تجلّيات الغضب الإلهي لمقتل سيّد الشهداء عليه السلام في أحاديث الفريقين

اشارة

تجلّيات الغضب الإلهي لمقتل سيّد الشهداء عليه السلام في أحاديث الفريقين

تأليف: الشيخ علي عبدالرضا الساعدي

النشر: النجف، العراق: العتبة الحسينية المقدسة، قسم الشؤون الفكرية والثقافية، مؤسسة وارث الأنبياء للدراسات التخصصية في النهضة الحسينية، 1439ه- - 2018م.

موضوع شخصي: الحسين بن علي الشهيد(عليه السلام)، الإمام الثالث، 4-61 للهجرة - خطب.

موضوع شخصي: الحسين بن علي الشهيد(عليه السلام)، الإمام الثالث، 4-61 للهجرة - البكاء.

مصطلح موضوعي: واقعة كربلاء، 61 للهجرة - نتائج وتأثيرات - أحاديث أهل السنة.

مصطلح موضوعي: عاشوراء - نتائج وتأثيرات.

مصطلح موضوعي: البكاء - أحاديث.

ص: 1

اشارة

بطاقة فهرستة

مصدر الفهرسة: KaPLI ara - KaPLI rda IQ- IQ

رقم تصنيف: LC: BP41.5.S2 2017

المؤلف الشخصي: الساعدي، علي عبد الرضا. مؤلف.

العنوان: تجلّيات الغضب الإلهي لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام) في أحاديث الفريقين.

بيان المسؤولية: تأليف: الشيخ علي عبدالرضا الساعدي

بيانات الطبعة: الطبعة الأولي.

بيانات النشر: النجف، العراق: العتبة الحسينية المقدسة، قسم الشؤون الفكرية والثقافية، مؤسسة وارث الأنبياء للدراسات التخصصية في النهضة الحسينية، 1439ه- - 2018م.

الوصف المادي: 260 صفحة؛ 24 سم.

سلسلة النشر: مؤسسة وارث الأنبياء للدراسات التخصصية في النهضة الحسينية.

تبصرة ببليوغرافية: يتضمن هوامش، لائحة المصادر: الصفحات (235 - 248).

موضوع شخصي: الحسين بن علي الشهيد(عليه السلام)، الإمام الثالث، 4-61 للهجرة - خطب.

موضوع شخصي: الحسين بن علي الشهيد(عليه السلام)، الإمام الثالث، 4-61 للهجرة - البكاء.

مصطلح موضوعي: واقعة كربلاء، 61 للهجرة - نتائج وتأثيرات - أحاديث أهل السنة.

مصطلح موضوعي: عاشوراء - نتائج وتأثيرات.

مصطلح موضوعي: البكاء - أحاديث.

مصطلح موضوعي: أحاديث الشيعة الإمامية - القرن 15 للهجرة.

اسم هيئة إضافي: العتبة الحسينية المقدسة، قسم الشؤون الفكرية والثقافية، مؤسسة وارث الأنبياء للدراسات التخصصية في النهضة الحسينية - جهة مصدرة.

-----------------------------------------------------

تمت الفهرسة قبل النشر في مكتبة العتبة الحسينية المقدسة

رقم الإيداع في دار الكتب والوثائق ببغداد (4316) لسنة (2017م)

ص: 2

تجلّيات الغضب الإلهي لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام) في أحاديث الفريقين.

تأليف: الشيخ علي عبدالرضا الساعدي

الاشراف العلمي مؤسسة وارث الأنبياء للدراسات التخصصية في النهضة الحسينية،

ص: 3

جميع الحقوق محفوظة

للعتبة الحسينية المقدسة

الطبعة الأولي

1439 ه- - 2018

اصدار

مؤسسة وارث الأنبياء للدراسات التخصصية في النهضة الحسينية،

ص: 4

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 5

تنويه: هذا الكتاب هو جزء من متطلبات نيل شهادة البكالوريوس

وهي بعنوان تجلّيات الغضب الإلهي لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام) في أحاديث الفريقين

تقدم بها الطالب الشيخ علي عبد الرضا الساعدي

تحت إشراف الاستاذ المشرف الشيخ طالب الخزاعي

قدمت إلي جامعة المصطفي(صلي الله عليه و اله) العالمية

مراجعة وتدقيق

اللجنة العلمية في قسم الرسائل الجامعية في مؤسسة وارث الأنبياء

د. الشيخ عبد الرحمن الربيعي، د. الشيخ علي حمود العبادي،

د. السيد خالد السيساوي، د. الشيخ عدي السهلاني، الأستاذ معروف عبد المجيد

هوية الكتاب

عنوان الكتابتجلّيات الغضب الإلهي لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام) في أحاديث الفريقين

المؤلف: الشيخ علي عبد الرضا الساعدي

الإشراف العلمي:اللجنة العلمية في مؤسسة وارث الأنبياء

الإخراج الفنيحسين المالكي

الطبعة: الأولي

المطبعة: دار المؤمن

سنة الطبع:1439ه- - 2018م

عدد النسخ:1000

ص: 6

بسم الله الرحمن الرحيم

«يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَي اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32)»

صدق الله العلي العظيم

(التوبة: اية32)

ص: 7

ص: 8

الاهداء..

إلي مَن عُصرَت بين الحائطِ والبابْ حقداً وطُغياناً

فاطمة الزهراء(عليها السلام)

إلي مَن رُفع رأسهُ علي القنا ظُلماً وعُدواناً

أبي عبد الله الحسين(عليه السلام)

إلي مَن ينتظر أمرَ ربه بالثأر حقاً وانتقاماً

الحجّة ابن الحسن المنتظر(عجل الله تعالي فرجه و الشريف)

إلي مَن نحن في جوارها ونتزوّد من أنفاسها

فاطمة المعصومة(عليها السلام)

أقدّم بحثي هذا، سائلاً المولي الكريم أن يتفضّل عليّ بالقبول والرضا ويجعله ذخراً لي ليوم يعدل فاقتي.

البحث

ص: 9

ص: 10

شكر وتقدير..

قال الإمام الرضا (عليه السلام): «من لم يشكر المنعم من المخلوقين لم يشكر الله(عزوجل) »

عيون اخبار الرضا: ج2 ص 27

أتقدّم بجزيل الشكر، وفائق الإمتنان الي جامعة المصطفي(صلي الله عليه و اله) العالمية؛ لإتاحتهم لنا فرصة البحث والتحقيق لإنجاز هذا العمل المبارك، كما أتقدّم بالشكر والعرفان لمؤسسة وارث الأنبياء للدراسات التخصصيّة في النهضة الحسينية، وأخصّ بالذكر سماحة الشيخ رافد التميمي بتهيئة كافة الإمكانات اللازمة للباحثين والكُتّاب.

كما أتقدّم بخالص شكري إلي الأستاذ الفاضل والمشرف علي هذا البحث سماحة الشيخ طالب الخزاعي علي ما أولاه من رعاية فائقة في توجيهي لإنجاز هذا العمل المبارك، وكذلك أشكر والدي في إرشاده ودعائه بالتوفيق والنجاح، وكما أشكر كل من آزرني ووجّهني لإخراج هذا العمل المبارك بهذه الحلّة القشيبة وأخصّ بالذكر سماحة الشيخ عبدالرحمن الربيعي، الشيخ علي حمود العبادي، الشيخ عدي السهلاني وغيرهم من اللجنة العلمية في قسم الرسائل الجامعية في مؤسسة وارث الأنبياء، سائلاً الباري أن يرزقهم عناية وشفاعة سيد الشهداء (عليه السلام) في الدنيا والآخرة، إنّه سميع مجيب، والحمد لله ربّ العالمين.

علي عبد الرضا الساعدي

ص: 11

ص: 12

مقدمة المؤسسة

بسم الله الرحمن الرحيم

إنّ نشر المعرفة، وبيان الحقيقة، وإثبات المعلومة الصحيحة، غاياتٌ سامية وأهدافٌ متعالية، وهي من أهمّ وظائف النُّخب والشخصيات العلمية، التي أخذت علي عاتقها تنفيذ هذه الوظيفة المقدّسة.

من هنا؛ قامت الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة بإنشاء المؤسّسات والمراكز العلمية والتحقيقية؛ لإثراء الواقع بالمعلومة النقية؛ لتنشئة مجتمعٍ واعٍ متحضّر، يسير وفق خطوات وضوابط ومرتكزات واضحة ومطمئنة.

وممّا لا شكّ فيه أنّ القضية الحسينية - والنهضة المباركة القدسية - تتصدّر أولويات البحث العلمي، وضرورة التنقيب والتتبّع في الجزئيات المتنوّعة والمتعدّدة، والتي تحتاج إلي الدراسة بشكلٍ تخصّصي علمي، ووفق أساليب متنوّعة ودقيقة، ولأجل هذه الأهداف والغايات تأسّست مؤسّسة وارث الأنبياء للدراسات التخصّصية في النهضة الحسينية، وهي مؤسّسة علميّة متخصّصة في دراسة النهضة الحسينية من جميع أبعادها: التاريخية، والفقهية، والعقائدية، والسياسية، والاجتماعية، والتربوية، والتبليغية، وغيرها من الجوانب العديدة المرتبطة بهذه النهضة العظيمة،وكذلك تتكفّل بدراسة سائر ما يرتبط بالإمام الحسين(عليه السلام).

ص: 13

وانطلاقاً من الإحساس بالمسؤولية العظيمة الملقاة علي عاتق هذه المؤسّسة المباركة؛ كونها مختصّة بأحد أهمّ القضايا الدينية، بل والإنسانية، فقد قامت بالعمل علي مجموعة من المشاريع العلمية التخصّصية، التي من شأنها أن تُعطي نقلة نوعية للتراث، والفكر، والثقافة الحسينية.

المشاريع العلمية في المؤسسة

بعد الدراسة المتواصلة التي قامت بها مؤسسة وارث الأنبياء حول المشاريع العلمية في المجال الحسيني تمّ الوقوف علي مجموعة كبيرة من المشاريع التي لم يُسلَّط الضوء عليها كما يُراد لها، وهي مشاريع كثيرة وكبيرة في نفس الوقت، ولكل منها أهميته القصوي، إلّا أنّه ووفقاً لجدول الأولويات المعتمد في المؤسسة تمّ اختيار المشاريع العلميّة الأكثر أهميّة والتي يُعتبر العمل عليها إسهاماً في تحقيق نقلة نوعية للتراث والفكر الحسيني، وهذه المشاريع هي:

الأوّل: قسم التأليف والتحقيق

إنّ العمل في هذا القسم علي مستويين:

أ - التأليف

ويعني هذا القسم بالكتابة في العناوين الحسينية التي لم يتمّ تناولها بالبحث والتنقيب، أو التي لم تُعطَ حقّها من ذلك. كما يتم استقبال النتاجات القيمة التي أُلفت من قبل العلماء والباحثين في هذا القسم، ليتم إخضاعها للتحكيم العلمي، وبعد إبداء الملاحظات العلمية وإجراء التعديلات اللازمة بالتوافقمع مؤلفيها يتمّ طباعتها ونشرها.

ص: 14

ب - التحقيق

والعمل فيه قائم علي جمع وتحقيق وتنظيم التراث المكتوب عن مقتل الإمام الحسين(عليه السلام)، ويشمل جميع الكتب في هذا المجال، سواء التي كانت بكتابٍ مستقل أو ضمن كتاب، تحت عنوان: (موسوعة المقاتل الحسينيّة). وكذا العمل جارٍ في هذا القسم علي رصد المخطوطات الحسينية التي لم تُطبع إلي الآن؛ ليتم جمعها وتحقيقها، ثمّ طباعتها ونشرها. كما ويتم استقبال الكتب التي تمّ تحقيقها خارج المؤسسة، لغرض طباعتها ونشرها، وذلك بعد إخضاعها للتقييم العلمي من قبل اللجنة العلمية في المؤسسة، وبعد إدخال التعديلات اللازمة عليها وتأييد صلاحيتها للنشر تقوم المؤسسة بطباعتها.

الثاني: مجلّة الإصلاح الحسيني

وهي مجلّة فصلية متخصّصة في النهضة الحسينية، تهتمّ بنش-ر معالم وآفاق الفكر الحسيني، وتسلّط الضوء علي تاريخ النهضة الحسينية وتراثها، وكذلك إبراز الجوانب الإنسانية، والاجتماعية والفقهية والأدبية في تلك النهضة المباركة، وقد قطعت شوطاً كبيراً في مجالها، واحتلّت الصدارة بين المجلات العلمية الرصينة في مجالها، وأسهمت في إثراء واقعنا الفكري بالبحوث العلمية الرصينة.

الثالث: قسم ردّ الشبهات عن النهضة الحسينية

إنّ العمل في هذا القسم قائم علي جمع الشبهات المثارة حول الإمام الحسين(عليه السلام) ونهضته المباركة، وذلك من خلال تتبع مضان تلك الشبهات من كتب قديمة أو حديثة، ومقالات وبحوث وندوات وبرامج تلفزيونية وما إليذلك، ثم يتم فرزها وتبويبها وعنونتها ضمن جدول موضوعي، ثمّ يتم الرد عليها بأُسلوب علميّ

ص: 15

تحقيقي في عدة مستويات.

الرابع: الموسوعة العلمية من كلمات الإمام الحسين(عليه السلام)

وهي موسوعة علمية تخصصية مستخرجة من كلمات الإمام الحسين(عليه السلام) في مختلف العلوم وفروع المعرفة، ويكون ذلك من خلال جمع كلمات الإمام الحسين(عليه السلام) من المصادر المعتبرة، ثمّ تبويبها حسب التخصّصات العلمية مع بيان لتلك الكلمات، ثمّ وضعها بين يدي ذوي الاختصاص؛ ليستخرجوا نظريات علميّة ممازجة بين كلمات الإمام(عليه السلام) والواقع العلمي.

الخامس: قسم دائرة معارف الإمام الحسين(عليه السلام) أو (الموسوعة الألفبائية الحسينية)

وهي موسوعة تشتمل علي كلّ ما يرتبط بالإمام الحسين(عليه السلام) ونهضته المباركة من أحداث، ووقائع، ومفاهيم، ورؤي، وأعلام وبلدان وأماكن، وكتب، وغير ذلك، مرتّبة حسب حروف الألف باء، وكما هو معمول به في دوائر المعارف والموسوعات، وعلي شكل مقالات علميّة رصينة، تُراعي فيها كلّ شروط المقالة العلميّة، مكتوبة بلغةٍ عص-رية وأُسلوبٍ حديث.

السادس: قسم الرسائل والأطاريح الجامعية

إنّ العمل في هذا القسم يتمحور حول أمرين: الأوّل: حول إحصاء الرسائل والأطاريح الجامعية التي كُتبتْ حول النهضة الحسينية، ومتابعتها من قبل لجنة علمية متخصّصة؛ لرفع النواقص العلمية، وتهيئتها للطباعة والنشر، الثاني: حول إعداد موضوعات حسينيّة من قبل اللجنة العلمية فيهذا القسم، تصلح لكتابة رسائل وأطاريح جامعية، تكون بمتناول طلّاب الدراسات العليا.

ص: 16

السابع: قسم الترجمة

يقوم هذا القسم بمتابعة التراث المكتوب حول الإمام الحسين(عليه السلام) ونهضته المباركة باللغات غير العربية لنقله إلي العربية، ويكون ذلك من خلال تأييد صلاحيته للترجمة، ثمّ ترجمته أو الإشراف علي ترجمته إذا كانت الترجمة خارج القسم.

الثامن: قسم الرصد والإحصاء

يتم في هذا القسم رصد جميع القضايا الحسينيّة المطروحة في جميع الوسائل المتبعة في نشر العلم والثقافة، كالفضائيات، والمواقع الإلكترونية، والكتب، والمجلات والنشريات، وغيرها؛ ممّا يعطي رؤية واضحة حول أهمّ الأُمور المرتبطة بالقضية الحسينية بمختلف أبعادها، وهذا بدوره يكون مؤثّراً جدّاً في رسم السياسات العامّة للمؤسّسة، ورفد بقيّة الأقسام فيها، وكذا بقية المؤسّسات والمراكز العلمية في شتي المجالات.

التاسع: قسم المؤتمرات والندوات العلمية

ويتمّ العمل في هذا القسم علي إقامة مؤتمرات وملتقيات وندوات علميّة فكرية متخصّصة في النهضة الحسينية، لغرض الإفادة من الأقلام الرائدة والإمكانات الواعدة، ليتمّ طرحها في جوٍّ علميّ بمحضر الأساتذة والباحثين والمحقّقين من ذوي الاختصاص، كما تتمّ دعوة العلماء والمفكرين لطرح أفكارهم ورؤاهم القيمة علي الكوادر العلمية في المؤسسة وكذا سائر الباحثين والمحققين وكل من لديه اهتمام بالشأن الحسيني، للاستفادة من طرق قراءتهم للنصوص الحسينية وفق الأدوات الاستنباطية المعتمدة لديهم.

ص: 17

العاشر: قسم المكتبة الحسينية التخصصية

وهي مكتبة حسينية تخصّصية تجمع التراث الحسيني المخطوط والمطبوع، أنشأتها مؤسسة وارث الأنبياء، وهي تجمع آلاف الكتب المهمة في مجال تخصصها.

الحادي عشر: قسم الموقع الإلكتروني

وهو موقع إلكتروني متخصص بنشر نتاجات وفعاليات مؤسسة وارث الأنبياء، فهو يقوم بن-شر وعرض كتبها ومجلاتها التي تصدرها، وكذا الندوات والمؤتمرات التي تقيمها، وكذا يسلط الضوء علي أخبار المؤسسة ومجمل فعالياتها العلمية والإعلامية.

الثاني عشر: القسم النسوي

يعمل هذا القسم ومن خلال كادر علمي متخصص علي تفعيل دور المرأة المسلمة في النهضة الحسينية وبأقلام علمية نسوية من الجانب الديني والأكاديمي، كما يعمل علي تأهيل الباحثات والكاتبات ضمن ورشات عمل تدريبية وفق الأساليب المعاصرة في التأليف والكتابة.

الثالث عشر: القسم الفني

إنّ العمل في هذا القسم قائم علي طباعة وإخراج النتاجات الحسينية التي تصدر عن المؤسسة، وفقاً للبرامج الإلكترونية المتطورة، وذلك من خلال كادر فنيّ متخصص، كما ويعمل علي تصميم الأغلفة وواجهات الصفحات الإلكترونية، ومن مهام هذا القسم أيضاً العمل علي برمجة الإعلانات المرئية والمسموعة وغيرهما، وسائر الأمور الفنيّة الأخري التي تحتاجهاكافّة الأقسام.

وهناك مشاريع أُخري سيتمّ العمل عليها إن شاء الله تعالي.

ص: 18

قسم الرسائل الجامعية في مؤسسة وارث الأنبياء

يتكفّل قسم الرسائل الجامعية بمهمّة نشر الفكر الحسيني المبارك، من خلال تفعيل الدراسات والأبحاث العلمية الحسينية في الأوساط الجامعية والأكاديمية بمستوياتها الثلاثة: البكالوريوس، والماجستير، والدكتوراه، مضافاً إلي الرُقي بالمستوي العلمي والتحقيقي للكفاءات الواعدة المهتمّة بالنهضة الحسينية في جميع مجالاتها. وقد تصدّي لهذه المسؤولية نخبة من الأساتذة المحققين في المجال الحوزوي والأكاديمي.

أهداف القسم

الغاية من وراء إنشاء هذا القسم جملة من الأهداف المهمّة، منها:

1 - إخضاع الدراسات والأبحاث الحسينية لمناهج البحث المعتمدة لدي المعاهد والجامعات.

2 - إبراز الجوانب المهمّة وفتح آفاق جديدة أمام الدراسات والأبحاث المتعلّقة بالنهضة الحسينية، من خلال اختيار عناوين ومواضيع حيوية مواكبة للواقع المعاصر.

3 - الارتقاء بالمستوي العلمي للكوادر الجامعية، والعمل علي تربية جيل يعني بالبحث والتحقيق في مجال النهضة الحسينية الخالدة.

4 - إضفاء صبغة علمية منهجية متميزة علي صعيد الدراسات الأكاديمية، المرتبطة بالإمام الحسين(عليه السلام) ونهضته المباركة.

5 - تشجيع الطاقات الواعدة في المعاهد والجامعات للولوج في الأبحاث

ص: 19

والدراسات العلمية في مختلف مجالات البحث المرتبطة بالنهضة الحسينية، ومن ثمّ الاستعانة بأكفّائها في نشر ثقافة النهضة وإقامة دعائم المشاريع المستقبلية للقسم.

6 - معرفة مدي انتشار الفكر الحسيني في الوسط الجامعي؛ لغرض تشخيص آلية التعاطي معه علمياً.

7 - نشر الفكر الحسيني في الأوساط الجامعية والأكاديمية.

8- تشخيص الأبعاد التي لم تتناولها الدراسات الأكاديمية في ما يتعلّق بالنهضة الحسينية، ومحاولة العمل علي إبرازها في الدراسات الجديدة المقترحة.

9 - التعريف بالرسائل الجامعية المرتبطة بالإمام الحسين(عليه السلام) ونهضته المباركة؛ والتي تمّت كتابتها ومناقشتها في الجامعات.

آليات عمل القسم

إنّ طبيعة العمل في قسم الرسائل الجامعية تكون علي مستويات ثلاثة:

المستوي الأوّل: العناوين والمواضيع الحسينية

يسير العمل فيه طبقاً للخطوات التالية:

1 - إعداد العناوين والموضوعات التخصّصية، التي تعني بالفكر الحسيني طبقاً للمعايير والضوابط العلمية، مع الأخذ بنظر الاعتبار جانب الإبداع والأهمية لتلك العناوين.

2 - وضع الخطّة الإجمالية لتلك العناوين والتي تشتمل علي البحوث التمهيدية والفصول ومباحثها الفرعية مع مقدّمة موجزة عن طبيعة البحث وأهميته والغاية منه.

3 - تزويد الجامعات المتعاقد معها بتلك العناوين المقترحة مع فصولها ومباحثها.

ص: 20

المستوي الثاني: الرسائل قيد التدوين

يسير العمل فيه علي النحو التالي:

1 - مساعدة الباحث في كتابة رسالته من خلال إبداء الرأي والنصيحة.

2- استعداد القسم للإشراف علي الرسائل والأطروحات فيما لو رغب الطالب أو الجامعة في ذلك.

3 - إنشاء مكتبة متخصصة بالرسائل الجامعية لمساعدة الباحثين علي إنجاز دراساتهم ورسائلهم، فضلاً عن إتاحة الفرصة أمامهم للاستفادة من مكتبة المؤسسة المتخصّصة بالنهضة الحسينية.

المستوي الثالث: الرسائل المناقشة

يتمّ التعامل مع الرسائل التي تمّت مناقشتها علي النحو التالي:

1 - وضع الضوابط العلمية التي ينبغي أن تخضع لها الرسائل الجامعية، تمهيداً لطبعها ونشرها وفقاً لقواعد ومقررات المؤسسة.

2 - رصد وإحصاء الرسائل الأكاديمية التي تمّ تدوينها حول النهضة الحسينية المباركة.

3 - استحصال متون ونصوص تلك الرسائل من الجامعات المتعاقد معها، والاحتفاظ بها في مكتبة المؤسسة.

4 - قيام اللجنة العلمية في القسم بتقييم الرسائل المذكورة، والبت في مدي صلاحيتها للطباعة والنشر من خلال جلسات علمية يحضرها أعضاء اللجنة المذكورة.

5 - تحصيل موافقة صاحب الرسالة لإجراء التعديلات اللازمة، سواء أكان ذلك من قبل الطالب نفسه أم من قِبل اللجنة العلمية في القسم.

6 - إجراء الترتيبات القانونية اللازمة لتحصيل الموافقة من الجامعة المعنية وصاحب الرسالة علي طباعة ونشر رسالته التي تمّت الموافقة عليهابعد إجراء

ص: 21

التعديلات اللازمة.

7 - فسح المجال أمام الباحث لنشر مقال عن رسالته في مجلة (الإصلاح الحسيني) الفصلية المتخصصة في النهضة الحسينية التي تصدرها المؤسسة.

8 - العمل علي تلخيص الرسائل الجامعية، ورفد الموقع الإلكتروني التابع للمؤسسة بها، ومن ثمّ طباعتها تحت عنوان: دليل الرسائل الجامعية المرتبطة بالإمام الحسين(عليه السلام) ونهضته المباركة.

هذه الرسالة

انّ ما حدث في اليوم العاشر من محرم سنة 61 هجرية يعتبر انتكاسة علي جميع المستويات، سواء الدينية أو الإنسانية أو الأخلاقية أو غيرها حيث تم في ذلك اليوم انتهاك حرمة الشخصية الممثلة لله في أرضه وحجته علي خلقه بأبشع صورة وأسوء طريقة مروعة من القتل والتمثيل والقطع والاسر والسلب والحصار والضرب وكل ما هو سيء وبشع ومرفوض.

كل ذلك حصل لهذا الولي وأهل بيته وهو لم يطلب إلا الإصلاح والهداية والرشاد والعدالة للمجتمع الذي تحكمت به الأهواء والانحرافات والخرافات، وما فيه الظلّام والجهّال وأتباع المصالح الشخصية.

فكل من كان منه (عليه السلام) هو لله وفي سبيله وسبيل دينه، لذلك فقد غضب الله تعالي لهذه الواقعة والانتهاك الذي حصل، وقد تجلي غضبه تعالي في أرضه وسمائه من خلال عدة حوادث مهمة وقعت بُعيد المقتل الفجيع، منها حوادث سماوية ومنها أرضية، نقلتها لنا صفحات التاريخ.

وقد سلط الباحث في هذه الرسالة بحثه حول هذه التجليات وابعادها ومايترتب عليها من نتائج معرفية مهمة تؤثر في عقيدة الأمة وسلوكها، وقد استطاع أن

ص: 22

يقدم بحثاً علمياً تميز في هذا الباب.

نسأل الله تعالي للمؤلف دوام السداد والتوفيق لخدمة العتبة الحسينية، ونسأل الله تعالي أن يبارك لنا في أعمالنا إنه سميع مجيب.

اللجنة العلمية في

مؤسسة وارث الأنبياء

للدراسات التخصصية في النهضة الحسينية

ص: 23

ص: 24

مقدمة قسم الرسائل الجامعية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام علي سيد الخلق أجمعين، طبيب نفوسنا وشفيع ذنوبنا أبي القاسم محمد، وعلي آله الطيبين الطاهرين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

من رحمة الله تعالي بنا أن أرسل إلينا رسولاً من أنفسنا يتلو علينا آياته ويزكّينا ويعلّمنا الكتاب والحكمة، كما من رحمته تعالي أن جعل لهذا النبي الكريم أئمة معصومين يأتون من بعده يكملون مسيرته، ويأخذون بأيدينا إلي طريق الصلاح الكمال والهداية، وقد أوجب الله تعالي علينا معرفتهم ومحبتهم وطاعتهم.

من هؤلاء الأئمة المعصومين الإمام سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين(عليه السلام) ، الذي قام بنهضة عظيمة بوجه الفساد وحكام الجور، وضحّي بنفسه وبذل الغالي والنفيس من أجل إعلاء كلمة الحق واصلاح الأمة، بل كان نبراسا ومثالاً يُقتدي به لكل الأحرار في العالم. فالنهضة الحسينية تتعالي عن كل نظرة تعبوية ومذهبية؛ فهي مجمع المبادئ الإنسانية ومنتهي الكمالات البشرية، لهذا تجد الكل يفتخر بالإنتماء إليها لا فرق في ذلك بين المسلم وغيره، وهذا شاهد وجداني صريح علي أنّها تراث عالمي وقيمة حضارية عليا وأمانة إنسانية.

ولمّا كانت النهضة الحسينية بتلك الاهمية كان من الضروري بمكان أن تُخصص الدراسات والبحوث حول هذه النهضة المباركة وشخوصها العظام، كما كان من الضروري أن تَلقي تلك الدراسات والبحوث الاهتمامالمناسب من قِبل المؤسسات التي تُعني بالفكر الإنساني بصورة عامة وبالفكر الحسيني بصورة خاصة، ولهذا أخذ قسم الرسائل الجامعية في مؤسسة وارث الأنبياء للدراسات التخصصية في

ص: 25

النهضة الحسينية علي عاتقه الاهتمام بتلك الدراسات، وإجراء ما يلزم من تعديلات عليها، وطبعها وابرازها إلي القرّاء؛ لينتهلوا من معارفها والتزوّد من معلوماتها.

ومن هذه الدراسات والبحوث الجامعية التي عمل القسم عليها هو بحث: (تجليّات الغضب الإلهي لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام) في أحاديث الفريقين)، للباحث علي عبد الرضا الساعدي، والمقدّم إلي جامعة المصطفي ص العالمية لإكمال مرحلة البكلوريوس.

وقد عرض الباحث الكريم الأحاديث الواردة في مصادر الشيعة والسنة فيما يخص المظاهر والتجليّات التي ظهرت بعد مقتل الإمام الحسين(عليه السلام)، السماويّة منها والأرضيّة، مستنداً في الأعم الأغلب إلي اُمهات المصادر والمراجع الأولية لدي الفريقين، ومما أضاف نقطة قوة إلي هذا البحث هو بيان موارد الاتفاق والاختلاف فيما نقلته الأحاديث من تجليات للغضب الإلهي لمقتل الإمام الحسين(عليه السلام).

وقد أجاد الباحث في ذلك بما يفوق ما هو مطلوب في مرحلة البكالوريوس، بل يمكن أن يُقال أنّ بحثه هذا وبعد إجراء التعديلات التي ارتأتها المؤسسة وشاركت الباحث في إجرائها يرتقي إلي مستوي رسائل الماجستير، فكان من الحري بهكذا بحوث أن تري النور من خلال طباعتها، وجعلها في متناول أيدي القرّاء الأعزاء، وهذا ما قامت به مؤسسة وارث الأنبياء للدراسات التخصصية في النهضة الحسينية، راجين بذلك رضا الله سبحانه وتعالي.

والحمدُ للهِ أولاً وآخراً.قسم الرسائل الجامعية

في

مؤسسة وارث الأنبياء

ص: 26

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسلام علي أشرف الأنبياء والمرسلين، حبيب إله العالمين، أبي القاسم محمّد، وعلي آله الطيّبين الطاهرين، واللعنة علي أعدائهم ومنكري فضائلهم أجمعين من الآن إلي قيام يوم الدين.

وبعد:

فإنّ هذه مقدمة أطمح من خلالها إلي بيان الإطار العام لهذا البحث، وتسليط الضوء علي مكوّناته الأساسيّة، وفيها:

بيان الموضوع وأهميّته

إن قضيّة الإمام الحسين(عليه السلام) هي قضية إنسانية وحضارية وعالميّة، وليست قضية مذهبيّه أو لطائفة خاصة، وقد كانت ثورته المباركة لأجل حفظ بيضة الإسلام والسير بسيرة جدّه وأبيه عليهم أفضل الصلاة والسلام، وقد قدّم الإمام الحسين(عليه السلام) أعزّ الناس من أهل بيته وعائلته حتي الرضيع الذي لا يتجاوز عمره إلّا أشهر قليلة، وبأعزّ وأوفي أصحابه المنتجبين؛ لأجل حفظ بيضة الإسلام ونبذ الكفر والطغيان، والقضاء علي الحكم الأموي، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فكانت نهضته المباركة

ص: 27

خالصة للباري تبارك وتعالي، وإرضاءًله، وإبقاءً لصوت الحقّ إلي أبد الآبدين، ولهذا فقد ضحّي الإمام(عليه السلام) بالغالي والنفيس، وصبر علي الآلام والمصائب، وكانت النتيجة هي تلك المجزرة الفجيعة التي لا مثيل لها في التاريخ، المعروفة بواقعة الطف.

لم يكن مقتل الحسين(عليه السلام) كسائر مقاتل الشهداء من الأئمّة والأنبياء والأولياء المخلصين(عليهم السلام)؛ وذلك لما رافق مقتله من مظاهر تكشف عن تجلّي الغضب الإلهي لأجله، خصوصاً وانّ هذه المظاهر لم تقتصر علي الآثار الأرضيّة، بل رافقتها الآثار السماويّة والتقلّبات الكونية لمقتله(عليه السلام).

وقد تضمّن هذا البحث التجلّيات والانكشافات والتغيّرات الكونيّة التي حدثت بعد مقتل سيّد الشهداء(عليه السلام) في أحاديث الفريقين نتيجة لغضب المولي تبارك وتعالي لمقتل الإمام الحسين(عليه السلام).

وتبرز أهميّة هذا البحث حول هذا الموضوع من خلال ما يتضمّنه من المسائل المهمة وذات التأثير المباشر علي تحديد مسار الأمة واستقامتها في الحفاظ علي مبادئ عقيدتها، وسلوكها علي الصراط السوي الذي رسمه الله تعالي وسار به الإمام الحسين(عليه السلام).

سابقة البحث

إنّ الأحاديث الواردة بخصوص ظهور تجليّات الغضب الإلهي بعد مقتل سيد الشهداء(عليه السلام) في مصادر السنة كثيرة، في حين أنّ المصادر الشيعيّه التي تطرّقت إلي ذكر هذه التجلّيات قليلة، ورأينا بعض المصادر الشيعية تنقل الأحاديث والروايات عن المصادر السنّية وتعتمد عليها، وكما نعلم أنّ الشيعة علي طول التاريخ مرّوا بظروف صعبة للغاية، بين تشريد وقتل وإحراق للمكتبات وغيرها، من قِبل الأمويين وأتباعهم، والذين يريدون أن يطفئوا نورالله سبحانه وتعالي، ولكن لم ولن يستطيعوا

ص: 28

أن يطفئوا ذلك النور ولو كره الكافرون.

لقد وُفّقنا في هذا البحث لاستخراج هذه الأحاديث المتناثرة في عشرات المصادر الشيعيّة والسنيّة، وجمعها في بحثٍ مستقل كهذا، بتوفيق من الله وعونه، وأسأل الله تبارك وتعالي القبول، ورضا أهل البيت (عليهم السلام)، وأن يكون هذا العمل خالصاً لوجه الله تعالي، وأن يشملنا بشفاعة سيد الشهداء(عليه السلام) يوم لا ينفع مال ولابنون.

الأهداف

إن هذا البحث يهدف إلي بيان عدّة أمور:

إثبات أنّ الغضب الإلهي لايحل ولا يحصل الا إذا كان الحدث له مكانة وخصوصيّة ترتبط بمسائل التوحيد الإلهي ومحاربة الله تبارك وتعالي.

إثبات أن قتلهم للحسين(عليه السلام) هو محاولة منهم لمحو الإسلام وطمس شعاره.

بيان جميع ما ظهرمن الأحداث نتيجة مقتل الإمام الحسين(عليه السلام) في أحاديث الفريقين السنّة والشيعة، والتي بمجموعها لم تظهر لأحد إلّا لسيد الشهداء(عليه السلام)، وهذا ما يدل علي أهمّية الحركة التي قام به الإمام الحسين(عليه السلام)، وأنّ دمه الشريف أخذ أثره في الكون إلي يوم القيامة.

بيان عظمة هذه الثورة المباركة، ونبذ الأقوال القائلة بعدم شرعيّة خروج الإمام الحسين(عليه السلام)، وأنّه قتل بسيف جده.

إثبات مشروعية إحياء مآتم الإمام الحسين(عليه السلام) ونبذ الأقوال القائلة ببدعة إقامة الشعائر الحسينية(عليه السلام)، وذلك لما تحمله شخصية الإمام الحسين(عليه السلام) من أهميّة عند الله(عزوجل)والذي سيتضح لنا في هذا البحث.

بيان أنّ كل ما حدث من وقائع بعد مقتل سيد الشهداء(عليه السلام) هي نتيجة غضبالمولي تبارك وتعالي علي قاتليه، واللعنة عليهم إلي قيام يوم الدين.

الباحث

ص: 29

ص: 30

الفصل الاول: بحوث تمهيديّة

اشارة

المبحث الأوّل: تعريف مفردات الموضوع.

المبحث الثاني: التغيّرات الكونيّة، وفلسفة بكاء الجمادات والحيوانات.

المبحث الثالث: نبذة مختصرة عن حياة الإمام الحسين(عليه السلام).

المبحث الرابع: أهداف الثورة الحسينية المباركة.

المبحث الخامس: عوامل خلود ثورة الإمام الحسين(عليه السلام).

ص: 31

ص: 32

المبحث الأول: تعريف مفردات الموضوع

اشارة

فيه إشارة إلي مفردات البحث، وذلك في عدّة مطالب، وعلي النحو التالي:

المطلب الأوّل: تعريف التجلّي لغةً واصطلاحاً

اشارة

إنّ هذه الكلمة وردت عدّة مرات في القرآن الكريم والأحاديث النبويّة والروايات الشريفة، ونريد أن نقف علي حقيقة هذه الكلمة في اللغة والاصطلاح، حيث تحتل هذه الكلمة مكاناً بارزاً في عنوان البحث، وهي إحدي أهم المفردات في هذا البحث، وبعد ذلك نذكر بقية المفردات إن شاء الله تعالي.

الجهة الأولي: تعريف التجلّي لغةً

جاء في صحاح اللغة للجوهري: «التجلّي نقيض الخفيّ، والجليّة الخبر اليقين، والجالية: الذين جَلَوا عن أوطانهم... وجلوتُ العروس جِلاءً وجِلوةً واجتليتها بمعني، إذا نظرتَ إليها مجلوّة»((1)).

وقال الفيّومي في المصباح المنير: «جلَوتُ العروسَ جلوةً، والفتح لغةً، وجِلاءً، واجتَليتُها مثلُه، وجلوت السيف ونحوه: كشفتُ صدأه جِلاءً أيضاً،وجَلا الخبر للناس جَلاءً: وضح وانكشف، فهو جَلي، وجلوته: أوضحته، يتعدي ولا يتعدي،

ص: 33


1- ([1])الجوهري، إسماعيل بن حماد، صحاح اللغة: ج6، ص2304.

وجلوتُ عن البلد جلاءً أيضاً: خرجتُ، وأجلَيتُ مثله، ويستعمل الثلاثيّ والرباعيّ متعدّيين أيضاً، فيقال جلوتهُ واجليتُه، فهو جالٍ مثل قاضٍ، والجماعة جالية، وأجلَوا منزلهم: إذا تركوه من خوف، وإن كان لغير حذف تعدّي بالحرف وقيل أجلَوا عن منزلهم. وتجلّي الشيءُ: انكشف»((1)).

وقال ابن فارس في مقاييس اللغة: «أصل واحد وقياس مطرد، وهو انكشاف الشيء وبروزه. يقال جلوت العروسَ جَلوةً وجَلاءً، وجلوت السيف جلاءً. وقال الكسائيّ: السّماء جَلواء: مصَيحة. تجلّي الشيء إذا انكشف، ورجل أجلي إذا ذهب شَعر مُقّدم رأسه. ومن الباب جَلا القوم عن منازلهم جَلاءً، أجلَيتْهم أنا إجلاءً»((2)).

فالحاصل: أنّ التجلّي لغة هو نقيض الخفيّ فهو الواضح، كما تقول: جلوت السيف، أو جَلا الخبر، أي: انكشف واتضح الخبر.

الجهة الثانية: تعريف التجلّي اصطلاحاً

قال الزمخشري في الكشاف: «إنّ المراد من التجلّي هو: ظهر له اقتداره، وتصدّي له أمره وإرادته»((3)).

وقد ذكر العلّامة الطبرسي في مجمع البيان هو: «ظهر أمر ربّه وهوبمعني الظهور»((4)).

كما بيّن الراغب الإصفهاني في مفردات ألفاظ القرآن أنّ المراد من التجلّي هو: «الكشف الظاهر»((5)).

ص: 34


1- ([1]) الفيّومي، أحمد بن محمد، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير: ج1، ص106. (مادة جلو).
2- ([2]) ابن زكريا، أحمد بن فارس، معجم مقاييس اللغة، كتاب الجيم: ج1، ص417. (مادة جلو).
3- ([3]) الزمخشري، جار الله محمّد، الكشاف: ج2، ص151-155.
4- ([1]) الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان: ج4، ص352.
5- ([2]) الراغب الإصفهاني، حسين بن محمد، مفردات ألفاظ القرآن: ص200. (مادة جلو).

وذكر الفيض الكاشاني في تفسير الصافي: «أنّ المراد من التجلّي هو: ظهر له عظمته، وتصدي له اقتداره...»((1)).

وقد ذكر العلّامة الطباطبايي في الميزان أنّ المراد من التجلّي هو: «تجلّي ربك وظهورهُ»((2)).

وذكر العلّامة المصطفوي في تحقيق هذه الكلمة: «أن الحقيقة في هذه المادة: هي الانكشاف، وهو نقيض الخفاء، كما أن الظهور خلاف البطون. ثمّ إنّ إطلاق الانكشاف في مورد رفع السر والمانع، يقال كشف الضر والسوءَ، وانكشف الرجز والعذاب. فمتعلّق الكشف هو المانع والستر، وهذا بخلاف الجلاء فمتعلّقه نفس المجلوّ، فتفسيره بالانكشاف أو الظهور أو بنظيرهما من باب ضيق في اللفظ»((3)).

فالحاصل: انّ التجلّي اصطلاحاً هو الظهور، أي: الكشف الظاهر، ومتعلّق الكشف هو المانع، والتجلّي هونقيض الخفاء، كما أن الظهور خلاف البطون؛ وبالتالي فالمعني الاصطلاحي لا يختلف كثيراً عن المعني اللغوي، فكلاهما يحمل معني الظهور والكشف.

الجهة الثالثة: التجلّي في القرآن الكريم

إنّ في القرأن الكريم آيات كثيرة يذكر فيها التجلّي، والمراد - كما عرفنا من هذه الكلمة - هو الظهور والانكشاف، أي: ظهور وانكشاف عظمة وقدرة المولي تبارك وتعالي كما في بعض الآيات، وفي بعض آخر منها تشير إلي ظهور وانكشاف غضب المولي (عزوجل)، من تلك الآيات:

ص: 35


1- ([3]) الفيض الكاشاني، محسن، تفسير الصافي: ج2، ص232.
2- ([4]) الطباطبائي، محمد حسين، تفسير الميزان: ج8، ص242.
3- ([5]) المصطفوي، حسن، التحقيق في كلمات القرآن: ج2، ص121و122. (مادة جلو).

قوله تعالي: «وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3)»((1)): «أي: كانت خفيّة فكشف عنها خفاءها»((2)).

وقوله تعالي: «وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَي -وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّي (2)»((3)): «فالليل هو الغاشي والمانع عن جلاء النهار، وإذا انكشف الليل تجلي النهار»((4)).

وقوله تعالي:« قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ »(5)): «أي: لا يظهرها في وقتها إلّا الله»((6)).

وقوله تعالي: «فَلَمَّا تَجَلَّي رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا»((7)): «أي ظهر له علي الوجه اللائق بجنابه تعالي بعد جعله مدركاً لذلك ومدكوكاً متفتتاً»((8)).

وقوله تعالي: «وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ»(9)): «أي: الخروج عنأوطانهم علي ذلك الوجه الفظيع»((10)).

فالحاصل: أنّ هناك آيات كثيرة وردت في القرآن الكريم تبيّن لنا المراد من التجلّي - الذي هو بمعني الكشف والظهور - فهو انكشاف عظمة المولي تبارك وتعالي وقدرته، كانكشاف النهار، فالمانع عن جلاء النهار هوالليل إلي غير ذلك من الآيات التي مرّ ذكرها.

ص: 36


1- ([1]) الشمس: 3.
2- ([2]) المصطفوي، حسن، التحقيق في كلمات القرآن الكريم: ج2، ص122.
3- ([3]) الليل: 1-2.
4- ([4]) المصطفوي، حسن، التحقيق في كلمات القرآن الكريم: ج2، ص123-122.
5- ([5]) الأعراف: 187.
6- ([6]) الطوسي، محمّد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن: ج5، ص46.
7- ([7]) الأعراف: 143.
8- ([8]) الآلوسي، محمود، تفسير الآلوسي: ج9، ص46.
9- ([9]) الحشر: 3.
10- ([1]) أبي السعود، محمّد، تفسير أبي السعود: ج8، ص226.
الجهة الرابعة: التجلّي في السنّة المطهرة

هنا سنشير إلي بعض الأحاديث التي تضمّنت معني التجلّي، فتارة يكون المراد منه الانكشاف وأخري الوضوح وثالثة الظهور، منها:

ماجاء في الحديث القدسي: «يا محمّد، ومن كثرت همومه من أمتك فليدعني سرّاً وليقل: يا(جالي) الأحزان، ويا موسع الضيق، ويا أولي بخلقه من أنفسهم، ويا فاطر تلك النفوس وملهمها فجورها - الي أن يقول - فإنه إذا قال ذلك تولّيته (فجليت) همومه، فلن تعود إليه أبداً»((1)).

وروي عن بعض الصحابة، بعد ما أتمّ رسول الله(صلي الله عليه و اله) صلاة الكسوف التفت إلي أصحابه، وقال: «فإذا تجلّي الله عزّ وجلّ لشيء من خلقه خشع له»((2)).

وقال أمير المؤمنين(عليه السلام) في خطبته: «الحمد لله المتجلّي لخلقه بخلقه»((3)).

وفي حديث عن النبي(صلي الله عليه و اله) في وقت صلاة الكسوف، قال: «إذا رأيتم ذلكفافزعوا إلي الصلاة حتي تتجلي»((4)).

قال أمير المؤمنين(عليه السلام) في إحدي خطبه: «فَصَمْداً صَمْداً حَتَّي يَنْجَلِيَ لَكُمْ عَمُودُ الحقِّ»((5)).

قال رسول الله صلي الله عليه واله: «نعم العيد الحجامة - يعني بالعيد العادة - تجلوا البصر وتذهب بالداء»((6)).

ص: 37


1- ([2]) الحر العاملي، محمّد، الجواهر السنية: ص176.
2- ([3]) ابن حنبل، أحمد، مسند أحمد: ج4، ص267.
3- ([4]) البحراني، ميثم بن علي، شرح نهج البلاغة: ج3، ص38.
4- ([1])ابن قدامة، عبد الرحمن، الشرح الكبير: ج2، ص280.
5- ([2]) البحراني، ميثم بن علي، شرح نهج البلاغة: ج2، ص178.
6- ([3]) الحر العاملي، محمّد، وسائل الشيعة: ج17، ص113.

فالجلاء والتجلّي بمعني الانكشاف والوضوح كما ورد في السنّة المطهّرة.

المطلب الثاني: تعريف الغضب لغةً واصطلاحاً

اشارة

وسيكون البحث فيه علي النحو التالي:

الجهة الأولي: تعريف الغضب لغةً

قال الفيّومي: «عليه (غضبا) فهو (غضبان) وامرأة (غضبي) وقوم (غضبي) و(غضابي) مثل سكري وسكاري، و(غضاب) أيضا مثل عطشان وعطاش، ويتعدي بالهمز، و(غضب) من لا شيء أي: من غير شيء يوجبه، و(غضبت) لفلان إذا كان حياً و(غضبت) به إذا كان ميتاً و(تغضب) عليه مثل (غضب)»((1)).

قال ابن فارس: «غضب: الغين والضّاد والباء أصلٌ صحيح، يدلّ علي شدّة وقوّة، يقال: إنّ الغضبة: الصّخرة الصّلبة. قالوا: ومنه اشتقّ الغضب؛ لأنّهاشتداد السّخط. يقال: غضب يعضب وغضباً، وهو غضبان وغضوبٌ»((2)).

قال ابن منظور: «الغَضَبُ: نَقِيضُ الرِّضَا... الغَضَبُ، من المخلوقين، شيءٌ يُداخِل قُلُوبَهم، ومنه محمود ومذموم، فالمذموم ما كان في غير الحق، والمحمود ما كان في جانب الدين والحق»((3)).

وقال الزبيدي: «والغَضَبُ بالتَّحْرِيكِ: ضِدُّ الرِّضَا وقد اخْتَلَفُوا في حَدِّه، فقِيل: هو ثورانُ دمِ القَلْبِ لقَصْدِ الانْتِقَام»((4)).

فالحاصل: أنّ الغضب لغةً هو أصل صحيح يدلّ علي شدّة وقوّة، أي: ثوران دم

ص: 38


1- ([4]) الفيّومي، أحمد بن محمد، مصباح المنير: ج2، ص448.
2- ([1]) ابن زكريا، أحمد بن فارس، مقاييس اللغة: ج4، ص428.
3- ([2])ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج1، ص649.
4- ([3]) الزبيدي، مرتضي، تاج العروس: ج2، ص289.

القَلْب لقَصْد الانْتقام، وهو نقيض الرضا، ومن الغضب ما هو محمود فيما لو كان في حق، ومنه ما هو مذموم فيما لو كان في غير حق.

الجهة الثانية: تعريف الغضب اصطلاحاً

قال الراغب: «إنّ الغضب هو ثوران دم القلب إرادة الانتقام، ولذلك قال(عليه السلام): اتّقوا الغضب فإنّه جمرةٌ توقد في قلب ابن آدم ألم، تروا إلي انتفاخ أوداجه وحمرة عينيه. وإذا وُصف الله تعالي به فالمراد به الانتقام دون غيره، قال تعالي: « فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَي غَضَبٍ»(1))»((2)).

وقال الجرجاني في التعريفات: إنّ الغضب: «تغيير يحصل عند غليان دم القلب ليحصل عنه التشفي للصدر»((3)).وقد ذكر العلّامة المصطفوي: «أنّ الأصل الواحد في المادة: هو تشدد في قبال شيء آخر، ومن مصاديقه: تشدّد وتصلّب في الصخرة في مقابل من يستعملها. ومن ذلك الغضب: وهو تحرّك في النفس إلي حدة وشدة في قبال شيء آخر، ويقابله الحلم، وهو التعقّل والسكون - إلي أن قال -: هو خروج النفس عن الاعتدال في التعقّل والسكون وحركته إلي جانب الحدّة والشدّة والاشتعال»((4)).

فالحاصل: أنّ الغضب - اصطلاحاً - لا يختلف كثيراً عن المعني اللغوي، فهو ثوران دم القلب وإرادة الأنتقام، مقابل الحلم، وقد اتّصف بأنّه جمرة توقد في قلب ابن آدم، فتنتفخ أوداجه، وتحمرّ عينه ليحصل عنه التشفي للصدر.

ص: 39


1- ([4]) البقره: 90.
2- ([5]) الراغب الإصفهاني، حسين بن محمد، مفردات ألفاظ القرآن: ج2، ص154.
3- ([6]) الجرجاني، علي بن محمد، التعريفات: ص209.
4- ([1]) مصطفوي، حسن، التحقيق في كلمات القرآن: ج7، ص282.
الجهة الثالثة: الغضب في القرآن الكريم

ورد ذكر الغضب في القرآن الكريم مرات عدة بصيغ مختلفة، في عدة آيات:

«وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَي إِلَي قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي»((1)).

«وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَي الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ »((2)).

«وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ »(3)).

نلاحظ في هذه الآيات أن غضب النبي موسي(عليه السلام)كان في الله، وبلحاظانحراف قومه عن سبيل الله، وغضب ذي النون كان في الله، ولكنّه لم يصبر علي أذي القوم، ولم يحمل أعباء النبوّة، فخرج عنهم مغاضباً.

وعلي أيّ حال، فالغضب هنا ممدوح بشرط أن يكون لله تبارك وتعالي، وعلي حق وفي حق، لا الحدة النفسانيّة التي نهت عنها السنة المطهرة، حيث تكون نتائجها مؤسفة.

الجهة الرابعة: الغضب في السنّة المطهّرة

قد أكّدت السنّة المطّهرة علي ذم الغضب وخطورته بالنسبة للبشرية، والفرق بينه وبين غضب المولي تبارك وتعالي سنشير هنا إلي بعضها:

قال النبي(صلي الله عليه و اله): «الغضب جمرة من الشيطان»((4)).

وعنه(صلي الله عليه و اله): «إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلّا فليضطجع»((5)).

ص: 40


1- ([2]) الأعراف: 150.
2- ([3]) الأعراف: 154.
3- ([4]) الأنبياء: 87.
4- ([1]) المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج70، ص265.
5- ([2]) المتقي الهندي، علاء الدين علي، كنز العمال: ج3، ص519.

قال أمير المؤمنين(عليه السلام): «إياك والغضب، فإنّ أوّله جنون، وآخره ندم»((1)).

عن الباقر(عليه السلام) في قوله تعالي: « وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَي (81)»(2)) ما ذلك الغضب؟ فقال(عليه السلام): «هو العقاب يا عمرو، من زعم أنّ الله عزّ وجلّ زال من شيء إلي شيء فقد وصفه صفة المخلوق»((3)).

سئل الإمام الصادق(عليه السلام) عن الله عزّ وجلّ هل له رضي وسخط؟فقال:

«نعم، وليس ذلك علي ما يوجد من المخلوقين، ولكن غضب الله عقابه، ورضاه ثوابه»((4)).

وعن الإمام الصادق(عليه السلام): «من ازداد في الله علماً، وازداد للدنيا حبّاً، ازداد من الله بعداً، وازداد الله - عزّ وجلّ - عليه غضباً»((5)).

قال رسول الله(صلي الله عليه و اله): «يسّروا ولا تعسّروا وإذا غضب أحدكم فليسكت»((6)).

وما يخص غضب المولي تبارك وتعالي لمقتل الإمام الحسين(عليه السلام) عن أبي حمزة الثمالي، قال: «سمعت أبا جعفر(عليه السلام) يقول: يا ثابت، إنّ الله تبارك وتعالي قد كان وقّت هذا الأمر في السبعين، فلمّا أن قتل الحسين صلوات الله عليه اشتد غضب الله تعالي علي أهل الأرض، فأخّره إلي أربعين ومائة، فحدثناكم فأذعتم الحديثّ فكشفتم قناع السترّ ولم يجعل الله له بعد ذلك وقتاّ عندنا، ويمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب»((7)).

ص: 41


1- ([3]) الأمدي، محمّد، غرر الحكم ودرر الكلم: ج1، ص89.
2- (3) طه: 81.
3- ([5]) الصدوق، محمد بن علي، كتاب التوحيد: ج1، ص36.
4- ([1]) المصدر السابق: ج1، ص17.
5- ([2]) المفيد، محمد بن محمد النعمان، الاختصاص: ص243.
6- ([3]) أبو داود الطيالسي، سليمان بن داود، مسند أبي داود الطيالسي: ص340.
7- ([4]) الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج1، ص368.
الجهة الخامسة: بيان المراد من الغضب الإلهي

الغضب من الله تعالي أيضاً له شدّة وحدّة بمراتبها تبعاً لقبائح الأعمال ومظالم العباد ومساوي الأخلاق والمعاصي، وفي الذين بدلوا نعمة الله كفرا، وأخلّوا فيما خلق وقدر.

«إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ »(1)).

« وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ »(2)).

فآثار غضب الله عزّ وجلّ: هي البعد عن الرحمة، واللعن، وإعداد جهنم، والعذاب المهين، والسقوط و الهوي، والتضييق((3)).

المطلب الثالث: تعريف المقتل لغةً واصطلاحاً

الجهة الأولي: تعريف المقتل لغةً

المقتل في اللغة مشتق من قتل، وهو علي وزن مفعل، ويطلق علي القتل وعلي موضع القتل((4))

ص: 42


1- ([5]) الأعراف: 152.
2- ([1]) النحل: 106.
3- ([2]) اُنظر: المصطفوي، حسن، التحقيق في كلمات القرآن الكريم: ج7، ص284.
4- ([3]) ابن سيدة المرسي، المحكم والمحيط الأعظم: ج6، ص332، اُنظر: المدائني، مجمع الأمثال: ج2، ص265، ابن الأثير، النهاية في غريب الأثر: ج4، ص15، أحمد الفيومي، المصباح المنير: ج2، ص490.

أي: إلي مكان وزمان القتل، وإلي معني المكان أشار مالك الأشتر في خطبة له بصفين، يحرّض فيها علي القتال: «واطعنوا الشرسوف((1)) الأيسر فإنه مقتل»((2))، أي: محلّ القتل وموضع القتل؛ لأنّه موضع القلب ومحلّه.

وقد أشار زيد بن ثابت إلي معني الزمان عند حديثه عن أهل اليمامة((3))، بقوله: «أرسل أبو بكر مقتل أهل اليمامة»، وقال ابن الأثير: «المقتل هناظرف زمان، أي: عند قتلهم في الواقعة التي كانت باليمامة»((4)).

الجهة الثانية: تعريف المقتل اصطلاحاً

يطلق المقتل في الاصطلاح علي الكتاب الذي يروي أحداث مقتل الإمام الحسين(عليه السلام)وواقعة كربلاء((5)).

وقولهم: «ولد سليمان بن مهران الأعمشُ مقتل الحسين، وقَتْلُ الحسين سنة إحدي وستين»((6)).

فيتّضح لنا بأنّ المقتل، عُرف بالسنة التي قتل فيها الإمام الحسين(عليه السلام).

قال الجرجاني في كتاب «المفتاح»: «ومقتل الحسين(رضي الله عنه) لزمان قتله ومكان قتله، وهما يوم عاشوراء، وأرض كربلاء»((7)).

وقال صاحب «مراح الأرواح» في فصل اسمي الزمان والمكان: «واسم الزمان مثل اسم المكان في جميع الأحكام المذكورة لاسم المكان، نحو: مقتل الحسين (رضي الله تعالي عنه) لزمان قتله وهو يوم عاشوراء، كما يقال مقتل الحسين لمكان قتله؛ أعني كربلاء»((8)).

ص: 43


1- ([4]) الشرسوف، واحد الشراسف، وهي أطراف الأضلاع المشرفة علي البطن، أو الطلع علي طرفها الغضروف الدقيق، وقيل: هو غضروف معلّق بكل بطن، اُنظر: ابن الاثير، مجد الدين، النهاية في غريب الحديث والأثر: ج2، ص459.
2- ([5]) الخوارزمي، المناقب، ص220.
3- ([6]) اليمامة: كان إسمها قديماً جوا، فسميت اليمامة باليمامة بنت سهم بن طسم، انظر ياقوت الحموي، معجم البلدان: ج5، ص441.
4- ([1]) ابن الأثير، النهاية في غريب الأثر: ج4، ص15.
5- ([2]) الشيخ جواد محدثي، موسوعة عاشوراء: ص440.
6- (7) ابن الجعد، علي، مسند بن الجعد: ص122.
7- ([4]) الجرجاني، عبد القاهر بن عبد الرحمن، المفتاح: ص60.
8- ([5]) دنقوز (ديكنقوز)، شمس الدين أحمد، مراح الأرواح: ج1، ص77.

وأمّا المصدر الميميّ، فمنه قول ذي الرُّمّة:

ضَرَجْنَ البُرُودَ عن ترائبِ حُرَّةٍ

وعن أَعْيُنٍ قَتّلْنَنا كُ--لَّ مَقتَلِِ((1)).

وقول سَديف بن ميمون:

واذكُرْنَ مَقتَلَ الحسينِِ وزيدٍ

وقتيلاً بج--انِ-بِ المِهْراسِِ((2)).

وكتب المقاتل التي أُلّفت إنّما سُمّيت ب- «المَقْتَل» علي نحو المصدر الميميّ((3))؛ لأنّ القتل هو المقصود بالإخبار عنه، وما يذكر من لوازم ذلك من تفاصيل الأحداث إنّما هو علي نحو المَجاز الموسّع.

وقد تطوّر معني هذه الكلمة حتّي صارت تدّل بنفسها - بلا إضافة - علي مدلول شهادة الإمام الحسين(عليه السلام)، فإذا قلتَ: «قرأتُ المقتَل»، انصرف الذهن إلي مقتل الإمام الحسين(عليه السلام).

وتشير المقاتل إلي إنّ اليوم الذي قتل فيه الإمام الحسين(عليه السلام) هو اليوم العاشر من سنة أحدي وستين للهجرة، ولم تشاهد أُمّة من الأُمم محنة أوجع ولا أفجع من كارثة كربلاء، فلم تبقَ رزية من رزايا الدهر، ولا فاجعة من فواجع الدنيا إلّا جرت علي سبط رسول الله(صلي الله عليه و اله) وريحانته، وقد ألهبت رزاياه العواطف حزناً وأسيً، وأثارت اللوعة حتّي عند أقل الناس إحساساً، وأقساهم قلباً، وقد أثّرت علي الباغي اللئيم عمر بن سعد، فراح يبكي من أهوال ما جري علي الإمام الحسين(عليه السلام) من فوادح الخطوب.

لقد انتهكت في كارثة كربلاء حرمة الرسول(صلي الله عليه و اله) في عترته وذرّيته. يقول الإمام

ص: 44


1- ([6]) ديوان ذي الرُّمّة: ص507.
2- ([1]) الحموي، ياقوت بن عبدالله، معجم البلدان: ج5، ص232؛ والقتيل الذي بجانب المهراس هو: حمزة بن عبدالمطّلب.
3- ([2]) الحازمي، أبو عبد الله أحمد بن عمر، شرح نظم المقصود: ج5، ص15.

الرضا(عليه السلام): «إنّ يوم الحسين أقرح جفوننا، وأسبل دموعنا، وأذلّ عزيزنا...»((1)).

الحاصل: أنّه لا يخفي أنّ التعريف الاصطلاحي خاضع للشروط والأحكام،وهو متصيّد من كلمات الفقهاء، فلا يمكن أن نقول بأنّه تعريف منطقي جامع مانع، لكن من الممكن القول بأنّ هذه التعاريف وإن اختلفت لفظاً إلّا أنّ مآلها معني واحد، وهو إزهاق روح آدمي بفعل آدمي آخر كما هو واضح من كلماتهم.

الجهة الثالثة: القتل في القرآن الكريم

ذكرنا فيما مضي أنّ المقتل مشتق من القتل، وقد أشار القرآن الكريم إلي القتل بمعانٍ مختلفة، منه قتل النفس، وهو عمل شنيع، يخلّ بالعالم تكويناً وشرعاً، والقرآن حارب هذا العمل بكل أنواعه وأمر بالقصاص والردّ الحازم في هذا الخصوص، إلّا ما يخص الجهاد في سبيل الله ومحاربة المنافقين والكفار فهو ممدوح ويثاب العبد عليه، وهناك نوع آخر للقتل يراد به قتل الصيد أو الظلال وغيره، وهنا نشير - مختصراً - إلي بعض الآيات التي تناولت موضوع القتل، منها:

قوله تبارك وتعالي: « مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا »(2)):« أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا » بغير قتل نفس، بمعني بغير قود، « أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ» أو بغير فساد في الأرض، وهو الحرب لله ورسوله وإخافة السبل، « فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا»أي: فكأنه قصد لقتلهم جميعاً إذ قتل أخاهم وصار الناس كلهم خصماؤه في قتل تلك النفس، «وَمَنْ أَحْيَاهَا» بأن استنقذها من غرق أو حرق أو هدم ونحوها، أو أخرجها من ضلال إلي هدي، «فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا» يأجره الله علي ذلك

ص: 45


1- (1) الصدوق، محمّد بن علي، الأمالي: ص190.
2- ([1]) المائدة: 32.

أجر من أحياهم بأسرهم؛ لأنّهم في إسدائه المعروف إليهم بإحيائه أخاهم المؤمن بمنزلة من أحيا كل واحد منهم »((1)).

وقوله تبارك وتعالي:«قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ »(2)): «ثم أكّد سبحانه ما تقدّم بأن أمر المسلمين بقتالهم، وبشّرهم بالنصر والظفر عليهم، فقال:«قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ »قتلاً وأسراً «وَيُخْزِهِمْ»أي: ويذلّهم«وَيَنْصُرْكُمْ» أي: ويعنكم أيها المؤمنون عليهم»((3)).

وقوله تبارك وتعالي:«وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً »(4)): «معناه أنه يؤاخذ الإنسان علي القتل إلّا إذا كان القتل قتل خطأ فإنه لا يؤاخذ به»((5)).

وقوله تبارك وتعالي: «وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ »((6)): «وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ »، إلَّا بإحدي ثلاث: كفر بعد إيمان - سواء كان أصليّاً أو بالارتداد - وزنا بعد إحصان - وفي حكمه اللواط - وقتل مؤمن معصوم عمداً. «وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا» غير مستوجب للقتل، «فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ» الَّذي يلي أمره بعد وفاته، وهو الوارث، (سُلْطَانًا) تسلَّطاً علي القاتل بالمؤاخذة والاقتصاص منه، فإنّ قوله: (مَظْلُومًا) يدلّ علي أنّ القتل عمداً عدوان، فإنّ الخطأ لا يسمّي ظلماً، (فَلَا يُسْرِفْ) أي: القاتل، فِي الْقَتْلِ) بأن يقتل من لا يستحقّ قتله، فإنّ العاقل لا يفعل ما يعود عليه بالهلاك، أو

ص: 46


1- ([1]) الطبرسي، الفضل بن الحسن، جوامع الجامع: ج1، ص494.
2- ([2]) التوبة: 14.
3- ([3]) الطبرسي، الفضل بن الحسن، تفسير مجمع البيان: ج5، ص23.
4- ([4]) النساء: 92.
5- ([5]) الرازي، فخر الدين، تفسير الرازي: ج10، ص228.
6- ([6]) الإسراء: 33.

الوليّ بالمثلة، أو قتل غير القاتل»((1)).

الجهة الرابعة: القتل في السنّة المطّهرة

إنّ الأحاديث في ذم القتل وآثاره كثيرة، وهنا نشير إلي بعض هذه الأحاديث التي ذمّت القتل وشجبت هذا العمل الشنيع غير الإنساني، إذا كان لغير الله سبحانه وتعالي، فمن هذه الأحاديث:

عن رسول الله(صلي الله عليه و اله): «ثكلته أمه رجل قتل رجلاً متعمّداً يجئ يوم القيامة آخذاً قاتله بيمينه أو بيساره - أو آخذاً رأسه بيمينه أو بشماله - تشخب أوداجه دماً من قبل العرش، يقول: يا رب، سل عبدك فيم قتلني»((2)).

عنه(صلي الله عليه و اله): «يا أيّها الناس، أيقتل قتيل وأنا بين أظهركم لا يعلم من قتله، لو أنّ أهل السماء والأرض اجتمعوا علي قتل رجل مسلم لعذّبهم الله بلا عدد ولا حساب»((3)).

عنه(صلي الله عليه و اله): «قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا»((4)).

وعن أمير المؤمنين علي(عليه السلام) نهج البلاغة: «ولا عذر لك عند الله ولا عنديفي قتل العمد؛ لأنّ فيه قود البدن»((5)).

عن أبي جعفر(عليه السلام)، قال: «من آمن رجلاً علي دم ثم قتله، جاء يوم القيامة يحمل

ص: 47


1- ( [1]) الكاشاني، فتح الله، زبدة التفاسير، ج4، ص31.
2- ([2]) أبو حمزة، ثابت، تفسير أبي حمزه الثمالي: 146؛ الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج7، ص272.
3- ([3])المتقي الهندي، علاء الدين علي، كنز العمال: ج15، ص33.
4- ([4])المصدر السابق: ج15، ص19.
5- ([1]) محمد عبده، محمد، شرح نهج البلاغة: ج3، ص108.

لواء غدر»((1)).

عن أبي جعفر(عليه السلام)، قال: «من قتل مؤمناًَ متعمّداً أثبت الله علي قاتله جميع الذنوب، وبرّأ المقتول منها»((2)).

المطلب الرابع: بيان المراد من الفريقين

اشارة

نشير مختصراً إلي المراد من الفريقين - اصطلاحاً -:

الجهة الأولي: بيان المراد من الفريق الأوّل (الشيعة)

وانطلاقاً من كون التشيّع اعتقاداً بآراء معينة، ذهب العلماء والباحثون تبعاً لذلك إلي تعريفه علي اختلاف بينهم في مدي سعة هذه التعاريف وضيقها، وإليك نماذج من تعريفاتهم:

قال الشهرستاني: « الشيعة هم الذين شايعوا علياً (رضي الله عنه)علي الخصوص، وقالوا بإمامته وخلافته نصاً ووصية، إمّا ج-لياً وإمّا خفياً، واعتقدوا أنّ الإمامة لا تخرج من أولاده، وإن خرجت فبظلم يكون من غيره، أو بتقية من عنده، وقالوا ليست الإمامة قضية مصلحية تناط باختيار العامة، وينتصب الإمام بنصبهم، بل هي قضية أصولية، وهي ركن الدين، لا يجوز للرسل(عليهم السلام) إغفاله وإهماله، ولا تفويضه إلي العامة وإرساله... وي-جمعهم القول بوجوب التعيينوالتنصيص، وثبوت عصمة الأنبياء والأئمّة، وجوباً عن الكبائر والصغائر، والقول بالتولي والتبري قولاً وفعلاً وعقداً إلّا

ص: 48


1- ([2]) الصدوق، محمد بن علي، ثواب الأعمال: ص156.
2- ( [3]) البرقي، أحمد، المحاسن: ج1، ص105.

في حال التقية»((1)).

وقال ابن حزم: «ومن وافق الشيعة في أنّ عليّاً أفضل الناس بعد رسول اللّه(صلي الله عليه و اله) وأحقّهم بالإمامة، وولده من بعده، فهو شيعي، وإن خالفهم فيما عدا ذلك مما اختلف فيه المسلمون، فإن خالفهم فيما ذكرنا فليس شيعيا»((2)).

الشهيد الثاني: «وال-ش-ي-عة من شايع علياً، وقدّمه علي غيره في الإمامة، وإن لم يوافق علي إمامة باقي الائمة، ف-ي-دخ-ل ف-ي-ه-م الإمامية والجارودية من الزيدية والاسماعيلية غير الملاحدة منهم والواقفية والفطحية»((3)).

محمد جواد مغنية: «ال-تشيع هو الإيمان بوجود النص من النبي(صلي الله عليه و اله) علي علي بالخلافة مع عدم المغالاة فيه ولا في أحد أبنائه»((4)).

الجهة الثانية: بيان المراد من الفريق الثاني (السنّة)

هم الطائفة الإسلامية الكبري عددياً، وهم الذين يرجعون في الفتوي والتقليد إلي أئمّة المذاهب الأربعة: أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل.

قال ابن حزم: «وأهل السنّة الذين نذكرهم أهل الحق، ومن عداهم فأهل البدعة؛ فإنّهم الصحابة رضي الله عنهم، وكل من سلك نهجهم من خيار التابعين، ثم أصحاب الحديث ومن اتبعهم من الفقهاء جيلاً فجيلاً إلي يومنا هذا، ومن اقتدي بهم من العوام في شرق الأرض وغربها رحمة الله عليهم»((5)).

قال ابن الجوزي: «ولاريب في أنّ أهل النقل والأثر المتبعين آثار رسول الله(صلي الله عليه و اله)

ص: 49


1- ([1]) الشهرستاني، محمد، الملل والنحل،: ص107.
2- ([2]) ابن حزم، علي بن أحمد، الفصل في الملل والأهواء والنحل: ج2، ص113.
3- ([3]) العاملي، زين الدين، شرح اللمعة الدمشقية: ج2، ص228.
4- ([4]) مغنية، محمد جواد، الشيعة في الميزان: ص33.
5- ([1]) ابن حزم، علي بن أحمد، الفصل في الملل والأهواء: ج2، ص271.

وآثار أصحابه هم أهل السنّة؛ لأنّهم علي تلك الطريق التي لم يحدث فيها حادث، وإنّما وقعت الحوادث والبدع بعد رسول الله(صلي الله عليه و اله) وأصحابه»((1)).

قال ابن تيمية في تعريفه لأهل السنة: «هم المتمسّكون بكتاب الله، وسنّة رسول الله(صلي الله عليه و اله)، وما اتفق عليه السابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان»((2)).

وقال أبو العز الحنفي: «هم المستمسكون بسنة رسول الله(صلي الله عليه و اله) الذين اجتمعوا علي ذلك، وهم الصحابة والتابعون، وأئمّة الهدي المتبعون لهم، ومن سلك سبيلهم في الاعتقاد والقول والعمل إلي يوم الدين»((3)).

ص: 50


1- ([2]) الجوزي، عبد الرحمن بن علي، تلبيس إبليس، ص21؛ السيوطي، جلال الدين، الأمر بالاتباع: ص88.
2- ([3]) ابن تيمية، أحمد، مجموع الفتاوي: ج3، ص375.
3- ([4]) أبو العز الحنفي، حسن، شرح العقيدة الطحاوية: ص330.

المبحث الثاني: التغيّرات الكونيّة وفلسفة بكاء الجمادات والحيوانات

اشارة

سيكون الكلام في هذا المبحث في مطالب:

المطلب الأوّل: المراد من التغيّرات الكونيّة

لم تقتصر مصيبة الإمام الحسين(عليه السلام)علي الأنبياء والأئمة والمؤمنين من أبناء آدم(عليه السلام)، بل تعدّي أثر مصيبته وجلل رزيته إلي سائر أجزاء الوجود، وتأثر الكون برمته، ومن يتتبع الروايات والنصوص التاريخية التي ذكرت هذا التفاعل الكوني مع مصيبة سيد الشهداء(عليه السلام) لم يجد بعد عظيم مصيبة سيد الشهداء(عليه السلام) وجليل رزيته أصبح هنالك تغيير كوني واضح وقد امتدّ هذا التغيير إلي يومنا الحاضر، وسيستمر إلي يوم القيامة؛ ليحكي للأجيال عظيم ما وقع وجليل ما ارتكب، والمراد من التغيّر الكوني هو ظهور أمر خارق للعادة في الكون علي عكس وضعها الطبيعي، كما ورد عن لسان العقيلة زينب سلام الله عليها هذا التصريح الواضح بوقوع تفاعل كوني لم يكن معهود الوقوع من قبل، وهذا التفاعل الكوني الجديد هو ما عبّرت عنه صلوات الله وسلامه عليهبقولها: «أفعجبتم أن قطرت السماء دماً»((1)).

ص: 51


1- ([1]) الطبرسي، الاحتجاج ج2، ص31.

المطلب الثاني: العلاقة بين الإمام المعصوم والتغيّرات الكونيّة

لا شك في أنّ ثمّة تأثيراً وتأثّراً فيما بين الإنسان الصالح وبين الأشياء التي تحيط به، ولا يختص ذلك بالمعصومين والأنبياء وإن كان الإمام المعصوم من باب أولي يؤثّر علي الكون، بل يشمل حتي البشر العاديين.

ويشهد لذلك قوله تعالي:«فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29)»(1)).

فإنّه يشير إلي أنّ عدم بكاء السماء والأرض بسبب الخصوصية التي فيهم، وهي الكفر والطغيان قد منعتهما من ذلك، وذلك يعني: أنّ السماء والأرض تبكي علي غيرهم من الناس الذين ليس لديهم هذه الخصوصية المانعة.

ونذكر ما أشار إليه علماء التفسير في خصوص هذه الآية:

الحويزي في نور الثقلين: عن أمير المؤمنين(عليه السلام): «مرّ عليه رجل عدو لله ولرسوله فقال:«فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29)» ثم مر عليه الحسين بن علي(عليه السلام) فقال: لكن هذا لتبكين عليه السماء والأرض»((2)).

وقد أشار إلي هذا المعني من علماء التفسير عند أهل السنة ابن أبي حاتم الرازي - وهو من أقدم المفسرين عندهم - حيث قال: «عن عبيد المكتب، عن إبراهيم - رضي الله عنه - قال: ما بكت السماء منذ كانت الدنيا، إلّا علي إثنين، قيل لعبيد: أليس السماء والأرض تبكي علي المؤمن؟ قال: ذاك مقامه وحيث يصعدعمله. قال: وتدري ما بكاء السماء؟ قال: لا، قال: (تحمّر وتصير وَرْدَةً كَالدِّهانِ)، إنّ يحيي بن زكريا لما قتل، احمرّت السماء وقطرت دماً، وإنّ حسين بن علي يوم قتل احمرّت السماء»((3)).

ص: 52


1- ([2]) الدخان: 29.
2- ([3]) الحويزي، عبد علي، نفسير نور الثقلين، ج4، ص627.
3- ([1]) ابن أبي حاتم الرازي، عبد الرحمن، تفسير ابن أبي حاتم: ج10، ص3288.

ومما يدلّ علي التأثير والتأثر: ما روي من «أنّ الأرض لتضجّ من بول الأغلف»((1)).

وروي أيضاً: «لولا الحجّة لساخت الأرض بأهلها»((2)).

وروي أيضاً: «من سافر أو تزوّج والقمر في العقرب لم ير الحسني»((3)).

وهناك روايات كثيرة أخري يمكن الاستشهاد بها علي وجود علاقة بين الإنسان والكائنات، والسماء والأرض، وسائر ما يحيط به، فما بالك بالإمام المعصوم، والنبي المرسل.

وقد قال الله سبحانه وتعالي للجبال: «وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10)»((4)). وقال تعالي: «لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَي جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21)»(5)).

وقال تعالي:«وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا -لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا -تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا -أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا »(6)).

ص: 53


1- ([2]) اُنظر: الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج6، ص35، الصدوق، محمد بن علي، كمال الدين: ص521، الصدوق، محمد بن علي، من لا يحضره الفقيه: ج3، ص488.
2- ([3]) اُنظر: المفيد، محمد بن محمد النعمان، الإرشاد: ج1، ص228، الصدوق، محمد بن علي، الخصال، ص187، الصدوق، محمد بن علي، الأمالي، ص253، الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي: ص21، الصدوق، محمد بن علي، كمال الدين: ص139 و207 و291 و292 و293 و294، المفيد، محمد بن محمد النعمان، الأمالي: ص250، الصفار، محمد، بصائر الدرجات: ص506، ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج50، ص255.
3- ([4]) اُنظر: الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج8، ص275، الصدوق، محمد بن علي، علل الشرائع: ج2، ص514: الصدوق، محمد بن علي، عيون أخبار الرضا: ج1، ص260، الصدوق، محمد بن علي، من لا يحضره الفقيه: ج2، ص267 وج3، ص394.
4- ([1]) سبأ: 10.
5- ([2]) الحشر: 21.
6- ([3]) مريم: 88-91.

فإنّ ذلك يدل علي تأثّر المخلوقات الأخري بأفعال الإنسان، كما أنّها تدلّ علي أنّ لسائر المخلوقات درجة من الإدراك والشعور، وإن كنّا لا نعرف حقيقته وماهيته، وأحواله ومداه. والآيات الدالة علي تسبيح وسجود الكائنات، والنجم، والشجر، والجبال، والسموات، والأرض وما فيها، كثيرة.

وإذا

كانت كل الموجودات لها كمالاتها، ولها سجود وتسبيح، وخشوع، وطاعة، وانقياد، واستجابة، وما إلي ذلك من حالات، وكانت الأرض تضج، وتسيخ، وتتصدّع، وتصدر لها الأوامر، وتطيعها، وتنشق، وتخرّ الجبال وتنهد، والسماء تتفطر، وما إلي ذلك؛ فهو يعني أنّها تحتاج إلي رعاية وعناية وتدبير، ليحفظ لها مسارها، ولتتمكن من القيام بما هو مطلوب منها علي أكمل وجه وأتمه، ولا يكون كل هذا إلّا برعاية المعصوم(عليه السلام)، وكذلك لو كان التدبير قد اقتضي أن يكون هناك ملك للمطر وملك للهواء و السماء، والشمس والقمر، والأرض والبحار، والجبال وغيرها، فلابد من وجود الملك المكلّف لكل منها، ولكن تحت تصرّف المعصوم، كمايتّضح ذلك منبعض

الروايات والأحاديث((1))، حتي لقد روي عن الإمام الصادق(عليه السلام) قوله: «ولا في الأرض شجر، ولا مدر إلّا وفيها ملك موكّل بها، يأتي الله يوم القيامة بعملها...»((2)).

كما أن هناك ملائكة وكّلهم الله بنبات الأرض((3))، إلي آخر ما هنالك.

نعم،إذا كان الأمر كذلك، فهو يعني: أنّ هذه الأمور كلّها تحتاج إلي تدبير، ورعاية، وهداية، والوصول إلي الكمال، وهذا لايكون إلّا بعناية ورعاية الإمام

ص: 54


1- ([1]) اُنظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج18، ص242 و364؛ ج12 ص181 و183 و15 و115.
2- ([2]) الصفار، محمد، بصائر الدرجات: ص89.
3- ([3]) المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج56، ص176.

المعصوم(عليه السلام) حيث قال الإمام الباقر(عليه السلام) في حديث - يكفي الاستدلال به -: «لو بقيت الأرض يوماً واحداً بلا إمام منّا لساخت الأرض بأهلها»((1))، فتارةً يكون المعصوم ظاهراً وأخري غائباً، وقد تواترت الروايات بأنّه لولا الحجّة لساخت الأرض بأهلها، وقد عقد الكليني في كتاب الحجّة باباً لذلك تحت عنوان: «إنّ الأرض لا تخلو من حجّة» وأورد فيه روايات تبلغ ثلاث عشرة رواية»((2)).

إذن: فأنّ النبي(صلي الله عليه و اله) والإمام(عليه السلام) هو المحور، وهو الصلة والمبدأ والمنتهي الذي ينتهي إليه وينطلق من خلاله ذلك كله؛ لأنَّ جميع هذه المخلوقات مرتبطة بنحو، أو بآخر بأشرف المخلوقات وأفضلها، وأكرمها علي الله، وبه تتكامل وتتنامي، وإليه تنتهي أمورها، وعليه يكون مدارها، ومنه تنطلق في مسارها.

ونعني بالمعصوم: الأشرف، والأكمل، والأفضل: محمّد(صلي الله عليه و اله) وأهل بيتهالطاهرين(عليهم السلام).

فلا غرو إذا فرحت به المخلوقات كلها، وبكت عليه، وتوسلت به، ولجأت، وحنت إليه، ولا نستغرب بما جري بعد مقتل الإمام الحسين(عليه السلام) في السماوات والأرض وما بينهما وما يري وما لا يري من بكاء ونحيب وستأتي الإشارة إلي هذه الحقيقة - ان شاء الله تعالي - في الفصول القادمة.

المطلب الثالث: قبس من التفاعل الكوني لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام)

لقد انعكس الغضب الإلهي لمقتل سيّد الشهداء أبي عبد الله(عليه السلام) في مرايا عوالم الكائنات في صور منوّعة عديدة، ولقد رؤيت آيات هذا الغضب الإلهي في عالم الشهادة في السماء وفي الأرض، وفي النبات والحيوان، وفي البحر وفي البرّ، وعرف بعض الناس علّة هذه الآيات في أقطار، وجهلها آخرون في أقطار أُخري.

ص: 55


1- ([4]) الطبري، محمد بن جرير، دلائل الإمامة: ص436.
2- ([5]) الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج1، ص183 (كتاب الحجة).

روي ابن قولويه(رحمة لله)بسنده عن كليب بن معاوية، عن الإمام أبي عبدالله الصادق(عليه السلام) أنّه قال: «كان قاتل يحيي بن زكريا ولد زنا، وكان قاتل الحسين(عليه السلام) ولد زنا، ولم تبك السماء إلّا عليهما»((1)).

وروي أيضاً بسنده عن الحسين بن ثوير، ويونس بن ظبيان، وأبي سلمة السرّاج، والمفضّل بن عمر، كلّهم قالوا: «سمعنا أبا عبد الله(عليه السلام)يقول: إنّ أبا عبدالله الحسين بن علي(عليها السلام)لمّا مضي بكت عليه السماوات السبع والأرضون السبع، وما فيهنّ وما بينهنّ، ومن ينقلب عليهنّ، والجنّة والنّار، وما خلق ربّنا، ومايري وما لا يري»((2)).

وتري كل هذا التفاعل الكوني في هذه الزيارة المباركة، وهذا ما ربّي عليهأئمّة أهل البيت(عليهم السلام) أتباعهم، حيث ضمّنوا في الزيارات المعتقدات الحقّة والأخلاق السامية والربط المباشر بأئمتهم وبارئهم، وبيّنوا الكثيرمن الإشارات والوقائع الكونيّة والتجليّات الإلهيّة، ولكن تارة بشكل دعاء وأخري زيارة، وما في هذه الزيارة الشريفة عن الإمام الصادق(عليه السلام) إلّا قبس نور، وإليك لفظها الشريف، عن الإمام الصادق(عليه السلام): «السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ الله وابْنَ حُجَّتِه السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا مَلَائِكَةَ الله وزُوَّارَ قَبْرِ ابْنِ نَبِيِّ الله، ثُمَّ اخْطُ عَشْرَ خُطُوَاتٍ، ثُمَّ قِفْ، وكَبِّرْ ثَلَاثِينَ تَكْبِيرَةً، ثُمَّ امْشِ إِلَيْه حَتَّي تَأْتِيَه مِنْ قِبَلِ وَجْهِه، فَاسْتَقْبِلْ وَجْهَكَ بِوَجْهِه، وتَجْعَلُ الْقِبْلَةَ بَيْنَ كَتِفَيْكَ، ثُمَّ قُل السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ الله وابْنَ حُجَّتِه، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا قَتِيلَ الله وابْنَ قَتِيلِه، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ثَارَ الله وابْنَ ثَارِه، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وتْرَ الله الْمَوْتُورَ فِي السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ، أَشْهَدُ أَنَّ دَمَكَ سَكَنَ فِي الْخُلْدِ واقْشَعَرَّتْ لَه أَظِلَّةُ الْعَرْشِ وبَكَي لَه جَمِيعُ الْخَلَائِقِ، وبَكَتْ لَه السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ والأَرَضُونَ السَّبْعُ، ومَا فِيهِنَّ ومَا بَيْنَهُنَّ، ومَنْ يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ والنَّارِ مِنْ خَلْقِ رَبِّنَا، ومَا يُرَي ومَا لَا يُرَي»((3)).

ص: 56


1- ([1]) ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارت.
2- ([2]) المصدر السابق: ص80.
3- ([1]) الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج4، ص576. (هذا المقطع المبارك جزء من الزيارة التي علّمها الإمام الصادق(عليه السلام) ليونس بن ظبيان).

المطلب الرابع: الإدراك والشعور في الجمادات والحيوانات

اشارة

جاءت الروايات ناطقة وموضّحة بأنّ مقتل الإمام الحسين (صلوات الله وسلامه عليه) قد أثّر علي سائر أجزاء الكون: إنسها وجنّها: سمائها وأرضها: وكل ما فيهن من الحجر والمدر والحيوان والشجر.

وليس لأحد يؤمن بآيات القران وأحاديث النبي الأعظم(صلي الله عليه و اله) الاعتراض علي بكاء الوحوش والحيتان والطير، أو السماوات وكواكبها، أو الأرض وأشجارها، أو البحار وأمواجها؛ لأنّ القرآن الكريم وأحاديث النبي(صلي الله عليه و اله)، وما اتفق عليه جميع علماء المسلمين بكل طوائفهم، صرحوا بوجود هذا الشيء أو ماهوقريب منه، لذا فسنتناول هذا البحث علي الشكل التالي:

الجهة الأولي: شواهد قرآنية علي أنّ لكل الموجودات شعوراً وإدراكاًً

قال الله سبحانه وتعالي:«وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ -حَتَّي إِذَا أَتَوْا عَلَي وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ -فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَي وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19)»(1)).

وقال تبارك تعالي:«وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَي الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ -لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ -فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ -إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ -وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24)»(2)).

ص: 57


1- ([1]) النمل: 17-19.
2- ([2]) النمل: 20-24.

قال السيّد المرتضي في توضيح هاتين الآيتين: «إنّ في الناس من ذهب إلي أنه لا يجوز أن يكون الهدهد وما أشبهه من البهائم كامل العقل، وهو علي ما هو عليه من الهيئة والبنية، وعدّ ذلك في جملة المستحيل، وهذا ليس بصحيح، ولا دلالة عقلية تدل علي ذلك، ومن أين لنا أنّ بنية قلب الهدهد وما جري مجراه لا تحتمل العلوم التي هي كمال العقل، وإذا كان العقل من قبل العلوم والاعتقادات، وقلب البهيمة يحتمل الاعتقادات لا محالة، بل كثيراً من العلوم وإن لم يكن تلك العلوم عقلا، فأيّ فرق بين العلم الذي هو عقل، وبينالعلم الذي ليس بعقل في احتمال القلب له؟ وما احتمل الجنس الذي هو الاعتقاد، لا بد أن يكون محتملا ًللنوع الذي هو العلوم»((1)).

وقال ابن قتيبة: «نحن نقول: إنّ المعتقد أنّ الهوام والسباع والطير لايجوز عليها عصيان ولا طاعة، مخالف لكتاب الله(عزوجل)وأنبيائه ورسله وكتب الله المتقدمة؛ لأنّ الله تعالي قد أخبرنا عن نبيّه سليمان(عليه السلام) أنّه تفقد الطير فقال: «وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَي الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ -لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (21)» أي بعذر بيّن وحجّة في غيبته وتخلّفه، ولا يجوز أن يعذّبه إلّا علي ذنب ومعصية، والذنوب والمعاصي تسمّي فسوقاً، وما جاز أن يسمّي عاصياً جاز أن يسمّي فاسقاً، ثمَّ حكي الله تعالي عن الهدهد - بعد أن اعتذر إلي سليمان - فقال:«أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ -إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23)»وهذا لو كان من أقاويل الحكماء، بل لو كان من كلام الأنبياء لكان كلاماً حسناً، وعظة بليغة، وحجّة بيّنة، فكيف لا يجوز علي هذا مطيع وعاص وفاسق ومهتد، وقد حكي الله تعالي أيضاً عن النمل ما حكاه في هذه السورة، فقال: «وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ»(2)) فجعلها تنطق كما ينطق الناس،

ص: 58


1- ([1]) الشريف المرتضي، علي، رسائل المرتضي: ج1، ص424-425.
2- ( 2) النمل: 16.

وقال«حَتَّي إِذَا أَتَوْا عَلَي وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ »(1)) فجعلها تنطق كما ينطق الناس، وقال: «وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ »(2)) وقال: « يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10)»(3)) أي سبّحي...»((4)).فتحذير النملة لباقي النمل من جيش نبي الله سليمان(عليه السلام)، وأمرها لهن بدخول مساكنهن، ومعرفتها بأنّ هذا الذي أمامها هو نبي الله سليمان(عليه السلام)، وان أولئك الذين خلفه هم جيشه وأفراد جنوده، فيه دلالة قاطعة بأنّ لها مستوي من الإدراك والشعور، وإن كان ليس بمستوي العقل والإدراك الذي منحه الله سبحانه للإنسان، بل وربّما كان فهمها وشعورها وإدراكها لبعض الحقائق الكونيّة يفوق ويعلو علي فهم وإدراك وعقل كثير من بني الإنسان.

وليست النملة بأعجب حالاً من الهدهد في قصّة النبي سليمان المذكورة سابقاً، والذي كان يدرك المدينة التي كان فيها، ويعرف إسمها، حيث قال: « وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22)»(5))، ويعلم أنّ لهذه المدينة ملكة وليست ملكاً، وأنّها محاطة بشتي أنواع النعم والقوة والمنعة، وأنّ لها عرشاً عظيماً «إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23)»(6)).

وأنّها وأهل تلك المدينة يعبدون ويسجدون لغير الله سبحانه، وبالتحديد للشمس «وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ »(7))، وقد تعجّب لفعلهم هذا؛

ص: 59


1- ( 3) النمل: 18.
2- ( 4) الإسراء: 44.
3- ( 5) سبأ: 10.
4- ([6]) ابن قتيبة الدينوري، عبد الله، تأويل مختلف الحديث: ص129-133.
5- (1) النمل: 22.
6- (2) النمل: 23.
7- (3) النمل: 24.

لأنّه يخالف قانون الفطرة، وأنّ هذا الانحراف عن فطرة التوحيد وعبادة الله سبحانه سببه الشيطان، فهو الذي زيّن ذلك لهم، فصدّهم بتزيينه هذا عن السبيل، فصاروا باتباعه لا يهتدون، ثم يتساءل - مستفهماً ومستنكراً لفعلهم - بقوله:«أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ »(1)).

فلا تصحّ كل تلك الأقوال والأفعال والاعتقادات إلّا ممن له مرتبة من الكمال والشعور والإدراك والفهم، تفوق مرتبة من يسجد للشمس من دون الله سبحانه.

ثمّ انظر إلي أسلوب كلام نبي الله سليمان معه في قوله تعالي: «قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27)»(2))، فهل يصح أن يوصف بالصدق أو الكذب من لا يعقل شيئاً، وليس له إدراك وفهم؟!

ثم هل يصح من نبي الله سليمان صلوات الله وسلامه عليه - وهو الحكيم والمعصوم - أن يرسل بيد الهدهد كتاباً إلي تلك الملكة وقومها قائلا له:«اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28)»(3))؟ ويحمّله من المضامين أشدّها أهمية: «إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ -أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31)»(4))، فهذا يدل علي إمكانية ذلك، ووجود شيء من الفهم والإدراك للحيوانات، حتي قام نبي الله سليمان بتكليف الهدهد بهذه المهمّة، بغض النظر أنها معجزة.

وبالجملة لا يصح بعد كل هذا التوضيح أن ينكر بعض من لا يتحمّل عقله ولا تطمئن نفسه إلي هذه الحقائق القرآنية، شعور الحيوانات وإدراكها، وأنّ لها مرتبة من

ص: 60


1- ([1]) النمل: 25-26.
2- ([2]) النمل: 27.
3- ([3]) النمل: 28.
4- ([4]) النمل: 30-31.

الكمال والتعقّل تتناسب وعالمها، وليس بالضرورة أن تكون بمستويعقل الإنسان السوي وفهمه وإدراكه، لكنّها - أو بعضها - ربما تحمل من الإدراك والتعقّل ما يتصاغر أمامه عقل وإدراك وشعور كثير من جهلة أبناء آدم.

الجهة الثانية: علة عدم تكليف الحيوانات والنباتات والجمادات بالأحكام الشرعية رغم أنّ لها شعوراً وإدراكاً

ربّما يحلو للبعض القول بأن لو كان للحيوان أو الشجر أو غيرهما من باقي الموجودات الأُخر شعور وإدراك لكُلِّفوا بتكاليفنا، وأمروا ونهوا وأثيبوا وعوقبوا مثلنا.

يجاب عن هذا الإشكال: بأنّ مشكلة كثير من الناس هي أنّه يقيس كلّ الأشياء علي نفسه، فإذا ما قال الله سبحانه مثلاً:« اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ »(1)) تصوّر أنّ لله سبحانه يداً ووجهاً ورجلاً، وغير ذلك من صفات التجسيم التي أساسها قصور العقل وقلة الفهم، وكذلك حينما يقال: أنّ للحيوان حظاً ونصيباً من التعقل والإدراك تتناسب وعالمه، فإنّه يقيس ذلك علي نفسه، ويتصوّر أنّ الحيوان له قدرة عقلية مثل قدرة الإنسان العقلية في ضرب الأعداد - مثلاً - وتقسيمها وإخراج جذور الأرقام، ووضع الخرائط الهندسية، وإجراء البحوث العلمية المعقّدة، وغير ذلك، غافلاً عن أنّ هذا المستوي الرفيع من العقل إنّما خص الله سبحانه به الإنسان من دون غيره، وعلي هذا المستوي العقلي أُجري التكليف، والحيوان أقل من مستواه العقلي بكثير قطعاً، فلذلك لم يكلَّف بتكاليفنا، أو أنّه قد كُلِّف ولكن بتكاليف تتناسب ومرتبته الكمالية، ألا تري أنّ كل شيءفي الوجود يُسبّح لله سبحانه، قال تعالي: «تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44)»(2)).

ص: 61


1- ( 3) الفتح: 10.
2- ([1]) الإسراء: 44.

ولعل هذا التسبيح هو إشارة إلي نوع من أنواع التكليف قد خفي علينا خبره وتفصيل حاله، ولعل الآية بصدد تبيان أن الوجود كله مأمور بالطاعة والانقياد لله سبحانه وتعالي، ولكلِّ فرد من أفراده تكليفه الخاص به، ولكن لا تفقهون تكليفهم.

وكذلك الحال بشأن إثابتها أو عقابها فإنّه قد ورد في الأثر أنّ الحيوانات تحشر، قال تعالي: «وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5)»(1))، وتعرض للحساب حتي يقتص الله للجماء من القرناء((2)) )((3)). ثم يقول لها: كوني ترابا ًفترجع تراباً، وهذا المستوي من الإثابة أو العقاب إنما يتناسب ومرتبتها الكمالية.

وعلي هذا الأمر نقيس بقية أجزاء الكون، من الأرض والحجر والشجر وغير ذلك، فإنّ للكل إدراكاً يتناسب ومراتبها الكمالية، وقد ورد في الأثر أنّ كل ما في الكون يشهد للإنسان بالخير يوم القيامة((4)

وكذلك يشهد عليه إن قد أساء وأذنب عليها أو بقربها، فالأرض تشهد له بالطاعة، وبقاع الأرض يفتخر بعضها علي بعض؛ لأنّ مؤمناً قد صلّي عليها، فهل يصح أن يشهد من لا يدرك؟ أم هل يتفاخر من لا يعقل؟ ولا ننسي قبل كل ذلك قوله تعالي: «تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44)»(5))، فالتسبيح لا يصدر إلّا ممن له إدراك، ولو لم يكن المسبح مدركاّ لعظمة وشأن المسبح له، ومدركاً للشيء المسبح به لصار تسبيحه لغواً، لا يستحق من الباري الذكر في محكم كتابه العزيز، ولكن - كما

ص: 62


1- ([2]) التكوير: 5.
2- ([3]) الجَمَّاءُ: بَيضةُ الرّأس، أي: ما ليس له قرن؛ والقرناء ج قرون، والأُنثي قَرْناء أي ما له قرن، اُنظر: المعجم الوسيط ج1، ص137؛ لسان العرب: ج13، ص331.
3- ([4]) اُنظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج7، ص92.
4- ([5]) الفيض الكاشاني، محمد محسن، الوافي: ج9، ص1447.
5- ([1]) الإسراء: 44.

كررنا مراراً - المشكلة في الإنسان أنّه ينكر كل ما لا يدركه بحواسه، لذلك أخبر القرآن بقوله:« وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ » كي لا يكون عدم إدراكنا لهذه الحقائق دليل علي إنكارها، وقد جاء التصريح بها في القران الذي فيه تبيان كلّ شيء((1)).

الجهة الثالثة: شواهد روائية علي إدراك الجمادات والحيوانات
اشارة

وردت عند الفريقين الكثير من الروايات التي تضمّنت المعاجز والكرامات النبويّة، والتي تدل دلالة واضحة علي فهم الحيوانات والشجر والحجر، وتعقّلها لما يدور حولها، وتفاعلها مع ما يقع عليها أو علي غيرها من الموجودات، وقد اخترنا منها ما يتناسب والمقام الذي نحن فيه، فمنها:

النقطة الأولي: شهادة الشجرة بالرسالة للنبي(صلي الله عليه و اله)

شهادة الشجرة له(صلي الله عليه و اله) بالرسالة في خبر الأعرابي الذي دعاه إلي الإسلام، فقال: «هل من شاهد علي ما تقول؟ قال: نعم، هذه الشجرة ادعها، فدعاها، فأقبلت، فاستشهدها فشهدت أنّه كما قال ثلاثاً، ثمّ رجعت إلي منبتها»، قالالهيثمي: «رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح»((2)).

وقد اجتمعت كلمة المسلمين علي قبول شهادة العاقل المدرك لألفاظ الشهادة، العالم بموضوعها، وقبول النبي(صلي الله عليه و اله) بشهادة الشجرة ودعوتها للشهادة له بالنبوة، دليل علي أنّ لها مستوي من التعقل والإدراك، يؤهّلها لتلك الشهادة.

ص: 63


1- ([2]) مقالة تحت عنوان: (هل يمكن أن تبكي الجمادات والحيوانات علي ما وقع في يوم عاشوراء) بقلم الشيخ محمد السند، مكتبة العتبة الحسينية المقدسة.
2- ([1]) الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد: ج8، ص292؛ ابن حبان، علاء الدين علي، صحيح ابن حبان: ج14، ص436؛ الراوندي، قطب الدين، الخرائج والجرائح: ج1 ص43.
النقطة الثانية: مجيء الشجرة للسلام علي النبي(صلي الله عليه و اله)

مجيء الشجرة إليه(صلي الله عليه و اله) لتظلّه وتسلّم عليه، فقد جاء: أنّه(صلي الله عليه و اله) نام، أي: في الشمس، فجاءت شجرة تشق الأرض حتي قامت عليه، لما استيقظ ذكر له ذلك، فقال: هي شجرة استأذنت ربها(عزوجل) في أن تسلّم عليّ فأذن لها((1)).

وفي هذا المقطع عدة من المعاني الدالة علي المطلوب، منها: إنّ الشجرة كانت تدرك بأنّ هذا النائم هو رسول الله(صلي الله عليه و اله)، وتدرك انّه(صلي الله عليه و اله) نائم في الشمس، وتدرك أنّ الشمس تؤذيه، وتدرك أنّ أغصانها يمكن أن تريح النبي(صلي الله عليه و اله) فيما لو صارت حائلاً ما بين الشمس وبينه(صلي الله عليه و اله)، وتدرك أنّها لكي تتحوّل من مكانها وتتحرّك عن موضعها لابد أن تستأذن الله سبحانه لعلمها أنّ الله سبحانه وحده من يملك هذه القدرة، فأخبرونا يا أولي الألباب أليس العقل والإدراك إلّا هذا؟

النقطة الثالثة: حنين الجذع علي فراق النبي(صلي الله عليه و اله)

أخرج البخاري بسنده: «كان النبي(صلي الله عليه و اله) يخطب إلي جذع، فلمّا اتخذ المنبرتحوّل إليه، فحنّ الجذع، فأتاه فمسح يده عليه»((2)).

وذكر أيضاً: «عن جابر بن عبد الله -(رضي الله عنه) - أنّ النبي(صلي الله عليه و اله) كان يقوم يوم الجمعة إلي شجرة أو نخلة، فقالت امرأة من الأنصار - أو رجل - يا رسول الله، ألا نجعل لك منبراً، قال: إن شئتم فاجعلوا له منبراً، فلمّا كان يوم الجمعة دفع إلي المنبر، فصاحت النخلة صياح الصبي، ثم نزل النبي(صلي الله عليه و اله) فضمّها إليه، تأن أنين الصبي الذي يسكن، قال: كانت تبكي علي ما كانت تسمع من الذكر عندها»((3)).

ص: 64


1- ([2]) اُنظر: المزي، يوسف، تهذيب الكمال: ج1، ص237؛ الصفدي، الوافي بالوفيات: ج1، ص82.
2- ([1]) البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري: ج4، ص173 و اُنظر: الكوفي، محمد بن سليمان، مناقب أمير المؤمنين: ج1، ص99.
3- ([2]) المصدر السابق: ج4، ص174.

وذكر أيضاً: «عن حفص بن عبيدالله بن أنس بن مالك، أنّه سمع جابر بن عبدالله يقول: كان المسجد مسقوفاً علي جذوع من نخل فكان النبي(صلي الله عليه و اله) إذا خطب يقوم إلي جذع منها، فلما صنع له المنبر وكان عليه، فسمعنا لذلك الجذع صوتاً كصوت العشار، حتي جاء النبي(صلي الله عليه و اله) فوضع يده عليها فسكنت»((1)).

وليس فراق النبي(صلي الله عليه و اله) لجذع الشجرة بأعظم من قتل ابنه، فإذا كان الجذع قد حنّ وصاح كالصبي لمجرد فراق النبي(صلي الله عليه و اله) له، أفلا يحق للأرض والسماء والبحار والأشجار أن تحن علي الإمام الحسين(عليه السلام) وتبكي لعظيم رزيّته، وجليل مصيبته، وفادح ما نزل به؟ فلماذا جوّزتم تلك واستعظمتم هذه؟ مع أنّ مصيبة الحسين(عليه السلام) ورزيّته ومحنته أعظم وأدهي وأمر.

النقطة الرابعة: شكوي البعير من قلة علفه وجوعه

قد وردت روايات كثيرة في شكاية الحيوانات لرسول الله(صلي الله عليه و اله) أيّام كان في المدينة،منها:

ما أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده، قال: «عن عثمان بن حكيم، قال: أخبرني عبد الرحمن بن عبد العزيز، عن يعلي بن مرة، قال: لقد رأيت من رسول الله(صلي الله عليه و اله) ثلاثاً ما رآها أحد قبلي، ولا يراها أحد بعدي...، وكنت عنده جالساً ذات يوم إذ جاءه جمل يخبب حتي صوب بجرانه بين يديه، ثم ذرفت عيناه، فقال: ويحك انظر لمن هذا الجمل إنّ له لشأناً، قال: فخرجت التمس صاحبه، فوجدته لرجل من الأنصار، فدعوته إليه، فقال: ما شأن جملك هذا؟فقال: وما شأنه؟ قال: لا أدري والله ما شأنه، عملنا عليه ونضحنا عليه حتي عجز عن السقاية، فائتمرنا البارحة أن ننحره ونقسِّم لحمه، قال: فلا تفعل هبه لي أو بعنيه، فقال: بل هو لك يا رسول الله، قال: فوسمه بسمة الصدقة ثم بعث به»((2)).

ص: 65


1- ([3]) المصدر السابق: ج4، ص174.
2- ([1]) ابن حنبل، أحمد، مسندأحمد بن حنبل، ج 4، ص170-171؛ اُنظر: الفيروز آبادي، السيد مرتضي الحسيني، فضائل الخمسة من الصحاح الستة: ج1، ص78.

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: «رواه أحمد بإسنادين، والطبراني بنحوه، وأحد إسنادي أحمد رجاله رجال الصحيح»((1)).

النقطة الخامسة: شكوي بعض الطيور للنبي(صلي الله عليه و اله) من أخذ بيضها أو فراخها

ذكرت بعض الروايات شكوي بعض الطيور للنبي(صلي الله عليه و اله) بسبب أخذ بيضه أو فراخه، فقد جاء أن حمرة جاءت فوق رأسه، فقال(صلي الله عليه و اله): «أيّكم فجع هذه، فقال رجل من القوم أنا أخذت بيضها، فقال ردّه ردّه رحمة لها»((2)). وفي هذاالحديث

إشارة واضحة إلي معرفة هذا الطائر بشخص النبي(صلي الله عليه و اله)، وكذلك معرفته بتأثيره علي أصحابه، وأن لا أحد يستطيع أن يرجع إليها فراخها أو بيضها غيره (صلي الله عليه و اله).

النقطة السادسة: سجود البعير للنبي(صلي الله عليه و اله)

روي أحمد بن حنبل في مسنده عن جابر بن عبدالله، قال: «أقبلنا مع رسول الله(صلي الله عليه و اله) من سفر حتي إذا دفعنا إلي حائط من حيطان بني النجار إذا فيه جمل لا يدخل الحائط أحد إلّا شدّ عليه، قال: فذكروا ذلك للنبي(صلي الله عليه و اله)، فجاء حتي أتي الحائط، فدعا البعير، فجاء واضعاً مشفره إلي الأرض حتي برك بين يديه، قال: فقال: النبي(صلي الله عليه و اله) هاتوا خطاماً، فخطمه ودفعه إلي صاحبه، قال: ثمّ التفت إلي الناس، قال: إنه ليس شيء بين السماء والأرض إلّا يعلم أني رسول الله إلا عاصي الجن والإنس»((3)).

وقال الهيثمي: «رواه أحمد ورجاله ثقات»((4)).

ص: 66


1- ([2]) الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص6.
2- ([3]) اُنظر: ابن داود الطيالسي، سليمان، مسند أبي داود الطيالسي، ص44؛ الذهبي، محمد بن أحمد، تاريخ الإسلام: ج1، ص350 و البخاري، محمد بن إسماعيل، الأدب المفرد: ص88 و ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج1، ص191.
3- ([1]) ابن حنبل، أحمد، مسند أحمد بن حنبل: ج3، ص310.
4- ([2]) الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص7.

ولا يخفي ما في هذا الحديث من الإشارات المهمة الدالة علي المطلوب والتي منها ان كل الموجودات تعرف النبي(صلي الله عليه و اله) وأنّه رسول الله، وهو موافق لما روي عند الإمامية بأنّ الولاية للرسول والإمام عرضت علي كلّ شيء((1))، وعليه فإذا كانت الموجودات تعرف النبي(صلي الله عليه و اله) فإنها تعرف الإمام كذلك، وإذا كانت تسجد للنبي(صلي الله عليه و اله) فإنها كذلك للإمام ولمعرفتها بمنزلة النبي والإمام تأثّرت حين استشهاد الحسين (صلوات الله وسلامه عليه)، وسيأتي ذكره في الفصولالقادمة.

النقطة السابعة: سجود الغنم للنبي(صلي الله عليه و اله) ومعرفتها بنبوّته

قال المقريزي: «دخل النبي(صلي الله عليه و اله) حائطاً للأنصار، ومعه أبو بكر وعمر في رجال من الأنصار، وفي الحائط غنم، فسجدن له، فقال أبو بكر: يا رسول الله كنّا نحن أحق بالسجود لك من هذه الغنم، فقال: إنّه لا ينبغي من أمتي أن يسجد أحد لأحد، لو كان ينبغي أن يسجد أحد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها»((2)).

والحاصل ليس علي من نقل هذه الوقائع وأمثالها - وما لم نذكره أكثر وأكثر - أن يستغرب ويستنكر بكاء السماء والملائكة والحيوانات والبحار والجنة وما فيها علي مصيبة سيّدالشهداء صلوات الله وسلامه عليه.

النقطة الثامنة: كسوف الشمس حين أرادوا نقل منبر النبي(صلي الله عليه و اله)

قال ابن حجر في فتح الباري: «ولم يزل المنبر علي حاله ثلاث درجات، حتي زاده مروان في خلافة معاوية ست درجات من أسفله، وكان سبب ذلك ما حكاه الزبير بن

ص: 67


1- ([3]) الصفّار، محمد بن الحسن، بصائر الدرجات: ص94.
2- ([1]) المقريزي، أحمد بن علي، إمتاع الأسماع: ج5، ص247؛ الصالحي الشامي، محمد، سبل الهدي والرشاد: ج9، ص516، الباب الخامس في سجود الغنم له؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج1 ص86.

بكار في أخبار المدينة بإسناده إلي حميد بن عبد الرحمن بن عوف، قال: بعث معاوية إلي مروان - وهو عامله علي المدينة - أن يحمل إليه المنبر، فأمر به فقلع، فأظلمت المدينة، فخرج مروان فخطب، وقا: ل إنّما أمرني أمير المؤمنين أن أرفعه، فدعا نجّاراً وكان ثلاث درجات فزاد فيهالزيادة التي هو عليها اليوم، ورواه من وجه آخر، قال: فكسفت الشمس حتي رأينا النجوم»((1)).

وقال المقريزي: «قال سفيان بن حمزة قال كثير فأخبرني الوليد بن رباح، قال: كسفت الشمس يوم زاد معاوية في المنبر حتي رؤيت النجوم. وذكر الواقدي وغيره: أنّه لمّا كانت سنة خمسين أمر معاوية بن أبي سفيان بحمل المنبر إلي الشام، وقال: لا يترك هو وعصا النبي صلي الله عليه - وآله - وسلم بالمدينة...، فلمّا حرّك المنبر ليخرج من موضعه كسفت الشمس، حتي رؤيت النجوم بادية، فأعظم الناس ذلك، فترك المنبر علي حاله...، وذكر ابن زبالة من حديث عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه، قال: بعث معاوية بن أبي سفيان إلي مروان بن الحكم - عامله علي المدينة - يأمره أن يحمل إليه منبر النبي صلي الله عليه - وآله - وسلم عن ما وضعه، فأمر به أن يقلع، فأظلمت المدينة وأصابتهم ريح شديدة...، وعن عبد الله بن زياد، عن ابن فطن، قال: قلع مروان بن الحكم منبر النبي صلي الله عليه - وآله - وسلم، وكان درجتين والمجلس، وأراد أن يبعث به إلي معاوية، فكسفت الشمس حتي رأينا النجوم...، ولما ولي عبد الملك بن مروان الخلافة همّ بنقل المنبر، فقال له قبيصة بن ذؤيب: أذكّرك الله أن تفعل، إنّ معاوية حرّكه فكسفت الشمس»((2)).

وليس إخراج منبر رسول الله(صلي الله عليه و اله) إلي الشام بأعظم من إخراج نساء رسول الله

ص: 68


1- ([1]) اُنظر: ابن حجر، أحمد بن علي، فتح الباري: ج2، ص331، باب التأذين عند الخطبة.
2- ([2]) المقريزي، أحمد بن علي، إمتاع الأسماع: ج10، ص107-109، فصل في ذكر منبر رسول الله(صلي الله عليه و اله).

وحريمه وعترته سبايا يساقون إلي الشام، وليس نقل المنبر بأعظم من نقل رأس سيد الشهداء إلي ابن معاوية يزيد اللعين، فهل يحق للسماء أن تنكسف شمسها علي نقل منبر صعد عليه الرسول الأعظم(صلي الله عليه و اله) ولا تنكسف أو تبكي السماء علي سبط النبي الذي طالما اعتلي منكب النبي وظهره وصدره الشريف.

إذا حدثت كل هذه الحوادث والكرامات والمعاجز للنبي(صلي الله عليه و اله) من الحيوانات والجمادات، فكيف لا تتأثر وتجذع بمصاب الحسين(عليه السلام)، وتبكي عليه دماً، وهو من النبي(صلي الله عليه و اله) وريحانته في الدنيا والآخرة، حيث قال(صلي الله عليه و اله): «حسين مني وأنا من حسين»((1)).

ص: 69


1- ([1]) البخاري، محمد بن إسماعيل، الأدب المفرد: ص85.

ص: 70

المبحث الثالث: نبذة مختصرة عن حياة الإمام الحسين(عليه السلام)

المطلب الأوّل: ولادة الإمام الحسين(عليه السلام)

اشارة

وضعت سيّدة نساء العالمين وليدها العظيم الذي لم تضع مثله سيّدة من بنات حواء أعظم بركة ولا أكثر عائدة علي الإنسانية منه، فلم يكن أطيب ولا أذكي ولا أنور منه.

لقد أشرقت الدنيا به، وسعدت به الإنسانية في جميع أجيالها، واعتزّ به المسلمون، وعمدوا إلي إحياء هذه الذكري العظيمة افتخاراً واعتزازاً بها في كلِّ عام، لذلك تقام المراسم في أكثر مناطق العالم الإسلامي.

وتردد في آفاق يثرب صدي هذا النبأ المفرح، فهرعت أمهات المؤمنين وسائر السيدات من نساء المسلمين إلي دار سيّدة النساء، وهنَّ يهنئنها بمولودها الجديد، ويشاركنها في أفراحها ومسراتها.

حزن النبي(صلي الله عليه و اله) وبكاؤه

ولما بُشّر الرسول الأعظم(صلي الله عليه و اله) بسبطه المبارك خف مسرعاً إلي بيت بضعته فاطمة (عليها السلام)، وهو مثقل الخطا، قد ساد عليه الوجوم والحزن، فنادي بصوت خافت حزين النبرات: «يا أسماءُ هَلُمّي ابني».

ص: 71

فناولته أسماء، فاحتضنه النبي(صلي الله عليه و اله) وجعل يوسعه تقبيلاً، وقد انفجر بالبكاء، فذهلت أسماء، وانبرت تقول: فداك أبي وأمي، مم بكاؤك؟! فأجابها النبي(صلي الله عليه و اله) - وقد غمرت عيناه بالدموع -: «من ابني هذا».

وملكتها الحيرة فلم تدرك معني هذه الظاهرة ومغزاها، فانطلقت تقول: إنه وُلِد الساعة، فأجابها الرسول(صلي الله عليه و اله) بصوت متقطع النبرات حزناً وأسي، قائلاً: «تَقْتُلُهُ الفيئةُ الَباغيةُ مِنْ بَعدِي، لا أنالَهُم الله شفاعَتي»، ثم نهض - وهو مثقل بالهم - وأسرّ الي أسماء، قائلاً: «لا تَخَبرِي فاطمة فإنّها حديثَةُ عَهْدٍ بولادَة...»((1)).

المطلب الثاني: سنة ولادته وتسميته(عليه السلام)

ولد الإمام الحسين(عليه السلام) في الثالث من شعبان من السنة الرابعة للهجرة في المدينه المنورة((2)).

فإنّ أوّل صوت اخترق سمع الإمام الحسين(عليه السلام) هو صوت جده الرسول(صلي الله عليه و اله) الذي هو أول من أناب إلي الله ودعا إليه، وجاء في الخبر: أنّ النبي(صلي الله عليه و اله) أذَّن في أذنه اليمني، وأقام في اليسري((3))، و قد غرس النبي(صلي الله عليه و اله) هذه الكلمات التي تحمل جوهر الإيمان وواقع الإسلام في نفس وليده، وغذاه بها، فكانت من عناصرهومقوماته، وقد

ص: 72


1- ([1]) اُنظر: زيد، زيد بن علي، مسند الإمام زيد: ص468؛ الصدوق، محمد بن علي، الأمالي: ص199-212 أنّ البني(صلي الله عليه و اله) أخذ الحسين(عليه السلام) بعد ولادته، ثم دفعه إلي صفية بنت عبد المطلب، وهو يبكي ويقول: «لعن الله قوماً هم قاتلوك يا بني» قالها ثلاثاً، قالت: فداك أمي وأبي، ومن يقتله؟ قال: «تقتله الفئة الباغية من بني أمية».
2- ([2]) ابن الأثير، علي بن محمد، أسد الغابة: ج2، ص18؛ ابن عبد البر، يوسف بن عبد الله، الاستيعاب: ج1، ص378؛ المفيد، محمد بن النعمان، الإشاد: ص218.
3- ([3]) الصدوق، محمد بن علي، علل الشرائع: ج1، ص167؛ الصدوق، محمد بن علي، عيون أخبار الرضا: ج2، ص25؛ الصدوق، محمد بن علي، معاني الأخبار: ج6، ص57.

هام بها في جميع مراحل حياته، فانطلق إلي ميادين الجهاد مضحّياً بكلِّ شيء في سبيل أن تعلوا هذه الكلمات في الأرض، وتسود قوي الخير والسلام، وتتحطم معالم الردة الجاهلية التي جهدت علي إطفاء نور الله، ولكن خابت آمالهم، وقد قال المولي تبارك وتعالي في محكم كتابه الشريف:«يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8)»(1))، فالإمام الحسين(عليه السلام) عمد وجعل هذه الكلمات تعلوا في الأرض علي رغم كل راغم، هي: «الله أكبر... لا إله إلّا الله... محمّد رسول الله...».

وسمّاه النبي(صلي الله عليه و اله) حسيناً كما سمي أخاه حسناً((2)).

ويقول المؤرخون: لم تكن العرب في جاهليتها تعرف هذين الإسمين حتي تسمي أبناءها بهما، وإنما سماهما النبي(صلي الله عليه و اله) بهما بوحي من السماء((3)).

وبعد ما انطوت سبعة أيّام من ولادته(عليه السلام)، أمر النبيُّ(صلي الله عليه و اله) أن يعق عنه بكبشٍ ويوزع علي الفقراء((4)). وأن يحلق رأسه(عليه السلام) ويتصدق بزنته فضة علي الفقراء((5)).

ونهي عمّا كان يفعله أهل الجاهلية من إطلاء رأس الوليد بالدّم((6)).

ص: 73


1- ([1]) الصف: 8.
2- ([2]) الصدوق، محمد بن علي، علل الشرائع: ج1، ص166-167؛ ابن الأثير، عز الدين علي، أسد الغابة: ج1، ص496؛ الطبري، أحمد بن عبد الله، ذخائر العقبي: ص119.
3- ([3]) أبوحنيفة، النعمان بن محمد، شرح الاخبار: ج3، ص89؛ ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج13، ص1371؛ أبن الأثير، علي بن محمد، أسد الغابة: ج1، ص496.
4- ([4]) الصدوق، محمد بن علي، عيون أخبار الرضا: ج2، ص25؛ الإمام زيد، زيد بن علي، مسند الإمام زيد: ص468.
5- ([5]) الترمذي، محمد بن عيسي، سنن الترمزي: ج4، ص84؛ الطبري، أحمد بن عبد الله، ذخائر العقبي: ص118.
6- ([6]) الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج6، ص36؛ الصدوق، محمد بن علي، عيون اخبار الرضا(عليه السلام): ج2، ص25.

المطلب الثالث: فضائله(عليه السلام)

ذكر صاحب المناقب: عن سلمان الفارسي: أنّ الحسين(عليه السلام) كان علي فخذ رسول الله(صلي الله عليه و اله) وكان يقبله، ويقول: «أنت السيد ابن السيد أبو السادة، أنت الإمام ابن الإمام أبو الأئمة، أنت الحجة ابن الحجة أبو الحجج، تسعة من صلبك وتاسعهم قائمهم»((1)).

كذلك روي الحر العاملي عن أبي عبد الله المفيد النيسابوري في أماليه، قال الرضا(عليه السلام): «عري الحسن والحسين(عليها السلام) وأدركهما العيد، فقالا لأمهما: قد زينوا صبيان المدينة إلا نحن، فمالك لا تزينينا؟ فقالت: ثيابكما عند الخياط، فإذا أتاني زيّنتكما، فلما كانت ليلة العيد أعادا القول لأمهما، فبكت ورحمتهما فقالت: لهما ما قالت في الأولي، فردّا عليها. فلما أخذ الظلام، قرع الباب قارع، فقالت فاطمة: من هذا؟ فقال: يا بنت رسول الله(صلي الله عليه و اله) أنا الخياط قد جئت بالثياب، ففتحت الباب، فإذا برجل ومعه من لباس العيد، قالت فاطمة(عليها السلام): والله ما رأيت رجلاً أهيب شيمة منه، فناولها منديلاً، ثم انصرف، فدخلت فاطمة(عليها السلام) ففتحت المنديل، فإذا فيه قميصان ودراعتان، وسراويلان، ورداءان، وعمامتان، وخفان أسودان معقبان بحمرة، فأيقظتهما، وألبستهما، ودخل رسول الله(صلي الله عليه و اله) وهما مزينان، فحملهما وقبّلهما، وقال: رأيت الخياط؟ قالت: نعم، قال: ما هو بخياط، إنما هو رضوان خازن الجنة، فقالت: من أخبرك يا رسول الله(صلي الله عليه و اله)؟قال: ما عرج حتي جائني جبرئيل فأخبرني بذلك»((2)).

قال ابن الأثير في ترجمة عبد الواحد بن عبد الله القرشي: روي محمّد بن سوقة، عن عبد الواحد القرشي، قال: «لما أتي يزيد برأس الحسين بن علي(عليه السلام) تناوله بقضيب، فكشف عن ثناياه، فوالله ما البرد بأبيض منها، وأنشد:

ص: 74


1- ([1]) ابن شهر آشوب، محمد بن علي، المناقب: ج3، ص226.
2- ([1]) المصدر السابق: ج3، ص161؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج43، ص289.

يفلقن هاماً من رجال أعزة

وعلينا وهم كانوا أعق وأظلما

فقال له رجل عنده: يا هذا ارفع قضيبك، فو الله ربما رأيت شفتي رسول الله(صلي الله عليه و اله) فكأنه يقبله، فرفع متذمراً عليه مغضباً»((1)).

وفي صحيح الترمزي في مناقب الحسن والحسين(عليهما السلام)، روي بسنده عن يعلي بن مرة، قال: قال رسول الله(صلي الله عليه و اله): «حسين مني وأنا من حسين، أحبّ الله من أحبّ حسيناً، حسين سبط من الأسباط»((2)).

و حديثاً أخر عن هرثمة بن سلمي، قال: « خرجنا مع علي(عليه السلام) فسار حتي إنتهي إلي كربلاء، فنزل إلي شجرة، فصلي إليها، فأخذ تربة من الأرض فشمّها، ثم قال: واهاً لك، تربة ليقتلن بك قوم يدخلون الجنة بغير حساب، قال: فقفلنا من غزاتنا وقتل علي(عليه السلام)، ونسيت الحديث ما قال، فكنت في الجيش الذينساروا إلي الحسين(عليه السلام)، فلما انتهيت إليه نظرت إلي الشجرة، فذكرت الحديث، فتقدّمت علي فرس لي فقلت: أبشرك ابن بنت رسول الله(صلي الله عليه و اله)، وحدثته الحديث، قال: معنا أو علينا، قلت: لا معك ولا عليك، تركت عيالاً وتركت مالاً، قال: أما الأفول في الأرض هارباً، فو الذي نفس حسين بيده لا يشهد قتلنا اليوم رجل إلّا دخل جهنم، قال: فانطلقت هارباً مولياً في الأرض حتي خفي عليّ مقتله»((3)).

ص: 75


1- ([2]) ابن الأثير، علي بن محمد، أسد الغابة: ج5، ص318؛ المتقي الهندي، علاء الدين علي، كنز العمال: ج7، ص110؛ ابن حجر الهيتمي، أحمد، الصواعق المحرقة: ص118 (اللفظ للأول).
2- ([3]) الترمذي، محمد بن عيسي، سنن الترمزي: ج2، ص307؛ النيسابوري، عبدالله، مستدرك الصحيحين: ج3، ص177؛ ابن حنبل، أحمد، مسند أحمد بن حنبل: ج4، ص172 ( واللفظ للأول).
3- ([1]) ابن حجر العسقلاني، شهاب الدين أحمد، تهذيب التهذيب: ج2، ص348 و347؛ المتقي الهندي، علاء الدين علي، كنز العمال: ج7، ص110؛ الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص191، واللفظ للأول.

وخلاصة هذا المطلب: أنّ الروايات في فضائل الإمام الحسين(عليه السلام) قد تواترت في كتب الفريقين، وقد ذكرنا بعض هذه الأحاديث تمهيداً لبحثنا في الفصول القادمة إن شاء الله تعالي.

المطلب الرابع: الآيات المؤوّلة بالإمام الحسين(عليه السلام) في أحاديث الفريقين

الجهة الأولي: الآيات المؤولة بالإمام الحسين(عليه السلام) في أحاديث الشيعة
اشارة

سنتعرّض في هذا المطلب إلي بعض الآيات المؤوّلة بنهضة الإمام الحسين(عليه السلام) وشهادته في أحاديث الشيعة، وسيكون البحث علي النحو التالي:

الآية الأولي:

«أَلَمْ تَرَ إِلَي الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَي أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَي وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا »(1)).

تفسير العياشي: «عن إدريس مولي لعبد الله بن جعفر، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، في تفسير الآيةالمباركة:أَلَمْ تَرَ إِلَي الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ مع الحسن(عليه السلام)، (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ) مع الحسين(عليه السلام)، وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَي أَجَلٍ قَرِيبٍ إلي خروج القائم(عجل الله تعالي فرجه و الشريف)، فإنّ معه النصر والظفر، قال الله: (قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَي)»((2)).

ص: 76


1- ([1]) النساء: 7 7.
2- ([2]) العياشي، محمد بن مسعود، تفسير العياشي: ج1، ص257؛ البحراني، سيد هاشم، تفسير البرهان: ج1، ص394.

وفي رواية الحسن بن زياد العطار، عن أبي عبد الله(عليه السلام) في قوله: « كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ »قال: «نزلت في الحسن بن علي(عليه السلام)، أمره الله بالكف،«فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ »قال: نزلت في الحسين بن علي(عليه السلام)، كتب الله عليه وعلي أهل الأرض أن يقاتلوا معه»((1)).

وفي رواية محمّد بن مسلم، عن مولانا الباقر(عليه السلام)، قال: «والله، الذي صنعه الحسن ابن علي(عليه السلام)كان خيراً مما طلعت عليه الشمس، والله لفيه نزلت هذه الآية:« تَرَ إِلَي الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ »إنّما هي طاعة الإمام فطلبوا القتال (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ) مع الحسين بن علي(عليه السلام) (وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَي أَجَلٍ قَرِيبٍ)وقوله تعالي «رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَي أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ»(2)) أرادوا تأخير ذلك إلي القائم(عجل الله تعالي فرجه و الشريف)»((3)).

الآية الثانية:

«وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (33)»(4)).

عن جابر، عن إمامنا الباقر(عليه السلام)، قال: «نزلت هذه الآية في الحسين(عليه السلام) وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ) قاتل الحسين(عليه السلام)،«إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا »

قال الحسين(عليه السلام)»((5)).

ص: 77


1- ([3]) العياشي، محمد بن مسعود، تفسير العياشي: ج1، ص258؛ البحراني، سيد هاشم، تفسير البرهان: ج1، ص395.
2- (3) إبراهيم: 44.
3- ([5]) العياشي، محمد بن مسعود، تفسير العياشي: ج1، ص258؛ الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج8، ص330.
4- ([1]) الإسراء: 33.
5- ([2]) العياشي، محمد بن مسعود، تفسير العياشي: ج2، ص290؛ البحراني، سيد هاشم، تفسير البرهان: ج2، ص418

وفي الكافي مرفوعاً عن بعض أصحابه، عن الصادق(عليه السلام)، قال: «سألته عن قول الله عزّ وجلّ: « وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ» قال: نزلت في الحسين(عليه السلام)، لو قتل أهل الأرض به ما كان مسرفاً»((1)).

الآية الثالثة:

«يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ -ارْجِعِي إِلَي رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً -فَادْخُلِي فِي عِبَادِي -وَادْخُلِي جَنَّتِي »(2)).

جاء في تأويل الآيات، بإسناده إلي داود بن فرقد، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: «اقرؤا سورة الفجر في فرائضكم ونوافلكم، فإنها سورة الحسين بن علي(عليه السلام)، وارغبوا فيها رحمكم الله تعالي. فقال له أبو أسامة - وكان حاضر المجلس -:كيف صارت هذه السورة للحسين(عليه السلام) خاصة؟ فقال: ألا تسمع إلي قوله تعالي«يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27)» الآية، إنما يعني الحسين بن علي(عليه السلام)، فهو ذوالنفس المطمئنة الراضية المرضية، وأصحابه من آل محمّد (صلوات الله عليهم) هم الراضون عن الله يوم القيامة، وهو راض عنهم، وهذه السورة في الحسين بن علي(عليه السلام) وشيعته وشيعة آل محمّد خاصة، من أدمن قراءة (الفجر) كان مع الحسين في درجته في الجنة، إنّ الله عزيز حكيم»((3)).

ص: 78


1- ([3]) الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج8، ص255؛ البحراني، سيد هاشم، تفسير البرهان: ج2، ص418.
2- ([4]) الفجر: 27-30 .
3- ([1]) الأستر آبادي، علي، تأويل الآيات الطاهرة: ج2، ص796؛ وقريب منه: الصدوق، محمد بن النعمان، ثواب الأعمال: ص123، البحراني، سيد هاشم، تفسير البرهان: ج4، ص461؛ الطبرسي، الفضل بن علي، مجمع البيان: ج5، ص481، الحويزي، عبد علي، تفسير نور الثقلين: ج5، ص571.
الآية الرابعة:

«فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ -فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ (89)»(1)).

جاء في الكافي، عن الصادق(عليه السلام) في قوله تعالي: «فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ -فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ (89)» قال: «حسب فرأي ما يحل بالحسين(عليه السلام): إني سقيم لما يحل بالحسين(عليه السلام)»((2)).

الآية الخامسة:

«كهيعص (1)»

في الاحتجاج عن سعد بن عبد الله (القمي) الأشعري، قال: «عندما يذكر أجوبة الإمام الحجة(عجل الله تعالي فرجه و الشريف) عن مسائله: «قلت: أخبرني عن تآويل كهيعص؟ قال:هذه الحروف من أنباء الغيب، اطلع الله عليها عبده زكريا، ثم قصها علي محمّد(صلي الله عليه و اله)، وذلك أن زكريا(عليه السلام) سأل الله ربه أن يعلّمه الأسماء الخمسة، فأهبط عليه جبرئيل، فعلّمه إياها، فكان زكريا إذا ذكر محمّداً وعلياً وفاطمة والحسن(عليهم السلام)سري عنه همه، وانجلي كربه، وإذا ذكر اسم الحسين(عليه السلام) خنقته العبرة، ووقعت عليه البهرة.

فقال: إلهي، ما بالي إذا ذكرت أربعاً منهم تسليت بأسمائهم من همومي، وإذا ذكرت الحسين تدمع عيني وتثور زفرتي؟ فأنباه الله تبارك وتعالي عن قصته، فقال: «كهيعص (1)» (فالكاف) اسم كربلاء و(الهاء) هلاك العترة، و(الياء) يزيد وهو ظالم الحسين، و(العين) عطشه و(الصاد) صبره، فلما سمع بذلك زكريا(عليه السلام) لم يفارق مسجده ثلاثة أيّام، ومنع فيهنّ الناس من الدخول عليه، وأقبل علي البكاء والنحيب، وكان يرثيه: إلهي، أتفجع خير جمع خلقك بولده؟ إلهي، أتترك بلوي هذه الرزية بفنائه؟ إلهي، أتلبس علياً وفاطمة ثياب هذه المصيبة؟ إلهي، أتحل كربة هذه المصيبة بساحتهما؟

ص: 79


1- ([2]) الصافات: 88-89.
2- ([3]) الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج2، ص366.

ثم كان يقول: إلهي ارزقني ولداً تقرُّ به عيني علي الكبر، فإذا رزقتنيه فافتنّي بحبه، ثم افجعني به كما تفجع محمّداً حبيبك بولده. فرزقه الله يحيي وفجعه به، وكان حمل يحيي ستة أشهر، وحمل الحسين كذلك»((1)).

فالحاصل هناك بعض الآيات القرآنية لها دلالة واضحة علي الإمام الحسين(عليه السلام) ونهضته المباركة، كما تقدّم ذلك.

الجهة الثانية: الآيات المؤوّلة بالإمام الحسين(عليه السلام) في أحاديث السنة
اشارة

سنتعرض في هذا المطلب لبعض الآيات المؤولة بشهادة الحسين(عليه السلام) في أحاديث السنّة، وسيكون البحث علي النحو التالي:

الآية الأولي:

« وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا »(2)).

وجاء في رواياتهم وفي سبب نزول هذه الآية:

عن الحافظ سليمان القندوزي، قال: «عن عبد السلام بن صالح الهروي، عن علي الرضا بن موسي الكاظم(رضي الله عنه)قال: «نزل في الحسين والمهدي»((3)).

الآية الثانية:

«كهيعص (1)»

أخرج الحافظ سليمان القندوزي عن سعد بن عبد الله، قال: «كنت رجلاً مشتغلاً

ص: 80


1- ([1]) الطبرسي، الفضل بن الحسن، الاحتجاج: ج2، ص22؛ الطبري، محمد بن جرير، دلائل الإمامة: ص278؛ الصدوق، محمد بن علي، كمال الدين: ج2، ص461.
2- ([1]) الإسراء: 33.
3- ([2]) القندوزي الحنفي، سليمان بن إبراهيم، ينابيع المودة: ج3، ص243.

بغوامض العلوم، وأثبتُّ في دفترٍ نيفاً وأربعين مسألة من صعاب المسائل، علي أن أسأل خير بلدي أحمد بن إسحاق صاحب مولانا أبي محمد الحسن العسكري، وقد خرج قاصداً نحو مولانا بسامراء، فلحقته فدخلنا بالإذن عند مولانا...، قال لي مولانا: يا سعد ما جاء بك؟

قلت: شوقا إلي لقائك.

قال: فالمسائل التي أردت أن تسألها سل من قرة عيني، وأومأ إلي الغلام - يعني المهدي -، فقال الغلام: سل عمّا بدا لك.فسألت مسائلي واحدا بعد واحد، فأجابني بجواب شاف.

من جملة مسائله سأله عن تأويل «كهيعص (1)».

قال: فالكاف كربلا، والهاء هلاك العترة، والياء يزيد الملعون، والعين عطش العترة، والصاد صبره»((1)).

الآية الثالثة:

«وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا -ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَي بِاللَّهِ عَلِيمًا (70)»(2)).

ففي شواهد التنزيل: عن عبد الله بن عباس، في قوله تعالي: «وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ» يعني في فرائضه «وَالرَّسُولَ» في سنته «فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ»

- يعني محمداً - «وَالصِّدِّيقِينَ» عني علي بن أبي طالب، وكان أول من صدق برسول الله(صلي الله عليه و اله)«وَالشُّهَدَاءِ» يعني علي بن أبي طالب وجعفر الطيار، وحمزة بن عبد المطلب

ص: 81


1- (3) المصدر السابق: ج3، ص320.
2- ([2]) النساء: 69-70.

والحسن والحسين، هؤلاء سادات الشهداء وَالصَّالِحِينَ يعني سلمان وأبا ذر وصهيب وبلالاً وخباباً وعماراً« وَحَسُنَ أُولَئِكَ» أي الأئمة [ لا ] حد عشر يعني في الجنة«ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَي بِاللَّهِ عَلِيمًا» إن منزل علي وفاطمة والحسن والحسين ومنزل رسول الله وهم في الجنة واحد»((1)).

الآية الرابعة:

« وَأَوْحَيْنَا إِلَي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ »(2)).

جاء في مسند أحمد: عن يعلي بن مرة، قال: قال رسول الله(صلي الله عليه و اله): «حسين سبط من الأسباط»((3)).

فالحاصل: إنّ مصادر السنة تشير بوجود بعض الآيات القرآنية التي لها دلالة واضحة علي الإمام الحسين(عليه السلام) ونهضته المباركة.

المطلب الخامس: الأخبار الغيببة بشهادة الإمام الحسين(عليه السلام) في أحاديث الفريقين

اشارة

إن النبي(صلي الله عليه و اله) أحاط أصحابه علماً بمقتل ريحانته وسبطه، وأذاع ذلك بين المسلمين، حتي بات عندهم من الأمور المتيقنة التي لم يخالجهم فيها أدني شك.

وقد بكي النبي الأعظم(صلي الله عليه و اله) أمرَّ البكاء وأفجعه - في غير موطن - علي ما سيحل بريحانته من الخطوب والكوارث التي تذوب منها القلوب، وقد تواترت هذه الأحاديث بشكل كبير في كتب الفريقين، ونستغرب من الذين يصفون البكاء بدعة من البدع، حيث نري أن النبي(صلي الله عليه و اله) بكي علي سبطه قبل مقتله، فهاهنا نذكر بعض هذه

ص: 82


1- ([3]) الحسكاني، عبيد الله، شواهد التنزيل: ج1، ص196.
2- ([1]) النساء: 163.
3- ([2]) ابن حنبل، أحمد، مسند أحمد: ج4، ص172.

الأحاديث التي أخبر فيها النبي(صلي الله عليه و اله) بشهادة ولده الحسين(عليه السلام)، وسيكون البحث علي النحو التالي:

الجهة الأولي: الأخبار الغيبية بشهادته(عليه السلام) في أحاديث الشيعة
الحديث الأول:كامل

الزيارات: عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: «لما حملت فاطمة(عليها السلام) بالحسين(عليه السلام)، جاء جبرئيل(عليه السلام) إلي رسول الله(صلي الله عليه و اله)، فقال: إن فاطمة ستلد ولداً تقتله أمتك من بعدك، فلمّا حملت فاطمة بالحسين(عليه السلام) كرهت حمله، وحين وضعته كرهت وضعه، ثم قال أبو عبدالله(عليه السلام): هل رأيتم في الدنيا أمّاً تلد غلاماً فتكرهه، ولكنّها كرهته، لأنّها علمت أنه سيقتل، قال: وفيه نزلت هذه الآية: (ﭑ «وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا »(1))»((2)).

الحديث الثاني:

الأمالي: عن أنس بن مالك، قال: «إنّ عظيماً من عظماء الملائكة اس-تأذن ربه عزّ وجلّ في زيارة النبي(صلي الله عليه و اله) فأذن له، فبينما هو عنده إذ دخل عليه الحسين(عليه السلام)، فقبله النبي(صلي الله عليه و اله) وأجلسه في حجره، فقال له الملك: أتحبه؟ قال: أجل، أشد الحب، إنه ابني، قال له: إنّ أمتك ستقتله، قال: أمتي تقتل ولدي؟ قال: نعم، وإن شئت أريتك من التربة التي يقتل عليها، قال: نعم، فأراه تربة حمراء طيبة الريح، فقال: إذا صارت هذه التربة دماً عبيطاً فهو علامة قتل ابنك هذا. قال سالم بن أبي الجعد: أخبرت أن الملك كان ميكائيل»((3)).

ص: 83


1- ([1]) الأحقاف: 15.
2- ([2]) ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص122، ح 4؛ الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج1، ص464، ح 3.
3- ([3]) الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي: ج1، ص321.
الحديث الثالث:

بصائر الدرجات: عن محمّد بن علي بن عمر بن علي بن أبي طالب(عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلي الله عليه و اله): من سرّه أن يحيي حياتي، ويموت ميتتي، ويدخل جنةربي التي وعدني، جنة عدن منزلي، قضيب من قضبانه غرسه ربي تبارك وتعالي بيده، فقال له: كن فكان، فليتول علي بن أبي طالب(عليه السلام)، والأوصياء من ذرّيته، إنّهم الأئمة من بعدي، هم عترتي من لحمي ودمي، رزقهم الله فضلي وعلمي، وويل للمنكرين فضلهم من أمتي، القاطعين صلتي، والله ليقتلنّ ابني، لا أنالهم الله شفاعتي»((1)).

الحديث الرابع:

كامل الزيارات: عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «كان الحسين بن علي(عليه السلام) ذات يوم في حجر البني(صلي الله عليه و اله)، يلاعبه ويضاحكه، فقالت عائشة: يا رسول الله، ما أشد أعجابك بهذا الصبي؟ فقال لها: ويلك، وكيف لا أحبه ولا أعجب به، وهو ثمرة فؤادي وقرّة عيني، أما أن أمتي ستقتله، فمن زاره بعد وفاته كتب الله له حجة من حججي. قالت: يا رسول الله، حجة من حججك؟ قال: نعم، وحجتين من حججي، قالت: حجتين من حججك؟ قال: نعم، وأربعة، قال فلم تزل تزايده ويزيد ويضعّفه حتّي بلغ تسعين حجة من حجج رسول الله (صلي الله عليه و اله) بأعمارها»((2)).

الحديث الخامس:

كامل الزيارات: عن عبد السمين، يرفعه إلي أمير المؤمنين(عليه السلام)، قال: «كان أمير

ص: 84


1- ([1]) الصفار، محمد، بصائر الدرجات: ص50، ح 7؛ ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص69، ح 3.
2- ([2]) ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص68، ح 1؛ الطوسي، محمد بن الحسن، أمالي الطوسي: ج2، ص280.

المؤمنين(عليه السلام) يخطب الناس وهو يقول: سلوني قبل أن تفقدوني، فوالله ما تسألوني عن شئ مضي، ولا شئ يكون إلّا نبّأتكم به، قال: فقام إليه سعد بنأبي وقاص، وقال: يا أمير المؤمنين: أخبرني كم في رأسي ولحيتي من شعرة، فقال له: والله لقد سألتني عن مسألة حدثني خليلي رسول الله (صلي الله عليه و اله) أنّك ستسألني عنها، وما في رأسك ولحيتك من شعرة إلّا وفي أصلها شيطان جالس، وإنّ في بيتك لسخلاً يقتل الحسين ابني، وعمر يومئذ يدرج بين يدي أبيه»((1)).

الإرشاد: روي عبد الله بن شريك العامري، قال: «كنت أسمع أصحاب علي(عليه السلام) إذا دخل عمر بن سعد من باب المسجد، يقولون: هذا قاتل الحسين(عليه السلام)، وذلك قبل أن يقتل بزمان طويل»((2)).

الحديث السادس:

الإرشاد: روي سالم بن أبي حفصة، قال: «قال عمر بن سعد للحسين(عليه السلام): يا أبا عبد الله، أن قبلنا أناساً سفهاء يزعمون أني أقتلك، فقال له الحسين(عليه السلام): إنهم ليسوا سفهاء، ولكنهم حلماء، أما إنه يقرّ عيني أن لا تأكل من برّ العراق بعدي إلّا قليلاً»((3)).

الحديث السابع:

كامل الزيارات: عن أبي عبد الله(عليه السلام)، أنه قال: «لمّا صعد الحسين بن علي(عليه السلام) عقبة البطن، قال لأصحابه: ما أراني إلّا مقتولاً، قالوا: وما ذلك يا أبا عبد الله؟ قال: رؤيا رأيتها في المنام، قالوا: وما هي؟ قال: رأيت كلاباً تنهشني أشدّها عليَّ كلباً أبقع»((4)).

ص: 85


1- ([1]) ابن قولويه، جعفربن محمد، كامل الزيارات، ص74، ح 12؛ الصدوق، محمد بن علي، أمالي الصدوق ص115، ح 1.
2- ([2]) المفيد، محمد بن النعمان، الإرشاد: ص282.
3- ([3]) المصدر السابق: ص282.
4- ([4]) ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص75، ح 14.
الحديث الثامن:

كامل الزيارات: عن أبي جعفر(عليه السلام)، قال: «إن الحسين(عليه السلام) خرج من مكة قبل التروية بيوم، فشيعه عبد الله بن الزبير، فقال: يا أبا عبد الله قد حضر الحج وتدعه وتأتي العراق؟ فقال: يابن الزبير، لأن أدفن بشاطيء الفرات أحبّ إليَّ من أن أدفن بفناء الكعبة»((1)).

الجهة الثانية: الأخبار الغيبية بشهادته(عليه السلام) في أحاديث السنّة
اشارة

من العجب أنّ هناك أحاديث كثيرة ومتواترة تخبر عن مقتل الإمام الحسين(عليه السلام) في كتب السنّة قبل مقتله، وهذا يدل علي أهتمام النبي(صلي الله عليه و اله) بهذه الواقعة الأليمة التي ستحل بسبطه الشهيد في كربلاء، ولكن - ومع شديد الأسف - لا يأخذونها بعين الأعتبار، ولا نجد هناك أهميّة لمصائب الإمام الحسين(عليه السلام) عند بعضهم دون بعض رغم أن النبي(صلي الله عليه و اله) والصحابه أخبروا عن ذلك في الكثير من الروايات التي رجالها ثقات أو حسن، وهذا ناتج من الخط الأموي الذي لازال يحارب قضية الإمام الحسين(عليه السلام)، و لا يهمّه أحاديث الرسول وأهل بيته(عليهم السلام) وأصحابه، فلذلك سنذكر في هذا المبحث مجموعة من الروايات والأحاديث من كتب السنّة التي تدل علي أهمية ثورة الحسين(عليه السلام) ومأساته، وأخبار النبي(صلي الله عليه و اله) بذلك، وتأثّر بعض الأحرار من أهل السنّة بها.

الحديث الأوّل:

روي أحمد بن حنبل والذهبي وأبويعلي الموصلي والطبراني والهيثمي والمتقي الهندي والمزي وابن حجر وابن كثير وابن الدمشقي - واللفظ للأول -قال:

ص: 86


1- ([1]) المصدر السابق: ص73، ح 6.

حدثنا عبد الله، حدثني أبي ثنا محمد بن عبيد، ثنا شرحبيل بن مدرك، عن عبد الله بن نجي، عن أبيه: أنه سار مع علي رضي الله عنه، وكان صاحب مطهرته - فلما حاذي نينوي، وهو منطلق إلي صفين، فنادي علي رضي الله عنه: «اصبر أبا عبد الله، اصبر أبا عبد الله بشط الفرات، قلت: وماذا؟ قال: دخلت علي النبي صلي الله عليه وسلم ذات يوم، وعيناه تفيضان، قلت: يا نبي الله أغضبك أحد؟ ما شأن عينيك تفيضان، قال: بل قام من عندي جبريل قبل، فحدثني أنّ الحسين يقتل بشط الفرات، قال: فقال: هل لك إلي أن أشمك من تربته، قال: قلت: نعم، فمدّ يده، فقبض قبضة من تراب، فأعطانيها، فلم أملك عيني أن فاضتا»((1)).

وقال الهيثمي: «رواه أحمد وأبو يعلي والبزاز والطبراني ورجاله ثقات((2))، وقال الحنبلي المقدسي إسناده حسن»((3)).

الحديث الثاني:

روي الطبراني والهيثمي والمتقي الهندي - واللفظ للأوّل - قال:

عن أبي هرثمة، قال: «كنت مع علي(رضي الله عنه) بنهر كربلاء، فمرّ بشجرة تحتهابعر غزلان فأخذ منه قبضة فشمّها، ثم قال: يحشر من هذا الظهر سبعون ألف يدخلون الجنة بغير حساب»((4)).

ص: 87


1- ([1]) ابن حنبل، أحمد، مسند أحمد: ج1، ص85؛ الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام البنلاء: ج3، ص288؛ الذهبي، محمد بن أحمد، تاريخ الإسلام: ج3، ص9؛ الهيثمي، نورالدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص187؛ المتقي الهندي، علاء الدين علي، كنز العمال: ج31، ص655؛ ابن حجر العسقلاني، شهاب الدين أحمد، تهذيب التهذيب: ج2، ص300.
2- ([2]) الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص187.
3- ([3]) الحنبلي المقدسي، محمد بن عبد الواحد، الأحاديث المختارة: ج2ص375.
4- ([1]) الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص111؛ الهيثمي، نورالدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص191؛ المتقي الهندي، علاء الدين علي، كنز العمال: ج13، ص673.

وقال الهيثمي: «رواه الطبراني ورجاله ثقات»((1)).

الحديث الثالث:

روي الطبراني والهيثمي وابن العديم والمتقي الهندي - واللفظ للأول - قال:

عن أم سلمة، قالت: «كان رسول الله(صلي الله عليه و اله) جالساً ذات يوم في بيتي، فقال: لا يدخل عليَّ أحد، فانتظرت، فدخل الحسين(عليه السلام)، فسمعت نشيج رسول الله(صلي الله عليه و اله) يبكي، فاطلعت فإذا حسين(عليه السلام) في حجره، والنبي(صلي الله عليه و اله) يمسح جبينه وهو يبكي، فقلت: والله ما علمت حين دخل، فقال: إنّ جبرئيل كان معنا في البيت، فقال: تحبه؟ قلت: أما من الدنيا فنعم، قال: إن أمتك ستقتل هذا بأرض يقال لها كربلاء، فتناول جبرئيل من تربتها، ف-أراها النبي(صلي الله عليه و اله)، فلما أحيط بحسين(عليه السلام) حين قتل: ما اسم هذه الأرض؟ قالوا: كربلاء، قال: صدق الله ورسوله أرض كرب وبلاء»((2)).

وقال الهيثمي: «رواه الطبراني بأسانيد، ورجال أحدها ثقات»((3)).

الحديث الرابع:

روي الطبراني والمتقي الهندي - واللفظ للأول - قال:

عن عائشة، قالت: «إنّ الحسين بن علي(عليهما السلام)دخل علي رسول الله(صلي الله عليه و اله)، فقال النبي(صلي الله عليه و اله): يا عائشة، ألا أعجبك، لقد دخل عليَّ ملك آنفاً ما دخل علي قط، فقال: إن ابني هذا مقتول، وقال: إن شئت أريتك تربة يقتل فيها، فتناول الملك بيده، فأراني تربة حمراء»((4)).

ص: 88


1- ([2]) الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص191.
2- ([3]) الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص108 وص109؛ الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص188؛ المتقي الهندي، علاء الدين علي، كنز العمال: ج31، ص656 وص657؛ ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب: ج6، ص2598.
3- ([4]) الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص188.
4- ([1]) الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص107؛ المتقي الهندي، علاء الدين علي، كنز العمال: ج21، ص128 بإيجاز.
الحديث الخامس:

روي الحاكم النيسابوري وابن عساكر وابن كثير والمتقي الهندي وغيرهم - واللفظ للأول - قال:

عن أم الفضل بنت الحارث، أنّها دخلت علي رسول الله(صلي الله عليه و اله)، فقالت: «يا رسول الله(صلي الله عليه و اله)، إني رأيت حلماً منكراً الليلة، قال: وما هو؟ قالت: إنه شديد، قال: وما هو؟ قالت: رأيت كأن قطعة من جسدك قطعت ووضعت في حجري، فقال رسول الله(صلي الله عليه و اله): رأيت خيراً، تلد فاطمة(عليها السلام) إن شاء الله غلاماً، فيكون في حجرك، فولدت فاطمة(عليها السلام) الحسين(عليه السلام)، فكان في حجري كما قال رسول الله(صلي الله عليه و اله)، فدخلت يوماً إلي رسول الله(صلي الله عليه و اله) فوضعه في حجره، ثم حانت منّي التفاتة، فإذا عينا رسول الله(صلي الله عليه و اله) تهريقان من الدموع، قالت: فقلت: يانبي الله، بأبي أنت وأمي مالك؟ قال: أتاني جبرئيل(عليه السلام) فأخبرني أن أمتي ستقتك ابني هذا، فقلت: هذا؟ فقال: نعم، وأتاني بتربة من تربته حمراء»((1)).

الحديث السادس:

روي ابن سعد وابن عساكر والطبري - واللفظ للأول -:

قال الحسين به علي(عليهما السلام): «و الله لا يوعوني حتي يستخرجوا هذه العلقة من جوفي، فإذا فعلوا سلّط الله عليهم من يذلهم حتي يكونوا أذل من خرم الأمة، فقدم العراق، فقتل بنينوي يوم عاشوراء سنة إحدي وستين»((2)).

ص: 89


1- ([2]) النيسابوري، الحاكم النيسابوري، المستدرك: ج3، ص176، ص177؛ ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص196؛ ابن كثير، إسماعيل، البداية والنهاية: ج6، ص258؛ المتقي الهندي، علاء الدين علي، كنز العمال: ج21، ص123.
2- ([1]) ابن سعد، محمّد، ترجمة الإمام الحسين من طبقات ابن سعد: ص50؛ ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج41، ص219؛ الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري: ج4، ص296.
الحديث السابع:

روي ابن سعد وابن عساكر والمتقي الهندي والصالحي الشامي وابن العديم - واللفظ للأول - قال:

عن عائشة، قالت: «بينما رسول الله(صلي الله عليه و اله) راقد إذا جاء الحسين(عليه السلام) يحبو إليه، فنحّيته عنه، ثم قمت لبعض أمري، فدنا منه، فاستيقظ يبكي، فقلت ما يبكيك؟ قال: إنّ جبرئيل أراني التربة التي يقتل عليها الحسين(عليه السلام)، فاشتد غضب الله علي من يسفك دمه، وبسط يده، فإذا فيها قبضة من بطحاء، فقال: يا عائشة، والذي نفسي بيده أنه ليحزنني، فمن هذا من أمتي يقتل حسيناً بعدي»((1)).

الحديث الثامن:

روي الحاكم والخوارزمي والسيوطي - واللفظ للأول - قال:

عن ابن عباس، قال: «ما كنّا نشك وأهل البيت متوافرون: أن الحسين بن علي(عليه السلام) يقتل بالطف»((2)).

هذا مجمل ما كان من ذلك التخطيط الغيبي والسر الإلهي لهذه النهضة التي من أجلها ترك الحسين(عليه السلام) الحياة، اعتزازاً بدينه، وحرصاً علي كرامة أمّة جده المصطفي(صلي الله عليه و اله)، فقابل أولئك الأشرار بعزيمة وثبات وإصرار علي مواجهة الأخطار مهما كان نوعها.

ص: 90


1- ([2]) ابن سعد، محمّد، ترجمة الإمام الحسين(عليه السلام) من طبقات ابن سعد: ص46؛ ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج41، ص195؛ المتقي الهندي، علاء الدين علي، كنز العمال: ج21، ص127.
2- ([1]) النيسابوري، الحاكم النيسابوري، المستدرك علي الصحيحين: ج3، ص179؛ السيوطي، جلال الدين، الخصائص الكبري: ج2، ص126.

رأي الموت هو الحياة الخالدة، وأن الحياة مع الذل هو الموت الذي لا حياة معه، وإنّ التراجع قيد أنملة هو نصر لأعداء الإسلام، فرفع شعار الثورة: «لا أري الموت إلّا سعادة، والحياة مع الظالمين إلّا برما»((1)).

ولكن - وللأسف - مع وجود هذه الروايات والأحاديث في كتب المسلمين نجد بعضهم قد وقف بالمرصاد لنهضة الإمام الحسين(عليه السلام)، ومن يتبع هذه النهضة المباركة إمّا يكفرونه وإمّا يحاربونه، وهم يصفون في محاضراتهم الفضائية التحريضية كل شيء يرتبط بتعظيم الشعائر، كالبكاء وإقامة المآتم بالبدعة، وكأنهم لم يمروا بهذه الروايات والأحاديث التي ذكرتها المصادر المعتبرة عند الفريقين، بإقامة المجالس والبكاء من قِبَل النبي(صلي الله عليه و اله)، قبل أن يُقتل سبطه الحسين(عليه السلام)، فسيرتنا نحن وقسم كبير من أهل السنّة من المتعاطفين علي طبق هذا الكم الهائل من الأحاديث والروايات الشريفة، فهي سيرة المصطفي(صلي الله عليه و اله)، فنبكي ونقيمالمآتم ونأخذ الدروس من نهضة الإمام الحسين(عليه السلام)، تأسياً واقتداءً بالرسول الأعظم(صلي الله عليه و اله) واتّباعاً لسيرته صوات الله عليه وعلي آله الطاهرين.

المطلب السادس: نبذة مختصرة عن مصرعه وشهادته(عليه السلام)

اشارة

سنذكر هنا عدة روايات من مصادر السنّة والشيعة بخصوص مقتله(عليه السلام)، اهتزّت لأجلها السماوات والأرض، وهي كالتالي:

أولاً: في مصادر السنة
اشارة

نذكر فيما يلي بعضها:

الرواية الأولي:

ينابيع المودة للقندوزي: قال أبو مخنف: «و بقي الحسين (رضي الله عنه)ثلاث ساعات من

ص: 91


1- (3) الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد، ج9: ص192.

النهار ملطخاً بدمه رامقاً بطرفه إلي السماء، وينادي: يا إلهي، صبراً علي قضائك ولا معبود سواك، يا غياث المستغيثين، فتبادر إليه أربعون فارساً يريدون حزّ راسه الشريف المكرم المبارك المقّدس المنّور، ويقول عمر بن سعد: ويلكم عجّلو بقتله، فدني منه شبث بن وبعي، فرمقه الحسين(عليه السلام) بعينه، فرمي السيف من يده، وولّي هارباً، ويقول: معاذ الله أن ألقي الله بدمك يا حسين، فأقبل إلي شبث سنان بن أنس النخعي، وكان كوسج اللحية قصيراً أبرصاً أشبه الخلق بالشمر اللعين، فقال له: لم ما تقل له ثكلتك أمّك؟ قال شبث: يا سنان، إنه قد فتح عينيه في وجهي فشبهتما بعين رسول الله(صلي الله عليه و اله). ثم دنا منه سنان، ففتح عينيه في وجهه، فارتعدت يده وسقط السيف منها، وولّي هارباً، فأقبل إلي سنان الشمر اللعين، وقال له: ثكلتك أمّك مالك رجعت عن قتله؟ فقال: يا شمر إنّه فتح عينيه في وجهي، فذكرت هيبة أبيه علي بن أبي طالب ففزعت، فلم أقدر علي قتله. فقال له الشمر الملعون: إنك جبان في الحرب، فو الله ما كان أحد غيري أحق مني بقتل الحسين. ثمّ إنّه ركب علي صدرهالشريف ووضع السيف في نحره، وهمّ أن يذبحه، ففتح عينيه في وجه فقال له الحسين(رضي الله عنه): يا ويلك، من أنت فقد ارتقت مرتقي عظيماً؟ فقال له الشمر: الذي ركبك هو الشمر بن ذي الجوشن الضبابي، فقال له الحسين: أتعرفني يا شمر؟ نعم، أنت الحسين بن علي، وجدك رسول الله، وأمك الزهراء وأخوك الحسن. فقال: ويلك، فإذا علمت ذلك فلِمَ تقتلني؟ قال: أريد بذلك الجائزة من يزيد، فقال له: يا ويلك، أيما أحب اليك، الجائزة من يزيد أم شفاعة جدي رسول الله(صلي الله عليه و اله)؟ فقال الشمر الملعون: دانق من جائزة يزيد أحب إلي الشمر من شفاعة جدك. فقال له الحسين(عليه السلام): سألتك بالله أن تكشف لي بطنك، فكشف بطنه فإذا بطنه أبرص كبطن الكلاب، وشعره كشعر الخنازير. فقال الحسين(عليه السلام): الله أكبر، لقد صدق جدي (صلي الله عليه و اله) في قوله لأبي: يا علي إن ولدك الحسين(عليه السلام) يقتل بأرض يقال لها كربلاء، يقتله رجل أبرص أشبه بالكلاب والخنازير. فقال الشمر اللعين: تشبّهني بالكلاب والخنازير، فوالله لأذبحك من قفاك. ثم إن الملعون قطع الرأس الشريف المبارك، وكلما قطع منع عضواً يقول: يا جداه، يا محمّد، يا أبا القاسماه، ويا أبتا يا علياه، يا أماه يا

ص: 92

فاطمتاه، أقتل مظلوماً، وأذبح عطشاناً وأموت غريباً.

فلمّا اجتزّه وعلاه علي القنا كبر وكبر العسكر ثلاث تكبيرات، وتزلزلت الأرض واظلمت الدنيا، وأمطرت السماء دماً عبيطاً، وينادي في السماء: قتل والله الحسين بن علي بن أبي طالب، قتل والله الإمام ابن الإمام، قتل الأسد الباسل، وكهف الأرامل. وكان يوم قتله، يوم الجمعة عاشر المحرم الحرام سنة إحدي وستين»((1)).

الرواية الثانية:

قال أبو الفداء وابن الوردي - واللفظ للأول -:

«واشتدّ بالحسين(عليه السلام) العطش، فقدم ليشرب، فرمي بسهم فوقع في فمه، فناده شمر: ويحكم، ما تنظرون بالرجل اقتلوه، فضربه زرعة بن شريك علي كفه، وضربه آخر علي عاتقه، وطعنه سنان بن أنس النخعي بالرمح، فوقع، فنزل إليه فذبحه، واحتز رأسه، وقيل: إن الذي نزل واحتز رأسه شمر المذكور، وجاء به إلي عمر بن سعد، فأمر عمر بن سعد جماعة فوطؤوا صدر الحسين وظهره بخيولهم»((2)).

وقال ابن الوردي:

«قلت: ومما قلت في ذلك مضمّناً عجز بيت من الحماسة:

أرأسُ السَّبطِ يُنقلُ والسبايا

يطافُ بها وفوقَ الأرضِ رأسُ

ومالي غَير هذا السبيِ ذُخْرٌ

ومالي غيرُ هذا الرأسِ رأسُ

و الله أعلم»((3)).

ص: 93


1- ([1]) القندوزي، سليمان بن ابراهيم، نيابيع المودة: ج3، ص82-84.
2- ([1]) أبو الفداء، إسماعيل، تاريخ أبي الفداء: ج1، ص191؛ ووطيء الصدر الشريف ذكره الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري: ج3، ص335؛ ابن الأثير، عز الدين علي، الكامل في التاريخ: ج3، ص295.
3- ([2]) ابن الوردي، عمر بن مظفر، تاريخ ابن الوردي: ج1، ص164.
الرواية الثالثة:

جاء في كتاب الأخبار الطوال:

«وبقي الحسين وحده، فحمل عليه مالك بن بشر الكندي، فضربه بالسيف علي رأسه، وعليه بْرنُسِ خزّ فقطعه، وأفقي السيف إلي رأسه، فجرحه، فألقي الحسين البرْنسَ، ودعا بقَلنْسُوة، فلبسها، ثم اعتمّ بعمامة، وجلس فدعا بصبي له صغير، فأجلسه في حجره، فرماه رجل من بني أسد، وهو في حجر الحسين بمشقص، فقتله. وبقي الحسين(عليه السلام) ملياً جالساً ولو شاؤوا أن يقتلوه قتلوه، غير أنكلّ قبيلة كانت تتكل علي غيرها، وتكره الأقدام علي قتله. وعطش الحسين، فدعا بقدحٍ من ماء، فلما وضعه في فيه رماه الحصين بن نمير بسهم، فدخل فمه وحال بينه وبين شرب الماء، فوضع القدح من يده، ولما رأي القوم قد أحجموا عنه، قام يتمشي علي المسناة نحو الفرات فحالوا بينه وبين الماء، فأنصرف إلي موضعه الذي كان فيه. فانتزع له رجل من القوم بسهم، فأثبته في عاتقه، فنزع(عليه السلام) السهم، وضربه زُرعة بن شريك التميمي بالسيف، واتقاه الحسين بيده، فأسرع السيف في يده، وحمل عليه سنان بن أوس النّخعي، فطعنه، فسقط، ونزل إليه حولي بن يزيد الأصبحي ليحز رأسه، فارعدت يداه، فنزل أخوه شبل بن يزيد، فاحتز رأسه، فدفعه إلي أخيه حولي»((1)).

روي ابن المغازلي، قائلاً: «إنّ قاتل الحسين في تابوت من نار، عليه نصف عذاب أهل النار...»((2)).

ثانياً: في مصادر الشيعة
اشارة

نذكر فيما يلي بعض الروايات التي وردت في مقتل الإمام الحسين(عليه السلام):

ص: 94


1- ([1]) الدينوري، أحمد، الأخبار الطوال: ص382.
2- ([2]) ابن المغازلي، علي، المناقب: ص66؛ القندوزي، سليمان بن إبراهيم، ينابيع المودة: ص261.
الرواية الأولي:

قال الإمام زين العابدين(عليه السلام): «ولا يوم كيوم الحسين(عليه السلام)، ازدلف إليه ثلاثون ألف رجل يزعمون أنهم من هذه الأمة، كلٌ يتقرّب إلي الله عزوجل بدمه، وهو بالله يذكرهم، فلا يتعطفون حتي قتلوه بغياً وظلماً وعدواناً»((1)).الرواية الثانية:

عن الإمام زين العابدين(عليه السلام) أنّه قال: «رأيت يوم عاشوراء مَن طَعَنَ أبي، ولم يقتله أبي، فلما انتقلت الإمامة إليَّ علمت أنّ أحداً من محبينا كان في صلبه»((2)).

الرواية الثالثة:

عن الإمام زين العابدين(عليه السلام) - أيضا - أنّه قال «ونظر الحسين(عليه السلام) يميناً وشمالاً ولا يري أحداً، فرفع رأسه إلي السماء، فقال: اللهم إنك تري ما يصنع بولد نبيك. وحال بنو كلاب بينه وبين الماء، ورمي بسهم فوقع في نحره، وخرّ عن فرسه، فأخذ السهم فرمي به، وجعل يتلقّي الدم بكفه، فلما امتلات لطخ بها رأسه ولحيته، ويقول: ألقي الله عزّ وجلّ، وأنا مظلوم متلطّخ بدمي، ثم خرّ علي خدّه الأيسر صريعاً، وأقبل عدّو الله، سنان الأيادي وشمر بن ذي الجوشن العامري في رجال من أهل الشام حتي وقفوا علي رأس الحسين(عليه السلام). فقال بعضهم لبعض: ما تنتظرون، أريحوا الرجل، فنزل سنان بن أنس الأيادي وأخذ بلحية الحسين، وجعل يضرب بالسيف في حلقه، وهو يقول: والله إني لأحتز رأسك وأنا أعلم أنك ابن رسول الله (صلي الله عليه و اله) وخير الناس أماً وأباً، وأقبل فرس الحسين(عليه السلام) حتي لطّخ عرفه وناصيته بدم الحسين(عليه السلام)، وجعل يركض ويصهل، فسمع

ص: 95


1- ([3]) ابن طاووس، علي، اللهوف: ص87.
2- ([1]) الحائري، محمد مهدي، معالي السبطين: ج1، ص31.

بنات النبي(صلي الله عليه و اله) صهيله، فخرجن، فإذا الفرس بلا راكب، فعرفن أن حسيناً (صلي الله عليه) قد قتل، وخرجت أم كلثوم بنت الحسين(عليه السلام) واضعة يدها عليرأسها، تندب وتقول: وا محمداه، هذا الحسين بالعراء، قد سلب العمامة والرداء.»((1)) ((2)).

والمتحصّل: أنّ الإمام الحسين(عليه السلام) قد قدّم روحه ثمناً للقرآن الكريم، وثمناً لكل ما تسمو به الإنسانية من شرف وعز وإباء، وقد كان الثمن الذي بذله غالياً وعظيماً، فقد قتل مظلوماً مهضوماً غريباً، بعد أن فُجع بأبنائه وأهل بيته وأصحابه، وذبح وهوعطشان أمام عائلته، فأيّ ثمن أغلي من هذا الثمن الذي قدمه الإمام قرباناً خالصاً؟

لقد رفع الإمام العظيم راية الإسلام عالية خفّاقة بدمه الزاكي ودماء الشهداء من أهل بيته وأصحابه، وهي تضيء في رحاب هذا الكون وتفتح الآفاق الكريمة لشعوب العالم وأمم الأرض لحريتهم وكرامتهم.

لقد استشهد الإمام الحسين(عليه السلام) من أجل الفتح في ربوع المعمورة، حيث قال(عليه السلام): « أمّا بعد، فإنه من لحق بي منكم استشهد معي، ومن تخلّف لم يبلغ الفتح، والسلام»((3)) حيث يري صلوات الله عليه الفتح في هذه الشهادة، لينقذ المجتمع من الاستعباد، ومن حكم الأمويين الذين كفروا بحقوق الإنسان، وحولوا البلاد إلي مزرعة لهم يصيبون منها حيث ما شاؤوا.

ص: 96


1- ([1]) الصدوق، محمد علي، الأمالي: ص143.
2- ([2]) وقد اشتُهر أنّ شمر بن ذي الجوشن هو الذي قتل الإمام الحسين(عليه السلام)، المفيد، محمد بن النعمان، الإرشاد: ج2، ص112.
3- (1) الصفّار، محمّد بن الحسن، بصائر الدرجات: ص502.

المبحث الرابع: أهداف الثورة الحسينية المباركة

اشارة

سنتعرض في هذا المبحث لبيان أهم الأهداف لثورة الإمام الحسين(عليه السلام)، والتي لأجلها قام بتلك الثورة العظيمة، وسيكون البحث لبيانها علي النحو التالي:

المطلب الأوّل: الاعتراض علي الخلافة الغاصبة

إنّ الإمام(عليه السلام) بيّن أحقّيته بهذا الأمر، وهذا ماجاء في كلامه(عليه السلام): «إنا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، ومحل الرحمة، وبنا فتح الله وبنا ختم، ويزيد رجلٌ فاسقٌ، شاربُ الخمر، قاتل النفس المحرمة، معُلنٌ بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله، ولكن نصبح وتُصبحون، وننظر وتنظرون أينا أحقُ بالبيعة والخلافة»((1)).

وكذلك قوله(عليه السلام) لمروان بن الحكم حينما أشار عليه ببيعة يزيد، فقال(عليه السلام): «إنا لله وإنا إليه راجعون، وعلي الإسلام السلام إذ قد بُليت الأمة براعٍ مثل يزيد، ولقد سمعتُ جدي رسول الله (صلي الله عليه و اله) يقول: الخلافة مُحرمة علي آل أبي سفيان»((2)).

ويظهر من ذلك شدة التصلّب والإباء، وهو سيّد الإباء، وهذه البيعة كانت مُنكر من المنكرات، لكن خصوص هذا المنكر يشدد الإسلام النهي عنه أكثر من بقية

ص: 97


1- ([1]) ابن طاووس، علي، اللهوف: ص17.
2- ([2]) الحلي، نجم الدين محمّد، مثير الأحزان: ص15.

المنكرات، وهذا الوجه يركز علي مصادمة ظاهرة الخلافة الغاصبة، وهذا باطل، وعلي مذهب أهل البيت (عليهم السلام) التقدم علي أمير المؤمنين(عليه السلام) غير مشروع، وقد تذرّع المنافقون الأوائل ببعض المتشابهات الدينية المعلومة البطلان، مثل« وَأَمْرُهُمْ شُورَي بَيْنَهُمْ »(1))، و« وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ »(2)) فكان سبب لانتقال الخلافة لثلة من المنافقين، لا يرتبطون للدين بصلة، فعادوا الرسم الجاهلي والقبائلي إلي أمور المسلمين، وآنذاك كان الإسلام حديث العهد والناس حديثو عهد بالدين، وحكام بني أميّة كالذئاب متسترين بالدين ظاهراً، وفي حقيقتهم هم يمزقون الدين من الباطن، وهذا لم يكن مكشوفاً للأمة الإسلامية، وهو منكر من المنكرات، لأنّ هدفه طمس ومحو وزوال أصل الدين الحنيف.

فالإمام(عليه السلام) علّل خروجه بهذه العلة وهي المعارضة العلنيه للخلافة الغاصبة، وبيان أحقّيته بالقرآن والسنّة النبويّة.

المطلب الثاني: إقامة الإمامة الإلهية

إن إقامة الإمامة الإلهية كان أساس نهضته(عليه السلام)، وهي نوع من أنواع الدفاع عن الولاية والإمامة، أي: تمثل وتجسّد الولايه الحقة الإلهية، وإنكاره بيعة يزيد هو نوع من التبليغ، ونشر لمفهوم الإمامة والدعوة إليها، وقد قال سيّد الشهداء(عليه السلام): «إنما خرجتُ لِطلب الإصلاح في أمة جدي(صلي الله عليه و اله) لآمر بالمعروفوأنهي عن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي»((3)).

ص: 98


1- ([1]) الشوري: 38.
2- ([2]) آل عمران: 159.
3- ([1]) ابن شهرآشوب، محمد بن علي، المناقب: ج4، ص89.

كلام الإمام(عليه السلام) هذا هو إبطال شرعية الثلاثة الذين غصبوا الخلافة من مستحقيها، وهذا هو إحياء للإمامة والولاية، وهذا في حد ذاته هو أمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن المعروف هو إحياء هذه القضية، وهي أساس العقيدة، والمنكر هو الخلافة الباطلة.

المطلب الثالث: العزة والكرامة

وهذه هي من أوثق الأسباب التي قام من أجلها سيّد الشهداء(عليه السلام)، فقد أراد الأمويون إرغامه علي الذل والخنوع، فأبي أن يعيش إلّا عزيزاً تحت ظلال السيوف والرماح، وقد قال(عليه السلام): « ألا وإن الدعّي ابن الدّعيَّ قَد رَكَزَ بينَ اثنَتَين، بين السلةِ والذَّلة، وهيَهات مِنّا الذَّلَّة، يأبي الله لَناَ ذلك ورسُولُهُ، ونفوسٌ أبيَّةٌ، وأنُوفٌ حميَّةٌ مِنْ أنْ نؤثَر طاعة اللئامِ عَلي مصارعِ الكرام...»((1)).

وقال(عليه السلام):

«لا أري الموت إلا سعادةً، والحياة مَعَ الظالمينَ إلّا بَرَماً»((2)).

لقد عانق الموت بعزّة وضحّي بكلِّ شيء لأجل الإسلام وحريته وكرامته.

المطلب الرابع: غدر الأمويين وفتكهم

إن الإمام(عليه السلام) يعلم أن الأمويين لا يتركونه، ولا يكفّون عن الغدر والفتك حتي لو سالمهم.إن الإمام(عليه السلام) كان شخصاً بارزاً في العالم الإسلامي، والمسلمون كانوا يودون الإمام ويوالونه؛ لأنّه حفيد نبيهّم وسيّد شباب أهل الجنة، والأمويين لا يروق لهم أن

ص: 99


1- ([2]) ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينه دمشق: ج14، ص219؛ الخوارزمي، مقتل الحسين: ج2 ص7.
2- ([3]) الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص115؛ ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص218.

يتمتع أحد بهذا النفوذ في حكومتهم لأنّه يشكل خطراً علي ملكهم.

بالإضافة إلي ذلك أنهم كانوا حاقدين علي النبيِّ(صلي الله عليه و اله)؛ لأنّه وترهم في واقعة بدر، وألحق العار بهم، وكان يزيد بصدد أخذ الثأر منهم، حيث قال - لعنه الله -:

لَستُ مِن حِنِدفَ إن لَم أنتَقمِ

مِن بَني أحْمَدَ ما كان فَعَل((1)).

ولما استوفي ثأره وروي حقده، أخذ يقول - لعنهُ الله -:

قد قَتَلنا الَقَرمَ مِن سَاداتهِمْ

وَعَدَ لناهُ بِبدرٍ فاعتَدل((2)).

وقد كان الإمام(عليه السلام) عارفاً بغدر بني أميّة، عند ما صالح الحسن(عليه السلام) معاوية، وسلّم إليه الخلافة، وقد غدره معاوية فدسّ إليه السُم فقتله، وأعطوا الأمان لمسلم ابن عقيل فغدروا به وقتلوه، وقد أعلن الإمام الحسين(عليه السلام) عندما قال لأخيه محمّد ابن الحنفية: «لودَخَلتُ في حجِر هامةٍ من هذه الَهوامّ لاستخرجوني حتّي يقتلوني»((3)).

وقال(عليه السلام) لجعفر بن سليمان الضبعي: «وَالله لا يدعوني حتي يستخرجوا هَذا العَلقَةَ مِن جوفي»((4)).واختار أن يموت كريماً وعزيزاً وقد هزّ بذلك عروشهم، وقضي علي جبروتهم وطغيانهم، وبقي مناراً يرسم الحرية للأجيال إلي ظهور ولده المهدي (عجل الله تعالي فرجه و الشريف).

ص: 100


1- ([1]) القمي، علي بن إبراهيم، تفسير القمي: ج2 ص86؛ أحمد بن علي، الطبرسي، الاحتجاج: ج2، ص123؛ القندوزي، سليمان بن إبراهيم، ينابيع المودة: ج3، ص32.
2- ([2]) القمي، علي بن إبراهيم، تفسير القمي: ج2، ص86؛ أبو الفرج الإصفهاني، علي بن الحسين، مقاتل الطالبيين: ص119.
3- ([3]) الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري: ج4، ص589؛ ابن الأثير، عز الدين علي، الكامل في التاريخ: ج3، ص276.
4- ([4]) المفيد، محمد بن النعمان، الإرشاد: ج2، ص76؛ الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري: ج4، ص596؛ ابن الأثير، عزالدين علي، الكامل في التاريخ: ج3، ص276.

المطلب الخامس: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

من أهداف الإمام(عليه السلام) هو إقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذه الفريضة من مقومات هذا الدين، وقد قال في وصيته لأخيه ابن الحنفية: «إنَّي لَمْ أخرج أشراً ولا بطراً، ولا ظالماً ولا مفسداً، وإنما خرجتُ لطلب الإصلاح في أمّة جَدّي، أريد أنْ آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر»((1)).

والامر بالمعروف والنهي عن المنكر قد انهدم تماماً في عهد الأمويين، وأصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً، وقد قال(عليه السلام) لأصحابه وأهل بيته يوم الطف: «ألا تردن إلي الحق لا يعملُ به، وإلي الباطل لا يُتناهي عنه، ليرغبَ المؤمن في لقاء ربّه»((2)).

والإمام رأي أن الحق قد تلاشي والباطل قد استشري.

فالأمر بالمعروف له أهميّة بالغة، حيث قال المولي تبارك وتعالي:

«وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَي الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)»(3)).

وقال رسول الله(صلي الله عليه و اله): «لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر أو ليسلطن الله شراركم علي خياركم، ثم يدعو خياركم فلا يُستجابَ لهم»((4)).

ص: 101


1- ([1]) الكوفي، أحمد بن أعثم، الفتوح: ج5، ص21؛ الخوارزمي، مقتل الحسين: ج1، ص188، ص189.
2- ([2]) الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري: ج4، ص605؛ ابن عبد ربه، محمد بن أحمد، العقد الفريد: ج4 ص380؛ إبن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص217.
3- ([1]) آل عمران: 104.
4- ([2]) المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج93، ص387.

ص: 102

المبحث الخامس: عوامل خلود ثورة الإمام الحسين(عليه السلام)

اشارة

سنتعرض في هذا المبحث لبيان أهم العوامل لخلود ثورة الإمام الحسين(عليه السلام)، والتي جعلتها باقية علي مرّ الزمان والأيّام، وسيكون البحث علي الشكل التالي:

المطلب الأوّل: الإرادة الإلهية ودورها في تخليد ثورة الإمام الحسين(عليه السلام)

اشارة

سيكون البحث لبيان هذا المطلب علي النحو التالي:

الجهة الأولي: العهد الرباني بعدم إضاعة أجر العاملين والسائرين علي دربه وخطه

إن هناك عهداً من قبل الله(عزوجل) بحفظ جهود العاملين في سبيله، كما قال في كتابه الكريم:«فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَي »(1)) وهناك عشرات الآيات تتضمّن هذا التعهّد الرباني: «فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)»(2))، « إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170)»(3))، نري أن هذا التأكيد بخصوص الذي يعمل للخدمة العامة هنا يكون الأمر صعباً ونجدالمتطوعين لخدمة المجتمع قلة من الناس؛ وهذا لا لأنّهم لا يحبون الخير، بل لأنّ العمل في خدمة المجتمع غالباً ما

ص: 103


1- (1) آل عمران: 195.
2- (2) آل عمران: 148.
3- (3) الأعراف: 170.

تكون النتائج فيه بطيئة وغير واضحة، ولذلك يواجه المحسنون والمصلحون هذه المشكلة فيعملون ويتعبون، ولكن تري الناس - في كثير من الأحيان - لا تقدّر عملهم، بل تجدهم أحياناً يؤذون أولئك العاملين، وهذا ما لاقاهُ الأنبياء والمرسلون عليهم وعلي نبينا وآله السلام من مجتمعاتهمن من الاستهزاء والإيذاء، حتي وصل إلي القتل، وكذلك الحال بالنسبة للأئمة(عليهم السلام)، والمجتمع الواعي هو مَن يقدّر شأن العاملين لأجله ويتعاون معهم.

ولهذا يتعهّد الله تعالي لعباده العاملين المصلحين أن يحفظ لهم هذا العمل ويكافئهم عليه، فيحنما ثار الإمام الحسين(عليه السلام) قال: «وأني زاحف بهذه الأسرة مع قلة العدد وخذلان الناصر»((1)).

وخاطب الإمام الحسين(عليه السلام) ذلك الجيش الجرار، وقال: «فاصبحتم إلباً لأعدائكم علي أوليائكم»((2)).

وتري أن هؤلاء القوم فعلوا ما فعلوا من آثام ومصائب في حق الحسين(عليه السلام) وآل بيت الرسول (صلي الله عليه و اله)، ولكن مع هذا تري الحسين(عليه السلام) ذِكره خالد علي مر العصور، ومعالم كربلاء شاخصة حتي في عاصمة بني أمية كما في مرقد ابنته المظلومة السيّدة رقية (عليها السلام).

فهذا هو الفتح الحقيقي، كما قال سيّد الشهداء(عليه السلام): «أما بعد، فإنه من لحق بيمنكم استشهد معي ومن تخلف لم يبلغ الفتح»((3))، وكما أشارت السيّدة زينب سلام الله عليها إلي المعني نفسه، حيث قالت: «وهل جمعك إلّا بدد، وأيامك إلّاعدد، فكد كيدك، واسع

ص: 104


1- ([1]) ابن طاووس، علي بن موسي، اللهوف: ص59؛ الحلي، نجم الدين محمد، مثير الأحزان: ص40.
2- ([2]) ابن طاووس، علي بن موسي، اللهوف: ص58.
3- (1) الصفار، محمد بن الحسن، بصائر الدرجات: ص502.

سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تمت وحينا»((1))، والمولي تبارك وتعالي برحمته لا يضيع عملاً كاملاً - كما تعهد في الآيات التي مرّ ذكرها - والآن نري أن راية الإمام الحسين(عليه السلام) شامخة وباقية ودائمة إلي يوم القيامة.

الجهة الثانية: العهد الرباني بتماميّة نوره رغم محاولات الأعداء لإطفائه أو محوه

هناك آيات كثيرة وصريحة في القرآن الكريم حول إرادته تبارك وتعالي، ونري أن الكثير من المشركين والكفار يريدون أن يطفئوا نور الله تبارك وتعالي، ولكن الله عزّ وجلّ يعدهم أنّهم لايستطيعون ذلك، وأنه متم نوره، كما جاء في الآية الكريمة: «يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8)»(2)).

وكما نعلم أنّ الله (عزوجل)بيده كل شيء، وهو القاهر فوق عباده، وكما نعلم أن الله تعالي ينصر اوليائه ومبادئهم الحقة كما نراه مع نبيه المصطفي(صلي الله عليه و اله) في معركة بدر التي دارت بين الرسول واصحابه وبين المشركين في مكة ولم تكن المعركة متكافئة بين الطرفين من حيث العدد والعدة؛ ولكن الله تعالي أنزل السكنية علي قلوب المؤمنين فنصرهم ولذلك قال الله تعالي: « وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَي »(3)) وهي إشارة إلي معية الله ونصرة المؤمنين.

فالمولي ينصر المؤمنين إذا كانت المسألة مصيرية ويتوقف عليها مصير الإسلام، لذا قال رسول الله(صلي الله عليه و اله) في معركة بدر: «اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في

ص: 105


1- ([2]) ابن طاووس، علي بن موسي، اللهوف: ص107؛ ابن طيفور، أبي الفضل، بلاغات النساء: ص23.
2- ([3]) الصف: 8.
3- ([1]) الأنفال: 17.

الأرض»((1)). وكذلك

قضية الإمام الحسين(عليه السلام) كانت مصيرية بالنسبة للأمّة الإسلاميّة، وكانت أهدافها ربانيّة، نادي بها الإمام الحسين(عليه السلام).

لذلك نري أن الإمام الحسين(عليه السلام) قال: «أني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً، ولكن خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي و...»((2)) لذلك كان هدف الإمام الحسين(عليه السلام) هدف رسالي محض، فنصره الله تعالي علي أعدائه.

وللإرادة الإلهية في نصرة الحسين(عليه السلام) عدة مصاديق، نجدها في كربلاء، منها: حرارة حب الحسين الذي أسري في القلوب، وهذه الحرارة التي قال عنها رسول الله(صلي الله عليه و اله): «إن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبدا»((3)).

وحيث قال المولي تبارك وتعالي في موسي: « وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي »(4)).

وإذا نظرنا بتمعّن نجد أن هناك آثاراً ربانيّة أخري لخلود ثورة الإمام الحسين(عليه السلام)، منها: أن المولي تبارك وتعالي قيّض أناساً يخدمون مبادئه مع أنهمغير مسلمين، حيث يقول المؤرخون: أن رأس الجالوت كان من الناقمين علي يزيد، وقال في مجلسه: «عالم من النصاري يطوفون ويقبلون ويرفعون حوائجهم إلي الله تعالي، هذا شأنهم ودأبهم بحافر حمار يزعمون أنه حافر حماركان يركبه عيسي نبيهم، وأنتم تقتلون ابن بنت نبيكم؟!»((5)).

هذا القول قاله في مجلس الطاغية يزيد، وكان حاشداً، فهذا نوع من الإرادة الربانية بتسخير الطاقات لنصرة الإمام الحسين(عليه السلام).

ص: 106


1- (3) الذهبي، محمّد بن أحمد، تاريخ الإسلام: ج2، ص88.
2- ([3]) ابن شهر اشوب، محمد بن علي، المناقب لابن شهر آشوب: ج4، ص89.
3- ([4]) النوري، حسين، مستدرك الوسائل: ج10، ص318.
4- ([5]) طه: 39.
5- ([1]) اُنظر: الخوارزمي، مقتل الخوارزمي: ج2، ص72.

المطلب الثاني: شخصية الإمام الحسين(عليه السلام) ودورها في تخليد ثورته

إن الإمام(عليه السلام) كان جامعاً لكل الفضائل والكرامات التي ميّزته عن أقرانه المعاصرين، فكان هو الأفضل جوداً وكرماً وعلماً وكمالاً في زمانه، بحيث كان ملفتاً للنظر، وهناك ماحدّث به المؤرخون بأن أعرابياً وفد إلي المدينة، فسأل عن أكرم الناس فيها فدلَّ علي الحسين(عليه السلام) وكان يصلي، فوقف بإزاء الباب وأنشأ يقول:

«لن يخب الآن من رجاك ومن

حرّك من دون بابك الحلقة

أنت جواد وأنت معتمد

أبوك قد كان قاتل الفسقة

لولا الذي كان من أوائلكم

كانت علينا الجحيم منطبقة

قالوا فأتم الحسين(عليه السلام) من صلاته فقال: يا قنبر هل بقي من مال الحجاز شيء؟ قال: نعم، أربعة الأف دينار، فقال: هاتها قد جائها من هو أحق بها منها، ثم نزع ردائه ولف الدنانير فيها وأخرج يده من شق الباب حياء من الأعرابي، وأنشأ يقول:

خذها فإني إليك معتذر

وأعلم بأني عليك ذوشفقه

لو كان في سيرنا الغداة عصا

أمست سمانا عليك مندفقه

لكن ريب الزمان ذوغير

والكف مني قليلة النفقه

قالوا: فأخذها الأعرابي وبكي، فقال الحسين(عليه السلام) له: لعلك استقللت ما أعطيناك؟ قال: لا، ولكن كيف يأكل التراب جودك؟»((1)).

هذا نموذج يمكن أن نأخذه من اللحاظ الأوّل لشخصية الإمام الحسين(عليه السلام)،

ص: 107


1- ([1]) ابن شهر آشوب، محمد بن علي، المناقب: ج4، ص66-65؛ الغزالي، أبو حامد، إحياء علوم الدين: ج10 ص35.

وبالنسبة إلي الجانب الآخر لشخصيته(عليه السلام) أنّه ابن رسول الله (صلي الله عليه و اله).

إنّما عادة الأمم والشعوب تعظيم أبناء عظمائها، بل تعظّم كل أثر من آثارها، ولذا ينقل عن النصاري أنهم يحجّون إلي موضع حافر حمار عيسي(عليه السلام)((1))، وهناك قصص وآثار كثيرة تكشف عن تعظيم الأمم لعظمائها وآثارها.

والآن نتسائل ما هي مخلّفات رسول الله(صلي الله عليه و اله) في أمته؟

إن رسول الله(صلي الله عليه و اله) خلّف لنا تراثاً ضخماً، فقد خلّف لنا سنّته التي تشمل كلامه وسلوكه وعلاقاته مع المجتمع ومع أهل بيته، وغيرها من الآثار المحمّدية التي تركها صوات الله عليه وعلي آله.

وكذلك

خلّف فينا الثقلين: كتاب الله وعترته الطاهرة، وكان الإمام الحسين(عليه السلام) في زمانه هو الوريث الوحيد والأثر الباقي لرسول الله(صلي الله عليه و اله)، لذلك نري الإمام الحسين(عليه السلام) احتج في أكثر من مرة بصلته بجده رسول الله(صلي الله عليه و اله)، منها: ما قاله(عليه السلام) مخاطباً جيش الكوفة يوم عاشوراء: «أيها الناس، انسبوني من أنا، ثم أرجعوا إلي أنفسكم وعاتبوها، وانظروا هل يحل لكم قتلي وانتهاك حرمتي، ألست ابن نبيكم وابن وصيه وابن عمه؟... »((2)).

وقال برير - شيخ الخطباء والقراء في الكوفة، وهو أحد شهداء الطف - مخاطباً جيش بني أمية: « يا قوم، إنّ ثقل محمّد(صلي الله عليه و اله) قد أصبح بين أظهركم،وهؤلاء ذريّته وعترته وبناته...»((3)).

فإنّ الإمام الحسين(عليه السلام) وأصحابه أكّدوا علي نسبه(عليه السلام)؛ لأنّ العرب تهتم بالنسب

ص: 108


1- (1) ابن حجر الهيتمي، أحمد، الصواعق المحرقة، ص199.
2- ([2]) المفيد، محمد بن النعمان، الإرشاد: ج2، ص127؛ الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري: ج4، ص322.
3- ([1]) ابن أعثم، أحمد، الفتوح: ج5، ص100؛ الخوارزمي، مقتل الحسين: ج2 ص195.

أكثر من الجوانب الأخري، وقد قال رسول الله(صلي الله عليه و اله): «حسين مني وأنا من حسين»((1))، ولكن هؤلاء طعنوا بكلِّ شيء ولم يحفظوا حرمة هذا النسب الشريف. ومع فإنّ نسب الإمام الحسين(عليه السلام) أعطي نوعاً من الحصانة قبل الثورة وأثنائها وما بعدها، ونري أن هذا العنصر الحساس قد تفاعل معه الجماهير، وهذا عامل من العوامل التي خلّدت ثورة الإمام الحسين(عليه السلام).

المطلب الثالث: تخطيطه(عليه السلام) لخلود ثورته المباركة

اشارة

إنّ تضحية الإمام الحسين(عليه السلام) كانت ضمن خطة مدروسة بدقة، وقد تأهّب إليها(عليه السلام) قبل سنين متوالية، ونظره ممدوداً إلي مقاصد عالية جداً، والتي يمكن استعلام تخطيط الإمام الحسين(عليه السلام) لثورته وشهادته المقدسة من خلال الوقوف علي عدّة نقاط أو محاور ركّز عليها (صلوات الله عليه) في حركته المباركة، وسيكون البحث للتعرف عليها، علي النحو التالي:

الجهة الأولي: ترقّب الإمام(عليه السلام) لموت الطاغية معاوية

اكتسب معاوية في نظر الكثير من المغفّلين - إلي حد ما - صفة الحاكم والخليفة الإسلامي، وذلك لأسباب عديدة، منها:

ما أشيع((2)) بأنّه كاتب الوحي لرسول الله(صلي الله عليه و اله)، وأنّه من صحابته، قد استطاع أنيصوّر لأتباعه كفر الإمام علي بن اأبي طالب(عليه السلام) وخروجه من ملة الإسلام. وقد كان معاوية يخفي لعبه ولهوه عن الناس، ويظهر نفسه للناس بمظهر القديسين، وباستغلال

ص: 109


1- ([2]) الترمذي، محمد بن عيسي، سنن الترمذي: ج5، ص658؛ المفيد، محمد بن النعمان، الإرشاد: ج2، ص127؛ ابن حنبل، أحمد، مسند أحمد بن حنبل: ج4، ص172.
2- (1) اُنظر: السرخسي، محمّد، المبسوط: ج24، ص47.

هذه الأمور تجد أن معاوية لبس لباس الإسلام، ولكن في الحقيقه كان كالذئب يمزق الإسلام من الداخل، فكان وجود معاوية عقبة كبيره أمام ثورة الإمام الحسين(عليه السلام)، لذلك فالإمام(عليه السلام) لم يعلن ثورته إلّابعد وفاة معاوية، وكانت بداية الثورة الحسينية عندما أعلن الحسين(عليه السلام) رفضه مبايعة يزيد، فإذا قارنّا بين شخصية معاوية وشخصية يزيد نجد الفارق كبيراً جداً، لأنّ يزيد كان يجاهر بشرب الخمر، وسماع الغناء، وترك الصلاة، ويجاهر بالكفر وعدم الإيمان بالله، وقد تمثل بهذين البيتين:

تلعّب بالخلافة هاشمي

بلاوحي أتاه ولا كتاب

فقل لله يمنعني طعامي

وقل لله يمنعني شرابي((1)).

فموت معاوية، وتسلّط يزيد علي رقاب المسلمين، مهّدا السبيل لثورة الإمام الحسين(عليه السلام)، ولذا قال الإمام(عليه السلام): «ومثلي لا يبايع لمثله»((2))، وقوله(عليه السلام): «فعلي الإسلام السلام إذا قد بليت الأمة براعٍ مثل يزيد»((3)).

فإرجاء الثورة من الإمام الحسين(عليه السلام) لا لأنّ معاوية خليفة شرعي، أو كان عادلاً، ولكن معاوية ومن خلال وسائله الإعلامية ومكره، يستطيع إخماد هذه الثورة المباركة، لذلك كتب الإمام الحسين(عليه السلام) لشيعته: «... فانتظروا مادام هذا الرجل حياً، فإن يهلك نظرنا ونظرتم...»((4)).

الجهة الثانية: التركيز الإعلامي لثورته وأهدافها

كان الإعلام والإعلان عن الثورة موسعاً وسريعاً لأيصال صوت الثورة إلي أكبر

ص: 110


1- ([1]) العاملي، جعفر مرتضي، الصحيح من سيرة النبي(صلي الله عليه و اله): ج1، ص25.
2- ([2]) الحلي، نجم الدين محمد، مثير الأحزان: 14.
3- ([3]) ابن طاووس، علي بن موسي، اللهوف: 18.
4- ([1]) البلاذري، أحمد بن يحيي، أنساب الأشراف: ج3، ص150.

عدد من الناس لذلك تجد - وحتي قبل مقتل الإمام الحسين(عليه السلام) - قد وصل صوته إلي أكثر المسلمين، وألقي عليهم الحجّة بأقواله وكتبه وخطبه وتمهيداته لهذه الثورة المباركة.

وقد أعلن الإمام أن ثورته هي السير بسيرة جده رسول الله(صلي الله عليه و اله)، واستنصار أهل البيت (عليهم السلام) والقيام بوجه الظلم والفساد والخلافة المزيفة والمنحرفة فهي ثورة بوجه يزيد بشكل خاص وبني أمية بشكل عام، فرفض الإمام مبايعة يزيد، كان بعلم جماهير الناس في المدينة، وخروج الإمام لم يكن خروجاً متخفياً، وحضوره في مكة المكرمة وهي تشهد موسم الحج حيث يجتمع فيها عشرات الألوف من كلِّ الديار الإسلامية يشكل ظاهرة إعلامية لصالح القضية الحسينية.

فالإمام الحسين(عليه السلام) استطاع أن يوصل صوته ويبين أهدافه إلي أقصي نقاط البلاد بتلك الخطوات التي اتخذها.

الجهة الثالثة: اختياره واختباره(عليه السلام) لأصحابه

قام الإمام الحسين(عليه السلام) باختيار أصحابه واختبارهم بطرق عدة،

فتارة بالطريق المباشر كحبيب بن مظاهر الأسدي وزهير بن القين(رضي الله عنه) فقد اختارهما واختبرهما(عليه السلام)بنفسه وما كان منهما إلا الطاعة والقبول حتي قالزهير: «والله لوددت أني قتلت، ثم نشرت، ثم قتلت، حتي أقتل هكذا ألف مرة، وأن الله(عزوجل) يدفع بذلك القتل عن نفسك، وعن أنفس هولاء الفتيان من أهل بيتك»((1)).

وتارة بالاختيار غير المباشر، وذلك من خلال الشروط التي وضعها الإمام(عليه السلام) بقوله: « ألا ومن كان فينا باذلاً مهجته، موطناً علي لقاء الله نفسه، فاليرحل معنا، فإني

ص: 111


1- ([1]) المفيد، محمد بن النعمان، الإرشاد: ج2، ص92؛ الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري: ج4، ص619.

راحل مصبحاً إن شاء الله»((1)).

ومن خلال هذا الاختيار والاختبار لم يدع لطامع أو باحث عن دنيا أن يمتطي جواده ويلتحق بركب الحسين(عليه السلام)، الذي لا ينال شرف مرافقته إلّا الفدائي الذي عقد صفقة البيع مع الله تعالي.

هذا شيءٌ من المخطط الحسيني لإنجاح هذه الثورة وديموميتها مدي الزمن، حيث كان يدل بوضوح علي العبقرية الحسينية.

المطلب الرابع: الدور الفعّال للإمام زين العابدين والسيدة زينب(عليهما السلام) في تخليد ثورة الإمام الحسين(عليه السلام)

إن أوّل من ركّز أسس تخليد هذه الثورة كان الإمام زين العابدين(عليه السلام)، وهي مهمّة أساسية في إمامته(عليه السلام)، وقد عاش(عليه السلام) بعد أبيه أربعة وثلاثين سنة، كما ورد في الروايات، وكان دائم البكاء والتحسر علي ماجري علي أبيه في كربلاء.

جاء في كامل الزيارات عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: «بكي علي بن الحسين علي أبيه حسين بن علي(عليه السلام) عشرين سنة أو أربعين سنة، وما وضع بين يديهطعاماً الّا بكي علي الحسين، حتي قال له مولي له: جعلت فداك يا بن رسول الله، إني أخاف عليك أن تكون من الهالكين، قال: إنما أشكو بثي وحزني إلي الله، وأعلم من الله مالا تعلمون، إني لم أذكر مصرع بني فاطمة إلّا خنقتني العبرة لذلك»((2)).

ومن الواضح أن بكاء الإمام(عليه السلام)بهذا المقدار لم يكن بكاء عاطفياً كون الإمام(عليه السلام) من البشر والطبع البشري يتألم لمثل تلك الحوادث وخصوصاً أن الإمام(عليه السلام) الأكمل من

ص: 112


1- ([2]) الإربلي، علي بن أبي الفتح، كشف الغمة: ج2، ص239.
2- ([1]) ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص213.

جهة العاطفة والأحاسيس، بل بكاؤه من أجل إبراز عمق المظلوميةوإعلان وإعلام ما وقع في كربلاء. فبكاء الإمام(عليه السلام) بكاء هادف قبل أن يكون لمسائل عاطفية.

وإذا دققنا نجد أن النسان الإعتيادي لا يبرز عاطفة بالشكل الذي أبرزه الإمام(عليه السلام) لأنّه ليس من اللائق أن يتفجع الإنسان بهذا الشكل، فمن باب أولي ان الإمام(عليه السلام) لم يكن تفجعه وتوجعه من أجل مجرد العاطفة.

فبالنتيجة أن بكاء الإمام السجاد(عليه السلام) علي أبيه كان نوعاً من أنواع الدور الإعلامي والخطابي للتعرف علي أهداف الإمام الحسين(عليه السلام) التي استشهد لأجلها، فهو بكاء هادف لإيقاظ الضمائر وتهييج العواطف والمشاعر.

وكذلك كان دور السيدة زينب(عليها السلام)فقد ركّزت وأكّدت علي تخليد الثورة المباركة من خلال عزائها وبكائها وحزنها وخطبها وأقوالها، ولذلك انزعج عبيدالله بن زياد من خطبتها الحيدرية في الكوفة لأنّها(عليها السلام)كانت هادفه في كلامها، حيث قالت(عليها السلام): «أجل والله، فابكوا فإنّكم أحري بالبكاء، فابكوا كثيراً،واضحكوا قليلاً، فقد أبليتم بعارها، ومنيتم بشنارها، ولن ترحضوا أبداً وأنّي ترحضون قتل سليل خاتم النبوة، ومعدن الرسالة، وسيد شباب أهل الجنة...، أتدرون - ويلكم - أيّ كبد لمحمد صلي الله عليه وآله فريتم؟ وأيّ عهد نكثتم؟ وأيّ كريمة له أبرزتم؟! وأيّ حرمة له هتكتم؟ وأيّ دم له سفكتم؟ لقد جئتم شيئا إدّا، تكاد السماوات يتفطّرن منه، وتنشق الأرض، وتخر الجبال هدّا، لقد جئتم بها شوهاء، صلعاء، عنقاء، سوداء، فقماء، خرقاء، كطلاع الأرض، أو ملأ السماء، أفعجبتم أن تمطر السماء دماً، ولعذاب الآخرة أخزي»((1)).

هذا جانب يسير من دور السيدة زينب (عليها السلام) بعد الوصول إلي الكوفة، ولكن

ص: 113


1- ([1]) الطبرسي، أحمد بن علي، الا حتجاج: ج2، ص30.

الدور الأساسي والرئيسي هو دورها عندما قادوها مع السبايا من الكوفة إلي الشام، حيث هزّت أركان الحكم الأموي بخطاباتها العلوية هناك، ولن يتمكّنوا من إسكاتها، وبخطابها العلوي أبكت العدو والصديق، حيث قالت(عليها السلام): «أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض، وآفاق السماء، فأصبحنا نساق كما تساق الأسراء، إنّ بنا هواناً علي الله، وبك عليه كرامة، وإن ذلك لعظم خطرك عنده، فشمخت بأنفك، ونظرت في عطفك جذلان مسروراً، حين رأيت الدنيا لك مستوثقة، والأمور متسقة، وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا، فمهلاً مهلا، أنسيت قول الله تعالي: «وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (178)»(1))، أمن العدل يا بن الطلق-اء، تخديرك حرائرك وإمائك وسوقك بنات رسول لله(صلي الله عليه و اله) سبايا، قد هتكت ستورهن، وأبديت وجوههن، تحدوا بهن الأعداء من بلد إلي بلد،ويستشرفهن

أهل المناهل والمناقل، ويتصفح وجوههن القريب والبعيد والدني والشريف، ليس معهن من رجالهن ولي ولا من حماتهن حمي...»((2)).

ونتيجة خطب السيدة زينب(عليها السلام)ومواقفها في الشام فقد كان خروج آل محمّد بغير ما دخلوا به إلي الشام، حيث حطمت(عليها السلام) الإطار الذي تلبّس به الحكم الأموي الظالم، مما أدي به إلي الهاوية، وتميّز بعد ذلك الحقّ من الباطل الذي كان مشتبهاً علي الناس وإن كان لازال قسم من المخالفين عُمي عليهم الحق وأظلوا السبيل.

إنّ هذا الدور الذي قامت به السيدة زينب(عليها السلام) قد أشار إليه أئمتنا(عليهم السلام) بأسلوب الدعاء والزيارة، حيث كانوا(عليهم السلام) يضمنون أدعيتهم وزياراتهم مضامين عقائدية

ص: 114


1- ([2]) آل عمران: 178
2- ([1]) ابن طاووس، علي بن موسي، اللهوف: ص105.

ومعرفية وأخلاقية وسلوكيات اجتماعيّة، واحياناً مربوطة بصبغة عاطفيّة هذه الزيارة الزينبية، فقد ذكر في كتاب ذخيرة العباد في زيارة قبر السيدة زينب (عليها السلام):

«السلام عليك يا بنت سلطان الأنبياء، السلام عليك يا بنت صاحب الحوض واللواء، السلام عليك يا بنت فاطمة الزهراء، السلام عليك يا بنت خديجة الكبري، السلام عليك يا بنت سيد الأوصياء وركن الأولياء أمير المؤمنين، السلام عليك يا بنت ولي الله، السلام عليك يا أم المصائب يا زينب بنت علي ورحمة الله وبركاته، السلام عليك أيتها الفاضلة الرشيدة، السلام عليك أيتها العاملة الكاملة، السلام عليك أيتها الجليلة الجميلة، السلام عليك أيتها التقية النقية، السلام عليك أيتها المظلومة المقهورة، السلام عليك أيتها الرضية المرضية، السلام عليك يا تالية المعصوم، السلام عليك يا ممتحنة في تحملالمصائب بالحسين المظلوم، السلام عليك أيتها البعيدة عن الآفاق، السلام عليك أيتها الأسيرة في البلدان، السلام علي من شهد بفضلها الثقلان، السلام عليك أيتها المتحيرة في وقوفك في القتلي وناديت جدك رسول الله(صلي الله عليه و اله) بهذا النداء: صلي عليك مليك السماء، هذا حسين بالعراء، مسلوب العمامة والرداء، مقطع الأعضاء، وبناتك سبايا، السلام علي روحك الطيبة وجسدك الطاهر، السلام عليك يا مولاتي وابنة مولاي وسيدتي وابنة سيدتي ورحمة الله وبركاته»((1)).

ص: 115


1- (2) مجموعه من العلماء، وفيات الأئمة، ص481، (نقلاً عن بعض المؤلفات).

خلاصة الفصل الأوّل

المحصلة التي نخرج بها من هذا الفصل ما يلي:

إنّ المراد من التجلّي هو نقيض الخفي، أي الكشف والظهور، وإنّ الغضب هو أصل يدل علي شدّة وقوّة، أي: ثوران دم القلب لقصد الانتقام، وهو نقيض الرضا، ويحصل عنه التشفّي للصدر، وبيّنا ذلك من خلال الشواهد القرآنية والسنة المطهرة.

والمقتل مشتق من (قتل) أي: إزهاق روح آدمي بفعل آدمي آخر، وفي الاصطلاح تطلق علي الكتاب الذي يروي أحداث مقتل الإمام الحسين(عليه السلام) وعن واقعة كربلاء.

ثم أشرنا إلي التغيّرات الكونيّة، وإمكانية بكاء الجمادات والحيوانات مع ما لها من شعور وإدراك لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام)، وذكرنا بعض الشواهد القرآنية والمعاجز النبوية(صلي الله عليه و اله) بهذا الخصوص.

ومن ثمّ بحثنا - بشكل مختصر - في حياة الإمام الحسين(عليه السلام)، وتطرّقنا إلي ذكر ولادته وفضائله والآيات المؤولة والأخبار الغيبية بشهادته، وصولاً إلي مصرعه الشريف.

ومن بعد ذلك تمت الإشارة إلي أهداف الثورة الحسينية، كالاعتراض علي الخلافة الغاصبة، وإقامة الغمامة الإلهية، العزة والكرامة، وبيان غدر الأمويين وفتكهم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ثم بيّنا عوامل خلود الثورة المباركة كالإرادة الإلهية، الشخصية الحسينية، التخطيط الحسيني، وكذلك الدور الفعّال والبارز للإمام زين العابدين وبطلةكربلاء السيدة زينب(عليهما السلام).

ص: 116

الفصل الثاني: مظاهر تجلّي الغضب الإلهي لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام)

اشارة

في أحاديث السنّة

المبحث الأوّل: المظاهر السماويّة لتجلّي الغضب الإلهي لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام) في أحاديث السنة.

المبحث الثاني: المظاهر الأرضيّة لتجلّي الغضب الإلهي لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام) في أحاديث السنة.

ص: 117

ص: 118

توطئة

تقدّم في الفصل الأول أنّ التحولات الكونيّة: السمائية منها والأرضية، ممكنة التحقق من أجل كل انسان صالح بشكل عام، وللإمام المعصوم(عليه السلام) بشكل خاص، وفي هذا الفصل سوف نتطرق إلي التجلّيات والظواهر الإلهية التي شوهدت بعد إستشهاد الإمام الحسين(عليه السلام) المروية في أحاديث أهل السنّة، وهذه الأحاديث في حدِّ ذاتها كافية في بيان عظمة هذه الفاجعة الكبري، ومدي غضب المولي تبارك وتعالي علي كلِّ من عمل مثقال ذرة في إيذاء الإمام الحسين وإيذاء أهل بيته(عليهم السلام).

فلو أخذنا مصداقاً واحداً من هذه الحوادث الكونية كبكاء السماء دماً علي الإمام الحسين لكانت رداً واضحا علي الهجمة علي شعائر الإمام الحسين(عليه السلام) ومحاربتها من قبل النواصب والمعاندين، وقد مرّ علينا أنّ النبي(صلي الله عليه و اله) أقام عزاء ولده الحسين(عليه السلام)، وأخبر بمقتله عدة مرات، وبكي عليه، ولنا في رسول الله أسوة حسنة.

والذي يثير العجب أن كلّ هذه التجلّيات والحوادث التي تكشف عن غضب المولي تبارك وتعالي، قد ذُكرت في مصادر وأحاديث اأهل السنّة، ومع ذلك لا نري اهتماماً من جانب بعضهم لقضية الإمام الحسين(عليه السلام)، والتي هي قضية مصيرية بالنسبة لللدين الإسلامي وإصلاح الأمّة. وعلي كل حال نشير إلي هذه الأحاديث والروايات في عدة مباحث، وهي كالتالي:

ص: 119

ص: 120

المبحث الأوَّل: المظاهر السماويّة لتجلّي الغضب الإلهي لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام) في أحاديث السنة

اشارة

وهنا مطلبان:

المطلب الأوّل: تجلّيات المظاهر الكونيّة للغضب الإلهي

اشارة

سنتعرض في هذا المطلب إلي أهم الآثار الكونيّة لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام) من خلال جهات:

الجهة الأولي: ما جاء في معني بكاء السماء

ذكر مجموعة من العلماء ان بكاء السماء هو احمرارها، وسننقل أقوالهم مع حذف المتكرر:

ما ذكره القرطبي: عن قرة بن خالد، قال: «ما بكت السماء علي أحد إلّا علي يحيي ابن زكريا والحسين بن علي، وحمرتها بكاؤها»((1)).

وقال الزرندي الحنفي: قال السدي(رحمة لله):

«لما قتل الحسين(عليه السلام) بكت السماء،

ص: 121


1- ([1]) القرطبي، محمد بن أحمد، تفسير القرطبي: ج10، ص220.

وبكاؤها حمرتها»((1)).

وفي الدر المنثور: ابن جرير، وابن منذر، عن عطاء(رضي الله عنه) قال: «بكاء السماء حمرة أطرافها»((2)).

وفي الدر المنثور وفي حديث آخر، قال: وأخرج ابن أبي الدنيا، عن الحسن(رضي الله عنه)، قال: «بكاء السماء حمرتها»((3)).

وفي تذكرة الخواص، قال: «قال جدي أبو الفرج في كتاب (التبصرة): لما كان الغضبان يحمر وجهه عند الغضب، فيستدل بذلك علي غضبه، وأنه أمارة السخط، والحق سبحانه وتعالي ليس بجسم، فأظهر تأثير عظمته علي من قتل الحسين(عليه السلام) بحمرة الأفق، وذلك دليل علي عظيم الجناية»((4)).

وفي الدر المنثور: أخرج ابن أبي حاتم، عن عبيد المكتب، عن إبراهيم، قال: «ما بكت السماء منذ كانت الدنيا إلّا علي اثنين. قيل لعبيد: أليس السماء والأرض تبكي علي المؤمن؟ قال: ذاك مقامه، وحيث يصعد عمله. قال: وتدري ما بكاء السماء؟ قال: لا، قال: تحمّر وتصير وردة كالدهان، إنّ يحيي بن زكريا(عليه السلام) لما قتل احمرت السماء وقطرت دماً، وإنّ حسين بن علي(عليه السلام) يوم قتل احمرّت السماء»((5)).

وجاء في تفسير ابن كثير: «لما قتل الحسين بن علي(عليه السلام) احمرّت آفاق السماء أربعة

ص: 122


1- ([1]) الزرندي الحنفي، شمس الدين محمد، نظم درر السمطين: ص222؛ القرطبي، محمد بن أحمد، تفسير القرطبي: ج16، ص141؛ الطبري، أحمد بن عبد الله، ذخائر العقبي: ص145.
2- ([2]) السيوطي، جلال الدين، تفسير الدر المنثور: ج6، ص31.
3- ([3]) المصدر السابق: ج6، ص31.
4- ([4]) ابن الجوزي، عبد الرحمن، تذكرة الخواص: ص246؛ الزرندي الحنفي، شمس الدين محمد، نظم درر السمطين: ص222.
5- ([5]) السيوطي، جلال الدين، تفسير الدر المنثور: ج6، ص31؛ ابن كثير، اسماعيل، تفسير ابن كثير: ج4، ص154.

أشهر، قال يزيد: واحمرارها بكاؤها، وهكذا قال السندي في الكبير، وقال عطاء الخراساني: بكاؤها أن تحمرّ أطرافها»((1)).

وفي نور العين للإسفراييني: «عن الأسعد بن قيس: لما قتل الحسين(عليه السلام) ارتفعت حمرة من المشرق وحمرة من المغرب، فكانتا تلتقيان في كبد السماء»((2)).

قال الخوارزمي في مقتل الحسين(عليه السلام): «ثم جعل يقاتل حتي أصابه اثنان وسبعون جراحة، فوقف يستريح وقد ضعف عن القتال، فبينما هو واقف إذ أتاه حجر فوقع علي جبهته، فسالت الدماء من جبهته، فأخذ الثوب ليمسح عن جبهته، فأتاه سهم محدد مسموم له ثلاث شعب فوقع في قلبه، فقال الحسين(عليه السلام): بسم الله وبالله وعلي ملة رسول الله، ورفع رأسه إلي السماء، وقال: إلهي، إنّك تعلم أنّهم يقتلون رجلاً ليس علي وجه الأرض ابن نبي غيره، ثم أخذ السهم وأخرجه من وراء ظهره، فانبعث الدم كالميزاب، فوضع يده علي الجرح، فلما امتلأت دماً رمي بها إلي السماء، فما رجع من ذلك قطرة، وما عرفت الحمرة في السماء حتّي رمي الحسين(عليه السلام) بدمه إلي السماء، ثم وضع يده علي الجرح ثانياً، فلمّا امتلأت لطخ بها رأسه ولحيته، وقال: هكذا، والله أكون حتي ألقي جدي محمّد(صلي الله عليه و اله) وأنا مخضوب بدمي، وأقول: يا رسول الله، قتلني فلانوفلان»((3)).

الجهة الثانية: مطر السماء دماً لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام)

الأحاديث في هذا الباب كثيرة جداً ومتكررة، ولكن تجنباً للتكرار وخشيةً من الملل، سنذكر الأحاديث المختلفة في نصّها، وان أتحدث في مضموونهاومن مصادر

ص: 123


1- ([1]) ابن كثير، إسماعيل، تفسير إبن كثير: ج4، ص154، القرطبي، محمد بن أحمد، تفسير القرطبي: ج16، ص141؛ السيوطي، جلال الدين، تفسير الدر المنثور: ج6، ص31.
2- ([2]) الإسفراييني، أبو إسحاق، نور العين في مشهد الحسين(عليه السلام): ص76.
3- ([1]) الخوارزمي، مقتل الحسين(عليه السلام): ج2، ص39.

عدة، ويكون معني بكاء السماء هو ان تمطر دماً ومنها:

ما جاء في بلاغات النسات لابن طيفور، في خطبة السيّدة زينب(عليها السلام): (قالت:) «... لقد جئتم شيئاً إدّا، تكاد السماوات يتفطّرن منه، وتنشق الأرض، وتخر الجبال هدّا، أتدرون أيّ كبد لرسول الله فريتم، وأيّ كريمة له أبرزتم، وأي دم له سفكتم لقد جئتم بها شوهاء خرقاء شرها طلاع الأرض والسماء، أفعجبتم أن قطرت السماء دماً ولعذاب الآخرة أخزي وهم لا ينظرون»((1)).

وذكر ابن سعد في طبقاته بسنده عن سليم القاص، قال: «مُطرنا دماً يوم قتل الحسين(عليه السلام)»((2)).

وفي أنساب الأشراف بسنده عن سالم القاص، قال: «مطرنا أيام قتل الحسين(عليه السلام) دماً»((3)).

وجاء في تاريخ دمشق، قال: بسنده عن أم شرف العبدية، قالت: «حدثتنينضرة الأزدية، قالت: لما أن قتل الحسين بن علي(عليه السلام) مطرت السماء دماً، فاصحبت وكل شيء لنا ملآن دماء. وفي حديث البيهقي: ملأ دم. وفي الطبقات لابن سعد: فأصبحت خيامنا وكل شيء منا ملئ دم»((4)).

الثقات للعجلي: بسنده عن أم شوق العبدية، قالت: «حدثتني نضرة الأزدية، قالت: لما قتل الحسين بن علي(عليه السلام) مطرت السماء دماً، فأصبح جرارنا وكل شئ ملآي دماً»((5)).

ص: 124


1- ([2]) ابن طيفور، أبي الفضل، بلاغات النساء: ص24.
2- ([3]) ابن سعد، محمد، ترجمة الإمام الحسين(عليه السلام) من طبقات ابن سعد: ص90.
3- ([4])البلاذري، أحمد بن يحيي، أنساب الأشراف: ج3، ص413.
4- ([1]) ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص227؛ ترجمة الإمام الحسين(عليه السلام): ص356؛ المزي، يوسف، تهذيب الكمال: ج6، ص433؛ ابن سعد، محمد، ترجمة الإمام الحسين(عليه السلام) من طبقات ابن سعد: ص90.
5- ([2]) العجلي، أحمد بن عبد الله، الثقات: ج5، ص487؛ ابن حبان، محمد، الثقات: ج3، ص98.

وفي ذخائر العقبي: «وذكر أبو نعيم الحافظ في كتاب دلائل النبوة، عن نضرة الأزدية، أنّها قالت: لما قتل الحسين بن علي(عليه السلام) أمطرت السماء دماً، فأصبحنا وجبابنا وجرارنا مملوئة دماً»((1)).

وفي الخصائص الكبري: «أخرج البيهقي وأبو نعيم عن نضرة الأزدية، قالت: لما قتل الحسين(عليه السلام) مطرت السماء دماً، فأصبحنا وخباؤنا وجرارنا وكل شيء لنا ملآن دماً»((2)).

وجاء في جواهر المطالب: «قال ربيعة بن لقيط: (أ) مطرت عليهم السماءدماً حتي كانوا يأخذونها في الآنية»((3)).

وفي التاريخ الكبير للبخاري: عن سليم القاص، قال: «مطرنا أيّاماً أويوم قتل الحسين دماً»((4)).

وجاء في الكشف والبيان عن تفسير القرآن: بسنده عن سليم القاضي، قال: «مطرنا دماً أيّام قتل الحسين»((5)).

وفي الذرية الطاهرة للدولابي: بسنده عن ابراهيم النخعلي، قال: «لما قتل الحسين احمرّت السماء من أقطارها، ثم لم تزل حتي تفطّرت وقطرت دماً»((6)).

وفي سير أعلام النبلاء: بسنده عن نضرة الأزدية، قالت: «لما أن قتل الحسين، مطرت السماء دماً، فأصبحت وكل شي لنا ملآن دماً» - وذكر أيضاً - عن جعفر بن

ص: 125


1- ([3]) الطبري، أحمد بن عبد الله، ذخائر العقبي: ص145؛ القندوزي، سليمان بن ابراهيم، ينابيع المودة: ج3، ص15؛ الصالحي الشامي، محمد بن يوسف، سبل الهدي والرشاد: ج11، ص80.
2- ([4]) السيوطي، جلال الدين، الخصائص الكبري: ج2، ص126.
3- ([1]) ابن الدمشقي، محمد بن أحمد، جواهر المطالب: ج2، ص60.
4- ([2]) البخاري، محمد بن إسماعيل، التاريخ الكبير: ج4، ص129.
5- ([3]) الثعلبي، الكشف والبيان عن تفسير القرآن: ج8، ص353.
6- ([4]) الدولابي، محمد بن أحمد، الذرية الطاهرة: ج1، ص97.

سليمان الضبعي: حدثتني خالتي، قالت: «لما قتل الحسين، مطرنا مطراً كالدم»((1)).

وفي تاريخ دمشق: بسنده عن أم سالم، قالت: «لما قتل الحسين بن علي(عليه السلام) مطرنا مطراً كالدم علي البيوت والجدر، قال: وبلغني أنه كان بخراسان والشام والكوفة»((2)).وجاء في بغية الطلب في تاريخ حلب: بسنده عن أم سالم، قالت: «لما قتل الحسين ابن علي(رضي الله عنه)مطرنا مطراً علي البيوت والحيطان كالدم، فبلغني أنه كان بالبصرة والكوفة وبالشام وبخراسان، حتي كنا لا نشك أنه سينزل عذاب»((3)).

وقال في موضع آخر: بسنده عن هلال بن ذكوان، قال: «لما قتل الحسين(عليه السلام) مطرنا مطراً بقي أثره في ثيابنا مثل الدم»((4)).

وفي الصواعق المحرقة: قال: «قال أبو سعيد...، وقد مطرت السماء دماً بقي أثره في الثياب مدة حتي تقطّعت»((5)).

الجهة الثالثة: مكوث السماء أيّاماً كالعلقة لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام)

إنّ في معاني بكاء السماء هو مكوثها أياماً كالعلقة، ومن الشواهد علي ذلك الأخبار التالية:

جاء في المعجم الكبير: عن أم حكيم، أنّها قالت: «قتل الحسين بن علي(عليه السلام) وأنا

ص: 126


1- ([5]) الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج3، ص312.
2- ([6]) ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص228؛ ابن عساكر، علي بن الحسن، ترجمة الإمام الحسين(عليه السلام): ص360؛ المزي، يوسف، تهذيب الكمال: ج6، ص433؛ الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج3، ص112؛ الطبري، أحمد بن عبد الله، ذخائر العقبي: ص145؛ الصالحي الشامي، محمد بن يوسف، سبل الهدي والرشاد: ج11، ص80؛ ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2635 (باختلاف يسير).
3- ([1]) ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2636.
4- ([2]) المصدر السابق: ج6، ص2639.
5- ([3]) ابن حجر، أحمد، الصواعق المحرقة: ص192 وفي طبعة أخري، ص194؛ القندوزي، سليمان بن إبراهيم، ينابيع المودة: ج3، ص43 عن الصواعق المحرقة.

يومئذ جويرية، فمكثت السماء أياماً مثل العلقة»((1)).وقال الهيثمي: «رواه الطبراني ورجاله إلي أم حكيم رجال الصحيح»((2)).

وفي دلائل النبوة للبيهقي: عن علي بن مسهر، قال: حدثتني جدتي، قالت: «كنت أيام الحسين(عليه السلام) جارية شابة فكانت السماء أيّاماً علقة»((3)).

وفي تاريخ دمشق قال: عن علي بن مسهر، عن جدته قالت: «لما قتل الحسين(عليه السلام) كنت جارية شابة، فمكثت السماء سبعة أيّام بلياليها كأنها علقة»((4)).

الجهة الرابعة: احمرار آفاق السماء لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام)

ذكر ابن سعد في طبقاته: بسنده عن ابن قيس، قال: «احمرّت آفاق السماء بعد قتل الحسين(عليه السلام) ستة أشهر، يُري ذلك في آفاق السماء كأنها الدم، فحدّثت بذلك شريكاً، فقال لي: ما أنت من الأسور؟ قلت: هو جدي أبو أمي، قال: أما والله أن كان لصدوق الحديث عظيم الأمانة مكرماً للضيف»((5)).

ص: 127


1- ([4]) الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص113؛ الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص197؛ ابن أبي شيبة، عبد الله بن محمد، المصنف: ج8، ص633؛ السيوطي، جلال الدين، الخصائص الكبري: ج2، ص127: أياماً عليلة؛ ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص226 (باختلاف رجال السند).
2- ([1]) الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص197.
3- ([2]) ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص226؛ ابن عساكر، علي بن الحسن، ترجمة الإمام الحسين(عليه السلام)، ص355؛ البيهقي، أحمد بن الحسين، دلائل البنوة: ج6، ص472.
4- ([3]) ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص226؛ ابن عساكر، علي بن الحسن، ترجمة الإمام الحسين(عليه السلام)، ص355؛ المزي، يوسف، تهذيب الكمال: ج6، ص432.
5- ([4]) ابن سعد، محمّد، ترجمة الإمام الحسين(عليه السلام) من طبقات ابن سعد: ص91؛ ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص227؛ المزي، يوسف، تهذيب الكمال: ج6، ص42 (باختلاف يسير)؛ الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج3، ص314؛ الذهبي، محمد بن أحمد، تاريخ الإسلام: ج2، ص348؛ ابن حجر، أحمد، الصواعق المحرقة: ص192؛ السيوطي، جلال الدين، تاريخ الخلفاء: ص80.

وفي الدر المنثور: أخرج ابن أبي الحاتم، عن زيد بن زياد رضي اللهعنه، قال: «لما قتل الحسين(عليه السلام) احمرّت آفاق السماء أربعة أشهر»((1)).

وجاء في تفسير ابن كثير: بسنده عن يزيد بن أبي زياد، قال: «لما قتل الحسين بن علي(عليه السلام) احمرت آفاق السماء أربعة أشهر. قال يزيد: واحمرارها كان بكاؤها، وهكذا قال السري الكبير، وقال عطاء الخراساني: بكاؤها ان تحمرّ أطرافها»((2)).

وذكر ابن سعد في طبقاته: بسنده عن محمّد بن سيرين، قال: «لم تر هذه الحمرة في آفاق السماء حتي قتل الحسين بن علي(رحمة لله)»((3)).

وفي حلية الأولياء: بسنده عن محمد، قال: «لم تر هذه الحمرة التي في آفاق السماء حتي قتل الحسين بن علي رضي الله تعالي عنهما»((4)).

وفي تفسير القرطبي: عن محمّد بن سيرين، قال: «أخبرونا أنّ الحمرة التي تكون مع الشفق لم تكن حتي قتل الحسين بن علي(رضي الله عنه)»((5)).

وجاء في المعجم الكبير: بسنده عن جميل بن زيد، قال: «لما قتل الحسين(عليه السلام) احمرّت السماء، قلت: أيّ شيء تقول؟ فقال: إنّ الكذاب منافق، أنالسماء احمرت حين قتل»((6)).

ص: 128


1- ([1]) السيوطي، جلال الدين، الدر المنثور: ج6، ص348 وفي طبعة ج 5، ص749.
2- ([2]) ابن كثير، إسماعيل، تفسير ابن كثير، ج 4، ص143؛ القرطبي، محمد بن أحمد، تفسير القرطبي: ج16، ص141.
3- ([3]) ابن سعد، محمّد، ترجمة الإمام الحسين(عليه السلام) من طبقات ابن سعد: ص91.
4- ([4]) أبو نعيم، أحمد بن عبد الله، حلية الأولياء: ج2، ص276؛ ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج1، ص228؛ ابن عساكر، علي بن الحسن، ترجمة الحسين(عليه السلام): ص358؛ القرطبي، محمد بن أحمد، تفسير القرطبي: ج16، ص141.
5- ([5]) القرطبي، محمد بن أحمد، تفسير القرطبي: ج16، ص141؛ الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص114؛ الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص197.
6- ([1]) الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص113.
الجهة الخامسة: كسوف الشمس وتفطر السماء لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام)

في المعجم الكبير: بسنده عن أبي قبيل، قال: «ثم لما قتل الحسين بن علي(رضي الله عنه) انكسفت الشمس كسفة حتي بدت الكواكب نصف النهار، حتي ظننا أنها هي»((1)).

قال في مجمع الزوائد: «رواه الطبراني وإسناده حسن»((2)).

وفي نور العين في مشهد الحسين: وعن أنس، أنه قال: «لما قتل الحسين(عليه السلام) كسفت الشمس بين الكواكب نصف النهار»((3)).

وفي معرفة الصحابة: بسنده عن أبي قبيل، قال: «لما قتل الحسين بن علي، انكسف الشمس كسفة، حتي بدت الكواكب نصف النهار، حتي ظننا أنها هي»((4)).

وفي الذرية الطاهرة للدولابي: بسنده عن إبراهيم النخعي، قال: «لما قتلالحسين(عليه السلام) احمرت السماء من أقطارها، ثم لم تزل حتي تفطّرت وتقطّرت دماً»((5)).

الجهة السادسة: بعض الروايات فيما تتعلق بالآثار الكونيّة لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام)

سنتعرض في هذه الجهة إلي ذكر جملة من الروايات التي تطرقت إلي بعض الآثار الكونيّة لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام)، غير ما ذكرناه في الجهات السابقة، وهي:

ص: 129


1- ([2]) المصدر السابق: ج3، ص114؛ الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص197؛ البيهقي، أحمد بن الحسين، سنن البيهقي: ج3، ص226؛ ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص228؛ ابن عساكر، علي بن الحسن، ترجمة الإمام الحسين: ص357؛ الرافعي، عبد الكريم، فتح العزيز،: ج5، ص84؛ ابن حجر، أحمد بن علي، تلخيص الحبير: ج2، ص64؛ المزي، يوسف، تهذيب الكمال: ج6، ص433؛ الخوارزمي، مقتل الحسين ج 2، ص102 ( مع اختلاف بسيط).
2- ([3]) الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص197.
3- ([4]) الإسفراييني، أبو إسحاق، نور العين في مشهد الحسين،: ص76 وفي طبعة أخري، ص65.
4- ([5]) أبي نعيم، أحمد، معرفة الصحابة: ج2، ص9.
5- ([1]) الدولابي، محمد بن أحمد، الذرية الطاهرة: ص135؛ ابي نعيم، عمر بن أحمد، بغية الطلب: ج6، ص2639.

جاء في أنساب الأشراف: بسنده عن أبي قبيل، قال: «إنّ السماء أظلمت يوم قتل الحسين(عليه السلام) حتي رأوا الكواكب»((1)).

وفي نظم درر السمطين: نقل الإمام ابوالفرج ابن الجوزي في كتاب (التبصرة) عن ابن سيرين، قال: «لما قتل الحسين(عليه السلام) أظلمت الدنيا ثلاثة أيام، ثم ظهرت هذه الحمرة في السماء»((2)).

وفي تاريخ دمشق: بسنده عن خلف بن خليفهة، عن أبيه، قال: «لما قتل الحسين(عليه السلام) اسودّت السماء، وظهرت الكواكب نهاراً، حتي رأيت الجوزاء عند العصر، وسقط التراب الحمر (الأحمر)»((3)).وروي

الذهبي: بسنده عن عيسي بن الحارث الكندي، قال: «لما قتل الحسين مكثنا أياماً سبعة، إذا صلينا العصر نظرنا إلي الشمس علي أطراف الحيطان، كأنها الملاحف المعصفرة، وبصرنا إلي الكواكب، يضرب بعضها بعضاً»((4)).

والحاصل يتضح من خلال جميع ما نقدم معني بكاء السماء، والأقوال في ذلك، وكذلك يتضح كيفية تجلّيات هذا الحدث السماوي الكوني بعد مقتل الإمام الحسين(عليه السلام)، فتارة تمطر دماً، وأخري تمكث أياماً كالعلقة، وثالثة أحمرارها أو كسوفها.

ص: 130


1- ([2]) البلاذري، أحمد بن يحيي، أنساب الأشراف: ج3، ص209.
2- ([3]) الزرندي الحنفي، شمس الدين محمد، نظم درر السمطين: ج1، ص214؛ ابن الجوزي، عبد الرحمن، تذكرة الخواص، ص246؛ ابن حجر، أحمد، الصواعق المحرقة: ص194.
3- ([4]) ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص226؛ ابن عساكر، علي بن الحسن، ترجمة الإمام الحسين(عليه السلام): ص354؛ المزي، يوسف، تهذيب الكمال: ج6، ص432، رواه عن الحسين ابن إسماعيل، عن الحسن بن شبيب.
4- ([1]) الذهبي، محمد بن أحمد، تاريخ الإسلام: ج5، ص15؛ الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج3، ص312 (باختلاف يسير في السند).

المطلب الثاني: تجلّيات المظاهر غير الكونيّة للغضب الإلهي

اشارة

نتعرض في هذا المطلب إلي أهم التجلّيات غير الكونيّة علي الشكل التالي:

بكاء الملائكة لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام)

جاء في المناقب لابن المغازلي: وبالإسناد: حدثنا الربعي، حدثنا فضيل بن يسار، قال: «قيل لأبي عبد الله(عليه السلام) أي قبور الشهداء أفضل؟ قال: أو ليس أفضل الشهداء عندك الحسين(عليه السلام)؟ فو الذي نفسي بيده، إنّ حول قبره أربعين ألف ملك شعثاً غبراً يبكون عليها إلي يوم القيامة»((1)).

وفي مقتل الحسين للخوارزمي: وذكر الإمام أحمد بن أعثم الكوفي في تاريخه، بأسانيد له كثيرة، عن رسول الله(صلي الله عليه و اله)، منها: ما ذكر من حديث ابنعباس، ومنها: ما ذكر من حديث أم الفضل بنت الحرث: «حين أدخلت حسيناً(عليه السلام) علي رسول الله(صلي الله عليه و اله)، فأخذه رسول الله(صلي الله عليه و اله) وبكي، وأخبرها بقتله، إلي أن قال: ثم هبط جبرائيل في قبيل من الملائكة، قد نشروا أجنحتهم، ويبكون حزناً علي الحسين(عليه السلام)...»((2)).

وفي بحر المناقب لابن حسون: الحديث الخامس، والإسناد عنهم(عليهم السلام) عن رسول الله (صلي الله عليه و اله): «والذي نفسي بيده، إنّ حول قبر ولدي الحسين(عليه السلام) أربعة آلاف ملك شعثاً غبراً، يبكون عليه إلي يوم القيامة...»((3)).

وبهذا إنتهينا من المبحث الأول تحت عنوان المظاهر السماويّة لتجلّي الغضب الإلهي لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام)، وبيان آثارها الكونيّة وغير الكونيّة.

ص: 131


1- ([2]) ابن المغازلي، علي بن محمد، المناقب: ص397.
2- ([1]) الخوارزمي، مقتل الحسين(عليه السلام): ج1، ص263، الفصل الثاني.
3- ([2]) ابن حسون، جمال الدين محمد، بحر المناقب: ص107، مخطوط، نقلاً عن إحقاق الحق: ج11، ص287، الخوارزمي، مقتل الحسين(عليه السلام): ج2، ص191.

ص: 132

المبحث الثاني:تجلّي المظاهر الأرضيّة للغضب الإلهي لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام) في أحاديث السنة

اشارة

سنشير في هذا المبحث إلي أهم التجلّيات الأرضية لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام)، وسيكون البحث علي النحو التالي:

المطلب الأوّل: مظاهر تجلّيات الغضب الإلهي في الجمادات

اشارة

في هذا المطلب نشير إلي الآثار الجمادية التي ظهرت بعد مقتل الإمام الحسين(عليه السلام) وذلك من خلال عدة جهات، وهي كالتالي:

الجهة الأولي: ما رفع حجر إلّا وتحته دم عبيطا لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام)

من مظاهر تجلّي الغضب الإلهي في الجمادات هو وجود الدم العبيط تحت كل الحجر، وقد أشارت بعض النصوص إلي ذلك، منها:

ما جاء في المعجم الكبير: بسنده عن بن شهاب، قال: «ما رفع بالشام حجر يوم قتل الحسين بن علي(عليه السلام) الّا عن دم»((1)).وكذلك في رواية أخري: بسنده عن الزهري، قال: «قال لي عبد الملك بن مروان:

ص: 133


1- ([1]) الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص113؛ الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص196؛ الطبري، أحمد بن عبد الله، ذخائر العقبي: ص145؛ الصالحي الشامي، محمد بن يوسف، سبل الهدي والرشاد: ج11، ص80.

ثم أيّ واحد أنت، إن أخبرتني أيّ علامة كانت يوم قتل الحسين بن علي(عليه السلام)؟ قال: قلت: لم ترفع حصاة ببيت المقدس إلّا وجد تحتها دم عبيط، فقال عبد الملك: إني وإياك في هذا الحديث لقرينان»((1)).

قال الهيثمي: «رواه الطبراني ورجاله ثقات»((2)).

وقال ابن سعد في طبقاته: «أرسل عبد الملك إلي ابن رأس الجالوت، فقال: هل كان في قتل الحسين علامة؟ فقال ابن رأس الجالوت: ما كشف يومئذ حجر إلّا وجد تحته دم عبيط»((3)).

وفي المحن للقيرواني: بسنده عن الزهري، قال: «دخلت علي عبد الملك بن مروان، وهو في القبة، فقال لي: استدر من وراء السجف فاستدر، فقال: أتدري ما حدث في الأرض يوم قتل الحسين، قلت: نعم، قال: لم يقلب حجر، ولم يكشف أناء ببيت المقدس، إلّا أصابوا تحته دماً عبيطاً، فقال لي: إني وإياك غريبان في هذا الحديث، فإياك أن أسمعه من أحدٍ»((4)).

وفي دلائل النبوة: بسنده عن أبن شهاب، قال: «قدمت دمشق وأنا أريد الغزو، فأتيت عبد الملك لأسلّم عليه، فوجدته في قبة علي فرش يفوق القائم والناس، تحته

ص: 134


1- ([1]) الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص119؛ الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص196؛ الخوارزمي، المناقب: ص388.
2- ([2]) الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص196.
3- ([3]) ابن سعد، محمد، ترجمة الإمام الحسين(عليه السلام) من الطبقات الكبري: ص91؛ ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص225؛ ابن عساكر، علي بن الحسن، ترجمة الإمام الحسين(عليه السلام): ص362؛ ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2602؛ ابن الجوزي، عبد الرحمن، تذكرة الخواص: ص273؛ الاإسفراييني، أبو إسحاق، نور العين في مشهد الحسين: ص76؛ الذهبي، محمد بن أحمد، تاريخ الإسلام: ج5، ص16.
4- ([4]) القيرواني، محمد بن أحمد، كتاب المحن: ج1، ص161.

سماطان، فسلّمت وجلست، فقال: يا ابن شهاب، أتعلم ما كان في بيت المقدس صباح قتل ابن أبي طالب؟ قلت: نعم، قال: هلم، فقمت من وراء الناس حتي أتيت خلف القبة، وحوّل وجهه فأحني علي، فقال: ما كان؟ قال: فقلت: لم يرفع حجر في بيت المقدس إلّا وجد تحته دم، قال: فقال: لم يبق أحد يعلم هذا غيري وغيرك، ولا يسمعن منك، قال: فما تحدّثت به حتي توفّي، وهكذا روي هذا في مقتل علي(رضي الله عنه) بهذا الاسناد، وروي بإسناد أصح من هذا عن الزهري: أن ذلك كان من قتل الحسين بن علي(رضي الله عنه)»((1)).

وفي أنساب الأشراف: بسنده عن الحسن، أنه لما قتل الحسين، بكي حتي اختلج جنباه، ثم قال: «واذل أمة قتل ابن دعيّها ابن نبيّها، وحدثت عن أبي عاصم النبيل، عن أبي جريج، عن ابن شهاب، قال: ما رفع حجر بالشام يوم قتل الحسين إلّا عن دم»((2)).

وفي ينابيع المودة: عن ابن عباس، قال: «إنّ يوم قتل الحسين(عليه السلام) قطرت السماء دماً...، وإنّ أيّام قتله لم يرفع حجر في الدنيا الّا وجد تحته دم»((3)).

و قد أورد هذا الحديث مفصلاً ابن عبد ربه في العقد الفريد: بسنده عن الزهري، قال: «خرجت مع قتيبة أريد المصيصة، فقدمنا علي أمير المؤمنينعبد الملك ابن مروان، وإذا هو قاعد في إيوان له، وإذا سماطان من الناس علي باب الأيوان، فإذا أراد حاجة قالها للذي يليه حتي تبلغ المسألة باب الإيوان ولا يمشي أحد بين السماطين، قال الزهري: فجئنا فقمنا علي باب الإيوان، فقال عبد الملك للذي عن يمينه: هل

ص: 135


1- ([1]) البيهقي، أحمد بن الحسين، دلائل النبوة: ج6، ص440.
2- ([2]) البلاذري، أحمد بن يحيي، أنساب الأشراف: ج1، ص228.
3- ([3]) القندوزي، سليمان بن إبراهيم، ينابيع المودة: ج3، ص102.

بلغكم أيّ شيء أصبح في بيت المقدس ليلة قتل الحسين بن علي(عليه السلام)؟ قال: فسأل كل واحد منهما صاحبه حتي بلغت المسألة الباب، فلم يرد أحد فيها شيئاً.

قال الزهري: فقلت: عندي في هذا علم، قال: فرجعت المسألة رجلاً عن رجل حتي انتهت إلي عبد الملك، قال: فدعيت، فمشيت بين السماطين، فلما انتهيت إلي عبد الملك، سلّمت عليه، فقال لي: من أنت؟ قلت: أنا محمّد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، قال: فعرفني بالنسب، وكان عبد الملك طلابة للحديث، فقال: ما أصبح ببيت المقدس يوم قتل الحسين بن علي بن أبي طالب(عليه السلام)؟ وفي رواية علي بن عبد العزيز، عن إبراهيم بن عبد الله، عن أبي معشر، عن محمّد بن عبد الملك بن سعيد بن العاص، عن الزهري، أنه قال: الليلة الذي قتل في صبيحتها الحسين بن علي(عليه السلام)، قال الزهري: نعم، فقلت: حدثني فلان لم يسمه أنه لم يرفع تلك الليلة التي صبيحتها قتل علي بن أبي طالب(عليه السلام) والحسين بن علي(عليه السلام) حجرة في بيت المقدس الّا وجد تحته دم عبيط، قال عبد الملك: صدقت، حدثني الذي حدثك، وإنّي وإيّاك في هذا الحديث لغريبان»((1)).

فبهذا اتضح لنا وبأسانيد مختلفة: أن يوم مقتل الإمام الحسين(عليه السلام) لم يرفع حجر إلّا وكان تحته دم عبيط، وهذا الأمر أحد تجلّيات الغضب الإلهية التيظهرت علي وجه الأرض بعد مقتل سبط رسول الله(صلي الله عليه و اله).

الجهة الثانية: أحداث قصر الإمارة بعد مقتل سيّد الشهداء(عليه السلام)

لقد تجلّي الغضب الإلهي لمقتل سبط رسول الله(صلي الله عليه و اله) في عقر دار الأعداء، وبأشكال مختلفة، منها:

جاء في تاريخ دمشق: بسنده عن أبي يحيي مهدي بن ميمون، قال: «سمعت

ص: 136


1- ([1]) ابن عبد ربه، العقد الفريد: ج5، ص135.

مروان مولي هند بنت المهلب، يقول: وقال أبو غالب: قال: حدثني بواب عبيد الله بن زياد: «أنه لما جيء برأس الحسين(عليه السلام)، فوضع بين يديه، رأيت حيطان دار الإمارة تسايل دماً»((1)).

وفي المعجم الكبير: بسنده عن حاجب عبيد الله بن زياد، قال: «دخلت القصر خلف عبيد الله بن زياد حين قتل الحسين، فاضطرم في وجهه نار، فقال هكذا بكمّه علي وجهه، فقال: هل رأيت؟ قلت: نعم، فأمرني أن أكتم ذلك»((2)).

الجهة الثالثة: تلطّخ الحيطان بالدم لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام)

أنساب الأشراف: بسنده عن أبي حصين، قال: «لما قتل الحسين(عليه السلام)، مكثواشهرين أو ثلاثة، وكأنما تلطخ الحيطان بالدم من حين صلاة الغداة إلي طلوع الشمس»((3)).

وقال الحصين: «لبثوا شهرين أو ثلاثة، فكأنما تلطخ الحيطان بالدماء ساعة تطلع الشمس حتي ترتفع»((4)).

وفي المعجم الكبير: بسنده عن عيسي بن الحارث الكندي، قال: «لما قتل

ص: 137


1- ([1]) ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج41، ص229؛ ابن عساكر، علي بن الحسن، ترجمة الإمام الحسين(عليه السلام) ص360؛ المزي، يوسف، تهذيب الكمال: ج6، ص434؛ الطبري، أحمد بن عبد الله، ذخائر العقبي: ص145؛ ابن حجر، أحمد، الصواعق المحرقة: ص194؛ ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2639 .
2- ([2]) الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص112؛ ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج37، ص450؛ ابن كثير، إسماعيل، البداية والنهاية: ج8، ص314.
3- ([1]) البلاذري، أحمد بن يحيي، أنساب الأشراف: ج3، ص209.
4- ([2]) ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2639.

الحسين(رضي الله عنه) مكثنا سبعة أيام إذا صلينا العصر نظرنا إلي الشمس علي أطراف الحيطان، كانها الملاحف المعصفرة...»((1)).

وفي تاريخ دمشق: قال: أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابي، قال حدثنا خلاد - صاحب السمسم - وكان ينزل بني جمدر، قال: حدثتني أمي، قالت: «كنّا زماناً بعد مقتل الحسين(عليه السلام) وأن الشمس تطلع محمرة علي الحيطان والجدران بالغدا والعشي، قالت: وكانوا لا يرفعون حجراً إلّا وجدوا تحته دماً».((2))الجهة الرابعة: خروج قلم من حديد

في تهذيب الكمال: بسنده عن أبي قبيل، قال: «لما قتل الحسين بن علي احتزّوا رأسه، وقعدوا في أول مرحلة يشربون النبيذ ويتيحون الرأس، فخرج عليهم قلم من حديد من حائط فكتب سطر دم»((3)).

المطلب الثاني: مظاهر تجليّات الغضب الإلهي في غير الجمادات

اشارة

سنتعرض في هذا المطلب إلي أهم الآثار في غير الجمادات لمقتل الإمام الحسين(عليه السلام)، علي الشكل التالي:

ص: 138


1- ([3]) الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص114؛ المزي، يوسف، تهذيب الكمال: ج6، ص333؛ الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج3، ص312؛ ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص227؛ ابن حجر، أحمد، الصواعق المحرقة: ص295؛ الذهبي، محمد بن أحمد، تاريخ الإسلام، ج 3، ص348، نقلاً عن إحقاق الحق: ج 11، ص465؛ السيوطي، جلال الدين، تاريخ الخلفاء: ص80، نقلاً عن إحقاق الحق، ج11، ص465.
2- ([4]) ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص226؛ ابن عساكر، علي بن الحسن، ترجمة الإمام الحسين(عليه السلام): ص355.
3- ([1]) المزي، يوسف، تهذيب الكمال: ج6، ص437.
الجهة الأولي: التجلّيات الإنسية لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام)
اشارة

لم يقتصر تجلّي غضب المولي تعالي في الجمادات، بل تجلّي هذا الغضب الإلهي في غيرها أيضاً، وقد شاهد الناس كيفية تخلّي غضبه تعالي في من شارك في قتل الإمام الحسين(عليه السلام)، والبحث في هذه الجهة سيكون علي النحو التالي:

النقطة الأولي: ما حدث لعبيد الله بن زياد لعنه الله

في سنن الترمذي: بسنده عن عمارة بن عمير قال: «لما جيء برأس عبيد الله بن زياد وأصحابه، نضدت في المسجد في الرحبة، فانتهيت إليهم، وهم يقولون: قد جاءت قد جاءت، فإذا حية قد جاءت تخلل الرؤوس حتي دخلت في منخري عبيد الله بن زياد، فمكث هنيئة، ثم خرجت فذهبت حتي تغيّبت، ثم قالوا: قد جاءت قد جاءت، ففعلت ذلك مرتين أو ثلاثاً. هذا حديث حسنصحيح»((1)).

وفي تاريخ دمشق: بسنده عن عمارة بن عمير، قال: «لما قتل عبيد الله بن زياد أتي برأسه ورؤوس أصحابه، فألقيت في الرحبة، فقام الناس إليها، فبينما هم كذلك إذ جاءت حية عظيمة، فتفرّق الناس من فزعها، فجائت تخلل الرؤوس، حتي دخلت في منخري عبيد الله بن زياد، ثم خرجت من فيه، ثم دخلت في فمه وخرجت من أنفه، ففعلت ذلك به مراراً، ثم ذهبت، ثم عادت ففعلت ذلك به مثل ذلك مراراً، فجعل الناس يقولون: قد جاءت، قد ذهبت قد ذهبت، فلا يدري من أين جاءت ولا أين ذهبت»((2)).

ص: 139


1- ([1]) الترمذي، محمد بن عيسي، سنن الترمذي: ج5، ص326؛ الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص112؛ ابن كثير، إسماعيل، البداية والنهاية، ج 8، ص207؛ الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء، ج 3، ص549؛ ابن الأثير، علي بن محمد، أسد الغابة: ج 2، ص22، وقال: قال الترمذي هذا حديث: صحيح، أخرجه الثلاثة؛ القندوزي، سليمان بن إبراهيم، ينابيع المودة: ج3، ص18.
2- ([2]) ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج37، ص461؛ الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، تاريخ بغداد: ج5، ص113 (باختلاف يسير جداً).

وكذلك في تاريخ دمشق: بسنده عن أبي الطفيل، قال: «عزلنا سعبة أراس، وغطينا رأس حصين بن نمير، ورأس عبيد الله بن زياد، فجئت فكشفتها، فإذا حية في رأس عبيد الله بن زياد تردد فيه تأكله».((1))

النقطة الثانية: رجل سب الإمام الحسين وأبيه(عليهما السلام) فرماه الله بكوكبين فعمي

في المعجم الكبير: بسنده عن قرة بن خالد، قال: «سمعت أبا رجاء العطاردي يقول: لا تسبوا علياً، ولا أهل هذا البيت، فإنّ جاراً لنا من بلهجيم، قال: ألم تروا إلي هذا الفاسق الحسين بن علي قتله الله، فرماه الله بكوكبين فيعينيه، فطمس الله بصره»((2)).

وقال الهيثمي: «رواه البطراني ورجاله رجال الصحيح»((3)).

روي ابن عساكر - والمزي - واللفظ للأول -:

بسنده عن ناقرة بن خالد السدوسي، قال: «سمعت أبا رجاء العطاردي يقول: لا تسبوا أهل هذا البيت، - أو أهل بيت النبي(صلي الله عليه و اله) - إفنه كان لنا جار - من بلهجيم - قدم من الكوفة، قال: ما ترون إلي هذا الفاسق بن الفاسق قتله الله - يعني الحسين - فرماه الله بكوكبين، فطمس بص-ره، قال أبو رجاء: فأنا رأيته»((4)).

ص: 140


1- ([3]) ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق، ج 37، ص462؛ الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج3، ص548.
2- ([1]) الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص112؛ الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص196؛ ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص232؛ المزي، يوسف، تهذيب الكمال، ج 6، ص436؛ ابن حجر، شهاب الدين أحمد، تهذيب التهذيب: ج2، ص306؛ الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج3، ص313؛ ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب: ج6، ص2644؛ الطبري، أحمد بن عبد الله، ذخائر العقبي:، ص145؛ الزرندي الحنفي، شمس الدين محمد، نظم درر السمطين: ص220؛ الصالحي الشامي، محمد بن يوسف، سبل الهدي والرشاد: ج11، ص79؛ ابن حجر، أحمد، الصواعق المحرقة: ص297.
3- ([2]) الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص196.
4- ([3]) ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص232؛ ابن عساكر، علي بن الحسن، ترجمة الإمام الحسين(عليه السلام): ص369؛ المزي، يوسف، تهذيب الكمال: ج6، ص436.
النقطة الثالثة: عقاب من أهان قبر الإمام الحسين(عليه السلام)

في هذه النقطة - ومن باب الأمانة العلمية - ذكرنا بعض الكلمات بالمضمون؛ لوجود بعض الألفاظ التي لايتناسب ذكرها، احتراماً لقدسية ومقام الإمام أبي عبد الله الحسين(عليه السلام).

في المعجم الكبير: عن الأعمش، قال - ما مضمونه -: أحدث رجل منبني أسد علي قبر الحسين بن علي(عليه السلام)، قال: فأصاب أهل ذلك البيت خبل وجنون وجذام ومرض وفقر((1)).

وقال الهيثمي: «رواه الطبري ورجاله رجال الصحيح»((2)).

وفي تاريخ دمشق: بسنده عن الحماني، قال: «قال الأعمش: أحدث رجل من أهل الشام علي قبر الحسين بن علي(عليه السلام) فأبرص من ساعته»((3)).

وأيضاً في تاريخ دمشق: روي ابن حمدون، قال: «وقال الأعمش: أحدث رجل علي قبر الحسين(عليه السلام) فجنّ فمات، فسمع صوته يصيح في القبر كنباح الكلب»((4)).

النقطة الرابعة: دعاء الإمام(عليه السلام) علي من ضربه

فيما يلي نستعرض جملة من النصوص التي دلّت علي هذا المعني:

ص: 141


1- ([1]) اُنظر: الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص120؛ الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص197؛ البلاذري، أحمد بن يحيي، أنساب الأشراف، ج 3، ص228؛ المزي، يوسف، تهذيب الكمال: ج6، ص443-444؛ ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص244؛ الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج3، ص317 (باختلاف يسير في بعض المصادر).
2- ([2]) الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص197.
3- ([3]) ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص244؛ ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2644.
4- ([4]) ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج13، ص305؛ ابن عساكر، ترجمة الإمام الحسين: ص245.

في بغية الطلب في تاريخ حلب: بسنده عن العباس بن هشام بن محمّد الكوفي، عن أبيه، عن جده، قال: «كان رجل من بني أبان بن دارم يقال له: زرعة شهد قتل الحسين(عليه السلام)، فرمي الحسين(عليه السلام) بسهم فأصاب حنكه، فجعل يتلقيالدم، ثم يقول: هكذا إلي السماء، فيرمي به، وذلك أن الحسين دعا بماء ليشرب، فلما رماه حال بينه وبين الماء، فقال: اللهم ظمّه، اللهم ظمّه، قال: فحدثني من شهد - وهو يموت - وهو يصيح من الحر في بطنه والبرد في ظهره، وبين يديه المراوح والثلج، وخلفه الكافور، وهو يقول: اسقوني، أهلكني العطش، فيأتي بالعس العظيم فيه السويق، أو الماء واللبن، ولو شربه خمسة لكفاهم، قال: فيشربه، ثم يعود فيقول: اسقوني أهلكني العطش، فأنقدّ بطنه كانقداد البعير».((1))

وروي الطبراني والهيثمي وابن العديم ومحب الدين الطبري والصالحي الشامي، - واللفظ للأول - بسنده عن الكلبي، قال: «رمي رجل الحسين(عليه السلام) وهو يشرب، فشل شدقه، فقال: لا أرواك الله، قال فشرب حتي تفطر»((2)).

وفي المعجم الكبير: عن أُم أُبَي قالت: «شهد رجلان من الجحفيين قتل الحسين بن

ص: 142


1- ([1]) ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب: ج6، ص2620؛ ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص223؛ ابن عساكر، ترجمة الإمام الحسين(عليه السلام)، ص345؛ المزي، يوسف، تهذيب الكمال: ج6، ص430؛ الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام البنلاء: ج3، ص311؛ الخوارزمي، مقتل الحسين(عليه السلام): ج2، ص117؛ الصالحي الشامي، محمد بن يوسف، سبل الهدي والرشاد: ج11، ص79؛ ابن حجر، أحمد، الصواعق المحرقة، ص299؛ الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري: ج3، ص333.
2- ([2]) الطبراني، أحمد بن عبد الله، المعجم الكبير: ج3، ص114؛ الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص193، وقال: رجاله ثقات؛ ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2620؛ الطبري، أحمد بن عبد الله، ذخائر العقبي: ص144؛ الصالحي الشامي، محمد بن يوسف، سبل الهدي والرشاد: ج11، ص78.

علي(عليه السلام)، قالت: وأما أحدهما فطال ذكره حتي كان يلفه، وأما الآخرفكان يستقبل الراوية بفيه حتي يأتي علي آخرها، قال سفيان: رأيت ولد أحدهما كأن له خبلاً وكأنه مجنون».((1))

قال الهيثمي: «ورجاله ثقات»((2)).

النقطة الخامسة: عقاب رجل ادعي أنّه قتل الحسين(عليه السلام)، ولكن لم يصبه شيء، فأحرقه الله

رويت هذه الحادثة بطرق عدة، نكتفي بذكر بعض منها:

ففي تاريخ دمشق: بسنده عن عطاء بن مسلم قال: «قال السدي: أتيت كربلاء أبيع النبربها، فعمل لنا شيخ في طيء طعاماً فتعشينا، فذكرنا قتل الحسين(عليه السلام)، فقلت: ما شرك في قتل أحد إلّا مات بأسوء ميتة، فقال: ما أكذبكم يا أهل العراق، فأنا فيمن شرك في ذلك. فلم يبرح حتي دنا من المصباح وهو يتقد، فنفط فذهب يخرج الفتيلة بإصعبه، فأخذت النار فيها، فذهب يطفيها بريقة، فأخذت النار في لحيته، فذهب فألقي نفسه في الماء فرأيته كأنه حمحمة»((3)).

وفي موضع آخر بسنده عن مولي بني سلامة، قال: «كنا في ضيعتنا بالنهرين، ونحن نتحدث باليل ما أجد ممن أعانه علي قتل الحسين(عليه السلام) خرج من الدنيا حتي يصيبه

ص: 143


1- ([1]) الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص119؛ ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص234؛ المزي، يوسف، تهذيب الكمال: ج6، ص438؛ الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص197؛ الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج3، ص314؛ ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب: ج6، ص2621؛ ابن حجر العسقلاني، شهاب الدين أحمد، تهذيب التهذيب: ج2، ص306.
2- ([2]) الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص197.
3- ([3]) ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج4، ص233؛ المزي، يوسف، تهذيب الكمال: ج6، ص436؛ الذهبي، محمد بن أحمد، تذكرة الحفاظ: ج3، ص909؛ ابن حجر، شهاب الدين أحمد، تهذيب التهذيب: ج2، ص306؛ الطبري، محمد بن عبد الله، ذخائر العقبي: ص145.

بلية، ومعنا رجل من طيء، فقال الطائي: فأنا ممن أعان علي قتل الحسين، فما أصابني إلّا خير، قال: عشئ الس-راج، فقام الطائي يصلحه، فعلقت النار في سباحته، فمر يعدو نحو الفرات فرمي بنفسه في الماء، فأتبعنا فيجعل إذا انغمس في الماء فرقت النار علي الماء، فإذا ظهر أخذته حتي قتلته»((1)).

وفي نظم درر السمطين: نقل أبو الشيخ في كتابه بسنده إلي يعقوب بن سليمان، قال: «كنت في ضيعتي فصلّينا العتيمة، ثم جلسنا جماعة، فذكروا الحسين بن علي(رضي الله عنه) فقال رجل: ما من أحد أعانه علي قتل الحسين(عليه السلام) إلّا أصابة قبل أن يموت بلاء، ومعنا شيخ كبير، فقال: أنا ممن شهده، وما أصابني أمر أكره إلي ساعتي هذه، قال: فطفئ السراج، فقام ليصلحه، فثارت النار فأخذته، فجعل ينادي النار النار، وذهب فألقي نفسه في الفرات ليغتمس فيه، فأخذته النار حتي مات. وفي روايه: فلم يزل به حتي مات»((2)).

النقطة السادسة: عقاب من باع المسمار أو كثّر السواد في عسكر ابن سعد

في تاريخ دمشق: بسنده عن الفضل بن الزبير، قال: «كنت جالسا ًعند شخص، فأقبل رجل فجلس إليه، رائحته رائحة القطران، فقال له: يا هذا، أتبيعالقطران، قال: ما بعته قط، قال: فما هذه الرائحة، قال: كنت ممن شهد عسكر عمر بن سعد، وكنت أبيعهم أوتاد الحديد، فلما جنّ عليّ الليل رقدت، فرأيت في نومي رسول الله(صلي الله عليه و اله) ومعه علي، وعلي يسقي القتلي من أصحاب الحسين، فقلت له: أسقني فأبي فقلت: يا رسول الله، مره يسقيني، فقال: ألست ممن عاون علينا؟ فقلت: يا رسول الله، والله ما ضربت بسيف ولا طعنت برمح ولا رميت بسهم، ولكني كنت أبيعهم أوتاد الحديد، فقال: يا

ص: 144


1- ([1]) ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص232؛ ابن عساكر، ترجمة الإمام الحسين: ص372؛ المزي، يوسف، تهذيب الكمال: ج6، ص437.
2- ([2]) الزرندي الحنفي، شمس الدين محمد، نظم درر السمطين: ص27؛ ابن حجر الهيثمي، أحمد، الصواعق المحرقة: ص195؛ القندوزي، سليمان بن إبراهيم، ينابيع المودة: ج3، ص22.

علي اسقه فناولني قعباً مملوءاً قطراناً فشربت منه قطران، ولم أزل أبول القطران أيّاماً، ثم انقطع ذلك البول عني وبقيت الرائحة في جسمي، فقال له السدي: يا عبد الله، كل من برّ العراق، واشرب من ماء الفرات، فما أراك تعاين محمداً أبداً»((1)).

وأيضاً في تاريخ دمشق: بإسناده عن أبي النضر الجرمي، قال: رأيت رجلاً سمج العمي، فسألته عن سبب ذهاب بصره، فقال: «كنت ممن حضر عسكر عمر بن سعد فلما جاء الليل رقدت، فرأيت رسول الله(صلي الله عليه و اله) في المنام بين يديه طست فيها دم وريشة في الدم، وهو يؤتي بأصحاب عمر بن سعد، فيأخذ الريشة فيخط بها بين أعينهم، فأتي بي، فقلت: يا رسول الله، والله ما ضربت بسيف ولا طعنت برمح ولا رميت بسهم، قال: أفلم تكثر عدونا، فأدخل إصبعه في الدم - السبابة والوسطي - وأهوي بهما إلي عيني، فأصحت وقد ذهب بصري»((2)).

النقطة السابعة: ما حدث لنساء الروم أثر مقتل سيد الشهداء(عليه السلام)

جاء في المحاسن والمساوئ للبيهقي ما نصّه: «وقال محمّد بن سيرين: ما رؤيت هذه الحمرة في السماء إلّا بعد ما قتل الحسين(عليه السلام)، ولم تطمث امرأة بالروم أربعة أشهر إلّا أصابها وضحٌ، فكتب ملك الروم إلي ملك العرب: قتلتم نبياً أو ابن نبي»((3)).

الجهة الثانية: تجلّيات الغضب الإلهي في الحيوانات والنباتات بعد مقتل سيد الشهداء(عليه السلام)
اشارة

سنشير في هذه الجهة إلي أهم الآثار التي ظهرت في الحيوانات والنباتات لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام) علي النحو التالي:

ص: 145


1- ([1]) ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص258؛ الخوارزمي، مقتل الحسين: ج2، ص177.
2- (1) ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص259.
3- ([1]) البيهقي، إبراهيم بن محمّد، المحاسن والمساوئ: ج1، ص28.
النقطة الأولي: انقلاب لحوم الجزر إلي دم، وحجر، وعلقم والتهاب القدور ناراً

في المعجم الكبير: بسنده عن ذويد الجعفي، عن أبيه، قال: «لما قتل الحسين(رضي الله عنه) انتهب جزور من عسكره، فلما طبخت إذا هي دم، فأكفؤوها»((1)).

وقال الهيثمي: «رواه الطبراني ورجاله ثقات»((2)).

وروي البيهقي، قال: «وكانت معه إبل فجزروها، فصارت جمرة في منازلهم»((3)).

وفي تاريخ دمشق: بسنده عن جميل بن مرة، قال: «أصابوا إبلاً فيعسكر الحسين(عليه السلام) يوم قُتل، فنحروها وطبخوها، قال: فصارت مثل العلقم، فما استطاعوا أن يسيغوا منها شيئاً»((4)).

وفي المعجم الكبير: بسنده عن أبي حميد الطحان، قال: «كنت في خزاعة، فجائوا بشيءٍ من تركة الحسين(عليه السلام)، فقيل لهم: ننحر أو نبيع فنقسم؟ قال: انحروا، قال: فجلس علي جفتة فلما وضعت فارت ناراً»((5)).

ص: 146


1- ([2]) الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3 ص121؛ الهيثمي، نورالدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص196.
2- ([3]) الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص196.
3- ([4]) البيهقي، إبراهيم بن محمد، المحاسن والمساوئ: ج1، ص29.
4- ([1]) ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14 ص231؛ المزي، يوسف، تهذيب الكمال: ج6، ص335؛ ابن حجر، شهاب الدين أحمد، تهذيب التهذيب: ج2 ص354؛ ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2641؛ السيوطي، جلال الدين، الخصائص الكبري: ج2، ص193؛ الذهبي، محمد بن أحمد، تاريخ الإسلام: ج5، ص16؛ السيوطي، جلال الدين، تاريخ الخلفاء: ص226؛ البيهقي، أحمد بن الحسين، دلائل النبوة: ج6، ص472.
5- ([2]) الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص121؛ ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج4، ص231؛ المزي، يوسف، تهذيب الكمال: ج6، ص335؛ ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2640 في بعض المصادر باختلاف يسير.

وفي المناقب لابن المغازلي: بسنده عن يزيد بن هارون، حدثتني أمّي، عن جدِّها، قال: «أدركت قتل الحسين بن علي(عليه السلام)، فلما قتل خرج أناس إلي إبل كانت معه، فانتهبوها، فلما كان الليل رأيت فيها النيران، فاحترق كل ما أخذ من عسكره»((1)).

النقطة الثانية: الإبل التي حمل عليها رأس سيّد الشهداء(عليه السلام)

في تذكرة الخواص: بسنده عن أبي الوصي ومروان أبي الوصين، قال: «نحرت الإبل التي حمل عليها رأس الحسين(عليه السلام) وأصحابه، فلم يستطعوا أكل لحومها، كان أمرّ من الصبر»((2)).

النقطة الثالثة: انقلاب الورس إلي رماد، ومن تطيب به برص

في المعجم الكبير: بسنده عن سفيان، حدثتني جدتي أم أبي، قالت: «ثم رأيت الورس الذي أخذ من معسكر الحسين(عليه السلام) صار مثل الرماد»((3)).

وقال الهيثمي: «رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح»((4)).

وفي تاريخ دمشق: بسنده عن سفيان، حدثتني جدتي، قالت: «لقد رأيت الورس

ص: 147


1- ([3]) ابن المغازلي، علي بن محمد، المناقب لابن المغازل: ج1، ص448؛ ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6 ص2640.
2- ([1]) ابن الجوزي، عبد الرحمن، تذكرة الخواص: ص240.
3- ([2]) الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص119؛ الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص197.
4- ([3]) الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص197، قال: وعن سفيان، قال: حدثتني جدتي أم أبي قالت: شهد رجلان من الجعفيين قتل الحسين بن علي(عليه السلام)، فأما أحدهما فطال ذكره حتي كان يلفه، وأما الآخر فكان يستقبل الراوية بغية حتي يأتي علي آخرها، قال سفيان: رأيت ولد أحدهما كان بن خبل وكأنه مجنون. رواه الطبراني ورجاله إلي جدّه سفيان ثقات. وبسنده قال: رأيت الورس الذي أخذ من عسكر الحسين(عليه السلام) صار مثل الرماد.

عاد رماداً، ولقد رأيت اللحم كان فيه النار حين قتل الحسين»((1)).

وفي ذخائر العقبي: عن سفيان أيضاً: «أن رجلاً ممن شهد قتل الحسين(عليه السلام)كان يحمل ورساً، فصار ورسه رماداً. أخرجه الملا في سيرته»((2)).

وفي تاريخ ابن معين: سمعت يحيي يقول: حدثنا جرير: عن يزيد بن أبي زياد، قال: «قتل الحسين بن علي ولي أربع عشرة سنة، وصار الورس رماداً الذي كان في عسكرهم، واحمرت آفاق السماء، ونحروا ناقة في عسكرهم فكانوا يرون في لحمها النيران»((3)).

عيون الأخبار للدينوري: روي سنان بن حكيم، عن أبيه، قال: «انتهب الناس ورساً في عسكر الحسين بن علي(عليه السلام) يوم قتل، فما تطيبت منه إمرأة إلّا برصت»((4)).

وذكر العلّامه ابن عبد ربه وابن الدمشقي - واللفظ للأول - قال: عن يسار بن عبد الحكم، قال: «انتهب عسكر الحسين(عليه السلام) فوجد فيه طيب، فما تطيبت به إمرأة إلّا برصت»((5)).

ص: 148


1- ([4]) ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص230؛ ابن عساكر، ترجمة الإمام الحسين(عليه السلام)، ص365؛ السيوطي، جلال الدين الخصائص الكبري: ج2، ص193؛ ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطب في تاريخ حلب: ج6، ص2639؛ المزي، يوسف، تهذيب الكمال: ج6، ص435؛ ابن حجر، شهاب الدين أحمد، تهذيب التهذيب: ج2، ص354؛ الذهبي، محمد ابن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج3، ص313.
2- ([1]) الطبري، أحمد بن عبد الله، ذخائر العقبي: ص144؛ الصالحي الشامي، محمد بن يوسف، سبل الهدي والرشاد: ج11، ص79؛ القندوزي، سليمان بن إبراهيم، ينابيع المودة: ج3، ص19.
3- ([2]) ابن معين، تاريخ ابن معين: ج1، ص361؛ ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص230؛ المزي، يوسف، تهذيب الكمال: ج6، ص435؛ الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج3، ص313؛ ابن حجر العسقلاني، شهاب الدين أحمد، تهذيب التهذيب: ج2، ص354.
4- ([3]) الدينوري، ابن قتيبة، عيون الأخبار: ج1، ص312.
5- ([4]) ابن عبد ربه، أحمد بن محمد، العقد الفريد: ج5، ص133؛ ابن الدمشقي، محمد بن أحمد، جواهر المطالب: ج2، ص274.
الجهة الثالثة: مظاهر الغضب الإلهي المرتبطة برأس الإمام الحسين(عليه السلام)

قال هشام: فحدثني أبي عن النوار بنت مالك قالت: «أقبل خولي برأس الحسين(عليه السلام)، فوضعه تحت إجانة في الدار، ثم دخل البيت، فأوي إلي فراشه،فقلت له: ما الخبر ما عندك؟ قال: جئتك بغني الدهر، هذا رأس الحسين معك في الدار، قالت: فقلت: ويلك، جاء الناس بالذهب والفضة، وجئت برأس ابن رسول الله(صلي الله عليه و اله) لا والله لا يجمع رأسي ورأسك ببيت أبداً، قالت: فقمت من فراشي فخرجت من الدار، فدعا الأسدية فأدخلها إليه، وجلست أنظر، قالت: فو الله مازلت أنظر إلي النور يسطع مثل العمود من السماء إلي الإجانة، ورأيت طيراً بيضاً ترفرف حولها، قال: فلما أصبح غدا بالرأس إلي عبيد الله بن زياد»((1)).

الجهة الرابعة: نوح الجن لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام)

جاء في طبقات ابن سعد: بسنده عن أم سلمة، قالت: «سمعت الجن تنوح علي الحسين»((2)).

ص: 149


1- ([1]) الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري: ج4، ص348؛ البلاذري، أحمد بن يحيي، أنساب الأشراف: ج3، ص206.
2- ([2]) ابن سعد، ترجمة الإمام الحسين(عليه السلام) من الطبقات: ص90؛ الضحاك، ابن أبي العاصم، الآحاد والمثاني: ج1، ص308؛ الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص122؛ الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص199؛ الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء، ج 3، ص316؛ المزي، يوسف، تهذيب الكمال: ج6، ص441؛ ابن حجر العسقلاني، شهاب الدين أحمد، تهذيب التهذيب: ج2، ص306؛ ابن حجر العسقلاني، شهاب الدين أحمد، الإصابة: ج2، ص72؛ ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص239؛ ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2650؛ ابن حنبل، أحمد، فضائل الخمسة، ج2، ص776؛ الزرندي الحنفي، شمس الدين محمد، نظم درر السمطين: ص223؛ المناوي، محمد، فيض القدير: ج1، ص265؛ الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، تاريخ بغداد: ج7، ص82.

وقال الهيثمي: «رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح»((1)).

وفي البداية والنهاية: وقد روي حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمارة، عن أم سلمة: «أنّها سمعت الجن تنوح علي الحسين بن علي(عليه السلام). وهذا صحيح»((2)).

وفي المعجم الكبير: حدثنا عبد الله، ثنا إبراهيم بن الحجاج، ثنا حماد بن سلمة، عن عمار، عن ميمونة، قالت: «سمعت الجن تنوح علي الحسين(عليه السلام)»((3)).

وقال الهيثمي: «رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح»((4)).

الجهة الخامسة: الروايات الجامعة لجملة من تجلّيات الغضب الإلهي لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام)

قال الهيثمي: «وكان مع أولئك الحرس دنانير أخذوها من عسكر الحسين(عليه السلام)، ففتحوا أكياسها ليقتسموها، فرأوها خزفاً، وعلي أحد جانبي كلُ منها: «وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ »(5)) وعلي الآخر: « وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227)»(6)) »((7)).وفي تاريخ دمشق: بسنده عن أم حيان، قالت: «يوم قتل الحسين(عليه السلام) أظلمت علينا ثلاثاً، ولم يمس أحد من زعفرانهم شيئاً فجعله علي وجهه إلّا احترق، ولم يقلب

ص: 150


1- ([1]) الهيثمي، نورالدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص199.
2- ([2]) ابن كثير، إسماعيل، البداية والنهاية: ج6، ص259.
3- ([3]) الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص122؛ الضحاك، ابن أبي عاصم، الآحاد والمثاني: ج1، ص308.
4- ([4]) الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص199.
5- ([5]) إبراهيم: 42.
6- ([6]) الشعراء: 227.
7- ([7]) ابن حجر، أحمد، الصواعق المحرقة: ص199.

حجر ببيت المقدس إلّا أصبح تحته دم عبيط»((1)).

قال الزرندي الحنفي: وروي أيضاً بسنده إلي يزيد بن أبي زياد، قال: «شهدت مقتل الحسين(عليه السلام) وأنا ابن خمسة عشرسنة، فصار الورس في عسكرهم رماداً، واحمرت السماء لقتله، وانكسفت الشمس لقتله حتي بدت الكواكب نصف النهار، وظن الناس أن القيامة قد قامت، ولم يرفع حجر في الشام إلّا رئي تحته دم عبيط».((2))

نعم، فإنّ غضب المولي تبارك وتعالي لم يقتصر علي المظاهر الكونيّة فقط، بل وحتي شملت الجمادات وغيرالجمادات؛ وذلك لبيان مقام وحرمة أمام الحسين(عليه السلام).

ص: 151


1- ([1]) ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص229؛ ابن عساكر، ترجمة الإمام الحسين: ص362؛ المزي، يوسف، تهذيب الكمال: ج6، ص434؛ الخوارزمي، مقتل الحسين: ج2، ص102؛ ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2637؛ السيوطي، جلال الدين، الخصائص الكبري: ج2 ص26.
2- ([2]) الزرندي الحنفي، شمس الدين محمد، نظم درر السمطين: ص213.

خلاصة الفصل الثاني

المحصّل من هذا الفصل: إنّ في مصادر العامة هناك جملة من المظاهر السماوية لتجلّي الغضب الإلهي لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام)، منها: المظاهر الكونيّة كبكاء السماء ومكوثها كالعلقة وكسوف الشمس وغيرها، ومنها: غير الكونيّة كبكاء الملائكة.

كما توجد هناك جملة من المظاهر الأرضية لتجلّي الغضب الإلهي لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام)، الجمادية منها: كوجود الدم تحت الحجر، وأحداث قصر الإمارة وتلطخ الحيطان بالدم وخروج يد من حديد، غير الجمادية وهي ما ظهر في قتلة الإمام الحسين(عليه السلام) وما ظهر في الحيوانات والنباتات.

ص: 152

الفصل الثالث: مظاهر تجلّي الغضب الإلهي لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام) في أحاديث الشيعة

اشارة

المبحث الأوّل: المظاهر السماويّة لتجلّي الغضب الإلهي لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام) في أحاديث الشيعة.

المبحث الثاني: المظاهر الأرضيّة لتجلّي الغضب الإلهي لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام) في أحاديث الشيعة.

ص: 153

ص: 154

المبحث الأوَّل: المظاهر السماويّة لتجلّي الغضب الإلهي لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام) في أحاديث الشيعة

اشارة

سنتعرض في هذا البحث إلي أهم الآثار السماويّة لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام)، وذلك بالنحو التالي:

المطلب الأوّل: تجليّات المظاهر الكونيّة للغضب الإلهي

اشارة

سنشير في هذا المطلب إلي أهم الآثار الكونيّة لمقتل سيّدالشهداء(عليه السلام) من خلال جهات:

الجهة الأولي: في معني بكاء السماء لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام)

إن الروايات في هذا المجال كثيرة وحصرها متعسّر في المقام، إلّا أنّ مضمونها واحد، وقد بينت هذه الروايات أن السماء بكت لمقتل الإمام الحسين(عليه السلام) ومعني بكائها هو حمرتها:

في كامل الزيارات: بسنده عن عبد الله بن هلال، قال: «سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول: إنّ السماء بكت علي الحسين بن علي ويحيي بن زكريا، ولم تبك علي أحد غيرهما، قلت: وما بكاؤهما، قال: مكثوا أربعين يوماً تطلع الشمسبحمرة وتغرب بحمرة،

ص: 155

قلت: فذاك بكاؤهما، قال: نعم»((1)).

وجاء فيه أيضاً: وبسنده عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: «احمرّت السماء حين قتل الحسين بن علي(عليها السلام)سنة، وعلي يحيي بن زكريا، وحمرتها بكاؤها»((2)).

وفيه أيضاً: وبسنده عن عبد الخالق بن عبد ربه، قال: «سمعت أبا عبدالله(عليه السلام) يقول: « لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7)»(3)) الحسين بن علي لم يكن له من قبل سمياً، ويحيي بن زكريا لم يكن له من قبل سمياً، ولم تبك السماء إلّا عليهما أربعين صباحاً، قال: ما بكاؤها؟ قال: كانت تطلع حمراء وتغرب حمراء»((4)).

وأيضاً فيه: وبإسناده عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: «كان قاتل يحيي بن زكريّا ولد زنا، وقاتل الحسين ولد زنا، ولم تبك السماء علي أحد إلّا عليهما، قال: قلت: وكيف تبكي؟ قال: تطلع الشمس في حمرة وتغيب في حرمة»((5)).

وفي المناقب: زرارة بن أعين، عن الصادق(عليه السلام)، قال: «بكت السماء علي يحيي بن زكريا وعلي الحسين بن علي(عليهم السلام) أربعين صباحاً، ولم تبك إلّا عليهما،قلت: فما بكاؤها؟ قال: كانت الشمس تطلع حمراء وتغيب حمراء»((6)).

ص: 156


1- ([1]) ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص181؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص210.
2- ([2]) ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص182؛المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص210.
3- ([3]) مريم: 7.
4- ([4]) ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص182؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص211.
5- ([5]) ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص185؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص212.
6- ([1]) ابن شهرآشوب، محمد بن علي، المناقب: ج3، ص212.

وفي التبيان للشيخ الطوسي: وقال السدي: «لما قتل الحسين(عليه السلام) بكت السماء عليه، وبكاؤها حمرة أطرافها»((1)).

وفي قصص الرواندي: بإسناده عن جابر، عن أبي جعفر(عليه السلام)، في قوله تعالي:« لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7)»(2)) قال: «يحيي بن زكريا لم يكن له سمي قبله، والحسين ابن علي لم يكن له سمي قبله، وبكت السماء عليهما أربعين صباحاً، وكذلك بكت الشمس عليهما، وبكاؤها أن تطلع حمراء تغيب حمراء، وقيل: أي: بكي أهل السماء وهم الملائكة»((3)).

وفي الإرشاد للمفيد: روي يوسف بن عبدة، قال: سمعت محمّد بن سيرين يقول: «لَم تُر هذه الحمرة في السماء إلّا بعد قتل الحسين(عليه السلام)»((4)).

وفي شرح الأخبار: محمّد بن مخلد، بإسناده عن الأسود بن قيس، أنه قال: «كنت ليالي مقتل الحسين(عليه السلام) ابن عشرين سنة، فارتفعت حمرة من قبل المشرق وحمرة من قبل المغرب، فكادتا تلتقيان في كبد السماء ستة أشهر»((5)).

الجهة الثانية: مطر السماء دماً وتراباً لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام)

ورد في بعض الروايات إن السماء مطرت دماً وتراباً، ود فسّ بكاء السماء بذلك، من تلك الروايات:

ص: 157


1- ([2]) الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان: ج9، ص233.
2- ([3]) مريم: 7.
3- ([4]) الراوندي، سعيد، قصص الراوندي: ص222؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج 45، ص218.
4- ([5]) المفيد، محمد بن محمد، الإرشاد: ج2، ص132.
5- ([6]) القاضي النعمان، النعمان بن محمد، شرح الأخبار: ج3، ص167؛ ابن شهر آشوب، محمد بن علي، المناقب: ج10، ص33.

ما في الأمالي للشيخ الطوسي: بسنده عن عمار بن أبي عمار، قال: «أمطرت السماء يوم قتل الحسين(عليه السلام) دماً عبيطا»((1)).

وفي شرح الأخبار: أسامة بن سمير، بإسناده عن أم سالم، أنها قالت: «لما قتل الحسين بن علي(عليه السلام) مطرت السماء مطراً كالدم، احمرّت منه البيوت والحيطان، فبلغ ذلك البصرة والكوفة والشام وخراسان، حتي كنّا لا نشك أنه سينزل العذاب»((2)).

وفي كامل الزيارات: بسنده عن محمّد بن سلمة، عمن حدثه قال: «لما قتل الحسين بن علي(عليها السلام)أمطرت السماء ترابا أحمر»((3)).

وأيضاً فيه: وبسنده عن علي بن الحسين(عليهما السلام) قال: «إن السماء لم تبك منذ وضعت إلّا علي يحيي بن زكريا والحسين بن علي(عليهم السلام)، قلت: أيّ شئ بكاؤها؟ قال: كانت إذا استقبلت بالثوب وقع علي الثوب شبه أثر البراغيث من الدم»((4)).

وفي أمالي الصدوق: بسنده عن جبلة المكية، قالت: «عن ميثم التمار:وتمطر السماء دماً ورماداً».((5))

وأيضاً فيه: وبسنده عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عن جده(عليهم السلام): «إنّ الحسين بن علي بن أبي الطالب(عليهم السلام) دخل يوماً إلي الحسن(عليه السلام)، فلما نظر إليه بكي، فقال له: ما يبكيك يا أبا عبد الله، قال: أبكي لما يصنع بك، فقال له الحسن(عليه السلام): إن الذي يؤتي إليّ سم يدس إليّ فأقتل به، ولكن لايوم كيومك يا أبا عبدالله، يزدلف إليك

ص: 158


1- ([1]) الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي: ص330.
2- ([2]) القاضي النعمان، النعمان بن محمد، شرح الأخبار: ج3، ص166، وفي هامش الكتاب عن الأصل: أمّ سلمة.
3- ([3]) ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص183؛المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45 ص211ح25.
4- ([4]) ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص90، ح12.
5- ([1]) الصدوق، محمد بن علي، الأمالي: ص189 ح 198؛ الصدوق، محمدبن علي، علل الشرائع: ج1، ص228، باب 162، ح3؛ ابن شهرآشوب، محمد بن علي، المناقب: ج10، ص33.

ثلاثون ألف رجل، يدعون أنّهم من أمّة جدنا محمّد(صلي الله عليه و اله) وينتحلون دين الإسلام، فيجتمعون علي قتلك، وسفك دمك، و... فعندها تحل ببني أمية اللعنة، وتمطر السماء رماداً ودما»((1)).

وفي الأمالي للطوسي: كانت السماء بعد مقتل الإمام الحسين(عليه السلام) قد مطرت الناس دماً، وكانت هذه الآية السماوية الكاشفة عن غصب الله تعالي قد شاهدها الناس، وكانت من البينات الإلهية التي لايمكن إنكارها، حتي احتجّت بها مولاتنا زينب الكبري(عليها السلام) علي أهل الكوفة في خطبتها حين قالت: «أفعجبتم أن تمطر السماء دماً، ولعذاب الآخرة أخزي وأنتم لاتنصرون»((2)).

وفي عيون أخبار الرضا: وقال الرضا(عليه السلام) في حديث له مع ابن شبيب: «يا بن شبيب، لقد حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، أنه لمّا قتل جدّي الحسين(عليه السلام) أمطرت السماء دماً وتراباً أحمر»((3)).

وفي كامل الزيارات: بسنده عن علي بن مسهر القرشيّ، قال: حدثتنيجدتي،

أنها أدركت الحسين بن علي حين قتل صلوات الله عليه، قالت: «فمكثنا سنة وتسعة أشهر والسماء مثل العلقة، مثل الدم، ما تري الشمس»((4)).

الجهة الثالثة: بكاء السماء والأرض وجميع الأشياء لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام)

إنّ الأحاديث والروايات في هذا المجال كثيرة، وفي مصادر متعددّة وهنا نريد أن نسلّط الضوء علي بكاء الأرض في الدرجة الأولي، بذكر أهم تلك الأحاديث والروايات:

ص: 159


1- ([2]) الصدوق، محمد بن علي، الأمالي: ص178.
2- ([3]) الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي: ص93-91.
3- ([4]) الصدوق، محمد بن علي، عيون أخبار الرضا: ج1، ص268.
4- ([1]) ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص182؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص210 ح19.

في تفسير القمي: بسنده عن أمير المؤمنين(عليه السلام) قال: «مرَّ عليه رجل عدّو لله ولرسوله(صلي الله عليه و اله)، فقال: «فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29)»(1))، ثم مرَّ عليه الحسين بن علي(عليه السلام)، فقال: لكن هذا لتبكين عليه السماء والأرض، وقال: ومابكت السماء والأرض إلّا علي يحيي بن زكريا والحسين بن علي صلوات الله عليهما»((2)).

وفي كامل الزيارات: بسنده عن الحسن بن الحكم النخعي، عن رجل، قال: «سمعت أمير المؤمنين(عليه السلام)، وهو يقول في الرحبة، وهو يتلو هذه الآية:«فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29)» وخرج عليه الحسين(عليه السلام) من بعض أبواب المسجد، فقال: أما أنَّ هذا سيقتل وتبكي عليه السماء والأرض»((3)).

وفيه أيضاً: وبسنده عن كثير بن شهاب الحارثي، قال: «بينا نحن جلوسعند أمير المؤمنين(عليه السلام) في الرحبة إذ طلع الحسين(عليه السلام)، فضحك علي حتّي بدت نواجده، ثم قال: إن الله ذكر قوماً فقال:«فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29)» والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ليقتلنَّ هذا، ولتبكين عليه السماء والأرض»((4)).

وفي قرب الإسناد: وعنهما، عن حنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: «زوروا الحسين(عليه السلام)، ولا تجفوه، فإنّه سيّد شباب الشهداء، وسيّد شباب أهل الجنة، وشبيه يحيي ابن زكريا، وعليهما بكت السماء والأرض»((5)).

ص: 160


1- ([2]) الدخان: 29.
2- ([3]) القمي، علي بن إبراهيم، تفسير القمي: ج2، ص219.
3- ([4]) ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص180.
4- ([1]) المصدر السابق: ص186.
5- ([2]) الحميري القمي، عبد الله، قرب الإسناد: ص99.

وفي الكافي الشريف: عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ يَحْيَي عَنْ جَدِّه الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ ثُوَيْرٍ قَالَ كُنْتُ أَنَا ويُونُسُ بْنُ ظَبْيَانَ والْمُفَضَّلُ ابْنُ عُمَرَ وأَبُو سَلَمَةَ السَّرَّاجُ جُلُوساً عِنْدَ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام) وكَانَ الْمُتَكَلِّمُ مِنَّا يُونُسَ وكَانَ أَكْبَرَنَا سِنّاً فَقَالَ: «لَه جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي أَحْضُرُ مَجْلِسَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ يَعْنِي وُلْدَ الْعَبَّاسِ فَمَا أَقُولُ فَقَالَ إِذَا حَضَرْتَ فَذَكَرْتَنَا فَقُلِ اللَّهُمَّ أَرِنَا الرَّخَاءَ والسُّرُورَ فَإِنَّكَ تَأْتِي عَلَي مَا تُرِيدُ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي كَثِيراً مَا أَذْكُرُ الْحُسَيْنَ(عليه السلام) فَأَيَّ شَيْءٍ أَقُولُ فَقَالَ قُلْ صَلَّي الله عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ الله تُعِيدُ ذَلِكَ ثَلَاثاً فَإِنَّ السَّلَامَ يَصِلُ إِلَيْه مِنْ قَرِيبٍ ومِنْ بَعِيدٍ ثُمَّ قَالَ إِنَّ أَبَا عَبْدِ الله الحُسَيْنَ(عليه السلام) لَمَّا قَضَي بَكَتْ عَلَيْه السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ والأَرَضُونَ السَّبْعُ ومَا فِيهِنَّ ومَا بَيْنَهُنَّ ومَنْ يَنْقَلِبُ فِي الْجَنَّةِ والنَّارِ مِنْ خَلْقِ رَبِّنَا ومَا يُرَي ومَا لَا يُرَي بَكَي عَلَي أَبِي عَبْدِ الله الحُسَيْنِ(عليه السلام) إِلَّا ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ لَمْ تَبْكِ عَلَيْه قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ ومَا هَذِه الثَّلَاثَةُ الأَشْيَاءِ قَالَ لَمْ تَبْكِ عَلَيْه الْبَصْرَةُ ولَا دِمَشْقُ ولَا آلُ عُثْمَانَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ الله»((1)).وفي

كامل الزيارات: بسنده عن أبي عبدالله(عليه السلام)، قال: «إنَّ الحسين(عليه السلام) بكتا لقتله السماء والأرض واحمرّتا، ولم تبكيا أحد قطّ إلّا علي يحيي بن زكريا والحسين بن علي(عليه السلام)»((2)).

وفيه أيضاً: وبسنده عن داود بن فرقد، قال: «سمعت أبا عبدالله(عليه السلام)، يقول: كان الذي قتل الحسين بن علي(عليه السلام) ولد زنا، والذي قتل يحيي بن زكريا ولد زنا، وقال: احمرّت السماء حين قتل الحسين بن علي سنة، ثم قال: بكت السماء والأرض علي الحسين بن علي وعلي يحيي بن زكريا، وحمرتها بكاؤها»((3)).

ص: 161


1- ([3]) الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج4، ص576-575؛ الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي: ص54 (باختلاف يسير).
2- ([1]) ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص181.
3- ([2]) ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص188.

وفي اللهوف: في خطبة خطبها علي بن الحسين(عليه السلام)، لمّا قدم من كربلاء إلي المدينة: «فلقد بكت السبع الشداد لقتله، إلي قوله: والسماوات بأركانها»((1)).

الجهة الرابعة: كسوف الشمس لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام)

من مظاهر تجلّي الغضب الإلهي هو كسوف الشمس لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام)، وفي ذلك عدة روايات:

ما في كامل الزيارات: وبسنده عن أبي نصر، عن رجل من أهل بيت المقدس في حديث طويل أنه قال: «وانكسفت الشمس ثلاثة أيام، ثم تجلّت عنها، وانشبكت النجوم، فلما كان من غذ ارجفنا بقتله، فلم يأت علينا كثيرشيء حتي نعي إلينا الحسين(عليه السلام)»((2)).

وأيضاً فيه: وبسنده عن زرارة قال: قال أبو عبد الله(عليه السلام) في حديث طويل، إلي أن قال: «وإنَّ الشمس بكت أربعين صباحاً بالكسوف والحمرة»((3)).

وفي المناقب لابن شهر آشوب، عن تاريخ النسوي: قال أبو قبيل: «لمّا قتل الحسين بن علي(عليه السلام) كسفت الشمس كسفة بدت الكواكب نصف النهار، حتي ظننت أنّها هي»((4)).

المطلب الثاني: تجلّيات المظاهر غير الكونيّة للغضب الإلهي

اشارة

نتناول في هذا المطلب أهمّ الآثار غير الكونيّة لمقتل سيّدالشهداء(عليه السلام) علي النحو التالي:

ص: 162


1- ([3]) ابن طاووس، علي بن موسي، اللهوف في قتلي الطفوف: ص117.
2- ([1]) ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص160.
3- ([2]) المصدر السابق: ص168.
4- ([3]) ابن شهرآشوب، محمد بن علي، المناقب: ج3، ص212؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص216.
ضجيج الملائكة وبكاؤهم لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام)

في المناقب لابن شهرآشوب: في خطبة السجاد(عليه السلام) في مجلس يزيد: «أنا ابن من بكت عليه ملائكة السماء»((1)).

وفي أمالي الصدوق: بسنده عن أبان بن تغلب، قال: «قال أبو عبدالله الصادق(عليه السلام): إنّ أربعة آلاف ملك هبطوا، يريدون القتال مع الحسين بن علي (صلوات الله عليه) فلم يؤذن لهم في القتال، فرجعوا في الاستئذان، وهبطوا وقد قتل الحسين(عليه السلام)، فهم عند قبره شعث غبر يبكونه إلي يوم القيامة، ورئيسهمملك يقال له منصور»((2)).

وفي الكافي الشريف: عن عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيه عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَصَمِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه الْبَزَّازِ عَنْ حَرِيزٍ قَالَ: « قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّه ع جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا أَقَلَّ بَقَاءَكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ وأَقْرَبَ آجَالَكُمْ بَعْضَهَا مِنْ بَعْضٍ مَعَ حَاجَةِ النَّاسِ إِلَيْكُمْ فَقَالَ إِنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا صَحِيفَةً فِيهَا مَا يَحْتَاجُ إِلَيْه أَنْ يَعْمَلَ بِه فِي مُدَّتِه فَإِذَا انْقَضَي مَا فِيهَا مِمَّا أُمِرَ بِه عَرَفَ أَنَّ أَجَلَه قَدْ حَضَرَ فَأَتَاه النَّبِيُّ ص يَنْعَي إِلَيْه نَفْسَه وأَخْبَرَه بِمَا لَه عِنْدَ اللَّه وأَنَّ الْحُسَيْنَ ع قَرَأَ صَحِيفَتَه الَّتِي أُعْطِيَهَا وفُسِّرَ لَه مَا يَأْتِي بِنَعْيٍ وبَقِيَ فِيهَا أَشْيَاءُ لَمْ تُقْضَ فَخَرَجَ لِلْقِتَالِ وكَانَتْ تِلْكَ الأُمُورُ الَّتِي بَقِيَتْ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ سَأَلَتِ اللَّه فِي نُصْرَتِه فَأَذِنَ لَهَا ومَكَثَتْ تَسْتَعِدُّ لِلْقِتَالِ وتَتَأَهَّبُ لِذَلِكَ حَتَّي قُتِلَ فَنَزَلَتْ وقَدِ انْقَطَعَتْ مُدَّتُه وقُتِلَ ع فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا رَبِّ أَذِنْتَ لَنَا فِي الِانْحِدَارِ وأَذِنْتَ لَنَا فِي نُصْرَتِه فَانْحَدَرْنَا وقَدْ قَبَضْتَه فَأَوْحَي اللَّه إِلَيْهِمْ أَنِ الْزَمُوا قَبْرَه حَتَّي تَرَوْه وقَدْ خَرَجَ فَانْصُرُوه وابْكُوا عَلَيْه وعَلَي مَا فَاتَكُمْ مِنْ نُصْرَتِه فَإِنَّكُمْ قَدْ خُصِّصْتُمْ بِنُصْرَتِه وبِالْبُكَاءِ عَلَيْه فَبَكَتِ الْمَلَائِكَةُ تَعَزِّياً وحُزْناً عَلَي مَا فَاتَهُمْ مِنْ نُصْرَتِه فَإِذَا خَرَجَ يَكُونُونَ أَنْصَارَه»((3)).

ص: 163


1- ([4]) ابن شهرآشوب، محمد بن علي، المناقب: ج3، ص305؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص174.
2- ([1]) الصدوق، محمد بن علي، الأمالي: ص737.
3- ([2]) الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج1، ص284.

وفي كامل الزيارات: بسنده عن أبان بن تغلب، قال: قال أبو عبدالله(عليه السلام): «هبط أربعة آلاف ملك يريدون القتال مع الحسين(عليه السلام)، فلم يؤذن لهم في القتال، فرجعوا في الاستيذان، فهبطوا، وقد قتل الحسين(عليه السلام)، فهم عند قبره شعث غبر يبكونه إلي يوم القيامة، رئيسهم ملك يقال له منصور، فلايزوره زائر إلّا استقبلوه، ولا يودّعه مودع إلّا شيّعوه، ولايمرض مريض إلّا عادوه، ولايموتإلّا صلّوا علي جنازته، واستغفروا له بعد موته، وكل هؤلاء في الأرض ينتظرون قيام القائم(عجل الله تعالي فرجه و الشريف)»((1)).

وفي كامل الزيارات: بسنده عن العمركيّ بن علي البوفكي، قال: حدثنا يحيي - وكان في خدمة أبي جعفر الثاني(عليه السلام) - عن علي، عن صفوان الجمّال، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: «سألته في طريق المدينة ونحن نريد المكة، فقلت: يا بن رسول الله، مالي أراك كئيباً حزيناً منكسراً، فقال: لو تسمع ما أسمع لشغلك عن مسألتي، قلت: فما الذي تسمع، قال: ابتهال الملائكة إلي الله (عزوجل)علي قتلة أمير المؤمنين وقتلة الحسين (عليها السلام)، ونوح الجن وبكاء الملائكة الذين حوله وشدة جزعهم، فمن يتهنأ مع هذا بطعام أو بشراب أو نوم. وذكر الحديث»((2)).

المطلب الثالث: المولي (عزوجل)ينتقم من قتلة الحسين(عليه السلام) بالقائم(عجل الله تعالي فرجه و الشريف)

في هذا المطلب من البحث نستعرض الأحاديث القائلة بظهور الإمام الحجة(عجل الله تعالي فرجه و الشريف)، وانتقامه من قتلة الإمام الحسين(عليه السلام)، بأمر من المولي تبارك وتعالي.

ما في علل الشرائع: بسنده عن ثابت بن دينار الثمالي، قال: «سألت أبا جعفر

ص: 164


1- ([1]) ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص354؛ الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج4، ص581 (باختلاف يسير)؛ النعماني، محمّد بن إبراهيم، الغيبة، ص168.
2- ([2]) ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص168؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص210.

محمّد بن علي الباقر(عليه السلام): يا ابن رسول الله(صلي الله عليه و اله)، فلستم كلكم قايمين بالحق؟ قال: بلي، قلت: فلم سمّيه القايم قائماً؟ قال: لمّا قتل جدّي الحسين(عليه السلام)، ضجّت عليه الملائكة إلي الله تعالي بالبكاء والنحيب وقالوا: إلهنا وسيّدنا، أتغفل عمّنقتل صفوتك وابن صفوتك وخيرتك من خلقك، فأ وحي الله(عزوجل)إليهم: قرّوا ملائكتي: فوعزّتي وجلالي لا نتقمنّ منهم ولو بعد حين، ثمّ كشف الله (عزوجل)عن الأئمة من ولد الحسين(عليه السلام) للملائكة، فسرّت الملائكه بذلك، فإذا أ حدهم قائم يصلّي، فقال اللّه (عزوجل): بذلك القائم أ نتقم منهم»((1)).

وفي أمالي الشيخ الطوسي: بسنده عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: «لما كان من أمر الحسين بن علي ما كان، ضجّت الملائكة إلي الله تعالي، وقالت: يا ربّ، يفعل هذا بالحسين صفيك وابن نبيك؟ قال: فأقام الله لهم ظلّ القائم(عليه السلام) وقال بهذا انتقم له من ظالميه»((2)).

وفي الكافي الشريف:

عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ومُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَمُّونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَصَمِّ عَنْ كَرَّامٍ قَالَ حَلَفْتُ فِيمَا بَيْنِي وبَيْنَ نَفْسِي أَلَّا آكُلَ طَعَاماً بِنَهَارٍ أَبَداً حَتَّي يَقُومَ قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ فَدَخَلْتُ عَلَي أَبِي عَبْدِ اللَّه(عليه السلام) قَالَ: «فَقُلْتُ لَه رَجُلٌ مِنْ شِيعَتِكُمْ جَعَلَ لِلَّه عَلَيْه أَلَّا يَأْكُلَ طَعَاماً بِنَهَارٍ أَبَداً حَتَّي يَقُومَ قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ قَالَ فَصُمْ إِذاً يَا كَرَّامُ ولَا تَصُمِ الْعِيدَيْنِ ولَا ثَلَاثَةَ التَّشْرِيقِ ولَا إِذَا كُنْتَ مُسَافِراً ولَا مَرِيضاً فَإِنَّ الْحُسَيْنَ ع لَمَّا قُتِلَ عَجَّتِ السَّمَاوَاتُ والأَرْضُ ومَنْ عَلَيْهِمَا والْمَلَائِكَةُ فَقَالُوا يَا رَبَّنَا ائْذَنْ لَنَا فِي هَلَاكِ الْخَلْقِ حَتَّي نَجُدَّهُمْ عَنْ جَدِيدِ الأَرْضِ بِمَا اسْتَحَلُّوا

ص: 165


1- ([1]) الصدوق، محمد بن علي، علل الشرائع: ص160.
2- ([2]) الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي: ص418.

حُرْمَتَكَ وقَتَلُوا صَفْوَتَكَ فَأَوْحَي اللَّه إِلَيْهِمْ يَا مَلَائِكَتِي ويَا سَمَاوَاتِي ويَا أَرْضِيَ اسْكُنُوا ثُمَّ كَشَفَ حِجَاباً مِنَ الْحُجُبِ فَإِذَا خَلْفَه مُحَمَّدٌ(صلي الله عليه و اله) واثْنَا عَشَرَ وَصِيّاً لَه(عليهم السلام)وأَخَذَ بِيَدِ فُلَانٍ الْقَائِمِ مِنْبَيْنِهِمْ فَقَالَ يَا مَلَائِكَتِي ويَا سَمَاوَاتِي ويَا أَرْضِي بِهَذَا أَنْتَصِرُ لِهَذَا قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ»((1)).

ص: 166


1- ([1]) الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج1، ص53.

المبحث الثاني: المظاهر الأرضيّة لتجلّي الغضب الإلهي لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام) في أحاديث الشيعة

اشارة

في هذا المبحث نتطرّق إلي أهم الآثار الأرضية لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام) علي النحو التالي:

المطلب الأوّل: مظاهر تجلّيات الغضب الإلهي في الجمادات

اشارة

نشير في هذا المطلب إلي أهم مظاهر الغضب الإلهي التي تجلّت في الجمادات، والتي من خلالها المقام العظيم للإمام الحسين(عليه السلام) عند الله تعالي، وذلك في جهات:

الجهة الأولي: ما رفع حجر ولا مدر إلّا وتحته دم عبيط عند مقتل سيّد الشهداء(عليه السلام)

الأحاديث في هذا المجال كثيرة وبأسانيد مختلفة؛ إلّا أنّ المضمون والمعني واحد، ولأجل ذلك وتجنباً من الإطالة حتي نصل إلي النتيجة بسهولة، نشير إلي أهم هذه الأحاديث الشريفة في هذا المقام:

ورد في كامل الزيارات: بسنده عن أبي نصر، عن رجل من أهل بيت المقدس، أنه قال: «والله لقد عرفنا أهل بيت المقدس ونواحيها عشية قتل الحسين بن علي(عليه السلام)، قلت: وكيف ذاك، قال: ما رفعنا حجراً ولا مدراً ولاصخراً الّا ورأينا تحتها

ص: 167

دماً عبيطاً يغلي، واحمرّت الحيطان كالعلق»((1)).

وفيه أيضاً: وبسنده عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: «بعث هشام بن عبد الملك إلي أبي، فأشخصه إلي الشام، فلّما دخل عليه، قال له: يا أبا جعفر(عليه السلام)، أشخصناك لنسألك عن مسألة لم يصلح أن يسألك عنها غيري، ولا أعلم في الأرض خلقاً ينبغي أن يعرف أو عرف هذه المسألة إن كان الّا واحداً، فقال أبي: ليسألني أمير المؤمنين عمّا أحب، فإن علمت أجبت ذلك، وإن لم أعلم قلت: لا أدري، وكان الصدق أولي بي. فقال هشام: أخبرني عن الليلة التي قتل فيها علي بن أبي طالب(عليه السلام)، بما استدل به الغائب عن المصر الذي قتل فيه علي قتله، وما العلامة فيه للناس؟ فان علمت ذلك وأحببت فأخبرني، هل كان تلك العلامة لغير علي(عليه السلام)؟ فقال له أبي: يا أمير المؤمنين، إنه لما كان الليلة التي قتل فيها علي(عليه السلام) لم يرفع عن وجه الأرض حجر إلّا وجد تحته دم عبيط حتي طلع الفجر، وكذلك كانت الليلة التي قتل فيها هارون أخو موسي(عليه السلام)، وكذلك كانت الليلة التي قتل فيها يوشع بن نون، وكذلك كانت الليلة التي رفع فيها عيسي بن مريم، وكذلك كانت الليلة التي قتل فيها شمعون بن حمون الصفا، وكذلك كانت الليلة التي قتل فيها علي بن أبي طالب(عليه السلام)، وكذلك كانت الليلة التي قتل فيها الحسين ابن علي. وقال: فتربّد وجه هشام حتي انتقع لونه، وهمّ أن يبطش بأبي، فقال له أبي: ياأمير المؤمنين، الواجب علي العباد الطاعة لإمامهم، والصدق له بالنصيحة، وإنّ الذي دعاني إلي أن أجيب أمير المؤمنين فيما سألني عنه معرفتي إياه بما يجب له عليّ من الطاعة، فليحسن أمير المؤمنينالظن، فقال له هشام: انصرف إلي أهلك إذا شئت، قال: فخرج، فقال له هشام عند خروجه: أعطني عهداً لله وميثاقه أن لاترفع هذا الحديث إلي أحد

ص: 168


1- ([1]) ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص161؛ القاضي النعمان، النعمان بن محمد، شرح الأخبار: ج2، ص447، باختلاف يسير.

حتي أموت، فأعطاه أبي من ذلك ما أرضاه. وذكر الحديث بطوله»((1)).

وفي الأمالي للصدوق: بسنده عن فاطمة بنت علي صلوات الله عليهما: «ثم إن يزيد - لعنه الله - أمر بنساء الحسين(عليه السلام)، فحبسن مع علي بن الحسين(عليه السلام) في محبس لا يكنهم من حر ولا قر حتي تقشّرت وجوههم، ولم يرفع ببيت المقدس حجر عن وجه الأرض إلّا وجد تحته دم عبيط، وأبصر الناس الشمس علي الحيطان حمراء كأنها الملاحف المعصفرة، إلي أن خرج علي بن الحسين(عليه السلام) بالنسوة، ورد رأس الحسين(عليه السلام) إلي كربلاء»((2)).

وفي الملاحم والفتن: بسنده عن بواب بن زياد، قال: «نظرت إلي حيطان دار الإمارة يوم جيء برأس الحسين، وكأنها تسيل دماً»((3)).

الجهة الثانية: ما ظهر في الجبال والبحار، وزفرة جهنّم لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام)

جاء في كامل الزيارات: بسنده عن هشام بن سعد، قال: «أخبرني المشيخة: أن الملك الذي جاء إلي رسول الله(صلي الله عليه و اله)وأخبره بقتل الحسين بن علي(عليه السلام) كان ملك البحار، وذلك أنّ ملكاً من ملائكة الفردوس نزل علي البحر، فنشر أجنحته عليها، ثم صاح صيحة، وقال: يا أهل البحار، البسوا أثواب الحزن، فإنّ فرخ رسول(صلي الله عليه و اله) مذبوح، ثم حمل من تربته في أجنحته إلي السماوات، فلم يلقملكاً إلّا شمَّها، وصار عنده لها أثر، ولعن قتلته وأشياعهم وأتباعهم»((4)).

وفيه أيضاً: وبسنده عن أبي بصير، قال: «كنت عند أبي عبد الله(عليه السلام) أحدّثه، فدخل عليه ابنه، فقال له: مرحبا، وضمّه وقبّله، وقال: حقّر الله من حقّركم، وانتقم ممن

ص: 169


1- ([1]) ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص160.
2- ([2]) الصدوق، محمد بن علي، الأمالي: ص231.
3- ([3]) ابن طاووس، علي بن موسي، الملاحم والفتن: ص336.
4- ([1]) ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص143.

وتركم، وخذل الله من خذلكم، ولعن الله من قتلكم، وكان الله لكم ولياً وحافظاً وناصراً، فقد طال بكاء النساء وبكاء الأنبياء والصديقين والشهداء وملائكة السماء ثم بكي، وقال: يا أبا بصير، إذا نظرت إلي ولد الحسين أتاني ما لا أملكه بما أتي إلي أبيهم وإليهم، يا أبا بصير، إنّ فاطمة(عليها السلام) لتبكيه وتشهق، فتزفر جهنم زفرة لولا أن الخزنة يسمعون بكاءها، وقد استعدوا لذلك، مخافة أن يخرج منها عنق أو يشرد دخانها فيحرق أهل الأرض فيكبحونها ما دامت باكية، ويزجرونها ويوثقون من أبوابها، مخافة علي أهل الأرض، فلا تسكن حتي يسكن صوت فاطمة.

وإنّ البحار تكاد أن تنفتق، فيدخل بعضها علي بعض، وما منها قطرة إلّا بها ملك موكّل، فإذا سمع الملك صوتها أطفأ نارها بأجنحته، وحبس بعضها علي بعض؛ مخافة علي الدنيا وما فيها ومن علي الأرض، فلا تزال الملائكة مشفقين، يبكونه لبكائها، ويدعون الله ويتضرعون إليه، ويتضرع أهل العرش ومن حوله، وترتفع أصوات من الملائكة بالتقديس لله؛ مخافة علي أهل الأرض، ولو أن صوتاً من أصواتهم يصل إلي الأرض لصعق أهل الأرض، وتقطّعت الجبال، وزلزلت الأرض بأهلها»((1)).

وفيه أيضاً: في حديث أبي ذر: «وإنكم لو تعلمون ما يدخل علي أهل البحار، وسكان الجبال في الغياض والآكام، وأهل السماء ومن قتله، لبكيتموالله حتي تزهق أنفسكم»((2)).

وفي علل الشرائع والأمالي للصدوق: في حديث ميثم التمار، عن أمير المؤمنين(عليه السلام): «وأنه يبكي عليه كل شئ حتي الوحوش في الفلوات، والحيتان في البحر، والطير في السماء»((3)).

ص: 170


1- ([2]) المصدر السابق: ص169.
2- ([1]) المصدر السابق: ص154.
3- ([2]) الصدوق، محمد بن علي، علل الشرائع: ص228؛ الصدوق، محمّد بن علي، الأمالي: ص190.

وفي اللهوف: في خطبة السجاد(عليه السلام) حين قدومه المدينه في كربلاء: «فقد بكت السبع الشداد لقتله، وبكت البحار بأمواجها - إلي قوله - والحيتان ولُجج البحار»((1)).

وفي عوالم العلوم عن كعب الأحبار حين أسلم في أيام خلافة عمربن الخطاب، وجعل الناس يسألونه عن الملاحم التي تظهر في آخر الزمان، فصار كعب يخبرهم بأنواع الأخبار والملاحم والفتن التي تظهر في العالم، ثم قال: «وأعظمها فتنة وأشدها مصيبة لا تنسي إلي أبد الآبدين، مصيبة الحسين(عليه السلام)، وهي الفساد الذي ذكره الله تعالي في كتابه المجيد، حيث قال: «ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ »(2)) وإنما فتح الفساد بقتل هابيل بن آدم، وختم بقتل الحسين(عليه السلام)، وساق إلي أن قال: وإنه يسمي في السماء حسيناً المذبوح، وفي الأرض أبا عبد الله المقتول، وفي البحار الفرخ الأزهر المظلوم، وإنه يوم قتله تنكسف الشمس بالنهار، ومن الليل ينخسف القمر، وتدوم الظلمة علي الناسثلاثة أيّام، وتمطر السماء دماً، (ورماداً)، وتدكدك الجبال وتغطمط((3)) البحار، ولولا بقية من ذرّيته وطائفة من شيعته الذين يطلبون بدمه ويأخذون بثأره، لصب الله عليهم ناراً من السماء أحرقت الأرض ومن عليها»((4)).

المطلب الثاني: مظاهر تجلّيات الغضب الإلهي في غير الجمادات

اشارة

نسلط الضوء في هذا المطلب علي أهم الآثار التي تجلّي فيها الغضب الإلهي في غير الجمادات لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام)، وهنا جهات:

ص: 171


1- ([3]) ابن طاووس، علي بن موسي، اللهوف: ص117.
2- ([4]) الروم: 41.
3- ([1]) التغطمط: إلتطام الأمواج: لسان العرب، مادة: غطم.
4- ([2]) المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص315؛ البحراني، عبد الله، عوالم العلوم للإمام الحسين: ص499.
الجهة الأوّلي: تجلّيات الغضب في قتلة الإمام الحسين(عليه السلام)
اشارة

سيكون البحث في هذه الجهة في نقاط:

النقطة الأولي: ما أصاب يزيد (عليه اللعنة)

في كامل الزيارات: بسنده عن سليمان، - في حديث طويل إلي أن - قال: «فوالله، لقد عوجل الملعون يزيد، ولم يتمتع بعد قتله بما طلب، ولقد أخذ مغافصة - المفاجأة - بات سكراناً، وأصبح ميتاً متغيراً كأنه مطلي بقار، أخذ علي أسف، وما بقي أحد ممن تابعه علي قتله بما طلب، أو كان في محاربته إلّا أصابه جنون أو جذام أو برص، وصار ذلك وراثة في نسلهم»((1)).

النقطة الثانية: ما أصاب عبيد الله بن زياد (عليه اللعنة)

في عقاب الأعمال للصدوق: بإسناده عن عمار بن عمير التميمي، قال:«لما جيء برأس عبيدالله بن زياد (لعنه الله) ورؤس أصحابه إلي المسجد، انتهيت إليهم، والناس يقولون: قد جاءت، فجاءت حية تتخلّل الرؤس حتي دخلت في منخر عبيدالله بن زياد لعنة الله عليه، ثم خرجت، فدخلت في المنخر الآخر»((2)).

وفي بحار الأنوار وعوالم العلوم للإمام الحسين(عليه السلام): عن حاجب عبيدالله بن زياد (لعنه الله)، قال: «دخلت القصر خلف عبيدالله بن زياد (لعنه الله)، فاضطرم في وجهه نار، فقال هكذا بكمّه علي وجهه، فقال: هل رأيت؟ قلت: نعم، فأمرني أن أكتم ذلك»((3)).

ص: 172


1- ([3]) ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص132؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج44، ص236 وج45، ص309.
2- ([1]) الصدوق، محمد بن علي، عقاب الأعمال: ص219؛ ابن شهرآشوب، محمّد بن علي، المناقب: ج3، ص216؛ الطوسي، ابن حمزة، الثاقب في المناقب: ص218 - باختلاف يسير -.
3- ([2]) المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص309؛ البحراني، عبد الله، عوالم العلوم للإمام الحسين: ص622.
النقطة الثالثة: فيمن أهوي الله عليه نجمين، فعميت عيناه

في المناقب لابن شهر آشوب: بسنده عن قرة بن أعين، عن خاله، قال: «كنت عند أبي رجاء العطاردي، فقال: لا تذكروا أهل البيت إلا بخير، فدخل عليه رجل من حاضري كربلا، وكان يسب الحسين(عليه السلام)، وأهوي الله عليه نجمين فعميت عيناه»((1)).

النقطة الرابعة: فيمن ادّعي أنّه قتل الحسين(عليه السلام) ولم يصبه شيء

في الأمالي للشيخ الطوسي: بسنده عن محمّد بن سليمان، قال: حدثنيعمي، قال: «لما خفنا أيام الحج، خرج نفر منا من الكوفة مستترين، وخرجت معهم، فصرنا إلي كربلا، وليس بها موضع نسكنه، فبنينا كوخاً علي شاطئ الفرات، وقلنا: نأوي إليه، فبينا نحن فيه إذ جاءنا رجل غريب، فقال: أصير معكم في هذا الكوخ الليلة فأنا عابر سبيل، فأجبناه وقلنا غريب منقطع به.فلما غربت الشمس، وأظلم الليل، أشعلنا، فكنّا نشعل بالنفط، ثم جلسنا نتذاكر أمر الحسين بن علي(عليه السلام) ومصيبته و قتله ومن تولّاه، فقلنا: ما بقي أحد من قتلة الحسين إلّا رماه الله ببلية في بدنه. فقال ذلك الرجل: فأنا كنت فيمن قتله، والله ما أصابني سوء، وإنكم يا قوم تكذبون، فأمسكنا عنه، وقلّ ضوء النفط، فقام ذلك الرجل ليصلح الفتيلة بإصبعه، فأخذت النار كفّه، فخرج ونادي حتي ألقي نفسه في الفرات يتغوص به، فو الله، لقد رأيناه يدخل رأسه في الماء والنار علي وجه الماء، فإذا أخرج رأسه سرت النار إليه، فيغوصه إلي الماء، ثم يخرجه، فتعود إليه فلم يزل ذلك دأبه حتي هلك»((2)).

وفي عقاب الأعمال للصدوق: بسنده عن يعقوب بن سليمان، قال: «سهرت أنا ونفر ذات ليلة، فتذاكرنا مقتل الحسين(عليه السلام) فقال رجل من القوم: ما تلبّس أحد بقتله إلا

ص: 173


1- ([3]) ابن شهرآشوب، محمد بن علي، المناقب: ج3، ص216؛ الطوسي، ابن حمزة، الثاقب في المناقب: ص337.
2- ([1]) الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي: ص163.

أصابه بلاء في أهله ونفسه وماله، فقال شيخ من القوم فهو والله ممن شهد قتله وأعان عليه، فما أصابه إلي الآن أمر يكرهه، فمقته القوم، وتغير السراج وكان دهنه نفطاً، فقام إليه ليصلحه، فأخذت النار بإصبعه، فنفخها فأخذت بلحيته، فخرج يبادر إلي الماء، فألقي نفسه في النهر، وجعلت النار ترفرف علي رأسه فإذا أخرجه أحرقته حتي مات، لعنه الله»((1)).وفي

بحار الأنوار عن السدي((2))، قال: «أضافني رجل في ليلة كنت أحب الجليس، فرحّبت به وقرّبته وأكرمته، وجلسنا نتسامر، وإذا به ينطلق بالكلام كالسيل إذا قصد الحضيض، فطرقت له فانتهي في سمره طفّ كربلاء، وكان قريب العهد من قتل الحسين(عليه السلام)، فتأوّهت الصعداء، وتزفرت تاماً، فقال: ما بالك؟ قلت: ذكرت مصاباً يهون عنده كل مصاب، قال: أما كنت حاضراً يوم الطفّ؟ قلت: لا والحمد لله، قال: أراك تحمد علي أي شيء؟ قلت: علي الخلاص من دم الحسين(عليه السلام)؛ لأنّ جده(صلي الله عليه و اله) قال: إن من طولب بدم ولدي الحسين(عليه السلام) يوم القيامة لخفيف الميزان. قال: [قال: ] هكذا جده؟ قلت: نعم. وقال(صلي الله عليه و اله): ولدي الحسين يقتل ظلماً وعدواناً، ألا ومن قتله يدخل في تابوت من نار، ويعذّب بعذاب نصف أهل النار، وقد غلت يداه ورجلاه، وله رائحة يتعوّذ أهل النار منها، هو ومن شايع وبايع أو رضي بذلك، «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا »(3)) لا يفتر عنهم ساعة، ويسقون من حميم جهنم، فالويل لهم من عذاب جهنم. قال: لا تصدق هذا الكلام يا أخي، قلت: كيف هذا؟ وقد قال(صلي الله عليه و اله): لا كذبت ولا كذّبت، قال: تري قالوا: قال رسول الله (صلي الله عليه و اله): قاتل ولدي الحسين لايطول عمره، وها أنا - وحقّك - قد تجاوزت التسعين، مع أنك ما تعرفني، قلت: لا والله، قال: أنا الأخنس بن

ص: 174


1- ([2]) الصدوق، محمد بن علي، عقاب الأعمال: ص218.
2- ([1]) لم يذكر في البحار اسم الكتاب، بل كان متصلاً بالحديث المنقول عن بعض المؤلفات.
3- ([2]) النساء: 56.

زيد، قلت: وما صنعت يوم الطفّ؟ قال: أنا الذي أُمّرت علي الخيل الذين أمرهم عمر بن سعد بوطئ جسم الحسين(عليه السلام) بسنابك الخيل، وهشّمت أضلاعه، وجررت نطعاً من تحت علي بن الحسين(عليه السلام) وهو عليل، حتي كببته علي وجهه، وخرمت أذني صفية بنت الحسين(عليه السلام) لقرطين كانا في أذنيها. قال السدّي: فبكي قلبي هجوعاً، وعيناي دموعاً،وخرجت أعالج علي إهلاكه وإذا بالسراج قد ضعفت، فقمت أزهرها، فقال: اجلس وهو يحكي متعجّباً من نفسه وسلامته، ومدّ إصبعه ليزهرها فاشتعلت به، ففركها في التراب فلم تنطف، فصاح بي أدركني يا أخي، فكببت الشربة عليها، وأنا غير محب لذلك، فلما شمّت النار رائحة الماء، ازدادت قوة، وصاح بي ما هذه النار وما يطفؤها؟ قلت: ألق بنفسك في النهر، فرمي بنفسه، فكلما ركس جسمه في الماء اشتعلت في جميع بدنه، كالخشبة البالية في الريح البارح. هذا وأنا أنظره، فوالله الذي لا إله إلا هو، لم تطفأ حتي صار حماً وصار علي وجه الماء، ألا لعنة الله علي الظالمين»((1)).

النقطة الخامسة: فيمن كثّر السواد في قتل الإمام الحسين(عليه السلام)

وفي المناقب لابن شهرآشوب: وسئل عبد الله بن الرياح القاضي الأعمي عن عمائه، فقال: «كنت حضرت كربلا، وما قاتلت، فنمت فرأيت شخصاً هائلاً، قال: أجب رسول الله(صلي الله عليه و اله)، فقلت: لا أطيق. فجرّني إلي رسول الله(صلي الله عليه و اله)، فوجدته حزيناً، وفي يده حربة، وبسط قدامه نطع، وملك قبله قائم في يده سيف من النار، يضرب أعناق القوم، وتقع النار فيهم فتحرقهم، ثم يحيون ويقتلهم أيضاً هكذا. فقلت: السلام عليك يا رسول الله، والله ما ضربت بسيف، ولا طعنت برمح، ولا رميت سهماً، فقال النبي(صلي الله عليه و اله): ألست كثّرت السواد، فسلّمني، وأخذ من طست فيه دم فكحّلني من ذلك

ص: 175


1- ([1]) المجلسي، محمد باقر، بحارالأنوار، ج 45، ص319؛ البحراني، عبد الله، عوالم العلوم للإمام الحسين: ص635.

الدم، فاحترقت عيناي، فلما انتبهت كنت أعمي»((1)).وفي اللهوف: وروي ابن رياح، قال: «رأيت رجلاً مكفوفاً قد شهد قتل الحسين(عليه السلام)، فسئل عن ذهاب بصره، فقال: كنت شهدت قتله عاشر عشرة، غير أني لم أضرب ولم أرم، فلما قتل رجعت إلي منزلي، وصليت العشاء الأخيرة، ونمت، فأتاني آت في منامي فقال: أجب رسول الله(صلي الله عليه و اله) فإنه يدعوك.

فقلت: مالي وله، فأخذ بتلابيبي وجرّني إليه، فإذا النبي (صلي الله عليه و اله) جالس في صحراء حاسر عن ذراعيه، آخذ بحربة، وملك قائم بين يديه وفي يده سيف من نار، فقتل أصحابي التسعة، فكلما ضرب ضربة التهبت أنفسهم ناراً، فدنوت منه، وجثوت بين يديه، وقلت: السلام عليك يارسول الله، فلم يرد علي، ومكث طويلاً، ثم رفع رأسه، وقال: يا عدو الله، انتكهت حرمتي، وقتلت عترتي، ولم ترع حقي، وفعلت ما فعلت؟ فقلت: والله يا رسول الله، ما ضربت بسيف ولا طعنت برمح ولا رميت بسهم، قال: صدقت، ولكنك كثّرت السواد، ادن مني، فدنوت منه، فإذا طست مملوء دماً، فقال لي: هذا دم ولدي الحسين(عليه السلام)، فكحّلني من ذلك الدم، فانتبهت حتي الساعة لا أبصر شيئاً»((2)).

النقطة السادسة: عقاب من باع المسمار في عسكر العدو

في كتاب الثاقب في المناقب: عن السدي قال: «كنا عنده إذ جاءه رجل ريحه ريح القطران، فقال السدي: تبيع القطران؟ قال: لا، قال: فما هذه الريح؟ قال: أخبركم، لا والله لا أبيع القطران، إلّا أني كنت مع عمر بن سعد (لعنه االله) في عسكره أبيعهم

ص: 176


1- ([2]) ابن شهرآشوب، محمد بن علي، المناقب: ج10، ص46؛ القاضي النعمان، النعمان بن محمد، شرح الأخبار: ج3 ص171.
2- ([1]) ابن طاووس، علي بن موسي، اللهوف في قتلي الطفوف: ص81؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص306.

الحديد، فلما أصيب الحسين(عليه السلام) كنت في العسكر قريباً، فرأيت في المنام إذا جاء رسول الله (صلي الله عليه و اله) وعلي(عليه السلام) كان معه، وهو يسقي أصحابالحسين، فقلت: أسقني يا علي، فأبي، فقلت: يا رسول الله، قل لعلي يسقيني، فقال: اسقه يا علي، فقال: يا رسول الله، إن هذا ممن أعان علينا، فقال: ما فعلت؟ فقلت: بلي، قد كنت أبيعهم الحديد، فقال لي رسول الله (صلي الله عليه و اله): فعلت؟ قلت: نعم، قال: يا علي، اسقه قطراناً، فناولني قدحاً ملئ قطراناً فشربته، فمكثت ثلاثة أيّام أبول القطران، وهذه ريحه قد بقيت. فقال السدي: اشرب من ماء الفرات، وكُل من خبز البر، فما أراك تلقي محمّداً(صلي الله عليه و اله)»((1)).

وفي المناقب لابن شهر آشوب: قال السدي لرجل: «أنت تبيع القطران؟ قال: والله، ما رأيت القطران، إلّا أنّني كنت أبيع المسمار في عسكر عمر بن سعد في كربلاء، فرأيت في منامي رسول الله(صلي الله عليه و اله) وعلي بن أبي طالب(عليه السلام) يسقيان الشهداء فاستسقيت علياً(عليه السلام) فأبي، فأتيت النبي(صلي الله عليه و اله) فاستسقيت، فنظر إليَّ وقال: ألست ممن أعان علينا؟ فقلت: يا رسول الله، إنني محترق، ووالله ماحاربتهم، فقال: اسقه قطراناً، فسقاني شربة قطران، فلما انتبهت كنت أبول ثلاثه أيّام القطران، ثم انقطع وبقيت رايحته»((2)).

النقطة السابعة: فيما أصاب قاتل أبي الفضل العباس(عليه السلام)

في ثواب الأعمال وعقاب الأعمال للصدوق: بسنده عن ابن الأصبغ بن نباتة، قال: «قدم علينا رجل من بني دارم، ممن شهد قتل الحسين(عليه السلام) مسود الوجه، وكان رجلاً جميلاً شديد البياض، فقلت له: ما كدت أعرفك لتغيّر لونك، فقال: قتلت رجلاً من أصحاب الحسين يبصر بين عينيه أثر السجود وجئتبرأسه، فقال القاسم: لقد

ص: 177


1- ([1]) الطوسي، ابن حمزة، الثاقب في المناقب: ص336.
2- ([2]) ابن شهرآشوب، محمد بن علي، المناقب: ج10، ص47.

رأيته علي فرس له مرحاً وقد علق الرأس بلبانها وهو يصيب ركبتها، قال: فقلت لأبي: لو أنه رفع الرأس قليلاً، أما تري ما تصنع به الفرس بيديها؟ فقال لي: يا بني ما يصنع بي أشد، لقد حدثني، قال: ما نمت ليلة منذ قتلته إلّا أتاني في منامي حتي يأخذ بكتفي فيقودني، ويقول: انطلق فينطلق بي إلي جهنم فيقذف بي فاصيح، قال فسمعت بذلك جارة له، فقال: ما يدعنا ننام شيئاً من الليل من صياحه، قال: فقمت في شباب من الحي، فأتينا إمرأته فسألناها، فقالت: قد أبدي علي نفسه قد صدقكم»((1)).

وفي مقاتل الطالبيين قال المدائني: بسنده عن القاسم بن أصبغ بن نباتة، قال: «رأيت رجلا من بني أبان بن دارم، أسود الوجه وكنت أعرفه جميلاً شديد البياض، فقلت له: ما كدت أعرفك، قال: إني قتلت شابا أمرد مع الحسين(عليه السلام) بين عينيه أثر السجود، فما نمت ليلة منذ قتلته إلا أتاني فيأخذ بتلابيبي حتي يأتي جهنم فيدفعني فيها، فأصيح فما يبقي أحد في الحي إلا سمع صياحي، قال: والمقتول العباس بن علي(عليه السلام)»((2)).

النقطة الثامنة: عقاب من أهان قبر الحسين(عليه السلام)

في المناقب لأبن شهرآشوب عن كتاب ابن بطة، والنطنزي، روي أبو عبد الرحمن بن أحمد بن حنبل، بإسناده عن الأعمش، قال: «أحدث رجل علي قبر الحسين فأصابه وأهل بيته جنون وجذام وبرص، وهم يتوارثونالجذام والبرص إلي الساعة»((3)).

ص: 178


1- ([1]) الصدوق، محمد بن علي، عقاب الأعمال: ص219.
2- ([2]) الاصفهاني، ابو الفرج، مقاتل الطالبيين: ص78؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص306.
3- ([1]) ابن شهرآشوب، محمد بن علي، المناقب: ج3، ص221.
النقطة التاسعة: بعض الأخبار بما جري لقتلة الإمام الحسين(عليه السلام)

في أمالي الشيخ الطوسي: بسنده عن الحسن بن عطية، قال: «سمعت جدي أبا أمي بزيعاً، قال: كنا نمر ونحن غلمان زمن خالد علي رجل في الطريق جالس، أبيض الجسد أسود الوجه، وكان الناس يقولون: خرج علي الحسين(عليه السلام)»((1)).

وفي المناقب لابن شهر آشوب عن أمالي أبي سهل القطان، يرويه عن ابن عيينه، قال: «أدركت من قتلة الحسين رجلين. أما أحدهما: فإنّه طال ذكره حتي كان يلفه، وفي رواية: كان يحمله علي عاتقه، وأما الآخر: فإنّه كان يستقبل الرواية ولا يروي، وذلك إنّه نظر إلي الحسين، وقد أهوي إلي فيه بماء وهو يشرب فرماه بسهم، فقال الحسين: لا أرواك الله من الماء في دنياك ولا آخرتك. وفي رواية: إن رجلاً من كلب رماه بسهم فشك شدقه، فقال الحسين: لا أرواك الله، فعطش الرجل حتي ألقي نفسه في الفرات وشرب حتي مات»((2)).

وفي المناقب لابن شهر آشوب: المقتل عن ابن بابويه والتاريخ عن الطبري، قال أبو القاسم الواعظ: «نادي رجل: يا حسين، إنّك لن تذوق من الفرات قطرة حتي تموت، أو تنزل علي حكم الأمير، فقال الحسين: اللّهم اقتله عطشاً، ولا تغفر له ابداً، فغلب عليه العطش، فكان يعب المياه ويقول:واعطشاه، حتي تقطع - تاريخ الطبري -: انه كان هذا المنادي عبد الله بن الحصين الأزدي، وفي رواية: كان رجلاً من دارم».((3))

النقطة العاشرة: ما ورد في جناية جمّال الإمام الحسين(عليه السلام) وطمعه بالدنيا

هذه الرواية التي سنذكرها وأمثالها مؤلمة جداً، حيث إنها تبيّن مدي مظلومية

ص: 179


1- ([2]) الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي: ص727.
2- ([3]) ابن شهرآشوب، محمد بن علي، المناقب: ج3، ص214.
3- ([1]) المصدر السابق.

الإمام الحسين(عليه السلام)، ومدي حقد وخبث وخسّة هؤلاء الذين جائوا لقتله؛ طمعاً بالدنيا وما فيها، روي لنا الخصيبي في الهداية الكبري: بسنده عن سعيد بن المسيب، قال: «لما استشهد أبو عبد الله الحسين(عليه السلام)، وحج الناس من قابل، دخلت علي سيّدي علي بن الحسين(عليه السلام) فقلت له: يا مولاي، قد قرب الحج فماذا تأمرني، قال امض علي نيتك، فحججت، فبينما أنا أطوف بالكعبة، فإذا نحن برجل مقطوع اليدين ووجهه كقطع الليل المظلم، متعلقاً بأستار الكعبة، وهو يقول: اللهم رب هذا البيت الحرام، اغفر لي، وما أحسبك تغفر لي ولو شفع لي سكان سماواتك وجميع من خلقت؛ لعظم جرمي. قال سعيد بن المسيب: فشغلنا وشغل جميع الناس من الطواف، حتي حف به الناس، واجتمعنا عليه، وقلنا له: يا ويلك، لو كنت إبليس لعنه الله، لكان ينبغي أن لا ييأس من رحمة الله، فمن أنت؟ وما ذنبك؟ فبكي وقال: يا قوم، أنا أعرف بنفسي وذنبي وما جنيت، فقلنا له: تذكره لنا؟ فقال: إني كنت جمّالاً لأبي عبد الله الحسين بن علي(عليها السلام) لما مر من المدينة إلي العراق، وكنت أراه إذا أراد الوضوء للصلاة، فإذا يضع سراويله، فأري التكة تغشي الأبصار بحسن إشراقها وألوانها، وكنت أتمنّاها، إلي أن صرنا بكربلاء، فقتل الحسين بنعلي(عليه السلام) وأنا معهم، فدفنت نفسي في مكان من الأرض، ولم أطلب إلّا مثالي. قال: فلما جنّ علينا الليل خرجت من مكاني فرأيت تلك المعركة بها نوراً لا ظلمة ونهاراً لا ليلاً والقتلي مطروحين علي وجه الأرض، فذكرت لشقاوتي التكة، فقلت: والله، لأطلبن الحسين، فأرجو أن تكون التكة عليه، في سراويله، فآخذها، ولم أزل أنظر في وجوه القتلي حتي وجدته جديلاً، فإذا التكة فيه، فدنوت منه، وضربت بيدي إلي التكة، فإذا هو قد عقدها عقدة قوية، فلم أزل أحل حتي حللت منها عقدة.فمدّ يده اليمين وقبض علي التكة، فلم أقدر علي أخذ يده عنها، ولا أصل إليها، فدعتني نفسي الملعونة إلي أن طلبت فوجدت قطعة من سيف مطروحة فأخذتها،

ص: 180

وانكببت علي يده، فلم أزل أحزها من يده حتي فصلتها عن التكة، ثم حللت عقدة أخري.فمدّ يده اليسري فقطعتها، ثم نحّيتها عن التكة، ومددت يدي إلي التكة لآخذها، وإذا بالأرض ترجف والسماء، وإذا بجبلة عظيمة وبكاء ونداء يقول: وا ابناه وا حسيناه، فصعقت ورميت نفسي بين القتلي، فإذا ثلاث نفر وأمرأة، وحولهم خلائق وفرق، قد امتلأت منهم الأرض والسماء في صور الناس وأجنحة الملائكة، فإذا بواحد منهم يقول: وا ابناه يا حسين، فداك جدك وأبوك وأمك وأخوك، فإذا بالحسين قد جلس ورأسه علي بدنه، وهو يقول: لبيك يا جداه، يا رسول الله، ويا ابتاه يا أمير المؤمنين، ويا أماه يا فاطمة، ويا أخاه المقتول بالسم قبلي، وإذا هم قد جلسوا حوله، وفاطمة تقول: يا أبي يا رسول الله، أتأذن لي حتي آخذ من دم شيبته وأخضب ناصيتي، وألقي الله يوم القيامة، قال لها افعلي، فرأيتهم يأخذون وفاطمة تمسح ناصيتها، والنبي وعلي والحسن(عليهم السلام) يمسحون نحورهم وصدورهم وأيديهم إلي المرافق، وسمعت رسول الله(صلي الله عليه و اله) يقول: فديتك يا حسين، فما كان من قطع يدكاليمني وثني باليسري. قال: يا جداه، كان معي جمال، صحبني من المدينة وكان ينظر إلي سراويلي ووضوء الصلاة، فيتمني أن يكون له، فما منعني أن أدفعها إليه، إلّا لعلمي أنّه صاحب هذا الفعل، فلما قتلت، خرج يطلبني، فوجدني بلا رأس، فتفقّد سراويلي ورأي التكة، وقد كنت عقدتها عقدة صعبة، فضرب يده إلي العقدة منها فحلّها، فمددت يدي اليمني فقبضت علي التكة، فطلب في المعركة فوجد قطعة من سيف فقطع بها يدي اليمني، ثم حل عقدة أخري فضربت بيدي اليسري علي التكة؛ لئلا يحلّها فتنكشف عورتي، فأخذ يدي اليسري، فلما أن حل العقدة الأخري أحس بك، فرمي بنفسه بين القتلي.

فقالوا: أف لك، جمّالاً سوّد الله وجهك في الدنيا والآخرة، وقطع يديك، وجعلك في حزب من سفك دماءنا، وحايش علي الله في قتلنا، فما استتم دعاءه حتي انتثرت

ص: 181

يداه، وحسست بوجهي انّه ألبس قطعاً من النار مسودةً، فجئت إلي هذا البيت أستشفع وأعلم بأنّه لا يغفر لي أبداً، فلم يبق بمكة أحد ممن سمع بحديثه ألّا تقرّب إلي الله بلعنه، وكلٌ يقول: حسبك ما أنت فيه»((1)).

الجهة الثانية: تجلّيات الغضب الإلهي في الحيوانات والنباتات بعد مقتل سيد الشهداء(عليه السلام)
اشارة

تحت هذا العنوان نبحث أهم الآثار التي ظهرت وتجلّت في الحيوانات والنباتات لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام)، وذلك علي النحو التالي:

النقطة الأولي: تفاعل وحزن الوحوش والطيور لقتل سيّد الشهداء(عليه السلام)
اشارة

في هذه النقطة نشير إلي بعض الأحاديث المرتبطة من حيث المعني والمضمون والمختلفة من حيث الصياغات والترتيب والأسانيد مع عدم الذكر المكرر في مصادر أخري:

أولاً: فيما يخص الحمام الراعبي

في الكافي الشريف: بسنده عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: « اتخذوا الحمام الراعبية في بيوتكم، فإنها تلعن قتلة الحسين بن علي عليهما السلام ولعن الله قاتله»((2)).

وفي كامل الزيارات: بسنده عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: «اتخذوا الحمام الراعبية في بيوتكم، فانها تلعن قتلة الحسين(عليه السلام)»((3)).

وفيه أيضاً: بسنده عن داود بن فرقد، قال: «كنت جالساً في بيت أبي عبد الله(عليه السلام)،

ص: 182


1- ([1]) الخصيبي، الحسين بن حمدان، الهداية الكبري: ص209؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص316 (باختلاف يسير).
2- (2) الكليني، محمّد بن يعقوب، الكافي: ج6، ص548.
3- ([2]) ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص197.

فنظرت إلي الحمام الراعبي يقرقر طويلاً. فنظر إليَّ أبو عبد الله(عليه السلام)، فقال: يا داود، أتدري ما يقول هذا الطير؟ قلت: لا والله، جعلت فداك، قال: تدعو علي قتلة الحسين ابن علي(عليه السلام)، فاتخذوه في منازلكم»((1)).

ثانياً: فيما يخص البومة

في كامل الزيارات: بسنده عن أبي عبدالله(عليه السلام)، قال: سمعته يقول في البومة، فقال: «هل أحد منكم رآها بالنهار، قيل له: لا تكاد تظهر بالنهار، ولا تظهر إلّا ليلاً، قال: أما إنها لم تزل تأوي العمران أبداً، فلما أن قتل الحسين(عليه السلام)آلت علي نفسها أن لا تأوي العمران أبداً، ولا تأوي إلّا الخراب، فلا تزال نهارها صائمة حزينة حتي يجنّها الليل، فإذا جنّها الليل فلا تزال ترن علي الحسين(عليه السلام) حتي تصبح»((2)).

وفيه أيضاً: حكيم بن داود بن حكيم، عن سلمة، عن الحسين بن علي بن صاعد البربري، قيّماً لقبر الرضا(عليه السلام)، قال: حدثني أبي، قال: دخلت علي الرضا(عليه السلام)، فقال لي: «تري هذه البومة، ما يقول الناس؟ قال: قلت: جعلت فداك جئنا نسألك، قال: فقال: هذه البومة كانت علي عهد جدي رسول الله(صلي الله عليه و اله) تأوي المنازل والقصور والدور، وكانت إذا أكل الناس الطعام تطير فتقع أمامهم، فيرمي إليها بالطعام وتسقي، ثم ترجع إلي مكانها، ولما قتل الحسين بن علي خرجت من العمران إلي الخراب والجبال والبراري، وقالت: بئس الأمّة أنتم، قتلتم ابن نبيكم، ولا آمنكم علي نفسي»((3)).

ثالثاً: الأحاديث الجامعة فيما ظهر من الوحوش من الحزن لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام)

في كامل الزيارات: بسنده عن الحارث الأعور، قال: قال علي(عليه السلام): «بأبي وأمي

ص: 183


1- ([3]) المصدر السابق: ص198.
2- ([1]) المصدر السابق: ص199.
3- ([2]) ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص200.

الحسين المقتول بظهر الكوفة والله كأني أنظر إلي الوحوش مادة أعناقها علي قبره من أنواع الوحوش، يبكونه ويرثونه ليلاً حتي الصباح، فإذا كان كذلك فإياكم والجفاء»((1)).

وفيه أيضاً: بسنده عن أبي جعفر(عليه السلام)، قال: «بكت الأنس والجن والطيروالوحش علي الحسين ابن علي(عليه السلام) حتي ذرفت دموعها»((2)).

وفي الأمالي وعلل الشرائع للصدوق: حديث ميثم التمار، عن أمير المؤمنين(عليه السلام)، أنّه قال: «يبكي عليه كل شئ حتي الوحوش في الفلوات، والحيتان في البحار، والطير في جو السماء»((3)).

وفي الأمالي للصدوق: بسنده عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده(عليها السلام): «أن الحسين بن علي بن أبي طالب(عليه السلام) دخل يوماً إلي الحسن(عليه السلام)، فلما نظر إليه بكي، فقال له: ما يبكيك يا أبا عبد الله؟ قال: أبكي لما يصنع بك. فقال له الحسن(عليه السلام): إن الذي يؤتي إلي سم يدس إلي فأقتل به، ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبد الله، يزدلف إليك ثلاثون ألف رجل، يدعون أنهم من أمة جدنا محمّد(صلي الله عليه و اله)، وينتحلون دين الإسلام، فيجتمعون علي قتلك، وسفك دمك، وانتهاك حرمتك، وسبي ذراريك ونسائك، وانتهاب ثقلك، فعندها تحل ببني أمية اللعنة، وتمطر السماء رماداً ودماً، ويبكي عليك كل شيء حتي الوحوش في الفلوات، والحيتان في البحار»((4)).

وفي الكافي الشريف: بسنده عن مصقلة الطحان، قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول: «لما قتل الحسين(عليه السلام) أقامت إمرأته الكلبية عليه مأتماً وبكت (عليه) وبكين النساء

ص: 184


1- ([3]) المصدر السابق: ص166.
2- ([1]) المصدر السابق: ص165.
3- ([2]) الصدوق، محمد بن علي، الأمالي: ص189؛ الصدوق، محمد بن علي، علل الشرائع: ج1، ص227.
4- ([3]) الصدوق، محمد بن علي، الأمالي: ص178.

والخدم حتي جفًت دموعهن وذهبت، فبينا هي كذلك إذ رأت جارية من جواريها تبكي ودموعها تسيل، فدعتها، فقالت لها: مالك أنت من بيننا تسيلدموعك؟ قالت: إني لما أصابني الجهد شربت شربة سويق. قال: فأمرت بالطعام والأسوقة فأكلت وشربت وأطعمت وسقت وقالت: إنما نريد بذلك أن نتقوي علي البكاء علي الحسين(عليه السلام).

قال: وأهدي إلي الكلبية جؤناً لتستعين بها علي مأتم الحسين(عليه السلام)، فلما رأت الجؤن، قالت: ما هذه؟ قالوا: هدية أهداها فلان لتستعيني بها علي مأتم الحسين(عليه السلام). فقالت: لسنا في عرس فما نصنع بها؟ ثم أمرت بهن فأخرجن من الدار، فلما اخرجن من الدار لم يحسّ لها حسٌّ كأنما طرن بين السماء والأ رض، ولم ير لهن بعد خروجهنَّ من الدار أثر»((1)).

توضيحٌ:

«الجوني، بالضمِّ، ضرب من القطا سود البطون والأجنحة، ذكره الجوهريُّ، وكأنَّ الجون بالضم أو كصرد جمعه وإن لم يذكره اللغويون.

وقوله: «وأهدي» أي رجل، والظاهر أهدي علي بناء المجهول، ورفع جون، ولعل فقدهن علي سبيل الإعجاز، ذهب بهنَّ إلي الجنة، ويحتمل أن يكون الآتي بهنَّ من الملائكة أيضاً»((2)).

وفي المناقب لابن شهر آشوب: في ذكر خطبة علي بن الحسين(عليه السلام) في مجلس يزيد: «أنا ابن من ناحت عليه الجنّ في الأرض، والطير في الهواء»((3)).

وفي بحار الأنوار، نقلاً عن المناقب القديم، وبسنده عن جعفر بن محمّد

ص: 185


1- ([1]) الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج1، ص466؛ البحراني، عبد الله، عوالم العلوم للإمام الحسين(عليه السلام): ص491.
2- ([2]) البحراني، عبد الله، عوالم العلوم للإمام الحسين(عليه السلام): 491.
3- ([3]) ابن شهرآشوب، محمد بن علي، المناقب: ج3، ص305؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص174؛ البحراني، عبد الله، عوالم العلوم للإمام الحسين(عليه السلام): ص489.

الصادق(عليه السلام)، عن أبيه، عن علي بن الحسين(عليهم السلام) قال: «لما قتل الحسين(عليه السلام) جاء غراب فوقع في دمه، ثمَّ تمّرغ، ثم طار فوقع بالمدينة علي جدار فاطمة بنت الحسين بن علي، وهي الصغري، فرفعت رأسها، فنظرت إليه، فبكت بكاء شديداً، وأنشأت تقول:

نعب الغراب فقلت: من

تنعاه ويلك يا غراب

قال الإمام بدلا من فقلت: من؟

قال: الموفق للصواب

إن الحسين بكربلا

بين الأسنة والض-راب

فابكي الحسين بعبرة

ترجي الإله مع الثواب

قلت: الحسين؟ فقال لي:

حقاً لقد سكن التراب

ثم استقل به الجناح

فلم يطق رد الجواب

فبكيت مما حل بي

بعد الدعاء المستجاب

قال محمّد بن علي: فنعته لأهل المدينة، فقالوا: قد جاءتنا بسحر عبد المطلب، فما كان بأسرع أن جاءهم الخبر بقتل الحسين بن علي(عليه السلام)»((1)).

وفي بحار الأنوار: نقلاً عن بعض كتب المناقب المعتبرة: بالإسناد، عن أبي عبد الله الحافظ، عن الزبير بن عبد الله، عن أبي عبد الله بن وصيف، عن المشطاح الورَّاق، قال: سمعت الفتح بن شخرف العابد يقول: «أفتّ الخبز للعصافير كل يوم، فكانت تأكل، فلمّا كان يوم عاشوراء فتتّ لها فلمتأكل، فعلمت أنّها امتنعت لقتل الحسين بن علي(عليه السلام)»((2)).

ص: 186


1- ([1]) المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص171 ح 19؛ البحراني، عبد الله، عوالم العلوم للإمام الحسين(عليه السلام): 490.
2- ([1]) المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص310؛ البحراني، عبد الله، عوالم العلوم للإمام الحسين(عليه السلام): 496.
رابعاً: الطير وشفاء ابنة اليهودي

في بحار الأنوار: بعض مؤلفات الأصحاب، قال: وروي عن طريق أهل البيت (عليهم السلام): «أنه لما استشهد الحسين(عليه السلام) بقي في كربلاء صريعاً، ودمه علي الأرض مسفوحاً، وإذا بطائر أبيض قد أتي وتمسّح بدمه، وجاء والدم يقطر منه، فرأي طيوراً تحت الظلال علي الغصون والأشجار، وكل منهم يذكر الحب والعلف والماء، فقال لهم ذلك الطير المتلطخ بالدم: يا ويلكم، أتشتغلون بالملاهي، وذكر الدنيا والمناهي، والحسين(عليه السلام) في أرض كربلاء في هذا الحرّ ملقيً علي الرمضاء، ظامٍ مذبوح ودمه مسفوح، فعادت الطيور كل منهم قاصداً كربلاء، فرأوا سيّدنا الحسين(عليه السلام) ملقيً في الأرض، جثة بلا رأس ولا غسل ولا كفن، قد سفت عليه السوافي، وبدنه مرضوض، قد هشّمته الخيل بحوافرها، زواره وحوش القفار، وندبته جن السهول والأوعار، قد أضاء التراب من أنواره، وأزهر الجو من أزهاره. فلما رأته الطيور، تصايحن وأعلن بالبكاء والثبور، وتواقعن علي دمه يتمرغن فيه، وطار كل واحد منهم إلي ناحية يعلم أهلها عن قتل أبي عبد الله الحسين(عليه السلام)، فمن القضاء والقدر أنّ طيراً من هذه الطيور قصد مدينة الرسول، وجاء يرفرف والدم يتقاطر من أجنحته، ودار حول قبر سيدنا رسول الله(صلي الله عليه و اله)يعلن بالنداء: ألا قتل الحسين(عليه السلام) بكربلا، ألا ذبح الحسين(عليه السلام) بكربلا، فاجتمعت الطيور عليه وهم يبكون عليه وينوحون.وقد نقل أنه كان في ذلك اليوم الذي جاء فيه الطير إلي المدينة، كان في المدينة رجل يهودي له بنت عمياء زمناء طرشاء مشلولة، والجذام قد أحاط ببدنها، فجاء ذلك الطائر والدم يتقاطر منه، ووقع علي شجرة، يبكي طول ليلته، وكان اليهودي قد أخرج ابنته تلك المريضة إلي خارج المدينة إلي بستان، وتركها في البستان الذي جاء الطير ووقع فيه، فمن القضاء والقدر أن تلك الليلة عرض لليهودي عارض، فدخل المدينة لقضاء حاجته، فلم يقدر أن يخرج تلك الليلة إلي البستان التي فيها ابنته المعلولة، والبنت لما

ص: 187

نظرت أباها لم يأت تلك الليلة لم يأتها نوم لوحدتها؛ لأنّ أباها كان يحدثها ويسليها حتي تنام. فسمعت عند السحر بكاء الطير وحنينه، فبقيت تتقلّب علي وجه الأرض إلي أن صارت تحت الشجرة التي عليها الطير، فصارت كلما حنّ ذلك الطير تجاوبه من قلب محزون، فبينما هي كذلك، إذ وقعت قطرة من الدم، فوقعت علي عينها ففتحت، ثم قطرة أخري علي عينها الأخري فبرءت، ثم قطرة علي يديها فعوفيت، ثم علي رجليها فبرءت، وعادت كلما قطرت قطرة من الدم تلطخ به جسدها، فعوفيت من جميع مرضها من بركات دم الحسين(عليه السلام). فلما أصبحت أقبل أبوها إلي البستان، فرأي بنتاً تدور، ولم يعلم أنها ابنته، فسألها أنّه كان لي في البستان ابنة عليلة لم تقدر أن تتحرك. فقالت ابنته: والله أنا أبنتك، فلما سمع كلامها وقع مغشياً عليه، فلما أفاق قام علي قدميه، فأتت به إلي ذلك الطير، فرآه واكراً علي الشجرة، يئنّ من قلب حزين محترق مما رأي مما فعل بالحسين(عليه السلام). فقال له اليهودي: أقسمت عليك بالذي خلقك أيها الطير أن تكلمني بقدرة الله تعالي، فنطق الطير مستعبراً، ثم قال: إني كنت واكراً علي بعض الأشجار مع جملة الطيور عند الظهيرة، وإذا بطير ساقط علينا، وهو يقول: أيتها الطيور، تأكلون وتتنعمون، والحسين في أرض كربلاء في هذا الحر علي الرمضاء طريحاً ظامئاً والنحر دام، ورأسه مقطوع، علي الرمحمرفوع، ونساؤه سبايا، حفاة عراياً، فلما سمعن بذلك تطايرن إلي كربلاء، فرأيناه في ذلك الوادي طريحاً، الغسل من دمه، والكفن الرمل السافي عليه، فوقعنا كلنا عليه ننوح ونتمرغ بدمه الشريف، وكان كل منا طار إلي ناحية، فوقعت أنا في هذا المكان. فلما سمع ذلك اليهودي تعجب، وقال: لو لم يكن الحسين(عليه السلام) ذا قدر رفيع عند الله ما كان دمه شفاء من كل داء، ثم أسلم اليهودي، وأسلمت البنت، وأسلم خمسمائة من قومه»((1)).

ص: 188


1- ([1]) المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص191؛ البحراني، عبد الله، عوالم العلوم للإمام الحسين(عليه السلام): 493.
النقطة الثانية: عوسجة أم معبد الخزاعيّة وتفاعلها مع قتل الحسين(عليه السلام)

النقطة الثانية: عوسجة((1)) أم معبد الخزاعيّة وتفاعلها مع قتل الحسين(عليه السلام)

العقد النضيد والدر الفريد: عن عبد الله بن عمرو الخزاعي، عن هند بنت الجون الخزاعية، قالت: «لما نزل بنا رسول الله(صلي الله عليه و اله)بخيمة خالتها - ام معبد ومعه الخزاعية - هو وأصحابه، فكان من أمره في الشاة ما قد علمه الناس. فقال في الخيمة هو وأصحابه حتي أبرد، وكان يوماً قائضاً شديداً حرّاً فلما قام من رقدته دعا بماء، فغسل يديه (فأنقاهما)، ثم تمضمض بالماء ومجّه علي عوسجة، كانت إلي جنب خيمة خالية، ثلاث مرات، واستنشق ثلاث مرات، ثم غسل وجهه وذراعيه (ثم مسح برأسه مرة واحده، ثم غسل رجليه ظاهرهما وباطنهما، وذلك قبل أن تنزل المائدة، قالت: والله، ما عاينت أحداً فعل ذلك قبله)، ثم فعل من كان معه من أصحابه مثل ذلك، ثم قام فصلي ركعتين، فعجبت أنا وفتيات الحي من العرب من ذلك، وما كان عهدنا بالصلاة، ولا رأيت مصلياً قبله، ثم ارتحل. فلما كان من الغد أصبحنا، وقد علت العوسجةحتي صارت كأعظم دوحة عالية رأيتها، و أخضر شوكها، وساخت عروقها، وكثرت أفنانها، واخضّر ورقها، ثم أثمرت بعد ذلك، وأينعت بثمر كأعظم ما يكون من الكمأة في لون الورس المسحوق، ورائحة العنبر، وطعم الشهد، فوالله، ما أكل منها جائع إلّا شبع، (ولا ظمآن إلّا روي، ولا سقيم إلّا برأ، ولا ذو حاجة وفاقة إلّا استغني)، ولا أكل من ورقها بعير ولا شاة ولا ناقة إلا درّ لبنها، فرأينا البركة والنمو (في أموالنا)، منذ يوم نزل، وأخصبت بلادنا وأمرعت، فكنا نسمي تلك الشجرة: (المباركة) وكان يأتينا من حولنا من أهل البوادي يستشفون بها، ويتزودون من ورقها في الأسفار، ويحملون معهم في الأرض القفار، فيقوم لهم مقام الطعام

ص: 189


1- ([2]) العوسج: من شجر الشوك له جناة حمراء، ويكون غالباً في السباخ، الواحدة عوسجة.

والشراب. فلم تزل كذلك، وعلي ذلك حتّي أصبحنا ذات يوم وقد تساقطت ثمارها، واصفر ورقها، فأحزننا ذلك وفزعنا، فما كان إلا قليل حتي جاءنا نعي رسول الله(صلي الله عليه و اله)، فإذا هو قد قبض في ذلك اليوم، فكانت بعد ذلك تثمر ثمراً دون ذلك في العظم والطعم والرائحة، فأقامت ذلك (نحو) ثلاثين سنة، فلما كانت ذات يوم أصبحنا فإذا بها قد تشوّكت من أولها إلي آخرها، وذهبت نظارة عيدانها، وتساقط جميع ثمرها، فما كان إلا يسيراً حتي وافانا خبر مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام).

فما أثمرت بعد ذلك لا قليلاً ولا كثيراً، وانقطع ثمرها، فلم نزل ونحن ومن حولنا نأخذ من ورقها ونداوي به مرضانا ونستشفي به من أسقامنا، فدامت علي ذلك برهة طويلة، فأصبحنا ذات يوم فإذا بها قد انبعث من ساقها دماً عبيطاً يجري، وأوراقها ذابلة تقطر ماءً كماء اللحم، فقلنا: حدثت حادثة عظيمة، فبتنا ليلتنا فزعين مهمومين نتوقع الداهية، فلما أظلم الليل علينا سمعنا بكاء وعويلاً من تحتها، وجلبة شديدة ورجة، وسمعنا صوت باكية تقول:

يا بن النبي ويا بن الوصي وابن البتول

ويا بقية ساداتنا الأكرمينا

ثم كثرت الرنات والأصوات، فلم نفهم كثيراً مما كانوا يقولون، فأتانا بعد ذلك قتل الحسين(عليه السلام)، فيبست الشجرة وجفت، فكسرتها الرياح والأمطار، فذهبت واندرس أثرها.

قال أبو محمّد عبد الله بن عمر: فلقيت دعبل بن علي الخزاعي في مدينة الرسول(صلي الله عليه و اله) فحدّثته بهذا الحديث، فلم ينكره. وقال دعبل بن علي: حدثني أبي، عن أبيه، عن جدي، عن اُمّه سعدي بنت مالك الخزاعي: أنها أدركت تلك الشجرة، فأكلت من ثمرها علي عهد علي بن أبي طالب(عليه السلام)، وأنها سمعت في تلك الليلة نوح الجن، فحفظت من جنيّة منهنَّ هذه الأشعار:

ص: 190

يا بن الشهيد يا شهيداً عمه

خير العمومة جعفر الطيار

عجباً لمصقول أصابك حدَّه

في الوجه منك وقد علاوه غبار

قال دعبل بن علي: فقلت في قصيدة لي وأخذت ذلك منها، وهي:

زر خير قبر بالعراق يزار

واعص الحمار فمن نهاك حمار

لم لا أزورك يا حسين لك الفدا

قومي ومن عطفت عليه نزار

ولك المودة في قلوب ذوي النهي

وعلي عدوك مقتة ودمار

يا بن الشهيد ويا شهيدا عمه

خير العمومة جعفر الطيار((1))((2)).

النقطة الثالثة: تحوّل الزعفران والجمل المنهوب من معسكر الحسين(عليه السلام)

إلي نارجاء في الأمالي للطوسي: بسنده عن ناصح أبي عبد الله، عن قريبة جارية لهم، قالت: «كان عندنا رجل خرج علي الحسين(عليه السلام)، ثم جاء بجمل وزعفران، قالت: فلما دقوا الزعفران صار ناراً.

قالت: ونحروا البعير، قالت: فكلما جزوا بالسكين صار مكانها ناراً، قالت: فجعلوا يسلخونه، فيصير مكانه ناراً، قالت: فقطعوه، فخرج منه النار، قالت: فطبخوه، فكلما أوقدوا النار فارت القدر ناراً، قالت: فجعلوه في الجفنة فصار ناراً قالت: وكنت صبية يومئذ، فأخذت عظماً منه فطينت عليه، فسقط وأنا يومئذ امرأة، فاخذناه نضع منه اللعب، قالت: فلما حززناه بالسكين صار مكانه ناراً، فعرفنا أنه ذلك العظم، فدفناه»((3)).

ص: 191


1- ([1]) الخزاعي، دعبل، ديوان دعبل الخزاعي: ص114.
2- ([2]) القمي، محمد بن الحسن، العقد النضيد والدر الفريد: ص107؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص233؛ البحراني، عبد الله، عوالم العلوم للإمام الحسين(عليه السلام): ص498.
3- ([1]) الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي: ص727.

وفي المناقب لابن شهر آشوب: أحاديث ابن الحاشر، قال: «كان عندنا رجل فخرج علي الحسين، ثمّ جاء بجمل وزعفران، فكلّما دقّوا الزعفران صار ناراً، فلطخت إمرأته علي يديها فصارت برصاء. وقال: ونحر البعير، فكلّما جزّوا بالسكّين صار مكانها ناراً، قال: فقطعوه فخرج منه النار، قال: فطبخوه، ففارت القدر ناراً»((1)).

وذكر أيضا: عن تاريخ النسوي: قال حماد بن زيد: قال جميل بن مرّة: لمّا طبخوا صارت مثل العلقم»((2)).

النقطة الرابعة: الورس المنهوب من معسكر الحسين(عليه السلام)

النقطة الرابعة: الورس((3)) المنهوب من معسكر الحسين(عليه السلام) يتحوّل إلي دمجاء في المناقب لابن شهرآشوب في تاريخ النسوي، وتاريخ بغداد، وإبانة العكبري، قال سفيان بن عيينة: حدثنتي جدتي: «إنّ رجلاً ممن شهد قتل الحسين(عليه السلام) كان يحمل ورساً، فصار ورسه دماً، ورأيت النجم كأنّ فيه النيران يوم قتل الحسين(عليه السلام)، يعني بالنجم النبات»((4)).

النقطة الخامسة: الورس المنهوب من معسكر الحسين(عليه السلام) ما تطيّبت به إمراة إلّا برصت

جاء في شرح الأخبار: بسنده عن بشار بن الحكم، عن أمه، أنها قالت: «انتهب الناس ورساً من عسكر الحسين(عليه السلام)، فما استعملته إمرأة إلا برصت»((5)).

ص: 192


1- ([2]) ابن شهرآشوب، محمد بن علي، المناقب: ج10، ص43.
2- ([3])المصدر السابق.
3- ([4]) الورس: نبات كالسمسم، أحمر قانٍ يشبه سحيق الزعفران، وهو صبغ يتّخذ منه الحمرة للوجه. (مجمع البحرين).
4- ([1]) ابن شهرآشوب، محمّد بن علي، المناقب: ج10، ص37.
5- ([2]) القاضي النعمان، النعمان بن محمد، شرح الأخبار: ج3، ص166؛ ابن شهرآشوب، محمّد بن علي، المناقب: ج10، ص38؛ الطوسي، ابن حمزة، الثاقب في المناقب: ص337 ح281.
النقطة السادسة: تحوّل الورس والإبل المنهوب من معسكر الحسين(عليه السلام) إلي رماد وعلقم

جاء في الثاقب في المناقب: عن سفيان بن عيينة، قال: حدثتني جدتي، قالت: «لما قتل الحسين بن علي(عليه السلام) ساقوا إبلا عليها ورس، فلما نحرت رأين لحومها مثل العلقم، ورأينا الورس رمادا، وما رفعنا حجراً إلا وجدنا تحته دماعبيطا».((1))

الجهة الثالثة: نوح الجنّ لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام)

جاء في كامل الزيارات: بسنده عن عبدالله بن حسّان الكِنانيّ، قال: «بَكتِ الجنُّ علي الحسين بن عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، فقالت:

ماذا تَقُولونَ إذْ قالَ النَّب-ي لَك-م

م-اذا فَعلْت-م وَأنْتم آخِ-رُ الاُمم؟

بأهْلِ بَيْتي وإخْواني ومَكْرُمَتي

مِنْ بَين أسْري وَقَتْلي ضُرِّجُوا بِدَم»((2)).

وفيه أيضاً: بسنده عن عمرو بن عكرِمة قال: « أصبحنا ليلة قتل الحسين(عليه السلام) بالمدينة، فإذا مولي لنا يقول: سمعنا البارحة مُنادياً ينادي ويقول:

أيُّها القاتِلونَ جهلاً حُسَيناً

أبْش-ِرُوا بالْعَذابِ والتَّنْكيل

كلُّ أهلِ السَّماءِ يَدعُو عَلَيكم

مِن نَبيٍّ ومَلائكٍ وَقَبيل

قد لُعِنْتم عَلي لِسانِ ابن داوُ

دَ وذي الرُّوح حامل الإنجيل»((3)).

وفيه أيضاً: بسنده عن داودَ الرقيّ، قال: «حدَّثتْني جدَّتي، أنَّ الجنّ لمّا قتل

ص: 193


1- ([1]) الطوسي، ابن حمزة، الثاقب في المناقب: ص337.
2- ([2]) ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص95؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص237.
3- ([3]) ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص97؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص238.

الحسين(عليه السلام) بَكَتْ عليه بهذه الأبيات:

يا عَينُ جُودي بالعِبَر

وابكي فقد حَقّ الخبر

أبكي ابنَ فاطمةَ الَّذي

وَرَد الفُراتَ فما صدَر

الجِنُّ تَ-بْكي شَجْوَها

لمّا اُتي مِنْهُ الخَبَر

فلأبْ-كينَّكَ حُرقَةً

عِنْدَ العِشاء وبالسَّحر

ولأبينَّك ما جَري

عِرقٌ وما حمل الشَّجر»((1)).

وفي أمالي الصدوق: بسنده عن اُمّ سلمة زوجة النَّبيِّ(صلي الله عليه و اله) قالتْ: «ما سمعت نوح الجنّ منذ قبض الله النبيَّ إلاّ اللَّيلة، ولا أراني إلاّ وقد أصبت با بني، قالتْ: وجاءت الجنّيَّة منهم تقول:

أيا عَينايّ فَانْهَمِلا بِجهْدٍ

فَمنْ يَبْكي عَلي الشُّهداء بَعْدي

عَلي رَهْطٍ تُقُودُهُمُ المنايا

إلي مُتَجبِّرٍ نْ نَلِ عَد»((2)).

وعن المفيد في أماليه: بسنده عن محفوظ بن المنذر، قال: حدثني شيخ من بني تميم كان يسكن الرابية، قال: «سمعت أبي يقول: ما شعرنا بقتل الحسين(عليه السلام) حتي كان مساء ليلة عاشوراء، فإنّي جالس بالرابية، ومعي رجل من الحي فسمعنا هاتفاً يقول:

والله ما جئتكم حتي بص-رت به

بالطف منعفرالخدين منحورا

وحوله فتية تدمي نحورهم

مثل المصابيح يطفون الدجي نورا

ص: 194


1- ([1]) المصدر السابق.
2- ([2]) الصدوق، محمد بن علي، الأمالي: ص120 ح2؛ ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص93 ح1؛ ابن شهرآشوب، محمد بن علي، المناقب: ج3، ص219.

وقد حثثت قلوصي((1)) كي أصادفهم

من قبل أن تتلاقي الحرّد الحورا

فعاقني قدر والله بالغه

وكان أمراً قضاهالله مقدورا

كان الحسين سراجاً يستضاء به

الله يعلم أني لم أقل زورا

صلي الإله علي جسم تضمنه

قبر الحسين حليف الخير مقبورا

مجاوراً لرسول الله في غرف

وللوصي وللطيار مس-رورا

فقلنا له: من أنت يرحمك الله؟ قال: أنا وأبي من جن نصيبين((2))، أردنا مؤازرة الحسين(عليه السلام) ومواساته بأنفسنا، فانصرفنا من الحج فأصبناه قتيلاً»((3)).

وقد نقلها عنه كل من الطوسي في أماليه((4))، والمجلسي في بحاره((5)).

وفي المناقب لابن شهر آشوب: في خطبة السجاد(عليه السلام) في مجلس يزيد: «أنا ابن من ناحت عليه الجنّ في الأرض والطير في الهواء»((6)).

وفي المناقب لأبن شهرآشوب: قال دعبل: «حدثني أبي، عن جدّي، عن أمّه سُعدي بنت مالك الخزاعية أنّها سمعت نوح الجنّ علي الحسين(عليه السلام):

يا بن الشهيد يا شهيداً عمه

خير العمومة جعفر الطيار

عجباً لمصقول أصابك حدَّه

في الوجه منك وقد علاك غبار

ص: 195


1- ([3]) القَلوص: الناقة الشابة (النهاية ج 4، ص100).
2- ([1]) نصيبين: مدينة عامرة من بلاد الجزيرة علي جادة القوافل من الموصل إلي الشام، وفيها أربعون الف بستان (مجمع البلدان: ج5، ص288).
3- ([2]) المفيد، محمد بن النعمان، الأمالي: ص320 ح7.
4- ([3]) الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي: ص89.
5- ([4]) المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص239.
6- ([5]) ابن شهرآشوب، محمد بن علي، المناقب: ج3، ص305.

إبانة بن بطّة أنّه سمع من نوحهم:

أيا عين جودي ولا تجمدي

وجودي علي الهالك السيد

فبالطف أمسي صريعاً فقد

رزينا الغداة بأمر بدي

ومن نوحهم:

نساء الجن يبكين من الحزن شجيات

ويسعدن بنوح للنساء

ويندبن حسيناً عظمت تلك الرزيات

ويلطمن خدوداً كالدنانير

ويلبسن ثياب السود بعد القصبيات

ومن نوحهم:

احمرت الأرض من قتل الحسين

اخضر عند سقوطه الجونة العلق

كما يا ويل قاتله يا ويل قاتله

إفانه في شفير النار يحترق

ومن نوحهم:

أبكي ابن فاطمة الذي

من قتله شاب الشعر

ولقتله زلزلتم

ولقتله خسف القمر

وسمع نوح جن قصدوه لمؤازرته:

والله م-ا جئتكم حتي بص-رت ب-ه

بالطف منعفر الخدين منح-وراً((1)).

((2))

الجهة الرابعة: خروج يد من حديد

في المناقب لابن شهرآشوب: أخبرنا أبو غالب محمّد بن أحمد بن سهل

ص: 196


1- ([1]) المصدر السابق: ص219.
2- ([2]) المصدر السابق.

النحوي(رحمة لله) حدّثنا أبو الفضل عبد الواحد بن عبد العزيز التميمي، حدثنا القاضي أبو بكر محمّد بن (عمر الجعابي حدثنا) سَرِيُّ بن منصور بنعمار،

حدثنا أبي، عن أبي لهيعة عن أبي قبيل، قال: «لمّا قتل الحسين بن علي(عليه السلام) أخذوا الرأس وأسرّوا به، فلما صار الليل قعدوا يشربون ويتيمون بالرأس، فخرجت عليهم كفٌّ من حائط فيها قلم من حديد وكتبت سطراً بدم:

أترجو أُمةً قتلت حسيناً

شفاعة جدّه يوم الحساب»((1)).

(2))

الجهة الخامسة: الروايات الجامعة لجملة من مظاهر الغضب الإلهي العظيمة لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام)

جاء في كامل الزيارات: بسنده عن عُروة بن الزبير، قال: « سمعت أباذرٍ وهو يومئذٍ قد أخرجهُ عثمان إلي الربذة، فقال له الناس: يا أبا ذر أبشر، فإنَّ هذا قليل في الله.

فقال: ما أيسر هذا، ولكن كيف أنتم إذا قتل الحسين بن علي بن أبي طالب(عليه السلام) قتلاً، أو قال: ذبح ذبحاً، والله، لا يكون في الإسلام بعد قتل الخليفة أعظم قتلاً منه، وإن الله سَيسلُّ سيفه علي هذه الأُمّة، لا يغمده أبداً، ويبعث قائماً من ذرّيته فينتقم من النّاس، وإنّكم لو تعلمون ما يدخل علي أهل البحار وسكّان الجبال في الغِياض والآكام وأهل السَّماء من قتله، لبَكيتم والله حتّي تزْهقَ أنفسُكم، وما مِن سَماءٍ يمرُّ به رُوح الحسين(عليه السلام) إلّا فزع له سبعونَ ألف مَلَكَ، يقومون قياماً، ترعد مفاصِلُهم إلي يوم القيامة، وما مِن سَحابة تَمرُّ وتَرعَد وتَبرَق إلّا لعنتْ قاتلَه، وما مِن يومٍ إلّا ويعرَض روحُه علي رَسول الله(صلي الله عليه و اله) فيلتقيان»((3)).

ص: 197


1- ([1]) ابن شهرآشوب، محمد بن علي، المناقب: ج3، ص218.
2- ([2]) المصدر السابق: ص219.
3- ([3]) ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص73.

وفيه أيضاً: بسنده عن أبي نصر، عن رجل من أهل بيت المقدس، أنّهقال: « والله، لقد عرفنا أهل بيت المَقْدِس ونواحيها عشيّةَ قتل الحسين بن علي(عليه السلام)، قلت: وكيف ذاك؟ قال: ما رَفعنا حجراً ولا مَدَراً ولا صخراً إلّا ورأينا تحتها دَماً عَبيطاً يغلي، واحمرَّت الحيطان كالعلق، ومطر ثلاثة أيّام دَماً عَبيطاً، وسمعنا منادياً ينادي في جوف الليل يقول:

أَتَرْجُو اُمَّةٌ قَتَلَتْ حُسَيْناً

شَفاعَةَ جَدِّهِ يَومَ الحسابِ

مَعاذَ اللهِ لا نِلْتُمْ يَقيناً

شَفاعةَ أحْمَدَ وَأبي تُرابِ

قَتَلْتُمْ خَيْرَمَنْ رَكبَ الْمَطايا

وَخَيْرَ الشَّي-ْبِ طَرّاً وَالشَّبابِ

وانكسفت الشَّمس ثلاثة أيّام، ثمَّ تجلّت عنها وانشبكت النُّجوم، فلمّا كان مِن الغَد أُرجفنا بقتله، فلم يأت علينا كثير شيءٍ حتّي نعي إلينا الحسين(عليه السلام)»((1)).

وفي علل الشرائع والأمالي للصدوق: بسنده عن جبلة المكية، قالت: سمعت ميثم التمار يقول: « والله، لتقتل هذه الأمة ابن بنت نبيها في المحرّم لعشر يمضين منه، وليتخذن أعداء الله ذلك اليوم بركة، إنّ ذلك لكائن، قد سبق في علم الله تعالي ذكره، أعلم ذلك بعهد عهده إليَّ مولاي أميرالمؤمنين(عليه السلام)، ولقد أخبرني أنّه يبكي عليه كل شئ حتّي الوحوش في الفلوات، والحيتان في البحر، والطير في السماء، ويبكي عليه الشمس والقمر والنجوم والسماء، وحملة العرش، وتمطر السماء دماً ورماداً، ثم قال: وجبت لعنة الله علي قتلة الحسين(عليه السلام)، كما وجبت علي المشركين الذين يجعلون مع الله إلهاً آخر، وكما وجبت علي اليهود والنصاري والمجوس. قالت جبلة: فقلت له: يا ميثم، فكيفتتخذ الناس ذلك اليوم الذي قتل فيه الحسين(عليه السلام) يوم بركة؟ فبكي ميثم (رضي الله عنه)، ثم

ص: 198


1- ([1]) المصدر السابق: ص76، ح 2؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج45 ص204 ح6.

قال: يزعمون لحديث يضعونه أنّه اليوم الذي تاب الله فيه علي آدم، وإنّما تاب الله علي آدم في ذي الحجة، ويزعمون أنّه اليوم الذي قبل الله فيه توبة داود(عليه السلام)، وإنّما قبل الله(عزوجل) توبته في ذي الحجة، ويزعمون أنّه اليوم الذي أخرج الله فيه يونس من بطن الحوت، وإنّما أخرج الله(عزوجل) يونس من بطن الحوت في ذي الحجة، ويزعمون أنّه اليوم الذي استوت فيه سفينة نوح علي الجودي، وإنّما استوت علي الجودي في يوم الثامن عشر من ذي الحجة، ويزعمون أنّه اليوم الذي فلق الله (عزوجل)فيه البحر لبني إسرائيل وإنّما كان ذلك في الربيع الاول. ثم قال ميثم: يا جبلة، اعلمي أنّ الحسين بن علي بن أبي طالب(عليه السلام)، سيد الشهداء يوم القيامة، ولأصحابه علي ساير الشهداء درجة، يا جبلة، إذا نظرت إلي الشمس حمراء كأنه دم عبيط، فاعلمي أنّ سيدالشهداء الحسين قد قتل.

قالت جبلة: فخرجت ذات يوم، فرأيت الشمس علي الحيطان كأنها الملاحف المعصفرة، فصحت حينئذ وبكيت، وقلت: قد والله قتل سيدنا الحسين بن علي(عليه السلام)»((1)).

وفي بحار الأنوار، نقلاً عن بعض كتب المناقب المعتبرة: بإسناده عن يعقوب بن سفيان، عن أيوب بن محمّد الرقي، عن سلام بن سليمان الثقفي، عن زيد بن عمروالكنّدي، عن اُمّ حيان، قالت: «يوم قتل الحسين(عليه السلام) أظلمت علينا ثلاثاً، ولم يمسّ أحد من زعفرانهم شيئاً فجعله علي وجهه الاّ احترق، ولم يقلب حجر بيت المقدس إلّا أصبح تحته دماً عبيطاً»((2)).وفي المناقب: أن الحضرمية إمرأة خولي بن يزيد الأصبحي، قالت: «وضع خولي رأس الحسين تحت إجانة في الدار، فوالله مازلت أنظر إلي نور يسطع مثل العمود من السماء الي الإجانة، ورأيت طيراً يرفرف حولها»((3)).

ص: 199


1- ([1]) الصدوق، محمد بن علي، علل الشرائع: ص227ح 3؛ الصدوق، الأمالي: ص110 ح1؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص203 ح4.
2- ([2]) المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص216.
3- ([1]) ابن شهرآشوب، محمد بن علي، المناقب: ج3، ص218.

خلاصة الفصل الثالث

المحصل من هذا الفصل: أنّ هناك جملة من مظاهر تجلي الغضب الإلهي لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام) في أحاديث الشيعة، منها: مظاهر سماوية، والتي منها المظاهر الكونيّة كبكاء السماء، ومكوثها كالعلقة، وكسوف الشمس وغيرها، ومنها غير الكونيّة كبكاء الملائكة.

كما أن هناك مظاهر أرضية، كالتي ظهرت في الجمادات كوجود الدم تحت الحجر، وما ظهر في الجبال والبحار وكالتي ظهرت في الناس والحيوانات والنباتات وما علي ذلك.

ثم تمّت الإشارة إلي الروايات الجامعة لمختلف الظاهروالآثار الاعجازية لمقتل سيد الشهداء في أحاديث الشيعة.

ص: 200

الفصل الرابع:جوانب الاتفاق والاختلاف في أحاديث الفريقين

اشارة

لتجليات الغضب الإلهي لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام)

المبحث الأوّل: الجوانب الاتفاقيّة في أحاديث الفريقين لتجلّيات الغضب الإلهي لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام).

المبحث الثاني: الجوانب الخلافية في أحاديث الفريقين لتجلّيات الغضب الإلهي لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام).

ص: 201

ص: 202

توطئة

بعد ما بيّنا التجلّيات الإلهية في مصادر الفريقين لمقتل الإمام الحسين(عليه السلام)، نشرع في هذا الفصل - بلطف من الله وتوفيقه - ، بتبويب الأحاديث المتفقة والمختلفة بين الفريقين، وهذا ما سيسهل الوصول إلي النتيجة بشكل أسرع وأوسع للباحث أو الكاتب أو المطالع دون عناء إن شاء الله تعالي.

المبحث الأوَّل:الجوانب الاتفاقية في أحاديث الفريقين لتجلّيات الغضب الإلهي لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام)

اشارة

في هذا المبحث نشير إلي الجوانب الاتفاقيّة عند السنّة والشيعة في تجلّيات الغضب الإلهي لمقتل الإمام الحسين(عليه السلام) السماويّة منها والأرضية.

عند الاطلاع علي المصادر التي تقدمت في طيات المباحث السابقة والتي تناولت مظاهر تجلّيات الغضب عند الفريقين، نجد أن المصادر التي تناولت هذا الأمر عند السنة أكثر من المصادر الشيعية؛ وذلك لأن ظروفهم كانت مهيئة للكتابة والتدوين وإن كانت الأقلام في ذلك الزمان هي أقلام السلطة الحاكمة التي عمدت إلي إخفاء كرامات أهل البيت(عليهم السلام) وخصوصاً الإمام الحسين(عليه السلام)، وهذا بخلاف الظروف التي عاشها الشيعة الذين تعرّضوا إلي القتلوالتشريد والاضطهاد الفكري والجسدي،

ص: 203

وحرق لكتبهم من قِبل الظلمة والطواغيت علي مرّ العصور.

وفيما يلي بيان لأهم الجوانب الاتفاقية في المسألة، وذلك في ضمن مطلبين وبالنحو التالي:

المطلب الأوّل: الجوانب الاتفاقيّة في التجلّيات السماوية للغضب الإلهي

اشارة

نتعرض في هذا المطلب إلي أهم الجهات الاتفاقية في أحاديث الفريقين، وسيكون البحث علي النحو التالي:

الجهة الأولي: ما جاء في معني بكاء السماء

اتفق مجموعة كل من علماء الشيعة والسنة علي أن المراد من بكاء السماء هي حمرتها عند طلوع الشمس ومغيبها. ومثال ذلك من كتب السنة: ما جاء في تفسير القرطبي، حيث يقول: «وعن قرة بن خالد، قال: ما بكت السماء علي أحد إلا علي يحيي بن زكريا والحسين بن علي، وحمرتها بكاؤها»((1)).

ومن الذين أشاروا إلي معني بكاء السماء من كبار علماء السنّة: الزرندي الحنفي في نظم درر السمطين، والسيوطي في الدر المنثور، وابن الجوزي في تذكرة الخواص، وابن كثير في التفسير، والإسفراييني في نور العين، والخوارزمي في مقتل الحسين(عليه السلام)((2)).ومثال

ذلك من كتب الشيعة ما جاء في كامل الزيارات: بسنده عن عبدالله بن هلال، قال: «سمعت أبا عبدالله(عليه السلام) يقول: إنّ السماء بكت علي الحسين بن علي ويحيي

ص: 204


1- ([1]) القرطبي، محمد بن أحمد، تفسير القرطبي: ج10، ص220، ج 16، ص141.
2- ([2]) الزرندي الحنفي، شمس الدين محمد، نظم درر السمطين: ص222؛ السيوطي، جلال الدين، الدر المنثور: ج4، ص164 وج6، ص31؛ ابن الجوزي، عبد الرحمن، تذكرة الخواص: ص246؛ ابن كثير، إسماعيل، تفسير ابن كثير: ج4، ص154؛ الإسفراييني، أبو إسحاق، نور العين في مشهد الحسين: ص76؛ الخوارزمي، مقتل الحسين، ج2، ص39.

ابن زكريا، ولم تبك علي أحد غيرهما، قلت: وما بكاؤها؟ قال: مكثوا أربعين يوماً تطلع الشمس بحمرة وتغرب بحمرة، قلت: فذاك بكاؤها؟ قال: نعم»((1)).

ومن الذين أشاروا إلي معني بكاء السماء من كبار علماء الشيعة: ابن قولويه في كامل الزيارات، والمفيد في الإرشاد، والطوسي في التبيان، والراوندي في القصص، وابن شهر آشوب في المناقب، والمجلسي في البحار، والقاضي النعمان في شرح الأخبار((2)).

الجهة الثانية: ما جاء في مطر السماء دماً

اتفق علماء الشيعة والسنة بأن السماء مطرت دماً بعد مقتل الإمام الحسين(عليه السلام) وإليك بعض الشواهد التالية:

مثال ذلك من كتب السنة: ما جاء في ذخائر العقبي للطبري: ذكر أبو نعيم الحافظ في كتاب دلائل النبوة عن نضرة الأزدية، أنّها قالت: «لما قتلالحسين بن علي(عليه السلام)أمطرت السماء دماً، فأصبحنا وجبابنا وجرارنا مملوءة دماً»((3)).

وأشار إلي معني (مطر السماء دماً ) مجموعةمن كبار علماء السنّة، ومنهم: ابن سعد في طبقاته، والبلاذري في أنساب الأشراف، والشامي في سبل الهدي والرشاد، والطبري في ذخائر العقبي، وابن عساكر في تاريخ دمشق وترجمة الإمام الحسين، والمزي في تهذيب الكمال، والقندوزي في ينابيع المودة، وابن حجر في الصواعق

ص: 205


1- ([1]) ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص89، ح4.
2- ([2]) المصدر السابق: ص90 ح7 وص90 ح 8 وص91 ح 14؛ المفيد، محمد بن نعمان، الإرشاد: ص282؛ الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان: ج9، ص233؛ الراوندي، قطب الدين سعيد، قصص الأنبياءالالالراوندي: ص222؛ ابن شهرآشوب، محمد بن علي، المناقب: ج3، ص212؛ القاضي النعمان، النعمان بن محمد، شرح الأخبار: ج3، ص167؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص210 و211.
3- ([1]) الطبري، أحمد بن عبد الله، ذخائر العقبي: ص145.

المحرقة، والسيوطي في الخصائص الكبري، وابن الدمشقي في جواهر المطالب، والثعلبي في الكشف والبيان، والدولابي في الذرية الطاهرة، والذهبي في سير أعلام النبلاء وابن العديم في بغية الطالب((1)).

أمّا مثال ذلك الشيعة: ما جاء في الأمالي للطوسي: بسنده عن عمار بن أبي عمار، قال: «أمطرت السماء يوم قتل الحسين(عليه السلام) دماً عبيطاً»((2)).

وأشار الي هذا المعني (مطر السماء دماً ) مجموعة من كبار علماء الشيعةوعظمائهم: ابن قولويه في كامل الزيارات، والصدوق في الأمالي، وعلل الشرائع، وعيون أخبار الرضا، وابن طاووس في اللهوف، والقاضي النعمان في شرح الأخبار، وابن شهر آشوب في المناقب، والمجلسي في بحار الأنوار((3)).

ص: 206


1- ([2]) ابن سعد، محمّد، ترجمة الإمام الحسين: ص90؛ البلاذري، أحمد بن يحيي، أنساب الأشراف: ج3، ص413؛ الصالحي الشامي، محمد بن يوسف، سبل الهدي والرشاد: ج11، ص80؛ الطبري، أحمد بن عبد الله، ذخائر العقبي: ص145؛ ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص228؛ ابن عساكر، ترجمة الإمام الحسين: ص356؛ المزي، يوسف، تهذيب الكمال: ج6، ص433؛ القندوزي، سليمان بن ابراهيم، ينابيع المودة: ج3، ص15و43؛ ابن حجر، أحمد، الصواعق المحرقة: ص192و295؛ السيوطي، جلال الدين، الخصائص الكبري، ج2، ص126؛ ابن الدمشقي، محمد بن أحمد، جواهر المطالب: ج2، ص60؛ الثعلبي، الكشف والبيان، ج 8، ص353؛ الدولابي، محمد بن أحمد، الذرية الطاهرة: ج1، ص97؛ الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النيلاء، ج 3، ص312؛ ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب: ج6، ص2635.
2- ([3]) الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي: ص330.
3- ([1]) ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص90، ح 11 و12؛ الصدوق، محمد بن علي، الأمالي: ص189، ح 198؛ الصدوق، محمد بن علي، علل الشرائع: ج1، ص228؛ ابن طاووس، علي بن موسي، اللهوف: ص193؛ الصدوق، محمد بن علي، عيون أخبار الرضا: ج1، ص268؛ القاضي النعمان، النعمان بن محمد، شرح الأخبار: ج3، ص166؛ ابن شهرآشوب، محمد بن علي، المناقب: ج10، ص33؛ المجلسي، محمد باقر، بحارالأنوار: ج45، ص218 و211.
الجهة الثالثة: ما جاء في مكوث السماء كالعلقة

اتفق علماء الشيعة والسنة بأن السماء مكثت كالعلقة بعد مقتل الإمام الحسين(عليه السلام)، وإليك بعض الشواهد التالية:

مثال ذلك من كتب السنة: ما جاء في المعجم الكبير للطبراني: بسنده عن علي بن مسهر، حدثتني جدّتي أم حكيم، قالت: «قتل الحسين بن علي(عليه السلام)، وأنا يومئذٍ جويرية، فمكثت السماء أياماً مثل العلقة »((1)).

وأشار إلي معني (مكوث السماء كالعلقة) من كبار علماء السنّة: الهيثمي في مجمع الزوائد، وابن أبي شيبة في المصنف، والسيوطي في الخصائص الكبري، وابن عساكر في تاريخ دمشق، والبيهقي في دلائل النبوة، والمزي في تهذيب الكمال، والحميري في جزء الحميري((2)).أمّا مثال ذلك من كتب الشيعة: ما جاء في كامل الزيارات: بسنده عن علي بن مسهر القرشي، قال: حدثتني جدّتي، أنّها أدركت الحسين بن علي حين قتل، قالت: «فمكثنا سنة وتسعة أشهر والسماء مثل العلقة، مثل الدم ما تري الشمس»((3)).

كما ذكره المجلسي في بحار الأنوار((4)).

الجهة الرابعة: ما جاء في كسوف الشمس

اتفق علماء الشيعة والسنة بأن الشمس انكسفت بعد مقتل الإمام الحسين(عليه السلام)،

ص: 207


1- ([2]) الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص113.
2- ([3]) الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد، ج9، ص197؛ ابن أبي شيبة، المصنف: ج8، ص633؛ السيوطي، جلال الدين، الخصائص الكبري: ج2، ص127؛ ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص226؛ البيهقي، أحمد بن الحسين، دلائل النبوة: ص472؛ المزي، يوسف، تهذيب اكمال: ج6، ص432؛ الحميري، علي بن محمد، جزء الحميري: ج2، ص87.
3- ([1]) ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص89، ح 5.
4- ([2]) المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص210.

وإليك بعض الشواهد التالية:

مثال ذلك من كتب السنة: ما جاء في المعجم الكبير للطبراني: بسنده عن أبي قبيل، قال: «ثم لما قتل الحسين بن علي(رضي الله عنه) انكسفت الشمس كسفة حتي بدت الكواكب نصف النهار، حتي ظننا أنها هي»((1)).

ومن الذين أشاروا إلي معني (كسوف الشمس) من كبار علماء السنّة: الهيثمي في مجمع الزوائد، والبيهقي في السنن، وابن عساكر في تاريخ دمشق، وابن حجر في تلخيص الحبير، والرافعي في الفتح العزيز، والمزي في تهذيب الكمال، والخوارزمي في مقتل الحسين، والإسفراييني في نور العين، وأبي نعيم في معرفة الصحابة، والدولابي في الذرية الطاهرة، وابن العديم في بغيةالطالب((2)).

ومثال ذلك من كتب الشيعة: ما جاء في كامل الزيارات: بسنده عن أبي نصر عن رجل من أهل بيت المقدس - في حديث طويل - أنه قال: «وانكسفت الشمس ثلاثة أيّام، ثم تجلّت عنها وانشبكت النجوم...»((3)).

وقد أشار إلي هذا المعني (كسوف الشمس) مجموعة من كبار علماء الشيعة وعظمائهم: ابن قولويه في كامل الزيارات، ابن شهر آشوب في المناقب، البحراني في

ص: 208


1- ([3]) الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص114.
2- ([1]) الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص197؛ البيهقي، أحمد بن الحسين، سنن البيهقي: ج3، ص226؛ ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص228؛ ابن حجر، أحمد بن علي، تلخيص الحبير: ج2، ص94؛ الرافعي، عبد الكريم، فتح العزيز: ج5، ص84؛المزي، يوسف، تهذيب الكمال: ج6، ص433؛ الخوارزمي، مقتل الحسين: ج2، ص102؛ الإسفراييني، أبو إسحاق، نور العين في مشهد الحسين: ص76؛ أبي نعيم، معرفة الصحابة: ج2، ص9؛ الدولابي، محمد بن أحمد، الذرية الطاهرة، ج1، ص97؛ ابن العديم، عمر ابن أحمد، بغية الطالب: ج6، ص2639.
3- ([2]) ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص160.

عوالم العلوم، العلامة المجلسي في بحار الأنوار((1)).

الجهة الخامسة: ما جاء في ضجيج الملائكة وبكائهم

اتفق علماء الشيعة والسنة بأن الملائكة ضجّت وبكت بعد مقتل الإمام الحسين(عليه السلام)، وإليك بعض الشواهد التالية:

مثال ذلك من كتب السنة: ما جاء في المناقب لابن المغازلي: وبالإسناد حدثنا الربعي، حدثنا فضيل بن يسار، قال: «قيل لأبي عبدالله(عليه السلام): أيّ قبورالشهداء أفضل؟، قال: أو ليس أفضل الشهداء عندك الحسين(عليه السلام)؟ فو الذي نفسي بيده، إن حول قبره أربعين ألف ملك شعثاً غبراً، يبكون عليه إلي يوم القيامة»((2)).

وأشار إلي هذا المعني من كبار علماء السنّة: الخوارزمي في مقتل الحسين، وابن حسونة في در بحر المناقب، والطبري في ذخائر العقبي((3)).

ومثال ذلك من كتب الشيعة: ما جاء في الكافي الشريف للكليني: بسنده عن أبي عبدالله(عليه السلام): «إن أربعة آلاف ملك عند قبر الحسين(عليه السلام)، شعث غبر يبكونه إلي يوم القيامة، رئيسهم ملك يقال له منصور، فلا يزوره زائر إلّا استقبلوه، ولايودّعه مودّع إلّا شيّعوه، ولامرض إلّا عادوه، ولايموت إلّا صلّوا علي جنازته واستغفروا له بعد موته»((4)).

ص: 209


1- ([3]) المصدر السابق: ص169؛ ابن شهرآشوب، محمد بن علي، المناقب: ج3، ص212؛ البحراني، عبد الله، عوالم العلوم للإمام الحسين: ج17، ص467؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص204 و216.
2- ([1]) ابن المغازلي، علي بن محمد، المناقب: ص397.
3- ([2]) الخوارزمي، مقتل الحسين: ج1، ص236؛ ابن حسونة، دُر بحر المناقب: ص107 (مخطوط)، نقلاً عن احقاق الحق: ج11، ص287؛ الطبري، سليمان بن أحمد، ذخائر العقبي: 151، وفي هامش احقاق الحق: ج11، ص287.
4- ([3]) الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج4، ص581.

وقد أشار إلي هذا المعني من كبار علماء الشيعة وعظمائهم: الكليني في الكافي، والصدوق في الأمالي، وابن قولويه في كامل الزيارات، والنعماني في الغيبة، وابن شهر آشهوب في المناقب، والراوندي في الخرائج، والمجلسي في البحار((1)).

المطلب الثاني: الجوانب الاتفاقية في تجليّات الغضب الإلهي في الجمادات

اشارة

نبسط القول في هذا المطلب في الجهات الاتفاقية بين السنّة والشيعة في للتجلّيات الأرضية لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام)، وسيكون البحث علي النحو التالي:

الجهة الأولي: ما جاء في أنّ تحت كل حجر دم

اتفق علماء الشيعة والسنة بأنه كلما رفع حجر كان تحته دم بعد مقتل الإمام الحسين(عليه السلام)، وإليك بعض الشواهد التالية:

مثال ذلك من كتب السنة: ما جاء في المعجم الكبير للطبراني: بسنده عن بن شهاب، قال: «ما رفع بالشام حجر يوم قتل الحسين بن علي(عليه السلام) إلا عن دم»((2)).

وأشار إلي هذا المعني مجموعة من كبار علماء السنّة: الهيثمي في مجمع الزوائد، ومحب الدين الطبري في ذخائر العقبي، والشامي في سبل الهدي والرشاد، والخوارزمي في المناقب، وابن عساكر في تاريخ دمشق، وابن العديم في بغية الطالب، والإسفراييني في نور العين، والذهبي في تاريخ الإسلام، والشافعي في كفاية الطالب، والقيرواني في كتاب المحن، والبيهقي في دلائل النبوة، والبلاذري في أنساب الأشراف، والقندوزي

ص: 210


1- ([4]) الصدوق، محمد بن علي، الأمالي: ص737؛ ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص171و 179و 345؛ الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج1، ص284؛ النعماني، ابن أبي زينب، الغيبة: ص168؛ ابن شهرآشوب، محمد بن علي، المناقب: ج3، ص305؛ الراوندي، قطب الدين، الجرائح: ج1، ص325؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص174 و220 و225.
2- ([1]) الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص113.

في ينابيع المودة وابن عبد ربه في العقد الفريد((1)).ومثال

ذلك من كتب الشيعة: ما جاء في كامل الزيارات: بسنده عن الزهري، قال: «لما قتل الحسين(عليه السلام) لم يبق في بيت المقدس حصاة إلّا وجد تحتها دم عبيط»((2)).

وأشار الي هذا المعني مجوعة من كبار علماء الشيعة وعظمائهم: الصدوق في الأمالي، وابن قولويه في كامل الزيارات، وابن طاووس في اللهوف، والبحراني في عوالم العلوم، والقاضي النعمان في شرح الأخبار، والمجلسي في بحار الأنوار((3)).

الجهة الثانية: ما جاء في أحداث قصر الإمارة

اتفق علماء الشيعة والسنة: بأن هناك بعض الأحداث ظهرت في قصر الإمارة بعد مقتل الإمام الحسين(عليه السلام)، وإليك بعض الشواهد التالية:

مثال ذلك من كتب السنة: ما جاء في تاريخ دمشق لابن عساكر: بسنده عن أبي غالب قال: حدثني بواب عبيد الله بن زياد: «أنه لمّا جيء برأسالحسين(عليه السلام) فوضع

ص: 211


1- ([2]) الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص196؛ الطبري، أحمد بن عبد الله، ذخائر العقبي: ص145؛ الصالحي الشامي، محمد بن يوسف، سبل الهدي والرشاد: ج11، ص80؛ الخوارزمي، المناقب: ص388؛ ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص230؛ ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب: ج6، ص2602؛ الإسفراييني، أبو إسحاق، نور العين في مشهد الحسين: ص76؛ الذهبي، محمد بن أحمد، تاريخ الإسلام: ج2، ص349؛ أبو العرب، محمد بن أحمد: ص153؛ البيهقي، أحمد بن الحسين، دلائل النبوة: ج6 ص471؛ البلاذري، أحمد بن يحيي، أنساب الأشراف: ج3، ص227؛ القندوزي، سليمان بن إبراهيم، ينابيع المودة: ج3، ص102؛ ابن عبد ربه، العقد الفريد: ج2، ص220.
2- ([1]) ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص161.
3- ([2]) الصدوق، محمد بن علي، الأمالي: ص231؛ ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص188 و160؛ ابن طاووس، علي بن موسي، اللهوف: ص117؛ البحراني، عبدالله، عوالم العلوم للإمام الحسين: ص472؛ القاضي النعمان، النعمان بن محمد، شرح الأخبار: ج2، ص447؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص205.

بين يديه، رأيت حيطان دار الإمارة تسايل دماً»((1)).

وأشار إلي هذا المعني من كبارعلماء السنّة: المزي في تهذيب الكمال، والطبري في ذخائر العقبي، وابن حجر في الصواعق المحرقة، وابن العديم في بغية الطلب((2)).

ومثال ذلك من الشيعة ما ذكره السيد ابن طاووس في الملاحم والفتن((3))

وهو نفس ما تقدم باختلاف يسير.

المطلب الثالث: الجوانب الاتفاقية في تجلّيات الغضب الإلهي الأرضية في غير الجمادات

اشارة

سنتعرض في هذا المطلب إلي الجهات الاتفاقية بين السنّة والشيعة في الآثار الأرضية التي ظهرت في غير الجمادات، وسيكون البحث في جهات:

الجهة الأولي: تجلّيات الغضب الإلهي في الإنسان

وسيكون البحث في نقاط:

النقطة الأولي: ما ورد في عبيد الله بن زياد (لعنه الله)

اتفق علماء الشيعة والسنة بأن النار أضرمت في وجه عبيد الله بن زياد وتردد الحيّة في رأسه بعد مقتله واليك بعض الشواهد التالية:

مثال

ذلك من كتب السنة ما جاء في المعجم الكبير للطبراني: بسنده عنعبدالملك

بن كردوس عن حاجب عبيد الله بن زياد، قال: « دخلت القصر خلف عبيد ا... بن زياد حين قتل الحسين، فأضطرم في وجهه النار، فقال هكذا بكمه علي

ص: 212


1- ([1]) ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج41، ص229.
2- ([2]) المزي، يوسف، تهذيب الكمال: ج6، ص434؛ الطبري، أحمد بن عبد الله، ذخائر العقبي: ص145؛ ابن حجر، أحمد، الصواعق المحرقة: ص295؛ ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب: ج6، ص2639.
3- ([3]) ابن طاووس، علي بن موسي، الملاحم والفتن: ص336.

وجهه، فقال: هل رأيت؟ قلت: نعم، فأمرني أن أكتم ذلك»((1)).

وأشار الي هذا المعني من كبار علماء السنّة: ابن عساكر في تاريخ دمشق، وابن كثير في البداية والنهاية، والخوارزمي في مقتل الحسين((2)).

وجاء الحديث نفسه باختلاف يسير جداً في رجال السند في البحار للمجلسي، وعوالم العلوم للبحراني((3)).

وجاء أيضاً في تاريخ دمشق لأبن عساكر: بسنده عن أبي الطفيل، قال: «عزلنا سبعة أرأس، وغطّينا رأس حصين بن نمير ورأس عبيد الله بن زياد، فجئت فكشفتهما، فإذا حيّة في رأس عبيد الله بن زياد تردد فيه تأكله»((4)).

وأشار إلي هذا المعني من كبار علماء السنة: ابن عساكر في تاريخ دمشق، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد، والذهبي في سيرأعلام النبلاء((5)).

أما في كتب الشيعة فقد جاء في ثواب الأعمال وعقاب الأعمال للصدوق: بإسناده عن عمار بن عمير التميمي، قال: «لما جيء برأس ابن زياد، ورؤوس أصحابه إلي المسجد، إنتهيت إليهم، والناس يقولون قد جاءت قدجاءت، قال: فجاءت حية تتخلّل الرؤوس حتي دخلت في منخر عبيد الله بن زياد، ثم خرجت، فدخلت في منخر الآخر»((6)).

ص: 213


1- ([1]) الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص112.
2- ([2]) ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج37، ص450؛ ابن كثير، إسماعيل، البداية والنهاية: ج8، ص314اته؛ الخوارزمي، قتل الحسين: ج2، ص99.
3- ([3]) المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص309؛ البحراني، عبدالله، عوالم العلوم: ص622.
4- ([4]) ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج37، ص462.
5- ([5]) المصدر السابق: ص461؛ الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، تاريخ بغداد: ج5، ص113؛ الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج3، ص548.
6- ([1]) الصدوق، محمد بن علي، ثواب الأعمال وعقاب الاعمال: ص219.

وأشار إلي هذا المعني من كبار علماء الشيعة وعظمائهم: ابن شهر آشوب في المناقب، والمجلسي في بحار الأنوار والبحراني في العوالم((1)).

النقطة الثانية: ما جاء فمن أهوي الله عليه نجمين فعميت عيناه

اتفق علماء الشيعة والسنة بأن الله أهوي بنجمين (كوكبين) فعميت عين من كان يسب الإمام الحسين(عليه السلام) بعد مقتله، وإليك بعض الشواهد التالية:

مثال ذلك من كتب السنة: ما جاء في المعجم الكبير للطبراني: بسنده عن قرة بن خالد، قال: سمعت أبا رجاء العطاردي يقول: « لاتسبّوا علياً، ولا أهل هذا البيت، فإن جاراً لنا من بلهجيم، قال: ألم ترو إلي هذا الفاسق الحسين بن علي، قتله الله، فرماه الله بكوكبين في عينيه، فطمس الله بصره»((2)).

وأشار إلي هذا المعني من كبارعلماء السنّة: الهيثمي في مجمع الزوائد، وابن سعد في ترجمة الإمام الحسين(عليه السلام)، وابن عساكر في تاريخ دمشق، والمزي في تهذيب الكمال، وابن حجر في تهذيب التهذيب، و الذهبي في سير أعلام النبلاء، والحنفي في نظم درر السمطين، والشامي في سبل الهدي والرشاد، وابن حجر في الصواعق المحرقة، والقندوزي في ينابيع المودة((3)).

ص: 214


1- ([2]) ابن شهرآشوب، محمد بن علي، المناقب: ج3، ص218؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص304 و 308؛ البحراني، عبد الله، عوالم العلوم، ص622.
2- ([3]) الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص112.
3- ([4]) الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص196؛ ابن سعد، ترجمه الإمام الحسين، طبقات ابن سعد: ص89؛ ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص232؛ المزي، يوسف، تهذب الكمال: ج6، ص436؛ ابن حجر، شهاب الدين أحمد، تهذيب التهذيب: ج2، ص306؛ الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج3، ص313؛ الزرندي الحنفي، شمس الدين محمد، نظم درر السمطين: ص220؛ الصالحي الشامي، محمد بن يوسف، سبل الهدي والرشاد: ج11، ص79؛ ابن حجر، أحمد، الصواعق المحرقة: ص297؛ القندوزي، سليمان بن إبراهيم، ينابيع المودة: ج2، ص463.

ومثال ذلك من كتب الشيعة: ما جاء في المناقب لابن شهر آشوب: بسنده عن خالد، قال: «كنت عند أبي رجاء العطاردي، فقال: لاتذكروا أهل بيت إلّا بخير، فدخل عليه رجل من حاضري كربلاء، وكان يسبّ الحسين(عليه السلام) وأهوي الله عليه نجمين فعميت عيناه»((1)).

وأشار إلي هذا المعني من كبارعلماء الشيعة وعظمائهم: ابن حمزة في الثاقب في المناقب، المجلسي في البحار، والبحراني في عوالم العلوم((2)).

النقطة الثالثة: ما جاء فيمن ادعي أنّه قتل الحسين(عليه السلام) ولم يصبه شيء

اتفق علماء الشيعة والسنة، أن من ادعي أنّه قتل الحسين(عليه السلام) ولم يصبه شيء فاحترق في ساعته، و إليك بعض الشواهد التالية:

مثال ذلك من كتب السنة:

ما جاء في تاريخ دمشق لابن عساكر: بسنده عن السدي، قال: «أتيت كربلاء أبيع البز بها، فعمل لنا شيخ من طيء طعاماً فتعشينا عنده، فذكرنا قتل الحسين، فقلت: ما شرك في قتله أحد إلّا مات بأسوء ميتة، فقال: ما أكذبكم يا أهل العراق، فأنا فيمن شرك في ذلك، فلم يبرح حتيدنا من المصباح، وهو يتقد فنفط فذهب يخرج الفتيلة بإصبعه، فأخذت النار فيها، فذهب يطفيها بريقه، فأخذت النار في لحيته، فعدا فألقي نفسه في الماء فرأيته كأنه حممة»((3)).

وأشار إلي هذا المعني من كبار علماء السنّة: المزي في تهذيب الكمال، والذهبي في تذكرة الحفاظ، وابن حجر في تهذيب التهذيب، والطبري في ذخائر العقبي، والزرندي

ص: 215


1- ([1]) ابن شهرآشوب، محمد بن علي، المناقب: ج3، ص216.
2- ([2]) الطوسي، أبي حمزة، الثاقب في المناقب: ص337؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص303؛ البحراني، عبدالله، عوالم العلوم: ص624.
3- ([1]) ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص232 و233.

في نظم درر السمطين، وابن حجر في الصواعق المحرقة، والقندوزي في ينابيع المودة((1)).

ومثال ذلك من كتب الشيعة:

ما جاء في ثواب الأعمال وعقاب الأعمال للصدوق: بسنده عن يعقوب بن سليمان، قال: «سهرت أنا ونفر ذات ليلة، فتذاكرنا قتل الحسين(عليه السلام)، فقال رجل من القوم: ما تلبّس أحد بقتله إلا أصابه بلاء في أهله وماله ونفسه، فقال شيخ من القوم فهو والله ممن شهد قتله وأعان عليه فما أصابه إلي الآن أمر يكرهه، فمقته القوم وتغيّر السراج وكان دهنه نفطاً، فقام إليه ليصلحه، فأخذت النار بإصبعه، فنفخها فأخذت بلحيته، فخرج يبادر إلي الماء فألقي نفسه في النهر، وجعلت النار ترفرف علي رأسه فإذا أخرجه أحرقته حتي مات لعنه الله»((2)).وأشار إلي هذا المعني من كبارعلماء الشيعة وعظمائهم: الطوسي في الأمالي، والمجلسي في بحار الأنوار، والبحراني في عوالم العلوم((3)).

النقطة الرابعة: ما جاء فيمن ضرب الحسين(عليه السلام) فدعا عليه بالظمأ

اتفق علماء الشيعة والسنة، أنّ من ضرب الإمام الحسين(عليه السلام) فدعا عليه بالضمأ فكان يشرب الماء حتي تفطر، وإليك بعض الشواهد التالية:

مثال ذلك من كتب السنة: ما جاء في المعجم الكبير للطبراني: بسنده عن الكلبي، قال: « رمي رجل الحسين(عليه السلام) - وهو يشرب - فشدّ شدّقه، فقال: لا أرواك

ص: 216


1- ([2]) المزي، يوسف، تهذيب الكمال: ج6، ص436؛ الذهبي، محمد بن أحمد، تذكرة الحفاظ: ج3، ص909؛ ابن حجر، شهاب الدين أحمد، تهذيب التهذيب: ج2، ص306؛ الطبري، أحمد بن عبد الله، ذخائر العقبي: ص145؛ الزرندي الحنفي، شمس الدين محمد، نظم درر السمطين: ص221؛ ابن حجر، أحمد، الصواعق المحرقه: ص296؛ القندوزي، سليمان بن إبراهيم، ينابيع المودة: ج3، ص22.
2- ([3]) الصدوق، محمد بن علي، ثواب الأعمال وعقاب الأعمال: ص218.
3- ([1]) الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي: ص163؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص307 و319؛ البحرااني، عبد الله، عوالم العلوم: ص626 و627 و635.

الله، قال: فشرب حتي تفطر»((1)).

وأشار إلي هذا المعني من كبار علماء السنّة: الهيثمي في مجمع الزوائد، وابن العديم في بغية الطلب، والطبري في ذخائر العقبي، والصالحي الشامي في سبل الهدي والرشاد((2)).

وفي حديث آخر:

في تاريخ دمشق لابن عساكر: - في حديث طويل - الي أن يقول: «وذلك أنّ الحسين(عليه السلام) دعا بماء ليشرب، فلما رماه حال بينه وبين الماء، فقال: اللهم ظمه، قال: فحدثني من شهده وهو يموت، وهو يصيح من الحر في بطنه والبرد في ظهره، وبين يديه المراوح والثلج، وخلفه الكافور، وهو يقول: اسقوني أهلكني العطش، فيؤتي بالعس العظيم فيه السويق أو الماء أو اللبن، لوشربه خمسة لكفاهم، قال فيشربه ثم يعود فيقول: اسقوني أهلكني العطش، فانقد بطنه كانقداد البعير»((3)).

وأشار إلي هذا المعني من كبار علماء السنة: ابن عساكر في ترجمة الإمام الحسين، والمزي في تهذيب الكمال، والذهبي في سير أعلام النبلاء، والخوارزمي في مقتل الحسين، والشامي في سبل الهدي والرشاد، وابن العديم في بغية الطلب، وابن حجر في الصواعق المحرقة، وتاريخ الطبري((4)).

ص: 217


1- ([2]) الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص114.
2- ([3]) الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص193؛ ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب: ج6، ص2620؛ الطبري، أحمد بن عبدالله، ذخائر العقبي: ص144؛ الصالحي الشامي، محمد ابن يوسف، سبل الهدي والرشاد: ج11، ص78.
3- ([1]) ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص223.
4- ([2]) ابن عساكر، علي بن الحسن، ترجمة الإمام الحسين: ص345؛ المزي، يوسف، تهذيب الكمال: ج6، ص430؛ الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج3، ص311؛ الخوارزمي، أحمد، مقتل الحسين: ج2، ص117؛ الصالحي الشامي، محمد بن يوسف، سبل الهدي والرشاد: ج11، ص79؛ ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب: ج6، ص262؛ ابن حجر، أحمد، الصواعق المحرقة: ص299؛ الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري: ج3، ص333.

ومثال ذلك من كتب الشيعة: ما جاء في المناقب لابن شهرآشوب عن أمالي أبي سهل القطان، يرويه عن ابن عيينة، قال: «أدركت من قتلة الحسين رجلين، أما أحدهما فإنه طال ذكره حتي كان يلفه، وفي رواية: كان يحمله علي عاتقه، وأما الآخر فإنه كان يستقبل الراوية ولايروي، وذلك أنه نظر إلي الحسين وقد أهوي إلي فيه بماء وهو يشرب، فرماه بسهم، فقال الحسين(عليه السلام): لا أرواك الله من الماء في دنياك ولا آخرتك. وفي رواية: أنّ رجلاً من كلب رماه بسهم فشكّ شدقه، فقال الحسين(عليه السلام): لا أرواك الله، فعطش الرجل حتي ألقي نفسه في الفرات وشرب حتي مات»((1)).

وأشار إلي هذا المعني من كبارعلماء الشيعة وعظمائهم: ابن شهر آشوبفي المناقب، والعلامة المجلسي في البحار((2)).

الجهة الثانية: ماجاء في التجليّات التي ظهرت في الحيوانات والنباتات لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام)

الأحاديث الوارده في هذا الباب كثيرة جداً، وهي مورد وفاق الشيعة والسنّة، ومحور هذه البحوث انقلاب اللحوم إلي دم وعلقم ونار، وانقلاب الورس والزعفران إلي رماد، إلي غير ذلك من التجلّيات الإلهية في هذا المجال، وسنشير إلي بعض الأمثلة من هذه الأحاديث حيث قد مر تفصيلها في الفصل الثاني والثالث وتلك الأحاديث وإن اختلفت في بعض الجزئيات إلّا أنّ المضمون واحد.

مثال ذلك من كتب السنة: ما جاء في المعجم الكبير للطبراني: بسنده عن ذويد الجعفي، عن أبيه، قال: «لما قتل الحسين(رضي الله عنه) انتُهب جزور من عسكره، فلمّا طُبخت إذا هي دم، فأكفؤها»((3)).

ص: 218


1- ([3]) ابن شهرآشوب، محمد بن علي، المناقب: ج3، ص214.
2- ([1]) المصدر السابق؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص311.
3- ([2]) الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص121؛ الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص196.

وفي المحاسن والمساوئ للبيهقي: «وكانت معه إبل فجزروها، فصارت جمرة في منازلهم»((1)).

وفي المعجم الكبير للطبراني: بسنده عن سفيان، حدثتني جدتي أمُّ أبي، قالت: «ثم رأيت الورس الذي أُخذ من معسكر الحسين(عليه السلام) صار مثلالرماد»((2)).

وفي عيون الأخبار للدينوري: روي سنان بن حكيم، عن أبيه، قال: «انتهب الناس ورساً في عسكر الحسين بن علي(عليه السلام) يوم قتل، فما تطيبت منه إمرأه إلّا برصت»((3)).

وفي تاريخ دمشق لابن عساكر - في حديث طويل - إلي أن يقول: «... ولم يمسّ أحد من زعفرانهم شيئاً فجعله علي وجهه إلا احترق...»((4)).

وأشار إلي هذا المعني من كبارعلماء السنة: الهيثمي في مجمع الزوائد، والخوارزمي في مقتل الحسين، والمزي في تهذيب الكمال، وابن حجر في تهذيب التهذيب، وابن العديم في بغية الطلب، السيوطي في الخصائص الكبري، والذهبي في تاريخ الإسلام، وابن المغازلي في المناقب، والطبري في ذخائر العقبي، والشامي في سبل الهدي والرشاد، والذهبي في سير أعلام النبلاء((5)).

ص: 219


1- ([3]) البيهقي، أحمد بن الحسين، المحاسن والمساوئ: ص62.
2- ([1]) الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص264.
3- ([2]) الدينوري، ابن قتيبة، عيون الأخبار: ج1، ص212.
4- ([3]) ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص229.
5- ([4]) الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص196؛ الخوارزمي، أحمد، مقتل الحسين: ج2، ص103؛ المزي، يوسف، تهذيب الكمال: ج6، ص335؛ ابن حجر، أحمد، تهذيب التهذيب: ج2، ص306؛ ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب: ج6، ص2641؛ السيوطي، جلال الدين، الخصائص الكبري: ج2، ص126؛ الذهبي، محمد بن أحمد، تاريخ الاسلام: ج2، ص348، نقلاً من إحقاق الحق: ج11، ص508؛ ابن المغازلي، المناقب: ص383، نقلاً عن عن إحقاق الحق: ج19، ص388؛ الطبري، أحمد بن عبد الله، ذخائر العقبي: ص144؛ الصالحي الشامي، محمد بن يوسف، سبل الهدي والرشاد: ج11، ص79؛ الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج3، ص313.

وفي أحاديث الشيعة: ما جاء في الأمالي للطوسي: بسنده عن ناصح أبيعبد الله، عن قريبة جارية لهم، قالت: «كان عندنا رجل خرج علي الحسين(عليه السلام)، ثم جاء بجمل وزعفران، قالت: فلما دقوا الزعفران صار ناراً، قالت: ونحروا البعير، قالت: فكلما حزوا بالسكين صار مكانها ناراً، قالت: فجعلوا يسلخونه فيصير مكانه ناراً، قالت: فقطعوه فخرجت منه النار، قالت: فطبخوه فكلما أوقدوا النار فارت القدر ناراً، قالت: فجعلوه في الجفنة فصار ناراً، قالت: وكنت صبية يومئذ، فأخذت عظماً منه فطينت عليه، فسقط وأنا يومئذ إمرأة، فأخذناه نصنع منه اللعب، قالت: فلما حززناه بالسكين صار مكانه ناراً، فعرفنا أنه ذلك العظم، فدفناه»((1)).

وأشار إلي هذا المعني من كبار علماء الشيعة وعظمائهم: ابن شهر آشوب في المناقب، وابن حمزة في الثاقب في المناقب، والقاضي النعمان في شرح الأخبار((2)).

الجهة الثالثة: ماجاء في نوح الجن لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام)

أتفق كل من علماء الشيعة والسنة، بأن الجن أخذت تنوح وتبكي لمقتل الحسين(عليه السلام)، وإليك بعض الشواهد التالية:

مثال ذلك من كتب السنة: ما جاء في المعجم الكبيرللطبراني: بسنده عن أم سلمة: قالت: «سمعت الجن تنوح علي الحسين(عليه السلام)»((3)).

ص: 220


1- ([1]) الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي: ص727.
2- ([2]) ابن شهرآشوب، محمد بن علي، المناقب: ج10، ص37 و38 و43؛ الطوسي، أبي حمزة، الثاقب في المناقب: ص337؛ القاضي النعمان، النعمان بن محمد، شرح الأخبار: ج3، ص166.
3- ([3]) الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص122.

وأشار إلي هذا المعني من كبار علماء السنة: الهيثمي في مجمع الزوائد، والذهبي في سير أعلام النبلاء، والمزي في تهذيب الكمال، وابن حجر في التهذيب التهذيب، وابن سعد في ترجمة الإمام الحسين من الطبقات، وابن العديم في بغية الطلب، وابن حنبل في فضائل الخمسة، الزرندي الحنفي في نظم درر السمطين، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني، والمناوي في فيض القدير((1)).

ومثال ذلك من كتب الشيعة: ما جاء في كامل الزيارات: بسنده عن عبدالله بن حسان الكناني، قال: «بكت الجنُّ علي الحسين بن علي بن أبي طالب(عليه السلام) فقالت:

م-اذا تق-ولون إذ ق-ال النبي لكم

م-اذا فعلتم وأنت-م آخ--ر الأم--م؟

بأهل بيتي وإخ--واني ومكرم-ت-ي

من بين أسري وقتلي ضرجوا بدم»((2)).

وأشار إلي هذا المعني من كبار علماء الشيعة وعظمائهم: ابن قولويه في كامل الزيارات، والصدوق في الأمالي، والمفيد في الأمالي، والطوسي فيالأمالي، وابن شهر آشوب في المناقب وبحار الانوار للمجلسي((3)).

ص: 221


1- ([1]) الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص259؛ الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج3، ص316؛ المزي، يوسف، تهذيب الكمال: ج6، ص441؛ ابن حجر، أحمد، تهذيب التهذيب: ج2، ص306؛ ابن سعد، ترجمة الإمام الحسين: ص90؛ ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب: ج6، ص2652؛ ابن حنبل، أحمد، فضائل الخمسة: ج2، ص776؛ الزرندي الحنفي، محمد بن يوسف، نظم در السمطين: ص223؛ الشيباني، ابن أبي عاصم، الآحاد والمثاني: ج1، ص308؛ المناوي، محمد، فيض القدير: ج1، ص265.
2- ([2]) ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص95.
3- ([1]) المصدر السابق: ص93؛ الصدوق، محمد بن علي، الأمالي: ص120؛ المفيد، محد بن النعمان، الأمالي: ص320؛ الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي: ص89؛ ابن شهرآشوب، محمد بن علي، المناقب: ج3، ص219 و305؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص174.

ص: 222

المبحث الثاني : الجوانب الخلافية في أحاديث الفريقين لتجلّيات الغضب الإلهي لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام)

اشارة

يتّضح لنا في هذا المبحث الجوانب الخلافيّة، بعد ما أشرنا إلي الجوانب الاتفاقيّة بين السنّة والشيعة، وقد بوبنا هذا المبحث علي النحو التالي:

المطلب الأوّل: الجوانب الخلافية في تجلّيات الغضب الإلهي في السماء

اشارة

سنشير في هذا المطلب إلي الآثار السماوية في جهتين:

الجهة الأولي: ما اختصت بنقله الأحاديث السنية
النقطة الأولي: احمرار آفاق السماء لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام)

اختصت الأحاديث سنيةبنقل احمرار آفاق السماء، وإليك هذا الحديث:

في طبقات ابن سعد: قال: أخبرنا علي بن محمّد، عن علي بن مدرك، عن جدّه الأسود، ابن قيس، قال: «احمرت آفاق السماء بعد قتل الحسين(عليه السلام) ستة أشهر، يري ذلك في آفاق السماء كأنها الدم.

فحدّثت بذلك شريكاً، فقال لي: ما أنت من الأسود؟ قلت: هو جدَّي أبو أمي،قال: أما والله إن كان لصدوق الحديث عظيم الأمانة مكرماً للضيف»((1)).

ص: 223


1- ([1]) ابن سعد، محمّد، ترجمة الإمام الحسين(عليه السلام) من الطبقات: ص91.

وأشار إلي هذا المعني من كبار علماء السنّة: ابن عساكر في تاريخ دمشق، والمزي في تهذيب الكمال، والذهبي في سير أعلام النبلاء وتاريخ الإسلام، وابن حجر في الصواعق المحرقة، والسيوطي في الدر المنثور، القندوزي في ينابيع المودة، وابن كثير في التفسير، والقرطبي في التفسير، والطبراني في المعجم الكبير والهيثمي في مجمع الزوائد((1)).

النقطة الثانية: ما يتعلّق ببعض تجلّيات الغضب الكونية

هناك مجموعة من الأحداث الكونية اختصت بنقلها الأحاديث السنية، وإليك بعض هذه الأحاديث:

في تاريخ دمشق لابن عساكر: بسنده عن خلف بن خليفة، عن أبيه، قال: «لما قتل الحسين اسودّت السماء، وظهرت الكواكب نهاراً، حتي رأيت الجوزاء عند العصر، وسقط التراب الحمر»((2)).

وفي تاريخ الإسلام للذهبي: بسنده عن عيسي بن الحارث الكندي، قال: «لما قتل الحسين مكثنا أياماً سبعة، وإذا صلينا نظرنا إلي الشمس علي أطراف الحيطان كأنها

ص: 224


1- ([2]) ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص227؛ المزي، يوسف، تهذب الكمال: ج6، ص432؛ الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج3، ص312؛ الذهبي، محمد بن أحمد، تاريخ الاسلام: ج2، ص348؛ ابن حجر، أحمد، الصواعق المحرقة: ص197؛ السيوطي، جلال الدين، تاريخ الخلفاء: ص80؛ السيوطي، جلال الدين، الدر المنثور: ج6، ص31؛ القندوزي، سليمان بن ابراهيم، ينابيع المودة: ج3، ص20؛ ابن كثير، اسماعيل، تفسير ابن كثير: ج4، ص143؛ القرطبي، محمد بن أحمد، تفسير القرطبي: ج16، ص141؛ الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص114 و113؛ الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد: ج9، ص197.
2- ([3]) ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص226.

الملاحف المعصفرة، وبصرنا إلي الكواكب يضرب بعضها بعضا»((1)).

وأشار إلي هذا المعني من كبار علماء السنّة: البلاذري في أنساب الأشراف، والزرندي الحنفي في نطم درر السمطين، وابن الجوزي في تذكرة الخواص، وابن حجر في الصواعق المحرقة، والبدخشي في مفتاح النجا، المزي في تهذيب الكمال والذهبي في سير أعلام النبلاء((2)).

الجهة الثانية: ما اختص بنقله أحاديث الشيعة
النقطة الأولي: بكاء السماء والأرض وجميع الأشياء لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام)

اختصت كتب الشيعة بذكر الأحاديث المرتبطة ببكاء جميع الأشياء لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام)، وهي ما يلي:

جاء في أمالي الشيخ الطوسي: بسنده عن الحسين بن أبي فاختة، قال: كنت أنا وأبو سلمة السراج ويونس بن يعقوب والفضيل بن يسار، عند أبي عبد الله جعفر ابن محمّد(عليه السلام)، فقلت له: «جعلت فداك، إني أحضر مجالس هؤلاء القوم،فأذكركم في نفسي، فأي شئ أقول؟ فقال: يا حسين، إذا حضرت مجالسهم فقل: اللهم أرنا الرخاء والسرور، فإنك تأتي علي ما تريد. قال: فقلت: جعلت فداك، إني أذكر الحسين بن علي(عليه السلام)، فأيّ شيء أقول إذا ذكرته؟ فقال: قل: «صلي الله عليك يا أبا عبد الله» تكررها ثلاثاً.

ثم أقبل علينا، وقال: إن أبا عبد الله الحسين(عليه السلام) لما قتل بكت عليه السماوات السبع

ص: 225


1- ([1]) الذهبي، محمد بن أحمد، تاريخ الاسلام: ج5، ص15.
2- ([2]) البلاذري، أحمد بن يحيي، أنساب الأشراف: ج3، ص413؛ الزرندي الحنفي، محمد بن يوسف، نظم درر السمطين: ص221؛ سبط ابن الجوزي، تذكرة الخواص: ص246؛ ابن حجر، أحمد، الصواعق المحرقة: ص295؛ البدخشي، مفتاح النجا، عن إحقاق الحق: ج11، ص474؛ المزي، يوسف، تهذيب الكمال: ج6، ص432؛ الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج3، ص317.

والأرضون السبع، وما فيهن وما بينهن، ومن يتقلب في الجنة والنار، وما يري وما لا يري، إلا ثلاثة أشياء، فإنها لم تبك عليه.فقلت: جعلت فداك وما هذه الثلاثة أشياء التي لم تبك عليه؟فقال: البصرة ودمشق وآل الحكم بن أبي العاص»((1)).

وأشار إلي هذا المعني بشكل خاص - بكاء السماء - وبشكل عام كبار علماء الشيعة وعظماؤهم: الكليني في الكافي، وابن قولويه في كامل الزيارات، وابن طاووس في اللهوف، وعلي بن إبراهيم القمي في التفسير، والمجلسي في البحار((2)).

النقطة الثانية: انتقام المولي(عزوجل) من قتلة الحسين(عليه السلام) بالقائم(عجل الله تعالي فرجه و الشريف)

إنّ انتقام المولي تبارك وتعالي من قتلة الإمام الحسين(عليه السلام) بالقائم (عجل الله تعالي فرجه و الشريف) من ضمن الأحاديث التي فقط دون غيرهم، وإليك هذا الحديث:

في أمالي الشيخ الطوسي: بسنده عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: « لمّا كان منأ مرالحسين ابن عليّ(عليه السلام) ما كان، ضجّت الملائكة إلي الله تعالي، وقالت: يا ربّ، يفعل هذا بالحسين صفيّك وابن نبيّك؟ قال: فأ قام الله لهم ظلّ القائم(عليه السلام)، وقال: بهذا أ نتقم له من ظالميه»((3)).

وأشار إلي هذا المعني من كبار علماء الشيعة وعظمائهم: الصدوق في علل الشرائع، والكليني في الكافي، والعلامة المجلسي في البحار((4)).

ص: 226


1- ([1]) الطوسي، محمد بن الحسن: الأمالي، ص54.
2- ([2]) الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج4، ص576 و575؛ ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص181 و188؛ القمي، علي بن ابراهيم، تفسير القمي: ج2، ص291؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص213، 212، 210؛ ابن طاووس، علي بن موسي، اللهوف في فتلي الطفوف: ص117.
3- ([1]) الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي: ص418.
4- ([2]) الصدوق، محمد بن علي، علل الشرائع: ص160؛ الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج1، ص534؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص228 و221.

المطلب الثاني: الجوانب الخلافية في تجلّيات الغضب الإلهي في الأرض

اشارة

وهنا جهتان:

الجهة الأولي: ما اختصت بنقله الأحاديث السنية
اشارة

وهنا نقطتين:

النقطة الأولي: تلطخ الحيطان بالدم واحمرار الشمس لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام)

اختصت أحاديث السنة بنقل هذه الوقائع:

جاء في أنساب الأشراف للبلاذري: قال حدثنا سعيد بن سليمان، ثنا عباد بن العوام، عن أبي حصين، قال: «لمّا قتل الحسين(عليه السلام) مكثوا شهرين أو ثلاثة، وكأنما تلطخ الحيطان بالدم من حين صلاة الغداة إلي طلوع الشمس»((1)).

وقد أشار إلي هذا المعني من كبار علماء السنّة: ابن العديم في بغية الطلب، والطبراني في المعجم الكبير، والمزي في تهذيب الكمال، والذهبي في سير أعلام النبلاء، وابن عساكر في تاريخ دمشق، وابن حجر في الصواعق المحرقة، والسيوطي في تاريخ الخلفاء، والبدخشي في مفتاح النجا، وابن سعد في ترجمة الإمام الحسين((2)).

ص: 227


1- ([3]) البلاذري، أحمد بن يحيي، أنساب الأشراف: ج3، ص413.
2- ([1]) ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب: ج6، ص2639؛ الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص114؛ المزي، يوسف، تهذيب الكمال: ج6 ص333؛ الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج3، ص312؛ ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص227؛ ابن حجر، أحمد، الصواعق المحرقة: ص295؛ السيوطي، جلال الدين، تاريخ الخلفاء: ص80، نقلاً عن إحقاق الحق، ج 11، ص465؛ البدخشي، مفتاح النجا: ص143، نقلاً عن احقاق الحق: ج11، ص466؛ ابن سعد، ترجمة الإمام الحسين(عليه السلام) من الطبقات: ص91.
النقطة الثانية: ما حدث لنساء الروم أثر مقتل سيد الشهداء(عليه السلام)

اختص هذا الحديث بمصادر السنة، وهو هذا الحديث:

جاء في المحاسن والمساوئ لإبراهيم البيهقي: قال: وقال محمّد بن سيرين: «ما رؤيت هذه الحمرة في السماء إلا بعد ما قتل الحسين(عليه السلام)، ولم تطمث امرأة بالروم أربعة أشهر إلا أصابها وضح. فكتب ملك الروم إلي ملك العرب: قتلتم نبيّاً أو ابن نبي»((1)).

الجهة الثانية: ما اختص به أحاديث الشيعة
اشارة

سنتطرق هنا إلي ذكر تجلّيات الغضب الإلهي التي ظهرت في الأرض و اختصت بنقلها أحاديث الشيعة، وهنا نقاط:

النقطة الأولي: ما يتعلق بما حدث للجبال والبحار وأهلها لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام)

من الأحاديث التي اختص بها الشيعة ما يتعلق ببكاء الوحوش والحيتان والطير والجبال وغيرها من الأحداث لمقتل الإمام الحسين(عليه السلام).

جاء في علل الشرائع والأمالي للصدوق: في حديث ميثم التمار، عن أمير المؤمنين(عليه السلام): «أنّه يبكي عليه كل شئ حتي الوحوش في الفلوات والحيتان في البحر، والطير في السماء»((2)).

وفي كامل الزيارات: في حديث أبي ذر: «وأنكم لو تعلون ما يدخل علي أهل البحار وسكان الجبال، في الغياض والآكام، وأهل السماء من قتله، لبكيتم والله حتّي تزهق أنفسكم»((3)).

وأشار الي هذا المعني من كبار علماء الشيعة وعظمائهم: ابن قولويه في كامل

ص: 228


1- ([2]) البيهقي، إبراهيم، المحاسن والمساوئ: ص130، نقلاً عن نسخة من برنامج الموسوعة الشعرية.
2- ([1]) الصدوق، محمد بن علي، علل الشرائع: ص228؛ الصدوق، محمد بن علي، الأمالي: ص190.
3- ([2]) ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص195.

الزيارات، وابن طاووس في اللهوف، والمجلسي في البحار، والبحراني في عوالم العلوم((1)).

النقطة الثانية: ما أصاب يزيد بن معاوية من تجلّيات الغضب الإلهي

هناك مجموعة من الأمور حصلت ليزيد لعنه الله تعالي، وهناك بعض الأمور التي حصلت له اختص بنقلها الشيعة.جاء في كامل الزيارات: حدثني الناقد أبو الحسين أحمد بن عبد الله بن علي، قال: حدثني جعفر بن سليمان، عن أبيه، عن عبد الرحمان الغنوي، عن سليمان، - في حديث طويل - إلي أن قال: «فوالله، لقد عوجل الملعون يزيد، ولم يتمتع بعد قتله بما طلب، قال عبد الرحمن: ولقد أُخذ مغافصة، بات سكراناً، وأصبح ميتاً متغيراً كأنه مطلي بقار اخذ علي اسف...»((2)).

وأشار إلي هذا المعني من كبار علماء الشيعة وعظمائهم: المجلسي في البحار، والبحراني في عوالم العلوم((3)).

النقطة الثالثة: ما أصاب قاتل أبي الفضل العباس(عليه السلام)من تجلّيات الغضب الإلهي

جاء في ثواب الأعمال وعقاب الأعمال للصدوق: وبهذا الإسناد، عن عمر بن سعد، عن القاسم بن الأصبغ بن نباته، قال: «قدم علينا رجل من بني دارم، ممن شهد قتل الحسين(عليه السلام) مسوّد الوجه، وكان رجلاً جميلاً شديد البياض، فقلت له: ما كدت

ص: 229


1- ([3]) المصدر السابق: ص143 و171؛ ابن طاووس، علي بن موسي، اللهوف: ص117؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص315، 209، 208؛ البحراني، عبدالله، عوالم العلوم: ص499.
2- ([1]) ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص132.
3- ([2]) المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج44، ص236 وج45 ص309؛ البحراني، عبد الله، عوالم العلوم: ص124.

أعرفك؛ لتغيّر لونك، فقال: قتلت رجلاً من أصحاب الحسين، يبص-ر بين عينيه أثر السجود وجئت برأسه، فقال القاسم: لقد رأيته علي فرس له مرحاً وقد علّق الرأس بلبانها وهو يصيب ركبتها، قال: فقلت لأبي: لو أنه رفع الرأس قليلاً، أما تري ما تصنع به الفرس بيديها؟ فقال لي: يا بني ما يصنع به أشد، لقد حدثني، قال: ما نمت ليلة منذ قتلته إلّا أتاني في منامي حتي يأخذ بكتفي فيقودني، ويقول: انطلق فينطلق بي إلي جهنم، فيقذف بي فأصيح، قال: فسمعت بذلك جارة له فقالت: ما يدعنا ننام شيئاً من الليل من صياحه،قال: فقمت في شباب من الحي، فأتينا إمرأته فسألناها، فقالت: قد أبدي علي نفسه قد صدقكم»((1)).

علي أن المقصود بالمقتول في الرواية هو ابوالفضل العباس(عليه السلام) كما نقله أبو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبينوقد نقل عنه هذه الرواية كا من المجلسي في بحاره والبحراني في عوالمه((2)).

النقطة الرابعة: ما يتعلق بالوحوش والطيور وما حدث لها لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام)

الأحاديث والتجلّيات الوارده في هذا المجال كثيرة جداً؛ ولكن نأتي ببعضها، ومن أراد التفصيل يراجع الفصل الثالث.

جاء في كامل الزيارات: بسنده عن علي(عليه السلام)، قال: «بأبي وأمي الحسين المقتول بظهر الكوفة، والله كأني أنظر إلي الوحوش مادة أعناقها علي قبره من أنواع الوحش، يبكونه ويرثونه ليلاً حتي الصباح، فإذا كان ذلك فإياكم والجفاء»((3)).

ص: 230


1- ([1]) الصدوق، محمد بن علي، ثواب الأعمال وعقاب الأعمال: ص219.
2- ([2]) أبو الفرج الإصفهاني، مقاتل الطالبيين: ص78؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص306؛ البحراني، عبد الله، عوالم العلوم: ص626.
3- ([3]) ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص166.

وفيه أيضاً: بسنده عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: «اتخذوا الحمام الراعبية في بيوتكم، فإنها تلعن قتلة الحسين(عليه السلام)»((1)).

وكذلك فيه ما يخص البومة: حدثني محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليدوجماعة مشايخي، عن سعد بن عبد الله، عن محمّد بن عيسي بن عبيد، عن صفوان بن يحيي، عن الحسين بن أبي غندر، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: سمعته يقول في البومة: «هل أحد منكم رآها بالنهار، قيل له: لا تكاد تظهر بالنهار ولا تظهر ألّا ليلاً، قال: أما إنها لم تزل تأوي العمران أبداً، فلما أن قتل الحسين(عليه السلام) آلت علي نفسها أن لا تأوي العمران أبداً، ولا تأوي إلّا الخراب، فلا تزال نهارها صائمة حزينة حتي يجنّها الليل، فإذا جنّها الليل فلا تزال ترن علي الحسين(عليه السلام) حتي تصبح»((2)).

وأشار إلي هذا المعني من كبار علماء الشيعة وعظمائهم: الكليني في الكافي الشريف، والصدوق في كتابيه الأمالي وعلل الشرائع، وابن شهر آشوب في المناقب، والمجلسي في البحار، والبحراني في عوالم العلوم((3)).

ص: 231


1- ([4]) المصدر السابق: ص197.
2- ([1]) المصدر السابق: ص199.
3- ([2]) الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج1، ص466؛ الصدوق، محمد بن علي، الأمالي: ص189؛ الصدوق، محمد بن علي، علل الشرائع: ج1، ص227؛ ابن شهرآشوب، محمد بن علي، المناقب: ج3، ص305؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص191و310 و171؛ البحراني، عبد الله، عوالم العلوم للإمام الحسين: ص489 و490.

خلاصة الفصل الرابع

كان البحث في هذا الفصل عن جوانب الاتفاق والاختلاف لمظاهر تجلّي الغضب الإلهي لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام) عند الفريقين، فمن خلال الفصول المتقدّمة برزت جوانب اتفاقية وجوانب اختصاصية بينهما.

أمّا الجوانب الاتفاقيّة في أحاديث الفريقين فكان منها ما يرتبط بالسماء كمعني بكاء السماء، مطر السماء دماً، ومكوث السماء كالعلقة، وكسوف الشمس، وضجيج الملائكة، وبكاؤهم. ومنها ما يرتبط بما ظهر في الجمادات، كبكاء الأرض، وأحداث قصر الإمارة. ومنها في غير الجمادات كالتي ظهرت في الناس ومنها ما ظهر في الحيوانات والنباتات، ومنها ما جاء في نوح الجن.

أمّا الجوانب الاختصاصية في أحاديث الفريقين فقد اختص كل فريق بمجموعة من الحوادث السماوية والأرضية وغيرها.

ص: 232

الخاتمة والنتائج

أهم النتائج التي توصلنا إليها خلال هذا البحث نجمله بما يلي:

نتائج الفصل الأوّل والذي كان عبارة عن مباحث تمهيدية:

أوّلاً: أن المراد من التجلّي في اللغة هو نقيض الخفيّ، أي: الوضح والأنكشاف، كما تقول: جَلا الخبر للناس جلاءً؛ وفي الاصطلاح: هو الانكشاف والظهور، أي: ظهر له اقتداره وأمر إرادته، وأشرنا إلي بعض الآيات القرآنيّة التي يعرف منها الانكشاف، أي: ظهور غضب المولي تبارك وتعالي. وبالنسبة للسنّة الشريفة فقد جاء في عدة معاني، فتارة المراد منه، الجلاء والوضوح، وتارة الانكشاف.

ثانياً: اتضح أيضاً، بأن المراد من الغضب في اللغة يدل علي الشدّة والقوّة، وهو نقيض الرضا؛ وفي الاصطلاح: هو ثوران دم القلب وإرادة الانتقام وهناك قول آخر: بأنه غليان دم القلب وخروج النفس عن الاعتدال إلي جانب الحدّة والشدّة؛ وأشار إليه القرآن الكريم في عدة آيات، فقد أشارت إلي غضب موسي الذي كان لله تبارك وتعالي، وهو ممدوح، كما أشارت إلي الغضب الذي لم يكن لله سبحانه وتعالي وهو مذموم؛ وأشارت السنّة المطهرة إلي ذم الغضب الذي ليس لله تعالي أيضاً وحذّرت منه البشريّة، وهو نوع من الجنون، وعاقبته الندم.

ثالثاً: أوضحنا معني المقتل لغةً، فهو مشتق من قتل، وهو علي وزن مفعل، ويطلق علي القتل وموضع القتل، وفي الاصطلاح هو الكتاب الذييروي لنا مقتل الإمام الحسين(عليه السلام).

رابعاً: بيّنا المراد من مقتل سيد الشهداء(عليه السلام)، وأن (المَقْتَل) هو مصدر ميمي؛ لأنّ

ص: 233

القتل هو المقصود بالإخبار عنه، وقد تطورت هذه الكلمة حتي صارت تدل بنفسها علي مدلول شهادة الإمام الحسين(عليه السلام).

خامساً: بيّنا أنّ المراد من الفريقين هم الشيعة والسنّة، والشيعة هم الذين شايعوا علياً وقالوا بخلافته إلي الإمام الحجّة(عجل الله تعالي فرجه و الشريف)، وهو منصب بأمر من الله(عزوجل)؛ والسنّة هم الذين يرون الخلافة للأوّل والثاني ويتبعون منهج الصحابة والتابعين وما عداهم فهم من أهل البدع.

سادساً: بيّنا العلاقة بين الإمام المعصوم(عليه السلام) والكون، والتأثير والتأثر الموجود بينهما، وبأنّ الكون ينخسف بعدم وجود الإمام المعصوم(عليه السلام)، فالأرض من باب أولي تنزعج بمقتله(عليه السلام)؛ وعرفنا أن هناك بكاء وانزعاجاً لمقتل الإمام المعصوم(عليه السلام)، وأن للحيوانات نوعاً من الشعور والإدراك فتنزعج أو يظهر فيها الغضب لمقتل الإمام المعصوم(عليه السلام)، وأنّها لا تبكي ولاتنزعج لأي إنسان إلّا إذا كان ذا منزلة رفيعة عند الله جل جلاله، ولاينحصر البكاء علي خصوص قتل المعصوم، بل نري بعض التغيرات الكونيّة التي حصلت بسبب نقل منبر الرسول(صلي الله عليه و اله) من مكانه، وشكوي الحيوانات له.

سابعاً: قمنا ببيان سيرة الإمام الحسين(عليه السلام) وفضائله، والآيات المؤولة بشهادته(عليه السلام)عند الفريقين، ثم أشرنا إلي أهداف ثورته المباركة، واتضح لنا أن الإمام اعترض علي الخلافة الغاصبة، وأراد إقامة الإمامة الإلهية، وفضح غدر الأُمويين، وقام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واتضح لنا أنّ من عوامل خلود ثورته المباركة هي إرادة المولي تبارك وتعالي، وشخصيّة الإمام(عليه السلام) بحدّ ذاتها، وتخطيطه للثورة، والدور البارز والفعّال والأساسي للسيّدة زينب(عليها السلام)والإمام زين العابدين(عليه السلام).

نتائج الفصل الثاني: فيما يخصّ (تجليات الغضب الإلهي لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام)

ص: 234

عند السنّة)، بعد البحث في مصادرهم اتضح لنا:

أوّلاً: أن هناك مظاهر سماويّة كونيّة حدثت بعد مقتل الإمام الحسين(عليه السلام)، كمكوث السماء كالعلقة، واحمرارآفاق السماء، ومطر السماء دماً، وكسوف الشمس، وتفطر السماء، وماجاء في معني الاحمرار، كما كان هناك مظاهر سماوية غير الكونيّة كما في بكاء الملائكة وضجيجهم لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام).

ثانياً: وضّحنا المظاهر الأرضية لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام)، منها: في الجمادات الجمادية كخروج الدم من الحجر، وأحداث قصر الإمارة، وخروج قلم من حديد، ومنها الآثار التي ظهرت في غير الجمادات، وهي التي ظهرت في بعض الناس أو الحيوانات أو النباتات ومنها من قبيل تأثر للجن لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام).

نتائج الفصل الثالث: فيما يخصّ (تجليّات الغضب الإلهي لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام) عند الشيعة)، بعد البحث في المصادر، اتضح لنا: أوّلاً: أن هناك مظاهر سماويّة كونيّة حدثت بعد مقتل الإمام الحسين(عليه السلام)، كمطر السماء دماً وتراباً، وكسوف الشمس وغيرها من المظاهر، ومن المظاهر غير الكونيّة التي بيّناها هي ضجيج الملائكة وبكاؤهم وانتقام المولي (عزوجل)من قاتليه بالإمام الحجّة(عجل الله تعالي فرجه و الشريف).

ثانياً: وضحنا وأشرنا إلي المظاهر الأرضيّة لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام)، منها: في الجمادات كخروج الدم من تحت الحجر، وماظهر في الجبال والبحار، ومنها الآثار التي ظهرت في غير الجمادات وهي التي ظهرت في بعض الناس أو الحيوانات أو النباتات وما ظهر للجن لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام).

نتائج الفصل الرابع: فيما يخصّ (جوانب الاتفاق والاختلاف في أحاديث الفريقين بالنسبة لمظاهر تجلي الغضب الإلهي لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام))، قمنا بتبويب هذا الفصل كالتالي:

ص: 235

أوّلاً: بوبنا الجوانب الاتفاقيّة والمشتركة في أحاديث الفريقين من المظاهر السماويّة والأرضيّة، وبيّنا موارد الاتفاق بين الشيعة والسنّة بعدما استقصينا الأحاديث الواردة في هذا المجال.

ثانياً: بوبنا الجوانب الخلافيّة في أحاديث الفريقين من المظاهر السماويّة والأرضيّة، وبيّنا موارد الإختلاف، بين الشيعة والسنّة، بعد ما استقصينا الأحاديث الواردة في هذا المجال.

ومن الجدير بالذكر أن الأحاديث التي استخرجناها من مصادر السنة كثيرة جداً، وأما المصادر الشيعيّه فكانت أقل، كما أن بعض المصادر الشيعية تنقل الأحاديث والروايات عن المصادر السنّية وتعتمد عليها، وهذا بسبب الظروف الصحية التي مرّ بها الشيعة، من تشريد وقتل واحراق المكتبات، وغيرها من الممارسات القمعية، وقد وفقنا بتوفيق من الله وعونه في هذا البحث بجمع هذه الأحاديث المتناثرة في عشرات المصادر الشيعيّة والسنيّة، وأسأل الله تبارك وتعالي القبول ورضاء أهل البيت(عليهم السلام)، وأن يكون هذا العمل خالصاً لوجه الله تعالي، وأن يشملنا بشفاعة سيد الشهداء(عليه السلام) يوم لا ينفع مال ولابنون، والحمد لله ربّ العالمين.

ص: 236

المصادر والمراجع

* القرآن الكريم.

1.ابن أبي حاتم، عبد الرحمن بن محمّد، تفسير ابن أبي حاتم، تحقيق: أسعد محمد الطيّب، دار الفكر للطباعة والنشر - بيروت، عام 1424ه- ق.

2.ابن أعثم، أحمد بن أعثم الكوفي، الفتوح، دارالأضواء بيروت، الطبعة الأولي عام1411 ه- ق.

3.ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث والأثر، نشر: مؤسسة إسماعيليان، الطبعة الرابعة، عام 1364 ه- ق.

4.ابن الأثير، عزّ الدين أبي الحسن علي بن أبي الكرم، أسد الغابة، دار الكتب العربي بيروت.

5.ابن الأثير، علي بن أبي أكرم الكامل في التاريخ، دار بيروت - بيروت، عام 1386 ه- ق.

6.ابن الجعد، علي بن الجعد بن عبيد، مسند ابن الجعد، نشر: دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة الثانية، عام 1417 ه- ق.

7.ابن الجوزي، عبد الرحمن، تذكرة الخواص، مطبعة أمير - قم، عام 1376 ه- ق.

8.ابن الدمشقي، محمّد بن أحمد، جواهر المطالب، مجمع إحياء الثقافة الإسلامية - قم الطبعة الأولي، عام 1415 ه- ق.

9.ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب في تاريخ حلب، مؤسسة البلاغ بيروت،

ص: 237

عام 1408 ه- ق.

10.ابن المغازلي، علي بن محمّد، المناقب، انتشارات سبط النبي، الطبعة الأولي عام 1426 ه- ق.

11.ابن الوردي، عمر بن مظفر، تاريخ ابن الوردي، دار الكتب العلمية - بيروت، عام 1417 ه- ق.

12.ابن تيمية، تقي الدين أحمد، مجموع الفتاوي، طبعة الشيخ عبد الرحمن بن قاسم.

13.ابن حبان، الثقات، الكتب العلمية - بيروت، الطبعة الأولي، عام 1419 ه- ق.

14.ابن حبان، علاء الدين علي بن بلبان، صحيح ابن حبان، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثانية، عام 1414 ه- ق.

15.ابن حجر، شهاب الدين أحمد بن علي، تلخيص الحبير، دار الفكر بيروت، بدون.

16.ابن حجر، شهاب الدين أحمد بن علي، تهذيب التهذيب، دار الفكر بيروت، الطبعة الأولي، عام 1404 ه- ق.

17.ابن حزم، علي بن أحمد بن حزم، الفصل في الملل والأهواء، دار الصادر بيروت، الطبعة الأولي، عام 1317 ه- ق.

18.ابن حمزه الطوسي، محمّد بن علي، الثاقب في المناقب، مؤسسة أنصاريان، الطبعة الرابعة، عام 1428 ه- ق.

19.ابن حنبل، أحمد، مسند أحمد، مؤسسة قرطبة القاهرة.

20.ابن دريد، الاشتقاق، نشر مكتبة الخانجي القاهرة، الطبعة الثالثة.

21.ابن سعد، محمّد، ترجمة الإمام الحسين(عليه السلام)، من طبقات ابن سعد، مؤسسة أل البيت، قم الطبعة الأولي، عام 1415 ه- ق.

ص: 238

22.ابن شهر أشوب، رشيد الدين أبي عبد الله محمّد بن علي، مناقب آل أبي طالب، المكتبة الحدرية، الطبعة الأولي، عم 1432 ه- ق.

23.ابن طاووس، علي بن موسي، اللهوف في قتلي الطفوف، أنوار الهدي، قم الطبعة الأولي، عام 1417 ه- ق.

24.ابن طيفور، أبو الفضل بن أبي طاهر، بلاغات النساء، مكتبة بصيرتي - قم.

25.ابن عبد البر، أبو عمر يوسف بن عبد الله، الاستيعاب، دار الجيل، الطبعة الأولي، عام 1412 ه- ق.

26.ابن عبد ربه، محمد بن أحمد، العقد الفريد، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولي، عام 1404ه- ق.

27.ابن عساكر، الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي، تاريخ دمشق، تحقيق: علي شيري، دار الفكر بيروت، عام 1415 ه- ق.

28.ابن عساكر، الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي، ترجمة الإمام الحسين(عليه السلام)، تحقيق: الشيخ محمّد باقر المحمودي، الطبعة الثانية، عام 1432 ه-.ق.

29.ابن فارس، أحمد بن فارس، معجم مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام محمّد هارون، اتحاد الكتاب العرب، عام 1423 ه- ق.

30.ابن قتيبة الدينوري، عبد الله بن مسلم، تحقيق: شيخ إسماعيل الأسعردي، دار الكتب العلمية - بيروت.

31.ابن قولويه، جعفر بن محمّد، كامل الزيارات، تحقيق: الشيخ جواد القيومي، الطبعة الأولي، عام 1417 ه- ق.

32.ابن كثير، إسماعيل بن كثير، البداية والنهاية، دارإحياء التراث العربي بيروت،

ص: 239

الطبعة الأولي، عام 1408 ه- ق.

33.ابن كثير، إسماعيل بن كثير، تفسير القرآن العظيم، دار المعرفة بيروت، عام 1412ه- ق.

34.ابن منظور، محمّد بن مكرم، لسان العرب، أدب الحوزة - قم عام 1405 ه- ق.

35.ابن منظور، مختصر تاريخ دمشق، دار الفكر - دمشق.

36.ابن نجيم المصري، زين الدين بن إبراهيم، شرح البحر الرائق، منشورات محمد علي بيضون - بيروت، الطبعة الأولي، عام 1418 ه- ق.

37.ابن نما الحلي، محمّد بن جعفر، مثير الأحزان، المطبعة الحيدرية - قم، عام 1369 ه- ق.

38.أبو العرب الإفريقي، محمد بن أحمد، كتاب المحن، نشر دار العلوم - الرياض، الطبعة الأولي، عام 1404 ه- ق.

39.أبو العرفان الصبان، محمّد بن علي، اسعاف الراغبيين، كتبة المسجد النبوي.

40.أبو الفداء، عماد الدين اسماعيل، تاريخ أبي الفداء، دار المعرفة بيروت.

41.أبو الفرج الاصفهاني، مقاتل الطالبيين، المكتبة الحيدرية - قم، الطبعة الثانية، عام 1385 ه- ق.

42.أبو الليث السمرقندي، نصر بن محمد، تفسير السمرقندي، تحقيق: محمود مطرجي، نشر دار الفكر - بيروت.

43.أبو حمزة الثمالي، ثابت بن دينار، تفسير أبي حمز الثمالي، جمعه عبد الرزاق حرز الدين، نشر الهادي - قم، الطبعة الأولي، عام 1420 ه- ق.

44.أبو داود الطيالسي، سليمان بن داود، مسند أبي داود الطيالسي، دار المعرفة - بيروت.

ص: 240

45.أبو مخنف، لوط بن يحيي، مقتل الحسين، منشورات المكتبة العامة للمرعشي النجفي، الطبعة العلمية - قم.

46.أبو نعيم، أحمد بن عبد الله، حلية الأولياء، دار الكتب العلمية - بيروت عام 1988.

47.أبو نعيم، أحمدبن عبد الله، معرفة الصحابة، دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة الأولي، عام 2002 م.

48.أبو يعلي، أحمد بن علي، مسند أبي يعلي، دار المأمون - دمشق.

49.أبوالعرب، محمّد بن أحمد، كتاب المحن، دار الغرب الاسلامي، الطبعة الثالثة.

50.الأربلي، علي بن عيسي، كشف الغمة، دار الأضواء بيروت، الطبعة الثانية، عام 1405 ه- ق.

51.الأزهري، محمّد بن أحمد، تهذيب اللغة، الدار المصرية للتأليف والترجمه، عام 1975 م.

52.الاستر آبادي، شرف الدين علي بن الحسين، تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة، تحقيق ونشر: مدرسة الإمام الهادي(عليه السلام)، الطبعة الأولي، عام 1407 ه- ق.

53.الإسفراييني، إبراهيم بن محمّد، نور العين في مشهد الحسين، مطبعة المنار - تونس.

54.الإسفراييني، أبو إسحاق، نور العين في مشهد الحسين، مطبعة المنار - تونس.

55.الألباني، محمد ناصر الدين، شرح العقيدة الطحاوية، نشر المكتب الإسلامي، الطبعة الثانية، عام 1414 ه- ق.

56.باقر شريف القرشي، حياة الإمام الحسين(عليه السلام)، مطبعة الآداب - النجف

ص: 241

الأشرف، الطبعة الأولي، عام 1394 ه- ق.

57.البحراني، عبدالله، عوالم العلوم، تحقيق ونشر: مدرسة الإمام الهادي، الطبعة الأولي، عام 1407 ه- ق.

58.البحراني، هاشم البرهان في تفسير القرآن، تحقيق: مؤسسة البعثة قم المقدسة.

59.البخاري، محمّد بن إسماعيل، الأدب المفرد، مؤسسة الكتب الثقافيّة، الطبعة الأولي، عام 1406 ه- ق.

60.البخاري، محمّد بن اسماعيل، التاريخ الكبير، المكتبة الإسلامية - تركية.

61.البرقي، محمد بن خالد، المحاسن، نشر دار الكتب الإسلامية، الطبعة الأولي، عام 1370 ه- ق.

62.البلاذري، أحمد بن يحيي، أنساب الأشراف، دار المعارف مصر، عام 1959 م.

63.البيهقي، أحمد بن الحسين، السنن الكبري، دار الفكر بيروت.

64.البيهقي، أحمد بن الحسين، دلائل البنوة ومعرفة الأحوال، دار الكتب العلمية - بيروت الطبعة الأولي، عام 1405 ه- ق.

65.التبريزي، أبوطالب التجليلي، المحاسن والمساوئ، مؤسسة النشر الإسلامي قم، الطبعة الأولي، عام 1417 ه- ق.

66.الترمزي، محمّد بن عيسي، سنن الترمزي، التحقيق: عبد الوهاب عبد اللطيف، دار الفكر بيروت، الطبعة الثانية، عام 1403 ه- ق.

67.التستري، نور الله الحسيني المرعشي، إحقاق الحق، مكتبة آية الله العظمي المرعشي النجفي - قم.

68.الثعلبي، تفسير الثعلبي، دار إحياء التراث العربي - بيروت، الطبعة الأولي، عام 1422 ه- ق.

ص: 242

69.الجرجاني، عبد القاهر بن عبد الرحمن، المفتاح في الصرف، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولي، عام 1407 ه- ق.

70.الجوزي، عبد الرحمن بن علي، تلبيس إبليس، دار الفكر - بيروت، الطبعة الأولي، عام 1421 ه- ق.

71.الجوهري الفارابي، الصحاح تاج اللغة، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، نشر دار العلم، بيروت، الطبعة الرابعة، عام 1407 ه- ق.

72.الحاكم النيسابوري، المستدرك علي الصحيحين، تحقيق: يوسف عبد الرحمن، دار المعرفة بيروت.

73.الحائري، محمد مهدي، معالي السبطين، منشورات الشريف الرضي، الطبعة الثانية، عام 1363 ه- ش.

74.الحموي البغدادي، ياقوت بن عبد الله، معجم البلدان، دار إحياء التراث العربي - بيروت، عام 1399 ه- ق.

75.الحميدي، علي بن محمّد، جزء الحميدي، مكتبة الرشيد - الرياض، الطبعة الأولي.

76.الحنبلي المقدسي، محمد بن عبد الواحد، الأحاديث المختارة، نشر دار خضر - بيروت، الطبعة الثالثة، عام 1420 ه- ق.

77.الحنبلي، القاضي مجير الدين، الأنس الجليل، منشورات الحيدرية، النجف الأشرف، عام 1388 ه- ق.

78.الحويزي، عبد علي بن جمعة، تفسير نور الثقلين، تحقيق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي، مؤسسة نشر إسماعيليان، الطبعة الرابعة، عام 1412 ه- ق.

79.الخزاعي، دعبل ديوان دعبل الخزاعي، مؤسسة الأعلمي - بيروت، الطبعة

ص: 243

الأولي، عام 1417 ه- ق.

80.الخصيبي، الحسين بن حمدان، الهداية الكبري، مؤسسة البلاغة بيروت، الطبعة الرابعة، عام 1411 ه- ق.

81.الخوارزمي، الموفق بن أحمد المكي، مقتل الحسين(عليه السلام)، مؤسسة النشر الإسلامي، قم.

82.الدينوري، أحمد بن داوود، الأخبار الطوال، دار إحياء الكتاب العربي، الطبعة الأولي، عام 1960 م.

83.الدولابي، محمّد بن أحمد، الذرية الطاهرة، الدار السلفية - الكويت، الطبعة الأولي، عام 1407 ه- ق.

84.الذهبي، محمّد بن أحمد، تاريخ الإسلام، دار الكتاب العربي - بيروت الطبعة الأولي، عام 1407 ه- ق.

85.الذهبي، محمّد بن أحمد، سير أعلام النبلاء، مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة التاسعة، عام 1413 ه- ق.

86.الراغب الإصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، تحقيق: صفدان عدنان داوودي، الطبعة الثانية، عام 1427 ه- ق.

87.الرافعي، عبد الكريم بن محمّد، فتح العزيز بشرح الوجيز، دار الفكر.

88.الراوندي، سعيد بن هبة الله، قصص الأنبياء، مؤسسة الهادي - قم، الطبعة الأولي، عام 1418 ه- ق.

89.الراوندي، قطب الدين، الخرائج والجوارح، مؤسسة الإمام المهدي - قم، الطبعة الأولي، عام 1409 ه- ق.

90.الزبيدي، محب الدين السيد محمّد مرتضي الحسيني، تاج العروس، دار الفكر

ص: 244

بيروت، عام 1414 ه- ق.

91.الزرندي الحنفي، محمّد بن يوسف، نظم درر السمطين، الطبعة الأولي، عام 1377 ه- ق.

92.الزمخشري، محمود بن عمر، الكشاف، نشر: المصطفي البابي الحلبي وأولاده، مصر.

93.زيد بن علي، مسند زيد بن علي، دار مكتبة الحياة - بيروت.

94.السرخسي، محمّد بن أبي سهل، المبسوط، دار المعرفة - بيروت.

95.السيوطي، جلال الدين، الأمر بالاتباع، نشر مطابع الرشيد، عام 1409 ه- ق.

96.السيوطي، جلال الدين، الدر المنثور، دار الفكر - بيروت.

97.السيوطي، جلال الدين، تاريخ الخلفاء، دار التعاون - مكة المكرمة.

98.السيوطي، جلال الدين، جمع الجوامع، مجمع البحوث الإسلامية، طبعة الازهر، الطبعة الأولي.

99.السيوطي، جلال الدين، كفاية الطالب، دار الكتاب العربي - الهند، عام 1320 ه- ق.

100.السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، الخصائص الكبري، هيئة الكتب - الاسكندرية.

101.الشامي، محمّد بن يوسف، سبل الهدي والرشاد، دار الكتب العلمية - بيروت الطبعة الأولي، عام 1414 ه- ق.

102.الشجري الجرجاني، يحيي بن الحسين، الأمالي الخميسية، دار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الأولي، عام 1422 ه- ق.

103.الشريف الكاشاني، فتح الله بن شكر الله، زبدة التفاسير، مؤسسة المعارف

ص: 245

الإسلامية، الطبعة الاولي، عام 1423 ه- ق.

104.الشريف المرتضي، رسائل الشريف المرتضي، نشر دار القرآن الكريم - قم، عام 1405ه- ق.

105.شمس الدين، أحمد، مراح الأرواح، نشر مكتبة مصطفي البابي الحلبي، الطبعة الثالثة، عام 1379 ه- ق.

106.الشهرستاني، محمد بن عبد الكريم، الملل والنحل، دار المعرفة - بيروت، عام 1404 ه- ق.

107.الشهيد الثاني، محمد بن جمال الدين مكي، شرح اللمعة الدمشقية، مكتبة الداوري، الطبعة الأولي، عام 1398 ه- ق.

108.الصدوق، محمّد بن علي، الأمالي، مركز الطباعة والنشر في مؤسسة البعثة، الطبعة الأولي عام 1417 ه- ق.

109.الصدوق، محمّد بن علي، ثواب الأعمال وعقاب الأعمال، منشورات شريف الرضي، الطبعة الثانية، عام 1368 ه- ق.

110.الصدوق، محمّد بن علي، علل الشرائع، تحقيق: السيد محمّد صادق بحر العلوم، المكتبة الحيدرية، عام 1385 ه- ق.

111.الصدوق، محمّد بن علي، عيون أخبار الرضا(عليه السلام)، تحقيق: الشيخ حسين الأعلمي، مؤسسة الأعلمي بيروت، عام 1404 ه- ق.

112.الصدوق، محمّد بن علي، كتاب التوحيد، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدسة.

113.الصدوق، محمّد بن علي، كمال الدين وتمام النعمة، مؤسسة النشر الإسلامي لجماعة المدرسين، عام 1405 ه- ق.

ص: 246

114.الصدوق، محمّد بن علي، معاني الأخبار، تحقيق: علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشر الإسلامي، عام 1379 ه- ق.

115.الصفار، محمّد بن الحسن، بصائر الدرجات، منشوارت الأعلمي - طهران، عام 1404 ه- ق.

116.الصفدي، الوافي بالوافيات، تحقيق: أحمد الأرنؤوط وتركي مصطفي، دار إحياء التراث، عام 1420 ه- ق.

117.الضحاك، ابن أبي عاصم، الآحاد والمثاني، دار الدراية - الرياض، الطبعة الأولي، عام 1411 ه- ق.

118.ضياء المقدسي، الأحاديث المختارة، دار خضر - بيروت، الطبعة الرابعة، عام 1421 ه- ق.

119.الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير، دار إحياء التراث العربي، الطبعة الثانية.

120.الطبرسي، أحمد بن علي، الاحتجاج، دار النعمان النجف الأشرف، عام 1386 ه- ق.

121.الطبرسي، الفضل بن الحسن، تفسير جوامع الجامع، تحقيق: جماعة المدرسين قم، الطبعة الأولي، عام 1418 ه- ق.

122.الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، مؤسسة الأعلمي بيروت الطبعة الأولي، عام 1415 ه- ق.

123.الطبري محمّد بن جرير، دلائل الإمامة، تحقيق ونشر: مؤسسة البعثة، الطبعة الأولي، عام 1413 ه- ق.

124.الطبري، محب الدين أحمد بن عبد الله، ذخائر العقبي، مكتبة القدسي القاهرة،

ص: 247

عام 1356 هت ق.

125.الطبري، محمّد بن جرير، تاريخ الطبري، مؤسسة الأعلمي بيروت - الطبعة الرابعة، عام 1403 ه- ق.

126.الطوسي، محمّد بن الحسين، الأمالي، دار الثقافة، قم، الطبعة الأولي، عام 1414.

127.العاملي، جعفر مرتضي، الصحيح من سيرة النبي الأعظم(صلي الله عليه و اله)، دار الحديث - قم، الطبعة الاولي، عام 1426 ه- ق.

128.عبده محمد، شرح نهج البلاغه، دار المعرفة للطباعة والنشر.

129.العجلي، أحمد بن عبد الله، معرفة الثقات، مكتبة الدار - المدينة المنورة، الطبعة الأولي عام 1405 ه- ق.

130.العياشي، محمّد بن مسعود، تفسير العياشي، تحقيق: السيد هاشم الرسولي المكلاتي، المكتبة العلمية الإسلامية، طهران.

131.الغزالي، أبو حامد، إحياء علوم الدين، دار الكتاب العربي.

132.الفتال النيسابوري، محمّد بن الفتال، روضة الواعظين، الشريف الرضي - قم.

133.الفراهيدي، الخليل بن أحمد، كتاب العين، تحقيق: مهدي المخزومي، مؤسسة دار الهجرة - قم، الطبعة الثانية، عام 1409 ه- ق.

134.الفيروز آبادي، مترضي الحسني، فضائل الخمسة، فيروز آبادي، الطبعة الأولي، عام 1415 ه- ق.

135.الفيض الكاشاني، محسن، تفسير الصافي، تحقيق: الشيخ حسين الأعلمي، مكتبة الصدر طهران، الطبعة الثانية، عام 1416 ه- ق.

136.الفيض الكاشاني، محمّد محسن، مكتبة أمير المؤمنين طهران، الطبعة الأولي،

ص: 248

عام 1406ه- ق.

137.الفيّومي، أحمد بن محمّد بن علي، المصباح المنير، المكتبة العلمية بيروت.

138.القادري الحنفي، محمد بن حسين، تكملة البحر الرائق، منشورات محمد علي بيضون - بيروت، الطبعة الأولي، عام 1418 ه- ق.

139.القاضي النعمان، النعمان بن محمّد التميمي المغربي، شرح الأخبار، تحقيق: السيد محمّد الحسني الجلالي، مؤسسة النشر الإسلامي، الطبعة الثانية، عام 1414 ه- ق.

140.القرطبي، محمّد بن احمد، جامع أحكام القرآن (تفسير القرطبي) - دار إحياء التراث العربي - بيروت، عام 1405 ه- ق.

141.القمي، علي بن إبراهيم، تفسير القمي، دار الكتاب–قم، الطبعة الثالثة، عام 1440ه- ق.

142.القندوزي، سليمان بن إبراهيم، ينابع المودة، دار الأسوة، الطبعة الأولي، عام 1416 ه- ق.

143.الكليني، محمّد بن يعقيوب، أصول الكافي، تحقيق: علي أكبر الغفاري، دار الكتب الإسلامية طهران، الطبعة الخامسة، عام 1363 ه- ش.

144.الكوفي، محمّد بن سليمان، مناقب الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام)، مجمع إحياء الثقافة الإسلامية - قم، الطبعة الأولي، عام 1412 ه- ق.

145.المتقي الهندي، كنز العمال، تحقيق: الشيخ بكري حياني، مؤسسة الرسالة، بيروت، عام 1409 ه- ق.

146.المجلسي، محمّد باقر، بحار الأنوار، مؤسسة الوفاء بيروت، عام 1403 ه- ق.

147.المزي، جمال الدين يوسف، تهذيب الكمال، مؤسسة الرسالة - بيروت الطبعة

ص: 249

الراعبة، عام 1406 ه- ق.

148.المصطفوي، حسن، التحقيق في كلمات القرآن الكريم، نشر: الآثار العلمية المصطفوي ودار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الثالثة، عام 1430 ه- ق.

149.مغنية، محمد جواد، الشيعة في الميزان، نشر: دار الشروق - بيروت، الطبعة الرابعة، 1399 ه- ق.

150.المفيد، محمّد بن محمّد، الإرشاد، تحقيق: مؤسسة آل البيت، دار المفيد بيروت، الطبعة الثانية، عام 1414 ه- ق.

151.المقريزي، أحمد بن علي، إمتاع الأسماع، منشورات: محمّد علي بيضون، دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة الأولي، عام 1420 ه- ق.

152.النعماني، محمّد بن إبراهيم، الغيبة، أنوار الهدي - قم، الطبعة الأولي، عام1422 ه- ق.

153.الهيتمي، احمد بن حجر، الصواعق المحرقة، تحقيق: عبد الوهاب عبد اللطيف، مكتبة القاهرة، الطبعة الثانية، عام 1385 ه- ق.

154.الهيثمي، علي بن أبي بكر، مجمع الزوائد، دار الكتب العلمية بيروت، عام 1408 ه- ق.

ص: 250

فهرس المحتويات

الإهداء.. 9

شكر وتقدير.. 11

مقدمة المؤسّسة 13

قسم الرسائل الجامعية في مؤسسة وارث الأنبياء. 19

مقدمة قسم الرسائل الجامعية 23

المقدمة 27

بيان الموضوع وأهميّته. 27

سابقة البحث.. 28

الأهداف.. 29

الفصل الاول

بحوث تمهيديّة

المبحث الأول: تعريف مفردات الموضوع. 33

المطلب الأوّل: تعريف التجلّي لغةً واصطلاحاً 33

ص: 251

الجهة الأولي: تعريف التجلّي لغةً. 33

الجهة الثانية: تعريف التجلّي اصطلاحاً 34

الجهة الثالثة: التجلّي في القرآن الكريم 35

الجهة الرابعة: التجلّي في السنّة المطهرة 37

المطلب الثاني: تعريف الغضب لغةً واصطلاحاً 38

الجهة الأولي: تعريف الغضب لغةً. 38

الجهة الثانية: تعريف الغضب اصطلاحاً 39

الجهة الثالثة: الغضب في القرآن الكريم 40

الجهة الرابعة: الغضب في السنّة المطهّرة 40

الجهة الخامسة: بيان المراد من الغضب الإلهي. 42

المطلب الثالث: تعريف المقتل لغةً واصطلاحاً 42

الجهة الأولي: تعريف المقتل لغةً. 42

الجهة الثانية: تعريف المقتل اصطلاحاً 43

الجهة الثالثة: القتل في القرآن الكريم 45

الجهة الرابعة: القتل في السنّة المطّهرة 47

المطلب الرابع: بيان المراد من الفريقين. 48

الجهة الأولي: بيان المراد من الفريق الأوّل (الشيعة) 48

الجهة الثانية: بيان المراد من الفريق الثاني (السنّة) 49

المبحث الثاني: التغيّرات الكونيّة وفلسفة بكاء الجمادات والحيوانات.. 51

المطلب الأوّل: المراد من التغيّرات الكونيّة 51

المطلب الثاني: العلاقة بين الإمام المعصوم والتغيّرات الكونيّة 52

المطلب الثالث: قبس من التفاعل الكوني لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام). 55

ص: 252

المطلب الرابع: الإدراك والشعور في الجمادات والحيوانات.. 57

الجهة الأولي: شواهد قرآنية علي أنّ لكل الموجودات شعوراً وإدراكاًً.. 57

الجهة الثانية: علة عدم تكليف الحيوانات والنباتات والجمادات بالأحكام الشرعية رغم أنّ لها شعوراً وإدراكاً 61

الجهة الثالثة: شواهد روائية علي إدراك الجمادات والحيوانات.. 63

النقطة الأولي: شهادة الشجرة بالرسالة للنبي(صلي الله عليه و اله) 63

النقطة الثانية: مجيء الشجرة للسلام علي النبي(صلي الله عليه و اله) 64

النقطة الثالثة: حنين الجذع علي فراق النبي(صلي الله عليه و اله) 64

النقطة الرابعة: شكوي البعير من قلة علفه وجوعه 65

النقطة الخامسة: شكوي بعض الطيور للنبي(صلي الله عليه و اله) من أخذ بيضها أو فراخها 66

النقطة السادسة: سجود البعير للنبي(صلي الله عليه و اله) 66

النقطة السابعة: سجود الغنم للنبي(صلي الله عليه و اله) ومعرفتها بنبوّته 67

النقطة الثامنة: كسوف الشمس حين أرادوا نقل منبر النبي(صلي الله عليه و اله) 67

المبحث الثالث: نبذة مختصرة عن حياة الإمام الحسين(عليه السلام). 71

المطلب الأوّل: ولادة الإمام الحسين(عليه السلام). 71

حزن النبي(صلي الله عليه و اله) وبكاؤه: 71

المطلب الثاني: سنة ولادته وتسميته(عليه السلام). 72

المطلب الثالث: فضائله(عليه السلام). 74

المطلب الرابع: الآيات المؤوّلة بالإمام الحسين(عليه السلام) في أحاديث الفريقين. 76

الجهة الأولي: الآيات المؤولة بالإمام الحسين(عليه السلام) في أحاديث الشيعة. 76

الآية الأولي: 76

الآية الثانية: 77

ص: 253

الآية الثالثة: 78

الآية الرابعة: 79

الآية الخامسة: 79

الجهة الثانية: الآيات المؤوّلة بالإمام الحسين(عليه السلام) في أحاديث السنة. 80

الآية الأولي: 80

الآية الثانية: 80

الآية الثالثة: 81

الآية الرابعة: 82

المطلب الخامس: الأخبار الغيببة بشهادة الإمام الحسين(عليه السلام) في أحاديث الفريقين. 82

الجهة الأولي: الأخبار الغيبية بشهادته(عليه السلام) في أحاديث الشيعة. 83

الحديث الأول: 83

الحديث الثاني: 83

الحديث الثالث: 84

الحديث الرابع: 84

الحديث الخامس: 84

الحديث السادس: 85

الحديث السابع: 85

الحديث الثامن: 86

الجهة الثانية: الأخبار الغيبية بشهادته(عليه السلام) في أحاديث السنّة. 86

الحديث الأوّل: 86

الحديث الثاني: 87

الحديث الثالث: 88

ص: 254

الحديث الرابع: 88

الحديث الخامس: 89

الحديث السادس: 89

الحديث السابع: 90

الحديث الثامن: 90

المطلب السادس: نبذة مختصرة عن مصرعه وشهادته(عليه السلام). 91

أولاً: في مصادر السنة. 91

الرواية الأولي: 91

الرواية الثانية: 93

الرواية الثالثة: 94

ثانياً: في مصادر الشيعة. 94

الرواية الأولي: 95

الرواية الثانية: 95

الرواية الثالثة: 95

المبحث الرابع: أهداف الثورة الحسينية المباركة 97

المطلب الأوّل: الاعتراض علي الخلافة الغاصبة 97

المطلب الثاني: إقامة الإمامة الإلهية 98

المطلب الثالث: العزة والكرامة 99

المطلب الرابع: غدر الأمويين وفتكهم 99

المطلب الخامس: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 101

المبحث الخامس: عوامل خلود ثورة الإمام الحسين(عليه السلام). 103

المطلب الأوّل: الإرادة الإلهية ودورها في تخليد ثورة الإمام الحسين(عليه السلام). 103

ص: 255

الجهة الأولي: العهد الرباني بعدم إضاعة أجر العاملين والسائرين علي دربه وخطه. 103

الجهة الثانية: العهد الرباني بتماميّة نوره رغم محاولات الأعداء لإطفائه أو محوه 105

المطلب الثاني: شخصية الإمام الحسين(عليه السلام) ودورها في تخليد ثورته 107

المطلب الثالث: تخطيطه(عليه السلام) لخلود ثورته المباركة 109

الجهة الأولي: ترقّب الإمام(عليه السلام) لموت الطاغية معاوية 109

الجهة الثانية: التركيز الإعلامي لثورته وأهدافها 110

الجهة الثالثة: اختياره واختباره(عليه السلام) لاصحابه. 111

المطلب الرابع: الدور الفعّال للإمام زين العابدين والسيدة زينب(عليهما السلام) في تخليد ثورة الإمام الحسين(عليه السلام) 112

خلاصة الفصل الأوّل. 116

الفصل الثاني

مظاهر تجلّي الغضب الإلهي لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام)

في أحاديث السنّة

توطئة 119

المبحث الأوَّل: المظاهر السماويّة لتجلّي الغضب الإلهي لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام) في أحاديث السنة 121

المطلب الأوّل: تجلّيات المظاهر الكونيّة للغضب الإلهي. 121

الجهة الأولي: ما جاء في معني بكاء السماء. 121

الجهة الثانية: مطر السماء دماً لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام). 123

الجهة الثالثة: مكوث السماء أيّاماً كالعلقة لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام). 126

ص: 256

الجهة الرابعة: احمرار آفاق السماء لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام). 127

الجهة الخامسة: كسوف الشمس وتفطر السماء لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام). 129

الجهة السادسة: بعض الروايات فيما تتعلق بالآثار الكونيّة لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام). 129

المطلب الثاني: تجلّيات المظاهر غير الكونيّة للغضب الإلهي. 131

بكاء الملائكة لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام). 131

المبحث الثاني: تجلّي المظاهر الأرضيّة للغضب الإلهي لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام) في أحاديث السنة 133

المطلب الأوّل: مظاهر تجلّيات الغضب الإلهي في الجمادات.. 133

الجهة الأولي: ما رفع حجر إلّا وتحته دم عبيط لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام). 133

الجهة الثانية: أحداث قصر الإمارة بعد مقتل سيّد الشهداء(عليه السلام). 136

الجهة الثالثة: تلطّخ الحيطان بالدم لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام). 137

الجهة الرابعة: خروج قلم من حديد 138

المطلب الثاني: مظاهر تجليّات الغضب الإلهي في غير الجمادات.. 138

الجهة الأولي: التجلّيات الإنسية لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام). 139

النقطة الأولي: ما حدث لعبيد الله بن زياد لعنه الله.. 139

النقطة الثانية: رجل سب الإمام الحسين وأبيه(عليهما السلام) فرماه الله بكوكبين فعمي. 140

النقطة الثالثة: عقاب من أهان قبر الإمام الحسين(عليه السلام). 141

النقطة الرابعة: دعاء الإمام(عليه السلام) علي من ضربه 141

النقطة الخامسة: عقاب رجل ادعي أنّه قتل الحسين(عليه السلام)، ولكن لم يصبه شيء، فأحرقه الله.. 143

النقطة السادسة: عقاب من باع المسمار أو كثّر السواد في عسكر ابن سعد 144

النقطة السابعة: ما حدث لنساء الروم أثر مقتل سيد الشهداء(عليه السلام). 145

الجهة الثانية: تجلّيات الغضب الإلهي في الحيوانات والنباتات بعد مقتل سيد الشهداء(عليه السلام). 145

ص: 257

النقطة الأولي: انقلاب لحوم الجزر إلي دم، وحجر، وعلقم والتهاب القدور ناراًً. 146

النقطة الثانية: الإبل التي حمل عليها رأس سيّد الشهداء(عليه السلام). 147

النقطة الثالثة: انقلاب الورس إلي رماد، ومن تطيب به برص... 147

الجهة الثالثة: مظاهر الغضب الإلهي المرتبطة برأس الإمام الحسين(عليه السلام). 149

الجهة الرابعة: نوح الجن لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام). 149

الجهة الخامسة: الروايات الجامعة لجملة من تجلّيات الغضب الإلهي لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام). 150

خلاصة الفصل الثاني. 152

الفصل الثالث

مظاهر تجلّي الغضب الإلهي لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام)

في أحاديث الشيعة

المبحث الأوَّل: المظاهر السماويّة لتجلّي الغضب الإلهي لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام) في أحاديث الشيعة 155

المطلب الأوّل: تجليّات المظاهر الكونيّة للغضب الإلهي. 155

الجهة الأولي: في معني بكاء السماء لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام). 155

الجهة الثانية: مطر السماء دماً وتراباً لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام). 157

الجهة الثالثة: بكاء السماء والأرض وجميع الأشياء لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام). 159

الجهة الرابعة: كسوف الشمس لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام). 162

المطلب الثاني: تجلّيات المظاهر غير الكونيّة للغضب الإلهي. 162

ضجيج الملائكة وبكاؤهم لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام). 163

المطلب الثالث: المولي (عزوجل)ينتقم من قتلة الحسين(عليه السلام) بالقائم(عجل الله تعالي فرجه و الشريف). 164

ص: 258

المبحث الثاني: المظاهر الأرضيّة لتجلّي الغضب الإلهي لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام) في أحاديث الشيعة 167

المطلب الأوّل: مظاهر تجلّيات الغضب الإلهي في الجمادات.. 167

الجهة الأولي: ما رفع حجر ولا مدر إلّا وتحته دم عبيط عند مقتل سيّد الشهداء(عليه السلام). 167

الجهة الثانية: ما ظهر في الجبال والبحار، وزفرة جهنّم لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام). 169

المطلب الثاني: مظاهر تجلّيات الغضب الإلهي في غير الجمادات.. 171

الجهة الأوّلي: تجلّيات الغضب في قتلة الإمام الحسين(عليه السلام). 172

النقطة الأولي: ما أصاب يزيد (عليه اللعنة) 172

النقطة الثانية: ما أصاب عبيد الله بن زياد (عليه اللعنة) 172

النقطة الثالثة: فيمن أهوي الله عليه نجمين، فعميت عيناه 173

النقطة الرابعة: فيمن ادّعي أنّه قتل الحسين(عليه السلام) ولم يصبه شيء. 173

النقطة الخامسة: فيمن كثّر السواد في قتل الإمام الحسين(عليه السلام). 175

النقطة السادسة: عقاب من باع المسمار في عسكر العدو. 176

النقطة السابعة: فيما أصاب قاتل أبي الفضل العباس(عليه السلام). 177

النقطة الثامنة: عقاب من أهان قبر الحسين(عليه السلام). 178

النقطة التاسعة: بعض الأخبار بما جري لقتلة الإمام الحسين(عليه السلام). 179

النقطة العاشرة: ما ورد في جناية جمّال الإمام الحسين(عليه السلام) وطمعه بالدنيا 179

الجهة الثانية: تجلّيات الغضب الإلهي في الحيوانات والنباتات بعد مقتل سيد الشهداء(عليه السلام). 182

النقطة الأولي: تفاعل وحزن الوحوش والطيور لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام). 182

أولاً: فيما يخص الحمام الراعبي. 182

ثانياً: فيما يخص البومة 183

ثالثاً: الأحاديث الجامعة فيما ظهر من الوحوش من الحزن لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام). 183

ص: 259

رابعاً: الطير وشفاء ابنة اليهودي. 187

النقطة الثانية: عوسجة أم معبد الخزاعيّة وتفاعلها مع قتل الحسين(عليه السلام). 189

النقطة الثالثة: تحوّل الزعفران والجمل المنهوب من معسكر الحسين(عليه السلام) إلي نار. 191

النقطة الرابعة: الورس المنهوب من معسكر الحسين(عليه السلام) يتحوّل إلي دم 192

النقطة الخامسة: الورس المنهوب من معسكر الحسين(عليه السلام) ما تطيّبت به إمراة إلّا برصت.. 192

النقطة السادسة: تحوّل الورس والإبل المنهوب من معسكر الحسين(عليه السلام) إلي رماد وعلقم 193

الجهة الثالثة: نوح الجنّ لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام). 193

الجهة الرابعة: خروج يد من حديد 196

الجهة الخامسة: الروايات الجامعة لجملة من مظاهر الغضب الإلهي العظيمة لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام). 197

خلاصة الفصل الثالث. 200

الفصل الرابع

جوانب الاتفاق والاختلاف في أحاديث الفريقين

لتجليات الغضب الإلهي لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام)

توطئة 203

المبحث الأوَّل: الجوانب الاتفاقية في أحاديث الفريقين لتجلّيات الغضب الإلهي لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام) 203

المطلب الأوّل: الجوانب الاتفاقيّة في التجلّيات السماوية للغضب الإلهي. 204

الجهة الأولي: ما جاء في معني بكاء السماء. 204

الجهة الثانية: ما جاء في مطر السماء دماً 205

الجهة الثالثة: ما جاء في مكوث السماء كالعلقة. 207

ص: 260

الجهة الرابعة: ما جاء في كسوف الشمس.. 207

الجهة الخامسة: ما جاء في ضجيج الملائكة وبكائهم 209

المطلب الثاني: الجوانب الاتفاقية في تجليّات الغضب الإلهي في الجمادات.. 210

الجهة الأولي: ما جاء في أنّ تحت كل حجر دم 210

الجهة الثانية: ما جاء في أحداث قصر الإمارة 211

المطلب الثالث: الجوانب الاتفاقية في تجلّيات الغضب الإلهي الأرضية في غير الجمادات 212

الجهة الأولي: تجلّيات الغضب الإلهي في الإنسان. 212

النقطة الأولي: ما ورد في عبيد الله بن زياد (لعنه الله) 212

النقطة الثانية: ما جاء فمن أهوي الله عليه نجمين فعميت عيناه 214

النقطة الثالثة: ما جاء فيمن ادعي أنّه قتل الحسين(عليه السلام) ولم يصبه شيء. 215

النقطة الرابعة: ما جاء فيمن ضرب الحسين(عليه السلام) فدعا عليه بالظمأ 216

الجهة الثانية: ماجاء في التجليّات التي ظهرت في الحيوانات والنباتات لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام). 218

الجهة الثالثة: ماجاء في نوح الجن لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام). 220

المبحث الثاني: الجوانب الخلافية في أحاديث الفريقين لتجلّيات الغضب الإلهي لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام) 223

المطلب الأوّل: الجوانب الخلافية في تجلّيات الغضب الإلهي في السماء. 223

الجهة الأولي: ما اختصت بنقله الأحاديث السنية. 223

النقطة الأولي: احمرار آفاق السماء لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام). 223

النقطة الثانية: ما يتعلّق ببعض تجلّيات الغضب الكونية 224

الجهة الثانية: ما اختص بنقله أحاديث الشيعة. 225

النقطة الأولي: بكاء السماء والأرض وجميع الأشياء لمقتل سيّد الشهداء(عليه السلام). 225

النقطة الثانية: انتقام المولي(عزوجل) من قتلة الحسين(عليه السلام) بالقائم(عجل الله تعالي فرجه و الشريف). 226

ص: 261

المطلب الثاني: الجوانب الخلافية في تجلّيات الغضب الإلهي في الأرض... 227

الجهة الأولي: ما اختصت بنقله الأحاديث السنية 227

النقطة الأولي: تلطخ الحيطان بالدم واحمرار الشمس لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام). 227

النقطة الثانية: ما حدث لنساء الروم أثر مقتل سيد الشهداء(عليه السلام). 228

الجهة الثانية: ما اختص به أحاديث الشيعة. 228

النقطة الأولي: ما يتعلق بما حدث للجبال والبحار وأهلها لمقتل سيد الشهداء(عليه السلام). 228

النقطة الثانية: ما أصاب يزيد بن معاوية من تجلّيات الغضب الإلهي. 229

النقطة الثالثة: ما أصاب قاتل أبي الفضل العباس(عليه السلام)من تجلّيات الغضب الإلهي. 229

خلاصة الفصل الرابع 232

الخاتمة والنتائج. 233

المصادر والمراجع. 237

فهرس المحتويات.. 251

ص: 262

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.