ماذا نستفيد من الامام المهدي عليه السلام وهو غائب؟

اشارة

الكتاب: ماذا نستفيد من الامام المهدي عليه السلام وهو غائب؟

الكاتب: الشيخ مهدي علاء الدين

الناشر: الدار الإسلامية

الطبعة: الأولي - بيروت . 2001 م

مركز بقية الله الأعظم (عليه السلام) للدراسات

ص: 1

اشارة

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»

ص: 2

ماذا نستفيد من الإمام المهدي (عليه السلام)

وهو غائب ؟

مركز بقية الله الأعظم للدراسات

ص: 3

قال رسول الله (صلي الله عليه و آله) :

القائم من ولدي إسمه إسمي ، وكنيته كنيتي ، وشمائله شمائلي ، وسنته سنتي ، يقيم الناس علي ملتي وشريعتي ، ويدعوهم إلي كتاب ربي عزوجل ، من أطاعه فقد أطاعني ، ومن عصاه فقد عصاني ، ومن أنكره في غيبته فقد أنكرني ، ومن كذبه فقد كذبني ، ومن صدقه فقد صدقني ، إلي الله أشكو المكذبين لي في أمره ، والجاحدين

لقولي في شانه ، والمضلين لأمتي عن طريقته، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .

(كمال الدين ج 2 صلي الله عليه و آله 411)

ص: 4

الإهداءإلي أعز الأحبة

الأخ القدوة فقيد العلم والعمل والتقوي والجهاد الشهيدمحمد منيف اشمر (عبد العزيز)

الذي استشهد في المواجهات مع العدو الإسرائيلي

فرحل عن هذه الدنيا وترك أخوته في ساحات الجهاد وهر بأمس الحاجة إليه

إلي روحه الطيبة الطاهرة أهدي ثواب هذا الجهد المتواضع راجية من الله تعالي له علو الدرجة

مهدي

ص: 5

ص: 6

محتويات

* مقدمة الناشر...9

* تمهيد ...13

* الإستفادة من الإمام (عليه السلام) غير متوقفة علي ظهوره ... 21

* غيبة الإمام المهدي (عليه السلام) تعود علينا بالخير ...25

* الأمل بظهور الإمام المهدي (عليه السلام) يبعث علي العمل ...29

الإمام المهدي هو إمامنا ...31

الإمام المهدي (عليه السلام) أمرنا بالرجوع إلي نائبه في عصر الغيبة ...33

الإمام المهدي (عليه السلام) هو الداعي إلي الله ...36

بالإمام المهدي (عليه السلام) يعرف الله عز وجل ..37

لولا الإمام المهدي (عليه السلام) لساخت الأرض بأهلها ...40

الإمام المهدي (عليه السلام) سبب النعم الإلهية علي العباد ...41

الإمام المهدي (عليه السلام) كالشمس وقد سترتها الغيوم ...45

* علاقة الإمام المهدي (عليه السلام) مع الأمة ...49

الإمام المهدي (عليه السلام) يحافظ علي التشيع ...49

الإمام المهدي (عليه السلام) ينتقم من أعداء شيعته ...54

ص: 7

الإمام المهدي (عليه السلام) يدعو لشيعته ..55

الإمام المهدي (عليه السلام) هو معلم الشيعة ...57

الإمام المهدي (عليه السلام) يسدد ويصوب حركة الشيعة ...59

الإمام المهدي (عليه السلام) يرعي أمور الشيعة ...61

الإمام المهدي (عليه السلام) والشيخ الصدوق ...62

الإمام المهدي (عليه السلام) يعين الشيخ الأنصاري مرجعا ...64

الإمام المهدي (عليه السلام) شفي الكثير من الشيعة من أمراضهم ...66

ص: 8

مقدمة الناشر

كما نعرف، فإن الإمامة عند الشيعة تعد أصلا أساسيا في الدين. وقد نشأت هذه العقيدة من معرفتهم بالله سبحانه ورسوله و وفهمهم للدين الإسلامي بروحه وجوهر تعاليمه.

أما فيما يتعلق بارتباط هذا الإعتقاد بمعرفة الله تعالي فذلك لأن الله تعالي لطيف بعباده وقادر علي كل شيء، ومقتضي هذه الصفات الإلهية أن لا يترك عباده بدون هاد ومرشد وقائد عارف بأحكام الله وشريعة الإسلام يتمتع بصفات نفسانية عالية تمنعه من أن يظلم ولو بمقدار جلب شعيرة.

لقد صار الإعتقاد بهذه الصفات الحسني لله عند الشيعة منشأ لعقيدة الإمامة التي هي المظهر الوحيد للعناية الإلهية بالخلق، وخصوصا أن النبوة والرسالة قد ختمتا برسول الله محمد .وأما فيما يتعلق برسول الله ؟ ونشوء الإمامة من معرفته فذلك لأن النبي العظيم قد عرف عند جميع المسلمين بأنه كان حريصة عليهم أشد الحرص لا يترك شيئأ صغيرة أو كبيرة مما

ص: 9

يهمهم ويرتبط بمصيرهم إلآ ويبينه لهم. فكيف بقضية الإمامة والخلافة وحكومة المسلمين وقيادتهم وإدارة المجتمع الإسلامي الفتي من بعده ؟!

لقد شاهد الجميع كيف أن الإختلاف حول هذه القضية المصيرية كان السبب في الإطاحة بأهم الإنجازات التي تحققت علي يدي رسول الله (صلي الله عليه وآله) في المجتمع . وكان عاملا أساسيا في الحيلولة دون وصول المجتمع الإسلامي إلي الأهداف السامية التي أرادها الله ورسوله.

من هنا كان الشيعة يقولون أنه لا يعقل من رسول الله و الذي عرف بصفات عظيمة أن يترك المسلمين دون أن يعين لهم من هو الإمام من بعده . وقد جاء الشيعة بروايات عديدة ومتواترة رواها جميع المسلمين تنص علي الأئمة من بعده .ولم يكتف رسول الله بالنص علي الإمام الذي يأتي من بعده ، بل عين للمسلمين أئمتهم إلي يوم القيامة . وهذا إن دل علي شيء فإنه يدل أولا علي حساسية وخطورة هذا الأمر الخطير في الإسلام.

كذلك إذا نظرنا إلي تعاليم الإسلام وأدركنا روحها نجد أنها جميعا تدور حول محور إقامة الحكومة الإسلامية وإقامة حكم الله تعالي علي الأرض . وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا بقيادة عالمة عارفة ملتزمة بالأحكام نصة وروحأ .

ص: 10

لقد بحث أئمة الشيعة وعلماؤهم هذه القضية وقدموا حولها مئات الأدلةوالبراهين . ويمكن لمن يتتبع كتبهم ومؤلفاتهم أن يدرك كم للإمامة من موقعية مركزية في الدين الإسلامي.

وخلاصة القول أن وجود إمام معصوم معين من جانب الله ورسوله من الضرورات العقلية والنقلية التي لا يخالفها بعد تصورها بشكل صحيح إلا جاحد أو مكابر.

من جانب آخر، تطرح بعض الإشكالات أو الأسئلة حول الإمامة ، وهي ذات أهمية بالغة . لأن معرفة الإجابة عنها ترتبط إرتباطا وثيقا بأصل القضية ، منها ما يتعلق بإمام الزمان المهدي المنتظر (عجل الله فرجه) الذي هو الإمام الثاني عشر عند الشيعة وقد غاب عن الأنظار منذ أكثر من ألف سنة، وما زال ينتظر حتي اليوم الأمر بالخروج لتطهير الأرض وملئها عدة وقسطة بعد ما ملئت ظلم وجورة .

والسؤال الأساسي هو: إذا كان وجود الإمام المعصوم ضرورة عقلية دينية ، فكيف تفسرون غيبته عن الناس، وهل ينتفع منه في غيبته؟!

والذي يستحكم في ذهنه هذا الإشكال دون الجواب ، فإن إعتقاده بالإمامة سوف يتزلزل. وهذا ما أشار إليه أهل البيت (عليهم السلام).

ص: 11

أي إذا كان وجود الإمام وعدمه سان، فلماذا نقول بالضرورة؟

فيقال إننا لا ننتفع منه في غيبته فلماذا لا نقول أنه - علي أحسن التقادير _ سيولد في آخر الزمان ليحقق الوعد الإلهي بتوريث الأرض للصالحين ؟

وللإجابة عن هذه الأسئلة كان هذا الكتاب.

الناشر

ص: 12

تمهيد

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام علي أشرف الخلق وأعز المرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلي آله الطيبين الطاهرين.

قال رسول الله صلي الله عليه و آله : « يا علي أنا نذير أمتي وأنت هاديها والحسن قائدها والحسين سائقها وعلي بن الحسين جامعها ومحمد بن علي عارفها وجعفر بن محمد كاتبها وموسي بن جعفر محمصيها وعلي بن موسي معبرها ومنجيها وطارد مبغضيها ومدني مؤمنيها ومحمد بن علي قائمها وسائقها وعلي بن محمد ساترها وعالمهاوالحسن بن علي مناديها ومعطيها والقائم الخلف ساقيها ومناشدها، إن في ذلك لآيات للمتوسمين».(1)

بعد ثلاث وعشرين سنة من العمل الدؤوب بلغ رسول الله صلي الله عليه و آله رسالة ربه الملقاة علي عاتقه ، وبشر بأن هذا الدين باق إلي يوم القيامة ، فقد ورد في الحديث: « حلال محمد حلال إلي يوم القيامة وحرامه حرام إلي يوم القيامة»(2)إلا أن ما قام به صلي الله عليه و آله هو البلاغ فقط، ثم رحل صلي الله عليه و آله عن هذه الدنيا ولم يترك فيها حديثه محفوظة بل تركه في صدور القوم ، بل لم يجمع القرآن

ص: 13


1- مائة منقبة ص 24
2- بصائر الدرجاتص148

علي بعض الأقوال، فإذا كانت الأمة بعد رسول الله صلي الله عليه و آله خالية من حديثه ومن كتاب الله فمن أين لهذا الدين الإستمرار والخلود إلي يوم القيامة؟!

إن حفظ الإسلام ومفاهيمه وروحه هو الدور الأساس للأئمة (عليهم السلام) بعد رسول الله صلي الله عليه و آله ، ولذلك قال صلي الله عليه و آله : «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا »

أهل البيت (عليهم السلام) علي مر التاريخ كانوا يعملون لحفظ الإسلام ، ومواقف الأئمة بأجمعها كانت ناظرة إلي ذلك، ويجبعلينا أن نقرأ تاريخهم (عليهم السلام) بلحاظ فهم هذا الأمر.

لتوضيح هذه الفكرة نقول أن من خصائص الشريعة الإسلامية الغراء انها متكاملة، ذات أحكام متممة لبعضها البعض، علي سبيل المثال لا يمكن للشريعة أن تنهي عن شرب الخمر ثم تقول يستحب شرب الخمر بالإناء الفلاني، لماذا؟ لأن الإستحباب ينافي الحرمة وهما لا يجتمعان في خصوص أمر واحد!

إن الشريعة التي قالت باستحباب صلاة الليل وبكراهية النوم بين الطلوعين، هي نفسها جعلت القيلولة مستحبة، لماذا؟ لأنها متكاملة وناظرة إلي بعضها البعض، وهي بكل تفاصيلها تسعي إلي هدف واحد.

هذا التكامل وهذا التناسق الموجود في الشريعة هو نفسه

ص: 14

موجود في مواقف الأئمة (عليهم السلام)، فإن أفعال أهل البيت (عليهم السلام) مراعية ومتممة ومكملة لبعضها البعض، صحيح أن لكل إمام دوره الخاص الخاضع للعديد من الظروف المحيطة إلا أن مجموع مواقف الأئمة (عليهم السلام) كانت تهدف إلي تخليد الإسلام إلي يوم القيامة.

لذلك نستطيع أن نقول أنه لولا مواقف أمير المؤمنين عليه السلام الكلام مع الخلفاء ومع الخوارج وغيرهم، لولا هذه المواقف لكان الإسلام في التاريخ دون الحاضر.وكذا لم يبق الإسلام لولا صلح الإمام الحسن السلام مع معاوية ولولا ثورة الإمام الحسين عليه السلام ضد يزيد ولولا أدعية الإمام زين العابدين عليه السلام ومواقفه ولولا مدرسة الإمامين الباقر والصادق عليهماالسلام وهكذا ....

أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول: «والله لأسالمن ما سلمت أمور المسلمين»(1) والإمام المجتبي عليه السلام حين يعترض عليه بعضهم الصلحه مع معاوية، يقول (عليه السلام) انه فعل ما يحفظ الإسلام، والإمام الحسين السلام في بداية ثورته المباركة أعلن أن هدفه هو الإصلاح في أمة جده رسول الله ؟ وكذا مواقف الأئمة (عليهم السلام) بأجمعهم.

من مواقف الأئمة (عليهم السلام) موقف الإمام المهدي عليه السلام فهو قد غاب عن الأنظار، لكن هذه الغيبة لم تقف حائلا أمام

ص: 15


1- نهج البلاغة.

الدور الملقي علي عاتقه، وأمام هدفه السلام وهو حفظ الإسلام ورعايته، بل إن غيبته علي كانت لأجل ذلك.

ورد في زيارة يزار بها مولانا صاحب الزمان السلام : «السلام عليك يا خليفة الله وخليفة آبائه المهديين ... أنت الشاهد علي ذلك وهو عهدي إليك وميثاقي لديك إذ أنت نظام الدين ويعسوب المتقين وعز الموحدين». (1)

فالإمام المهدي عليه السلام هو نظام الدين بعينه، وبدونه يختل هذا الدين وبالتالي تمحوه الأيام والأزمنة، وقد مرّ علي غيبة الإمام المهدي عليه السلام أكثر من ألف سنة ومع ذلك ما زال هذا الدين قائما فهذا يدل علي حسن رعايته صلوات الله عليه.

إنطلاقا من ذلك لا يمكن لنا أن ننظر إلي الظواهر مهما كانت، سياسية أو اسلامية أو عالمية أو غير ذلك، لا يمكن لنا أن ننظر إليها ونحن غافلين عن بركات ولي العصر أرواحنا فداه، وإلا ماذا يفعل الإمام المهدي علام في هذا العالم؟

نحاول في هذا الكتاب أن نقف علي بعض الأمور التي تصلنا من الإمام المهدي علام وهو غائب عن أنظارنا .

نبحث في هذا المطلب ونحن في غاية الحرج والخجل منه علم، فمتي غابت بركات وجوده ومننه السابغة عن هذا العالم حتي تحتاج إلي دليل يدل عليها؟

إننا لو تتبعنا المواقف الجزئية الصادرة عنه السلام لوجدنا فيها

ص: 16


1- . مفاتيح الجنان

الكثير الكثير من الخيرات ، مع أنها مواقف جزئية وحصلت الشخص ما أو لجماعة هنا أو قرية هناك، فكيف بالقضايا الكبري التي تتعلق بمصير الأمة.

يروي العلامة المجلسي في بحار الأنوار :

يروي عن رجل من سكان أذربيجان إسمه القاسم بن العلاء وهو معاصر للإمامين الهادي والعسكري عليهما السلام، وأدرك أيضا غيبة صاحب العصر والزمان عليه السلام. القاسم بن العلاء الذي عمر مئة وسبع سنوات، عندما بلغ الثمانين من عمره ابيضت عيناه، ثم ارتدتا إليه قبل وفاته بأيام.

يقول محمد بن احمد الصفواني: كنا عند القاسم إذ دخل عليه رجل معه كتاب، حينما علم القاسم بدخوله عرف بأنه يحمل له كتاب من الإمام المهدي عليه السلام، فاستبشر وحول وجهه إلي القبلة ثم سجد وقام وعانق ذلك الرجل.

بعد أن جلسا أخذ الرجل الكتاب وناوله للقاسم فأخذه وقبله ودفعه إلي عبد الله ليقرأه، فأخذه عبد الله وبدأ بالقراءة، بينما هو كذلك وإذا به توقف.

سأله القاسم: يا عبد الله لماذا توقفت؟ أخرج في شيء؟

قال عبد الله: أجلك بعد ورود هذا الكتاب بأربعين يوم.

فقال القاسم: في سلامة من ديني ؟

أجابه: نعم. في سلامة من دينك.

ص: 17

ضحك القاسم وقال: ما أؤمل بعد هذا العمر ؟؟

وكان للقاسم صديق يقال له عبد الرحمان وهو شديد العداوة لأهل البيت عليهم السلام، وكان بينه وبين القاسم علاقة في أمور دنيوية.

أراد القاسم أن يعطي الكتاب لعبد الرحمان ليقرأ ما فيه، فاعترض عليه أصحابه وقالوا له: إن في هذا الكتاب ما لا يتحمله بعض الشيعة فكيف بهذا الناصبي؟؟

فقال القاسم: إني أرجو أن يهديه الله تعالي بذلك.

وفي يوم دخل عبد الرحمان علي القاسم، فأخرج القاسم الكتاب وقال له: إقرأ ما في هذا الكتاب وانظر لنفسك

بدأ عبد الرحمن بالقراءة فلما بلغ إلي ذكر الأجل رمي الكتاب من يده وقال للقاسم: إتق الله فإنك رجل فاضل في دينك، متمكن من عقلك، والله عز وجل يقول: « وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ»ويقول: «عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَي غَيْبِهِ أَحَدًا»، فضحك القاسم وقال: «يا عبد الرحمان أكمل الآية إ«إِلَّا مَنِ ارْتَضَي مِنْ رَسُولٍ» ومولاي صاحب الزمان هو المرتضي من الرسول. ثم قال يا عبد الرحمان أعلم أنك تقول هذا ولكن أرخ اليوم، فإن أنا عشت بعد هذا اليوم المؤرخ في هذا الكتاب، فاعلم أني لست علي شيء، وإن أنا مت فانظر لنفسك»، فأرخ عبد الرحمان اليوم وافترقا .

ص: 18

في اليوم السابع من ورود الكتاب حم القاسم واشتدت به العلة فاستند في فراشه وجعل يردد : «يا محمد ، يا علي ، يا حسن ، يا حسين، يا موالي، كونوا شفعائي إلي الله.......

فتغيرت حال عينيه فجعل يمسح عليهما، وإذا به ينظر إلي الحاضرين ويسميهم واحد بعد آخر،... فشاع خبره في اذربيجان وأتاه الناس من كل حدب وصوب.

وكان للقاسم ولد اسمه الحسن وكان مدمنا علي شرب الخمر، وفي يوم إلتفت القاسم إليه وقال : يا بني إن الله منزلك منزلة ومرتبك مرتبة فاقبلها بشكر. فقال الحسن: قد قبلتها يا أبي.

قال القاسم: علي ماذا؟

فقال الحسن: علي ما تأمرني به يا أبي.

قال القاسم: علي ان ترجع عما انت عليه من شرب الخمر.

فقال الحسن: يا ابي وحق من أنت في ذكره (أي صاحب الأمر عليه السلام)الأرجعن عن شرب الخمر ومع الخمر أشياء لا تعرفها.

هنا رفع القاسم يده إلي السماء وأخذ يقول: اللهم ألهم الحسن طاعتك وجنبه معصيتك.

ولما طلع الفجر من يوم الأربعين بعد ورود الرسالة، مات القاسم بن العلاء رحمه الله تعالي، فوافاه عبد الرحمان الناصبي يعدو في الأسواق حافية حاسرة وهو يصيح واسيداه !

ص: 19

فاستعظم الناس منه ذلك وسألوه: ما الذي تفعل؟

فقال: اسكتوا، فقد رأيت ما لم تروه . وتشيع ورجع عما كان عليه من العداء لأهل البيت عليهم السلام.

بعد أيام من وفاة القاسم وصل كتاب من الإمام المهدي عليه السلام إلي الحسن بن القاسم يعزيه فيه بوفاة والده، وفي آخر الكتاب دعاء: «ألهمك الله طاعته وجنبك معصيته... قد جعلنا أباك إماما لك وفعاله لك مثالا (1)

أيها القاريء الكريم تأمل في هذه القصة وانظر كيف أن رسالة واحدة من الإمام المهدي عليه السلام ردت البصر إلي الأول والبصيرة والإيمان إلي الثاني والثالث، وغير ذلك لأهل أذربيجان وغيرهم.

هل هذا ما نستفيده من الإمام المهدي عليه السلام فقط؟

هل كل الناس يستفيدون من الإمام المهدي أم بعضهم؟

هل يمكن لأحد أن يستغني في وجوده عن الإمام المهدي؟

هذا الكتاب يجيب علي هذه الأسئلة وغيرها.

ص: 20


1- بحار الأنوار ج 5 ص 313

من الأسئلة الموجهة إلي الشيعة أعزهم الله أنه تؤمنون بإمام غائب عنكم وقد مضي علي غيبته أكثر من ألف سنة وما زلتم حتي اليوم تتحدثون عنه وتذكرون فضائله وتدعون له بل وتنتظرون ظهوره ليخرج ويملأ الأرض قسطا وعدلا.

لكن اليوم وهو غائب ماذا ينفعكم؟ وما هي الإستفادة المرجوة منه؟

ثم بعد ذلك تجرأ بعضهم بالقول أنه لا فرق بين وجود الإمام المهدي عليه السلام مع غيبته وبين عدم وجوده ففي كلا الحالتين لا يمدنا بشيء ...

والبعض الآخر بني علي هذه الفكرة الباطلة عقائد مزيفة حيث قال: بما أننا لا نستفيد منه وهو غائب فلا ضرورة من وجوده، لذلك لا مانع من القول بأن الإمام المهدي عليه السلام يولد في آخر الزمان

وإنما اهتزت هذه الأسئلة في نفوس أصحابها لأنهم هجروا معرفة الله عز وجل وهجروا كتابه وضعف الإيمان بالغيب في نفوسهم الذي طالما أكد عليه القرآن الكريم، والإمام المنتظر من

ص: 21

الغيب الذي ينبغي الإيمان به كما في رواية يحيي بن أبي القاسم قال: سألت الصادق السلام عن قول الله عز وجل: «الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًي لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ » قال عليه السلام : المتقون شيعة علي والغيب فهو الحجة الغائب .(1)

لقد استدل هؤلاء علي عدم الإستفادة من الإمام المهدي عليه السلام بقولهم أنه غائب عن الأبصار ولا يمكن الإستفادة من الغائب!

هل كل ما لا يري لا يستفاد منه؟

إن الله عليه السلام وجل يحدثنا في كتابه العزيز عن: «الْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا» فهم الملائكة الذين يدبرون أمور العباد وشؤونهم من سنة إلي سنة بإذن الله تعالي.

إذن الملائكة يدبرون أمورنا مع أننا لا نراهم ولا نسمع حسيسهم، ثم إن ملك الموت الذي قبض أرواح الخلائق منذ آدم إلي يومنا الحاضر وسوف يقبض أرواح الباقين إلي يوم القيامة، إذا كنا لا نراه فلا نستطيع إنكار تأثيره فيحياة البشرية !

أكثر من ذلك، الله عز وجل منزه عن المادة وبالتالي لا يمكن أن يري بهذه العيون المادية، فهل نقول أنه لا تأثير له في هذا الكون، والحال أنه خالق ومدبر كل شيء ...

هكذا هو وجود صاحب العصر والزمان عليه السلام فكل الكائنات موجودة بوجوده وقد اقتضت الحكمة الإلهية والألطاف الربانية أن يغيب عن الأبصار، فهل هذا يعني أن الكائنات قد استقلت

ص: 22


1- . كمال الدين ج 2 ص 340

واستغنت بوجودها ؟

لا بل إنها محتاجة إليه في كل حين ، وهذا ما يستفاد من رواية الإمام الصادق عليه السلام حيث يقول: «واعلموا أن الأرض لا تخلو من حجة لله عز وجل ولكن الله سيعمي خلقه عنها بظلمهم وجورهم وإسرافهم علي أنفسهم، ولو خلت الأرض ساعة واحدة من حجة لله لساخت بأهلها، ولكن الحجة يعرف الناس ولا يعرفونه، كما كان يوسف عليه السلام يعرف الناس وهم له منكرون» ثم تلا:«يَا حَسْرَةً عَلَي الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ»(1)

ص: 23


1- غيبة النعماني ص 70

ص: 24

غيبة الإمام المهدي (عليه السلام) تعود علينا بالخير

إن الإمام المهدي عليه السلام ومن خلال غيبته قد فتح لنا أبوابة توصل إلي رضي الله تعالي، وإن الكثير من الآثار التي لا يمكن نيلها إلا بشق الأنفس أصبحت بعد غيبته سهلة المنال. كيف لا؟ إذا كان ذلك يتوقف علي الإرتباط به صلوات الله عليه.

إن الداعي للإمام المهدي عليه السلام بتعجيل فرجه وكشف كربته يعطيه الله تعالي الدرجات الرفيعة،(1) وإن الذي يمهد لظهوره علايم كذلك، وكذا الصابر في غيبته والثابت علي إمامته فيها والمنتظر لظهوره بل إن الذي يتمني نصرته يعطيه الله ثوابا علي ذلك. وفيما يلي نستعرض بعض الروايات:

حال العلماء في غيبته، ورد عن الإمام الهادي عليه السلام : لولا من يبقي بعد غيبة قائمكم عليه الصلاة والسلام من العلماء الداعين إليه، والدالين عليه، والذابين عن دينه بحجج الله، والمنقذين الضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته، ومن فخاخ النواصب لما بقي أحد إلا ارتد عن دين الله، ولكنهم الذين يمسكون أزمة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكانها، أولئك هم الأفضلون عند الله عز وجل.(2)

ص: 25


1- لمعرفة الفوائد المترتبة علي الدعاء للإمام المهدي (عليه السلام) راجع كتاب الدعاء للإمام المهدي (عليه السلام) اصدار مركز بقية الله اعظم.
2- . منية المريد ص 35

حال الثابتين علي إمامته، ورد عن الإمام زين العابدين عيلام: من ثبت علي موالاتنا في غيبة قائمنا أعطاه الله عزوجل أجر ألف شهيد من شهداء بدر وأحد .(1)

وعن الباقر عليه السلام : يأتي علي الناس زمان يغيب عنهم إمامهم، فيا طوبي للثابتين علي أمرنا في ذلك الزمان، إن أدني ما يكون لهم من الثواب أن يناديهم الباري جل جلاله فيقول: عبادي وإمائي آمنتم بسري وصدقتم بغيبي فأبشروا بحسن الثواب مني فأنتم عبادي وإمائي حقا، منكم أتقبل وعنكم أعفو ولكم أغفر ويكم أسقي عبادي الغيث وأدفع عنهم البلاء ولولاكم لأنزلت عليهم عذابي .(2)

وعن الكاظم عليه السلام : طوبي لشيعتنا المتمسكين بحبلنا في غيبة قائمنا الثابتين علي موالاتنا والبراءة من أعدائنا، أولئك منا ونحن منهم، قد رضوا بنا أئمة ورضينا بهم شيعة، فطوبي لهم، ثم طوبي لهم، وهم والله معنا فيدرجتنا يوم القيامة.(3)

حال المنتظرين لظهوره: ورد عن الصادق عليم : المنتظر لأمرنا كالمتشحط بدمه في سبيل الله .(4)

عن رسول الله صلي الله عليه و آله : أفضل العبادة إنتظار الفرج (5)

وعن الباقر عليه السلام : إن المنتظر لهذا الأمر له مثل أجر الصائم القائم . (6)

ص: 26


1- كشف الغمة ج 3 ص 312
2- منتخب الأثر ص 513
3- كفاية الأثر ص 265
4- كمال الدين ص 645
5- كمال الدين ص 287
6- أمالي الطوسي ج 1 ص 236

حال الصابرين في غيبته: ورد عن الإمام الحسين ايتم : أما إن الصابر في غيبته علي الأذي والتكذيب بمنزلة المجاهد بالسيف بين يدي رسول الله صلي الله عليه و آله (1)

كما هو واضح أن هذه الآثار العظيمة التي ينالها المنتظرون والثابتون والصابرون وغيرهم، كلها ببركة وجود إمام الزمان عليه السلام حتي أن القائل بأنه إذا أدركه ينصره فإن الله تعالي يرتب علي ذلك آثارة فقد ورد عن الباقر عليه السلام : «القائل منكم إن أدركت القائم من آل محمد نصرته كالمقارع معه بسيفه».(2)

ص: 27


1- كمال الدين ج 1 ص 317
2- . المحاسن ص 173

ص: 28

الأمل بظهور الإمام المهدي (عليه السلام) يبعث علي العمل

اشارة

كثيرا ما أكدت الروايات الواردة عن المعصومين عليهم السلام علي إنتظار الفرج فقد ورد عن أمير المؤمنين اليوم : «أحب الأعمال إلي الله تعالي إنتظار الفرج» (1)

والمنتظر لهذا الأمر لا بد أن يكون علي إستعداد تام لنصرة صاحب الزمان صلوات الله عليه .

حتي يصبح المؤمن منتظرة لإمام زمانه عليه السلام لابد له أولا من أن يكون آملأ بظهوره، هذا الأمل هو الذي يبعث علي الإنتظار.

إذأ ، نستطيع أن نقول أن أساس الإنتظار هو الأمل بالظهور ...

إن الإنسان الذي يعيش بروحية أن الإمام المهدي عليه السلام سوف يظهر بعد أيام قليلة، نفس هذه العقيدة تجعله يستعد لتلك الأيام فيبدأ بإعداد نفسه ليكون من أنصاره وأعوانه صلوات الله عليه.

والذي يطمح لأن يكون من أنصار صاحب الزمان عليه السلام عليه - قبل كل شيء - أن ينزع حب الدنيا من قلبه، لأن أهل الدنيا لا نصيب لهم في دولته عليه السلام.

وقد ورد عن الصادق عليه السلام في تفسير قوله تعالي: «وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ»

ص: 29


1- بحار ج 10 ص 94

قال: عليه السلام : «ليس له في دول الحق مع القائم نصيب».(1)

إذأ ، صار واضحا أن الأمل بظهور الإمام المهدي عليه السلام باعث علي الإنتظار ، والإنتظارباعث علي الإستعداد لأيامه اليوم عليه السلام ، وأول الإستعداد إخراج حب الدنيا من القلب ، بعد ذلك يسعي هذا المستعد لأن يصبح بمستوي من العلم والكفاءة بحيث يعتمد عليه صاحب الزمان عليه السلام في ثورته المباركة.

فانظر كيف أن نفس الأمل بظهور الإمام المهدي عليه السلام يجعل من الإنسان الموالي لأهل البيت عليهم السلام إنسانا عاشقا للتكامل.

يقول الإمام القائد الخامنئي حفظه الله تعالي :

من الطبيعي أن هذه العقيدة (بالإمام المهدي عليه السلام ) تزرع الأمل في النفوس وتدفع كل خير ومصلح إلي أداء واجبه علي طريق الإصلاح برغبة مفعمة بالأمل بالمستقبل. فانظروا إلي مدي أهمية هذه العقيدة ومدي ما بها من فاعلية وتأثير».(2)

ويقول حفظه الله في مكان آخر:

«إن الإعتقاد بالمهدوية وبفكر المهدي الموعود أرواحنا فداه يحيي الأمل في القلوب ، والإنسان الذي يؤمن بهذه العقيدة لا يعرف اليأس طريقا إلي قلبه أبدا. وذلك لثقته بحتمية وجود نهاية مشرقة، فيحاول إيصال نفسه إليها بلا وجل من إحتمالات الإخفاق».(3)

ص: 30


1- الكافي ج 1 ص 435
2- خطاب 15 شعبان 419ه-.
3- خطاب 15 شعبان 1438 ه-.

الإمام المهدي السلام هو إمامنا

قال تعالي في كتابه الكريم: «وَإِذِ ابْتَلَي إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ»

الإمامة في اللغة العربية من فعل " أم " بمعني تقدم فيقال: أم قومه إذا تقدمهم.

وفي عقيدة أهل البيت عليهم السلام، الإمام هو القائد والولي.

من خلال الآية الشريفة المتقدمة يمكن أن نستنتج عدة أمور تتعلق بالإمام:

أولا: أن الإمام يعين من قبل الله تعالي، ولا رأي للعباد في ذلك فقد قال تعالي مخاطبة نبيه إبراهيم «إِنِّي جَاعِلُكَ » فالله تعالي هو الجاعل.

ثانيا: أن الإمام لا بد أن يكون معصومأ فقد سأل النبي إبراهيم عليه السلام الإمامة لذريته فكان الجواب «لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ»فالظالم لا يكون إمامة.

والظالم يشمل الظالم لغيره كغصب حقوق الآخرين والظالم لنفسه كارتكاب الذنوب.

ثالثا: أن مقام الإمام أرقي وأسمي من مقام النبوة فالله عز وجل يخاطب نبيه ورسوله وخليله إبراهيم عليه السلام بقوله : «إِنِّي

ص: 31

جَاعِلُكَ ... إِمَامًا » فهذا يدل بشكل واضح علي أفضلية الإمامة.

وقد ورد عن الصادق عليه السلام : «إن الله اتخذ إبراهيم عبدة قبل أن يتخذه نبيا واتخذه نبية قبل أن يتخذه رسولا واتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليلا واتخذه خليلا قبل أن يتخذه إماما فلما جمع له هذه الأشياء وقبض يده قال لإبراهيم إني جاعلك للناس إماما .(1)

إذا نستطيع أن نقول بأن الإمام يعين من قبل الله تعالي وأنه معصوم من الخطأ وأنه أفضل الخلق.

ومن المعلوم أنه لا بد من وجود إمام في كل حين فقد ورد عن الصادق السلام : «لو لم يبق في الأرض إلا اثنان لكان أحدهما الحجة (2)

بالنسبة إلي عصرنا الحاضر فإن الإمام المهدي عليه السلام هو إمامنا وهو الحافظ للشريعة التي نصل من خلالها إلي الله تعالي، وهو الذي يطلع علي أعمالنا، وهو الذي يأخذ بأيدينا إلي الحساب يوم القيامة وغير ذلك من الأمور التي يتولاها ولي الله علي خلقه.

ورد في تفسير قوله تعالي: «وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَي اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ» الأئمة عليهم السلام، كل في زمانه.

وروي الباقر عليه السلام عن أبيه عن جده (عليهم السلام) قال: «لما نزلت هذه الآية علي رسول الله :«وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي

ص: 32


1- الكافي ج 1 ص 176
2- الكافي ج 1 ص137

إِمَامٍ مُبِينٍ»(1)قام أبو بكر وعمر من مجلسهما وقالا يا رسول الله هو التوراة، قال صلي الله عليه و آله : لا، قالا: فهو الإنجيل، قال صلي الله عليه و آله : لا، قالا: فهو القرآن ؟ قال صلي الله عليه و آله : لا.

قال فأقبل أمير المؤمنين عليه السلام ، فقال رسول الله صلي الله عليه و آله : «هو هذا إنه الإمام الذي أحصي الله فيه تبارك وتعالي كل شيء »»(2)

إذا إمام زماننا عليه السلام يحصي كل أفعالنا وحركاتنا، وهو الآخذ بأيدينا إلي الحساب يوم القيامة فقد ورد عن عبد الله بن سنان قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام : «يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ»قال عليه السلام : « إمامهم الذي بين أظهرهم وهو قائم أهل زمانه»(3)

وعن الرضا عليه السلام عن آبائه عن رسول الله صلي الله عليه و آله قال: «يدعي كل أناس بإمام زمانهم وكتاب ربهم وسنة نبيهم(4)

ومن هنا ينبغي علينا أن نفهم الرواية المتواترة عن النبي وأهل بيته (عليهم السلام): من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية.

الإمام المهدي السلام أمرنا بالرجوع إلي نائبه في عصر الغيبة

بعد أن عزم رسول الله صلي الله عليه و آله علي الرحيل إلي ربه تعالي أوصي بالولاية من بعده إلي علي عليه السلام لأن الأمة لا يمكن لها أن تحافظ علي ما حصلت عليه ولا تستطيع الإستمرار والتقدم من دون إمام معصوم يأخذ بيدها...

ص: 33


1- سورة يس آية 12
2- تفسير نور الثقلين
3- الكافي ج 1 ص 536.
4- مجمع البيان سورة الإسراء الآية 71

ورد عن الإمام الرضا عليه السلام : «إن الإمامة زمام الدين ونظام المسلمين وصلاح الدنيا وعز المؤمنين»(1)

وبلغ الرسول صلي الله عليه و آله الإمامة في غدير خم بعد نزول قوله تعالي: «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ »(2).

وفي هذه الآية أمران أساسيان :

أولا: كما تقدم أن الله عز وجل هو الذي يعين الإمام فقد قال تعالي: «مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ»

ثانيا: أن عذابات رسول الله صلي الله عليه و آله طوال ثلاث وعشرين سنة حتي قال : «ما أوذي نبي مثل ما أوذيت» (3)كلها مرهونة بأمر الإمامة فإن لم يبلغ هذا الأمر فإنه ما إذا لا بد من وجود إمام معين من الله تعالي.

وبعد رحيل رسول الله صلي الله عليه و آله ، غُصب حق الأمير عليه السلام وتولي أمر الخلافة من تولاها...

لكن بعد هذا الأمر لم يجلس علي عليه السلام في بيته بل إنه كان يعمل بشكل دائم وقدر الإمكان حتي يحفظ ما جاء به رسول الله صلي الله عليه و آله .

ثم توالي الأئمة إمامأ بعد إمام، حتي وصل الأمر إلي الإمام الحسن العسكري عليه السلام .

وبعد استشهاد الإمام العسكري عليه السلام انتقلت الإمامة إلي إمام العصر والزمان (عجل الله تعالي فرجه الشريف)، وبما أن الله

ص: 34


1- . كمال الدين ص 677
2- . المائدة 67
3- . المناقب ج 3 ص 247

شاء غياب الوالد عن عياله فكان لا بد لهذا الوالد الشفيق كما فعل جده رسول الله صلي الله عليه و آله من إيكال أمر عياله إلي من يدير شؤونهم ويرعاهم .

وهكذا فقد غاب الإمام المهدي عليه السلام وأوكل أمر الشيعة إلي السفير الأول فكان هذا السفير صلة الوصل بين الإمام والشيعة.

ثم توفي هذا السفير وانتقلت مهامه إلي سفير ثان ثم ثالث ثم رابع وبوفاة السفير الرابع ابتدأت الغيبة الكبري.

ولعله من وجوه الحكمة من الغيبة الصغري هي التمهيد للغيبة الكبري من حيث وجود تلك الصلة بين الإمام عليه السلام وبين شيعته.

والإمام المهدي عليه السلام هو الذي عين السفراء الأربعة في الغيبة الصغري وهو الذي عين نائبه في الغيبة الكبري وأمر بالرجوع إليه لأن في ذلك مصلحة للإسلام والمسلمين.

ورد في التوقيع عنه (عجل الله فرجه) جوابا عن مسائل إسحاق بن يعقوب:

أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلي رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله (1)

وكانت ولاية الفقيه وهي حكومة المجتهد الجامع للشرائط الذي يحكم في غيبة الإمام المهدي عليه السلام .

فانظر كيف أن الإمام المهدي عليه السلام يهتم بأمورنا حيث لم يتركنا سدي دون قائد وولي يأخذ بأيدينا من خلال بيان أحكام الله لنا ودلالتنا علي تكليفنا في هذه الحياة، وهي اكبر عناية تصلنا من

ص: 35


1- بحار ج78 ص380

إمام العصر عبر الولي الفقيه. ولعل جميع العنايات الأخري أقل درجة من هذه الرعاية الأساسية التي ترتبط بمصائرنا وأهدافنا الكبري في الحياة.

يا ليت شيعة الإمام يفكرون به كما هو يفكر بهم....

الإمام المهدي السلام هو الداعي إلي الله

قال تعالي في كتابه الكريم: «إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ » (1)

عن سدير عن أبيه قال سمعت الباقر عليه السلام يقول في قول الله تبارك وتعالي: («إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ » قال عليه السلام : قال رسول الله صلي الله عليه و آله : «أنا المنذر وعلي الهاد وكل إمام هاد للقرن الذي هو فيه (2)

وورد في زيارة آل يس التي يزار بها صاحب الزمان عليه السلام :

«السلام عليك يا داعي الله ورباني آياته»(3).

إن الإمام المهدي عليه السلام هو الذي يدعو الناس إلي الله عز وجل وهو الذي يهديهم إلي الصراط المستقيم.

وخير شاهد علي ذلك التاريخ الحافل بالذين اهتدوا إلي المذهب الحق ببركة صاحب العصر والزمان عليه السلام وإليك هذه الحادثة.

ورد في بحار الأنوار نقلا عن صاحب كشف الغمة المحقق

ص: 36


1- . الرعد الآية 7
2- . تفسير العياشي ج 2 ص 204
3- مفاتيح الجنان

الأربلي رحمه الله قال:

حكي لي السيد باقي بن عطوة الحسني أن أباه عطوة كان فيه uاهة في جسده وكان زيدي المذهب وكان ينكر علي بنيه الميل إلي مذهب الإمامية ويقول لا أصدقكم ولا أقول بمذهبكم حتي يجيء صاحبكم (يعني المهدي عليه السلام ) فيبرؤني من هذا المرض.

فبينا نحن مجتمعون عند وقت العشاء الآخرة إذا أبونا يصيح و يستغيث بنا فأتيناه سراعا فقال : إلحقوا صاحبكم فالساعة خرج من عندي فخرجنا فلم نر أحدأ فعدنا إليه وسألناه فقال: إنه دخل إلي شخص وقال: يا عطوة فقلت: من أنت ؟ فقال: أنا صاحب نبيك قد جئت لأبرئك مما بك، ثم مد يده وفعل بي كذا و كذا ثم مشي فمددت يدي فلم أر لها أثرا (1)

ونحن قد ذكرنا هذه القصة وأمثالها ليس كدليل علي وجود الإمام المهدي عليه السلام ، لأن الأدلة العقلية والنقلية التي تثبت وجود و حياته وضرورته للبشريةأعمق وأكبر من ذلك. ولكننا وجدنا علماءنا الكبار يعتنون بها بالإضافة إلي الأبحاث العقلية، واقتدينا بهم ، لعلها تكون محركة للعقول والقلوب نحو الإرتباط بصاحب الزمان عجل الله تعالي فرجه الشريف.

بالإمام المهدي لم يعرف الله عزوجل

ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام : «رحم الله امرا عرف من أين وفي اين وإلي أين»(2)

ص: 37


1- بحار الأنوار ج 52 ص 65.
2- . الأسفار الأربعة ج 8 ص 355

خلق الله عز وجل الإنسان وخلق كل شيء في هذا الوجود الأجله. فالهواء لكي يتنفس من خلاله والماء لإستمراره والجبال والشمس والقمر و ...، ورد في الحديث القدسي: «يا ابن آدم خلقت الأشياء لأجلك وخلقتك لأجلي، (1)

إذا كان كل شيء في هذا الوجود لأجل الإنسان فلماذا خلق الإنسان إذا؟

هذا التساؤل هو الذي يحركه فينا أمير المؤمنين عليه السلام في الحديث المتقدم، فهو يقول: رحم الله امرأ عرف من أين ؟ أي من أحسن تقويم، وإلي أين؟ أي إلي الكمال اللامتناهي، وفي أين؟ أي في الطريق الموصل إليتلك الغاية؟

فالله عز وجل خلق الإنسان ليصل إلي غاية عظيمة وهي "خلقتك لأجلي " وقد وعد الله عز وجل السائرين نحو تلك الغاية النعيم والخيرات وتوعد المتخلفين عنها الجحيم والويلات ...

إذا أراد الإنسان أن يسلك إلي الله تعالي، إلي أين يتوجه ومن أين يبدأ ومن الأخذ بيده؟...

هنا يظهر دور الإمام المهدي عليه السلام بشكل واضح، فهو سلام الله عليه الآخذ بأيدي السالكين والمريدين إلي الله عز وجل.

ونقرأ في دعاء الندبة في مقام السؤال عن الإمام المهدي عليه السلام نقول: «أين باب الله الذي منه يؤتي ، أين وجه الله الذي إليه يتوجه الأولياء».

ص: 38


1- . علم اليقين في أصول الدين ص 381

وفي الزيارة الجامعة الكبيرة نقرأ : « بكم (يا أهل البيت) يسلك إلي الرضوان وعلي من جحد ولايتكم غضب الرحمان». .

وفي حديث عن الصادق عليه السلام قال: «خرج الحسين بن علي عليهما السلام علي أصحابه، فقال: أيها الناس إن الله جل ذكره ما خلق العباد إلا ليعرفوه فإذا عرفوه عبدوه فإذا عبدوه استغنوا عن عبادة ما سواه. فقال له رجل: يا ابن رسول الله بأبي أنت وأمي فما معرفة الله؟ فقال عليه السلام : «معرفة أهل كل زمان إمامهم الذي يجب عليهم طاعته»(1)

إذن معرفة الإمام المعصوم هي الأساس في السلوك إلي الله عز وجل ولولا الإمام لما وجد سالك علي وجه الأرض.

ورد في زيارة يزار بها الإمام المهدي عجل الله تعالي فرجه الشريف، هذه الزيارة ينقلها الشيخ الجليل عباس القمي في مفاتيح الجنان

السلام عليك يا باب الله الذي لا يؤتي إلا منه، السلام عليك يا سبيل الله الذي من سلك غيره هلك ... أشهد أن بولايتك تقبل الإعمال وتزكي الأفعال وتضاعف الحسنات وتمحي السيئات فمن جاء بولايتك واعترف بإمامتك قبلت أعماله وصدقت أقواله وتضاعفت حسناته ومحيت سيئاته ومن عدل عن ولايتك وجهل معرفتك واستبدل بك غيرك كبه الله علي منحره في النار ولم يقبل الله له عملا ولم يقم له يوم القيامة وزنا».

ص: 39


1- . بحار الأنوار ج 5 ص 312

لولا الإمام ليلام لساخت الأرض بأهلها.

عن جابر بن يزيد الجعفي قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام لأي شيء يحتاج إلي النبي والإمام؟؟

فقال ع: «لبقاء العالم علي صلاحه وذلك أن الله عز وجل يرفع العذاب عن أهل الأرض إذا كان فيها نبي أو إمام، قال الله عز وجل: «وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ »(1)

تقدم سابقا أن الله عز وجل خلق الخلق لأجل الإنسان وخلق الإنسان ليصل إليه تعالي ، وتقدم أيضا أن الإمام المهدي عليه السلام هو الأخذ بيد السالكين إلي الله تعالي.

ولنفرض أن الإمام المهدي عليه السلام غير موجود، فهنا لا يمكن لأي إنسان أن يسلك إلي الله، لأن السلوك يحتاج إلي الدليل وبدون الدليل لا يوجد سلوك.

إذا بدون الإمام المهدي عليه السلام يصبح باب الوصول إلي الله مغلقة فحينئذ لا معني لوجود الإنسان لأنه خلق ليصل، وعند تعذر الوصول يصبح وجوده عبثأ، فإذا صار الأمر كذلك فلا معني الوجود الأرض والجبال و ... ، لأنها خلقت لأجل الإنسان فلا ضير عندئذ من أن تموج الأرض بمن عليها ، كما ورد عن الصادق عليه السلام : «لو بقيت الأرض بغير إمام ساعة لساخت»(2)

فالإمام المهدي عليه السلام بوجوده الشريف يحفظ الأرض ومن عليها وهذا هو معني ما ورد في دعاء الندبة: «أين السبب المتصل بين

ص: 40


1- . تفسير نور الثقلين ج 12 ص 151
2- . الغيبة ص 132

الأرض والسماء».

وفي الزيارة الجامعة الكبيرة ورد: «بكم يمسك السماء أن تقع علي الأرض».

وورد في حديث عن الإمام الرضا عليه السلام قال: «نحن حجج الله في خلقه وخلفاؤه في عباده وأمناؤه علي سره ونحن كلمة التقوي والعروة الوثقي ونحن شهداء الله وأعلامه في بريته، بنا يمسك الله السماوات والأرض أن تزولا وينا ينزل الغيث وينشر الرحمة ولا تخلو الأرض من قائم منا ظاهر أو خاف ولو خلت يوما بغير حجة الماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله. (1)

الإمام المهدي عليه السلام سبب النعم الإلهية علي العباد

عن الباقر عليه السلام في قول الله عز وجل: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ »

قال عليه السلام: «هم المعصومون المطهرون الذين لا يذنبون ولا يعصون وهم المؤيدون الموفقون المسددون، بهم يرزق الله عباده وبهم بعمربلاده وبهم ينزل القطر من السماء وبهم تخرج بركات الأرض و... . (2)

علمنا مما سبق أن الله عز وجل خلقنا لنصل إلي غاية، وعلمنا أيضا أن الإمام المهدي عليه السلام هو الذي يأخذ بأيدي السالكين نحوها ...

ص: 41


1- كمال الدين ج ا ص 202.
2- بحار الأنوار ج 23 ص 19

ثم إن كل شيء في هذا الوجود إنما كان ليخدم الإنسان في سيره نحو تلك الغاية.

إن السير إلي الله تعالي قائم علي محض إختيار الإنسان، فالإنسان بإرادته يختار فعل الواجب أو تركه وبالتالي يحدد لنفسه إن كان يصل إلي رضوان الله أم لا...

علي سبيل المثال نعمة البصر، فالله تعالي من علي الإنسان بهذه النعمة لكن اختيار الإستفادة منها ترك للإنسان فهو يستطيع أن يتقرب إلي الله ببصره ويستطيع أن يبتعد عن الله أيضأ ببصره.

يتقرب إلي الله كما ورد عن رسول الله صلي الله عليه و آله : «النظر إلي العالم عبادة والنظر إلي الإمام المقسط عبادة والنظر إلي الوالدين برأفة ورحمة عبادة والنظر إلي أخ توده في الله عزوجل عبادة». (1) .

في هذه المصاديق نفس النظر يعتبر عبادة لله عز وجل، فالناظر هنا عابد.

وكذلك يمكن للإنسان أن يجعل من نعمة البصر نقمة وذلك إذا أبعده بصره عن الله فقد ورد عن رسول الله صلي الله عليه و آله: «إياكم وفضول النظر فإنه يبذر الهوي ويولد الغفلة». (2).

هنا النظر يبذر الهوي ويولد الغفلة عن الله عزوجل، هذا فضلا عن النظر إلي ما حرم الله، إذا كان نظر الإنسان سببا للبعد عن الله تعالي فإن العمي خير منه كما ورد عن أمير المؤمنين

ص: 42


1- الأمالي للشيخ الطوسي ص 454
2- بحار الأنوار ج 2 ص 199

عليه السلام : «عمي البصر خير من كثير النظركه» (1)

وكذلك نعمة الأولاد فإن حب الولد إذا كان لله تعالي فإنه يكون سببا لنزول الرحمة علي الوالد كما ورد عن الصادق عليه السلام : «إن الله ليرحم العبد لشدة حبه لولده» (2)

أما إذا كان حب الولد لغير الله فإن نفس هذا الحب سوف يكون سببا للبعد كأن يترك عمله الجهادي لأجل تأمين الرفاهية الولده مثلا.

وهكذا كل النعم في هذه الدنيا من مال وشرف و ...

لكن علي الإنسان أن ينظر إلي هذه النعم نظرة يستفيد منها في سلوكه إلي الباري عز وجل فهي موصلة وهي مهلكة واختيار أي الجانبين ملقي علي عاتق الإنسان.

ورد عن رسول الله صلي الله عليه و آله عن جبرئيل عن الله تعالي قال: «إن من عبادي من لا يصلحه إلا السقم ولو صححته لأفسده وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الصحة ولو أسقمته لأفسده، وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الغني ولو أفقرته لأفسده، وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر ولو أغنيته لأفسده، وذلك أني أدبر عبادي العلمي بقلوبهم (3)

كما تلاحظ أن المعيار في الصحة والسقم ، في الفقر والغني، هو ما يصلح أمر العبد وما يفسده.إذا إلي هنا تبين أن كل النعم الإلهية إنما كانت لتخدم الإنسان

ص: 43


1- بحار الأنوار ج 77 ص 284
2- . الكافي ج 6 ص 50
3- . مجمع البيان الشوري 27

في وصوله إلي الغاية التي خلقه الله عز وجل لأجلها .

أيها القارئ الكريم لو أن الإمام المهدي عليه السلام غير موجود لكان باب الوصول إلي الغاية مغلقة، وبالتالي لا مال ولا زوجة ولا أولاد بل لا وجود أصلا لأن كل شيء كان لخدمة الإنسان في وصوله إلي تلك الغاية والحال أن الوصول متعر دون الإمام المعصوم عليه السلام .

لذلك نستطيع أن نقول أن الإمام المهدي عليه السلام هو ولي النعم كما ورد في الزيارة الجامعة الكبيرة: «السلام عليكم يا أهل بيت النبوة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة و... وأولياء النعم». .

وعن الصادق عليه السلام : «بنا أثمرت الأشجار وأينعت الثمار وجرت الأنهار وينا ينزل غيث السماء وينبت عشب الأرض»(1)

وفي رواية عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام قال: «سئل رسول الله صلي الله عليه و آله وأنا عنده عن الأئمة بعده فقال للسائل: «وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ» إن عددهم بعدد البروج ورب الليالي والأيام والشهور إن عددهم كعدة الشهور فقال السائل: فمن هم يا رسول الله؟

فوضع رسول الله صلي الله عليه و آله يده علي رأسي فقال: «أولهم هذا

وآخرهم المهدي ، من والاهم فقد والاني ومن عاداهم فقد عاداني ومن أحبهم فقد أحبني ومن أبغضهم فقد أبغضني ومن أنكرهم فقد انكرني ومن عرفهم فقد عرفني بهم يحفظ الله عزوجل دينه وبهم يعمربلاده وبهم يرزق عباده وبهم ينزل القطر من

ص: 44


1- . الكافي ج 1 ص 144

السماء وبهم تخرج بركات الأرض وهؤلاء أوصيائي وخلفائي وأئمة المسلمين وموالي المؤمنين»(1)

الإمام المهدي عليم كالشمس وقد سترتها الغيوم

عن سليمان بن مهران الأعمش عن الصادق عن أبيه عن جده زين العابدين عليه السلام قال:

نحن أئمة المسلمين وحجج الله علي العالمين وسادة المؤمنين وقادة الغر المحجلين وموالي المؤمنين ونحن أمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء ونحن الذين بنا يمسك الله السماء أن تقع علي الأرض إلا بإذنه وبنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها وبنا ينزل الغيث وينشر الرحمة ويخرج بركات الأرض ولولا ما في الأرض منا لساخت بأهلها». .

ثم قال: «ولم تخل الأرض منذ خلق الله آدم من حجة لله فيها ظاهر مشهور او غائب مستور، ولا تخلو إلي أن تقوم الساعة من حجة الله فيها ولولا ذلك لم يعبد الله»..

قال سليمان : فقلت للصادق عليه السلام : كيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور ؟ قال : «كما ينتفعون بالشمس إذا سترها سحاب»(2)

وورد عن الإمام المهدي عليه السلام في جوابه عن مسائل إسحاق بن يعقوب: «واما وجه الإنتفاع بي في غيبتي فكالإنتفاع بالشمس إذا

ص: 45


1- . بحار الأنوار ج 36 ص 253
2- . كمال الدين ص 207

غيبتها عن الأبصار السحاب»(1) .

وللعلامة المجلسي في هذا المقام كلام ، لا بأس بذكره قال قدس سرہ:

التشبيه بالشمس المجللة بالسحاب يومئ إلي أمور :

أولا: إن نور الوجود والعلم والهداية يصل إلي الخلق بتوسطه عم إذ ثبت بالأخبار المستفيضة أنهم العلل الغائية لإيجاد الخلق، فلولاهم لم يصل نور الوجود إلي غيرهم وببركتهم والإستشفاع بهم والتوسل إليهم يظهر العلوم والمعارف علي الخلق ويكشف البلايا عنهم فلولاهم لاستحق الخلق بقبائح أعمالهم أنواع العذاب. كما قال تعالي : «وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ » ولقد جربنا مرارا لا نحصيها أن عند إنغلاق الأمور وإعضال المسائل والبعد عن جناب الحق تعالي وانسداد أبواب الفيض، تا استشفعنا بهم وتوسلنا بأنوارهم فبقدر ما يحصل الإرتباط المعنوي بهم في ذلك الوقت تنكشف تلك الأمور الصعبة وهذا معاين لمن أكحل الله عين قلبه بنور الإيمان.

الثاني: كما أن الشمس المحجوبة بالسحاب مع إنتفاع الناس بها ينتظرون في كل أن إنكشاف السحاب عنها وظهورها ، ليكون إنتفاعهم بها أكثر، فكذلك في أيام غيبته السلام ينتظر المخلصون من شيعته خروجه وظهوره في كل وقت وزمان ولا ييأسون منه.

الثالث: أن منكر وجوده عليه السلام مع كثرة آثاره كمنكر وجود

ص: 46


1- . كمال الدين ص 485

الشمس إذا غيبها السحاب عن الأبصار.

الرابع: أن الشمس قد تكون غيبتها في السحاب أصلح للعباد من ظهورها لهم بغير حجاب فكذلك غيبته ليستلام أصلح لهم في تلك الأزمان فلذا غاب عنهم.

الخامس: أن الناظر إلي الشمس لا يمكنه النظر إليها بارزة عن السحاب وربما عمي بالنظر إليها لضعف الباصرة عن الإحاطة بها، فكذلك شمس ذاته اليتيم المقدسة ربما يكون ظهوره أضر لبصائرهم ويكون سببا لعماهم عن الحق وتحتمل بصائرهم الإيمان به في غيبته كما ينظر الإنسان إلي الشمس من تحت السحاب ولا يتضرر بذلك.

السادس: أن الشمس قد تخرج من السحاب وينظر إليها واحد

دون واحد فكذلك يمكن أن يظهر عليه السلام في أيام غيبته لبعض الخلق دون بعض.

السابع: أنهم عليهم السلام كالشمس في عموم النفع وإنما لا ينتفع بهم من كان أعمي كما فسر به في الأخبار قوله تعالي: «وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَي فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَي وَأَضَلُّ سَبِيلًا»

الثامن: أن الشمس كما أن شعاعها تدخل البيوت بقدر ما فيها من الروازن والشبابيك وبقدر ما يرتفع عنها من الموانع فكذلك الخلق، إنما ينتفعون بأنوار هدايتهم (عليهم السلام) بقدر ما يرفعون الموانع عن حواسهم ومشاعرهم التي هي روازن قلوبهم من

ص: 47

الشهوات النفسانية والعلائق الجسمانية وبقدر ما يدفعون عن قلوبهم من الغواشي الكثيفة الهيولانية إلي أن ينتهي الأمر إلي حيث يكون بمنزلة من هو تحت السماء يحيط به شعاع الشمس من جميع جوانبه بغير حجاب.

فقد فتحت لك من هذه الجنة الروحانية ثمانية أبواب ولقد فتح الله علي بفضله ثمانية أخري تضيق العبارة عن ذكرها، عسي الله أن يفتح علينا وعليك في معرفتهم ألف باب يفتح من كل باب ألف باب، انتهي كلامه أعلي الله مقامه (1).

ص: 48


1- بحار الأنوار ج 52 ص 93

علاقة الإمام المهدي (عليه السلام) مع الأمة

الإمام المهدي (عليه السلام) يحافظ علي التشيع

كانت الشيعة علي مر التاريخ مرمي لنبال الكثير من الناس الذين ينتمون إلي الفئات العقائدية المختلفة، فكانوا يدبرون الخطط ويمكرون و...، كل ذلك لإفحام الشيعة أعثرهم الله تعالي.

وكان علماء الشيعة دائما بالمرصاد يدفعون عن التشيع كل التهم الباطلة والمزيفة.

لكن هناك حوادث جرت، برز فيها مكر الماكرين بشكل أكبر مما دفع بالشيعة إلي أن يلجأوا إلي إمام زمانهم الغائب الحاضر فكان منه عليه السلام أن لبي النداء

من تلك الحوادث، هذه الحادثة:

قال العلامة المجلسي قدس سره أخبرني بعض الأفاضل الكرام والثقات الأعلام عن... قال: لما كانت بلدة البحرين تحت ولايةالإفرنج جعلوا واليها رجلا من المسلمين ليكون أدعي إلي تعميرها

وأصلح بحال أهلها، وكان هذا الوالي من النواصب وله وزير أشد الصبا منه يظهر العداوة لأهل البحرين لحبهم لأهل البيت (عليهم السلام) ويحتال في إهلاكهم وإضرارهم بكل حيلة .

ص: 49

فلما كان في بعض الأيام دخل الوزير علي الوالي وبيده رمانة فأعطاها الوالي فإذا كان مكتوب عليها «لا إله إلا الله محمد رسول الله أبو بكر وعمر وعثمان وعلي خلفاء الله» فتأمل الوالي فرأي الكتابة من أصل الرمانة بحيث لا يحتمل عنده أن يكون من صناعة بشر، فتعجب من ذلك وقال للوزير : هذه آية بينة وحجة قوية علي إبطال مذهب الرافضة (أي الشيعة)، فما رأيك في أهل البحرين.

فقال له: أصلحك الله إن هؤلاء جماعة متعصبون، ينكرون البراهين، وينبغي لك أن تحضرهم وتريهم هذه الرمانة، فإن قبلوا ورجعوا إلي مذهبنا كان لك الثواب الجزيل بذلك، وإن أبوا إلا المقام علي ضلالتهم فخيرهم بين ثلاث:

- إما أن يؤدوا الجزية وهم صاغرون

- أو يأتوا بجواب عن هذه الآية البينة التي لا محيص لهم عنها

- أو تقتل رجالهم وتسبي نسائهم وأولادهم وتأخذ بالغنيمة أموالهم

فاستحسن الوالي رأيه وأرسل إلي العلماء والأفاضل الأخيار والنجباء والسادة الأبرار من أهل البحرين وأحضرهم وأراهم الرمانة، وأخبرهم بما رأي فيهم إن لم يأتوا بجواب شاف: من القتل والأسر وأخذ الأموال أو أخذ الجزية علي وجه الصغار كالكفار، فتحيروا في أمرها ولم يقدروا علي جواب، وتغيرت وجوههم وارتعدت فرائصهم .

ص: 50

فقال كبراؤهم: أمهلنا أيها الأمير ثلاثة أيام لعلنا نأتيك بجواب ترتضيه وإلا فاحكم فينا ما شئت، فأمهلهم فخرجوا من عنده خائفين مرغوبين متحيرين.

فاجتمعوا في مجلس وأجالوا الرأي في ذلك فاتفق رأيهم علي أن يختاروا من صلحاء البحرين وزهادهم عشرة، ففعلوا ثم اختاروا من العشرة ثلاثة فقالوا لأحدهم:

أخرج الليلة إلي الصحراء واعبد الله فيها واستغث بإمام زماننا وحجة الله علينا لعله يبين لك ما هو المخرج من هذه الداهية الدهماء.

فخرج وبات طول ليلته متعبدة خاشعة داعيا باكيا يدعو الله ويستغيث بالإمام عليه السلام حتي أصبح ولم ير شيئا فأتاهم وأخبرهم فبعثوا في الليلة الثانية الثاني منهم، فخرج كصاحبه ولم يأتهم بخبر فازداد قلقهم وجزعهم.

فأحضروا الثالث وكان تقيأ فاضلا إسمه محمد بن عيسي فخرج الليلة الثالثة حافيا حاسرا إلي الصحراء وكانت ليلة مظلمة فدعا وبكي وتوسل إلي الله تعالي في خلاص هؤلاء المؤمنين وكشف هذه البلية عنهم واستغاث بصاحب الزمان عليه السلام .

فلما كان آخر الليل إذا هو برجل يخاطبه ويقول: يا محمد بن عيسي ما لي أراك علي هذه الحالة ولماذا خرجت إلي هذه البرية؟ فقال له: أيها الرجل دعني فإني خرجت لأمر عظيم وخطب

ص: 51

جسيم لا أذكره إلا الإمامي ولا أشكوه إلا إلي من يقدر علي كشفه عني.

فقال: يا محمد بن عيسي: أنا صاحب الأمر فاذكر حاجتك فقال: إن كنت هو فأنت تعلم قصتي ولا تحتاج إلي أن أشرحها لك، فقال له: نعم، خرجت لما دهمكم من أمر الرمانة وما كتب عليها وما أوعدكم الأمير به، قال : فلما سمعت ذلك توجهت إليه وقلت له: نعم يا مولاي قد تعلم ما أصابنا وأنت إمامنا وملاذنا والقادر علي كشفه عنا.

فقال عليه السلام : يا محمد بن عيسي إن للوزير لعنه الله في داره شجرة رمان فلما حملت تلك الشجرة صنع شيئا من الطين علي هيئة الرمانة وجعلها نصفين وكتب في داخل كل نصف بعض تلك الكتابة ثم وضعها علي تلك الرمانة وشدهما عليها وهي صغيرة فأثر فيها وصارت هكذا.

فإذا مضيتم غدا إلي الوالي فقل له: جئتك بالجواب ولكني لا أبدية إلا في دار الوزير فإذا مضيتم إلي داره فانظر عن يمينك تري فيها غرفة، فقل للوالي: لا أجيبك إلا في تلك الغرفة وسيأبي الوزير عن ذلك، وأنت بالغ في ذلك ولاترضي إلا بصعودها فإذا صعد فاصعد معه ولا تتركه وحده يتقدم عليك، فإذا دخلت الغرفة رأيت كوة فيها كيس أبيض فانهض إليه وخذه فتري فيه تلك الطينة التي عملها لهذه الحيلة، ثم ضعها أمام الوالي وضع الرمانة فيها لينكشف له جلية الحال .

ص: 52

وأيضا يا محمد بن عيسي قل للوالي: إن لنا معجزة أخري وهي أن هذه الرمانة ليس فيها إلا الرماد والدخان وإن أردت صحة ذلك فأمر الوزير بكسرها فإذا كسرها طار الرماد والدخان علي وجهه ولحيته.

فلما سمع محمد بن عيسي ذلك من الإمام فرح فرحا شديدأ وقبل بين يدي الإمام عليه السلام وانصرف إلي أهله بالبشارة والسرور.

فلما أصبحوا مضوا إلي الوالي ففعل محمد بن عيسي كل ما أمره الإمام وظهر كل ما أخبر فالتفت الوالي إلي محمد بن عيسي وقال له: من أخبرك بهذا؟

فقال: إمام الزمان وحجة الله علينا، فقال: ومن إمامكم؟ فأخبره بالأئمة واحدة بعد واحد إلي أن انتهي إلي صاحب الأمر (صلوات اله عليه).

فقال الوالي: مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد عبده ورسوله وأن الخلفية بعده بلا فصل أمير المؤمنين علي عليه السلام ثم أقر بالأئمة إلي آخرهم (عليهم السلام) وحسن إيمانه، وأمر بقتل الوزير واعتذر إلي أهل البحرين وأحسن إليهم وأكرمهم.

وهذه القصة معروفة مشهورة عند أهل البحرين وقبر محمدبن عيسي عندهم معروف يزوره الناس

ص: 53

الإمام المهدي عليه السلام ينتقم من أعداء شيعته

جرت بعض الحوادث تشير إلي أن الإمام المهدي عليه السلام ينصر شيعته وينتقم لهم من أعدائهم.

من تلك الحوادث هذه الحادثة التي يرويها المجلسي في البحار.

قال رضوان الله عليه: عن الشيخ الصالح الخير العالم الفاضل شمس الدين محمد بن قارون قال: ومن ذلك ما نقله عن بعض أصحابنا الصالحين من خطه المبارك ما صورته.

عن محيي الدين الأربلي أنه حضر عند أبيه ومعه رجل فنعس فوقعت عمامته عن رأسه فبدت في رأسه ضربة هائلة فسأله عنها فقال له: هي من صفين، فقيل ل : وكيف ذلك ووقعة صفين قديمة.

فقال: كنت مسافرا إلي مصر فصاحبني إنسان من غزة فلما كنا في بعض الطريق تذاكرنا وقعة صفين.

فقال لي الرجل: لو كنت في أيام صفين لرويت سيفي من علي وأصحابه، فقلت: لو كنت في أيام صفين لرويت سيفي من معاوية وأصحابه، وها أنا وأنت من أصحاب علي عليه السلام ومعاوية فاعتركنا عركة عظيمة واضطرينا فما أحسست بنفسي إلا مرميا لما بي.

فبينما أنا كذلك وإذا بإنسان يوقظني بطرف رمحه ففتحت عيني فنزل إلي ومسح الضرية فتلاءمت فقال: إلبث هنا، ثم غاب

ص: 54

قليلا وعاد ومعه رأس مخاصمي مقطوعة والدواب معه، فقال لي: هذا رأس عدوك وأنت نصرتنا فنصرناك ولينصرن الله من نصره، فقلت: من أنت؟ فقال فلان بن فلان يعني صاحب الأمر عليه السلام ثم قال لي: إذا سئلت عن هذه الضربة فقل ضربتها في صفين (1)

الإمام المهدي عليه السلام يدعو لشيعته

ورد في الصحيفة السجادية للإمام علي بن الحسين عليه السلام في دعائه في ذكر التوبة وطلبها قال عليه السلام : «فما كل ما نطقت به عن جهل مني بسوء أثري ولا نسيان لما سبق من ذميم فعلي ولكن لتسمع سماؤك ومن فيها وأرضك ومن عليها ما أظهرت لك من الندم ولجأت إليك فيه من التوبة، فلعل بعضهم برحمتك يرحمني لسوء موقفي أو تدركه الرقة علي لسوء حالي فينالني منه بدعوة هي أسمع لديك من دعائي أو شفاعة أوكد عندك من شفاعتي تكون بها نجاتي من غضبك وفوزي برضاك ...».

من بركات وجود إمام الزمان عليه السلام أنه يدعو لغفران ذنوب شيعته، فدعوته هي أسمع إلي الله عز وجل، وشفاعته أوكد عنده تعالي.

نقل عن السيد إبن طاووس أنه سمع سحرا في السرداب عن صاحب الأمر عليه السلام أنه يقول: «اللهم إن شيعتنا خلقت من شعاع

ص: 55


1- . بحار الأنوار ج 52 ص 75

أنوارنا وبقية طينتنا وقد فعلوا ذنوبا كثيرة إتكالا علي حبنا وولايتنا فإن كانت ذنوبهم بينك وبينهم فاصفح عنهم فقد رضينا وما كان منها فيما بينهم فأصلح بينهم وقاص بها عن خمسنا ، وأدخلهم الجنة وزحزحهم عن النار ولا تجمع بينهم وبين أعدائنا في سخطك (1)

وينقل الشيخ عباس القمي في مفاتيح الجنان عن المصباح للكفعمي دعاء للإمام المهدي عليه السلام يدعو فيه لشيعته عليه السلام ، يقول عليه السلام : «اللهم ارزقنا توفيق الطاعة وبعد المعصية وصدق النية وعرفان الحرمة و... وتفضل علي علمائنا بالزهد والنصيحة وعلي المتعلمين بالجهد والرغبة وعلي المستمعين بالإتباع والموعظة وعلي مرضي المسلمين بالشفاء والراحة وعلي موتاهم بالرأفة والرحمة وعلي مشايخنا بالوقار والسكينة وعلي الشباب بالإنابة والتوبة وعلي النساء بالحياء والعفة وعلي الأغنياء بالتواضع والسعة وعلي الفقراء بالصبر والقناعة وعلي الغزاة بالنصر والغلبة وعلي الأسراء بالخلاص والراحة وعلي الأمراء بالعدل والشفقة وعلي الرعية بالإنصاف وحسن السيرة وبارك للحجاج والزوار في الزاد والنفقة واقض ما أوجبت عليهم من الحج والعمرة بفضلك ورحمتك يا أرحم الراحمين».

ص: 56


1- . جنة المأوي ص 127

الإمام المهدي عليه السلام هو معلم الشيعة

تواترت الأحاديث الشريفة التي تأمر بطلب العلم حتي أن بعض الروايات تقرن العلم بالإيمان فقد ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام :«الإيمان والعلم أخوان توأمان لا يفترقان»(1).

بل إن بعض الروايات تجعل طلب العلم من صفات الموالي لأهل البيت (عليهم السلام) فقد ورد عن الصادق عليه السلام : «يغدو الناس علي ثلاثة أصناف عالم ومتعلم وغثاء فنحن العلماء وشيعتنا المتعلمون وسائر الناس غثاء (2)

إذا طلب العلم لا محيص عنه ولا بديل.

ومن المعلوم أن العلم الحقيقي غير موجود عند أحد إلا عند أهل البيت (عليهم السلام) لأنهم وكما ورد في الزيارة الجامعة الكبيرة «معدن العلم». .

وقد ورد عن الباقر عليه السلام في حديثه لسلمة بن كهيل والحكم بن عتيبة قال : «شرقا وغربا لن تجدا علما صحيحا إلا شيئا يخرج من عندنا أهل البيت(3)

وعن الحرث بن المغيرة عن أبي عبد الله السلام قال: إن الأرض لا تترك بغيرعالم، قلت: الذي يعلمه عالمكم ما هو؟ قال عليه السلام : وراثة من رسول الله صلي الله عليه و آله ، ومن علي عليه السلام ، علم يستغني به عن الناس ولا يستغني الناس عنه، قلت: وحكمة يقذف في قلبه أو ينكت في أذنه قال عليه السلام : ذاك وذاك (4).

ص: 57


1- . نهج البلاغة
2- . الكافي ج 1 ص 34
3- . بحار الأنوار ج 2 ص 92
4- . بصائر الدرجات ص 326

بما أن الأمر كذلك فيجب علينا أن نطلب العلم من أهله، وذلك بالعودة إلي مولانا صاحب العصر والزمان عليه السلام وهذه هي عادة علمائنا قدس الله أسرارهم.

قال العلامة المجلسي في بحار الأنوار: أخبرني جماعة عن السيد الفاضل أمير عم قال: كنت في بعض الليالي في صحن الروضة المقدسة بالغري علي مشرفها السلام وقد ذهب كثير من الليل فبينما أنا أجول فيها إذ رأيت شخصا مقبلا نحو الروضة المقدسة فأقبلت إليه فلما قريت منه عرفت أنه أستاذنا الفاضل العالم التقي الذكي مولانا أحمد الأردبيلي قدس الله روحه.

فأخفيت نفسي عنه حتي أتي الباب وكان مغلقة فانفتح له عند وصوله إليه ودخل الروضة فسمعته يكلم كأنه يناجي أحدة ثم خرج وأغلق الباب فمشيت خلفه حتي خرج الغري وتوجه نحو مسجد الكوفة.

فكنت خلفه بحيث لا يراني حتي دخل المسجد وصار إلي المحراب الذي استشهد أمير المؤمنين عليه السلام عنده ومكث طويلا ثم رجع وخرج من المسجد وأقبل نحو الغري.

فكنت خلفه حتي قرب من الجنانة فأخذني سعال لم أقدر علي دفعه فالتفت إلي فعرفني وقال: أنت أمير علام؟ قلت نعم، قال: ما تصنع ههنا؟ قلت: كنت معك حيث دخلت الروضة المقدسة إلي الآن وأقسم عليك بحق صاحب القبر أن تخبرني بما جري عليك

ص: 58

في تلك الليلة من البداية إلي النهاية.

فقال: أخبرك علي أن لا تخبر به أحدا ما دمت حية، فلما توثق ذلك مني قال: كنت أفكر في بعض المسائل وقد أغلقت علي، فوقع في قلبي أن آتي أمير المؤمنين عليه السلام وأسأله عن ذلك فلما وصلت إلي الباب فتح لي بغير مفتاح كما رأيت، فدخلت الروضة وابتهلت إلي الله تعالي في أن يجيبني مولاي عن ذلك، فسمعت صوتا من القبر: أن ائت مسجد الكوفة وسل عن القائم عليه السلام فإنه إمام زمانك فأتيت عند المحراب وسألت عنها وأجبت وها أنا أرجع إلي بيتي(1).

الإمام المهدي عليه السلام يسدد ويصوب حركة الشيعة

عدة حوادث جرت مع بعض علمائنا تلفت إلي أن الإمام المهدي عليه السلام يراقب حركتهم ويتدخل عند الحاجة.

الشيخ المفيد والفتوي:

سُئل الشيخ المفيد ذات يوم عن امرأة حامل ماتت فهل تدفن مع ولدها أم يجب إخراجه منها؟

فظن أن الولد ميت في بطنها فقال: «لا حاجة لفصله عن أمه بل يجوز أن يدفن معها وهو في بطنها»..

فلما حملت إلي قبرها أتي النسوة آت وقال : «إن الشيخ المفيد يأمر أن يشقبطن الحامل ويخرج الجنين إذا كان حيا منها، ثم

ص: 59


1- . بحار الأنوار ج 52 ص 175

يخاط الشق ولا يحل أن يدفن معها فعملت النسوة بما أوحي إليهن.

ثم أخبر الشيخ بما وقع فأسقط في يده بأنه أخطأ في الفتوي وأخذ يفكر فيمن انتبه لهذا الخطأ فتداركه!!! فسمع هاتفأ من خلفه يقول: أفد يا مفيدة فإن أخطأت فعلينا التسديد. فالتفت فلم يبصر أحدة، فتيقن أن الهاتف والذي أوحي إلي النسوة هو الإمام الغائب عجل الله فرجه (1).

إستنساخ الكتاب عن العلامة الحلي :

قال السيد الشهيد القاضي نور الله الشوشتري في مجالس المؤمنين في ترجمة آية الله العلامة الحلي قدس سره أن من جملة مقاماته العالية أنه اشتهر عند أهل الإيمان أن بعض علماء أهل السنة ممن تتلمذ عليه العلامة في بعض الفنون ألف كتابا في رد الإمامية ويقرأ للناس في مجالسه ويضلهم، وكان لا يعطيه أحدأ خوفا من أن يره أحد من الإمامية، فاحتال العلامة الحلي رحمه الله في تحصيل هذا الكتاب إلي أن جعل تتلمذه عليه وسيله لأخذه الكتاب منه عارية، فالتجأ الرجل واستحيي من رده وقال: إني آليت علي نفسي أن لا أعطيه أحدة أزيد من ليلة، فاغتنم الفرصة في هذا المقدار من الزمان فأخذه منه وأتي به إلي بيته لينقل منه ما تيسر منه

فلما اشتغل بكتابه وانتصف الليل غلبه النوم فحضر الحجة

ص: 60


1- . جنة المأوي ص 286

عليه السلام وقال: «ناولني الكتاب وخذ في نومك»، فانتبه العلامة وقد تم الكتاب بإعجازه عليه السلام (1).

الإمام المهدي عليه السلام يرعي أمور الشيعة

ورد في رسالة الإمام المهدي عليه السلام إلي الشيخ المفيد قوله: ونحن وإن كنا ثاوين بمكاننا النائي عن مساكن الظالمين حسب الذي أرانا الله تعالي لنا من الصلاح ولشيعتنا المؤمنين في ذلك ما دامت دولة الدنيا للفاسقين فإنا نحيط علما بأنبائكم ولا يعزب عنا شيء من أخباركم ومعرفتنا بالذل الذي أصابكم، قد جنح كثير منكم إلي ما كان السلف الصالح عنه شائعة ونبذوا العهد المأخوذ وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون، إنا غير مهملين المراعاتكم ولا ناسين لذكركم ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء واصطلمكم الأعداء (2).

إن الإمام المهدي عليه السلام موجود بجسده الشريف في هذه الدنيا وهو ينتقل من مكان إلي آخر، غاية الأمر أن الناس لا يعرفون أنه المهدي من آل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين).

وبعض الروايات تشير إلي أنه عند ظهوره عليه السلام يقول الناس قدرأيناه من قبل.

والإمام عليه السلام يأتي إلي الخواص من الشيعة ويكلفهم بتكاليف يترتب عليها مصالح للإسلام وللمسلمين. فهو عليه السلام ليس غائبة

ص: 61


1- . جنة المأوي ص 69
2- . بحار ج 53 ص 176

عنا، بل نحن عنه غائبون، وقد قرأت في رسالته للشيخ المفيد قوله عليه السلام : «إنا غير مهملين لمراعاتكم».

وما جري مع علمائنا قدس الله أسرارهم أعظم شاهد علي ذلك وإليك بعض النماذج:

الإمام المهدي عليه السلام والشيخ الصدوق

ذكر الشيخ الصدوق (قدس سره) في أول كتابه «كمال الدين وتمام النعمة» قال:

إن الذي دعاني إلي تأليف كتابي هذا: أني لما قضيت وطري من زيارة علي بن موسي الرضا عليه السلام رجعت إلي نيسابور وأقمت بها فوجدت أكثر المختلفين إلي من الشيعة قد حيرتهم الغيبة ودخلت عليهم في أمر القائم عليه السلام الشبهة، وعدلوا عن طريق التسليم إلي الآراء والمقاييس فجعلت أبذل مجهودي في إرشادهم إلي الحق وردهم إلي الصواب بالأخبار الواردة في ذلك عن النبي والأئمة (عليهم السلام) حتي ورد إلينا من بخارا شيخ من أهل الفضل والعلم والنباهة ببلدة قم طالما تمنيت لقاءه، واشتقت إلي مشاهدته لدينه وسديد رأيه واستقامة طريقته وهو الشيخ نجم الدين أبو سعيد محمد بن الحسن.

فلما أظفرني الله تعالي ذكره بهذا الشيخ الذي هو من أهل هذا البيت الرفيع شكرت الله تعالي ذكره علي ما يسر لي من

ص: 62

لقائه وأكرمني به من إخائه وحباني به من وذه وصفائه.

فبينا هو يحدثني ذات يوم إذ ذكر لي عن رجل قد لقيه ببخارا من كبار الفلاسفة والمنطقيين كلام في القائم عليه السلام قد حيره وشككه في أمره لطول غيبته وانقطاع أخباره فذكرت له فصولا في إثبات كونه عليه السلام ، ورويت له أخبارأ في غيبته عن النبي والأئمة (عليهم السلام) ايلام، سكنت إليها نفسه وزال بها عن قلبه ما كان عليه من الشك والإرتياب والشبهة وتلقي ما سمعه من الآثار الصحيحة بالسمع والطاعة والقبول والتسليم وسألني أن أصنف له في هذا المعني كتابة فأجبته إلي ملتمسه ووعدته جمع ما أبتغي إذا سهل الله تعالي لي العود إلي مستقري ووطني بالري عليه السلام .

فبينا أنا ذات ليلة أفكر فيما خلفت ورائي من أهل وولد وإخوان ونعمة إذ غلبني النوم فرأيت كأني أطوف حول بيت الله الحرام وأنا في الشوط السابع عند الحجر الأسود أستلمه وأقبله وأقول: «أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة». فأري مولانا القائم صاحب الزمان عليه السلام واقفا بباب الكعبة فأدنو منه علي شغل قلب وتقسم فكر فعلم عليه السلام ما في نفسي بنفسه فيوجهي فسلمت عليه فرد علي السلام.

ثم قال لي: «لم لا تصنف كتابة في الغيبة حتي تكفي ما قد همك» ؟

ص: 63

فقلت له: يا ابن رسول الله قد صنفت في الغيبة اشياء .

فقال عليه السلام : ليس علي ذلك السبيل، أمرك أن تصنف الآن كتابةفي الغيبة واذكر فيه غيبات الأنبياء (عليهم السلام).

ثم مضي عليم، فانتبهت فزعأ إلي الدعاء والبكاء والبث والشكوي إلي وقت طلوع الفجر فلما أصبحت ابتدأت في تأليف هذا الكتاب ممتثلا لأمر ولي الله وحجته، مستعينا بالله ومتوك؟ عليه ومستغفرة من التقصير وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب (1)

الإمام المهدي عليه السلام يعين الشيخ الأنصاري مرجعا

عن كتاب كنز العارفين قال: من واجبات الشيعة عندما يرحل عن الدنيا المرجع الديني الأعلي فإنهم يعينون مرجعا دينيا أعلي وأعلم لكي يدير شؤون المسلمين ويطبق قوانين وأحكام الإسلام.

وعندما توفي آية الله الحاج الشيخ محمد حسن الجواهري راجع الناس الشيخ الأنصاري (رضوان الله تعالي عليه) وطالبوه برسالة عملية لكن المرحوم الأنصاري، قال لهم: مع وجود العلامة الأكبر سيد العلماء المازندراني وهو الأعلم والأعدل فعليكم مراجعته في مدينة بابل في مازندران، أما أنا فليس لدي رسالة عملية.

ثم كتب الأنصاري رسالة إلي سيد العلماء المازندراني طالبا منه

ص: 64


1- . كمال الدين ج1 ص 2

أن يحضر إلي النجف الأشرف ليتسلم زعامة الحوزة العلمية والمرجعية الدينية.

لكن سيد العلماء أجابه في رسالة يقول فيها:

صحيح أنني حينما كنت في النجف الأشرف وتباحثت معك في الشؤون الدينية والمذهبية كنت الأقوي في الفقه ولكن بسبب بعدي هذه المدة عن الحوزة في النجف الأشرف ومواصلة سكني في بابل، وليس لدينا مجالس للبحوث والتحقيق العلمي، فإنني أعتبرك أعلم وأفقه وأفضل مني في المرجعية وأقبلك مرجعا دينيا أعلي للشيعة.

أما الشيخ الأنصاري فقال في نفسه: بما أنني لا أجد لياقة في نفسي للقيادة الدينية والمرجعية لذا فأني سوف أطلب من ولي العصر والزمان أن يمن علي بإجازة الإجتهاد ويعينني في هذا المنصب العالي.

وفي أحد الأيام وأثناء ما كان الشيخ الأنصاري يقوم بتدريس الطلاب، دخل شخص مهيب الطلعة تبدو عليه سيماء العظمة والشرف والكرامة والجلال إلي المجلس حيث استقبله الشيخ الأنصاري بكل احترام وتقدير. وهنا وجه كلامه للأنصاري وقال: ما رأيك في إمراة مسځ زوجها؟

فأجابه الأنصاري: نظرا لعدم بحث هذا الموضوع في الكتب والرسالات العلمية فإنني لن أستطيع الإجابة عنه.

ص: 65

فقال الرجل: افترض حصل هذا ومسخ الزوج فما هو تكليف المرأة؟

فقال الأنصاري: في رأيي إذا مسخ الرجل بشكل حيوان فعلي المرأة أن تأخذ العدة للطلاق ومن ثم يمكنها الزواج بأخر، أما إذا مسخ الزوج علي هيئة حجر أو جماد فعلي المرأة أن تأخذ عدة الوفاة حيث مات زوجها.

فقال ذلك السيد الجليل ثلاث مرات:

أنت المجتهد أنت المجتهد .ثم قام من المجلس وخرج وكان الشيخ الأنصاري يعلم بأن ذلك الرجل المهيب هو الإمام الحجة بن الحسن عليه السلام وقد أعطاه إجازة الإجتهاد وقيادة الحوزة العلمية والمرجعية الدينية للشيعة. لذا قال لطلابه:

أرجو أن تلحقوا بذلك السيد فورة . وفعلا ذهب الطلاب وبحثوا في كل مكان ولم يجدوا له أثر يذكر.

ثم أصبح الشيخ الأنصاري جاهزا لاستلام زمام القيادة الروحانية وقدم للناس رسالته العلمية حتي يمكنهم تقليده (1)

الإمام المهدي عليه السلام شفي الكثير من الشيعة من أمراضهم

ورد في الزيارة الجامعة الكبيرة "بكم ينزل الغيث".

تقدم أن الإمام المهدي عليه السلام يرعي أمورنا ويتابع ما يجري علينا ويغيث من يطلب منه الإغاثة مهما تكن حالته سيئة فإن الإمام

ص: 66


1- . جنة المأوي ص 381

عليه السلام يتكفل برفعها عن صاحبها.

ورد عن الإمام الرضا عليه السلام : « إذا نزلت بكم شدة فاستعينوا بناعلي الله عز وجل وهو قوله عز وجل : ولله الأسماء الحسني فادعوه بها(1).

وبما أن الأمر كذلك فقد وفق الله تعالي الكثير من الناس الذين أخذ المرض منهم مأخذه بأن يتوسلوا بصاحب العصر والزمان عليهم وكان عند طلبهم، أوليس هو القائل: «بي يدفع الله عروجل البلاء عن أهلي وشيعتي(2).

وإليك بعض الشواهد:

شفاء الحر العاملي ببركة صاحب الزمان عليه السلام :

ذكر الحر العاملي صاحب كتاب وسائل الشيعة في كتابه إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات: إني كنت في عصر الصبي وستي عشر سنين أو نحوها أصابني مرض شديد جدا حتي اجتمع أهلي وأقاربي وبكوا وتهيأوا للتعزية وأيقنوا أني أموت تلك الليلة. فرأيت النبي والأئمة الإثني عشر (صلوات الله عليهم أجمعين) وأنا فيما بين النائم واليقظان فسلمت عليهم وصافحتهم واحدا واحدا وجري بيني وبين الصادق عليه السلام كلام ولم يبق في خاطري إلا أنه دعا لي.

فلما سلمت علي الصاحب عليه السلام وصافحته بكيت وقلت: يا

ص: 67


1- . بحار الأنوار ج 4 ص 22
2- . كمال الدين ج 2 ص 441

مولاي أخاف أن أموت في هذا المرض ولم أقضي وطري من العلم والعمل فقال عليه السلام : لا تخف فإنك لا تموت في هذا المرض بل يشفيك الله تعالي وتعمر عمرا طويلا، ثم ناولني قدحا كان في يده فشربت منه وأفقت في الحال وزال عني المرض بالكلية، وجلست وتعجب أهلي وأقاربي ولم أحدثهم بما جري إلا بعد أيام (1).

شفاء الفقيه نجم الدين بن جعفر الزهدري علي يد الإمام المهدي عليه السلام :

ذكر العلامة المجلسي في بحار الأنوار هذه القصة، قال: حكي الي المولي الأجل الأمجد، العالم الفاضل، القدوة الكامل، المحقق المدقق، مجمع الفضائل، ومرجع الأفاضل، إفتخار العلماء في العالمين، كمال الملة والدين عبد الرحمن إبن العماني وكتب بخطه الكريم عندي ما صورته:قال العبد الفقير إلي رحمة الله تعالي عبد الرحمان بن إبراهيم القبائقي : إني كنت أسمع في الحلة السيفية حماها الله تعالي أن المولي الكبير المعظم جمال الدين إبن الشيخ الأجل الأوحد الفقيه القارئ نجم الدين جعفر بن الزهري، كان به فالج فعالجته جدته لأبيه بعد موت أبيه بكل علاج للفالج فلم يبرأ .

فأشار عليها بعض الأطباء ببغداد فأحضرتهم فعالجوه زمانة طويلا فلم يبرأ، وقيل لها : ألا تبيتينه تحت القبة الشريفة بالحلة

ص: 68


1- . إثبات الهداة

المعروفة بمقام صاحب الزمان عليه السلام لعل الله تعالي يعافيه ويبرئه.

ففعلت وبتته تحتها، وإن صاحب الزمان عليهم أقامه وأزال عنه الفالج.

ثم بعد ذلك حصل بيني وبينه صحبة حتي كنا لم نكد نفترق وكان له دار المعشرة يجتمع فيها وجوه أهل الحلة وشبابهم واولاد الأماثل منهم، فاستحكيته عن هذه الحكاية فقال لي:

إني كنت مفلوجة وعجز الأطباء عني وحكي لي ما كنت أسمعه مستفاضا في الحلة من قضيته وأن الحجة صاحب الزمان عليه السلام قال لي وقد أباتتني جدتي تحت القبة: قم!

فقلت: لا أقدر علي القيام منذ سنتي، فقال عليه السلام : قم بإذن الله تعالي وأعانني علي القيام فقمت وزال عني الفالج وانطبق علي الناس حتي كادوا يقتلونني وأخذوا ما كان علي من الثياب تقطيعا وتنتيف يتبركون فيها وكساني الناس من ثيابهم ورحت إلي البيت وليس بي أثر الفالج وبعثت إلي الناس ثيابهم، وكنت أسمعه يحكي ذلك للناس ولمن يستحكيه مرارا حتي مات رحمه الله(1).

ص: 69


1- بحار ج 52 ص 73

ص: 70

المصادر

القرآن الكريم الله تعالي

الصحيفة السجادية الإمام زين العابدين عليه السلام

نهج البلاغة الإمام علي بن ابي طالب عليه السلام

بصائر الدرجات محمد بن الحسن بن فروخ (الصفار)

تفسير نور الثقلين الحويزي

مجمع البيان ابو علي الطبرسي

تفسير العياشي ابو النصر العياشي

مفاتيح الجنان الشيخ عباس القمي

بحار الأنوار العلامة محمد باقر المجلسي

كمال الدين الشيخ الصدوق

غيبة النعماني ابو زينب النعماني

منية المريد الشهيد الثاني

كشف الغمة علي بن عيسي بن أبي الفتح الإربلي

منتخب الأثر لطف الله الصافي الكلبايكاني

كفاية الأثر علي الخزاز الرازي

أمالي الطوسي الشيخ محمد بن الحسن الطوسي

ص: 71

المحسن ابو جعفر البرقي

الكافي الشيخ محمد بن يعقوب الكليني

علم اليقين في أصول الدين الفيض الكاشاني

المناقب ابن شهر آشوب

الأسفار الأربعة صدر المتألهين الشيرازي

جنة المأوي الميرزاالنوري

خطاب القائد 15 شعبان: 1419ه

خطاب القائد 15 شعبان: 1418 ه

ص: 72

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.