر اللّه اليها و اليك و الي جهدك و نصيحتك لمن بعثك و بعثت في حاجته فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله قال ما ينظر اللّه الي وليّ له يجهد نفسه بالطّاعة و النّصيحة له و لامامه الاّ كان معنا في الرّفيق الاعلي قال ثم بكي ابو عبد اللّه عليه السّلام ثم قال يا بريد لا و اللّه ما بقيت للّه حرمة الاّ انتهك و لا عمل بكتاب اللّه و لا سنة نبيّه في هذا العالم و لا اقيم في هذا الخلق حدّ منذ قبض اللّه امير المؤمنين عليه السّلام و لا عمل بشيء من الحق الي يوم النّاس هذا ثم قال اما و اللّه لا تذهب الايّام و الليالي حتّي يحيي اللّه الموتي و يميت الاحياء و يردّ اللّه الحقّ الي اهله و يقيم دينه الذي ارتضاه لنفسه و نبيّه صلّي اللّه عليه و آله فابشروا ثمّ ابشروا ثم ابشروا فو الله ما الحق الا في ايديكم

ص: 271

قوله اوعز اليه اي تقدّم و قال في النهاية في حديث عليّ و لا يمصرّن لبنها فيضر ذلك بولدها المصر الحلب بثلاثة اصابع يريد لا يكثر من اخذ لبنها و تغبق بالغين المعجمة يقال انه من الغبوق و هو الشرب بالعشي و لعل هذا تصحيف العنوق بالعين المهمله و بعدها النون و هو الضرب من سير الابل و سحّت الشاة تسح بالكسر اي سمنت و غنم سحاح اي سمان و لقد نقل الرضي رضي اللّه عنه في النهج بتغيير

65 و من خطبه عليه السّلام

نقلها عبد الحميد بن ابي الحديد في الجزء السّادس من شرح النهج المطبوع في طهران ص 293 قال قال المدائني و قيل لعليّ عليه السّلام لقد جزعت علي محمد بن ابي بكر يا امير المؤمنين فقال و ما يمنعني انه كان لي ربيبا و كان لي اخا و كنت له والدا اعدّه ولدا و روي ابراهيم من رجاله عن عبد الرحمن بن جندب عن ابيه قال خطب علي عليه السّلام بعد فتح مصر و قتل محمد بن ابي بكر فقال عليه السّلام امّا بعد فانّ اللّه بعث محمّدا نذيرا للعالمين و امينا علي التنزيل شهيدا علي هذه الامّة و أنتم معاشر العرب يومئذ علي شرّدين و في شرّ دار منيخون علي حجارة حشّ و حيّات صمّ و شوك مبثوث في البلاد تشربون الماء الخبيث و تأكلون الطّعام الخبيث تسفكون دماءكم و تقتلون اولادكم و تقطعون ارحامكم و تأكلون اموالكم بينكم بالباطل سبلكم خائفة و الاصنام فيكم منصوبة و لا يؤمن اكثركم باللّه الاّ و هم مشركون فمنّ اللّه عزّ و جلّ عليكم بمحمّد(صلّي اللّه قوله عليه السّلام منيخون اي مقيمون من اناخ اي اقام في المكان قوله حجارة حشّ اي كالنار الموقده من شدّة الحرارة و حيّات صمّ اي الذكر من الحيّات كذا قال في القاموس و قال انثي القنافذ ايضا

ص: 272

عليه و اله و سلّم)فبعثه اليكم رسولا من انفسكم بلسانكم فعلّمكم الكتاب و الحكمة و الفرائض و السنّة و امركم بصلة ارحامكم و حقن دمائكم و صلاح ذات البين و ان تؤدوا الامانات الي اهلها و ان توفوا بالعهد و لا تنقضوا الايمان بعد توكيدها و ان تعاطفوا و تبارّوا و تباذلوا و تراحموا و نهاكم عن التّناهب و التّظالم و التّحاسد و التّباغي و التّقاذف و عن شرب الحرام و بخس المكيال و نقص الميزان و تقدّم اليكم فيما تلا عليكم ان لا تزنوا و لا تربوا و لا تأكلوا اموال اليتامي ظلما و تؤدّوا الامانات الي اهلها و لا تعثوا في الارض مفسدين و لا تعتدوا انّ اللّه لا يحبّ المعتدين و كلّ خير يدني الي الجنّة و يباعد من النّار و امركم به و كلّ شرّ يدني الي النّار و يباعد الي الجنّة نهاكم عنه فلمّا استكمل مدّته توفّاه اللّه اليه سعيدا حميدا فيا لها مصيبة خصّت الاقربين و عمّت المسلمين ما اصيبوا قبلها بمثلها و لن يعاينوا بعدها اختها

ص: 273

فلمّا مضي لسبيله عليه السّلام تنازع المسلمون الامر بعده فو اللّه ما كان يلقي في روعي و لا يخطر علي بالي انّ العرب تعدل هذا الامر بعد محمّد عن اهل بيته و لا انّهم منحوه عنّي فما راعني الاّ انثيال النّاس علي ابي بكر و اجفالهم ليبايعوه فامسكت يدي و رايت انّي احقّ بمقام محمّد صلّي اللّه عليه و آله في النّاس ممّن توليّ الامر من بعده فلبثت بذاك ما شاء اللّه حتّي رايت راجعة من النّاس رجعت عن الاسلام تدعوا الي محق دين اللّه و ملّة محمّد صلّي اللّه عليه و آله فخشيت ان لم انصر الاسلام و اهله ان اري فيه ثلما و هدما يكون المصاب بهما عليّ اعظم من فوت ولاية اموركم الّتي انّما هي متاع ايّام قلائل ثمّ تزول و ما كان منهما كما يزول السّراب و كما يتقشّع السّحاب فمشيت عند ذلك الي ابي بكر الرّوع نفتح الراء و ضمّها القلب و محل الفزع البال الحال و القلب و الخاطر منحوه اي اعطوه الانثيال هو الاعتلاف محقه محقا من باب نفع نقصه و اذهب منه البركة و قيل المحق ذهاب الشيء و بمعني المحو ايضا الثلم و الثلمة كبرمة الخلل الواقع في الحائط و غيره و الجمع الثلم كبرم و منه الحديث اذا مات العالم ثلم في الاسلام ثلمة لا يسدّها شيء يتقشع السحاب اي يتصدّع و ينقلع و ينكشف و قشعت الريح السّحاب اي كشفته

ص: 274

فبايعته و نهضت في تلك الاحداث حتّي زاغ الباطل و زهق و كان كلمة اللّه هي العليا و لو كره الكافرون فتولّي ابو بكر تلك الامور فسدّد و قارب و اقتصد و صحبته مناصحا و اطعته فيما اطاع اللّه فيه جاهدا و ما طمعت ان لو حدث به حدث و انا حيّ ان يردّ اليّ الامر الّذي بايعته فيه طمع مستيقن و لا يئست منه ياس من لا يرجوه و لو لا خاصّة ما كان بينه و بين عمر لظننت انّه لا يدفعها غني فلمّا احتضر بعث الي عمر فولاّه فسمعنا و اطعنا و ناصحنا و تولّي عمر الامر و كان مرضيّ السّيرة ميمون النّقيبة حتّي اذا احتضر قلت في نفسي لن يعدلها عنّي ليس يدافعها عنّي فجعلني سادس ستّة و ما كانوا لولاية احد منهم اشدّ كراهيّة لولايتي عليهم كانوا يستمعون عند وفاة الرّسول صلّي اللّه عليه و آله احاجّ ابا بكر و اقول يا معشر قريش انّا اهل البيت احقّ بهذا الامر منكم ما كان فينا من يقرأ القرآن و يعرف السّنّة و يدين

ص: 275

بدين الحقّ فخشي القوم ان انا ولّيت عليهم ان لا يكون لهم من الامر نصيبا ما بقوا فاجمعوا اجماعا واحدا فصرفوا الولاية الي عثمان و اخرجوني منها رجاء ان ينالوها و يتداولوها اذ يئسوا ان ينالوها من قبلي ثمّ قالوا هلّم فبايع و الاّ جاهدناك فبايعت مستكرها و صبرت محتسبا فقال قائلهم يابن ابي طالب انّك علي هذا الامر لحريص فقلت أنتم احرص منّي و ابعد ايّنا احرص انا الّذي طلبت تراثي و حقّي الّذي جعلني اللّه و رسوله اولي به ام أنتم تضربون وجهي دونه و تحولون بيني و بينه فبهتوا و اللّه لا يهدي القوم الظّالمين اللّهمّ انّي استعينك علي قريش فانّهم قطعوا رحمي و اضاعوا انائي و صغّروا منزلتي و اجمعوا علي منازعتي حقّا كنت اولي به منهم فسلبونيه ثمّ قالوا الاّ انّ في الحقّ ان تأخذه و في الحقّ ان تمنعه فاصبر كمدا اومت اسفا حنقا فنظرت فاذا ليس معي رافد و لا ذابّ

ص: 276

و لا ناصر و لا مساعد الاّ اهل بيتي فضننت بهم عن المنيّة فاغضيت علي القذي و تجرّعت ريقي علي الشّجي و صبرت من كظم الغيظ عليّ امرّ من العلقم و الم للقلب من حزّ الشّفار حتّي اذا انقمتم علي عثمان اتيتموه فقتلتموه ثمّ جئتموني لتبايعوني فابيت عليكم و امسكت يدي فنازعتموني و دافعتموني و بسطتم يدي فكففتها و مددتموها فقبضتها و ازدحمتم عليّ حتّي ظننت انّ بعضكم قاتل بعضكم او انّكم قاتلي فقلتم بايعنا لا نجد غيرك و لا نرضي الاّ بك بايعنا لا نفترق و لا نختلف فبايعتكم و دعوت النّاس الي بيعتي فمن بايع طوعا قبلته و من ابي لم اكرهه و تركته فبايعني فيمن بايعني طلحة و الزّبير و لو ابيا ما اكرهتهما كما لم اكره غيرهما فما لبثنا الاّ يسيرا حتّي بلغني انّهما خرجا من مكّة متوجّهين الي قوله انائي اي وقتي يقال اذا جاء اناه اي وقته الكمد بالتحريك الحزن و الحنق محركة الغيظ الرافد المعين فاغضيت علي القذي اي ادنيت الجفون ممّا وقع في العين قوله و تجرعت علي الشجي اي بلّعت علي ما اعترض في حلقي العلقم الحنظل و كل شيء طعمه مرّ قوله خرّ الشفار اي قطع السّيوف قوله و في نسخة ثم تفاقمت الامور فما زالت تجري علي غير جهتها تفاقمت الامور اي لم يجر علي الاستواء

ص: 277

البصرة في جيش ما منهم رجل الاّ قد اعطاني الطّاعة و سمح لي بالبيعة فقد ما علي عاملي و خزّان بيت مالي و علي اهل مصري الّذين كلّهم علي بيعتي و في طاعتي فشتّتوا كلمتهم و افسدوا جماعتهم ثمّ وثبوا علي شيعتي من المسلمين فقتلوا طائفة منهم غدرا و طائفة صبرا و منهم طائفة غضبوا للّه فشهروا سيوفهم و ضربوا بها حتّي لقوا اللّه عزّ و جلّ صادقين و اللّه لو لم يصيبوا منهم الاّ رجلا واحدا متعمّدين لقتله لحلّ به قتل ذلك الجيش باسره فدع انّهم ما قتلوا من المسلمين اكثر من العدّة الّتي دخلوا بها عليهم و قد ادال اللّه منهم فبعدا للقوم الظّالمين ثمّ انّي نظرت في امر اهل الشّام فاذا اعراب احزاب و اهل طمع جفاة طغاة يجتمعون من كلّ اوب من كان ينبغي ان يؤدّب و ان يولّي عليه و يؤخذ علي يديه ليسوا من المهاجرين و لا الانصار التّابعين باحسان فسرت اليهم فدعوتهم قوله سمح لي يسمح بفتحتين سموحا و سماحا و سماحة اي جادو سهل و تسامحوا اي تساهلوا قوله و طائفة صبرا في الخبر نهي عن قتل شيء من الدّواب صبرا و هو ان يمسك ذوي الارواح حيّا ثم يرمي بشيء حتي يموت الاوب الرجوع

ص: 278

الي الطّاعة و الجماعة فابوا الاّ شقاقا و فراقا و نهضوا في وجوه المسلمين ينظمونهم بالنّبل و يشجرونهم بالرّماح فهناك نهدت اليهم المسلمين فقاتلتهم فلمّا عضّهم السّلاح و وجدوا الم الجراح رفعوا المصاحف يدعونكم الي ما فيها فأنبأتكم انّهم ليسوا باهل دين و لا قرآن و انّهم رفعوها مكيدة و خديعة و وهنا و ضعفا فامضوا علي حقّكم وقتا لكم فابيتم عليّ و قلتم اقبل منهم فان اجابوا الي الكتاب جامعونا علي ما نحن عليه من الحقّ و ان ابوا كان اعظم لحجّتنا عليهم فقبلت منهم و كففت عنهم فكان الصّلح بينكم و بينهم علي رجلين يحييان ما احيي القرآن و يميتان ما امات القرآن فاختلف رأيهما و تفرّق حكمهما و نبذا ما في القرآن و خالفا ما في الكتاب فجنّبهما اللّه السّداد و دلّهما في الضّلالة فانحرفت فرقة منّا فتركناهم ما تركونا حتّي اذا عثوا في قوله يشجرونهم اي يتنازعونهم نهدت اي نهضت و برزت عضّهم اي لزمهم دلّهما اي قرّبهما و قيل بمعني جرّاهما عثوا من عثا يعثو اي فسدوا و جاء من باب قال و تعب بكسر العين و منه و لا تعثوا في الارض

ص: 279

الارض تقتلون و تفسدون اتيناهم فقلنا ادفعوا الينا قتلة اخواننا ثمّ كتاب اللّه بيننا و بينكم قالوا كلّنا قتلهم و كلّنا استحلّ دمائهم و شدّت علينا خيلهم و رجالهم و صرعهم اللّه مصارع الظّالمين فلمّا كان ذلك من شانهم امرتكم ان تمضوا من فوركم ذلك الي عدوّكم فقلتم كلّت سيوفنا و نفدت نبالنا و نصلت اسنّة رماحنا و عاد اكثرها قصيدا فارجع بنا الي مصرنا لنستعدّ باحسن عدّتنا فاذا رجعت رذت في مقاتلتنا عدّة من هلك منّا و فارقنا فانّ ذلك اقوي لنا علي عدوّنا فاقبلت بكم حتّي اذا اظللتم علي الكوفة امرتكم ان تنزلوا بالنّخيلة و ان تلزموا معسكركم و ان تضمّوا ا نواصيكم و ان توطنّوا علي الجهاد انفسكم و لا تكثروا زيارة أبناءكم و نساءكم فانّ اهل الحرب مصابروها و اهل التّشمير فيها الّذين لا يتفادون من سهر ليلهم و لا ظمأ نهارهم و لا خمص بطونهم و لا نصب أبدانهم فنزلت نصل السّهم اي خرج نصله و النّصل حديدة الرّمح و السّهم و السّكين التّشمير التسريع في الامر لا يتفادون اي لا يثبتون من سهر اي من اليقظة في اللّيل الخمص الجوع النّصب التعب و الاعياء و العيّ

ص: 280

طائفة منكم معي مقدرة و دخلت طائفة منكم المصر عاصية فلا من بقي منكم صبر و ثبت و لا من دخل المصر عاد و رجع فنظرت الي معسكر اي و ليس فيه خمسون رجلا فلمّا رايت ما اتيتم دخلت اليكم فلمّا اقدر علي ان تخرجوا الي يومنا هذا فما تنتظرون اما ترون اطرافكم قد انتقصت و الي مصركم قد فتحت و الي شيعتي بها قد قتلت و الي مسالحكم تغزي و الي بلادكم تعزي و أنتم ذووا عدد كثير و شوكة و باس شديد فما بالكوفة يا للّه أنتم من اين تؤتون و ما لكم تؤفكون و لو انّكم عزمتم و اجمعتم لم تراموا الاّ انّ القوم تراجعوا و تناشبوا و تناصحوا و أنتم قد ونيتم و تغاششتم و افترقتم ما ان أنتم عندي بسعداء علي هذا فانتبهوا و اجمعوا علي حقّكم و تجرّدوا الحرب عدوّكم قد بدت الرّغوة عن الصّريح و بيّن الصّبح لذي عينين انّما تقاتلون الطّلقاء و أبناء المقدرة و المقدرة و المقدرة القوّة و الغني المسالح الجماعة و القوم ذوي السّلاح و المسلحة موضع السّلاح و جمعها مسالح قوله و نيتم من وني يني اي فتر و كلّ و ضعف و ترك و اهمل و قصر و لم يهتمّ بالامر قوله تناشبوا من التناشب اي تعلقوا بعضهم ببعض و تضامّوا يقال تناشبوا حول الرّسول اي تضامّوا و تعلّقوا تغاششتم اي اظهرتم خلاف ما اضمرتم و اتخذتم اهواءكم غاشّة اي غير خالص الرغوة من اللبن ما عليه من الزبد

ص: 281

الّطلقاء و اولي الجفاء و من اسلم كرها و كان لرسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم انف الاسلام كلّه حربا اعداء اللّه و السّنّة و القرآن و اهل البدع و الاحداث و من كان بوايقه تتّقي و كان علي الاسلام مخوّفا اكلة الرّشا و عبدة الدّنيا لقد انهي اليّ انّ ابن النّابغة لم يبايع معاوية حتّي اعطاه و شرط له ان اتاه يولّيه اعظم ممّا في يده من سلطانه الاّ صفرت يد هذا البايع دينه بالدّنيا و خزيت امانة هذا المشتري نصره فاسق غادر باموال المسلمين و انّ فيهم من قد شرب فيكم الخمر و جلّد الجلد يعرف بالفساد في الدّين و في الفعل اليسّيء و انّ فيهم من لم يسلم حتّي رضخ له رضيخة فهؤلاء قادة القوم و من تركت ذكر مساويه من قادتهم مثل من ذكرت منهم بل هو شرّ و يودّ هؤلاء الّذين ذكرت قوله انف الاسلام انف كل شيء اوّله البوائق جمع البائقة بمعني الشرّ و الغائلة و الدّاهيّة الانهاء الاعلام و الابلاغ ابن النابغة هو عمرو بن العاص لاشتهار امه بالظهور و البغي دعيت بالنابغة من نبغ ينبغ نبغا و نبوغا يقال للشيء اذا خرج و ظهر و الشّر اذا فشا و ظهر قوله رضخ له رضيخة يقال رضخ له من ماله رضخة اي اعطاه منه قليلا من كثير و راضخه اي اعطاه كارها قليلا من كثير قادة القوم رؤسائهم و قادة الجيش اميره

ص: 282

لو ولّوا عليكم فاظهروا فيكم الكفر و الفساد و الفجور و التّسلّط بجبريّة و اتّبعوا الهوي و حكموا بغير الحقّ و لانتم علي ما كان فيكم من تواكل و تخاذل خير منهم و اهدي سبيلا فيكم الفقهاء و العلماء و النّجباء و الحكماء و حملة الكتاب و المتهجّدون بالاسحار و عمّار المساجد بتلاوة القرآن افلا تسخطون و تهتموّن ان ينازعكم امري فو اللّه لئن اطعتموه لا تغوون و ان عصيتموه لا ترشدون خذوا للحرب اهبتها و اعدّوا عدّتها فقد شبّت نارها و علا سناءها و تجرّد لكم فيها الفاسقون كي تعذّبوا عباد اللّه و تطفئوا نور اللّه الا انّه ليس اولياء الشّيطان من اهل الطّمع و المكر و الجفاء باولي في الجدّ في غيّهم و ضلالهم من اهل البرّ و الزّهادة و الاخبات في حقّهم و طاعة ربّهم و اللّه لو لقيتهم فردا و هم ملاء الارض ما باليت و لا استوحشت و انّي من ضلالتهم الّتي هم فيها و الهدي الّذي نحن عليه علي ثقة و بيّنة و يقين و بصيرة و انّي الي القاء ربّي لمشتاق و لحسن ثوابه قوله اهبتها قال الفيروز ابادي الاهبة بالضمّ العدّه قوله شبّت نارها اي اتقدت السّناء الضّياء الاخبات الاطمينان قال الطّريحي قوله تعالي و اخبتوا الي ربّهم اي اطمانّوا و سكنت قلوبهم و نفوسهم اليه و الاخبات الخشوع

ص: 283

لمنتظر و لكنّ اسفا يعتريني و حزنا ان يلي امر هذه الامّة سفهائها و فجّارها فيتّخذوا مال اللّه دولا و عباده خولا و الفاسقين حزبا و ايم اللّه لو لا ذلك لما اكثرت تانيبكم و تحريضكم و لتركتكم اذا ونيتم و ابيتم حتّي القاهم بنفسي متي حمّ لي لقاءهم فو اللّه انّي لعلي الحقّ و انّي للشّهادة لمحبّ فانفروا خفافا و ثقالا و جاهدوا باموالكم و انفسكم في سبيل اللّه ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون فلا تثاقلوا الي الارض فتفروا بالخسف و تبوء و بالذّل و يكن نصيبكم الاخر انّ اخا الحرب اليقظان و من ضعف اردي و من ترك الجهاد كان كالمغبون المهين اللّهمّ اجمعنا و ايّاهم علي الهدي و زهّدنا و ايّاهم في الدّنيا و اجعل الاخرة خير لهم و لنا من الاولي قوله اسفا الاسف التلهّف و الحزن و التحسّر علي ما فات و نزول النوازل من المصيبات قوله يعتريني من الاعتراء قال اللّه تعالي اعتراك بعض الهتنا بسوء اي قصدك بجنون من عراه يعروا اذا اصابه قوله خولا الخول بالتحريك العبيد و منه الخبر اذا بلغ بنو العبّاس ثلاثين اتخذوا عباد اللّه خولا اي خدما و عبيدا يعني انّهم يستخدمونهم و يستعبدونهم قوله حمّ لي اي قضي و قدّر لي

66 و من خطبه عليه السّلام

حين اخرجوه من داره و جرّوه الي المسجد نقلتها عن كتاب صوارم الحاسمة في تاريخ الزهراء فاطمة

ص: 284

(سلام اللّه عليها)للعالم المحدث الاغا فتح اللّه الكمالي الاسترابادي و الكتاب في المكتبة الشوشتريّة في النجف الاشرف من موقوفات الشيخ علي محمّد النجف ابادي و هو كتاب مخطوط بقطع الصّغير الثلثي قد نقلها فيه عن كتاب كشف اللآلي لابن العرندس قال قال لمّا اوقف عليه السّلام تكلّم فقال ايّتها الغدرة الفجرة و النّطفة القذرة المذرة و البهيمة السّائمة نهضتم علي اقدامكم و شمّرتم للضّلال عن ساعدكم تبغون بذلك النّفاق و تحبّون مراقبة الجهل و الشّقاق أ فظنتم انّ سيوفكم ماضية و نفوسكم واعية الاساء ما قدّمتم انفسكم ايّتها الاوقة المتشتّتة بعد اجتماعها و الملحدة بعد انتفاعها و أنتم غير مراقبين و لا من اللّه بخائفين اجل و اللّه ذلك امر ابرزته ضمائركم و اضربت عن محضه خبث سرائركم فاستبقوا أنتم الجذل بالباطل فتندموا و نستبقي نحن الحقّ فيهدينا ربّنا سواء السّبيل و ينجز لنا ما وعدنا علي الصّبر قوله عليه السّلام النّطفة قال الفيروز ابادي نطف كفرح و عني نطفا و نطافة و نطوفة اتّهم بريبة و تلطّح بعيب و فسد القذرة الذين اجتنب الناس عنهم لفساد اخلاقهم و فحشائهم و فجورهم المذرة الخبيثة من التمذّر و هو خبث النفس و في الحديث الانسان اوله نطفة مذرة و اخره جيفة قذره و هو ما بين ذلك يحمل غدرة البهيمة السائمة اراد عليه السّلام منها عدم الفهم و تمييزهم كانهم البهائم لانهم لم يميزوا الحق عن الباطل ماضية اي قاطعة واعية اي حافظة و جامعة و الاوقة الجماعة الانتفاع رفع الصوت و الملحدة من الحد يلحد اذا عدل و مال و ماري و جادل اضرب القوم اي وقع عليهم الصعيق و السّموم قوله الجذل الانتصاب و الثبات يقال جذل اي انتصب و ثبت

ص: 285

الجميل و ما ربّك بظلاّم للعبيد فدحضا دحضا و شوهة شوهة(بوهة) لنفوسكم الّتي رغبت بدنيا طال ما حذّركم رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله عنها فعلقتم باطراف قطيعتها و رجعتم متسالمين دون جديعتها زهدت نفوسكم الامّارة في الاخرة الباقية و رغبت نفوسنا فيما زهدتم فيه و الموعد قريب و الرّبّ نعم الحاكم فاستعدّوا للمسألة جوابا و لظلمكم لنا اهل البيت احتسابا او تضرب الزّهراء نهرا و يؤخذ منّا حقّنا قهرا و جبرا فلا نصير و لا مجير و لا مسعد و لا منجد فليت ابن ابي طالب مات قبل يومه فلا يري الكفرة الفجرة قد ازدحموا علي ظلم الطّاهرة البرّة فتبّاتبّا و سحقا سحقا ذلك امر الي اللّه مرجعه و الي رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله و سلّم)مدفعه فقد عزّ علي ابن ابي طالب ان يسودّ متن فاطمة ضربا و قد عرف مقامه و شوهدت ايّامه فلا يثور الي عقيلته و لا يصرّ دون حليلته فالصّبروا يمن و اجمل و الرّضا بما رضي اللّه به افضل لكيلا يزول الحقّ عن وقره و يظهر الباطل من وكره حتّي

ص: 286

القي ربّي فاشكوا اليه ما ارتكبتم من غصبكم حقّي و تماطلكم صدري و هو خير الحاكمين و ارحم الرّاحمين و سيجزي اللّه الشّاكرين و الحمد للّه ربّ العالمين ثم سكت عليه السّلام قوله عليه السّلام فدحضا دحضا الدّحض بمعني الزوال و البطلان يقال داحضة اي زائلة باطلة و دحضت الحجّة دحضا من باب نفع اي بطلت و دحض الرّجل اي زلق قوله شوهة شوهة يقال شاهت الوجوه تشوّه شوها اي قبحت و شوّهه اللّه اي قبّحه و الشوّه قبح الخلقة و ان كان ثاني اللفظين بوهة كما بدّل فهو بمعني اللّعن الجديعة اشارة لمن يحمل نفسه علي مشقّة عظيمة للظّفر ببغيته و الجدع قطع الانف و الاذن و الشفه و اليد قوله نهرا اي زجرا قوله لا مسعد و لا منجد المسعد بمعني المعين يقال اسعده اللّه اي اعانه و المنجد المقاتل و المعين قوله فتبّاتبّا من التباب بمعني الهلاك و الخسران و تبّا منصوب باضمار فعل واجب الحذف اي الزمه اللّه خسرانا و هلاكا و سحقا سحقا اي بعدا بعدا بمعني ابعده اللّه فلا يثور اي فلا يهيج عن وقره اي عن ثباته و سكونه الوكر عشّ الطائر و هنا كناية عن المكان اي لا يزول الحق عن مكانه و يظهر الباطل عن مكانه التماطل التسويف و التعلل لما في الصدر من اداء الحق و تاخيره من وقت الي وقت

67 و من كلامه عليه السّلام

عن الوافي كتاب الرّوضة في باب مواعظ امير المؤمنين عليه السّلام ص 62 عن الكافي العاصمي عن عبد الواحد بن الصّواف عن محمد بن إسماعيل الهمداني عن ابي الحسن موسي عليه السّلام قال كان امير المؤمنين عليه السّلام يوصي اصحابه و يقول اوصيكم بتقوي اللّه فانّها غبطة الطّالب الرّاجي و ثقة الهارب الّلاجي و استشعروا التّقوي شعارا باطنا و اذكروا اللّه ذكرا خالصا تحيوا به افضل الحيوة و تسلكوا به طريق النّجاة انظروا في الدّنيا نظر الزّاهد المفارق لها فانّها تزيل الثّاوي السّاكن و تفجع

ص: 287

المترف الامن لا يرجي منها ما تولّي فادبر و لا يدري ما هو ات منها فينتظر وصل البلاء منها بالرّخاء و البقاء منها الي فناء فسرورها مشوب بالحزن و البقاء فيها الي الضّعف و الوهن و هي كروضة اغتمّ مرعاها و اعجبت من يراها عذب شربها طيب تربتها يمجّ عروقها الثّري و ينطف فروعها النّدي حتّي اذا بلغ العشب ابانه و استوي نباته هاجت ريح تحت الورق و تفرّق ما اتّسق فاصبحت كما قال اللّه تعالي هشيما تذروه الرّياح و كان اللّه علي كلّ شيء مقتدر انظروا في الدّنيا في كثرة ما يعجبكم و قلّة ما ينفعكم الثاوي المقيم و المترف المنعم اعتمّ بالعين المهملة و التّاء المثنّاة من الاعتمام اي اكتهل و تمّ طوله و المجّ الرّمي عن الفم و النطف المصّ قال صاحب الوافي كان الاوّل كناية عن احكام العروق و اعراقها في الارض و الثاني عن نضرة الفروع و خضرتها و طراوتها

68 و من كلامه عليه السّلام

ارشاد المفيد ص 109 في صفة العالم و ادب المتعلّم روي عن الحرث الاعور قال سمعت امير المؤمنين عليه السّلام يقول من حقّ العالم ان لا يكثر عليه السّؤال و لا يعنّت في الجواب و لا يلحّ عليه اذا كسل و لا يؤخذ بثوبه اذا نهض و

ص: 288

لا يشار اليه بيد في حاجة و لا يفشي له سرّ و لا يغتاب عنده احد و يعظّم كما حفظ امر اللّه و لا يجلس المتعلّم الاّ امامه و لا يعرض من طول صحبته و اذا جاء طالب علم و غيره فوجده في جماعة عمّهم بالسّلام و خصّه بالتّحيّة و ليحفظ شاهدا و غائبا و ليعرف له حقّه فانّ العالم اعظم اجر من الصّائم القائم المجاهد في سبيل اللّه فاذا مات العالم ثلم في الاسلام ثلمة لا يسدّها الاّ خلف منه و طالب العلم يستغفر له الملائكة و يدعو له من في السّماء و الارض

69 و من كلامه عليه السّلام

الارشاد ص 119 قال و لمّا نزل(عليه السّلام)بذي قار اخذ البيعة علي من حضره ثم تكلّم فاكثر من الحمد للّه و الثناء عليه و الصّلوة علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله ثم قال قد جرت امور صبرنا عليها و في اعيننا القذي تسليما لامر اللّه تعالي فيما امتحننا به و رجاء الثّواب علي ذلك و كان الصّبر عليها امثل من ان يتفرّق المسلمون و تسفك دماءهم نحن اهل بيت النّبوّة و عترة الرّسول و احقّ الخلق بسلطان الرّسالة و معدن الكرامة الّتي ابتدء

ص: 289

اللّه بها هذه الامّة و هذا طلحة و الزّبير ليسا من اهل بيت النّبوّة و لا من ذرّيّة الرّسول حين رأيا انّ اللّه قد ردّ علينا حقّنا بعد اعصر فلم يصبرا حولا واحدا و لا شهرا كاملا حتّي وثبا علي دأب الماضين قبلهما ليذهبا بحقّي و يفرّقا جماعة المسلمين عنّي ثمّ دعي عليهما

70 و من كلامه عليه السّلام

الارشاد ص 119 قال و قد روي عبد الحميد بن عمران العجليّ عن سلمة بن كهيل قال لما التقي اهل الكوفة امير المؤمنين عليه السّلام بذي قار رحبّوا به ثم قالوا الحمد للّه الذي خصّنا بجوارك و اكرمنا بنصرتك فقام امير المؤمنين عليه السّلام خطيبا فحمد اللّه و اثني عليه و قال يا اهل الكوفة انّكم من اكرم المسلمين و اقصدهم تقويما و اعدلهم سنّة و افضلهم سهما في الاسلام و اجودهم في العرب مركبا و نصابا أنتم اشدّ العرب ودّا للنّبيّ صلّي اللّه عليه و اله و اهل بيته و انّما جئتكم ثقة بعد اللّه بكم للّذي بذلتم من انفسكم عند نقض طلحة و الزّبير و خلفهما طاعتي و اقبالهما بعايشة للفتنة و اخراجهما ايّاها من بيتها حتّي اقدماها البصرة فاستغو و اطغامها و غوغاها مع انّه قد بلغني انّ اهل الفضل منهم و خيارهم في الدّين قد اعتزلوا و كرهوا

ص: 290

ما صنع طلحة و الزّبير ثم سكت عليه السّلام فقال اهل الكوفة نحن انصارك و اعوانك علي عدوّك و لو دعوتنا الي اضعافهم من الناس احتسبنا في ذلك الخير و رجونا فدعا لهم امير المؤمنين عليه السّلام و اثني عليهم ثم قال لقد علمتم معاشر المسلمين انّ طلحة و الزّبير بايعاني طائعين غير مكرهين و راغبين ثمّ استأذناني في العمرة فاذنت لهما فسار الي البصرة فقتلا المسلمين و فعلا المنكر اللّهمّ انّهما قطعاني و ظلماني و نكثا بيعتي و البّا النّاس عليّ فاحلل ما عقدا و لا تحكم ما ابرما و ارهما المسائة فيما عملا قوله طغامها الطّغام كسحاب اوغاد الناس و رزّالهم واحدها طغامة كسحابة بمعني الاحمق و الرّزل و الّدنيّ قوله غوغاها قال في القاموس الغوغاء الجراد بعد ان ينبت جناحه او اذا انسلخ من الالوان و صار الي الحمرة و شيء شبه البعوض و لا يعضّ لضعفه و به سمّي الغوغاء من النّاس و في المسجد الغوغاء الكثير المختلط من الناس و السّفلة من الناس و المتسرعين الي الشرّ

71 و من خطبه عليه السّلام

الارشاد ص 120 قال و قد نفر من ذيقار متوجّها الي البصرة بعد حمد الله و الثناء عليه و الصّلوة علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله امّا بعد فانّ اللّه تعالي فرض الجهاد و عظّمه و جعله نصرة له و اللّه ما صلحت دنيا قطّ و لا دين الاّ به و انّ الشّيطان قد جمع خربه و استجلب خيله و شبّه في ذلك و خدع و قد بانت الامور و تمحّصت و اللّه ما انكروا عليّ منكرا و لا جعلوا

ص: 291

بيني و بينهم نصفا و انّهم ليطلبون حقّا تركوه و دما سفكوه و لئن كنت شركتهم فيه انّ لهم لنصيبهم منه و ان كانوا ولّوه دوني فما تبعته الاّ قبلهم و انّ اعظم حجّتهم لعلي انفسهم و انّي لعلي بصيرتي ما ليست عليّ و انّها للفئة الباغية فيه اللّحم و اللّحمة قد طالت هلبتها و امكنت درّتها يرضعون ما فطمت و يحيون بيعة تركت ليعود الضّلال الي نصابه ما اعتذر ممّا فعلت و لا اتبرّء ممّا صنعت فيا خيبة للدّاعي و من دعي لو قيل له الي من دعوتك و الي من اجبت و من امامك و ما سنّته اذا لزاح الباطل عن مقامه و لصمت لسانه فيما نطق و ايم اللّه لافرّطنّ لهم حوضا انا ماتحه(مادحه)لا يصدرون عنه و لا يلقون بعده ريّا ابدا و انّي لراض بحجّة اللّه عليهم و عذره فيهم اذا انا داعيهم فمعذّر اليهم فان تابوا و اقبلوا فالتّوبة مبذولة و الحقّ مقبول و ليس علي اللّه كفران و ان ابوا اعطيتهم حدّ

ص: 292

السّيف و كفي به شافيا من باطل و ناصرا للمؤمن قوله ع تبعته التّبعة ما يترتّب علي الفعل من الخير او الشرّ الاّ ان استعماله في الشّر اكثر و تجمع علي تبعات و تباعات قوله فيه اللحم و اللحمة اي القتل و القتال و لحم بمعني قتل و له معان اخر غير مربوطة في المقام قوله هلبتها اي داهيتها و امكنت درّتها اي كثرتها و سيلانها يرضعون ما فطمت استعارة و كناية عن اشتداد القتل و القتال بعد الصلح و انقطاع الحرب بينهم قوله لزاح الباطل لزاح الباطل اي لزال ايم اللّه بفتح الهمزة و كسرها اسم موضوع للقسم لا جمع يمين خلافا للكوفيين مثل لعمر اللّه

72 و من خطبه عليه السّلام

الارشاد ص 124 قال و من كلامه عليه السّلام لمّا عمل علي المسير الي الشام لقتال معاوية بن ابي سفيان بعد حمد اللّه و الثناء عليه و الصّلوة علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله اتّقوا اللّه عباد اللّه و اطيعوه و اطيعوا امامكم فانّ الرّعيّة الصّالحة تنجو بالامام العادل الا و انّ الرّعيّة الفاجرة تهلك بالامام الفاجر و قد اصبح معاوية غاصبا لما في يديه من حقّي ناكثا لبيعتي طاعنا في دين اللّه عزّ و جلّ و قد علمتم ايّها المسلمون ما فعل النّاس بالامس و جئتموني راغبين اليّ في امركم حتّي استخرجتموني من منزلي لتبايعوني فالتويت عليكم لابلو ما عندكم فراددتموني القول مرارا و راددتكم و تكاكاتم عليّ تكاكؤ الابل الهيم علي حياضها حرصا قوله ع فالتويت قال في المجمع الالتواء و التلوّي الاضطراب عند الجزع و الضّرر و قال في المنجد التوي الامر عسر و تثاقل تكأكأتم عليّ اي عكفتم عليّ و تجمّعتم و كأكأ بمعني ضعف و جبن و نكص

ص: 293

علي بيعتي حتّي خفت ان يقتل بعضكم بعضا فلمّا رايت ذلك منكم روّيت في امري و امركم و قلت ان انا لم اجبهم الي القيام بامرهم لم يصيبوا احدا منهم يقوم فيهم مقامي و يعدل فيهم عدلي و قلت و اللّه لاولّينّهم و هم يعرفون حقّي و فضلي احبّ اليّ من ان يلوني و هم لا يعرفون حقّي و فضلي فبسطت لكم يدي فبايعتموني يا معشر المسلمين و فيكم المهاجرون و الانصار و التّابعون باحسان فاخذت عليكم عهد بيعتي و واجب صفقتي من عهد اللّه و ميثاقه و اشدّ ما اخذ علي النّبيّين من عهد و ميثاق لتفنّ لي و لتسمعنّ لامري و لتطيعوني و تناصحوني و تقاتلون معي كلّ باغ و عاد او مارق ان مرق فانغمتم بذلك لي جميعا فاخذت عليكم عهد اللّه و ميثاقه و ذمّة اللّه و ذمّة رسوله فاجبتموني الي ذلك و اشهدت اللّه عليكم و اشهدت بعضكم علي بعض و قمت فيكم بكتاب اللّه و سنّة نبيّه صلّي اللّه عليه و آله فالعجب من معاوية بن ابي سفيان ينازعني

ص: 294

الخلافة و يجحدني الامامة و يزعم انّه الحقّ بها منّي جرئة منه علي اللّه و علي رسوله بغير حقّ له فيها و لا حجّة لم يبايعه عليها المهاجرون و لا سلّم له الانصار و المسلمون يا معشر المهاجرين و الانصار و جماعة من سمع كلامي او ما اوجبتم لي علي انفسكم الطّاعة اما بايعتموني علي الرّغبة اما اخذت عليكم العهد بالقبول لقولي ما كانت بيعتي لكم يومئذ اوكد من بيعة ابي بكر و عمر فما بال من خالفني لم ينقض عليهما حتّي مضيا و نقض عليّ و لم يف لي اما يجب لي عليكم نصحي و يلزمكم امري اما تعلمون انّ بيعتي تلزم الشّاهد منكم و الغائب فما بال معاوية و اصحابه طاعنين في بيعتي و لم لم يفوا بها و انا في قرابتي و سابقتي و صهري اولي بالامر ممّن تقدّمني اما سمعتم قول رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله يوم الغدير في ولايتي و موالاتي فاتّقوا اللّه ايّها المسلمون و تحاثّوا علي جهاد معاوية النّاكث القاسط و اصحابه القاسطين اسمعوا ما اتلو عليكم من

ص: 295

كتاب اللّه المنزل علي نبيّه المرسل لتتعظوا فانّه و اللّه عظة لكم فانتفعوا بمواعظ اللّه و ازدجروا عن معاصي اللّه فقد وعظكم اللّه بغيركم فقال لنبيّه صلّي اللّه عليه و آله ا لم تر الي الملاء من بني اسرائيل من بعد موسي اذ قالوا لنبيّ لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل اللّه قال هل عسيتم ان كتب عليكم القتال الاّ تقاتلوا قالوا و ما لنا الاّ نقاتل في سبيل اللّه و قد اخرجنا من ديارنا و أبناءنا فلمّا كتب عليهم القتال تولّوا الاّ قليلا منهم و اللّه عليم بالظّالمين و قال لهم نبيّهم انّ اللّه قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا انّا يكون له الملك علينا و نحن احقّ بالملك منه و لم يؤت سعة من المال قال انّ اللّه اصطفاه عليكم و زاده بسطة في العلم و الجسم و اللّه يؤتي ملكه من يشاء و اللّه واسع عليم ايّها النّاس انّ لكم في هذه الايات عبرة لتعلموا انّ اللّه جعل الخلافة و الامرة من بعد الانبياء في اعقابهم و انّه فضّل طالوت و قدّمه

ص: 296

و قدّمه علي الجماعة باصطفائه ايّاه و زيادته بسطة في العلم و الجسم فهل تجدون اللّه اصطفي بني اميّة علي بني هاشم و زاد معاوية عليّ بسطة في العلم و الجسم فاتّقوا اللّه عباد اللّه و جاهدوا في سبيله قبل ان ينالكم سخطه بعصيانكم له قال اللّه عزّ و جلّ لعن الّذين كفروا من بني اسرائيل علي لسان داود و عيسي بن مريم ذلك بما عصوا و كانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون انّما المؤمنون الّذين امنوا باللّه و رسوله ثمّ لم يرتابوا و جاهدوا باموالهم و انفسهم في سبيل اللّه اولئك هم الصّادقون يا ايّها الّذين امنوا هل ادلّكم علي تجارة تنجيكم من عذاب اليم تؤمنون باللّه و رسوله و تجاهدون في سبيل اللّه باموالكم و انفسكم ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون يغفر لكم ذنوبكم و يدخلكم جنّات تجري من تحتها الانهار و مساكن طيّبة في جنّات عدن ذلك الفوز العظيم اتّقوا اللّه عباد اللّه و تحاثّوا علي الجهاد مع امامكم فلو كان لي منكم عصابة بعدد

ص: 297

اهل بدر اذا امرتهم اطاعوني و اذا استنهضتهم نهضوا معي لاستغنيت بهم عن كثير منكم و اسرعت النّهوض الي حرب معاوية فانّه الجهاد المفروض

73 و من كلامه عليه السّلام

الارشاد ص 126 قال و قد بلغه عن معاوية و اهل الشام ما يؤذيه من الكلام فقال الحمد للّه قديما و حديثا ما عاداني الفاسقون فعاداهم اللّه الم تعجبوا انّ هذا لهو الخطب الجليل انّ فسّاقا غير مرضيّين و عن الاسلام و اهله منحرفين خدعوا بعض هذه الامّة و اشربوا في قلوبهم حبّ الفتنة و استمالوا اموالهم بالافك و البهتان قد نصبوا لنا الحرب و هبّوا في اطفاء نور اللّه و اللّه متمّ نوره و لو كره الكافرون اللّهمّ ان ردّوا الحقّ فافضض حرمتهم و شتّت كلمتهم و ابسلهم بخطاياهم فانّه لا يذلّ من واليت و لا يعزّ من عاديت قوله ع هبّوا اي هاجوا و اسرعوا و ثاروا قوله فافضض حرمتهم من الفضّ بمعني الكسر و التفريق

74 و من خطبه عليه السّلام

الارشاد ص 124 قال و من كلامه عليه السّلام حين قدم الكوفة من البصرة بعد حمد اللّه و الثناء عليه امّا بعد فالحمد للّه الّذي نصر وليّه و خذل عدوّه و اعزّ الصّادق

ص: 298

المحقّ و اذلّ الكاذب المبطل عليكم يا اهل هذا المصر بتقوي اللّه و طاعة من اطاع اللّه من اهل بيت نبيّكم الّذين هم اولي بطاعتكم من المنتحلين المدّعين القائلين الينا يتفضّلون بفضلنا و يجاحدونا امرنا و ينازعونا حقّنا و يدفعونا عنه و قد ذاقوا وبال ما اجترحوا فسوف يلقون غيّا قد قعد عن نصرتي منكم رجال و انا عليهم عاتب زار فاهجروهم و اسمعوهم ما يكرهون حتّي يعتبونا و نري منهم ما نحبّ

75 و من كلامه عليه السّلام

الارشاد ص 127 قال و قد مرّ براية لاهل الشّام لا يزول اصحابها عن مواقفهم صبرا علي قتال امير المؤمنين عليه السّلام فقال لاصحابه انّ هؤلاء لن يزولوا عن مواقفهم دون طعن دراك يخرج منه النّسم و ضرب يفلق منه الهام و يطيح العظام و تسقط منه المعاصم و الاكفّ و حتّي تصدع جباههم بعمد الحديد و تنتثر حواجبهم علي الصّدور و الاذقان اين اهل النّصر اين طلاّب الاجر فشار اليهم حينئذ عصابة من المسلمين فكشفوهم قوله ع زار اي عاتب و عائب الدراك المتلاحق و المتّصل و المتواصل النّسم الرّوح يفلق اي يشق الهام الرءوس يطيح العظام اي يفرّقها كناية عن الاهلاك المعاصم جمع المعصم و هو موضع السّوار من السّاعد الاكفّ

ص: 299

اليد او الرّاحة مع الاصابع تصدع اي تشق و الجباه جمع جبهة العمد جمع العمود و هو قضيب الحديد فشار اليهم اي ركب و ركض اليهم

76 و من كلامه عليه السّلام

الارشاد ص 128 و الكامل لابن اثير طبع مصر ص 129 ج 3 قالا و من كلامه عليه السّلام بعد كتب الصحيفة بالموادعة و التحكيم و قد اختلف اهل العراق علي ذلك فقال عليه السّلام و اللّه ما رضيت و لا احببت ان ترضوا فاذا ابيتم الاّ ان ترضوا فقد رضيت و اذا رضيت فلا يصلح الرّجوع بعد الرّضا و لا التّبديل بعد الاقرار الاّ ان تعصي اللّه بنقض العهد و بتعدّي كتابه بحلّ العقد فقاتلوا حينئذ من ترك امر اللّه و امّا الّذي ذكرتم عن الاشتر من تركه امري بخطّ يده في الكتاب و خلافه ما انا عليه فليس من اولئك و لا اخافه علي ذلك و ليت فيكم مثله اثنين بل ليت فيكم مثله واحدا يري في عدوّكم ما يري اذا لخفّت عليّ مؤنتكم و رجوت ان يستقيم لي بعض اودكم و قد نهيتكم عمّا اتيتم فعصيتموني فكنت انا و أنتم كما قال اخو هوازن و هل انا الاّ من غزيّة اذ غوت غويت و ان ترشد غزيّة ارشد

ص: 300

الاود العوج اود ياود اودا من باب حسب يحسب و اودكم اي اعوجاكم و يستقيم لي بعض اودكم اي يصلح بكم لي شأني و يكشف بكم غمّي و نظائره غزيّه اسم رجل هوازن اسم قبيلة

77 و من كلامه عليه السّلام

الارشاد ص 129 قال و من كلامه عليه السّلام للخوارج حين رجع الي الكوفة و هو بظاهرها قبل دخوله اياها بعد حمد اللّه و الثناء عليه و الصّلوة علي محمّد رسوله صلّي اللّه عليه و آله اللّهمّ هذا مقام من فلج فيه كان اولي بالفلج يوم القيمة و من نطف فيه اوعنت فهو في الاخرة اعمي و اضلّ سبيلا نشدتكم باللّه أ تعلمون انّهم حين رفعوا المصاحف فقلتم نجيبهم الي كتاب اللّه قلت لكم انّي اعلم بالقوم منكم انّهم ليسوا باصحاب دين و لاقرأن انّي صحبتهم و عرفتهم اطفالا و رجالا فكانوا شرّ اطفال و شرّ رجال امضوا الي حقّكم و صدقكم انّما رفع القوم لكم هذه المصاحف خديعة و وهنا و مكيدة فرددتم علي رأيي و قلتم لابل تقبّل منهم فقلت لكم اذكروا قولي لكم و معصيتكم ايّاي فلمّا ابيتم الاّ الكتاب اشترطت علي الحكمين ان يحييا ما احياه القرآن و ان يميتا ما اماته القرآن الفلج الظفر و الفوز و عنت اي اثم النطف التلطّخ و التلطّخ بالعيب

ص: 301

فان حكما بحكم القرآن فليس لنا ان نخالف حكم من حكم بما في الكتاب و ان ابيا فنحن من حكمهما برءاء فقال له بعض الخوارج فخبّرنا أ تراه عدلا تحكيم الرجال في الدماء فقال عليه السّلام انّا لم نحكّم الرّجال انّما حكّمنا القرآن و هذا القرآن انّما هو خطّ مسطور بين الدّفّتين لا ينطق و انّما يتكلّم به الرّجال قالا له فخبّرنا عن الاجل الذي جعلته فيما بينك و بينهم قال ليتعلّم الجاهل و يثبّت العالم و لعلّ اللّه ان يصلح في هذه الهدنة هذه الامّة ادخلوا مصركم رحمكم اللّه و رحلوا من عند اخرهم

78 و من كلامه عليه السّلام

الارشاد ص 130 قال و من كلامه عليه السّلام حين نقض معاوية العهد و بعث بالضّحاك بن قيس للغارة علي اهل العراق فلقي عمرو بن عمير بن مسعود فقتله الضحّاك و قتل ناسا من اصحابه و ذلك بعد ان حمد اللّه و اثني عليه قال يا اهل الكوفة اخرجوا الي العبد الصّالح و الي جيش لكم قد اصيب منه طرف اخرجوا فقاتلوا عدوّكم و امنعوا حريمكم اذ كنتم فاعلين قال فردّوا اليه ردّا ضعيفا و رأي منهم عجزا و فشلا فقال و اللّه لوددت انّ لي بكلّ ثمانية منكم رجلا منهم و يحكم اخرجوا معي ثمّ فرّوا عنّي ان بدا لكم فو اللّه ما اكره لقاء

ص: 302

ربّي علي نيّتي و بصيرتي و في ذلك روح لي عظيم و فرج من مناجاتكم و مقاساتكم و مداراتكم مثل ما تداري البكار العمدة او الثّياب المتهتّرة كلّما خيطت من جانب تهتّكت من جانب علي صاحبها البكارة الفتي من الابل و العمدة التي قد انشدخت اسنمتها من داخل و ظاهرها صحيح لكثرة ركوبها و المتهتّرة المتمزّقة من العرض و اهترّ الرّجل فهو مهترّ اي صار خرفا و المستهر بالشراب اي المولع به

79 و من كلامه عليه السّلام

الارشاد ص 130 و من كلامه عليه السّلام ايضا في استنفار القوم و استبطائهم علي الجهاد و قد بلغه مسير بسر بن ارطاة الي اليمن امّا بعد ايّها النّاس فانّ اوّل رفثكم و بدء نقضكم ذهاب اولي النّهي و اهل الرّأي منكم الّذين كانوا يلقون فيصدقون و يقولون فيعدلون و يدعون فيجيبون و انّي و اللّه قد دعوتكم عودا و بدء او سرّا و جهرا و في اللّيل و النّهار و الغدوّ و الاصال ما يزيدكم دعائي الاّ فرارا و ادبارا اما ينفعكم العظة و الدّعاء الي الهدي و الحكمة و انّي لعالم بما يصلحكم و يقيم لي اودكم و لكنّي و اللّه لا اصلحكم بفساد نفسي و لكن امهلوني قليلا فكانّكم و اللّه بامريء قد جاءكم بحرمكم و يعذّبكم فيعذّبه اللّه كما

ص: 303

يعذّبكم انّ من ذلّ المسلمين و هلاك الدّين انّ ابن ابي سفيان يدعوا الارزال الاشرار فيجاب و ادعوكم و أنتم الافضلون الاخيار فتراوغون و تدافعون ما هذا فعل المتّقين الرّفث الفحش العظة كلام الواعظ الاود الكدّ و التّعب و الاعوجاج بنيّ التصغير للتخفيف

80 و من كلامه عليه السّلام

الارشاد ص 131 قال و من كلامه في هذا المعني ايضا بعد حمد اللّه و الثناء عليه ما اظنّ هؤلاء القوم يعني اهل الشام الاّ ظاهرين عليكم فقالوا بما ذا يا امير المؤمنين فقال اري امورهم قد علت و نيرانكم قد خبت(خمدت)و اراهم جادّين(ذا جدّ)و اراكم و انين ذا فتور و ضعف و اراهم مجتمعين و اراكم متفرّقين و اراهم لصاحبهم مطيعين و اراكم لي عاصين ام و اللّه لئن ظهروا عليكم لتجدنّهم ارباب سوء من بعدي لكم كانّي انظر اليهم و قد شاركوكم في بلادكم و حملوا الي بلادهم فيئكم و كانّي انظر اليكم تكّشون كشيش الضّباب لا تأخذون حقّا و لا تمنعون للّه حرمة و كانّي انظر اليهم يقتلون صالحيكم و يخيفون قرّاءكم و يحرمونكم و يحجبونكم و يدنون النّاس

ص: 304

النّاس دونكم فلو قد رايتم الحرمان و الاثرة و وقع السّيوف و نزول الخوف لقد ندمتم و حسرتم علي تفريطكم في جهادكم و تذاكرتم ما أنتم فيه اليوم من الخفض و العافية حين لا تنفعكم التّذكار خبت النار اي خمدت و سكنت و طفئت جادّين اي مجتهدين ذا حدّ يعني ذا حظّ ظهروا اي غلبوا تكشون كشيش الضّباب اي تصوتون صوت الضباب اي تصيحون صيحة ضعيفة و الضّباب جمع ضبّ دابة بريّة الاثره بالتحريك الاستبداد بالرّأي

81 و من كلامه عليه السّلام

الارشاد ص 131 قال و من كلامه عليه السّلام لمّا نقض معاوية بن ابي سفيان شرط الموادعة و اقبل يشنّ الغارات علي اهل العراق فقال بعد ان حمد اللّه و اثني عليه ما لمعاوية قاتله اللّه لقد ارادني علي امر عظيم اراد ان افعل كما يفعل فاكون قد هتكت ذمّتي و نقضت عهدي فيتّخذها عليّ حجّة فيكون عليّ شينا الي يوم القيمة كلّما ذكرت فان قيل له انت بدءت قال ما علمت و لا امرت فمن قائل يقول صدق و من قائل يقول كذب ام و اللّه انّ اللّه لذو اناة و حلم عظيم لقد حلم عن كثير من فراعنة الاوّلين و عاقب فراعنة فان يمهله اللّه فلن يفوته و هو له بالمرصاد علي مجاز طريقة فليصنع ما بدا له فانّا غير غادرين بذمّتنا و لا ناقضين لعهدنا

ص: 305

و لا مروّعين لمسلم و لا معاهد حتّي ينقضي شرط الموادعة بيننا ان شاء اللّه يشنّ الغارات اي يفرّقها من كلّ وجه الشّين خلاف الزّين الاناة الرفق و الانظار مروّعين منفزعين

82 و من كلامه عليه السّلام

الارشاد ص 132 قال و من كلامه عليه السّلام ايضا في معني ما تقدّم يا اهل الكوفة خذوا اهبتكم بجهاد عدوّكم معاوية و اشياعه فقالوا يا امير المؤمنين امهلنا يذهب عنّا القر فقال اما و اللّه الذّي فلق الحبّة و برء النّسمة ليظهرنّ هؤلاء القوم عليكم ليس بانّهم اولي بالحقّ منكم و لكن لطاعتهم معاوية و معصيتكم لي و اللّه لقد اصبحت الامم كلّها تخاف ظلم رعاتها و اصبحت انا و اخاف ظلم رعيّتي لقد استعملت منكم رجالا فخانوا و غدروا و لقد جمع بعضهم ما ائتمنته عليه من فييء المسلمين فحمله الي معاوية و اخر حمله الي منزله تهاونا بالقرآن و جرأة علي الرّحمن حتّي انّي لو ائتمنت احدكم علي علاقة سوط لخان و لقد اعييتموني ثم رفع يده الي السماء و قال اللّهمّ انّي سئمت الحيوة بين ظهرانيّ هؤلاء القوم و تبرّمت الامل فاتح لي صاحبي حتّي استريح منهم و يستريحوا منّي و لن يفلحوا بعدي

ص: 306

83 و من كلامه عليه السّلام

الارشاد ص 132 قال و من كلامه عليه السّلام في مقام اخر ايّها النّاس انّي استنفرتكم لجهاد هؤلاء القوم فلم تنفروا و اسمعتكم فلم تجيبوا و نصحت لكم فلم تقبلوا شهود كالغيّب اتلو عليكم الحكمة فتعرّضون عنها و اعظكم بالموعظة البالغة فتنفرون منها كانّكم حمر مستنفرة فرّت من قسورة و احثّكم علي جهاد اهل الجور فما اتي اخر قولي حتي اراكم متفرّقين ايادي سبا ترجعون الي مجالسكم تتربّعون حلقا و تضربون الامثال و تناشدون الاشعار و تجسّسون الاخبار حتّي اذا تفزّقتم تسئلون عن الاشعار جهلة من غير علم و غفلة من غير ورع و تثبّطا من غير خوف نسيم الحرب و الاستعداد لها فاصبحت قلوبكم فارغة من ذكرها شغلتموها بالاعاليل و الاباطيل فالعجب كلّ العجب و ما لي لا اعجب من اجتماع قوم علي باطلهم و تحاذلكم من حقّكم يا اهل الكوفة أنتم كامّ مجالد حملت فاملصت فمات قيّمها فطال تايّمها و ورثها ابعدها و الّذي فلق الحبّة و برء النّسمة انّ

ص: 307

من ورائكم الاعور الادبر جهنّم الدّنيا لا تبقي و لا تذر و من بعده النّهاس الفرّاس المجموع المنوع ثمّ ليتوارثنّكم من بني اميّة عدّة ما الاخر بأرأف منكم من الاوّل ما خلا رجلا واحدا بلاء قضاء اللّه علي هذه الامّة لا محالة كائن يقتلون خياركم و يستعبدون ارذالكم و يستخرجون كنوزكم و ذخائركم من جوف جهّالكم نقمة بما ضيّعتم من اموركم و صلاح انفسكم و دينكم يا اهل الكوفة اخبركم بما يكون قبل ان يكون لتكونوا منه علي حذر و لتنذروا به من اتّعظ و اعتبر كانّي بكم تقولون انّ عليّا يكذب كما قالت قريش لنبيّها صلّي اللّه عليه و آله و سيّدها نبيّ الرّحمة محمّد بن عبد اللّه حبيب اللّه فيا ويلكم افعلي من اكذب اعلي اللّه فانا اوّل من عبده و وحّده ام علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله فانا اوّل من امن به و صدّقه و نصره كلاّ و اللّه و لكنّها لهجة خدعة كنتم عنها اغنياء و الّذي فلق الحبّة و برء النّسمة لتعلمنّ نباها

ص: 308

بعد حين و ذلك اذا صيّركم اليها جهلكم و لا ينفعكم عندها علمكم فقبحا لكم يا اشباه الرّجال و لا رجال حلوم الاطفال و عقول ربّات الحجال ام و اللّه ايّها الشّاهدة أبدانهم الغائبة عنهم عقولهم المختلفة اهوائهم ما اعزّ اللّه نصر من دعاكم و لا استراح قلب من قاساكم و لا قرّت عين من اواكم كلامكم يوهي الصّم الصّلاب و فعلكم يطمع فيكم العدوّ المرتاب يا ويحكم ايّ دار بعد داركم تمنعون و مع ايّ امام بعدي تقاتلون المغرور و اللّه من غرّرتموه من فاز بكم فاز بالسّهم الاخيب اصبحت لا اطمع في نصركم و لا اصدّق قولكم فرّق اللّه بيني و بينكم و اعقبني بكم من هو خير لي منكم و اعقبكم بي من هو شرّ لكم منّي امامكم يطيع اللّه و أنتم تعصونه و امام اهل الشّام يعصي اللّه و هم يطيعونه و اللّه لوددت انّ معاوية صادفني بكم صرف الدّينار بالدّرهم فاخذ منّي عشرة منكم و اعطاني منهم واحدا و اللّه لوددت انّي لم اعرفكم و لم تعرفوني فانّها معرفة

ص: 309

جرّت ندما لقد وريتم صدري غيظا و افسدتم عليّ امري بالخذلان و العصيان حتّي لقد قال قريش انّ عليّا رجل شجاع لكن لا علم له بالحرب للّه هم هل كان فيهم احد اطول لها مراسا منّي و اشدّ له مقاساة لقد نهضت فيها و ما بلغت العشرين فها انا ذا لقد ذرفت عليّ السّتين و لكن لا امر لمن لا يطاع ام و اللّه لوددت انّ ربّي اخرجني من بين اظهركم الي رضوانه و انّ المنيّة لترصّدني فما يمنع اشقاها ان يخضبها و نزل يده علي راسه و لحيته عهدا عهده اليّ النّبيّ الامّيّ و قد خاب من افتري و نجا من اتّقي و صدّق بالحسني يا اهل الكوفة دعوتكم علي جهاد هؤلاء القوم ليلا و نهارا و سرّا و اعلانا و قلت لكم اغزوهم قبل ان يغزوكم فانّه ما غزا قوم في عقر دارهم الاّ ذلّوا فتواكلتم و تخاذلتم و ثقل عليكم قولي و استصعب عليكم امري و اتّخذتموه وراءكم ظهريّا حتّي شنّت عليكم الغارات و ظهرت فيكم الفواحش و المنكرات تمسيكم و تصبحكم كما فعل

ص: 310

باهل المثلات من قبلكم حيث اخبر اللّه عن الجبابرة العتاة الطّغاة و المستضعفين من الغواة في قوله عزّ و جلّ يذبّحون أبناءكم و يستحيون نساءكم و في ذلكم بلاء من ربّكم عظيم اما و الّذي فلق الحبّة و برء النّسمة لقد حلّ بكم الّذي توعدون عاتبتكم يا اهل الكوفة بمواعظ القرآن فلم انتفع بكم و ادّبتكم بالدّرّة فلم تستقيموا لي و عاقبتكم بالسّوط الّذي يقام به الحدود فلم ترعوا و لقد علمت انّ الذّي يصلحكم هو السّيف و ما كنت متحرّيا صلاحكم بفساد نفسي و لكن سيسلّط عليكم بعدي سلطان صعب لا يوقّر كبيركم و لا يرحم صغيركم و لا يكرم عالمكم و لا يقسم الفيء بالسّويّة بينكم و ليضربنّكم و ليذلنّكم و يجهّزنّكم في المغازي و ليقطعنّ سبيلكم و ليحجبنّكم علي بابه حتّي ياكل قوّيكم ضعيفكم ثمّ لا يبعّد اللّه الاّ من ظلم منكم و لقلّ ما ادبر شيء ثمّ اقبل و انّي لاظنّكم في فترة و ما عليّ الاّ النّصح لكم يا اهل الكوفة قد منيت منكم بثلاث و اثنين صمّ ذووا اسماع بكم ذووا السن و عمي

ص: 311

ذووا ابصار لا اخوان صدق عند اللّقاء و لا اخوان ثقة عند البلاء اللّهمّ انّي قد مللتهم و ملّوني و سئمتهم و سئموني اللّهمّ لا ترض عنهم اميرا و لا ترضهم عن امير و مثّ قلوبهم كما يماثّ الملح في الماء ام و اللّه لو اجد بدّا من كلامكم و مراسلتكم ما فعلت و لقد عاتبتكم في رشدكم حتّي لقد سئمت الحيوة كلّ ذلك تراجعون بالهمزء من القول فرارا من الحقّ و الحادا الي الباطل الّذي لا يعزّ اللّه باهله الدّين و انّي لاعلم انّكم لا تزيدونني غير تخسير كلّما امرتكم بجهاد عدوّكم اثّاقلتم الي الارض و سألتموني التّاخير دفاع ذي الدّين المطوّل اذا قلت لكم انفروا في الشّتاء قلتم هذا اوان قرّ و صرد و ان قلت لكم انفروا في السّيف قلتم هذا حمّارة الحرارة الشديده القيظ انظرنا ينصرم الحرّ عنّا كلّ ذلك فرارا عن الجنّة اذا كنتم عن الحرّ و البرد تعجزون فانتم و اللّه من حرارة السّيف اعجز و اعجز فانّا للّه و انّا اليه راجعون يا اهل الكوفة قد اتانا الصّريح يخبرني انّ اخا غامد قد نزل الانبار

ص: 312

علي اهلها ليلا في أربعة الاف فاغار عليهم كما يغار علي الرّوم و الخزر فقتل بها عاملي حسّان و قتل معه رجالا صالحين ذوي فضل و عبادة و نجدة بوّء اللّه لهم جنّات النّعيم و انّه اباحها و لقد بلغني انّ العصبة من اهل الشّام كانوا يدخلون علي المرأة المسلمة و الاخري المعاهدة فيهتكون سترها و يأخذون القناع من راسها و الخرص من اذنها و الاوضاح من يديها و رجليها و عضديها و الخلخال و الميرز عن سوقها فما تمتنع الاّ بالاسترجاع و النّداء يا للمسلمين فلا يغيثها مغيث و لا ينصرها ناصر فلو انّ مؤمنا مات من دون هذا اسفا ما كان عندي ملوما بل كان عندي بارّا محسنا و اعجبا كلّ العجب من تظافر هؤلاء القوم علي باطلهم و فشلكم عن حقّكم قد صرتم غرضا يرمي و لا ترمون و تغزون و لا تغزون و يعصي اللّه و ترضون تربت ايديكم يا اشباه الابل غاب عنها رعاتها كلّما اجتمعت من جانب تفرّقت من جانب

ص: 313

النفر الخروج الي الغرو و جماعة تنفزا لي مثلها و منه الانفار و الاستنفار كلّه بمعني قوله تعالي حمر مستنفره اي نافرة و مستنفره بفتح الفاء اي مذعورة تثبّطا اي تثاقلا و تقاعدا قوله ام مجالد كنية امرأة حملت فاملصت اي القت ما في بطنها فطال تايمها اي خلوّها من الازواج النّهاس الاسد الفرّاس القتال قوله ما خلا رجلا واحدا اراد منه عمر بن عبد العزيز الاموي الحجال جمع حجلة و هي بيت العروس فاساكم اي كايدكم يوهي من وهي يهي اي يسترخي الصمّ الصّلاب الحجر الصّلب لقد وريتم اي افسدتم المراس الممارسة ذرفت اي زادت عقر الدار اصلها و وسطها و تضم العين و تفتح في الحجاز و منه قوله ع ما غزا قوم في عقر ديارهم الاّ و ذلّوا تواكل القوم اذا اتّكل بعضهم علي بعض قوله اتخذتموه وراءكم ظهريّا اي جعلتموه وراء ظهوركم و هو منسوب الي الظهر و كسر الظاء من تغييرات النّسب حتي شنت الغارات اي فرّقتها عليهم الدرّة بالكسر التي يضرب بها سئتموني اي ما لتموني مثّ قلوبهم اي ذاب قلوبهم كما يذوب الملح في الماء الحاد الي الباطل اي مائل اليه القرّ البرد الصّرد معرّب السّرد حمّارة القيظ شدّة الحرارة ينصرم الحرّ اي ينقضي و ينقطع اخا غامد هو الذي ذكره هو سفيان بن عوف بن المقفّل الغامدي و غامد قبيلة من اليمن الانبار بلدة بالعراق و الخزر بضم الخاء و سكون الزاء و فتحها ثم الراء المهملة طائفة من الامم من ولد يافث بن نوح العصبة الجماعة الخرص حلقة الذهب او الفضّة او حلقة القرط الاوضاخ الحلّي من الفضّة و الذهب و الخلخال السّوق جمع السّاق تربت اي لا اصبت خيرا

84 و من خطبه عليه السّلام

الارشاد ص 135 في تظلّمه من اعدائه و دافعيه عن حقه ما رواه العبّاس بن عبد اللّه العبدي عن عمرو بن شمر عن رجاله قال قالوا سمعنا امير المؤمنين عليه السّلام يقول ما رايت منذ بعث اللّه محمّدا صلّي اللّه عليه و آله رخاء و الحمد للّه و اللّه لقد خفت صغيرا و جاهدت كبيرا اقاتل المشركين و اعادي المنافقين حتّي قبض اللّه نبيّه صلّي اللّه عليه و آله فكانت الطّامّة الكبري فلم ازل حذرا و جلا اخاف ان يكون ما لا يسعني معه المقام

ص: 314

فلم ار بحمد اللّه الاّ خيرا و اللّه ما زلت اضرب بسيفي صبيّا حتّي صرت شيخا و انّه ليصبّرني علي ما انا فيه انّ ذلك كلّه في اللّه و رسوله و انا ارجو ان يكون الرّوح عاجلا قريبا فقد رايت اسبابه قالوا فما بقي بعد هذه المقالة الاّ يسيرا حتّي اصيب عليه السّلام

85 و من كلامه عليه السّلام

الارشاد ص 140 روي نقلة الاثار انّ رجلا من بني اسد وقف علي امير المؤمنين عليه السّلام فقال له يا امير المؤمنين العجب فيكم يا بني هاشم كيف عدل بهذا الامر عنكم و أنتم الاعلون نسبا و سببا و نوطا بالرّسول صلّي اللّه عليه و آله و فهما للكتاب فقال امير المؤمنين عليه السّلام يابن دودان انّك لقلق الوضين ضيّق المخرم ترسل غير ذي مسدّ لك ذمامة الصّهر و حقّ المسألة و قد استعملت فاعلم كانت اثرة سخت بها نفوس قوم و شحّت عليها نفوس آخرين فدع عنك نهبا صيح في حجراته و هلّم الخطب في امر ابن ابي سفيان فلقد اضحكني الدّهر بعد ابكائه و لا غرو و يئس القوم و اللّه من خفضتي و هينتي و حاولوا الاذهان في ذات اللّه و هيهات ذلك منّي و قد جدحوا بيني و بينهم شربا و بيئا فان تنحسر عنّا محن البلوي احملهم من الحقّ علي

ص: 315

محضه و ان تكن الاخري فلا تذهب نفسك عليهم حسرات فلا تأس علي القوم الفاسقين النوط من ناط ينوط نوطا علقه و كل شيء علق في شيء فهو نوط دودان ابو قبيلة من اسد و هو دودان بن اسد بن خزيمة انه لقلق و ضين يقال للرّجل المضطرب في امره و الوضين هو ما يشدّ به الهودج كالحزام و القلق ايضا يقال للرجل الشّاك الاثرة البقية من العلم و المكرمة المتوارثة و الفعل الحميد سخت بها اي علت بها شحّت عليها الشّحّ اللوم و ان تكون النفس حريصة علي المنع الحجرات هنا بمعني النّواحي هلمّ هنا خطاب لمن يصلح ان يجيبه الخطب الامر لا غرو اي لا عجب خفض الشيء طرحه وراء ظهره و خفضتي اي اهانني و هينتي قال في معجم متن اللغه في مادّة ه ي ن الهون السكينة و الوقار و جاء علي هينته اي علي الرفق و السّكون و حاولوا الاذهان اي راموها اجدحوا اي خلطوا وبيئا اي ذو وباء تنحسر اي تنكشف محضه اي خالصه

86 و من خطبه عليه السّلام

الجزء الثالث من تاريخ الكامل للعلاّمة ابي الحسن علي بن ابي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني المعروف بابن الاثير الجزري الملقب بعز الدّين المطبوع بمصر و في هامشه كتاب مروج الذهب للمسعودي ص 29 قال تكلم عليّ بن ابي طالب(عليه السّلام)فقال الحمد للّه الّذي بعث محمّدا منّا نبيّا و بعثه الينا رسولا فنحن بيت النّبوّة و معدن الحكمة و امان اهل الارض و نجاة لمن طلب لنا حقّ ان نعطه نأخذه و ان نمنعه نركب اعجاز الابل و لو طال السّري لو عهد الينا رسول اللّه صلّي اللّه عليه(و آله)و سلّم عهدا لانفذناه عهده و لو قال لنا قولا لجادلنا عليه حتّي نموت

ص: 316

لن يسرع احد قبلي الي دعوة حقّ و صلة رحم و لا حول و لا قوّة الاّ باللّه اسمعوا كلامي وعوا منطقي عسي ان تروا هذا الامر من بعد هذا المجمع تنتضي فيه السّيوف و تخان فيه العهود حتّي تكونوا جماعة يكون بعضكم ائمّة لاهل الضّلالة و شيعة لاهل الجهالة ثمّ انشأ يقول فان تك جاسم هلكت فانّي بما فعلت بنو عبد بن ضخم

مطيع في الهواجر كلّ عيّ بصير بالنّوي من كلّ نجم

قوله تنتضي اي تسلّ السّري مصدر سير الليل و طال السّري مثل يضرب لاحتمال المشقة رجاء الرّاحة بنو جاسم حيّ قديم

87 و من خطبه عليه السّلام

الارشاد ص 132 قال انّه قال الحمد للّه و سلام علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله امّا بعد فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله رضيني لنفسه اخا و اختصّني له وزيرا ايّها النّاس انا انف الهدي و عيناه فلا تستوحشوا من طريق الهدي لقلّة من يغشاه من زعم انّ قاتلي مؤمن فقد قتلني الا و انّ لكلّ دم ثائرا يوما ما و انّ الثّائر في زماننا و الحاكم في حقّ نفسه و حقّ ذوي القربي

ص: 317

و اليتامي و المساكين و ابن السّبيل الّذي لا يعجزه ما طلب و لا يفوته ما هرب و سيعلم الّذين ظلموا ايّ منقلب ينقلبون و اقسم باللّه الّذي فلق الحبّة و برء النّسمة لتنتحرنّ عليها يا بني اميّة و لتعرفنّها في ايدي غيركم و دار عدوّكم عمّا قليل و ستعلمنّ نباه بعد حين

88 و من كلامه عليه السّلام

المجلد الثالث من الكامل لابن الاثير ص 58 قال اجتمع الناس فكلّموا علي بن ابي طالب فدخل علي عثمان فقال عليه السّلام له النّاس ورائي و قد كلّموني فيك و اللّه ما ادري ما اقول لك و لا اعرف شيئا تجهله و لا ادّلك علي امر لا تعرفه انّك لتعلم ما اعلم ما سبقناك الي شيء فنخبرك عنه و لا خلونا بشيء فنبلّغكه و ما خصّصنا بامر دونك و لقد رايت و صحبت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و سمعت منه و نلت صهره و ما ابن ابي قحافة باولي بالعمل منك و لا ابن الخطّاب باولي بشيء من الخير منك و انت اقرب الي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم رحما و لقد نلت من صهر رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله ما لم نيالاه و ما سبقاك الي شيء فاللّه

ص: 318

اللّه في نفسك فانّك و اللّه لا تبصر من عمي و لا تعلم من جهالة و انّ الطّريق لواضح بيّن و انّ اعلام الدّين لقائمة اعلم يا عثمان افضل عباد اللّه امام عادل هدي و هدي فاقام سنّة معلومة و امات بدعة متروكة فو اللّه انّ كلاّ لبيّن و انّ السّنن لقائمة لها اعلام و انّ البدع لقائمة لها اعلام و انّ شرّ النّاس عند اللّه امام جائر ضلّ و اضلّ و احذّرك ان تكون امام هذه الامّة تقتل فيفتح عليها القتل و القتال الي يوم القيمة و يلبس امورها عليها و يتركها شيعا لا يبصرون الحقّ لعلوّ الباطل يموجون فيها موجا و يمرجون فيها مرجا

89 و من كلامه عليه السّلام

المجلد الثالث من الكامل ص 64 قال اقبل عليّ(عليه السّلام)علي عبد الرّحمن بن الاسود بن عبد يغوث فقال احضرت خطبة عثمان قال نعم قال أ فحضرت مقالة مروان للناس قال نعم فقال عليّ اي عباد اللّه يا للمسلمين انّي ان قعدت في بيتي قال لي تركتني و قرابتي و حقّي و انّي ان تكلّمت فجاء ما يريد يلعب به مروان فصار

ص: 319

سيفه له يسوقه حيث يشاء بعد كبر السّنّ و صحبة رسول اللّه صلّي اللّه عليه(و اله)و سلّم و قام مغضبا حتّي دخل علي عثمان فقال له اما رضيت من مروان و لا رضي منك الاّ بتحرّفك عن دينك و عن عقلك مثل جمل الظّعينة يقاد حيث يشاء ربّه و اللّه ما مروان بذي راي في دينه و لا نفسه و ايم اللّه انّي لاراه يوردك و لا يصدرك و ما انا عائد بعد مقامي هذا لمعاتبتك اذهبت شرفك و غلبت علي رايك الظّغينة الهودج

90 و من خطبه عليه السّلام

حين بعث معاوية اليه عليه السّلام و طالب منه قتلة عثمان و ردّ مرسليه بغير جواب نقلها ابن الاثير في الكامل ص 115 قال ثم حمد اللّه و اثني عليه و قال امّا بعد فانّ اللّه تعالي بعث محمّدا صلّي اللّه عليه و اله و سلّم بالحقّ فانقذ به من الضّلالة و الهلكة و جمع به من الفرقة ثمّ قبضه اللّه اليه فاستخلف النّاس ابا بكر و استخلف ابو بكر عمر فاحسنا السّيرة و عدلا و قد وجدنا عليهما ان تولّيا الامور و نحن ال رسول اللّه صلّي اللّه عليه(و اله)و سلّم فغفرنا ذلك

ص: 320

لهما و وليّ النّاس عثمان فعمل باشياء عابها النّاس فساروا اليه فقتلوه ثمّ اتاني النّاس فقالوا لي بايع فانّ الامّة لا ترضي الاّ بك و انّا نخاف ان لم تفعل ان يتفرّق النّاس فقالوا لي بايع فانّ الامّة لا ترضي الاّ بك و انّا نخاف ان لم تفعل ان يتفرّق النّاس فبايعتهم فلم يرعني الاّ شقاق رجلين قد بايعاني و خلاف معاوية الّذي لم يجعل له سابقة في الدّين و لا سلف صدق في الاسلام طليق بن طليق حزب من الاحزاب لم يزل حربا للّه و رسوله هو و ابوه حتّي دخلا في الاسلام كارهين و لا عجب الاّ من اختلافكم معه و انقيادكم له و تتركون ال بيت نبيّكم الّذي لا ينبغي لكم شقاقهم و لا خلافهم الا انّي ادعوكم الي كتاب اللّه و سنّة نبيّه و اماتة الباطل و احياء الحقّ و معالم الدّين اقول قولي هذا لي و لكم و للمؤمنين فقالا اي حبيب بن مسلم الفهري و شرحبيل بن السّمط المبعوثين من جانب معاوية الي عليّ عليه السّلام الا تشهد ان عثمان قتل مظلوما فقال لهما لا اقول انّه قتل مظلوما و لا ظالما قالا فمن لم يزعم انه قتل مظلوما فنحن منه برآء و انصرفا فقال عليه السّلام انّك لا تسمع الموتي الي قوله و هم مسلمون

91 و من خطبه عليه السّلام

ص: 321

كتاب نصر بن مزاحم المنقري التميمي الكوفي المطبوع بطهران سنه 1301 ه ص 3 قال انه عليه السّلام خطبها حين نزوله الي الكوفة حين قالوا اين تنزل يا امير المؤمنين اتنزل القصر فقال لا و لكني انزل الرّحبة فنزلها و اقبل حتي دخل المسجد الاعظم فصلّي فيه ركعتين ثم صعد المنبر فحمد اللّه و اثني عليه و صلّي علي رسوله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و قال امّا بعد يا اهل الكوفة فانّ لكم في الاسلام فضلا ما لم تبدّلوا و تغيّروا دعوتكم الي الحقّ فاجبتم و بدءتم بالمنكر فغيّرتم الا انّ فضلكم فيما بينكم و بين اللّه فانّما في الاحكام و القسم فانتم اسوة من اجابكم و دخل فيما دخلتم فيه الا انّ اخوف ما اخاف عليكم اتّباع الهوي و طول الامل فامّا اتّباع الهوي فيصدّ عن الحقّ و امّا طول الامل فينسي الاخرة الا انّ الدّنيا قد ترحّلت مدبرة و الاخرة قد اقبلت مقبلة و لكلّ واحد منهما بنون فكونوا من أبناء الاخرة و لا تكونوا من أبناء الدّنيا اليوم عمل و لا حساب و غدا حساب و لا عمل الحمد للّه الّذي نصر وليّه و خذل عدوّه و اعزّ الصّادق المحقّ و اذلّ النّاكث المبطل عليكم بتقوي اللّه و طاعة من اطاع اللّه من اهل بيت نبيّكم الذين هم

ص: 322

اولي بطاعتكم فيما اطاعوا اللّه فيه من المنتحلين المدّعين المقابلين الينا يتفضّلون بفضلنا و يجاحدونا امرنا و ينازعونا حقّنا و يدافعونا عنه فقد ذاقوا و بال ما اجترحوا فسوف يلقون غيّا الا انّه قد قعد عن نصرتي منكم رجال فانا عليكم عاتب زار فاهجروهم و اسمعوهم ما يكرهون حتّي يعتبوا ليعرف بذلك حزب اللّه عند الفرقة

92 و من خطبه عليه السّلام

كتاب نصر بن مزاحم ايضا ج 3 ص 7 قال خروج عليّ رضي اللّه عنه من النّخيلة عمر بن شمر و عمر بن سعد و محمد بن عبد اللّه قال عمر حدّثني رجل من الانصار عن الحرث بن كعب الوالبي عن عبد الرحمن بن عبيد ابي الكنود قال لمّا اراد عليّ الشخوص من النّخيلة قام في الناس لخمس مضين من شوال يوم الاربعاء فقال الحمد للّه غير معقود النّعم و لا مكافا الافضال و اشهد ان لا اله الاّ اللّه و نحن علي ذلكم من الشّاهدين و اشهد انّ محمّدا عبده و رسوله صلّي اللّه عليه و آله امّا بعد ذلكم فانّي قد بعثت مقدّماتي و امرتهم بلزوم هذا الملطاط حتّي يأتيهم امري فقد اردت ان اقطع هذه النّطفة الي شر ذمة منكم موطّنون باكناف دجلة فانهضكم معكم الي اعداء اللّه

ص: 323

ان شاء اللّه و قد امرّت علي المصر عقبة بن عمرو الانصارّي و لم الوكم و لا نفسي فايّاكم و التّخلّف و التّربّص فانّي قد خلّفت مالك بن حبيب اليربوعيّ و امرته ان لا يترك متخلّفا الاّ الحقه بكم عاجلا ان شاء اللّه الملطاط حرف من اعلي الجبل النطفة الماء الصافي قلّ او كثر او البحر الشر ذمة بالكسر القليل من الناس الاكناف جمع الكنف بمعني الجانب الاول الرجوع و منه قوله الوكم التربص التمكّث

93 و من كلامه عليه السّلام

كتاب النّصر ص 78 عن عمر عن رجل و هو ابو مخنّف عن نمير بن و علّة عن ابي الودّاك انّ عليّا بعث الي المدائن معقل بن قيس في ثلاثة الاف و قال له خذ علي الموصل ثمّ نصيبين ثمّ القني بالرّقّة فانّي موافيها و سكّن النّاس و امنهم و لا تقاتل الاّ من قاتلك و سر البردين و غوّر بالنّاس و اقم اللّيل و رفّه في السّير و لا تسر اوّل اللّيل فانّ اللّه جعله سكنا ارح فيه بدنك و جندك و ظهرك فاذا كان السّحر او حين ينبطح الفجر فسر نصيبين مدينة فيما بين النهرين الرّقة اسم بلد في بغداد البردين الغداة و العشي

94 و من كلامه عليه السّلام

تحف العقول ص 199 قال ايّها النّاس اعلموا انّ كمال الدّين طلب العلم و العمل به و انّ طلب العلم اوجب عليكم من طلب المال انّ المال

ص: 324

مقسوم بينكم مضمون لكم قد قسمه عادل بينكم و ضمنه سيفي لكم به و العلم مخزون عليكم عند اهله قد امرتم بطلبه منهم فاطلبوه و اعلموا انّ كثرة المال مفسدة للدّين مقساة للقلوب و انّ كثرة العلم و العمل به مصلحة للدّين و سبب الي الجنّة و النّفقات تنقص المال و العلم يزكوا علي انفاقه فانفاقه بثّه الي حفظته و رواية و اعلموا انّ صحبة العلم و اتّباعه دين يدان اللّه به و طاعته مكسبة للحسنات ممحاة للسّيئات و ذخيرة للمؤمنين و رفعة في حياتهم و جميل الاحدوثة عنهم بعد موتهم انّ العلم ذو فضائل كثيرة فراسه التّواضع و عينه البراءة من الحسد و اذنه الفهم و لسانه الصّدق و حفظه الفحص و قلبه حسن النّيّة و عقله معرفة الاسباب بالامور و يده الرحيمة و همّته السّلامة و رجله زيارة العلماء و حكمته الورع و مستقرّه النّجاة و قائده العافية و مركبه الوفاء و سلاحه لين الكلام و سيفه الرّضا و قوسه المداراة و جيشه محاورة

ص: 325

العلماء و ماله الادب و ذخيرته اجتناب الذّنوب و زاده المعروف و ماواه الموادعة و دليله الهدي و رفيقه صحبة الاخيار مفساد القلوب اي سبب فسادها و المقساة سبب القساوة يزكو اي ينمو الاحدوثة ما يتحدّث به النّاس و المراد الثناء و الكلام الجميل الموادعة المصالحة و المسالمة اعلم ان هذا الكلام موجود في كتب الاعاظم كالخصال و الكافي و الامالي و كشف الغمّة و المناقب لابن الجوزي و كنز الفوائد و النهج و ارشاد المفيد و النهج و نحوها و في كتب العامة ايضا كحلية الاولياء و مطالب السئول و امثالها و كلّهم قد نقتوا ذلك في كتبهم باختلاف في بعض العبارات و الكلمات

95 و من كلامه عليه السّلام

تحف العقول ص 223 قال عليه السّلام اعلموا عباد اللّه انّ التّقوي حصن حصين و الفجور حصن ذليل لا يمنع اهله و لا يحرز من لجأ اليه الا و بالتّقوي تقطّع حمة الخطايا و بالصّبر علي طاعة اللّه ينال ثواب اللّه و باليقين تدرك الغاية القصوي عباد اللّه انّ اللّه لم يحظر علي اوليائه ما فيه نجاتهم اذ دلّهم عليه و لم يقنطّهم من رحمته لعصيانهم ايّاه ان تابوا اليه الحمة السمّ و حمة البرد شدته لم يحظر بتقديم الحاء علي الظاء المعجمة اي لم يمنع قوله و فيه نجاتهم في بعض النسخ ما فيه تجارتهم لم يقنّطهم اي لم يؤيسهم

96 و من كلامه عليه السّلام

ص: 326

كتاب سليم بن قيس الهلالي طبع النجف ص 106 قال عنه عليه السّلام و كنت ادخل علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم كلّ يوم دخلة و كلّ ليلة دخلة فيخلّيني فيها ادور معه حيث دار و قد علم اصحاب رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم انّه لم يكن يصنع ذلك لاحد غيري و ربّما كان ذلك في منزلي فاذا دخلت عليه في بعض منازله خلي بي و اقام نساءه فلم يبق غيري و غيره و اذا اتاني للخلوة في بيتي لم تقم من عندنا فاطمة و لا احد من ابنيّ اذا اسئله اجابني و اذا سكّت او نفدت مسائلي ابتدأني فما نزلت عليه اية من القرآن الاّ أقرأنيها و املاها عليّ فكتبتها بخطّي و دعا اللّه ان يفهّمني ايّاها و يحفّظني فما نسيت اية من كتاب اللّه منذ حفظتها و علّمني تاويلها فحفظته و املاه عليّ فكتبته و ما ترك شيئا علّمه اللّه من حلال و حرام او امر و نهي او طاعة و معصية كان او يكون الي يوم القيمة الاّ و قد علّمنيه و حفظته و لم انس منه حرفا واحدا ثمّ وضع يده علي صدري

ص: 327

و دعا اللّه ان يملأ قلبي علما و فهما و حكما و نورا و ان يعلّمني فلا اجهل و ان يحفّظني فلا انسي فقلت له ذات يوم يا نبيّ اللّه انّك منذ يوم دعوت اللّه لي بما دعوت لم انس شيئا ممّا علّمتني فلم تمليه عليّ و تأمرني بكتابته اتتخوّف عليّ النّسيان فقال يا اخي لست اتخوّف عليك النّسيان و لا الجهل و قد اخبرني اللّه انّه قد استجاب لي فيك و في شركائك الّذين يكونون من بعدك قلت يا نبيّ اللّه و من شركائي قال الّذين قرنهم اللّه بنفسه و بي معه الّذين قال في حقّهم يا ايّها الّذين امنوا اطيعوا اللّه و اطيعوا الرّسول و اولي الامر منكم فان خفتم التّنازع في شيء فارجعوه الي اللّه و الي الرّسول و الي اولي الامر منكم قلت يا نبيّ اللّه و من اولو الامر هم الاوصياء الي ان يردوا علي حوضي كلّهم هاد مهتد لا يضرّ كيد من كادهم و لا خذلان من خذلهم هم مع القرآن و القرآن معهم لا يفارقونه و لا يفارقهم بهم ينصر اللّه امّتي و بهم يمطرون و يدفع عنهم بمستجاب دعوتهم

ص: 328

فقلت يا رسول اللّه سمهّم لي فقال ابني هذا و وضع يده علي راس الحسن ثمّ ابني هذا و وضع يده علي راس الحسين ثمّ ابن ابني هذا و وضع يده علي راس الحسين ثمّ ابن له عليّ اسمي اسمه محمّد باقر علمي و خازن وحي اللّه و سيولد عليّ في حياتك يا اخي فاقراه منّي السّلام ثمّ اقبل علي الحسين فقال سيولد لك محمّد بن عليّ في حياتك فاقراه منّي السّلام ثمّ تكملة الاثني عشر اماما من ولدك يا اخي فقلت يا نبيّ اللّه سمّهم لي فسمّاهم لي رجلا رجلا منهم يا بني هلال الي مهديّ هذه الامّة الّذي يملاء الارض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا و اللّه انّي لا عرف جميع من يبايعه بين الرّكن و المقام و اعرف اسماء الجميع و قبائلهم

97 و من كلام له عليه السّلام

حين تفاخرت جماعة من قريش في مسجد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في خلافة عثمان و كان من القوم جمع منهم يتحدّثون و يتذاكرون الفقه و العلم فذكروا قريشا و فضلها و هجرتها و سوابقها و ما قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فيها و كان علي عليه السّلام ساكتا و لم يتكلّم بشيء من ذلك و لا احد من اهل بيته قال سليم بن قيس في كتابه ص 114 و اقبل القوم عليه

ص: 329

فقالوا يا ابا الحسن ما يمنعك ان تتكلّم قال ما من الحيّين احد الاّ و قد ذكر فضلا و قال حقّا ثمّ قال يا معاشر قريش يا معاشر الانصار بمن اعطاكم اللّه هذا الفضل ابا نفسكم و عشائركم و اهل بيوتاتكم ام بغيركم قالوا بل اعطانا اللّه و منّ علينا برسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لا بانفسنا و عشائرنا و اهل بيوتنا قال صدقتم يا معاشر الانصار اتقرّون انّ الّذي نلتم به خير الدّنيا و الاخرة منّا خاصّة اهل البيت دونكم جميعا و انّ ابن عمّي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول انّي و اخي علي بن ابي طالب لطينة ابي ادم قال اهل بدر و احد و اهل السّابعة و القدمة نعم سمعنا من رسول اللّه صلي الله عليه و اله(و في رواية اخري) كنّا نورا يسعي بين يدي اللّه قبل ان يخلق اللّه ادم بأربعة عشر الف سنة فلمّا خلق ادم وضع ذلك النّور في صلبه و اهبطه الي الارض ثمّ حمله في السّفينة في صلب نوح ثمّ قذف به في النّار في صلب ابراهيم ثمّ لم يزل اللّه ينقلنا من الاصلاب الكريمة من الاباء و الامّهات لم

ص: 330

يلتق واحد منهم علي سفاح قطّ فقال اهل السّابقة و القدمة و اهل بدر واحد نعم قد سمعنا ذلك من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال فانشدكم اللّه اتقرّون انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم اخي بين كلّ رجلين من اصحابه و اخي بيني و بين نفسه و قال انت اخي و انا اخوك في الدّنيا و الاخرة فقالوا اللهمّ نعم قال اتقروّن انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم اشتري موضع مسجده و منازله فابتني(فابتناه)ثمّ بني عشرة منازل تسعة له و جعل لي عاشرها في وسطها و سدّ كلّ باب شارع الي المسجد غير بابي فتكلّم في ذلك من تكلّم فقال ما انا سددت ابوابكم و فتحت بابه و لكنّ اللّه امرني بسدّ ابوابكم و فتح بابه و لقد نهي النّاس جميعا ان يناموا في المسجد غيري و كنت اجنب في المسجد و منزلي و منزل رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في المسجد يولد لرسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله و سلّم و لي فيه اولاد قالوا اللّهمّ نعم قال افتقرّون انّ

ص: 331

عمر حرص علي كوّة قدر عينيه يدعها من منزله الي المسجد فابي عليه ثمّ قال صلّي اللّه عليه و آله و سلّم انّ اللّه امر موسي ان يبني مسجدا طاهرا لا يسكنه غيره و غير هرون و ابنيه و انّ اللّه امرني ان ابني مسجدا طاهرا لا يسكنه غيري و غير اخي و ابنيه قالوا اللهمّ نعم قال افتقرّون انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال في غزوة تبوك انت منّي بمنزلة هرون من موسي و انت وليّ كل مؤمن من بعدي قالوا اللّهم نعم قال افتقرّون انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله حين دعا اهل نجران الي المباهلة انّه لم يات الاّ بي و بصاحبتي و ابنيّ قالوا اللهمّ نعم قال ا تعلمون انّه دفع اليّ لواء خيبر ثمّ قال لادفعنّ الرّاية غدا الي رجل يحبّه اللّه و رسوله و يحبّ اللّه و رسوله ليس بحبان و لا فرّار يفتحها اللّه علي يده قالوا اللهمّ نعم قال افتقرّون انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله بعثني ببراءة و قال لا يبلغ عنّي الاّ رجل منّي قالوا اللهمّ نعم قال افتقرّون انّ رسول اللّه

ص: 332

صلّي اللّه عليه و اله و سلّم لم تنزل به شديدة قطّ الاّ قدّمني لها ثقة بي و انّه لم يدع باسمي قطّ الاّ ان يقول يا اخي و ادخلوا الي اخي قالوا اللهمّ نعم قال افتقرّون انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قضي بيني و بين جعفر و زيد في ابنة حمزة فقال يا عليّ امّا انت منّي و انا منك و انت وليّ كلّ مؤمن بعدي قالوا اللّهمّ نعم قال افتقرّون انّه كانت لي من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في كلّ يوم و ليلة دخلة و خلوة اذا سالته اعطاني و اذا سكّت ابتدأني قالوا اللهمّ نعم قال افتقرّون انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فضّلني علي جعفر و حمزة فقال لفاطمة انّي زوّجتك خير اهلي و خير امّتي اقدمهم سلما و اعظمهم حلما و اكثرهم علما قالوا اللهمّ نعم قال افتقرّون انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال انا سيّد ولد ادم و اخي عليّ سيّد العرب و فاطمة سيّدة نساء اهل الجنّة قالوا اللهمّ نعم قال افتقروّن انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم امرني

ص: 333

بغسله و اخبرني انّ جبرائيل يعينني عليه قالوا اللهم نعم قال افتقرّون انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال في اخر خطبة خطبكم ايّها النّاس انّي قد تركت فيكم امرين لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما كتاب اللّه و اهل بيتي قالوا اللهمّ نعم قال فلم يدع شيئا ممّا انزل اللّه فيه خاصّة و في اهل بيته من القرآن و لا علي لسان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم الاّ ناشدهم اللّه به منه ما يقولون جميعا نعم و منه ما يسكت بعضهم و يقول بعضهم اللهمّ نعم و يقول الذين سكتوا أنتم عندنا ثقة حدثنا غيركم ممّن نثق به انّهم سمعوه من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ثم قال حين فرغ اللّهمّ اشهد عليهم قالوا اللهمّ اشهد انّا لم نقل الاّ حقّا و ما قد سمعناه من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و قد حدّثنا من نثق به انهم سمعوه من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال اتقرّون بانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال من زعم انّه يحبّني و يبغض عليّا فقد كذب و ليس يحبّني و وضع يده علي صدري فقال له قائل و كيف ذاك يا

ص: 334

رسول اللّه قال لانّه منّي و انا منه و من احبّه فقد احبّني و من احبّني فقد احبّ اللّه و من ابغضه فقد ابغضني و من ابغضني فقد ابغض اللّه فقال نحو من عشرين رجلا من افاضل الحيّين اللهمّ نعم و سكت بقيّتهم فقال عليّ عليه السّلام للسّكوت ما لكم سكوت قالوا هؤلاء الذين شهدوا عندنا ثقاة في صدقهم و فضلهم و سابقتهم فقال عليّ عليه السّلام اللهمّ اشهد عليهم فقال طلحة بن عبيد اللّه و كان داهية قريش فكيف نصنع بما ادّعي ابو بكر و عمر و اصحابه الذين صدّقوه و شهدوا علي مقالته يوم اتوه بك و في عنقك حبل و صدّقوك بما احتججت ثمّ ادّعي انه سمع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول انّ اللّه اخبرني ان لا يجمع لنا اهل البيت النّبوة و الخلافة فصدّقه بذلك عمر و ابو عبيده و سالم و معاذ بن جبل ثم اقبل طلحة فقال كلّ الذي ذكرت و ادّعيت حقّ و ما احتججت به من السّابقة و الفضل نقرّ به و نعرفه و امّا الخلافة فقد شهد اولئك الخمسة بما سمعت فقال عند ذلك عليّ عليه السّلام و غضب من مقالة طلحة فاخرج شيئا كان يكتمه و فسّر شيئا قد كان قاله يوم مات عمر لم يدر ما عني به و اقبل علي طلحة و الناس يسمعون فقال يا طلحة اما و اللّه ما صحيفة القي اللّه يوم القيمة احبّ اليّ من صحيفة هؤلاء الخمسة الّذين تعاهدوا و تعاقدوا علي الوفاء بها في الكعبة في حجّة الوداع ان قتل اللّه محمّدا او مات ان يتوازروا و يتظاهروا عليّ فلا اصل الي الخلافة و قال عليه السّلام و الدّليل يا طلحة عليّ باطل ما شهدوا عليه قول نبيّ اللّه صلّي اللّه عليه و اله و سلّم يوم غدير خمّ من كنت اولي به من نفسه فعليّ

ص: 335

اولي به من نفسه فكيف اكون اولي بهم من انفسهم و هم امراء عليّ و حكّام و قول رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم انت منّي بمنزلة هرون من موسي غير النّبوّة و لو كان مع النّبوّة غيرها لاستثناه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و قوله انّي تركت فيكم امرين لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما كتاب اللّه و عترتي لا تتقدّموهم و لا تتخلّفوا عنهم و لا تعلّموهم فانّهم اعلم منكم أ فينبغي ان يكون الخليفة علي الامّة الاّ اعلمهم بكتاب اللّه و سنّة نبيّه و قد قال اللّه أ فمن يهدي الي الحقّ احقّ ان يتّبع امّن لا يهدّي الاّ ان يهدي و قال و زاده بسطة في العلم و الجسم و قال او اثارة من علم و قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ما ولّت امّة قطّ امرها رجلا و فيهم اعلم منه الاّ لم يزل امرهم يذهب سفالا حتّي يرجعوا الي ما تركوا يعني الولاية فهي غير الامارة علي الامّة و الدّليل علي كذبهم و باطلهم و فجورهم انّهم سلّموا عليّ بامرة المؤمنين بامر رسول اللّه

ص: 336

صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و هي الحجّة عليهم و عليك خاصّة و علي هذا الّذي معك يعني الزّبير و علي الامّة راسا و علي سعد و ابن عوف و خليفتكم هذا القائم يعني عثمان و انّا معشر الشّوري احياء كلّنا فلم جعلني عمر في الشّوري ان كان قد صدّق هو و اصحابه علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم اجعلنا في الشّوري في الخلافة ام في غيرها فان زعمتم انّه جعلها شوري في غير الامارة فليس لعثمان امارة و لا بدّ من ان نتشاور في غيرها و لانّه امرنا ان نتشاور في غيرها و ان كانت الشوري فيها فلم ادخلني فيهم فهلاّ اخرجني و قد قال انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله اخرج اهل بيته من الخلافة فاخبر انّه ليس لهم فيها نصيب و لم قال عمر حين دعانا رجلا رجلا لابنه عبد اللّه و ها هو ذا انشدك باللّه ما قال لك حين خرجنا فقال عبد اللّه امّا اذا ناشدتني فانّه قال ان بايعوا اصلع بني هاشم حملهم علي المحجّة البيضاء و اقامهم علي كتاب ربّهم و سنة نبيّهم

ص: 337

ثم قال عليه السّلام يابن عمر فما قلت انت عند ذلك قال قلت له ما يمنعك ان تستخلفه قال عليه السّلام فما ردّ عليك قال ردّ عليّ شيئا اكتمه قال عليّ عليه السّلام ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم اخبرني بكلّ ما قال لك و قلت له قال و متي اخبرك قال عليه السّلام اخبرني في حياته ثم اخبرني به ليلة مات ابوك في منامي و من راي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في المنام فقد رءاه في اليقظة قال فما اخبرك قال عليه السّلام انشدك اللّه يا بن عمر لئن حدّثتك به لتصدقنّ قال او اسكت قال عليه السّلام فانّه قال لك حين قلت له فما يمنعك ان تستخلفه قال الصحيفة التي كتبناها بيننا و العهد في الكعبة في حجّة الوداع فسكت ابن عمر و قال أسألك بحق رسول اللّه لما امسكت عنّي(قال ابان عن سليم)فرايت ابن عمر في ذلك المجلس و قد خنقته العبرة و عيناه تسيلان ثم اقبل عليّ عليه السّلام علي طلحة و الزّبير و ابن عوف و سعد و قال و اللّه ان كان اولئك الخمسة كذبوا علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فما يحلّ لكم ولايتهم و ان كان صدقوا ما حلّ لكم ايّها الخمسة ان تدخلوني معكم في الشّوري لانّ ادخالكم ايّاي فيه خلاف علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و رغبة عنه ثمّ اقبل علي النّاس فقال اخبروني عن منزلتي فيكم و ما تعرفوني به اصدوق انا عندكم ام كذّاب فقالوا بل صدّيق صدوق لا و اللّه ما علمناك كذبت في جاهليّة و لا اسلام قال عليه السّلام فو الّذي اكرمنا اهل البيت بالنّبوّة فجعل منّا محمّدا و اكرمنا بعده ان جعل فينا ائمّة المؤمنين لا يبلّغ عنه

ص: 338

غيرنا و لا تصلح الامامة و الخلافة الاّ فينا و لم يجعل اللّه لاحد من النّاس فيها نصيبا و لا حقّا امّا رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فخاتم النّبيّين ليس بعده رسول و لا نبيّ ختم الانبياء برسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم الي يوم القيمة و ختم بالقرآن الكتب الي يوم القيمة و جعلنا من بعد محمّد خلفاء في ارضه و شهداء علي خلقه فرض طاعتنا في كتابه و قرننا بنفسه و نبيّه في الطّاعة في غير اية من القرآن و اللّه جعل محمّدا نبيّا و جعلنا خلفاء من بعده في خلقه و شهداء علي خلقه و فرض طاعتنا في كتابه المنزل ثمّ امر اللّه جلّ و عزّ نبيّه ان يبلّغ ذلك امّته فبلّغهم كما امره فايّهما احقّ بمجلس رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و بمكانه و قد سمعتم رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم حين بعثني ببراءة فقال لا يصلح ان يبلّغ عنّي الاّ انا او رجل منّي فلم يصلح لصاحبكم ان يبلّغ عنه صحيفة قدر اربع اصابع و لم يصلح ان يكون المبلّغ لها غيري

ص: 339

فايّهما احقّ بمجلسه و مكانه الّذي يسمّي خاصّة من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال طلحة قد سمعنا ذلك من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال طلحة قد سمعنا ذلك من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله و سلّم ففسّر لنا كيف لا يصلح لاحد ان يبلغ عن رسول اللّه و قد قال لنا و لسائر الناس ليبلغ الشاهد الغائب و قال بعرفة حين حجّ حجة الوداع رحم اللّه من سمع مقالتي فوعاها ثمّ ابلغها غيره فربّ حامل فقه و لا فقه له و ربّ حامل فقه الي من هو افقه منه ثلاثة لا يغل عليهنّ قلب امريء مسلم اخلاص العمل للّه و السّمع و لاطاعة و المناصحة لولاة الامر و لزوم جماعتهم فان دعوتهم محيطة من ورائهم و قام في غير موطن فقال ليبلغ الشاهد الغائب فقال عليه السّلام انّ الّذي قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يوم غدير خمّ و يوم عرفة في حجّة الوداع و يوم قبض في اخر خطبة خطبها حين قال انّي قد تركت فيكم امرين لن تضلّوا ما ان تمسّكتم بهما كتاب اللّه و اهل بيتي فانّ اللّطيف الخبير عهد اليّ انّهما لن يفترقا حتّي يردا عليّ الحوض كهاتين الاصبعين فانّ احداهما قدّام الاخري فتمسّكوا بهما لا تضلّوا و لا تزلّوا و لا تقدّموهم و لا تختلفوا عنهم و لا تعلّموهم فانّهم اعلم منكم و انّما امر العامّة ان يبلّغوا من لقوا من العامّة بايجاب طاعة الائمّة من ال محمّد و ايجاب حقّهم و لم يقل ذلك في شيء من الاشياء غير ذلك و انّما امر العامّة ان يبلّغوا العامّة بحجّة

ص: 340

من لا يبلّغ عن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم جميع ما بعثه اللّه به غيرهم الا تري يا طلحة انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال لي و أنتم تسمعون يا اخي انّه لا يقضي عنّي ديني و لا يبريء ذمّتي غيرك انت تبريء ذمّتي و تقاتل علي سنّتي فلمّا ولّي ابو بكر ما قضي عن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم دينه و عداته فبايعتموه جميعا فقضيت دينه و عداته و اخبرهم انّه لا يقضي عنه دينه و عداته غيري و لم يكن ما اعطاهم ابو بكر قضاء لدينه و عداته و انّما كان قضي دينه و عداته هو الّذي ابرء دينه و قضي امانته و انّما يبلّغ عن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم جميع ما جاء عن اللّه عزّ و جلّ الائمّة الّذين فرض اللّه طاعتهم في كتابه و امر بولايتهم الّذين من اطاعهم اطاع اللّه و من عصاهم عصي اللّه قال طلحة فرّجت عنّي ما كنت ادري ما عني رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بذلك حتّي فسّرته لي فجزاك اللّه يا ابا الحسن عن جميع الامّة يا ابا الحسن شيء اريد ان أسألك عنه رأيتك خرجت بثوب مختوم فقلت ايّها النّاس انّي لم ازل مشغولا

ص: 341

برسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بغسله و تكفينه و دفنه ثم شغلت بكتاب اللّه حتّي جمعته لم يسقط منه حرف فلم ار ذلك الذي كتبت و الّفت و رايت عمر بعث اليك حين استخلف ان ابعث به اليّ فابيت ان تفعل فدعا عمر النّاس فاذا شهد رجلان علي اية قرآن كتبها و ما لم يشهد عليه غير رجل واحد رماه و لم يكتبه و قد قال عمر و انا اسمع قد قتل يوم اليمامة رجال كانوا يقرءون قرآنا لا يقرئه غيره فقد ذهب و قد جاءت شاة الي صحيفة و كتّاب عمر يكتبون فاكلتها و ذهب ما فيها و الكاتب يومئذ عثمان فما تقولون و سمعت عمر يقول و اصحابه الذين الّفوا و كتبوا علي عهد عمرو علي عهد عثمان انّ الاحزاب تعدل سورة البقرة و النور ستون و مأئة اية و الحجرات ستّون اية(و الحجر تسعون و مأئة اية)فما هذا و ما يمنعك يرحمك اللّه ان تخرج ما الفت للنّاس و قد شهدت عثمان حين اخذ ما الّف عمر فجمع له الكتاب و حمل النّاس علي قراءة واحدة و فرّق مصحف ابيّ بن كعب و ابن مسعود و احرقهما بالنّار فما هذا فقال امير المؤمنين عليه السّلام يا طلحة انّ كلّ اية انزلها اللّه علي محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عندي باملاء رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و كلّ حلال و حرام او حدّ او حكم او شيء تحتاج اليه الامّة الي يوم القيمة عندي مكتوب باملاء رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و خطّ يدي حتّي ارش الخدش قال طلحة كلّ شيء من صغير او كبير او خاص او عام كان او يكون الي يوم القيمة فهو مكتوب عندك قال نعم و سوي ذلك انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم اسرّ اليّ في مرضه مفتاح الف باب من العلم يفتح كلّ باب الف باب و لو انّ الامّة منذ قبض رسول اللّه صلّي اللّه

ص: 342

عليه و آله اتّبعوني و اطاعوني لاكلوا من فوقهم و من تحت ارجلهم يا طلحة الست قد شهدت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم حين دعا بالكتف ليكتب فيها ما لا تضلّ الامّة و تختلف فقال صاحبك ما قال انّ نبيّ اللّه يهجر فغضب رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال بلي قال فانّكم لمّا خرجتم اخبرني بالّذي اراد ان يكتب فيها و يشدّ عليها العامّة فاخبره جبرائيل انّ اللّه عزّ و جلّ قد علم من الامّة الاختلاف و الفرقة ثمّ دعا بصحيفة فاملي عليّ ما اراد ان يكتب في الكتف و اشهد علي ذلك ثلاثة رهط سلمان و ابا ذر و المقداد و سمّي من يكون من ائمّة الهدي الّذين امر اللّه بطاعتهم الي يوم القيمة فسمّاني اوّلهم ثمّ ابني الحسن ثمّ الحسين ثمّ تسعة من ولدا بني هذا يعني الحسين كذلك كان يا ابا ذر و انت يا مقداد قالا نشهد بذلك علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فقال طلحة و اللّه لقد سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول لابي ذر ما اظلّت الخضراء و لا اقلّت الغبراء علي ذي لهجة اصدق من ابي ذرّ و لا ابرّ و انا

ص: 343

اشهد انّهما لم يشهدا الاّ بحق و لانت اصدق عندي منهما ثم اقبل عليه السّلام الي طلحة فقال اتّق اللّه و انت يا زبير و انت يا سعد و انت يابن عوف اتّقوا اللّه و اثروا رضاه و اختاروا ما عنده و لا تخافوا في اللّه لومة لائم قال طلحة ما اراك يا ابا الحسن اجبتني عمّا سألتك عنه من القرآن لا تظهره للناس قال يا طلحة عمدا كففت عن جوابك قال فاخبرني عمّا كتب عمر و عثمان اقرآن كلّه ام فيه ما ليس بقرآن قال يا طلحة بل قرآن كلّه قال ان اخذتم بما فيه نجوتم من النّار و دخلتم الجنّة فانّ فيه حجّتنا و بيان حقّنا و فرض طاعتنا فقال طلحة حسبي اما اذ هو قرآن فحسبي ثم قال طلحة فاخبرني عمّا في يدك من القرآن و تاويله و علم الحلال و الحرام الي من تدفعه و من صاحبه بعدك قال الي الّذي امرني رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ان ادفعه اليه قال من هو قال وصيّي و اولي النّاس بالنّاس بعدي ابني هذا الحسن ثمّ يدفعه ابني الحسن عند موته الي ابني هذا الحسين ثمّ يصير الي واحد بعد واحد من ولد الحسين حتّي يرد اخرهم علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم حوضه هم مع القرآن و القرآن

ص: 344

معهم لا يفارقونه و لا يفارقهم امّا انّ معاوية و ابنه سيليان بعد عثمان ثمّ يليها سبعة من ولد الحكم بن ابي العاص واحدا بعد واحد تكملة اثني عشر امام ضلالة و هم الّذين رأي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم علي منبره يردّون امّته علي ادبارهم القهقري عشرة منهم من بني اميّة و رجلان اسّسا ذلك لهم و عليهما مثل اوزار هذه الامّة فقالوا يرحمك اللّه يا ابا الحسن و جزاك اللّه افضل الجزاء عنّا

98 و من كلامه عليه السّلام

كتاب المحتضر ص 85(بالضّاد المعجمة)للشيخ الجليل حسن بن سليمان الحلّي ره تلميذ شيخنا الشهيد الاول من علماء اوائل القرن التاسع الهجري روي عن الشيخ الجليل محمد بن الحسن الطوسي في الامالي مرفوعا الي يعقوب بن شعيب عن صالح بن ميثم التّمار قال وجدت في كتاب ميثم يقول فيه امسينا ليلة عند امير المؤمنين عليه السّلام فقال لنا ليس من عبد امتحن اللّه قلبه للأيمان ان الاّ اصبح يجد مودّتنا علي قلبه و ما اصبح عبد ممّن سخط اللّه عليه الاّ يجد بغضنا علي قلبه فاصبحنا نفرح بحبّ المحبّ لنا و نعرف بغض المبغض لنا و اصبح محبّنا مغتبطا بحبّنا برحمة اللّه ينتظرها كلّ يوم و اصبح مبغضنا يؤسّس بنيانه علي شفا جرف هار فكان ذلك الشّفا قد انهار به في نار

ص: 345

جهنّم و كان ابواب الرّحمة قد انفتحت لاهل الرّحمة فهنيئا لاصحاب الرّحمة برحمتهم و تعسا لاهل النّار بمثواهم انّ عبدا لن يقصّر في حبّنا لخير جعله اللّه في قلبه و لن يحبّنا من يحبّ مبغضنا فانّ ذلك لا يجتمع في قلب واحد و ما جعل اللّه لرجل من قلبين في جوفه يحبّ بهذا قوما و يحبّ بالاخر عدوّهم و الّذي يحبّنا فهو يخلّص حبّنا كما يخلّص الذّهب لا غشّ فيه نحن النّجباء و فرطنا فرط الانبياء و انّا وصيّ الانبياء و انّا حزب اللّه و رسوله و الفئة الباغية حزب الشّيطان فمن احبّ ان يعلم حاله في حبّنا فليمتحن قلبه فان وجد فيه شيئا من بغضنا فليعلم انّ اللّه عدوّه و جبريل و ميكال و اللّه عدوّ للكافرين بحول الله و قوته و حسن توفيقه و هدايته و منّه و عنايته قد فرغت من تسويد هذا الجزء الاول من كتابي مصباح البلاغة في مشكوة الصّياغة حاو لشطر من خطب باب مدينة علم رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و كلماته و حكمه التي كانت متشتتة في طي كتب الفريقين من الموالفين و المخالفين فصار بحمد اللّه تعالي مصباحا لمن استصبح به و استضاء بنوره و كان فراغي من تسويده و تاليفه طليعة فجر يوم الخميس الثاني عشر من شهر ربيع الثاني من شهور سنة سبع و ثمانين و ثلاثماة بعد الالف من الهجرة المقدسة النبويّة علي مهاجرها الاف الصلوات و التحيات و انا المفتقر الي غفران ربّه و المعتصم بحبل ولاية اوليائه الاثني عشر حسن بن علي الميرجهاني الطباطبائي الجرقوئي

ص: 346

فهرس المطالب و الموضوعات

صورة

ص: 347

صورة

ص: 348

صورة

ص: 349

صورة

ص: 350

فهرس فواتح خطبه و كلماته

صورة

ص: 351

صورة

ص: 352

صورة

ص: 353

صورة

ص: 354

صورة

ص: 355

ص: 356

الجزء الثّاني

اشارة

ص: 357

مقدمة المؤلف

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم و به نستعين الحمد لولي الحمد و مبتدعه الّذي خصّ بالحمد نفسه و امر به ملائكته و جعله فاتحة كتابه و منتهي شكره و الصّلوة علي سيّد رسله و امين وحيه و مبلغ رسالاته محمد و اله و عترته الذين جاهدوا في سبيله حتي مضوا الي رضوانه و لعنة اللّه علي اعدائهم الي يوم لقائه امّا بعد فيقول العبد الفاني حسن الميرجهاني الطباطبائي ابن علي بن القاسم المحمد ابادي الجرقوئي الاصفهاني عفي الله عن جرائمه هذا هو الجزء الثاني من كتابي مصباح البلاغة في مشكوة الصّياغة المحتوي للخطب المباركة العلوية و الكلمات العاليات المرتضويه صلوات اللّه و سلامه عليّه ممّا روته العامة و الخاصّة و لم يجمعها الرضي رضي اللّه عنه في نهج البلاغة او قطّعها فيه و لم يورد تمامها او اوردها لكن فيها اختلاف مع النشحة التي انا ناقلها و لعل اللّه ان يجعله ذخيرة ليوم فقري و فاقتي و ما توفيقي الا بالله عليه توكلت و اليه انيب

تتمة باب خطبه عليه السّلام و كلماته ممّا يجري مجراها

99 و من خطبه عليه السّلام

نقلها في كتاب زهر الاداب و ثمر الالباب لابي اسحق ابراهيم بن عليّ المعروف بالحصريّ القيرواني المالكي و قد طبع هذا الكتاب في هامش كتاب امام الفاضل الوحيد شهاب الدين احمد المعروف بابن عبد ربّه الاندلسي المالكي الموسوم بعقد الفريد المطبوع بمصر نقلتها من الجزء الثاني منه ص 103 قال قال علي بن ابي طالب رضي اللّه عنه اعجب ما في الانسان قلبه و له موادّ من الحكمة و اضداد من خلافها فان سنح له الرّجاء اذلّه الطّمع و ان هاجه الطّمع اهلكه الحرص و ان ملكه الياس قتله الاسف و ان عرض له الغضب اشتدّ به الغيظ و ان اسعد بالرّضا نسي التّحفّظ و ان اتاه الخوف شغله الحذر

ص: 358

و ان اتّسع له الا من استلبته الغرّة و ان اصابته مصيبته فضحه الجزع و ان استفاد ما لا اطغاه الغني و ان عضّته فاقة بلغ به البلا و ان جهد به الجوع قعد به الضّعف و ان افرط في الشّبع كظّته البطنة فكلّ تقصير به مضرّ و كلّ افراط له قاتل

100 و من خطبه عليه السّلام

العقد الفريد لابن عبد ربه المالكي المطبوع بمصر الجزو الثاني ص 163 قال و خطبة له ايضا الحمد للّه الّذي استخلص الحمد لنفسه و استوجبه علي جميع خلقه الّذي ناصيته كلّ شيء بيده و مصير كلّ شيء اليه القويّ في سلطانه اللّطيف في جبروته لا مانع لما اعطي و لا معطي لما منع خالق الخلائق بقدرته و مسخّرهم بمشيّته و فيّ العهد صادق الوعد شديد العقاب جزيل الثّواب احمده و استعينه علي ما انعم به ممّا لا يعرف كنهه غيره و اتوكّل عليه توكّل المستسلم لقدرته المتبرّي من الحول و القوّة اليه و اشهد شهادة لا يشوبها شكّ انّه لا اله الاّ هو وحده لا شريك له الها

ص: 359

واحدا صمدا لم يتّخذ صاحبة و لا ولدا و لم يكن له شريك في الملك و لم يكن له وليّ من الذّل و كبّره تكبيرا و هو علي كلّ شيء قدير قطع ادّعاء المدّعي بقوله عزّ و جلّ و ما خلقت الجنّ و الانس الاّ ليعبدون و اشهد انّ محمّدا صلّي اللّه عليه (و آله)و سلّم صفوته من خلقه و امينه علي وحيه ارسله بالمعروف امرا و عن المنكر ناهيا و الي الحقّ داعيا علي حين فترة من الرّسل و ضلالة من النّاس و اختلاف من الامور و تنازع من الالسن حتّي تمّم به الوحي و انذر به اهل الارض اوصيكم عباد اللّه بتقوي اللّه فانّها العصمة من كلّ ضلال و السّبيل الي كلّ نجاة فكانّكم بالجثث قد زايلتها ارواحها و تضمّنتها اجداثها فلن يستقبل معمّر منكم يوما من عمره الاّ بانتقاص اخر من اجله و انّما دنياكم كفيء الظّل او زاد الرّاكب و احذّركم دعاء العزيز الجبّار عبده يوم تعفي اثاره و توحش منه دياره

ص: 360

و يؤتم صغاره ثمّ يصير الي حفير الارض متعفّرا علي خدّه غير موسّد و لا ممهّد اسأل الّذي وعدنا علي طاعته جنّته ان يقينا سخطه و يجنّبنا نقمته و يهب لنا رحمته انّ ابلغ الحديث كتاب اللّه

101 و من خطبه عليه السّلام

العقد الفريد للمالكي ايضا ص 169 قال و خطب ايضا فقال(عليه السّلام) ايّها النّاس احفظوا عنّي خمسا فلو شددتم اليها المطايا حتّي تنضوها لم تظفروا بمثلها الا لا يرجونّ احدكم الاّ ربّه و لا يخافنّ الاّ ذنبه و لا يستحيي احدكم اذا لم يعلم ان يتعلّم فاذا سئل عمّا لا يعلم ان يقول لا اعلم الا و انّ الخامسة الصّبر فانّ الصّبر من الايمان بمنزلة الرّأس من الجسد من لا صبر له لا ايمان له و من لا رأس له لا حيوة له و لا خير في قراءة الاّ بتدبير و لا في عبادة الاّ بتفكير و لا في حلم الاّ بعلم الا انبّئكم بالعالم كلّ العالم من لم يزيّن لعباد اللّه معاصي اللّه و لم يؤمنهم مكره و لم يؤيسهم من روحه و لا تنزّلوا المطيعين الجنّة و لا المذنبين الموحّدين النّار

ص: 361

حتّي يقضي اللّه فيهم امره لا تامنوا علي خير هذه الامّة عذاب اللّه فانّه يقول فلا يامن مكر اللّه الاّ القوم الخاسرون و لا تقنطوا شرّ هذه الامّة من رحمة اللّه فانّه لا ييئس من روح اللّه الاّ القوم الكافرون

102 و من خطبه عليه السّلام

قال ابن ابي الحديد في شرح النهج(المطبوع في طهران ص 361 في الجزء السابع منه ناقلا عن شيخه ابي جعفر الاسكافي انه قال لمّا اجتمعت الصّحابة في مسجد رسول اللّه بعد قتل عثمان للنظر في امر الامامة اشار ابو الهيثم بن التيهان و رفاعة بن رافع و مالك بن العجلان و ابو ايّوب الانصاري و عمّار بن ياسر بعليّ عليه السّلام و ذكروا فضله و سابقته و جهاده و قرابته فاجابهم النّاس اليهم فقام كلّ واحد منهم خطيبا يذكر فضل عليّ عليه السّلام فمنهم من فضّله علي اهل عصره خاصّة و منهم من فضّله علي المسلمين كلهم كافة ثم بويع و صعد المنير في اليوم الثاني من يوم البيعة و هو يوم السبت لاحدي عشر ليلة بقين من ذي الحجة فحمد اللّه و اثني عليه و ذكر محمّدا صلّي اللّه عليه و اله فصلّي عليه ثم ذكر نعمة اللّه علي اهل الاسلام ثم ذكر الدّنيا و زهّدهم فيها و ذكر الاخرة فرغّبهم اليها ثم قال امّا بعد فانّه لمّا قبض رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم استخلف النّاس ابو بكر ثمّ استخلف ابو بكر عمر فعمل بطريقه ثمّ جعلها شوري بين ستّة فافضي الامر منهم الي عثمان فعمل ما انكرتم و عرفتم ثمّ حصر و قتل ثمّ جئتموني فطلبتم اليّ و انّما انا رجل

ص: 362

منكم لي ما لكم و عليّ ما عليكم و قد فتح اللّه الباب بينكم و بين اهل القبلة و اقبلت الفتن كقطع اللّيل المظلم و لا يحمل هذا الامر الاّ اهل الصّبر و النّصر و العلم بمواقع الامر و انّي حاملكم علي منهج نبيّكم صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و منفذ فيكم ما امرت به ان استقمتم لي و اللّه المستعان الاّ انّ موضعي من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بعد وفاته كموضعي منه ايّام حياته فامضوا لما تؤمرون وقفوا عند ما تنهون عنه و لا تعجلوا في امر حتّي نبيّنه لكم فانّ لنا عن كلّ امر تنكرونه عذرا الا و انّ اللّه عالم من فوق سماءه و عرشه انّي كنت كارها للولاية علي امّة محمّد حتّي اجتمع رأيكم علي ذلك لانّي سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول ايّما وال وليّ الامر من بعدي اقيم علي حدّ السّراط و نشرت الملائكة صحيفته فان كان عادلا انجاه اللّه بعدله و ان كان جائرا انتقض به السّراط تتزايل مفاصله ثمّ يهوي الي النّار فيكون

ص: 363

اوّل ما يتقيئّها به انفه و حرّ وجهه و لكنّي لمّا اجتمع رأيكم لم يسعني ترككم ثمّ التفت عليه السّلام يمينا و شمالا فقال الا لا يقولنّ رجال منكم غدا قد غمرتهم الدّنيا فاتّخذوا العقار و فجّروا الانهار و ركبوا الخيول الفارهة و اتّخذوا الوصائف الرّوقة فصار ذلك عليهم عارا و شنارا اذا ما منعتهم ما كانوا يخوضون فيه و اصرّتهم الي حقوقهم الّتي يعلمون فينقمون ذلك و يستنكرون و يقولون حرمّنا ابن ابي طالب حقوقنا الا و ايّما رجل من المهاجرين و الانصار من اصحاب رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يري انّ الفضل له علي من سواه لصحبته فانّ الفضل النّيّر غدا عند اللّه و ثوابه و اجره علي اللّه و ايّما رجل استجاب للّه و للرّسول فصدّق ملّتنا و دخل في ديننا و استقبل قبلتنا فقد استوجب حقوق الاسلام و حدوده فانتم عباد اللّه و المال مال اللّه يقسم بينكم بالسّويّة لا فضل

ص: 364

فيه لاحد علي احد و للمتّقين عند اللّه غدا احسن الجزاء و افضل الثّواب لم يجعل اللّه الدّنيا للمتّقين اجرا و لا ثوابا و ما عند اللّه خير للأبرار و اذا كان غدا ان شاء اللّه فاغدوا علينا فانّ عندنا ما لا نقسمه فيكم و لا يتخلّفنّ احد منكم عربيّ و لا عجميّ كان من اهل العطاء او لم يكن اذا كان مسلما حرّا اقول قولي هذا و استغفر اللّه لي و لكم ثمّ نزل

103 و من خطبه عليه السّلام

نقلها ابن ابي الحديد في شرح النهج(ص 361)عن شيخه الاسكافي لمّا اظهروا الطلب بدم عثمان قال فخرج عليّ عليه السّلام فدخل المسجد و صعد المنبر مرتديا بطاق مؤتزرا ببرد قطريّ متقلّدا سيفا متوكّيا علي قوس فقال عليه السّلام امّا بعد فانّا نحمد اللّه ربّنا و الهنا و وليّنا و وليّ النّعم علينا الّذي اصبحت نعمه علينا ظاهرة و باطنة امتنا نامنه بغير حول منّا و لا قوّة ليبلونا انشكر ام نكفر فمن شكر زاده و من كفر عذّبه فافضل النّاس عند اللّه منزلة و اقربهم من اللّه وسيلة اطوعهم لامره و اعملهم بطاعته و اتبعهم لسنّة رسوله و احياهم لكتابه

ص: 365

ليس لاحد عندنا فضل الاّ بطاعة اللّه و طاعة الرّسول هذا كتاب اللّه بين اظهرنا و عهد رسول اللّه و سيرته فينا لا يجهل ذلك الاّ جاهل عاند عن الحقّ منكر قال اللّه تعالي يا ايّها النّاس انّا خلقناكم من ذكر و انثي و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا انّ اكرمكم عند اللّه اتقكم ثمّ صاح باعلي صوته اطيعوا اللّه و اطيعوا الرّسول فان تولّيتم فانّ اللّه لا يحبّ الكافرين ثمّ قال يا معشر المهاجرين و الانصار اتمنّون علي اللّه و رسوله باسلامكم بل اللّه يمنّ عليكم ان هداكم للايمان ان كنتم صادقين ثمّ قال انا ابو الحسن و كان يقولها اذا غضب ثمّ قال الا انّ هذه الدّنيا الّتي اصبحتم تتمنّونها و ترغبون فيها و اصبحت تغضبكم و ترضيكم ليست بداركم و لا منزلكم الّذي خلقتم له فلا تغرّنّكم فقد حذّرتموها و استتمّوا نعم اللّه عليكم بالصّبر لانفسكم علي طاعة اللّه و الذّلّ لحكمه جلّ ثناءه فامّا هذا الفيء فليس لاحد علي احد فيه اثرة و قد فرغ اللّه

ص: 366

من قسمته فهو مال اللّه و أنتم عباد اللّه المسلمون و هذا كتاب اللّه به اقررنا و له اسلمنا و عهد نبيّنا بين اظهرنا فمن لم يرض به فليتولّ كيف شاء فانّ العامل بطاعة اللّه و الحاكم بحكم اللّه لا وحشة عليه ثم نزل

104 و من خطبه عليه السّلام

شرح النهج لكمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني المتوفي في سنه 679 ه الجزء الاول و هو المطبوع في طهران في المطبعة الحيدرية من منشورات مؤسّسة النّصر في شرح الخطبة الخامس عشر من النهج قال اقول في هذا الفصل فصول من الخطبة التي اشرنا اليها في الكلام الذي قبله و كذلك في الفصل الذي بعده و نحن نوردها بتمامها ليتضح ذلك و هي الحمد للّه احقّ محمود بالحمد و اولاه بالمجد الها واحدا صمدا اقام اركان العرش فاشرق لضوء شعاع الشّمس خلق فاتقن و اقام فذلّت له وطاة المستمكن و اشهد ان لا اله الاّ اللّه وحده لا شريك له و اشهد انّ محمّدا عبده و رسوله ارسله بالنّور السّاطع و الضّياء المنير اكرم خلق اللّه حسبا و اشرفهم نسبا لم يتعلّق عليه مسلم و لا معاهد بمظلمة بل كان يظلم امّا بعد فانّ اوّل من بغي علي الارض عناق ابنة ادم كان مجلسها من الارض جريبا

ص: 367

و كان لها عشرون اصبعا و كان لها ظفران كالمنجلين فسلّط اللّه عليها اسدا كالفيل و ذئبا كالبعير و نسرا كالحمار و كان ذلك في الخلق الاوّل فقتلها و قد قتل اللّه الجبابرة علي احسن احوالهم و انّ اللّه اهلك فرعون و هامان و قتل قارون بذنوبهم الا و انّ بليّتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث اللّه نبيّكم و الّذي بعثه بالحقّ لتبلبلنّ بلبلة و لتغربلنّ غربلة حتّي يعود اسفلكم اعلاكم و اعلاكم اسفلكم و ليسبقنّ سابقون كانوا قصّروا و ليقصّرنّ سابقون كانوا سبقوا و اللّه ما كتمت و شمة و لا كذبت كذبة و لقد نبئّت بهذا اليوم و هذا المقام الا و انّ الخطايا خيل شمس حمل عليها اهلها و خلعت لجمها فقحمت في النّار فهم فيها كالحون الا و انّ التّقوي مطايا ذلل حمل عليها اهلها فسارت بهم تاوّدا حتّي اذا جاءوا ظلاّ ظليلا فتحت ابوابها و قال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم

ص: 368

فادخلوها خالدين الا و قد سبقني الي هذا الامر من لم اشركه فيه و من ليست له منه توبة الاّ بنبيّ مبعوث و لا نبيّ بعد محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّّم اشفي منه علي شفا جرف هار فانهار به في نار جهنّم ايّها النّاس كتاب اللّه و سنّة نبيّه لا يرعي مرع الاّ علي نفسه شغل من الجنّة و النّار امامه ساع نجا و طالب يرجو و مقصّر في النّار و لكلّ اهل و لعمري لئن امر الباطل لقديما فعل و ان قلّ الحقّ لربّما و لعلّ و قلّ ما ادبر شيء فاقبل و لئن ردّ امركم عليكم انّكم السّعداء و ما علينا الاّ الجهد قد كانت امور مضت ملتم فيها ميلة كنتم عندي فيها غير محموديّ الرّاي و لو اشاء ان اقول لقلت عفي اللّه عمّا سلف سبق الرّجلان و قام الثّالث كالغراب همّه بطنه ويله لو قصّ جناحاه و قطع راسه كان خيرا له شغل من الجنّة و النّار امامه ساع مجتهد و طالب يرجو و مقصّر

ص: 369

في النّار ثلاثة و اثنان خمسة و ليس فيهم سادس ملك طائر بجناحيه و نبيّ اخذ بضبعيه هلك من ادّعي و خاب من افتري اليمين و الشّمال مضلّة و وسط الطّريق المنهج عليه باق الكتاب و اثار النّبوّة الا و انّ اللّه قد جعل ادب ادب هذه الامّة السّوط و السّيف ليس عند امام فيهما هوادة فاستتروا بيوتكم و اصلحوا ذات بينكم و التّوبة من ورائكم من ابدء صفحته للحقّ هلك الا و انّ كلّ قطيعة اقطعها عثمان و ما اخذه من بيت مال المسلمين فهو مردود عليهم في بيت مالهم و لو وجدته قد تزوّج به النّساء و فرّق في البلدان فانّه ان لم يسعه الحقّ فالباطل اضيق عنه اقول قولي هذا و استغفر اللّه لي و لكم

105 و من كلامه عليه السّلام

في كتاب مجمع الزّوائد و منبع الفوائد للحافظ نور الدين عليّ بن ابي بكر الهيثمي المتوفي سنة 807 الهجريّة بتحرير الحافظين الجليلين العراقي و ابن حجر المطبوع في المكتبة القدسي في مصر سنة 1353 الهجريّة القمرية

ص: 370

نقله في الجزء التاسع منه ص 139 قال و عن عوانة بن الحكم قال لمّا ضرب عبد الرحمن بن ملجم عليّا و حمل الي منزله اتاه العواد فحمد اللّه و اثني عليه و صلّي علي النّبيّ صلّي اللّه عليه(و آله) و سلّم ثم قال كلّ امريء ملاق ما يفرّ منه و الاجل مساق النّفس و الهرب من افاته كم اطردت الايّام ابحثها عن مكنون هذا الامر فابي اللّه عزّ و جلّ الاّ خفاءه هيهات علم مخزون امّا وصيّتي ايّاكم فاللّه عزّ و جلّ لا تشركوا به شيئا و محمّد صلّي اللّه عليه(و اله)و سلّم لا تضيّعوا سنّته اقيموا هذين العمودين و خلاكم ذمّ ما شرّدوا و احمل كلّ امرء مجهوده و خفّف عن الجهلة بربّ رحيم و دين قويم و امام عليم كنّا في رياح و ذري اعصار و تحت ظلّ غمامة اضمحلّ مركدها فيخطّها عار جاوركم بدني ايّاما تباعا ثمّ هواء فستعقبون من بعده جثّة خواء ساكنة بعد حركة كاظمة بعد نطوق انّه ابلغ للمعتبرين من نطق البليغ و داعيكم داع مرصد للتّلاق غدا ترون ايّامي و تكشف عن سرائري ان يحابيني اللّه عزّ و جلّ الاّ ان اتزلّفه بتقوي فيغفر عن فرط

ص: 371

موعود عليكم السّلام يوم اللّزام ان ابق فانا وليّ دمي و ان افني فالفناء ميعادي العفو لي فدية و لكم حسنة فاعفوا عفا اللّه عنّا و عنكم الا تحبّون ان يغفر اللّه لكم و اللّه غفور رحيم ثمّ قال عشّ ما بدا لك قصرك الموت لا مرحل عنه و لا فوت

ساغني بيت و بهجته زال الغني و تقوّض البيت

يا ليت شعري ما يراد بنا و لعلّ ما تجدي لنا ليت

اقول و قد ذكر الرضي رضي اللّه عنه هذه الخطبة في نهج البلاغة باختلاف و زيادة و نقصان رأيت نقلها هنا ليكون الناظر فيها علي بصيرة

106 و من كلامه عليه السّلام

زهر الاداب و ثمر الالباب لابي اسحق ابراهيم بن عليّ المعروف بالحصرميّ القيرواني المالكي في اهامش الجزء الاول من كتاب عقد الفريد في ص 36 المطبوع بمصر قال قال علي بن ابي طالب رض لا تكن ممّن يرجو الاخرة بغير عمل و يؤخّر التّوبة لطول الامل و يقول في الدّنيا بقول الزّاهدين و يعمل فيها بعمل الرّاغبين ان اعطي منها لم يشبع و ان منع لم يقنع يعجز عن شكر ما اوتي و يبتغي الزّيادة فيما بقي ينهي و لا ينتهي و يأمر بما لا يأتي يحبّ الصّالحين و لا يعمل باعمالهم و يبغض المسيئين و هو منهم

ص: 372

يكره الموت لكثرة ذنوبه و يقيم علي ما يكره الموت له ان سقم ظلّ نادما و ان صحّ امن لاهيا يعجب بنفسه اذاعوني و يقنط اذا ابتلي تغلبه نفسه و لا يغلبها علي ما يستيقن و لا يثق بالرّزق بما ضمن له و لا يعمل من العمل بما فرض عليه ان استغني بطرو فتن و ان افتقر قنط و حزن فهو من الذّنب و النّعمة موقر يبتغي الزّيادة و لا يشكر و يتكلّف من النّاس ما لم يؤمر و يضيع من نفسه ما هو اكثر و يبالغ اذا سئل و يقصّر اذا عمل يخشي الموت و لا يبادر الفوت يستكثر من معصية غيره ما يستقلّه من نفسه و يستكثر من طاعته ما يستقلّه من غيره فهو علي النّاس طاعن و لنفسه مداهن اللّغو مع الاغنياء احبّ اليه من الذّكر مع الفقراء يحكم علي غيره لنفسه و لا يحكم عليها لغيره و هو يطاع و يعصي و يستوفي و لا يوفي

107 و من كلامه عليه السّلام

زهر الاداب للحضرمي المالك ايضا في هامش كتاب عقد الفريد ص 39 ج 1 قال و قال عليّ رضوان اللّه عليه رحم اللّه عبدا سمع فوعي و دعي الي الرّشاد

ص: 373

فدني و اخذ بحجزة هاد فنجي و راقب ربّه و خاف ذنبه و قدّم خالصا و عمل صالحا و اكتسب مذخورا و اجتنب محذورا و رمي غرضا و اصاب عوضا و كابر هواه و كذّب مناه و حذر اجلا و دئب عملا و جعل الصّبر رغبة حياته و التّقي عدّة وفائه يظهر دون ما يكتم و يكتفي باقلّ ممّا يعلم لزم الطّريقة الغرّاء و المحجّة البيضاء و اغتنم المهل و بادر الاجل و تزوّد من العمل قد نقله الرضي رضي الله عنه في النهج باختلاف في بعض عباراته من حيث الزيادة و النقصان

108 و من خطبه عليه السّلام

فقلها العلامة المجلسي اعلي اللّه مقامه في المجلد الرابع عشر من كتابه بحار الانوار عني السماء و العالم في باب البلدان الممدوحة و المذمومة(المطبوع في طهران بنفقة امين دار الضرب ص 341 عن شرح النهج لابن ميثم البحراني ره قال لمّا فرغ امير المؤمنين عليه السّلام من حرب الجمل خطب النّاس بالبصرة فحمد اللّه و اثني عليه و صلّي علي النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ثم قال يا اهل البصرة يا اهل المؤتفكة ائتفكت باهلها ثلاثا و علي اللّه تمام الرّابعة يا جند المرأة و اعوان البهيمة رغا فاجبتم و عقر فانهزمتم(فهربتم)اخلاقكم دقاق و دينكم نفاق و ماءكم زعاق بلادكم انتن بلاد اللّه تربة و ابعدها من السّماء بها تسعة اعشار الشّرّ المحتبس فيها بذنبه و الخارج منها

ص: 374

بعفو اللّه كانّي انظر الي قريتكم هذه و قد طبّقها الماء حتّي ما يري منها الاّ شرف المسجد كانّه جؤجؤ طير في لجّة بحر فقام اليه الاحنف بن قيس فقال له يا امير المؤمنين و متي يكون ذلك قال يا ابا بحر انّك لن تدرك ذلك الزّمان و انّ بينك و بينه لقرون و لكن ليبلغ الشّاهد منكم الغايب عنكم لكي يبلغوا اخوانهم اذا هم راوا البصرة قد تحوّلت اخصاصها دورا و اجامها قصورا فالهرب الهرب فانّه لا بصرة لكم يومئذ ثم التفت عن يمينه فقال كم بينكم و بين الابلّة فقال المنذر بن الجارود فداك ابي و امي أربعة فراسخ قال له صدقت فو الّذي بعث محمّدا صلّي اللّه عليه و آله و اكرمه بالنّبوّة و خصّه بالرّسالة و عجّل بروحه الي الجنّة لقد سمعت منه كما تسمعون منّي ان قال يا عليّ هل علمت انّ بين الّتي تسمّي البصرة و تسمّي الابلّة أربعة فراسخ و ستكون الّتي تسمّي الابلّة موضع اصحاب العشور يقتل في ذلك الموضع من امّتي سبعون الفا شهيدهم يومئذ بمنزلة شهداء بدر فقال له المنذر يا امير المؤمنين و من يقتلهم فداك ابي و امّي فقال

ص: 375

يقتلهم اخوان الجنّ و هم جيل كانّهم الشّياطين سود الوانهم منتنة ارواحهم شديد كلبهم قليل سلبهم طوبي لمن قتلهم و طوبي لمن قتلوه ينفر لجهادهم في ذلك الزّمان قوم هم اذلّة عند المتكبّرين من اهل الزّمان مجهولون في الارض معروفون في السّماء تبكي السّماء عليهم و سكّانها و الارض و سكّانها ثم هملت عيناه بالبكاء ثم قال ويحك يا بصرة ويلك يا بصرة من جيش لا رهج له و لا حسّ فقال له المنذر يا امير المؤمنين و ما الذي يصيبهم من قبل الغرق ممّا ذكرت و ما الويل و ما الويح فقال هما بابان فالويح باب رحمة و الويل باب عذاب يابن الجارود نعم تارات منها عظيمة يقتل بعضها بعضا و منها فتنة تكون بها اخراب منازل و خراب ديارك و انتهاك اموال و قتل رجال و سباء نساء يذبّحن ذبحا يا ويل امرهنّ حديث عجيب منها ان يستحلّ بها الدّجال و الاكبر الاعور الممسوح العين اليمني و الاخري كانّها ممزوجة بالدّم لكانّها في الحسرة علقة ناتي الحدقة كهيئة حبّة العنب الطّافية

ص: 376

(الطّائفيّة)علي الماء فيتبعه من اهلها عدّة من قتل بالابلّة من الشّهداء اناجيلهم في صدورهم يقتل من يقتل و يهرب من يهرب ثمّ رجف ثمّ قذف ثمّ خسف ثمّ مسخ ثمّ الجوع الاغبر ثمّ الموت الاحمر و هو الغرق يا منذر انّ للبصرة ثلاثة اسماء سوي البصرة في الزّبور الاوّل لا يعلمها الاّ العلماء منها الحزيبة و منها تدمر و منها المؤتفكة يا منذر و الّذي فلق الحبّة و بريء النّسمة لو اشاء لاخبرنّكم بخراب العرصات عرصة عرصة متي تخرب و متي تعمر بعد خرابها الي يوم القيمة و انّ عندي من ذلك علما جمّا و ان تسألوني تجدوني به عالما لا اخطأ منه علما و لا دافنا و لقد استودعت علم القرون الاولي و ما هو كائن الي يوم القيمة ثمّ قال يا اهل البصرة انّ اللّه لم يجعل لاحد من امصار المسلمين خطّة شرف و لا كرم الاّ و قد جعل فيكم افضل ذلك و زادكم من فضله بمنّه ما ليس لهم أنتم اقوم النّاس قبلة قبلتكم علي المقام حيث يقوم

ص: 377

يقوم الامام بمكّة و قارئكم اقرء النّاس و زاهدكم ازهد النّاس و عابدكم اعبد النّاس و تاجركم اتجر النّاس و اصدقكم في تجارته و متصدّقكم اكرم النّاس صدقة و غنيّكم اشدّ النّاس بذلا و تواضعا و شريفكم احسن النّاس خلقا و أنتم اكرم النّاس جوارا و اقلّهم تكلّفا لما لا يعنيه و احرصهم علي الصّلوة في جماعة ثمراتكم اكثر الثّمار و اموالكم اكثر الاموال و صغاركم اكيس الاولاد و نساءكم اقنع النّساء و احسنهنّ تبعّلا سخّر لكم الماء يغدو عليكم و يروح صلاحا لمعاشكم و البحر سببا لكثرة اموالكم فلو صبرتم و استقمتم لكانت شجرة طوبي لكم مقيلا و ظلاّ ظليلا و غير انّ حكم اللّه فيكم ماض و قضاءه نافذ لا معقّب لحكمه و هو سريع الحساب يقول اللّه و ان من قرية الاّ نحن مهلكوها قبل يوم القيمة او معذّبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا و اقسم لكم يا اهل البصرة ما الّذي ابتدأتكم به من التّوبيخ الاّ تذكير و موعظة لما بعد

ص: 378

لكيلا تسرعوا الي الوثوب في مثل الّذي وثبتم و قد قال اللّه لنبيّه صلوات اللّه عليه و آله و ذكّر فانّ الذّكري تنفع المؤمنين و لا الّذي ذكرت فيكم من المدح و التّطرية بعد التّذكير و الموعظة رهبة منّي لكم و لا رغبة في شيء ممّا قبلكم فانّي لا اريد المقام بين اظهركم ان شاء اللّه لامور تحضرني قد يلزمني المقام بها فيما بيني و بين اللّه لا عذر لي في تركها و لا علم لكم بشيء منها حتّي يقع ممّا اريد ان اخوضها مقبلا و مدبرا فمن اراد ان يأخذ بنصيبه منها فليفعل فلعمري انّه للجهاد الصّافي صفّاه اللّه لنا كتاب اللّه و لا الّذي اردت به من ذكر بلادكم موجدة منّي عليكم لما شافقتموني غير انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله قال لي يوما و ليس معه غيري انّ جبرئيل الرّوح الامين حملني علي منكبه الايمن حتّي اراني الارض و من عليها و اعطاني اقاليدها و علّمني ما فيها و ما قد كان علي ظهرها و ما يكون الي يوم القيمة و لم يكبر ذلك عليّ كما لم يكبر علي ابي ادم علّمه الاسماء كلّها و لم تعلمها الملائكة

ص: 379

المقرّبون و انّي رايت بقعة علي شاطي البحر تسمّي البصرة فاذا هي ابعد الارض من السّماء و اقربها و انّها لاسرع الارض خرابا و اخشنها ترابا و اشدّها عذابا و لقد خسف بها في القرون الخالية مرارا و لياتينّ عليها زمان و انّ لكم يا اهل البصرة و ما حولكم من القري من الماء ليوما عظيما بلاءه و انّي لاعرف موضع منفجره من قريتكم هذه ثمّ امور قبل ذلك تدهمكم اخفيت عنكم و علّمناه فمن خرج عند دنوّ غرقها فبرحمة من اللّه سبقت له و من بقي فيها غير مرابط بها فبذنبه و ما اللّه بظلاّم للعبيد فقام اليه رجل فقال يا امير المؤمنين اخبرني من اهل الجماعة و من اهل الفرقة و من اهل البدعة و من اهل السّنة فقال عليه السّلام اذا سألتني فافهم عنّي و لا عليك ان لا تسئل احدا بعدي امّا اهل الجماعة فانا و من اتّبعني و ان قلّوا و ذلك الحقّ عن امر اللّه و امر رسوله صلّي اللّه عليه و آله و امّا اهل الفرقة فالمخالفون لي و لمن اتّبعني و ان كثروا و امّا اهل السّنّة فالمستمسكون بما سنّه اللّه و

ص: 380

رسوله لا العاملون برايهم و اهوائهم و ان كثروا و قد مضي الفوج الاوّل و بقيت افواج و علي اللّه قصمها و استيصالها عن جدد الارض و باللّه التّوفيق اقول قد ذكر ابن ميثم هذه الخطبة في شرح النهج متفرقا و جمعها المجلسي ره في البحار و نقلها في الموضعين منه احده في المجلد الثامن منه في باب احتجاجه علي اهل البصرة في ص 447 طبع امين الضّرب كما نقلتها هنا بزيادة مما نقل في السماء و العالم و فيه الي قوله بظلام للعبيد و قال في الثامن من البحار في الصفحة اقول روي كمال الدين بن ميثم البحراني مرسلا انه لمّا فرغ امير المؤمنين من امر الحرب لاهل الجمل امر مناديا ينادي في اهل البصرة ان الصلاة الجامعة لثلاثة ايام من غدان شاء اللّه و لا عذر لمن تخلف الاّ من حجة او علّة فلا تجعلوا علي انفسكم سبيلا فلمّا كان الذي اجتمعوه فيه خرج عليه السّلام فصلي بالناس الغداة في المسجد الجامع فلما قضي صلاته قام فاسند ظهره الي الحائط(حائط)القبلة عن يمين المصلي فخطب الناس بهذه الخطبة و بعد الحمد و الثناء للّه و الصلاة علي النبي و اله استغفر للمؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات ثم شرع في الخطبة و لمّا كان فيها بعض لغات و فقرات تحتاج ايضاحه الي البيان فنقول قوله المؤتفكة اي المنقلبة امّا حقيقة او كناية عن الغرق كما مرّ و طبّقها الماء اي غطّاها و عمّها و الاحنف بالمهملة هو الذي كان معتزلا عن الفريقين يوم الجمل و يكني ابا الحرّ و اسمه ضحاك بن قيس من تميم و الاخصاص جمع خصّ بالضم بيت يعمل من الخشب و القصب و الابلّه بضم الهمزة و الباء و تشديد اللام المفتوحه اليوم موضع العشارين و الجيل بكسر الجيم صنف من الناس و قيل كل قوم يختصون بلغة و الارواح جمع ريح بمعني الرّايحة و الكلب محركة الشرّ و الاذي و شبه جنون يعرض للانسان و السلب محركة ما يأخذه احد القرنين في الحرب عن قرنه مما يكون له و عليه و معه من ثياب و سلاح و دابة و غيرها ينفر الجهاد اي يخرج الي قتالهم و هملت عينيه اي فاضت بالدموع و الرّهج محركة الغبار و الحسّ بالكسر و كذلك الحسيس الصّوت الخفي و التارات جمع تارة اي مرّة و العصبة اما بالضمّ بمعني الجماعة او ما بين العشرة الي عشرين و امّا بالتحريك اي الاقرباء و عصبة الرجل بنوه و قرابته لابيه و انتهاك الاموال اخذها بما لا يحل و سبأ النساء بالكسر و المدّ اسرهن و العلقة القطعة من الدّم و الناتي المرتفع و طفي علي الماء اذا علا و الرّجف الزلزلة و الاضطراب

ص: 381

و القذف الرمي بالحجارة و نحوها و الخسف الذهاب في الارض و وصف الجوع بالاغبر امّا لان الجوع غالبا تكون في السنين المجدبة و امّا من قلة الامطار و اما لان وجه الجائع يشبه الوجه المغبّر و تدمر من الدمار بمعني الهلاك و الجمّ بمعني الكثير و العلم بالتحريك الراية و الحبل دافن الامر داخله و الخطة بالضم الامر و القصة و غدو الماء و رواحه كناية عن الجزر و المدّ المقيل موضع القائلة و الخوض الدخول و الموجده الغضب و جدد الارض الارض الصلبة المستوية

109 و من خطبه عليه السّلام

المجلد الثامن من بحار الانوار طبع امين دار الضرب ص 370 نقلها عن الكافي عن عدة من اصحابه عن احمد بن محمد بن عيسي عن ابن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال ان جماعة من بني اميّة في امرة عثمان اجتمعوا في مسجد رسول الله صلي الله عليه و اله في يوم جمعة و هم يريدون ان يزوّجوا رجلا منهم و امير المؤمنين صلوات اللّه عليه قريب منهم فقال بعضهم لبعض هل لكم ان نخجل عليّا(عليه السّلام السّاعة نسأله ان يخطب بنا و يتكلم فانه يخجل و يعيا في الكلام فاقبلوا اليه فقالوا يا ابا الحسن انا نريد ان نزوج فلانا فلانة و نحن نريد ان تخطب فقال فهل تنتظرون احدا فقالوا لا فو اللّه ما لبث حتي قال(عليه السّلام) الحمد للّه المختصّ بالتّوحيد المقدّم بالوعيد الفعّال لما يريد المحتجب بالنّور دون خلقه ذي الافق الطّامح و العزّ الشّامخ و الملك الباذخ المعبود بالالاء ربّ الارض و السّماء احمده علي حسن البلاء و فضل العطاء و سوابغ النّعماء و علي ما يدفع ربّنا من البلاء حمدا يستهلّ له العباد و ينمو به البلاد و اشهد ان لا اله الاّ اللّه وحده لا شريك له لم يكن شيء قبله و لا تكون شيء بعده و اشهد انّ محمّدا عبده و رسوله

ص: 382

اصطفاه بالتّفضيل و هدي به من التّضليل اختصّه لنفسه و بعثه الي خلقه برسالاته و بكلامه يدعوهم الي عبادته و توحيده و الاقرار بربوبيّته و التّصديق بنبيّه صلّي اللّه عليه و آله بعثه علي حين فترة من الرّسل و صدف عن الحقّ و جهالة و كفر بالوعد و الوعيد فبلّغ رسالاته و جاهد في سبيله و نصح لامّته حتّي اتاه اليقين صلّي اللّه عليه و آله و سلّم كثيرا اوصيكم و نفسي بتقوي اللّه العظيم فانّ اللّه عزّ و جلّ قد جعل للمتّقين المخرج ممّا يكرهون و الرّزق من حيث لا يحتسبون فتنخّزوا من اللّه موعوده و اطلبوا من عنده بطاعته و العمل بمجابّه لا يدرك الخير الاّ به و لا ينال ما عنده الاّ بطاعته و لا تكلان فيما هو كائن الاّ عليه و لا حول و لا قوّة الاّ باللّه امّا بعد فانّ اللّه ابرم الامور و امضاها علي مقاديرها فهي غير متناهية عن مجاريها دون بلوغ غاياتها فيما قدّر و قضي من ذلك و قد كان فيما قدّر و قضي من امره المحتوم و قضاياه المبرمة ما قد تشعّبت به الاخلاق و جرت به الاسباب

ص: 383

من تناهي القضايا بنا و بكم الي حصور هذا المجلس الّذي خصّنا اللّه و ايّاكم به للّذي كان من تذكّرنا الائه و حسن بلائه و تظاهر نعمائه فنسال اللّه لنا و لكم بركة ما جمعنا و ايّاكم عليه و ساقنا و ايّاكم اليه ثمّ انّ فلان بن فلان ذكر فلانة بنت فلان و هو في الحسب من قد عرفتموه و في النّسب من لا تجهلونه و قد بذل لها من الصّداق ما قد عرفتموه فردّوا خيرا تحمدوا عليه و تنسبوا اليه و صلّي اللّه علي محمّد و آله و سلّم قوله عليه السّلام المختص بالتوحيد اي توحيد الناس له او بتوحيده لنفسه قوله فانه لم يوحده حق توحيده غير المحتجب بالنور اي ليس له حجاب الاّ الظّهور الكامل او الكمال التام او عرشه محتجب بالانوار الظاهرة الطامح المرتفع الشامخ العالي و كذا الباذخ يستهل له العباد اي يرفعون به اصواتهم و يستبشرون بذكره النموّ الزيادة و صدف اي ميل و اليقين الموت و تنجز الحاجة اي طلب قضاءها لمن وعدها و التوكل اظهار العجز و الاعتماد علي الغير و الاسم منه التكلان بالضم

110 و من خطبه عليه السّلام

في الجزء الرابع عشر من كتاب الوافي للفيض الكاشاني ره و هو كتاب الروضة منه ص 1 رواها عن الكافي لمحمد بن يعقوب الكليني ره عن محمد بن علي بن معمر عن محمد بن علي بن عكاية التميمي عن الحسين بن النّضر العبدي الفهري عن ابي عمرو الاوزاعي عن عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد قال دخلت علي ابي جعفر عليه السّلام فقلت يابن رسول اللّه قد ارمضني اختلاف الشيعة في مذاهبها فقال يا جابر الم اقفك علي معني اختلافهم من اين اختلفوا و من ايّ جهة تفرّقوا قلت بلي يابن رسول اللّه قال فلا تختلف اذا اختلفوا يا جابر ان الجاحد لصاحب الزمان كالجاحد لرسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في

ص: 384

ايّامه يا جابر اسمع و ع قلت له اذا شئت قال اسمع وع و بلّغ حيث انتهت بك راحلتك انّ امير المؤمنين عليه السّلام حطب الناس بالمدينة بعد سبعة ايام من وفات رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و ذلك فرغ من جمع القرآن و تاليفه فقال الحمد للّه الّذي منع الاوهام ان تنال الاّ وجوده و حجب العقول ان يتخيّل ذاته و لم لامتناعها من الشّبه و التّشاكل بل هو الّذي لا يتفاوت في ذاته و لم يتبعّض بتجزية العدد في كماله فارق الاشياء لا علي اختلاف الاماكن و يكون فيها لا علي وجه الممازجة و علمها لا باداة يكون العلم الاّ بها و ليس بينه و بين معلومه علم عبّره به كان عالما بمعلومه ان قيل كان فعلي تاويل ازليّة الوجود و ان قيل لم يزل فعلي تاويل نفي العدم فسبحانه تعالي عن قول من عبد سواه و اتّخذ الها غيره علوّا كبيرا نحمده بالحمد الّذي ارتضاه من خلقه و اوجب قبوله علي نفسه و اشهد ان لا اله الاّ اللّه وحده لا شريك له و اشهد انّ محمّدا عبده و رسوله شهادتان ترفعان القول و تضاعفان العمل خفّ ميزان ترفعان منه و ثقل ميزان

ص: 385

توضعان فيه و بهما الفوز بالجنّة و النّجاة من النّار و الجواز علي الصّراط و بالشّهادة تدخلون الجنّة و بالصّلوة تنالون الرّحمة اكثروا من الصّلوة علي نبيّكم انّ اللّه و ملائكته يصلّون علي النّبي يا ايّها الّذين امنوا صلّوا عليه و سلّموا تسليما ايّها النّاس انّه لا شرف اعلي من الاسلام و لا كرم اعزّ من التّقوي و لا معقل احرز من الورع و لا شفيع انجح من التّوبة و لا لباس اجمل من العافية و لا وقاية امنع من السّلامة و لا مال اذهب بالفاقة من الرّضا بالقناعة و لا كنز اغني من القنوع و من اقتصر علي بلغة الكفاف فقد انتظم الرّاحة و تبوّء خفض الدّعة و الرّغبة مفتاح التّعب و الاحتكار مطيّة النّصب و الحسد آفة الدّين و الحرص داع الي التّقحّم في الذّنوب و هو داع الحرمان و البغي سايق الي الحين و الشّرّ جامع لمساوي العيوب ربّ طمع خائب و رجاء يؤدّي الي الحرمان و امل كاذب و تجارة تؤل الي الخسران

ص: 386

الا و من تورّط في الامور غير ناظر في العواقب فقد تعرّض لمفضحات النّوائب و بئست القلادة قلادة الذّنب للمؤمن ايّها النّاس انّه لا كنز انفع من العلم و لا عزّة ارفع من الحلم و لا حسب ابلغ من الادب و لا نصب اوضع من الغضب و لا جمال ازين من العقل و لا سوءة اسوء من الكذب و لا حافظا احفظ من الصّمت و لا غائب اقرب من الموت ايّها النّاس من نظر في عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره و من رضي برزق اللّه لم يأسف علي ما في يد غيره و من سلّ سيف البغي قتل به و من حفر لاخيه بئرا وقع فيها و من هتك حجاب غيره انكشفت عورات بيته و من نسي زلله استعظم زلل غيره و من اعجب برايه ضلّ و من استغني بعقله زلّ و من تكبّر علي النّاس ذلّ و من سفه علي النّاس شتم و من خالط الانذال حقر و من حمل ما لا يطيق عجز ايّها النّاس انّه لا مال اعود من العقل و لا فقر اشدّ من الجهل و لا واعظ ابلغ من النّصح و لا عقل كالتّدبير و لا عبادة كالتّفكّر

ص: 387

و لا مظاهرة اوثق من المشاورة و لا وحشة اشدّ من العجب و لا ورع كالكفّ و لا حلم كالصّبر و الصّمت ايّها النّاس في الانسان عشر خصال يظهرها لسانه شاهد يخبر عن الضّمير و حاكم يفصل بين الخطاب و ناطق يردّ به الجواب و شاهد يدرك به الحاجة و واصف يعرف به الاشياء و امر يأمر بالحسن و واعظ ينهي عن القبيح و معزّ تسكن به الاحزان و حاضر تجلّي به الضّغائن و مونق يلهي الاستماع ايّها النّاس انّه لا خير بالصّمت عن الحكم كما انّه لا خير في القول بالجهل و اعلموا ايّها النّاس انّه من لم يملك لسانه يندم و من لا يعلم يجهل و من لا يتحلّم لا يحلم و من لا يرتدع لا يعقل و من لا يعقل يهن و من يهن لا يوقّر و من يتّق ينجح و من يكتسب مالا من غير حقّه يصرفه في غير اجره و من لا يدع و هو محمود يدع و هو مذموم و من لم يعط قاعدا منع قائما و من يطلب العزّ من غير حقّ يذلّ و من يغلب بالجور يغلب و من عاند الحقّ لزمه

ص: 388

الوهن و من تفقّه وقّر و من تكبّر حقّر و من لا يحسن لا يحمد و اعلموا ايّها النّاس انّ المنيّة قبل الدّنيّة و التّجلّد قبل التّبلّد و الحساب قبل العقاب و القبر خير من الفقر و غضّ البصر خير من كثير من النّظر و الدّهر يوم لك و يوم عليك فاذا كان لك فلا تنظر و اذا كان عليك فاصبر فبكليهما تمتحن(و في نسخة و كلاهما سيسخر)و اعلموا ايّها النّاس اعجب ما في الانسان قلبه و له موادّ من الحكمة و اضداد من خلافها فان سنح له الرّجاء اذلّه الطّمع و ان هاج به الطّمع اهلكه الحرص و ان ملكه الياس قتله الاسف و ان عرض له الغضب اشتدّ به الغيظ و ان اسعد بالرّضا نسي التّحفّظ و ان ناله الخوف شغله الحذر و ان اتّسع له الا من استلبته العزّة (و في نسخة اخذته العزّة)و ان افاد مالا اطغاه الغني و ان غضّته الفاقة شغله البلاء(و في نسخة جهده البكاء)و ان اصابته مصيبة فضحه الجزع و ان اجهده الجوع قعد به الضّعف و ان افرط في الشّبع كظّته البطنة فكلّ تقصير به مضرّ و كلّ افراط له مفسد ايّها النّاس

ص: 389

انّه من فلّ ذلّ و من جاد ساد و من كثر ماله رأس و من كثر حلمه نبل و من افكر في ذات اللّه تزندق و من اكثر من شيء عرف به و من كثر مزاحه استخفّ به و من كثر ضحكه ذهبت هيبته فسد حسب من ليس له ادب انّ افضل الفعال صيانة العرض بالمال ليس من جالس الجاهل بذي معقول من جالس الجاهل فليستعدّ لقيل و قال لن ينجو من الموت غنيّ بماله و لا فقير لا قلاله ايّها النّاس لو انّ الموت يشتري لاشتراه من اهل الدّنيا الكريم الابلج و اللّئيم الملهوج ايّها النّاس انّ للقلوب شواهد تجري الا نفس عن مدرجة اهل التّفريط و تفطّنه الفهم للمواعظ ما يدعو النّفس الي الحذر من الخطر و للقلوب خواطر للهوي و العقول تنهي و تزجر و في التّجارب علم مستانف و الاعتبار يقود الي الرّشاد و كفاك ادبا لنفسك ما تكرهه لغيرك و عليك لاخيك المؤمن مثل الّذي لك عليه لقد خاطر من استغني برايه و التّدبّر قبل العمل فانّه يؤمنّك من النّدم من استقبل وجوه

ص: 390

الاراء عرف مواقع الخطاء و من امسك عن الفضول عدّلت رايه العقول و من حصر شهوته فقد صان قدره و من امسك لسانه امنه قومه و نال حاجته و في تقلّب الاحوال علم جواهر الرّجال و الايّام توضح لك السّرائر الكامنة و ليس في البرق الخاطف مستمتع لمن يخوض في الظّلمة و من عرف بالحكمة لحظته العيون بالوقار و الهيبة و اشرف الغني ترك المني و الصّبر جنّة من الفاقة و الحرص علامة الفقر و البخل جلباب المسكنة و المودّة قرابة مستفادة و وصول معدم خير من جاف مكثر و الموعظة كهف لمن وعاها و من اطلق طرفه كثر اسفه و قد اوجب الدّهر شكره علي من نال سؤله و قلّ ما ينصفك اللّسان في نشر قبيح او احسان و من ضاق خلقه ملّة اهله و من نال استطال قلّ ما تصدّقك الامنيّة و التّواضع يكسوك المهابة و في سعة الاخلاق كنوز الارزاق كم من عاكف علي ذنبه في اخر ايّام عمره و من كساه الحياء ثوبه خفي علي النّاس عيبه و انح

ص: 391

القصد من القول فانّ من تحرّي القصد خفّت عليه المؤن و في خلاف النّفس رشدك من عرف الايّام لم يغفل عن الاستعداد الا و انّ مع كلّ جرعة شرقا و انّ في كلّ اكلة غصصا لا تنال نعمة الاّ بزوال اخري و لكلّ رمق قوت و لكلّ حبّة اكل و انت قوت الموت اعلموا ايّها النّاس انّه من مشي علي وجه الارض فانّه يصير الي بطنها و اللّيل و النّهار يتسارعان(و في نسخة يتنازعان)في هدم الاعمار يا ايّها النّاس كفر النّعمة لوم و صحبة الجاهل شوم انّ من الكرم لين الكلام و من العبادة اظهار اللّسان و افشاء السّلام ايّاك و الخديعة فانّها من خلق اللّئيم ليس كلّ طالب يصيب و لا كلّ غائب يؤب لا ترغب فيمن زهد فيك ربّ بعيد هو اقرب من قريب سل عن الرّفيق قبل الطّريق و عن الجار قبل الدّار الا و من اسرع في المسير ادركه المقيل استر عورة اخيك لما تعلمها فيك اغتفز زلّة صديقك ليوم يركبك عدوّك من غضب علي من لا

ص: 392

يقدر علي ضرّه طال حزنه و عذّب نفسه من خاف ربّه كفّ ظلمه(و في نسخة من خاف ربّه كفي عذابه)و من لم يرع في كلامه اظهر فخره و من لم يعرف الخير من الشرّ فهو بمنزلة البهيمة انّ من الفساد اضاعة الزّاد ما اصغر المصيبة مع عظم الفاقة غدا هيهات هيهات و ما تناكرتم الاّ لما فيكم من المعاصي و الذّنوب فما اقرب الرّاحة من التّعب و البؤس من النّعيم و ما شرّ بشرّ بعده الجنّة و ما خير بخير بعده النّار و كلّ نعيم دون الجنّة محقور و كلّ بلاء دون النّار عافية و عند تصحيح الضّمائر تبدوا الكبائر تصيفة العمل اشدّ من العمل و تخليص النيّة من الفساد اشدّ علي العاملين من طول الجهاد هيهات لو لا التّقي لكنت ادهي العرب ايّها النّاس انّ اللّه تعالي وعد نبيّه محمّدا صلّي اللّه عليه و آله و سلّم الوسيلة و وعده الحقّ و لن يخلف اللّه وعده الا و انّ الوسيلة اعلي درج الجنّة و ذروة ذرايب الزّلفة و نهاية

ص: 393

غايته الامنيّة لها الف مرقاة ما بين المرقاة الي المرقاة حضر الفرس الجواد مأئة عام(و في نسخة الف عام)و هو ما بين مرقاة درّة الي مرقاة جوهرة الي مرقاة زبرجدة الي مرقاة لؤلؤة الي مرقاة ياقوتة الي مرقاة زمرّدة الي مرقاة مرجانة الي مرقاة كافور الي مرقاة عنبر الي مرقاة يلنجوج الي مرقاة ذهب الي مرقاة فضّة الي مرقاة غمام الي مرقاة هواء الي مرقاة نور قد انافت علي كلّ الجنان و رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يومئذ قاعد عليها مرتد بريطتين ريطة من رحمة اللّه و ريطة من نور اللّه عليه تاج النّبوّة و اكليل الرّسالة قد اشرق بنوره الموقف و انا يومئذ علي الدّرجة الرّفيعة و هي دون درجته و عليّ ريطتان ريطة من ارجوان النّور و ريطة من كافور و الرّسل و الانبياء قد وقفوا علي المراقي و اعلام الازمنة و حجج الدّهور عن ايماننا قد تجلّلتهم حلل النّور و الكرامة لا يرانا ملك مقرّب و لا نبيّ مرسل الاّ

ص: 394

بهت بانوارنا و عجب من ضياءنا و جلالتنا و عن يمين الوسيلة عن يمين الرّسول صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عمامة بسيطة(بسطة)البصر يأتي منها النّداء يا اهل الموقف طوبي لمن احبّ الوصيّ و امن بالنّبيّ الاميّ العربيّ و من كفر به فالنّار موعده و عن يسار الوسيلة عن يسار الرّسول صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ظلّة يأتي منها النّداء يا اهل الموقف طوبي لمن احبّ الوصيّ و امن بالنّبي الامّي و الّذي له الملك الاعلي لا فاز احد و لا ناله الرّوح و الجنّة الاّ من لقي خالقه بالاخلاص لهما و الاقتداء بنجومهما فايقنوا يا اهل ولاية اللّه ببياض وجوهكم و شرف مقعدكم و كرم مأبكم و بفوزكم اليوم علي سرر متقابلين و يا اهل الانحراف و الصّدود عن اللّه عزّ ذكره و رسوله و صراطه و اعلام الازمّة ايقنوا بسواد وجوهكم و غضب ربّكم جزاء بما كنتم تعملون و ما من رسول سلف و لا نبيّ مضي الاّ و قد كان مخبرا امّته بالمرسل الوارد من بعده و مبشّرا برسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله

ص: 395

و سلّم و موصيا قومه باتّباعه و محلّيه عند قومه ليعرفوه بصفته و ليتّبعوه علي شريعته وكيلا يضلّوا فيه من بعده فيكون من هلك او ضلّ بعد وقوع الاعذار و الانذار عن بيّنة و تعيين حجّة فكانت الامم في رجاء من الرّسل و ورود من الانبياء و لئن اصيبت بفقد نبيّ بعد نبيّ علي عظم مصائبهم و فجائعها بهم فقد كانت علي سعة من الامل و لا مصيبة عظمت و لا رزيّة جلّت كالمصيبة برسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لانّ اللّه ختم به الانذار و الاعذار و قطع به الاحتجاج و العذر بينه و بين خلقه و جعله بابه الّذي بينه و بين عباده و مهيمنه الّذي لا يقبل الاّ به و لا قربة اليه الاّ بطاعته و قال في محكم كتابه من يطع الرّسول فقد اطاع اللّه و من تولّي فما ارسلناك عليهم حفيظا فقرن طاعته بطاعته و معصيته بمعصيته و كان ذلك دليلا علي ما فوّض اللّه اليه و شاهدا له علي من اتّبعه

ص: 396

و عصاه و بيّن ذلك في غير موضع من الكتاب العظيم فقال تعالي في التّحريص علي اتّباعه و التّرغيب في تصديقه و القبول لدعوته قل ان كنتم تحبّون اللّه فاتّبعوني يحببكم اللّه و يغفر لكم ذنوبكم فاتّباعه محبّة اللّه و رضاه غفران الذّنوب و كمال الفوز و وجوب الجنّة و في التّولّي عنه و الاعراض محادّة اللّه و غضبه و سخطه و البعد منه مسكن النّار و ذلك قوله و من يكفر به من الاحزاب فالنّار موعده يعني الجحود به و العصيان له فانّ اللّه تعالي امتحن في عباده و قتل بيدي اضداده و افني بسيفي جحّاده و جعلني زلفة للمؤمنين و حيّاض موت علي الجبّارين و سيفه علي المجرمين و شدّ بي ازر رسوله و اكرمني بنصره و شرّفني بعلمه و حباني باحكامه و اختصّني بوصيّته و اصطفاني بخلافته في امّته و قد حسّده المهاجرون و الانصار و انغصّت به المحافل ايّها النّاس انّ عليّا منّي كهرون من موسي الاّ انّه لا نبيّ بعده فعقّل المؤمنون عن اللّه

ص: 397

نطق الرّسول اذا عرّفوني انّي لست باخيه لابيه و امّه و لا كنت نبيّا فاقتضي نبوّة و لكن كان ذلك منه استخلافا لي كما استخلف موسي هرون حيث يقول اخلفني في قومي و اصلح و لا تتّبع سبيل المفسدين و قوله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم حين تكلّمت طائفة و قالت نحن موالي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فخرج رسول اللّه الي حجّة الوداع ثمّ صار الي غدير خمّ فامر فاصلح له شبه المنبر ثمّ علاه و اخذ بعضدي حتّي رأي بياض ابطيه رافعا صوته قائلا في محفله من كنت مولاه فعليّ مولاه اللّهمّ و ال من والاه و عاد من عاداه و كانت علي ولايتي ولاية اللّه و علي عداوتي عداوة اللّه و انزل اللّه تعالي فيّ ذلك اليوم اليوم اكملت لكم دينكم و اتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الاسلام دينا فكانت ولايتي كمال الدّين و رضا الرّبّ تعالي و انزل اللّه تعالي اختصاصا لي و تكريما نحّلنيه

ص: 398

و اعظاما و تفضيلا من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم منخنيه و هو قوله تعالي ثمّ ردّوا الي اللّه مولهم الحقّ الاله الحكم و هو اسرع الحاسبين فيّ مناقب لو ذكرتها لعظم بها الارتفاع و طال لها الاستماع و لئن تقمّصها دوني الاشقيان و نازعاني فيما ليس لهما بحقّ و ركباها ضلالة و اعتقداها جهالة فلبئس ما عليه وردا و لبئس ما لانفسهما مهّدا يتلاعنان في دورهما و يبرء كلّ واحد منهما من صاحبه يقول لقرينه اذا التقيا يا ليت بيني و بينك بعد المشرقين فبئس القرين فيجيبه الاشقي علي وثوبه يا ليتني لم اتّخذك خليلا لقد اضللتني عن الذّكر بعد اذ جاءني و كان الشّيطان للانسان خذولا فانا الذّكر الّذي عنه ضلّ و السّبيل الّذي عنه مال و الايمان الّذي به كفر و القرآن الّذي ايّاه هجر و الدّين الّذي به كذّب و الصّراط الّذي عنه نكب و لئن رتعا في الحطام المتصرّم و الغرور المنقطع و كانا منه علي شفا حفرة من النّار لهما علي شرّ

ص: 399

ورود في اخيب وفود و العن مورود يتصارخان باللّعنة و يتناعقان بالحسرة ما لهما من راحة و لا عن عذابهما من مندوحة انّ القوم لم يزالوا عبّاد اصنام و سدنة اوثان يقيمون لها المناسك و ينصبون لها العناير و يتّخذون لها القربان و يجعلون لها البحيرة و السّائبة و الوصيلة و الحام و يستقسمون بالازلام عامهين عن اللّه عزّ ذكره حايرين عن الرّشاد مهطعين الي البعاد قد استحوذ عليهم الشّيطان و غمرتهم سوداء الجاهليّة و رضعوا جهالة و انفطموا ضلالة فاخرجنا اللّه اليهم رحمة و اطلعنا عليهم رأفة و اسفر بنا عن الحجب نورا لمن اقتبسه و فضلا لمن اتّبعه و تاييدا لمن صدّقه فتبوّء العزّ بعد الذّلّة و الكثرة بعد القلّة و هابتهم القلوب و الابصار و اذعنت لهم الجبابرة و طواغيتها و صاروا اهل نعمة مذكورة و كرامة منسورة و امن بعد خوف و جمع بعد حوب و اضاءت بنا مفاخر معد بن

ص: 400

عدنان و اولجناهم باب الهدي و ادخلناهم دار السّلام و اشملناهم ثوب الايمان و فلجوابنا في العالمين و اثبت لهم ايّام الرّسول صلّي اللّه عليه و آله و سلّم اثار الصّالحين من حام مجاهد و مصلّ قانت و معتكف زاهد يظهرون الامانة و يأتون المثابة حتّي اذا دعا اللّه نبيّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و رفعه اليه لم يك ذلك بعده الاّ كلمحة من خفقة او و ميض من برقة الي ان رجعوا علي الاعقاب و انتكصوا علي الادبار و طلبوا بالاوتار و اظهروا الكتائب و ردموا الباب و قلّوا الدّيار و غيّر و اثار رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و رغبوا عن احكامه و بعدوا من انواره و استبدلوا بمستحلفه بديلا اتّخذوه و كانوا ظالمين و زعموا انّ من اختاروا من ال ابي قحافة اولي بمقام رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ممّن اختار الرّسول صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لمقامه و انّ مهاجر ال ابي قحافة خير من المهاجريّ الانصاريّ الرّبانيّ

ص: 401

ناموس هاشم بن عبد مناف الا و انّ اوّل شهادة زور وقعت في الاسلام شهادتهم انّ صاحبهم مستخلف رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فلمّا كان من امر سعد بن عبادة ما كان رجعوا عن ذلك فقالوا انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم مضي و لم يستخلف و كان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم الطّيب المبارك اوّل مشهود عليه بالزّور في الاسلام و عن قليل يجدون غبّ ما يعملون و سيجد التّالون غبّ ما اسّسه الاوّلون و لئن كانوا في مندوحة من المهل و شفا من الاجل و سعة من المنقلب و استدراج من الغرور و سكون من الحال و ادراك من الامل فقد امهل اللّه تعالي شدّاد بن عاد و ثمود بن عبود و بلعم بن باعور و اسبغ عليهم نعمة ظاهرة و باطنة و امدّهم بالاموال و الاعمار و اتتهم الارض ببركاتها ليذّكّروا الاء اللّه و ليعرفوا الاهابة له و الانابة اليه و لينتهوا

ص: 402

عن الاستكبار فلمّا بلغوا المدّة و استتمّوا الاكلة اخذهم اللّه تعالي و اصطلمهم فمنهم من حصب و منهم من اخذته الصّيحة و منهم من احرقته الظّلّة و منهم من اودته الرّجفة و منهم من اردته الخسفة و ما كان اللّه ليظلمهم و لكن كانوا انفسهم يظلمون الا و انّ لكلّ اجل كتابا فاذا بلغ الكتاب اجله لو كشف لك عمّا هوي عليه الظّالمون و ال اليه الاخسرون لهربت الي اللّه تعالي ممّا هم اليه مقيمون و اليه صائرون الا و انّي فيكم ايّها النّاس كهرون في ال فرعون و كباب حطّة في بني اسرائيل و كسفينة نوح في قوم نوح و انّي النّبأ العظيم و الصّديق الاكبر و عن قليل ستعلمون ما توعدون و هل هي الاّ كلقمة الاكل و مذقة الشّارب و خفقة الوسنان ثمّ تلتزمهم المعرّات خزيا في الدّنيا و يوم القيمة يردّون الي اشدّ العذاب و ما اللّه بغافل عمّا يعملون فما جزاء من تنكّب محجّته و انكر حجّته و خالف هداته و حار عن

ص: 403

نوره و اقتحم في ظلمه و استبدل بالماء السّراب و بالنّعيم العذاب و بالفوز الشقاء و بالسّراء و الضّرّاء و بالسّعة الضّنك الاجزاء افتراقه و سوء خلافه فليوقنوا بالوعد علي حقيقته و ليستيقنوا بما يوعدون يوم تاتي الصّيحة بالحقّ ذلك يوم الخروج انّا نحن نحيي و نميت و الينا المصير يوم تشقّقّ الارض عنهم سراعا الي آخر السّورة اللّغات ارمضني اوجعني و احرقني الجاحد لصاحب الزمان اي امام الوقت و جحوده اما بانكار امامته او انكار وجوده و تبوّء خفض الدّعة اي تمكّن و استقر في متسع الراحة و الحين بفتح الحاء الهلاك و الحسب ما يعدّ من المفاخر و الانذال السّفهاء و الاخسّاء اعود من العقل اي انفع و معزّ تسكن به الاحزان اي مسلّ من التسلية الضّغينة الحقد المونق المعجب و من لا يدع و هو محمود اي من لا يدع الشرّ و ما لا ينبغي علي اختيار بدعة علي اضطرار و من لم يعط قاعدا منع قائما يعني ان الرزق قد قسمه الله فمن لم يرزق قاعدا لم يجد له القيام و الحركة ان المنيّة قبل الدينه اي ان الموت خير من الذلة المراد بالقبلية القبلية بالشرف و الحساب قبل العقاب اي محاسبة النفس في الدنيا خير من التعرض للعقاب في الاخري التّجلّد تكلّف الشدة و القوة و التبلّد ضدّه سيحسر من الحسر بالمهولات بمعني الكشف و علي نسخة سيختبر من الاختبار الامتحان اسعد بالرضا من المساعدة العضّ المسك بالاسنان كظّته البطنة اي ملأته حتي لا يطيق علي النفس من فلّ ذل بالفاء اي كسر النّبل بالضم الذكاء المعقول بمعني العقل الكريم الابلج هو الذي اشتهر كرمه و ظهر الملهوج الحريص عدّلت من التعديل او بالتخفيف بمعني المعادلة اي بمفرده يعدله سائر العقول الجلباب اللباس وصول معدم بفتح الواو بمعني البار و المعدم من اعدم المال كما ان المكثر من اكثره و قلّما ينصفك اللسان اي يحملك و هذا مبالغة للزيادة في القول النحو القصد و القصد من القول ما لا افراط فيه و لا تفريط و الشرق الشجا و الغصّة و اللّؤم بالضم ضد الكرم المقيل القيلولة و من لم يرغ في كلامه يقال في حق من اطهر فخره و هو من الارغاء و يقال ايضا فيمن لم يفصح في كلامه او اظهر هجره في كلامه و ما تناكرتم اي ينكر بعضكم بعضا

ص: 404

لكنت ادهي العرب الدّهاء جودة الرأي و ذروة ذوائب الالفة اي اعلاها و الزلفة القرب و يلنجوج العود و هو ما يتبخّر به و الانافة الاشراف و تشبيه المراقي بالجواهر المختلفة اشارة الي اختلاف الدرجات في الشرف و الفضل الرّيطة كل ثوب رقيق لين الاكليل التّاج حجج الدهور كناية عن الانبياء و الاوصياء و العماء بسطة البصري مدّه محليّه عند قومه من التحلية بمعني الوصف بالجلية المهيمن الامين و المؤتمن و الشاهد الجحّاد جمع جاحد الحياض السّيال الازر القوة حشده المهاجرون اي اجتمعوا اليه و اطافوا به و انغصت بالغين المعجمه و الصّاد المهملة امتلأت نحّلنيه اي منحنيه و اختصّينه المولي هنا نفس الامام عليه السّلام الاشقيان الاوّل و الثاني المنصوب في نقمتصها مرجع الضمير الخلافة نكب و تنكّب عدل الحطام الهشيم العتاير جمع العتيرة و هي شاة يذبحونها في رجب لالهتهم و البحيرة و السّائبة ناقتان مخصوصتان كانوا في الجاهلية يحرمون الانتفاع بهما و الوصيلة شاة مخصوصة يذبّحونها علي بعض الوجوه و يحرّمونها علي بعض و الحام الفحل من الابل الذي طال مكثه عندهم فلا يركب و لا يمنع من كلاء و ماء و الاستقسام بالازلام طلب معرفة ما قسّم لهم ممّا لم يقسّم بالاقداح و العمه التحيّر و التردّد و الاهطاع الاسراع الاستخواذ الاستيلاء الحوب الوحشة و الحزن معد بن عدنان ابو العرب الفلج الظفر و الفوز المثابة موضع الثواب و مجتمع الناس بعد تفرقهم الخفقة النّعاس الوميض اللمع الخفيّ الانتكاص الرّجوع الرّدم السّد الغبّ بكسر الغين العاقبة الشّفاء بالفاء مقصورا الطّرف الاصطلام بالمهملتين الاستيصال الحصب رمي بالحصباء الظلّة غيم تحته سموم الايداء و الارداء الاهلاك الوسنان من اخذته السّنة المعرّة الاثم و العزم و الاذي و الضّنك الضّيق(هذه الخطبة تعرف بالوسيلة)

111 و من خطبه عليه السّلام

في معاتبة اصحابه رواها الفيض في روضة الوافي في باب خطبه عليه السّلام ص 10 عن روضة الكافي عن محمّد بن عليّ بن معمّر عن محمد بن عليّ عن عبد الله بن ايّوب الاشعريّ عن عمرو الاوزاعي عن عمرو بن شمر عن سلمة بن كهيل عن الهيثم بن التيهان انّ امير المؤمنين عليه السّلام خطب الناس بالمدينة فقال الحمد للّه الّذي لا اله الاّ هو كان حيّا بلا كيف و لم يكن له كان و لا كان لكانه كيف و لا كان له اين و لا كان في شيء و لا كان علي شيء و لا ابتدع لكانه مكانا و لا قوّي بعد ما كوّن شيئا و لا كان

ص: 405

ضعيفا قبل ان يكون شيئا و لا كان مستوحشا قبل ان يبتدع شيئا و لا يشبه شيئا و لا كان خلوا من الملك قبل إنشاءه و لا يكون خلوا منه بعد ذهابه كان الها حيّا بلا حيوة و مالكا بعد إنشاءه للكون و ليس يكون للّه كيف و لا اين و لا حدّ يعرف و لا شيء يشبهه و لا يهرم لطول بقائه و لا يصعق لذعرة و لا يخاف كما يخاف خليقته من شيء و لكن سميع بغير سمع و بصير بغير بصر و قويّ بغير قوّة من خلقه لا يدركه حدق النّاظرين و لا يحيط لسمعه سمع السّامعين اذا اراد شيئا كان بلا مشورة و لا مظاهرة و لا مخابرة و لا يسئل احدا عن شيء من خلقه اراده لا تدركه الابصار و هو يدرك الابصار و هو اللّطيف الخبير و اشهد ان لا اله الاّ اللّه وحده لا شريك له و اشهد انّ محمّدا عبده و رسوله ارسله بالهدي و دين الحقّ ليظهره علي الدّين كلّه و لو كره المشركون فبلّغ الرّسالة و انهج الدّلالة صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ايّها الامّة الّتي خدعت فانخدعت و عرفت خديعة

ص: 406

من خدعها فاصرّت علي ما عرفت و اتّبعت اهوائها و ضربت في غشواء غوايتها و قد استبان لها الحقّ فصدّت عنه و الطّريق الواضح فتنكبّته اما و الّذي فلق الحبّة و برء النّسمة لو اقتبستم العلم من معدنه و شربتم الماء بعذوبته و ادّخرتم الخير من موضعه و اخذتم من الطّريق واضحه و سلكتم من الحقّ نهجه و تنهّجت بكم السّبل و بدت لكم الاعلام و اضاء لكم الاسلام فاكلتم رغدا و ما عال فيكم عائل و ما ظلم منكم مسلم و لا معاهد و لكن سلكتم سبيل الظّلاّم فاظلمت عليكم دنياكم برحبها و سدّت عليكم ابواب العلم فقلتم باهواءكم و اختلفتم في دينكم فافتيتم في دين اللّه بغير علم و اتّبعتم الغواة فاغوتكم و تركتم الائمّة فتركوكم فاصبحتم تحكمون باهواءكم اذا ذكر الامر سئلتم اهل الذّكر فاذا افتوكم قلتم هو العلم بعينه فكيف و قد تركتموه و نبذتموه و خالفتموه رويدا عمّا قليل تحصدون جميع ما زرعتم و تجدون وخيم ما اجترمتم و ما اجتنبتم و الّذي فلق الحبّة و برء النّسمة لقد علمتم انّ صاحبكم

ص: 407

و الّذي به امرتم و انّي عالمكم و الّذي بعلمه نجاتكم و وصيّ نبيّكم و خيرة ربّكم و لسان نوركم و العالم بما يصلحكم فعن قليل رويدا ينزل بكم ما وعدتم و ما نزل بالامم قبلكم و سيسئلكم اللّه تعالي عن ائمّتكم معهم تحشرون و الي اللّه غدا تصيرون اما و اللّه لو كان لي عدّة اصحاب طالوت او عدّة اهل بدر و هم اعدادكم لضربتكم بالسّيف حتّي تولّوا الي الحقّ و تنيبوا للصّدق و كان ارتق للفتق و اخذ بالرّفق اللّهمّ فاحكم بيننا بالحقّ و انت خير الحاكمين قال ثمّ خرج من المسجد فمرّ بصيرة فيها نحو من ثلاثين شاة فقال و اللّه لو انّ لي رجالا ينصحون للّه تعالي و لرسوله بعدد هذه الشّياة لازلت ابن اكلة الذّبّان(الدّبّان)عن ملكه قال فلمّا امسي بايعه ثلاثمائة و ستّون رجلا علي الموت فقال امير المؤمنين عليه السّلام اغدوا بنا الي احجار الزّيت محلقّين و حلق امير المؤمنين عليه السّلام فما وافي من القوم محلّقا الاّ ابو ذر و المقداد و حذيفة اليمان و عمّار بن ياسر و جاء سلمان في اخر القوم فرفع يده الي السماء و فقال اللّهمّ انّ القوم استضعفوني كما استضعفت بنو اسرائيل

ص: 408

هرون اللّهمّ فانّك تعلم ما نخفي و ما نعلن و ما يخفي عليك من شيء في الارض و لا في السّماء توفّني مسلما و الحقني بالصّالحين اما و البيت و المفضي الي البيت(و في نسخة و المزدلفة و الخفاف الي التّجمير لو لا عهد عهده اليّ النّبيّ الامّي لاوردت المخالفين خليج المنيّة و لارسلت عليهم شئابيب صواعق الموت و عن قليل سيعلمون اللّغات-الذعرة بالضّم الخوف و بالفتح التخويف و لا يحيط لسمعه اي بما يسمعه و العشا مقصورة سوء البصر و العمي و العشواء الناقة لا تبصر امامها و لسان نوركم اي القرآن اعداد جمع عديد و هو الندّ و الصيرة بالصاد المهملة و الياء ثم الرّاء حظيرة للغنم و البقر الذبّان بكسر الذّال و تشديد الباء جمع ذباب و كنّي بابن اكلتها عن سلطان الوقت فانّهم كانوا في الجاهليّة يأكلون من كلّ خبيث نالوه و احجار الزيت موضع داخل المدينة و المفضي الي البيت ماسّه بيده و الخفاف سرعة الحركة و التجمير لعلّه رمي الجمار و الخليج النّهر و الشوبوب دفعة المطر

112 و من خطبه عليه السّلام

الوافي ص 13 خطبته عليه السّلام في معاتبة الامّة و وعيد بني اميّة نقلها عن الكافي عن احمد بن محمد الكوفي عن جعفر بن عبد اللّه المحمّدي عن ابي روح فرح بن قرّة عن جعفر بن عبد اللّه عن مسعدة بن صدقة عن ابي عبد اللّه عليه السّلام قال خطب امير المؤمنين عليه السّلام بالمدينة فحمد اللّه و اثني عليه و صلّي اللّه علي النبيّ صلي اللّه عليه و آله ثم قال امّا بعد فانّ اللّه تعالي لم يقصم جبّاري دهر الاّ من بعد تمهيل و رخاء و لم يجبر كسر عظم من الامم الاّ بعد ازل و بلاء ايّها

ص: 409

النّاس فيّ دون ما استقبلتم من خطب و استدبرتم من خطب معتبر و ما كلّ ذي قلب بلبيب و لا كلّ ذي سمع بسميع و لا كلّ ذي ناظر عين ببصير عباد اللّه احسنوا فيما يعنيكم(يغنيكم) النّظر فيه ثمّ انظروا الي عرصات من قد افاده اللّه بعلمه كانوا علي سنّة من ال فرعون اهل جنّات و عيون و زروع و مقام كريم ثمّ انظروا بما ختم اللّه لهم بعد النّضرة و السّرور و الامر و النّهي و لمن صبر منكم العاقبة في الجنان و اللّه مخلّدون و للّه عاقبة الامور فيا عجبا و مالي لا اعجب من خطاء هذه الفرق علي اختلاف حججها في دينها لا يقتصّون اثر نبيّ و لا يقتدون بعمل وصيّ و لا يؤمنون بغيب و لا يعفّون عن عيب المعروف فيهم ما عرفوا و المنكر عندهم ما انكروا و كلّ امرء منهم امام نفسه اخذ منها فيما بعري ثقات و اسباب محكمات فلا يزالون بجور و لن يزدادوا الاّ خطاء و لا ينالون تقرّبا و لن يزدادوا الاّ بعدا من اللّه تعالي انس بعضهم ببعض و تصديق بعضهم لبعض كلّ ذلك وحشة ممّا ورث النّبيّ الامّي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و نفورا ممّا ادّي اليهم من اخبار فاطر السّموات و الارض اهل حسرات و كهوف شبهات و اهل عشوات و ضلالة و ريبة من وكله اللّه الي نفسه و رأيه فهو مامون عند من يجهله غير المتّهم عند من لا يعرفه فما اشبه هؤلاء بانعام قد غاب عنها رعائها و وا اسفا من فعلات شيعتي من بعد قرب مودّتها اليوم كيف يستذلّ بعدي بعضها بعضا و كيف يقتل بعضها بعضا المتشتّتة غدا عن الاصل النّازلة بالفرع المؤمّلة الفتح من غير جهته كلّ حزب منهم اخذ منه بغصب من اينما ما لها(مال الغصن)مال معه مع انّ اللّه و له الحمد سيجمع هؤلاء لشرّ يوم لبني اميّة كما يجمع قزع الخريف يؤلّف اللّه بينهم ثمّ يجعلهم ركاما كركام السّحاب ثمّ يفتح لهم ابوابا يسيلون من مستثارهم كسيل الجنّتين سيل العرم حيث نقب

ص: 410

ص: 411

عليه فأرة فلم يثبت عليه اكمة و لم يردّ سننه رصّ طود يدغدغهم اللّه في بطون اودية ثمّ يسلكهم ينابيع في الارض يأخذ بهم من قوم حقوق قوم و يمكّن بهم قوما في ديار قوم(في نسخة اخري و يمكّن من قوم لديار قوم)تشريدا لبني اميّة و لكيلا يغتصبوا ما غصبوا يضعضع اللّه بهم ركنا و ينقض بهم طيّ الجنادل مولده و يملاء منهم بطنان الزّيتون فو الّذي فلق الحبّة و برء النّسمة ليكوننّ ذلك و كانّي اسمع صهيل خيلهم و طمطمة رجالهم و ايم اللّه ليذوبنّ ما في ايديهم بعد العلوّ و التّمكين في البلاد كما تذوب الالية علي النّار من مات منهم مات ضالاّ و الي اللّه عزّ و جلّ يفضي منهم من درج و يتوب اللّه تعالي علي من تاب و لعلّ اللّه يجمع شيعتي بعد التّشتّت لشرّ يوم لهؤلاء ليس لاحد علي اللّه عزّ ذكره الخيرة بل للّه الخيرة و الامر جميعا ايّها النّاس انّ المنتحلين للإمامة من غير اهلها كثير و لو لم تتخاذلوا عن مرّ الحقّ و لم تهنوا عن

ص: 412

عن توهين الباطل لم يتشجّع عليكم من ليس مثلكم و لم يقوّ من قوّي عليكم و علي هضم الطّاعة و ازواءها عن اهلها لكن تهتم كما تاهت بنو اسرائيل علي عهد موسي عليه السّلام و لعمري ليضاعفنّ عليكم التّيه من بعدي اضعاف ما تاهت بنو اسرائيل و لعمري ان لو قد استكملتم من بعدي مدّة سلطان بني اميّة لقد اجتمعتم علي سلطان الدّاعي الي الضّلالة و احييتم الباطل و خلّفتم الحقّ خلف ظهوركم و قطعتم الادني من اهل بدر و وصلتم الا بعد من أبناء الحرب من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و لعمري ان لو قد ذاب ما في ايديهم لدنا التّمحيص للجزاء و قرب الوعد و انقضت المدّة و بدا لكم النّجم ذو الذّنب من قبل المشرق و لاح لكم القمر و المنير فاذا كان ذلك فراجعوا التّوبة و اعلموا انّكم ان اتّبعتم طالع المشرق سلك بكم مناهج الرّسول صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فتداويتم من العمي و الصّمم و البكم و كفيتم مؤنة

ص: 413

الطّلب و التّعسّف و نبذتم الثّقل القادح عن الاعناق و لا يتعدّ اللّه الاّ من ابي و ظلم و اعتسف و اخذ ما ليس له و سيعلم الّذين ظلموا ايّ منقلب ينقلبون اللّغات-الازل بسكون الزاء الشدّة و الضيق فيما يعنيكم بالعين المهملة اي يهمّكم و في بعض النسخ يغنيكم بالغين المعجمة و هو تصحيف اقاده اللّه من القود و القصاص و يؤيده ان في بعض النسخ يعمله بتقديم الميم علي اللام او اقاده بمعني اعطاه ليقودها و لعل المراد مكنّه اللّه من الملك بان خلّي بينه و بين اختياره و لم يمسك يده عما اراده بعلمه و حكمته بما يقتضيه علمه من عدم اجبارهم علي الطاعات و ترك المنهيّات و الاقتصاص الاقتفاء و الاتّباع فيما يري من الرأي و لعلّ المراد من الاصل امام الحق و من الفرع الائمة عليهم السّلام و من الفتح ظهور دولة الحق و بالغصن كل مدّع منهم و القزع بالقاف و الزاء المعجمة ثم العين المهملة قطع السحاب و تخصيصه بالخزيف لانه اول الشتاء و السحاب يكون فيه متفرقا غير متراكم و لا مطبق ثم يجتمع بعد ذلك بعضه الي بعض و الركام المتراكب بعضه فوق بعض من مستشارهم اي محل انبعاثهم و العرم يطلق علي الصّعب او المطر الشديد او الجرذ او الوادي او غيرها و قيل هو اسطرخ سبا و قيل انما اضيف السّيل الي الجرذ لانه نقب عليهم سدّا ضربته لهم بلقيس فحقنت به الماء و تركت فيه ثقبا علي مقدار ما يحتاجون اليه او المسناة التي عقدت سدّا علي انه جمع عرمه و هي الحجارة المركومة و كان ذلك بين عيسي عليه السّلام و محمد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و الاكمة التلّ و الرّض الدّق الجريش و الطود الجيل و في بعض النسخ الرصّ بالصّاد المهملة بمعني الالزاق و الضمّ و الشدّ و لعله الصّواب و المجرور في سننه يرجع الي السّيل او الي اللّه تعالي و الذعذعة بالذالين المجتمعين و العينين المهملتين التفريق و التشريد التنفير و التضعضع الهدم و الازلال الارم دمشق و الاسكندرية و بطنان جمع بطن و هو الغامض من الارض و زيتون مسجد دمشق او جبال شام و الطمطمة في الكلام ان يكون فيه عجمة يفضي منهم من درج اي يرجع من مات و الازواء الصرف و الفادح المثقل الصّعب و لعل طالع المشرق كناية عن الامام القائم صلوات اللّه و سلامه عليه

113 و من خطبه عليه السّلام

في الفتن و البدع-الوافي ص 14 عن الكافي عن عليّ عن ابنه عن حمّاد بن عيسي عن ابراهيم بن عثمان

ص: 414

عن سليم بن قيس الهلالي قال خطب امير المؤمنين عليه السّلام فحمد اللّه و اثني عليه ثمّ صلّي علي النبي صلي اللّه عليه و آله و سلّم ثم قال الاّ انّ اخوف ما اخاف عليكم خلّتان اتّباع الهوي و طول الامل امّا اتّباع الهوي فيصدّ عن الحقّ و امّا طول الامل فينسي الاخرة الا انّ الدّنيا قد ترحّلت مقبلة و لكلّ واحدة بنون فكونوا من أبناء الاخرة و لا تكونوا من أبناء الدّنيا فانّ اليوم عمل و لا حساب و انّ غدا حساب و لا عمل و انّما بدء وقوع الفتن اهواء تتّبع و احكام تبتدع يخالف فيها حكم اللّه يتولّي فيها رجال رجالا الا انّ الحقّ لو خلص لم يكن اختلاف و لو انّ الباطل خلص لم يخف علي ذي حجي لكنّه يؤخذ من هذا ضغث و من هذا ضغث فيمزجان فيجتمعان فيجلّلان معا فهنا لك يستولي الشّيطان علي اوليائه و نجا الّذين سبقت لهم من اللّه الحسني انّي سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول كيف أنتم اذا لبستكم فتنة يربوا فيها الصّغير و يهرم فيها الكبير يجري النّاس عليها و يتّخذونها سنّة فاذا غيّر

ص: 415

منها شيء قد غيّرت السّنّة و قد اتي النّاس منكرا ثمّ تشتدّ البليّة و تسبي الذّريّة و تدقّهم الفتنة كما تدقّ النّار الحطب و كما تدقّ الرّحي بثفالها و يتفقّهون لغير اللّه و يتعلّمون لغير العمل و يطلبون الدّنيا باعمال الاخرة ثمّ اقبل بوجهه و حوته ناس من اهل بيته و خاصّته و شيعته فقال قد عملت الولاة قبلي اعمالا خالفوا فيها رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم متعمّدين لخلافه ناقضين لعهده مغيّرين لسنّته و لو حملت النّاس علي تركها و حوّلتها الي مواضعها و الي ما كانت في عهد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم متعمّدين لتفرّق عنّي جندي حتّي ابقي وحدي او قليل من شيعتي الّذين عرفوا فضلي و فرض امامتي من كتاب اللّه و سنّة رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ارايتم لو امرت بمقام ابراهيم عليه السّلام فرددته الي الموضع الّذي وضعه فيه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و رددت فدك الي ورثة

ص: 416

فاطمة عليها السّلام ورددت صاع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم كما كان و امضيت قطائع اقطعها رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لاقوام لم تمض لهم و لم تنفذ ورددت دار جعفر الي ورثته و هدمتها من المسجد ورددت فضايا من الجور قضي بها و نزعت نساء تحت رجال بغير حقّ فرددتهنّ الي ازواجهنّ و استقبلت بهذا الحكم في الفروج و الاحكام و سبيت ذراري بني تغلب ورددت ما قسّم من ارض خيبر و محوت دواوين العطايا و اعطيت كما كان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يعطي بالسّويّة و لم اجعلها دولة بين الاغنياء و القيت المساحة و سوّيت بين المناكح و انفذت خمس الرّسول صلّي اللّه عليه و آله و سلّم كما انزل اللّه و فرضه و رددت مسجد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله الي ما كان عليه و سددت ما فتح فيه من الابواب و فتحت ما سدّ منه و حرّمت المسح علي الخفّين و حددت علي النّبيذ

ص: 417

و امرت باحلال المتعتين و امرت بالتّكبير علي الجنائز خمس تكبيرات و الزمت النّاس بالجهر ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم و اخرجت من ادخل مع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في مسجده ممّن كان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ادخله و حملت النّاس علي حكم القرآن و علي الطّلاق علي السّنّة و اخذت الصّدقات علي اصنافها و حدودها و رددت الوضوء و الغسل و الصّلوة الي مواقيتها و شرايعها و مواضعها و رددت اهل نجران الي مواضعهم و رددت سبايا فارس و سائر الامم الي كتاب اللّه و سنّة نبيّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم اذا لتفرّقوا عنّي و اللّه لقد امرت النّاس ان لا يجتمعوا في شهر رمضان الاّ في فريضة و اعلمتهم انّ اجتماعهم في النّوافل بدعة فتنادي بعض اهل عسكري ممّن يقاتل معي يا اهل الاسلام غيّرت سنّة عمر نهانا عن الصّلوة في شهر رمضان تطوّعا و لقد خفت ان يثوروا في ناحية جانب

ص: 418

عسكري ما لقيت من هذه الامّة من الفرقة و طاعة ائمّة الضّلال و الدّعاة الي النّار و اعطيت من ذلك سهم ذي القربي الّذي قال اللّه تعالي ان كنتم امنتم باللّه و ما انزلنا علي عبدنا يوم الفرقان يوم التقي الجمعان فنحن و اللّه عني بذي القربي الّذي قرننا اللّه بنفسه و برسوله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فقال فللّه و للرّسول و لذي القربي و اليتامي و المساكين و ابن السّبيل منّا خاصّة كيلا يكون دولة بين الاغنياء منكم و ما اتاكم الرّسول فخذوه و ما نهكم عنه فانتهوا و اتّقوا اللّه في ظلم ال محمّد صلوات اللّه عليهم انّ اللّه شديد العقاب لمن ظلمهم رحمة منه لنا و غني اغنانا اللّه به و وصيّ به نبيّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و لم يجعل لنا في سهم الصّدقة نصيبا اكرم اللّه رسوله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و اكرمنا اهل البيت ان يطعمنا من اوساخ النّاس فكذّبوا اللّه و كذّبوا رسوله و جحدوا كتاب اللّه النّاطق بحقّنا و منعونا فرضا فرضه

ص: 419

اللّه لنا ما لقي اهل بيت نبيّ من امّته مثل ما لقينا بعد نبيّنا صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و اللّه المستعان علي من ظلمنا و لا حول و لا قوّة الاّ باللّه العليّ العظيم اللّغات-الحجي بتقديم المهملة العقل الضّغث القبضة عن الشيء التجليل الستر يربوا فيها الصّغير اي يكبر كناية عن امتدادها الثفال بالكسر جلدة تبسط تحت رحا اليد ليقع عليها الدّقيق و يسمّي الحجر الاسفل مثقالا قد عملت الولاة قبلي اعمالا اراد عليه السّلام بها الولاة الثلاثة و اعمالهم التي خالفوا فيها رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و قوله ارايتم لو امرت بمقام ابراهيم عليه السّلام الي قوله اذا لتفرقوا عني اذا هذه جواب لو و ان بعدت عنها و ان عمر قد غير مقام ابراهيم زمان خلافته و ردّه الي ما كان في زمان الجاهلية و كان زمان رسول الله لازقا بالبيت و صاع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله كان خمسة ارطال برطل المدينة القطيعة طائفة من ارض الخراج اقطعها اي عينها و رددت قضايا من الجور كقضاء عمر بالعول و التعصيب في الارث و غيرها مما يخالف حكم اللّه و سنة نبيّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و نزعت نساء تحت رجال بغير حق كمن طلقت بغير شهود و غير طهر و غير ذلك و محوت دواوين العطايا اشارة بما ابتدع الثلاثة في زمان خلافتهم من الخراجات و غيرها مما لم يكن في عهد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و لا في عهد ابي بكر و لم اجعلها دولة بين الاغنياء يعني ان يتداولوه بينهم و يحرمون الفقراء و المراد بالمساحة مساحة الارض للخراج و سوّيت بين المناكح اشارة الي ما ابتدعه عمر من منعه غير قريش ان يتزوج في قريش و منعه التزويج بين العرب مع العجم و انفذت خمس الرسول اشارة الي منع عمر اهل البيت خمسهم و رددت مسجد رسول اللّه اشارة الي اخراج ما زادوه فيه و سددت ما فتح فيه من الابواب اشارة الي ما نزل به جبرئيل من الله و امره بسد الابواب من مسجده الاّ باب عليّ عليه السّلام كانهم قد عكسوا بعد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و حرّمت المسح علي الخفين في الوضوء اشارة الي تجويز عمر ذلك و امره به و حددت علي النبيذ لانهم استحلوه بعد الرّسول(ص) و امرت باحلال المتعتين متعة الحج و متعة النساء اذ قال عمر متعتان كانتا علي عهد رسول اللّه و انا احرّمها و اعاقب عليهما متعة النساء و متعة الحج و امرت بالتكبير علي الجنائز خمس تكبيرات ذلك لانهم جعلوها اربعا و الزمت الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم لانّهم يتخافتون بها او يسقطونها في الصّلوة و ادخلت من اخرج اشارة الي من امر اللّه باخراجهم عن المسجد و انهم خالفوا امره و امر رسوله و اخرجت من ادخل لعله اشارة الي المدفونين

ص: 420

عنده في المسجد او من ادخلوه فيه بعده و حملت الناس علي حكم القرآن ذلك لانهم خالفوا القرآن في كثير من احكامه و ابدعوا فيها و هي كثيرة جدّا من اراد الاطلاع بها فعليه بالكتب المبسوطة المتداولة بين الفريقين

114 و من خطبه عليه السّلام

في حقوق الوالي و الرّعية-نقلها في الوافي ص 17 عن الكافي عن علي بن الحسين المؤدب عن البرقي و احمد بن محمد بن احمد عن التيمي جميعا عن إسماعيل بن مهران عن عبد اللّه بن الحارث عن جابر عن ابي جعفر عليه السّلام قال خطب امير المؤمنين عليه السّلام الناس بصفّين فحمد اللّه و اثني عليه و صلّي علي نبيّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ثم قال امّا بعد فقد جعل اللّه لي عليكم حقّا بولاية امركم و منزلتي الّتي انزلني اللّه بها منكم و لكم عليّ من الحقّ مثل الّذي لي عليكم و الحقّ اجمل الاشياء في التّواصف و اوسعها في التّناصف لا يجري لاحد الاّ جري عليه و لا يجري عليه الاّ جري له و لو كان لاحد ان يجري ذلك و لا يجري عليه لكان ذلك للّه تعالي خالصا دون خلقه لقدرته علي عباده و لعدله في كلّ ما جرت عليه صروف قضائه و لكنّه جعل حقّه علي العباد ان يطيعوه و جعل كفّارتهم عليه حسن الثّواب تفضّلا منه و تطوّلا بكرمه و توسّعا بما هو من المزيد له اهل ثمّ جعل من حقوقه حقوقا فرضها لبعض النّاس علي بعض فجعلها تتكافي في وجوهها و يوجب بعضها

ص: 421

بعضا و لا يستوجب بعضها الاّ ببعض فاعظم ما افترض اللّه تعالي من تلك الحقوق حقّ الوالي علي الرّعيّة و حقّ الرّعيّة علي الوالي فريضة فرضها اللّه تعالي لكلّ علي كلّ فجعلها نظام الفتهم(و في نسخة نظاما لالفتهم) و عزّا لدينهم و قواما لسنن الحقّ فيهم فليست تصلح الرّعيّة الاّ بصلاح الولاة و لا تصلح الولاة الاّ باستقامة الرعيّة فاذا ادّت الرّعيّة الي الوالي حقّه و ادّي اليها الوالي كذلك عزّ الحقّ بينهم و قامت مناهج الدّين و اعتدلت معالم العدل و جرت علي ازلالها السّنن فصلح بذلك الزّمان و طاب به العيش و طمع في بقاء الدّولة و يئست مطامع الاعداء و اذا غلبت الرّعيّة علي واليهم و علا الوالي الرّعيّة اختلفت هنا لك الكلمة و ظهرت مطامع الجور و كثر الادغال في الدّين و تركت معالم السّنن فعمل بالهوي و عطّلت الاثار و كثر علل النّفوس و لا يستوحش لجسيم حقّ عطّل و لا لعظيم باطل اثّل فهنالك يذلّ الابرار و يعزّ الاشرار و تخرب البلاد و تعظّم تبعات اللّه عند العباد

ص: 422

فهلمّ ايّها النّاس الي التّعاون علي طاعة اللّه عزّ و جلّ و القيام بعدله و الوفاء بعهده و الانصاف له في جميع حقّه فانّه ليس العباد الي شيء احوج منهم الي التّناصح في ذلك و حسن التّعاون عليه و ليس احد و ان اشتدّ علي رضا اللّه حرصه و طال في العلم اجتهاده ببالغ حقيقة ما اعطي اللّه تعالي من الحقّ اهل(و في نهج البلاغة ببالغ حقيقة ما اللّه اهله من الطّاعة)و لكن من واجب حقوق اللّه علي العباد النّصيحة له بمبلغ جهدهم و التّعاون علي اقامة الحقّ فيهم ثمّ ليس امرء و ان عظمت في الحقّ منزلته و جسمت في الحقّ فضيلته بمستغن عن ان يعان علي ما حمله اللّه من حقّه و لا لامرء مع ذلك حسّت به الامور و اقتحمته العيون بدون ما ان يعين علي ذلك و يعان عليه و اهل الفضيلة في الحال و اهل النّعم العظام اكثر في ذلك حاجة و كلّ في الحاجة الي اللّه تعالي شرع سواء فاجابه رجل من عسكره لا يدري من قبل ذلك اليوم و لا بعده فقال و احسن الثّناء علي اللّه تعالي بما ابلاهم و اعطاهم من واجب حقّه عليهم

ص: 423

و الاقرار بكلّ ما ذكر من تصرّف الحالات به و بهم ثم قال انت اميرنا و نحن رعيّتك بك اخرجنا اللّه من الذّل و باعزارك اطلق عباده من الغلّ فاختر علينا و امض اختيارك و ائتمر فامض ائتمارك فانّك القائل المصدّق و الحاكم الموفّق و الملك المحوّل لا نستحلّ في شيء معصيتك و لا نقيس علما بعلمك يعظم عندنا في ذلك خطرك و يجلّ عنه في انفسنا فضلك فاجابه امير المؤمنين عليه السّلام فقال انّ من حقّ من عظم جلال اللّه في نفسه و جلّ موضعه من قلبه ان يصغر عنده لعظم ذلك كلّ ما سواه و انّ احقّ من كان كذلك لمن عظمت نعمة اللّه عليه و لطف احسانه اليه فانّه لم تعظم نعمة اللّه علي احد الاّ ازداد حقّ اللّه عليه عظما و انّ من استخفّ حالات الولاة عند صالح النّاس ان يظنّ بهم حبّ الفخر و يوضع امرهم علي الكبر و قد كرهت ان يكون جال في ظنّكم انّي احبّ الاطراء و استماع الثّناء و لست بحمد اللّه كذلك و لو كنت احبّ ان يقال ذلك لتركته انحطاطا للّه سبحانه عن تناول

ص: 424

ما هو احقّ به من العظمة و الكبرياء و ربّما استحلي النّاس الثّناء بعد البلاء فلا تثنوا عليّ بجميل ثناء لاخراجي نفسي الي اللّه و اليكم من البقيّة في حقوق لم افزع من ادائها و فرائض لا بدّ من امضائها فلا تكلّموني بما تكلّمون به الجبابرة و لا تتحفّظوا منّي بما يتحفّظ به عند اهل البادرة و لا تخالطوني بالمصانعة و لا تظنّوا بي استثقالا لحقّ قيل لي و لا التماس اعظام نفسي لما لا يصلح لي فانّه من استثقل الحقّ ان يقال له او العدل ان يعرض عليه كان العمل بهما اثقل عليه فلا تكفّوا عنّي مقالة بحقّ او مشورة بعدل فانّي لست في نفسي بفوق ما ان اخطيء و لا امن ذلك من فعلي الاّ ان يكفي اللّه من نفسي ما هو املك به منّي فانّما انا و أنتم عبيد مملوكون لربّ لا ربّ غيره يملك منّا ما لا نملك من انفسنا الي ما صلحنا عليه فابدلنا بعد الضّلالة بالهدي و اعطانا البصيرة بعد العمي فاجابه الرّجل الذي اجابه من قبل فقال انت اهل ما قلت و اللّه و اللّه اهل فوق ما قلته فبلاءه عندنا لا يكفر و قد حملك اللّه رعايتنا و ولاّك سياسة امورنا فاصبحت علمنا الذي نهتدي به و امامنا الّذي

ص: 425

نقتدي به و امرك كلّه رشد و قولك كلّه ادب قد قرّت بك في الحيوة اعيننا و امتلأت من سرور بك قلوبنا و تحيّرت من صفة ما فيك من بارع الفضل عقولنا و لسنا نقول لك ايّها الامام الصّالح تزكية لك و لا نجاوز القصد في الثناء عليك و لمن يكون في في انفسنا طعن علي يقينك او غشّ في دينك فتخوّف ان تكون احدثت بنعمة اللّه تعالي تجبّرا و دخلك كبر و لكنّا نقول لك ما قلنا تقربا الي اللّه تعالي بتوقيرك و توسّعا بتفضيلك و شكرا باعظام امرك فانظر لنفسك و لنا و اثر امر اللّه علي نفسك و علينا فنحن طوّع فيما امرتنا ننقاد من الامور مع ذلك فيما ينفعنا فاجابه امير المؤمنين فقال و انا استشهدكم عند اللّه علي نفسي لعلمكم فيما ولّيت به من اموركم و عمّا قليل يجمعني و ايّاكم الموقف بين يديه و السّؤال عمّا كنّا فيه ثمّ يشهد بعضنا علي بعض فلا تشهدوا اليوم بخلاف ما أنتم شاهدون غدا فانّ اللّه تعالي لا يخفي عليه خافية و لا يجوز عنده الاّ منّا صحّة الصّدر في جميع الامور فاجابه الرّجل و يقال لم يري الرّجل بعد كلامه هذا لامير المؤمنين عليه السّلام فاجابه و قد عال الذي في صدره فقال و البكاء يقطع منطقه و غصص الشّجا يكسر صوته اعظاما لخطر مرزئته و وحشة من كون فجيعته فحمد اللّه و اثني ثم شكا عليه هول ما اشفي اليه من الخطر العظيم و الذل الطويل في فساد زمانه و انقلاب حدّه و انقطاع ما كان من دولته ثم نصب المسألة الي اللّه تعالي بالامتنان عليه و المدافعة عنه بالتفجّع و حسن الثناء فقال يا ربّاني العباد و يا ساكن البلاد اين يقع قولنا من فضلك و اين يبلغ وصفنا من فعلك و انّي نبلغ حقيقة حسن ثناءك او نحصي جميل بلاءك و كيف ربّك جرت نعم اللّه علينا و علي يدك اتصلت اسباب الخير الينا الم تكن الذلّ الذليل ملاذا و للعصاة الكفار اخوانا فبمن الا باهل بيتك و بك اخرجنا اللّه من فضاعة تلك الخطرات او بمن فرّج عنّا غمرات الكربات و بمن

ص: 426

الاّ بكم اظهر اللّه معالم ديننا و استصلح ما كان فسد من دنيانا حتي استبان بعد الجور ذكرنا و قرّت من رخاء العيش اعيننا لما ولّيتنا بالاحسان جهدك و وفيت لنا بجميع وعدك و قمت لنا علي جميع عهدك فكنت شاهد من غاب منا و خلف اهل البيت لنا و كنت عزّ ضعفاءنا و عماد عظمائنا يجمعنا في الامور عدلك و يتّسع لنا في الحقّ تانّيك فكنت لنا انسا اذا اريناك و سكنا اذا ذكرناك فايّ الخيرات لم تفعل و ايّ الصّالحات لا تعمل و لو انّ الامر الذي نخاف عليك منه يبلغ تحويله جهدنا و يقوّي لمدافعته طاقتنا او يجوز الفداء عنك منه بانفسنا و بمن نفد فيه بالنفوس من أبناءنا لقد منا انفسنا و أبناءنا قبلك و لا خطرناها و قل خطرها دونك و لقمنا بجهدنا في محاولة من حاولك و في مدافعة من ناواك و لكنّه سلطان لا يحاول و عزّ لا يزاول و ربّ لا يغالب فان يمنّن علينا بعافيتك و يترحّم علينا ببقاءك و يتحنّن علينا بتفريح هذا من حالك الي سلامة منك لنا و بقاء منك بين اظهرنا نحدث للّه عزّ و جل بذلك شكرا نعظمه و ذكرا نديمه و نقسم انصاف اموالنا صدقات و انصاف رقيقنا عتقاء و نحدث له تواضعا في انفسنا و نخشع في جميع امورنا و ان يمض بك الجنان و يجري عليك حتم سبيله فغير متّهم فيك قضائه و لا مدفوع عنك بلاءه و لا مختلفة مع ذلك قلوبنا بانّ اختياره لك ما عنده علي ما كنت فيه و لكنّا نبكي من غير اثم لعزّ هذا السّلطان ان يعود ذليلا و للدّين و الدنيا اكيلا فلا نري لك خلفا نشكو اليه و لا نظيرا نامّله و لا نقيمه اللّغات قوله فريضة فرضها اللّه امّا مرفوع ليكون خبر مبتداء محذوف و امّا منصوب علي الحالية او باضمار فعل عزّ الحق اي غلب علي ازلالها زلّ الطريق بالكسر محجّتها و امور الله الجارية علي ازلالها مجاريها و هي جمع زلّ بالكسر اثّل يقال مال مؤثّل و مجد مؤثّل اي مجموع ذو اصل و اثّله اي زكّاه و في النهج انه بالتخفيف خسئت به الامور اي طردت و بعدت قوله فاجابه رجل قال العلامة المجلسي ره في شرح الخطبة الظاهر هو الخضر من الغلّ اي اغلال الشرك و المعاصي و المحكي عن بعض النسخ القديمة(اطلق عنّا دهاين الغل)اي ما يوجب اغلاله يوم القيمة و ائتمر اي اقبل ما امرك اللّه به فامضه علينا و الايتمار بمعني المشاورة و المخول بالخاء المنعم عليه من اسخف في بعض نسخ الكافي من استخفّ من الاستخفاف و في النهج و بعض النسخ من اسحف بكسر الميم من السّخافة جال بالجيم من الجولان الاطراء المبالغة في المدح و ربّما استحلي الناس اي وجدوه حلوا لاخراجي نفسي اي لاعترافي بين يدي اللّه و بمحصر منكم انّ حقوقا علي في ولايتكم و رياستي عليكم لم اقم بها البادرة الحدّة و الكلام الذي يسبق من الانسان في الغضب المصانعة الرشوة و المداراة فبلائه عندنا لا يكفر اي نعمته عندنا وافرة بحيث لا نستطيع كفرها و سترها و قد عال الذي في صدره يقال عالني الشيء اي غلبني و عال امرهم اشتد غصص الشجا الغصة بالضم ما اعترض في الحلق و الشجا و الشجوا لهمّ و الحزن قوله

ص: 427

لخطر مرزئته الخطر بالتحريك القدر و المنزلة و الاشراف علي الهلاك و المرزئة الفجيعة و المصيبة قوله اشفي اي اشرف عليه الربّاني منسوب الي الرب بزيادة الالف و النون و هو العالم الراسخ في العلم و الدين الذي يطلب بعلمه وجه اللّه و العصاة الكفّار اخوانا اي كنت تعاشر من يعصيك كمعاشرة الاخوان شفقة منك عليهم طالبا لهدايتهم الحور النقصان بعد الزيادة و في بعض النسخ الجور و الثّمال الملجأ يبلغ تحريكه اي تغييره و صرفه و في بعض النسخ القديمة تحويله حاولك اي قصدك اكيلا الاكيل بمعني الماكول و بمعني الاكل و هنا بمعني الثاني اي نبلي بتبدل هذا السلطان الحق بسلطنة الجور فيكون اكلا للدين و الدّنيا و في بعض النسخ لعن الله هذا السّلطان فمرجع الاشارة شخصه اقول ان هذه الخطبة قد نقلها الرضي رضي الله عنه و ارضاه في النهج لكن لما كان بين ما فيه و في الكافي اختلافا كثيرا و زيادة و نقصانا فلذا اوردتها في مجموعتي هذه تعميما للعائده و تتميما للفائدة

17 و من خطبه عليه السّلام

في معاتبة طالبي التفضيل نقلها في الوافي ص 20 عن الكافي عن علي عن ابيه و محمد بن عليّ جميعا عن إسماعيل بن مهران و بالاسنادين المتقدمين عن إسماعيل بن مهران عن المنذر بن جعفر عن الحكم بن ظهير عن عبد الله بن جرير العبدي عن الأصبغ بن نباته قال اتي امير المؤمنين عليه السّلام عبد الله بن عمر و ولد ابي بكر و سعد بن ابي وقاص يطلبون منه التفضيل لهم فصعد المنبر و مال الناس اليه فقال الحمد للّه وليّ الحمد و منتهي الكرم لا تدركه الصّفات و لا يحدّ باللّغات و لا يعرف بالغايات و اشهد ان لا اله الاّ اللّه وحده لا شريك له و انّ محمّدا رسول اللّه نبيّ الهدي و موضع التّقوي و رسول الرّبّ الاعلي جاء بالحقّ من عنده لينذر بالقرآن المبين و البرهان المستبين صدّع بالكتاب المبين و مضي علي ما مضت عليه الرّسل الاوّلون امّا بعد ايّها النّاس فلا تقولنّ رجال قد كانت الدّنيا

ص: 428

غمرتهم فاتّخذوا العقار و فجّروا الانهار و ركبوا افره الدّواب و لبسوا الين الثّياب فصار ذلك عليهم عارا و شنارا ان لم يغفر لهم الغفّار اذا منعتهم ما كانوا فيه يخوضون و صيّرتهم الي ما يستوجبون فيفقدون ذلك فيسئلون و يقولون ظلمنا عليّ بن ابي طالب و حرمنا و منعنا حقوقنا فاللّه عليهم المستعان من استقبل قبلتنا و اكل ذبيحتنا و امن بنبيّنا و شهد شهادتنا و دخل في ديننا اجرينا عليه حكم القرآن و حدود الاسلام ليس لاحد علي احد فضل الاّ بالتّقوي الا و انّ للمتّقين عند اللّه افضل الثّواب و احسن الجزاء و المأب لم يجعل اللّه تعالي الدّنيا للمتّقين ثوابا و ما عند اللّه خير للابرار انظروا اهل دين اللّه فيما اصبتم في كتاب اللّه و تركتم عند رسول اللّه و جاهدتم به في ذات اللّه أ بحسب ام بنسب ام بعمل ام بطاعة ام زهادة و فيما اصبحتم فيه راغبين فسارعوا الي منازلكم رحمكم اللّه الّتي امرتم بعمارتها العامرة الّتي

ص: 429

لا تخرب الباقية الّتي لا تنفد الّتي دعاكم اليها و حضّكم عليها و رغّبكم فيها و جعل الثّواب عنده عنها فاستتمّوا نعم اللّه تعالي بالتّسليم لقضائه و الشّكر علي نعمائه فمن لم يرض بهذا فليس منّا و لا الينا و انّ الحاكم يحكم بحكم اللّه و لا خشية عليه من ذلك اولئك هم المفلحون و في نسخة و لا وحشة و اولئك لا خوف عليهم و لا هم يحزنون.و قال و قد عاتبتكم بدرّتي الّتي اعاتب بها اهلي فلم تبالوا و ضربتكم بسوطي الّذي اقيم به حدود ربّي فلم ترعووا ا تريدون ان اضربكم بسيفي اما انّي اعلم الّذي تريدون و يقيم اودكم و لكن لا اشتري صلاحكم بفساد نفسي بل يسلّط اللّه عليكم قوما فينتقم لي منكم فلا دنيا استمتعتم بها و لا اخرة صرتم اليها فبعدا و سحقا لاصحاب السّعير اللّغات ولد ابي بكر عبد الرحمن فصّدع اي شق جماعاتهم بالتوحيد او اجهر بالقرآن او اظهر او احكم بالحق افره الدّواب يقال دابة فارهة اي نشيطة قويّة نفيسة قوله بدرّتي الدرّة بالكسر التي يضرب بها و هي اصغر من السّوط و هو اكبر و اشدّ منها و الاعواء الانزجار عن القبيح و قيل الندم علي الشيء سحقا اي بعدا

18 و من خطبه عليه السّلام

ص: 430

في الزّهد و العبادة-في الوافي ص 21 نقلها عن الكافي عن علي بن الحسين المؤدب و غيره عن البرقي عن إسماعيل بن مهران عن عبد اللّه بن الحارث الهمداني عن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال خطب امير المؤمنين عليه السّلام فقال الحمد للّه الخافض الرّافع الضّارّ النّافع الجواد الواسع الجليل ثناءه الصّادقة اسمائه المحيط بالغيوب و ما يخطر بالقلوب الّذي جعل الموت بين خلقه عدلا و انعم بالحياة عليهم فضلا فاحيي و امات و قدّر الاقوات احكمها بعلمه تقديرا و اتقنها بحكمه تدبيرا انّه كان خبيرا بصيرا هو القائم بلا فناء و الباقي الي غير منتهي يعلم ما في الارض و ما في السّماء و ما بينهما و ما تحت الثّري احمده بخالص حمده المخزون بما حمده به الملائكة و النّبيّون حمدا لا يحصي له عدد و لا يتقدّمه امد و لا يأتي بمثله احد او من به و اتوكّل عليه و استهديه و استكفيه و استقضيه بخير و استرضيه و اشهد ان لا اله الاّ اللّه وحده لا شريك له و اشهد انّ محمّدا عبده و رسوله ارسله بالهدي و دين الحقّ ليظهره علي الدين كلّه و لو كره المشركون صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ايّها النّاس انّ الدّنيا

ص: 431

ليست لكم بدار و لاقرار انّما أنتم فيها كركب عرسوا فانا خوا ثمّ استقلّوا فعدوا و راحوا دخلوا خفافا و راحوا خفافا لم يجدوا عن مضيّ نزوعا و الي ما تركوا رجوعا جدّ بهم فجدّوا و ركنوا الي الدّنيا فما استعدّوا حتّي اذا اخذ بكظمهم و خلصوا لي دار قوم جفّت اقلامهم لم يبق من اكثرهم خبر و لا اثر قلّ في الدّنيا لبثهم و عجل الي الاخرة بعثهم فاصبحتم حلولا في ديارهم ظاعنين علي اثارهم و المطايا بكم تسير سيرا ما فيه اين و لا تقصير نهاركم بانفسكم دؤوب و ليلكم بارواحكم ذهوب فاصبحتم تحكمون من حالهم حالا و تحتذون من مسلكهم مثالا فلا تغرّنّكم الحيوة الدّنيا فانّما أنتم فيها سفر حلول الموت بكم نزول تتنضّل فيكم مناياه و تمضي باخباركم مطاياه الي دار الثّواب و العقاب و الجزاء و الحساب رحم اللّه امرأ راقب ربّه و تنكّب ذنبه و كابر هواه و كذب مناه امرأ ازمّ نفسه من التّقوي بزمام و الجمها من خشية ربّها بلجام فقادها

ص: 432

الي الطّاعة بزمامها و قدعها عن المعصية بلجامها رافعا الي المعاد طرفه متوقّعا في كلّ اوان حتفه دائم الفكر طويل السّهر عزوفا عن الدّنيا ساما كدوحا لاخرته متحافظا امرأ جعل الصّبر مطيّة نجاته و التّقوي عدّة وفاته و دواء اجوائه فاعتبر و قاس و ترك الدّنيا و النّاس يتعلّم للتّفقّه و السّداد و قد وقّر قلبه ذكر المعاد و طوي مهاده و هجر وساده منتصبا علي اطرافه داخلا في اعطافه خاشعا للّه يراوح بين الوجه و الكفّين خشوع في السّر لربّه لدمعه صبيب و لقلبه وجيب شديدة اسباله ترتعد من خوف اللّه تعالي اوصاله قد عظمت فيما عند اللّه رغبته و اشتدّت منه رهبته راضيا بالكفاف من امره و ان احسن طول عمره يظهر دون ما يكتم و يكتفي باقلّ ممّا يعلم اولئك ودايع اللّه في بلاده المدفوع بهم عن عباده لو اقسم احدهم علي اللّه تعالي لابرّه او دعا علي احد نصره اللّه يسمع اذا ناجاه و يستجيب له اذا دعاه جعل اللّه العاقبة للتّقوي

ص: 433

و الجنّة لاهلها مأوي دعائهم فيها احسن الدّعاء سبحانك اللّهمّ دعاهم المولي علي ما اتاهم و اخر دعواهم ان الحمد للّه ربّ العالمين اللغات-استقصبه بالصاد المهملة من قولهم استقصي في المسألة و تقصي اذا بلغ الغايّة او بالضاد المعجمة كما في بعض النسخ من قولهم استقضي فلان اي طلب اليه ان يقضيه كركب عرّسوا الرّكب جمع راكب و التعريس نزول القوم في السفر من اخر اللّيل نزلة للنوم و الاستراحة ثم استقلوا استقل القوم اي مضوا و ارتحلوا حكي عن الجوهري نزوعا نزع نزوعا اي كفّ و اقلع عنه اي لم يقدروا علي الكف جدّبهم فجدوا اي حثوهم علي الاسراع في المسير فاسرعوا بكطمهم الكظم محركة الحلق و الفم و فخرج النفس من الحلق حلول جمع حال ظاعنين اي سائرين ما فيه اين قال الجوهري الاين الاعياء تنضل فيكم مناياه التنضّل و الانتضال رمي السهام سفر حلول هما جمعان اي مسافرون حللتم في الدنيا دؤب يقال فلان دءوب في العمل اذا تعب و جدّ تمضي باخباركم مطاياه الاخبار الاعمال و المطايا يطلق علي الاشخاص و الاعمار و حفظة الاعمال و كابر هواه اي غالبها و خالفها و في بعض النسخ كابدها بالدال المهملة اي قاساها شدته في ترك هواه قدعها بالقاف كفّها و الحتف الموت و الغروف عن الشيء الزهد فيه و الانصراف عنه و الملال منه و السامة الملال و الكدح السّعي و الجواء حرقة القلب و العطاف الرداء الوجيب اضطراب القلب الاسبال ارسال الدّمع و الاوصال المفاصل

117 و من خطبه عليه السّلام

في انذاره بما يأتي من زمان السؤ-الوافي ص 22 عن الكافي عن احمد بن سعيد بن المنذر بن محمد بن ابيه عن جده قال خطب امير المؤمنين عليه السّلام و رواها غير بغير هذا الاسناد و ذكر انه خطب بذي قار فحمد اللّه و اثني عليه ثم قال امّا بعد فانّ اللّه تعالي بعث محمّدا صلّي اللّه عليه و اله و سلّم بالحقّ ليخرج عباده من عبادة عباده الي عبادته و من عهود عباده الي عهوده و من طاعة عباده الي طاعته و من ولاية عباده الي ولايته بشيرا و نذيرا و داعيا الي اللّه باذنه

ص: 434

و سراجا منيرا عودا و بدوا عذرا و نذرا بحكم قد فصّله و تفصيل قد احكمه و فرقان قد فرّقه و قرآن قد بيّنه ليعلّم العباد من ربّهم اذ جهلوه و ليقرّوا به اذ جحدوه و ليثبتوه بعد ان انكروه فتجلّي لهم سبحانه في كتابه من غير ان يكونوا رأوه فاراهم حلمه كيف حلم و اراهم عفوه كيف عفي و اراهم قدرته كيف قدر و خوّفهم من سطوته و كيف خلق ما خلق من الايات و كيف محق من محق من العصاة بالمثلات و احتصد من احتصد بالنّقمات و كيف رزق و هدي و اعطي و اراهم حكمه كيف حكم و صبر حتّي يسمع ما يسمع و يري فبعث اللّه محمّدا صلّي اللّه عليه و اله و سلّم و ليس عند اهل ذلك الزّمان شيء اخفي من الحقّ و اظهر من الباطل و لا اكثر من الكذب علي اللّه و علي رسوله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و ليس عند اهل ذلك الزّمان سلعة ابور من الكتاب اذا تلي حقّ تلاوته و لا سلعة انفق بيعا و لا اغلا ثمنا من الكتاب اذا حرّف عن مواضعه و ليس في العباد

ص: 435

و لا في البلاد شيء هو انكر من المعروف و لا هو الاعرف من المنكر و ليس فيها فاحشة انكر و لا عقوبة انكر من الهدي عند الضّلال في ذلك الزّمان فقد نبذ الكتاب حملته و تناساه حفظته حتّي تمالت بهم الاهواء و توارثوا ذلك من الاباء و عملوا بتحريف الكتاب كذبا و تكذيبا فباعوه بالبخس و كانوا فيه من الزّاهدين فالكتاب و اهل الكتاب في ذلك الزّمان طريدان منفيّان و صاحبان مصطحبان في طريق واحد لا يؤويهما مؤو فحبّذا ذانك الصّاحبان و اهالهما و لما يعملان(يعمدان)له فالكتاب و اهل الكتاب في ذلك الزّمان في النّاس و ليسوا فيهم و معهم و ليسوا معهم و ذلك لانّ الضّلالة لا توافق الهدي و ان اجتمعا و قد اجتمع القوم علي الفرقة و افترقوا عن الجماعة قد ولّوا امرهم و امر دينهم من يعمل فيهم بالمكر و المنكر و الرّشا و القتل لم يعظهم علي تحريف الكتاب تصديقا لما يفعل و تزكية لفضله و لم يولّوا

ص: 436

امرهم من يعلم الكتاب و يعمل بالكتاب و لكن ولّهم من يعمل بعمل اهل النّار كانّهم ائمّة الكتاب و ليس الكتاب امامهم لم يبقهم من الحقّ الاّ اسمه و لم يعرفوا من الكتاب الاّ خطّه و زبره يدخل الدّاخل لمّا يسمع من حكم القرآن فلا يطمئنّ جالسا حتّي يخرج من الدّين ينتقل من دين ملك الي دين ملك و من ولاية ملك الي ولاية ملك و من طاعة ملك الي طاعة ملك و من عهود ملك الي عهود ملك فاستدرجهم اللّه تعالي من حيث لا يعلمون و انّ كيده متين بالامل و الرّجاء حتّي توالدوا في المعصيته و دانوا بالجور و الكتاب لم يضرب عن شيء منه صفحا ضلاّلا تائهين قد دانوا بغير دين اللّه تعالي و ادانوا لغير اللّه مساجدهم في ذلك الزّمان غامرة من الضّلالة خربة من الهدي قد بدّل ما فيها من الهدي فقرّاءها و عمّارها اخايب خلق اللّه و خليقته من عندهم جرت الضّلالة و اليهم تعود فحضورهم مساجدهم و المشي اليها كفر باللّه العظيم الاّ

ص: 437

من مشي اليها و هو عارف بضلالهم فصارت مساجدهم من فعالهم علي ذلك النّحو خربة من الهدي عامرة من الضّلالة قد بدّلت سنّة اللّه و تعدّيت حدود اللّه لا يدعون الي الهدي و لا يقسمون الفيء و لا يوفون بذمّة يدعون القتيل منهم علي ذلك شهيدا فدانوا اللّه بالافتراء و الجحود و استغنوا بالجهل عن العلم و من قبل ما مثّلوا بالصّالحين من كلّ مثلة و سمّوا صدقهم علي اللّه فرية و جعلوا في الحسنة العقوبة السّيّئة و قد بعث اللّه تعالي اليكم رسولا من انفسكم عزيز عليه ما عنّتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و انزل عليه كتابا عزيزا الا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من عزيز حميد قرآنا غير ذي عوج لينذر من كان حيّا و يحقّ القول علي الكافرين فلا يلهيّنكم الامل و لا يطولنّ عليكم الاجل فانّما اهلك من كان قبلكم امتداد املهم و تغطية الاجال عنهم حتّي نزل بهم

ص: 438

الموعود الّذي تردّ عنه المعذرة و ترفع عنه التّوبة و تحلّ معه القارعة و النّقمة و قد ابلغ اللّه تعالي اليكم بالوعيد و فصّل لكم القول و علّمكم السّنّة و شرع لكم المناهج ليزيح العلّة و حثّ علي الذّكر و دلّ علي النّجاة و انّه من انتصح اللّه و اتّخذ قوله دليلا هداه للّتي هي اقوم و وفّقه للرّشاد و سدّده و يسّره للحسني فانّ جار اللّه من محفوظ و عدوّه خائف مغرور فاحترسوا من اللّه بكثرة الذّكر و اخشوا منه بالتّقوي(بالتّقي)و تقرّبوا اليه بالطّاعة فانّه قريب مجيب قال اللّه تعالي و اذا سألك عبادي عنّي فانّي قريب اجيب دعوة الدّاع اذا دعان فليستجيبوا لي و ليؤمنوا بي لعلّهم يرشدون فاستجيبوا للّه و امنوا به و عظّموا اللّه الّذي لا ينبغي لمن عرف عظمة اللّه تعالي ان يتعظّم فانّ رفعة الدّين يعلمون ما عظّمه اللّه ان يتواضعوا له و عزّ الدّين يعلمون ما جلال اللّه ان يذلّوا له و سلامة الدّين يعلمون ما قدرة اللّه ان يستسلموا له

ص: 439

فلا ينكرون انفسهم بعد حدّ المعرفة و لا يضلّون بعد الهدي فلا تنفروا من الحقّ نفار الصّحيح من الاجرب و الباري من ذي السّقم و اعلموا علما يقينا انّكم لن تعرفوا الرّشد حتّي تعرفوا الّذي تركه و لن تأخذوا بميثاق الكتاب حتّي تعرفوا الّذي نقضه و لن تمسّكوا به حتّي تعرفوا الّذي تعدّي(و لن تتلوا الكتاب حتّي تعرفوا الّذي حرّفه و لن تعرفوا الضّلالة حتّي تعرفوا الهدي و لن تعرفوا التّقوي حتّي تعرفوا الّذي تعدّي)فاذا عرفتم ذلك عرفتم البدع و التّكلّف و رايتم الفرية علي اللّه و علي رسوله و التّحريف لكتابه و رايتم كيف هدي اللّه من هدي فلا يجهلنّكم الّذين لا يعلمون فانّ علم القرآن ليس يعلم ما هو الاّ من ذاق طعمه فعلم بالعلم جهله و ابصر به عماه و سمع به صممه و ادرك به علم ما فات و حيّ به بعد اذ مات و اثبت عند اللّه تعالي به مؤخر ذكره الحسنات و محي به السّيّئات و ادرك به رضوانا من اللّه تعالي

ص: 440

فاطلبوا ذلك من عند اهله خاصّة فانّهم خاصّة نور يستضاء به و ائمّة يهتدي بهم و هم عيش العلم و موت الجهل هم الّذين يخبركم حكمهم عن علمهم و صمتهم عن منطقهم و ظاهرهم عن باطنهم لا يخالفون الدّين و لا يختلفون فيه فهو بينهم شاهد صادق و صامت ناطق فهو من شانهم شهداء بالحقّ و مخبر صادق لا يخالفون الحقّ و لا يختلفون فيه قد خلت لهم من اللّه سابقة و مضي فيهم من اللّه تعالي حكم صادق و في ذلك ذكري للذّاكرين فاعقلوا الحقّ اذا سمعتموه عقل رعاية و لا تعقلوه عقل رواية فانّ رواة الكتاب كثير و رعاته قليل و اللّه المستعان اللغات ذوقار موضع بين الكوفة و واسط عود او بدوا يعني عود الي الدعوة بعد ما بدء فيها المثلات جمع المثله بفتح الميم و ضم الثاء و هي العقوبة و الاحتصاد المبالغة في القتل و الاستيصال ماخوذ من حصد الزرع و السلعة بكسر السين المتاع و البوار الكساد و قوله انكي يقال نكيت في العدوّ انكي نكاية اذا كثرت فيهم الجراح و القتل فوهنوا لذلك و تناساه اي اري من نفسه انه نسيه حتي تمالت بهم الاهواء كذا في اكثر النسخ و يحتمل ان يكون بتشديد اللام تفاعلا من الملال اي بالغوا في متابعة الاهواء حتي كانّها ملّت بهم او بتخفيف اللام من قولهم تمالئوا عليه اي تعاونوا و اجتمعوا فخفف الهمزة و يكون الباء بمعني علي قال المجلسي ره و الاظهر ما في النسخة المصحّحة القديمة و هو تمايلت اي امالتهم الاهواء و الشهوات عن الحق الي الباطل و في بعض النسخ غالت بالغين المعجمة من قولهم غاله اي اهلكه لا يؤويهما مؤو كناية عن عدم الرجوع اليهما و الاخذ بما يأمران به

ص: 441

و البخس بالباء و الخاء الناقص و قوله واها كلمة تلهّف و توجّع لما يعملان له في بعض النسخ لما يعمدان اي العلّة الغائية من خلقهما لم يعظهم يعني الوالي تصديقا متعلق بالتحريف الزّير بالفتح مصدر زبرت اي كتبت و بالكسر المكتوب لم يضرب عن شيء منه صفحا اي لم يعرض عنه اعراضا بل بيّن ذلك جميعا فان فيه تبيان كلّ شيء و اخايب جمع اخيب و المثلة بالضم النكال و من روي مثّلوا بالتشديد اراد جدعوهم بقطع الكلام و هو الاذان و الانوف العقوبة السّيئة في بعض الروايات عقوبة السّيئة بالاضافة و لعله افصح من انفسكم من جنسكم عربّي مثلكم و قرئ من انفسكم اي اشرفكم شديد شاقّ ما عنتّم عنتكم و لقاءكم المكروه حريص عليكم اي علي ايمانكم من صلاح شانكم من كان حيّا اي عاقلا فهما فان الغافل كالميت او مؤمنا في علم اللّه تعالي بالموعود الموت القارعة الشديدة من شدائد الدّهر و هي الداهية و الانتصاح قبول النّصيحة

118 و من خطبه عليه السّلام

مرآة العقول عن الكافي عن علي بن ابراهيم عن ابيه عن ابن محبوب عن محمد بن النعمان او غيره عن ابي عبد اللّه عليه السّلام انه ذكر هذه الخطبة لامير المؤمنين عليه السّلام يوم الجمعة الحمد للّه اهل الحمد و وليّه و منتهي الحمد و محلّه البديّ البديع الاجلّ الاعظم الاعزّ الاكرم المتوحّد بالكبرياء و المتفرّد بالالاء القاهر بعزّه و المتسلّط بقهره الممتنع بقوّته المهيمن بقدرته و المتعالي فوق كلّ شيء بجبروته و المحمود بامتنانه و باحسانه المتفضّل بعطائه و جزيل فوائده الموسّع برزقه المسبغ بنعمته نحمده علي الائه و تظاهر نعمائه

ص: 442

حمدا يزن عظمة جلاله و لا يملاء قدر الائه و كبرياءه و اشهد ان لا اله الاّ اللّه وحده لا شريك له الّذي كان في ازليّته متقادما و في ديموميّة متسيطرا خضع الخلائق بوحدانيّة و ربوبيّته و قديم ازليّته و دانوا الدوام ابديّته و اشهد انّ محمّدا عبده و رسوله و خيرته من خلقه اختاره بعلمه و اصطفاه لوحيه و أتمنه علي سرّه و ارتضاه لخلقه و انتد به لعظيم امره و لضياء معالم دينه و مناهج سبيله و مفتاح وحيه و سببا لباب رحمته ابتعثه علي حين فترة من الرّسل و هداة من العلم و اختلاف من الملل و ضلال عن الحقّ و جهالة بالرّبّ و كفر بالبعث و الوعد ارسله الي النّاس أجمعين رحمة للعالمين بكتاب كريم قد فضّله و فصّله و بيّنه و اوضحه و اعزّه و حفظه من ان يأتيه الباطل من بين يديه و من خلفه تنزيل من حكيم حميد ضرب للنّاس فيه الامثال و صرف فيه الايات لعلّهم يعقلون احلّ فيه الحلال و حرّم فيه الحرام

ص: 443

و شرع فيه الدّين لعباده عذرا او نذرا لئلاّ يكون للنّاس علي اللّه حجّة بعد الرّسل و يكون بلاغا لقوم عابدين فبلّغ رسالته و جاهد في سبيله و عبده حتّي اتاه اليقين صلّي اللّه عليه و آله و سلّم تسليما كثيرا اوصيكم عباد اللّه و اوصي نفسي بتقوي اللّه الّذي ابتدء بدؤ الامور بعلمه و اليه يصير غدا معادها و يبدء فنائها و فنائكم و تصرّم ايّامكم و فناء اجالكم و انقطاع مدّتكم فكان قد زالت عن قليل عنّا و عنكم كما زالت عمّن كان قبلكم و اجعلوا عباد اللّه اجتهادكم في هذه الدّنيا بالتّزوّد من يومها القصير ليوم الاخرة الطّويل فانّها دار عمل و الاخرة دار القرار و الجزاء فتجافوا عنها فانّ المغترّ من اغترّ بها لن تعدوا الدّنيا اذا تناهت اليها امنيّة اهل الرّغبة فيها المحبّين لها و المطمئنّين اليها المفتونين بها ان تكون كما قال اللّه تعالي كماء انزلناه من السّماء فاختلط به نبات الارض ممّا تأكل النّاس و الانعام الاية مع انّه لم يصب امرؤ منكم في هذه

ص: 444

الدّنيا حبرة الاّ اورثته عبرة و لا يصبح فيها في جناح امن الاّ و هو يخاف فيها نزول جائحة او تغيّر نعمة او زوال عافية مع انّ الموت من وراء ذلك و هول المطّلع و الوقوف بين يدي الحكم العدل يجزي كلّ نفس بما عملت ليجزي الّذين اساءوا بما عملوا و يجزي الّذين احسنوا بالحسني فاتّقوا اللّه عزّ ذكره و سارعوا الي رضوان اللّه و العمل بطاعته و التّقرّب اليه بكلّ ما فيه الرّضا فانّه قريب مجيب جعلنا اللّه و ايّاكم ممّن يعمل بمحابّته و يجتنب سخطه ثمّ انّ احسن القصص و ابلغ الموعظة و انفع التّذكّر كتاب اللّه قال اللّه تعالي اذا قرئ القرآن فاستمعوا له و انصتوا لعلّكم ترحمون استعيذ باللّه من الشّيطان الرّجيم بسم اللّه الرّحمن الرّحيم و العصر انّ الانسان لفي خسر الاّ الّذين امنوا و عملوا الصّالحات و تواضعوا بالحقّ و تواصوا بالصّبر انّ اللّه و ملائكته يصلّون علي النّبيّ يا ايّها الّذين امنوا صلّوا عليه و سلّموا تسليما اللّهمّ صلّ علي محمّد و ال محمّد و بارك

ص: 445

علي محمّد و ال محمّد و تحنّن علي محمّد و ال محمّد و سلّم علي محمّد و ال محمّد كافضل ما صلّيت و باركت و ترحّمت و تحنّنت و سلّمت علي ابراهيم و ال ابراهيم انّك حميد مجيد اللّهمّ اعط محمّدا الوسيلة و الشّرف و الفضيلة و المنزلة الكريمة اللّهمّ اجعل محمّدا و ال محمّد اعظم الخلائق كلّهم شرفا يوم القيمة و اقربهم منك مقعدا و اوجههم عندك يوم القيمة جاها و افضلهم عندك منزلة و نصيبا اللّهمّ اعط محمّدا اشرف المقام و حباء السّلام و شفاعة الاسلام اللّهمّ و الحقنا به غير خزايا و لا ناكثين و لا نادمين و لا متبدّلين اله الحقّ امين ثمّ جلس قليلا ثمّ قال الحمد للّه احقّ من خشي و حمد و افضل من القي و عبد و اولي من عظّم و مجّد نحمده لعظيم غنائه و جزيل عطائه و تظاهر نعمائه و حسن بلائه و نؤمن بهداه الّذي لا يخبؤ ضياءه و لا يتمهّد سناءه و لا يوهن عزّه و نعوذ باللّه من سوء كلّ الرّيب و ظلم الفتن و نستغفره من مكاسب الذّنوب

ص: 446

و نستعصمه من مساوي الاعمال و مكاره الامال و الهجوم في الاهوال و مشاركة اهل الرّيب و الرّضا بما يعمل الفّجار في الارض بغير الحقّ اللّهمّ اغفر لنا و للمؤمنين و المؤمنات الاحياء منهم و الاموات الّذين توفّيتهم علي دينك و ملّة نبيّك اللّهمّ تقبّل حسناتهم و تجاوز عن سيّئاتهم و ادخل عليهم المغفرة و الرّحمة و الرّضوان و اغفر للاحياء من المؤمنين و المؤمنات الّذين وحّدوك و صدّقوا رسلك و تمسّكوا بدينك و عملوا بفرائضك و اقتدوا نبيّك و سنّوا سنّتك و احلّوا حلالك و حرّموا حرامك و خافوا عقابك و رجوا ثوابك و والوا اولياءك و عادوا اعداءك اللّهمّ اقبل حسناتهم و تجاوز عن سيّئاتهم و ادخلهم برحمتك في عبادك الصّالحين اله الحقّ امين اللّغات-البديء اي الاوّل كما ذكره الجوهري و هو بتشديد الياء و يحتمل ان يكون فعيلا بمعني مفعل كالبديع بمعني المبدع و هو الذي لم يعهد مثله و لا نظيره البديع الخالق المخترع لا عن مثال الممتنع اي يمتنع ان يصل اليه السّوء او يغلب عليه احد المهيمن الرقيب و قيل الشاهد و قيل المؤتمن و قيل القائم بامور الخلق المتعالي مبالغة في علوه المسبغ المكمل بنعمته المستطير الرقيب

ص: 447

الحافظ كالمتسلط و دانوا اي اقروا و اذعنوا بدوام ابديته او اطاعوا او خضعوا و ذلوا و عبدوا و هداه بفتح الهاء و سكون الدّال اي بعده بلاغا اي كفاية او سبب بلوغ الي البغية فتجاموا عنها اي اتركوها و ابعدوا عنها لن تعدوا الدنيا اي لا تتجاوزوا اذ انتهت اليها من عدا يعدوا الحبرة بالفتح النعمة و سعة العيش العبرة بالفتح الدمعة قبل ان تفيض الجايحه الشدة التي تحتاج المال من شدّته او فتنته هول المطّلع اراد به الموقف التحنّن الترحّم الحباء بالكسر العطاء لا تخبو اي لا تسكن الهجوم الدخول

119 و من خطبه عليه السّلام

في الكافي لمحمد بن يعقوب الكليني عن محمد بن يحيي عن احمد بن محمد بن عيسي عن الحسن بن محبوب عن محمد بن نعمان ابي جعفر الاحول عن سلام بن المستنير عن ابي جعفر عليه السّلام قال انّ امير المؤمنين عليه السّلام لما انقضت القصّة فيما بينه و بين طلحة و الزبير و عايشة بالبصرة صعد المنبر فحمد اللّه و اثني عليه و صلّي علي رسوله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ثمّ قال ايّها النّاس انّ الدّنيا حلوة خضرة تفتّن النّاس بالشّهوات و تزيّن لهم بعاجلها و ايم اللّه لتغرّ من اهلها و تخلف من رجاها و ستورث غدا اقواما النّدامة و الحسرة باقبالهم عليها و تنافسهم فيها و حسدهم و بغيهم علي اهل الدّين و الفضل فيها ظلما و عدوانا و بغيا و اشرا و بطرا و باللّه انّه ما عاش قوم قطّ في غضارة من كرامة نعم اللّه في معاش دنيا و لا دائم تقوّي في طاعة اللّه و الشّكر لنعمه فازال ذلك عنهم الاّ من بعد تغيير من انفسهم و تحويل

ص: 448

عن طاعة اللّه و الحادث من ذنوبهم و قلّة محافظة و ترك مراقبة اللّه عزّ و جلّ و تهاون بشكر نعم اللّه لانّ اللّه عزّ و جلّ يقول انّ اللّه لا يغيّر ما بقوم حتّي يغيّروا ما بانفسهم و اذا اراد اللّه بقوم سوء فلا مردّ له و ما لهم من دونه من وال و لو انّ اهل المعاصي و كسبته الذّنوب اذاهم حذروا زوال نعم اللّه و حلول نقمته و تحويل عافيته ايقنوا انّ ذلك من اللّه جلّ ذكره بصدق من نيّاتهم و اقرار منهم بذنوبهم و اساءتهم لصفح لهم عن كلّ ذنب و اذا لا قالهم كلّ عثرة و لردّ عليهم كلّ كرامة نعمة ثمّ اعاد لهم من صالح امرهم و ممّا كان انعم به عليهم كلّما زال عنهم و افسد عليهم فاتّقوا اللّه ايّها النّاس حقّ تقاته و استشعروا خوف اللّه عن ذكره و اخلصوا النّفس و توبوا اليه من قبيح ما استفزّكم الشّيطان من قتال وليّ الامر و اهل العلم بعد رسول اللّه

ص: 449

صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و ما تعاونتم عليه من تفريق الجماعة و تشتّت الامر و فساد صلاح ذات البين انّ اللّه عزّ و جلّ يقبل التّوبة و يعفوا عن السّيئات و يعلم ما تفعلون اللّغات-قوله حلوة خضرة اي غضّة ناعمة طريّة تفتن الناس بكسر التاء علي بناء المجرّد او علي بناء التفعيل او الافعال اي توفعهم في الفتنة قوله و زيّن لهم بعاجلها علي بناء التفعيل امّا للمعلوم اي تزين نفسها لهم بعاجل نعيمها المنقطع الفاني و يحتمل ان تكون الباء زائدة اي تزين عاجلها للناس او للمجهول اي تزيّنها النفس او الشيطان قوله و تخلف من رجاها اي لا تفي بوعد من وثق بها و رجاها الاشر شدّة الفرح و البطر قلة احتمال النعمة و الغضارة طيب العيش و الاستفزار الاستخفاف اقول نقل هذه الخطبة ايضا في الوافي ص 17 في روضة

120 و من خطبه عليه السّلام

كتاب التوحيد لابي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسي بن بابويه القمّي رضي الله عنه و ارضاه قد نقلت هذه الخطبة من النسخة المطبوعة في بمبئي سنة 1322 الهجريّة القمريّة ص 23 في باب التوحيد و نفي التشبيه عنه قال حدّثنا ابي رضي اللّه عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنا احمد بن ابي عبد اللّه عن ابيه محمد بن خالد البرقي عن احمد بن النضر و غيره عن عمرو بن ثابت عن رجل سمّاه عن ابي اسحق السّبعي عن الحرث الاعور قال خطب امير المؤمنين عليه السّلام علي بن ابي طالب يوما خطبه بعد العصر فعجب الناس من حسن صفته و ما ذكر من تعظيم اللّه جلّ جلاله قال ابو اسحق فقلت للحرث او ما حفظتها قال قد كتبتها فاملاها علينا من كتابه الحمد للّه الّذي لا يموت و لا تنقضي عجائبه لانّه كلّ يوم في شان من احداث بديع لم يكن الّذي لم يولد فيكون في العزّ مشاركا و لم يلد فيكون موروثا هالكا و لم يقع عليه الاوهام فتقدّره شبحا ماثلا(مائلا)و لم تدركه

ص: 450

الابصار فيكون بعد انتقالها حائلا الّذي ليست له في اوّليّته نهاية و لا في اخريّته حدّ و لا غاية الّذي لم يسبقه وقت و لم يتقدّمه زمان و لم يتعاوده زيادة و لا نقصان و لم يوصف باين و لا بم و لا بمكان الّذي بطن من خفيّات الامور و ظهر في العقول بما يري في خلقه من علامات التّدبير الّذي سئلت الانبياء عنه فلم تصفه بحدّ و لا بنقص بل وصفته بافعاله و دلّت عليه بآياته و لا يستطيع عقول المتفكّرين جحده لانّ من كانت السّموات و الارض فطرته و ما فيهنّ و ما بينهنّ و هو الصّانع لهنّ فلا مدافع لقدرته الّذي بان من الخلق فلا شيء كمثله الّذي خلق الخلق لعبادته و اقدرهم علي طاعته بما جعل فيهم و قطع عذرهم بالحجج فعن بيّنة هلك من هلك و عن بيّنة يحيي من يحيي و للّه الفضل مبدءا او معيدا ثمّ انّ اللّه و له الحمد افتتح الكتاب بالحمد لنفسه فقال و قضي بينهم بالحقّ و قيل الحمد للّه ربّ

ص: 451

العالمين الحمد للّه الّلابس الكبرياء بلا تجسّد(تجسيد)و المرتدي بالجلال بلا تمثيل و المستوي علي العرش بلا زوال و المتعالي عن الخلق بلا تباعد منهم القريب منهم بلا ملامسة منه لهم ليس له حدّ ينتهي الي حدّه و لا له مثل فيعرف بمثله ذلّ من تجبّر غيره و صغر من تكبّر دونه و تواضعت الاشياء لعظمته و انقادت لسلطانه و عزّته و كلّت عن ادراكه طروف العيون و قصرت دون بلوغ صفته اوهام الخلائق الاوّل قبل كلّ شيء و الاخر بعد كلّ شيء و لا يعد له شيء الظّاهر علي كلّ شيء بالقهر له و المشاهد لجميع الاماكن بلا انتقال اليها لا تلمسه لا مسته و لا تحسّه حاسّة و هو الّذي في السّماء اله و في الارض اله و هو الحكيم العليم اتقن ما اراد خلقه من الاشياء كلّها بلا مثال سبق اليه و لا لعوب دخل عليه في خلق ما خلق لديه ابتدء ما اراد ابتدائه و انشأ ما اراد انشائه علي ما اراد من الثّقلين الجنّ و الانس لتعرف بذلك

ص: 452

ربوبيّته و تمكّن فيهم(فيه)طواعيته نحمده بجميع محامده كلّها علي جميع نعمه(نعمائه)كلّها و نستهديه لمراشد امورنا و نعوذ به من سيّئات اعمالنا و نستغفره للذّنوب الّتي سلفت منّا و نشهد ان لا اله الاّ اللّه و انّ محمّدا عبده و رسوله بعثه بالحقّ دالاّ عليه و هاديا اليه فهدانا به من الضّلالة و استنقذنا به من الجهالة من يطع اللّه و رسوله فقد فاز فوزا عظيما و نال ثوابا كريما و من يعص اللّه و رسوله فقد خسر خسرانا مبينا و استحقّ عذابا اليما فابخعوا بما يحقّ عليكم من السّمع و الطّاعة و اخلاص النّصيحة و حسن الموازرة و اعينوا انفسكم بلزوم الطّريقة المستقيمة و هجر الامور المكروهة و تعاطوا الحقّ بينكم و تعاونوا عليه و خذوا علي يدي الظّالم السّفيه مروا بالمعروف و انهوا عن المنكر و اعرفوا لذوي الفضل فضلهم عصمنا اللّه و ايّاكم بالهدي و ثبّتنا و ايّاكم علي التّقوي و استغفر اللّه لي و لكم

ص: 453

اقول قد روي الكليني ره هذه الخطبة في الكافي باختلاف يسير في بعض كلماته نشير اليها في طي بيان لغاتها اللّغات قوله شها مائلا اي قائما او مماثلا و مشاركا في الممكنات قوله حائلا اي متغيرا من حال الشّيء يحول اذا تغيّر و بعض الافاضل قرء بعد مضموم الباء و مرفوعة الاعراب علي ان يكون اسم كان و لا بم اي لا يوصف بكلمة ما و لم يوصف باين اي بمكان و لا بما اذليت له مهيّة يمكن ان تعرف حتي يسئل عنها بما هو بطن من خفيات اي ادرك الباطن من خفيات الامور محل الاخرة مصدر ميمي اي حلولها بما جعل فيهم اي من الاعضاء و الجوارح و قوله بالحجج اي الباطنة و هي العقول و الظاهرة و هي الانبياء قوله فعن بيّنة اي بسبب بينة واضحة او معرضا و مجازا عنها او عن بمعني بعد اي بعد وضوح بنيّة-و في الكافي و بمنّه نجي من نجي و قوله مبدءا و معيدا اي حال ابداء الخلق و ايجاده في الدنيا و حال ارجاعهم و اعادتهم بعد الفناء او مبدءا حيث بدء العباد مفطورين علي معرفته قادرين علي طاعة و معيدا حيث لطف بهم و منّ عليهم بالرّسل و الائمة عليهم السّلام و قوله افتتح الكتاب و في الكافي افتتح الحمد لنفسه اي في التنزيل الكريم او في بدر و الايجاد بايجاد الحمد قوله بلا تمثيل اي بمثال جسماني قوله من تجبّر عنه في الكافي مكان عنه غيره فهو حال عن الفاعل و كذا قوله دونه قوله و لا لغوب اي تعب و قوله و يمكّن علي التفعيل و الطواعية الطاعة طروف العيون الطرف تحريك الجفن بالنظر لغوب اعياء و تعب فابخعوا بالباء الموحدة و الخاء المعجمة و العين المهملة اي فبالغوا في اداء ما يجب عليكم و في الصحاح و القاموس بخع اي خضع او فلح اي افلحوا او من النجعة بالضم بالنون و الجيم كما في بعض النسخ و هي طلب الكلام من موضعه و الموازرة المعاونة و تعاطوا اي تناولوا

121 و من خطبه عليه السّلام

نقلها الصّدوق ره في التوحيد ص 60 قال اخبرني ابو العبّاس الفضل بن الفضل بن العبّاس الكنديّ فيما اجازه لي بهمدان سنة اربع و خمسين و ثلاثمائة قال حدّثنا محمد بن سهل يعني العطار البغدادي لفظا من كتابه سنة خمس و ثلاثمائة قال حدثنا عبد اللّه بن محمد البلوي قال حدثني عمارة بن زيد قال حدثني عبد اللّه بن العلا قال حدثني صالح بن سبيع عن عمرو بن محمد بن صعصعة بن صوحان قال حدثني ابي عن ابي المعتمر مسلم بن اوس قال حضرت مجلس عليّ عليه السّلام في جامع الكوفة فقام اليه رجل مصفرّ اللون كانّه من متهودة اليمن فقال يا امير المؤمنين صف لنا خالقك و انعته لنا كانّا نراه و ننظر اليه فسبّح عليّ عليه السّلام ربّه و عظّمه عزّ و جلّ و قال الحمد للّه الّذي هو اوّل بلا بديء ممّا و لا باطن فيما و لا يزال مهما و لا

ص: 454

ممازج معما و لا خيال وهما ليس بشبح فيري و لا بجسم فيتجزّي و لا بذي غاية فيتناهي و لا بمحدث فيبصر و لا بمستتر فيكشف و لا بذي حجب فيحوي كان و لا اماكن تحمله اكنافها و لا حملة ترفعه بقوّتها و لا كان بعد ان لم يكن بل حارت الاوهام ان يكيّف المكيّف للاشياء و من لم يزل بلا مكان و لا يزول باختلاف الازمان و لا ينقلب شان بعد شان البعيد من حدس القلوب المتعالي عن الاشباح و الضّروب الوتر علاّم الغيوب فمعاني الخلق عنه منفيّة و سرائرهم عليه غير خفيّة المعروف بغير كيفيّة لا يدرك بالحواسّ و لا يقاس بالنّاس و لا تدركه الابصار و لا يحيطه(يحيط به)الافكار و لا تقدّره العقول و لا تقع عليه الاوهام فكلّما قدّره عقل او عرف له مثل فهو محدود و كيف يوصف بالاشباح و ينعت بالالسن الفصاح من لم يحلل في الاشياء فيقال هو فيها كائن و لم ينأ عنها فيقال هو عنها بائن و لم يخل منها فيقال اين و لم يقرّب منها بالالتزاق و لم

ص: 455

يبعّد عنها بالافتراق بل هو في الاشياء بلا كيفيّة و هو اقرب الينا من حبل الوريد و ابعد من الشّبه من كلّ بعيد لم يخلق الاشياء من اصول ازليّة و لا من اوائل كانت قبله ابديّة بل خلق ما خلق و اتقن خلقه و صوّر ما صوّر فاحسن صورته فسبحان من توحّد في علوّه فليس بشيء منه امتناع و لا له بطاعة احد انتفاع اجابته للدّاعين سريعة و الملائكة له في السّموات و الارض مطيعة كلّم موسي تكليما بلا جوارح و ادوات و لا شفه و لا لهوات سبحانه و تعالي عن الصّفات فمن زعم انّ اله الخلق محدود فقد جهل الخالق المعبود و الخطبة طويلة اخذنا منه موضع الحاجة انتهي اللغات قوله لا بديء علي فعيل اي لا يقال بدء الاشياء مما اذ لم يحلقها من شيء قوله و لا يزال معهما كلمة مهما هنا ظرف زمان جيء بها التعميم الازمان اي لا يزول ابدا و يحتمل ان يكون حرف نفي اخر مقدار او يكون معطوفا علي المنفي سابقا اي ليس لا يزاله مقيّدا بمهما يكن كذا و يمكن ان يكون سقوط احدهما من النّساخ لتوهم التكرار و لا ممازج معما اي لا يمكن ان يقال مع اي شيء يمازج و لا خيال وهما اي غير متخيّل بالوهم ليس بشبه اي ليس بشخص و لا بمحدث فيصبر اي لو كان مبصرا لكان محدثا فلا يتوهم منه ان كل محدث مبصر قوله فيحوي ان تكون الحجب حاوية له او يكون جسما محويّا بالحدود و النهايات الضروب هي جمع الضرب بمعني المثل او المراد ضرب الامثال الاشباح الصور الخياليه و العقليّة

122 و من خطبه عليه السّلام

ص: 456

تفسير علي بن ابراهيم القمّي طبع طهران في سنة 1313 الهجرية القمرية ص 4 قال قال امير المؤمنين ع ايّها النّاس انّ اللّه عزّ و جلّ بعث نبيّه محمّدا صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بالهدي و انزل اليه الكتاب بالحقّ و أنتم امّيّون عن الكتاب و من انزله و عن الرّسول و من ارسله ارسله علي حين فترة من الرّسل و طول هجعة من الامم و انبساط من الجهل و اعتراض من الفتنة و انتقاص من البرم و عمي عن الحقّ و اعتساف من الجور و امتحاق من الدّين و تلظّي من الحروب و علي حين اصفرار من رياض جنّات الدّنيا و بؤس من اغصانها و انتشار من ورقها و ياس من ثمرتها و اغورار من مائها قد درست اعلام الهدي و ظهرت اعلام الرّدي متجهّمة في وجوه اهلها مكفهّرة مدبرة غير مقبلة ثمرتها الفتنة و طعامها الجيفة و شعارها الخوف و دثارها السّيف قد مزّقهم كلّ ممزّق فقد اعمت عيون اهلها و اظلمت عليهم ايّامها قد قطعوا ارحامهم و سفكوا دمائهم و دفنوا في التّراب الموءودة

ص: 457

بينهم من اولادهم يختار دونهم طيب العيش و رفاهيّته حظوظ الدّنيا لا يرجون من اللّه ثوابا و لا يخافون و اللّه منه عقابا حيّهم اعمي نجس ميّتهم في النّار مبلس فجاءهم نبيّه صلّي اللّه عليه و آله بنسخة ما في الصّحف الاولي و تصديق الّذي بين يديه و تفصيل الجلال من ريب الحرام ذلك القرآن فاستنطقوه و لم ينطق لكم اخبركم عنه انّ فيه علم ما مضي و علم ما يأتي الي يوم القيمة و حكم ما بينكم و بيان ما اصبحتم فيه تختلفون فلو سالتموني عنه لاخبرتكم عنه لانّي اعلمكم و قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله في حجّة الوداع في مسجد الخيف انّي فرطكم و انّكم واردون عليّ الحوض حوض عرضه ما بين بصري و صنعاء فيه قدحان من فضّة عدد النّجوم الا و انّي سائلكم عن الثّقلين قالوا يا رسول اللّه(صلّي اللّه عليه و آله و سلّم) و ما الثّقلان قال كتاب اللّه الثّقل الاكبر طرف بيد اللّه و طرف

ص: 458

بايديكم فتمسّكوا به لن تضلّوا و لن تزلّوا و الثّقل الاصغر عترتي و اهل بيتي فانّه قد نبّاني اللّطيف الخبير انّهما لن يفترقا حتّي يردا عليّ الحوض كاصبعيّ هاتين و جمع بين سبّابتيه و لا اقول كهاتين و جمع بين سبّابته و الوسطي فتفضّل هذه علي هذه القرآن عظيم قدره جليل خطره بيّن شرفه من تمسّك به هدي و من تولّي عنه ضلّ و زلّ فافضل ما عمل به القرآن لقول اللّه عزّ و جلّ لنبيّه صلّي اللّه عليه و آله و نزّلنا عليك القرآن تبيانا لكلّ شيء و هدي و رحمة و بشري للمسلمين و قال تعالي و انزلنا اليك الذّكر لتبيّن للنّاس ما نزّل اليهم ففرض اللّه علي نبيّه صلّي اللّه عليه و آله ان يبيّن للنّاس ما في القرآن من الفرائض و الاحكام و السّنن و فرض علي النّاس التّفقّه و و التّعليم و العمل بما فيه حتّي لا يسمع احدا جهله و لا يعذر في تركه و نحن ذاكرون و مخبرون بما ينتهي الينا اقول لا يخفي في انّ هذا

ص: 459

علي بن ابراهيم صاحب التفسير الذي نقلت هذه الخطبة منه كان من كبار علماء الشيعة و مشيختهم و كان ثقة ثبتا متعمدا صحيح المذهب و هو المتوفي بين الماة الثانية و الثالثة و قيل في سنة مائتين و اثنين كما نقلها المامقاني ره في التنقيح اللّغات الهجعة بضم الهاء الغفلة و البرم محركة الضّجر و هو مصدر برم بالكسر اي ضجر و سئم و ملّ الاعتساف الاخذ بالقوّة امتحاق من الدين اي ذهاب منه التلظّي التلهّب البؤس بضم الباء الفقر و الخوف و شدة الافلاس و سوء الحال الاغورار الاذهاب يقال غار الماء غورا اي ذهب في الارض متجهّمة اي عابسة وجهها مكفهّرة اي متعبّسة الموءودة بنت تدفن حيّا لا يرحبون اي لا يتّسعون مبلس اي ايس و متحيّر و نادم الثقل محركة متاع المسافر و قيل سميّا بذلك لان العمل بهما ثقيل

123 و من خطبه عليه السّلام

نقلها العيّاشي ره في تفسيره و انا نقلتها عن الجزء الاول من نسخته المطبوعة في بلدة قم ص 7 قال عن مسعدة بن صدقه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن ابيه عن جدّه عليهما السّلام قال خطبنا امير المؤمنين عليه السّلام خطبة فقال فيها نشهد ان لا اله الاّ اللّه وحده لا شريك له و انّ محمّدا عبده و رسوله ارسله بكتاب فضّله و احكمه و اعزّه و حفظه بعلمه و احكمه بنوره و ايّده بسلطانه و كلأه من لم يتنزّه هوي او يميل به شهوة او يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد و لا يخلقه طول الرّدّ و لا تفني عجائبه من قال به صدق و من عمل به اجر و من خاصم به فلح و من قاتل به نصر و من قام به هدي الي صراط مستقيم فيه نبأ من كان

ص: 460

قبلكم و الحكم فيما بينكم و خيرة(خير)معادكم انزله بعلمه و اشهد الملائكة بتصديقه قال اللّه جلّ وجهه لكنّ اللّه يشهد بما انزل اليك انزله بعلمه و الملائكة يشهدون و كفي باللّه شهيدا فجعله اللّه نورا يهدي للّتي هي اقوم و قال فاذا قرآنا فاتّبع قرآنه و قال اتّبعوا ما انزل اليكم من ربّكم و لا تتّبعوا من دونه اولياء قليلا ما تذكّرون و قال فاستقم كما امرت و من تاب معك و لا تطغوا انّه بما تعملون بصير ففي اتّباع ما جاءكم من اللّه الفوز العظيم ففي تركه الخطاء المبين قال امّا ياتينّكم منّي هدي فمن تبع هداي فلا يضلّ و لا يشقي فجعل في اتّباعه كلّ خير يرجي في الدّنيا و الاخرة فالقرآن امر و زاجر حدّ فيه الحدود و سنّ فيه السّنن و ضرب فيه الامثال و شرع فيه الدّين اعذارا من نفسه(اعذارا امر نفسه)و حجّة علي خلقه اخذ علي ذلك ميثاقهم و ارتهن عليه انفسهم

ص: 461

ليبيّن لهم ما يأتون و ما يتّقون ليهلك من هلك عن بيّنة و يحيي من حيّ عن بيّنة و انّ اللّه سميع عليم

124 و من كلامه عليه السّلام

تنبيه الخواطر و نزهة النّواظر المعروف بمجموعة الورّام و هو الامير الزاهد ابي الحسين ورّام بن ابي فراس المالكي الاشتري المتوفي سنة 605 الهجرية قد نقله في الجزء الاول منه ص 11 طبع طهران قال من كلام امير المؤمنين عليه السّلام انّ اللّه يسئلكم معشر عباده عن الصّغيرة من اعمالكم و الكبيرة الظّاهرة و المستورة فان يعذّبكم فانتم اظلم و ان يعف فهو اكرم و اعلموا عباد اللّه انّ المتّقين ذهبوا بعاجل الدّنيا و اجل الاخرة فشاركوا اهل الدّنيا في دنياكم و لم يشاركهم اهل الدّنيا في اخرتهم سكنوا الدّنيا بافضل ما سكنت و اكلوها بافضل ما اكلت فحظّوا من الدّنيا بما حظّي بها المترفون و اخذوا منها ما اخذه الجبابرة المتكبّرون ثمّ انقلبوا عنها بالزّاد المبلّغ و المتجر الرّابح اصابوا لذّة زهد الدّنيا في دنياهم و تيقّنوا انّهم جيران اللّه غدا في اخرتهم لا تردّ لهم دعوة و لا ينقص لهم نصيب من لذّة فاحذروا عباد

ص: 462

اللّه الموت و قربه و اعدّوا له عدّته فانّه يأتي بامر عظيم و خطب جليل بخير لا يكون معه شرّ ابدا و شرّ لا يكون معه خير ابدا فمن اقرب من الجنّة من عاملها و من اقرب من النّار من عاملها و أنتم طرداء للموت فان اقسمتم له اخذكم و ان فررتم منه ادرككم و هو الزم لكم من ظلّكم الموت معقود بنواصيكم و الدّنيا تطوي من خلفكم فاحذروا نارا قعرها بعيد و حرّها شديد و عذابها جديد دار ليس فيها رحمة و لا تسمع فيها دعوة و لا يفرّج فيها كربة فان استطعتم ان يشتدّ خوفكم من اللّه و ان يحسن ظنّكم به فاجمعوا ما بينهما فانّ العبد انّما يكون حسن ظنّه بربّه علي قدر خوفه من ربّه و انّ احسن النّاس ظنّا باللّه اشدّهم خوفا له

125 و من كلامه عليه السّلام

مجموعة الوّرام ص 13 ابن جمهور عن ابيه رفعه عن ابي عبد اللّه قال كان امير المؤمنين عليه السّلام كثيرا ما يقول اعلموا علما يقينا انّ اللّه تعالي لم يجعل العبد ان اشتدّ

ص: 463

جهده و عظمت حيلته و كثرت مكائدته ان يسبق ما سمّي في الذّكر الحكيم ايّها النّاس انّه لن يزداد امرء نقيرا بحذقه و و لن ينقص امرء نقيرا لحمقه فالعالم بهذا العامل به اعظم راحة في منفعة و العالم بهذا التّارك له اعظم النّاس شغلا في مضرّة و ربّ منعم عليه مستدرج بالاحسان اليه و ربّ مغرور في النّاس مصنوع له فارفق ايّها السّاعي من سعيك و اقصر من عجلتك و انتبه من سنة غفلتك و تفكّر فيما جاء عن اللّه عزّ و جلّ علي لسان نبيّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و احتفظوا بهذه الحروف السّبعة فانّها من قول اهل الحجي و من غرائم اللّه في الذّكر الحكيم انّه ليس لاحد ان يلقي اللّه عزّ و جلّ بخلّة من هذا الخلال الشّرك باللّه فيما افترض عليه او شفاء غيظ بهلاك نفسه او امر بامر يعمل بغيره او استنجح الي مخلوق باظهار بدعة في دينه او سرّه ان يحمده النّاس بما لم يفعل و المتجبّر المختال و صاحب الابهّة

ص: 464

126 و من كلامه عليه السّلام

مجموعة الورّام ص 97 و قال امير المؤمنين عليه السّلام من اشتقاق الي الجنّة سلا عن الشّهوات و لا يمكن دفع النّفس عن الشّهوات ما لم تمنعها من التّنعّم بالمباحات فانّ النّفس اذا لم تمنع بعض المباحات طمعت في المحظورات فمن اراد حفظ لسانه عن الغيبة و الفضول فحقّه ان يلزم السّكوت الاّ عن المهمّات و لا يتكلّم الاّ بحقّ فيكون سكوته عبادة و كلامه عبادة لانّ الّذي يشتهي به الحرام فالشّهوة واحدة و قد وجب علي العبد منعها عن الحرام فان لم يقوّدها الاقتصار علي قدر الضّرورة في الشّهوات غلبته الشّهوة فانّ النّفس تفرح بالتّنعّم في الدّنيا و تركن اليها و تطمئنّ بها اشرا و بطرا حتّي تصير ممتلئا به كالسّكران الّذي لا يفيق من سكره و ذلك انّ الفرح بالدّنيا سمّ قاتل يسري في العروق فيخرج من القلب الخوف و الحزن و ذكر الموت و اهوال يوم القيمة قال اللّه

ص: 465

تعالي و فرحوا بالحياة الدّنيا و ما الحيوة الدّنيا في الاخرة الاّ متاع و قال تعالي اعلموا انّما الحيوة الدّنيا لعب و لهو الي قوله و ما الحيوة الدّنيا الاّ متاع الغرور اللغات-قوله سلا يقال سلاني من همّي اي كشفه عنّي المحظورات الممنوعات الاقتصار الاكثفاء الاشر الفرح البطر كفران النعمة

127 و من كلامه عليه السّلام

مجموعة الورّام الجزء الثاني ص 28 قال من كلام امير المؤمنين عليه السّلام ما الجزع ممّا لا بدّ منه و ما الطّمع فيما لا يرجي و ما الحيلة فيما سيزول و ما الشّيء الاّ باصله و قد مضت اصول نحن فروعها فما بقاء فرع بعد ذهاب اصله و ما النّاس في هذه الدّنيا الاّ اغراض تنتصل فيها المنايا و هم فيها نهب المصائب مع كلّ جرعة شرق و في كلّ اكلة غصص لا ينالون نعمة الاّ بفراق اخري و لا يعمّر معمّر يوما من عمره الاّ بهدم اخر من اجله و أنتم اعوان الخوف في انفسكم فاين المهرب ممّا هو كائن و انّما ينقلب في قدره الطّالب فما اصغر المصيبة اليوم مع عظم الفائدة غدا

ص: 466

و اكبر خيبة الخائب فيه و السّلام قوله ما الجزع في بعض النسخ ما السّييء.قوله في كل جرعة شرق شرق بالماء شرقا بالفتح ثم السّكون من باب علم و تعب اذا غصّ به في حلقه قوله غصص يقال غصّ غصصا بفتحتين بالماء او الطعام من باب نصر اي اعترض في حلقه شيء من الطعام او غيره

128 و من كلامه عليه السّلام

مجموعة الورّام ج 2 ص 36 قال و من كلامه عليه السّلام في ذم الدنيا هيهات من وطيء دحضتك زلق و من ركب لججك غرق و من ازوّر عن حبائلك وفّق و السّالم منك لا يبالي ان ضاق به مناخه و الدّنيا منه كيوم حان منه انسلاخه اغربي عنّي فو اللّه لا اذلّ لك فتستذلّني و لا اساس لك فتقوديني و ايم اللّه يمينا استثني فيها بمشيّة اللّه لا روضنّ نفسي رياضة تهشّ معها قرص الشّعير اذا قدرت عليه مطعوما و تقنع بالملح ادما و لا دعنّ مقلتي كعين ماء نضب معنيها مستفرغة دموعها اتمتلي السّائمة من رعيها فتبرك و تشبع الرّبيطة من عشيها فتربض و ياكل عليّ من زاده فيهتجع قرّت اذا عينه اذا اقتدي بعد السّنين المتطاولة بالبهيمة الهاملة

ص: 467

و السّائمة المرعية طوبي لنفس ادّت الي ربّها فرضها و حرّكت بجنبها بؤسا و هجرت في اللّيل غمضها حتّي اذا الكري غلبها افترشت ارضها و توسّدت كفّها في معشر اسهر عيونهم خوف معادهم و تجافت عن مضاجعهم جنوبهم و همهمت بذكر ربّهم شفاههم و تقشّعت بطول استغفارهم ذنوبهم اللغات قوله دحضتك الدحضة واحد الدحض بفتح الدال و سكون الخاء المزلّة زلق يقال زلقت القدم من باب تعب اي لم تثبت القدم حتي سقطت و الزلق الارض الملساء قوله مناخه انخت الجمل فاستناخ اي ابركته فبرك و مثله اناخ الرجل الجمل اناخة فاستناخ و مناخ ركاب موضع اناخته قوله ازورّ بتشديد الرّاء انحرف اساس يقال ساس القوم سياسة من باب نصر و اي تولي امرهم و دبّرهم و جعلهم رعايا تهشّ هش هشاشة من بابي نصر و منع اي ارتاح و نشط ادم جمع ادام ككتب و كتاب ما يؤتدم به جامدا كان او مايعا نضب سال و جري معينها المعين الماء الصافي فيهتجع اي يغفل عركت اي دلكت البؤس الشدّة الهامل هملت عينه اي فاضت الكري بفتحتين مصدر قولهم كري الرجل من باب علم اذا نعس تقشّعت يقال تقشّع السحاب انكشف و زال

139 و من كلامه عليه السّلام

مجموعة الورّام ج 2 ص 70 قال نوف بن عبد اللّه البكالي قال قال لي عليّ عليه السّلام يا نوف خلقنا من طينة طيّبة و خلق شيعتنا من طينتنا فاذا كان يوم القيمة الحقوا بنا قال نوف فقلت صف لي شيعتك يا امير المؤمنين فبكي الذكري

ص: 468

شيعته ثم قال يا نوف شيعتي و اللّه الحلماء العلماء باللّه و دينه العاملون بطاعته و امره المهتدون بحبّه انضاء عبادة احلاس زهادة صفر الوجوه من التّهجّد عمش العيون من البكاء ذبل الشّفاه من الذّكر خمص البطون من الطّوي تعرف الزّهادة في وجوههم و الرّهبانيّة في سمتهم مصابيح كلّ ظلمة و ريحان كلّ قبيل لا يسبّون من المؤمنين سلفا و لا يقتفون لهم خلفا قال ابو الفضل من قول اللّه و لا تقف ما ليس لك به علم شرورهم مكنونة و قلوبهم محزونة و انفسهم عفيفة و حوائجهم خفيفة انفسهم منهم في عناء و النّاس منهم في راحة فهم الاكايسة و الاولياء و الخالصة النّجباء و هم الظّماء الرّوّائون فرّارا بدينهم ان شهدوا لم يعرفوا و ان غابوا لم يفتقدوا اولئك شيعتي الاطيبون و اخواني الاكرمون اها و شوقا اليهم اللغات قوله انضاء جمع نضو بكسر النون و هو المهزول من الحيوان احلاس زهادة في بعض النسخ اجلاس بالجيم عمش العيون بالتحريك في العين ضعف الرؤية مع سيلان دمعها في اكثر اوقاتها و هو من باب تعب

ص: 469

ذبل الشفاه من باب قعد يقال ذبلت بشرته اي قلّ ماء جلدته و ذهب نضارته خمص البطون يقال خمص اذا جاع قوله قال ابو الفضل ليس هذا من الحديث بل جملة معترضة اريد بها تفسير ما قبلها يعني ان قوله لا يقنفون لهم خلفا ماخود من قوله و لا تقف ما ليس لك به علم و شرورهم مكنونة يعني انه لا يظهر منهم شرّ للناس و في بعض النسخ بالسين المهملة العناء بالفتح و المدّ التعب و النصب الاكايسة جمع كيّس اي فطن قوله و الخاصة في بعض النسخ فهم الاكياس و الالباء و الخاصة النجباء الظماء بالكسر جمع الظمأن كالعطاش و العطشان وزنا و معني و الرّواء بالكسر جمع الرّيان

130 و من خطبه عليه السّلام

مجموعة الورّام ج 2 ص 88 قال-علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السّلام قال خطب امير المؤمنين يوم الجمعة بهذه الخطبة فقال الحمد للّه المتوحّد بالقدم الازليّ الابدي ليس له غاية في دوامه و لا له اوّليّة انشاء ضروب البريّة لا من اصول كانت معه بديّة و ارتفع عن مشاركة الانداد و تعالي عن اتّخاذ صاحبة و اولاد و هو الباقي من غير مدّة و المنشيء لا باعوان و لا بالة تفرّد بصنعة الاشياء فاتقنها بلطائف التّدبير سبحانه من لطيف خبير ليس كمثله شيء و هو السّميع البصير

131 و من بعض خطبه عليه السّلام

مجموعة الورّام ج 2 ص 88 اوصيكم بتقوي اللّه عباد اللّه فانّ التّقوي افضل كنز و احرز حرز و اعزّ عزّ فيه نجاة كلّ هارب و درك كلّ طالب و ظفر كلّ غالب و احثّكم علي طاعة اللّه فانّها كهف

ص: 470

العابدين و فوز الفائزين و امام المتّقين و اعلموا ايّها النّاس انّكم سيّارة قد حدا بكم الحادي و حدي بخراب الدّنيا حاد و ناداكم للموت ناد فلا تغرّنّكم الحيوة الدّنيا و لا يغرّنّكم باللّه الغرور الا و انّ الدّنيا دار غرّارّة خدّاعة تنكح في كلّ يوم بعلا و تقتل في كلّ يوم اهلا و تفرّق في كلّ ساعة شملا فكم من متنافس و راكن اليها من الامم السّالفة و قد قذفتهم في الهاوية و دمّرتهم تدميرا و تبرّتهم تتبيرا اين من جمع فاوعي و شدّ و اوكي و منع و اكدي بل اين من عسكر العساكر و دسكر الدّساكر و ركب المنابر اين من بني الدّور و شرّف القصور و جهّز الالوف قد تداولتهم ايّاما و ابتلعتهم اعواما فصاروا امواتا في القبور رفاتا قد يئسوا ما خلّفوا و وقفوا علي ما اسلفوا ثمّ ردّوا الي اللّه مولهم الحقّ الا له الحكم و هو اسرع الحاسبين و كفي بالموت للّهو قامعا و للّذّات قاطعا و لخفض العيش مانعا

ص: 471

و كانّي بها و قد اشرقت طلائعها و عسكرت بفظائعها فاصبح المرء بعد صحّته مريضا و بعد سلامته نقيضا يعالج كربا و يقاسي تعبا في حشرجة السّياق و تتابع الفراق و تردّد الانين و الذّهول عن البنات و البنين و المرء قد اشتمل عليه شغل شاغل و هول هائل قد اعتقل منه اللّسان و تردّد منه البيان فاجاب مكروبا و فارق الدّنيا مسلوبا لا يملكون له نفعا و لا لما حلّ به دفعا يقول اللّه عزّ و جلّ في كتابه فلو لا ان كنتم غير مدينين ترجعونها ان كنتم صادقين ثمّ من دون ذلك اهوال القيامة و يوم الحسرة و النّدامة يوم ينصب فيه الموازين و تنشر الدّواوين لاحصاء كلّ صغيرة و اعلان كلّ كبيرة يقول اللّه في كتابه و وجدوا ما عملوا حاضرا و لا يظلم ربّك احدا ايّها النّاس الآن الآن من قبل النّدم و من قبل ان تقول نفس يا حسرتا علي ما فرّطت في جنب اللّه و ان كنت

ص: 472

لمن السّاخرين او تقول لو انّ اللّه هداني لكنت من المتّقين او تقول حين تري العذاب لو انّ لي كرّة فاكون من المحسنين فيردّ الجليل جلّ جلاله بلي قد جاءتك اياني فكذّبت بها و استكبرت و كنت من الكافرين فو اللّه ما يسئل الرّجوع الاّ ليعمل صالحا و لا يشرك بعبادة ربّه احدا ايّها النّاس الآن الآن ما دام الوثاق مطلّقا و السّراج منيرا و باب التّوبة مفتوحا من قبل ان يجفّ القلم و تطوي الصّحف فلا رزق ينزل و لا عمل يصعد المضمار اليوم و السّباق عدا فانّكم لا تدرون الي جنّة او الي نار استغفر اللّه لي و لكم اللغات-متنافس اي راغب راكن اي قارب ان يميل القذف الرمي دمّرتهم تدميرا اي اهلكتهم اهلاكا و كذا تبرتهم تبتيرا بمعناه الوكاء بالكسر و المدّ خيط يشدّ به السترة و الكيس اكدي اي قطع عطيته الدسكرة بناء علي هيئة القصر رفاتا اي فتاتا و الفتات الحطام و ما تناثر من كل شيء الحشرجة العزعزة عند الموت و تردّد النفس الذهول الذهاب عن الامر بدهشة مدينين اي مملوكين من دان السّلطان الرعية اذا ساسه

132 و من كلامه عليه السّلام

مجموعة الورّام ج 2 ص 103 قال و من بعض كلام امير المؤمنين عليه السّلام انّما مثل من خيّر الدّنيا كمثل قوم سفر نبا بهم منزل جديب فامّوا منزلا خصيبا و جنابا مريعا فاحتملوا و عثاء

ص: 473

الطّريق و فراق الصّديق و خشونة السّفر و جشوبة المطعم لياتوا سعة دارهم و منزل قرارهم فليس يجدون لشيء من ذلك الماء و لا يرون نفقة مغرما و لا شيء احبّ اليهم ممّا قرّبهم من منزلهم و ادناهم من محلّهم و مثل من اغترّ بها كمثل قوم كانوا بمنزل خصيب فنبا بهم الي منزل جديب فليس شيء اكره اليهم و لا اقطع عندهم من مفارقة ما كانوا فيه الي ما يهجمون عليه و يصيرون اليه اللغات قوله نبا بهم يقال نبا بفلان اي لم يوافقه-و نبا الطبع من الشيء اي نفرو لم يقبله قوله جديب الجدب بفتح الجيم و سكون الدّال خلاف الخصب يقال جدب البلد بالضم جدوبة فهو جدب و اجدبت البلاد قحطت و غلت اسعارها و الجناب بالفتح الغناء و ما قرب من محلّه القوم مريع مكان خصيب الوعثاء المشقة اخذا من الوعث و هو المكان السهل الكثير الرّمل الّذي يتعب فيه الماشي و يشقّ عليه يقال رمل وعث و رملة وعثاء

133 و من كلامه عليه السّلام

مجموعة الورّام ج 2 ص 103 قال و منه(عليه السّلام)ايضا و اعلم انّ امامك طريقا ذا مسافة بعيدة و مشقّة شديدة و انّه لا غني بك فيه عن حسن الارتياد و قدر بلاغك من الزّاد مع خفّة الظّهر

ص: 474

فلا تحملنّ علي ظهرك فوق طاقتك فيكون ثقل ذلك و بالا عليك و اذا وجدت من اهل الفاقة من يحمل لك زادك الي يوم القيمة فيوافيك به غدا حيث تحتاج اليه فاغتنمه و حمّله ايّاه و اكثر من تزويده و انت قادر عليه فلعلّك تطلبه فلا تجده و اغتنم من استقرضك في غناك ليجعل قضائه لك يوم عسرتك و اعلم انّ امامك عقبة كئودا المخفّ فيها احسن حالا من المثقل و المبطئ عليها اقبح حالا من المسرع و انّ مهبطها بك لا محالة علي جنّة او علي نار فارتدّ لنفسك قبل نزولك و وطّيء المنزل قبل حلولك فليس بعد الموت مستعتب و لا الي الدّنيا منصرف و منه ايضا و اعلم انّ الّذي بيده خزائن السّموات و الارض قد اذن لك في الدّعاء و تكفّل لك بالاجابة و امرك ان تسأله ليعطيك و ان تسترحمه ليرحمك و اذا ناديته سمع نداءك و اذا ناديته علم نجواك فافضيت اليه بحاجتك و ابديته ذات نفسك و شكوت اليه همومك و استكشفته كروبك و استعنته علي امورك و سئلت من خزائن رحمته

ص: 475

ما لا يقدر علي اعطائه غيره من زيادة الاعمار و صحّة الابدان و سعة الارزاق ثمّ جعل في يديك مفاتيح خزائنه بما اذن لك فيه من مسئلته فمتي جئت استفتحت بالدّعاء ابواب نعمه و استمطرت شآبيب رحمته فلا يقظنّك ابطاء اجابته فانّ العطيّة علي قدر النّيّة و ربّما اخّرت عنك الاجابة ليكون ذلك اعظم لاجر السّائل و اجزل لعطاء الامل و ربّما سئلت الشّيء فلا تؤتاه و اوتيت خيرا منه عاجلا او اجلا او صرف عنك لما هو خير لك فلربّ امر قد طلبته فيه هلاك دينك و اوتيته فلتكن مسئلتك فيما يبقي لك جماله و ينفي عنك وباله فالمال لا يبقي لك و لا تبقي له و اعلم انّك انّما خلقت للآخرة لا للدّنيا و للفناء لا للبقاء و للموت لا للحياة و انّك في منزل قلعة و دار بلغة و طريق الي الاخرة و انّك طريد الموت الّذي لا ينجو منه هاربه و لا بدّ انّه مدركه فكن منه علي حذر ان يدركك و انت علي حال سيّئة قد كنت تحدّث نفسك منها

ص: 476

بالتّوبة فيحول بينك و بين ذلك فاذا انت قد اهلكت نفسك رويدا يسفر الظّلام و كان قد وردت الاظعان يوشك من اسرع ان يلحق و اعلم انّ من كانت مطيّته اللّيل و النّهار فانّه يسار به و ان كان واقفا و يقطع به المسافة و ان كان مقيما رادعا و اعلم يقينا انّك لن تبلغ املك و لن تعدو اجلك و انّك في سبيل من كان قبلك فخفّض في الطّلب و اجمل في المكتسب فانّه ربّ طلب قد جرّ الي حرب و ليس كلّ طالب بمرزوق و لا كلّ مجمل بمحروم فاكرم نفسك عن كلّ دنيّة و ان ساقتك الي الرّغائب فانّك لن تعتاض بما تبذل من نفسك عوضا و لا تكن عبد غيرك و قد جعلك اللّه حرّا و ما خيّر خير لا ينال الاّ بشرّ و يسر لا ينال الاّ بعسر و ايّاك ان يوجف بك مطايا الطّمع فتوردك مناهل الهلكة فان استطعت ان لا يكون بينك و بين اللّه ذو نعمة فافعل فانّك مدرك قسمك و اخذ سهمك و انّ اليسير من اللّه سبحانه اكثر و اعظم من الكثير من خلقه و ان كان

ص: 477

كلّ منه و منه ايضا احمل نفسك من اخيك عند صرمه علي الصّلة و عند صدوده علي اللّطف و المقاربة و عند جموده علي البذل و عند تباعده علي الدّنوّ و عند شدّته علي اللّين و عند جرمه علي العذر حتّي كانّك له عبد و كانّه ذو نعمة عليك و ايّاك ان تضع ذلك في غير موضعه او ان تفعله في غير اهله و منه ايضا و لا يكبّرن عليك ظلم من ظلمك فانّه يسعي في مضرّته و نفعك و ليس من جزاء من سرّك ان تسوءه ما اقبح الخضوع عند الحاجة و الجفاء عند الغنا و انّما لك من دنياك ما اصلحت به مثواك و ان جزعت علي ما تفلّت من يديك فاجزع علي كلّ ما لم يصل اليك استدلّ علي ما لم يكن بما قد كان فانّ الامور اشباه و لا تكوننّ ممّن لا ينفعه العظمة الاّ اذا بالغت في ايلامه فانّ العاقل يتّعظ بالادب و البهائم لا يتّعظ الاّ بالضّرب اللغات الارتياد الذهاب و المجيء كئود كرسول صبعة شاقة المصعد الشآبيب جمع شؤبوب و هو الدفعة من المطر و غيره كما في القاموس قلعه بضم القاف التحول و الارتحال الاظعان الارتحال

ص: 478

الحرب بفتحتين الهلاك و الويل و ما يتأسف عليه الرّغائب ما يرغب فيها من العطايا و الثواب العظيم

134 و من كلامه عليه السّلام

مجموعة الورّام ج 2 ص 117 قال روي عن امير المؤمنين عليه السّلام انه قال يا طالب العلم لكلّ شيء علامة بها نشهد له و عليه فللدّين ثلاث علامات الايمان باللّه عزّ و جلّ و بكتبه و رسله و للعلم ثلاث علامات المعرفة باللّه و بما يحبّ و يكره و للعمل ثلاث علامات الصّلوة و الزّكوة و الصّوم و للمتكلّف ثلاث علامات ينازع من فوقه و يقول ما لا يعلم و يتعاطي ما لا يناله و للمنافق ثلاث علامات يخالف لسانه قلبه و قوله فعله و سريرته علانيته و للظّالم ثلاث علامات يظلم من فوقه بالمعصية و من دونه بالغلبة و يظاهر الظّلمة و للمرائي ثلاث علامات يكسل اذا كان وحده و يحرص اذا كان معه غيره و يحرص علي كلّ امر يعلم فيه المدحة

135 و من كلامه عليه السّلام

مجموعة الورّام ج 2 ص 149 قال و من كلام امير المؤمنين عليه السّلام ايّها النّاس انّ الدّنيا ليست لكم بدار قرار و انّما أنتم فيها كركب عرّسوا

ص: 479

فاناخوا ثمّ استقلّوا فغدوا خفافا و راحوا خفافا ثمّ يجدوا عن مضّي نزوعا و لا الي ما تركوا رجوعا جدّ بهم فجدّوا و ركنوا الي الدّنيا فما استعدّوا حتّي اخذ بكظمهم فلا تغرّنكم الحيوة الدّنيا فانّما أنتم فيها سفر حلول الموت بكم نزول ينتصل فيكم مناياه و يمضي باخياركم مطاياه الي دار الثّواب و العقاب و الجزاء و الحساب فرحم اللّه امرأ راقب ربّه و خاف ذنبه و كابر هواه و كذّب مناه و رحم اللّه امرأ ازمّ نفسه من التّقوي بزمام و الجمها من خشية ربّها بلجام فقادها الي الطّاعة بزمامها و قدعها عن المعصية بلجامها رافعا الي المعاد طرفه متوقّعا كلّ اوان حتفه دائم الفكر طويل السّهر غروف عن الدّنيا كدوح لامر اخرته جعل الصّبر مطيّة نجاته و التّقوي عدّة وفاته فاعتبر و قاس و ترك الدّنيا و النّاس ايّها النّاس احذّركم الدّنيا و الاغترار بها فكان قد زالت عن قليل عنكم كما زالت عمّن كان قبلكم

ص: 480

فاجعلوا اجتهادكم فيها لتزوّد من يومها القصير ليوم الاخرة الطّويل فانّها دار عمل و الاخرة دار القرار و الجزاء اللّغات-التعريس نزول المسافر للاستراحة و اناخ بالمكان اقام به و استقل القوم ارتحلوا و ذهبوا النزوع الوقوف الكظم كالفرس مخرج النفس من الحلق السّفر وزان الفلس المسافر يقال رجل سفر و قوم سفر و امراة سفر و الحلول بالضّم جمع الحال و قدعها اي كفّها الكدوح كدح كدحا سعي و اجتهد فهو كدوح الغروف و الغروفة الذي يكره الشيء و لا يشتهيه

136 و من كلامه عليه السّلام

مجموعة الورّام ج 2 ص 161 قال جاء رجل الي امير المؤمنين عليه السّلام فقال يا امير المؤمنين اوصني بوجه من وجوه البرّ انجوبه فقال امير المؤمنين عليه السّلام ايّها الانسان اسمع ثمّ استفهم ثمّ استيقن ثمّ استعمل و اعلم انّ النّاس ثلاثة زاهد و صابر و راغب امّا الزّاهد فقد خرجت الاخران و الافراح من قلبه فلا يفرح بشيء من الدّنيا و لا يأسف علي شيء منها فاته فهو مستريح و امّا الصّابر فانّه يتمنّاها بقلبه فاذا نال عنها الجم نفسه منها لسوء عاقبتها و شنئانها لو اطّلعت علي قلبه لعجبت من عفّته و تواضعه و حزمه و امّا الرّاغب فلا يبالي من اين جاءته الدّنيا من حلّها او من حرامها و لا يبالي ما دنس فيه عرضه و اهلك

ص: 481

نفسه و اذهب مروّته فهم في غمرة يضطربون

137 و من كلامه عليه السّلام

مجموعة الورّام ج 2 ص 164 روي مرسلا عن نوف البكالي انه قال اتيت امير المؤمنين عليه السّلام و هو في رحبة مسجد الكوفة فقلت السّلام عليك يا امير المؤمنين و رحمة اللّه و بركاته فقال و عليك السّلام يا نوف و رحمة الله و بركاته فقلت يا امير المؤمنين عظني فقال يا نوف احسن يحسن اللّه اليك فقلت زدني يا امير المؤمنين فقال يا نوف ارحم ترحم فقلت زدني يا امير المؤمنين فقال قل خيرا تذكر بخير فقلت زدني يا امير المؤمنين فقال يا نوف اجتنب الغيبة فانّها ادام كلاب النّار ثم قال يا نوف كذب من زعم انّه ولد من حلال و هو ياكل لحوم النّاس بالغيبة و كذب من زعم انّه ولد من حلال (و في نسخة كذب من زعم انّه ولد من حلال و هو يحبّ الزّنا)و كذب من زعم انّه ولد من الحلال و هو يبغضني و يبغض الائمّة من ولدي و كذب من زعم انّه يعرف اللّه و هو يجتري علي معاصي اللّه في كلّ يوم و ليلة يا نوف اقبل وصيّتي لا تكوننّ نقيبا و لا عرّيفا و لا عشّارا و لا بريدا يا نوف صل رحمك كلّ يوم و ليلة يزد اللّه في عمرك و حسّن خلقك يخفّف اللّه حسابك يا نوف ان

ص: 482

سرّك ان تكون معي يوم القيمة فلا تكن للظّالمين معينا يا نوف من احبّنا كان معنا و لو انّ رجلا احبّ حجرا لحشره اللّه معه يا نوف ايّاك ان تتزيّن للنّاس و تبارز اللّه بالمعاصي فتلقي اللّه يوم يلقاك و هو عليك غضبان يا نوف احفظ عنّي ما اقول لك تنل خير الدّنيا و الاخرة اللغات-نوف بفتح النون و المعروف ضمّها و سكون الواو و البكالي بفتح الباء الموحّدة و الكاف المخففة و الالف و اللام و الياء نسبة الي بني بكال ككتاب بطن من حمير منهم نوف بن فضالة التابعي هذا قال المامقاني ره في رجاله نوف بن فضالة البكالي ابو يزيد او ابو عمرو و ابو رشيد من اصحاب امير المؤمنين عليه السّلام و خواصّه و له عنه رواية تتضمن مواعظ بليغة بالتماس منه يظهر منها جلالته و قوّة ايمانه و لذلك اعدّه من الحسان العرّيف القيم بامور القبيلة يتعرف منه احوالهم و هو ما دون الرئيس و النقيب هو الذي ينقب عن احوال القوم اي يبالغ في الفحص عن حالهم فيكون سيّدهم و عرّيفهم عشّار بفتح العين و تشديد الشين ماخوذ من التعشير و هو اخذ العشر من اموال الناس بامر الظالم

138 و من كلامه عليه السّلام

مجموعة الورّام-ج 2 ص 173 عن علي بن الحسين عليهما السّلام قال بينهما امير المؤمنين عليه السّلام ذات يوم جالس مع اصحابه يعبّأهم للحرب اذا اتاه شيخ عليه شجته السّفر فقال اين امير المؤمنين عليه السّلام فقيل هو ذا فسلم عليه ثم قال يا امير المؤمنين اني اتيتك من ناحية الشام و انا شيخ كبير و قد سمعت فيك من الفضل ما لا احصيه و اني اظنك ستغتال و في نسخة ستقاتل و في اخري ستقتل فعلمني مما علمك اللّه قال نعم يا شيخ من اعتدل يوماه فهو مغبون من كانت الدّنيا همّته كثرت حسرته عند فراقها و من كان غده شرّ يوميه فمحروم و من

ص: 483

لم يبال ما رزأ من اخرته اذا سلمت له دنياه فهو هالك و من لم يتعاهد النّقص من نفسه غلب عليه الهوي و من كان في نقص فالموت خير له يا شيخ انّ الدّنيا خضرة حلوة و لها اهل و انّ الاخرة لها اهل ظلفت انفسهم عن مفاخرة اهل الدّنيا لا يتنافسون في الدّنيا و لا يفرحون بغضارتها و لا يحزنون لبؤسها يا شيخ من خاف البيات يقلّ نومه ما اسرع اللّيالي و الايّام في عمر العبد فاخزن لسانك و عدّ كلامك لا تقل الاّ بخير يا شيخ ارض للنّاس ما ترضي لنفسك و أت الي النّاس ما تحبّ ان يؤتي اليك قال له زيد بن صوحان العبديّ يا امير المؤمنين ايّ سلطان اغلب و اقوي فقال الهوي قال فايّ ذلّ اذلّ قال الحرص علي الدّنيا قال فايّ عمل افضل قال التّقوي قال فايّ عمل انجح قال طلب ما عند اللّه قال فايّ صاحب اشرّ قال المزيّن لك معصية اللّه قال فايّ الخلق اشقي قال من باع اخرته بدنيا غيره قال فايّ النّاس اكيس قال من ابصر رشده قال فمن

ص: 484

احلم النّاس قال الّذي لا يغضب قال فايّ الناس اثبت رأيا قال من لم تغرّه النّاس من نفسه و لم تغرّه الدّنيا بتشوّفها قال فايّ النّاس احمق قال المغترّ بالدّنيا و هو يري ما فيها من تقلّب احوالها قال فايّ النّاس اعمي قال الّذي عمل لغير اللّه يطلب بعمله الثّواب من عند اللّه عزّ و جلّ قال فايّ المصائب اشدّ قال المصيبة بالدّين قال فايّ الناس خير عند اللّه قال اخوفهم للّه و اعملهم بالتّقوي و ازهدهم في الدّنيا قال فايّ الكلام افضل عند اللّه عزّ و جلّ قال كثرة ذكر اللّه و التّضرّع اليه و دعاءه قال فايّ الاعمال افضل عند اللّه عزّ و جلّ قال التّسليم و الورع قال ثم اقبل عليه السّلام علي الشيخ فقال يا شيخ انّ اللّه عزّ و جلّ خلق خلقا ضيّق عليهم الدّنيا نظرا لهم و زهّدهم فيها و في حطامها فرغبوا في دار السّلام الّذي دعاهم و صبروا علي ضيق المعيشة و صبروا علي المكروه و اشتاقوا الي ما عند اللّه من الكرامة و بذلوا انفسهم ابتغاء رضوان اللّه

ص: 485

و كانت خاتمة اعمالهم الشّهادة فلقوا اللّه و هو عنهم راض اعلموا انّ الموت سبيل لمن مضي و بقي فتزوّدوا لاخرتهم غير الذّهب و الفضّة و لبسوا الخشن و صبروا علي القوت و قدّموا الفضل و احبّوا في اللّه و ابغضوا في اللّه اولئك المصابيح و اهل النّعيم في الاخرة فقال الشيخ و اين اذهب و ادع الجنّة و انا اراها و اري اهلها معك جهزّني بقوّة اتقوّي بها علي عدوّك فاعطاه سلاحا و حمله و كان في الحرب بين يدي امير المؤمنين عليه السّلام حتّي استشهد اللّغات شحب لونه شحوبا من باب نصر و ضرب اي تغيّر لمرض او جوع او غيرهما-و في المطبوعة سحنة السّفر بفتح السين و سكون النون و فتح النون الهيئة و اللون رزء من باب منع نقص و في بعض النسخ(ما زوي)ظلف نفسه ظلفا من باب ضرب منعها و كف عنه البيات الهجوم علي االاعداء ليلا تشوف تشوفا تزيّن و في المطبوعة تشوقها بالقاف

139 و من كلامه عليه السّلام

مجموعة الورّام-ج 2 ص 248 قال من كلام امير المؤمنين عليه السّلام اسمعوا اذانكم مواعظ الحقّ و زواجر الصّدق فانّ كلام الحكماء دواء و كلام اللّه شفاء ما لكم تتحابّون و لا تتناصحون و لا تتبارّون فانّما أنتم اخوان علي دين اللّه و اللّه ما يفرّق بين اهواءكم الاّ خبث سرائركم و لو تحاببتم و تناصحتم لتعاونتم

ص: 486

علي البرّ و التّقوي فما لكم تفرحون باليسير من الدّنيا حين تاتيكم و يحزنكم اليسير منها حين يفوتكم و يفوتكم الكثير من دينكم فلا يحزنكم و لا يخطر ببالكم اذا شرب القلب حبّ الدّنيا لم ينجع فيه كثرة المواعظ كالجسد الّذي اذا استحكم فيه الدّاء لم ينجع فيه كثرة الدّواء اللغة-النجعة بضم النون طلب الكلاء فقوله عليه السّلام لم ينجع اي لم يطلب و نجع فيه الامر و الخطاب و الوعظ اي اثّر فلم ينجع هنا اي لم يؤثّر

140 و من كلامه عليه السّلام

امالي الصّدوق رئيس المحدثين محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي اعلي اللّه مقامه المتوفّي سنة احدي و ثمانين و ثلاثمائة من النسخة المطبوعة في طهران سنة ثلاثمائة بعد الالف من الهجرة النبوية بنفقة المرحوم الحاج محمد حسن الاصبهاني امين دار الضرب ص 17 قال حدثنا ابي رحمه اللّه قال حدّثنا سعد بن عبد اللّه عن الهيثم بن ابي مسروق الهندي عن الحسين بن علوان عن عمرو بن ثابت عن ابيه عن سعد بن ظريف عن الاصبغ بن نباته قال قال امير المؤمنين عليه السّلام ذات يوم علي منبر الكوفة انا سيّد الوصيّين و وصيّ سيّد النّبيّين انا امام المسلمين و قائد المتّقين و وليّ المؤمنين و زوج سيّدة نساء العالمين انا المتختّم باليمين و المعفّر للجبين انا الّذي هاجرت الهجرتين و بايعت البيعتين انا صاحب بدر و حنين انا الضّارب بالسّيفين و الحامل علي فرسين انا وارث علم

ص: 487

الاوّلين و حجّة اللّه علي العالمين بعد الانبياء و محمّد بن عبد اللّه خاتم النّبيّين اهل موالاتي مرحومون و اهل عداوتي ملعونون و لقد كان حبيبي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله كثيرا ما يقول يا عليّ حبّك تقوي و ايمان بغضك كفر و نفاق و انا بيت الحكمة و انت مفتاحه كذب من زعم انّه يحبّني و يبغضك

141 و من كلامه عليه السّلام

امالي الصّدوق ره ص 24 قال حدثنا الحسين بن ابراهيم المؤدب قال حدثنا محمّد بن ابي عبد الله الكوفي عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمّد بن بشّار عن عبد اللّه الدّهقان عن درست بن ابي منصور الواسطي عن عبد الحميد بن ابي العلاء عن ثابت بن دينار عن سعد بن ظريف الخفاف عن الاصبغ بن نباتة قال قال امير المؤمنين عليه السّلام انا خليفة رسول اللّه و وزيره و وارثه انا اخو رسول اللّه و وصيّه و جيبه انا صفيّ رسول اللّه و صاحبه انا ابن عمّ رسول اللّه و زوج ابنته و ابو ولده و انا سيّد الوصيّين و وصيّ سيّد النّبيّين انا الحجّة العظمي و الاية الكبري و المثل الاعلي و باب النّبيّ المصطفي انا العروة الوثقي و كلمة التّقوي و امين اللّه تعالي ذكره علي اهل الدّنيا

ص: 488

142 و من خطبه عليه السّلام

امالي الصّدوق ره ص 61 قال حدّثنا محمد بن ابراهيم بن اسحق رضي اللّه عنه قال حدّثنا احمد بن محمد الهمداني قال اخبرنا المنذر بن محمّد قال حدّثنا إسماعيل بن عبد اللّه الكوفي عن ابيه عن عبد اللّه بن الفضل الهاشمي عن الصّادق جعفر بن محمّد عن ابيه عن جدّه عليهم السّلام قال خطب امير المؤمنين عليّ بن ابي طالب عليه السّلام للناس يوم الفطر فقال ايّها النّاس انّ يومكم هذا يوم يشاب فيه المحسنون و يخسر فيه المسيئون و هو اشبه يوم بيوم قيامتكم فاذكروا بخروجكم من منازلكم الي مصلاّكم خروجكم من الاجداث الي ربّكم و اذكروا بوقوفكم في مصلاّكم وقوفكم بين يدي ربّكم و اذكروا برجوعكم الي منازلكم رجوعكم الي منازلكم في الجنّة او النّار و اعلموا عباد اللّه انّ ادني للصّائمين و الصّائمات ان يناديهم ملك في اخر يوم من شهر رمضان ابشروا عباد اللّه فقد غفر لكم ما سلف من ذنوبكم فانظروا كيف تكونون فيما تستانفون

143 و من خطبه عليه السّلام

امالي الصّدوق ره ص 67 قال حدّثنا محمد بن علي عن عمّه محمد بن ابي القاسم عن هرون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن الصّادق جعفر بن محمّد عن ابيه عن ابائه عليهم السّلام انّ امير المؤمنين عليه السّلام قد خطب بالبصرة فقال بعد ما حمد اللّه عزّ و جلّ و اثني عليه

ص: 489

و صلّي علي النّبيّ و اله المدّة و ان طالت قصيرة و الماضي للمقيم عبرة و الميّت للحيّ عظة و ليس لامس ان مضي عودة و لا المرء من غد علي ثقة الاوّل للأوسط رائد و الاوسط للآخر قائد و كلّ لكلّ مفارق و كلّ بكلّ لا حق و الموت لكلّ غالب و اليوم الهائل لكلّ ازف و هو اليوم الّذي لا ينفع فيه مال و لا بنون الاّ من اتي اللّه بقلب سليم ثم قال عليه السّلام معاشر شيعتي اصبروا علي عمل لا غني بكم عن ثوابه و اصبروا عن عمل لا صبر لكم علي عقابه انّا وجدنا الصّبر علي طاعة اللّه اهون من الصّبر علي عذاب اللّه عزّ و جلّ اعلموا انّكم في اجل محدود و امل ممدود و نفس معدود و لا بدّ للأجل ان يتناهي و للأمل ان يطوي و للنّفس ان يحصي ثمّ دمعت عيناه و قرء و انّ عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون

144 و من خطبه عليه السّلام

ص: 490

امالي الصّدوق ره ص 205 قال حدّثنا احمد بن الحسن القطان و علي بن احمد بن موسي و محمد بن احمد السناني رضي الله عنه قالوا حدثنا ابو العبّاس احمد بن يحيي بن زكريا القطّان قال محمد بن العبّاس قال حدّثني ابو محمد بن ابي السري قال حدثنا احمد بن عبد اللّه بن يونس عن سعد بن طريف الكناني عن الاصبغ بن نباته قال لمّا جلس عليّ(عليه السّلام)في الخِلافة و بايعه الناس خرج الي المسجد متعمما بعمامة رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله لابسا بردة رسول اللّه متقلدا سيف رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله فصعد المنبر فجلس عليه متهكّنا ثم شبّك بين اصابعه فوضعها اسفل بطنه ثم قال يا معاشر النّاس سلوني قبل ان تفقدوني هذا سبط العلم هذا لعاب رسول اللّه هذا ما زقّني رسول اللّه زقّا سلوني فانّ عندي علم الاوّلين و الاخرين اما لو ثنّيت لي وسادة فجلست عليها لا فتيت اهل التّورة بتوراتهم حتّي تنطق التّورته فتقول صدق عليّ ما كذب لقد افتاكم بما انزل اللّه فيّ و افتيت اهل الانجيل بإنجيلهم حتّي ينطق الانجيل فيقول صدق عليّ ما كذب فيّ لقد افتاكم بما انزل اللّه فيّ و افتيت اهل القرآن بقرآنهم حتّي ينطق القرآن فيقول صدق عليّ ما كذب لقد افتاكم بما انزل اللّه فيّ و أنتم تتلون القرآن ليلا و نهارا فهل فيكم احد يعلم

ص: 491

ما نزّل فيه و لو لا اية في كتاب اللّه عزّ و جلّ لاخبرتكم بما كان و بما يكون و بما هو كائن الي يوم القيمة و هي هذه الاية يمحو اللّه ما يشاء و يثبت و عنده امّ الكتاب ثمّ قال عليه السّلام سلوني قبل ان تفقدوني فو الّذي فلق الحبّة و برء النّسمة لو سألتموني عن اية اية في ليل انزلت او في نهار انزلت مكّيّها و مدنيّها سفريّها و حضريّها ناسخها و منسوخها و محكمها و متشابهها و تاويلها و تنزيلها لاخبرتكم فقام اليه رجل يقال له ذعلب و كان زرب اللسان بليغا في الخطب شجاع القلب فقال لقد ارتقي ابن ابي طالب مرقاة صعبة لاخجلنّه اليوم لكم في مسئلتي ايّاه فقال يا امير المؤمنين هل رايت ربّك فقال عليه السّلام ويلك يا ذعلب لم اكن بالّذي اعبد ربّا لم اره قال فكيف رايته صفه لنا قال ويلك لم تره العيون بمشاهدة الابصار و لكن راته القلوب بحقايق الايمان ويلك يا ذعلب انّ ربّي لا يوصف بالبعد و لا بالحركة و لا بالسّكون و لا بقيام قيام انتصاب و لا بجيئة و لا بذهاب لطيف اللّطافة لا يوصف

ص: 492

باللّطف عظيم العظمة لا يوصف بالعظم كبير الكبرياء لا يوصف بالكبر جليل الجلالة لا يوصف بالغلظ رءوف الرّحمة لا يوصف بالرّقة مؤمن لا بعبادة مدرك لا بحاسّة قائل لا بلفظ هو في الاشياء لا علي ممازجة خارج منها علي غير مباينة فوق كلّ شيء و لا يقال شيء فوقه امام كلّ شيء و لا يقال له امام داخل في الاشياء لا كشيء في شيء داخل و خارج منها لا كشيء من شيء خارج فخزّ ذعلب مغشيا عليه ثم قال ياللّه ما سمعت بمثل هذا الجواب و اللّه لا عدت الي مثلها ثم قال عليه السّلام سلوني قبل ان تفقدوني فقام اليه الاشعث بن قيس فقال يا امير المؤمنين كيف تؤخذ من المجوس الجزية و لم ينزل عليهم كتاب و لم يبعث عليهم نبيّ فقال بلي و اللّه يا اشعث قد انزل اللّه عليهم كتابا و بعث اليهم نبيّا و كان لهم ملك سكر ذات ليلة فدعا بابنته الي فراشه فارتكبها فلمّا اصبح تسامع به قومه فاجتمعوا الي بابه فقالوا ايّها الملك دنّست علينا ديننا فاهلكته فاخرج نطهّرك و نقم عليك الحدّ فقال لهم اجتمعوا و اسمعوا كلامي فان يكن لي مخرجا ممّا ارتكبت

ص: 493

و الاّ فشانكم فاجتمعوا فقال لهم هل علمتم انّ اللّه عزّ و جلّ لم يخلق خلقا اكرم عليه من ابينا ادم و امّنا حوّا قالوا صدقت ايّها الملك قال أ فليس قد زوّج بنيه و بناته و بناته من بنيه قالوا صدقت هذا هو الدّين فتعاقدوا علي ذلك فمحي اللّه ما في صدورهم من العلم و رفع عنهم الكتاب فهم الكفرة يدخلون النّار بلا حساب و المنافقون اشدّ حالا منهم فقال الاشعث و اللّه ما سمعت بمثل هذا الجواب و اللّه لا عدت الي مثلها ابدا ثمّ قال عليه السّلام سلوني قبل ان تفقدوني فقام اليه رجل من اقصي المسجد متوكيّا علي عكازة فلم يزل يتخطأ الناس حتّي دني منه فقال يا امير المؤمنين علي عمل اذا انا عملته نجاني اللّه من النّار فقال عليه السّلام له اسمع يا هذا ثمّ افهم ثمّ استيقن قامت الدّنيا بثلاثة بعالم ناطق مستعمل لعلمه و بغنيّ لا يبخل بماله علي اهل دين اللّه عزّ و جلّ و بفقير صابر فاذا كتم العالم علمه و بخل الغنيّ و لم يصبر الفقير فعندها الويل و الثّبور و عندها يعرف العارفون اللّه انّ الدّار قد رجعت الي بديّها اي الي الكفر بعد الايمان ايّها

ص: 494

السّائل فلا تغترّنّ بكثرة المساجد و جماعة اقوام اجسادهم مجتمعة و قلوبهم شتّي ايّها النّاس انّما النّاس ثلاثة زاهد و راغب و صابر فامّا الزّاهد فلا يفرح بشيء من الدّنيا اتاه و لا يحزن علي شيء منها فاته و امّا الصّابر فيتمنّاها بقلبه فان ادرك منها شيئا صرف عنها نفسه لما يعلم من سوء عاقبتها و امّا الرّاغب فلا يبالي من حلّ اصابها ا من حرام قال يا امير المؤمنين ما علامة المؤمن في ذلك الزّمان قال ينظر الي ما اوجب اللّه عليه من حقّ فيتولاّه و ينظر الي ما خالفه فيتبرّء منه و ان كان حبيبا قريبا قال صدقت و اللّه يا امير المؤمنين ثمّ غاب الرّجل فلم نره و طلبه الناس فلم يجدوه فتبسّم عليّ عليه السّلام علي المنبر ثم قال ما لكم هذا اخي الخضر عليه السّلام ثم قال عليه السّلام سلوني قبل ان تفقدوني فلم يقم اليه احد فحمد اللّه و اثني عليه و صلّي علي نبيّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم اللّغات متهكّنا اي متندّما قال في القاموس التهكّن التندّم سبط العلم اي كثير العلم زقّني اي اطعمني ذعلب بكسر الذّال و فتح اللام اسم رجل من اصحاب امير المؤمنين عليه السّلام

145 و من كلامه عليه السّلام

امالي الصّدوق ره ص 211 قال حدثنا محمد بن علي ما جيلويه ره عن عمّه محمد بن ابي القاسم عن احمد بن محمد بن خالد عن ابيه عن احمد بن محمّد بن يحيي عن عيّاذ بن ابراهيم عن الصّادق جعفر بن محمّد عن

ص: 495

ابيه عن ابائه عليهم السّلام قال قال امير المؤمنين عليه السّلام لانسبنّ الاسلام نسبة لم ينسبه احد قبلي و لا ينسبه احد بعدي الاسلام هو التّسليم و التّسليم هو التّصديق و التّصديق هو اليقين و اليقين هو الاداء و الاداء هو العمل انّ المؤمن اخذ دينه عن ربّه و لم يأخذه عن رايه ايّها النّاس دينكم دينكم تمسّكوا به لا يزيلكم احد عنه لانّ السّيّئة فيه خير من الحسنة في غيره لانّ السّيئة فيه تغفر و الحسنة في غيره لا تقبل

146 و من خطبه عليه السّلام

امالي الصّدوق ره ص 243 محمد بن عمر البغدادي قال حدّثنا احمد بن عبد العزيز بن الجعد قال حدثنا عبد الرحمن بن صالح قال حدّثنا شعيب بن راشد عن جابر عن ابي جعفر عليه السّلام قال قام عليّ عليه السّلام يخطب الناس بصفّين يوم جمعة و ذلك قبل الهرّير بخمسة ايّام فقال الحمد للّه علي جميع نعمه الفاضلة علي جميع خلقه البرّ و الفاجر و علي حججه البالغة علي خلقه من عصاه او اطاعه ان يعف فبفضل منه و ان يعذّب فبما قدّمت ايديهم و ما اللّه بظلاّم للعبيد احمده علي حسن البلاء و تظاهر النّعماء و استعينه علي ما نابنا

ص: 496

من امر ديننا و اومن به و اتوكّل عليه و كفي باللّه وكيلا ثمّ انّي اشهد ان لا اله الاّ اللّه وحده لا شريك له و انّ محمّدا عبده و رسوله ارسله بالهدي و دينه الّذي ارتضاه و كان اهله و اصطفاه علي جميع العباد بتبليغ رسالته و حججه علي خلقه و كان كعلمه فيه رءوفا رحيما اكرم خلق اللّه حسبا و اجملهم منظرا و اشجعهم نفسا و ابرّهم بوالد و امنهم علي عقد لم يتعلّق عليه مسلم و لا كافر لمظلمة قطّ بل كان يظلم فيغفر و يقدر فيصفح و يعفو حتّي مضي مطيعا للّه صابرا علي ما اصابه مجاهدا في اللّه حقّ جهاده عابدا للّه حتّي اتاه اليقين فكان ذهابه عليه السّلام اعظم المصيبة علي جميع اهل الارض البرّ و الفاجر ثمّ ترك فيكم كتاب اللّه يأمركم بطاعة اللّه و ينهاكم عن معصيته و قد عهد اليّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله عهدا لن اخرج عنه و قد حضركم عدوّكم و قد عرفتم من رئيسهم يدعوهم الي باطل و ابن عمّ نبيّكم صلّي اللّه عليه

ص: 497

و اله بين اظهركم يدعوكم الي طاعة ربّكم و العمل بسنّة نبيّكم و لا سواء من صلّي قبل كلّ ذكر لم يسبقني بالصّلوة غير نبيّ اللّه صلّي اللّه عليه و آله و انا و اللّه من اهل بدر و اللّه انّكم لعلي الحقّ و انّ القوم لعلي الباطل فلا يصير القوم علي باطلهم و يجتمعوا عليه و تتفرّقوا عن حقّكم قاتلوهم يعذّبهم اللّه بايديكم فان لم تفعلوا ليعذّبهم اللّه بايدي غيركم فاجابه اصحابه فقالوا يا امير المؤمنين انهض الي القوم اذا شئت فو اللّه ما نبتغي بك بدلا و نموت معك و نحيي معك فقال لهم مجيبا لهم و الّذي نفسي بيده ينظر اليّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و انا اضرب قدّامه بسيفي فقال لا سيف الاّ ذو الفقار و لا فتي الاّ عليّ ثمّ قال لي يا عليّ انت منّي بمنزلة هرون من موسي غير انّه لا نبيّ بعدي و حياتك يا عليّ و موتك معي فو اللّه ما كذبت و لا كذّبت و لا ضللت و ضلّ بي و لا نسيت ما عهد اليّ اني اذا لنسيء و انّي لعلي بيّنة من ربّي بيّنها لنبيّه صلّي اللّه عليه و آله

ص: 498

فبيّنها لي و انّي لعلي الطّريق الواضح القطه لقطا ثم نهض الي القوم يوم الخميس فاقتتلوا من حين طلعت الشمس حتي غاب الشفق ما كانت صلاة القوم يومئذ الاّ تكبيرا عند مواقيت الصّلوة فقتل علي عليه السّلام يومئذ بيده خمسمائة و ستة نفر من جماعة القوم فاصبح اهل الشّام ينادون يا علي اتق اللّه في البقية و رفعوا المصاحف علي اطراف

147 و من كلامه عليه السّلام

امالي الصّدوق ره ص 298 قال حدثنا ابي رضي الله عنه قال حدّثنا سعد بن عبد اللّه قال حدّثنا ابراهيم بن هاشم عن عبد الرحمن بن ابي نجران عن عاصم بن حميد عن محمد بن قيس عن ابي جعفر عليه السّلام قال كان عليّ عليه السّلام كلّ بكرة يطوف في اسواق الكوفة سوقا سوقا و معه الدرّة علي عاتقه و كان لها طرفان و كانت تسمّي السبيّة فيقف علي سوق سوق فينادي يا معشر التجّار قدّموا الاستخارة و تبرّكوا بالسّهولة و اقتربوا من المبتاعين و تزيّنوا بالحلم و تناهوا عن الكذب و اليمين و تجافوا عن الظّلم و انصفوا المظلومين و لا تقربوا الرّبا و اوفوا الكيل و الميزان و لا تبخسوا النّاس اشياءهم و لا تعثوا في الارض مفسدين يطوف في جميع اسواق الكوفة فيقول هذا ثمّ يقول تفني اللّذاذة ممّن نال صفوتها من الحرام و يبقي الاثم و العار

تبقي عواقب سوء في مغبّتها لا خير في لذّة من بعدها النّار

148 و من كلامه عليه السّلام

ص: 499

امالي الصدوق ره ص 298 بالاسناد الذي ذكرناه في الظهر انفا قال قال ابو جعفر عليه السّلام كان امير المؤمنين عليه السّلام بالكوفة اذا صلّي العشاء الاخرة ينادي الناس ثلاث مرّات حتي يسمع اهل المسجد ايّها النّاس تجهّزوا رحمكم اللّه فقد نودي فيكم بالرّحيل فما التّعرّج علي الدّنيا بعد نداء فيها بالرّحيل تجهّزوا رحمكم اللّه و انتقلوا بافضل ما بحضرتكم من الزّاد و هو التّقوي و اعلموا انّ طريقكم الي المعاد و ممرّكم علي الصّراط و الهول الاعظم امامكم و علي طريقكم عقبة كؤد و منازل مهولة مخوفة لا بدّ لكم من الممرّ عليها و الوقوف بها فامّا برحمة من اللّه فنجاة من هولها و عظم خطرها و فظاعة منظرها و شدّة مختبرها و امّا بهلكة ليس بعدها انجباره

149 و من كلامه عليه السّلام

امالي الصّدوق ره ص 358 قال حدّثنا عليّ بن عيسي المجاوزة قال حدّثنا علي بن احمد بن بندار عن محمد بن علي المقري عن محمد بن سنان عن مالك بن عطيّة عن نوير بن سعيد عن ابيه سعيد بن علاقة عن الحسن البصري قال صعد امير المؤمنين عليه السّلام علي منبر البصرة فقال ايّها النّاس انسبوني فمن عرفني فلينسبني و الاّ فانّما انسب نفسي انا زيد بن عبد مناف بن عامر بن المغيرة بن زيد بن كلاب فقام اليه

ص: 500

ابن الكوّا فقال يا هذا ما نعرف لك نسبا غير انك علي بن ابي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصيّ بن كلاب فقال عليه السّلام له يا لكع انّ ابي سمّاني زيدا باسم جدّه قصيّ و انّ اسم ابي عبد مناف فغلبت الكنيته علي الاسم و انّ اسم عبد المطّلب عامر فغلب النّسب علي الاسم و اسم هاشم عمر(عامر)فغلب اللّقب علي الاسم و اسم عبد مناف المغيرة فغلب اللّقب علي الاسم و انّ اسم قصيّ زيد فسمّته العرب مجمّعا لجمعه ايّاها من البلد الاقصي الي مكّة فغلب اللّقب علي الاسم

150 و من كلامه عليه السّلام

امالي الصّدوق ره ص 360 قال حدّثنا محمد بن ابراهيم بن اسحق رضي اللّه عنه قال حدّثنا احمد بن محمّد الهمداني قال اخبرنا المنذر بن محمّد قال حدّثنا جعفر بن سليمان عن عبد اللّه بن الفضل عن سعد بن ظريف عن الاصبغ بن نباته قال قال امير المؤمنين عليه السّلام في بعض خطبه ايّها النّاس اسمعوا قولي و اعقلوه عنّي فانّ الفراق قريب انا امام البريّة و وصيّ خير الخليقة و زوج سيّدة نساء هذه الامّة و ابو العترة الطّاهرة و الائمّة الهادية انا اخو رسول اللّه و وصيّه و وليّه و وزيره و صاحبه و صفيّه و حبيبه و خليله انا امير المؤمنين و قائد الغرّ المحجّلين و سيّد الوصيّين حربي حرب اللّه و سلمي

ص: 501

سلم اللّه و طاعتي طاعة اللّه و ولايتي ولاية اللّه و شيعتي اولياء اللّه و انصاري انصار اللّه و الّذي خلقني و لم اك شيئا لقد علم المستحفظون من اصحاب رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله محمّد انّ النّاكثين و القاسطين و المارقين ملعونون علي لسان النبيّ الامّي فقد خاب من افتري

151 و من كلامه عليه السّلام

امالي الصّدوق ره ص 366 قال حدّثنا الشّيخ الجليل ابو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي رضي اللّه عنه قال حدّثنا ابي قال حدّثنا سعد بن عبد اللّه قال حدّثنا محمد بن عيسي بن عبيد اليقطيني قال حدّثنا يوسف بن عبد الرحمن قال حدثنا الحسن بن زياد العطّار قال حدّثنا طريف عن الاصبغ بن نباته قال قال امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السّلام تعلّموا العلم فانّ تعلّمه حسنة و مدارسته تسبيح و البحث عنه جهاد و تعليمه لمن لا يعلمه صدقة و هو عند اللّه لاهله قربة لانّه معالم الحلال و الحرام و سالك بطالبه سبيل الجنّة و هو انيس في الوحشة و صاحب في الوحدة و سلاح علي الاعداء و زين الاخلاّء يرفع اللّه به اقواما يجعلهم في الخير ائمّة

ص: 502

يقتدي بهم ترمق اعمالهم و تقتبس اثارهم و ترغب الملائكة يمسحونهم باجنحتهم في صلوتهم لانّ العلم حيوة القلوب و نور الابصار من العمي و قوّة الابدان من الضّعف و ينزّل اللّه حامله منازل الابرار و يمنحه مجالسة الاخيار في الدّنيا و الاخرة بالعلم يطاع اللّه و يعبد و بالعلم يعرف اللّه و يوحّد و بالعلم توصل الارحام و به تعرف الحلال و الحرام و العلم امام العقل و العقل تابعه يلهمه اللّه السّعداء و يحرّمه الاشقياء اقول و اعلم انّ الصّدوق ره ايضا قد نقله في الخصال و رواه عن ابيه عن سعد عن اليقطيني عن جماعة من اصحابه رفعوه الي امير المؤمنين عليه السّلام قال قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله تعلّموا العلم الي اخر كلامه هذا الاّ انّ فيه مكان عند الله لاهله بدّل بذله لاهله و بعد قوله في الوحدة قال و دليل علي السّراء و الضّرّاء و بعد قوله في صلوتهم زاد و يستغفر لهم كلّ شيء حتّي حتيان البحور و هوامها و سباع البرّ و انعامها و يدلّ علي مكان الابرار الاخيار و مكان الاخيار الابرار و قوله ترمق اعمالهم اي تنظر الي اعمالهم و نور الابصار اي ابصار القلوب و يحتمل حمله علي الابصار الظاهرة ايضا و قوة الابدان اي بالعلم و اليقين تقوي الجوارح علي العمل و يسكن القلب عن التزلزل و الاضطراب و يسهّل علي صاحبه المشاق

152 و من خطبه عليه السّلام

مختصر بصائر الدّرجات للشيخ الجليل حسن بن سليمان الحلي تلميذ شيخنا الشّهيد الاوّل صاحب اللّمعة رضي اللّه عنهما و هو من المشيخة العظام و من علماء اوائل القرن التّاسع من الهجرة

ص: 503

و قد طبع الكتاب في النجف الاشرف سنة(1370)و هو من منشورات المطبعة الحيدريّة قال ره في ص 195 و وقفت علي كتاب خطب لمولانا امير المؤمنين عليه السّلام و عليه خطّ السيّد رضي الدين علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن طاوس ما صورته هذا الكتاب ذكر كاتبه رجلين بعد الصّادق عليه السّلام فيمكن ان يكون تاريخ كتابته بعد المأتين من الهجرة لانه عليه السّلام انتقل بعد سنة مأئة و اربعين من الهجرة و قد روي بعض ما فيه عن ابي روح فرج بن فروة عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمّد عليهما السّلام و بعض ما فيه عن غيرهما ذكر في الكتاب المشار اليه خطبة لمولانا امير المؤمنين عليه السّلام تسمي المخزون و هي الحمد للّه الاحد المحمود الّذي توحّد بملكه و علا بقدرته احمده علي ما عرّف من سبيله و الهم من طاعته و علّم من مكنون حكمته فانّه محمود بكلّ ما يولّي و مشكور بكلّ ما يبلي و اشهد انّ قوله عدل و حكمه فصل و لم ينطق فيه ناطق بكان الاّ كان قبل كان و اشهد انّ محمّدا صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عبد اللّه و سيّد عباده خير من اهّل اوّلا و خير من اهّل اخرا فكلّما نسبح اللّه الخلق فريقين جعله في خير الفريقين لم يسهم فيه عاير و لا نكاح جاهليّة ثمّ انّ اللّه تعالي قد بعث اليكم رسولا من انفسكم عزيز عليه ما عنتّم حريص

ص: 504

عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم فاتّبعوا ما انزل اليكم من ربّكم و لا تتّبعوا من دونه اولياء قليلا ما تذكّرون فانّ اللّه تعالي جعل للخير اهلا و للحقّ دعائم و للطّاعة عصما يعصم بهم و يقيم من حقّه فيهم علي ارتضاء من ذلك و جعل لها رعاة و حفظة يحفظونها بقوّة و يعينوا عليها اولياء ذلك بما ولّوا من حقّ اللّه فيها امّا بعد فانّ روح البصر روح الحيوة الّذي لا ينفع ايمان الاّ به مع كلمة اللّه و التّصديق بها فالكلمة من الرّوح و الرّوح من النّور و النّور نور السّموات فبايديكم سبب وصل اليكم منه ايثار و اختيار نعمة اللّه لا تبلغوا شكرها خصّصكم بها و اختصّكم لها و تلك الامثال نضربها للنّاس و ما يعقلها الاّ العالمون فابشروا بنصر من اللّه عاجل و فتح يسير يقرّ اللّه به اعينكم و يذهب بحزنكم كفّوا ما تناهي النّاس عنكم فانّ ذلك لا يخفي عليكم انّ لكم عند كلّ طلعة عونا من اللّه يقول

ص: 505

علي الالسن و يثبت علي الافئدة و ذلك عون اللّه لاوليائه يظهر في خفيّ نعمته لطيفا و قد اثمرت لاهل التّقوي اغصان لشجرة الحيوة و انّ فرقانا من اللّه بين اولياءه و اعدائه فيه شفاء للصّدور و ظهور للنّور يعزّ اللّه به اهل طاعته و يذلّ به اهل معصيته فليعدّ لذلك امرء عدّته و لا عدّة له الاّ بسبب بصيرة و صدق نيّة و تسليم سلامة اهل الخفّة في الطّاعة ثقل الميزان و الميزان بالحكمة و الحكمة ضياء للبصر و الشّكّ و المعصية في النّار و ليسا منّا و لا لنا و لا الينا قلوب المؤمنين مطويّة علي الايمان اذا اراد اللّه اظهار ما فيها فتحها بالوحي و زرع فيها الحكمة و انّ لكلّ شيء انا يبلغه لا يعجّل اللّه بشيء حتّي يبلغ اناه و منتهاه فاستبشروا ببشري ما بشّرتم به و اعترفوا بقربان ما قرب لكم و تنجزوا من اللّه ما وعدكم انّ منّا دعوة خالصة يظهر اللّه بها حجّته البالغة و يتمّ بها النّعمة السّابغة و يعطي بها الكرامة الفاضلة

ص: 506

من استمسك بها اخذ بحكمة منها اتاكم اللّه رحمته و من رحمته نور القلوب و وضع عنكم اوزار الذّنوب و عجّل شفاء صدوركم و صلاح اموركم و سلام منّا لكم دائما عليكم تسلمون به في دول الايّام و قرار الارحام اين كنتم و سلامه لسلامه عليكم في ظاهره و باطنه فانّ اللّه عزّ و جلّ اختار لدينه اقواما انتجبهم للقيام عليه و النّصرة له بهم ظهرت كلمة الاسلام و ارجاء مفترض القرآن و العمل بالطّاعة في مشارق الارض و مغاربها ثمّ انّ اللّه تعالي خصّكم بالاسلام و استخلصكم له لانّه اسم سلامة و جمّاع كرامة اصطفاه اللّه فنهجّه و بيّن حججه و ارف ارفه و حدّه و وصفه و جعله رضا كما وصفه و وصف اخلاقه و بيّن اطباقه و وكّد ميثاقه من ظهر و بطن ذي حلاوة و امن فمن ظفر بظاهره رأي عجائب مناظره في موارده و مصادره و من فطن لما بطن رأي مكنون الفطن و عجائب

ص: 507

الامثال و السّنن فظاهره انيق و باطنه عميق لا تنقضي عجائبه و لا تفني غرائبه فيه ينابيع النّعم و مصابيح الظّلم لا تفتح الخيرات الاّ بمفاتيحه و لا تنكشف الظّلم الاّ بمصابيحه فيه تفصيل و توصيل و بيان الاسمين الاعلين للذّين جمعا فاجتمعا لا يصلحان الاّ معا يسميّان فيعرفان و يوصفان فيجتمعان قيامهما في تمام احدهما في منازلهما جري بهما و لهما نجوم و علي نجومهما نجوم سواهما تحمي حماه و ترعي مراعيه و في القرآن بيانه و حدوده و اركانه و مواضيع تقادير ما خزن بخزاينه و وزن بميزانه ميزان العدل و حكم الفصل انّ رعاة الدّين فرّقوا بين الشّك و اليقين و جاءوا بالحقّ المبين قد بيّنوا الاسلام تبيانا و اسّسوا له اساسا و اركانا و جاءوا علي ذلك شهودا و برهانا من علامات و امارات فيها كفاء المكتف و شفاء المشتف يحمون حماه و يرعون مرعاه و يصونون مصونه و يهجرون

ص: 508

مهجوره و يحبّون محبوبه بحكم اللّه و برّه و بعظيم امره و ذكره بما يجب ان يذكر به يتواصلون بالولاية و يتلاقون بحسن اللّهجة و يتساقون بكاس الرّؤية و يتراعون بحسن الرّعاية بصدور بريّة و اخلاق سنيّة لم يولم عليها و بقلوب رضيّة لا تتسرّب فيها الدّنيّة و لا تشرع فيها الغيبة فمن استبطن من ذلك شيئا استبطن خلفا سنيّا و قطع اصله و استبدل منزله بنقضه مبرما و استحلاله محرّما من عهد معهود اليه و عقد معقود عليه بالبرّ و التّقوي و ايثار سبيل الهدي علي ذلك عقد خلقهم واخا الفتهم فعليه يتحابّون و به يتواصلون فكانوا كالزّرع و تفاضله يبقي فيؤخذ منه و يفني ببقيّة التّخصّص و يبلغ منه التّخليص فلينظر امرء في قصر ايّامه و قلّة مقامه في منزل حتّي يستبدل منزلا فليضع متحوّله و معارف منتقله فطوبي لذي قلب سليم اطاع من يهديه و

ص: 509

تجنّب ما يرديه فيدخل مدخل الكرامة فاصاب سبيل السّلامة يبصر ببصره و اطاع هادي امره دلّ افضل الدّلالة و كشف غطاء الجهالة المضلّة الملهية فمن اراد تفكّرا و تذكّرا فليذكر رأيه و ليبرز بالهدي ما لم تغلق ابوابه و تفتح اسبابه و قبل نصيحة من نصح بخضوع و حسن خشوع بسلامة الاسلام و دعاء التّمام و سلام بسلام تحيّة دائمة لخاضع متواضع يتنافس بالايمان و يتعارف عدل الميزان فليقبل امره و اكرامه بقبول و ليحذر قارعة قبل حلولها انّ امرنا صعب مستصعب لا يحتمله ملك مقرّب او نبيّ مرسل او بعد امتحن اللّه قلبه للايمان لا يعي حديثنا الاّ حصون حصينة او صدور امينة او احلام رزينة يا عجبا كلّ العجب بين جمادي و رجب فقال رجل من شرطة الخميس ما هذا العجب يا امير المؤمنين قال و مالي لا اعجب و قد سبق القضاء فيكم و ما تفقهون الحديث الاّ صوتات بينهنّ موتات

ص: 510

حصد نبات و نشر اموات يا عجبا كلّ العجب بين جمادي و رجب قال رجل ايضا يا امير المؤمنين ما هذا العجب الذي لا تزال تعجب منه قال ثكلتك الاخرة امّه و ايّ عجب يكون اعجب من اموات يضربون هامات الاحياء قال انّي يكون ذلك يا امير المؤمنين قال و الّذي فلق الحبّة و برء النّسمة كانّي انظر اليهم قد تخلّلوا سكك الكوفة و قد شهروا سيوفهم علي مناكبهم يضربون كلّ عدوّ للّه و لرسوله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و للمؤمنين ذلك قول اللّه عزّ و جلّ يا ايّها الّذين امنوا لا تتولّوا قوما غضب اللّه عليهم قد يئسوا من الاخرة كما يئس الكفّار من اصحاب القبور ايّها النّاس سلوني قبل ان تفقدوني لانا بطرق السّماء اعلم من العالم بطرق الارض انا يعسوب المؤمنين و غاية السّابقين و لسان المتّقين و خاتم الوصيّين و وارث النّبيّين و خليفة ربّ العالمين انا قسيم النّار و خازن الجنان و صاحب الحوض و صاحب الاعراف فليس منّا اهل

ص: 511

البيت امام الاّ و هو عارف بجميع اهل ولايته و ذلك قول اللّه تبارك و تعالي انّما انت منذر و لكلّ قوم هاد الا ايّها النّاس سلوني قبل ان تشرع برجلها فتنة شرقيّة و تطأ في خطائها بعد موت و حيوة او تشبّ نار بالحطب الجزل غربيّ الارض و رافعة ذيلها تدعو يا ويلها بذحلة او مثلها فاذا استدار الفلك قلت مات او هلك بايّ واد سلك فيومئذ تاويل هذه الاية ثمّ رددنا لكم الكرّة عليهم و امددناكم باموال و بنين و جعلناكم اكثر نفيرا و لذلك علامات اوّلهنّ احصار الكوفة بالرّصد و الخندق و تخريق الزّوايا في سكك الكوفة و تعطيل المساجد اربعين ليلة و تخفّق رايات ثلاث حول المسجد الأكبر يشبهن بالهدي القاتل و المقتول في النّار و قتل كثير و موت ذريع و قتل النّفس الزّكيّة بظهر الكوفة في سبعين و المذبوح بين الرّكن و المقام و قتل الاسبع المظفّر صبرا في بيعة الاصنام

ص: 512

مع كثير من شياطين الانس و خروج السّفيانيّ براية خضراء و صليب من ذهب اميرها رجل من كلب و اثني عشر الف عنان من خيل يحمل السّفيانيّ متوجّها الي مكّة و المدينة اميرها رجل من (احد من)بني اميّة يقال له خزيمة اطمس العين الشّمال علي عينه طرفة تميل بالدّنيا فلا تردّ له راية حتّي ينزل المدينة فيجمع رجالا و نساء امن ال محمّد صلّي اللّه عليه و آله فيحبسهم في دار بالمدينة يقال لها دار ابي الحسن الامويّ و يبعث خيلا في طلب رجل من ال محمّد صلّي اللّه عليه و آله قد اجتمع اليه رجال من المستضعفين بمكّة اميرهم رجل من غطفان حتّي اذا توسّطوا الصّفايح البيض بالبيداء خسف بهم فلا ينجو منهم احد الاّ رجل واحد يحوّل اللّه وجهه في القفاء لينذرهم و ليكون اية لمن خلفه فيومئذ تاويل هذه الاية و لو تري اذا فزعوا فلا فوت و اخذوا من مكان قريب و يبعث السّفيانيّ مأئة و ثلاثين الفا الي الكوفة فينزلون بالرّوحاء و الفاروق و موضع

ص: 513

مريم و عيسي عليهما السّلام بالقادسيّة و يسير منهم ثمانون الفا حتّي ينزلوا الكوفة موضع قبر هود عليه السّلام بالنّخيلة فيهجموا عليه يوم زينة و امير النّاس جبّار عنيد يقال له الكاهن السّاحر فيخرج من مدينة يقال لها الزّوراء في خمسة الاف من الكهنة و يقتل علي جسرها سبعين الفا حتّي يحتمي النّاس الفرات ثلاثة ايّام من الدّماء و نتن الاجساد و يسبي من الكوفة ابكارا لا يكشف عنها كفّ و لا قناع حتّي يوضعن في المحامل يزلف بهنّ الثّوية و هي الغريّين ثمّ يخرج عن الكوفة مأئة الف بين مشرك و منافق حتّي يضربوا دمشق لا يصدّهم عنها صادّ و هي ارم ذات العماد و تقبل رايات شرقيّ الارض ليست بقطن و لا كتّان و لا حرير مختّمة في رءوس القنا بخاتم السيّد الاكبر يسوقها رجل من ال محمّد صلّي اللّه عليه و آله يوم تطير في المشرق يوجد ريحها بالمغرب كالمسك الاذفر يسير الرّعب امامها شهرا و يخلف أبناء سعد السّقاء بالكوفة طالبين بدماء ابائهم و هم أبناء الفسقة حتّي تهجم

ص: 514

عليهم خيل الحسين عليه السّلام يستبقان كانّها فرسا رهان شعث غبر اصحاب بواكي و فوارح اذ يضرب احدهم برجله باكية يقول لا خير في مجلس بعد يومنا هذا اللّهمّ فانّا التّائبون الخاشعون الرّاكعون السّاجدون فهم الابدال الّذين وصفهم اللّه عزّ و جلّ انّ اللّه يحبّ التّوابين و يحبّ المتطهّرين و المطهّرون نظرائهم من ال محمّد صلّي اللّه عليه و آله و يخرج رجل من اهل نجران راهب مستجيب للامام فيكون اوّل النّصاري اجابة و يهدم صومعته و يدقّ صليبها و يخرج بالموالي و ضعفاء النّاس و الخيل فيسيرون الي النّخيلة باعلام هدي فيكون مجتمع النّاس جميعا من الارض كلّها بالفاروق و هي محجّة امير المؤمنين عليه السّلام و هي ما بين البرس و الفرات فيقتل يومئذ فيما بين المشرق و المغرب ثلاثة الاف من اليهود و النّصاري يقتل بعضهم بعضا فيومئذ تاويل هذه الاية فما زالت تلك دعواهم حتّي جعلناهم حصيدا خامدين

ص: 515

بالسّيف و تحت ظلّ السّيف و يخلف من بني الاشهب الزّاجر اللّحظ في اناس من غير ابيه هرابا يأتوا سبطري عودا بالشّجر فيومئذ تاويل هذه الاية فلمّا احسّوا باسنا اذاهم منها يركضون لا تركضوا و ارجعوا الي ما اترفتم فيه و مساكنكم لعلّكم تسئلون و مساكنهم الكنوز الّتي غلبوا عليها من اموال المسلمين و يأتيهم يومئذ الخسف و القذف و المسخ فيومئذ تاويل هذه الاية و ما هي من الظّالمين ببعيد و ينادي مناد في شهر رمضان من ناحية المشرق عند ما تطلع الشّمس يا اهل الهدي اجتمعوا و ينادي من ناحية المغرب بعد ما يغيب الشّمس يا اهل الضّلالة اجتمعوا و من الغد عند الظّهر تكوّر الشّمس فتكون سوداء مظلمة و اليوم الثّالث يفرّق بين الحقّ و الباطل بخروج دابّة الارض و تقبل الرّوم الي قرية بساحل البحر عند كهف الفتية و يبعث اللّه الفتية من كهفهم اليهم رجل يقال له تملبخا و الاخر مسلمينا و هما الشّهداء المسلّمون للقائم

ص: 516

فيبعث احد الفتية الي الرّوم فيرجع بغير حاجة و يبعث بالاخر فيرجع بالفتح فيومئذ تاويل هذه الاية و له اسلم من في السّموات و الارض طوعا و كرها ثمّ يبعث اللّه من كلّ امّة فوجا ليريهم ما كانوا يوعدون فيومئذ تاويل هذه الاية و يوم نبعث من كلّ امّة فوجا ممّن يكذّب بآياتنا فهم يوزعون و الوزع خفقان افئدتهم و يسير الصّدّيق الاكبر براية الهدي و السّيف ذو الفقار و المخصرة حتّي ينزل ارض الهجرة مرّتين و هي الكوفة فيهدم مسجدها و يبنيه علي بناءه الاوّل و يهدم ما دونه من دور الجبابرة و يسير الي البصرة حتّي يشرف علي بحرها و معه التّابوت و عصا موسي فيعزم عليه فيزفر زفرة بالبصرة فتصير بحر الجيّا فيغرقها لا يبقي فيها غير مسجدها كجؤجؤ السّفينة علي ظهر الماء ثمّ يسير الي حرور ثمّ يحرقها و يسير من باب بني اسد حتّي يزفر زفرة في ثقيف و هم زرع فرعون ثمّ يسير الي مصر فيعلوا

ص: 517

منبره و يخطب النّاس فتستبشر الارض بالعدل و تعطي السّماء قطرها و الشّجر ثمرها و الارض نباتها و تتزيّن لاهلها و تامن الوحوش حتّي ترتعي في طرف الارض كانعامهم و يقذف في قلوب المؤمنين العلم فلا تحتاج مؤمن الي ما عند اخيه من العلم فيومئذ تاويل هذه الاية يغني اللّه كلاّ من سعته و تخرج لهم الارض كنوزها و يقوم القائم عليه السّلام كلوا هنيئا بما اسلفتم في الايّام الخالية فالمسلمون يومئذ اهل صواب للدّين اذن لهم في الكلام فيومئذ تاويل هذه الاية و جاء ربّك و الملك صفّا صفّا فلا يقبل اللّه يومئذ الاّ دينه الحقّ الا للّه الدّين الخالص فيومئذ تاويل هذه الاية او لم يروا انّا نسوق الماء الي الارض الجرز فتخرج به زرعا تأكل منه انعامهم و انفسهم افلا يبصرون و يقولون متي هذا الفتح ان كنتم صادقين قل يوم الفتح لا ينفع الّذين كفروا ايمانهم و لا هم ينصرون فاعرض عنهم

ص: 518

و انتظر انّهم منتظرون فيمكث فيما بين خروجه الي يوم موته ثلاثمائة سنة و نيّفا و عدّة اصحابه ثلاثمائة و ثلاثة عشر منهم تسعة من بني اسرائيل و سبعون من الجنّ و مائتان و أربعة و ثلاثون فيهم سبعون الّذين غضبوا للنّبيّ صلّي اللّه عليه و آله اذهجته مشركوا قريش فطلبوا الي نبيّ اللّه صلّي اللّه عليه و آله ان يأذن لهم في اجابتهم فاذن لهم حيث نزلت هذه الاية الاّ الّذين امنوا و عملوا الصّالحات و ذكروا اللّه كثيرا و انتصروا من بعد ما ظلموا و سيعلم الّذين ظلموا ايّ منقلب ينقلبون و عشرون من اهل اليمن منهم المقداد بن الاسود و ماتان و أربعة عشر الّذين كانوا بساحل البحر ممّا يلي عدن فبعث اليهم نبيّ اللّه برسالة فاتوا مسلمين و تسعة من بني اسرائيل و من افناء النّاس الفان و ثمان مأئة و سبعة عشر و من الملائكة اربعون الفا من ذلك من المسوّمين ثلاثة الاف و من المردفين

ص: 519

خمسة الاف فجميع اصحابه عليه السّلام سبعة و اربعون الفا و مأئة و ثلاثون من ذلك تسعة رءوس مع كلّ راس من الملائكة أربعة الاف من الجنّ و الانس عدّة يوم بذر فيهم يقاتل و ايّاهم ينصر اللّه و بهم ينتصر و بهم يقدّم النّصر و منهم نضرة الارض كتبتها كما وجدتها و فيها نقص حروف صح انتهي كلامه رحمه اللّه في المقام اقول لا يخفي علي اولي النهي انّ العلاّمة المجلسي اعلي اللّه مقامه قد نقل هذه الخطبة بتمامها في المجلد الثالث عشر من مجلّدات بحار الانوار في باب الرّجعة و قال بعد نقلها و شرح بعض من فقراتها اقول هكذا وجدتها في الاصل سقيمة محرّفة و قد صحت بعض اجزائها من بعض مؤلفات بعض اصحابنا و من الاخبار الاخر و قد اعترف صاحب الكتاب بسقمها و مع ذلك يمكن الانتفاع باكثر فوائدها و لذا اوردتها مع ما ارجو من فضله تعالي ان تيسّر لي نسخة يمكن تصحيحها بها و قد سبق كثير من فقراتها في باب علامات ظهوره انتهي كلامه رفع اللّه مقامه قوله عليه السّلام لم ينطق فيه ناطق بكان اي كلّما عبّر عنه بكان فهو لضرورة العبارة و ضيقها لان مفاد كان دالّ علي الزّوال و الزّمان و هو تعالي شانه منزّه و معرّي عنه و قوله من اهله اي جعله اللّه اهلا للنبوة و الخلافة و كلّما نسج اللّه اي جمع اللّه لم يسهم اي لم يشرك و العاير من السّهام الذي لا يدري راميه المراد انه لم يولد من الزنا و اختلاط النّسب و يمكن ان يقال انه ماخوذ من العار و يحتمل ان يكون تصحيف هاهر و قوله روح البصر لا يبعد ان يكون خبر انّ مع كلمة اللّه و روح الحيوة بدل من روح البصر و المراد منه روح الايمان التي تكون مع المؤمن اذ المؤمن به يكون بصيرا و حيّا في الحقيقة و كلمة اللّه هي الامام الهادي فالكلمة من الروح اي اخذت من الرّوح التي هي روح القدس و يمكن ان يقال من الروح بمعني مع الروح و الروح يأخذ من النور اي من نور اللّه تعالي فبايديكم سبب من كلمة اللّه الموصولة من اللّه اليكم هي السبب الذي اثركم و اختار لكم و خصّصكم به و هو النعمة التي من اللّه تعالي خصّصتم بها بحيث لا يمكن لكم ان

ص: 520

تؤدّوا شكرها و يظهر بمعني يعين سلامة مبتداء و ثقل الميزان خبره و يحتمل ان يكون التسليم مضافا الي سلامة و اهل مبتداء و ثقل بتشديد القاف علي صيغة الجمع خبره و انا بالكسر و القصر اي الوقت و اعترفوا بقربان ما قرب لكم اي اعترفوا و صدّقوا بقرب ما اخبركم بانّه قريب منكم و قوله ارف ارّفة الارف كصرد جمع الارفة اي حدّد حدوده و بيّنها و الظاهر ان بعد هذه الفقرة سقط كلام يشتمل علي ذكر القرآن اي بعد فقرة و كدّ ميثاقه قبل قوله من ظهر و بطن لان ما ذكر قبل هذه في اوصاف الاسلام و قوله من ظهر و بطن من اوصاف القرآن و ان امكن ان يستفاد اشتراك هذا التوصيف و التحديد و التبيين في بينهما الاسمين الاعلين هما محمّد و عليّ صلّي اللّه عليهما و الهما او القرآن و العترة و قوله و لهما نجوم المراد منها الائمة عليهم السّلام و قوله و علي نجومهما نجوم اي علي كلّ من تلك النجوم دلائل و براهين من الكتاب و السنّة و المعجزات و الايات الدالّة علي حقّيتهم و قوله تحمي علي بناء المجهول او علي بناء المعلوم و الفاعل النجوم و علي التقديرين الضمير في حماه و مراعيه راجع الي الاسلام و كذا الضمائر التي بعدهما و الطرفة بفتح الطاء نقطة حمراء من الدم الحادثة في العين الرّصد الطريق يقال رصدته رصدا من باب قتل اذا قعدت له علي طريقه و الجمع ارصاد الخندق معرّب كنده التخريق النقطيع السّكة الزقاق و الطريق جمعها سكك و الخفق الاضطراب المسجد الاكبر جامع الكوفة الذريع السّريع الاسبع يحتمل انه تصحيف الابقع كما يستفاد من سائر الاخبار الواردة في الباب اطمس الذي ذهب ضوء بصره او محت عينه و هو افعل و صفّي للذّكر روخاء موضع بين مكّة و المدينة الفاروق موضع بين البرس و الفرات قادسية قرية من مضافات الكوفة الثوية موضع بين النجف و الكوفة و بالنجف اقرب و فيها بقعة كميل بن زياد رضي اللّه عنه رايات شرقي لعل المراد منها رايات الحسنيّ و اصحابه و كذاك رجل من ال محمّد يطير بالمشرق لعلّ اشارة الي حركته و حركة اصحابه بالطّيارات المخترعة العصريّة شعث غبر عبارة عن القشف و يبس الجلود الفادح الذي يثقل و يبهض و الجمع الفوادح الخمود الغشية و الموت الاشهب الذي لا خضرة فيه الزاجر الصّايح و المانع اللحظ النظر بطرف العين سبطري بكسر السين و فتح الباء و سكون الطاء الذهاب بالعجب و الخيلاء و التكبر و التبختر الرّكض السّعي الاتراف الاصرار علي المعصية و الاضلال القذف الرمي بالحجارة المسخ تغيير صورة الانسانية و تبديلها بالسّباع و البهائم و نحوها

153 و من كلامه عليه السّلام

ص: 521

الاختصاص للشيخ المفيد رضي اللّه عنه و ارضاه من النسخة المطبوعة في طهران سنة 1379 الهجرية القمرية-ص 226 روي عن محمد بن الحسن عن محمد بن سنان عن بعض رجاله عن ابي الجارود يرفعه قال قال امير المؤمنين عليه السّلام من اوقف نفسه موقف التّهمة فلا يلومنّ من اساء به الظنّ و من كتم سرّه كانت الخيرة في يده و كلّ حديث جاوز اثنين فشا وضع امر اخيك علي احسنه حتّي يأتيك منه ما يغلبك و لا تظنّنّ بكلمة خرجت من اخيك سواء انت تجد بها في الخير محملا و عليك باخوان الصّدق فكثّر في اكتسابهم عدّة عند الرّخاء و جندا عند البلاء و شاور حديثك الّذين يخافون اللّه احبب الاخوان علي قدر التّقوي و اتّقوا شرار النّساء و كونوا من خيارهنّ علي حذر ان امرنكم بالمعروف فخالفوهنّ حتّي لا يطمعن في المنكر

154 و من كلامه عليه السّلام

المفيد ره في الاختصاص ص 251 عن يونس بن عبد الرّحمن عن ابي مريم عن ابي جعفر عليه السّلام قال قام الي امير المؤمنين عليه السّلام رجل بالبصرة فقال يا امير المؤمنين اخبرني عن الاخوان

ص: 522

فقال الاخوان صنفان اخوان الثّقة و اخوان المكاشرة فامّا اخوان الثّقة فهم كالكفّ و الجناح و الاهل و المال فاذا كنت من اخيك علي الثّقة فابذل له مالك و بدنك و صاف من صافاه و عاد من عاداه و اكتم سرّه و عيبه و اظهر منه الحسن و اعلم ايّها السّائل انّهم اعزّ من الكبريت الاحمر و امّا الاخوان المكاشرة فانّك تصيب منهم لذّتك فلا تقطعنّ ذلك منهم و لا تطلبنّ ما وراء ذلك من ضميرهم و ابذل ما بذلوا لك من اطلاقة الوجه و حلاوة اللّسان قوله عليه السّلام اخوان المكاشرة من كاشره اذا تبسّم في وجهه و انبسط معه اقول قد روي هذا الكلام ايضا في الكافي ج 2 ص 248 و الصّدوق في الخصال و في البحار عن الاختصاص

155 و من خطبه عليه السّلام

كتاب الاحتجاج للشيخ الجليل احمد بن علي بن ابي طالب الطّبرسي نقلتها من نسخته المطبوعة في النجف الاشرف في المطبعة المرتضويّة في سنة 1350 الهجرية القمرية ص 106 و نقلها المجلسي ره عن الاحتجاج ايضا في المجلد الثاني من بحار الانوار و هو كتاب التوحيد و هو من الكتب التي امر بطبعها الحاج محمد حسن الشهير بامين الضرب الاصبهاني رحمة اللّه عليه ص 186 قال قال عليه السّلام في خطبة اخري لا يشمل بحدّ و لا يحسب بعدّ و انّما تحدّ الادوات انفسها و تشير الالات

ص: 523

الي نظائرها منعتها مند القدمة رحمتها قد الازليّة و جنّبتها لو لا التّكملة بها تجلّي صانعها للعقول و بها امتنع من نظر العيون لا تجري عليه الحركة و السّكون و كيف يجري عليه ما هو اجراه و يعود فيه ما هو ابداه و يحدث فيه ما هو احدثه اذا لتفاوتت ذاته و لتجزّي كنهه و لامتنع من الازل معناه و كان له وراء اذا وجد له امام و لا التمس التّمام اذا لزمه النّقصان و اذا لقامت آية المصنوع فيه و لتحوّل دليلا بعد ان كان مدلولا عليه و خرج بسلطان الامتناع من ان يؤثّر فيه ما في غيره الّذي لا يحول و لا يزول و لا يجوز عليه الافول لم يلد فيكون مولودا و لم يولد فيصير محدودا جلّ عن اتّخاذ الابناء و طهر عن ملامسة النّساء لا تناله الاوهام فتقدّره و لا تتوهّمه الفطن فتصوّره و لا تدركه الحواسّ فتحسّه و لا تلمسه الايدي فتمسّه و لا يتغيّر بحال و لا يتبدّل بالاحوال و لا تبليه اللّيالي و الايّام

ص: 524

و لا يغيّره الضّياء و الظّلام و لا يوصف بشيء من الاجزاء و لا بالجوارح و الاعضاء و لا يعرض من الاعراض بالغيريّة و الابعاض و لا يقال له حدّ و لا نهاية و لا انقطاع و لا غاية و لا انّ الاشياء تحويه فتقلّه او تهويه و لا انّ الاشياء تحمله فتميله او يعدله ليس في الاشياء يوالج و لا عنها بخارج يخبر لا بلسان و لهوات و يسمع لا بخروق و ادوات يقول و لا يلفظ و يحفظ و لا يتحفّظ و يريد و لا يضمر يحبّ و يرضي من غير رقّة و يبغض و يغضب من غير مشقّة يقول لما اراد كونه كن فيكون لا بصوت يقرع و لا نداء يسمع و انّما كلامه سبحانه فعل منه انشاه و مثله لم يكن من قبل ذلك كائنا و لو كان قديما لكان الها ثانيا و لا يقال له بعد ان لم يكن فتجري عليه الصّفات المحدثات و لا يكون بينها و بينه فصل و لا له عليها فضل فيستوي الصّانع و المصنوع و يتكافؤا المبتدع و البديع خلق الخلائق علي غير مثال خلا من غيره و لم يستعن علي خلقها

ص: 525

باحد من خلقه و انشا الارض فامسكها من غير اشتغال و ارساها علي غير قرار و اقامها بغير قوائم و رفعها بغير دعائم و حصنّها من الاود و الاعوجاج و منعها من التّهافت و الانفراج ارسي اوتادها و ضرب اسدادها و استفاض عيونها و خدّ اوديتها فلم يهن ما بناه و لا ضعف ما قوّاه هو الظّاهر عليها بسلطانه و عظمته و هو الباطن لها بعلمه و معرفته و العالي علي كلّ شيء منها بجلالته و عزّته لا يعجزه شيء منها طلبه و لا يمتنع عليه فيغلبه و لا يفوته السّريع منها فيسبقه و لا يحتاج الي ذيمال فيرزقه خضعت الاشياء له و ذلّت مستكينه العظمة لا يستطيع الهرب من سلطانه الي غيره فيمتنع من نفعه و ضرّه و لا كفؤ له فيكافئه و لا نظير له فيساويه هو المفني لها بعد وجودها حتّي تصير موجودها كمفقودها و ليس فناء الدّنيا بعد ابتداعها باعجب من انشاءها و اختراعها و كيف و لو اجتمع جميع حيوانها من

ص: 526

طيرها و بهائمها و ما كان من مراخها و سائمها و اصناف اسناخها و اجناسها و متبلّدة اممها و اكياسها علي احداث بعوضة ما قدرت علي احداثها و لا عرفت كيف السّبيل الي ايجادها و لتحيّرت عقولها في علم ذلك و تاهت و عجزت قواها و تناهت و رجعت خاسئة حسيرة عارفة بانّها مقهورة مقرّة بالعجز عن انشاءها مذعنة بالضّعف عن افنائها و انّه يعود سبحانه بعد فناء الدّنيا وحده لا شيء معه كما كان قبل ابتدائها كذلك يكون بعد فناءها بلا وقت و لا مكان و لا حين و لا زمان عدمت عند ذلك الاجال و الاوقات و زالت السّنون و السّاعات فلا شيء الاّ الواحد القهّار الّذي اليه مصير جميع الامور بلا قدرة منها كان ابتداء خلقها و بغير امتناع منها كان فنائها و لو قدرت علي الامتناع لدام بقاءها لم يتكاّده صنع شيء منها اذا صنعه و لم يؤده منها خلق ما برءه و خلقه و لم يكوّنها لتشديد سلطان و لا خوف من زوال و نقصان و لا للاستعانة بها علي ندّ مكاثر و لا

ص: 527

للاحتراز بها من ضدّ مشاور و لا لازدياد بها في ملكه و لا لمكاثرة شريك في شركته و لا لوحشة كانت منه فاراد ان يستأنس اليها ثمّ هو يفنيها بعد تكوينها لا لسام دخل عليه من تصريفها و تدبيرها و لا لراحة واصلة اليه و لا لثقل شيء منها عليه لا يملّه طول بقاءها فيدعوه الي سرعة افناءها لكنّه سبحانه دبّرها بلطفه و امسكها بامره و اتقنها بقدرته ثمّ يعيدها بعد الفناء من غير حاجة منه اليها و لا استعانة بشيء منها عليها و لا لانصراف من حدّ وحشة الي حال استيناس و لا من حال جهل و عمي الي حال علم و التماس و لا من فقر و حاجة الي غني و كثرة و لا من ذلّ و ضعة الي عزّ و قدرة اقول في بيان بعض ما يحتاج الي البيان و ايضاح بعض فقرات الخطبة الشريفة قوله لا يشمل بحدّ اي بالحدود و النهايات الجسمانية و بالحد العقلي من الجنس و الفصل و لا يحسب بعد اي بالاجزاء و الصفات الزائدة المعدودة اللهوات بالتحريك جمع لهاة كحصاة و هي سقف الفم و قيل هي اللحمة الحمراء المتعلقة في اصل الحنك الخرق بالفتح الثقب في الحائط و غيره و الجمع خروق علي وزن فلس و فلوس التكافؤ الاستواء و التساوي الاود الاعوجاج و العوج التهافت التساقط الوهن الضّعف التبلّد ضدّ التّجلّد و البلادة نقيض النفاذ و المضيّ لم يتكأده اي لم يشقّه السّام الملال سئمت مللت

ص: 528

و من كلامه عليه السّلام

المجلد الثاني من بحار الانوار للعلامة المجلسي ره طبع امين الضرب ص 111 نقل عن التفسير المنسوب الي الامام العسكري عليه السّلام قال عن ابي محمّد عن ابائه عليهم السّلام قال امير المؤمنين عليه السّلام لا تتجاوزوا بنا العبوديّة ثمّ قولوا ما شئتم و لا تغلوا و ايّاكم و الغلوّ كغلوّ النّصاري فانّي بريء من الغالين

156 و من خطبه عليه السّلام

المجلد السّابع عشر من البحار ص 97 عن امالي الشيخ ره عن الحسين بن عبيد اللّه عن علي بن محمّد بن محمّد العلويّ عن محمد بن موسي الرّقي عن علي بن محمد بن ابي القاسم عن احمد بن ابي عبد اللّه البرقي عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني عن ابيه عن ابان مولي زيد بن عليّ عن عاصم بن بهدلة عن شريح القاضي قال قال امير المؤمنين عليه السّلام لاصحابه يوما و هو يعظهم ترصّدوا مواعيد الاجال و باشروها بمحاسن الاعمال و لا تركنوا الي ذخائر الاموال فتخلّيكم خداج الامال انّ الدّنيا خدّاعة ضرّاعة مكّارة غرّارة سحّارة انهارها لامعة و ثمراتها يانعة ظاهرها سرور و باطنها غرور تأكلكم باضراس المنايا و تبيركم باتلاف الرّزايا لهم بها اولاد الموت اثروا زينتها و طلبوا ارتبتها جهل الرّجل و من ذلك الرّجل المولع بلذّتها و السّاكن الي فرحتها و الأمن لغدرتها دارت عليكم بصروفها و رمتكم بسهام حتوفها

ص: 529

و هي تنزع ارواحكم نزعا و أنتم تجمعون لها جمعا للموت تولدون و الي القبور تنقلون و علي التّراب تتوسّدون(تنومون)و الي الدّود تسلمون و الي الحساب تبعثون يا ذا الحيل و الاراء و الفقه و الانباء اذكروا مصارع الاباء فكانّكم بالنّفوس قد سلبت و الابدان قد عريت و بالمواريث قد قسّمت فتصير يا ذا الدّلال و الهيبة و الجمال الي منزلة شعثاء و محلّة غبراء فتنوم علي خدّك في لحدك في منزل قلّ زوّاره و ملّ عمّاره حتّي تشقّ عن القبور و تبعث الي النّشور فان ختم لك بالسّعادة صرت الي الحبور و انت ملك مطاع و امن لا تراع يطوف عليكم ولدان كانّهم الجمان بكاس من معين لذّة للشّاربين اهل الجنّة فيها يتنعّمون و اهل النّار فيها معذّبون هؤلاء في السّندس و الحرير يتبخترون و هؤلاء في الجحيم و السّعير يتقلّبون هؤلاء تحشي جماجمهم بمسك الجنان و هؤلاء يضربون بمقامع

ص: 530

النّيران هؤلاء يعانقون الحور في الحجال و هؤلاء يطوّقون اطواقا بالاغلال في النّار قلبي فزع قد اعيي الاطبّاء و به داء لا يقبل الدّواء يا من يسلّم الي الدّود و يهدي اليه اعتبر بما تسمع و تري و قل لعينيك تجفو الذّة الكري و تفيض من الدّموع بعد الدّموع تتري بيتك القبر بيت الاهوال و البلي و غايتك الموت يا قليل الحياء اسمع يا ذا الغفلة و التّصريف من ذي الوعظ و التّعريف جعل يوم الحشر يوم العرض و السّؤال و الحباء و النّكال يوم تقلّب فيه اعمال الانام يوم تذوب من النّفوس احداق عيونها و تضع الحوامل ما في بطونها و تفرّق من كلّ كلّ نفس و حبيبها و يحار في تلك الاهوال عقل لبيبها اذا تنكّرت الارض بعد حسن عمارتها و تبدّلت بالخلق بعد انيق زهرتها اخرجت من معادن الغيب اثقالها و نفضت الي اللّه احمالها يوم لا ينفع الجدّ اذا عاينوا الهول الشّديد فاستكانوا و عرف المجرمون

ص: 531

بسيماهم فاستبانوا فانشقّت القبور بعد طول انطباقها و استسلمت النّفوس الي اللّه باسبابها كشف عن الاخرة غطاءها و ظهر للخلق انباءها فدكّت الارض(الجبال)دكّا دكّا و مدّت لامر يراد بها مدّا مدّا و اشتدّ المثارون(المبادون)الي اللّه شدّا شدّا و تزاحفت الخلائق الي المحشر زحفا زحفا و ردّ المجرمون الي الاعقاب ردّا ردّا و جدّ الامر ويحك يا انسان جدّا جدّا و قربوا للحساب فردا فردا و جاء ربّك و الملك صفّا صفّا يسألهم عمّا عملوا حرفا حرفا و جيء بهم عراة الابدان خشّعا ابصارهم امامهم الحساب و من ورائهم جهنّم يسمعون زفيرها و يرون سعيرها فلم يجدوا ناصرا و لا وليّا يجيرهم من الذّلّ فهم يعدون سراعا الي مواقف الحشر يساقون سوقا فالسّموات مطويّات بيمينه كطيّ السّجلّ للكتب و العباد علي الصّراط و جلت قلوبهم يظنّون انّهم لا يسلمون و لا يؤذن لهم فيتكلّمون

ص: 532

و لا يقبل منهم فيتعذرون قد ختم علي افواههم و استنطقت ايديهم و ارجلهم بما كانوا يعملون يا لها من ساعة ما اشجي مواقعها من القلوب حين ميّز بين الفريقين فريق في الجنّة و فريق في السّعير مثل هذا فليهرب الهاربون اذا كانت الدّار الاخرة لها يعمل العاملون اللّغات الترصّد الترقّب ضرّاعة يقال ضرع يضرع من باب تعب اذا ذلّ يانعة يقال نيع اذا ادرك و نضج المولع المغرّي من الغرور الحتوف جمع الحتف و هو الموت يقال مات حتف انفه اي مات علي فراشه من غير قتل التّوسّد جعل الشيء تحت رأسه من الوسادة و هي المتكّي الدّود السّوس و هو اسم لما يتولّد من الانسان او الحيوان او غيرهما الدلاّل المجالفة من دلت المرأة اذا اجرئت و جلفت الجمان بضم الجيم و خفة الميم الدرّ الكري السهر الانيق الحسن المعجب الدّكّ الدّقّ و الهدم و ما استوي من الرّمل المثار المستغيث ليثار بمقولة اشجي افعل التفضيل من شجي الرّجل يشجي شجا اذا حزن الشجي الحزن

157 و من خطبه عليه السّلام

تحف العقول المطبوع في طهران في المطبعة الحيدريّة سنة(1376)ه ق ص 61 للشيخ الثقة الجليل الاقدم ابي محمد الحسن بن عليّ بن الحسين بن شعبة الحرّاني من اعلام القرن الرابع قال اعلي اللّه مقامه خطبته عليه السّلام في اخلاص التوحيد انّ اوّل عبادة اللّه معرفته و اصل معرفته توحيده و نظام توحيده نفي الصّفات عنه لشهادة العقول انّ كلّ صفة و موصوف مخلوق و شهادة كلّ مخلوق انّ له خالقا ليس بصفة و لا موصوف و

ص: 533

شهادة كلّ صفة و موصوف بالاقتران و شهادة الاقتران بالحدث و شهادة الحدث بالامتناع من الازل الممتنع من حدثه فليس اللّه عرف من عرّف ذاته و لا له و حدّ من نهّاه و لا به صدّق من مثّله و لا حقيقته اصاب من شبّهه و لا ايّاه اراد من توهّمه و لا له و حدّ من اكتنهه و لا به امن من جعل له نهاية و لا صمده من اشار اليه و لا ايّاه عني من حدّه و لا له تذلّل من بعّضه كلّ قائم بنفسه مصنوع و كلّ موجود في سواه معلول بصنع اللّه يستدلّ عليه و بالعقول تعتقد معرفته و بالفكرة تثبت حجّته و بآياته احتجّ علي خلقه خلق اللّه الخلق فعلّق حجابا بينه و بينهم فبما ينته ايّاهم مفارقته انّيّتهم و ابداءه ايّاهم شاهد علي الاّ اداة فيه لشهادة الادوات بفاقة المؤدّين و ابتداءه ايّاهم دليل علي الاّ ابتداء له لعجز كلّ مبتدأ عن ابتداء غيره اسماءه تعبير و

ص: 534

افعاله تفهيم و ذاته حقيقة و كنهه تفرقة بينه و بين خلقه قد جهل اللّه من استوصفه و تعدّاه من مثّله و اخطاه من اكتنهه فمن قال اين فقد بوّأه و من قال فيم فقد ضمّنه و من قال الي م فقد نهّاه و من قال لم فقد علّله و من قال كيف فقد شبّهه و من قال اذ فقد وقّته و من قال حتّي فقد غيّاه و من غيّاه فقد جزّاه و من جزّاه فقد وصفه و من وصفه فقد الحد فيه و من بعضّه فقد عدل عنه لا يتغيّر اللّه بتغيير المخلوق كما لا يتحدّد بتحديد المحدود احد لا بتاويل عدد صمد لا بتبعيض بدد باطن لا بمداخلة ظاهر لا بمزايلة متجلّ لا باشتمال رؤية لطيف لا بتجسّم فاعل لا باضطراب حركة مقدّر لا بجول فكرة مدبّر لا بحركة سميع لا بالة بصير لا باداة قريب لا بمداناة بعيد لا بمسافة موجود لا بعد عدم لا تصحبه الاوقات و لا تتضمّنه الاماكن و لا تأخذه السّناة و لا تحدّه الصّفات و لا تقيّده الادوات سبق

ص: 535

الاوقات كونه و العدم وجوده و الابتداء ازله بتشعيره المشاعر علم ان لا مشعر له و بتجهيره الجواهر علم ان لا جوهر له و بانشائه البرايا علم ان لا منشيء له و بمضادّته بين الامور عرف ان لا ضدّ له و بمقارنته بين الاشياء علم ان لا قرين له ضادّ النّور بالظّلمة و الصّرد بالحرور مؤلّفا بين متعادياتها متقاربا بين متبايناتها دالّة بتفريقها علي مفرّقها و بتاليفها علي مؤلّفها جعلها سبحانه دلائل علي ربوبيّته و شواهد علي غيبته و نواطق عن حكمته اذ ينطق تكوّنهنّ عن حدثهنّ و يخبرن بوجودهنّ عن عدمهنّ و ينبّئن بتنقيلهنّ عن زوالهنّ و يعلن بافولهنّ ان لا افول لخالقهنّ و ذلك قوله جلّ ثناءه و من كلّ شيء خلقنا زوجين لعلّكم تذكّرون ففرّق بين هاتين قبل و بعد ليعلم ان لا قبل له و لا بعد شاهد بغرائزها ان لا غريزة لمغرّزها دالّة بتفاوتها ان لا تفاوت في مفاوتها مخبرة بتوقيتها ان

ص: 536

لا وقت لموقّتها حجب بعضها عن بعض ليعلم ان لا حجاب بينه و بينها ثبت له معني الرّبوبيّة اذ لا مربوب و حقيقة الالهيّة و لا مالوه و تاويل السّمع و لا مسموع و معني العلم و لا معلوم و وجوب القدرة و لا مقدور عليه ليس مذ خلق الخلق استحقّ اسم الخالق و لا باحداثه البرايا استحقّ اسم الباري فرّقها لا من شيء و الّفها لا بشيء و قدّرها لا بالاهتمام لا تقع الاوهام علي كنهه و لا تحيط الافهام بذاته لا تفوته متي و لا تديّنه قد و لا تحجبه لعلّ و لا تقارنه مع و لا تشتمله هو انّما تحدّ الادوات انفسها و تشير الالة الي نظائرها و في الاشياء توجد افعالها و عن الفاقة تخبر الاداة و عن الضّدّ يخبر التّضادّ و الي شبهه يؤل الشّبيه و مع الاحداث اوقاتها و بالاسماء تفترق صفاتها و منها فصّلت قراينها و اليها الت احداثها منعتها مذ القدمة و حمتها قد الازليّة و نفت عنها لو لا الجبريّة افترقت

ص: 537

فدلّت علي مفرّقها و تباينت فاعربت عن مباينها تجلّي صانعها للعقول و بها احتجب عن الرّؤية و اليها تحاكم الاوهام و فيها اثبتت العبرة و منها انيط الدّليل بالعقول يعتقد التّصديق باللّه و بالاقرار يكون الايمان لا دين الاّ بمعرفة و لا معرفة الاّ بتصديق و لا تصديق الاّ بتجريد التّوحيد و لا توحيد الاّ بالاخلاص و لا اخلاص مع التّشبيه و لا نفي مع اثبات الصّفات و لا تجريد الاّ باستقصاء النّفي كلّه اثبات بعض التّشبيه يوجب الكلّ و لا يستوجب كلّ التّوحيد ببعض النّفي دون الكلّ و الاقرار نفي الانكار و لا ينال الاخلاص بشيء من الانكار كلّ موجود في الخلق لا يوجد في خالقه و كلّما يمكن فيه يمتنع في صانعه لا تجري عليه الحركة و لا يمكن فيه التّجزية و لا الاتّصال و كيف يجري عليه ما هو اجراه و يعود عليه ما هو ابتداه و يحدث فيه ما هو احدثه اذا لتفاوتت ذاته و لتجزّيء كنهه و لامتنع من

ص: 538

الازل معناه و لما كان للأزل معني الاّ معني الحدث و لا للبارئ الاّ معني المبروء لو كان له وراء لكان له امام و لا التمس التّمام اذ لزمه النّقصان و كيف يستحقّ اسم الازل من لا يمتنع من الحدث و كيف يستهل الدّوام من تنقله الاحوال و الاعوام و كيف ينشيء الاشياء من لا يمتنع من الاشياء اذا لقامت فيه الة المصنوع و لتحوّل دليلا بعد ان كان مدلولا عليه و لاقترنت صفاته بصفات ما دونه ليس في محال القول حجّة و لا في المسألة عنها جواب هذا مختصر منها اقول قوله عليه السّلام اوّل عبادة اللّه معرفته اي اشرفها و اقدمها زمانا و رتبة معرفته لانها شرط لقبول الطاعات و اصل معرفته توحيده اذ مع اثبات الشريك او القول بتركيب الذات او زيادة الصفات يلزم القول بالامكان فلم يعرف المشرك الواجب و لم يثبته فمن لم يوحده لا ينال بدرجة المعرفة و نظام التوحيد و تمامه نفي الصفات الزائدة الموجودة عنه اذ اول التوحيد نفي الشرك عنه ثم نفي التركيب ثم نفي الصفات الزائدة فهذا كماله و نظامه قوله لشهادة العقول الي من حدثه استدل عليه السّلام علي نفي زيادة الصفات بان العقول شهدت بان كل صفة محتاجة الي الموصوف لقيامها به و الموصوف كذلك لتوقف كماله بالصفة فهو في كماله محتاج اليها و كل محتاج الي الغير ممكن فلا يكون شيء منهما واجبا و لا المركب منهما فثبت احتياجهما الي علة ثالثة ليست بموصوف و لا صفة و الاّ لعاد المحذور قوله و من نهّاه بالتشديد اي جعل له حدّا و نهاية قوله و من مثّله اي من جعل له شخصا و مثالا في ذهنه و جعل الصورة الذهنية و مثالا له فهو لا يصدّق بوجوده و لا يصاب بحقيقته لان كلّما

ص: 539

توهّمه المتوهم فهو مخلوقة و مصنوع وهمه و قوله من اكتنهه اي بيّن كنه ذاته او طلب الوصول الي كنهه اذ لو كان يعرف كنهه لكان شريكا مع الممكنات في التركيب و الصفات الامكانية فهو ينافي التوحيد قوله من اشار اليه اي لا قصد نحوه من اشار اليه باشارة حسيّة او الاعمّ منها و من الوهميّة و العقليّة قوله من بعضه اي حكم بان له اجزاء او ابعاضا قوله و كلّ موجود في سواه معلول اي كل ما يعلم وجوده ضرورة بالحواسّ من غير ان يستدل عليه بالاثار فهو مصنوع او اراد ان كل معلوم بحقيقته فانما يعلم من جهة اجزائه و كلّ ذي جزء فهو مركّب فكل معلوم الحقيقة مركّب محتاج الي مركّب محتاج الي مركّب يركبّه و صانع يصنعه فاذا كل معلوم الحقيقة هو مصنوع قوله كل موجود في سواه معلول لعل هذا الكلام و ما قبله اشارة الي ان الله تعالي لا جوهر و لا عرض و لا يوصف بشيء منهما قوله بصنع اللّه يستدل عليه يعني بالاثار يستدل علي وجوده و بالتعقّل يكمل معرفته و بالتذكر و التدبّر تثبت حجته و في بعض النسخ بالفطرة تثبت حجّته قوله خلق الله الخلق الخلقة سبب لاحتجاب الخالق عن المخلوق لان الخلقة صفة كمال له و كماله تعالي و نقص مخلوقه حجاب بينه و بينهم قوله مفارقته انّيتهم يعني بمفارقة ذاته تعالي و حقيقته عن ذاتهم و حقيقتهم-اعلم ان مباينته تعالي ايّاهم ليس بحسب المكان حتي يكون في مكان و غيره في مكان اخر بل انما هي بان فارق اينيّتهم فليس له اين و مكان و هم محبوسون في مطمورة المكان او المعني مباينته لمخلوقه في الصّفات صار سببا لان ليس له مكان قوله اسماءه تعبير اي ليست عين ذاته و صفاته بل هي معبّرات تشهد عنها و افعاله تفهيم ليعرفوه و ليستدلوا علي وجوده و علمه و قدرته و حكمته و رحمته و ذاته حقيقة اي حقيقة مكوّنة عالية لا تصل اليها عقول الخلق بان يكون التنوين للتعظيم و التبهيم او خليقة بان تتصف بالكمالات دون غيرها او ثابتة واجبة لا يعتريها التغيّر و الزّوال فان الحقيقة ترد بتلك المعاني كلّها و كنهه تفرقه بينه و بين خلقه لعدم اشتراكه معهم في شيء و الحاصل عدم امكان معرفة كنهه قوله تعدّاه اي تجاوزه قوله من اكتنهه اي توهم انه اصاب كنهه و في بعض النسخ اعلّه و هو تصحيف و لعلّه قوله غيّاه اي جعل لبقائه غاية و نهاية قوله احد لا بتاويل عدد بان يكون معه ثان من جنسه اوبان يكون واحدا مشتملا علي اعداد و قوله صمدّ لا بتبعيض بدد الصّمد هو السيّد المقصود اليه في الحوائج لانه القادر علي ادائه و البدد جاء بمعني الحاجة فعلي هذا يكون المعني هو السيّد المصمود المقصود اليه في الحوائج من دون تبعيض الحاجة و قوله متجلّ لا باشتمال رؤية التجلّي الانكشاف و الظهور لا من جهة

ص: 540

و قوله لا بمزايلة اي لا بمفارقة مكان بان انتقل عن مكان الي مكان حتي خفي عنهم او بان دخل في بواطنهم حتي عرفها بل لخفاء كنهه عن عقولهم و علمه ببواطنهم و اسرارهم و قوله لا بتجسّم اي لطيف لا بكونه جسما له قوام رقيق او حجم صغير او تركيب غريب و صنع عجيب و قوله فاعل لا باضطراب حركة امّا فاعل فلانّه موجد العالم و امّا تنزيهه في فاعليته عن الاضطراب فلتنزّهه عن عوارض الاجسام و قوله مقدّر لا بجول فكرة اي ليس في تقديره الاشياء محتاجا الي جولان الفكر قوله قريب لا بمداناة اي ليس قربه قربا مكانيا بالدنو من الاشياء بل بالعلم و العليّة و الرّحمة و قوله بعيد لا بمسافة اي ليس بمباينة لبعده بحسب المسافة عنهم بل لغاية كماله و نقصهم باينهم في الذات و الصّفات قوله لا تصحبه الاوقات لحدوثها و قدمه تعالي او ليس بزماني اصلا قوله و لا تأخذه السّنات السّنات جمع السنة بالكسر و هي النعاس و اول النوم قوله سبق الاوقات كونه اي كان وجوده سابقا علي الازمنة و الاوقات بحسب الزمان الوهمي و التقديري قوله و العدم وجوده بنضب العدم و رفع الوجود اي وجوده لوجوبه سبق و غلب العدم فلا يعتريه عدم اصلا قوله بتشعيره المشاعر اي بخلقه المشاعر الادراكيّة و افاضتها علي الخلق عرفان لا مشعر له و هو امّا لانّه تعالي لا يتصف بخلقه او لانّا بعد افاضة المشاعر علمنا احتياجنا في الادراك اليها فحكمنا بتنزهّه تعالي عنها لاستحالة احتياجه تعالي الي شيء او لما يحكم العقل به من المباينة بين الخالق و المخلوق في الصّفات و قوله بتجهيره الجواهر اي بتحقيق حقائقها و ايجاد ماهيّاتها عرف انّها ممكنة و كلّ ممكن محتاج الي مبدء فمبدأ المبادي لا يكون حقيقة من هذه الحقائق و قوله بمضادته بين الامور اه اي عقدة التّضادّ بين الاشياء دليل علي استواء نسبتها اليه فلا ضدّ له اذ لو كانت له طبيعة تضاد شيئا لاختصّ ايجاده بما يلائمها لا ما يضادّها فلم تكن اضداد و المقارنة بين الاشياء في نظام الخلقة دليل علي انّ صانعها واحد لا قرين له اذ لو كان له شريك لخالفه في النظام الايجادي فلم تكن مقارنة و المقارنة هي المشابهة في هنا الصّرد البرد فارسيّ معرّب المتعاديات كالعناصر المختلفة الغرائز الطبائع و المغرّز موجد الغرائز و مفيضها عليه و المفاوت علي صيغة اسم الفاعل من جعل بينها التفاوت و انّما قال تاويل السّمع لانه ليس فيه تعالي حقيقة بل مؤوّل بعلمه بالمسموعات قوله ليس مذ خلق و ذلك لانّ خالقيّة التي هي كماله هي القدرة علي كل ما علم انه اصلح و نفس الخلق من اثار تلك الصّفة الكماليّة و لا يتوقف كماله عليه و البرايا جمع البريّة و هي الخلق قوله و لا تدنيه قد اه يعني لمّا لم يكن زمانيّا لا تدنيه كلمة قد التي للتحقيق الي العلم بحصول شيء و لا تحجبه كلمة لعلّ التي هي لترجّي امر في المستقبل اي لا يخفي عليه الامور

ص: 541

المستقبلة او ليس له شكّ في امر حتّي يمكن ان يقول لعلّ قوله و لا تقارنه مع بان يقال كان شيء معه ازلا او مطلق المعيّة بناء علي نفي الزمان او الاعمّ من المعيّة الزمانية ايضا و لا تشتمله هو لعله تصحيف من النسّاخ و الصحيح انه لا يشمله حين كما في النّهج او لا يشمل بحدّ و المراد امّا الحدّ الاصطلاحيّ و ظاهر كونه تعالي لا حدّ له اذ لا اجزاء له فلا يشمل و لا تحاط حقيقته بحدّ و امّا الحدّ اللغويّ و هو النهاية التي تحيط بالجسم و ذلك من لو احق لكم المتّصل و المنفصل و هما من الاعراض و لا شيء من واجب الوجود بعرض او محلّ له فامتنع ان يوصف بالنهاية و انّما تحدّ الادوات انفسها المراد بالادوات هنا الات الادراك التي هي حادثة ناقصة و كيف يمكن لها ان تحدّ الازليّ المتعالي عن النهاية قوله و عن الفاقة تخبر الاداة اي يكشف بالادوات و الالات عن احتياج الممكنات و بالضدّ عن التّضاد و بالتشبيه عن شبه الممكنات بعضها من بعض و بالحدثيّة يكشف عن توقيتها و تفترق الاسماء عن صفاتها مذ و قد و لو لا كلّها فواعل لافعال قبلها و مذ و قد للابتداء و التقريب و لا تكونان الاّ في الزّمان المتناهي و هذا مانع للقدم و الازليّة و كلمة لو لا مركّب من لو بمعني الشرط و لا بمعني النفي و يستفاد منها التعليق و هو ينافي الجبريّة و قوله بها تجلّي اي بهذه الالات و الادوات التي هي حواسّنا و مشاعرنا و بخلقه ايّاها و تصويره لنا تجلّي للعقول و عرف لانه لو لم يخلقها لم يعرف و قوله بها احتجب عن الرؤية اي بها استنبطتا استحالة كونه مرئيّا بالعيون لا بالمشاعر و الحواس كلمت عقولنا و بعقولنا استخرجنا الدّلالة علي انه لا تصحّ رؤيته فاذن بخلقه الالات و الادوات لنا عرفناه عقلا قوله و اذا التفاوتت ذاته اي لاختلف ذاته باختلاف الاعراض عليها و لتجزّئت حقيقته و قوله لامتنع من الازل معناه اي لو كان قابلا للحركة و السكون لكان جسما ممكنا لذاته فكان مستحقا للحدوث الذّاتي بذاته فلم يكن مستحقا للازليّة بذاته فيبطل من الازليّة معناه و هذا القول و ما بعده كالتعليل لما سبق قوله اذا لقامت يعني لو كان فيه تلك الحوادث و التغيّرات لقامت فيه علامة المصنوع و كان دليلا علي وجود صانع اخر غيره و مشترك مع غيره في الصّفات فليس في هذا القول المحال حجته و لا في السؤال عنه جواب لظهور خطاءه لانه اذا يكون ممكنا كسائر الممكنات و ليس واجب الوجود اقول هذه الخطبة منقول في النهج مع اختلاف و زيادات و رواها الصّدوق في التوحيد و العيون عن علي بن موسي الرّضا عليه السّلام بادني تفاوت

158 و من خطبه عليه السّلام

ص: 542

تحف العقول ص 149 قال خطبته عليه السّلام المعروفة بالدّيباج الحمد للّه فاطر الخلق و خالق الاصباح و منشر الموتي و باعث من في القبور اشهد ان لا اله الاّ اللّه وحده لا شريك له و انّ محمّدا عبده و رسوله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عباد اللّه انّ افضل ما توسّل به المتوسّلون الي اللّه جلّ ذكره الايمان باللّه و برسله و ما جاءت به من عند اللّه و الجهاد في سبيله فانّه ذروة الاسلام و كلمة الاخلاص فانّها الفطرة و اقامة الصّلوة فانّها الملّة و ايتاء الزّكوة فانّها فريضة و صوم شهر رمضان فانّه جنّة حصينة و حجّ البيت و العمرة فانّهما ينفيان الفقر و يكفّران الذّنب و يوجبان الجنّة و صلة الرّحم فانّها ثروة في المال و منساة في الاجل و تكثير للعدد و الصّدقة في السرّ فانّها تكفرّ الخطاء و تطفئ غضب الرّبّ تبارك و تعالي و الصّدقة في العلانية فانّها تدفع ميتة السّوء و صنائع المعروف فانّها

ص: 543

تقي مصارع السّوء و افيضوا في ذكر اللّه جلّ ذكره فانّه احسن الذّكر و هو امان من النّفاق و برائة من النّار و تذكير لصاحبه عند كلّ خير يقسمه اللّه جلّ و عزّ و له دويّ تحت العرش و ارغبوا فيما وعد المتّقون فانّ وعد اللّه اصدق الوعد و كلّما وعد فهو ات كما وعد فاقتدوا بهدي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فانّه افضل الهدي و استنّوا بسنّته فانّها اشرف السّنن و تعلّموا كتاب اللّه تبارك و تعالي فانّه احسن الحديث و ابلغ الموعظة و تفقّهوا فيه فانّه ربيع القلوب و استشفوا بنوره فانّه شفاء لما في الصّدور و احسنوا تلاوته فانّه احسن القصص و اذا قرئ عليكم القرآن فاستمعوا له و انصتوا لعلّكم ترحمون و اذا هديتم لعلمه فاعلموا بما علمتم منه لعلّكم تفلحون و اعلموا عباد اللّه انّ العالم العامل بغير علمه كالجاهل الحائر الّذي لا يستفيق من جهله بل الحجّة عليه اعظم و هو عند اللّه الوم و الحسرة ادوم

ص: 544

علي هذا العالم المنسلخ من علمه مثل ما علي هذا الجاهل المتحيّر في جهله و كلاهما حائر بائر مضلّ مفتون مبتور ما هم فيه و باطل ما كانوا يعملون عباد اللّه لا ترتابوا فتشكّوا و لا تشكّوا فتفكّروا و لا تكفروا فتندموا و لا ترخصوا لانفسكم فتدهنوا و تذهب بكم الرّخص مذاهب الظّلمة فتهلكوا و لا تداهنوا في الحقّ اذا ورد عليكم و عرفتموه فتخسروا خسرانا مبينا عباد اللّه انّ من الحرم ان تتّقوا اللّه و انّ من العصمة ان لا تغترّوا باللّه عباد اللّه انّ انصح النّاس لنفسه اطوعهم لربّه و اغشّهم لنفسه اعصاهم لربّه عباد اللّه انّه من يطع اللّه يامن و يستبشر و من يعصه يخب و يندم و لا يسلم عباد اللّه سلو اللّه اليقين فانّ اليقين رأس الدّين و ارغبوا اليه في العافية فانّ اعظم النّعمة العافية فاغتنموها للدّنيا و الاخرة و ارغبوا اليه في التّوفيق فانّه اسّ وثيق و اعلموا انّ خير ما لزم القلب اليقين و احسن اليقين التّقي و افضل امور الحق عزائمها

ص: 545

و شرّها محدثاتها و كلّ محدثة بدعة و كلّ بدعة ضلالة و بالبدع هدم السّنن المغبون من غبن دينه و المغبوط من سلم له دينه و حسن يقينه و السّعيد من وعظ بغيره و الشّقيّ من انخدع لهواه عباد اللّه اعلموا انّ يسير الرّيا شرك و انّ اخلاص العمل اليقين و الهوي يقود الي النّار و مجالسة اهل اللّهو ينسي القرآن و يحضر الشّيطان و النّسيء زيادة في الكفر و اعمال العصاة تدعوا الي سخط الرّحمن و سخط الرّحمن يدعو الي النّار و يزيغ القلوب و الرّمق لهنّ يخطف نور ابصار القلوب و لمح العيون مصائد الشّيطان و مجالسته السّلطان يهيج النّيران عباد اللّه اصدّقوا فانّ اللّه مع الصّادقين و جانبوا الكذب فانّه حجاب للايمان و انّ الصّادق علي شرف منجاة و كرامة و الكاذب علي شفا مهواة و هلكة و قولوا الحقّ تعرفوا به و اعملوا به تكونوا من اهله و ادّوا الامانة الي من ائتمنكم عليها و صلوا ارحام من قطعكم و عودوا بالفضل علي من

ص: 546

حرمكم و اذا عاقدتم فاوفوا و اذا حكمتم فاعدلوا و اذا ظلمتم فاصبروا و اذا سيئ اليكم فاعفوا و اصفحوا كما تحبّون ان يعفي عنكم و لا تفاخروا بالاباء و لا تنابزوا بالالقاب بئس الاسم الفسوق بعد الايمان و لا تمازحوا و لا تغاضبوا و لا تباذخوا و لا يغتب بعضكم بعضا ا يحبّ احدكم ان ياكل لحم اخيه ميتا و لا تحاسدوا فانّ الحسد ياكل الايمان كما تأكل النّار الحطب و لا تباغضوا فانّها الحالقة و افشوا السّلام في العالم و ردّوا التّحيّة علي اهلها باحسن منها و ارحموا الارملة و اليتيم و اعينوا الضّعيف و المظلوم و الغارمين و في سبيل اللّه و ابن السّبيل و السّائلين و في الرّقاب و المكاتب و المساكين و انصروا المظلوم و اعطوا الفروض و جاهدوا انفسكم في اللّه حقّ جهاده فانّه شديد العقاب و جاهدوا في سبيل اللّه و اقرؤا الضّيف و احسنوا الوضوء و حافظوا علي الصّلوات الخمس في اوقاتها من اللّه جلّ و عزّ بمكان و من تطوّع خيرا فهو خير له فانّ اللّه شاكر عليم تعاونوا

ص: 547

علي البرّ و التّقوي و لا تعاونوا علي الاثم و العدوان و اتّقوا اللّه حقّ تقاته و لا تموتنّ الاّ و أنتم مسلمون و اعلموا عباد اللّه انّ الامل يذهب العقل و يكذب الوعد و يحثّ علي الغفلة و يورث الحسرة فاكذبوا الامل فانّه غرور و انّ صاحبه مازور فاعلموا في الرّغبة و الرّهبة فان نزلت بكم رغبة فاشكروا و اجمعوا معها رغبة فانّ اللّه قد تاذّن للمسلمين بالحسني و لمن شكر بالزّيادة فانّي لم ار مثل الجنّة نام طالبها و لا كالنّار نام هاربها و لا اكثر مكتسبا ممّن كسبه اليوم تذخّر فيه الذّخاير و تبلي فيه السّرائر و انّ من لا ينفعه الحقّ يضرّه الباطل و من لا يستقيم به الهدي تضرّه الضّلالة و من لا ينفعه اليقين يضرّه الشّك و انّكم قد امرتم بالظّعن و دللتم علي الزّاد الا انّ اخوف ما اتخوّف عليكم اثنان طول الامل و اتّباع الهوي الا و انّ الدّنيا قد ادبرت و اذنت بانقلاع الا و انّ الاخرة

ص: 548

قد اقبلت و اذنت باطّلاع الا و انّ المضمار اليوم و السّباق غدا الاّ و انّ السّبقة الجنّة و الغاية النّار الا و انّكم في ايّام مهل من ورائه اجل يحثّه عجل(العجل)فمن اخلص للّه عمله في ايّامه قبل حضور اجله نفعه عمله و لم يضرّه اجله و من لم يعمل في ايّام مهله ضرّه اجله و لم ينفعه عمله عباد اللّه افزعوا الي قوام دينكم باقام الصّلوة لوقتها و ايتاء الزّكوة في حينها و التّضرّع و الخشوع و صلة الرّحم و خوف المعاد و اعطاء السّائل و اكرام الضّعفة(و الضّعيف)و تعلّم القرآن و العمل به و صدق الحديث و الوفاء بالعهد و اداء الامانة اذا ائتمنتم و ارغبوا في ثواب اللّه و ارهبوا عذابه و جاهدوا في سبيل اللّه باموالكم و انفسكم و تزوّدوا من الدّنيا ما تحرزون به انفسكم و اعملوا بالخير تجزوا بالخير يوم يفوز بالخير من قدّم الخير اقول قولي و استغفر اللّه لي و لكم

ص: 549

اللّغات الذّروة بالكسر و الضمّ من كلّ شيء اعلاه الثروة الكثرة المنسأة من النساء التاخير افيضوا اي اسرعوا و اندفعوا الدّوي الصوت الهدي بالفتح الطريقة و السيرة قوله لا يستفيق من جهله اي كجاهل المتحير الذي لا افاق من جهله البائر الفاسد الهالك الذي لا خير فيه و في المثل- حائر بائر اي لا يطيع مرشدا و لا يتّجه لشيء المبتور المقطوع لا ترخصوا اي لا تجعلوه رخيصا و الرخصة بالضمّ التسهيل و التخفيف و الادهنان المصانعة كالمداهنة اي المساهلة الاسّ بالتثليث الاساس الرمق طول النظر الي الشيء و فعله من باب قتل و اللمحة بالفتح النظرة بالعجلة و النظرة الخفيفة اي و نظر العيون اليه خفيفة اي بنظر خفيف من جائل الشيطان و مكائده الشرف بالتحريك العلوّ و المكان العالي و المنجاة بالفتح الباعث علي النجاة و يقال الصّدق منجاة اي منج و شفا المراد به كل شيء طرفه و جانبه و الهواة ما بين الجبلين و نحوه التمارخ التداعب و التلاعب و التباذخ التفاخر الحالقة الخصلة السّيئة التي تحلق اي تهلك كل خصلة حسنة الارملة الضعفاء و يطلق ايضا علي المسكين و من لا اهل له و من ماتت زوجها قري الضيف اي اضافه المازور الاسم المفعول من وزر و قياسه موزور اي الاثم الحسني العاقبة الحسنة الظّعن الرحيل و الامر تكويني و المراد بالزاد اتيان الاعمال الصّالحات و ترك السيّئات اذنت اي اعلمت من الاذن بمعني الاعلام الاطلاع من اطلع علي فلان اي اشرف و اتاه و يفهم منه الاتيان بفجاة المضمار الموضع الذي تضمر فيه الخيل و السباق المسابقة السبقة بفتح السين و سكون الباء المهل بالفتح المهلة الافزاع الاخافة

159 و من كلامه عليه السّلام

تحف العقول ص 154 قال و من حكمه صلوات اللّه عليه و ترغيبه و ترهيبه و وعظه امّا بعد فانّ المكر و الخديعة في النّار فكونوا من اللّه علي و جل و من صولته علي حذر انّ اللّه لا يرضي لعباده بعد اعذاره و انذاره استطرادا و استدراجا من حيث لا يعلمون و لهذا يضلّ سعي العبد حتّي ينسي الوفاء بالعهد و يظنّ انّه قد احسن صنعا

ص: 550

و لا يزال كذلك في ظنّ و رجاء و غفلة عمّا جاءه من النّبأ يعقد علي نفسه العقد و يهلكها بكلّ جهد و هو في مهلة من اللّه علي عهد يهوي مع الغافلين و يغدو مع المذنبين و يجادل في طاعة اللّه المؤمنين و يستحسن تمويه المترفين فهؤلاء قوم شرحت قلوبهم بالشّبهة و تطاولوا علي غيرهم بالفرية و حسبوا انّها للّه قربة و ذلك لانّهم عملوا بالهوي و غيّروا كلام الحكماء و حرّفوه بجهل و عمي و طلبوا به السّمعة و الرّياء بلا سبل قاصدة و لا اعلام جارية و لا منار معلوم الي امدهم و الي منهل هم واردوه حتّي اذا كشف اللّه لهم عن ثواب سياستهم و استخرجهم من جلابيب غفلتهم استقبلوا مدبرا و استدبروا مقبلا فلم ينتفعوا بما ادركوا من امنيّتهم و لا بما نالوا من طلبتهم و لا ما قضوا من وطرهم و صار ذلك عليهم وبالا فصاروا يهربون ممّا كانوا يطلبون و انّي احذّركم هذه المزلّة

ص: 551

و امركم بتقوي اللّه الّذي لا ينفع غيره فلينتفع بنفسه ان كان صادقا علي ما يجنّ ضميره فانّما البصير من سمع و تفكّر و نظر و ابصر و انتفع بالعبر و سلك جددا واضحا يتجنّب فيه الصّرعة في الهوي و يتنكّب طريق العمي و لا يعين علي فساد نفسه الغواة بتعسّف في حقّ او تحريف في نطق او تغيير في صدق و لا قوّة الاّ باللّه قولوا ما قيل لكم و سلّموا لما روي لكم و لا تكلّفوا ما لم تكلّفوا فانّما بتعته عليكم فيما كسبت ايديكم و لفظت ألسنتكم او سبقت اليه غايتكم و احذروا الشّبهة فانّها وضعت للفتنة و اقصدوا السّهولة و اعملوا فيما بينكم بالمعروف من القول و الفعل و استعملوا الخضوع و استشعروا الخوف و الاستكانة للّه و اعملوا فيما بينكم بالتّواضع و التّناصف و التّباذل و كظم الغيظ فانّها وصيّة اللّه و ايّاكم و التّحاسد و الاحقاد فانّهما من فعل الجاهليّة

ص: 552

و لتنظر نفس ما قدّمت لغد و اتّقوا للّه انّ اللّه خبير بما تعملون ايّها النّاس اعلموا علما يقينا انّ اللّه لم يجعل للعبد و ان اشتدّ جهده و عظمت حيلته و كثرت نكايته اكثر ممّا قدّر له في الذّكر الحكيم ايّها النّاس انّه لن يزداد امرء نقيرا بحذقه و لن ينتقص نقيرا بحمقه فالعالم بهذا العامل به اعظم النّاس راحة في منفعة و التّارك له اكثر النّاس شغلا في مضرّة ربّ منعم عليه في نفسه مستدرج بالاحسان اليه و ربّ مبتلي عند النّاس مصنوع له فافق ايّها المستمتع من سكرك و انتبه من غفلتك و قصّر من عجلتك و تفكّر فيما جاء عن اللّه تبارك و تعالي فيما لا خلف فيه و لا محيص عنه و لا بدّ منه ثمّ ضع فخرك و دع كبرك و احضر ذهنك و اذكر قبرك و منزلك فانّ عليه ممرّك و اليه مصيرك و كما تدين تدان و كما تزرع تحصد و كما تصنع يصنع بك و ما قدّمت اليه تقدّم عليه غدا لا محالة فلينفعك النّظر

ص: 553

فيما وعظت به وع ما سمعت و وعدت فقد اكتنفك بذلك خصلتان و لا بدّ ان تقوم باحدهما امّا طاعة اللّه تقوم لها بما سمعت و امّا حجّة اللّه تقوم لها بما علمت و الحذر الحذر و الجدّ الجدّ و انّه لا ينبّئك مثل خبير انّ من عزائم اللّه في الذّكر الحكيم الّتي لها يرضي و لها يسخط و لها يثيب و عليها يعاقب انّه ليس بمؤمن و ان حسن قوله و زيّن وصفه و فضله غيره اذا خرج من الدّنيا فلقي اللّه بخصلة من هذه الخصال لم يتب منها الشّرك باللّه فيما افترض عليه من عبادته او شفاء غيظ بهلاك نفسه او يقرّ بعمل فعمل بغيره او يستنجح حاجة الي النّاس باظهار بدعة في دينه او سرّه ان يحمده النّاس بما لم يفعل من خير او مشي في النّاس بوجهين و لسانين و التّجبّر و الابهّة و اعلم انّ(و اعقل ذلك فانّ)المثل دليل علي شبهة انّ البهائم همّها بطونها و انّ السّباع همّها التّعدّي

ص: 554

و الظّلم و انّ النّساء همّهنّ زينة الدّنيا و الفساد فيها و انّ المؤمنين مشفقون مستكينون خائفون اللّغات الصّولة السطوة و القدرة الاستدراج الارتقاء من درجة الي درجة و يطلق علي الخدعة ايضا و استدراج الله للعبد انه كلما جدّد خطيئة جدّد له نعمة و انساه الاستغفار فياخذه قليلا قليلا قال اللّه تعالي سنتدرجهم من حيث لا يعلمون التمويه التلبيس و الممزوج من الحق و الباطل المترف المتنعم و الذي يترك و يصنع ما يشاء و لا يمنع تطاول عليه اي اعتدي و ترفّع عليه و الفرية بالكسر الكذب القذف الرّمي و الكذبة العظيمة التي يتعجب منها السّمعة بالضّم ما يسمع يقال فعله رياء او سمعة اي ليراه الناس و يسمعونه المنار بالفتح ما يجعل في الطريق للاهتداء و المنهل المورد و موضع الشرب علي الطريق و يطلق ايضا علي المنزل الذي في المفاوز علي طريق المسافر لان فيه ماء الامنيّة هي ما يتمني و تطلق علي البغية و الطلبة بكسر اللام اسم من المطالبة و بالفتح المرّة و الوطر بفتحتين الحاجة الجدد بفتحتين الارض الصلبة المستوية التي يسهل المشي عليها التنكبّ العدول و التّجنّب و الغواة بالضم جمع غاوي بمعني الضّال التناصف الانصاف النقير النكتة التي في ظهر النواة و المراد بها هنا الحقير و القليل من الشيء الذكر الحكيم القرآن و لا ينال الانسان من الكرامة فوق ما نصّ عليه القرآن قوله و قصر من عجلتك اي العجلة في طلب الدنيا كما تدين تدان اي كما تجازي بالمبني للفاعل تجازي بالمبني للمفعول قوله ع امرء من وعي يعي اي احفظ قوله و يستنجح اي يسئل اي يقضوها له و التجبّر التكبّر الابهّة العظمة و النخوة

160 و من كلامه عليه السّلام

تحف العقول ص 185 قال و من كلامه في وضع المال مواضعه لمّا رات من اصحابه ما يفعله معاوية بمن انقطع اليه و بذله لهم الاموال و الناس اصحاب دنيا قالوا لامير المؤمنين عليه السّلام اعط هذا المال و فضّل الاشراف و من تخوف خلافه و فراقه حتي اذا استتبّ لك ما تريد عدت الي احسن ما كنت عليه من العدل في الرّعيّة و القسم بالسوية فقال عليه السّلام أ تامروني ان اطلب النّصر بالجور فيمن ولّيت عليه من اهل الاسلام و اللّه لا اطور به ما سمر به سمير و ما امّ نجم في السّماء نجما و لو

ص: 555

كان ما لهم مالي لسوّيت بينهم فكيف و انّما هي اموالهم ثمّ ازمّ طويلا ساكتا ثمّ قال من كان له مال فايّاه و الفساد فانّ اعطاءك المال في غير وجهه تبذير و اسراف و هو يرفع ذكر صاحبه في النّاس و يضعه عند اللّه و لم يضع امرء ماله في غير حقّه و عند غير اهله الاّ حرمّه شكرهم و كان خيره لغيره فان بقي معه منهم من يريد الودّ و يظهر له الشّكر فانّما هو ملق و كذب و انّما يقرّب لينال من صاحبه مثل الّذي كان يأتي اليه قبل فان زلّت بصاحبه النّعل و احتاج الي معونته و مكافاته فاشرّ خليل و الم خدين مقالة جهّال ما دام عليهم منعما و هو عن ذات اللّه بخيل فايّ حظّ ابور و اخسّ من هذا الحظّ و ايّ معروف اضيع و اقلّ عائدة من هذا المعروف فمن اتاه مال فليصل به القرابة و ليحسن به الضّيافة و ليفكّ به العاني و الاسير و ليعن به الغارمين

ص: 556

و ابن السّبيل و الفقراء و المهاجرين و ليصبّر نفسه علي الثّواب و الحقوق فانّه يجوز بهذه الخصال شرفا في الدّنيا و درك فضائل الاخرة اللغات قوله استتبّ اي استقام و اطّرد و استمرّ لا اطور به اي لا اقاربه و السّمير الدّهر يعني لا اقاربه مدي الدّهر و لا افعله ابدا و في الامالي(أ تامروني ان اطلب النّصر بالجور و اللّه لا افعلنّ ما طلعت شمس و لاح في السّماء نجم و اللّه لو كان مالي لو اسيت بينهم و كيف و انّما هو اموالهم)امّ اي قصد اي ما قصد نجم نجما ازم اي امسك ملق ككذب وزنا مصدره التودّد و التذلل و الاظهار باللّسان من الاكرام و الودّ ما ليس في القلب الخدين الحبيب و الصّديق العاني السّائل اشرف علينا اي دنا منّا و اشفق ما أنتم فيه اي في ايّ حال أنتم اقول و قد رواه الشيخ في الامالي في الجزء السابع مسند او قال اخبرنا محمد بن محمّد قال حدّثنا ابو الحسن عليّ بن بلال المهلبي قال اخبرنا عليّ بن عبد اللّه الاسدي الاصفهاني قال حدّثنا ابراهيم بن محمّد الثقفي قال حدثني محمد بن عبد الله بن عثمان قال حدّثني علي بن ابي سيف عن علي بن خباب عن ربيعة و عماره و غيرهما و في نسخة التحف و الامالي اختلاف يسير نقلت السند من نسخة المطبوعة في طهران سنة 1313 الهجرية القمريّة ص 121

161 و من خطبه عليه السّلام

امالي الشيخ ره المطبوع في طهران 1313 سنة الهجرية القمرية الجزء الثاني ص 23 عنه عن شيخه رحمه اللّه قال محمد بن محمد بن النعمان قال اخبرنا ابو عبد اللّه محمد بن عمران المرزبانيّ قال حدّثني احمد بن سليمان الطوسي عن الزبير بن بكّار قال حدّثني عبد اللّه بن وهب عن السّدي عن عبد الخير عن جابر الاسدي قال قام رجل الي امير المؤمنين عليه السّلام علي بن ابي طالب فساله عن الايمان فقام عليه السّلام خطيبا فقال الحمد للّه الّذي شرع الاسلام فسهّل شرايعه لمن ورده و اعزّ اركانه علي من حاربه و جعله عزّا لمن والاه و سلما لمن دخله و هدي لمن ائتمّ به و زينة لمن تحلّي به و عصمة لمن اعتصم به

ص: 557

و حبلا لمن تمسّك به و برهانا لمن تكلّم به و نورا لمن استضاء به و شاهدا لمن خاصم به و ملجأ لمن حاجّ به و علما لمن وعاه و حديثا لمن رواه و حكما لمن قضي به و حلما لمن جرّب و لبّا لمن تدبّر و فهما لمن فطن و يقينا لمن عقل و تبصرة لمن عزم و اية لمن توسّم و عبرة لمن اتّعظ و نجاة لمن صدّق و مودّة من اللّه لمن اصلح و زلفي لمن ارتقي و ثقة لمن توكّل و راحة لمن فوّض و جنّة لمن صبر الحقّ سبيله و الهدي صفته و الحسني مأثره فهو ابلج المنهاج مشرق المنار مضيء المصابيح رفيع الغاية يسير المضمار جامع الخلبة(الخلبة) متنافس السّبقة كريم الفرسان التّصديق منهاجه و الصّالحات مناره و الفقه مصابيحه و الموت غايته و الدّنيا مضماره و القيامة حليته(حلبته)و الجنّة سبقه و النّار نقمته و التّقوي عدّته و المحسنون فرسانه فبالايمان يستدلّ علي

ص: 558

الصّالحات و بالصّالحات يعمر الفقه و بالفقه يرهب الموت و بالموت تختم الدّنيا و بالقيمة تزلف الجنّة للمتّقين و تبرّز الجحيم للغاوين و الايمان علي اربع دعائم الصّبر و اليقين و العدل و الجهاد فالصّبر علي اربع شعب الشّوق و الشّفق و الزّهادة و التّرقّب الا من اشتقاق الي الجنّة سلا عن الشّهوات و من اشفق من المحرّمات و من زهد في الدّنيا هانت عليه المصيبات و من ارتقب الموت سارع الي الخيرات و اليقين علي اربع شعب تبصرة الفطنة و تاوّل الحكمة و موعظة العبرة و سنّة الاوّلين فمن تبصّر في الفطنة تبيّن الحكمة و من تبيّن الحكمة عرف العبرة و من عرف العبرة عرف السّنّة فكانّما كان في الاوّلين و العدل علي اربع شعب علي غامض الفهم و عمارة العلم و زهرة الحكم و روضة الحلم فمن فهم نشر جميع العلم و من علم عرف شرايع الحكم و من عرف شرايع الحكم لم يضلّ و من حلم لم يفرط امره و عاش في النّاس حميدا و الجهاد

ص: 559

علي اربع شعب علي الامر بالمعروف و النّهي عن المنكر و الصّدق في المواطن و شنئان الفاسقين فمن امر بالمعروف شدّ ظهر المؤمن و من نهي عن المنكر أرغم انف الكافر و من صدق في المواطن قضي ما عليه و من شنأ الفاسقين غضب للّه و من غضب للّه فهو مؤمن حقّا فهذه صفة الايمان و دعائمه فقال له السائل لقد هديت يا امير المؤمنين و ارشدت فجزاك اللّه عن الدّين خيرا اللّغات التوسّم التفرّش و المتوسّم المتفرس المتامّل للتثبت في نظره حتي يعرف حقيقة سمت الشيء ابلج المنهاج الواضح الطريق المضمار الموضع الذي تضمر فيها و تضمر الخيل و الخيلة جماعة من الافراس لا واحد له و في بعض النسخ الحلبه و لعل هذا هو الاصح و وصفه عليه السّلام الاسلام بيسير المضمار جامع الحلبة سريع السبقة اليم النقمة استعارة فلفظ الحلبة استعارة للقيمة و السبقة للجنّة و ذلك لان الدنيا مضماره و هي يسيرة و القيمة حلبته و هي مجمعة و الجنة سبقته و النار نقمته و في بعض النسخ كريم المضمار رفيع الغاية شريف الفرسان فيكون استعارة لفظ المضمار للدين باعتبار ان النفوس تضمر فيه للسباق الي حضرة اللّه تعالي و ظاهر كرم ذلك المضمار و شرفه و غايته الوصول الي حضرة الرّبوبية و لا ارفع منها مرتبة و قوله شريف الفرسان لان فرسانه المؤمنون و الصّديقون و الحلبة بالتسكين خيل تجمع للسباق قوله شنئان البغضاء يقول المؤلّف الفقير عفي اللّه عن جرائمه اعلم ان الرضي رضي اللّه عنه قد بقل بعض هذه الخطبة في النهج باختلاف و نقصان في بعض فقراتها الي قوله عليه السّلام و الجنّة سبقته و في امالي الشيخ ره بزيادات الي قوله عليه السّلام فهذه صفة الايمان و دعائمه كما نقلتها عنه ههنا و في الوافي في الجزو الثالث منه في باب اركان الايمان و صفاته ص 31 نقل شطرا منها عن الكافي مسند بزيادة بعض الفقرات و شطر الاخير برواية اخري و في تحف العقول نقلها ابسط و اوفي رأيت نقلها بتمامه عنه تتميما للفائدة و تعميما للعائدة لمن اراد الانتفاع بها و الله هو المستعان و ولي التوفيق

162 و من خطبه عليه السّلام

ص: 560

تحف العقول ص 162 قال خطبته عليه السّلام التي يذكر فيها الايمان و دعائمه و شعبها و الكفر و دعائمه و شعبها انّ اللّه ابتدء الامور فاصطفي لنفسه منها ما شاء و استخلص منها ما احبّ فكان ممّا احبّ انّه ارتضي الايمان فاشتقّه من اسمه فنحّله من احبّ من خلقه ثمّ بيّنه فسهّل شرايعه لمن ورده و اعزّ اركانه علي من جانبه و جعله عزّا لمن والاه و امنا لمن دخله و هدي لمن ائتمّ به و زينة لمن تحلّي به و دينا لمن انتحله و عصمة لمن اعتصم به و حبلا لمن استمسك به و برهانا لمن تكلّم به و شرفا لمن عرفه و حكمة لمن نطق به و نورا لمن استضاء به و حجّة لمن خاصم به و فلجا لمن حاجّ به و علما لمن وعي و حديثا لمن روي و حكما لمن قضي و حلما لمن حدّث و لبّا لمن تدبّر و فهما لمن تفكّر و يقينا لمن عقل و بصيرة لمن عزم و اية لمن توسّم و عبرة لمن اتّعظ و نجاة لمن امن به و مودّة من اللّه لمن صلح و زلفي لمن

ص: 561

ارتقب و ثقة لمن توكّل و راحة لمن فوّض و صبغة لمن احسن و خيرا لمن سارع و جنّة لمن صبر و لباسا لمن اتّقي و تطهيرا لمن رشد و امنة لمن اسلم و روحا للصّادقين فالايمان اصل الحقّ و اصل الحقّ سبيله الهدي و صفته الحسني و ما ثرته المجد فهو ابلج المنهاج مشرق المنار مضيء المصباح رفيع الغاية يسير المضمار جامع الحلبة متنافس السّبقة قديم العدّة كريم الفرسان الصّالحات مناره و العفّة مصابيحه و الموت غايته و الدّنيا مضماره و القيمة حليته و الجنّة سبقته و النّار نقمته و التّقوي عدّته و المحسنون فرسانه فبالايمان يستدلّ علي الصّالحات و بالصّالحات يعمر الفقه و بالفقه يرهب الموت و بالموت تختم الدّنيا و بالدّنيا تخذو الاخرة و بالقيمة تزلف الجنّة و الجنّة حسرة اهل النّار و النّار موعظة التّقوي و التّقوي سنخ

ص: 562

الاحسان و التّقوي غاية لا يهلك من تبعها و لا يندم من يعمل بها لانّ بالتّقوي فاز الفائزون و بالمعصية خسر الخاسرون فليزدجر اولو النّهي و ليتذكّر اهل التّقوي فالايمان علي اربع دعائم ثم ساق الكلام الي اخر دعائم الايمان و شعبها نحو ما نقلتها عن الامالي في الخطبة السّابقة و شرع في بيان دعائم الكفر و شعبها و قال و الكفر علي اربع دعائم علي الفسق و الغلوّ و الشّكّ و الشّبهة فالفسق من ذلك علي اربع شعب الجفاء و العمي و الغفلة و العتوّ فمن جفا حقّر المؤمن و مقت الفقهاء و اصرّ علي الحنث و من عمي نسي الذّكر بذي خلقه و بارز خالقه و الحّ عليه الشّيطان و من غفل جني علي نفسه و انقلب علي ظهره و حسب غيّه رشدا و غرّته الامانيّ و اخذته الحسرة اذا انقضي الامر و انكشف عنه الغطاء و بدا له من اللّه ما لم يكن يحتسب و من عتا عن امر اللّه شكّ و من شكّ تعالي اللّه عليه ثمّ اذلّه سلطانه و صغّره بجلاله كما فرّط في حياته و اغترّ بربّه الكريم و الغلوّ علي

ص: 563

اربع شعب علي التّعمّق و التّنازع و الزّيغ و الشّقاق فمن تعمّق لم ينته الي الحقّ و لم يزده الاّ غرقا في الغمرات لا تخسر عنه فتنة الاّ غشيته اخري فهو يهوي في امر مريج و من نازع و خاصم قطع بينهم الفشل و يلي امرهم من طول اللّجاج و من زاغ ساءت عنده الحسنة و حسنت عنده السّيئة و سكر سكر الضّلال و من شاقّ اعورّت عليه طرقه و اعترض عليه امره و ضاق مخرجه و حرام ان ينزع من دينه من اتّبع غير سبيل المؤمنين و الشّكّ علي اربع شعب علي المرية و الهول و التّردّد و الاستسلام فبايّ الاء ربّك تتماري الممترون و من هاله ما بين يديه نكص علي عقبيه و من تردّد في دينه سبقه الاوّلون و ادركه الأخرون و وطئته سنابك الشّياطين و من استسلم لهلكة الدّنيا و الاخرة هلك فيها و من نجا من ذلك فبفضل اليقين

ص: 564

و الشّبهة علي اربع شعب علي اعجاب بالزّينة و تسويل النّفس و تاوّل العوج و لبس الحقّ بالباطل و ذلك انّ الزّينة تصدف عن البيّنة و تسويل النّفس تقحم الي الشّهوة و العوج يميل بصاحبه ميلا عظيما و اللّبس ظلمات بعضها فوق بعض فذلك الكفر و دعائمه و شعبه و النّفاق علي اربع دعائم علي الهوي و الهوينا و الحفيظة و الطّمع و الهوي من ذلك علي اربع شعب علي البغي و العدوان و الشّهوة و العصيان فمن بغي كثرت غوائله و تخلّي عنه و نصر عليه و من اعتدي لم تؤمن بوائقه و لم يسلم قلبه و من لم يعذل نفسه عن الشّهوات خاض في الحسرات و سبح فيها و من عصي ضلّ عمدا بلا عذر و لا حجّة و امّا شعب الهوينا فالهيبة و العزّة و المماطلة و الامل و ذلك انّ الهيبة تردّ عن الحقّ و الاغترار بالعاجل و تفريط الاجل و تفريط المماطلة مورّط في العمي

ص: 565

و لو لا الامل علم الانسان حساب ما هو فيه و لو علم حساب ما هو فيه مات خفاتا من الهول و الوجل و امّا شعب الحفيظة فالكبر و الفخر و الحميّة و العصبيّة فمن استكبر ادبر و من فخر فجر و من حمي اصرّ و من اخذته العصبيّته جار فبئس الامر بين ادبار و فجور و اصرار و شعب الطّمع الفرح و المرح و التّكبّر فالفرح مكروه عند اللّه و المرح خيلاء و اللّجاجة بلاء لمن اضطرّته الي حمل الاثام و التّكبّر لهو و لعب و شغل و استبدال الّذي هو ادني بالّذي هو خير فذلك النّفاق و دعائمه و شعبه و اللّه قاهر فوق عباده تعالي ذكره و استوت به مرّته و اشتدّت قوّته و فاضت بركته و استضاءت حكمته و فلجت حجّته و خلص دينه و حقّت كلمته و سبقت حسناته وصفت نسبته و اقسطت موازينه و بلغت رسالته و حضرت حفظته ثمّ جعل السّيئة ذنبا و الذّنب فتنة و

ص: 566

الفتنة دنسا و جعل الحسني غنما و العتبي توبة و التّوبة طهورا فمن تاب اهتدي و من افتتن غوي ما لم يتب الي اللّه و يعترف بذنبه و يصدّق بالحسني و لا يهلك علي اللّه الاّ هالك فاللّه اللّه ما اوسع ما لديه من التّوبة و الرّحمة و البشري و الحلم العظيم و ما انكر ما لديه من الانكال و الجحيم و العزّة و القدرة و البطش الشّديد فمن ظفر بطاعة اللّه اختار كرامته و من لم يزل في معصية اللّه ذاق و بيل نقمته هنا لك عقبي الدّار اقول قوله فاشتقه من اسمه ليس المراد من اشتقاقه اشتقاق اللفظ من اللفظ فقط بل اشتقاق الحقيقة و المعني من اسمه تعالي كاشتقاق اسماء النبي و الائمة و فاطمة الزهراء صلوات الله عليهم أجمعين من اسمه تعالي و تبارك و الايمان حقيقته رابطة باطنية بين الرّب و العبد به يعبد اللّه و به يتقرب اليه و به ينجو من الهلكه و باعتبار هو الاقرار باللسان و الاعتقاد بالجنان و العمل بالاركان قوله جانبه اي صار الي جنبه و في الكافي لمن حاربه و في النهج لمن غالبه اي حاول ان يغلبه و لعلّه هو الاظهر الفلج الظفر و الفوز و الفلاح الامنة بفتح الثلاثة الامن و السّلم الماثرة بفتح الثاء و ضمّها المكرمة و الفعل الحميد ابلج اي اوضح و المنهاج الطريق و المنار علم الطريق و منار الامان دلائله الواضحة من الاعمال الصالحة و الافعال المحمودة و الاخلاق الحسنة المضمار موضع الذي تضمر فيه الخيل فالمراد هنا به الدّنيا لانها يسيرة الحلبه بسكون اللاّم خيل تجمع للسّباق و المتنافس الراغب علي وجه المباراة و المفاخرة و السبقه بفتحتين الغاية المحبوبة التي يحبّ السابق ليصل اليها و بالضمّ و السكون ما يراهن عند السباق اي جزاء السابقين العدّة بضم العين ما اعددته لحوادث الدّهر و بمعني الاستعداد و بالفتح

ص: 567

الجماعة قوله و الموت غايته اي غايته في حفظه فالمؤمن كان في مدة حياته في الدّنيا في التعب و المشقة و قيل يريد الموت عن الشهوات البهيميّة و الحياة بالسعادة الابدية و الدنيا مضماره اي موضع الذي يضمر فيه لانها مزرعة الاخرة قوله تحذو الاخرة اي تقابل الاخرة من حذاه اي كان بازائه الفسق الخروج من الطّاعة و الغلوّ التجاوز عن الحدّ في الدّين و الشكّ خلاف اليقين و هو التردد و الشبهة ترجيح الباطل بالباطل و تصوير غير الواقع بصورة الواقع و الجفاء الغلظة في الطبع و الخرق في المعاملة و الفظاظة فيها و رفض الصّلة و البرّ و الرّفق و العمي ابطال البصيرة القلبية و ترك التفكر في الامور النافعة في الاخرة و الغفلة هي غيبة الشيء عن بال الانسان و عدم تذكرة له و العتوّ مصدر بمعني التجبّر و الاستكبار التعمق اصله التشدّد في الامر طلبا لاقصي غاية و المراد به هنا كما يعلم عن تفسيره الذهاب في الاوهام لرغم طلب الاسرار الانحسار الانكشاف و مريج المختلط او المضطرب العتل بضم العين الحمق شاقّ اي خالف و عاند و اعورت اي صارت اعور لا علم لها المرية بالكسر و انصمّ الجدل و الشكّ و الهول بالفتح المخالفة الاستسلام الانقياد السنابك جمع سنبك بضم السّين طرف الحافر اي تستزله الشياطين فتطرحه في المهلكة تسويل النفس تزيينها و تاوّل العوج تاويل المعوج و الباطل بوجه يخفي عوجه و يبرز استقامته فيظن انه حق و مستقيم الصّدف الصرف الهوينا تصغير الهوني تانيث الاهون و هو من الهون الرفق و اللين و المراد هنا التهاون في امر الدين و ترك الاهتمام فيه و الحفيظة الغضب و الحميّة الغوائل جمع الغائلة الداهية و المهلكة و البوائق جمع البائقة الشّر و الداهية العذل اللوم الهيبة المخافة و المهابة و المماطلة التعلل و التسويف الخفات بضم الخاء موت الفجأة الفرح السرور و المرح شدة الفرح حتي جاوز القدر المرّة بكسر الميم القوّة و العقل و الرشد الدنس الوسخ غنما بضم الغين الفوز و العتبي الرّضا الانكال جمع النّكل بفتح النون القيد الشديد و البطش الاخذ بسطوة و صولة و الوبيل الوخيم

163 و من كلامه عليه السّلام

تحف العقول ص 224 و قال عليه السّلام ذلّلوا اخلاقكم بالمحاسن و قوّدوها الي المكارم و عوّدوا انفسكم الحلم و اصبروا علي الايثار علي انفسكم

ص: 568

فيما تحمدون عنه و لا تداقّوا النّاس وزنا بوزن و عظّموا اقداركم بالتّغافل عن الدّنيّ من الامور و امسكوا من الضّعيف بجاهكم و بالمعونة له ان عجزتم عمّا رجاه عندكم و لا تكونوا بحّاثين عمّا غاب عنكم فيكثر غائبكم و تحفّظوا من الكذب فانّه من ادني الاخلاق قدرا و هو نوع من الفحش و ضرب من الدّناءة و تكرّموا بالتّعامي عن الاستقصاء و روي بالتّعامس من الاستقصاء اللّغات قوله لا تداقو وزنا بوزن اي لا تحاسبوهم بالدقة في الامور و لا تستقصوهم قوله رمق الضعيف في بعض النسخ من الضعيف و الجاه القدر و الشرف فيكثر عائبكم في بعض النسخ فيكبر غائبكم التّعامي يقال تعامي فلان اي اظهر من نفسه العمي و التعامس التّغافل

164 و من خطبه عليه السّلام

الوافي ج 2 ص 98 عن الكافي عن علي بن محمّد عن سهل عن السرّاد عن هشام بن سالم عن ابي حمزه عن ابي اسحق قال حدّثني الثقة من اصحاب امير المؤمنين عليه السّلام انّهم سمعوا امير المؤمنين عليه السّلام يقول في خطبته له اللّهمّ و انّي لاعلم انّ العلم لا يازر كلّه و لا ينقطع موادّه و انّك لا تخلّي ارضك من حجّة لك علي خلقك ظاهر ليس بالمطاع او خائف مغمود كيلا تبطل حجّتك(حججك)و لا يضلّ اولياءك بعد إذ هديتهم بل اين هم و كم اولئك الاقلّون عددا و الاعظمون عند اللّه جلّ

ص: 569

ذكره قدرا المتّبعون لقادة الدّين الائمّة الهادين الّذين يتادّبون بادابهم و ينهجون نهجهم فعند ذلك يهجم بهم العلم علي حقيقة الايمان فتستجيب ارواحهم لقادة العلم و يستلينون من حديثهم ما استوعر علي غيرهم و يأنسون بما استوحش منه المكذّبون و اباه المسرفون اولئك اتباع العلماء صحبوا اهل الدّنيا بطاعة اللّه تبارك و تعالي و اولياءه و ذابّوا بالتّقيّة عن دينهم و الخوف من عدوّهم فارواحهم معلّقة بالمحلّ الاعلي فعلمائهم و اتباعهم خرص صمت في دولة الباطل ينتظرون لدولة الحقّ و سيحقّ اللّه الحقّ بكلماته و يمحق الباطل هاه هاه طوبي لهم علي صبرهم علي دينهم في حال هدنتهم و يا شوقاه الي رؤيتهم في حال ظهور دولتهم و سيجمعنا اللّه و ايّاهم في جنّات عدن و من صلح من ابائهم و ازواجهم و ذرّيّاتهم اقول قوله يهجم بهم العلم اي يرد عليهم ورودا من حيث لا يشعرون قوله فتستجيب اه اي تطيع ما استوعر اي ما استصعب يعني من الاسرار المكنونة صحبوا اهل الدنيا بطاعة اللّه يعني بسبب طاعته و طاعة اولياءه

ص: 570

او انّ مشاركتهم معهم انما هي في طاعة اللّه تعالي و طاعة اوليائه ظاهرا و امّا في الاعتقاد فهم في واد و اولئك في واد عن دينهم مصروفين عن دينهم بحسب الظاهر او ذا بيّن عنه و الخوف و عطف علي التقية فارواحهم معلقة بالمحل الاعلي يعني نفضوا عن اذيال قلوبهم غبار التعلّق بهذه الخربة الموحشة الدنيّة و توجّهت ارواحهم الي مشاهدة جمال حضرة الرّبوبيّة فهم مصاحبون باشباحهم لاهل هذه الدّار و بارواحهم للملائكة المقربين الابرار

165 و من كلامه عليه السّلام

الوافي ج 3 ص 173 عن الكافي عن احمد بن مهران رفعه و القميّان عن القسم بن محمد الرّازي عن علي بن محمّد الهرمزاني عن ابي عبد اللّه الحسين بن عليّ عليهما السّلام قال لمّا قبضت فاطمة عليها السّلام دفنها امير المؤمنين عليه السّلام سرّا و عفي علي موضع قبرها ثم قام فحوّل وجهه الي قبر رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله و سلّم فقال السّلام عليك يا رسول اللّه عنّي و السّلام عليك عن ابنتك و زائرتك و البايتة في الثّري ببقعتك و المختار اللّه لها سرعة اللّحاق بك قلّ يا رسول اللّه عن صفيّتك صبري و عفي عن سيّدة نساء العالمين تجلّدي الا انّ في التّاسي لي بسنّتك في فرقتك موضع تعزّ فلقد وسدتك في ملحودة قبرك و فاضت نفسك بين نحري و صدري بلي و في كتاب اللّه لي انعم القبول انّا للّه و انّا اليه راجعون قد استرجعت الوديعة و اخذت الرّهينة و اخلست الزّهراء فما اقبح الخضراء و الغبراء يا رسول اللّه امّا حزني

ص: 571

فسرمد و امّا ليلي فمسهّد و همّ لا يبرح من قلبي او يختار اللّه لي دارك الّتي انت مقيم فيها كمد مقيح و همّ مهيج سرعان ما فرّق بيننا و الي اللّه اشكو و ستنبّئك ابنتك بتظافر امّتك علي هضمها فاحفها السّؤال و استخبرها الحال فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد الي بثّه سبيلا و ستقول و يحكم اللّه و هو خير الحاكمين سلام مودّع لا قال و لا سئم فان انصرف فلا عن ملالة و ان اقم فلا عن سوء ظنّ بما وعد اللّه الصّابرين واه واها و الصّبر ايمن و اجمل و لو لا غلبة المستولين لجعلت المقام و اللّبث لزاما معكوفا و لا عولت اعوال الثّكل علي جليل الرّزيّة فبعين اللّه تدفن ابنتك سرّا و يهضم حقّها و يمنع ارثها و لم يتباعد الدّهر و لم يخلق منك الذّكر و الي اللّه يا رسول اللّه المشتكي و فيك يا رسول اللّه احسن العزاء صلّي اللّه عليك و عليها السّلام و الرّضوان اقول قال الفيض ره العفو المحو و عفي علي الارض غطاها بالنبات قوله ببقعتك دلالة علي انّ فاطمة عليها السّلام مدفونة في بقعة ابيها صلّي اللّه عليه و آله دون البقيع و المختار اللّه اضافة

ص: 572

الي الفاعل و مفعوله سرعة اللحاق و التجلّد التكلّف الجلد بالتحريك القوّة و الشدّة و اشار بسنّته صلّي اللّه عليه و آله الصّبر في المصائب فانّه صلّي اللّه عليه و اله كان صبورا في المصائب اراد من قوله عليه السّلام اني قد تاسّيت بسنتك في فرقتك يعني صبرت عليها فبالحريّ ان اصبر في فرقة ابنتك فان مصيبتي بك اعظم و قد ورد عن النبي صلي اللّه عليه و اله انه قال اذا اصاب احدكم مصيبته فليذكر مصيبته بي فانّها من اعظم المصائب و عنه صلّي اللّه عليه و آله من عظمت مصيبته فليذكر مصيبته بي فانّها ستهون عليه و الملحودة اللحد و فيض النفس خروج الرّوح و الخلس السّلب الاوق و اوفي او يختار اللّه بمعني الا ان اوالي الي ان و الكمد بالضم و الفتح و التحريك الحزن الشديد و القيح المدة لا يخالطها دم يقال قاح الجرح يقيح و يقوح وقيح و اقاح و الجملتان تفسّران للحزن و الهمّ السّابقين بحذف مبتداهما و الهضم الظّلم و الغضب و احفاء السؤال استقصاءه و الغليل حرارة الجوف و الاعتلاج الاضطراب و البث النشر و القلا البغض و السّامة الملال فان انصرف يعني قبرك واه منوّنا و غير منوّن كلمة تعجّب و تلهّف و الاعوال البكاء و الثكلي التي فقدت ولدها او حميمها و الخلق البلي

166 و من كلامه عليه السّلام

الوافي ج 3 ص 36 عن الكافي باسناده عن عبد اللّه بن القاسم عن ابي بصير عن ابي عبد اللّه عليه السّلام قال قال امير المؤمنين عليه السّلام انّ لاهل الدّين علامات يعرفون بها صدق الحديث و اداء الامانة و وفاء العهد و صلة الرّحم(الارحام)و رحمة الضّعفاء و قلّة المراقبة للنّساء او قال قلّة المواتاة للنّساء و بذل المعروف و حسن الخلق و اتّباع العلم و ما يقرّب الي اللّه تعالي زلفي طوبي لهم و حسن مأب و طوبي شجرة في الجنّة اصلها في دار النّبيّ صلّي اللّه عليه

ص: 573

و آله و سلّم و ليس من مؤمن الاّ و في داره غصن منها لا يخطر علي قلبه شهوة شيء الاّ اتاه به ذلك و لو انّ راكبا مجدّا سار في ظلّها مأئة عام ما خرج منه و لو طار من اسفلها غراب ما بلغ اعلاها حتّي يسقط هرما الا ففي هذا فارغبوا انّ المؤمن من نفسه في شغل و النّاس منه في راحة اذا جنّ عليه اللّيل افترش وجهه و سجد للّه تعالي بمكارم بدنه يناجي الّذي خلقه في فكاك رقبته الا فهكذا فكونوا اللّغات المواتاة المطاوعة و الزلفي القرب و قال الفيض ره تاويل طوبي العلم فان لكلّ نعيم من الجنّة مثالا في الدّنيا و مثال شجرة طوبي شجرة العلم الدّينيّة الّتي اصلها في دار النّبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم الذي هو مدينة العلم و في دار كلّ مؤمن غصن منها و انّما شهوات المؤمن و مثوباته في الاخرة فروع معارفه و اعماله الصّالحة في الدّنيا فانّ المعرفة بذر المشاهدة و العمل الصّالح غرس النّعيم الا انّ من لم يذق لم يعرف و لا يذوق الاّ من اخلص دينه للّه و قوّي ايمانه باللّه بان يتصف بصفات المؤمن المذكورة في هذا الباب اي باب صفاته

167 و من كلامه عليه السّلام

الوافي ج 3 ص 63 عن الكافي عن عليّ عن ابيه و العدة عن سهل جميعا عن السرّاد عن ابن رئاب عن الثمالي عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال كان امير المؤمنين عليه السّلام يقول انّما الدّهر ثلاثة ايّام انت فيما بينهنّ مضي امس بما فيه فلا يرجع ابدا فان

ص: 574

كنت عملت فيه خيرا لم تحزن لذهابه و فرحت بما اسلفته منه و ان تكن قد فرّطت فيه فحسرتك شديدة لذهابه و تفريطك فيه و انت في يومك الّذي اصبحت فيه من غد في غرّة و لا تدري لعلّك لا تبلغه و ان بلغته لعلّ حظّك فيه في التّفريط مثل حظّك في الامس الماضي عنك فيوم من الثّلاثة قد مضي انت فيه مفرّط و يوم تنتظره لست انت منه علي يقين من ترك التّفريط و انّما هو يومك الّذي اصبحت فيه و قد ينبغي لك ان عقلت و فكّرت فيما فرّطت في الامس الماضي ممّا فات فيه من حسنات الاّ تكون اكتسبتها و من سيّئات الاّ تكون اقصرت عنها فانت مع هذا مع استقبال غد علي غير ثقة من ان تبلغه و علي غير يقين من اكتساب حسنة او مرتدع من سيّئة محبطة و انت من يومك الّذي تستقبل علي مثل يومك الّذي استدبرت فاعمل بعمل رجل ليس يأمل من الايّام الاّ يومه الّذي اصبح فيه و ليلته فاعمل اودع و اللّه تعالي المعين علي ذلك

ص: 575

اقول قوله ان عقلت بفتح الهمزة ان اثبّت الواو بعده و الاّ فبالكسر و في بعض النسخ و ددت بدل و فكرت من دون واو و عليها فالكسر متعيّن و الاّ في الموضعين للتّحضيض

168 و من كلامه عليه السّلام

الوافي ج 3 ص 94 عن الكافي عن محمّد عن ابن عيسي عن عثمان عن يحيي عن ابي عبد الله عليه السّلام قال قال امير المؤمنين عليه السّلام لن يرغب المرء عن عشيرته و ان كان ذا مال و ولد و عن مودّتهم و كرامتهم و دفاعهم بايديهم و ألسنتهم هم اشدّ النّاس حيطة من ورائه و اعطفهم عليه و المهمّ لشعثه ان اصابته مصيبة او نزل به بعض مكاره الامور و من يقبض يده عن عشيرته فانّما يقبض عنهم يدا واحدة و يقبض عنه منهم ايدي كثيرة و من يلن حاشيته يعرف صديقه منه المودّة و من بسط يده بالمعروف اذا وجده يخلف اللّه له ما انفق في دنياه و يضاعف له في اخرته و لسان الصّدق للمرء يجعله اللّه في النّاس خيرا من المال ياكله و يورثه و لا يزدادنّ احدكم كبرا و عظما في نفسه ونايا عن عشيرته ان كان

ص: 576

موسرا في المال و لا يزدادنّ احدكم في اخيه زهدا و لا منه اذا لم ير منه مروّة و كان معوزا في المال لا يغفل احدكم عن القرابة بها الخصاصة ان يسدّها بما لا ينفعه ان امسكه و لا يضرّه ان استهلكه اللغات دفاعهم يعني لن يرغب عن دفاعهم حيطة اي محافظة و حماية و ذبّا عنه المهمّ لشعثه اي اجمعهم لتفرقه يلن حاشيته اي يخفض جناحه و كان معوزا اي فقيرا و اعوزه اذا احتاج به

169 و من كلامه عليه السّلام

الوافي ج 3 ص 104 عن الكافي عن العدّة عن البرقي عن إسماعيل بن مهران عن يونس بن يعقوب عن ابي مريم الانصاري عن ابي جعفر عليه السّلام قال قام رجل بالبصرة الي امير المؤمنين عليه السّلام فقال يا امير المؤمنين اخبرنا عن الاخوان فقال عليه السّلام الاخوان صنفان اخوان الثّقة و اخوان المكاشرة فامّا اخوان الثّقة فهم الكفّ و الجناح و الاهل و المال فاذا كنت من اخيك علي حدّ الثّقة فابذل له مالك و بدنك و صاف من صافاه و عاد من عاداه و اكتم سرّه و عيبه و اظهر منه الحسن و اعلم ايّها السّائل انّهم اقلّ من الكبريت الاحمر و امّا اخوان المكاشرة فانّك تصيب لذّتك منهم فلا تقطعنّ ذلك منهم و لا تطلبنّ ما وراء ذلك عن

ص: 577

ضميرهم و ابذل لهم ما بذلوا لك من طلاقة الوجه و حلاوة اللسان اقول الكشر التبسّم كاشره اذا كشف له عن انيابه

170 و من كلامه عليه السّلام

الوافي ج 3 ص 105 عن الكافي العدة عن البرقي عن عمرو بن عثمان عن محمّد بن سالم الكندي عمن حدّثه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال كان امير المؤمنين اذا صعد المنبر قال ينبغي للمسلم ان يجتنب مواخاة ثلاثة الماجن الفاجر و الاحمق و الكذّاب فامّا الماجن الفاجر فيزيّن لك فعله و يحبّ انّك مثله و لا يعينك علي امر دينك و معادك و مقاربته جفاء و قسوة و مدخله و مخرجه عار عليك و امّا الاحمق فانّه لا يشير عليك بخير و لا يرجي الصرف السّوء عنك و لو اجهد نفسه و ربّما اراد منفعتك فضرّك فموته خير من حياته و سكوته خير من نطقه و بعده خير من قربه و امّا الكذّاب فانّه لا يهنّاك معه عيش ينقل حديثك و ينقل اليك الحديث كلّما افني احدوثة مطّها باخري مثلها حتّي انّه يحدّث بالصّدق فما يصدّق و يعرف بين النّاس بالعداوة فينبت السّخايم في الصّدور فاتّقوا اللّه عزّ و جلّ و انظروا لانفسكم

ص: 578

اللغات-الماجن من لا يبالي قولا و لا فعلا لصلابة وجهه من المجون بمعني الصّلابة و الغلظة لا يهنأك بالتخفيف اي لا يصير لك هنيئا و المطّ المدّ و القوة و السّخيمة الضّغينة

171 و من كلامه عليه السّلام

الوافي ج 3 ص 169 عن الكافي العدّة عن البرقي عن ابيه رفعه عن محمد بن داود الغنوي عن الاصبغ بن نباته قال جاء رجل الي امير المؤمنين عليه السّلام فقال يا امير المؤمنين انّ اناسا زعموا انّ العبد لا يزني و هو مؤمن و لا يسرق و هو مؤمن و لا يشرب الخمر و هو مؤمن و لا ياكل الرّبا و هو مؤمن و لا يسفك الدم الحرام و هو مؤمن فقد ثقل عليّ هذا و خرج منه صدري حين ازعم ان هذا العبد يصلّي صلوتي و يدعو دعائي و يناكحني و اناكحه و يوارثني و اوراثه و قد خرج من الايمان من اجل ذنب يسير اصابه فقال امير المؤمنين عليه السّلام صدقت سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول و الدّليل عليه كتاب اللّه خلق اللّه عزّ و جلّ النّاس علي ثلاث طبقات و انزلهم ثلاث منازل و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ في الكتاب اصحاب الميمنة و اصحاب المشئمة و السّابقون فامّا ما ذكره من امر السّابقين فانّهم انبياء مرسلون و غير مرسلين جعل اللّه فيهم خمسة ارواح روح القدس و روح الايمان و روح القوّة و روح الشّهوة و روح البدن فبروح القدس بعثوا انبياء مرسلين و غير مرسلين و بها علموا الاشياء و بروح الايمان عبدوا اللّه و لم يشركوا به شيئا و يروح

ص: 579

القوّة جاهدوا عدوّهم و عالجوا معاشهم و بروح الشّهوة اصابوا لذيذ الطّعام و نكحوا الحلال من شباب النّساء و بروح البدن دبّوا و درجوا فهؤلاء مغفور لهم مصفوح عن ذنوبهم ثمّ قال قال اللّه عزّ و جلّ تلك الرّسل فضّلنا بعضهم علي بعض منهم من كلّم اللّه و رفع بعضهم(فوق بعض)درجات و اتينا عيسي بن مريم البيّنات و ايّدناه بروح القدس ثمّ قال في جماعتهم و ايّدهم بروح منه يقول اكرمهم بها ففضّلهم علي من سواهم فهؤلاء مغفور لهم مصفوح عن ذنوبهم ثمّ ذكر اصحاب الميمنة و هم المؤمنون حقّا باعيانهم جعل اللّه فيهم أربعة ارواح روح الايمان و روح القوّة و روح الشّهوة و روح البدن فلا يزال العبد يستكمل هذه الارواح الاربعة حتّي يأتي عليه حالات فقال الرّجل ما هذه الحالات فقال امّا اولهنّ فهو كما قال اللّه عزّ و جلّ و منكم من يردّ الي ارذل العمر فهو لا يعرف للصّلوة وقتا و لا يستطيع التّهجّد

ص: 580

باللّيل و لا بالنّهار و لا القيام في الصّفّ مع النّاس فهذا نقصان روح الايمان و ليس يضرّه شيئا و منهم من ينتقص منه روح القوّة و لا يستطيع جهاد عدوّه و لا يستطيع طلب المعيشة و منهم من ينتقص منه روح الشّهوة فلو مرّت به اصبح بنات ادم لم يحنّ اليها و لم يقم و تبقي روح البدن فيه فهو يدبّ و يدرج حتّي يأتيه ملك الموت فهذا بحال خير لانّ اللّه عزّ و جلّ هو الفاعل به و قد يأتي عليه حالات في قوّته و شبابه فيهمّ بالخطيئة فيشجّعه روح القوّة و يزيّن له روح الشّهوة و يقوده روح البدن حتّي يوقعه في الخطيئة فاذا لامسها نقص من الايمان و تفصّي منه فليس يعود فيه حتّي يتوب فاذا تاب تاب اللّه عليه و ان عاد ادخله اللّه نار جهنّم فامّا اصحاب المشئمة فهم اليهود و النّصاري يقول اللّه عزّ و جلّ الّذين اتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم يعرفون محمّدا الولاية في التّورة و الانجيل كما يعرفون أبناءهم في منازلهم و انّ فريقا منهم

ص: 581

ليكتمون الحقّ و هم يعلمون الحقّ من ربّك انّك الرّسول اليهم فلا تكوننّ من الممترين فلمّا جحدوا ما عرفوا ابتلاهم بذلك فسلبهم روح الايمان و اسكن أبدانهم ثلاثة ارواح روح القوّة و روح الشّهوة و روح البدن ثمّ اضافهم الي الانعام فقال ان هم الاّ كالانعام لانّ الدّابّة انّما تحمل بروح القوّة و تعتلف بروح الشّهوة و تسير بروح البدن فقال السّائل احييت قلبي باذن اللّه يا امير المؤمنين قوله صدقت علي البناء للمفعول اي صدّقوك فيما زعموا و ليس بالّذي يخرج من دين اللّه

172 و من خطبه عليه السّلام

السماء و العالم و هو المجلّد الرّابع عشر من بحار الانوار للعلاّمة المجلسي اعلي اللّه مقامه ص 41 عن كتاب الوصيّة للمسعودي باسناده عن امير المؤمنين عليه السّلام قال خطب فقال الحمد للّه الّذي توحّد بصنع الاشياء و فطر اجناس البرايا علي غير اصل و لا مثال سبقه في انشاءها و لا اعانة معين علي ابتدائها ابتدعها بلطف قدرته فامتثلت بمشيّته خاضعة ذليلة مستحدثة لامره الواحد الاحد الدّائم بغير حدّ و لا امد و لا زوال و لا نفاد و كذلك لم يزل و لا يزال لا تغيّره الازمنة و لا تحيط به الامكنة و لا

ص: 582

تبلغ صفاته الالسنة و لا تأخذه نوم و لا سنة لم تره العيون فتخبر عنه برؤيته و لم تهجم عليه العقول فتوهّم كنه صفته و لم تدر كيف هو الاّ بما اخبر عن نفسه ليس لقضائه مردّ و لا لقوله مكذّب ابتدع الاشياء بغير تفكّر و لا معين و لا ظهير و لا وزير فطرها بقدرته و صيّرها الي مشيّته و صاغ اشباحها و برء ارواحها و استنبط اجناسها خلقا مبروءا مذروءا في اقطار السّموات و الارضين لم يات بشيء علي غير ما اراد ان يأتي عليه ليري عباده آيات جلاله و الائه فسبحانه لا اله الاّ هو الواحد القهّار و صلّي اللّه علي محمّد و آله و سلّم تسليما اللّهمّ فمن جهل فضل محمّد صلّي اللّه عليه و آله فانّي مقرّ بانّك ما سطحت ارضا و لا برأت خلقا حتّي احكمت خلقه من نور سبقت به السّلالة و انشات له ادم جرما فاودعته منه قرارا مكينا و مستودعا مامونا الي اخر الخطبة الطّويلة

ص: 583

173 و من كلامه عليه السّلام

السّماء و العالم ص 51 عن مروج الذهب للمسعودي عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عن ابائه عن امير المؤمنين عليهم السّلام قال انّ اللّه حين شاء تقدير الخليقة و ذرء البريّة و ابداع المبدعات و نصب الخلق في صور كالهباء (الهياة)قبل دحو الارض و رفع السّماء و هو في انفراد ملكوته و توحّد جبروته فاساخ من نوره فلمع و قبسا من ضيائه فسطع ثمّ اجتمع النّور في وسط تلك الصّور الخفيّة فوافق ذلك صورة نبيّنا محمّد صلّي اللّه عليه و آله فقال اللّه عزّ من قائل انت المختار المنتجب و عندك استودع نوري و كنوز هدايتي و من اجلك اسطح البطحاء و ارفع السّماء و امزج الماء و اجعل الثّواب و العذاب و الجنّة و النّار و انصب اهل بيتك بالهداية و ايتهم من مكنون علمي ما لا يخفي عليهم دقيق و لا يغيبهم خفيّ و اجعلهم حجّة علي بريّتي و المنبّهين علي علمي و وحدانيّتي ثمّ اخذ اللّه سبحانه الشّهادة للرّبوبيّة و الاخلاص بالوحدانيّة

ص: 584

فبعد اخذ ما اخذ من ذلك شاء ببصاير الخلق انتخاب محمّد و اراهم انّ الهداية معه و النّور له و الامامة في اهله تقديما لسنّة العدل و ليكون الاعذار متقدّما ثمّ اخفي اللّه الخليقة في غيبه و غيّبها في مكنون علمه ثمّ نصب العوالم و بسط الزّمان و مزج الماء و اثار الزّبد و اهاج الدّخان فطفي عرشه علي الماء و سطح الارض علي ظهر الماء ثمّ استجابهما الي الطّاعة فاذعنتا بالاستجابة ثمّ انشأ الملائكة من انوار قد ابتدعها و انوار اخترعها و قرن بتوحيده نبوّة نبيّه محمّد صلّي اللّه عليه و آله فشهرت نبوّته في السّماء قبل بعثته في الارض فلمّا خلق اللّه ادم ابان له فضله للملائكة و اراهم ما خصّه به من سابق العلم من حيث عرفهم عند استنباءه ايّاه اسماء الاشياء فجعل اللّه ادم محرابا و كعبة و قبلة اسجد اليها الانوار و الرّوحانيّين و الابرار ثمّ نبّه ادم علي مستودعه و كشف له خطر ما ائتمنه علي ان سمّاه اماما

ص: 585

عند الملائكة فكان حظّ ادم من الخير انباءه و نطقه بمستودع نورنا و لم يزل اللّه تعالي يخبأ النّور تحت الزّمان الي ان فصّل محمّد صلّي اللّه عليه و آله في طاهر القنوات فدعي النّاس ظاهرا و باطنا و ندبهم سرّا و اعلانا و استدعي عليه السّلام التّنبيه علي العهد الّذي قدّمه الي الذّرّ قبل النّسل و من وافقه قبس من منساج(مصباح)النّور المتقدم اهتدي اليّ و استبان واضحة امره و من ابلسته الغفلة استحقّ السّخطة لم يهتد الي ذلك ثمّ انتقل النّور الي غرايزنا و لمع مع (من)ائمّتنا فنحن انوار السّماء و انوار الارض فينا(منّا) النّجاة و منّا مكنون العلم و الينا مصير الامور و بنا تقطع الحجج و منّا خاتم الائمّة و منقذ الامّة و غاية النّور و مصدر الامور فنحن افضل المخلوقين و اكمل الموجودين و حجج ربّ العالمين فلتهنأ النّعمة من تمسّك بولايتنا و قبض عروتنا

ص: 586

اللّغات اخرج الماء اي اخلطه بغيره فاخلق منه المركّبات و يمكن ان يكون بالراء المهملة كقوله تعالي مرج البحرين اي خلاهما ببصائر الخلق اي لان يجعلهم ذوي بصائر او متلّبسا ببصائرهم و علمهم و القنوات جمع قناة و قال الجوهري قناة الظهر التي تنتظم الفقار انتهي و الابلاس بمعني الحيرة او الياس لازم و استعمل هنا متعدّيا و الظاهر ان فيه تصحيف كما في كثير من الفقرات

174 و من كلامه عليه السّلام

السماء و العالم ص 79 عن قصص الرّاوندي باسناده الي الصّدوق عن ابيه و محمد بن الحسن الوليد معا عن سعد بن عبد اللّه عن محمد بن الحسين بن ابي الخطاب عن الحسن بن محبوب عن عمرو بن ابي المقدام عن جابر عن ابي جعفر عليه السّلام قال سئل امير المؤمنين عليه السّلام هل كان في الارض خلق من خلق اللّه تعالي يعبدون اللّه قبل ادم و ذرّيته فقال عليه السّلام نعم قد كان في السّموات و الارض خلق من خلق اللّه يقدّسون اللّه و يسبّحونه و يعظّمونه باللّيل و النّهار لا يفترون فانّ اللّه عزّ و جلّ لمّا خلق الارضين خلقها قبل السّموات ثمّ خلق الملائكة روحانيّين لهم اجنحة يطيرون بها حيث يشاء اللّه فاسكنهم فيما بين اطباق السّموات يقدّسونه اللّيل و النّهار و اصطفي منهم اسرافيل و ميكائيل و جبرئيل ثمّ خلق عزّ و جلّ في الارض الجنّ روحانيّيّن لهم اجنحة فخلقهم دون خلق الملائكة و حفظهم ان يبلغوا مبلغ الملائكة في الطّيران و غير ذلك فاسكنهم فيما

ص: 587

بين اطباق الارضيين السّبع و فوقهنّ يقدّسون اللّيل و النّهار لا يفترون ثمّ خلق خلقا دونهم لهم ابدان و ارواح بغير اجنحة يأكلون و يشربون نسناس اشباه خلقهم ليسوا بانس و اسكنهم اوساط الارض علي ظهر الارض مع الجنّ يقدّسون اللّه بالليل و النّهار لا يفترون قال و كان الجنّ تطير في السّماء فتلقي الملائكة في السّموات فيسلّمون عليهم و يزورونهم و يستريحون اليهم و يتعلّمون منهم الخبر ثمّ انّ طائفة من الجنّ و النّسناس الّذين خلقهم اللّه و اسكنهم اوساط الارض مع الجنّ تمرّدوا و عتوا عن امر اللّه فمرحوا و بغوا في الارض بغير الحقّ و علا بعضهم علي بعض في العتوّ علي اللّه تعالي حتّي سفكوا الدّماء فيما بينهم و اظهروا الفساد و جحدوا ربوبيّة اللّه تعالي قال و اقامت الطّائفة المطيعون من الجنّ علي رضوان اللّه و طاعته و باينوا الطّائفتين من الجنّ و النّسناس الّذين عتوا عن امر اللّه تعالي

ص: 588

قال فحطّ اللّه اجنحة الطّائفة من الجنّ الّذين عتوا عن امر اللّه و تمرّدوا فكانوا لا يقدرون علي الطّيران الي السّماء و الي ملاقات الملائكة لما ارتكبوا من الذّنوب و المعاصي قال و كانت الطّائفة المطيعة لامر اللّه من الجنّ تطير الي السّماء اللّيل و النّهار علي ما كانت عليه و كان ابليس و اسمه الحرث يظهر للملائكة انّه من الطّائفة المطيعة ثمّ خلق اللّه خلقا علي خلاف خلق الملائكة و علي خلاف خلق الجنّ و علي خلاف خلق النّسناس يدبّون كما يدبّ الهوام في الارض يأكلون و يشربون كما تأكل الانعام من مراعي الارض كلّهم ذكر ان ليس فيهم اناث لم يجعل اللّه فيهم شهوة النّساء و لا حبّ الاولاد و لا الحرص و لا طول الامل و لا لذّة عيش لا يلبسهم اللّيل و لا يغشاهم النّهار ليسوا ببهائم و لا هوام لباسهم ورق الشّجر و شربهم من العيون الغزار و الاودية الكبار ثمّ اراد اللّه ان يفرّقهم فرقتين فجعل فرقة خلف مطلع

ص: 589

الشّمس من وراء البحر فكوّن لهم مدينة انشاها تسمّي جابرسا طولها اثني عشر الف فرسخ في اثني عشر الف فرسخ و كوّن عليها سورا من حديد يقطع الارض من السّماء ثمّ اسكنهم فيها و اسكن الفرقة الاخري خلف مغرب الشّمس من وراء البحر كوّن لهم مدينة انشاها تسمّي جابلقا طولها اثني عشر الف فرسخ في اثني عشر الف فرسخ و كوّن لهم سورا من حديد يقطع الي السّماء فاسكن الفرقة الاخري فيها لا يعلم اهل جابرسا بموضع اهل جابلقا و لا يعلم اهل جابلقا بموضع اهل جابرسا و لا يعلم بهم اهل اوساط الارض من الجنّ و النّسناس فكانت الشّمس تطلع علي اهل اوساط الارضين من الجنّ و النّسناس فينتفعون بحرها و يستضيئون بنورها ثمّ تغرب في عين حمئة فلا يعلم بها اهل جابلقا اذا غربت و لا يعلم بها اهل جابرسا اذا طلعت لانّها تطلع من دون جابرسا و تغرب من دون جابلقا فقيل يا امير المؤمنين فكيف يبصرون و يحيون و

ص: 590

كيف يأكلون و يشربون و ليس تطلع الشمس عليهم فقال عليه السّلام انّهم يستضيئون بنور اللّه فهم في اشدّ ضوء من نور الشّمس و لا يرون انّ اللّه تعالي خلق شمسا و لا قمرا و لا نجوما و لا كواكب و لا يعرفون شيئا غيره فقيل يا امير المؤمنين فاين ابليس عنهم قال لا يعرفون ابليس و لا سمعوا بذكره لا يعرفون الاّ اللّه وحده لا شريك له لم يكتسب احد منهم قطّ خطيئة و لم يقترف اثما لا يسقمون و لا يهرمون و لا يموتون الي يوم القيمة يعبدون اللّه و لا يفترون اللّيل و النّهار عندهم سواء و قال انّ اللّه احبّ ان يخلق خلقا و ذلك بعد ما مضي للجنّ و النّسناس سبعة الاف سنة فلمّا كان من خلق (شان)اللّه ان يخلق ادم للّذي اراد من التّدبير و التّقدير فيما هو مكوّنه في السّموات كشط عن اطباق السّموات ثمّ قال للملائكة انظروا الي اهل الارض من خلقي من الجنّ و النّسناس هل ترضون اعمالهم و طاعتهم لي فلمّا اطلعت(فاطّلعت)(فلمّا اطّلعوا)

ص: 591

و راوا ما يعملون فيها من المعاصي و سفك الدّماء و الفساد في الارض بغير الحقّ اعظموا ذلك و غضبوا للّه و اسفوا علي اهل الارض و لم يملكوا غضبهم و قالوا يا ربّنا انت العزيز الجبّار القاهر العظيم الشان و هؤلاء كلّهم خلقك الضّعيف الذّليل و في ارضك كلّهم يتقلّبون في قبضتك و يعيشون برزقك و يتمتّعون بعافيتك و هم يعصونك بمثل هذه الذّنوب العظام لا تغضب و لا تنتقم منهم لنفسك بما تسمع منهم و تري و قد عظم ذلك علينا و اكبرناه فيك قال فلمّا سمع اللّه تعالي مقالة الملائكة قال انّي جاعل في الارض خليفة فيكون حجّتي علي خلقي في ارضي فقالت الملائكة سبحانك أ تجعل فيها من يفسد فيها و يسفك الدّماء و نحن نسبّح بحمدك و نقدّس لك فقال اللّه تعالي يا ملائكتي انّي اعلم ما لا تعلمون انّي اخلق خلقا بيدي و اجعل من ذرّيته انبياء و مرسلين و عبادا صالحين و ائمّة مهتدين و اجعلهم خلفائي علي خلقي

ص: 592

في ارضي ينهونهم عن معصيتي و ينذرونهم من عذابي و يهدونهم الي طاعتي و يسلكون بهم طريق سبيلي اجعلهم حجّتي عذرا او نذرا و انفي الشّياطين من ارضي و اطهّرها منهم فاسكّنهم في الهواء و اقطار الارض و في الفيافي فلا يراهم خلقي و لا يرون شخصهم و لا يجالسونهم و لا يخالطونهم و لا يواكلونهم و لا يشاربونهم و انفر مردة الجنّ العصاة من نسل بريّتي و خلقي و خيرتي فلا يجاورون خلقي و اجعل بين خلقي و بين الجانّ حجابا فلا يري خلقي شخص الجنّ و لا يجالسونهم و لا يشاربونهم و لا يتهجّمون تهجّمهم و من عصاني من نسل خلقي الّذي عظّمته و اصطفيته لغيبي اسكّنهم مساكن العصاة و اوردهم موردهم و لا ابالي فقالت الملائكة لا علم لنا الاّ ما علّمتنا انّك انت العليم الحكيم فقال للملائكة انّي خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون فاذا سوّيته و نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين قال و كان ذلك من اللّه تقدمة

ص: 593

للملائكة قبل ان يخلقه احتجابا منه عليهم و ما كان اللّه ليغيّر ما بقوم الاّ بعد الحجّة عذرا او نذرا فامر تبارك و تعالي ملكا من الملائكة فاغترف غرفة بيمينه فصلصلها في كفّه فجمدت فقال اللّه عزّ و جلّ منك اخلق اقول و لقد نقل علي بن ابراهيم القمي اعلي الله مقامه تمام الكلام في تفسيره مثله و زاد بعد قوله عليه السّلام فصلصلها في كفّه فجمدت فقال لها منك اخلق النّبيّين و المرسلين و عبادي الصّالحين و الائمّة المهتدين و الدّعاة الي الجنّة و اتباعهم الي يوم القيمة و لا ابالي و لا اسأل عمّا افعل و هم يسئلون ثمّ اغترف غرفة اخري من الماء المالح الاجاج فصلصلها في كفّه فجمدت ثمّ قال لها منك اخلق الجبّارين و الفراعنة و العتاة و اخوان الشّياطين و الدّعاة الي النّار الي يوم القيمة و اشياعهم و لا ابالي و لا اسأل عمّا افعل و هم يسئلون قال و شرط في ذلك البداء فيهم و لم يشترط في اصحاب اليمين البداء ثمّ اخلط المائين جميعا في كفّه فصلصلهما ثمّ كفاهما قدّام عرشه و هما سلالة من طين ثمّ امر اللّه الملائكة

ص: 594

الاربعة الشّمال و الجنوب و الصّبا و الدّبوران يجولوا علي هذه السّلالة الطّين فابدءوها و انشاؤها ثمّ ابرّوها و جزّوها و فصلوها و اجروا فيها الطّبايع الاربعة الرّيح و الدّم و المرّة و البلغم فجالت الملائكة عليها و هي الشّمال و الجنوب و الصّبا و الدّبور و اجروا فيها الطّبايع الاربعة الرّيح في الطّبايع الاربعة من البدن من ناحية الشّمال و البلغم في الطّبايع الاربعة من ناحية الصّبا و المرّة في الطّبايع الاربعة من ناحية الدّبور و الدّم في الطّبايع الاربعة من ناحية الجنوب قال فاستقلّت النّسمة و كمل البدن فلزمه من ناحية الرّيح حبّ النّساء و طول الامل و الحرص و لزمه من ناحية البلغم حبّ الطّعام و الشّراب و البرّ و الحلم و الرّفق و لزمه من ناحية المرّة الغضب و السّفه و الشّيطنة و التّجبّر و التّمرّد و العجلة و لزمه من ناحية الدّم حبّ النّساء و اللذات و ركوب المحارم و الشّهوات

ص: 595

اقول قوله عليه السّلام اشباح خلقهم اي بالانس او بعضهم ببعض او بالاضافة اي اشباح خلق الجن فمرحوا بالحاء المهملة يقال مرح كفرح اي اشر و بطر و اختال و نشط و تبختر او بالجيم ايضا كفرح بالتحريك الفساد و القلق و الاختلاط و الاضطراب لا يلبسهم الليل لعل المعني انهم لم يكونوا يحتاجون في اللّيل الي ستر و في النهار الي غشاء و ستر او انهم لما لم تطلع عليهم الشمس لا ليل عندهم و لا نهار و يظهر من هذا الخبران جابلقا و جابرسا خارجان من هذا العالم خلف السّماء الرابعة بل السّابعة علي المشهور و اهلهما صنفا من الملائكة او شبيههم قوله لما هو مكونة في صدر الخبر متعلق بالتقدير و التكوين و التدبير علي التنازع و علمه معطوف علي الذي او علي شان اللّه او علمه بصيغة الماضي عطفا علي هو مكوّنه و لمّا اراد بالتشديد تاكيدا لقوله لمّا احب لبعد العهد بين الشرط و الجزاء قوله كشط قال الجوهري كشطت الجلّ عن ظهر الفرس و الغطاء علي الشيء اذا كشفته عنه قوله اسفوا اي غضبوا وزنا و معني ان قالوا اي الي ان قالوا ابين النسناس اي اخرجهم و في بعض النسخ ابير بالراء اي اهلك و في التفسير ابيد بمعناه و المردة جمع المارد اي العاتي الصلصال الطين الحراذ خلط بالرّمل فصار يتصلصل اذا جفّ الحمأ الطين الاسود و المسنون المتغير المنتن و الثلّة بالضم الجماعة من الناس و سلالة الشيء ما استلّ منه و ان يجولوا من الجولان و في التفسير ان يحولوا بالمهملة و ابرؤها من البريء بمعني النحت او بالهمزة اي جعلوها مستعدة لان ابرءاها و انشأها مجازا و البر التراب و يمكن ان يكون من التابير و لقد روي الصّدوق ره هذا الخبر ايضا في العلل عن محمد بن الحسن الصفّار عن احمد بن محمد بن عيسي عن الحسن بن محبوب عن عمرو بن ابي المقدام عن جابر عن أبي عبد الله عن امير المؤمنين عليهما السّلام

175 و من خطبه عليه السّلام

كتاب التوحيد للصّدوق ره ص 287 في باب ذكر عظمة اللّه جل جلاله قال حدّثنا احمد بن الحسن القطّان قال حدّثنا احمد بن يحيي بن زكريّا قال حدّثنا بكر بن عبد اللّه بن حبيب عن تميم بن بهلول عن نصر بن مزاحم عن عمر بن سعد عن ابي مخنف لوط بن يحيي عن ابي منصور عن زيد بن وهب قال سئل امير المؤمنين عليه السّلام عن قدرة الله تعالي جلّت عظمته فقام خطيبا فحمد اللّه و اثني عليه ثم قال انّ للّه تعالي ملائكة لو انّ ملكا منهم هبط الي الارض ما وسعته

ص: 596

لعظم خلقه و كثرة اجنحته منهم من لو كلّفت الجنّ و الانس ان يصفوه ما وصفوه لبعد ما بين مفاصله و حسن تركيب صورته و كيف يوصف من ملائكته من سبعمائة عام ما بين منكبيه و شحمة اذنيه و منهم من يسد الافق بجناح من اجنحته دون عظم بدنه و منهم من السّموات الي حجزته و منهم من قدمه علي غير قرار في جوّ الهواء الاسفل و الارضون الي ركبتيه و منهم من لو القي في نقرة ابهامه جميع المياه لوسعتها و منهم من لو القيت السّفن في دموع عينيه لجرت دهر الدّاهرين فتبارك اللّه احسن الخالقين و سئل عليه السّلام عن الحجب فقال اوّل الحجب سبعة غلظ كلّ حجاب منها مسيرة خمسمائة عام و بين كلّ حجابين منها مسيرة خمسمائة عام حجبة كلّ حجاب منها سبعون الف ملك و الحجاب الثّالث سبعون حجابا بين كلّ حجابين منها مسيرة خمسمائة عام و طوله خمسمائة عام حجبته كلّ حجاب منها

ص: 597

سبعون الف ملك قوّة كلّ ملك منهم قوّة الثّقلين منها ظلمة و منها نور و منها نار و منها دخان و منها سحاب و منها برق و منها مطر و منها رعد و منها ضوء و منها رمل و منها جبل و منها عجاج و منها ماء و منها انهار و هي حجب مختلفة غلظ كلّ حجاب مسيرة سبعين الف عام ثمّ سرادقات الجلال و هي سبعون سرادقا في كلّ سرادق سبعون الف ملك بين سرادق و سرادق مسيرة خمسمائة عام ثمّ سرادق العزّ ثمّ سرادق الكبرياء ثمّ سرادق العظمة ثمّ سرادق القدس ثمّ سرادق الجبروت ثمّ سرادق الفخر من النّور(ثمّ النّور)الابيض ثمّ سرادق الوحدانيّة و هو مسيرة سبعين الف عام ثمّ الحجاب الاعلي و انقضي كلامه عليه السّلام و سكت فقال له عمر لا بقيت ليوم لا اراك فيه يا ابا الحسن اقول العجاج بالفتح الغبار و الدّخان و العجاجة احص منه السّرادق بالضم كلّ ما احاط بشيء من حائط او مضرب او خباء و قيل السرادق ما يحيط بالخيمة و له باب يدخل منه الي الخيمة و قيل ما هو يمدّ فوق البيت شبه سبحانه تعالي ما يحيط بهم النّاس بقوله نارا احاط به سرادقها ما يحيط بهم الناس من جوانبهم بالسرادق الذي يدار حول الفسطاط و فيه سرادق الجلال و العظمة و غيرهما و الجميع علي الاستعارة

176 و من كلامه عليه السّلام

ص: 598

المناقب تاليف المولي الهمام رشيد الدين محمّد بن عليّ بن شهر اشوب السرويّ المازندراني ره المتوفي سنة ثمان و ثمانين و خمسمائة الهجرية المدفون بظاهر مدينة حلب طبع طهران المجلّد الاول ص 276 قال انّه عليه السّلام قد فسّر النّاقوس ذكره صاحب مصباح الواعظ و جمهور اصحابنا عن الحارث الاعور و زيد و صعصعة بن صوحان و البراء بن سيرة و الاصبغ بن نباته و جابر بن شرجيل و محمود بن الكوّاء انه قال عليه السّلام سبحان اللّه حقّا حقّا انّ المولي صمد يبقي يحلم عنّا رفقا رفقا لو لا حلمه كنّا نشقي حقّا حقّا صدقا صدقا انّ المولي يسائلنا و يواقفنا و يحاسبنا يا مولانا لا تهلكنا و تداركنا و استخدمنا و استخلصنا حلمك عنّا قد جرّانا عفوك عنّا انّ الدّنيا قد غرّتنا و اشتغلتنا و استهوتنا و استلهتنا و استغوتنا يابن الدّنيا جمعا جمعا يابن الدّنيا مهلا مهلا يابن الدّنيا دقّا دقّا وزنا وزنا تفني الدّنيا قرنا قرنا ما من يوم يمضي عنّا الاّ يهوي منّا ركنا قد ضيّعنا دارا تبقي و استوطّنا دار اتفني تفني الدّنيا قرنا قرنا كلاّ موتا كلاّ موتا قرنا قرنا دفنا دفنا كلاّ فيها موتا كلاّ نقلا نقلا دفنا دفنا يابن الدّنيا مهلا مهلا زن ما يأتي وزنا وزنا لو لا جهلي ما ان كانت عندي الدّنيا

ص: 599

الاّ سجنا خيرا خيرا شرّا شرّا شيئا شيئا حزنا حزنا ما ذا من ذاكم ذا ام ذا اسنا هذا ترجو تنجو تخشي تردي عجّل قبل الموت الوزنا ما من يوم يمضي عنّا الاّ اوهن منّا ركنا انّ المولي قد انذرنا انّا نحشر عزلا بهما قال ثم انقطع صوت الناقوس فسمع الدّيراني ذلك و اسلم و قال انّي وجدت في الكتاب ان في اخر الانبياء من يفسّر ما يقول النّاقوس

177 و من كلامه عليه السّلام

المناقب ج 1 ص 272 قال و سئل عليه السّلام عن العالم العلويّ فقال صور عارية عن المواد عالية عن القوّة و الاستعداد تجلّي لها فاشرقت و طالعها فتلالأت و القي في هويّتها مثاله فاظهر عنها افعاله و خلق الانسان ذا نفس ناطقة ان زكّاها بالعلم فقد شابهت جواهر اوايل عللها و اذا اعتدل مزاجها و فارقت الاضداد فقد شارك بها السّبع الشّداد

178 و من خطبه عليه السّلام

بحار الانوار المجلد السّابع عشر ص 81 في باب خطبه صلوات اللّه عليه قال خطبة و تعرف بالبالغة روي ابن ابي ذئب عن ابي صالح العجلّي قال شهدت امير المؤمنين كرّم اللّه وجهه

ص: 600

و هو يخطب فقال بعد ان حمد اللّه تعالي و صلّي علي محمّد رسوله(صلّي اللّه عليه و آله) ايّها النّاس انّ اللّه ارسل اليكم رسولا ليربح به عليكم و يوقظ به غفلتكم و انّي اخوف ما اخاف عليكم اتّباع الهوي و طول الامل امّا اتّباع الهوي فيصدّكم عن الحقّ و امّا طول الامل فينسيكم الاخرة الا و انّ الدّنيا قد ترحّلت مدبرة و انّ الاخرة قد اقبلت مقبلة و لكلّ واحد منهما بنون فكونوا من أبناء الاخرة و لا تكونوا من أبناء الدّنيا فانّ اليوم عمل و لا حساب و غدا حساب و لا عمل و اعلموا انّكم ميّتون و مبعوثون من بعد الموت و محاسبون علي اعمالكم و مجازون بها فلا تغرّنكم الحيوة الدّنيا و لا يغرّنّكم باللّه الغرور فانّها دار بالبلاء محفوفة و بالعناء و الغدر موصوفة و كلّ ما فيها الي زوال و هي بين اهلها دول و سجال لا تدوم احوالها و لا يسلم من شرّها نزّالها بينا اهلها منها في رخاء و سرور اذا هم في بلاء و غرور العيش

ص: 601

فيها مذموم و الرّخاء فيها لا يدوم اهلها فيها اغراض مستهدفة كلّ حتفه فيها مقدور و حظّة من نوائبها موفور و أنتم عباد اللّه علي محجّة من قد مضي و سبيل من كان ثمّ انقضي ممّن كان اطول منكم اعمارا و اشدّ بطشا و اعمر ديارا اصبحت اجسادهم بالية و ديارهم خالية فاستبدلوا بالقصور المشيّدة و النّمارق الموسّدة بطون اللّحود و مجاورة الدّود في دار ساكنها مغترب و محلّها مقترب و بين قوم مستوحشين متجاورين غير متزاورين لا يستأنسون بالعمران و لا يتواصلون تواصلوا الجيران علي ما بينهم من قرب الجوار و دنّو الدّار و كيف يكون بينهم تواصل و قد طحنتهم البلي و اظلّتهم الجنادل و الثّري فاصبحوا بعد الحيوة امواتا و بعد غضارة العيش رفاتا قد فجع بهم الاحباب و اسكنوا التّراب و ظعنوا فليس لهم اياب و تمنّوا الرّجوع فحيل بينهم و بينما يشتهون كلاّ انّها كلمة هو

ص: 602

قائلها و من ورائهم برزخ الي يوم يبعثون قال المجلسي رحمه اللّه تعالي و قد اخرج ابو نعيم طرفا من هذه الخطبة في كتابه المعروف بالحلية الدّول بضم الدال جمع الدولة و هي ما يتداوله الناس بعضهم عن بعض ان يتناولونه قوله عليه السّلام سجال اي مرّة لنا و مرّة علينا البطش الاخذ بالسّرعة الغضارة طيب العيش و انهم لفي غضارة من العيش اي في خصب و خير و ظعنوا اي ساروا و ارتحلوا الرفات بالضم الفتات و الفتات الحطام و ما تناثر من كل شيء

179 و من خطبه عليه السّلام

بحار الانوار ج 3 ص 87 نقل عن الاحتجاج في باب علة خلق العباد و تكليفهم قال و روي انه اتصل بامير المؤمنين عليه السّلام انّ قوما من اصحابه خاضوا في التعديل و التجوير فخرج حتي صعد المنبر فحمد اللّه و اثني عليه ثم قال ايّها النّاس انّ اللّه تبارك و تعالي لمّا خلق خلقه اراد ان يكونوا علي اداب رفيعة و اخلاق شريفة فعلم انّهم لم يكونوا كذلك الاّ بان يعرّفهم ما لهم و ما عليهم و التّعريف لا يكون الاّ بالامر و النّهي و الامر و النّهي لا يجتمعان الاّ بالوعد و الوعيد و الوعد لا يكون الاّ بالتّرغيب و الوعيد لا يكون الاّ بالتّرهيب و التّرغيب لا يكون الاّ بما تشتهيه انفسهم و تلذّه اعينهم و التّرهيب لا يكون الاّ بضدّ ذلك ثمّ خلقهم في داره و اراهم طرفا من الّلذّات ليستدلّوا به علي ما ورائهم من اللذّات الخالصة

ص: 603

الّتي لا يشوبها الم الاّ و هي الجنّة و اراهم طرفا من الالام ليستدلّوا به علي ما ورائهم من الالام الخالصة الّتي لا يشوبها الذّة الاّ و هي النّار فمن اجل ذلك ترون نعيم الدّنيا مخلوطا بمحنها و سرورها ممزوجا بكدرها و غمومها الكدر مثلثة الدّال بالتحريك نقيض الصّفا

180 و من خطبه عليه السّلام

بحار الانوار ج 3 ص 100 عن محانس البرقي عن ابيه رفعه قال انّ امير المؤمنين عليه السّلام صعد المنبر فحمد اللّه و اثني عليه ثم قال ايّها النّاس انّ الذّنوب ثلاثة ثمّ امسك فقال له حبّة العرني يا امير المؤمنين فسّرها لي فقال ما ذكرتها الاّ و انا اريد ان افسّرها و لكنّه عرض لي بهر حال بيني و بين الكلام نعم الذّنوب ثلاثة فذنب مغفور و ذنب غير مغفور و ذنب نرجو لصاحبه و نخاف عليه قيل يا امير المؤمنين فبيّنها لنا قال نعم امّا الذّنب المغفور فعبد عاقبه اللّه تعالي علي ذنبه في الدّنيا فاللّه احكم و اكرم ان يعاقب عبده مرّتين و امّا الذّنب الّذي لا يغفر فظلم العباد بعضهم لبعض انّ اللّه تعالي و تبارك اذا برز

ص: 604

لخلقه اقسم قسما علي نفسه فقال و عزّتي و جلالي لا يجوز لي ظلم ظالم و لو كفّ بكفّ و لو مسحة بكفّ و نطحة الشّاة القرناء الي الشّاة الجمّاء فيقتصّ اللّه للعباد بعضهم من بعض حتّي لا يبقي لاحد عند احد مظلمة ثمّ يبعثهم اللّه الي الحساب و امّا الذّنب الثّالث فذنب ستره اللّه علي عبده و رزقه التّوبة فاصبح خاشعا من ذنبه راجيا لربّه فنحن له كما هو لنفسه نرجو له الرّحمة و نخاف عليه العقاب اقول قال المجلسي ره لعل المراد بالكف اولا المنع و الزّجر و بالثاني اليد و يحتمل ان يكون المراد بهما معا اليد اي تضرب كفّ انسان بكفّ اخر بغمز و شبهه او تلذذ كفّ بكفّ و المراد بالمسحة بالكفّ ما يشتمل علي اهانة و تحقير او تلذّذ و يمكن حمل التلذّذ في الموضعين علي ما اذا كان من امرأة ذات بعل او قهرا بدون رضا الممسوح ليكون من حق الناس و الجمّاء التي لا قرن لها قال في النهاية فيه ان اللّه ليدين الحمّاء من ذوات القرن الجماء التي لا قرن لها و يدين اي يجزي انتهي و امّا الخوف بعد التوبة فلعله لاحتمال التقصير في شرايط التوبة

181 و من كلامه عليه السّلام

بحار الانوار ج 3 ص 134 عن معاني الاخبار للصّدوق ره عن المفسّر عن احمد بن الحسن الحسيني عن الحسن بن عليّ النّاصريّ عن ابيه عن ابي جعفر الجواد عن ابائه عليهم السّلام قال قيل لامير المؤمنين عليه السّلام صف لنا الموت فقال علي الخبير سقطتم هو احد ثلاثة امور يرد عليه امّا بشارة بنعيم الابد و امّا بشارة بعذاب الابد و امّا

ص: 605

تحزين و تهويل و امره مبهم لا يدري من ايّ الفرق هو فامّا وليّنا المطيع فهو المبشّر بنعيم الابد و امّا عدوّنا المخالف علينا فهو المبشّر بعذاب الابد و امّا المبهم امره الّذي لا يدري ما حاله و هو المؤمن المسرف علي نفسه لا يدري ما يؤل اليه حاله يأتيه الخبر مبهما مخوفا ثمّ ان يسوّيه اللّه عزّ و جلّ باعدائنا لكن يخرجه من النّار بشفاعتنا فاعملوا و اطيعوا و لا تتّكلوا و لا تستصغروا عقوبة اللّه عزّ و جلّ فانّ من المسرفين من لا تلحقه شفاعتنا الاّ بعد عذاب ثلاث مأئة الف سنة

182 و من كلامه عليه السّلام

البحار ج 3 ص 130 عن الاحتجاج في خبر الزنديق و المدّعيّ للتناقض في القرآن قال قال امير المؤمنين عليه السّلام في قوله تعالي «اللّهُ يَتَوَفَّي الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها» (1) و قوله «يَتَوَفّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ» (2) و «تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا» (3) و «تَتَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ» (4) و «الَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ» (5) قال فهو تبارك و تعالي اجلّ و اعظم من ان يتولّي ذلك بنفسه و فعل رسله و ملائكته فعله لانّهم بامره يعملون فاصطفي جلّ ذكره من الملائكة رسلا و سفرة بينه و بين خلقه

ص: 606


1- سوره 39 - آيه 42
2- سوره 32 - آيه 11
3- سوره 6 - آيه 61
4- سوره 16 - آيه 32
5- سوره 16 - آيه 28

و هم الّذين قال اللّه فيهم اللّه يصطفي من الملائكة رسلا و من النّاس فمن كان من اهل الطّاعة تولّت قبض روحه ملائكة الرّحمة و من كان من اهل المعصية تولي قبض روحه ملائكة النّقمة و لملك الموت اعوان من ملائكة الرّحمة و النّقمة يصدّدون عن امره و فعلهم فعله و كلّ ما يأتونه منسوب اليه و اذا كان فعلهم فعل ملك الموت و فعل ملك الموت فعل اللّه لانّه يتوفّي الانفس علي يد من يشاء و يعطي و يمنع و يثيب و يعاقب علي يد من يشاء و انّ فعل امنائه فعله كما قال ما تشاءون الاّ ان يشاء اللّه

183 و من كلامه عليه السّلام

الاحتجاج للطبرسي ره ص 43 طبع النجف في ذكر طرف ممّا جري بعد وفاة رسول الله صلّي اللّه عليه و آله روي عن ابي المفضّل الشيباني و هو محمد بن عبد اللّه باسناده الصحيح من رجال ثقة في طيّ خبر طويل في كيفية غصب اهل الجلافة الخلافة اطال الكلام الي ان قال فقال امير المؤمنين عليه السّلام يا معشر المهاجرين و الانصار اللّه اللّه لا تنسوا عهد نبيّكم اليكم في امري و لا تخرجوا سلطان محمّد صلّي اللّه عليه و آله

ص: 607

من داره و قعر بيته الي ادوركم و قعر بيوتكم و لا تدفعوا اهله عن حقّه و مقامه في النّاس فو اللّه معاشر الجمع انّ اللّه قضي و حكم و نبيّه اعلم و أنتم تعلمون بانّا اهل البيت احقّ بهذا الامر منكم اما كان القاري لكتاب اللّه الفقيه في دين اللّه المضطلع بامر الرّعية و اللّه انّه لفينا لا فيكم فلا تتّبعوا الهوي فتزدادوا من الحقّ بعدا و تفسدوا قديمكم بشّر من حديثكم فقال بشير بن سعد الانصاري الذي وطأ الارض لابي بكر و قالت جماعة من الانصار يا ابا الحسن لو كان هذا الامر سمعته منك الانصار قبل بيعتها لابي بكر ما اختلف فيك اثنان فقال عليّ عليه السّلام يا هؤلاء كنت ادع رسول اللّه مسجّي لا اواريه و اخرج انازع في سلطانه و اللّه ما خفت احدا يسمو له و ينازعنا اهل البيت فيه و يستحلّ ما استحللتموه و لا علمت انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله ما ترك يوم غدير خمّ لاحد حجّة و لا لقائل مقالا فانشد اللّه رجلا سمع النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله يوم غدير خمّ يقول من كنت مولاه فعليّ مولاه اللّهمّ و ال

ص: 608

من والاه و عاد من عاداه و انصر من نصره و اخذل من خذله ان يشهد بما سمع قال زيد بن ارقم فشهد اثني عشر رجلا بدريّا بذلك و كنت ممن سمع القول من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله فكتمت الشهادة يومئذ فدعا عليّ عليّ فذهب بصري الخبر

184 و من كلامه عليه السّلام

الاحتجاج ص 60 رسالة لامير المؤمنين عليه السّلام الي ابي بكر لمّا بلغه عنه كلام بعد منع الزهراء فدك شقّوا متلاطمات امواج الفتن بحيازيم سفن النّجاة و حطّوا تيجان اهل الفخر بجميع اهل الغدر و استضاءوا(و استضيئوا)بنور الانوار و اقتسموا مواريث الطّاهرات الابرار و احتقبوا ثقل الاوزار بغصبهم نحلة النّبي المختار فكانّي بكم تتردّدون في العمي كما يتردّد البعير في الطّاحونة اما و اللّه لو اذن لي بما ليس لكم به علم لحصدت رءوسكم عن اجسادكم كحبّ الحصيد بقواضب من حديد و لقلعت(و لفلقت)من جماجم شجعانكم ما اقرح به اماقكم و اوحش به محالكم فانّي منذ عرفتموني مرديّ العساكر و مفني الجحافل و مبيد خضراءكم و مخمد ضوضائكم و جزّار الدّوّارين اذ أنتم في

ص: 609

بيوتكم معتكفون و انّي لصاحبكم بالامس لعمر ابي لن تحبّوا ان تكون فينا الخلافة و النّبوّة و أنتم تذكرون احقاد بدر و ثارات احد اما و اللّه لو قلت ما سبق من اللّه فيكم لتداخلت اضلاعكم في اجوافكم كتداخل اسنان دوّارة الرّحي فان نطقت تقولون حسد و ان سكّت فيقال ابن ابي طالب جزع من الموت هيهات هيهات انا السّاعة يقال لي هذا و انا الميت المائت و خوّاض المنايا في جوف ليل حالك حامل السّيفين الثّقيلين و الرّمحين الطّويلين و منكّس الرّايات في غطامط الغمرات و مفرّج الكربات عن وجه خير البرّيات ايهنوا فو اللّه لابن ابي طالب انس بالموت الي محالب امّه هبلتكم الهوابل لو بحت بما انزل اللّه سبحانه في كتابه فيكم لا اضطربتم اضطراب الارشيّة في الطّويّ البعيدة و لخرجتم من بيوتكم هاربين و علي وجوهكم هائمين و لكنّي اهوّن وجدي حتّي القي ربّي بيد جزّاء صفراء من لذّاتكم خلوا من طحناتكم فما مثل دنياكم

ص: 610

عندي الاّ كمثل غيم علا فاستعلي ثمّ استغلظ فاستوي ثمّ تمزّق فانجلي رويدا فعن قليل ينجلي لكم القسطل و تجنون(فتجدون) ثمر فعلكم مرّا و تحصدون غرس ايديكم ذعافا ممزّقا(ممّقرا)و سمّا قاتلا و كفي باللّه حكيما(حكما)و برسول اللّه خصيما و بالقيمة موقفا فلا ابعد اللّه فيها سواكم و لا اتعس فيها غيركم و السّلام علي من اتّبع الهدي اقول لقد نقل الرّضي رضي اللّه عنه بعض تلك الفقرات في نهج البّلاغة في غير هذا الموضع حيث قال في الخطبة الخامس منه لمّا قبض رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و خاطبه العبّاس و ابو سفيان بن حرب في ان يبايعا له بالخلافة قال ايّها النّاس شقّوا امواج الفتن بسفن النجاة و عرّجوا عن طريق المنافرة وضعوا تيجان المفاخرة افلح من نهض بجناح او استسلم فاراح الي اخر ما نقل فيه فيمكن ان يقال ان ما نقل هناك ملخص ممّا نقلنا ههنا عن الاحتجاج او ان يكون كلاما صدر عنه عليه السّلام في موضع اخر غير هذا و يحتمل ان تكون كلمة شقّوا و امثالها في هنا بصيغة الماضي ليكون بيان حالهم ام لا اي انهم في زمن الرسول صلّي اللّه عليه و آله ركبوا سفن النجاة فخرجوا من بين الفتن فشبّه الفتن بالامواج لاشتراكهما في اضطراب النفس بهما و كونهما سبب الهلاك كما احتمله المجلسي ره في المجلد الثامن من البحار ص 97 و الحيازيم جمع الخيزوم و هو ما استدار بالظهر و البطن او ضلع الفؤاد و ما اكتنف الحلقوم من جانب الصّدر و الغليظ من الارض و المرتفع ذكرها الفيروز ابادي في القاموس و لعل المراد هنا صدر السفينة فانه يشق الماء و يحتمل ان يكون تصحيف المجاذيف جمع المجذاف و هو الذي تحرك به السفينة و ينجان اهل الفخر كناية عن اتباع اهل الحق و ترك المفاخرة الدّاعية الي ترك اتباع الحق و جمع اهل الغدر مجمعهم اي تركوا المفاخرة الواقعة بجميع اهل العدد و

ص: 611

هو ضد المتفرق و الحيش و الحي المجتمع ذكرها الفيروز ابادي و الحاصل انهم كانوا في حيوة الرسول صلّي اللّه عليه و آله ظاهرا علي الحق و تابعين لاهله و ال امرهم بعده الي ان اقتسموا مواريث العترة الطّاهرة و يحتمل ان يكون الجميع بصيغة الامر كما انّ في بعض النسخ كانت العبارة استضيئوا بدل استضاء فيكون اولا امرهم بمتابعة اهل الحق ثم بين حالهم بقوله و اقتسموا علي سبيل الالتفات و يحتمل علي الاوّل ان يكون الجميع مسوقا للذّم فالمعني انهم دخلوا في غمرات الفتنة و تشبثوا ظاهرا بما يوهم انه وسائل النجاة و تركوا المفاخرة و استسلموا بان جمعوا اهل الغدر و اظهروا للناس النصح و ترك الاغراض ليتمشي لهم ما دبّروا فيكون قوله استضاءوا و اقتسموا بمنزلة فقرة واحدة اي تمسّكوا في اقتسام مواريث الطاهرات بالاستضائة بنور الانوار و بخبر وضعوه و افتروه علي سيد الابرار و كل من الوجوه لا يخلو عن بعد و قال المجلسي ره بعد ذكر الاحتمالات و الظاهر انه سقط شيء من الكلام او زيد فيه و لعل الايراد علي التغليب و قوله احتقبوا من الحصب بالتّحريك و هو حبل يشدّ به الرّحل الي بطن البعير و الحقيقة واحدة الحقائب و احتقبه و استحقبه بمعني اي احتمله و قيل احتقب فلان الاثم اي جمعه و احتقبه من خلقه قوله بقواضب هي جمع القاضب و قضيب اي القطاع و الجماجم جمع جمجمة و هي عظم الرأس المشتمل علي الدماغ قوله اماقكم جمع مؤق و مؤق العين طرفها و اراده اي اهلكه و هو من الرّدي اي الهلاك و الجحفل الجيش و رجل جحفل عظيم القدر و قوله مبيد خضرائكم اي مهلك سوادكم و معظكم او خيركم و غضارتكم الضوضاء اصوات الناس و غلبتهم و جزّار الدّوارين اي قطاع الدهور و الازمنه الشجعان جمع الشجاع بفتح الشين المعجمة و هم الذين يدورون و يجولون في المعركة لطلب المبارزة و في بعض النسخ جرار الدّوائر بالمهملتين اي كنت اجرّ الدولة و الغلبة للمسلمين علي الكافرين قوله اني لصاحبكم اي امامكم الذي بايعتموني يوم الغدير و الثار بالهمزة طلب الدم و قوله ما سبق من اللّه فيكم اي من العذاب و النّكال في الاخرة قوله خواّض المنيّات الخوض الدّخول و المنيّات جمع المنيّة و هي الموت و في بعض النسخ خواض الغمرات الغمرة الكثير من الناس و الماء و غمرات الموت شدائده و ليل حالك المظلم و في بعض النسخ ليل خامد اي ساكن نام الناس فيه فلا تسمع اصواتهم الغطامط بالضم صوت غليان القدر و موج البحر و التغطمط صوت معه بحح قوله ايهنو كلمة يراد بها الاستزاده و هي مبنية علي الكسر اذا وصلت نؤنث لو لم يكن فيه تصحيف فالخبر دال علي جواز اتيانه بلفظ التّثنية او الجمع و ان لم يرفيه تجويز الاتيان بهما و المحالب جمع المحلب بالفتح و هو موضع الحلب او الثدي او رأسه و هبلته امة بكسر الباء اي ثكلته و باح بالشيء يبوح به اي اعلنه و اظهره و الرشاء بالكسر و المدّ الحبل و جمعه الارشيّة و الطويّ البئر المطويّة

ص: 612

قوله هائمين من هام يهيم هيما و هيمانا اذا ذهب من العشق او غيره قوله بيد جذاء اي مقطوعة او مسكورة و الصّفر الخالي كالخلو بكسر الخاء و الطحنات يقال هي جمع الطحنة اي البرّ المطحونة و اشباهها فاستعلي اي اشتد علوّه و التمرق التفرّق كالتمزّق وزنا و معني رويدا اي اصبروا قليلا و امهلوا و القسطل الغبار الذعاف السّم و طعام مذعوف و موت ذعاف اي سريع لا ابعد اللّه فيها اي في القيامة و اتعسه اللّه اي هلكه

185 و من كلامه عليه السّلام

الاحتجاج ص 84 قال قال سليم بن قيس سئل رجل عليّ بن ابي طالب عليه السّلام فقال و انا اسمع اخبرني بافضل منقبة لك قال ما انزل اللّه في كتابه قال ما انزل اللّه في كتابه قال أ فمن كان علي بيّنة من ربّه و يتلوه شاهد منه انا الشّاهد من رسول اللّه و قوله و يقول الّذين كفروا لست مرسلا قل كفي باللّه شهيدا بيني و بينكم و من عنده علم الكتاب ايّاي عني بمن عنده علم الكتاب فلم يدع شيئا انزله اللّه فيه الاّ ذكره مثل قوله انّما وليّكم اللّه و رسوله و الّذين امنوا الّذين يقيمون الصّلوة و يؤتون الزّكوة و هم راكعون و قوله اطيعوا اللّه و اطيعوا الرّسول و أولو الامر منكم و غير ذلك قال قلت فاخبرني بافضل منقبة لك من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله فقال نصبه ايّاي يوم الغدير(غدير خمّ)فقال لي بالولاية

ص: 613

بامر اللّه عزّ و جلّ و قوله انت منّي بمنزلة هرون من موسي الاّ انّه لا نبيّ بعدي و سافرت مع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله ليس له خادم غيري و كان له لحاف ليس له لحاف غيره و معه عايشة و كان رسول اللّه ينام بيني و بين عايشة ليس علينا ثلاثة لحاف غيره فاذا قام الي صلاة اللّيل يخطّ بيده اللّحاف من وسطه بيني و بين عايشة حتّي يمسّ اللّحاف الفراش الّذي تحتنا فاخذتني الحمّي ليلة فاسهرتني فسهر رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله لسهري فبات ليلة بيني و بين مصلاّه يصلّي ما قدّر له ثمّ ياتيني يسألني و ينظر اليّ فلم يزل ذلك دابه حتّي اصبح فلمّا صلّي باصحابه الغداة قال اللّهمّ اشف عليّا و عافه فانّه اسهرني اللّيلة ممّا به ثمّ قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله بمسمع من اصحابه ابشر يا عليّ قلت بشّرك اللّه بخير يا رسول اللّه و جعلني فداك قال انّي لم اسأل اللّه اللّيلة شيئا الاّ اعطانيه و لم اسئله لنفسي شيئا الاّ سئلت لك مثله

ص: 614

و انّي دعوت اللّه عزّ و جلّ ان يواخي بيني و بينك ففعل و سالته ان يجعلك وليّ كلّ مؤمن و مؤمنة ففعل و سالته ان يجمع عليك امّتي بعدي فابي عليّ فقال رجلان احدهما لصاحبه ارأيت ما سئل فو اللّه الصّاع من تمر خير ممّا سئل و لو كان سئل ربّه ان ينزل عليه ملكا يعينه علي عدوّه او ينزل عليه كنز ينفقه و اصحابه فان بهم حاجة كان خيرا مما سئل و ما دعا عليّا قطّ الي خير الاّ استحباب له

186 و من كلامه عليه السّلام

بحار الانوار المجلّد الثامن ص 236 في باب كفر الثلاثة و نفاقهم قال كتاب سليم بن قيس عن ابان عن سليم قال سمعت علي بن ابي طالب عليه السّلام يقول قبل وقعة صفّين انّ هؤلاء القوم لن ينيبوا الي الحقّ و لا الي كلمة سواء بيننا و بينهم حتّي يرامونا بالعساكر تتبعها العساكر حتّي يردفونا بالكتائب تتبعها الكتائب و حتّي يجرّ ببلادهم الخميس تتبعها الخميس و حتّي ترعي الخيول بنواحي ارضهم و تنزل عن(علي)مسالحهم و حتّي يشنّ الغارات عليهم من كلّ فجّ و حتّي يلقاهم قوم صدّق صبّر لا يزيدهم هلاك من هلك من قتلاهم و موتاهم في سبيل اللّه الاّ جدّا في طاعة اللّه و اللّه لقد رايتنا مع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله نقتل آباءنا و

ص: 615

أبناءنا و اخوالنا و اعمامنا و اهل بيوتنا ثمّ لا يزيدنا ذلك الاّ ايمانا و تسليما و جدّا في طاعة اللّه و استقلالا بمبارزة الاقران و ان كان الرّجل منّا و الرّجل من عدوّنا ليتصاولان تصاول الفحلين يتخالسان انفسهما ايّهما يسقي صاحبه كاس الموت فمرّة لنا من عدوّنا و مرّة لعدوّنا منّا فلمّا راي اللّه منّا صدقا و صبرا انزل الكتاب بحسن الثّناء علينا و الرّضا عنّا و انزل علينا النّصر و لست اقول انّ كلّ من كان مع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله كذلك و لقد كانت معنا بطانة لا يألونا خبالا قال اللّه عزّ و جلّ قد بدت البغضاء من افواههم و ما تخفي صدورهم اكبر و لقد كان منهم بعض من تفضّله انت و اصحابك يابن قيس فارّين فما رمي بسهم و لا ضرب بسيف و لا طعن برمح اذا كان الموت و النّزال تواري و اعتلّ و لا ذكما تلوذ النّعجته العوراء لا يدفع يد لامس و اذا القي العدوّ فرّ و منح العدوّ و دبره جبنا و لو ما و اذا كان عند الرّخاء و الغنيمة تكلّم كما قال اللّه

ص: 616

سلقوكم بالسنة حداد اشحّة علي الخير فلا يزال قد استاذن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله في ضرب عنق الرّجل الّذي ليس يريد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله قتله فابي عليه و لقد نظر رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله يوما و عليه السّلاح تأمّ فضحك رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله ثمّ قال يكنيّه ابا فلان اليوم يومك فقال الاشعث ما اعلمني من تعني انّ ذلك يفرّ منه الشّيطان قال يابن قيس لا امن اللّه روعة الشّيطان اذا قال ثمّ قال و لو كنّا حين كنّا مع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و قضينا الشّدائد و الاذي و الباس فعلنا كما تفعلون اليوم لما قام للّه دين و لا اعزّ اللّه الاسلام و ايم اللّه لتحلبنّها دماوند ما و حيرة فاحفظوا ما اقول لكم و اذكروه فليسلّطنّ عليكم شراركم و الادعياء منكم و الّطلقاء و الطّرداء و المنافقون فليقتلنّكم ثمّ لتدعنّ اللّه فلا يستجيب لكم و لا يدفع البلاء عنكم حتّي تتوبوا و ترجعوا فان تتوبوا و ترجعوا فيستنقذكم اللّه من فتنتهم و ضلالتهم كما

ص: 617

استنقذكم من شرككم و جهالتكم انّ العجب كلّ العجب من جهّال هذه الامّة و ضلاّلها و قادتها و ساقتها الي النّار انّهم قد سمعوا رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله يقول عودا و بدءا ما ولّت امّة رجلا قطّ امرها و فيهم اعلم منه الاّ لم يزل امرهم يذهب سفالا حتّي يرجعوا الي ما تركوا فولّوا امرهم قبلي ثلاثة رهط ما منهم رجل جمع القرآن و لا يدّعي انّ له علما بكتاب اللّه و لا سنّة نبيّه صلّي اللّه عليه و آله و قد علموا انّي اعلمهم بكتاب اللّه و سنّة نبيّه و افقههم و اقراهم بكتاب اللّه و اقضاهم بحكم اللّه و انّه ليس رجل من الثّلاثة له سابقة مع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و لا عناء معه في جميع مشاهده فرمي بسهم و لا طعن برمح و لا ضرب بسيف جبنا و لو ما و رغبة في البقاء و قد علموا انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله قد قاتل بنفسه فقتل ابيّ بن خلف و قتل مسجع بن عوف و كان من اشجع النّاس و اشدّهم لقاء و احقّهم بذلك و قد علموا يقينا انّه لم يكن فيهم احد يقوم مقامي و لا يبادر الابطال

ص: 618

و يفتح الحصون غيري و لا نزلت برسول اللّه شديدة قطّ و لا كربه امر و لا ضيق و لا مستضعف من الامر الاّ قال اين اخي عليّ اين سيفي اين رمحي اين المفرّج عنّي عن وجهي فيقدّمني فاتقدّم فاقيه بنفسي و يكشف اللّه بيدي الكرب عن وجهه و للّه عزّ و جلّ و لرسوله صلّي اللّه عليه و آله بذلك المنّ و الطّول حيث خصّني بذلك و وفّقني له و انّ بعض من قد سميّت ما كان له بلاء و لا سابقة و لا مبارزة قرن و لا فتح و لا نصر غير مرّة واحدة ثمّ فرّ و منح عدوّه دبره و رجع يجبن اصحابه و يجبنونه و قد فرّ مرارا فاذا كان عند الرّخاء و الغنيمة تكلّم و امر و نهي و لقد ناداه ابن عبدودّ باسمه يوم الخندق فحاذر عنه و لاذ باصحابه حتّي تبسّم رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله لمّا رأي به الرّعب و قال اين حبيبي عليّ تقدّم يا حبيبي يا عليّ و لقد قال لاصحابه الاربعة اصحاب الكتاب الرّأي و اللّه ان ندفع محمّدا صلّي اللّه عليه و آله برمّته و نسلم من ذلك حين جاء

ص: 619

العدوّ من فوقنا و من تحتنا كما قال اللّه تعالي و زلزلوا زلزالا شديدا و ظنّوا باللّه الظّنون و قال المنافقون و الّذين في قلوبهم مرض ما وعدنا اللّه و رسوله الاّ غرورا فقال صاحبه لا و لكن نتّخذ صنما عظيما نعبده لانّا لا نامن ان يظفر ابن ابي كبشة فيكون هلاكنا و لكن يكون هذا الصّنم لنا زخرا فان ظفرت قريش اظهرنا عبادة هذا الصّنم و اعلمناهم انّا لن نفارق ديننا و ان رجعت دولة ابن ابي كبشة كنّا مقيمين علي عبادة هذا الصّنم سرّا فنزل جبرئيل عليه السّلام فاخبر النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله بذلك ثمّ خبّرني به رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله بعد قتلي ابن عبد ودّ فدعيهما فقال كم صنما عبدتما في الجاهليّة فقالا يا محمّد لا تعيّرنا بما مضي في الجاهليّة فقال فكم صنم تعبدان وقتكما هذا فقالا و الّذي بعثك بالحقّ نبيّا ما نعبد الاّ اللّه منذ اظهرنا لك من دينك ما اظهرنا فقال يا عليّ خذ هذا السّيف فانطلق الي موضع كذا و كذا

ص: 620

فاستخرج الصّنم الّذي يعبدانه فاهشمه فان حال بينك و بينه احد فاضرب عنقه فانكبّا علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله فقالا استرنا سترك اللّه فقلت انا لهما اضمنا للّه و لرسوله الاّ تعبدا الاّ اللّه و لا تشركا به شيئا فعاهدا رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله علي هذا و انطلقت حتّي استخرجت الصّنم من موضعه و كسرت وجهه و يديه و جزمت رجليه ثمّ انصرفت الي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله فو اللّه لقد عرفت ذلك في وجههما حتّي ما تاثمّ انطلق هو و اصحابه حين قبض رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله فخاصموا الانصار بحقّي فان كانوا صدقوا و احتجّوا بحقّ انّهم اولي من الانصار لانّهم من قريش و رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله من قريش فمن كان اولي برسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله كان اولي بالامر و انّما ظلموني حقّي و ان كانوا احتجّوا بباطل فقد ظلموا الانصار حقّهم و اللّه يحكم بيننا و بين من ظلمنا و حمل النّاس علي رقابنا و العجب لما قد اشربت قلوب هذه

ص: 621

الامّة من حبّهم و حبّ من صدّقهم و صدّهم عن سبيل ربّهم و ردّهم عن دينهم و اللّه لو انّ هذه الامّة قامت علي ارجلها علي التّراب و الرّماد واضعة علي رءوسها و تضرّعت و دعت الي يوم القيمة علي من اضلّهم و صدّهم عن سبيل اللّه و دعاهم الي النّار و عرضهم بسخط ربّهم و اوجب عليهم عذابه بما اجرموا اليهم لكانوا مقصّرين في ذلك و ذلك انّ المحبّ الصّادق و العالم باللّه و رسوله يتخوّفان ان غيّرا شيئا من بدعهم و سننهم و احداثهم عادية العامّة و متي فعل شاقّوه و خالفوه و تبرّءوا منه و خذلوه و تفرّقوا عن حقّه و ان اخذ ببدعهم و اقرّ بها و زيّنها و دان بها احبّته و شرّفته و فضّلته و اللّه لو ناديت في عسكري هذا بالحقّ الّذي انزل اللّه علي نبيّه و اظهرته و دعوت اليه و شرحته و فسّرته علي ما سمعت من نبيّ اللّه عليه و اله السّلام فيه ما بقي فيه الاّ اقلّه و اذلّه و ارزله و لاستوحشوا

ص: 622

منه و لتفرّقوا منّي لو لا ما عاهد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله اليّ و سمعته منه و تقدّم اليّ فيه لفعلت و لكن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله قد قال كلّما اضطرّ اليه العبد فقد احلّه اللّه له و اباحه ايّاه و سمعته يقول انّ التّقيّة من دين اللّه و لا دين لمن لا تقيّة له ثمّ اقبل علي عليه السّلام فقال ادفعهم بالرّاح دفعا عنّي ثلثا و من حيّ و ثلث منّي فان عوضي ربّي فاعذرني اقول قال المجلسي ره اقول روي ابن ميثم بعض الخطبة و فيه حتّي يرموا بالمناسر تتبعها العساكر و حتّي يرجموا بالكتائب تقفوها الجلائب و حتّي يجرّ ببلادهم الخميس يتلوه الخميس و حتّي تدعق الخيول في نواحي ارضهم باحناء مشاربهم و مسارحهم و بعد قوله في طاعة اللّه و حرصا علي لقاء اللّه و روي في النهج ايضا بادني اختلاف قوله الي كلمة سواء اي عادلة او مشتركة بيننا و بينهم و المنسر خيل من المأة الي المأتين و يقال هو الجيش ما يمرّ بشيء الا اقتلعه و الجلائب الابل الّتي تجلب الي الرجل النازل علي الماء ليس له ما يحمل عليه فيحملونه عليها و لا يبعدان يكون بالنون و الخميس الجيش و قال الجوهري دعق الطريق فهو مدعوق اي كثر عليه الوطي و دعقته الدّواب اثّرت فيه و الاحناء الجوانب و المسارح مواضع سرح الدّواب و المسالح الثغور و المراقب قوله ع لقد رأيتنا في المنهج لقد كنا مع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله نقتل آباءنا و أبناءنا و اخواننا و اعمامنا ما يزيدنا ذلك الاّ ايمانا و تسليما و مضيّا علي اللّقم و صبرا علي مضض الالم و جدّا في جهاد العدوّ و لقد كان الرّجل منّا و الاخر من عدوّنا يتصاولان تصاول الفحلين يتخالسان انفسهما ايّهما يسقي صاحبه كاس المنون فمرة لنا من عدوّنا و مرة لعدوّنا منّا فلمّا راي اللّه صدقنا انزل بعدوّنا الكبت و انزل علينا النّصر حتّي استقر الاسلام ملقيا جرّ انه و متبوّء اوطانه و لعمري لو كنا ناتي ما اتيتم ما قام للدّين عمود و لا اخضّر للايمان عود و ايم اللّه لتحلبّنها دما و لتتبعنّها ندما و الشنّ الصّب و التفريق و شنّ الغارات تفريقها عليهم من كل ناحية و اللقم منهج الطريق و المضض حرقة الالم و التصاول ان يحمل كل من القرنين علي صاحبه و التخالس التسالب اي يتنهز كلّ منهما فرصه صاحبه

ص: 623

و المنون الموت و الكبت الاذلال و الصرف و الجرّان مقدّم عنق البعير من منخره الي منحره كناية عن استقراره في قلوب عباد اللّه كالبعير الذي اخذ مكانه و استقر فيه و يقال تبوّء وطنه اي سكن فيه شبّه عليه السّلام الاسلام بالرجل الخائف المتزلزل الذي استقر في وطنه بعد خوفه قوله لتحتلبنّها الضمير مبهم يرجع الي افعالهم شبهها بالناقة التي اصيب ضرعها بافة من تفريط صاحبها فيها و لعلّ المقصود عدم انتفاعهم بتلك الافعال عاجلا و اجلا و البطانة الوليجة و هو الذي يعرفه الرّجل اسراره ثقة به لا يألونا خبالا اي لا يقصّرون لنا في الفساد و الالو التقصير قد بدت البعضاء من افواههم اي في كلامهم لانّهم لا يملكون انفسهم لفرط بعضهم و ما تخفي صدورهم اكبر ممّا بدا لانّ بدوّه ليس عن رويّة و اختيار قوله سلقوكم اي ضربوكم و اذوكم بالسنة حداد ذرية يطلبون الغنيمة و السلق البسط بقهر باليد او باللسان و قوله يكنيّه اي ناداه بالكنية فقال يا ابا حفص فقال الاشعث انا اعرف انك تعني عمر و هو الذي قال فيه النّبي صلّي اللّه عليه و آله انّ الشيطان يفرّ منه فقال عليه السّلام استهزء و أ تكذيبا للخبر الموضوع ما امن اللّه روعة الشيطان اذا كان يفرّ من مثل عمر و يقال كربه الغمّ اي اشتدّ عليه و الجذم القطع قوله لقد عرفت ذلك اي اثر البغض و العداوة لذلك الامر انتهي ما قاله المجلسي ره

187 و من خطبه عليه السّلام

الثامن من بحار الانوار ص 413 عن امالي الشيخ عن المفيد عن الكاتب عن الزعفراني عن الثقفي عن عبيد اللّه بن اسحق الضّبيّ عن حمزة بن نصر عن إسماعيل بن رجاء الزّبيدي قال لمّا رجعت رسل امير المؤمنين عليّ بن ابي طالب عليه السّلام من عند طلحة و الزبير و عايشة يؤذنونه بالحرب قام فحمد اللّه و اثني عليه و صلّي اللّه علي محمد صلّي اللّه عليه و آله ثم قال ايّها النّاس انّي قد راقبت هؤلاء القوم كيما يرعووا و يرجعوا و قد و بخّتهم بنكثهم و عرفتهم بغيّهم فليسوا يستجيبون الاّ و قد بعثوا اليّ ان ابرز للطّعان و اصبر للجلاد فانّما منّتك نفسك من أبناء الاباطيل هبلتهم الهبول قد كنت و ما اهدّد بالحرب و لا ارهب بالضّرب

ص: 624

و انا علي ما وعدني ربّي من النّصر و التّاييد و الظّفر و انّي لعلي يقين من ربّي و في غير شبهة من امري ايّها النّاس انّ الموت لا يفوته المقيم و لا يعجزه الهارب ليس عن الموت محيص من لم يمت يقتل انّ افضل الموت القتل و الّذي نفس ابن ابي طالب بيده لالف ضربة بالسّيف لاهون عليّ من موت علي فراش يا عجبا لطلحة البّ علي ابن عفّان حتّي اذا قتل اعطاني صفقة يمينه طائعا ثمّ نكث بيعتي و طفق ينعي ابن عفّان ظالما و جاء يطلبني يزعم بدمه و اللّه ما صنع في امر عثمان واحدة من ثلاث لان كان ابن عفّان ظالما كما كان يزعم حين حصره و البّ عليه انّه لينبغي ان يوازر قاتليه و ان ينابذ ناصريه و ان كان في شكّ الحال مظلوما انّه لينبغي ان يكون معه و ان كان في شكّ من الخصلتين لقد كان ينبغي ان يعتزله و يلزم بيته و يدع النّاس جانبا فما فعل من هذه الخصال واحدة و ها هو ذا قد اعطاني صفقة يمينه غير مرّة ثمّ نكث بيعته اللّهمّ

ص: 625

فخذه و لا تمهله الا و انّ الزّبير قطع رحمي و قرابتي و نكث بيعتي و نصب لي الحرب و هو يعلم انّه ظالم لي اللّهمّ فاكفنيه بم شئت اقول لقد نقل الرضي رضي اللّه عنه و ارضاه بعض هذه الخطبة في النهج باختلاف في بعض فقراتها و رواها ابن ابي الحديد في شرح النهج عن ابي مخنف عن مسافر بن عفيف بن ابي الاخنس ايضا بزيادة و نقصان الارعواء الندم علي شيء و تركه قوله وبّختهم اي هدّدتهم من قولهم و وبّخه توبيخا اذا لامه و هدّده علي عدم الفعل و الجلاد هو الضرب بالسّيف في القتال هبلتهم الهبول الهبول الثّكلي و الهبل الثكل و هو فقد الولد البّ الرجل في المكان اذا اقام اليه

188 و من خطبه عليه السّلام

شرح النّهج لكمال الدين علي بن ميثم البحراني الجزء الاوّل طبع منشورات مؤسّسة النّصر ص 333 قال انّه عليه السّلام خطبها حين بلغه انّ طلحة و الزّبير خلعا بيعته و هي الخطبة قال عليه السّلام بعد حمد اللّه و السناء عليه و الصّلوة علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله ايّها النّاس انّ اللّه افترض الجهاد فعظّمه و جعله نصرته و ناصره و اللّه ما صلحت دنيا و لا دين الاّ به و قد جمع الشّيطان حزبه و استجلب خيله و من اطاعه ليعود له دينه و سنّته و خدعه و قد رايت امورا قد تمحّضت و اللّه ما انكروا عليّ منكرا و لا جعلوا بيني و بينهم نصفا و انّهم ليطلبون حقّا تركوه و دما سفكوه فان كنت شريكهم فيه فانّ لهم لنصيبهم منه و ان كانوا ولّوه دوني فما الطّلبته الاّ قبلهم و انّ اوّل عدلهم لعلي انفسهم

ص: 626

و لا اعتذر ممّا فعلته و لا اتبرّء ممّا صنعت و انّ معي لبصيرتي ما لبست و لا لبس عليّ و انّها للفئة الباغية فيها الحمّ و الحمّة طالت جلبتها و انكفت جونتها ليعودنّ الباطل في نصابه يا خيبة الدّاعي من دعا لو قيل ما انكر في ذلك و ما امامه و فيمن سنّته (فيما سننه)و اللّه اذن لزاح الباطل عن نصابه و انقطع لسانه و ما اظنّ الطّريق له فيه واضح حيث نهج و اللّه ما تاب من قتلوه قتل موته و لا تنصّل من(عن)خطيئته و ما اعتذر اليهم فعذّروه و لا دعا فنصروه و ايم اللّه لافرطنّ لهم حوضا انا ماتحه لا يصدرون عنه بريّ و لا يعبّون حسوة ابدا و انّها لطيبة نفسي بحجّة اللّه عليهم و علمه فيهم و انّي داعيهم فمعذّر اليهم فان تابوا و قبلوا و اجابوا و انابوا فالتّوبة مبذولة و الحقّ مقبول ليس عليّ كفيل و ان ابو اعطيتهم حدّ السّيف و كفي به شافيا من باطل و ناصر المؤمن و مع كلّ صحيفة شاهدها و كاتبها و اللّه انّ الزّبير و طلحة و عايشة ليعلمون انّي

ص: 627

علي الحقّ و هم مبطلون اقول قد نقل بعض فصول هذه الخطبة السيّد رضي اللّه عنه و ارضاه في النهج و فيه زيادة و نقصان و نقل بعض فصوله الاخر فيما بعده و علة التكرار اختلاف العبارات مع الزيادة و النقصان و نقل ابن ميثم تمام الخطبة كما نقلنا هنا من شرحه قوله عليه السّلام استجلب اي استجمع و الجلب الجماعة من الناس و غيرهم تجمع و تؤلف تمحضّت اي تحركت و النصف بكسر النون و سكون الصّاد النصفة و هي الاسم من الانصاف اللبس و الالتباس الاشتباه و الحمّ بفتح الحاء و تشديد الميم بقيّة الالية التي اذيبت و اخذ دهنها و الحمة السّواد و هما استعارتان لارزال الناس و عوامهم و الجبلة الاصوات و جونتها بالضم سوادها و انكفت و استكفت اي استدارت و زاح و انزاح تنحّي و النّصاب الاصل و تنصّل من الذنب تبرّء منه و العبّ الشرب من غير مصّ و الحسوة بضم الحاء قدر ما يحمي مرة و الجلاد المضاربة بالسيف و الهبول الثكول

189 و من خطبه عليه السّلام

شرح النهج لابن ميثم ص 297 ج 1 طبع المنشورات و قد نقل بعض فصولها السيّد في النهج و اورد تمامها ابن ميثم في شرحه عليه و هي هذه و نقلها المفيد في الارشاد و ابن ابي الحديد في شرح النهج مغايرا في الفاظها و اني نقلت ما في الارشاد في الجزء الاوّل و ما في هذا مزيدا للفائدة و تتميما للعائدة قال قال عليه السّلام الحمد للّه احقّ محمود بالحمد و اولاه بالمجد الها واحدا صمدا قام اركان العرش فاشرق بضوئه شعاع الشّمس خلق فاتقن و اقام فذلّت له وطاة المستمكن و اشهد ان لا اله الاّ اللّه وحده لا شريك له و اشهد انّ محمّدا عبده و رسوله ارسله بالنّور السّاطع و الضّياء المنير اكرم خلق اللّه حسبا و اشرفهم نسبا لم يتعلّق عليه مسلم و لا معاهد بمظلمة بل كان يظلم امّا بعد

ص: 628

فانّ اوّل من بغي علي الارض عناق ابنة ادم كان مجلسها من الارض جريبا و كان لها عشرون اصبعا و كان لها ظفران كالمنجلين فسلّط اللّه عليها اسدا كالفيل و ذئبا كالبعير و نسرا كالحمار و كان ذلك في الخلق الاوّل فقتلها و قد قتل اللّه الجبابرة علي احسن احوالهم و انّ اللّه اهلك فرعون و هامان و قتل قارون بذنوبهم و انّ بليّتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث اللّه نبيّكم و الّذي بعثه بالحقّ لتبلبلنّ بلبلة و لتغربلنّ غربلة حتّي يعود اسفلكم اعلاكم و اعلاكم اسفلكم و ليسبقنّ سابقون كانوا قصّروا و ليقصرنّ سابقون كانوا سبقوا و اللّه ما كتمت و شتمه و لا كذبت كذبة و لقد نبّئت بهذا اليوم و هذا المقام الا و انّ الخطايا خيل شمس حمل عليها اهلها و خلعت لجمعها فقحمت بهم في النّار فهم فيها كالحون الا و انّ التّقوي مطايا ذلل حمل عليها اهلها فسارت بهم تاوّدا حتّي اذا جاءوا ظلاّ ظليلا فتحت ابوابها و قال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها

ص: 629

خالدين ألا و قد سبقني الي هذا الامر من لم اشركه فيه و من ليست له منه توبة الاّ بنبيّ مبعوث و لا نبيّ بعد محمّد صلّي اللّه عليه و آله اشفي منه علي شفا جرف هار فانهار به في نار جهنّم ايّها النّاس كتاب اللّه و سنّة نبيّه لا يرعي مرع الاّ علي نفسه شغل من الجنّة و النّار امامه ساع نجا و طالب يرجو و مقصّر في النّار و لكلّ اهل و لئن امر الباطل فقديما و لئن قلّ الحقّ لربّما و لعلّ و لقلّما ادبر شيء فاقبل و لئن ردّ امركم عليكم انّكم السّعداء و ما علينا الاّ الجهد قد كانت امور مضت ملتم فيها ميلة كنتم عندي فيها محمودي الرّاي و لو اشاء ان اقول لقلت عفا اللّه عمّا سلف سبق الرّجلان و قام الثّالث كالغراب همّه بطنه ويله لو قصّ جناحاه و قطّع رأسه كان خيرا له شغل من الجنّة و النّار امامه ساع مجتهد و طالب يرجو و مقصّر في النّار ثلاثة و اثنان خمسة ليس فيهم

ص: 630

سادس ملك طار بجناحيه و نبيّ اخذ اللّه بضبعيه هلك من ادّعي و خاب من افتري اليمين و الشّمال مضلّة و وسط الطّريق المنهج عليه باقي الكتاب و اثار النّبوّة الا و انّ اللّه قد جعل ادب هذه الامّة بالسّوط و السّيف ليس عند امام فيهما هوادة فاستنروا ببيوتكم و اصلحوا ذات بينكم و التّوبة من وراءكم من ابدي صفحته للحقّ هلك الا و انّ كلّ قطيعة اقطعها عثمان او مال اخذه من بيت مال المسلمين فهو مردود عليهم في بيت مالهم و لو وجدته قد تزوّج به النّساء و فرّق في البلدان فانّه ان لم يسعه الحقّ فالباطل اضيق عليه اقول قولي هذا و استغفر اللّه لي و لكم اقول الوطاة بالسكون مزلة القدم و موضع الزلل و الخطر البغي الزّنا و الضلال و اول بغيّ بغي في الارض هي عناق بنت ادم و هي اول قتيل قتلها اللّه المنجل ما يحصد به الزرع الجريب قدره من الارض بستين ذراع في ستين ذراع و الذراع بست قبضات فالقبضة باربع اصابع و البلبلة الاختلاط و العزيلة نخل الدقيق و غيره و القتل ايضا وساط القدر اذا قلب ما فيها من طعام بالمحراك و اداره و الوشمة بالشين المعجمة الكلمة و بغير المعجمة العلامة و الاثر و الشمس جمع شمس و كذا الشموس و هي الدابّة تمنع ظهرها و التاوّد السّبر الثقيل بالثبات و الذلول الساكنه و الكلوح تكسر في عبوس و امر الباطل بكسر الميم كثر و فلان يرعي علي نفسه اذا كان بتفقد احوالها الضبع كفرح العضد الهوادة بفتح الهاء السكون و المحاباة و منه التهويد و هو النوم ايضا

ص: 631

190 و من خطبه عليه السّلام

شرح النهج لابن ابي الحديد ص 203 قال روي زرارة بن اعين عن ابيه عن ابي جعفر محمد بن عليّ عليهما السّلام قال كان عليّ عليه السّلام اذا صلّي الفجر لم يزل معقبا الي ان تطلع الشمس فاذا طلعت اجتمع اليه الفقراء و المساكين و غيرهم من الناس فيعلّمهم الفقه و القرآن كان له وقت يقوم فيه من مجلسه ذلك فقام يوما فمرّ برجل فرماه بكلمة هجر و قال لم يسمّه محمد بن عليّ عليهما السّلام فرجع عوده علي بدئه حتي صعد المنبر و امر فنودي الصّلوة جامعة فحمد اللّه و اثني عليه و صلّي علي نبيّه صلّي اللّه عليه و آله ثم قال ايّها النّاس انّه ليس شيء احبّ الي اللّه و لا اعمّ نفعا من حلم امام و فقهه و لا شيء ابغض الي اللّه و لا اعمّ ضررا من جهل امام و خرقه الا و انّه من لم يكن له من نفسه واعظ لم يكن له من اللّه حافظ الا و انّه من انصف من نفسه لم يزده اللّه الاّ عزّا الا و انّ الذّلّ في طاعة اللّه اقرب الي اللّه من التّعزّز في معصيته ثمّ قال اين المتكلّم انفا فلم يستطع الانكار و قال ها انا ذا يا امير المؤمنين فقال انّي لو شاء لقلت فقال ان تعفو و تصفح فانت اهل ذلك قال قد عفوت و صفحت فقيل لمحمد بن عليّ عليهما السّلام ما اراد ان يقول قال عليه السّلام اراد ان ينسبه

191 و من خطبه عليه السّلام

شرح النهج له ايضا ص 317 قال خطب عليّ عليه السّلام لمّا توافق الجمعان-فقال عليه السّلام

ص: 632

لا تقاتلوا القوم حتّي يبدءوكم فانّكم بحمد اللّه علي حجّة و كفّكم عنهم حتّي يبدء و كم حجّة اخري و اذا قاتلتموهم فلا تجهّزوا علي جريح و اذا هزمتموهم فلا تتبّعوا مدبرا و لا تكشفوا عورة و لا تمثّلوا بقتيل و اذا وصلتم الي رحال القوم فلا تهتكوا سترا و لا تدخلوا دارا و لا تأخذوا من اموالهم شيئا و لا تهيّجوا امراة باذي و ان شتمن اعراضكم و سببن امرائكم و صلحائكم فانّهنّ ضعاف القوم و الانفس و العقول كنّا نؤمر عنهنّ بالكفّ عنهنّ و انّهنّ لمشركات و ان كان الرّجل ليتناول المرأة بالهراوة و الجريدة فيعير بها و عقّبه من بعده

192 و من خطبه عليه السّلام

جد ما قيل له عليه السّلام يا امير المؤمنين انظر في امرك و عاتب قومك هذا الحيّ من قريش فانّهم قد نقضوا عهدك و اخلفوا وعدك و قد دعونا في السّر الي رفضك هداك اللّه لرشدك و ذاك لانهم كرهوا الاسوة و فقدوا الاثرة و لمّا اسبت بينهم و بين الاعاجم انكروا و استشاروا عدوّك و عظّموه و اظهروا الطّلب بدم عثمان فرقه للجماعة و تالّفا لاهل الضلالة فرأيك فخرج عليّ عليه السّلام فدخل المسجد و صعد المنبر مرتد يا بطاق مؤتزرا ببرد قطريّ متقلّدا سيفا متوكيا علي قوس(نقلها ابن ابي الحديد في شرح النهج ص 361 قال فقال امّا بعد فانّا نحمد اللّه

ص: 633

اللّه ربّنا و الهنا و وليّنا و وليّ النّعم علينا الّذي اصبحت نعمه علينا ظاهرة و باطنة و امتنانا منه بغير حول منّا و لا قوّة ليبلونا ا نشكر ام نكفر فمن شكر زاده و من كفر عذّبه فافضل النّاس عند اللّه منزلة و اقربهم من اللّه وسيلة اطوعهم لامره و اعملهم بطاعته و اتبعهم لسنّة رسوله صلّي اللّه عليه و آله و احياهم لكتابه ليس لاحد عندنا فضل الاّ بطاعة اللّه و طاعة الرّسول هذا كتاب اللّه بين اظهرنا و عهد رسول اللّه و سيرته فينا لا يجهل ذلك الاّ جاهل عاند عن الحقّ منكر قال اللّه تعالي يا ايّها النّاس انّا خلقناكم من ذكر و انثي و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا انّ اكرمكم عند اللّه اتقكم ثمّ صاح باعلي صوته اطيعوا اللّه و اطيعوا الرّسول فان تولّيتم فانّ اللّه لا يحبّ الكافرين ثمّ قال يا معشر المهاجرين و الانصار اتمنّون علي اللّه و رسوله اسلامكم بل اللّه يمنّ عليكم

ص: 634

ان هداكم للايمان ان كنتم صادقين ثمّ قال انا ابو الحسن و كان يقولها اذا غضب ثمّ قال الا انّ هذه الدّنيا الّتي اصبحتم تتمّنونها و ترغبون فيها و اصبحت تغضبكم و ترضيكم ليست بداركم و لا منزلكم الّذي خلقتم له فلا تغرّنّكم فقد حذّرتموها و استّتموا نعم اللّه عليكم بالصّبر لانفسكم علي طاعة اللّه و الذّل لحكمه جلّ ثناءه فامّا هذا الفيء فليس لاحد علي احد فيه اثرة و قد فرغ اللّه من قسمته فهو مال اللّه و أنتم عباد اللّه المسلمون و هذا كتاب اللّه به اقررنا و له اسلمنا و عهد نبيّنا بين اظهرنا فمن لم يرض به فليتولّ كيف شاء فانّ العامل بطاعة اللّه و الحاكم بحكم اللّه لا وحشة عليه ثمّ نزل عن المنبر فصلّي ركعتين ثم بعث بعمّار بن ياسر و عبد الرحمن بن حنبل القرشي الي طلحة و الزّبير و هما في ناحية المسجد فاتياهما و دعواهما فقاما حتّي جلسا اليه عليه السّلام فقال لهما نشدتكما اللّه هل جئتماني طائعين للبيعة و دعوتماني اليها و انا كاره لها قالا نعم فقال غير مجبرين و لا مقسورين فاسلمتما لي بيعتكما و اعطيتماني عهدكما قالا نعم قال

ص: 635

فما دعاكما بعد الي ما اري قالا اعطيناك بيعتنا علي ان لا تقتضي الامور و لا تقطعها دوننا و ان تستشيرنا في كل امر و لا تستبدّ بذلك علينا و لنا من الفضل علي غيرنا علي ما قد علمت فانت تقسم القسم و تقطع الامر و تمضي الحكم بغير مشاورتنا و لا علمنا فقال لقد نقمتما يسيرا و ارجاتما كثيرا فاستغفر اللّه يغفركما الا تخبر اتني دفعتكما عن حقّ وجب لكما فظلمتكما ايّاه قالا معاذ اللّه قال فهل استاثرت من هذا المال لنفسي بشيء قالا معاذ اللّه قال أ فوقع حكم او حقّ لاحد من المسلمين فجهلته او ضعفت عنه قالا معاذ اللّه قال فما الّذي كرهتما من امري حتّي رأيتما خلافي قالا خلافك عمر بن الخطّاب في القسم انك جعلت حقنا في القسم كحق غيرنا و سوّيت بيننا و بين من لا يماثلنا فيما افاء اللّه تعالي باسيافنا و رماحنا و اوجفنا عليه بخيلنا و ظهرت عليه دعوتنا و اخذناه قسرا قهرا ممن لا يري الاسلام الاّ كرها فقال امّا ما ذكرتموه من الاستشارة بكما فو اللّه ما كانت لي في الولاية رغبة و لكنّكم دعوتموني اليها و جعلتموني عليها فخفت ان اردّكم فتختلف الامّة فلمّا افضت اليّ نظرت في كتاب اللّه و سنّة رسوله فامضيت ما دلاّني عليه و اتّبعته و لو احتج الي رأيكما فيه و لا راي غيركما و لو وقع حكم ليس في كتاب

ص: 636

اللّه بيانه و لا في السّنّة برهانه و احتيج الي المشاورة فيه لشاورتكما فيه و امّا القسم و الاسوة فانّ ذلك امر لم احكم فيه بادي بدء قد وجدت انا و أنتما رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله يحكم بذلك و كتاب اللّه ناطق به و هو الكتاب الّذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد و امّا قولكما جعلت فيئنا و ما افاءته سيوفنا و رماحنا سواء بيننا و بين غيرنا فقديما سبق الي الاسلام قوم و نصروه بسيوفهم و رماحهم فلا يفضلهم رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله في القسم و لا اثرهم بالسّبق و اللّه سبحانه موفّ السّابق و المجاهد يوم القيمة اعمالهم و ليس لكما و اللّه عندي و لا لغيركما الاّ هذا اخذ اللّه بقلوبنا و قلوبكم الي الحقّ و الهمنا و ايّاكم الصّبر

193 و من كلامه عليه السّلام

حين اتاه ابو عبيدة بن الجراح بالرّسالة عن ابي بكر بعد استقرار خلافته فاجابه عليه السّلام بقوله عليه السّلام نقله ابن ابي الحديد في الجزء العاشر من شرحه علي النهج ص 569 قال قال عليه السّلام

ص: 637

يا ابا عبيدة هذا كلّه في انفس القوم يضطبنونه و يضطغنون عليه فقلت لا جواب عندي انّما جئتك قاضيا حقّ الدّين و راتقا فتق الاسلام و سادّا ثلمة الامّة يعلم اللّه ذلك من جلجلان قلبي و فرارة نفسي فقال عليه السّلام ما كان قعودي في كسر هذا البيت قصد الخلاف و لا انكار المعروف و لا زراية علي مسلم بل لمّا و قذني به رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله من فراقه و اودعني من الحزن لفقده فانّي لم اشهد بعده مشهدا الاّ جدّد عليّ حزنا و ذكّرني شجنا و انّ الشّوق الي اللّحاق به كاف عن الطّمع في غيره و قد عكفت علي عهد اللّه انظر فيه و اجمع ما تفرّق منه رجاء ثواب معدّ لمن اخلص للّه عمله و سلّم لعلمه و مشيّة امره علي انّي اعلم انّ التّظاهر علي واقع و لي عن الحقّ الّذي سيق اليّ دافع و اذا قد اقعم الوادي لي و حشد النّادي عليّ فلا مرحبا بما ساء احدا من المسلمين و في النّفس كلام لو لا سابق قول و لا سالف عهد لشفيت غيظي

ص: 638

بخنصري و بنصري و خضت لجّته باخمصي و مفرقي و لكنّي ملجم الي ان القي اللّه تعالي عنده احتسب ما نزل بي و انا غاران شاء اللّه الي جماعتكم و مبايع لصاحبكم و صابر علي ما ساءني و سرّكم ليقضي اللّه امرا كان مفعولا و كان اللّه كلّ شيء شهيدا اقول قوله عليه السّلام زراية يقال زري عليه زريا و زراية بالكسر اذا عابه و استهزء به و قوله و قذني به يقال و قذه يقذه و قذا اذا ضربه حتي استرخي شجنا الشجن محركة الهمّ و الحزن و قوله عكفت اي اقمت قوله اقعم بضم الهمزة و كسر العين اي اصابه داء و اقعمت الشمس اذا ارتفعت قوله حشد اي جمع خنصر بكسر الخاء و تفتح الصّاد الاصبع الصغري من الاصابع بنصر بكسر الباء و الصّاد و تفتح الصّاد الاصبع التي بين الوسطي و الخنصر اخمص القدم باطنها المفرق وسط الراس قوله غار من الغراء و هو ما يلصق به قوله يضطبونه اي يضيّقون عليه يضطغنون اي ينطوون علي الاحقاد

194 و من كلامه عليه السّلام

شرح النهج ايضا ج 10 ص 570 قال التفت عليّ عليه السّلام الي عمر فقال يا ابا حفص و اللّه ما قعدت عن صاحبك جزعا ما صار اليه و لا اتيته خائفا منه و لا اقول ما اقول بعلّة و انّي لاعرف مسمي طرفي و مخطئ قدمي و منزع قوسي و موقع سهمي و لكنّي تخلّفت اعذارا الي اللّه و الي من يعلم الامر الّذي جعله لي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و

ص: 639

اتيت فبايعت حفظا للدّين و خوفا من انتثار(انتشار)امر اللّه

195 و من كلامه عليه السّلام

قال ابن ابي الحديد في الجزء الاوّل من شرحه علي النهج ص 43 لما خرج الزّبير و طلحة من المدينة الي مكة لم يلقيا احدا الاّ و قالا له ليس لعليّ في اعناقنا بيعة و انّما بايعناه مكرهين فبلغ عليّا عليه السّلام قولهما فقال عليه السّلام ابعدهما اللّه و اعزب دارهما و اما و اللّه لقد علمت انّهما سيقتلان انفسهما اخبث مقتل و يأتيان من وردا عليه باشأم يوم و اللّه ما العمرة يريدان و قد اتياني بوجهي فاجرين و رجعا بوجهي غادرين ناكثين و اللّه لا يلقيانني بعد اليوم الاّ في كتيبة خشناء يقتتلان فيها نفسهما فبعدا لهما و سحقا

196 و من خطبه عليه السّلام

قال ابن ابي الحديد فيه ايضا ج 1 ص 43 و ذكر ابو مخنف في كتاب الجمل انّ عليّا عليه السّلام خطب لمّا سار الزّبير و طلحة من مكّة و معهما عايشة يريدون البصرة فقال ايّها النّاس انّ عايشة صارت الي البصرة و معها طلحة و الزّبير و كلّ منهما يري الامر له دون صاحبه امّا طلحة فابن عمّها و امّا الزّبير فختنها و اللّه لو ظفروا بما ارادوا و لن

ص: 640

ينالوا ذلك ابدا ليضربنّ احدهما عنق صاحبه بعد تنازع منهما شديد و اللّه انّ راكبة الجمل الاحمر ما تقطع عقبة و لا تحلّ عقدة الاّ في معصية اللّه و سخطه حتّي تورد نفسها و من معها موارد الهلكة اي و اللّه ليقتلنّ ثلاثهم و ليهربنّ ثلاثهم و ليتوبنّ ثلاثهم و انّها الّتي تنحيها الكلاب الحوئب و انّهما ليعلمان انّهما مخيطئيان و ربّ عالم قتله جهله و معه علمه و لا ينفعه حسبنا اللّه و نعم الوكيل فقد قامت الفتنة و فيها الفئة الباغية اين المحتسبون اين المؤمنون ما لي و لقريش اما و اللّه لقد قتلتهم كافرين و لا قتلنّهم مفتونين و ما لنا الي عايشة من ذنب الاّ انّا ادخلناها في حيّزنا و اللّه لابقرنّ الباطل حتّي يظهر الحقّ من خاصرته فقل لقريش فلتضجّ ضجيجها ثم نزل عليه السّلام

197 و من خطبه عليه السّلام

رواها ابن ابي الحديد في شرح النهج ص 55 ج 1 قال رواها ابو الحسن علي بن محمد المدائني عن عبد اللّه بن جنادة قال قدمت من الحجاز اريد العراق في اوّل امارة عليّ عليه السّلام فمررت بمكّة

ص: 641

فاعتمرت ثم قدمت المدينة فدخلت مسجد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله اذا نودي الصّلوة جامعة فاجتمع الناس و خرج عليّ عليه السّلام متقلّدا سيفه فشخصت الابصار نحوه فحمد اللّه و صلّي اللّه علي رسوله صلّي اللّه عليه و آله ثم قال امّا بعد فانّه لمّا قبض اللّه نبيّه صلّي اللّه عليه و آله قلنا نحن اهله و ورثته و عترته و اوليائه دون النّاس لا ينازعنا سلطانه احد و لا يطمع في حقّنا طامع اذا تبرّي لنا قومنا فغصبونا سلطان نبيّنا فصارت الامرة لغيرنا و صرنا سوقه يطمع فينا الضّعيف و يتعزّز علينا الذّليل فبكت الاعين منّا لذلك و خشنت الصّدور و جزعت النّفوس و ايم اللّه لو لا مخافة الفرقة بين المسلمين و ان يعود الكفر و يبور الدّين لكنّا علي غير ما كنّا لهم عليه فولّي الامر ولاة لم يألوا النّاس خيرا ثمّ استخرجتموني ايّها النّاس من بيتي فبايعتموني علي شان منّي لامركم و فراسة تصدّقني ما في قلوب كثير منكم و بايعني هذان الرّجلان في اوّل من بايع يعلمون ذلك و قد نكثا و غدرا و نهضا الي البصرة بعايشة ليفرّقا جماعتكم و يلقيا باسكم

ص: 642

بينكم اللّهمّ فخذهما بما عملا اخذة واحدة رابية و لا تنعش لهما صرعة و لا تقلهما عثرة و لا تمهلهما فواقا فانّهما يطلبان حقّا تركاه و دما سفكاه اللّهمّ انّي اقتضيك وعدك فانّك قلت و قولك الحقّ لمن بغي عليه لينصرنّه اللّه اللّهمّ فانجز لي موعدي و لا تكلني الي نفسي انّك علي كلّ شيء قدير اقول قوله يبور من البوار و هو الهلاك و يبور اي يبطل من بار عمله اذا بطل قوله لم يألوا اي لم يستطيعوا قوله رابية اي زائدة في الشدّة علي الاخذات كما زادت قبائحهم في القبح قوله و لا تنعش اي لا تقوّيه و لا تقمه

198 و من كلامه عليه السّلام

الوافي ج 2 ص 151 في باب سيرتهم في انفسهم اذا ظهر امرهم عن الكافي عن علي بن صالح بن ابي حمّاد و العدّة عن احمد و غيرهما باسانيد مختلفة في احتجاج امير المؤمنين عليه السّلام علي عاصم بن زياد حين لبس العباء و ترك الملأ و شكاه اخوه الربيع بن زياد الي امير المؤمنين عليه السّلام انّه قد غمّ اهله و احزن ولده بذلك فقال امير المؤمنين عليه السّلام عليّ بعاصم بن زياد فجيء به فلمّا رءاه عبس في وجهه فقال له اما استحييت من اهلك اما رحمت ولدك أ تري اللّه لك احلّ الطّيّبات و هو يكره اخذك منها انت اهون علي اللّه من ذلك او ليس اللّه يقول و الارض وضعها للانام فيها فاكهة و النّخل ذات الاكمام او ليس اللّه يقول مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان الي قوله

ص: 643

يخرج منهما الّلؤ لؤ و المرجان فباللّه لابتذال نعم اللّه بالفعال احبّ اليه من ابتذاله لها بالمقال و قد قال اللّه عزّ و جلّ و امّا بنعمة ربّك فحدّث فقال عاصم يا امير المؤمنين فعلي ما اقتصرت في مطعمك علي الجشوبة و في ملبسك علي الخشونة فقال ويحك انّ اللّه عزّ و جلّ فرض علي ائمّة العدل ان يقدروا انفسهم بضعفة النّاس كيلا يتبيّغ بالفقير فقره فالقي عاصم بن زياد العباء و لبس الملاء قوله الملاء ثوب ليّن رقيق و الاكمام جمع الكمّ بكسر الكاف و هو وعاء الطّلع مرج البحرين اي خلاهما لا يلتبس احدهما بالاخر و البرزخ الحاجز بين الشيئين ابتذال النعمة بالفعال اي يصرفها فيما ينبغي متوسعا من غير ضيق و بالمقال ان يدّعي الغناء و يظهر بلسانه الاستغناء بها و التحديث بها يتعلق بكلا الامرين ان يقدروا انفسهم يقيسوها و التّبيّغ الهيجان و الغلبة

199 و من خطبه عليه السّلام

الوافي ج 2 ص 168 عن الفقيه عن سعد بن طريف عن الاصبغ بن نباتة قال قال امير المؤمنين عليه السّلام في بعض خطبه ايّها النّاس اسمعوا قولي و اللّه فانّ الفراق قريب انا امام البريّة و وصيّ خير الخليقة و زوج سيّدة نساء العالمين و ابو العترة الطّاهرة و الائمّة الهادية و اخو رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و وصيّه و وليّه و وزيره و صاحبه و صفيّه

ص: 644

و حبيبه و خليله و انا امير المؤمنين و قائد الغرّ المحجّلين سيّد الوصيّين حربي حرب اللّه و سلمي سلم اللّه و طاعتي طاعة اللّه و ولايتي ولاية اللّه و شيعتي اولياء اللّه و انصاري انصار اللّه و اللّه الّذي خلقني و لم اك شيئا لقد علم المستحفظون من اصحاب محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم انّ النّاكثين و القاسطين و المارقين ملعونون علي لسان النّبيّ الامّي و قد خاب من افتري اقول نكث العهد و نقضه و قسط يقسط قسطا بالفتح جار و عدل عن الحق و مرق السّهم مروقا خرج

200 و من كلامه عليه السّلام

بشارة المصطفي لشيعة المرتضي المطبوع في النجف ص 104 قال اخبرني الشيخ المفيد ابو علي الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي رحمه اللّه بقراءتي عليه في مشهد مولانا امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السّلام في شعبان سنة احدي عشرة و خمسمائة قال اخبرنا السّعيد الوالد ابو جعفر الطوسي رضي اللّه عنه قال اخبرنا الشيخ ابو عبد اللّه محمد بن محمّد بن النعمان قال اخبرنا ابو القاسم جعفر بن محمّد قال حدثني ابي عن سعد بن عبد اللّه عن احمد بن محمّد بن عيسي عن صفوان بن يحيي عن يعقوب بن شعيب عن صالح بن ميثم التّمار رحمه اللّه قال وجدت في كتاب ميثم رحمه اللّه يقول تمسّينا ليلة عند امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السّلام فقال لنا ليس من عبد امتحن اللّه قلبه للايمان الاّ اصبح يجد مودّتنا علي قلبه و لا اصبح عبد ممّن سخط اللّه عليه الاّ يجد بغضنا علي قلبه اصبحنا نفرح بحبّ المحبّ لنا

ص: 645

و نعرف بغض المبغض لنا و اصبح محبّنا مغتبطا برحمة من اللّه ينتظرها كلّ يوم و اصبح مبغضنا يؤسّس بنيانه علي شفا جرف هار فكان ذلك الشّفا قد انهار به في نار جهنّم و كان ابواب الرّحمة قد فتحت لاهل الرّحمة فهنيئا لاصحاب الرّحمة رحمتهم و تعسا لاهل النّار مثواهم انّ عبدا لم يقصر في حبّنا لخير يجعله اللّه في قلبه و لن يحبّنا من يحبّ مبغضنا انّ ذلك لم يجتمع في قلب واحد و ما جعل اللّه لرجل من قلبين في جوفه يحبّ بهذا قوما و يحبّ بالاخر عدوّهم و الّذي يحبّنا فهو يخلص بحبّنا كما يخلص الذّهب الّذي لا غشّ فيه نحن النّجباء و افراطنا افراط الانبياء و انا وصيّ الاوصياء و انا حزب اللّه و رسوله و الفئة الباغية حزب الشّيطان فمن احبّ ان يعلم حاله في حبّنا فليمتحن قلبه فان وجد فيه حبّ من البّ علينا فليعلم انّ اللّه تعالي عدوّه و جبريل و ميكائيل و اللّه عدوّ للكافرين

ص: 646

201 و من كلامه عليه السّلام

بشارة المصطفي ص 4 قال اخبرنا الشيخ ابو البقاء ابراهيم بن الحسين بن ابراهيم الرقا البصريّ بقراءتي عليه في مشهد مولانا امير المؤمنين عليّ بن ابي طالب عليه السّلام في المحرّم سنة ستّ عشرة و خمسمائة قال حدّثنا الشيخ ابو طالب محمد بن الحسين بن عتبة في ربيع الاوّل سنة ثلاث و ستين و أربعمائة بالبصرة في مسجد النّخاسين علي صاحبه السّلام قال حدّثنا الشيخ ابو الحسن محمّد بن الحسن بن الحسين بن احمد الفقيه قال حدّثنا حمويه ابو عبد اللّه بن علي بن حمويه قال اخبرنا محمد بن عبد اللّه بن المطلّب الشيباني قال حدّثنا محمّد بن عليّ بن مهدي الكندي قال حدثنا محمد بن عليّ بن عمر بن ظريف الحجري قال حدثني ابي عن جميل بن صالح عن ابي خالد الكابلي عن الاصبغ بن نباته قال دخل الحارث الهمداني علي امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السّلام في نفر من الشيعة و كنت فيهم فجعل الحارث يتلوذ في مشيه و يخبط الارض بمحجنه و كان مريضا فدخل فاقبل عليه امير المؤمنين عليه السّلام و كانت له منزلة منه فقال كيف تجدك يا حارث فقال نال مني الدّهر يا امير المؤمنين و زادني غليلا اختصام اصحابك ببابك قال و فيم خصومتهم قال في شانك و الثلاثة من قبلك فمن مفرط غال و مقتصد و ال و من متردّد مرتاب لا يدري أ يقدم ام يحجم قال عليه السّلام فحسبك يا اخا همدان الا انّ خير شيعتي النّمط الاوسط اليهم يرجع الغالي و بهم يلحق التالي فقال له الحارث لو كشفت فداك ابي و امّي الرّيب عن قلوبنا و جعلتنا في ذلك علي بصيرة في امرنا قال فذاك فانّه امر ملبوس عليه انّ دين اللّه لا يعرف بالرّجال بل باية الحقّ فاعرف الحقّ تعرف اهله يا حار انّ الحقّ احسن الحديث و الصّادع به مجاهد و بالحقّ اخبرك فاعرني سمعك ثمّ خبّر به من كان له حصافة من اصحابك الا انّي عبد اللّه و اخو رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و صدّيقه الاكبر صدّقته و ادم

ص: 647

بين الرّوح و الجسد ثمّ انّي صدّيقه الاوّل في امّتكم حقّا فنحن الاوّلون و نحن الاخرون الا و انّي خاصّته يا حارث و صنوه و وصيّه و وليّه و صاحب نجواه و سرّه اوتيت فهم الكتاب و فصل الخطاب و علم القرآن و استودعت الف مفتاح يفتح كلّ مفتاح الف باب يفضي كلّ باب الي الف الف عهد و ايّدت او قال و امددت بليلة القدر نفلا و انّ ذلك ليجري لي و المتحفظّين من ذريّتي كما يجري اللّيل و النّهار حتّي يرث اللّه الارض و من عليها انشدك يا حارث لتعرفني و وليّي و عدوّي في مواطن شتّي لتعرفني عند الممات و عند الصّراط و عند الحوض و عند المقاسمة قال الحارث ما المقاسمة يا مولاي قال عليه السّلام مقاسمة النّار اقاسمها قسمة صحاحا اقول هذا وليّي و هذا عدوّي ثمّ اخذ امير المؤمنين بيد الحارث فقال يا حارث اخذت بيدك

ص: 648

كما اخذ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله بيدي فقال لي و اشتكيت اليه صلّي اللّه عليه و آله حسدة قريش و المنافقين انّه اذا كان يوم القيمة اخذت بحبل اللّه او بحجزته يعني عصمة من ذي العرش و اخذت انت يا علي بحجزتي و اخذت ذرّيّتك بحجزتك و اخذت شيعتكم بحجزتهم فما ذا يصنع اللّه عزّ و جلّ بنبيّه و ما ذا يصنع نبيّه بوصيّه خذها اليك يا حارث قصيرة من طويلة انت مع من احببت و لك ما اكتسبت قالها ثلاثا فقال الحارث و قام يجرّ ردائه جذلا لا ابالي و ربّي بعد هذا متي لقيت الموت او لقيني قال جميل بن صالح فانشد ابو هاشم السيّد بن محمّد في كلمة له

102 و من خطبه عليه السّلام

بشارة المصطفي ص 125 قال اخبرنا الشيخ الفقيه ابو علي الحسن بن محمّد بن الحسن الطّوسي رحمه اللّه بقراءتي عليه في شعبان سنة احدي عشر و خمسمائة بمشهد مولانا امير المؤمنين عليه السّلام علي بن ابي طالب قال اخبرنا السّعيد الوالد ابو جعفر محمد بن الحسن الطّوسي رحمه اللّه قال اخبرنا الشيخ ابو عبد اللّه محمد بن محمد بن النعمان رحمه اللّه قال اخبرنا ابو الحسن عليّ بن محمد الكاتب قال اخبرنا الحسن بن عليّ الزعفراني قال حدّثنا ابراهيم بن محمّد الثقفي قال حدّثني عمّار بن علي بن ابي شيبة عن عمر بن ميمون عن جعفر بن محمّد عن ابيه عن جدّة عليهم السّلام قال قال امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السّلام علي منبر الكوفة يا ايّها النّاس انّه كان لي من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله عشر هنّ احبّ اليّ ممّا طلعت عليه الشّمس قال قال لي رسول

ص: 649

اللّه صلّي اللّه عليه و آله انت اخي في الدّنيا و الاخرة و انت اقرب الخلائق اليّ يوم القيمة في الموقف بين يدي الجبّار و منزلك في الجنّة مواجه منزلي كما تتواجه منازل الاخوان في اللّه عزّ و جلّ و انت الوصيّ من بعدي في عداتي و امري و انت الحافظ لي في اهلي عند غيبتي و انت الامام لامّتي و القائم بالقسط في رعيّتي و انت وليّي و ولييّ وليّ اللّه و عدوّك عدوّي و عدوّي عدوّ اللّه

203 و من خطبه عليه السّلام

بشارة المصطفي ص 172 قال اخبرنا الشيخ العفيف ابو البقاء ابراهيم بن الحسن البصري رحمه اللّه قراءة عليه في صفر سنة عشر و خمسمائة بمشهد مولانا امير المؤمنين عليه السّلام قال حدثني الشيخ ابو طالب محمد بن الحسين بن عتبة قال حدّثني ابو الحسين محمد بن احمد بن محمد بن مخلّد المداري قال حدّثنا ابو المفضّل محمد بن عبد اللّه بن محمد بن المطلّب الشيباني في شعبان سنة ستّ و ثمانين و ثلاثماة ببغداد في نهر الدجاج في دار الصّيداوي المنشد قال حدثنا احمد بن محمد بن ابي نصر عن ابان بن عثمان الاحمر عن ابان بن تغلب عن عكرمة مولي عبد اللّه بن عباس عن عبد اللّه بن عبّاس قال عقم النساء ان ياتين بمثل امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السّلام ما كشفت النساء ذيولهنّ بمثله لا و اللّه ما رايت فارسا محدّثا يوزن به لرايته يوما و نحن معه بصفّين و علي راسه عمامة سوداء و كان عينيه سراجا سليط تتواقدان من تحتهما يقف علي شرذمة يخطبهم حتي انتهي الي نفر انا فيهم و طلعت خيل لمعاوية لعنه اللّه تدعي بالكتيبة الشهباء عشرة الاف دارع علي عشرة الاف اشهب فاقشعر النّاس لها لما رواها و انحاز بعضهم الي بعض فقال امير المؤمنين عليه السّلام فيما النّخع و الخنع يا اهل العراق هل هي الاّ

ص: 650

اشخاص مائلة فيها قلوب طائرة لو مسّتها سيوف اهل الحقّ لرايتموها كجراد بقيعة سفته الرّيح في يوم عاصف الا فاستشعروا الخشية و تجلببوا السّكينة و ادرعوا الصّبر و غضّوا الاصوات و قلّقوا الاسياف في الاغماد قبل السّلّة و انظروا الخزر و اطعنوا الشّزر و كافحوا بالضّبا و صلوا السّيوف بالخطيّ و النّبال بالرّماح و عاودوا الكرّ و استحيوا من الفرّ فانّه عار في الاعقاب و نار يوم الحساب فطيبوا انفسكم نفسا و امشوا الي الموت مشية سجحا فانّكم بعين اللّه عزّ و جلّ و مع اخي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و عليكم بهذا السّرادق الادلم و الرّواق المظلم و اضربوا بثجّه فانّ الشّيطان راقد في كسره نافش حضينه مفترش ذراعيه قد قدّم للوثبة يدا و اخّر للنّكوس رجلا فصمدا صمدا حتّي ينجلي لكم عمود الحقّ و أنتم الاعلون و اللّه معكم و لن يتركم اعمالكم ها انا شادّ فشدّوا بسم اللّه حم لا ينصرون

ص: 651

اقول السّليط هو الزيت عند عامة العرب و عند اهل اليمن هو دهن السّمسم قوله تتواقدان اي تضيئان اقشعرّ اذا اخذ قشعريرة و انحاز اي و انضمّ النخع الذلّة و الخنع الخضوع و الذلة ايضا القيعة بكسر القاف المستوي من الارض سفته الريح اي ذرته او حملته يوم عاصف و هو فاعل بمعني مفعول اي يوم وقعت فيه الشدّة القلق التوشّح اي قلّدوا بالاسياف سلّ السيف اخراجه من الغمد و انظروا الخزر اي بلحظ العين و الشزر بسكون الراء الطعن علي غير استقامة بل يمينا و شمالا و فائدته توسعة المجال للطّاعن و كافحوهم في الحرب اي استقبلوهم الضّبا الظّفر و صلوا السيوف اي اتبعوها سجحا اي سهلا السّرادق كلما احاط بشيء من حائط او مضرب او خباء و قيل هو ما يحيط بالخيمة و الادلم شديد السّواد الثّج الروضة فيها حياض و مساكات للماء نفش من باب قتل اذا هيّجه ناقش حضينه من الحضانة اي يهيّج من الصقه بصدره النكوص الاحجام عن الشيء الصّمد القصد و الضرب و النصب

204 و من خطبه عليه السّلام

بشارة المصطفي ص 190 و بالاسناد قال حدثنا ابو جعفر محمد بن علي بن الحسين قال حدّثني ابي قال حدثني سعد بن عبد اللّه عن الهيثم بن ابي مسروق عن الحسين بن علوان عن عمر بن ثابت عن ابيه عن سعد بن طريف عن الاصبغ بن نباته قال قال علي بن ابي طالب عليه السّلام ذات يوم علي منبر الكوفة انّا سيّد الوصيّين و وصيّ سيّد المرسلين و انا امام المتّقين و مولي المؤمنين و قائد المتّقين و زوج سيّدة نساء العالمين انا المتختّم باليمين و المعفّر للجبين انا الّذي هاجرت الهجرتين و بايعت البيعتين انا صاحب بدر و حنين و انا الضّارب بالسّيفين و الحامل علي فرسين و انا وارث علم الاوّلين و الاخرين انا حجّة اللّه عزّ و جلّ علي العالمين بعد الانبياء و المرسلين

ص: 652

و محمّد بن عبد اللّه خاتم النّبيّين اهل موالاتي مرحومون و اهل عداوتي ملعونون و لقد كان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله يقول كثيرا مالي يا علي حبّك تقوي و بغضك كفر و نفاق و انا بيت الحكمة و انت مفتاحه و كذب من زعم انّه يحبّني و يبغضك

205 و من خطبه عليه السّلام

الوافي ج 3 ص 105 في باب من تكره مصاحبته و مشاورته عن الكافي العدّة عن البرقي عن عمرو بن عثمان عن محمد بن سالم الكندي عمّن حدّثه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال كان امير المؤمنين عليه السّلام اذا صعد المنبر قال ينبغي للمسلم ان يجتنب مواخاة ثلاثة الماجن الفاجر و الاحمق و الكذّاب فامّا الماجن الفاجر فيزيّن لك فعله و يحبّ انّك مثله و لا يعنيك علي امر دينك و معادك و مقاربته جفاء و قسوة و مدخله و مخرجه عار عليك و امّا الاحمق فانّه لا يشير عليك بخير و لا يرجي لصرف السّوء عنك و لو اجهد نفسه و ربما اراد ان ينفعك فضرّك فموته خير من حياته و سكوته خير من نطقه و بعده خير من قربه و امّا الكذّاب فانّه لا يهنّئك معه عيش ينقل حديثك و ينقل اليك الحديث كلّما

ص: 653

افني احدوثة مطّها باخري مثلها حتّي انّه يحدّث بالصّدق فما يصدّق و يعرف بين النّاس بالعداوة فينبت السّخايم في الصّدور فاتّقوا اللّه عزّ و جلّ و انظروا لانفسكم الماجن من لا يبالي قولا و لا فعلا لصلابة وجهه من الماجن بمعني الصّلابة و الغلظة لا يهنأك بتخفيف النون اي لا يصير لك هنيئا و المطّ المد و القوّة و السخايم الضّغاين

206 و من خطبه عليه السّلام

و هي التي اوردها الرضي رضي اللّه عنه و ارضاه في نهج البلاغة باختلافات كثيرة في الفاظها و عباراتها و بين ما اوردها هناك و ما رواه في الكافي و هي التي انا ناقلها الأن اختلاف بيّن فلذا نقلتها عن الوافي ج 3 ص 34 للانتفاع بعباراتها المتغايرة مع ما في النهج تذكرة لمن اراد الانتفاع بها و هي هذه الوافي عن الكافي في باب صفات المؤمن و علاماته عن محمّد عن محمد بن إسماعيل عن عبد اللّه بن داهر عن الحسن بن يحيي عن قثم ابي قتادة الحرّاني عن عبد اللّه بن يونس عن ابي عبد اللّه عليه السّلام قال قام رجل يقال له همّام و كان عابدا ناسكا مجتهدا الي امير المؤمنين عليه السّلام و هو يخطب فقال يا امير المؤمنين صف لنا صفة المؤمن كانّنا ننظر اليه فقال عليه السّلام يا همّام المؤمن هو الكيّس الفطن بشره في وجهه و حزنه في قلبه اوسع شيء صدرا و اذلّ شيء نفسا زاجر عن كلّ فان حاضّ علي كلّ حسن لا حقود و لا حسود و لا وثّاب و لا سبّاب و لا عيّاب و لا مغتاب يكره الرّفعة و يشنأ السّمعة طويل الغمّ بعيد الهمّ كثير الصّمت و قور ذكور صبور

ص: 654

شكور مغموم بفكره مسرور بفقره سهل الخليقة لين العريكة رصين الوفاء قليل الاذي لا متافّك و لا متهتّك ان ضحك لم يخرق و ان غضب لم يترق ضحكه تبسّم و استفهامه تعلّم و مراجعته تفهّم كثير علمه عظيم حلمه كثير الرّحمة لا يبخل و لا يعجل و لا يضجر و لا يبطر و لا يحيف في حكمه و لا يجور في علمه نفسه اصلب من الصّلد و مكادحته احلي من الشّهد لا جشع و لا هلع و لا عنف و لا صلف و لا معمّق و لا متكلّف جميل المنازعة كريم المراجعة عدل ان غضب رفيق ان طلب لا يتهوّر و لا يتهتّك و لا يتجبّر خالص الودّ وثيق العهد وفيّ العقد شفيق وصول حليم حمول قليل الفضول راض عن اللّه تعالي مخالف لهواه لا يغلظ علي من يؤذيه و لا يخوض فيما لا يعنيه ناصر للدّين محامي عن المؤمنين كهف المسلمين لا يخرق الثّناء سمعه و لا ينكي الطّمع قلبه و لا يصرف اللّعب حكمه و لا يطّلع

ص: 655

الجاهل علمه قوّال عمّال عالم حازم لا بفحّاش و لا بطيّاش وصول في غير عنف بذول في غير سرف و لا بختّار و لا بعذّار و لا يقتفي اثرا و لا يحيف بشرا رفيق بالخلق ساع في الارض عون للضّعيف غوث للملهوف لا يهتك سترا و لا يكشف سرّا كثير البلوي قليل الشّكوي ان راي خيرا ذكره و ان عاين شرّا ستره يستر العيب و يحفظ الغيب و يقيل العثرة و يغفر الزّلّة لا يطّلع علي نصح فيذره و لا يدع جنح حيف فيصلحه امين رصين تقيّ نقيّ زكيّ رضيّ يقبل العذر و يجمل الذّكر و يحسن بالنّاس الظّن و يتّهم علي العيب نفسه يحبّ في اللّه يفقه و علم و يقطع في اللّه بحزم و عزم لا يخرق به فرح و لا يطيش به مرح مذكّر للعالم معلّم للجاهل و لا يتوقّع به(له)بائقة و لا يخاف له غائلة كلّ سعي اخلص عنده من سعيه و كلّ نفس اصلح عنده من نفسه عالم بعيبه شاغل بغمّه لا يثق

ص: 656

بغير ربّه قريب وحيد حزين يحبّ في اللّه و يجاهد في اللّه ليتّبع رضاه و لا ينتقم لنفسه بنفسه و لا يوالي في سخط ربّه مجالس لاهل الفقر مصادق لاهل الصّدق موازر لاهل الحقّ عون للغريب اب لليتيم بعل للأرملة خفيّ باهل المسكنة مرجوّ لكلّ كريهة مامول لكلّ شدّة هشّاش بشّاش لا بعبّاس و لا بجسّاس صليب كظّام بسّام دقيق النّظر عظيم الحذر لا يبخل و ان بخل عليه صبّر عقّل فاستحيي و قنع فاستغني حياءه يعلو شهوته و ودّه يعلو حسده و عفوه يعلو حقده لا ينطق بغير صواب و لا يلبس الاّ الاقتصاد مشيه التّواضع خاضع لربّه بطاعته راض عنه في كلّ حالاته نيّته خالصة اعماله ليس فيها غشّ و لا خديعة نظره عبرة و سكوته فكرة و كلامه حكمة مناصحا متباذلا متواخيا ناصح في السّرّ و العلانية لا يهجر اخاه و لا يغتابه و لا يمكر به و لا يأسف علي ما فاته و لا يحزن علي ما اصابه و لا يرجو ما لا

ص: 657

يجوز له الرّجاء و لا يفشل في الشّدّة و لا يبطر في الرّخاء يمزج العلم بالحلم و العقل بالصّبر تراه بعيدا كسله دائما نشاطة قريبا امله قليلا زلله متوقّعا لاجله خاشعا قلبه ذاكرا ربّه قانعة نفسه منفيّا جهله سهلا امره حزينا لذنبه ميتة شهوته كظوما غيظه صافيا خلقه امنا منه جاره ضعيفا كبره قانعا بالّذي قدّر له متينا صبره محكما امره كثيرا ذكره يخالط النّاس ليعلم و يصمت ليسلم و يسئل ليفهم و يتجر ليغنم لا ينصت للخير ليفخر به و لا يتكلّم ليتجبّر به علي من سواه نفسه منه في غناء و النّاس منه في راحة اتعب نفسه لاخرته فاراح النّاس من نفسه ان بغي عليه صبر حتّي يكون اللّه الّذي ينتصر له بعده ممّن تباعد منه بغض و نزاهته و دنوّه ممّن دنا منه لين و رحمة ليس تباعده تكبّرا و لا عظمة و لا دنوّه خديعة و لا خلابة بل يقتدي بمن كان قبله من اهل الخير فهو امام لمن بعده من اهل البرّ

ص: 658

قال فصاح همّام صيحة ثم وقع مغشيّا عليه فقال امير المؤمنين عليه السّلام اما و اللّه لقد كنت اخافها عليه و قال هكذا تصنع الموعظة البالغة باهلها فقال له قائل يا امير المؤمنين فما بالك فقال انّ لكلّ اجلا لن يعدوه و سببا لا يجاوزه فمهلا لا تعد فانّما نفث علي لسانك شيطان اقول همّام هذا هو همّام بن شريح بن يزيد بن مرّة و كان من شيعة عليّ عليه السّلام و اوليائه البشر بالكسر الطلاقة و الحضّ الحثّ و الترغيب و الوثبة الطّيش و الشّنائة البغض و السّمعة الصّيت و العريكة الطبيعة لانت عريكته اذا انكسرت نخوته الرّصين كامين بالمهملتين المحكم الثابت الأفك الكذب الخرق الحمق النزق الطيش الضّجر الملال البطر افراط الفرح الحيف الظلم الصّلد الصّلب الاملص الكدح الكدّ و السّعي و حلاوة مكادحته لحلاوة ثمرتها و يقينه في نيلها فان التعب في سبيل المحبوب راحة الجشع محرّكة اشدّ الحرص و اسوءه و ان تأخذ نصيبك و تطمع في نصيب غيرك الهلع الجزع الصّلف ان تدّعي ما ليس فيك من الكمال الرّفق المداراة التهوّر ايقاع النفس فيما لا تطيق و نفي الخرق و النكاية كناية عن عدم التاثر بهما و الكناية الجرح و الحكم الحكمة و الختر الغدر و الخديعة او اقبح الغدر و نفي اقتضاء الاثر كناية عن عدم التجسّس لعيوب الناس الجنح الجانب الحزم التيقّظ المرح شدة الفرح يعني لا يحمله الفرح علي الحماقة و لا شدّته علي العدول عن الحق و الميل الي الباطل يقال طاش السّهم عن الهدف اي عدل البايقة الشرّ الغائلة الشدّة الموازرة المعاونة مرجوّ لكل كريمة اي خصلة كريمة و في بعض النسخ كريهة بالهاء و هو اوفق لقوله مامول لكل شدّة و المراد رفعهما و الهشاشة الارتياح و الخفّة و البشاشة طلاقة الوجه و رجل هشّاش بشّاش او هشّ بش اي طلق الوجه طيّبة الاقتصاد في الملبس ان لا تلبس ما يلحقك بدرجة المترفين و لا ما يلحقك باهل الخسّة و الدّنائة و يحتمل ان يكون المراد جعله الاقتصاد لباسا لنفسه اي يقتصد في كلّ اموره و التواضع في المشي العدل بين رزيلتي المهانة و الكبر بغض و نزاهة اي بغض له في اللّه او بغض لما في ايدي الناس من متاع الدّنيا و نزاهة عنه و الخلابة الخديعة باللسان و هذه الخطبة من جليل خطبه و بليغ وصفه فعلت بهمّام ما فعلت

ص: 659

207 و من خطبه عليه السّلام

قال العلامة المجلسي اعلي اللّه في الخلد مقامه في الجزء الثامن عشر من بحار الانوار ص 873 في باب ادعية عيد الاضحي حاكيا عن المتهجّد انه قال روي ابو مخنف عن جندب بن عبد اللّه الازدي عن ابيه ان عليّا عليه السّلام كان يخطب يوم الفطر فيقول الحمد للّه الّذي خلق السّموات و الارض و جعل الظّلمات و النّور ثمّ الّذين كفروا بربّهم يعدلون لا اشرك باللّه شيئا و لا اتّخذ من دونه وليّا و الحمد للّه الّذي له ما في السّموات و ما في الارض و له الحمد في الاخرة و هو الحكيم الخبير يعلم ما يلج في الارض و ما يخرج منها و ما ينزل من السّماء و ما يعرج فيها و هو الرّحيم الغفور كذلك اللّه ربّنا جلّ ثناءه لا امد له و لا غاية له و لا نهاية و لا اله الاّ هو و اليه المصير و الحمد للّه الّذي يمسك السّماء ان تقع علي الارض الاّ باذنه انّ اللّه بالنّاس لرؤف رحيم اللّهمّ ارحمنا برحمتك و اعممنا بعافيتك و امددنا بعصمتك و لا تخلنا من رحمتك انّك انت الغفور الرّحيم و الحمد للّه لا مقنوطا من رحمته و لا مخلوّا من نعمته و لا مؤيسا من روحه و لا مستنكفا

ص: 660

عن عبادته الّذي بكلمته قامت السّموات السّبع و ثبتت الجبال الرّواسي و جرت الرّياح اللّواقح و سارت في جوّ السّماء السّحاب و قامت علي حدودها البحار فتبارك اللّه ربّ العالمين اله قاهر قادر ذلّ له المتعزّزون و تضائل له المتكبّرون و دان طوعا و كرها له العالمون نحمده بما حمد به نفسه و كما هو اهله و نستعينه و نستغفره و نشهد ان لا اله الاّ اللّه وحده لا شريك له يعلم ما تخفي النّفوس و ما تجنّ البحار و ما تواري الاسراب و ما تغيض الارحام و ما تزداد و كلّ شيء عنده بمقدار لا تواري منه ظلمة و لا تغيب عنه غائبة و ما تسقط من ورقة الاّ يعلمها و لا حبّة في ظلمات الارض و لا رطب و لا يابس الاّ في كتاب مبين و يعلم ما يعمل العاملون و الي ايّ منقلب ينقلبون و نستهدي اللّه بالهدي و نعوذ به من الضّلال و الرّدي و نشهد انّ محمّدا و نبيّه و رسوله الي النّاس كافّة و امينه علي وحيه و انّه

ص: 661

بلّغ رسالة ربّه و جاهد في اللّه المدبرين عنه و عبده حتّي اتاه اليقين صلّي اللّه عليه و آله اوصيكم عباد اللّه بتقوي اللّه الّذي لا تبرح منه نعمة و لا تفقد له رحمة و لا تستغني عنه العباد و لا تجزي انعمه الاعمال الّذي رغّب في الاخرة و زهّد في الدّنيا و حذّر المعاصي و تعزّز بالبقاء و تفرّد بالعزّ و البهاء و جعل الموت غاية المخلوقين و سبيل الماضين و هو معقود بنواصي الخلق كلّهم حتم في رقابهم لا يعجزه لحوق الهارب و لا يفوته ناء و لا ائب يهدم كلّ لذّة و يزيل كلّ بهجة و صحّة و يقشع كلّ نعمة عباد اللّه انّ الدّنيا دار رضي اللّه لاهلها الفناء و قدّر عليهم بها الجلاء فكلّ ما فيها نافد و كلّ من يسلكها بائد و هي مع ذلك حلوة خضرة رائقة نضرة قد زيّنت للطّالب و لاطت بقلب الرّاغب يطيبها الطّامع و يجتويها الوجل الخائف فارتحلوا رحمكم اللّه منها باحسن ما

ص: 662

بحضرتكم من الزّاد و لا تطلبوا منها سوي البلغة و كونوا فيها كسفر نزلوا منزلا فتمتعّوا منه بادني ظلّ ثمّ ارتحلوا لشانهم و لا تمدّوا اعينكم فيها الي ما متّع به المترفون و اضرّوا فيها بانفسكم فانّ ذلك اخفّ للحساب و اقرب من النّجاة الا و انّ الدّنيا قد تنكّرت و ادبرت و اذنت بوداع الا و انّ الاخرة قد اقبلت و اشرفت و نادت باطّلاع و انّ المضمار اليوم و غدا السّباق الا و انّ السّبقة الجنّة و الغاية افلا تائب من خطيئته قبل هجوم منيّته او لا عامل لنفسه قبل يوم فقره و بؤسه جعلنا اللّه و ايّاكم ممّن يخافه و يرجو ثوابه الا و انّ هذا اليوم يوم جعله اللّه عيدا و جعلكم له اهلا فاذكروا اللّه يذكركم و كبّروه و عظّموه و سبّحوه و مجّدوه و ادعوه يستجب لكم و استغفروه يغفر لكم و تضرّعوا و ابتهلوا و توبوا و انيبوا و ادّوا فطرتكم فانّها سنّة نبيّكم و فريضة واجبة من ربّكم فليخرجها كلّ امرء منكم

ص: 663

عن نفسه و عن عياله كلّهم ذكرهم و انثاهم صغيرهم و كبيرهم و حرّهم و مملوكهم يخرج عن كلّ واحد منهم صاعا من شعير او صاعا من تمر او نصف صاع من برّ من طيّب كسبه طيبة بذلك نفسه عباد اللّه و تعاونوا علي البرّ و التّقوي و تراحموا و تعاطفوا و ادّوا فرائض اللّه عليكم فيما امركم به من اقامة الصّلوة المكتوبات و اداء الزّكوة و صيام شهر رمضان و حجّ البيت الحرام و الامر بالمعروف و النّهي عن المنكر و الاحسان الي نسائكم و ما ملكت ايمانكم و اتّقوا اللّه فيما نهكم عنه و اطيعوه في اجتناب قذف المحصنات و اتيان الفواحش و شرب الخمر و بخس المكيال و نقص الميزان و شهادة الزّور و الفرار من الزّحف عصمنا اللّه و ايّاكم بالتّقوي و جعل الاخرة خيرا لنا و لكم من هذه الدّنيا انّ احسن الحديث و ابلغ الموعظة كلام اللّه تعالي اعوذ باللّه من الشّيطان الرّجيم

ص: 664

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم قل هو اللّه احد اللّه الصّمد لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا احد ثمّ جلس و قام و قال الحمد للّه نحمده و نستعينه و نستغفره و نستهديه و نؤمن به و نتوكّل عليه و نعوذ باللّه من شرور انفسنا و من سيّئات اعمالنا من يهدي اللّه فهو المهتد و من يظلل فلن تجد له وليّا مرشدا و اشهد ان لا اله الاّ اللّه وحده لا شريك له و اشهد انّ محمّدا عبده و رسوله اقول قال المجلسي ره و ذكر باقي الخطبة في يوم الجمعة انتهي و انا الحق الباقي الذي ذكره هناك و الحقه بها ههنا كيلا يحتاج الناظر الي الرّجوع الي محل ذكره و هو هذا قال عليه السّلام بعد اشهد ان محمّدا عبده و رسوله صلوات اللّه عليه و اله و سلامه و مغفرته و رضوانه اللّهمّ صلّ علي محمّد عبدك و رسولك و نبيّك و صفيّك صلاة تامّة نامية زاكية ترفع بها درجته و تبيّن بها فضيلته و صلّ علي محمّد و ال محمّد كما صلّيت و باركت علي ابراهيم و ال ابراهيم انّك حميد مجيد اللّهمّ عذّب كفرة اهل الكتاب و المشركين الّذين يصدّون عن سبيلك و يحجدون آياتك و يكذّبون

ص: 665

رسلك الّلهمّ خالف بين كلمتهم و الق الرّعب في قلوبهم و انزل عليهم رجزك و نقمتك و باسك الّذي لا تردّه عن القوم المجرمين اللّهمّ انصر جيوش المسلمين و سراياهم و مرابطيهم حيث كانوا في مشارق الارض و مغاربها انّك علي كلّ شيء قدير اللّهمّ اغفر للمؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات و لمن هو لا حق بهم و اجعل التّقوي زادهم و الجنّة مأبهم و الايمان و الحكمة في قلوبهم و اوزعهم ان يشكروا نعمتك الّتي انعمت عليهم و ان يوفوا بعهدك الّذي عاهدتهم عليه اله الحقّ و خالق الخلق امين انّ اللّه يأمر بالعدل و الاحسان و ايتاء ذي القربي و ينهي عن الفحشاء و المنكر و البغي يعظكم لعلّكم تذكّرون اذكروا اللّه فانّه ذاكر لمن ذكره و سلوه رحمته و فضله فانّه لا يخيب عليه داع من المؤمنين دعاه ربّنا اتنا في الدّنيا حسنة و في الاخرة حسنة و قنا عذاب النّار اقول اعلم انّ الرّضي رضي اللّه عنه قد نقل بعض فصول هذه الخطبة في نهج البلاغة و نقل تمامها الصدوق ره في الفقيه باختلاف يسير قوله امدا الامد نهاية البلوغ و جمعه اماد يقال بلغ امده اي

ص: 666

غايته و حكي عن الرّاغب انّ الامد و الابد متقاربان قوله و اعممنا اي اغفر لنا جميع خطايانا او الاعمّ و امددنا علي بناء الافعال او بضم الدال علي بناء المجرّد اي قوّنا و ايّدنا و لا مقنوطا حال من الجلالة و من رحمته قائم مقام الفاعل لقوله مقنوطا و الرّوح بالفتح الرحمة و لا مستنكفا في بعض النسخ بفتح الكاف علي سياق سائر الفقرات و في اكثرها بكسر الكاف و في النهج الحمد للّه غير مقنوط من رحمته و لا مخلّو من نعمته و لا مايوس من مغفرته و لا مستنكف عن عبادته الذي لا تبرح منه رحمة و لا تفقد له نعمة القنوط و القنط المنع الذي بكلمته او بقوله كن او بقدرته و ارادته مجازا او باسمه الاعظم كما في القاموس و المهاد ككتاب الفراش و البساط و الرّواحي الثوابت الرّواسخ و اللواقح اي الحوامل السّحائب جمع السّحاب المتعززون اي الاعزّاء بين الخلق و الذين يتكلفون العزة و ليسوا باهلها و لا متصفين بها و التضاؤل التصاغر و الضئيل الخيف الجسم و الحقير و دان اي ذلّ و اطاع و جنّه و اجنّه اي ستره و الاسراب جمع السّرب بالتحريك و هو حجر الوحشي و الحفير تحت الارض و ما تغيض الارحام اي تنقص من المدّة او العدد و لا يفوته ناء اي بعيد و لا ائب اي راجع و قشعت اي كشفت و الجلاء الخروج من البلد و الناقد الفاني و البائد الهالك و لاطت بقلب الراغب قال في الصّحاح و لاط الشيء بقلبي يطوط و يليط و اني لاجد له في قلبي لوطا هو الحبّ اللازق بالقلب و اطابه جعله طيّبا و النسخ هنا مختلفة و اجودها يستطيبها و في بعض النسخ يطيبها من قولهم طباه يطبوه و يطبيه اذا دعاه و الظاهر انه تصحيف و يجتويها الوجل الخائف من قولهم اجتواه اي كرهه و في بعض النسخ يحتويها من الاحتواء بالحاء المهملة اي يجمعها و يحوزها و الارتحال السّفر و الانتقال و الباء للمصاحبة و قرب الرّجل و حضوره هو الحضرة و ما هو موجود و حاضر لديكم من الزّاد و هو التقوي و الزاد طعام يتخذ للسفر و لا تمدّوا اعينكم اي لا تنظروا نظر رغبة او لا تطمحوا بانفسكم طموح راغب الي ما متع به المترفون و في القاموس المترف كمكرم يضع ما يشاء و السّبقه بضم السين اسم لما يجعل للسابق المضمار تضمير الفرس و موضعه و قد يطلق علي ميدان المسابقة و تضمير الفرس تعليفه حتي يسمن و يقال لمكان التضمير المضمار و الغاية بمعني غاية الميدان و المنيّة الموت و البؤس الخضوع لشدة الحاجة و الابتهال التضرّع و الانابة التوبة او الرجوع الي الطاعة قوله او نصف صاع كذا في اكثر النسخ و نسب الي خطّه ره و في بعض النسخ صاعا من برّو الاوّل محمول علي التّقيّة لانه من بدع عثمان كما ذكر في محلّه و النجس النقص و الظلم

208 و من خطبه عليه السّلام

ص: 667

الجزء الثامن عشر من البحار ص 736 عن المتهجد روي جابر عن ابي جعفر عليه السّلام قال خطب امير المؤمنين عليه السّلام فقال الحمد للّه ذي القدرة و السّلطان و الرّافة و الامتنان احمده علي تتابع النّعم و اعوذ به من العذاب و النّقم و اشهد ان لا اله الاّ اللّه وحده لا شريك له مخالفة للجاحدين و معاندة للمبطلين و اقرارا بانّه ربّ العالمين و اشهد انّ محمّدا عبده و رسوله قفّي به المرسلين و ختم به النّبيّين و بعثه رحمة للعالمين صلّي اللّه عليه و آله أجمعين و قد اوجب الصّلوة عليه و اكرم مثواه لديه و اجمل احسانه اليه اوصيكم عباد اللّه بتقوي اللّه الّذي هو وليّ ثوابكم و اليه مردّكم و مأبكم فبادروا في العمل الصّالح قبل ان يهجم عليكم الموت الّذي لا ينجيكم منه حصن منيع و لا هرب سريع فانّه وارد نازل و واقع عاجل فان تطاول الاجل و امتدّ المهل فكلّ ما هو ات قريب و من مهّد لنفسه فهو المصيب فتزوّدوا رحمكم اللّه ليوم الممات و احذروا اليم هول البيات فانّ عقاب اللّه

ص: 668

عظيم و عذابه اليم نار تلهّب و نفس تعذّب و شراب من صديد و مقامع من حديد اعاذنا اللّه و ايّاكم من النّار و رزقنا و ايّاكم مرافقة الابرار و غفر لنا و لكم جميعا انّه هو الغفور الرّحيم انّ احسن الحديث و ابلغ الموعظة كتاب اللّه ثمّ نعوذ باللّه و قرء سورة العصر ثمّ قال جعلنا اللّه و ايّاكم ممّن تسعهم رحمته و يشملهم عفوه و رافته و استغفر اللّه لي و لكم ثمّ جلس يسيرا ثمّ قال الحمد للّه الّذي دنا في علوّه و علا في دنوّه و تواضع كلّ شيء لجلاله و استسلم كلّ شيء لعظمته و خشع كلّ شيء لقدرته مقصّرا عن كنه شكره و او من به اذعانا لربوبيّته و استعينه طالبا لعصمته و اتوكّل عليه مفوّضا اليه و اشهد ان لا اله الاّ اللّه وحده لا شريك له الها واحدا احدا فردا صمدا وترا لم يتّخذ صاحبة و لا ولدا و اشهد انّ محمّدا عبده المصطفي و رسوله المجتبي و امينه المرتضي ارسله بالحقّ بشيرا و نذيرا و داعيا اليه باذنه و سراجا منيرا فبلّغ الرّسالة و

ص: 669

ادّي الامانة و نصح الامّة و عبد اللّه حتّي اتاه اليقين فصلّي اللّه عليه و اله في الاوّلين و صلّي اللّه عليه و اله في الاخرين و صلّي اللّه عليه و اله يوم الدّين اوصيكم عباد اللّه بتقوي اللّه و العمل بطاعته و اجتناب معصيته فانّه من يطع اللّه و رسوله فقد فافوزا عظيما و من يعص اللّه و رسوله فقد ضلّ ضلالا بعيدا و خسر خسرانا مبينا انّ اللّه و ملائكته يصلّون علي النّبيّ يا ايّها الّذين امنوا صلّوا عليه و سلّموا تسليما اللّهمّ صلّ علي محمّد عبدك و رسولك افضل صلواتك علي انبياءك و اولياءك اقول السّلطان الحجة و البرهان و قدرة الملك و الامتنان الانعام و قفّيته زيدا اي اتبعته و المثوي المنزل و المردّ و المأب المرجع فبادروا بذلك اي سارعوا بالتقوي و المهل بالتحريك المهلة و بالسّكون ايضا المهلة و الرفق و تلهّب اي تتلهّب بحذف احدي التائين و تلهّب النار اشتعالها و الصّديد ماء الجرح الرقيق و المقامع جمع المقمعة كمكنسة العمود من حديد او كالمحجن يضرب به راس الفيل و خشبة يضربه بها الانسان راسه دني في علوّه اي دنوّه دنو العليّة و الاحاطة العلّمية و الرأفة و الرحمة و كذا العكس صمدا اي مقصود اليه في جميع الامور و اليقين هو الموت

209 و من خطبه عليه السّلام

الجزو الثامن عشر من البحار ص 736 عن مصباح المتهجد للشيخ الطوسي رضوان اللّه عليه روي عن زيد بن وهب قال خطب امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السّلام و صلوات الله عليه يوم الجمعة فقال

ص: 670

الحمد للّه الوليّ الحميد الحكيم المجيد الفعّال لما يريد علاّم الغيوب و ستّار العيوب و خالق الخلق و منزل القطر و مدبّر الامر و ربّ السّموات و الارض و الدّنيا و الاخرة وارث العالمين و خير الفاتحين الّذي من عظم شانه انّه لا شيء مثله تواضع كلّ شيء لعظمته و ذلّ كلّ شيء لعزّته و استسلم كلّ شيء لقدرته و قرّ كلّ شيء قراره لهيبته و خضع كلّ شيء من خلقه لملكه و ربوبيّته الّذي يمسك السّماء ان تقع علي الارض الاّ باذنه و لن تقوم السّاعة و يحدث شيء الاّ بعلمه و نحمده علي ما كان و نستعينه من امرنا علي ما يكون و نستغفره و نستهديه و اشهد ان لا اله الاّ اللّه وحده لا شريك له ملك الملوك و سيّد السّادات و جبّار السّموات و الارض الواحد القهّار الكبير المتعال ذو الجلال و الاكرام ديّان الدّين و ربّنا و ربّ ابائنا الاوّلين و اشهد انّ محمّدا عبده و رسوله ارسله داعيا الي الحقّ و شاهدا علي الخلق فبلّغ رسالات ربّه كما امره لا متعدّيا و لا مقصّرا و جاهد في اللّه اعداءه لا وانيا و لا

ص: 671

ناكلا و نصح له في عباده صابرا محتسبا و قبض اللّه اليه و قد رضي عمله و تقبّل سعيه و غفر ذنبه صلّي اللّه عليه و آله اوصيكم عباد اللّه بتقوي اللّه و اغتنام طاعته ما استطعتم في هذه الايّام الخالية الفانية و اعداد العمل الصّالح الجليل ما يشفي به عليكم الموت و امركم بالرّفض لهذه الدّنيا التّاركة لكم الزّائلة عنكم و ان لم تكونوا تحبّون تركها و المبلية لاجسادكم و ان احببتم تجديدها فانّما مثلكم و مثلها كركب سلكوا سبيلا فكانّهم قد قطعوه و افضوا الي علم فكانّهم قد بلغوه و كم عسي المجري الي الغاية ان يجري اليها حتّي يبلغها و كم عسي ان يكون بقاء من له يوم لا يعدوه و طالب حثيث من الموت يجدوه فلا تنافسوا في عزّ الدّنيا و فخرها و لا تعجبوا بزينتها و نعيمها الي ارتجاع و انّ ضرّاءها و بؤسها الي نفاد و كلّ مدّة منها الي منتهي و كلّ حيّ فيها الي بلي او ليس لكم في اثار الاوّلين و في ابائكم الماضين معتبر و بصيرة ان كنتم تعقلون او لم تروا الي الاموات لا يرجعون و الي الاخلاف منكم

ص: 672

لا يخلّدون قال اللّه و الصّدق قوله و حرام علي قرية اهلكناها انّهم لا يرجعون و قال كلّ نفس ذائقة الموت و انّما توفّون اجوركم يوم القيمة فمن زحزح عن النّار و ادخل الجنّة فقد فاز و ما الحيوة الدّنيا الاّ متاع الغرور او لستم ترون الي اهل الدّنيا و هم يصحبون علي احوال شتّي فمن ميّت يبكي و مفجوع يعزّي و صريع يتلوّي و اخر يبشّر و يهنّاء و من عائد و اخر بنفسه يجود و طالب للدّنيا و الموت يطلبه و غافل و ليس بمغفول عنه و علي اثر الماضي من ما يمضي الباقي و الحمد للّه ربّ العالمين و ربّ السّموات و ربّ الارضين السّبع و ربّ العرش العظيم الّذي يبقي و يفني ما سواه و اليه موئل الخلق و مرجع الامور و هو ارحم الرّاحمين انّ هذا يوم جعله اللّه لكم عيدا و هو سيّد ايّامكم و افضل اعيادكم و قد امركم اللّه في كتابه بالسّعي فيه الي ذكره فلتعظّم فيه رغبتكم و لتخلص نيّتكم و اكثروا فيه من التّضرّع الي اللّه و الدّعاء و مسئلة الرّحمة و الغفران فانّ اللّه يستجيب لكلّ مؤمن دعاءه و يورد

ص: 673

النّار كلّ مستكبر عن عبادته و قال اللّه تعالي ادعوني استجب لكم انّ الّذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنّم داخرين و اعلموا انّ فيه ساعة مباركة لا يسئل اللّه فيها عبد مؤمن خيرا الاّ اعطاه اللّه و الجمعة واجبة علي كلّ مؤمن الاّ الصّبيّ و المرأة و العبد و المريض غفر اللّه لنا و لكم سالف ذنوبنا و عصمنا و ايّاكم من اقتراف الذّنوب بقيّة اعمارنا انّ احسن الحديث و ابلغ الموعظة كتاب اللّه الكريم اعوذ باللّه السّميع العليم و كان يقرأ قل هو اللّه احد او قل يا ايها الكافرون او الهكم التكاثر او العصر و كان ممّا يدوم عليه قول هو اللّه احد ثم يجلس كلاّ و لا ثم يقوم فيقول الحمد للّه و نحمده و نستعينه و نؤمن به و نتوكّل عليه و نشهد ان لا اله الاّ اللّه وحده لا شريك له و انّ محمّدا عبده و رسوله صلوات اللّه عليه و اله و سلامه و مغفرته و رضوانه اللّهمّ صلّ علي محمّد عبدك و رسولك و نبيّك و صفيّك صلاة تامّة نامية زاكية ترفع بها درجته و تبيّن بها فضيلته و صلّ علي محمّد و ال محمّد

ص: 674

كما صلّيت و باركت علي ابراهيم و ال ابراهيم انّك حميد مجيد اللّهمّ عذّب كفرة اهل الكتاب و المشركين الّذين يصدّون عن سبيلك و يجحدون آياتك و يكذّبون رسلك اللّهمّ خالف بين كلمتهم و الق الرّعب في قلوبهم و انزل عليهم رجزك و نقمتك و باسك الّذي لا تردّه عن القوم المجرمين اللّهمّ انصر جيوش المسلمين و سراياهم و مرابطيهم حيث كانوا في مشارق الارض و مغاربها انّك علي كلّ شيء قدير اللّهمّ اغفر للمؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات و لمن هو لا حق بهم و اجعل التّقوي زادهم و الجنّة مأبهم و الايمان و الحكمة في قلوبهم و اوزعهم ان يشكروا نعمتك الّتي انعمت عليهم و ان يوفوا بعهدك الّذي عاهدتهم عليه اله الحقّ و خالق الخلق امين انّ اللّه يأمر بالعدل و الاحسان و ايتاء ذي القربي و ينهي عن الفحشاء و المنكر و البغي يعظكم لعلّكم تذكّرون اذكروا اللّه فانّه ذاكر لمن ذكره و سلوه رحمته و فضله فانّه لا يخيب عليه داع من

ص: 675

المؤمنين دعاه ربّنا اتنا في الدّنيا حسنة و في الاخرة حسنة و قنا عذاب النّار اقول قد نقل الرضي رضي الله بعض فصول هذه الخطبة في النهج رأيت ان انقلها بتمامها هنا مزيدا للفائدة و تتميمها للعائدة الولي المتولي لامور العالم و الخلائق الحميد اي المحمود علي كل فعال المجد الشرف الواسع و المجيد فعيل للمبالغة القطر جمع قطرة و هي المطر و العزة الغلبة و الشدّة و القوة و الاستيلاء علي الاشياء الاذن المشيّة قوله لا وانيا من الونيّ اي الضعف و الفتور و لا ناكلا نكل عن الامر اي امتنع فالناكل الممتنع و الرّكب جمع راكب و الحثيث المسرع الحريص و حدوثه اي حثثته و منه الحداء للغناء المعروف للابل و الجزع نقيض الصّبر و الضّراء الحالة التي تضرّ و البؤس شدة الحاجة النفاد الفناء و الذّهاب و البلي بالكسر و القصر الخلق و الاندراس و الاعتبار الاتعاظ و الدّخور الصغار و الذّل و الزّجر العذاب و السّرايا جمع السّريّة و هي قطعة من الجيش و قد نقل الصّدوق هذه في الفقيه

210 و من خطبه عليه السّلام

الوافي المجلد الثاني الجزو الخامس ص 172 باب خطب صلاة الجمعة عن الكافي عن عليّ عن ابيه عن السّراد عن محمّد بن النعمان او غيره عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انه ذكر هذه الخطبة لامير المؤمنين عليه السّلام يوم الجمعة الحمد للّه اهل الحمد و وليّه و منشيء الحمد و محلّه البديّ البديع الاجلّ الاعزّ الاكرم الاعظم المتوحّد بالكبرياء و المتفرّد بالالاء القاهر بعزّه و المتسلّط بقهره الممتنع بقوّته المهيمن بقدرته و المتعالي فوق كلّ شيء بجبروته المحمود بامتنانه و باحسانه المتفضّل بعطائه و جزيل فوائده الموسّع برزقه المسبغ بنعمته

ص: 676

نحمده علي الائه و تظاهر نعمائه حمدا يزن عظمة جلاله و يملاء قدر الائه و كبريائه و اشهد ان لا اله الاّ اللّه وحده لا شريك له الّذي كان في اوّليّته متقادما و في ديموميّته متسطّرا خضع الخلائق بوحدانيّته و ربوبيّته و قديم ازليّته و دانوا الدوام ابديّته و اشهد انّ محمّدا عبده و رسوله و خيرته من خلقه اختاره بعلمه و اصطفاه لوحيه و ائتمنه علي سرّه و ارتضاه لخلقه و ائتد به لعظيم امره و لضياء معالم دينه و مناهج سبيله و مفتاح وحيه و سببا لباب رحمته ابتعثه علي حين فترة من الرّسل و هدئة من العلم و اختلاف من الملل و ضلال عن الحقّ و جهالة بالرّب و كفر بالبعث و الوعد ارسله الي النّاس أجمعين رحمة للعالمين بكتاب كريم قد فضّله و فصّله و بيّنه و اوضحه و اعزّه و حفظه من ان يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ضرب للنّاس فيه الامثال

ص: 677

و صرّف فيه الايات لعلّهم يعقلون احلّ فيه الحلال و حرّم فيه الحرام و شرع فيه الدّين لعباده عذرا و نذرا لئلاّ يكون للنّاس علي اللّه حجّة بعد الرّسل و يكون بلاغا لقوم عابدين فبلّغ رسالته و جاهد في سبيله و عبده حتّي اتاه اليقين صلّي اللّه عليه و اله و سلّم تسليما كثيرا اوصيكم عباد اللّه و اوصي نفسي بتقوي اللّه الّذي ابتدء الامور بعلمه و اليه يصير غدا معادها و بيده فناءها و فناءكم و تصرّم ايّامكم و فناء اجالكم و انقطاع مدّتكم فكان قد زالت عن قليل عنّا و عنكم كما زالت عمّن كان قبلكم فاجعلوا عباد اللّه اجتهادكم في هذه الدّنيا التّزوّد من يومها القصير ليوم الاخرة الطّويل فانّها دار عمل و الاخرة دار القرار و الجزاء فتجافوا عنها فانّ المغترّ من اغترّ بها لن تعدوا الدّنيا اذا اليها امنيّة اهل الرّغبة فيها المحبّين لها المطمئنّين اليها المفتونين بها ان تكون كما قال اللّه كماء انزلناه من السّماء فاختلط به نبات

ص: 678

الارض ممّا ياكل النّاس و الانعام الاية مع انّ لم يصب امرء منكم في هذه الدّنيا حيرة الاّ اورثته عبرة و لا يصبح فيها في جناح امرء الاّ و هو يخاف فيها نزول جائحة او تغيّر نعمة او زوال عافية مع انّ الموت من وراء ذلك و هول المطّلع و الوقوف بين يدي الحكم العدل يجزي كلّ نفس بما عملت ليجزي الذّين أساءوا بما عملوا و يجزي الّذين احسنوا بالحسني و اتّقوا اللّه و سارعوا الي رضوان اللّه و العمل بطاعته و التّقرّب اليه بكلّ ما فيه الرّضا فانّه قريب مجيب جعلنا اللّه و ايّاكم ممّن يعمل بطاعته و يجتنب سخطه ثمّ انّ احسن القصص و ابلغ الموعظة و انفع التذكّر كتاب اللّه قال اللّه تعالي و اذا قرء القرآن فاستمعوا له و انصتوا لعلّكم ترحمون استعيذ باللّه من الشّيطان الرّجيم بسم اللّه الرّحمن الرّحيم و العصر انّ الانسان لفي خسر الاّ الّذين امنوا و عملوا الصّالحات و تواصوا بالحقّ و تواصوا بالصّبر انّ اللّه و ملائكته يصلّون علي النّبيّ يا ايّها الّذين امنوا صلّوا عليه و سلّموا تسليما اللّهمّ

ص: 679

صلّ علي محمّد و ال محمّد و بارك علي محمّد و ال محمّد و تحنّن علي محمّد و ال محمّد و سلّم علي محمّد و ال محمّد كافضل ما صلّيت و باركت و ترحّمت و تحنّنت و سلّمت علي ابراهيم و ال ابراهيم انّك حميد مجيد اللّهمّ اعط محمّدا الوسيلة و الشّرف و الفضيلة و المنزلة الكريمة اللّهمّ اجعل محمّدا و ال محمّد اعظم الخلائق كلّهم شرفا يوم القيمة و اقربهم منك مقعدا و اوجههم عندك يوم القيمة جاها و افضلهم عندك منزلة و نصيبا اللّهمّ اعط محمّدا اشرف المقام و حباء السّلام و شفاعة الاسلام اللّهمّ و الحقنا غير خزايا و لا ناكبين و لا نادمين و لا مبدّلين اله الحقّ امين ثم جلس قليلا ثم قام و قال الحمد للّه احقّ من خشي و حمد و افضل من اتّقي و عبد و اولي من عظّم و مجّد نحمده لعظيم غنائه و جزيل عطائه و تظاهر نعمائه و حسن بلائه و نؤمن بهداه الّذي لا يخبو ضيائه و لا يهمد ثنائه و لا يوهن عراه و نعوذ باللّه من سوء كلّ الرّيب و ظلم

ص: 680

الفتن و نستغفره من مكائب الذّنوب و نستعصمه من مساوي الاعمال و مكاره الاعمال و الهجوم في الاهوال و مشاركة اهل الرّيب و الرّضا بما يعمل الفجّار في الارض بغير الحقّ اللّهمّ اغفر لنا و للمؤمنين و المؤمنات الاحياء منهم و الاموات الّذين توفّيتهم علي دينك و ملّة نبيّك صلّي اللّه عليه و آله اللّهمّ تقبّل حسناتهم و تجاوز عن سيّئاتهم و ادخل عليهم الرّحمة و المغفرة و الرّضوان و اغفر للاحياء من المؤمنين و المؤمنات الّذين وحّدوك و صدّقوا رسولك و تمسّكوا بدينك و عملوا بفرائضك و اقتدوا بنبيّك و سنّوا سنّتك و احلّوا حلالك و حرّموا حرامك و خافوا عقابك و رجوا ثوابك و والوا اولياءك و عادوا اعداءك اللّهمّ اقبل حسناتهم و تجاوز عن سيّئاتهم و ادخلهم برحمتك في عبادك الصّالحين اقول المهيمن الرقيب الحافظ متسطرا متسلّطا دانوا انقادوا و ائتديه اي اجابه الهدئة السّكون عذرا او نذرا اي محوا لاسائة المحقين و تخويفا للمبطلين لن تعدوا اي لن تتجاوزوا الخيرة بالفتح النعمة و سعة العيش و الجائحة بالجيم اولا و بالحاء المهملة تأنيا الأفة و كل مصيبة عظيمة و فتنة مبيرة و المطّلع بتشديد الطاء و فتح اللام ما اشرف عليه من امر الاخرة و الحباء بالحاء المهملة و الباء الموحده العطيّة و يهمد ثنائه من الهمود اي الانطفاء و في بعض النسخ شواكل الرّيب بدل سوء كلّ الريب و لعل المراد بشواكله متشابهاته المكائب الغموم و سوء الحال

ص: 681

211 و من كلامه عليه السّلام

كتاب السّقيفة لسليم بن قيس الهلالي العامري الكوفي صاحب امير المؤمنين عليه السّلام المتوفّي حدود سنة التسعين من الهجرة المطبوع المعروف بكتاب سليم بن قيس ص 96 قال ابان قال سليم و سمعت علي بن ابي طالب عليه السّلام يقول انّ الامّة ستفترق علي ثلاث و سبعين فرقة اثنتان و سبعون فرقة في النّار و فرقة في الجنّة و ثلاث عشرة فرقة من الثّلاث و السّبعين تنتحل محبّتنا اهل البيت واحدة في الجنّة و اثنتا عشرة في النّار و امّا الفرقة النّاجية المهديّة المؤمنة المسلمة الموفّقة المرشدة فهي المؤتمنة بي المسلّمة لامري المطيعة لي المتبرّئة من عدوّي المحبّة لي المبغضة لعدوّي الّتي قد عرفت حقّي و امامتي و فرض طاعتي من كتاب اللّه و سنّة نبيّه فلم ترتدّ و لم تشكّ لما قد نوّر اللّه في قلبها من معرفة حقّنا و عرّفها من فضلها و الهمها و اخذ بنواصيها فادخلها في شيعتنا حتّي اطمانّت قلوبها و استيقنت يقينا لا يخالطه شكّ انّي انا و اوصيائي بعدي الي يوم القيمة هداة مهتدون الّذين قرنهم اللّه بنفسه و نبيّه في اي من

ص: 682

كتاب اللّه كثيرة و طهّرنا و عصمنا و جعلنا شهداء علي خلقه و حجّته في ارضه و خزّانه علي علمه و معادن حكمه و تراجمة وحيه و جعلنا مع القرآن و القرآن معنا لا نفارقه و لا يفارقنا حتّي نرد علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله علي حوضه كما قال صلّي اللّه عليه و آله و تلك الفرقة الواحدة من الثّلاث و السّبعين فرقة هي النّاجية من النّار و من جميع الفتن و الضّلالات و الشّبهات هم من اهل الجنّة حقّا و هم سبعون الفا يدخلون الجنّة بغير حساب و جميع تلك الفرق الاثنين و السّبعين فرقة هم المتديّنون بغير الحقّ النّاصرون دين الشّيطان الآخذون عن ابليس و اوليائه هم اعداء اللّه و رسوله و اعداء المؤمنين يدخلون النّار بغير حساب براء من اللّه و من رسوله و اشركوا باللّه و كفروا به و عبدوا غير اللّه من حيث لا يعلمون و هم يحسبون انّهم يحسنون صنعا يقولون يوم القيمة و اللّه ربّنا ما كنّا مشركين يحلفون للّه كما يحلفون لكم

ص: 683

و يحسبون انّهم علي شيء الا انّهم هم الكاذبون قال قيل يا امير المؤمنين ارأيت من قد وقف فلم ياتمّ بكم و لم يعادكم و لم ينصب لكم و لم يتولّكم و لم يتبرّء من عدوّكم و قال لا ادري و هو صادق قال عليه السّلام ليس اولئك من الثّلاث و السّبعين فرقة انّما عني رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بالثّلاث و السّبعين فرقة النّاصبين الّذين شهروا انفسهم و دعوا الي دينهم ففرقة واحدة منها تدين بدين الرّحمن و اثنتان و سبعون تدين بدين الشّيطان و تتولّي علي قبولها و تتبرّء ممّن خالقها فامّا من وحّد اللّه و امن برسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و لم يعرف و لم يتناول ضلالة عدوّنا و لم ينصب شيئا و لم يحلّ و لم يحرّم و اخذ بجميع ما ليس بين المختلفين من الامّة فيه خلاف في انّ اللّه عزّ و جلّ امر به و كفّ عمّا بين المختلفين من الامّة خلاف في انّ اللّه امر به او نهي عنه فلم ينصب شيئا و لم يحلّل و لم يحرّم و لا يعلم و ردّ علم ما اشكل عليه الي اللّه فهذا ناج و هذه الطّبقة بين المؤمنين و بين المشركين هم اعظم النّاس و اجلّهم و هم

ص: 684

اصحاب الحساب و الموازين و الاعراف و الجهنّميّون الّذين يشفع لهم الانبياء و الملائكة و المؤمنون و يخرجون من النّار فيسمّون الجهنّميون فامّا المؤمنون فينجون و يدخلون الجنّة بغير حساب و انّما الحساب علي اهل هذه الصّفات بين المؤمنين و المشركين و المؤلّفة قلوبهم و المقترفة و الّذين خلطوا عملا صالحا و اخر سيّئا و المستضعفين الّذين لا يستطيعون حيلة و لا يهتدون سبيلا الي ان يكونوا مؤمنين عارفين فهم اصحاب الاعراف و هؤلاء للّه فيهم المشيّة ان ادخل احدا منهم النّار فبذنبه و ان تجاوز عنه فبرحمته قلت ا يدخل النّار المؤمن العارف الدّاعي قال لا قلت ا يدخل الجنّة كافر او مشرك قال لا يدخل النّار الاّ كافرا الاّ ان يشاء اللّه قلت فمن لقي اللّه مؤمنا عارفا بامامه مطيعا له من اهل الجنّة هو قال نعم اذا لقي اللّه و هو مؤمن من الّذين قال اللّه عزّ و جلّ الّذين امنوا و عملوا الصّالحات الّذين امنوا و كانوا يتّقون الّذين امنوا و لم يلبسوا ايمانهم بظلم قلت فمن لقي اللّه منهم علي الكبائر قال هو في

ص: 685

مشيّته ان عذّبه فبذنبه و ان تجاوز عنه فبرحمته قلت فيدخله النّار و هو مؤمن قال نعم بذنبه لانّه ليس من المؤمنين الّذين عني اللّه انّه وليّ المؤمنين لانّ الّذين عني اللّه انّه لهم وليّ و انّه لا خوف عليهم و لا هم يحزنون هم المؤمنون الّذين يتّقون اللّه و الّذين عملوا الصّالحات و الّذين لم يلبسوا ايمانهم بظلم قلت يا امير المؤمنين ما الايمان و ما الاسلام قال الايمان فالاقرار بالمعرفة و الاسلام فما اقررت به و امّا التّسليم للأوصياء و الطّاعة لهم و في رواية اخري و الاسلام اذا ما اقررت به قلت الايمان الاقرار بعد المعرفة قال من عرّفه اللّه نفسه و نبيّه و امامه ثمّ اقرّ بطاعته فهو مؤمن قلت المعرفة من اللّه و الاقرار من العبد قال المعرفة من اللّه دعاء و حجّة و الاقرار من اللّه(باللّه)قبول العبد يمنّ علي من يشاء و المعرفة صنع اللّه في القلب و الاقرار فعال القلب من اللّه و عصمته و رحمته فمن لم يجعله اللّه عارفا فلا حجّة عليه و عليه ان يقف و يكفّ عمّا لا يعلم

ص: 686

فلا يعذّبه اللّه علي جهله فانّما يحمده علي عمله بالطّاعة و يعذّبه علي عمله بالمعصية و يستطيع ان يطيع و يستطيع ان يعصي و لا يستطيع ان يعرف و يستطيع ان يجهل هذا محال لا يكون شيء من ذلك الاّ بقضاء من اللّه و قدره و علمه و كتابه بغير جبر(و في رواية اخري) (لا يكون شيء من ذلك الاّ بعون من اللّه و بعلمه و كتابه بغير جبر) لانّهم لو كانوا مجبورين كانوا معذورين و غير محمودين و من جهل وسعه ان يردّ الينا ما اشكل عليه و من حمد اللّه و استغفره من المعصية و احبّ المطيعين و حمدهم علي الطّاعة و ابغض العاصين و ذمّهم فانّه يكتفي بذلك اذا ردّ علمه الينا

212 و من كلامه عليه السّلام

في ذمّ الذين ظلماه و غصبا حقه عليه السّلام قال سليم ابن قيس ره في كتابه السقيفة ص 138 ثم اقبل عليه السّلام علي العبّاس و من حوله ثم قال الا تعجبون من حبسه و حبس صاحبه عنّا سهم ذي القربي الّذي فرضه اللّه لنا في القرآن و قد علم اللّه انّهم سيظلموناه و ينتزعونه منّا فقال ان كنتم امنتم باللّه و

ص: 687

ما انزلنا علي عبدنا يوم التقي الجمعان و العجب لهدمه منزل اخي جعفر و الحاقه في المسجد و لم يعط بنيه من ثمنه قليلا و لا كثيرا ثمّ لم يعب ذلك عليه النّاس و لم يعيّروه فكانّما اخذ منزل رجل من الدّيلم(و في رواية اخري دار رجل من ترك كابل)و العجب لجهله و جهل الامّة انّه كتب الي جميع عمّاله انّ الجنب اذا لم يجد الماء فليس له ان يصلّي و ليس له ان يتيمّم بالصّعيد و ان لم يجده حتّي يلقي اللّه(و في رواية اخري و ان لم يجده سنة)ثمّ قبل النّاس ذلك و رضوا به و قد علم و علم النّاس انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قد امر عمّارا و امر ابا ذر ان يتيمّما من الجنابة و يصلّيا و شهدا به عنده و غيرهما فلم يقبل ذلك و لم يرفع به رأسا و العجب لما خلط قضايا مختلفة في الحدّ بغير علم تعسّفا و جهلا و ادّعائهما ما لم يعلما جرأة علي اللّه و قلّة ورع ادّعيا انّ رسول اللّه مات و لم يقض في الجدّ شيئا منه و لم يدع احدا يعلم ما للجدّ من الميراث

ص: 688

ثمّ بايعوهما علي ذلك و صدّقوهما و عتقه امّهات الاولاد فاخذ النّاس بقوله و تركوا امر رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و ما صنع بنصر بن الحجّاج و بجعدة بن سليم و بابن و برة و اعجب من ذلك انّ ابا كنف العبديّ اتاه فقال انّي طلّقت امرأتي و انا غائب فوصل اليها الطّلاق ثمّ راجعتها و هي في عدّتها و كتبت اليها فلم يصل الكتاب اليها حتّي تزوّجت فكتب له ان كان هذا الّذي تزوّجها قد دخل بها فهي امرأته و ان كان لم يدخل بها فهي امرأتك و كتب له ذلك و انا شاهد فلم يشاورني و لم يسألني يري استغناءه بعلمه عنّي فاردت ان انهاه ثمّ قلت ما ابالي ان يفضحه اللّه ثمّ لم يعبه النّاس بل استحسنوه و اتّخذوه سنّة و قبلوه منه و راوه صوابا و ذلك قضاء لو قضي به سخيف مجنون نحيف لما زاد ثمّ تركه من الاذان حيّ علي خير العمل فاتّخذوه سنّة و تابعوه علي ذلك و قضيّة في المفقود انّ اجل امرأته اربع سنين ثمّ تتزوّج فان جاء زوجها خيّر

ص: 689

بين امرأته و بين الصّداق فاستحسنه النّاس و اتّخذوه سنّة و قبلوه منه جهلا و قلّة علم بكتاب اللّه عزّ و جلّ و سنّة نبيّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و اخراجه من المدينة كلّ اعمي و ارساله الي عمّاله بالبصرة بحبل خمسة اشبار و قوله من اخذتموه من الاعاجم فبلغ طول هذا الحبل فاضربوا عنقه و ردّه سبايا تستروهنّ حبالي و ارساله بحبل في صبيان سرقوا بالبصرة و قوله من بلغ طول هذا الحبل فاقطعوه و اعجب من ذلك انّ كذّابا رجم بكذّابة فقبلها و قبلها الجهّال فزعموا انّ الملك ينطق علي لسانه و يلقّنه و اعتاقه سبايا اهل اليمن و تخلّفه و صاحبه عن جيش اسامة بن زيد مع تسليمها عليه بالامرة ثمّ اعجب من ذلك انّه قد علم اللّه و اعلم النّاس انّه الّذي صدّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عن الكتف الّذي دعاه به ثمّ لم يضرّه ذلك عندهم و لم ينقصّه و انّه صاحب صفيّة حين

ص: 690

قال لها ما قال فغضب رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم حتّي قال ما قال و انّه الّذي مررت به يوما ما مثل محمّد في اهل بيته الاّ كنخلة نبتت في كناسة فبلغ ذلك رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فغضب و خرج فاتي المنبر و فزعت الانصار فجاءت شاكة في السّلاح لما رأت من غضب رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فقال ما بال اقوام يعيّرونني بقرابتي و قد سمعوا منّي ما قلت في فضلهم و تفضيل اللّه ايّاهم و ما اختصّهم اللّه به من اذهاب الرّجس عنهم و تطهير اللّه ايّاهم و قد اسمعتهم ما قلت في افضل اهل بيتي و خيرهم ممّا خصّه اللّه به و اكرمه و فضّله علي من سبقه في الاسلام و بلائه فيه و قرابته منّي و انّه منّي بمنزلة هرون من موسي ثمّ تزعمون انّ مثلي في اهل بيتي كمثل نخلة نبتت في كناسة الا انّ اللّه خلق خلقه ففرّقهم فرقتين فجعلني في خير الفرقتين ثمّ ثمّ فرّق الفرقة ثلاث فرق شعوبا و قبائل و بيوتا فجعلني في خيرها

ص: 691

شعبا و خيرها قبيلة ثمّ جعلهم بيوتا فجعلني في خيرها بيتا فذلك قوله انّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرّجس اهل البيت و يطهّركم تطهيرا فحصلت(فخصلت)في اهل بيتي و عترتي انا و اخي عليّ بن ابي طالب الا و انّ اللّه نظرا الي اهل الارض نظرة فاختارني منهم ثمّ نظر نظرة فاختار اخي عليّا و وزيري و وصيّيي و خليفتي في امّتي و وليّ كل مؤمن بعدي فبعثني رسولا و نبيّا و دليلا فاوحي اليّ ان اتّخذ عليّا اخا و وليّا و وصيّا و خليفة في امّتي بعدي الا و انّه وليّ كلّ مؤمن من بعدي من والاه والاه اللّه و من عاداه عاداه اللّه و من احبّه احبّه اللّه و من ابغضه ابغضه اللّه لا يحبّه الاّ مؤمن و لا يبغضه الاّ كافر ربّ الارض بعدي و سكنها و هو كلمة اللّه التّقوي و عروة اللّه الوثقي أ تريدون ان تطفئوا نور اللّه بافواهكم و اللّه متمّ نوره و لو كره المشركون(و في نسخة و لو كره الكافرون) يا ايّها النّاس ليبلغ مقالتي شاهدكم غائبكم اللّهمّ اشهد عليهم

ص: 692

ايّها النّاس انّ اللّه نظر نظرة ثالثة فاختار منهم بعدي اثني عشر وصيّا من اهل بيتي و هم خيار امّتي منهم احد عشر اماما بعد اخي واحدا بعد واحد كلّما هلك واحد قام واحد منهم مثلهم كمثل النّجوم في السّماء كلّما غاب نجم طلع نجم لانّهم ائمّة هداة مهتدون لا يضرّهم كيد من كادهم و لا خذلان من خذلهم بل يضرّ اللّه بذلك من كادهم و خذلهم فهم حجّة اللّه في ارضه و شهداءه علي خلقه من اطاعهم اطاع اللّه و من عصاهم عصي اللّه هم مع القرآن و القرآن معهم لا يفارقونه و لا يفارقهم حتّي يردوا علي حوضي اوّل الائمّة عليّ(عليه السّلام)خيرهم ثمّ ابني الحسن ثمّ ابني الحسين ثمّ تسعة من ولد الحسين و امّهم ابنتي فاطمة صلوات اللّه عليهم ثمّ من بعدهم جعفر بن ابي طالب ابن عمّي و اخو اخي و عمّي حمزة بن عبد المطّلب انا خير المرسلين و النّبيّين و فاطمة ابنتي سيّدة نساء اهل الجنّة و عليّ و بنوه الاوصياء خير

ص: 693

الوصيّين و اهل بيتي خير اهل بيوتات النّبيّين و ابناي سيّدا شباب اهل الجنّة ايّها النّاس انّ شفاعتي ليرجوها رجاءكم ا فنعجز عنها اهل بيتي ما من احد ولده جدّي عبد المطّلب يلقي اللّه موحّدا لا يشرك به شيئا الاّ ادخله الجنّة و لو كان فيه الذّنوب عدد الحصي و زبد البحر ايّها النّاس عظّموا اهل بيتي في حياتي و من بعدي و اكرموهم و فضّلوهم فانّه لا يحلّ لاحد ان يقوم من مجلسه لاحد الاّ لاهل بيتي(و في نسخة اخري ايّها النّاس عظّموا اهل بيتي في حياتي و بعد موتي)انّي لو اخذت بحلقة باب الجنّة ثمّ تجلّي لي ربّي فسجدت و اذن لي بالشّفاعة لم اوثر علي اهل بيتي احدا ايّها النّاس انسبوني من انا و في رواية اخري فقالت الانصار فقالت نعوذ باللّه من غضب اللّه و من غضب رسوله اخبرنا يا رسول اللّه من الّذي اذاك في اهل بيتك حتي نضرب عنقه(و في رواية اخري حتّي نقتله)و ليبر عترته فقال انسبوني انا محمّد بن عبد اللّه بن عبد المطّلب بن هاشم حتي انتسب الي نزار ثم مضي في نسبه الي إسماعيل بن ابراهيم خليل اللّه ثم قال انّي و اهل بيتي

ص: 694

لطينة من تحت العرش الي ادم نكاح غير سفاح لم يخالطنا نكاح الجاهليّة فسلوني فو اللّه لا يسألني رجل عن ابيه و امّه و عن نسبه الاّ اخبرته به فقام رجل فقال من ابي فقال صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ابوك فلان الّذي تدعي اليه فحمد اللّه و اثني عليه و قال لو نسبتني الي غيره لرضيت و سلّمت ثم قام رجل اخر فقال من ابي فقال ابوك فلان لغير ابيه الذي يدعي اليه فارتدّ عن الاسلام ثم قام رجل اخر فقال ا من اهل الجنة انا ام من اهل النّار فقال من اهل الجنّة ثم قام رجل اخر فقال من اهل الجنة انا ام من اهل النّار فقال من اهل النار ثم قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و هو مغضب ما يمنع الّذي عيّر اهل بيتي و اخي و وزيري و خليفتي في امّتي و وليّ كلّ مؤمن بعدي ان يقوم فيسئلني من ابوه و اين هو في الجنّة ام في النّار فقام عمر بن الخطّاب فقال اعوذ باللّه من سخط اللّه و سخط رسوله اعف عنّا يا رسول اللّه عفا اللّه عنك اقلنا اقالك اللّه استرنا سترك اللّه اصفح عنّا صلي اللّه عليك فاستحي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و كفّ قال عليّ عليه السّلام و هو صاحب العبّاس الّذي بعثه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ساعيا فرجع و قال انّ العبّاس قد منع صدقة ماله فغضب رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و قال الحمد للّه الّذي عافانا اهل البيت من شرّ ما يلطخونا به انّ العبّاس لم يمنع صدقة

ص: 695

ماله و لكنّك عجّلت عليه و قد عجّل زكاة سنين ثمّ اتاني بعد يطلب ان امشي معه الي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ليرضي عنه ففعلت و هو صاحب عبد اللّه بن ابي سلّول حين تقدّم رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ليصلّي عليه فاخذ بثوبه من ورائه و قال قد نهاك اللّه ان تصلّي عليه و لا يحلّ لك ان تصلّي عليه فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم انّما صلّيت عليه كرامة لابنه و انّي لارجو ان يسلم به سبعون رجلا من بني ابيه و اهل بيته و ما يدريك ما قلت انّما دعوت اللّه عليه و هو صاحب رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يوم الحديبيّة حين كتب القضيّة اذ قال انعطي الدّنيّة في ديننا ثمّ جعل يطوف في عسكر رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يحضّضهم و يقول ا نعطي الدّنيّة في ديننا فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم افرجوا عنّي أ تريدون ان اغدر بذمّتي

ص: 696

(و في نسخة رواية اخري اخرجوه عنّي أ تريدون اخفر ذمّتي)و لا في لهم بما كتبت لهم خذ يا سهيل ابنك جندلا فاخذه فشدّه وثاقا في الحديد ثمّ جعل اللّه عاقبة رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم الي الخير و الرّشد و الهدي و العزّة و الفضل و هو صاحب يوم غدير خمّ اذ قال هو و صاحبه حين نصبني رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لولايتي فقال ما لا يألون ان يرفع خسيسته و قال الاخر ما يألو رفعا بضبع ابن عمّه و قال لصاحبه و انا منصوب انّ هذه لهي الكرامة فقطب صاحبه في وجهه و قال لا و اللّه لا اسمع و لا اطيع ابدا ثمّ اتّكأ عليه ثمّ تعطي و انصرفا فانزل اللّه فيه فلا صدّق و لا صلّي و لكن كذّب و تولّي ثمّ ذهب الي اهله يتمطّي اولي لك فاولي وعيدا من اللّه له و انتهارا و هو الّذي دخل علي عليّ مع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يعودني في رهط من اصحابه حين غمزه صاحبه فقال يا رسول اللّه انّك

ص: 697

قد كنت عهدت الينا في عليّ عهدا و انّي لاراه لما به فان هلك فالي من فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم اجلس فاعادها ثلاث مرّات فاقبل اليهما رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فقال انّه لا يموت في مرضه هذا و لا يموت حتّي تملياه غيظا و توسّعاه غدرا و ظلما ثمّ تجداه صابرا قوّاما و لا يموت حتّي يلقي منكما هنات و هنات و لا يموت الاّ شهيدا مقتولا و اعظم من ذلك كلّه انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم جمع ثمانين رجلا اربعين من العرب و اربعين من العجم و هما فيهم و سلّموا علي عليّ بامرة المؤمنين ثمّ قال اشهدكم انّ عليّا اخي و وزيري و وارثي و خليفتي في امّتي و وصيّي و وليّ كلّ مؤمن من بعدي فاسمعوا له و اطيعوا و فيهم ابو بكر و عمر و عثمان و طلحة و الزّبير و سعد و ابن عوف و ابن عبيدة و سالم و معاذ بن جبل و رهط من الانصار ثمّ قال اشهد اللّه عليكم ثمّ اقبل عليّ عليه السّلام

ص: 698

علي القوم فقال سبحان اللّه ما اشربت قلوب هذه الامّة من بليّتها و فتنتها من عجلها و سامريها انّهم اقرّوا و ادّعوا انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال لا يجمع اللّه لنا اهل البيت النّبوّة و و الخلافة و قد قال لاولئك الثّمانين رجلا سلّموا علي عليّ بامرة المؤمنين و اشهدهم علي ما اشهدهم عليه ثمّ زعموا انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لم يستخلف احدا و انّهم اقرّوا بالشّوري ثمّ اقرّوا انّهم لم يشاوروا و انّ بيعته كانت فلتة و ايّ ذنب اعظم من الفلتة ثمّ استخلف ابو بكر عمر و لم يقتد برسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فقيل له في ذلك فقال ادع امّة محمّد كالنّعل الخلق ادعهم بلا استخلاف طعنا منه علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و رغبة عن رايه ثمّ صنع عمر شيئا ثالثا لم يدعهم علي ما ادّعي انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لم يستخلف كما استخلف ابو بكر و جاء بشيء ثالث جعلها شوري بين ستّة نفر

ص: 699

و اخرج منها جميع العرب ثمّ حظّي بذلك عند العامّة فجعلهم مع ما اشربت قلوبهم من الفتنة و الضّلالة اقراني ثمّ بايع ابن عوف عثمان فبايعوه و قد سمعوا من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في عثمان ما سمعوا من لعنه ايّاه في غير موطن فعثمان علي ما كان عليه خير منهما و لقد قال منذ ايّام قولا وقفت له و اعجبني مقالته بينما انا قاعد عنده في بيته اذ اتته عايشة و حفصة تطلبان ميراثهما من ضياع و اموال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم الّتي في يديه فقال لا و اللّه و لا كرامة لكن اجيز شهادتكما علي انفسكما فانّكما شهدتما عند ابويكما انّكما سمعتما من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول ان لا يورّث ما ترك فهو صدقة لقنّتما اعرابيّا جلفا يبول علي عقبيه يتطهّر ببوله مالك بن الحرث بن الحدثان فشهد معكما لا من اصحاب رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و لا من

ص: 700

من الانصار احد شهد بذلك غير اعرابيّ اما و اللّه ما اشكّ في في انّه قد كذب علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و كذبتما عليه معه فانصرفتا من عنده تبكيان و تشتمانه فقال ارجعا أ ليس قد شهدتما بذلك عند ابي بكر فقالتا نعم قال فان شهدتما بحقّ فلا حقّ لكما و ان كنتما شهدتما بباطل فعليكما و علي من اجاز شهادتكما علي اهل هذا البيت لعنة اللّه و الملائكة و النّاس أجمعين قال ثمّ نظر اليّ و تبسّم و قال يا ابا الحسن شفيتك منهما قلت نعم و اللّه و ابلغت و قلت حقّا فلا يرغم اللّه الاّ بانفيهما فرقّقت لعثمان و علمت انّه اراد بذلك رضاي و انّه اقرب منهما رحما و اكفّ عنّا منهما و ان كان لا عذر له و لا حجّة بتامّره علينا و ادّعائه حقّنا اقول قد نقل المجلسي ره ما قاله سليم في كتابه و هو ما نقلته هنا عنه في الثامن من البحار ص 233 في باب كفر الثلاثة و فضائحهم قوله ما يلطخونا به الطّلخ التسويد و افساد الكتابة و اللطخ بالعذرة قوله ما يألوا اي ما يقصر يقال الا الرّجل و الاّ اذا قصر و ترك الجهد قال اللّه تعالي لا يألوكم خبالا و الخسيسة و الخساسة الحالة التي يكون عليها الخسيس و الضبع بسكون الباء وسط العضد و قيل هو ما تحت الابط و قوله يتمطي قال البيضاوي اي يتخير افتخارا

ص: 701

بذلك من المطّ فان المتنجز يمدّ خطاه فيكون اصله يتمطّط او من المطا و هو الظهر فانه يلويه قوله اولي لك فاولي اي ويل لك من الولي و اصله اولاك اللّه ما تكرهه و اللام مزيدة كما في اولي لك الهلاك و قيل افعل من الويل بعد القلب كادني من دون او فعل من ال يؤل بمعني عقباك النار و قوله علي ما اشهدكم اي علي نحو ما اشهدكم رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و في بعض النسخ و اشهدهم علي ما اشهدهم عليه

213 و من خطبه عليه السّلام

ذكر هذه الخطبة الشّريف الرّضي رضي اللّه عنه و ارضاه في النهج بنوع من الاختلاف مع ما نقلها سليم بن قيس في كتابه من حيث الزّيادة و النقصان فلذا رأيت نقلها في كتابي هذا ليكون الطّالب علي بصيرة و كانّها هي غير ما نقلها الرّضي بحيث لا يخفي علي الناظر فيهما اقول في كتاب سليم ص 156 رواها ابان عن سليم بن قيس قال صعد امير المؤمنين عليه السّلام المنبر فحمد اللّه و اثني عليه و قال ايّها النّاس انا الّذي فقات عين الفتنة و لم يكن ليجترئ عليها غيري و ايم اللّه لو لم اكن فيكم لما قوتل اهل الجمل و لا اهل صفّين و لا اهل النّهروان و ايم اللّه لو لا ان تتكلّموا و تدعوا العمل لحدّثتكم بما قضي اللّه علي لسان نبيّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لمن قاتلهم مستبصرا في ضلالتهم عارفا بالهدي الّذي نحن عليه ثمّ قال عليه السّلام سلوني عمّا شئتم قبل ان تفقدوني فو اللّه انّي بطرق السّماء اعلم بطرق الارض انا يعسوب المؤمنين و اوّل المسلمين و امام المتّقين و خاتم الوصيّين

ص: 702

و وارث النّبيّين و خليفة ربّ العالمين انا ديّان النّاس يوم القيمة و قسيم اللّه بين اهل الجنّة و النّار و انا الصّدّيق الاكبر و الفاروق الّذي افرّق بين الحقّ و الباطل و انّ عندي علم المنايا و البلايا و فصل الخطاب و ما من اية نزلت الاّ و قد علمت فيما نزلت ايّها النّاس انّه و شيك ان تفقدوني انّي مفارقكم و انّي ميّت او مقتول ما ينتظر اشقاها ان يخضبها من فوقها(و في رواية اخري ما ينتظر اشقاها ان يخضب هذه من دم هذا)يعني لحيته من دم راسه و الّذي فلق الحبّة و برء النّسمة(و في رواية اخري و الّذي نفسي بيده)لا تسألوني عن فئة تبلغ ثلاثمائة فما فوقها ممّا بينكم و بين قيام السّاعة الاّ نبّاتكم بسائقها و قائدها و ناعقها و بخراب العرصات متي تخرب و متي تعمر بعد خرابها الي يوم القيمة فقام رجل فقال يا امير المؤمنين اخبرنا عن البلايا فقال اذا سئل سائل فليعقل و اذا سئل مسئول فليلبث انّ من ورائكم امورا ملتجّة مجلجلة

ص: 703

و بلاء مكلحا مبلحا و الّذي فلق الحبّة و بريء النّسمة لو قد فقدتموني و نزلت غرائم الامور و حقائق البلاء لقد اطرق كثير من السّائلين و اشتغل كثير من المسئولين(و في نسخة اخري و فشل كثير من المسئولين) و ذلك اذا ظهرت حربكم و نصلت عن ناب و قامت علي ساق و صارت الدّنيا بلاء عليكم حتّي يفتح اللّه لبقيّة الابرار فقام رجل و قال يا امير المؤمنين حدّثنا عن الفتن فقال عليه السّلام انّ الفتن اذا اقبلت شبّهت(و في نسخة اخري اشبهت)و اذا ادبرت اسفرت و انّ الفتن لها موج كموج البحر و اعصار كاعصار الرّيح تصيب بلدا و تخطيء الاخر فانظروا اقواما كانت اصحاب الرّايات يوم بدر فانصروهم تنصروا و تؤجروا و تعذروا الا انّ اخوف الفتن عليكم من بعدي فتنة بني اميّة انّها فتنة عمياء صمّاء مطبقة مظلمة عمّت فتنتها و خصّت بليّتها اصاب البلاء من ابصر فيها و اخطأ البلاء من عمي عنها اهل باطلها ظاهرون علي اهل حقّها يملئون الارض بدعا

ص: 704

و ظلما و جورا و اوّل من يضع جبروتها و يكسر عمودها و ينزع اوتادها اللّه ربّ العالمين و قاصم الجبّارين الا انّكم ستجدون بني اميّة ارباب سوء بعدي كالنّاب الضّروس تعضّ بفيها و تخبط بيديها و تضرب برجليها و تمنع درّها و ايم اللّه لا تزال فتنتهم حتّي لا تكون نصرة احدكم لنفسه الاّ كنصرة العبد لنفسه من سيّده اذا غاب سبّه و اذا حضر اطاعه(و في رواية اخري يسبّه في نفسه)(و في رواية و ايم اللّه لو شردوكم تحت كلّ كوكب لجمعكم اللّه لشرّ يوم لهم)فقال الرّجل فهل من جماعة يا امير المؤمنين بعد ذلك قال انّها ستكون جماعة شتّي عطاءكم و حجّكم و اسفاركم و القلوب مختلفة قال قال واحد كيف تختلف القلوب قال هكذا و شبّك بين اصابعه ثم قال يقتل هذا هذا و هذا هذا هرجا و مرجا و يبقي طغام جاهليّة ليس فيها منار هدي و لا علم يري نحن اهل البيت منها بمنجاة و لسنا فيها بدعاة قال فما اصنع في ذلك يا امير المؤمنين قال انظروا اهل بيت نبيّكم فان

ص: 705

لبدوا و ان استنصروكم فانصروهم تنصروا و تعذروا فانّهم لن يخرجوكم من هدي و لن يدعوكم الي ردي و لا تسبقوهم بالتّقدّم فيصرعكم البلاء و تشمت بكم الاعداء قال فما يكون بعد ذلك يا امير المؤمنين قال يفرّج اللّه برجل من اهل بيتي كانفراج الاديم من بيته ثمّ يرفعون الي من يسومهم خسفا و يسقيهم بكاس مصبرة و لا يعطيهم و لا يقبل منهم الاّ السّيف هرجا مرجا يحمل السّيف علي عاتقه ثمانية اشهر حتّي قريش بالدّنيا و ما فيها ان يروني مقام واحد فاعطيهم و اخذ منهم بعض ما قد منعوني و اقبل منهم بعض ما يرد عليهم حتّي يقولوا ما هذا من قريش لو كان هذا من قريش و من ولد فاطمة لرحمنا يغربه اللّه ببني اميّة فيجعلهم تحت قدميه و يطحنهم طحن الرّحي ملعونين اينما ثقفوا اخذوا و قتّلوا تقتيلا سنّة اللّه في الّذين خلوا من قبل و لن تجد لسنّة اللّه تبديلا امّا بعد فانّه لا بدّ من رحي تطحن ضلالة فاذا طحنت قامت علي قطبها الا و انّ لطحنها روقا و انّ روقها حدّها و علي اللّه

ص: 706

فلّها الا و انّي و ابرار عترتي و اطائب ارومتي احلم النّاس صغارا و اعلمهم كبارا معنا راية الحقّ و الهدي من سبقها مرق و من خذلها محق و من لزمها لحق(و في رواية اخري و من لزمها سبق) انّا اهل بيت من علم اللّه علمنا و من حكم اللّه الصّادق قبلنا و من قول الصّادق سمعنا فان تتّبعونا تهتدوا ببصائرنا و ان تتولوا عنّا يعذّبكم اللّه بايدينا او بما شاء نحن افق الاسلام بنا يلحق المبطئ و الينا يرجع التّائب و اللّه لو لا ان تستعجلوا و يتاخّر الحقّ لنبّاتكم بما يكون في شباب العرب و الموالي فلا تسئلوا اهل بيت محمّد العلم قبل ابانة و لا تسألوهم المال علي العسر فتنجلوهم فانّه ليس منهم البخل و كونوا احلاس البيوت و لا تكونوا عجلا بذرا كونوا من اهل الحقّ تعرفوا به و تتعارفوا عليه فانّ اللّه خلق الخلق بقدرته و جعل بينهم الفضائل بعلمه و جعل منهم عبادا اختارهم لنفسه ليحتجّ بهم علي خلقه فجعل علامة من اكرم منهم طاعته و علامة من اهان

ص: 707

منهم معصيته و جعل ثواب اهل طاعته النّضرة في وجهه في دار الا من و الخلد الّذي لا يروع اهله و جعل عقوبة اهل معصيته نارا تاجّج لغضبه و ما ظلمهم اللّه و لكن كانوا انفسهم يظلمون يا ايّها النّاس انّا اهل بيت بنا ميّز اللّه الكذب و بنا يفرّج اللّه الزّمان الكلب و بنا ينزع اللّه ربق الذّلّ من اعناقكم و بنا يفتح اللّه و بنا يفتح اللّه و بنا يختم اللّه فاعتبروا بنا و بعدوّنا و بهدانا و بهداهم و بسيرتنا و سيرتهم و ميتتنا و ميتتهم يموتون بالدّاء و القرح و الدّبيلة و نموت بالبطن و القتل و الشّهادة ثم التفت الي بنيه فقال يا نبيّ ليبرّ كباركم كباركم و ليرحم كباركم صغاركم و لا تكونوا امثال السّفهاء الجفاة الجهّال الّذين لا يعطون في اللّه اليقين كقيض بيض في اداح الا ويح للفراخ فراخ ال محمّد من خليفة مستخلف عتريف مترف يقتل خلفي و خلف الخلف بعدي اما و اللّه لقد علمت تبليغ الرسالات و تنجيز العداة و تمام الكلمات و فتحت لي الاسباب و اجري لي السّحاب و نظرت في ملكوت لم يغرب

ص: 708

عنّي شيء فات و لم يفتني ما سبقني و لم يشركني احد فيما اشهدني ربّي يوم يقوم الاشهاد و بي يتيم اللّه موعده و يكمل كلماته و انا النّعمة الّتي انعمها اللّه علي خلقه و انا الاسلام الّذي ارتضاه لنفسه كلّ ذلك منّ اللّه به عليّ و اذلّ به منكبي و ليس امام الاّ و هو عارف اهل ولايته و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ انّما انت منذر و لكلّ قوم هاد ثم نزل صلّي اللّه عليه و آله الطّاهرين الاخيار و سلّم تسليما كثيرا قوله فقات عين الفتنة يقال فقأت العين اي شققتها او قلعتها يشحمها او ادخلت الاصبع فيها و فقاء عين الفتنة او كسر ثورانها و حذف المضاف اي عين اهلها بعيد قوله و لم يكن ليتجرأ عليها غيري عدم اجتراء غيره عليه السّلام علي اطفاء تلك الفتنة لان الناس كانوا يهابون قتال اهل القبلة و يقولون كيف نقاتل من يؤذّن كاذاننا و يصلّي بصلاتنا قوله امورا ملتجة اي مختلطة من التجّت الاصوات اي اختلطت و لحجب السفينة اي خاضت اللّجة و التجّ البحر التجاجا و في بعض النسخ بالباء الموحّده من قولهم لبجت به الارض اذا جلدت به و قوله مجلجلة الحلجل واحد الجلاجل و صوته الجلجلة و صوت الرّعد ايضا و المجلجل السّحاب الذي فيه صوت الرّعد و جلجلت الشيء اذا حرّكته بيدك و تجلجل اي ساخ فيها و تجلجلت قواعد البيت اي تضعضعت قوله ع مكلّحا كلح كمنع و تكلّح و اكلح و اكلحته و دهر كالح شديد و قوله مبلحا يقال بلح الرّجل بلوحا اذا اعيي و الماء ذهب و البلوح البئر الذاهبة الماء و بلحت خفارته اذا لم تف و البالح الارض التي لا تنبت شيئا و قوله نصلت اي خرجت كاشفا عن ناب و نصل الحافر اي خرجت عن موضعه و في بعض النسخ قلصت بالتخفيف او التشديد يقال قلص الشيء اذ ارتفع و قلص و تقلّص كله بمعني انضمّ و انزوي يقال قلصت شفته اي انزوت قوله هرجا هرجا يقال هرج الناس يهرجون اي وقعوا في فتنة و اختلاف و اختلاط و قتل و قوله و ان لطحنها روقا اي حسنا و اعجابا و ازروّق اي اذا صار بحيث اعجبت الناس و قوله حدّها اي نهايتها و وقت انقضائها و قوله و علي اللّه فلها اي كسرها و الارومة كالاكولة بفتح الهمزة و قد تضمّ بمعني الاصل و البذر بضمّتين

ص: 709

جمع البذور و هو الذي يزيع الاسرار و النضرة الحسن و الرونق و قوله لا يروع اهله اي لا يفزع و لا يخاف و في بعض النسخ بالغين المعجمة اي لا يحسد و لا يميل اهلها عنها و الدّبيلة خراج و دمّل كبير تظهر في الجوف فتقتل صاحبها غالبا قوله كقيض بيض في اذاح القيض قشر البيض الاداح اصله الاداحي جمع الادحي و هو الموضع الذي تبيض فيه النّعامة و تفرخ و هو افعول من دحوت لاتها تدحوه برجلها اي تبسطه ثم تبيض فيه قوله الاويح الويح كلمة رحمة كما ان الويل كلمة عذاب و قيل هما بمعني واحد و الخلف القرن بعد القرن و ما جاء من بعد و بمعني ما استخلف قوله عتريف او عتروف اي خبيث المترف الطّاغي من كثرة النعمة يقال اترفته النعمة اي اطغته و اذل به منكبي لعله كناية من كثرة الحمل و ثقله او المعني ان مع تلك الفضائل رفع التكبّر و الترفع عني اقول قد نقل العلامة المجلسي ره في المجلد الثامن من البحار ص 724 هذه الخطبة ايضا من كتاب سليم بتمامها و عن كتاب الغارات لابراهيم بن محمد الثقفي عن إسماعيل بن ابان عن عبد الغفار بن القاسم عن المنهال بن عمرو عن زرّين بن جيش قال سمعت امير المؤمنين عليه السّلام يخطب و قال ابراهيم و اخبرني احمد بن عمران بن محمّد بن ابي ليلي عن ابيه عن ابن ابي ليلي عن المنهال عن زرين بن جيش قال خطب عليّ عليه السّلام بالنهروان و ساق الحديث نحو حديث سليم الي قوله و لن تجد لسنة اللّه تبديلا انتهي كلامه و ابراهيم بن محمد الثقفي هذا كان وفاته سنة ثلاث و ثمانين و مائتين من الهجرة و قد روي عنه الاجلة من العلماء الافاخم و المحدثين الاعاظم و كان ثقة جليلا و في التشيع و الدّيانة متصلبا رفع اللّه في الخلد مقامه

214 و من كلامه عليه السّلام

نقله العلامة المجلسي اعلي اللّه مقامه في الجزء الثامن من البحار ص 681 فيما نقله عن كتاب الغارات لابراهيم بن محمد الثقفي الذي مر ذكره انفا انه روي عن المسيّب بن نجبة الفزاري انه قال سمعت عليّا ع يقول انّي قد خشيت ان يدال هؤلاء القوم عليكم بطاعتهم امامهم و معصيتكم امامكم و بادائهم الامانة و خيانتكم و بصلاحهم في ارضهم و فسادكم في ارضكم و باجتماعهم علي باطلهم و تفرّقكم عن حقّكم حتّي تطول دولتهم و حتّي لا يدعوا للّه محرّما الاّ

ص: 710

استحلّوه حتّي لا يبقي بيت وبر و لا بيت مدر الاّ دخله جورهم و ظلمهم حتّي يقوم الباكيات باك يبكي لدينه و باك يبكي لدنياه و حتّي لا يكون منكم الاّ نافعا لهم او غير ضارّ بهم و حتّي يكون نصرة احدكم منهم كنصرة العبد من سيّده اذا شهد اطاعه و اذا غاب عنه سبَّه فان اتاكم اللّه بالعافية فاقبلوا و ان ابتلاكم فاصبروا فانّ العاقبة للمتّقين

215 و من خطبه عليه السّلام

قال العلاّمة المجلسي ره ناقلا عن نصر بن مزاحم في الثامن من البحار ص 476 ان عليا عليه السّلام صعد المنبر فخطب الناس و دعاهم الي الجهاد فبدء بحمد اللّه و الثناء عليه ثم قال عليه السّلام انّ اللّه قد اكرمكم بدينه و خلقكم لعبادته فانصبوا انفسكم في ادائها و تنجزوا موعوده و اعلموا انّ اللّه جعل امر اسّ الاسلام متينة و عراه وثيقة ثمّ جعل الطّاعة حظّ الانفس و رضا الرّبّ و غنيمة الاكياس عند تفريط العجزة و قد حملت امر اسودها و احمرها و لا قوّة الاّ باللّه و نحن سائرون ان شاء اللّه الي من سفه نفسه و تناول ما ليس له و ما لا يدركه معاوية و جنده الفئة الطّاغية

ص: 711

الباغية يقودهم ابليس و يبرق لهم ببارق تسويفه و يدلّيهم بغروره و أنتم اعلم النّاس بالحلال و الحرام فاستغنوا بما علمتم و احذروا ما حذّركم من الشّيطان و ارغبوا فيما هيّئا لكم عنده من الاجر و الكرامة و اعملوا انّ المسلوب من سلب دينه و امانته و المغرور من اثر الضّلالة علي الهدي فلا اعرفنّ احدا منكم تقاعس عنّي و قال في غيري كفاية فانّ الذّود الي الذّود ابل و من لا يذد عن حوضه يهدم ثمّ انّي امركم بالشدّة في الامر و الجهاد في سبيل اللّه و ان لا تغتابوا مسلما و انتظروا النّصر العاجل من اللّه ان شاء اللّه قوله الي من سفه نفسه اي جعلها سفيهة استعمل استعمال المتعدّي فهو في قوة سفه نفسا ما لا يدركه اي الخلافة الواقعيّة و برقت السماء اي لمعت او جاءت تبرق و البارق سحاب ذو برق الذود من الابل ما بين الثلاث الي العشر و هي مؤنتة لا واحد لها من لفظها و الكثير ازواد و في المثل الذود من الذود ابل قولهم الي بمعني مع اي اذا جمعت القليل مع القليل صار كثيرا و قال الزمخشري في المستقصي من لا يذد عن حوضه يهدّم من قول زهير و من لا يذد عن حوضه بسلاحه يهدّم و من لا يظلم الناس يظلم يضرب في تهضّم غير المدافع عن نفسه كذا نقلها المجلسي ره تقاعس الرّجل عن الامر اذا تاخّر و رجع الي خلف و لم يتقدم فيه

216 و من خطبه عليه السّلام

الثامن من البحار ص 398 عن تفسير علي بن ابراهيم القمّي انه قال ابي عن ابن ابي عمير عن جميل عن أبي عبد اللّه

ص: 712

عليه السّلام قال خطب امير المؤمنين صلوات اللّه عليه بعد ما بويع بخمسة ايام خطبة فقال و اعلموا انّ لكلّ حقّ طالبا و لكلّ دم ثائرا و الطّالب كقيام الثائر بدمائنا و الحاكم في حقّ نفسه هو العدل الّذي لا يحيف و الحاكم الّذي لا يجور و هو اللّه الواحد القهّار و اعلموا انّ علي كلّ شارع بدعة وزره و وزر كلّ مقتد به من بعده الي يوم القيمة من غير ان ينقص من اوزار العاملين شيئا و سينتقم اللّه من الظّلمة ماكل بماكل و مشرب بمشرب من لقم العلقم و مشارب الصّبر الادهم فليشربوا الصّلب من الرّاح السّمّ المداف و ليلبسوا دثار الخوف دهرا طويلا و لهم بكلّ ما اتوا و عملوا من افاريق الصّبر الادهم فوق ما اتوا و عملوا اما انّه لم يبق الاّ الزّمهرير من شتائهم و ما لهم من الصّيف الاّ رقدة و يحبسهم و ما توازروا و جمعوا علي ظهورهم من الاثام فيا مطايا الخطايا و يا زور الزّور و اوزار الاثام مع الّذين ظلموا اسمعوا و اعقلوا و توبوا و ابكوا علي انفسكم فسيعلم الّذين ظلموا ايّ منقلب ينقلبون فاقسم ثمّ اقسم لتحملنّها بنو اميّة

ص: 713

من بعدي و ليعرفنّها في دار غيرهم عمّا قليل فلا يبعد و اللّه الاّ من ظلم و علي الباذي يعني الاوّل ما سهل لهم من سبيل الخطايا مثل اوزارهم و اوزار كلّ من عمل بوزرهم الي يوم القيمة و من اوزار الّذين يضلّونهم بغير علم الاساء ما يرزون قوله عليه السّلام و الطالب كقيام الثائر اي طلب الطالب للحق كقيام الطالب بدمائنا و الثار بالهمزة الدّم و الطلب به و قاتل حميمك و الثائر من لا يبقي علي شيء حتي يدرك ثاره ذكره الفيروزآبادي و الحاكم في حق نفسه لعل المعني ان في قتلنا حقا لنا و حقا لله تعالي حيث قتلوا حجته و وليه و القائم يطلب حقنا و اللّه العادل يحكم في حق نفسه ان علي كلّ شارع بدعة وزره شرع لهم كمنع سنّ و قوله وزره اسم انّ و خبره الظرف المقدم اي يلزم مبدع البدعة و محدثها وزر نفسه و وزر كل من اقتدي به اللقم جمع اللقمة و العلقم الحنظل و كلّ شيء مرّ و الادهم الاسود فليشرب الصّلب اي الشديد الغليظ فان شربه اعسر او تصحيف الصئب بالهمز يقال صئب من الشراب كفرح اذا روي و امتلأ او الصّبب بالباء محركة اي المصبوب و الرّاح الخمر اطلق هنا تهكما و الدّوف الخلط و البلّ بماء و نحوه الافاريق جمع الجمع و الجمع فرق و الفرقة السقاء الممتلي لا يستطاع يمخض حتي يفرق و الطائفة من الناس الاّ الزمهرير من شتائهم اي لم يبق من شدائد الدنيا الا ما اصابهم من تلك الشدّة و ليس لهم لذلك اجرا الاّ وقدة اي نومة بالهاء اي الاّ نومه و في بعض النسخ بالفاء مع الضمير و الرّفد بالكسر العطاء و بالكسر و الفتح القدح الضّخم و الحاصل انه لم يبق لهم من راحة الدّنيا الا راحة قليلة ذهبت عنهم و يحبسهم ما توازروا اي يحبسهم يوم القيمة اوزارهم و في بعض النسخ و ما توازروا اي يحبسهم اللّه و يا زور الزور قال في القاموس الزورة الناقة التي تنظر بمؤخّر عينها لشدّتها و لعلّ في بعض الفقرات تصحيفات انتهي ايضاح العلاّمة اعلي اللّه مقامه

217 و من كلامه عليه السّلام

كتاب الغيبة لشيخ الطّائفة الاماميّة الاثني عشرية و رئيسها الشيخ محمد بن الحسن الطوسي قدس سرّه القدوسي الطبعة الاولي ص 292 قال اخبرنا جماعة عن ابي المفضّل الشيباني عن ابي نعيم نصر بن عصام بن المغيرة

ص: 714

العمريّ عن ابي يوسف يعقوب بن نعيم بن عمرو قرقارة الكاتب عن احمد بن محمّد الاسديّ عن محمد بن احمد عن إسماعيل بن عبّاس عن مهاجر بن حكيم عن معاوية بن سعيد عن ابي جعفر محمّد بن عليّ قال قال عليّ بن ابي طالب عليه السّلام اذا اختلف رمحان بالشّام فهو اية من آيات اللّه تعالي قيل ثمّ مه قال ثمّ رجفة تكون بالشّام يهلك فيها مأئة الف يجعله اللّه رحمة للمؤمنين و عذابا علي الكافرين فاذا كان ذلك فانظروا الي اصحاب البرازين الشهب و الرّايات الصّفر تقبل من المغرب حتّي تحلّ بالشّام فاذا كان ذلك فانتظروا خسفا بقرية من قري الشّام يقال لها خرشا(خرشنا) فاذا كان ذلك فانتظروا ابن اكلة الاكباد بوادي اليابس اي السّفياني

218 و من كلامه عليه السّلام

كتاب منتخب كنز العمّال في سنن الاقوال و الافعال للشيخ الامام العلاّم علاء الدين عليّ بن حسام الدين الشهير بالمتّقي الهندي من اعاظم علماء العامّة الموضوع بهامش كتاب المسند لاحمد بن حنبل امام الحنابلة المطبوع بالمطبعة الميمنة بمصر سنة 1313 في الجزو السّادس من المسند ص 34 روي عن عليّ عليه السّلام قال ليخرجنّ رجل من ولدي عند اقتراب السّاعة حين تموت قلوب المؤمنين كما تموت الابدان لما لحقهم من الضّر و الشّدّة و الجوع و القتل بتواتر الفتن و الملاحم العظام و اماتة السّنن و احياء البدع و

ص: 715

ترك الامر بالمعروف و النّهي عن المنكر فيحيي اللّه بالمهديّ محمّد بن عبد اللّه السّنن الّتي قد اميتت و يسرّ بعد له و بركته قلوب المؤمنين و تتالّف اليه عصب من العجم و قبائل من العرب فيبقي علي ذلك سنين ليست بالكثيرة دون العشرة ثمّ يموت اقول انّ المهدي هو محمد بن الحسن العسكري عليهما السّلام و التعبير عن ابيه هنا بعبد اللّه لو صدر عن امير المؤمنين عليه السّلام فمحمول علي التّقية لكي يشتبه الامر علي اعدائه بعد ولادته حفظا لوجوده الشريف عن كيد الاعادي او مصحّف عن النّساخ كما صحّفوا كلمة ابني في الخبر المشتهر النّبوي بابي كما لا يخفي خصوصا مع ان الكثيرين من كبار علماءهم وافقونا في اسمه و اسم ابيه عليهما السّلام و لقد نظمت اربعين اسما من اسماء الاعاظم من علماء هم في ارجوزتي المسمّاة بالدّرر المكنونة في الامام و الامامة مع اسامي كتبهم التي ذكروا فيها اسمه و اسم ابيه صلوات اللّه عليهما و علي جدهما و ابائهما

219 و من خطبه عليه السّلام

في منتخب كنز العمّال الذي من ذكره و وصفه انفا ص 34 نقل عن سعد الاسكاف عن الاصبغ بن نباته انه قال خطب علي بن ابي طالب(عليه السّلام)فحمد اللّه و اثني عليه ثم قال ايّها النّاس انّ قريشا ائمّة العرب ابرارها لابرارها و فجّارها لفجّارها و لا بدّ من رحي تطحن علي ضلالة و تدور فاذا قامت علي قلبها طحنت بحدّتها الا انّ لطحينها روقا و روقها حدّتها و فلهّا علي اللّه الا و انّي و ابرار عترتي و اهل بيتي اعلم النّاسّ صغارا و احلم

ص: 716

النّاس كبارا معنا ركبته الحقّ من تقدّمها مرق و من تخلّف عنها محق و من لزمها لحق انّا اهل الرّحمة و بنا فتحت الحكمة و بعلم اللّه علمنا و من صادق سمعنا فان تتّبعونا تنجوا و ان تتولوا يعذّبكم اللّه بايدينا و بنا فكّ ربق الذّل عن اعناقكم و بنا يختم لا بكم و بنا يلحق التّالي و الينا يفيء الغالي فلو لا تستعجلوا و تستأخروا القدر لا مرقد سبق في البشر لحدّثتكم بشباب من الموالي و أبناء العرب و نبذ من الشّيوخ كالملح في الزّاد و اقلّ الزّاد الملح فينا معتبر و لشيعتنا منتظر انّا و شيعتنا نمضي الي اللّه بالبطن و الحمي و السّيف انّ عدوّنا يهلك بالدّاء و الدّبيلة و بما شاء اللّه من البليّة و النّقمة ايم اللّه الاعزّ الاكرم ان لو حدّثتكم بكلّ ما اعلم لقالت طائفة ما اكذب و ارجم و لو انتقيت منكم مأئة قلوبهم كالذّهب ثمّ انتخبت من المأة عشرة ثمّ حدّثتهم حدثيا فينا اهل البيت ليّنا لا اقول فيه الاّ حقّا و لا اعتمد فيه الاّ صدقا لخرجوا و هم يقولون عليّ من اكذب النّاس و

ص: 717

لو اخترت من غيركم عشرة فحدّثتهم في عدوّنا و اهل البغي علينا احاديث كثيرة لخرجوا و هم يقولون عليّ من اصدق النّاس هلك حاطب الحطب و حاصر صاحب القصب و بقيت القلوب تقلّب فمنها مشعّب و منها مجدّب و منصّب و منها مسيّب يا بنيّ ليبرّ صغاركم كباركم و ليراف كباركم صغاركم و لا تكونوا كالغواة الجفاة الّذين لم يتفقهّوا في الدّين و لم يعطوا في اللّه محض اليقين كبيض بيض في اداحي ويل لفراخ فراخ ال محمّد من خليفة جبّار عتريف مترف مستخفّ بخلفي و خلف الخلف و باللّه لقد علمت تاويل الرّسالات و انجاز العدات و تمام الكلمات و ليكوننّ من يخلفني في اهل بيتي رجل يأمر بامر اللّه قويّ يحكم بحكم اللّه و ذلك بعد زمان مكلّح مفصّح يشتدّ فيه البلاء و ينقطع فيه الرّجاء و يقبل فيه الرّشاء فعند ذلك يبعث اللّه رجلا من شاطيء دجلة لامر حزبه يحمله الحقد علي سفك الدّماء قد كان في ستر و غطاء فيقتل قوما و هو غضبان

ص: 718

شديد الحقد حرّان في سنّة بخت نصّر يسومهم خسفا و يسقيهم سوط عذاب و سيف دمار ثمّ يكون بعده هنات و امور مشتبهات الا من شطّ الفرات الي النّجفات فاتي الي القطقطانيّات في آيات و افات متواليات يحدث شكّا بعد يقين يقوم بعد حين يبني المدائن و يفتح الخزائن و يجمع الامم ينفذها شخص البصر و طمح النّظر و عنت الوجوه و كشف البال حتّي يري مقبلا مدبرا فيا لفها علي ما اعلم رجب شهر ذكر رمضان تمام السّنين شوّال يشال فيه امر القوم ذو القعدة يقتعدون فيه ذو الحجّة الفتح من اوّل العشر الا انّ العجب كلّ العجب بين جمادي و رجب جمع اشتات و بعث اموات و حديثات هونات هونات بينهنّ موتات رافعة ذيلها داعية عولها معلنة قولها بدجلة او حولها الا انّ منّا قائما عفيفة احسابه سادة اصحابه ينادي عند اصطلام اعداء اللّه باسمه و اسم ابيه في شهر رمضان ثلاثا بعد هرج و قتال و ضنك و خبال و قيام من البلاء علي ساق و انّي لاعلم الي من تخرج الارض

ص: 719

ودائعها و تسلّم اليه خزائنها و لو شئت ان اضرب برجلي فاقول اخرجي من ههنا بيضا و دروعا كيف أنتم يابن هنات اذا كانت سيوفكم بايمانكم مصلّتات ثمّ رمّلتم رملات ليلة البيات ليستخلفنّ اللّه خليفة يثبت علي الهدي و لا يأخذ علي حكمه الرّشا اذا دعي دعوات بعيدات المدعي دامغات للمنافقين فارجات عن المؤمنين الا انّ ذلك كائن علي رغم الرّاغمين و الحمد للّه ربّ العالمين و صلواته علي سيّدنا محمّد خاتم النّبيّين و اله و اصحابه أجمعين اقول داق الشيء اذا صفا و خلص و راقني جماله يروقني اعجني قوله فلّ الفلّ بالفتح واحد فلول السّيف و هي كسور في حده و الفلة مثله و فللت الجيش من باب قتل كسرته و هزمته قوله ركّية الحق اي اقامته المارق الخارج عن الدين المحق المحو و الباطل و الفيء الرجوع الغالي المتجاوز عن الحدّ البطن الباطن و الحقيقة الحمي الحفظ و المحافظة و الدّبيلة الداهية و الشدّة و الحاصر البخيل صاحب القصب الذي ذهب الرحمة عن قلبه و من يعيب الناس و يشتمه المشعّب فارق طريق الحق عن الباطل و المجدّب المعيوب و من ليس فيه نفع و لا خير المنصّب من به تعب و شدّة و الم و المسبّب من يسب و يشتم بيض بيض اي بياض البيض الاذاحي المحال التي تبيض فيها النعامة و نحوه التعريف الخبيث المترف المتقلب في لين العيش و المسرف المتروك الذي يخالف امر اللّه و يفعل ما يشاء و الكالح العابس و كذا المكلح و المتكلح المفضح السّييء الكاشف للمساوي العول و العويل رفع الصّوت بالبكاء و الصّياح الارجاء التاخير الحرّان العطشان بخت نصّر بتشديد الصّاد هنات خصال الشر و لا يطلق علي خصال الخير و جمعه هنوات طمح بصره اي ارتفع بصره الهنات الداهية جمعه هنوات و الهون و الاستخفاف و جمعه هونات و الهوان الاصطلام الاستيصال

220 و من كلامه عليه السّلام

ص: 720

منتخب كنز العمّال ص 36 عن محمّد بن الحنفيّة انّ عليّ بن ابي طالب(عليه السّلام)قال يوما في مجلسه و اللّه لقد علمت لتقتلنّني و لتخلفنّني و لتكفئون اكفاء الاناء بما فيه ما يمنع اشقاكم ان يخضب هذه يعني لحيته بدم من فود هذه يعني هامته فو اللّه انّ ذلك لفي عهد رسول اللّه صلّي اللّه عليه (و آله)و سلّم اليّ وليدالنّ عليكم هؤلاء باجتماعهم علي اهل باطلهم و تفرّقكم علي اهل حقّكم حتّي يملكوا الزّمان الطّويل فيستحلّوا الدّم الحرام و الفرج الحرام و الخمر الحرام و المال الحرام فلا يبقي بيت من بيوت المسلمين الاّ دخلت عليهم مظلمتهم فياويح بني اميّة من ابن امتهم يقتل زنديقهم و يسير خليفتهم في الاسواق فاذا كان ذلك ضرب اللّه بعضهم ببعض و الّذي فلق الحبّة و برء النّسمة لا يزال ملك بني اميّة ثابتا لهم حتّي يملك زنديقهم فاذا قتلوه و ملك ابن امتهم خمسة اشهر القي اللّه باسهم بينهم فيخربون بيوتهم بايديهم و ايدي المؤمنين و تعطّل الثّغور و تهراق

ص: 721

الدّماء و تقع الشّحناء في العالم و الهرج سبعة اشهر فاذا قتل زنديقهم فالويل ثمّ الويل للنّاس في ذلك الزّمان يسلّط بعض بني هاشم علي بعض حتّي من الغيرة تغير خمسة نفر علي الملك كما يتغاير الفتيان علي المرأة الحسناء فمنهم الهارب و المشئوم و منهم السّناط الخليع يبايعه جلّ اهل الشّام ثمّ يسير اليه حمار الجزيرة من مدينة الاوثان فيقاتله الخليع و يغلب علي الخزائن فيقاتله من دمشق الي حرّان و يعمل عمل الجبابرة الاولي فيغضب اللّه من السّماء لكلّ عمله فيبعث عليه فتي من المشرق يدعو الي اهل بيت النّبيّ صلّي اللّه عليه(و اله)و سلّم هم اصحاب الرّايات السّود المستضعفون فيعزّهم اللّه و ينزل عليهم النّصر فلا يقاتلهم احد الاّ هزموه و يسير الجيش القحطانيّ حتّي يستخرجوا الخليفة و هو كاره خائف فيسير معه تسعة الاف من الملائكة معه راية النّصر و فتي اليمن في نحر حمار الجزيرة علي شاطيء نهر فيلتقي هو و سفّاح

ص: 722

بني هاشم فيهزمون الحمار و يهزمون جيشه و يغرقونهم في النّهر فيسير الحمار حتّي يبلغ حرّان فيتبعونه فيهزم منهم فياخذ علي المدائن الّتي بالشّام علي شاطيء البحر حتّي ينتهي الي البحرين و يسير السّفاح و فتي اليمن حتّي ينزلوا دمشق فيفتحونها اسرع من التماع البرق و يهدمون سورها ثمّ يبني و يعمر و يساعدهم عليها رجل من بني هاشم اسمه اسم نبيّ فيفتحونها من الباب الشّرقيّ قبل ان يمضي من اليوم الثّاني اربع ساعات فيدخلها سبعون الف سيف مسلول بايدي اصحاب الرّايات السّود شعارهم امّت امّت اكثر قتلاها فيما يلي المشرق و الفتي في طلب الحمار فيدركانه فيقتلانه من وراء البحرين من المعرّتين و اليمن و يكمل اللّه للخليفة سلطانه ثمّ يثور سميّان احدهما بالشّام و الاخر بمكّة فيهلك صاحب المسجد الحرام و يقبل حتّي تلقي جموعه جموع صاحب الشّام فيهزمونه (ابن المناوي) اقول الاكفاء الانقلاب يقال كفئت الاناء و اكفأته اذا كبيته و قلّبته الاناء الظرف و الوعاء الفود هامّة الرّأس التداول التصرف و الاخذ قوله و تهراق الدّماء بالبناء للمفعول اي تصبّ و تراق الشحناء

ص: 723

العداوة و البغضاء السّناط بالكسر و الضّم كوسج لا لحية له حمار الجزيرة يقال لمن كفر بعد الاسلام و هذا مثل بين و له حكاية حرّان بلدة من بلاد الشام قوله من المعرتين و اليمن اي القرنين يقول المؤلّف الحقير:

الحمد للّه الّذي هداني و منّ علي بفضله و وفقني لتاليف الجزء الثاني من كتابي هذا المسمي بمصباح البلاغة في مشكوة الصّياغة و يتلوه ان شاء اللّه تبارك و تعالي الجزء الثالث منه بعونه و عنايته و حسن توفيقه و مشيته و اسئله ان يوفقني لاتمامه و تقبله بقبول حسن من عبيده الحسن و قد وقع الفراغ من تاليف هذا الجزء و تسويده عشية يوم الجمعة العاشر من شهر جمادي الثانية من شهور سنة سبع و ثمانين و ثلاثمائة بعد الالف من الهجرة المقدّسة النّبوية علي مهاجرها الاف الصّلوات و التحيات و انا المؤلف المحتاج الي عفو ربّه الحسن بن عليّ الميرجهاني الطباطبائي المحمّد اباديّ الجرقوئيّ الاصفهاني نزيل عاصمة طهران عفي عنه 1387 ه

ص: 724

فهرس الخطب والكلمات

صورة

ص: 725

صورة

ص: 726

صورة

ص: 727

صورة

ص: 728

صورة

ص: 729

صورة

ص: 730

الجزء الثالث

اشارة

ص: 731

مقدمة المؤلف

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم سبحان من دانت له السّموات و الارض بالعبودّية و شهدت له بالرّبوبيّة و اعترفت له بالألهيّه و اقرت له بالوحدانيّه و الصّلوة و السّلام علي سيّد البريّة و افضل سلالة الهاشمية اول بحر تشعب فيه الهويّة و اوّل نار اوقدت من مصباح القدميّة في مشكوة الواحديّة في زجاجة الأحديّه النور المضيء المشرق المجسّد ابي القاسم محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم سيّما ابن عمّه و وصيّه و نفسه و سرّه الذي شرّفه اللّه بالولاية الكليّة و الخلافة الرّحمانية عليّ المرتضي الحاوي مدائحه اسفار ثورته بل آيات قرآن قرين البتول و صنو الرسول و خليفة بلا فصله صلوات اللّه و سلامه عليه و لعنة اللّه علي اعداءهم أجمعين الي قيام يوم الدّين امّا بعد فهذا هو الجزء الثالث من كتاب مصباح البلاغة في مشكوة الصّياغة تاليف افقر عباد اللّه و احوجهم الحسن المير جهاني الطباطبائي ابن علي بن القاسم المحمد ابادي الجرقوئي الاصفهاني نزيل عاصمة طهران غفر اللّه ذنوبه و ستر عيوبه نفعني اللّه به و اخواني المؤمنين في ذكر خطب مولانا امير المؤمنين و كلماته الصادرة عنه و اللّه ولي التوفيق

تتمة باب خطبه عليه السّلام و كلماته ممّا يجري مجراها

221-و من خطبه عليه السّلام

نقلها سليم بن قيس الهلالي في كتابه و أوردها ايضا شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي ره في المجالس و السيّد الشريف الرضي رضي اللّه عنه في نهج البلاغة و الديلمي في الجزء الثاني من الارشاد الاّ انهم اختصروها رأيت ان اكتب تمامها كما نقلها ابان عن سليم

ص: 732

في كتابه ص 125 قال كنّا جلوسا حول امير المؤمنين عليه السّلام و حوله جماعة من اصحابه فقال له قائل لو استنفرت الناس فقام و خطب فقال عليه السّلام امّا انا قد استنفرتكم فلم تنفروا و دعوتكم فلم تسمعوا فانتم شهود كغيّاب و احياء كاموات و صمّ ذوو اسماع اتلوا عليكم الحكمة و اعظكم بالموعظة الشّافية الكافية و احثّكم علي جهاد اهل الجور فما اتي علي اخر كلامي حتّي اراكم متفرّقين حلقا شتّي تتنا شدون الاشعار و تضربون الامثال و تسئلون عن سعر التّمر و الّلبن تبّت ايديكم لقد سئمتم الحرب و الاستعداد لها و اصبحت قلوبكم فارغة من ذكرها شغلتموها بالاباطيل و الاضاليل و يحكم اغزؤهم قبل ان يغزوكم فو اللّه ما غزي قوم قطّ في عقر دارهم الاّ ذلّوا و ايم اللّه ما اظّن ان تفعلوا حتّي يفعلوا ثمّ وددت انّي قد رايتهم فلقيت اللّه علي بصيرتي و يقيني و استرحت من مقاساتكم و مما رساتكم فما أنتم الاّ كابل جمّة ضلّ راعيها فكلّما ضمّت من جانب انتشرت من جانب كانّي بكم

ص: 733

و اللّه فيما اري لو قد حمس الوغي و استحرّ الموت قد انفرجتم عن علّي بن ابي طالب انفراج الرّاس و انفراج المرأة عن قبلها لا تمنع يد لامس قال الاشعث بن قيس فهلاّ فعلت كما فعل ابن عفّان فقال ع او كما فعل ابن عفّان رأيتموني فعلت انا عائذ باللّه من شرّ ما تقول يا بن قيس و اللّه انّ الّتي فعل ابن عفّان المخزاة لمن لا دين له فكيف افعل ذلك و انا علي بيّنة من ربّي و الحجّة في يدي و الحقّ معي و اللّه ان امرء مّكن عدوّه من نفسه يجزّ لحمه و يفري جلده و يهشم عظمه و يسفك دمه و هو يقدر علي ان يمنعه لعظيم و زره ضعف ما ضمّت عليه جوانح صدره فكن انت ذاك يا ابن قيس فامّا انا فدون ان اعطي بيدي ضرب بالمشرفيّ تطير له فراش الهام و تطيح من الاكفّ و المعاصم و يفعل بعد ما يشاء ويلك يا ابن قيس انّ المؤمن يموت بكلّ ميتة غير انّه لا يقتل نفسه يا بن قيس انّ هذه الامّة تفترق فمن قدر علي

ص: 734

حقن دمه ثمّ خلّي عمّن يقتله فهو قاتل نفسه يا بن قيس انّ هذه الأمّة تفترق علي ثلاث و سبعين فرقة فرقة واحدة في الجنّة و اثنتان و سبعون في النّار و شرّها و ابغضها الي اللّه و ابعدها منه السّامرة الّذين يقولون لا قتال و كذبوا قد امر اللّه بقتال الباغين في كتابه و سنّة نبيّه و كذلك المارقة فقال ابن قيس و غضب من قوله فما يمنعك يا ابن ابي طالب حين بويع ابو بكر اخو بني تيم و أخو بني عديّ بن كعب و أخو بني اميّة بعدهم ان تقاتل و تضرب بسيفك و انت لا تخطبنا خطبة منذ كنت قدمت العراق لا قلت فيها قبل ان تنزل عن المنبر(و اللّه اني لا ولي الناس بالناس و ما زلت مظلوما منذ قبض محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فما منعك ان تضرب بسيفك دون مظلمتك قال يا بن قيس اسمع الجواب لم يمنعني من ذلك الجبن و لا كراهيّة للقاء ربّي و ان لا اكون اعلم انّ ما عند اللّه خير لي من الدّنيا و البقاء فيها قوله في عقر دارهم اي وسط دارهم قوله جمّة بمعني الكثير قوله استحرّ الموت بالراء المهملة المشدّدة اي اشتدّ و كثر و هو استفعل من الحرّ اي الشدّة حمس الوغي اي اشتد القتال و الامر قوله انفراج الرأس اي تتفرقون عنّي اشدّ تفرق و هو مثل من الامثال قيل اول من تكلم به اكتم بن صيفي في وصيّته فقال يا بنيّ لا تتفرقوا في الشّدائد انفراج الرأس فانكم بعد ذلك لا تجتمعون علي عسر و قوله انفراج المرأة قبلها قيل معناه انفراج المرأة البغيّة و تسليمها لقبلها و قيل انفراجها وقت الولادة و قيل وقت الطعان و الاوسط اظهر

ص: 735

و لكن منعني من ذلك امر رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله و سلّم و عهده اليّ اخبرني رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله و سلّم بما الامّة صانعة بعده فلم اك بما صنعوا حين عاينته باعلم و لا اشدّ استيقانا منّي به قبل ذلك بل انا بقول رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله و سلّم اشدّ يقينا منّي بما عاينت و شهدت فقلت يا رسول اللّه تعهد اليّ اذا كان ذلك قال ان وجدت اعوانا فانبذ اليهم و جاهدهم و ان لم تجد اعوانا فاكفف يدك و احقن دمك حتّي تجد علي اقامة الدّين و كتاب اللّه و سنّتي اعوانا و اخبرني صلّي اللّه عليه و اله و سلّم انّ الامّة ستخذلني و تبايع غيري و تتبّع غيري و اخبرني صلّي اللّه عليه و اله و سلّم انّي منه بمنزلة هرون من موسي و انّ الامّة سيصيرون بعده بمنزلة هرون و من تبعه اذ قال له موسي يا هرون ما منعك اذ رايتهم ضلّوا الاّ تتّبعني أ فعصيت امري قال يا بن

ص: 736

امّ لا تأخذ بلحيتي و لا براسي انّي خشيت ان تقول فرّقت بين بني اسرائيل و لم ترقب قولي و انّما يعني انّ موسي امر هرون حين استخلفه عليهم ان ضلّوا فوجد اعوانا ان يجاهدهم و ان لم يجد اعوانا ان يكفّ يده و يحقن دمه و لا يفرّق بينهم و انّي خشيت ان يقول ذلك اخي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله و سلّم فرّقت بين الامّة و لم ترقب قولي و قد عهدت اليك انّك ان لم تجد اعوانا ان تكفّ يدك و تحقن دمك و دم اهلك و شيعتك فلمّا قبض رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله و سلّم مال النّاس الي ابي بكر فبايعوه و انا مشغول برسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله و سلّم بغسله و دفنه ثمّ شغلت بالقرأن فأليت يمينا ان لا ارتدي الاّ للصّلوة حتّي اجمعه في كتاب ففعلت ثمّ حملت فاطمة و اخذت بيدي الحسن و الحسين فلم ادع احدا من اهل بدر و اهل السّابقة من المهاجرين و الانصار الاّ ناشدتهم اللّه و حقّي و دعوتهم الي

ص: 737

نصرتي فلم يستجب لي من جميع النّاس الاّ أربعة رهط الزّبير و سلمان و ابو ذر و المقداد و لم يكن معي احد من اهل بيتي اصول به و لا اقويّ به امّا حمزة فقتل يوم احد و امّا جعفر فقتل يوم موتة و بقيت بين جلفين جافين ذليلين حقيرين العبّاس و عقيل و كانا قريبي العهد بكفر فاكرهوني و قهروني فقلت كما قال هرون لاخيه يا ابن امّ انّ القوم استضعفوني و كادوا يقتلونني فلي بهرون اسوة حسنة ولي بعهد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله و سلّم اليّ حجّة قويّة قال الاشعث كذلك صنع عثمان استغاث بالناس و دعاهم الي نصرته فلم يجد اعوانا فكفّ يده حتي قتل مظلوما قال و يلك يا ابن قيس انّ القوم حين قهروني و استضعفوني و كادوا يقتلونني لو قالوا لي نقتلك البتّته لامتنعت من قتلهم ايّاي و لو لم اجد غير نفسي وحدي و لكن قالوا ان بايعت كففنا عنك و اكرمناك و قرّبناك و فضّلناك و ان لم تفعل قتلناك فلمّا لم اجد احدا بايعتهم و بيعتي ايّاهم لا تحقّ لهم باطلا

ص: 738

و لا توجب لهم حقّا فلو كان عثمان حين قال له النّاس اخلعها و تكفّ عنك خلعها لم يقتلوه و لكنّه قال لا اخلعها قالوا فانّا قاتلوك فكفّ يده عنهم حتّي قتلوه و لعمري لخلعه ايّاها كان خيرا له لانّه اخذها بغير حقّ و لم يكن له فيها نصيب و ادّعي ما ليس له و تناول حقّ غيره و يلك يا ابن قيس انّ عثمان لا يعد و ان يكون احد رجلين امّا ان يكون دعا النّاس الي نصرته فلم ينصروه و امّا ان يكون القوم دعوه الي ان ينصروه فنهاهم عن نصرته فلم يكن له ان ينهي المسلمين عن ان ينصروا اماما هاديا مهتديا لم يحدث حدثا و لم يؤو محدثا و بئس ما صنع حين نهاهم و بئس ما صنعوا حين اطاعوه و امّا ان يكونوا لم يروه اهلا لنصرته لجوره و حكمه بخلاف الكتاب و السّنّة و قد كان مع عثمان من اهل بيته و مواليه و اصحابه اكثر من أربعة الاف رجل و لو شاء ان يمتنع بهم لفعل فلم نهاهم

ص: 739

عن نصرته و لو كنت وجدت يوم بويع ابو بكر اربعين رجلا مطيعين لجاهدتهم و امّا يوم بويع عمر و عثمان فلا لانّي كنت بايعت و مثلي لا ينكث بيعته و يلك يا ابن قيس كيف رايتني صنعت حين قتل عثمان و وجدت اعوانا هل رايت منّي فشلا اوجبنا او تقصيرا في وقعتي يوم البصرة و هم حول جملهم الملعون و من معه الملعون من قتل حوله الملعون من رجع بعده لا تائبا و لا مستغفرا فانّهم قتلوا انصاري و نكثوا بيعتي و مثّلوا بعاملي و بغوا عليّ و سرت اليهم في اثني عشر الفا و في رواية اخري اقل من عشرة الاف و هم ينفّ علي عشرين و مأئة الف و في رواية زيادة علي خمسين الفا فنصرني اللّه عليهم و قتلهم بايدينا و شفي صدور قوم مؤمنين و كيف رايت يا ابن قيس وقعتنا بصفّين و ما قتل اللّه منهم بايدينا خمسين الفا في صعيد واحد الي النّار و في رواية اخري زيادة علي سبعين الفا و كيف رايتنا يوم النّهروان اذ لقيت

ص: 740

المارقين و هم مستبصرون متديّنون قد ضلّ سعيهم في الحيوة الدّنيا و هم يحسبون انهّم يحسنون صنعا فقتلهم اللّه في صعيد واحد الي النّار لم يبق منهم عشرة و لم يقتلوا من المؤمنين عشرة ويلك يا ابن قيس هل رايت لي لواء ردّ او راية ردّت ايّاي تعيّر يا ابن قيس و انا صاحب رسول اللّه صلّي اللّه عليه و اله و سلّم في جميع مواطنه و مشاهده و المتقدّم الي الشّدائد بين يديه لا افرّ و لا الوذ و لا اعتلّ و لا انحاز و لا امنح العدوّ دبري انّه لا ينبغي للنّبيّ و لا للوصيّ اذا لبس لامته و قصد لعدوّه ان يرجع او ينثني حتّي يقتل او يفتح اللّه له يا ابن قيس هل سمعت لي بفرار قطّ او نبوة يا ابن قيس اما و الّذي فلق الحبّة و برء النّسمة لو وجدت يوم بويع ابو بكر الّذي عيّرتني بدخولي في بيعته اربعين رجلا كلّهم علي مثل بصيرة الاربعة الّذين وجدت لما كففت يدي و لناهضت القوم و لكن لم اجد خامسا قال الاشعث

ص: 741

و من الاربعة يا امير المؤمنين قال عليه السّلام سلمان و ابو ذر و المقداد و الزّبير بن صفيّة قبل نكثه بيعتي فانّه بايعني مرّتين امّا بيعته الاولي الّتي و في بها فانّه لمّا بويع ابو بكر اتاني اربعون رجلا من المهاجرين و الانصار فبايعوني و فيهم الزّبير فامرتهم ان يصبحوا عند بابي محلّقين رءوسهم عليهم السّلاح فما و في منهم احد و لا صبّحني منهم غير أربعة سلمان و ابو ذر و المقداد و الزّبير و امّا بيعته الاخري فانّه اتاني هو و صاحبه طلحة بعد قتل عثمان فبايعاني طائعين غير مكرهين ثمّ رجعا عن دينهما مرتدّين ناكثين مكابرين معاندين حاسدين فقتلهما اللّه الي النّار و امّا الثّلاثة سلمان و ابا ذر و المقداد فثبتوا علي دين محمّد صلّي اللّه عليه و اله و سلّم و ملّة ابراهيم حتّي لقوا اللّه يرحمهم اللّه يا ابن قيس فو اللّه لو انّ اولئك الاربعين الّذين بايعوني و فوالي و اصبحوا علي بابي محلّقين قبل ان تجب لعتيق في عنقي بيعته لنا هضته و

ص: 742

حاكمته الي اللّه عزّ و جلّ و لو وجدت قبل بيعة عمر اعوانا لنا هضتهم و حاكمتهم الي اللّه فانّ ابن عوف جعلها لعثمان و اشترط عليه فيما بينه و بينه ان يردّها عليه عند موته فامّا بعد بيعتي ايّاهم فليس الي مجاهدتهم سبيل فقال الاشعث و اللّه لئن كان الامر كذلك(كما تقول)لقد هلكت الامّة غيرك و غير شيعتك فقال انّ الحقّ و اللّه معي يا ابن قيس كما اقول و ما هلك من الامّة الاّ النّاصبين و المكابرين و الجاحدين و المعاندين فامّا من تمسّك بالتّوحيد و الاقرار بمحمّد و الاسلام و لم يخرج من المّلة و لم يظاهر علينا الظّلمة و لم ينصب لنا العداوة و شكّ في الخلافة و لم يعرف اهلها و ولاتها و لم يعرف لنا ولاية و لم ينصب لنا عداوة فانّ ذلك مسلّم مستضعف يرجي له رحمة اللّه و يتخوّف عليه ذنوبه قال ابان قال سليم بن قيس فلم يبق يومئذ من شيعة عليّ عليه السّلام احد الاّ تهلّل وجهه و فرج بمقالته اذ شرح امير المؤمنين عليه السّلام الامر و باح به و كشف الغطاء و ترك التقيّة و لم يبق احد من القراء ممن كان يشكّ في الماضين و يكفّ عنهم و يدع البراءة منهم و رعا و تاثّما الاّ استيقن و استبصروا حسن و ترك الشكّ و الوقوف و لم يبق حوله ممن ابي بيعته علي وجه ما بويع عثمان و الماضون قبله الا رأي

ص: 743

ذلك في وجهه و ضاق به امره و كره مقالته ثم انه استبصر عادتهم و ذهب شكهّم قال ابان عن سليم ما شهدت يوما قطّ علي رءوس العامّة كان اقرّ لا عيننا من ذلك اليوم لما كشف للناس من الغطاء و اظهر فيه من الحق و شرح فيه من الامر و القي فيه من التقيّة و كثرت الشيعة بعد ذلك المجلس من ذلك اليوم و تكلّموا و قد كانوا افل عسكره و صار الناس يقاتلون معه علي علم بمكانه من اللّه و رسوله و صارت الشيعة بعد ذلك المجلس اجل الناس و اعظمهم

222 و من كلامه عليه السّلام

كتاب سليم بن قيس ص 134 قال ابان عن سليم قال انتهيت الي حلقة في مسجد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ليس فيها الا هاشمي غير سلمان و ابي ذر و المقداد و محمد بن ابي بكر و عمر بن ابي سلمة و قيس بن سعد بن ابي عباده فقال العبّاس لعليّ صلوات اللّه عليه ما تري عمر منعه من ان يعزم قنفذ كما اعزم جميع عمّاله فنظر علي عليه السّلام الي من حوله ثم اغر و رقت عيناه ثم قال نشكو له ضربة ضربها فاطمة بالسّوط فماتت و في عضدها اثره كانّه الدّملج ثم قال عليه السّلام العجب ممّا اشربت قلوب هذه الامّة من حبّ هذا الرّجل و صاحبه من قبله و التّسليم له في كلّ شيء احدثه لئن كان عمّاله خونة و كان هذا المال في ايديهم خيانة ما كان حلّ له تركه و كان له ان يأخذه كلّه فانّه فيئ للمسلمين فما له يأخذ نصفه و يترك نصفه و لئن كانوا غير خونة فما حلّ له ان يأخذ اموالهم و لا شيئا منه قليلا و لا كثيرا و انّما اخذ

ص: 744

انصافها و لو كانت في ايديهم خيانة ثمّ لم يقرّوا بها و لم تقم عليهم البيّنة ما حلّ له ان يأخذ منهم قليلا و لا كثيرا و اعجب من ذلك اعادته ايّاهم الي اعمالهم لئن كانوا خونة ما حلّ له ان يستعملهم و لئن كانوا غير خونة ما حلّت له اموالهم ثم اقبل عليّ عليه السّلام الي القوم فقال العجب لقوم يرون سنّة نبيّهم تتبدّل و تتغيّر شيئا شيئا و بابا و بابا ثمّ يرضون و لا ينكرون بل يغضبون له و يعتبون علي من عاب عليه و انكره ثمّ يجيء قوم بعدنا فيتّبعون بدعته و جوره و احداثه و يتّخذون احداثه سنّة و دينا يتقرّبون بها الي اللّه في مثل تحويله مقام ابراهيم عليه السّلام من الموضع الّذي وضعه فيه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم الي الموضع الّذي كان فيه في الجاهليّة الّذي حوّل منه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و في تغييره صاع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و مدّه و فيهما فريضته و سنّة فما كان زيادته الاّ سوء

ص: 745

لانّ المساكين في كفّارة اليمين و الظّهار بهما يعطون ما يجب من الزّرع و قد قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم اللّهمّ بارك لنا في مدّنا و صاعنا لا يحولون بينه و بين ذلك لكنّهم رضوا و قبلوا ما صنع و قبضه و صاحبه فدك و هي في يد فاطمة عليها السّلام مقبوضة قد اكلت غلّتها علي عهد النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فسئلها البيّنة علي ما في يدها و لم يصدّقها و لا صدّق امّ ايمن و هو يعلم يقينا كما نعلم انهّا في يدها و لم يكن يحلّ له ان يسألها البيّنة علي ما في يدها و لا ان يتّهمها ثمّ استحسن النّاس ذلك و حمدوه و قالوا انّما حمله علي ذلك الورع و الفضل ثمّ حسن قبح فعلهما ان عدلا عنها فقالا نظنّ انّ فاطمة لا تقول الاّ حقّا و انّ عليّا لم يشهد الاّ بحقّ و لو كانت مع امّ ايمن امراة اخري امضينا لها فحظيا بذلك عند الجهّال و ما هما و من امرهما ان يكونا حاكمين فيعطيان او يمنعان و لكنّ الامّة ابتلوا

ص: 746

بهما فادخلا انفسهما فيما لا حقّ لهما فيه و لا علم لهما به و قد قالت فاطمة عليها السّلام حين اراد انتزاعها و هي في يدها ا ليست في يدي و فيها وكيلي و قد اكلت غلّتها و رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم حيّ قالا بلي قالت فلم تسئلاني في البيّنة علي ما في يدي قالا لانّها فييء المسلمين فان قامت بيّنة و الاّ لم نمضها قالت لهما و النّاس حولهما يسمعون أ فتريدان ان تردّا ما صنع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و تحكما فينا خاصّة بما لم تحكما في ساير المسلمين ايّها النّاس اسمعوا ما ركباها(ما ركب هؤلاء من الاثم خ ل)قالت ارايتما ان ادّعيت ما في ايدي المسلمين من اموالهم تسألونني البيّنة ام تسألونهم قالا لا بل نسئلك قالت فان ادّعي جميع المسلمين ما في يدي تسألونهم البيّنة ام تسألونني فغضب عمر و قال انّ هذا فييء المسلمين و ارضهم و هي في يدي فاطمة تأكل غلّتها فان اقامت بيّنة علي ما ادّعت

ص: 747

انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و هبها لها من بين المسلمين و هي فيئهم و حقّهم نظرنا في ذلك فقالت حسبي انشدكم باللّه ايّها النّاس اما سمعتم رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول انّ ابنتي فاطمة سيّدة نساء اهل الجنّة قالوا اللّهمّ نعم قد سمعناه من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قالت افسيّدة نساء الجنّة تدّعي الباطل و تأخذ ما ليس لها ارايتم لو انّ أربعة شهدوا عليّ بفاحشة او رجلان بسرقة أ كنتم مصدّقين عليّ فامّآ ابو بكر فسكت و امّا عمر فقال نعم و نوقع عليك الحدّ فقالت كذبت و لؤمت الاّ ان تقرّ انّك لست علي دين محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم انّ الّذي يجيز علي سيّدة نساء اهل الجنّة شهادة او يقيم عليها حدّ الملعون كافر بما انزل اللّه علي محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم انّ من اذهب اللّه عنهم الرّجس و طهّرهم تطهيرا لا تجوز عليهم شهادة لانّهم معصومون

ص: 748

من كلّ سوء مطهّرون من كلّ فاحشة حدّثني يا عمر من اهل هذه الاية لو انّ قوما شهدوا عليهم او علي احد منهم بشرك او كفر او فاحشة كان المسلمون يتبرّءون منهم و يحدّونهم قال نعم و ما هم و سائر النّاس في ذلك الاّ سواء قالت كذبت و كفرت ما هم و سائر النّاس في ذلك سواء لانّ اللّه عصمهم و انزل عصمتهم و تطهيرهم و اذهب عنهم الرّجس فمن صدّق عليهم فانّما يكذّب اللّه و رسوله فقال ابو بكر اقسمت عليك يا عمر لمّا سكتّ فلمّا ان كان الليل ارسلا الي خالد بن الوليد فقالا انّا نريد ان نسرّ اليك امرا و نحملكه لثقتنا بك فقال احملاني علي ما شئتما فانّي طوع ايديكما فقالا له انّه لا ينفعنا ما نحن من الملك و السّلطان ما دام عليّ حيّا اما سمعت ما قال لنا و ما استقبلنا به و نحن لا نامنه ان يدعو في السّرّ فيستجيب له قوم فينا هضنا فانّه اشجع العرب و قد ارتكبنا منه ما رايت و غلبناه علي ملك ابن عمّه و لا حقّ لنا فيه و انتزعنا فدك من

ص: 749

امراته فاذا صلّيت بالنّاس صلاة الغداة فقم الي جنبه و ليكن سيفك معك فاذا صلّيت و سلّمت فاضرب عنقه قال عليّ عليه السّلام فصلّي خالد بن الوليد بجنبي متقلّدا السّيف فقام ابو بكر في الصّلوة و جعل يؤامر نفسه و ندم و اسقط في يده حتّي كادت الشّمس ان تطلع ثمّ قال قبل ان يسلّم لا تفعل ما امرتك ثمّ سلّم فقلت لخالد و ما ذاك قال كان قد امرني اذا سلّم ان اضرب عنقك قلت او كنت فاعلا قال اي و ربّي اذا لفعلت

223 و من كلامه عليه السّلام

رواه ايضا ابان عن كتاب سليم بن قيس ص 161 و نقل السيّد ره في النهج بعض فقراته و انّي ناقل تمامه عن كتاب سليم لما فيه من البسط مزيد الفائدة قال سليم بن قيس سمعت ابا الحسن عليه السّلام بحدّثني و يقول انّ النّبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال منهومان لا يشبعان منهوم في الدّنيا لا يشبع منها و منهوم في العلم لا يشبع منه فمن اقتصر من الدّنيا علي ما احلّ اللّه له سلّم و من تناولها من غير حلّها هلك الاّ ان يتوب و يراجع و من اخذ العلم من اهله و عمل

ص: 750

به نجا و من اراد به الدّنيا هلك و هو حظّه و العلماء عالمان عالم عمل بعلمه فهو ناج و عالم تارك لعلمه فهو هالك انّ اهل النّار ليتاذّون من نتن ريح العالم التّارك لعلمه و انّ اشدّ اهل النّار ندامة و حسرة رجل دعا عبدا الي اللّه فاستجاب له و اطاع اللّه فدخل الجنّة و عصي اللّه الدّاعي فادخل النار بتركه علمه و اتّباعه هواه و عصيانه اللّه انّما هما اثنان اتّباع الهوي و طول الامل فامّا اتّباع الهوي فيصدّ عن الحقّ و امّا طول الامل فينسي الاخرة انّ الدّنيا قد ترحّلت مقبلة و انّ الاخرة قد ترحّلت مقبلة و لكلّ منهما بنون فكونوا من أبناء الاخرة ان استطعتم و لا تكونوا من أبناء الدّنيا فانّما اليوم عمل و لا حساب و غدا حساب و لا عمل و انّما ابتداء وقوع الفتن من اهواء تتّبع و احكام تبتدع يخالف فيها كتاب اللّه(حكم اللّه)يتولّي فيها رجال رجالا و ببرء رجال من رجال الا انّ الحقّ لو خلص لم يكن فيه اختلاف و انّ الباطل لو خلص

ص: 751

لم يخف علي ذي حجي و لكن يؤخذ من هذا ضغث و من هذا ضغث فيمزجان فيحسبان(فينتجان معا)فهنا لك استولي الشّيطان علي اولياءه و نجا الّذين سبقت لهم منّا الحسني انّي سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول كيف بكم اذا لبستكم فتنة(و في رواية اخري فتن)يربو فيها الوليد و يزيد (و يهرم خ ل)فيها الكبير يجري النّاس عليها فيتخّذونها سنّة فاذا غيّر منها شيء قيل انّ النّاس قد اتوا منكرا(و في رواية قيل غيّرت السّنّة خ ل)ثمّ يشتدّ البلاء(تشتدّ البليّة خ ل)و تسبي الذّرّيّة و تدقّهم الفتن كما تدقّ النّار الحطب و كما تدقّ الرّحا بثفالها يتفقّه النّاس لغير الدّين و يتعلّمون لغير العمل و يطلبون الدّنيا بعمل الاخرة(بالدّين خ ل)ثم اقبل بوجهه علي ناس من اهل بيته و شيعته فقال لقد عملت الائمّة قبلي بامور عظيمة خالفت فيها رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم متعمّدين لو حملت

ص: 752

النّاس علي تركها و تحويلها عن موضعها الي ما كانت تجري عليه علي عهد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لتفرّق عنّي جندي حتّي لا يبقي في عسكري غيري و قليل من شيعتي الّذين انّما عرفوا فضلي و امامتي من كتاب اللّه و سنّة نبيّه لا من غيرهما ارايتم لو امرت بمقام ابراهيم عليه السّلام فردته الي المكان الّذي وضعه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و رددت فدك الي ورثة فاطمة عليها السّلام و رددت صاع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و مدّه الي ما كان و امضيت قطائع اقطعها رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لاهلها(و في رواية اخري اقطعها رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم اقواما لم يوف لهم خ ل)و رددت دار جعفر بن ابي طالب الي ورثته و هدمتها من المسجد و رددت قضايا من قضي من كان قبلي بجور و رددت ما قسمّ من ارض خيبر و محوت ديوان الاعطية و اعطيت كما كان يعطي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم

ص: 753

و لم اجعله دولة بين الاغنياء و سبيت ذراري بني تغلب و امرت النّاس ان لا يجمّعوا في شهر رمضان الاّ في فريضة لنادي بعض النّاس من اهل العسكر ممّن يقاتل معي يا اهل الاسلام و قالوا غيّرت سنّة عمر نهينا(ينهانا خ ل)ان نصّلي في شهر رمضان تطوّعا حتّي خفت ان يثوروا في ناحية عسكري بؤسي لما لقيت من هذه الامّة بعد نبيّها من الفرقة و طاعة ائمّة الضّلال و الدّعاة الي النّار و لم اعط سهم ذوي القربي الاّ من امر اللّه باعطائه الّذين قال اللّه ان كنتم امنتم باللّه و ما انزل علي عبدنا يوم الفرقان يوم التقي الجمعان فنحن الّذين عني اللّه بذي القربي و اليتامي و المساكين و ابن السّبيل(و في كتاب الشافي في الامامة للسيّد المرتضي ص 255 من طبع ايران فنحن الّذين عني اللّه بذي القربي و اليتامي الّذين قرنهم اللّه بنفسه و نبيّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فقال و ما افاء اللّه علي رسوله من اهل القري فللّه و للرّسول و لذي القربي و

ص: 754

اليتامي و المساكين كلّ هؤلاء منّا خاصّة خ ل)لانّه لم يجعل لنا في سهم الصّدقة نصيبا و كرّم اللّه نبيّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و اكرمنا ان لا يطعمنا او ساخ النّاس

224 و من كلامه عليه السّلام

لما بلغه ان عمرو بن العاص خطب الناس بالشام فقال بعثني رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم علي جيشه فيه ابو بكر و عمر فظننت انّه انّما بعثني لكرامتي عليه فلمّا قدمت قلت يا رسول اللّه اي الناس احبّ اليك فقال عايشة قلت من الرّجال قال ابوها و هذا علّي يطعن علي ابي بكر و عمر و عثمان و قد سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول ان اللّه ضرب بالحق علي لسان عمرو قلبه و قال في عثمان ان الملائكة لتستحيي من عثمان و قد سمعت عليّا و الاّ فصمّتا(يعني اذنيّ)و يروي علي عهد عمر ان نبيّ اللّه نظرا لي بكر و عمر مقبلين فقال يا علي هذان سيّدا كهول اهل الجنة من الاولين و الاخرين ما خلا النبيين منهم و المرسلين و لا تحدثهما بذلك فيهلكا قال سليم في كتابه ص 172 فقام عليّ عليه السّلام فقال العجب لطغاة اهل الشّام حيث يقبلون قول عمرو و يصدّقونه و قد بلغ من حديثه و كذبه و قلّة ورعه ان يكذب علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و قد لعنه سبعين لعنة و لعن صاحبه الّذي يدعو اليه في غير موطن و ذلك انّ هجا رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله بقصيدة سبعين بيتا فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و

ص: 755

آله اللّهمّ انّي لا اقول الشّعر و لا احّله فالعنه انت و ملائكتكّ بكلّ بيت لعنة تتري علي عقبه الي يوم القيمة ثمّ لمّا مات ابراهيم بن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قام فقال انّ محمّد اقد صار ابتر لا عقب له و انّي لأشناء النّاس له و اقولهم فيه سوء فانزل اللّه فيه انّ شانئك هو الابتر يعني ابتر من الإيمان و من كلّ خير ما لقيت من هذه الامّة من كذّابها و منافقها لكانّي بالقرّاء الضّعفة المجتهدين قد رووا حديثه و صدّقوه فيه و احتجّوا علينا اهل البيت بكذبه انّا نقول خير هذه الامّة ابو بكر و عمر و لو شئت لسميّت الثّالث و اللّه ما اراد بقوله في عايشة و ابيها الاّ رضا معاوية و لقد استرضاه بسخط اللّه و امّا حديثه الّذي يزعم انّه سمعه منّي فلا و الّذي فلق الحبّة و برء النّسمته ليعلم انّه كذب عليّ يقينا و انّ اللّه لم يسمعه منّي سرّا و لا جهرا اللّهمّ العن عمروا و العن معاوية بصدّهما عن سبيلك

ص: 756

و كذبهما علي كتابك و استخفافهما بنبيّك صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و كذبهما عليه و عليّ

225 و من كلامه عليه السّلام

قال سليم بن قيس في كتابه ص 182 بعد نقل كتاب ارسله معاوية اليه عليه السّلام و بلغه ابو الدرداء و ابو هريرة رسالته و مقالته قال علي عليه السّلام لابي الدرداء قد بلّغتماني ما ارسلكما به معاوية فاسمعا منّي ثمّ ابلغاه عنّي و قولا له انّ عثمان بن عفّان لا يعدوان يكون احد رجلين امّا امام هدي حرام الدّم واجب النّصرة لا تحلّ معصيته و لا يسع الامّة خذلانه او امام ضلالة حلال الدّم لا تحلّ ولايته و لا نصرته فلا يخلو من احدي الخصلتين و الواجب في حكم اللّه و حكم الاسلام علي المسلمين بعد ما يموت امامهم او يقتل ضالاّ كان او مهتديا مظلوما كان او ظالما حلال الدّم او حرام الدّم ان لا يعملوا عملا و لا يحدّثوا حدثا و لا يقدّموا يدا و لا رجلا و لا يبدءوا بشيء قبل ان يختاروا لانفسهم اماما عفيفا عالما ورعا عارفا بالقضاء و السّنّة يجمع امرهم و يحكم بينهم و يأخذ

ص: 757

للمظلوم من الظّالم حقّه و يحفظ اطرافهم و يجبي فيئهم و يقيم حجّتهم و يجبي صدقاتهم ثمّ يحتكمون اليه في امامهم المقتول ظلما ليحكم بينهم بالحقّ فان كان امامهم قتل مظلوما حكم لاوليائه بدمه و ان كان قتل ظالما نظر كيف الحكم في ذلك هذا اوّل ما ينبغي ان يفعلوه ان يختاروا اماما يجمع امرهم ان كانت الخيرة لهم فيتابعوه و يطيعوه و ان كانت الخيرة الي اللّه عزّ و جلّ و الي رسوله فانّ اللّه قد كفاهم النّظر في ذلك و الاختيار و رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قد رضي لهم اماما و امرهم بطاعته و اتّباعه و قد بايعني النّاس بعد قتل عثمان و بايعني المهاجرون و الانصار بعد ما تشاوروا في ثلاثة ايّام و هم الّذين بايعوا ابا بكر و عمر و عثمان و عقدوا امامتهم ولي ذلك اهل بدر و السّابقة من المهاجرين و الانصار غير انّهم بايعوهم قبلي علي غير مشورة من العامّة و انّ بيعتي كانت بمشورة من العامّة فان كان اللّه جلّ اسمه

ص: 758

جعل الاختيار الي الامّة و هم الّذين يختارون و ينظرون لانفسهم و اختيارهم لانفسهم لها و نظرهم خير لهم من اختيار اللّه و رسوله لهم و كان من اختاروه و بايعوه بيعة و بيعة هدي و كان اماما واجبا علي النّاس طاعته و نصرته فقد تشاوروا فيّ و اختاروني باجماع منهم و ان كان اللّه عزّ و جلّ الّذي يختار له الخيرة فقد اختارني للأمّة و استخلفني عليهم و امرهم بطاعتي و نصرتي في كتابه المنزل و سنّة نبيّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فذلك اقوي لحجّتي و اوجب لحقّي و لو انّ عثمان قتل علي عهد ابي بكر و عمر كان لمعاوية قتالهما و الخروج عليهما للطّلب قال ابو هريرة و ابو الدّرداء لا قال علي عليه السّلام فكذلك انا فان قال معاوية نعم فقولا اذا يجوز لكلّ من ظلم بمظلمة او قتل له قتيل ان يشقّ عصا المسلمين و يفرّق جماعتهم و يدعوا الي نفسه مع انّ ولد عثمان اولي بطلب دم ابيهم من معاوية قال فسكت ابو الدرداء و ابو هريرة و قالا لقد انصفت من نفسك قال عليّ عليه السّلام و لعمري لقد

ص: 759

انصفني معاوية ان تمّ علي قوله و صدّق ما اعطاني فهؤلاء بنو عثمان قد ادركوا اليسوا باطفال و لا مولي عليهم فلياتوا اجمع بينهم و بين قتلة ابيهم فان عجزوا عن حجّتهم فليشهدوا لمعاوية بانّه وليّهم و وكيلهم و حربهم في خصومتهم و ليقعدوا و خصمائهم بين يديّ مقعد الخصوم الي الامام و الوالي الّذين يقرّون بحكمه و ينفذون قضاءه و انظر في حجّتهم و حجّة خصمائهم فان كان ابوهم قتل ظالما و كان حلال الدّم ابطلت دمه(و في رواية اخري اهدرت دمه)و ان كان مظلوما حرام الدّم افدتهم من قاتل ابيهم فان شاء و اقتلوه و ان شاء و اعفوا و ان شاء و اقبلوا الدّية و هؤلاء قتلة عثمان في عسكري يقرّون بقتله و يرضون بحكمي عليهم فلياتينّي ولد عثمان و معاوية ان كان وليّهم و وكيلهم فليتخاصموا قتلته و ليحاكموهم حتّي احكم بينكم بكتاب اللّه و سنّة نبيّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و ان كان معاوية انّما يتجنّي و يطلب الاعاليل و الاباطيل فليتجنّ ما بداله

ص: 760

فسوف يعين اللّه عليه قال ابو الدرداء و ابو هريرة قد و اللّه انصفت من نفسك و زدت علي النّصفه و ارخت علّته و قطعت حجّته و جئت بحجّة قويّة صادقة ما عليها لوم

226 و من كلامه عليه السّلام

في كتاب سليم ص 194 و لعمري يا معاوية لو ترحّمت عليك و علي طلحة و الزّبير ما كان ترحمّي عليكم و استغفاري لكم ليحقّ باطلا بل يجعل اللّه ترحمّي عليكم و استغفاري لكم لعنة عليكم و عذابا و ما انت و طلحة و الزّبير باحقر جرما و لا اصغر ذنبا و لا اهون بدعة و ضلالة ممّن استنالك و لصاحبك الّذي تطلب بدمه و وطئا لكم ظلمنا اهل البيت و حملاكم علي رقابنا قال اللّه تبارك و تعالي الم تر الي الّذين اوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت و الطّاغوت و يقولون للّذين كفروا هؤلاء اهدي من الّذين امنوا سبيلا اولئك الّذين لعنهم اللّه و من يلعن اللّه فلن تجد لهم نصيرا ام لهم نصيب من الملك فاذا لا يؤتون النّاس نقيرا ام يحسدون النّاس علي ما اتاهم اللّه من

ص: 761

فضله فنحن النّاس و نحن المحسودون قال اللّه عزّ و جلّ فقد اتينا ال ابراهيم الكتاب و الحكمة و اتيناهم ملكا عظيما فالملك العظيم ان جعل فيهم ائمّة من اطاعهم اطاع اللّه و من عصاهم عصي اللّه و الكتاب و الحكمة و النّبوّة فلم يقرّون بذلك في ال ابراهيم و ينكرونه في ال محمّد يا معاوية فان تكفر بها انت و صاحبك و من قبلك من طغاة اهل الشّام و اليمن و الاعراب اعراب ربيعة و مضر جفاة الامّة فقد وكّل اللّه بها قوما ليسوا بها بكافرين يا معاوية فان تكفر بها انت و صاحبك انّ القرءان حقّ و نور و هدي و رحمة و شفاء للمؤمنين و الّذين لا يؤمنون في اذانهم و قر و هو عليهم عمي يا معاوية انّ اللّه لم يدع صنفا من اصناف الضّلالة و الدّعاة الي النّار الاّ و قد ردّ عليهم و احتجّ عليهم في القرءان و نهي عن اتّباعهم و انزل فيهم قرءانا ناطقا علمه من علمه و جهله من جهله انّي سمعت من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول

ص: 762

ليس من القرءان اية الاّ و لها ظهر و بطن و ما من حرف الاّ و له تاويل و ما يعلم تاويله الاّ اللّه و الرّاسخون في العلم(و في رواية اخري و ما منه حرف الاّ له حدّ مطلع علي ظهر القرءان و بطنه و تاويله و ما يعلم تاويله الاّ اللّه و الرّاسخون في العلم)الرّاسخون نحن ال محمّد و امر اللّه سائر الامّة ان يقولوا امنّا به كلّ من عند ربّنا و ما يذّكرّ الاّ أولو الالباب و ان يسلّموا الينا و قد قال اللّه و لو ردّوه الي الرّسول و الي اولي الامر منهم لعلمه الّذين يستنبطونه منهم هم الّذين يسئلون عنه و يطلبونه و لعمري لو انّ النّاس حين قبض رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم سلّموا لنا و اتّبعونا و قلدّوا امورهم لاكلوا من فوقهم و من تحت ارجلهم و لما طمعت انت يا معاوية فما فاتهم منّا اكثر ما فاتنا منهم و لقد انزل اللّه فيّ و فيك سورة خاصّة الامّة يؤوّلونها علي الظّاهر و لا يعلمون ما الباطن و هي في سورة الحاقّة فامّا من اوتي كتابه

ص: 763

بيمينه و امّا من اوتي كتابه بشماله و ذلك انّه يدعي بكلّ امام ضلالة و امام هدي و مع كلّ واحد منهما اصحابه الّذين بايعوه فيدعي بي و بك يا معاوية و انت صاحب السّلسلة الّذي يقول يا ليتني لم اوت كتابيه و لم ادر ما حسابيه سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول ذلك و كذلك كلّ امام ضلالة كان قبلك او يكون بعدك له مثل ذلك من خري اللّه و عذابه و نزل فيكم قول اللّه عزّ و جلّ و ما جعلنا الرّؤيا الّتي اريناك الاّ فتنة للنّاس و الشّجرة الملعونة في القرءان و ذلك انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم رأي اثني عشر اماما من ائمّة الضّلالة علي منبره يردّون النّاس علي ادبارهم القهقري رجلان من قريش و عشرة من بني اميّة اوّل العشرة صاحبك الّذي تطلب بدمه و انت و ابنك و سبعة من ولد الحكم بن ابي العاص اوّلهم مروان و قد لعنه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و طرده و ما ولد

ص: 764

حين استمع لنساء رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم(حين اسمع نبيّنا رسول اللّه خ ل)يا معاوية انّا اهل بيت اختار اللّه لنا الاخرة علي الدّنيا ثوابا و قد سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم انت و وزيرك و صويحبك يقول اذا بلغ بنو ابي العاص ثلاثين رجلا اتّخذوا كتاب اللّه دخلا و عباد اللّه خولا و مال اللّه دولا يا معاوية انّ نبيّ اللّه زكريّآء نشر بالمنشار و يحيي ذبح و قتله قومه و هو يدعوهم الي اللّه عزّ و جلّ و ذلك لهوان الدّنيا علي اللّه انّ اولياء الشّيطان قد حاربوا اولياء الرّحمن قال اللّه انّ الّذين يكفرون بآيات اللّه و يقتلون النّبيّين بغير حقّ و يقتلون الّذين يأمرون بالقسط من النّاس فبشّرهم بعذاب اليم يا معاوية انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قد اخبرني انّ بني اميّة سيخضبون لحيتي من دم رأسي و انّي مستشهد و ستلي الامّة من بعدي و انّك ستقتل ابني الحسن غدرا بالسّمّ و انّ ابنك يزيد لعنه اللّه سيقتل ابني

ص: 765

الحسين بلي ذلك منه ابن زانية و انّ الامّة سيليها من بعدك سبعته من ولد ابي العاص و ولد مروان بن الحكم و خمسته من ولده تكملة اثني عشر اماما قد رءاهم رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يتواثبون علي منبره تواثب القردة يردّون امّته عن دين اللّه علي ادبارهم القهقري و انّهم اشدّ النّاس عذابا يوم القيمة و انّ اللّه سيخرج الخلافة منهم برايات سود تقبل من الشّرق يذلّهم اللّه بهم و يقتلهم تحت كلّ حجر و انّ رجلا من ولدك مشوم ملعون جلف جاف منكوس القلب فظّ غليظ قد نزع اللّه من قلبه الرّأفة و الرّحمة أخواله من كلب كانّ انظر اليه و لو شئت لسمّيته و وصفته و اين كم هو فيبعث جيشا الي المدينة فيدخلونها فيسرفون فيها في القتل و الفواحش و يهرب منهم رجل من ولدي زكيّ نقّي الّذي يملاء الارض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا و انّي لا عرف اسمه اين كم هو يومئذ و علامته

ص: 766

و هو من ولد ابني الحسين الّذي يقتله ابنك يزيد و هو الثّائر بدم ابيه فيهرب الي مكّة و يقتل صاحب ذلك الجيش رجلا من ولدي زكيّا بريّا عند احجار الزّيت ثمّ يسير ذلك الجيش الي مكّة و انّي لا علم اسم اميرهم و اسماءهم و سمات خيولهم فاذا دخلوا البيداء و استوت بهم الارض خسف اللّه بهم قال اللّه عزّ و جلّ و لو تري اذ فزعوا فلا فوت و اخذوا من مكان قريب قال من تحت اقدامهم فلا يبقي من ذلك الجيش احد غير رجل واحد يقلّب اللّه وجهه من قبل قفاه و يبعث اللّه للمهديّ اقواما يجمعون من الارض قزء كقزع الخريف و اللّه انّي لا عرف اسماءهم و اسم اميرهم و مناخ ركابهم فيدخل المهدي الكعبة و يبكي و يتضرّع قال جلّ و عزّ امنّ يجيب المضطرّ اذا دعاه و يكشف السّوء و يجعلكم خلفاء الارض هذا لنا خاصّة اهل البيت اما و اللّه يا معاوية لقد كتبت اليك هذا الكتاب و انّي لا علم انّك

ص: 767

لا تنتفع به و انّك ستفرح اذا اخبرتك انّك ستلي الامر و ابنك بعدك لانّ الاخرة ليست من بالك و انّك بالاخرة لمن الكافرين و ستندم كما ندم من اسسّ هذا الامر لك و حملك علي رقابنا حين لم تنفعه النّدامة و ممّا دعاني الي الكتاب بما كتبت به انّي امرت كاتبي ان ينسخ ذلك لشيعتي و رءوس اصحابي لعلّ اللّه ان ينفعهم بذلك او يقرءه واحد من قبلك فيخرجه اللّه به و بنا من الضّلالة الي الهدي و من ظلمك و ظلم اصحابك و و فتنتهم و احببت ان احتجّ عليك فكتب اليه معاوية هنيئا لك يا ابا الحسن تملّك الاخرة و هنيئا لنا تملّك الدّنيا

227 و من وصاياه عليه السّلام

كتاب سليم بن قيس ص 16 قال سليم شهدت وصيّة علي بن ابي طالب عليه السّلام حين اوصي الي ابنه الحسن عليه السّلام و اشهد علي وصيّته الحسين عليه السّلام و محمّد او جميع ولده و رؤساء اهل بيته و شيعته(اقول و انا المؤلف الحقير حسن الميرجهاني الطباطبائي ان هذه الوصيّة ممّا اوصي بها عليه السّلام بعد ما ضربه ابن ملجم المرادي عليه لعائن اللّه و لقد نقلها الشريف الرضي رضي اللّه عنه و ارضاه في نهج البلاغة الاّ انه مع ما في كتاب سليم فيه اختلاف من حيث زيادة العبارات و نقصانها فرايت نقلها هنا عن سليم كما نقلها تنبيها لمن اراد الاطلاع عليها)قال ثم دفع اليه(اي الي الحسن عليهما السّلام)الكتاب و السّلاح ثم قال يا بنيّ

ص: 768

امرني رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ان اوصي اليك و ان ادفع اليك كتبي و سلاحي كما اوصي اليّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و دفع اليّ كتبه و سلاحه و امرني ان امرك اذا حضرك الموت ان تدفعها الي اخيك الحسين قال ثمّ اقبل الي ابنه الحسين عليه السّلام و قال له و امرك رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و دفع اليّ كتبه و سلاحه و امرني ان امرك اذا حضرك الموت ان تدفعها الي اخيك الحسين قال ثمّ اقبل الي ابنه الحسين عليه السّلام و قال له و امرك رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ان تدفعها الي ابنك عليّ بن الحسين ثمّ اقبل الي عليّ بن الحسين عليهما السّلام فقال له و امرك رسول اللّه صليّ اللّه عليه و آله و سلّم ان تدفعها الي ابنك محمّد بن عليّ فاقرءه من رسول اللّه صليّ اللّه عليه و آله و سلّم و منّي السّلام ثمّ اقبل علي ابنه الحسن عليه السّلام و قال له يا بنيّ انت وليّ الامر و وليّ الدّم فان عفوت فلك و ان قتلت فضربه مكان ضربة و لا تاثم ثمّ قال اكتب بسم اللّه الرّحمن الرّحيم هذا ما اوصي به عليّ بن ابي طالب اوصي انّه يشهد ان لا آله الاّ اللّه وحده لا شريك له و انّ محمّدا

ص: 769

عبده و رسوله ارسله بالهدي و دين الحقّ ليظهره علي الدّين كلّه و لو كره المشركون ثمّ انّ صلوتي و نسكي و محياي و مماتي للّه ربّ العالمين لا شريك له و بذلك امرت و انا من المسلمين ثمّ انّي اوصيك يا حسن و جميع ولدي و اهل بيتي و من بلغه كتابي من المؤمنين بتقوي اللّه ربّكم و لا تموتنّ الاّ و أنتم مسلمون و اعتصموا بحبل اللّه جميعا و لا تفرّقوا و اذكروا نعمة اللّه عليكم اذ كنتم اعداء فالّف بين قلوبكم سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول صلاح ذات البين افضل من عامّة الصّلوة و الصّيام و انّ البغضة خالعة الدّين و فساد ذات البين و لا قوّة الاّ باللّه انظروا ذوي ارحامكم فصلوهم يهون اللّه عليكم الحساب و اللّه اللّه في الايتام فلا تغبّوا افواههم و لا يضيّعوا بحضرتكم فانّي سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول من عال يتيما حتّي يستغني اوجب اللّه له الجنّة كما اوجب لأكل مال اليتيم النّار و اللّه اللّه في القرءان فلا يسبقنّكم

ص: 770

الي العمل به غيركم و اللّه اللّه في جيرانكم فانّ اللّه و رسوله اوصي بهم و اللّه اللّه في بيت ربّكم فلا يخلونّ منكم ما بقيتم فانّه ان يترك لم تناظروا فانّ ادني ما يرجع به من امّه ان يغفر له ما سلف من ذنبه فاللّه اللّه في الصّلوة فانّها خير العمل و انّها عمود دينكم و اللّه اللّه في الزّكوة فانّها تطفئ غضب ربّكم و اللّه اللّه في شهر رمضان فانّ صيامه جنّة من النّار و اللّه اللّه في الفقراء و المساكين فشاركوهم في معيشتكم و اللّه اللّه في الجهاد في سبيل اللّه باموالكم و انفسكم فانّما يجاهد في سبيل اللّه رجلان امام هدي و مطيع له مقتد بهداه و اللّه اللّه في ذرّية نبيّكم فلا يظلمنّ بين اظهركم و أنتم تقدرون علي الدّفع عنهم و اللّه اللّه في اصحاب نبيّكم الّذين لم يحدثوا حدثا و لم ياووا محدثا فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم اوصي بهم و لعن المحدث منهم و من غيرهم و المؤوي للمحدث و اللّه اللّه في النّساء و ما ملكت ايمانكم لا تخافنّ في اللّه لومة لائم يكفيكم

ص: 771

اللّه من ارادكم بغي عليكم قولوا للنّاس حسنا كما امركم اللّه لا تتركنّ الامر بالمعروف و النّهي عن المنكر فيوليّ اللّه الامر شراركم ثمّ تدعون فلا يستجاب لكم عليكم يا بنيّ بالتّواصل و التّباذل و التّبارّ و ايّاكم و التّقاطع و التّدابر و التّفرّق تعاونوا علي البرّ و التّقوي و لا تعاونوا علي الاثم و العدوان و اتّقوا اللّه انّ اللّه شديد العقاب حفظكم اللّه من اهل بيت و حفظ فيكم نبيّكم و استودعكم اللّه و اقرء عليكم السّلام

228 و من خطبه عليه السّلام

كتاب التوحيد للمحدّث الفقيه البارع محمد بن علي بن الحسين بن بابويه الصّدوق اعلي اللّه مقامه رواها في باب التوحيد و نفي التشبيه منه ص 54 قال حدّثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني ره قال حدّثنا محمد بن يعقوب الكليني قال حدثنا محمد بن علي بن معن قال حدثنا محمد بن عليّ بن عاتكة عن الحسين بن النضر الفهري عن عمرو الاوزاعي عن عمر بن شمر عن جابر بن يزيد الجعفي عن ابي جعفر محمد بن علي الباقر عن ابيه عن جدّه عليهم السّلام قال قال امير المؤمنين عليه السّلام في خطبة خطبها بعد موت النبيّ صلّي اللّه عليه و آله بسبعة ايّام و ذلك حين فراغ من جمع القرءان فقال الحمد للّه الّذي اعجز الاوهام ان تنال الاّ وجوده و حجب العقول عن ان تتخيّل ذاته في امتناعها من الشّبه و الشّكل بل هو الّذي لم يتفاوت في ذاته و لم يتبعّض بتجزية العدد في كماله فارق

ص: 772

الاشياء علي اختلاف الاماكن و تمكّن منها لا علي الممازجة و علمها لا باداة لا يكون العلم الاّ بها و ليس بينه و بين معلومه علم غيره ان قيل كان فعلي تاويل ازليّة الوجود و ان قيل لم يزل فعلي تاويل نفي العدم فسبحانه و تعالي عن قول من عبد سواه و اتّخذ الها غيره علوّا كبيرا نحمده بالحمد الّذي ارتضاه لخلقه و اوجب قبوله علي نفسه و اشهد ان لا آله الاّ اللّه وحده لا شريك له و اشهد انّ محمّدا عبده و رسوله شهادتان ترفعان القول و تضاعفان العمل خفّ ميزان ترفعان عنه و ثقل ميزان توضعان فيه و بهما الفوز بالجنّة و النّجاة من النّار و الجواز علي الصّراط و بالشّهادتين يدخلون الجنّة و بالصّلوة ينالون الرّحمة فاكثروا من الصّلوة علي نبيّكم و آله انّ اللّه و ملائكته يصلّون علي النّبي يا ايّها الّذين امنوا صلّوا عليه و سلّموا تسليما ايّها النّاس انّه لا شرف اعلي من الاسلام و لا كرم اعزّ من التّقي و لا معقل احرز من الورع و لا شفيع انجح من

ص: 773

التّوبة و لا كنز انفع من العلم و لا عزّ ارفع من الحلم و لا حسب ابلغ من الادب و لا نصب اوضع من الغضب و لا جمال ازين من العقل و لا سوء اسوء من الكذب و لا حافظ احفظ من الصّمت و لا لباس اجمل من العافية و لا غائب اقرب من الموت ايّها النّاس انّه من مشي علي وجه الارض فانّه يصير الي بطنها و اللّيل و النّهار مسرعان في هدم الاعمار و لكلّ ذي رمق قوت و لكلّ حبّة اكل و أنتم قوت الموت و انّ من عرف الايّام لم يغفل عن الاستعداد لن ينجو من الموت لا غنّي بماله و لا فقير باقلاله ايّها النّاس من خاف ربّه كفّ ظلمه و من لم يرع في كلامه ظهر هجره و من لم يعرف الخير من الشّرّ فهو بمنزلة البهم ما اصغر المصيبة مع عظم الفاقة هيهات هيهات و ما تناكرتم الاّ لما فيكم من المعاصي و الذّنوب فما اقرب الرّاحة من التّعب و البؤس من النّعيم و ما شرّ بشرّ بعده الجنّة و ما خير بخير بعده النّار و كلّ نعيم دون الجنّة محقور و كلّ بلاء دون النّار عافية

ص: 774

229 و من كلامه عليه السّلام

و في كتاب التوحيد ص 66 قال حدّثنا محمد بن ابراهيم بن اسحق الطالقاني رضي اللّه عنه قال حدّثنا محمد بن سعيد بن يحيي البزوري قال حدّثنا ابراهيم بن الهيثم البلدي قال حدّثنا ابي عن المعافي بن عمران عن اسرائيل عن المقدام بن شريح بن هاني عن ابيه قال ان اعرابيّا قام يوم الجمل الي امير المؤمنين عليه السّلام فقال يا امير المؤمنين أ تقول ان اللّه واحد قال فحمل النّاس عليه قالوا يا اعرابي اما تري ما فيه امير المؤمنين من تقسيم القلب فقال امير المؤمنين دعوه فان الذي يريده الاعرابي هو الذي نريده من القوم ثم قال(عليه السّلام) يا أعرابيّ انّ القول في انّ اللّه واحد علي أربعة اقسام فوجهان منها لا يجوزان علي اللّه عزّ و جلّ و وجهان يثبتان فيه فامّا الّذان لا يجوزان عليه فقول القائل واحد يقصد به باب الاعداد فهذا ما لا يجوز لانّ ما لا ثاني له لا يدخل في باب الاعداد اما تري انّه كفر من قال ثالث ثلاثة و قول القائل هو واحد من النّاس يريد به النّوع من الجنس فهذا ما لا يجوز عليه لانّه تشبيه و جلّ ربّنا عن ذلك و تعالي و امّا الوجهان اللّذان يثبتان فيه فقول القائل هو واحد ليس له في الاشياء شبه كذلك ربّنا و قول القائل انّه عزّ و جلّ احديّ المعني يعني به انّه لا ينقسم في وجود و لا عقل و لا و هم كذلك ربّنا عزّ و جلّ قال الصّدوق

ص: 775

رحمه اللّه سمعت من اثق بدينه و معرفته باللغة و الكلام يقول ان قول القائل واحد و اثنين و ثلاثة الي اخره انّما وضع في اصل اللغة للابانة عن كميّة ما يقال عليه لا لانّ له فسمي يتسمي به بعينه او لانّ له معني سوي ما يتعلمّه الانسان لمعرفة الحساب و يدور عليه عقد الاصابع عند ضبط الاعداد و العشرات و المأت و الالوف و لذلك متي اراد مريد ان يخبر غيره عن كميّة شيء بعينه سمّاه باسمه الاخصّ ثم قرن لفظ الواحد به و علّقه عليه يدلّ به علي كميّة لا علي ما عدا ذلك من اوصافه و من اجله يقول القائل درهم واحد و انّما يعني به انّه درهم فقط و قد يكون الدّرهم درهما بالوزن و درهما بالضرب فاذا اراد المخبران يخبر عن وزنه قال درهم واحد بالوزن و اذا اراد ان يخبر عن ضربه قال درهم واحد بالعدد و درهم واحد بالضّرب و علي هذا الاصل يقول القائل هو رجل واحد و قد يكون الرجل واحدا بمعني انّه انسان و ليس بانسانين و رجل ليس برجلين و شخص ليس بشخصين و يكون واحدا في الفضل واحدا في العلم واحدا في السخاء واحدا في الشجاعة و اذا اراد القائل ان يخبر عن كميّة قال هو رجل واحد فدلّ ذلك من قوله علي انه رجل واحد و ليس هو برجلين و اذا ارادان يخبر عن فضله قال هذا واحد عصره فدلّ ذلك علي انّه لا ثاني له في الفضل فاذا اراد ان يدلّ علي علمه قال انه واحد في علمه فلو دلّ قوله علي واحد بمجرّده علي الفضل و العلم كما دلّ بمجرّده علي الكميّة لكان كل من اطلق عليه لفظ واحد اراد فاضلا لا ثاني له في فضله و عالما لا ثاني له في علمه و جوادا لا ثاني له في جوده فلمّا لم يكن كذلك صحّ انه بمجرّده لا يدلّ الا علي كميّة الشيء دون غيره و لم يكن لما اضيف اليه من قول القائل واحد عصره و دهره معني و لا كان لتقييده بالعلم و الشجاعة معني لانه كان يدل بغير تلك الزيادة و بغير ذلك التقييد علي غاية الفضل و غاية العلم و الشجاعة فلمّا احتيج معه الي زيادة لفظ و احتيج علي التقييد بشئ صحّ ما قلناه فقد تقرّر انّ لفظة القائل واحد اذا قيل علي الشيء دلّ بمجرّده علي كميّة في اسمه الاخصّ و يدّل بما يقترن به علي فضل المقول عليه و علي كماله و علي توحّده بفضله و علمه و جوده و تبيّن ان الدّرهم الواحد قد يكون درهما واحدا بالوزن و درهما واحدا بالعدد و درهما واحدا بالضّرب و قد يكون بالوزن درهمين و بالضرب درهما واحدا و قد يكون بالدوانيق ستة و بالفلوس ستين فلسا و يكون بالاجزاء كثيرا و كذلك يكون العبد عبدا واحدا و لا يكون عبدين بوجه و شخصا واحدا و لا يكون شخصين بوجه و يكون اجزاء كثيرة و ابعاضا كثيرة و كل بعض من ابعاضها يكون جواهر كثيرة متحدة اتحد بعضها ببعض و تركّب بعضها مع بعض و لا يكون العبد واحدا و ان كان كل واحد منه في نفسه هو عبد واحد و انّما لم يكن العبد واحدا لانّه ما من عبد الا و له

ص: 776

مثل في الوجود او في المقدار و انّما صحّ ان يكون للعبد مثل لانّه لم يتوحّد باوصافه التي من اجلها صار عبدا مملوكا و وجب لذلك ان يكون اللّه عزّ و جلّ متوحّدا باوصافه العلّي و اسمائه الحسني ليكون الها واحدا و لا يكون له مثل و يكون واحدا لا شريك له و لا اله غيره فاللّه تبارك و تعالي واحد لا آله الاّ هو و قديم واحد لا قديم الاّ هو و موجود واحد ليس بحالّ و لا محلّ و لا موجود كذلك الاّ هو و شيء واحد لا يجانسه شيء و لا يشاكله شيء و لا يشبهه شيء و لا شيء كذلك الاّ هو فهو كذلك موجود غير منقسم في الوجود و لا في الوهم و شيء لا يشبهه شيء بوجه و آله لا آله غيره بوجه و صار قولنا يا واحد يا احد في الشريعة اسماء اخاصّا له دون غيره لا يسمّي به الاّ هو عزّ و جلّ كما انّ قولنا اللّه اسم لا يسمّي به غيره و فصل اخر في ذلك و هو انّ الشيء قد يعدّ مع ما جانسه و شاكله و ماثله فقال هذا رجل و هذان رجلان و ثلاثة رجال و هذا عبد و هذا سواد و هذان عبدان و هذان سوادان و لا يجوز علي هذا الاصل ان يقال هذان الهان اذ لا آله الاّ آله واحد فاللّه لا يعدّ علي هذا الوجه و لا يدخل في العدد من هذا الوجه بوجه و قد يعدّ الشيء مع مالا يجانسه و لا يشاكله يقال هذا بياض و هذان بياض و سواد و هذا محدث و هذان محدثان و هذان ليسا بمحدثين و لا بمخلوقين بل احدهما قديم و الاخر محدث واحد هما ربّ و الاخر مربوب فعلي هذا الوجه يصحّ دخوله في العدد و علي هذا النحو قال اللّه تعالي و تبارك ما يكون من نجوي ثلاثة الاّ هو رابعهم و لا خمسة الاّ هو سادسهم و لا ادني من ذلك و لا اكثر الاّ هو معهم اينما كانوا الآية و كما انّ قولنا فلان انما هو رجل واحد لا يدل علي فضله بمجرّده فكذلك قولنا فلان ثاني فلان لا يدل بمجرّده الاّ علي كونه و انما يدل علي فضله متي قيل انه ثانيه في الفضل و في الكمال او العلم فامّا توحيد اللّه تعالي ذكره فهو توحيده بصفاته العلي و اسمائه الحسني كان كذلك الها واحدا لا شريك له و لا شبيه و الموحّد من اقرّبه علي ما هو عليه عزّ و جلّ من اوصافه العلي و اسمائه الحسني علي بصيرة منه و معرفة و ايقان و اخلاص و اذا كان ذلك كذلك فمن لم يعرف اللّه عز و جل متوحدا باوصافه العلي و اسمائه الحسني و لم يقرّ بتوحيده باوصافه العلي فهو غير موحّد و ربما قال جاهل من الناس انّ من وحّد اللّه و اقرّ انه واحد فهو موحّد و ان لم يصفه بصفاته التي توحّد بها لانّ من وحّد الشيء فهو موحّد في اصل اللغة فيقال له انكرنا ذلك لان من زعم انّ ربّه اله واحد و شيء واحد ثم اثبت معه موصوفا اخر بصفاته التي توحّد بها فهو عند جميع الامّة و سائر اهل الملل ثنويّ غير موحّد و مشرك مشبّه غير مسلّم و ان زعم ان ربّه اله واحد و شيء واحد و موجود واحدا و اذا كان كذلك وجب ان يكون اللّه تبارك و تعالي متوحّدا بصفاته التي تفرد بالهيّته من اجلها و توحّد

ص: 777

بالوحدانيّة لتوحّده بها ليستحيل ان يكون اله اخر و يكون اللّه واحدا و الاله واحدا لا شريك له و لا شبيه لانّه لم يتوحّد بها كان له شريك و شبيه كما ان العبد لمّا لم يتوحد باوصافه التي من اجلها كان عبدا كان له شبيه و لم يكن العبد واحدا و ان كان كل واحد منّا عبدا واحدا و اذا كان كذلك فمن عرفه متوحّدا بصفاته و اقرّ بما عرفه و اعتقد ذلك كان موحّدا و بتوحيد ربّه عارفا و الاوصاف و التي توحّد اللّه عز و جلّ بها و توحّد بربوبيّته لتفرده بها هي الاوصاف التي تقتضي كلّ واحد منها ان لا يكون الموصوف بها الاّ واحدا لا يشاركه فيه غيره و لا يوصف به الاّ هو و تلك الاوصاف هي كوصفنا له بانّه موجودا واحد لا يصحّ ان يكون حالاّ في شيء و لا يجوزان يحلّه شيء و لا يجوز عليه العدم و الفنا و الزّوال مستحق للوصف بذلك بانّه اول الاوّلين و اخر الاخرين قادر يفعل ما يشاء و لا يجوز عليه ضعف و لا عجز مستحق للوصف بذلك بانه اقدر القادرين و اقهر القاهرين عالم لا يخفي عليه شيء و لا يغرب عنه شيء و لا يجوز عليه الجهل و لا سهو و لا شك و لا نسيان مستحق للوصف بذلك بانّه اعلم العالمين حيّ لا يجوز عليه الموت و لا نوم و لا ترجع اليه منفعة و لا تناله مضرّة مستحق للوصف بذلك بانّه ابقي الباقين و اكمل الكاملين فاعل لا يشغله شيء و لا يعجزه شيء و لا يفوته شيء مستحق للوصف بذلك انّه آله الاوّلين و الاخرين و احسن الخالقين و اسرع الحاسبين غنيّ لا يكون له قلّة مستغن لا يكون له حاجة عدل لا تلحقه مذمّة و لا يرجع اليه منقصة حكيم لا تقع منه سفاهة رحيم لا يكون له رقّة فيكون في رحمته سعة حليم لا تلحقه موجدة و لا تقع منه عجلة مستحق للوصف بذلك بانّه اعدل العادلين و احكم الحاكمين و اسرع الحاسبين و ذلك لانّ اول الاولين لا يكون الاّ واحدا و كذلك اقدر القادرين و اعلم العالمين و احكم الحاكمين و احسن الخالقين و كلما جاء علي هذا الوزن فصحّ بذلك ما قلناه و باللّه التوفيق و منه العصمة و التّسديد انتهي كلامه اعلي اللّه مقامه الشريف

230 و من كلامه عليه السّلام

كتاب التوحيد ايضا ص 312 قال حدثنا احمد بن الحسن القطّان قال حدّثنا الحسن بن عليّ السكّري قال حدثنا محمد بن زكريّا عن جعفر بن محمّد بن عمارة عن ابيه عن جعفر بن محمّد عن ابيه محمد بن علّي عن ابيه علي بن الحسين عن ابيه الحسين عليهم السّلام قال قال امير المؤمنين عليه السّلام انّ للجسم ستّة احوال الصّحة و المرض و الموت و الحيوة و النّوم و اليقظة كذلك الرّوح

ص: 778

فحيوتها علمها و موتها جهلها و مرضها شكّها و صحّتها يقينها و نومها غفلتها و يقظتها حفظها و من الدّليل علي انّ الاجسام محدثة انّ الاجسام لا تخلو من ان تكون مجتمعة او متفرّقة او ساكنة و الاجتماع و الافتراق و الحركة و السّكون محدثة فعلمنا انّ الجسم محدث لحدوث ما لا ينفكّ منه و لا يتقدّمه فان قال قائل و لم قلتم انّ الاجتماع و الافتراق معيّنان و كذلك الحركة و السّكون حتّي زعمتم انّ الجسم لا يخلو منها قيل له الدّليل علي ذلك انّا نجد الجسم يجتمع بعد ان كان متفرّقا و قد كان يجوز ان يبقي متفرّقا فلو لم يكن قد حدث معني كان لا يكون بان يصير مجتمعا اولي من ان يبقي متفرّقا علي ما كان عليه لانّه لم يحدث نفسه في هذا الوقت فيكون بحدوث نفسه ما صار مجتمعا و لا بطل في هذا الوقت فيكون لبطلانها و لا يجوز ان يكون لبطلان معني ما جاز؟؟؟؟؟ مجتمعا الا تري انّه لو كان انّما يصير مجتمعا لبطلان معني و مفترقا لبطلان معني لوجب ان يصير مجتمعا و مفترقا في حالة واحدة لبطلان

ص: 779

المعنيين جميعا و ان يكون كلّ شيء خلا من ان يكون فيه معني مجتمعا مفترقا حتّي كان يجب ان يكون الاعراض مجتمعة متفرّقة لانّها قد خلت من المعاني و قد تبيّن بطلان ذلك و في بطلان ذلك دليل علي انّه انّما كان مجتمعا لحدوث معني و مفترقا لحدوث معني و كذلك القول في الحركة و السّكون و ساير الاعراض فان قال قائل فاذا قلتم انّ المجتمع انّما يصير مجتمعا لوجود الاجتماع و مفترقا لوجود الافتراق فما انكرتم من ان يصير مجتمعا مفترقا لوجودهما فيه كما الزمتم ذلك من يقول انّ المجتمع انّما يصير مجتمعا لا انتفاء الافتراق او مفترقا لانتفآء الاجتماع قيل له انّ الاجتماع و الافتراق هما ضدّان و الاضداد تتضادّ في الوجود فليس يجوز وجودهما في حال لتضادّهما و ليس هذا حكمهما في النّفي لانّه لا ينكر انتفاء الاضداد في حالة واحدة كما ينكر وجودهما فلهذا ما قلنا انّ الجسم لو كان مجتمعا لانتفاء الافتراق و مفترقا لانتفاء الاجتماع لوجب ان يصير مجتمعا مفترقا لانتفاءهما الا تري انّه قد ينتفي

ص: 780

عن الاحمر السّواد و البياض مع تضادّهما و انّه لا يجوز وجودهما و اجتماعهما في حال واحد فيثبت انّ انتفاء الاضداد لا ينكر في حالة واحدة كما ينكر وجودهما و ايضا فانّ القائل بهذا القول قد اثبت الاجتماع و الافتراق و الحركة و السّكون و اوجب ان لا يجوز خلوّ الجسم منها لانّه اذا خلا منها يجب ان يكون مجتمعا مفترقا و متحرّكا ساكنا اذ كان لخلوّه منها ما يوصف بهذا الحكم و اذا كان ذلك كذلك و كان الجسم لا يخلو(لم يخل خ ل)من هذه الحوادث يجب ان يكون محدثا و يدّل علي ذلك ايضا انّ الانسان قد يؤمر بالاجتماع و الافتراق و الحركة و السّكون و يفعل ذلك و يحمد به و يشكر عليه و يذمّ عليه اذا كان قبيحا و قد علمنا انّه لا يجوز ان يؤمر بالجسم و لا ان ينهي عنه و لا ان يمدح به من اجله و لا يذمّ له فواجب ان يكون الّذي امر به و نهي عنه و استحقّ من اجله المدح و الذّمّ غير الّذي لا يجوز ان يؤمر به و لا ان ينهي عنه و لا ان يستحقّ المدح و الذّمّ به فوجب بذلك اثبات الاعراض فان قالوا فلم

ص: 781

قلتم انّ الجسم لا يخلو من الاجتماع و الافتراق و الحركة و السّكون و لم انكرتم ان يكون قد خلا فيما لم يزل من ذلك فلا يدلّ ذلك علي حدوثه قيل له لو جاز ان يكون قد خلا فيما لم يزل مضي من الاجتماع و الافتراق و الحركة و السّكون لجاز ان يخلو منها الأن و نحن نشاهده فلمّا لم يجز ان يوجد اجسام غير مجتمعة و لا مفترقة علمنا انّها لم تخل من ذلك فيما مضي فان قيل و لم انكرتم ان يكون قد خلا من ذلك فيما مضي و ان كان لا يجوز ان يخلو الأن منه قيل له انّ الازمنة و الامكنة لا يؤثران في هذا الباب الا تري انّ قائلا لو قال كنت اخلو من ذلك عام اوّل او منذ عشرين سنة و انّ ذلك سيمكّنني او يمكّنني بالشّام دون العراق او بالعراق دون الحجاز لكان عند اهل العقل مخبّلا جاهلا و المصدّق له جاهل فعلمنا انّ الازمنة و الامكنة لا يؤثّران في ذلك و اذا لم يكن لها حكم و لا تاثير في هذا الباب فواجب ان يكون حكم الجسم فيما مضي و فيما يستقبل حكمه ألان و اذا كان لا يجوز ان يخلو الجسم

ص: 782

في هذا الوقت من الاجتماع و الافتراق و الحركة و السّكون علمنا انّه لم يخل من ذلك قطّ و انّه لو خلا من ذلك فيما مضي كان لا ينكران يبقي علي ما كان عليه الي هذا الوقت فكان لو اخبرنا مخبر عن بعض البلدان النّائية فيها اجساما غير مجتمعة و لا مفترقة و لا متحرّكة و لا ساكنة ان نشكّ في ذلك و لانا من ان يكون صادقا و في بطلان ذلك دليل علي بطلان هذا القول و ايضا فانّ من اثبت الاجسام غير مجتمعة و لا متفرّقة فقد اثبتها غير متقاربة بعضها عن بعض و لا متباعدة بعضها عن بعض و هذه صفة لا تعقل لانّ الجسمين لا بدّ ان يكون بينهما مسافة و بعد اولا يكون بينهما مسافة و لا بعد و لا سبيل الي ثالث فلو كان بينهما مسافة و بعد لكانا مفترقين و لو كان لا مسافة بينهما و لا بعد لوجب ان يكونا مجتمعين لانّ هذا هو حدّ الاجتماع و الافتراق و اذا كان ذلك كذلك فمن اثبت الاجسام غير مجتمعة و لا مفترقة فقد اثبتها علي صفة لا يعقل و من خرج بقوله عن المعقول كان مبطلا

ص: 783

فان قال قائل و لم قلتم انّ هذه الاعراض محدثة و لم اتكرتم ان تكون قديمة مع الجسم لم تزل قيل له لانّا وجدنا المجتمع اذا فرّق بطل منه الاجتماع و حدث له الافتراق و كذلك المفترق اذا جمع بطل منه الافتراق و حدث له الاجتماع و القديم هو قديم لنفسه فلا يجوز عليه الحدوث و البطلان فثبت انّ الاجتماع و الافتراق محدثان و كذلك القول في سائر الاعراض الا تري انّها تبطل باضدادها ثمّ يحدث بعد ذلك و ما جاز عليه الحدوث و البطلان لا يكون الاّ محدثا و ايضا فانّ الموجود القديم الّذي لم يزل لا يحتاج في وجوده الي موجد فعلم انّ الوجود اولي به من العدم لانّه لو لم يكن الوجود اولي به من العدم لم يوجد الاّ بموجد و اذا كان ذلك كذلك علمنا انّ القديم لا يجوز عليه البطلان اذ كان الوجود اولي به من العدم و انّ ما جاز عليه ان يبطل لا يكون قديما فان قال قائل و لم قلتم انّ ما لم يتقدّم المحدث هو ما كان بعد ان لم يكن و القديم هو الموجود لم يزل و الموجود

ص: 784

لم يزل يجب ان يكون متقدّما لما قد كان بعد ان لم يكن و ما لم يتقدّم المحدث فحظّه في الوجود حظّ المحدث لانّه ليس له من التّقدّم الاّ ما للمحدث و اذا كان ذلك كذلك و كان المحدث بماله من الحظّ في الوجود و التّقدّم لا يكون قديما بل يكون محدثا فكذلك ما شاركه في علّته و ساواه في الوجود و لم يتقدّمه فواجب ان يكون محدثا فان قال او ليس الجسم لا يخلو من الاعراض و لا يجب ان يكون عرضا فما انكرتم ان لا يخلو من الحوادث و لا يجب ان يكون محدثا قيل له ان وصفنا العرض بانّه عرض ليس هو من صفات التّقدّم و التّاخّر انّما هو اخبار عن اجناسها و الجسم اذا لم يتقدّمها فليس يجب ان يصير من جنسها فلهذا لا يجب ان يكون الجسم و ان لم يتقدّم الاعراض عرضا اذا لم يشاركها فيما له كانت الاعراض اعراضا و وصفنا القديم انّه قديم هو اخبار عن تقدّمه و وجوده لا الي اوّل و وصفنا المحدث بانّه محدث هو اخبار عن كونه الي غاية و نهاية و ابتداء و اوّل و اذا كان ذلك كذلك

ص: 785

فما لم يتقدّمه من الاجسام فواجب ان يكون موجودا الي غاية و نهاية لانّه لا يجوز ان يكون الموجود لا الي اوّل لم يتقدّم الموجود الي اوّل و ابتداء و اذا كان ذلك كذلك فقد شارك المحدث فيما كان له محدثا و هو وجوده الي غاية فلذلك وجب ان يكون محدثا لوجوده الي غاية و نهاية و كذلك الجواب في سائر ما يسئل في هذا الباب من هذه المسألة فان قال قائل فاذا ثبت انّ الجسم محدث فما الدّليل علي انّ له محدثا قيل له لانّا وجدنا الحوادث كلّها متعلّقة بالمحدث فان قال و لم قلتم انّ المحدثات انّما كانت متعلّقة بالمحدث من حيث كانت محدثة قيل له لانّها لو لم تكن محدثة لم تحتج الي محدث الا تري انّها لو كانت موجودة غير محدثة او كانت معدومة لم يجز ان تكون متعلّقة بالمحدث و اذا كان ذلك كذلك فقد ثبت انّ تعلّقها بالمحدث انّما هو من حيث كانت محدثة فوجب ان يكون حكم كلّ محدث حكمها في انّه يجب ان

ص: 786

يكون له محدث قال الصّدوق ره هذه ادلّة اهل التوحيد الموافقة للكتاب و الاثار الصحيحة عن النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و الائمة عليهم السّلام

231 و من كلامه عليه السّلام

كتاب التوحيد ص 391 قال الصّدوق ره حدّثنا محمد بن موسي بن المتوكّل ره قال حدثنا عليّ بن الحسن السّعد ابادي قال حدثنا احمد بن عبد اللّه البرقي عن ابيه عن محمد بن سنان عن زياد بن المنذر عن سعد بن طريف عن الاصبغ بن نباته قال قال امير المؤمنين عليه السّلام في القدر الا انّ القدر سرّ من سرّ اللّه و ستر من ستر اللّه و حرز من حرز اللّه مرفوع في حجاب اللّه مطويّ عن خلق اللّه مختوم بخاتم اللّه سابق في علم اللّه وضع اللّه العباد من علمه و رفعه فوق شهاداتهم و مبلغ عقولهم لانّهم لا ينالونه بحقيقة الرّبّانيّة و لا بقدرة الصّمديّة و لا بعظم النّورانيّة و لا بعزّة الوحدانيّة لانّه بحر زاخر خالص للّه تعالي عمقه ما بين السّماء و الارض عرضه ما بين المشرق و المغرب اسود كاللّيل الدّامس كثير الحيّات و الحيتان يعلو مرّة و يسفل اخري في قعره شمس تضيء لا ينبغي ان يطّلع اليها الاّ اللّه الواحد الفرد فمن تطلّع اليها فقد ضادّ اللّه عزّ و جلّ في حكمه و نازعه في سلطانه و كشف عن ستره و سرّه و باء بغضب

ص: 787

من اللّه و ماوه جهنّم و بئس المصير

333 و من كلامه عليه السّلام

كتاب التوحيد ص 376 قال الصّدوق ره حدّثنا احمد بن الحسن القطان قال حدّثنا احمد بن يحيي بن زكريّا القطّان قال حدّثنا بكر بن عبد اللّه بن حبيب قال حدّثنا عليّ بن زياد قال حدّثنا مروان بن معاوية عن الاعمش عن ابي حيّان التيميّ(التميمي خ ل)عن ابيه و كان مع عليّ عليه السّلام يوم صفّين و فيما بعد ذلك قال بينا علي بن ابي طالب عليه السّلام يعبّي الكتائب يوم صفّين و معاوية مستقبلة علي فرس له يتاكّل تحته تاكّلا و علي عليه السّلام علي فرس رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله المرتجز و بيده حربة رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و هو متقلد سيفه ذو الفقار فقال رجل من اصحابه احترس يا امير المؤمنين فانا نخشي ان يقاتلك(يغتالك)هذا الملعون فقال عليه السّلام لان قلت ذاك انّه غير مامون علي دينه و انّه لاشقي القاسطين و العن الخارجين علي الائمّة المهتدين و لكن كفي بالاجل حارسا ليس احد من النّاس الاّ و معه ملائكة حفظة يحفظونه من ان يتردّي في بئر او يقع عليه حائط او يصيبه سوء فاذا حان اجله خلوّا بينه و بين ما يصيبه و لذلك انا اذا حان اجلي انبعث اشقاها فخضب هذه من هذا و اشار الي لحيته و راسه عهدا معهودا و وعدا غير مكذوب قال الصّدوق ره و الحديث طويل اخذنا منه موضع الحاجة و قد اخرجته بتمامه في كتاب الدلائل و المعجزات انتهي كلامه اعلي اللّه مقامه

233 و من كلامه عليه السّلام

ص: 788

كتاب التوحيد ص 259 في باب الرّد علي الثنوية و الزنادقة في جواب رجل اتي امير المؤمنين عليه السّلام فقال يا امير المؤمنين انّي قد شككت في كتاب اللّه المنزل قال الصّدوق ره حدثنا احمد بن الحسن القطّان ره قال حدثنا احمد بن يحيي عن بكر بن عبد اللّه بن حبيب قال حدّثني احمد بن يعقوب بن مطرة قال حدّثنا محمد بن الحسن بن عبد العزيز الاحدب الجند بنيشابور قال وجدت في كتاب ابي بخطّه حدّثنا طلحة بن يزيد عن عبيد اللّه بن عبيد عن ابي معمّر السّعداني انّ رجلا اتي امير المؤمنين عليّ بن ابي طالب عليه السّلام فقال يا امير المؤمنين انّي قد شككت في كتاب اللّه المنزل قال له عليه السّلام ثكلتك امّك و كيف شككت في كتاب اللّه المنزل قال لانّي وجدت الكتاب يكذّب بعضه بعضا فكيف لا اشك فيه فقال عليّ بن ابي طالب عليه السّلام ان كتاب اللّه ليصدّق بعضه بعضا و لا يكذب بعضه بعضا و لكنك لم ترزق عقلا تنتفع به فهات ما شككت فيه من كتاب اللّه عزّ و جلّ قال له الرّجل اني وجدت اللّه يقول فاليوم ننساهم كما نسو القاء يومهم هذا و قال ايضا نسو اللّه فنسيهم و قال و ما كان ربّك نسيّا فمرّة يخبر انّه ينسي و مرة يخبر انه لا ينسي فانّي ذلك يا امير المؤمنين قال هات ما شككت فيه ايضا قال و اجد اللّه يقول يوم يقوم الرّوح و الملائكة صفا لا يتكلّمون الا من اذن له الرّحمن و رضي له قولا قال صوابا و قال و استنطقوا فقالوا و اللّه ربّنا ما كنا مشركين و قال و يوم القيمة يكفر بعضكم ببعض و يلعن بعضكم بعضا و قال انّ ذلك لحق تخاصم اهل النّار و قال لا تختصموا لديّ و قد قدمت اليكم بالوعيد و قال اليوم نختم علي افواههم و تكلّمنا ايديهم و تشهد ارجلهم بما كانوا يكسبون فمرّة يخبر انهم يتكلّمون و مرة يخبر انهم لا يتكلّمون الا من اذن له الرّحمن و قال صوابا و مرّة يخبر ان الخلق لا ينطقون و يقول عن مقالتهم و اللّه ربنا ما كنا مشركين و مرّة يخبر انهم يختصمون فانّي ذلك يا امير المؤمنين و كيف لا اشك فيما نسمع قال هات و يحك ما شككت فيه قال واجد اللّه عزّ و جلّ يقول وجوه يومئذ ناضرة الي ربّها ناظرة و يقول لا تدركه الابصار و هو يدرك الابصار و هو اللطيف الخبير و يقول لقد رءاه نزلة اخري عند سدرة المنتهي و يقول يومئذ لا تنفع الشفاعة الاّ من اذن له الرّحمن و رضي له قولا يعلم ما بين ايديهم و ما خلفهم و لا يحيطون به علما و من ادركه الابصار فقد احاط به العلم فانّي ذلك يا امير المؤمنين و كيف لا اشك فيما تسمع قال هات ايضا و يحك ما شككت فيه قال و اجد اللّه تبارك و تعالي يقول و ما كان لبشر ان يكلّمه اللّه الاّ وحيا او من وراء حجاب او يرسل رسولا فيوحي باذنه ما يشاء و قال و كلّم اللّه موسي تكليما و قال و ناداهما ربّهما و قال يا ايّها النّبيّ قل لازواجك و قال يا ايّها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربّك

ص: 789

فانّي ذلك يا امير المؤمنين و كيف لا اشك فيما تسمع قال هات ويحك ما شككت فيه قال و اجد اللّه جل ثنائه يقول «هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا» (1) و قد يسمّي الانسان سميعا بصيرا و ملكا و ربّا فمرّة يخبر بان له اسامي كثيرة و مشتركة و مرّة يقول «هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا» (2) فاني ذلك يا امير المؤمنين و كيف لا اشك فيما تسمع قال هات ويحك ما شككت فيه قال وجدت اللّه تبارك و تعالي يقول «وَ ما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي السَّماءِ» (3) و يقول «وَ لا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ لا يُزَكِّيهِمْ» (4) و يقول «كَلاّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ» (5) كيف ينظر اليهم من يحجب عنهم فانّي ذلك يا امير المؤمنين و كيف لا اشكّ فيما تسمع قال هات ايضا ويحك ما شككت فيه قال و اجد اللّه عزّ و جل يقول «أَ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ» (6) و قال «الرَّحْمنُ عَلَي الْعَرْشِ اسْتَوي» (7) و قال «وَ هُوَ اللّهُ فِي السَّماواتِ وَ فِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَ» (8) و قال انه هو «الظّاهِرُ وَ الْباطِنُ» (9) و قال «وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ» (10) و قال «وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ» (11) فانّي ذلك يا امير المؤمنين و كيف لا اشك فيما تسمع قال هات ايضا ويحك ما شككت فيه قال و اجد اللّه جل ثنائه يقول «وَ جاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا» (12) و قال «وَ لَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادي كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ» (13) و قال «هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَ» (14) و قال «هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً» (15) فمرّة يقول يأتي ربّك و مرّة يقول يوم يأتي بعض آيات ربك فانّي ذلك يا امير المؤمنين و كيف لا اشك فيما تسمع قال هات ويحك ما شككت فيه قال و اجد اللّه جل جلاله يقول «بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ» (16) و ذكر المؤمنين فقال «الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَ أَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ» (17) و قال «تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ» (18) و قال «مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللّهِ لَآتٍ» (19) و قال «فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً» (20) فمرّة يخبر انّهم يلقونه و مرّة انه لا تدركه الابصار و مرة يقول لا يحيطون به علما فانّي ذلك يا امير المؤمنين و كيف لا اشك فيما تسمع قال هات ويحك ما شككت فيه قال و اجد اللّه تبارك و تعالي يقول «وَ رَأَي الْمُجْرِمُونَ النّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها» (21) و قال «يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ» (22) و قال «وَ تَظُنُّونَ بِاللّهِ الظُّنُونَا» (23) فمرّة يخبر انّهم يظنون و مرّة يخبر انّهم يعلمون و الظنّ شك فانّي ذلك يا امير المؤمنين و كيف لا اشك فيما تسمع قال هات ويحك ما شككت فيه قال و اجد اللّه تعالي يقول «قُلْ يَتَوَفّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ» (24)

ص: 790


1- سوره 19 - آيه 65
2- سوره 19 - آيه 65
3- سوره 10 - آيه 61
4- سوره 3 - آيه 77
5- سوره 83 - آيه 15
6- سوره 67 - آيه 16
7- سوره 20 - آيه 5
8- سوره 6 - آيه 3
9- سوره 57 - آيه 3
10- سوره 57 - آيه 4
11- سوره 50 - آيه 16
12- سوره 89 - آيه 22
13- سوره 6 - آيه 94
14- سوره 2 - آيه 210
15- سوره 6 - آيه 158
16- سوره 32 - آيه 10
17- سوره 2 - آيه 46
18- سوره 33 - آيه 44
19- سوره 29 - آيه 5
20- سوره 18 - آيه 110
21- سوره 18 - آيه 53
22- سوره 24 - آيه 25
23- سوره 33 - آيه 10
24- سوره 32 - آيه 11

«ثُمَّ إِلي رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ» (1) و قال «اللّهُ يَتَوَفَّي الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها» (2) و قال «تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَ هُمْ لا يُفَرِّطُونَ» (3) و قال «الَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ» (4) فانّي ذلك يا امير المؤمنين و كيف لا اشك فيما تسمع و قد هلكت ان لم ترحمني و تشرح لي صدري فيما عسي ان يجري ذلك علي يديك فان كان الرّب تبارك و تعالي حقّا و الكتاب حقّا و الرسل حقّا فقد هلكت و خسرت و ان تكن الرسّل باطلا فما عليّ باس و قد بخوت فقال عليّ عليه السّلام قدّوس ربّنا قدّوس تبارك و تعالي علوّا كبيرا نشهد انّه هو الدّائم الّذي لا يزول و لا نشكّ فيه و «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ» (5) و انّ الكتاب حقّ و الرّسل حقّ و انّ الثّواب و العقاب حقّ فان رزقت زيادة ايمان او حرمته فانّ ذلك بيد اللّه ان شاء رزقك و ان شاء حرّمك ذلك و لكن ساعلّمك ما شككت فيه و لا حول و لا قوة الاّ باللّه فان اراد اللّه بك خيرا اعلمك بعلمه و ثبّتك و ان يكن شرّا ضللت و هلكت امّا قوله «نَسُوا اللّهَ فَنَسِيَهُمْ» (6) انّما يعني نسوا اللّه في دار الدّنيا لم يعملوا بطاعته فنسيهم في الاخرة اي لم يجعل لهم في ثوابه شيئا فصاروا منسيّين من الخير و كذلك تفسير قوله عزّ و جلّ «فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا» (7) يعني

ص: 791


1- سوره 32 - آيه 11
2- سوره 39 - آيه 42
3- سوره 6 - آيه 61
4- سوره 16 - آيه 28
5- سوره 42 - آيه 11
6- سوره 9 - آيه 67
7- سوره 7 - آيه 51

بالنّسيان انّه لم يثبهم كما يثيب اوليائه الّذين كانوا في دار الدّنيا مطيعين(له)ذاكرين حين امنوا به و برسله و خافوه بالغيب و امّا قوله «وَ ما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا» (1) فانّ ربّنا تبارك و تعالي علوّا كبيرا ليس بالّذي ينسي و لا يغفل بل هو الحفيظ العليم و قد يقول العرب في باب النّسيان قد نسينا فلان فلا يذكرنا اي انّه لا يأمر لنا بخبر و لا يذكرنا به فهل فهمت ما ذكر اللّه عزّ و جلّ قال نعم فرّجت عنّي فرّج عنك و حللت عنّي عقدة فعظّم اللّه اجرك قال و امّا قوله «يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً» (2) و قوله «وَ اللّهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ» (3) و قوله «يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَ يَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً» (4) و قوله «إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النّارِ» (5) و قوله «لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَ قَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ» (6) و قوله «الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلي أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ» (7) فانّ ذلك في مواطن غير

ص: 792


1- سوره 19 - آيه 64
2- سوره 78 - آيه 38
3- سوره 6 - آيه 23
4- سوره 29 - آيه 25
5- سوره 38 - آيه 64
6- سوره 50 - آيه 28
7- سوره 36 - آيه 65

واحد من مواطن ذلك اليوم الّذي كان مقداره خمسين الف سنة يجمع اللّه عزّ و جلّ الخلائق يومئذ في مواطن يتفرّقون و يكلّم بعضهم بعضا و يستغفر بعضهم لبعض اولئك الّذين كان منهم الطّاعة في دار الدّنيا الرّؤساء و الاتباع و يلعن اهل المعاصي الّذين بدت منهم البغضاء و تعاونوا علي الظّلم و العدوان في دار الدّنيا المستكبرين و المستضعفين يكفر بعضهم ببعض و يلعن بعضهم بعضا و الكفر في هذه الاية البراءة تقول فتبرّء بعضهم من بعض و نظيرها في سورة ابراهيم قول الشّيطان «إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ» (1) و قول ابراهيم خليل الرّحمن «كَفَرْنا بِكُمْ» (2) يعني تبرّءنا منكم ثمّ يجتمعون في موطن اخر يستنطقون و يبكون فيه فلو انّ تلك الاصوات بدت لاهل الدّنيا لاذهلت جميع الخلق عن معايشهم و لتصدّعت قلوبهم الاّ ما شاء اللّه فلا يزالون يبكون الدّم ثمّ يجتمعون في موطن اخر فيستنطقون فيه فيقولون «وَ اللّهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ» (3) فيختم اللّه تبارك و تعالي علي افواههم

ص: 793


1- سوره 14 - آيه 22
2- سوره 60 - آيه 4
3- سوره 6 - آيه 23

و يستنطق الايدي و الارجل و الجلود فتشهد بكلّ معصية كانت منهم ثمّ يرفع عن ألسنتهم الختم فيقولون «لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ» (1) ثمّ يجتمعون في موطن اخر فيستنطقون فيفرّ بعضهم من بعض فذلك قوله عزّ و جلّ «يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ وَ صاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ» (2) فيستنطقون ف «لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً» (3) فيقوم الرّسل صلّي اللّه عليهم فيشهدون في هذا الموطن فذلك قوله «فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلي هؤُلاءِ شَهِيداً» (4) ثمّ يجتمعون في موطن اخر يكون فيه مقام محمّد صلّي اللّه عليه و آله و هو المقام المحمود فيثني علي اللّه تبارك و تعالي بما لم يثن عليه احد قبله ثمّ يثني علي الملائكة كلّهم فلا يبقي ملك الاّ اثني عليه محمّد صلّي اللّه عليه و آله ثمّ يثني علي الرّسل بما لم يثن عليهم احد مثله ثمّ يثني علي كلّ مؤمن و مؤمنة يبدء بالصّدّيقين و الشّهداء ثمّ الصّالحين

ص: 794


1- سوره 41 - آيه 21
2- سوره 80 - آيه 34
3- سوره 78 - آيه 38
4- سوره 4 - آيه 41

فيحمده اهل السّموات و الارض فذلك قوله «عَسي أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً» (1) فطوبي لمن كان له في ذلك المقام حظّ و نصيب و ويل لمن لم يكن له في ذلك المقام حظّ و لا نصيب ثمّ يجتمعون في موطن اخر و يدان بعضهم لبعض فهذا كلّه قبل الحساب فاذا اخذ في الحساب شغل كلّ انسان بما لديه نسئل اللّه بركة ذلك اليوم قال فرجّت عنّي فرّج اللّه عنك يا امير المؤمنين و حللت عنّي عقدة فعظم اللّه اجرك فقال عليه السّلام و امّا قوله عزّ و جلّ «وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلي رَبِّها ناظِرَةٌ» (2) و قوله «لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ» (3) و قوله «وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْري عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهي» (4) و قوله «يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ رَضِيَ لَهُ قَوْلاً يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ وَ لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً» (5) و امّا قوله «وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلي رَبِّها ناظِرَةٌ» (6) فانّ ذلك في موضع ينتهي فيه اولياء اللّه عزّ و جلّ بعد ما يفرغ من الحساب الي نهر يسمّي الحيوان فيغتسلون فيه و يشربون فتنظر وجوههم اشراقا فيذهب عنهم كلّ قذي و وعث

ص: 795


1- سوره 17 - آيه 79
2- سوره 75 - آيه 22
3- سوره 6 - آيه 103
4- سوره 53 - آيه 13
5- سوره 20 - آيه 109
6- سوره 75 - آيه 22

ثمّ يؤمرون بدخول الجنّة فمن هذا المقام ينظرون الي ربّهم كيف يثيبهم و منه يدخلون الجنّة فذلك قوله عزّ و جلّ من تسليم الملائكة عليهم «سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ» (1) فعند ذلك ايقنوا بدخول الجنّة و النّظر الي ربّهم ما وعدهم ربّهم فذلك قوله «إِلي رَبِّها ناظِرَةٌ» (2) و انّما يعني بالنّظر اليه النّظر الي ثوابه تبارك و تعالي و امّا قوله «لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ» (3) فهو كما قال «لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ» (4) يعني لا يحيط به الاوهام «وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ» (5) يعني يحيط بها «وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ» (6) و ذلك مدح امتدح به ربّنا نفسه تبارك و تعالي و تقدّس علوّا كبيرا و قد سئل موسي عليه السّلام و جري علي لسانه ممن حمد اللّه عزّ و جلّ «رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ» (7) فكانت مسئلته تلك امرا عظيما و سئل امرا جسيما فعوقب فقال اللّه تبارك و تعالي «لَنْ تَرانِي» (8) في الدّنيا حتّي تموت فتراني في الاخرة و لكن ان اردت ان تراني في الدّنيا ف «انْظُرْ إِلَي الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي» (9) فابدي اللّه سبحانه بعض آياته و تجلّي ربّنا للجبل فتقطّع الجبل فصار رميما «وَ خَرَّ مُوسي صَعِقاً» (10) يعني ميّتا فكانت عقوبته الموت ثمّ احياه اللّه و بعثه و تاب عليه فقال «سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ» (11) يعني اوّل مؤمن امن بك منهم انّه لن يراك و امّا قوله «وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْري عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهي» (12) يعني محمّد صلّي اللّه عليه و آله حيث لا يتجاوزها خلق من خلق اللّه و قوله في اخر الاية «ما زاغَ الْبَصَرُ وَ ما طَغي لَقَدْ رَأي مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْري» (13) رءاي جبرئيل في صورته مرّتين هذه المرّة و مرّة اخري و ذلك انّ خلق جبرئيل عظيم فهو من الرّوحانيّين الّذين لا يدرك خلقهم و صفتهم الاّ اللّه ربّ العالمين و امّا قوله «يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ رَضِيَ لَهُ قَوْلاً يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ وَ لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً» (14) لا يحيط الخلائق باللّه عزّ و جلّ علما اذ هو تبارك و تعالي جعل علي ابصار القلوب الغطاء فلا فهم يناله بالكيف و لا قلب يثبّته بالحدود فلا

ص: 796


1- سوره 39 - آيه 73
2- سوره 75 - آيه 23
3- سوره 6 - آيه 103
4- سوره 6 - آيه 103
5- سوره 6 - آيه 103
6- سوره 6 - آيه 103
7- سوره 7 - آيه 143
8- سوره 7 - آيه 143
9- سوره 7 - آيه 143
10- سوره 7 - آيه 143
11- سوره 7 - آيه 143
12- سوره 53 - آيه 13
13- سوره 53 - آيه 17
14- سوره 20 - آيه 109

ص: 797

يصفه الاّ كما وصف نفسه «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ» (1) الاوّل و الاخر و الظّاهر و الباطن الخالق البارئ المصوّر خلق الاشياء فليس من الاشياء شيء مثله تبارك و تعالي فقال فرّجت عنّي فرّج اللّه عنك و حللت عنّي عقدة فاعظم اللّه اجرك يا امير المؤمنين قال و امّا قوله «وَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللّهُ إِلاّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ» (2) و قوله «وَ كَلَّمَ اللّهُ مُوسي تَكْلِيماً» (3) و قوله «وَ ناداهُما رَبُّهُما أَ لَمْ أَنْهَكُما» (4) و قوله «يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ» (5) فامّا قوله «ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللّهُ إِلاّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ» (6) فانّه ما ينبغي لبشر ان يكلّمه اللّه الاّ وحيا و ليس بكائن الاّ من وراء حجاب «أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ» (7) كذلك قال اللّه تبارك و تعالي علوّا كبيرا قد كان الرّسول يوحي اليه من رسل السّماء فيبلّغ رسل السّماء رسل الارض و قد كان الكلام بين رسل اهل الارض و بينه من غير ان يرسل بالكلام مع رسل اهل السّماء و قد قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله يا جبرئيل

ص: 798


1- سوره 42 - آيه 11
2- سوره 42 - آيه 51
3- سوره 4 - آيه 164
4- سوره 7 - آيه 22
5- سوره 2 - آيه 35
6- سوره 42 - آيه 51
7- سوره 42 - آيه 51

هل رايت ربّك فقال جبرئيل انّ ربّي لا يري فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله من اين تأخذ الوحي فقال اخذه من اسرافيل قال يأخذه من ملك فوقه من الرّوحانيّين قال فمن اين يأخذ ذلك الملك قال يقذف في قلبه قذفا فهذا وحي و هو كلام اللّه عزّ و جلّ و كلام اللّه ليس بنحو واحد منه ما كلّم اللّه به الرّسل و منه ما قذف في قلوبهم و منه رؤيا يراها الرّسل و منه وحي و تنزيل يتلي و يقرأ فهو كلام اللّه فاكتف بما وصفت لك من كلام اللّه فانّ معني كلام اللّه ليس بنحو واحد فانّ منه ما يبلغ به رسل السّماء رسل الارض قال فرجّت عنّي فرّج اللّه عنك و حللت عنّي عقدة فعظّم اللّه اجرك يا امير المؤمنين قال و امّا قوله «هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا» (1) فانّ تاويله هل تعلم احدا اسمه اللّه غير اللّه تبارك و تعالي فايّاك ان تفسّر القرءان برايك حتّي تفقهّه عن العلماء فانّه ربّ تنزيل يشبه بكلام البشر و هو كلام اللّه و تاويله لا يشبه كلام البشر كما ليس شيء من خلقه يشبهه كذلك

ص: 799


1- سوره 19 - آيه 65

لا يشبهه(يشبه خ ل)فعله تبارك و تعالي شيء من افعال البشر و لا يشبه شيء من كلامه بكلام البشر فكلام اللّه تبارك و تعالي صفته و كلام البشر افعالهم فلا تشبّه كلام اللّه بكلام البشر فتهلك و تضلّ قال فرّجت عني فرّج الله عنك و حللت عني عقدة فعظّم اللّه اجرك يا امير المؤمنين قال و امّا قوله «وَ ما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي السَّماءِ» (1) كذلك ربّنا لا يعزب عنه شيء و كيف يكون من خلق الاشياء لا يعلم من(ما خ ل)خلق و هو الخّلاق العليم و امّا قوله «لا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ» (2) يخبر انّهم(انّه خ ل)لا يصيبهم بخير و قد تقول العرب و اللّه ما ينظر الينا فلان و انّما يعنون بذلك انّه لا يصيبنا منه بخير فذاك النّظر ههنا من اللّه تعالي الي خلقه فنظره اليهم رحمته لهم قال فرّجت عنّي فرّج اللّه عنك و حللت عنّي عقدة فعظّم اللّه اجرك قال و امّا قوله «كَلاّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ» (3) فانّما يعني بذلك يوم القيمة انّهم من ثواب ربّهم محجوبون و قوله

ص: 800


1- سوره 10 - آيه 61
2- سوره 3 - آيه 77
3- سوره 83 - آيه 15

«أَ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ» (1) و قوله «وَ هُوَ اللّهُ فِي السَّماواتِ وَ فِي الْأَرْضِ» (2) و قوله «الرَّحْمنُ عَلَي الْعَرْشِ اسْتَوي» (3) و قوله «وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ» (4) و قوله «وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ» (5) فكذلك اللّه تبارك و تعالي سبّوحا قدّوسا ان يجري منه ما يجري من المخلوقين و هو اللّطيف الخبير و اجّل و اكرم(اكبر خ ل)ان ينزل به شيء ممّا ينزل بخلقه و هو علي العرش استوي علمه شاهد لكلّ نجوي و هو الوكيل علي كلّ شيء و الميسّر لكلّ شيء و المدبّر للأشياء كلّها تعالي اللّه عن ان يكون علي عرشه علوّا كبيرا و امّا قوله «وَ جاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا» (6) و قوله «وَ لَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادي كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ» (7) و قوله «هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَ الْمَلائِكَةُ» (8) و قوله «هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ» (9) فانّ ذلك حقّ كما قال اللّه عزّ و جلّ و ليس له جيئة كجيئة الخلق و قد اعلمتك انّ ربّ شيء من كتاب اللّه تاويله

ص: 801


1- سوره 67 - آيه 16
2- سوره 6 - آيه 3
3- سوره 20 - آيه 5
4- سوره 57 - آيه 4
5- سوره 50 - آيه 16
6- سوره 89 - آيه 22
7- سوره 6 - آيه 94
8- سوره 2 - آيه 210
9- سوره 6 - آيه 158

علي غير تنزيله و لا يشبه كلام البشر و سانبّئك بطرف منه فتكتفي ان شاء اللّه من ذلك قول ابراهيم عليه السّلام «إِنِّي ذاهِبٌ إِلي رَبِّي سَيَهْدِينِ» (1) فذهابه الي ربّه توجّهه اليه عبادة و اجتهادا و قربة(قربانا خ ل)الي اللّه جلّ و عزّ الا تري انّ تاويله غير تنزيله و قال «وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ» (2) يعني السّلاح و غير ذلك و قوله «هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ» (3) يخبر محمّدا صليّ اللّه عليه و آله عن المشركين و المنافقين الّذين لم يستجيبوا للّه و للرّسول و قال «هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ» (4) حيث لم يستجيبو اللّه و لرسوله «أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ» (5) يعني بذلك العذاب يأتيهم في دار الدّنيا كما عذّب القرون الاولي فهذا خبير يخبر به النبيّ صليّ اللّه عليه و آله عنهم ثمّ قال «يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً» (6) يعني من قبل ان تجيئ هذه الاية و هذه الاية طلوع الشّمس من مغربها

ص: 802


1- سوره 37 - آيه 99
2- سوره 57 - آيه 25
3- سوره 6 - آيه 158
4- سوره 6 - آيه 158
5- سوره 6 - آيه 158
6- سوره 6 - آيه 158

و انّما يكتفي اولو الالباب و الجحي و اولو النّهي ان يعلموا انّه اذا انكشفت الغطاء رأوا ما يوعدون و قال في اية اخري فأتاهم اللّه من حيث لم يحتسبوا يعني ارسل عليهم عذابا و كذلك اتيانه بنيانهم و قال اللّه عزّ و جلّ «فَأَتَي اللّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ» (1) فاتيانه بنيانهم من القواعد ارسال العذاب و كذلك ما وصف من امر الاخرة تبارك اسمه و تعالي علوّا كبيرا انّه يجري اموره في ذلك اليوم الّذي مقداره خمسين الف سنة كما يجري اموره في الدّنيا لا يغيب و لا يأفل مع الافلين فاكتف بما وصفت(وصف) لكّ من ذلك ممّا جال في صدرك ممّا وصف اللّه عزّ و جلّ في كتابه و لا تجعل كلامه ككلام البشر هو اعظم و اجلّ و اكرم و اعزّ تبارك و تعالي من ان يصفه الواصفون الاّ بما وصف به نفسه في قوله عزّ و جلّ قال «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ» (2) قال فرجّت عنّي يا امير المؤمنين فرّج اللّه عنك و حللت عنّي عقدة قال و امّا قوله «بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ» (3)

ص: 803


1- سوره 16 - آيه 26
2- سوره 42 - آيه 11
3- سوره 32 - آيه 10

و ذكر اللّه المؤمنين «الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ» (1) و قوله لغيرهم «إِلي يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ» (2) بما اخلفوا اللّه ما وعدوه و قوله «فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً» (3) و امّا قوله «بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ» (4) يعني البعث فسمّاه اللّه عزّ و جلّ لقاءه و كذلك ذكر المؤمنين الّذين يظنّون انّهم ملاقوا ربّهم يعني يوقنون انّهم يبعثون و يحشرون و يحاسبون و يجزون بالثّواب و العقاب فالظّنّ ههنا بمعني اليقين خاصّة و كذلك قوله «فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً» (5) و قوله «مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللّهِ لَآتٍ» (6) يعني من كان يؤمن بانّه مبعوث فانّ وعد اللّه لات من الثّواب و العقاب فاللّقاء ههنا ليس بالرّؤية و اللّقاء هو البعث و كذلك قوله «تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ» (7) يعني انّه لا يزول الايمان عن قلوبهم يوم يبعثون قال فرّجت عنّي يا امير المؤمنين فرّج اللّه عنك فقد حللت عني عقدة قال و امّا قوله «وَ رَأَي الْمُجْرِمُونَ النّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها» (8) يعني ايقنوا انّهم

ص: 804


1- سوره 2 - آيه 46
2- سوره 9 - آيه 77
3- سوره 18 - آيه 110
4- سوره 32 - آيه 10
5- سوره 18 - آيه 110
6- سوره 29 - آيه 5
7- سوره 33 - آيه 44
8- سوره 18 - آيه 53

داخلوها و كذلك قوله «إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ» (1) يقول انّي ظننت انّي ابعث فاحاسب بقوله ملاق حسابيه و قوله عزّ و جلّ «يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ» (2) و قوله للمنافقين «وَ تَظُنُّونَ بِاللّهِ الظُّنُونَا» (3) فهذا الظّنّ ظّنّ شكّ و ليس ظنّ يقين و الظّنّ ظنّان ظنّ شكّ و ظنّ يقين فما كان من امر معاد من الظّنّ فهو ظنّ يقين و ما كان من امر الدّنيا فهو ظنّ شكّ فافهم ما فسّرت لك قال فرّجت عنّي يا امير المؤمنين فرّج اللّه عنك قال و امّا قوله تبارك و تعالي «وَ نَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً» (4) فهو ميزان العدل يؤخذ به الخلائق يوم القيمة يدين اللّه تبارك و تعالي الخلق بعضهم من بعض بالموازين(و في غير هذا الحديث الموازين هم الانبياء و الاوصياء عليهم السّلام)و قوله عزّ و جلّ «فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً» (5) فانّ ذلك خاصّة و امّا قوله «يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ» (6) فانّ رسول اللّه

ص: 805


1- سوره 69 - آيه 20
2- سوره 24 - آيه 25
3- سوره 33 - آيه 10
4- سوره 21 - آيه 47
5- سوره 18 - آيه 105
6- سوره 40 - آيه 40

صلّي اللّه عليه و آله قال قال اللّه عزّ و جلّ لقد حقّت كرامتي او قال مودّتي لمن يراقبني و يتجابّ بجلالي انّ وجوههم يوم القيمة من نور علي منابر من نور عليهم ثياب خضر قيل من هم يا رسول اللّه قال قوم ليسوا بانبياء و لا شهداء و لكنّهم تحابّوا الجلال اللّه و يدخلون الجنّة بغير حساب نسئل اللّه عزّ و جلّ ان يجعلنا منهم برحمته و امّا قوله «فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ» (1) و «خَفَّتْ مَوازِينُهُ» (2) فانّما يعني الحسنات توزن الحسنات و السّيئات و الحسنات ثقل الميزان و السّيئات خفّة الميزان و امّا قوله «يَتَوَفَّي الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها» (3) و قوله «تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَ هُمْ لا يُفَرِّطُونَ» (4) و قوله «الَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ» (5) و قوله «الَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ» (6) فانّ اللّه تبارك و تعالي يدبّر الامور كيف يشاء و يوكّل من خلقه من يشاء بما يشاء امّا ملك الموت فانّ اللّه يوكّله بخاصّة من يشاء من خلقه و يوكّل رسله من الملائكة خاصّة بمن يشاء

ص: 806


1- سوره 7 - آيه 8
2- سوره 7 - آيه 9
3- سوره 39 - آيه 42
4- سوره 6 - آيه 61
5- سوره 16 - آيه 28
6- سوره 16 - آيه 32

من خلقه و الملائكة الّذين سمّاهم اللّه عزّ ذكره وكلّهم بخاصّة من يشاء من خلقه يدبّر الامور كيف يشاء و ليس كلّ العلم يستطيع صاحب العلم ان يفسّره لكلّ النّاس لانّ منهم القويّ و الضّعيف و لانّ منه ما يطاق حمله و منه ما لا يطاق حمله الاّ ان يسهّل اللّه له حمله و اعانه عليه من خاصّة اوليائه و انّما يكفيك ان تعلم انّ اللّه هو المحيي المميت و انّه يتوفّي الانفس علي يدي من يشاء من خلقه من ملائكته و غيرهم قال فرّجت عنّي فرّج اللّه عنك يا امير المؤمنين و نفع الله المسلمين بك فقال علي عليه السّلام للرّجل ان كنت قد شرح اللّه صدرك بما قد بيّنت لك فانت و الّذي فلق الحبّة و برء النّسمة من المؤمنين حقّا قال لا يعلم ذلك الاّ من اعلمه اللّه علي لسان نبيّه صلّي اللّه عليه و آله و شهد له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله بالجنّة او شرح اللّه صدره ليعلم ما في الكتب الّتي انزلها اللّه عزّ و جلّ علي رسله و انبيائه قال يا امير المؤمنين و من يطيق ذلك قال

ص: 807

من شرح اللّه صدره و وفّقه له فعليك بالعمل للّه في سرّ امرك و علانيتك فلا شيء يعدل العمل

234 و من كلامه عليه السّلام

كتاب التوحيد ايضا في باب تفسير حروف المعجم ص 236 قال حدثنا احمد بن محمد بن عبد الرحمن المقري الحاكم قال حدثنا ابو عمرو محمّد بن جعفر المقري الجرجاني قال حدثنا ابو بكر محمد بن الحسن الموصلي ببغداد قال حدثنا محمد بن عاصم الطّريفي قال حدثنا ابو زيد عيّاش بن يزيد بن الحسن بن عليّ الكحّال مولي زيد بن عليّ قال اخبرني ابي يزيد بن الحسن قال حدّثني موسي بن جعفر عن ابيه جعفر بن محمّد عن ابيه محمد بن عليّ عن ابيه علي بن الحسين عن ابيه الحسين بن عليّ بن ابي طالب عليهم السّلام قال جاء يهودي الي النّبي صلّي اللّه عليه و آله و عنده امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السّلام فقال له ما الفائدة في حروف الهجاء فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام اجبه و قال اللهم وفّقه و سدّده فقال علي بن ابي طالب عليه السّلام ما من حرف الاّ و هو اسم من اسماء اللّه عزّ و جلّ ثم قال الالف فاللّه لا آله الاّ هو الحيّ القيّوم و امّا الباء فباقي بعد فناء خلقه و امّا التّاء فالتّواب يقبل التّوبة عن عباده و امّا الثّاء فالثّابت الكائن يثبّت اللّه الّذين امنوا بالقول الثّابت في الحيوة الدّنيا الاية و امّا الجيم فجلّ ثنائه و تقدّست اسمائه و امّا الحاء فحقّ حيّ حليم و امّا الخاء فخبير بما يعمل العباد و امّا الدّال فدّيان يوم الدّين و امّا الذّال فذو الجلال و الاكرام و امّا الرّاء فرءوف بعباده

ص: 808

و امّا الزّاء فزين المعبودين و امّا السّين فالسّميع البصير و امّا الشين فالشّاكر لعباده المؤمنين و امّا الصّاد فصادق في وعده و وعيده و امّا الضّاد فالضّارّ النّافع و امّا الطّاء فالطّاهر المطهّر و امّا الظّاء فالظّاهر المظهر لاياته و امّا العين فعالم بعباده و امّا الغين فغياث المستغيثين من جميع خلقه و امّا الفاء فالق الحبّ و النّوي و امّا القاف فقادر علي جميع خلقه و امّا الكاف فالكافي الّذي لم يكن له كفوا احد و لم يلد و لم يولد و امّا الّلام فلطيف بعباده و امّا الميم فمالك الملك و امّا النّون فنور السّموات من نور عرشه و امّا الواو فواحد احد صمد لم يلد و لم يولد و امّا الهاء فهادي لخلقه و امّا اللاّم الف فلا آله الاّ اللّه وحده لا شريك له و امّا الياء فيد اللّه باسطة علي خلقه فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله هذا هو القول الّذي يرضي اللّه عزّ و جلّ لنفسه من جميع خلقه فاسلم اليهوديّ

235 و من كلامه عليه السّلام

كتاب التوحيد ايضا ص 232 في باب معني بسم اللّه الرّحمن الرّحيم قال حدثنا محمد بن القسم الجرجاني المفسّر

ص: 809

قال حدّثنا ابو يعقوب يوسف بن محمد بن زياد و ابو الحسن علي بن محمد بن سيّار و كانا من الشيعة الاماميّة عن ابويهما عن الحسن بن علي بن محمد عليهم السّلام انه قال قام رجل الي علي بن الحسين عليه السّلام فقال اخبرني عن معني بسم اللّه الرحمن الرحيم فقال علي بن الحسين عليهما السّلام حدثني ابي عن اخيه الحسن عليه السّلام عن ابيه امير المؤمنين عليهم السّلام ان رجلا قام اليه فقال يا امير المؤمنين اخبرني عن بسم اللّه الرّحمن الرّحيم ما معناه فقال انّ قولك اللّه اعظم اسم من اسماء اللّه عزّ و جلّ فهو الاسم الّذي لا ينبغي ان يسمّي به غير اللّه و لم يتسمّ به مخلوق فقال الرجل ما تفسير قول اللّه قال هو الّذي يتالّه اليه عند الحوائج و الشّدائد كلّ مخلوق عند انقطاع الرّجاء من جميع من هو دونه و تقطّع الاسباب من كلّ من سواه و ذلك انّ كلّ مترءاّس في هذه الدّنيا و متعظّم فيها و ان عظم غناءه و طغيانه و كثرت حوائج من دونه اليه فانّهم سيحتاجون حوائج لا يقدر عليها هذا المتعاظم و كذلك هذا المتعاظم يحتاج حوائج لا يقدر عليها فينقطع الي اللّه عند ضرورته و فاقته حتّي اذا كفي همّه عاد الي شركه اما تسمع اللّه عزّ و جلّ يقول قل ا رأيتم ان اتاكم عذاب اللّه و اتتكم السّاعة اغير اللّه تدعون ان كنتم صادقين بل ايّاه تدعون فيكشف ما تدعون اليه ان شاء

ص: 810

و تنسون ما تشركون فقال اللّه جلّ جلاله لعباده ايّها الفقراء الي رحمتي انّي قد الزمتكم الحاجة اليّ في كلّ حال و ذلّة العبوديّة في كلّ وقت فاليّ فافزعوا في كلّ امر تأخذون فيه و ترجون تمامه و بلوغ غايته فانّي ان أردت ان اعطيكم لم يقدر غيري علي منعكم و ان اردت ان امنعكم لم يقدر غيري علي اعطاءكم فانا احقّ من سئل و اولي من تضرّع اليه فقولوا عند افتتاح كلّ امر صغير او كبير (عظيم خ ل)بسم اللّه الرّحمن الرّحيم اي استعين علي هذا الامر باللّه الّذي لا يحقّ العبادة لغيره المغيث اذا استغيث المجيب اذا دعي الرّحمن الّذي يرحم(يرحمنا خ ل)ببسط الرّزق علينا الرّحيم بنا في ادياننا و دنيانا و اخرتنا خفّف علينا الدّين و جعله سهلا حنيفا و هو يرحمنا بتمييزنا من اعدائه ثم قال قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله من حزنه امر تعاطاه فقال بسم اللّه الرّحمن الرّحيم و هو مخلص للّه يقبل بقلبه اليه لم ينفكّ من احدي اثنتين امّا بلوغ حاجة في الدّنيا و امّا

ص: 811

بعدّ له عند ربّه و يدّخر لديه و ما عند اللّه خير و ابقي للمؤمنين

236 و من كلامه عليه السّلام

كتاب التوحيد في باب تفسير حروف الاذان و الاقامة ص 240 قال حدّثنا احمد بن محمد بن عبد الرحمن المروزيّ الحاكم المقري قال حدثنا ابو عمرو محمد بن جعفر المقري الجرجاني قال حدّثنا ابو بكر محمد بن الحسن الموصلي ببغداد قال حدّثنا محمد بن عاصم الطّريفي قال حدّثنا ابو زيد عيّاش بن يزيد بن الحسن بن عليّ الكحّال مولي زيد بن عليّ قال اخبرني ابي زيد(يزيد خ ل)بن الحسن قال حدثني موسي بن جعفر عن ابيه جعفر بن محمّد عن ابيه محمد بن علي عن ابيه عليّ بن الحسين عن ابيه الحسين بن علي عليهم السّلام قال كنا جلوسا في المسجد اذا صعد المؤذن المنارة فقال اللّه اكبر اللّه اكبر فبكي امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السّلام و بكينا ببكائه فلما فرغ المؤذن قال ا تدرون ما يقول المؤذّن قلنا اللّه و رسوله و وصيّه اعلم فقال لو تعلمون ما يقول لضحكتم قليلا و لبكيتم كثيرا فلقوله اللّه اكبر معان كثيرة منها انّ قول المؤذّن اللّه اكبر يقع علي قدمه و ازليّته و ابديّته و علمه و قوّته و قدرته و حلمه و كرمه و جوده و عطائه و كبريائه فاذا قال المؤذّن اللّه اكبر يقول اللّه الّذي له الامر و الخلق و بمشيّته كان الخلق و منه كان كلّ شيء للخلق و اليه يرجع الخلق و هو الاوّل قبل كلّ شيء لم يزل و الاخر بعد كلّ شيء لا يزال الظّاهر فوق كلّ شيء لا يدرك و الباطن دون كلّ شيء لا يحدّ فهو الباقي و كلّ شيء دونه فان و المعني الثاني اللّه اكبر اي العليم الخبير علم ما

ص: 812

كان و ما يكون قبل ان يكون و الثّالث اللّه اكبر اي القادر علي كلّ شيء يقدر(علي خ ل)ما يشاء القويّ لقدرته المقتدر علي خلقه القويّ لذاتة قدرته قائمة علي الاشياء كلّها اذا قضي امرا فانّما يقول له كن فيكون و الرّابع اللّه اكبر علي معني حلمه و كرمه يحلم كانّه لا يعلم و يصفح كانّه لا يري و يستركانّه لا يعصي لا يعجل بالعقوبة كرما و صفحا و حلما و الوجه الاخر في معني اللّه اكبر اي الجواد جزيل العطاء كريم الفعال و الوجه الاخر اللّه اكبر فيه نفي كيفيّته كانّه يقول اللّه اجلّ من ان يدرك الواصفون قدر صفته الّذي هو موصوف به و انّما يصفه الواصفون علي قدرهم لا علي قدر عظمته و جلاله تعالي اللّه عن ان يدرك الواصفون صفته علوّا كبيرا و الوجه الاخر اللّه اكبر كانّه يقول اللّه اعلي و اجلّ و هو الغنيّ عن عباده لا حاجة به الي اعمال خلقه و امّا قوله اشهد ان لا اله الاّ اللّه فاعلام بانّ الشّهادة لا يجوز الاّ بمعرفة من القلب كانّه يقول اعلم انّه لا معبود الاّ اللّه عزّ و جلّ و انّ كلّ معبود باطل سوي اللّه عزّ و

ص: 813

و جلّ و اقرّ بلساني بما في قلبي من العلم بانّه لا آله الاّ اللّه و اشهد انّه لا ملجاء من اللّه الاّ اليه و لا منحي من شر كلّ ذيشرّ و فتنة كلّ ذي فتنة الاّ باللّه و في المرّة الثّانية اشهد ان لا آله الاّ اللّه معناه اشهد انّ لا هادي الاّ اللّه و لا دليل لي الاّ اللّه و اشهد اللّه بانّي اشهد ان لا آله الاّ اللّه و اشهد سكّان السّموات و سكّان الارضين و ما فيهنّ من الملائكة و النّاس أجمعين و ما فيهنّ من الجبال و الاشجار و الدّوآبّ و الوحوش و كلّ رطب و يابس انّي اشهد ان لا خالق الاّ اللّه و لا رازق و لا معبود و لا ضارّ و لا نافع و لا قابض و لا باسط و لا معطي و لا مانع و لا دافع و لا ناصح و لا كافي و لا شافي و لا مقدّم و لا مؤخّر الاّ اللّه له الخلق و الامر و بيده الخير كلّه تبارك اللّه ربّ العالمين و امّا قوله اشهد ان محمّدا رسول اللّه يقول اشهد اللّه انّي اشهد ان لا آله الاّ هو و انّ محمّدا عبده و رسوله و نبيّه و صفيّه و نجيّه ارسله الي كافّة النّاس أجمعين بالهدي و دين الحقّ ليظهره علي

ص: 814

الدّين كلّه و لو كره المشركون و اشهد من في السّموات و الارض من النّبيّين و المرسلين و الملائكة و النّاس أجمعين انّي اشهد ان محمّدا سيد الاوّلين و الاخرين و في المرّة الثّانية اشهد انّ محمّدا رسول اللّه يقول اشهد ان لا حاجة لاحد الي احد الا الي اللّه الواحد القهّار مفتقرة اليه سبحانه و انّه الغنّي عن عباده و الخلائق أجمعين و انّه ارسل محمّدا الي النّاس بشيرا و نذيرا و داعيا الي اللّه باذنه و سراجا منيرا فمن انكره و جحده و لم يؤمن به ادخله اللّه عزّ و جلّ نار جهنّم خالدا مخلّدا لا ينفكّ عنها ابدا و امّا قوله حيّ علي الصّلوة اي هلّموا الي خير اعمالكم و دعوة ربّكم و سارعوا الي مغفرة من ربّكم و اطفاء ناركم الّتي اوقدتموها علي ظهوركم و فكاك رقابكم الّتي رهنتموها بذنوبكم ليكفّر اللّه عنكم سيّئاتكم و يغفر لكم ذنوبكم و يبدّل سيئاتكم حسنات فانّه ملك كريم ذو الفضل العظيم و قد اذن لنا معاشر المسلمين بالدّخول في خدمته و التّقدّم الي بين يديه و في المرّة الثّانية

ص: 815

حيّ علي الصّلوة اي قوموا الي مناجاة ربّكم و عرض حاجاتكم الي ربّكم و توسّلوا اليه بكلامه و تشفعّوا به و اكثروا الذّكر و القنوت و الرّكوع و السّجود و الخضوع و الخشوع و ارفعوا اليه حوائجكم فقد اذن لنا في ذلك و امّا قوله حيّ علي الفلاح فانّه يقول اقبلوا الي بقاء لا فناء معه و نجاة لاهلاك معها و تعالوا الي حيوة لا موت معها و الي نعيم لا نفاد له و الي ملك لا زوال عنه و الي سرور لا حزن معه و الي انس لا وحشة معه و الي نور لا ظلمة له(معه خ ل)و الي سعة لا ضيق معها و الي بهجة لا انقطاع لها و الي غني لا فاقة معه و الي صحّة لا سقم معها و الي عزّ لا ذلّ معه و الي قوّة لا ضعف معها و الي كرامة يا لها من كرامة و عجّلوا الي سرور الدّنيا و العقبي و نجاة الاخرة و الاولي و في المرّة الثّانية حيّ علي الفلاح فانّه يقول سابقوا الي ما دعوتكم اليه و الي جزيل الكرامة و عظيم النّعمة و سنّي المنّة و الفوز العظيم و نعيم الابد في

ص: 816

جوار محمّد في مقعد صدق عند مليك مقتدر و امّا قوله اللّه اكبر فانّه يقول اللّه اعلي و اجلّ من ان يعلم احد من خلقه ما عنده من الكرامة لعبد اجابه و اطاعه و اطاع و لاة امره و عرفه و عبده و اشتغل به و بذكره و احبّه و انس به و اطمانّ اليه و وثق به و خافه و رجاه و اشتاق اليه و وافقه في حكمه و قضائه و رضي به و في المرّة الثّانية اللّه اكبر فانّه يقول اللّه اكبر و اعلي و اجلّ من ان يعلم احد مبلغ كرامته لاوليائه و عقوبته لاعدائه و مبلغ عفوه و غفرانه و نعمته لمن اجابه و اجاب رسوله و مبلغ عذابه و نكاله و هو انه لمن انكره و جحده و امّا قوله لا آله الاّ اللّه معناه للّه الحجّة البالغة عليهم بالرّسل و الرّسالة و البيان و الدّعوة و هو اجلّ من ان يكون لاحد منهم عليه حجّة فمن اجابه فله النّور و الكرامة و من انكره فانّ اللّه غنّي عن العالمين و هو اسرع الحاسبين و معني قد قامت الصّلوة في الاقامة اي حان وقت الزّيارة و المناجاة و قضاء

ص: 817

الحوائج و درك المني و الوصول الي اللّه عزّ و جلّ و الي كرامته و غفرانه و رضوانه قال الصّدوق رفع اللّه مقامه انّما ترك الرّاوي لهذا الحديث حيّ علي خير العمل للتقيّة و قد روي في خبر اخر انّ الصّادق عليه السّلام سئل عن معني حيّ علي خير العمل فقال خير العمل الولاية و في خبر اخر خير العمل برّ فاطمة و ولدها عليهم السّلام(انتهي كلامه ره)

237 و من كلامه عليه السّلام

كتاب التوحيد باب ذكر عظمة اللّه ص 287 قال حدّثنا احمد بن الحسن القطّان قال حدّثنا احمد بن يحيي بن زكريّا قال حدّثنا بكر بن عبد اللّه بن حبيب عن تميم بن بهلول عن نصر بن مزاحم عن عمر بن سعد عن ابي مخنف لوط بن يحيي عن ابي منصور عن زيد بن وهب قال سئل امير المؤمنين عليّ بن ابي طالب عليه السّلام عن قدرة اللّه تعالي جلت عظمته فقام خطيبا فحمد اللّه و اثني عليه ثم قال انّ للّه تبارك و تعالي ملائكة لو انّ ملكا منهم هبط الي الارض ما وسعته لعظم خلقه و كثرة اجنحته منهم لو كلّفت الجنّ و الانس ان يصفوه ما وصفوه لبعد ما بين مفاصله و حسن تركيب صورته و كيف يوصف من ملائكته من سبعمائة عام بين منكبيه و شحمة اذنيه و منهم من يسدّ الافق بجناح من اجنحته دون عظم بدنه و منهم من السّموات الي حجزته و منهم من قدمه علي غير قرار في جوّ الهواء الاسفل و الارضون الي ركبتيه و منهم من لو القي في نقرة ابهامه

ص: 818

جميع المياه لوسعتها و منهم من لو القيت السّفن في دموع عينيه لجرت دهر الدّاهرين فتبارك اللّه احسن الخالقين و سئل عن الحجب فقال عليه السّلام اوّل الحجب سبعة غلظ كلّ حجاب منها مسيرة خمسمائة عام و بين كلّ منها مسيرة خمسمائة عام و الحجاب الثّالث سبعون حجابا بين كلّ حجابين منها مسيرة خمسمائة عام و طوله خمسمائة عام حجبته كلّ حجاب منها سبعون الف ملك قوّة كلّ ملك منهم قوّة الثّقلين منها ظلمة و منها نور و منها نار و منها دخان و منها سحاب و منها برق و منها مطر و منها رعد و منها ضوء و منها رمل و منها جبل و منها عجاج و منها ماء و منها انهار و هي حجب مختلفة غلظ كلّ حجاب مسيرة سبعين الف عام ثمّ سرادقات الجلال و هي سبعون سرادقا في كلّ سرادق سبعون الف ملك بين كلّ سرادق و سرادق مسيرة خمسمائة عام ثمّ سرادق العزّ ثمّ سرادق الكبرياء ثمّ سرادق العظمة ثمّ سرادق القدس ثمّ سرادق الجبروت ثمّ سرادق الفخر ثمّ النّور(من النّور خ ل)الابيض ثمّ سرادق الوحدانيّة

ص: 819

و هو مسيرة سبعين الف عام ثمّ الحجاب الاعلي و انقضي كلامه عليه السّلام و سكت فقال له عمر لا بقيت ليوم لا اراك فيه يا ابا الحسن

238 و من كلامه عليه السّلام

كتاب التوحيد في باب القضاء و القدر و الفتنة و الارزاق و الاسعار و الاجال ص 379 قال حدّثنا احمد بن الحسن القطّان قال حدّثنا احمد بن محمد بن سعيد الهمداني قال حدّثنا علي بن الحسن بن علي بن فضّال عن ابيه عن مروان بن مسلم عن ثابت بن ابي صفيّة عن سعد(سعيد خ ل)الخفاف عن الاصبغ بن نباته قال قال امير المؤمنين عليه السّلام لرجل ان كنت لا تطيع خالقك فلا تأكل من رزقه و ان كنت واليت عدوّه فاخرج من ملكه و ان كنت غير قانع بقضائه و قدره فاطلب ربّا سواه و بهذا الاسناد قال قال امير المؤمنين عليه السّلام امّا بعد فانّ الاهتمام بالدّنيا غير زايد في الموظوف و فيه يضيع الزّاد و الاقبال علي الاخرة غير ناقص من المقدور و فيه احراز المعاد و انشد لو كان في صخرة في البحر راسية صمّاء ملمومة ملس نواحيها(مراقيها خ ل)رزق لنفس يراها اللّه لا نفلقت عنه فادّت اليه كلّما فيها او كان بين طباق السّبع مجتمعة(مجمعة) لسهّل اللّه في المرقي مراقيها جنّي يوافي الّذي في اللّوح خطّ له ان هي اتته و الاّ فهو اتيها(يأتيها خ ل)

ص: 820

و من كلامه عليه السّلام

ايضا كتاب التوحيد في باب في القرآن ما هو ص 225 قال حدّثنا عليّ بن احمد بن محمد بن عمران الدقاق ره قال حدّثنا محمد بن ابي عبد اللّه الكوفي قال حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكيّ قال حدّثنا جعفر بن سليمان الجعفري قال حدّثنا ابي عن عبد اللّه(ابو عبد اللّه خ ل)بن الفضل الهاشمي عن سعد الخفّاف عن اصبغ بن نباته قال لمّا وقف امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السّلام علي الخوارج و وعظهم و ذكرّهم و حذّرهم القتال قال لهم ما تنقمون منّي الاّ انّي اوّل من امن باللّه و برسوله فقالوا انت كذلك و لكنّك حكّمت في دين اللّه ابا موسي الاشعريّ فقال عليه السّلام ما حكّمت مخلوقا و انّما حكّمت القرءان و لو لا انّي غلبت علي امري و خولفت في رأيي لما رضيت ان تضع الحرب اوزارها بيني و بين اهل حرب اللّه حتّي اعلي كلمة اللّه و انصر دين اللّه و لو كره الكافرون و الجاهلون

239 و من كلامه عليه السّلام

كتاب معاني الاخبار للشيخ الجليل ابن بابويه الصّدوق ره ص 360 طبع قم سنه 1379 في باب ما اكرم اللّه بها نبيّه صلّي اللّه عليه و آله قال حدّثنا الحاكم احمد بن محمد بن عبد الرحمن المروزي قال حدثنا ابو بكر محمد بن ابراهيم الجرجاني قال حدثنا ابو بكر عبد الصمد بن يحيي الواسطي قال حدثنا الحسن بن علي المدني عن عبد اللّه بن المبارك عن سفيان الثوري عن جعفر بن محمد الصّادق عن ابيه عن جدّه عن ابيه عن علي بن ابي طالب عليه و عليهم السّلام انّه قال انّ اللّه تبارك و تعالي خلق نور محمّد صلّي اللّه عليه و آله قبل ان يخلق السّموات و الارض و العرش و الكرسيّ و اللّوح و القلم و

ص: 821

الجنّة و النّار و قبل ان يخلق ادم و نوحا و ابراهيم و إسماعيل و اسحق و يعقوب و موسي و عيسي و داود و سليمان و كلّ من قال اللّه عزّ و جلّ و وهبنا له اسحق و يعقوب الي قوله و هديناهم الي صراط مستقيم و قبل ان خلق الانبياء كلّهم بأربعمائة الف سنة و اربع و عشرين الف سنة و خلق عزّ و جلّ معه اثني عشر حجابا حجاب القدرة و حجاب العظمة و حجاب المنّة و حجاب الرّحمة و حجاب السّعادة و حجاب الكرامة و حجاب المنزلة و حجاب الهداية و حجاب النّبوّة و حجاب الرّفعة و حجاب الهيبة و حجاب الشّفاعة ثمّ حبس نور محمد صلّي اللّه عليه و آله في حجاب القدرة اثني عشر الف سنة و هو يقول سبحان ربّي الاعلي(و بحمده)و في حجاب العظمة احدي عشر الف سنة و هو يقول سبحان عالم السرّ و في حجاب المنّة عشرة الاف سنة و هو يقول سبحان من هو قائم لا يلهو و في حجاب الرّحمة تسعة الاف سنة و هو يقول سبحان الرّفيع الاعلي و في حجاب السّعادة ثمانية

ص: 822

الاف سنة و هو يقول سبحان من هو دائم لا يسهو و في حجاب الكرامة سبعة الاف سنة و هو يقول سبحان من هو غنيّ لا يفتقر و في حجاب المنزلة ستّة الاف سنة و هو يقول سبحان العليم الكريم و في حجاب المنزلة ستّة الاف سنة و هو يقول سبحان العليم الكريم و في حجاب الهداية خمسة الاف سنة و هو يقول سبحان ذي العرش العظيم و في حجاب النّبوّة أربعة الاف سنة و هو يقول سبحان ربّ العزّة عمّا يصفون و في حجاب الرّفعة ثلاثة الاف سنة و هو يقول سبحان ذي الملك و الملكوت و في حجاب الهيبة الفي سنة و هو يقول سبحان اللّه و بحمده و في حجاب الشّفاعة الف سنة و هو يقول سبحان ربّي العظيم و بحمده ثمّ اظهر اسمه علي اللّوح فكان علي اللّوح منوّرا أربعة الاف سنة ثمّ اظهره علي العرش فكان علي ساق العرش مثبتا سبعة الاف سنة الي ان وضعه اللّه عزّ و جلّ في صلب ادم عليه السّلام ثمّ نقله من صلب ادم الي صلب نوح عليه السّلام ثمّ من صلب الي صلب حتّي اخرجه اللّه تعالي من صلب عبد اللّه بن عبد المطّلب فاكرمه بسّت كرامات و البسه

ص: 823

قميص الرّضا و ردّاه برداء الهيبة و توّجه بتاج الهداية و البسه سراويل المعرفة جعل تكّته تكّة المحبّة يشدّ بها سراويله و جعل نعله نعل الخوف و ناوله عصا المنزلة ثمّ قال له يا محمّد اذهب الي النّاس فقل لهم قولوا لا آله الاّ اللّه محمّد رسول اللّه و كان اصل ذلك القميص من ستّة اشياء قامته من الياقوت و كمّاه من الّلؤلؤ و دخريصه من البّلور الاصفر و أبطاه من الزّبرجدّ و جربانه من المرجان الاحمر و جيبه من نور الرّبّ جلّ جلاله فقبل اللّه توبة ادم عليه السّلام بذلك القميص و ردّ خاتم سليمان به و ردّ يوسف الي يعقوب به و نجّي يونس من بطن الحوت به و كذلك ساير الانبياء عليهم السّلام انجاهم من المحن به و لم يكن ذلك القميص الاّ قميص محمّد صلّي اللّه عليه و آله الكمّ بضم الكاف مدخل اليد و مخرجها من الثوب الدّخريص بالكسر لبنة القميص الجربان بكسرتين أو ضمّتين طوق القميص

240 و من خطبه عليه السّلام

كتاب التوحيد باب التوحيد ص 35 و قد نقلها الرضي رضي اللّه عنه باختلاف في بعض كلماتها زيادة و نقصانا

ص: 824

في بعض فقراتها رايت ان اكتبها برواية الصدوق ره و هي اقصر مما نقلها السيّد في النهج الاّ ان ناقلها اقدم منه اعلي اللّه مقامها قال الصّدوق ره حدّثنا علي بن احمد بن محمّد بن عمران الدّقاق ره قال حدّثنا محمد بن ابي عبد اللّه الكوفي قال حدّثنا محمّد بن إسماعيل البرمكي قال حدّثني عليّ بن العبّاس قال حدّثني إسماعيل بن مهران الكوفي عن إسماعيل بن اسحق الجهني عن فرح بن فروة عن مسعدة بن صدقة قال سمعت ابا عبد اللّه عليه السّلام يقول بينا امير المؤمنين(عليه السّلام)يخطب علي المنبر بالكوفة اذ قام اليه رجل فقال يا امير المؤمنين صف لنا ربك تبارك و تعالي لتزداد له حبّا و به معرفة فغضب امير المؤمنين عليه السّلام و نادي الصّلوة جامعة فاجتمع الناس حتّي غصّ المسجد باهله ثم قام متغيّر اللون و قال الحمد للّه الّذي لا يفره المنع و لا يكديه الاعطاء اذ كلّ معط منتقص سواه الملئ بفوايد النّعم و عوايد المزيد و بجوده ضمن عيالة الخلق فانهج سبيل الطّلب للرّاغبين اليه فليس بما سئل اجود منه بما لم يسئل و ما اختلف عليه دهر فتختلف منه الحال و لو وهب ما تنفّست عنه معادن الجبال و ضحكت عنه اصداف البحار من فلزّ الّلجين و سبائك العقيان و نضايد المرجان لبعض عبيده لما اثّر ذلك في جوده و لا انفد سعة ما عنده و لكان عنده من ذخائر الافضال ما لا تنفده مطالب قوله فغضب لعل غضبه عليه السّلام لان السّائل سئل عن الصفات الجسمانية و السّمات الامكانيّة او لانّه ظنّ انه يمكن الوصول الي كنه صفته لا يفره من وفر يفر و فرا اي لا يزيده استعمل لازما و متعديا لا يكديه اي لا يفقره منتقص علي صيغة المفعول اي منقوص متعدّيا و لازما الملئ بالهمزة الثقة الغني العائدة المعروف الفلزّ الاجسام الذائبه اللّجين الفضة العقيان الذهب الخالص النّضد وضع الاشياء بعضها فوق بعض المرجان صغار اللؤلؤ كما فسّر به في الاية

ص: 825

السّؤال و لا يخطر لكثرته علي بال لانّه الجواد الّذي لا تنقصه المواهب و و لا يبخّله الحاح الملحّين و انّما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون الّذي عجزت الملائكة علي قربهم من كرسيّ كرامته و طول ولههم اليه و تعظيم جلال عزّه و قربهم من غيب ملكوته ان يعلموا من امره الاّ ما اعلمهم و هم من ملكوت القدس بحيث هم من معرفته علي ما فطرهم عليه ان قالوا سبحانك لا علم لنا الاّ ما علّمتنا انّك انت العليم الحكيم فما ظنّك ايّها السّائل بمن هو هكذا سبحانه و بحمده لم يحدث فيمكن فيه التّغيير(التغيّر خ ل)و الانتقال و لم يتصرّف في ذاته بكرور الاحوال و لم يختلف عليه حقب اللّيالي و الايّام الّذي ابتدع الخلق علي غير مثال امتثله و لا مقدار احتذي عليه من معبود كان قبله و لم نحط به الصّفات فيكون بادراكها ايّاه بالحدود متناهيا و ما زال ليس كمثله شيء عن صفة المخلوقين متعاليا و انحصرت الابصار عن ان تناله فيكون بالعيان موصوفا و بالذّات الّتي لا يعلمها الاّ هو عند

ص: 826

خلقه معروفا وفات لعلوّه علي اعلي الاشياء مواقع رجم المتوهّمين و ارتفع عن ان تحوي كنه عظمته فهاهة رويّات المتفكرّين فليس له مثل فيكون ما يخلق مشبّها به و ما زال عند اهل المعرفة به عن الاشباه و الاضداد منزّها كذب العادلون باللّه اذ شبّهوه بمثل اصنافهم حلوه حليته المخلوقين باوهامهم و جزّوه بتقدير منتج خواطرهم و قدّروه علي الخلق المختلفة القوي بقرايح عقولهم و كيف يكون من لا يقدر قدره مقدّرا في روّيات الاوهام و قد ضلّت في ادراك كنهه هواجس الاحلام لانّه اجلّ من ان تحدّه الباب البشر بالتّفكير او يحيط به الملائكة علي قربهم من ملكوت عزّته بتقدير تعالي عن ان يكون له كفو فيشبه به لانّه اللّطيف الّذي اذا ارادت الاوهام ان يقع عليه في عميقات غيوب ملكه و حاولت الفكر المبرّات من خطر الوسواس ادراك علم ذاته و تولّهت القلوب اليه لتحوي منه مكيّفا في صفاته و غمضت مداخل العقول من حيث لا تبلغه الصّفات لتنال علم الهيّته ردعت

ص: 827

خاسئة و هي تجوب محاوي سدف الغيوب متخلّصة اليه سبحانه رجعت اذ جبهت معترفة بانّه لا ينال بحوب(بجور خ ل)الاعتساف كنه معرفته و لا يخطر ببال اولي الرّويات خاطرة من تقدير جلال عزّته لبعده من ان يكون فوق المحدودين لانّه خلاف خلقه فلا شبه له من المخلوقين و انّما يشبه الشّيئ بعديله فامّا ما لا عديل له فكيف يشبه بغير مثاله و هو البديء الّذي لم يكن شيء قبله و الاخر الّذي ليس شيء بعده لا تناله الابصار من مجد جبروته اذ حجبها بحجب لا تنفذ في ثخن كثافته و لا تخرق الي ذي العرش متانة خصايص ستراته الّذي صدرت الامور عن مشيّته و تصاغرت عزّة المتجبّرين دون جلال عظمته و خضعت له الرّقاب و عنت الوجوه من مخافته و ظهرت في بدايع الّذي احدثها اثار حكمته و صار كلّ شيء خلق حجّة له و منتسبا اليه فان كان خلقا صامتا فحجّته بالتّدبير ناطقة فيه فقدّر ما خلق فاحكم تقديره و وضع كلّ شيء بلطف تدبيره موضعه

ص: 828

فوجّهه بجهة فلم يبلغ منه شيء محدود منزلته و لم يقصر دون الانتهاء الي مشيّته و لم يستصعب اوامره(اذ امر خ ل)بالمضيّ الي ارادته بلا معاناة للغوب مسّه و لا مكابرة(مكايدة)لمخالف له علي امره فتمّ خلقه و اذ عن لطاعته و وافي الوقت الّذي اخرجه اليه اجابة لم يعترض دونها ريث المبطي و لا اناة المتلكّي و اقام من قوله مواقع رجم المتوهمين اي ظنّ المتوهمين الفهاهة العيّ الفهّه الكالّة العادلون المشركون الهمّ العزم و في بعض النسخ بخواطرهم بدل خواطرهمهم القرايح جمع قريحة و هي القوة التي يستنبط بها المعقولات و قوله من لا يقدر قدره اشارة الي قوله تعالي و ما قدر و اللّه حق قدره اي ما عرفوا اللّه حق معرفته او ما عظّمو اللّه حق تعظيمه الهواجس الخواطر و الوسائس اسرار ملكه اي خلقه او سلطانه و تولّهت اليه اي اشتد عشقها حتي اصابه الوله و هو الحيرة و غمضت تداخل العقول اي غمض دخولها و دقّ في الاقطار العميقة التي لا تبلغها التوصيفات و الرّدع الكفّ و المنع و ردعت علي بناء المجهول اي كفّت و منعت و الخاسئ المبعد و الصّاغر تجوب اي تقطع المهاوي المهالك و في نسختي التي استنسختها منها المحاوي بالحاء المهملة لو لم تصحّف كانت من باب الحوايا و هي المثل المعروف عندهم.المنايا علي الحوايا يقال في حق من سعي الي المنية بنفسه و السّدف جمع سدفه و هي الظلمة و القطعة من الليل المظلم و جبهت اي ردّت من جبهته اي صككت جبهة و الجور العدول عن الطريق و الاعتساف قطع المسافة علي غير جادّة معلومة بحوب الحوب الاثم و الذنب متخلصة اي متوجهة بتوجّه التام اولي الرّوايات اي اصحاب الفكر في مجد جبروته اي بسببه او كاينا فيه اذ حجبها اي الابصار و ارجاع الضمير الي الجبروت بعيد اي حجب الابصار يحجب اي لا تنفذ الابصار في ثخن كثافته اي غلظته و الاظهر كثافتها لرجوع الضمير الي الحجب و لعلّ الافراد لاخذ الحجب كلّها بمنزلة حجاب واحد او يقال ان الضمير راجع الي الحجاب المذكورة في ضمن الحجب اي لا تنفذ في واحد منها فكيف في جميعها المتانة الاستحكام لم يستصعب اي لم يمتنع بلا معاناة اي مقاساة شدّة اللغوب التعب و الاعياء المكابرة المعاندة و في بعض النسخ المكايده من الكيد و في بعض اخر المكابدة بالباء و هي المقاساة و الرّيث البطؤ و الاناة التانّي و المتلكّئ المتاخر و المتوقّف

ص: 829

الاشياء اودها و نهّي معالم حدودها و لام بقدرته بين متضادّاتها و وصل اسباب قراينها و خالف بين الوانها و فرّقها اجناسا مختلفات في الاقدار و الغرائز و الهيئات بدايا خلائق احكم صنعها و فطرها علي ما اراد و اذ ابتدعها انتظم علمه صنوف ذرؤها و ادرك تدبيره حسن تقديرها ايّها السّائل اعلم انّ من شبّه ربّه ربّنا الجليل بتباين اعضاء خلقه و بتلاحم احقاق مفاصلهم المحتجبة بتدبير حكمته انّه لم يعقد غيب ضميره علي معرفته و لم يشاهد قلبه اليقين بانّه لا ندّ له و كانّه لم يسمع بتبرّء التّابعين من المتبوعين و هم يقولون تاللّه ان كنّا لفي ضلال مبين اذ نسوّيكم بربّ العالمين فمن ساوي ربّنا بشئ فقد عدل به و العادل به كافر بما نزّلت به محكمات آياته و نطقت به شواهد حجج بيّناته لانّه اللّه الّذي لم يتناه في العقول فيكون في مهبّ فكرها مكيّفا و في حواصل رويّات همم النّفوس محدودا مصّرفا المنشئ اصناف الاشياء بلا رويّة احتاج اليها و لا قريحة غريزة اضمر عليها و لا تجربة

ص: 830

افادها من مرّ حوادث الدّهور و لا شريك اعانه علي ابتداع عجائب الامور الّذي لمّا شبّهه العادلون بالخلق المبعّض المحدود في صفاته ذوي الاقطار و النّواحي المختلفة في طبقاته و كان عزّ و جلّ الموجود بنفسه لاباداته انتفي ان يكون قدروه حقّ قدره فقال تنزيها لنفسه عن مشاركة الانداد و ارتفاعا عن قياس المقدّرين له بالحدود من كفرة العباد و ما قدروا اللّه حقّ قدره و الارض جميعا قبضته يوم القيمة و السّموات مطوّيات بيمينه سبحانه و تعالي عمّا يشركون فما دلك القرءان عليه من صفته فاتّبعه ليوصل بينك قوله الاود بالتحريك الاعوجاج و نهّي اي انهي و اعلم او من النهاية اي وضع معالم الحدود في نهاية ما قررّ لهم و لاءم بين كذا و كذا اي جمع قوله بدايا خبر مبتداء محذوف اي هي بدايا مخلوقات و بدايا ههنا جمع بديئة و هي الحالة العجيبة يقال ابديء الرّجل اذ لجاء بالامر المعجب المبديء و البديئة ايضا الحالة المبتدئة المبتكرة قوله انتظم علمه لعله بمعني نظم و ان لم يرد فيما عندنا من كتب اللغة او علمه بالفتح منصوب بنزع الخافض اي بعلمه او في علمه و يحتمل ان يكون من قولهم انتظمه بالرّمح اذا اختّله و جعله فيه و التلاحم الالتيام و الاتصال و الحقّه بالضمّ رأس الورك و الاحقاق جمعه و كذا الحقاق بالكسر لم يتناه في العقول اي لم تصل العقول الي نهاية معرفته مهب الفكر اي محلّه افادها اي استفادها و السّدد جمع السّده و هي الباب المغلق و بين معرفته و ائتمّ به و استضيء بنور هدايته فانّها نعمته و حكمته اوتيتها فخذ ما اوتيت و كن من الشّاكرين و ما دلّك الشّيطان عليه

ص: 831

ممّا ليس في القرءان عليك فرضه و لا في سنّة الرّسول و ائمّة الهدي اثره فكل علمه الي اللّه عزّ و جلّ فانّ ذلك منتهي حقّ اللّه عليك فرضه و اعلم انّ الرّاسخين في العلم هم الّذين اغناهم اللّه عن الاقتحام في السّدد المضروبة دون الغيوب فلزموا الاقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب فقالوا امنّا به كلّ من عند ربّنا فمدح اللّه عزّ و جلّ اعترافهم بالعجز من تناول ما لم يحيطوا بها علما و و سمّي ترك التّعمّق فيما لم يكلّفهم البحث عنه منهم رسوخا فاقتصر علي ذلك و لا تقدّر عظمة اللّه علي قدر عقلك فتكون من الهالكين

241 و من كلامه عليه السّلام

السّماء و العالم من البحار عن قصص الرّاوندي باسناده الي الصّدوق ره عن ابيه و محمد بن الحسن الوليد معا عن سعد بن عبد اللّه عن محمد بن الحسين بن ابي الخطّاب عن الحسن بن محبوب عن عمرو بن ابي المقدام عن جابر عن ابي جعفر عليه السّلام قال سئل امير المؤمنين عليه السّلام هل كان في الارض خلق من خلق اللّه تعالي يعبدون اللّه قبل ادم عليه السّلام و ذرّيته فقال نعم قد كان في السّموات و الارض خلق من خلق اللّه يقدّسون اللّه و يسبّحونه و يعظّمونه باللّيل و النّهار لا يفترون فانّ اللّه عزّ و جلّ لمّا خلق

ص: 832

الارضين خلقها قبل السّموات ثمّ خلق الملائكة روحانيّين لهم اجنحة يطيرون بها حيث يشاء اللّه فاسكنهم فيما بين اطباق السّموات يقدّسونه اللّيل و النّهار و اصطفي منهم اسرافيل و ميكائيل و جبرئيل ثمّ خلق عزّ و جلّ في الارض الجنّ روحانيّين لهم اجنحة فخلقهم دون خلق الملائكة و خفضهم ان يبلغوا مبلغ الملائكة في الطّيران و غير ذلك فاسكنهم فيما بين اطباق الارضين السّبع و فوقهنّ يقدّسون اللّيل و النّهار لا يفترون ثمّ خلق خلقا دونهم لهم ابدان و ارواح بغير اجنحة يأكلون و يشربون نسناس اشباه خلقهم و ليسوا بانس و اسكنهم اوساط الارض علي ظهر الارض مع الجنّ يقدّسون اللّه باللّيل و النّهار لا يفترون قال و كان الجنّ تطير في السّماء فتلقي الملائكة في السّموات فيسلّمون عليهم و يزورونهم و يستريحون اليهم و يتعلّمون منهم الخبر ثمّ انّ طائفة من الجنّ و النّسناس الّذين خلقهم اللّه و اسكنهم اوساط الارض مع الجنّ تمرّدوا و عتوا عن امر اللّه فمرحوا

ص: 833

و بغوا في الارض بغير الحقّ و علا بعضهم علي بعض في العتوّ علي اللّه تعالي حتّي سفكوا الدّماء فيما بينهم و اظهر و الفساد و جحدوا ربوبيّة اللّه تعالي قال و اقامت الطّائفة المطيعون من الجنّ علي رضوان اللّه و طاعته و باينوا الطّائفتين من الجنّ و النّسناس الّذين عتوا عن امر اللّه تعالي قال فحطّ اللّه اجنحة الطّائفة من الجنّ الّذين عتوا عن امر اللّه و تمرّدوا و كانوا لا يقدرون علي الطّيران الي السّمآء و الي ملاقات الملائكة لما ارتكبوا من الذّنوب و المعاصي قال و كانت الطّائفة المطيعة لامر اللّه من الجنّ تطير الي السّمآء اللّيل و النّهار علي ما كانت عليه و كان ابليس و اسمه الحرث يظهر للملائكة انّه من الطّائفة المطيعة ثمّ خلق اللّه تعالي خلقا علي خلاف خلق الملائكة و علي خلاف خلق الجنّ و علي خلاف خلق النّسناس يدبّون كما يدبّ الهوّام في الارض يأكلون و يشربون كما تأكل الانعام من مراعي

ص: 834

الارض كلّهم ذكران ليس فيهم اناث لم يجعل اللّه فيهم شهوة النّساء و لا حبّ الاولاد و لا الحرص و لا طول الامل و لا لذّة عيش لا يلبسهم اللّيل و لا يغشاهم النّهار ليسوا ببهائم و لا هوامّ لباسهم ورق الشّجر و شربهم من العيون الغزار و الاودية الكبار ثمّ اراد اللّه ان يفرّقهم فرقتين فجعل فرقة خلف مطلع الشّمس من وراء البحر تكون لهم مدينة انشاها تسمّي جابر ساطولها اثني عشر الف فرسخ في اثني عشر الف فرسخ و كوّن عليها سورا من حديد يقطع الارض الي السّماء ثمّ اسكنهم فيها و اسكن الفرقة الاخري خلف مغرب الشّمس وراء البحر و كوّن لهم مدينة انشاها تسمّي جابلقا طولها اثني عشر الف فرسخ في اثني عشر الف فرسخ كوّن لهم سورا من حديد يقطع الي السّمآء فاسكن الفرقة الاخري فيها لا يعلم اهل جابرسا بموضع اهل جابلقا و لا يعلم اهل جابلقا بموضع اهل جابرسا و لا يعلم بهم اوساط اهل الارض من الجنّ و النّسناس فكانت الشّمس تطلع علي أهل اوساط الارض

ص: 835

من الجنّ و النّسناس فينتفعون بحرّها و يستضيئون بنورها ثمّ تغرب في عين حمئة فلا يعلم بها اهل جابلقا اذا غربت و لا يعلم بها اهل جابرسا اذا طلعت لانّها تطلع من دون جابرسا و تغرب من دون جابلقا فقيل يا امير المؤمنين فكيف يبصرون و يحيون و كيف يأكلون و يشربون و ليس تطلع الشمس عليهم فقال عليه السّلام انّهم يستضيئون بنور اللّه فهم في اشدّ ضوء من نور الشّمس و لا يرون انّ اللّه تعالي خلق شمسا و لا قمرا و لا نجوما و لا كواكب و لا يعرفون شيئا غيره فقيل يا أمير المؤمنين فاين ابليس عنهم قال لا يعرفون ابليس و لا سمعوا بذكره لا يعرفون الاّ اللّه وحده لا شريك له لم يكتسب احد منهم قطّ خطيئة و لم يقترف اثما لا يسقمون و لا يهرمون و لا يموتون الي يوم القيمة يعبدون اللّه لا يفترون اللّيل و النّهار عندهم سواء و قال انّ اللّه احبّ ان يخلق خلقا و ذلك بعد ما مضي للجنّ و النّسناس سبعة الاف سنة فلما كان من خلق(شان خ ل)اللّه ان يخلق ادم للّذي اراد من التّدبير

ص: 836

و التّقدير فيما هو مكوّنه في السّموات و الارضين كشط عن اطباق السّموات ثمّ قال للملائكة انظروا الي اهل الارض من خلقي من الجنّ و النّسناس هل ترضون اعمالهم و طاعتهم لي فلمّا اطّلعت(فلمّا اطّلعوا خ ل)و راوا ما يعملون فيها من المعاصي و سفك الدّماء و الفساد في الارض بغير الحقّ اعظموا ذلك و غضبوا اللّه و اسفوا علي اهل الارض و لم يملكوا غضبهم و قالوا يا ربّنا انت العزيز الجبّار القاهر العظيم الشّان و هؤلاء كلّهم خلقك الضّعيف الذّليل في ارضك كلّهم يتقلّبون في قبضتك و يعيشون برزقك و يتمتّعون بعافيتك و هم يعصونك بمثل هذه الذّنوب العظام لا تغضب و لا تنتقم منهم لنفسك بما تسمع منهم و تري و قد عظم ذلك علينا و اكبرناه فيك قال فلمّا سمع اللّه تعالي مقالة الملائكة قال انّي جاعل في الارض خليفة فيكون حجّتي علي خلقي في ارضي فقالت الملائكة سبحانك ربّنا أ تجعل فيها من يفسد فيها و يسفك الدّمآء و نحن نسبّح بحمدك و نقدّس

ص: 837

لك فقال اللّه تعالي يا ملائكتي انّي اعلم ما لا تعلمون انّي اخلق خلقا بيدي و اجعل من ذرّيته انبياء و مرسلين و عبادا صالحين و ائمّة مهتدين و اجعلهم خلفائي علي خلقي في ارضي ينهونهم عن معصيتي و ينذرونهم من عذابي و يهدونهم الي طاعتي و يسلكون بهم طريق سبيلي اجعلهم حجّة لي عذرا او نذرا و انفي الشّياطين من ارضي و اطهّرها منهم فاسكّنهم في الهواء و اقطار الارض و في الفيافي فلا يراهم خلقي و لا يرون شخصهم و لا يجالسونهم و لا يخالطونهم و لا يواكلونهم و لا يشاربونهم و انفر مردة الجنّ العصاة من نسل بريّتي و خلقي و خيرتي فلا يجاورون خلقي و اجعل بين خلقي و بين الجانّ حجابا فلا يري خلقي شخص الجنّ و لا يجالسونهم و لا يشاربونهم و لا يتهجّمون تهجّمهم و من عصاني من نسل خلقي الّذي عظّمته و اصطفيته لغيبي(و اصطنعته لعيني خ ل)اسكّنهم مساكن العصاة و اوردهم موردهم و لا ابالي فقالت الملائكة لا علم لنا الاّ

ص: 838

ما علّمتنا انّك انت العليم الحكيم فقال للملائكة انّي خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون فاذا سوّيته و نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين قال و كان ذلك من اللّه تقدمة للملائكة قبل ان يخلقه احتجاجا منه عليهم و ما كان اللّه لغيّر ما بقوم الاّ بعد الحجّة عذرا او نذرا فامر تبارك و تعالي ملكا من الملائكة فاغترف غرفة بيمينه فصلصلها في كفّه فجمدت فقال اللّه عزّ و جلّ منك اخلق الي هنا في المجلد الرابع عشر من البحار قال المجلسي ره و اختصر الراوندي الخبر و تمامه مرّ بسند اخر في المجلّد الخامس انتهي كلامه اقول قد نقل الخبر الآخر في المجلّد الخامس ص 38 عن تفسير علي بن ابراهيم القمي ره عن ابيه عن ابن محبوب عن عمر بن ابي المقدام عن ثابت الحدّاد عن جابر الجعفي عن ابي جعفر الباقر عليه السّلام عن ابائه عن علّي عليهم السّلام و تمامه بعد قوله تعالي منك اخلق هو هذا قال منك اخلق النّبيّين و المرسلين و عبادي الصّالحين و الائمّة المهتدين و الدّعاة الي الجنّة و اتباعهم الي يوم الدّين(القيمة خ ل)و لا ابالي و لا اسأل عمّا افعل و هم يسئلون ثمّ اغترف غرفة اخري من الماء المالح

ص: 839

الاجاج فصلصلها في كفّه فجمدت ثمّ قال لها منك اخلق الجبّارين و الفراعنة و العتاة و اخوان الشّياطين و الدّعاة الي النّار الي يوم القيمة و اشياعهم و لا ابالي و لا اسأل عمّا افعل و هم يسئلون و قال و شرط في ذلك البداء فيهم و لم يشترط في اصحاب اليمين البداء ثمّ خلط المائين جميعا في كفّه فصلصلها ثمّ كفاهما قدّام عرشه و هما سلالة من طين ثمّ امر الملائكة الاربعة الشّمال و و الجنوب و الصّبار و الدّبور ان يجولوا علي هذه السّلالة الطّين فابرّوها(فابدءوها خ ل)و انشاؤها ثمّ ابراوها(ابدءوها خ ل)و جزّءوها و فصّلوها و اجروا فيها الطّبائع الاربعة من ناحية الجنوب الرّيح و و الدّم و المرّة و البلغم فجالت الملائكة عليها و هي الشّمال و الجنوب و الصّبا و الدّبور و اجروا فيها الطّبايع الاربعة فالرّيح في الطّبايع الاربعة من البدن من ناحية الشّمال و البلغم في الطّبايع الاربعة من ناحية الجنوب الصّبا و المرّة في الطّبايع الاربعة من ناحية الدّبور

ص: 840

و الدّم في الطّبايع الأربعة من ناحية الجنوب قال فاستقلّت ا؟؟؟؟؟لنّسمه و كمل البدن فلزمه من ناحية الرّيح حبّ النّساء و طول الامل و الحرص و لزمه من ناحية البلغم حبّ الطّعام و الشّراب و البرّ و الحلم و الرّفق و لزمه من ناحية المرّة الغضب و السّفه و الشّيطنة و التّجبّر و التّمرّد و العجلة و لزمه من ناحية الدّم حبّ النّساء و اللذّات و ركوب المحارم و الشّهوات قال ابو جعفر ع وجدنا هذا في كتاب امير المؤمنين(ع)

و من كلامه عليه السّلام

حين دخل عليه السّلام علي عمر و اصحابه اراد و اسقاط امير المؤمنين عليّ بن ابي طالب عليه السّلام رواه العلاّمة المجلسي اعلي اللّه مقامه في السّماء و العالم ص 21 في باب حدوث العالم و بدو خلقه عن تفسير الفرات عن عبيد بن كثير معنعنا عن الحسن بن علي بن ابي طالب عليه السّلام انه قال شهدت ابي عند عمر بن الخطاب و عنده كعب الاحبار و اطال الكلام الي ان قال فقال كعب يا ابا الحسن اخبرني عن قول اللّه تعالي في كتابه و كان عرشه علي الماء ليبلوكم ايّكم احسن عملا قال امير المؤمنين عليّ بن ابي طالب عليه السّلام نعم كان عرشه علي الماء حين لا ارض مدحيّة و لا سماء مبنيّة و لا صوت يسمع و لا عين تبتع و لا ملك مقرّب و لا نبيّ مرسل و لا نجم يسري و لا قمر يجري و لا شمس تضيء و عرشه علي الماء غير مستوحش الي احد من خلقه يمجّد نفسه و يقدّسها كما شاء ان

ص: 841

يكون ثمّ بدا له ان يخلق الخلق فضرب بامواج البحور فثاومتها مثل الدّخان كاعظم ما يكون من خلق اللّه فبنابها سماء رتقا ثمّ دحي الارض من موضع الكعبة و هي وسط الارض فطبّقت الي البحار ثمّ فتقها بالبنيان و جعلها سبعا بعد اذ كانت واحدة ثمّ استوي الي السّماء و هي دخان مبين من ذلك الماء الّذي انشاء من تلك البحور فجعلها سبعا طباقا بكلمته التي لا يعلمها غيره و جعل في كلّ سماء ساكنا من الملائكة خلقهم معصومين من نور من بحور عذبة و هو(هي خ ل)بحر الرّحمة و جعل طعامهم التّسبيح و التّهليل و التّقديس فلمّا قضي امره و خلقه استوي علي ملكه فمدح كما ينبغي له ان يحمد ثمّ قدّر ملكه فجعل في كلّ سماء شهبا معلّقة كواكب كتعليق القناديل من المساجد ما لا يحصيها غيره تبارك و تعالي و النّجم من نجوم السّماء كاكبر مدينة في الارض ثمّ خلق الشّمس و القمر فجعلهما شمسين فلو تركهما تبارك و تعالي كما كان ابتدءهما في اوّل مرّة لم يعرف خلقة

ص: 842

اللّيل من النّهار و لا عرف الشّهر و لا السّنة و لا عرف الشّتاء من الصّيف و لا عرف الرّبيع من الخريف و لا علم اصحاب الدّين متي يحمّل دينهم و لا علم العامل متي يتصرّف في معيشته و متي يسكن لراحة بدنه فكان اللّه تبارك و تعالي لرافته بعباده نظر لهم فبعث جبرئيل عليه السّلام الي احدي الشّمسين فمسح بها جناحه فاذهب منها الشّعاع و النّور و ترك فيها الضّوء فذلك قوله و جعلنا اللّيل و النّهار ايتين فمحونا اية اللّيل و جعلنا اية النّهار مبصرة لتبتغوا من فضلا ربّكم و لتعلموا عدد السّنين و الحساب و كلّ شيء فصّلناه تفصيلا و جعلهما يجريان في الفلك و الفلك بحر فيما بين السّماء و الارض مستطيل في السّمآء استطالته ثلاثة فراسخ يجري في غمرة الشّمس و القمر كلّ واحد منهما علي عجلة يقودهما ثلاثماة ملك بيد كلّ ملك منهما عروة يجرونهما في غمرة ذلك البحر لهم رجل بالتّهليل و التّسبيح و التّقديس لو برز واحد من غمر ذلك البحر لا حترق كلّ شيء علي وجه

ص: 843

الارض حتّي الجبال و الصّخور و ما خلق اللّه من شيء فلمّا خلق اللّه السّموات و الارض و اللّيل و النّهار و النّجوم و الفلك و جعل الارضين علي ظهر حوت اثقلها فاضطربت فاثبتها بالجبال فلمّا استكمل خلق ما في السّموات و الارض يومئذ خالية ليس فيها احد قال للملائكة انّي جاعل في الارض خليفة قالوا أ تجعل فيها من يفسد فيها و يسفك الدّماء و نحن نسبّح بحمدك و نقدّس لك قال انّي اعلم ما لا تعلمون فبعث اللّه جبرئيل عليه السّلام فاخذ من اديم الارض قبضة فعجنه بالماء العذب و المالح و ركّب فيها الطّبايع قبل ان ينفخ فيه الرّوح فخلقه من اديم الارض فلذلك سمّي ادم لانّه لمّا عجن بالماء استادم فطرحه في الجبل كالجبل العظيم و كان ابليس يومئذ خازنا علي السّماء الخامسة يدخل في منخر ادم ثمّ يخرج من دبره ثمّ يضرب بيده علي بطنه فيقول لايّ امر خلقت لان جعلت فوقي لا اطعتك و ان جعلت اسفل منّي لا اعينك فمكث في الجنّة الف سنة ما بين خلقه

ص: 844

الي ان ينفخ فيه الرّوح فخلقه من ماء و طين و نور و ظلمة و ريح و نور من نور اللّه فامّا النّور فتورثه الايمان و امّا الظّلمة فتورثه الكفر و الضّلالة و امّا الطّين فيورثه الرّعدة و الضّعف و الاقشعرار عند اصابة الماء فينعت به علي اربع الطّبايع علي الدّم و البلغم و المرار و الرّيح فذلك قوله تبارك و تعالي اولا يذّكّر الانسان انّا خلقناه من قبل و لم يك شيئا قال فقال كعب يا عمر باللّه اتعلم كعلم امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السّلام فقال لا فقال كعب علي بن ابي طالب عليه السّلام وصّي الانبياء و محمّد خاتم الانبياء صلي اللّه عليه و آله و علي خاتم الاوصياء و ليس علي الارض اليوم منفوسة الاّ علي بن ابي طالب عليه السّلام اعلم منه و اللّه ما ذكر من خلق الانس و الجنّ و السماء و الارض و الملائكة شيئا الا و قد قراءته في التورته كما قراءات قال فما راي عمر غضب قطّ مثل غضبه ذلك اليوم

242 و من كلامه عليه السّلام

و في السماء و العالم ص 21 نقل عن كتاب تنبيه الخاطر المعروف بمجموعة الورام عن ابن عبّاس عن امير المؤمنين عليه السّلام قال انّ اللّه تعالي اوّل ما خلق الخلق خلق نور ابتدعة و من غير شيء ثمّ خلق منه ظلمة و كان قدير ان يخلق الظّلمة لا من شيء كما خلق النّور من غير شيء ثمّ خلق من الظّلمة نورا و خلق من النّور يا قوتة غلظها كغلظ سبع سموات و سبع ارضين ثمّ زجر

ص: 845

الياقوته فماعت لهيبته فصارت ماء مرتعدا و لا يزال مرتعدا الي يوم القيمة ثمّ خلق عرشه من نوره و جعله علي الماء و للعرش عشرة الاف لسان يسبّح اللّه كلّ لسان منها بعشرة الاف لغة تشبه الاخري و كان العرش علي الماء من دون حجب الضّباب الضبابة السّحابة جمعها الضباب

243 و من كلامه عليه السّلام

في السماء و العالم ص 47 عن تاويل الايات الظاهرة نقلا من كتاب الواحده عن الحسن بن عبد اللّه الكوفي عن جعفر بن محمّد البجلّي عن احمد بن حميد عن ابي حمزة الثمالي عن ابي جعفر عليه السّلام قال قال امير المؤمنين عليه السّلام انّ اللّه تبارك و تعالي احد واحد تفرّد في وحدانيّة ثمّ تكلّم بكلمة فصارت نورا ثمّ خلق من ذلك النّور محمّدا صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و خلقني و ذرّيتي ثمّ تكلّم بكلمة فصارت روحا فاسكنه اللّه في ذلك النّور و اسكنه في أبداننا فنحن روح اللّه و كلماته و بنا احتجب عن خلقه فما زلنا في ظلّة خضراء حيث لا شمس و لا قمر و لا ليل و لا نهار و لا عين تطرف نعبده و نقدّسه و نمجّده و نسبّحه

ص: 846

قبل ان يخلق الخلق الخبر و في المجلد الخامس من البحار ص 186 بعد قوله عليه السّلام قال في ظلّ عرشه خضراء مسبّحين نسبّحه و نقدّسه حيث لا شمس و لا قمر و لا عين تطرف ثمّ خلق شيعتنا و انّما سمّوا شيعة لانّهم خلقوا من شعاع نورنا

244 و من كلامه عليه السّلام

حين كان يقوم عليه السّلام في المطر اول ما يمطر حتي يبتل راسه و لحيته و ثيابه و قيل له يا امير المؤمنين الكنّ الكنّ رواه العلامة في السّماء و العالم ص 277 عن الكافي عن علي بن ابراهيم عن هرون بن مسلم عن مسعدة بن صدقه عن ابي عبد اللّه عليه السّلام قال كان علي عليه السّلام يقوم في المطر اول ما يمطر حتي يبتل راسه و لحيته و ثيابه فقيل له يا امير المؤمنين الكنّ الكنّ فقال انّ هذا ماء قريب العهد بالعرش ثم انشاء يحدّث فقال انّ تحت العرش بحرا فيه ماء ينبت ارزاق الحيوانات فاذا اراد اللّه عزّ ذكره ان ينبت به ما يشاء لهم رحمة منه لهم اوحي اللّه اليه فمطّر ما شاء من سماء الي سماء حتّي يصير الي سماء الدّنيا فيما اظنّ فيلقيه الي السّحاب و السّحاب بمنزلة الغربال ثمّ يوحي الي الرّيح ان اطحنيه و اذيبيه ذوبان الماء(الملح خ ل)ثمّ انطلقي به الي موضع

ص: 847

كذا و كذا فامطري عليهم فيكون كذا و كذا عبابا و غير ذلك فتقطر عليهم علي النّحو الّذي يأمرها به فليس من قطرة تقطر الاّ و معها ملك حتّي يضعها موضعها و لم تنزل من السّماء قطرة من مطر الاّ بعدد معدود و وزن معلوم الاّ ما كان من يوم الطّوفان علي عهد نوح عليه السّلام فانّه نزل من ماء منهم بلا وزن و لا عدد و لقد رواه العلاّمه فيه من العلل عن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن هرون و الحميري في قرب الاسناد عنه

245 و من كلامه له عليه السّلام

قال العلاّمة المجلسي ره في المجلد التّاسع من بحار الانوار ص 92 فيما رواه عن الخصائص للسيّد الرضي رضي اللّه عنه و ارضاه باسناده رفعه قال قال ابن الكوّا الامير المؤمنين عليه السّلام اين كنت حيث ذكر اللّه نبيّه و ابا بكر ثاني اثنين اذ هما في الغار اذ يقول لصاحبه لا تحزن انّ اللّه معنا فقال امير المؤمنين عليه السّلام ويلك يابن الكوّا كنت علي فراش رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم حيث خرج فاقبلوا عليّ يضربوني بما في ايديهم فتنقّط جسدي و صار مثل البيض ثمّ انطلقوا يريدون قتلي فقال و قد طرح عليّ برده فاقبلت قريش مع كلّ رجل منهم هراوة فيها شوكها فلم يبصروا رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله

ص: 848

بعضهم لا تقتلوه اللّيلة و لكن اخّروه و اطلبوا محمّدا قال فاوثقوني بالحديد و جعلوني في بيت و استوثقوا منّي و من الباب بقفل فبينا انا كذلك اذ سمعت صوتا من جانب البيت يقول يا عليّ فسكن الوجع الّذي كنت اجده و ذهب الورم الّذي كان في جسدي ثمّ سمعت صوتا اخر يقول يا عليّ فاذا الّذي في رجلي قد تقطّع ثمّ سمعت صوتا اخر يقول يا عليّ فاذا الباب قد تساقط ما عليه و فتح فقمت و خرجت و قد كانوا جاء و ا بعجوز كمهاء لا تبصر و لا تنام تحرس الباب فخرجت عليها و هي لا تعقل من النّوم

246 و من كلامه عليه السّلام

المجلّد التاسع من البحار ص 300 في باب نادر فيما امتحن اللّه به امير المؤمنين عليه السّلام في حيوة النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و بعد وفاته و لقد رواه العلامة عن خصال الصّدوق ره عنه عن ابيه و ابن الوليد معا عن سعد عن احمد بن الحسين بن سعيد عن جعفر بن محمد النوفلي عن يعقوب بن الرائد قال قال ابو عبد اللّه جعفر بن احمد بن محمد بن عيسي بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن جعفر بن ابي طالب قال حدّثنا يعقوب بن عبد اللّه الكوفي عن موسي بن عبيد عن عمرو بن ابي المقدام عن ابي اسحق عن الحارث عن محمد بن الحنفية رضي اللّه عنه و عمرو بن ابي المقدام عن جابر الجعفي عن ابي جعفر عليه السّلام قال اتي رأس اليهود عليّ بن ابي طالب امير المؤمنين عليه السّلام عند منصرفه من وقعة النهروان و هو جالس في مسجد الكوفة فقال يا امير المؤمنين انّي اريد ان

ص: 849

أسألك عن اشياء لا يعلمها الاّ نبيّ او وصيّ نبيّ قال سل عمّا بذالك يا اخا اليهود قال انّا نجد في الكتاب ان اللّه عز و جل اذا بعث نبيّا اوحي اليه ان يتخّذ من اهل بيته من يقوم بامر امّته من بعده و ان يعهد اليهم فيه عهدا يحتذي عليه و يعمل به في امته من بعده و انّ اللّه عزّ و جل يمتحن الاوصياء في حيوة الانبياء و يمتحنهم بعد وفاتهم فاخبرني كم يمتحن اللّه الاوصياء في حيوة الانبياء و كم يمتحنهم بعد وفاتهم من مرة و الي ما يصير اخر امر الاوصياء اذا رضي محنتهم فقال علي عليه السّلام و اللّه الّذي لا آله غيره الّذي فلق البحر لبني اسرائيل و انزل التّورية علي موسي لئن اخبرتك بحقّ عمّا تسئل عنه لتقرّنّ به قال نعم قال و الّذي فلق البحر لبني اسرائيل و انزل التّورته علي موسي لئن اجبتك لتسلمنّ قال نعم فقال له عليّ عليه السّلام انّ اللّه عزّ و جلّ يمتحن الاوصياء في حيوة الانبياء في سبعة مواطن ليبتلي طاعتهم و محنتهم امرا الانبياء ان يتّخذوهم اولياء في حياتهم و اوصياء بعد وفاتهم و يصير طاعة الاوصياء في اعناق الامم ممّن يقول بطاعة الانبياء عليهم السّلام ثمّ يمتحن الاوصيآء بعد وفات الانبيآء في سبعة مواطن ليبلو صبرهم فاذا رضي محنتهم ختم لهم بالسّعادة ليلحقهم بالانبياء و قد اكمل لهم السّعادة قال له رأس

ص: 850

اليهود صدقت يا أمير المؤمنين كم امتحنك اللّه في حيوة محمد صلّي اللّه عليه و آله من مرّة و كم امتحنك بعد وفاته من مرّة و الي ما يصير اخر امرك فاخذ عليّ عليه السّلام بيده و قال انهض بنا انبّئك بذلك يا اخا اليهود فقام اليه جماعة من اصحابه فقالوا يا امير المؤمنين انبئنا بذلك فو اللّه انّا لنعلم انه ما علي ظهر الارض وصيّ نبيّ سواك و انا لنعلم ان اللّه لا يبعث بعد نبيّنا صلّي اللّه عليه و آله و سلّم نبيّا سواه و انّ طاعتك لفي اعناقنا موصولة بطاعة نبيّنا فجلس علي عليه السّلام و اقبل علي اليهوديّ فقال له يا اخا اليهود انّ اللّه عزّ و جلّ امتحنني في حيوة نبيّنا محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في سبعة مواطن فوجدني فيهنّ من غير تزكية لنفسي بنعمة اللّه له مطيعا قال و فيم و فيم يا امير المؤمنين قال امّا اوّلهنّ فانّ اللّه عزّ و جلّ اوحي الي نبيّنا و حمله الرّسالة و انا احدث اهل بيتي سنّا اخدمه في بيته و اسعي بين يديه في امره فدعا صغير بني عبد المطّلب و كبيرهم الي شهادة ان لا آله الاّ اللّه و انّه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فامتنعوا من ذلك و انكروه عليه و هجروه و نابذوه و اعتزلوه و اجتنبوه و ساير النّاس مقصّين له و مبغضين و مخالفين عليه قد استعظموا ما اورده عليهم ممّا لم يحتمله قلوبهم و تدركه عقولهم فاجبت رسول اللّه وحدي الي ما دعا

ص: 851

اليه مسرعا مطيعا موقنا لم يتخالجني في ذلك شكّ فمكثنا بذلك ثلاث حجج و ما علي وجه الارض خلق يصلّي او يشهد لرسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بما اتاه اللّه غيري و غير ابنة خويلد رضي اللّه عنها و قد فعل ثم اقبل امير المؤمنين عليه السّلام علي اصحابه فقال أ ليس كذلك قالوا بلي يا امير المؤمنين فقال عليه السّلام و امّا الثّانية يا اخا اليهود فانّ قريشا لم تزل تخيّل الاراء و تعمل الحيل في قتل النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم حتّي كان اخر ما اجتمعت في ذلك يوم الدّار دار النّدوة و ابليس الملعون حاضر في صورة اعور ثقيف فلم تزل تضرب امرها ظهر البطن حتّي اجتمعت اراءها علي ان ينتدب من كلّ فخذ من قريش رجل ثمّ يأخذ كلّ رجل منهم سيفه ثمّ يأتي النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و هو نائم علي فراشه فيضربونه جميعا باسيافهم و ضربة رجل واحد فيقتلوه فاذا قتلوه منعت قريش رجالها و لم تسلمها فيمضي دمه هدرا فهبط جبرئيل عليه السّلام علي النّبيّ صلّي اللّه عليه

ص: 852

و آله و سلّم فأنبأ بذلك و اخبره باللّيلة الّتي يجتمعون فيها و السّاعة الّتي تاتون فراشه فيها و امره بالخروج في الوقت الّذي خرج فيه الي الغار فاخبرني رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بالخبر و امرني ان اضطجع في مضجعه و اقيه بنفسي فاسرعت لي ذلك مطيعا له مسرورا لنفسي بان اقتل دونه فمضي لوجهه و اضطجعت في مضجعه و اقبلت رجّالات قريش موقنة في انفسها ان تقتل النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فلمّا استوي بي و بهم البيت الّذي انا فيه ناهضتهم بسيفي فدفعتهم عن نفسي بما قد علمه اللّه و النّاس ثم اقبل علي اصحابه فقال ا ليس كذلك قالوا بلي يا امير المؤمنين فقال عليه السّلام و امّا الثّالثة يا اخا اليهود فانّ ابني ربيعة و ابن عتبة كانوا فرسان قريش دعوا الي البراز يوم بدر فلم يبرز لهم خلق من قريش فانهضني رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم مع صاحبيّ رضي اللّه عنهما و قد فعل و انا احدث اصحابي سنّا

ص: 853

و اقلّهم للحرب تجربة فقتل اللّه عزّ و جلّ بيدي وليدا و شيبة سوي من قتلت من حجاحجة قريش في ذلك اليوم و سوي من اسرت و كان منّي اكثر ممّا كان من اصحابي و استشهد ابن عمّي في ذلك اليوم رحمة اللّه عليه ثم التفت الي اصحابه فقال أ ليس كذلك قالوا بلي يا امير المؤمنين فقال عليّ عليه السّلام و امّا الرّابعة يا اخا اليهود فانّ اهل مكّة اقبلوا الينا علي بكرة ابيهم قد استحاشوا من يليهم من قبائل العرب و قريش طالبين بثار مشركي قريش في يوم بدر فهبط جبرئيل علي النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فأنبأه بذلك فذهب النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و عسكر باصحابه في سدّ احد و اقبل المشركون الينا فحملوا علينا حملة رجل واحد و استشهد من المسلمين من استشهد و كان ممّن بقي ما كان من الهزيمة و بقيت مع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و معني المهاجرون و الانصار الي منازلهم من المدينة

ص: 854

كلّ يقول قتل النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و قتل اصحابه ثمّ ضرب اللّه عزّ و جلّ وجوه المشركين و قد جرحت بين يدي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم نيّفا و سبعين جرحة منها هذه و هذه ثم القي ردائه و امرّ يده علي جراحاته و كان منّي في ذلك ما علي اللّه عزّ و جلّ ثوابه ان شاء اللّه ثم التفت الي اصحابه فقال أ ليس كذلك قالوا بلي يا امير المؤمنين فقال عليه السّلام و امّا الخامسة يا اخا اليهود فانّ قريشا و العرب تجمّعت و عقدت بينها عقدا و ميثاقا لا ترجع من وجهها حتّي تقتل رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و تقتلنا معه معاشر بني عبد المطّلب ثمّ اقبلت بحدّها و حديدها حتّي اناخت علينا بالمدينة واثقة بانفسها فيما توجّهت له فهبط جبرئيل علي النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فأنبأه بذلك فخندق علي نفسه و من معه من المهاجرين و الانصار فقدمت قريش فاقامت علي الخندق محاصرة لنا تري في انفسها القوّة و

ص: 855

فينا الضّعف ترعد و بترق و رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يدعوها الي اللّه عزّ و جلّ و يناشدها بالقرابة و الرّحم فتابي و لا يزيدها ذلك الاّ عتوّا و فارسها و فارس العرب يومئذ عمرو بن عبد ودّ يهدر كالبعير المغتلم يدعو الي البراز و يرتجز و يخطر برمحه مرّة و بسيفه مرّة لا يقدم عليه مقدم و لا يطمع فيه طامع و لا حميّة تهيّجه و لا بصيرة تشجّعه فانهضني اليه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و عممّني بيده و اعطاني سيفه هذا و ضرب بيده الي ذي الفقار فخرجت اليه و نساء اهل المدينة بواك اشفاقا عليّ من ابن عبد ودّ فقتله اللّه عزّ و جلّ بيدي و العرب لا تعدل لها فارسا غيره و ضربني هذه الضّربة و اومي بيده الي هامته فهزم اللّه قريشا و العرب بذلك و بما كان مني من النّكاية ثم التفت الي اصحابه فقال أ ليس كذلك قالوا بلي يا امير المؤمنين فقال عليه السّلام و امّا السّادسة يا اخا اليهود

ص: 856

فانّا وردنا مع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم مدينة اصحابك خيبر علي رجال من اليهود و فرسانها من قريش و غيرها فتلقّوها بامثال الجبال من الخيل و الرّجال و السّلاح و هم في امنع دار و اكثر عدد كلّ ينادي و يدعو و يبادر الي القتال فلم يبرز اليهم من اصحابي احد الاّ قتلوه حتّي اذا احمرّت الحدق و دعيت الي النّزال و اهمت كلّ امرء نفسه و التفت بعض اصحابي الي بعض و كلّ يقول يا ابا الحسن انهض فانهضني رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم الي دارهم فلم يبرز اليّ منهم احد الاّ قتلته و لا يثبت لي فارس الاّ طحنته ثمّ شددت عليهم شدّ اللّيث علي فريسة حتّي ادخلتهم جوف مدينتهم مسدّدا عليهم فاقتلعت باب حصنهم بيدي حتّي دخلت عليهم مدينتهم و حدي اقتل من يظهر فيها من رجالها و اسبي من اجد من نساءها حتّي افتتحتها وحدي و لم يكن لي فيها معاون الاّ اللّه وحده ثم التفت الي اصحابه

ص: 857

فقال أ ليس كذلك قالوا بلي يا امير المؤمنين فقال عليه السّلام و امّا السّابعة يا اخا اليهود فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لمّا توجّه لفتح مكّة احبّ ان يعذر اليهم و يدعوهم الي اللّه عزّ و جلّ اخرا كما دعاهم اوّلا فثبّت اليهم كتابا يحذّرهم فيه و ينذرهم عذاب اللّه و يعدهم الصّفح و يمنّيهم مغفرة ربّهم و نسخ لهم في اخره سورة برائة لتقرأ عليهم ثمّ عرض علي جميع اصحابه المضيّ به فكلّهم يري التّثاقل فيه فلمّا رأي ذلك ندب منهم رجلا فوجّهه به فاتاه جبرئيل عليه السّلام فقال يا محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لا يؤدّي عنك الاّ انت او رجل منك فأنبأني رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بذلك و وجّهني بكتابه و رسالته الي مكّة فاتيت مكّة و اهلها قد عرفتم ليس منهم احد الاّ و لو قدّر ان يضع علي كلّ جبل منّي اربا لفعل و لو ان يبذل في ذلك نفسه و اهله و ولده و ماله فبلّغتهم رسالة

ص: 858

النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و قرات عليهم كتابه فكلّهم يلقاني بالتّهديد و الوعيد و يبدي اليّ البغضاء و يظهر الشّحناء من رجالهم و نساءهم فكان منّي ذلك ما قد رايتم ثم التفت الي اصحابه فقال أ ليس كذلك قالوا بلي يا امير المؤمنين فقال عليه السّلام يا اخا اليهود هذه المواطن الّتي امتحنني فيهنّ ربّي عزّ و جلّ مع نبيّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فوجدني كلّها بمنّه مطيعا ليس لاحد فيها مثل الّذي لي و لو شئت لو صفت ذلك و لكنّ اللّه عزّ و جلّ نهي عن التّزكية فقالوا يا امير المؤمنين صدقت و اللّه لقد اعطاك اللّه عزّ و جلّ الفضيلة بالقرابة من نبيّنا و اسعدك بان جعلك اخاه تنزل منه بمنزلة هرون من موسي و فضّلك بالمواقف الّتي باشرتها و الاحوال التي ركبتها و ذخر لك الذي ذكرت و اكثر منه ممّا لم تذكره و ممّا ليس لاحد من المسلمين مثله يقول ذلك من شهدك منّا مع نبينا و من شهدك بعده فاخبرنا يا امير المؤمنين ما امتحنك اللّه عزّ و جلّ بعد نبيّنا فاحتملته و صبرت عليه فلو شئنا ان نصف ذلك لو صفناه علما منّا به و ظهور امنّا عليه الاّ انا نحبّ ان نسمع منك ذلك كما سمعنا منك ما امتحنك اللّه به في حياته فاطعته فيه فقال عليه السّلام يا اخا اليهود انّ اللّه عزّ و جلّ امتحنني بعد وفاة نبيّه في سبعة مواطن فوجدني فيهنّ من غير تزكية لنفسي بمنّه و نعمته صبورا امّا اوّلهنّ يا اخا اليهود فانّه لم يكن لي خاصّة دون

ص: 859

المسلمين عامّة احد انس به او اعتمد عليه او استنيم اليه او اتقرّب به غير رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم هو ربّاني صغيرا و بوّأني كبيرا و كفاني العيلة و جبرني من اليتم و اغناني عن الطّلب و وقاني المكسب و عال لي النّفس و الولد و الاهل هذا في تصاريف امر الدّنيا مع ما خصّني به من الدّرجات الّتي قادتني الي معالي الحظوة عند اللّه عزّ و جلّ فنزل بي من وفاة رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ما لم اكن اظنّ الجبال لو حملته عنوة كانت تنهض به فرايت النّاس من اهل بيتي ما بين جازع لا يملك جزعه و لا يضبط نفسه و لا يقوّي علي حمل فادح ما نزل به قد اذهب الجزع صبره و اذهل عقله و حال بينه و بين الفهم و الافهام و القول و الاستماع و ساير النّاس من غير بني عبد المطّلب بين معزّ يأمر بالصّبر و بين مساعد باك لبكائهم جازع لجزعهم و حمّلت نفسي علي الصّبر عند وفاته بلزوم

ص: 860

الصّمت و الاشتغال بما امرني به من تجهيزه و تغسيله و تخيطه و تكفينه و الصّلوة عليه و وضعه في حفرته و جمع كتاب اللّه و عهده الي خلقه لا يشغلني عن ذلك بادر دمعة و لا هايج زفرة و لا لاذع حرقة و لا جزيل مصيبة حتّي ادّيت في ذلك الحقّ الواجب للّه عزّ و جلّ و لرسوله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عليّ و بلّغت منه الّذي امرني به و احتملته صابرا محتسبا ثم التفت الي اصحابه فقال أ ليس كذلك قالوا بلي يا امير المؤمنين فقال عليه السّلام و امّا الثّانية يا اخا اليهود فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم امّرني في حياته علي جميع امّته و اخذ عليّ جميع من حضره منهم البيعة و السّمع و الطاعة لامري و امرهم ان يبلغ الشّاهد الغائب ذلك فكنت المودّي اليهم عن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم امره اذا حضرته و الامير علي من حضرني منهم اذا فارقته لا تختلج في نفسي منازعة احد من الخلق لي في شيء من الامر في حيوة النّبيّ

ص: 861

صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و لا بعد وفاته ثمّ امر رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بتوجيه الجيش الّذي وجّهه مع اسامة بن زيد عند الّذي احدث اللّه به المرض الّذي توفّاه فيه فلم يدع النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم احدا من افناء العرب و لا من الاوس و الخزرج و غيرهم من سائر النّاس ممّن يخاف علي نقضه و منازعته و لا احد ممّن يراني بعين البغضاء ممّن قد وترته بقتل ابيه او اخيه او حميمه الاّ وجّهه في ذلك الجيش و لا من المهاجرين و الانصار و المسلمين و غيرهم و المؤلّفة قلوبهم و المنافقين لتصفو قلوب من يبقي معي بحضرته و لئلاّ يقول قائل شيئا ممّا اكرهه و لا يدفعني دافع من الولاية و القيام بامر رعيّته من بعدي ثمّ كان اخر ما تكلّم به في شيء من امر امّته ان يمضي جيش اسامة و لا يختلف عنه احد ممّن انهض معه و تقدّم في ذلك اشدّ التّقدّم و او غرفيه ابلغ الايغار

ص: 862

و اكّد فيه اكثر التّاكيد فلم اشعر بعد ان قبض النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم الاّ برجال من بعث اسامة بن زيد و اهل عسكره قد تركوا مراكزهم و اخلوا بمواضعهم و خالفوا امر رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فيما انهضهم له و امرهم به و تقدّم اليهم من ملازمة اميرهم و السّير معه تحت لوائه حتّي ينفذ لوجهه الّذي انفذه اليه فخلّفوا اميرهم مقيما في عسكره و اقبلوا يتبادرون علي الخيل ركضا الي حلّ عقدة عقدها اللّه عزّ و جلّ لي و رسوله في اعناقهم فحلّوها و عهد عاهدوا اللّه و رسوله فنكثوه و عقدوا لانفسهم عقدا ضجّت به اصواتهم و اختصّت به آرائهم من غير مناظرة لاحد منّا بني عبد المطّلب او مشاركة في رأي او استقالة لما في اعناقهم من بيعتي فعلوا ذلك و انا برسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم مشغول بتجهيزه في عن سائر الاشياء مصدود فانّه كان اهمّها و احقّ ما بدي به منها

ص: 863

فكان هذا يا اخا اليهود اقرح ما ورد علي قلبي مع الّذي انا فيه من عظيم الرّزيّة و فاجع المصيبة و فقد من لا خلف منه الاّ اللّه تبارك و تعالي فصبرت عليها اذا اتت بعد اختها علي تقاربها و سرعة اتّصالها ثمّ التفت عليه السّلام الي اصحابه فقال ا ليس كذلك قالوا بلي يا امير المؤمنين فقال عليه السّلام و امّا الثّالثة يا اخا اليهود فانّ القائم بعد النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم كان يلقاني معتذرا في كلّ ايّامه و يلزم غيره ما ارتكبه من اخذ حقّي و نقض بيعتي و يسألني تحليله فكنت اقول تنقضي ايّامه ثمّ يرجع اليّ حقّي الّذي جعله اللّه لي عفوا هنيئا من غير ان احدث في الاسلام مع حدوثه و قرب عهده بالجاهليّة حدثا في طلب حقّي بمنازعة لعلّ فلانا يقول فيها نعم و فلانا يقول لا فيئول ذلك من القول الي الفعل و جماعة من خواصّ اصحاب محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم اعرفهم بالنّصح للّه و لرسوله و لكتابه و دينه الاسلام يأتوني عودا و بدءا

ص: 864

و علانية و سرّا فيدعوني الي اخذ حقّي و يبذلون انفسهم في نصرتي ليؤدّوا بذلك بيعتي في اعناقهم فاقول رويدا و صبرا قليلا لعلّ اللّه ياتيني بذلك عفوا بلا منازعة و لا اراقة الدّماء فقد ارتاب كثير من النّاس بعد وفاة النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و طمع في الامر بعده من ليس له باهل فقال كلّ قوم منّا امير و ما طمع القائلون في ذلك الاّ لتناول غيري الامر فلمّا دنت وفاة القائم و انقضت ايّامه صيّر الامر بعده لصاحبه فكانت هذه اخت اختها و محلّها منّي مثل محلّها و اخذا منّي ما جعله اللّه لي فاجتمع اليّ من اصحاب محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم من مضي رحمه اللّه و من بقي ممّن اخرّه اللّه من اجتمع فقالوا لي فيها مثل الّذي قالوا في اختها فلم تعد قولي الثّاني قولي الاوّل صبرا و احتسابا و يقينا و اشفاقا من ان تفني عصبة تالّفهم رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم باللّين مرّة و بالشّدّة اخري و بالبذل مرّة و بالسّيف

ص: 865

اخري حتّي لقد كان من تالّفه لهم ان كان النّاس في الكرّ و الفرار و الشّبع و الرّيّ و اللّباس و الوطاء و الدّثار و نحن اهل بيت محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لا سقوف لبيوتنا و لا ابواب و لا ستور الاّ الجرائد و ما اشبهها و لا وطاء لنا و لا دثار علينا و يتداول الثّوب الواحد في الصّلوة اكثرنا و تطوي اللّيالي و الايّام عامّتنا و ربّما اتانا الشّيء ممّا افائه اللّه علينا و صيّره لنا خاصّة دون غيرنا و نحن علي ما وصفت من حالنا فيؤثر به رسول اللّه ارباب النّعم و الاموال تالّفا منه لهم فكنت احقّ من لم يفرّق هذه العصبة الّتي الفّها رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و لم يحملها علي الخطّة الّتي لا خلاص لها منها دون بلوغها او فناء اجالها لانّي لو نصبت نفسي فدعوتهم الي نصرتي كانوا منّي و في امري علي احدي منزلتين امّا متّبع مقاتل و امّا مقتول ان لم يتّبع الجميع و امّا خاذل يكفر بخذلانه ان قصر في

ص: 866

نصرتي او امسك عن طاعتي و قد علم انّني منه بمنزلة هرون من موسي يحّل به في مخالفتي و الامساك عن نصرتي ما احلّ قوم موسي بانفسهم في مخالفة هرون و ترك طاعته و رايت تجرّع الغصص و ردّ انفاس الصّعداء و لزوم الصّبر حتّي يفتح اللّه او يقضي بما احبّ ان يدلي في حظّي و ارفق بالعصابة الّتي وصفت امرهم و كان امر اللّه قدرا مقدورا و لو لم اتّق هذه الحالة يا اخا اليهود ثمّ طلبت حقّي لكنت اولي ممّن طلبه لعلم من مضي من اصحاب رسول اللّه و من بحضرتك منهم بانّي كنت اكثر عددا و اعزّ عشيرة و امنع رجالا و اطوع امرا و اوضح حجّة و اكثر في هذا الدّين مناقب و اثار سوابقي و قرابتي و وراثتي فضلا عن استحقاقي في ذلك بالوصيّة الّتي لا مخرج للعباد منها و البيعة المتقدّمة في اعناقهم ممّن تناولها و لقد قبض محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و انّ ولاية الامّة في يده و في بيته لا في يد الاولي

ص: 867

تناولوها و لا في بيوتهم و لاهل بيته الّذين اذهب اللّه عنهم الرّجس و طهّرهم تطهيرا اولي بالامر من بعده من غيرهم في جميع الخصال ثم التفت عليه السّلام الي اصحابه فقال أ ليس كذلك قالوا بلي يا امير المؤمنين قال عليه السّلام و امّا الرّابعة يا اخا اليهود فانّ القائم بعد صاحبه كان يشاورني في موارد الامور فيصدرها عن امري و يناظرني في غوامضها فيمضيها عن رايي لا اعلم احدا و لا يعلمه اصحابي يناظره في ذلك غيري و لا يطمع في الامر بعده سواي فلمّا ان اتته منيّته علي فجاة بلا مرض كان قبله و لا امر كان امضاه في صحّة من بدنه لم اشكّ انّي قد استرجعت حقّي في عافية بالمنزلة الّتي كنت اطلبها و العاقبة الّتي كنت التمسها و انّ اللّه سياتي بذلك علي احسن ما رجوت و افضل ما امّلت فكان من فعله ان ختم امره بان سمّي قوما انا سادسهم و لم يسوّني بواحد منهم و لا ذكر لي حالا في وراثة

ص: 868

الرّسول و لا قرابة و لا صهر و لا نسب و لا لواحد منهم مثل سابقة من سوابقي و لا اثر من اثاري و صيّرها شوري بيننا و صيّر ابنه فيها حاكما علينا و امره ان يضرب اعناق النّفر السّتّة الّذين صيّر الامر فيهم ان لم ينفذوا امره و كفي الصّبر علي هذا يا اخا اليهود صبرا فمكث القوم ايّامهم كلّها كلّ يخطب لنفسه و انا ممسك عن ان سالوني عن امري فناظرتهم في ايّامي و ايّامهم و اثاري و اثارهم و اوضحت لهم ما لم يجهلوه من وجوه استحقاقي لها دونهم و ذكرّتهم عهد رسول اللّه اليهم و تاكيد ما اكدّه من البيعة لي في اعناقهم دعاهم حبّ الامارة و بسط الايدي و الالسن في الامر و النّهي و الرّكون الي الدّنيا و الاقتداء بالماضين قبلهم الي تناول ما لم يجعل اللّه لهم فاذا خلوت بالواحد ذكرّته ايّام اللّه و حضّرته ما هو قادم عليه و صاير اليه الشّمس منّي شرطا ان اصيّرها له بعدي فلمّا لم يجد و اعندي الاّ المحجّة البيضاء

ص: 869

و الحمل علي كتاب اللّه عزّ و جلّ و وصيّته الرّسول صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و اعطاء كلّ امريء منهم ما جعله اللّه له و منعه ما لم يجعل اللّه له ازالها عنّي الي ابن عفّان رجل لم يستويه و بواحد ممّن حضره حال قطّ فضلا عمّن دونهم لا يبدر الّتي هي سنام فخرهم و لا غيرها من المأثر الّتي اكرم اللّه بها رسوله و من اختصّه معه من اهل بيته ثمّ لم اعلم القوم امسوا من يومهم ذلك حتّي ظهرت ندامتهم و نكصوا علي اعقابهم و احال بعضهم علي بعض كلّ يلوم نفسه و يلوم اصحابه ثمّ لم تطل الايّام بالمستبدّ بالامر ابن عفّان حتّي اكفروه و تبرّءوا منه و مشي الي اصحابه خاصّة و ساير اصحاب رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم علي هذه يستقيلهم من بيعته و يتوب الي اللّه من فلتته فكانت هذه يا اخا اليهود اكبر من اختها و افظع و احري ان لا يصبر عليها فنالني منها الّذي لا يبلغ وصفه و لا يحدّ وقته و لم يكن عندي فيها الاّ الصّبر علي

ص: 870

ما امضّ و ابلغ منها و لقد اتاني الباقون من السّتّة من يومهم كلّ راجع عمّا كان ركب منّي يسألني خلع ابن عفّان و الوثوب عليه و اخذ حقّي و يؤتيني صفقته و بيعته علي الموت تحت رايتي او يردّ اللّه عزّ و جلّ حقّي عليّ فو اللّه يا اخا اليهود ما منعني منها الاّ الّذي منعني من اختيها قبلها و رايت الابقاء علي من بقي من الطّائفة ابهج لي و انس لقلبي من فنائها و علمت انّي ان حملتها علي دعوة الموت ركبته فامّا نفسي فقد علم من حضر ممّن تري و من غاب من اصحاب محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم انّ الموت عندي بمنزلة الشّربة الباردة في اليوم الشّديد الحرّ من ذي العطش الصّدي و لقد كنت عاهدت اللّه عزّ و جلّ و رسوله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم انا و عمّي حمزة و اخي جعفر و ابن عمّي عبيدة علي امر وفينا به للّه عزّ و جلّ و لرسوله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فتقدّمني اصحابي و تخلّفت بعدهم لما اراد اللّه عزّ و جلّ فانزل اللّه فينا من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا

ص: 871

اللّه عليه فمنهم من قضي نحبه و منهم من ينتظر و ما بدّلوا اتبديلا حمزة و جعفر و عبيدة و انا و اللّه المنتظر يا اخا اليهود و ما بدّلت تبديلا و ما سكتني عن ابن عفّان و حثنّي علي الامساك الاّ انّي عرفت من اخلاقه فيما اختبرت منه بما لن يدعه حتّي يستدعي الا باعد الي قتله و خعله فضلا عن الاقارب و انا في عزلة فصبرت حتّي كان ذلك لم انطق فيه بحرف من لا و نعم ثمّ اتاني القوم و ا نا علم الليه كاره لمعرفتي بما تطاعموا به من اعتقاله الاموال و المرج في الارض و علمهم بان تلك ليست لهم عندي و شديد عادة منتزعة فلمّا لم يجدوا عندي تعلّموا الاعاليل ثم التفت عليه السّلام الي اصحابه فقال أ ليس كذلك فقالوا بلي يا امير المؤمنين فقال عليه السّلام و امّا الخامسة يا اخا اليهود فانّ المتابعين لي لمّا لم يطعموا في تلك منّ و بثوا بالمرأة عليّ و انا وليّ امرها و الوصيّ عليها فحملوها علي الجمل و شدّوها علي الرّحال و اقبلوا بها تخبط الفيافي و تقطع البراي و تنيح عليها كلاب الحؤب

ص: 872

و تظهر لهم علامات النّدم في كلّ ساعة و عند كلّ حال في عصبته قد بايعوني ثانية بعد بيعتهم الاولي في حيوة النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم حتّي اتت اهل بلدة قصيرة ايديهم طويلة لحاهم قليلة عقولهم عازية اراءهم و جيران بدو و ورّاد بحر فاخرجتهم يخبطون بسيوفهم من غير علم و يرمون بسهامهم بغير فهم فوقفت من امرهم علي اثنتين كلتاهما في محلّة المكروه ممّن ان كففت لم يرجع و لم يعقل و ان اقمت كنت قد صرت الي الّتي كرهت فقدّمت الحجّة بالاعذار و الانذار و دعوت المرأة الي الرّجوع الي بيتها و القوم الّذين حملوها علي الوفاء ببيعتهم لي و التّرك لنقضهم عهد اللّه عزّ و جلّ فيّ و اعطيتهم من نفسي كذلك للّذي قدّرت عليه و ناظرت بعضهم فرجع و ذكرت فذكر ثمّ اقبلت علي النّاس بمثل ذلك فلم يزدادوا الاّ جهلا و تماديا و غيّا فلمّا ابوا الاّ هي ركبتها منهم و كانت عليهم الدّبرة و بهم الهزيمة

ص: 873

و لهم الحسرة و فيهم الفساد و القتل و حملت نفسي علي الّتي لم اجد منها بدّا و لم يسعني اذ فعلت ذلك و اظهرته اخرا مثل الّذي وسعني منه اوّلا من الاغضاء و الامساك و رايتني ان امسكت كنت معينا لهم عليّ بامساكي علي ما صاروا اليه و طمعوا فيه من تناول الاطراف و سفك الدّماء و قتل الرّعيّة و تحكيم النّساء النّواقص العقول و الحظوظ علي كلّ حال كعادة بني الاصفر و من مضي من ملوك سبا و الامم الخالية فاصير الي ما كرهت اوّلا اخرا و اهملت المرأة و جندها يفعلون ما وصفت بين الفريقين من النّاس و لم اهجم علي الامر الاّ بعد ما قدّمت و اخّرت و تانّيت و راجعت و ارسلت و سافرت و اعذرت و انذرت و اعطيت القوم كلّ شيء التمسوه بعد ان اعرضت عليهم كلّ شيء لم يلتمسوه فلمّا ابوا الاّ تلك اقدمت عليها فبلّغ اللّه بي ربّهم و ما اراد و كان لي عليهم بما كان منّي اليهم شهيدا ثمّ التفت الي اصحابه فقال أ ليس كذلك قالوا بلي يا امير المؤمنين فقال عليه السّلام

ص: 874

و امّا السّادسة يا اخا اليهود فتحكيمهم و محاربة ابن اكلة الاكباد و هو طليق ابن طليق معاند للّه عزّ و جلّ و لرسوله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و للمؤمنين منذ بعث اللّه محمّدا صلّي اللّه عليه و آله و سلّم الي ان فتح عليه مكّة عنوة فاخذت بيعته و بيعة ابيه لي معه في ذلك اليوم و في ثلاثة مواطن بعده و ابوه بالامس اوّل من سلّم عليّ بامرة المؤمنين و جعل يحثّني علي النّهوض في اخذ حقّي من الماضين قبلي و يجدّد لي بيعته كلّما اتاني و اعجب العجب انّه لمّا رأي ربّي تبارك و تعالي قد ردّ اليّ حقّي و اقرّه في معدنه و انقطع طمعه ان يصير في دين اللّه رابعا و في امانة حملناها حاكما كرّ عليّ العاصي ابن العاص فاستماله فمال اليه ثمّ اقبل به بعد اذ اطمعه مصر و حرام عليه ان يأخذ من الفيء دون قسمه درهما و حرام علي الرّاعي ايصال درهم اليه فوق حقّه فاقبل يخبط البلاد بالظّلم و يطأها بالغشم فمن بايعه ارضاه و من خالفه ناواه ثمّ توجّه اليّ ناكثا علينا

ص: 875

مغيّرا في البلاد شرقا و غربا و يمينا و شمالا و الانباء تاتيني و الاخبار نزد عليّ بذلك فاتاني اعور ثقيف فاشار عليّ ان اولّيه البلاد الّتي هو بها لاداريه بما اولّيه منها في الّذي اشار به الرّأي في امر الدّنيا لو وجدت عند اللّه عزّ و جلّ في توليته لي مخرجا و اصبت لنفسي في ذلك عذرا فاعملت الرّأي في ذلك و شاورت من اثق بنصيحته للّه عزّ و جلّ و لرسوله و لي و للمؤمنين فكان رايه في ابن اكلة الاكباد كرايي ينهاني عن توليته و يحذّرني ان ادخل في امر المسلمين يده و لم يكن اللّه ليراني اتّخذ المضلّين عضدا فوجّهت اليه اخا بجيلة مرّة و اخا الاشعريّين مرّة كلاهما ركن الي الدّنيا و تابع هواه فيما ارضاه فلمّا لم اره يزداد فيما انتهك من محارم اللّه الاّ تماديا شاورت من معي من اصحاب محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم البدريّين و الّذين ارتضي اللّه عزّ و جلّ امرهم و رضي عنهم بعد بيعتهم و غيرهم من صلحاء المؤمنين المسلمين و التّابعين فكلّ

ص: 876

يوافق رأيه رأيي في غزوه و محاربته و منعه ممّا نالت يده و انّي نهضت اليه باصحابي انفذ اليه من كلّ موضع كتبي و اوجّه اليه رسلي ادعوه الي الرّجوع عمّا هو فيه و الدّخول فيما فيه النّاس معي فكتب يتحكّم عليّ يتمنّي عليّ الامانيّ و يشترط عليّ شروطا لا يرضاها اللّه عزّ و جلّ و رسوله و لا المسلمون و يشترط في بعضها ان ادفع اليه اقواما من اصحاب محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ابرارا فيهم عمّار بن ياسر و اين مثل عمّار و اللّه لقد رأيتنا مع النّبي و ما تقدّمنا خمسة الاّ كان سادسهم و لا أربعة الاّ كان خامسهم اشترط دفعهم اليه ليقتلهم و يصلبهم و انتحل دم عثمان و لعمر اللّه ما البّ علي عثمان و لا جمع النّاس علي قتله الاّ هو و اشباهه من اهل بيته اغصان الشّجرة الملعونة في القرءان فلمّا لم اجب الي ما اشترط من ذلك كرّ مستعليا في نفسه بطغيانه و بغيه بحمير لا عقول لهم و لا بصائر فموّه لهم امرا فاتّبعوه و

ص: 877

اعطاهم من الدّنيا ما امالهم به اليه فناجزناهم و حاكمناهم الي اللّه عزّ و جلّ بعد الاعذار و الانذار فلمّا لم يزده ذلك الاّ تماديا و بغيا لقيناه بعادة اللّه الّتي عوّدنا من النّصر علي اعدائه و عدوّنا و راية رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بايدينا لم يزل اللّه تبارك و تعالي يغلّ حزب الشّيطان بها حتّي يقضي الموت عليه و هو معلم رايات ابيه الّتي لم يزل اقاتلها مع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في كلّ المواطن فلم يجد من الموت منجا الاّ الهرب فركب فرسه و قلّب رايته لا يدري كيف يحتال فاستعان برأي ابن العاص فاشار اليه باظهار المصاحف و رفعها علي الاعلام و الدّعاء الي ما فيها و قال انّ ابن ابي طالب و حزبه اهل بصاير و رحمة و بقيا و قد دعوك الي كتاب اللّه اوّلا و هم مجيبوك اليه اخرا فاطاعه فيما اشار به عليه اذ رأي انّه لا منجاله من القتل او الهرب غيره فرفع المصاحف يدعو الي ما فيها بزعمه فمالت الي المصاحف

ص: 878

قلوب من بقي من اصحابي بعد فناء خيارهم و جهدهم في جهاد اعداء اللّه و اعدائهم علي بصائرهم فظنّوا انّ ابن اكلة الاكباد له الوفاء بما دعا اليه فاصغوا الي دعوته و اقبلوا باجمعهم في اجابته فاعلمتهم انّ ذلك منه مكر و من ابن العاص معه و انّهما الي النّكث اقرب منهما الي الوفاء فلم يقبلوا قولي و لم يطيعوا امري و ابوا الاّ اجابته كرهت ام هويت شئت او ابيت حتّي اخذ بعضهم يقول لبعض ان لم يفعل فالحقوه بابن عفّان و ادفعوه الي ابن هند برمّته فجهدت علم اللّه جهدي و لم ادع علّة في نفسي الاّ بلّغتها في ان يخلوني و رائي فلم يفعلوا و راودتهم علي الصّبر علي مقدار فواق النّاقة او ركضة الفرس فلم يجيبوها خلا هذا الشّيخ و اومي بيده الي الاشتر و عصبته من اهل بيتي فو اللّه ما منعني ان امضي علي بصيرتي الاّ مخافة ان يقتل هذان و اومي بيده الي الحسن و الحسين عليهما السّلام فينقطع نسل رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و ذرّيّته من امّته و مخافة

ص: 879

ان يقتل هذا و هذا و اومي بيده الي عبد اللّه بن جعفر و محمد بن الحنفية رضي اللّه عنهما فانّي اعلم لو لا مكاني لم يقفا ذلك الموقف فلذلك صبرت علي ما اراد القوم مع ما سبق فيه من علم اللّه عزّ و جلّ فلمّا رفعنا عن القوم سيوفنا تحكمّوا في الامور و تخيّر و الاحكام و الاراء و تركوا المصاحف و ما دعوا اليه من حكم القرءان و ما احكّم في دين اللّه احدا اذ كان التّحكيم في ذلك الخطاء الّذي لا شكّ فيه و لا امتراء فلمّا ابوا الاّ ذلك اردت ان احكّم رجلا من اهل بيتي او رجلا ممّن ارضي رأيه و عقله واثق بنصيحته و مودّته و دينه و اقبلت لا اسمّي احدا الاّ امتنع منه ابن هند و لا ادعوه الي شيء من الحقّ الاّ ادبر عنه و اقبل ابن هند يسومنا عسفا و ما ذاك الاّ باتّباع اصحابي له علي ذلك فلمّا ابوا الاّ غلبني علي التّحكيم تبرّءت الي اللّه عزّ و جلّ منهم و فوّضت ذلك اليهم فقلّدوه امرء فخدعه ابن العاص خديعة ظهرت في شرق الارض و غربها و اظهر المخدوع عليها ندما ثمّ اقبل عليه السّلام علي اصحابه فقال ا ليس كذلك

ص: 880

قالوا بلي يا امير المؤمنين فقال عليه السّلام و امّا السّابعة يا اخا اليهود فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم كان عهد اليّ ان اقاتل في اخر الزّمان من ايّامي قوما من اصحابي يصومون النّهار و يقومون اللّيل و يتلون الكتاب يمرقون بخلافهم عليّ و محاربتهم ايّاي من الدّين مروق السّهم من الرّمية فيهم ذو الثّدية يختم لي بقتلهم بالسّعادة فلمّا انصرفت الي موضعي هذا يعني بعد الحكمين اقبل بعض القوم علي بعض بالائمّة فيما صاروا اليه من تحكيم الحكمين فلم يجدوا لانفسهم من ذلك مخرجا الاّ ان قالوا كان ينبغي لاميرنا ان لا يبايع من اخطأ و ان يقضي بحقيقة رايه علي قتل نفسه و قتل من خالفه منّا فقد كفر بمتابعته ايّانا و طاعته لنا في الخطاء و احلّ لنا بذلك قتله و سفك دمه فتجمّعوا علي ذلك و خرجوا راكبين رءوسهم ينادون باعلي اصواتهم لا حكم الاّ للّه ثمّ تفرّقوا فرقة بالنّخيلة و اخري بحروراء و اخري راكبة راسها تخبط الارض شرقا حتّي عبرت دجلة

ص: 881

فلم تمرّ بمسلم الاّ امتحنته فمن تابعها استحيته و من خالفها قتلته فخرجت الي الاوّلين واحدة بعد اخري ادعوهم الي طاعة اللّه عزّ و جلّ و الرّجوع اليه فابيا الاّ السّيف لا يقنعهما غير ذلك فلمّا اعيت الحيلة فيهما حاكمتهما الي اللّه عزّ و جلّ فقتل اللّه هذه و هذه و كانوا يا اخا اليهود لو لا ما فعلوا لكانوا ركنا قويّا و سدّا منيعا فابي اللّه الاّ ما صاروا اليه ثمّ كتبت الي الفرقة الثّالثة و وجّهت رسلي تتري و كانوا من جلّة اصحابي و اهل التّعبّد منهم و الزّهد في الدّنيا و سدّا منيعا فابي اللّه الاّ ما صاروا اليه فابت الاّ اتّباع اختيها و الاحتذاء علي مثالهما و شرعت في قتل من خالفها من المسلمين و تتابعت الاخبار بفعلهم فخرجت حتّي قطعت اليهم دجلة اوجّه السّفراء و النّصحآء و اطلب العتبي بجهدي بهذا مرّة و بهذا مرّة و اومي بيده الي الاشتر و الاحنف بن قيس و سعيد بن قيس الازجي و الاشعث بن قيس الكندي فلمّا ابوا الاّ تلك ركبتها منهم فقتلهم اللّه يا اخا اليهود عن اخرهم و هم أربعة الاف او يزيدون حتّي لم يفلت منهم

ص: 882

منهم مخبر فاستخرجت ذا الثدية من قتلاهم بحضرة من تري له ثدي كثدي المرأة ثم التفت عليه السّلام الي اصحابه فقال أ ليس كذلك قالوا بلي يا امير المؤمنين فقال عليه السّلام قد وفيت سبعا و سبعا يا اخا اليهود و بقيت الاخري و اوشك بها فكان قد تبكي اصحاب عليّ عليه السّلام و بكي رأس اليهود و قالوا يا امير المؤمنين اخبرنا بالاخري فقال عليه السّلام الاخري ان تخضب هذه و اومي بيده الي لحيته من هذه و اومي الي هامته قال و ارتفعت اصوات النّاس في المسجد الجامع بالضجّة و البكاء حتّي لم يبق بالكوفة دار الاّ خرج اهلها فزعا و اسلم رأس اليهود علي يدي عليّ عليه السّلام من ساعته و لم يزل مقيما حتّي قتل امير المؤمنين عليه السّلام و اخذ ابن ملجم لعنه اللّه فاقبل رأس اليهود حتّي وقف علي الحسن عليه السّلام و النّاس حوله و ابن ملجم لعنه اللّه بين يديه فقال له يا ابا محمّد اقتله قتله اللّه فانّي رأيت في الكتب الّتي انزلت علي موسي عليه السّلام ان هذا اعظم عند اللّه عزّ و جلّ حرما من ابن ادم قاتل اخيه و من القدار عاقر ناقة ثمود

247 و من كلامه عليه السّلام

قال المجلسي ره في التاسع من البحار في باب الاخوّة ص 34 اقول روي ابن شيرويه في الفردوس و من كتاب الاربعين عن محمد بن زياد عن يحيي بن العلاء الرّازي عن جعفر بن محمد بن الصّادق عن ابيه عليهما السّلام عن ابن عبّاس قال نظر عليّ عليه السّلام في وجوه النّاس فقال انّي اخور رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و وزيره و لقد علمتم انّي اوّلكم ايمانا باللّه تعالي و برسوله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ثمّ دخلتم بعدي في الاسلام

ص: 883

و انا ابن عمّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و اخوه و شريكه في نسبه و ابو ولديه و زوج ابنته سيّدة نساء اهل الجنّة و لقد عرفتم انّا ما خرجنا مع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم مخرجا الاّ رجعنا و انا احبّكم اليه و اوثقكم في نفسه و اشدّ نكاية في العدوّ و اثر و لقد رايتم بعثه ايّاي مرّات و وقفته يوم غدير خمّ و قيامي معه و رفعه بيديّ و لقد اخي بين المسلمين فما اختار لنفسه احدا غيري و لقد قال لي انت منّي و انا اخوك في الدّنيا و الاخرة و لقد اخرج النّاس و تركني و لقد قال لي انت منّي بمنزلة هرون من موسي الاّ انّه لا نبيّ بعدي

248 و من كلامه عليه السّلام

التاسع من البحار ص 649 في باب كيفية شهادته عن جامع الاخبار و عن امالي المفيد عن عمر بن محمّد بن علي الصّيرفي عن محمد بن همام الاسكافي عن جعفر بن محمد بن مالك عن احمد بن سلامة الغنوي عن محمد بن الحسن العامري عن معمّر عن ابي بكر بن عيّاش عن الفجيع العقيلي قال حدّثني الحسن بن علي بن ابي طالب عليهما السّلام قال لمّا حضرت والدي الوفاة اقبل يوصي فقال عليه السّلام هذا ما اوصي به عليّ بن ابي طالب اخو محمّد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و ابن عمّه و صاحبه اوّل وصيّتي انّي اشهد ان لا اله الاّ اللّه و انّ

ص: 884

محمّدا رسوله و خيرته و اختاره بعلمه و ارتضاه لخيرته و انّ اللّه باعث من في القبور وسائل النّاس عن اعمالهم عالم بما في الصّدور ثمّ انّي اوصيك يا حسن و كفي بك وصيّا بما اوصاني به رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فاذا كان ذلك يا بنيّ الزم بيتك و ابك علي خطيئتك و لا تكن الدّنيا اكبر همّك و اوصيك يا بنيّ بالصّلوة و الزّكوة في اهلها عند محلّها و الصّمت عند الشّبهة و الاقتصار و العدل في الرّضا و الغضب و حسن الجوار و اكرام الضّيف و رحمة المجهود و اصحاب البلاء و صلة الرّحم و حبّ المساكين و مجالستهم و التّواضع فانّه من افضل العبادة و قصر الامل و اذكر الموت و ازهد في الدّنيا فانّك رهين موت و غرض بلاء و طريح سقم و اوصيك بخشية اللّه في سرّ امرك و علانيتك و انهاك عن التسبّر بالقول و الفعل و اذا عرض شيء من امر الاخرة فابدأ به و اذا عرض شيء من امر الدّنيا فتانّه حتّي تصيب رشدك فيه و ايّاك و مواطن التّهمة و المجلس المظنون به

ص: 885

السّوء فانّ قرين السّوء يغرّ جليسه و كن للّه يا بنيّ عاملا و عن الخناز جورا و بالمعروف امرا و عن المنكر ناهيا و واخ الاخوان في اللّه و احبّ الصّالح لصلاحه و دار الفاسق عن دينك و ابغضه بقلبك و زايله باعمالك لئلاّ تكون مثله و ايّاك و الجلوس في الطّرقات و دع المماراة و مجازات من لا عقل له و لا علم و اقتصد يا بنيّ في معيشتك و اقتصد في عبادتك و عليك فيها بالامر الدّائم الّذي تطيقه و الزم الصّمت تسلم و قدّم لنفسك تغنم و تعلّم الخير تعلم و كن للّه ذاكرا علي كلّ حال و ارحم من اهلك الصّغير و وقرّ منهم الكبير و لا تاكلنّ طعاما حتّي تصدّق منه قبل اكله و عليك بالصّوم فانّه زكاة البدن و جنّة لاهله و جاهد نفسك و احذر جليسك و اجتنب عدوّك و عليك بمجالس الذّكر و اكثر من الدّعاء فانّي لم الك يا بنيّ نصحا و هذا فراق بيني و بينك و اوصيك باخيك محمّدا خيرا فانّه شقيقك و ابن ابيك و قد تعلم حبّي له و امّا اخوك الحسين فهو ابن امّك و لا اريد الوصاة بذلك و اللّه الخليفة

ص: 886

عليكم و ايّاه اسأل ان يصلحكم و ان يكفّ الطّغاة البغاة عنكم و الصّبر الصّبر حتّي ينزّل اللّه الامر و لا قوّة الاّ باللّه العليّ العظيم

249 و من كلامه عليه السّلام

تاسع البحار ص 650 في باب كيفية شهادته عليه السّلام عن الكافي الحسين بن الحسن الحسنيّ رفعه و محمد بن الحسن عن ابراهيم بن اسحق الاحمريّ رفعه قال لما ضرب امير المؤمنين عليه السّلام حفّ به القوّاد و قيل له يا امير المؤمنين اوص فقال عليه السّلام اثنو الي و سادة ثم قال الحمد للّه حقّ قدره متّبعين امره احمده كما احبّ و لا آله الاّ اللّه الواحد الاحد الصّمد كما انتسب ايّها النّاس كلّ امرء لاق في فراره ما منه يفرّو الاجل مساق النّفس اليه و الهرب منه موافاته كم اطردت الايّام ابحثها عن مكنون هذا الامر فابي اللّه عن ذكره الاّ اخفاؤه هيهات علم مكنون امّا وصيّتي فان لا تشركوا باللّه جلّ ثناءه شيئا و محمّدا صلّي اللّه عليه و آله فلا تضيّعوا سنّته اقيموا هذين العمودين و اوقدوا هذين المصباحين و خلاكم ذمّ ما لم تشردوا حمل كلّ امرء منكم مجهوده و خفّف عن الجهلة ربّ رحيم و امام عليم و دين قويم انا بالامس صاحبكم و غدا مفارقكم و اليوم عبرة لكم ان

ص: 887

ان تبثت الوطأة في هذه المذلّة فذاك المراد و ان تدحض القدم فانّا كنّا في افياء اغصان و ذري رياح و تحت ظلّ غمامة اضمحلّ في الجوّ متلفّقها و عفا في الارض مخطّها و انّما كنت جارا جاوركم بدني ايّاما و ستعقّبون منّي جثّة خلاء ساكنة بعد حركة و كاظمة بعد نطق ليعظكم هدؤي و خفوت اطراقي و سكون اطرافي فانّه اوعظ لكم من النّاطق البليغ ودّعتكم وداع مرصد للتّلاقي غدا ترون ايّاي و يكشف اللّه عزّ و جلّ عن سرايري و تعرفوني بعد خلوّ مكاني و قيام غير مقامي ان ابق فانا وليّ دمي و ان افن فالفناء ميعادي و ان اعف فالعفو لي قربة و لكم حسنة فاعفوا و اصفحوا الا تحبّوا ان يغفر اللّه لكم فيا لها حسرة علي كلّ ذي غفلة ان يكون عمره عليه حجّة او يؤدّيه ايّامه الي شقوة جعلنا اللّه و ايّاكم ممّن لا يقصر به عن طاعة اللّه رغبة او يحمل عليه بعد الموت نقمة فانّما نحن له و به ثم اقبل علي الحسن عليه السّلام و قال يا بنيّ ضربة مكان ضربة و لا تاثم

ص: 888

قال المجلسي ره بيان قوله اثنو الي و سادة يقال ثني الشيء كسمع ردّ بعضه علي بعض و يثنها امّا للجلوس عليها ليرتفع و يظهر للسامعين او الاتكاء عليها لعدم قدرته علي الجلوس قوله حق قدره اي حمدا يكون حسب قدره كما هو اهله قوله متبعين حال عن فاعل الحمد لانه في قوة بحمد اللّه قوله كما انتسب اي كما نسب نفسه في سورة التوحيد قوله كل امرء لاق في قراره اي من الامور المقدّرة الحتميّة كالموت قال اللّه تعالي قل انّ الموت الّذي تفرّون منه فانّه ملاقيكم و انّما قال عليه السّلام في فراره لانّ كل احد يفرّ دائما من الموت و ان كان تبعّدا و الملاق مصدر ميميّ و ليست في نهج البلاغة كلمة اليه فيحتمل ان يكون المراد بالاجل منتهي العمر و المساق ما يساق اليه و ان يكون المراد به المدّة فالمساق زمان السّوق و قوله عليه السّلام و الهرب منه موافاته من حمل اللازم علي الملزوم فان الانسان ما دام يهرب من موته بحركات و تصرّفات يفني عمره فيها فكان الهرب منه موافاته و المعني انه اذا قدر زوال عمرا و دولة فكلّ ما يدبّره الانسان ما دام يهرب من موته بحركات و تصرفات لرفع ما يهرب منه يصير سببا لحصوله اذا تاثير الادوية و الاسباب باذنه تعالي مع انه عند حلول الاجل يصير احذق الاطبّاء اجهلهم و يغفل عمّا ينفع المريض و هكذا في سائر الامور و قال الفيروزآبادي الطرد الابعاد و ضم الابل من نواحيها و طردتهم اتيتهم و خر؟؟تهم و اطرده امر بطرده او باخراجه عن البلد و اطرد الامر تبع بعضه بعضا و جري انتهي و يحتمل ان يكون الاطراد بمعني الطرد و الجمع او الامر به مجاز او يمكن ان يقرأ اطردت علي صيغة الغائب بتشديد الطاء فالايام فاعله قال اكثر شرّاح النهج كانّه عليه السّلام جعل الايّام اشخاصا يأمر باخراجهم و ابعادهم عنه اي ما زلت ابحث عن كيفية قتلي و اي وقت يكون بعينه و في اي ارض يكون يوما يوما فاذا لم اجده في يوم طردته و استقبلت يوما اخر و هكذا حتّي وقع المقدر قالوا و هذا الكلام يدل علي انّه عليه السّلام لم يكن يعرف حال قتله مفصّلة من جميع الوجوه و ان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم اعلمه بذلك مجملا و مكنون هذا الامر اي المستور من خصوصيات هذا الامر و المستور هو هذا الامر فالمشار اليه شيء متعلق بوفاته و هيهات اي بعد الاطلاع عليه فانه علم مكنون مخزون و من خواص المخزون ستره و المنع من ان يناله احد و الاظهر عندي ان المراد اني جمعت مرار حوادث الايام و غرائبها التي وقعت علي في ذهني و بحثت عن السرّ الخفيّ في خفاء الحقّ و ظهور الباطل و غلبة اهله و قيل اي السرّ في قتله عليه السّلام فظهر لي فابي اللّه الا اخفائه عنكم لضعف عقولكم عن فهمه اذ هي من غوامض مسائل القضاء و القدر قوله و محمّد اعطف علي ان لا تشركوا و يمكن ان يقدّر فيه فعل اي اذكركم محمّدا او هو نصب علي الاغراء و في بعض النسخ بالرفع و في

ص: 889

النّهج و امّا وصيتي فاللّه لا تشركوا به شيئا و محمّدا فلا تضيّعوا سنته و العمودان التوحيد و النبوّة و اقامتهما كناية عن احقاق حقوقهما و قيل المراد بهما الحسنان و قيل هما المراد بالمصباحين و يقال حلاك ذمّ اي اعذرت و سقط عنك الذّم قوله عليه السّلام ما لم تشردوا اي تتفرقوا في الدين قوله عليه السّلام حمّل علي التفعيل مجهولا او معلوما و خفّف ايضا امّا علي بناء المعلوم او المجهول فيقدر مبتداء لقوله ربّ رحيم اي ربّكم او خبر اي لكم و علي الاول في اسناد الحمل و التخفيف الي الدين و الامام تجوّز و المراد امام كل زمان و ثبوت الوطاة كناية عن البرء من المرض و الذّري اسم لما ذرته الرياح شبه ما فيه الانسان في الدّنيا من الامتعة بما ذرته الرّياح في عدم الثبات و قلة الانتفاع بها و قيل المراد محال ذرؤها كما ان في النهج مهبّ رياح قوله متلفّقها بكسر الفاء اي ما انضم و اجتمع من متفرقات الغمام و مخطّها ما يحدث في الارض من الخطّ الفاصل بين الظّل و النور و في بعض النّسخ بالحاء المهملة اي محطّ ظلّها فاعله و الحاصل انّي ان متّ فلا عجب فاني كنت في امور فانية شبيهة بتلك الامور او لا ابالي فان كنت في الدّنيا غير متعلق بها كمن كان في تلك الامور و كنت دائما مترصّدا للانتقال و قيل استعار الاغصان لعناصر الاربعة و الافياء لتركبّها المعرض للزوال و الرياح للارواح و زراها للابدان الفائزة هي عليها بالجود الالهي و الغمامة للاسباب القويّة من الحركات السّماويّة و التاثيرات الفلكية و الارزاق المفاضة علي الانسان في هذا العالم و كني باضمحلال متلفقها عن تفرق تلك الاسباب و زوالها و بعفاء مخطّها في الارض عن فناء اثارها في الابدان جاوركم بدني انما خصّ المجاورة بالبدن لانها من خواص الاجسام او لان روحه صلوات اللّه عليه كانت معلقة بالملأ الاعلي و هو بعد في هذه الدنيا كما قال عليه السّلام في وصف اخوانه كانوا في الدنيا بابدان ارواحها معلقة بالملاء الاعلي و ستعقبون علي بناء المفعول من الاعقاب و هو اعطاء شيء و جثّة الانسان بالضم شخصه و جسده خلاء اي خالية من الرّوح و الخواص و في القاموس كظم غيظه ردّه و حبسه و الباب اغلقه و كظم كعني كظوما سكت و قوم كظّم كركّع ساكتون و في النهج و صامتة بعد نطوق ليعظكم بكسر اللام و النصب كما هو المضبوط في النهج و يحتمل الجزم لكونه امرا و فتح اللام و الرّفع ايضا و الهدؤ بالهمزة و قد يخفف و يشدّد السّكون و خفت الصوت خفوتا سكن و لهذا قيل للميّت خفت اذا انقطع كلامه و سكت و اطراقي امّا بكسر الهمزة

ص: 890

كما هو المضبوط في النهج من اطراق اطراقا اي ارخي عينيه الي الارض كناية عن عدم تحريك الاجفان او بفتحها جمع طرق بالكسر بمعني القوّة او جمع طرق بالفتح و هو الضّرب بالطّرقة و الاطراق بالتّحريك هي الاعضاء كالبدن و الرجلين و وداع بالفتح اسم من قولهم و دّعته توديعا و امّا بالكسر فهو الاسم من قولك اودعته موادعة اي صالحته و تقول رصدته اذا قعدت له علي طريقه تترقّبه و ارصدت له العقوبة اي اعددتها له و مرصد في بعض النهج بالفتح فالفاعل هو اللّه تعالي او نفسه عليه السّلام كانّه اعدّ نفسه بالتوطين للتلاقي و في بعضها بالكسر فالمفعول نفسه او ما ينبغي اعداده و هيئه و يوم التلاقي يوم القيمة و يحتمل شموله للرّجعة ايضا و قوله غدا ظرف الافعال الاتية و يحتمل تلك الفقرات وجوها من التاويل الاوّل ان يكون المعني ابعد ان افارقكم يتولّي بنو اميّة و غيرهم امركم ترون و تعرفون فضل ايام خلافتي و اني كنت علي الحقّ و يكشف اللّه لكم عن سرائري اي اني ما اردت في حروبي و سائر ما امرتكم به الاّ اللّه تعالي او ينكشف بعض حسناتي المرويّة اليكم و كنت استرها عنكم و عن غيركم و تعرفون عدلي و قدري بعد قيام غيري مقامي بالخلافة الثاني ان يكون المراد بقوله غدا ايّام الرجعة و القيامة فان فيهما تظهر شوكته و رفعته و نفاذ حكمه في عالم الملك و الملكوت فهو عليه السّلام في الرّجعة ولّي الانتقام من المنافقين و الكفّار و ممكّن المتقين و الاخيار في الاصقاع و الاقطار و في القيمة الي الحسنات و قسيم الجنّة و النّار فالمراد بخلوّ مكانه خلوّ قبره عن جسده بحسب ما يظنه النّاس في الرّجعة و نزوله عن منبر الوسيلة و قيامه علي شفير جهنّم يقول للنّار خذي هذا و اتركي هذا في القيمة ثمّ اعلم ان في الكثر نسخ الكافي و قيامي غير مقامي و هو انسب بهذا المعني و علي الاوّل يحتاج الي تكلّف كان يكون المراد بالغير القائم عليه السّلام فانّه امام زمان في الرّجعة و قيام الرّسول صلّي اللّه عليه و آله مقامه للمخاصمة في القيامة كذا خطر بالبال و ان ذكر مجملا منه بعض المعاصرين في مؤلفاتهم الثالث ما خطر بالبال ايضا و هو الجمع بين المعنيين بان يكون ترون ايّامي و يكشف اللّه عن سرائري في الرّجعة و القيمة لا تضاله بقوله وداع مرصد للتلاقي و قوله و تعرفوني الي اخره اشارة الي المعني الاوّل غير متعلّقة بالفقرتين اوّلين و هو اسدّ و افيد و اظهر لا سيّما علي النسخة الاخيرة ان ابق الشّر فيّ لا تنافي العلم بعدم وقوع المقدم و في تنزيل العالم منزلة الشاك نوع من المصلحة و في بعض النسخ العقولي قربة و يحتمل ان يكون استحلالا من القوم علي سبيل التّواضع كما هو الشّايع عند الموادعة و في اكثر

ص: 891

النسخ و ان اعف فالعفو لي قربة اي ان اعف عن قاتلي فقوله عليه السّلام و لكم حسنة اي فيما يجوز العفو فيه لا في تلك الواقعة او عفوي عن قاتلي لكم حسنة اصبركم علي ما يشق عليكم في ذلك فيا لها حسرة النداء للتعجّب المنادي محذوف و ضمير لها مبهم و حسرة تمييز للضمير المبهم نحو ربّه رجلا ان يكون اي لا يكون او خبر مبتداء محذوف و الشقوه بالكسر سوء العاقبة قوله ممن لا يقصر به الباء للتعدية و رغبة فاعل لا تقصر و ضمير به راجع الي الموصول اي لا يجعله رغبة من رغبات النفس قاصرا عن طاعة اللّه و ضمير آله و به راجعان الي الموت اقول و قد نقل السيّد الرضي رضي اللّه عنه هذا الكلام في النهج محذوفة الصّدر و العجز رايت نقله في كتابي هذا بتمامه تذكرة للمتذكّر و تبصرة للمستبصر و رواه ايضا غيره في غيره كما نقلته

250 و من كلامه عليه السّلام

بعد ان تكاتب الاعاجم من اهل همدان و اهل الري و اصفهان و قومس و نهاوند و ارسل بعضهم الي بعض ان ملك العرب الذي جاءهم بدينهم و اخرج كتابهم قد هلك يعنون النبي صلّي اللّه عليه و آله و ان ملكهم من بعده رجل ملكا يسيرا ثم هلك يعنون ابا بكر و قام من بعده اخر قد طال عمره حتّي تناولكم في بلادكم و اغزاكم جنوده يعنون عمر بن الخطاب و انه غير منته عنكم حتي تخرجوا من في بلادكم من جنوده و تخرجوا اليه فتغزوه في بلاده فتعاقدوا علي هذا و تعاهدوا عليه فلما انتهي الخبر اليه فزع لذلك فزعا شديدا ثمّ اتي مسجد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله فصعد المنبر فحمد اللّه و اثني عليه ثم استشار من اصحابه و قال تكلّموا و لقد نقل المفيد في الارشاد في فصل قضايا امير المؤمنين عليه السّلام هذه القضيّة ص 100 الي ان قال فقال امير المؤمنين عليه السّلام الحمد للّه حتي اتم التحميد و الثناء علي اللّه و الصّلوة علي رسوله صلّي اللّه عليه و آله ثم قال امّا بعد فانّك ان اشخصت اهل الشّام من شامهم سارت الرّوم الي ذراريهم و ان اشخصت من هذين الحرمين انتقضت عليك العرب من اطرافها و اكنافها حتّي يكون ما تدع

ص: 892

وراء ظهرك من عيالات العرب اهمّ اليك ممّا بين يديك فاما ذكرك كثرة العجم و رهبتك من جموعهم فانّا لم نكن نقاتل علي عهد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله بالكثرة و انّما كنّا نقاتل بالنّضر و امّا ما بلغك من اجتماعهم علي المسير الي المسلمين فانّ اللّه لمسيرهم اكره منك لذلك و هو اولي بتغيير ما يكره و انّ الاعاجم اذا نظروا اليك قالوا هذا رجل العرب فان قطعتموه فقد قطعتم العرب و كان اشدّ لكلبهم و كنت قد البّتهم علي نفسك و امدّهم من لم يكن يمدّهم و لكنّي اري ان تقرّ هؤلاء في امصارهم و تكتب الي اهل البصرة فليتقرّقوا علي ثلاث فرق فلتقم فرقة منهم علي ذراريهم حرسا لهم و لتقم فرقة علي اهل عهدهم لئلاّ ينقضوا و لتسر فرقة منهم الي اخوانهم مددا لهم فقال عمر اجل هذا الرأي و قد كنت احبّ ان اتابع عليه و جعل يكرر قول امير المؤمنين عليه السّلام و ينسقه اعجابا به و اختيارا له-قال الشيخ المفيد رضي اللّه عنه فانظروا ايدّكم اللّه الي هذا الموقف الذي ينبيء بفضل الرّأي اذ تنازعه اولو الالباب و العلم و تامّلوا التوفيق الذي قرن اللّه به امير المؤمنين عليه السّلام في الاحوال كلّها و فزع القوم اليه في المعضل من الامور

ص: 893

و اضيفوا ذلك الي ما اثبتناه عنه من القضاء في الدين الذي اعجز متقدّمي القوم حتّي اضطرّوا في علمه اليه تجدوه من باب المعجز الذي قدّمناه و اللّه وليّ التوفيق

251 و من كلامه عليه السّلام

في كتاب الخصال للصدّوق ره المطبوع في مطبعة الشريفي سنة 1374 الهجرية القمريّة ص 132 قال حدّثنا احمد بن الحسن القطّان و محمد بن احمد السّناني و علي بن احمد بن موسي الدقاق و الحسين بن ابراهيم بن احمد بن هشام المكتب و علي بن عبد اللّه بن الورّاق رضي اللّه عنه قالوا حدثنا ابو العبّاس احمد بن يحيي بن زكريّا القطّان قال حدثنا بكر بن عبد اللّه بن حبيب قال حدثنا تميم بن بهلول قال حدّثنا سليمان بن حكيم عن ثور بن يزيد عن مكحول قال قال امير المؤمنين عليه السّلام لقد علم المستحفظون من اصحاب النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم محمّد انّه ليس فيهم رجل له منقبة الاّ و قد شركت فيها و فضّلته ولي سبعون منقبة لم يشركني فيها احد منهم قلت يا امير المؤمنين فاخبرني بهنّ فقال عليه السّلام انّ اوّل منقبة لي انّي لم اشرك باللّه طرفة عين و لم اعبد اللاّت و العزّي و الثّانية انّي لم اشرب الخمر قطّ و الثّالثة انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم استوهبني من ابي في صباي فكنت اكيله و شريبه و مونسه و محدّثه و الرّابعة انّي اوّل النّاس ايمانا و اسلاما و الخامسة انّ رسول اللّه صلّي اللّه

ص: 894

عليه و آله و سلّم قال لي يا عليّ انت منّي بمنزلة هرون من موسي الاّ لا نبيّ بعدي و السّادسة انّي كنت اخر النّاس عهدا برسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و دلّيته في حفرته و السّابعة انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم انا مني علي فراشه حيث ذهب الي الغار و سجّاني ببرده فلمّا جاء المشركون ظنّوني محمّدا فايقظوني و قالوا ما فعل صاحبك فقلت ذهب الي حاجته فقالوا لو كان هرب فهرب هذا معه و امّا الثّامنة فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم علّمني الف باب من العلم يفتح كلّ باب الف باب و لم يعلّم ذلك احدا غيري و امّا التّاسعة فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال لي يا عليّ اذا حشر اللّه عزّ و جلّ الاوّلين و الاخرين نصب لي منبرا فوق منبر النّبيّين و نصب لك منبرا فوق منابر الوصيّين فترتقي عليه و امّا العاشرة فانّي سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم سمعت رسول يقول لا اعطي يوم القيمة شيئا الاّ سئلت لك مثله

ص: 895

و امّا الحادية عشر فانّي سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول يا عليّ انت اخي و انا اخوك يدك في يدي حتّي تدخل الجنّة و امّا الثّانية عشر فانّي سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول يا عليّ مثلك في امّتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجي و من تخلّف عنها غرق و امّا الثّالثة عشر فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عمّمني بعمامة نفسه بيده و دعا لي بدعوات النّصر علي اعداء اللّه فهزمتهم باذن اللّه عزّ و جلّ و امّا الرّابعة عشر فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم امرني ان امسح يدي علي ضرع شاة قد يبس ضرعها فقلت يا رسول اللّه بل امسح انت فقال يا عليّ فعلك فعلي فمسحت عليها يدي فدرّ عليّ من لبنها فسقيت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم شربة ثمّ اتت عجوز فشكت الظّماء فسقيتها فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم انّي سئلت اللّه عزّ و جلّ ان يبارك في يدك

ص: 896

ففعل و امّا الخامسة عشر فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم اوصي اليّ و قال يا عليّ لا يلي غسلي غيرك و لا يواري عورتي غيرك فانّه ان اري احد عورتي غيرك تفقّات عيناه فقلت له كيف لي بتقليبك يا رسول اللّه فقال انّك ستعان فو اللّه ما اردت ان اقلّب عضوا من اعضائه الاّ قلّب لي و امّا السّادسة عشر فانّي اردت ان اجرّده عليه السّلام فنوديت يا وصيّ محمّد لا تجرّده فغسّلته و القميص عليه فلا و اللّه الّذي اكرمه بالنّبوّة و خصّه بالرّسالة ما رايت له عورة خصّني اللّه بذلك من بين اصحابه و امّا السّابعة عشر فانّ اللّه عزّ و جلّ زوّجني فاطمة و قد كان خطبها ابو بكر و عمر فزوّجني اللّه من فوق سبع سماواته فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم هنيئا لك يا عليّ فانّ اللّه عزّ و جلّ قد زوّجك فاطمة سيّدة نساء اهل الجنّة و هي بضعة منّي فقلت يا رسول اللّه او لست منك قال بلي يا عليّ و انت منّي و انا منك كيميني من شمالي لا استغني عنك

ص: 897

في الدّنيا و الاخرة و امّا الثّامنة عشر فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال يا عليّ انت صاحب لوائي لواء الحمد في الاخرة و انت يوم القيمة اقرب الخلائق منّي مجلسا ينبسط لي و يبسط لك فاكون في زمرة النّبيّين و تكون في زمرة الوصيّين و يوضع علي راسك تاج النّور و اكليل الكرامة يحفّ بك سبعون الف ملك حتّي يفرغ اللّه عزّ و جلّ عن حساب الخلائق و امّا التّاسعة عشر فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال ستقاتل النّاكثين و القاسطين و المارقين فمن قاتلك منهم فانّ لك بكلّ رجل منهم شفاعة في مأئة الف من شيعتك فقلت يا رسول اللّه فمن النّاكثون قال طلحة و الزّبير سيبايعانك بالحجاز و ينكثانك بالعراق فاذا فعلا ذلك فحاربهما فانّ في قتالهما طهارة لاهل الارض قلت فمن القاسطون قال معاوية و اصحابه فقلت فمن المارقون قال اصحاب ذو الثّدية و هم يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرّمية فاقتلهم

ص: 898

فانّ في قتلهم فرجا لاهل الارض و عذابا معجّلا عليهم و ذخرا لك يوم القيمة و امّا العشرون فانّي سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول مثلك في امّتي مثل باب حطّة في بني اسرائيل فمن دخل الباب كما امره اللّه عزّ و جلّ و امّا الحادية و العشرون فانّي سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول انا مدينة العلم و عليّ بابها و لن يدخل المدينة الاّ من بابها ثمّ قال يا عليّ انّك سترعي ذمّتي و تقاتل علي سنّتي و تخالفك امّتي و امّا الثّانية و العشرون فانّي سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول انّ اللّه تبارك و تعالي خلق ابنّي الحسن و الحسين من نور القاه اليك و الي فاطمة و هما يهتّزان كما يهتزّ القرطان اذا كانا في الاذنين و نورهما متضاعف علي نور الشّهداء سبعين الف ضعف يا عليّ انّ اللّه عزّ و جلّ قد وعدني ان يكرمهما كرامة لا يكرم بها احدا ما خلا النّبيّين و المرسلين و امّا الثّالثة و العشرون فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه

ص: 899

و آله و سلّم اعطاني خاتمه في حياته و درعه و منطقته و قلّدني سيفه و اصحابه كلّهم حضور و عمّي العبّاس حاضر فحضّني اللّه عزّ و جلّ بذلك دونهم و امّا الرّابعة و العشرون فانّ اللّه عزّ و جلّ انزل علي رسوله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يا ايّها الّذين امنوا اذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقة فكان لي دينار فبعثه بعشرة دراهم فكنت اذا انا ناجيت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم اصدّق قبل ذلك بدرهم و و اللّه ما فعل هذا احد من اصحابي قبلي و لا بعدي فانزل اللّه عزّ و جلّ ء اشفقتم ان تقدّموا بين يدي نجواكم صدقات فاذ لم تفعلوا و تاب اللّه عليكم الاية فهل تكون التّوبة الاّ من ذنب كان و امّا الخامسة و العشرون فانّي سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول الجنّة محرّمة علي الانبياء حتّي ادخلها انا و هي محرّمة علي الاوصيآء حتّي تدخلها انت يا عليّ انّ اللّه

ص: 900

تبارك و تعالي بشّرني فيك ببشري لم يبشّر بها نبيّا قبلي بشّرت بانّك سيّد الاوصياء و انّ ابنيك الحسن و الحسين سيّد اشباب اهل الجنّة يوم القيمة و امّا السّادسة و العشرون فانّ جعفرا اخي الطّيّار في الجنّة مع الملائكة المزيّن بالجناحين من درّ و ياقوت و زبرجدّ و امّا السّابعة و العشرون فعمّي حمزة سيّد الشّهداء و امّا الثّامنة و العشرون فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال انّ اللّه تبارك و تعالي وعدني فيك وعدا لن يخلفه جعلني نبيّا و جعلك وصيّا و ستلقي من امّتي من بعدي ما لقي موسي من فرعون فاصبر و احتسب حتّي تلقاني فاوالي من والاك و اعادي من عاداك و امّا التّاسعة و العشرون فانّي سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول يا عليّ انت صاحب الحوض لا يملكه غيرك و سيأتيك قوم فيستسقونك فتقول لا و لا مثل ذرّة فينصرفون مسودّة وجوههم و سترد عليك شيعتي و شيعتك

ص: 901

فتقول روّوا روّا مرويّين فيردّون مبيضّته وجوههم و امّا الثّلاثون فانّي سمعته صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول يحشر امّتي يوم القيمة علي خمس رايات فاوّل راية ترد عليّ راية فرعون هذه الامّة و هو معاوية و الثّانية مع سامريّ هذا الامّة و هو عمرو بن العاص و الثّالثة مع جاثليق هذه الامّة و هو ابو موسي الاشعريّ و الرّابعة مع ابي الاعور السّلميّ و امّا الخامسة معك يا علّي تحتها المؤمنون و انت امامهم ثمّ يقول اللّه تبارك و تعالي للاربعة ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرّحمة و هم شيعتي و من والاني و قاتل مع الفئة الباغية و النّاكبة عن الصّراط و باب الرّحمة هم شيعتي فينادي هؤلاء الم نكن فيه معكم قالوا بلي و لكنّكم فتنتم انفسكم و تربّصتم و ارتبتم و غرّتكم الامانيّ حتّي جاء امر اللّه و غرّكم باللّه الغرور فاليوم لا يؤخذ منكم فدية و لا من الّذين كفروا ماواكم النّار هي مولاكم

ص: 902

و بئس المصير ثمّ ترد امّتي و شيعتي فيروون من حوض محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و بيدي عصا عوسج اطرد بها اعدائي طرد غريبة الابل و امّا الحادية و الثّلاثون فانّي سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول لو لا ان يقول فيك الغالون من امّتي ما قالت النّصاري في عيسي بن مريم لقلت فيك قولا لا تمرّ بملاء من النّاس الاّ اخذوا التّراب من تحت قد ميك يستشفون به و امّا الثّانية و الثّلاثون فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم التقم اذني و علّمني ما كان و ما يكون الي يوم القيمة فساق اللّه عزّ و جلّ ذلك اليّ علي لسان نبيّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و امّا الرّابعة و الثّلاثون فانّ النّصاري ادّعوا امرا فانزل اللّه عزّ و جلّ فمن حاجّك من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا و أبناءكم و نساءنا و نساءكم و انفسنا و انفسكم فكانت نفسي نفس رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و النّساء فاطمة و الابناء الحسن و الحسين

ص: 903

ثمّ ّ ندم القوم فسئلوا رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم الاعفاء فاعفاهم و الّذي انزل التّورية علي موسي و الفرقان علي محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لو باهلونا لمسخوا قردة و خنازير و امّا الخامسة و الثّلاثون فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم وجّهني يوم بدر فقال ايتني بكفّ حصيات مجموعة في مكان واحد فاخذتها ثمّ ّ شممتها فاذا هي طيبة تفوح منها رائحة المسك فاتيته بها فرمي بها وجوه المشركين و تلك الحصيات اربع منها كن منّ الفردوس و حصاة من المشرق و حصاة من المغرب و حصاة من تحت العرش مع كلّ حصاة مأئة الف ملك مددا لنا لم يكرم اللّه عزّ و جلّ بهذه الفضيلة احدا لا قبل و لا بعد و امّا السّادسة و الثّلاثون فانّي سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول ويل لقاتلك انّه اشقي من ثمود و من عاقر النّاقة و انّ عرش الرّحمن ليهتزّ لقتلك فابشر يا عليّ فانّك في زمرة الصّدّيقين

ص: 904

و الشّهداء و الصّالحين و امّا السّابعة و الثّلاثون فانّ اللّه تبارك و تعالي قد خصّني من بين اصحاب محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بعلم النّاسخ و المنسوخ و المحكم و المتشابه و الخاصّ و العام و ذلك ممّا منّ اللّه به عليّ و علي رسوله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و قال لي الرّسول يا عليّ انّ اللّه عزّ و جلّ امرني ان ادنيك و لا اقصيك و اعلّمك و لا اجفوك و حقّ عليّ ان اطيع ربّي و حقّ عليك ان تعي و امّا الثّامنة و الثّلاثون فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بعثني بعثا و دعا لي بدعوات و اطّلعني علي ما يجري بعده فحزن لذلك بعض اصحابه و قال لو قدر محمّد ان يجعل ابن عمّه نبيّا لجعله فشرّفني اللّه عزّ و جلّ بالاطّلاع علي ذلك علي لسان نبيّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و امّا التّاسعة و الثّلاثون فانّي سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول كذب من زعم انّه يحبّني و يبغض عليّا لا

ص: 905

يجتمع حبّي و حبّه الاّ في قلب مؤمن انّ اللّه جعل اهل حبّي و حبّك في اوّل زمرة السّابقين الي الجنّة و جعل اهل بغضي و بغضك في اوّل زمرة الضّالّين من امّتي الي النّار و امّا الاربعون فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم وجّهني في بعض الغزوات الي ركيّ فاذا ليس فيه ماء فرجعت فاخبرته فقال افيه طين فقلت نعم فقال اتيني منه فاتيت منه بطين فتكلّم فيه ثمّ ّ قال القه في الرّكيّ فالقيته فاذا الماء قد نبع حتّي امتلأ جوانب الرّكيّ فجئت اليه فاخبرته فقال لي وفّقت يا عليّ و ببركتك نبع الماء فهذه المنقبة خاصّة لي من دون اصحاب النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و امّا الحادية و الاربعون فانّي سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول ابشر يا عليّ فانّ جبرئيل عليه السّلام اتاني فقال يا محمّد انّ اللّه تبارك و تعالي نظر الي اصحابك فوجد ابن عمّك و ختنك علي ابنتك فاطمة خير اصحابك فجعله وصيّك

ص: 906

و المؤدّي عنك و امّا الثّانية و الاربعون فانّي سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول ابشريا عليّ فانّ منزلك في الجنّة مواجه منزلي و انت معي في الرّفيق الاعلي في اعلي عليّين قلت يا رسول اللّه و ما اعلي علّيون فقال قبّة من درّة بيضاء لها سبعون الف مصراع مسكن لي و لك يا عليّ و امّا الثّالثة و الاربعون فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال انّ اللّه عزّ و جلّ رسخ حبّي و حبّك في قلوب المؤمنين و رسخ بغضي و بغضك في قلوب المنافقين فلا يحبّك الاّ مؤمن تقّي و لا يبغضك الاّ منافق كافر و امّا الرّابعة و الاربعون فانّي سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول لن يبغضك من العرب الاّ دعيّ و لا من العجم الاّ شقّي و لا من النّساء الاّ سلقلقيّة و امّا الخامسة و الاربعون فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم دعاني و انا ارمد العين فتفل في عيني و قال اللّهمّ اجعل حرّها في بردها و بردها في حرّها فو اللّه ما اشتكت

ص: 907

في عيني الي هذه السّاعة و امّا السّادسة و الاربعون فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم امر اصحابه و عمومته بسدّ الابواب و فتح بابي بامر اللّه عزّ و جلّ فليس لاحد منقبة مثل منقبتي و امّا السّابعة و الاربعون فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم امرني في وصيّته بقضاء ديونه و عداته فقلت يا رسول اللّه قد علمت انّه ليس عندي مال فقال سيعينك اللّه فما اردت امرا من قضاء ديونه و عداته الاّ يسرّه اللّه لي حتّي قضيت ديونه و عداته و احصيت ذلك فبلغ ثمانين الفا و بقي بقيّته اوصيت الحسن ان يقضيها و امّا الثّامنة و الاربعون فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم اتاني في منزلي و لم يكن طعمنا منذ ثلاثة ايّام فقال يا عليّ هل عندك من شيء فقلت و الّذي اكرمك بالكرامة و اصطفاك بالرّسالة ما طعمت و زوجتي و ابناي منذ ثلاثة ايّام فقال النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يا فاطمة

ص: 908

ادخلي البيت و انظري هل تجدين شيئا فقالت خرجت السّاعة فقلت يا رسول اللّه ادخله انا فقال ادخل بسم اللّه فدخلت فاذا انا بطبق موضوع عليه رطب و جفنة من تريد فحملتها الي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فقال يا عليّ رايت الرّسول الّذي حمل هذا الطّعام فقلت نعم فقال صفه لي فقلت من بين احمر و اخضر و اصفر فقال تلك خطط جناح جبرئيل عليه السّلام مكلّلة بالدّرّ و الياقوت فاكلنا من التّريد حتّي شبعنا فما راي الاّ خدش ايدينا و اصابعنا فحضّني اللّه عزّ و جلّ بذلك من بين اصحابه و امّا التّاسعة و الاربعون فانّ اللّه تعالي و تبارك خصّ نبيّه ع بالنّبوّة و خصّني النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بالوصيّة فمن احبّني فهو سعيد يحشر في زمرة الانبيآء و امّا الخمسون فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بعث ببراءة مع ابي بكر فلمّا مضي اتي جبرئيل عليه السّلام فقال يا محمّد لا يؤدّي عنك الاّ انت او

ص: 909

رجل منك فوجّهني علي ناقته العضباء فلحقته بذي الحليفة فاخذتها منه فخصّني اللّه عزّ و جلّ بذلك و امّا الحادية و الخمسون فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم اقامني للنّاس كافّة يوم غدير خمّ فقال من كنت مولاه فعليّ مولاه فبعدا و سحقا للقوم الظّالمين و امّا الثّانية و الخمسون فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال يا عليّ الا اعلّمك كلمات علّمني جبرئيل عليه السّلام فقلت بلي قال قل يا رازق المقلّين و يا راحم المساكين و يا اسمع السّامعين و يا ابصر النّاظرين و يا ارحم الرّاحمين ارزقني(ارحمني خ ل)و امّا الثّالثة و الخمسون فانّ اللّه تبارك و تعالي لن يذهب بالدّنيا حتّي يقوم منّا القائم يقتل مبغضينا و لا يقبل الجزية و يكسر الصّليب و الاصنام و يضع الحرب اوزارها و يدعو الي اخذ المال فيقسمه بالسّويّة و يعدل في الرّعيّة و امّا الرّابعة و الخمسون فانّي سمعت رسول اللّه

ص: 910

صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول يا عليّ سيلعنك بنو اميّة و يردّ عليهم ملك بكلّ لعنة الف لعنة فاذا اقام القائم لعنهم اربعين سنة و امّا الخامسة و الخمسون سمعت انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله قال لي سيفتتن فيك طوائف من امّتي فتقول انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لم يخلّف شيئا فيما اذا اوصي عليّا او ليس كتاب ربّي افضل الاشياء عبد اللّه عزّ و جلّ و الّذي بعثني بالحقّ لئن لم تجمعه باتقان لم يجمع ابدا فخصّني اللّه عزّ و جلّ بذلك من دون الصّحابة و امّا السّادسة و اخمسون فانّ اللّه تبارك و تعالي خصّني بما خصّ به اوليائه و اهل طاعته و جعلني وارث محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فمن ساءه ساءه و من سرّه سرّه و اومي بيده نحو المدينة و امّا السّابعة و الخمسون فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم كان في بعض الغزوات ففقد الماء فقال لي يا عليّ قم الي هذه الصّخرة و قل انا رسول رسول اللّه

ص: 911

صلّي اللّه عليه و آله و سلّم انفجري اليّ ماء فو اللّه الّذي اكرمه بالنّبوّة لقد ابلغتها الرّسالة فاطلع منها مثل ثدي البقر فسال من كلّ ثدي منها ماء فلمّا رايت ذلك اسرعت الي النّبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فاخبرته فقال انطلق يا عليّ فخذ من الماء و جاء القوم حتّي ملأ و اقربهم و ادواتهم و سقوا دوابّهم و شربوا و توضّأوا فخصّني اللّه عزّ و جلّ بذلك دون الصّحابة و امّا الثّامنة و الخمسون فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم امرني في بعض غزواته و قد نفد الماء فقال يا عليّ ايت بثور فاتيته به فوضع يده اليمني و يدي معها في التّور فقال انبع فنبع الماء من بين اصابعنا و امّا التّاسعة و الخمسون فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم وجّهني الي خيبر فلمّا اتيته وجدت الباب مغلّقا فزعزعته شديدا فقلعته و رميت به اربعين خطوة فدخلت فبرز اليّ مرحب فحمل عليّ و حملت عليه

ص: 912

و سقيت الارض من دمه و قد كان وجّه رجلين من اصحابه فرجعا منكسفين و امّا السّتّون فانّي قتلت عمر و بن عبدودّ و كان يعدّ بالف رجل و امّا الحادية و السّتّون فانّي سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول يا عليّ مثلك في امّتي مثل قل هو اللّه احد فمن احبّك بقلبه فكانّما قرء ثلث القرءان و من احبّك بقلبه و اعانك بلسانه فكانّما قرء ثلثي القرءان و من احبّك بقلبه و اعانك بلسانه و نصرك بيده فكانّما قرء القرءان كلّه و امّا الثّانية و السّتّون فانّي كنت مع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في جميع المواطن و الحروب و كانت رايته معي و امّا الثّالثة و السّتّون فانّي لم افرّ من الزّحف قطّ و لم يبارزني احد الاّ سقيت الارض من دمه و امّا الرّابعة و السّتّون فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم اتي بطير مشويّ من الجنّة فدعا اللّه عزّ و جلّ ان يدخل عليه احبّ الخلق فوفّقني اللّه للدّخول عليه حتّي اكلت معه من

ص: 913

ذلك الطّير و امّا الخامسة و السّتون فانّي كنت اصلّي في المسجد فجاء سائل فسئل و انا راكع فناولته خاتمي من اصبعي فانزل اللّه تبارك و تعالي فيّ انّما وليّكم اللّه و رسوله و الّذين امنوا الّذين يقيمون الصّلوة و يؤتون الزّكوة و هم راكعون و امّا السّادسة و السّتّون فانّ اللّه تبارك و تعالي ردّ عليّ الشّمس مرّتين و لم يردّها علي احد من امّة محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم غيري و امّا السّابعة و السّتّون فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم امر ان ادعي بامرة المؤمنين في حياته و بعد موته و لم يطلق ذلك لاحد غيري و امّا الثّامنة و السّتّون فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال يا عليّ اذا كان يوم القيمة نادي مناد من بطنان العرش اين سيّد الانبياء فاقوم ثمّ ّ ينادي اين سيّد الاوصياء فتقوم و ياتيني رضوان بمفاتيح الجنّة و ياتيني مالك بمقاليد النّار فيقولان انّ اللّه جلّ جلاله امرنا ان ندفعها اليك و نامرك ان تدفعها الي عليّ

ص: 914

بن ابي طالب عليه السّلام فتكون يا عليّ قسيم الجنّة و النّار و امّا التّاسعة و السّتّون فانّي سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول لولاك ما عرف المنافقون من المؤمنين و امّا السّبعون فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم نام و نوّمني و زوجتي فاطمة و ابنيّ الحسن و الحسين و القي علينا عباءه قطوانيّة فانزل اللّه تبارك و تعالي فينا انّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرّجس اهل البيت و يطهّركم تطهيرا و قال جبرئيل انا منكم يا محمّد فكان سادسنا جبرئيل

252 و من كلامه عليه السّلام

خصال الصّدوق ره ص 66 قال حدثنا ابي رضي اللّه عنه قال حدّثنا سعد بن عبد اللّه عن احمد بن محمد بن عيسي عن ابيه عن حمّاد بن عيسي عن عمران بن اذينة عن ابان بن ابي عيّاش عن سليم بن قيس الهلالي قال سمعت امير المؤمنين عليّا عليه السّلام يقول احذروا علي دينكم ثلاثة رجلا قرء القرءان حتّي اذا رايت عليه بهجته اخترط سيفه علي جاره و رماه بالشّرك فقلت يا امير المؤمنين ايّهما اولي بالشرك قال الرّامي و رجلا استحفته الاحاديث كلّما احدثت احدوثة كذب مدّها باطول منها و رجلا اتاه اللّه عزّ و جلّ سلطانا فزعم انّ طاعته طاعة

ص: 915

اللّه و معصيته معصية اللّه و كذب لانّه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ينبغي للمخلوق ان يكون جنّة لمعصية اللّه فلا طاعة في معصيته و لا طاعة لمن عصي اللّه انّما الطّاعة للّه و لرسوله و لولاة الامر و انّما امر اللّه عزّ و جلّ بطاعة الرّسول لانّه معصوم مطهّر لا يأمر بمعصية و انّما امر بطاعة اولي الامر لانّهم معصومون مطهّرون لا يأمرون بمعصية

253 و من كلامه عليه السّلام

خصال الصّدوق ره ص 78 في باب الثلاثة قال حدّثنا ابو الحسن محمّد بن عمرو بن علي البصري قال حدثنا ابو الحسن عليّ بن الحسن المثني قال حدّثنا ابو الحسن علي بن مهرويه القزويني قال حدثنا ابو احمد الغازي قال حدّثنا علي بن موسي الرضا عليه السّلام قال حدثنا ابي موسي بن جعفر قال حدثنا ابي جعفر بن محمّد قال حدثنا ابي محمد بن علي قال حدثنا ابي علي بن الحسين قال حدثنا ابي الحسين بن عليّ قال سمعت ابي علي بن ابي طالب صلوات اللّه عليهم أجمعين يقول الاعمال و علي ثلاثة احوال فرائض و فضائل و معاصي فامّا الفرائض فبامر اللّه و برضي اللّه و بقضاء اللّه و تقديره و مشيّته و علمه عزّ و جلّ و امّا الفضائل فليست بامر اللّه و لكن برضي اللّه و بقضاء اللّه و بقدر اللّه و بمشيّته و علمه و امّا المعاصي فليست

ص: 916

بامر اللّه و لا برضي اللّه و لكن بقضاء اللّه و بقدر اللّه و بمشيّته و علمه ثمّ ّ يعاقب عليها قال مصنف هذا الكتاب(اي الصّدوق ره)المعاصي بقضاء اللّه معناه بنهي اللّه لان حكمه عزّ و جل فيها علي عباده بالانتهاء عنها و معني قوله بقدر اللّه اي بعلم اللّه بمبلغها و مقدارها و معني قوله و بمشيته فانه عزّ و جل شاء ان لا يمنع العاصي من المعاصي الاّ بالزجر و القول و النهي و التحذير دون الجبر و المنع بالقوة و الدفع بالقدرة انتهي

254 و من كلامه عليه السّلام

الخصال ص 96 قال حدّثنا محمد بن علي ما جيلويه رضي اللّه عنه قال حدّثنا عمّي محمد بن القسم عن احمد بن محمد بن خالد البرقي عن القسم بن يحيي عن جدّه الحسن بن راشد عن ابي بصير عن محمد بن مسلم عن ابي جعفر محمد بن علي الباقر عن ابيه علي بن الحسين عن ابيه الحسين بن عليّ عن ابيه امير المؤمنين عليهم السّلام قال انّ اللّه تبارك و تعالي اخفي أربعة في أربعة اخفي رضاه في طاعته فلا تستصغرنّ شيئا من طاعته فربّما وافق رضاه و انت لا تعلم و اخفي سخطه في معصيته فلا تستصغرنّ شيئا من معصيته فربّما وافق سخطه و انت لا تعلم و اخفي اجابته في دعوته فلا تستصغرّن شيئا من دعائه فربّما وافق اجابته و انت لا تعلم و اخفي وليّه في عباده فلا تستصغرّن عبدا من عبيد اللّه فربّما يكون وليّه و انت لا تعلم

255 و من كلامه عليه السّلام

ص: 917

الخصال ص 156 قال حدّثنا ابي رضي اللّه عنه قال حدّثنا سعد بن عبد اللّه عن احمد بن محمد بن عيسي عن العباس بن معروف عن ابي جميلة عن سعد بن طريف عن الاصبغ بن نباته قال سمعت عليّا عليه السّلام يقول ستّة لا ينبغي ان يسلّم عليهم و ستّة لا ينبغي ان يامّوا و ستّة في هذه من اخلاق قوم لوط فامّا الّذين لا ينبغي السّلام عليهم فاليهود و النّصاري و اصحاب الزّد و الشّطرنج و اصحاب الخمر و البربط و الطّنبور و المتفكّهون بسبّ الامّهات و الشّعرآء و امّا الّذين لا ينبغي ان يامّوا من النّاس فولد الزّنا و المرتدّ و الاعرابيّ بعد الهجرة و شارب الخمر و المحدود و الاغلف و امّا الّتي من اخلاق قوم لوط فالجلاهق و هو البندق و الحذف و مضغ العلك و ارخاء الازار خيلاء و حلّ الازار من القباء و القميص

256 و من كلامه عليه السّلام

الخصال ج 2 ص 55 قال حدّثنا احمد بن محمد بن يحيي العطّار رضي اللّه عنه قال حدثنا ابي و سعيد بن عبد اللّه قالا حدّثنا احمد بن ابي عبد اللّه البرقي عن الحسن بن عليّ بن ابي عثمان عن موسي بن بكر عن ابي الحسن الاوّل عن ابيه عليهما السّلام قال قال امير المؤمنين عليه السّلام عشرة يفتنون انفسهم و غيرهم ذو العلم القليل يتكلّف ان يعلّم النّاس كبيرا و الرّجل الحليم ذو العلم الكثير ليس بذي فطنة و

ص: 918

الّذي يطلب ما لا يدرك و لا ينبغي له و الكادّ غير المتايّد و المتايّد الّذي ليس له مع ما يؤدّيه علم و عالم غير مريد للصّلاح و مريد للصّلاح و ليس بعالم و العالم يحبّ الدّنيا و الرّحيم بالنّاس يبخل بما عنده و طالب العلم يجادل فيه من هو اعلم فاذا علّمه لم يقبل منه

257 و من كلامه عليه السّلام

الخصال ج 1 ص 89 قال حدّثنا محمد بن موسي بن المتوكّل رضي اللّه عنه قال حدثنا عليّ بن الحسين السّعد آبادي قال حدّثنا احمد بن ابي عبد اللّه البرقي عن ابيه عن محمد بن سنان عن ابي الجارود زياد بن المنذر عن سعد بن علاقة قال قال امير المؤمنين عليه السّلام طلبة هذا العلم علي ثلاثة اصناف الا فاعرفوهم بصفاتهم و اعيانهم صنف منهم يتعلّمون العلم للمراء و الجهل تراه موذيا مماريا للرّجال في اندية المقال و صنف منهم يتعلّمون للاستطالة و الختل و صنف منهم يتعلّمون للفقه و العقل فامّا صاحب المراء و الجهل تراه موذيا مماريا للرّجال في اندية المقال و قد تستّر بالتّخشّع و تخلّي من الورع فدّق اللّه من هذا حيزومه و قطع منه

ص: 919

خيشومه و امّا صاحب الاستطالة و الختل فانّه يستطيل علي اشباهه من اشكاله و يتواضع للاغنياء من دونهم فهو لحلوائهم هاضم و لدينه حاطم فاعمي اللّه من هذا بصره و قطع من اثار العلماء اثره و امّا صاحب الفقه و العقل تراه ذا كأبة و حزن قد قام اللّيل في حندسه و قد انحني في برنسه يعمل و يخشي خائفا و جلا من كلّ احد الاّ من كلّ فقيه من اخوانه فشدّ اللّه من هذا اركانه و اعطاه يوم القيمة امانه

258 و من كلامه عليه السّلام

الخصال ج 1 ص 90 قال حدثنا محمد بن الحسن الوليد رضي اللّه عنه قال حدّثنا محمد بن الحسن الصفّار عن احمد بن ابي عبد اللّه البرقي عن ابيه عن محمد بن ابي عمير عن جميل بن درّاج عن زرارة عن ابي جعفر عليه السّلام قال قال امير المؤمنين عليه السّلام قوام الدّين بأربعة بعالم ناطق مستعمل له و بغنّي لا يبخل بفضل ماله عن اهل دين اللّه و بفقير لا يبيع اخرته بدنياه و بجاهل لا يتكبّر عن طلب العلم فاذا كتم العالم علمه و بخل الغنّي بماله و باع الفقير اخرته بدنياه و استكبر الجاهل عن طلب العلم رجعت الدّنيا

ص: 920

الي ورائها القهقري فلا يغرّنّكم كثرة المساجد و اجساد قوم مختلفة قيل يا امير المؤمنين كيف العيش في ذلك الزمان فقال خالطوهم بالبرّانيّة يعني في الظّاهر و خالفوهم في الباطن للمرء ما اكتسب و هو مع من احبّ و انتظروا مع ذلك الفرج من اللّه عزّ و جلّ

259 و من كلامه عليه السّلام

الخصال ج 2 ص 81 قال حدّثنا احمد بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد اللّه بن الحسين بن ابراهيم بن يحيي بن عجلان المروزي المقري قال حدثنا ابو بكر محمد بن ابراهيم الجرجاني قال حدّثنا ابو بكر عبد الصمد بن يحيي الواسطي قال حدّثنا الحسن بن عليّ المدنيّ عن عبد اللّه بن المبارك عن سفيان الثوري عن جعفر بن محمّد الصّادق عن ابيه عن جدّه عن علي بن ابي طالب عليهم السّلام قال انّ اللّه تبارك و تعالي خلق نور محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قبل ان خلق السّموات و الارض و العرش و الكرسيّ و اللّوح و القلم و الجنّة و النّار و قبل ان خلق ادم و نوحا و ابراهيم و إسماعيل و اسحق و يعقوب و موسي و عيسي و داود و سليمان و كلّ من قال اللّه عزّ و جلّ و وهبنا له اسحق و يعقوب الي قوله و هديناهم الي صراط مستقيم و قبل ان خلق الانبياء كلّهم باربع مأئة الف و اربع

ص: 921

و عشرين الف سنة و خلق عزّ و جلّ معه اثني عشر حجابا حجاب القدرة و حجاب العظمة و حجاب المنّة و حجاب الرّحمة و حجاب السّعادة و حجاب الكرامة و حجاب المنزلة و حجاب الهداية و حجاب النّبوّة و حجاب الرّفعة و حجاب الهيبة و حجاب الشّفاعة ثمّ حبس نور محمّد في حجاب القدرة اثني عشر الف سنة و هو يقول سبحان ربّي الاعلي و في حجاب العظمة احد عشر الف سنة و هو يقول سبحان عالم السرّ و في حجاب المنّة عشرة الاف سنة و هو يقول سبحان من هو قائم لا يلهو و في حجاب الرّحمة تسعة الاف سنة و هو يقول سبحان الرّفيع الاعلي و في حجاب السّعادة ثمانية الاف سنة و هو يقول سبحان من هو قائم لا يسهو و في حجاب الكرامة سبعة الاف سنة و هو يقول سبحان من هو غنيّ لا يفتقر و في حجاب المنزلة ستّة الاف سنة و هو يقول سبحان ربّي العليم الكريم و في حجاب الهداية خمسة الاف سنة و هو يقول سبحان ربّ العرش

ص: 922

العظيم و في حجاب النّبوّة أربعة الاف سنة و هو يقول سبحان ربّ العزّة عمّا يصفون و في حجاب الرّفعة ثلاثة الاف سنة و هو يقول سبحان ذي الملك و الملكوت و في حجاب الهيبة الف سنة و هو يقول سبحان اللّه و بحمده و في حجاب الشّفاعة الف سنة و هو يقول سبحان ربّي العظيم و بحمده ثمّ اظهر عزّ و جلّ اسمه علي اللّوح منوّرا أربعة الاف سنة ثمّ اظهره علي العرش و كان علي ساق العرش مثبتا سبعة الاف سنة الي ان وضعه اللّه عز و جلّ في صلب ادم ثمّ نقله من صلب ادم الي صلب نوح ثمّ جعل يخرجه من صلب الي صلب حتّي اخرجه من صلب عبد اللّه بن عبد المطّلب فاكرمه بستّ كرامات البسه قميص الرّضا و رداء الهيبة و توّجه تاج الهداية و البسه سراويل المعرفة و جعل تكّته تكّة المحبّة يشدّ بها سراويله و جعل نعله الخوف و ناوله عصا المنزلة ثمّ قال له عزّ و جلّ يا محمّد اذهب الي النّاس

ص: 923

فقل لهم قولوا لا آله الاّ اللّه محمّد رسول اللّه و كان اصل ذلك القميص في ستّة اشياء قامته من الياقوت و كمّاه من الّلؤلؤ و دخريصه من البلّور الاصفر و أبطاه من الزّبرجدّ و جرّبانه من المرجان الاحمر و جيبه من نور الرّبّ جلّ جلاله فقبّل اللّه توبة ادم بذلك القميص و ردّ خاتم سليمان به و ردّ يوسف الي يعقوب به و نجّي يونس من بطن الحوت به و كذلك سائر الانبياء عليهم السّلام نجّاهم من المحن به و لم يكن ذلك القميص الاّ قميص محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم الدخريص بالكسر نسبة القميص لجربّان القميص بضم الجيم و الراء و تشديد الباء معرّب(گريبان)

260 و من كلامه عليه السّلام

الخصال ج 2 ص 83 قال حدثنا ابو طالب المظفّر بن جعفر بن المظفر العلوي المصري السمرقندي رضي اللّه عنه قال حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود العياشي عن ابيه ابي النّصر قال حدّثنا ابراهيم بن علي قال حدثني ابن اسحق عن يونس بن عبد الرحمن عن ابن مسكان عن ابي بصير عن ابي جعفر محمد بن عليّ الباقر عليهما السّلام قال كان امير المؤمنين عليه السّلام يقول انّ لاهل التّقوي علامات يعرفون بها صدق الحديث و اداء الامانة و الوفاء بالعهد و قلّة الفخر و البخل و صلة الارحام و رحمة الضّعفاء و قلّة المواطاة للنّساء

ص: 924

و بذل المعروف و حسن الخلق و سعة الحلم و اتّباع العلم فيما يقرّب الي اللّه عزّ و جلّ طوبي لهم و حسن مأب طوبي شجرة في الجنّة اصلها في دار رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فليس من مؤمن الاّ في داره غصن من اغصانها لا ينوي في قلبه شيئا الاّ اتاه ذلك الغصن به و لو انّ راكبا مجدّا سار في ظلّها مأئة عام لم يخرج منها و لو انّ غرابا طار من اصلها ما بلغ اعلاها حتّي يباض هرما الا ففي هذا ما رغبوا انّ المؤمن من نفسه في شغل و النّاس منه في راحة اذا جنّ عليه اللّيل فرش وجهه و سجد للّه تعالي ذكره بمكارم بدنه و يناجي الّذي خلقه في فكاك رقبته الا فهكذا فكونوا

261 و من كلامه عليه السّلام

الخصال ج 2 ص 94 قال حدّثنا محمد بن علي ما جيلويه رضي اللّه عنه قال حدثنا عمّي محمد بن ابي القاسم عن محمّد بن عليّ القوسي الكوفي قال حدّثنا ابو زياد محمد بن زياد البصري قال حدثنا عبد الرحمن المدايني قال حدّثنا ثابت بن ابي صفيّة الثمالي عن ثور بن سعيد عن ابيه سعيد بن علاقة قال سمعت امير المؤمنين عليه السّلام يقول ترك نسج العنكبوت في البيت يورث

ص: 925

الفقر و البول في الحمّام يورث الفقر و الاكل علي الجنابة يورث الفقر و التّخلّل بالطّرفاء يورث الفقر و التّمشّط من قيام يورث الفقر و ترك القمامة في البيت يورث الفقر و اليمين الفاجرة تورث الفقر و الزّنا يورث الفقر و اظهار الحرص يورث الفقر و النّوم بين العشائين يورث الفقر و النّوم قبل طلوع الشّمس يورث الفقر و ترك التّقدير في المعيشة يورث الفقر و قطيعة الرّحم يورث الفقر و اعتياد الكذب يورث الفقر و كثرة الاستماع الي الغناء يورث الفقر و ردّ السّائل الذّكر باللّيل يورث الفقر ثمّ قال عليه السّلام الا انّبئكم بعد ذلك بما يزيد في الرّزق قالوا بلي يا امير المؤمنين فقال الجمع بين الصّلوتين يزيد في الرّزق و التّعقيب بعد الغداة و العصر يزيد في الرّزق و صلة الرّحم تزيد في الرّزق و كسح الفناء يزيد في الرّزق و مواساة الاخ في اللّه عزّ و جلّ يزيد في الرّزق و البكور في طلب الرّزق يزيد في الرّزق و الاستغفار يزيد في الرّزق و استعمال

ص: 926

الامانة يزيد في الرّزق و قول الحقّ يزيد في الرّزق و اجابة المؤذّن يزيد في الرّزق و ترك الكلام في الخلاء يزيد في الرّزق و ترك الحرص يزيد في الرّزق و شكر المنعم يزيد في الرّزق و اجتناب اليمين الكاذبة يزيد في الرّزق و الوضوء قبل الطّعام يزيد في الرّزق و اكل ما يسقط من الخوان يزيد في الرّزق و من سبّح اللّه كلّ يوم ثلثين مرّة دفع اللّه عزّ و جلّ عنه سبعين نوعا من البلاء ايسره الفقر

262 و من كلامه عليه السّلام

الخصال ج 2 ص 95 قال حدّثنا ابي رضي اللّه عنه قال حدّثنا محمد بن يحيي العطّار و احمد بن ادريس جميعا قالا حدّثنا ابو سعيد سهل بن زياد الادمي عن محمد بن الحسين بن زيد الزّيات عن عمرو بن عثمان الخرّاز عن ثابت بن دينار عن سعد بن طريف الخفاف عن الاصبغ بن نباته قال كان امير المؤمنين عليه السّلام يقول الصّدق امانة و الكذب خيانة و الادب رياسة و الحرم كياسة و السّرف مثواة و القصد مثراة و الحرص مفقرة و الدّناءة محقّرة و السّخاء قربة و اللّوم غربة و الرّقة استكانة و العجز مهانة و الهوي ميل و الوفاء كيل و العجب هلاك و الصّبر ملاك

263 و من كلامه عليه السّلام

ص: 927

مع الطبيب اليوناني الذي اسلم بيده عليه السّلام بعد احتجاجه معه في كتاب الاحتجاج لابي منصور احمد بن علي بن ابي طالب الطبرسي رضي اللّه عنه المطبوع في النجف الاشرف سنة 1385 الهجرية ص 354 من الجزء الاوّل باسناده عن الامام ابي محمّد العسكري عليه السّلام قد روي قصّة طويلة الي ان قال فقال اليوناني اني ان كفرت بعد ما رايت فقد بالغت في العناد و تناهيت في التعرّض للهلاك اشهد انك من خاصّة اللّه صادق في جميع اقاويلك عن اللّه فامرني بما تشاء اطعك قال علي عليه السّلام امرك ان تقرّ للّه بالوحدانيّة و تشهد له بالجود و الحكمة و تنزّهه عن العبث و الفساد و عن ظلم العباد و الاماء و تشهد انّ محمّدا الّذي انا وصيّه سيّد الانام و افضل رتبة في دار السّلام و تشهد انّ عليّا الّذي اراك ما اراك و اولاك من النّعم ما اولاك خير خلق اللّه بعد محمّد رسول اللّه و احقّ خلق اللّه بمقام محمّد صلّي اللّه عليه و آله بعده و بالقيام بشرايعه و احكامه و تشهد انّ اولياءه اولياء اللّه و اعداءه اعداء اللّه و انّ المؤمنين المشاركين لك فيما كلّفتك المساعدين لك علي ما امرتك به خيرة امّة محمّد صلّي اللّه عليه و آله و صفوة شيعة عليّ و امرك ان تواسي اخوانك المطابقين لك علي تصديق محمّد صلّي اللّه عليه

ص: 928

و آله و تصديقي و الانقياد له ولي ممّا رزقك اللّه و فضّلك علي من فضّلك به منهم تسدّ فاقتهم و تجبر كسرهم و خلّتهم و من كان منهم في درجتك في الايمان ساويته من مالك بنفسك و من كان منهم فاضلا عليك في دينك اثرته بمالك علي نفسك حتّي يعلم اللّه منك انّ دينه اثر عندك من مالك و انّ اولياءه اكرم عليك من اهلك و عيالك و امرك ان تصون دينك و علمنا الّذي اودعناك و اسرارنا الّتي حملناك و لا تبد علومنا لمن يقابلها بالعناد و يقابلك من اهلها بالشّتم و اللّعن و التّناول من العرض و البدن و لا تفش سرّنا الي من يشنع علينا و عند الجاهلين باحوالنا و لا تعرّض اوليائنا البوادر الجهّال و امرك ان تستعمل التّقيّة في دينك فانّ اللّه عزّ و جلّ يقول لا يتّخذ المؤمنون الكافرين اولياء من دون المؤمنين و من يفعل ذلك فليس من اللّه في شيء الاّ ان تتّقوا منهم تقاة

ص: 929

و قد اذنت لك في تفضيل اعداءنا ان لجاك الخوف اليه و في اظهار البراءة منّا ان حملك الوجل عليه و في ترك الصّلوات المكتوبات ان خشيت علي حشاشتك الافات و العاهات فانّ تفضيلك اعداءنا علينا عند خوفك لا ينفعهم و لا يضّرنا و انّ اظهارك براءتك منّا عند ثقيّتك لا يقدح فينا و لا ينقصنا و لئن تبرّات منّا ساعة بلسانك و انت موال لنا بجنانك لتبقي علي نفسك روحها الّتي بها قوامها و مالها الّذي به قيامها و جاهها الّذي به تماسكها و تصون من عرف بذلك و عرفت به من اولياءنا و اخواننا من بعد ذلك بشهور و سنين الي ان يفرّج اللّه تلك الكربة و تزول به تلك الغمّة فانّ ذلك افضل من ان تتعرّض للهلاك و تنقطع به عن عمل الدّين و صلاح اخوانك المؤمنين و ايّاك ثمّ ّ ايّاك ان تترك التّقيّة الّتي امرتك بها فانّك شائط بدمك و دم اخوانك معرض لنعمتك و نعمهم علي الزّوال

ص: 930

مذّل لك و لهم في ايدي اعداء دين اللّه و قد امرك اللّه باعزازهم فانّك ان خالفت وصيّتي كان ضررك علي نفسك و اخوانك اشدّ من ضرر المناصب لنا الكافر بنا انتهي كلامه عليه السّلام مع الطّبيب اليوناني

264 و من كلامه عليه السّلام

عند احتجاجه علي ابي بكر رواه الطبرسي ره في الجزء الاول من الاحتجاج ص 157 عن جعفر بن محمّد عن ابيه عن جدّه عليهم السّلام قال لما كان من امر ابي بكر و بيعة الناس له و فعلهم بعليّ عليه السّلام لم يزل ابو بكر يظهر له الانبساط و يري منه الانقباض فكبر ذلك علي ابي بكر و احبّ لقائه و استخراج ما عنده و المعذرة اليه ممّا اجتمع الناس عليه و تقليدهم ايّاه امر الامّة و قلّة رغبته في ذلك و زهده فيه اتاه في وقت غفلة و طلب منه الخلوة فقال يا ابا الحسن و اللّه ما كان هذا الامر عن مواطاة مني و لا رغبة فيما وقعت عليه و لا حرص عليه و لا ثقة بنفسي فيما تحتاج اليه الامّة و لا قوة لي بمال و لا كثرة لعشيرة و لا استيثار به دون غيري فما لك تضمر عليّ ما لم استحقّه منك و تظهر لي الكراهة لما صرت فيه و تنظر اليّ بعين الشنأن قال فقال أمير المؤمنين عليه السّلام فما حملك عليه اذ لم ترغب فيه و لا حرصت عليه و لا اثقت بنفسك في القيام به قال فقال ابو بكر حديث سمعته من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله ان اللّه لا يجمع امتي علي ضلال و لما رايت اجماعهم اتبعت قول النبي صلّي اللّه عليه و آله و احلت ان يكون اجماعهم علي خلاف الهدي من ضلال فاعطيتهم قود الاجابة و لو علمت ان احد أ يتخلف لا امتنعت فقال علي عليه السّلام امّا ما ذكرت من قول النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله انّ اللّه لا يجمع امّتي علي ضلال و لمّا رايت اجما فكنت من الامّة ام لم اكن قال بلي قال و كذلك العصابة الممتنعة عنك من سلمان و عمّار و ابي ذر و

ص: 931

المقداد و ابن عبادة و من معه من الانصار قال كل من الامّة قال عليّ عليه السّلام فكيف تحتجّ بحديث النّبيّ و امثال هؤلاء قد تخلّفوا عنك و ليس للأمّة فيهم طعن و لا في صحبة الرّسول لصحبته منهم تقصير قال ما علمت بتخلفهم الاّ بعد ابرام الامر و خفت ان قعدت عن الامر ان يرجع الناس مرتدّين عن الدين و كان ممارستهم اليّ ان اجبتهم اهون مؤنة علي الدّين و ابقاء له من ضرب الناس بعضهم ببعض فيرجعون كفّار او علمت انك لست بدوني في الابقاء عليهم و علي اديانهم فقال عليّ عليه السّلام اجل و لكن اخبرني عن الّذي يستحقّ هذا الامر بما يستحقّه فقال ابو بكر بالنصيحة و الوفاء و دفع المداهنة و حسن السّيرة و اظهار العدل و العلم بالكتاب و السّنة و فصل الخطاب مع الزهد في الدّنيا و قلّة الرّغبة فيها و انتصاف المظلوم من الظالم للقريب و البعيد ثمّ سكت فقال علي عليه السّلام و السّابقة و القرابة فقال ابو بكر و السّابقة و القرابة فقال عليّ عليه السّلام انشدك باللّه يا ابا بكر في نفسك تجد هذا الخصال فقال ابو بكر بل فيك يا ابا الحسن قال فانشدك باللّه انا المجيب لرسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله قبل ذكران المسلمين ام انت قال بل انت قال فانشدك باللّه انا صاحب الاذان لاهل الموسم و الجمع الاعظم للامّة بسورة برائة ام انت قال بل انت قال فانشدك باللّه انا وقيت رسول اللّه بنفسي يوم الغار ام انت قال بل انت قال فانشدك

ص: 932

باللّه انا المولي لك و لكلّ مسلم بحديث النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله يوم الغدير ام انت قال بل انت قال فانشدك باللّه الي الولاية من اللّه مع رسوله في اية الزّكوة بالخاتم ام لك قال بل لك قال فانشدك باللّه الي الوزارة مع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و المثل من هرون من موسي ام لك قال بل لك قال فانشدك باللّه ابي برز رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و باهلي و ولديّ في مباهلة المشركين ام بك و باهلك و ولدك قال بل بكم قال فانشدك باللّه الي و لاهلي و ولدي اية التّطهير من الرّجس ام لك و لاهل بيتك قال بل لك و لاهل بيتك قال فانشدك باللّه انا صاحب دعوة رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و اهلي و ولديّ يوم الكساء اللّهمّ هؤلاء اهلي اليك لا الي النّار ام انت قال بل انت و اهلك و ولدك قال فانشدك باللّه انا صاحب اية يوفون بالنّذر و يخافون يوما كان شرّه مستطيرا ام انت قال بل انت قال

ص: 933

فانشدك باللّه انت الّتي ردّت عليه الشّمس لوقت صلوته فصلاّها ثمّ ّ توارت ام انا قال بل انت قال فانشدك باللّه انت الفتي نودي من السّماء لا سيف الاّ ذو الفقار و لا فتي الاّ عليّ ام انا قال انت قال فانشدك باللّه انت الّذي حباك رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله برايته يوم خيبر ففتح اللّه له ام انا قال بل انت قال فانشدك باللّه انت الّذي نفّست عن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و عن المسلمين بقتل عمرو بن عبدودّ ام انا قال بل انت قال فانشدك باللّه انت الّذي ائتمنك رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله علي رسالته الي الجنّ فاجابت ام انا قال بل انت قال فانشدك باللّه انا الّذي طهّره اللّه من السّفاح من لدن ادم الي ابيه بقول رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله خرجت انا و انت من نكاح لا من سفاح من لدن ادم الي عبد المطّلب ام انت قال بل انت قال فانشدك باللّه انا الّذي اختارني رسول اللّه و زوّجني ابنته

ص: 934

فاطمة عليها السّلام و قال اللّه زوّجك ايّاها في السّماء ام انت قال بل انت قال فانشدك باللّه انا والد الحسن و الحسين سبطيه و ريحانتيه اذ يقول هما سيّدا شباب اهل الجنّة و ابوهما خير منهما ام انت قال بل انت قال فانشدك باللّه اخوك المزيّن بالجناحين يطير في الجنّة مع الملائكة ام اخي قال بل أخوك قال فانشدك باللّه انا ضمنت دين رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و ناديت في المواسم بانجاز موعده ام انت قال بل انت قال فانشدك باللّه انا الّذي دعاه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و الطّير عنده يريد اكله يقول اللّهمّ ايتني باحبّ خلقك اليّ و اليك بعدي ياكل معي من هذا الطّير فلم ياته غيري ام انت قال بل انت قال فانشدك باللّه انا الّذي بشّرني رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله بقتال النّاكثين و القاسطين و المارقين علي تاويل القرءان ام انت قال بل انت قال فانشدك باللّه انا الّذي دلّ عليه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله بعلم القضاء و فصل الخطاب بقوله عليّ اقضاكم ام انت قال بل انت

ص: 935

قال فانشدك باللّه انا الّذي امر رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله بالسّلام عليه بالامرة في حياته ام انت قال بل انت قال فانشدك باللّه انا الّذي شهدت اخر كلام رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و ولّيت غسله و دفنه ام انت قال بل انت قال فانشدك باللّه انت الّذي سبقت له القرابة من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله ام انا قال بل انت قال فانشدك باللّه انت الّذي حباك اللّه بالدّينار عند حاجته اليه و باعك جبرئيل و اضفت محمّدا فاطعمت ولده ام انا قال فبكي ابو بكر قال بل انت قال فانشدك باللّه انت الّذي جعلك رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله علي كتفه في طرح صنم الكعبة و كسره حتّي لو شئت ان انال الي افق السّماء لنلتها ام انا قال بل انت قال فانشدك باللّه انت الّذي امرك رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله بفتح بابه في مسجده عند ما امر بسدّ ابواب جميع اهل بيته و اصحابه و احّل لك فيه ما احلّ اللّه له ام انا قال بل انت قال فانشدك باللّه انت الّذي

ص: 936

قدّمت بين يدي نجوي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله صدقة فناجيته اذ عاتب اللّه قوما فقال أ أشفقتم ان تقدّموا بين يدي نجو؟؟؟ئكم صدقات ام انا قال بل انت قال فانشدك باللّه انت الّذي قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله لفاطمة زوّجتك اوّل النّاس ايمانا و ارجحهم اسلاما في كلام له ام انا قال بل انت قال فانشدك باللّه يا ابا بكر انت الّذي سلّمت عليه ملائكة سبع سموات يوم القليب ام انا قال بل انت قال فلم يزل يورد مناقبه التي جعل اللّه له و رسوله دونه و دون غيره و يقول له ابو بكر بل انت قال عليه السّلام فبهذا و شبهه تستحقّ القيام بامور امّة محمّد صلّي اللّه عليه و آله فما الّذي غرّك عن اللّه و عن رسوله و دينه و انت خلو ممّا يحتاج اليه اهل دينه قال فبكي ابو بكر و قال صدقت يا ابا الحسن انظرني قيام يومي فادبّر ما انا فيه و ما سمعت منك فقال علي عليه السّلام لك ذلك يا ابا بكر فرجع من عنده و طابت نفسه يومه و لم يأذن لاحد الي الليل و عمر يتردّد في الناس لمّا بلغه من خلوته بعليّ عليه السّلام فبات في ليلته فرأي في منامه كان رسول اللّه تمثّل له في مجلسه فقام اليه ابو بكر يسلّم عليه فولّي عنه وجهه فصار مقابل وجهه فسلّم عليه فولّي وجهه عنه فقال ابو بكر يا رسول اللّه امرت بامر لم افعله فقال اردّ عليك السّلام و قد عاديت من والاه اللّه و رسوله ردّ الحق الي اهله فقلت من اهله قال من عاتبك عليه عليّ قلت فقد رددته عليه يا رسول اللّه ثمّ لم يره

ص: 937

فاصبح و بكّر الي علي عليه السّلام و قال ابسط يدك يا ابا الحسن ابايعك و اخبره بما قد رأي قال فبسط عليّ يده فمسح عليها ابو بكر و بايعه و سلّم اليه و قال له اخرج الي مسجد رسول اللّه و صلّي اللّه عليه و آله فاخبرهم بما رايت من ليلتي و ما جري بيني و بينك و اخرج نفسي من هذا الامر و اسلّمه اليك قال فقال علي عليه السّلام نعم فخرج من عنده متغيّر الونه عاتبا نفسه فصادفه عمر و هو في طلبه فقال له مالك يا خليفة رسول اللّه فاخبره بما كان و ما رأي و ما جري بينه و بين عليّ فقال له انشدك باللّه يا خليفة رسول اللّه و الاغترار بسحر بني هاشم و الثقة بهم فليس هذا باوّل سحر منهم فما زال به حتّي ردّه عن رأيه و صرفه عن عزمه و رغبّه فيما هو بالثبات عليه و القيام به قال فاتي علي المسجد علي الميعاد فلم يرفيه منهم احدا فاحسّ بشييء منهم فقعد الي قبر رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله قال فمرّ به عمر فقال يا عليّ دون ما تريد خرط القتاد فعلم عليه السّلام بالامر و رجع الي بيته

265 و من كلامه عليه السّلام

بعد احتجاجه علي الطبيب اليوناني و تصديقه ايّاه حيث قال اشهد انك من خاصّة اللّه و صادق في جميع اقاويلك عن اللّه فامرني بما تشاء اطعك رواه الطبرسي ره في الاحتجاج ص 254 قال قال عليّ عليه السّلام(مخاطبا الي الطبيب اليوناني) امرك ان تقرّ للّه بالوحدانيّة و تشهد له بالجود و الحكمة و الانقياد و تنزّهه عن العبث و الفساد و عن ظلم الاماء و العباد و تشهد انّ محمّدا الّذي انا وصيّه سيّد الانام و افضل رتبة في دار السّلام و تشهد انّ عليّا الّذي اراك ما اراك و اولاك من النّعم ما اولاك خير خلق اللّه بعد محمّد رسول اللّه و احقّ خلق اللّه بمقام محمّد صلّي اللّه عليه و آله بعده و بالقيام بشرايعه

ص: 938

و احكامه و تشهد انّ اوليائه اولياء اللّه و اعداءه اعداء اللّه و انّ المؤمنين المشاركين لك فيما كلّفتك المساعدين لك علي ما امرتك به خيرة امّة محمّد صلّي اللّه عليه و آله و صفوة شيعة عليّ و امرك ان تواسي اخوانك المطابقين لك علي تصديق محمّد صلّي اللّه عليه و آله و تصديقي و الانقياد له ولي ممّا رزقك اللّه و فضّلك علي من فضّلك به منهم تسدّ فاقتهم و تجبر كسرهم و خلّتهم و من كان منهم في درجتك في الايمان ساويته من مالك بنفسك و من كان منهم فاضلا عليك في دينك اثرته بما لك علي نفسك حتّي يعلم اللّه منك انّ دينه اثر عندك من مالك و انّ اوليائه اكرم عليك من اهلك و عيالك و امرك ان تصون دينك و علمنا الّذي او دعناك و اسرارنا الّتي حملناك و لا تبد علومنا لمن يقابلها بالعناد و يقابلك من اهلها بالشّتم و اللّعن و التّناول من العرض و البدن و لا تفش سرّنا الي من يشنع علينا و عند الجاهلين باحوالنا و لا تعرّض

ص: 939

اولياءنا لبوادر الجهّال و امرك ان تستعمل التّقيّة في دينك فانّ اللّه عزّ و جلّ يقول و لا يتّخذ المؤمنون الكافرين اولياء من دون المؤمنين و من يفعل ذلك فليس من اللّه في شيء الاّ ان تتّقوا منهم تقاة و قد اذنت لك في تفضيل اعداءنا ان لجاك الخوف اليه و في اظهار البراءة منّا ان حملك الوجل عليه و في ترك الصّلوات المكتوبات ان خشيت علي حشاشتك الافات و العاهات فانّ تفضيلك اعداءنا علينا عند خوفك لا ينفعهم و لا يضرّنا و انّ اظهارك براءتك منّا عند تقيّتك لا يقدح فينا و لا ينقصنا و لئن تبرّات منّا ساعة بلسانك و انت موال لنا بجنانك لتبقي علي نفسك روحها الّتي بها قوامها و مالها الّذي به قيامها و جاهها الّذي به تماسكها و تصون من عرف بذلك و عرفت به من اولياءنا و اخواننا من بعد ذلك بشهور و سنين الي ان يفرّج اللّه تلك الكربة و تزول به تلك الغمّة فانّ ذلك افضل من ان تتعرّض للهلاك و تنقطع به عن

ص: 940

عمل الدّين و صلاح اخوانك المؤمنين و ايّاك ثمّ ّ ايّاك ان تترك التّقيّة الّتي امرتك بها فانّك شائط بدمك و دم اخوانك معرض لنعمتك و نعمهم علي الزّوال مذّل لك و لهم في ايدي اعداء دين اللّه و قد امرك اللّه باعزازهم فانّك ان خالفت وصيّتي كان ضررك علي نفسك و اخوانك اشدّ من ضرر المناصب لنا الكافر بنا (قد كررّ هذا الكلام سهوا

266 و من كلامه عليه السّلام

في احتجاجه عليه السّلام علي الدّهقان المنجّم لمّا قصد أهل النهروان و صار بالمدائن نقله العالم العامل العابد الزاهد رضي الدين ابو القاسم علي بن موسي بن جعفر بن محمّد بن طاوس الحسنيّ الحسيني المتوفي في سنة 664 ه في كتابه فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم المطبوع في المطبعة الحيدرية في النجف الاشرف سنة 1368 ص 144 قال ره الحديث الرابع و العشرون في رواية حديث الدّهقان مع أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه باسناد و تفصيل غير الاوّل و هو اطول و اكمل روينا باسناد متصل الي الاصبغ بن نباته قال لمّا؟؟؟ رحل أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه من نهر براثا الي النهروان و قد قطع جسرها و ؟؟؟؟؟مرت سفنها فنزل و قد سرح الجيش الي جسر بوران و معه رجل من اصحابه قد شكّ في قتال الخوارج فاذا رجل يركض فلمّا رأي أمير المؤمنين عليه السّلام قال البشري يا أمير المؤمنين قال و ما بشراك قال لمّا بلغ الخوارج نزولك البارحة نهر براثا ولّوا هاربين فقال له علي عليه السّلام انت رأيتهم قال نعم قال كذبت لا و اللّه ما عبروا النّهروان و لا تجاوزوا الاثيلات و لا النّخيلات حتّي يقتلهم اللّه عزّ و جلّ علي يدي عهد معهود و قدر مقدور لا ينجو منهم عشرة و لا يقتل منّا عشرة افبينا هو كذلك اذا قبل اليه رجل يقتدي برأيه في حساب النجوم لمعرفته بالطّوالع و المراجع و تقويم القطب في الفلك و معرفته بالحساب و الضّرب و التّجزئة و الجبر و المقابلة و تاريخ السند اباد و غير

ص: 941

ذلك فلما بصّر بامير المؤمنين صلوات اللّه عليه نزل عن فرسه و سلّم عليه و قال يا امير المؤمنين لترجعنّ عمّا قصدت اليه و كان الرّجل دهقانا من دهاقين المدائن و اسمه سرسفيل سوار فقال امير المؤمنين عليه السّلام له و لم يا سرسفيل سوار فقال تناحست النجوم السّعدات و تساعدت النجوم النحسات فلزم الحكيم في مثل هذا اليوم الاختفاء و القعود و يومك هذا يوم مميت تغلب فيه برجان و انكسف فيه الميزان و اقتدح زحل بالنّيران و ليست الحرب لك بمكان فقال امير المؤمنين عليه السّلام اخبرني يا دهقان عن قصّة الميزان و في ايّ مجري كان برج السّرطان قال سانظر لك فضرب بيده علي كمّه و اخرج زيجا و اسطرلابا فتبسّم امير المؤمنين عليه السّلام و قال له يا دهقان انت مسيّر الثّابتات قال لا قال فانت تقضي علي الحادثات قال لا قال يا دهقان فما ساعة الاسد من الفلك و ما له من المطالع و المراجع و ما الزّهرة من التّوابع و الجوامع قال لا اعلم يا امير المؤمنين قال فعلي ايّ الكواكب تقضي علي القطب فما هي السّاعات المتحرّكات و كم قدر السّاعات المدبرات و كم تحصيل المقدّرات قال لا علم لي بذلك يا امير المؤمنين قال يا دهقان صحّ لك علمك انّ البارحة انقلب بيت في الصّين و انقلب اخر بدمانسين و اخترقت دور الزّنج او تحطّم منار الهند و طفح جبّ سر نديب و

ص: 942

هلك ملك افريقيّة و انقض حصن الاندلس و هاج نمل الشّيح و فقد ربّان اليهود بايلة و جذم بطريق النّصاري بارمنيّة و عمي راهب عموريّة و سقطت شرفات القسطنطنيّة و هاجت سباع البرّ علي اهلها و رجعت رجال النّوبة للرّاهج و التقت الزّرف مع الفيلة و طار الوحش الي العلقين و هاجت الحيتان الي الحضرين و اضطربت الوحوش بالانقلين افانت عالم بهذه الحوادث و ما احدثها من الفلك شرقيّة و غربيّة و ايّ برج؟؟؟؟ اسعد صاحب النّحس و ايّ برج انحس صاحب السّعد قال لا علم لي بذلك قال عليه السّلام فهل دلّك علمك انّ اليوم سعد فيه سبعون عالما في كلّ عالم سبعون الف عالم منهم في البحر و منهم في البرّ و منهم في الجبال و منهم في السّهل و الغياض و الخراب و العمران فابن لنا ما الّذي من الفلك اسعدهم فقال لا علم لي بذلك يا امير المؤمنين قال يا دهقان فاظنّك حكمت علي اقتران المشتريّ بزحل حين لا حالك في الغسق قد شارفها و اتّصل جرمه بجرم

ص: 943

القمر و ذلك استخلاف مأئة الف من البشر كلّهم يولدون في يوم واحد و استهلاك مأئة الف من البشر كلّهم يموتون اللّيلة و هذا منهم (و اشار بيده الي سعد بن مسعود الحارثي)و كان في عسكره جاسوسا للخوارج فظن ان عليّا صلوات اللّه عليه يقول خذوا هذا فقبض علي فؤاده و مات من وقته ثم قال عليه السّلام له الم ارك عين التّوفيق انا و اصحابي هؤلاء لا شرقيّون و لا غربيّون انّما نحن ناشئة القطب و اعلام الفلك فامّا ما زعمت انّ البارحة اقتدح في برجي النيّران فقد كان يجب عليك ان تحكم به لي فانّ ضياءه و نوره عندي و حرقه و لهبه ذاهب عنّي فهذه قضيّته عقيمة فاحسبها ان كنت حاسبا و اعرفها ان كنت عارفا بالاكوار و الادوار و لو علمت ذلك لعلمت عدد كلّ قصبة في هذه الاجمة و اشار الي اجمة قصب كانت عن يمينه فتشهّد الدهقان و قال يا مولاي ان الذي فهم ابراهيم و موسي و عيسي و محمّدا صلوات اللّه عليهم فهكمها و هو اللّه تعالي يا امير المؤمنين لا اثر بعد عين مدّ يدك فانا اشهد ان لا آله الاّ اللّه وحده لا شريك له و ان محمّدا عبده و رسوله و انّك الامام و الوصيّ المفترض الطّاعة يقول المؤلف الحقير لقد نقل هذا الاحتجاج عنه عليه السّلام جماعة كثيرة باختلاف يسير بطوق عديده و اني لقد اكتفيت هنا عن فرج المهموم للسيّد ره

267 و من كلامه عليه السّلام

ص: 944

في احتجاجه علي اصحاب الشوري نقله الطبرسي ره في الاحتجاج ص 193 من الجزء الاوّل المطبوع في النّجف الاشرف سنة 1386 قال فلمّا رأي أمير المؤمنين عليه السّلام ما همّ القوم به من البيعة لعثمان قام فيهم ليتّخذ عليهم الحجة فقال عليه السّلام لهم اسمعوا منّي كلامي فان يكّ ما اقول حقّا فاقبلوا و ان يك باطلا فانكروا ثم قال انشدكم باللّه الّذي يعلم صدقكم ان صدقتم و يعلم كذبكم ان كذبتم هل فيكم احد صلّي القبلتين كلتيهما غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم من بايع البيعتين كلتيهما الفتح و بيعة الرّضوان غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد اخوه المزيّن بالجناحين في الجنّة غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد عمّه سيّد الشّهداء غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد عمّه سيّدة نساء العالمين غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد ابناه ابنا رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و هما سيّد اشباب اهل الجنّة غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد عرف النّاسخ من المنسوخ غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد اذهب اللّه عنه الرّجس و طهّره تطهيرا غيري قالوا لا

ص: 945

قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد عاين جبرئيل في مثال دحية الكلبيّ غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد ادّي الزّكوة و هو راكع غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد مسح رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله عينيه و اعطاه الرّاية يوم خيبر فلم يجد حرّا و لا بردا غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد نصبه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله يوم غدير خمّ بامر اللّه تعالي فقال من كنت مولاه فعليّ مولاه اللّهمّ وال من والاه و عاد من عاداه غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد هو اخو رسول اللّه في الحضر و رفيقه في السّفر غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد بارز عمرو بن عبدودّ يوم الخندق و قتله غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله انت منّي بمنزلة هرون من موسي الاّ انّه لا نبيّ بعدي غيري قالوا لا قال نشدتكم

ص: 946

باللّه هل فيكم احد سمّاه اللّه في عشر آيات من القرءان مؤمنا غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد ناول رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله قبضة من التّراب فرمي بها في وجوه الكفّار فانهزموا غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد وقفت الملائكة معه يوم احد حتّي ذهب النّاس غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قضي دين رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد شهد وفاة رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد غسّل رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و كفّنه و لحّده غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد ورث سلاح رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و رايته و خاتمه غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد جعل رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله طلاق نساءه بيده غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم

ص: 947

احد حمله رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله علي ظهره حتّي كسرا الاصنام علي باب الكعبة غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد نودي باسمه في السّماء يوم بدر لا فتي الاّ عليّ و لا سيف الاّ ذو الفقار غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد اكل مع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله من الطّائر المشويّ الّذي اهدي اليه غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله انت صاحب رايتي في الدّنيا و صاحب لوائي في الاخرة غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قدّم بين يدي نجواه صدقة غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد خصف نعل رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله انا اخوك و انت اخي غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه

ص: 948

و آله انت احبّ الخلق اليّ و اقولهم بالحقّ غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد وجد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله جائعا فاستقي مأئة دلو بماة تمرة و جاء بالتّمرة فاطعمه رسول اللّه غيري و هو جائع قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد سلّم عليه جبرئيل و ميكائيل و اسرافيل في ثلاثة الاف من الملائكة يوم بدر غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد غمّض عين رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد وحّد اللّه قبلي غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد كان اوّل داخل علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و اخر خارج من عنده غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد مشي مع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله فمرّ علي حديقة فقلت ما احسن هذه الحديقة فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و حديقتك في الجنّة احسن من هذه حتّي مررت علي ثلاث حدائق

ص: 949

كلّ ذلك يقول رسول اللّه و حديقتك في الجنّة احسن من هذه غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله انت اوّل من امن بي و صدّقني و اوّل من يرد عليّ الحوض يوم القيمة غيري قالوا لا قال نشدّتكم باللّه هل فيكم احد اخذ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله بيده و يد امراته و ابنيه حين اراد ان يباهل نصاري اهل نجران غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله اوّل طالع يطلع عليكم من هذا الباب يا انس فانّه امير المؤمنين و سيّد المسلمين و اولي النّاس فقال انس اللّهمّ اجعله رجلا من الانصار فكنت انا الطّالع فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله لانس ما انت باوّل رجل احبّ قومه غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد نزلت فيه هذه الاية انّما وليّكم اللّه و رسوله و الّذين امنوا الّذين يقيمون الصّلوة و يؤتون الزّكوة و هم

ص: 950

راكعون غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد انزل اللّه فيه و في ولده انّ الابرار يشربون من كاس كان مزاجها كافورا الي اخر السّورة غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد انزل اللّه فيه أ جعلتم سقاية الحاجّ و عمارة المسجد الحرام كمن امن باللّه و اليوم الاخر و جاهد في سبيل اللّه لا يستوون عند اللّه غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد علّمه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله الف كلمة كلّ كلمة مفتاح الف كلمة غيري قالوا لا قال نشدتكم اللّه هل فيكم احد ناجاه رسول اللّه يوم الطّائف فقال ابو بكر و عمر يا رسول اللّه ناجيت عليّا فقال لهما النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله ما انا ناجيته بل اللّه امرني بذلك غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد سقاه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله من المهراس غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه

ص: 951

عليه و آله انت اقرب الخلق منّي يوم القيمة يدخل بشفاعتك الجنّة اكثر من عدد ربيعة و مضر غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله يا عليّ انت تكسي حين اكسي غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله انت و شيعتك الفائزون يوم القيمة غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله كذب من زعم انّه يحبّني و يبغض هذا غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله من احبّ شطراتي هذه فقد احبّني و من احبّني فقد احبّ اللّه فقيل له و ما شطراتك قال عليّ و الحسن و الحسين و فاطمة غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله انت خير البشر بعد النّبيّين غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم

ص: 952

احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله انت الفاروق تفرق بين الحقّ و الباطل غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله انت افضل الخلائق عملا يوم القيمة بعد النّبيّين غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد اخذ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله كساه عليه و علي زوجته و علي ابنيه ثمّ قال اللّهمّ انا و اهل بيتي اليك لا الي النّار غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد كان يبعث الي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله الطّعام و هو في الغار و يخبره الاخبار غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله انت اخي و وزيري و صاحبي من اهلي غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله انت اقدمهم سلما و افضلهم علما و اكثرهم حلما غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قتل

ص: 953

مرحبا اليهوديّ فارس اليهود مبارزة غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد عرض عليه النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله الاسلام فقال له انظرني حتّي القي والدي فقال له النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله فانّها امانة عندك فقلت فان كانت امانة عندي فاسلمت غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد احتمل باب خيبر حين فتحها فمشي به مأئة ذراع ثمّ عالجه بعده اربعين رجلا فلم يطيقوه غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد نزلت فيه هذه الاية يا ايّها الّذين امنوا اذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقة انا الّذي قدّم الصّدقة غيري قالوا لا بل انت قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله من سبّ عليّا فقد سبّني و من سبّني فقد سبّ اللّه غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه

ص: 954

عليه و آله منزلي مواجه منزلك في الجنّة غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله قاتل اللّه من قاتلك و عادي اللّه من عاداك غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد اضطجع علي فراش رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله حين اراد ان يسير الي المدينة و وقاه بنفسه من المشركين حين ارادوا قتله غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله انت اولي النّاس بامّتي بعدي غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله انت يوم القيمة عن يمين العرش و اللّه يكسوك ثوبين احدهما اخضر و الاخر وردّي غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد صلّي قبل النّاس بسبع سنين و اشهر غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله انا يوم القيمة اخذ بحجزة ربّي و الحجزة النّور و انت اخذ بحجزتي و اهل بيتي اخذ

ص: 955

بحجزتك غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله انت كنفسي و حبّك حبّي و بغضك بغضي غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله ولايتك كولايتي عهد عهده اليّ ربّي و امرني ان ابلغّكموه غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله اللّهمّ اجعله لي عونا و عضدا و ناصرا غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله المال يعسوب الظّلمة و انت يعسوب المؤمنين غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله لا بعثنّ اليكم رجلا امتحن اللّه قلبه للايمان غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد اطعمه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله رمّانة و قال هذه من رمّان الجنّة لا ينبغي ان ياكل

ص: 956

منه الاّ نبيّ او وصيّ نبيّ غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله ما سئلت ربّي شيئا الاّ اعطانيه و لم اسأل ربّي شيئا الاّ سئلت لك مثله غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله انت اقومهم بامر اللّه و اوفاهم بعهد اللّه و اعلمهم بالقضيّة و اقسمهم بالسّويّة و اعظمهم عند اللّه مزيّة غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله فضلك علي هذه الامّة كفضل الشّمس علي القمر و كفضل القمر علي النّجوم غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله يدخل اللّه وليّك الجنّة و عدوّك النّار غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله النّاس من اشجار شتّي و انا و انت من شجرة واحدة غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم

ص: 957

احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله انا سيّد ولد ادم و انت سيّد العرب و العجم و لا فخر غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد رضي اللّه عنه في الايتين غيري من القرءان قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله موعدك موعدي و موعد شيعتك عند الحوض اذا خافت الامم و وضعت الموازين غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله اللّهمّ انّي احبّه فاحبّه اللّهمّ انّي استودعكه غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله انت تحاجّ النّاس فتحججهم باقامة الصّلوة و ايتاء الزّكوة و الامر بالمعروف و النّهي عن المنكر و اقام الحدود و القسم بالسّوية غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد اخذ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله بيده يوم بدر فرفعها حتّي نظر النّاس الي بياض ابطيه

ص: 958

و هو يقول الا انّ هذا ابن عمّي و وزيري فوازروه و ناصحوه و صدّقوه فانّه وليّكم غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه هل فيكم احد نزلت فيه هذه الاية و يؤثرون علي انفسهم و لو كان بهم خصاصة و من يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون غيري قالوا لا قال نشدتكم باللّه فهل فيكم احد كان جبرئيل احد ضيفانه غيري قالوا لا قال فهل فيكم احد اعطاه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله حنوطا من حنوط الجنّة ثمّ ّ اقسمه ثلاثا ثلثا لي تحنطني به و ثلثا لابنتي و ثلث لك غيري قالوا لا قال فهل فيكم احد كان اذا دخل علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله حيّاه و ادناه و رحّب به و تهلّل له وجهه غيري قالوا لا قال فهل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله انا افتخر بك يوم القيمة اذا افتخرت الانبياء بأوصيائها غيري قالوا لا قال فهل فيكم احد سرحه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله بسورة برائة الي المشركين من اهل مكّة غيري

ص: 959

قالوا لا قال فهل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله انّي لا رحمك من ضغاين في صدور اقوام عليك لا يظهرونها حتّي يفقدوني فاذا فقدوني خالفوا فيها غيري قالوا لا قال فهل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله ادّي اللّه عن امانتك ادّي اللّه عن ذمّتك غيري قالوا لا قال هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله انت قسيم النّار تخرج منها من زكي و تذر فيها كلّ كافر غيري قالوا لا قال فهل فيكم احد فتح حصن خيبر و سبا بنت مرحب فادّاها الي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله غيري قالوا لا قال فهل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله ترد عليّ الحوض انت و شيعتك روّاء مرويّين مبيضّة وجوههم و يرد عليّ عدوّك ظمّاء مظمّئين مقتحمين مسودّة وجوههم غيري قالوا لا قال لهم امير المؤمنين عليه السّلام امّا اذا اقررتم علي انفسكم و استبان لكم ذلك من قول نبيّكم فعليكم بتقوي اللّه وحده لا شريك له و انهاكم

ص: 960

عن سخطه و لا تعصوا امره و ردّوا الحقّ الي اهله و اتّبعوا سنّة نبيّكم فانّكم ان خالفتم خالفتم اللّه فادفعوا الي من هو اهله و هي له قال فتغامزوا فيما بينهم و تشاوروا و قالوا قد عرفنا فضله و علمنا انّه احق الناس بها و لكنه رجل لا يفضل احدا علي احد فان ولّيتموها اياه جعلكم و جميع الناس فيها شرعا سواء و لكن ولّوها عثمان فانه يهوي الذي تهوون فدفعوها اليه

268 و من كلامه عليه السّلام

في المجلّد الثالث من البحار في باب احوال القبر و البرزخ ص 160 عن تفسير فرات بن ابراهيم عن احمد بن عليّ بن عيسي الزهريّ رفعه الي اصبغ بن نباته قال توجهت الي امير المؤمنين عليه السّلام لا سلّم عليه فلم البث ان خرج فقمت قائما علي رجلي فاستقبلته فضرب بكفّه الي كفي فشبّك اصابعه في اصابعي ثمّ قال لي يا اصبغ بن نباته قلت لبيّك و سعديك يا امير المؤمنين فقال انّ وليّنا وليّ اللّه فاذا مات كان في الرّفيق الاعلي و سقاه اللّه من نهر ابرد من الثّلج و احلي من العسل فقلت جعلت فداك و ان كان مذنبا قال نعم الم تقرء كتاب اللّه اولئك يبدّل اللّه سيّئاتهم حسنات و كان اللّه غفورا رحيما

269 و من كلامه عليه السّلام

المجلد الثالث من البحار في الباب ص 154 عن تفسير عليّ بن ابراهيم عن ابيه عن علي بن مهزيار عن عمرو بن عثمان عن المفضّل بن صالح عن جابر عن ابراهيم بن علا عن سويد بن غفلة عن امير المؤمنين صلوات اللّه عليه قال انّ ابن ادم اذا كان في اخر يوم من الدّنيا و اوّل يوم من الاخرة

ص: 961

مثّل له اهله و ماله و ولده و عمله فيلتفت الي ماله فيقول و اللّه انّي كنت عليك لحريصا شحيحا فما لي عندك فيقول خذ منّي كفنك ثمّ ّ يلتفت الي ولده فيقول و اللّه انّي كنت لكم لمحبّا و انّي كنت عليكم لمحاميا فما ذا لي عندكم فيقولون نؤدّيك الي حفرتك و نواريك فيها ثمّ ّ يلتفت الي عمله فيقول و اللّه انّي كنت فيك لزاهدا و انّك كنت عليّ لثقيلا فما ذا عندك فيقول انا قرينك في قبرك و يوم حشرك حتّي اعرض انا و انت علي ربّك فان كان للّه وليّا اتاه اطيب النّاس ريحا و احسنهم منظرا و ازينهم رياشا فيقول ابشر بروح من اللّه و ريحان و جنّة نعيم قد قدمت خير مقدم فيقول من انت فيقول انا عملك الصّالح ارتحل من الدّنيا الي الجنّة و انّه ليعرف غاسله و يناشد حامله ان يعجّله فاذا دخل قبره اتاه ملكان و هما فتّانا القبر يجرّان اشعارهما و يبحثان الارض بانيابهما و اصواتهما كالرّعد القاصف و ابصارهما كالبرق الخاطف فيقولان له من ربّك و من نبيّك

ص: 962

و ما دينك فيقول اللّه ربّي و محمّد نبيّي و الاسلام ديني فيقولان ثبّتك اللّه فيما تحبّ و ترضي و هو قول اللّه يثبّت اللّه الّذين امنوا بالقول الثابت في الحيوة الدّنيا الاية فيفسحان له في قبره مدّ بصره و يفتحان له بابا الي الجنّة و يقولان نم قرير العين نوم الشّابّ النّاعم و هو قوله اصحاب الجنّة يومئذ خير مستقرّا و احسن مقيلا و اذا كان لربّه عدوّا فانّه يأتيه اقبح خلق اللّه رياشا و انتنه ريحا فيقول ابشر بنزل من حميم و تصلية جحيم و انّه ليعرف غاسله و يناشد حامله ان يحبسه فاذا ادخل قبره اتياه ممتحنا القبر فالقيا عنه اكفانه ثمّ ّ قالا له من ربّك و من نبيّك و ما دينك فيقول لا ادري فيقولان له ما دريت و لا هديت فيضربانه بمزربة ضربة ما خلق اللّه دابّة الاّ و قد عزّ لها ما خلا الثّقلان ثمّ ّ يفتحان له بابا الي النّار ثمّ ّ يقولان له نم بشرّ حال فهو من الضّيق مثل ما فيه القنا من الزّجّ حتّي انّ دماغه يخرج من بين ظفره و لحمه و يسلّط اللّه عليه حيّات الارض و عقاربها و هوامّها

ص: 963

فتنهّشه حتّي يبعثه اللّه من قبره و انّه ليتمنّي قيام السّاعة ممّا هو فيه من الشّر الشحيح البخيل و الشّح البخل و الزهد في الشيء ضد الرغبة و الرّياش اللباس الفاخر فتانا القبور اي المنكر و النكير من الفتنة و الامتحان و الاختبار و القاصف الشديد الصّوت و الفسحة بالضم السعة و قرة العين برودتها و انقطاع بكائها و هي كناية عن الفرح و السرور و الناعم من النعمة و هو ما ينتعم به من المال و النزل بضمتين ما يعدّ للضّيف النازل علي الانسان و الحميم الماء الشديد الحرارة يسقي منه اهل النار او الريم و الصّديد و التصلية التلويح علي النّار و اليافوخ هو الموضع الذي يتحرك من رأس الطفل اذا كان قريب عهد بالولادة و المرزبة بالراء المهملة و الزاء المعجمة و الباء الموحدة عصا من حديد و القنا جمع القناة و هي الرّمح و الزّج الحديدة التي اسفل الرّمح

270 و من كلامه عليه السّلام

المجلد الثالث من البحار في باب احوال المتقين ص 249 عن تفسير فرات بن ابراهيم عن الحسين بن سعيد معنعنا عن علي عليه السّلام قال انا و شيعتي يوم القيمة علي منابر من نور فيمرّ علينا الملائكة و يسلّم علينا قال فيقولون من هذا الرّجل و من هؤلاء فيقال لهم هذا عليّ بن ابي طالب ابن عمّ رسول اللّه فيقال من هؤلاء فيقال لهم هؤلاء شيعته قال فيقولون اين النّبيّ العربيّ و ابن عمّه فيقولون هما عند العرش قال فينادي مناد من السّماء عند ربّ العزّة يا عليّ ادخل الجنّة انت و شيعتك لا حساب عليك و لا حساب عليهم فيدخلون الجنّة و يتنعّمون فيها

ص: 964

من فواكهها و يلبسون السّندس و الاستبرق و ما لم ترعين فيقولون الحمد للّه الّذي اذهب عنّا الحزن انّ ربّنا لغفور شكور الّذي منّ علينا بنبيّه محمّد صلّي اللّه عليه و آله و بوصيّه عليّ بن ابي طالب عليه السّلام و الحمد للّه الّذي منّ علينا بهما من فضله و ادخلنا الجنّة فنعم اجر العاملين فينادي مناد من النّاس كلوا و اشربوا هنيئا قد نظر اليكم الرّحمن نظرة فلا بؤس عليكم و لا حساب و لا عذاب

271 و من كلامه عليه السّلام

المجلد الثالث من البحار في الباب ص 253 من كتاب صفات الشيعة للصّدوق رحمه اللّه باسناده عن محمّد بن صالح عن ابي العبّاس الدّينوري عن محمّد بن الحنفيّة قال لمّا قدم امير المؤمنين عليه السّلام البصرة بعد قتال اهل الجمل دعاه الاحنف بن قيس و اتّخذ له طعاما فبعث اليه صلوات اللّه عليه و الي اصحابه فاقبل ثمّ قال يا احنف ادع لي اصحابي فدخل عليهم قوم متخشعون كانهم شنان بوالي فقال الاحنف بن قيس يا امير المؤمنين ما هذا الذي نزل بهم من قلة الطعام او من هول الحرب فقال صلوات اللّه عليه لا يا احنف انّ اللّه سبحانه احبّ اقواما تنسّكوا له في دار الدّنيا تنسّك من هجم علي ما علم من قربهم من يوم القيمة من قبل ان يشاهدوها فحملوا انفسهم علي مجهودها و كانوا

ص: 965

اذا ذكروا صباح يوم العرض علي اللّه سبحانه توهّموا خروج عنق يخرج من النّار يحشر الخلائق الي ربّهم تبارك و تعالي كتاب يبدو فيه علي رءوس الاشهاد فضايح ذنوبهم فكادت انفسهم تسيل سيلا او تطير قلوبهم باجنحة الخوف طيرانا و تفارقهم عقولهم اذا غلت بهم من اجل التّجرّد الي اللّه سبحانه غليانا فكانوا يحنّون حنين الواله في دجي الظّلم و كانوا يفجعون من خوف ما اوقفوا عليه انفسهم فمضوا ذبل الاجسام حزينة قلوبهم كالحة وجوههم ذابلة شفاههم خامصة بطونهم متخشّعون كانّهم شنان بوالي قد اخلصوا للّه اعمالهم سرّا و علانية فلم تامن من فزعه قلوبهم بل كانوا كمن حرسوا قباب خراجهم فلو رايتهم في ليلتهم و قد نامت العيون و هدات الاصوات و سكنت الحركات و قد نبّههم هول يوم القيمة و الوعيد كما قال سبحانه افا من اهل القري ان يأتيهم باسنا بياتا و هم نائمون فاستيقظوا لها فزعين و قاموا الي صلوتهم

ص: 966

معوّلين باكين تارة و اخري مسبّحين يبكون في محاريبهم و يرنّون يصطفّون ليلة مظلمة بهماء يبكون فلو رايتهم يا احنف في ليلتهم قيّاما علي اطرافهم منخيته ظهورهم يتلون اجزاء القرءان لصلوتهم قد اشتدّت اعوالهم و نحيبهم و زفيرهم اذا زفروا خلت النّار قد اخذت منهم الي حلاقيمهم و اذا اعولوا حسبت السّلاسل قد صفّدت في اعناقهم فلو رايتهم في نهارهم اذا لرايت قوما يمشون علي الارض هونا و يقولون للنّاس حسنا و اذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما و اذا مرّوا باللّغو مرّوا كراما قد قيّدوا اقدامهم من التّهمات و ابكموا ألسنتهم ان يتكلّموا في اعراض النّاس و سجموا اسماعهم ان يلجها خوض خائض و كحلوا ابصارهم بغضّ البصر من المعاصي و انتحوا دار السّلام الّتي من دخلها كان امنا من الرّيب و الاحزان فلعلّك يا احنف شغلك نظرك الي الدّنيا عن الدّار الّتي خلقها اللّه سبحانه من لؤلؤة بيضاء فشقّق فيها انهارها

ص: 967

و كبسها بالعواتق من حورها ثمّ ّ سكّنها اوليائه و اهل طاعته فلو رايتهم يا احنف و قد قدموا علي زيادات ربّهم سبحانه صوّتت رواحلهم باصوات لم يسمع السّامعون باحسن منها و اظلّتهم غمامة فامطرت عليهم المسك و الزّعفران و صهلت خيولها بين اغراس تلك الجنان و تخلّلت بهم نوقهم بين كبث الزّعفران و يتطّأ من تحت اقدامهم اللّؤلؤ و المرجان و استقبلتهم قهارمتها بمنابر الرّيحان و هاجت لهم ريح من قبل العرش فنثرت عليهم الياسمين و الاقحوان ذهبوا الي بابها فيفتح لهم الباب رضوان ثمّ ّ يسجدون اللّه في فناء الجنان فقال لهم الجبّار ارفعوا رؤسكم فانّي قد رفعت عنكم مؤنة العبادة و اسكنتكم جنّة الرّضوان فان فاتك يا احنف ما ذكرت لك في صدر كلامي لتتركنّ في سرابيل القطران و لتطوفنّ بينها و بين حميم ان و لتسقنّ شرابا حارّ الغليان فكم يومئذ في النّار من صلب محطوم و وجه مهشوم و مشوّه مضروب

ص: 968

علي الخرطوم قد اكلت الجامعة و كفّه و التحم الطّوق بعنقه فلو رايتهم يا احنف ينحدرون في اوديتها و يصعدون جبالها و قد البسوا المقطّعات من القطران و اقرنوا مع احجارها و شياطينها فاذا استغاثوا من حريق شدّت عليهم عقاربها و حيّاتها و لو رايت مناديا ينادي و هو يقول يا اهل الجنّة و نعيمها و يا اهل حليّها و حللها خلّدوا فلا موت فعندها ينقطع رجائهم و تغلق الابواب و تنقطع بهم الاسباب فكم من يومئذ من شيخ ينادي و ا شيبتاه و كم من امراة تنادي وا فضيحتاه هتكت عنهم السّتور فكم يومئذ من مغموس بين اطباقها محبوس يا لك غمسة البستك بعد لباس الكتّان و الماء المبرّد علي الجدران فاكل الطّعام الوانا بعد الوان لباسا لم يدع لك شعرانا عمّا الاّ بيّضه و لا عينا كنت تبصر بها الي حبيب الاّ فقأها هذا ما اعدّ اللّه للمجرمين و ذلك ما اعدّ اللّه للمتّقين

272 و من كلامه عليه السّلام

ص: 969

المجلد الثالث من البحار في باب سكرات الموت و شدائده ص 136 عن كتاب كنز الفوائد قال ابو طاهر المقلد بن غالب عن رجاله باسناده المتصل الي علي بن ابي طالب عليه السّلام و هو ساجد بيكي حتّي علا نحيبه و ارتفع صوته بالبكاء فقلنا يا امير المؤمنين لقد امرضنا بكاؤك و امضّنا و شجّانا و ما رأيناك قد فعلت مثل هذا الفعل قطّ فقال عليه السّلام كنت ساجدا ادعوا ربّي بدعاء الخيرات في سجدتي فغلبتني عيني فرايت رؤيا هالتني و اقلقتني رايت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله قائما و هو يقول يا ابا الحسن طالت غيبتك فقد اشتقت الي رؤياك و قد انجز لي ربّي ما وعدني فيك فقلت يا رسول اللّه و ما الّذي انجز لك فيّ قال انجز لي فيك و في زوجتك و ابنيك و ذرّيّتك في الدّرجات العلي في علّيّين قلت بابي انت و امّي يا رسول اللّه فشيعتنا قال شيعتنا معنا و قصورهم بحذا قصورنا و منازلهم مقابل منازلنا قلت يا رسول اللّه فما لشيعتنا في الدّنيا قال الامن و العافية قلت فما لهم عند الموت قال يحكم الرّجل في نفسه و يؤمر ملك الموت بطاعته قلت فما لذلك حدّ يعرف قال بلي انّ اشدّ شيعتنا لنا حبّا يكون خروج

ص: 970

نفسه كشرب احدكم في يوم الصّيف الماء البارد الّذي ينتفع به القلوب و انّ سايرهم ليموت كما يغبط احدكم علي فراشه كاقرّ ما كانت عينه بموته

273 و من كلامه عليه السّلام

المجلد الثالث من البحار باب حبّ لقاء اللّه و ذمّ الفرار من الموت ص 129 عن السّرائر من كتاب ابي القاسم بن قولويه قال قال ابو عبد اللّه عليه السّلام بلغ امير المؤمنين عليه السّلام موت رجل من اصحابه ثم جاء خبر اخر انه لم يمت فكتب بسم اللّه الرّحمن الرحيم امّا بعد فانّه قد كان اتانا خبر ارتاع له اخوانك ثمّ جاء تكذيب الخبر الاوّل فانعم ذلك لن سررنا و انّ السّرور و شيك الانقطاع سيبلغه عمّا قليل تصديق الخبر الاوّل فهل انت كاين كرجل قد ذاق الموت ثمّ عاش بعده فسئل الرّجعة فاسعف بطلبته فهو متاهّب ينقل ما سرّه من ماله الي دار قراره لا يري انّ له مالا غيره و اعلم انّ اللّيل و النّهار دائبان في نقص الاعمار و انفاد الاموال وطيّ الاجال هيهات هيهات قد صبحا عادا و ثمود و قرونا بين ذلك كثيرا فاصبحوا قد وردوا علي ربّهم و قدموا علي اعمالهم و اللّيل و النّهار غضّان جديدان

ص: 971

لا يبليهما ما مرّا به يستعدّان لمن بقي ان يصيباه ما اصابا من مضي و اعلم انّما انت نظير اخوانك و اشباهك مثلك كمثل الجسد قد نزعت قوّته فلم يبق الاّ حشاشة نفسه ينتظر الدّاعي فنعوذ باللّه ممّا نعظ به ثمّ نقصّر عنه

274 و من خطبه عليه السّلام

المجلد الثالث من البحار باب علة خلق العباد و تكليفهم ص 87 نقل عن كتاب الاحتجاج قال و روي انه اتصّل بامير المؤمنين عليه السّلام انّ قوما من اصحابه خاضوا في التعديل و التجويز فخرج حتّي صعد المنبر فحمد اللّه و اثني عليه ثم قال عليه السّلام ايّها النّاس انّ اللّه تبارك و تعالي لمّا خلق خلقه اراد ان يكونوا علي اداب رفيعة و اخلاق شريفة فعلم انّهم لم يكونوا كذلك الاّ بان يعرّفهم ما لهم و ما عليهم و التّعريف لا يكون الاّ بالامر و النّهي و الامر و النّهي لا يجتمعان الاّ بالوعد و الوعيد و الوعد لا يكون الاّ بالتّرغيب و الوعيد لا يكون الاّ بالتّرهيب و التّرغيب لا يكون الاّ بما تشتهيه انفسهم و تلذّه اعينهم و التّرهيب لا يكون الاّ بضدّ ذلك ثمّ خلقهم في داره و اراهم طرفا من اللذّات

ص: 972

ليستدلّوا به علي ما ورائهم من اللّذات الخالصة الّتي لا يشوبها الم الا و هي الجنّة و اراهم طرفا من الا لام ليستدلّوا به علي ما ورائهم من الا لام الخالصة الّتي لا يشوبها لذّة الاّ و هي النّار فمن اجل ذلك ترون نعيم الدّنيا مخلوطا بمحنها و سرورها ممزوجا بكدورها و غمومها قال المجلسي رحمه اللّه قيل محدث الجاحظ بهذا الحديث فقال هو جماع الكلام الذي دوّنه النّاس في كتبهم و تحاوروه بينهم قيل ثم سمع ابو علي الجبائي بذلك فقال صدق الجاحظ هذا ما لا يحتمله الزيادة و النقصان انتهي بيانه

275 و من خطبه عليه السّلام

المجلد الثالث من البحار باب التوبة و انواعها ص 100 عن كتاب المحاسن للبرقي قال ابي رفعه قال ان امير المؤمنين عليه السّلام صعد المنبر فحمد اللّه و اثني عليه ثم قال ايّها النّاس انّ الذّنوب ثلاثة ثم امسك فقال له حبّة العرنيّ يا امير المؤمنين فسّرها لي فقال ما ذكرتها الاّ و انا اريد ان افسّرها و لكنّه عرض لي بهر حال بيني و بين الكلام نعم الذّنوب ثلاثة فذنب مغفور و ذنب غير مغفور و ذنب نرجو لصاحبه و نخاف عليه قيل يا امير المؤمنين فبيّنها لنا قال نعم امّا الذّنب المغفور فعبد عاقبه اللّه تعالي علي ذنبه في الدّنيا فاللّه احكم و اكرم ان يعاقب عبده مرّتين و امّا الذّنب الّذي لا يغفر فظلم العباد بعضهم لبعض

ص: 973

انّ اللّه تبارك و تعالي اذا برز لخلقه اقسم قسما علي نفسه فقال و عزّتي و جلالي لا يجوّزني ظلم ظالم و لو كفّ بكفّ و لو مسحة بكفّ و نطحة ما بين الشّاة القرناء الي الشاة الجمّاء فيقتصّ اللّه للعباد بعضهم من بعض حتّي لا يبقي لاحد عند احد مظلمة ثمّ يبعثهم اللّه الي الحساب و امّا الذّنب الثّالث فذنب ستره اللّه علي عبده و رزقه التّوبة فاصبح خاشعا من ذنبه راجيا لربّه فنحن له كما هو لنفسه نرجو له الرّحمة و نخاف عليه العقاب

276 و من كلامه عليه السّلام

المجلد الثالث من البحار في باب ما يعاين المؤمن و الكافر عند الموت ص 130 عن كتاب جامع الاخبار عن عليّ بن محمّد بن الزبير عن محمد بن علي بن مهدي عن محمد بن علي بن عمرو عن ابيه عن جميل بن صالح عن ابي خالد الكابلي عن الاصبغ بن نباته و عن امالي الشيخ عن ابي المفضّل عن محمد بن علي بن مهدي و غيره عن محمد بن علي بن عمرو ايضا بالاسناد عن الاصبغ قال دخل الحارث الهمداني علي امير المؤمنين عليّ عليه السّلام في نفر من الشيعة و كنت فيهم فجعل الحارث يتأدّ في مشيته و يخبط الارض بمحجنه و كان مريضا فاقبل اليه امير المؤمنين عليه السّلام و كانت له منه منزلة فقال كيف تجدك يا حارث فقال نال الدهر يا امير المؤمنين مني و زادني اوابا غليلا اختصام اصحابك ببابك قال و فيم خصومتهم قال فيك و في الثلاثة من قبلك من؟؟؟؟ مفرط منهم غال و مقتصد قال و من متردّد مرتاب لا يدري أ يقدم ام يحجم فقال حسبك يا اخا همدان الا انّ خير شيعتي النمط الاوسط اليهم يرجع الغالي و بهم يلحق التالي فقال له الحارث لو كشفت فداك ابي و امّي الرّين عن قلوبنا و جعلتنا في ذلك علي بصيرة من امرنا قال قدك فانّك امرء ملبوس عليك انّ دين اللّه لا يعرف

ص: 974

بالرّجال بل باية الحقّ فاعرف الحقّ تعرف اهله يا حارث انّ الحقّ احسن الحديث فالصّادع به مجاهد و بالحقّ اخبرك فارعني سمعك ثمّ خبّر به من كان له حصاته من اصحابك الا انّي عبد اللّه و اخو رسوله و صديقه الاوّل في امّتكم حقّا فنحن الاوّلون و نحن الاخرون و نحن خاصّته يا حارث و خالصته و انا صفوته و وصيّه و وليّه و صاحب نجواه و سرّه اوتيت فهم الكتاب و فصل الخطاب و علم القرون و الاسباب و استودعت الف مفتاح يفتح كلّ مفتاح الف باب يفضي كلّ باب الي الف عهد و ايّدت و اتّخذت و امددت بليلة القدر نفلا و انّ ذلك يجري لي و لمن تحفّظ من ذريّتي ما جري اللّيل و النّهار حتّي يرث اللّه الارض و من عليها و ابشرك يا حارث لتعرفني عند الممات و عند الصّراط و عند الحوض و عند المقاسمة قال الحارث و ما المقاسمة قال مقاسمة النّار اقاسمها قسمة صحيحة اقول هذا وليّي فاتركيه و هذا عدوّي

ص: 975

فخذيه ثم اخذ امير المؤمنين عليه السّلام بيد الحارث فقال يا حارث اخذت بيدك كما اخذ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله بيدي فقال لي و قد شكوت اليه حسد قريش و المنافقين لي انّه اذا كان يوم القيمة اخذت بحبل اللّه و بحجزته يعني عصمته من ذي العرش تعالي و اخذت انت يا عليّ بحجزتي و اخذ ذرّيّتك بحجزتك و اخذ شيعتكم بحجزكم فما ذا يصنع اللّه بنبيّه و ما يصنع نبيّه بوصيّه خذها اليك يا حارث قصيرة من طويلة انت مع من احببت و لك ما اكتسبت يقولها ثلاثا فقام الحارث يجرّ ردائه و يقول ما ابالي بعدها متي لقيت الموت او لقيني قال جميل بن صالح و انشدني ابو هاشم السيّد الحميري رحمه اللّه فيما تضمنّه هذا الخبر قول عليّ لحارث عجب كم ثم اعجوبة له حملا يا حار همدان من يمت يرني من مؤمن او منافق قبلا يعرفني طرفه و اعرفه بعينه و اسمه و ما عملا و انت عند الصّراط تعرفني فلا تخف عثرة و لا زللا اسقيك من بارد علي ظمأ تخاله في الحلاوة عسلا اقول للنار حين توقف للعرض دعيه لا تقبلي الرّجلا دعيه لا تقربيه انّ له حبلا بحبل الوصيّ متّصلا بيان يتادّ اي يتثبت و يتأني من التؤدة و خبطه ضربه شديدا و المحجن كمنبر العصا المعوجة و اوب كفرح غضب و فيما او اراو غليلا و الاوار بالضم الحرارة اي حرارت الشمس و حرارة العطش و الغليل الحقد و و الضعن و حوارة الحبّ و الحزن و احجم عنه كفّ او نكص هيبة و قد اذا كان اسمية يكون علي وجهين اسم فعل مرادفه ليكفي نحو قولهم قدني درهم و اسم مرادف لحسب ذكره الفيروز آبادي و ارعني سمعك اي

ص: 976

استمع مقالي نفلا اي زائدا علي ما اعطيت من الفضائل و الكرائم قوله قبلا اي مقابلة و عيانا و قوله تخاله اي تظنّه

277 و من كلامه عليه السّلام

المجلد الثالث من البحار في باب صفة المحشر ص 218 عن امالي الشيخ عن الغضائري عن علي بن محمّد العلويّ عن محمد بن موسي الرّقي عن علي بن محمد بن ابي القاسم عن احمد بن ابي عبد اللّه البرقي عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني عن ابيه عن ابان مولي يزيد بن علي عن عاصم بن بهدلة عن شريح القاضي عن امير المؤمنين عليه السّلام في خطبة طويلة قال عليه السّلام اسمع يا ذا الغفلة و التّصريف من ذي الوعظ و التّعريف جعل يوم الحشر يوم العرض و السّؤال و الحباء و النّكال يوم تقلّب اليه اعمال الانام و تحصي فيه جميع الاثام يوم تذوب من النّفوس احداق عيونها و تضع الحوامل ما في بطونها و تفرق من كلّ نفس وجيبها و يحار في تلك الاحوال عقل لبيبها اذ نكرت الارض بعد حسن عمارتها و تبدّلت بالخلق بعد انيق زهرتها اخرجت من معادن الغيب اثقالها و نقضت الي اللّه احمالها يوم لا ينفع الحذر اذ عاينوا الهول الشّديد فاستكانوا و عرف المجرمون بسيماهم فاستبانوا فانشقّت القبور بعد طول انطباقها و استسلمت النّفوس الي اللّه باسبابها كشف عن الاخرة غطاءها فظهر للخلق انباءها فدكّت الارض دكّا

ص: 977

دكّا و مدّت لامر يراد بها مدّا مدّا و اشتدّ المبادرون الي اللّه شدّا شدّا و تزاحفت الخلائق الي المحشر زحفا زحفا و ردّ المجرمون علي الاعقاب ردّا ردّا و جدّ الامر ويحك يا انسان جدّا جدّا و قربوا للحساب فردا فردا و جاء ربّك و الملك صفّا صفّا يسألهم عمّا عملوا حرفا حرفا و جيء بهم عراة الابدان خشّعا ابصارهم امامهم الحساب و من ورائهم جهنّم يسمعون زفيرها و يرون سعيرها فلم يجدوا ناصرا و لا وليّا يجيرهم من الذّلّ فهم يعدون سراعا الي مواقف الحشر يساقون سوقا فالسّموات مطويّات بيمينه كطيّ السّجلّ للكتب و العباد علي الصّراط وجلت قلوبهم يظنّون انّهم لا يسلمون و لا يؤذن لهم فيتكلّمون و لا يقبل منهم فيعتذرون قد ختم علي افواههم و استنطقت ايديهم و ارجلهم بما كانوا يعملون يا لها من ساعة اشجي مواقعها من القلوب حتّي ميّز بين الفريقين فريق في الجنّة و فريق في السّعير

ص: 978

من مثل هذا فليهرب الهاربون اذا كانت الدّار الاخرة لها فليعمل العاملون

278 و من كلامه عليه السّلام

تفسير عليّ بن ابراهيم القمي ره المطبوع في طهران بنفقة المرحوم الميرزا محمد رضا المستوفي سنة ؟؟؟؟1314 ق ص 612 سورة الزخرف قال اخبرنا احمد بن ادريس عن احمد بن محمد بن الحسين بن سعيد عن حمّاد بن عيسي عن شعيب بن يعقوب عن ابي اسحق عن الحرث عن عليّ عليه السّلام قال في خليلين مؤمنين و خليلين كافرين و مؤمن غنّي و مؤمن فقير و كافر غني و كافر فقير فامّا الخليلان المؤمنان فتخالاّ حياتهما علي طاعة اللّه تعالي و تباذلا عليها و توادّا عليها فمات احدهما قبل صاحبه فاراها اللّه منزله في الجنّة يشفع لصاحبه فيقول يا ربّ خليلي فلان كان يأمرني بطاعتك و ينهاني عن معصيتك ربّ فثبّتني علي ما ثبّتّني عليه من الهدي حتّي نزيه ما اريتني فيستجيب اللّه له حتّي يلتقيا عند اللّه عزّ و جلّ فيقول كلّ واحد منهما لصاحبه جزاك اللّه من خليل خيرا كنت تأمرني بطاعة اللّه و تنهاني عن معصية اللّه و امّا الكافران فتخالاّ بمعصية اللّه و تباذلا عليها فمات احدهما قبل صاحبه فاراه اللّه تعالي منزله في

ص: 979

النّار فيقول يا ربّ خليلي فلان كان يأمرني بمعصيتك و ينهاني عن طاعتك فثبّته علي ما ثبّتني عليه من المعاصي حتّي تريه ما اريتني من العذاب فيلتقيان عند اللّه يوم القيمة يقول كلّ واحد منهما لصاحبه جزاك اللّه من خليل شرّا كنت تأمرني بمعصيته اللّه و تنهاني عن طاعة اللّه قال ثم قرء الاخلاّء يومئذ بعضهم لبعض عدوّ الاّ المتّقين و يؤتي بالمؤمن الغنيّ يوم القيمة الي الحساب يقول اللّه تعالي عبدي قال لبيّك يا ربّ قال الم اجعلك سميعا بصيرا و جعلت لك مالا كثيرا قال بلي يا ربّ قال فما اعددت للقائي قال امنت بك و صدّقت رسلك و جاهدت في سبيلك قال فما ذا فعلت فيما اتيتك قال انفقت في طاعتك فقال ما ذا اورثت في عقبك قال خلقتني و خلقتهم و رزقتني و رزقتهم و كنت قادرا ان ترزقهم كما رزقتني فوكلت عقبي اليك فيقول اللّه عزّ و جلّ

ص: 980

صدقت اذهب فلو تعلم ما لك عندي لضحكت كثيرا ثمّ دعا بالمؤمن الفقير فيقول يا عبدي فيقول لبيّك يا ربّ فيقول ما ذا فعلت فيقول يا ربّ هديتني لدينك و انعمت عليّ و كففت عنّي ما لو بسطته لخشيت ان يشغلني عن ما خلقتني له فيقول اللّه عزّ و جلّ صدق عبدي لو تعلم مالك عندي لضحكت كثيرا ثمّ يدعي بالكافر الغنّي فيقول ما اعددت للقائي فيعلّ فيقول ما اعددت شيئا فيقول ما ذا فعلت فيما اتيتك فيقول ورّثته عقبي فيقول له من خلقك فيقول انت فيقول الم اك قادرا علي ان ارزق عقبك كما رزقتك فان قال نسيت هلك و ان قال لم ادر ما انت هلك فيقول اللّه عزّ و جلّ لو تعلم مالك عندي لبكيت كثيرا قال ثمّ يدعي بالكافر الفقير فيقول يابن ادم ما فعلت فيما امرتك فيقول ابليتني ببلاء الدّنيا حتّي انسيتني ذكرك و شغلتني عمّا خلقتني له فيقول اللّه له فهّلا دعوتني فارزقك و سألتني فاعطيك فان قال ربّ نسيت

ص: 981

هلك و ان قال لم ادر ما انت هلك فيقول اللّه لو تعلم مالك عندي لبكيت كثيرا

279 و من خطبه عليه السّلام

تفسير علي بن ابراهيم رضي اللّه عنه ص 3 قال و قال امير المؤمنين صلوات اللّه عليه ايّها النّاس انّ اللّه عزّ و جلّ بعث محمّدا صلّي اللّه عليه و آله بالهدي و انزل عليه الكتاب بالحقّ و أنتم امّيّون عن الكتاب و من انزله و عن الرّسول و من ارسله ارسله علي حين فترة من الرّسل و طول هجعة من الامم و انبساط من الجهل و اعتراض من الفتنة و انتقاص من البرم و عمي عن الحقّ و اعتساف من الجور و امتحاق من الدّين و تلظّي من الحروب و علي حين اصفرار من رياض جنّات الدّنيا بؤس من اغصانها و انتشار من ورقها و ياس من ثمرتها و اغورار من مائها و قد درست اعلام الهدي و ظهرت اعلام الرّدي و الدّنيا متجهّمة في وجوه اهلها مكفهرّة مدبرة غير مقبلة ثمرتها الفتنة و طعامها الجيفة

ص: 982

و شعارها الخوف و دثارها السّيف قد مزّقهم كلّ ممزّق فقد اعمت عيون اهلها و اظلمت عليهم ايّامها قد قطعوا ارحامهم و سفكوا دماءهم و دفنوا في التّراب الموءودة بينهم من اولادهم يختار دونهم طيب العيش و رفاهيّته حظوظ الدّنيا لا يرجون من اللّه ثوابا و لا يخافون و اللّه منه عقابا حيّهم اعمي نجس ميّتهم في النّار مبلس فجاءهم نبيّه صلّي اللّه عليه و آله بنسخة ما في الصّحف الاولي و تصديق الّذي بين يديه و تفصيل الحلال من ريب الحرام ذلك القرءان فاستنطقوه و لم ينطق لكم اخبركم عنه انّ فيه علم ما مضي و علم ما يأتي الي يوم القيمة و حكم ما بينكم و بيان ما اصبحتم فيه تختلفون فلو سألتموني عنه لانّي اعلّمكم

280 و من خطبه عليه السّلام

تاريخ اليعقوبي لاحمد بن ابي يعقوب بن جعفر بن وهب الكاتب المعروف بابن واضح الاخبار المتوفّي بعد سنة 292 ه ق الجزء الثاني المطبوع في بيروت ص 142 قال قال عليه السّلام و انه قام خطيبا فقال ايّها النّاس انّ اوّل نقصكم ذهاب اولي النّهي و الرّاي منكم الّذين

ص: 983

يحدّثون فيصدقون و يقولون فيفعلون و انّي قد دعوتكم عودا و بدءا و سرّا و جهرا و ليلا و نهارا فما يزيدكم دعائي الاّ فرارا ما تنفعكم الموعظة و لا الدّعاء الي الهدي و الحكمة اما و اللّه لعالم بما يصلحكم و لكن في ذلك فسادي فامهلوني قليلا فو اللّه لقد جاءكم من يحزنكم و يعذّبكم و يعذّبه اللّه بكم انّ من ذلّ الاسلام و هلاك الدّين انّ ابن ابي سفيان يدعو الاراذل و الاشرار فيجيبون و انا ادعوكم و أنتم لا تصلحون فتراعون هذا بسر قد صار الي اليمن و قبلها الي مكّة و المدينة

281 و من خطبه عليه السّلام

تاريخ اليعقوبي ص 149 قال و خطب عليه السّلام فتلا قول اللّه عزّ و جلّ «إِنّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتي وَ نَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَ آثارَهُمْ وَ كُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ» (1) ثم قال انّ هذا الامر ينزل من السّماء كقطر المطر الي كلّ نفس بما كتب اللّه لها من نقصان في نفس او اهل او مال فمن اصابه نقص في اهله و ماله و رأي عند اخيه

ص: 984


1- سوره 36 - آيه 12

عفوه فلا يكوننّ ذلك عليه فتنة فانّ المرء المسلم ما لم يات دنياه يخشع لها و تذلّه اذا ذكرت و تعزي به لئام النّاس كالياسر الفالج الّذي ينتظر اوّل فرزه من قداحه يوجب له المغنم و يدفع عنه المغرم كذلك المرء البريّ من الخيانة و الكذب يترقّب كل يوم و ليلة احدي الحسنيين امّا داعي اللّه فما عند اللّه خير له و امّا فتحا من اللّه فاذا هو ذو اهل و مال و معه حسبه و دينه المال و البنون حزب الدّنيا و العمل الصّالح حزب الاخرة و قد يجتمعهما اللّه لاقوام

282 و من كلامه عليه السّلام

كتاب الوافي للمحدّث الكاشاني ره الجزء الاول في باب البدع و الرأي و المقائيس ص 56 عن الكافي محمّد عن بعض اصحابه و عليّ عن الاثنين عن ابي عبد اللّه عليه السّلام و علي عن ابيه عن السرّاد رفعه عن امير المؤمنين عليه السّلام انه قال انّ من ابغض الخلق الي اللّه تعالي لرجلين رجل و كله اللّه تعالي الي نفسه فهو جائر عن قصد السّبيل مشعوف بكلام بدعة قد لهج بالصّوم و الصّلوة فهو فتنة لمن افتتن به ضالّ عن هدي من كان

ص: 985

قبله مضلّ لمن اقتدي به في حياته و بعد موته حمّال خطايا غيره رهن بخطيئته و رجل قمش جهلا في جهّال النّاس غان باغباش الفتنة قد سمّاه اشباه النّاس عالما و لم يغن يوما سالما بكّر فاستكثر ما قلّ منه خير ممّا كثر حتّي اذا ارتوي من اجن و اكثر من غير طائل جلس بين النّاس قاضيا ضامنا لتخليص ما التبس علي غيره و ان خالف قاضيا سبقه لم يامن ان ينقض حكمه من يأتي بعده كفعله بمن كان قبله و ان نزلت به احدي المبهمات المعضلات هيّا لها حشوا من رايه ثمّ قطع به فهو من لبس الشّبهات في مثل غزل العنكبوت لا يدري اصاب ام اخطأ لا يحسب العلم في شيء ممّا انكر و لا يري انّ وراء ما بلغ فيه مذهبا ان قاس شيئا بشيء لم يكذب نظره و ان اظلم عليه امرا كتتم به ما يعلم من جهل نفسه يكن الصّواب لكيلا يقال له لا يعلم ثمّ يجسر؟؟؟ فقضي فهو مفاتيح عشوات ركّاب شهوات(شبهات خ ل)خبّاط جهالات لا يعتذر ممّا لا يعلم فيسلم

ص: 986

و لا يعضّ في العلم بضرس قاطع فيغنم يذري الرّوايات ذرو الرّيح الهشيم تبكي منه المواريث و تصرخ منه الدّماء يستحلّ بقضائه الفرج الحرام و يحرم بقضائه الفرج الحلال لا مليء باصدار ما عليه ورد و لا هو اهل لما منه فرّط من ادّعائه علم الحقّ

283 و من خطبه عليه السّلام

الوافي عن الكافي في باب الغيبة من الجزء الثاني ص 98 قال علي بن محمّد عن سهل بن السّراد عن الشحّام عن هشام و محمّد عن احمد عن السّراد عن هشام بن سالم عن ابي حمزة عن ابي اسحق قال حدّثني الثقه من اصحاب امير المؤمنين عليه السّلام يقول في خطبة له اللّهمّ و انّي لاعلم انّ العلم لا يازر كلّه و لا ينقطع موادّه و انّك لا تخلّي ارضك من حجّة لك علي خلقك ظاهر ليس بالمطاع او خائف مغمود كيلا تبطل حججك و لا يضلّ اولياءك بعد اذ هديتهم بل اين هم و كم اولئك الاقلوّن عددا و الاعظمون عند اللّه جلّ ذكره قدّر المتّبعون لقادة الدّين الائمّة الهادين الّذين يتادّبون بادابهم و ينهجون نهجهم فعند ذلك يهجم بهم العلم علي حقيقة الايمان فتستجيب ارواحهم لقادة العلم و يستلينون من حديثهم

ص: 987

ما استوعر علي غيرهم بما استوحش منه المكذّبون و اباه المسرفون اولئك اتباع العلماء صحبوا اهل الدّنيا بطاعة اللّه تبارك و تعالي و اوليائه دانوا بالتّقيّة عن دينهم و الخوف من عدّوهم فارواحهم معلّقة بالمحلّ الاعلي لعلمائهم و اتّباعهم خرس صمت في دولة الباطل ينتظرون لدولة الحقّ و سيحقّ اللّه الحقّ بكلماته و يمحق الباطل هاه هاه طوبي لهم علي صبرهم علي دينهم في حال هدنتهم و يا شوقاه الي رؤيتهم في حال ظهور دولتهم و سيجمعنا اللّه و ايّاهم في جنّات عدن و من صلح من ابائهم و ازواجهم و ذرّيّاتهم

284 و من كلامه عليه السّلام

الوافي عن الكافي في الجزء الثالث منه في باب محاسبة النفس و محافظة الوقت ص 63 قال عليّ عن ابيه و العدّة عن سهل جميعا عن السّراد عن ابن رئاب عن الثمالي عن علي بن الحسين عليهما السّلام قال كان امير المؤمنين عليه السّلام يقول انّما الدّهر ثلاثة ايّام انت فيما بينهنّ مضي امس بما فيه فلا يرجع ابدا فان كنت عملت فيه خيرا لم تحزن لذهابه و فرحت

ص: 988

بما اسلفته منه و ان تكن قد فرّطت فحسرتك شديدة لذهابه و تفريطك و انت في يومك الّذي اصبحت فيه من غد في غرّة و لا تدري لعلّك لا تبلغه و ان بلغته لعلّ حظّك فيه في التّفريط مثل حظّك في الامس الماضي عنك فيوم من الثّلاثة قد مضي انت فيه مفرّط و يوم تنتظره لست انت منه علي يقين من ترك التّفريط و انّما هو يومك الّذي اصبحت فيه و قد ينبغي لك ان عقّلت و فكّرت فيما فرّطت في الامس الماضي ممّا فات فيه من حسنات الاّ تكون اكتسبتها و من سيّئات الاّ تكون اقصرت عنها فانت مع هذا مع استقبال غد علي غير ثقة من ان تبلغه و علي غير يقين من اكتساب حسنة او مرتدع عن سيّئة محبطة و انت من يومك الّذي تستقبل علي مثل يومك الّذي استدبرت فاعمل عمل رجل ليس يأمل من الايّام الاّ يومه الّذي اصبح فيه و ليلته فاعمل اودع و اللّه تعالي المعين علي ذلك

285 و من كلامه عليه السّلام

ص: 989

كتاب المناقب تاليف المولي الهمام محمد بن علي بن شهر اشوب السرويّ المازندراني المتوفي سنة 588 الهجرية القمرية المطبوع بالحجز في طهران في الجزو الثالث من المجلد الاول ص 512 قال سئل عنه عليه السّلام كيف اصبحت فقال اصبحت و انا الصّدّيق الاوّل و الفاروق الاعظم و انا وصيّ خير البشر و انا الاوّل و انا الاخر و انا الباطن و انا الظّاهر و انا بكلّ شيء عليم و انا عين اللّه و انا جنب اللّه و انا امين اللّه علي المرسلين بنا عبد اللّه و نحن خزّان اللّه في ارضه و سمائه و انا احيي و اميت و انا حيّ لا اموت فتعجّب الاعرابيّ من قوله فقال عليه السّلام انا الاوّل اوّل من امن برسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و انا الاخر اخر من نظر فيه لمّا كان في لحده و انا الظّاهر ظاهر(فظاهر خ ل)الاسلام و انا الباطن بطين من العلم و انا بكلّ شيء عليم فانّي عليم بكلّ شيء اخبره اللّه بنبيّه فاخبرني به فامّا عين اللّه فانا عينه علي المؤمنين و الكفرة و امّا جنب اللّه فان تقول نفس يا حسرتاه علي ما فرّطت في جنب اللّه و من فرّط فيّ فقد فرّط في اللّه و لم يجز

ص: 990

لنبيّ نبوّة حتّي يأخذ خاتما من محمّد فلذلك سمّي خاتم النّبيّين محمّد سيّد النّبيّين فانا سيّد الوصيّين و امّا خزّان اللّه في ارضه فقد علمنا ما علّمنا رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله بقول صادق و انا احيي احيي سنّة رسول اللّه و انا اميت اميت البدعة و انا حيّ لا اموت لقوله تعالي و لا تحسبنّ الّذين قتلوا في سبيل اللّه امواتا بل احياء عند ربّهم يرزقون

286 و من كلامه عليه السّلام

المناقب في المجلد و الجزء و الصفحة عن كتاب ابي بكر الشيرازي انّ امير المؤمنين عليه السّلام خطب في جامع البصرة فقال فيها معاشر المسلمين انّ اللّه عزّ و جلّ اثني علي نفسه فقال هو الاوّل و الاخر يعني قبل كلّ و الاخر يعني بعد كلّ شيء و الظّاهر علي كلّ شيء و الباطن لكلّ شيء سواء علمه عليه سلوني قبل ان تفقدوني فانا الاوّل و انا الاخر الي اخر كلامه فبكي اهل البصرة كلّهم و صلّوا عليه

287 و من كلامه عليه السّلام

ص: 991

المناقب في المجلد و الجزء ص 513 قال و قال عليه السّلام انا دحوت ارضها و انشات جبالها و فجّرت عيونها و شققت انهارها و غرست اشجارها و اطعمت ثمارها و انشات سحابها و اسمعت رعدها و نوّرت برقها و اضحيت شمسها و اطلعت قمرها و انزلت قطرها و نصبت نجومها و انا البحر القمقام الزّاخر و سكنت اطوادها و انشات جواري الفلك فيها و اشرقت شمسها و انا جنب اللّه و كلمته و قلب اللّه و بابه الّذي يؤتي منه ادخلوا الباب سجّدا اغفر لكم خطاياكم و ازيد المحسنين و بي و علي يدي تقوم السّاعة و فيّ يرتاب المبطلون و انا الاوّل و الاخر و الظّاهر و الباطن و انا بكلّ شيء عليم قال شرح ذلك عن الباقر عليه السّلام انا دحوت ارضها يقول انا و ذرّيتي الارض التي يسكن اليها و امّا انا ارسيت جبالها يعني الائمة ذرّيتي هم الجبال الرّواكد التي لا تقوم الاّ بهم و فجرّت عيونها يعني العلم الذي ثبت في قلبه و جري علي لسانه و شققت انهارها يعني منه انشعب الذي من تمسّك بها نجي و انا غرست اشجارها يعني الذّريّة الطيّبة و اطعمت اثمارها يعني اعمالهم الزكيّة و انا انشات سحابها يعني ظلّ من استظلّ ببنائها و انا انزلت قطرها يعني حيوة و رحمة و انا اسمعت رعدها يعني لما يسمع من الحكمة و نوّرت برقها يعني بنا استنارت البلاد و اضحيت شمسها يعني القائم

ص: 992

منّا نور علي نور ساطع و اطلعت قمرها يعني المهديّ من ذرّيتي و انا نصبت نجومها يهتدي بنا و يستضاء بنورنا و انا البحر القمقام الزّاخر يعني انا امام الامّة و عالم العلماء و حكم الحكماء و قائد القايدة يفيض علمي ثم يعود اليّ كما انّ البحر يفيض ماءه علي ظهر الارض ثم يعود اليه باذن اللّه و انا انشأت جواري الفلك فيها يقول اعلام الخير و أئمه الهدي منّي و سكنت اطوادها يقول فقأت عين الفتنة و اقتل اصول الضّلالة و انا جنب اللّه و كلمته و انا قلب اللّه يعني انا سراج علم اللّه و انا باب اللّه من توجّه بي الي اللّه غفر له و قوله بي و علي يدي تقوم السّاعة يعني الرّجعة قبل القيمة ينصر اللّه في ذرّيتي المؤمنين و الي المقام المشهود(انتهي)

288 و من كلامه عليه السّلام

كتاب المختصر(بالجاء المهملة و التاء و الضّاد المعجمة و الراء المهملة)تاليف الشيخ الجليل العدل النبيل حسن بن سليمان الحلي ره تلميذ شيخنا الشهيد الاول ره و هو من علماء اوائل القرن التاسع-المطبوع في النجف الاشرف سنة 1370 الهجرية القمرية ص 10 قال قول مولانا امير المؤمنين عليه السّلام ربّ عالم قتله جهله و علمه معه لا ينفعه فهو عالم عند عامّة النّاس قد اتّفقوا عليه بالعلم و هو عند اللّه و عند رسوله و عند اهل بيته صلوات اللّه عليهم قد قتله جهله لانّه لم يأخذ علمه عن الباب الّذي فتحه اللّه و رسوله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و امتنّا به علي الخلق و اذنا لهم بالدّخول منه الي خزانة العلم و مدينة الحكمة الّتي فيها حيوة كلّ ميّت و غني كلّ فقير و عزّ كلّ ذليل و بصر كلّ اعمي و سمع كلّ اصمّ بل اخذ علمه عن افواه الرّجال

ص: 993

289 و من كلامه عليه السّلام

المختصر ص 18 قال روي الصّدوق محمد بن بابويه باسناده عن الصّادق عن ابيه عن جدّه عليهم السّلام ان امير المؤمنين صلوات اللّه عليه قال لا ينام المسلم و هو جنب و لا ينام الاّ علي طهور فان لم يجد الماء فليتيمّم بالصّعيد فانّ روح المؤمن ترفع الي اللّه تبارك و تعالي فيقبلها و يبارك عليها فان كان اجلها قد حضر جعلها في مكنون رحمته و ان لم يكن اجلها قد حضر بعث بها مع امنائه من ملائكته فيردّها في جسدها

290 و من كلامه عليه السّلام

المحتضر ص 54 عن حذيفة اليمان انه قال دخلت علي امير المؤمنين عليه السّلام لا هنّاه بقتله (اي الثاني)و رجوعه الي دار الانتقام فقال لي يا حذيفة اتذكر اليوم الّذي دخلت فيه علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و انا و سبطاه ناكل معه فدلّك علي فضل ذلك اليوم الّذي دخلت عليه فيه قلت بلي يا اخا رسول اللّه فقال هو و اللّه هذا اليوم الّذي اقرّ اللّه به عين ال الرّسول و انّي لا عرف لهذا اليوم سبعين اسما قال حذيفة فقلت يا امير المؤمنين احبّ ان تسمعني اسماء هذا اليوم فقال عليه السّلام هذا يوم الاستراحة و يوم تنفيس الكربة و يوم العيد

ص: 994

الثّاني و يوم حطّ الاوزار و يوم الخيرة و يوم رفع القلم و يوم الهدو و يوم العافية و يوم البركة و يوم الثّار و يوم عيد اللّه الاكبر و يوم اجابة الدّعاء و يوم الموقف الاعظم و يوم التّوافي و يوم الشّرط و يوم نزع السّواد و يوم ندامة الظّالم و يوم انكسار الشّوكة و يوم نفي الهموم و يوم القنوع و يوم عرض القدرة و يوم التّصفّح و يوم فرح الشّيعة و يوم التّوبة و يوم الانابة و يوم الزّكوة العظمي و يوم الفطر الثّاني و يوم سيل الشّعاب.و يوم تجرّع الدّقيق و يوم الرّضا و يوم عيد اهل البيت و يوم ظفر بني اسرائيل و يوم قبول الاعمال و يوم تقديم الصّدقة و يوم الزّيارة و يوم قتل النّفاق و يوم الوقت المعلوم و يوم سرور اهل البيت و يوم الشّهود و يوم القهر للعدوّ و يوم هدم الضّلالة و يوم التّنبيه و يوم التّصريد و يوم الشّهادة و يوم التّجاوز عن المؤمنين و يوم الزّهرة و يوم التّعريف و يوم الاستطابة و يوم الذّهاب و يوم التّشديد و يوم ابتهاج المؤمن و يوم المباهلة و

ص: 995

يوم المفاخرة و يوم قبول الاعمال و يوم التّبجيل و يوم اذاعة السّر و يوم النّصرة و يوم زيادة الفتح و يوم التّودّد و يوم المفاكهة و يوم الوصول و يوم التّذكية و يوم كشف البدع و يوم الزّهد و يوم الورع و يوم الموعظة و يوم العيادة و يوم الاستسلام و يوم السّلم و يوم النّحر و يوم البقر قال حذيفة فقمت من عنده و قلت في نفسي لو لم ادرك من افعال الخير و ما ارجو به الثواب الاّ فضل هذا اليوم لكان مناي

291 و من كلامه عليه السّلام

المختصر ايضا للحسن بن سليمان تلميذ الشهيد الاول ره و ضبطه بالخاء المعجمة و التاء المنقوطة و الصّاد المهملة و الراء المهملة و هو مختصر كتاب بصائر الدرجات لسعد بن عبد اللّه القمّي رضي اللّه عنه المطبوع في النجف الاشرف سنة(1370)الهجرية القمرية ص 30 عن الحسن بن يوسف بن مطهّر(العلامة الحلّي ره) عن ابيه عن السيّد فخار بن معد الموسوي عن شاذان بن جبرئيل عن العماد الطبري عن ابي عليّ بن الشيخ ابي جعفر محمد بن الحسن الطوسي عن ابيه عن محمد بن محمد بن النعمان المفيد عن محمد بن علي بن بابويه قال حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحق قال حدّثنا عبد العزيز بن يحيي الجلودي بالبصرة قال حدثنا الحسن بن معاذ قال حدّثنا قيس بن حفص قال حدّثنا يونس بن ارقم عن ابي سيّار الشّيباني عن الضحاك بن مزاحم عن النزال بن سبرة قال خطبنا علي بن ابي طالب صلوات اللّه عليه فحمد اللّه و اثني عليه ثم قال ايّها النّاس سلوني قبل ان تفقدوني قالها ثلاثا فقام اليه صعصعة بن صوحان فقال يا امير المؤمنين متي يخرج الدجّال فقال له عليه السّلام اقعد سمع اللّه كلامك و علم ما اردت و اللّه ما المسئول عنه باعلم من السّائل

ص: 996

و لكن لذلك علامات و امارات و هنات يتبع بعضها بعضا كحذو النّعل بالنّعل فان شئت انباتك بها فقال نعم يا امير المؤمنين فقال عليّ عليه السّلام احفظ فانّ علامة ذلك اذا امات النّاس الصّلوة و اضاعوا الامانة و استحلّوا الكذب و اكلوا الرّبا و اخذوا الرّشا و شيّدوا البنيان و باعوا الدّين بالدّنيا و استعملوا السّفهاء و شاوروا النّساء و قطعوا الارحام و اتّبعوا الاهواء و استخفّوا بالدّماء و كان العلم ضعيفا و الظّلم فخرا و كانت الامراء فجرة و الوزراء ظلمة و العرفاء خونة و القرّاء فسقة و ظهرت شهادة الزّور و استعلن الفجور و قول البهتان و الاثم و الطّغيان و حليت المصاحف و زخرفت المساجد و طوّلت المنابر و اكرم الاشرار و ازدحمت الصّفوف و اختلفت القلوب و نقضت العهود و اقترب الموعود و شاركت النّساء ازواجهنّ في التّجارة حرصا علي الدّنيا و علت اصوات الفسّاق و استمع منهم و كان زعيم القوم ارزلهم و اتّقي الفاجر مخافة شرّه

ص: 997

و صدّق الكاذب و ائتمن الخائن و اتّخذت القينات و المعارف و لعن اخر هذه الامّة اوّلها و ركبت ذوات الفروج السّروج و تشبّه النّساء قضاء بالرّجال و الرّجال بالنّساء و شهد الشّاهد من غير ان يستشهد و شهد الاخر لذمام بغير حقّ عرفه و تفقّه لغير الدّين و اثروا عمل الدّنيا علي عمل الاخرة و لبسوا جلود الضّئان علي قلوب الذّئاب و قلوبهم انتن من الجيفة و امرّ من الصّبر فعند ذلك الوحا الوحا العجل العجل خير المساكن يومئذ بيت المقدس لياتينّ علي النّاس زمان يتمنّي احدهم انّه من سكّانه فقام اليه الاصبغ بن نباته فقال يا امير المؤمنين من الدّجال فقال الا انّ الدّجّال صايد بن الصّيد فالشّقيّ من صدّقه و السّعيد من كذّبه يخرج من بلدة يقال لها اصفهان من قرية تعرف باليهوديّة عينه اليمني ممسوحة و الاخري في جبهته تضيء كانّها كوكب الصّبح فيها علقة كانّها ممزوجة بالدّم بين عينيه مكتوب كافر يقراه كلّ

ص: 998

كاتب و امّي يخوض البحار و تسير معه الشّمس بين يديه جبل من دخان و خلفه جبل ابيض يري النّاس انّه طعام يخرج حين يخرج في قحط شديد تحته حمار اقمر خطوة حماره ميل تطوي له الارض منهلا منهلا لا يمرّ بماء الاّ غار الي يوم القيمة ينادي باعلي صوته يسمع ما بين الخافقين من الجنّ و الانس و الشّياطين يقول اليّ اوليائي انا الّذي خلق فسوّي و قدّر فهدي انا ربّكم الاعلي و كذب عدوّ اللّه انّه اعور يطعم الطّعام يمشي في الاسواق و انّ ربّكم عزّ و جلّ ليس باعور و لا يطعم و لا يمشي في الاسواق و لا يزول الا و انّ اكثر اتباعه يومئذ اولاد الزّنا و اصحاب الطّيالسة الخضر يقتله اللّه عزّ و جلّ بالشّام علي عقبة تعرف بعقبة افيق لثلاث ساعات من يوم الجمعة علي يدي من يصلّي المسيح عيسي بن مريم عليه السّلام خلفه الا انّ بعد ذلك الطّامّة الكبري قلنا و ما ذاك يا امير المؤمنين قال خروج دابّة عند الصّفا معها خاتم سليمان

ص: 999

و عصا موسي عليه السّلام تضع الخاتم علي وجه كلّ مؤمن فينطبع فيه هذا مؤمن حقّا و تضعه علي وجه كلّ كافر فيكتب فيه هذا كافر حقّا حتّي انّ المؤمن ينادي الويل لك يا كافر و انّ الكافر ينادي طوبي لك يا مؤمن وددت اليوم انّي مثلك فافوز فوزا عظيما فترفع الدّابّة راسها فيراها من بين الخالفقين باذن اللّه عزّ و جلّ و ذلك بعد طلوع الشّمس من مغربها فعند ذلك ترفع التّوبة فلا توبة تقبل و لا عمل يرفع و لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن امنت من قبل او كسبت في ايمانها خيرا ثم قال عليه السّلام لا تسألوني عمّا يكون بعد هذا فانّه عهد لي حبيبي عليه السّلام الاّ اخبر به غير عترتي ثم قال النزال بن سبرة فقلت لصعصعة بن صوحان يا صعصعة ما عني امير المؤمنين عليه السّلام بهذا القول فقال صعصعة يا بن سبرة انّ الذي يصلّي خلفه عيسي بن مريم عليه السّلام هو الثاني عشر من العشرة التاسع من ولد الحسين بن عليّ عليه السّلام و هو الشمس الطالعة من مغربها يظهر بين الركن و المقام فيطهّر الارض و يضع ميزان العدل فلا يظلم احد احدا فاخبر امير المؤمنين عليه السّلام ان حبيبه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله عهد اليه ان لا يخبر بما يكون بعد ذلك غير عترته الائمّة عليهم السّلام

292 و من كلامه عليه السّلام

ص: 1000

كتاب الصّواعق المحرقة تاليف شهاب الدين احمد بن حجر الهيتمي نزيل مكة المشرفة المطبوع بمطبعة المميّنة بمصر في شهر رمضان(1307)الهجرية القمريّة ص 94 قال اخرجه صاحب مطالب العالية عن عليّ(عليه السّلام)قال انّه(يعني عليّا)مرّ علي جمع فاسرعوا اليه قياما فقال من القوم فقالوا من شيعتك يا امير المؤمنين فقال لهم خيرا ثم قال يا هؤلاء مالي لا اري فيكم سمة شيعتنا و حلية احبتنا فامسكو احياء فقال له من معه نسئلك بالّذي اكرمكم اهل البيت و خصّكم و حباكم لمّا انبأتنا بصفة شيعتكم فقال(عليه السّلام) شيعتنا هم العارفون باللّه العاملون بامر اللّه اهل الفضائل النّاطقون بالصّواب مأكولهم القوت و ملبوسهم الاقتصاد و مشيهم التّواضع نجعوا اللّه بطاعته و خضعوا اليه بعبادته مضوا غاضّين ابصارهم عمّا حرّم اللّه عليهم رامقين اسماعهم علي العلم بربّهم نزلت انفسهم منهم في البلاء كالّتي نزلت منهم في الرّخاء رضوا عن اللّه تعالي بالقضاء فلو لا الاجال الّتي كتب اللّه تعالي لهم لم تستقرّ ارواحهم في اجسادهم طرفة عين شوقا الي لقاء اللّه و الثّواب و خوفا من اليم العقاب عظم الخالق في انفسهم و صغر ما دونه في اعينهم فهم و الجنّة كمن رءاها فهم علي ارائكها متّكئون و هم و النّار كمن رءاها فهم

ص: 1001

فيها معذّبون صبروا ايّاما قليلة فاعقبهم راحة طويلة ارادتهم الدّنيا فلم يريدوها و طلبتهم فاعجزوها امّا اللّيل فصافّون اقدامهم تالون لاجزاء القرءان ترتيلا يعظون انفسهم بامثاله و يستشفون لدائهم بدوائه تارة و تارة يفترشون جباههم و اكفّهم و ركبهم و اطراف اقدامهم تجري دموعهم علي خدودهم يمجّدون جبّارا عظيما و يجارون اليه في فكاك رقابهم هذا ليلهم فامّا نهارهم فحكماء بررة علماء اتقياء براهم خوف باريهم فهم كالقداح تحسبهم مرضي او قد خولطوا و ما هم بذلك بل خامرهم من عظمة ربّهم و شدّة سلطانه ما طاشت لهم قلوبهم و ذهلت منه عقولهم فاذا اشفقوا من ذلك بادروا الي اللّه تعالي بالاعمال الزّاكية لا يرضون له بالقليل و لا يستكثرون له الجزيل فهم لانفسهم متّهمون و من اعمالهم

ص: 1002

مشفقون تري لاحدهم قوّة في دين و حزما في لين و ايمانا في يقين و حرصا علي علم و فهما في فقه و علما في حلم و كيسا في قصد و قصدا في غني و تجمّلا في فاقة و صبرا في شفقة و خشوعا في عبادة و رحمة لمجهود و اعطاء في حقّ و رفقا في كسب و طلبا في حلال و نشاطا في هدي و اعتصاما في شهوة لا يغرّه ما جهله و لا يدع احصاء ما عمله يستبطيء نفسه في العمل و هو من صالح عمله علي و جل يصبح و شغله الذّكر و يمسي و همّه الشّكر يبيت حذرا من سنة الغفلة و يصبح فرحا بما اصاب من الفضل و الرّحمة و رغبته فيما يبقي و زهادته فيما يفني قد قرن العلم بالعمل و العلم بالحلم دائما نشاطه بعيدا كسله قريبا امله قليلا زلله متوقّعا اجله عاشقا قلبه شاكرا ربّه قانعا نفسه محرزا دينه كاظما غيظه امنا منه جاره سهلا امره معدوما كبره بيّنا صبره كثيرا ذكره لا يعمل شيئا

ص: 1003

من الخير رياء و لا يتركه حياء اولئك شيعتنا و احبّتنا و منّا و معنا الا هؤلاء شوقا اليهم فصاح بعض من معه و هو همّام بن عبّاد من خيثم و كان من المتعبّدين صيحة فوقع مغشيّا عليه فحرّكوه فاذا هو فارق الدّنيا فغسّل و صلّي عليه امير المؤمنين و من معه

293 و من كلامه عليه السّلام

كتاب تحف العقول للعالم الجليل الحسن بن علي بن الحسين بن شعبه من الاعلام الفرقة الناجية الاماميّة في القرن الرابع المطبوع في تهران سنة 1376 في المطبع الحيدري ص 188 قال اتاه رجل فقال له ان اناسا يزعمون ان العبد لا يزني و هو مؤمن فقد كبر هذا عليّ و حرج منه صدري حتّي ازعم ان هذا العبد الّذي يصلّي و يوارني و اواريه اخرجه من الايمان من اجل ذنب يسير اصابه فقال صدقك اخوك انّي سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله يقول خلق اللّه الخلق علي ثلاث طبقات فانزلهم ثلاث منازل فذلك قوله فاصحاب الميمنة ما اصحاب الميمنة و اصحاب المشئمة ما اصحاب المشئمة و السّابقون السّابقون اولئك المقرّبون فامّا ما ذكره اللّه عزّ و جلّ من السّابقين السّابقين فانّهم انبياء مرسلون و غير مرسلين جعل اللّه فيهم خمسة ارواح روح

ص: 1004

القدس و روح الايمان و روح القوّة و روح الشّهوة و روح البدن فبروح القدس بعثوا انبياء و مرسلين و بروح الايمان عبدوا اللّه و لم يشركوا به شيئا و بروح القوّة جاهدوا عدوّهم و عالجوا معائشهم و بروح الشّهوة اصابوا الذيذ المطعم و المشرب و نكحوا الحلال من النّساء و بروح البدن دبّوا و درجوا فهؤلاء مغفور لهم مصفوح عن ذنبهم ثمّ قال تلك الرّسل فضّلنا بعضهم علي بعض منهم من كلّم اللّه و رفع بعضهم درجات و اتينا عيسي بن مريم البيّنات و ايّدناه بروح القدس ثمّ قال في جماعتهم و ايّدهم بروح منه يقول اكرمهم بها و فضّلهم علي سواهم فهؤلاء مغفور لهم ثمّ ذكر اصحاب الميمنة و هم المؤمنون حقّا باعيانهم فجعل فيهم أربعة ارواح روح الايمان و روح القوّة و روح الشّهوة و روح البدن فلا يزال العبد مستكملا هذه الارواح الاربعة حتّي تاتي عليه حالات فقال و ما هذه الحالات فقال عليّ عليه السّلام

ص: 1005

امّا اوّلهنّ فما قال اللّه و منكم من يردّ الي ارذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا فهذا تنقص منه جميع الارواح و ليس بالّذي يخرج من الايمان لانّ اللّه الفاعل به ذلك و رادّه الي ارذل العمر فهو لا يعرف للصّلوة وقتا و لا يستطيع التهّجّد باللّيل و لا الصّيام بالنّهار فهذا نقصان من روح الايمان و ليس بضارّه شيئا ان شاء اللّه و تنقص منه روح الشّهوة فلو مرّت به اصبح بنات ادم ما حنّ اليها و تبقي فيه روح البدن فهو يدبّ بها و يدرج حتّي يأتيه الموت فهذا بحال خير اللّه الفاعل به ذلك و قد تاتي عليه حالات في قوّته و شبابه يهمّ بالخطيئة فتشجّعه روح القوّة و تزيّن له روح الشّهوة و تقوده روح البدن حتّي توقعه في الخطيئة فاذا لامسها تفصّي من الايمان و تفصّي الايمان منه فليس بعائد ابدا او يتوب فان تاب و عرف الولاية تاب اللّه عليه و ان عاد فهو تارك للولاية ادخله اللّه

ص: 1006

نار جهنّم و امّا اصحاب المشئمة فهم اليهود و النّصاري يقول سبحانه الّذين اتيناهم الكتاب يعرفونه يعني محمّدا و الولاية في التّورية و الانجيل كما يعرفون أبناءهم في منازلهم و انّ فريقا منهم ليكتمون الحقّ و هم يعلمون الحقّ من ربّك فلا تكوننّ من الممترين فلمّا جحدوا ما عرفوا ابتلاهم اللّه بذلك فسلبهم روح الايمان و اسكن أبدانهم ثلاثة ارواح روح القوّة و روح الشّهوة و روح البدن ثمّ اضافهم الي الانعام فقال ان هم الاّ كالانعام لانّ الدّابّة تحمل بروح القوّة و تعتلف بروح الشّهوة و تسير بروح البدن (قال السائل احييت قلبي)

294 و من كلامه عليه السّلام

كتاب جمهرة خطب العرب تاليف احمد زكي صفوت استاد اللغة العربية بدار العلوم مصر الطبعة الاولي في سنة(1352)الهجرية القمرية ص 149 قال ادب الامام عليّ و كرم خلقه-خرج حجر بن عدي و عمرو بن الحمق يظهر ان البراءة من اهل الشام فارسل علي عليه السّلام اليهما ان كفّا عمّا يبلغني عنكما فاتياه فقالا يا امير المؤمنين السنا محقين قال بلي قالا او ليسوا مبطلين قال بلي قالا فلم منعتنا لمن شتمهم قال كرهت لكم ان تكونوا لعّانين شتّامين تشتمون و تبرّءون و لكن

ص: 1007

لو وصفتم مساوي اعمالهم فقلتم من سيرتهم كذا و كذا و من اعمالهم كذا و كذا كان اصوب في القول و ابلغ في العذر و قلتم مكان لعنكم ايّاهم و براءتكم منهم اللّهمّ احقن دمائهم و دماءنا و اصلح ذات بينهم و بيننا و اهدهم من ضلالتهم حتّي يعرف الحقّ منهم من جهله و يرعوي عن الغيّ و العدوان منهم من لهج به لكان احبّ اليّ و خيرا لكم

295 و من كلامه عليه السّلام

الجمهرة ص 174 عن تاريخ الطّبري قال و مرّ باهل راية فرع اهم لا يزولون عن موقفهم فحرّض عليهم النّاس و ذكر انّهم غسّان فقال انّ هؤلاء لن يزولوا عن موقفهم دون طعن درّاك يخرج منهم النّسم و ضرب يفلق منهم الهام و يطيح العظام و تسقط منه المعاصم و الاكفّ و حتّي يصدع جباههم بعمد الحديد و تنتشر حواجبهم علي الصّدور

296 و من خطبه عليه السّلام

رواها الصّدوق ره في كتابيه التوحيد المطبوع ببمبئي ص 51 و العيون المطبوع بطهران سنة 1317 ه ق ص 68 قال حدثنا ابو العبّاس محمد بن ابراهيم بن اسحق الطالقاني رضي اللّه عنه قال حدّثنا ابو سعيد الحسن بن عليّ العدويّ قال حدّثنا الهيثم بن عبد اللّه الرّماني قال حدّثني عليّ بن موسي الرّضا عن ابيه موسي بن جعفر عن ابيه جعفر بن محمّد عن ابيه محمّد بن عليّ عن ابيه علي بن الحسين عن ابيه الحسين بن

ص: 1008

عليّ عليهم السّلام قال خطب عليّ عليه السّلام في مسجد الكوفة فقال الحمد للّه الّذي لا من شيء كان و لا من شيء كوّن ما قد كان المستشهد بحدوث الاشياء علي ازليّته و بما وسمها به من العجز علي قدرته و بما اضطرّها اليه من الفناء علي دوامه لم يخل منه مكان فيدرك بانّيّة و لا له شبح مثال فيوصف بكيفيّته و لم يغب عن شيء فيعلم بحيثيّته مباين لجميع ما احدث في الصّفات و ممتنع عن الادراك بما ابتدع من تصريف الذّوات و خارج بالكبرياء و العظمة من جميع تصرّف الحالات محرّم علي بوارع ثاقبات الفطن تحديده و علي عوامق نافذات الفكر تكييفه و علي غوايص سابحات النّظر تصويره لا حويه الاماكن لعظمته و لا تدركه المقادير لجلاله و لا تقطعه المقاييس لكبريائه ممتنع عن الاوهام ان تكتنهه و عن الافهام ان تستعرفه و عن الاذهان ان تمثّله و قد يئست من استنباط الاحاطة به طوامح العقول و نضبت عن

ص: 1009

الاشارة اليه بالاكتناه بحار العلوم و رجعت بالصّغر عن السّموّ الي وصف قدرته لطائف الحضوم واحد لا من عدد و دائم لا بامد و قائم لا بعمد ليس بجنس فتعادله الاجناس و لا بشبح فتضارعه الاشباح و لا كالاشياء فتقع عليه الصّفات قد ضلّت العقول في امواج تيّار ادراكه و تحيّرت الاوهام عن احاطة ذكر ازليّته و حصرت الافهام عن استشعار وصف قدرته و غرقت الاذهان في لجج افلاك ملكوته مقتدر بالالأ و ممتنع بالكبرياء و متملّك علي الاشياء فلا دهر يخلقه و لا زمان يبليه و لا وصف يحيط به و قد خضعت له الرّقاب الصّعاب في محلّ تخوم قرارها و اذعنت له رواصن الاسباب في منتهي شواهق اقطارها مستشهد بكلّيّة الاجناس علي ربوبيّته و بعجزها علي قدرته و بفطورها علي قدمته و بزوالها علي بقائه فلا لها محيص عن ادراكه ايّاها و لا خروج من احاطته بها و لا

ص: 1010

احتجاب عن احصائه لها و لا امتناع من قدرته عليها كفي باتقان الصّنع لها اية و بمركّب الطّبع عليها دلالة و بحدوث الفطر عليها قدمة و باحكام الصّنعة لها عبرة فلا اليه حدّ منسوب و لا له مثل مضروب و لا شيء عنه محجوب تعالي عن ضرب الامثال و الصّفات المخلوقة علوّا كبيرا و اشهد ان لا آله الاّ اللّه ايمانا بربوبيّته و خلافا علي من انكره و اشهد انّ محمّدا عبده و رسوله المقرّ في خير مستقرّ المتناسخ من اكارم الاصلاب و مطهّرات الارحام المخرج من اكرم المعادن محتدا و افضل المنابت منبتا من امنع ذروة و اعزّ ارومة(جرثومة خ ل)من الشّجرة الّتي صاغ اللّه منها انبياءه و انتجب منها امناءه الطّيّبة العود المعتدلة العمود الباسقة الفروع النّاضرة الغصون اليانعة الثّمار الكريمة الجنا في كرم غرست و في حرم ابنتت و تشعّبت و اثمرت و عزّت و امتنعت فسمت به و شمخت حتّي اكرمه اللّه عزّ و جلّ بالرّوح الامين و النّور المبين و الكتاب

ص: 1011

المستبين و سخّر له البراق و صافحته الملائكة و ارعب به الابالسه و هدم به الاصنام و الالهة المعبودة دونه سنّة الرّشد و سيرته العدل و حكمه الحقّ صدع بما امره به ربّه و بلّغ ما حمله حتّي افصح بالتّوحيد دعوته و اظهر في الخلق ان لا آله الاّ اللّه وحده لا شريك له حتّي خلصت الوحدانيّة و صفّت الرّبوبيّة فاظهر اللّه بالتّوحيد حجّته و اعلي بالاسلام درجته و اختار اللّه عزّ و جلّ لنبيّه ما عنده من الرّوح و الدّرجة و الوسيلة صلّي اللّه عليه و آله الطّاهرين

297 و من خطبه عليه السّلام

ارشاد المفيد ص 124 قال و من كلامه عليه السّلام حين قدم الكوفة من البصرة بعد حمد اللّه و الثناء عليه امّا بعد فالحمد للّه الّذي نصر وليّه و خذل عدّوه و اعزّ الصّادق المحقّ و اذلّ الكاذب المبطل عليكم يا اهل هذا المصر بتقوي اللّه و طاعة من اطاع اللّه من اهل بيت نبيّكم الّذين هم اولي بطاعتكم من المنتحلين المدّعين القائلين الينا يتفضّلون بفضلنا و يجاحدونا امرنا و ينازعونا حقّنا و

ص: 1012

يدفعونا عنه و قد ذاقوا وبال ما اجترحوا فسوف يلقون غيّا قد قعدت عن نصرتي منكم رجال و انا عليهم عاتب زار فاهجروهم و اسمعوهم ما يكرهون حتّي يعتبونا و نري منهم ما نحبّ

298 و من كلامه عليه السّلام

ارشاد المفيد رحمه اللّه ص 127 قال عليه السّلام معاشر المسلمين انّ اللّه قد دلّكم علي تجارة تنجيكم من عذاب اليم و تشفي بكم علي الخير العظيم الايمان باللّه و برسوله و الجهاد في سبيله و جعل ثوابه مغفرة الذّنب و مساكن طيّبة في جنّات عدن ثمّ اخبركم انّه يحبّ الّذين يقاتلون في سبيله صفّا كانّهم بنيان مرصوص فقدّموا الذّراع و اخّروا الخاصر و عضّوا علي الاضراس فانّه انبا للسّيوف علي الهام و التووا في اطراف الرّماح فانّه امور للاسّنة و غضّوا الابصار فانّه اربط للجاش و اسكن للقلوب و اميتوا الاصوات فانّه اطرد للفشل و اولي بالوقار و رايتكم فلا تميلوها و لا تخلّوها و لا تجعلوها الاّ في ايدي شجعانكم

ص: 1013

فانّ المانعين للذّمار و الصّابرين علي نزول الحقائق اهل الحفاظ الّذين يحفّون براياتهم و يكشفونها رحم اللّه امرء منكم اسا اخاه بنفسه و لم يكل قرنه الي اخيه فيجتمع عليه قرنه و قرن اخيه فيكتسب بذلك لائمة و يأتي به دنائة و لا تعرضوا لمقت اللّه و لا تفرّوا من الموت فانّ اللّه سبحانه تعالي يقول قل لن ينفعكم الفراران فررتم من الموت او القتل و اذا لا تمتّعون الاّ قليلا و ايم اللّه لئن فررتم من سيف العاجلة لا تسلموا من سيف الاخرة فاستعينوا بالصّبر و الصّلوة و الصّدق في النّيّة فانّ اللّه تعالي بعد الصّبر ينزل النّصر

299 و من كلامه عليه السّلام

الجزء الثالث من كتاب الكامل لابن الاثير طبع مصر ص 135 قال قام اليه اهل الكوفة فحمد اللّه و اثني عليه ثم قال امّا بعد فانّه من ترك الجهاد في اللّه و ادهن في امره كان علي شفا هلكة الاّ ان يتداركه اللّه بنعمته فاتّقوا اللّه و قاتلوا من حادّ اللّه و رسوله و حاول ان يطفيء نور اللّه فقاتلوا الخاطئين

ص: 1014

الضّالّين القاسطين الّذين ليسوا بقرّاء القرءان و لا فقهاء الدّين و لا علماء في التّاويل و لا لهذا الامر باهل في سابقة الاسلام و اللّه لو ولّوا عليكم لعملوا فيكم باعمال كسري و هرقل تيسّروا للمسير الي عدوّكم من اهل المغرب و قد بعثنا الي اخوانكم من اهل البصرة ليقدّموا عليكم فاذا اجتمعتم شخصنا ان شاء اللّه و لا حول و لا قوّة الاّ باللّه

300 و من كلامه عليه السّلام

الجزء الثالث من كتاب الكامل ص 136 قال فجمع اليه رؤس اهل الكوفة و رءوس الاسباع و وجوه النّاس فحمد اللّه و اثني عليه ثم قال يا اهل الكوفة أنتم اخواني و انصاري و اعواني علي الحقّ و اصحابي الي جهاد المحلّين بكم اضرب المدبر و ارجو تمام طاعة المقبل و قد استنفرت اهل البصرة فاتاني منهم ثلاثة الاف و ماتان فليكتب لي رئيس كلّ قبيلة ما في عشيرته من المقاتلة و أبناء المقاتلة الّذين ادركوا القتال و عبدان عشيرته و مواليهم و يرفع ذلك الينا

301 و من كلامه عليه السّلام

ص: 1015

الجزء الثالث من الكامل ص 137 قال فلما فرغ من اهل النهر حمد اللّه و اثني عليه ثم قال لو سرنا في السّاعة الّتي امر بها المنجّم فظفر(و كان المنجم مسافر بن عفيف الازديّ)و ساق في الكامل الكلام الي ان قال و اتاهم علي عليه السّلام فقال ايّتها العصابة الّتي اخرجها عداوة المراء و اللّجاجة و صدّها عن الحقّ الهوي و طمع بها النّزق و اصبحت في الخطب العظيم الي نذير لكم ان تصبحوا تلعنكم الامّة غدا صرعي باثناء هذا الوادي و باهضام هذا الغائط بغير بيّنة من ربّكم و لا برهان مبين الم تعلموا انّي نهيتكم عن الحكومة و نبّاتكم انّها مكيدة و انّ القوم ليسوا باصحاب دين فعصيتموني فلمّا فعلت شرطت و استوثقت علي الحكمين ان يحييا ما احيا القرءان و يميتا ما امات القرءان فاختلفا و خالفا حكم الكتاب و السّنّة فنبذنا امرهما و نحن علي الامر الاوّل فمن اين اتيتم فقالوا انا حكمنا فلمّا حكمنا اثمنا و كنّا بذلك كافرين و قد تبنا فان تبت فنحن (فانّا خ ل)منا ؟؟؟؟؟ذوك علي سواء فقال عليّ عليه السّلام ما اصابكم حاصب و لا

ص: 1016

بقي منكم و ابر ابعد ايماني برسول اللّه صلّي اللّه عليه(و آله)و سلّم و هجرتي معه و جهادي في سبيل اللّه اشهد علي نفسي بالكفر لقد ضللت اذا و ما انا من المهتدين ثم انصرف عنهم

303 و من كلامه عليه السّلام

كتاب نصر بن مزاحم المنقري التميمي الكوفي الملقب بالعطار قال الشيخ في رجاله هو من اصحاب الباقر عليه السّلام-المطبوع في طهران بالحجر سنة احدي و ثلاثمائة بعد الالف الهجرية القمرية ص 3 قال انه عليه السّلام خطبها حين نزوله الي الكوفة حين قالوا يا امير المؤمنين اين تنزل اتنزل القصر فقال لا و لكنّي انزل الرّحبة فنزلها و اقبل حتّي دخل المسجد الاعظم فصلّي فيه ركعتين ثم صعد المنبر فحمد اللّه و اثني عليه و صلّي اللّه علي رسوله و قال امّا بعد يا اهل الكوفة فانّ لكم في الاسلام فضلا ما لم تبدّلوا و تغيّروا دعوتكم الي الحقّ فاجبتم و بدءتم بالمنكر فغيّرتم الا انّ فضلكم فيما بينكم و بين اللّه فانّما في الاحكام و القسم فانتم اسوة من اجابكم و دخل فيما دخلتم فيه الا انّ اخوف ما اخاف عليكم اتّباع الهوي و طول الامل فامّا اتّباع الهوي فيصدّ عن الحقّ و امّا طول الامل فينسي الاخرة الا انّ الدّنيا قد ترحّلت مدبرة و الاخرة قد ترحّلت مقبلة و لكل واحدة منها بنون فكونوا من أبناء الاخرة اليوم عمل و لا حساب و غدا حساب و لا عمل الحمد للّه الّذي

ص: 1017

نصر وليّه و خذل عدوّه و اعزّ الصّادق المحقّ و اذّل النّاكث المبطل عليكم بتقوي اللّه و طاعة من اطاع اللّه من اهل بيت نبيّكم الّذين هم اولي بطاعتكم فيما اطاعوا اللّه فيه من المنتحلين المدّعين المقابلين الينا يتفضّلون بفضلنا و يجاحدونا امرنا و ينازعونا حقّنا و يدا فعونا عنه فقد ذاقوا و بال ما اجترحوا فسوف يلقون غيّا الا انّه قد قعدت عن نصرتي منكم رجال فانا عليهم عاتب زار فاهجروهم و اسمعوهم ما يكرهون حتّي يعتبوا ليعرف بذلك حزب اللّه عند الفرقة

303 و من كلامه عليه السّلام

في المجلد السّابع عشر من كتاب بحار الانوار للعلامة المجلسي ره ص عن كتاب مطالب السّئوال لكمال الدين محمد بن طلحة الشافعيّ قال قال عليه السّلام العالم حديقة سياجها الشّريعة و الشّريعة سلطان يجب له الطّاعة و الطّاعة سياسة يقوم بها الملك و الملك راع يعضده الجيش و الجيش اعوان يكفلهم المال و المال رزق يجمعه الرّعيّة و الرّعيّة سواد يستعبدهم العدل و العدل

ص: 1018

اساس به قوام العالم و في نسخة اخري ثم قال ثلاثا فبالعدل قوام العالم

304 و من خطبه عليه السّلام

المناقب للحافظ ابو المؤيد الموفق بن احمد بن محمّد البكري المكّي الحنفي المعروف باخطب الخطباء اخطب خوارزم المتولد سنة(484)ه ق و المتوفي سنة(568)من منشورات المطبعة الحيدريّة و مكتبتها في النجف الاشرف سنة(1385)الهجرية القمرية ص 117 في الفصل الثاني في قتال اهل الجمل قال جمع(عليه السّلام من بايعه من الناس فخطبهم فقال(ع) يا ايّها النّاس انّي قد تانيّت هؤلاء القوم و راقبتهم و ناشدتهم كيما يرجعوا و يرتدعوا فلم يفعلوا و لم يستجيبوا و قد بعثوا اليّ ان اصبر للطّعان و اثبت للجلاد و قد كنت و ما اهدّد بالحروب و ما لا ادعي اليها و قد انصف الغارة من راماها و لعمري لئن ابرقوا و ارعدوا فقد عرفوني و راو انكايتي انا ابو الحسن الّذي فللت حدّهم و فرّقت جماعتهم فبذلك القلب القي عدوّي و انا علي بيّنة من ربّي لما وعدني من النّصر و الظّفر و انّي لعلي غير شبهة من امري الا و انّ الموت لا يفوته المقيم و لا يعجزه الهارب و من لم يقتل يمت و انّ افضل الموت القتل و الّذي نفس عليّ بيده لالف ضربة بالسّيف اهون عليّ من ميتة علي الفراش ثمّ رفع يده الي السّماء و هو يقول

ص: 1019

اللّهمّ انّ طلحة بن عبيد اللّه اعطاني صفقة يمينه طائعا ثمّ نكث بيعتي اللّهمّ فعاجله و لا تمهله اللّهمّ و انّ الزّبير بن العوّام قطع قرابتي و نكث عهدي و ظاهر عداوتي و نصب الحرب لي و هو يعلم انّه ظالم فاكفنيه كيف شئت و انّي شئت

305 و من خطبة عليه السّلام

المناقب للخوارزمي ايضا ص 149 قال ان معاوية ارسل الي عليّ بن ابي طالب اثني عشر رجلا في طلب الماء فاتوا عليّا عليه السّلام فخرج عليّ و عليه رداء رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و نصب له كرسيّ فجلس عليه ثم تكلم من الشاميّين حوشب فقال ملكت فاسجح(فاسمح) وجد علينا بالماء و اعف عمّا سلف من معاوية الي ان قال ثم ان امير المؤمنين عليّا عليه السّلام حمد اللّه و اثني عليه بما هو اهله و صلّي علي رسوله محمّد و آله الطيبين الطاهرين ثم قال معاشر النّاس انا اخو رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و وصيّه و وارث علمه خصّني و حباني بوصيّته و اختارني من بينهم و زوّجني ابنته بعد ما خطبها عدّة من اصحابه فلم يزوّجهم و انّما زوّجنيها بامر اللّه تعالي فوهب لي منها ذرّيّة طيّبة فمن اعطي مثل ما اعطيت انا الّذي عمّي سيّد الشّهداء و اخي يطير مع الملائكة في الجنّة حيث يشاء بجناحين مكلّلين بالدرّ و الياقوت انا صاحب الدّعوات انا

ص: 1020

صاحب النّقمات انا صاحب الايات الحجبات انا قرن من حديد انا ابدا جديد انا ابو الارامل و اليتامي انا مبيد الجبارين و كهف المتّقين و سيّد الوصيّين و امير المؤمنين و حبل اللّه المتين و الكهف الحصين و العروة الوثقي الّتي لا انفصام لها و اللّه سميع عليم قولوا المعاوية ليشرب و ليسق دوابّه لا يمنعه مانع و لا يحول بينه و بين الماء حائل

306 و من كلامه عليه السّلام

المناقب له ايضا ص 265 قال عن احمد بن الحسين هذا اخبرنا ابو عبد اللّه محمد بن عبد اللّه الحافظ حدّثنا ابو محمّد القاسم بن غانم بن الحسين اخبرني ابو الحجاف الفروس ابن القرضاب البرني من ولد عفير صاحب رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله قال حدثني عبيد بن الصّباح النهدي حدثني زرعة بن شداد حدثني شجاع بن وداعة صاحب جابر بن عبد اللّه الانصاري قال حدثني جابر قال دخلت علي امير المؤمنين عليه السّلام لاعوده من بعض علله فلمّا نظر اليّ قال يا جابر بن عبد اللّه قوام الدّين بأربعة عالم مستعمل لعلمه و جاهل لا يستنكف ان يتعلّم و غنّي جواد بمعروفه و فقير لا يبيع اخرته بدنياه فاذا اغطي العالم علمه استنكف الجاهل ان يتعلّم و اذا بخل الغنيّ بمعروفه باع الفقير اخرته بدنياه و اذا كان كذلك يا جابر بن عبد اللّه فالويل كلّ الويل سبعين مرّة يا جابر من كثرت نعم اللّه عنده كثرت

ص: 1021

حوائج النّاس اليه فان قام بما امر اللّه عرضها للدّوام فان لم يعمل بما امر اللّه بها عرضها للزّوال و انشأ امير المؤمنين يقول ما احسن الدّنيا و اقبالها اذا اطاع اللّه من نالها

من لم يواس النّاس من فضله عرّض للاقبال ادبارها

فاحذر زوال الفضل يا جابرا و اعط من الدّنيا لمن سالها

فانّ ذا العرش جزيل العطاء يضعف بالجنّة امثالها

قال جابر ثم هزّني اليه هزّة خيل لي انّ عضدي خرجت من كاهلي قال يا جابر بن عبد اللّه حوائج النّاس اليكم نعم من اللّه عليكم فلا تملّوا النّعم فتحلّ بكم النّقم و اعلموا انّ خير المال ما اكتسب به حمدا و اعقب اجرا ثم انشاء يقول لا تخضعنّ لمخلوق علي طمع فانّ ذلك و هن منك في الدّين

و سل الهك ممّا في خزائنه فانّما هي بين الكاف و النّون

اما تري كلّ من ترجو و تامله من البريّة مسكين بن مسكين

ما احسن الجود في الدّنيا و في الدّين و اقبح البخل ممّن صيغ من طين

ص: 1022

ثم قال جابر بن عبد اللّه فهممت ان اقوم فقال و انا معك يا جابر قال فلبس نعليه و القي ردائه علي منكبيه و طائفه فوق قذ اليه فلمّا ان بلغنا جبانة الكوفة سلّم علي اهل القبور فسمعت ضجّة و هدّة فقلت يا امير المؤمنين ما هذه الضجّة و ما هذه الهدة فقال هؤلاء اخواننا كانوا بالامس معنا و اليوم فارقونا اخوان لا يتزاورون و اودّاء لا يعادون ثم خلع نعليه و حسر عن رأسه و ذراعيه و قال يا جابر بن عبد اللّه اعطوا من دنياكم الفانية لاخرتكم الباقية و من حياتكم لموتكم و من صحّتكم لسقمكم و من غناكم لفقركم اليوم في الدّور و غدا في القبور و الي اللّه تصير الامور ثم انشاء امير المؤمنين عليه السّلام يقول سلام علي اهل القبور الدّوارس كانّهم لم يجلسوا في المجالس و لم يشربوا من بارد الماء شربة و لم يأكلوا من كلّ رطب و يابس

307 و من خطبه عليه السّلام

المناقب للخوارزمي ايضا ص 467 قال عن احمد بن الحسين هذا اخبرنا ابو الحسين بن و شران حدّثنا علي بن الحسين بن عبد اللّه عن عبد اللّه بن صالح بن مسلم العجلي اخبرنا رجل من بني شيبان انّ عليّ بن ابي طالب عليه السّلام خطب فقال الحمد للّه احمده و استعينه و او من به و اتوكّل عليه و اشهد ان لا آله الاّ اللّه وحده لا شريك له و انّ محمّدا عبده و رسوله ارسله بالهدي و دين الحقّ ليزيح به علّتكم و

ص: 1023

يوقظ به غفلتكم و اعلموا انّكم ميّتون و مبعوثون من بعد الموت و موقوفون علي اعمالكم و مجزّيون بها فلا تغرّنّكم الحيوة الدّنيا فانّها دار بالبلاء محفوفة و بالفناء معروفة و بالغدر موصوفة و كلّ ما فيها الي زوال و هي بين اهلها دول و سجال لا تدوم احوالها و لن يسلم من شرّها نزّالها بينا اهلها منها في رخاء و سرور اذا هم منها في بلاء و غرور احوال مختلفة و تارات متصرّفة العيش فيها مذموم و الرّخاء فيها لا يدوم و انّما اهلها فيها اغراض مستهدفة ترميهم بسهامها و تقصمهم بحمامها و كلّ حتفه فيها مقدور و حظّه فيها موفور و اعلموا عباد اللّه انّكم و ما أنتم فيه من هذه الدّنيا علي سبيل من قد مضي من كان اطول منكم اعمارا و اشدّ منكم بطشا و اعمر ديارا و ابعد اثارا فاصبحت اصواتهم هامدة من بعد طول تعلّيها و اجسادهم بالية و ديارهم خالية و اثارهم عافية و استبدلوا بالقصور المشيّدة و السّرر

ص: 1024

المنضّدة و النّمارق الممهّدة الصّخور و الاحجار المسنّدة في القبور الّلاطية الملحّدة الّتي قد بني علي الخراب فنائها و شيّد بالتّراب بناؤها فحلّها مقترب و ساكنها مغترب بين اهل عمارة موحشين و اهل محلّة متشاغلين لا يستأنسون بالعمران و لا يتواصلون تواصل الجيران و الاخوان علي ما بينهم من قرب الجوار و دنوّ الدّار و كيف يكون بينهم تواصل و قد طحنهم بكلكله البلي و اكلتهم الجنادل و الثّري فاصبحوا بعد الحيوة امواتا و بعد غضارة العيش رفاتا فجع بهم الاحباب و سكنوا التّراب و ظعنوا فليس لهم اياب هيهات هيهات كلاّ انّها كلمة هو قائلها و من ورائهم برزخ الي يوم يبعثون فكان قد صرتم الي ما صاروا اليه من البلي و الوحدة في دار الثّوي و ارتهنتم في ذلك المضجع و ضمّكم ذلك المستودع فكيف بكم لو قد تناهت الامور و بعثرت القبور و حصّل ما في الصّدور و وقفتم للتّحصيل بين يدي الملك الجليل فطارت القلوب لاشفاقها من

ص: 1025

سالف الذّنوب و هتكت عنكم الحجب و الاستار و ظهرت منكم العيوب و الاسرار هنا لك تجزي كلّ نفس بما كسبت انّ اللّه عزّ و جلّ يقول ليجزي الّذين اساءوا بما عملوا و نجزي الّذين احسنوا بالحسني و قال و وضع الكتاب فتري المجرمين مشفقين ممّا فيه و يقولون يا ويلتا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة و لا كبيرة الاّ احصاها و وجدوا ما عملوا حاضرا و لا يظلم ربّك احدا جعلنا اللّه و ايّاكم عاملين بكتابه متّبعين لاوليائه حتّي يحلّنا و ايّاكم دار المقامة من فضله انّه حميد مجيد

308 و من كلامه عليه السّلام

المناقب للخوارزمي ايضا قال بالاسناد عن احمد بن الحسين هذا اخبرنا ابو زكريّا بن ابي اسحق حدثنا ابو محمّد احمد بن عبد اللّه المزني حدثني عبد اللّه بن مسلم بن عتام بن حفص بن غياث حدثني سفيان بن وكيع حدّثني سفيان بن عيينه عن محمد بن سوقه عن العلاء بن عبد الرّحمن قال قام رجل الي عليّ بن ابي طالب عليه السّلام فقال يا امير المؤمنين ما الايمان فقال الايمان علي اربع دعائم علي الصّبر و العدل و اليقين و الجهاد و الصّبر من ذلك علي اربع شعب علي الشّوق و الشّفق و الزّهد و الترقّب فمن

ص: 1026

اشتاق الي الجنّة سلا عن الشّهوات و من اشفق من النّار رجع عن المحرّمات و من زهد في الدّنيا هانت عليه المصيبات و من ترقّب الموت سارع الي الخيرات و العدل علي اربع شعب تبصرة الفطنة و تاويل الحكمة و موعظة العبرة و سنّة الاوّلين فمن تبصّر في الفطنة تاوّل الحكمة و من تاوّل الحكمة عرف العبرة و من عرف العبرة فكانّما كان في الاوّلين و اليقين علي اربع شعب غايص الفهم و غرر العلم و زهرة الحكم و روضة الحلم فمن فهم علم غرر العلم و من عرف غرر العلم صدر عن شرائع الحكم و من عرف شرائع الحكم حلم و عاش في النّاس و لم يفرط و الجهاد علي اربع شعب الامر بالمعروف و النّهي عن المنكر و الصّدق في المواطن و شنئان الفاسقين فمن امر بالمعروف شدّ ظهر المؤمن و من نهي عن المنكر ارغم انف المنافق و من صدق في المواطن فقد قضي ما عليه و من شنا الفاسقين و غضب للّه غضب اللّه له و ما اكتحل رجل بمثل ميل الحزن فقام الرّجل الي رأس عليّ عليه السّلام فقبله

ص: 1027

309 و من كلامه عليه السّلام

المناقب للخوارزمي ص 262 قال و بهذا الاسناد عن احمد بن الحسين هذا اخبرنا ابو الحسين بن بشران اخبرنا ابو علي بن صفوان حدثني عبد اللّه بن ابي الدنيا حدثني الحسين بن عبد الرّحمن حدثني الحسين بن عبد اللّه التّميمي بن محمّد عن شيخ من بني عدي قال قال رجل لعلي بن ابي طالب عليه السّلام صف لنا الدّنيا فقال و ما اصف لك من دار من صحّ فيها امن و من سقم فيها ندم و من افتقر فيها حزن و من استغني فيها فتن في حلالها حساب و في حرامها النّار

310 و من كلامه عليه السّلام

المناقب ايضا ص 262 و بهذا الاسناد عن احمد بن الحسين هذا اخبرنا ابو عبد اللّه الحافظ حدّثني ابو جعفر محمد بن عليّ الزوزني الاديب اخبرنا علي بن القاسم النحوي الاديب قال سمعت عبد اللّه بن عروة الهروي يذكر باسناده عن الاحنف بن قيس قال ما سمعت بعد كلام رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله احسن من كلام علي بن ابي طالب عليه السّلام حيث يقول انّ للنّكبات نهايات لا بدّ لاحد اذا نكب من ان ينتهي اليها فينبغي للعاقل اذا اصابته نكبة ان ينام لها حتّي تنقضي مدّتها فانّ في دفعها قبل انقضاء مدّتها زيادة في مكروهها و في مثله يقول القائل الدّهر يخنق احيانا قلادته فاصبر عليه و لا تجزع و لا تثب

حتّي يفرّجها في حال شدّتها فقد يزيد اختناقا كلّ مضطرب

ص: 1028

311 و من خطبة عليه السّلام

خطبة نقلها جمع من اجلاء العلماء و المحدثين من العامة و الخاصّة باختلاف كثير منهم السيّد ره في المنج و الكليني في الكافي و مؤلف تحف العقول في التحف و سليم بن قيس في كتابه و مثله الصّدوق ره في الامالي و غيرهم من الخاصة و من العامة ابن حجر في الصّواعق المحرقة و غيره منها في غيره بطرق عديدة و اني ذكرت هذه الخطبة في كتابي هذا عن الكافي و عن الصّواعق و في هذا الجزء كرّرتها ايضا لما فيها من اختلاف كثير عن كتاب الامالي للشيخ الصّدوق ره ما فيها من البسط و الزيادة و لئلا يفوت عن الناظر في الكتاب الفوائد التي اختصت كلّ رواية بها و لان ناقلها ايضا اقدم زمانا من السيّد الرضي رضي اللّه عنهما و ارضاهما و هي هذه قال الصدوق ره في المجلس الرابع و الثمانين من الامالي حدّثني محمد بن الحسن بن احمد بن الوليد رضي اللّه عنه قال حدثني محمد بن الحسن الصّفار قال حدثنا محمد بن حسّان الواسطي عن عمّه عبد الرحمن بن كثير الهاشمي عن جعفر بن محمّد عن ابيه عليهما السّلام قال جاء رجل من اصحاب امير المؤمنين عليه السّلام يقال له همام و كان عابدا فقال له يا امير المؤمنين صف لي المتقين حتّي كاني انظر اليهم فتثاقل امير المؤمنين عليه السّلام عن جوابه ثم قال ويحك يا همام اتق اللّه و احسن فان اللّه مع الذين اتقوا و الذين هم محسنون فقال همام يا امير المؤمنين أسألك بالّذي اكرمك بما خصّك به و حباك و فضّلك و بما اتاك و اعطاك لمّا و صفتهم لي فقام امير المؤمنين عليه السّلام قائما علي قدميه فحمد اللّه و اثني عليه و صلّي علي النّبي و آله و قال امّا بعد فانّ اللّه عزّ و جلّ خلق الخلق حيث خلقهم غنيّا عن طاعتهم امنا لمعصيتهم لانّه لا تضرّه معصية من عصاه منهم و لا ينفعه طاعة من اطاعه منهم و قسم بينهم معايشهم و وضعهم في الدّنيا مواضعهم و انّما اهبط اللّه ادم و حوّا عليهما السّلام من الجنّة عقوبة لما صنعا حيث نهاهما فخالفاه و امرهما فعصياه فالمتّقون فيها هم اهل الفضائل منطقهم

ص: 1029

الصّواب و ملبسهم الاقتصاد و مشيهم التّواضع خشعوا للّه عزّ و جلّ بالطّاعة فتهبّوا فهم غاضّون ابصارهم عمّا حرّم اللّه عليهم واقفين اسماعهم علي العلم نزلت انفسهم منهم في البلاء كالّتي نزلت منهم في الرّخاء رضا منهم عن اللّه بالقضاء و لو لا الاجال الّتي كتبت عليهم لم تستقرّ ارواحهم في اجسادهم طرفة عين شوقا الي الثّواب و خوفا من العقاب عظم الخالق في انفسهم و وضع ما دونه في اعينهم فهم في الجنّة كمن رءاها منعّمون فهم فيها متّكئون و هم في النّار كمن رءاها فهم فيها معذّبون قلوبهم محزونة و شرورهم مامونة و اجسادهم نحيفة و حوائجهم خفيفة و انفسهم عفيفة و مؤنتهم من الدّنيا عظيمة صبروا ايّاما قصارا اعقبتهم راحة طويلة تجارة مربحة يسّرها لهم ربّ كريم ارادتهم الدّنيا فلم يريدوها و طلبتهم فاعجزوها امّا اللّيل فصافّون اقدامهم تالين لاجزاء القرءان يرتّلونه ترتيلا يحزنون به انفسهم و يستشيرون

ص: 1030

به دواء دائهم و يهيّج احزانهم بكاء علي ذنوبهم و وجع علي كلوم جراحهم و اذا مرّوا باية فيها تخويف اصغوا اليها مسامع قلوبهم و ابصارهم فاقشعرّت منها جلودهم و وجلت منها قلوبهم فظّنوا انّ صهيل جهنّم و زفيرها و شهيقها في اصول اذانهم و اذا مرّوا باية فيها تشويق ركنوا اليها طمعا و تطلعّت انفسهم اليها شوقا و ظنّوا انّها نصب اعينهم جاثين علي اوساطهم يمجّدون جبّارا عظيما مفترشين جباههم و اكفهّم و ركبهم و اطراف اقدامهم تجري دموعهم علي خدودهم يجارون الي اللّه في فكاك رقابهم امّا النّهار فحلماء علماء بررة اتقياء قد برءهم الخوف فهم امثال القداح ينظر اليهم النّاظر فيحسبهم مرضي و ما بالقوم من مرض او يقول قد خولطوا فقد خالط القوم امر عظيم اذا فكروا في عظمة اللّه و شدّة سلطانه معما يخالطهم من ذكر الموت و اهوال القيمة فزع ذلك قلوبهم فطاشت حلومهم و ذهلت عقولهم

ص: 1031

فاذا استقاموا بادروا الي اللّه عزّ و جلّ بالاعمال الزّكيّة لا يرضون للّه بالقليل و لا يستكثرون له الجزيل فهم لانفسهم متّهمون و من اعمالهم مشفقون ان زكيّ احدهم خاف ما يقولون و يستغفر اللّه ممّا لا يعلمون و قال انا اعلم بنفسي اللّهمّ لا تؤاخذني بما يقولون و اجعلني خيرا ممّا يظنّون و اغفر لي ما لا يعلمون فانّك علاّم الغيوب و ساتر العيوب و من علامة احدهم انّك تري له قوّة في دين و حزما في لين و ايمانا في يقين و حرصا علي العلم و فهما في فقه و علما في حلم و كسبا في رفق و شفقة في نفقة و قصدا في غني و خشوعا في عبادة و تجمّلا في فاقة و صبرا في شدّة و رحمة للمجهود و اعطاء في حقّ و رفقا في كسب و طلبا للحلال و نشاطا في الهدي و تحرّجا عن الطّمع و برءا في استقامة و اغماضا عند شهوة لا يغرّه ثناء من جهله و لا يدع احصاء ما علمه مستبطيا لنفسه في العمل و يعمل الاعمال الصّالحة و هو علي

ص: 1032

و جل يمسي و همّه الشّكر و يصبح و شغله الذّكر يبيت حذرا لما حذر من الغفلة فرحا لما اصاب من الفضل و الرّحمة ان استصعب عليه نفسه لم يعطها سؤلها فيما فيه مضرّته ففرحه فيما يخلّد و يدوم و قرّة عينه فيما لا يزول و رغبته فيما يبقي و زهادته فيما يفني يمزج العلم بالحلم و يمزج الحلم بالعقل تراه بعيدا كسله دائما نشاطه قريبا امله قليلا زلله متوقّعا اجله خاشعا قلبه ذاكرا ربّه خائفا ذنبه قانعة نفسه متغيّبا جهله سهلا امره حريزا لدينه ميّتة شهوته كاظما غيظه صافيا خلقه امنا منه جاره ضعيفا كبره متينا صبره كثيرا ذكره محكما امره لا يحدّث بما يؤتمن عليه الاصدقاء و لا يكتم شهادته الاعداء و لا يعمل شيئا من الحقّ رياء و لا يتركه حياء الخير منه مامول و الشّرّ منه مامون ان كان من الغافلين كتب من الذّاكرين و ان كان من الذّاكرين لم يكتب من الغافلين

ص: 1033

يعفوا عمّن ظلمه و يعطي من حرمه و يصل من قطعه و لا يعزب حلمه و لا يعجل فيما يريبه و يصفح عمّا قد تبيّن له بعيدا جهله ليّنا قوله غائبا مكره قريبا معروفه صادقا قوله حسنا فعله مقبلا خيره مدبرا شرّه فهو في الزّلازل و قور و في المكاره صبور و في الرّخاء شكور لا يحيف علي من يبغض و لا يأثم فيمن يحبّ و لا يدّعي ما ليس له و لا يجحد حقّا هو عليه و يعترف بالحقّ قبل ان يشهد عليه لا يضيع ما استحفظ و لا يتنابز بالالقاب لا يبغي علي احد و لا يهمّ بالحسد و لا يضرّ بالجار و لا يشمت بالمصائب سريع للصّواب مؤدّ للامانات بطيء عن المنكرات يأمر بالمعروف و ينهي عن المنكر لا يدخل في الامور بجهل و لا يخرج عن الحقّ بعجز ان صمت لم يغمّه الصّمت و ان نطق لم يقل خطأ و ان ضحك لم يعل صوته سمعه قانعا بالّذي قدّر له لا يحجج؟؟؟ به الغيظ و لا يغلبه الهوي و لا

ص: 1034

يقهره الشّحّ و لا يطمع فيما ليس له يخالط النّاس ليعلّم و يصمت ليسلم و يسئل ليفهم و يبحث ليعلم لا ينصت للخير ليفخر به و لا يتكلّم ليتجبّر علي من سواه ان بغي عليه صبر حتّي يكون اللّه الّذي ينتقم له نفسه منه في عناء و النّاس منه في راحة اتعب نفسه لاخرته و اراح النّاس من نفسه بعد من تباعد عنه بغض و نزاهة و دنوّ من دني منه لين و رحمة فليس؟؟؟ اعده بكبر و لا عظمة و لادنوّه لخديعة و لا خلابة بل يقتدي بمن كان قبله من اهل الخير فهو امام لمن خلفه من اهل البرّ قال فصعق همام صعقة كادت نفسه فيها فقال امير المؤمنين عليه السّلام اما و اللّه لقد كنت لنا فما عليه و امر به فجهّز و صلّي عليه و قال هكذا تصنع المواعظ البالغة باهلها فقال قائل فما بالك انت يا امير المؤمنين فقال ويلك انّ لكلّ اجلا لن يعدوه و سببا لا يجاوزه فمهلا لا تعد فانّه انّما نفث هذا القول علي لسانك الشّيطان

312 و من كلامه عليه السّلام

ص: 1035

المجلّد الخامس عشر من البحار للعّلامة المجلسي ره ص 118 عن تفسير فراة بن ابراهيم عن عبيد بن معنعنا عن امير المؤمنين عليه السّلام عليّ بن ابي طالب قال انا و رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله علي الحوض و معنا عترتنا فمن ارادنا فلياخذ بقولنا و ليعمل باعمالنا فانّا اهل بيت لنا شفاعة فتنافسوا في لقاءنا علي الحوض فانّا نذود اعدائنا عنه و نسقي منه اولياءنا و من شرب منه لم يظمأ ابدا و حوضنا متّرع فيه مثعبان يصبّان من الجنّة احدهما تسنيم و الاخر معين حافيته الزّعفران و حصباه الدّر و الياقوت و انّما الامور الي اللّه و ليست الي العباد و لو كانت الي العباد ما اختاروا علينا احدا و لكنّه يختصّ برحمته من يشاء من عباده فاحمد اللّه علي ما اختصّكم به من النّعم(باريء النّعم خ ل)و علي طيب المولد فانّ ذكرنا اهل البيت شفاء من الوعك و الاسقام و وسواس الرّيب و انّ حبّنا(محبّتنا خ ل)رضا الرّبّ و الاخذ بامرنا و طريقتنا معنا غدا في خطيرة القدس و المنتظر لامرنا كالمتشحّط بدمه في

ص: 1036

سبيل اللّه و من سمع و اعيتنا فلم ينصرنا اكبّه اللّه علي منخريه في النّار نحن الباب اذا تعبوا فضاقت بهم المذاهب نحن باب حطّة و هو باب الاسلام(السّلام خ ل)من دخله نجا و من تخلّف عنه هوي بنا فتح اللّه و بنا يختم و بنا يمحوا اللّه ما يشاء و يثبت و ربنا ينزّل الغيث فلا يعزّنّكم باللّه الغرور لو تعلمون ما لكم في الغنايم (المقام خ ل)بين اعداءكم و صبركم علي الادي لقرّت اعينكم و لو فقدتموني لرايتم امورا يتمنّي احدكم الموت ممّا يري من الجور و العدوان و الاثرة و الاستخفاف بحقّ اللّه و الخوف فاذا كان كذلك فاعتصموا بحبل اللّه جميعا و لا تفرّقوا و عليكم بالصّبر و الصّلوة و التّقيّة و اعلموا انّ اللّه تبارك و تعالي يبغض من عباده المتلوّن فلا تزولوا عن الحقّ و ولاية اهل الحقّ فانّه من استبدل بنا هلك و من اتّبع اثرنا لحق و من سلك غير طريقنا غرق و انّ لمحبّينا افواجا من رحمة اللّه و انّ لمبغضينا افواجا من عذاب(غضب)اللّه طريقتنا القصد

ص: 1037

و امرنا الرّشد اهل الجنّة ينظرون الي منازل شيعتنا كما يري الكوكب الدرّيّ في السّماء لا يضّل من اتّبعنا و لا يهتدي من انكرنا و لا ينجو من اعان علينا(عدوّنا خ ل)و لا يغان من اسلمنا فلا تخلّفوا عنّا لطمع دنيا بحطام(و حطام خ ل)زايل عنكم(و أنتم خ ل) تزلّون عنه فانّه من اثر الدّنيا(و اختاره خ ل)علينا عظمت حسرته و قال اللّه تعالي يا حسرتا علي ما فرّطت في جنب اللّه سراج المؤمن معرفة حقّنا و اشدّ العمي من عمي من فضلنا و ناصبنا العداوة بلا ذنب الاّ ان دعوناه الي الحقّ(الدّين خ ل)و دعاه غيرنا الي الفتنة فاثرها علينا لنا راية من استظلّ بها كنّته و من سبق اليها فاز و من تخلّف عنها هلك و من تمسّك بها نجي أنتم عماد الارض استخلفكم فيها لينظر كيف تعملون فراقبوا اللّه فيما يري منكم و عليكم بالمحجّة العظمي فاسلكوها لا يستبدل بكم غير كم سابقوا الي مغفرة من ربّكم و جنّة عرضها السّموات و الارض اعدّت للمتّقين فاعلموا انّكم

ص: 1038

لم تنالوها الاّ بالتّقوي و من ترك الاخذ عن امر اللّه بطاعته قيّض اللّه له شيطانا فهو له قرين ما بالكم قد ركنتم الي الدّنيا و رضيتم بالضّيم و فرّطتم فيما فيه عزّكم و سعادتكم و قوّتكم علي من بغي عليكم لا من ربّكم تستحيون و لا لانفسكم تنظرون و أنتم في كلّ يوم تضامون و لا تنتبهون من رقدتكم و لا تنقضي فترتكم اما ترون الي دينكم يبلي و أنتم في غفلة الدّنيا قال اللّه عزّ ذكره و لا تركنوا الي الّذين ظلموا فتمسّكم النّار و ما لكم من دون اللّه اولياء ثمّ لا تنصرون

313 و من كلامه عليه السّلام

المجلد الخامس عشر من البحار باب صفات خيار العباد و اولياء اللّه ص 302 عن كتاب جامع الاخبار عن المرزباني عن محمد بن احمد الكاتب عن احمد بن ابي خيثمة عن عبد الملك بن داهر عن الاعمش عن عباية الاسدي عن ابن عبّاس رحمه اللّه قال سئل امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السّلام عن قوله تعالي الا انّ اولياء اللّه لا خوف عليهم و لا هم يحزنون فقيل له من هولاء الاولياء فقال امير المؤمنين عليه السّلام هم قوم اخلصوا للّه تعالي في عبادته و نظروا الي باطن الدّنيا حين نظر النّاس الي ظاهرها فعرفوا اجلها حين غرّ النّاس سواهم بعاجلها فتركوا منها ما علموا انّه سيتركهم و اماتوا

ص: 1039

منها ما علموا انّه سيميتهم ثم قال ايّها المعلّل نفسه بالدّنيا الرّاكض علي حبائلها المجتهد في عمارة ما سيخرب منها الم تر الي مصارع آباءك في البلي و مضاجع أبناءك تحت الجنادل و الثّري كم مرضت بيديك و عللت بكفيّك تستوصف لهم الاطبّاء و تستعتب لهم الاحبّاء فلم يغن عنهم غناءك و لا ينجع فيهم دواءك

314 و من كلامه عليه السّلام

الجزء الثالث من المجلّد الخامس عشر من البحار ص 94 عن جامع الاخبار عن المرزباني عن احمد بن محمد المكّي عن ابي العينا عن محمد بن الحكم عن لوط بن يحيي عن الحرث بن كعب عن مجاهد قال قال امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السّلام ازهدوا في هذه الدّنيا الّتي لم يتمتّع بها احد كان قبلكم و لا تبقي لاحد من بعدكم سبيلكم فيها سبيل الماضين قد تصرّمت و اذنت بانقضاء و تنّكر معروفها فهي تخبر اهلها بالفناء و سكّانها بالموت و قد مرّ منها ما كان حلوا و كدر منها ما كان صفوا فلم تبق منها الاّ سملة كسملة الاداوة او جرعة كجرعة الاناء لو تمزّزها العطشان لم ينقع بها فاذنوا بالرّحيل من هذه الدّار المقدّر علي اهلها

ص: 1040

الزّوال الممنوع اهلها من الحيوة المذلّلة فيها انفسهم بالموت فلا حيّ يطمع في البقاء و لا نفس الاّ مذعنة بالمنون فلا يعلّلكم الامل و لا يطول عليكم الامد و لا تغترّوا منها بالامال و لو خنتم حنين الوله العجال و دعوتم مثل حنين الحمام و جأرتم جار متبتّل الرّهبان و خرجتم الي اللّه تعالي من الاموال و الاولاد التماس القربة اليه في ارتفاع الدّرجة عنده او غفران سيّئة احصتها كتبته و حفظتها ملائكته لكان قليلا فيما أرجو لكم من ثوابه و اتخوّف عليكم من عقابه جعلنا اللّه و ايّاكم من التّائبين العابدين

315 و من كلامه عليه السّلام

الجزو الثالث منه ايضا ص 94 من كتاب عيون الحكم و المواعظ لعليّ بن محمّد الواسطي كتبناه من اصل قديم عن امير المؤمنين عليه السّلام قال احذروا هذه الدّنيا الخدّاعة الغدّارة الّتي قد تزيّنت بحليّها و فتنت بغرورها و غرّت بامالها و تشوّقت لخطّابها فاصبحت كالعروس المجلوّة و العيون اليها ناظرة و النّفوس بها مشعوفة و القلوب اليها تايقة و هي

ص: 1041

لازواجها كلّهم قاتلة فلا الباقي بالماضي معتبر و لا الاخر بسوء اثرها علي الاوّل مزدجر و لا اللّبيب منها بالتجارب منتفع ابت القلوب لها الاّ حبّا و النّفوس بها الاّصبّا و النّاس لها طالبان طالب ظفر بها و اغترّ فيها و نسي التزوّد منها للظّعن فقلّ فيها لبثه حتّي خلت منها يده و زلّت عنها قدمه و جاءته اسر ما كان بها منيته فعظمت ندامته و كثرت حسرته و جلّت مصيبته فاجتمعت عليه سكرات الموت فغير موصوف ما نزل به و اخر اختلج عنها قبل ان يظفر بحاجته ففارقها بعزّته و اسفه و لم يدرك ما طلب منها و لم يظفر بما رجا فيها فارتحلا جميعا من الدّنيا بغير زاد و قد ما علي غير مهاد فاحذروا الدّنيا الحذر كلّه وضعوا عنكم ثقل همومها لما تيقّنتم لو شك زوالها و كونوا اسرّ ما تكونون فيها احذر ما تكونون لها فانّ طالبها كلّما اطمانّ منها الي سرور اشخصه عنها مكروه و كلّما اغتبط

ص: 1042

منها باقبال تغصّه عنها ادبار و كلّما ثنّت عليه منها رجلا طوت عنه كشحا فالسّار فيها غارّ و النّافع فيها ضارّ وصل رخاءها بالبلاء و جعل بقاءها الي الفناء فرحها مشوب بالحزن و اخر همومها الي الوهن فانظر اليها بعين الزّاهد المفارق و لا تنظر اليها بعين الصّاحب الوامق اعلم يا هذا انّها تشخص الوادع السّاكن و تفجع المغتبط الامن لا يرجع منها ما تولّي فادبر و لا يدري ما هوات فيحذر امانيّها كاذبة و امالها باطلة صفوها كدر و ابن ادم فيها علي خطر امّا نعمة زايلة و امّا بليّة نازلة و امّا معظمة جائحة و امّا منيّة قاضية فلقد كدرت عليه العيشه ان عقل و اخبرته نفسها ان وعي و لو كان خالقها جلّ و عزّ لم يخبر عنها خبرا و لم يضرب لها مثلا و لم يأمر بالزّهد فيها و الرّغبة عنها لكانت وقايعها و فجايعها قد انبهت النّائم و وعظت الظّالم و بصّرت العالم و كيف و قد جاء عنها من اللّه تعالي عنها زاجر

ص: 1043

و اتت منه فيها البيّنات و البصائر فما لها عند اللّه عزّ و جلّ قدر و لا وزن و لا خلق فيما بلغنا خلقا ابغض اليه منها و لا نظر اليها مذ خلقها و لقد عرضت علي نبيّنا صلّي اللّه عليه و آله بمفاتيحها و خزائنها لا ينقصه ذلك من حظّه من الاخرة فابي ان يقبلها لعلمه انّ اللّه عزّ و جلّ ابغض شيئا فابغضه و صغّر شيئا فصغّره و ان لا يرفع ما وضعه اللّه جلّ ثناءه و ان لا يكثر ما اقلّ اللّه عزّ و جلّ و لو لم يخبرك عن صغرها عند اللّه الاّ انّ اللّه عزّ و جلّ صغّرها عن ان يجعل خيرها ثوابا للمطيعين و ان يجعل عقوبتها عقابا للعاصين و ممّا يدلّك علي دنائة الدّنيا انّ اللّه جلّ ثنائه زوّاها عن اوليائه و احبّائه نظرا و اختيارا و بسطها لاعدائه فتنة و اختبارا فاكرم عنها محمّدا نبيّه صلّي اللّه عليه و آله حين عصب علي بطنه من الجوع و حماها موسي نجيّه المكلّم و كانت تري خضرة البقل من صفاق بطنه من الهزال و ما

ص: 1044

سئل اللّه عزّ و جلّ يوم اوي الي الظّل الاّ طعاما ياكله لما جهده من الجوع و لقد جاءت الرّواية انّه قال اوحي اللّه اليه اذا رايت الغني مقبلا فقل ذنب عجلت عقوبته و اذا رايت الفقر مقبلا فقل مرحبا بشعار الصّالحين و صاحب الرّوح و الكلمة عيسي بن مريم عليه السّلام اذ قال ادامي الجوع و شعاري الخوف و لباسي الصّوف و دابّتي رجلاي و سراجي باللّيل القمر و صلاي في الشّتاء مشارق الشّمس و فاكهتي ما انبتت الارض للأنعام ابيت و ليس لي شيء و ليس احد اغني منّي و سليمان بن داود و ما اوتي من الملك اذ كان ياكل خبز الشّعير و يطعم امّه الحنطة و اذا جنّه اللّيل لبس المسوح و غلّ يده الي عنقه و بات باكيا حتّي يصبح و يكثر ان يقول ربّ انّي ظلمت نفسي فانّ لم تغفر لي و ترحمني لا كوننّ من الخاسرين لا آله الاّ انت سبحانك انّي كنت من الظّالمين فهؤلاء انبياء اللّه و اصفياءه تنزّهوا عن الدّنيا و زهدوا فيما زهدهم اللّه جلّ ثناءه

ص: 1045

فيه منها و ابغضوا ما ابغض و صغّروا ما صغّر ثمّ اقتصّ الصّالحون اثارهم و سلكوا منهاجهم و الطفوا الفكر و انتفعوا بالعبر و صبروا في هذا العمر القصير من متاع الغرور الّذي يعود الي الفناء و يصير الي الحساب نظروا بعقولهم الي اخر الدّنيا و لم ينظروا الي اوّلها و الي باطن الدّنيا و لم ينظروا الي ظاهرها و فكرّوا في مرارة عاقبتها فلم يستمرّهم حلاوة عاجلها ثمّ الزموا انفسهم الصّبر و انزلوا الدّنيا من انفسهم كالميتة الّتي لا يحلّ لاحد ان يشبع منها الاّ في حال الضّرورة اليها و اكلوا منها بقدر ما ابقي لهم النفس و امسك الرّوح و جعلوها بمنزلة الجيفة الّتي اشتدّ نتنها فكلّ من مرّ بها امسك علي فيه فهم يتبلّغون بادني البلاغ و لا ينتهون الي الشّبع من النّتن و يتعجّبون من الممتلي منها شبعا و الرّاضي بها نصيبا اخواني و اللّه لهي في العاجلة و الأجلة لمن ناصح نفسه في النّظر و اخلص لها الفكر انتن من الجيفة و اكره من الميتة غير انّ الّذي نشأ في دباغ الاهاب لا يجد نتنه

ص: 1046

و لا تؤذيه رائحته ما تؤذي المارّ به و الجالس عنده و قد يكفي العاقل من معرفتها علمه بانّ من مات و خلّف سلطانا عظيما سرّه ان عاش فيها سوقة خاملا او كان فيها معافا سليما سرّه انّه كان فيها مبتلي ضريرا فكفي بهذا علي عودتها و الرّغبة عنها ذليلا و اللّه لو انّ الدّنيا كانت من اراد منها شيئا وجده حيث تنال يده من غير طلب و لا تعب و لا مؤنة و لا نصب و لا ظعن و لا داب غير انّ ما اخذ منها من شيء لزمه حقّ اللّه فيه و الشّكر عليه و كان مسئولا عنه محاسبا به لكان يحقّ علي العاقل ان لا يتناول منها الاّ قوته و بلغة يومه حذر السّؤال و خوفا من الحساب و اشفاقا من العجز عن الشّكر فكيف بمن تجشّم في طلبها من خضوع رقبته و وضع خدّه و فرط عنائه و الاغتراب عن احبّائه و عظيم اخطاره ثمّ لا يدري ما اخر ذلك الظّفر ام الخيبة انّما الدّنيا ثلاثة ايّام يوم مضي بما فيه فليس بعايد و يوم انت فيه فحقّ عليك اغتنامه و يوم لا تدري انت من اهله و لعلّك

ص: 1047

راحل فيه امّا اليوم الماضي فحكيم مؤدّب و امّا اليوم الّذي انت فيه فصديق مودّع و امّا غد فانّما في يديك منه الامل فان يكن امس سبقك بنفسه فقد ابقي في يديك حكمته و ان يكن يومك هذا انسك بمقدمه عليك فقد كان طويل الغيبة عنك و هو سريع الرّحلة فتزوّد منه و احسن وداعه خذ بالثّقة من العمل و ايّاك و الاغترار بالامل و لا تدخل عليك اليوم همّ غد يكفي اليوم همّه و غد داخل عليك بشغله انّك ان حملت علي اليوم همّ غد زدت في حزنك و تعبك و تكلّفت ان تجمع في يومك ما يكفيك ايّاما فعظم الحزن و زاد الشّغل و اشتدّ التّعب و ضعف العمل للامل و لو اخليت قلبك من الامل لجدوت في العمل و الامل الممثّل في اليوم غدا ضرّك في وجهين سوّقت به العمل و زدت به في الهمّ و الحزن او لا تري انّ الدّنيا ساعة بين ساعتين ساعة مضت و ساعة بقيت و ساعة انت فيها فامّا الماضية و الباقية

ص: 1048

فلست تجد لرخائهما لذّة و لا لشدّتهما الما فانزل السّاعة الماضية و السّاعة الّتي انت فيها منزلة الضّيفين نزلا بك فطعن الرّاحل عنك بذمّه ايّاك و حلّ النّازل بك بالتّجربة لك فاحسانك الي الثّاوي يمحو اساءتك الي الماضي فادرك ما اضعت به عتابك ممّا استقبلت و احذر ان تجمع عليك شهادتهما فيوبقاك و لو انّ مقبورا من الاموات قيل له هذه الدّنيا اوّلها الي اخرها تخلّفها لولدك الّذي لم يكن لك هم غير هم او يوم تردّه اليك فتعمل فيه لنفسك لاختار يوما تستعتبت فيه من سيئ ما اسلف علي جميع الدّنيا به يورّثها ولدا خلّفه فما يمنعك ايّها المغترّ المضطرّ المسوّف ان تعمل علي مهل قبل حلول الاجل و ما يجعل المقبور اشدّ تعظيما لما في يديك منك الاّ تسعي في تحرير رقبتك و فكاك رقّك و وقاء نفسك من النّار الّتي عليها ملائكة غلاظ شداد

316 و من كلامه عليه السّلام

ص: 1049

الجزء الثالث من المجلد الخامس عشر من البحار ص 95 من كتاب عيون الحكم و المواعظ من اصل قديم ايضا قال و قال عليه السّلام اوصيكم عباد اللّه بتقوي اللّه عزّ و جلّ و اغتنام ما استطعتم عملا به من طاعة اللّه عزّ و جلّ في هذه الايّام الخالية بجليل ما يشقي علمكم به الفوت بعد الموت و بالرّفض لهذه التّاركة لكم و ان لم تكونوا تحبّون تركها و المبلية لكم و ان كنتم تحبّون تجديدها فانّما مثلكم و مثلها كركّب سلكوا سبيلا فكانّهم قد قطعوه و امّوا علما فكان قد بلغوه و كم عسي من اجري الي الغاية ان يجري حتّي يبلغها فكم عسي ان يكون بقاء من له يوم لا يعدوه و من ورائه طالب حثيث يحدوه في الدّنيا حتّي يفارقها فلا تتنافسوا في الدّنيا و فخرها و لا تعجبوا بزينتها و لا تجزعوا من ضرّائها و بؤسها فانّ عزّ الدّنيا و فخرها في انقطاع و انّ زينتها و نعيمها الي زوال و انّ ضرّائها و بؤسها الي نفاد و كلّ مدّة فيها الي منتهي و كلّ حيّ فيها الي فناء او ليس لكم في اثار الاوّلين

ص: 1050

و في آباءكم الماضين معتبر و تبصرة ان كنتم تعقلون الم تروا الي الماضين منكم لا يرجعون و الي الخلف الباقي منكم لا يبقون قال اللّه عزّ و علا و حرام علي قرية اهلكناها انّهم لا يرجعون الاية و الّتي بعدها و قال عزّ و جلّ كلّ نفس ذائقة الموت و انّما يوفّون اجورهم يوم القيمة فمن زخرح عن النّار و ادخل الجنّة فقد فاز و ما الحيوة الدّنيا الاّ متاع الغرور الستم ترون اهل الدّنيا يمسون و يصبحون علي احوال شتّي ميّت يبلي و اخر يعزّي و صريع مبتلي و عايد يعود و اخر بنفسه يجود و طالب و الموت يطلبه و غافل و ليس بمغفول عنه و علي اثر الماضي منّا يمضي الباقي فللّه الحمد ربّ السّموات السّبع و ربّ العرش العظيم الّذي يبقي و يفني ما سواه و اليه موئل الخلق و مرجع الامور

317 و من خطبة عليه السّلام

الجزء الثالث من المجلد الخامس عشر من البحار باب ترك العجب و الاعتراف بالتقصير ص 177 عن كتاب العارات لابراهيم بن محمد الثقفي باسناده عن الاصبغ بن نباته قال خطب علي عليه السّلام فحمد اللّه و اثني عليه و ذكر النّبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فصلّي عليه ثم قال امّا بعد فانّي اوصيكم بتقوي اللّه الّذي بطاعته ينفع اوليائه و

ص: 1051

بمعصيته يضرّ اعداءه و انّه ليس لها لك هلك من يعذره في تعمّد ضلالة حسبها هدي و لا ترك حقّ حسبه ضلالة و انّ احقّ ما يتعاهد الرّاعي من رعيّته ان يتعاهده بالّذي للّه عليهم في وظائف دينهم فانّما علينا ان نامركم بما امركم اللّه به و ان ننهاكم عمّا نهاكم اللّه عنه و ان نقيم امر اللّه في قريب النّاس و بعيدهم لا نبالي فيمن جاء الحقّ عليه و قد علمت انّ اقوي ما يتمنّون في دينهم الامانيّ و يقولون نحن نصلّي مع المصلّين و نجاهد مع المجاهدين و نمتحن الهجرة و نقتل العدوّ و كلّ ذلك يفعله اقوام ليس الايمان بالتّحلّي و لا بالتمّني الصّلوة لها وقت فرضه رسول اللّه لا تصلح الاّ به فوقت صلاة الفجر حين تزايل المرء ليله و يحرم علي الصّائم طعامه و شرابه و وقت صلاة الظّهر اذا كان الغيظ حين يكون ظلّك مثلك و اذا كان الشّتاء حين تزول الشّمس من الفلك و ذلك حين تكون علي حاجبك الايمن مع شروط اللّه في الرّكوع و السّجود و وقت العصر

ص: 1052

و الشّمس بيضاء نقيّة عدد ما يسلك الرّجل علي الجمل الثّقيل فرسخين قبل غروبها و وقت صلاة المغرب اذا غربت الشّمس و افطر الصّائم و وقت صلاة العشاء الاخرة حين يسق اللّيل و تذهب حمرة الافق الي ثلث اللّيل فمن نام عند ذلك فلا انام اللّه عينه فهذه مواقيت الصّلوة انّ الصّلوة كانت علي المؤمنين كتابا موقوتا و يقول الرّجل هاجرت و لم يهاجر انّما المهاجرون الّذين يهجرون السّيّئات و لم يأتوا بها و يقول الرّجل جاهدت و لم يجاهد انّما الجهاد اجتناب المحارم و مجاهدة العدوّ و قد يقاتل اقوام فيحبّون القتال لا يريدون الاّ الذّكر و الاجر و انّ الرّجل ليقاتل بطبعه من القتال فيحيي من يعرف و من لا يعرف و يجبن بطبيعته من الجبن فيسلّم اباه و امّه الي العدوّ و انّما المثال حتف من الحتوف و كلّ امرء علي ما قاتل عليه و انّ له ان يقاتل دون اهله و الصّيام اجتناب المحارم كما يمتنع الرّجل من الطّعام و الشّراب و الزّكوة الّتي فرضها

ص: 1053

النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله طيبة بها نفسك لا تسنوا عليها سنيها فافهموا ما توعظون فانّ الحريب من حرب دينه و اتّعظ من وعظ بغيره الا و قد و عظتكم فنصحتكم و لا حجّة لكم علي اللّه اقول قولي هذا و استغفر اللّه لي و لكم

و من خطبه عليه السّلام

الامام الفقيه ابو محمّد عبد اللّه بن مسلم بن قتيبة الدينوري المولود سنة 213 و المتوفي سنة 276 ه قال في كتابه المعروف بتاريخ الخلفاء و الموسوم بالامامة و السّياسة قال في الجزء الاول منه المطبوع بمصر الطبعة الثالثة ص 50 و ذكروا انّ البيعة لمّا تمّت بالمدينة خرج عليّ الي المسجد الشريف فصعد المنبر فحمد اللّه تعالي و اثني عليه و وعد النّاس من نفسه خيرا و تالفهم جهده ثم قال لا يستغني الرّجل و ان كان ذا مال و ولد عن عشيرته و دفاعهم عنه بايديهم و ألسنتهم هم اعظم النّاس حيطة من وراءه و اليهم سعيه و اعطفهم عليه ان اصابته مصيبته او نزل به بعض مكاره الامور و من يقبض يده عن عشيرته فانّه يقبض عنهم يدا واحدة و تقبض عنه ايد كثيرة و من بسط يده بالمعروف ابتغاء وجه اللّه تعالي يخلّف اللّه له ما انفق في دنياه و يضاعف له

ص: 1054

في اخرته و اعلموا انّ لسان صدق يجعله اللّه للمرء في النّاس خير له من المال فلا يزدادنّ احدكم كبرياء و لا عظمته في نفسه و لا يغفل احدكم عن القرابة ان يصلها بالّذي لا يزيده ان امسكه و لا ينقصه ان اهلكه و اعلموا انّ الدّنيا قد ادبرت و الاخرة قد اقبلت الا و انّ المضمار اليوم و السّبق غدا الا و انّ السّبقة الجنّة و الغاية النّار الا انّ الامل يشهي القلب و يكذب الوعد و يأتي بغفلة و يورث حسرة فهو غرور و صاحبه في عناء فافزعوا الي قوام دينكم و اتمام صلوتكم و اداء زكاتكم و النّصيحة لامامكم و تعلّموا كتاب اللّه و اصّدّقوا الحديث عن رسول اللّه صلّي اللّه عليه(و آله)و سلّم و اوفوا بالعهد اذا عاهدتم و ادّوا الامانات اذ ائتمنتم و ارغبوا في ثواب اللّه و ارهبوا عذابه و اعملوا الخير تجزوا خيرا يوم يفوز بالخير من قدّم الخير

ص: 1055

318 و من خطبه عليه السّلام

جمهرة خطب العرب تاليف احمد زكي صفوت استاد اللغة العربية بدار العلوم مصر الطبعة الاولي الجزء الاول ص 180 قال خطبة علي بن ابي طالب و نقلها عن تاريخ الطبري قال فحمد اللّه و اثني عليه ثم قال امّا بعد فانّ اللّه جلّ ثناءه بعث محمّدا صلّي اللّه عليه(و آله) و سلّم بالحقّ فانقذ به من الضّلالة و انتاش به من الهلكة جمع به من الفرقة ثمّ قبضه اللّه اليه و قد ادّي ما عليه صلّي اللّه عليه(و آله)و سلّم ثمّ استخلف النّاس ابا بكر رضي اللّه عنه و استخلف ابو بكر عمر رضي اللّه عنه فاحسنا السّيرة و عدلا في الامّة و قد وجدنا عليهما ان تولّيا علينا و نحن ال رسول اللّه صلّي اللّه عليه(و آله)و سلّم فغفرنا ذلك لهما و ولّي عثمان رضي اللّه عنه فعمل باشياء عابها النّاس عليه فساروا اليه فقتلوه ثمّ اتاني النّاس و انا معتزل امورهم فقالوا لي بايع فابيت عليهم فقالوا لي بايع فانّ الامّة لا ترضي الاّ بك و انّا نخاف ان لم تفعل ان يفترق النّاس فبايعتهم فلم يرعني الاّ شقاق رجلين قد

ص: 1056

بايعاني و خلاف معاوية الّذي لم يجعل اللّه عزّ و جلّ له سابقة في الدّين و لا سلف صدق في الاسلام طليق بن طليق حزب من هذه الاحزاب لم يزل للّه عزّ و جلّ و لرسوله صلّي اللّه عليه(و آله)و سلّم و للمسلمين عدوّا هو و ابوه حتّي دخلا في الاسلام كارهين فلا غرو الاّ خلافكم معه و انقيادكم له و تدعون ال نبيكم صلّي اللّه عليه(و آله)و سلّم الّذين لا ينبغي لكم شقاقهم و لا خلافهم و لا ان تعدلوا بهم من النّاس احدا الا انّي ادعوكم الي كتاب اللّه عزّ و جلّ و سنّة نبيّه صلّي اللّه عليه(و آله)و سلّم و اماتة الباطل و احياء معالم الدّين اقول قولي هذا و استغفر اللّه لي و لكم و لكلّ مؤمن و مؤمنة و مسلم و مسلمة

319 و من خطبه عليه السّلام

بعد قدومه من حرب النّهروان نقلها في الجمهرة ص 235 عن كتاب الامامة و السّياسة لابن قتيبة قال و اللّه يا اهل العراق ما اظنّ هؤلاء القوم من اهل الشّام الاّ ظاهرين عليكم فقالوا بعلم تقول يا امير المؤمنين فقال نعم و الّذي فلق الجنّة و

ص: 1057

برء النّسمة انّي اري امورهم قد علت و اري اموركم قد خبت و اراهم جادّين في باطلهم و اراكم و انين في حقّكم و اراهم مجتمعين و اراكم متفرّقين و اراهم لصاحبهم معاوية مطيعين و اراكم لي عاصين اما و اللّه لئن ظهروا عليكم بعدي لتجدنّهم ارباب سوء كانّهم و اللّه عن قريب قد شاركوكم في بلادكم و حملوا الي بلادهم منكم و كانّي انظر اليكم تكشّون كشيش الضّباب لا تأخذون للّه حقّا و لا تمنعون له حرمة و كانّي انظر اليهم يقتلون صلحاءكم و يخيفون علماءكم و كانّي انظر اليكم يحرمونكم و يحجبونكم و يدنون النّاس دونكم فلو قد رايتم الحرمان و لقيتم الذّلّ و الهوان و وقع السّيف و نزل الخوف لندمتم و تحسّرتم علي تفريطكم في جهاد عدوّكم و تذكّرتم ما أنتم فيه من الخفض و العافية حين لا ينفعكم التّذكار

320 و من كلامه عليه السّلام

ص: 1058

لقد نقله الامام العلاّمة الجليل الشهير ابو المظفر يوسف شمس الدين الملقّب بسبط العلاّمة الشهير بابي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي المتوفي سنة 654 ه في كتابه تذكرة الخواص قال قال عليه السّلام استعدّوا للموت فقد اظلّكم غمامه و كونوا قوما صيح بهم فانتبهوا و انتهوا فما بينكم و بين الجنّة و النّار سوي الموت و انّ غاية ينفقها اللّحظة و تهدمها الساعة لجدير بقصر المدّة و انّ غائبا يحدوه الجديد ان لحري بسرعة الاوبة فرحم اللّه عبدا سمع حكمة فوعي و دعا الي الاخلاص او الي خلاص نفسه فدنا و استقام علي الطّريقة فنجا و احبّ ربّه و خاف ذنبه و قدّم صالحا و عمل خالصا و اكتسب مدخورا و اجتنب محذورا رمي غرضا و احرز عوضا كابد هواه و كذب مناه و جعل الصّبر مطيّة نجاته و التّقوي عدّة عند وفاته ركب الطّريق الغرّاء و لزم المحجّة البيضاء اغتنم المهل و بادر الاجل و تزود من العمل

321 و من كلامه عليه السّلام

ص: 1059

في تذكرة الخواص لسبط بن الجوزي المطبوع في النجف ص 152 قال و من كلامه عليه السّلام في احاديث رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و به قال الشّعبي حدثني من سمع عليّا عليه السّلام و قد سئل عن سبب اختلاف الناس في الحديث فقال النّاس أربعة منافق مظهر للايمان و قلبه يابي الايمان و مضيّع للاسلام لا يتاثّم و لا يتحرّج كذب علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم متعمّدا فلو علم النّاس حاله لما اخذوا عنه و لكنّهم قالوا صاحب رسول اللّه فاخذوا بقوله و قد اخبر اللّه عن المنافقين بما اخبرو وصفهم بما وصف ثمّ انّهم عاشوا بعده فتقرّبوا الي ائمّة الضّلال و الدّعاة الي النّار بالزّور و البهتان فولّوهم الاعمال و جعلوهم علي رقاب النّاس فاكلوا بهم الدّنيا و انّما النّاس تبع للملوك الاّ من عصمه اللّه عزّ و جلّ و رجل سمع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول قولا او رءاه يفعل فعلا ثمّ غاب عنه و نسخ ذلك القول و الفعل و لم يعلم فلو علم انّه نسخ ما حدّث به و لو علم النّاس انّه نسخ لما

ص: 1060

نقلوا عنه و رجل سمع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول قولا فوهم به فلو علم انّه و هم فيه لما حدّث عنه و لا عمل به و رجل لم يكذب و لم يغب حدّث بما سمع و عمل به فامّا الاوّل فلا اعتبار بروايته و لا يحلّ الاخذ عنه و امّا الباقون فينزعون الي غاية و يرجعون الي نهاية و يستقون من قليب واحد و كلامهم اشرق بنور النّبوّة ضياؤه و من الشجرة المباركة اقتبست ناره

322 و من كلامه عليه السّلام

في كتاب المحتضر(بالحاء المهملة و التاء المنقوطة و الضّاد المعجمة و الراء المهملة)تاليف الشيخ الجليل الحسن بن سليمان الحلّي من علماء اوائل القرن التاسع تلميذ شيخنا الشهيد الاول ره المطبوع في النجف الاشرف ص 86 روي باسناده عن الصّادق عليه السّلام قال قال امير المؤمنين صلوات اللّه و سلامه عليه اعطيت اشياء لم يعطها احد قبلي سوي النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لقد فتح لي السّبيل و علّمت المنايا و البلايا و الانساب و فصل الخطاب و لقد نظرت في الملكوت باذن ربّي فما غاب عنّي ما كان قبلي و لا ما يكون بعدي و انّ بولايتي

ص: 1061

اكمل اللّه تعالي لهذه الامّة دينهم و اتمّ عليهم النّعم و رضي لهم الاسلام اذ يقول تبارك اسمه يوم الولاية لمحمّد صلّي اللّه عليه و آله يا محمّد اخبرهم انّي اكملت لهم اليوم دينهم و اتممت عليهم نعمتي و رضيت لهم الاسلام دينا كلّ ذلك من منّ اللّه تعالي منّ به عليّ فله الحمد قد وقع الفراغ و تم تاليف هذا الجزء من اجزاء كتاب مصباح البلاغة في مشكوة الصّياغة بيمناي الدّاثره في عشيّة يوم الخميس التاسع عشر من شهر محرم الحرام سنة ثمان و ثمانين و ثلاثمائة بعد الالف من الهجرة المقدّسة النبويّة علي مهاجرها الاف الصّلوات و التّسليمات و التحيّات حامدا مسليّا و يتلوه الجزء الرّابع ان شاء اللّه تعالي و انا المؤلف الفقير المحتاج الي رحمة ربّه الغنّي الحسن بن علي بن القاسم المحمّد ابادي الجرقويّي الاصبهاني نزيل عاصمة طهران المشتهر بالميرجهاني الطباطبائي عفي اللّه تعالي عن جرائمه

ص: 1062

فهرس مطالع الخطب و الكلمات

صورة

ص: 1063

صورة

ص: 1064

صورة

ص: 1065

صورة

ص: 1066

صورة

ص: 1067

صورة

ص: 1068

الجزء الرّابع

اشارة

ص: 1069

مقدمة المؤلف

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم و به نستعين الحمد للّه المحمود بنعمته المطاع بسلطانه الغالب لامره الدّال علي بقائه بفناء خلقه و علي قدرته بعجز كلّ شيء سواه الّذي خلق الخلق بين ناطق معترف بوحدانيّة و صامت متخشّع لربوبيّته لا يخرج شيء عن قدرته و لا يمكن الفرار من حكومته و الصّلوة و السّلام علي معدن رحمته و معلّم كتابه و حكمته الذي ارسله رحمة للعالمين و جعله شفيعا للمذنبين ابي القاسم محمّد خاتم الانبياء و المرسلين صلّي اللّه عليه و آله الطيّبين سيّما ابن عمّه و وصيّه و وزيره و حافظ شريعته ابي الائمة و سراج الامّة و كاشف الغمة علي امير المؤمنين و وارث علوم الاوّلين و الاخرين و كلام اللّه الناطق الامين و اللعنة الدائمة علي اعدائهم أجمعين من الأن الي يوم نصب الموازين امّا بعد فهذا هو الجزء الرابع من كتاب مصباح البلاغة في مشكوة الصّياغة الحاوي للخطب البالغة العلويّة و الكلمات الجامعة الولوّية و الوصايا و الكتب المرتضويّة عليه و آله افضل الصّلوة و التحيّة ممّا روته الخاصة و العامة و المرجّو من اللّه تعالي ان يجعله لي ذخيرة ليوم فقري وفاقتي و ينفعني به و جميع المؤمنين و صلي اللّه علي محمّد و اهل بيته الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجبين

الوصايا و كتبه عليه السلام

من وصاياه عليه السّلام

لولده محمّد بن الحنفيّة نقلها الفيض الكاشاني ره في روضة الوافي و هو المجلد الثالث منه ص 65 في باب مواعظه عليه السّلام عن الصّدوق رحمه اللّه في الفقيه انه قال عليه السّلام له يا بنيّ ايّاك و الاتّكال علي الامانيّ فانّها بضايع النّوكيّ و تثبيطه

ص: 1070

عن الاخرة و من خير حظّ المرء قرين صالح جالس اهل الخير تكن منهم باين اهل الشّرّ و من يصدّك عن ذكر اللّه عزّ و جلّ و عن ذكر الموت بالاباطيل المزخرفة و الاراجيف الملفّقة تبين منهم و لا يغلبنّ عليك سوء الظّنّ باللّه عزّ و جلّ فانّه لن يدع بينك و بين خليلك صلحا اذكّ بالادب الصّواب و ابعدها من الارتياب يا بنيّ لا شرف اعلي من الاسلام و لا كرم اعزّ من التّقوي و لا معقل احرز من الورع و لا شفيع انحج من التّوبة و لا لباس اجمل من العافية و لا وقاية امنع من السّلامة و لا كنز اغني من القنوع و لا مال اذهب للفاقة من الرّضا بالقوت و من اقتصر علي بلغة الكفاف فقد انتظم الرّاحة و تبوّء خفض الدّعة الحرص داع الي التّقحّم في الذّنوب الق عنك واردات الهموم بعزائم الصّبر عوّد نفسك الصّبر فنعم الخلق الصّبر و احملها علي ما اصابك من اهوال الدّنيا و همومها فاز الفائزون و نجي الّذين سبقت لهم من اللّه الحسني فانّه جنّة من الفاقة و الجاء نفسك

ص: 1071

في الامور كلّها الي اللّه الواحد القّهار فانّك تلجئها الي كهف حصين و حرز حريز و مانع عزيز و اخلص المسألة لربّك فانّ بيده الخير و الشرّ و الاعطاء و المنع و الصّلة و الحرمان اللغات الاتكال الاعتماد و الامانّي جمع الامنيّة و هي التمنّي و التوكّي بالفتح جمع الاتوك و هو الاحمق و التثبيط التعويق عن الاخرة اي عن عملها و في بعض النسخ تقنط عن الاخرة و الاوّل اظهر و الملفقة المجتمعة و بين خليلك يعني و بين اللّه او المراد ان سوء الظّن بخليلك لما لن يدع بينك و بين خليلك صلحا فاذا ظننت باللّه ظن السّوء لن يدع بينك و بين اللّه صلحا او المراد بسوء الظنّ باللّه بالنظر الي الاخوان يعني اذا رأيت من خليل لك من اخوانك مخالفة للّه عزّ و جلّ فتظنّ انّ اللّه سبحانه يعذّبه فلا يمكنك الصلح معه اذكّ اي نوّر بالادب بمداومة الذّكر و مراعاة الحياء للنّخيرة بالنون و الحاء المهملة و الزاء بعدها المثناة التحتانية الطريقة و الطبيعة و التجارب عطف علي الادب و اضافة البلغة بالضمّ الي الكفاف بيانيّة خفض الدّعة سعة العيش و الرّاحة الي التقحّم اي التّهجّم بلا رويّة في الذنوب لان الحريص لا يقنع بالحلال علي ما اصابك اي علي ما اصابك فاز الفائزون اي بالصبر فاز و او اخلص المسألة لربّك اي لا تسئل غيره و قال عليه السّلام في هذه الوصيّة يا بنيّ الرّزق رزقان رزق تطلبه و رزق يطلبك فان لم تاته اتاك فلا تحمل همّ سنتك علي همّ يومك كفاك كلّ يوم ما هو فيه فان تكن السّنة من عمرك فما تصنع بغمّ و لا همّ ما ليس لك و اعلم انّه لن يسبقك الي رزقك طالب و لن يغلبك عليه غالب و لن يحتجب عنك ما قدّر لك فكم رايت من طالب متعب نفسه مقرّ عليه رزقه و مقتصد في الطّلب قد ساعدته المقادير

ص: 1072

و كلّ مقرون به الفناء اليوم لك و انت من بلوغ غد علي غير يقين و لربّ مستقبل يوما ليس بمستدبره و مغبوط في اوّل ليلة قام في اخرها بواكيه فلا يغرّنّك من اللّه طول حلول النّعم و ابطاء موارد النّقم فانّه لو خشي الفوت لعاجل بالعقوبة قبل الموت يا بنيّ اقبل من الحكماء مواعظهم و تدبّر احكامهم و كن اخذ النّاس بما تامر به و اكفّ النّاس عمّا تنهي عنه و امر بالمعروف تكن من اهله فانّ استتمام الامور عند اللّه تعالي الامر بالمعروف و النّهي عن المنكر و تفقّه في الدّين فانّ الفقهاء ورثة الانبياء انّ الانبياء لم يورّثوا دينارا و لا درهما و لكنّهم و رّثوا العلم فمن اخذ منه اخذ بحظّ وافر و اعلم انّ طالب العلم يستغفر له من في السّموات و الارض حتّي الطّير في جوّ السّماء(الهواء خ ل)و الحوت في البحر و انّ الملائكة لتضع اجنحتها لطالب العلم رضا به و فيه شرف الدّنيا و الاخرة و الفوز بالجنّة يوم القيمة لانّ فقهاءهم الدّعاة الي الجنان

ص: 1073

و الادلاّء علي اللّه تعالي و احسن الي جميع النّاس كما تحبّ ان يحسن اليك و ارض لهم بما ترضاه لنفسك و استقبح من نفسك ما تستقبحه من غيرك و حسّن مع جميع النّاس خلقك حتّي اذا غبت عنهم حنّوا اليك و اذا متّ بكوا عليك و قالوا انّا للّه و انّا اليه راجعون و لا تكن من الّذين يقال عند موتهم الحمد للّه ربّ ّّ العالمين و اعلم انّ رأس العقل بعد الايمان باللّه مداراة النّاس و لا خير فيمن لا يعاشر بالمعروف من لا بدّ من معاشرته حتّي يجعل اللّه تعالي الي الخلاص منه سبيلا فانّي وجدت جميع ما يتعايش به النّاس و به يتعاشرون ملي مكيال ثلثاه استحسان و ثلثه تغافل و ما خلق اللّه تعالي شيئا احسن من الكلام و لا اقبح منه بالكلام ابيضّت الوجوه و بالكلام اسودّت الوجوه و اعلم انّ الكلام في وثاقك ما لم تتكلّم به فاذا تكلّمت به صرت في وثاقه فاخزن لسانك كما تخزن ذهبك و ورقك فانّ اللّسان كلب عقور فان انت

ص: 1074

خليته عقر و ربّ كلمة سلبت نعمة و من سيّب عذّارة قاده الي كلّ كريهة و فضيحة ثمّ لم يتخلّص من دهره الاّ علي مقت من اللّه و ذمّ من النّاس قد خاطر بنفسه من استغني برأيه من استقبل وجوده الأراء عرف مواقع الخطاء من تورّط في الامور غير ناظر في العواقب فقد تعرّض لمفظّعات النّوائب التّدبير قبل العمل يؤمنك من النّدم و العاقل من وعظته التّجارب و في التّجارب علم مستانف و في تقلّب الاحوال علم جواهر الرّجال الايّام تهتك لك عن السّرائر الكامنة فافهم وصيّتي هذه و لا تذهبنّ عنك صفحا فانّ خير القول ما نفع اعلم يا بنيّ انّه لابدّ لك من حسن الارتياد و بلاغك من الزّاد مع خفّة الظّهر فلا تحمل علي ظهرك فوق طاقتك فيكون عليك ثقيلا في حشرك و نشرك في القيمة فبئس الزّاد الي المعاد العدوان علي العباد و اعلم انّ امامك مهالك و مهاوي و جسورا و عقبة كئودا لا محالة انّ هابطها و انّ مهبطها امّا علي جنّة او نار فارتدّ لنفسك قبل نزولك ايّاها فاذا وجدت

ص: 1075

من اهل الفاقة من يحمل زادك الي القيمة فيوافيك به غدا حيث تحتاج اليه فاغتنمه و حمّله و اكثر من تزّرده و انت قادر عليه فلعلّك تطلبه فلا تجده و ايّاك ان تثق لتحمّل زادك بمن لا ورع له و لا امانة فيكون مثلك مثل ظمأن رأي سرابا حتّي اذا جاءه لم يجده شيئا فتبقي في القيمة منقطعا بك بيان حنّوا من الحنين بمعني الاشتياق مداراة الناس اي التقيّة منهم بالمعروف بما يعدّ في العرف حسنا و الاستحسان جعل الشيء حسنا يعني كلّما يمكن من افعال النّاس ان يحمل علي الوجه الحسن يحمل عليه و ما لم يمكن فيه ذلك يتغافل عنه و لا يلتفت اليه و ذلك اذا خاف منهم علي نفسه و الاّ فهو مداهنة محرّمة الاّ ما لا يتعلق بالدّين من سيّب غداره اي ارسل لجام لسانه او لجام نفسه فيكون اعمّ و الاوّل اظهر و انسب بالكلام لمفظّعات النوائب اي الشّدائد و المصائب الشديدة الشّناعة و بالقاف و الطاء المهملة اي اللازمة كالجثّة؟؟؟ اللاصقة بالبدن و لا تذهبن عنك صفحا ذلك بان تعرّض عنها بصفحة وجه قلبك فتذهب عنك من حسن الارتياد اي طلب الاخرة علي الوجه الاحسن في المجاهدة و بلاغك من الزّاد اي بقدر ما يكفيك في سفر الاخرة مع خفّة الظّهر من تبعة العباد و غيرها و حمل زاد القيمة اهل الفاقة كناية عن الانفاق في سبيل اللّه و كل خير و معروف للّه بمن لا ورع له اي بصرفه في غير مستحقّه و قال عليه السّلام في هذه الوصيّة يا بنيّ البغي سايق الي الحين لم يهلك امرء عرف قدره من حصن شهوته صان قدره قيمة كلّ امرء ما يحسن الاعتبار يفيدك الرّشاد اشرف الغني ترك المني الحرص فقر حاضر المودّة قرابة مستفادة صديقك اخوك لابيك و امّك و ليس كلّ اخ

ص: 1076

لك من امّك و ابيك صديقك لا تتّخذنّ عدوّ صديقك صديقا فتعادي صديقك كم من بعيد اقرب منك من قريب وصول معدم خير من مثر جاف الموعظة كهف لمن وعاها من منّ بمعروفه افسده من اساء خلقه عذّب نفسه و كانت البغضة اولي به ليس من العدل القضاء بالظّنّ علي الثّقة ما اقبح الاشر عند الظّفر و الكابة؟؟؟ عند النّائبة و الغلظة و القسوة علي الجار و الخلاف علي الصّاحب و الخبّ من ذي المروّة و الغدر من السّلطان كفر النّعم لوم و مجالسة الاحمق شوم اعرف الحقّ لمن عرفه لك شريفا كان او وضيعا من ترك القصد جار من تعدّي الحقّ ضاق مذهبه كم من دنف قد نحي و صحيح قد هوي قد يكون الياس ادراكا و الطّمع هلاكا استعتب من رجوت عتابه لا تبيتنّ علي من امرء علي غدر الغدر شرّ لباس المرء المسلم من غدر ما اخلق ان لا يؤفّي له الفساد يبير الكثير و الاقتصاد ينمي اليسير من الكرم الوفاء بالذّمم من كرم ساد و من تفهّم ازداد

ص: 1077

امحض اخاك النّصيحة و ساعده علي كلّ حال ما لم يحملك علي معصية اللّه تعالي زل معه حيث زال لا تصرم اخاك علي ارتياب و لا تقطعه دون استعتاب لعلّ له عذر او انت تلوم اقبل من متنصّل عذره فتنالك الشّفاعة و اكرم الّذين بهم تصول و ازدلهم علي طول الصّبحة (الصّحبة خ ل)برّا و اكراما و تحييلا و تعظيما فليس جزاء من اعظم شانك ان تضع من قدره و لا جزاء من سرّك ان تسوءه اكثر البرّ ما استطعت لجليسك فانّك اذا شئت رأيت رشده من كساء الحياء ثوبه اختفي عن العيون عيبه من تحرّي القصد خفّت عليه المؤمن من لم يعط نفسه شهوتها اصاب رشده مع كلّ شدّة و رخاء و مع كلّ اكلة غصص لا تنال نعمة الاّ بعد اذي لن لمن غاظك تظفر بطلبتك ساعات الهموم ساعات الكفّارات و السّاعات تنفد عمرك لا خير في لذّة من بعدها النّار و ما خير بخير بعده النّار و ما شرّ بشرّ بعده الجنّة كلّ نعيم دون الجنّة محقور و كلّ بلاء دون النّار

ص: 1078

عافية لا تضعن حقّ اخيك اتّكالا علي ما بينك و بينه فانّه ليس لك باخ من اضعت حقّه لا يكوننّ اخوك علي قطيعتك اقوي منك علي صلته و لا علي الاساءة اليك اقوي منك علي الاحسان اليه يا بنيّ فاذا قويت فاقو علي طاعة اللّه و اذا ضعفت فاضعف عن معصية اللّه و ان استطعت ان لا تملك المرأة من امرها ما جاوز نفسها فافعل فانّه ادوم لجمالها و ارخي لبالها و احسن لحالها فانّ المرأة ريحانة لا قهرمانة(و ليست بقرمانة خ ل)فدارها علي كلّ حال و احسن الصّحبة لها فيصفو عيشك و احتمل القضاء بالرّضاء و ان اجبت ان تجمع خير الدّنيا و الاخرة فاقطع طمعك ممّا في ايدي النّاس و السّلام عليك و رحمة اللّه و بركاته بيان الحين الهلاك حصن حفظ و في بعض النسخ خطر اي منع ما يحسن ما يعلم من الاحسان بمعني العلم يعني تزيد قيمة المرء بزيادة علمه كما و كيفا و لا شك ان شرف المرء بشرف المعلوم فالعالم بعظمة اللّه جل جلاله و جلاله اعظم قدرا من العالم باحكامه و كذلك في ساير العلوم و ما كان المقصود منه الدنيا فقيمته ما يحصل له في الدّنيا و ما له في الاخرة من نصيب سوي الحسرة و النّدامة و المعدم الفقير و المثري ذو المال من الثروة القضاء بالظّن علي الثّقة اي اذا كنت تثق باحد في الدين و الديانة و المحبّة و غيرها فما لم يحصل لك اليقين بزوال هذه الاشياء عنه لا تحكم بالزّوال فانّ الظنّ لا يغني من الحقّ شيئا و الاشر النشاط و الطغيان عند الظّفر اي الظفر بالمطلوب او العدوّ و في بعض النسخ البطر و كانّه تصحيف و الكابة الغمّ و الخبّ بالخاء المعجمة الخداع و المكر

ص: 1079

و في بعض النسخ الخبث بالمثلثة في اخره و في بعضها بالحاء المهملة و النون و المثلّثة و كانهما تصحيف جار اما بالجيم من الجور او بالمهملة من الحيرة و الدّنف بكسر النّون من اثقله المرض قد يكون اليأس ادراكا فانّه اذا يئس من الناس يتداركه اللّه بقضاء حاجته استعتب استرضّ من رجوت اي خفت و اريد بالفساد المبير اي المهلك للمال الاسراف زل معه حيث زال اي وافقه في جميع الامور ما لم يعص اللّه لا تصرم لا تقطع علي ارتياب اي في محبّته او فسقه و المتصل المعتذر فتنالك الشفاعة اي من محمّد و اهل بيته عليهم السّلام لانّهم ضمنوا له الشفاعة كما مضي بهم تصول اي تحمل علي اعاديك

و من وصاياه عليه السّلام

و قد نقل بعضها الرضي رضي اللّه عنه في النهج و قال من وصيته للحسن و الحسين عليهم السّلام لمّا ضربه ابن ملجم لعنه اللّه واخزاه لكن نقلها الكليني في الكافي و علي بن الحسين بن شعبة الحرّاني من اعلام المأة الرابعة في تحف العقول تمامها رأيت ان انقلها هنا مزيدا للفائدة و تتميما للعائدة لانّها ابسط و لمّا كان نقل الكليني اقدم من الرضي ارويها عنه بطرقي المنتهية اليه باسناده قال ابو علي الاشعري عن محمّد بن عبد الجّبار و محمّد بن إسماعيل عن الفضل عن صفوان عن عبد الرحمن بن الحجاج قال بعث الي ابو الحسن موسي عليه السّلام بوصية امير المؤمنين عليه السّلام بسم اللّه الرّحمن الرّحيم هذا ما اوصي به عليّ بن ابي طالب(عليه السّلام)اوصي انّه يشهد ان لا آله الاّ اللّه وحده لا شريك له و انّ محمّدا عبده و رسوله ارسله بالهدي و دين الحقّ ليظهره علي الدّين كلّه و لو كره المشركون صلّي اللّه عليه و آله ثمّ انّ صلواتي و نسكي و محياي و مماتي للّه ربّ العالمين لا شريك له و بذلك امرت و انا من المسلمين ثمّ انّي اوصيك يا حسن و جميع اهل بيتي و ولدي و من بلغه

ص: 1080

كتابي بتقوي اللّه ربّكم و لا تموتنّ الاّ و أنتم مسلمون و اعتصموا بحبل اللّه جميعا و لا تفرّقوا فانّي سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله يقول صلاح ذات البين افضل من عامّة الصّلوة و الصّيام و انّ المبيرة الحالقة للدّين فساد ذات البين و لا قوّة الا باللّه العليّ العظيم انظروا ذوي ارحامكم فصلوهم يهوّن اللّه عليكم الحساب اللّه اللّه في الايتام فلا تغيّروا افواههم و لا تضيّعوا بحضرتكم فقد سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله يقول من عال يتيما حتّي يستغني اوجب اللّه عزّ و جلّ له بذلك الجنّة كما اوجب اللّه لاكل مال اليتيم النّار اللّه اللّه في القرءان فلا يسبقكم الي العمل به غيركم احد اللّه اللّه في جيرانكم فانّ النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله اوصي بهم و ما زال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله يوصي بهم حتّي ظنّنا انّه سيورّثهم اللّه اللّه في بيت ربّكم فلا يخلو منكم ما بقيتم انّه ان ترك لم تناظروا و ادني ما يرجع به من امّه ان يغفر له ما سلف اللّه اللّه في الصّلوة فانّها خير العمل و انّها عمود

ص: 1081

دينكم اللّه اللّه في الزّكوة فانّها تطفي غضب ربّكم اللّه اللّه في شهر رمضان فانّ صيامه جنّة من النّار اللّه اللّه في الفقراء و المساكين فشاركوهم في معايشكم اللّه اللّه في الجهاد باموالكم و انفسكم و ألسنتكم فانّما يجاهد رجلان امام هدي او مطيع له مقتد بهداه اللّه اللّه في ذرّيّة نبيّكم فلا يظلمنّ بحضرتكم و بين ظهرانيّكم و أنتم تقدرون علي الدّفع عنهم اللّه اللّه في اصحاب نبيّكم الّذين لم يحدثوا حدثا و لم ياووا محدثا فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله اوصي بهم و لعن المحدث منهم و من غيرهم و المؤوي للمحدث اللّه اللّه في النّساء و فيما ملكت ايمانكم فانّ اخر ما تكلّم به نبيّكم صلّي اللّه عليه و آله ان قال اوصيكم بالضّعيفين النّساء و ما ملكت ايمانكم الصّلوة الصّلوة الصّلوة لا تخافوا في اللّه لومة لائم يكفيكم اللّه من اذاكم و من بغي عليكم قولوا للنّاس حسنا كما امركم اللّه عزّ و جلّ و لا تتركوا الامر بالمعروف و النّهي عن المنكر فيولّي اللّه امركم شراركم ثمّ تدعون فلا

ص: 1082

يستجاب لكم عليكم و عليهم يا بنيّ بالتّواصل و التّباذل و التّبارّ و ايّاكم و التّقاطع و التّدابر و التّفرّق و تعاونوا علي البرّ و التّقوي و لا تعاونوا علي الاثم و العدوان و اتّقوا اللّه انّ اللّه شديد العقاب حفظكم اللّه من اهل بيت و حفظ فيكم نبيّكم استودعكم اللّه و اقرء عليكم السّلام و رحمة اللّه ثمّ لم يزل يقول لا آله الاّ اللّه حتّي قبض صلوات اللّه عليه و رحمته في ثلاث ليال من العشر الاواخر ليلة ثلاث و عشرين من شهر رمضان ليلة الجمعة سنة اربعين من الهجرة و كان ضرب ليلة احدي و عشرين من شهر رمضان اقول المشهور انه عليه السّلام ضرب في ليلة تسعة عشر من رمضان و قبض في ليلة احدي و عشرين منه من السنة الحالقة قال الفيروز آبادي الحالقة الخصلة التي من شانها ان تحلق اي تهلك و تستاصل الدين كما تستا؟؟؟صل الموسي الشّعر فلا تغيّروا افواههم محتمل الوجهين احدهما اي لا تجيعوهم فان الجائع فمه تتغيّر نكهته و الثاني لا تحوجوهم الي تكرار الطّلب و السؤال فان السائل ينصب ريقه و تنشف لهوانه و تتغيّر ريح فمه كذا قال ابن ابي الحديد في شرح النهج قوله لم تناظروا اي لم تمهلوا بل ينزّل عليكم العذاب من غير مهلة قوله من احدث فيها حدثا او اوي محدثا الحدث الامر الحادث المنكر الذي ليس بمعتاد و لا معروف في السنة و المحدث يروي بكسر الدال و فتحها علي الفاعل و المفعول فمعني الكسر من نصرجانيا و اواه و اجاره من خصمه و حال بينه و بين ان يقتصّ منه و بالفتح هو الامر المبتدع نفسه و يكون معني الايواء فيه الرضا به و الصبر عليه فانه اذا رضي بالبدعة و اقر فاعلها عليها و لم ينكرها فقد اواها قوله عليه السّلام و حفظ فيكم نبيّكم اي جعل الناس بحيث يرعون فيكم حرمته صلّي اللّه عليه و آله او حفظ سنته و اطواره فيكم او يحفظكم لانتسابكم اليه صلّي اللّه عليه و آله و الاوّل اظهر

وصيّته لابنه الحسين عليه السّلام

تحف العقول ص 88 لعليّ بن الحسن بن شعبة الحرّاني قال وصيّته لابنه الحسين عليهما السّلام يا بنيّ اوصيك بتقوي اللّه في الغني و الفقر و كلمة الحقّ في الرّضا و الغضب

ص: 1083

و القصد في الغني و الفقر و بالعدل علي الصّديق و العدوّ و بالعمل في النّشاط و الكسل و الرّضا عن اللّه في الشّدّة و الرّخاء اي بنيّ ما شرّ بعده الجنّة بشرّ و لا خير بعده النّار بخير و كلّ نعيم دون الجنّة محقور و كلّ بلاء دون النّار عافية و اعلم اي بنيّ انّه من ابصر عيب نفسه شغل عن عيب غيره و من تعرّي من لباس التّقوي لم يستتر بشيء من اللّباس و من رضي بقسم اللّه لم يحزن علي ما فاته و من سلّ سيف البغي قتل به و من حفر بئرا لاخيه وقع فيها و من هتك حجاب غيره انكشفت عورات بيته و من نسي خطيئته استعظم خطيئة غيره و من كابد الامور عطب و من اقتحم الغمرات غرق و من اعجب برايه ضلّ و من استغني بعقله زلّ و من تكبّر علي النّاس ذلّ و من خالط العلماء و قرّ و من خالط الانذال حقّر و من سفه علي النّاس شتم و من دخل مداخل السّوء اتّهم و من مزح استخفّ به و من اكثر من شيء عرف

ص: 1084

به و من كثر كلامه كثر خطائه و من كثر خطائه قلّ حياءه و من قلّ حياءه قلّ ورعه و من قلّ ورعه مات قلبه و من مات قلبه دخل النّار اي بنيّ عزّ المؤمن غناه عن النّاس و القناعة مال لا ينفد و من اكثر ذكر الموت رضي من الدّنيا باليسير و من علم انّ كلامه من عمله قلّ كلامه الاّ فيما ينفعه اي بنيّ العجب ممّن يخاف العقاب فلم يكفّ و رجا الثّواب فلم يتب و يعمل اي بنيّ الفكرة تورث نورا و الغفلة ظلمة و الجدال ضلالة و السّعيد من وعظ بغيره و الادب خير ميراث و حسن الخلق خير قرين ليس مع قطيعة الرّحم نماء و لا مع الفجور غني اي بنيّ العافية عشرة اجزاء تسعة منها في الصّمت الاّ بذكر اللّه و واحد في ترك مجالسة السّفهاء اي بنيّ من تزئّا بمعاصي اللّه في المجالس اورثه اللّه ذلاّ و من طلب العلم علم يا بنيّ رأس العلم الرّفق وافته الخرق و من كنوز الايمان الصّبر علي المصائب و العفاف زينة الفقر و الشكر زينة الغني كثرة الزّيارة تورث الملالة و الطّمانينة

ص: 1085

قبل الخبرة ضدّ الحزم و اعجاب المرء بنفسه يدلّ علي ضعف عقله اي بنيّ كم نظرة جلبت حسرة و كم من كلمة سلبت نعمة اي بنيّ لا شرف اعلي من الاسلام و لا كرم اعزّ من التّقوي و لا معقل احرز من الورع و لا شفيع انجح من التّوبة و لا لباس اجمل من العافية و لا مال اذهب بالفاقة من الرّضا بالقوت و من اقتصر علي بلغة الكفاف تعجّل الرّاحة و تبوّء خفض الدّعة اي بنيّ الحرص مفتاح التّعب وداع الي التّقحّم في الذّنوب و الشّرة جامع لمساوي العيوب و كفاك تاديبا لنفسك ما كرهته من غيرك لاخيك عليك مثل الّذي لك عليه و من تورّط في الامور بغير نظر في العواقب فقد تعرّض للنّوائب التّدبير قبل العمل يؤمنك النّدم من استقبل وجوه الاراء عرف مواقع الخطاء الصّبر جنّة من الفاقة البخل جلباب المسكنة الحرص علامة الفقر وصول معدم خير من جاف مكثر لكلّ شيء قوت و ابن ادم قوت الموت اي بنيّ لا تؤيس مذنبا فكم

ص: 1086

من عاكف علي ذنبه ختم له بخير و كم من مقبل علي عمله مفسد في اخر عمره صائر الي النّار نعوذ باللّه منها اي بنيّ كم من عاص نجاوكم من عامل هوي من تحرّي الصّدق خفّت عليه المؤن في خلاف النّفس رشدها السّاعات تنقّص الاعمار ويل للباغين من احكم الحاكمين و عالم ضمير المضمرين يا بنيّ بئس الزّاد الي المعاد العدوان علي العباد في كلّ جرعة شرق و في كلّ اكلة غصص لن تنال نعمة الاّ بفراق اخري ما اقرب الرّاحة من النّصب و البؤس من النّعيم و الموت من الحيوة و السّقم من الصّحّة فطوبي لمن اخلص للّه عمله و علمه و حبه و بغضه و اخذه و تركه و كلامه و صمته و فعله و قوله و بخّ بخّ لعالم عمل فجدّ و خاف البيات فاعدّ و استعدّ ان سئل نصح و ان ترك صمت كلامه صواب و سكوته من غير عيّ جواب و الويل لمن بلي بحرمان و خذلان و عصيان فاستحسن لنفسه ما يكرهه من غيره و ازري علي النّاس بمثل ما يأتي و اعلم اي بنيّ انّه من لانت

ص: 1087

كلمته وجبت محبّته وفّقك اللّه لرشده و جعلك من اهل طاعته بقدرته انّه جواد كريم اللّغات الصّولة السّطوة و القدرة اي بهم تسطو و تغلب علي الغير و العدّة بالضمّ الاستعداد و بالكسر الجماعة عورات بيته و في بعض النسخ عوراته كابدها اي قاساها و تحمّل المشتاقّ في فعلها بلا اعداد اسبابها و عطب اي هلك و الغمرات الشدائد الانذال جمع النّذل الخسيس من الناس المحتقر في جميع احواله و المراد بهم ذوي الاخلاق الذميمة الدنيّة تزيّأ اي صار ذا زيّ الخرق الشدّة ضدّ الرفق الطمأنينة اسم من الاطمينان و هو توطين النفس و تسكينها و الخبرة العلم بالشيء و الحزم ضبط الامر و احكامه و الاخذ فيه بالثقة المعقل الحصن و الملجأ و النجاح الظفر و الفوز اي لا يظفر الانسان بشفاعة شفيع بالنجاة من سخط اللّه و عذابه مثل ما يظفر بالتوبة البلغة بالضمّ ما يتبلّغ به من القوت و لا فضل فيه و الكفاف بفتح الكاف ما كفي عن الناس من الرزق و اغني و الخفض لين العيش و سعته و الدّعة بالتحريك الرّاحة و الاضافة للمبالغة اي تمكّن و استقر في متّبع؟؟؟ الراحة النصب بالتحريك اشدّ التّعب الشرّه بكسر الشين و شدّ الراء الحرص و الغضب و الطيش و العطب و قد يطلق علي الشّر ايضا الوصول بفتح الواو الكثير الاعطاء و المعدم الفقير و الجاف فاعل من جفا يجفو جفاءا ضدّ و اصله و انسه و المكثر الذي كثر ماله يعني من يصل الي الناس بحسن الخلق و المودّة مع الفقر خير ممّن يكثر في العطاء و هو جاف اي شيء الخلق التحرّي القصد و الاجتهاد في الطلب و المؤن بضم الميم و فتح الهمزة جمع المؤنة و هي القوت او الشدّة و الثقل الشرق الغصّة و هو اعتراض الشيء في الحلق و عدم اساغته و يطلق الاوّل في المشروبات و الثاني في الماكولات بخّ اسم فعل للمدح و اظهار الرضا بالشييء و يكرّر للمبالغة العيّ العجز عن الكلام ازري عليه عمله اي عاتبه و عابه عليه

و من كلامه عليه السّلام

تحف العقول ص 212 في باب حكمه و مواعظه قال قال عليه السّلام انّ المؤمن اذا نظر اعتبر و اذا سكت تفكّر و اذا تكلّم ذكر و اذا استغني شكر و اذا اصابته شدّة صبر فهو قريب الرّضا بعيد السّخط يرضيه عن اللّه اليسير و لا يسخطه الكثير و لا يبلغ بنيّة ارادته في الخير

ص: 1088

ينوي كثيرا من الخير و يعمل بطائفة منه و يتلهّف علي ما فاته من الخير كيف لم يعمل به و المنافق اذا نظر لها و اذا سكت سها و اذا تكلّم لغا و إذا استغني طغي و اذا اصابته شدّة ضغا فهو قريب السّخط بعيد الرّضا يسخطه علي اللّه اليسير و لا يرضاه الكثير ينوي كثيرا من الشّرّ و يعمل بطائفة منه و يتلهّف علي ما فاته من الشّرّ كيف لم يعمل به تلهّف اي حزن عليه و تحسّر لها من اللهو اي لعب سها اي غفل و نسي و ذهب قلبه الي غيره لغا اي خطأ و تكلّم من غير تفكر و رويّة ضغا اي تذلّل و ضعف

و من كتبه عليه السّلام

كتاب كتبه لاهل الكوفة بالفتح و لقد نقله المفيد في الارشاد ص 123 المطبوع في طهران سنة 1377 و هو هذا بسم اللّه الرّحمن الرّحيم من عبد اللّه عليّ بن ابي طالب امير المؤمنين الي اهل الكوفة سلام عليكم فانّي احمد اليكم اللّه الّذي لا آله الاّ هو امّا بعد فانّ اللّه حكم عدل لا يغيّر ما بقوم حتّي يغيّروا ما بانفسهم و اذا اراد اللّه بقوم سوء فلا مردّ له و ما لهم من دونه من وال اخبركم عنّا و عمّن سرنا اليه من جموع اهل البصرة و من

ص: 1089

تاشّب اليهم من قريش و غيرهم مع طلحة و الزّبير و نكثهم صفقة ايمانهم فنهضت من المدينة حين انتهي اليّ خبر من سار اليها و جماعتهم و ما فعلوا بعاملي عثمان بن حنيف حتّي قدمت ذاقار فبعثت الحسن بن عليّ و عمّار بن ياسر و قيس بن سعد فاستنفرتكم بحقّ اللّه و حقّ رسوله صلّي اللّه عليه و آله و حقّي فاقبل اليّ اخوانكم سراعا حتّي قدموا عليّ فسرت بهم حتّي نزلت ظهر البصرة فاعذرت بالدّعاء و قمت بالحجّة و اقلت العثرة و الزّلّة من اهل الرّدّة من قريش و غيرهم و استتبتهم من نكثهم بيعتي و عهد اللّه عليهم فابوا الاّ قتالي و قتال من معي و التّمادي في الغيّ فناهضتهم بالجهاد فقتل اللّه من قتل منهم ناكثا و ولّي من ولّي الي مصرهم و قتل طلحة و الزّبير علي نكثهما و شقاقهما و كانت المرأة عليهم اشأم من ناقة الحجر فخذلوا و ادبروا و تقطّعت بهم الاسباب فلمّا راوا ما حلّ بهم سألوني العفو عنهم فقبلت منهم و غمدت السّيف عنهم و اجريت الحقّ و السّنّة فيهم و استعملت

ص: 1090

عبد اللّه بن العبّاس علي البصرة و انا سائر الي الكوفة ان شاء اللّه تعالي و قد بعثت اليكم زحر بن قيس الجعفيّ لتسئلوه فيخبركم عنّا و عنهم و ردّهم الحقّ علينا و ردّ اللّه لهم و هم كارهون و السّلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته

و من كتبه عليه السّلام

الي معاوية ارسله بمصحوب جرير بن عبد اللّه البجلّي اليه نقل شطرا منه الرضي رضي اللّه عنه في النهج رأيت ان اكتب تمامه و هو المنقول عن كتاب نصر بن مزاحم المنقري التميميّ الكوفي الملقب بالعطار المعروف بكتاب صفّين الذي نقل عنه بعض خطبه عليه السّلام و كتبه الرضي ره و صاحب كتاب بحار الانوار في المجلد الثامن منه في باب غزواته عليه السّلام قال كتب اليه علي عليه السّلام بسم اللّه الرّحمن الرّحيم امّا بعد فانّ بيعتي لزمتك بالمدينة و انت بالشّام لانّه بايعني القوم الّذين بايعوا ابا بكر و عمر و عثمان علي ما بويعوا عليه فلم يك للشّاهد ان يختار و لا للغائب ان يردّ و انّما الشّوري للمهاجرين و الانصار فاذا اجتمعوا علي رجل فسمّوه اماما كان ذلك للّه رضا فان خرج من امرهم خارج بطعن او رغبة ردّوه الي ما خرج منه فان ابي قاتلوه علي اتّباعه غير سبيل المؤمنين و ولّلاه اللّه ما تولّي

ص: 1091

و يصليه جهنّم و ساءت مصيرا و انّ طلحة و الزّبير بايعاني ثمّ نقضا بيعتي و كان نقضهما كردّهما فجاهدتهما علي ذلك حتّي جاء الحقّ و ظهر امر اللّه و هم كارهون فادخل فيما دخل فيه المسلمون فانّ احبّ الامور اليّ فيك العافية الاّ ان تتعرّض للبلاء فان تعرّضت له قاتلتك و استعنت اللّه عليك و قد اكثرت في قتلة عثمان فادخل فيما دخل فيه النّاس ثمّ حاكم القوم اليّ احملك و ايّاهم علي كتاب اللّه فامّا تلك الّتي تريدها فخدعة الصّبيّ عن اللّبن و لعمري لئن نظرت بعقلك دون هواك لتجدني ابرء قريش من دم عثمان و اعلم انّك من الطّلقاء الّذين لا تحلّ لهم الخلافة و لا تعرّض فيهم الشّوري و قد ارسلت اليك و الي من قبلك جرير بن عبد اللّه و هو من اهل الايمان و الهجرة فبايع و لا قوّة الاّ باللّه

و من كتبه عليه السّلام

كتاب نصر بن مزاحم ص 79 عمر بن سعد عن رجل عن ابي الودّاك انّ طائفة من اصحاب علي عليه السّلام

ص: 1092

قالوا له اكتب الي معاوية و الي من قبله من قومك بكتاب تدعوهم فيه اليك و تأمرهم بمالهم فيه من الخطاء فان الحجّة لن تزداد عليهم بذلك الا عظما فكتب اليهم صلوات اللّه عليه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم من عبد اللّه عليّ امير المؤمنين الي معاوية و من قبله من قريش سلام عليكم فانّي احمد اليكم اللّه الّذي لا آله الاّ هو امّا بعد فانّ للّه عبادا امنوا بالتّنزيل و عرفوا التّاويل و فقّهوا في الدّين و بيّن اللّه فضلهم في القرءان الحكيم و أنتم في ذلك الزّمان اعداء لرسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله تكذّبون بالكتاب مجمعون علي حرب المسلمين من ثقفتم منهم حبستموه او عذّبتموه او قتلتموه حتّي اراد اللّه اعزاز دينه و اظهار رسوله و دخلت العرب في دينه افواجا و اسلمت هذه الامّة طوعا و كرها و كنتم ممّن دخل في هذا الدّين امّا رغبة و امّا رهبة علي حين فاز اهل السّبق بسبقهم و فاز المهاجرون الاوّلون بفضلهم فلا ينبغي لمن ليست له مثل سوابقهم في الدّين و لا فضائلهم في الاسلام ان ينازعهم الامر الّذي هم اهله و اولي به فيحوب بظلم و لا

ص: 1093

ينبغي لمن كان له عقل ان يجهل قدره و لا ان يعد و طوره و لا ان يشقي نفسه بالتماس ما ليس له ثمّ انّ اولي النّاس بامر هذه الامّة قديما و حديثا اقربها من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و اعلمها بالكتاب و افقهها في الدّين و اوّلها اسلاما و افضلها جهادا و اشدّها بما تحمله الرّعيّة من امورها اضطلاعا فاتّقوا اللّه الّذي اليه ترجعون و لا تلبسوا الحقّ بالباطل و تكتموا الحقّ و أنتم تعلمون و اعلموا انّ خيار عباد اللّه الّذين يعملون بما يعطون و انّ شرارهم الجهّال الّذين ينازعون بالجهل اهل العلم فانّ للعالم بعلمه فضلا و انّ الجاهل لن يزداد بمنازعة العالم الاّ جهلا الا و انّي ادعوكم الي كتاب اللّه و سنّة نبيّه صلّي اللّه عليه و آله و حقن دماء هذه الامّة لن تزدادوا من اللّه الاّ بعدا فان قبلتم اصبتم رشدكم و اهتديتم لحظّكم و ان ابيتم الاّ الفرقة و شقّ عصا هذه الامّة لن تزدادوا من اللّه الاّ بعدا و لن يزداد الرّبّ عليكم الاّ سخطا و السّلام

ص: 1094

و من كتبه عليه السّلام

الي معاوية قال نصر في كتابه ص 33 فكتب اليه عليّ عليه السّلام من عليّ الي معاوية بن صخر امّا بعد فقد اتاني كتاب امرء ليس له نظر يهديه و لا قائد يرشده دعاه الهوي فاجابه و قاده فاتّبعه زعمت انّه افسد عليك ببيعتي خطيئتي في عثمان و لعمري ما كنت الاّ رجلا من المهاجرين اوردت كما اوردوا و اصدرت كما اصدروا و ما كان اللّه ليجمعهم علي ضلالة و لا ليضربهم بالعمي و ما امرت فيلزمني خطيئة الامر و لا قتلت فيجب عليّ قصاص و امّا قولك انّ اهل الشّام هم الحكّام علي اهل الحجاز فهات رجلا من قريش الشّام يقبل في الشّوري او تحلّ له الخلافة فان زعمت ذلك كذّبك المهاجرون و الانصار و الاّ اتيتك به من قريش الحجاز و امّا قولك ادفع الينا قتلة عثمان فما انت و عثمان انّما انت رجل من بني اميّة و بنو عثمان اولي بذلك منك فان زعمت انّك اقوي علي دم ابيهم منهم فادخل في طاعتي ثمّ حاكم القوم

ص: 1095

اليّ احملك و ايّاهم علي المحجّة و امّا تمييزك بين الشّام و البصرة و بينك و بين طلحة و الزّبير فلعمري ما الامر فيما هناك الاّ واحد لانّها بيعة عامّة لا يثنّي فيها النّظر و لا يستأنف فيها الخيار و امّا ولوعك بي في امر عثمان فما قلت ذلك عن حقّ العيان و لا بعين الخبر و امّا فضلي في الاسلام و قرابتي من النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله و شرفي في قريش فلعمري لو استطعت دفع ذلك لدفعته

و من كتبه عليه السّلام

كتاب نصر بن مزاحم ص 47 قال فكتب عليّ عليه السّلام في جوابه اي في جواب مكتوب معاوية ارسله اليه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم من عبد اللّه امير المؤمنين عليّ بن ابي طالب الي معاوية بن ابي سفيان امّا بعد فانّ اخا خولان قدم علي بكتاب منك تذكر فيه محمّدا صلّي اللّه عليه و آله و ما انعم اللّه عليه به من الهدي و الوحي و الحمد للّه الّذي صدّقه الوعد و تمّم له النّصر و مكّن له في البلاد و اظهره علي اهل العدي و الشّنئان من قومه الّذين وثبوا به و شنّفوا له و اظهر و له التّكذيب و بارزوه

ص: 1096

بالعداوة و ظاهروا علي اخراجه و علي اخراج اصحابه و البّوا عليه العرب و جامعوهم علي حربه و جهدوا في امره كلّ الجهد و قلّبوا له الامور حتّي ظهر امر اللّه و هم كارهون و كان اشدّ النّاس عليه البة اسرته و الادني فالادني من قومه الاّ من عصمه اللّه منهم يابن هند فلقد خبأ لنا الدّهر منك عجبا و لقد قدمت فافحشت اذ طفقت تخبرنا عن بلاء اللّه تعالي في نبيّه محمّد صلّي اللّه عليه و آله و فينا فكنت في ذلك كجالب التّمر الي هجر و داعي مشدّده الي النّضال و ذكرت انّ اللّه اجتبي له من المسلمين اعوانا ايّده اللّه بهم فكانوا في منازلهم عنده علي قدر فضائلهم في الاسلام فكان افضلهم زعمت في الاسلام و انصحهم للّه و رسوله خليفة الاولي و خليفة الخليفة و لعمري انّ مكانهما من الاسلام لعظيم و انّ المصاب بهما لجرح في الاسلام شديد رحمهما اللّه و جزاهما باحسن الجزاء و ذكرت انّ عثمان كان في الفضل ثالثا فان يكن عثمان محسنا فسنجزيه

ص: 1097

اللّه باحسانه و ان يك مسيئا فسيلقي ربّا غفورا لا يتعاظمه ذنب ان يغفره و لعمر اللّه انّي لارجو اذا اعطي اللّه النّاس علي قدر فضائلهم في الاسلام و نصيحتهم للّه و رسوله ان يكون نصيبنا الاوفر في ذلك انّ محمّدا صلّي اللّه عليه و آله لمّا دعي الي الايمان باللّه و التّوحيد كنّا اهل البيت اوّل من امن به و صدّق بما جاء به فلبثنا احوالا مجرّمة و ما يعبد اللّه في ربع ساكن من العرب غيرنا فاراد قومنا قتل نبيّنا و اجتياح اصلنا و همّوا بنا الهموم و فعلوا بنا الافاعيل فمنعونا الميرة و امسكوا عنّا العذب و اجلسوا الخوف و جعلوا علينا الارصاد و العيون و اضطرّونا الي جبل وعر و اوقدوا لنا نار الحرب و كتبوا علينا بينهم كتابا لا يواكلونا و لا يشاربونا و لا يناكحونا و لا يبايعونا و لا نامن فيهم حتّي ندفع النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله فيقتلونه و يمثّلوا به فلم نكن نامن فيهم الاّ من موسم الي موسم فعزم اللّه لنا علي منعه

ص: 1098

و الذّبّ عن حوزته و الرّمي من وراء حرمته و القيام باسيافنا دونه في ساعات الخوف و اللّيل و النّهار فمؤمنا يرجو بذلك الثّواب و كافرنا يحامي به عن الاصل فامّا من اسلم من قريش بعد فانّهم ممّا نحن فيه اخلياء فمنهم حليف ممنوع او ذو عشيرة تدافع عنه فلا يبغيه احد بمثل ما بغانا به قومنا من التّلف فهم من القتل بمكان نجوة و امن فكان ذلك ما شاء اللّه ان يكون ثمّ امر اللّه رسوله بالهجرة و اذن له بعد ذلك في قتال المشركين فكان اذا احمرّ الباس و دعيت نزال اقام اهل بيته فاستقدموا فوقا بهم اصحابه حرّ الاسنّة و السّيوف فقتل عبيدة يوم بدر و حمزة يوم احد و جعفر و زيد يوم موتة و اراد للّه من لو شئت ذكرت اسمه مثل الّذي ارادوا من الشّهادة مع النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله غير مرّة الاّ انّ اجالهم عجّلت و منيّته اخرّت و اللّه وليّ الاحسان اليهم و المنّان عليهم بما قد اسلفوا من الصّالحات فما سمعت باحد و لا رايت فيهم من هو انصح للّه في طاعة

ص: 1099

رسوله و لا اطوع لرسوله في طاعة ربّه و لا اصبر علي للاوّاء و الضّراء و حين الباس و مواطن المكروه مع النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله من هؤلاء النّفر الّذين سميّت لك و في المهاجرين خير كثير نعرفه جزاهم اللّه باحسن اعمالهم فذكرت حسدي الخلفاء و إبطائي عنهم و بغيي عليهم فامّا البغي فمعاذ اللّه ان يكون و امّا الابطاء عنهم و الكراهة لامرهم فلست اعتذر منه الي النّاس لانّ اللّه جلّ ذكره لمّا قبض نبيّه صلّي اللّه عليه و آله قالت قريش منّا امير و قالت الانصار منّا امير فقالت قريش منّا محمّد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله فنحن احقّ بذلك الامر فعرفت ذلك الانصار فسلّمت لهم الولاية و السّلطان فاذا استحقّوها بمحمّد صلّي اللّه عليه و آله دون الانصار فانّ اولي النّاس بمحمّد صلّي اللّه عليه و آله احقّ بها منهم و الاّ فانّ الانصار اعظم العرب فيها نصيبا فلا ادري اصحابي سلموا من ان يكونوا حقّي اخذوا او الانصار ظلموا عرفت انّ حقّي هو الماخوذ و قد تركته لهم تجاوز اللّه عنهم

ص: 1100

و امّا ما ذكرت من امر عثمان و قطيعتي رحمه و تاليبي عليه فانّ عثمان عمل ما بلغك فصنع النّاس ما قد رايت و قد علمت انّي كنت في عزلة عنه الاّ ان تتجنّ فتجنّ ما بدا لك و امّا ما ذكرت من امر قتلة عثمان فانّي نظرت في هذا الامر و ضربت انفه و عينيه فلم ار دفعهم اليك و لا الي غيرك و لعمري لئن لم تنزع عن غيّك و شقاقك لتعرفنّهم عن قليل يطلبونك و لا يكلّفونك ان تطلبهم في برّ و لا بحر و لا جبل و لا سهل و قد كان ابوك اتاني حين ولّي النّاس ابا بكر فقال انت احقّ بعد محمّد صلّي اللّه عليه و آله بهذا الامر و انا زعيم لك بذلك علي من خالف ابسط يدك ابايعك فلم افعل و انت تعلم انّ اباك قد قال ذلك و اراده حتّي كنت انا الّذي ابيت لقرب عهد النّاس بالكفر مخافة الفرقة بين اهل الاسلام فابوك كان اعرف بحقّي منك فان تعرف من حقّي ما كان ابوك يعرف تصب رشدك و ان لم تفعل فسيغني اللّه عنك و السّلام

ص: 1101

و من كتبه عليه السّلام

كتاب كتبه الي مخنف بن سليم نقله نصر بن مزاحم في كتابه ص 56 قال فكتب الي مخنف بن سليم عامل اصفهان و همدان سلام عليك فانّي احمد اليك اللّه الّذي لا آله الاّ هو امّا بعد فانّ جهاد من صدف عن الحقّ رغبة عنه و هبّ في نعاس العمي و الضّلال اختبارا له فريضة علي العارفين انّ اللّه يرضي عمّن ارضاه و يسخط علي من عصاه و انّا قد هممنا بالمسير الي هؤلاء القوم الّذين عملوا في عباد اللّه بغير ما انزل اللّه و استأثروا بالفييء و عطّلوا الحدود و اماتوا الحقّ و اظهروا في الارض الفساد و اتّخذوا الفاسقين و ليجة من دون المؤمنين فاذا وليّ للّه اعظم احداثهم ابغضوه و اقصوه و حرّموه و اذا ظالم ساعدهم علي ظلمهم احبّوه و ادنوه و برّوه فقد اصرّوا علي الظّلم و اجمعوا علي الخلاف و قديما ما صدّوا عن الحقّ و تعاونوا علي الاثم و كانوا ظالمين فاذا اتيت بكتابي هذا فاستخلف علي عملك اوثق اصحابك في نفسك و اقبل الينا لعلّك تلقي هذا العدوّ المحلّ فتامر بالمعروف و تنهي عن المنكر و تجامع الحقّ

ص: 1102

و تباين الباطل فانّه لا غناء بنا و لا بك عن اجر الجهاد و حسبنا اللّه و نعم الوكيل و لا حول و لا قوّة الاّ باللّه العليّ العظيم

و من كتبه عليه السّلام

لمّا كتب عبد اللّه بن عبّاس اليه يذكر له اختلاف البصرة قال نصر بن مزاحم في كتابه فكتب اليه علّي عليه السّلام من عبد اللّه عليّ امير المؤمنين الي عبد اللّه بن عبّاس امّا بعد فالحمد للّه ربّ العالمين و صلّي اللّه علي سيّدنا محمّد عبده و رسوله امّا بعد فقد قدم عليّ رسولك و ذكرت ما رايت و بلغك عن اهل البصرة بعد انصرافي و ساخبرك عن القوم هم من بين مقيم لرغبة يرجوها او عقوبة يخشاها فارغب راغبهم بالعدل عليه و الاحسان اليه و الانصاف له و حلّ عقدة الخوف عن قلوبهم فانّه ليس لامراء اهل البصرة في قلوبهم عظم الاّ قليل منهم و انته الي امري و لا تعدّه و احسن الي هذا الحيّ من ربيعته و كلّ من قبلك فاحسن اليهم ما استطعت ان شاء اللّه و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

ص: 1103

كتابه عليه السّلام الي الاسود بن قطنة نقله نصر بن مزاحم في كتابه ص 57 طبع طهران سنة 1300 الهجرية القمرية من عبد اللّه عليّ امير المؤمنين الي الاسود بن قطنة امّا بعد فانّه من لم ينتفع بما وعظ لم يحذر ما هو غابر و من اعجبته الدّنيا رضي بها و ليست بثقة فاعتبر بما مضي تحذر ما بقي و اطبخ للمسلمين قبلك من الطّلاء ما يذهب ثلثاه و اكثر لنا من لطف الجند و اجعله مكان ما عليهم من ارزاق الجند فانّ للولدان علينا حقّا و في الذّريّة من يخاف دعاءه و هو لهم صالح و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

كتاب كتبه الي عبد اللّه بن عامر نقله نصر بن مزاحم في كتابه المطبوع ص 57 قال و كتب عليه السّلام بسم اللّه الرّحمن الرّحيم من عبد اللّه عليّ امير المؤمنين الي عبد اللّه بن عامر امّا بعد فانّ خير النّاس عند اللّه عزّ و جلّ اقومهم للّه بالطاعة فيما له و عليه و اقولهم بالحقّ و لو كان مرّا فانّ الحقّ به قامت السّموات و الارض و لتكن سريرتك كعلانيتك و ليكن حكمك واحدا و طريقتك مستقيمة فانّ البصرة مهبط الشّيطان فلا

ص: 1104

تفتحنّ علي يد احد منهم لا نطيق سدّه نحن و لا انت و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

الي عبد اللّه بن عبّاس نقله النّصر في كتابه ص 58 قال و كتب عليه السّلام بسم اللّه الرّحمن الرّحيم من عبد اللّه عليّ امير المؤمنين الي عبد اللّه بن عبّاس امّا بعد فانظر ما اجتمع عندك من غلاّت المسلمين و فيئهم فاقسمه علي من قبلك حتّي تغنيهم و ابعث الينا بما فضل نقسمه فيمن قبلنا و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

كتاب كتبه الي عبد اللّه بن عبّاس نقله النّصر في كتابه ص 58 قال و كتب عليه السّلام بسم اللّه الرّحمن الرّحيم من عبد اللّه عليّ امير المؤمنين الي عبد اللّه بن عبّاس امّا بعد فانّ الانسان قد يسرّه ما لم يكن ليفوته و يسوءه فوت ما لم يكن ليدركه و ان جهد فليكن سرورك فيما قدّمت من حكم او منطق او سيرة و ليكن اسفك علي ما فرّطت للّه فيه من ذلك ودع ما فاتك من الدّنيا فلا تكثر به حزنا و ما اصابك فيها تبغ به سرورا و ليكن همّك فيما بعد الموت و السّلام

ص: 1105

و من كتبه عليه السّلام

كتاب كتبه الي امراء الخراج منقول عن كتاب النّصر ص 58 قال و كتب عليه السّلام الي امراء الخراج بسم اللّه الرّحمن الرّحيم من عبد اللّه عليّ امير المؤمنين الي امراء الخراج امّا بعد فانّه من لم يحذر ما هو صائر اليه لم يقدّم لنفسه و لم يحرزها و من اتّبع هواه و انقاد له علي ما يعرف نفع عاقبته عمّا قليل ليصبحنّ من النّادمين الا و انّ اسعد النّاس في الدّنيا من عدل عمّا يعرف ضرّه و انّ اشقاهم من اتّبع هواه فاعتبروا و اعلموا انّ لكم ما قدّمتم من خير و ما سوا ذلك وددتم لو انّ بينكم و بينه امدا بعيدا و يحذّركم اللّه نفسه و اللّه رءوف رحيم بالعباد و انّ عليكم ما فرضتم فيه و انّ الّذي طلبتم ليسير و انّ ثوابه لكثير و لو لم يكن فيما نهي عنه من الظّلم و العدوان عقاب يخاف كان في ثوابه ما لا عذر لاحد بترك طلبته فارحموا ترحموا و لا تعذّبوا خلق اللّه و لا تكلّفوهم فوق طاقتهم و انصفوا النّاس من انفسكم و اصبروا لحوائجهم فانّكم خزّان الرّعيّة لا تتّخذنّ حجابا و لا تحجبنّ احدا عن حاجته حتّي ينهيها اليكم لا تأخذوا احدا باحد الاّ كفيلا عمّن كفل عنه و اصبروا

ص: 1106

انفسكم علي ما فيه الاغتياظ و ايّاكم و تاخير العمل و دفع الخير فانّ في ذلك النّدم و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

كتاب كتبه الي معاوية نقله النّصر في كتابه ص 59 قال و كتب عليه السّلام الي معاوية بسم اللّه الرّحمن الرّحيم من عبد اللّه عليّ امير المؤمنين الي معاوية بن ابي سفيان سلام علي من اتّبع الهدي فانّي احمد اللّه الّذي لا آله الاّ هو امّا بعد فانّك قد رايت من الدّنيا و تصرّمها باهلها الي ما مضي منها و خير ما بقي من الدّنيا ما اصاب العباد الصّادقون فيما مضي و من نسي الدّنيا نسيان الاخرة يجد بينهما بونا بعيدا و اعلم يا معاويّة انّك قد ادّعيت امرا لست من اهله لا في القدم و لا في الولاية و لست تقول فيه بامر بيّن تعرف لك به اثرة و لا لك عليه شاهد من كتاب اللّه و لا عهد تدّعيه من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله فكيف انت صانع اذا انقشعت عنك جلابيب ما انت فيه من دنيا قد انتهت بزينتها و ركنت الي

ص: 1107

لذّتها و خلّي فيها بينك و بين عدوّ جاهد ملحّ مع ما عرض في نفسك من دنيا قد دعتك فاجبتها و قادتك فاتّبعتها و امرتك فاطعتها فايس من هذا الامر و خذ اهبة الحساب فانّه يوشك ان يقفك واقف علي ما لا يحيّنك منه محنّ و متي كنتم يا معاوية ساسة للرّعيّة او ولاة لامر هذه الامّة بغير قدم حسن و لا شرف سابق علي قومكم فشمّر لما قد نزل بك و لا تمكّن الشّيطان من بغيته فيك مع انّي اعرف انّ اللّه و رسوله صادقان فنعوذ باللّه من لزوم سابق الشّقا و ان لا تفعل اعلمّك ما اغفلك من نفسك فانّك مترف قد اخذ منك الشّيطان ماخذه فجري منك مجري الدّم في العروق و اعلم انّ هذا الامر لو كان الي النّاس او بايديهم لحسدونا و لا امتنّوا به علينا و لكنّه قضاء ممّن امتنّ به علينا علي لسان نبيّه الصّادق المصدّق لا افلح من شك بعد العرفان و البيّنة اللّهمّ احكم بيننا و بين عدوّنا بالحقّ و انت خير الحاكمين

ص: 1108

و من كتبه عليه السّلام

كتاب كتبه عليه السّلام الي عمرو بن العاص نقله النّصر في كتابه ص 60 قال و كتب الي عمرو بن العاص بسم اللّه الرّحمن الرّحيم من عبد اللّه امير المؤمنين عليّ الي عمرو بن العاص امّا بعد فانّ الدّنيا مشغلة عن غيرها و صاحبها مقهور فيها لم يصب منها شيئا قطّ الاّ فتحت له حرصا ادخلت عليه مؤنة تزيده رغبة فيها و لن يستغني صاحبها بما نال عمّا لم يبلغه و من وراء ذلك فراق ما جمع و السّعيد من وعظ بغيره فلا تحبط اجرك ابا عبد اللّه و لا تجارينّ معاوية في باطله فانّ معاوية غمص النّاس و سفه الحقّ

و من كتبه عليه السّلام

كتاب كتبه الي ابن عبّاس و الي اهل البصرة المنقول من كتاب النّصر ص 62 قال كتب عليه السّلام امّا بعد فاشخص اليّ من قبلك من المسلمين و المؤمنين و ذكّرهم بلائي عندهم و عفوي عنهم و استبقائي لهم و رغّبهم في الجهاد و اعلمهم الّذي لهم في ذلك من الفضل

و من كتبه عليه السّلام

كتاب كتبه الي زياد بن النّصر و شريح بن هاني المنقول من كتاب النّصر ص 66 قال فكتب اليهما عليّ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم من عبد اللّه عليّ امير المؤمنين الي زياد بن

ص: 1109

النّضر و شريح بن هاني سلام عليكما فانّي احمد اليكما اللّه الّذي لا آله الاّ هو امّا بعد انّي قد وليّت مقدّمتي زياد بن النّضر و امّرته عليها و شريح علي طائفة منها امير فان أنتما جمعكما باس فزياد بن النّضر علي النّاس و ان افترقتما فكلّ واحد منكما امير علي الطّائفة الّتي ولّيناه امرها و اعلما انّ مقدّمة القوم عيونهم و عيون المقدّمة طلايعهم فاذا أنتما خرجتما من بلادكما فلا تسأما من توجيه الطّلايع و من نقض الشّعاب و الشّجر و الخمر في كلّ جانب كيلا يغرّكما عدوّا و يكون لهم كمين و لا تسيّرنّ الكتائب الاّ من لدن الصّباح الي السّماء الاّ علي تعبية فان دهمكم دهم او غشيكم مكروه كنتم قد تقدّتم في التّعبية و اذا نزلتم بعدوّ او نزل بكم فليكن معسكركم في قبل الاشراف او سفاح الجبال او اثناء الانهار كيما يكون ذلك لكم ردءً او تكون مقاتلتكم من وجه او اثنين و اجعلوا رقباءكم في صياصيّ الجبال و باعالي الاشراف و مناكب الانهار يرون لكم لئلاّ يأتيكم عدوّ من مكان مخافة او امن و ايّاكم و التّفرّق فاذا انزلتم فانزلوا جميعا و اذا رحلتم

ص: 1110

فارحلوا جميعا و اذا غشيكم ليل فنزلتم فحفّوا عسكركم بالرّماح و الاترسة و رماتكم يلون ترستكم و رماحكم و ما اقمتم فكذلك فافعلوا كيلا تصاب لكم غفلة و لا تلفي لكم عزّة فما قوم حفّوا عسكرهم برماحهم و ترستهم من ليل او نهار الاّ كانوا كانّهم في حصون و احرسا عسكر كما بانفسكما و ايّاكما ان تذوقا نوما حتّي تصبحا الاّ غرارا او مضمضة ثمّ ليكن ذلك شانكما و دابكما حتّي تنتهيا الي عدوّكما و ليكن عندي كلّ يوم خبركما و رسول من قبلكما فانّي و لا شيء الاّ ما شاء اللّه حثيث السّيرفي اثاركما عليكما في حربكما بالتّودة و ايّاكم و العجلة الاّ ان تمكنكم فرصة بعد الاعذار و الحجّة و ايّاكم ان تقاتلا حتّي اقدم عليكما الاّ ان تبديا او يأتيكما امري ان شاء اللّه و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

كتاب كتبه الي امراء الاجناد نقله النّصر في كتابه ص 68 قال و في حديث عمر ايضا باسناده ان عليّا كتب الي امراء الاجناد بسم اللّه الرّحمن الرّحيم من عبد اللّه عليّ امير المؤمنين فانّي ابرء اليكم و الي اهل الذّمّة من معرّة الجيش الاّ من جوعة الي شيعة

ص: 1111

و من فقر الي غني او عمي الي هدي فانّ ذلك عليهم فاعزلوا النّاس عن الظّلم و العدوان و خذوا علي ايدي سفهاءكم و احترسوا ان تعملوا اعمالا لا يرضي اللّه بها عنّا فيردّ علينا و عليكم دعاءنا فانّ اللّه تعالي يقول قل ما يعبأ بكم ربّي لو لا دعاءكم فقد كذّبتم فسوف يكون لزاما فانّ اللّه اذا مقت قوما من السّماء هلكوا في الارض فلا تدّخروا انفسكم خيرا و لا الجند حسن السّيرة و لا الرّعيّة معونة و لا دين اللّه قوّة و ابلوه في سبيله ما استوجب عليكم فانّ اللّه قد اصطنع عندنا و عندكم ما شكره بجهدنا و ان ننصره ما بلغت قوّتنا و لا قوّة الاّ باللّه

و من كتبه عليه السّلام

قال نصر بن مزاحم في كتابه ص 68 و في كتاب عمر بن سعد ايضا و كتب الي جنوده يخبرهم بالّذي لهم و الّذي عليهم من عبد اللّه عليّ امير المؤمنين امّا بعد فانّ اللّه جعلكم في الحقّ جميعا سواء اسودكم و احمركم و جعلكم من الوالي و جعل الوالي منكم بمنزلة الوالد من الولد و بمنزلة الولد من الوالد

ص: 1112

الّذي لا يكفيهم منعه ايّاهم من طلب عدوّه و التّهمة به ما سمعتم و اطعتم و قضيتم الّذي عليكم و انّ حقّكم عليه انصافكم و التّعديل بينكم و الكفّ عن فيئكم فاذا فعل ذلك معكم وجبت عليكم طاعته بما وافق الحقّ و نصرته علي سيرته و الدّفع عن سلطان اللّه فانّكم وزعة اللّه في الارض(قال عمر الوزعة الذين يدفعون عن الظّلم)فكونوا له اعوانا و لدينه انصارا و لا تفسدوا في الارض بعد اصلاحها انّ اللّه لا يحبّ المفسدين

و من كتبه عليه السّلام

كتابه في جواب كتاب معاوية قال نصر في كتابه ص 252 فلمّا انتهي كتاب معاوية الي عليّ قرأه ثم قال العجب لمعاوية و كتابه ثم دعا عليّ عبيد اللّه بن ابي رافع كاتبه فقال اكتب الي معاوية امّا بعد فقد جاءني كتابك تذكر انّك لو علمت و علمنا انّ الحرب تبلغ بنا و بك ما بلغت لم يخبها بعضنا علي بعض فانا و ايّاك منها في غاية لم تبلغها و انّي لو قتلت في ذات اللّه و حييت ثمّ قتلت ثمّ حييت سبعين مرّة لم ارجع عن الشّدّة في ذات اللّه و الجهاد لاعداء اللّه و امّا قولك انّه قد

ص: 1113

بقي من عقولنا ما نندم به علي ما مضي فانّي ما نقصت عقلي و لا ندمت علي فعلي فامّا طلبك الشّام فانّي لم اكن لا عطيك اليوم ما منعتك امس و امّا استواءنا في الخوف و الرّجاء فانّك لست بامضي علي الشّك منّي علي اليقين و ليس اهل الشّام باحرص علي الدّنيا من اهل العراق علي الاخرة و امّا قولك انّا بنو عبد مناف ليس لبعضنا علي بعض فضل فلعمري انّا بنواب واحد و لكن ليس اميّة كهاشم و لا و لا حرب كعبد المطّلب و لا ابو سفيان كابي طالب و لا المهاجر كالطّليق و لا المحقّ كالمبطل و في ايدينا فضل النّبوّة الّتي اذ لنابها العزيز و اعززنا بها الذّليل و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

كتاب كتبه الي معاوية بن ابي سفيان عن كتاب النصر ص 266 قال كتب عليّ بن ابي طالب عليه السّلام اليه من عبد اللّه عليّ امير المؤمنين الي معاوية بن ابي سفيان امّا بعد فانّ افضل ما شغل به المرء نفسه اتّباع ما حسن به فعله و يستوجب فضله و يسلم من عيبه و انّ البغي و الزّور يزريان بالمرء في دينه

ص: 1114

و دنياه و يبديان من خلله عند من يعنيه ما استرعاه اللّه ما لا يغني عنه تدبيره فاحذر الدّنيا فانّه لا فرح في شيء وصلت اليه منها و لقد علمت انّك غير مدرك ما قضي فواته و قد رام قوم امرا بغير الحقّ فتاوّلوا علي اللّه تعالي فاكذبهم و متعّهم قليلا ثمّ اضطرّهم الي عذاب غليظ فاحذر يوما يغتبط فيه من احمد عاقبته عمله و يندم من امكن الشّيطان من قياده و لم يحادّه فغرّته الدّنيا و اطمانّ اليها ثمّ انّك قد دعوتني الي حكم القرءان و لقد علمت انّك لست من اهل القرءان و لست حكمه تريد و اللّه المستعان و قد اجبنا القرءان الي حكمه و لسنا ايّاك اجبنا و من لم يرض بحكم القرءان فقد ضلّ ضلالا بعيدا

و من كتبه عليه السّلام

ما كتبه في جواب كتاب عمرو بن العاص الذي كتبه اليه المنقول في كتاب النّصر ص 269 قال فكتب اليه عليّ امّا بعد فانّ الّذي اعجبك من الدّنيا ممّا نازعتك اليه نفسك و وثقت به منها لمنقلب عنك و مفارق لك فلا تطمئنّ الي الدّنيا فانّها غرّارة و لو اعتبرت بما مضي الحفظت ما بقي و انتفعت بما و عظت به و السّلام

ص: 1115

و من كتبه عليه السّلام

كتاب كتبه الي معاوية و لقد نقله ابن ميثم في شرح نهج البلاغه قال كتب امير المؤمنين الي معاوية فقد بلغني كتابك تذكر مشاغبتي و تستقبح موادبتي و تزعمني متجبّرا و عن حقّ اللّه مقصّرا فسبحان اللّه كيف تستجيز الغيبة و تستحسن العهضيهة انّي لم اشاغب الاّ في امر بمعروف او نهي عن منكر و لم اتجبّر الاّ علي باغ مارق او ملحد منافق و لم اخذ في ذلك الاّ بقول اللّه سبحانه لا تجد قوما يؤمنون باللّه و اليوم الاخر يوادّون من حادّ اللّه و رسوله و لو كانوا اباءهم و أبناءهم و امّا التّقصير في حقّ اللّه فمعاذ اللّه و انّما المقصّر في حقّ اللّه جلّ ثناؤه و من عطّل الحقوق المؤكدّة و ركن الي الاهواء المبتدعة و اخلد الي الضّلالة المحيّرة و من العجب ان تصف يا معاوية الاحسان و تخالف البرهان و تنكث الوثاق الّتي هي للّه عزّ و جلّ طلبة و علي عباده حجّة مع نبذ الاسلام و تضييع الاحكام و طمس الاعلام و الجري في الهوي و التّهوّس في الرّدي فاتّق اللّه فيما لديك و انظر في حقّه

ص: 1116

عليك و ارجع الي معرفة ما لا تعذر بجهالته فانّ للطّاعة اعلاما واضحة و سبلا نيّرة و محجّة نهجة و غاية مطّلبة تردّها الاكياس و تخالفها الانكاس من نكب عنها جار عن الحقّ و خبط في التّيه و غيّر اللّه نعمته و احلّ به نقمته فنفسك نفسك فقد بيّن اللّه لك سبيلك و حيث تناهت بك امورك فقد اجريت الي غاية خسر و محلّة كفر و انّ نفسك قد اوحلتك شرّا و اقحمتك غيّا و اوردتك المهالك و اوعرت عليك المسالك(و من ذلك الكتاب)و انّ للنّاس جماعة يد اللّه عليها و غضب اللّه علي من خالفها فنفسك نفسك قبل حلول رمسك فانّك الي اللّه راجع و الي حشره مهطع و ستبهظك كربة و تحلّ بك غمّة في يوم لا يغني النّادم ندمه و لا يقبل من المعتذر عذره يوم لا يغني مولي عن مولي شيئا و لا هم ينصرون بيان قال الفيروزآبادي الشعب تهييج الشّركا التشغيب و شغبهم و بهم و عليهم كمنع و فرح هيج الشّر عليهم و شاغبه شارّه و المواربة المداهاة و المخاتلة و في اكثر النسخ موازرتي اي موازرتي عليك و العضيهة الافك و البهتان و ركن اليه كعلم مال و اخلدت الي فلان اي ركنت اليه و اخلد بالمكان اقام و الطمس اخفاء الاثر و قال الجوهري المهوس الطوفان باللّيل و الهوس شدة الاكل و الهوس

ص: 1117

السّوق اللّين يقال هست الابل فهاست اي ترعي و تسير و الهوس بالتحريك طرف من الجنون قوله فيما لديك اي من مال المسلمين و فيئهم او في نعمة عليك و معرفة ما لا يعذر بجهالته معرفة الامام و طاعته و الاعلام الائمة و الادّلة و النّهج الطّريق الواضح و المطّلبة النسخ المصححة متفقة علي تشديد الطاء قال الجوهري طلبت الشيء طلبا و كذا اطلبته و التطلّب الطّلب مرّة بعد اخري و المعني غاية من شانها ان تطلبه و يطلبها العقلاء و يكشف عنه قوله عليه السّلام يردها الاكياس و قرء ابن ابي الحديد بتخفيف الطاء و قال اي مساعفة؟؟؟ لطالبها يقال طلب فلان منّي كذا فاطلبته اي استعفته و الانكاس جمع نكس بالكسر و هو الرّجل الضعيف ذكره الجوهري و الجزريّ و قال ابن ابي الحديد و ابن ميثم الدنيّ من الرجال و نكب عن الطريق عدل و الخبط المشي علي غير استقامة قوله تناهت بك يقال تناهي اي بلغ و الباء للتعدية اي بيّن اللّه لك سبيلك و غايتك التي توصلك اليها اعمالك او المعني قف حيث تناهت بك امورك كقولهم حيث انت و قولهم مكانك فلا يكون معطوفا و لا متّصلا بقوله فقد بيّن اللّه لك سبيلك قوله عليه السّلام فقد اجريت هو من اجراء الخيل للمسابقة و قال في الصحاح وجل الرّجل وقع في الوحل و اوحله غيره و الاقتحام الدخول في الامر بشدّة و يقال جبل وعر و مطلب و عراي صعب حزن و الرّمس بالفتح القبر و المهطع المسرع و بهظه اثقله

و من كتبه عليه السّلام

و روي ابن ابي الحديد و ابن ميثم في شرحيهما للنهج انّ امير المؤمنين عليه السّلام كتب الي معاوية بن ابي سفيان عليهما اللعنة امّا بعد فانّ الدّنيا دار تجارة ربحها او خسرها الاخرة فالسّعيد من كانت بضاعته فيها الاعمال الصّالحة و من راي الدّنيا بعينها و قدّرها بقدرها و انّي اعظك مع علمي بسابق العلم فيك ممّا لامردّ له دون نفاذه و لكنّ اللّه تعالي اخذ علي العلماء ان يؤدّوا الامانة و ان ينصحوا القويّ و الرّشيد فاتّق اللّه و لا تكن

ص: 1118

ممّن لا يرجو للّه و قارا و من حقّت عليه كلمة العذاب فانّ اللّه بالمرصاد و انّ دنياك ستدبر عنك و ستعود حسرة عليك فانتبه من الغيّ و الضّلال علي كبر سنّك و فناء عمرك فانّ حالك اليوم كحال الثّوب المهيل الّذي لا يصلح من جانب الاّ فسد من اخر و قد ارديت جيلا من النّاس كثيرا خدعتهم بغيّك و القيتهم في موج بحرك تغشاهم الظّلمات و تتلاطم بهم الشّبهات فحاروا من وجهتهم و نكصوا علي اعقابهم و تولّوا علي ادبارهم و عوّلوا علي احسابهم الاّ من فاء من اهل البصائر فانّهم فارقوك بعد معرفتك و هربوا الي اللّه من موازرتك اذ حملتهم علي الصّعب و عدلت بهم عن القصد فاتّق اللّه يا معاوية في نفسك و جاذب الشّيطان قيادك فانّ الدّنيا منقطعة عنك و الاخرة قريب منك و السّلام اقول لقد روي الرضي رضي اللّه عنه و ارضاه في النهج هذا الكتاب من قوله و ارديت جيلا الي اخر الكتاب قوله عليه السّلام و من راي عطف علي قوله من كانت اي السّعيد من راي الدنيا بعينها اي يعرفها بحقيقتها او يراها بالعين الّتي بها تعرف و هي عين البصيرة و يعلم ما هي عليه من التغيّر و الزّوال

ص: 1119

و انها خلقت لغيرها ليقدّرها بمقدارها و يجعلها في نظره لما خلقت قوله ممن لا يرجو للّه و قارا اي لا يتوقّع للّه عظمة فيعبده و يطيعه و الوقار اسم من التوقير بمعني التعظيم و قيل الرجاء ههنا بمعني الخوف و المهيل المتداعي في التمرّق و منه رمل مهيل اي ينهال و يسيل و ارديت اي اهلكت و الجيل الصنف و روي بالباء الموحدة بمعني الخلق و تغشاهم اي تاتيهم و تحيط بهم و حاروا عدلوا و تحيّروا و نكصوا اي رجعوا و عوّلوا علي احسابهم اي اعتمدوا علي نخوة الجاهلية و تعصّبهم و رجعوا عن الدّين الاّ من فاء اي رجع و الموازرة المعاونة و الصّعب مقابلة الذلول كناية عن الباطل لاقتحامه بصاحبه في المهالك و القياد بالكسر حبل يقاد به الدابّة

و من كتبه عليه السّلام

قال ابن ابي الحديد في شرح النهج قال ابو الحسن علي بن محمّد المدائني كتب عليّ عليه السّلام الي معاوية في جواب كتابه امّا بعد فانّ ما اتيت به من ضلالك ليس ببعيد الشّبه ممّا اتي به اهلك و قومك الّذين حملهم الكفر و تمنّي الاباطيل علي حسد محمّد صلّي اللّه عليه و آله حتّي اصرعوا مصارعهم حيث علمت لم يمنعوا حريما و لم يدفعوا عظيما و انا صاحبهم في تلك المواطن الصّالي بحربهم و الفاّل لحدّهم و القاتل لرءوسهم رءوس الضّلالة و المتبع ان شاء اللّه خلفهم بسلفهم فبئس الخلف خلف اتّبع سلفا و محلّه محطّة النّار و السّلام قوله عليه السّلام الصالي من صليت اللحم و غيره اصليه صليا اذا شويته و يقال ايضا صليت النّار رجلا اذا ادخلته النار و الفال من فللت الجيش اي هزمته و يقال فلّه فانفل اي كسره فانكسر و محلّه محطّة الضمير الاول راجع الي الخلف و الثاني الي السّلف و النّار بدل او عطف بيان لمحطّة و لعلّ الاصوب ان الضميرين فيهما راجعان الي السّلف

و من كتبه عليه السّلام

ص: 1120

قال ابن ابي الحديد و كتب عليه السّلام اليه اي الي معاوية في جواب مكتوبه امّا بعد فما اعجب ما ياتيني منك و ما اعلمني بما انت صائر اليه و ليس إبطائي عنك الاّ ترقّبا لما انت له مكذّب و انا له مصدّق و كانّي بك غدا تضّج من الحرب ضجيج الجمال من الاثقال و ستدعوني انت و اصحابك الي كتاب تعظّمونه بالسنتكم و تجدونه بقلوبكم و السّلام قوله عليه السّلام لما انت به مكذّب اي ما اخبرني به النبيّ صلّي اللّه عليه و آله من وقت الحرب و شرائطه او اتمام الحجة و اتّباع امره تعالي في ذلك و نزول الملائكة للنّصرة و بكلّ ذلك كان لعنه اللّه مكذّبا

و من كتبه عليه السّلام

قال فكتب اليه عليّ عليه السّلام امّا بعد فطال ما دعوت انت و اولياءك اولياء الشّيطان الرّجيم الحقّ اساطير الاوّلين و نبذتموه وراء ظهوركم و جهدتم في اطفاء نور اللّه بايديكم و افواهكم و اللّه متّم نوره و لو كره الكافرون و لعمري ليتمّنّ النّور علي كرهك و لينفذنّ العلم بصغارك و لتجازين بعملك فعث في دنياك المنقطعة عنك ما طاب لك فكانّك باجلك

ص: 1121

قد انقضي و عملك قد هوي ثمّ تصير الي لظي لم يظلمك اللّه شيئا و ما ربّك بظلاّم للعبيد قوله عليه السّلام فعث من عاث يعيث اذا فسدو في بعض النسخ فعشن بالشين

و من كتبه عليه السّلام

قال ابن ابي الحديد و ابن ميثم في شرحيهما علي النهج كتب امير المؤمنين عليه السّلام الي معاوية امّا بعد فانّ الدّنيا حلوة خضرة ذات زينة و بهجة لم يصب اليها احد الاّ و شغلته بزينتها عمّا هو انفع له منها و بالاخرة امرنا و عليها حثثنا فدع يا معاوية ما يفني و اعمل لما يبقي و احذر الموت الّذي اليه مصيرك و الحساب الّذي اليه عاقبتك و اعلم انّ اللّه اذا اراد بعبد خيرا حال بينه و بين ما يكره و وفّقه لطاعته و اذا اراد بعبد شرّا اغراه بالدّنيا و انساه الاخرة و بسط له امله و عافته عمّا فيه صلاحه و قد وصلني كتابك فوجدتك تري غير غرضك و تنشد غير ضالّتك و تخبط في عماية و تتيه في ضلالة و تعتصم بغير حجّة و تلوذ باضعف شبهة فامّا سؤالك الي المشاركة و الاقرار لك علي الشّام فلو كنت فاعلا ذلك اليوم لفعلته امس

ص: 1122

و امّا قولك عمر ولاّكها فقد عزل عمر من كان ولاّه صاحبه و عزل عثمان من كان عمر ولاّه و لم ينصب للنّاس امام الاّ ليري من صلاح الامّة ما قد كان ظهر لمن كان قبله او خفي عنهم غيّه و الامر يحدث بعده الامر و لكلّ وال رأي و اجتهاد فسبحان اللّه ما اشدّ لزومك للاهواء المبتدعة و الحيرة المتّبعة مع تضييع الحقائق و اطراح الوثائق الّتي هي للّه طلبة و علي عباده حجّة فامّا اكثارك الحجاح في عثمان و قتلته فانّك انّما نصرت عثمان حيث كان النّصر لك و خذلته حيث كان النّصر له و السّلام قوله الحقائق قال المجلسي في البحار الحقائق هي ما يحق للرّجل ان يحميه كما يقال حامي الحقيقة و قيل هي الامور التي ينبغي ان يعتقدها من خلافته عليه السّلام و وجوب طاعته و وثائق اللّه عهوده المطلوبة له و هي علي عباده حجة يوم القيمة

و من كتبه عليه السّلام

رواه ابن ابي الحديد في شرحه علي النهج من كتاب ابي العبّاس يعقوب بن ابي احمد الصّيمري انه عليه السّلام كتبه في جواب كتاب اتاه من معاوية عليه ما يستحقه قال و كتب ايضا عليه السّلام امّا بعد فطال ما دعوت انت و اولياءك اولياء الشّيطان الحقّ اساطير و نبذتموه وراء ظهوركم و حاولتم اطفاءه بافواهكم و يابي اللّه الاّ ان يتمّ نوره و لو كره المشركون و لعمري لينفذنّ العلم فيك و ليتمّن النّور بصغرك

ص: 1123

و قماتك(قماطك)و لتخسئنّ طريدا مدحورا او قتيلا مشهورا و لتجزينّ بعلمك حيث لا ناصر لك و لا مصرّح عندك و قد اسهبت في ذكر عثمان و لعمري ما قتله غيرك و لا خذله سواك و لقد تربّصت به الدّوائر و تمنّيت له الامانّي طمعا فيما ظهر منك و دلّ عليه فعلك و انّي لارجو ان الحقك به علي اعظم من ذنبه و اكبر من خطيئته فانا ابن عبد المطّلب صاحب السّيف و انّ قائمه لفي يدي و قد علمت من قتلت به من صناديد بني عبد شمس و فراعنة بني سهم و جمح و مخزوم و ايتمت أبناءهم و ايّمت نساءهم و اذكّرك ما لست له ناسيا يوم قتلت اخاك حنظلة و جررت برجله الي القليب و اسرت اخاك عمرا فجعلت عنقه بين ساقيه رباطا و طلبتك ففررت و لك خصاص فلو لا انّي لا اتبع فارّا لجعلتك ثالثهما و انا اولي لك باللّه اليه برّه غير فاجره لئن جمعتني و ايّاك جوامع الاقدار لا تركتك مثلا يتمثّل به النّاس ابدا و لاجعجعنّ بك في مناخك حتّي يحكم اللّه بيني و بينك و هو خير

ص: 1124

الحاكمين و لئن انسا اللّه في اجلي قليلا لاغزينّك سراة المسلمين و لانهدنّ اليك في جحفل من المهاجرين و الانصار ثمّ لا اقبل لك معدرة و لا شفاعة و لا اجيبك الي طلب و سؤال و لترجعنّ الي تحيّرك و ترّددك و تلدّدك فقد شاهدت و ابصرت و رأيت سحب الموت كيف هطلت عليك يصيبها(يصبّها خ ل)حتّي اعتصمت بكتاب انت و ابوك اوّل من كفر به و كذّب بنزوله و لقد كنت تفرّستها و اذنتك انت فاعلها و قد مضي منها ما مضي و انقضي من كيدك فيها ما انقضي و انا سائر نحوك علي اثر هذا الكتاب فاختره لنفسك و انظر لها و تداركها فانّك ان فرطت و استمررت علي غيّك و غلواءك حتّي ينهد اليك عباد اللّه ارتجّت عليك الامور و منعت امرا هو اليوم منك مقبول يابن حرب انّ لجاجك في منازعة الامر اهله من سفاه الرّأي فلا يطمعنّك اهل الضّلال و لا يوبقنّك سفه راي الجهّال فو الّذي نفس عليّ بيده لئن برقت في وجهك بارقة من ذي الفقار لتصعقنّ صعقة لا تفيق منها حتّي

ص: 1125

تنفخ في الصّور النّفخة الّتي يئست منها كما يئس الكفّار من اصحاب القبور قوله عليه السّلام حصاص الحصاص بالحاء المهملة شدة العدوّ و حدّته و قيل هو ان يمصع بذنبه و يصرّ باذنه و يعدو و قيل هو الضّراط؟؟؟؟؟ و جعجع القوم اذا اناخوا بالجعجاع و هي الارض و الجعجاع ايضا الموضع الضيق الخشن و منه كتاب عبيد اللّه و جعجع بالحسين و اصحابه اي ضيّق عليهم المكان و قال في القاموس الجعجاع الارض عامّة و مناخ سوء لا يفر فيه صاحبه و الفحل الشديد الرغاء و الجعجعة صوت الرحا و نحر الجزور و اصوات الجمال اذا اجتمعت و بروك البعير و تبريكه و الحبس و القعود علي غير طمأنينة و تجعجع ضرب بنفسه الارض من وجع و في النهاية السّري بمعني النفيس الشريف و قيل السخيّ ذو المروّة و الجمع سراة بالفتح علي غير قياس و تضمّ السّين لا غرينّك كانه علي الحذف و الايصال و في بعض النسخ بالراء من اغزاه اذا حمله علي الغزو و في القاموس الحجفل كجعفر الجيش الكثير فقد شاهدت يدل علي انه كان الكتاب بعد الرجوع عن صفين عند ارادة العود اليه و العلوا بضم الغين و فتح اللام و قد تسكن الغلو و شرة الشباب و ادله ارتجت الباب اغلقته و ارتجّ علي القادي علي ما لم يسمّ فاعله اذا لم يقدر علي القرائة كانّه اطبق عليه كما يرتجّ الباب و لا تقل ارتح عليه بالتّشديد كذا فقل المجلسي عن الجوهري

و من كتبه عليه السّلام

في جواب مكتوب معاوية نقله العلاّمة المجلسي ره عن كتاب كنز الفوائد للكراجكي في المجلد الثامن من بحار الانوار ص 552 طبع امين الضّرب قال جواب امير المؤمنين صلوات اللّه و سلامه عليه من عبد اللّه امير المؤمنين عليّ بن ابي طالب الي معاوية بن ابي سفيان امّا بعد فقد اتاني كتابك بتنويق المقال و ضرب الامثال و انتحال الاعمال تصف الحكمة و لست من اهلها و تذكر التّقوي و انت علي ضدّها قد اتّبعت هواك فحاد بك المحجّة و لحج بك عن سواء السّبيل فانت

ص: 1126

تسحب اذ يال لذّات الفتن و تخبط في زهرة الدّنيا كانّك لست توقن باوبة البعث و لا برجعة المنقلب قد عقدت التّاج و لبست الخزّ و افرشت الدّيباج سنّة هر قليّة و ملكا فارسيّا ثمّ لم يقنعك ذلك حتّي يبلغني انّك تعقد الامر من بعدك لغيرك فيملك دونك و تحاسب دونه و لعمري لان فعلت ذلك فما ورثت الضّلالة عن كلالة و انّك لابن من كان يبغي علي اهل الدّين و يحسد المسلمين و ذكرت رحما عطفتك عليّ فاقسم باللّه الاعزّ الاجلّ ان لو نازعك هذا الامر في حياتك من انت تمهّده له بعد وفاتك لقطّعت حيله و لتبّت اسبابه و امّا تهديدك لي بالمشارب الوبيئة و الموارد المهلكة فانا عبد اللّه عليّ بن ابي طالب ابرز الي صفحتك كلاّ و ربّ البيت ما انت بابي عذر عند القتال و لا عند منافحة الابطال و كانّي بك لو شهدت الحرب و قد قامت علي ساق و كشرت عن منظر كريه و الارواح تختطف اختطاف البازي زغب القطا لصرت كالمولهة الحيرانة تضربها العبرة بالصّدمة لا تعرف

ص: 1127

اعلي الوادي من اسفله فدع عنك ما لست من اهله فانّ وقع الحسام غير تشقيق الكلام فكم عسكر قد شهدته في قرن نازلته و رايت اصطكاك قريش بين يدي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله اذا انت و ابوك و من هو اعلي منكما لي تبع و انت اليوم تهدّدني فاقسم باللّه ان لو تبدي الايّام عن صفحتك لنشب فيك مخلب ليث هصور لا يفوته فريسة بالمراوغة كيف و انّي لي بذلك و انت قعيدة بيت البكر المخدّرة يفرّ يفزعها صوت الرّعد و انا عليّ بن ابي طالب الّذي لا اهدّد بالقتال و لا اخوّف بالنّزال فان شئت يا معاوية فابرز و السّلام توضيح في القاموس المنوّق المعظّم المذلّل من الجمال و من النخل الملقّح و النواق رايض الامور و مصلحها و النوقة الحذاقة في كلّ شيء و تنوّق في مطعمه و ملبسه تجوّد و بالغ و قوله لحج بك قال لحج السّيف كفرح نشب في الغمد و مكان لحج ككتف ضيق و الملحج الملجأ و لحجه كمنعه ضربه و اليه لجأ قوله عليه السّلام فما ورثت الضلالة اي لم تأخذ هذه الضّلالة من بعيد في النّسب بل اخذت من ابيك قال الجوهري الكل الذي لا ولد له و لا والد و العرب تقول لم يرثه كلالة اي لم يرثه عن عرض بل عن قرب و استحقاق قال الفرزدق ورثتم قناة الملك غير كلالة عن ابني مناف عبد شمس و هاشم و الوبئية فعيلة من الوباء و هو الطاعون او المرض العام يقال ارض و بيئة اي كثيرة الوباء و قد يخفف فيشدّد قوله عليه السّلام و ما انت بابي عذر اي لابتدائي بالقتال يقال فلان ابو عذرها اذا كان هو الذي اقترعها و اقتضّها و قولهم ما انت بذي عذر هذا الكلام اي لست باوّل من اقتضيه و لا يبعدان يكون بالغين المعجمة و الدّال المهملة قال الجوهري رجل ثبت الغدر اي ثابت

ص: 1128

في قتال و كلام و المنافحة المدافعة و المضاربة و قرب كلّ من القرنين الي الاخر بحيث يصل اليه نفحه اي ريحه و نفسه و قال الجوهري كثر البعير عن نابه اي كشف عنه و الكثر التبسّم و قال الزّغب الشعيرات الصّفر علي ريش الفرخ قوله عليه السّلام تشقيق الكلام يقال شقّق الكلام اذا اخرجه احسن مخرج و الهصر بالكسر و الهصور الاسد و راغ الرّجل و الثعلب روغا و روغانا مال و حاد عن الشيء و قعيدة الرّجل امراته و الخدر ستر يمدّ للجارية في ناحية البيت و بالفتح الزام البنت الخدر كالاخدار و التحذير و هي مخدورة و مخدّرة و مخدرة

و من كتبه عليه السّلام

في المجلد الثامن من بحار الانوار عن امالي المفيد عن الكاتب عن الاجلح عن جندب بن ابي ثابت عن ثعلبة بن زيد الحماني قال كتب امير المؤمنين عليه السّلام الي معاوية بن ابي سفيان امّا بعد فانّ اللّه انزل الينا كتابه و لم يدعنا في شبهة و لا عذر لمن ركب ذنبا بجهالة و التّوبة مبسوطة و لا تزر وازرة وزر اخري و انت ممّن شرع الخلاف متماديا في غمرة الامل مختلف السرّ و العلانية و تكذيبا بعد في الاجل و كانّك قد تذكرّت ما مضي منك فلم تجد الي الرّجوع سبيلا

و من كتبه عليه السّلام

روي ابن ابي الحديد في شرح النهج قال كتب امير المؤمنين عليه السّلام اليه اي الي معاوية في جواب كتاب كتبه اليه امّا بعد يابن الصّخر يابن اللّعين يزن الجبال فيما زعمت حلمك و يفصل بين اهل الجهل علمك و انت الجاهل القليل الفقه المتفاوت العقل الشّارد عن الدّين و قلت فشمّر للحرب و اصبر

ص: 1129

للضّرب فان كنت صادقا فيما تزعم و يعين عليك ابن النّابغة فدع النّاس جانبا و اعف الفريقين من القتال و ابرز اليّ لتعلم ايّنا المريّن علي قلبه المغطّي علي بصره فانا ابو الحسن حقّا قاتل اخيك و خالك و جدّك شدخا يوم بدر و لك السّيف بيدي و بذلك القلب القي عدوّي اعلم انّ لهذا الكتاب صورة اخري سيجيء نقلها لك في هذا الكتاب تتميما للفائدة عن كتاب معادن الحكمة ان شاء اللّه قال الشّدح كسر الشيء الاجوف شدخت رأسه فانشدخ هؤلاء الثلاثة حنظلة بن ابي سفيان و الوليد بن عتبة و ابوه عتبة بن ربيعة فحنظلة اخوه و الوليد خاله و عتبة جدّه و قد قتلوا في غزاة بدر

و من كتبه عليه السّلام

في المجلد الثامن من البحار عن كتاب الغارات لابراهيم بن محمّد الثقفي روي ان عليّا كتب الي معاوية من عبد اللّه امير المؤمنين عليّ بن ابي طالب الي معاوية بن ابي سفيان انّ اللّه تبارك و تعالي ذا الجلال و الاكرام خلق الخلق و اختار خيرة من خلقه و اصطفي صفوة من عباده يخلق ما يشاء و يختار ما كان لهم الخيرة سبحان اللّه تعالي عمّا يشركون فامر الامر و شرع الدّين و قسم القسم علي ذلك و هو فاعله و جاعله و هو الخالق و هو المصطفي و هو المشرع و هو القاسم و هو الفاعل لما يشاء له الخلق و له الامر و

ص: 1130

له الخيرة و المشيّة و الارادة و القدرة و الملك و السّلطان ارسل رسوله و خيرته و صفوته بالهدي و دين الحقّ و انزل عليه كتابه فيه تبيان كلّ شيء من شرايع دينه فبيّنه لقوم يعلمون و فيه فرض الفرائض و قسم فيه سهاما احلّ بعضها لبعض و حرّم بعضها لبعض بيّنها يا معاوية ان كنت تعلم الحجّة و ضرب امثالا لا يعلمها الاّ العالمون فانا سائلك عنها او بعضها ان كنت تعلم و اتّخذ الحجّة بأربعة اشياء علي العالمين فما هي يا معاوية و لمن هي و اعلم انّهنّ حجّة لنا اهل البيت علي من خالفنا و نازعنا و فارقنا و بغي علينا و المستعان اللّه عليه توكلّت و عليه فليتوكّل المتوكّلون و كان جملة تبليغه رسالة ربّه فيما امره و شرع و فرض و قسم جملة الّذين يقول اللّه و اطيعوا اللّه و اطيعوا الرّسول و اولي الامر منكم هي لنا اهل البيت ليست لكم ثمّ نهي عن المنازعة و الفرقة و امر بالتّسليم و الجماعة فكنتم أنتم القوم الّذين اقررتم للّه و لرسوله و بذلكم فاخبركم اللّه انّ محمّدا لم يكن(يك خ ل)

ص: 1131

ابا احد من رجالكم و لكن رسول اللّه و خاتم النّبيّين و قال عزّ و جلّ ا فان مات او قتل انقلبتم علي اعقابكم فانت و شركاءك يا معاوية القوم الّذين انقلبوا علي اعقابهم و ارتدّوا و نقضوا الامر و العهد فيما عاهدوا اللّه و نكثوا البيعة و لم يضرّوا اللّه شيئا الم تعلم يا معاوية انّ الائمّة منّا ليست منكم و قد اخبركم اللّه انّ اولي الامر المستنبطوا العلم و اخبركم انّ الامر الّذي تختلفون فيه يردّ الي اللّه و الي الرّسول و الي اولي الامر المستنبطيّ للعلم فمن اوفي بما عاهد عليه يجد اللّه موفيا بعهده يقول اللّه اوفوا بعهدي اوف بعهدكم و ايّاي فارهبون و قال عزّ و جلّ ام يخسدون النّاس علي ما اتاهم اللّه من فضله فقد اتينا ال ابراهيم الكتاب و الحكمة و اتيناهم ملكا عظيما و قال للنّاس بعدهم فمنهم من امن و منهم من صدّ عنه فتبوّءا مقعدك من جهنّم و كفي بجهنّم سعيرا نحن ال ابراهيم المحسودون و انت الحاسد لنا خلق اللّه ادم بيده و نفخ فيه من روحه و اسجد له الملائكة و

ص: 1132

علّمه الاسماء كلّها و اصطفاه علي العالمين فحسده الشّيطان فكان من الغاوين و نوحا حسده قومه اذ قالوا ما هذا الاّ بشر مثلكم يريد ان يتفضّل عليكم ذلك حسد منهم لنوح ان يقرّوا له بالفضل و هو بشر و من بعده حسدوا هودا اذ يقول قومه ما هذا الاّ بشر مثلكم ياكل ممّا تأكلون و يشرب ممّا تشربون و لئن اطعتم بشرا مثلكم انّكم اذا لخاسرون قالوا ذلك حسدا ان يفضّل اللّه من يشاء و يختصّ برحمته من يشاء و من قبل ذلك ابن ادم قابيل قتل هابيل حسدا فكان من الخاسرين و طائفة من بني اسرائيل اذ قالوا لنبيّ لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل اللّه فلمّا بعث اللّه لهم طالوت ملكا حسدوه و قالوا انّي يكون له الملك علينا و زعموا انّهم احقّ بالملك منه كلّ ذلك نقصّ عليك من انباء ما قد سبق و عندنا تفسيره و عندنا تاويله و قد خاب من افتري و نعرف فيكم شبهه و امثاله و ما تغني الايات و النّذر عن قوم لا يؤمنون فكان نبيّنا

ص: 1133

صلّي اللّه عليه و آله فلمّا جاءهم كفروا به حسدا من عند انفسهم ان ينزّل اللّه من فضله علي من يشاء من عباده حسدا من القوم علي تفضيل بعضنا علي بعض الا و نحن اهل البيت ال ابراهيم المحسودون حسدا كما حسد آباءنا من قبلنا سنّة و مثلا و قال اللّه و ال ابراهيم و ال لوط و ال عمران و ال يعقوب و ال موسي و ال هرون و ال داود فنحن ال نبيّنا محمّد صلّي اللّه عليه و آله الم تعلم يا معاوية انّ اولي النّاس بابراهيم للّذين اتّبعوه و هذا النّبيّ و الّذين امنوا و نحن أولو الارحام قال اللّه تعالي و النّبيّ اولي بالمؤمنين من انفسهم و ازواجه امّهاتهم و أولو الارحام بعضهم اولي ببعض في كتاب اللّه نحن اهل بيت اختارنا اللّه و اصطفانا و جعل النّبوّة فينا و الكتاب لنا و الحكمة و العلم و الايمان و بيت اللّه و مسكن إسماعيل و مقام ابراهيم فالملك لنا ويلك يا معاوية و نحن اولي بابراهيم و نحن آله و ال عمران و اولي بعمران و ال لوط و نحن اولي بلوط و ال يعقوب و نحن اولي

ص: 1134

بيعقوب و ال موسي و ال هرون و ال داود و اولي بهم و ال محمّد و اولي به و نحن اهل البيت الّذين اذهب اللّه عنهم الرّجس و طهّرهم تطهيرا و لكلّ نبيّ دعوة في خاصّة نفسه و ذرّيّته و اهله و لكلّ نبيّ وصيّة في آله الم تعلم انّ ابراهيم اوصي بابنه يعقوب و يعقوب اوصي بنيه اذ حضره الموت و انّ محمّدا اوصي الي آله سنّة ابراهيم و النّبيّين اقتداء بهم كما امره اللّه ليس لك منهم و لا منه سنّة في النّبيّين و في هذه الذّريّة الّتي بعضها من بعض قال اللّه لابراهيم و إسماعيل و هما يرفعان القواعد من البيت ربّنا و اجعلنا مسلمين لك و من ذرّيّتنا امّة مسلمة لك فنحن الامّة المسلمة و قالا ربّنا و ابعث فيهم رسولا يتلوا عليهم آياتك الاية فنحن اهل هذه الدّعوة و رسول اللّه منّا و نحن منه بعضنا من بعض و بعضنا اولي ببعض في الولاية و الميراث ذرّيّة بعضها من بعض و اللّه سميع عليم و علينا نزل الكتاب و فينا بعث الرّسول و علينا تليت الايات و نحن المنتحلون للكتاب و

ص: 1135

الشّهداء عليه و الدّعاة اليه و القوّام به فبايّ حديث بعده يؤمنون أ فغير اللّه يا معاوية تبغي ربّا ام غير كتابه كتابا ام غير الكعبة بيت اللّه و مسكن إسماعيل و مقام ابينا ابراهيم تبغي قبلة ام غير ملّته تبغي دينا ام غير اللّه تبغي ملكا فقد جعل اللّه ذلك فينا فقد ابديت عداوتك لنا و حسدك و بغضك و نقضك عهد اللّه و تحريفك آيات اللّه و تبديلك قول اللّه قال اللّه لابراهيم انّ اللّه اصطفي لكم الدّين أ فترغب عن ملّته و قد اصطفاه اللّه في الدّنيا و هو في الاخرة من الصّالحين ام غير الحكم تبغي حكما ام غير المستحفظ منّا تبغي اماما الامامة لابراهيم و ذرّيّته و المؤمنون تبع لهم لا يرغبون عن ملّته قال فمن تبعه فانّه منّي ادعوك يا معاوية الي اللّه و رسوله و كتابه و وليّ امره الحكيم من ال ابراهيم و الي الّذي اقررت به زعمت الي اللّه و الوفاء بعهده و ميثاقه الّذي واثقكم به اذ قلتم سمعنا و اطعنا و لا تكونوا كالّذين تفرّقوا و اختلفوا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم و لا تكونوا

ص: 1136

كالّتي نقضت غزلها من بعد قوّة انكاثا تتّخذون ايمانكم دخلا بينكم ان تكونوا امّة هي اربي من امّة فنحن الامّة الاربي فلا تكونوا كالّذين قالوا سمعنا و هم لا يسمعون اتّبعنا و اقتد بنا فانّ ذلك لنا ال ابراهيم علي العالمين مفترض فانّ الافئدة من المؤمنين و المسلمين تهوي الينا و ذلك دعوة المرء المسلم فهل تنقم منّا الاّ ان امنّا باللّه و ما انزل الينا و اقتدينا و اتّبعنا ملّة ابراهيم صلوات اللّه عليه و علي محمّد و آله

و من كتبه عليه السّلام

عن كتاب معادن الحكمة في مكاتيب الائمة تاليف علم الهدي محمّد بن الحسن الكاشاني قال كتبه علي شيعته و لقد رواه الكليني رفع اللّه مقامه في كتاب الرّسائل عن عليّ بن ابراهيم القميّ باسناده و الرضي رضي اللّه عنه بعض قطعاته في النهج و اورد السيد ابن طاوس بتمامه في كتابه كشف الحجّة ص 173 الي ص 189 عن كتاب الرّسائل و المجلسي ره في المجلّد الثامن من البحار و ابن ابي الحديد في الجزء الثاني من شرحه علي نهج البلاغة و قد نقلته هنا عن كتاب المعادن قال كتب امير المؤمنين عليه السّلام كتابا بعد منصرفه من النهروان و امر ان يقرءا علي الناس و ذلك ان الناس سئلوه عن ابي بكر و عمر و عثمان فغضب عليه السّلام و قال قد تفرّغتم للسؤال عمّا لا يعينكم و هذه مصر قد افتتحت و قتل معاوية بن حديج و محمّد بن ابي بكر فيا لها من مصيبة ما اعظمها مصيبتي بمحمّد فو اللّه ما كان الاّ كبعض بنيّ سبحان اللّه بينا نحن نرجو ان تغلب القوم علي ما في ايديهم اذ غلبوا علي ما في ايدينا و انا كاتب لكم كتابا فيه تصريح ما سألتم ان شاء اللّه تعالي فدعا كاتبه عبيد اللّه بن ابي رافع فقال له ادخل عليّ عشرة من ثقاتي فقال سمّهم لي يا امير المؤمنين فقال له ادخل اصبغ بن نباته و ابا الطّفيل عامر بن وائلة الكناني و زرّين بن جيش الاسدي و جويرية بن مسهّر العبدي و خندف بن زهير الاسديّ و حارثة بن مصرف الهمداني و الحارث بن عبد اللّه الاعور الهمداني و مصابيح النخع علقمة بن قيس و كميل بن زياد و عمير بن زرارة فدخلوا

ص: 1137

عليه فقال لهم خذوا هذا الكتاب و ليقرءا عبيد اللّه بن ابي رافع و أنتم شهود كلّ يوم جمعة فان شغب شاغب عليكم فانصفوه بكتاب اللّه بينه و بينكم بسم اللّه الرّحمن الرّحيم من عبد اللّه عليّ امير المؤمنين الي شيعته من المؤمنين و المسلمين فانّ اللّه يقول و انّ من شيعته لابراهيم و هو اسم شرّفه اللّه في الكتاب و أنتم شيعة النّبيّ محمّد صلّي اللّه عليه و آله كما انّ محمّدا من شيعة ابراهيم اسم غير محتضر (كذا في الرسائل و الظاهر ان الصّواب غير مختصّ كما في البحار و كشف المحجّة)و امر غير مبتدع سلام اللّه عليكم و اللّه هو السّلام المؤمن اولياءه من العذاب المهيمن الحاكم بعد له بعث محمّدا صلّي اللّه عليه و آله و أنتم معاشر العرب علي شرّ حال يغذو احدكم كلبه و يقتل ولده و يغير علي غيره فيرجع و قد اغير عليه تأكلون العلهز و الهبيد و الميتة و الدّم تنيخون علي احجار خشن و اوثان مضّلة و تأكلون الطّعام الجشب و تشربون الماء الاجن تسافكون دماءكم و يسبي بعضكم بعضا و قد خصّ اللّه قريشا بثلاث آيات و عمّ العرب باية فامّا الايات الّلاتي في قريش فهو

ص: 1138

قوله تعالي و اذكروا اذ أنتم قليل مستضعفون في الارض تخافون ان يتخطفّكم النّاس فاواكم و ايّدكم بنصره و رزقكم من الطّيّبات لعلّكم تشكرون و الثّانية وعد اللّه الّذين امنوا منكم و عملوا الصّالحات ليستخلفّنهم في الارض كما استخلف الّذين من قبلهم و ليمكنّنّ لهم دينهم الّذي ارتضي لهم و ليبدّلنّهم من بعد خوفهم امنا يعبدونني و لا يشركون بي شيئا و من كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون و الثّالثة قول قريش لنبيّ اللّه حين دعاهم الي الاسلام و الهجرة فقالوا ان نتّبع الهدي معك نتخطّف من ارضنا فقال اللّه تعالي ا و لم نمكّن لهم حرما امنا يجبي اليه ثمرات كلّ شيء رزقا من لدنّا و لكنّ اكثرهم لا يعلمون و امّا الاية الّتي عمّ بها العرب فهو قوله و اذكروا نعمت اللّه عليكم اذ كنتم اعداء فالّف بين قلوبكم فاصبحتم بنعمته اخوانا و كنتم علي شفا حفرة من النّار فانقذكم منها كذلك يبيّن اللّه لكم آياته لعلّكم تهتدون فيا لها من نعمة

ص: 1139

ما اعظمها ان لم تخرجوا منها الي غيرها و يالها من مصيبة ما اعظمها ان لم تؤمنوا بها و ترغبوا عنها فمضي نبيّ اللّه صلّي اللّه عليه و آله و قد بلّغ ما ارسل به فيا لها من مصيبة خصّت الاقربين و عمّت المؤمنين لم تصابوا بمثلها و لم تعاينوا بعدها مثلها فمضي لسبيله صلّي اللّه عليه و آله و ترك كتاب اللّه و اهل بيته امامين لا يختلفان و اخوين لا يتخاذلان و مجتمعين لا يفترقان و لقد قبض اللّه نبيّه صلّي اللّه عليه و آله و لأنا(كذا في نسخة و في بعض النسخ بغير همزة) اولي بالنّاس منّي بقميصي هذا و ما القي في روعي و لا عرض في رءايي ان وجّه النّاس الي غيري فلمّا ابطئوا عليّ بالولاية لهممهم و تثبّط الانصار و هم انصار اللّه و كتيبة الاسلام قالوا امّا اذا لم تسلّموها لعليّ فصاحبنا احقّ بها من غيره فو اللّه ما ادري الي من اشكو امّا ان يكون الانصار ظلمت حقّها و امّا ان يكونوا ظلموني حقّي بل حقّي الماخوذ و انا المظلوم اللّغات حديج بضم الحاء و فتح الدّال المهملتين و الجيم و كان في المتن خديج

ص: 1140

فصححناه علي تقريب ابن حجر و خلاصة تذهيب الكمال و لم نجد له ترجمة في كتب رجال الشيعة قوله مصرف كذا و الصّواب مضرب او مضرش و لم يتحقق لنا ضبطه كذا في حاشية المعادن اقوال قال في القاموس المضرش؟؟؟ كمحدّث ابن ابي سفيان صحابيّ و ابن ربعيّ شاعر شغب القوم و بهم و عليهم هيج الشر عليهم قوله غير محتضر كذا و الظاهران الصّواب غير مختص كما في البحار و كشف المحجة قوله و يقتل ولده اشارة الي وءاد البنات في الجاهلية قوله و يغير من اغار عليهم اذا هجم و اوقع بهم العلهز بكسر العين و الهاء و سكون اللام و الزاء شيء اتخذوه في سنين المجاعة و كانوا يخللون الدّم باوبار الابل ثم يشوونه بالنّار و يأكلونه و قيل كانوا يخلطون الدم باوبار الابل فيه القردان و يقال للقراد الضّخم علهز و قيل العلهز شيء ينبت ببلاد بني سليم له اصل كاصل البرديّ الهبيد الحنظل او حبّه قوله تنيخون يقال اناخ بالمكان اي اقام به و المراد هنا انهم كانوا يعكفون علي اصنامهم و اوثانهم اللاتي كانوا يعبدونها و يسجدون لها الجشب بفتح الجيم و سكون الشين و كسرها الطعام الغليظ الاجن بفتح الهمزة بلا الف او منها و كسر الجيم الماء الذي تغيّر لونه و طعمه و لم تعاينوا في نسخة و لن تعاينوا قوله تثبّط في نسخة تثبيط فقال قائل من قريش انّ نبيّ اللّه قال الائمّة من قريش فدفعوا الانصار عن دعوتها و منعوني حقّي منها فاتاني رهط يعرضون عليّ النّصر منهم أبناء سعيد و المقداد بن الاسود و ابوذرّ الغفاريّ و عمّار بن ياسر و سلمان الفارسي و زبير بن العوّام و البراء بن عازب فقلت لهم انّ عندي من نبيّ اللّه عهدا و له اليّ وصيّة لست اخالفه عمّا امرني به و اللّه لو خزموني بانفي لا قررت للّه سمعا و طاعة فلمّا رايت النّاس قد انثالوا علي ابي بكر بالبيعة امسكت يدي و ظننت انّي اولي و احقّ بمقام رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله منه و من غيره و قد كان نبيّ اللّه صلّي اللّه عليه و آله امّر

ص: 1141

اسامة بن زيد علي جيش و جعلهما في جيشه و ما زال النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله الي ان فاضت نفسه يقول انفذوا جيش اسامة انفذوا جيش اسامة فمضي جيشه الي الشّام حتّي انتهوا الي اذرعات فلقي جيشا من الرّوم فهزمهم و غنمهم اللّه اموالهم فلمّا رايت راجعة من النّاس قد رجعت عن الاسلام تدعو الي محق دين محمّد و ملّة ابراهيم عليهما السّلام خشيت ان انا لم انصر الاسلام و اهله اري فيه ثلما و هدما تكون المصيبة عليّ فيه اعظم من فوت ولاية اموركم الّتي انّما هي متاع ايّام قلائل ثمّ تزول و تنقشع كما يزول و ينقشع السّحاب فنهضت مع القوم في تلك الاحداث حتّي زهق الباطل و كانت كلمة اللّه هي العليا و ان رغم الكافرون و لقد كان سعد لمّا رأي النّاس يبايعون ابا بكر نادي ايّها النّاس انّي و اللّه ما اردتها حتّي رايتكم تصرفونها عن عليّ و لا ابايعكم حتّي يبايع عليّ و لعلّي لا افعل و ان بايع ثمّ ركب دابّته و اتي حوران و اقام في عيّان حتّي هلك و لم يبايع و قام فروة بن عمر و الانصاريّ و كان يقود مع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فرسين

ص: 1142

و يصرم الف وسق من تمر فيتصدّق به علي المساكين فنادي يا معشر قريش اخبروني هل فيكم رجل تحلّ له الخلافة و فيه ما في عليّ فقال قيس بن محزمة الزّهريّ ليس فينا من فيه ما في عليّ فقال له صدقت فهل في عليّ ما ليس في احد منكم قال نعم قال فما يصدّكم عنه قال اجماع النّاس علي ابي بكر قال اما و اللّه لئن اصبتم سنّتكم لقد اخطاتم سنّة نبيّكم لو جعلتموها في اهل بيت نبيّكم لاكلتم من فوقكم و من تحت ارجلكم فولّي ابو بكر فقارب و اقتصد فصحبته منا صحا و اطعته فيما اطاع اللّه فيه جاهدا حتّي اذا احتضر قلت في نفسي ليس يعدل بهذا الامر عنّي و لو لا خاصّة بينه و بين عمر و امر كان ربصاه بينهما لظننت انّه لا يعد له عنّي و قد سمع قول النّبي صلّي اللّه عليه و آله لبريدة الاسلميّ اللّغات الخزم جعل الخزامة في جانب انف البعير و هي حلقة يشدّ فيها الزّمام و يكني به عن الاخضاع و التسخير قوله انثالوا اي انصبوا عليه اذرعات بلد في طرف الشام يجاور ارض البلقاء تقشع و انقشع السحاب انكشف و زال حوران بالفتح ماء بنجد و ايضا كورة واسعة من اعمال دمشق و المراد هنا هو الاخير عيّان كحيّان بلد الوسق بفتح الواو و سكون السّين حمل البعير و قيل ستون صاعا ربص بفلان انتظر به خيرا او شرّا حين بعثني و خالد بن الوليد الي اليمن و قال اذا افترقتما فكلّ واحد منكما

ص: 1143

علي حياله و اذا اجتمعتما فعليّ عليكم جميعا فغزونا و اصبنا(فأغرنا و اصفينا خ ل) سبيا فيهم خولة بنت جعفر جار الصّفا و انّما سميّت جار الصّفا لحسنها فاخذت الحنفيّة و اغتنمها خالد منّي فبعث بريدة الي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله محرّشا علي فاخبره بما كان من اخذي خولة فقال يا بريدة حظّه في الخمس اكثر ممّا اخذ انّه وليّكم بعدي سمعها ابو بكر و عمر و هذا بريدة حيّ لم يمت فهل بعد هذا مقال لقائل فبايع عمر دون المشورة و كان مرضيّ السّيرة من النّاس عندهم حتّي اذا احتضر قلت في نفسي ليس يعدل بهذا الامر عنّي للّذي قد رأي منّي في المواطن و سمع من الرّسول صلّي اللّه عليه و آله فجعلني سادس ستّة و امر صهيبا ان يصلّي بالنّاس و دعا ابا طلحة زيد بن سعد الانصاريّ فقال له كن في خمسين رجلا من قومك فاقتل من ابي ان يرضي من هؤلاء السّتّة فالعجب من خلاف القوم اذ زعموا انّ ابا بكر استخلفه النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله فلو كان هذا حقّا لم يخف علي الانصار فبايعه النّاس علي الشّوري ثمّ جعلها ابو بكر لعمر برايه خاصّة

ص: 1144

ثمّ جعلها عمر برايه شوري بين السّتّة فهذا العجب و اختلافهم و الدّليل علي ما لا احبّ ان اذكر قوله و هؤلاء الرّهط الّذين قبض رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و هو عنهم راض فكيف يأمر بقتل قوم رضي اللّه عنهم و رسوله انّ هذا الامر عجيب و لو لم يكونوا بولاية احد اكره منهم بولايتي كانوا يسمعون و انا احاجّ ابا بكر و انا اقول يا معشر قريش انا احقّ بهذا الامر منكم ما كان منكم من يقرأ القرءان و يعرف السّنّة و يدين دين الحقّ و انّما حجّتي انّي وليّ هذا الامر من دون قريش انّ نبيّ اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال الولاء لمن اعتق فجاء رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله يعتق الرّقاب من النّار و اعتقها من الرّقّ فكان فكان للنّبيّ صلّي اللّه عليه و آله ولاء هذه الامّة و كان لي بعده ما كان له فما جاز لقريش من فضلها عليها بالنّبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم جاز لبني هاشم علي قريش و جاز لي علي بني هاشم بقول النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله يوم غدير خمّ من كنت مولاه فعليّ مولاه الاّ ان

ص: 1145

تدّعي قريش فضلها علي العرب بغير النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله فان شاءوا فليقولوا ذلك فخشي القوم ان انا ولّيت عليهم ان اخذ بانفاسهم و اعترض لحلوقهم و لا يكون لهم في الامر نصيب فاجمعوا عليّ اجماع رجل واحد منهم حتّي(ان)صرّفوا الولاية عنّي الي عثمان رجاء ان ينالوها و يتداولوها في ما بينهم فبيناهم كذلك اذ نادي مناد لا يدري من هو و اظنّه جنّيا فاسمع اهل المدينة ليلة(لليلة خ ل)بايعوا عثمان فقال يا ناعي الاسلام قم فانعه قد مات عرف و بدا منكر

ما لقريش لا علي كعبها من قدّموا اليوم و من اخّروا

انّ عليّا هو اولي به منه فولّوه و لا تنكروا

فكان لهم في ذلك عبرة و لو لا انّ العامّة قد علمت بذلك لم اذكره فدعوني الي بيعة عثمان فبايعت مستكرها و صبرت محتسبا و علّمت اهل القنوت ان يقولوا اللّهمّ لك اخلصت القلوب و اليك شخصت الابصار و انت دعيت بالالسن و اليك نجواهم في الاعمال فافتح بيننا

ص: 1146

و بين قومنا بالحقّ اللّهمّ انّا نشكو اليك غيبة نبيّنا و كثرة عدوّنا و قلّة عددنا و هواننا علي النّاس و شدّة الزّمان و وقوع الفتن الّلهمّ فرّج ذلك بعدل تظهره و سلطان حقّ نعرفه فقال عبد الرّحمن بن عوف يابن ابي طالب انّك علي هذا الامر حريص فقلت لست عليه حريصا انّما اطلب ميراث رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و حقّه و انّ لي من بعده ولاء امّته و انت احرص عليه منّي اذ تحولون بيني و بينه و تصرفون وجهي دونه بالسّيف و اللّهمّ انّي استعديك علي قريش فانّهم قطعوا رحمي و اضاعوا ايّامي و دفعوا حقّي و صغّروا قدري و عظيم منزلتي و اجمعوا علي منازعتي حقّا كنت اولي به منهم فاستلبونيه ثمّ قالوا اصبر مغموما او مت متاسّفا و اما و اللّه لو استطاعوا ان يدفعوا قرابتي كما قطعوا سببي فعلوا و لكنّهم لا يجدون الي ذلك سبيلا انّما حقّي علي هذه الامّة كرجل له حقّ علي قوم الي اجل معلوم فان احسنوا و عجّلوا له حقّه قبله حامدا و ان اخّروه

ص: 1147

الي اجله اخذه غير حامد ليس يعاب المرء بتاخير حقّه انّما يعاب من اخذ ما ليس له و لمّا كان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله عهد اليّ عهدا فقال يابن ابي طالب لك ولاء امّتي فان ولّوك في عافية و اجمعوا عليك بالرّضا فقم بامرهم و ان اختلفوا عليك فدعهم و ما هم فيه فانّ اللّه سيجعل لك مخرجا فنظرت فاذا ليس لي رافد و لا معي مساعد الاّ اهل بيتي فضننت بهم عن الهلاك و لو كان لي بعد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله عمّي حمزة و اخي جعفر لم ابايع مكرها و لكنّني منيت برجلين حديثي عهد بالاسلام العبّاس و عقيل فضننت باهل بيتي عن الهلاك فاغضيت عيني علي القذي و تجرّعت ريقي علي الشّجي و صبرت علي امرّ من العلقم و الم للقلب من حزّ الشّفار و امّا امر عثمان فكانّه علم من القرون الاولي علمها عند ربّي و لا ينسي خذ له اهل بدر و قتله اهل مصر و اللّه ما امرت و لا نهيت و لو انّي امرت لكنت قاتلا و لو انّي نهيت لكنت ناصرا و

ص: 1148

كان الامر لا ينفع فيه العيان و لا يشفي فيه الخبر غير انّ من نصره لا يستطيع ان يقول خذله من انا خير منه و لا يستطيع من خذله ان يقول نصره من هو خير سنّي و انا جامع امره استأثر فاساء الاثرة و جزعتم فاسأتم الجزع و اللّه يحكم بينكم و بينه و اللّه ما يلزمني في عثمان تهمة ما كنت الاّ رجلا من المسلمين المهاجرين في بيتي فلمّا قتلوه اتيتموني تبايعوني فابيت عليكم و ابيتم عليّ قبضت يدي و بسطتموها و بسطتها فمددتموها ثمّ تداككتم عليّ تداكّ الابل الهيم علي حياضها يوم ورودها حتّي ظننت انّكم قاتلي و انّ بعضكم قاتل بعض حتّي انقطعت النّعل و سقط الرّداء و وطيء الضّعيف و بلغ من سرور النّاس ببيعتهم ايّاي ان حمل اليها الصّغير و هدج اليها الكبير و تحامل اليها العليل و حسرت لها الكعاب فقالوا بايعنا علي ما بويع عليه ابو بكر و عمر فانّا لا نجد غيرك و لا نرضي الاّ بك فبايعنا لا نفترق ولا نختلف فبايعتكم علي كتاب اللّه و سنّة نبيّه صلّي اللّه عليه و آله و دعوت النّاس الي بيعتي فمن بايعني

ص: 1149

طائعا قبلت منه و من ابي تركته فكان اوّل من بايعني طلحة و الزّبير فقالا نبايعك علي انّا شركاءك في الامر فقلت لا و لكنّكما شركائي في القوّة و عوناي في العجز فبايعاني علي هذا الامر و لو ابيا لم اكرههما كما لم اكره غيرهما و كان طلحة يرجوا اليمن و الزّبير يرجو العراق فلمّا علما انّي غير موليّهما استأذناني للعمرة يريدان الغدر فاتيا عايشة و استخفاها مع كلّ شيء في نفسها عليّ و النّساء نواقص الايمان نواقص العقول نواقص الحظوظ فامّا نقصان ايمانهنّ فقعود هنّ عن الصّلوة و الصّيام في ايّام حيضهنّ و امّا نقصان عقولهنّ فلا شهادة لهنّ الاّ في الدّين و شهادة امراتين برجل و امّا نقصان حظوظهنّ فموارثيهنّ علي الانصاف من مواريث الرّجال و قادها عبيد اللّه بن عامر الي البصرة و ضمّن لها الاموال و الرّجال فبيناها يقودانها اذ هي تقودهما فاتّخذاها فئة يقاتلان دونها فايّ خطيئة اعظم ممّا اتيا اخراجهما زوجة رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله من بيتها و كشفا عنها حجابا ستره اللّه عليها

ص: 1150

وصانا حلائلهما في بيوتهما و لا انصفا اللّه و رسوله من انفسهما بثلاث خصال مرجعها علي النّاس قال اللّه تعالي يا ايّها النّاس انّما بغيكم علي انفسكم و قال من نكث فانّما ينكث علي نفسه و قال و لا يحيق المكر السّييء الاّ باهله فقد بغيا عليّ و نكثا بيعتي و مكر ابي فمنيت باطوع النّاس في النّاس عايشة بنت ابي بكر و باشجع النّاس الزّبير و باخصم النّاس طلحة و اعانهم عليّ يعلي بن منيّة باصوع الدّنانير و اللّه لئن استقام امري لاجعلنّ ماله فيئا للمسلمين ثمّ اتوا البصرة و اهلها مجتمعون علي بيعتي و طاعتي و بها شيعتي خزّان بيت مال اللّه و المسلمين فدعوا النّاس الي معصيتي و الي نقض بيعتي فمن اطاعهم اكفروه و من عصاهم قتلوه فناجزهم حكيم بن جبلة فقتلوه في سبعين رجلا من عبّاد اهل البصرة و مخبتيهم يسمّون المثفّنين كانّ راح اكفّهم ثفنات الابل و ابي ان يبايعهم يزيد بن الحارث اليشكريّ فقال اتّقيا اللّه انّ اوّلكم قادنا الي الجنّة فلا يقودنا اخركم الي النّار فلا تكلّفونا ان نصدّق المدّعي و نقضي علي الغائب امّا يميني فشغلها عليّ بن

ص: 1151

ابي طالب ببيعتي ايّاه و هذه شمالي فارغة فخذاها ان شئتما فخنق حتّي مات و قام عبد اللّه بن حكيم التّميميّ فقال يا طلحة هل تعرف هذا الكتاب قال نعم هذا كتابي اليك قال هل تدري ما فيه قال اقرأه عليّ فاذا فيه عيب عثمان و دعائه الي قتله فسيّره من البصرة و اخذوا عاملي عثمان بن حنيف الانصاريّ غدرا فمثّلوا به كلّ المثلة و نتفوا كلّ شعرة في راسه و وجهه و قتلوا شيعتي طائفة صبرا و طائفة غدرا و طائفة عضّوا باسيافهم حتّي لقوا اللّه فو اللّه لو لم يقتلوا منهم الاّ رجلا واحدا لحلّ لي به دماءهم و دماء ذلك الجيش لرضاهم بقتل من قتل دع مع انّهم قد اكثر من العدّة الّتي قد دخلوا بها عليهم و قد ادال اللّه منهم فبعدا للقوم الظّالمين و امّا طلحة فرماه مروان بسهم فقتله و امّا الزّبير فذكرّته قول رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم انّك تقاتل عليّا و انت ظالم له و امّا عائشة فانّها نهاها رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله عن مسيرها فعضّت يديها نادمة علي ما كان منها و قد كان طلحة لمّا نزل ذا قار قام خطيبا فقال ايّها

ص: 1152

النّاس انّا اخطانا في امر عثمان خطيئة ما يخرجنا منها الاّ الطّلب بدمه و عليّ قاتله و عليه دمه و قد نزل دارا مع شكّاك اليمن و نصاري ربيعة و منافقي مضر فلمّا بلغني قوله و قول كان عن الزّبير قبيح بعثت اليهما اناشدهما بحقّ محمّد صلّي اللّه عليه و آله ما اتيتماني و اهل مصر محاصروا عثمان فقلتما اذهب بنا الي هذا الرّجل فانّا لا نستطيع قتله الاّ بك لما تعلم انّه سيّر ابا ذر و فتق عمّارا و اوي الحكم بن ابي العاص و قد طرده رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و ابو بكر و عمر و استعمل الفاسق علي كتاب اللّه الوليد بن عقبة و سلّط خالد بن عزفطة العذريّ علي كتاب اللّه يمزّق و يخرق فقلت كلّ هذا قد علمت و لا اري قتله يومي هذا و اوشك سقاءه ان يخرج المخض زبدته فاقرّا بما قلت و امّا قولكما انّكما تطلبان بدم عثمان فهذان ابناه عمرو و سعيد فخلّوا عنهما يطلبان بدم ابيهما متي كانت اسد و يتم اولياء بني اميّة فانقطعا عند ذلك فقام عمران بن الحصين الخزاعيّ صاحب رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و هو الّذي

ص: 1153

جاءت فيه الاحاديث و قال يا هذان لا تخرجانا ببيعتكما من طاعة عليّ و لا تحملانا علي نقض بيعته فانّها للّه رضي امّا وسعتكما بيوتكما حتّي اتيتما بامّ المؤمنين فالعجب لاختلافها ايّاكما و مسيرها معكما و كفّا عنّا انفسكما و ارجعا من حيث جئتما فلسنا عبيد من غلب و لا اوّل من سبق فهمّا به ثمّ كفّا عنه و كانت عائشة قد شكّت في مسيرها و تعاظمها القتال فدعت كاتبها عبيد بن كعب النّميريّ فقالت اكتب من عائشة بنت ابي بكر الي عليّ بن ابي طالب فقال هذا امر لا يجري به القلم قالت و لم قال لانّ عليّ بن ابي طالب في الاسلام اوّل و له بذلك البدء في الكتاب فقالت فقالت اكتب الي عليّ بن ابي طالب من عايشة بنت ابي بكر امّا بعد فانّي لست اجهل قرابتك من رسول اللّه و لا قدمك في الاسلام و لا عناءك عن رسول اللّه و انّما خرجت مصلحة بين بنيّ لا اريد حربك ان كففت عن هذين الرّجلين في كلام لها كثير فلم اجبها بحرف و اخرّت جوابها لقتالها فلمّا قضي اللّه لي الحسني سرت الي الكوفة و استخلفت عبد اللّه بن عبّاس

ص: 1154

علي البصرة فقدمت الكوفة و قد اتّسقت لي الوجوه كلّها الاّ الشّام فاحببت ان اتّخذ الحجّة و اقضي العذر و اخذت بقول اللّه و امّا تخافنّ من قوم خيانة فانبذ اليهم علي سواء فبعثت جرير بن عبد اللّه الي معاوية معذرا اليه متّخذ اللحجّة عليه فردّ كتابي و جحد حقّي و دفع بيعتي فبعث اليّ ان ابعث اليّ قتلة عثمان فبعثت اليه ما انت و قتلة عثمان اولاده اولي به فادخل انت و هم في طاعتي ثمّ خاصموا القوم لاحملكم و ايّاهم علي كتاب اللّه و الاّ فهذه خدعة الصّبّي عن رضاع الملّي فلمّا يئس من هذا الامر بعث اليّ ان اجعل الشّام لي حياتك فان حدث بك حادثة من الموت لم يكن لاحد عليّ طاعة و انّما اراد بذلك ان يخلع طاعتي عن عنقه فابيت عليه فبعث اليّ انّ اهل الحجاز كانوا الحكّام علي اهل الشّام فلمّا قتلوا عثمان صار اهل الشّام الحكّام علي اهل الحجاز فبعثت اليه ان كنت صادقا فسمّ لي رجلا من قريش الشّام تحلّ له الخلافة و يقبل في الشّوري فان لم تجده سميّت لك من قريش الحجاز من تحلّ له

ص: 1155

الخلافة و يقبل في الشّوري و نظرت الي اهل الشّام فاذاهم بقيّة الاخراب فراش نار و ذباب طمع تجمع من كلّ آوب ممّن ينبغي له ان يؤب و يحمل علي السّنّة ليسوا بالمهاجرين و لا الانصار و لا التّابعين باحسان فدعوتهم الي الطّاعة و الجماعة فابوا الاّ فراقي و شقاقي ثمّ نهضوا في وجه المسلمين ينضخونهم بالنّبل و يشجرونهم بالرّماح فعند ذلك نهضت اليهم فلمّا عضّتهم السّلاح و وجدوا الم الجراح رفعوا المصاحف يدعوكم الي ما فيها فأنبأتكم انّهم ليسوا باهل دين و لا قرءان و انّما رفعوها مكيدة و خديعة فامضوا لقتالهم فقلتم اقبل منهم و اكفف عنهم فانّهم ان اجابوا الي ما في القرآن جامعونا علي ما نحن عليه من الحقّ فقبلت منهم فخصصت عنهم فكان الصّلح بينكم و بينهم علي رجلين حكمين ليحييا ما احيي القرءان و يميتا ما امات القرءان فاختلف رايهما و اختلف حكمهما فنبذا ما في الكتاب و خالفا ما في القرءان و كانا اهله ثمّ انّ طائفة اعتزلت فتركناهم

ص: 1156

ما تركونا حتي اذا عاثوا ما في الارض يفسدون و يقتلون و كان فيمن قتلوه اهل ميرة من بني الاسد و قتلوا خبّاب بن ارتّ و ابنه و امّ ولده و الحارث بن مرّة العبديّ فبعثت اليهم داعيا فقلت ادفعوا الينا قتلة اخواننا فقالوا كلّنا قتلتهم ثمّ شدّت علينا خيلهم و رجالهم فصرعهم اللّه مصارع الظّالمين فلمّا كان ذلك من شانهم امرتكم ان تمضوا من فوركم ذلك الي عدوّكم لنا فلنرجع و لنستعدّ باحسن عدّتنا و اذا نحن رجعنا زدنا في مقاتلتنا عدّة من قتل منّا حتّي اذا ظللتم علي النّخيلة امرتكم ان تلزموا معسكركم و ان تضمّوا اليه نواصيكم و ان توطّنوا علي الجهاد نفوسكم و لا تكثروا زيارة أبناءكم و لا نساءكم فانّ اصحاب الحرب مصابروها و اهل التّشمير فيها و الّذين لا يتوجّدون من سهر ليلهم و لا ظمأ نهارهم و لا فقدان اولادهم و لا نسائهم و اقامت طائفة منكم معدّة و طائفة دخلت المصر عاصية فلا من دخل المصر عاد اليّ و لا من اقام منكم ثبت معي و لا ضير و لقد

ص: 1157

رأيتني و ما في عسكري منكم خمسون رجلا فلمّا رايت ما أنتم عليه دخلت عليكم فما قدّر لكم ان تخرجوا معي الي يومكم هذا للّه ابوكم الا ترون الي مصر قد افتتحت و الي اطرافكم قد انقضت و الي مسالحكم ترقي و الي بلادكم تغزي و أنتم ذو عدد جمّ و شوكة شديدة و اولو باس قد كان مخوفا للّه أنتم اين تذهبون و انّي تؤفكون الا انّ القوم جدّوا و تاسّوا و تناصروا و تناصحوا و انّكم ابيتم و تخاذلتم و ونيتم و تغاششتم ما أنتم ان ائتمنتم علي ذلك سعدوا فانبهوا رحمكم اللّه نائمكم و تحرّوا الحرب عدوّكم فقد ابدت الرّغوة عن الصّريح و اضاء الصّبح لذي عينين انّما تقاتلون الطّلقاء و أبناء الطّلقاء و اهل الجفاء و من اسلم كرها و كان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم انفا و للاسلام كلّه حربا اعداء السّنّة و القرءان و اهل البدع و الاحداث و من كانت نكايته تبقي و كان علي الاسلام و اهله مخوفا اكلة الرّشا و عبيد الدّنيا لقد انهي اليّ انّ ابن النّابغة لم يبايع معاوية حتّي شرط له ان يعطيه اتاوة

ص: 1158

هي اعظم ممّا في يديه من سلطانه فصفرت يد هذا البائع دينه بدنياه و خزيت امانة هذا المشتريّ بنصرة فاسق غادر باموال المسلمين و ايّ سهم لهذا المشتريّ و قد شرب الخمر و ضرب حدّا في الاسلام و كلّكم يعرفه بالفساد في الدّين و ايّ سهم لمن لم يدخل في الاسلام و اهله حتّي رضخ له رضيخة فهؤلاء قادة القوم و من تركت لكم ذكر مساويه اكثر و ابور و أنتم تعرفونهم باعيانهم و اسماءهم كانوا علي الاسلام ضدّا و لنبيّ اللّه صلّي اللّه عليه و آله حربا و للشّيطان حزبا لم يتقدّم ايمانهم و لم يحدث نفاقهم و هؤلاء الّذين لو ولّوا عليكم لا ظهروا فيكم الفخر و التّكبّر و التّسلّط بالجبريّة و الفساد في الارض و أنتم علي ما كان منكم من تواكل و تخاذل خير منهم و اهدي سبيلا منكم الفقهاء و العلماء و الفهماء و حملة الكتاب و المتهجّدون بالاسحار الا تسخطون و تنقمون ان ينازعكم الولاية السّفهاء البطاء عن الاسلام الجفاة فيه اسمعوا قولي يهديكم اللّه اذا قلت و اطيعوا امري اذا امرت فو اللّه لئن اطعتموني لا تغووا و ان عصيتموني لا ترشدوا قال اللّه تعالي أ فمن

ص: 1159

يهدي الي الحقّ احقّ ان يتّبع امنّ لا يهدّي الاّ ان يهدي فما لكم كيف تحكمون و قال اللّه تعالي لنبيّه صلّي اللّه عليه و آله انّما انت منذر و لكلّ قوم هاد فالهادي بعد النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله هاد لامّته علي ما كان من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله فمن عسي ان يكون الهادي الاّ الّذي دعاكم الي الحقّ و قادكم الي الهدي فخذوا للحرب اهبتها و اعدّوا لها عدّتها فقد شبّت و اوقدت نارها و تجرّد لكم الفاسقون لكيما يطفئوا نور اللّه بافواههم و يغزوا عباد اللّه الا انّه ليس اولياء الشّيطان من اهل الطّمع و الجفاء اولي بالحقّ من اهل البرّ و الاخبات في طاعة ربّهم و مناصحة امامهم انّي و اللّه لو لقيتهم وحدي و هم و اهل الارض ما استوحشت منهم و ما باليت و لكن اسف يريني و جزع يعتريني من ان يلي هذه الامّة فجّارها و سفهائها فيتّخذون مال اللّه دولا و كتاب اللّه دغلا و الفاسقين حزبا و الصّالحين حربا و ايم اللّه لو لا ذلك ما اكثرت تانيبكم و تحريصكم

ص: 1160

و لتركتم اذ ابيتم حتّي القاهم متي حمّ لي لقاءهم فو اللّه انّي لعلي الحقّ و انّي للشّهادة لمحبّ و انّي الي لقاء اللّه ربّي لمشتاق و لحسن ثوابه لمنتظر انّي نافرتكم فانفروا اخفافا و ثقالا و جاهدوا باموالكم و انفسكم في سبيل اللّه و لا تثاقلوا في الارض فتغمّوا بالذّلّ و تقرّوا بالخسف و يكون نصيبكم الاخسر انّ اخا الحرب اليقظان الارق ان نام لم تنم عينه و من ضعف اودي و من كره الجهاد في سبيل اللّه كان المغبون المهين انّي لكم اليوم علي ما كنت عليه الامس و لستم لي علي ما كنتم عليه من تكونوا ناصريه اخذ بالسّهم الاخيب و اللّه لو نصرتم اللّه لنصركم و ثبّت اقدامكم انّه حقّ علي اللّه ان ينصر من نصره و يخذل من خذله اترون الغلبة لمن صبر بغير نصر و قد يكون الصّبر جبنا و يكون حميّة و انّما الصّبر بالنّصر و الورود بالصّدر و البرق بالمطر اللّهمّ اجعلنا و ايّاهم علي الهدي و زهّدنا و ايّاهم في الدّنيا و اجعل الاخرة خيرا لنا من الاولي

ص: 1161

اللّغات ص 76 س 4 التحريش الاغراء و المراد هنا ذكر ما يوجب عتابه له ص 78 س 3 الحلوق جمع الحلق س 7 الناعي هو الذي يأتي بخبر الموت ص 80 س 5 الرافد المعين س 6 الضنّ البخل ص 9 القذي ما يقع في العين س 10 الشجي ما يعترض في الحلق من عظم و نحوه العلقم الحنظل و كل شيء مرّ س 11 الحزّ القطع و الشفار بكسر الشين جمع الشّفرة بفتحها و هي السّكين العظيمة العريضة و حدّ السيف ص 81 س 10 حسرت اي كشفت و الكعاب بفتح الكاف الجارية التي نهد ثديها يريدان سرور الناس ببيعتي بلغ الي حدّ ان كشفت الجواري وجوههن ساعيات اليها ص 83 س 6 الاصوع بضم الواو جمع الصّاع و هو المكيال المعروف س 9 اكفروه اي ادخلوه في الكفر و ألجئوه اليه فناجزهم اي بارزهم و قاتلهم ص 84 س 6 قوله صبرا اي حبس علي القتل كان يمسك به و يرمي بشييء حتي يموت و كلّ مقتول في غير معركة و لا حرب و لا خطاء فانه مقتول صبرا قاله ابن الاثير س 9 ادال اللّه منهم اي جعل الكرّة عليهم س 13 ذا قار موضع بين الكوفة و واسط ص 85 س 10 سقاءه بكسر السين وعاء من الجلد يمخض فيه اللبن و يستخرج زبده و السقاء اناء اللبن و الماء و المخض تحريك السّقاء الذي فيه اللبن لاخراج ما فيه من الزّبد-يعني او شك ان يفعل هو بنفسه ما يحصل به المقصود او يفعل بعض الناس به ما يكفي امره و يريح 2خرين ص 88 س 2 من كل اوب اي من كلّ جهة س 10 فخصصت في النسخة المصححة فحضضت و الظاهر انّ الصواب فحصنت ص 89 س 1 عاثوا اي افسدوا س 6 نصلت اي خرجت قصيدا اي متكسّرا س 9 نواصيكم اي اشرافكم س 11 لا يتوجّدون اي لا يشتكون منها س 13 لا ضير في البحار و كشف المحجّة لا صبر و هو اظهر ص 90 س 3 مسالحكم جمع المسلحة بمعني المرقب و موضع السّلاح اي الاترون العدوّ يصعد عليها س 8 ابدت الرغوة عن الصريح مثل يضرب لظهور الامر بعد استتاره و الرّغوة الزّبد و الصّريح اللبن الخالص الصّافي س 10 انفا اي مستنكفا ص 91 س 1 صفرت يده اي خلت فهو صفر اليد س 4 رضخ له رضيخة اي اعطي له شيئا قليلا و الرضخ ايضا الكسر و الشّدخ س 5 ابوراي اشد فسادا س 11 البطاء اي المتاخرون البعداء ص 92 س 8 الاخبات يقال اخبت للّه اي اطمأن اليه و تخشع امامه س 11 يريني في كشف المحجة يربيني و في البحار يبريني اي يهزلني من بريت السّهم او ينبريني من انبري اليه اي اعترض او يريني من وري القيح جوّفه اي افسده و فلان فلانا اصاب ريته او يربيني من اربيته اي زدته يعني يزيدني همّا-و كتب المؤلف في الهامش يربيني من الارباء بمعني الانماء يعني اسف يزيدني اسفا و تحزّنا-او من التربية كني به عن دوامه و لزومه له-و في بعض النسخ يبريني اي ينحتني من بريت السّهم اذا نحتّ و علي هذا يكون كناية عن الهزال اي يهزلني و علي التقادير لا يخلو من تكلّف س 12 الدّول بضم الدال و كسرها جمع الدّولة و هي ما يتداول فيكون لهذا مرّة و لذاك اخري الدغل بفتحتين الخيانة و الفساد س 13 التانيب اللّوم و التعنيف ص 93 س 1 الحمّ بضم الحاء اي قدرش 5 الخسف المشقة و المهانة الازرق من ذهب عنه النواء

ص: 1162

و من كتبه عليه السّلام

في كتاب معادن الحكمة ايضا تاليف علم الهدي محمد بن محسن بن مرتضي الكاشاني صاحب التفسير و الوافي و غيرهما ص 64 المطبوع في طهران قال كتاب امير المؤمنين عليه السّلام الي حذيفة بن اليمان حين ولاّه المدائن قال فصل و من ذلك ما في كتاب ارشاد القلوب للحسن بن محمّد الدّيلمي انّ عثمان بن عفان لمّا وجّه عمّاله في الامصار كان فيمن وجّه الحارث بن الحكم الي المدائن فاقام فيها مدّة يتعسّف اهلها و يسيء معاملتهم فوفد منهم و فد الي عثمان و قد شكوا اليه و اعلموه بسوء ما يعاملهم به و اغلطوا عليه في القول فولّي حذيفة بن اليمان عليهم و ذلك في اخر ايّامه فلم ينصرف حذيفة بن اليمان عن المدائن الي ان قتل عثمان و استخلف عليّ بن ابي طالب عليه السّلام فاقام حذيفة عليها و كتب اليه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم من عبد اللّه عليّ امير المؤمنين الي حذيفة بن اليمان سلام عليك فانّي قد ولّيتك ما كنت تليه لمن كان قبل من جرف المدائن و قد جعلت اليك اعمال الخراج و الرّستاق و جباية اهل الذّمّة فاجمع اليك ثقاتك و من اجببت ممّن ترضي دينه و امانته و استعن بهم علي اعمالك فانّ ذلك اعزّ لك و لوليّك و اكتب لعدوّك و انّي امرك بتقوي اللّه و طاعته في السّر و العلانية فاحذر عقابه في المغيب و المشهد و اتقدّم اليك بالاحسان الي المحسن و الشّدة علي المعاند و امرك بالرّفق في امورك قال في القاموس الجرف بالفتح المال من النّاطق و الصّامت و الخصب و الكلاء الملتف-و بالكسر و قد

ص: 1163

يضمّ المكان الذي لا يأخذه السّيل-و بالضمّ ما تجرفته السّيول و اكلته من الارض و في الارشاد من حرف المدائن بالحاء المهملة و هو جمع الحرف بمعني الحدّ و الجانب و مسيل الماء و اللّين و العدل في السّيرة ما استطعت رعيّتك فانّك مسئول عن ذلك و انصاف المظلوم و العفو عن النّاس و حسن السّيرة ما استطعت فاللّه يجزي المحسنين و امرك ان تجبي خراج الارضين علي الحقّ و النّصفة و لا تتجاوز ما قدمت به اليك و لا تدع منه شيئا و لا تبتدع فيه امرا ثمّ اقسمه بين اهله بالسّويّة و العدل و اخفض لرعيّتك جناحك و واس بينهم في مجلسك و ليكن القريب و البعيد عندك سواء في الحقّ و احكم بين النّاس بالحقّ و اقم بينهم بالقسط و لا تتّبع الهوي و لا تخف في اللّه لومة لائم فانّ اللّه مع الّذين اتّقوا و الّذين هم محسنون و قد وجّهت اليك كتابا لتقرأه علي اهل مملكتك ليعلموا رأينا فيهم و في جميع المسلمين فاحضرهم و اقرءا عليهم و خذ البيعة لنا علي الصّغير و الكبير منهم ان شاء اللّه تعالي

و من كتبه عليه السّلام

ص: 1164

قال في المعادن و لمّا وصل عهد امير المؤمنين عليه السّلام الي حذيفة جمع النّاس فصلّي بهم ثم امر بالكتاب فقرأ عليهم و هو بسم اللّه الرّحمن الرّحيم من عبد اللّه عليّ امير المؤمنين الي من بلغه كتابي هذا من المسلمين سلام عليكم فانّي احمد اليكم اللّه الّذي لا آله الاّ هو و اسئله ان يصلّي علي محمّد و آله فامّا بعد فانّ اللّه تعالي اختار الاسلام دينا لنفسه و ملائكته و رسله و احكاما لصنعه و حسن تدبيره و نظرا منه لعباده و خصّ به من احبّ من خلقه فبعث اليهم محمّدا صلّي اللّه عليه و آله فعلّمهم الكتاب و الحكمة اكراما و تفضّلا(و تفضيلا خ ل)لهذه الامّة و ادّبهم لكي يهتدوا و جمعهم لئلاّ يتفرّقوا و وفّقهم لئلاّ يجوروا فلمّا قضي ما كان عليه من ذلك مضي الي رحمة ربّه حميدا محمودا ثمّ انّ بعض المسلمين اقاموا بعده رجلين رضوا بهداهما و سيرتهما قاما ما شاء اللّه ثمّ توفّاهما اللّه عزّ و جلّ ثمّ ولّوا بعدهما الثّالث فاحدث احداثا و وجدت الامّة عليه فعالا فاتّفقوا عليه

ص: 1165

ثمّ نقموا منه فغيّروا ثمّ جاءوني كتتابع الخيل فبايعوني فانّي استهدي اللّه بهداه و استعينه علي التّقوي الا و انّ لكم علينا العمل بكتاب اللّه و سنّة نبيّه صلّي اللّه عليه و آله و القيام عليكم بحقّه و احياء سنّته و النّصح لكم بالمغيب و المشهد و باللّه نستعين علي ذلك و هو حسبنا و نعم الوكيل و قد ولّيت اموركم حذيفة بن اليمان و هو ممّن ارتضي بهديه و ارجو صلاحه و قد امرته بالاحسان الي محسنكم و الشّدّة علي مريبكم و الرّفق بجميعكم اسأل اللّه لنا و لكم حسن الخيرة و الاحسان و رحمته الواسعة في الدّنيا و الاخرة و السّلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته

و من كتبه عليه السّلام

في الجزء الاوّل من كتاب امالي شيخ الطائفة روي عن شيخه رضي اللّه عنه قال قال حدّثني ابو عبد اللّه محمد بن محمد بن النّعمان رحمه اللّه قال اخبرني ابو الحسن عليّ بن محمد بن الحسن(الجيش خ ل)الكاتب قال اخبرني الحسن بن عليّ الزّعفرانيّ قال اخبرني ابو اسحق ابراهيم بن محمّد الثقفي قال حدّثني عبد اللّه بن محمّد بن عثمان قال حدّثنا علي بن محمّد بن ابي سعيد عن فضيل بن جعد عن ابي اسحق الهمداني قال لمّا ولّي امير المؤمنين عليّ بن ابي طالب صلوات اللّه عليه محمد بن ابي بكر مصر و اعمالها كتب له كتابا و امره ان يقرءاه علي اهل مصر و ليعمل بما وصّاه به فيه و كان الكتاب بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

ص: 1166

من عبد اللّه امير المؤمنين عليّ بن ابي طالب الي اهل مصر و محمّد بن ابي بكر سلام عليكم فانّي احمد اليكم اللّه الّذي لا آله الاّ هو امّا بعد فانّي اوصيكم بتقوي اللّه فيما أنتم عنه مسئولون و اليه تصيرون فانّ اللّه تعالي يقول كلّ نفس بما كسبت رهينة و يقول و يحذّركم اللّه نفسه و الي اللّه المصير و يقول فوربّك لنسئلنّهم أجمعين عمّا كانوا يعملون و اعلموا عباد اللّه انّ اللّه عزّ و جلّ سائلكم عن الصّغير من عملكم و الكبير فان يعذّب فنحن اظلم و ان يعف فهو ارحم الرّاحمين باعباد اللّه انّ اقرب ما يكون العبد الي المغفرة و الرّحمة حين يعمل للّه بطاعته و ينصحه بالتّوبة عليكم بتقوي اللّه فانّها تجمع الخير و لا خير غيرها و يدرك بها من الخير ما لا يدرك بغيرها من خير الدّنيا و خير الاخرة قال اللّه عزّ و جلّ و قيل للّذين اتّقوا ما ذا انزل ربّكم قالوا خيرا للّذين احسنوا في هذه الدّنيا حسنة و الدار الاخرة خير و لنعم دار المتّقين اعلموا يا عباد اللّه انّ المؤمن من يعمل الثّلاث من الثواب

ص: 1167

امّا الخير فانّ اللّه يثيبه بعمله في دنياه قال اللّه سبحانه لابراهيم و اتيناه اجره في الدّنيا و انّه في الاخرة لمن الصّالحين فمن عمل للّه تعالي اعطاه اجره في الدّنيا و الاخرة و كفاه المهمّ فيهما و قد قال اللّه تعالي يا عباد الّذين امنوا اتّقوا ربّكم للّذين احسنوا في هذه الدّنيا حسنة و ارض اللّه واسعة انّما يوفّي الصّابرون اجرهم بغير حساب فما اعطاهم اللّه في الدّنيا لم يحاسبهم به في الاخرة قال اللّه تعالي للّذين احسنوا الحسني و زيادة و الحسني هي الجنّة و الزّيادة هي الدّنيا و انّ اللّه تعالي يكفّر بكلّ حسنة سيّئة قال اللّه عزّ و جلّ انّ الحسنات يذهبن السّيئات ذلك ذكري للذّاكرين حتّي اذا كان يوم القيمة حسبت لهم حسناتهم ثمّ اعطاهم بكلّ واحدة عشرة امثالها الي سبعمائة ضعف قال اللّه عزّ و جلّ جزاء من ربّك عطاء حسابا و قال اولئك لهم جزاء الضّعف بما عملوا و هم في الغرفات امنون فارغبوا في هذا رحمكم اللّه و اعملوا له و تحاضوا عليه و اعملوا يا عباد اللّه انّ المتّقين جازوا عاجل الخير و اجله شاركوا اهل الدّنيا في دنياهم و لم يشاركهم اهل الدّنيا في اخرتهم اباحهم اللّه

ص: 1168

في الدّنيا ما كفاهم به و اغناهم قال اللّه عزّ و جلّ قل من حرّم زينة اللّه الّتي اخرج لعباده و الطّيّبات من الرّزق قل هي للّذين امنوا في الحيوة الدّنيا خالصة يوم القيمة كذلك نفصّل الايات لقوم يعلمون سكنوا الدّنيا بافضل ما سكنت و اكلوها بافضل ما اكلت شاركوا اهل الدّنيا في دنياهم فاكلوا معهم من طيّبات ما يأكلون و شربوا من طيّبات ما يشربون و لبسوا من افضل ما يلبسون و سكنوا من افضل ما يسكنون و تزوّجوا من افضل ما يتزوّجون و ركبوا من افضل ما يركبون اصابوا لذّة الدّنيا مع اهل الدّنيا و هم غدا جيران اللّه تعالي يتمنّون عليه فيعطيهم ما يتمنّون لا تردّ لهم دعوة و لا ينقص لهم نصيب من اللّذّة فالي هذا يا عباد اللّه يشتاق اليه من كان له عقل و يعمل له بتقوي اللّه و لا قوّة الاّ باللّه يا عباد اللّه ان اتّقيتم و حفظتم نبيّكم في اهل بيته فقد عبدتموه بافضل ما عبد و ذكرتموه بافضل ما ذكر و شكرتموه بافضل ما شكر و اخذتم بافضل الصّبر و الشّكر و اجتهدتم افضل الاجتهاد

ص: 1169

و ان كان غيركم اطول منكم صلاة و اكثر منكم صياما فانتم اتقي اللّه منه و انصح لاولي الامر احذروا يا عباد اللّه الموت و سكرته فاعدّوا له عدّته فانّه يفجئكم بامر عظيم بخير لا يكون معه شرّ ابدا او بشرّ لا يكون معه خير ابدا فمن اقرب من الجنّة من عاملها و من اقرب الي النّار من عاملها انّه ليس احد من النّاس تفارق روحه جسده حتّي يعلم الي ايّ المنزلين يصير الي الجنّة ام النّار اعدوّ هو للّه ام وليّ فان كان وليّا للّه فتحت له ابواب الجنّة و شرعت له طرقها و رأي ما اعدّ اللّه له فيها ففرغ من كلّ شغل و وضع عنه كلّ ثقل و ان كان عدوّا للّه فتحت له ابواب النّار و شرع(شرعت خ ل)له طرقها و نظر الي ما اعدّ اللّه له فيها فاستقبل كلّ مكروه و ترك كلّ سرور و كلّ هذا يكون عند الموت و عنده يكون بيقين قال اللّه تعالي الّذين تتوفّاهم الملائكة طيّبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنّة بما كنتم تعملون و يقول الّذين تتوفّاهم الملائكة ظالمي انفسهم فالقو السّلم ما كنّا نعمل من سوء بلي

ص: 1170

انّ اللّه عليم بما كنتم تعملون فادخلوا ابواب جهنّم خالدين فيها فلبئس مثوي المتكبّرين يا عباد اللّه انّ الموت ليس منه فوت فاحذروه قبل وقوعه و اعدّوا له عدّته فانّكم طرد الموت ان اقمتم له اخذكم و ان فررتم منه ادرككم و هو الزم لكم من ظلّكم الموت معقود بنواصيكم و الدّنيا تطوي خلقتكم فاكثروا ذكر الموت عند ما تنازعكم اليه انفسكم من الشّهوات و كفي بالموت واعظا و كان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله كثيرا ما يوصي اصحابه بذكر الموت فيقول اكثروا ذكر الموت فانّها هادم اللذّات حائل بينكم و بين الشّهوات يا عباد اللّه ما بعد الموت لمن لا يغفر له اشدّ من الموت القبر فاحذروا ضيعته و ضنكه و ظلمته و غربته انّ القبر يقول كلّ يوم انا بيت الغربة انا بيت التّراب انا بيت الوحشة انا بيت الدّود و الهوامّ و القبر روضة من رياض الجنّة او حفرة من حفر النّيران انّ العبد المؤمن اذا دفن قالت له الارض مرحبا و اهلا قد كنت ممّن احبّ ان تمشي علي ظهري فاذا ولّيتك فستعلم كيف

ص: 1171

صنعي بك فيتّسع له مدّ البصر و انّ الكافر اذا دفن قالت له الارض لا مرحبا و لا اهلا لقد كنت من ابغض من يمشي علي ظهري فاذا ولّيتك فستعلم كيف صنعي بك فتضمّه حتّي تلتقي اضلاعه و انّ المعيشة الضّنك الّتي حذّر اللّه منها عدوّه عذاب القبر انّه يسلّط علي الكافر في قبره تسعة و تسعين تنّينا فينهشنّ لحمه و يكسرنّ عظمه و يتردّدنّ عليه كذلك الي يوم يبعث لو انّ تنّينا منها نفح في الارض لم تنبت ذرعا ابدا اعلموا يا عباد اللّه انّ انفسكم الضّعيفة و اجسادكم النّاعمة الرّقيقة الّتي يكفيها اليسر تضعف عن هذا فاستطعتم ان تجزعوا لاجسادكم و انفسكم ممّا لا طاقة لكم به و لا صبر لكم عليه فاعملوا بما احبّ اللّه و اتركوا ما كره اللّه يا عباد اللّه انّ بعد البعث ما هو اشدّ من القبر يوم يشيب فيه الصّغير و يسكر منه الكبير و يسقط فيه الجنين و تذهل كلّ مرضعة عمّا ارضعت يوم عبوس قمطرير يوم كان شرّه مستطيرا انّ فزع ذلك اليوم ليرهب الملائكة الّذين لا ذنب لهم

ص: 1172

و ترعب(ترعد خ ل)منه السّبع الشّداد و الجبال و الاوتاد و الارض المهاد و تنشقّ السّماء فهي يومئذ واهية و تتغيّر فكانّها وردة كالدّهان و تكون الجبال سرابا مهيلا كثيبا بعد ما كانت صمّا اصلابا و ينفخ في الصّور فيفزع من في السّموات و من في الارض الاّ من شاء اللّه فكيف من عصي بالسّمع و البصر و اللّسان و اليد و الرّجل و الفرج و البطن ان لم يغفر اللّه له و يرحمه من ذلك اليوم لانّه يعصي و يصير الي غيره الي نار قعرها بعيد و حرّها شديد و شرابها صديد و عذابها جديد و مقامعها حديد لا يفتر عذابها و لا يموت ساكنها دار ليس فيها رحمة و لا يسمع لاهلها دعوة و اعملوا يا عباد اللّه انّ مع هذا رحمة اللّه الّتي لا تجز العباد جنّة عرضها كعرض السّموات و الارض اعدّت للمتّقين لا يكون معها شرّ ابدا لذّاتها لا تملّ و مجتمعها لا يتفرّق و سكّانها قد جاوروا الرّحمن و قام بين ايديهم الغلمان بصحاف من الذّهب فيها الفاكهة و الرّيحان ثمّ اعلم يا محمّد بن ابي بكر انّي قد

ص: 1173

ولّيتك اعظم احيازي في نفسي اهل مصر فاذا ولّيتك ما ولّيتك من امر النّاس فانت حقيق ان تخاف منه علي نفسك و ان تحذر فيه علي دينك فان استطعت ان لا تسخط ربّك برضي احد من خلقه فافعل فانّ في اللّه عزّ و جلّ خلفا من غيره و ليس في شيء سواه خلف منه اشتدّ علي الظّالم و خذ عليه و لن لاهل الخير و قرّبهم و اجعلهم بطانتك و اقرانك و انظر الي صلوتك كيف هي فانّك امام لقومك ان تتمّها و لا تخفّفها فليس من امام يصلّي بقوم يكون في صلوتهم نقصان الاّ كان عليه لا ينقص من صلوتهم شيء و تمّمها و تحفّظ فيها يكن لك مثل اجورهم و لا ينقص ذلك في اجرهم شيئا،و انظر الي الوضوء فانّه من تمام الصّلوة تمضمض ثلاث مرّات و استنشق ثلاثا و اغسل وجهك ثمّ يدك اليمني ثمّ اليسري ثمّ امسح راسك و رجليك فانّي رايت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله يصنع ذلك و اعلم انّ الوضوء نصف الايمان ثمّ ارتقب وقت الصّلوة فصلّها لوقتها و لا تعجل بها قبله لفراغ و لا

ص: 1174

و لا تؤخّرها عنه لشغل فانّ رجلا سئل رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله عن اوقات الصّلوة فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله اتاني جبرئيل عليه السّلام فاراني وقت الصّلوة حين زالت الشّمس فكانت علي حاجبه الايمن ثمّ اراني وقت العصر فكان ظلّ شيء مثله ثمّ صلّي المغرب حين غربت الشّمس ثمّ صلّي العشاء الاخرة حين غاب الشّفق ثمّ صلّي الصّبح فاغلس بها و النّجوم مشبّكة فصلّ لهذه الاوقات و الزم السّنّة المعرّفة و الطّريق الواضح ثمّ انظر ركوعك و سجودك فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله كان اتمّ النّاس صلاة و احقّهم عملا بها و اعلم انّ كلّ شيء من عملك تبع لصلوتك فمن ضيّع الصّلوة فانّه لغيرها اضيع اسأل اللّه الّذي يري و لا يري و هو بالمنظر الا علي ان يجعلنا و ايّاك ممّن يحبّ و يرضي حتّي يعيننا و ايّاك علي شكره و ذكره و حسن عبادته و اداء حقّه و علي كلّ شيء اختار لنا في دنيانا و ديننا و اخرتنا و أنتم يا اهل مصر فليصدّق قولكم فعلكم و سرّكم علانيتكم و لا تخالف ألسنتكم قلوبكم

ص: 1175

و اعلموا انّه لا يستوي امام الهدي و امام الرّدي و وصيّ النّبيّ و عدوّه انّي لا اخاف عليكم مؤمنا و لا مشركا امّا المؤمن فيمنعه اللّه بايمانه و امّا المشرك فيحجزه اللّه عنكم بشركه و لكنّي اخاف عليكم المنافق يقول ما تعرفون و يعمل بما تنكرون يا محمّد بن ابي بكر اعلم انّ افضل الفقه الورع في دين اللّه و العمل بطاعته و انّي اوصيك بتقوي اللّه في سرّ امرك و علانيتك و علي ايّ حال كنت عليه الدّنيا دار بلاء و دار فناء و الاخرة دار الجزاء و دار البقاء فاعمل لما يبقي و اعدل عمّا يفني و لا تنس نصيبك من الدّنيا اوصيك بسبع هنّ من جوامع الاسلام تخش اللّه عزّ و جلّ و لا تخش النّاس في اللّه و خير القول ما صدّقه العمل و لا تقض في امر واحد بقضائين مختلفين فيختلف امرك و تزيغ عن الحقّ و احبّ لعامّة رعيّتك ما تحبّ لنفسك و اهل بيتك و اكره لهم ما تكره لنفسك و اهل بيتك فانّ ذلك اوجب للحجّة و اصلح للرّعيّة و خفّض الغمرات الي الحقّ و لا تخف في اللّه لومة لائم و افضح المرء اذا

ص: 1176

استشارك و اجعل نفسك اسوة القريب المؤمنين و بعيدهم جعل اللّه مودّتنا في الدّين و خلّنا و ايّاكم خلّة المتّقين و ابقي لكم طاعتكم حتّي يجعلنا و ايّاكم بها اخوانا علي سرر متقابلين احسنوا اهل مصر موازرة محمّد اميركم و اثبتوا علي طاعتكم تردوا حوض نبيّكم صلّي اللّه عليه و آله اعاننا اللّه و ايّاكم علي ما يرضاه و السّلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته

و من كتبه عليه السّلام

رواه ابن الشيخ ره في كتابه المجالس في مجلس يوم الجمعة الثالث و العشرين من ذي الحجّة سنة سبع و خمسين و أربعمائة عن ابي جعفر محمّد بن الحسن بن عليّ بن الحسين الطوسي رضي اللّه عنه باسناده عن عبد اللّه بن ابي بكر قال حدّثني ابو جعفر محمّد بن علي عليهما السّلام و اطال الكلام الي ان قال فخطب الناس الحسن بن علي عليهما السّلام فحمد اللّه و اثني عليه و ذكر عليا عليه السّلام و سابقته في الاسلام و بيعة الناس له و خلاف من خالفه ثم امر بكتاب عليّ و هو بسم اللّه الرّحمن الرّحيم امّا بعد فانّي اخبركم عن امر عثمان حتّي يكون سمعه عيانه انّ النّاس طعنوا عليه و كنت رجلا من المهاجرين اكثّر استعتابه و اقلّ عتابه(عيبه خ ل)و كان هذان الرّجلان اهون سيرهما فيه الوجيف و قد كان من امر عايشة فلتة علي غضب فانتحي له قوم فقتلوه ثمّ انّ النّاس بايعوني غير مستكرهين و كان هذان الرّجلان

ص: 1177

اوّل من فعل علي ما بويع عليه من كان قبلي ثمّ انّهما استاذنا بي في العمرة و ليسا يريدانها فنقضا العهد و اذنا بحرب و اخرجا عايشة من بيتها ليتّخذانها فتنة و قد سار الي البصرة اختيارا لها و قد سرت اليكم اختيارا لكم و لعمري ما ايّاي تجيبون ما تجيبون الاّ اللّه و رسوله و لن اقاتلهم و في نفسي منهم حاجة و قد بعثت اليكم بالحسن بن عليّ و عمّار بن ياسر و قيس بن سعد مستنفرين فكونوا عند ظنّي بكم و لا حول و لا قوّة الاّ باللّه

و من كتبه عليه السّلام

لمّا بعث اليه عليه السّلام زياد بن ابيه كتابا و في جوفه كتاب معاوية و لقد رواه علم الهدي في كتاب معادن الحكمة في مكاتيب الائمة ص 196 قال فكتب اليه عليّ عليه السّلام امّا بعد فانّي قد ولّيتك ما ولّيتك و انا اراك لذلك اهلا و انّه قد كانت من ابي سفيان فلتة في ايّام عمر من امانيّ التّيه و كذب النّفس لم تستوجب بها ميراثا و لم تستحقّ بها نسبا و انّ معاوية كالشّيطان الرّجيم يأتي المرء من بين يديه و من خلفه و عن يمينه و عن شماله فاحذره ثمّ فاحذره ثمّ احذره و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

ص: 1178

و قال في المعادن ايضا ص 197 فلمّا بلغ امير المؤمنين عليه السّلام ما عرج(اي زياد بن ابيه)عليه من القسوة و الجفوة اخرج اليه سعدا مولاه يحثّه علي حمل مال البصرة الي الكوفة فكانت بينه و بين سعد منازعة في ذلك فرجع سعد و شكاه من شنيع ما اتي به هنا لك فكتب امير المؤمنين صلوات اللّه عليه في ما كتب اليه يلومه علي ما جري لعلّه يذكّر او يخشي امّا بعد فانّ سعدا ذكر انّك شتمته ظلما و تهدّدته(هدّدته) و جبهته تجبّرا و تكبّرا فما دعاك الي التّكبّر و قد قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله الكبر رداء اللّه فمن نازع اللّه ردائه قصمه و قد اخبرني انّك تكثر من الالوان المختلفة في الطّعام في اليوم الواحد و تدهّن كلّ يوم فما عليك لو صمت للّه ايّاما و تصدّقت ببعض ما عندك محتسبا و اكلت طعامك مرارا قفارا فانّ ذلك شعار الصّالحين أ تطمع و انت متمرّغ في النّعيم تستأثر به علي الجار و المسكين و الضّعيف و الفقير و الارملة و اليتيم ان يحسب لك اجر المتصدّقين و اخبرني انّك تتكلّم بكلام الابرار و تعمل عمل الخاطئين فان كنت تفعل ذلك فنفسك ظلمت و عملك احبطت فتب الي ربّك يصلح لك عملك و اقتصد في امرك و قدّم الفضل ليوم حاجتك و ادّهن غبّا فانّي سمعت رسول اللّه

ص: 1179

صلّي اللّه عليه و آله يقول ادّهنوا غبّا و لا تدّهنوا دفقا(رفها خ ل)

و من كتبه عليه السّلام

قد نقله الشيخ الجليس علم الهدي في كتابه معادن الحكمة فيما اجاب امير المؤمنين عليه السّلام عن بعض كتب معاوية فانّ مساويك مع علم اللّه تعالي فيك حالت بينك و بين ان يصلح لك امرك او ان يرعوي قلبك يابن الصّخر اللّعين زعمت ان يزن الجبال حلمك و يفصل بين اهل الشّك علمك و انت الجلف المنافق الاغلف القلب القليل العقل الجبان الرّذل فان كنت صادقا فيما تسطر و يعينك عليه اخو بني السّهم فدع النّاس جانبا و ابرز لما دعوتني اليه من الحرب و الصّبر علي الضّرب و اعف الفريقين من القتال لتعلم ايّنا المريّن علي قلبه المغطّي علي بصره فانا ابو الحسن قاتل جدّك و اخيك و خالك و ما انت منهم ببعيد و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

معادن الحكمة ص 164 ممّا كتب عليه السّلام جوابا عن بعض كتبه قال من كتاب له عليه السّلام اليه ايضا جوابا عن كتاب منه امّا بعد فانّا كنّا نحن و أنتم علي ما ذكرت من الالفة و الجماعة ففرّق بيننا و بينكم امس انّا امنّا و كفرتم و اليوم انّا استقمنا

ص: 1180

و فتنتم و ما اسلم مسلمكم الاّ كرها و بعد ان كان انف الاسلام كلّه لرسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله حربا و ذكرت انّي قتلت طلحة و الزّبير و شرّدت بعائشة و نزلت بين المصرين و ذلك امر غبت عنه فلا عليك و لا العذر فيه اليك و ذكرت انّك زائري في المهاجرين و الانصار و قد انقطعت الهجرة يوم اسر اخوك فان كان فيك عجل فاسترفه فانّي ان ازرك فذلك جدير ان يكون اللّه انّما بعثني للنّقمة منك و ان تزرني فكما قال اخو بني اسد مستقبلين رياح الصّيف تضربهم

يحاصب بين اغوار و جلمود و عندي السّيف الّذي اعضضته

بجدّك و خالك و اخيك في مقام واحد و انّك و اللّه ما علمت الاّ غلف القلب المقارب العقل و الاولي ان يقال لك انّك رقيت سلّما اطلعك مطلع سوء عليك لا لك لانّك نشدت غير ضالّتك و رعيت غير سائمتك و طلبت امرا لست من اهله و لا في معدنه فما ابعد قولك من فعلك و قريب ما اشبهت من اعمام و اخوال حملتهم الشّقاوة و تمنّي الباطل

ص: 1181

علي الحجود بمحمّد صلّي اللّه عليه و آله فصرعوا مصارعهم حيث علمت لم يدفعوا عظيما و لم يمنعوا حريما بوقع سيوف ما خلا منها الوغي و لم تماشها الهوينا و قد اكثرت في قتلة عثمان فادخل فيما دخل فيه النّاس ثمّ حاكم القوم اليّ احملك و ايّاهم علي كتاب اللّه تعالي و امّا تلك الّتي تريد فانّها خدعة الصّبي علي الّلبن في اوّل الفصال و السّلام لاهله قوله و انّك ما علمت ما خبر انّ و الاغلف عطف بيان له او بدل منه و في بعض النسخ لا غلف القلب و عليه فهو خبر لمبتدأ محذوف و الاغلف القلب اي قلبه في غلاف فلا يفقه شيئا و المقارب العقل اي ناقص العقل كانه يقرب ان يصير عاقلا الضّالة ما يفقد الانسان من مال و نحوه و نشدها طلبها اي طلبت غير ما فقدت و رعيت غير ما شيتك الوغي الحرب و الهوينا الرفق و التؤدة و لم تماشها الهوينا اي لم يصحب تلك السيوف رفق و في بعض النسخ و لم تماسّها بالسّين المهملة

و من كتبه عليه السّلام

الي ابي بكر بن ابي قحافه و لقد رواه الشيخ ابو منصور احمد بن ابي طالب الطبرسي رحمه اللّه في كتاب الاحتجاج ج 1 ص 263 لمّا بلغه عنه كلام بعد منع الزهراء عليها السّلام فدك شقّوا متلاطمات امواج الفتن بحيازيم سفن النّجاة و حطّوا تيجان الفخر بجميع اهل الغدر و استضاءوا بنور الانوار و اقتسموا مواريث الطّاهرات الابرار و احتقبوا ثقل الاوزار بغصبهم نحلة النّبيّ المختار فكانّي بكم تتردّدون في العمي كما يتردّد

ص: 1182

البعير في الطّاحونة اما و اللّه لو اذن لي بما ليس لكم به علم لحصدت رءوسكم عن اجسادكم كحبّ الحصيد بقواضب من حديد و لفلقت من جماجم شجعانكم ما اقرح به اماقكم و اوحش به مجالكم فانّه مذ عرفتموني مرديّ العساكر و مفنّي الجحافل و مبيد خضراءكم و مخمل ضوضاءكم و جرّار الدّواوين اذ أنتم في بيوتكم معتكفون و انّي لصاحبكم بالامس لعمر ابي و امّي لن تحبّوا ان تكون فينا الخلافة و النّبوّة و أنتم تذكرون احقاد بدر و ثارات احد اما و اللّه لو قلت ما سبق من اللّه فيكم لتداخلت اضلاعكم في اجوافكم كتداخل اسنان دوّارة الرّحي فان نطقت تقولون حسد و ان سكتّ يقال ابن ابي طالب جزع من الموت هيهات هيهات انّ السّاعة يقال لي هذا و انا الموت المميت و خوّاض المنيّات في جوف ليل حالك حامل السّيفين الثّقلين و الرّمحين الطّويلين و مكسّر الرّايات في عظامط الغمرات و مفرّج الكربات عن وجه خير البريّات ايهنوا فو اللّه لابن ابي طالب انس بالموت من الطّفل الي محالب

ص: 1183

امّه هبلتكم الهوابل لو بحت بما انزل اللّه فيكم في كتابه لاضطربتم اضطراب الارشية في الطّويّ البعيدة و لخرجتم من بيوتكم هاربين و علي وجوهكم هائمين و لكنّي اهوّن وجدي حتّي القي ربّي بيد جذّاء صفرا من لذّاتكم خلوا من طخياتكم فما مثل دنياكم عندي الاّ كمثل غيم علا فاستعلي ثمّ استغلظ فاستوي ثمّ تمزّق فانجلي رويدا فعن قليل ينجلي لكم القسطل و تجنون ثمر فعلكم مرّا و تحصدون غرس ايديكم ذعافا ممقرا و سمّا قاتلا و كفي باللّه حكيما و برسول اللّه خصيما و بالقيامة موقفا فلا ابعد اللّه فيها سواكم و لا اتعس فيها غيركم و السّلام علي من اتّبع الهدي الحيازيم جمع حيزوم وسط الصّدر احتقب الاثم جمعه او حمله علي ظهره القاضب شديد القطع و في بعض النسخ قوابض و الظاهر انه تصحيف الاماق جمع مأق مجري الدّمع من طرف العين ممّا يلي الانف مردّي العساكر اي مهلكهم الجحافل جمع حجفل اي الجيش الكثير حالك شديد السّواد و في بعض النسخ خامد السيفين الغمرات الامواه الكثيره غطامط عظيم الامواج هبلتكم الهوابل اي ثكلتكم الثّواكل الارشية بتخفيف الشين و الياء جمع الرشاء و هو حبل الدّلو و الطويّ البئر المطويّة بالحجارة طخياتكم اي ظلماتكم القسطل كجعفر الغبار السّاطع في الحرب الذّعاف بالضّم السّم الذي يقتل في ساعته و الممقر المرّ و كتب المؤلّف في الهامش في بعض النسخ ممزّقا بالزاء قبل القاف و كانه تصحيف اتعسه اشقاه و اهلكه

ص: 1184

و من كتبه عليه السّلام

الي عمرو بن العاص نقله علم الهدي في كتابه معادن الحكمة عن الشيخ البحراني في شرحه الكبير من كتاب كتبه عليه السّلام ممّا ذكر انفا الي ذلك اللعين الشرير نسخته من عبد اللّه عليّ امير المؤمنين الي الابتر ابن الابتر عمرو بن العاص شانئ محمّد و ال محمّد في الجاهليّة و الاسلام سلام علي من اتّبع الهدي امّا بعد فانّك تركت مروءتك لامرء فاسق مهتوك ستره يشين الكريم بمجلسه و يسفه الحليم بخلطته فصار قلبك لقلبه تبعا كما وافق شنّ طبقة فسلبك دينك و امانتك و دنياك و اخرتك و كان علم اللّه بالغا فيك فصرت كالذّئب يتبع الضّر غام اذا ما اللّيل دجي يلتمس ان يداوسه و كيف تنجو من القدر و لو بالحقّ طلبت ادركت ما رجوت و قد يرشد من كان الحقّ قائده فان يمكّن اللّه منك و من ابن اكلة الاكباد الحقتكما بمن قتله اللّه من ظلمة قريش علي عهد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و ان تعجرا و نبقيا بعدي فاللّه حسبكما و كفي بانتقامه انتقاما و بعقابه عقابا مروءتك مودّتك خ ل الشّن القربة الخلق الصّغيرة و هذا مثل يضرب لتوافق الشّيئين و قيل في هذا المثل شنّ اسم رجل و طبقة اسم امرأة و كان الرّجل الزم نفسه ان لا يتزوّج الي ان اتّصل بها فوجدها موافقة لها فتزوّجها

ص: 1185

و من كتبه عليه السّلام

كتبه الي معاوية نقله ايضا في معادن الحكمة ص 291 قال فصل و من ذلك ما في ذلك الكتاب من كتاب اخر له صلوات اللّه و سلامه عليه و ليتمنّ النّور علي كرهك و لينفذنّ العلم بصغارك و لتجازينّ بعملك فعش في دنياك المنقطعة عنك ما طاب لك فكانّك باجلك قد انقضي و عملك قد هوي ثمّ تصير الي لظي لم يظلمك اللّه شيئا و ما ربّك بظلاّم للعبيد

و من كتبه عليه السّلام

رواه الطبرسي ره في الاحتجاج عن ابي عبيده(و هو اسمه معمر كجعفر البصريّ النحوي اللغويّ كان متبحّرا في علم اللغة و ايّام العرب و اخبارها و كان يري راي الخوارج)قال كتب معاوية الي امير المؤمنين عليه السّلام انّ لي فضائل كثيره كان ابي سيّدا في الجاهليّة و صرت ملكا في الاسلام و انا صهر رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و خال المؤمنين و كاتب الوحي فقال امير المؤمنين عليه السّلام ابو الفضائل يبغي علي ابن اكلة الاكباد اكتب اليه يا غلام محمّد النّبيّ اخي و صنوي و حمزة سيّد الشّهداء عمّي

و جعفر الّذي يمسي و يضحي يطير مع الملائكة ابن امّي

و بنت محمّد سكني و عرسي مسوط لحمها بدمي و لحمي

و سبطا احمد ولداي منها فايّكمو له سهم كسهمي

سبقتكمو إلي الاسلام طرا * غلاما ما بلغت أوان حلمي

ص: 1186

وصليت الصلاة وكنت طفلا * مقرا بالنبي في بطن أمي

و اوجب لي ولايته عليكم رسول اللّه يوم غدير خمّ

فويل ثمّ ويل ثمّ ويل لمن يلقي الاله غدا بظلمي

انا الرّجل الّذي لا تنكروه ليوم كريهة او يوم سلم

فقال معاوية اخفوا هذا الكتاب لا يقرئه اهل الشّام فيميلوا الي ابن ابي طالب(عليه السّلام)

و من كتبه عليه السّلام

الي قيصر الرّوم جوابا عن مسائله قال علم الهدي ره في المعادن فصل و من ذلك ما في كتاب ارشاد القلوب للدّيلمي انّ عمر لمّا جلس في الخلافة جري بين رجل من اصحابه يقال له الحارث بن سنان الازديّ و بين رجل من الانصار كلام و منازعة فلم ينتصف له عمر فلحق الحارث بن سنان بقيصر و ارتدّ عن الاسلام و نسي القرءان كلّه الاّ قول اللّه عزّ و جلّ «وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ» (1) فسمع قيصر هذا الكلام قال ساكتب الي ملك العرب بمسائل فان اخبرني بتفسيرها اطلقت من عندي من الاساري فعرضت عليهم النّصرانية فمن قبل منهم استعبدته و من لم يقبل قتلته و كتب الي عمر بن الخطّاب بمسائل احدها سؤاله عن تفسير الفاتحة و عن الماء الذي ليس من الارض و لا من السّماء و عمّا يتنفّس و لا روح فيه و عن عصا موسي ممّ كانت و ما اسمها و ما طولها و عن جارية بكر لا خوين في الدّنيا و في الاخرة لواحد لمّا وردت هذه المسائل علي عمر لم يعرف تفسيرها ففزع في ذلك الي عليّ(عليه السّلام)فكتب الي قيصر من عليّ بن ابي طالب صهر محمّد و وارث علمه و اقرب الخلق اليه و وزيره و من حقّت له الولاية و امر الخلق من اعدائه بالبرائة قرّة عين رسول اللّه و زوج ابنته و ابي ولده الي قيصر ملك الرّوم امّا

ص: 1187


1- سوره 3 - آيه 85

بعد فانّي احمد اللّه الّذي لا آله الاّ هو عالم الخفيّات و منزل البركات من يهدي اللّه فلا مضلّ له و من يضلل اللّه فلا هادي له ورد كتابك و أقرأنيه عمر بن الخطّاب فامّا سؤالك عن اسم اللّه تعالي فانّه اسم فيه شفاء من كلّ داء و عون عن كلّ دواء و امّا الرّحمن فهو عون لكلّ من امن به و هو اسم لم يسمّ به غير اللّه الرّحمن تبارك و تعالي و امّا الرّحيم فرحم من عصي و تاب و امن و عمل صالحا و امّا قوله الحمد للّه ربّ العالمين فذلك ثناء منّا علي ربّنا تبارك و تعالي بما انعم علينا و امّا قوله مالك يوم الدّين فانّه يملك نواصي الخلق يوم القيمة و كلّ من كان في الدّنيا شاكّا او جبّارا ادخله النّار و لا يمتنع من عذاب اللّه عزّ و جلّ شاك و لا جبّار و كلّ من كان في الدّنيا طائعا مديما محافظا ايّاه ادخله الجنّة برحمة و امّا قوله ايّاك نعبد و ايّاك نستعين فانّا نستعين باللّه عزّ و جلّ من الشّيطان الرّجيم لا يضّلنا كما اضلّكم و امّا قوله اهدنا الصّراط المستقيم فذلك

ص: 1188

الطّريق الواضح من عمل في الدّنيا عملا صالحا فانّه يسلك علي الصّراط الي الجنّة و امّا قوله صراط الّذين انعمت عليهم فتلك النّعمة الّتي انعمها للّه عزّ و جلّ علي من كان قبلنا من النّبيّين و الصّدّيقين فنسأل اللّه ربّنا ان ينعم علينا كما انعم عليهم و امّا قوله غير المغضوب عليهم فأولئك اليهود بدّلوا نعمة اللّه كفرا فغضب عليهم فجعل منهم القردة و الخنازير فنسأل ربّنا تعالي ان لا يغضب علينا كما غضب عليهم و امّا قوله و لا الضّاليّن فانت و امثالك يا عابد الصّليب الخبيث ضللتم من بعد عيسي بن مريم فنسأل اللّه ربّنا ان لا يضلّنا كما ضللتم و امّا سؤالك من الماء الّذي ليس من الارض و لا من السّماء فذلك الّذي بعثته بلقيس الي سليمان بن داود عليهما السّلام و هو عرق الخيل اذا جرت في الحروب و امّا سؤالك عمّا يتنفّس و لا روح له فذلك الصّبح اذا تنفّس و امّا سؤالك عن عصا موسي ممّا كانت و ما طولها و ما اسمها و ما هي فانّها كانت يقال لها البرنيّة الرّائدة و كان اذا كان فيها الرّوح زادت و اذا خرجت منها

ص: 1189

الرّوح نقصت و كانت من عوسج و كانت عشرة اذرع و كانت من الجنّة انزلها جبرئيل عليه السّلام و امّا سؤالك عن جارية تكون في الدّنيا لاخوين و في الاخرة لواحد فتلك النّخلة في الدّنيا هي المؤمن مثلي و لكافر مثلك و نحن من ولد ادم عليه السّلام و في الاخرة للمسلم دون الكافر المشرك و هي في الجنّة ليست في النّار و ذلك قوله عزّ و جلّ فيها فاكهة و نخل و رمّان ثم طوي الكتاب و انفذه فلمّا قرء قيصر عمد الي الاساري فاطلقهم و اسلم و دعا اهل مملكته الي الاسلام و الايمان بمحمّد صلّي اللّه عليه و آله فاجتمعت عليه النّصاري و همّوا بقتله فجاء بهم فقال يا قوم انّي اردت ان اجرّبكم و انّما اظهرت منه ما اظهرت للنّظر كيف تكونون فقد حمدت الأن امركم عند الاختبار فاسكنوا و اطمانّوا فقال كذلك الظّن بك و كتم قيصر اسلامه حتّي مات و هو يقول لخواصّ اصحابه و من يثق به انّ عيسي عليه السّلام عبد اللّه و رسوله و كلمته القاها الي مريم و روح منه و محمّدا صلّي اللّه عليه و آله نبيّ بعد عيسي و انّ عيسي بشرّ اصحابه بمحمّد صلّي اللّه عليه و آله و يقول من ادركه منكم فليقرئه منّي السّلام فانّه اخي و عبد اللّه و رسوله مات قيصر علي القول مسلما فلمّا مات و تولّي بعده هرقل اخبروه بذلك قال اكتموا هذا و انكروه و لا تقرّوا فانّه ان ظهر طمع ملك العرب و في ذلك فسادنا و هلاكنا فمن كان من خواصّ قيصر و خدمه و اهله علي هذا الرأي كتموه و هرقل اظهر النصرانيّة و قويّ امره و الحمد للّه وحده و صلّي اللّه عليه محمّد و آله

و من كتبه عليه السّلام

كتبه الي بعض عمّاله نقله ابن ابي الحديد في شرح النّهج في الجزء الثالث منه قال قال عليه السّلام ساكتب الي من حولي من عمّالي فيهم فكتب نسخة واحدة و اخرجها الي العمّال من عبد اللّه عليّ امير

ص: 1190

المؤمنين الي من قرئ عليه كتابي هذا من العمّال امّا بعد فانّ رجالا لنا عندهم تبعة خرجوا هرابا نظنّهم خرجوا نحو بلاد البصرة فاسئل عنهم اهل بلادك و اجعل عليهم العيون في كلّ ناحية من ارضك ثمّ اكتب اليّ بما ينتهي اليك عنهم

و من كتبه عليه السّلام

في جواب كتاب قرظة بن كعب بن عمرو الانصاري و كان احد عمّاله نقله ابن ابي الحديد في الجزء الثّالث من شرح النهج عن ابراهيم بن هلال حدّثه عن محمد بن عبد اللّه عن ابن ابي سيف عن ابي الصّلت التيمي عن ابي سعيد عن ابي عبد اللّه بن وال التيّمي قال كتب اليه امير المؤمنين عليه السّلام امّا بعد فقد فهمت ما ذكرت من امر العصابة الّتي مرّت بعلمك فقتلت البرّ المسلم و امن عندهم المخالف المشرك و انّ اولئك قوم استهواهم الشّيطان فضلّوا كالّذين حسبوا ان لا يكون فتنة فعموا و صمّوا فاسمع بهم و ابصر يوم يحشر اعمالهم فالزم علمك و اقبل علي خراجك فانّك كما ذكرت في طاعتك و نصيحتك

و من كتبه عليه السّلام

نقله في ذلك الجزء من الكتاب عنه ايضا قال فكتب عليّ الي زياد بن خصفة مع عبد اللّه بن و ال التيميّ كتابا نسخته امّا بعد فقد كنت امرتك ان تنزل دير ابي موسي

ص: 1191

حتّي يأتيك امري و ذلك انّي لم اكن علمت اين توجّه القوم و قد بلغني انّهم اخذوا نحو قرية من قري السّواد فاتّبع اثارهم و سل عنهم فانّهم قد قتلوا رجلا من اهل السّواد مسلما مصلّيا فاذا انت لحقت بهم فارددهم اليّ فان ابوا فناجزهم و استعن باللّه عليهم فانّهم قد فارقوا الحقّ و سفكوا الدّم الحرام و اخافوا السّبيل و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

الي زياد بن خصفة نقله ابن ابي الحديد في الجزء الثالث من شرح النهج قال و كتب عليه السّلام الي زياد بن خصفة امّا بعد فقد بلغني كتابك و فهمت ما ذكرت به النّاجي و اصحابه الّذين طبع اللّه علي قلوبهم و زيّن لهم الشّيطان اعمالهم فهم حياري عمون يحسبون انّهم يحسنون صنعا و وصفت ما بلغ بك و بهم الامر فامّا انت و اصحابك فللّه سعيكم و عليه جزاءكم و ايسر ثواب اللّه للمؤمنين خير له من الدّنيا الّتي يقبل الجاهلون انفسهم عليها ما عندكم ينفدو ما عند اللّه باق و لنجزيّن الّذين صبروا اجرهم باحسن ما كانوا يعملون و امّا عدوّكم الّذين لقيتم فحسبهم خروجهم من

ص: 1192

الهدي و ارتكاسهم في الضّلالة و ردّهم الحقّ و جماحهم في التّيه فذرهم و ما يفترون و دعهم في طغيانهم يعمهون فاسمع بهم و ابصر فكانّك بهم عن قليل بين اسير و قتيل فاقبل الينا انت و اصحابك ما جورين فقد اطعتم و سمعتم و احسنتم و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

الي معقل بن قيس نقله ابن ابي الحديد في الجزء الثالث من شرحه علي النهج امّا بعد فالحمد للّه علي تاييده اوليائه و خذله اعدائه جزاك اللّه و المسلمين خيرا فقد احسنتم البلاء و قضيتم ما عليكم فاسئل عن اخي بني ناحية فان بلغت انّه استقرّ في بلد من البلدان فسر اليه حتّي تقتله او تنفيه فانّه لم يزل للمسلمين عدوّا و للفاسقين وليّا و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

قال فلمّا رجع معقل قرء علي اصحابه كتابا من عليّ عليه السّلام فيه من عبد اللّه عليّ امير المؤمنين الي من قرء عليه كتابي هذا من المسلمين و المؤمنين و المارقين و النّصاري و المرتدّين سلام علي من اتّبع الهدي و امن باللّه و رسوله و كتابه و البعث بعد الموت

ص: 1193

وافيا بعهد اللّه و لم يكن من الخائنين امّا بعد فانّي ادعوكم الي كتاب اللّه و سنّة نبيّه و ان اعمل فيكم بالحقّ و بما امر اللّه تعالي في كتابه فمن رجع منكم الي رحله و كفّ يده و اعتزل هذا المارق الهالك المحارب حارب اللّه و رسوله و المسلمين و سعي في الارض فسادا فله الامان علي ماله و دمه و من تابعه علي حربنا و الخروج من طاعتنا استعنّا باللّه عليه و جعلناه بيننا و بينه و كفي باللّه وليّا و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

الي مصقلة بن هبيرة الشيباني نقله ابن ابي الحديد في الشرح ايضا في الجزء الثالث قال كتب عليه السّلام اليه امّا بعد فانّ من اعظم الخيانة علي الامّة و اعظم الغشّ علي اهل المصر غشّ الامام و عندك من حقّ للمسلمين خمسمائة الف درهم فابعث بها اليّ حين يأتيك رسولي و الاّ فاقبل اليّ حين تنظر في كتابي فانّي قد تقدّمت الي رسولي ان لا يدعك ساعة واحدة يقيم بعد قدومه عليك الاّ ان تبعث بالمال و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

ص: 1194

ما كتبه عليه السّلام الي عبيد اللّه بن العبّاس و سعيد بن نمران نقله ابن ابي الحديد في اوايل الجزء الثاني من شرح النهج في جواب كتابهما اليه قال فلمّا وصل كتابهما ساء عليّا عليه السّلام و اغضبه و كتب اليهما من عليّ امير المؤمنين الي عبيد اللّه بن العبّاس و سعيد بن نمران سلام اللّه عليكما فانّي احمد اليكما اللّه الّذي لا آله الاّ هو امّا بعد فانّه اتاني كتابكما تذكران فيه خروج هذه الخارجة و تعظّمان من شانها صغيرا و تكثران من عددها قليلا و قد علمت انّ نجب افئدتكما و صغر انفسكما و ثبات رأيكما و سوء تدبير كما هو الّذي افسد عليكما من لم يكن عليكما فاسدا و جرءا عليكما من كان عن لقاء كما جبانا فاذا قدم رسولي عليكما فامضيا الي القوم حتّي تقرءا عليهم كتابي اليهم و تدعوا هم الي حظّهم و تقوي ربّهم فان اجابوا حمدنا اللّه و قبلناهم و ان حاربوا استعنّا باللّه عليهم و نابذناهم علي سواء انّ اللّه لا يحبّ الخائنين

و من كتبه عليه السّلام

قال ابن ابي الحديد عمن رواه و قال عليّ عليه السّلام ليزيد بن قيس الارحبيّ الا تري الي ما صنع قومك فقال انّ ظنّي يا امير المؤمنين بقومي لحسن في طاعتك فان شئت خرجت اليهم فكفيتهم(فكففتهم خ ل) و ان شئت كتبت اليهم فتنظر ما يجيبونك فكتب عليّ عليه السّلام من عبد اللّه عليّ امير المؤمنين الي من شاقّ و غدر من اهل الجند و

ص: 1195

صنعاء امّا بعد فانّي احمد اللّه الّذي لا آله الاّ هو الّذي لا يعقّب له حكم و لا يردّ له قضاء و لا يردّ باسه عن القوم المجرمين و قد بلغني تجرّيكم و شقاقكم و اعراضكم عن دينكم بعد الطّاعة و اعطاء البيعة فسالت اهل الدّين الخالص و الورع الصّادق و اللّبّ الرّاجح عن يدا محرّككم و ما نويتم به و ما احمشكم له فحدّثت عن ذلك بما لم ارلكم في شيء منه عذرا مبيّنا و لا مقالا جميلا و لا حجّة ظاهرة فاذا اتاكم رسولي فتفرّقوا و انصرفوا الي رحالكم اعف عنكم و اصفح عن جاهلكم و احفظ قاصيكم و اعمل فيكم بحكم الكتاب فان لم تفعلوا فاستعدّوا لقدوم جيش جمّ الفرسان عظيم الاركان يقصد لمن طغي و عصا فتطحنوا كطحن الرّحا فمن احسن فلنفسه و من اساء فعليها و ما ربّك بظلاّم للعبيد

و من كتبه عليه السّلام

في جواب مكتوب اخيه عقيل بن ابي طالب و قد نقله ابن ابي الحديد في الجزء الثاني من شرحه علي النهج قال كتب عليه السّلام اليه من عبد اللّه امير المؤمنين الي عقيل بن ابي طالب سلام

ص: 1196

عليك فانّي احمد اللّه اليك الّذي لا آله الاّ هو امّا بعد كلأنا اللّه و ايّاك كلاية من يخشاه بالغيب انّه حميد مجيد قد وصل اليّ كتابك مع عبد الرّحمن بن عبيد الازديّ تذكر فيه انّك لقيت عبد اللّه بن سعيد بن ابي سرح مقبلا من قديد في نحو من اربعين فارسا من أبناء الطّلقاء متوجّهين الي جهة الغرب و انّ ابن ابي سرح طال ما كاد اللّه و رسوله و كتابه و صدّ عن سبيله و بغاها عوجا فدع ابن ابي سرح و دع عنك قريشا و خلّهم و تركاضهم في الضّلال و تجوالهم في الشّقاق الا و انّ العرب قد اجمعت علي حزب اخيك اليوم اجماعها علي حرب رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله قبل اليوم فاصبحوا قد جهلوا حقّه و جحدوا فضله و بادوه العداوة و نصبوا له الحرب و جهدوا عليه كلّ الجهد و جرّوا اليه جيش الاحزاب اللّهمّ فاجز قريشا عنّي الجوازي فقد قطعت رحمي و تظاهرت عليّ و دفعتني عن حقّي و سلبتني سلطان بن امّي و سلّمت ذلك الي من ليس مثلي في قرابتي من الرّسول و سابقي في الاسلام

ص: 1197

الاّ ان يدّعي مدّع ما لا اعرفه و لا اظنّ اللّه يعرفه و الحمد للّه علي كلّ حال فامّا ما ذكرت من غارات الضّحاك علي اهل الحيرة فهو اقلّ و اذلّ من ان يلّم بها او يدنو منها و لكنّه قد كان اقبل في جريدة خيل فاخذ علي السّماوة حتّي مرّ بواقصة و شراف و القطقطانة ممّا والي ذلك الصّقع فوجّهت اليه جندا كثيفا من المسلمين فلمّا بلغه ذلك فرّ هاربا فاتبعوه فلحقوه ببعض الطّريق و قد امعن و كان ذلك حين طلعت الشّمس للإياب فتناوشوا القتال قليلا كلاّ و لا فلم يصبر لوقع المشرقيّة و ولّي هاربا و قتل من اصحابه بضعة عشر رجلا و نجا جريضا بعد ما اخذ عنه منه بالمخنّق فلأيا بلأي ما نجا فامّا ما سألتني ان اكتب لك برأي فيما انا فيه فانّ رأيي جهاد المحلّين حتّي القي اللّه لا يزيد بي كثرة النّاس معي عزّه و لا تفرقهم عنّي وحشة لانّني بحقّ و اللّه مع الحقّ و اللّه ما اكره الموت علي الحقّ و ما الخير كلّه الاّ بعد الموت لمن كان محقّا و امّا ما عرضت به من سيرك اليّ بنيك و بني ابيك فلا حاجة لي في ذلك فاقم راشدا محمودا فو اللّه ما احبّ ان تهلكوا معي ان هلكت و لا تحسبنّ

ص: 1198

ابن امّك لو اسلمه النّاس متخشّعا و لا متضرّعا انّه لكما قال اخو بني سليم فان تسأليني كيف انت فانّني صبور علي ريب الزّمان صليب

يعزّ عليّ ان تري بي كابة فيشمت عاد او يساء حبيب

و من كتبه عليه السّلام

الي زياد بن عبيد نقله ابن ابي الحديد في الجزء الرابع من شرحه علي النهج و لقد رواه عن ابراهيم بن هلال قال كتاب من عليّ عليه السّلام فيه من عبد اللّه عليّ امير المؤمنين الي زياد بن عبيد سلام عليك امّا بعد فانّي قد بعثت اعين بن صبيعة ليفرّق قومه عن ابن الحضرميّ فارقب ما يكون منه فان فعل و بلغ من ذلك ما يظنّ به و كان في تفريق ذلك الاوباش فهو ما نحبّ و ان ترامت الامور بالقوم الي الشّقاق و العصيان فانبذ من اطاعك الي من عصاك فجاهدهم فان ظفرت فهو ما ظننت و الاّ فطاولهم و ماطلهم فكأنّ كتائب المسلمين قد اطلت عليك فقتل اللّه المفسدين الظّالمين و نصر المؤمنين المحقّين و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

ص: 1199

الي ساكنيّ البصرة نقله ابن ابي الحديد في شرح النهج قال من عبد اللّه عليّ امير المؤمنين الي من قرء عليه كتابي هذا من ساكنّي البصرة من المؤمنين و المسلمين سلام عليكم امّا بعد فانّ اللّه حليم ذو اناة لا يعجّل بالعقوبة قبل البيّنة و لا يأخذ المذنب عند اوّل وهلة و لكنّه يقبل التّوبة و يستديم الاناة و يرضي بالانابة ليكون اعظم للحجّة و ابلغ في المعذرة و قد كان من شقاق جلّكم ايّها النّاس ما استحققتم ان تعاقبوا عليه فعفوت عن مجرمكم و رفعت السّيف عن مدبركم و قبلت من مقبلكم و اخذت بيعتكم فان تفوا ببيعتي و تقبلوا نصيحتّي و تستقيموا علي طاعتي اعمل فيكم بالكتاب و قصد الحقّ و اقيم فيكم سبيل الهدي فو اللّه ما اعلم انّ واليا بعد محمّد صلّي اللّه عليه و آله اعلم بذلك منّي و لا اعمل بقولي اقول قولي هذا صادقا غير ذامّ لمن مضي و لا منتقصا لاعمالهم و ان خطّت بكم الاهواء المردية و سفه الرّأي الجائر الي منابذتي تريدون خلافي فها انا ذا قرّبت جيادي و رحلت ركّابي و ايم اللّه لئن ألجأتموني

ص: 1200

الي المسير اليكم لا وقعنّ بكم وقعة لا يكون يوم الجمل عندها الاّ كلعقة لاعق و انّي لظانّ ان لا تجعلوا ان شاء اللّه علي انفسكم سبيلا و قد قدّمت هذا الكتاب اليكم حجّة عليكم و لن اكتب اليكم من بعده كتابا ان أنتم استغششتم نصيحتي و نابذتم رسولي حتّي اكون انا الشّاخص نحوكم ان شاء اللّه تعالي و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

قال ابن ابي الحديد في الجزء السّادس من شرح النهج قال ابراهيم و حدثني يحيي بن صالح عن مالك عن خالد الاسدي عن الحسن بن ابراهيم عن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن قال كتب عليّ عليه السّلام علي اهل مصر لما بعث محمد بن ابي بكر اليهم يخاطبهم فيه و يخاطب محمّد ايضا فيه امّا بعد فانّي اوصيكم بتقوي اللّه في سرّ امركم و علانيته و علي ايّ حال كنتم عليها و ليعلم المرء منكم انّ الدّنيا دار فناء و بلاء و الاخرة دار جزاء و بقاء فمن استطاع ان يؤثر ما بقي علي ما يفني فليفعل فانّ الاخرة تبقي و الدّنيا تفني رزقنا اللّه و ايّاكم نصرا لما نصرنا و فهما لما فهمنا حتّي لا نقصر عمّا امرنا و لا نتعدّ الي ما نهانا و اعلم يا محمّد انّك الي نصيبك من الاخرة احوج فان عرض لك امران احدهما للآخرة و الاخر للدّنيا فابدأ بامر الاخرة و لتعظّم رغبتك في الخير و لتحسن فيه نيّتك فانّ اللّه

ص: 1201

عزّ و جلّ يعطي العبد علي قدر نيّته و اذا احبّ الخير و اهله و لم يعمله كان كمن عمله فانّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله قال حين رجع من تبوك انّ بالمدينة لا قواما ما سرتم من مسير و لا هبطتم من واد الاّ كانوا معكم ما حبسهم الاّ المرض يقول كانت لهم نية ثمّ اعلم يا محمّد انّي ولّيتك اعظم اجنادي اهل مصر و ولّيتك ما ولّيتك من امر النّاس فانت محقوق ان تخاف علي نفسك و تحذر فيه علي دينك و لو كان ساعة من نهار فان استطعت ان لا تسخط من ربّك لرضي احد من خلقه فافعل فانّ في اللّه خلفا من غيره و ليس في شيء خلف منه فاشتدّ علي الظّالم و لن لاهل الخير و قرّبهم اليك و اجعلهم بطانتك و اخوانك و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

قال ابن ابي الحديد في الجزء السادس من شرح النهج قال ابراهيم و قد كان امير المؤمنين كتب علي يد الاشتر الي اهل مصر روي الشعبي عن صعصعة بن صوحان من عبد اللّه عليّ امير المؤمنين الي من بمصر من المسلمين سلام اللّه عليكم فانّي احمد اللّه اليكم الّذي لا آله الاّ

ص: 1202

هو امّا بعد فانّي قد بعثت اليكم عبدا من عباد اللّه لا ينام ايّام الخوف و لا ينكل عن الاعداء حذار الدّواير لا ناكل من قدم و لا واه في عزم من اشدّ عباد اللّه باسا و اكرمهم حسبا اضرّ علي الفجّار من حريق النّار و ابعد النّاس من دنس او عار و هو مالك بن الحرث الاشتر حسام صارم لانابي الضّريبة و لا كليل الحدّ حليم في السّلم رزين في الحرب ذو رأي اصيل و صبر جميل فاسمعوا له و اطيعوا امره فان امركم بالنّفير فانفروا و ان امركم ان تقيموا فاقيموا فانّه لا يقدم و لا يحجم الاّ بامري و قد اثرتكم به علي نفسي نصيحة لكم و شدّة شكيمة علي عدوّكم عصمكم اللّه بالهدي و ثبّتكم بالتّقوي و وفّقنا و ايّاكم لما يحبّ و يرضي و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

قال ابن ابي الحديد في الجزء السّادس من كتابه قال ابراهيم و حدّثنا محمّد بن عبد اللّه المدائني عن رجاله انّ محمّد بن ابي بكر لمّا بلغه انّ عليّا وجّه الاشتر الي مصر شقّ عليه فكتب عند مهلك الاشتر امّا بعد فقد بلغني موجدتك من تسريح الاشتر الي عملك و لم افعل ذلك استبطء لك عن الجهاد و لا استرادّة لك منّي في الحدّ و لو نزعت ما حوت يداك من

ص: 1203

سلطانك لولّيتك ما هو ايسر مؤنة عليك و اعجب ولاية اليك الاّ انّ الرّجل الّذي ولّيته مصر كان رجلا مناصحا و علي عدوّنا شديدا فرحمة اللّه عليه فقد استكمل ايّامه و لاقي حمامه و نحن عنه راضون فرضي اللّه عنه و ضاعف له الثّواب و احسن له المأب فاصحر لعدوّك و شمرّ للحرب و ادع الي سبيل ربّك بالحكمة و الموعظة الحسنة و اكثر ذكر اللّه و الاستعانة به و الخوف منه يكفيك ما اهمّك و يعينك علي ما ولاّك اعاننا اللّه و ايّاك علي ما لا ننال برحمته و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

كتاب كتبه جوابا لكتاب محمّد بن ابي بكر نقله ابن ابي الحديد في شرح النهج في الجزء السّادس منه قال فكتب اليه عليّ عليه السّلام فقد اتاني رسولك بكتابك تذكر انّ ابن العاص قد نزل في جيش جرّار و انّ من كان علي مثل رايه قد خرج اليه فخروج من كان يري رأيه خير لك من اقامته عندك و ذكرت انّك قد رايت ممّن قتلك فشلا فلا تفشل و ان فشلوا حصّن قريتك و اضمم اليك شيعتك و اذك الحرّس في عسكرك و اندب الي القوم كنانة بن بشر المعروف بالنّصيحة

ص: 1204

و انا نادب اليك النّاس علي الصّعب و الذّلول فاصبر لعدوّك و امض علي بصيرتك و قاتلهم علي نيّتك و جاهدهم محتسبا للّه سبحانه و ان كانت فئتك اقلّ الفئتين فانّ اللّه تعالي يعين القليل و يخذل الكثير و قد قرات كتاب العاجزين المتحامين علي المعصية و المتلائمين علي الضّلالة و المريسين في الحكومة و المتكبّرين علي اهل الدّين الّذين استمتعوا بخلاقهم فلا يضرّنك ارعادهما و ابراقهما واجبهما ان كنت لم تحبّهما بما هما اهله فانّك تجد مقالا ما شئت و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

الي عبد اللّه بن العبّاس نقله ابن ابي الحديد في شرحه قال قال ابراهيم فحدّثنا محمد بن عبد اللّه عن المدائني قال كتب عليّ الي عبد اللّه بن العبّاس و هو علي البصرة من عبد اللّه عليّ امير المؤمنين الي عبد اللّه بن عبّاس سلام عليك و رحمة اللّه و بركاته امّا بعد فانّ مصر قد افتتحت و قد استشهد محمّد بن ابي بكر عند اللّه عزّ و جلّ نحتسبه و قد كنت كتبت الي النّاس و تقدّمت اليهم في بدء الاسلام و امرتهم قبل الموقعة و دعوتهم سرّا و جهرا و عودا و بدءا فمنهم الاتي كارها و

ص: 1205

و منهم المتعلّل كاذبا و منهم القاعد خاذلا اسأل اللّه ان يجعل لي منهم فرجا و ان يريحني منهم عاجلا فو اللّه لو لا طمعي عند لقاء عدوّي بالشّهادة و توطيني نفسي عند ذلك لاحببت ان لا ابقي مع هؤلاء يوما واحدا عزم اللّه لنا و لك علي تقواه و هداه انّه علي كلّ شيء قدير و السّلام عليك و رحمة اللّه و بركاته

و من كتبه عليه السّلام

كتبه امير المؤمنين عليه السّلام الي عثمان بن حنيف لمّا بلغه مشارفة القوم البصره نقله ابن ابي الحديد في الجزء التاسع من كتابه من عبد اللّه عليّ امير المؤمنين الي عثمان بن حنيف امّا بعد فانّ البغاة عاهدوا اللّه ثمّ نكثوا و توجّهوا الي مصرك و ساقهم الشّيطان لطلب ما لا يرضي اللّه به و اللّه اشدّ باسا و اشدّ تنكيلا فاذا قدموا عليك فادعهم الي الطّاعة و الرّجوع الي الوفاء بالعهد و الميثاق الّذي فارقونا عليه فان اجابوا فاحسن جوارهم ما داموا عندك و ان ابوا الاّ التّمسّك بحبل النّكث و الخلاف فناجزهم الخلاف حتّي يحكم اللّه

ص: 1206

بينك و بينهم و هو خير الحاكمين و كتبت كتابي هذا اليك من الرّبذة و انا معجّل المسير اليك ان شاء اللّه و كتب عبيد اللّه بن ابي رافع سنة ستّ و ثلاثين

و من كتبه عليه السّلام

ما كتبه الي عايشه نقله علم الهدي في كتابه معادن الحكمة عن كتاب كشف الغمّة انّ امير المؤمنين عليه السّلام كتب الي عايشة امّا بعد فانّك خرجت من بيتك عاصية للّه تعالي و لرسوله صلّي اللّه عليه و آله تطلبين امرا كان عندك موضوعا ثمّ تزعمين انّك تريدين الاصلاح بين النّاس فخبّريني ما للنّساء و قود العساكر و زعمت انّك طالبة بدم عثمان و عثمان رجل من بني اميّة و انت امرأة من بني تيم بن مرّة و لعمري انّ الّذي عرضك للبلاء و حملك علي المعصية لا عظم اليك ذنبا من قتلة عثمان و ما غضبت حتّي اغضبت و لا هجت حتّي هيّجت فاتّقي اللّه يا عائشة و ارجعي الي منزلك و اسبلي عليك سترك و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

ص: 1207

في معادن الحكمة قال من كلام له عليه السّلام في وصف الاسلام بعدة من الاسانيد الي جابر بن يزيد عن ابي جعفر عليه السّلام و باسانيد مختلفة عن الاصبغ بن نباته قال خطبنا امير المؤمنين عليه السّلام في داره او قال في القصر و نحن مجتمعون ثم امر صلوات اللّه عليه فكتب في كتاب و قرئ علي النّاس و روي غيره ان ابن الكوّاء سئل عن امير المؤمنين عليه السّلام عن صفة الاسلام و الايمان و الكفر و النفاق فقال و في الكافي علي بن ابراهيم عن ابيه و محمد بن يحيي عن احمد بن محمد بن عيسي و عدّة من اصحابنا عن احمد بن محمّد بن خالد جميعا عن الحسن بن محبوب عن يعقوب السّراج عن جابر عن ابي جعفر عليه السّلام و باسانيد مختلفه عن الاصبغ بن نباته و اورد السيّد رضي اللّه عنه في نهج البلاغة بعض من هذه الخطبة علي اختلافات شتّي في بعض الفاظها امّا بعد فانّ اللّه تعالي شرع الاسلام و سهّل شرايعه لمن ورده و اعزّ اركانه لمن حاربه و جعله عزّا لمن تولاّه و سلما لمن دخله و هدي لمن ائتمّ به و زينة لمن تجلّله و عذرا لمن انتحله و عروة لمن اعتصم به و حبلا لمن استمسك به و برهانا لمن تكلّم به و نورا لمن استضاء به و شاهدا لمن خاصم به و فلجا لمن حاجّ به و علما لمن وعاه و حديثا لمن روي و حكما لمن قضي و حلما لمن جرّب و لباسا لمن تدثّر و فهما لمن تفطّن و يقينا لمن عقل و بصيرة لمن عزم و اية لمن توسّم و عبرة لمن اتّعظ و نجاة لمن صدّق و تؤدة لمن اصلح و زلفي لمن اقترب و ثقة لمن توكّل و رجاء لمن فوّض و سبقة

ص: 1208

لمن احسن و خيرا لمن سارع و جنّة لمن صبر و لباسا لمن اتّقي و ظهيرا لمن رشد و كهفا لمن امن و امنة لمن سلّم و روحا لمن صدّق و غني لمن قنع فذلك الحقّ سبيله الهدي و ما ثرته المجد و صفته الحسني فهو ابلج المنهاج مشرق المنار ذاكي المصباح رفيع الغاية يسير المضمار جامع الحلبة سريع السّبقة اليم النّقمة كامل العدّة كريم الفرسان فالايمان منهاجه و الصّالحات مناره و الفقه مصابيحه و الدّنيا مضماره و الموت غايته و القيمة حلبته و الجنّة سبقته و النّار نقمته و التّقوي عدّته و المحسنون فرسانه فبالايمان يستدّل علي الصّالحات و بالصّالحات يعمر الفقه و بالفقه يرهب الموت و بالموت يختم الدّنيا و بالدّنيا تجوز القيمة و بالقيمة تزلف الجنّة و الجنّة حسرة اهل النّار و النّار موعظة للمتّقين و التّقوي سنخ الايمان الفلج بسكون اللاّم الغلبة علي الخصم و التؤدة الرّزانة و التانّي قوله لمن سلّم النسخة الصحيحة لمن اسلم ابلج المنهاج اي واضح الطريق ذاكي المصباح من ذكت النّار اي اشتد لهيبها الحلبة بفتح الحاء و سكون اللام الخيل تجمع للسّباق و المضمار الفسحة الواسعة لسباق الخيل و السّبقة بالضمّ ما يتراهن به

ص: 1209

و من كتبه عليه السّلام

الي بعض اصحابه يعظه في الكافي عن علي بن ابراهيم عن محمد بن عيسي عن يونس عن ابي جميلة عن الصّادق عليه السّلام قال كتب امير المؤمنين عليه السّلام الي بعض اصحابه يعظه اوصيك و نفسي بتقوي اللّه من لا يحلّ معصيته و لا يرجي غيره و لا الغني الاّ به فانّ من اتّقي اللّه عزّ و قوي و شبع و روي و رفع عقله عن اهل الدّنيا فبدنه مع اهل الدّنيا و قلبه و عقله معاين الاخرة فاطفاء بضوء قلبه ما ابصرت عيناه من حبّ الدّنيا فقذّر حرامها و جانب شبهاتها و اضرّ بالحلال الصّافي الاّ ما لابدّ منه من كسرة يشدّ بها صلبه و ثوب يواري به عورته من اغلظ ما يجدوا خشنه و لم يكن له فيما لابدّ ثقة و لا رجاء فوقعت ثقته و رجاءه علي خالق الاشياء فجدّ و اجتهد و اتعب بدنه حتّي بدت الاضلاع و غارت العينان فبدّل اللّه له من ذلك قوّة في بدنه و شدّة في عقله و ما ذخر له في الاخرة اكثر فارفض الدّنيا فانّ حبّ الدّنيا يعمي و يصمّ و يبكم و يذلّ الرّقاب فتدارك ما بقي من عمرك و لا تقل غدا و بعد غد فانّما هلك من كان

ص: 1210

قبلك باقامتهم علي الامانيّ و التّسويف حتّي اتاهم امر اللّه بغتة و هم غافلون فنقلوا علي اعوادهم الي قبورهم المظلمة الضّيّقة و قد اسلمهم الاولاد و الاهلون فانقطع الي اللّه بقلب منيب من رقض الدّنيا و عزم ليس فيه انكسار و لا انخزال اعاننا اللّه و ايّاك علي طاعته و وفّقنا و ايّاك الي مرضاته

و من كتبه عليه السّلام

في كتاب معادن الحكمة لعلم الهدي قال و من ذلك ما اورد الشيخ الكليني و اخرجه السيّد ابن طاوس في كشف المحجة و المجلسي في الفتن و المحن و فيهما محمد بن يعقوب عن عليّ بن محمّد و محمد بن الحسن و غيرهما عن سهل بن زياد عن العبّاس بن عمران عن محمد بن القاسم بن الوليد عن المفضّل عن سنان بن طريف عن ابي عبد اللّه عليه السّلام قال كان امير المؤمنين عليه السّلام يكتب بهذه الخطبة الي اكابر اصحابه و فيها كلام رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله بسم اللّه الرّحمن الرّحيم الي المقرّبين في الاظلّة الممتحنين بالبليّة المسارعين في الطّاعة المستنبئين في الكرّة تحيّة منّا اليكم سلام عليكم امّا بعد فانّ نور البصيرة روح الحيوة الّذي لا ينفع ايمان الاّ به مع اتّباع كلمة اللّه و التّصديق بها فالكلمة من الرّوح و الرّوح من النّور و النّور نور السّموات و الارض فبايديكم سبب وصل اليكم

ص: 1211

منّا اتيان و اجبتان نعمة من اللّه لا تعقلون شكرها خصّكم بها و استخلصكم لها و تلك الامثال نضربها للنّاس و ما يعقلها الاّ العالمون انّ اللّه عهد ان لن يحلّ عقدة احد سواه فتسارعوا الي وفاء العهد و امكثوا في طلب الفضل فانّ الدّنيا عرض حاضر ياكل منها البرّ و الفاجر و انّ الاخرة وعد صادق يقضي فيها ملك قادر الا و انّ الامر كما قد وقع لسبع بقين من صفر تسير فيها الجنود يهلك فيها البطل الجحود خيولها عراب و فرسانها احزاب و نحن بذلك واثقون و لما ذكرنا منتظرون انتظار المجدب المطر لينبت العشب و يجني الثّمر دعاني الي الكتاب اليكم استنقاذكم من العمي و ارشادكم باب الهدي فاسلكوا سبيل السّلامة فانّها جماع الكرامة اصطفي اللّه منهجه و بيّن حججه و ارّف ارفه و وصفه و حدّده و جعله رضي كما وصفه انّ العبد اذا دخل حفرته يأتيه ملكان احدهما منكر و الاخر نكير فاوّل ما يسئلانه عن ربّه و عن نبيّه و عن وليّه فان

ص: 1212

اجاب نجا و ان تحيّر عذّباه فقال قائل فما حال من عرف ربّه و عرف نبيّه و لم يعرف وليّه فقال ذلك مذبذب لا الي هؤلاء و لا الي هؤلاء قيل فمن الوليّ يا رسول اللّه قال وليّكم في هذا الزّمان انا و من بعدي وصيّيي و من بعد وصيّيي لكلّ زمان لحجج اللّه كيما تقولوا كما قال الضّلاّل قبلكم حين فارقهم نبيّهم ربّنا لو لا ارسلت الينا رسولا فنتّبع آياتك من قبل ان نذّل و نخزي و انّما كان تمام ضلالتهم جهالتهم بالايات و هم الاوصياء فاجابهم اللّه قل كلّ متربصّ فتربّصوا فستعلمون من اصحاب الصّراط السّويّ و من اهتدي و انّما كان تربّصهم ان قالوا نحن في سعة عن معرفة الاوصياء حتّي يعلن امام علمه فالاوصياء قوّام عليكم بين الجنّة و النّار لا يدخل الجنّة الاّ من عرفهم و عرفوه و لا يدخل النّار الاّ من انكرهم و انكروه لانّهم عرفاء العباد عرّفهم اللّه ايّاهم عند اخذ المواثيق عليهم بالطّاعة لهم فوصفهم في كتابه فقال جلّ و عزّ و علي الاعراف رجال يعرفون

ص: 1213

كلاّ بسيماهم و هم الشّهداء علي النّاس و النّبيّون شهداء لهم باخذه لهم مواثيق العباد بالطّاعة و ذلك قوله فكيفا ذا جئنا من كلّ امّة بشهيد و جئنا بك علي هؤلاء شهيدا يومئذ يودّ الّذين كفروا و عصوا الرّسول لو تسوّي بهم الارض و لا يكتمون اللّه حديثا و كذلك اوحي اللّه الي ادم ان يا ادم قد انقضت مدّتك و قضيت بنوّتك و استكملت ايّامك و حضر اجلك فخذ النّبوّة و ميراث النّبوّة و اسم اللّه الاكبر فادفعه الي ابنك هبة اللّه فانّي لم ادع الارض بغير علم يعرف فلم يزل الانبياء و الاوصياء يتوارثون ذلك حتّي انتهي الامر اليّ و انا ادفع ذلك الي عليّ وصيّيي و هو منّي بمنزلة هرون من موسي و انّ عليّا يورّث ولده حيّهم عن ميّتهم فمن سرّه ان يدخل جنّة ربّه فليتولّ عليّا و الاوصياء من بعده و ليسلّم لفضلهم فانّهم الهداة بعدي اعطاهم اللّه فهمي و علمي فهم عترتي من لحمي و دمي اشكو الي اللّه عدوّهم و المنكر لفضلهم القاطع عنهم

ص: 1214

صلتي فنحن اهل البيت شجرة النّبوّة و معدن الرّحمة و مختلف الملائكة و موضع الرّسالة فمثل اهل بيتي في هذه الامّة كمثل سفينة نوح من ركبها نجا و من تخلّف عنها هلك و مثل باب حطّة في بني اسرائيل من دخله غفر له فايّما راية خرجت ليست من اهل بيتي فهي الدجّاليّة انّ اللّه اختار لدينه اقواما انتجبهم للقيام عليه و النّصر له طهّرهم بكلمة الاسلام و اوحي اليهم مفترض القرءان و العمل بطاعته في مشارق الارض و مغاربها انّ اللّه خصّكم بالاسلام و استخلصكم له و ذلك لانّه امتع سلامة و اجمع كرامة اصطفي اللّه منهجه و وصفه و وصف اخلاقه و وصل اطنابه من ظاهر علم و باطن حلم ذي حلاوة و مرارة فمن طهّر باطنه رأي عجائب مناظره في موارده و مصادره و من فطن لما بطن رأي مكتوب الفتن و عجائب الامثال و السّنن فظاهره انيق و باطنه عميق و لا تفني غرائبه و لا تنقضي عجائبه فيه مفاتيح الكلام و مصابيح الظّلام لا تفتح الخيرات الاّ بمفاتيحه و لا تكشف الظّلمات الا بمصابيحه

ص: 1215

فيه تفصيل و توصيل و بيان الاسمين الاعليين الّذين جميعا فاجتمعا لا يصلحان الاّ معا يسمّيان فيفترقان و يوصلان فيجتمعان تمامهما في تمام احدهما حواليهما نجوم و علي نجومها نجوم ليحتمي حماه و يرعي مرعاه و في القرءان تبيانه و بيانه و حدوده و اركانه و مواضع مقاديره و وزن ميزانه ميزان العدل و حكم الفصل انّ رعاة الدّين فرّقوا بين الشّك و اليقين و جاءوا بالحقّ المبين بنوا الاسلام بنيانا فاسّسوا له اساسا و اركانا فجاءوا علي ذلك شهودا بعلامات و امارات فهما كفاء المكتفيّ و شفاء المستشفي يحمون حماه و يرعون مرعاه و يصونون مصونه و يفجّرون عيونه لحبّ اللّه و برّه و تعظيم امره و ذكره بما يجب ان يذكر به يتواصلون بالولاية و يتنازعون بحسن الرّعاية و يتناسقون بكاس رويّة و يتلاقون بحسن التّحيّة و اخلاق سنيّة و قوّام و علماء و اوصياء لا يسوف فيهم الرّيبة و لا يسرع فيهم الغيبة فمن استبطأ من ذلك شيئا استبطأ خلقا سيّئا فطوبي لذي قلب سليم اطاع من

ص: 1216

يهديه و اجتنب من يرديه و يدخل مدخل كرامة و ينال سبل سلامة تبصرة لمن بصّره و طاعة لمن اطاع يهديه الي افضل الدّلالة و كشف غطاء الجهالة المضلّة المهلكة و من اراد بعد هذا فليظهر بالمهديّ دينه فانّ المهديّ لا تغلق ابوابه و قد فتحت اسبابه ببرهان و بيان لامرء استنصح و قبل نصيحة من نصح بخضوع و حسن خشوع فليقبل امرء بقبولها و ليحذر قارعة قبل حلولها و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

قال الشارح البحراني في شرحه للنهج روي عن الشعبي ان عليّا عليه السّلام لمّا قدم الكوفة و كان الاشعث بن قيس علي ثغر آذربايجان من قبل عثمان بن عفّان فكتب اليه بالتبعة و طالبه بمال اذربيجان مع زياد بن مرحب الهمداني و صورة الكتاب(و نقل الكتاب ايضا في الجزء الثاني من كتاب عقد الفريد لابن عبد ربه المالكي بسم اللّه الرّحمن الرّحيم من عبد اللّه عليّ امير المؤمنين الي الاشعث بن قيس امّا بعد فلو لا هنات كنّ منك كنت المقدّم في هذا الامر قبل النّاس و لعلّ اخر امرك يحمد اوّله و بعضه بعضا ان اتّقيت اللّه انّه قد كان من بيعة النّاس ايّاي ما قد بلغك و كان طلحة و الزّبير اوّل من بايعني ثمّ نقضا بيعتي عن غير حديث و اخرجا عايشة فساروا بها الي البصرة فصرت

ص: 1217

اليهم في المهاجرين و الانصار فالتقينا فدعوتهم الي ان يرجعوا الي ما خرجوا منه فابوا فابلغت في الدّعاء و احسنت في البقيّة و اعلم انّ عملك اليوم ليس لك بطعمة و لكنّه في عنقك امانة و انت مسترعي لمن فوقك ليس لك ان تفتأت في رعيّة و لا تخاطر الاّ بوثيقة و في يديك مال من مال اللّه تعالي و انت من خزّاني حتّي تسلّمه اليّ و لعليّ ان لا اكون شرّ ولاتك لك و السّلام و كتب عبد اللّه بن ابي رافع في شعبان سنة ستّ و ثلاثين المسترعي من جعله راعيا و الطعمة الماكلة و الرعية المزعمة تفتأت بالهمزة اي تستبدء في الامر المخاطرة التقدم في الامور العظام و الاشراف فيها علي الهلاك و الوثيقة ما يوثق به في الدّين

و من كتبه عليه السّلام

نقله احمد بن ابي يعقوب ابي جعفر بن وهب الكاتب المعروف بابن واضح الاخباري المتوفي بعد سنة 292 في كتابه المعروف بتاريخ اليعقوبي في الجزء الثاني منه قال قال غياث عن فطر بن خليفة حدّثني ابو خالد الوالبي قال قرأت عهد عليّ عليه السّلام لجارية بن قدامة اوصيك يا جارية بتقوي اللّه فانّها جموع الخير و سر علي عون اللّه فالق عدوّك الّذي وجّهتك له و لا تقاتل الاّ من قاتلك و لا تجهّز علي جريح و لا تسخرنّ دابّة و ان مشيت و مشي اصحابك و لا تستأثر

ص: 1218

علي اهل المياه بمياههم و لا تشربنّ الاّ فضلهم عن طيب نفوسهم و لا تشتمنّ مسلما و لا مسلمة فتوجب علي نفسك ما لعلّك تؤدّب غيرك عليه و لا تظلمنّ معاهدا و لا معاهدة و اذكر اللّه و لا تفتر ليلا و لا نهارا و احملوا رجّالتكم و تراّسوا في ذات ايديكم و اجدد السّير و اجلّ للعدوّ حيث كان و اقتله مقبلا و اردده بغيظه صاغرا و اسفك الدّم في الحقّ و احقنه في الحقّ و من تاب فاقبل توبته و اخبارك في كلّ حين بكلّ حال و الصّدق الصّدق فلا رأي للكذوب

و من كتبه عليه السّلام

تاريخ اليعقوبي ايضا قال و كتب عليّ عليه السّلام الي عمّاله يستحثّهم بالخروج فكتب الي الاشعث بن قيس و كان عامله بأذربيجان امّا بعد فانّما غرّك من نفسك و جرأك علي اخرك املاء اللّه لك اذ ما زلت قديما تأكل رزقه و تلحدون في آياته و تستمتع بخلاقك و تذهب بحسناتك الي يومك هذا فاذا اتاك رسولي بكتابي هذا فاقبل و احمل ما قبلك من مال المسلمين ان شاء اللّه

و من كتبه عليه السّلام

ص: 1219

تاريخ اليعقوبي قال و كتب(عليه السّلام)الي يزيد بن قيس الارحبي امّا بعد فانّك ابطأت بحمل خراجك و ما ادري ما الّذي حملك علي ذلك غير انّي اوصيك بتقوي اللّه و احذّرك ان تحبط اجرك و تبطل جهادك بخيانة المسلمين فاتّق اللّه و نزّه نفسك عن الحرام و لا تجعل لي عليك سبيلا فلا اجد بدّا من الايقاع بك و اعزز المسلمين و لا تظلم المعاهدين و ابتغ فيما اتاك اللّه الدّار الاخرة و لا تنس نصيبك من الدّنيا و احسن كما احسن اللّه اليك و لا تبغ الفساد في الارض انّ اللّه لا يحبّ المفسدين

و من كتبه عليه السّلام

تاريخ اليعقوبي-قال و كتب الي سعد بن مسعود عمّ المختار بن ابي عبيده و هو عامله علي المدائن امّا بعد فانّك قد ادّيت خراجك و اطعت ربّك و ارضيت امامك فعل البرّ التّقيّ النّجيب فغفر اللّه ذنبك و تقبّل سعيك و حسن مأبك

و من كتبه عليه السّلام

تاريخ اليعقوبي قال و كتب الي عمرو بن ابي سلمة المخزوميّ و هو ابن امّ سلمة زوج النّبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و كان عامله علي البحرين امّا بعد فانّي قد ولّيت النّعمان بن العجلان البحرين بلا ذمّ لك فاقبل غير طنين و اخرج اليه من عمل ما ولّيت فقد

ص: 1220

اردت الشّخوص الي ظلمة اهل الشّام و بقيّة الاحزاب فاحببت ان تشهد معي لقاءهم فانّك ممّن استظهر به علي اقامة الدّين و نصر الهدي جعلنا اللّه و ايّاك من الّذين يعملون بالحقّ و به يعدلون

و من كتبه عليه السّلام

لمّا بلغه انّ النعمان بن العجلان قد ذهب بمال البحرين فكتب اليه عليّ عليه السّلام امّا بعد فانّه من استهان بالامانة و رغب في الخيانة و لم ينزّه نفسه و دينه اخلّ بنفسه في الدّنيا و ما يشفي عليه بعد امر ابقي و اشفي و اطول فخف اللّه انّك من عشيرة ذات صلاح فكن عند صالح الظّنّ بك و راجع ان كان حقّا ما بلغني عنك و لا تقلبنّ رأيي فيك و استنظف خراجك ثمّ اكتب اليّ لياتيك رأيي و امري ان شاء اللّه

و من كتبه عليه السّلام

تاريخ اليعقوبي قال و كتب الي مصقلة بن هبيرة و بلغه انه يفرق و يهب اموال اردشير خرّه و كان عاملا عليها امّا بعد فقد بلغني عنك امر اكبرت ان اصدّقه انّك تقسم فييء المسلمين في قومك و من اعتراك من السّألة و الاحزاب و اهل الكذب من الشّعراء كما تقسم الجوز فو الّذي فلق الحبّة و برء النّسمة لا فتّشنّ

ص: 1221

عن ذلك تفتيشا شافيا فان وجدته حقّا لتجدنّ بنفسك عليّ هوانا فلا تكوننّ من الخاسرين اعمالا الّذين ضلّ سعيهم في الحيوة الدّنيا و هم يحسبون انّهم يحسنون صنعا

و من كتبه عليه السّلام

تاريخ اليعقوبي في الجزء الثاني قال و وجّه رجلا من اصحابه الي بعض عمّاله مستحثّا فاستخفّ به فكتب اليه امّا بعد فانّك شتمت رسولي و زجرته و بلغني انّك تبخّر و تكثّر من الادهان و الوان الطّعام و تكلّم علي المنبر بكلام الصّدّيقين و تفعل اذا نزلت افعال المحلّين فان يكن ذلك كذلك فنفسك ضررت و ادبي تعرّضت و يحك ان تقول قال اللّه تعالي العظمة و الكبرياء ردائي من نازعنيها سخطّت عليه بل ما عليك ان تدهن فيها فقد امر رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بذلك و ما حملك ان تشهد النّاس عليك بخلاف ما تقول ثمّ علي المنبر حيث يكثر عليك الشّاهد و يعظم مقت اللّه لك بل كيف ترجو و انت متهوّع في النّعيم جمعته من الارملة

ص: 1222

و اليتيم ان يوجب اللّه لك اجر الصّالحين بل ما عليك ثكلتك امّك لو صمت للّه ايّاما و تصدّقت بطائفة من طعامك فانّها سيرة الانبياء و ادب الصّالحين اصلح نفسك و تب من ذنبك و ادّ حقّ اللّه عليك و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

تاريخ اليعقوبي قال و كتب الي قيس بن سعد بن عبادة و هو علي اذربيجان امّا بعد فاقبل عليّ خراجك بالحقّ و احسن الي جندك بالانصاف و علّم من قبلك ممّا علّمك اللّه ثمّ انّ عبد اللّه بن شبيل الاحمسي سألني الكتاب اليك فيه بوصايتك به خيرا فقد رايته وادعا متواضعا فالن حجابك و افتح بابك و اعمد الي الحقّ فان وافق الحقّ ما يحبو اسرّه و لا تتّبع الهوي فيضلّك عن سبيل اللّه انّ الّذين يضلّون عن سبيل اللّه لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب

و من كتبه عليه السّلام

تاريخ اليعقوبي قال قال غياث و لمّا اجمع عليّ عليه السّلام علي القتال لمعاوية كتب ايضا الي قيس امّا بعد فاستعمل عبد اللّه بن شبيل الاحمسيّ خليفة لك و اقبل اليّ فانّ المسلمين قد اجمع ملأهم و انقادت جماعتهم فعجّل الاقبال

ص: 1223

فانا ساحضر الي المحلّين عند غرّة الهلال ان شاء اللّه و ما تاخّري الاّ لك قضي اللّه لنا و لك بالاحسان في امرنا كلّه

و من كتبه عليه السّلام

تاريخ اليعقوبي قال و كتب عليه السّلام الي سهل بن حنيف و هو علي المدينة امّا بعد فقد بلغني انّ رجالا من اهل المدينة خرجوا الي معاوية فمن ادركته فامنعه و من فاتك فلا تاس عليه فبعدا لهم فسوف يلقون غيّا اما لو بعثرت القبور و اجتمعت الخصوم لقد بدا لهم من اللّه ما لم يكونوا يحتسبون و قد جاءني رسولك يسألني الاذن فاقبل عفي اللّه عنّا و عنك و لا تذر خللا ان شاء اللّه

و من كتبه عليه السّلام

تاريخ اليعقوبي قال و كتب عليّ عليه السّلام الي عمرو بن ابي سلمة الارحبيّ و هو عامله علي البحرين امّا بعد فانّ دهاقين عملك شكوا غلظتك و نظرت في امرهم فما رايت خيرا فلتكن منزلتك بين منزلتين جلباب لين بطرف من الشّدة في غير ظلم و لا نقص فان هم اجابونا صاغرين فخذ ما لك عندهم و هم صاغرون و لا تتّخذ من دون اللّه وليّا فقد قال

ص: 1224

اللّه عزّ و جلّ لا تتّخذوا اليهود و النّصاري اولياء و قال تبارك و تعالي و من يتولّهم منكم فانّه منهم و قرّعهم بخراجهم و قاتل من ورائهم و ايّاك و دمائهم و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

تاريخ اليعقوبي قال و كتب عليه السّلام الي قرظة بن كعب الانصاري امّا بعد فانّ رجالا من اهل الذمّة من عملك و ذكروا نهرا في ارضهم قد عفا و ادفن و فيه لهم عمارة علي المسلمين فانظر انت و هم ثمّ اعمر و اصلح النّهر فلعمري لئن يعمروا احبّ الينا من ان يخرجوا و ان يعجزوا او يقصروا في واجب من صلاح البلاد و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

تاريخ اليعقوبي قال و كتب الي زياد و كان عامله علي فارس امّا بعد فانّ رسولي اخبرني بعجب زعم انّك قلت له فيما بينك و بينه انّ الاكراد هاجت بك فكسرت عليك كثيرا من الخراج و قلت له لا تعلم بذلك امير المؤمنين يا زياد و اقسم باللّه انّك لكاذب و لئن لم تبعث بخراجك لا شدّنّ عليك شدّة ندعك

ص: 1225

قليل الوفر ثقيل الظّهر الاّ ان تكون لما كسرت من الخراج محتملا

و من كتبه عليه السّلام

تاريخ اليعقوبي قال و كتب عليه السّلام الي كعب بن مالك امّا بعد فاستخلف علي عملك و اخرج في طائفة من اصحابك حتّي تمرّ بارض كورة السّواد فتسال عن عمّالي و تنظر في سيرتهم فيما بين دجلة و العذيب ثمّ ارجع الي البهقبا ذات فتول معونتها و اعمل بطاعة اللّه فيما ولاّك منها و اعلم انّ كلّ عمل ابن ادم محفوظ عليه مجزي به فاصنع خيرا صنع اللّه بنا و بك خيرا و اعلمني الصّدق فيما صنعت و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

في جواب كتاب ابي الاسود الدئلي حين كتب اليه عليه السّلام اما بعد فان اللّه جعلك واليا مؤتمنا و راعيا مسئولا و قد بلوناك رحمك اللّه فوجدناك عظيم الامانة ناصحا للأمة توفّر لهم فيئهم و تكفّ نفسك عن دنياهم فلا تأكل اموالهم و لا ترتشي بشيء في احكامهم و ابن عمّك قد اكل ما تحت يديه من غير علمك فلم يسعني كتمانك ذلك فانظر رحمك اللّه فيما هنا لك و اكتب اليّ برأيك فما احببت اتبعه ان شاء اللّه-نقله ابن عبد ربّه المالكي في الجزء الثاني من كتابه عقد الفريد و رواه عن ابي مخنف عن سليمان بن ابي راشد عن عبد الرحمن بن عبيد قال فكتب عليه السّلام في جوابه امّا بعد فمثلك نصح الامام و الامّة و والي علي الحقّ و فارق الجور و قد كتبت لصاحبك بما كتبت اليه فيه

ص: 1226

و لم اعلمه بكتابك اليّ فلا تدع اعلامي ما يكون بحضرتك ممّا النّظر فيه للأمّة صلاح فانّك بذلك جدير و هو حقّ واجب للّه عليك و السّلام و كتب عليّ عليه السّلام الي ابن عبّاس امّا بعد فانّه قد بلغني عنك امر ان كنت فعلته فقد استخطت اللّه و اخربت امانتك و عصيت امامك و خنت المسلمين بلغني انّك خرّبت الارض و اكلت ما تحت يدك فارفع اليّ حسابك و اعلم انّ حساب اللّه اعظم من حساب النّاس و السّلام قال و كتب اليه ابن عبّاس امّا بعد فانّ كلّ الذي بلغك باطل و انا لما تحت يديّ ضابط و عليه حافظ فلا تصدّق علي الظنين و السّلام فكتب اليه عليّ عليه السّلام

امّا بعد فانّه لا يسعني تركك حتّي تعلمني ما اخذت من الجزية من اين اخذته و ما وضعت منها اين وضعته فاتّق اللّه فيما أتمنتك عليه و استرعيتك ايّاه فانّ المتاع بما انت رازمه قليل و تباعته و بيلة لا تبيد و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

ص: 1227

الجزء الثاني من العقد الفريد قال و قال سليمان بن ابي راشد عن عبد اللّه بن عبيد عن ابي الكنود قال كنت من اعوان عبد اللّه بالبصرة فلمّا كان من امره ما كان اتيت عليّا فاخبرته فقال و اتل عليهم نبأ الّذي اتيناه آياتنا فانسلخ منها فاتبعه الشّيطان فكان من الغاوين ثم كتب معه اليه امّا بعد فانّي كنت اشركتك في امانتي و لم يكن رجل من اهل بيتي اوثق عندي منك بمواساتي و موازرتي باداء الامانة فلمّا رايت الزّمان قد كلب علي ابن عمّك و العدوّ قد حردوا امانة النّاس قد خربت و هذه الامّة قد فتنت قلبت لابن عمّك ظهر المجنّ ففارقته مع القوم المفارقين و خذلته اسوء خذلان و خنته مع من خان فلا ابن عمّك اسيت و لا الامانة اليه ادّيت كانّك لم تكن علي بيّنة من ربّك و انّما كدت امّة محمّد(صلّي اللّه عليه و آله و سلّم)عن دنياهم و غدرتهم عن فيئهم فلمّا امكنتك الفرصة في خيانة الامّة اسرعت الغدرة و عاجلت الوثبة فاختطفت ما قدرت عليه من اموالهم و انقلبت بها الي الحجاز كانّك انّما حزت علي اهلك ميراثك من ابيك و امّك سبحان اللّه اما تؤمن بالمعاد اما تخاف الحساب اما تعلم انّك تأكل حراما

ص: 1228

و تشرب حراما و تشتري الاماء و تنكحهم باموال اليتامي و الارامل و المجاهدين في سبيل اللّه الّتي افاء اللّه عليهم فاتّق اللّه و ادّ الي القوم اموالهم فانّك و اللّه لئن لم تفعل و امكنني اللّه منك لاعذرنّ الي اللّه فيك فو اللّه لو انّ الحسن و الحسين فعلا مثل الّذي فعلت ما كانت لهما عندي هوادة و لما تركتهما حتّي اخذ الحقّ منهما و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

العقد الفريد قال فكتب اليه ابن عبّاس امّا بعد فقد بلغني كتابك تعظّم عليّ امانة المال الذي اصبت من بيت مال البصرة و لعمري انّ حقي في بيت مال اللّه اكثر من الذي اخذت و السّلام فكتب اليه عليّ عليه السّلام امّا بعد فانّ العجب كلّ العجب منك اذ تري لنفسك في بيت مال اللّه اكثر ممّا لرجل من المسلمين قد افلحت ان كان تمنّيك الباطل و ادّعاءك ما لا يكون ينجيك من الاثم و يحلّ لك ما حرّم اللّه عليك عمرك اللّه انّك لانت البعيد البعيد قد بلغني انّك اتّخذت مكّة وطنا و ضربت بها عطنا تشتري المولّدات من المدينة و الطّائف و تختارهنّ علي عينك و تعطي بها مال غيرك و انّي اقسم باللّه ربّي و ربّك ربّ العزّة ما احبّ انّ ما اخذت من

ص: 1229

اموالهم لي حلالا ادعه ميراثا لعقبي فما بال اغتياطك به تأكله حراما ضحّ رويدا فكانّك قد بلغت المدي و عرضت اعمالك بالمحلّ الّذي ينادي فيه المغترّ بالحسرة و يتمنّي المضيّع التّوبة و الظّالم الرّجعة فكتب اليه ابن عبّاس و اللّه لئن لم تدعني من اساطيرك لاحملنّه الي معاوية يقاتلك به فكفّ عنه عليّ عليه السّلام بيان كلب كفرح اشتد حرد في بعض النسخ حرب بالباء ككلب اشتد غضبه و حربه كسلبه و زنا و معني و قوله خرّيت اي وقعت في بليّة الفساد قوله فتنت في بعض النسخ فنكت بالنون و الكاف اي لم يبق لها من يحميها المجنّ بكسر الميم و فتح الجيم الترس و هذا مثل يضرب لمن كان لصاحبه علي مودّة و رعاية ثم تحوّل الي غيره و خذله لاعذرنّ اي ابدي الي اللّه عذري بعقوبتك الهوادة اللين و الرخصة و المحاباة قوله ضحّ رويدا كلمة يقال لمن يؤمر بالتؤدة و التانّي و اصلها من قولهم لمن يطعم ابله ضحي لا يشبعها يريدان يسير بها مسرعا يضحي رويدا العطن مبرك الابل و مربض الغنم حول الماء اقول قد نقل صاحب معادن الحكمة علم الهدي اعلي اللّه مقامه في المعادن هذين الكتابين باختلاف يسير ثم قال الشارح البحراني للشهور انّه عليه السّلام كتب هذا الكتاب الي عبد اللّه بن عبّاس حين كان واليا علي البصرة و الفاظ الكتاب تنبّه علي ذلك و اطال الكلام الي ان قال و انكر قوم ذلك فقالوا ان عبد اللّه بن عبّاس لم يفارق عليّا قطّ و لا يجوز ان نقول في حقه ما قال و قال القطب الرّاونديّ رحمه اللّه يكون المكتوب اليه هو عبيد اللّه بن عبّاس لا عبد اللّه قال و حمله علي ذلك اشبه و هو به اليق ثم قال و اعلم ان هذين القولين لا مستند لهما امّا الاوّل فهو مجرّد استبعادان يفعل ابن عباس ما نسب اليه و معلوم ان ابن عبّاس لم يكن معصوما و عليّ عليه السّلام لم يكن ليراقب في الحق احدا و لو كان اعز اولاده كما تمثل بالحسن و الحسين في ذلك فكيف يا بن عمّه بل يجب ان تكون الغلظة علي الاقرباء في هذا الامر اشدّ ثم انّ غلظته عليه السّلام عليه و عتابه له لا توجبا مفارقة ايّاه لانه عليه السّلام اذا فعل احد من اصحابه ما يستحق به المؤاخذة اخذه به سواء كان عزيزا او ذليلا قريبا منه او بعيدا فاذا استوفي حق اللّه منه او تاب اليه ممّا فعل عاد في حقّه الي ما كان عليه كما قال العزيز عندي ذليل حتّي اخذ الحق منه فلا يلزم اذا من غلظته علي ابن عبّاس و مقابلته ايّاه بما يكره مفارقته له و شقاقه علي ما بينهما من المحبّة الوكيدة و القرابة و امّا القول الثاني فانّ عبيد اللّه كان عاملا له عليه السّلام باليمن و لم ينقل عنه مثل ذلك انتهي كلامه رفع اللّه مقامه

ص: 1230

و قال ابن ابي الحديد بعد نقل الاختلاف في المكتوب اليه و قد اشكل عليّ هذا الامر اي امر الكتاب فان انا كذّبت النقل و قلت هذا موضوع علي امير المؤمنين عليه السّلام خالفت الرّواة فانّهم قد اطبقوا علي رواية هذا الكلام عنه و قد ذكر في اكثر كتب السّيروان صرفته الي عبد اللّه بن عبّاس صدّني عنه ما اعلمه من ملازمته لطاعة امير المؤمنين عليه السّلام في حياته و بعد وفاته و ان صرفته الي غيره لم اعلم الي من اصرفه من اهل امير المؤمنين عليه السّلام و الكلام يشعر بان الرّجل المخاطب من اهله و بني عمّه فانا في هذا الموضع من المتوقفين(انتهي كلامه)

و من كتبه عليه السّلام

الي ابي موسي الاشعري نقله علم الهدي في المعادن قال ذكر ابن ابي الحديد انه عليه السّلام لمّا نزل الرّبذة بعث هاشم بن عتبة بن ابي وقاص الي ابي موسي الاشعري و هو الامير يومئذ علي الكوفة لينفر اليه الناس و كتب اليه معه من عبد اللّه عليّ امير المؤمنين الي عبد اللّه بن قيس امّا بعد فانّي قد بعثت اليك هاشم بن عتبة لتشخص اليّ من قبلك من المسلمين ليتوجّهوا الي قوم نكثوا بيعتي و قتلوا شيعتي و احدثوا في الاسلام هذا الحدث العظيم فاشخص بالنّاس اليّ معه حين يقدم عليك فانّي لم اولّك المصر الّذي انت به و لم اقرّك عليه الاّ لتكون من اعواني و انصاري علي هذا الامر و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

قال ثم بعث عليه السّلام من الرّبذة بعد وصول المحلّ بن خليفة عبد اللّه بن عبّاس و محمّد بن ابي بكر الي ابي موسي و كتب معهما من عبد اللّه عليّ امير المؤمنين الي

ص: 1231

عبد اللّه بن قيس امّا بعد يابن الحائك يا عاضّ أير أبيه فو اللّه ان كنت لاري انّ بعدك من هذا الامر الّذي لم يجعلك اللّه له اهلا و لا جعل لك فيه نصيبا سيمنعك من ردّ امري و الافتراء عليّ و قد بعثت اليك ابن عبّاس و ابن ابي بكر فخلّهما و المصر و اهله و اعتزل عملنا مذءوما مدحورا فان فعلت و الاّ فانّي قد امرتهما ان ينابذاك علي سواء انّ اللّه لا يهدي كيد الخائنين فاذا ظهرا عليك قطّعاك اربا اربا و السّلام علي من شكر النّعمة و وفي بالبيعة و عمل برجاء العافية

و من كتبه عليه السّلام

معادن الحكمة-قال و من ذلك ما رواه جامع الكافي باسناده(عن علي بن ابراهيم عن محمّد بن عيسي عن يونس عن بعض اصحابه عن ابي عبد اللّه عليه السّلام)قال انّ مولي لامير المؤمنين عليه السّلام ساله مالا فقال عليه السّلام يخرج عطائي فاقاسمك فقال لا اكتفي و خرج الي معاوية فوصله فكتب الي امير المؤمنين عليه السّلام يخبره بما اصاب من المال فكتب اليه امير المؤمنين عليه السّلام امّا بعد فانّ ما في يدك من المال قد كان له اهل قبلك و هو صائر الي اهل بعدك و انّما لك منه ما مهّدت لنفسك فأثر نفسك علي صلاح ولدك فانّما

ص: 1232

انت جامع لاحد رجلين امّا رجل عمل فيه بطاعة اللّه فسعد بما اشقيت و امّا رجل عمل فيه بمعصية اللّه فشقي بما جمعت له و ليس من هذين احد باهل ان تؤثره علي نفسك و لا تبرد له علي ظهرك فارج لمن مضي رحمة اللّه وثق لمن بقي برحمة اللّه قوله الي اهل في نسخة الي اهله قوله اشقيت في نسخة شقيت قوله لا تبرد له علي ظهرك اراد بالتريد ايصال الخفضن و الدّعة و ازالة المشقّة يعني لا تحمل له علي ظهرك التّعب و المشقة يقال عيش بارد اي هي و كل محبوب عنده بارد قوله بقي برحمة اللّه في نسخة برزق اللّه(الخبر في روضة الكافي

و من كتبه عليه السّلام

ما نقله الحافظ ابو المؤيد الموفق بن احمد بن محمّد البكري المكّي الحنفي المعروف باخطب خوارزم المتولد سنة 484 الهجرية و المتوفي سنة 568 الهجرية في كتابه المناقب قال و ذكر ابن اعثم في فتوحه ان امير المؤمنين عليّ بن ابي طالب عليه السّلام كتب الي طلحة و الزبير قبل قتال الجمل اخذا للحجّة عليهما امّا بعد فقد علمتما انّي لم ارد النّاس حتّي ارادوني و لم ابايعهم حتّي اكرهوني و أنتما ممّن اراد بيعتي و نكثتما و بايعا و لم تبايعا لسلطان غاصب و لا لعرض حاضر فان كنتما بايعتماني طائعين فتوبا الي اللّه و ارجعا عمّا أنتما عليه و ان كنتما بايعتما مكرهين فقد جعلتما لي السّبيل عليكما باظهاركما لي الطّاعة و كتمانكما المعصية و

ص: 1233

انت يا زبير فارس قريش و انت يا طلحة شيخ المهاجرين و دفعكما هذا الامر قبل ان تدخلا فيه كان اوسع لكما من خروجكما بعد اقراركما و قد عرفتما منزلتي من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله

و من وصاياه عليه السّلام

نور الابصار في مناقب ال بيت النّبيّ المختار للعالم الفاضل سيّد مؤمن بن حسن الشبلنجيّ قال اخرجه الفضائلي و في رواية عن الحسن رضي اللّه عنه لمّا حضرت ابي الوفاة اقبل يوصي فقال هذا ما اوصي به عليّ بن ابي طالب اخو محمّد صلّي اللّه عليه(و آله) و سلّم و ابن عمّه و صاحبه اوّل وصيّتي انّي اشهد ان لا آله الاّ اللّه و انّ محمّدا رسوله و خيرته اختاره بعلمه و ارتضاه لخلقه و انّ اللّه باعث من في القبور وسائل النّاس عن اعمالهم عالم بما في الصّدور ثمّ انّي اوصيك يا حسن و كفي بك وصيّا بما اوصاني به رسول اللّه صلّي اللّه عليه(و آله)و سلّم فاذا كان ذلك فالزم بيتك و ابك علي خطيئتك و لا تكن الدّنيا اكبر همّك و اوصيك يا بنيّ بالصّلوة عند وقتها و الزّكوة في اهلها عند محلّها و الصّمت عند

ص: 1234

التّشبّه و الاقتصاد و العدل في الرّضا و الغضب و حسن الجوار و اكرام الضّيف و رحمة المجهود و اصحاب البلاء وصلة الرّحم و حبّ المساكين و مجالستهم و التّواضع فانّه من افضل العبادة و ذكر الموت و الزّهد في الدّنيا فانّك رهن موت و عرض بلاء و طريح سقم و اوصيك بخشية اللّه تعالي في سرائرك و علانيتك و انهاك عن مخالفة الشّرع بالقول و الفعل و اذا عرض لك شيء من امر الاخرة فابدءا به و اذا عرض لك شيء من امر الدّنيا فتانّه حتّي تصيب رشدك فيه و ايّاك و مواطن التّهمة و المجلس المظنون به السّوء فانّ قرين السّوء يغيّر جليسه و كن للّه يا بنيّ عاملا و عن الخناز جورا و بالمعروف امرا و عن المنكر ناهيا و اخ الاخوان في اللّه و احبّ الصّالح لصلاحه و دار الفاسق عن دينك و ابغضه بقلبك و زايله باعمالك لئلاّ تكون مثله و ايّاك و الجلوس في الطّرقات و دع الممارات و مجارات من لا عقل له و اقتصد يا بنيّ في معيشتك و اقتصد في عبادتك و عليك فيها بالامر الدّائم الّذي تطيقه و الزم الصّمت و به تسلم و قدّم

ص: 1235

لنفسك تغنم و تعلّم الخير تعلم و كن ذاكر اللّه تعالي علي كلّ حال و ارحم من اهلك الصّغير و وقّر الكبير و لا تأكل طعاما حتّي تتصدّق منه قبل اكله و عليك بالصّوم فانّه زكاة البدن و جنّة لاهله و جاهد نفسك و احذر جليسك و اجتنب عدوّك و عليك بمجالس الذّكر و اكثر من الدّعاء فانّي لم الك يا بنيّ نصحا و هذا فراق بيني و بينك و اوصيك باخيك محمّد خيرا فانّه ابن ابيك و قد تعلم حبّي له و امّا اخوك الحسين فهو شقيقك و ابن امّك و ابيك و اللّه الخليفة عليكم و ايّاه اسأل ان يصلحكم و ان يكفّ الطّغاة البغاة عنكم و الصّبر الصّبر حتّي يقضي اللّه هذا الامر و لا حول و لا قوّة الاّ باللّه العليّ العظيم ثمّ قال يا حسن ابصروا ضاربي اطعموه من طعامي و اسقوه من شرابي فان عشت فانا اولي بحقّي و ان متّ فاضربوه ضربة فلا تمثّلوا به فانّي سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه(و آله)و سلّم يقول ايّاكم و المثلة و لو بالكلب العقور يا حسن ان انا متّ لا تغال في كفني فانّي سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه(و آله)

ص: 1236

و سلّم يقول لا تغالوا في الاكفان و امشوا بين المشيين فان كان خيرا عجّلتمو بي و ان كان شرّا القيتموني عن الكتافكم يا بني عبد المطّلب لا الفيتكم تريقون دماء المسلمين بعدي تقولون قتلتم امير المؤمنين الا لا يقتلنّ الاّ قاتلي ثم لم ينطق الا بلا آله الاّ اللّه حتّي قبض رضي اللّه عنه الخناء الجور و الغدر لم الك اي لم ارجعك المغاولة المبادرة و قوله و لا تغال اي لا تشتري بثمن غال لا الفيتكم اي لا اجدكم تريقون اي تصبّون

و من كتبه عليه السّلام

نقله الامام الفقيه ابي محمّد عبد اللّه بن مسلم بن قتيبة الدينوري المولود سنة 213 الهجرية و المتوفي سنة 276 الهجرية في كتابه الامامة و السّياسة المعروف بتاريخ الخلفاء في الجزء الاوّل منه و قد نقله الرضي رضي اللّه عنه باختلاف و هكذا الخوارزمي في مناقبه كما مرّ انفا رايت نقله هنا باعتبار الاختلاف و الزيادة قال كتب عليه السّلام الي طلحة و الزّبير امّا بعد فقد علمتما انّي لم ارد النّاس حتّي ارادوني و لم ابايعهم حتّي بايعوني و انّكما لممّن اراد و بايع و انّ العامّة لم تبايعني لسلطان خاص فان كنتما بايعتماني كارهين فقد جعلتما لي عليكما السّبيل باظهاركما الطّاعة و اسرار كما المعصية و ان كنتما بايعتماني طائعين فارجعا الي اللّه من قريب انّك يا زبير لفارس رسول اللّه صلّي اللّه عليه(و آله)و سلّم و حواريه و انّك يا طلحة لشيخ المهاجرين و انّ دفاعكما هذا الامر

ص: 1237

قبل ان تدخلا فيه كان اوسع عليكما من خروجكما منه اقراركما به و قد زعمتما انّي قتلت عثمان فبيني و بينكما فيه بعض من تخلّف عنّي و عنكما من اهل المدينة و زعمتما انّي اويت قتلة عثمان فهؤلاء بنو عثمان فليدخلوا في طاعتي و ثمّ يخاصموا اليّ قتلة ابيهم و ما أنتما و عثمان ان كان قتل ظالما او مظلوما و قد بايعتماني و أنتما بين خصلتين قبيحتين نكث بيعتكما و اخراج امّكما

و من كتبه عليه السّلام

جوابا لمكتوب معاوية في كتاب الامامة و السّياسة لابن قتيبة الدينوري ايضا قال فاجابه عليّ(عليه السّلام) امّا بعد فقدّر الامور تقدير من ينظر لنفسه دون جنده و لا يشتغل بالهزل من قوله فلعمري لئن كانت قوّتي باهل العراق اوثق عندي من قوّتي باللّه و معرفتي به ليس عنده باللّه تعالي يقين من كان علي هذا فناج نفسك مناجاة من يستغني بالجدّ دون الهزل فانّ في القول سعة و لن يعذر مثلك فيما طمح اليه الرّجال و امّا ما ذكرت من انّا كنّا و ايّاكم يدا جامعة فكنّا كما ذكرت ففرق بيننا و بينكم انّ اللّه بعث رسوله منّا فامنّا به و كفرتم ثمّ زعمت انّي قتلت طلحة و الزّبير فذلك امر غبت

ص: 1238

عنه و لم تحضره و لو حضرته لعلمته فلا عليك و لا العذر فيه اليك و زعمت انّك زائري في المهاجرين و قد انقطعت الهجرة حين اسر اخوك فان يك فيك عجل فاسترقه و ان ازرك فجدير ان يكون اللّه بعثني عليك للنّقمة منك و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

الامامة و السّياسة قال و ذكروا انّه(عليه السّلام)لمّا فرغ من وقعة الجمل بايع له القوم جميعا فكتب له اهل العراق و استقام له الامر بها فكتب الي معاوية امّا بعد فانّ القضاء السّابق و القدر النّافذ ينزل من السّماء كقطر المطر فتمضي احكامه عزّ و جلّ و تنفذ مشيّته بغير تحابّ المخلوقين و لا رضا الادميّين و قد بلغك ما كان من قتل عثمان رحمه اللّه و بيعة النّاس عامّة ايّاي و مصارع النّاكثين لي فادخل فيما دخل النّاس فيه و الاّ فانا الّذي عرفت و حولي من تعلمه و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

الامامة و السّياسة قال كتاب عليّ للخوارج قالوا فاجمع رأي عليّ و الناس علي المسير الي معاوية بصفّين فتجهّز معاوية و خرج حتي نزل بصفّين و اصبح عليّ قد تجهّز و عسكر فقيل له يا امير المؤمنين انّه قد افترقت منّا فرقة فذهبت قال فكتب اليهم عليّ(عليه السّلام) امّا بعد فانّ هذين الرّجلين الخاطئين الحاكمين الّذين ارتضيتم

ص: 1239

حكمين قد خالفا كتاب اللّه و اتّبعا هواهما بغير هدي من اللّه فلم يعملا بالسّنّة و لم ينفذا للقرءان حكما فبرء اللّه منهما و رسوله و صالح المؤمنين اذا بلغكم كتابنا هذا فاقبلوا الينا فانّا سائرون الي عدوّنا و عدوّكم و نحن علي الامر الّذي كنّا عليه و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

الامامة و السيّاسة قال ما كتب عليّ لاهل العراق قال فقام حجر بن عديّ و عمرو بن الحمق و عبد اللّه بن وهب الرّاسبيّ فدخلوا علي عليّ فسئلوه عن ابي بكر و عمر ما تقول فيهما و قالوا بيّن لنا قولك فيهما و في عثمان قال عليّ كرّم اللّه وجهه و قد تفرّغتم لهذا و هذه مصر قد افتحت و شيعتي فيها قد قتلت انّي مخرج اليكم كتابا انبّئكم فيه ما سألتموني عنه فاقرءوه علي شيعتي فاخرج اليهم كتابا فيه امّا بعد فانّ اللّه بعث محمّدا صلّي اللّه عليه(و آله)و سلّم نذيرا للعالمين و امينا علي التّنزيل و شهيدا علي هذه الامّة و أنتم يا معشر العرب علي غير دين و في شرّ دار تسفكون دمائكم و تقتلون اولادكم و تقطعون ارحامكم و تأكلون اموالكم بينكم بالباطل فمنّ اللّه عليكم فبعث محمّدا اليكم بلسانكم فكنتم أنتم المؤمنين و كان الرّسول فيكم و منكم تعرفون وجهه و نسبه فعلّمكم الكتاب و الحكمة

ص: 1240

و السّنّة و الفرائض و امركم بصلة الارحام و حقن الدّماء و اصلاح ذات بينكم و ان تؤدّوا الامانات الي اهلها و ان تؤفوا بالعقود و ان تعاطفوا و تبارّوا و تراحموا و نهاكم عن التّظالم و التّحاسد و التّقاذف و التّباغي و عن شرب الحرام و عن نجس المكيال و الميزان و تقدّم اليكم فيما انزل عليكم ان لا تزنوا و لا تأكلوا اموال اليتامي ظلما فكلّ خير يبعّدكم عن النّار قد خصّكم عليه و كلّ شرّ يبعّدكم عن الجنّة قد نهاكم عنه فلمّا استكمل رسول اللّه صلّي اللّه عليه(و آله)و سلّم مدّته من الدّنيا توفّاه اللّه و هو مشكور سبعه مرضيّ عمله مغفور له ذنبه شريف عند اللّه نزله فيا لموته مصيبة خصّت الاقربين و عمّت المؤمنين فلمّا مضي تنازع المسلمون الامر بعده فو اللّه ما كان يلقي في روعي و لا يخطر علي بالي انّ العرب تعدل هذا الامر عنّي فما راعني الاّ اقبال النّاس علي ابي بكر و اجفالهم عليه فامسكت يدي و رأيت انّي احقّ بمقام محمّد في النّاس ممّن تولّي الامور عليّ فلبثت بذلك ما شاء اللّه حتّي رأيت

ص: 1241

راجعة من النّاس رجعت عن الاسلام يدعون الي محو دين محمّد و ملّة ابراهيم عليهما السّلام فخشيت ان لم انصر الاسلام و اهله ان اري في الاسلام ثلما و هدما تكون المصيبة به عليّ اعظم من فوت ولاية امركم الّتي انّما هي متاع ايّام قلائل ثمّ يزول ما كان منها كما يزول السّراب فمشيت عند ذلك الي ابي بكر فبايعته و نهضت معه في تلك الاحداث حتّي زهق الباطل و كانت كلمة اللّه هي العليا و ان يرغم الكافرون فتولّي ابو بكر رضي اللّه عنه تلك الامور فيسّر و سدّد و قارب و اقتصد فصحبته مناصحا و اطعته فيما اطاع اللّه فيه جاهدا فلمّا احتضر بعث الي عمر فولاّه فسمعنا و اطعنا و بايعنا و ناصحناه فتولّي تلك الامور و كان مرضيّ السّيرة ميمون النّقيبة ايّام حياته فلمّا احتضر قلت في نفسي ليس يصرف هذا الامر عفّي فجعلها عمر شوري و جعلني سادس ستّة فما كانوا لولاية احد منهم باكره منهم لولايتي لانّهم كانوا يسمعونني و انا احاجّ ابا بكر فاقول يا معشر قريش انا احقّ بهذا الامر منكم ما كان منّا من يقرأ القرءان و يعرف السّنّة

ص: 1242

فخشوا ان ولّيت عليهم ان لا يكون لهم في هذا الامر نصيب فبايعوا اجماع رجل واحد حتّي صرفوا الامر عنّي لعثمان فاخرجوني منها رجاء ان يتداولوها حين يئسوا ان ينالوها ثمّ قالوا لي هلمّ فبايع عثمان و الاّ جاهدناك فبايعت مستكرها و صبرت محتسبا و قال قائلهم انّك يابن ابي طالب علي الامر لحريص قلت لهم أنتم احرص امّا انا اذ طلبت ميراث ابن ابي و حقّه و أنتم اذ دخلتم بيني و بينه و تضربون وجهي دونه اللّهمّ انّي استعين بك علي قريش فانّهم قطعوا رحمي و صغروا عظيم منزلتي و فضلي و اجتمعوا علي منازعتي حقّا كنت اولي به منهم فسلبونيه ثمّ قالوا اصبر كمدا و عش متاسّفا فنظرت فاذا ليس معي رفاقة و لا مساعد الاّ اهل بيتي فضننت بهم علي الهلاك فاغضيت عيني علي القدي و تجرّعت ريقي علي الشّجي و صبرت من كظم الغيظ علي امرّ من العلقم طعما و الم للقلب من حزّ الحديد حتّي اذا نقمتم علي عثمان اتيتموه فقتلتموه ثمّ جئتموني تبايعوني فابيت عليكم و ابيتم عليّ فنازعتموني و دافعتموني

ص: 1243

و لم امدّ يدي تمنّعا عنكم ثمّ ازدحمتم عليّ حتّي ظننت انّ بعضكم قاتل بعض و انّكم قاتلي و قلتم لا نجد غيرك و لا نرضي الاّ بك فبايعنا لا نفترق و لا نختلف فبايعتكم و دعوتم النّاس الي بيعتي فمن بايع طائعا قبلت منه و من ابي تركته فاوّل من بايعني طلحة و الزّبير و لو ابيا ما اكرهتهما كما لم اكره غيرهما فما لبثا الاّ يسيرا حتّي قيل لي قد خرجا متوجّهين الي البصرة في جيش ما منهم رجل الاّ و قد اعطاني الطّاعة و سمح لي بالبيعة فقاموا علي عمّالي بالبصرة و خزائن بيوت اموالي و علي اهل مصري و كلّهم في طاعتي و علي شيعتي فشتّتوا كلمتهم و افسدوا عليّ جماعتهم ثمّ و ثبوا علي شيعتي فقتلوا طائفة منهم غدرا و طائفة صبرا و طائفة عصرا باسيافهم فضاربوهم حتّي لقوا اللّه صابرين محتسبين فو اللّه لو لم يصيبوا منهم الاّ رجلا واحدا متعمّدين لقتله لحلّ لي بذلك قتل الجيش كلّه مع انّهم قد قتلوا من المسلمين اكثر من العدّة الّتي دخلوا عليهم بها فقد ادال اللّه منهم فبعدا للقوم الظّالمين ثمّ انّي نظرت بعد ذلك في اهل الشّام فاذا

ص: 1244

هم اعراب و احزاب و اهل طمع جفاة طغام تجمّعوا من كلّ اوب ممّن ينبغي ان يؤدّب و يولّي عليه و يؤخذ علي يديه ليسوا من المهاجرين و الانصار و لا من التّابعين باحسان فسرت اليهم و دعوتهم الي الجماعة و الطّاعة فابوا الاّ شقاقا و نفاقا و نهضوا في وجوه المهاجرين و الانصار و التابعين باحسان ينضحونهم بالنّبل و يشجونهم بالرّماح فهنا لك نهضت اليهم فقاتلتهم فلمّا عضّهم السّلاح و وجدوا الم الجراح رفعوا المصاحف يدعونكم الي ما فيها فنبّأتكم انّهم ليسوا باصحاب دين و لا قرءان و انّما رفعوها اليكم خديعة و مكيدة فامضوا علي قتالهم فاتّهمتموني و قلتم اقبل منهم فانّهم ان اجابوا الي ما في الكتاب و السّنّة جامعونا علي ما نحن عليه من الحقّ و ان ابوا كان اعظم لحجّتنا عليهم فقبلت منهم و خففت عنهم و كان صلحا بينكم و بينهم علي رجلين حكمين يحييان ما احيا القرءان و يميتان ما امات القرآن فاختلف رايهما و تفرّق حكمهما و نبذا حكم القرءان و خالفا ما في الكتاب و اتّبعا هواهما بغير هدي من اللّه

ص: 1245

فجنّبهما اللّه السّداد و اهوي بهما في غمرة الضّلال و كانا اهل ذلك فانخذلت عنّا فرقة منهم فتركناهم ما تركونا حتّي اذا عاثوا في الارض مفسدين و قتلوا المؤمنين اتيناهم فقلنا لهم ادفعوا الينا قتلة اخواننا فقالوا كلّنا قتلهم و كلّنا استحللنا دمائهم و دماءكم و شدّت علينا خيلهم و رجالهم فصرعهم اللّه مصارع القوم الظّالمين ثمّ امرتكم ان تمضوا من فوزكم ذلك الي عدوّكم فانّه افزع لقلوبهم و انهك لمكرهم و اهتك لكيدهم فقلتم كلّت ادرعنا و سيوفنا و نفدت نبالنا و نصلت اسنّة رماحنا فاذن لنا فلنرجع حتّي نستعدّ باحسن عدّتنا و اذا رجعت زدت في مقاتلتنا عدّة من هلك منّا و من قد فارقنا فانّ ذلك قوّة منّا علي عدوّنا فاقبلتم حتّي اذا اظللتم علي الكوفة امرتكم ان تلزموا معسكركم و تضمّوا قواصيكم و تتوطّنوا علي الجهاد و لا تكثروا زيارة اولادكم و نساءكم فانّ ذلك يرقّ قلوبكم و يلويكم و انّ اصحاب الحرب لا يتوجّدون و لا يتوجّعون و لا يسئمون من سهر ليلهم و لا من ظمأ نهارهم

ص: 1246

و لا من خمص بطونهم حتّي يدركوا بثارهم و ينالوا بغيّهم و مطلبهم فنزلت طائفة منكم معي معذرة و دخلت طائفة منكم المصر عاصية فلا من نزل معي صبر فثبت و لا من دخل المصر عاد اليّ و لقد نظرت الي عسكري و ما فيه معي منكم الاّ خمسون رجلا فلمّا رايت ما اتيتم دخلت اليكم فما قدرتم ان تخرجوا معي الي يومكم هذا للّه آباءكم فما تنتظرون اما ترون الي اطرافكم قد انتقصت و الي مصركم قد افتتح فما بالكم تؤفكون الا انّ القوم قد اجتمعوا وجدّوا و تناصحوا و انّكم تفرّقتم و اختلفتم و تغاششتم فانتم ان اجتمعتم تسعدوا فايقظوا رحمكم اللّه نائمكم و تحرّزو الحرب عدوّكم انّما تقاتلون الطّلقاء و أبناء الطّلقاء ممّن اسلم كرها و كان لرسول اللّه صلّي اللّه عليه (و آله)و سلّم حربا اعداء السّنّة و القرءان و اهل الاحزاب و البدع و الاحداث و من كانت بوائقه تتّقي و كان عن الدّين منحرفا و اكلة الرّشا و عبيد الدّنيا لقد نمي اليّ انّ ابن الباغية لم يبايع معاوية حتّي شرط عليه ان يؤتيه اتاوة هي اعظم ما في يديه من سلطانه فصفرت يد هذا البايع

ص: 1247

دينه بالدّنيا و تربت يد هذا المشتريّ نصرة غادر فاسق باموال النّاس و انّ منهم لمن شرب فيكم الحرام و جلّد حدّا في الاسلام فهؤلاء قادة القوم و من تركت ذكر مساويه منهم شرّ و اضرّ و هؤلاء الّذين لو ولّوا عليكم لا ظهروا فيكم الغضب و الفخر و التّسلّط بالجبروت و التّطاول بالغضب و الفساد في الارض و لاتّبعوا الهوي و حكموا بالرّشا و أنتم علي ما فيكم من تخاذل و تواكل خير منهم و اهدي سبيلا فيكم الحكماء و العلماء و الفقهاء و حملة القرءان و المتهجّدون بالاسحار و العبّاد و الزّهّاد في الدّنيا و عمّار المساجد و اهل تلاوة القرءان افلا تسخطون و تنقمون ان ينازعكم الولاية سفهاءكم و الارازل و الاشرار منكم اسمعوا قولي اذا قلت و اطيعوا امري اذا امرت و اعرفوا نصيحتي اذا نصحت و اعتقدوا جزمي اذا جزمت و التزموا عزمي اذا عزمت و انهضوا لنهوضي و قارعوا من قارعت و لئن عصيتموني لا ترشدوا و لا تجتمعوا خذوا للحرب اهبتها و اعدّوا لها التّهيّوء فانّها قد و قدت نارها

ص: 1248

و علا سناها و تجرّد لكم فيها الظّالمون كيما يطفئوا نور اللّه و يقهروكم عباد اللّه الا انّه ليس اولياء الشّيطان من اهل الطّمع و الجفاء باولي في الجدّ في غيّهم و ضلالهم و باطلهم من اهل النّزاهة و الحقّ و الاخبات بالجدّ في حقّهم و طاعة ربّهم و مناصحة امامهم انّي و اللّه لو لقيتهم وحيدا منفردا و هم في اهل الارض ان باليت بهم او استوحشت منهم انّي في ضلالهم الّذي هم فيه و الهدي الّذي انا عليه لعلي بصيرة و يقين و بيّنة من ربّي و انّي للقاء ربّي لمشتاق و لحسن ثوابه لمنتظر راج و لكن اسفا يعتريني و جزعا يريبني من ان يلي هذه الامّة سفهاءها و فجّارها فيتّخذون مال اللّه دولا و عباد اللّه خولا و الصّالحين حربا و القاسطين حزبا و ايم اللّه لو لا ذلك ما اكثرت تاليبكم و جمعكم و تحريضكم و لتركتكم فو اللّه انّي لعلي الحقّ و انّي للشّهادة لمحبّ انا نافر بكم ان شاء اللّه فانفروا خفافا و ثقالا و جاهدوا باموالكم و انفسكم في سبيل اللّه انّ اللّه مع الصّابرين

ص: 1249

و من كتبه عليه السّلام

كتاب الجمل و النصرة في حرب البصرة للشيخ الاجل ابي عبد اللّه محمد بن محمد بن النعمان المفيد الحارثي العكبري البغدادي المعروف بالشيخ المفيد المتوفي سنة 413 قدس سره المطبوع في المطبعة الحيدرية في النجف الاشرف ص 116 قال كتاب عليّ عليه السّلام الي اهل الكوفة فلمّا قدم الحسن و عمّار و قيس الكوفة مستفرين لاهلها و كان في كتاب معهم بسم اللّه الرّحمن الرّحيم من عليّ بن ابي طالب الي اهل الكوفة امّا بعد فانّي اخبركم من امر عثمان حتّي يكون امره كالعيان لكم انّ النّاس طعنوا عليه فكنت رجلا من المهاجرين اظهر معه عتبه و اكره و اشقي به و كان طلحة و الزّبير اهون سيرهما اليه الرّجيف و قد كان من امر عايشة و قتله ما عرفتم فلمّا قتله النّاس و بايعاني غير مستنكرين طائعين مختارين و كان طلحة و الزّبير اوّل من بايعني علي ما بايعا به من كان قبلي ثمّ استأذناني في العمرة و لم يكونا يريدان العمرة فنقضا العهد و اذنا في الحرب و اخرجا عايشة من بيتها يتّخذانها فتنة فسارا الي البصرة و اخترت السّير اليهم معكم و لعمري ايّاي تجيبون انّما تجيبون اللّه و رسوله و اللّه ما قاتلتهم و في نفسي شكّ و قد بعثت اليكم ولدي الحسن و عمّارا و قيسا مستفرّين

ص: 1250

لكم فكونوا عنه ظنّي بكم و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

كتاب الجمل ص 123 قال كتاب عليّ الي ابي موسي و لمّا بلغ عليّا ما قال و صنع غضب غضبا شديدا و بعث عمّار بن ياسر و الحسن عليه السّلام و كتب معهما كتابا فيه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم من عبد اللّه عليّ بن ابي طالب امير المؤمنين الي اهل الكوفة من المؤمنين و المسلمين امّا بعد فانّ دار الهجرة تقلّعت باهلها فانقلعوا منها و جاشت جيشان المرجل و كانت فاعلة يوم ما فعلت و قد ركبت المرأة الجمل و ينحتها كلاب الخؤب و قامت الفتنة الباغية يقودها يطلبون بدم هم سفكوه و عرض هم شتموه و حرمة انتهكوها و اباحوا ما اباحوا يعتذرون الي النّاس دون اللّه يحلفون لكم لترضون عنهم فان ترضوا عنهم فانّ اللّه لا يرضي عن القوم الفاسقين اعلموا رحمكم اللّه انّ الجهاد مفترض علي العباد فقد جاءكم في داركم من يحثّكم عليه و يعرض عليكم رشدكم و اللّه يعلم انّي لم اجد بدّا من الدّخول في هذا الامر و لو علمت انّ احدا اولي به منّي لما تقدّمت اليه و قد بايعني طلحة و الزّبير طائعين

ص: 1251

غير مكرهين ثمّ خرجا يطلبان بدم عثمان و هما اللّذان فعلا بعثمان ما فعلا و عجبت لهما كيف اطاعا ابا بكر و عمر في البيعة و ابيا ذلك عليّ و هما يعلمان انّي لست بدون واحد منهما مع انّي قد عرضت عليهما قبل ان يبايعاني ان احبّا بايعت لاحدهما فقالا لا ننفّس علي ذلك بل نبايعك و نقدّمك علينا بحقّ فبايعا ثمّ نكثا و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

كتاب الجمل ص 197 قال رجع عليّ عليه السّلام الي خيمته و استدعي عبد اللّه بن ابي رافع و قال اكتب الي اهل المدينة بسم اللّه الرّحمن الرّحيم من عبد اللّه عليّ بن ابي طالب سلام عليكم فانّي احمد اللّه اليكم الّذي لا آله الاّ هو فانّ اللّه بمنّه و فضله و حسن بلائه عندي و عندكم حكم عدل و قد قال سبحانه في كتابه و قوله الحقّ انّ اللّه لا يغيّر ما بقوم حتّي يغيّروا ما بانفسهم و اذا اراد اللّه بقوم سوء فلا مردّ له و ما لهم من دونه من وال و انّي مخبركم عنّا و عمّن سرنا اليه من جموع اهل البصرة و من سار اليهم من قريش و غيرهم مع طلحة و الزّبير البصرة و صنعا بعاملي عثمان بن حنيف ما

ص: 1252

صنعا فقدّمت اليهم الرّسل و اعذرت كلّ الاعذار ثمّ نزلت ظهر البصرة فاعذرت بالدّعاء و قدّمت الحجّة و اقلت العثرة و الزّلة و استعتبتهما و من معهما من نكثهم بيعتي و نقضهما عهدي فابوا الاّ قتالي و قتال من معي و التّمادي في الغيّ فلم اجد بدّا في مناصفتهم لي فناصفتهم بالجهاد فقتل اللّه من قتل منهم ناكثا و ولّي من وليّ منهم و اغمدت السّيوف عنهم و اخذت بالعفو فيهم و اجريت الحقّ و السّنّة في حكمهم و اخترت لهم عاملا استعملته عليهم و هو عبد اللّه بن عبّاس و انّي ساير الي الكوفة ان شاء اللّه تعالي و كتب عبد اللّه بن ابي رافع في جمادي الاولي سنة ستّ و ثلاثين من الهجرة

و من كتبه عليه السّلام

كتاب الجمل ص 198 قال و كتب امير المؤمنين عليه السّلام الي امّ هاني بنت ابي طالب(رضي اللّه عنه) سلام عليك احمد اليك اللّه الّذي لا آله الاّ هو امّا بعد فانّا التقينا مع البغاة و الظّلمة في البصرة فاعطانا اللّه تعالي النّصر عليهم بحوله و قوّته و اعطاهم سنّة الظّالمين فقتل كلّ من طلحة و الزّبير و عبد الرّحمن بن غتاب و جمع لا يحصي و قتل منّا بنو مخدوع و ابنا

ص: 1253

صوحان و عليّا و هندا و ثمامة فيمن يعدّ من المسلمين رحمهم اللّه و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

كتاب التفسير للشيخ الثقة الجليل علي بن ابراهيم بن هاشم القمي المطبوع في ايران ص 596 ذيل اية كذلك اوحينا الي فريق في السّعير من اوائل السّورة قال حدثني الحسين بن عبد اللّه السّكيني عن ابي سعيد النّحلي عن عبد الملك بن هرون عن ابي عبد اللّه عليه السّلام عن ابائه عليهم السّلام الي ان قال ثم كتب عليه السّلام الي معاوية لا تقتل النّاس بيني و بينك و لكن هلمّ الي المبارزة فان انا قتلتك فالي النّار انت و يستريح النّاس منك و من ضلالتك فان قتلتني فانا الي الجنّة و تغمد عنك السّيف الّذي لم يسعني غمده حتّي اردّ مكرك و بدعتك و انا الّذي ذكر اللّه اسمه في التّورته و الانجيل بموازرة رسول اللّه(صلّي اللّه عليه و آله)و انا اوّل من بايع رسول اللّه تحت الشّجرة في قوله لقد رضي اللّه عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشّجرة فلمّا قرء معاوية كتابه و عنده جلساءه قالوا قد و اللّه انصفك فقال معاوية و اللّه ما انصفني و اللّه لارمينّه إلخ

و من كتبه عليه السّلام

في مستدرك السّابع عشر من مجلدات بحار الانوار للعلامة المحدث النوري مؤلف كتاب مستدرك الوسائل نقله عن كتاب الكافي عن عليّ عن ابن عيسي عن يونس عن ابي جميلة قال قال ابو عبد اللّه عليه السّلام كتب امير المؤمنين صلوات اللّه عليه الي بعض اصحابه يعظه اوصيك و نفسي بتقوي من لا يحلّ معصيته و لا يرجي غيره و لا الغني الاّ به فانّ من اتّقي اللّه عزّ و جلّ قوي و شبع و روي و رفع عقله عن اهل

ص: 1254

الدّنيا فبدنه مع اهل الدّنيا و قلبه و عقله معاين الاخرة فاطفأ بضوء قلبه ما ابصرت عيناه من حبّ الدّنيا فقدّر حرامها و جانب شبهاتها و اصرّوا للّه بالحلال الصّافي الاّ ما لابدّ منه من كسرة يشدّ بها صلبه و ثوب يواري به عورته و من اغلظ ما يجدوا خشنه و لم يكن له فيما لابدّ له منه ثقة و رجاء فوقعت ثقته و رجاؤه علي خالق الاشياء فجدّ و اجتهد و اتعب بدنه حتّي بدت الاضلاع و غارت العينان فابدل اللّه له من ذلك قوّة في بدنه و شدّة في عقله و ما ذخر له في الاخرة اكثر فارفض الدّنيا فانّ حبّ الدّنيا يعمي و يصمّ ويبكم و يذل الرّقاب فتدارك ما بقي من عمرك و لا تقل غدا و بعد غد فانّما هلك من كان قبلك باقامتهم علي الامانيّ و التّسويف حتّي اتاهم امر اللّه بغتة فهم غافلون فنقلوا علي اعوادهم الي قبورهم المظلمة الضّيّقة و قد اسلمهم الاولاد و الاهلون و انقطع الي اللّه بقلب منيب من رفض الدّنيا و عزم ليس فيه انكسار و لا انحزال اعاننا

ص: 1255

اللّه و ايّاك علي طاعته و وفّقنا اللّه و ايّاك لمرضاته

و من كتبه عليه السّلام

المجلد السابع عشر من البحار للعلاّمة المجلسي في باب كلمات امير المؤمنين عليه السّلام قال و كتب الي عبد اللّه بن العبّاس امّا بعد فاطلب ما يعنيك و اترك ما لا يعنيك فانّ في ترك ما لا يعنيك درك ما يعنيك و انّما تقدّم علي ما اسلفت لا علي ما خلّفت و ابن ما تلقاه غدا علي ما تلقاه و السّلام

و من وصاياه عليه السّلام

السّابع عشر من البحار في باب وصية علي عليه السّلام لولده الحسن عليه السّلام و لقد نقلها عن النجاشي انه قال اخبرنا عبد السّلام بن الحسين الاديب عن ابي بكر الدّوري عن محمد بن احمد بن ابي الثلج عن جعفر بن محمّد الحسني عن علّي بن عبدك عن الحسن بن طريف عن الحسين بن علوان عن سعد بن طريف عن اصبغ بن نباته قال من وصية امير المؤمنين عليه السّلام لولده الحسن عليه السّلام كيف و انّي بك يا بنيّ اذا صرت من قوم صبيّهم عارم و شابّهم فاتك و شيخهم لا يأمر بالمعروف و لا ينهي عن منكر و عالمهم خبّ موار مستحوذ هواه متمسّك بعاجل دنياه اشدّهم عليك اقبالا لا يرصدك بالعوايل و يطلب الحيلة بالتّمنّي و يطلب الدّنيا بالاجتهاد خوفهم اجل و رجاهم عاجل لا يهابون الاّ من يخافون لسانه و يرجون نواله دينهم الرّيا كلّ حقّ

ص: 1256

عندهم مهجور يحبّون من غشّهم و يملّون من داهنهم قلوبهم خاوية لا يسمعون دعاء و لا يجيبون سائلا قد استولت عليهم سكرة الغفلة ان تركتهم لم يتركوك و ان تابعتهم اغتالوك اخوان الظّاهر و اعداء السّرائر يتصاحبون علي غير تقوي فاذا افترقوا ذمّ بعضهم بعضا يموت فيهم السّنن و يحيي فيهم البدع فاحمق النّاس من اسف علي فقدهم او سرّ بكثرتهم فكن عند ذلك يا بنيّ كابن اللّبون لاظهر فيركب و لا وبر فيسلب و لا ضرع فيحلب فما طلابك بقوم ان كنت عالما اعابوك و ان كنت جاهلا لم يرشدوك و ان طلبت العلم قالوا متكلّف متعمّق و ان تركت طلب العلم قالوا عاجز غبّي و ان تحقّقت لعبادة ربّك قالوا مصنّع مرائ و ان لزمت الصّمت قالوا الكن و ان نطقت قالوا مهذار و ان انفقت قالوا مسرف و ان اقتصرت قالوا بخيل و ان احتجت الي سافي ايديهم صادموك و ذمّوك و ان لم تعتد بهم كفّروك فهذه صفة اهل زمانك فاصغاك من فزع عن جودهم و امن من الطّمع

ص: 1257

فيهم فهو مقبل علي شانه مدبر لاهل زمانه و من صفة العالم ان لا يعظ الاّ من يقتل عظته و لا ينصح معجبا برايه و لا يخبر بما يخاف اذا عته و لا توذع سرّك الاّ عند كلّ ثقة و لا تلفظ الاّ بما يتعارفون به النّاس و لا تخالطهم الاّ بما يعقلون فاحذر كلّ الحذر و كن فردا وحيدا و اعلم انّ من نظر في عيب نفسه شغل عن عيب غيره و من كابد الامور عطب و من اقتحم اللّجج غرق و من اعجب برايه ضلّ و من استغني بعقله زلّ و من تكبّر علي النّاس ذلّ و من مزح استخفّ به و من كثر من شيء عرف به و من كثر كلامه كثر خطائه و من كثر خطائه قلّ حياءه و من قلّ حياءه قلّ ورعه و من قلّ ورعه قلّ دينه و من قلّ دينه مات قلبه و من مات قلبه دخل النّار

و من كتبه عليه السّلام

عن كتاب الوصايا للسيّد الجليل ابن طاوس الحسني رحمه اللّه عن كتاب الزواجر و المواعظ ما نقلته جماعة كثيرة من ثقاة الاعلام و المحدثين الفخام منهم ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني في كتابه الرسائل و منهم ابو احمد الحسن بن عبد اللّه بن سعيد العسكري في كتابه الزواجر و المواعظ في الجزء الاوّل منه من نسخة تاريخها ذو القعدة سنة ثلاث و سبعين و أربعمائة كما نقله العلامة المجلسي اعلي اللّه مقامه في المجلد السّابع عشر من مجلدات بحار الانوار انّه قال ما هذا الفظه وصيّته امير المؤمنين عليّ بن ابي طالب عليه السّلام لولده و لو كان من

ص: 1258

الحكمة ما يجب ان يكتب بالذّهب لكانت هذه و حدّثني بها جماعة فحدّثني علّي بن الحسين بن إسماعيل قال حدّثنا الحسين بن ابي عثمان الادمي قال اخبرنا ابو حاتم المكتب يحيي بن حاتم بن عكرمة قال حدّثني يوسف بن يعقوب بانطاكيّة قال حدّثني بعض اهل العلم قال لمّا انصرف عليّ عليه السّلام من صفّين الي قنّسرين كتب به الي ابنه الحسن عليه السّلام من الوالد الفاني المقر للزمان و حدّثنا احمد بن عبد العزيز قال حدّثنا سليمان بن الرّبيع النهديّ قال حدّثنا كادح بن رحمة الزاهدي قال حدّثنا صباح بن يحيي المزنيّ و حدّثنا علي بن عبد العزيز الكوفيّ الكاتب(المكتب خ ل)قال حدّثنا جعفر بن هرون بن زياد قال حدّثنا محمّد بن عليّ بن موسي الرّضا عن ابيه جعفر الصّادق عن ابيه عن جدّه انّ عليا عليهم السّلام كتب الي الحسن بن عليّ عليهما السّلام و حدّثنا عليّ بن محمّد بن ابراهيم التستري قال حدّثنا جعفر بن عنبسة قال حدّثنا عبّاد بن زياد قال حدّثنا عمرو بن ابي المقدام عن ابي جعفر محمد بن عليّ عليهما السّلام قال كتب امير المؤمنين الي الحسن بن علي عليهما السّلام و حدّثنا محمد بن علي بن زاهر الرّاضي قال حدّثنا محمد بن العبّاس قال حدّثنا عبد اللّه بن داهر عن ابيه عن جعفر بن محمد عن ابائه عليهم السّلام عن عليّ عليه السّلام قال كتب عليّ عليه السّلام الي ابنه الحسن عليه كلّ هؤلاء حدّثونا انّ امير المؤمنين عليه السّلام كتب بهذه الرسالة الي الحسن و اخبرني احمد بن عبد الرّحمن بن فضّال القاضي قال حدّثنا الحسن بن محمّد بن احمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن عليّ بن الحسين بن علي بن ابي طالب قال حدّثنا جعفر بن محمد الحسنيّ قال حدّثنا الحسن بن عبدك قال حدّثنا الحسن بن ظريف بن ناصح عن الحسين بن الحسن بن علوان عن سعد بن ظريف عن الاصبغ بن نباتة المجاشعي قال كتب امير المؤمنين عليه السّلام الي ابنه محمّد كذا و اعلم يا ولدي محمّد ضاعف اللّه جل جلاله عنايته بك و رعايته لك قال السّيد ره قد روي الشيخ المتفق علي ثقته و امانته محمد بن يعقوب الكلينيّ تغمده اللّه جلّ جلاله برحمته رسالة مولنا امير المؤمنين عليه السّلام الي جدّك الحسن ولده سلام اللّه جل جلاله عليه و روي رسالة اخري مختصرة عن مولنا علي عليه السّلام الي ولده محمد بن الحنفية رضوان اللّه جل جلاله عليه و ذكر الرسالتين في كتاب الرسائل و وجدنا نسخة عتيقة يوشك ان يكون كتابتها في زمن حيوة محمد بن يعقوب ره و هذا الشيخ محمد بن يعقوب ره كان حياته في زمن و كلاء مولانا المهدي عليه السّلام عثمان بن سعيد الغمري و ولده ابي جعفر محمّد و ابي القاسم الحسين بن روح و عليّ بن محمّد السّمري و توفّي محمد بن يعقوب قبل وفاة عليّ بن محمد السّمري ره لانّ عليّ بن محمّد السّمري توفّي في شعبان سنة تسع و عشرين و ثلاثمائة و هذا محمد بن يعقوب الكليني توفّي ببغداد سنة ثمان و عشرين و ثلاثمائة فتصانيف هذا الشيخ محمد بن يعقوب و رواياته في زمن الوكلاء المذكورين في وقت يجد طريقا الي تحقيق منقولاته و تصديق مصنّفاته و رأيت يا ولدي بين رواية حسن بن عبد اللّه العسكريّ

ص: 1259

مصنف كتاب الزّواجر و المواعظ الذي قدّمناه و بين رواية الشيخ محمّد بن يعقوب في رسالة ابيك امير المؤمنين عليه السّلام الي ولده تفاوت فنحن نوردها برواية محمّد بن يعقوب الكليني فهو اجمل و افضل فيما قصدناه ثم اطال الكلام بذكر الرسالة باسناد الكليني ره و قال المجلسي ره بعد نقل كلام السّيد ره بتفصيله عن كتاب الوصايا و نقل الرّسالة اقول انّ الشيخ حسن بن علي بن شعبة قد ذكر هذا الخبر في كتاب تحف العقول لكن باختلاف كثير فاردت ان اورده بهذه الرواية ايضا لانّ المسك ما كررته يتضوّع يقول جامع هذا الكتاب الحسن الميرجهانيّ الطّباطبائي قد اورد السيّد هذه الرسالة في نهج البلاغة لكنه اختلاف كثير بينها و بينما في تحف العقول من حيث الزيادة و النقصان فاقتديت بالعلاّمة المجلسي في نقلها هنا برواية التحف مزيد للفائدة و تتميما للعائدة و لا حول و لا قوة الاّ باللّه العليّ العظيم و صلّي اللّه علي محمّد و آله تحف العقول للشيخ الثقة الجليل الاقدم ابي محمّد الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحرّاني رحمه اللّه من اعلام القرن الرّابع طبع طهران ص 68 قال كتابه الي ابنه الحسن عليهما السّلام من الوالد الفان المقرّ للزّمان المدبر العمر المستسلم للدّهر الذّامّ للدّنيا السّاكن مساكن الموتي الظّاعن عنها اليهم غدا الي المولود المؤمّل ما لا يدرك السّالك سبيل من(قد خ ل)هلك غرض الاسقام و رهينة الايّام و رميّة المصائب و عبد الدّنيا و تاجر المغرور و غريم المنايا و اسير الموت و حليف الهموم و قرين الاحزان و نصب الافات و صريع الشّهوات و خليفة الاموات امّا بعد فانّ فيما تبيّنت من ادبار الدّنيا عنّي و جموح الدّهر عليّ و اقبال الاخرة اليّ ما يزعني عن ذكر من سواي و الاهتمام بما ورائي غير انّه حيث تفرّد بي دون

ص: 1260

هموم النّاس همّ نفسي فصدفني رأيي و صرفني هواي و صرّح لي محض امري فافضي بي الي جدّ لا يكون فيه لعب و صدق لا يشوبه كذب و وجدتك بعضي بل وجدتك كلّي حتّي كانّ شيئا لو اصابك اصابني و كانّ الموت لو اتاك اتاني فعناني من امرك ما يعنيني من امر نفسي فكتبت اليك كتابي هذا مستظهرا به ان انا بقيت لك او فنيت فانّي اوصيك بتقوي اللّه اي بنيّ و لزوم امره و عمارة قلبك بذكره و الاعتصام بحبله و ايّ سبب اوثق من سبب بينك و بين اللّه ان انت اخذت به احي قلبك بالموعظة و موّته بالزّهد و قوّه باليقين و ذللّه بالموت و قرّره بالفناء و بصّره فجائع الدّنيا و حذّره صولة الدّهر و فحش تقلّب اللّيالي و الايّام و اعرض عليه اخبار الماضين و ذكّره بما اصاب من كان قبله و سر في بلادهم و اثارهم و انظر ما فعلوا و اين حلّوا و عمّن انتقلوا فانّك تجدهم انتقلوا عن الاحبّة و حلّو ادار الغربة و ناد في ديارهم ايّتها الدّيار الخالية اين اهلك ثمّ قف

ص: 1261

علي قبورهم فقل ايّتها الاجساد البالية و الاعضاء المتفرّقة كيف وجدتم الدّار الّتي أنتم بها اي بنيّ و كانّك عن قليل قد صرت كاحدهم فاصلح مثواك و لا تبع اخرتك بدنياك ودع القول فيما لا تعرف و الخطاب فيما لا تكلّف و امسك عن طريق اذا خفت ضلاله فانّ الكفّ عن خيرة الضّلالة خير من ركوب الاهوال و امر بالمعروف تكن من اهله و انكر المنكر بلسانك و يدك و باين من فعله بجهدك و جاهد في اللّه حقّ جهاده و لا تأخذك في اللّه لومة لائم و خض الغمرات الي الحقّ حيث كان و تفقّه في الدّين و عوّد نفسك التّصبّر و الجئ في الامور نفسك كلّها الي الهك فانّك تلجئها الي كهف حريز و مانع عزيز و اخلص في المسألة لربّك فانّ بيده العطاء و الحرمان و اكثر الاستخارة و تفهّم وصيّتي و لا تذهبنّ عنها صفحا فانّ خير القول ما نفع و اعلم انّه لا خير في علم لا ينفع و لا ينتفع بعلم حتّي لا يقال به اي بنيّ انّي لمّا رايتك قد بلغت سنّا و رايتني ازداد و هنا بادرت بوصيّتي ايّاك خصالا منهنّ ان

ص: 1262

يعجل بي اجلي دون ان افضي اليك بما في نفسي او انقص في رأيي كما نقصت في جسمي او يسبقني اليك بعض غلبات الهوي و فتن الدّنيا فتكون كالصّعب النّفور و انّما قلب الحدث كالارض الخالية ما القي فيها من شيء قبلته فبادرتك بالادب قبل ان يقسو قلبك و يشتغل لبّك المستقبل بجدّ رايك من الامر ما قد كفاك اهل التّجارب بغيته و تجربته فتكون قد كفيت مؤنة الطّلب و عوفيت من علاج التّجربة فاتاك من ذلك ما قد كنّا ناتيه و استبان لك منه ما ربّما اظلم علينا فيه اي بنيّ و انّي و ان لم اكن غمّرت عمر من كان قبلي فقد نظرت في اعمالهم و فكّرت في اخبارهم و سرت في اثارهم حتّي عدت كاحدهم بل كانّي بما انتهي اليّ من امورهم قد عمّرت مع اوّلهم الي اخرهم فعرفت صفو ذلك من كدره و نفعه من ضرّه فاستخلصت لك من كلّ امر نخيله و توخّيت لك جميله و صرفت عنك مجهوله و رأيت حيث عناني من امرك ما يعني الوالد الشّفيق و اجمعت عليه من ادبك ان يكون ذلك و انت مقبل بين ذي النّقيّة و النّيّة و ان ابدءك

ص: 1263

بتعليم كتاب اللّه و تاويله و شرائع الاسلام و احكامه و حلاله و حرامه و لا اجاوز ذلك بك الي غيره ثمّ اشفقت ان يلبسك ما اختلف النّاس فيه اهوائهم مثل الّذي لبسهم و كان احكام ذلك لك علي ما كرهت من تنبيهك له احبّ اليّ من اسلامك الي امر لا امن عليك فيه الهلكة و رجوت ان يوفّقك اللّه فيه لرشدك و ان يهديك لقصدك فعهدت اليك وصيّتي هذه و احكم مع ذلك اي بنيّ انّ احبّ ما انت اخذ به اليّ من وصيّتي تقوي اللّه و الاقتصار علي ما افترض عليك و الاخذ بما مضي اليه الاوّلون من آباءك و الصّالحون من اهل ملّتك فانّهم لم يدعوا ان ينظروا لانفسهم كما انت ناظر و فكّروا كما انت مفكّر ثمّ ردّهم اخر ذلك الي الاخذ بما عرفوا و الامساك عمّا لم يكلّفوا فان ابت نفسك ان تقبل ذلك دون ان تعلم كما كانوا علموا فليكن طلبك ذلك بتفهّم و تعلّم لا بتورّط الشّبهات و علوّ الخصومات و ابدء قبل نظرك في ذلك

ص: 1264

بالاستعانة بالهك عليه و الرّغبة اليه في توفيقك و ترك كلّ شائبة ادخلت عليك شبهة و اسلمتك الي ضلالة و اذا انت ايقنت ان قد صفا لك قلبك فخشع و تمّ رايك فاجتمع و كان همّك في ذلك همّا واحدا فانظر فيما فسّرت لك و ان انت لم يجتمع لك ما تحبّ من نفسك من فراق فكرك و نظرك فاعلم انّك انّما تخبط خبط العشواء و ليس طالب الدّين من خبط و لا خلط و الامساك عند ذلك امثل و انّ اوّل ما ابدء به من ذلك و اخره انّي احمد اليك الهي و الهك و آله آباءك الاوّلين و الاخرين و ربّ من في السّموات و الارضين بما هو اهله و كما هو اهله و كما يحبّ و ينبغي و نسأله ان يصلّي عنّا علي نبيّنا صلّي اللّه عليه و آله و علي اهل بيته و علي انبياء اللّه و رسله بصلوة جميع من صلّي عليه من خلقه و ان يتمّ نعمه علينا فيما وفّقنا له من مسئلته بالاجابة لنا فانّ بنعمته تتمّ الصّالحات اللغات قوله عليه السّلام المقرّ للزمان اي المقرّ له بالغلبة و القهر المعترف بالعجز في يد تصرّفاته كانّه قدّره خصما ذا باس المؤمل ما لا يدرك اي يؤمّل البقاء و هو ممّا لا يدركه احد الرهينة ما يرهن الرميّه

ص: 1265

الهدف و التاء لنقل الاسم من الوصفية الي الاسميّة الصرفه الحليف المحالف و الحلف بالكسر و الحلف بالفتح التعاقد و المعاهدة علي التعاضد و التساعد و الاتفاق نصب الافات يقال فلان نصب عيني بالضم اي لا يفارقني و الصريع الطريح يزعني اي يمنعني المحض الخالص افضي اي انتهي الشوب المزج و الخلط الفجائع جمع الفجيعة و هي المصيبة الفحش بمعني الزيادة و الكثرة و الغمرات الشدائد الكهف الملجأ الحريز الحصين الاستخارة اجالة الرأي في الامر قبل فعله لاختيار افضل الوجوه الصفح الاعراض استبان اي ظهر النخيل المختار المصفّي توخيّت اي تحرّيت العشواء الضعيفة البصر و اشعار لفظ الخبط له باعتبار انه طالب للعلم بغير استكمال شرائط الطلب و علي غير وجهه فتفهّم اي بنيّ وصيّتي و اعلم انّ مالك الموت هو مالك الحيوة و انّ الخالق هو المميت و انّ المفني هو المعيد و انّ المبتلي هو المعافي و انّ الدّنيا لم تكن لتستقيم الاّ علي ما خلقها اللّه تبارك و تعالي عليه من النّعماء و الابتلاء و الجزاء في المعاد او ما شاء ممّا لا نعلم فان اشكل عليك شيء من ذلك فاحمله علي جهالتك به و انّك اوّل ما خلقت خلقت جاهلا ثمّ علمت و ما اكثر ما تجهل من الامر و يتحيّر فيه رايك و يضلّ فيه بصرك ثمّ تبصره بعد ذلك فاعتصم بالّذي خلقك و رزقك و سوّاك فليكن له تعمّدك و اليه رغبتك و منه شفقتك و اعلم يا بنيّ انّ احدا لم ينبيء عن اللّه تبارك و تعالي كما انبأ عنه نبيّنا صلّي اللّه عليه و آله فارض به رائدا و الي النّجاة قائدا فانّي لم الك نصيحة

ص: 1266

و انّك لم تبلغ في النّظر لنفسك و ان اجتهدت مبلغ نظري لك و اعلم يا بنيّ انّه لو كان لربّك شريك لاتتك رسله و لرأيت اثار ملكه و سلطانه و لعرفت صفته و فعاله و لكنّه آله واحد كما وصف نفسه لا يضادّه في ذلك احد و لا يحاجّه و انّه خالق كلّ شيء و انّه اجلّ من ان يثبت لربوبيّته بالاحاطة قلب او بصر و اذا انت عرفت ذلك فافعل كما ينبغي لمثلك في صغر خطرك و قلّة مقدرتك و عظم حاجتك اليه ان يفعل مثله في طلب طاعته و الرّهبة له و الشّفقة من سخطه فانّه لم يأمرك الاّ بحسن و لم ينهك الاّ عن قبيح اي بنيّ انّي قد انباتك عن الدّنيا و حالها و زوالها و انتقالها باهلها و انباتك عن الاخرة و ما اعدّ لاهلها فيها و ضربت لك فيها الامثال انّما مثل من ابصر الدّنيا كمثل قوم سفر نبابهم منزل جدب فامّوا منزلا خصيبا و جنابا مريعا الرّائد هو الذي يذهب لطلب المنزل لصاحبه او من ترسله في طلب الكلاء ليتعرف موقعه و الرسول قد عرف عن اللّه و اخبرنا فهو رائد سعادتنا لم ا لك نصيحة اي لم اقصر في نصيحتك قوله بالاحاطة قلب او بصر في النهج من ان يثبت ربوبيّته باحاطة قلب او بصر الجناب النّاحية الرّيع اي كثير العشب

ص: 1267

فاحتملوا و عثاء الطّريق و فراق الصّديق و خشونة السّفر في الطّعام و المنام لياتوا سعة دارهم و منزل قرارهم فليس يجدون لشيء من ذلك الما و لا يرون نفقة مغرما و لا شيئا احبّ اليهم ممّا قرّبهم من منزلهم و مثل من اغترّ بها كمثل قوم كانوا بمنزل خصب فنبأ بهم الي منزل جذب فليس شيء اكره اليهم و لا اهول لديهم من مفارقة ما هم فيه الي ما يهجمون عليه و يصيرون اليه و قرعتك بانواع الجهالات لئلاّ تعدّ نفسك عالما فان ورد عليك شيء تعرفه اكبرت ذلك فانّ العالم من عرف انّ ما يعلم فيما لا يعلم قليل فعدّ نفسه بذلك جاهلا فازداد بما عرف من ذلك في طلب العلم اجتهادا فما يزال للعلم طالبا و فيه راغبا و له مستفيدا و لاهله خاشعا مهتمّا و للصّمت لازما و للخطاء حاذرا و منه مستحييا و ان ورد عليه ما لا يعرف لم ينكر ذلك لما قرّر به نفسه من الجهالة و انّ الجاهل من عدّ نفسه بما جهل من معرفة العلم عالما و برايه مكتفيا فما يزال للعلماء

ص: 1268

مباعدا و عليهم زاريا و لمن خالفه مخطّئا و لما لم يعرف من الامور مضّللا فاذا ورد عليه من الامور ما لم يعرفه انكره و كذّب به و قال بجهالته ما اعرف هذا و ما اراه كان و ما اظنّ ان يكون و انّي كان و ذلك لثقته برايه و قلّة معرفته بجهالته فما ينفكّ بما يري ممّا يلتبس عليه رايه ممّا لا يعرف للجهل مستفيدا و للحقّ منكرا و في الجهالة متحيّرا و عن طلب العلم مستكبرا اي بنيّ تفهّم وصيّتي و اجعل نفسك ميزانا فيما بينك و بين غيرك فاحبب لغيرك ما تحبّ لنفسك و اكره له ما تكره لنفسك و لا تظلم كما لا تحبّ ان تظلم و احسن كما تحبّ ان يحسن اليك و استقبح من نفسك ما تستقبح من غيرك و ارض من النّاس لك ما ترضي به لهم منك و لا تقل بما لا تعلم بل لا تقل كلّما تعلم و لا تقل ما لا تحبّ ان يقال لك و اعلم انّ الاعجاب ضدّ الصّواب و افة قوله عليه السّلام و عثاء الطريق اي مشقّته خشونة السّفر في النهج خشونة السّفر و جشوبة المطعم هجم عليه اي انتهي اليه بغتة قوله و ارض من الناس اي اذا عاملوك بمثل ما تعاملهم و لا تطلب منهم ازيد ممّا تقدم لهم الاعجاب استحسان ما يصدر عن النفس

ص: 1269

الالباب فاذا انت هديت لقصدك فكن اخشع ما تكون لربّك و اعلم انّ امامك طريقا ذا مشقّة بعيدة و اهوال شديدة و انّه لا غني بك فيه عن حسن الارتياد و قدّر بلاغك من الزّاد و خفّة الظّهر فلا تحملنّ علي ظهرك فوق بلاغك فيكون ثقلا و وبالا عليك و اذا وجدت من اهل لحاجة من يحمل لك زادك فيوافيك به حيث تحتاج اليه فاغتنمه و اغتنم من استقرضك في حال غناك و اجعل وقت قضاءك في يوم عسرتك و اعلم انّ امامك عقبة كئودا لا محالة مهبطا بك علي جنّة او علي نار المخفّ فيها احسن حالا من المثقل فارتدّ لنفسك قبل نزولك و اعلم انّ الّذي بيده ملكوت خزائن الدّنيا و الاخرة قد اذن بدعائك و تكفّل باجابتك و امرك ان تسأله ليعطيك و هو رحيم لم يجعل بينك و بينه ترجمانا و لم يحجبك عنه و لم يلجئك الي من يشفع اليه لك و لم يمنعك ان اسات التّوبة و لم يعيّرك بالانابة و لم يعاجلك بالنّقمة و لم يفضحك حيث تعرّضت للفضيحة و لم يناقشك بالجريمة و لم يؤيسك

ص: 1270

من الرّحمة و لم بشدّد عليك في التّوبة فجعل النّزوع عن الذّنب حسنة و حسب سيّئتك واحدة و حسب حسنتك عشرا و فتح لك باب المتاب و الاستيناف فمتي شئت سمع نداءك و نجواك فافضيت اليه بحاجتك و انباته عن ذات نفسك و شكوت اليه همومك و استعنته علي امورك و ناجيته بما تستخفي به من الخلق من سرّك ثمّ جعل بيدك مفاتيح خزائنه فالحح في المسألة يفتح لك باب الرّحمة بما اذن لك فيه من مسئلته فمتي شئت استفتحت بالدّعاء ابواب خزائنه فالحح و لا يقنطك ان ابطات عنك الاجابة فانّ العطيّة علي قدر المسألة و ربّما اخّرت عنك الاجابة ليكون اطول للمسألة و اجزل للعطيّة و ربّما سئلت الشّييء فلم تؤته و اوتيت خيرا منه عاجلا واجلا او صرف الارتياد الطّلب اصله و اويّ من راد يرود و حسن الارتياد اتيانه من وجهه البلاغ الكفاية اي ما يكفي من العيش و لا يفضل الكئود صعبة شاقة المصعد و المخفّ بالضمّ فالكسر الذي خفف حمله بعكس المثقل فارتد لنفسك اصله من راد يرود اذا طلب و تفقّد و تهيّئا مكانا لينزل اليها و المراد ابعث رائدا و الانابة الرجوع الي اللّه النّزوع الرجوع و الكفّ المتاب التوبة الاستيناف الاخذ بالشييء و ابتدائه و في بعض النسخ الاستيتاب افضيت اي القيت و ابلغت اليه المناجاة المكالمة سرّا الحح من الالحاح من الحّ في السؤال اي واظب عليه

ص: 1271

عنك لما هو خير لك فلربّ امر قد طلبته فيه هلاك دينك لو اوتيته و لتكن مسئلتك فيما يعنيك ممّا يبقي لك جماله و ينفي عنك و باله و المال لا يبقي لك و لا تبقي له فانّه يوشك ان تري عاقبة امرك حسنا او سيّئا او يعفوا لعفوّ الكريم و اعلم انّك خلقت للآخرة لا للدّنيا و للفناء لا للبقاء و للموت لا للحياة و انّك في منزل قلعة و طريق الي الاخرة انّك طريد الموت الّذي لا ينجو(منه خ ل)هاربه و لا بدّ انّه يدركك علي حال سيّئة قد كنت تحدّث فيها نفسك بالتّوبة فيحول بينك و بين ذلك فاذا انت قد اهلكت نفسك اي بنيّ اكثر ذكر الموت و ذكر ما تهجم عليه و تفضي بعد الموت اليه و اجعله امامك حتّي يأتيك و قد اخذت منه حذرك و لا يأخذك علي عزّتك و اكثر ذكر الاخرة و ما فيها من النّعيم و العذاب الاليم فانّ ذلك يزهّدك في الدّنيا و يصغّرها عندك و قد نبّاك اللّه عنها و نعتت لك نفسها و كشفت عن مساويها فايّاك ان تغترّ بما تري من اخلاد اهلها اليها و تكالبهم عليها

ص: 1272

و انّما اهلها كلاب عاوية و سباع ضاربة يهرّ بعضها علي بعض ياكل عزيزها ذليلها و كبيرها صغيرها قد اضلّت اهلها عن قصد السّبيل و سلكت بهم طريق العمي و اخذت بابصارهم عن منهج الصّواب فتاهوا في حيرتها و عزقوا في فتنتها و اتّخذوها ربّا فلعبت بهم و لعبوا بها و نسوا ما ورائها قد اضلّت عقولها و ركبت مجهولها سروح عاهه بواد و عث ليس لها راع يقيمها رويدا حتّي يسفر الظّلام كان قد وردت الظّعينة يوشك من اسرع ان يؤب و اعلم انّ من كانت مطيّته اللّيل و النّهار فانّه يسار به و ان كان لا يسير ابي اللّه الاّ خراب الدّنيا و عمارة القلعة بالضمّ فالسّكون اي لا يصلح للاستيطان و الاقامة يقال منزل قلعة اي لا يملك لنازله و يقلع عنه و لا يدري متي ينفلع عنه و البلغة ما يبلغ به من العيش و المراد انّها دار تؤخذ فيها الكفاية للاخرة و الحذر بالكسر الاحتراز و الاحتراس و الغرّة بالكسر و التشديد الغفلة و نعتت لك نفسها في نسخة نعت لك من النّعي و هو الاخبار بالموت و المراد انّ الدنيا تخبر بحالها من التغيّر و التحوّل عن فنائها التكالب التّوائب و تكالبهم عليها اي شديد حرصهم عليها ضارية اي مولعة بالافتراس يهرّ اي يكره ان ينظر بعضها بعضا و يمقت العمي و العمائة الغواية فتاهوا اي ضلّوا عن الطريق الشّين ضدّ الزّين اضلّت عقولها اضاعت عقولها السّروح بالضمّ جمع سرح المال السالم من الابل و نحوها الماشية و العاهة الأفة و الوعث الطريق الغليظ العسر يصعب السّير فيه رويدا مصدر اورد مصغّرا تصغيرا لترخيم مهلا و يسفر اي يكشف و المعني عن قريب يكشف ظلام الجهل عمّا خفي من الحقيقة بحلول الموت الضغينة الهودج عبّر به عليه السّلام عن المسافرين في طريق الدّنيا الي الاخرة كان حالهم ان وردوا علي غاية سيرهم و قوله عليه السّلام يؤب اي يرجع

ص: 1273

الاخرة اي بنيّ فان تزهد فيما زهّدك اللّه فيه من الدّنيا و تعزف نفسك عنها فهي اهل ذلك و ان كنت غير قابل نصيحتي ايّاك فيها فاعلم يقينا انّك لن تبلغ املك و لن تعدو اجلك و انّك في سبيل من كان قبلك فاخفض في الطّلب و اجمل في المكتسب فانّه ربّ طلب قد جرّ الي حرب و ليس كلّ طالب بناج و كلّ مجمل بمحتاج و اكرم نفسك عن كلّ دنيّة و ان ساقتك الي رغبة فانّك لن تعتاض بما تبذل من نفسك عوضا و لا تكن عبد غيرك و قد جعلك اللّه حرّا و ما خير خير لا ينال الاّ بشرّ و يسر لا ينال الاّ بعسر و ايّاك ان توجف بك مطايا الطّمع فتوردك مناهل الهلكة و ان استطعت ان لا يكون بينك و بين اللّه ذو نعمة فافعل فانّك مدرك قسمك و اخذ سهمك و انّ اليسير من اللّه تبارك و تعالي اكثر و اعظم من الكثير من خلقه و ان كان كلّ منه و لو نظرت و للّّه المثل الاعلي فيما تطلب من الملوك و من دونهم من السّفلة لعرفت انّ لك في يسير ما تصيب من الملوك افتخارا

ص: 1274

و انّ عليك في كثير ما تصيب من الدّناة عارا فاقتصد في امرك تحمد مغبّة علمك انّك لست بائعا شيئا من دينك و عرضك بثمن و المغبون من غبن نصيبه من اللّه فخذ من الدّنيا ما اتاك و اترك ما تولّي فان انت لم تفعل فاجمل في الطّلب و ايّاك و مقارنة من رهبته علي دينك و باعد السّلطان و لا تامن خدع الشّيطان و تقول متي اري ما انكر نزعت فانّه كذا هلك من كان قبلك من اهل القبلة و قد ايقنوا بالمعاد فلو سمعت بعضهم بيع اخرته بالدّنيا لم يطب بذلك نفسا ثمّ قد يتخيّله الشّيطان بخدعه و مكره حتّي يورّطه قوله عليه السّلام فاخفض في الطلب اي و ارفق من الخفض بمعني السّهل و اجمل في المكتسب اي اسع سعيا جميلا لا بحرص و لا بطمع الحرب محرّكة سلب المال من حرب الرّجل سلبه ماله و تركه بلا شيء و ايضا بمعني الهلاك و الويل الدنيّة مؤنّث الدّنيّ الساقط الضعيف الخصلة المذمومة المحقورة و ايضا النقيصة و المراد ان طلب المال لصيانة النفس و حفظه فلو اتعبت و بذلت نفسك لتحصيل المال فقد ضيّعت ما هو المقصود منه فلا عوض لما ضيع و لن تعتاصّ اي لن تجد عوضا قوله عليه السّلام و ما خير خير لا ينال الاّ بشرّ المراد انه ان الذي لا ينال الاّ بشر لا يكون خيرا بل يكون شرّا لانّ طريقه شرّ فكيف يكون هو خيرا و هكذا ما لا ينال الا بعسر لا يكون يسرا توجف اي تسرع سيرا سريعا و المطايا جمع المطيّة و هي الدّابة التي تركب و المناهل جمع المنهل موضع الشرب علي الطريق و ما ترده الابل و نحوها للشرب الدّناة جمع دان او الدنّي و هو الخسيس المغبّة عاقبة الشيء الخدع جمع الخدوع الكثير الخداع فلو سمت من سام السلعة يسوم اي عرضها و ذكر ثمنها و المراد انّك لو عرضت ببعضهم بان يبيع اخرته بالدنيا لم يرض بذلك و لم يطب نفسه بهذه التجارة يورّطه اي يلقاه في الورطة و يوقعه فيما لا خلاص له منه

ص: 1275

في هلكته بعرض من الدّنيا حقير و ينقله من شرّ الي شرّ حتّي يؤيسه من رحمة اللّه و يدخله في القنوط فيجد الوجه الي ما خالف الاسلام و احكامه فان ابت نفسك الاّ حبّ الدّنيا و قرب السّلطان فخالفت ما نهيتك عنه بما فيه رشدك فاملك عليك لسانك فانّه لا بقيّة للملوك عند الغضب و لا تسئل عن اخبارهم و لا تنطق عند اسرارهم و لا تدخل فيما بينك و بينهم و في الصّمت السّلامة من النّدامة و تلافيك ما فرط من صمتك ايسر من ادراكك ما فات من منطقك و حفظ ما في الوعاء بشدّ الوكاء و حفظ ما في يديك احبّ اليّ من طلب ما في يد غيرك و لا تحدّث الاّ عن ثقة فتكون كاذبا و الكذب ذلّ و حسن التّدبير مع الكفاف اكفي لك من الكثير مع الاسراف و حسن اليأس خير من الطّلب الي النّاس و العفّة مع الحرفة خير من سرور مع فجور و المرء احفظ لسرّه و ربّ ساع فيما يضرّه من اكثر اهجر و من تفكّر ابصر و من خير حظ امرء قرين صالح فقارن اهل الخير تكن منهم و باين اهل

ص: 1276

الشرّبتن عنهم و لا يغلبنّ عليك سوء الظّنّ فانّه لا يدع بينك و بين خليل صلحا و قد يقال من الحزم سوء الظّنّ بئس الطّعام الحرام و ظلم الضّعيف افحش الظّلم و الفاحشة كاسمها و التّصبّر علي المكروه نقص للقلب و ان كان الرّفق خرقا كان الخرق رفقا و ربّما كان الدّواء داء و ربّما نصح غير النّاصح و غشّ المستنصح و ايّاك و الاتّكال علي المني فانّها بضائع النّوكي و تثبّط عن خير الاخرة و الدّنيا ذكّ قلبك بالادب كما تذكّي النّار بالحطب و لا تكن كحاطب اللّيل و عثاء السّبيل و كفر النّعمة لوم و صحبته الجاهل شوم و العقل حفظ التّجارب و خير ما جرّبت ما وعظك و من الكرم لين الشّيم بادر الفرصة قبل ان تكون غصّة من الحزم العزم قوله فاملك عليك لسانك اي فاحفظ لسانك التلافي التدارك لاصلاح ما فسد او كاد و الفرط القصد و لا تحدث الا عن ثقة اي و لا تقل الاّ عن صدق و ثقة مع الكفاف اي بقدر الكفاية و المرء احفظ السرّه اي الاولي ان لا تبوح بسرّك الي احد فانت احفظ من غيرك فان اذعته انتشر فلم تلم الاّ نفسك لانك كنت عاجزا عن سرّ نفسك فغيرك اعجز ربّ ساع عما يضرّه اي ربّما كان الانسان يسعي فيما يضرّه لجهله او سوء قصده من اكثر اهجر يقال فلان اهجر في منطقه اي تكلّم بالهذيان و كثير الكلام لا يخلو من الاهجار تبن عنهم اي تبين عنهم و الفعل مجزوم لجواب الشرط الخرق بالضم العنف اي الشدّة و ضدّ الرفق المستنصح اسم مفعول المطلوب منه النّصح المني جمع منية بالضم فالسّكون ما يتمناه الانسان لنفسه و البضائع جمع بضاعة و هي من المال ما اعدّ للتجارة النوكي كسكري جمع الانوك اي الاحمق و المقهور و المغلوب و التثبّط التعويق و الوعثاء التعب و المشقة بالكسر جمع يشمة و هي الخلق و الطبيعة و المراد به الاخلاق الحسنة

ص: 1277

من سبب الحرمان التواني ليس كلّ طالب يصيب و لا كلّ راكب يؤب و من الفساد اضاعة الزّاد و لكلّ امر عاقبة ربّ يسير انمي من كثير سوف يأتيك ما قدّر لك التّاجر مخاطر و لا خير في معين مهين لا تبيتنّ من امر علي غرر من حكم ساد و من تفهّم ازداد و لقاء اهل الخير عمارة القلوب ساهل الدّهر ما ذلّ لك قعوده و ايّاك ان تجمح بك مطيّة اللّجاج و ان قارفت سيّئة فعجّل محوها بالتّوبة و لا تخن من ائتمنك و ان خانك و لا تذع سرّه و ان اذاعه و لا تخاطر بشييء رجاء اكثر منه و اطلب فانّه يأتيك ما قسّم لك خذ بالفضل و احسن البذل و قل للنّاس حسنا و ايّ كلمة حكم جامعة ان تحبّ للنّاس ما تحبّ لنفسك و تكره لهم ما تكره لها انّك قلّ ما تسلم ممّن تسرّعت اليه ان تندم او تتفضّل عليه و اعلم انّ من الكرم الوفاء بالذّمم و الدّفع عن الحرم و الصّدود اية المقت و كثّرة العلل اية البخل و لبعض امساكك عن اخيك مع لطف خير من بذل

ص: 1278

مع جنف و من الكرم صلة الرّحم و من يرجوك او يثق بصلتك اذا قطعت قرابتك و التّحريم وجه القطيعة احمل نفسك مع اخيك عند صرمه علي الصّلة و عند صدوده علي اللّطف و المسألة و عند جموده علي البذل و عند تباعده علي الدّنوّ و عند شدّته علي اللّين و عند جرمه علي الاعتذار حتّي كانّك له عبد و كانّه ذو نعمة عليك و ايّاك ان تضع ذلك في غير موضعه و ان تفعله بغير اهله لا تتّخذنّ عدوّ صديقك صديقا فتعادي صديقك و لا قوله التاجر مخاطر اي بنفسه و ماله و المهين بضم الميم بمعني فاعل الاهانة و لا يصلح لان يكون معينا فيفسدها يصلح او بفتحها بمعني الحقير فانه ايضا لا يصلح لضعف قدرته القعود بالفتح من الابل ما يقتعده الرّاعي في كل حاجة اي يتخذ مركبا و يقال ايضا للابل الفصيل من قياده و الظنين بالظاء المتّهم و بالضاد البخيل الغرر بالتحريك المغرور به تجمح بك المطيّة يقال جمحت المطيّة تغلب علي راكبه و ذهب به و جمحت به اي طرحت به و حمله علي ركوب المهالك اللجاج بالفتح الخصومة اي انّي احذّرك من ان تغلبك الخصومات فلا تملك نفسك من الوقوع في مضارّها الذّمم بكسر الاوّل و فتح الثاني جمع الذمّة العهد و الامان و الضمان الحرم بضم الاول و الثاني جمع الحريم ما يدافع عنه و يحميه و الصّدود الاعراض و الميل عن الشيء و المقت شدة البغض الجنف الجور ربما كان الامساك مع حسن الخلق خير من البذل مع الجور قال اللّه تعالي في سورة البقرة اية 265 قوله معروف و مغفرة خير من صدقة يتبعها اذي احمل نفسك مع اخيك عند صرمه علي الصّلة في بعض النسخ احمل نفسك من اخيك و الصّرم بالضّم او الفتح القطيعة و قوله عليه السّلام علي الصّلة متعلق باحمل نفسك اي الزم نفسك بصلة صديقك اذا قطعك و هكذا بعده و المراد بالجمود البخل

ص: 1279

تعمل بالخديعة فانّها خلق اللّئيم و امحض اخاك النّصيحة حسنة كانت او قبيحة و ساعده علي كلّ حال و زل معه حيث زال و لا تطلبنّ مجازاة اخيك و لو حثا التّراب بفيك و خذ علي عدوّك بالفضل فانّه احري للظّفر و تسلم من النّاس بحسن الخلق و تجرّع الغيظ فانّي لم ار جرعة اخلي منها عاقبة و لا الذّ مغبّة و لا تصرم اخاك علي ارتياب و لا تقطعه دون استعتاب و لن لمن غالظك فانّه يوشك ان يلين لك ما اقبح القطيعة بعد الصّلة و الجفاء بعد الاخاء و العداوة بعد المودّة و الخيانة لمن ائتمنك و خلف الظّنّ لمن ارتجاك و الغدر بمن استامن اليك فان انت غلبتك قطيعة اخيك فاستبق لها من نفسك بقيّة ترجع اليها ان بدا ذلك له يوما و من ظنّ بك خيرا فصدّق ظنّه و لا تضيعنّ حقّ اخيك اتّكالا علي ما بينك و بينه فانّه ليس لك باخ من اضعت حقّه و لا يكن اهلك اشقي الخلق بك و لا ترغبنّ فيمن زهد فيك و لا تزهدنّ فيمن رغب اليك اذا كان

ص: 1280

للخلطة موضعا و لا يكوننّ اخوك اقوي علي قطيعتك منك علي صلته و لا يكوننّ علي الاساءة اقوي منك علي الفضل و الاحسان و لا علي البخل اقوي منك علي البذل و لا علي التّقصير اقوي منك علي الفضل و لا يكبرنّ عليك ظلم من ظلمك فانّه انّما يسعي في مضرّته و نفعك و ليس جزاء من سرّك ان تسوءه و الرّزق رزقان رزق تطلبه و رزق يطلبك فان لم تاته اتاك و اعلم اي بنيّ انّ الدّهر ذو صروف فلا تكوننّ ممّن تشتدّ لائمّته و يقلّ عند النّاس عذره ما اقبح الخضوع عند الحاجة و الجفاء عند الغني انّما لك من دنياك ما اصلحت به مثواك فانفق في حقّ و لا تكن خازنا لغيرك و ان كنت حثا التراب اي صبّه المغبّة بفتحتين و تشديد الباء العاقبة الارتياب الاتّهام و الشّك الاستعتاب طلب العتبي اي الاسترضاء بقيّة اي بقيّة من الصّلة يسهل لك معها الرّجوع اليه قوله ان بدا له اي ظهر له حسن العودة يوما قوله فصدّق ظنّه اي بلزوم ما ظنّ بك من الخير قوله علي صلته امر بلزوم حفظ الصّداقة يعني اذا اتي اخوك بالقطيعة فقابلها انت بالصّلة حتّي تغلبه و لا يكوننّ هو اقدر علي ما يوجب القطيعة منك علي ما يوجب الصّلة و هكذا بعده قوله فان لم تاته اتاك المراد انّ الرزق رزقان رزق الطالب و رزق المطلوب فرزق الطالب ما هو المقدّر للانسان فان انت لم تاته اتاك و رزق المطلوب ما كان مبدئه الحرص في الدنيا قوله الدهر ذو صروف صرف الدهر و صروفه نوائبه و حدثانه يعني ان الدهر بطبيعته و حقيقته متغيّر و متزلزل لا يثبت بحال و لا يدوم علي وجه و قد اذن بفراقه و نادت بتغيّره و نعت نفسه و اهله و لا يجوز ان تشتّد ذمّه و لومه المثوي المقام اي حظّك من الدنيا ما اصلحته مقامك

ص: 1281

جازعا علي ما تفلّت من يديك فاجزع علي كلّ ما لم يصل اليك و استدلل علي ما لم يكن بما كان فانّما الامور اشباه و لا تكفرنّ ذا نعمة(و لا تكفر نعمة خ ل)فانّ كفر النّعمة من الام الكفر و اقبل العذر و لا تكوننّ ممّن لا ينتفع من العظة الاّ بما لزمه فانّ العاقل ينتفع بالادب و البهائم لا تتّعظ الاّ بالضّرب اعرف الحقّ لمن عرفه لك رفيعا كان او وضيعا و اطرح عنك واردات الهموم بعزائم الصّبر و حسن اليقين من ترك القصد جار و نعم حظّ المرء القناعة و من شرّ ما صحب المرء الحسد و في القنوط التّفريط و الشّحّ يجلب الملامة و الصّاحب مناسب الصّديق من صدق غيبه و الهوي شريك العمي و من التّوفيق الوقوف عند الحيرة و نعم طارد الهمّ اليقين و عاقبة الكذب الذّمّ و في الصّدق السّلامة و عاقبة الكذب شرّ عاقبة ربّ بعيد اقرب من قريب و قريب ابعد من بعيد و الغريب من لم يكن له حبيب لا يعدمك من حبيب سوء ظنّ

ص: 1282

و من حمي طني و من تعدّي الحقّ ضاق مذهبه و من اقتصر علي قدره كان ابقي له نعم الخلق التّكرّم و الام من اللوّم البغي عند القدرة و الحياء سبب الي كلّ جميل و اوثق العري التّقوي و اوثق سبب اخذت به سبب بينك و بين اللّه و منّك من اعتبك و الافراط في الملامة تشبّ نيران اللّجاج و كم من دنف قد نجا و صحيح قد هوي فقد يكون الياس ادراكا اذا كان الطّمع هلاكا و ليس كلّ عورة تظهر و لا كلّ فريضة تصاب و ربّما اخطأ البصير قصده و اصاب الاعمي رشده ليس كلّ من طلب وجد و لا كلّ من توقّي نجا اخّر الشّرّ فانّك اذا شئت تعجّلته و احسن ان احببت قوله تفلّت بتشديد اللام اي تملّص و تخلّص من اليد فلم يمكن ان يحفظه و المراد لا تجزع علي ما فاتك فانّ الجزع عليه كالجزع علي ما لم تصله فالثاني لا يجوز لانه لا يحصر فينال فالجزع عليه مذموم فكذا الاوّل العزائم جمع العزيمة و هو ما جزمت بها و لزمتها من الارادة المؤكدّة القصد الاعتدال جار اي مال عن الحقّ و الصّاحب مناسب؟؟؟ ينبغي ان يكون الصّاحب كالنّسيب المشفق و يراعي في المصاحب ما يراعي في قرابة النّسب صدق غيبه اي حفظ لك حقك و هو غائب عنك و الهوي شريك العمي في كونهما موجبين للضلال و عدم الاهتداء معهما الي ما الي ما ينبغي من المصلحة و في بعض النسخ الهوي شريك العنا اي الشقاء و التّعب من حمي طني حمي بمعني منع و دفع عنه و قام بنصره و المريض ما يضرّه وطني اللديغ من لدغ العقرب عوفي وطني فلانا عالجه التكرّم تكلّف الكرم و تكرّم عنه تنزّه اعتبه اعطاه العتبي و ارضاه عنه بعد اسخاطه ايّاه عليه الدنف محركة المرض اللازم و المريض الذي لزمه المرض و الدنف بكسر النون من لازمه مرضه الجمع ادناف و هو بلفظ واحد يقال رجل دنف و امراة دنف و هما دنف مذكّر او مؤنّثا و هم و هنّ دنف لان الدنف مصدر وصف به اذا كان الطمع في الشيء هلاكا اي كان الياس منه ادراكا للنجاة توقّي اي تجنّب

ص: 1283

ان يحسن اليك و احتمل اخاك علي ما فيه و لا تكثر العتاب فانّه يورث الضّغينة و يجرّ الي البغضة و استعتب من رجوت اعتابه و قطيعة الجاهل تعدل صلة العاقل و من الكرم منع الحزم من كابر الزّمان عطب و من ينقتم عليه غضب(من ينتقم عليه غضب خ ل)ما اقرب النّقمة من اهل البغي و اخلق بمن غدر ان لا يوفي له زلّة المتوقّي اشدّ زلّة و علّة الكذب اقبح علّة و الفساد يبير الكثير و الاقتصاد يثمر اليسير و القلّة ذلّة و برّ الوالدين من كرم الطّبيعة و الزّلل مع العجل و لا خير في لذّة تعقب ندما و العاقل من وعظته التّجارب و الهدي يجلو العمي و لسانك ترجمان عقلك ليس مع الاختلاف ائتلاف من حسن الجوار تفقّد الجار لن يهلك من اقتصد و لن يفتقر من زهد بيّن عن امرء دخيله ربّ باحث عن حتفه لا تشترينّ بثقة رجاء ما كلّ ما يخشي يضرّ ربّ هزل عاد جدّا من امن الزّمان خانه و من تعظّم عليه اهانه و من ترغّم عليه ارغمه و من لجأ اليه اسلمه و ليس كلّ من رمي اصاب اذا تغيّر السّلطان

ص: 1284

تغيّر الزّمان و خير اهلك من كفاك و المزاح يورث الضّغاين و ربّما اكدي الحريص راس الدّين صحّة اليقين و تمام الاخلاص تجنّبك المعاصي و خير المقال ما صدّقه الفعال و السّلامة مع الاستقامة و الدّعاء مفتاح الرّحمة سل عن الرّفيق قبل الطّريق و عن الجار قبل الدّار و كن من الدّنيا علي قلعة احمل لمن ادلّ عليك و اقبل عذر من اعتذر اليك و خذ العفو من النّاس و لا تبلغ الي احد مكروهه اطع اخاك و ان عصاك و صله و ان جفاك و عوّد نفسك السّماح الحزم ضبط الامر و احكامه و الحذر من فواته و الاخذ فيه بالثقة و هنا بمعني الشدّة و الغلظة عطب الرّجل كفرح يعطب عطبا هلك و في بعض النسخ من تنقم عليه غضب الاخلق الاجدر يقال هو خليق به اي جدير بحث في الارض حفرها و الحتف الموت و في المثل كالباحث عن حتفه بظلفه يضرب لمن يطلب ما يؤدّي الي تلف النفس هزل في كلامه هزلا كضرب اي مزح و هو ضدّ الجدّ قوله و من تعظم عليه اهانه تنبيه علي وجوب الحذر من الزمان و دوام ملاحظة تغيّراته و الاستعداد لحوادثه قبل نزولها و استعار لفظ الخيانة باعتبار تغيّره عند الغفلة عنه و الا من فيه فهو في ذلك كالصّديق الخائن قوله كل من رمي اصاب تنبيه علي ما ينبغي من ترك الاسف علي ما يفوت من المطالب و التسلّي بمن اخطأ في طلبه و اليه اشار ابو الطيب ما كلّ من طلب المعالي نافذا فيها و لا كلّ الرجال فحول قوله اذا تغيّر السّلطان تغير الزمان تنبيه علي انّ تغير السّلطان في رأيه و نيّته و فعله في رعيّته من العدل الي الجور يستلزم تغيّر الزّمان عليهم اذ يغيّر من الاعداد للعدل الاعداد للجور اكدي الحريص يقال اكدي الرّجل اي لم يظفر بحاجته علي قلعة اي علي رحلة و عدم سكون للتوطّن و في بعض النسخ اجعل من اذل عليك و لا تبلغ الي احد في بعض النسخ و لا تبلغ من احد السّماح الجود اي صيّر نفسك معتادة للجود

ص: 1285

و تخيّر لها من كلّ خلق احسنه فانّ الخير عادة و ايّاك ان تذكر من الكلام قذرا او يكون مضحكا و ان حكيت ذلك عن غيرك و انصف من نفسك قبل ان ينتصف منك و ايّاك و مشاورة النّساء فانّ رايهنّ الي افن و عزمهنّ الي وهن و اكفف عليهنّ من ابصارهنّ بحجبك ايّاهنّ فانّ شدّة الحجاب خير لك و لهنّ و ليس خروجهنّ باشدّ من ادخالك من لا يوثق به عليهنّ و ان استطعت ان لا يعرفن غيرك فافعل و لا تملّك المرأة من امرها ما جاوز نفسها فانّ ذلك انعم لحالها و ارخي لبالها و ادوم لجمالها فانّ المرأة ريحانة و ليست بقهرمانة و لا تعد بكرامتها نفسها و لا تطمعها ان تشفع لغيرها فتميل مغضبة عليك معها و لا تظل الخلوة مع النّساء فيملكنك او تملّهنّ و استبق من نفسك بقيّة من امساكك عنهنّ و هنّ يرين انّك ذو اقتدار خير من ان يظهرن منك علي انتشار و ايّاك و التّغاير في غير موضع غيرة فانّ ذلك يدعو الصّحيحة منهنّ الي السّقم و لكن احكم امرهنّ فان رايت ذنبا فعاجل النّكير علي

ص: 1286

الكبير و الصّغير و ايّاك ان تعاقب فتعظم الذّنب و تهون العتب و احسن للمماليك الادب و اقلل الغضب و لا تكثر العتب في غير ذنب فاذا استحقّ احد منهم ذنبا فاحسن العدل فانّ العدل مع العفو اشدّ من الضّرب لمن كان له عقل و التّمسّك بمن لا عقل له اوجب القصاص و اجعل لكلّ امرء منهم عملا تأخذه به فانّه احري ان لا يتواكلوا و اكرم عشيرتك فانّهم جناحك الّذي به تطير و اصلك الّذي اليه تصيرو بهم تصول و هم العدّة عند الشّدة فاكرم كريمهم و عد سقيمهم و اشركهم في امورهم و تيسّر عند معسور لهم و استعن باللّه علي امورك فانّه اكفي معين استودع اللّه دينك و دنياك و اسئله خير القضاء لك في الدّنيا و الاخرة و السّلام عليك و رحمة اللّه القذر الوسخ قوله من قبل ان ينتصف منك اي عامل الناس بالانصاف قبل ان يطلبوا منك النّصف الافن بالتحريك ضعف الرأي الوهن الضعف من لا يوثق به عليهن اي ادخال من يوثق به عليهن امّا مساو لخروجهن في المفسدة او اشدّ و كلّ ما كان كذلك لا يجوز الرّخصة فيه و انّما كان اشدّ في بعض الصّور لانّ دخول من لا يوثق به عليهن امكن لخلوته بهنّ و الحديث معهنّ فيها يزداد من الفساد لا يتواكلوا اي يتّكل بعضهم علي بعض الصّولة السّطوة و القدرة اي بهم تسطو و تغلب علي الغير و العدة بالضم الاستعداد و بالكسر الجماعة قوله وعد سقيمهم من عاد المريض يعوده عيادة اي زاره

و من كتبه عليه السّلام

ص: 1287

بشارة المصطفي لشيعة المرتضي تاليف ابي جعفر محمد بن عليّ الطبري من علماء الامامية في الماة السّادسة من الهجرة المطبوع في النجف الاشرف سنة 1369 الهجرية ص 235 قال و كتب امير المؤمنين عليه السّلام فيما كتب الي سهل بن حنيف و اللّه ما قلعت باب خيبر و قدّفت به اربعين ذراعا لم يحسّ به اعضائي بقوّة جسديّة و لا حركة غذائيّة و لكنّي ايدّت بقوّة ملكوتيّة و نفس بنور ربّها مضيئة فانا من احمد كالضّوء من الضّوء و اللّه لو تظاهرت العرب علي قتالي لما ولّيت و لو امكنتني الفرصة من الفرار و من لم يبال متي حتفه عليه ساقط فجنانه في الملمّات رابط

و من وصاياه عليه السّلام

بشارة المصطفي ص 249 قال عن ابي جعفر محمد بن منصور قال حدّثني ابو الطّاهر قال حدّثنا ابي عن ابيه انّ عليّا(عليه السّلام)جمع اهل بيته و هم احد عشر الحسن بن عليّ و الحسين بن عليّ و محمد بن عليّ الاكبر و عمر بن عليّ و محمد بن عليّ الاصغر و العبّاس بن عليّ و عبد اللّه بن عليّ و جعفر بن عليّ و عثمان بن عليّ و عبد اللّه بن عليّ و ابو بكر بن عليّ فلمّا اجتمعوا عنده قال يا بنيّ كبارا و صغارا لا تكونوا كاشباه الفواه و الحفاة الّذين لم يتفقّهوا في الدّين و لم يعطوا من اللّه اليقين كبيض بيض في ادحيّ ويح الفراخ ال محمّد من خليفة مستخلف عفريت مترف يقتل خلفي و خلف الخلف ثمّ قال و اللّه لقد علمت بتبليغ الرّسالات و تمام الكلمات و تصديق العداة و ليتمّنّ

ص: 1288

عليكم نعمته اهل البيت

و من وصاياه عليه السّلام

في كتاب الجمل للشيخ الجليل محمد بن محمد بن النعمان المفيد المطبوع في النجف الاشرف ص 209 قال و ممّا رواه الواقدي عن رجاله قال لمّا اراد امير المؤمنين عليه السّلام الخروج الي البصرة استخلف عليها عبد اللّه بن العبّاس و وصّاه و كان في وصيّته له ان قال يابن عبّاس عليك بتقوي اللّه و العدل بمن ولّيت عليه و ان تبسط للنّاس وجهك و توسّع عليهم مجلسك و تسعهم بحلمك و ايّاك و الغضب فانّه طيرة الشّيطان و ايّاك و الهوي فانّه يصدّك عن سبيل اللّه و اعلم انّ ما قرّبك من اللّه فهو مباعدك من النّار و ما باعدك من اللّه فمقرّبك من النّار و اذكر اللّه كثيرا و لا تكن من الغافلين.

و من وصاياه عليه السّلام

تحف العقول ص 222 قال و قال لابنه الحسن عليهما السّلام اوصيك بتقوي اللّه و اقام الصّلوة لوقتها و ايتاء الزّكوة عند محلّها و اوصيك بمغفرة الذّنب و كظم الغيظ و صلة الرّحم و الحلم عند الجاهل و التّفقّه في الدّين و التّثبّت في الامر و التّعهّد للقرءان و حسن الجوار و الامر بالمعروف و النّهي عن المنكر و اجتناب الفواحش كلّها في كلّ ما عصي اللّه فيه

ص: 1289

و من كتبه عليه السّلام

تحف العقول ص 218 قال و كتب(عليه السّلام)الي عبد اللّه بن العبّاس(سهوا مكرّر شده) امّا بعد فاطلب ما يعنيك و اترك ما لا يعنيك فانّ في ترك ما لا يعنيك درك ما يعنيك و انّما تقدّم علي ما اسلفت لا علي ما خلّفت و ابن ما تلقاه غدا علي ما تلقاه و السّلام

و من وصاياه عليه السّلام

تحف العقول ص 191 قال وصيّته عليه السّلام لزياد بن النّضر حين انفذه علي مقدّمته الي صفّين اتّق اللّه في كلّ ممسي و مصبح و خف علي نفسك الغرور و لا تامنها علي حال من البلاء و اعلم انّك لم تزع نفسك عن كثير ممّا تحبّ مخافة مكروهه سمت بك الاهواء الي كثير من الضّرّ حتّي تظعن فكن لنفسك مانعا وازعا عن الظّلم و الغيّ و البغي و العدوان قد ولّيتك هذا الجند فلا تستذلنّهم و لا تستطل عليهم فانّ خيركم اتقكم تعلّم من عالمهم و علّم جاهلهم و احلم عن سفيههم فانّك انّما تدرك الخير بالعلم و كفّ الاذي و الجهل ثمّ اردفه بكتاب يوصيه فيه و يحذّره اعلم انّ مقدّمة القوم عيونهم و عيون المقدّمة طلائعهم فاذا انت خرجت من بلادك و دنوت من

ص: 1290

عدوّك فلا تسأم من توجيه الطّلائع في كلّ ناحية و في بعض الشّعاب و الشّجر و الخمر و في كلّ حانب حتّي لا يغيّركم عدوّكم و يكون لكم كمين و لا تسيّر الكتائب و القبائل من لدن الصّباح الي المساء الاّ تعبية فان دهمكم امرء او غشيكم مكروه كنتم قد تقدّمتم في التّعبية و اذا انزلتم بعدوّ او نزل بكم فليكن معسكركم في اقبال الاشراف او في سفاح الجبال او اثناء الانهار كيما تكون لكم ردءا و دونكم مردّا و لتكن مقاتلتكم من وجه واحد و اثنين و اجعلوا رقباءكم في صياصي الجبال و باعلي الاشراف و بمناكب الانهار يريئون لكم لئلاّ يأتيكم غدوّ من مكان مخافة او امن و اذا نزلتم فانزلوا جميعا و اذا رحلتم فارحلوا جميعا و اذا غشيكم اللّيل فنزلتم فخفّوا عسكركم بالرّماح و التّرسة و اجعلوا رماتكم يلوون ترستكم كيلا تصاب لكم غرّة و لا تلقي لكم غفلة و احرس عسكرك بنفسك و ايّاك ان ترقد او تصبح الاّ غرارا او مضمضة ثمّ ليكن ذلك شانك و دابك حتّي تنتهي الي عدوّك و عليك بالتّأنّي في حربك و ايّاك و العجلة الاّ ان تمكنك فرصة

ص: 1291

و ايّاك ان تقاتل الاّ ان يبدءوك او يأتيك امري و السّلام عليك و رحمة اللّه قوله عليه السّلام ممسي و مصبح اي المساء و الصّباح لم تزع اي لم تكف و لم تمنع سمت اي ارتفعت و ازعا اي زاجرا و لا تستطل اي لا تقتل منهم اكثر ما كانوا قد قتلوا الخمر بالتحريك كل ما واراك من حبل او غيره الكتائب جمع الكتيبة القطعة من الجيش و القبائل جمع القبيلة و في بعض النسخ القنابل جمع قنبلة اي طائفة من الناس عبّي الجيش تعبية اي هيّأه و جهّزه دهمكم امراي فجأكم و غشيكم اقبال جمع القبل بالضم من المكان صفحه اي اسفله و الاشراف المكان العالي سفح الجبل اصله و اسفله حيث يسفح اي ينصّب فيه الماء الاثناء جمع ثني و ثني الوادي بالكسر منعطفه مردّا مصرفا الصّياصي الحصون و القلاع و كل ما امتنع بها و صياصي الجبال اطرافها العالية و مناكب الانهار نواحيها و جوانبها فحفّوا فاحدقوا و احاطوا الترسة بالكسر جمع الترس بالضمّ المجنّ و يقال بالفارسية(سپر)و الرّماة بالضمّ جمع الرّامي و الغرّة بالكسر الغفلة ترقد تنام و الغرار بالكسر النوم القليل و تمضمض اي دبّ الفرصة بالضمّ النّوبة

و من وصاياه عليه السّلام

تحف العقول ص 176 قال وصيته عليه السّلام محمد بن ابي بكر حين ولاّه مصر هذا ما عهد عبد اللّه عليّ امير المؤمنين الي محمّد بن ابي بكر حين ولاّه مصر امره بتقوي اللّه و الطّاعة له في السّرّ و العلانية و خوف اللّه في الغيب و المشهد و باللّين للمسلم و بالغلظة علي الفاجر و بالعدل علي اهل الذّمة و بانصاف المظلوم و بالشّدة علي الظّالم و بالعفو عن النّاس و بالاحسان ما استطاع و اللّه يجزي المحسنين و يعذّب المجرمين و امره ان يدعو من قبله الي الطّاعة و الجماعة فانّ لهم في ذلك من العافية و عظيم المثوبة ما لا يقدرون قدره

ص: 1292

و لا يعرفون كنهه و امره ان يليّن جناحه لهم و يساوي بينهم في مجلسه و وجهه و يكون القريب و البعيد عنده في الحقّ سواء و امره يحكم بين النّاس بالعدل و ان يقيم بالقسط و لا يتّبع الهوي و لا يخاف في اللّه لومة لائم فانّ اللّه مع من اتّقاه و اثر طاعته و امره علي من سواه و كتب عبيد اللّه بن ابي رافع عبيد اللّه بن ابي رافع من اصحاب امير المؤمنين عليه السّلام بل من خواصّه و له كتاب قضايا امير المؤمنين عليه السّلام و كتاب قسمية من شهد مع عليّ بن ابي طالب عليه السّلام من الصحابة الجمل و صفّين و النهروان و اخوه عليّ بن ابي رافع من خيار الشيعة و كاتبا له عليه السّلام و كان كثير الحفظ و جمع كتابا في فنون من الفقه و ابوه ابراهيم ابو رافع مولي النّبي صلّي اللّه عليه و آله و شهد مع عليّ عليه السّلام حروبه و كان صاحب ماله بالكوفة

و من كتبه عليه السّلام

كتاب الاختصاص للشيخ المفيد قدس سره المطبوع في طهران سنة 1379 الهجرية القمريّة ص 138 قال كتاب معاوية الي علي عليه السّلام و جواب عليّ عليه السّلام علي يد الطّرمّاح اليه كتب معاوية بن ابي سفيان الي علي بن ابي طالب صلوات اللّه عليه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم امّا بعد يا عليّ لاضربنّك بشهاب قاطع لا يدكنه الرّيح و لا يطفأه الماء اذا اهتزّ وقع و اذا وقع نقب و السّلام فلمّا قرء عليّ عليه السّلام كتابه دعا بدواة و قرطاس ثم كتب بسم اللّه الرّحمن الرّحيم امّا بعد يا معاوية فقد كذبت انا عليّ بن ابي طالب و انا ابو الحسن و الحسين قاتل جدّك و عمّك و خالك و ابيك و انا الّذي أفنيت قومك في يوم بدر و يوم فتح و يوم احد و ذلك السّيف بيدي

ص: 1293

تحمله ساعدي بجرأة قلبي كما خلّفه النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله بكفّ الوصيّ لم استبدل باللّه ربّا و بمحمّد صلّي اللّه عليه و آله نبيّا و بالسّيف بدلا و السّلام علي من اتّبع الهدي

و من وصاياه عليه السّلام

للطبيب اليونانيّ المدّعي للفلسفة و الطبّ بعد ان اسلم بيده عليه السّلام و قد رواها الشيخ الجليل احمد بن عليّ بن ابي طالب الطبرسي ره في كتابه الاحتجاج باسناده عن ابي محمّد العسكريّ عن عليّ بن الحسين زين العابدين عليهم السّلام انه قال قال له عليّ عليه السّلام امرك ان تقرّ للّه بالوحدانيّة و تشهد له بالجود و الحكمة و تنزّهه عن العبث و الفساد و عن ظلم الاماء و العباد و تشهد انّ محمّدا الّذي انا وصيّه سيّد الانام و افضل رتبة في دار السّلام و تشهد انّ عليّا الّذي اراك ما اراك و اولاك من النّعم ما اولاك خير خلق اللّه بعد محمّد رسول اللّه و احقّ خلق اللّه بمقام محمّد صلّي اللّه عليه و آله بعده و بالقيام بشرايعه و احكامه و تشهد انّ اولياءه اولياء اللّه و اعداءه اعداء اللّه و انّ المؤمنين المشاركين لك فيما كلّفتك المساعدين لك فيما امرتك(علي ما امرتك)به خيرة امّة محمّد صلّي اللّه

ص: 1294

عليه و آله و صفوة شيعة عليّ و امرك ان تواسي اخوانك المطابقين لك علي تصديق محمّد صلّي اللّه عليه و آله و تصديقي و الانقياد له ولي ممّا رزقك اللّه و فضّلك علي من فضّلك به منهم تسدّ فاقتهم و تجبر كسرهم و خلّتهم و من كان منهم في درجتك في الايمان ساويته من مالك بنفسك و من كان منهم فاضلا عليك في دينك اثرته بمالك علي نفسك حتّي يعلم اللّه منك انّ دينه اثر عندك من مالك و انّ اولياءه اكرم عليك من اهلك و عيالك و امرك ان تصون دينك و علمنا الّذي اودعناك و اسرارنا الّتي حملناك و لا تبد علومنا لمن يقابلها بالعناد و يقابلك من اهلها بالشّتم و اللّعن و التّناول من العرض و البدن و لا تفش سرّنا الي من يشنع علينا و عند الجاهلين باحوالنا و لا تعرّض اولياءنا لبوادر الجهّال و امرك ان تستعمل التّقيّة في دينك فانّ اللّه عزّ و جلّ يقول لا يتّخذ المؤمنون الكافرين اولياء من دون المؤمنين و من يفعل ذلك فليس من اللّه في شيء الاّ ان تتّقوا منهم تقاة و قد

ص: 1295

اذنت لك في تفضيل اعداءنا ان لجأك الخوف اليه و في اظهار البراءة منّا ان حملك الوجل عليه و في ترك الصّلوات المكتوبات ان خشيت علي حشاشتك الافات و العاهات فانّ تفضيلك اعداءنا علينا عند خوفك لا ينفعهم و لا يضرّنا و انّ اظهارك براءتك منّا عند تقيّتك لا يقدح فينا و لا ينقصنا و لان تبرّأت منّا ساعة بلسانك و انت موال لنا بجنانك لتبقي علي نفسك روحها الّتي بها قوامها و مالها الّذي به قيامها و جاهها الّذي به تماسكها و تصون من عرف بذلك و عرفت به من اولياءنا و اخواننا من بعد ذلك بشهور و سنين الي ان يفرّج اللّه تلك الكربة و تزول به تلك الغمّة فانّ ذلك افضل من ان تتعرّض للهلاك و تنقطع به عن عمل الدّين و صلاح اخوانك المؤمنين و ايّاك ثمّ ايّاك ان تترك التّقيّة الّتي امرتك بها فانّك شائط بدمك و دم اخوانك معرض لنعمك و نعمهم علي الزّوال مذّل لك و لهم في ايدي اعداء دين اللّه و قد امرك اللّه باعزازهم فانّك ان خالفت وصيّتي كان ضررك علي نفسك و اخوانك اشدّ من ضرر المناصب لنا الكافر بنا

ص: 1296

و من وصاياه عليه السّلام

فروع الكافي في كتاب الوصايا رواها عن ابي عليّ الاشعريّ عن محمّد بن عبد الجبّار و محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن صفوان بن يحيي و في التهذيب لشيخ الطائفة عن الحسين بن سعيد عن صفوان بن يحيي عن عبد الرّحمن بن الحجّاج و اللفظ عن الكافي قال بعث اليّ ابو الحسن موسي عليه السّلام بوصيّّة امير المؤمنين عليه السّلام و هي بسم اللّه الرّحمن الرّحيم هذا ما اوصي به و قضي به في ماله عبد اللّه عليّ ابتغاء وجه اللّه ليولجني به الجنّة و يصرفني به عن النّار و يصرف النّار عنّي يوم تبيّض وجوه و تسوّد وجوه انّ ما كان لي من مال بينبع يعرف لي فيها و ما حولها صدقة و رقيقها غير انّ رياحا و ابا نيزر و جبيرا عتقاء اهاليهم و في التهذيب غير ابي رياح و ابي نيزر و جبير عتقاء ليس لاحد عليهم سبيل فهم مواليّ يعملون في المال خمس حجج و فيه نفقتهم و رزقهم و ارزاق اهاليهم وسع ذلك ما كان لي بوادي القري كلّه من مال لبني فاطمة و رقيقها صدقة و ما كان لي بديمة و اهلها صدقة غير انّ زريقا له مثل ما كتبت لاصحابه(و في التهذيب غير انّ رقيقها لهم مثل ما كتبت لاصحابهم)و ما كان لي باذينة و اهلها صدقة و القصيرة و العفرتين كما قد علمتم صدقة في سبيل اللّه و انّ الّذي كتبت من اموالي

ص: 1297

هذه صدقة واجبة بتلة حيّا انا او ميّتا ينفق في كلّ نفقة ينبغي بها وجه اللّه و في سبيل اللّه و وجهه و ذوي الرّحم من بني هاشم و بني المطّلب و القريب و البعيد فانّه يقوم علي ذلك الحسن بن عليّ ياكل منه بالمعروف و ينفقه حيث يراه اللّه عزّ و جلّ في حلّ محلّل لا حرج عليه فيه فان اراد ان يبيع نصيبا من المال فيقضي به الدّين فليفعل ان شاء و لا حرج عليه فيه و ان شاء جعله سريّ الملك(و في التهذيب شراء الملك)و انّ ولد عليّ و مواليهم و اموالهم الي الحسن بن عليّ و ان كانت دار الحسن بن عليّ غير دار الصّدقة فبدا له ان يبيعها فليبع ان شاء لا حرج عليه فيه و ان باع فانّه يقسّم ثمنها ثلاثة اثلاث فيجعل ثلثا في سبيل اللّه و ثلثا في بني هاشم و بني المطّلب و يجعل الثّلث في ال ابي طالب و انّه يضعه فيهم حيث يراه اللّه و ان حدث بحسن حدث و حسين حيّ فانّه الي الحسين بن عليّ و انّ حسينا يفعل فيه مثل الّذي امرت به حسنا له مثل الّذي كتبت للحسن و عليه

ص: 1298

مثل الّذي علي الحسن و انّ لبني(لا بني)فاطمة من صدقة عليّ مثل الّذي لبني عليّ و انّي انّما جعلت الّذي جعلت لا بني فاطمة ابتغاء وجه اللّه عزّ و جلّ و تكريم حرمة رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و تعظيمهما و تشريفهما و رضاهما و ان حدث بحسن و حسين حدث فانّ الاخر منهما ينظر في بني عليّ فان وجد فيهم من يرضي بهداه و اسلامه و امانته فانّه يجعله اليه ان شاء و ان لم ير فيهم بعض الّذي يريده فانّه يجعله الي رجل من ال ابي طالب يرضي به فان وجد ال ابي طالب قد ذهب كبرائهم و ذووا آرائهم فانّه يجعله الي رجل يرضاه من بني هاشم و انّه يشترط علي الّذي يجعله اليه ان يترك المال علي اصوله و ينفق ثمره حيث امرته به من سبيل اللّه و وجهه و ذوي الرّحم من بني هاشم و بني المطّلب و القريب و البعيد لا يباع منه شيء و لا يوهب و لا يورث و انّ مال محمّد بن عليّ و هو الي ابني فاطمة و انّ رقيقي الّذين في صحيفة صغيرة الّتي كتبت لي عتقاء(كلمة لي ليس في التهذيب)هذا ما

ص: 1299

قضي به عليّ بن ابي طالب في امواله هذه الغد من يوم قدم مسكن ابتغاء وجه اللّه و الدّار الاخرة و اللّه المستعان علي كلّ حال و لا يحلّ لامرء مسلم يؤمن باللّه و اليوم الاخر ان يقول في شيء قضيته من مالي و لا يخالف فيه امري من قريب او بعيد امّا بعد فانّ و لائدي الّلائي اطوف عليهنّ السّبعة عشر منهنّ امّهات اولاد معهنّ اولادهنّ و منهنّ حبالي و منهنّ من لا ولد له فقضائي فيهنّ ان حدث بي حدث انّه من كان منهنّ ليس لها ولد و ليست بحبلي فهي عتيق لوجه اللّه عزّ و جلّ ليس لاحد عليهنّ سبيل و من كان منهنّ لها ولد او حبلي فتمسك علي ولدها و هي من حظّه(في بعض النّسخ في حصّته)فان مات ولدها و هي حيّة فهي عتيق ليس لاحد عليها سبيل هذا ما قضي به عليّ في ماله الغد من يوم قدم مسكن شهد ابو سمر بن ابرهة و صعصعة بن صوحان و يزيد بن قيس و هيّاج بن ابي هيّاج و كتب عليّ بن ابي طالب بيده لعشر خلون من جمادي الاولي سنة سبع و ثلاثين

ص: 1300

و من كتبه عليه السّلام

روي العلاّمة المجلسي اعلي اللّه مقامه في المجلّد الثامن من البحار في باب شكاية امير المؤمنين عليه السّلام عمّن تقدمه ص 180 طبع امين الضرب عن تاريخ احمد بن اعثم الكوفي انه كتب عليه السّلام في جواب كتاب كتب اليه معاوية و الجواب هذا امّا بعد فانّه اتاني كتابك تذكر فيه حسدي للخلفاء و إبطائي عليهم و التّكبّر لامرهم فلست اعتذر من ذلك اليك و لا الي غيرك و ذلك انّه لمّا قبض النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله و اختلف الامّة قالت قريش منّا الامير و قالت الانصار بل منّا الامير فقالت قريش محمّد صلّي اللّه عليه و آله منّا و نحن احقّ بالامر منكم فسلّمت الانصار القريش الولاية و السّلطان فانّما تستحقّها قريش بمحمّد صلّي اللّه عليه و آله دون الانصار نحن اهل البيت احقّ بهذا من غيرنا(الي قوله عليه السّلام) و قد كان ابوك ابو سفيان جاءني في هذا الوقت الّذي بايع النّاس فيه ابا بكر فقال لي انت احقّ بهذا الامر من غيرك و انا يدك علي من خالفك و ان شئت لاملأنّ المدينة خيلا و رجلا علي ابن ابي قحافة فلم اقبل ذلك فكنت انا الّذي ابيت عليه مخافة الفرقة بين اهل الاسلام

ص: 1301

فان تعرف من حقّي ما كان ابوك يعرفه لي فقد اصبت رشدك و ان ابيت فها انا قاصد اليك و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

المجلد الثامن ص 390 من البحار عن ابن ابي الحديد في شرح النهج قال لمّا بويع عليه السّلام كتب الي معاوية امّا بعد فانّ النّاس قتلوا عثمان عن غير مشورة منّي و بايعوني عن مشورة منهم و اجتماع فاذا اتاك كتابي فبايع بي و اوفد اليّ اشراف اهل الشّام قبلك

و من كتبه عليه السّلام

في المجلد الثامن ص 558 من البحار نقله العلامة المجلسي عن كتاب سليم بن قيس الهلالي من عتبه بالاسناد عن ابان عنه قال قال و حدثني ايضا عمر بن ابي سلمة و زعم ابو هريرة العبدي انه سمعه عن عمر بن ابي سلمة ان معاوية دعا ابا الدّرداء و نحن مع امير المؤمنين عليه السّلام بصفّين و دعا ابا هريرة فقال لهما انطلقا الي عليّ فاقرءاه مني السّلام و اطال الكلام مفصّلا من ارساله معهما كتابا الي امير المؤمنين و ارساله عليه السّلام معهما جوابه قال بعد كلام طويل ثم كتب معاوية الي امير المؤمنين عليه السّلام كتابا اخر و نقل الكتاب الي ان قال فكتب اليه امير المؤمنين عليه السّلام امّا بعد فقد قرأت كتابك فكثر ما يعجبني ممّا خطّت فيه يدك و اطنبت فيه من كلامك و من البلاء العظيم و الخطب الجليل علي هذه الامّة ان يكون مثلك يتكلّم او ينظر في عامّة امرهم او خاصّة و انت من تعلم و اين من قد علمت و انا من قد علمت و اين من تعلم و ساجيبك فيما قد كتبت بجواب

ص: 1302

لا اظنّك تعقله انت و لا وزيرك ابن النّابغة عمرو الموافق لك كما وافق شنّ طبقة فانّه هو الّذي امرك بهذا الكتاب و زيّنه لك و حضركما فيه ابليس و مردة اصحابه و في رواية اخري و مردة أبالسته و انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله قد كان اخبرني انّه رأي علي منبره اثني عشر رجلا ائمّة ضلال من قريش يصعدون منبر رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و ينزلون علي صورة القردة(القرود خ ل)يردّون امّته علي ادبارهم عن الصّراط المستقيم اللّهمّ و قد خبّرني باسمائهم رجلا رجلا و كم يملك كلّ واحد منهم واحدا بعد واحد عشرة منهم من بني اميّة و رجلين من حيّين مختلفين من قريش عليهما مثل اوزار الامّة جميعا الي يوم القيمة و مثل جميع عذابهم فليس دم يهرق في غير حقّه و لا فرج يغشي و لا حكم بغير حقّ الاّ كان عليهما وزره و سمعته يقول انّ بني العاص اذا بلغوا ثلاثين رجلا جعلوا كتاب اللّه دخلا و عباد اللّه خولا و مال اللّه دولا و قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يا اخي انّك لست

ص: 1303

كمثلي انّ اللّه امرني ان اصدع بالحقّ و اخبرني ان يعصمني من النّاس و امرني ان اجاهد و لو بنفسي فقال جاهد في سبيل اللّه و لا تكلّف الاّ نفسك و قال حرّض المؤمنين علي القتال و قد مكث بمكّة ما مكثت لم آمر بقتال ثمّ امرني بالقتال لانّه لا يعرف الدّين الاّ بي و فيّ و لا الشّرايع و لا السّنن و الاحكام و الحدود و لا الحلال و الحرام و انّ النّاس يدعون بعدي ما امرهم اللّه به و ما امرتهم فيك من ولايتك و ما اظهرت من محبّتك متعمّدين غير جاهلين مخالفة ما انزل اللّه فيك فان وجدت اعوانا عليهم فجاهدهم و ان لم تجد اعوانا فاكفف يدك و احقن دمك و اعلم انّك ان دعوتهم لم يستجيبوا لك فلا تدعن ان تجعل الحجّة عليهم انّك يا اخي لست مثلي انّي قد اقمت حجّتك و اظهرت لهم ما انزل اللّه فيك و انّه لم يعلم انّي رسول اللّه و انّ حقّي و طاعتي واجبان حتّي اظهرت ذلك فانّي كنت قد اظهرت حجّتك و قمت بامرك فان سكتّ عنهم لم تاثم غير انّه احبّ ان تدعوهم و ان لم يستجيبوا لك

ص: 1304

و لم يقبلوا منك و تظاهرت عليك ظلمة قريش فانّي اخاف عليك ان ناهضت القوم و نابذتهم و جاهدتهم من غير ان يكون معك فئة تقوّي بهم ان يقتلوك و التّقيّة من دين اللّه و لا دين لمن لا تقيّة له و انّ اللّه قضي الاختلاف و الفرقة علي هذه الامّة و لو شاء لجمعهم علي الهدي و لم يختلف اثنان منهما و لا من خلقه و لم يتنازع من شيء من امره و لم يحجد الفضول ذا الفضل فضله و لو شاء عجّل منهم النّقمة و كان منه التّغيير حتّي يكذّب الظّالم و يعلم الحقّ اين مصيره و اللّه جعل الدّنيا دار الاعمال و جعل الاخرة دار الثّواب و العقاب ليجري الّذين اساءوا بما عملوا و يجزي الّذين احسنوا بالحسني فقلت شكر اللّه علي نعمائه و صبرا علي بلاءه و تسليما و رضا بقضائه ثمّ قال صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يا اخي ابشر فانّ حياتك و موتك معي و انت اخي و انت وصيّيي و انت وزيري و انت وارثي و انت تقاتل علي سنّتي و انت منّي بمنزلة هرون من موسي و لك بهارون اسوة حسنة اذ استضعفه اهله و تظاهروا عليه و كادوا

ص: 1305

يقتلونه فاصبر لظلم قريش ايّاك و تظاهرهم عليك فانّها ضغائن في صدور قوم احقاد بدر و ترات احد و انّ موسي امر هرون حين استخلفه في قومه ان ضلّوا فوجد اعوانا ان يجاهدهم بهم فان لم يجد اعوانا ان يكفّ يده و يحقن دمه و لا يفرّق بينهم فافعل انت كذلك ان وجدت عليهم اعوانا فجاهدهم و ان لم تجد اعوانا فاكفف يدك و احقن دمك فانّك ان نابذتهم قتلوك و اعلم انّك ان لم تكفّ يدك و تحقن دمك اذا لم تجد اعوانا تخوّفت عليك ان يرجع النّاس الي عبادة الاصنام و الجحود بانّي رسول اللّه فاستظهر بالحجّة عليهم و دعهم ليهلك النّاصبون لك و الباغون عليك و يسلم العامّة و الخاصّة فاذا وجدت يوما اعوانا علي اقامة كتاب اللّه و السّنّة فقاتل علي تاويل القرءان كما قاتلت علي تنزيله فانّما يهلك من الامّة من نصب لك و لاحد من اوصياءك و عادي و جحد و دان بخلاف ما أنتم عليه و لعمري يا معاوية لو ترّحمت عليك و علي طلحة و الزّبير ما كان ترحّمي عليكم و استغفاري لكم ليحقّ باطلا بل يجعل اللّه ترحّمي عليكم و

ص: 1306

استغفاري لكم لعنة عليكم و عذابا و ما انت و طلحة و الزّبير باحقر جرما و لا اصغر ذنبا و لا اهون بدعة و ضلالة ممّن استنالك و لصاحبك الّذي تطلب بدمه و وطئا لكم ظلمنا اهل البيت و حملاكم علي رقابنا قال اللّه تبارك و تعالي الم تر الي الّذين اوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت و الطّاغوت و يقولون للّذين كفروا هؤلاء اهدي من الّذين امنوا سبيلا اولئك الّذين لعنهم اللّه و من يلعن اللّه فلن تجد لهم نصيرا ام لهم نصيب من الملك فاذا لا يؤتون النّاس نقيرا ام يحسدون النّاس علي ما اتاهم اللّه من فضله فنحن النّاس و نحن المحسودون قال اللّه عزّ و جلّ فقد اتينا ال ابراهيم الكتاب و الحكمة و اتيناهم ملكا عظيما فالملك العظيم ان جعل فيهم ائمّة من اطاعهم اطاع اللّه و من عصاهم عصي اللّه و الكتاب و الحكمة و النّبوّة فلم يقرّون بذلك في ال ابراهيم و ينكرونه في ال محمّد يا معاوية فان تكفر بها انت و صاحبك و من قبلك من طغاة اهل الشّام و اليمن و الاعراب

ص: 1307

اعراب ربيعة و مضر جفاة الامّة فقد و كلّ اللّه قوما ليسوا بها بكافرين يا معاوية انّ القرءان حقّ و نور و هدي و رحمة و شفاء للمؤمنين و الّذين لا يؤمنون في اذانهم و قر و هو عليهم عمي يا معاوية انّ اللّه لم يدع صنفا من اصناف الضّلالة و الدّعاة الي النّار الاّ و قد ردّ عليهم و احتجّ عليهم في القرءان و نهي عن اتّباعهم و انزل فيهم قرءانا ناطقا علمه من علمه و جهله من جهله انّي سمعت من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول ليس من القرءان اية الاّ و لها ظهر و بطن و ما من حرف الاّ و له تاويل و ما يعلم تاويله الاّ اللّه و الرّاسخون في العلم الرّاسخون نحن ال محمّد و امر اللّه سائر الامّة ان يقولوا امنّا به كلّ من عند ربّنا و ما يذّكّر الاّ أولو الالباب و ان يسلّموا الينا و قد قال اللّه و لو ردّوه الي الرّسول و الي اولي الامر منهم لعلمه الّذين يستنبطونه منهم هم الّذين يسئلون عنه و يطلبونه و لعمري لو انّ النّاس حين قبض رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم سلّموا لنا و اتّبعونا و

ص: 1308

قلّدونا امورهم لا كلوا من فوقهم و من تحت ارجلهم و لمّا طمعت انت يا معاوية فما فاتهم منّا اكثر ممّا فاتنا منهم و لقد انزل اللّه في و فيك سورة خاصّة الامّة يؤوّلونها علي الظّاهر و لا يعلمون ما الباطن و هي في سورة الحاقّة فامّا من اوتي كتابه بيمينه و امّا من اوتي كتابه بشماله و ذلك انّه يدعي بكلّ امام ضلالة و امام هدي و مع كلّ واحد منهما اصحابه الّذين بايعوه فيدعي بي و بك يا معاوية و انت صاحب السّلسلة الّذي يقول يا ليتني لم اوت كتابيه و لم ادر ما حسابيه سمعت رسول اللّه يقول ذلك صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و كذلك كلّ امام ضلالة كان قبلك او يكون بعدك له مثل ذلك من خزي اللّه و عذابه و نزل فيكم قول اللّه عزّ و جلّ و ما جعلنا الرّؤيا الّتي اريناك الاّ فتنة للنّاس و الشّجرة الملعونة في القرءان و ذلك انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم رأي اثني عشر اماما من ائمّة الضّلاله علي منبره يردّون النّاس علي ادبارهم القهقري رجلان من قريش و عشرة

ص: 1309

من بني اميّة اوّل العشرة صاحبك الّذي تطلب بدمه و انت و ابنك و سبعة من ولد الحكم بن ابي العاص اوّلهم مروان و قد لعنه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و طرده و ما ولد حين اسمع نبيّنا صلّي اللّه عليه و آله(حين استمع لنساء رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم) يا معاوية انّا اهل بيت اختار اللّه لنا الاخرة علي الدّنيا ثوابا و قد سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم انت و وزيرك و صويحبك يقول اذا بلغ بنو ابي العاص ثلاثين رجلا اتّخذوا كتاب اللّه دخلا و عباد اللّه خولا و مال اللّه دولا يا معاوية انّ نبيّ اللّه زكريّا نشر بالمنشار و يحيي ذبح و قتله قومه و هو يدعوهم الي اللّه عزّ و جلّ و ذلك لهوان الدّنيا علي اللّه انّ اولياء الشّيطان قد حاربوا اولياء الرّحمن قال اللّه انّ الّذين يكفرون بآيات اللّه و يقتلون النّبيّين بغير حقّ و يقتلون الّذين يأمرون بالقسط من النّاس فبشّرهم بعذاب اليم يا معاوية انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قد اخبرني انّ بني اميّة سيخضبون لحيتي من دم راسي و

ص: 1310

انّي مستشهد و ستلي الامّة من بعدي و انّك ستقتل ابني الحسن بالسّمّ و انّ ابنك يزيد لعنه اللّه سيقتل ابني الحسين يلي ذلك منه ابن زانية و انّ الامّة سيليها من بعدك سبعة من ولد ابي العاص و ولد مروان بن الحكم و خمسة من ولده تكملة اثني عشر اماما قد رائهم رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يتواثبون علي منبره تواثب القردة يردّون امّته عن دين اللّه علي ادبارهم القهقري و انّهم اشدّ النّاس عذابا يوم القيمة و انّ اللّه سيخرج الخلافة منهم برايات سود تقبل من الشّرق يذلّهم اللّه بهم و يقتلهم تحت كلّ حجر و انّ رجلا من ولدك مشوم ملعون جلف جاف منكوس القلب فظّ غليظ القلب قد نزع اللّه من قلبه الرّافة و الرّحمة أخواله من كلب كانّي انظر اليه و لو شئت لسمّيته و وصفته و اين كم هو فيبعث جيشا الي المدينة فيدخلونها فيسرفون فيها في القتل و الفواحش و يهرب منهم رجل من ولدي زكيّ تقيّ الّذي يملاء الارض عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا و انّي لا عرف اسمه اين كم هو يومئذ و علامته و هو من ولد ابني الحسين

ص: 1311

الّذي يقتله ابنك يزيد و هو الثّائر بدم ابيه فيهرب الي مكّة و يقتل صاحب ذلك الجيش رجلا من ولدي زكيّا بريّا عند احجار الزّيت ثمّ يسير ذلك الجيش الي مكّة و انّي لا علم اسم اميرهم و اسماءهم و سمات خيولهم فاذا دخلوا البيداء و استوت بهم الارض خسف اللّه بهم قال اللّه عزّ و جلّ و لو تري اذ فزعوا فلا فوت و اخذوا من مكان قريب قال من تحت اقدامهم فلا يبقي من ذلك الجيش احد غير رجل واحد يقلّب اللّه وجهه من قبل قفاه و يبعث اللّه للمهديّ اقواما يجمعون من الارض قزع كقزع الخريف و اللّه انّي لا عرف اسماءهم و اسم اميرهم و مناخ ركابهم فيدخل المهديّ الكعبة و يبكي و يتضرّع قال جلّ و عزّ امنّ يجيب المضطرّ اذا دعاه و يكشف السّوء و يجعلكم خلفاء الارض هذا لنا خاصّة اهل البيت اما و اللّه يا معاوية لقد كتبت اليك هذا الكتاب و انّي لا علم انّك لا تنتفع به و انّك لتفرح اذا اخبرتك انّك ستلي الامر و ابنك بعدك لانّ الاخرة ليست من بالك و انّك بالاخرة لمن الكافرين و ستندم كما ندم من اسّس هذا الامر لك و حملك علي رقابنا

ص: 1312

حين لم تنفعه النّدامة و ممّا دعاني الي الكتاب بما كتبت به انّي امرت كاتبي ان ينسخ ذلك لشيعتي و رءوس اصحابي لعلّ اللّه ان ينفعهم بذلك او يقرءاه واحد من قبلك فيخرجه اللّه به و بنا من الضّلالة الي الهدي و من ظلمك و ظلم اصحابك و فتنتهم و اجبت ان احتجّ عليك فكتب اليه معاوية هنيئا لك يا ابا الحسن تملك الاخرة و هنيئا لنا نملك الدّنيا

و من كتبه عليه السّلام

في المجلّد الثامن من البحار ص 470 في باب بغي معاوية قال كتب عليّ الي جرير امّا بعد فانّما اراد معاوية ان لا يكون لي في عنقه بيعة و ان يختار من امره ما احبّ و اراد ان يرثيك حتّي تذوق اهل الشّام و انّ المغيرة بن شعبة قد كان اشار عليّ ان استعمل معاوية علي الشّام و انا بالمدينة فابيت ذلك عليه و لم يكن اللّه ليراني اتّخذ المضلّين عضدا فان بايعك الرّجل و الاّ فاقبل

و من كتبه عليه السّلام

في المجلّد الثامن من البحار ص 376 باسناده عن عبد اللّه بن عوف و قال كان كتاب عليّ الي بن عبّاس امّا بعد فاشخص اليّ بمن قبلك من المسلمين و المؤمنين و ذكّرهم

ص: 1313

بلائي عندهم و عفوي عنهم و استبقائي لهم و رغّبهم في الجهاد و اعلمهم الّذي لهم في ذلك من الفضل و السّلام

و من كتبه عليه السّلام

المجلد الثامن من البحار ص 447 روي عن ابي مخنف لوط بن يحيي عن عبد اللّه بن عاصم عن محمّد بن بشير الهمداني قال ورد كتاب امير المؤمنين عليه السّلام مع عمرو بن سلمة الارحبي الي اهل الكوفة فكبّر النّاس تكبيرة سمعها عامة النّاس و اجتمعوا لها في المسجد و نودي الصّلوة جمعا فلم يتخلّف احد و قرء الكتاب فكان فيه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم من عبد اللّه امير المؤمنين الي قرظة بن كعب و من قبله من المسلمين سلام عليكم فانّي احمد اليكم اللّه الّذي لا آله الاّ هو امّا بعد فانّا لقينا القوم النّاكثين لبيعتنا و المفارقين لجماعتنا الباغين علينا في امّتنا فحججناهم فحاكمناهم الي اللّه فإذا لنا عليهم فقتل طلحة و الزّبير و قد تقدّمت اليهما بالمعذرة و اقبلت اليهما النّصيحة و استشهدت عليهما صلحاء الامّة فما اطاعا المرشدين و لا اجابا النّاصحين و لا ذاهل البغي بعايشة فقتل حولها من اهل البصرة عالم جسيم و ضرب اللّه وجه بقيّتهم فادبروا فما كانت ناقة الحجز باشئم عليهم منها علي اهل ذلك المصر مع ما جاءت به من

ص: 1314

الحرب الكبير في معصيتها ربّها و نبيّها و اغترارها في تفريق المسلمين و سفك دماء المؤمنين بلا بيّنة و لا معذرة و لا حجّة ظاهرة فلمّا هزمهم اللّه امرت ان لا يتبع مدبر و لا يجاز(لا يجهز خ ل)علي جريح و لا يكشف عورة و لا يهتك ستر و لا يدخل دار الاّ باذن و امنت النّاس و قد استشهد منّا رجال صالحون ضاعف اللّه حسناتهم و رفع درجاتهم و اثابهم ثواب الصّادقين الصّابرين و جزاكم اللّه من اهل مصر عن اهل بيت نبيّكم احسن جزاء العاملين بطاعته و الشّاكرين لنعمته فقد سمعتم و اطعتم و اجبتم اذا دعيتم فنعم الاخوان و الاعوان علي الحقّ أنتم و السّلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته كتب عبيد اللّه بن ابي رافع في رجب سنة ستّ و ثلثين

و من وصاياه عليه السّلام

في المجلّد السّابع عشر من البحار ص 122 عن كتاب مطالب السئوال لمحمّد بن طلحة الشافعي قال قال عليه السّلام احذروا الدّنيا اذا امات النّاس الصّلوة و اضاعوا الامانات و اتّبعوا الشّهوات و استحلّوا الكذب و اكلوا الرّبا و اخذوا الرّشا و شيّدوا البناء و اتّبعوا الهوي و باعوا الدّين بالدّنيا و استخفّوا بالدّماء و

ص: 1315

ركنوا الي الرّبا و تقاطعت الارحام و كان الحلم ضعفا و الظّلم فخرا و الامراء فجرة و الوزراء كذبة و الامناء خونة و الاعوان ظلمة و القرّاء فسقة و ظهر الجور و كثر الطّلاق و موت الفجاة و حليت المصاحف و زخرفت المساجد و طوّلت المنابر و نقضت العهود و خربت القلوب و استحلّوا المعازف و شرب الخمور و ركبت الذّكور و اشتغل النّساء و شاركن ازواجهنّ في التّجارة حرصا علي الدّنيا و علت الفروج السّروج و تشبهّن بالرّجال فحينئذ عدّوا انفسكم في الموتي و لا تغرّنّكم الحيوة الدّنيا فانّ النّاس اثنان برّ تقّي و اخر شقّي و الدّار داران لا ثالث لهما و الكتاب واحد لا يغادر صغيرة و لا كبيرة الاّ احصانها الا و انّ حبّ الدّنيا رأس كلّ خطيئة و باب كلّ بليّة و مجمع كلّ فتنة و داعية كلّ ريبة الويل لمن جمع الدّنيا و اورثها من لا يحمده و قدم علي من لا يعذره الدّنيا دار المنافقين و ليست بدار المتّقين فليتكن حظّك من الدّنيا قوام صلبك و امساك نفسك و تزوّد لمعادك

ص: 1316

قد وقع الفراغ من تسويد هذا الكتاب و تاليفه عشية يوم الجمعة ليلة الثالث من شهر شعبان المعظّم يوم ميلاد السّبط الثاني و الامام الثالث سيّد شباب اهل الجنة رحمة اللّه الواسعة سفينة نجاة العاصين من المؤمنين زين السّموات و الارضين مصباح الهدي و العروة الوثقي التي لا انفصام لها قرة عين الرّسول و فلذة كبد البتول سيد الكونين و شفيع النشاتين مولانا و مولي الثقلين ابي عبد اللّه الحسين سلام اللّه عليه و علي جدّه و ابيه و امّه و بنيه سنة ثمان و ثمانين و ثلاثمائة بعد الالف من الهجرة المقدسة النبويّة علي مهاجرها صلاة لا تحصي و تحية لا تنتهي و تسليم لا تعدّ و الحمد للّه علي ما هدانا و له الشكر علي ما اولانا و لقد الّفته و كتبته بيمناي الدّاثرة و انا العاصي الاثم ابن عليّ بن القاسم المحمد اباديّ الجرقويي الاصبهاني حسن الميرجهانيّ الطّباطبائي الحسني الحسيني وقاه اللّه عن التّواني و عفي اللّه عن جرائمه

فهرس مطالع الوصايا و كتبه عليه السلام

صورة

ص: 1317

صورة

ص: 1318

صورة

ص: 1319

صورة

ص: 1320

صورة

ص: 1321

صورة

ص: 1322

صورة

ص: 1323

صورة

ص: 1324

صورة

ص: 1325

صورة

ص: 1326

صورة

ص: 1327

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.