رسالة في حكم الصلاة في جلد الميتة المدبوغ

اشارة

رسالة في حكم الصلاة في جلد الميتة المدبوغ

تأليف العلاّمة المحقّق و الفقيه المدقّق الحاجّ السيّد محمّد باقر الشفتيّ ( قدّس سرّه ) المعروف بحجّة الإسلام علي الإطلاق

( 1180 - 1260 ه )

تحقيق : السيّد محمّد الرضا الشفتيّ

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

رسالة في حكم الصلاة في جلد الميتة المدبوغ

تأليف العلاّمة المحقّق و الفقيه المدقّق الحاجّ السيّد محمّد باقر الشفتيّ ( قدّس سرّه ) المعروف بحجّة الإسلام علي الإطلاق ( 1180 - 1260 ه )

تحقيق : السيّد محمّد الرضا الشفتيّ

ص: 4

مقدّمة التحقيق

1 - لمحةٌ من حياة المؤلّف قدس سره

اشارة

1 - لمحةٌ من حياة المؤلّف قدس سره (1)

اسمه و نسبه

هو السيّد محمّد باقر بن السيّد محمّد نقي ( بالنون ) الموسويّ النسب، الشفتي الرشتيّ الجيلانيّ الأصل واللقب، الغرويّ الحائريّ الكاظميّ العلم والأدب،

ص: 5


1- . جاء ترجمته في : بيان المفاخر : المجلّد الأوّل والثاني؛ روضات الجنّات : 2 / 100 ؛ الفوائد الرضويّة : 2 / 426 ؛ تاريخ اصفهان : 97 ؛ طبقات أعلام الشيعة ق13 : 2 / 193 ؛ قصص العلماء : 135؛ الروضة البهيّة في الطرق الشفيعيّة : 19 ؛ مستدرك الوسائل: 3 / 399 ؛ أعيان الشيعة : 9 / 188 ؛ ريحانة الأدب : 1 / 312 ؛ الكني والألقاب: 2 / 155 ؛ لباب الألقاب: 70 ؛ الكرام البررة : 1 / 192 ؛ معارف الرجال : 2 / 196 ؛ مكارم الآثار: 5 / 1614 ؛ نجوم السماء: 63 ؛ بغية الراغبين (المطبوع ضمن موسوعة الإمام شرف الدين): 7 / 2949 ؛ تكملة أمل الآمل : 5 / 238 ؛ موسوعة طبقات الفقهاء : 13 / 533 ؛ دانشمندان وبزرگان اصفهان: 1 / 373 ؛ تذكرة القبور: 149 ؛ رجال ومشاهير اصفهان: 255 ؛ وفيات العلماء: 162 ؛ غرقاب: 210 ؛ بغية الطالب: 171 ؛ هدية الأحباب: 140 ؛ مزارات اصفهان: 163 ؛ تذكرة العلماء: 213؛ أعلام اصفهان: 2 /141.

العراقي، الأصفهاني البيدآبادي المنشأ والموطن والمدفن والمآب، الشهير في الآفاق بحجّة الإسلام علي الإطلاق، من فحول علماء الإمامية في القرنين الثاني عشر والثالث عشر، و من كبار زعماء الدين وأعلام الطائفة .

وأمّا نسبه الشريف هكذا :

محمّد باقر بن محمّد نقي بن محمّد زكي بن محمّد تقي بن شاه قاسم بن مير أشرف بن شاه قاسم بن شاه هدايت بن الأمير هاشم بن السلطان السيّد علي قاضي بن السيّد علي بن السيّد محمّد بن السيّد علي بن السيّد محمّد بن السيّد موسي بن السيّد جعفر بن السيّد إسماعيل بن السيّد أحمد بن السيّد محمّد بن السيّد أحمد بن السيّد محمّد بن السيّد أبي القاسم بن السيّد حمزة بن الإمام موسي الكاظم عليه السلام (1).

ولادته و نشأته

ولد علي أصحّ القولين في سنة 1180 أو 1181 ه (2) في قرية من قري : « طارم العُليا »، وانتقل إلي شفت و هو ابن سبع سنين (3).

ثمّ هاجر إلي العراق لطلب العلوم الدينيّة والكمالات النفسانيّة في حدود سنة

ص: 6


1- . هكذا ذكره صاحب الترجمة في ديباجة كتابه « مطالع الأنوار : 1 / 1 ».
2- . روضات الجنّات : 2 / 102 ؛ تاريخ اصفهان : 97 .
3- . بيان المفاخر : 1 / 24 و 25 .

1197 ه أو قريبًا من ذلك، و هو ابن ستّ أو سبع عشرة سنة (1)، فحضر في أوّل أمره علي الأستاذ الأكبر الآقا محمّد باقر الوحيد البهبهاني قدس سره في كربلاء (2)، ثمّ علي أستاذه العلاّمة المير سيّد عليّ الطباطبائيّ قدس سره صاحب الرياض .

ثمّ رحل إلي النجف الأشرف وأقام فيها سبع سنين، وحضر فيها علي العلاّمة الطباطبائيّ بحرالعلوم قدس سره، والشيخ الأكبر صاحب كشف الغطاء رحمه الله.

ثمّ سافر إلي الكاظميّة، فحضر فيها علي السيّد المحقّق المُحسن البغداديّ المقدّس الأعرجي رحمه الله قليلاً، فقد قرأ عليه القضاء والشهادات، وأقام عنده مدّة من الزمان.

ولمّا حلّت سنة 1205 ه و قد تمّ بها علي المترجم في العراق ثمان سنين بلغ فيها درجة سامية و مكانة عالية، رجع إلي ديار العجم (3) و توطّن في أصفهان (4)

ص: 7


1- . روضات الجنّات : 2 / 102 .
2- . صرّح بذلك صاحب الترجمة قدس سره في بعض إجازاته، حيث قال : ... عن المولي الساطع ... الّذي فزنا بالاستفادة من جنابه في أوائل التحصيل في علم الأصول، و قرأنا عليه من مصنّفاته ما هو مشهور بالفوائد العتيق ... مولانا آقا محمّد باقر البهبهاني كتاب الإجازات : مخطوط .
3- . كما نصّ عليه نفسه قدس سره في حواشي بعض إجازاته، قال : قد حُرِمنا من شرافة مجاورة العتبات العاليات - علي مشرفها آلاف التحيّة والصلوات - وانتقلنا منها إلي ديار العجم في سنة خمس ومائتين بعد الألف، وكان مولانا مولي الكلّ آقا محمّد باقر البهبهاني في الحيات، ثمّ انتقل إلي الفردوس الأعلي في سنة ستّ ومائتين بعد الألف قدّس اللّه تعالي روحه السعيد كتاب الإجازات : مخطوط .
4- . قال المترجم له قدس سره في حاشية بعض إجازاته ما هذا كلامه : انتقل المرحوم المغفور مير عبدالباقي إلي دار الآخرة - قدّس اللّه تعالي روحه - في أوائل ورودي في اصبهان في سنة سبع و مائتين بعد الألف من الهجرة كتاب الإجازات : مخطوط .

مع الحاجّ محمّد ابراهيم الكلباسي قدس سره، وكانا صديقين رفيقين شفيقين .

ثمّ اتّفق له في سنة 1215 ه الارتحال من أصفهان إلي قم أيّام زعامة المحقّق القمّي رحمه الله، فحضر مجلسه بما ينيف علي ستّة أشهر (1)، وكان يقول : « أري لنفسي الترقّي الكامل في هذه المدّة القليلة بقدر تمام ما حصل لي في مدّة مقامي بالعتبات العاليات » (2) ؛ فكتب له الميرزا قدس سره إجازة مبسوطة مضبوطة كان يغتنم بها من ذلك السفر المبارك .

ثمّ سافر بعدها إلي كاشان، فحضر علي المولي محمّد مهدي النراقي رحمه الله، وتلمّذ عليه مدّة قليلة (3).

نقل من بعض المشايخ أنّه بعد وروده إلي أصفهان ليس له شيء من الكتب إلاّ مجلّدًا واحدًا من المدارك، و كان مجرّدًا من الأموال، قليل البضاعة، بل عديمها، إلاّ منديلاً لمحلّ الخبز، ويسمّي بالفارسية : سفره (4).

و سكن في مدرسة السلطان - المفتوح بابه إلي چهارباغ العبّاسي – المعروفة

ص: 8


1- . قال سيّدنا المترجم رحمه الله في حاشية كتابه « مطالع الأنوار : ج 1 » : « اعلم : أنّه اتّفق لي في سنة مائتين وخمس عشر بعد الألف الارتحال من اصبهان إلي بلدة قم، و مكثت فيها أربعة أشهر أو أكثر، و كنت مشتغلاً بكتابة هذا المجلّد من الشرح » إلي آخره .
2- . انظر روضات الجنّات : 2 / 100 .
3- . الروضة البهيّة في الطرق الشفيعيّة : 19 .
4- . الروضة البهيّة في الطرق الشفيعيّة : 19 .

في اصفهان بمدرسة چهارباغ، واجتمع الطلاّب والمشتغلون عنده للتحصيل والتعليم، و أخرجه المدرّس من المدرسة و لم يتعرّض له و لم يعارضه، فإذا اطّلع علي أنّه أمر بالخروج، خرج من غير إظهار للكراهة (1).

فبعد قليل من الزمان إجتمع عليه أهل العلم والمحصّلون، وانتقلت إليه رياسة الإماميّة في أغلب الأقطار بعد ذهاب المشايخ - رحمهم اللّه - فصار مرجعًا للفتوي، و أقبلت له الدنيا بحيث انتهت إليه الرياسة الدينيّة والدنيويّة، وملكت أموالاً كثيرة من النقود والعروض والعقار والقري والدور الكثيرة في محلّة بيدآباد، و كان له أموال كثيرة في التجارة إلي بلدة رشت يدور من اصفهان إلي رشت، و يربح كثيرًا .

و كان الباعث علي ترويج أمره في أصفهان و في غيره من البلاد، العالم الربّاني والمحقّق الصمداني ميرزا أبوالقاسم الجيلاني القمّي قدس سره، المقبول قوله عند العوام والخواص، و عند السلطان والرعيّة .

و أيضًا يقدّمه العالم الزعيم الحاج محمّد إبراهيم الكرباسي رحمه الله في المشي والحكم و غيرهما، فكلّ هذه الأمور كانت ترفع شأنه، إلاّ أنّ يده تعالي فوق الأيدي، ترفع و تضع طبق المصالح الربّانيّة (2).

وكانت بينه وبين الحاج محمّد إبراهيم المذكور صلة متينة و صداقة تامّة منبدء أمرهما، فقد كانا زميلين كريمين في النجف، تجمع بينهما معاهد العلم، وشاء

ص: 9


1- . انظر طرائف المقال : 2 / 377 .
2- . الكرام البررة : 1 / 194 .

اللّه أن تنمو هذه المودّة شيئًا فشيئًا، و يبلغ كلّ منهما في الزعامة مبلغًا لم يكن يحدث له في البال، وأن يسكنا معًا بلدة أصفهان، ويتزعّما بها في وقت واحد، ولم تكن الرياسة لتكدّر صفو ذلك الودّ الخالص، أو تؤثّر مثقال ذرّة، فكلّما زادت سطوة أحدهما زاد اتّصالاً و رغبة بصاحبه، فاعتبروا يا أولي الأبصار .

وحجّ بيت اللّه الحرام في سنة 1231 ه (1) من طريق البحر، و كان ذلك أيّام

محمّد علي باشا المصريّ، وكانت له زيارة خاصّة له، فأخذ منه « فدك » وكفّل بها سادات المدينة (2) ؛ و كذلك حدّد المطاف علي مذهب الشيعة للمسلمين في مكّة المكرّمة (3).

و في سنة 1243 (4) أخذ في بناء المسجد الأعظم باصبهان (5) و أنفق عليه ما يقرب من مائة ألف دينار شرعيّ تقريبًا من أمواله الخالصة، و مال بقبلته إلي يمين قبلة سائر المساجد يسيرًا، و جعل له مدارس و حجرات للطلبة، و أسّس أساسًا

ص: 10


1- . صرّح بذلك نفسه قدس سره في مناسكه مناسك الحجّ : مخطوط .
2- . قصص العلماء : 145 ؛ وقد أشار بذلك الميرزا حبيب اللّه نيّر رحمه الله ضمن مرثيته للمترجم قدس سره معادن الجواهر : 1 / 23 بقوله : ميراث أولاد الزهراء استرد لهم من غاصبي فدك في طوفه الحرما
3- . تاريخ اصفهان : 97 .
4- . صرّح بهذا التاريخ معاصره الأديب الفاضل الميرزا محمّد علي الطباطبائي الزوّاري، المتخلّص بوفا المتوفّي سنة 1248 ه في تذكرته الموسومة بالمآثر الباقريّة : ص 232، الّتي جمع فيها بعض من القصائد والمقطّعات الّتي أنشدها الشعراء في مدح حجّة الإسلام قدس سرهووصف مسجده الأعظم .
5- . أنشأه في محلّة «بيدآباد»، وهي من محلاّت أصفهان العظيمة .

لم يعهد مثله من أحد العلماء والمجتهدين، و بني فيه قبّة لمدفن نفسه، و هي الآن بمنزلة مشهد من مشاهد الأنبياء والأئمّة عليهم السلام مطاف للخلائق في خمسة أوقات الصلوات .

إطراء العلماء له

1 - الفقيه المحقّق ميرزا أبوالقاسم القمّي قدس سره

هو من أساتذته و مشايخه، قال في إجازته الكبيرة له :

«... فقد استجازني الولد الأعزّ الأمجد، والخل الأسعد الأرشد العالم العامل الزكي الذكي، والفاضل الكامل الألمعيّ اللوذعيّ، بل المحقّق المدقّق التقي النقي، ابن المرحوم المبرور السيّد محمّد نقي محمّد باقر الموسويّ الجيلانيّ، أسبل اللّه عليه نواله و كثّر في الفرقة الناجية أمثاله » (1).

2 - الحكيم المولي علي النوري قدس سره

هو من أساتذته، قد أطري عليه بقوله :

« علاّمة العهد، فقيه العصر، حجّة الطائفة المحقّة، قبلة الكرام البررة، الفريد الدهريّ، والوحيد العصريّ، مطاع، واجب الاتّباع، معظّم، مجموعة المناقب والمفاخر، آقا سيّد محمّد باقر، دامت بركات فضائله

ص: 11


1- . بيان المفاخر : 2 / 7 .

الإنسيّة و شمائله القدسيّة » (1).

3 - العلاّمة الفقيه الحاج محمّد إبراهيم الكرباسي قدس سره

أطري علي صاحب الترجمة بقوله :

« ... لكون السيّد - ضاعف اللّه فضله عليه - من أركان المحقّقين، وأساطين الفقهاء الراسخين، فضلاً عن مجرّد كونه من المجتهدين الّذين يجب إطاعة أمرهم و امضاء حكمهم، ... والسيّد الباقر - دام تأييده - فوق ذلك و من أعلام الطائفة و أركانها » (2).

4 - العلاّمة السيّد محمّد شفيع الجابلقي قدس سره

قد وصفه في كتابه « الروضة البهيّة في الطرق الشفيعيّة » بقوله :

« السيّد السند، والركن المعتمد، الإمام الأجلّ الأعظم، النحرير الذاخر، والسحاب الماطر، الفائق علي الأوائل و الأواخر، الحاج السيّد محمّد باقر بن محمّد نقي الرشتي الشفتي ...، و كان أزهد أهل زمانه و أعبدهم وأسماهم، فلذا أقبلت له الدنيا بحيث إنتهت الرياسة الدينيّة و الدنيويّة إليه » (3).

ص: 12


1- . رسالة في أحكام القناة للمترجم له : مخطوط .
2- . رسالة في أحكام القناة : مخطوط .
3- . الروضة البهيّة في الطرق الشفيعيّة : 19 .
5 - ولده العلاّمة المحقّق السيّد أسد اللّه الشفتي قدس سره

الوالد العلاّمة والفقيه الفهامة رأس الفضل و رئيس الفضلاء، عماد الدين و عمود الملّة البيضاء، صاحب الكرامات الظاهرة والمعجزات الباهرة، فخر أهل العلم و أولي الافضال الّذي لا أظنّ وجود مثله في علم الرجال، بل هو أبو عذره، و هو السابق ميدان السبق علي زعم العنود الحسود، جعلني اللّه فداه و في كلتا الدارين علاه (1).

زهده و عبادته

قال المحدّث القمّي رحمه الله في الفوائد الرضويّة، نقلاً عن صاحب التكملة :

« حجّة الإسلام السيّد محمّد باقر كان عالمًا ربّانيًّا روحانيًّا ممّن عرف حلال آل محمّد عليهم السلام وحرامهم، وشيّد أحكامهم، وخالف هواه، واتّبع أمر مولاه، كان دائم المراقبة لربّه، لايشغله شيء عن الحضور والمراقبة . و قال : حدّثني والدي رحمه الله انّ آماق عين السيّد كانت مجروحة من كثرة بكائه في تهجّده.

وحدّثني بعض خواصّه، قال: خرجت معه إلي بعض قراه، فبتنا في الطريق، فقال لي: ألا تنام؟! فأخذت مضجعي فظنّ أني نمت، فقام يصلّي، فواللّه إنّي رأيت فرائصه وأعضائه يرتعد بحيث كان يكرّر الكلمة

ص: 13


1- . شرح شرائع الإسلام، للعلاّمة المحقّق السيّد أسد اللّه الشفتي قدس سره : مخطوط .

مرارًا من شدّة حركة فكّيه وأعضائه، حتّي ينطق بها صحيحة » (1).

إقامته الحدود الشرعيّة

يعتقد السيّد حجّة الإسلام أنّ إقامة الحدود واجبة علي الفقيه الجامع لشرائط الفتوي في عصر الغيبة عند التمكّن من الإقامة والأمن من مضرّة أهل الفساد، وألّف قدس سره في اثبات هذا الاعتقاد رسالة ؛ و بهذا كان يقيم الحدود الشرعيّة ويجريها بيده أو يد من يأمره بلا خشية و لا خوف .

قال صاحب الروضات رحمه الله :

يقدم إلي إجرائه بالمباشرة أو الأمر، بحيث بلغ عدد من قتله رحمه الله في سبيل ربّه تبارك و تعالي من الجناة والجفاة أو الزناة أو المحاربين اللاطين زمن رئاسته ثمانين أو تسعين، و قيل : مائة و عشرين (2).

مشايخ روايته

يروي عن عدّة من أعلام الأمّة، وإليك سرد ما نصّ عليه نفسه قدس سره في بعض إجازاته أو نبّه عليه غيره :

1 - الأمير السيّد علي الطباطبائي الحائري قدس سره ( المتوفّي سنة 1231 ه )

ص: 14


1- . الفوائد الرضويّة : 2 / 429 .
2- . روضات الجنّات : 2 / 101 .

2 - الميرزا أبوالقاسم الجيلاني القمّي قدس سره ( المتوفّي سنة 1231 ه ) (1)

3 - الشيخ سليمان بن معتوق العاملي قدس سره ( المتوفّي سنة 1227 ه )

4 - السيّد محسن الأعرجي البغدادي قدس سره ( المتوفّي سنة 1227 ه )

5 - الشيخ الأكبر الشيخ جعفر كاشف الغطاء قدس سره ( المتوفّي سنة 1227 ه )

6 - الميرزا محمّد مهدي الموسوي الشهرستاني قدس سره ( المتوفّي سنة 1216 ه )

تلامذته

قد خرج من عالي مجلس تدريسه أكثر من مائة و خمسين مجتهد، من أكابرهم وأعاظمهم :

1 - السيّد آقا بزرك الحسيني القاضي عسكر الأصفهاني.

2 - الحاج محمّد جعفر بن محمّد صفي الآباده اي .

3 - الملاّ أحمد بن علي أكبر التربتي.

4 - المولي علي أكبر بن إبراهيم الخوانساري.

5 - الحاج ملاّ عبد الباقي الكاشاني.

ص: 15


1- . كتب قدس سره له إجازة كبيرة مبسوطة، تاريخها : ليلة عيد الفطر سنة 1215 ه ، أوّلها بعد البسملة : الحمد للّه والصلوة علي رسول اللّه و علي آله أولياء اللّه ... . طبعت مصوّرتها بتمامها في : « فهرست كتب خطّي كتابخانه هاي اصفهان : 1 / 401 ». وانظر روضات الجنّات : 2 / 100 ؛ و بيان المفاخر : 2 / 7 .

6 - المولي عبدالوهّاب الشريف القزويني.

7 - الحاج محمّد إبراهيم القزويني.

8 - السيّد محمّد باقر الموسوي الأصفهاني (صاحب روضات الجنّات).

9 - الحاج آقا محمّد بن محمّد إبراهيم الكرباسي .

10 - المولي محمّد بن محمّد مهدي المازندراني الشهير بالحاج الأشرفي.

و غيرهم من الأعلام لم نذكرهم رومًا للاختصار، و مَن أراد أن تطّلع علي أسمائهم و ترجمتهم فليراجع الجزء الأوّل من كتاب : « بيان المفاخر » للمحقّق المرحوم السيّد مصلح الدّين المهدوي، وغيره من كتب التراجم والسير .

أولاده

له قدس سره أولاد متعدّدون، كلّهم علماء أجلاّء، و سادة فضلاء، إنتهت إليهم الرياسة الدينيّة والعلميّة بعد أبيهم في أصفهان، و هم :

1 - السيّد أسد اللّه ( 1228 - 1290 ق ) (1)

ص: 16


1- . ترجمته في : روضات الجنّات : 2 / 103 ذيل ترجمة أبيه ؛ أعيان الشيعة : 11 / 109 ؛ بيان المفاخر : 2 / 245 - 351 ؛ الكني والألقاب : 2 / 156 ؛ الفوائد الرضويّة : 1 / 42 ؛ أحسن الوديعة : 1 / 78 ؛ المآثر والآثار : 138 ؛ الروضة البهيّة في الطرق الشفيعيّة : 22 ؛ ماضي النجف وحاضرها : 1 / 133 ؛ معارف الرجال: 1 / 94 ؛ مكارم الآثار: 3 / 836؛ لباب الألقاب: 71؛ ريحانة الأدب: 2 / 26؛ قصص العلماء: 122؛ الكرام البررة: 1/124؛ نجوم السماء: 332 ؛ بغية الراغبين ( المطبوع ضمن موسوعة الإمام شرف الدين ) : 7 / 2950 ؛ تكملة أمل الآمل : 2 / 165 ؛ مرآة الشرق : 1 / 146 ؛ رجال ومشاهير اصفهان : 153 ؛ تاريخ اصفهان و ري : 262؛ تاريخ اصفهان : 305 ؛ دانشمندان وبزرگان اصفهان : 1 / 253 ؛ أعلام اصفهان: 1 / 519 ؛ منتخب التواريخ: 718 ؛ ناسخ التواريخ : (تاريخ قاجار) 3 / 103 ؛ علماي معاصرين: 331 ؛ روضة الصفا: 10 / 458.

قال الإمام السيّد عبدالحسين شرف الدين في ترجمة والده قدس سره ما هذا كلامه :

« وخَلَفَه ولده الأبرّ الأغرّ، الفقيه الأصولي، المحقّق البحّاثة، العلاّمة السيّد أسد اللّه . كان رحمه الله علي شاكلة أبيه في العلم والعمل والجهاد لنفسه و المراقبة عليها آناء الليل، و أطراف النهار . و قد انتهت إليه رئاسة الدين في ايران، وانقادت لأمره عامّة الناس و خاصّتها حتّي السلطان ناصر الدين شاه ... » (1).

2 - السيّد محمّد مهدي (2)

3 - السيّد محمّد علي ( حدود 1227 - 1282 ه ) (3)

ص: 17


1- . بغية الراغبين ( المطبوع ضمن موسوعة الإمام شرف الدين ): 7 / 2950 .
2- . ترجمته في : رجال اصفهان : 146 ؛ تذكرة القبور : 81 ؛ بيان المفاخر : 2 / 161 ؛ دانشمندان وبزرگان اصفهان: 1 / 381 .
3- . ترجمته في : غرقاب : ص 222 ؛ الكرام البررة القسم الثالث: 119 ؛ تذكرة القبور : 81 ؛ بيان المفاخر : 2 / 159 و 160 ؛ مكارم الآثار : 7 / 2490 - 2487 ؛ بزرگان ودانشمندان اصفهان : 1 / 379.

4 - السيّد مؤمن ( 1294 ه ) (1)

5 - السيّد محمّد جعفر ( المتوفّي عاشوراء 1320 ه ) (2)

6 - السيّد زين العابدين ( المتوفّي قبل 1290 ه ) (3)

7 - السيّد أبو القاسم ( المتوفّي 1262 ه ) (4)

8 - السيّد هاشم ( المتوفّي قبل 1293 ه ) (5)

تآليفه القيّمة

اشارة

له مؤلّفات كثيرة، و رسائل متعدّدة، كلّها تفصح عن تضلّعه في شتّي العلوم

ص: 18


1- . ترجمته في تذكرة القبور : 81 ؛ بيان المفاخر : 2 / 160 ؛ دانشمندان وبزرگان اصفهان: 1 / 380 ؛ رجال اصفهان : 147 ؛ تكملة أمل الآمل : 6 / 96 ؛ المآثر والآثار : 184 ؛ تكملة نجوم السماء : 1 / 400.
2- . ترجمته في: بيان المفاخر: 2 / 155 - 157؛ نقباء البشر: 1/279؛ دانشمندان وبزرگان اصفهان: 1/377 تاريخ اصفهان : 324 ؛ المآثر والآثار : 1 / 249 ؛ معجم رجال الفكر والأدب : 1 / 398 ؛ اعلام اصفهان : 2 / 288.
3- . ترجمته في : بيان المفاخر : 2 / 157 و 158 ؛ الكرام البررة : 2 / 589 ؛ دانشمندان وبزرگان اصفهان : 1 / 378 ؛ تكملة نجوم السماء : 1 / 368 ؛ المآثر والآثار : 1 / 221 ؛ تذكرة القبور : 146 ؛ اعلام اصفهان : 3 / 261 .
4- . ترجمته في : دانشمندان وبزرگان اصفهان : 1 / 376 ؛ الكرام البررة : 1 / 51 ؛ بيان المفاخر : 2 / 154؛ مكارم الآثار : 5 / 1619 .
5- . ترجمته في : بيان المفاخر : 2 / 162 ؛ آثار ملّي اصفهان : 193 .

المختلفة خصوصًا الفقه والرجال، و تظهر منها جامعيّته من المعقول والمنقول، وإليك أسماء بعضها والإشادة بأبعادها :

الكتب والرسائل الفقهيّة

1 - مطالع الأنوار المقتبسة من آثار الأئمّة الأطهار عليهم السلام

شرح لكتاب شرائع الإسلام، لم يخرج منه غير مقاصد كتاب الصلاة إلي آخر أحكام صلاة الأموات في ستّة مجلّدات، إلاّ أنّه مشتمل علي أغلب قواعد الفقه وضوابطه الكلّيّات، بل محتو علي معظم المسائل المتفرّقة من الطهارة إلي الديات.

طبع سنة 1408 ه بالطبع الأفست، و قد قامت بطبعه مكتبة مسجد السيّد حجّة الإسلام الشفتي قدس سره بأصفهان .

2 - تحفة الأبرار الملتقط من آثار الأئمّة الأطهار لتنوير قلوب الأخيار

رسالة فارسية مبسوطة، يتعرّض فيها للأدلّة غالبًا، و هي في خصوص الصلاة، مرتّبة علي مقدّمة في مسائل الاجتهاد والتقليد، وأبواب ثلاثة ذات مباحث، وخاتمة في الخلل وأحكام الشكوك .

والخاتمة رسالة كبيرة جدًّا، سيأتي الكلام عنها .

ص: 19

طبعت دون خاتمتها سنة ( 1409 ه ) في مجلّدتين كبيرتين بتحقيق الحجّة الحاج السيّد مهدي الرجائي - دامت بركاته - قامت بطبعها مكتبة مسجد السيّد حجّة الإسلام قدس سره باصفهان .

3 - المصباح الشارقة

قال مؤلّفه في مفتتح المجلّد الأوّل من كتابه : « مطالع الأنوار » بعد نقل حديث في فضل الصلاة، ما لفظه :

« و قد تكلّمنا في هذا الحديث في المصباح الشارقة بما قد بلغ التطويل والإطناب في الغاية وأبرزنا فيه كثيرًا من الإشكالات المتوجّهة إليه وعقبنا كلاًّ منها بما يزيله » (1).

4 - السؤال والجواب

فارسي و عربي، و هو أجوبة مسائله المعروفة في مجلّدين كبيرين، تشتمل علي أربعين كتابًا من الكتب الفقهيّة، و رسائل متعدّدة في مسائل متبدّدة، منها : « رسالة في الأوقاف »، و منها : « رسالة في إقامة الحدود في زمن الغيبة »، إلي غير ذلك من الرسائل الّتي نذكر كلاًّ منها بعنوان مستقلّ .

ص: 20


1- . مطالع الأنوار : 1 / 4 .

5 - كتاب القضاء والشهادات

قال في الروضات :

و من تصنيفاته الفائقة أيضًا كتاب ألّفه في القضاء والشهادات بطريق الاستدلال التامّ زمن قراءته في تلك المباحث علي شيخه السيّد محسن المرحوم (1).

6 - مناسك الحجّ

فارسي، ذكر فيه واجبات الحجّ ومستحبّاته، ورتّبه علي مقدّمة، وثلاثة مقاصد، وخاتمة ؛ صرّح في أواسطه بأنّه ألّفه سنة (1231 ه) حين توجّهه إلي بيت اللّه الحرام من طريق البحر .

7 - رسالة في آداب صلاة الليل و فضلها

هي مدرّجة في : « السؤال والجواب » له قدس سره (2).

8 - رسالة في ابراء الوليّ مدّة المتعة عن المولي عليه

قال صاحب الذريعة رحمه الله :

ص: 21


1- . روضات الجنّات : 4 / 408 ؛ وعنه في الذريعة: 17 / 142 برقم 744.
2- . بيان المفاخر : 2 / 17 .

« رسالة في هبة الولي مدّة الزوجة المنقطعة للمولي عليه، ثلاثة : إحداها للسيّد محمّد باقر بن محمّد نقي الشفتي الاصفهاني، اختار فيها الجواز » (1).

9 - رسالة في حرمة محارم الموطوء علي الواطي

هي رسالة متوسّطة مدرّجة في كتابه : السؤال والجواب ؛ أوّلها بعد البسملة : « الحمد لمن أبدع السماوات والأرضين ».

10 - رسالة في الردّ علي رسالة تعيين السلام الأخير في النوافل

كتبه في الردّ علي رسالة المولي علي أكبر الإيجهي الأصفهاني ( المتوفّي 1232 ه ).

11 - رسالة في الردّ علي ردّ المولي الإيجهي رحمه الله

أيضًا له قدس سره، كتبه ثانيًا بعد ردّ المولي الإيجهي رحمه الله الردّ الأوّل .

طبعت عامّ 1393 ش مع الرسالة السابقة والرسالتين للمولي الإيجهي في مجلّد واحد تحت عنوان : « أربع رسائل فقهيّة حول مسألة سلام النافلة »، بتحقيق والدي المحقّق سماحة حجّة الإسلام والمسلمين السيّد مهديّ الشفتي - دام ظلّه –

ص: 22


1- . الذريعة : 52 / 159 الرقم 53 - 55 .

قامت بطبعها مكتبة مسجد السيّد حجّة الإسلام قدس سره باصفهان .

12 - إقامة الحدود في زمن الغيبة

هي رسالة كبيرة استدلاليّة، مدرّجة في كتابه الكبير: « السؤال والجواب ».

طبعت سنة 1425 ه بتحقيق حفيده حجّة الإسلام والمسلمين الحاجّ السيّد مهدي الشفتي - دام ظلّه - قامت بطبعها مكتبة مسجد السيّد حجّة الإسلام قدس سره

باصفهان.

13 - رسالة في أنّ يد الواقف كافٍ في القبض لو كان هو المتولّي

هي رسالة استدلاليّة مفصّلة، مدرّجة في « السؤال والجواب » له، كتبها في الردّ علي المولي أحمد النراقي قدس سره (1).

طبعت سنة 1379 ش بتحقيق الحجّة الدكتور السيّد أحمد التويسركاني رحمه الله

تحت عنوان : « رساله وقف ».

ص: 23


1- . وألّف الميرزا أبوالقاسم بن محمّد مهدي النراقي رحمه الله المتوفّي سنة 1256 : « ملخّص المقال في دفع القيل والقال »، في الردّ علي هذه الرسالة إجابة لسؤال أخيه المولي أحمد المذكور . والنسخة المخطوطة منه موجودة في المكتبة المرعشيّة برقم 3136، مذكورة في فهرسها : 8 / 365 .

14 - رسالة في مسألة الغُسالة

ذكرها ولده العلاّمة الحاج السيّد أسد اللّه قدس سره في شرحه الكبير علي شرائع الإسلام حيث قال : « وقد كتب - روحي فداه - رسالة في مسألة الغسالة » (1).

كتبها في جواب مسألة سئل عنها، توجد ضمن : « زبدة الرسائل و نخبة المسائل » بعنوان : « رسالة في تطهير البدن والثياب من النجاسات » ؛ والزبدة من

جمع بعض تلامذته ؛ نسخة منها موجودة في مكتبة أميرالمؤمنين عليه السلام بأصفهان .

15 - رسالة في تطهير العجين بالماء النجس بتخبيزه و عدمه

قال العلاّمة الطهراني قدس سره في الذريعة :

رسالة في تطهير العجين بتخبيزه و عدمه، للسيّد حجّة الإسلام الشفتيّ الرشتيّ، ضمن مجموعة في موقوفة مدرسة البروجردي في النجف (2).

نسخة منها موجودة ضمن مجموعة في مكتبة مركز إحياء الميراث الإسلاميّ بقمّ المقدّسة، برقم 4841، مذكورة في فهرسها : 11 / 390 .

16 - القِدْريّة

ذكرها العلاّمة السيّد محمّد هاشم الچهارسوقي قدس سره في إجازته الّتي كتبها لميرزا

ص: 24


1- . شرح شرائع الإسلام : كتاب الطهارة، مخطوط .
2- . الذريعة : 11 / 149 الرقم 935 .

عبدالوهّاب الهمداني رحمه الله (1)، قال فيها ما هذا لفظه :

و منها رسالته القِدرية في طهارة الدم الّذي يلقي في القِدر فيغلي حتّي يستحيل، كما ورد في بعض الصحاح، و لعلّها لا تخلو عن قوّة، إلاّ أنّ ظاهر أكثر الأصحاب الإعراض عنها، و إعراضهم من أقوي الموهنات (2).

قال المصنّف قدس سره في « رسالة في حكم أكل التربة الحسينيّة و تعيين الحائر » ما هذا نصّه :

و فيه تحقيق أبرزناه فيما كتبناه في تحقيق الدم الّذي يقع في القدر ثمّ يغلي (3).

نسخة منها موجودة ضمن مجموعة في مكتبة مركز إحياء الميراث الإسلاميّ بقمّ المقدّسة، برقم 4841، مذكورة في فهرسها : 11 / 390 .

17 - رسالة في أنّ اللبن المضروب بماء نجس هل يطهر بطبخه آجرًا أو خزفًا، أم لا ؟

نسخة منها موجودة ضمن مجموعة في مكتبة مركز إحياء الميراث الإسلاميّ

ص: 25


1- . كذا ذكره في بيان المفاخر : 2 / 54 و 72 ، نقلاً عن العلاّمة السيّد محمّد صادق بن زين العابدين الخوانساريّ رحمهماالله ؛ انظر مقدّمة مناهج المعارف : ص 294 .
2- . انظر ضياء الأبصار : 2 / 613 .
3- . فقه نينوا : 234 .

بقمّ المقدّسة برقم 4841، مذكورة في فهرسها : 11 / 390 .

18 - رسالة في الأراضي الخراجيّة

هي رسالة استدلاليّة كبيرة، كتبها في جواب مسألة سئل عنها .

توجد نسخة خطيّة منها ضمن مجموعة في المكتبة الخاصّة للدكتور السيّد أحمد التويسركاني رحمه الله.

19 - رسالة في أحكام الشكّ والسهو في الصلاة

رسالة كبيرة جدًّا، حسنة الوضع والتفريع، جعلها تتمّة لكتابه : « تحفة الأبرار ». ذكرها صاحب الذريعة و عبّر عنها بالشكيّات (1).

طبعت سنة 1394 ش بتحقيق حفيده الحجّة الحاجّ السيّد مهدي الشفتيّ - دام ظلّه - قامت بطبعها مكتبة مسجد السيّد حجّة الإسلام قدس سره باصفهان .

20 - رسالة في طهارة عرق الجنب من الحرام

نسبها إليه ولده العلاّمة السيّد أسداللّه قدس سره في شرحه الكبير علي الشرائع (2).

ص: 26


1- . الذريعة : 14 / 218 الرقم 2268 .
2- . شرح شرائع الإسلام : كتاب الطهارة، مخطوط .

كتبها في جواب مسألة سئل عنها، توجد نسخة منها ناقصة الآخر ضمن مجموعة لطيفة من رسائل المصنّف قدس سره تسمّي : « زبدة الرسائل و نخبة المسائل »، - و هي من جمع بعض تلامذته - في مكتبة أميرالمؤمنين عليه السلامبأصفهان .

21 - رسالة في صلاة الجمعة

صرّح بها نفسه في كتابه : « مطالع الأنوار » (1)، اختار فيها وجوبها التخييريّ.

22 - رسالة في العقد علي أخت الزوجة المطلّقة

كتبها في جواب سائل سأله عن ذلك، مدرّجة في كتابه « السؤال والجواب ».

قد طبعت هذه الرسالة سنة 1383 ش ضمن « ميراث حوزه اصفهان » (2) بتحقيق حفيده حجّة الإسلام والمسلمين الحاجّ السيّد مهدي الشفتي - دام ظلّه .

23 - رسالة في حكم صلح حقّ الرجوع في الطلاق الرجعيّ

مدرّجة في كتابه : « السؤال والجواب »، كتبها في جواب مسألة سئل عنها، فرغ منها في مزرعة تندران من مزارع كرون من محالّ أصفهان في يوم الإثنين السابع من جمادي الآخرة سنة 1235 ق .

ص: 27


1- . مطالع الأنوار : 4 / 148 .
2- . ميراث حوزه اصفهان : 1 / 297 - 322 .

قد طبعت هذه الرسالة سنة 1383 ش ضمن « ميراث حوزه اصفهان » (1) بتحقيق حفيده حجّة الإسلام والمسلمين الحاجّ السيّد مهدي الشفتي - دام ظلّه .

24 - رسالة في جواز الاتّكال بقول النساء في انتفاء موانع النكاح فيها

صرّح بها المؤلّف قدس سره نفسه في مطالع أنواره بقوله :

« ... والظاهر وثاقته كما حقّقناه في رسالتنا الموضوعة في جواز الاتّكال بقول المرأة في خلوّها عن موانع النكاح » (2).

و ذكرها كلّ من العَلَمَين الشيخ الطهراني والسيّد الأمين (3).

توجد نسخة منها ناقصة الآخر ضمن كتابه الكبير : « السؤال والجواب » في مكتبة مدرسة الشهيد المطهّري في طهران ( سپهسالار ) برقم 2357 ؛ أوّلها بعد البسملة : « هذه رسالة في جواز الاتّكال بقول النساء في انتفاء موانع النكاح فيها، فنقول : إنّ النساء علي ضربين ... » .

25 - رسالة في حكم الصلاة في جلد الميتة المدبوغ

و هي الّتي بين يديك، و سيأتي الكلام عنها تحت عنوان : « بين يدي الكتاب ».

ص: 28


1- . ميراث حوزه اصفهان : 1 / 279 - 296 .
2- . مطالع الأنوار: 6 / 518 .
3- . الذريعة : 5 / 241 الرقم 1153 ؛ وأعيان الشيعة : 44 / 112 .

26 - رسالة في ثبوت الزنا واللواط بالإقرار

مدرّجة في كتابه : « السؤال والجواب »، كتبها في جواب مسألة سئل عنها .

27 - رسالة في شرح جواب المحقّق القمّي رحمه الله

شَرَح فيها جوابه عن مسألة في الطلاق في حياته و حسب أمره ؛ يذكر فيها جوابه، ثمّ إيضاح الجواب (1).

و يعبّر عنه أيضًا برسالة في طلاق مدّعي الوكالة عن الزوج مع إنكار الزوج، و رسالة في تقديم اليد علي الاستصحاب .

28 - رسالة في أحكام القناة

هي رسالة فارسيّة، كتبها في جواب مسائل بعض أهالي يزد، مدرّجة في كتابه الكبير : « السؤال والجواب ».

29 - رسالة في ولاية الحاكم علي البالغة غير الرشيدة

كتبها في جواب مَن سأله عن المسألة، مدرّجة في كتابه : « السؤال والجواب ».

قد طبعت هذه الرسالة سنة 1386 ش ضمن « ميراث حوزه اصفهان » (2) بتحقيق حفيده حجّة الإسلام والمسلمين الحاجّ السيّد مهدي الشفتي - دام ظلّه .

ص: 29


1- . انظر الذريعة : 31 / 179 الرقم 600 .
2- . ميراث حوزه اصفهان : 3 / 125 - 171 .

30 - رسالة في حكم الصلاة عن الميّت

كتبها في جواب مسألة سئل عنها، مدرّجة في كتابه : « السؤال والجواب ».

31 - رسالة في تحديد آية الكرسي

رسالة في جواب مَن سأل عن تحديد هذه الآية، مدرّجة في السؤال والجواب.

قد طبعت هذه الرسالة سنة 1386 ش ضمن « ميراث حوزه اصفهان » (1) بتحقيق حفيده حجّة الإسلام والمسلمين الحاجّ السيّد مهدي الشفتيّ - دام ظلّه .

32 - رسالة في كيفيّة زيارة عاشوراء

مدرّجة في « السؤال والجواب » له قدس سره ؛ كتبها في جواب مَن سأله عن كيفيّة الزيارة و صلاتها، فأدرج في الجواب : انّ صلاتها ركعتان، لا أكثر، تفعلهما بعد الفراغ من اللعن والسلام والدعاء والسجدة .

طبعت هذه الرسالة سنة 1394 ش مع رسالة أخري في هذا الموضوع لولده العلاّمة السيّد أسد اللّه قدس سره في مجلّد واحد تحت عنوان : « فقه نينوا »، قامت بطبعها مكتبة مسجد السيّد حجّة الإسلام قدس سرهباصفهان .

ص: 30


1- . ميراث حوزه اصفهان : 3 / 96 - 125 .

33 - رسالة في حكم أكل التربة الحسينيّة و تعيين الحائر

مدرّجة في مجموعة « زبدة الرسائل و نخبة المسائل » له قدس سره ؛ كتبها في جواب مسألتين سئل عنهما .

طبعت هذه الرسالة سنة 1394 ش مع رسالة أخري في هذا الموضوع لولده العلاّمة السيّد أسد اللّه قدس سره في مجلّد واحد تحت عنوان : « فقه نينوا »، قامت بطبعها مكتبة مسجد السيّد حجّة الإسلام قدس سرهباصفهان .

34 - رسالة في صيغ النكاح

هي رسالة فارسية في بيان أنحاء إجراء الصيغة و أنواع تغييراته ؛ ذكر فيها أربع عشرة صورة لصيغة النكاح .

35 - رسالة في العصير العنبيّ والزبيبيّ والتمريّ

كتبها في جواب مسألة سئل عنها، توجد ضمن مجموعة لطيفة من رسائل المصنّف قدس سره تسمّي : « زبدة الرسائل و نخبة المسائل »، و هي من جمع بعض تلامذته ؛ نسخة منها موجودة في مكتبة أميرالمؤمنين عليه السلام بأصفهان برقم 515 .

36 - رسالة في نجاسة المخالفين و عدمها

كتبها في جواب مسألة سئل عنها، توجد نسخة منها ناقصة الآخر ضمن : « زبدة الرسائل و نخبة المسائل ».

ص: 31

37 - رسالة في أنّه هل يجوز نيّة الوجوب في الوضوء قبل دخول الوقت مع اشتغال الذمّة بالقضاء و عدم ارادة الإتيان بها بذلك الوضوء، أم لا ؟

كتبها في جواب مسألة سئل عنها، توجد نسخة منها ناقصة الآخر ضمن : « زبدة الرسائل و نخبة المسائل ».

38 - رسالة في تعريف البيع و أقسامه و شروطه

و هي ناقصة، توجد نسخة منها ضمن : « زبدة الرسائل و نخبة المسائل » ؛ أوّلها : « قال في المبسوط : فصل في حقيقة البيع و بيان أقسامه » .

39 - رسالة في توكيل الصبيّ المميّز

كتبها في جواب مسألة سئل عنها، توجد نسخة منها ناقصة الآخر ضمن : « زبدة الرسائل و نخبة المسائل ».

40 - رسالة في أنّه هل ينفسخ المبايعة الخياريّة بمجرّد ردّ مثل الثمن و إرادة الفسخ من غير أن يتلفّظ بصيغة الفسخ، أم لا ؟

كتبها في جواب مسألة سئل عنها، توجد نسخة منها ناقصة الآخر ضمن : « زبدة الرسائل و نخبة المسائل ».

ص: 32

41 - رسالة في أنّه إذا وقع عقد النكاح من الأب وكالة للإبن المريض فمات قبل الدخول ما حكمه من العدّة والصداق والميراث و تزويج المرأة في العدّة ؟

كتبها في جواب مسألة سئل عنها، توجد ضمن : « زبدة الرسائل و نخبة المسائل ».

42 - رسالة في أنّه إذا انهدم بنيان لمالكين، هل يجوز لمالك بناء التحت بعد الإحياء منع مالك الفوق من الإحياء، أم لا ؟

كتبها في جواب مسألة سئل عنها، توجد ضمن : « زبدة الرسائل و نخبة المسائل ».

43 - رسالة في أنّه إذا قتل عبد حرًّا ما حكمه

كتبها في جواب مسألة سئل عنها، توجد ضمن : زبدة الرسائل ونخبة المسائل.

44 - رسالة في ميراث الغائب و بيان زمان التربّص

كتبها في جواب مسألة سئل عنها، توجد ضمن : « زبدة الرسائل و نخبة المسائل ».

ص: 33

45 - رسالة في جواز الوصل بين اسطوانين أو أسطوانات المسجد لجدار ضعيف البنيان لمصلحة إقامة الجماعة

نسخة منها موجودة ضمن مجموعة في مكتبة مركز إحياء الميراث الإسلاميّ بقمّ المقدّسة برقم 4841، مذكورة في فهرسها : 11 / 390 .

46 - رسالة في سلام التحيّة في الصلاة

و هي ناقصة، توجد ضمن مجموعة لطيفة من رسائل المصنّف قدس سره تسمّي : « زبدة الرسائل و نخبة المسائل »، و هي من جمع بعض تلامذته ؛ توجد نسخة منها ناقصة الآخر في مكتبة أميرالمؤمنين عليه السلام بأصفهان برقم 515 .

أوّلها بعد البسملة :

« الحمد للّه الّذي أعدّ لعباده دار السلام و جعل تحيّتهم فيها سلام، والصلاة والسلام علي من أرشد إلي طريق السلام ».

47 - الرسالة العمليّة

بالفارسيّة، في أوّلها أصول الدين إجمالاً ؛ توجد نسخة منه في مكتبة مجلس الشوري بطهران برقم 15224 .

ص: 34

الكتب والرسائل الحديثيّة

48 - الحاشية علي الكافي

هي حواشي قليلة علي كتاب الفروع من الكافي، من الطهارة إلي الحجّ.

49 - الحاشية علي الوافي

نصّ عليها المؤلّف نفسه قدس سره في كتابه : « مطالع الأنوار » (1).

50 - شرح الحديثين المرويّين عن العترة الطاهرة عليهم السلام

الحديث الأوّل قوله عليه السلام : « من سوّد اسمه في ديوان ولد سابع حشره اللّه يوم القيامة خنزيرًا » (2)، والحديث الثاني قوله : « نحن اثنا عشر هكذا حول عرش ربّنا عزّوجلّ وفي مبتدأ خلقنا، أوّلنا محمّد وأوسطنا محمّد وآخرنا محمّد صلي الله عليه و آله » (3).

توجد نسخة منها ضمن مجموعة في المكتبة الملّيّة بطهران برقم 4133088 .

ص: 35


1- . مطالع الأنوار : 5 / 27 .
2- . تهذيب الأحكام : 6 / 329 ح 34 .
3- . الغيبة، للنعماني : 88 .
الكتب والرسائل الأصوليّة

51 - الزهرة البارقة لمعرفة أحوال المجاز والحقيقة

مشتمل علي جمّ غفير من المسائل الأصوليّة والعربيّة و مباحث الألفاظ والمبادئ اللغويّة، في نحو من ثمانية آلاف بيت .

طبع بعد وفاته بأمر تلميذه و صهره الآقا محمّد مهدي بن محمّد إبراهيم الكرباسي رحمهماالله (1).

52 - رسالة في الاستصحاب

نصّ عليها المؤلّف نفسه قدس سره في مطالع الأنوار (2).

طبعت عامّ 1438 ه في : « مجلّة فقه أهل البيت عليهم السلام، العدد 86 - 85 / صص 279 - 324 ».

53 - الحاشية علي تهذيب الوصول

هي حاشية علميّة مفصّلة علي كتاب : « تهذيب الوصول إلي علم الأصول » من تآليف آية اللّه العلاّمة الحلّي قدس سره ؛ ذكرها المؤلّف قدس سره في كتابه « الزهرة البارقة ».

ص: 36


1- . الذريعة : 12 / 72 الرقم 506 .
2- . مطالع الأنوار : 1 / 136 .

54 - الحاشية علي أصول معالم الدين

هي تعليقات مدوّنة بمنزلة شرح مبسوط علي كتاب « معالم الدين في الأصول » للشيخ حسن ابن الشهيد الثاني ؛ ذكرها في كتابه : « مطالع الأنوار » (1).

55 - رسالة في الاجتهاد والتقليد

قال المحقّق الطهراني رحمه الله في الذريعة :

التقليد في مسائل التقليد، لحجّة الإسلام الحاج السيّد محمّد باقر الأصفهاني ( المتوفّي بها 1260 )، ينقل عباراتها في « هداية المسترشدين » كما يأتي (2).

لمّا رآها الميرزا عبدالوهّاب القزوينيّ قدس سره، كتب في ردّها رسالة : « هداية المسترشدين في حكم التقليد للعوام » (3).

ص: 37


1- . مطالع الأنوار : 5 / 393 ؛ وفيه : « ... مضافًا إلي الوجوه الّتي أبرزناها في مقام ترجيح أقرب المجازات علي غيره فيما علّقناه في أصول المعالم في مباحث المجمل والمبيّن ».
2- . الذريعة : 4 / 389 .
3- . هو الميرزا عبدالوهّاب الشريف ابن محمّد علي القزوينيّ، من أكابر تلامذته والمجازين منه بإجازة كبيرة مبسوطة، ذكر في كتابه : « هداية المسترشدين » انّه ألّف أوّلاً رسالة فارسيّة مختصرة، وأخري عربيّة في مسائل التقليد، ثمّ بعد ما رأي رسالة حجّة الإسلام في التقليد وإيجابه علي المقلّد العدول إلي المجتهد الحيّ بعد موت من كان يقلّده، كتب هذه الرسالة ناقلاً لعين عبارات حجّة الإسلام، ثمّ الردّ عليه انظر الذريعة : 25 / 193 الرقم 217 ؛ والكرام البررة : 2 / 810 .
الكتب والرسائل الرجاليّة

56 - الحاشية علي الرجال

هي تعليقات مختصرة علي كتاب « الرجال » لشيخ الطائفة الطوسي رحمه الله.

57 - الحاشية علي الفهرست

انّها تعليقات مختصرة غير مدوّنة علي كتاب : « الفهرست » لشيخ الطائفة رحمه الله.

58 - الحاشية علي خلاصة الأقوال

صرّح بها في حاشية المجلّد الثاني من كتابه « مطالع الأنوار ».

59 - رسالة في تحقيق حال أبان بن عثمان و أصحاب الإجماع

60

و 61 - رسالتان في تحقيق حال إبراهيم بن هاشم القمّي (1)

ص: 38


1- . صرّح السيّد حجّة الإسلام قدس سره في الرسالة الثانية بأنّه كتب في تحقيق أحواله رسالتان، حيث قال في أوّلها : لمّا كتبت في سالف الزمان رسالة في تحقيق الحال في إبراهيم بن هاشم وأغفلت فيها بعض ما ينبغي التنبيه عليه، أبرزت هذه الكلمات في ذلك المرام الرسائل الرجاليّة : 61 .

62 - الإرشاد الخبير البصير إلي تحقيق الحال في أبي بصير

63 - رسالة في تحقيق حال أحمد بن محمّد بن خالد البرقي

64 - رسالة في تحقيق حال أحمد بن محمّد بن عيسي الأشعري

65

و 66 - رسالتان في تحقيق حال إسحاق بن عمّار الساباطي

67 - رسالة في تحقيق حال حسين بن خالد

68 - رسالة في تحقيق حال حماد بن عيسي الجهني

69 - رسالة في تحقيق حال سهل بن زياد الآدمي الرازي

70 - رسالة في تحقيق حال شهاب بن عبد ربّه

71 - رسالة في تحقيق حال عبدالحميد بن سالم العطّار وولده محمّد

72 - رسالة في تحقيق حال عمر بن يزيد

73 - رسالة في تعيين محمّد بن اسماعيل الواقع في صدر بعض أسانيد

الكافي (1)

ص: 39


1- . قال صاحب الذريعة قدس سره : ترجمة محمّد بن اسماعيل الواقع في صدر بعض أسانيد الكافي، للسيّد حجّة الإسلام الاصفهاني، طبعت مع رسائله، فرغ من أصله سنة 1206، ثمّ بعد مدّة كتب عليه حاشية منه سنة 1232 الذريعة : 4 / 162 الرقم 801 .

74 - رسالة في تحقيق حال محمّد بن أحمد الراوي عن العمركي

75 - رسالة في تحقيق حال محمّد بن خالد البرقي

76

و 77 - رسالتان في تحقيق حال محمّد بن سنان

78 - رسالة في تحقيق حال محمّد بن الفضيل

79 - رسالة في تحقيق حال محمّد بن عيسي اليقطيني

80 - رسالة في بيان أشخاص الّذين لقّبوا بما جيلويه

81 - رسالة في تحقيق الحال في معاوية بن شريح و معاوية بن ميسرة وأنّهما واحد

82 - رسالة في بيان العدّة المتكرّرة في أسانيد الكافي .

طبعت أكثر هذه الرسائل في مجلّد واحد سنة 1417 ه بتحقيق الحجّة الحاج السيّد مهدي الرجائي - دامت بركاته - قامت بطبعها مكتبة مسجد السيّد حجّة الإسلام الشفتي قدس سره بأصفهان .

الكتب والرسائل المتفرّقة

83 - رسالة في أصول الدين

فارسية، في عدّة أبواب (1).

ص: 40


1- . فهرس مخطوطات مكتبة كليّة الإلهيّات في طهران : 1 / 11 ش 335 .

84 - سؤال و جواب

الفارسي، عن بعض عقائد الشيخيّة، طبع أوّلاً بعد وفاته سنة 1261 ه ، كما ذكره صاحب الذريعة (1) ؛ و قد طبع ثانيًا سنة 1388 ش طباعة حروفيّة محقّقة، قامت بتحقيقه و طبعه مكتبة مسجد السيّد .

85 - رسالة في أنّ المراد من الطعام في قوله تعالي : « و طعام الّذين أوتوا الكتاب حلّ لكم » ماذا ؟

كتبها في جواب مسألة سئل عنها، توجد ضمن مجموعة لطيفة من رسائل المصنّف قدس سره تسمّي : « زبدة الرسائل و نخبة المسائل »، و هي من جمع بعض تلامذته ؛ نسخة منها موجودة في مكتبة أميرالمؤمنين عليه السلام بأصفهان .

86 - الحلية اللامعة للبهجة المرضيّة

هي تعليقات مدوّنة بمنزلة شرح مبسوط علي شرح الفاضل السيوطي علي ألفيّة النحو (2).

ألّفها في جزءين، قامت بطبع الجزء الأوّل منها مكتبة مسجد السيّد باصفهان سنة 1393 ش .

ص: 41


1- . الذريعة : 12 / 243 الرقم 1594 .
2- . انظر الذريعة : 7 / 82 .

وفاته و مرقده

عاش - قدّس اللّه نفسه الزكيّة - ثمانين سنة تقريبًا، ثمّ أجاب دعوة الإلهيّة في عصيرة يوم الأحد، الثاني من شهر ربيع الثاني سنة 1260 ه (1) - علي أصحّ الأقوال .

و دفن بعد ثلاثة أيّام من وفاته في البقعة الّتي بناها لنفسه في جانب مسجده الكبير باصبهان، و هي الآن مشهد معروف و مزار متبرّك .

قال المحقّق الچهارسوقي قدس سره في الروضات :

« ولم ير مثل يوم وفاته، يوم عظيم، ملأت زقاق البلد من أفواج الأنام رجالاً ونساءًا، يبكون عليه بكاء الفاقد والده الرحيم و مشفقه الكريم، بحيث كان همهمة الخلايق تسمع من وراء البلد، و غسل في بيته

ص: 42


1- . هذا التاريخ مطابق لما كتبه صاحب الروضات رحمه الله في بياضه انظر مقدّمة النهريّة : 20 ؛ وكذا مطابق لما كتبه العلاّمة الشيخ محمّد جعفر بن محمّد إبراهيم الكرباسي ( المتوفّي 1292 ه) في ظهر كتابه : منهج الرشاد في شرح إرشاد الأذهان ( انظر فهرس مخطوطات مكتبة مركز إحياء التراث الإسلامي: 6 / 79 الرقم 90). وضبطه كذلك العالم الفاضل الشاعر رضا قليخان هما الشيرازيّ ( المتوفّي 1290 ه ) فقال في « ديوانه : ص 104 » في تأريخ وفاته : در اول حمل و دويم ربيع دويم زدامگاه جهان شد بسوي دار سلامبلفظ تازي تاريخ رحلتش گفتم چو بشمري مأتين است و ألف و ستّين عام

الشريف، ثمّ أتي به إلي المسجد، فصلّي عليه ولده الأفضل وخلفه الأسعد الأرشد والفقيه الأوحد والحبر المؤيّد ... مولانا و سيّدنا السيّد أسد اللّه ... .

و من العجائب اتّفاق فراغه من التحصيل و مراجعته من النجف الأشرف بإصرار والده الجليل في سنة وفاته، و مسارعة روحه المطهّر إلي جنّاته ».

إلي أن قال :

و قد أنشدت قصيدة طويلة في مرثيته بالعربيّة، و مطلعها كما يمرّ بالنظر الفاتر:

لمن العزاء و هذه الزفرات ما هي في الزمر

تبكي السماء و في الأرض الفساد به ظهر

و جرت عيون الدمع من صمّ الجبال و حاولت

لتزول وانشقّت جيوب الصبر واشتمل الضرر

واغبرّت الآفاق واختلّ السياق بأسره

و تغيّرت شمس المشارق منه وانخسف القمر

ما أكثر الحزن الجديد و أكبر الهول الشديد

و أعظم الرزء المفخّم في الخلائق للبشر

من فقد سيّدنا الإمام الباقر العلم الّذي

جلّت عن العدّ المحامد منه و الكرامات الكبر

ص: 43

بكّاء جوف الليل من خوف الإله و مقتدي

طول النهار علي نيابته الإمام المنتظر

إلي تمام ثمانين بيتًا تقريبًا، و يقول في آخرها مؤرّخًا لوفاته :

و سألت طبعي القرم عن تأريخ رحلته

فجرّ ذيلاً وقال : « اللّه أنزله كريم المستقرّ » (1)

( 1260 )

ص: 44


1- . روضات الجنّات : 2 / 104 .

2 - بين يدي الكتاب

كتابنا الحاضر هو : رسالة كبيرة استدلاليّة، كتبها المصنّف قدس سره في جواب السؤال عن حكم الصلاة في جلد الميتة المدبوغ .

والسؤال هو : هل يجوز الصلاة في جلد الميتة المدبوغ ولو كانت ممّا يؤكل لحمه ؟ و هل تجوز في الجلود الموجودة في أسواق المسلمين إذا كانت مأخوذة من يد المسلم ولو كان ممّن يستحلّ الاستعمال بالدباغة لو كانت من الميتة، أو ممّن يقول بحلّيّة ذبائح أهل الكتاب، أم لا ؟

بيّن المؤلّف قدس سره في الجواب حكم المسألة بجميع شؤونها مع فروع حسنة تتعلّق بها، و أدرج فيها تحقيقات رشيقة و فوائد نافعة مفيدة تنبئ عن دقّة نظره و غوره، واستوفي فيها إنصافًا حقّ الاستدلال والتحليل .

و كان هذا ممّا يدلّ علي طول باعه و تبحّره في المباحث الفقهيّة، جزاه اللّه تعالي عن الإسلام وأهله خير الجزاء .

ص: 45

ص: 46

3 - منهجنا في التحقيق

مع الأسف لا توجد من هذه الرسالة إلاّ نسخة واحدة ضمن نسخة من كتاب : « السؤال والجواب » للمؤلّف قدس سره، الموجودة في مكتبة شيخنا العلاّمة المحقّق آية اللّه الحاجّ السيّد محمّد علي الروضاتي ( المتوفّي 1433 ه ) من أحفاد صاحب

الروضات - أعلي اللّه مقامهما و أسكنهما في غرفات الجنّات .

فاعتمدنا في التحقيق عليها، و كان منهج التحقيق وفق المراحل التالية :

1 - ضبط النصّ و تقويمه و ترقيمه .

2 - استخراج الآيات القرآنيّة والأحاديث الشريفة و كلمات الفقهاء الّتي نقلها المؤلّف من مصادرها الّتي ذكرها إن وجدت، و إلاّ فمن مصادر أخري .

4 - تقطيع النصّ إلي فقرات و مقاطع مع إضافة بعض العناوين المناسبة بين قوسين معقوفين .

5 - إيضاح المواضع المشكلة والعبارات المبهمة، و شرح بعض اللغات الغريبة الواردة في المتن مع الاستعانة بكتب اللغة و معاجم العربيّة .

ص: 47

و لقد بذلنا قصاري جهدنا في تحقيق هذا السفر القيّم وإخراجه إلي عالم النور، فما وجد فيه من خلل أو خطأ فهو عن قصور لا تقصير .

و نسأل اللّه تعالي أن يتقبّل منّا هذا القليل بقبول حسن، و نسأله - سبحانه - أن يوفّقنا لإحياء تراث أهل البيت عليهم السلام و علمائنا الأبرار، خصوصًا بقيّة آثار جدّنا الأمجد الأسعد العلاّمة المحقّق الفقيه الأصوليّ الأوحد السيّد محمّد باقر الشفتيّ،

المعروف بحجّة الإسلام - أعلي اللّه مقامه في دار السلام - جزاءً لجزيل خدماته المباركة في إحياء الشريعة الغرّاء .

و آخر دعوانا أن الحمد للّه ربّ العالمين، والصلاة والسلام علي محمّد وأهل بيته الطيّبين الطاهرين .

1440 ه

السيّد محمّد الرضا الشفتيّ

اصفهان - صانها اللّه عن الحدثان -

ص: 48

رسالة في حكم الصلاة في جلد الميتة المدبوغ

اشارة

ص: 49

ص: 50

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

لاتجوز الصلاة في جلد الميتة ولو كانت ممّا يؤكل لحمه و دبغ سبعين مرّة

اشارة

سؤال :

هل يجوز الصلاة في جلد الميتة المدبوغ ولو كانت ممّا يؤكل لحمه ؟ وهل تجوز في الجلود الموجودة في أسواق المسلمين إذا كانت مأخوذة من يد المسلم ولو كان ممّن يستحلّ الاستعمال بالدباغة لو كانت من الميتة، أو ممّن يقول بحلّيّة ذبائح أهل الكتاب، أم لا ؟

والمرجوّ من إفاضات جنابكم والمأمول من ألطاف خدامكم شرح ما ذكر في السؤال و تفصيل الأحكام والأقوال، أدام اللّه تعالي بقاءكم العالي و خلّد ظلالكم المتعالي.

جواب :

تفصيل المرام و تحقيق الحال في المقام يحتاج إلي بسط و شرح في الكلام، فنقول : لايجوز الصلاة في جلد الميتة ولو كانت ممّا يؤكل لحمه ودبغ سبعين مرّة .

ص: 51

و في الخلاف عليه الإجماع (1)، و في المعتبر والمنتهي والتذكرة و نهاية الإحكام هو مذهب علمائنا .

قال في الأوّل :

لايجوز (2) الصلاة في جلد الميتة و لو دبغ، و هو مذهب علمائنا أجمع (3).

و في الثاني :

لايجوز الصلاة في جلد الميتة، ذهب إليه علماؤنا أجمع .

إلي أن قال :

لا فرق في التحريم بين المدبوغ و غيره، لأنّا قد بيّنا فيما مضي أنّ الدباغ لايطهّر الميتة، و هو مذهب علمائنا أجمع (4).

و في الثالث :

يجوز الصلاة في كلّ ثوب متّخذ من النباتات .

إلي أن قال :

وكذا في جلد ما يؤكل لحمه مع التذكية لا بدونها، وإن دبغ، عند علمائناأجمع (5).

ص: 52


1- . الخلاف : 1 / 62 .
2- . في المصدر : لا تجوز .
3- . المعتبر : 2 / 78 .
4- . منتهي المطلب : 4 / 202 و 204 .
5- . تذكرة الفقهاء : 2 / 463 .

و يقرب منه ما ذكره في الرابع (1).

والظاهر من هذه العبارات كغيرها انتفاء الخلاف في المسألة عندنا، لكنّ الظاهر من شيخنا الشهيد في الذكري خلافه حيث قال :

يجوز (2) الصلاة في كلّ ما يستر العورة عدا أمور، أحدها : جلد الميتة ولو دبغ بإجماعنا إلاّ من شذّ (3).

و كأنّه إشارة إلي ابن الجنيد، لقوله بطهارة جلد الميتة بالدباغة (4).

تحقيق الحال فيه أنّ الجلد إمّا من ميتة ما لا يؤكل لحمه، أو ممّا يؤكل ؛ ولا يبعد أن يكون الخلاف علي تقديره في الثاني فقط، لأنّ المانع في الأوّل شيئان : ذاتيّ، وهو كون الجلد ممّا لا يؤكل لحمه ؛ و عرضيّ، و هو النجاسة بالموت ؛ والزائل بالدباغة علي القول به هو الثاني، لا الأوّل، فلا معني لتجويز الصلاة به حينئذ، بخلاف الثاني، فإنّ المانع عن الصلاة فيه عرضيّ، والمفروض زواله بالدباغة .

و لعلّه الظاهر من عبارة المنتهي (5)، لاستناد المنع فيها إلي عدم الطهارة

بالدباغة، وكذا الحال في المعتبر، قال :لأنّ الميتة نجسة، والدباغ غير مطهّر، و طهارة اللباس شرط لصحّة

ص: 53


1- . انظر نهاية الإحكام : 1 / 372 .
2- . في المصدر : تجوز .
3- . ذكري الشيعة : 3 / 28 .
4- . انظر المختلف : 1 / 501 و 502 ؛ و فتاوي ابن الجنيد : 44 .
5- . انظر منتهي المطلب : 4 / 202 و 204 .

الصلاة (1).

و يتوجّه عليه : انّه ما الدليل علي كون المانع النجاسة ؟! فلِمَ لايجوز أن يكون المانع كونه من جلد الميتة بأن يقال : هذا جلد من جلود الميتة، فلا يجوز الصلاة فيه .

أمّا الصغري فظاهرة، و أمّا الكبري فلعموم نصوص الآتية ؛ و يؤيّده تصريحه في الذكري في مباحث الطهارة بعدم تجويزه الصلاة فيه مع نسبة القول بالطهارة بالدباغة إليه .

و لعلّ الظاهر من الذكري في تلك المباحث أنّ المخالف هو الشلمغاني، بناءً علي أنّه نسب القول بطهارة جلد الميتة بالدباغة إليهما معًا، ثمّ قال :

وابن الجنيد وافق علي عدم جواز الصلاة فيه وإن دبغ (2).

إذ الظاهر منه أنّ الشلمغاني لم يوافقهم علي ذلك .

وكيف كان والمخالف علي فرض تحقّقه نادرٌ شاذٌّ، لا التفات إليه و لا اعتناء به، فعدم جواز الصلاة في جلد الميتة مطلقًا ممّا لا ارتياب فيه .

المستند في المسألة

والمستند فيه - مضافًا إلي الإجماعات المستفيضة - نصوصٌ معتبرة :

ص: 54


1- . المعتبر : 2 / 78 .
2- . ذكري الشيعة : 1 / 135 .

منها : الصحيح المرويّ في التهذيب بسندين عن محمّد بن مسلم قال : سألته عن الجلد الميّت أيلبس في الصلاة إذا دبغ ؟ فقال: لا ولو دبغ سبعين مرّة (1).

هكذا وجد الحديث في غالب نسخ التهذيب .

اعلم : أنّ الغالب استعمال « المَيتة » بفتح الميم في غير الإنسان، و « الميّت » فيه ؛ و قد يتعاكس الأمر، فيستعمل الميّت في غير الإنسان، و منه الحديث .

و أمّا المِيتة بكسر الميم ففي المجمع أنّها للحال والهيئة، قال :

و منه : مات مِيتة حسنة، و مِيتة السوء (2).

و يمكن أن يقال : إنّ « الميّت » له استعمالان :

أحدهما : يُراد به نفس الهيكل ؛ و هذا الاستعمال يغلب في الإنسان كالميتة في غيره، و علي هذا يكون من باب غلبة الاسم علي الوصف .

الثاني : يراد به المعني الوصفيّ ؛ و حينئذٍ لا يتفاوت الحال بين الإنسان و غيره من الحيوانات .

والظاهر أنّ المراد من الحديث هذا المعني، و لهذا أدخل الألف واللام في الجلد، وإلاّ لزم تعريته عنها، فالميّت علي هذا صفةٌ للجلد، إمّا بحال الموصوف بناءً

علي أنّ الجلد لمّا كان ممّا تحلّه الحياة يمكن نسبة الموت إليه ؛ أو بحال متعلّقه،

والتقدير : الجلد الّذي مات صاحبه، فعلي هذا يكون الألف واللام للموصول، فهو

ص: 55


1- . تهذيب الأحكام : 2 / 203 ح 2 .
2- . مجمع البحرين : 2 / 224 .

مبنيّ علي القول بجواز دخولها في الصفة المشبّهة .

هذا علي ما وجد في غالب نسخ التهذيب، و أمّا علي ما في الفقيه فالأمر علي ما اقتضاه الظاهر في المقامين، لأنّه قال : روي محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنّه سأله عن جلد الميتة يلبس في الصلاة إذا دبغ، فقال : لا وإن دبغ سبعين مرّة (1).

فهو فيه مسند، بخلافه علي ما في التهذيب .

و منها : الصحيح المرويّ في التهذيب أيضًا عن محمّد بن أبي عمير، عن غير واحد (2)، عن أبي عبداللّه عليه السلام في الميتة، قال: لا تصلّ في شيء منه و لا شِسع (3).

ص: 56


1- . كتاب من لايحضره الفقيه : 1 / 247 ح 749 .
2- . جاء في حاشية المخطوطة : « لا يخفي أنّ الحديث وإن كان مرسلاً، لكنّه غير مضرّ، لكون المرسِل من أصحاب الإجماع ؛ ولما ذكره شيخ الطائفة في العدّة من أنّ ابن أبي عمير و صفوان بن يحيي لايرويان إلاّ عن ثقة [ انظر عدّة الأصول: 1 / 154 ]. و به صرّح شيخنا الشهيد في الذكري حيث قال: و خبر الواحد مقبول بشروطه المشهورة ؛ إلي أن قال: أو كان مرسله معلوم التحرّز عن الرواية عن مجروح، ولهذا قبلت الأصحاب مراسيل ابن أبي عمير و صفوان بن يحيي وأحمد بن أبي نصر البزنطي، لأنّهم لايرسلون إلاّ عن ثقة، انتهي [ ذكري الشيعة : 1 / 49 ]. ولايخفي ما في دليله من عدم المطابقة لما ذكره أوّلاً . و ممّا ذكر ظهر لك انّ ما ذكره شيخنا البهائي في درايته حيث قال: قد يعلم من حال مُرسِله عدمُ الإرسال عن غير الثقة، فينتظم حينئذ في سلك الصحاح، كمراسيل ابن أبي عمير رحمه الله ؛ و روايته أحيانًا عن غير الثقة لاتقدح في ذلك كما يظنّ، لأنّهم ذكروا أنّه لايرسل إلاّ عن ثقة، لا أنّه لا يروي إلاّ عن ثقة [ الوجيزة في علم الدراية، المطبوع ضمن : رسائل في دراية الحديث : 1 / 539 ]، ليس علي ما ينبغي كما لا يخفي، منه دام ظلّه العالي ».
3- . تهذيب الأحكام : 2 / 203 ح 2 .

قال في القاموس :

الشِسع بالكسر : قبال النعل (1).

قال :

قبال النعل ككتاب : زمام بين الإصبع الوسطي والّتي تليها (2).

و منها: الصحيح المرويّ في الكافي، عن عليّ بن أبي المغيرة (3) قال: قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : جعلت فداك الميتة ينتفع منها بشيء ؟ قال : لا ؛ قلت : بلغنا [ أنّ ] (4) رسول اللّه صلي الله عليه و آله مرّ بشاة ميتة فقال : ما كان علي أهل هذه الشاة إذا (5) لم ينتفعوا بلحمها أن ينتفعوا بإهابها، فقال : تلك شاة كانت (6) لسودة بنت زمعة

زوج النبيّ صلي الله عليه و آله وكانت شاة مهزولة لاينتفع بلحمها، فتركوها حتّي ماتت، فقالرسول اللّه صلي الله عليه و آله : ما كان علي أهلها إذا (7) لم ينتفعوا بلحمها أن ينتفعوا بإهابها أن تذكّي (8).

ص: 57


1- . القاموس المحيط : 3 / 45 .
2- . القاموس المحيط : 4 / 34 .
3- . كذا في كتاب الأطعمة والأشربة من الكافي، ولكن في كتاب الصلاة منه هكذا : عليّ بن المغيرة .
4- . ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر .
5- . في المصدر : إذ .
6- . « كانت » لم يرد في المصدر .
7- . في المصدر : إذ .
8- . الكافي : 3 / 398 ، كتاب الصلاة، ح 6 ؛ و 6 / 259 ، كتاب الأطعمة والأشربة، ح 7 .

و هو مرويّ في موضعين من الكافي، أحدهما في كتاب الصلاة، والثاني في كتاب الأطعمة والأشربة، والسند فيهما واحد، لأنّه رواه عن محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عاصم بن حميد، عن عليّ بن أبي المغيرة.

و شيخ الطائفة مع روايته عن الكافي أسقط لفظة « أبي »، فرواه عن عليّ بنالمغيرة (1) ؛ و لعلّه صار سببًا لتأمّل صاحب المدارك و غيره في الحكم بصحّة الحديث، لكنّه غير صالح لذلك ؛ و قد بيّنا وجهه في مطالع الأنوار (2).

ص: 58


1- . انظر تهذيب الأحكام : 2 / 204 ح 7 .
2- . قال قدس سره في « مطالع الأنوار » ما هذا نصّه : و يظهر من جماعة من المتأخّرين الحكم بضعف الحديث أو التأمّل في صحّته، ولعلّه إمّا من جهة عليّ بن أبي المغيرة، لعدم ثبوت توثيقه، لاختصاص التوثيق الّذي ذكره النجاشي في ترجمة ابنه الحسن به، أو لكون المذكور في سند الحديث : عليّ بن المغيرة، كما في التهذيب، وانّه غير مذكور في الرجال بما يرفع جهالته . و يمكن الجواب أمّا عن الثاني فلأنّ عليّ بن المغيرة هو ابن المغيرة الزبيديّ الكوفيّ، والظاهر اتّحاده مع عليّ بن أبي المغيرة الزبيديّ الكوفيّ، و ذكره في الكافي : عليّ بن أبي المغيرة، في سند الحديث يدلّ عليه ؛ و علي تقدير اختلاف نسخته بأن يكون أبي مذكورًا في بعضها دون الآخر يدور الأمر بين الزيادة والانتقاص، والثاني أولي. وأمّا عن الأوّل فيتوقّف علي نقل عبارة النجاشي، و هي هذه : « الحسن بن عليّ بن أبي المغيرة الزبيديّ الكوفيّ ثقة هو وأبوه، روي عن أبي جعفر وأبي عبداللّه - عليهما السلام - » [ رجال النجاشي : 49 ]. و فيه احتمالات، الأوّل : أن يكون التوثيق مختصًّا بالإبن ويكون « هو وأبوه » مستأنفًا ؛ وفيه : انّه لا يلائمه إفراد « روي »، إذ المناسب : « رويا » مثنّي . والثاني : كالأوّل إلاّ انّ الاستيناف في « أبوه » ويكون « روي » خبرًا عنه . والثالث : أن يكون « أبوه » عطفًا علي « هو » ويكون التوثيق بالنسبة إليهما، والضمير في « روي » إلي « الابن » ؛ و هو الظاهر، وكلّ من الأوّلين مخالف له، أمّا الأوّل فلما عرفت، وأمّا الثاني فلعدم الافتقار إلي ذكر « هو »، لأنّ المعهود بين أرباب الرجال في ترجمة شخص إذا كان المراد توثيقه فقط الإقتصار علي لفظ : « ثقة » بأن يقال : الحسن بن عليّ بن أبي المغيرة ثقة أبوه روي، إلي آخره كما لايخفي، لاسيّما في مثل المقام الموهم للخلاف . علي أنّ العلاّمة في الخلاصة [ : ص 190 ] والفاضل الحسن بن داود في رجاله [ : ص 135 ] صرّحا بتوثيقه، وهو يكفي للحكم بصحّة الحديث مطالع الأنوار : 1 / 135 .

و منها : ما رواه في باب : « ما ينتفع به من الميتة و ما لا ينتفع منها » من كتاب الأطعمة والأشربة من الكافي، عن الفتح بن يزيد [ الجرجانيّ ] (1)، عن أبي الحسن- صلوات اللّه عليه - قال : كتبت إليه عليه السلام أسأله عن جلود الميتة الّتي يؤكل لحمها إن ذكي، فكتب : لاينتفع من الميتة بإهاب و لا عصب، الحديث (2) .و منها : الموثّق المرويّ في باب : « الذبائح والأطعمة » من التهذيب، عن ابن فضّال، عن يونس، عن أبي مريم قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : السخلة الّتي مرّت (3) بها رسول اللّه صلي الله عليه و آله و هي ميتة و قال : ما ضرّ أهلها لو انتفعوا بإهابها، قال: فقال أبو عبداللّه عليه السلام: لم تكن ميتة يا أبا مريم ولكنّها كانت مهزولة، فذبحها أهلها فرموا بها، قال رسول اللّه صلي الله عليه و آله : ما كان علي أهلها لو انتفعوا بإهابها (4).

وجه الدلالة هو : أنّ الظاهر من الراوي أنّه اعتقد عدم جواز الانتفاع بالميتة، ولمّا كان ما وصل إليه من رسول اللّه صلي الله عليه و آله موهمًا لخلاف ذلك، سأل مولانا الصادق عليه السلام عنه، و قرّره عليه السلام علي اعتقاده و بيّن معني كلامه صلي الله عليه و آله، و أنّه ليس المراد

ص: 59


1- . ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر .
2- . الكافي : 6 / 258 ح 6 .
3- . في المصدر : مرّ .
4- . تهذيب الأحكام : 9 / 79 ح 70 .

منه ما يتوهّم من ظاهره .

ثمّ لا يخفي المنافات بينه و بين ما ذكرنا من الكافي، حيث انّ المستفاد من هذا الحديث أنّهم رموها بعد الذبح، و من الأوّل خلافه ؛ و يمكن دفعه بتغاير الواقعة، و إليه يؤمي ذكر « السخلة » هنا و « الشاة » في السابق .

وجه الاستدلال بالنصوص المذكورة علي المدّعي أمّا بالأوّلين فغنيّ عن البيان ؛ و أمّا بالثلاثة الأخيرة فلأنّ المستفاد منها عدم جواز الانتفاع بأجزاء الميتة، و معلوم أنّ لبسها في حال الصلاة انتفاع، فيكون منهيًّا عنه .أمّا الصغري فظاهرة، و أمّا الكبري فلعموم النصوص المذكورة و غيرها ممّاستقف عليه ؛ و لا حاجة إلي إيراده في المقام، لإمكان أن يقال : إنّ المسألة من القطعيّات الّتي لاتفتقر إلي الاستدلال .

الكلام هنا في أمور مهمّة

اشارة

و إنّما الكلام هنا في أمور مهمّة ينبغي التعرّض لها :

الأمر الأوّل: جواز الصلاة في الجلود مشروطًا بالعلم بكونها من المذكّي المأكول اللحم

اشارة

الأوّل : لا شبهة في أنّ الجلود في نفس الأمر والواقع إمّا مأخوذة من الميتة، أو من المذكّي، فلا ثالث، لكنّها باعتبار علم المكلّف و عدمه ينقسم إلي أقسام :

منها : ما علم أنّه مأخوذ من الميتة .

و منها : ما علم أنّه مأخوذ من المذكّي المأكول اللحم .

و منها : ما جهل حاله، فلم يثبت فيه شيء من الأمرين، فيمكن أن يكون من

ص: 60

الأوّل، كما يمكن أن يكون من الثاني .

و لا شبهة في أنّ الأوّل ممّا لايجوز الصلاة فيه، كجوازها في الثاني .

و إنّما الكلام في الثالث في أنّه هل هو ملحقٌ بالأوّل، فيكون جواز الصلاة في الجلود مشروطًا بالعلم بكونها من المذكّي المأكول اللحم، فما لم يعلم فيه ذلك يحكم فيه بعدم الجواز ولو احتمل أنّها من المذكّي ؛ أو بالثاني فيكون المنع عن

الصلاة مختصًّا بصورة العلم بكونها من الميتة، فما لم يعلم فيه ذلك يحكم بالجواز، فاحتمال كونها من الميتة غير مضرّ ؟فيه خلافٌ بين الأصحاب، والمشهور - كما قيل (1) - هو الأوّل ؛ و هو مختار المعتبر و نهاية الإحكام والتذكرة والمنتهي والتحرير والذكري والدروس والجعفريّة والروض و غيرهم .

قال في المعتبر :

و يكفي في الحكم بذكاة (2) ما لم يعلم أنّه ميتة وجوده في يد مسلم، أو في سوق المسلمين، أو في بلد الغالب فيه المسلمون، انتهي (3).

و قال في نهاية الإحكام :

و يكفي في العلم (4) بالتذكية عدم العلم بموته، و وجوده في يد مسلم

ص: 61


1- . مسالك الأفهام : 12 / 96 ؛ روض الجنان : 2 / 570 ؛ وانظر بحار الأنوار : 62 / 141 .
2- . في المصدر : بذكاته .
3- . المعتبر : 2 / 78 .
4- . في المصدر : الحكم .

لايستحلّ جلد الميتة، أو في سوق المسلمين، أو بلد الغالب فيه المسلمون (1).

والأمر فيه كما في عبارة المعتبر، والواو في قوله : « و وجوده في يد مسلم » إلي آخره، بمعني « مع » ؛ و عطف الأخيرين عليه بأو دليلٌ عليه، والمراد : يكفيفي الحكم بالتذكية عدم العلم بموته مع أحد أمور ثلاثة .

و بمثله قال في التذكرة (2).و في المنتهي :

يكتفي في العلم بالتذكية وجوده في يد مسلم، أو في سوق المسلمين، أو في بلد الغالب فيه الإسلام، و عدم العلم بالموت، لأنّ الأصل في المسلم العدالة، و هي تمنع عن (3) الإقدام علي المحرّمات .

إلي أن قال :

فلو وجد جلدًا مطروحًا لا يعلم أذكيّ هو أم ميتة (4) ؟ لم يصلّ فيه، لأنّ الأصل عدم التذكية (5).

و في التحرير :

ص: 62


1- . نهاية الإحكام : 1 / 373 .
2- . تذكرة الفقهاء : 2 / 464 .
3- . في المصدر : من .
4- . في المصدر : ميّت .
5- . منتهي المطلب : 4 / 205 .

و يكتفي في العلم بالتذكية وجوده في يد مسلم لايستحلّ جلد الميتة، أو في سوق المسلمين، أو في بلد الغالب فيه الإسلام مع عدم العلم بالموت، ولايكفي الأخير، فلو وجد مطروحًا لم يحكم بالتذكية (1).

و في الذكري :

والمبطل للصلاة فيه علم كونه ميتة، أو الشكّ إذا وجد مطروحًا، لأصالةعدم التذكية، أو في يد كافر عملاً بالظاهر من حاله، أو في سوقالكفر (2).

و في البيان :

و مذكّي الكافر و ما في يده من الجلود ميتة، إلاّ أن يعلم خلافه ؛ و كذا ما في دار الكفر، إلاّ أن يعلم المسلم بعينه، و كذا المطروح من الجلود بالدارين، إلاّ مع قرينة خلافه (3).

و في الدروس :

لاتجوز الصلاة في جلد الميتة ولو دبغ سبعين مرّة، أو كان لايتمّ (4) الصلاة فيه منفردًا ولو شِسعًا ؛ و في حكمه ما يوجد مطروحًا، أو يؤخذ

ص: 63


1- . تحرير الأحكام : 1 / 194 .
2- . ذكري الشيعة : 3 / 28 .
3- . البيان : 120 .
4- . في المصدر : كان ممّا لا تتمّ .

من كافر، أو من سوق الكفّار (1).

و في الجعفريّة :

و يعتبر في الساتر أن لايكون جلد ميتة ولو دبغ، أو كان شسعًا (2) ؛ و فيحكمه ما يوجد مطروحًا، أو في يد الكافر (3)، أو في سوق الكفر (4).

و في الروض :و في حكم الميتة ما يوجد مطروحًا وإن كان في بلاد الإسلام، لأصالة عدم التذكية، أو في يد كافر، أو في سوق الكفر (5).

و هذا القول هو الظاهر من النهاية والمبسوط والوسيلة ؛ قال في النهاية :

و لابأس بالصلاة في السنجاب والحواصل و في وبر كلّ شيء يؤكل لحمه إذا ذكي و دبغ ؛ فإن لم يعلم أنّه مذكّي، فلا بأس بشرائه من أسواق المسلمين ممّن لايستحلّ (6) الميتة، و لايجوز شراؤها ممّن يستحلّ ذلك، أو [ إن ] (7) كان متّهمًا فيه (8).

ص: 64


1- . الدروس الشرعيّة : 1 / 149 .
2- . شسع النعل هو السير الّذي يشدّ به في ظهر القدم ؛ انظر لسان العرب : 8 / 180 « شسع » .
3- . في المصدر : يد كافر .
4- . الجعفريّة، المطبوع ضمن « حياة المحقّق الكركي وآثاره » : 4 / 159 .
5- . روض الجنان : 2 / 570 .
6- . في المصدر : لم يستحلّ .
7- . ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر .
8- . النهاية : 97 .

و في المبسوط :

و من اشتري جلدًا علي أنّه مذكّي جاز أن يصلّي فيه، وإن لم يكن كذلك إذا اشتري ذلك من أسواق (1) المسلمين ممّن لايستحلّ الميتة، ولايجوز شراؤها ممّن يستحلّ ذلك، أو كان متّهمًا فيه (2).وفي الوسيلة :

اللباس ثلاثة أضرب : إمّا ما يجوز (3) فيه الصلاة، أو تكره، أولايجوز (4) فيه، فالأوّل ثلاثة (5) أشياء .

إلي أن قال :

و جلد (6) ما يؤكل لحمه إذا كان مذكّي، و صوف ما يؤكل لحمه و شعره ووبره إذا لم يكن منتوفًا من (7) الميتة (8).

و ذهب جماعة من المتأخّرين - كصاحب المدارك والذخيرة و غيرهما - إلي الثاني (9).

ص: 65


1- . في المصدر : سوق .
2- . المبسوط : 1 / 83 .
3- . في المصدر : إمّا تجوز .
4- . في المصدر : لا تجوز .
5- . في المصدر : عشرة .
6- . في المصدر : و جلود .
7- . في المصدر : عن حيّ أو ميّت .
8- . الوسيلة : 87 .
9- . انظر مدارك الأحكام : 3 / 158 ؛ و ذخيرة المعاد : 2 / 232 ؛ و الحدائق الناضرة : 7 / 53 .
مختار المؤلّف قدس سره و دليله

والمختار هو الأوّل ؛ والمستند فيه - مضافًا إلي أصالة عدم التذكية - : الصحيح المرويّ في الكافي عن ابن أبي عمير، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي عبداللّه عليه السلام في حديث طويل من جملته : « فإن كان ممّا يؤكل لحمه فالصلاة فيوبره وبوله و شعره و روثه وألبانه وكلّ شيء منه جائز (1) إذا علمت أنّه ذكيّ » (2).

بناءً علي أنّه علّق جواز الصلاة في أجزاء ما يؤكل لحمه فيه بالعلم بالتذكية،و مقتضاه انتفاء الجواز عند انتفاعه، و هو المطلوب .

و ما رواه فيه عن عليّ بن أبي حمزة قال : سألت أبا عبداللّه وأبا الحسن عليهماالسلام عن لباس الفراء والصلاة فيها، فقال: لاتصلّ فيها إلاّ فيما كان منه ذكيًّا (3).

والظاهر أنّ الواو في قوله : « وأبا الحسن » بمعني أو، لوضوح أنّ السؤال عن أحدهما عليهماالسلام كان مغنيًا عن السؤال عن الآخر ؛ و لإفراد الضمير في : « فقال ».

و ما رواه في باب : « الهدي يهلك قبل أن يبلغ محلّه » من كتاب الحجّ من الفقيه، عن القاسم بن محمّد - و طريقه إليه غير معلوم - عن عليّ بن أبي حمزة قال: سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل ساق بدنة فانكسرت قبل أن تبلغ محلّها، أو عرض لها موت أو هلاك، قال : يذكّيها إن قدر علي ذلك و يلطخ نعلها الّتي قلّدت بها حتّي

ص: 66


1- . في المصدر : جائزة .
2- . الكافي : 3 / 397 ح 1 .
3- . الكافي : 3 / 397 ح 7 .

يعلم من مرّ بها أنّها قد ذكيت، فيأكل من لحمها إن أراد، الحديث (1).

و ضعف سندهما بعد الانجبار بالشهرة المحكيّة و أصالة عدم التذكية والموثّقة كالصحيحة غير مضرّ .

مضافًا إلي أنّ مضمونه مرويّ في باب : « علّة الإشعار والتقليد » عن العلل، بسند صحيح عن الحلبي، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال: أيّ رجل ساق بدنة فانكسرت قبل أن تبلغ محلّها، أو عرض لها موت، أو هلك، فلينحرها إن قدر علي ذلك، ثمّليلطخ نعلها الّتي قلّدت بدمها (2) حتّي يعلم من مرّ بها أنّها قد ذكيت، فيأكل منلحمها إن أراد، إلي آخره (3).

فهذا الحديث مع كونه مستندًا في المسألة، قرينةٌ لصدق الرواية المذكورة .

المستند للقول الثاني

والمستند للقول الثاني : أصالة الطهارة و ما دلّ علي جواز الصلاة في الجلود الّتي لم يعلم أنّها من الميتة، كالصحيح المرويّ في باب : « ما (4) يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان » من زيادات التهذيب، عن عبداللّه بن مسكان، عن عليّ بن

ص: 67


1- . كتاب من لا يحضره الفقيه : 2 / 500 ح 3073 .
2- . في المصدر : قلدت به بدم .
3- . علل الشرائع : 2 / 435 ح 3 .
4- . في المصدر: فيما .

أبي حمزة : أنّ رجلاً سأل أبا عبداللّه عليه السلام وأنا عنده عن رجل (1) يتقلّد السيف ويصلّي فيه ؟ فقال: نعم، فقال الرجل : إنّ فيه الكيمخت ! فقال : و ما الكيمخت ؟ [ فقال: ] (2) جلود دوابّ منه ما يكون ذكيًّا و منه ما يكون ميتة، فقال: ما علمت أنّه ميتة فلا تصلّ فيه (3).

والموثّق المرويّ في الفقيه والتهذيب عن سماعة قال: سألت أبا عبداللّه عليه السلام عنتقليد السيف في الصلاة فيه الغراء والكيمخت (4)، فقال: لا بأس ما لم تعلم أنّهميتة (5).

و يقرب منه الموثّق المرويّ في باب : « الذبائح والأطعمة » من التهذيب، عن سماعة قال : سألته عن أكل الجبن و تقليد السيف و فيه الكيمخت والغراء، فقال: لابأس ما لم تعلم أنّه من الميتة (6).

ص: 68


1- . في المصدر : الرجل .
2- . ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر .
3- . تهذيب الأحكام : 2 / 368 ح 62 .
4- . الغراء ككتاب : شيء يتّخذ من أطراف الجلود يلصق به، و ربّما يعمل من السمك ؛ والغرا كالعصا لغة مجمع البحرين : 1 / 315 . والكيمخت بالفتح فالسكون، فسّر بجلد الميتة المملوح، و قيل : هو الصاغري المشهور ( انظر مجمع البحرين : 2 / 441 ).
5- . كتاب من لايحضره الفقيه : 1 / 265 ح 815 ؛ وتهذيب الأحكام : 2 / 205 ح 8.
6- . تهذيب الأحكام : 9 / 78 ح 66 .
الجواب عن المستند للقول الثاني

والجواب أمّا عن أصالة الطهارة، فإنّ التعويل عليها مشروطٌ بانتفاء النصّ علي خلافها و قد عرفته .

و أمّا عن النصوص المذكورة، فإنّ مدلولها خارجٌ عن محلّ الكلام، إذ الجلود المأخوذة من أسواق المسلمين - كالجلود الّتي في بلاد الإسلام الّتي فيها آثار استعمالهم - يجوز استعمالها في الصلاة و غيرها علي القولين، كما علمت جملة من عباراتهم السالفة، و ستقف علي النصوص الواردة في المسألة .

و قد نبّهنا أنّ الثمرة إنّما تظهر في الجلود المطروحة في بلاد الإسلام الّتي لم يظهر فيها آثار الاستعمال، فإنّه علي القول الثاني لايجب الاجتناب عنها، بخلافه علي القول الأوّل، و هو المختار، فلا يجوز استعمال الجلود إلاّ مع ثبوتالتذكية، لكن ثبوتها قد يكون بالعلم، و قد يكون بالظنّ المستند إلي قول العدلين، بل العدل الواحد، و قد يكون بوجودها في أسواق المسلمين، فالجلود الموجودة في الأسواق ليست من الميتة .

وإن لم يوجد فيه الأمور المذكورة، يجوز استعمالها مطلقًا إلاّ مع العلم بكونها من الميتة .

والمستند في ذلك نصوص مستفيضة :

منها : الصحيح المرويّ في التهذيب عن الجلود قال: سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن

ص: 69

الخفاف الّتي تباع في السوق، فقال: اشتر و صلّ فيها حتّي تعلم أنّه ميّت بعينه (1).

و منها : الصحيح المرويّ في باب : « ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان » من زياداته، عن البزنطي، عن الرضا عليه السلام قال : سألته عن الخفاف يأتي السوق فيشتري الخفّ لا يدري أذكيّ هو أم لا، ما تقول في الصلاة فيه و هو لا يدري أيصلّي فيه ؟ قال : نعم أنا أشتري الخفّ من السوق و يصنع لي وأصلّي فيه وليس عليكم المسألة (2).

و منها: الصحيح المرويّ في الباب عنه أيضًا قال : سألته عن الرجل يأتيفي (3) السوق فيشتري جبة فراء لايدري أذكيّة هي أم غير ذكيّة أيضًا (4) أيصلّيفيها ؟ فقال : نعم ليس عليكم المسألة، إنّ أبا جعفر عليه السلام كان يقول: إنّ الخوارج ضيّقوا علي أنفسهم لجهالتهم (5)، إنّ الدين أوسع من ذلك (6).

و منها : الصحيح المرويّ في الفقيه عن سليمان بن جعفر الجعفريّ، عن مولانا الكاظم عليه السلام مثله (7).

و منها : الصحيح المرويّ في الكافي عن الحلبي قال: قلت لأبي عبداللّه عليه السلام:

ص: 70


1- . تهذيب الأحكام : 2 / 234 ح 128 .
2- . تهذيب الأحكام : 2 / 371 ح 77 .
3- . « في » لم يرد في المصدر .
4- . « أيضًا » لم يرد في المصدر .
5- . في المصدر : بجهالتهم .
6- . تهذيب الأحكام : 2 / 368 ح 61 .
7- . كتاب من لايحضره الفقيه : 1 / 257 ح 791 .

الخفاف عندنا في السوق نشتريها، فما تري في الصلاة فيها ؟ فقال: صلّ فيها حتّي يقال لك إنّها ميتة بعينه (1).

و منها: ما رواه فيه عن سهل، عن بعض أصحابه، عن الحسن بن الجهم قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام : أعترض السوق فأشتري خفافًا (2) لا أدري أذكيّ هو أم لا ؟ قال: صلّ فيه ؛ قلت : فالنعل ؟ قال: مثل ذلك ؛ قلت : إنّي أضيق من هذا، قال: أترغب عمّا كان أبو الحسن عليه السلام يفعله (3).و لايخفي أنّ النصوص المذكورة وإن وردت في أمور مخصوصة - كالخفّ والفرو والنعل - لكنّ الظاهر مشاركة غيرها معها في ذلك .

و يرشدك إليه - مضافًا إلي انتفاء الفرق والفارق - قوله عليه السلام : « و ليس عليكمالمسألة » إلي آخره، فصحّة الصلاة في الجلود الموجودة في الأسواق ممّا لاينبغي التأمّل فيه في الجملة .

ص: 71


1- . في المصدر : بعينها ؛ الكافي : 3 / 403 ح 28 .
2- . في المصدر : خفًّا .
3- . الكافي : 3 / 404 ح 31 .

الاحتمالات المتصوّرة في المقام

اشارة

وإن أردت تنقيح المقام فاستمع لما أتلو عليك، فنقول: تحقيق الحال يستدعي أن يقال: إنّ السوق إمّا مختصّ بالمسلمين، أو بالكفّار، أو مشترك بينهما .

و علي تقدير الاشتراك إمّا يكون المسلمون أكثر من الكفّار، أو بالعكس، أو هما متساويان .

و علي جميع التقادير إمّا يكون الجلد في يد من علم إسلامه، أو كفره، أو مجهول الحال، فالاحتمالات خمسة عشر .

و علي جميع التقادير إمّا يحصل الظنّ بكون الجلد من مذكّي المسلمين، أو من غيره، أو لا هذا و لا ذاك، فالأقسام خمسة و أربعون، خمسة عشر منها فيما إذا كان الجلد في يد من علم إسلامه، و خمسة عشر منها فيما إذا كان في يد من علم كفره، و خمسة عشر منها فيما إذا كان في يد مجهول الحال .

ثمّ علي تقدير كونه في يد معلوم الإسلام إمّا أنّ المسلم ممّن لايقول باستعمال الميتة بالدباغة و لا باستحلال ذبيحة أهل الكتاب، أو يقول بذلك، أو لا هذا ولا ذاك، فالأقسام خمسة و سبعون .

و علي جميع التقادير إمّا أن يخبر ذو اليد بأنّه من ذبيحة المسلمين، أو من غيرها، أو لا هذا و لا ذاك، فالأقسام مائتان و خمسة و عشرون .

ص: 72

هذا كلّه فيما إذا كان في السوق، و هكذا الحال فيما إذا كان في غيره، فالأقسام أربعمائة و خمسون .

و نحن نتكلّم في جملة من هذه الأقسام علي وجه يتّضح الحال لدي أولي الفضل والأعلام، فنقول :

القسم الأوّل:

الأوّل : هو ما إذا كان الجلد في يد من علم إسلامه وأنّه ممّن لم يقل باستحلال استعمال الميتة بالدباغة، و لا باستحلال ذبيحة أهل الكتاب في السوق المختصّ بالمسلمين، وكان المظنون أنّه من ذبيحتهم، وأخبر ذواليد بأنّه منها أيضًا .

و هذا القسم ممّا يقطع بجواز استعماله في الصلاة و غيرها ؛ والظاهر أنّه ممّا أطبق عليه الأصحاب ؛ و يدلّ عليه جميع النصوص الواردة في الباب، و ليس فيه إلاّ منافاته لقوله عليه السلام في الموثّقة المتقدّمة : « فإن كان ممّا يؤكل لحمه فالصلاة في وبره و بوله و شعره و روثه وألبانه و كلّ شيء منه جائز (1) إذا علمت أنّه ذكيّ » (2).

لكنّ اللازم إمّا تخصيص المفهوم فيه بغير ما نحن فيه، للنصوص المتقدّمة، أو حمل العلم فيه علي ما يعمّ الظنّ ؛ والأوّل وإن كان تخصيصًا، لكنّ الثاني أولي، لئلاّ

ص: 73


1- . في المصدر : جائزة .
2- . الكافي : 3 / 397 ح 1 ؛ وتهذيب الأحكام : 2 / 209 ح 26 .

يلزم التخصيص بإخراج أكثر الأفراد .

والحاصل : انّ رفع المنافات يمكن إمّا بارتكاب التخصيص في المفهوم، أو التجوّز في المنطوق، و هو أولي لما ذكر .

لكن يمكن أن يقال : إنّه علي تقدير الثاني لا محيص عن شبهة التخصيص في كلّ من المنطوق والمفهوم أيضًا، أمّا في الأوّل فلأنّ مقتضي المنطوق حينئذٍ أنّه إذا حصل الظنّ بكونه من المذكّي يجوز الصلاة فيه ؛ و هو أعمٌّ من أن يكون الجلد في يد الكافر ولو في سوق الكفر، أو لا .

و أمّا في الثاني فلأنّ مقتضي المفهوم حينئذٍ أنّه إذا لم يحصل الظنّ بكونه من المذكّي لا يجوز الصلاة فيه ؛ و هو أعمٌّ من أن يكون ذلك في سوق المسلمين، أو لا ؛ و ستقف علي الكلام في كلّ من المقامين .

القسم الثاني:

الثاني : مثل الأوّل إلاّ في الإخبار من ذي اليد، بمعني أنّه لم يتحقّق الإخبار منه بأنّه من المذكّي .

والظاهر أنّ جواز الاستعمال ولو في الصلاة فيه أيضًا ممّا لاينبغي الإشكال فيه .

و لعلّ الظاهر من كلام شيخ الطائفة في المبسوط خلافه حيث قال :

ص: 74

من اشتري جلدًا علي أنّه مذكّي جاز أن يصلّي فيه، وإن لم يكن كذلك إذا اشتري ذلك من أسواق (1) المسلمين ممّن لايستحلّ الميتة، ولايجوز شراؤها ممّن يستحلّ ذلك، أو كان متّهمًا فيه (2).

بناءً علي أنّ الظاهر أنّ المراد من قوله : « علي أنّه مذكّي » صدور الإخبار من البائع بذلك، و مقتضي تعليق الجواز بذلك انتفاؤه عند انتفائه .

و كان مستنده ما رواه في الكافي عن محمّد بن الحسين الأشعريّ قال: كتب بعض أصحابنا إلي أبي جعفر الثاني عليه السلام : ما تقول في الفرو يشتري من السوق ؟ فقال: إذا كان مضمونًا فلا بأس (3).

قال في الوافي :

يعني : إذا ضمن البائع ذكاته (4).

وجه الدلالة هو : أنّ الظاهر أنّ المراد : ما تقول في لبس الفرو الّذي يشتري من السوق أو الصلاة فيه ؟ و علي التقديرين يتمّ المراد، لأنّه عليه السلام علّق نفي البأس عن ذلك بضمان البائع، أي : إخباره بالتذكية ؛ و مقتضي ذلك ثبوته عند عدمه، وهو المطلوب.والجواب عنه هو : أنّه معارضٌ بما هو صريحٌ في الجواز من غير حاجة إلي

ص: 75


1- . في المصدر : سوق .
2- . المبسوط : 1 / 83 .
3- . الكافي : 3 / 398 ح 7 .
4- . الوافي : 17 / 286 .

الاستخبار والإخبار، كالصحيح المرويّ في الفقيه عن سليمان بن جعفر الجعفريّ أنّه سأل العبد الصالح موسي بن جعفر عليهماالسلام عن الرجل يأتي السوق، فيشتري جبّة فراء لايدري أذكيّة هي أم غير ذكيّة، أيصلّي فيها ؟ قال : نعم، ليس عليكم المسألة، إنّ أبا جعفر عليه السلام كان يقول : إنّ الخوارج ضيّقوا علي أنفسهم بجهالتهم، إنّ الدين أوسع من ذلك (1).

و مثله صحيحة البزنطي المتقدّمة، و يقرب منه صحيحته الأخري السالفة .

والرواية المذكورة غير صالحة للمعارضة من وجوه عديدة ظاهرة، فلابدّ من طرحها بالمرّة، أو حملها علي موضع التهمة، أو علي الرجحان والأولويّة بمعني أنّ الاستعمال حال الاستخبار والإخبار بالتذكية أولي، و فيه تأمّل .

القسم الثالث:

اشارة

الثالث : هو ما إذا كان الجلد في سوق المسلمين في يد المسلم الّذي علم أنّه لايقول بطهارة الميتة بالدباغة، و لا بحلّية ذبيحة أهل الكتاب، ولم يخبر ذو اليد بأنّه من ذبيحة المسلمين، و لا ظنّ ذلك أيضًا .

والظاهر من شيخ الطائفة في المبسوط عدم جواز الصلاة فيه، و قد سمعت عبارته (2).

ص: 76


1- . كتاب من لايحضره الفقيه : 1 / 257 ح 791 .
2- . انظر المبسوط : 1 / 83 .

و لعلّه الظاهر من العلاّمة في نهاية الإحكام والتذكرة، قال في الأوّل :

شرطنا في المسلم عدم استباحته الميتة (1)، ليحصل ظنّ التذكية، إذ الأصل الموت، ولا معارض له حينئذ (2).

و في الثاني :

و إنّما اعتبرنا في المسلم انتفاء استباحته للميتة (3)، ليحصل الظنّ بالتذكية، إذ لا فرق في انتفاء الظنّ بين المستبيح من المسلم والكافر، انتهي (4).

والظاهر منهما أنّ المناط في استعمال الجلود ظنّ التذكية، وحيث انتفي انتفي، والمفروض انتفاء الظنّ فيما نحن فيه، فلا يجوز الاستعمال .

إن قلت : إنّ هذا الفرض محال، لظهور حصول الظنّ بالتذكية في الفرض المفروض.

قلنا : دعوي الاستحالة ممّا لا شبهة في فسادها، لوضوح أنّه قد يظهر من عدم مبالات بعض من أفراد المسلمين عدم الاجتناب عمّا هو فوق ذلك، فلا يستبعد بالإضافة إلي حاله أن يتعدّي لمبايعته جلد الميتة .

ص: 77


1- . في المصدر : للميتة .
2- . نهاية الإحكام : 1 / 373 .
3- . « للميتة » لم يرد في المصدر .
4- . تذكرة الفقهاء : 2 / 464 .
المستند في عدم الجواز

والمستند فيه - مضافًا إلي رواية محمّد بن الحسين الأشعري - قوله عليه السلام في الموثّق المتقدّم : « إذا علمت أنّه ذكيّ » (1) ؛ بناءً علي أنّ مقتضي المفهوم منه - بعد حمل العلم علي الظنّ - عدم جواز الصلاة في الجلد عند انتفاء الظنّ بالتذكية .

و يمكن الجواب عنه بأنّ مقتضي ما ذكر وإن كان ذلك، لكنّ النصوص المتقدّمة الدالّة علي جواز الصلاة في الجلود المأخوذة من الأسواق عامّة شاملة لصورة الشكّ بالتذكية أيضًا، لوضوح أنّ مقتضي صحيحة الحلبي - قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلامعن الخفاف الّتي تباع في السوق، فقال: اشتر و صلّ فيه حتّي تعلم أنّه ميّت (2) - جواز الصلاة إلاّ حال العلم بكون الجلد من الميتة ؛ و هو أعمّ من أن يكون التذكية مظنونة، أو لا .

و مثلها صحيحته الأخري قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : الخفاف عندنا في السوق نشتريها، فما تري في الصلاة فيها ؟ فقال: صلّ فيها حتّي يقال لك إنّها ميتة بعينه (3).

و يدلّ عليه أيضًا صحيحة البزنطي المتقدّمة عن الرضا عليه السلام قال: سألته عنالخفاف يأتي السوق، فيشتري الخفّ لايدري أذكيّ هو أم لا، ما تقول في الصلاة

ص: 78


1- . الكافي : 3 / 397 ح 1 .
2- . في المصدر : أنّه ميّت بعينه ؛ تهذيب الأحكام : 2 / 234 ح 128 .
3- . في المصدر : بعينها ؛ الكافي : 3 / 403 ح 28 .

فيه و هو لا يدري أيصلّي فيه ؟ قال : نعم، أنا أشتري الخفّ من السوق و يصنع لي وأصلّي فيه وليس عليكم المسألة (1).

لظهور أنّ قوله : « لا يدري أذكيّ هو أم لا » يشمل صورة عدم الظنّ أيضًا ؛ وحكمه عليه السلام بالجواز من غير تفرقة بين الاحتمالات دليلُ ثبوت الحكم في الجميع، وهو المطلوب .

و أوضح منها صحيحته الأخري و صحيحة سليمان بن جعفر الجعفريّ المتقدّمتان ؛ و رواية محمّد بن الحسين الأشعري غير صالحة للمعارضة من وجوه ظاهرة .

و أمّا الموثّق المذكور فنقول : إنّه أعمّ من أن يكون الجلد مأخوذًا من سوق المسلمين و غيره، فمقتضاه عدم جواز الصلاة إلاّ مع العلم أو الظنّ بالتذكية فيهما، لكن لابدّ من حمله علي الثاني للصحاح المذكورة و غيرها، أو يقال : إنّ المورد في الصحاح المذكورة الخفّ والفرو، فيحمل الموثّق علي غيرهما، لكنّ الظاهر انتفاء الفارق، فالجواب الأوّل متعيّن .

إن قيل : إنّ حمل الموثّقة المذكورة علي غير السوق يفتقر إلي شاهد، وليس ؛ و رفع المنافات بينها و بين النصوص المذكورة و غيرها غير منحصر في ذلك، لإمكان أن يقال : إنّ الموثّق المذكور ظاهرٌ في اعتبار العلم و نصٌّ في اعتبارالرجحان ؛ والنصوص المذكورة صريحةٌ في عدم توقّف الاستعمال علي العلم وظاهرةٌ في جواز الاستعمال في صورة الشكّ بالتذكية، والقاعدة تقتضي رفع اليد

ص: 79


1- . تهذيب الأحكام : 2 / 371 ح 77 .

عن ظاهر كلّ منهما بملاحظة نصّ الآخر، والمتحصّل منه اعتبار الظنّ بالتذكية مطلقًا ولو في الجلود المأخوذة من الأسواق .

قلنا : هذا جمع متين، لكن مبنيّ علي الالتفات إلي بعض النصوص الواردة فقط، مثل قوله : « لا يدري أذكيّ هو أم لا » ؛ و أمّا بعد الالتفات إلي الجميع فلا، إذ من

جملتها قوله عليه السلام : « اشتر و صلّ فيها حتّي تعلم أنّه ميّت »، و هو كالصريح في جواز الصلاة ولو في صورة الشكّ، فتقييد الموثّقة بغير السوق أولي، فتأمّل .

القسم الرابع:

الرابع : مثل الثالث، لكن مع الإخبار من ذي اليد بالتذكية .

والجواز فيه أقوي من الثالث، لكونه مدلولاً عليه بالنصوص المذكورة، و رواية محمّد بن الحسين الأشعري أيضًا كما لا يخفي .

والخلاف إنّما يتوهّم من كلام العلاّمة، و أمّا الشيخ فلا، إذ المفروض تحقّق الإخبار من ذي اليد بالتذكية .

و مستند المنع مع الجواب عنه يظهر ممّا بيّناه في الثالث كما لايخفي .

والمتحصّل ممّا ذكر أنّه يكفي في الحكم باستعمال الجلود الموجودة فيالأسواق احتمال التذكية، فعدم الظنّ بالتذكية غير مضرّ ؛ و هذا هو الظاهر من المحقّق والشهيد و غيرهما، قال في المعتبر :

ص: 80

و يكفي في الحكم بذكاة ما لم يعلم أنّه ميتة وجوده في يد مسلم، أو في سوق المسلمين، أو في بلد الغالب فيه المسلمون (1).

و في الذكري :

والمبطل للصلاة فيه علم كونه ميتة، أو الشكّ إذا وجد مطروحًا (2).

إلي آخر ما قدّمناه عنه .

إن قيل : يمكن الاستدلال لاعتبار المظنّة بالموثّق المرويّ في باب : «اللباس» من زيادات التهذيب، عن إسحاق بن عمّار، عن العبد الصالح عليه السلام أنّه قال : لابأس بالصلاة في الفرو (3) اليمانيّ و فيما صنع في أرض الإسلام ؛ قلت له : فإن كان فيها غير أهل الإسلام ؟ قال: إذا كان الغالب عليها المسلمين (4) فلا بأس (5).

لظهور أنّ اعتبار غلبة الإسلام إنّما هو لتحصيل الظنّ بكون الجلد من مصنوعأهل الإسلام، فلو كان احتمال التذكية كافيًا، لما حاجة إلي ذلك كما لايخفي .

قلنا: اعتبار الظنّ بكون الجلد من مصنوع أهل الإسلام غير اعتبار الظنّ بكونهمن ذبيحتهم، والكلام إنّما هو في ذلك .

و علي فرض تسليم استلزامه له نقول : إنّه معارضٌ بصحيحة الحلبي المتقدّمة،

ص: 81


1- . المعتبر : 2 / 78 .
2- . ذكري الشيعة : 3 / 28 .
3- . في المصدر : القز .
4- . في المصدر : المسلمون .
5- . تهذيب الأحكام : 2 / 368 ح 64 .

لقوله

عليه السلام فيها : « اشتر و صلّ فيها حتّي تعلم أنّه ميتة (1) » (2) ؛ لوضوح أنّ المستفاد منه أنّ المناط في الاجتناب حصول العلم بكونه من الميتة، و مقتضاه جواز الصلاة حال عدم العلم بذلك، سواء ظنّ بالتذكية أم لا .

والتعارض بينهما من تعارض الظاهرين والعموم من وجه، فلابدّ من الرجوع إلي الترجيح، و هو مع الصحيح، لقوّة الدلالة والصحّة واعتضاده بكثير من النصوص المعتبرة، فلابدّ من حمل الموثّق علي الجلد المأخوذ من غير السوق، كما قلناه في موثّقة ابن بكير السالفة .

والمتحصّل ممّا ذكر : اعتبار الظنّ بالتذكية فيما إذا كان الجلد من غير السوق من بلاد المسلمين، و أمّا فيه فلا .

و يتوجّه عليه : انّ اعتبار المظنّة في غير السوق ينافيه ما رواه ثقة الإسلام في باب النوادر من كتاب الأطعمة من الكافي عن السكوني، عن أبي عبداللّه عليه السلام: انّ أميرالمؤمنين - صلوات اللّه عليه - سئل عن سفرة وجدت في الطريق مطروحة كثير لحمها و خبزها و بيضها و جبنها و فيها سكين، فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: يقوم مافيها ويؤكل (3)، لأنّه يفسد وليس له بقاء، فإن جاء لها (4) طالبها غرموا له الثمن.قيل له (5) : يا أميرالمؤمنين لا ندري (6) سفرة مسلم أو سفرة مجوسيّ، فقال : هم

ص: 82


1- . في المصدر : ميّت بعينه .
2- . تهذيب الأحكام : 2 / 234 ح 128 .
3- . في المصدر : ثمّ يؤكل .
4- . « لها » لم يرد في المصدر .
5- . « له » لم يرد في المصدر .
6- . في المصدر : لا يدري .

في سعة حتّي يعلموا (1).

إلاّ أن يقال بالتفرقة بين الأكل والاستعمال في الصلاة، بناءً علي أنّ مقتضي الموثّقتين المذكورتين اعتبار مظنّة التذكية لجواز الصلاة، و غاية ما يستفاد من هذا الحديث : جواز الأكل إلاّ إذا علم بكون اللحم من الميتة .

و علي تقدير انتفاء القائل بالتفرقة نقول : إنّ إطلاق هذا الحديث مقيّد بصورة الظنّ بالتذكية لما ذكر .

مضافًا إلي أنّ ضعف سند الحديث بالنوفلي - و هو الحسين بن يزيد (2) - والراوي يقدح في الركون عليه .

القسم الخامس:

الخامس : أن يكون الجلد في سوق المسلمين في يد المسلم الغير المستبيح

أيضًا، لكن مع إخبار ذي اليد بكونه من غير المذكّي .والحكم في ذلك أنّه إن حصل العلم من قوله فلا إشكال، و إلاّ ففيه إشكال من قوله عليه السلام في صحيحة الحلبي المتقدّمة : « اشتر و صلّ فيها حتّي تعلم أنّه

ص: 83


1- . الكافي : 6 / 297 ح 2 .
2- . انظر الفهرست : 303 ؛ و خلاصة الأقوال : 339 .

ميتة (1) » (2)، والمفروض انتفاء العلم ؛ و من قوله عليه السلام في صحيحته الأخري : « صلّ فيها حتّي يقال لك إنّها ميتة بعينه » (3)، والمفروض تحقّق القول بذلك .

و يمكن أن يقال : إنّ التعارض بين الثاني والأوّل من تعارض المطلق والمقيّد، بناءً علي أنّ القول أعمّ من أن يكون مفيدًا للعلم أم لا، فيحمل علي الأوّل لقوله

عليه السلام: « حتّي تعلم أنّه ميتة ».

و هنا احتمال آخر، و هو التفصيل بين كون ذي اليد المخبر ثقة و غيره، فيحكم بعدم الجواز في الأوّل دون الثاني، أمّا الثاني فلما ذكر من قوله عليه السلام: « حتّي تعلم أنّه ميتة »، وأمّا الأوّل فللصحيح المرويّ في باب الغرر من تجارة التهذيب عن صفوان، عن عبدالرّحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الفراء اشتريه

من الرجل الّذي لعلّي لا أثق به (4)، علي أنّها ذكيّة أبيعها علي ذلك ؟ فقال: إن كنتلاتثق بها فلا تبعها علي أنّها ذكيّة، إلاّ أن تقول: قد قيل لي أنّها ذكية (5).

وجه الدلالة هو : أنّ مقتضي المفهوم منه هو أنّه إن كان المخبر بالتذكية ثقة، يجوز الاكتفاء بقوله في التذكية ؛ و معلوم أنّ الاكتفاء بقول الثقة في التذكية الّتي هيمخالفة للأصل يدلّ علي الاكتفاء بقوله في عدم التذكية الّتي هي موافقة للأصل بطريق أولي كما لايخفي، فعلي هذا يختصّ المفهوم في الصحيح المذكور الدالّ

ص: 84


1- . في المصدر : ميّت بعينه .
2- . تهذيب الأحكام : 2 / 234 ح 128 .
3- . في المصدر : بعينها ؛ الكافي : 3 / 403 ح 28 .
4- . في المصدر : لعلّي أثق به .
5- . تهذيب الأحكام : 7 / 133 ح 57 .

علي جواز الصلاة فيما إذا لم يحصل العلم بكونه من الميتة في غير الصورة المفروضة .

والمتحصّل ممّا ذكر : عدم جواز الصلاة في الجلد مع إخبار ذي اليد الثقة بعدم التذكية ولو لم يفد قوله العلم، و جوازها فيه فيما إذا لم يعلم أنّه من الميتة ولو مع

إخبار ذي اليد الغير الثقة بعدم كونه من المذكّي، لعموم قوله عليه السلام : « صلّ فيها حتّي تعلم أنّه ميتة بعينه ».

و لك أن تقول : إنّ مقتضي المفهوم منه و إن كان ذلك، لكنّه معارض لقوله عليه السلام في الصحيح الآخر : « صلّ فيها حتّي يقال لك إنّها ميتة » (1) ؛ لوضوح أنّه أعمّ من أن يكون قول القائل مفيدًا للعلم، أو لا .

والتعارض بينه و بين الصحيح الآخر يكون من تعارض الظاهرين والعموم من وجه، لا العموم مطلقًا، لوضوح أنّ مقتضي قوله عليه السلام : « صلّ فيها حتّي تعلم أنّه ميتة »، جواز الصلاة في الجلد مع انتفاء العلم بكونه من الميتة، سواء أخبر ذواليد بعدم التذكية أو لا، فلابدّ من الرجوع إلي الترجيح، و هو مع الدالّ علي الاجتناب، لظهور أنّ البراءة اليقينيّة الّتي استدعي الاشتغال اليقينيّ لايحصل مع الإخبار بعدم

التذكية .و للاعتضاد بأصالة عدم التذكية، و بما يؤمي إليه الصحيحان السالفان المرويّان عن البزنطي و سليمان بن جعفر الجعفريّ، لقوله عليه السلام فيهما : « ليس عليكم المسألة،

ص: 85


1- . في المصدر : ميتة بعينها ؛ الكافي : 3 / 403 ح 28 .

إنّ الخوارج ضيّقوا علي أنفسهم » (1) ؛ لوضوح أنّ الضيق إنّما يترتّب علي السؤال إذا تعيّن قبول الجواب بعد السؤال، لظهور أنّ مع عدم تعيّن القبول لا ضيق .

و لكونه هو المقطوع به في كلمات جماعة من الأصحاب، قال في الذكري :

لو وجد في يد مستحلّ بالدبغ، ففيه صور ثلاث، الأولي : أن يخبر بأنّه ميتة، فليجتنب، لاعتضاده بالأصل من عدم الذكاة ؛ الثانية : أن يخبر بأنّه مذكّي، فالأقرب القبول (2).

و ذكر الأقرب في الثاني يؤمي إلي انتفاء الخلاف في الأوّل، فإذا ثبت ذلك في المستحلّ ففي غير المستحلّ بطريق أولي .

و قد صرّح بذلك في آخر المبحث حيث قال :

تنبيهٌ : هذه الصور الثلاث آتية في غير المستحلّ (3).

و في البيان :

و في الأخذ من مسلم يعلم منه استحلال الميتة بالدباغ وجه بالمنع، إلاّأن يخبر بالذكاة، فيقبل علي الأقرب، وأقوي في الجواز إذا جهل حاله في الاستحلال . و لو علم منه إباحة ذبيحة الكتابيّ، فالظاهر أنّه كالعلمباستحلال المدبوغ من الميتة، والوجه الحكم بالطهارة مطلقًا، إلاّ أن يخبر بخلافه (4).

ص: 86


1- . كتاب من لايحضره الفقيه : 1 / 257 ح 791 .
2- . ذكري الشيعة : 3 / 29 .
3- . ذكري الشيعة : 3 / 30 .
4- . البيان : 120 .

و في المدارك :

المعتمد القول بالطهارة (1) مطلقًا، إلاّ أن يخبر ذواليد بعدم التذكية (2).

و قال الفاضل جمال الدين الخوانساري :

و ينبغي أن يقيّد بما إذا لم يخبر ذو اليد بكونه ميتة، سواء أخبر بالتذكية، أم سكت، فإنّه إذا أخبر بذلك، فالظاهر أنّه لا خلاف في أنّه يحكم عليه بالميتة وإن لم يعلم صدقه (3).

وقد عرفت أنّ مقتضي كلام المبسوط عدم جواز الصلاة مع عدم الإخبار بالتذكية ؛ و كيف مع الإخبار بخلافها، فالقول بالاجتناب متعيّن .

هذا كلّه فيما إذا حصل الظنّ من قول المخبر، أو لم يحصل، لكن لم يكن خلافه مظنونًا ؛ و أمّا معه فالّذي يظهر من العلاّمة - أحلّه اللّه تعالي محلّ الكرامة - في النهاية والتذكرة جواز الاستعمال حينئذ، قال في النهاية :و إنّما شرطنا (4) في المسلم عدم استباحته الميتة (5)، ليحصل ظنّالتذكية (6).

ص: 87


1- . في المصدر: والمعتمد جواز استعماله .
2- . مدارك الأحكام : 3 / 158 .
3- . التعليقات علي شرح اللمعة الدمشقيّة : 192 .
4- . في المصدر : و شرطنا .
5- . في المصدر : للميتة .
6- . نهاية الإحكام : 1 / 373 .

و في التذكرة :

و انّما اعتبرنا في المسلم انتفاء استباحته للميتة (1)، ليحصل الظنّ بالتذكية (2).

إذ الظاهر منهما أنّ المناط في استعمال الجلود الظنّ بكونها من المذكّي، والمفروض تحقّقه فيما نحن فيه .

و لعلّ الوجه في ذلك هو : أنّ الفرض المذكور من الفروض النادرة، فلا ينصرف إليه الإطلاق في قوله عليه السلام في الصحيح المتقدّم : « صلّ فيها حتّي يقال لك إنّها ميتة (3) » ؛ فيبقي العمومات الدالّة علي جواز استعمال الجلود الموجودة في أسواق المسلمين سالمة عمّا يصلح للمعارضة، كقوله عليه السلام في الصحيح المتقدّم : « اشتر و صلّ فيها حتّي تعلم أنّه ميّت » (4).

و قوله عليه السلام في موثّقة سماعة المتقدّمة حيث سئل عن الصلاة مع تقليد السيفالّذي فيه الغراء والكيمخت (5) : « لا بأس ما لم تعلم أنّه ميتة » (6).

ص: 88


1- . « للميتة » لم يرد في المصدر .
2- . تذكرة الفقهاء : 2 / 464 .
3- . في المصدر : ميتة بعينها ؛ الكافي : 3 / 403 ح 28 .
4- . تهذيب الأحكام : 2 / 234 ح 128 .
5- . الغراء ككتاب : شيء يتّخذ من أطراف الجلود يلصق به، وربما يعمل من السمك ؛ والغرا كالعصا لغة مجمع البحرين : 1 / 315 . والكيمخت بالفتح فالسكون، فسّر بجلد الميتة المملوح، و قيل : هو الصاغري المشهور ( انظر مجمع البحرين : 2 / 441 ).
6- . كتاب من لايحضره الفقيه : 1 / 265 ح 815 ؛ وتهذيب الأحكام : 2 / 205 ح 8.

و قوله عليه السلام في الصحيح المتقدّم عن عبداللّه بن مسكان - و هو من أصحاب الإجماع - عن عليّ بن أبي حمزة : « أنّ رجلاً سأل أبا عبداللّه عليه السلام وأنا عنده عن الرجل يتقلد السيف و يصلّي فيه ؟ فقال : نعم ؛ فقال الرجل : أنّ فيه الكيمخت ! فقال: و ما الكيمخت ؟ فقال: جلود دوابّ منه ما يكون ذكيًّا و منه ما يكون ميتة، فقال: ما علمت أنّه ميتة، فلا تصلّ فيه » (1).

و منه يظهر الحال في الكلمات السالفة من محقّقي الأصحاب الناطقة بوجوب الاجتناب فيما لو أخبر ذو اليد بعدم التذكية .

القسم السادس:

اشارة

السادس : أن يكون الجلد في يد المسلم الغير المستحلّ في البلد المختصّ

بالمسلم مع الإخبار من ذي اليد بالتذكية والظنّ بها أيضًا .

و هذا ممّا لاينبغي التأمّل في جواز استعماله في الصلاة و غيرها، والظاهر أنّه ممّا لا خلاف فيه، عدا ما يظهر من الكلام المتقدّم من شيخ الطائفة في المبسوط، وهو قوله :من اشتري جلدًا علي أنّه مذكّي جاز أن يصلّي فيه، وإن لم يكن كذلك إذا اشتري ذلك من أسواق (2) المسلمين ممّن لايستحلّ الميتة (3).

ص: 89


1- . تهذيب الأحكام : 2 / 368 ح 62 .
2- . في المصدر : سوق .
3- . المبسوط : 1 / 83 .

حيث علّق الجواز فيه علي ما إذا اشتراه من أسواق المسلمين، و مقتضاه انتفاء الجواز في صورة انتفاء اشترائه من الأسواق، والمأخوذ في البلد المختصّ بالمسلم كذلك .

و مثله الحال كلامه في النهاية حيث قال :

فإن لم يعلم أنّه مذكّي، فلا بأس بشرائه من أسواق المسلمين ممّن لايستحلّ الميتة (1).

لكنّ الظاهر أنّه غير مراد من الكلام، بل المراد منه الاحتراز عمّا أخذ من سوق الكفّار، فالاحتراز بالمضاف إليه لا بالمضاف إليه أيضًا .

و منه يظهر الحال في بعض العبارات الأخر المضاهية لما ذكر .

المستند في الجواز

والمستند في الجواز - مضافًا إلي ما عرفت من أنّ الظاهر انتفاء الخلاف فيه -الموثّق المتقدّم، و هو قوله عليه السلام : « لابأس بالصلاة في الفرو (2) اليمانيّ و فيما صنعفي أرض الإسلام ؛ قلت : فإن كان فيها غير أهل الإسلام ؟ قال: إذا كان الغالب عليها المسلمين (3) فلا بأس » (4).

ص: 90


1- . النهاية : 97 .
2- . في المصدر : القز .
3- . في المصدر : المسلمون .
4- . تهذيب الأحكام : 2 / 368 ح 64 .

إن قيل : إنّ غاية ما يستفاد منه جواز الصلاة فيما علم أنّه مصنوعٌ في أرض الإسلام، و لايلزم أن يكون الأمر فيما نحن فيه كذلك، لأنّه يمكن أن يكون الجلد في يد المسلم في البلد المختصّ بالمسلم و لايعلم أنّه مصنوعٌ في أرض الإسلام.

قلنا : إنّ القطع بكونه من المصنوع في أرض الإسلام مع القطع بكونه من ذبيحة الكفّار لايجدي قطعًا، كما أنّه لايضرّ القطع بكونه من المصنوع في أرض الكفّار مع القطع بكونه من ذبيحة المسلم، و هو ظاهر، فنقول : إنّ اكتفائه عليه السلام في صورة الاشتراك بغلبة المسلمين دليلٌ علي الاكتفاء بظنّ كونه من ذبيحة المسلمين، كما لايخفي علي المتأمّل، والمفروض تحقّقه فيما نحن فيه، فتأمّل .

و يدلّ عليه أيضًا الصحيح المرويّ في الفقيه عن جعفر بن محمّد بن يونس : أنّ أباه كتب إلي أبي الحسن عليه السلام يسأله عن الخفّ والفرو (1) ألبسه وأصلّي فيه و لا أعلم أنّه ذكيّ ؟ فكتب : لا بأس (2).فإنّ ترك الاستفصال بين كون الفرو مثلاً مأخوذًا من السوق و غيره، يفيد ثبوت الحكم في الصورتين و قد صرّح بعدم العلم بالتذكية، فشموله لصورة الظنّ ممّايقطع به .

و كذا العموم المستفاد من التعليل المستفاد من قوله عليه السلام في الصحيحتين المتقدّمتين : « ليس عليكم المسألة، إنّ الدين أوسع من ذلك » (3).

ص: 91


1- . في المصدر : الفرو والخفّ .
2- . كتاب من لايحضره الفقيه : 1 / 258 ح 793 .
3- . كتاب من لايحضره الفقيه : 1 / 257 ح 791 ؛ و تهذيب الأحكام : 2 / 368 ح 61 .

و يمكن الاحتجاج أيضًا بصحيحة عبدالرّحمن بن الحجّاج المتقدّمة، لترك الاستفصال فيها من كون شراء الفراء من السوق و غيره، فيعمّ القسمين ؛ و دعوي الشيوع والظهور في الأوّل بحيث لا ينصرف إليه العموم المستفاد من ترك الاستفصال ممنوع .

وجه الدلالة هو : انّ الظاهر من السائل أنّه اعتقد جواز بيعه، وإنّما سأل عن بيعها علي أنّها ذكيّة ؛ و قرّره عليه السلام علي جواز البيع و فصّل الإخبار بالتذكية بين كون المخبر ثقة و غيره .

علي أنّا لا نفتقر في إثبات جواز أصل البيع إلي التمسّك بالتقرير، لاستفادته من جوابه عليه السلام، لظهور أنّه عليه السلام إنّما منع عن البيع علي أنّها ذكيّة، لا مطلقًا، بل كلامه عليه السلام

ظاهر الدلالة علي جواز أصل البيع، فلو لم يكن ملحقًا بالتذكية لم يجز ذلك، لعدم جواز بيع الميتة .

مضافًا إلي أنّ الغالب في أمثال الفراء استعمالها في الصلاة و غيرها .

ثمّ نقول : إنّ الرجل البائع في السؤال إمّا أن يكون ممّن يستحلّ استعمال الميتة بالدباغة، أو لا ؛ و علي التقديرين يتمّ المرام، أمّا علي الأوّل فبالأولويّة، وأمّا عليالثاني فظاهر .

إلاّ أن يقال : إنّ الحديث مرويّ في كتاب الصلاة من الكافي، و هو علي ما فيه صريحٌ في أنّ مورده في السوق، فلا يصحّ الاستناد إليه في غيره .

و لك أن تقول : إنّ الحديث في الكافي و إن انتهي سنده إلي عبدالرّحمن بن الحجّاج، لكن في متن الحديث اختلاف، فليلاحظ، فتأمّل .

ص: 92

مضافًا إلي أنّ الحكم مقطوعٌ به في كلمات الأصحاب، و قد تقدّم جملة من عباراتهم.

القسم السابع:

اشارة

السابع : مثل السادس إلاّ في الإخبار من ذي اليد بالتذكية .

والّذي يتوهّم من كلام شيخ الطائفة في المبسوط والنهاية : عدم جواز الصلاة، لقوله في الأوّل :

من اشتري جلدًا علي أنّه مذكّي جاز أن يصلّي فيه (1).

و لقوله فيها الموهم لاختصاص الجواز بما في أسواق المسلمين .

و لعلّ المستند فيه ما تقدّم من رواية محمّد بن الحسين الأشعريّ قال: كتببعض أصحابنا إلي أبي جعفر الثاني عليه السلام : ما تقول في الفرو يشتري من السوق ؟ فقال: إذا كان مضمونًا فلا بأس (2).

بناءً علي أنّ الأمر في الجلود المأخوذة من الأسواق أسهل من غيرها، فإذا لم يجز استعمالها إلاّ مع ضمان البائع للتذكية، ففي غيرها بطريق أولي .

والجواب عنه - بعد الإغماض عمّا فيه من الضعف - هو : أنّ القول بالمفهوم

ص: 93


1- . المبسوط : 1 / 83 .
2- . الكافي : 3 / 398 ح 7 .

فرع القول بالمنطوق، و حيث عرفت عدم إمكانه تبيّن لك الحال .

مختار المؤلّف قدس سره

والحقّ فيه : الجواز أيضًا، والمستند فيه يظهر ممّا تقدّم و ممّا يأتي .

القسم الثامن:

الثامن : أن يكون الجلد في يد المسلم الغير المستحلّ في البلد المختصّ

بالمسلم في غير السوق مع الإخبار من ذي اليد بالتذكية، لكن لم يحصل من قوله الظنّ بها .

القسم التاسع:

اشارة

التاسع : مثله مع انتفاء الإخبار أيضًا

و لعلّ الظاهر من كلام العلاّمة في التذكرة و نهاية الإحكام عدم جواز الاستعمال (1) ؛ و قد أوردنا عبارتهما في القسم الثالث من الأقسام المذكورة .

ص: 94


1- . انظر تذكرة الفقهاء : 2 / 464 ؛ و نهاية الإحكام : 1 / 373 .

وكأنّه الظاهر من المبسوط (1) أيضًا في القسمين من وجه، و في التاسع من وجهين، و من النهاية (2) فيهما من وجه .

و يظهر وجه هذا التفصيل بعد الاطّلاع علي ما نبّهنا عليه في القسم السادس والسابع .

المستند في عدم الجواز

و لعلّ المستند في ذلك قوله عليه السلام في موثّقة ابن بكير السالفة : « فإن كان ممّا يؤكل لحمه فالصلاة في وبره وبوله و شعره و روثه وألبانه و كلّ شيء منه جائز (3) إذا علمت أنّه ذكيّ » (4).وجه الدلالة هو : أنّ مقتضي المفهوم منه - بعد حمل العلم فيه علي الظنّ - عدم جواز الصلاة مع عدم الظنّ بالتذكية ؛ و لمّا لم يمكن المصير إلي مقتضاه علي سبيل الإطلاق، لما عرفت في المباحث السالفة من جواز استعمال الجلود المأخوذ (5) في أسواق المسلمين مطلقًا ولو مع الشكّ بالتذكية، فلابدّ من تقييد الموثّقة المقتضية

لعدم جواز الصلاة مع انتفاء المظنّة بما إذا كانت الجلود مأخوذة في غير أسواق

ص: 95


1- . انظر المبسوط : 1 / 83 .
2- . انظر النهاية : 97 .
3- . في المصدر : جائزة .
4- . الكافي : 3 / 397 ح 1 ؛ وتهذيب الأحكام : 2 / 209 ح 26 .
5- . كذا في المخطوطة .

المسلمين، فالمتحصّل من ذلك عدم جواز الصلاة مع انتفاء المظنّة في التذكية، و ما نحن فيه كذلك .

إن قلت : بعد تقييد الموثّقة بغير الأسواق ما الداعي لصرف العلم عن ظاهره، فلِمَ لايحمل عليه مع أنّ حمل العلم علي الظنّ مجاز ؟

قلنا : إنّ الداعي قوله عليه السلام في الموثّق المتقدّم : « إذا كان الغالب عليها المسلمين (1) فلا بأس » (2)، لوضوح أنّ اعتبار الغلبة إنّما هو لإلحاق المشتبه بالأغلب، ليحصل الظنّ بكونه علي ما يقتضيه قواعد الإسلام ؛ و أرض الإسلام وإن كانت أعمّ من السوق و غيره، لكنّ النصوص المتقدّمة الدالّة علي جواز استعمال الجلود الموجودة في الأسواق إلاّ مع العلم بعدم التذكية مقيّدة للموثّقالمذكور المقتضي لاعتبار المظنّة بغير الأسواق .

فالمتحصّل من جميع ما ذكر : عدم استعمال الجلود المأخوذة من أياديالمسلمين في غير الأسواق من بلاد المسلمين إلاّ مع الظنّ بالتذكية .

إن قيل : مقتضي اعتبار الغلبة في ذيل الموثّق المذكور وإن كان ذلك فيما إذا كان في أرض الإسلام غير أهل الإسلام، و أمّا فيما لم يكن كذلك، بل كان مختصًّا بالمسلمين، فإنّ صدر الموثّق المذكور يدلّ علي جواز الاستعمال مطلقًا ولو مع عدم المظنّة بالتذكية، لقوله عليه السلام : « لابأس بالصلاة في الفرو (3) اليمانيّ و فيما صنع

ص: 96


1- . في المصدر : المسلمون .
2- . تهذيب الأحكام : 2 / 368 ح 64 .
3- . في المصدر : القز .

في أرض الإسلام » (1)، لوضوح عدم اختصاصه بصورة الظنّ بالتذكية .

قلنا : اعتبار المظنّة في صورة الاشتراك دليلٌ علي اعتبارها في صورة الاختصاص أيضًا، و عدم التنبيه إليه لعلّه من جهة كون خلافه نادرًا .

والحاصل : انّ الغالب حصول الظنّ بالتذكية في الجلود الموجودة في أيدي المسلمين في البلاد المختصّة بهم، و أمّا خلافه - كما إذا فرض وجود الجلد في يد بعضهم ممّن لا يبالي أصلاً - فهو و إن كان ممكنًا، لكنّه نادر، فلا ينصرف إليه إطلاق

قوله عليه السلام : « لابأس بالصلاة فيما صنع في أرض الإسلام »، لاسيّما بعد تذييله بما يدلّ علي اعتبار المظنّة كما علمت، فلابدّ في حكم أمثاله من الرجوع إلي مقتضي الأصل، و هو عدم جواز الاستعمال .

ثمّ علي تقدير الإغماض عمّا ذكر و تسليم الإطلاق في موثّقة إسحاق بنعمّار، نقول : إنّ حجّيّة الأدلّة المطلقة مشروطةٌ بانتفاء المقيّد، و هو موجودٌ فيما نحن فيه، لقوله عليه السلام في موثّقة ابن بكير المتقدّمة : « إذا علمت أنّه ذكيّ » (2).توضيح المرام في هذا المقام يستدعي أن يقال : لايخفي المنافات بين الموثّقتين المذكورتين، إذ مقتضي موثّقة ابن بكير عدم جواز الصلاة في الجلود إلاّ مع العلم بالتذكية ؛ و مقتضي موثّقة إسحاق بن عمّار جوازها مع عدمه .

فهي صريحةٌ في عدم اعتبار العلم و ظاهرةٌ - علي فرض التسليم - في عدم اعتبار المظنّة، كما أنّ تلك صريحةٌ في اعتبار الرجحان و ظاهرةٌ في توقّف

ص: 97


1- . تهذيب الأحكام : 2 / 368 ح 64 .
2- . الكافي : 3 / 397 ح 1 .

الاستعمال علي العلم، فاللازم رفع اليد عن ظاهر كلٍّ منهما بمعونة النصّ في الآخر .

فالجمع بينهما توقّف الاستعمال في الجلود المأخوذة في غير أسواق المسلمين علي الظنّ بالتذكية .

مضافًا إلي ما عرفت من إمكان منع شمول موثّقة إسحاق بن عمّار لصورة الشكّ .

و ممّا ذكر يظهر الجواب عن الحسن - بل الصحيح - المرويّ في الفقيه عن جعفر بن محمّد بن يونس : أنّ أباه كتب إلي أبي الحسن عليه السلام يسأله عن الفرو والخفّ ألبسه و أصلّي فيه و لا أعلم أنّه ذكيّ ؟ فكتب : لابأس (1).

بناءً علي أنّ ترك استفصاله عليه السلام بين كون الفرو مثلاً مأخوذًا من السوق و غيره وبين كون المظنون فيه التذكية و غيره، يفيد ثبوت الحكم في الجميع، فإنّ قوله :« لا أعلم أنّه ذكيّ » و إن كان شاملاً لصورة الشكّ أيضًا، لكنّه محمولٌ علي الظنّ للموثّقة المذكورة .

مضافًا إلي أنّ مثل الفرو والخفّ و غيرهما ممّا يعمل في أرض الإسلام لاينفكّ غالبًا عن الظنّ بالتذكية .

إن قيل : يمكن رفع المنافات بين الموثّقتين بنحو آخر، و هو أن يقال : إنّ موثّقة ابن بكير محمولةٌ علي غير أرض الإسلام، والمورد في موثّقة إسحاق بن عمّار هو

ص: 98


1- . كتاب من لايحضره الفقيه : 1 / 258 ح 793 .

أرض الإسلام، فلا منافات، بل لا افتقار حينئذٍ إلي صرف لفظ « العلم » عن ظاهره، لإمكان أن يقال : إنّ المعتبر في جواز استعمال الجلود الموجودة في بلاد الكفّار هو العلم بالتذكية ؛ و علي هذا يبقي العموم في موثّقة إسحاق بن عمّار سالمًا

عمّا يصلح للمعارضة، فيحكم بجواز الصلاة و لو في صورة الشكّ بالتذكية .

قلنا : هذا حملٌ بعيدٌ لا يكاد ينصرف إليه الذهن، سيّما بعد كون قوله عليه السلام : « فإن كان ممّا يؤكل لحمه » إلي آخره، مسبوقًا بما يعمّ جميع البلاد و ملحوقًا بما يكون كذلك، فلاحظ حتّي يظهر لك الحال .

ثمّ علي تقدير الإغماض و تسليم الحمل المذكور نقول : إنّ التمسّك بموثّقة إسحاق بن عمّار مع ذلك لا يكفي لإثبات المرام، أمّا أوّلاً : فلأنّها في الجلد

المصنوع في أرض الإسلام - أي : مثل الفرو والخفّ و نحوهما - فلا يشمل مطلق الجلد، و قد عرفت أنّ مثل الفرو المعمول في أرض الإسلام لاينفكّ غالبًا عن الظنّ بالتذكية، فتأمّل .و أمّا ثانيًا : فلما عرفت من أنّ الظاهر أنّ اعتبار الغلبة فيها في صورة الاشتراكلأجل حصول الظنّ بتذكية المسلمين، و منه يظهر عدم كفاية الاحتمال والشكّ ؛ فالجلود الّتي لم يظنّ أنّها من المذكّي لا يمكن الحكم بجواز استعمالها، سواء كانت مطروحة في بلاد المسلمين، أو لا، بل و لو كانت في يد مسلم .

الجواب عن مستند الجواز

و من جميع ما ذكر يتّضح الجواب عمّا لو تمسّك متمسّك للجواز بصحيحة

ص: 99

عبدالرحمن بن الحجّاج السالفة، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الفراء اشتريته من الرجل الّذي لعلّي لا أثق به (1)، فيبيعني علي أنّها ذكيّة أبيعها علي ذلك ؟ فقال: إن كنت لا تثق به فلا تبعها علي أنّها ذكيّة إلاّ أن تقول: قد قيل لي أنّها ذكيّة (2).

بناءً علي أنّه يظهر منها جواز الشراء والبيع مع عدم كون البائع ممّن لايثق به، وهو أعمّ من أن يحصل الظنّ بالتذكية، أو لا، فإنّك قد عرفت أنّ موثّقة ابن بكير صريحةٌ في اعتبار المظنّة، فينبغي تقييد الإطلاق بذلك .

مضافًا إلي ما عرفت من أنّ أمثال الفرو في الغالب لا ينفكّ عن المظنّة .

علي أنّك قد عرفت ممّا نبّهنا عليه فيما سلف أنّ هذا الحديث مرويّ في الكافي أيضًا (3)، و هو علي ما فيه صريحٌ في أنّ مورده السوق، إلاّ أنّ المتن في الكتابينمختلف .

إطلاق كلمات جماعة من فحول الأصحاب يستدعي الجواز

نعم، في المقام شيء آخر، و هو : أنّ إطلاق كلمات جماعة من فحول

ص: 100


1- . في المصدر : لعلّي أثق به .
2- . تهذيب الأحكام : 7 / 133 ح 57 .
3- . الكافي : 3 / 398 ح 5 ؛ الرواية فيه هكذا : عن عبدالرحمن بن الحجّاج قال: قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : إنّي أدخل سوق المسلمين، أعني هذا الخلق الّذين يدعون الإسلام، فأشتري منهم الفراء للتجارة، فأقول لصاحبها: أليس هي ذكيّة ؟ فيقول: بلي، فهل يصلح لي أن أبيعها علي أنّها ذكيّة ؟ فقال : لا ولكن لا بأس أن تبيعها وتقول : قد شرط لي الّذي أشتريتها منه أنّها ذكيّة. قلت : و ما أفسد ذلك ؟ قال : استحلال أهل العراق للميتة، و زعموا أنّ ذباغ جلد الميتة ذكاته، ثمّ لم يرضوا أن يكذبوا في ذلك إلاّ علي رسول اللّه صلي الله عليه و آله .

الأصحاب يستدعي الجواز .

قال في المعتبر :

و يكفي في الحكم بذكاة (1) ما لم يعلم أنّه ميتة وجوده في يد مسلم، أو في سوق المسلمين، أو في بلد الغالب فيه المسلمون، انتهي (2).

و مقتضاه الاكتفاء في الحكم بالتذكية بمجرّد وجود الجلد في يد المسلم ولو مع عدم حصول المظنّة بها .

و مثله عبارة العلاّمة في نهاية الإحكام والتذكرة والمنتهي والتحرير (3)، وقد أوردناها في أوّل المبحث، فليلاحظ .

قال شيخنا الشهيد في الذكري :والمبطل للصلاة فيه علم كونه ميتة، أو الشكّ إذا وجد مطروحًا، لأصالة عدم التذكية، أو في يد كافر عملاً بالظاهر من حاله، أو في سوق الكفر (4).

و مقتضاه أنّ مع الشكّ بالتذكية إنّما يحكم بالفساد في المواضع المذكورة، و ما نحن فيه لم يكن منها .

ص: 101


1- . في المصدر: بذكاته .
2- . المعتبر : 2 / 78 .
3- . انظر نهاية الإحكام : 1 / 373 ؛ و تذكرة الفقهاء : 2 / 464 ؛ و تحرير الأحكام : 1 / 194 ؛ و منتهي المطلب : 4 / 205 .
4- . ذكري الشيعة : 3 / 28 .

والحاصل : أنّ الظاهر منه جواز الصلاة في الجلد المأخوذ من يد المسلم ولو مع الشكّ بالتذكية ؛ و هو مقتضي البيان والدروس والجعفريّة والروض (1)، فلاحظ عباراتهم المذكورة في أوائل المبحث، لكنّها نطالبهم بالمستند .

مضافًا إلي أنّ الظاهر من العلاّمة في التذكرة و نهاية الإحكام والمنتهي أنّ الحكم بجواز استعمال الجلد المأخوذ من يد المسلم إنّما هو لحصول المظنّة بالتذكية .

قال في التذكرة :

وإنّما اعتبرنا في المسلم انتفاء استباحته للميتة (2)، ليحصل الظنّبالتذكية، إذ لا فرق في انتفاء الظنّ بين المستبيح من المسلم والكافر، إذ الأصل الموت و لا معارض له حينئذ ؛ أمّا من لا تستبيح (3) الميتة، فإنّإسلامه يمنعه من الإقدام علي المحرّم غالبًا (4).

و يقرب منه ما ذكره في النهاية، و قد تقدّم .

قال في المنتهي :

لو وجد الجلد مع من يستحلّ الميتة لم يحكم بتذكيته وإن أخبره

ص: 102


1- . انظر البيان : 120 ؛ والدروس الشرعيّة : 1 / 149 ؛ والجعفريّة، المطبوع ضمن « حياة المحقّق الكركي وآثاره » : 4 / 159 ؛ و روض الجنان : 2 / 570 .
2- . « للميتة » لم يرد في المصدر .
3- . في المصدر : لا يستبيح .
4- . تذكرة الفقهاء : 2 / 464 .

بالتذكية (1)، لأنّه غير موثوق به .

إلي أن قال :

وكذا لو وجد الجلد مع من يتّهم في استعمال الميتة، انتهي (2).

فإن كان مراد غيره أيضًا ذلك، يكون النزاع في تعيين الموضوع، فهم مشاركون معنا في الحكم، لكن اختلافهم في الموضوع، فنقول : إنّ ما ذكره العلاّمة - أحلّه اللّه

دار الكرامة - من أنّ إسلام المسلم يمنعه من الإقدام علي المحرّم غالبًا، مقتضاه أنّه

في الغالب كذلك ؛ و تحقّق الغلبة إنّما يجدي في المشتبه، و أمّا إذا اطّلعنا علي غير

الغالب فلا، كما لا يخفي .

والحاصل : انّه ربّما يظهر من عدم مبالاة بعض من أفراد المسلمين ما يمنع من حصول المظنّة و لو مع الإخبار، فضلاً عمّا إذا فرض عدمه كما لايخفي، والكلامإنّما هو في تلك الصورة .لايقال : إنّ اعتبار المظنّة فيما نحن فيه ينافيه ما تقدّم من قوله عليه السلام : « انّ أميرالمؤمنين - صلوات اللّه و سلامه عليه - سئل عن سفرة وجدت في الطريق مطروحة كثير لحمها و خبزها و بيضها و جبنها و فيها سكين، فقال أميرالمؤمنين - صلوات اللّه عليه - : يقوم ما فيها و يؤكل (3) لأنّه يفسد و ليس له بقاء، فإن جاء

ص: 103


1- . « بالتذكية » لم يرد في المصدر .
2- . منتهي المطلب : 4 / 206 .
3- . في المصدر : ثمّ يؤكل .

طالبها غرموا له الثمن . قيل له (1) : يا أميرالمؤمنين لاندري (2) سفرة مسلم أو سفرة مجوسيّ، فقال: هم في سعة حتّي يعلموا » (3).

لأنّا نقول : قد تقدّم الجواب عنه في القسم الرابع من الأقسام المذكورة، مضافًا إلي أنّ حمل الحديث علي أنّ احتمال كون السفرة للمجوسيّ - كاحتمال كونها من المسلم في بلاد الإسلام - ممّا لايقبله الإنصاف، لوضوح أنّ احتمال كونها من المسلم في تلك البلاد أقوي، لكون المظنون إلحاق المشتبه بالأغلب .

تنبيه

اعلم : أنّه قد تبيّن ممّا بيّناه في المباحث المذكورة أنّ لزوم الاجتناب عنالجلود المطروحة إنّما هو إذا لم يحصل الظنّ بالتذكية، لعموم قوله عليه السلام: « إذا علمت أنّه ذكيّ » (4).و هو الظاهر من شيخنا الشهيد في الذكري حيث قال :

والمبطل للصلاة فيه علم كونه ميتة، أو الشكّ إذا وجد مطروحًا (5).

و هو الّذي يلوح من العلاّمة في التذكرة و نهاية الإحكام لقوله :

ص: 104


1- . « له » لم يرد في المصدر .
2- . في المصدر: لا يدري .
3- . الكافي : 6 / 297 ح 2 .
4- . الكافي : 3 / 397 ح 1 .
5- . ذكري الشيعة : 3 / 28 .

و إنّما اعتبرنا في المسلم انتفاء استباحته للميتة، ليحصل الظنّ بالتذكية (1).

والظاهر أنّه ممّا لاينبغي التأمّل فيه، بل و لا خلاف، لكن في الجلود المطروحة الّتي فيها آثار استعمال المسلمين، كالقطعات من جلد المصاحف والصحائف والخفّ والحذاء و نحوها .

و إنّما الإشكال والخلاف فيما لم يكن كذلك ؛ والظاهر فيه التفصيل المذكور، ولايبعد أن يكون هو المراد من كلمات الأصحاب و إن كانت جملة منها مطلقة، فلاحظ عباراتهم السالفة ؛ و كيف كان والتحقيق ما فصّلناه .

القسم العاشر:

العاشر : أن يكون الجلد في يد المسلم الغير المستحلّ في غير السوق من بلادالمسلمين مع إخبار ذي اليد بكونه من غير المذكّي .

و هنا إن كان المخبر ثقة و حصل الظنّ من قوله، فلا شبهة في وجوب الاجتناب .

والمستند فيه - مضافًا إلي ما يأتي - صحيحة عبدالرّحمن بن حجّاج (2)

ص: 105


1- . تذكرة الفقهاء : 2 / 464 ؛ و نهاية الإحكام : 1 / 373 .
2- . كذا في المخطوطة .

المتقدّمة، إذ لو ثبت الاعتماد بقول المخبر الثقة في التذكية الّتي هي مخالفة للأصل، ففي عدمها الّذي هو موافق للأصل بطريق أولي كما لايخفي .

وإن لم يكن كذلك، فلو حصل العلم بقوله فكذلك ؛ و هكذا الحال فيما لو أوجب الظنّ، بل الشكّ أيضًا، لموثّقة ابن بكير المذكورة، و لقوله عليه السلام في صحيحة الحلبي السالفة : « صلّ فيها حتّي يقال لك إنّها ميتة بعينه » (1).

بناءً علي أنّ المستفاد من النصوص انّ أمر الجلود في أسواق المسلمين أسهل من غيرها، فلو وجب الاجتناب عن الجلود الموجودة في الأسواق بإخبار المخبر انّها من غير المذكّي، فوجوب الاجتناب في غير الأسواق بطريق أولي .

مضافًا إلي أنّ الحكم بذلك مقطوع به في كلمات الأصحاب، و قد أوردنا كثيرًا من عباراتهم في القسم الخامس من أقسام المسألة .

و ينبغي أن يعلم أنّ الأمر هنا كالسالف في أنّ ذلك إنّما هو إذا لم يحصل الظنّ،بخلاف الإخبار - أي : بالتذكية - فإنّ الظاهر حينئذٍ جواز الاستعمال، لقوله عليه السلامفيموثّقة ابن بكير المذكورة : « إذا علمت أنّه ذكيّ » (2) ؛ لما علمت في حمل العلم فيها علي الظنّ، و لعموم قوله عليه السلام : « لا بأس بالصلاة في الفرو (3) اليمانيّ وفيما صنع في أرض الإسلام » الحديث (4).

ص: 106


1- . في المصدر : بعينها ؛ الكافي : 3 / 403 ح 28 .
2- . الكافي : 3 / 397 ح 1 .
3- . في المصدر : القز .
4- . تهذيب الأحكام : 2 / 368 ح 64 .

ولاينافيه صحيحة الحلبي المذكورة، لما نبّهنا عليه في المبحث المشار إليه.

القسم الحادي عشر:

اشارة

الحادي عشر : مثل الأوّل إلاّ في السوق، أي : يكون الجلد في يد المسلم الغير المستحلّ مع الإخبار والظنّ بالتذكية، لكن في السوق المختصّ بالكفّار .

والظاهر من الذكري والدروس والجعفريّة والروض لزوم الاجتناب، قال في الدروس :

لايجوز (1) الصلاة في جلد الميتة و لو دبغ سبعين مرّة .

إلي أن قال :

و في حكمه ما يوجد مطروحًا، أو يؤخذ من كافر، أو من سوقالكفّار (2).و هو صريحٌ في أنّ الجلد المأخوذ من سوق الكفّار يكون في حكم الميتة، ومقتضي إطلاقه أنّه كذلك و لو أخذ من يد مسلم، لا سيّما بعد جعل قوله : « أو من سوق الكفّار » مقابلاً لقوله : « من كافر »، كما لا يخفي ؛ و هو أعمّ من أن يخبر ذو اليد بالتذكية و حصل الظنّ من قوله، أو لا .

ص: 107


1- . في المصدر : لا تجوز .
2- . الدروس الشرعيّة : 1 / 149 .

و مثله عبارة غيره من الكتب المذكورة، و قد أوردناها في أوائل المبحث فليلاحظ .

و هو الظاهر من المبسوط والنهاية أيضًا، قال في الأوّل :

من اشتري جلدًا علي أنّه مذكّي، جاز أن يصلّي فيه، وإن لم يكن كذلك إذا اشتري ذلك من أسواق (1) المسلمين (2).

و مقتضي تعليق الجواز بما إذا اشتراه من سوق المسلمين، انتفاؤه فيما إذا اشتراه من سوق الكفّار مطلقًا ولو اشتراه من المسلم المخبر بالتذكية .

و قريب منه ما ذكره في الثاني (3).

والظاهر من المعتبر والمنتهي و نهاية الإحكام والتذكرة والسرائر جواز الاستعمال ؛ قال في الأوّل :و يكفي في الحكم بذكاة (4) ما لم يعلم أنّه ميتة وجوده في يد مسلم، أوفي سوق المسلمين، أو في بلد الغالب فيه المسلمون (5).

و هو صريحٌ في أنّ وجود الجلد في يد مسلم من أمارات الحكم بتذكيته، وهو أعمّ من أن يكون المسلم في سوق الكفّار و غيره كما لا يخفي، لا سيّما بعد إيراده

ص: 108


1- . في المصدر : سوق .
2- . المبسوط : 1 / 83 .
3- . انظر النهاية : 97 .
4- . في المصدر : بذكاته .
5- . المعتبر : 2 / 78 .

بالتنكير الأظهر في الدلالة علي الشمول .

و منه يظهر الحال في عبارة غيره من الكتب المذكورة، فلاحظها في أوائل المبحث إن أردت الملاحظة .

و عبارة البيان أظهر في الدلالة علي الجواز ممّا ذكر، لأنّه قال :

و مذكّي الكافر و ما في يده من الجلود ميتة، إلاّ أن يعلم خلافه ؛ وكذا ما في دار الكفر، إلاّ أن يعلم المسلم بعينه (1).

و هذا القول هو الظاهر من المدارك والذخيرة والبحار أيضًا (2)، قال في المدارك :

و يكفي في الحكم بذكاة الجلد الّذي لا يعلم كونه ميتة وجوده في يد مسلم، أو في سوق المسلمين (3).و في الذخيرة :والظاهر أنّه يكفي في الحكم بذكاة الجلد الّذي لايعلم كونه ميتة وجوده في يد مسلم، أو في سوق الغالب عليه المسلمون (4).

ص: 109


1- . البيان : 120 .
2- . بحار الأنوار : 62 / 141 .
3- . مدارك الأحكام : 3 / 158 .
4- . ذخيرة المعاد : 2 / 232 .
المستند في عدم الجواز

و لعلّ المستند للأوّل الصحيح المرويّ في أبواب الذبائح من الكافي والفقيه عن الفضلاء : أنّهم سألوا أبا جعفر عليه السلام عن شراء اللحم من الأسواق و لايدري ما يصنع القصّابون ؟ قال : كُلْ إذا كان في سوق (1) المسلمين و لا تسأل عنه (2).

و في الكافي : كُلْ إذا كان ذلك في أسواق المسلمين و لا تسأل عنه (3).

و ما رواه في باب الذبائح من التهذيب عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلامعن شراء اللحم من السوق و لايدري ما يصنع القصّابون ؟ قال: فقال: إذا كان في سوق المسلمين كل (4) ولا تسأل عنه (5).

وجه الدلالة هو : انّ تعليق جواز أكل (6) المفهوم من الأمر الوارد مورد توهّمالحظر بما إذا كان الشراء من سوق المسلمين، يقتضي انتفاء الجواز عند كون الشراء من سوق الكفّار، و هو أعمّ من أن يكون البائع مسلمًا، أو لا ؛ والظاهر انتفاء

التفرقة بين جواز الأكل واستعمال الجلد، فأينما جاز ذلك جاز هذا، و كلّما لم يجز لم يجز .

ص: 110


1- . في المصدر : أسواق .
2- . كتاب من لايحضره الفقيه : 3 / 332 ح 4185 .
3- . الكافي : 6 / 237 ح 2 .
4- . في المصدر : فكل .
5- . تهذيب الأحكام : 9 / 72 ح 41 .
6- . كذا في المخطوطة .

و يدلّ علي ذلك أيضًا الصحيح المرويّ في الباب المذكور من التهذيب عن الحلبي : أمّا ما يباع في أسواق المسلمين فلا بأس بأكله، وإن لم يعلم (1) مَن الذابح له (2).

والتعارض بينها و بين النصوص السالفة الدالّة علي جواز استعمال الجلود المأخوذة من الأسواق - كصحيحة البزنطي قال : سألته عن الرجل يأتي السوق فيشتري جبّة فراء لا يدري أذكيّة هي أم غير ذكيّة، أيصلّي فيها ؟ قال : نعم ليس عليكم المسألة، إنّ أبا جعفر عليه السلام كان يقول : إنّ الخوارج ضيّقوا علي أنفسهم لجهالتهم (3)، إنّ الدين أوسع من ذلك (4) ؛ و صحيحة الحلبي قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الخفاف الّتي تباع في السوق ؟ فقال: اشتر و صلّ فيها حتّي تعلم أنّهميّت بعينه (5) ؛ و غيرهما من النصوص المتكثّرة - من تعارض المطلق والمقيّد، فينبغي تقييد السوق فيها بغير سوق الكفّار للنصوص المذكورة، مضافًا إلي إمكانادّعاء ظهورها في غيره .

المستند للقول بالجواز

والمستند للقول بالجواز موثّقة ابن بكير المتكرّرة، لقوله عليه السلام : « إذا علمت أنّه

ص: 111


1- . في المصدر : لم تعلم .
2- . تهذيب الأحكام : 9 / 72 ح 40 .
3- . في المصدر : بجهالتهم .
4- . تهذيب الأحكام : 2 / 368 ح 61 .
5- . تهذيب الأحكام : 2 / 234 ح 128 .

ذكيّ » (1)، بعد ما علمت من حمل العلم فيها علي الظنّ .

و لك أن تقول : إنّ مقتضي إطلاقها وإن كان ذلك، لكنّ التعارض بينها وبين النصوص المذكورة من تعارض الظاهرين والعموم من وجه، لافتراق النصوص المذكورة عنها في غير صورة المظنّة، وافتراقها عنها في غير سوق الكفّار، واجتماعهما في الصورة المفروضة، فاللازم الرجوع إلي الترجيح، و هو مع النصوص المذكورة، لأصحيّة السند، و أكثريّة العدد، و كون مضمونها ممّا أطبقت المشايخ الثلاثة علي إيراده، واعتضادها بالاحتياط المستحسن مراعاته عند أولي الألباب .

مختار المؤلّف قدس سره و دليله

لكنّ المختار : عدم وجوب الاجتناب، فيجوز الاستعمال في الصلاة و غيرها، للموثّق المذكور، و لقوله عليه السلام في موثّقة إسحاق بن عمّار : « وإن كان الغالب عليهاالمسلمين (2) فلا بأس » (3) ؛ بناءً علي أنّ الاكتفاء بغلبة المسلمين حال الاشتراكإنّما هو لحصول الظنّ بكون الجلد من مذكّي المسلمين، و هو متحقّق فيما نحن فيه .

و يدلّ عليه في الجملة صحيحة عبدالرّحمن بن حجّاج (4) المتقدّمة، لما عرفت

ص: 112


1- . الكافي : 3 / 397 ح 1 .
2- . في المصدر: المسلمون .
3- . تهذيب الأحكام : 2 / 368 ح 64 .
4- . كذا في المخطوطة .

أنّ مقتضي مفهوم الشرط فيها جواز الاجتزاء في التذكية بإخبار الثقة من غير استفصال ؛ وإطلاقه يعمّ ما نحن فيه و غيره، سيّما بعد ترك الاستفصال بين محتملات السؤال .

والنصوص المذكورة غير صالحة للمعارضة، لإمكان المناقشة في دلالتها، أمّا صحيحة الحلبي فإنّه وإن يتوهّم من كلام الشيخ في التهذيب أنّ قوله : « أمّا ما يباع

في أسواق المسلمين فلا بأس بأكله » إلي آخره، انّه من تتمّة الحديث، لأنّه ذكر هكذا :

أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : سألته عن ذبيحة المرجئوالحروريّ (1)، فقال : كل وقر واستقر حتّي يكون ما يكون ؛ فأمّا ما يباع في أسواق المسلمين، إلي آخره (2).لكنّ الظاهر أنّه ليس كذلك، بل من كلام الشيخ، والحديث إلي قوله : « مايكون »، لقوله بعد ذلك من غير فصل : « روي ذلك محمّد بن يحيي (3) » إلي آخره ؛ بناءً علي ما اطّردت عادته من أنّه يأتي بمثل ذلك فيما إذا كانت العبارة من المقنعة، أو من نفسه ؛ و ما نحن فيه من الثاني، لعدم كون هذا الكلام مذكورًا في المقنعة، و لهذا لم يصدّره بقوله : « قال الشيخ ».

ص: 113


1- . المرجئ : من يقول بأنّ الإيمان لا يضرّ معه معصية، والقدريّ من يقول بالتفويض . والحروري : الخارجي، منصوب إلي قرية بالكوفة كانت مجمع الخوارج تسمّي بالحروراء .
2- . تهذيب الأحكام : 9 / 72 ح 40 .
3- . في المصدر : محمّد بن أحمد بن يحيي .

و لأنّ الحديث المذكور مرويّ في الكافي والفقيه، و ليس فيهما هذا الذيل، بل ذكر الحديث إلي قوله عليه السلام : « حتّي يكون ما يكون » ؛ و لمّا كان يتوهّم من كلام التهذيب أنّه من تتمّة الحديث، تصدّينا لدفعه .

و أمّا صحيحة الفضلاء، فلأنّ جزاء الشرط فيها جزءان، أحدهما : « كُلْ »، والثاني : « لا تسأل عنه » ؛ والظاهر أنّ النهي هنا ورد في محلّ توهّم الوجوب، فكما أنّه ليس المستفاد من الأمر الوارد في محلّ توهّم الحظر إلاّ نفيه، فكذلك ليس المستفاد من النهي الوارد في محلّ توهّم الوجوب إلاّ نفيه .

فالمستفاد منها حينئذٍ : إن كان ذلك في سوق المسلمين يباح لك الأكل ولا يجب عليك السؤال، فاللازم من المفهوم حينئذٍ انتفاء إباحة الأكل عند انتفاء السؤال، لا مطلقًا ؛ والمفروض إخبار ذي اليد المسلم بالتذكية مع استفادة الظنّ من قوله .

فالتمسّك بالصحيحة المذكورة في إثبات عدم لزوم الاجتناب لو لم يكن أولي من التمسّك لاثبات الاجتناب، فلا أقلّ من انتفاء الأولويّة في العكس ؛ فعلي هذايبقي موثّقة ابن بكير المذكورة سالمة عمّا يصلح للمعارضة .

ثمّ نقول : إنّ التمسّك بجميع العبارات المذكورة في الدلالة علي المنع في الصورة المفروضة محلّ تأمّل، لأنّ من جملتها عبارة الذكري، و هي إنّما تدلّ علي المنع في صورة الشكّ بالتذكية، فلا يشمل صورة الظنّ كما فيما نحن فيه، لأنّها هكذا :

والمبطل للصلاة فيه علم كونه ميتة، أو الشكّ إذا وجد مطروحًا، لأصالة

ص: 114

عدم التذكية، أو في يد كافر عملاً بالظاهر من حاله، أو في سوق الكفر (1).

والظاهر أنّ قوله : « أو في سوق الكفر » عطفٌ علي « مطروحًا »، فيكون التقدير حينئذٍ : والمبطل للصلاة الشكّ في التذكية إذا وجد في سوق الكفر .

و أنت تعلم أنّ المفروض فيما نحن فيه هو الظنّ بها، فالتمسّك بالعبارة المذكورة في إسناد الجواز إلي صاحبها في محلّ الكلام أولي من التمسّك بها في إسناد عدمه إليه كما لايخفي .

القسم الثاني عشر:

الثاني عشر : مثله إلاّ في الإخبار بالتذكية، أي : يكون الجلد مأخوذًا من يدالمسلم الغير المستحلّ في سوق الكفّار من غير إخباره بالتذكية، لكن مع الظنّ بكونه من مذكّي المسلمين .

والمقصود أنّه هل يجوز أخذ الجلود من يد المسلم في سوق الكفّار واستعماله من غير الاستخبار منه، أو لا بل لابدّ من الاستعلام ؟

و مَن لم يجوّز الاستعمال في الصورة السابقة - كالمبسوط والنهاية والدروس والجعفريّة والروض (2) - فهو غير مجوّز في هذه المسألة، بل بطريق أولي .

ص: 115


1- . ذكري الشيعة : 3 / 28 .
2- . انظر النهاية : 97 ؛ والمبسوط : 1 / 83 ؛ والدروس الشرعيّة : 1 / 149 ؛ والجعفريّة، المطبوع ضمن « حياة المحقّق الكركي وآثاره » : 4 / 159 ؛ و روض الجنان : 2 / 570 .

والحاصل : انّ إطلاق كلماتهم المذكورة كما يقتضي عدم الجواز هناك، يقتضي هنا أيضًا كما لا يخفي .

وكذا مَن جوّز فيها - كالمعتبر والمنتهي و نهاية الإحكام والتذكرة والتحرير والبيان والمدارك والذخيرة، بل الذكري أيضًا علي ما عرفت - يجوّزه هنا أيضًا، لإطلاق كلماتهم الشاملة للصورتين أيضًا (1).

والمستند في الطرفين يظهر ممّا بيّناه، فلا حاجة إلي الإعادة .

و يمكن أن يقال بعدم جواز الاستعمال و توقّفه علي الاستخبار والاستعلام،لقوله

عليه السلام في صحيحة الفضلاء : « كُلْ إذا كان ذلك في أسواق المسلمين ولاتسأل عنه » (2).لما عرفت من أنّ مقتضي منطوقه إباحة الأكل من غير افتقار إلي السؤال والاستعلام عند كون ذلك في أسواق المسلمين، فمقتضي المفهوم حينئذٍ انتفاء الإباحة عند انتفاء السؤال فيما إذا لم يكن الأسواق من أسواق المسلمين .

والحاصل : انّ قوله عليه السلام : « و لا تسأل عنه » عطفٌ علي الجزاء، فله حكمه، فكأنّه عليه السلام قال : « إذا كان ذلك في سوق المسلمين، فلا يجب عليك السؤال »، فمقتضي المفهوم عدم جواز الأكل ولزوم السؤال فيما إذا لم يكن في أسواق

ص: 116


1- . انظر المعتبر : 2 / 78 ؛ والبيان : 120 ؛ و ذكري الشيعة : 3 / 28 ؛ و مدارك الأحكام : 3 / 158 ؛ و ذخيرة المعاد : 2 / 232 ؛ و نهاية الإحكام : 1 / 373 ؛ و تذكرة الفقهاء : 2 / 464 ؛ و تحرير الأحكام : 1 / 194 ؛ و منتهي المطلب : 4 / 205 .
2- . كتاب من لايحضره الفقيه : 3 / 332 ح 4185 .

المسلمين، و هو أعمّ من أن يظنّ تذكيته، أو لا ؛ و مقتضي منطوق موثّقة ابن بكير جواز الصلاة والاستعمال في صورة الظنّ بالتذكية أعمّ من أن يكون في سوق الكفّار، أو لا ؛ فبينهما عموم من وجه .

أو نقول : مقتضي صحيحة الفضلاء عدم جواز الأكل والاستعمال في غير أسواق المسلمين في صورة انتفاء المسألة، سواء ظنّ تذكيته، أم لا ؛ و مقتضي موثّقة ابن بكير جواز الاستعمال في صورة المظنّة، سواء تحقّق السؤال، أم لا، فلابدّ من الرجوع إلي الترجيح، و هو مع المانعين، للصحّة في السند والكثرة في العدد، وكون المضمون ممّا أطبقت المشايخ العظام علي روايته، والاعتضاد بقاعدة الاشتغال ؛ فعلي هذا لايجوز الاستعمال إلاّ مع الاستخبار والإخبار .

و لك أن تقول : إنّ انصراف المفهوم في صحيحة الفضلاء إلي ما نحن فيه غير معلوم، لظهور أنّ المتبادر من قولك : إذا لم يكن الأسواق أسواق المسلمين،فلا يجوز الأكل من غير مسألة إذا كان ذلك في يد الكافر، أو مجهول الحال ؛ وأمّا إذا كان ذلك في يد المسلم الغير المستحلّ، سيّما بعد الظنّ بكونه من مذكّي المسلمين، فلم يظهر شموله له، فيبقي العموم في موثّقة ابن بكير المعتضدة بما ذكرناه في موثّقة إسحاق بن عمّار سالمًا عمّا يصلح للمعارضة .

مضافًا إلي رواية إسماعيل بن عيسي المرويّة في الفقيه، و باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان من زيادات التهذيب، عن إسماعيل بن عيسي قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن جلود الفراء يشتريها الرجل في سوق من أسواق الجيل (1)،

ص: 117


1- . في المصدر : الجبل ؛ و في بعض نسخ المصدر : الخيل، و في بعضها : الحثل .

أيسأل عن ذكاته إذا كان البائع مسلمًا غير عارف ؟ قال : عليكم (1) أن تسألوا عنه إذا رأيتم المشركين يبيعون ذلك (2).

وجه الاستدلال من وجهين : أحدهما من جهة التقرير، والثاني من جهة مفهوم الشرط، فالظاهر جواز الاستعمال سيّما بعد كون ذي اليد ممّن يثق به، وإن كان الأحوط الاستخبار، بل الاجتناب مع الإمكان .

القسم الثالث عشر:

اشارة

الثالث عشر : مثل السابق، لكن مع الإخبار من غير مظنّة ؛ أي : يكون الجلدفي يد المسلم الغير المستحلّ في سوق الكفّار مع إخباره بالتذكية مع عدم حصول المظنّة بها .

و كُلّ مَن قال بالمنع في الصورة السابقة - كالمبسوط والنهاية والدروس والجعفريّة والروض (3) - قال به هنا أيضًا، بل قال به هنا بعض مَن لم يقل به هناك كالذكري، بل التذكرة و نهاية الإحكام أيضًا (4).

ص: 118


1- . في التهذيب : عليكم أنتم .
2- . كتاب من لايحضره الفقيه : 1 / 258 ح 792 ؛ وتهذيب الأحكام : 2 / 371 ح 76 .
3- . انظر النهاية : 97 ؛ والمبسوط : 1 / 83 ؛ والدروس الشرعيّة : 1 / 149 ؛ والجعفريّة، المطبوع ضمن « حياة المحقّق الكركي وآثاره » : 4 / 159 ؛ و روض الجنان : 2 / 570 .
4- . انظر ذكري الشيعة : 3 / 28 ؛ و نهاية الإحكام : 1 / 373 ؛ و تذكرة الفقهاء : 2 / 464 .

أمّا الأوّل فلما مرّ في المبحث السابق، و أمّا غيره فلما عرفت فيما سلف مرارًا من أنّ الظاهر منهما أنّ المناط في استعمال الجلود الظنّ بالتذكية، والمفروض انتفاؤه .

والظاهر من المعتبر والبيان (1) جواز الاستعمال، لا سيّما الثاني ؛ و هذا هو الظاهر من المدارك والذخيرة أيضًا (2)، فلاحظ عباراتهم حتّي يتبيّن لك الحال .

المستند في الجواز مع الجواب عنه

و لعلّ المستند في ذلك مفهوم الشرط في صحيحة الفضلاء، لأنّ الظاهر منهجواز الاستعمال والأكل في غير أسواق المسلمين في صورة تحقّق المسألة، سواء حصل الظنّ بالتذكية، أم لا .و مقتضي المفهوم في موثّقة ابن بكير وإن كان عدم جواز الاستعمال في صورة انتفاء المظنّة، لكنّه يعمّ صورة تحقّق السؤال والإخبار بالتذكية و عدمه، فبينهما عموم من وجه، و قد عرفت أنّ الوجوه المرجّحة في جانب الصحّة .

والجواب عنه يظهر ممّا سلف، محصّله : انّ الفرض المفروض من الفروض النادرة، فلم يظهر شمول المفهوم له .

علي أنّه يمكن دعوي ظهوره في غيره، إذ الظاهر أنّ السؤال الّذي يظهر من

ص: 119


1- . انظر المعتبر : 2 / 78 ؛ والبيان : 120 .
2- . انظر مدارك الأحكام : 3 / 158 ؛ و ذخيرة المعاد : 2 / 232 .

كلامه

عليه السلام أنّه مناط في الاستعمال إنّما هو إذا كان مفيدًا للظنّ لو لم يكن مفيدًا للعلم، فعلي هذا يبقي العموم في موثّقة ابن بكير سالمًا عمّا يصلح للمعارضة .

إن قيل : يمكن التمسّك في الحكم بجواز الاستعمال في الصورة المفروضة بصحيحة عبدالرّحمن بن الحجّاج السالفة، لما عرفت من أنّ مقتضاها جواز الشراء عن الرجل الغير الموثوق به و بيعه حينئذ (1) ؛ و مقتضي ترك الاستفصال ثبوته ولو كان في غير أسواق المسلمين، و معلومٌ أنّ جواز البيع والشراء يستلزم جواز الاستعمال كما لايخفي .

قلنا : يمكن الجواب عنه بأنّ الغالب حصول المظنّة بالتذكية عند إخبار المسلم بها، فينصرف إليه الصحيحة المذكورة ؛ و علي فرض الإغماض عنه و تسليم الشمول نقول : إنّ اللازم تقييدها في غير أسواق المسلمين بهذه الصورة .

البحث عن قاعدة : انّ الأصل في فعل المسلم الحمل علي الصحّة
اشارة

نعم، بقي في المقام شيء ينبغي التعرّض له، و هو : أنّ القاعدة المتلقّاة عندهم بالقبول : « انّ الأصل في فعل المسلم الحمل علي الصحّة » .

ص: 120


1- . هكذا يقرأ في المخطوطة .

قيل (1) : هذه قاعدة ورد بها النصّ عن الأئمّة عليهم السلام و أجمع عليها علماء الأعلام، و فرّع عليها : أنّه لو أخبر مسلم بطهارة ما علم نجاسته يقبل، لأنّ القول فعل لسانيّ،

و قد عرفت أنّ الأصل في فعل المسلم الحمل علي الصحّة، و مقتضي ذلك الحكم بجواز الاستعمال .

و يمكن الجواب عنه أيضًا بأنّ القاعدة المذكورة إمّا مستندة إلي الإجماع، أو النصّ ؛ و كلاهما غير مجد فيما نحن فيه .

أمّا الأوّل فلما عرفت من أنّ الظاهر من أكثر الأصحاب فيما نحن فيه وجوب الاجتناب .

و أمّا الثاني فلأنّا نقول : إنّ التعارض بينه و بين ما أوردناه في المسألة عموم من وجه، فيجب الرجوع إلي الترجيح، و مقتضاه لزوم الاجتناب لكثرة ما دلّ عليه، و لكون القائل به أكثر، و كونه ممّا يقتضيه قاعدة الاشتغال .

علي أنّا لم نظفر بالنصّ الدالّ عليها بالخصوص، و يمكن أن يكون مأخوذة منالنصوص في موارد جزئيّة، كصحيحة الفضلاء السابقة و نحوها .

مختار المؤلّف قدس سره

و علي أيّ حال لا محيص عن الحكم بلزوم الاجتناب في محلّ الكلام .

ص: 121


1- . قائله والد شيخنا البهائيّ قدس سره في العقد الحسينيّ : 22 .

القسم الرابع عشر:

الرابع عشر : أن يكون الإخبار والظنّ بالتذكية كلاهما منتفيًا .

القسم الخامس عشر:

الخامس عشر : مثله مع إخبار ذي اليد المسلم بكونه من غير المذكّي .

و لزوم الاجتناب في القسمين ممّا لا ينبغي التأمّل فيه، و يظهر الوجه فيه ممّا ذكر .

مضافًا إلي أنّ ما دلّ علي وجوب الاجتناب مع إخبار ذي اليد بكونه من غير المذكّي في سوق المسلمين يدلّ علي وجوب الاجتناب في محلّ الكلام بطريق أولي .و هذا ممّا لاينبغي الريب فيه فيما إذا كان قول المسلم المخبر مفيدًا للظنّ، بل فيما إذا لم يكن خلافه مظنونًا ؛ و أمّا معه فلا يخلو من إشكال من أنّ مقتضي موثّقة

ابن بكير جواز الصلاة مع الظنّ بالتذكية، و هو متحقّق فيما نحن فيه ؛ و من أنّ المفهوم من صحيحة الفضلاء عدم الجواز عند انتفاء المسألة، والمفروض فيما نحن فيه كذلك، و بينهما عموم من وجه .

ص: 122

و قد أسلفنا المقال في نظيره و صرنا إلي ترجيح موثّقة ابن بكير، لعدم معلوميّة انصراف المفهوم في صحيحة الفضلاء إلي المفروض .

و لك أن تقول : كما لم يظهر شمول صحيحة الفضلاء للمفروض، لكونه من الفروض النادرة، كذلك الحال في موثّقة ابن بكير، فاللازم الرجوع في حكمه إلي ما يقتضيه الأصل، و هو لزوم الاجتناب، لأصالة عدم التذكية .

و يمكن أن يقال : إنّ الظاهر من الموثّقة أنّ مقصوده عليه السلام فيها التنبيه علي أنّ المناط في استعمال الجلود ممّا يؤكل لحمه هو الظنّ بالتذكية أينما وجدت، لقوله عليه السلام : « كلّ شيء حرام أكله، فالصلاة في وبره و شعره و جلده وبوله وروثه وكلّ شيء منه فاسد ».

إلي أن قال عليه السلام : « فإن كان ممّا يؤكل لحمه، فالصلاة في وبره وبوله وشعره وروثه وألبانه و كلّ شيء منه جائز (1) إذا علمت أنّه ذكيّ » (2).و بعد ما علمت ممّا أسلفناه من لزوم حمل العلم فيه علي الظنّ - مضافًا إلي عدم جواز استعمال اللفظ في استعمال واحد في المعني الحقيقيّ والمجازيّ - يكون المستفاد منه أنّ المناط في استعمال الجلود مثلاً ممّا يؤكل لحمه هو الظنّ بكونها من المذكّي ؛ و لايتفاوت الحال فيه بين الفرض النادر و غيره، فمتي حصل ينبغي الحكم بالجواز، والمفروض تحقّقه، فيجوز، فالجواز لا يخلو من رجحان وإن كان الاجتناب في صورة الإمكان سبيل النجاة .

ص: 123


1- . في المصدر : جائزة .
2- . الكافي : 3 / 397 ح 1 ؛ وتهذيب الأحكام : 2 / 209 ح 26 .

القسم السادس عشر:

اشارة

السادس عشر : أن يكون الجلد في يد المسلم الغير المستحلّ أيضًا، لكن في البلد المختصّ بالكفّار، أي : من غير سوقهم مع إخباره بالتذكية و حصول الظنّ بها .

والظاهر فيه جواز الاستعمال، وفاقًا لما يظهر من المعتبر والمنتهي ونهاية الإحكام والتذكرة والسرائر والبيان، بل الذكري والدروس والجعفريّة والروض (1).

أمّا غير الأربعة الأخيرة فظاهر، لحكمهم بأنّه يكفي في الحكم بذكاة ما لم يعلمأنّه ميتة وجوده في يد مسلم، أو في سوق المسلمين، إلي آخر ما تقدّم عنهم ؛ و هو أعمّ من أن يكون المسلم في بلاد المسلمين و غيرها، لا سيّما البيان، فإنّ كلامه في الدلالة علي الجواز أظهر، لما علمت أنّه قال :

و مذكّي الكافر و ما في يده من الجلود ميتة، إلاّ أن يعلم خلافه ؛ و كذا ما في دار الكفر، إلاّ أن يعلم المسلم بعينه ؛ و كذا المطروح من الجلود

ص: 124


1- . انظر المعتبر : 2 / 78 ؛ والبيان : 120 ؛ والسرائر : 1 / 261 و 262 ؛ و ذكري الشيعة : 3 / 28 ؛ والدروس : 1 / 149 ؛ والجعفريّة، المطبوع ضمن « حياة المحقّق الكركي وآثاره » : 4 / 159 ؛ و روض الجنان : 2 / 570 ؛ و نهاية الإحكام : 1 / 373 ؛ و تذكرة الفقهاء : 2 / 464 ؛ و منتهي المطلب : 4 / 205 .

بالدارين، إلاّ مع قرينة خلافه (1).

لوضوح أنّ المراد من دار الكفر في كلامه أعمّ من السوق و غيره، وقد حكم بأنّ ما في دار الكفر من الجلود ميتة، إلاّ أن يعلم المسلم ؛ و معلوم أنّ المراد : إلاّ إذا كان الجلد في دار الكفر في يد مسلم، و هذا هو المفروض .

و أمّا الأربعة الأخيرة، فلأنّ مقتضاها حصر الجلد المبطل للصلاة الّذي له حكم الميتة في المطروح والمأخوذ من يد الكافر، أو في سوق الكفر .

قال في الجعفريّة :

و في حكمه ما يوجد مطروحًا، أو في يد الكافر (2)، أو في سوق الكفر (3).و مثله عبارة الدروس والروض (4).و في الذكري ما سمعت مرارًا من أنّه قال :

والمبطل للصلاة فيه علم كونه ميتة، أو الشكّ إذا وجد مطروحًا، لأصالة عدم التذكية، أو في يد كافر عملاً بالظاهر من حاله، أو في سوق الكفر (5).

ص: 125


1- . البيان : 120 .
2- . في المصدر : يد كافر .
3- . الجعفريّة، المطبوع ضمن « حياة المحقّق الكركي وآثاره » : 4 / 159 .
4- . انظر الدروس الشرعيّة : 1 / 149 ؛ و روض الجنان : 2 / 570 .
5- . ذكري الشيعة : 3 / 28 .

و مقتضي حصر المنع فيما ذكر انتفاؤه في غيره ولو كان في بلده كما لايخفي .

و ربّما يكون الظاهر من كلام شيخ الطائفة في المبسوط عدم الجواز (1)، لما عرفت من أنّه علّق الجواز فيه بما إذا اشتراه من أسواق المسلمين، والمفروض انتفاؤه، فينتفي الجواز أيضًا ؛ و هو الظاهر منه في النهاية أيضًا (2).

المستند في عدم الجواز مع الجواب عنه

و لعلّ المستند في ذلك موثّقة إسحاق بن عمّار، لقوله عليه السلام : « لا بأس بالصلاة في الفرو (3) اليمانيّ و فيما صنع في أرض الإسلام » (4) ؛ بناءً علي أنّ نفي البأس بالمصنوع في أرض الإسلام يدلّ علي تحقّقه بما صنع في غيرها، و هو أعمّ من أنيكون مأخوذًا من يد مسلم و غيره .و رواية عليّ بن أبي حمزة السالفة قال : سألت أبا عبداللّه وأبا الحسن عليهماالسلام عن لباس الفراء والصلاة فيها، فقال : لاتصلّ فيها إلاّ فيما كان منه ذكيًّا (5) ؛ بناءً علي أنّ الظاهر منه منع الصلاة في صورة انتفاء العلم بالتذكية، خرج ما دلّ الدليل علي إخراجه، فيبقي غيره مندرجًا تحت العموم .

ص: 126


1- . انظر المبسوط : 1 / 83 .
2- . انظر النهاية : 97 .
3- . في المصدر : القز .
4- . تهذيب الأحكام : 2 / 368 ح 64 .
5- . الكافي : 3 / 397 ح 7 .

و صحيحة الفضلاء : « كُلْ إذا كان ذلك في أسواق المسلمين (1) » ؛ بناءً علي أنّه علّق فيه جواز الأكل بما إذا كان في سوق المسلمين، و مقتضاه انتفاؤه عند انتفائه، وقد عرفت أنّه لايتفاوت الحال بين عدم جواز الأكل و عدم جواز الصلاة .

والجواب عمّا عن الأوّل : فلما نبّهنا عليه فيما سلف من أنّ في ذيلها : « قلت: فإن كان غير أهل الإسلام ؟ قال : إذا كان الغالب عليها المسلمين (2) فلا بأس » (3) ؛ إذ الظاهر أنّ اكتفائه عليه السلام في صورة الاشتراك بغلبة المسلمين ليحصل الظنّ بكونه من ذبيحة المسلمين، والمفروض تحقّقه فيما نحن فيه .

و علي تقدير الإغماض عنه نقول : إنّ مقتضاها علي فرض التسليم المنع من الصلاة في المصنوع في غير أرض الإسلام، سواء تحقّق الاستخبار والإخبار عنه،أم لا ؛ والمفهوم في صحيحة الفضلاء يستدعي الجواز في صورة المسألة، كما عرفت ممّا فصّلناه، فلابدّ من تقييد المفهوم في الموثّقة بغير صورة الاستخبار والمسألة، حملاً للمطلق علي المقيّد .و منه يظهر الجواب عن التمسّك بصحيحة الفضلاء في المنع .

و أمّا الجواب عن رواية أبي حمزة، فهو أنّ ظاهرها غير معمول به قطعًا، لما عرفت ممّا بيّناه في المباحث السالفة، للقطع بجواز استعمال الجلود في بلاد المسلمين مع انتفاء العلم بالتذكية، فلابدّ إمّا من حمل النهي فيها علي المرجوحيّة

ص: 127


1- . كتاب من لايحضره الفقيه : 3 / 332 ح 4185 .
2- . في المصدر : المسلمون .
3- . تهذيب الأحكام : 2 / 368 ح 64 .

في الجملة، أو حملها علي الأعمّ من العلم و غيره ؛ و علي التقديرين لايصلح للتمسّك بها في إثبات الحرمة .

إن قيل : إنّ الحملين كليهما مَجاز، فليقيّد الرواية بما إذا كان الجلد في غير أرض الإسلام، و هو أولي، لأولويّة التقييد من المجاز .

قلنا : علي هذا التقدير أيضًا لابدّ من حملها علي غير صورة العلم، لما علمت من أنّ مقتضي المفهوم في صحيحة الفضلاء جواز الاستعمال بعد المسألة .

مختار المؤلّف قدس سره و دليله

فالمختار جواز الاستعمال، والمستند فيه - مضافًا إلي ما عرفت من صحيحة الفضلاء - قوله عليه السلام في الموثّقة المتكرّرة : « إذا علمت أنّه ذكيّ » (1) ؛ بناءً علي ما مرّ من لزوم حمل العلم فيها علي الظنّ .

و صحيحة عبدالرّحمن بن الحجّاج المذكورة، لترك الاستفصال فيها بين كون الرجل البائع في بلاد الكفر و غيرها، و فيه تأمّل .

القسم السابع عشر:

اشارة

السابع عشر : مثله إلاّ في الإخبار بالتذكية .

ص: 128


1- . الكافي : 3 / 397 ح 1 ؛ وتهذيب الأحكام : 2 / 209 ح 26 .

والظاهر من المعتبر والمنتهي و نهاية الإحكام والتذكرة والسرائر والبيان والذكري والدروس والجعفريّة والروض (1) هنا أيضًا جواز الاستعمال، لعين ما علمت في السابق .

كما أنّ الظاهر من شيخ الطائفة في النهاية والمبسوط هنا أيضًا عدم الجواز، أمّا في النهاية (2) فلحصره جواز الشراء في صورة عدم العلم بالتذكية فيما إذا كان الجلد في أسواق المسلمين، والمفروض انتفاؤه .

و أمّا في المبسوط (3) فمن وجهين :

أحدهما : ما عرفت من تعليقه جواز الصلاة علي ما إذا اشتراه من أسواق المسلمين، والمفروض انتفاؤه .

والثاني : من جهة عدم الإخبار بالتذكية .

المستند في المنع مع الجواب عنه

والمستند في المنع يظهر ممّا ذكر، إلاّ أنّ الأمر هنا أشكل من السابق، لعدم

ص: 129


1- . انظر المعتبر : 2 / 78 ؛ والبيان : 120 ؛ والسرائر : 1 / 261 و 262 ؛ و ذكري الشيعة : 3 / 28 ؛ والدروس : 1 / 149 ؛ والجعفريّة، المطبوع ضمن « حياة المحقّق الكركي وآثاره » : 4 / 159 ؛ و روض الجنان : 2 / 570 ؛ و نهاية الإحكام : 1 / 373 ؛ و تذكرة الفقهاء : 2 / 464 ؛ ومنتهي المطلب : 4 / 205 .
2- . انظر النهاية : 97 .
3- . انظر المبسوط : 1 / 83 .

إمكان معارضة المفهوم من موثّقة إسحاق بن عمّار بما يفهم من صحيحة الفضلاء، لكون المفروض انتفاء الاستخبار والمسألة، بل يكون أحدهما فيما نحن فيه معاضدًا بالآخر .

لوضوح أنّ المستفاد من الموثّقة المذكورة عدم جواز الصلاة في المصنوع في غير أرض الإسلام، و هو مقتضي المفهوم في صحيحة الفضلاء، لكن في صورة انتفاء الاستخبار، كما هو المفروض في محلّ الكلام ؛ فقد اشتركا في الدلالة علي المنع فيما نحن فيه .

و يمكن الجواب بالمعارضة بموثقة ابن بكير المتكرّرة ؛ والتعارض بينهما عموم من وجه، لأنّ المفهوم في موثّقة إسحاق بن عمّار وإن كان أخصّ باعتبار غير أرض الإسلام، لكنّه أعمّ باعتبار حصول الظنّ بكونه من ذبيحة المسلمين و عدمه .

والعموم والخصوص في موثّقة ابن بكير بالعكس، فافتراق المنطوق في موثّقة ابن بكير عنه في المظنون بالتذكية في أرض الإسلام، وافتراق المفهوم في موثّقة إسحاق عنه في غير المظنون بالتذكية في غير أرض الإسلام، واجتماعهما في المظنون بكونه من ذبيحة المسلمين في غير أرض الإسلام .والمنطوق يستدعي الجواز والمفهوم عدمه، فلابدّ من الرجوع إلي الترجيح، وهو متحقّق في الجانبين، أمّا في موثّقة إسحاق فللاعتضاد بقاعدة الاشتغال وأصالة عدم التذكية، و بالمفهوم في صحيحة الفضلاء .

و أمّا في موثّقة ابن بكير فلكون الدلالة فيها بالمنطوق و أقوائيّة السند، إذ في

ص: 130

سندها : ابن أبي عمير عن ابن بكير، كلاهما من أصحاب الإجماع، بخلاف السند في موثّقة إسحاق، فإنّ فيه من أصحاب الإجماع : عبداللّه بن المغيرة، لا غير .

والاعتضاد بما يقتضيه القاعدة المسلّمة من حمل أفعال المسلمين علي الصحّة، وبأصالة البرائة، و بالصحاح السالفة المشتملة علي أنّه ليس عليكم المسألة المعلّل في اثنين منها بأنّ الدين أوسع من ذلك .

و بما يظهر من كلمات أكثر الأصحاب علي ما علمت ؛ و بالأوفقيّة للدّين السهلة السمحة المحمّديّة - عليه و علي آله آلاف السلام والثناء والتحيّة .

و بما يظهر من ذيل موثّقة إسحاق أيضًا علي ما نبّهنا عليه غير مرّة ؛ و بالعمومات السالفة الدالّة علي جواز الاستعمال ما لم يعلم أنّه ميتة .

مختار المؤلّف قدس سره

فالترجيح للجواز و إن كان الاجتناب في صورة الإمكان أقرب بسبيل النجاة .

و ممّا ذكر يتّضح الحال لو عورض موثّقة ابن بكير بالمفهوم في صحيحة الفضلاء، فإنّ بينهما أيضًا عموم من وجه، لافتراق المفهوم عن منطوقها في غيرصورة المظنّة في غير أسواق المسلمين ؛ وافتراق المنطوق عنه في صورة المظنّة في أرض الإسلام، واجتماعهما في صورة المظنّة في غير أرض الإسلام، فإنّ مقتضي المفهوم عدم الجواز من غير مسألة، و مقتضي المنطوق الجواز مع عدمها .

والوجوه المرجّحة متحقّقة في الطرفين، لكنّ العمل بمقتضي المنطوق أولي، لأكثريّة الوجوه المرجّحة فيه كما علمت، مضافًا إلي اعتضاده بما يقتضيه ترك الاستفصال في صحيحة عبدالرّحمن بن الحجّاج السالفة .

ص: 131

القسم الثامن عشر:

اشارة

الثامن عشر : مثله أيضًا إلاّ في المظنّة بأن يكون الجلد في يد المسلم الغير المستحلّ في بلد الكفر مع إخباره بالتذكية، لكن من غير استفادة الظنّ من قوله، وبالجملة من غير الظنّ بها .

والظاهر من المعتبر والمنتهي والتحرير والبيان والذكري والدروس والجعفريّة والروض (1) هنا أيضًا جواز الاستعمال، لإطلاق كلماتهم الشاملة للمفروض أيضًا .

إلاّ أنّه يمكن أن يقال : إنّ الظاهر من نهاية الإحكام والتذكرة هنا عدم الجواز،لما علمت مرارًا من أنّ الظاهر منهما أنّ المناط في جواز استعمال الجلود هو الظنّ بالتذكية، والمفروض انتفاؤه .

و لك أن تجعل كلامه فيهما قرينة لحمل كلامه في المنتهي والتحرير علي ذلك، فيقلّ القائل .

علي أنّك قد عرفت ممّا أوردنا عن المنتهي ما يؤيّده .

ص: 132


1- . انظر المعتبر : 2 / 78 ؛ والبيان : 120 ؛ و ذكري الشيعة : 3 / 28 ؛ والدروس الشرعيّة : 1 / 149 ؛ والجعفريّة، المطبوع ضمن « حياة المحقّق الكركي وآثاره » : 4 / 159 ؛ و روض الجنان : 2 / 570 ؛ و تحرير الأحكام : 1 / 194 ؛ و منتهي المطلب : 4 / 205 .
مختار المؤلّف قدس سره و دليله

و كيف كان و هو مقتضي المبسوط والنهاية أيضًا (1)، و هذا هو المختار .

والمستند فيه - مضافًا إلي أصالة عدم التذكية - المفهوم في موثّقة إسحاق بن عمّار المذكورة، و موثّقة ابن بكير المتكرّرة .

المستند للجواز مع الجواب عنه

و لعلّ المستند للجواز هو المفهوم من صحيحة الفضلاء، لما عرفت من أنّ المفهوم منها توقّف إباحة الأكل في غير أسواق المسلمين علي المسألة، والمفروض تحقّقها .

و أنت قد عرفت ممّا أبرزناه سالفًا الجواب عنه، محصّله : انّ الفرض المذكورمن الفروض النادرة الّتي لم يظهر شمول المفهوم له .

مضافًا إلي أنّ السؤال إنّما هو ليحصل من الجواب العلم أو المظنّة، والمفروض انتفاؤهما .

ص: 133


1- . انظر النهاية : 97 ؛ والمبسوط : 1 / 83 .

القسم التاسع عشر:

التاسع عشر : مثله، لكن مع انتفاء الإخبار أيضًا .

و مقتضي المعتبر والبيان والذكري والدروس والجعفريّة والروض هنا أيضًا الجواز (1).

القسم العشرون:

العشرون : مثله، لكن مع الإخبار بكونه من غير المذكّي .وإطلاق كلماتهم وإن اقتضي الجواز هنا أيضًا، لكنّ الظاهر أنّه غير مراد، لتصريح كثير منهم بأنّ ذا اليد إذا أخبر بكونه من غير المذكّي يقبل قوله في سوق المسلمين، فضلاً عن بلاد الكفر .

و قد أوردنا جملة من كلماتهم في القسم الثالث من الأقسام المذكورة، فالظاهر أنّ لزوم الاجتناب حينئذٍ محلّ وفاق .

ص: 134


1- . انظر المعتبر : 2 / 78 ؛ والبيان : 120 ؛ و ذكري الشيعة : 3 / 28 ؛ والدروس الشرعيّة : 1 / 149 ؛ والجعفريّة، المطبوع ضمن « حياة المحقّق الكركي وآثاره » : 4 / 159 ؛ و روض الجنان : 2 / 570 .

والحاصل : انّ لزوم الاجتناب حينئذٍ ممّا لاينبغي التأمّل فيه، سواء استفيد الظنّ من قوله أم لا، إلاّ إذا كان خلافه مظنونًا، و حينئذٍ الحكم بلزوم الاجتناب لايخلو من إشكال ؛ و قد أسلفنا المقال في نظيره بما لا مزيد عليه، فليلاحظ .

القسم الحادي والعشرون:

اشارة

الحادي والعشرون : و هو ما إذا كان الجلد في يد المسلم الغير المستحلّ أيضًا، لكن في السوق المشترك بين المسلمين والكفّار مع مغلوبيّتهم و غلبة أهل الإسلام، مع إخباره بالتذكية والظنّ بكونه من ذبيحة المسلمين .

الظاهر من بعض الكتب جواز الاستعمال

والظاهر من المعتبر والمنتهي والتذكرة و نهاية الإحكام والتحرير والبيان والذكري والدروس والجعفريّة والروض جواز الاستعمال (1).أمّا غير البيان ممّا تقدّم عليه فظاهر، لما عرفت من أنّ المصرّح به فيها أنّه يكفي في الحكم بذكاة ما لم يعلم أنّه ميتة وجوده في يد مسلم، أو في سوق المسلمين، أو

ص: 135


1- . انظر المعتبر : 2 / 78 ؛ والبيان : 120 ؛ و ذكري الشيعة : 3 / 28 ؛ والدروس الشرعيّة :1 / 149 ؛ والجعفريّة، المطبوع ضمن « حياة المحقّق الكركي وآثاره » : 4 / 159 ؛ و روض الجنان : 2 / 570 ؛ و نهاية الإحكام : 1 / 373 ؛ و تذكرة الفقهاء : 2 / 464 ؛ و تحرير الأحكام : 1 / 194 ؛ و منتهي المطلب : 4 / 205 .

في البلد الغالب فيه المسلمون .

واستفادة المرام منه في موضعين :

أحدهما : وجوده في يد مسلم، لا سيّما بعد المقابلة بما في سوق المسلمين .

والثاني : قول : « أو في البلد الغالب فيه المسلمون » كما لايخفي .

وأمّا البيان فغير مفتقر إلي البيان، إذ استفادة المرام منه أيضًا من وجهين :

أحدهما : من جهة الحصر، لوضوح أنّ الظاهر من كلامه السالف حصر الجلد المحكوم بكونه من الميتة في ثلاثة، و جعل منها ما في دار الكفر ؛ و ظاهر الإضافة الاختصاص، فلا يشمل ما نحن فيه، فلا يكون هو من جملة الثلاثة، فيجوز الاستعمال .

والثاني: من جهة الفحوي، لقوله : « و ما في دار الكفر ميتة إلاّ أن يعلم المسلم بعينه » (1)، بناءً علي أنّه لو جاز استعمال الجلد الموجود في يد المسلم في البلد المختصّ بالكفر، ففي المشترك مع غلبة المسلمين بطريق أولي كما لايخفي .و أمّا الكتب المذكورة بعد البيان فلحصرهم الجلد الّذي له حكم الميتة فيما يوجد في يد كافر، أو في سوق الكفّار، أو مطروحًا ؛ و ما نحن فيه لم يكن منها، مضافًا إلي التصريح بالجواز في بعضها .

ص: 136


1- . البيان : 120 .
الظاهر من المبسوط والنهاية عدم الجواز

و لعلّ الظاهر من المبسوط والنهاية هنا أيضًا عدم الجواز (1)، لما عرفت مرارًا من أنّ الظاهر منهما اختصاص الجواز بما يؤخذ من أسواق المسلمين، والمفروض أخذه من السوق المشترك، لكن مع غلبة المسلمين .

و يمكن أن يكون مراده من « أسواق المسلمين » ما يكون مختصًّا بهم، أو يكون أكثرهم المسلمين، فلا يكون قائلاً بالمنع، قال في الذكري :

و يكفي في سوق الإسلام أغلبيّة المسلمين (2).

مختار المؤلّف قدس سره و دليله

و كيف كان، انّ القول بالمنع علي تقدير تحقّقه ضعيف جدًّا، فالمختار هوالجواز .

والمستند فيه صحيحة الفضلاء : « كُلْ إذا كان في سوق المسلمين ولا تسأل عنه » علي ما في الفقيه (3)، و « كُلْ إذا كان ذلك و لاتسأل عنه » علي ما في الكافي (4).

ص: 137


1- . انظر النهاية : 97 ؛ والمبسوط : 1 / 83 .
2- . ذكري الشيعة : 3 / 30 .
3- . كتاب من لايحضره الفقيه : 3 / 332 ح 4185 .
4- . الكافي : 6 / 237 ح 2 .

بناءً علي أنّه إذا اكتفي في صدق سوق المسلمين بأغلبيّة المسلمين يكون الصحيح، و إلاّ علي المدّعي بالمنطوق، و إلاّ فبمفهوم المخالفة، بل بمفهوم الموافقة

أيضًا من وجه، لما مرّ مرارًا من أنّ مقتضي المفهوم منه انتفاء الجواز في غير سوق المسلمين من غير مسألة، والمفروض تحقّقها واستفادة الظنّ منها، فيجوز .

و مقتضي إطلاق هذا المفهوم ثبوت الجواز مع المسألة الموجبة لحصول المظنّة في السوق المختصّ بالكفرة، ففي المشترك سيّما مع أغلبيّة المسلمين بطريق أولي كما لايخفي .

و موثّقة ابن بكير المتكرّرة، و خصوص موثّقة إسحاق بن عمّار السالفة،

لقوله عليه السلام: « لا بأس بالصلاة في الفرو (1) اليمانيّ و في ما صنع في أرض الإسلام،قلت: فإن كان فيها غير أهل الإسلام ؟ قال: إذا كان الغالب عليها المسلمين (2) فلا بأس » (3).قال في المسالك :

ليس في كلام الأصحاب ما يعرف به سوق الإسلام من غيره، فكان الرجوع فيه إلي العرف ؛ و في موثّقة إسحاق بن عمّار .

إلي أن قال بعد إيراد متن الحديث :

ص: 138


1- . في المصدر : القز .
2- . في المصدر : المسلمون .
3- . تهذيب الأحكام : 2 / 368 ح 64 .

و علي هذا ينبغي أن يكون العمل، و هو غير مناف للعرف أيضًا، فيميز (1) سوق الإسلام بأغلبيّة المسلمين فيه، سواء كان حاكمهم مسلمًا وحكمهم نافذًا، أم لا، عملاً بالعموم، انتهي كلامه رفع مقامه (2).

تحقيق الحال يستدعي أن يقال : لا شبهة في صدق سوق المسلمين حقيقة ولو مع اشتراك غيرهم معهم فيه، لكن إذا كان نادرًا ؛ و أمّا مع عدم الندرة ولو مع أكثريّة

المسلمين منهم يكون الإطلاق لايخلو عن إشكال، إذ الظاهر من الإضافة الاختصاص، والمفروض شركة الكفّار معهم في السوق .

و يمكن أن يفرق بين كون الأرض أرض الإسلام و أرض الكفر ؛ و مشاركة الكفّار مع المسلمين في السكني في الأوّل لايخرجها عن كونها أرض الإسلام، كما أنّ مشاركة المسلمين مع الكفّار في ذلك لايخرجها عن كونها أرض الكفر ؛ ولعلّنا نتعرّض لهذا المرام فيما بعد .

القسم الثاني والعشرون:

اشارة

الثاني والعشرون : مثله إلاّ في الإخبار بالتذكية، فيكون الجلد في يد المسلم الغير المستحلّ في السوق المشترك مع غلبة المسلمين والظنّ بكونه من ذبيحة المسلمين .

ص: 139


1- . في المصدر : فيتميّز .
2- . مسالك الأفهام : 11 / 493 .

والحكم هنا أيضًا الجواز، لما بيّناه في نظيره في السوق المختصّ، بل بطريق أولي، وفاقًا للمعتبر والمنتهي والتذكرة ونهاية الإحكام والتحرير والبيان والدروس والذكري والجعفريّة والروض (1).

والحال في كلام المبسوط والنهاية (2) كما تقدّم .

المستند في المنع مع الجواب عنه

والمستند في المنع المفهوم في صحيحة الفضلاء، بناءً علي ما مرّ مرارًا من أنّ مقتضي المفهوم منه انتفاء الإباحة عند انتفاء المسألة فيما إذا لم يكن من أسواق المسلمين ؛ و هو أعمّ من أن يكون مختصًّا بالكفّار، أو مشتركًا بين الفريقين معغلبة المسلمين و غيرها .

والجواب عنه : انّه معارضٌ بالمنطوق في موثّقة إسحاق بن عمّار، لقوله عليه السلام : « إذا كان الغالب عليها المسلمين (3) فلا بأس » (4).

و هو أعمّ من أن يتحقّق المسألة، أم لا، فيجب الرجوع إلي الترجيح، و هو

ص: 140


1- . انظر المعتبر : 2 / 78 ؛ والبيان : 120 ؛ و ذكري الشيعة : 3 / 28 ؛ والدروس الشرعيّة : 1 / 149 ؛ والجعفريّة، المطبوع ضمن « حياة المحقّق الكركي وآثاره » : 4 / 159 ؛ و روض الجنان : 2 / 570 ؛ و نهاية الإحكام : 1 / 373 ؛ و تذكرة الفقهاء : 2 / 464 ؛ و تحرير الأحكام : 1 / 194 ؛ و منتهي المطلب : 4 / 205 .
2- . انظر النهاية : 97 ؛ والمبسوط : 1 / 83 .
3- . في المصدر : المسلمون .
4- . تهذيب الأحكام : 2 / 368 ح 64 .

متحقّق في الطرفين، أمّا في مفهوم الصحيحة فللصحّة في السند والكثرة في العدد وإطباق المشايخ الثلاثة علي إيرادها، والاعتضاد بأصالة عدم التذكية و بقاعدة الاشتغال .

أمّا في الموثّقة فلكون الدلالة فيها بالمنطوق، والاعتضاد بموثّقة ابن بكير، وبأصالة الطهارة والبراءة، و بعمل أكثر عظماء الطائفة، والقوّة في الدلالة، حتّي يمكن أن يدّعي أنّ التعارض بينهما من تعارض العموم والخصوص مطلقًا .

بيان ذلك هو : أنّ صدر الموثّقة دليل علي أنّ مراده عليه السلام جواز الصلاة من غير حاجة إلي السؤال، و ذلك لأنّه عليه السلام قال : « لا بأس بالصلاة في الفرو (1) اليمانيّ وفيما صنع في أرض الإسلام » (2).و معلومٌ أنّ جواز الصلاة في المصنوع في أرض الإسلام غير متوقّف علي السؤال ؛ و يظهر منه أنّ الجواز المتحقّق في صورة الغلبة أيضًا كذلك .و يدلّ عليه أيضًا رواية إسماعيل بن عيسي السالفة، لقوله عليه السلام : « عليكم أن تسألوا عنه إذا رأيتم المشركين يبيعون ذلك » (3)، لوضوح أنّ مقتضي المفهوم منه عدم لزوم السؤال فيما إذا لم يكن المشرك بائعًا .

مضافًا إلي أنّا بيّنا الجواز في نظير المسألة في السوق المختصّ بالكفرة، و في صورة الاشتراك مع غلبة المسلمين أولي، فلاحظ ما احتججنا به لإثبات المرام هناك، فإنّه ينفعك في هذا المقام .

ص: 141


1- . في المصدر : القز .
2- . تهذيب الأحكام : 2 / 368 ح 64 .
3- . كتاب من لايحضره الفقيه : 1 / 258 ح 792 ؛ وتهذيب الأحكام : 2 / 371 ح 76 .

القسم الثالث والعشرون:

اشارة

الثالث والعشرون هو : أن يكون الجلد في يد المسلم الغير المستبيح أيضًا في السوق المشترك مع غلبة المسلمين و إخبار ذي اليد بالتذكية، لكن مع انتفاء المظنّة بها .

والظاهر من أكثر الكتب السالفة - كالمعتبر والمنتهي والتحرير والبيان والذكري والدروس والجعفريّة والروض - جواز الاستعمال (1).

والظاهر من التذكرة و نهاية الإحكام المنع، لما عرفت مرارًا من أنّ الظاهرمنهما أنّ المناط في استعمال الجلود الظنّ بالتذكية ؛ و قد عرفت أيضًا أنّه يمكن أن يجعل كلامه فيهما دليلاً لحمل كلامه في المنتهي والتحرير علي ذلك أيضًا، مضافًا إلي ما عرفت من المنتهي ما يؤيّده (2).

والأمر في كلام المبسوط والنهاية (3) هنا كما تقدّم .

ص: 142


1- . انظر المعتبر : 2 / 78 ؛ والبيان : 120 ؛ و ذكري الشيعة : 3 / 28 ؛ والدروس الشرعيّة : 1 / 149 ؛ والجعفريّة، المطبوع ضمن « حياة المحقّق الكركي وآثاره » : 4 / 159 ؛ و روض الجنان : 2 / 570 ؛ و تحرير الأحكام : 1 / 194 ؛ و منتهي المطلب : 4 / 205 .
2- . انظر نهاية الإحكام : 1 / 373 ؛ و تذكرة الفقهاء : 2 / 464 ؛ و تحرير الأحكام : 1 / 194 ؛ و منتهي المطلب : 4 / 205 .
3- . انظر النهاية : 97 ؛ والمبسوط : 1 / 83 .
المستند للجواز

و لعلّ المستند للجواز عموم قوله عليه السلام في الموثّق السالف : « إذا كان الغالب عليها المسلمين (1) فلا بأس » (2).

بناءً علي أنّ اعتبار الغلبة إنّما هو لإلحاق المشتبه الحال بالمسلم، والمفروض معلوميّة المسلم و وجود الجلد في يده .

و أيضًا الظاهر من الحديث أنّ المناط في استعمال الجلود في البلد المشترك غلبة المسلمين علي غيرهم، والمفروض تحقّقها، فينبغي الحكم بالجواز .

والنصوص المتكثّرة السالفة الدالّة علي جواز استعمال الجلود المأخوذة من الأسواق بعنوان الإطلاق، كصحيحة سليمان بن جعفر الجعفريّ أنّه سأل العبدالصالح موسي بن جعفر عليهماالسلام عن الرجل يأتي السوق، فيشتري جبّة فراء لايدري أذكيّة هي أم غير ذكيّة، أيصلّي فيها ؟ فقال : نعم، ليس عليكم المسألة، إنّ أبا جعفر عليه السلام كان يقول: إنّ الخوارج ضيّقوا علي أنفسهم لجهالتهم (3)، إنّ الدين أوسع من ذلك (4).

و مثله صحيحة البزنطي - بل صحيحتاه - و صحيحة الحلبي قال: سألت أبا

ص: 143


1- . في المصدر : المسلمون .
2- . تهذيب الأحكام : 2 / 368 ح 64 .
3- . في المصدر : بجهالتهم .
4- . كتاب من لايحضره الفقيه : 1 / 257 ح 791 .

عبداللّه

عليه السلام عن الخفاف الّتي تباع في السوق ؟ فقال: اشتر و صلّ فيها حتّي تعلم أنّها ميّت (1).

و غيرها ممّا سلف .

وجه الدلالة هو : انّ النصوص المذكورة و نحوها يقتضي جواز الصلاة في الجلود المأخوذة من الأسواق بعنوان الإطلاق و لو كانت مشتركة، سيّما بعد ترك الاستفصال المقتضي لثبوت الحكم في جميع محتملات السؤال، خصوصًا بعد ملاحظة أنّ تحقّق الاشتراك بين المسلمين و غيرهم لم يكن من الأمور النادرة، لتحقّقها في بغداد و شام و نحوهما ؛ و لا يبعد أن يكون الأمر كذلك في زمان صدور الأخبار عن الأئمّة الأطهار - عليهم صلوات اللّه الملك القهّار .و يدلّ عليه أيضًا صحيحة عبد الرّحمن بن الحجّاج السالفة، إذ مقتضي ترك الاستفصال فيها بين كون ذلك في البلد المشترك و غيره واستفادة الظنّ و عدمهثبوت الحكم في الجميع .

و كذا رواية إسماعيل بن عيسي المتقدّمة قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن جلود الفراء يشتريها الرجل في سوق من أسواق الجيل، أيسأل عن ذكاته إذا كان البائع مسلمًا غير عارف ؟ قال : عليكم (2) أن تسألوا عنه إذا رأيتم المشركين يبيعون ذلك (3).

ص: 144


1- . في المصدر : أنّه ميّت بعينه ؛ تهذيب الأحكام : 2 / 234 ح 128 .
2- . في التهذيب : عليكم أنتم .
3- . كتاب من لايحضره الفقيه : 1 / 258 ح 792 ؛ وتهذيب الأحكام : 2 / 371 ح 76 .

وجه الدلالة من وجهين :

أحدهما : من جهة التقرير، حيث يظهر من تخصيص السؤال عن الذكاة بما إذا كان البائع مسلمًا غير عارف أنّه اعتقد عدم الافتقار إلي السؤال فيما إذا كان البائع

عارفًا ؛ والمراد بالمسلم العارف هو الإثني عشريّ، كما يظهر من تتبّع الأخبار وقرّره عليه السلام عليه .

والثاني : من مفهوم الشرط حيث انّ المستفاد منه أنّ لزوم السؤال إنّما هو إذا كان البائع مشركًا دون غيره ؛ و معلومٌ أنّ المقصود عدم توقّف الاستعمال علي السؤال و جوازه مع عدمه .

المستند في عدم الجواز مع الجواب عنه

و لعلّ المستند في عدم الجواز موثّقة ابن بكير المتكرّرة، بناءً علي ما مرّ غيرمرّة .

و يمكن الجواب بأنّ التعارض بينها و بين النصوص المتكثّرة الدالّة علي جواز الصلاة في الجلود المأخوذة من الأسواق بعنوان الإطلاق عموم من وجه، لافتراقها عن مفهوم الموثّقة في الجلود المأخوذة من الأسواق في صورة المظنّة، لأنّها داخلة في مدلول النصوص المذكورة ولم يدخل في مفهوم الموثّقة ؛ وافتراق مفهوم الموثّقة عنها في غير صورة المظنّة في غير السوق ؛ واجتماعهما في غير صورة المظنّة في السوق .

ص: 145

مختار المؤلّف قدس سره و دليله

فمقتضي النصوص المذكورة جواز الصلاة، و مقتضي مفهوم الموثّقة عدمه، فلابدّ من الرجوع إلي الترجيح، و هو مع تلك النصوص، لأكثريّة العدد وأصحيّة السند، و كون المضمون ممّا أطبقت المشايخ العظام علي روايته، والموافقة بما يظهر من ظاهر الأكثر، والقوّة في الدلالة، والاعتضاد بالقاعدة الناطقة علي حمل أفعال المسلمين علي الصحّة، والمناسبة للشريعة السهلة المحمّديّة - عليه و علي آله آلاف السلام والتحيّة - و تحقّق التعليل في صحيحين من النصوص المذكورة بأنّ الدين أوسع من ذلك .

فالمختار : جواز الاستعمال وإن كان الاجتناب في صورة الإمكان أقربللوصول إلي دار الجنان .

القسم الرابع والعشرون:

اشارة

الرابع والعشرون : مثله مع انتفاء الإخبار أيضًا بأن يكون الجلد في يد المسلم الغير المستحلّ في السوق المشترك مع غلبة المسلمين، لكن مع انتفاء الإخبار والظنّ بكونه من ذبيحة المسلمين .

والظاهر من المعتبر والذكري والدروس والبيان والجعفريّة والروض

ص: 146

والمسالك والمدارك والذخيرة (1) جواز الاستعمال أيضًا من وجهين في بعض، ومن وجه في آخر علي ما نبّهنا عليه فيما سلف .

و لعلّ الظاهر من المبسوط والنهاية والتذكرة و نهاية الإحكام العدم (2)، لما علم مرارًا .

المستند في الجواز

والمستند في الجواز يظهر ممّا سلف من موثّقة إسحاق بن عمّار، والنصوص المعتبرة الدالّة علي جواز الصلاة فيما يؤخذ من الأسواق بعنوان الإطلاق إلاّ بعد العلم من كونه غير المذكّي، و رواية إسماعيل بن عيسي علي ما يعرف من الصورة السابقة .

المستند في المنع مع الجواب عنه

و في المنع - مضافًا إلي أصالة عدم التذكية - مفهوم الشرط في موثّقة ابن بكير

ص: 147


1- . انظر المعتبر : 2 / 78 ؛ والبيان : 120 ؛ و ذكري الشيعة : 3 / 28 ؛ والدروس الشرعيّة : 1 / 149 ؛ والجعفريّة، المطبوع ضمن « حياة المحقّق الكركي و آثاره » : 4 / 159 ؛ و مسالك الأفهام : 11 / 492 و 493 و مدارك الأحكام : 3 / 158 ؛ و ذخيرة المعاد : 2 / 232 ؛ و روض الجنان : 2 / 570 .
2- . انظر النهاية : 97 ؛ والمبسوط : 1 / 83 و نهاية الإحكام : 1 / 373 ؛ و تذكرة الفقهاء : 2 / 464 .

المتكرّرة، و مفهوم صحيحة الفضلاء، لما عرفت من أنّ مقتضاه انتفاء الإباحة و وجوب السؤال فيما إذا لم يكن السوق من أسواق المسلمين ؛ و مقتضي عموم المفهوم ثبوته و لو في السوق المشترك مع الغلبة، كما فيما نحن فيه .

والجواب عن الأوّل والثاني يظهر ممّا سلف، و أمّا عن الثالث أمّا علي ما بني عليه شيخنا الشهيد الثاني في المسالك من حمله النهي فيها علي الكراهة، حيث قال:

كما يجوز شراء اللحم والجلد من سوق الإسلام، لايلزم البحث عنه هل ذابحه مسلم أم (1) لا ؟ و أنّه هل سمّي واستقبل بذبيحته القبلة أم لا ؟ بل ولا يستحبّ ؛ و لو قيل بالكراهة كان وجهًا، للنهي عنه في الخبر السابق الّذي أقلّ مراتبه الكراهة (2).فالأمر ظاهر، إذ مقتضي المفهوم حينئذٍ انتفاء كراهة السؤال في غير أسواق المسلمين ؛ و أين ذلك من دلالته علي عدم الجواز ؟! فتأمّل .

و كذا علي ما ذكره هو - كمثله الفائز بدرجة الشهادة - من الاكتفاء في صدق سوق المسلمين بأغلبيّة المسلمين، بل الأمر حينئذٍ أظهر، لاندراج ما نحن فيه حينئذٍ تحت المنطوق، لا المفهوم كما لايخفي .

و أمّا علي ما نبّهنا عليه من كون النهي فيها واردًا موهم توهّم الوجوب وأنّه لايفيد إلاّ نفي الوجوب وأنّ مطلق الغلبة لايكفي للصدق علي الحقيقة، فالأمر

ص: 148


1- . في المصدر : أو .
2- . مسالك الأفهام : 11 / 494 .

مشكل، إذ مقتضي المفهوم ما عرفت، فيكون التعارض حينئذٍ بينه و بين النصوص المسوّغة لاستعمال الجلود المأخوذة في الأسواق من تعارض العموم والخصوص مطلقًا، لكون السوق في النصوص المذكورة أعمّ من أن يكون مختصًّا بالمسلمين أو لا، والمفهوم في الصحيحة يدلّ علي انتفاء الإباحة حين انتفاء المسألة فيما إذا لم يكن السوق سوق المسلمين، فلابدّ من حمل المطلق علي المقيّد والعامّ علي الخاصّ .

و هكذا الحال بين المفهوم في الصحيحة والمفهوم من رواية إسماعيل بن عيسي، إذ المفهوم في قوله عليه السلام : « عليكم أن تسئلوا عنه إذا رأيتم المشركين يبيعون ذلك » (1) ؛ انتفاء وجوب المسألة عند انتفاء كون البائع مشركًا، و هو أعمّمن أن يكون في سوق المسلمين و غيره .و قد عرفت أنّ مقتضي المفهوم في صحيحة الفضلاء وجوب المسألة فيما إذا لم يكن في سوق المسلمين، فلابدّ من حمل المفهوم في الرواية المذكورة علي ما إذا كان ذلك في سوق المسلمين، مضافًا إلي ضعف سند الرواية .

و يمكن الجواب عنه بأنّ ذلك إنّما هو إذا كان التعارض بين مفهوم صحيحة الفضلاء والنصوص المذكورة من تعارض المطلق والمقيّد، أو العموم والخصوص مطلقًا ؛ و هو غير مسلّم، بل الظاهر أنّ التعارض بينهما من تعارض الظاهرين والعموم من وجه .

تحقيق الحال في ذلك يستدعي أن يقال : إذا كان مفهوم صحيحة الفضلاء : « إذا

ص: 149


1- . كتاب من لايحضره الفقيه : 1 / 258 ح 792 ؛ وتهذيب الأحكام : 2 / 371 ح 76 .

كان السوق غير سوق المسلمين وجب عليك السؤال »، اتّجه احتمال العموم والخصوص مطلقًا لعين ما ذكر .

لكنّه غير صحيح ؛ إذ الظاهر أنّ المفهوم في قوله عليه السلام : « إذا كان ذلك في أسواق المسلمين فكل و لاتسأل عنه »، أنّه إذا لم يكن اللحم في أسواق المسلمين فلا تأكل من غير سؤال، بل لابدّ لك من السؤال .

فعلي هذا نقول : إنّ التعارض بينه و بين النصوص المسوّغة لجواز الاستعمال في الجلود المأخوذة من الأسواق بعنوان الإطلاق عموم من وجه، لافتراق المفهوم المذكور عنها في غير الأسواق، لكونه مندرجًا تحته دون النصوص المذكورة ؛ وافتراقها عنه في الأسواق المختصّة بالمسلمين ؛ واجتماعهما في محلّ الكلام و نحوه .

مختار المؤلّف قدس سره و دليله

فالمفهوم يقتضي عدم الجواز من غير مسألة، والنصوص اقتضت الجواز من غيرها، فلابدّ من الرجوع إلي التراجيح، و هي مع النصوص المذكورة للوجوه المرجّحة المذكورة .

مضافًا إلي أنّ الدلالة فيها بالمنطوق، و هو أقوي من المفهوم، فالترجيح لمذهب المجوّزين وإن كان الاحتياط مع المانعين .

إن قلت : إنّ ذلك وإن كان حقًّا، لكنّه مبنيّ علي أنّ المفهوم في صحيحة الفضلاء ما ذكر ثانيًا، و هو غير مسلّم، لأنّ ذلك إنّما كان وجيهًا إذا لم يذكر السوق في

ص: 150

السؤال ؛ و هو مذكور فيه، لما عرفت من أنّه هكذا : « انّهم سألوا أبا جعفر عليه السلام عن شراء اللحم من الأسواق و لايدري ما يصنع القصّابون، قال : كل إذا كان ذلك في أسواق المسلمين و لاتسأل عنه » (1).

فالمشار إليه لاسم الإشارة - علي ما في الكافي - و مرجع الضمير في « كان » - علي ما في الفقيه - هو السوق، فيكون المفهوم : إذا كان السوق غير سوق المسلمين فلا تأكل واسأل عنه .

قلنا : إنّ ذلك إنّما كان وجيهًا إذا لم يذكر لفظة « في » في قوله عليه السلام : « إذا كان ذلك في أسواق المسلمين » ؛ و أمّا معه فلا، كما لا يخفي علي المتأمّل، بل حينئذٍ نقول : الظاهر أنّ المشار إليه لاسم الإشارة أو مرجع الضمير هو اللحم المذكور فيالسؤال، والتقدير حينئذٍ : إذا كان اللحم في أسواق المسلمين فكل ولا تسأل، فالمفهوم حينئذٍ : إذا لم يكن اللحم في أسواق المسلمين فلا تأكل، و هو ما بنينا عليه الكلام، والحمد للّه في الفاتحة والختام .

القسم الخامس والعشرون:

اشارة

الخامس والعشرون : مثله، لكن مع الإخبار من ذي اليد المسلم الغير المستحلّ بكونه من غير المذكّي .

ص: 151


1- . الكافي : 6 / 237 ح 2 .

و مقتضي إطلاق المعتبر والذكري والبيان والدروس والجعفريّة والروض (1) وإن كان الجواز هنا أيضًا، لكنّ الظاهر أنّه ليس مراد، لتصريح كثير منهم بأنّ ذا اليد

إذا أخبر بكونه من غير المذكّي يقبل قوله ؛ والظاهر منهم تسليم ذلك و لو كان في السوق المختصّ بالمسلمين، فضلاً عن المشترك بين الفريقين .

المستند في قبول الإخبار

والمستند في قبول الإخبار حينئذٍ - مضافًا إلي أنّ الظاهر أنّه ممّا لا خلاف فيه - الصحيح المرويّ في الكافي عن الحلبي قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : الخفافعندنا في السوق نشتريها، فما تري في الصلاة فيها ؟ فقال : صلّ فيها حتّي يقال لك إنّها ميتة بعينه (2).

وجه الدلالة هو : انّ المراد من السوق في الحديث إن كان المختصّ بالمسلمين فيدلّ علي القبول والاجتناب فيما نحن فيه بطريق أولي ؛ و إن كان أعمّ فيدلّ عليه بالمنطوق، بل الفحوي أيضًا، كما لا يخفي علي المتأمّل .

و بالجملة : انّ لزوم الاجتناب في محلّ الكلام ممّا لاينبغي التأمّل فيه، سواء استفاد الظنّ من قوله، أم لا، إلاّ إذا كان خلافه مظنونًا، فحينئذٍ وقع التعارض بين

ص: 152


1- . انظر المعتبر : 2 / 78 ؛ والبيان : 120 ؛ و ذكري الشيعة : 3 / 28 ؛ والجعفريّة، المطبوع ضمن « حياة المحقّق الكركي وآثاره » : 4 / 159 ؛ والدروس الشرعيّة : 1 / 149 ؛ و روض الجنان : 2 / 570 .
2- . في المصدر : بعينها ؛ الكافي : 3 / 403 ح 28 .

المنطوق في موثّقة ابن بكير والمفهوم في صحيحة الفضلاء، لوضوح أنّ مقتضي المنطوق جواز الاستعمال مع الظنّ بالتذكية، والمفروض تحقّقه .

و مقتضي المفهوم خلافه، لما عرفت من أنّ محصّله أنّه إذا لم يكن في سوق المسلمين يتوقّف الجواز علي المسألة ؛ و مقتضاه أنّه إذا أخبر بالتذكية يقبل كما لايخفي، فإذا جاز التعويل علي الإخبار بالتذكية الّتي هي مخالفة للأصل، فعلي الإخبار بالعدم الّذي هو موافقٌ للأصل بطريق أولي، و هو أعمّ من أن يكون خلاف الخبر مظنونًا، أو لا .

فمقتضي موثّقة ابن بكير جواز الاستعمال مع الظنّ بالتذكية، سواء أخبر ذواليد بخلافه، أم لا ؛ و مقتضي المفهوم في الصحيحة عدم الجواز مع الإخبار بعدم التذكية، سواء كان خلافه مظنونًا، أم لا، فبينهما عموم من وجه .

مختار المؤلّف قدس سره و دليله

والترجيح لموثّقة ابن بكير، لكون الدلالة فيها بالمنطوق، والاعتضاد بالنصوص المتكثّرة المعتبرة المسوّغة لاستعمال الجلود المأخوذة من الأسواق، وأصالتي الطهارة والإباحة، والمناسبة بالشريعة السهلة السمحة المحمّديّة - عليه و علي آله آلاف السلام والتحيّة - والنصوص الدالّة علي الجواز إلاّ مع العلم بكونه من الميتة - كقوله عليه السلام : « صلّ فيها حتّي تعلم أنّه ميتة » (1)، و نحوه ممّا تقدّمت إليه الإشارة - و وهن شمول المفهوم للصورة المفروضة، لكونها من الفروض النادرة، كما لايخفي

ص: 153


1- . تهذيب الأحكام : 2 / 234 ح 128 .

علي ذي فطنة و دراية ؛ و منه يظهر الحال في التمسّك بقوله عليه السلام : « حتّي يقال لك إنّها ميتة » ؛ و كلمات أصحابنا الناطقة بلزوم الاجتناب حال الإخبار بعدم التذكية .

القسم السادس والعشرون :

السادس والعشرون : هو ما إذا كان الجلد في يد المسلم الغير المستحلّ في البلد المشترك مع الإخبار والظنّ بالتذكية .

والمختار : جواز الاستعمال، وفاقًا للمعتبر والمنتهي والتذكرة و نهاية الإحكام والسرائر والبيان والذكري والدروس والجعفريّة والروض و غيرهم (1).والمستند فيه : صحيحة الفضلاء مفهومًا علي التحقيق و منطوقًا علي غيره ؛ وموثّقتا ابن بكير وإسحاق ؛ و صحيحة عبد الرّحمن بن الحجّاج ؛ و رواية إسماعيل بن عيسي، لدلالتها علي جواز الاستعمال من غير إخبار، فمعه بطريق أولي ؛ والسؤال وإن وقع في شراء الفراء في بعض الأسواق، لكنّ العبرة بعموم الجواب، فلا يضرّه خصوصيّة السؤال .

ص: 154


1- . انظر المعتبر : 2 / 78 ؛ والبيان : 120 ؛ والسرائر : 1 / 261 و 262 ؛ و ذكري الشيعة :3 / 28 ؛ والدروس الشرعيّة : 1 / 149 ؛ والجعفريّة، المطبوع ضمن « حياة المحقّق الكركي وآثاره » : 4 / 159 ؛ و روض الجنان : 2 / 570 ؛ و نهاية الإحكام : 1 / 373 ؛ و تذكرة الفقهاء: 2 / 464 ؛ و تحرير الأحكام : 1 / 194 ؛ و منتهي المطلب : 4 / 205 .

و لعلّ الظاهر من شيخ الطائفة في الكتابين خلافه، كما مرّ مرارًا (1).

و يمكن أن يكون المستند فيه ظاهر لفظ « العلم » في الموثّقة المتكرّرة و رواية

أبي حمزة السالفة، لكنّك قد عرفت الجواب عنه غير مرّة، فلا افتقار إلي الإعادة .

القسم السابع والعشرون :

اشارة

السابع والعشرون : مثله إلاّ في الإخبار بالتذكية .

والظاهر من الكتب المذكورة هنا أيضًا جواز الاستعمال من وجهين في بعض و وجه في آخر علي ما نبّهنا عليه فيما مرّ .والمستند فيه : الموثّقتان المذكورتان، و صحيحة جعفر بن محمّد بن يونس السالفة حيث قال : إنّ أباه كتب إلي أبي الحسن عليه السلام يسأله عن الفرو والخفّ ألبسه وأصلّي فيه و لا أعلم أنّه ذكيّ ؟ فكتب : لا بأس (2).

بناءً علي أنّ ترك استفصاله في صورة الإخبار بالتذكية و عدمه مع حكمه بالجواز دليل ثبوت الحكم في الصورتين، ككونه في البلد المختصّ أو المشترك أو السوق، و غيره ؛ و رواية إسماعيل بن عيسي .

ص: 155


1- . انظر النهاية : 97 ؛ والمبسوط : 1 / 83 .
2- . كتاب من لايحضره الفقيه : 1 / 258 ح 793 .
الظاهر من شيخ الطائفة عدم الجواز

والظاهر من شيخ الطائفة في الكتابين عدم الجواز، و لعلّ المستند فيه - مضافًا إلي ما مرّ - المفهوم في صحيحة الفضلاء، بناءً علي ما عرفت مرارًا .

والجواب عنه يظهر ممّا مرّ أيضًا، لكون التعارض بينه و بين المنطوق في موثّقة إسحاق بن عمّار من تعارض الظاهرين والعموم من وجه، لأنّ مقتضي المنطوق مع الظنّ بالتذكية، سواء تحقّق الاستخبار والإخبار، أم لا ؛ و مقتضي المفهوم توقّف الجواز علي الاستخبار والإخبار، سواء ظنّ بالتذكية، أم لا .

مختار المؤلّف قدس سره و دليله

والوجوه المرجّحة متحقّقة في الجانبين، أمّا [ في ] المفهوم فللصحّة في السند وكون المضمون ممّا أطبقت المشايخ الثلاثة علي إيراده ؛ والاعتضاد بأصالة عدم التذكية و بقاعدة الاشتغال .

وأمّا في الموثّقة فلكون الدلالة فيها بالمنطوق ؛ والاعتضاد بموثّقة ابن بكير وصحيحة جعفر بن محمّد بن يونس، و برواية إسماعيل بن عيسي، و بأصالتي الطهارة والإباحة، والمناسبة بالشريعة السهلة السمحة، و بالموافقة بما يظهر من أكثر عظماء الطائفة .

مضافًا إلي القوّة في الدلالة حتّي يمكن أن يدّعي أنّ التعارض بينهما من تعارض العموم والخصوص مطلقًا علي ما نبّهنا عليه فيما سلف .

ص: 156

فالترجيح للجواز وإن كان الاجتناب حال الإمكان أوفق بطريق الاحتياط .

هذا كلّه مبنيّ علي تسليم كون المورد في موثّقة إسحاق صورة المظنّة، بناءً علي أنّ قوله عليه السلام : « إن كان الغالب عليها المسلمين (1) فلا بأس » (2)، مستلزم لها .

وإن أبيت عن ذلك، فصوّر المقال بين موثّقة ابن بكير بعد حمل العلم فيها علي الظنّ و بين المفهوم في صحيحة الفضلاء علي النحو المذكور، فاجعل المنطوق في موثّقة إسحاق بن عمّار من المرجّحات كسائر الأمور المرجّحة المذكورة، فتأمّل .

القسم الثامن والعشرون :

اشارة

الثامن والعشرون : مثله أيضًا - أي : مثل السادس والعشرون - إلاّ في المظنّة بأن يكون الجلد في يد المسلم الغير المستحلّ في البلد المشترك مع غلبة المسلمين مع الإخبار من ذي اليد بالتذكية، لكن من غير استفادة الظنّ من قوله .

والمستفاد من ظاهر المعتبر والبيان والذكري والدروس والجعفريّة والروض (3) جواز الاستعمال أيضًا من وجهين في الأوّلين، و من وجه في غيرهما

ص: 157


1- . في المصدر : المسلمون .
2- . تهذيب الأحكام : 2 / 368 ح 64 .
3- . انظر المعتبر : 2 / 78 ؛ والبيان : 120 ؛ و ذكري الشيعة : 3 / 29 ؛ والدروس الشرعيّة : 1 / 149 ؛ والجعفريّة، المطبوع ضمن « حياة المحقّق الكركي و آثاره » : 4 / 159 ؛ و روض الجنان : 2 / 570 .

علي ما علمت في بعض المباحث السالفة .

و يمكن أن يجعل الذكري مشاركًا مع الأوّلين في الدلالة من وجهين، لتصريحه بالقبول فيما إذا أخبر المسلم المستحلّ بالتذكية، ففي المسلم الغير المستحلّ بطريق أولي ؛ قال في الذكري :

ولو وجد في يد مستحلّ بالدبغ، ففيه صور ثلاث، الأولي : أن يخبر بأنّه ميتة فليجتنب، لاعتضاده بالأصل من عدم الذكاة ؛ الثانية : أن يخبر بأنّه مذكّي، فالأقرب القبول، لأنّه الأغلب و لكونه ذا يد عليه، فيقبل قوله فيه (1).و منه يظهر الحال في بعض المباحث السالفة، فعلي هذا يكون دلالة البيان علي الجواز في محلّ الكلام من وجوه ثلاثة : الوجهان السابقان و تصريحه بالقبول من إخبار المسلم المستحلّ، ففي غير المستحلّ بطريق أولي .

و قد أوردنا عبارته في القسم الخامس من الأقسام المذكورة، و منه يتقوّي دلالته علي الجواز في بعض المباحث السالفة أيضًا .

والظاهر من المبسوط والنهاية عدم الجواز (2)، و لعلّه الظاهر من التذكرة ونهاية

الإحكام علي ما عرفت مرارًا، بل المنتهي والتحرير علي الاحتمال المتقدّم (3).

ص: 158


1- . ذكري الشيعة : 3 / 29 .
2- . انظر النهاية : 97 ؛ والمبسوط : 1 / 83 .
3- . انظر نهاية الإحكام : 1 / 373 ؛ و تذكرة الفقهاء : 2 / 464 ؛ و تحرير الأحكام : 1 / 194 ؛ و منتهي المطلب : 4 / 205 .

والمستند في الجواز هو المفهوم في صحيحة الفضلاء، لوضوح أنّ المسألة الّتي جعلها عليه السلام مناطًا في جواز الأكل إنّما هو لأجل الإخبار بكونه من ذبيحة المسلمين والمفروض تحقّقه ؛ وإن شئت فافرض تحقّق الاستخبار أيضًا، إذ ليس المفروض في محلّ الكلام اعتبار عدمه، بل عدم اعتباره، فلا ينافي تحقّقه .

و رواية إسماعيل بن عيسي، لما بيّنا من أنّ مقتضي تعليق وجوب المسألة علي ما إذا كان البائع مشركًا انتفاؤه عند انتفائه كما هو المفروض، إذ الكلام فيما إذا كان

الجلد في يد المسلم، و قد نبّهنا مرارًا أنّ العبرة بعموم اللفظ، فلا يفيد تخصيصه خصوصيّة السؤال .و صحيحة عبد الرّحمن حيث قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الفراء اشتريه منالرجل الّذي لعلّي لا أثق به (1)، فيبيعني علي أنّها ذكيّة أبيعها علي ذلك ؟ فقال: إن كنت لاتثق به فلا تبعها علي أنّها ذكيّة، إلاّ أن تقول : قد قيل لي انّها ذكيّة (2).

و ترك الاستفصال بين كون الرجل في السؤال مسلمًا مستحلاًّ أو غير مستحلّ يفيد ثبوت الحكم في القسمين .

مضافًا إلي أنّ المسلم الغير المستحلّ متيقّن الإرادة، إذ لو كان هو المراد من السؤال فالأمر ظاهر ؛ و إن كان غيره - أي : المسلم المستحلّ - فيدلّ علي ثبوت الحكم في غير المستحلّ بطريق أولي .

و ممّا ذكر يظهر الحال في الإطلاق.

ص: 159


1- . في المصدر : لعلّي أثق به .
2- . تهذيب الأحكام : 7 / 133 ح 57 .

ثمّ نقول : إنّ ترك استفصاله عليه السلام بين كون الرجل في البلد المختصّ بالمسلمين أو المشترك بين الفريقين و حكمه بما يدلّ علي الجواز يفيد ثبوت الحكم في الحالين .

و هكذا الحال في ترك تفرقته عليه السلام بين استفادة الظنّ من قول المخبر بالتذكية و غيره، فإنّه يدلّ علي ثبوت الحكم في القسمين، فيتمّ المدّعي .

و صحيحة جعفر بن محمّد بن يونس السالفة، بناءً علي ما يظهر ممّا قدّمنا بيانه .و قوله عليه السلام في موثّقة إسحاق بن عمّار : « إذا كان الغالب عليها المسلمين (1)فلا بأس » (2)، بناءً علي ما عرفت فيما سلف من أنّ الظاهر أنّ اعتبار الغلبة إنّما هو لإلحاق المشتبه الحال بالمسلم، فيحكم بجواز الاستعمال لذلك، والمفروض معلوميّة الإسلام من ذي اليد .

و أيضًا انّ المستفاد من الحديث أنّ المناط في استعمال الجلود في البلد المشترك غلبة المسلمين، والمفروض تحقّقها .

هذا غاية ما يمكن أن يقال به في المقام، لكن يمكن الجواب أمّا عن الأوّل : فلأنّه معارض بموثّقة ابن بكير المتكرّرة، إذ مقتضي المفهوم منها بعد حمل العلم

فيها علي الظنّ عدم جواز الصلاة في الجلود مع انتفاء المظنّة بالتذكية، سواء تحقّق الإخبار بها أم لا ؛ و مقتضي المفهوم في صحيحة الفضلاء الجواز في صورة

ص: 160


1- . في المصدر: المسلمون .
2- . تهذيب الأحكام : 2 / 368 ح 64 .

الإخبار، استفاد الظنّ منه أو لا .

والظاهر أنّ الترجيح لموثّقة ابن بكير، للقوّة في الدلالة، والاعتضاد بأصالة عدم التذكية والاحتياط في العبادة .

والمفهوم في الصحيحة غير صالح للمعارضة، أمّا علي ما بني عليه شيخنا الشهيد الثاني من حمل النهي فيها علي الكراهة فالأمر ظاهر، إذ مقتضي المفهوم حينئذٍ انتفاء كراهة السؤال في غير أسواق المسلمين ؛ و أين ذلك من الدلالة علي الجواز بعد المسألة ؟!و أمّا علي ما بنينا عليه فلما نبّهنا عليه في بعض المباحث السالفة من كون المفروض من الفروض النادرة الّتي لايكاد ينصرف إليها إطلاق المفهوم، فيكون ظاهرًا في غيره ؛ و علي فرض الإغماض عن دعوي الظهور فلا أقلّ من الشكّ في الشمول، و معه كيف يمكن أن يعارض به الموثّقة الظاهرة الدلالة ؟!

و أمّا عن رواية إسماعيل بن عيسي، فلأنّ التعارض بين المفهوم فيها والمفهوم في موثّقة ابن بكير من تعارض المطلق والمقيّد، إذ غاية ما يستفاد منه عدم لزوم المسألة فيما إذا لم يكن البائع من الكفرة ؛ و جواز الاستعمال حينئذٍ من غير المسألة، و هو أعمّ من أن يحصل الظنّ بالتذكية أم لا .

و مقتضي المفهوم في موثّقة ابن بكير عدم جواز الاستعمال مع انتفاء المظنّة، فلابدّ من حمل المفهوم في الرواية علي صورة المظنّة، أو علي الجلود المأخوذة من الأسواق - كما هو مورد الرواية - مضافًا إلي أنّ ضعف سندها يقدح في الركون إليها في المسألة .

ص: 161

و منه يظهر الجواب عمّا لو قرّر التعارض بينهما من تعارض الظاهرين والعموم من وجه بأن يقال : إنّ مقتضي المفهوم في موثّقة ابن بكير عدم الجواز عند انتفاء الظنّ بالتذكية، سواء كان الجلد في يد المسلم أو غيره ؛ و مقتضي مفهوم الرواية هو الجواز فيما إذا كان في يد المسلم، سواء ظنّ بالتذكية أم لا ؛ و لمّا كان السند فيها

ضعيفًا لا يصلح أن يتمسّك بها في مقام المعارضة مطلقًا .

و من هنا استبان الجواب عمّا لو تمسّك متمسّك بفهموم الرواية في مقامالمعارضة لمفهوم الصحيحة المذكورة بأن يقال : إنّ مقتضي المفهوم في الصحيحةلزوم السؤال فيما إذا لم يكن في سوق المسلمين ؛ و هو أعمّ من أن يكون ذواليد كافرًا أو مسلمًا، و مفهوم الرواية اقتضي عدم لزوم السؤال فيما إذا كان ذواليد مسلمًا، فلابدّ من حمل المفهوم في الصحيحة علي ما إذا كان ذواليد كافرًا .

تقرير الجواب من وجهين :

أحدهما : انّ مقتضي المفهوم في الرواية وإن كان ذلك، لكنّه أعمّ من أن يكون في أسواق المسلمين و غيرها، فبينهما عموم من وجه، لا مطلقًا، لأنّ المفهوم في الصحيحة وإن كان أعمّ من أن يكون ذواليد كافرًا أو مسلمًا، لكنّه أخصّ باعتبار أنّ الموضوع فيه غير أسواق المسلمين ؛ والمفهوم في الرواية وإن كان أخصّ باعتبار أنّ الموضوع فيه المسلم، لكنّه أعمّ باعتبار شموله لسوق المسلمين و غيره، والترجيح لجانب الصحيح من وجوه ظاهرة .

والجواب الثاني : هو أنّا نقول بعد تسليم انّ التعارض بينهما من تعارض العموم

والخصوص مطلقًا هو : انّ الرواية المذكورة غير صالحة للمعارضة، لعدم

ص: 162

استجماعها لشرائط الحجّيّة .

و أمّا عن صحيحة عبدالرّحمن بن الحجّاج، فيظهر ممّا ذكر أيضًا ؛ و ذلك لأنّ مقتضي عموم الصحيحة وإن كان جواز الاستعمال مطلقًا ولو مع انتفاء الظنّ بالتذكية، لكنّها مخصّصة بصورة المظنّة للمفهوم في الموثّقة المذكورة، أو بالجلود المأخوذة من الأسواق .

و يؤيّده الحديث علي النحو المرويّ في الكافي عن عبدالرّحمن المذكور قال:قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : إنّي أدخل سوق المسلمين أعني هذا الخلق الّذي (1)يدعون الإسلام، فأشتري منهم الفراء للتجارة، فأقول لصاحبها : أليس هي ذكيّة ؟ فيقول: بلي، فهل يصلح لي أن أبيعها علي أنّها ذكيّة ؟ فقال: لا، ولكن لابأس أن تبيعها وتقول : قد شرط لي الّذي أشتريتها منه أنّه (2) ذكيّة، الحديث (3).

و أمّا عن صحيحة جعفر بن محمّد بن يونس، فلعين ما ذكر، بناءً علي أنّ التعارض بينها و بين المفهوم في موثّقة ابن بكير من تعارض العموم والخصوص مطلقًا، لأنّ مقتضي الصحيحة جواز الاستعمال و لو مع عدم الظنّ بالتذكية، فلابدّ من تقييدها بصورة المظنّة .

مضافًا إلي ما نبّهنا عليه في المباحث السالفة من لزوم حملها علي صورة المظنّة، لكونها نصًّا في عدم اعتبار العلم، و ظاهرةً في جواز الاستعمال و لو مع

ص: 163


1- . في المصدر : الّذين .
2- . في المصدر : أنّها .
3- . الكافي : 3 / 398 ح 5 .

عدم المظنّة .

والأمر في موثّقة ابن بكير بالعكس، فهي ظاهرةٌ في اشتراط العلم، و صريحةٌ في اعتبار الرجحان، فلابدّ من رفع اليد عن ظاهر كلّ منهما لملاحظة النصّ في الآخر، فعلي هذا لايصحّ التمسّك بها فيما نحن فيه .

وأمّا عن موثّقة إسحاق بن عمّار، فقد عرفت أنّ اعتبار الغلبة فيها إنّما هو لتحصيل المظنّة، والمفروض انتفاؤها .لكن تحقيق الحال في الموثّقة المذكورة يستدعي أن يقال : إنّ المراد من الغلبةفيها إمّا الأكثريّة بحسب الوجود، أو التسلّط ؛ والنسبة بينهما عموم من وجه كما لايخفي .

و لايبعد أن يقال : إنّ المراد هو الثاني، و يرشدك إليه لفظة « علي » في قوله عليه السلام: « عليها »، دون : « فيها »، سيّما بعد كون المذكور في كلام السائل : « فيها »، فعلي

هذا ما ذكره شيخنا الشهيد الثاني - نوّر اللّه تعالي روحه - حيث قال :

فيتعيّن سوق الإسلام بأغلبيّة المسلمين فيه، سواء كان حاكمهم مسلمًا وحكمهم نافذًا، أم لا، عملاً بالعموم (1).

فليس علي ما ينبغي، لأنّ معني الحديث علي ما بيّناه : إذا كان المسلّط عليها المسلمين فلا بأس ؛ و ذلك لايتمّ إلاّ علي تقدير كون الحاكم منهم و نفوذ حكمهم كما لا يخفي، فأين العموم ؟!

ص: 164


1- . مسالك الأفهام : 11 / 493 .

إن قيل : إنّ الظاهر من لفظة « علي » وإن كان ذلك، لكنّه مستلزم لتقدير مضاف في العبارة بأن يقال : إنّ التقدير : إذا كان المسلّط علي أهل تلك الأرض مسلمين فلا بأس ؛ و جعل كلمة « علي » بمعني : « في » وإن كان مخالفًا للظاهر، لكنّه مجاز، وهو أولي من الإضمار، فيرجّح عليه عند التعارض .

قلنا : الاستلزام ممنوع، لوضوح شيوع الاستعمال منضمًّا إلي البلد، كما يقال : فلان مسلّط علي مملكته، أو علي تلك البلدة، إلاّ أنّ ذلك لايضرّ فيما نحن بصدده، إذ الظاهر أنّ اعتبار التسلّط إنّما هو للمظنّة بكون الجلد المشكوك فيه من ذبيحةالمسلمين .

و لك أن تقول : إنّ استعمال التسلّط منضمًّا إلي البلد وإن كان متداولاً، لكنّ المذكور في الحديث لفظ : « الغالب »، ولم يعهد استعماله كذلك، يقال : فلان غلب علي عدوّه، و لا يقال : غلب علي تلك الأرض أو البلدة ؛ وإرجاع الضمير في « عليها » إلي غير أهل الإسلام ينافيه ظاهر السياق و إتيان الضمير للمؤنّث .

و هذا القدر يكفي في ترجيح التجوّز في لفظة « علي » و جعلها بمعني : « في »، لا سيّما بعد ملاحظة فهم جماعة من فحول الأصحاب، كالمحقّق والعلاّمة والشهيدين و غيرهم، فلاحظ عباراتهم السالفة .

لكنّ الظاهر أنّه لا يجدي فيما نحن فيه، لما عرفت مرارًا من أنّ الظاهر أنّ اعتبار الغلبة والكثرة إنّما هو لحصول المظنّة، لوضوح أنّ المظنون إلحاق المشتبه بالأغلب، فالمظنون في الجلود المشتبهة الموجودة في أرض الإسلام الّتي يكون غير أهل الإسلام فيها قليلاً أنّها معمولة علي ما يقتضيه قواعد الإسلام، والظاهر أنّه

ص: 165

الوجه في الحديث .

فعلي هذا التمسّك به في إثبات الكلّيّة الّتي ذكرها الشهيد الثاني في غير محلّه، لوضوح أنّ المعهود في أرض الإسلام الّتي يكون الغالب فيها المسلمين أن يكون حاكمهم مسلمًا و حكمهم نافذًا علي المشركين، فينصرف إطلاق الحديث إليه .

إلاّ أن يقال : إنّ الضمير في « فيها » في السؤال و في « عليها » في الجواب راجعٌ إلي مطلق الأرض، لا في المضافة إلي الإسلام، لكنّه مخالف للظاهر، فلاداعي لارتكابه كما لايخفي، فدقّق النظر فيما أبرزناه في هذا المقام، فإنّه نافعكفي كثير من مباحث الجلود .

و ممّا ذكر تبيّن أنّ التمسّك بموثّقة إسحاق بن عمّار في عدم الجواز في محلّ الكلام أولي من التمسّك به في الجواز .

مختار المؤلّف قدس سره و دليله

فالمختار هو : العدم، والمستند فيه - مضافًا إلي ذلك و أصالة عدم التذكية - المفهوم في موثّقة ابن بكير المتكرّرة .

القسم التاسع والعشرون :

التاسع والعشرون : مثله مع انتفاء الإخبار أيضًا، فيكون الجلد في يد المسلم

ص: 166

الغير المستحلّ في البلد المشترك مع أغلبيّة المسلمين، لكن من غير إخبار ولا ظنّ بالتذكية .

والظاهر من المعتبر والبيان والذكري والدروس والجعفريّة والروض (1) جواز الاستعمال من وجهين في الأوّلين أيضًا، و من وجه في الباقي .و لعلّ الظاهر من شيخ الطائفة في الكتابين المتقدّم ذكرهما العدم (2).

و هو الظاهر من التذكرة و نهاية الإحكام لما مرّ مرارًا، واحتمله المنتهي والتحرير لما تقدّم (3).

والمستند في كلّ من الجواز والمنع يظهر ممّا مرّ، بل المنع هنا أقوي من السابق، لأنّه يدلّ عليه هنا كما دلّ عليه هناك، و يدلّ عليه هنا بعض ما لم يدلّ عليه هناك،

كالمفهوم في صحيحة الفضلاء .

ص: 167


1- . انظر المعتبر : 2 / 78 ؛ والبيان : 120 ؛ و ذكري الشيعة : 3 / 28 ؛ والدروس الشرعيّة : 1 / 149 ؛ والجعفريّة، المطبوع ضمن « حياة المحقّق الكركي و آثاره » : 4 / 159 ؛ و روض الجنان : 2 / 570 .
2- . انظر النهاية : 97 ؛ والمبسوط : 1 / 83 .
3- . انظر نهاية الإحكام : 1 / 373 ؛ و تذكرة الفقهاء : 2 / 464 ؛ و تحرير الأحكام : 1 / 194 ؛ و منتهي المطلب : 4 / 205 .

القسم الثلاثون :

الثلاثون : مثله، لكن مع الإخبار من ذي اليد بكونه من غير ذبيحة المسلمين .

والكلام فيه يعلم ممّا سلف في نظيره من غير افتقار إلي الذكر .

القسم الحادي والثلاثون :

اشارة

الحادي والثلاثون : أن يكون الجلد في يد المسلم الغير المستحلّ أيضًا، لكن في السوق المشترك مع المساوات بين الفريقين والإخبار والظنّ بالتذكية .

والظاهر من المعتبر والمنتهي و نهاية الإحكام والتذكرة والتحرير والذكري والبيان والدروس والجعفريّة والروض جواز الاستعمال (1).

والظاهر من شيخ الطائفة في الكتابين عدم الجواز (2).

ص: 168


1- . انظر المعتبر : 2 / 78 ؛ والبيان : 120 ؛ و ذكري الشيعة : 3 / 28 ؛ والدروس الشرعيّة : 1 / 149 ؛ والجعفريّة، المطبوع ضمن « حياة المحقّق الكركي و آثاره » : 4 / 159 ؛ و روض الجنان : 2 / 570 ؛ و نهاية الإحكام : 1 / 373 ؛ و تذكرة الفقهاء : 2 / 464 ؛ و تحرير الأحكام : 1 / 194 ؛ و منتهي المطلب : 4 / 205 .
2- . انظر النهاية : 97 ؛ والمبسوط : 1 / 83 .
المستند في الجواز

والمستند في الجواز قوله عليه السلام في الموثّق المتقدّم : « إذا علمت أنّه ذكيّ » (1)، بعد ما علمت مرارًا من لزوم حمل العلم فيها علي الظنّ ؛ و قد نبّهنا علي أنّ الظاهر

من سياقها أنّ مقصوده عليه السلام إعطاء القاعدة الكلّيّة، و هي : أنّ الظنّ بالتذكية يكفي في جواز الاستعمال مطلقًا، والمفروض تحقّقه ؛ والمفهوم في صحيحة الفضلاء علي ما نبّهنا عليه غير مرّة .

و يؤيّده صحيحة عبدالرّحمن السابقة، لترك استفصاله عليه السلام فيها بين كون الرجل البائع الغير الموثوق به في السوق المختصّ بالمسلمين و غيره ؛ و قد نبّهنا علي أنّ المسلم الغير المستحلّ هو متيقّن الإرادة من الحديث، لدلالته إمّا بالمنطوق أو بالمفهوم .

و صحيحة جعفر بن محمّد بن يونس المذكورة، لترك استفصاله عليه السلام فيها بين كون الخفّ مثلاً مأخوذًا من السوق المختصّ، أو المشترك .

و رواية إسماعيل بن عيسي، لما بيّنا من أنّ مقتضي تعليقه عليه السلام وجوب المسألة علي ما إذا كان البائع مشركًا انتفاؤه عند انتفائه ؛ و قد عرفت أنّ العبرة لعموم اللفظ، فلا يخصّصه الخصوصيّة في السؤال، فمقتضاها جواز الاستعمال من غير مسألة وإخبار، فمع الإخبار بطريق أولي .

ص: 169


1- . الكافي : 3 / 397 ح 1 ؛ وتهذيب الأحكام : 2 / 209 ح 26 .

والمستند في المنع قوله عليه السلام في موثّقة إسحاق بن عمّار : « إذا كان الغالب عليهاالمسلمين (1) فلا بأس » (2).

بناءً علي أنّه عليه السلام جعل المناط في جواز الاستعمال غلبة المسلمين، والمفروض انتفاؤها ؛ و تحقّق البأس وإن لم يستلزم عدم الجواز في نفسه، لكنّ الإنصاف أنّه في بعض المقامات بمعونة القرائن يظهر أنّ المراد منه الحرمة، كما حقّقناه في مطالع الأنوار (3).

و لا يبعد القول بأنّ ما نحن فيه من ذلك، لوضوح أنّ الحرمة هي المتوهّمة في صورة عدم معلوميّة الذابح، لأصالة عدم التذكية، فالبأس المنفيّ ينصرف إليها، فكذلك المثبت .

و يؤيّده الصحيح المرويّ في الكافي عن الحلبي عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : يكره (4) الصلاة في الفراء إلاّ ما صنع في أرض الحجاز، أو ما علمت منه أنّه (5) ذكاة (6) ؛ كما لا يخفي علي المتأمّل .

و يمكن الجواب عنه بما مرّ مرارًا من أنّ الظاهر أنّ اعتبار الغلبة فيها إنّما هو لحصول المظنّة بكونه من ذبيحة المسلمين، والمفروض تحقّقها فيما نحن فيه .

ص: 170


1- . في المصدر : المسلمون .
2- . تهذيب الأحكام : 2 / 368 ح 64 .
3- . لم نجده فيه .
4- . في المصدر : تكره .
5- . « أنّه » لم يرد في المصدر .
6- . الكافي : 3 / 398 ح 4 .

و إن أبيت عن ذلك نقول : إنّ التعارض بينها و بين موثّقة ابن بكير من تعارضالعموم من وجه، لافتراق المفهوم في موثّقة إسحاق بن عمّار عن منطوقها في غير صورة المظنّة ؛ وافتراق منطوقها عنه في بلد الإسلام في صورة المظنّة ؛ واجتماعهما في محلّ الكلام .

فالمنطوق يقتضي الجواز والمفهوم عدمه ؛ والترجيح لجانب المنطوق، للقوّة في الدلالة والسند، لما عرفت من اشتماله علي اثنين ممّن ادّعي في حقّهم إجماع الطائفة، والذكر في الكافي والتهذيب و إن كان نقلاً عنه، بخلاف موثّقة إسحاق بن عمّار .

والاعتضاد بما يظهر من عمل أكثر عظماء الطائفة ؛ و بأصالتي الطهارة والإباحة ؛ والأنسبيّة بالشريعة السهلة المحمّديّة - عليه و علي آله آلاف السلام والتحيّة - و بالمفهوم في صحيحة الفضلاء المتكرّرة، لما عرفت غير مرّة .

و بالتعليل في الصحيحة المتقدّمة و غيرها بأنّ الدين أوسع من ذلك، و غير ذلك من الأحاديث المذكورة ؛ و بما تستدعيه القاعدة المتلقّاة بالقبول لدي الطائفة من حمل أفعال المسلمين علي الصحّة ؛ والنصوص المسوّغة لاستعمال الجلود المأخوذة من الأسواق، لكونها مطلقة .

فالترجيح للجواز، سيّما بعد ما اخترناه في السوق المنفيّ فيه الاشتراك، وإن كان الاجتناب حال الإمكان أقرب بسبيل النجاة .

ص: 171

القسم الثاني والثلاثون :

الثاني والثلاثون : مثله إلاّ في الإخبار بالتذكية .

والظاهر من الكتب السالفة هنا أيضًا الجواز، و كلام المدارك والذخيرة (1) أظهر في الدلالة علي الجواز من غيرهما ؛ و من الكتابين لشيخ الطائفة هو العدم (2).

والمستند في المنع - مضافًا إلي المفهوم في موثّقة إسحاق - هو المفهوم في صحيحة الفضلاء، لما مرّ من أنّ الظاهر أنّ المسألة الّتي جعلها عليه السلام مناطًا في الجواز والإباحة إنّما هو لأجل الإخبار، والمفروض انتفاؤه، وانتفاء الموقوف عليه يستلزم انتفاء الموقوف .

والجواب أمّا عن الموثّقة فيظهر ممّا مرّ آنفًا ؛ و أمّا عن المفهوم في الصحيحة فهو وإن يظهر ممّا مرّ في بعض المباحث السالفة أيضًا، لكنّا لا نكتفي بذلك للتنبيه علي بعض الفوائد، فنقول : إنّ التعارض بينه و بين المنطوق في موثّقة ابن بكير من تعارض العموم والخصوص من وجه .

أمّا خصوصيّة المنطوق فباعتبار اشتماله علي المظنّة بعد حمل العلم فيها عليها ؛ وأمّا عمومه فلأنّه يشمل صورتي الإخبار بالتذكية و عدمه، أمّا خصوصيّة المفهوم

ص: 172


1- . انظر مدارك الأحكام : 3 / 158 ؛ و ذخيرة المعاد : 2 / 232 .
2- . انظر النهاية : 97 ؛ والمبسوط : 1 / 83 .

فلأنّ مقتضاه توقّف الجواز علي الإخبار، و أمّا عمومه فلأنّه أعمّ من أن يتحقّق الظنّ بالتذكية، أم لا .

و يمكن تقرير العموم من وجه بينهما من وجه آخر بأن يقال : إنّ عموميّة المنطوق فلكونه أعمّ من أن يكون في بلاد المسلمين و غيرها، و خصوصيّته لما ذكر ؛ و أمّا خصوصيّة المفهوم فلكونه في غير سوق المسلمين، و أمّا عمومه فلما ذكر.

والترجيح للمنطوق للقوّة في الدلالة، لكون الدلالة هنا بالمنطوق و هناك بالمفهوم، لا سيّما مثل هذا المفهوم و غيرها ممّا يظهر من المباحث السالفة ؛ و منه الاعتضاد بالمفهوم في رواية إسماعيل بن عيسي .

القسم الثالث والثلاثون :

الثالث والثلاثون : مثله أيضًا، لكن من غير ظنّ بالتذكية بأن يكون الجلد في يد المسلم الغير المستحلّ في السوق المشترك مع المساوات والإخبار من ذي اليد بالتذكية، لكن من غير استفادة المظنّة من قوله .

والظاهر من المعتبر والذكري والبيان والدروس والجعفريّة والروض والمدارك والذخيرة (1) جواز الاستعمال من وجهين من الذكري :

ص: 173


1- . انظر المعتبر : 2 / 78 ؛ والبيان : 120 ؛ و ذكري الشيعة : 3 / 28 ؛ والجعفريّة، المطبوع ضمن « حياة المحقّق الكركي وآثاره » : 4 / 159 ؛ و مدارك الأحكام : 3 / 158 ؛ و ذخيرة المعاد : 2 / 232 ؛ و روض الجنان : 2 / 570 .

أحدهما : من جهة حصره المبطل للصلاة في أربعة لم يكن ما نحن فيه منها .

والثاني : من جهة تصريحه بالقبول إذا أخبر ذو اليد في كلّ من المسلم الغير المستحلّ والمسلم المستحلّ، فله دلالة علي القبول فيما نحن فيه بالمنطوق والفحوي، فمن هذه الجهة إن جعلت الذكري دالّة علي الجواز في محلّ الكلام و نحوه من ثلاثة أوجه يمكنك ذلك، كما أنّ الأمر في البيان أيضًا كذلك .

والمستند فيه علي ما يظهر من كلام الذكري هو : أنّ هذا إخبار تحقّق من ذي اليد فيقبل ؛ والصغري فيه مفروضة، و إنّما الكلام في كلّيّة الكبري .

إن قيل : يمكن إثباتها من قوله عليه السلام في صحيحة الحلبي السابقة : « صلّ فيها حتّي يقال لك إنّها ميتة » (1) ؛ بناءً علي أنّ جواز التعويل علي قول المخبر في كونه من غير المذكّي يدلّ علي جواز التعويل عليه في كونه من المذكّي .

يتوجّه عليه : انّه قياسٌ منهدم الأساس، لا سيّما بعد تحقّق الفارق، لإمكان أن يقال : يمكن أن يكون جواز التعويل علي قول المخبر في عدم التذكية، لكونه موافقًا للأصل، فلا يوجد في التذكية الّتي هي مخالفة للأصل .

و يمكن أن يتمسّك في إثبات الكلّيّة المذكورة بما مرّ مرارًا من المفهوم في صحيحة الفضلاء، لما نبّهنا عليه فيما سلف من أنّ المسألة الّتي جعلها عليه السلام مناطًا في جواز الأكل إنّما هو لأجل الإخبار ؛ و معلومٌ أنّ ذلك إنّما يتمّ إذا جاز العمل بقول

ص: 174


1- . في المصدر : ميتة بعينها ؛ الكافي : 3 / 403 ح 28 .

المخبر، و هو ظاهر .

و بالمفهوم في قوله عليه السلام : « عليكم أن تسألوا عنه إذا رأيتم المشركين يبيعون ذلك » (1)، بناءً علي أنّ السؤال إنّما يجدي إذا جاز العمل بقول المسئول، فإذا جاز التعويل علي قول المشرك في التذكية، ففي قول المسلم بطريق أولي .

و بصحيحة عبدالرّحمن بن الحجّاج، لقوله : « سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الفراء اشتريه من الرجل الّذي لعلّي لا أثق به (2)، فيبيعني علي أنّها ذكيّة، أبيعها علي ذلك »، الحديث (3).

لما مرّ من أنّ الظاهر منه أنّه اعتقد جواز البيع والشراء عند إخبار ذي اليد بكونه من المذكّي، و قد عرفت أنّه بالإضافة إلي المسلم الغير المستحلّ قطعيّ الشمول، و قرّره عليه السلام عليه .

و بقوله عليه السلام : « إذا كان مضمونًا فلا بأس »، في جواب : « ما تقول في الفرو يشتري من السوق » (4) ؛ والظاهر أنّ المراد منه : إذا ضمن البائع ذكاته، أي : أخبر بها .

و في كلّ من الثلاثة الأخيرة نظر، أمّا في الأوّل منها فلأنّ التمسّك به علي النحوالمسطور إنّما يتمّ إذا كان المراد منه : عليكم أن تسألوا البائع المشرك عنه ؛ و هو

ص: 175


1- . كتاب من لايحضره الفقيه : 1 / 258 ح 792 ؛ وتهذيب الأحكام : 2 / 371 ح 76 .
2- . في المصدر : لعلّي أثق به .
3- . تهذيب الأحكام : 7 / 133 ح 57 .
4- . الكافي : 3 / 398 ح 7 .

ممنوع، لاحتمال أن يكون المراد منه : عليكم أن تسألوا عن حال الجلد غير المشركين، بل هذا هو الظاهر، فإذا قام الاحتمال بطل الاستدلال، لا سيّما بعد ما كان غير ما بني عليه الاستدلال أظهر الاحتمالات .

و يمكن توجيه الاستدلال بنحو آخر تقريره هو : انّه عليه السلام أوجب السؤال عن حال الجلد فيما إذا كان المتصدّي للبيع مشركًا ؛ و ظاهر أنّ ذلك إنّما هو لجواز العمل بقول المخبر، فإذا جاز التعويل علي قول غير ذي اليد ففي ذي اليد أيضًا كذلك، إمّا لانتفاء الفارق، أو بطريق أولي ؛ هذا غاية توجيه الاستدلال .

أو يقال : إنّه يدلّ علي جواز الاستعمال فيما إذا لم يكن البائع مشركًا مع انتفاء الإخبار، فمع الإخبار بطريق أولي، لكن ضعف سنده يقدح الركون إليه .

و أمّا في الثاني فظاهر، إذ غاية ما يظهر منه أنّه اعتقد جواز الاستعمال حال تحقّق الإخبار من ذي اليد بالتذكية، وأمّا كونه لذلك فلا، بل يمكن أن يقال : إنّ الظاهر من سياقه خلافه وإن ذكر الإخبار بالتذكية ليعلم أنّه هل يجوز الإخبار بها حين المبايعة أم لا .

و أمّا في الثالث فمن وجهين :

أحدهما : انّه ضعيف السند بالإرسال و غيره، فلا يمكن التعويل عليه .

والثاني : انّه متروك الظاهر، لما عرفت مرارًا في المباحث السالفة من أنّ استعمال الجلود الموجودة في أسواق المسلمين و بلادهم غير متوقّف علي المسألة، فلابدّ إمّا من حمل السوق علي غير سوقهم، أو حمل البأس المنفيّ الّذيعلّق علي ما إذا كان مضمونًا علي مطلق المرجوحيّة .

ص: 176

و علي الأوّل وإن صحّ التمسّك به في المقام، لكنّه تقييد ؛ و هو ليس أولي من تقييد السوق بما إذا كان من الأسواق المختصّة بالمسلمين أو المشتركة مع غلبتهم و حمل البأس المنفيّ علي مطلق المرجوحيّة .

والمتحصّل منه انتفاء المرجوحيّة ولو كراهة في استعمال الجلود المأخوذة من تلك الأسواق في تلك الصورة، فعلي هذا ينبغي حمل الصحيح المرويّ في الكافي عن الحلبي عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : يكره (1) الصلاة في الفراء إلاّ ما صنع في

أرض الحجاز، أو ما علمت منه ذكاة (2) ؛ علي غير صورة الإخبار بالتذكية .

فالحاصل : انّه يكره الصلاة في الفرو إلاّ فيما إذا علم أنّه من ذبيحة المسلمين، أو كان مصنوعًا في أرض الحجاز، أو تحقّق الإخبار من ذي اليد .

و لك أن تقول : سلّمنا ذلك، لكنّه غير مضرّ لصحّة الاستدلال، بل مؤيّد له، لوضوح أنّ ذلك إنّما هو إذا جاز التعويل علي الإخبار، و ليس الكلام إلاّ في ذلك، إلاّ أن يقال بالتفرقة بين التعويل في انتفاء الكراهة والحرمة، والكلام إنّما هو في

الثاني، و قد يجوز التعويل علي شيء في انتفاء الكراهة ولا يجوز في انتفاء الحرمة، فلم يبق إلاّ المفهوم في صحيحة الفضلاء .و يؤيّده قوله في الصحيحين المتقدّمين، و هو قوله عليه السلام : « ليس عليكمالمسألة » ؛ إذ الظاهر منه جواز التعويل علي الجواب والإخبار عند تحقّق السؤال .

والجواب عنه : انّه معارض بالمفهوم في موثّقة ابن بكير السالفة، و تعارضهما

ص: 177


1- . في المصدر : تكره .
2- . الكافي : 3 / 398 ح 4 .

من تعارض العموم من وجه ؛ والترجيح لجانب الموثّقة، للقوّة في الدلالة، لما مرّ مرارًا من عدم معلوميّة شمول المفهوم في صحيحة الفضلاء لمحلّ الكلام، لكون المفروض من الفروض النادرة ؛ والاعتضاد بأصالة عدم التذكية ؛ والاحتياط اللائق مراعاته لدي أرباب البصيرة، فالترجيح لقول شيخ الطائفة والعلاّمة - أحلّهما اللّه تعالي محلّ الكرامة .

القسم الرابع والثلاثون :

الرابع والثلاثون : مثله مع انتفاء الإخبار أيضًا .

والظاهر من المعتبر والذكري والدروس والبيان والجعفريّة والروض والمدارك والذخيرة هنا أيضًا جواز الاستعمال (1).

كما أنّ الظاهر من المبسوط والنهاية و نهاية الإحكام والتذكرة خلافه (2) ؛و هذا هو المختار، بل المنع هنا أقوي من السابق، إذ المقتضي للجواز فيه - و هو المفهوم في صحيحة الفضلاء - يقتضي عدمه هنا، كما لايخفي علي أولي النهي .

ص: 178


1- . انظر المعتبر : 2 / 78 ؛ والبيان : 120 ؛ و ذكري الشيعة : 3 / 28 ؛ والدروس : 1 / 149 ؛ والجعفريّة، المطبوع ضمن « حياة المحقّق الكركي وآثاره » : 4 / 159 ؛ و مدارك الأحكام : 3 / 158 ؛ و ذخيرة المعاد : 2 / 232 ؛ و روض الجنان : 2 / 570 .
2- . انظر النهاية : 97 ؛ والمبسوط : 1 / 83 ؛ و نهاية الإحكام : 1 / 373 ؛ و تذكرة الفقهاء : 2 / 464 .

القسم الخامس والثلاثون :

الخامس والثلاثون : مثله لكن مع الإخبار من كونه من غير المذكّي .

والمنع هنا أقوي ممّا سلف، سواء استفاد الظنّ من قوله، أم لا، إلاّ إذا فرض الظنّ علي خلافه، فكما سلف لما أسلفناه .

القسم السادس والثلاثون :

السادس والثلاثون : هو ما إذا كان الجلد في البلد المشترك مع المساواة مأخوذًا من يد المسلم الغير المستحلّ مع الإخبار بكونه من ذبيحة المسلمين والظنّ بها .

القسم السابع والثلاثون :

السابع والثلاثون : مثله إلاّ في الإخبار .

والحكم في هذين القسمين جواز الاستعمال ؛ والمستند فيه يظهر ممّا حرّرناه، فلا افتقار إلي الإعادة .

ص: 179

القسم الثامن والثلاثون :

الثامن والثلاثون : مثله أيضًا إلاّ في المظنّة .

القسم التاسع والثلاثون :

التاسع والثلاثون : مثله أيضًا مع انتفاء المظنّة والإخبار .

القسم الأربعون :

الأربعون : مثله، لكن مع الإخبار بكونه من غير المذكّي .

والحكم في هذه الثلاثة عدم جواز الاستعمال، لما نبّهنا فيما سلف، إلاّ في الأخير مع الظنّ بالتذكية فكما مرّ .

القسم الحادي والأربعون :

الحادي والأربعون : هو ما إذا كان الجلد في يد المسلم الغير المستحلّ في السوق المشترك مع غلبة الكفّار مع الإخبار بكونه من ذبيحة المسلمين والظنّ بها .

ص: 180

والظاهر جواز استعماله، وفاقًا لما يظهر من المعتبر والمنتهي و نهاية الإحكام والتذكرة والتحرير والبيان والمدارك والذخيرة (1).

والمستند فيه : موثّقة ابن بكير المتكرّرة ؛ والمفهوم في صحيحة الفضلاء، و صحيحة جعفر بن محمّد بن يونس السالفة، و صحيحة عبدالرّحمن بن الحجّاج المذكورة ؛ والمفهوم في رواية إسماعيل بن عيسي، بناءً علي ما مرّ غير مرّة، إذ مقتضاه جواز الاستعمال من غير إخبار، فمعه بطريق أولي .

والظاهر من شيخ الطائفة في الكتابين (2) عدم جواز الاستعمال .

و يمكن أن يجعل الذكري والدروس والجعفريّة والروض من ذلك (3)، إذ اكتفي في صدق سوق الكفر بأغلبيّة الكفّار، كما صرّح به الشهيدان السعيدان في سوقالمسلمين في الذكري والمسالك (4) - و قد أوردنا عبارتهما فيما سلف - وإن أمكنت المناقشة في دلالة عبارة الذكري، لما نبّهنا عليه في بعض المباحث السالفة، حاصله : انّه لم يمنع من استعمال الجلد المأخوذ من سوق الكفّار مطلقًا، بل مع الشكّ في التذكية، والمفروض فيما نحن فيه المظنّة، فلاحظ عبارته السالفة .

ص: 181


1- . انظر المعتبر : 2 / 78 ؛ والبيان : 120 ؛ و مدارك الأحكام : 3 / 158 ؛ و ذخيرة المعاد : 2 / 232 ؛ و نهاية الإحكام : 1 / 373 ؛ و تذكرة الفقهاء : 2 / 464 ؛ و تحرير الأحكام : 1 / 194 ؛ و منتهي المطلب : 4 / 205 .
2- . انظر النهاية : 97 ؛ والمبسوط : 1 / 83 .
3- . انظر الذكري : 3 / 28 ؛ والدروس : 1 / 149 ؛ والجعفريّة، المطبوع ضمن « حياة المحقّق الكركي وآثاره » : 4 / 159 ؛ والروض : 2 / 570 .
4- . انظر ذكري الشيعة : 3 / 30 ؛ والمسالك : 11 / 492 و 493 .

و لعلّ المستند في المنع المفهوم في موثّقة إسحاق، لقوله عليه السلام : « إن كان الغالب عليها المسلمين (1) فلا بأس » (2) ؛ لوضوح أنّ مقتضي تعليق نفي البأس علي صورة غلبة المسلمين تحقّقه عند انتفائها، والمفروض غلبة الكفّار .

والجواب عنه هو : أنّ الظاهر أنّ اعتبار الغلبة ليحصل الظنّ بكونه من ذبيحة المسلمين، والمفروض تحقّقه .

و علي فرض الإغماض عنه نقول : إنّ التعارض بين هذا المفهوم والمنطوق في موثّقة ابن بكير من تعارض الظاهرين والعموم من وجه، إذ مقتضي المنطوق جواز الاستعمال مع الظنّ بالتذكية، سواء كان في محلّ الكلام و غيره ؛ و مقتضي المفهوم في موثّقة إسحاق بن عمّار عدم جواز الاستعمال فيما إذا لم يتحقّق غلبة الإسلام، سواء حصل الظنّ بالتذكية، أم لا .والترجيح مع موثّقة ابن بكير من وجوه متكرّرة، كما لايخفي علي من أحاط خبرًا بما أبرزناه في المباحث السالفة .

القسم الثاني والأربعون :

الثاني والأربعون : مثله، لكن من غير إخبار بالتذكية .

ص: 182


1- . في المصدر : المسلمون .
2- . تهذيب الأحكام : 2 / 368 ح 64 .

والقائل بالجواز والمنع يظهر من الصورة السابقة، و كذا المستند، إلاّ أنّ احتمال المنع هنا أقوي من السابق، لإمكان استناد المنع - مضافًا إلي موثّقة إسحاق بن عمّار - إلي المفهوم في صحيحة الفضلاء، لانتفاء الإخبار، لما مرّ مرارًا من أنّ مقتضاه توقّف الإباحة علي الاستخبار والمسألة في غير أسواق المسلمين، لكنّك قد عرفت الجواب عنه غير مرّة .

القسم الثالث والأربعون :

الثالث والأربعون : مثله أيضًا إلاّ في المظنّة .

والقائل بالجواز والمنع يظهر أيضًا من السابق، إلاّ أنّ الظاهر من العلاّمة في التذكرة و نهاية الإحكام (1) هنا عدم الجواز لما عرفت مرارًا .

و أنّ الاحتمال السالف المانع عن نسبة المنع إلي الذكري غير متحقّق فيما نحنفيه، إذ المفروض فيه انتفاء المظنّة .

و مقتضي المفهوم في صحيحة الفضلاء الجواز، كما أنّ مقتضي المفهوم في موثّقة ابن بكير خلافه ؛ و بينهما عمومٌ من وجه، لكنّ الترجيح في جانب الموثّقة علي ما نبّهنا عليه في المباحث السالفة .

ص: 183


1- . انظر نهاية الإحكام : 1 / 373 ؛ و تذكرة الفقهاء : 2 / 464 .

القسم الرابع والأربعون :

والرابع والأربعون : أن يكون الجلد في السوق المشترك مع غلبة الكفّار في يد المسلم الغير المستحلّ، لكن من غير إخبار بالتذكية و لا الظنّ بها .

القسم الخامس والأربعون :

الخامس والأربعون : مثله لكن مع الإخبار بكونه من غير المذكّي .

والحكم فيهما عدم جواز الاستعمال، و يظهر وجهه ممّا سلف، إلاّ في الأخير مع الظنّ بالتذكية، فكما تقدّم لما تقدّم .

القسم السادس والأربعون :

السادس والأربعون : أن يكون الجلد في يد المسلم الغير المستحلّ في البلد المشترك مع غلبة الكفّار مع الإخبار والظنّ بالتذكية .

والظاهر جواز الاستعمال، وفاقًا لما يظهر من المعتبر والمنتهي و نهاية الإحكام والتذكرة والتحرير والذكري والدروس والبيان والجعفريّة والروض والمدارك

ص: 184

والذخيرة (1).

والظاهر من شيخ الطائفة في الكتابين خلافه (2).

والمستند في الجواز - مضافًا إلي أصالتي الطهارة والبراءة - موثّقة ابن بكير المتكرّرة ؛ والمفهوم في صحيحة الفضلاء ؛ و رواية إسماعيل بن عيسي، لما عرفت من أنّ مقتضاه الجواز من غير إخبار بالتذكية و معه بالفحوي والأولويّة ؛ و صحيحة عبدالرّحمن بن الحجّاج المتقدّمة و غيرها .

ولعلّ المستند في العدم - مضافًا إلي أصالة عدم التذكية - موثّقة إسحاق بن عمّار المتكرّرة ؛ والجواب عنه يظهر ممّا أسلفناه غير مرّة .

القسم السابع والأربعون :

اشارة

السابع والأربعون : مثله إلاّ في الإخبار .

والقائل بالجواز والعدم يظهر ممّا ذكر .

ص: 185


1- . انظر المعتبر : 2 / 78 ؛ والبيان : 120 ؛ و ذكري الشيعة : 3 / 28 ؛ والدروس : 1 / 149 ؛ والجعفريّة، المطبوع ضمن « حياة المحقّق الكركي وآثاره » : 4 / 159 ؛ و مدارك الأحكام : 3 / 158 ؛ و ذخيرة المعاد : 2 / 232 ؛ و روض الجنان : 2 / 570 ؛ و نهاية الإحكام : 1 / 373 ؛ و تذكرة الفقهاء : 2 / 464 ؛ و تحرير الأحكام : 1 / 194 ؛ و منتهي المطلب : 4 / 205 .
2- . انظر النهاية : 97 ؛ والمبسوط : 1 / 83 .
المستند في المنع مع الجواب عنه

والمستند في المنع - مضافًا إلي أصالة عدم التذكية و موثّقة إسحاق - المفهوم في صحيحة الفضلاء .

والجواب عنه هو ما سلف، إذ التعارض بينه و بين المنطوق في موثّقة ابن بكير من تعارض العموم من وجه، إذ مقتضي المفهوم انتفاء الإباحة عند انتفاء المسألة فيما إذا لم يكن من أسواق المسلمين، سواء حصل الظنّ بالتذكية، أم لا ؛ و مقتضي المنطوق جواز الاستعمال مع المظنّة، سواء كان في أسواق المسلمين و غيرها .

مختار المؤلّف قدس سره و دليله

والترجيح في جانب الموثّقة، للقوّة في الدلالة، والاعتضاد بأصالتي الطهارة والبراءة، والعمومات السالفة، والعمل من أكثر عظماء الطائفة، والدين السهلة السمحة، و غير ذلك ممّا يظهر من المباحث السالفة، فالترجيح للجواز وإن كان الاجتناب حال الإمكان أقرب إلي الاحتياط .

القسم الثامن والأربعون :

اشارة

الثامن والأربعون : مثله أيضًا، لكن من غير الظنّ بالتذكية .

ص: 186

والجواز يظهر من المعتبر والذكري والبيان والدروس والجعفريّة والروض والمدارك والذخيرة (1) ؛ والعدم من المبسوط و النهاية والتذكرة و نهاية الإحكام (2).

المستند في الجواز

والمستند في الجواز : المفهوم في صحيحة الفضلاء، بناءً علي ما نبّهنا عليه غير مرّة، و رواية إسماعيل بن عيسي السالفة، و صحيحة عبدالرّحمن المذكورة، و صحيحة جعفر بن يونس المتكرّرة .

المستند في عدم الجواز مع الجواب عنه

و في العدم هو : المفهوم في موثّقة ابن بكير المتكرّرة، و موثّقة إسحاق السابقة .

والجواب يظهر ممّا تقدّم، إذ مقتضي المفهوم في موثّقة إسحاق : عدم جواز الصلاة في المصنوع في غير أرض الإسلام عند انتفاء غلبة المسلمين، سواء أخبر ذو اليد بالتذكية، أم لا .

ص: 187


1- . انظر المعتبر : 2 / 78 ؛ والبيان : 120 ؛ و ذكري الشيعة : 3 / 28 ؛ والدروس : 1 / 149 ؛ والجعفريّة، المطبوع ضمن « حياة المحقّق الكركي وآثاره » : 4 / 159 ؛ و مدارك الأحكام : 3 / 158 ؛ و ذخيرة المعاد : 2 / 232 ؛ و روض الجنان : 2 / 570 .
2- . انظر النهاية : 97 ؛ والمبسوط : 1 / 83 ؛ و نهاية الإحكام : 1 / 373 ؛ و تذكرة الفقهاء : 2 / 464 .

و مقتضي المفهوم في صحيحة الفضلاء : الإباحة في صورة الإخبار فيما إذا كان ذلك في غير سوق المسلمين، سواء تحقّقت غلبة المسلمين، أم لا .

فافتراق المفهوم في الصحيحة عن مفهوم الموثّقة في البلد المختصّ بالمسلمين، وافتراق المفهوم في الموثّقة عنه في غير صورة الإخبار بالتذكية ؛ واجتماعهما في البلدة الّتي يغلب فيها الكفّار مع الإخبار ؛ والموثّقة يقتضي عدم الجواز والصحيحة الجواز .

و هكذا الحال بين المفهوم في موثّقة ابن بكير والمفهوم في الصحيحة، إذ مفهوم الموثّقة يقتضي عدم الجواز عند انتفاء الظنّ بالتذكية، سواء تحقّق الإخبار بالتذكية،

أم لا ؛ و سواء كان في غير سوق المسلمين، أم لا ؛ و مفهوم الصحيحة يستدعي الجواز في غير سوق المسلمين عند الإخبار، سواء تحقّق الظنّ بالتذكية، أم لا .

مختار المؤلّف قدس سره و دليله

فلابدّ من الرجوع إلي التراجيح، و هي في جانب العدم من وجوه متعدّدة أقواها : القوّة في الدلالة ؛ و غيرها ممّا يظهر من المباحث السالفة، فالترجيحلجانب العدم .

ص: 188

القسم التاسع والأربعون :

التاسع والأربعون : هو أن يكون الجلد في يد المسلم الغير المستحلّ في البلد المشترك مع غلبة الكفّار من غير إخبار بالتذكية و لا الظنّ بها .

القسم الخمسون :

اشارة

الخمسون : مثله، لكن مع الإخبار بكونه من غير المذكّي .

والحكم فيهما : عدم الجواز إلاّ في الأخير مع الظنّ بالتذكية فكما تقدّم .

الكلام فيما إذا كان الجلد في يد المسلم المستحلّ مع جميع الاحتمالات المذكورة
اشارة

ثمّ لا يخفي أنّ المفروض في الأقسام المذكورة بأسرها أن يكون الجلد في يد المسلم الغير المستحلّ .

بقي الكلام فيما إذا كان في يد المسلم المستحلّ مع جميع الاحتمالات

ص: 189

المذكورة، فيرتقي الأقسام إلي مائة ؛ والبحث عن تفصيلها إنّما يحتاج إذا قلنابجواز أخذ الجلود من المسلم المستحلّ ؛ و أمّا مع العدم فلا، كما لايخفي .

فالمهمّ في هذا المقام هو البحث عن هذا المرام، فنقول : اختلف الأصحاب في ذلك، فالمنع هو مختار المبسوط والنهاية والتذكرة و نهاية الإحكام والتحرير والمنتهي والذكري والدروس و غيرهم .

قال في المبسوط :

من اشتري جلدًا علي أنّه مذكّي، جاز أن يصلّي فيه، وإن لم يكن كذلك إذا اشتري ذلك من أسواق (1) المسلمين ممّن لا يستحلّ الميتة،

ولايجوز شراؤها ممّن يستحلّ ذلك، أو كان متّهمًا فيه (2).

و في النهاية :

و لا بأس بالصلاة في السنجاب والحواصل و في وبر كلّ شيء يؤكل لحمه إذا ذكي و دبغ ؛ فإن لم يعلم أنّه مذكّي، فلا بأس بشرائه من أسواق المسلمين ممّن لايستحلّ الميتة، ولا يجوز شراؤها ممّن يستحلّ ذلك، أو كان متّهمًا فيه (3).

و في التذكرة :

يكفي في الحكم بالتذكية انتفاء العلم بموته، و وجوده في يد مسلم

ص: 190


1- . في المصدر : سوق .
2- . المبسوط : 1 / 83 .
3- . النهاية : 97 .

لايستبيح جلد الميتة (1).و قد نبّهنا فيما سلف أنّ الواو فيه بمعني مع .

و في نهاية الإحكام :

و يكفي في الحكم بالتذكية عدم العلم بموته و وجوده في يد مسلم لايستحلّ جلد الميتة (2).

و بمثله قال في التحرير (3).

و إطلاق عبارة المنتهي و إن كان في الأوّل يقتضي للاكتفاء في الحكم بالتذكية بوجوده في يد مسلم بعنوان الإطلاق حيث قال :

يكتفي في العلم بالتذكية وجوده في يد مسلم، إلي آخره (4).

لكنّه صرّح فيما بعد بما يقيّده بالمسلم الغير المستحلّ حيث قال :

لو وجد الجلد مع من يستحلّ الميتة لم يحكم بتذكيته وإن أخبره (5).

قال في الذكري :

أمّا ما يشتري في سوق الإسلام، فيحكم عليه بالذكاة إذا لم يعلم كون

ص: 191


1- . تذكرة الفقهاء : 2 / 464 .
2- . نهاية الإحكام : 1 / 373 .
3- . تحرير الأحكام : 1 / 194 .
4- . منتهي المطلب : 4 / 204 .
5- . منتهي المطلب : 4 / 206 .

البائع مستحلاًّ، عملاً بالظاهر (1).

و إن كان كلامه قبله و بعده لايخلو من اضطراب في الحكم بذلك .و في الدروس :

و يجوز (2) - أي الصلاة - فيما كان في سوق الإسلام، أو مع مسلم غير مستحلّ، أو مجهول الحال في الاستحلال (3).

و إن كان كلامه قبله دالاًّ علي تزلزله في ذلك حيث قال :

لايجوز (4) الصلاة في جلد الميتة و لو دبغ سبعين مرّة .

إلي أن قال :

و في حكمه ما يوجد مطروحًا، أو يؤخذ من كافر، أو من سوق الكفّار، أو مستحلّ الميتة [ بالدباغ ] (5) علي قول، إلاّ أن يخبر بالتذكية فيقبل (6).

و هو مقتضي كلام جماعة من قدماء الأصحاب، قال في الوسيلة ما حاصله :

انّ ما يجوز الصلاة فيه عشرة أشياء : القطن والكتان - إلي أن قال : -

ص: 192


1- . ذكري الشيعة : 3 / 30 .
2- . في المصدر : و تجوز .
3- . الدروس الشرعيّة : 1 / 150 .
4- . في المصدر : لا تجوز .
5- . ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر .
6- . الدروس الشرعيّة : 1 / 149 و 150 .

وجلود ما يؤكل لحمه إذا كان مذكّي (1).والظاهر منه إذا حصل العلم بذكاته .

و في المراسم مثله (2).و في الغنية :

أو يكون من شعر ما يؤكل لحمه عن الحيوان، أو صوفه، أو وبره، وكذا جلده إذا كان مذكّي (3).

و في السرائر :

يجوز الصلاة في ثمانية أجناس من اللباس .

إلي أن قال :

والصوف والشعر والوبر إذا كان ممّا يؤكل لحمه، سواء كان مذكّي ما أخذ منه، أو غير مذكّي، و جلد ما يؤكل لحمه إذا كان مذكّي (4).

وجه الدلالة هو : انّ الظاهر من هذه الكلمات حصول العلم بالتذكية ؛ و ليس فيها ما يوجب صرفها عن ظاهرها، فكلّما دلّ الإجماع علي خروجه منه فلا كلام، وكلّما لم يدلّ عليه ينبغي الحكم باندراجه تحتها، و ما نحن فيه من ذلك .

ص: 193


1- . الوسيلة : 87 .
2- . المراسم النبويّة : 63 .
3- . غنية النزوع : 65 .
4- . السرائر : 1 / 261 و 262 .

والظاهر من المعتبر والشرائع والنافع والجعفريّة، بل المصرّح به في كلمات جماعة من المتأخّرين هو الجواز (1) ؛ و في كلام شهيدنا الثاني نسبته إليالاشتهار (2).فالجواز هو الظاهر من المعتبر والشرائع والنافع والجعفريّة، والمصرّح به في البيان والروض والمسالك والمدارك والذخيرة و غيرها .

قال في المعتبر :

و يكفي في الحكم بذكاة (3) ما لم يعلم انّه ميتة وجوده في يد مسلم، أو في سوق المسلمين، أو في بلد الغالب فيه المسلمون (4).

و لم يذكر فيه ما أوجب تقييده بالمسلم الغير المستحلّ .

و في البيان :

و في الأخذ من مسلم يعلم منه استحلال الميتة بالدباغ وجه بالمنع، إلاّ أن يخبر بالذكاة فيقبل علي الأقرب، و أقوي في الجواز إذا جهل حاله في الاستحلال . و لو علم منه إباحة ذبيحة الكتابيّ، فظاهرٌ أنّه كالعلم

ص: 194


1- . انظر المعتبر : 2 / 78 ؛ و شرائع الإسلام : 4 / 741 ؛ و المختصر النافع : 242 ؛ والجعفريّة، المطبوع ضمن « حياة المحقّق الكركي وآثاره » : 4 / 159 ؛ والبيان : 120 ؛ و روض الجنان : 2 / 570 .
2- . انظر روض الجنان : 2 / 570 .
3- . في المصدر : بذكاته .
4- . المعتبر : 2 / 78 .

باستحلال المدبوغ من الميتة ؛ والوجه الحكم بالطهارة مطلقًا، إلاّ أن يخبر (1) ذو اليد بعدم التذكية (2).

و في الروض :و في إلحاق ما يوجد في يد مستحلّ الميتة بالدبغ بها وإن أخبر بالتذكيةفي (3) يد المخالف مطلقًا من غير الفِرَق المحكوم بكفرها وجهان ؛ والمشهور في الفتاوي والأخبار طهارتها و جواز الصلاة فيها وإن لم يخبر ذو اليد بالتذكية، فلو أخبر يثبت (4) الحكم بطريق أولي وإن كان التنزّه عنه أفضل مطلقًا (5).

و في المسالك بعد عنوان كلام المحقّق الدالّ علي جواز شراء ما يباع في أسواق المسلمين، ما هذا لفظه :

لا فرق في ذلك بين ما يوجد بيد رجل معلوم الإسلام و مجهوله، و لا في المسلم بين كونه ممّن يستحلّ ذبيحة الكتابيّ و غيره، علي أصحّ القولين، عملاً بعموم النصوص والفتاوي (6).

و في المدارك :

ص: 195


1- . في المصدر : إلاّ أن يخبر بخلافه .
2- . البيان : 120 .
3- . في المصدر : بل في .
4- . في المصدر : ثبت .
5- . روض الجنان : 2 / 570 .
6- . مسالك الأفهام : 11 / 492 .

يكفي في الحكم بذكاة الجلد الّذي لايعلم كونه ميتة وجوده في يد مسلم، أو في سوق المسلمين، سواء أخبر ذو اليد بالتذكية أم لا ؛ و سواءكان ممّن يستحلّ الميتة بالدبغ، أو ذباحة أهل الكتاب، أم لا (1) ؛ و هوظاهر اختيار المصنّف في المعتبر . و منع العلاّمة في التذكرة والمنتهي من تناول ما يوجد في يد مستحلّ الميتة بالدبغ وإن أخبر بالتذكية (2).

و يقرب منه ما ذكره في الذخيرة (3).

ص: 196


1- . جاء في حاشية المخطوطة : اعلم : أنّ الظاهر من حكاية جماعة من الأصحاب أنّ العامّة مجمعون علي استحلال ذبائح أهل الكتاب ؛ قال في الذكري : هم مجمعون علي استحلال ذبائح أهل الكتاب واستعمال جلودها [ ذكري الشيعة : 3 / 32 ]. و في المسالك : انّ جميع المخالفين يستحلّون ذبائحهم [ مسالك الأفهام: 11 / 493 ] ؛ أي : أهل الكتاب . وأمّا استحلال جلد الميتة بالدباغة فمحلّ خلاف عندهم، وإن كان أكثرهم ذهبوا إلي ذلك، قال في الخلاف : « جلد الميتة نجس لا يطهّر بالدباغ، سواء كان الميتة ممّا يقع عليه الذكاة أو لا يقع، يؤكل لحمه أو لا يؤكل . و به قال عمر وابن عمر و عايشة وأحمد بن حنبل . وقال الشافعي : كلّ حيوان طاهر في حال حياته، فجلده إذا مات يطهر بالدباغ، و هو ما عدا الكلب والخنزير و ما يولد منهما [ في المصدر : و ما تولد بينهما ] . و قال أبو حنيفة : يطهّر الجميع إلاّ جلد الخنزير . وقال داود : يطهّر الجميع . وقال الأوزاعي : يطهّر جلد ما يؤكل لحمه دون ما لا يؤكل »، انتهي كلام الخلاف [ الخلاف : 1 / 59 و 60 ]. و حكي في التذكرة عن المالك أنّه قال : يطهر ظاهره دون باطنه، فيصلّي عليه لا فيه [ تذكرة الفقهاء : 2 / 234 ] ؛ منه دام ظلّه العالي .
2- . مدارك الأحكام : 3 / 158 .
3- . انظر ذخيرة المعاد : 2 / 232 .
مستند المانعين

والمستند للمانعين ما رواه في الكافي عن أبي بصير قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام

عن الصلاة في الفراء، قال : كان عليّ بن الحسين - صلوات اللّه عليهما - رجلاً صررًا (1) لا يدفئه (2) فراء الحجاز، لأنّ دباغها (3) بالقَرَظ، فكان يبعث إلي العراق فيؤتي ممّا في قبلكم (4) بالفرو فيلبسه، فإذا حضرت الصلاة ألقاه وألقي القميص الّذي تحته الّذي يليه، فكان يسأل عن ذلك، فقال : إنّ أهل العراق يستحلّون لباسالجلود الميتة و يزعمون أنّ دباغه ذكاته (5).

توضيح

« صَرِر » بالصاد المفتوحة والراء المكسورة : الّذي يجد البرد سريعًا ؛ والإدفاء : التسخين ؛ والقَرَظ محرّكة : ورق السلم يدبغ به الأديم ؛ و قد بيّنا في مطالع الأنوار (6) وجه استيجاب الدباغة لعدم الإدفاء، فليلاحظ .

ص: 197


1- . في المصدر : صردًا .
2- . في المصدر : لا تدفئه .
3- . في المصدر : دباغتها .
4- . في المصدر: ممّا قبلهم .
5- . الكافي : 3 / 397 ح 2 .
6- . قال قدس سره فيه ما هذا لفظه : قيل في وجه استلزام كون الدباغة بالقرظ عدم الإدفاء هو : انّ القرظ لمّا كان في الدرجة الأولي من البرودة، أو من الثانية - علي اختلاف القولين - يلزم التخفيف في تسخين الجلود المدبوغة به مطالع الأنوار : 1 / 137 .

و ما رواه فيه أيضًا عن عبدالرّحمن بن الحجّاج قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : إنّي أدخل سوق المسلمين أعني هذا الخلق الّذي (1) يدعون الإسلام، فاشتري منهم الفراء للتجارة، فأقول لصاحبها : أليس هي ذكيّة ؟ فيقول : بلي، فهل يصلح لي أن أبيعها علي أنّها ذكيّة ؟ فقال : لا ولكن لا بأس أن تبيعها و تقول : قد شرط لي الّذي أشتريتها منه أنّها ذكيّة . قلت : و ما أفسد ذلك ؟ قال : استحلال أهل العراق للميتة و زعموا أنّ دباغ جلد الميتة ذكاته، ثمّ لم يرضوا أن يكذبوا في ذلك إلاّ عليرسول اللّه صلي الله عليه و آله (2).

الجواب عن مستند المانعين

والجواب عنهما : انّهما مقدوحان سندًا و دلالة، أمّا الأوّل : فلأنّ سند الأوّل مشتملٌ علي عبداللّه بن إسحاق العلوي و عيثم بن أسلم النجاشي ؛ و هما غير مذكوران في الرجال ؛ و علي محمّد بن سليمان الديلمي، و قد قال النجاشي في حقّه : إنّه ضعيف جدًّا، لا يعوّل عليه في شيء (3).

و سند الثاني مشتملٌ علي عبداللّه بن إسحاق العلوي أيضًا، و قد عرفت حاله ؛ و علي محمّد بن عبداللّه بن هلال، و هو أيضًا مهمل .

و أمّا الثاني : فلأنّ دلالة الأوّل علي المدّعي غير ظاهرة، إلاّ من جهة اشتماله

ص: 198


1- . في المصدر : الّذين .
2- . الكافي : 3 / 398 ح 5 .
3- . رجال النجاشي : 365 .

علي أنّه عليه السلام ألقاه حال الصلاة ؛ و هو معارضٌ بلبسه عليه السلام في غير حال الصلاة، و هو صريحٌ في جواز الاستعمال، بخلاف الإلقاء حال الصلاة، لجواز أن يكون ذلك للاحتراز عن الاحتمال الّذي لا يجب الاجتناب عنه .

والحاصل : انّ لبسه عليه السلام صريحٌ في أنّ الجلود المأخوذة ممّن يستحلّ الميتة ليس لها حكم الميتة، فيكون إلقاؤه عليه السلام حال الصلاة دالاًّ علي مرجوحيّة الصلاة معه، كما يدلّ عليه الصحيح المرويّ في الكافي عن الحلبي عن أبي عبداللّه عليه السلام قال: يكره (1) الصلاة في الفراء إلاّ ما صنع في أرض الحجاز، أو ما عملت منهذكاة (2).علي أنّا نقول : إنّ المدّعي عدم جواز أخذ الجلود من المستحلّ، لا استعمال الميتة، والحديث صريحٌ في جوازه، لقوله : « فكان يبعث إلي العراق » إلي آخره ؛ فلو لم يجز ذلك كيف يبعث عليه السلام إلي العراق مع حكمه عليه السلام بأنّ أهل العراق يستحلّون جلود الميتة ؟!

هذا في الحديث الأوّل، و أمّا الثاني فلأنّ الظاهر من كلام الراوي حيث قال: « اشتري الفراء منهم للتجارة »، أنّه اعتقد جواز شراء الفراء من المستحلّين للميتة،

وإنّما يكون سؤاله في أنّه هل يجوز له الإخبار بالتذكية اعتمادًا علي إخبار ذي اليد ؛ و قرّره عليه السلام علي اعتقاده، فلو لم يجز أخذ الجلود منهم ردعه عليه السلام، و عدمه دليلٌ علي الجواز .

ص: 199


1- . في المصدر : تكره .
2- . الكافي : 3 / 398 ح 4 .

مضافًا إلي تصريحه عليه السلام بالجواز حيث قال : « ولكن لا بأس أن تبيعها » إلي آخره، فلو كانت الجلود الموجودة في يد المستحلّ للميتة محكومة بحكم الميتة لمنع عليه السلام عن الشراء والبيع، لعدم جواز بيع الميتة و شرائها .

مختار المؤلّف قدس سره و دليله

و أنت إذا أحطت خبرًا بما ذكرناه يظهر لك أنّ التمسّك بالحديثين المذكورين في جواز أخذ الجلود منهم أولي بمراتب من التمسّك بهما في إثبات العدم كما لا يخفي، فالترجيح لمذهب المجوّزين .والمستند في ذلك - مضافًا إلي الحديثين المذكورين - النصوص المعتبرة المستفيضة السالفة الدالّة علي جواز أخذ الجلود في السوق، كصحيحة سليمان بن جعفر أنّه سأل العبد الصالح موسي بن جعفر عليهماالسلام عن الرجل يأتي السوق، فيشتري جبّة فراء لايدري ذكيّة (1) هي، أم غير ذكيّة، أيصلّي فيها ؟ فقال : نعم، ليس عليكم المسألة، الحديث (2).

بناءً علي أنّ ترك الاستفصال بين كون ذي اليد من المستحلّ و غيره، يدلّ علي ثبوت الحكم فيهما .

مضافًا إلي أنّ غالب الأسواق في ذلك الزمان كانت مشتركة بين المستحلّ للميتة و غيره، بل المستحلّ كان أغلب، فالنصوص المسوّغة لأخذ الجلود في

ص: 200


1- . في المصدر : أذكيّة .
2- . كتاب من لايحضره الفقيه : 1 / 257 ح 791 .

الأسواق بعنوان الإطلاق كالصريحة في جواز أخذ الجلود منهم، و لا معارض لها، فتعيّن العمل بها .

و موثّقة إسحاق بن عمّار السالفة، فإنّ قوله عليه السلام : « لا بأس بالصلاة في الفرو اليمانيّ و فيما صنع في أرض الإسلام » (1)، مقتضاه جواز الصلاة في كلّ ما صنع في أرض الإسلام، سواء كان ذو اليد من المسلم المستحلّ، أو غيره .و يؤيّده قول الراوي : « قلت : فإن كان فيها غير أهل الإسلام ؟ » حيث يظهر منه أنّه فهم عموم الحكم بالإضافة إلي جميع أفراد المسلمين، و سأل عمّا إذا كانفيها غير أهل الإسلام، و أجاب عليه السلام بما يؤكّد العموم حيث قال : « إن كان الغالب عليها المسلمين (2) فلا بأس » (3).

و رواية إسماعيل بن عيسي، و ستقف علي الكلام في وجه دلالتها و معناها .

والظاهر أنّ المسألة ممّا لا إشكال فيها، بل ربّما يمكن دعوي ندرة القائل بالمنع لو لم ندّع إطباق الأصحاب عليه في الجملة، كما ستقف عليه .

و حيث اخترنا جواز أخذ الجلود من المسلم المستحلّ أيضًا، يلزم بسط الكلام في تحقيق تلك الأقسام، فنقول :

ص: 201


1- . تهذيب الأحكام : 2 / 368 ح 64 .
2- . في المصدر : المسلمون .
3- . تهذيب الأحكام : 2 / 368 ح 64 .

القسم الحادي والخمسون :

اشارة

القسم الحادي والخمسون : أن يكون الجلد في يد المسلم المستحلّ لاستعمال جلد الميتة بالدباغة و ذبائح أهل الكتاب في السوق المختصّ بالمسلم مع إخباره بالتذكية والظنّ بها .

والظاهر من المبسوط والنهاية والمنتهي و نهاية الإحكام والتحرير والتذكرةعدم الجواز (1) ؛ و قد سمعت عبارة الجميع، و عبارة المنتهي أصرح، لتصريحه بالعدم ولو مع الإخبار بالتذكية .

قال في التحرير أيضًا :

ما يباع في أسواق المسلمين من الذبائح واللحوم حلال، يجوز شراؤه وأكله، ولا يجب التفتيش عن حاله، سواء كان البائع مؤمنًا أو مخالفًا يعتقد إباحة ذبائح أهل الكتاب علي إشكال .

و كذا ما يوجد في يد المخالف من الجلود و إن كان يعتقد إباحة استعمال جلد الميتة بعد الدبغ علي إشكال، أقربه عندي المنع في الموضعين .

و لو وجد ذبيحة مطروحة لم يحلّ له أكلها ما لم يعلم أنّها تذكية مسلم، أو

ص: 202


1- . انظر النهاية : 97 ؛ والمبسوط : 1 / 83 ؛ و نهاية الإحكام : 1 / 373 ؛ و تذكرة الفقهاء : 2 / 464 ؛ و منتهي المطلب : 4 / 205 .

يوجد (1) في يده، انتهي كلامه (2).

والظاهر من المعتبر (3) الجواز من وجهين، أحدهما : من جهة كون الجلد في يد المسلم، والثاني : من جهة وجوده في سوق المسلمين .

و هو الظاهر من الشرائع والنافع، قال في الأوّل :ما يباع في أسواق المسلمين من الذبائح واللحوم يجوز شراؤه، ولايلزم الفحص (4) عن حاله (5).

و في الثاني :

ما يباع في أسواق المسلمين يجوز ابتياعه من غير تفحّص (6).

لوضوح أنّ الإطلاق فيها يعمّ الجلود و غيرها .

والجعفريّة أيضًا (7)، لحصره الجلد الّذي له حكم الميتة في أمور ليس ما نحن فيه منها، كما نبّهنا عليه فيما سلف أيضًا .

ص: 203


1- . في المصدر : توجد .
2- . تحرير الأحكام : 4 / 626 .
3- . انظر المعتبر : 2 / 78 .
4- . في المصدر : التفحّص .
5- . شرائع الإسلام : 4 / 741 .
6- . المختصر النافع : 242 .
7- . انظر الجعفريّة، المطبوع ضمن « حياة المحقّق الكركي وآثاره » : 4 / 159 .

و هو المصرّح به في الدروس والبيان والروض والمدارك والذخيرة (1)، فلاحظ عباراتهم السالفة .

قال في الذكري :

و لو وجد في يد مستحلّ بالدبغ، ففيه صور ثلاث، الأولي : أن يخبر بأنّه ميتة، فليجتنب، لاعتضاده بالأصل من عدم الذكاة ؛ الثانية : أن يخبر بأنّه مذكّي، فالأقرب القبول، لأنّه الأغلب، و لكونه ذا يد فيقبل قوله فيه، كمايقبل في تطهير الثوب النجس (2).و يمكن المنع لعموم : « فتبيّنوا »، و لأنّ الصلاة في الذمّة بيقين، فلا تزول بدونه .

مستند المانعين

و مستند المنع - مضافًا إلي أصالة عدم التذكية - وجوه :

منها : قوله تعالي : « إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا » (3)، أوجب التبيّن والتثبّت عند خبر الفاسق، و هو مستلزم لعدم القبول مطلقًا ؛ و إطلاقه يعمّ ما نحن فيه و غيرها .

ص: 204


1- . انظر الدروس : 1 / 149 و 150 ؛ والبيان: 120 ؛ والروض : 2 / 570 ؛ المدارك : 3 / 158 ؛ والذخيرة : 2 / 232 .
2- . ذكري الشيعة : 3 / 29 .
3- . الحجرات : 6 .

و منها : رواية عبدالرّحمن بن الحجّاج المذكورة، و مثلها صحيحته السالفة .

و منها : موثّقة ابن بكير المتكرّرة، لقوله عليه السلام : « فإن كان ممّا يؤكل لحمه فالصلاة في وبره و شعره و بوله و روثه و ألبانه و كلّ شيء منه جائز إذا علمت أنّه ذكيّ » (1).

و رواية عليّ بن أبي حمزة السالفة، قال : سألت أبا عبداللّه و أبا الحسن عليهماالسلام عن لباس الفراء والصلاة فيها، فقال : لاتصلّ فيها إلاّ فيما كان منه ذكيًّا (2).

مستند المجوّزين

و مستند المجوّزين - مضافًا إلي أصالتي الطهارة والإباحة - وجوه أيضًا :

منها : صحيحة الفضلاء، لما عرفت من أنّ الظاهر عدم الفرق بين جواز أكل اللحم واستعمال الجلد .

إن قيل : إنّ المانع في الجلد - و هو استحلال الجلد بالدباغة - غير متحقّق في اللحم، لعدم استحلالهم أكل الميتة .

قلنا : استحلال ذبائح أهل الكتاب يكفي في ذلك .

و منها : النصوص المعتبرة المستفيضة السالفة المسوّغة لأخذ الجلود في أسواق المسلمين بقول مطلق، كصحيحة البزنطي قال : سألته عن الرجل يأتي

ص: 205


1- . الكافي : 3 / 397 ح 1 ؛ تهذيب الأحكام : 2 / 209 ح 26 .
2- . الكافي : 3 / 397 ح 7 .

السوق، فيشتري جبّة فراء لا يدري أذكيّة هي أم غير ذكيّة، أيصلّي فيها ؟ فقال: نعم، ليس عليكم المسألة، إنّ أبا جعفر عليه السلام كان يقول : إنّ الخوارج ضيّقوا علي أنفسهم لجهالتهم (1)، إنّ الدين أوسع من ذلك (2).

و قد أجرينا الكلام في وجه دلالتها علي المرام بحيث لا يبقي للتأمّل مقام .

و منها : موثّقة إسحاق بن عمّار المذكورة، و قد نبّهنا علي وجه الدلالة بحيث لايبقي شكّ ولا شبهة .

و منها : خصوص رواية أبي بصير السالفة المشتملة علي أنّه عليه السلام كان يبعث إليالعراق لأخذ الفرو عن أهلها، مع تصريحه عليه السلام بأنّ أهل العراق يستحلّون لباس جلود الميتة بالدباغة (3).

و منها : ما رواه في الفقيه عن إسماعيل بن عيسي أنّه سأل أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الجلود والفراء يشتريه الرجل في سوق من أسواق الجبل، أيسأل عن ذكاته إذا كان البائع مسلمًا غير عارف ؟ قال عليه السلام : عليكم أن تسألوا عنه إذا رأيتم المشركون يبيعون ذلك، و إذا رأيتموهم يصلّون فلا تسألوا عنه (4).

و طريقه إليه صحيح، لأنّه قال :

و ما كان فيه عن إسماعيل بن عيسي فقد رويته عن محمّد بن موسي بن

ص: 206


1- . في المصدر: بجهالتهم .
2- . تهذيب الأحكام : 2 / 368 ح 61 .
3- . انظر الكافي : 3 / 397 ح 2 .
4- . كتاب من لايحضره الفقيه : 1 / 258 ح 792 .

المتوكّل

رضي الله عنه (1)، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن عيسي (2).

فحال الحديث يتوقّف علي حال الراوي المذكور، فنقول : إنّه وإن لم يذكر فيكتب الرجال، لكن يظهر من طريق الصدوق إليه أنّه ممّن يعوّل عليه عنده، و لذا حسّنه العلاّمة السميّ المجلسيّ رحمه الله ؛ و يؤيّده رواية إبراهيم بن هاشم عنه، وكذا رواية أحمد بن محمّد بن عيسي عنه، مع ما هو المعروف من حاله .و يظهر ذلك ممّا رواه ثقة الإسلام في باب النوادر من الكافي حيث قال :

عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد في مسائل إسماعيل بن عيسي عن الأخير في مملوك يعصي صاحبه أيحلّ ضربه أم لا ؟ فقال: لايحلّ (3) أن تضربه، إن وافقك فأمسكه وإلاّ فخل عنه (4).

و دلالته علي كونه ممّن يعوّل عليه من وجهين، أحدهما : رواية أحمد بن محمّد بن عيسي عنه ؛ والثاني : كونه صاحب مسائل يعتني بنقلها و ضبطها المشايخ، كثقة

الإسلام، فالحديث حسن .

ص: 207


1- . جاء في حاشية المخطوطة : « محمّد بن موسي بن المتوكّل، وثّقه العلاّمة وابن داود والسميّ المجلسيّ، وذكره الصدوق مترضّيًا يؤكّد الوثاقة ؛ منه دام ظلّه العالي ». انظر : كتاب من لايحضره الفقيه : 4 / 423 ؛ وخلاصة الأقوال : 251 ؛ و رجال ابن داود : 185 ؛ والوجيزة في الرجال، للعلاّمة المجلسيّ قدس سره : 173 .
2- . كتاب من لايحضره الفقيه : 4 / 448 .
3- . في المصدر : لا يحلّ لك .
4- . الكافي : 7 / 261 ح 5 .

توضيح

ضبط المحدّث القاساني « الجبل » بالجيم والياء المثنّاة التحتانيّة، و فسّره بصنف من الناس (1).

قال في القاموس :

الجيل بالكسر : الصنف من الناس (2).و عن الصحاح :

جيل من الناس صنف (3)، الترك جيل، والروم جيل (4).و في التهذيب بالباء الموحّدة (5).

وجه دلالة الحديث

وجه الدلالة هو : انّ الظاهر أنّ المراد من المسلم الغير العارف الوارد في الأخبار هو المخالف علي ما يظهر من تصفّح النصوص، فعلي هذا مراد السائل أنّه إذا وجد الجلد في يد المخالف هل يجوز شراؤه من غير سؤال عن ذكاته، أم لا بل يتوقّف عن السؤال عنها ؟ و أجاب عليه السلام بقوله : « عليكم أن تسألوا عنه إذا رأيتم

ص: 208


1- . الوافي : 7 / 421 .
2- . القاموس المحيط : 3 / 353 .
3- . في المصدر : أي صنف .
4- . الصحاح : 4 / 1664 .
5- . انظر تهذيب الأحكام : 2 / 371 ح 76 .

المشركين يبيعون ذلك » (1).

و مقتضي مفهومه - علي ما عرفت غير مرّة - عدم وجوب السؤال فيما إذا لم يكن البائع مشركًا ؛ والمفروض فيما نحن فيه أن يكون ذو اليد فيه مسلمًا، فمقتضاه جواز الأخذ عن المسلم المستحلّ من غير سؤال، بل هو بمعونة السؤال صريحٌ في ذلك .

و يؤيّده قوله

عليه السلام : « وإذا رأيتموهم يصلّون، فلا تسألوا عنه »، بناءً علي أنّ معناه أنّ المتصدّين للبيع إذا كانوا من أهل الصلاة فلا تسألوا عنه، والمخالفون كذلك .

و يتوجّه عليه : انّ حمل هذا الكلام علي هذا المعني مخالفٌ للظاهر، إذ الظاهرأنّ الضمير في « رأيتموهم » عائدٌ إلي المشركين، إذ الظاهر أنّ قوله عليه السلام : « وإذا رأيتموهم » إلي آخره، تعبيرٌ عن المفهوم، و مقتضاه أن يكون النفي والإثبات واردًا علي شيء واحد، فعلي هذا يكون المراد من المشركين المخالفين .

و حمل المشركين عليهم و إن كان مخالفًا للظاهر، لكنّه كما يكون خلاف الظاهر كذا يكون إرجاع الضمير في قوله عليه السلام : « إذا رأيتموهم » إلي المتصدّين للبيع غير المشركين مخالفًا للظاهر كما لا يخفي، فإذا قام الاحتمال بطل الاستدلال .

ثمّ إنّ حمل « يصلّون » علي المعني المذكور مخالفٌ للظاهر أيضًا، فالظاهر أنّ مقصوده عليه السلام التفرقة بين الجلد الّذي رأيتم صلاة المخالفين فيه و غيره، فإن كان

ص: 209


1- . كتاب من لايحضره الفقيه : 1 / 258 ح 792 ؛ وتهذيب الأحكام : 2 / 371 ح 76 .

الأوّل يجوز استعماله من غير سؤال، و إلاّ فلا ؛ و يؤيّده الحديث علي النحو المرويّ في باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان من زيادات التهذيب، وهو هكذا : « إذا رأيتم يصلّون فيه فلا تسألوا عنه » (1).

و ممّا ذكر تبيّن عدم تماميّة الاستدلال و لو كان الضمير في قوله عليه السلام : « إذا رأيتهم » - علي ما في الفقيه - عائدًا إلي ما ذكر في السؤال، إذ حاصل المعني هو : انّه إذا رأيتم أنّ المخالفين يصلّون في الجلد، فلا يجب عليكم السؤال عنه، و إلاّ فيجب ؛ فالتمسّك بالحديث في أخذ الجلود من المسلم المستحلّ علي سبيل الإطلاق غير صحيح .نعم، يتّجه الاستدلال منه في جواز التعويل علي إخبارهم في التذكية و جواز الاستعمال حينئذٍ لا علي سبيل الإطلاق .

إن قلت : إنّ هذا التفصيل وإن كان هو الظاهر من الحديث، لكنّه يتوقّف علي تحقّقه في المخالفين إن جوّزوا استعمال الميتة في غير الصلاة، لا فيها ؛ و هو غير معلوم .

قلنا : هذا التفصيل محكيّ عن المالك ؛ قال في التذكرة - بعد أن حكم بأنّ جلد الميتة لا يطهّر بالدباغة و دعوي إطباق علمائنا عليه والاستدلال عليه - ما هذا لفظه :

و قال الشافعي : يطهر (2) بالدباغ إلاّ جلد الكلب والخنزير .

ص: 210


1- . تهذيب الأحكام : 2 / 371 ح 76 .
2- . في المصدر : تطهر كلّ الجلود .

إلي أن قال :

و قال مالك : يطهر ظاهره دون باطنه، فيصلّي عليه لا (1) فيه (2).

المتحصّل ممّا ذكر

والمتحصّل ممّا ذكر أنّه وإن لم يصحّ الاستدلال بالحديث في جواز أخذ الجلود من المسلم المستحلّ علي وجه الإطلاق، لكنّه يصحّ في صورة إخباره بالتذكية، إذمقتضي المفهوم وجوب السؤال فيما إذا لم ير صلاتهم فيه ؛ و معلومٌ أنّ السؤال إنّماهو يثمر إذا جاز التعويل علي الجواب .

والتمسّك بالحديث في محلّ الكلام و نحوه وإن لم يصحّ علي الإطلاق، إلاّ أن يناقش ذلك بمثل ما نبّهنا عليه في بعض المباحث السالفة، حاصله هو : انّ الاستدلال مبنيّ علي أن يكون المراد من قوله عليه السلام : « عليكم أن تسألوا عنه »، هو السؤال عن ذي اليد، و قد عرفت منعه .

و منه يظهر الحال في قوله عليه السلام : « و إذا رأيتم يصلّون فيه فلا تسألوا عنه »، إذ الاستدلال إنّما يتمّ إذا كان المراد من مفهومه أنّه إذا ما رأيتم صلاتهم فيه يجب عليكم السؤال عن حال الجلد من ذي اليد ؛ و هو ممنوع، لجواز أن يكون المراد هو السؤال عن حال الجلد من غيره .

ص: 211


1- . في المصدر : و لا يصلّي فيه .
2- . تذكرة الفقهاء : 2 / 233 .

إلاّ أن يقال : إنّ غاية ما يستفاد منه لزوم السؤال فيما إذا لم يظهر صلاتهم فيه، وهو أعمّ من أن يكون السؤال من ذي اليد و غيره ؛ و أيّ منهما كان يتأتّي الامتثال، فقد دلّ علي جواز التعويل علي الإخبار من ذي اليد، و هو المطلوب .

الجواب عن مستند المنع

بقي الكلام في الجواب عن مستند المنع، فنقول : أمّا عن آية النبأ فبأنّها محمولة

علي غير ما نحن فيه، للنصوص المتقدّمة الدالّة علي جواز أخذ الجلود من السوق، لما عرفت من أنّها كالصريحة في جواز أخذ الجلود من يد المخالفين من غير إخبار بالتذكية، فمعه بطريق أولي .مضافًا إلي صحيحة الفضلاء الصريحة في الإباحة من غير حاجة إلي المسألة ؛ وإلي رواية أبي بصير الصريحة في أنّه عليه السلام يبعث إلي العراق لأخذ الفرو منهم مع تصريحه عليه السلام بأنّ أهل العراق يستحلّون جلود الميتة بالدباغة .

و أمّا عن رواية عبدالرّحمن فقد عرفت أنّ مقتضاها الجواز لا العدم، وأنّ التمسّك بها في إثبات الجواز أولي ؛ و منه يظهر الحال في صحيحته السالفة .

و أمّا عن موثّقة ابن بكير و غيرها فبما مرّ مرارًا من لزوم الحمل علي المظنّة، والمفروض تحقّقها، فالظاهر أنّ المسألة ممّا لا ينبغي التأمّل فيها، مضافًا إلي ندرة

القول بالمنع، كما ستقف علي تحقيق الحال في ذلك في المسألة الآتية بعون اللّه تعالي.

ص: 212

القسم الثاني والخمسون :

اشارة

الثاني والخمسون : مثله إلاّ في الإخبار بالتذكية، فيكون الجلد في يد المسلم المستحلّ في السوق المختصّ بالمسلمين مع الظنّ بالتذكية من غير إخبار بها .

والظاهر من المبسوط والنهاية والمنتهي و نهاية الإحكام والتذكرة والتحرير (1)هنا أيضًا عدم الجواز، بل قال هنا بعض مَن لم يقل به هناك، كشيخنا الشهيد في الذكري والدروس، لما عرفت من أنّه قال في الأوّل :

أمّا ما يشتري من سوق الإسلام، فيحكم عليه بالذكاة إذا لم يعلم كون البائع مستحلاًّ (2).

و في الثاني :

و يجوز (3) - أي الصلاة - فيما كان في سوق الإسلام، أو مع مسلم غير مستحلّ (4).

والظاهر من المعتبر والشرائع والنافع والجعفريّة و صريح البيان والروض

ص: 213


1- . انظر النهاية : 97 ؛ والمبسوط : 1 / 83 ؛ و نهاية الإحكام : 1 / 373 ؛ و تذكرة الفقهاء : 2 / 464 ؛ و تحرير الأحكام : 1 / 194 ؛ و منتهي المطلب : 4 / 205 .
2- . ذكري الشيعة : 3 / 30 .
3- . في المصدر : و تجوز .
4- . الدروس الشرعيّة : 1 / 150 .

والمسالك والمدارك والذخيرة الجواز (1).

مختار المؤلّف قدس سره و دليله

والمستند في الطرفين يظهر ممّا فصّلناه في السابق، والمختار هنا أيضًا هوالمختار في السابق، فلا يتوقّف الاستعمال علي الاستخبار والإخبار، لعين ماقرّرنا هناك .

والظاهر أنّه المشهور بين الأصحاب، بل يمكن أن يدّعي ندرة القائل بالمنع لو لم يدّع إطباق الأصحاب علي الجواز، لأنّ القائلين بالمنع لهم كلماتٌ أخر دالّة علي الجواز، إذ من جملتهم شيخ الطائفة، و هو و إن ذكر في كتاب الصلاة من النهاية ما تقدّم نقله منه، لكنّه قال في كتاب الصيد والذباحة منه ما هذا عينه :

و كلّ ما [ يباع ] (2) في أسواق المسلمين جاز شراؤه، و ليس علي من يبتاعه التفتيش عنه (3).

و قال أيضًا في باب الذبائح من التهذيب :

ص: 214


1- . انظر المعتبر : 2 / 78 ؛ و شرائع الإسلام : 4 / 741 ؛ و المختصر النافع : 242 ؛ والبيان : 120 ؛ والجعفريّة، المطبوع ضمن « حياة المحقّق الكركي وآثاره » : 4 / 159 ؛ و مسالك الأفهام : 11 / 492 و 493 ؛ و مدارك الأحكام : 3 / 158 ؛ و ذخيرة المعاد : 2 / 232 ؛ وروض الجنان : 2 / 570 .
2- . ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر .
3- . النهاية : 582 .

أمّا ما يباع في أسواق المسلمين فلا بأس بأكله، وإن لم يعلم (1) مَن الذابح له (2).

و كتاب الصيد والذباحة من المبسوط وإن لم يحضرني حال الكتابة، لكنّ المظنون الإتيان بمثله هناك أيضًا (3).وأمّا العلاّمة فهو وإن ذكر في الكتب المذكورة ما تقدّم نقله عنها، بل صرّح في ذبائح التحرير بعدم جواز أخذ اللحوم والجلود من المخالف، لكنّه قال في التبصرة :و ما يباع في أسواق (4) المسلمين فهو ذكيّ حلال إذا لم يعلم حاله (5).

و في الإرشاد :

يجوز شراء ما يوجد في أسواق المسلمين من اللحوم - ولا يجب السؤال - و ما يوجد في يد مسلم (6).

و في القواعد :

و ما يباع في أسواق المسلمين من الذبائح واللحوم حلال لايجب

ص: 215


1- . في المصدر : لم تعلم .
2- . تهذيب الأحكام : 9 / 72 .
3- . لم نجده فيه .
4- . في المصدر : سوق .
5- . تبصرة المتعلّمين : 162 .
6- . إرشاد الأذهان : 2 / 109 .

الفحص عنه (1).

و أمّا شيخنا الشهيد فهو وإن أتي في الذكري والدروس بما حكيناه عنهما، لكنّه في كتاب التذكية من الدروس المتأخّر من الذكري صرّح بخلاف ذلك حيث قال :

ويحلّ أكل ما يباع في سوق الإسلام من اللحم وإن جهل (2) حاله، ولايجب السؤال، بل ولا يستحبّ وإن كان البائع غير معتقد للحقّ، ولوعلم منه استحلال ذبائح الكتابيّين (3).

فعلي هذا نقول : إنّ هؤلاء العظام الّذين عثرنا علي التصريح بمنع الأخذ من المسلم المستحلّ في كلماتهم، قد ظهر منهم العدول عمّا قالوا .مضافًا إلي أنّ العلاّمة في الكتب المتقدّمة و إن صرّح بعدم الأخذ من المسلم المستحلّ، لكن يظهر من تعليله في التذكرة و نهاية الإحكام أنّ مراده غير صورة المظنّة، كما نبّهنا عليه غير مرّة ؛ قال في التذكرة :

وإنّما اعتبرنا في المسلم انتفاء استباحته للميتة، ليحصل الظنّ بالتذكية، إذ لا فرق في انتفاء الظنّ بين المستبيح من المسلم والكافر (4).

و في نهاية الإحكام :

ص: 216


1- . قواعد الأحكام : 3 / 323 .
2- . في المصدر : جهلت .
3- . الدروس الشرعيّة : 2 / 416 .
4- . تذكرة الفقهاء : 2 / 464 .

و إنّما شرطنا في المسلم عدم استباحته للميتة، ليحصل الظنّ بالتذكية (1).

فالظاهر منهما أنّ المناط عنده في استعمال الجلود هو الظنّ بالتذكية، والمفروض تحقّقه في هذين القسمين، فلا يكون منعه شاملاً فيهما .

وأمّا دعوي استحالة الظنّ بالتذكية مع كون ذي اليد من المسلم المستحلّ، فممّا لاشبهة في فسادها، فالقول بالمنع مع ضعفه شاذّ لو لم يدّع إطباق الأصحاب علي خلافه، علي ما عرفت وجهه ممّا بيّناه .

إن قيل : كيف يمكن هذه الدعوي مع أنّ جماعة من قدماء الأصحاب قضوا بعدم حلّيّة ذبائح المخالفين ؟! كما هو المحكيّ عن ابن البرّاج وابن إدريس (2)،فاللازم من هذا القول عدم جواز استعمال جلود ذبائحهم كما لايخفي .قلنا : الحكم بعدم جواز استعمال جلود ذبائحهم غير مستلزم لعدم جواز أخذ الجلود من أيديهم إذا لم يعلم أنّها من ذبيحتهم، أو حصل الظنّ بأنّها من ذبيحة أهل الحقّ كما لا يخفي، فتأمّل .

والمحتصّل : انّ جواز أخذ الجلود من أيديهم في القسمين المذكورين ممّا لاينبغي التأمّل فيه .

ص: 217


1- . نهاية الإحكام : 1 / 373 .
2- . انظر المهذّب : 2 / 439 ؛ والسرائر : 3 / 106 ؛ و حكاه عنهما في المسالك : 11 / 467 ؛ و كفاية الأحكام : 2 / 583 .

القسم الثالث والخمسون :

اشارة

الثالث و الخمسون : مثله أيضًا، لكن من غير الظنّ بالتذكية، فيكون الجلد في يد المسلم المستحلّ في السوق المختصّ بالمسلمين مع الإخبار بكونه من ذبيحة المسلمين، لكن من غير الظنّ بذلك .

والظاهر من المعتبر والدروس والبيان والذكري والجعفريّة والروض والمدارك والذخيرة جواز الاستعمال (1).

و هو الظاهر من الشرائع والنافع والقواعد والإرشاد والتبصرة أيضًا، كما علمت من عباراتهم السالفة (2).

إن قلت : إنّ غاية ما يستفاد من كلماتهم المذكورة جواز شراء اللحوم الموجودة من أسواق المسلمين و أكلها و لو كانت مأخوذة من يد المخالفين، ولايلزم منه جواز استعمال الجلود الموجودة في أياديهم ؛ و من ادّعي الاستلزام فعليه بالبيان .

ص: 218


1- . انظر المعتبر : 2 / 78 ؛ والبيان : 120 ؛ و ذكري الشيعة : 3 / 28 ؛ والدروس : 1 / 149 ؛ والجعفريّة، المطبوع ضمن « حياة المحقّق الكركي وآثاره » : 4 / 159 ؛ و مدارك الأحكام : 3 / 158 ؛ و ذخيرة المعاد : 2 / 232 ؛ و روض الجنان : 2 / 570 .
2- . انظر شرائع الإسلام : 4 / 741 ؛ و المختصر النافع : 242 ؛ و تبصرة المتعلّمين : 162 ؛ وإرشاد الأذهان : 2 / 109 ؛ و قواعد الأحكام : 3 / 323 .

مضافًا إلي أنّا نقول : إنّ المانع في أخذ الجلود منهم تسويغهم استعمال جلود الميتة بالدباغة، و هو غير متحقّق في اللحوم، فيمكن أن يكون تجويزهم أكل اللحوم المأخوذة منهم لذلك، فلا يلزم من تسويغ أكل اللحوم الموجودة في أيديهم تسويغ الجلود الموجودة فيها .

و يؤيّده ذكر اللحم في كلماتهم، كما علمت من كلام الدروس حيث قال :

و يحلّ أكل ما يباع في سوق الإسلام من اللحم (1).

فيمكن أن يكون الوجه في ذلك هو : انّه لمّا كان مقتضي أصالة عدم التذكية لزوم الاجتناب عمّا لم يعلم تذكيته، وجب المصير إلي ذلك، إلاّ فيما دلّ الدليل علي خلافه ؛ و قد دلّت صحيحة الفضلاء علي جواز أكل اللحم الموجود في أسواق المسلمين من غير افتقار إلي فحص و نظر، فبقي غيره تحت الأصل، فيجب العمل بمقتضاه .

قلنا : كما أنّ صحيحة الفضلاء دلّت علي جواز أخذ اللحوم من سوق المسلمين، و بها يخرج عن مقتضي أصالة عدم التذكية، فقد دلّت النصوص السالفة - الّتي منها صحيحتا البزنطي و غيرهما - علي أخذ الخفّ والفراء من السوق أيضًا من غير حاجة إلي فحص و نظر .

مضافًا إلي أنّا نقول : كما يكون احتمال الجلد الموجود في أيديهم من الميتة مانعًا عن الاستعمال، فليكن احتمال كون اللحم الموجود في أيديهم من ذبيحةأهل الكتاب مانعًا عن الأكل من غير تفرقة .

ص: 219


1- . الدروس الشرعيّة : 2 / 416 .

غاية ما هناك أنّ في الجلد احتمالين، أحدهما : أن يكون من الميتة، لمصيرهم إلي طهارته بالدباغة، والثاني : كونه من ذبيحة أهل الكتاب، لما عرفت من استحلالهم ذبائحهم ؛ و في اللحم احتمالٌ واحد، و كثرة الاحتمال و قلّته لا يجدي نفعًا في أمثال المقام .

علي أنّا نقول : إنّ كلماتهم في الذبائح والتذكية غير مختصّة باللحم، بل عامّة، فلاحظ كلام التبصرة و هو قوله :

و ما يباع في أسواق المسلمين، فهو ذكيّ حلال (1).

فإنّ شموله للجلود ممّا لا ينبغي التأمّل فيه .

و مثله الحال في كلام الإرشاد، فإنّ اللحم فيه و إن كان موهمًا للاختصاص، لكن قوله : « و ما يوجد في يد مسلم » (2) في الآخر يقتضي التعميم .

و أمّا عبارة النافع فاستفادة التعميم منها ممّا لا يخفي، كالشرائع والقواعد (3)، إذ الذبائح فيهما يشمل غير اللحم أيضًا، لا سيّما بعد عطف اللحوم فيهما عليه .

و أمّا عبارة الدروس فإنّها و إن كانت موهمة للاختصاص، لكنّه لمّا جعلالعنوان في الأكل خصّ اللحم بالذكر، لعدم معهوديّة أكل الجلود .

و فيه تأمّل، إذ كلامه في الدروس والذكري صريحٌ في عدم جواز الصلاة مثلاً

ص: 220


1- . تبصرة المتعلّمين : 162 .
2- . إرشاد الأذهان : 2 / 109 .
3- . انظر الشرائع : 4 / 741 ؛ و قواعد الأحكام : 3 / 323 .

في الجلود المأخوذة من يد المسلم المستحلّ، لما عرفت من أنّه قال في الأوّل (1) :

أمّا ما يشتري من سوق الإسلام، فيحكم عليه بالذكاة إذا لم يعلم كون البائع مستحلاًّ (2).

و في الثاني (3) :

و يجوز الصلاة فيما كان في سوق الإسلام، أو مع مسلم غير مستحلّ (4).

و غاية ما يظهره ممّا ذكره في كتاب التذكية من الدروس جواز أكل اللحم المأخوذ من المخالف ؛ و لا يلزم منه جواز الصلاة في الجلد الموجود من أيديهم واستعماله حتّي يجعل ذلك دليلاً علي العدول عمّا ذكره في كتاب الصلاة، إلاّ أن يدّعي انتفاء القائل بالتفرقة، كما أومأنا إليه فيما سلف .

مضافًا إلي أنّه يمكن منع دلالة عبارة الدروس علي العدم، إذ مقتضي حكمه بجواز الصلاة فيما كان في سوق الإسلام جوازها مطلقًا ولو كان ذو اليد من المخالف .

و قوله : « أو مع مسلم غير مستحلّ » لا يصلح للتقييد، إذ مقتضي العطف بأو أنّه إذا لم يكن في سوق الإسلام يكون جواز الصلاة فيه متوقّفًا علي كونه مع مسلمٍغير المستحلّ .

ص: 221


1- . كذا في المخطوطة، والصواب : في الثاني .
2- . ذكري الشيعة : 3 / 30 .
3- . كذا في المخطوطة، والصواب : في الأوّل .
4- . الدروس الشرعيّة : 1 / 150 .

والحاصل : انّ دلالته علي التقييد غير مسلّمة، إذ لو كان المراد ذلك ينبغي أن يقول : فيما كان في سوق الإسلام مع مسلم غير مستحلّ ؛ و لا يخفي عليك أنّ هذا إنّما يفتقر إليه في صورة عدم الإخبار بالتذكية، و أمّا مع الإخبار بها فلا، لما عرفت

من تصريحه بالقبول في الكتابين في صورة الإخبار .

مختار المؤلّف قدس سره و دليله

و كيف كان، انّ المختار هو الجواز، وفاقًا لظاهر المعتبر من وجهين والشرائع والنافع والقواعد والإرشاد والتبصرة والذكري والبيان والدروس والجعفريّة والروض والمدارك والذخيرة (1).

والمستند فيه كثيرٌ من النصوص السالفة، كموثّقة إسحاق بن عمّار، إذ قوله عليه السلام : « لابأس بالصلاة في الفرو (2) اليمانيّ و فيما صنع في أرض الإسلام » (3)، يدلّ علي الجواز في المصنوع في أرض الإسلام علي سبيل الإطلاق، و هو بمعونة ذيله كالتصريح في جواز الصلاة في ما يؤخذ من المسلم المخالف، كما نبّهنا عليه فيما

ص: 222


1- . انظر المعتبر : 2 / 78 ؛ و شرائع الإسلام : 4 / 741 ؛ و المختصر النافع : 242 ؛ والبيان : 120 ؛ و ذكري الشيعة : 3 / 28 ؛ والدروس : 1 / 149 ؛ والجعفريّة، المطبوع ضمن « حياة المحقّق الكركي و آثاره » : 4 / 159 ؛ و مدارك الأحكام : 3 / 158 ؛ و ذخيرة المعاد : 2 / 232 ؛ و روض الجنان : 2 / 570 ؛ و تبصرة المتعلّمين : 162 ؛ و إرشاد الأذهان : 2 / 109 ؛ و قواعد الأحكام : 3 / 323 .
2- . في المصدر : القز .
3- . تهذيب الأحكام : 2 / 368 ح 64 .

قبل الحادي والخمسين فليلاحظ، فتأمّل (1).و صحيحة جعفر بن محمّد بن يونس حيث قال : أنّ أباه كتب إلي أبي الحسن عليه السلام يسأله عن الفرو والخفّ ألبسه و أصلّي فيه و لا أعلم أنّه ذكيّ ؟ فكتب : لابأس (2).

وجه الدلالة هو : انّ ترك الاستفصال بين كون الفرو مأخوذًا من المسلم المستحلّ و غيره، دليلٌ ثبوت الحكم في القسمين .

و فيه أيضًا يظهر وجهه ممّا يأتي .

و صحيحةُ عبدالرّحمن بن الحجّاج قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الفراء اشتريه من الرجل الّذي لعلّي لا أثق به (3)، فيبيعني علي أنّها ذكيّة، أبيعها علي ذلك ؟ فقال: إن كنت لاتثق به فلا تبعها علي أنّها ذكيّة، إلاّ أن تقول : قد قيل لي أنّها ذكيّة (4).

وجه الدلالة هو : انّه إذا كان المرادُ من الرجل الغير الموثوق به خصوصَ المخالف - كما يؤيّده روايته السالفة - فالأمر ظاهر ؛ و إلاّ فالاستدلال من جهة ترك الاستفصال، فنقول : إنّ الظاهر منه جواز الاستعمال في صورة انتفاء الإخبار بالتذكية، فيدلّ في صورة الإخبار بالفحوي والإطلاق .

ص: 223


1- . جاء في حاشية المخطوطة : « وجه التأمّل هو ما نبّهنا عليه في بعض المباحث السالفة من أنّاعتبار الغلبة في الحديث إنّما هو للمظنّة، والمفروض انتفاؤه ؛ منه دام ظلّه العالي ».
2- . كتاب من لايحضره الفقيه : 1 / 258 ح 793 .
3- . في المصدر : لعلّي أثق به .
4- . تهذيب الأحكام : 7 / 133 ح 57 .

والأولي التمسّك في المقام بالنصوص المعتبرة السوقيّة السالفة، كصحيحةالحلبي قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الخفاف الّتي تباع في السوق، فقال : اشترو صلّ فيها حتّي تعلم أنّه ميّت (1).

و صحيحة البزنطي عن مولانا الرضا عليه السلام قال : سألته عن الخفاف يأتي السوق فيشتري الخفّ لايدري أذكيّ هو أم لا، ما تقول في الصلاة فيه و هو لايدري أيصلّي فيه ؟ قال : نعم، أنا أشتري الخفّ من السوق و يصنع لي و أصلّي فيه، وليس عليكم المسألة (2).

و صحيحته الأخري مثله (3).

و مثلهما صحيحة سليمان بن جعفر الجعفريّ، و صحيحة الفضلاء السالفة، و رواية محمّد بن الحسين الأشعريّ قال : كتب بعض أصحابنا إلي أبي جعفر الثاني عليه السلام : ما تقول في الفرو يشتري من السوق ؟ فقال : إذا كان مضمونًا فلا بأس (4).

إن قيل : إنّ الظاهر من النصوص المذكورة وإن كانت ذلك، لكنّ المستفاد من موثّقة ابن بكير المتكرّرة خلافه، إذ قوله عليه السلام : « فإن كان ممّا يؤكل لحمه فالصلاة في وبره و بوله و شعره و روثه و ألبانه و كلّ شيء منه جائز إذا علمت أنّه ذكيّ » (5)،

ص: 224


1- . تهذيب الأحكام : 2 / 234 ح 128 .
2- . تهذيب الأحكام : 2 / 371 ح 77 .
3- . تهذيب الأحكام : 2 / 368 ح 61 .
4- . الكافي : 3 / 398 ح 7 .
5- . الكافي : 3 / 397 ح 1 ؛ وتهذيب الأحكام : 2 / 209 ح 26 .

يقتضي توقّف الصلاة في الجلود علي العلم بكونها من المذكّي ؛ و بعد الإغماض عن ظاهر العلم فلابدّ من حمله علي الظنّ، و مقتضاه توقّف الصلاة في الجلود عليالظنّ بكونها من المذكّي، والمفروض انتفاؤه في محلّ الكلام .

قلنا : إنّ الظاهر من الموثّقة المذكورة و إن كان توقّف الصلاة علي العلم بالتذكية، لكن يعارضها صحيحة جعفر بن محمّد بن يونس و غيرها ممّا يضاهيها في المضمون .

و لا تفاوت بينهما في المورد، إذ كما أنّ الموثّقة المذكورة أعمّ من كون الجلد في السوق و غيره، كذلك الحال في الصحيحة، لظهور أن ليس فيها ما يدلّ علي أنّ مراد السائل خصوص ما يؤخذ من السوق، فهي أيضًا أعمّ من السوق و غيره، لا سيّما بعد ترك الاستفصال .

ثمّ نقول : لكلٍّ منهما مدلولٌ نصيّ و ظاهريّ، أمّا صحيحة جعفر بن محمّد بن يونس فإنّها صريحةٌ في عدم توقّف الاستعمال علي العلم بالتذكية، إذ فرض السؤال فيها في صورة عدم العلم، لقوله : « و لا أعلم أنّه ذكيّ » ؛ و ظاهرةٌ في عدم

اعتبار المظنّة كما لايخفي .

و أمّا موثّقة ابن بكير فهي صريحةٌ في اعتبار المظنّة و ظاهرةٌ في اعتبار العلم، لوضوح أنّ لفظ « العلم » ظاهرٌ فيما يمنع النقيض و صريحٌ في الاعتقاد الراجح، فلابدّ من رفع اليد عن ظاهر كلٍّ منهما لملاحظة النصّ في الآخر .

والمتحصّل من ذلك أنّ قوله عليه السلام : « إذا علمت أنّه ذكيّ » (1)، بمنزلة : إذا ظننت

ص: 225


1- . الكافي : 3 / 397 ح 1 ؛ وتهذيب الأحكام : 2 / 209 ح 26 .

أنّه ذكيّ ؛ و قوله عليه السلام : « لا بأس » في جواب : « لا أعلم أنّه ذكيّ » محمولٌ عليصورة الظنّ بالتذكية، فكأنّه عليه السلام قال : إذا ظننت أنّه ذكيّ في الأوّل ؛ و لا بأس مع الظنّ بالتذكية في الثاني .

ثمّ نقول : إنّ مقتضي ذلك و إن كان توقّف الصلاة في الجلود واستعمالها علي الظنّ مطلقًا و لو كانت مأخوذة من الأسواق، لكن يعارضه النصوص السوقيّة المذكورة ؛ والتعارض بين النصوص من الطرفين من تعارض الظاهرين والعموم من وجه، أمّا الخصوص في الموثّقة فباعتبار المظنّة علي ما أوضحنا بيانه، وأمّا العموم فيها فلكونها أعمّ من السوق و غيره .

والأمر في النصوص السوقيّة متعاكس، فإنّ خصوصيّتها باعتبار أنّ موردها في السوق و عمومها باعتبار أنّها أعمّ من صورة الظنّ بالتذكية و غيرها كما لايخفي.

واللازم في تعارض الظاهرين الرجوع إلي ما يرجّح أحدهما علي الآخر في البين ؛ والترجيح فيما نحن فيه في جانب النصوص السوقيّة، لكونها أكثر عددًا، وأصحّ سندًا، و أوفق عملاً، لأنّ إطلاقها موافقٌ بما يظهر من أكثر الأصحاب، وأنسب بالدين السهلة السمحة المحمّديّة - عليه و علي آله آلاف الثناء والسلام والتحيّة - و بأصالة الإباحة، والقاعدة المسلّمة من حمل أفعال المسلمين علي الصحّة، والأوضحيّة في الدلالة، لوضوح أنّ قوله عليه السلام : « اشتر و صلّ فيها حتّي تعلم أنّه ميتة » كالصريح في جواز الاستعمال مع انتفاء الظنّ بالتذكية .

و صحيحة سليمان بن جعفر حيث سأل عن الرجل يأتي السوق فيشتري جبّة فراء لايدري أذكيّة هي أم غير ذكيّة، أيصلّي فيها ؟ فقال : نعم، ليس عليكم

ص: 226

المسألة، إنّ أبا جعفر عليه السلام كان يقول : إنّ الخوارج ضيّقوا علي أنفسهم لجهالتهم (1)،إنّ الدين أوسع من ذلك (2).

فإنّ التعليل فيه و في مثله يقتضي التوسعة في الرخصة، إلاّ مع العلم بكونه من الميتة .

والظاهر من شيخ الطائفة في المبسوط والنهاية عدم الجواز لقوله فيهما :

و لايجوز شراؤها ممّن يستحلّ ذلك (3).

لوضوح أنّ مقتضي إطلاقه عدم الجواز ولو مع الإخبار بالتذكية كما لايخفي .

و هو الظاهر من التذكرة و نهاية الإحكام والمنتهي والتحرير، مع إمكان المناقشة في الدلالة، لأنّه قال في أكثرها :

و يكتفي في العلم بالتذكية وجوده في يد مسلم لايستحلّ جلد الميتة، أو في سوق المسلمين، إلي آخره (4).

و مقتضي العطف بأو أن يكون ذلك الاشتراط في غير سوق المسلمين .

و يمكن دفعها بأن يقال : إنّ بين المعطوف والمعطوف عليه عمومًا من وجه،

ص: 227


1- . في المصدر : بجهالتهم .
2- . كتاب من لايحضره الفقيه : 1 / 257 ح 791 .
3- . المبسوط : 1 / 83 ؛ والنهاية : 97 .
4- . انظر تحرير الأحكام : 1 / 194 ؛ و تذكرة الفقهاء : 2 / 464 ؛ و منتهي المطلب : 4 / 204 ؛ و نهاية الإحكام : 1 / 373 .

لوضوح أنّ مقتضي ما ذكره أوّلاً عدم جواز استعمال ما يوجد من (1) يد المسلمالمستحلّ، سواء كان في سوق المسلمين و غيره ؛ و مقتضي قوله : « أو في سوقالمسلمين » جواز استعمال ما يوجد من سوقهم، سواء كان ذو اليد مستحلاًّ أم لا، فيمكن تخصيص كلّ منهما بالآخر .

و لعلّ الظاهر من العبارة تخصيص الأوّل بأن يكون المنع من استعمال الجلود المأخوذة من يد المسلم الغير المستحلّ مختصًّا بما إذا لم يؤخذ من أسواق المسلمين، إذ هذا المعني هو مقتضي العطف بكلمة « أو »، لكنّ الظاهر أنّه ليس بمراد في المقام، بل الظاهر أنّ المراد تعميم المنع و لو في أسواقهم، فالتخصيص للثاني.

و يؤيّده ما ذكره في المنتهي - بعد أن حكم لجواز استعمال الجلود المأخوذة من يد المسلم أو في سوق المسلمين - ما هذا لفظه :

لو وجد الجلد مع من يستحلّ الميتة لم يحكم بتذكيته وإن أخبره (2).

و ما ذكره في التذكرة و نهاية الإحكام حيث قال :

وإنّما اعتبرنا في المسلم انتفاء استباحته للميتة، ليحصل الظنّ بالتذكية، إذ لا فرق في انتفاء الظنّ بين المستبيح من المسلم والكافر (3).

و كلامه في ذبائح التحرير صريحٌ في ذلك كما علمت ؛ و لعلّه لذلك نسب

ص: 228


1- . كذا في المخطوطة، والصواب : في .
2- . منتهي المطلب : 4 / 206 .
3- . تذكرة الفقهاء : 2 / 464 ؛ و نهاية الإحكام : 1 / 373 .

جماعة من المتأخّرين القول بعدم الجواز إليه بعنوان الإطلاق، ولم يقيّدوه بصورةالأخذ من غير أسواق المسلمين .

مستند المانعين مع الجواب عنه

و مستندهم مع الجواب عنه يظهر ممّا سلف، مضافًا إلي ما عرفت من أنّ لكلّ من الشيخ والعلاّمة في باب الذبائح كلامًا مقتضاه الجواز ولو كان المسلم مستحلاًّ .

إلاّ أن يقال : إنّ التعارض بين ما ذكراه في المقامين من تعارض المطلق والمقيّد، لأنّ قول شيخ الطائفة في ذبائح النهاية - : « و كلّ ما [ يباع ] (1) في أسواق المسلمين جاز شراؤه، و ليس علي من يبتاعه التفتيش عنه » (2) - أعمٌّ من أن يكون ذو اليد مستحلاًّ، أم لا .

و ما ذكره في كتاب الصلاة منه صريحٌ في عدم جواز شرائه من المستحلّ، فلابدّ من حمل المطلق علي المقيّد، فجعل ما ذكره في باب الذبائح دليلاً علي العدول عمّا ذكره في كتاب الصلاة لا يخلو من إشكال .

ص: 229


1- . ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر .
2- . النهاية : 582 .

القسم الرابع والخمسون :

اشارة

الرابع و الخمسون : أن يكون الجلد في يد المسلم المستحلّ في السوق المختصّ بالمسلمين من غير الظنّ والإخبار بالتذكية .

والظاهر من المعتبر والشرائع والنافع والقواعد والتبصرة والإرشاد والجعفريّة والروض والمسالك والمدارك والذخيرة الجواز (1) ؛ و قد سمعت عبارة الجميع .

و صريح النهاية والمبسوط والتذكرة والمنتهي و نهاية الإحكام والتحرير المنع (2).

و هو مقتضي الذكري أيضًا حيث قال :

أمّا ما يشتري في سوق الإسلام، فيحكم عليه بالذكاة إذا لم يعلم كون البائع مستحلاًّ (3).

ص: 230


1- . انظر المعتبر : 2 / 78 ؛ و شرائع الإسلام : 4 / 741 ؛ و المختصر النافع : 242 ؛ والجعفريّة، المطبوع ضمن « حياة المحقّق الكركي وآثاره » : 4 / 159 ؛ و مسالك الأفهام : 11 / 492 و 493 ؛ و مدارك الأحكام : 3 / 158 ؛ و ذخيرة المعاد : 2 / 232 ؛ و روض الجنان : 2 / 570 ؛ و تبصرة المتعلّمين : 162 ؛ و إرشاد الأذهان : 2 / 109 ؛ و قواعد الأحكام : 3 / 323 .
2- . انظر النهاية : 97 ؛ والمبسوط : 1 / 83 ؛ و نهاية الإحكام : 1 / 373 ؛ و تذكرة الفقهاء : 2 / 464 ؛ و تحرير الأحكام : 1 / 194 ؛ و منتهي المطلب : 4 / 205 .
3- . ذكري الشيعة : 3 / 30 .

و يحتمله كلام الدروس حيث قال :و يجوز (1) - أي الصلاة - فيما كان في سوق الإسلام، أو مع مسلم غير مستحلّ، إلي آخر ما ذكره (2).

مستند المانعين مع الجواب عنه

و لعلّ مستندهم في ذلك ما تقدّم من روايتي أبي بصير و عبدالرّحمن بن الحجّاج، و قد عرفت جوابه .

و يمكن أن يستدلّ لهم بما تقدّم من رواية إسماعيل بن عيسي الّتي قد عرفت إمكان جعلها حسنًا، لما عرفت من أنّ أظهر الاحتمالات فيها حمل المشركين علي العامّة، فحاصل المعني حينئذٍ : يجب عليكم السؤال إذا رأيتم العامّة يبيعون ذلك، إلاّ إذا رأيتم صلاتهم فيه، فحينئذٍ لايجب عليكم المسألة .

والجواب أمّا أوّلاً : فلأنّ التفصيل المذكور ممّا لم يقل به أحدٌ من الأصحاب، لوضوح أنّ مَن جوّز استعمال الجلود المأخوذة منهم جوّزه مطلقًا، و مَن لم يجوّزه لم يجوّزه كذلك ؛ و كما يمكن القول بالمنع في صورة رؤية صلاتهم فيه أيضًا لعدم القول بالفصل، يمكن القول بالجواز في غير الصورة المذكورة أيضًا لعين ما ذكر .

و أمّا ثانيًا : فلأنّ الرواية المذكورة غير صالحة لمعارضة إطلاقات النصوص

ص: 231


1- . في المصدر : وتجوز .
2- . الدروس الشرعيّة : 1 / 150 .

السوقيّة الّتي قد صرّح في جملة منها بأنّه ليس عليكم المسألة، مع أنّ المعلوم أنّغالب أهل السوق في ذلك الأوان كانوا من المخالفين، فهو كالنصّ في عدم افتقار استعمال الجلود المأخوذة منهم إلي السؤال، لا سيّما بعد التعليل المذكور في بعضها .

فالحديث المذكور غير صالح للمعارضة، لا سيّما بعد اعتضاد الإطلاق في النصوص المذكورة بما يظهر من عمل أكثر عظماء الطائفة، و بأصالة الطهارة والإباحة، و غير ذلك ممّا يظهر من المباحث السالفة، فلابدّ من حمل الحديث علي الاستحباب .

القسم الخامس والخمسون :

اشارة

الخامس والخمسون : مثله، لكن مع الإخبار من ذي اليد المسلم المستحلّ بكونه من غير المذكّي .

والظاهر أنّ لزوم الاجتناب حينئذٍ ممّا لا تأمّل فيه، و إن كان الظاهر من بعض العبارات - كعبارة المعتبر و غيره (1) - جواز الاستعمال، إلاّ أنّ الظاهر أنّ ذلك ليس بمراد .

ص: 232


1- . انظر المعتبر : 2 / 78 ؛ والبيان : 120 ؛ والجعفريّة، المطبوع ضمن « حياة المحقّق الكركي وآثاره » : 4 / 159 .
المستند في لزوم الاجتناب

والمستند في لزوم الاجتناب حينئذٍ - مضافًا إلي أصالة عدم التذكية - صحيحةُ الحلبي السالفة قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : الخفاف عندنا في السوق نشتريها، فما تري في الصلاة فيها ؟ فقال : صلّ فيها حتّي يقال لك انّها ميتة بعينه (1).

إذ المفروض تحقّق القول بكون الجلد من الميتة، فوجب الاجتناب .

إن قيل : إنّ مقتضي إطلاق الصحيحة المذكورة وإن كان ذلك، لكنّه معارض بصحيحته الأخري قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الخفاف الّتي تباع في السوق ؟ فقال : اشتر و صلّ فيها حتّي تعلم أنّه ميّت بعينه (2).

إذ مقتضاها عدم وجوب الاجتناب إلاّ بعد العلم بكونها من الميتة، سواء وجد الإخبار من ذي اليد، أم لا، فلابدّ من حمل الصحيحة الأولي علي ما إذا حصل العلم عن قول المخبر .

قلنا : قد نبّهنا فيما سلف أنّ التعارض بينهما من تعارض الظاهرين والعموم من وجه، إذ مقتضي المفهوم في الصحيحة الأولي لزوم الاجتناب فيما إذا تحقّق القول بكون الجلد من الميتة، سواء أفاد العلم، أم لا ؛ و مقتضي المنطوق في الصحيحة الثانية عدم لزوم الاجتناب فيما إذا لم يعلم كون الجلد من الميتة، سواء تحقّق هناك قول بكونه من الميتة، أم لا .

ص: 233


1- . في المصدر : بعينها ؛ الكافي : 3 / 403 ح 28 .
2- . تهذيب الأحكام : 2 / 234 ح 128 .
مختار المؤلّف قدس سره و دليله

واللازم الرجوع إلي الترجيح، و هو مع الدالّ علي الاجتناب، لأصالة عدم التذكية، و لكونه مقطوعًا به في جملة من العبارات ؛ و قد أوردناها في القسم الخامس من الأقسام المذكورة، بل الظاهر من بعضها أنّ لزوم الاجتناب مع تحقّق القول من ذي اليد بكون الجلد من الميتة ممّا لا خلاف فيه، فاللازم تقييد المنطوق في الصحيحة الثانية بالمفهوم من الأولي .

و يمكن الاستدلال أيضًا برواية إسماعيل بن عيسي السالفة، لأنّ المشركين في قوله عليه السلام : « عليكم أن تسألوا عنه إذا رأيتم المشركين يبيعون ذلك » (1)، إمّا أن يكون المراد منه ظاهره، أو المخالفين .

و علي التقديرين يتمّ المرام :

أمّا علي الأوّل فلوضوح أنّ الأمر بالسؤال إنّما هو إذا جاز العمل بما يقال في جوابه، فنقول : إذا جاز العمل بمقتضي الجواب من المشركين، فجوازه بمقتضاه من المخالفين بطريق أولي ؛ و فيه تأمّل، فتأمّل .

و أمّا علي الثاني - كما هو الظاهر علي ما يظهر ممّا بيّناه في بعض المباحث السالفة - فيظهر الحال فيه ممّا ذكر، لما نبّهنا عليه من أنّ الأمر بالسؤال إنّما يحسن

إذا جاز العمل بما يقال في مقام الجواب، سواء كان مفيدًا للتذكية، أو عدمها .

ص: 234


1- . كتاب من لايحضره الفقيه : 1 / 258 ح 792 ؛ وتهذيب الأحكام : 2 / 371 ح 76 .

مضافًا إلي أنّ جواز التعويل علي الإخبار بالتذكية منهم يدلّ علي جوازه في عدم التذكية بطريق أولي، فاستفادة التعويل علي الإخبار الصادر منهم بعدم التذكية من الحديث من وجهين بالإطلاق والفحوي .

ثمّ لايخفي أنّ الاستدلال يتمّ و لو علي تقدير حمل الرواية علي الاستحباب، كما لا يخفي علي المتأمّل إذا كان من أولي الألباب .

و يمكن الاستدلال أيضًا بقوله عليه السلام : « وليس عليكم المسألة » المعلّل بقوله عليه السلام: « إنّ الخوارج ضيّقوا »، لوضوح أنّ الضيق إنّما يكون إذا تعيّن العمل بما يقال في مقام الجواب، فتأمّل .

فالظاهر أنّ المسألة ممّا لاينبغي التأمّل فيه، سواء ظنّ بعدم التذكية، أم لا، إلاّ إذا كان التذكية مظنونة، فلا يبعد الحكم حينئذٍ بعدم لزوم الاجتناب، لموثّقة ابن بكير السالفة .

و مقتضي ما بيّناه في المباحث السالفة و إن كان حملها علي غير السوق، لكنّ التمسّك بها فيما نحن فيه إنّما هو من جهة الفحوي، لوضوح أنّ أمر السوق أسهل من غيره ؛ و لإطلاق النصوص المعتبرة السوقيّة خرج منها غير الصورة المفروضة لما مرّ، و أمّا هي فلا، لكون الظاهر منه خلافها .

القسم السادس والخمسون :

اشارة

السادس والخمسون : أن يكون الجلد في يد المسلم المستحلّ في البلد

ص: 235

المختصّ بالمسلمين مع الظنّ والإخبار بالتذكية .

والظاهر من المعتبر والبيان والجعفريّة والروض والمدارك والذخيرة جواز الاستعمال (1).

مستند المجوّزين

والمستند فيه قوله عليه السلام في موثّقة ابن بكير المتكرّرة : « فإن كان ذلك ممّا يؤكل لحمه، فالصلاة في وبره و بوله و شعره و روثه وألبانه وكلّ شيء منه جائز (2) إذا علمت أنّه ذكيّ » (3).

بناءً علي ما علمت من حمل العلم علي الظنّ .

و صحيحة جعفر بن محمّد بن يونس السالفة، لأنّ ترك الاستفصال فيها بين كون متعلّق السؤال في السوق و غيره و كون ذي اليد مخالفًا و غيره، دليلُ ثبوت الحكم في الجميع .

و موثّقة إسحاق بن عمّار السالفة .و صحيحة عبدالرّحمن بن الحجّاج السابقة قال: سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الفراء

ص: 236


1- . انظر المعتبر : 2 / 78 ؛ والبيان : 120 ؛ والجعفريّة، المطبوع ضمن « حياة المحقّق الكركي وآثاره » : 4 / 159 ؛ و مدارك الأحكام : 3 / 158 ؛ و ذخيرة المعاد : 2 / 232 ؛ و روض الجنان : 2 / 570 .
2- . في المصدر : جائزة .
3- . الكافي : 3 / 397 ح 1 ؛ وتهذيب الأحكام : 2 / 209 ح 26 .

اشتريه من الرجل الّذي لعلّي لا أثق به (1)، فيبيعني علي أنّها ذكيّة، أبيعها علي ذلك ؟ فقال : إن كنت لاتثق به فلا تبعها علي أنّها ذكيّة، إلاّ أن تقول : قد قيل لي أنّها ذكيّة (2).

[إلي هنا تمّت الرسالة بحمد اللّه تعالي ]

ص: 237


1- . في المصدر : لعلّي أثق به .
2- . تهذيب الأحكام : 7 / 133 ح 57 .

ص: 238

فهرس مصادر التحقيق

1 - القرآن الكريم

« أ »

2 - إرشاد الأذهان إلي أحكام الإيمان : للعلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف بن المطهّر

( 648 - 726 )، تحقيق الشيخ فارس الحسّون، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم، 1410 ه .

« ب »

3 - بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار عليهم السلام : للعلاّمة محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي ( 1037 - 1110 )، مؤسسة الوفاء، بيروت، 1403 ه .

4 - البيان : للشهيد الأوّل شمس الدّين محمّد بن مكّي العاملي ( م 786 )، الطبعة الحجرية، مجمع الذخائر الإسلامية ، قم ، 1322 .

« ت »

5 - تبصرة المتعلّمين في أحكام الدّين : للعلاّمة الحلّي جمال الدّين حسن بن يوسف

ص: 239

بن المطهّر ( 648 - 726) ، تحقيق السيّد أحمد الحسيني و الشيخ هادي اليوسفي ، نشر الفقيه، تهران، 1368 .

6 - تحرير الأحكام الشرعيّة علي مذهب الإماميّة : للعلاّمة الحلّي جمال الدّين حسن بن يوسف بن المطهّر (648 - 726)، تحقيق الشيخ إبراهيم البهادري، قم، 1420 ه .

7 - تحفة الأبرار، للحاج السيّد محمّد باقر حجّة الإسلام الشفتي (1180 - 1260)،

تحقيق السيّد مهدي الرجائي، نشر مكتبة مسجد السيّد باصفهان، مطبعة سيّد الشهداء، قم، 1409 ه .

8 - تذكرة الفقهاء : للعلاّمة الحلّي جمال الدّين حسن بن يوسف بن المطهّر ( 648 - 726 )، تحقيق و نشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، قم، 1414 .

9 - التعليقات علي شرح اللمعة الدمشقيّة، للفاضل جمال الدين الخوانساري، منشورات المدرسة الرضويّة، قم .

10 - تهذيب الأحكام : لأبي جعفر شيخ الطائفة محمّد بن الحسن المعروف بالشيخ الطوسي ( 385 - 460 )، تحقيق السيّد حسن الموسوي الخرسان، دار الكتب الإسلامية، تهران، 1365 ق .

« ح »

11 - حياة المحقّق الكركي وآثاره : تأليف الشيخ محمّد الحسّون، منشورات الاحتجاج،

تهران، 1423 ه .

ص: 240

« خ »

12 - خلاصة الأقوال في معرفة الرجال : للعلاّمة الحلّي جمال الدّين حسن بن يوسف

بن المطهّر ( 648 - 726 )، تحقيق الشيخ جواد القيومي، مؤسسة النشر الإسلامي، النجف الأشرف، 1381 .

13 - الخلاف ( مسائل الخلاف ) : لأبي جعفر شيخ الطائفة محمّد بن الحسن المعروف

بالشيخ الطوسي ( 385 - 460 )، تحقيق السيّد علي الخراساني والسيّد جواد الشهرستاني و الشيخ مهدي نجف، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، 1417 ه .

« د »

14 - الدروس الشرعيّة في الفقه الإماميّة : للشهيد الأوّل شمس الدّين محمّد بن مكّي العاملي ( م 786 )، تحقيق و نشر مؤسسة النشر الإسلامي، قم، 1412 ه .

« ذ »

15 - ذخيرة المعاد في شرح الإرشاد : للعلاّمة محمّد باقر بن محمّد مؤمن السبزواري

( م 1090 )، الطبعة الحجرية، نشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، قم .

16 - ذكري الشيعة في أحكام الشريعة : للشهيد الأوّل شمس الدّين محمّد بن مكّي العاملي ( م 786 )، تحقيق و نشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، قم، 1419 .

« ر »

17 - رجال إبن داود : لتقي الدّين الحسن بن علي بن داود الحلّي ( 647 - بعد 707 )، نشر المطبعة الحيدرية، النجف الأشرف، 1392 .

ص: 241

18 - رجال النجاشي ( فهرس أسماء مصنّفي الشيعة ) : لأبي العبّاس أحمد بن علي بن أحمد بن العبّاس النجاشي الكوفي ( 372 - 450 )، تحقيق السيّد موسي الشبيري الزنجاني، نشر مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة، 1416 .

19 - الرسائل الرجاليّة : للسيّد محمّد باقر بن محمّد نقي الشفتي المشهور بحجّة الإسلام ( 1175 - 1260 )، تحقيق السيّد مهدي الرجائي، نشر مكتبة مسجد السيّد بإصفهان، 1417 ه .

20 - رسائل في دراية الحديث : إعداد أبوالفضل حافظيان البابلي، دار الحديث، قم، 1424 ق .

21 - روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان : للشهيد الثاني زين الدّين بن عليّ بن أحمد العاملي ( 911 - 965 )، الطبعة الحجرية، مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، قم، 1404 ه .

« س »

22 - السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي : لمحمّد بن منصور بن أحمد بن إدريس العجلي

الحلّي ( 543 - 598 )، تحقيق و نشر مؤسسة النشر الإسلامي، قم، 1410 ه .

« ش »

23 - شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام : للمحقّق الحلّي الشيخ أبي القاسم جعفر بن حسن بن يحيي بن سعيد الهذلي ( 602 - 672 )، تحقيق و تعليق السيّد صادق الشيرازي، نشر إنتشارات الاستقلال، طهران، 1409 ه .

ص: 242

« ص »

24 - الصحاح ( تاج اللغة وصحاح العربيّة ) : لإسماعيل بن حمّاد الجوهري (م 393)، تحقيق أحمد بن عبدالغفور عطار، دار العلم للملايين، بيروت، 1407 ه .

« ط »

25 - طرائف المقال في معرفة طبقات الرجال : للسيّد علي أصغر بن محمّد شفيع الجابلقي البروجردي ( 1313 )، تحقيق السيّد مهدي الرجائي، مكتبة آية اللّه المرعشي،

قم، 1410 ه .

26 - الطبقات الكبري : لمحمّد بن سعد كاتب الواقدي ( 168 - 230 )، نشر دار صادر،

بيروت، 1405 ه .

« ع »

27 - عدّة الأصول : لأبي جعفر شيخ الطائفة محمّد بن الحسن المعروف بالشيخ الطوسي

( 385 - 460 )، تحقيق محمّد رضا الأنصاري، قم، 1417 ه .

28 - العقد الحسينيّ ( الطهماسبي )، للشيخ عزّالدين الحسين بن عبدالصمد الحارثي العاملي، والد الشيخ البهائي رحمه الله ( المتوفّي 984 )، تحقيق السيّد جواد المدرّسي، گلبهار، يزد .

29 - علل الشرائع : لأبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي المعروف

بالشيخ الصدوق ( م 381 )، نشر المكتبة الحيدريّة، النجف الأشرف، 1386 .

ص: 243

« غ »

30 - غنية النزوع إلي علمي الأصول والفروع : لأبي المكارم السيّد حمزة بن عليّ بن زهرة الحسيني، المعروف بإبن زهرة ( 511 - 585 )، تحقيق الشيخ إبراهيم البهادري، لمؤسّسة الإمام الصادق عليه السلام بإشراف الشيخ جعفر السبحاني، قم، 1417 ه .

« ف »

31 - فتاوي ابن الجنيد : إعداد آية اللّه الشيخ علي پناه الاشتهاردي، مؤسّسة النشر الإسلاميّ، قم، 1416 ق .

32 - الفهرست : لأبي جعفر شيخ الطائفة محمّد بن الحسن المعروف بالشيخ الطوسي ( 385 - 460 )، تحقيق الشيخ جواد القيومي، مؤسسة نشر الفقاهة، قم، 1417 ه .

« ق »

33 - القاموس المحيط : لأبي طاهر مجد الدّين محمّد بن يعقوب الفيروزآبادي ( 729 - 817 )، تحقيق و نشر دار العلم، بيروت، 1306 .

34 - قواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام : للعلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف بن المطهّر ( 648 - 726 )، تحقيق و نشر مؤسسة النشر الإسلامي، قم، 1413 ه .

« ك »

35 - الكافي : لأبي جعفر ثقة الإسلام محمّد بن يعقوب بن إسحاق الكليني ( م 329 )، تحقيق علي أكبر الغفاري، دار الكتب الإسلاميّة، طهران، 1388 .36 - الكافي في الفقه : لأبي الصلاح الحلبي تقي الدّين بن نجم ( 374 - 447 )، تحقيق

ص: 244

الشيخ رضا الأستادي، مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام، إصفهان، 1403 ه .

37 - كتاب من لايحضره الفقيه : لأبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي المعروف بالشيخ الصدوق ( م 381 )، تحقيق علي أكبر الغفاري، نشر جامعة المدرّسين، قم، 1404 ه .

« ل »

38 - لسان العرب : لجمال الدّين محمّد بن مكرم بن منظور المصري ( 630 - 711 )، نشر أدب الحوزة، قم، 1405 ه .

« م »

39 - المبسوط : لشيخ الطائفة محمّد بن الحسن الطوسي ( 385 - 460 )، تحقيق محمّد تقي الكشفي، نشر المكتبة المرتضوية، طهران، 1387 .

40 - مجمع البحرين و مطلع النيّرين : للشيخ فخر الدّين محمّد الطريحي ( م 1085 ق)، تحقيق السيّد أحمد الحسيني، مكتبة نشر الثقافة الإسلامية، 1408 ه .

41 - المختصر النافع : للمحقّق الحلّي نجم الدّين جعفر بن حسن بن يحيي بن سعيد الهذلي (602 - 672)، تحقيق بإشراف الشيخ القمي، نشر مؤسسة البعثة، طهران 1410 ه طبع دار التقريب، قاهرة .

42 - مختلف الشيعة في أحكام الشريعة : للعلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف بن المطهّر ( 648 - 726 )، لجنة التحقيق، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم،1412 ه .

ص: 245

43 - مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام : للسيّد محمّد بن علي الموسوي العاملي (956 - 1009) تحقيق و نشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، قم، 1410 .

44 - المراسم النبويّة والأحكام العلويّة : لسلاّر بن عبدالعزيزالديلمي (م 448 / 463 ق) تحقيق السيّد محسن الحسينيالأميني، نشر المعاونية الثقافية للمجمع العالمي، قم 1414 ق.

45 - مسالك الأفهام إلي تنقيح شرائع الإسلام : للشهيد الثاني زين الدّين بن عليّ بن أحمد العاملي ( 911 - 965 )، تحقيق و نشر مؤسسة المعارف الإسلامية، قم، 1413 ه .

46 - مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل : للحاج الميرزا حسين المحدّث النوري الطبرسي ( 1254 - 1320 ) ، تحقيق و نشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، قم، 1408 ه .

47 - مطالع الأنوار، للحاجّ السيّد محمّد باقر الشفتي، المعروف بحجّة الإسلام علي الإطلاق (1180 - 1260 ه )، طبع الأفست، مكتبة مسجد السيّد، نشاط، اصفهان 1366 ق، و 1409 ه.

48 - المعتبر في شرح المختصر : للمحقّق الحلّي نجم الدّين جعفر بن حسن بن يحيي

بن سعيد الهذلي ( 602 - 676 ) ، لجنة التحقيق بإشراف الشيخ ناصر مكارم ، مؤسسة سيّد الشهداء عليه السلام، قم، 1364 .

49 - المقنعة : لأبي عبداللّه محمّد بن محمّد بن النعمان البغدادي، المعروف بالشيخالمفيد ( 336 - 413 )، تحقيق و نشر مؤسسة النشر الإسلامي، قم، 1410 .

50 - منتهي المطلب في تحقيق المذهب : للعلاّمة الحلّي جمال الدّين حسن بن يوسف

ص: 246

بن المطهّر ( 648 - 726 )، تحقيق و نشر قسم الفقه في مجمع البحوث الإسلامية، مشهد، 1412 ه .

« ن »

51 - نهاية الأحكام في معرفة الأحكام : للعلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف بن المطهّر

(648 - 726 )، تحقيق السيّد مهدي الرجائي، مؤسسة إسماعيليان، قم، 1410 ه .

52 - النهاية في مجرّد الفقه والفتاوي : لأبي جعفر شيخ الطائفة محمّد بن الحسن

المعروف بالشيخ الطوسي ( 385 - 460 )، طبعة دار الأندلس، بيروت .

« و »

53 - الوافي : للمولي محمّد محسن بن الشاه مرتضي المشهور بالفيض الكاشاني (م 1091 )، تحقيق ضياء الدين الحسيني الإصفهاني، اصفهان، 1406 ه .

54 - الوجيزة في الرجال، للعلاّمة محمّد باقر المجلسي، تحقيق محمّد كاظم رحمان ستايش، وزارة الثقافة والارشاد الاسلامي، تهران، 1420 ه .

55 - الوسيلة إلي نيل الفضيلة : لعماد الدّين أبي جعفر محمّد بن علي الطوسي،

المعروف بإبن حمزة ( القرن 6 )، تحقيق الشيخ محمّد الحسّون، نشر مكتبة السيّد المرعشي، قم، 1408 ه .

ص: 247

ص: 248

فهرس المحتويات

مقدّمة التحقيق :

1 - لمحةٌ من حياة المؤلّف قدس سره... 5

اسمه و نسبه... 5

ولادته و نشأته... 6

إطراء العلماء له... 11

زهده و عبادته... 13

إقامته الحدود الشرعيّة... 14

مشايخ روايته... 14

تلامذته... 15

أولاده... 16

ص: 249

تآليفه القيّمة... 18

الكتب والرسائل الفقهيّة... 19

الكتب والرسائل الحديثيّة... 35

الكتب والرسائل الأصوليّة... 36

الكتب والرسائل الرجاليّة... 38

الكتب والرسائل المتفرّقة... 40

وفاته و مرقده... 42

2 - بين يدي الكتاب... 45

3 - منهجنا في التحقيق... 47

رسالة

في حكم الصلاة في جلد الميتة المدبوغ

لاتجوز الصلاة في جلد الميتة ولو كانت ممّا يؤكل لحمه و دبغ سبعين مرّة... 51

المستند في المسألة... 54

ص: 250

الكلام هنا في أمور مهمّة :

الأمر الأوّل :

جواز الصلاة في الجلود مشروطًا بالعلم بكونها من المذكّي المأكول اللحم... 60

مختار المؤلّف قدس سره و دليله... 66

المستند للقول الثاني... 67

الجواب عن المستند للقول الثاني... 69

الاحتمالات المتصوّرة في المقام / 72

القسم الأوّل : هو ما إذا كان الجلد في يد من علم إسلامه وأنّه ممّن لم يقل

باستحلال استعمال الميتة بالدباغة ... 73

القسم الثاني : مثل الأوّل إلاّ في الإخبار من ذي اليد، بمعني أنّه لم يتحقّق

الإخبار منه بأنّه من المذكّي... 74

القسم الثالث : هو ما إذا كان الجلد في سوق المسلمين في يد المسلم الّذي علم

أنّه لايقول بطهارة الميتة بالدباغة... 76

ص: 251

المستند في عدم الجواز ... 78القسم الرابع : مثل الثالث، لكن مع الإخبار من ذي اليد بالتذكية... 80

القسم الخامس : أن يكون الجلد في سوق المسلمين في يد المسلم الغير

المستبيح أيضًا، لكن مع إخبار ذي اليد بكونه من غير المذكّي... 83

القسم السادس : أن يكون الجلد في يد المسلم الغير المستحلّ في البلد المختصّ

بالمسلم مع الإخبار من ذي اليد بالتذكية والظنّ بها أيضًا... 89

المستند في الجواز ... 90

القسم السابع : مثل السادس إلاّ في الإخبار من ذي اليد بالتذكية... 93

مختار المؤلّف قدس سره... 94

القسم الثامن : أن يكون الجلد في يد المسلم الغير المستحلّ في البلد المختصّ

بالمسلم في غير السوق مع الإخبار من ذي اليد بالتذكية... 94

ص: 252

القسم التاسع : مثله مع انتفاء الإخبار أيضًا ... 94

المستند في عدم الجواز ... 95الجواب عن مستند الجواز ... 99

إطلاق كلمات جماعة من فحول الأصحاب يستدعي الجواز ... 100

القسم العاشر : أن يكون الجلد في يد المسلم الغير المستحلّ في غير السوق من

بلاد المسلمين مع إخبار ذي اليد بكونه من غير المذكّي... 105

القسم الحادي عشر : مثل الأوّل إلاّ في السوق... 107

المستند في عدم الجواز ... 110

المستند للقول بالجواز ... 111

مختار المؤلّف قدس سره و دليله ... 112

القسم الثاني عشر : مثله إلاّ في الإخبار بالتذكية... 115

القسم الثالث عشر : مثل السابق، لكن مع الإخبار من غير مظنّة الجلد... 118

المستند في الجواز مع الجواب عنه... 119

ص: 253

البحث عن قاعدة : انّ الأصل في فعل المسلم الحمل علي الصحّة... 120

مختار المؤلّف قدس سره ... 121القسم الرابع عشر : أن يكون الإخبار والظنّ بالتذكية كلاهما منتفيًا... 122

القسم الخامس عشر : مثله مع إخبار ذي اليد المسلم بكونه من غير

المذكّي... 122

القسم السادس عشر : أن يكون الجلد في يد المسلم الغير المستحلّ أيضًا، لكن

في البلد المختصّ بالكفّار... 124

المستند في عدم الجواز مع الجواب عنه ... 126

مختار المؤلّف قدس سره و دليله ... 128

القسم السابع عشر : مثله إلاّ في الإخبار بالتذكية... 128

المستند في المنع مع الجواب عنه ... 129

مختار المؤلّف قدس سره ... 131

ص: 254

القسم الثامن عشر : مثله أيضًا إلاّ في المظنّة بأن يكون الجلد في يد المسلم الغير

المستحلّ في بلد الكفر مع إخباره بالتذكية... 132

مختار المؤلّف قدس سره و دليله ... 133المستند للجواز مع الجواب عنه ... 133

القسم التاسع عشر : مثله، لكن مع انتفاء الإخبار أيضًا... 134

القسم العشرون : مثله، لكن مع الإخبار بكونه من غير المذكّي ... 134

القسم الحادي والعشرون : و هو ما إذا كان الجلد في يد المسلم الغير

المستحلّ... 135

الظاهر من بعض الكتب جواز الاستعمال ... 135

الظاهر من المبسوط والنهاية عدم الجواز... 137

مختار المؤلّف قدس سره و دليله ... 137

القسم الثاني والعشرون : مثله إلاّ في الإخبار بالتذكية، فيكون الجلد في يد

المسلم... 139

ص: 255

المستند في المنع مع الجواب عنه... 140

القسم الثالث والعشرون : أن يكون الجلد في يد المسلم الغير المستبيح أيضًا في

السوق المشترك مع غلبة المسلمين و إخبار ذي اليد بالتذكية... 142المستند للجواز ... 143

المستند في عدم الجواز مع الجواب عنه ... 145

مختار المؤلّف قدس سره و دليله ... 146

القسم الرابع والعشرون : مثله مع انتفاء الإخبار أيضًا بأن يكون الجلد في يد

المسلم الغير المستحلّ في السوق المشترك مع غلبة المسلمين... 146

المستند في الجواز ... 147

المستند في المنع مع الجواب عنه ... 147

مختار المؤلّف قدس سره و دليله ... 150

القسم الخامس والعشرون : مثله، لكن مع الإخبار من ذي اليد المسلم الغير

المستحلّ بكونه من غير المذكّي ... 151

المستند في قبول الإخبار ... 152

ص: 256

مختار المؤلّف قدس سره و دليله ... 153

القسم السادس والعشرون : هو ما إذا كان الجلد في يد المسلم الغير المستحلّ

في البلد المشترك مع الإخبار والظنّ بالتذكية... 154القسم السابع والعشرون : مثله إلاّ في الإخبار بالتذكية... 155

الظاهر من شيخ الطائفة عدم الجواز ... 156

مختار المؤلّف قدس سره و دليله ... 156

القسم الثامن والعشرون : مثله أيضًا - أي : مثل السادس والعشرون - إلاّ في

المظنّة... 157

مختار المؤلّف قدس سره و دليله ... 166

القسم التاسع والعشرون : مثله مع انتفاء الإخبار أيضًا، فيكون الجلد في يد

المسلم الغير المستحلّ في البلد المشترك مع أغلبيّة المسلمين... 166

القسم الثلاثون : مثله، لكن مع الإخبار من ذي اليد بكونه من غير ذبيحة

المسلمين... 168

ص: 257

القسم الحادي والثلاثون : أن يكون الجلد في يد المسلم الغير المستحلّ أيضًا،

لكن في السوق المشترك مع المساوات بين الفريقين... 168

المستند في الجواز ... 169

القسم الثاني والثلاثون : مثله إلاّ في الإخبار بالتذكية... 172القسم الثالث والثلاثون : مثله أيضًا، لكن من غير ظنّ بالتذكية بأن يكون الجلد

في يد المسلم الغير المستحلّ في السوق المشترك... 173

القسم الرابع والثلاثون : مثله مع انتفاء الإخبار أيضًا... 178

القسم الخامس والثلاثون : مثله لكن مع الإخبار من كونه من غير المذكّي... 179

القسم السادس والثلاثون : هو ما إذا كان الجلد في البلد المشترك مع

المساواة... 179

القسم السابع والثلاثون : مثله إلاّ في الإخبار .... 179

ص: 258

القسم الثامن والثلاثون : مثله أيضًا إلاّ في المظنّة... 180

القسم التاسع والثلاثون : مثله أيضًا مع انتفاء المظنّة والإخبار... 180

القسم الأربعون : مثله، لكن مع الإخبار بكونه من غير المذكّي... 180القسم الحادي والأربعون : هو ما إذا كان الجلد في يد المسلم الغير المستحلّ في

السوق المشترك مع غلبة الكفّار... 180

القسم الثاني والأربعون : مثله، لكن من غير إخبار بالتذكية... 182

القسم الثالث والأربعون : مثله أيضًا إلاّ في المظنّة... 183

القسم الرابع والأربعون : أن يكون الجلد في السوق المشترك مع غلبة الكفّار في

يد المسلم الغير المستحلّ، لكن من غير إخبار بالتذكية و لا الظنّ بها... 184

القسم الخامس والأربعون : مثله لكن مع الإخبار بكونه من غير المذكّي... 184

ص: 259

القسم السادس والأربعون : أن يكون الجلد في يد المسلم الغير المستحلّ في

البلد المشترك مع غلبة الكفّار مع الإخبار والظنّ بالتذكية ... 184

القسم السابع والأربعون : مثله إلاّ في الإخبار... 185

المستند في المنع مع الجواب عنه ... 186

مختار المؤلّف قدس سره و دليله ... 186القسم الثامن والأربعون : مثله أيضًا، لكن من غير الظنّ بالتذكية... 186

المستند في الجواز ... 187

المستند في عدم الجواز مع الجواب عنه ... 187

مختار المؤلّف قدس سره و دليله ... 188

القسم التاسع والأربعون : هو أن يكون الجلد في يد المسلم الغير المستحلّ في

البلد المشترك مع غلبة الكفّار من غير إخبار بالتذكية و لا الظنّ بها... 189

القسم الخمسون : مثله، لكن مع الإخبار بكونه من غير المذكّي... 189

ص: 260

الكلام فيما إذا كان الجلد في يد المسلم المستحلّ

مع جميع الاحتمالات المذكورة / 189

ذكر كلمات المانعين... 190

ذكر كلمات المجوّزين... 194مستند المانعين... 197

الجواب عن مستند المانعين... 198

مختار المؤلّف قدس سره و دليله... 200

القسم القسم الحادي والخمسون : أن يكون الجلد في يد المسلم المستحلّ

لاستعمال جلد الميتة بالدباغة و ذبائح أهل الكتاب في السوق المختصّ

بالمسلم... 202

مستند المانعين... 204

مستند المجوّزين... 205

المتحصّل ممّا ذكر... 211

الجواب عن مستند المنع... 212

ص: 261

القسم الثاني والخمسون : مثله إلاّ في الإخبار بالتذكية، فيكون الجلد في يد

المسلم المستحلّ في السوق المختصّ بالمسلمين... 213

مختار المؤلّف قدس سره و دليله ... 214

القسم الثالث و الخمسون : مثله أيضًا، لكن من غير الظنّ بالتذكية، فيكون الجلد

في يد المسلم المستحلّ في السوق المختصّ بالمسلمين... 218

مختار المؤلّف قدس سره و دليله ... 222مستند المانعين مع الجواب عنه ... 229

القسم الرابع و الخمسون : أن يكون الجلد في يد المسلم المستحلّ في السوق

المختصّ بالمسلمين من غير الظنّ والإخبار بالتذكية... 230

مستند المانعين مع الجواب عنه ... 231

القسم الخامس والخمسون : مثله، لكن مع الإخبار من ذي اليد المسلم المستحلّ بكونه من غير المذكّي... 232

المستند في لزوم الاجتناب... 233

مختار المؤلّف قدس سره و دليله... 234

ص: 262

القسم السادس والخمسون : أن يكون الجلد في يد المسلم المستحلّ في

البلد المختصّ بالمسلمين مع الظنّ والإخبار بالتذكية... 235

مستند المجوّزين... 236

فهرس مصادر التحقيق... 239

فهرس المحتويات... 249

ص: 263

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.