شفاء الغُلَّة في شرح دعاء الندبة

اشارة

شفاء الغُلَّة في شرح دعاء الندبة

السيّد محمّد كاظم الموسوي آل طيّب

ص: 1

اشارة

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 2

شفاء الغُلَّة في شرح دعاء الندبة

السيّد محمّد كاظم الموسوي آل طيّب

ص: 3

ص: 4

الأهداء

إلي صاحب الولاية الالهيّة العظمي والخلافة العالميّة العليا والغيبة الكبري ، وارث الأنبياء وخاتم الأوصياء وصاحب الكرة البيضاء ونور الأصفياء وخليفة الأتقياء وغوث الفقراء سيّدنا ومولانا صاحب العصر والزمان حجّة بن الحسن العسكري أرواحنا له الفداء .

ص: 5

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد للَّه الذي ندب عباده إلي الدعاء ، والتضرّع في العافية والبلاء ، ووعدهم الإجابة في الشدّة والرخاء ، والصلاة والسلام علي من أرسله بالهدي ودين الحقّ محمّد المصطفي وعلي آله الطيّبين الطاهرين ، الأئمّةُ الهداة ، ومصابيح الدجي ، وأعلام التقي ، وذوي النهي ، وورثة الأنبياء ، بهم يفوز الفائزون ، واللعن الدائم علي أعدائهم الذين يلعنهم اللَّه ويلعنهم اللاعنون وفي النار هم فيها خالدون .

ص: 6

بِسمِ اللهِ الرَحمنِ الرَحيمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَصَلَّي اللَّهُ عَلَي سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً . اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَي مَا جَري بِهِ قَضاؤُكَ فِي أَوْ لِيائِكَ الَّذِينَ اسْتَخْلَصْتَهُمْ لِنَفْسِكَ وَدِينِكَ إِذِ اخْتَرْتَ لَهُمْ جَزِيلَ مَا عِنْدَكَ مِنَ النَّعِيمِ الْمُقِيمِ الَّذِي لَا زَوالَ لَهُ وَلَا اضْمِحْلالَ بَعْدَ أَنْ شَرَطْتَ عَلَيْهِمُ الزُّهْدَ فِي دَرَجاتِ هذِهِ الدُّنْيَا الدَّنِيَّةِ وَزُخْرُفِها وَزِبْرِجِها فَشَرَطُوا لَكَ ذلِكَ وَعَلِمْتَ مِنْهُمُ الْوَفاءَ بِهِ فَقَبِلْتَهُمْ وَقَرَّبْتَهُمْ وَقَدَّمْتَ لَهُمُ الذِّكْرَ الْعَلِيَّ وَالثَّناءَ الْجَلِيَّ وَأَهْبَطْتَ عَلَيْهِمْ مَلائِكَتَكَ وَكَرَّمْتَهُمْ بِوَحْيِكَ وَرَفَدْتَهُمْ بِعِلْمِكَ وَجَعَلْتَهُمُ الذَّرِيعَةَ إِلَيْكَ وَالْوَسِيلَةَ إِلَي رِضْوانِكَ فَبَعْضٌ أَسْكَنْتَهُ جَنَّتَكَ إِلَي أَنْ أَخْرَجْتَهُ مِنْها وَبَعْضٌ حَمَلْتَهُ فِي فُلْكِكَ وَنَجَّيْتَهُ وَمَنْ آمَنَ مَعَهُ مِنَ الْهَلَكَةِ بِرَحْمَتِكَ وَبَعْضٌ اتَّخَذْتَهُ لِنَفْسِكَ خَلِيلاً وَسَأَلَكَ لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ فَأَجَبْتَهُ وَجَعَلْتَ ذلِكَ عَلِيّاًوَبَعْضٌ كَلَّمْتَهُ مِنْ شَجَرَةٍ تَكْلِيماً وَجَعَلْتَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ رِدْءاً وَوَزِيراً

ص: 7

وَبَعْضٌ أَوْلَدْتَهُ مِنْ غَيْرِ أَبٍ وَآتَيْتَهُ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْتَهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَكُلٌّ شَرَعْتَ لَهُ شَرِيعَةً وَنَهَجْتَ لَهُ مِنْهاجاً وَتَخَيَّرْتَ لَهُ أَوْصِياءَ مُسْتَحْفِظاً بَعْدَ مُسْتَحْفِظٍ مِنْ مُدَّةٍ إِلَي مُدَّةٍ إِقامَةً لِدِينِكَ وَحُجَّةً عَلَي عِبادِكَ وَ لِئَلَّا يَزُولَ الْحَقُّ عَنْ مَقَرِّهِ وَيَغْلِبَ الْباطِلُ عَلَي أَهْلِهِ وَلَا يَقُولَ أَحَدٌ لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً مُنْذِراًوَأَ قَمْتَ لَنا عَلَماً هادِياً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزي إِلَي أَنِ انْتَهَيْتَ بِالْأَمْرِ إِلي حَبِيبِكَ وَنَجِيبِكَ مُحَمَّدٍ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ فَكانَ كَمَا انْتَجَبْتَهُ سَيِّدَ مَنْ خَلَقْتَهُ وَصَفْوَةَ مَنِ اصْطَفَيْتَهُ وَأَ فْضَلَ مَنِ اجْتَبَيْتَهُ وَأَكْرَمَ مَنِ اعْتَمَدْتَهُ قَدَّمْتَهُ عَلَي أَ نْبِيائِكَ وَبَعَثْتَهُ إِلَي الثَّقَلَيْنِ مِنْ عِبادِكَ وَأَوْطَأْتَهُ مَشارِقَكَ وَمَغارِبَكَ وَسَخَّرْتَ لَهُ الْبُراقَ وَعَرَجْتَ ( بِهِ ) بِرُوحِهِ إِلَي سَمائِكَ وَأَوْدَعْتَهُ عِلْمَ مَا كانَ وَمَا يَكُونُ إِلَي انْقِضاءِ خَلْقِكَ ثُمَّ نَصَرْتَهُ بِالرُّعْبِ وَحَفَفْتَهُ بِجَبْرَائِيلَ وَمِيكائِيلَ وَالْمُسَوِّمِينَ مِنْ مَلائِكَتِكَ وَوَعَدْتَهُ أَنْ تُظْهِرَ دِينَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ وَذلِكَ بَعْدَ أَنْ بَوَّأْتَهُ مُبَوَّأَ صِدْقٍ مِنْ أَهْلِهِ وَجَعَلْتَ لَهُ وَلَهُمْ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُديً لِلْعالَمِينَ فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً وَقُلْتَ : إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ثُمَّ جَعَلْتَ أَجْرَ مُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ مَوَدَّتَهُمْ فِي كِتابِكَ فَقُلْتَ : قُلْ لَا

ص: 8

أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبي وَقُلْتَ : مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ وَقُلْتَ : ما أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَي رَبِّهِ سَبِيلاً فَكانُوا هُمُ السَّبِيلَ إِلَيْكَ وَالْمَسْلَكَ إِلَي رِضْوانِكَ فَلَمَّا انْقَضَتْ أَيَّامُهُ أَقامَ وَ لِيَّهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طالِبٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِما وَآلِهِماهادِياً إِذْ كانَ هُوَ الْمُنْذِرَ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍفَقالَ وَالْمَلَأُ أَمامَهُ : مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ والاهُ وَعادِ مَنْ عاداهُ وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ وَقالَ: مَنْ كُنْتُ أَ نَا نَبِيَّهُ فَعَلِيٌّ أَمِيرُهُ وَقالَ : أَ نَا وَعَلِيٌّ مِنْ شَجَرَةٍ واحِدَةٍ وَسائِرُ النَّاسِ مِنْ شَجَرٍ شَتَّي وَأَحَلَّهُ مَحَلَّ هَارُونَ مِنْ مُوسي فَقال لَهُ : أَ نْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هارُونَ مِنْ مُوسي إِلَّا أَ نَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي وَزَوَّجَهُ ابْنَتَهُ سَيِّدَةَ نِساءِ الْعالَمِينَ وَأَحَلَّ لَهُ مِنْ مَسْجِدِهِ مَا حَلَّ لَهُ وَسَدَّ الْأَ بْوابَ إِلَّا بابَهُ ثُمَّ أَوْدَعَهُ عِلْمَهُ وَحِكْمَتَهُ فَقالَ : أَ نَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ وَعَلِيٌّ بابُها فَمَنْ أَرادَ الْمَدِينَةَ وَالْحِكْمَةَ فَلْيَأْتِها مِنْ بابِها ثُمَّ قالَ : أَ نْتَ أَخِي وَوَصِيِّي وَوارِثِي لَحْمُكَ مِنْ لَحْمِي وَدَمُكَ مِنْ دَمِي وَسِلْمُكَ سِلْمِي وَحَرْبُكَ حَرْبِي وَالْإِيمانُ مُخالِطٌ لَحْمَكَ وَدَمَكَ كَمَا خالَطَ لَحْمِي وَدَمِي وَأَ نْتَ غَداً عَلَي الْحَوْضِ خَلِيفَتِي وَأَ نْتَ تَقْضِي دَيْنِي وَتُنْجِزُ عِداتِي وَشِيعَتُكَ عَلَي مَنابِرَ مِنْ نُورٍ مُبْيَضَّةً وُجُوهُهُمْ حَوْلِي فِي الْجَنَّةِ وَهُمْ جِيرانِي وَلَوْلا أَ نْتَ يَا عَلِيُّ لَمْ يُعْرَفِ الْمُؤْمِنُونَ

ص: 9

بَعْدِي وَكانَ بَعْدَهُ هُديً مِنَ الضَّلالِ وَنُوراً مِنَ الْعَمي وَحَبْلَ اللَّهِ الْمَتِينَ وَصِراطَهُ الْمُسْتَقِيمَ لَا يُسْبَقُ بِقَرابَةٍ فِي رَحِمٍ وَلَا بِسابِقَةٍ فِي دِينٍ وَلَا يُلْحَقُ فِي مَنْقَبَةٍ مِنْ مَناقِبِهِ يَحْذُو حَذْوَ الرَّسُولِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِما وَآلِهِما وَيُقاتِلُ عَلَي التَّأْوِيلِ وَلَا تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لائِمٍ قَدْ وَتَرَ فِيهِ صَنادِيدَ الْعَرَبِ وَقَتَلَ أَبْطالَهُمْ وَناوَشَ ذُؤْبانَهُمْ فَأَوْدَعَ قُلُوبَهُمْ أَحْقاداً بَدْرِيَّةًوَخَيْبَرِيَّةً وَحُنَيْنِيَّةً وَغَيْرَهُنَّ فَأَضَبَّتْ عَلَي عَداوَتِهِ وَأَكَبَّتْ عَلَي مُنابَذَتِهِ حَتَّي قَتَلَ النَّاكِثِينَ وَالْقاسِطِينَ وَالْمارِقِينَ وَلَمَّا قَضي نَحْبَهُ وَقَتَلَهُ أَشْقَي الْآخِرِينَ يَتْبَعُ أَشْقَي الْأَوَّلِينَ لَمْ يُمْتَثَلْ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فِي الْهادِينَ بَعْدَ الْهادِينَ وَالْأُمَّةُ مُصِرَّةٌ عَلَي مَقْتِهِ مُجْتَمِعَةٌ عَلَي قَطِيعَةِ رَحِمِهِ وَ إِقْصاءِ وُلْدِهِ إِلَّا الْقَلِيلَ مِمَّنْ وَفَي لِرِعايَةِ الْحَقِّ فِيهِمْ فَقُتِلَ مَنْ قُتِلَ وَسُبِيَ مَنْ سُبِيَ وَأُقْصِيَ مَنْ أُقْصِيَ وَجَرَي الْقَضاءُ لَهُمْ بِمَا يُرْجي لَهُ حُسْنُ الْمَثُوبَةِ إِذْ كانَتِ الْأَرْضُ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ وَسُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فَعَلَي الْأَطائِبِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِما وَآلِهِما فَلْيَبْكِ الْباكُونَ وَ إِيَّاهُمْ فَلْيَنْدُبِ النَّادِبُونَ وَ لِمِثْلِهِمْ فَلْتَذْرِفِ الدُّمُوعُ وَلْيَصْرُخِ الصَّارِخُونَ وَيَضِجَّ الضَّاجُّونَ وَيَعِجَّ الْعاجُّونَ أَيْنَ الْحَسَنُ أَيْنَ الْحُسَيْنُ

ص: 10

أَيْنَ أَبْناءُ الْحُسَيْنِ صالِحٌ بَعْدَ صالِحٍ وَصادِقٌ بَعْدَ صادِقٍ أَيْنَ السَّبِيلُ بَعْدَ السَّبِيلِ أَيْنَ الْخِيَرَةُ بَعْدَ الْخِيَرَةِ أَيْنَ الشُّمُوسُ الطَّالِعَةُ أَيْنَ الْأَقْمارُ الْمُنِيرَةُ أَيْنَ الْأَ نْجُمُ الزَّاهِرَةُ أَيْنَ أَعْلامُ الدِّينِ وَقَواعِدُ الْعِلْمِ أَيْنَ بَقِيَّةُ اللَّهِ الَّتِي لَا تَخْلُو مِنَ الْعِتْرَةِ الْهادِيَةِ أَيْنَ الْمُعَدُّ لِقَطْعِ دابِرِ الظَّلَمَةِ أَيْنَ الْمُنْتَظَرُ لِإِقامَةِ الْأَمْتِ وَالْعِوَجِ أَيْنَ الْمُرْتَجي لِإِزالَةِ الْجَوْرِ وَالْعُدْوانِ أَيْنَ الْمُدَّخَرُ لِتَجْدِيدِ الْفَرائِضِ وَالسُّنَنِ أَيْنَ الْمُتَخَيَّرُ لِإِعادَةِ الْمِلَّةِ وَالشَّرِيعَةِ أَيْنَ الْمُؤَمَّلُ لِإِحْياءِ الْكِتابِ وَحُدُودِهِ أَيْنَ مُحْيِي مَعالِمِ الدِّينِ وَأَهْلِهِ أَيْنَ قاصِمُ شَوْكَةِ الْمُعْتَدِينَ أَيْنَ هادِمُ أَبْنِيَةِ الشِّرْكِ وَالنِّفاقِ أَيْنَ مُبِيدُ أَهْلِ الْفُسُوقِ وَالْعِصْيانِ وَالطُّغْيانِ أَيْنَ حاصِدُ فُرُوعِ الْغَيِّ وَالشِّقاقِ أَيْنَ طامِسُ آثارِ الزَّيْغِ وَالْأَهْواءِ أَيْنَ قاطِعُ حَبائِلِ الْكِذْبِ وَالافْتِراءِ أَيْنَ مُبِيدُ الْعُتاةِ وَالْمَرَدَةِ أَيْنَ مُسْتَأْصِلُ أَهْلِ الْعِنادِ وَالتَّضْلِيلِ وَالْإِلْحادِ أَيْنَ مُعِزُّ الْأَوْ لِياءِ وَمُذِلُّ الْأَعْداءِ أَيْنَ جامِعُ الْكَلِمَةِ عَلَي التَّقْوي أَيْنَ بابُ اللَّهِ الَّذِي مِنْهُ يُؤْتي أَيْنَ وَجْهُ اللَّهِ الَّذِي إِلَيْهِ يَتَوَجَّهُ الْأَوْ لِياءُ أَيْنَ السَّبَبُ الْمُتَّصِلُ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالسَّماءِ أَيْنَ صاحِبُ يَوْمِ الْفَتْحِ وَناشِرُ رايَةِ الْهُدي أَيْنَ مُؤَ لِّفُ شَمْلِ الصَّلاحِ وَالرِّضا أَيْنَ الطَّالِبُ بِذُحُولِ الْأَ نْبِياءِ وَأَبْناءِ الْأَ نْبِياءِ أَيْنَ الطَّالِبُ بِدَمِ الْمَقْتُولِ بِكَرْبَلاءَ أَيْنَ الْمَنْصُورُ عَلَي مَنِ اعْتَدي عَلَيْهِ وَافْتَري أَيْنَ الْمُضْطَرُّ

ص: 11

الَّذِي يُجابُ إِذا دَعا أَيْنَ صَدْرُ الْخَلائِقِ ذُو الْبِرِّ وَالتَّقْوي أَيْنَ ابْنُ النَّبِيِّ الْمُصْطَفي وَابْنُ عَلِيٍّ الْمُرْتَضي وَابْنُ خَدِيجَةَ الْغَرَّاءِ وَابْنُ فاطِمَةَ الْكُبْرَي بِأَبِي أَ نْتَ وَأُمِّي وَنَفْسِي لَكَ الْوِقاءُ وَالْحِمي يَابْنَ السَّادَةِ الْمُقَرَّبِينَ يَابْنَ النُّجَباءِ الْأَكْرَمِينَ يَابْنَ الْهُداةِ الْمَهْدِيِّينَ يَابْنَ الْخِيَرَةِ الْمُهَذَّبِينَ يَابْنَ الْغَطارِفَةِ الْأَ نْجَبِينَ يَابْنَ الْأَطائِبِ الْمُطَهَّرِينَ يَابْنَ الْخَضارِمَةِ الْمُنْتَجَبِينَ يَابْنَ الْقَماقِمَةِ الْأَكْرَمِينَ يَابْنَ الْبُدُورِ الْمُنِيرَةِ يَابْنَ السُّرُجِ الْمُضِيئَةِ يَابْنَ الشُّهُبِ الثَّاقِبَةِ يَابْنَ الْأَ نْجُمِ الزَّاهِرَةِ يَابْنَ السُّبُلِ الْواضِحَةِ يَابْنَ الْأَعْلامِ اللَّائِحَةِ يَابْنَ الْعُلُومِ الْكامِلَةِ يَابْنَ السُّنَنِ الْمَشْهُورَةِ يَابْنَ الْمَعالِمِ الْمَأْ ثُورَةِ يَابْنَ الْمُعْجِزاتِ الْمَوْجُودَةِ يَابْنَ الدَّلائِلِ الْمَشْهُودَةِ يَابْنَ الصِّراطِ الْمُسْتَقِيمِ يَابْنَ النَّبَاَ الْعَظِيمِ يَابْنَ مَنْ هُوَ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَي اللَّهِ عَلِيٌّ حَكِيمٌ يَابْنَ الْآياتِ وَالْبَيِّناتِ يَابْنَ الدَّلائِلِ الظَّاهِراتِ يَابْنَ الْبَراهِينِ الْواضِحاتِ الْباهِراتِ يَابْنَ الْحُجَجِ الْبالِغاتِ يَابْنَ النِّعَمِ السَّابِغاتِ يَا ابْنَ طه وَالْمُحْكَماتِ يَابْنَ يس وَالذَّارِياتِ يَابْنَ الطُّورِ وَالْعادِياتِ يَابْنَ مَنْ دَنا فَتَدَلَّي فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْني دُنُوّاً وَاقْتِراباً مِنَ الْعَلِيِّ الْأَعْلي لَيْتَ شِعْرِي أَيْنَ اسْتَقَرَّتْ بِكَ النَّوي بَلْ أَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّكَ أَوْ ثَري أَبِرَضْوي أَوْ غَيْرِها أَمْ ذِي طُوي عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ أَرَي الْخَلْقَ وَلَا تُري وَلَا أَسْمَعُ لَكَ حَسِيساً وَلَا

ص: 12

نَجْوي عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ تُحِيطَ بِكَ دُونِيَ الْبَلْوَي وَلَا يَنالُكَ مِنِّي ضَجِيجٌ وَلَا شَكْوي بِنَفْسِي أَ نْتَ مِنْ مُغَيَّبٍ لَمْ يَخْلُ مِنَّابِنَفْسِي أَ نْتَ مِنْ نازِحٍ مَا نَزَحَ عَنَّا بِنَفْسِي أَ نْتَ أُمْنِيَّةُ شائِقٍ يَتَمَنَّي مِنْ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ ذَكَرا فَحَنَّا بِنَفْسِي أَ نْتَ مِنْ عَقِيدِ عِزٍّ لَا يُسامي بِنَفْسِي أَ نْتَ مِنْ أَثِيلِ مَجْدٍ لَا يُجارَي بِنَفْسِي أَ نْتَ مِنْ تِلادِ نِعَمٍ لَا تُضاهي بِنَفْسِي أَ نْتَ مِنْ نَصِيفِ شَرَفٍ لَا يُساوَي إِلي مَتَي أَحارُ فِيكَ يَا مَوْلايَ وَ إِلَي مَتَي وَأَيَّ خِطابٍ أَصِفُ فِيكَ وَأَيَّ نَجْوَي عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ أُجَابَ دُونَكَ وَأُناغَي عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ أَبْكِيَكَ وَيَخْذُلَكَ الْوَرَي عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْكَ دُونَهُمْ مَا جَرَي هَلْ مِنْ مُعِينٍ فَأُطِيلَ مَعَهُ الْعَوِيلَ وَالْبُكاءَ هَلْ مِنْ جَزُوعٍ فَأُساعِدَ جَزَعَهُ إِذا خَلا هَلْ قَذِيَتْ عَيْنٌ فَساعَدَتْها عَيْنِي عَلَي الْقَذَي هَلْ إِلَيْكَ يَابْنَ أَحْمَدَ سَبِيلٌ فَتُلْقي هَلْ يَتَّصِلُ يَوْمُنا مِنْكَ بِعِدَةٍ فَنَحْظي مَتَي نَرِدُ مَناهِلَكَ الرَّوِيَّةَ فَنَرْوَي مَتَي نَنْتَقِعُ مِنْ عَذْبِ مائِكَ فَقَدْ طالَ الصَّدي مَتي نُغادِيكَ وَنُراوِحُكَ فَنُقِرَّ عَيْناً مَتي تَرانا وَنَراكَ وَقَدْ نَشَرْتَ لِواءَ النَّصْرِتُرَي أَ تَرَانا نَحُفُّ بِكَ وَأَ نْتَ تَؤُمُّ الْمَلَأَ وَقَدْ مَلَأْتَ الْأَرْضَ عَدْلاً وَأَذَ قْتَ أَعْداءَكَ هَواناً وَعِقاباً وَأَبَرْتَ الْعُتاةَ وَجَحَدَةَ الْحَقِّ وَقَطَعْتَ دابِرَ الْمُتَكَبِّرِينَ وَاجْتَثَثْتَ أُصُولَ الظَّالِمِينَ وَنَحْنُ نَقُولُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ اللَّهُمَّ أَ نْتَ كَشَّافُ الْكَُرَْبِ وَالْبَلْوَي وَ إِلَيْكَ أَسْتَعْدِي فَعِنْدَكَ

ص: 13

الْعَدْوَي وَأَ نْتَ رَبُّ الْآخِرَةِ وَالدُّنْيا فَأَغِثْ يَا غِياثَ الْمُسْتَغِيثِينَ عُبَيْدَكَ الْمُبْتَلي وَأَرِهِ سَيِّدَهُ يَا شَدِيدَ الْقُوَي وَأَزِلْ عَنْهُ بِهِ الْأَسَي وَالْجَوَي وَبَرِّدْ غَلِيلَهُ يَا مَنْ عَلَي الْعَرْشِ اسْتَوَي وَمَنْ إِلَيْهِ الرُّجْعي وَالْمُنْتَهي . اللَّهُمَّ وَنَحْنُ عَبِيدُكَ التَّائِقُونَ إِلي وَ لِيِّكَ الْمُذَكِّرِ بِكَ وَبِنَبِيِّكَ خَلَقْتَهُ لَنا عِصْمَةً وَمَلاذاً وَأَ قَمْتَهُ لَنا قِواماً وَمَعاذاً وَجَعَلْتَهُ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنَّا إِماماً فَبَلِّغْهُ مِنَّا تَحِيَّةً وَسَلاماً وَزِدْنا بِذلِكَ يَا رَبِّ إِكْراماً وَاجْعَلْ مُسْتَقَرَّهُ لَنا مُسْتَقَرَّاً وَمُقاماً وَأَ تْمِمْ نِعْمَتَكَ بِتَقْدِيمِكَ إِيَّاهُ أَمامَنا حَتَّي تُورِدَنا جِنَانَكَ وَمُرافَقَةَ الشُّهَداءِ مِنْ خُلَصائِكَ اللَّهُمَ صَلِّ عَلَي مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَصَلِّ عَلَي مُحَمَّدٍ جَدِّهِ وَرَسُو لِكَ السَّيِّدِ الْأَكْبَرِ وَعَلَي أَبِيهِ السَّيِّدِ الْأَصْغَرِ وَجَدَّتِهِ الصِّدِّيقَةِ الْكُبْري فاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ صلَّي اللَّه عَليْهِ وآلِهِ وَعَلَي مَنِ اصْطَفَيْتَ مِنْ آبائِهِ الْبَرَرَةِ وَعَلَيْهِ أَ فْضَلَ وَأَكْمَلَ وَأَ تَمَّ وَأَدْوَمَ وَأَكْثَرَ وَأَوْفَرَ مَا صَلَّيْتَ عَلَي أَحَدٍ مِنْ أَصْفِيائِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ وَصَلِّ عَلَيْهِ صَلاةً لَا غايَةَ لِعَدَدِها وَلَا نِهايَةَ لِمَدَدِها وَلَا نَفادَ لِأَمَدِها اللَّهُمَّ وَأَقِمْ بِهِ الْحَقَّ وَأَدْحِضْ بِهِ الْباطِلَ وَأَدِلْ بِهِ أَوْ لِياءَكَ وَأَذْلِلْ بِهِ أَعْداءَكَ وَصِلِ اللَّهُمَّ بَيْنَنا وَبَيْنَهُ وُصْلَةً تُؤَدِّي إِلي مُرافَقَةِ سَلَفِهِ وَاجْعَلْنا مِمَّنْ يَأْخُذُ بِحُجْزَتِهِمْ وَيَمْكُثُ فِي ظِلِّهِمْ وَأَعِنَّا عَلَي تَأْدِيَةِ حُقُوقِهِ إِلَيْهِ وَالاجْتِهادِ فِي طاعَتِهِ وَاجْتِنابِ مَعْصِيَتِهِ وَامْنُنْ عَلَيْنا

ص: 14

بِرِضاهُ وَهَبْ لَنا رَأْفَتَهُ وَرَحْمَتَهُ وَدُعاءَهُ وَخَيْرَهُ مَا نَنالُ بِهِ سَعَةً مِنْ رَحْمَتِكَ وَفَوْزاً عِنْدَكَ وَاجْعَلْ صَلاتَنا بِهِ مَقبُولَةً وَذُنُوبَنا بِهِ مَغْفُورَةً اوَدُعاءَنا بِهِ مُسْتَجاباً وَاجْعَلْ أَرْزاقَنا بِهِ مَبْسُوطَةًوَهُمُومَنابِهِ مَكْفِيَّةً وَحَوَائِجَنا بِهِ مَقْضِيَّةً وَأَ قْبِلْ إِلَيْنا بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ وَاقْبَلْ تَقَرُّبَنا إِلَيْكَ وَانْظُرْ إِلَيْنا نَظْرَةً رَحِيمَةً نَسْتَكْمِلُ بِهَا الْكَرامَةَ عِنْدَكَ ثُمَّ لَا تَصْرِفْها عَنَّا بِجُودِكَ وَاسْقِنا مِنْ حَوْضِ جَدِّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ بِكَأْسِهِ وَبِيَدِهِ رَيّاً رَوِيّاً هَنِيئاً سائِغاً لَا ظَمَأَ بَعْدَهُ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

ص: 15

الْحَمْدُ للَّهِ ِ

بِسمِ اللهِ الرَحمنِ الرَحيمِ

عن أميرالمؤمنين عليه السلام : « اللَّهُ »أَعْظَمُ اسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَهُوَ الاسْمُ الَّذِي لا يَنْبَغِي أَنْ يُسَمَّي بِهِ غَيْرُ اللَّه(1).

وقال أميرالمؤمنين عليه السلام : اللَّهُ مَعْنَاهُ الْمَعْبُودُ الَّذِي يَأْلَهُ فِيهِ الْخَلْقُ وَيُؤْلَهُ إِلَيْهِ وَاللَّهُ هُوَ الْمَسْتُورُ عَنْ دَرْكِ الْأَبْصَارِ الْمَحْجُوبُ عَنِ الْأَوْهَامِ وَالْخَطَرَاتِ(2) .

وقال الباقر عليه السلام : اللَّهُ مَعْنَاهُ الْمَعْبُودُ الَّذِي أَلِهَ الْخَلْقُ عَنْ دَرْكِ مَاهِيَّتِهِ وَالْإِحَاطَةِ بِكَيْفِيَّتِه(3)

وقال تعالي : « وَإِنْ مِنْ شَيْ ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ »(4) .

وعن حمّاد بن عثمان قال : خرج أبو عبداللَّه عليه السلام من المسجد وقد ضاعت دابّته فقال : لَئِنْ رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيَّ لَأَشْكُرَنَّ اللَّهَ حَقَّ شُكْرِهِ .

قال : فما لبث أن أُتي بها فقال : الْحَمْدُ للَّهِ ِ ، فقال له قائل : جعلت فداك أليس

ص: 16


1- التوحيد للصدوق : 231 ؛ بحار الأنوار :232/89 ، ح 14 .
2- التوحيد للصدوق : 89 ، ح 2 ؛ بحار الأنوار :222/3.
3- التوحيد للصدوق : 89 .
4- الإسراء : 44 .

قلت : لأشكرنّ اللَّه حقّ شكره ؟ فقال أبو عبداللَّه عليه السلام : أَلَمْ تَسْمَعْنِي قُلْتُ : الْحَمْدُ للَّهِ ِ(1) .

رَبِّ الْعالَمِينَ

قال تعالي حكاية عن قول موسي عليه السلام : « رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَي كُلَّ شَيْ ءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَي »(2) .

وقال تعالي حكاية عن قول ابراهيم عليه السلام : « فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ * رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ »(3) .

عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : إِنَّ للَّهِ ِ عَزَّ وَجَلَّ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ عَالَمٍ كُلُّ عَالَمٍ مِنْهُمْ أَكْبَرُ مِنْ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ وَسَبْعِ أَرَضِينَ مَا يَرَي عَالَمٌ مِنْهُمْ أَنَّ للَّهِ ِ عَزَّ وَجَلَّ عَالَماً غَيْرَهُمْ وَأَنَا الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ(4) .

وعن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : مَنْ قَالَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ إِذَا أَصْبَحَ الْحَمْدُ للَّهِ ِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَقَدْ أَدَّي شُكْرَ يَوْمِهِ وَمَنْ قَالَهَا إِذَا أَمْسَي فَقَدْ أَدَّي شُكْرَ لَيْلَتِهِ(5) .

ص: 17


1- الكافي : 97/2 ، ح 18 ؛ بحار الأنوار : 33/68 ، ح 13 .
2- طه : 50 .
3- الشعراء : 77 - 83 .
4- الخصال : 639/2، ح 14 ؛ بحار الأنوار : 320/54 ، ح 2 .
5- الكافي : 3/2، ح 5 ؛ بحار الأنوار : 255/83 ، ح 24 .

وَصَلَّي اللَّهُ عَلَي سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ وَآلِهِ

قال تعالي : « إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَي النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا »(1) .

عن أبي مغيرة قال : سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول : - إلي أن قال : - قلت له ما معني صلاة اللَّه وصلاة ملائكته وصلاة المؤمنين قال : صَلاةُ اللَّهِ رَحْمَةٌ مِنَ اللَّهِ وَصَلاةُ مَلائِكَتِهِ تَزْكِيَةٌ مِنْهُمْ لَهُ وَصَلاةُ الْمُؤْمِنِينَ دُعَاءٌ مِنْهُمْ لَه(2) .

وكان ( رسول اللَّه صلي الله عليه وآله ) يقول : إنّ ربّي قد وعدني درجة لا تنال إلّا بالدعاء أو دعاء أُمّتي . وكان صلي الله عليه وآله يطلب الدعاء من صلحاء المؤمنين(3) .

نهي النبي صلي الله عليه وآله عن الصلاة البتراء

قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : لا تصلّوا عليّ الصلاة البتراء ، فقالوا : وما الصلاة البتراء ؟ قال : تقولون : اللهم صلّ علي محمّد وتمسكون بل قولوا : اللهمّ صلّ علي محمّد وعلي آل محمّد(4) .

وفي الصواعق ونور الأبصار للشافعي :

يا أهل بيت رسول اللَّه حبّكم ***فرض من اللَّه في القرآن أنزله

كفاكم من عظيم القدر أنّكم ***من لم يصلّ عليكم لا صلاة له(5)

ص: 18


1- الأحزاب : 56 .
2- ثواب الأعمال : 156 ؛ بحار الأنوار96/83 ، ح 3 .
3- اللمعة البيضاء : 493 .
4- مكاتيب الرسول :555/1 .
5- نهج الحق وكشف الصدق : 188 .

وقال أبو عبداللَّه عليه السلام : مَنْ كَانَتْ لَهُ إِلَي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَاجَةٌ فَلْيَبْدَأْ بِالصَّلاةِ عَلَي مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ثُمَّ يَسْأَلُ حَاجَتَهُ ثُمَّ يَخْتِمُ بِالصَّلاةِ عَلَي مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يَقْبَلَ الطَّرَفَيْنِ وَيَدَعَ الْوَسَطَ إِذَا كَانَتِ الصَّلاةُ عَلَي مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ لا تُحْجَبُ عَنْهُ(1) .

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِاللَّهِ عليه السلام قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله : ارْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ بِالصَّلاةِ عَلَيَّ فَإِنَّهَا تَذْهَبُ بِالنِّفَاقِ(2) .

وَسَلَّمَ تَسْلِيماً

قال تعالي : « سَلَامٌ عَلَي نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ »(3)« سَلَامٌ عَلَي إِبْرَاهِيمَ »(4) « (120) سَلَامٌ عَلَي مُوسَي وَهَارُونَ »(5) « سَلَامٌ عَلَي إِلْ يَاسِينَ »(6) « وَسَلَامٌ عَلَي الْمُرْسَلِينَ »(7) « سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ »(8) « وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَي قَالُوا سَلَامًا »(9) .

« الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا

ص: 19


1- الكافي : 494/2 ؛ بحار الأنوار : 316/90 ، ح 21 .
2- الكافي :493/2 ، ح 13 ؛ بحار الأنوار :59/91 ، ح 41 .
3- الصافّات : 79 .
4- الصافّات : 109 .
5- الصافّات : 120 .
6- الصافّات : 130 .
7- الصافّات : 181 .
8- يس : 58 .
9- هود : 69 .

كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ »(1).

اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَي مَا جَري بِهِ قَضاؤُكَ فِي أَوْ لِيائِكَ

روي أن جابر بن عبداللَّه الأنصاري رضي الله عنه ابتلي في آخره بضعف الهرم والعجز فزاره محمد بن علي الباقر عليه السلام فسأله عن حاله فقال : أنا في حالة أحب فيها الشيخوخة علي الشباب والمرض علي الصحة والموت علي الحياة ، فقال عليه السلام : أما أنا يا جابر فإن جعلني اللَّه شيخا أحب الشيخوخة وإن جعلني شابا أحب الشيبوبة وإن أمرضني أحب المرض وإن شفاني أحب الشفاء والصحة وإن أماتني أحب الموت وإن أبقاني أحب البقاء . فلمّا سمع جابر هذا الكلام منه قبّل وجهه وقال : صدق رسول اللَّه صلي الله عليه وآله فإنه قال : ستدرك لي ولدا اسمه اسمي يبقر العلم بقرا كما يبقر الثور الأرض فلذلك سمي باقر علم الأولين والآخرين أي شاقه(2) .

الَّذِينَ اسْتَخْلَصْتَهُمْ لِنَفْسِكَ وَدِينِكَ

قال تعالي : « أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ »(3) .

وقال تعالي : « إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ »(4) .

ص: 20


1- النحل : 32 .
2- مسكّن الفؤاد : 87 .
3- يونس : 62 .
4- فصّلت : 30 .

قال عليه السلام : إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ هُمُ الَّذِينَ نَظَرُوا إِلَي بَاطِنِ الدُّنْيَا إِذَا نَظَرَ النَّاسُ إِلَي ظَاهِرِهَا وَاشْتَغَلُوا بِآجِلِهَا إِذَا اشْتَغَلَ النَّاسُ بِعَاجِلِهَا فَأَمَاتُوا مِنْهَا مَا خَشُوا أَنْ يُمِيتَهُمْ وَتَرَكُوا مِنْهَا مَا عَلِمُوا أَنَّهُ سَيَتْرُكُهُمْ وَرَأَوُا اسْتِكْثَارَ غَيْرِهِمْ مِنْهَا اسْتِقْلالاً وَدَرَكَهُمْ لَهَا فَوْتاً أَعْدَاءُ مَا سَالَمَ النَّاسُ وَسِلْمُ مَا عَادَي النَّاسُ بِهِمْ عُلِمَ الْكِتَابُ وَبِهِ عَلِمُوا وَبِهِمْ قَامَ الْكِتَابُ وَبِهِ قَامُوا لا يَرَوْنَ مَرْجُوّاً فَوْقَ مَا يَرْجُونَ وَلا مَخُوفاً فَوْقَ مَا يَخَافُونَ(1) .

إِذِ اخْتَرْتَ لَهُمْ جَزِيلَ مَا عِنْدَكَ مِنَ النَّعِيمِ الْمُقِيمِ الَّذِي لَا زَوالَ لَهُ وَلَا اضْمِحْلالَ

قال تعالي : « وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ »(2) .

وقال تعالي : « يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ »(3) .

قال النبي صلي الله عليه وآله : إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ اخْتَارَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَنَا الآْخِرَةَ عَلَي الدُّنْيَا(4) .

بَعْدَ أَنْ شَرَطْتَ عَلَيْهِمُ الزُّهْدَ فِي دَرَجاتِ هذِهِ الدُّنْيَا الدَّنِيَّةِ وَزُخْرُفِها وَزِبْرِجِها

وقال اللَّه عزّ من قائل : « وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَي »(5)

ص: 21


1- نهج البلاغة ، باب المواعظ والحكم : 432 ؛ بحار الأنوار : 319/66 ، ح 36 .
2- العنكبوت : 64 .
3- التوبة : 21 - 22 .
4- كشف الغمّة ( ط . القديمة ) : 12/2 ؛ بحار الأنوار : 83/51.
5- النجم : 39 .

وقال تعالي : « الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا »(1) .

وقال تعالي : « زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ »(2) .

الزهد وحقيقته وصفات الزاهد

قال تعالي : « قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ »(3) .

قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : يَا جَبْرَئِيلُ فَمَا تَفْسِيرُ الزُّهْدِ قَالَ يُحِبُّ مَنْ يُحِبُّ خَالِقَهُ وَيُبْغِضُ مَنْ يُبْغِضُ خَالِقَه(4) .

وعن الرضا عن آبائه عليهم السلام قال : قَالَ أَمِيرُالْمُؤْمِنِينَ عليه السلام : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلي الله عليه وآله فِي حَفْرِ الْخَنْدَقِ إِذْ جَاءَتْ فَاطِمَةُ وَمَعَهَا كُسَيْرَةٌ مِنْ خُبْزٍ فَدَفَعَتْهَا إِلَي النَّبِيِّ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وآله : مَا هَذِهِ الْكُسَيْرَةُ ؟ فَقَالَتْ : خَبَزْتُهُ قُرصاً لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ جِئْتُكَ مِنْهُ بِهَذِهِ الْكُسَيْرَةِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وآله : يَا فَاطِمَةُ أَمَا إِنَّهُ أَوَّلُ طَعَامٍ دَخَلَ جَوْفَ أَبِيكَ مُنْذُ ثَلاثٍ(5) .

ص: 22


1- الكهف : 46 .
2- آل عمران : 14 .
3- الأعراف : 32 .
4- معاني الأخبار : 261 ؛ بحار الأنوار : 48/70 .
5- بحار الأنوار : 225/16 ، ح 28 .

وَعَنِ الْحَسَنِ الصَّيْقَلِ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِاللَّهِ عليه السلام يَقُولُ : مَرَّتِ امْرَأَةٌ بَذِيَّةٌ بِرَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله وَهُوَ يَأْكُلُ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَي الْحَضِيضِ(1) فَقَالَتْ : يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ لَتَأْكُلُ أَكْلَ الْعَبْدِ وَتَجْلِسُ جُلُوسَهُ ؟ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله : إِنِّي عَبْدٌ وَأَيُّ عَبْدٍ أَعْبَدُ مِنِّي ؟ قَالَتْ : فَنَاوِلْنِي لُقْمَةً مِنْ طَعَامِكَ فَنَاوَلَهَا ، فَقَالَتْ : لا وَاللَّهِ إِلّا الَّذِي فِي فِيكَ ، فَأَخْرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله اللُّقْمَةَ مِنْ فِيهِ فَنَاوَلَهَا فَأَكَلَتْهَا ، قَالَ أَبُو عَبْدِاللَّهِ عليه السلام : فَمَا أَصَابَهَا بَذَاءٌ حَتَّي فَارَقَتِ الدُّنْيَا(2) .

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله يَجْلِسُ عَلَي الْأَرْضِ وَيَأْكُلُ عَلَي الْأَرْضِ وَيَعْتَقِلُ الشَّاةَ وَيُجِيبُ دَعْوَةَ الْمَمْلُوكِ عَلَي خُبْزِ الشَّعِيرِ(3) .

وعن أنس بن مالك قال : إنّ رسول اللَّه صلي الله عليه وآله مرّ علي صبيان فسلّم عليهم وهو مغذ(4) (5) .

وأنّ النبي صلي الله عليه وآله قال : يَا عَلِيُّ إِنَّ اللَّهَ قَدْ زَيَّنَكَ بِزِينَةٍ لَمْ يُزَيِّنِ الْعِبَادَ بِزِينَةٍ أَحَبَّ إِلَي اللَّهِ مِنْهَا زَيَّنَكَ بِالزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا(6) .

وروي محمّد بن قيس ، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام ، أنّه قال : وَاللَّهِ إِنْ كَانَ عَلِيٌّ عليه السلام لَيَأْكُلُ أَكْلَ الْعَبْدِ وَيَجْلِسُ جِلْسَةَ الْعَبْدِ وَإِنه كَانَ لَيَشْتَرِي الْقَمِيصَيْنِ السُّنْبُلانِيَّيْنِ فَيُخَيِّرُ غُلامَهُ خَيْرَهُمَا ثُمَّ يَلْبَسُ الآْخَرَ فَإِذَا جَازَ أَصَابِعَهُ قَطَعَهُ وَإِذَا

ص: 23


1- الحضيض : قرار الأرض وأسفل الجبل .
2- الكافي :271/6 ، ح 2 ؛ بحار الأنوار : 281/16، ح 124 .
3- مكارم الأخلاق : 16 ؛ بحار الأنوار :229/16 .
4- مغذ : أي مسرع .
5- مكارم الأخلاق : 16 ؛ بحار الأنوار : 229/16.
6- كشف الغمّة : 170/1 ؛ بحار الأنوار : 334/40، ح 15 .

جَازَ كَعْبَهُ حَذَفَهُ وَلَقَدْ وَلِيَ خَمْسَ سِنِينَ مَا وَضَعَ آجُرَةً عَلَي آجُرَةٍ وَلا لَبِنَةً عَلَي لَبِنَةٍ وَلا أَقْطَعَ قَطِيعاً وَلا أَوْرَثَ بَيْضَاءَ وَلا حَمْرَاءَ وَإِنْ كَانَ لَيُطْعِمُ النَّاسَ خُبْزَ الْبُرِّ وَاللَّحْمَ وَيَنْصَرِفُ إِلَي مَنْزِلِهِ وَيَأْكُلُ خُبْزَ الشَّعِيرِ وَالزَّيْتَ وَالْخَل(1) .

وفي ( تذكرة سبط ابن الجوزي ) عن الأحنف بن قيس قال :

دخلت علي معاوية فقدّم إليّ من الحلو والحامض ما كثر تعجّبي منه ، ثمّ قال : قدّموا ذلك اللون فقدّموا لونا ما أدري ما هو ، فقال : مصارين البط محشوة بالمخ ودهن الفستق قد ذر عليه السكر . قال : فبكيت فقال : ما يبكيك ؟ فقلت : للَّه درّ ابن أبي طالب ، لقد جاء من نفسه بما لم تسمح به أنت ولا غيرك ، فقال : وكيف ؟ قلت : دخلت عليه ليلة عند افطاره ، فقال لي : قم فتعشّ مع الحسن والحسين ، ثمّ قام إلي الصلاة ، فلمّا فرغ دعا بجراب مختوم بخاتمه فأخرج منه شعيرا مطحونا ثمّ ختمه ، فقلت : لم أعهدك بخيلا يا أميرالمؤمنين ؟ فقال : لم أختمه بخلاً ولكن خفت أن يبسّه الحسن أو الحسين بسمن أو اهالة ، فقلت : أحرام هو ؟ قال : لا ولكن علي أئمّة الحقّ أن يتأسّوا بأضعف رعيّتهم حالاً في الأكل واللباس ، ولا يتميّزون عليهم بشي ء ليراهم الفقير فيرضي عن اللَّه تعالي بما هو فيه ، ويراهم الغني فيزداد شكراً وتواضعاً(2) .

وعن أبي إسحاق السبيعي قال : كنت علي عنق أبي يوم الجمعة وأميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام يخطب وهو يتروّح بكمّه فقلت : يا أبه أميرالمؤمنين يجد الحرّ ؟ فقال لي : لا يجد حرّا ولا بردا ولكنّه غسل قميصه وهو

ص: 24


1- البرهان في تفسير القرآن : 46/5 ، ح10/979؛ بحار الأنوار : 320/63.
2- بهج الصباغة : 469/6 ؛ تذكرة الخواص : 110 ، والنقل بتصرّف يسير .

رطب ولا له غيره فهو يتروّح به(1) .

ومن كتاب له ( لأميرالمؤمنين عليه السلام ) إلي عثمان بن حنيف الأنصاري : أَأَقْنَعُ مِنْ نَفْسِي بِأَنْ يُقَالَ هذا أَمِيرُالْمُؤْمِنِينَ وَلا أُشَارِكُهُمْ فِي مَكَارِهِ الدَّهْرِ وَأَكُونَ أُسْوَةً لَهُمْ فِي جُشُوبَةِ الْعَيْشِ فَمَا خُلِقْتُ لِيَشْغَلَنِي أَكْلُ الطَّيِّبَاتِ كَالْبَهِيمَةِ الْمَرْبُوطَةِ هَمُّهَا عَلَفُهَا(2)

ومن هذا الكتاب : وَلَوْ شِئْتُ لأَهْتَدَيْتُ الطَّرِيقَ إِلَي مُصَفَّي هَذَا الْعَسَلِ وَلُبَابِ هَذَا الْقَمْحِ وَنَسَائِجِ هَذَا الْقَزِّوَلَكِنْ هَيْهَاتَ أَنْ يَغْلِبَنِي هَوَايَ وَيَقُودَنِي جَشَعِي إِلَي تَخَيُّرِ الْأَطْعِمَةِ وَلَعَلَّ بالْحِجَازِ أَوِ الْيَمَامَةِ مَنْ لا طَمَعَ لَهُ في الْقُرْصِ وَلا عَهْدَ لَهُ بِالشِّبَعِ أَوْ أَبِيتَ مِبْطَاناً وَحَوْلِي بُطُونٌ غَرْثَي وَأَكْبَادٌ حَرَّي(3) .

عن محمّد بن عليّ رفعه قال : مرّ سفيان الثّوري في المسجد الحرام فرأي أبا عبداللَّه عليه السلام وعليه ثياب كثيرة القيمة حسان فقال : واللَّه لآتينّه ولأوبّخنّه فدنا منه فقال : يا ابن رسول اللَّه ما لبس رسول اللَّه صلي الله عليه وآله مثل هذا اللباس ولا عليّ عليه السلام ولا أحد من آبائك ، فقال له أبو عبداللَّه عليه السلام : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله فِي زَمَانِ قَتْرٍ مُقْتِرٍ(4) وَكَانَ يَأْخُذُ لِقَتْرِهِ وَاقْتِدَارِهِ وَإِنَّ الدُّنْيَا بَعْدَ ذَلِكَ أَرْخَتْ عَزَالِيَهَا(5) فَأَحَقُّ أَهْلِهَا بِهَا أَبْرَارُهَا ثُمَّ تَلا : « قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ )

ص: 25


1- الغارات : 98/1 ؛ بحار الأنوار : 352/34 .
2- نهج البلاغة ( دشتي و فيض الإسلام ) ، كتاب 45 .
3- نهج البلاغة ( دشتي و فيض الإسلام ) ، كتاب 45 .
4- قتر علي عياله تقتيراً أي ضيق عليهم في المعاش .
5- العزالي جمع العزلاء مثل الحمراء وهو فم المزادة فقوله : « أرخت » أي أرسلت يريد شدّة وقع المطر علي التشبيه بنزوله من أفواه المزادة .

وَنَحْنُ أَحَقُّ مَنْ أَخَذَ مِنْهَا مَا أَعْطَاهُ اللَّهُ غَيْرَ أَنِّي يَا ثَوْرِيُّ مَا تَرَي عَلَيَّ مِنْ ثَوْبٍ إِنَّمَا أَلْبَسُهُ لِلنَّاسِ ، ثمّ اجتذب يد سفيان فجرّها إليه ثمّ رفع الثّوب الأعلي وأخرج ثوبا تحت ذلك علي جلده غليظا ، فقال : هَذَا أَلْبَسُهُ لِنَفْسِي وَمَا رَأَيْتَهُ لِلنَّاسِ ، ثمّ جذب ثوبا علي سفيان أعلاه غليظ خشن وداخل ذلك ثوب ليّن فقال : لَبِسْتَ هَذَا الْأَعْلَي لِلنَّاسِ وَلَبِسْتَ هَذَا لِنَفْسِكَ تَسُرُّهَا(1) .

عن عبداللَّه بن سنان قال : سمعت أبا عبداللَّه عليه السلام يقول : بَيْنَا أَنَا فِي الطَّوَافِ وَإِذَا بِرَجُلٍ يَجْذِبُ ثَوْبِي وَإِذَا هُوَ عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ الْبَصْرِيُّ فَقَالَ يَا جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ تَلْبَسُ مِثْلَ هَذِهِ الثِّيَابِ وَأَنْتَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مَعَ الْمَكَانِ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ مِنْ عَلِيٍّ عليه السلام فَقُلْتُ ثَوْبٌ فُرْقُبِيٌّ اشْتَرَيْتُهُ بِدِينَارٍ وَكَانَ عَلِيٌّ عليه السلام فِي زَمَانٍ يَسْتَقِيمُ لَهُ مَا لَبِسَ فِيهِ وَلَوْ لَبِسْتُ مِثْلَ ذَلِكَ اللِّبَاسِ فِي زَمَانِنَا لَقَالَ النَّاسُ هَذَا مُرَاءٍ مِثْلُ عَبَّادٍ(2) .

فَشَرَطُوا لَكَ ذلِكَ وَعَلِمْتَ مِنْهُمُ الْوَفاءَ بِهِ

قال تعالي : « الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ »(3) .

وقال تعالي : « مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَي نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا »(4) .

وقال الصادق عليه السلام : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ اخْتَارَ مِنْ وُلْدِ آدَمَ أُنَاساً طُهْرٌ مِيلادُهُمْ وَطَيِّبٌ أَبْدَانُهُمْ وَحَفِظَهُمْ فِي أَصْلابِ الرِّجَالِ وَأَرْحَامِ النِّسَاءِ أَخْرَجَ مِنْهُمُ الْأَنْبِيَاءَ

ص: 26


1- الكافي :442/6، ح 8 ؛ بحار الأنوار : 360/47، ح 71 .
2- الكافي : 443/6 ، ح 9 ؛ بحار الأنوار :361/47، ح 72 .
3- الرعد : 20 .
4- الأحزاب : 23 .

وَالرُّسُلَ فَهُمْ أَزْكَي فُرُوعِ آدَمَ فَعَلَ ذَلِكَ لا لِأَمْرٍ اسْتَحَقُّوهُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَكِنْ عَلِمَ اللَّهُ مِنْهُمْ حِينَ ذَرَأَهُمْ أَنَّهُمْ يُطِيعُونَهُ وَيَعْبُدُونَهُ وَلا يُشْرِكُونَ بِهِ شَيْئاً فَهَؤُلاءِ بِالطَّاعَةِ نَالُوا مِنَ اللَّهِ الْكَرَامَةَ وَالْمَنْزِلَةَ الرَّفِيعَةَ عِنْدَه(1) .

فَقَبِلْتَهُمْ وَقَرَّبْتَهُمْ

قال تعالي : «وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ »(2) .

عن أميرالمؤمنين عليه السلام : فَأَمَّا مَا ذَكَرَ مِنْ أَمْرِ السَّابِقِينَ فَإِنَّهُمْ أَنْبِيَاءُ مُرْسَلُونَ وَغَيْرُ مُرْسَلِينَ(3) .

وعن ابن عبّاس قال : سألت رسول اللَّه صلي الله عليه وآله عن قول اللَّه عزّ وجلّ : « وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ » فقال : قَالَ لِي جَبْرَئِيلُ ذَلِكَ عَلِيٌّ وَشِيعَتُهُ هُمُ السَّابِقُونَ إِلَي الْجَنَّةِ الْمُقَرَّبُونَ مِنَ اللَّهِ بِكَرَامَتِهِ لَهُمْ(4) .

قال القمي رحمه الله : والمقرّبون آل محمّد صلي الله عليه وآله يقول اللَّه : « وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ » ، رسول اللَّه وخديجة وعليّ بن أبي طالب وذرّياتهم تلحق بهم ، يقول اللَّه : أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّاتهُمْ(5) .

ص: 27


1- الاحتجاج : 340/2 ؛ بحار الأنوار :170/10.
2- الواقعة : 10 - 11 .
3- الكافي : 282/2 ، ح 16 ؛ تفسير نور الثقلين :206/5، ح 13 .
4- الأمالي للطوسي : 72 ، ح 104 - 13 ؛ بحار الأنوار : 332/35 ، ح 1 .
5- تفسير القمي : 411/2 - 412 .

وَقَدَّمْتَ لَهُمُ الذِّكْرَ الْعَلِيَّ وَالثَّناءَ الْجَلِيَّ

قال تعالي : « وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا »(1) .

وقال تعالي : « وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَي إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا »(2) .

وقال عزّ من قائل : « وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا »(3) .

وقال سبحانه : « وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا »(4) .

وقال تعالي : « وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَي الْعَالَمِينَ »(5) .

وقال تعالي : « وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ »(6) .

وفي الحديث عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلي الله عليه وآله في هذه الآية : « وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ » قال : قال لي جبرئيل : قال اللَّه عزّ وجلّ : إذا ذكرت ذكرت معي(7) .

وعن سنان بن طريف ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام يقول : قال : إِنَّا أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتٍ نَوَّهَ(8) اللَّهُ بِأَسْمَائِنَا إِنَّهُ لَمَّا خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَمَرَ مُنَادِياً فَنَادَي أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلّا اللَّهُ

ص: 28


1- مريم : 41 .
2- مريم : 51 .
3- مريم : 54 .
4- مريم : 56 .
5- الأنعام : 86 .
6- الانشراح : 4 .
7- تفسير نور الثقلين :604/5 ، ح 9 .
8- أي رفع اللَّه ذكرنا بين المخلوقات .

ثَلاثاً أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ ثَلاثاً أَشْهَدُ أَنَّ عَلِيّاً أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حَقّاً ثَلاثاً(1) .

وَأَهْبَطْتَ عَلَيْهِمْ مَلائِكَتَكَ

قال تعالي : « تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ »(2)

وقال تعالي : « أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ »(3) .

وقال تعالي : « هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ »(4) . عن أبي اليسع قال : دخل حمران بن أعين علي أبي جعفر عليه السلام وقال له : جعلت فداك يبلغنا أنّ الملائكة تنزل عليكم ، فقال : إِنَّ الْمَلائِكَةَ وَاللَّهِ لَتَنَزَّلُ عَلَيْنَا وَتَطَأُ فُرُشَنَا أَمَا تَقْرَأُ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَي : « إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ »(5) .(6)

وعن علي بن أبي حمزة ، عن أبي الحسن موسي بن جعفر عليه السلام قال : سمعته يقول : مَا مِنْ مَلَكٍ يُهْبِطُهُ اللَّهُ فِي أَمْرٍ إِلّا بَدَأَ بِالْإِمَامِ فَعَرَضَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَإِنَّ مُخْتَلَفَ

ص: 29


1- الكافي 441/1 ، ح 8 ؛ بحار الأنوار : 368/16 ، ح 78 .
2- القدر : 4 - 5 .
3- آل عمران : 124 .
4- آل عمران : 125 .
5- فصّلت : 30 .
6- بصائر الدرجات : 91 ، ح 3 ؛ بحار الأنوار : 352/26، ح 5 .

الْمَلائِكَةِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَي إِلَي صَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ(1).

وقال علي بن الحسين : مَا تَنْقِمُ النَّاسُ مِنَّا نَحْنُ وَاللَّهِ شَجَرَةُ النُّبُوَّةِ وَبَيْتُ الرَّحْمَةِ وَمَوْضِعُ الرِّسَالَةِ وَمَعْدِنُ الْعِلْمِ وَمُخْتَلَفُ الْمَلائِكَةِ(2) .

وَكَرَّمْتَهُمْ بِوَحْيِكَ

قال تعالي : « وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ »(3) .

وقال تعالي : « إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَي نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَي وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا »(4) .

ما الفرق بين الوحي والالهام

عن بريد بن معاوية العجلي قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرسول والنبي والمحدث فقال : الرَّسُولُ الَّذِي تَأْتِيهِ الْمَلائِكَةُ وَ يُعاينُهُمْ وَتَبْلُغُهُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَي وَالنَّبِيُّ الَّذِي يَرَي فِي مَنَامِهِ فَمَا رَأَي فَهُوَ كَمَا رَأَي وَالْمُحَدَّثُ الَّذِي يَسْمَعُ كَلامَ الْمَلائِكَةِ وَيُنْقَرُ فِي أُذُنِهِ وَيُنْكَتُ فِي قَلْبِهِ(5).

ص: 30


1- بصائر الدرجات : 95 ، ح 22 ؛ بحار الأنوار :357/26، ح 21 .
2- بصائر الدرجات : 56 ، ح 2 ؛ بحار الأنوار : 245/26 ، ح 8 .
3- الشوري : 51 .
4- النساء : 163 .
5- الاختصاص : 328 ؛ بحار الأنوار :74/26 ، ح 25 .

وعن الحرث بن المغيرة النضري قال : قلت لأبي عبداللَّه عليه السلام : ما علم عالمكم جملة يقذف في قلبه وينكت في اذنه قال : فقال : وَحْيٌ كَوَحْيِ أُمِّ مُوسَي(1) .

وفي زيارة لأميرالمؤمنين عليه السلام : السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ وَمَوْضِعَ سِرِّهِ وَعَيْبَةَ عِلْمِه خازِنَ وَحْيِهِ(2).

وَرَفَدْتَهُمْ بِعِلْمِكَ

قال تعالي : «وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا »(3).

وقال تعالي : « وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا »(4).

عن ضريس ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : إِنَّ للَّهِ ِ عِلْمَيْنِ عِلْماً مَبْذُولاً وَعِلْماً مَكْفُوفاً فَأَمَّا الْمَبْذُولُ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَيْ ءٍ تَعْلَمُهُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّسُلُ إِلّا نَحْنُ نَعْلَمُهُ وَأَمَّا الْمَكْفُوفُ فَهُوَ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ فِي أُمِّ الْكِتَابِ(5).

وعن الفضيل بن يسار قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : الْعِلْمُ عِلْمَانِ فَعِلْمٌ عِنْدَ اللَّهِ مَخْزُونٌ لَمْ يُطْلِعْ عَلَيْهِ أَحَداً مِنْ خَلْقِهِ وَعِلْمٌ عَلَّمَهُ مَلائِكَتَهُ وَرُسُلَهُ فَمَا عَلَّمَهُ مَلائِكَتَهُ وَرُسُلَهُ فَإِنَّهُ سَيَكُونُ لا يُكَذِّبُ نَفْسَهُ وَلا مَلائِكَتَهُ وَلا رُسُلَهُ وَعِلْمٌ عِنْدَهُ مَخْزُونٌ يُقَدِّمُ مِنْهُ مَا يَشَاءُ وَيُؤَخِّرُ مِنْهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ مَا يَشَاءُ(6) .

ص: 31


1- بصائر الدرجات : 317 ، ح 10 ؛ بحار الأنوار : 58/26، ح 128 .
2- المزار الكبير ( لابن المشهدي ) : 241 ؛ بحار الأنوار :280/97.
3- البقرة : 31 .
4- النمل : 15 .
5- بصائر الدرجات : 111 ، ح 11 ؛ بحار الأنوار :89/4 ، ح 30 .
6- الكافي : 147/1 ، ح 6 ؛ بحار الأنوار : 113/4 ، ح 36 .

وَجَعَلْتَهُمُ الذَّرِيعَةَ إِلَيْكَ وَالْوَسِيلَةَ إِلَي رِضْوانِكَ

قال تعالي : « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ »(1) .

عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السلام قال : قلت انّا لنري الرجل له عبادة واجتهاد وخشوع ولا يقول بالحق فهل ينفعه ذلك شيئاً ؟ فقال : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِنَّمَا مَثَلُ أَهْلِ الْبَيْتِ مَثَلُ أَهْلِ بَيْتٍ كَانُوا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ لا يَجْتَهِدُ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً إِلّا دَعَا فَأُجِيبَ وَإِنَّ رَجُلاً مِنْهُمُ اجْتَهَدَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ دَعَا فَلَمْ يُسْتَجَبْ لَهُ فَأَتَي عِيسَي ابْنَ مَرْيَمَ عليه السلام يَشْكُوا إِلَيْهِ مَا هُوَ فِيهِ وَيَسْأَلُهُ الدُّعَاءَ قَالَ فَتَطَهَّرَ عِيسَي وَصَلَّي ثُمَّ دَعَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَأَوْحَي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ يَا عِيسَي إِنَّ عَبْدِي أَتَانِي مِنْ غَيْرِ الْبَابِ الَّذِي أُوتَي مِنْهُ إِنَّهُ دَعَانِي وَفِي قَلْبِهِ شَكٌّ مِنْكَ فَلَوْ دَعَانِي حَتَّي يَنْقَطِعَ عُنُقُهُ وَتَنْتَثِرَ أَنَامِلُهُ مَا اسْتَجَبْتُ لَهُ قَالَ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ عِيسَي عليه السلام فَقَالَ تَدْعُو رَبَّكَ وَأَنْتَ فِي شَكٍّ مِنْ نَبِيِّهِ فَقَالَ يَا رُوحَ اللَّهِ وَكَلِمَتَهُ قَدْ كَانَ وَاللَّهِ مَا قُلْتَ فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ يَذْهَبَ بِهِ عَنِّي قَالَ فَدَعَا لَهُ عِيسَي عليه السلام فَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَقَبِلَ مِنْهُ وَصَارَ فِي حَدِّ أَهْلِ بَيْتِهِ(2) .

توسّل الأنبياء بمحمّد وآله

عن معمّر بن راشد قال : سمعت أبا عبداللَّه الصادق عليه السلام يقول : أَتَي يَهُودِيٌّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وآله فَقَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ يُحِدُّ النَّظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ يَا يَهُودِيُّ حَاجَتُكَ قَالَ أَنْتَ أَفْضَلُ أَمْ مُوسَي بْنُ عِمْرَانَ النَّبِيُّ الَّذِي كَلَّمَهُ اللَّهُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ التَّوْرَاةَ وَالْعَصَا وَفَلَقَ لَهُ الْبَحْرَ

ص: 32


1- المائدة : 35 .
2- الكافي : 400/2 ، ح 9 ؛ بحار الأنوار :278/14 ، ح 10 .

وَأَظَلَّهُ بِالْغَمَامِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلي الله عليه وآله إِنَّهُ يُكْرَهُ لِلْعَبْدِ أَنْ يُزَكِّيَ نَفْسَهُ وَلَكِنِّي أَقُولُ إِنَّ آدَمَ عليه السلام لَمَّا أَصَابَ الْخَطِيئَةَ كَانَتْ تَوْبَتُهُ أَنْ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ لَمَّا غَفَرْتَ لِي فَغَفَرَهَا اللَّهُ لَهُ وَإِنَّ نُوحاً لَمَّا رَكِبَ فِي السَّفِينَةِ وَخَافَ الْغَرَقَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ لَمَّا أَنْجَيْتَنِي مِنَ الْغَرَقِ فَنَجَّاهُ اللَّهُ عَنْهُ وَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام لَمَّا أُلْقِيَ فِي النَّارِ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ لَمَّا أَنْجَيْتَنِي مِنْهَا فَجَعَلَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ بَرْداً وَسَلاماً وَإِنَّ مُوسَي عليه السلام لَمَّا أَلْقَي عَصَاهُ وَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ لَمَّا أَمَّنْتَنِي فَقَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلالُهُ لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلي (1).

وعن ابن عبّاس في حديث قصّة يوسف يقول في آخره : هبط جبرئيل علي يعقوب فقال : ألا أعلّمك دعاء يردّ اللَّه به بصرك ويردّ عليك ابنيك ؟ قال : بلي - إلي أن قال : - قال يعقوب : وما ذلك يا جبرئيل ؟ فقال : قل : اللهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد وعليّ - وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام - أن تأتيني بيوسف وبنيامين جميعاً وتردّ عليّ عيني ، فقاله ، فما استتمّ يعقوب هذا الدعاء حتّي جاء البشير فألقي قميص يوسف عليه فارتدّ بصيراً(2) .

وقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : الْأَئِمَّةُ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ مَنْ أَطَاعَهُمْ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَاهُمْ فَقَدْ عَصَي اللَّهَ هُمُ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَي وَهُمُ الْوَسِيلَةُ إِلَي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ(3) .

وعن سلمان الفارسي قال : سمعت محمّداً صلي الله عليه وآله يقول : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ : يَا

ص: 33


1- جامع الأخبار : 8 ؛ بحار الأنوار :319/26، ح 1 .
2- وسائل الشيعة : 8847/101/7 .
3- عيون أخبار الرضا :58/2 ، ح 217 ؛ بحار الأنوار :244/36، ح 54 .

عِبَادِي أَوَلَيْسَ مَنْ لَهُ إِلَيْكُمْ حَوَائِجُ كِبَارٌ لا تَجُودُونَ بِهَا إِلّا أَنْ يَتَحَمَّلَ عَلَيْكُمْ بِأَحَبِّ الْخَلْقِ إِلَيْكُمْ تَقْضُونَهَا كَرَامَةً لِشَفِيعِهِمْ أَلا فَاعْلَمُوا أَنَّ أَكْرَمَ الْخَلْقِ عَلَيَّ وَأَفْضَلَهُمْ لَدَيَّ مُحَمَّدٌ وَأَخُوهُ عَلِيٌّ وَمِنْ بَعْدِهِ الْأَئِمَّةُ الَّذِينَ هُمُ الْوَسَائِلُ إِلَي اللَّهِ فَلْيَدْعُنِي مَنْ هَمَّتْهُ حَاجَةٌ يُرِيدُ نَفْعَهَا أَوْ دَهِمَتْهُ دَاهِيَةٌ يُرِيدُ كَشْفَ ضُرِّهَا بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ أَقْضِهَا لَهُ أَحْسَنَ مَا يَقْضِيهَا مَنْ تَسْتَشْفِعُونَ لَهُ بِأَعَزِّ الْخَلْقِ إِلَيْهِ(1).

وعن جابر ، عن أبي جعفر الباقر قال : إِنَّ عَبْداً مَكَثَ فِي النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفاً وَالْخَرِيفُ سَبْعُونَ سَنَةً ثُمَّ إِنَّهُ سَأَلَ اللَّهَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ لَمَّا رَحِمْتَنِي فَأَوْحَي اللَّهُ إِلَي جَبْرَئِيلَ أَنِ اهْبِطْ إِلَي عَبْدِي فَأَخْرِجْهُ - إلي أن قال - فَقال عزّوجلّ : يا عَبْدِي كَمْ تُناشِدُني فِي النَّارِ ؟ قَالَ : مَا أُحْصيه يَا رَبِّ قَالَ : أما وَعِزَّتِي لَوْ لا مَا سَأَلْتَنِي بِهِ لَأَطَلْتُ هَوَانَكَ وَلَكِنَّهُ حَتَمْتُ عَلَي نَفْسِي أَنْ لا يَسْأَلَنِي عَبْدٌ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ إِلّا غَفَرْتُ لَهُ مَا كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ وَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ الْيَوْمَ(2) .

فَبَعْضٌ أَسْكَنْتَهُ جَنَّتَكَ إِلَي أَنْ أَخْرَجْتَهُ مِنْها

قال تعالي : «وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ »(3).

ص: 34


1- الجواهر السنيّة : 525 ؛ وسائل الشيعة : 8848/101/7؛ بحار الأنوار : 22/91، ح 20 .
2- الأمالي للصدوق : 6/672م/4 ؛ بحار الأنوار :282/8 ، ح 4 .
3- البقرة : 30 .

وقال تعالي : « وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَي حِينٍ »(1).

سُئل الصادق عليه السلام عن جنّة آدم أمن جنان الدنيا كانت أم من جنان الآخرة ؟ فقال : كَانَتْ مِنْ جِنَانِ الدُّنْيَا تَطْلُعُ فِيهَا الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَلَوْ كَانَتْ مِنْ جِنَانِ الآْخِرَةِ مَا خَرَجَ مِنْهَا أَبَدا وَلَمْ يَدْخُلْها إبْليس(2) .

عن علي بن موسي الرضا ، عن آبائه عليهم السلام ، عن النبي صلي الله عليه وآله قال : خَلَقَ اللَّهُ عَزَّوَجَلَّ مِائَةَ أَلْفِ نَبِيٍّ وَأَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ أَلْفَ نَبِيٍّ أَنَا أَكْرَمُهُمْ عَلَي اللَّهِ وَلا فَخْرَ وَخَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِائَةَ أَلْفِ وَصِيٍّ وَأَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ أَلْفَ وَصِيٍّ فَعَلِيٌّ أَكْرَمُهُمْ عَلَي اللَّهِ وَأَفْضَلُهُمْ(3) .

وَبَعْضٌ حَمَلْتَهُ فِي فُلْكِكَ وَنَجَّيْتَهُ وَمَنْ آمَنَ مَعَهُ مِنَ الْهَلَكَةِ بِرَحْمَتِكَ

قال تعالي : «فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ »(4) .

عن أبي جعفر عليه السلام قال : أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ خَمْسَةٌ نُوحٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَمُوسَي وَعِيسَي وَمُحَمَّدٌ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ(5) .

ص: 35


1- البقرة : 35 - 36 .
2- تفسير القمي :43/1 ؛ بحار الأنوار : 143/11 ، ح 13 .
3- الخصال : 641/2، ح 18 ؛ بحار الأنوار : 4/38، ح 2 .
4- الأحقاف : 35 .
5- الخصال : 300/1 ، ح 73 ؛ بحار الأنوار : 33/11 ، ح 26 .

وعن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : إِنَّمَا سُمِّيَ أُولُو الْعَزْمِ أُوْلِي الْعَزْمِ لأَنَّهُمْ كَانُوا أَصْحَابَ الْعَزَائِمِ وَالشَّرَائِعِ وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ نَبِيٍّ كَانَ بَعْدَ نُوحٍ عليه السلام كَانَ عَلَي شَرِيعَتِهِ وَمِنْهَاجِهِ وَتَابِعاً لِكِتَابِهِ إِلَي زَمَنِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام فَكُلَّ نَبِيٍّ كَانَ فِي أَيَّامِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام وَبَعْدَهُ كَانَ عَلَي شَرِيعَةِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام إِلَي زَمَنِ مُوسَي عليه السلام فَكُلَّ نَبِيٍّ كَانَ فِي زَمَنِ مُوسَي عليه السلام وَبَعْدَهُ كَانَ عَلَي شَرِيعَةِ مُوسَي وَمِنْهَاجِهِ إِلَي أَيَّامِ عِيسَي عليه السلام وَكُلَّ نَبِيٍّ كَانَ فِي أَيَّامِ عِيسَي عليه السلام وَبَعْدَهُ كَانَ عَلَي شَرِيعَةِ عِيسُي عليه السلام وَمِنْهَاجِهِ وَتَابِعاً إِلَي زَمَنِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلي الله عليه وآله فَهَؤُلاءِ الْخَمْسَةُ أُولُو الْعَزْمِ وَهُمْ أَفْضَلُ الْأَنْبِيَاءِ وَشَرِيعَةُ مُحَمَّدٍ صلي الله عليه وآله لا تُنْسَخُ إِلَي يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلا نَبِيَّ بَعْدَهُ إِلَي يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَمَنِ ادَّعَي بَعْدَهُ نَبيّاً فَدَمُهُ مُبَاح(1) .

قال تعالي : «إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَي قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ »(2) .

وقال تعالي : « فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا »(3) .

وقال سبحانه : « وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ »(4) .

وقال عزّ من قائل : « فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ »(5) .

وقال تعالي : « وَأُوحِيَ إِلَي نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ

ص: 36


1- قصص الأنبياء للراوندي : 277 ، ح 335 .
2- نوح : 1 .
3- العنكبوت : 14 .
4- هود : 40 .
5- القمر : 10 .

آمَنَ »(1) .

وقال عزّ وجلّ من قائل : « وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَي الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا »(2) .

وقال تعالي : « وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ * وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ »(3) .

عن ابن عبّاس : كانت ثلاث طبقات فطبقة فيها الدواب والوحش وطبقة فيها الانس وطبقة فيها الطير(4) .

عن عبدالسلام ابن صالح الهروي ، عن الرضا عليه السلام قال : قلت له : لأيّ علّة أغرق اللَّه عزّ وجلّ الدنيا كلّها في زمن نوح عليه السلام وفيهم الأطفال ومن لا ذنب له ؟ فقال : مَا كَانَ فِيهِمُ الْأَطْفَالُ لأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَعْقَمَ أَصْلابَ قَوْمِ نُوحٍ وَأَرْحَامَ نِسَائِهِمْ أَرْبَعِينَ عَاماً فَانْقَطَعَ نَسْلُهُمْ فَغَرِقُوا وَلا طِفْلَ فِيهِمْ مَا كَانَ اللَّهُ لِيُهْلِكَ بِعَذَابِهِ مَنْ لا ذَنْبَ لَهُ وَأَمَّا الْبَاقُونَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ عليه السلام فَأُغْرِقُوا بِتَكْذِيبِهِمْ لِنَبِيِّ اللَّهِ نُوحٍ عليه السلام وَسَائِرُهُمْ أُغْرِقُوا بِرِضَاهُمْ بِتَكْذِيبِ الْمُكَذِّبِينَ وَمَنْ غَابَ عَنْ أَمْرٍ فَرَضِيَ بِهِ كَانَ كَمَنْ شَاهَدَهُ وَأَتَاهُ(5) .

قال تعالي : « قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ * وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا

ص: 37


1- هود : 36 .
2- نوح : 26 - 27 .
3- هود : 37 - 38 .
4- الدرّ المنثور :328/3 ؛ بحار الأنوار : 66/62 .
5- علل الشرايع : 30/1 ، ح 1 ؛ بحار الأنوار :320/11، ح 25 .

وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ »(1) .

وقال تعالي : « وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَي الْجُودِيِّ »(2).

قال تعالي : « فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ »(3) .

عن أبي ذرّ قال : قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : مَثَلُ أَهْلِ بَيْتِي كَمَثَلِ سَفِينَةِ نُوحٍ مَنْ رَكِبَها نَجَا وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا غَرِق(4) .

وَبَعْضٌ اتَّخَذْتَهُ لِنَفْسِكَ خَلِيلاً

قال تعالي : « وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا »(5) .

عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : سمعت أبي يحدّث عن أبيه عليهما السلام أنّه قال : إِنَّمَا اتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً لأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ أَحَداً وَلَمْ يَسْأَلْ أَحَداً قَطُّ غَيْرَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ(6) .

وعن ابن أبي عمير عمّن ذكره قال : قلت لأبي عبداللَّه عليه السلام : لِمَ اتّخذ اللَّه عزّ وجلّ إبراهيم خليلاً ؟ قال : لِكَثْرَةِ سُجُودِهِ عَلَي الْأَرْضِ(7) .

وعن جابر بن عبداللَّه الأنصاري قال : سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه وآله يقول : مَا اتَّخَذَ اللَّهُ

ص: 38


1- هود : 40 - 41 .
2- هود : 44 .
3- الشعراء : 119 - 120 .
4- الطرائف : 132/1، ح 208 ؛ بحار الأنوار : 124/23 ، ح 50 .
5- النساء : 125 .
6- عيون أخبار الرضا عليه السلام :76/2، ح 4 ؛ بحار الأنوار :4/12 ، ح 5 .
7- علل الشرايع :34/1 ، ح 1 ؛ بحار الأنوار : 230/83، ح 53 .

إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً إِلّا لإِطْعَامِهِ الطَّعَامَ وَالصَّلاةِ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ(1) .

وعن عبدالعظيم بن عبداللَّه الحسني قال : سمعت عليّ بن محمّد العسكري عليه السلام يقول : إِنَّمَا اتَّخَذَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً لِكَثْرَةِ صَلاتِهِ عَلَي مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ(2) .

أقول : لا منافاة بين هذه الوجوه ويمكن أن يكون السبب كلّها .

عن أبي الحسن الأوّل عليه السلام قال : وَفِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وُلِدَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ عليه السلام(3) .

وعن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه عليهم السلام ، عن رسول اللَّه صلي الله عليه وآله قال : عَاشَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام مِائَةً وَخَمْساً وَسَبْعِينَ سَنَة(4) .

قال تعالي : « ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا »(5) .

قَالَ لِنَبِيِّهِ صلي الله عليه وآله ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَهِيَ الْحَنِيفِيَّةُ الْعَشَرَةُ الَّتِي جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ عليه السلام خَمْسَةٌ فِي الْبَدَنِ وَخَمْسَةٌ فِي الرَّأْسِ فَأَمَّا الَّتِي فِي الْبَدَنِ فَالْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ وَالطّهُورُ بِالْمَاءِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَحَلْقُ الشَّعْرِ مِنَ الْبَدَنِ وَالْخِتَانُ وَأَمَّا الَّتِي فِي الرَّأْسِ فَطَمُّ الشَّعْرِ وَأَخْذُ الشَّارِبِ وَإِعْفَاءُ اللِّحَي وَالسِّوَاكُ وَالْخِلال فَهَذِهِ لَمْ تُنْسَخْ إِلَي يَوْمِ الْقِيَامَةِ(6) .

ص: 39


1- علل الشرايع : 35/1 ، ح 4 ؛ بحار الأنوار : 4/12 ، ح 10 .
2- علل الشرايع : 34/1 ، ح 3 ؛ بحار الأنوار : 54/91، ح 23 .
3- الكافي : 149/4 ، ح 2 ؛ بحار الأنوار : 31/12 ، ح 7 .
4- كمال الدين : 523/2، ح 3 ؛ بحار الأنوار : 10/12، ح 27 .
5- النحل : 123 .
6- تفسير القمي : 391/1 ؛ بحار الأنوار : 712/16 .

وَسَأَلَكَ لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ فَأَجَبْتَهُ وَجَعَلْتَ ذلِكَ عَلِيّاً

قال القمي رحمه الله : ووهبنا لهم من رحمتنا يعني لإبراهيم وإسحاق ويعقوب من رحمتنا رسول اللَّه صلي الله عليه وآله وجعلنا لهم لسان صدق عليّاً يعني أميرالمؤمنين عليه السلام .

حدّثني بذلك أبي عن الحسن بن علي العسكري عليه السلام(1) .

وعن يونس بن عبدالرحمن قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام : إنّ قوماً طالبوني باسم أميرالمؤمنين عليه السلام في كتاب اللَّه عزّ وجلّ فقلت لهم من قوله تعالي : « وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا » فقال : صَدَقْت هُوَ كَذا ، ومعني قوله « لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا » أي وجعلنا لهم ولدا ذا لسان أي قول صدق وكلّ ذي قول صدق فهو صادق والصادق معصوم وهو علي بن أبي طالب عليه السلام(2) .

وَبَعْضٌ كَلَّمْتَهُ مِنْ شَجَرَةٍ تَكْلِيماً

قال تعالي : « تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَي بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ »(3) .

وقال تعالي : « وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَي تَكْلِيمًا »(4) .

وقال عزّ من قائل : « وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَي * إِذْ رَأَي نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَي النَّارِ هُدًي »(5) .

وقال تعالي : « فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ

ص: 40


1- تفسير القمي : 51/2 ؛ بحار الأنوار :93/12 ح 3 .
2- تأويل الآيات الظاهرة : 297 ؛ بحار الأنوار :57/36، ح 3 .
3- البقرة : 253 .
4- النساء : 164 .
5- طه : 9 - 10 .

مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَي إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ »(1) .

وقال تعالي : « فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَي * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًي * وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَي * إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي »(2) .

قال أبو عبداللَّه عليه السلام : يَا مُفَضَّلُ إِنَّ بِقَاعَ الْأَرْضِ تَفَاخَرَتْ فَفَخَرَتْ كَعْبَةُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ عَلَي البُقْعَةِ بِكَرْبَلاءَ فَأَوْحَي اللَّهُ اسْكُتِي يَا كَعْبَةَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ فَلا تَفْخَرِي عَلَيهَا فَإِنَّهَا الْبُقْعَةُ الْمُبَارَكَةُ الَّتِي نُودِيَ مُوسَي مِنْهَا مِنَ الشَّجَرَة(3).

وقال تعالي : «وَلَمَّا جَاءَ مُوسَي لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَي الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّي رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَي صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ * قَالَ يَا مُوسَي إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَي النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ »(4) .

وقال تعالي : « لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَي »(5) .

ص: 41


1- القصص : 30 .
2- طه : 11 - 14 .
3- الهداية الكبري : 400 ؛ بحار الأنوار : 12/53.
4- الأعراف : 143 - 144 .
5- طه : 68 .

وَجَعَلْتَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ رِدْءاً وَوَزِيراً

(رِدْءاً)(1)

قال تعالي : «وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا »(2) .

وقال تعالي : «وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا * إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا * قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَي »(3) .

وقال تعالي : « وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَي الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا »(4) .

وَبَعْضٌ أَوْلَدْتَهُ مِنْ غَيْرِ أَبٍ

وقال تعالي : « وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَي نِسَاءِ الْعَالَمِينَ »(5) .

وقال تعالي : « إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَي ابْنُ مَرْيَمَ »(6) .

وقال تعالي : « قَالَتْ رَبِّ أَنَّي يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ »(7) .

ص: 42


1- ردءاً : معيناً ( مجمع البحرين ) : 181/1 ) .
2- القصص : 34 .
3- طه : 29 - 36 .
4- الفرقان : 35 .
5- آل عمران : 42 .
6- آل عمران : 45 .
7- آل عمران : 47 .

وقال تعالي : «إِنَّ مَثَلَ عِيسَي عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ »(1) .

وقال تعالي : «فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا * قَالَتْ أَنَّي يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا * قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا * فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا * فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَي جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا * فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا * فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا * يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا * فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا * وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا * ذَلِكَ عيسَي ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ »(2) .

ص: 43


1- آل عمران : 59 .
2- مريم : 17 - 34 .

وقال سبحانه : «اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَي أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ »(1).

عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبداللَّه عليه السلام : لأيّ علّة خلق اللَّه عزّ وجلّ آدم من غير أب وأُمّ وخلق عيسي عليه السلام من غير أب وخلق سائر الناس من الآباء والأُمّهات ؟ فقال : لِيَعْلَمَ النَّاسُ تَمَامَ قُدْرَتِهِ وَكَمَالَهَا وَيَعْلَمُوا أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَي أَنْ يَخْلُقَ خَلْقاً مِنْ أُنْثَي مِنْ غَيْرِ ذَكَرٍ كَمَا هُوَ قَادِرٌ عَلَي أَنْ يَخْلُقَهُ مِنْ غَيْرِ ذَكَرٍ وَلا أُنْثَي وَإِنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَعَلَ ذَلِكَ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ عَلَي كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ»(2) .

وعن وهب بن منبه اليماني قال : إنّ يهوديّاً سأل النبي صلي الله عليه وآله فقال : يا محمّد ما شأنك لم تتكلّم بالحكمة حين خرجت من بطن أُمّك كما تكلّم عيسي بن مريم علي زعمك وقد كنت قبل ذلك نبيّاً فقال النبي صلي الله عليه وآله : إِنَّهُ لَيْسَ أَمْرِي كَأَمْرِ عِيسَي ابْنِ مَرْيَمَ عليه السلام إِنَّ عِيسَي ابْنَ مَرْيَمَ خَلَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ أُمٍّ لَيْسَ لَهُ أَبٌ كَمَا خَلَقَ آدَمَ مِنْ غَيْرِ أَبٍ وَلا أُمٍّ وَلَوْ أَنَّ عِيسَي عليه السلام حِينَ خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ لَمْ يَنْطِقْ بِالْحِكْمَةِ لَمْ يَكُنْ لأُمِّهِ عُذْرٌ عِنْدَ النَّاسِ وَقَدْ أَتَتْ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَبٍ وَكَانُوا يَأْخُذُونَهَا كَمَا يُؤْخَذ بِهِ مِثلها مِنَ الْمُحْصَنَاتِ فَجَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَنْطِقَهُ عُذْراً لأُمِّهِ»(3) .

وَآتَيْتَهُ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْتَهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ

قال تعالي : «وَآتَيْنَا عِيسَي ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ »(4) .

ص: 44


1- آل عمران : 47 .
2- علل الشرايع : 15/1 ، ح 1 ؛ بحار الأنوار 108/11 ، ح 16 .
3- علل الشرايع :79/1 ، ح 1 ؛ بحار الأنوار : 302/9 ، ح 6 .
4- البقرة : 253 .

قال الطبرسي رحمه الله في تفسيره : «وأيّدناه بروح القدس »أي قويناه واعناه بجبرئيل عليه السلام عن قتادة والسدي والضحاك والربيع - إلي أن قال : - وقال ابن زيد : المراد بروح القدس الانجيل كما سمي اللَّه تعالي القرآن روحاً فقال : « وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا »(1) فكذلك سمي الانجيل روحاً .

وروي الضحّاك عن ابن عبّاس : ان الروح الاسم الذي كان عيسي عليه السلام يحيي به الموتي .

وقال الربيع : هو الروح الذي نفخ فيه فاضافه إلي نفسه تشريفاً كما قال : بيت اللَّه وناقة اللَّه ، وأقوي الأقوال والوجوه قول من قال : هو جبرائيل عليه السلام(2) .

وقال تعالي : «إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَي ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلي وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَي بِإِذْنِي »(3) .

وقال تعالي : « وَرَسُولًا إِلَي بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَي بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ »(4).

ص: 45


1- الشوري : 52 .
2- تفسير مجمع البيان :307/1 .
3- المائدة : 110 .
4- آل عمران : 49 .

وَكُلٌّ شَرَعْتَ لَهُ شَرِيعَةً وَنَهَجْتَ لَهُ مِنْهاجاً

قال تعالي : « لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا »(1) .

قال ابن عبّاس : الشرعة ما ورد به القرآن ، والمنهاج ما ورد به السنّة(2) .

ثمّ قال تعالي : « وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ »(3) .

وقال تعالي : « قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَي كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ »(4) .

وقال تعالي : « إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ... »(5) .

وقال عزّ من قائل : « وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ... »(6) .

وقال تعالي : « ... وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ »(7) .

وقال تعالي : « شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّي بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَي وَعِيسَي أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ... »(8) .

ص: 46


1- المائدة : 48 .
2- بحار الأنوار :98/66 .
3- المائدة : 48 .
4- آل عمران : 64 .
5- آل عمران : 19 .
6- آل عمران : 85 .
7- الأنبياء : 73 .
8- الشوري : 13 .

وقال تعالي : « ...الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا... »(1) .

عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَي أَعْطَي مُحَمَّداً صلي الله عليه وآله شَرَائِعَ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَي وَعِيسَي عليهم السلام التَّوْحِيدَ وَالْإِخْلاصَ وَخَلْعَ الْأَنْدَادِ وَالْفِطْرَةَ الْحَنِيفِيَّةَ السَّمْحَة(2) .

المقصود من ارسال الرسل

وقال تعالي : « رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَي اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ » .

وقال تعالي : «وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَي »(3) .

وقال تعالي : « ...وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ »(4) .

وَتَخَيَّرْتَ لَهُ أَوْصِياءَ مُسْتَحْفِظاً بَعْدَ مُسْتَحْفِظٍ مِنْ مُدَّةٍ إِلَي مُدَّةٍ إِقامَةً لِدِينِكَ

عن زاذان ، عن سلمان قال : دخلت علي رسول اللَّه صلي الله عليه وآله يوماً فلمّا نظر إليّ قال : يَا سَلْمَانُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيّاً وَلا رَسُولاً إِلّا جَعَلَ لَهُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً

ص: 47


1- المائدة : 3 .
2- المحاسن :287/1، ح 431 ؛ بحار الأنوار :317/65، ح 1 .
3- طه : 134.
4- فاطر : 24 .

قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَرَفْتُ هَذَا مِنَ أَهْل الْكِتَابَيْنِ(1).

وعن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال : وَاللَّهِ مَا تَرَكَ اللَّهُ أَرْضاً مُنْذُ قَبَضَ آدَمَ عليه السلام إِلّا وَفِيهَا إِمَامٌ يُهْتَدَي بِهِ إِلَي اللَّهِ وَهُوَ حُجَّتُهُ عَلَي عِبَادِهِ وَلا تَبْقَي الْأَرْضُ بِغَيْرِ إِمَامٍ حُجَّةٍ للَّهِ ِ عَلَي عِبَادِهِ(2).

وعن عبداللَّه بن جندب قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن قول اللَّه عزّوجلّ : « وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ »(3) قال : إمام إلي إمام .

وعن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : فَلَمَّا أَنْ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمَسِيحَ عليه السلام قَالَ الْمَسِيحُ لَهُمْ : إِنَّهُ سَوْفَ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي نَبِيٌّ اسْمُهُ أَحْمَدُ - إلي أن قال : - وَجَرَتْ مِنْ بَعْدِهِ فِي الْحَوَارِيِّينَ فِي الْمُسْتَحْفَظِينَ وَإِنَّمَا سَمَّاهُمُ اللَّهُ تَعَالَي الْمُسْتَحْفَظِينَ لأَنَّهُمُ اسْتَحْفَظُوا الاسْمَ الْأَكْبَرَ وَهُوَ الْكِتَابُ الَّذِي يُعْلَمُ بِهِ عِلْمُ كُلِّ شَيْ ءٍ الَّذِي كَانَ مَعَ الْأَنْبِيَاء(4) .

وَحُجَّةً عَلَي عِبادِكَ

قال تعالي : «...رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَي اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ »(5) .

ص: 48


1- مقتضب الأثر في النص علي الأئمّة الاثنا عشر : 6؛ بحار الأنوار : 6/25، ح 9 .
2- الكافي : 179/1، ح 8 ؛ بحار الأنوار : 22/23 ، ح 25 .
3- القصص : 51 .
4- الكافي : 293/1 ، ح 3 ؛ بحار الأنوار : 142/17 ، ح 29 .
5- النساء : 165 .

قال تعالي : « قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ »(1) .

قال علي بن الحسين عليه السلام : وَلَمْ تَخْلُ الْأَرْضُ مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ مِنْ حُجَّةٍ للَّهِ ِ فِيهَا ظَاهِرٍ مَشْهُورٍ أَوْ غَائِبٍ مَسْتُورٍ وَلا تَخْلُو إِلَي أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ مِنْ حُجَّةِ اللَّهِ فِيهَا(2) .

عن أبي حمزة الثمالي قال : قلت لأبي عبداللَّه عليه السلام : أتبقي الأرض بغير إمام ؟ قال : لَوْ بَقِيَتِ الْأَرْضُ بِغَيْرِ إِمَامٍ لَسَاخَتْ(3) .

وَ لِئَلَّا يَزُولَ الْحَقُّ عَنْ مَقَرِّهِ وَيَغْلِبَ الْباطِلُ عَلَي أَهْلِهِ

عن أبي عبداللَّه عليه السلام : أَنَّ جَبْرَئِيلَ نَزَلَ عَلَي مُحَمَّدٍ صلي الله عليه وآله يُخْبِرُ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ لَهُ : يَا مُحَمَّدُ لَمْ أَتْرُكِ الْأَرْضَ إِلّا وَفِيهَا عَالِمٌ يَعْرِفُ طَاعَتِي وَهُدَايَ وَيَكُونُ نَجَاةً فِيمَا بَيْنَ قَبْضِ النَّبِيِّ إِلَي خُرُوجِ النَّبِيِّ الآْخَرِ وَلَمْ أَكُنْ أَتْرُكُ إِبْلِيسَ يُضِلُّ النَّاسَ وَلَيْسَ فِي الْأَرْضِ حُجَّةٌ وَدَاعٍ إِلَيَّ وَهَادٍ إِلَي سَبِيلِي وَعَارِفٌ بِأَمْرِي وَإِنِّي قَدْ قَضَيْتُ لِكُلِّ قَوْمٍ هَادِياً أَهْدِي بِهِ السُّعَدَاءَ وَيَكُونُ حُجَّةً عَلَي الْأَشْقِيَاءِ(4) .

وعن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت أبا عبداللَّه عليه السلام يقول : لَنْ تَبْقَي الْأَرْضُ إِلّا وَفِيهَا مِنَّا عَالِمٌ يَعْرِفُ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِل(5) .

وقال أبو عبداللَّه عليه السلام : لَنْ تَبْقَي الْأَرْضُ إِلّا وَفِيهَا مَنْ يَعْرِفُ الْحَقَّ فَإِذَا زَادَ النَّاسُ فِيهِ قَالَ قَدْ زَادُوا وَإِذَا نَقَصُوا مِنْهُ قَالَ قَدْ نَقَصُوا وَإِذَا جَاءُوا بِهِ صَدَّقَهُمْ وَلَوْ

ص: 49


1- الأنعام : 149 .
2- الأمالي للصدوق : 186/م 34 ، ح 15 ؛ بحار الأنوار :6/23، ح 10 .
3- الغيبة للطوسي : 220 ؛ بحار الأنوار : 21/23، ح 20 .
4- علل الشرايع : 196/1 ، ح 7 ؛ بحار الأنوار : 22/23، ح 22 .
5- المحاسن : 234/1 ، ح 195 ؛ بحار الأنوار : 178/26، ح 59 .

لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يُعْرَفِ الْحَقُّ مِنَ الْبَاطِلِ(1) .

وقال أبو عبداللَّه عليه السلام : لَيْسَ مِنْ بَاطِلٍ يَقُومُ بِإِزَاءِ الْحَقِّ إِلّا غَلَبَ الْحَقُّ الْبَاطِلَ وَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : «بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَي الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ »(2).(3)

وعن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : أَبَي اللَّهُ أَنْ يُعَرِّفَ بَاطِلاً حَقّاً أَبَي اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ الْحَقَّ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ بَاطِلاً لا شَكَّ فِيهِ وَأَبَي اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ الْبَاطِلَ فِي قَلْبِ الْكَافِرِ الْمُخَالِفِ حَقّاً لا شَكَّ فِيهِ وَلَوْ لَمْ يَجْعَلْ هَذَا هَكَذَا مَا عُرِفَ حَقٌّ مِنْ بَاطِلٍ(4) .

وعن ابن قياما الواسطي قال : دخلت علي عليّ بن موسي عليه السلام فقلت له : أيكون إمامان ؟ قال : لا ، إِلّا وَأَحَدُهُمَا صَامِتٌ فَقُلْتُ لَهُ هُوَ ذَا أَنْتَ لَيْسَ لَكَ صَامِتٌ وَلَمْ يَكُنْ وُلِدَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام بَعْدُ فَقَالَ لِي وَاللَّهِ لَيَجْعَلَنَّ اللَّهُ مِنِّي مَا يُثْبِتُ بِهِ الْحَقَّ وَأَهْلَهُ وَيَمْحَقُ بِهِ الْبَاطِلَ وَأَهْلَهُ فَوُلِدَ لَهُ بَعْدَ سَنَةٍ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام وَكَانَ ابْنُ قِيَامَا وَاقِفِيّاً(5) .

وعن أبي بصير ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : إِنَّ اللَّهَ لا يَدَعُ الْأَرْضَ إِلّا وَفِيهَا عَالِمٌ يَعْلَمُ الزِّيَادَةَ وَالنُّقْصَانَ فَإِذَا زَادَ الْمُؤْمِنُونَ شَيْئاً رَدَّهُمْ وَإِذَا نَقَصُوا أَكْمَلَهُ لَهُمْ فَقَالَ خُذُوهُ كَامِلاً وَلَوْلا ذَلِكَ لالْتَبَسَ عَلَي الْمُؤْمِنِينَ أَمْرُهُمْ وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ(6) .

ص: 50


1- علل الشرايع :201/1، ح 31 ؛ بحار الأنوار :25/23 ، ح 33 .
2- الأنبياء : 18 .
3- المحاسن : 226/1 ، ح 152 ؛ بحار الأنوار : 305/5، ح 24 .
4- المحاسن :277/1، ح 394 ؛ بحار الأنوار : 303/5 ، ح 12 .
5- الكافي :321/1، ح 7 .
6- علل الشرايع :195/1 ، ح 4 ؛ بحار الأنوار :21/23، ح 19 .

قال تعالي : «وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ... »(1).

وقال تعالي : «ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَي كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ »(2) .

وقال تعالي : «لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ »(3) .

وَلَا يَقُولَ أَحَدٌ لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً مُنْذِراً وَأَقَمْتَ لَنا عَلَماً هادِياً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزي

وقال تعالي : «وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ »(4) .

وقال تعالي : «وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَي »(5) .

وقال تعالي : «قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ »(6) .

وقال تعالي : «إِنْ يُوحَي إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ »(7) .

ص: 51


1- الكهف : 56 .
2- المؤمنون : 44 .
3- الأنفال : 8 .
4- القصص : 47 .
5- طه : 134 .
6- الحج : 49 .
7- ص : 70 .

وقال تعالي : « ... وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ »(1) .

وقال تعالي : « إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا... »(2) .

وقال تعالي : « ... إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ »(3) .

عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس في قوله : « إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ » قال : قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : أَنَا الْمُنْذِرُ وَعَلِيٌّ الْهَادِي مِنْ بَعْدِي يَا عَلِيُّ بِكَ يَهْتَدِي الْمُهْتَدُونَ بَعْدِي(4) .

عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللَّه عزّ وجلّ : «إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ »فقال : رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله الْمُنْذِرُ وَلِكُلِّ زَمَانٍ مِنَّا هَادٍ يَهْدِيهِمْ إِلَي مَا جَاءَ بِهِ نَبِيُّ اللَّهِ صلي الله عليه وآله ثُمَّ الْهُدَاةُ مِنْ بَعْدِهِ عَلِيٌّ ثُمَّ الْأَوْصِيَاءُ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ(5) .

عن رزين بن حبيش قال : سمعت عليّاً عليه السلام يقول : إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أُدْخِلَ حُفْرَتَهُ أَتَاهُ مَلَكَانِ اسْمُهُمَا مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ فَأَوَّلُ مَنْ يَسْأَلانِهِ عَنْ رَبِّهِ ثُمَّ عَنْ نَبِيِّهِ ثُمَّ عَنْ وَلِيِّهِ فَإِنْ أَجَابَ نَجَا وَإِنْ عَجَزَ عَذَّبَاهُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مَا لِمَنْ عَرَفَ رَبَّهُ وَنَبِيَّهُ وَلَمْ يَعْرِفْ وَلِيَّهُ فَقَالَ مُذَبْذَبٌ لا إِلَي هَؤُلاءِ وَلا إِلَي هَؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً ذَلِكَ لا سَبِيلَ لَهُ وَقَدْ قِيلَ لِلنَّبِيِّ صلي الله عليه وآله مَنِ الْوَلِيُّ يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ وَلِيُّكُمْ فِي هَذَا الزَّمَانِ عَلِيٌّ وَمِنْ بَعْدِهِ وَصِيُّهُ وَلِكُلِّ زَمَانٍ عَالِمٌ يَحْتَجُّ اللَّهُ بِهِ لِئَلّا يَكُونَ كَمَا قَالَ الضُّلّالُ قَبْلَهُمْ حِينَ فَارَقَتْهُمْ أَنْبِيَاؤُهُمْ رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ

ص: 52


1- الأحقاف : 9 .
2- البقرة : 119 .
3- الرعد : 7 .
4- شواهد التنزيل :384/1 ، ح 400 .
5- الكافي : 191/1 ، ح 4 ؛ بحار الأنوار :358/16، ح 50 .

أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزي تَمَامُ ضَلالَتِهِمْ جَهَالَتُهُمْ بِالآْيَاتِ وَهُمُ الْأَوْصِيَاء(1).

إِلَي أَنِ انْتَهَيْتَ بِالْأَمْرِ إِلي حَبِيبِكَ وَنَجِيبِكَ مُحَمَّدٍ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ

قال تعالي : «قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا... »(2) .

وقال تعالي : «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا... »(3) .

وقال تعالي : «مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ... »(4).

قال أميرالمؤمنين عليه السلام : مُحَمَّدٌ صلي الله عليه وآله أَلْقَي - اللَّه - عَلَيْهِ مَحَبَّةً مِنْهُ فَسَمَّاهُ حَبِيباً وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَي جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَرَي إِبْرَاهِيمَ صُورَةَ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ فَقَالَ يَا رَبِّ مَا رَأَيْتُ مِنْ أُمَمِ الْأَنْبِيَاءِ أَنْوَرَ وَلا أَزْهَرَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَمَنْ هَذَا فَنُودِيَ هَذَا مُحَمَّدٌ حَبِيبِي لا حَبِيبَ لِي مِنْ خَلْقِي غَيْرُه(5) .

وفي البحار : إبراهيم عليه السلام نظر من الملك إلي الملك [ الملكوت ] «وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ »(6)والحبيب نظر من الملك [ الملكوت ] إلي الملك «أَلَمْ تَرَ إِلي رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ »(7)الخليل عليه السلام طالب قال : «إِنِّي ذاهِبٌ إِلي رَبِّي »(8) والحبيب

ص: 53


1- بصائر الدرجات :498/1 ، ح 9 ؛ بحار الأنوار : 223/6 ، ح 46.
2- الأعراف : 158 .
3- سبأ : 28 .
4- الأحزاب : 40 .
5- بحار الأنوار : 347/16 ؛ ارشاد القلوب : 411/2 .
6- الأنعام : 75 .
7- الفرقان : 45 .
8- الصافّات : 99 .

مطلوب «أَسْري بِعَبْدِهِ لَيْلاً »(1) قال الخليل عليه السلام : «وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي »(2) وقيل للحبيب : «لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ »(3) وقال الخليل : «وَلا تُخْزِنِي »(4)وللحبيب : «يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ »(5) وقال الخليل عليه السلام وسط النار : «حَسْبِيَ اللَّهُ »وقيل للحبيب : «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ »(6) قال الخليل عليه السلام : «وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ »(7)وقيل للحبيب صلي الله عليه وآله : «وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ »(8) قال الخليل عليه السلام : «وَأَرِنا مَناسِكَنا »(9)وقيل للحبيب صلي الله عليه وآله : «لِنُرِيَهُ »(10)[ قال ]الخليل عليه السلام(11) : «وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ »(12) وللحبيب صلي الله عليه وآله : «وَلَلآْخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ »(13) الخليل عليه السلام : « وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي »(14) وللحبيب صلي الله عليه وآله : «أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ »(15)

ص: 54


1- الإسراء : 1.
2- الشعراء : 82 .
3- الفتح : 2.
4- الشعراء : 87 .
5- التحريم : 8 .
6- الأنفال : 64 .
7- الشعراء : 84 .
8- الشرح : 4 .
9- البقرة : 128 .
10- الإسراء : 1 .
11- في المصدر : قال الخليل .
12- الشعراء : 85 .
13- الضحي : 4 .
14- الشعراء : 79 .
15- قريش : 4.

لأجلك الخليل عليه السلام بخل علي أعدائه بالرزق « وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ »(1)والحبيب صلي الله عليه وآله سخا بها علي الأعداء حتّي عوتب : «وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ »(2)الخليل عليه السلام أقسم باللَّه «وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ »(3) وأقسم اللَّه بالحبيب : «لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ »(4) واتّخذ مقام الخليل قبلة : « وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ »(5) وجعل أحوال الحبيب وأفعاله وأقواله قبلة : «لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ »(6)الخليل عليه السلام كسر أصنام قوم بالخفية غضبا للَّه والحبيب كسر عن الكعبة ثلاثمائة وستّين صنما وأذلّ من عبدها بالسيف ، اصطفي الخليل عليه السلام بعد الابتلاء « وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ »(7) واصطفي الحبيب صلي الله عليه وآله ، قبل الابتلاء « اللَّهُ يَصْطَفِي »(8)الخليل عليه السلام بذل ماله لأجل الجليل وخلق الجليل العالم لأجل الحبيب صلي الله عليه وآله، مقام الخليل عليه السلام مقام الخدمة « وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ »(9) ومقام الحبيب صلي الله عليه وآله مقام الشفاعة «عَسي أَنْ يَبْعَثَكَ »(10) والشفيع أفضل من الخادم ، الخليل عليه السلام طلب ابتداء الوصلة قال : «هذا رَبِّي »(11) والحبيب صلي الله عليه وآله طلب

ص: 55


1- البقرة : 126 .
2- الإسراء : 29 .
3- الأنبياء : 57 .
4- الحجر : 72 .
5- البقرة : 125 .
6- الأحزاب : 21 .
7- البقرة : 130 .
8- الحجّ : 75 .
9- البقرة : 125 .
10- الإسراء : 79 .
11- الأنعام : 76 .

بقاء الوصلة «وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ »(1) وللبقاء فضل علي الابتداء ، صيّر اللَّه حرّ النار علي الخليل عليه السلام بردا وسلاما وصيّر السمّ في جوفه سلاما حين سمّته الخيبريّة ثمّ سخّر له نار جهنّم الّتي كانت نارالدنيا كلّها جزءا منها ، كان الخليل عليه السلام مناديا بالحج والقربان «وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ »(2)والحبيب مناديا بالإسلام والإيمان «مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ »(3) قال للخليل عليه السلام : «أَوَلَمْ تُؤْمِنْ »(4) وقال للحبيب : « آمَنَ الرَّسُولُ »(5) قال الخليل : «فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي »(6)وقيل للحبيب صلي الله عليه وآله : لولاك لما خلقت الأفلاك وقيل(7) للخليل عليه السلام : «وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ »(8) والحبيب صلي الله عليه وآله فدي أبوه عبداللَّه بمائة ناقة ، وبارك في أولاد الخليل عليه السلام حتّي عفوا فأمر داود عليه السلام في أيّامه باحصائهم فعجزوا عن ذلك فأوحي اللَّه تعالي إليه لمّا أطاعني بذبح ولده كثّرت ذرّيّته والحبيب صلي الله عليه وآله لمّا ابتلي أيضا بذبح ابنه الحسين عليه السلام كثّرت أولاده ، وصل الخليل إلي الجليل بالواسطة «وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ »(9) ووصل الحبيب صلي الله عليه وآله بلا واسطة «ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّي »(10)أراد

ص: 56


1- النمل : 91 .
2- الحجّ : 75 .
3- آل عمران : 193 .
4- البقرة : 260 .
5- البقرة : 285 .
6- الشعراء : 77 .
7- في المصدر : وقال للخليل عليه السلام .
8- الصافّات : 107 .
9- الأنعام : 75 .
10- النجم : 8 .

الخليل عليه السلام رضا الملك في رفع الكعبة « وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ »(1) وأراد اللَّه القبلة في رضا الحبيب « فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها »(2) ، كان الابتلاء للخليل أوّلا والاجتباء آخرا« وَإِذِ ابْتَلي إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ »(3) والحبيب صلي الله عليه وآله ابتداؤه بشارة «لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ »(4) ، سأل الخليل «وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ »(5) وقال للحبيب صلي الله عليه وآله : «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ »(6)، الخليل من يخالّك والحبيب من تخالّه(7) فلا جرم «وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضي »(8)، الخليل المريد والحبيب المراد ، الخليل عطشان والحبيب ريّان(9) .

وعن زين العابدين عليه السلام : اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَي مُحَمَّدٍ أَمِينِكَ عَلَي وَحْيِكَ، وَنَجِيبِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَصَفِيِّكَ مِنْ عِبَادِكَ، إِمَامِ الرَّحْمَةِ، وَقَائِدِ الْخَيْرِ، وَمِفْتَاحِ الْبَرَكَةِ(10) .

وفي الأمالي : قال اليهودي : لأيّ شي ء سمّيت محمّداً وأحمد ؟ فقال

ص: 57


1- البقرة : 127.
2- البقرة : 144 .
3- البقرة : 124 .
4- التوبة : 33 .
5- إبراهيم : 35.
6- الأحزاب : 33 .
7- خاله : صادقه وآخاه .
8- الضحي : 5 .
9- بحار الأنوار :405/16 ؛ مناقب : 216/1 .
10- الصحيفة السجّاديّة : 34/د2/ش 3 .

النبي صلي الله عليه وآله : أَمَّا مُحَمَّدٌ فَإِنِّي مَحْمُودٌ فِي الْأَرْضِ وَأَمَّا أَحْمَدُ فَإِنِّي مَحْمُودٌ فِي السَّمَاء(1) .

وقال السيّد النسّابة الثقة عليّ بن محمّد العلويّ : أنشدني أبو عبداللَّه بن صفيّة الهاشميّة معلّمي بالبصرة لأبي طالب رحمه الله :

لقد كرّم اللَّه النبيّ محمّداً***فأكرم خلق اللَّه في الناس أحمد

وشقّ له من اسمه ليجلّه ***فذو العرش محمود وهذا محمّد(2)

وعن محمّد بن قيس ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام قيل : فما تأويل محمّد ؟ قال عليه السلام : إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ وَجَمِيعَ أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ وَجَمِيعَ أُمَمِهِمْ يَحْمَدُونَهُ وَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ وَإِنَّ اسْمَهُ الْمَكْتُوبَ عَلَي الْعَرْشِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ(3) .

وجاء « محمّد »رسول اللَّه صلي الله عليه وآله في أربعة مواضع من القرآن وفي موضع «أحمد »ولكن شهد جلّ جلاله برسالته صلي الله عليه وآله .

1 - قال تعالي : «وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ... »(4) .

2 - وقال تعالي : «مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ... »(5) .

3 - وقال تعالي : « ...وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَي مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ... »(6).

ص: 58


1- الأمالي للصدوق : 188/م 35 ، ح 1 ؛ بحار الأنوار :94/16، ح 28 .
2- بحار الأنوار :128/35 ، ش 73 .
3- الأمالي للصدوق : 71/م 17 ، ح 2 ؛ بحار الأنوار : 98/16، ح 37 .
4- آل عمران : 144 .
5- الأحزاب : 40 .
6- محمّد : 20 .

4 - وقال تعالي : «مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ... »(1) .

5 : وقال تعالي : « ...وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ... »(2) .

فَكانَ كَمَا انْتَجَبْتَهُ سَيِّدَ مَنْ خَلَقْتَهُ

قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : سَيِّدُ طَعَامِ الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ اللَّحْمُ وَسَيِّدُ شَرَابِ الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ الْمَاءُ وَأَنَا سَيِّدُ وُلْدِ آدَمَ وَلا فَخْرَ(3) .

وقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : أَنَا سَيِّدُ مَنْ خَلَقَ اللَّهُ وَأَنَا خَيْرٌ مِنْ جَبْرَئِيلَ وَإِسْرَافِيلَ وَحَمَلَةِ الْعَرْشِ وَجَمِيعِ الْمَلائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَأَنْبِيَاءِ اللَّهِ الْمُرْسَلِين(4) .

وعن عبداللَّه بن الحارث ، عن عليّ عليه السلام قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله : أَنَا سَيِّدُ وُلْدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا فَخْرَ وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ عَنْهُ وَلا فَخْرَ وَأَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ(5) .

وَصَفْوَةَ مَنِ اصْطَفَيْتَهُ

قال تعالي : « وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ »(6) .

ص: 59


1- الفتح : 29 .
2- الصف : 6.
3- عيون أخبار الرضا عليه السلام : 35/2 ، ح 78 ؛ بحار الأنوار : 58/63 ، ح 4 .
4- كمال الدين :261/1 ، ح 7 ؛ بحار الأنوار : 364/16 ، ح 66 .
5- كمال الدين : 261/1 ، ح 7 ؛ بحار الأنوار : 364/16 ، ح 66 .
6- البقرة : 130 .

وقال تعالي : « إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَي آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَي الْعَالَمِينَ »(1) .

قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَي مِنْ وُلْدِ إِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلَ وَاصْطَفَي مِنْ إِسْمَاعِيلَ كِنَانَةَ وَاصْطَفَي مِنْ كِنَانَةَ قُرَيْشاً وَاصْطَفَي مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ(2).

وقال القمي في قوله تعالي : «قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَي عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَي... »(3) قال : هم آل محمّد عليهم السلام(4) .

وعن ابن عبّاس في قوله : « ... الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَي عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَي... » قال : هم أهل بيت رسول اللَّه عليّ بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين وأولادهم إلي يوم القيامة هم صفوة اللَّه وخيرته من خلقه(5) .

وَأَ فْضَلَ مَنِ اجْتَبَيْتَهُ

عن أبي أمامة قال : قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : فُضِّلْتُ بِأَرْبَعٍ جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِداً وَطَهُوراً وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَرَادَ الصَّلاةَ فَلَمْ يَجِدْ مَاءً وَوَجَدَ الْأَرْضَ فَقَدْ جُعِلَتْ لَهُ مَسْجِداً وَطَهُوراً وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ يَسِيرُ بَيْنَ يَدَيَّ

ص: 60


1- آل عمران : 33 .
2- الأمالي للمفيد : 216/م 25 ، ح 2 ؛ بحار الأنوار : 325/16، ح 19 .
3- النمل : 59 .
4- تفسير القمي : 149/2؛ بحار الأنوار :222/23 ، ح 27 .
5- مناقب : 380/3 ؛ بحار الأنوار : 279/43.

وَأُحِلَّتْ لأُمَّتِيَ الْغَنَائِمُ(1)وَأُرْسِلْتُ إِلَي النَّاسِ كَافَّةً(2) .

قال المجلسي رحمه الله : ظاهره أن البعثة إلي الناس كافة من خصائصه صلي الله عليه وآله وهو مخالف لما هو المشهور من أن بعض أولي العزم أيضا كانوا كذلك ويمكن أن يحمل علي أن المراد إرساله إلي كل من في زمانه ومن يأتي بعده من غير نسخ لشريعته علي أن التفضيل بتلك الأمور لا ينافي شركة غيره معه فيها واللَّه يعلم(3) .

وعن إسماعيل الجعفي أنّه سمع أبا جعفر عليه السلام يقول : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله : أُعْطِيتُ خَمْساً لَمْ يُعْطَهَا أَحَدٌ قَبْلِي جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِداً وَطَهُوراً وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ وَأُحِلَّ لِيَ الْمَغْنَمُ وَأُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ(4) .

قال المجلسي رحمه الله : قوله صلي الله عليه وآله : مسجدا أي مصلي بخلاف الأمم السابقة فإنهم كانوا لا يجوز لهم الصلاة اختيارا إلا في بيعهم وكنائسهم أو ما يصح السجود عليه والأول أشهر ، وطهورا أي ما يتطهر به من الأحداث بالتيمم ومن الأخباث لبعض الأشياء كباطن القدم والخف ومخرج النجو في الاستنجاء بالأحجار والمدر، والمغنم بالفتح ما يصاب من أموال المشركين في الحرب والمشهور أن حل المغنم من خصائصه وخصائص أمته صلي الله عليه وآله وأن الأمم المتقدمة منهم من لم يبح لهم جهاد الكفار ومنهم من أبيح لهم لكن لم يبح لهم الغنائم وكانت غنائمهم توضع فتأتي نار

ص: 61


1- المشهور أن حل الغنيمة من خصائص هذه الأُمّة وأنّ الأُمم المتقدّمة لم يبح لهم الغنائم . وقال في السراج المنير : لا يحلّ لهم منها شي ء بل كانت تجمع فتأتي نار من السماء فتحرقها . ( الخصال 201/1 )
2- الخصال : 201/1 ، ح 14 ؛ بحار الأنوار : 321/16 ، ح 11 .
3- بحار الأنوار : 322/16 .
4- الأمالي للصدوق : 216 ، ح 6 ؛ بحار الأنوار :313/16، ح 1 .

فتحرقها وأباحها اللَّه لهذه الأمة ، قوله ونصرت بالرعب كان مما خصه اللَّه تعالي به أنه كان يخافه العدو وبينه وبينه مسيرة شهر ، وقيل المراد بجوامع الكلام القرآن حيث جمع اللَّه فيه معاني كثيرة بألفاظ يسيرة وقيل سائر كلماته الموجزة المشتملة علي حكم عظيمة ومعاني كثيرة(1) .

وعن أُمّ هانئ بنت أبي طالب قالت : قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : أَظْهَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَي الْإِسْلامَ عَلَي يَدِي وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ عَلَيَّ وَفَتَحَ الْكَعْبَةَ عَلَي يَدِي وَفَضَّلَنِي عَلَي جَمِيعِ خَلْقِهِ وَجَعَلَنِي فِي الدُّنْيَا سَيِّدَ وُلْدِ آدَمَ وَفِي الآْخِرَةِ زَيْنَ الْقِيَامَةِ وَحَرَّمَ دُخُولَ الْجَنَّةِ عَلَي الْأَنْبِيَاءِ حَتَّي أَدْخُلَهَا أَنَا وَحَرَّمَهَا عَلَي أُمَمِهِمْ حَتَّي تَدْخُلَهَا أُمَّتِي وَجَعَلَ الْخِلافَةَ فِي أَهْلِ بَيْتِي مِنْ بَعْدِي إِلَي النَّفْخِ فِي الصُّورِ(2) .

وَأَكْرَمَ مَنِ اعْتَمَدْتَهُ

قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : أنَا سيّدُ وُلدِ آدمَ وَأَكرَمُكُمْ عَلِي اللَّه(3) .

وقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : مَا خَلَقَ اللَّهُ خَلْقاً أفْضَلَ مِنّي وَلا أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنّي(4) .

وعن الإمام موسي بن جعفر عليه السلام قال : حَدَّثَنِي أَبِي جَعْفَرٌ عَنْ أَبِيهِ الباقِرِ عليهما السلام قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي عَلِيٌّ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام قَالَ : بَيْنَمَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله جُلُوسٌ فِي مَسْجِدِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ عليه السلام يَتَذَاكَرُونَ فَضْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله إِذْ دَخَلَ عَلَيْنَا حِبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ يَهُودِ أَهْلِ الشَّامِ قَدْ قَرَأَ التَّوْرَاةَ

ص: 62


1- بحار الأنوار :313/16 .
2- الخصال : 413/2 ، ح 1 ؛ بحار الأنوار :326/16، ح 24 .
3- تفسير القمي :347/2.
4- كمال الدين :254/1، ح 4 ؛ بحار الأنوار : 335/26، ح 1 .

وَالْإِنْجِيلَ وَالزَّبُورَ وَصُحُفَ إِبْرَاهِيمَ وَالْأَنْبِيَاءِ وَعَرَفَ دَلائِلَهُمْ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا وَجَلَسَ ثُمَّ لَبِثَ هُنَيْئَةً ثُمَّ قَالَ : يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ مَا تَرَكْتُمْ لِنَبِيٍّ دَرَجَةً وَلا لِمُرْسَلٍ فَضِيلَةً إِلّا وَقَدْ تَحَمَّلْتُمُوهَا لِنَبِيِّكُمْ فَهَلْ عِنْدَكُمْ جَوَابٌ إِنْ أَنَا سَأَلْتُكُمْ فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام سَلْ يَا أَخَا الْيَهُودِ مَا أَحْبَبْتَ فَإِنِّي أُجِيبُكَ عَنْ كُلِّ مَا تَسْأَلُ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَي وَمَنِّهِ فَوَاللَّهِ مَا أَعْطَي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيّاً وَلا مُرْسَلاً دَرَجَةً وَلا فَضِيلَةً إِلّا وَقَدْ جَمَعَهَا لِمُحَمَّدٍ صلي الله عليه وآله وَزَادَهُ عَلَي الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً وَلَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله إِذَا ذَكَرَ لِنَفْسِهِ فَضِيلَةً قَالَ وَلا فَخْرَ وَأَنَا أَذْكُرُ لَكَ الْيَوْمَ مِنْ فَضْلِهِ مِنْ غَيْرِ إِزْرَاءٍ عَلَي أَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاء(1) .

قَدَّمْتَهُ عَلَي أَ نْبِيائِكَ

عن صالح بن سهل ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام : أَنَّ بَعْضَ قُرَيْشٍ قَالَ لِرَسُولِ اللَّه صلي الله عليه وآله : بِأَيِّ شَيْ ءٍ سَبَقْتَ الْأَنْبِيَاءَ وَأَنْتَ بُعِثْتَ آخِرَهُمْ وَخَاتَمَهُم قَالَ : إِنِّي كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِرَبِّي وَأَوَّلَ مَنْ أَجَابَ حِينَ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَي أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا : بَلَي فَكُنْتُ أَنَا أَوَّلَ نَبِيٍّ قَالَ : بَلَي فَسَبَقْتُهُمْ بِالْإِقْرَارِ بِاللَّهِ(2) .

قال تعالي : «وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَي وَعِيسَي ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا »(3).

أقول : قدمه اللَّه تبارك وتعالي علي سائر الأنبياء لأفضليّته .

ص: 63


1- إرشاد القلوب : 406/2 ؛ بحار الأنوار :341/16 ، ح 33 .
2- الكافي : 441/1، ح 6 ؛ بحار الأنوار : 353/16 ، ح 27 .
3- الأحزاب : 7 .

في المناقب : فارق نبيّنا صلي الله عليه وآله جماعة النبيين بمائة وخمسين خصلة منها في باب النبوّة قوله : «وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ... »(1)وقوله : أُعْطِيتُ جَوامِعَ الْكَلِم وقوله : أُرْسِلْتُ إلَي الْخَلْقِ كافَّةً ، وبقاءُ دولته : « لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ »(2) والعجز عن الاتيان بمثل كتابه «قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ »(3) الخبر(4) .

وعن معمّر بن راشد قال : سمعت أبا عبداللَّه الصادق عليه السلام يقول : أَتَي يَهُودِيٌّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وآله فَقَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ يُحِدُّ النَّظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ يَا يَهُودِيُّ حَاجَتُكَ قَالَ أَنْتَ أَفْضَلُ أَمْ مُوسَي بْنُ عِمْرَانَ النَّبِيُّ الَّذِي كَلَّمَهُ اللَّهُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ التَّوْرَاةَ وَالْعَصَا وَفَلَقَ لَهُ الْبَحْرَ وَأَظَلَّهُ بِالْغَمَامِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلي الله عليه وآله إِنَّهُ يُكْرَهُ لِلْعَبْدِ أَنْ يُزَكِّيَ نَفْسَهُ وَلَكِنِّي أَقُولُ إِنَّ آدَمَ عليه السلام لَمَّا أَصَابَ الْخَطِيئَةَ كَانَتْ تَوْبَتُهُ أَنْ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ لَمَّا غَفَرْتَ لِي فَغَفَرَهَا اللَّهُ لَهُ وَإِنَّ نُوحاً لَمَّا رَكِبَ فِي السَّفِينَةِ وَخَافَ الْغَرَقَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ لَمَّا أَنْجَيْتَنِي مِنَ الْغَرَقِ فَنَجَّاهُ اللَّهُ عَنْهُ وَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام لَمَّا أُلْقِيَ فِي النَّارِ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ لَمَّا أَنْجَيْتَنِي مِنْهَا فَجَعَلَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ بَرْداً وَسَلاماً وَإِنَّ مُوسَي عليه السلام لَمَّا أَلْقَي عَصَاهُ وَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ لَمَّا أَمَّنْتَنِي فَقَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلالُهُ لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلي يَا يَهُودِيُّ إِنَّ مُوسَي لَوْ أَدْرَكَنِي ثُمَّ لَمْ يُؤْمِنْ بِي وَبِنُبُوَّتِي مَا نَفَعَهُ إِيمَانُهُ شَيْئاً وَلا نَفَعَتْهُ النُّبُوَّةُ يَا يَهُودِيُّ

ص: 64


1- الأحزاب :40.
2- التوبة : 33 ؛ الفتح : 28 ؛ الصف : 9 .
3- الإسراء : 88 .
4- مناقب :142/1 ؛ بحار :332/16 ، ح 27 .

وَمِنْ ذُرِّيَّتِي الْمَهْدِيُّ إِذَا خَرَجَ نَزَلَ عِيسَي ابْنُ مَرْيَمَ لِنُصْرَتِهِ وَقَدَّمَهُ وَصَلَّي خَلْفَهُ(1).

وَبَعَثْتَهُ إِلَي الثَّقَلَيْنِ مِنْ عِبادِكَ

قال تعالي : «قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا »(2).

وقال تعالي : « وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا »(3).

قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ كُلَّ نَبِيٍّ كَانَ قَبْلِي إِلَي أُمَّتِهِ بِلِسَانِ قَوْمِهِ وَبَعَثَنِي إِلَي كُلِّ أَسْوَدَ وَأَحْمَرَ بِالْعَرَبِيَّة(4) .

قال القمي : وقوله : «وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ إلي قوله : أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ »(5)فهذا كلّه حكاية عن الجن ، وكان سبب نزول هذه الآية أنّ رسول اللَّه صلي الله عليه وآله خرج من مكّة إلي سوق عكاظ ومعه زيد بن حارثة يدعو الناس إلي الاسلام فلم يجبه أحد ولم يجد من يقبله ، ثمّ رجع إلي مكّة فلمّا بلغ موضعاً يقال له وادي مجنة تهجّد بالقرآن في جوف الليل فمرّ به نفر من الجنّ ، فلمّا سمعوا قراءة رسول اللَّه استمعوا له ، فلمّا سمعوا قراءته قال بعضهم لبعض : أنصتوا يعني اسكتوا فلمّا قضي أي فرغ رسول اللَّه صلي الله عليه وآله من القراءة ولّوا إلي قومهم منذرين ، « قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَي مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَي الْحَقِّ وَإِلَي طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ

ص: 65


1- جامع الأخبار : 8 ؛ بحار الأنوار : 319/26 ، ح 1.
2- الأعراف : 158.
3- سبأ : 28 .
4- الأمالي للطوسي : 57 ، ح 50 ؛ بحار الأنوار : 316/16 ، ح 6 .
5- الأحقاف : 29 .

وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ »(1) فجاءوا إلي رسول اللَّه صلي الله عليه وآله فاسلموا وآمنوا وعلّمهم رسول اللَّه صلي الله عليه وآله شرائع الاسلام فأنزل اللَّه علي نبيّه : « قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ... » السورة كلّها .(2)

وقال تعالي : «قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَي الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا »(3).

كلف الجن كالانس

قال تعالي : « وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ »(4) .

وقال تعالي : «سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ »(5) .

وقال تعالي :«يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ »(6).

وقال تعالي : «يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ »(7) .

ص: 66


1- الأحقاف : 30 - 32 .
2- تفسير القمي : 299/2 ؛ بحار الأنوار : 89/18، ح 8 .
3- الجنّ : 1 - 2 .
4- الذاريات : 56 .
5- الرحمن : 31 .
6- الرحمن : 33.
7- الرحمن : 35 .

وقال تعالي : « فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ »(1) .

الجن كالانس مؤمن وكافر

وقال تعالي : « وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا »(2) .

وقال تعالي : « وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ »(3) .

وقال تعالي : « يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَي أَنْفُسِنَا »(4) .

قال ابن عبّاس : إنّما بعث الرسول من الإنس ثمّ كان يرسل هو إلي الجنّ رسولاً من الجنّ(5) .

والدليل علي صحّة هذه النظريّة قوله تعالي : «إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ »(6) فانّ اللَّه تعالي سمي رسل عيسي رسله .

وعن الصدوق رحمه الله قال تبارك وتعالي للنبي صلي الله عليه وآله : وَأَرْسَلْتُكَ إِلي أَسْوَدِ أَهْلِ الْأرضِ وَأَحْمَرِهِمْ وَإِنْسِهِمْ وَجِنِّهِمْ .

ص: 67


1- الرحمن......
2- الجنّ : 11 .
3- الجنّ : 14 .
4- الأنعام : 130 .
5- تفسير مجمع البيان :164/4 ؛ بحار الأنوار : 49/60 .
6- يس : 14 .

وَأَوْطَأْتَهُ مَشارِقَكَ وَمَغارِبَكَ

عبداللَّه بن بكير الدجاني [ الأرجاني ] قال : قال لي الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام : أَخْبِرْنِي عَنِ الرَّسُولِ صلي الله عليه وآله كَانَ عَامّاً لِلنَّاسِ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ : «وَما أَرْسَلْناكَ إِلّا كَافَّةً لِلنَّاسِ لأَهْلِ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ وَأَهْلِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ هَلْ بَلَّغَ رِسَالَتَهُ إِلَيْهِمْ كُلِّهِمْ ؟ قُلْتُ : لا أَدْرِي قَالَ : يَا ابْنَ بكيرٍ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وآله لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْمَدِينَةِ فَكَيْفَ بَلَّغَ أَهْلَ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ قُلْتُ لا أَدْرِي قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَي أَمَرَ جَبْرَئِيلَ فَاقْتَلَعَ الْأَرْضَ بِرِيشَةٍ مِنْ جَنَاحِهِ وَنَصَبَهَا لِمُحَمَّدٍ صلي الله عليه وآله وَكَانَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلَ رَاحَتِهِ فِي كَفِّهِ يَنْظُرُ إِلَي أَهْلِ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ وَيُخَاطِبُ كُلَّ قَوْمٍ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَيَدْعُوهُمْ إِلَي اللَّهِ وَإِلَي نُبُوَّتِهِ بِنَفْسِهِ فَمَا بَقِيَتْ قَرْيَةٌ وَلا مَدِينَةٌ إِلّا وَدَعَاهُمُ النَّبِيُّ صلي الله عليه وآله بِنَفْسِهِ(1) .

قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : زُوِيَتْ لِيَ الْأَرْضُ فَأُرِيتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَسَيَبْلُغُ مُلْكُ أُمَّتِي مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا(2).

وفي النهاية : «زويت لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها » أيِ جمعت(3) .

وقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : أُرِيتُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رُفِعَتْ لِي حَتَّي نَظَرْتُ إِلَي مَا فِيهَا(4).

وعن أبي بصير قال : قال أبو عبداللَّه عليه السلام إِنَّهُ إِذَا تَنَاهَتِ الْأُمُورُ إِلَي صَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ رَفَعَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَي لَهُ كُلَّ مُنْخَفِضٍ مِنَ الْأَرْضِ وَخَفَضَ لَهُ كُلَّ

ص: 68


1- تفسير القمي : 202/2؛ بحار الأنوار : 18818 ، ح 20 .
2- مناقب : 112/1؛ بحار الأنوار : 136/18.
3- النهاية في غريب الحديث : 320/2 .
4- بصائر الدرجات : 108 ، ح 11 ؛ بحار الأنوار :405/18، ح 111 .

مُرْتَفِعٍ حَتَّي تَكُونَ الدُّنْيَا عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ رَاحَتِهِ فَأَيُّكُمْ لَوْ كَانَتْ فِي رَاحَتِهِ شَعْرَةٌ لَمْ يُبْصِرْهَا(1) .

وَسَخَّرْتَ لَهُ الْبُراقَ

قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : إِنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لِيَ الْبُرَاقَ وَهِيَ دَابَّةٌ مِنْ دَوَابِّ الْجَنَّةِ لَيْسَتْ بِالْقَصِيرِ وَلا بِالطَّوِيلِ فَلَوْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَي أَذِنَ لَهَا لَجَالَتِ الدُّنْيَا وَالآْخِرَةَ فِي جَرْيَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ أَحْسَنُ الدَّوَابِّ لَوْناً(2) .

وفي حديث المعراج ذكر «البراق » وهي الدابّة التي ركبها صلي الله عليه وآله ليلة الإسراء سمّي بذلك لنصوع لونه وشدّة بريقه ، وقيل لسرعة حركته شبّهه فيهما بالبرق(3) .

وَعَرَجْتَ بِهِ ( بِرُوحِهِ ) إِلَي سَمائِكَ

قال تعالي : « سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَي بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَي الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا »(4) .

وقال تعالي : «لَقَدْ رَأَي مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَي »(5).

عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : عُرِجَ بِالنَّبِيِّ صلي الله عليه وآله إِلَي السَّمَاءِ مِائَةً وَعِشْرِينَ مَرَّةً(6) .

ص: 69


1- كمال الدين :674/2، ح 30 ؛ بحار الأنوار : 328/52، ح 46 .
2- عيون أخبار الرضا عليه السلام : 32/2 ، ح 49 ؛ بحار الأنوار : 316/18 ، ح 29 .
3- النهاية في غريب الحديث :120/1.
4- الإسراء : 1 .
5- النجم : 18 .
6- بصائر الدرجات : 79 ، ح 10 ؛ بحار الأنوار :387/18 ، ح 96 .

وقال تعالي : «وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا »(1) .

عن عبداللَّه بن مسعود قال : قال لي رسول اللَّه صلي الله عليه وآله في حديث الاسراء : فَإِذَا مَلَكٌ قَدْ أَتَانِي فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ سَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا عَلَي مَا بُعِثُوا ؟ فَقُلْتُ مَعَاشِرَ الرُّسُلِ وَالنَّبِيِّينَ عَلَي مَا بَعَثَكُمُ اللَّهُ قَبْلِي ؟ قَالُوا عَلَي وَلايَتِكَ يَا مُحَمَّدُ وَوَلايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام(2) .

وعن أبي بصير ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : لَمَّا عُرِجَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله انْتَهَي بِهِ جَبْرَئِيلُ إِلَي مَكَانٍ فَخَلَّي عَنْهُ فَقَالَ لَهُ : يَا جَبْرَئِيلُ تُخَلِّينِي عَلَي هَذِهِ الْحَالَةِ ؟ فَقَالَ : امْضِهْ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ وَطِئْتَ مَكَاناً مَا وَطِئَهُ بَشَرٌ وَمَا مَشَي فِيهِ بَشَرٌ قَبْلَكَ(3) .

وعن عليّ بن موسي الرضا عليه السلام أنّه قال : مَنْ كَذَّبَ بِالْمِعْرَاجِ فَقَدْ كَذَّبَ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وآله(4) .

وَأَوْدَعْتَهُ عِلْمَ مَا كانَ وَمَا يَكُونُ إِلَي انْقِضاءِ خَلْقِكَ

قال تعالي : «تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَي بَعْضٍ »(5) .

وقال تعالي : «وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْ ءٍ »(6) .

عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : سُئِلَ عَليٌّ عليه السلام عَنْ عِلْمِ النَّبِيِّ فُقال :

ص: 70


1- الزخرف : 45 .
2- تأويل الآيات الظاهرة : 546 ؛ بحار الأنوار : 154/36 ، ح 134 .
3- الكافي : 1/442 ، ح 12 ؛ بحار الأنوار :306/18 ، ح 12 .
4- صفات الشيعة : 50 ، ح 70 ؛ بحار الأنوار : 312/18 ، ح 32 .
5- البقرة : 253 .
6- النحل : 89 .

عِلْمُ جَمِيعِ النَّبِيِّينَ وَعِلْمُ مَا كَانَ وَعِلْمُ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَي قِيَامِ السَّاعَة(1).

وعن أبي عبداللَّه عليه السلام : إنّ رَسُولَ اللَّهِ أُعْطِيَ عِلْمَ مَا كَانَ وَ مَا هُوَ كَائِنٌ إلي يَوْمِ القِيَامَة(2).

وعن بكر بن كرب قال : كنّا عند أبي عبداللَّه عليه السلام فسمعناه يقول : أَمَا وَاللَّهِ إِنَّ عِنْدَنَا مَا لا نَحْتَاجُ إِلَي النَّاسِ وَإِنَّ النَّاسَ لَيَحْتَاجُونَ إِلَيْنَا إِنَّ عِنْدَنَا الصَّحِيفَةَ سَبْعُونَ ذِرَاعاً بِخَطِّ عَلِيٍّ عليه السلام وَإِمْلاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَعَلَي أَوْلادِهِمَا فِيهَا مِنْ كُلِّ حَلالٍ وَحَرَام(3) .

وعن عبدالأعلي بن أعين قال : سمعت أبا عبداللَّه عليه السلام يقول : قَدْ وَلَدَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله وَأَنَا أَعْلَمُ كِتَابَ اللَّهِ وَفِيهِ بَدْءُ الْخَلْقِ وَمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَي يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَفِيهِ خَبَرُ السَّمَاءِ وَخَبَرُ الْأَرْضِ وَخَبَرُ الْجَنَّةِ وَخَبَرُ النَّارِ وَخَبَرُ مَا كَانَ وَخَبَرُ مَا هُوَ كَائِنٌ أَعْلَمُ ذَلِكَ كَمَا أَنْظُرُ إِلَي كَفِّي إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ فِيهِ تِبْيَانُ كُلِّ شَيْ ءٍ(4) .

وعن أبي جعفر عليه السلام قال : قالَ أميرُالمُؤمنينَ عَليُّ بنُ أبي طالبٍ : إِنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وآله أُوتِيَ عِلْمَ النَّبِيِّينَ وَعِلْمَ الْوَصِيِّينَ وَعِلْمَ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَي أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآْيَةَ يَقُولُ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ صلي الله عليه وآله : «هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي »(5) .(6)

ص: 71


1- بصائر الدرجات : 127/1 ، ح 1 ؛ بحار الأنوار : 144/17 ، ح 31.
2- بصائر الدرجات :129/1 ، ح 1 ؛ بحار الأنوار : 145/17، ح 32 .
3- بصائر الدرجات :142/1، ح 1 ؛ بحار الأنوار :21/26، ح 8 .
4- بصائر الدرجات : 197/1 ، ح 2 ؛ بحار الأنوار : 98/89 ، ح 68 .
5- الأنبياء : 24 .
6- تفسير فرات الكوفي : 263 ، ح 357 ؛ بحار الأنوار : 352/16 ، ح 34 .

ثُمَّ نَصَرْتَهُ بِالرُّعْبِ

قال تعالي : « سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ - يعني قريش - بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ »(1) .

وقال تعالي : « سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ »(2) .

وقال تعالي : « وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا »(3) .

وقال تعالي : « وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ »(4) .

قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسيرةَ شَهْرٍ يَسيرُ بَيْنَ يَدَي(5) .

امام بقيّة اللَّه عليه السلام يسير الرعب أيضاً

وقال أبو جعفر عليه السلام : لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ مُصْعِدِينَ مِنْ نَجَفِ الْكُوفَةِ ثَلاثَمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً كَأَنَّ قُلُوبَهُمْ زُبَرُ الْحَدِيدِ جَبْرَئِيلُ عَنْ يَمِينِهِ وَمِيكَائِيلُ عَنْ يَسَارِهِ يَسِيرُ الرُّعْبُ أَمَامَهُ شَهْراً وَخَلْفَهُ شَهْراً أَمَدَّهُ اللَّهُ « بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِين »(6) .(7)

وروي : أَنَّهُ لَمَّا هَرَبَتِ الْجَمَاعَةُ يَوْمَ أُحُدٍ كَانَ عَلِيٌّ يَضْرِبُ قُدَّامَهُ صلي الله عليه وآله وَجَبْرَئِيلُ

ص: 72


1- آل عمران : 151 .
2- الأنفال : 12 .
3- الأحزاب : 26 .
4- الحشر : 2 .
5- الخصال : 201/1 ، ح 14 ؛ بحار الأنوار : 321/16 ، ح 11 .
6- آل عمران : 125 .
7- تفسير العيّاشي :59/2و343/52 .

عَلي يَمِينِ النَّبِيِّ وَمِيكَائِيلُ عَنْ يسَارِه(1) .

وَحَفَفْتَهُ بِجَبْرَئِيلَ وَمِيكائِيلَ وَالْمُسَوِّمِينَ مِنْ مَلائِكَتِكَ

قال تعالي : «أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ »(2) .

وقال تعالي : « هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ »(3) .

وقال تعالي : « وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ »(4) .

عن أبي الحسن الأوّل عليه السلام قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله : إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَي اخْتَارَ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ أَرْبَعَةً اخْتَارَ مِنَ الْمَلائِكَةِ جَبْرَئِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ وَمَلَكَ الْمَوْتِ عليهم السلام(5).

وفي الحديث : أنّ رسول اللَّه صلي الله عليه وآله قال لجبرئيل : مَا أَحْسَنَ مَا أَثْنَي عَلَيْكَ رَبُّكَ « ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ »(6) فَمَا كَانَتْ قُوَّتُكَ وَمَا كَانَتْ أَمَانَتُكَ فَقَالَ أَمَّا قُوَّتِي فَإِنِّي بُعِثْتُ إِلَي مَدَائِنِ قَوْمِ لُوطٍ وَهِيَ أَرْبَعُ مَدَائِنَ فِي كُلِّ مَدِينَةٍ أَرْبَعُمِائَةِ أَلْفِ مُقَاتِلٍ سِوَي الذَّرَارِيِّ فَحَمَلْتُهُمْ مِنَ الْأَرْضِ السُّفْلَي حَتَّي سَمِعَ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ أَصْوَاتَ الدَّجَاجِ ونُبَاحَ الْكِلابِ ثُمَّ هَوَيْتُ بِهِنَّ

ص: 73


1- مناقب لابن شهر آشوب :80/3 ؛ بحار الأنوار : 3/36 ، ح 7 .
2- آل عمران : 124 .
3- آل عمران : 125 .
4- التحريم : 4 .
5- الخصال : 225/1، ح 58 ؛ بحار الأنوار : 144/6 ، ح 14 .
6- التكوير : 20 .

فَقَلَّبْتُهُنَّ وَأَمَّا أَمَانَتِي فَإِنِّي لَمْ أُؤْمَرْ بِشَيْ ءٍ فَعَدَوْتُهُ إِلَي غَيْرِهِ(1).

وفي الصحيفة : وَجِبْرِيلُ الْأَمِينُ عَلَي وَحْيِكَ، الْمُطَاعُ فِي أَهْلِ سَمَاوَاتِكَ، الْمَكِينُ لَدَيْكَ، الْمُقَرَّبُ عِنْدَك(2).

وفيها : وَمِيكَائِيلُ ذُو الْجَاهِ عِنْدَكَ، وَالْمَكَانِ الرَّفِيعِ مِنْ طَاعَتِكَ(3) .

وعن أبي همام ، عن أبي الحسن عليه السلام في قول اللَّه عزّوجلّ : « مُسَوِّمِينَ » قال : الْعَمَائِمُ اعْتَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله فَسَدَلَهَا مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَاعْتَمَّ جَبْرَئِيلُ فَسَدَلَهَا مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ(4).

وعن ضريس بن عبدالملك ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : إِنَّ الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ نَصَرُوا مُحَمَّداً صلي الله عليه وآله يَوْمَ بَدْرٍ فِي الْأَرْضِ مَا صَعِدُوا بَعْدُ وَلا يَصْعَدُونَ حَتَّي يَنْصُرُوا صَاحِبَ هَذَا الْأَمْرِ وَهُمْ خَمْسَةُ آلافٍ(5) .

وقال ابن عبّاس : لم تقاتل الملائكة إلّا يوم البدر وكانوا في غيره من الأيّام عدة ومدداً(6) .

وعن أبان بن تغلب قال : قال أبو عبداللَّه عليه السلام : كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَي الْقَائِمِ عَلَيْهِ السَّلامُ عَلَي ظَهْرِ النَّجَفِ رَكِبَ فَرَساً أَدْهَمَ أَبْلَقَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ شِمْرَاخٌ(7) ثُمَّ يَنْتَفِضُ بِهِ فَرَسُهُ فَلا يَبْقَي أَهْلُ بَلْدَةٍ إِلّا وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُ مَعَهُمْ فِي بِلادِهِمْ فَإِذَا

ص: 74


1- بحار الأنوار : 171/18 .
2- الصحيفة السجّاديّة 36/د3/ش 4 ؛ بحار الأنوار :217/56 ، ح 85 .
3- نفس المصدر .
4- الكافي : 460/6، ح 2 ؛ بحار الأنوار : 195/80 .
5- تفسير العيّاشي : 197/1 ، ح 138 ؛ بحار الأنوار : 284/19 ، ح 26 .
6- بحار الأنوار :208/19 .
7- الشمراخ : غرة الفرس .

نَشَرَ رَايَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله انْحَطَّ عَلَيْهِ ثَلاثَةَ عَشَرَ أَلْفَ مَلَكٍ وَثَلاثَةَ عَشَرَ مَلَكاً كُلُّهُمْ يَنْظُرُونَ الْقَائِمَ عَلَيْهِ السَّلامُ وَهُمُ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي السَّفِينَةِ وَالَّذِينَ كَانُوا مَعَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ حَيْثُ أُلْقِيَ فِي النَّارِ وَكَانُوا مَعَ عِيسَي عَلَيْهِ السَّلامُ حِينَ رُفِعَ وَأَرْبَعَةُ آلافٍ مُسَوِّمِينَ وَمُرْدِفِينَ وَثَلاثُمِائَةٍ وَثَلاثَةَ عَشَرَ مَلَكاً مَلائِكَةُ يَوْمِ بَدْرٍ وَأَرْبَعَةُ آلافِ مَلَكٍ الَّذِينَ هَبَطُوا يُرِيدُونَ الْقِتَالَ مَعَ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلامُ فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ فَصَعِدُوا فِي الاسْتِئْذَانِ وَهَبَطُوا وَقَدْ قُتِلَ الْحُسَيْنُ عليه السلام فَهُمْ شُعْثٌ غُبْرٌ يَبْكُونَ عِنْدَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ إِلَي يَوْمِ الْقِيَامَة(1) .

وَوَعَدْتَهُ أَنْ تُظْهِرَ دِينَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ

قال تعالي : «هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَي وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ »(2).

وقال تعالي : «هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَي وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَي بِاللَّهِ شَهِيدًا »(3) .

وقال تعالي : «وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً »(4) .

وروي : نزل جبرئيل عليه السلام وقال : يا مُحَمَّد سَيَبْلُغُ دينُكَ كُلَّ ما يَبْلُغُ الليلُ وَالنَّهارُ(5) .

ص: 75


1- كمال الدين : 671/2 ، ح 22 ؛ بحار الأنوار : 305/19 ، ح 47 .
2- التوبة : 33 ؛ الصف : 9.
3- الفتح : 28 .
4- النساء : 122 .
5- الروضة في فضائل أميرالمؤمنين عليه السلام : 57/74 ؛ بحار الأنوار :34/40 .

وقال المقداد بن الأسود : سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه وآله يقول : لا يَبقي علي ظَهْر الأرض بَيتُ مَدَر ولا وَبَر إلّا أدخَلَهُ اللَّهُ كَلِمَةَ الإسلام إمّا بعزّ عزيز أو بذلٍّ ذليل إمّا بعزّهم فيجعلهم اللَّه من أهله فيعزّوا به ، وإمّا يذلّهم فَيدينون له(1) .

وعن أبي بصير قال : قال أبو عبداللَّه عليه السلام في قول اللَّه عزّوجلّ : « هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدي وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ »(2)فَقَالَ : وَاللَّهِ مَا نَزَلَ تَأْوِيلُهَا بَعْدُ وَلا يَنْزِلُ تَأْوِيلُهَا حَتَّي يَخْرُجَ الْقَائِمُ عليه السلام فَإِذَا خَرَجَ الْقَائِمُ لَمْ يَبْقَ كَافِرٌ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَلا مُشْرِكٌ بِالْإِمَامِ إِلّا كَرِهَ خُرُوجَهُ حَتَّي لَوْ كَانَ كَافِرٌ أَوْ مُشْرِكٌ فِي بَطْنِ صَخْرَةٍ لَقَالَتْ يَا مُؤْمِنُ فِي بَطْنِي كَافِرٌ فَاكْسِرْنِي وَاقْتُلْهُ(3) .

وعن ابن عبّاس في قوله عزّ وجلّ : « لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ »(4)قال : لا يكون ذلك حتّي لا يبقي يهودي ولا نصراني ولا صاحب ملّة إلّا صار إلي الإسلام ، حتّي تأمن الشاة والذئب والبقرة والأسد والإنسان والحيّة وحتّي لا تقرض فأرة جراباً وحتّي توضع الجزية ، ويكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، وهو قوله تعالي : « لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ » وذلك يكون عند قيام القائم عليه السلام(5) .

وعن عمران بن ميثم ، عن عباية انّه سمع أميرالمؤمنين عليه السلام يقول : «هُوَ الَّذِي

ص: 76


1- مرآه العقول في شرح أخبار الرسول : 137/5؛ مجمع البيان :38/5.
2- التوبة : 33 .
3- كمال الدين : 670/2 ، ح 16 ؛ بحار الأنوار : 324/15 ، ح 36 .
4- الصف : 9 .
5- البرهان في تفسير القرآن : 367/5، ح 3 .

أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدي وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ » أَظَهَرَ بَعْد ذَلِكَ ؟ قالوا : نعم ، قال : كَلّا فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّي لا يَبْقَي قَرْيَةٌ إِلّا وَنُودِيَ فِيهَا بِشَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ بُكْرَةً وَعَشِيّاً(1) .

وقال أبو جعفر عليه السلام : إنّ ذلك يكون عندَ خُروج المهدي مِن آل محمّد فلا يبقي أحد إلّا أقرّ بمحمّد صلي الله عليه وآله(2) .

وَذلِكَ بَعْدَ أَنْ بَوَّأْتَهُ مُبَوَّأَ صِدْقٍ مِنْ أَهْلِهِ

قال تعالي : «وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا »(3) .

وقال تعالي : «رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ »(4) .

وعن حمّاد ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله : « رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي » الآية ، قال : نَحْنُ وَاللَّه بَقيةُ تِلكَ العِترَة(5) .

وقال تعالي : «رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ »(6) .

ص: 77


1- مجمع البيان :420/9.
2- مجمع البيان : 38/5.
3- الحج : 26 .
4- إبراهيم : 37 .
5- تفسير القمي : 371/1 ؛ بحار الأنوار :93/12 .
6- البقرة : 129 .

كان رسول اللَّه يقول : أنا دَعوَةُ إبراهيم(1) .

في دعاء السمات : وَبارَكْتَ لِحَبِيبِكَ مُحَمَّدٍ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فِي عِتْرَتِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَأُمَّتِهِ .

وقال المجلسي رحمه الله في توضيح : «و باركت لحبيبك في عترته »أي : في فضلهم وقربهم وكمالاتهم ودرجاتهم .

«و ذريته »لأنهم صاروا أكثر من ذرية جميع من كان في عصره ، «وأُمّته »لأنّهم ضعف جميع الأُمم كما ورد في الأخبار(2) .

وَجَعَلْتَ لَهُ وَلَهُمْ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُديً لِلْعالَمِينَ

قال مجاهد : تفاخر المسلمون واليهود فقالت اليهود : بيت المقدس أفضل وأعظم من الكعبة لأنّه مهاجر الأنبياء والأرض المقدّسة وقال المسلمون : بل الكعبة أفضل فأنزل اللَّه تعالي : « إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ »(3) .

وعن أبي حسان ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَخْلُقَ الْأَرْضَ أَمَرَ الرِّيَاحَ فَضَرَبْنَ وَجْهَ الْمَاءِ حَتَّي صَارَ مَوْجاً ثُمَّ أَزْبَدَ فَصَارَ زَبَداً وَاحِداً فَجَمَعَهُ فِي مَوْضِعِ الْبَيْتِ ثُمَّ جَعَلَهُ جَبَلاً مِنْ زَبَدٍ ثُمَّ دَحَا الْأَرْضَ مِنْ تَحْتِهِ وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : « إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ(4)

ص: 78


1- تفسير الميزان :286/1.
2- بحار الأنوار : 124/87 و125 .
3- مجمع البيان :797/2 .
4- وبكّة لغة هي مكّة وقيل : مكّة : البلد وبكّة : موضع البيت .

مُبارَكاً »(1) .(2)

وعن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام : إِنَّ بَكَّةَ مَوْضِعُ الْبَيْتِ ، وَإِنَّ مَكَّةَ الْحَرَمُ وَذَلِكَ قَوْلُهُ « وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً »(3) .(4)

وعن الحلبي قال : سألت أبا عبداللَّه عليه السلام : لِمَ سمّيت مكّة بكّة ؟ قال : لأَنَّ النَّاسَ يَبُكُّ بَعْضُهُمْ بَعْضاً بِالْأَيْدِي(5) .

وسُئل النبي صلي الله عليه وآله عن أوّل مسجد وضع ، فقال : المسجد الحرام ، ثمّ بيت المقدس(6) .

وعن عليّ بن مهزيار قال : قال أبو جعفر عليه السلام(7) : كَأَنِّي بِالْقَائِمِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ يَوْمَ السَّبْتِ قَائِماً بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ بَيْنَ يَدَيْهِ جَبْرَئِيلُ عليه السلام يُنَادِي الْبَيْعَةَ للَّهِ ِ فَيَمْلَؤُهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً(8) .

وعن سلمة بن محرز قال : كنت عند أبي عبداللَّه عليه السلام إذ جاءه رجل يقال له أبو الورد، فقال لأبي عبداللَّه عليه السلام: رحمك اللَّه إنّك لو كنت أرحت بدنك من المحمل(9).

ص: 79


1- آل عمران : 95 .
2- الكافي :190/4 ؛ بحار الأنوار :204/54 ، ح 150 .
3- آل عمران : 97 .
4- تفسير العيّاشي : 187/1 ، ح 94 ؛ بحار الأنوار :78/96، ح 10 .
5- علل الشرايع :398/1 ، ح 5 ؛ بحار الأنوار : 79/96 ، ح 14 .
6- شرح فروع الكافي : 414/4 .
7- هو أبو جعفر الثاني عليه السلام لأنّ عليّ بن مهزيار لم يلق الإمام الباقر عليه السلام ، بل كان من أصحاب الرضا والجواد والهادي عليهم السلام .
8- الغيبة للطوسي : 453 ؛ بحار الأنوار : 290/52 ، ح 30 .
9- يعني من التمكّن فيه والاستقرار في ظلّه لئلّا يصيبك تعب الركوب وحرّ الشمس فأجابه عليه السلام بأن في شهود تلك ا لمواضع التي هي منافع بالحضور بها والمشاهدة لها والنظر إليها فضلاً لا يحصل بالتمكّن في المحمل والاستراحة تحت الظل والغيبة عن البصر والاختفاء عن النظر . ( في ) وقال المجلسي رحمه الله : «أرحت بدنك »أي بترك الحجّ فان ركوب المحمل يشقّ عليك ، ويحتمل أن يكون إشارة إلي ما سيأتي في أوّل باب طواف المريض أنّ أبا عبداللَّه عليه السلام كان يطاف به حول الكعبة في محمل وهو شديد المرض وهو مع ذلك يستلم الأركان فقال له الربيع ابن خيثم : جعلت فداك يا ابن رسول اللَّه ان هذا يشقّ عليك ، فقال : انّي سمعت اللَّه عزّوجلّ يقول : «لِيَشهدُوا مَنافِعَ لَهُم »فقال : منافع الدنيا أو منافع الآخرة ؟ فقال : الكل ( الكافي : 264/4 ، ذيل ح 46).

فقال أبو عبداللَّه عليه السلام : يَا أَبَا الْوَرْدِ إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَشْهَدَ الْمَنَافِعَ الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَي لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ إِنَّهُ لا يَشْهَدُهَا أَحَدٌ إِلّا نَفَعَهُ اللَّهُ أَمَّا أَنْتُمْ فَتَرْجِعُونَ مَغْفُوراً لَكُمْ وَأَمَّا غَيْرُكُمْ فَيُحْفَظُونَ فِي أَهَالِيهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ(1) .

وعن خالد القلانسي ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليه السلام : حُجُّوا وَاعْتَمِرُوا تَصِحَّ أَبْدَانُكُمْ وَتَتَّسِعْ أَرْزَاقُكُمْ وَتُكْفَوْنَ مَئُونَاتِ عِيَالِكُمْ وَقَالَ الْحَاجُّ مَغْفُورٌ لَهُ وَمَوْجُوبٌ لَهُ الْجَنَّةُ وَمُسْتَأْنَفٌ لَهُ الْعَمَلُ وَمَحْفُوظٌ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ(2) .(3)

فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ

قال تعالي : « وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّي »(4) .

ص: 80


1- الكافي 263/4 ، ح 46 .
2- الكافي :252/4 ، ح 1 .
3- الظاهر أنّ المراد انّهم علي ثلاثة أصناف صنف يغفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر فهو موجوب له الجنّة وصنف يغفر له ما تقدّم من ذنبه ويكتب عليه في بقيّة عمره وصنف لا يغفر له ولكن يحفظ في أهله وماله كما يدلّ عليه خبر معاوية بن عمّار « الآتي تحت رقم 6»( آت ) ( الكافي : 252/4، ذيل ح 1 .
4- البقرة : 125 .

عن المنذر النووي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : سألته عن الحجر فقال : نَزَلَتْ ثَلاثَةُ أَحْجَارٍ مِنَ الْجَنَّةِ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ اسْتَوْدَعَهُ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام وَمَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَحَجَرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : إِنَّ اللَّهَ اسْتَوْدَعَ إِبْرَاهِيمَ الْحَجَرَ الْأَبْيَضَ وَكَانَ أَشَدَّ بَيَاضاً مِنَ الْقَرَاطِيسِ فَاسْوَدَّ مِنْ خَطَايَا بَنِي آدَمَ(1) .

وقد سئل الصادق عليه السلام عن الرجل يطوف بالبيت طواف الفريضة ونسي أن يصلّي ركعتين عند مقام إبراهيم ، فقال : يصلّيها ولو بعد أيّام أن اللَّه تعالي قال : « وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّي »(2) .

«والحطيم ما بين باب البيت والحجر الأسود » عرضاً وطولاً إلي مقام إبراهيم حيث هو الان علي المشهور(3) .

وقال الصادق عليه السلام : إِنْ تَهَيَّأَ لَكَ أَنْ تُصَلِّيَ صَلاتَكَ كُلَّهَا الْفَرَائِضَ وَغَيْرَهَا عِنْدَ الْحَطِيمِ فَافْعَلْ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ بُقْعَةٍ عَلَي وَجْهِ الْأَرْضِ وَالْحَطِيمُ مَا بَيْنَ بَابِ الْبَيْتِ وَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَابَ اللَّهُ فِيهِ عَلَي آدَمَ وَبَعْدَهُ الصَّلاةُ فِي الْحِجْرِ أَفْضَل(4) .

عن أبي حمزة قال : قال لنا عليّ بن الحسين عليه السلام : أَيُّ الْبِقَاعِ أَفْضَلُ فَقُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَابْنُ رَسُولِهِ أَعْلَمُ فَقَالَ أَمَّا أَفْضَلُ الْبِقَاعِ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً عُمِّرَ مَا عُمِّرَ نُوحٌ عليه السلام فِي قَوْمِهِ أَلْفَ سَنَةٍ إِلّا خَمْسِينَ عَاماً يَصُومُ النَّهَارَ

ص: 81


1- تفسير العيّاشي : 59/1 ، ح 93 ؛ بحار الأنوار :227/96 ، ح 27 .
2- تفسير مجمع البيان : 383/1.
3- روضة المتّقين في شرح من لا يحضره الفقيه ( ط - القديمة ) : 58/4.
4- بحار الأنوار : 231/96 ، ح 7 .

وَيَقُومُ اللَّيْلَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ ثُمَّ لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِغَيْرِ وَلايَتِنَا لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ شَيْئاً(1).

وقال الصادق عليه السلام : الرُّكْنُ الْيَمَانِيُّ بَابُنَا الَّذِي نَدْخُلُ مِنْهُ الْجَنَّةَ(2) .

ماء زمزم

روي أنّه : من روي من ماء زمزم أحدث له به شفاء وصرف عنه داء(3) .

وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً

قال تعالي حكاية عن إبراهيم عليه السلام : « رَبِّ اجْعَلْ هَذَا البَلَد آمِنًا »(4) .

وقال تعالي : « وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا »(5) .

عن عبداللَّه بن سنان ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : أرأيت قوله : «وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا »البيت عني أو الحرم ؟ قال : مَنْ دَخَلَ الْحَرَمَ مِنَ النَّاسِ مُسْتَجِيراً بِهِ فَهُوَ آمِنٌ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ وَمَنْ دَخَلَهُ مِنَ الْوَحْشِ وَالطَّيْرِ كَانَ آمِناً مِنْ أَنْ يُهَاجَ أَوْ يُؤْذَي حَتَّي يَخْرُجَ مِنَ الْحَرَم(6) .

وعن عمران الحلبي ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام في قوله : « وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا »

ص: 82


1- المحاسن : 91/1 ، ح 43 ؛ بحار الأنوار : 172/27 ، ح 16 .
2- من لا يحضره الفقيه : 208/2 ، ح 2160 .
3- من لا يحضره الفقيه :308/2، ح 2165 .
4- إبراهيم : 35 .
5- آل عمران : 97 .
6- تفسير العيّاشي :189/1، ح 101 ؛ بحار الأنوار : 74/96، ح 13 .

قال عليه السلام : إِذَا أَحْدَثَ الْعَبْدُ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ ثُمَّ فَرَّ إِلَي الْحَرَمِ لَمْ يَنْبَغِ أَنْ يُؤْخَذَ وَلَكِنْ يُمْنَعُ مِنَ السُّوقِ وَلا يُبَايَعُ وَلا يُطْعَمُ وَلا يُسْقَي وَلا يُكَلَّمُ فَإِنَّهُ إِذَا فُعِلَ ذَلِكَ بِهِ يُوشِكُ أَنْ يَخْرُجَ فَيُؤْخَذَ وَإِنْ كَانَ إِحْدَاثُهُ فِي الْحَرَمِ أُخِذَ فِي الْحَرَمِ(1) .

وَقُلْتَ : إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً

قالت عائشة : خرج النبي غداة وعليه مرط مرحّل من شعر أسود ، فجاء الحسن بن علي فأدخله ، ثمّ جاء الحسين فدخل معه ، ثمّ جاءت فاطمة فأدخلها ، ثمّ جاء عليّ فأدخله ، ثمّ قال : « إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا »(2).(3)

وعن أبي سعيد الخدري في قوله تعالي : «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا »قال : نزلت في محمّد وأهل بيته حين جمع عليّاً وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ثمّ أدار عليهم الكساء وقال : اللهمّ إنّ هؤلاءِ أهلُ بيتي أذهب عنهُمُ الرجسَ وطهّرهم وكانت أُمّ سلمة قائمة في الباب فقالت : يا رسول اللَّه وأنا منهم ؟ فقال لها : يا أُمّ سلمة أنتِ علي خيرٍ أنتِ علي خير(4) .

وعن الحسين بن علي ، عن أبيه علي عليهما السلام قال : دَخَلْتُ عَلَي رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ وَقَدْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الآْيَةُ «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ

ص: 83


1- تفسير العيّاشي :189/1 ، ح 101 ؛ بحار الأنوار : 74/96 ، ح 13 .
2- الأحزاب : 33 .
3- شواهد التنزيل : 56/2 ، ح 676 .
4- الفضائل لابن شاذان القمي : 95 ، بحار الأنوار :212/35، ح 14 .

أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً » فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله : يَا عَلِيُّ هَذِهِ الآْيَةُ نَزَلَتْ فِيكَ وَفِي سِبْطَيَّ وَالْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِكَ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَمِ الْأَئِمَّةُ بَعْدَكَ ؟ قَالَ : أَنْتَ يَا عَلِيُّ ثُمَّ ابْنَاكَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَبَعْدَ الْحُسَيْنِ عَلِيٌّ ابْنُهُ وَبَعْدَ عَلِيٍّ مُحَمَّدٌ ابْنُهُ وَبَعْدَ مُحَمَّدٍ جَعْفَرٌ ابْنُهُ وَبَعْدَ جَعْفَرٍ مُوسَي ابْنُهُ وَبَعْدَ مُوسَي عَلِيٌّ ابْنُهُ وَبَعْدَ عَلِيٍّ مُحَمَّدٌ ابْنُهُ وَبَعْدَ مُحَمَّدٍ عَلِيٌّ ابْنُهُ وَبَعْدَ عَلِيٍّ الْحَسَنُ ابْنُهُ وَبَعْدَ الْحَسَنِ ابْنُهُ الْحُجَّةُ مِنْ وُلْدِ الْحَسَنِ هَكَذَا وَجَدْتُ أَسَامِيَهُمْ مَكْتُوبَةً عَلَي سَاقِ الْعَرْشِ فَسَأَلْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ هُمُ الْأَئِمَّةُ بَعْدَكَ مُطَهَّرُونَ مَعْصُومُونَ وَأَعْدَاؤُهُمْ مَلْعُونُونَ(1) .

ثُمَّ جَعَلْتَ أَجْرَ مُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ مَوَدَّتَهُمْ فِي كِتابِكَ فَقُلْتَ : قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبي وَقُلْتَ : مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ وَقُلْتَ : ما أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَي رَبِّهِ سَبِيلاً

عن عبداللَّه بن عبّاس : أنّ رسول اللَّه صلي الله عليه وآله حين قدم المدينة واستحكم الإسلام قالت الأنصار فيما بينها : نأتي رسول اللَّه صلي الله عليه وآله فنقول له : إن تعرك أمور فهذه أموالنا تحكم فيها غير حرج ولا محظور عليك فأتوه في ذلك فنزلت : « قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَي »(2) فقرأها عليهم وقال : تَوَدُّونَ قَرَابَتِي مِنْ بَعْدِي فَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ مُسَلِّمِينَ لِقَوْلِهِ فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ إِنَّ هَذَا لَشَيْ ءٌ افْتَرَاهُ فِي مَجْلِسِهِ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنْ يُذَلِّلَنَا لِقَرَابَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ فَنَزَلَتْ : « أَمْ يَقُولُونَ افْتَري

ص: 84


1- كفاية الأثر : 156 ؛ بحار الأنوار : 336/36 ، ح 199 .
2- الشوري : 23 .

عَلَي اللَّهِ كَذِباً »(1) فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فَتَلاهَا عَلَيْهِمْ فَبَكَوْا وَاشْتَدَّ عَلَيْهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ : « وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ »(2) الآْيَةَ فَأَرْسَلَ فِي أَثَرِهِمْ فَبَشَّرَهُم(3) .

وعن ابن عبّاس قال : لمّا نزلت : « قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا » قالوا : يا رسول اللَّه من هؤلاء الذين أمرنا اللَّه بمودّتهم ؟ قال : علي وفاطمة وولدهما(4) .

وعن أبي أمامة الباهلي قال : قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَي خَلَقَ الْأَنْبِيَاءَ مِنْ أَشْجَارٍ شَتَّي وَخُلِقْتُ أَنَا وَعَلِيٌّ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَنَا أَصْلُهَا وَعَلِيٌّ فَرْعُهَا وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ ثِمَارُهَا وَأَشْيَاعُنَا أَوْرَاقُنَا فَمَنْ تَعَلَّقَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا نَجَا وَمَنْ زَاغَ هَوَي وَلَوْ أَنَّ عَبْداً عَبَدَ اللَّهَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَلْفَ عَامٍ ثُمَّ أَلْفَ عَامٍ ثُمَّ أَلْفَ عَامٍ حَتَّي يَصِيرَ كَالشَّنِّ الْبَالِي ثُمَّ لَمْ يُدْرِكْ مَحَبَّتَنَا أَكَبَّهُ اللَّهُ عَلَي مَنْخِرَيْهِ فِي النَّارِ ثُمَّ تَلا : « قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبي »(5) .

وعن أبان بن تغلب قال : سمعت أبا عبداللَّه عليه السلام يقول : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله : مَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْيَا حَيَاتِي وَيَمُوتَ مَمَاتِي وَيَدْخُلَ جَنَّةَ رَبِّي جَنَّةَ عَدْنٍ غَرَسَهَا بِيَدِهِ فَلْيَتَوَلَّ عَلِيّاً وَلْيَتَوَلَّ وَلِيَّهُ وَلْيُعَادِ عَدُوَّهُ وَلْيَأْتَمَّ بِالْأَوْصِيَاءِ مِنْ بَعْدِهِ فَإِنَّهُمْ عِتْرَتِي مِنْ لَحْمِي وَدَمِي أَعْطَاهُمُ اللَّهُ فَهْمِي وَعِلْمِي ، إِلَي اللَّهِ أَشْكُو مِنْ أُمَّتِيَ الْمُنْكِرِينَ لِفَضَائِلِهِمُ الْقَاطِعِينَ فِيهِمْ صِلَتِي وَايْمُ اللَّهِ لَيَقْتُلُنَّ ابْنِي لا أَنَالَهُمُ اللَّهُ شَفَاعَتِي(6) .

ص: 85


1- الشوري : 24 .
2- الشوري : الشوري 25
3- مجمع البيان :44/9 ؛ بحار الأنوار : 231/23.
4- مجمع البيان :43/9 ؛ بحار الأنوار :230/23 .
5- مجمع البيان : 43/9 ؛ بحار الأنوار :230/23 .
6- بصائر الدرجات :49/1، ح 5 ؛ بحار الأنوار :138/23 ، ح 83 .

وقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : مَنْ مَاتَ عَلَي حُبِّ آلِ مُحَمَّدٍ مَاتَ شَهِيداً أَلا وَمَنْ مَاتَ عَلَي حُبِّ آلِ مُحَمَّدٍ مَاتَ مَغْفُوراً لَهُ أَلا وَمَنْ مَاتَ عَلَي حُبِّ آلِ مُحَمَّدٍ مَاتَ تَائِباً أَلا وَمَنْ مَاتَ عَلَي حُبِّ آلِ مُحَمَّدٍ مَاتَ مُؤْمِناً مُسْتَكْمِلَ الْإِيمَانِ أَلا وَمَنْ مَاتَ عَلَي حُبِّ آلِ مُحَمَّدٍ بَشَّرَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ بِالْجَنَّةِ ثُمَّ مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ أَلا وَمَنْ مَاتَ عَلَي حُبِّ آلِ مُحَمَّدٍ يُزَفُّ إِلَي الْجَنَّةِ كَمَا تُزَفُّ الْعَرُوسُ إِلَي بَيْتِ زَوْجِهَا أَلا وَمَنْ مَاتَ عَلَي حُبِّ آلِ مُحَمَّدٍ صلي الله عليه وآله فُتِحَ لَهُ فِي قَبْرِهِ بَابَانِ إِلَي الْجَنَّة(1) .

فَكانُوا هُمُ السَّبِيلَ إِلَيْكَ وَالْمَسْلَكَ إِلَي رِضْوانِكَ

عن أبي جعفر عليه السلام : فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وآله بَابُ اللَّهِ الَّذِي لا يُؤْتَي إِلّا مِنْهُ وَسَبِيلُهُ الَّذِي مَنْ سَلَكَهُ وَصَلَ إِلَي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَكَذَلِكَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام مِنْ بَعْدِه(2) .

وعن حذيفة بن اليمان قال : قالوا : يا رسول اللَّه ألا تستخلف عليّاً ؟ قال : إِنْ تَوَلَّوْا عَلِيّاً تَجِدُوهُ هَادِياً مَهْدِيّاً يَسْلُكُ بِكُمُ الطَّرِيقَ الْمُسْتَقِيمَ(3) .

وفي العيون : أَنْتُمُ السَّبِيلُ الْأَعْظَمُ وَالصِّرَاطُ الْأَقْوَم(4) .

وفي زيارة الإمام المستتر عن الأبصار الحاضر في قلوب الأخيار المنتظر في الليل والنهار الحجّة بن الحسن صلوات اللَّه عليهما : السَّلامُ عَلَيْكَ يَا سَبِيلَ اللَّهِ

ص: 86


1- الكشاف :220/4، بحار الأنوار :223/23.
2- بصائر الدرجات : 199/1 ، ح 1 ؛ بحار الأنوار : 354/25 ، ح 3 .
3- كشف الغمّة ( ط - القديمة ) :155/1؛ بحار الأنوار :138/38، ذيل ح 98 .
4- كشف الغمّة ( ط - القديمة ) ؛ بحار الأنوار : 138/38 ، ذيل ح 98 .

الَّذِي مَنْ سَلَكَ غَيْرَهُ هَلَك(1) .

فَلَمَّا انْقَضَتْ أَيَّامُهُ أَقامَ وَ لِيَّهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طالِبٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِما وَآلِهِما هادِياً

قال تعالي : « يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ »(2).

عن شهر بن حوشب ، عن أبي هريرة قال : من صام يوم ثمانية عشر من ذي الحجّة كتب اللَّه له صيام ستّين شهراً وهو يوم غدير خم لمّا أخذ رسول اللَّه صلي الله عليه وآله بيد عليّ بن أبي طالب عليه السلام وقال : أَلَسْتُ أَوْلَي بِالْمُؤْمِنِينَ ؟ قَالُوا : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ ، فَقَالَ لَهُ : عُمَرُ بَخْ بَخْ يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ أَصْبَحْتَ مَوْلايَ وَمَوْلَي كُلِّ مُسْلِمٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : « الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ »(3) .(4)

إِذْ كانَ هُوَ الْمُنْذِرَ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ

قال تعالي : «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَي اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا »(5) .

وقال تعالي : « إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَاد »(6) .

ص: 87


1- عيون أخبار الرضا عليه السلام :274/2 ؛ بحار الأنوار :129/99 .
2- المائدة : 67.
3- المائدة 3 .
4- الأمالي للصدوق 2/م 1/ح 2 ؛ بحار الأنوار :110/94 ، ح 1 .
5- الأحزاب : 45 - 46.
6- الرعد : 7 .

عن ابن عبّاس قال : لمّا نزلت : « إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَاد » قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : أنا المُنذر وَعليّ الهادي مِن بَعدي وضرب بيده إلي صدر عليّ فقال : أنْتَ الهادي بَعدي يا علي بِكَ يَهتَدي المُهتَدوُن(1) .

وعن أبي برزة الأسلمي قال : دعا رسول اللَّه بالطهور وعنده عليّ بن أبي طالب ، فأخذ رسول اللَّه صلي الله عليه وآله بيد عليّ بعد ما تطهّر ، فالزقها بصدره ، فقال : إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ، ثمّ ردّها إلي صدر علي ثمّ قال : وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ثُمَّ قَالَ : إِنَّكَ مَنَارَةُ الْأَنَامِ وَرَايَةُ الْهُدَي وَأَمِيرُ الْقُرَي أَشْهَدُ عَلَي ذَلِكَ أَنَّكَ كَذَلِكَ(2) .

وعن بريد بن معاوية العجلي قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : ما معني إنّما أنت منذر ولكلّ قوم هاد ؟ قال : الْمُنْذِرُ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله وَعَلِيٌّ الْهَادِي وَفِي كُلِّ زَمَانٍ إِمَامٌ مِنَّا يَهْدِيهِمْ إِلَي مَا جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله(3) .

وعن ابن عبّاس قال : قدم يهودي علي رسول اللَّه صلي الله عليه وآله يقال له نعثل ، فقال : يا محمّد أخبرني عن وصيّك من هو ؟ فما من نبيّ إلّا وله وصيّ وإنّ نبيّنا موسي بن عمران أوصي إلي يوشع بن نون ، فقال صلي الله عليه وآله : نَعَمْ إِنَّ وَصِيِّي وَالْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَبَعْدَهُ سِبْطَايَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ تَتْلُوهُ تِسْعَةٌ مِنْ صُلْبِ الْحُسَيْنِ أَئِمَّةٌ أَبْرَارٌ قَالَ يَا مُحَمَّدُ : فَسَمِّهِمْ لِي قَالَ : نَعَمْ إِذَا مَضَي الْحُسَيْنُ فَابْنُهُ عَلِيٌّ فَإِذَا مَضَي عَلِيٌّ فَابْنُهُ مُحَمَّدٌ فَإِذَا مَضَي مُحَمَّدٌ فَابْنُهُ جَعْفَرٌ فَإِذَا مَضَي جَعْفَرٌ فَابْنُهُ مُوسَي فَإِذَا مَضَي مُوسَي فَابْنُهُ عَلِيٌّ فَإِذَا مَضَي عَلِيٌّ فَابْنُهُ مُحَمَّدٌ

ص: 88


1- فضائل أميرالمؤمنين عليه السلام : 194 ، ح 194 ؛ بحار الأنوار :107/9 .
2- شواهد التنزيل لقواعد التفضيل : 393/1 ، ح 414 ؛ بحار : 2/23 .
3- كمال الدين 667/2، ح 10 ؛ بحار الأنوار : 190/18 ، ح 26 .

فَإِذَا مَضَي مُحَمَّدٌ فَابْنُهُ عَلِيٌّ فَإِذَا مَضَي عَلِيٌّ فَابْنُهُ الْحَسَنُ فَإِذَا مَضَي الْحَسَنُ فَبَعْدَهُ ابْنُهُ الْحُجَّةُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ فَهَذِهِ اثْنَا عَشَرَ إِمَاماً عَلَي عَدَدِ نُقَبَاءِ بَنِي إِسْرَائِيل - الخبر - (1).

قال تعالي : « وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا »(2) .

وعن جابر بن يزيد الجعفي قال : قلت لأبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام : لأيّ شي ء يحتاج إلي النبي والإمام ؟ فقال : لِبَقَاءِ الْعَالَمِ عَلَي صَلاحِهِ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَرْفَعُ الْعَذَابَ عَنْ أَهْلِ الْأَرْضِ إِذَا كَانَ فِيهَا نَبِيٌّ أَوْ إِمَامٌ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ » وَقَالَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وآله : النُّجُومُ أَمَانٌ لأَهْلِ السَّمَاءِ وَأَهْلُ بَيْتِي أَمَانٌ لأَهْلِ الْأَرْضِ فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَي أَهْلَ السَّمَاءِ مَا يَكْرَهُونَ وَإِذَا ذَهَبَ أَهْلُ بَيْتِي أَتَي أَهْلَ الْأَرْضِ مَا يَكْرَهُونَ يَعْنِي بِأَهْلِ بَيْتِهِ الْأَئِمَّةَ الَّذِينَ قَرَنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ طَاعَتَهُمْ بِطَاعَتِهِ فَقَالَ : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ » وَهُمُ الْمَعْصُومُونَ الْمُطَهَّرُونَ الَّذِينَ لا يُذْنِبُونَ وَلا يَعْصُونَ وَهُمُ الْمُؤَيَّدُونَ الْمُوَفَّقُونَ الْمُسَدَّدُونَ بِهِمْ يَرْزُقُ اللَّهُ عِبَادَهُ وَبِهِمْ يَعْمَرُ بِلادَهُ وَبِهِمْ يُنْزِلُ الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ وَبِهِمْ تُخْرَجُ بَرَكَاتُ الْأَرْضِ وَبِهِمْ يُمْهِلُ أَهْلَ الْمَعَاصِي وَلا يُعَجِّلُ عَلَيْهِمْ بِالْعُقُوبَةِ وَالْعَذَابِ لا يُفَارِقُهُمْ رُوحُ الْقُدُسِ وَلا يُفَارِقُونَهُ وَلا يُفَارِقُونَ الْقُرْآنَ وَلا يُفَارِقُهُمْ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ(3) .

ص: 89


1- كفاية الأثر في النص علي الأئمّة الاثني عشر : 11 و13 ؛ بحار الأنوار : 284/36، ح 106.
2- المائدة : 12 .
3- علل الشرايع :123/1 ، ح 1 ؛ بحار الأنوار : 19/23 ، ح 14 .

فَقالَ وَالْمَلَأُ أَمامَهُ : مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ

عن سلمان الفارسي قدس سره : قال : قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : يَا عَلِيُّ مَنْ بَرِئَ مِنْ وَلايَتِكَ فَقَدْ بَرِئَ مِنْ وَلايَتِي وَمَنْ بَرِئَ مِنْ وَلايَتِي فَقَدْ بَرِئَ مِنْ وَلايَةِ اللَّه(1) .

اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ والاهُ وَعادِ مَنْ عاداهُ وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ

عن الصادق عليه السلام : مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ فَلْيَعْمَلْ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَلْيَتَّبِعْنَا أَلَمْ يَسْمَعْ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ صلي الله عليه وآله : « قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ » وَاللَّهِ لا يُطِيعُ اللَّهَ عَبْدٌ أَبَداً إِلّا أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي طَاعَتِهِ اتِّبَاعَنَا وَلا وَاللَّهِ لا يَتَّبِعُنَا عَبْدٌ أَبَداً إِلّا أَحَبَّهُ اللَّهُ وَلا وَاللَّهِ لا يَدَعُ أَحَدٌ اتِّبَاعَنَا أَبَداً إِلّا أَبْغَضَنَا وَلا وَاللَّهِ لا يُبْغِضُنَا أَحَدٌ أَبَداً إِلّا عَصَي اللَّهَ وَمَنْ مَاتَ عَاصِياً للَّهِ ِ أَخْزَاهُ اللَّهُ وَأَكَبَّهُ عَلَي وَجْهِهِ فِي النَّار(2) .

عن ابن عمر قال : سألت النبي صلي الله عليه وآله عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام فقال : ألا وَمَن أحبّ عليّاً فقد أحبّني وَمَن أحبّني رضيَ اللَّهُ عنهُ ومَن رضيَ اللَّهُ عنهَ كافاهُ الجنّة - إلي أن قال : - ألا وَمَن ماتَ علي حُبّ آل محمّدٍ فأنا كفيلُهُ بالجنّة - قاله ثلاثاً(3) .

وروي عن الصادق عليه السلام :

لَوْ كَانَ حُبُّكَ صَادِقاً لأَطَعْتَهُ ***إِنَّ الْمُحِبَّ لِمَنْ يُحِبُّ مُطِيع

ص: 90


1- تفسير فرات الكوفي : 109 ، ح 110 ؛ بحار الأنوار : 136/36 ، ح 93 .
2- بحار الأنوار :277/39.
3- بحار الأنوار :24/47 .

وَقالَ: مَنْ كُنْتُ أَ نَا نَبِيَّهُ فَعَلِيٌّ أَمِيرُهُ

عن محمّد بن إسماعيل الرازي ، عن رجل سماه ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : دخل رجل علي أبي عبداللَّه فقال : السلام عليك يا أميرالمؤمنين ، فقام علي قدميه فقال : مَهْ هَذَا اسْمٌ لا يَصْلُحُ إِلّا لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام سَمَّاهُ اللَّهُ بِهِ وَلَمْ يُسَمَّ بِهِ أَحَدٌ غَيْرُهُ فَرَضِيَ بِهِ إِلّا كَانَ مَنْكُوحاً وَإِنْ لَمْ يَكُنِ بِهِ ابْتُلِيَ بِهِ وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ فِي كِتَابِهِ : « إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلّا إِناثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلّا شَيْطاناً مَرِيداً » قَالَ : قُلْتُ : فَمَا ذَا يُدْعَي بِهِ قَائِمُكُمْ ؟ قَالَ : السَّلامُ عَلَيْكَ يَا بَقِيَّةَ اللَّهِ السَّلامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ(1) .

وعن ابن عبّاس قال : سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه وآله وهو علي المنبر يقول - وقد بلغه عن أُناس من قريش انكار تسميته لعليّ أميرالمؤمنين - فقال : مَعَاشِرَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ رَسُولاً وَأَمَرَنِي أَنْ أَسْتَخْلِفَ عَلَيْكُمْ عَلِيّاً أَمِيراً أَلا فَمَنْ كُنْتُ نَبِيَّهُ فَإِنَّ عَلِيّاً أَمِيرُهُ تَأْمِيرٌ أَمَّرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ وَأَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ ذَلِكَ لِتَسْمَعُوا لَهُ وَتُطِيعُوا إِذَا أَمَرَكُمْ بِأَمْرٍ تَأْتَمِرُونَ وَإِذَا نَهَاكُمْ عَنْ أَمْرٍ تَنْتَهُونَ أَلا فَلا يَأْتَمِرَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ عَلَي عَلِيٍّ عليه السلام فِي حَيَاتِي وَلا بَعْدَ وَفَاتِي فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَي أَمَّرَهُ عَلَيْكُمْ وَسَمَّاهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَلَمْ يُسَمِّ أَحَداً مِنْ قَبْلِهِ بِهَذَا الاسْمِ وَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ فِي عَلِيٍّ فَمَنْ أَطَاعَنِي فِيهِ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَانِي فِيهِ فَقَدْ عَصَي اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَلا حُجَّةَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ وَكَانَ مَصِيرُهُ إِلَي النَّارِ وَإِلَي مَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ : « وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ

ص: 91


1- تفسير العيّاشي : 276/1 ، ح 274 ؛ بحار الأنوار : 331/37، ح 73 .

يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها »(1).(2)

عن أبي جعفر محمّد بن علي ، عن أبيه ، عن جدّه عليهم السلام قال : قالَ عَليّ صَلَواتُ اللَّه عَلَيْه : قال النبي صلي الله عليه وآله : لمّا أُسريَ بي إلي السماء قال ( تعالي ) : قَدِ اخْتَرْتُ لَكَ عَلِيّاً فَاتَّخِذْهُ لِنَفْسِكَ خَلِيفَةً وَوَصِيّاً وَقَدْ نَحَلْتُهُ عِلْمِي وَحِلْمِي وَهُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حَقّاً لَمْ يَنَلْهَا أَحَدٌ قَبْلَهُ وَلَيْسَتْ لأَحَدٍ بَعْدَه(3) .

وقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : لمّا أُسري بي إلي السماء - إلي أن قال صلي الله عليه وآله : - فَأَوْحي إليَّ رَبّي ما أوحي، ثُمّ قال يا مُحَمّد، أقرئ علي عَلي بن أبي طالب أميرالمؤمنين السلام، فَما سَمّيتُ بِهذا أحداً قَبْلَهُ، ولا أُسَمّي بِهذا أحَداً بَعده(4) .

وعن بريدة الأسلمي قال : كنّا إذا سافرنا مع رسول اللَّه صلي الله عليه وآله كان عليّ عليه السلام صاحب متاعه يضمّه إليه وإذا نزلنا تعاهد متاعه فان كان شي ء يرمّه رمّة أو كانت نعل خصفها فنزلنا يوماً منزلاً فأقبل عليّ بنعل رسول اللَّه فدخل أبو بكر علي رسول اللَّه فقال : يا أبا بَكر سَلّم علي أمير المؤمنين قال : يا رسول اللَّه وأنتَ حَيّ ؟ قال : وأنا حيّ قال : ومن ذلك ؟ قال : خاصِفُ النعل ، ثمّ جاء عمر حتّي دخل عليه فسلم عليه فقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : اذهب فسلم علي أمير المؤمنين ، قال : وأنت حيّ ؟ قال : وأنا حي ، قال : ومن ذلك ؟ قال : خاصِفُ النعل ، قال بريدة : فكنت أنا فيمن دخل معهم علي رسول اللَّه صلي الله عليه وآله فأمرني أن أسلم علي علي صلي الله عليه وآله

ص: 92


1- النساء : 14.
2- الأمالي للصدوق : 407/م 63 ، ح 11 ؛ بحار الأنوار : 294/37 ، ح 9 .
3- الأمالي للطوسي : 354/م 12 ، ح 73 ؛ بحار الأنوار :13/40 ، ح 28 .
4- الأمالي للطوسي 295/م 11 ، ح 25 ؛ الجواهر السنيّة في الأحاديث القدسيّة : 516 .

فأتيته فسلمت كما سلموا عليه(1) .

وعن عبداللَّه قال : دخل عليّ عليه السلام علي رسول اللَّه صلي الله عليه وآله وعنده عائشة ، فجلس بين رسول اللَّه صلي الله عليه وآله وبين عائشة ، فقالت عائشة : ما كان لك مجلس غير فخذي فضرب رسول اللَّه صلي الله عليه وآله علي ظهرها فقال : مَهْ لا تُؤْذِينِي فِي أَخِي فَإِنَّهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَسَيِّدُ الْمُسْلِمِينَ وَقَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقْعُدُ عَلَي الصِّرَاطِ يُدْخِلُ أَوْلِيَاءَهُ الْجَنَّةَ وَيُدْخِلُ أَعْدَاءَهُ النَّارَ(2) .

وعن ابن عبّاس : أنّ النبيّ صلي الله عليه وآله قال لأمّ سلمة رضي اللَّه عنها : اسمعي واشهدي هذا عليّ أميرالمؤمنين وسيّد الوصيّين(3) .

عن ربيعة السعديّ قال كان حذيفة والياً لعثمان علي المدائن فلمّا صار عليّ أميرالمؤمنين كتب لحذيفة عهدا يخبره بما كان من أمره وبيعة الناس إيّاه فاستوي حذيفة جالسا وكان عليلا فقال : قد واللَّه ولاّكم أميرالمؤمنين حقّا - قالها ثلاثا - فقام إليه شابّ من الفرس متقلّدا سيفا فقال أيّها الأمير أتأذن في الكلام ؟ قال : نعم قال : اليوم صار أميرالمؤمنين أو لم يزل أميرالمؤمنين ، فقال حذيفة : بل لم يزل واللَّه أميرالمؤمنين ، قال : وكيف لنا بما تقول ؟ قال : بيني وبينكم كتاب اللَّه عزّ وجلّ وإن شئت حدّثتك ذلك لعهد عليّ بيني وبينك ، فقال الشابّ : حدّثنا يا أبا عبدالرحمن ، فقال : إنّ رسول اللَّه صلي الله عليه وآله قال لأصحابه : إِذَا رَأَيْتُمْ دِحْيَةَ الْكَلْبِيَّ عِنْدِي فَلا يَدْخُلَنَّ عَلَيَّ أَحَد وإنّي أتيت رسول اللَّه صلي الله عليه وآله يوما في حاجة فرأيت

ص: 93


1- بشارة المصطفي :185/2.
2- اليقين : 134 ، باب 5 ؛ بحار الأنوار : 297/37 ، ح 15 .
3- الارشاد في معرفة حجج اللَّه علي العباد : 47/1؛ بحار الأنوار : 330/37، ح 70 .

شملة مرخاة علي الباب فرفعت الشملة فإذا أنا بدحية الكلبيّ فغمضت عينيّ فرجعت قال : فلقيت عليّ بن أبي طالب عليه السلام فقال لي : يا أبا عبدالرحمن من أين أقبلت ؟ قلت : أتيت رسول اللَّه صلي الله عليه وآله في حاجة فلمّا أتيت منزله رأيت شملة مرخاة علي الباب فرفعت الشملة فإذا أنا بدحية الكلبيّ فرجعت قال : فقال لي عليّ عليه السلام : ارْجِعْ يَا حُذَيْفَةُ فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يَكُونَ هَذَا الْيَوْمُ حُجَّةً عَلَي هَذَا الْخَلْق ، قال : فرجعت مع عليّ عليه السلام فوقفت علي الباب ودخل عليّ عليه السلام فقال : السلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته وردّ دحية فقال : وعليكم السلام ورحمة اللَّه وبركاته يا أميرالمؤمنين ، من أنا ؟ قال : أظنّك دحية الكلبيّ قال : أجل خذ رأس ابن عمّك فأنت أحقّ به منّي فما كان بأسرع من أن رفع النبيّ صلي الله عليه وآله رأسه فقال : يا عليّ مِن حجر من أخذت رأسي وغاب دحية فقال : أظنّه من حجر دحية الكلبيّ قال : أجل فأيّ شي ء قيل لك قال : قلت السلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته فردّ عليّ وعليكم السلام ورحمة اللَّه وبركاته يا أميرالمؤمنين فقال النبيّ صلي الله عليه وآله : طوبي لك يا عليّ سلّمت عليك الملائكة بإمرة المؤمنين من عند ربّ العالمين ، قال : فخرج عليّ عليه السلام فقال : يا حذيفة أسمعت ، قلت : نعم قال : فكيف سمعت ؟ قال : قلت كالّذي سمعت ، قال : فقال الفارسيّ : فأين كانت أسيافكم ذلك اليوم يعني يوم بيعة أبي بكر قال ويحك تلك قلوب ضرب عليها بالغفلة(1) .

عن بريدة الأسلمي أنّ النبي صلي الله عليه وآله قال لبعض أصحابه : سلّموا علي عليّ بامرة المؤمنين ، فقال رجل من القوم : لا واللَّه لا يجتمع النبوّة والخلافة في أهل بيت أبداً ، فأنزل اللَّه عزّوجلّ : « أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ * أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ

ص: 94


1- اليقين : 384 ؛ بحار الأنوار :325/37، ح 63 .

سِرَّهُمْ وَنَجْواهُم »(1) .(2)

وعن سليم بن قيس : قال عمر لأبي بكر : أرسل إلي عليّ فليبايع فانّا لسنا في شي ء حتّي يبايع ولو قد بايع أمنّاه ، فأرسل إليه أبو بكر أجب خليفة رسول اللَّه ، فأتاه الرسول فقال له ذلك فقال له عليّ عليه السلام : سُبْحَانَ اللَّهِ مَا أَسْرَعَ مَا كَذَبْتُمْ عَلَي رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله إِنَّهُ لَيَعْلَمُ وَيَعْلَمُ الَّذِينَ حَوْلَهُ أَنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَمْ يَسْتَخْلِفَا غَيْرِي ، وذهب الرسول فأخبره بما قال له قال : اذهب فقل له أجب أميرالمؤمنين أبا بكر فأتاه فأخبره بما قال ، فقال له علي عليه السلام : سُبْحَانَ اللَّهِ مَا وَاللَّهِ طَالَ الْعَهْدُ فَيَنْسَي وَاللَّهِ إِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الاسْمَ لا يَصْلُحُ إِلّا لِي وَلَقَدْ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله وَهُوَ سَابِعُ سَبْعَةٍ فَسَلَّمُوا عَلَيَّ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ فَاسْتَفْهَمَ هُوَ وَصَاحِبُهُ مِنْ بَيْنِ السَّبْعَةِ فَقَالا أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله نَعَمْ حَقّاً مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِنَّهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَسَيِّدُ الْمُسْلِمِينَ وَصَاحِبُ لِوَاءِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ يُقْعِدُهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَي الصِّرَاطِ فَيُدْخِلُ أَوْلِيَاءَهُ الْجَنَّةَ وَأَعْدَاءَهُ النَّار(3).

وعن عبدالمؤمن ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قلت له : لِمُ سمّي أميرالمؤمنين عليه السلام أميرالمؤمنين ؟ فقال لي : لأنّ لأَنَّ مِيرَةَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ هُوَ كَانَ يَمِيرُهُمُ الْعِلْمَ(4) .

وعن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قلت له : جعلت فداك لِمَ سُمّي أميرالمؤمنين عليه السلام أميرالمؤمنين ؟ قال : لأنّه يَميرُهُم العلمَ ، أما سمعتَ كتاب اللَّه

ص: 95


1- الزخرف : 79 - 80 .
2- تأويل الآيات : 553 ؛ بحار الأنوار : 157/36، ح 136 .
3- كتاب سليم بن قيس الهلالي : 583/2 ؛ بحار الأنوار :266/28.
4- بصائر الدرجات : 512/1 ، ح 24 ؛ بحار الأنوار : 295/27، ح 11 .

عزّوجلّ : «وَنَميرُ أهلَنا »(1) .(2)

قال المجلسي رحمه الله : الميرة بالكسر جلب الطعام يقال مار عياله يمير ميرا وأمارهم وامتار لهم ويرد عليه أن الأمير فعيل من الأمر لا من الأجوف ويمكن التفصي عنه بوجوه الأول أن يكون علي القلب وفيه بعد من وجوه لا يخفي الثاني أن يكون أمير فعلا مضارعا علي صيغة المتكلم ويكون عليه السلام قد قال ذلك ثم اشتهر به كما في تأبط شرا. الثالث أن يكون المعني أن أمراء الدنيا إنما يسمون بالأمير لكونهم متكفلين لميرة الخلق وما يحتاجون إليه في معاشهم بزعمهم وأما أمير المؤمنين عليه السلام فإمارته لأمر أعظم من ذلك لأنه يميرهم ما هو سبب لحياتهم الأبدية وقوتهم الروحانية وإن شارك سائر الأمراء في الميرة الجسمانية وهذا أظهر الوجوه(3).

وسئل أبو جعفر عليه السلام عن تأويل قوله تعالي : «فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلي طَعامِهِ »قال : إلي عِلمهِ الذي يَأخُذُه عَمّن يَأخذه(4) .

قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ وَعَلِيٌّ بَابُهَا فَمَنْ أَرَادَ الْمَدِينَةَ فَلْيَأْتِها مِن بابِها(5).

ص: 96


1- يوسف : 65.
2- معاني الأخبار : 63 ، ح 13 ؛ بحار الأنوار : 293/37 ، ح 7 .
3- بحار الأنوار :293/37 .
4- من لا يحضره الفقيه :578/4 .
5- عيون أخبار الرضا عليه السلام : 233/1 .

وَقالَ : أَ نَا وَعَلِيٌّ مِنْ شَجَرَةٍ واحِدَةٍ وَسائِرُ النَّاسِ مِنْ شَجَرٍ شَتَّي

عن جابر قال : سمعت النبي صلي الله عليه وآله يقول لعلي عليه السلام : النَّاسِ مِنْ شَجَرٍ شَتَّي ، وَأَنَا وَأنتَ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ ، ثمّ قرأ : « وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ »(1) .(2)

وعن أبي هارون العبدي قال : سألت أبا سعيد الخدري عن عليّ بن أبي طالب خاصّة فقال : سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه وآله وهو يقول : خَلَقَ اللَّهُ النَّاسَ مِنْ أَشْجَارٍ شَتَّي وَخُلِقْتُ أَنَا وَعَلِي مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَنَا أَصْلُهَا وَعليّ فَرعُها فَطُوبي لِمَن استَمسَكَ بِأصلِها وَأكَلَ مِنْ فَرعِها(3) .

وعن عمرو بن حريث قال : سألت أبا عبداللَّه عليه السلام : عن قول اللَّه : « كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ »(4) قال : فقال عليه السلام : رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله أَصْلُهَا وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام فَرْعُهَا وَالْأَئِمَّةُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا أَغْصَانُهَا وَعِلْمُ الْأَئِمَّةِ ثَمَرَتُهَا وَشِيعَتُهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَرَقُهَا(5) .

وعن أبي عبداللَّه عليه السلام : « ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً » الاية ، قال : هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لأَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّهِ ، وَلِمَنْ عَادَاهُمْ هُوَ « مَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ »(6) .(7)

ص: 97


1- الرعد : 4 .
2- تفسير مجمع البيان :424/6 ؛ بحار الأنوار :180/36، ح 174 .
3- شواهد التنزيل لقواعد التفضيل : 376/1 ، ح 396 .
4- إبراهيم : 24 .
5- الكافي :428/1 ، ح 80 ؛ بحار الأنوار : 142/24، ح 12 .
6- إبراهيم : 26 .
7- تفسير العيّاشي :225/2 ؛ بحار الأنوار :142/24 .

وعن سلام بن المستنير ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قلت : أرأيت قوله : « تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا »(1) . قال عليه السلام : يَعْنِي بِذَلِكَ مَا يُفْتُونَ الْأَئِمَّةُ شِيعَتَهُمْ فِي كُلِّ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ مِنَ الْحَلالِ وَالْحَرَامِ(2) .

عن جابر بن عبداللَّه الأنصاري رضي الله عنه قال : سألت رسول اللَّه صلي الله عليه وآله عن ميلاد عليّ بن أبي طالب عليه السلام فقال : آهْ آهْ لَقَدْ سَأَلْتَ يَا جَابِرُ عَنْ خَيْرِ مَوْلُودٍ فِي شِبْهِ الْمَسِيحِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَي خَلَقَ عَلِيّاً نُوراً مِنْ نُورِي وَخَلَقَنِي نُوراً مِنْ نُورِهِ وَكِلانَا مِنْ نُورٍ وَاحِد(3) .

وعن جابر بن عبداللَّه يقول : بينا النبي صلي الله عليه وآله بعرفات وعليّ عليه السلام تجاهه ونحن معه ، إذ أومأ النبي صلي الله عليه وآله إلي علي عليه السلام فقال : ادْنُ مِنِّي يَا عَلِيُّ فَدَنَا مِنْهُ فَقَالَ ضَعْ خَمْسَكَ يَعْنِي كَفَّكَ فِي كَفِّي فَأَخَذَ بِكَفِّهِ فَقَالَ يَا عَلِيُّ خُلِقْتُ أَنَا وَأَنْتَ مِنْ شَجَرَةٍ أَنَا أَصْلُهَا وَأَنْتَ فَرْعُهَا وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ أَغْصَانُهَا فَمَنْ تَعَلَّقَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ(4) .

وقوله صلي الله عليه وآله لبريدة : لا تُبْغِضْ عَلِيّاً فَإِنَّهُ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ وَإِنَّ النَّاسَ خُلِقُوا مِنْ شَجَرٍ شَتَّي وَخُلِقْتُ أَنَا وَعَلِيٌّ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ(5) .

وعن أبي ذرّ رضي الله عنه قال : سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه وآله وهو يقول : خُلِقْتُ أَنَا وَعَلِيٌّ مِنْ نُورٍ وَاحِدٍ نُسَبِّحُ اللَّهَ يَمْنَةَ الْعَرْشِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ آدَمَ بِأَلْفَيْ عَامٍ ، فَلَمَّا أَنْ خَلَقَ

ص: 98


1- إبراهيم : 25 .
2- تفسير القمي : 369/1 ؛ بحار الأنوار : 138/24 ، ح 2 .
3- اليقين : 485 ؛ بحار الأنوار : 125/38 ، ح 73 .
4- الأمالي للطوسي : 611/م 28/ ، ح 11 ؛ بحار الأنوار : 69/65 ، ح 125 .
5- أعلام الوري ( ط - القديمة ) : 158 ؛ بحار الأنوار :188/38.

اللَّهُ آدَمَ عليه السلام جَعَلَ ذَلِكَ النُّورَ فِي صُلْبِهِ وَلَقَدْ سَكَنَ الْجَنَّةَ وَنَحْنُ فِي صُلْبِهِ وَلَقَدْ هَمَّ بِالْخَطِيئَةِ وَنَحْنُ فِي صُلْبِهِ وَلَقَدْ رَكِبَ نُوحٌ عليه السلام السَّفِينَةَ وَنَحْنُ فِي صُلْبِهِ وَلَقَدْ قُذِفَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام فِي النَّارِ وَنَحْنُ فِي صُلْبِهِ فَلَمْ يَزَلْ يَنْقُلُنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ أَصْلابٍ طَاهِرَةٍ إِلَي أَرْحَامٍ طَاهِرَةٍ حَتَّي انْتَهَي بِنَا إِلَي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَسَمَنَا بِنِصْفَيْنِ فَجَعَلَنِي فِي صُلْبِ عَبْدِ اللَّهِ وَجَعَلَ عَلِيّاً فِي صُلْبِ أَبِي طَالِبٍ وَجَعَلَ فِيَّ النُّبُوَّةَ وَالْبَرَكَةَ وَجَعَلَ فِي عَلِيٍّ الْفَصَاحَةَ وَالْفُرُوسِيَّةَ وَشَقَّ لَنَا اسْمَيْنِ مِنْ أَسْمَائِهِ فَذُو الْعَرْشِ مَحْمُودٌ وَأَنَا مُحَمَّدٌ وَاللَّهُ الْأَعْلَي وَهَذَا عَلِيٌّ(1) .

وَأَحَلَّهُ مَحَلَّ هَارُونَ مِنْ مُوسي فَقال لَهُ : أَ نْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هارُونَ مِنْ مُوسي

وعن ابن عبّاس قال : سمعت عمر بن الخطّاب وعنده جماعة فتذاكروا السابقين إلي الإسلام ، يقول : أمّا عليّ بن أبي طالب عليه السلام فسمعت رسول اللَّه صلي الله عليه وآله يقول : فيه ثلاث خصال ، لوددت أنّ لي واحدة منهنّ وكانت أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها ، وكنت أنا وأبو بكر وأبو عبيدة وجماعة من الصحابة إذ ضرب النبي صلي الله عليه وآله بيده علي منكب عليّ عليه السلام فقال : يَا عَلِيُّ أَنْتَ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ إِسْلاماً وَأَنْتَ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَاناً وَأَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَي(2).

وعن ابن عبّاس قال : أخذ النبي صلي الله عليه وآله بيد عليّ بن أبي طالب عليه السلام وبيدي ونحن بمكّة وصلّي أربع ركعات ثمّ رفع رأسه إلي السماء وقال : اللَّهُمَّ إِنَّ نَبِيَّكَ مُوسَي بْنَ عِمْرَانَ سَأَلَكَ فَقَالَ : « رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي » الآْيَةَ وَأَنَا

ص: 99


1- معاني الأخبار : 56 ، ح 4 ؛ بحار الأنوار : 11/15، ح 12 .
2- حلية الأبرار في أحوال محمّد وآله الأطهار :322/2.

مُحَمَّدٌ نَبِيُّكَ أَسْأَلُكَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَسَمِعْتُ مُنَادِياً يُنَادِي يَا أَحْمَدُ قَدْ أُوتِيتَ مَا سَأَلْتَ(1) .

وأمّا الخبر : أنت منّي بمنزلة هارون من موسي إلّا أنّه لا نبيّ بعدي » فقد أخرجه الشيخان في صحيحهما والنطنزي في الخصائص أنّه سئل رجل شافعي عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال : قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : أنتَ مِنّي بِمَنزلة هارون مِن مُوسي إلّا النُبوّة(2) .

وصنّف أحمد بن محمّد بن سعد كتاباً في طرقه قد تلقّته الأُمّة بالقبول اجماعاً وقد قال صلي الله عليه وآله مراراً منها لما خلفه في غزاة تبوك علي المدينة والحرم فريداً لأن تبوك بعيدة منها فلم يأمن أن يصيروا إليها وإنّه قد علم أنّه لا يكون هناك قتال وخرج في جيش أربعين ألف رجل وخلف جيشاً وهو علي وحده وقد قال اللَّه تعالي في غيره : « رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ »(3) فما ظنّك بالمدينة ليس فيها إلّا منافق أو امرأة(4) .

قال أبو سعيد الخدري : فلمّا وصل النبي صلي الله عليه وآله إلي الجرف(5) أتاه علي عليه السلام فقال :

ص: 100


1- بحار الأنوار : 126/36 .
2- مناقب آل أبي طالب عليهم السلام : 3/16 ؛ بحار الأنوار : 259/37، ح 17 .
3- التوبة : 87 .
4- مناقب آل أبي طالب عليهم السلام : 3/16 ؛ بحار الأنوار : 259/37 ، ذيل ح 17 .
5- الجرف - بالضم ثمّ السكون - موضع علي ثلاثة أميال من المدينة نحو الشام ، با كانت أموال لعمر بن الخطاب ولأهل المدينة ( مراصد الاطّلاع 1 : 326 ) .

يا نَبي اللَّه زَعَم المُنافقون أنّك لما خَلَفتني أنّك استثقلتني وتخفّفت منّي ، فقال صلي الله عليه وآله : كَذبوا إنّما خلّفتُك لِما وراي فارجِع فاخلفني في أهلي وأهلك أفلا تَرضي يا علي أن تَكون منّي بِمَنزلَة هارونَ مِن مُوسي إلّا أنّه لا نَبي بَعدي ، فَرَجِعَ علي عليه السلام . وفي روايات كثيرة إلّا أنّه لا نبيّ بعدي ولو كان لكنته(1) .

وعن عامر بن سعد بن أبي وقّاص ، عن أبيه قال : أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال : ما منع: أن تسبّ أبا تراب ؟ فقال : أمّا ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ له رسول اللَّه صلي الله عليه وآله فلن أسبّه لأن تكون لي واحدة منهنّ أحبّ إليّ من حمر النعم ، سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه وآله يقول له وقد خلّفه في بعض مغازيه فقال له : يَا رَسُولَ اللَّهِ خَلَّفْتَنِي مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ ؟ فقال له رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : أَمَا تَرْضَي أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَي إِلّا أَنَّهُ لا نُبُوَّةَ بَعْدِي .

وسمعته يقول يوم خيبر : لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلاً يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، قال فتطاولنا لها فقال : ادْعُوا لِي عَلِيّاً فَأُتِيَ بِهِ أَرْمَدَ الْعَيْنِ فَبَصَقَ فِي عَيْنِهِ وَدَفَعَ الرَّايَةَ إِلَيْهِ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَي يَدَيْهِ .

وَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآْيَةُ : « نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ » دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله عَلِيّاً وَفَاطِمَةَ وَحَسَناً وَحُسَيْناً عليه السلام فَقَالَ : اللَّهُمَّ هَؤُلاءِ أَهْلُ بَيْتِي(2) .

وعن عبداللَّه بن عبّاس قال : رأيت حسان واقفاً بمني والنبي وأصحابه مجتمعين فقال النبي صلي الله عليه وآله : مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ سَيِّدُ الْعَرَبِ وَالْوَصِيُّ الْأَكْبَرُ مَنْزِلَتُهُ مِنِّي مَنْزِلَةُ هَارُونَ مِنْ مُوسَي إِلّا أَنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي لا تُقْبَلُ

ص: 101


1- مناقب لابن شهر آشوب : 16/3؛ بحار الأنوار :259/37، ح 17 .
2- صحيح مسلم :120/7؛ بحار الأنوار :264/37 ، ح 34 .

التَّوْبَةُ مِنْ تَائِبٍ إِلّا بِحُبِّهِ يَا حَسَّانُ قُلْ فِيهِ شَيْئا .

فأنشأ يقول :

لا تقبل التوبة من تائب ***إلا بحب ابن أبي طالب

أخو رسول اللَّه بل صهره ***والصهر لا يعدل بالصاحب

و من يكن مثل علي وقد***ردت له الشمس من المغرب

ردّت عليه الشمس في ضوئها***بيضاً كأنّ الشمس لم تغرب(1)

وعن الصادق جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام : يَا عَلِيُّ أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هِبَةِ اللَّهِ مِنْ آدَمَ وَبِمَنْزِلَةِ سَامٍ مِنْ نُوحٍ وَبِمَنْزِلَةِ إِسْحَاقَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ وَبِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَي وَبِمَنْزِلَةِ شَمْعُونَ مِنْ عِيسَي إِلّا أَنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي يَا عَلِيُّ أَنْتَ وَصِيِّي وَخَلِيفَتِي فَمَنْ جَحَدَ وَصِيَّتَكَ وَخِلافَتَكَ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ وَأَنَا خَصْمُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا عَلِيُّ أَنْتَ أَفْضَلُ أُمَّتِي فَضْلاً وَأَقْدَمُهُمْ سِلْماً وَأَكْثَرُهُمْ عِلْماً وَأَوْفَرُهُمْ حِلْماً وَأَشْجَعُهُمْ قَلْباً وَأَسْخَاهُمْ كَفّاً يَا عَلِيُّ أَنْتَ الْإِمَامُ بَعْدِي وَالْأَمِيرُ وَأَنْتَ الصَّاحِبُ بَعْدِي وَالْوَزِيرُ وَمَا لَكَ فِي أُمَّتِي مِنْ نَظِيرٍ يَا عَلِيُّ أَنْتَ قَسِيمُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ بِمَحَبَّتِكَ يُعْرَفُ الْأَبْرَارُ مِنَ الْفُجَّارِ وَيُمَيَّزُ بَيْنَ الْأَشْرَارِ وَالْأَخْيَارِ وَبَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكُفَّارِ(2) .

عن جابر بن عبداللَّه الأنصاري قال : قال النبي صلي الله عليه وآله : إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَي اصْطَفَانِي وَاخْتَارَنِي وَجَعَلَنِي رَسُولاً وَأَنْزَلَ عَلَيَّ سَيِّدَ الْكُتُبِ فَقُلْتُ إِلَهِي

ص: 102


1- بشارة المصطفي لشيعة المرتضي ( ط - القديمة ) : 147/2؛ بحار الأنوار : 260/37 ، ح 19 .
2- الأمالي للصدوق : 46/م 11 ، ح 4 ؛ بحار الأنوار : 254/37 ، ح 1 .

وَسَيِّدِي إِنَّكَ أَرْسَلْتَ مُوسَي إِلَي فِرْعَوْنَ فَسَأَلَكَ أَنْ تَجْعَلَ مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيراً تَشُدُّ بِهِ عَضُدَهُ وَتُصَدِّقُ بِهِ قَوْلَهُ وَإِنِّي أَسْأَلُكَ يَا سَيِّدِي وَإِلَهِي أَنْ تَجْعَلَ لِي مِنْ أَهْلِي وَزِيراً تَشُدُّ بِهِ عَضُدِي فَجَعَلَ اللَّهُ لِي عَلِيّاً وَزِيراً وَأَخاً وَجَعَلَ الشَّجَاعَةَ فِي قَلْبِهِ وَأَلْبَسَهُ الْهَيْبَةَ عَلَي عَدُوِّهِ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِي وَصَدَّقَنِي وَأَوَّلُ مَنْ وَحَّدَ اللَّهَ مَعِي وَإِنِّي سَأَلْتُ ذَلِكَ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فَأَعْطَانِيهِ فَهُوَ سَيِّدُ الْأَوْصِيَاءِ اللُّحُوقُ بِهِ سَعَادَةٌ وَالْمَوْتُ فِي طَاعَتِهِ شَهَادَةٌ وَاسْمُهُ فِي التَّوْرَاةِ مَقْرُونٌ إِلَي اسْمِي وَزَوْجَتُهُ الصِّدِّيقَةُ الْكُبْرَي ابْنَتِي وَابْنَاهُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ابْنَايَ وَهُوَ وَهُمَا وَالْأَئِمَّةُ بَعْدَهُمْ حُجَجُ اللَّهِ عَلَي خَلْقِهِ بَعْدَ النَّبِيِّينَ وَهُمْ أَبْوَابُ الْعِلْمِ فِي أُمَّتِي مَنْ تَبِعَهُمْ نَجَا مِنَ النَّارِ وَمَنِ اقْتَدَي بِهِمْ هُدِيَ إِلي صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ لَمْ يَهَبِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَحَبَّتَهُمْ لِعَبْدٍ إِلّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ(1) .

إِلَّا أَ نَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي

قال تعالي : «مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ »(2) .

عن الحسن بن عبداللَّه ، عن أبيه ، عن جدّه الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام قال : جَاءَ نَفَرٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَي رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ الَّذِي تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَّكَ الَّذِي يُوحَي إِلَيْكَ كَمَا أُوحِيَ إِلَي مُوسَي بْنِ عِمْرَانَ فَسَكَتَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وآله سَاعَةً ثُمَّ قَالَ نَعَمْ أَنَا سَيِّدُ وُلْدِ آدَمَ وَلا فَخْرَ وَأَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ

ص: 103


1- الأمالي للصدوق : 41/م 6 ، ح 5 ؛ بحار الأنوار :92/38، ح 6 .
2- الأحزاب : 40 .

وَإِمَامُ الْمُتَّقِينَ وَرَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِين(1).

وَزَوَّجَهُ ابْنَتَهُ سَيِّدَةَ نِساءِ الْعالَمِينَ

عن أنس قال : كنت عند النبي صلي الله عليه وآله فغشيه الوحي فلمّا أفاق قال : يا أنس أتدري بما جاءني به جبريل من عند صاحب العرش عزّوجلّ ؟ قلت : بأبي وأُمّي بما جاءك جبرئيل ؟ قال : قَالَ جَبرئيل : إنّ اللَّه يأمرك أَنْ تُزَوِّجَ فَاطِمَةَ بعَلِيٍّ فَانْطَلِقْ فَادْعُ لِي أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيّاً وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ وَبِعَدَدِهِمْ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ فَانْطَلَقْتُ فَدَعَوْتُهُمْ لَهُ فَلَمَّا أَنْ أَخَذُوا مَقَاعِدَهُمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله : الْحَمْدُ للَّهِ ِ الْمَحْمُودِ بِنِعْمَتِهِ وذكر الخطبة المشتملة علي التزويج وفي آخرها : فجمع اللَّه شملهما ، وأطاب نسلهما ، وجعل نسلهما مفاتيح الرحمة ، ومعادن الحكمة ، وأمن الأُمّة ، ثمّ حضر علي وكان غائباً ، فتبسّم رسول اللَّه صلي الله عليه وآله وقال : يَا عَلِيُّ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُزَوِّجَكَ فَاطِمَةَ وَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا عَلَي أَرْبَعِمِائَةِ مِثْقَالٍ فِضَّةً أَرَضِيتَ قَالَ رَضِيتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ انّ عَلِيّاً خَرَّ للَّهِ ِ سَاجِداً شَاكِراً ، فَلَمّا رَفَعَ رَأسَهُ قالَ لَهُ رسولُ اللَّه صلي الله عليه وآله : بَارَكَ اللَّه لَكُمَا ، وَبَارَكَ فِيكُمَا ، وَأَسعدَ جدكما ، وَأَخْرَجَ مِنْكُمَا الْكَثِير الطَّيِّبُ(2) .

وفي كشف الغمّة قال جبرئيل : يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَنِي أَنْ آمُرَكَ أَنْ تُزَوِّجَ عَلِيّاً فِي الْأَرْضِ فَاطِمَةَ وَتُبَشِّرَهُمَا بِغُلامَيْنِ زَكِيَّيْنِ نَجِيبَيْنِ طَاهِرَيْنِ

ص: 104


1- الأمالي للصدوق : 187/م 35 ، ح 1 ؛ بحار الأنوار :294/9، ح 5 .
2- ينابيع المودّة للقندوزي : 61/2 ، ح 48 ؛ كشف الغمّة ( ط - القديمة ) :348/1 ؛ بحار الأنوار : 119/43 ، ح 29 .

طَيِّبَيْنِ خَيِّرَيْنِ فَاضِلَيْنِ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ يَا أَبَا الْحَسَنِ فَوَ اللَّهِ مَا عَرَجَ الْمَلَكُ مِنْ عِنْدِي حَتَّي دَقَقْتَ الْبَابَ أَلا وَإِنِّي مُنْفِذٌ فِيكَ أَمْرَ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ امْضِ يَا أَبَا الْحَسَنِ أَمَامِي فَإِنِّي خَارِجٌ إِلَي الْمَسْجِدِ وَمُزَوِّجُكَ عَلَي رُءُوسِ النَّاسِ وَذَاكِرٌ مِنْ فَضْلِكَ مَا تَقَرُّ بِهِ عَيْنُكَ وَأَعْيُنُ مُحِبِّيكَ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ قَالَ عَلِيٌّ فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله مُسْرِعاً وَأَنَا لا أَعْقِلُ فَرَحاً وَسُرُوراً - إلي أن قال : - يَا بِلالُ فَأَجَابَهُ فَقَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ اجْمَعْ إِلَيَّ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ فَجَمَعَهُمْ ثُمَّ رَقَي دَرَجَةً مِنَ الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَي عَلَيْهِ وَقَالَ مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ إِنَّ جَبْرَئِيلَ أَتَانِي آنِفاً فَأَخْبَرَنِي عَنْ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ - إلي أن قال : - أَنَّهُ زَوَّجَ أَمَتَهُ فَاطِمَةَ ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ مِنْ عَبْدِهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَمَرَنِي أَنْ أُزَوِّجَهُ فِي الْأَرْضِ وَأُشْهِدَكُمْ عَلَي ذَلِكَ ثُمَّ جَلَسَ وَقَالَ لِعَلِيٍّ عليه السلام قُمْ يَا أَبَا الْحَسَنِ فَاخْطُبْ أَنْتَ لِنَفْسِكَ قَالَ فَقَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَي عَلَيْهِ وَصَلَّي عَلَي النَّبِيِّ صلي الله عليه وآله - إلي أن قال : - فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله زَوَّجْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالُوا بَارَكَ اللَّهُ لَهُمَا وَعَلَيْهِمَا وَجَمَعَ شَمْلَهُمَا(1) إلخ .

وقال ابن عبّاس : لمّا كانت الليلة التي زفّت فاطمة كان رسول اللَّه قدّامها وجبرئيل عن يمينها وميكائيل عن يسارها وسبعون ألف ملك عن خلفها يسبّحون ويقدّسون حتّي طلع الفجر(2) .

وقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : لَوْ لَمْ يَخْلُقِ اللَّهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ مَا كَانَ لِفَاطِمَةَ كُفْو(3).

ص: 105


1- كشف الغمّة ( ط - القديمة ) : 358/1 ؛ بحار الأنوار :128/43 .
2- روضة الواعظين :147/1 .
3- روضة الواعظين : 146/1 .

وعن عائشة : أنّ النبيّ صلي الله عليه وآله قال - وهو في مرضه الذي توفّي فيه - : يا فاطمة ألا ترضين أن تكوني سيّدة نساء العالمين(1) .

وعن الحسن بن زياد العطّار قال : قلت لأبي عبداللَّه عليه السلام قول رسول اللَّه : فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة ، أسيّد نساء عالمها ؟ قال : ذَاكَ مَرْيَمُ ، وَفَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالآْخِرِينَ .

فقلت : فقول رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة ؟ قال : هُمَا وَاللَّهِ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالآْخِرِينَ .

وَأَحَلَّ لَهُ مِنْ مَسْجِدِهِ مَا حَلَّ لَهُ وَسَدَّ الْأَ بْوابَ إِلَّا بابَهُ

عن نافع مولي ابن عمر قال : قلت لابن عمر : من خير الناس بعد رسول اللَّه صلي الله عليه وآله ؟ قال : ما أنت وذاك لا أم لك ثمّ استغفر اللَّه وقال : خيرهم بعده من كان يحلّ له ما يحلّ له ويحرم عليه ما يحرم عليه ، قلت : من هو ؟ قال : عليّ سدّ أبواب المسجد وترك باب عليّ وقال لك في هذا المسجد ما لي وعليك فيه ما عليّ وأنت وارثي ووصيّي تقضي ديني وتنجز عداتي وتقتل علي سنّتي كذب من زعم أنّه يبغضك ويحبّني(2) .

وعن حذيفة بن اسيد الغفاري قال : انّ النبي صلي الله عليه وآله قام خطيباً فقال : إِنَّ رِجَالاً لايَجِدُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ أَنْ أُسْكِنَ عَلِيّاً فِي الْمَسْجِدِ وَأُخْرِجَهُمْ وَاللَّهِ مَا أَخْرَجْتُهُمْ وَأَسْكَنْتُهُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَوْحَي إِلَي مُوسَي وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً

ص: 106


1- عوالم العلوم والمعارف :1050/11 ، ح 3 ؛ المستدرك لحاكم النيسابوري :1156/3.
2- كشف الغمّة : 333/1 ؛ بحار الأنوار : 33/39.

وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ ثُمَّ أَمَرَ مُوسَي أَنْ لا يَسْكُنَ مَسْجِدَهُ وَلا يَنْكِحَ فِيهِ وَلا يَدْخُلَهُ جُنُبٌ إِلّا هَارُونُ وَذُرِّيَّتُه(1) .

وقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : تَعَالَ يَا عَلِيُّ إِنَّهُ يَحِلُّ لَكَ فِي الْمَسْجِدِ مَا يَحِلُّ لِي أَلا تَرْضَي أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَي إِلّا النُّبُوَّة(2) .

وعن زيد بن أرقم قال : كان لنفر من أصحاب رسول اللَّه صلي الله عليه وآله أبواب شارعة في المسجد فقال يوماً : سدّوا هذه الأبواب إلّا باب عليّ ، فتكلّم في ذلك الناس قال : فقام رسول اللَّه صلي الله عليه وآله فحمد اللَّه وأثني عليه ثمّ قال : أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أُمِرْتُ بِسَدِّ هَذِهِ الْأَبْوَابِ غَيْرَ بَابِ عَلِيٍّ عليه السلام فَقَالَ فِيهِ قَائِلُكُمْ وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا سَدَدْتُ شَيْئاً وَلا فَتَحْتُهُ وَلَكِنِّي أُمِرْتُ بِشَيْ ءٍ فَاتَّبَعْتُهُ(3) .

وقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : مَا أَنَا سَدَدْتُ أَبْوَابَكُمْ وَفَتَحْتُ بَابَ عَلِيٍّ عليه السلام ، وَلَكِنَّ اللَّهَ فَتَحَ بَابَ عَلِيٍّ وَسَدَّ أَبْوَابَكُمْ(4) .

وروي أبو رافع قال : خطب النبيّ صلي الله عليه وآله فقال : أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَي أَمَرَ مُوسَي بْنَ عِمْرَانَ أَنْ يَبْنِيَ مَسْجِداً طَاهِراً لا يَسْكُنُهُ إِلّا هُوَ وَهَارُونُ وَابْنَا هَارُونَ شَبَّرُ وَشَبِيرٌ وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ مَسْجِداً لا يَسْكُنُهُ إِلّا أَنَا وَعَلِيٌّ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سُدُّوا هَذِهِ الْأَبْوَابَ إِلّا بَابَ عَلِي(5) .

ص: 107


1- علل الشرايع : 202/1 ، ح 3 ؛ بحار الأنوار :235/25.
2- كشف الغمّة ( ط - القديمة ) : 152/1 ؛ بحار الأنوار : 260/37 ، ح 18 .
3- الأمالي للصدوق : 333/م 54/ح 4 ؛ بحار الأنوار : 19/39 ؛ ح 112 .
4- المسترشد في امامة عليّ بن أبي طالب عليه السلام : 448 ؛ دلائل الصدق لنهج الحق : 117/6 .
5- اعلام الوري باعلام الهدي ( ط - الحديثة ) : 320/1 ؛ بحار الأنوار : 190/38.

ثُمَّ أَوْدَعَهُ عِلْمَهُ وَحِكْمَتَهُ

عن الأصبغ بن نباتة ، عن أميرالمؤمنين عليّ عليه السلام قال : سمعته يقول : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وآله عَلَّمَنِي أَلْفَ بَابٍ مِنَ الْحَلالِ وَالْحَرَامِ وَمِمَّا كَانَ وَمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَي يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلُّ بَابٍ مِنْهَا يَفْتَحُ أَلْفَ باب فذلكَ ألف أَلْفِ بَابٍ حَتَّي عَلِمْتُ عِلْمَ الْمَنَايَا وَالْبَلايَا وَفَصْلَ الْخِطَابِ(1) .

وقال أبو جعفر عليه السلام : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَمَعَ لِمُحَمَّدٍ صلي الله عليه وآله سُنَنَ النَّبِيِّينَ مِنْ آدَمَ وَهَلُمَّ جَرّاً إِلَي مُحَمَّدٍ صلي الله عليه وآله قِيلَ لَهُ : وَمَا تِلْكَ السُّنَنُ ؟ قَالَ : عِلْمُ النَّبِيِّينَ بِأَسْرِهِ وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وآله صَيَّرَ ذَلِكَ كُلَّهُ عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام(2) .

وعن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : لَمّا قُبِضَ رَسُول اللَّه وَرِثَ عَلي عِلْمَه(3).

فَقالَ : أَ نَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ وَعَلِيٌّ بابُها فَمَنْ أَرادَ الْمَدِينَةَ وَالْحِكْمَةَ فَلْيَأْتِها مِنْ بابِها

قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : أَنَا مَدِينَةُ الْحِكْمَةِ وَعَلِيٌّ بَابُهَا فَمَنْ أَرَادَ الْحِكْمَةَ فَلْيَأْتِهَا مِنْ بابِها(4) .

وقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : يا علي أنا مدينة العلم وأنتَ بابُها ، كذِبَ مَن زعمَ انّه يدخُل المدينَة بغيرِ الباب ، قال اللَّه عزّوجلّ : « وَأْتُوا

ص: 108


1- بصائر الدرجات : 305/1 ، ح 11 ؛ بحار الأنوار :130/40، ح 6 .
2- الكافي :222/1، ح 6 ؛ بحار الأنوار :131/17، ح 6 .
3- بصائر الدرجات :177/1 ، ح 8 ؛ بحار الأنوار : 206/6، ح 9 .
4- الأمالي للصدوق : 526/م 79 ، ح 1 ؛ بحار الأنوار :120/10 ، ح 1 .

الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا »(1) .(2)

وعن ابن عبّاس قال : قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : أَنَا دَارُ الْحِكْمَةِ وَعَلِيٌّ بَابُهَا فَمَنْ أَرَادَ الْحِكْمَةَ فَلْيَأْتِ الْبَابَ(3) .

وقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : أَنَا مَدِينَةُ الْحِكْمَةِ وَعَلِيٌّ بَابُهَا فَمَنْ أَرَادَ الْحِكْمَةَ فَلْيَأْتِ الْبَابَ(4) .

وقال أبو عبداللَّه عليه السلام ابتداء منه : وَاللَّهِ إِنِّي لأَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا فِي الْجَنَّةِ وَمَا فِي النَّارِ وَمَا كَانَ وَمَا يَكُونُ إِلَي أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ ثُمَّ قَالَ أَعْلَمُهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَنْظُرُ إِلَيْهِ هَكَذَا ثُمَّ بَسَطَ كَفَّيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ « وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فِيهِ تِبْيَانُ كُلِّ شَيْ ءٍ»(5) .

وعن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : لَمْ يَعْلَمْ وَاللَّهِ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله حَرْفاً مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلّا وَقَدْ عَلَّمَهُ عَلِيّاً ثُمَّ انْتَهَي الْعِلْمُ إِلَيْنَا ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَي صَدْرِهِ(6) .

وعن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال : لَمْ يَهْلِكَ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ عَالِمٌ حَتَّي يَرَي مَنْ يُخَلِّفُهُ يَعْلَمُ مِثْلَ عِلْمِهِ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ قَالَ قُلْتُ مَا هَذَا الْعِلْمُ قَالَ وِرَاثَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله وَمِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا يَسْتَغْنِي عَنِ النَّاسِ وَلا

ص: 109


1- البقرة : 189 .
2- شرح احقاق الحق : 555/22 .
3- عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب امام الأبرار : 295 ، ح 488 ؛ بحار الأنوار :207/40 .
4- الأمالي للطوسي : 483/م 17 ، ح 24 ؛ بحار الأنوار :201/40، ح 3 .
5- بصائر الدرجات: 127، ح 2؛ بحار الأنوار: 35/47 ح 33.
6- بصائر الدرجات : 295/1 ، ح 3 ؛ بحار الأنوار : 173/26 ، ح 44 .

يَسْتَغْنِي النَّاسُ عَنْهُ(1) .

وعن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : إِنَّ اللَّهَ أَجَلُّ وَأَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَحْتَجَّ بِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِهِ ثُمَّ يُخْفِي عَنْهُ شَيْئاً مِنْ أَخْبَارِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ(2).

وعن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : اللَّهُ أَحْكَمُ وَأَكْرَمُ مِنْ أَنْ يَفْرِضَ طَاعَةَ عَبْدٍ يَحْجُبُ عَنْهُ خَبَرَ السَّمَاءِ صَبَاحاً وَمَسَاءً(3) .

وعن الباقر وأميرالمؤمنين عليه السلام : في قوله : «لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقي وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها )(4):نَحْنُ الْبُيُوتُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُؤْتَي مِنْ أَبْوَابِهَا وَنَحْنُ بَابُ اللَّهِ وَبُيُوتُهُ الَّتِي تُؤْتَي مِنْهُ فَمَنْ تَابَعَنَا وَأَقَرَّ بِوَلايَتِنَا فَقَدْ أَتَي الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَمَنْ خَالَفَنَا وَفَضَّلَ عَلَيْنَا غَيْرَنَا فَقَدْ أَتَي الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا(5) .

ثُمَّ قالَ : أَ نْتَ أَخِي

في تفسير القمي : لمّا هاجر رسول اللَّه صلي الله عليه وآله إلي المدينة وآخي بين المسلمين من المهاجرين والأنصار وآخي بين أبي بكر وعمر وبين عثمان وعبدالرحمن بن عوف وبين طلحة والزبير وبين سلمان وأبي ذر وبين المقداد وعمار وترك أميرالمؤمنين عليه السلام فاغتم من ذلك غمّا شديدا، فقال : يا رسول اللَّه بأبي أنت وأُمي ،

ص: 110


1- بصائر الدرجات :327/1 ، ح 6 ؛ بحار الأنوار : 174/26، ح 49 .
2- بصائر الدرجات : 126/1، ح 6 ؛ بحار الأنوار :110/26 ح 4 .
3- بصائر الدرجات : 125/1 ، ح 5 ؛ بحار الأنوار : 110/26، ح 3 .
4- البقرة : 58 .
5- مناقب لابن شهر آشوب :34/2 ؛ بحار الأنوار : 205/40 ، ح 12 .

لِمَ لا تؤاخي بيني وبين أحد ؟ فَقَالَ : يَا عَلِيُّ مَا حَبَسْتُكَ إِلّا لِنَفْسِي أَمَا تَرْضَي أَنْ تَكُونَ أَخِي وَأَنَا أَخُوكَ وَأَنْتَ وَصِيِّي وَوَزِيرِي وَخَلِيفَتِي فِي أُمَّتِي تَقْضِي دَيْنِي وَتُنْجِزُ عِدَاتِي وَتَتَوَلَّي عَلَيَّ غُسْلِي وَلا يَلِيهِ غَيْرُكَ وَأَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَي إِلّا أَنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي(1) .

وعن أنس قال : لمّا كان يوم المباهلة وآخي النبيّ صلي الله عليه وآله بين المهاجرين والأنصار وعليّ واقف يراه ويعرف مكانه لم يواخ بينه وبين أحد فانصرف عليّ عليه السلام باكي العين فافتقده النبيّ صلي الله عليه وآله فقال : مَا فَعَلَ أَبُو الْحَسَنِ ؟ قَالُوا : انْصَرَفَ بَاكِيَ الْعَيْنِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : يَا بِلالُ اذْهَبْ فَأْتِنِي بِهِ فَمَضَي بِلالٌ إِلَي عَلِيٍّ عليه السلام وَقَدْ دَخَلَ إِلَي مَنْزِلِهِ بَاكِيَ الْعَيْنِ ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ : مَا يُبْكِيكَ لا أَبْكَي اللَّهُ عَيْنَيْكَ ؟ قَالَ : يَا فَاطِمَةُ آخَي النَّبِيُّ صلي الله عليه وآله بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَأَنَا وَاقِفٌ يَرَانِي وَيَعْرِفُ مَكَانِي وَلَمْ يُوَاخِ بَيْنِي وَبَيْنَ أَحَدٍ ، قَالَتْ : لا يَحْزُنْكَ إِنَّهُ لَعَلَّهُ إِنَّمَا ادَّخَرَكَ لِنَفْسِهِ ، قَالَ بِلالٌ : يَا عَلِيُّ أَجِبِ النَّبِيَّ فَأَتَي عَلِيٌّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وآله فَقَالَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وآله : مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ ؟ قَالَ : آخَيْتَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنَا وَاقِفٌ تَرَانِي وَتَعْرِفُ مَكَانِي وَلَمْ تُوَاخِ بَيْنِي وَبَيْنَ أَحَدٍ قَالَ : إِنَّمَا ادَّخَرْتُكَ لِنَفْسِي أَلا يَسُرُّكَ أَنْ تَكُونَ أَخَا نَبِيِّكَ ؟ قَالَ : بَلَي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَّي لِي بِذَلِكَ فَأَخَذَهُ بِيَدِهِ وَأَرْقَاهُ الْمِنْبَرَ وَقَالَ : اللَّهُمَّ هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ أَلا إِنَّهُ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَي أَلا مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَهَذَا عَلِيٌّ مَوْلاهُ(2) .

وقال أبو عبداللَّه عليه السلام في حديث طويل يقول في آخره : إنّ رسول اللَّه صلي الله عليه وآله قال

ص: 111


1- تفسير القمي : 109/2 ؛ بحار الأنوار :334/38، ح 7 .
2- كشف الغمّة في معرفة الأئمّة ( ط - القديمة ) :328/1 ؛ بحار الأنوار : 186/37 .

لأُمّ سَلَمة رضي اللَّهُ عَنها : يَا أُمَّ سَلَمَةَ اسْمَعِي وَاشْهَدِي هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَخِي فِي الدُّنْيَا وَأَخِي فِي الآْخِرَة(1).

وقوله تعالي : «وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ »(2) نزلت في مبيت عليّ علي فراش رسول اللَّه صلي الله عليه وآله .

وذكر ابن الأثير : انّها نزلت في عليّ عليه السلام وذلك حين هاجر النبيّ صلي الله عليه وآله وترك عليّاً في بيته بمكّة وأمره أن ينام علي فراشه ليوصل إذا أصبح ودائع الناس إليهم فقال اللَّه عزّوجلّ : لجبرئيل وميكائيل : أَنِّي آخَيْتُ بَيْنَكُمَا وَجَعَلْتُ عُمُرَ أَحَدِكُمَا أَطْوَلَ مِنْ عُمُرِ الآْخَرِ فَأَيُّكُمَا يُؤْثِرُ صَاحِبَهُ بِحَيَاتِهِ فَاخْتَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْحَيَاةَ وَأَحْبَاهَا فَأَوْحَي اللَّهُ تَعَالَي إِلَيْهِمَا أَفَلا كُنْتُمَا مِثْلَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلامُ آخَيْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ فَبَاتَ عَلَي فِرَاشِهِ يَفْدِيهِ بِنَفْسِه(3) .

وعن زيد بن أرقم قال : دخلت علي رسول اللَّه صلي الله عليه وآله فقال : إِنِّي مُوَاخٍ بَيْنَكُمْ كَمَا آخَي اللَّهُ بَيْنَ الْمَلائِكَةِ ثُمَّ قَالَ لِعَلِيٍّ عليه السلام : أَنْتَ أَخِي وَرَفِيقِي ، ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآْيَةَ : « إِخْواناً عَلي سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ »(4) .(5)

عن عامر بن وائلة قال : كنت في البيت يوم الشوري فسمعت عليّاً عليه السلام وهو يقول : إلي أن قال عليه السلام : - نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ مِثْلَ مَا قَالَ لِي يَا عَلِيُّ أَنْتَ أَخِي وَأَنَا أَخُوكَ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ وَمَنْزِلُكَ

ص: 112


1- معاني الأخبار : 404 ، ح 1 ؛ بحار الأنوار :298/32، ح 258 .
2- البقرة : 207 .
3- كشف الغمّة في معرفة الأئمّة ( ط - القديمة ) : 310/1؛ بحار الأنوار : 39/19 و40/36 ، ح 2 .
4- الحجر : 47 .
5- كشف الغمّة في معرفة الأئمّة ( ط - القديمة ) : 328/1 ؛ بحار الأنوار : 344/38 ، ح 190 .

مُوَاجِهُ مَنْزِلِي كَمَا يَتَوَاجَهُ الْإِخْوَانُ فِي الْخُلْدِ. قَالُوا اللَّهُمَّ لا(1) .

وقال أبو يحيي : ما جلس عليّ علي المنبر إلّا قال : أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَأَخُو رَسُولِ اللَّهِ لا يَقُولُهَا بَعْدِي إِلّا كَذَّابٌ(2) .

وَوَصِيِّي وَوارِثِي

عن أنس ، عن سلمان قال : قلت : يا رسول اللَّه عمّن نأخذ بعدك وبمن نثق ، قال : فسكت عنّي حتّي سألت عشراً ، ثمّ قال : يَا سَلْمَانُ إِنَّ وَصِيِّي وَخَلِيفَتِي وَأَخِي وَوَزِيرِي وَخَيْرَ مَنْ أُخَلِّفُهُ بَعْدِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يُؤَدِّي عَنِّي وَيُنْجِزُ مَوْعِدِي(3) .

قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : مَنْ فَضَّلَ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِي عَلَي عَلِيٍّ فَقَدْ كَفَرَ(4) .

وبهذا الاسناد قال : قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : يَا عَلِيُّ أَنْتَ خَيْرُ الْبَشَرِ لا يَشُكُّ فِيكَ إِلّا كَافِرٌ(5) .

وعن أبي بريدة ، عن أبيه قال النبيّ صلي الله عليه وآله : لِكُلِّ نَبِيٍّ وَصِيٌّ وَوَارِثٌ وَإِنَّ عَلِيّاً وَصِيِّي وَوَارِثِي(6) .

وعن زيد بن أوفي قال صلي الله عليه وآله في خبرٍ : وَأنتَ بمنزلة هارونَ مِن موسي إلّا أنّه لا

ص: 113


1- الخصال :556/2، ح 31 ؛ بحار الأنوار :318/31.
2- مناقب آل أبي طالب عليهم السلام ( لابن شهر آشوب ) : 186/2؛ بحار الأنوار :337/38.
3- كشف الغمّة :157/1؛ بحار الأنوار :12/38.
4- الأمالي للصدوق : 656/م 94 ، ح 4 ؛ بحار الأنوار : 14/38 ، ح 19 .
5- عيون أخبار الرضا عليه السلام : 59/2 ، ح 225 ؛ بحار الأنوار : 306/26، ح 67 .
6- مناقب آل أبي طالب عليهم السلام ( لابن شهر آشوب ) : 66/3؛ بحار الأنوار :154/38.

نبيّ بعدي وأنتَ أخي ووارثي ، قال : وَمَا أَرِثُ مِنْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَا وَرِثَ الْأَنْبِيَاءُ قَبْلِي قَالَ وَمَا وَرِثَ الْأَنْبِيَاءُ قَبْلَكَ قَالَ كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ(1) .

وعن حمران بن أعين ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : لمّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ وَرِث عَليّ عِلمَهُ وَسلاحَهُ وَما هُنالِك(2) .

وعن أبي جعفر عليه السلام قال : إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ هِبَةَ اللَّهِ لِمُحَمَّدٍ وَوَرِثَ عِلْمَ الْأَوْصِيَاءِ وَعِلْمَ مَنْ كَانَ قَبْلَه مِنَ الأنبياءِ وَالمُرسَلين(3) .

وعن أبي جعفر عليه السلام قال : وَرِثَ عَلِيٌّ عليه السلام عِلْمَ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله وَوَرِثَتْ فَاطِمَةُ تَرَكَتَهُ(4) .

وقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله للعبّاس : يَا عَمَّ مُحَمَّدٍ تَأْخُذُ تُرَاثَ مُحَمَّدٍ وَتَقْضِي دَيْنَهُ وَتُنْجِزُ عِدَاتِهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ وَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ كَثِيرُ الْعِيَالِ قَلِيلُ الْمَالِ ، مَنْ يُطِيقُكَ وَأَنْتَ تُبَارِي الرِّيحَ قَالَ فَأَطْرَقَ عليه السلام هُنَيْئَةً ثُمَّ قَالَ يَا عَبَّاسُ أَتَأْخُذُ تُرَاثَ رَسُولِ اللَّهِ وَتُنْجِزُ عِدَاتِهِ وَتُؤَدِّي دَيْنَهُ فَقَالَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي أَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ كَثِيرُ الْعِيَالِ قَلِيلُ الْمَالِ مَنْ يُطِيقُكَ وَأَنْتَ تُبَارِي الرِّيحَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله أَمَّا أَنَا سَأُعْطِيهَا مَنْ يَأْخُذُ بِحَقِّهَا ثُمَّ قَالَ يَا عَلِيُّ يَا أَخَا مُحَمَّدٍ أَتُنْجِزُ عِدَاتِ مُحَمَّدٍ وَتَقْضِي دَيْنَهُ وَتَأْخُذُ تُرَاثَهُ قَالَ نَعَمْ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي قَالَ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ حَتَّي نَزَعَ خَاتَمَهُ مِنْ إِصْبَعِهِ فَقَالَ تَخَتَّمْ بِهَذَا فِي حَيَاتِي قَالَ فَنَظَرْتُ إِلَي الْخَاتَمِ حِينَ وَضَعَهُ عَلِيٌّ عليه السلام فِي إِصْبَعِهِ الْيُمْنَي فَصَاحَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله يَا بِلالُ عَلَيَّ بِالْمِغْفَرِ

ص: 114


1- مناقب آل أبي طالب عليهم السلام ( لابن شهر آشوب ) :66/3؛ بحار الأنوار :154/38.
2- بصائر الدرجات : 177/1 ، ح 8 ؛ بحار الأنوار : 206/26، ح 9 .
3- الاختصاص : 279 ؛ بحار الأنوار : 178/26 ح 61 .
4- بصائر الدرجات : 249/1 ، ح 6 ؛ بحار الأنوار :210/40 ، ح 8 .

وَالدِّرْعِ وَالرَّايَة يَا عَلِيُّ اقْبِضْهَا فِي حَيَاتِي حَتَّي لا يُنَازِعَكَ فِيهَا أَحَدٌ بَعْدِي(1).

وعن أبي رافع قال إني لعند أبي بكر إذ طلع عليّ والعباس يتدافعان ويختصمان في ميراث النبي صلي الله عليه وآله فقال أبو بكر : يكفيكم القصير الطويل ، يعني بالقصير عليا وبالطويل العباس ، فقال العباس : أنا عم النبي صلي الله عليه وآله ووارثه وقد حال علي بيني وبين تركته ، فقال أبو بكر : فأين كنت يا عبّاس حين جمع النبي صلي الله عليه وآله بني عبدالمطلب وأنت أحدهم فقال : أيّكم يُوازِرُني وَيَكُون وَصيي وَخَليفتي في أهلي يُنجِزُ عدّتي ويَقضي دَيني ، فأحجمتم عنها إلّا عليّ فقال النبي صلي الله عليه وآله : أنْتَ كَذلك ، فقال العباس : فما أقعدك في مجلسك هذا تقدمته وتأمرت عليه قال أبو بكر اعذروني يا بني عبدالمطّلب(2) .

ويؤيّده : ما روي أنّ يحيي بن خالد البرمكيّ سأل هشام بن الحكم بمحضر من الرشيد.

فقال : أخبرني يا هشام، هل يكون الحقّ في جهتين مختلفتين قال هشام : الظاهر لا. قال : فأخبرني عن رجلين اختصما في حكم في الدين، وتنازعا واختلفا، هل يخلو من أن يكونا محقّين، أو مبطلين، أو أن يكون أحدهما محقّا والآخر مبطلا ؟ فقال هشام : لا يخلو من ذلك. قال له يحيي بن خالد : فأخبرني عن عليّ والعبّاس لمّا اختصما إلي أبي بكر في الميراث أيّهما كان المحقّ ومن المبطل إذ كنت لا تقول أنّهما كانا محقّين ولا مبطلين ؟ قال هشام : فنظرت فإذا إنّني إن قلت إنّ عليّا عليه السلام كان مبطلا كفرت وخرجت من مذهبي، وإن قلت إنّ العبّاس كان

ص: 115


1- علل الشرايع :166/1، ح 1 ؛ بحار الأنوار :456/22، ح 3.
2- الاحتجاج : 88/1 ، بحار : 67/29 .

مبطلا ضرب الرشيد عنقي، ووردت عليّ مسألة لم أكن سئلت عنها قبل ذلك الوقت، ولا أعددت لها جوابا، فذكرت قول أبي عبد اللَّه عليه السلام يا هشام، لا تزال مؤيّدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك، فعلمت أنّي لا أخذل، وعنّ لي الجواب في الحال. فقلت له لم يكن لأحدهما خطأ حقيقة، وكانا جميعا محقّين، ولهذا نظير قد نطق به القرآن في قصّة داود عليه السلام، يقول اللَّه عزّ وجلّ : « وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ » إلي قوله : « خَصْمانِ بَغي بَعْضُنا عَلي بَعْضٍ »(1)، فأيّ الملكين كان مخطئا وأيّهما كان مصيبا ؟ أم تقول إنّهما كانا مخطئين، فجوابك في ذلك جوابي. فقال يحيي لست أقول إنّ الملكين أخطئا، بل أقول إنّهما أصابا، وذلك أنّهما لم يختصما في الحقيقة ولم يختلفا في الحكم، وإنّما أظهرا ذلك لينبّها داود عليه السلام في الخطيئة ويعرّفاه الحكم ويوقفاه عليه. قال هشام قلت له كذلك عليّ عليه السلام والعبّاس، لم يختلفا في الحكم ولم يختصما في الحقيقة، وإنّما أظهرا الاختلاف والخصومة لينبّها أبا بكر علي خطئه، ويدلّاه علي أنّ لهما في الميراث حقّا، ولم يكونا في ريب من أمرهما، وإنّما كان ذلك منهما علي حدّ ما كان من الملكين. فاستحسن الرشيد ذلك الجواب(2) .

لَحْمُكَ مِنْ لَحْمِي وَدَمُكَ مِنْ دَمِي

قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : أَحِبُّوا عَلِيّاً فَإِنَّ لَحْمَهُ لَحْمِي وَدَمَهُ دَمِي لَعَنَ اللَّهُ أَقْوَاماً مِنْ أُمَّتِي ضَيَّعُوا فِيهِ عَهْدِي وَنَسُوا فِيهِ وَصِيَّتِي مَا لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ خَلاقٍ(3) .

ص: 116


1- ص : 22 .
2- بحار الأنوار :69/29؛ الفصول المختارة : 49 .
3- الأمالي للطوسي : 69/م 3 ، ح 10 ؛ بحار الأنوار : 265/39، ح 40 .

وعن عبداللَّه بن مسعود قال : خرج رسول اللَّه صلي الله عليه وآله من بيت زينب بنت جحش حتّي أتي بيت أُمّ سلمة فجاء داقّ ودقّ الباب فقال : يا أُمّ سلمة قومي فافتَحي له ، قالت : فقلت : ومن هذا يا رسول اللَّه الذي بلغ من خطره أن أفتح له الباب ؟ - إلي أن قال : - أَتَعْرِفِينَ هَذَا قُلْتُ نَعَمْ هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام قَالَ هُوَ أَخِي سَجِيَّتُهُ سَجِيَّتِي وَلَحْمُهُ مِنْ لَحْمِي وَدَمُهُ مِنْ دَمِي(1).

وقال النبي صلي الله عليه وآله لأُمّ سليم : يا أُمّ سليم ! إنّ عليّاً لحمُهُ من لحمي ودَمُهُ من دَمي ، وهو منّي بمنزلة هارونَ مِنْ مُوسي(2) .

وقال علي عليه السلام : قالَ لي رسُولُ اللَّه صلي الله عليه وآله يَومَ فُتِحَت خَيبر : وَأَنْتَ بَابُ عِلْمِي وَإِنَّ وُلْدَكَ وُلْدِي وَلَحْمَكَ لَحْمِي وَدَمَكَ دَمِي(3) .

وَسِلْمُكَ سِلْمِي وَحَرْبُكَ حَرْبِي

قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : يَا عَلِيُّ سِلْمُكَ سِلْمِي وَحَرْبُكَ حَرْبِي وَأَنْتَ الْعَلَمُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ أُمَّتِي بَعْدِي(4) .

وعن جابر بن عبداللَّه الأنصاري أنّه قال : لقد سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه وآله يقول : عَلِيٌّ مِنِّي كَنَفْسِي طَاعَتُهُ طَاعَتِي وَمَعْصِيَتُهُ مَعْصِيَتِي وَقَوْلُهُ صلي الله عليه وآله حَرْبُ عَلِيٍّ حَرْبُ اللَّهِ وَسِلْمُ عَلِيٍّ سِلْمُ اللَّهِ وَقَوْلُهُ صلي الله عليه وآله وَلِيُّ عَلِيٍّ وَلِيُّ اللَّهِ وَعَدُوُّ عَلِيٍّ عَدُوُّ اللَّه(5) .

ص: 117


1- بحار الأنوار :267/39.
2- دلائل الصدق لنهج الحق : 87/6.
3- كشف الغمّة في معرفة الأئمّة ( ط - القديمة ) : 287/1؛ بحار الأنوار : 248/38 ، ح 42 .
4- عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار : 380 ، ح 747 ؛ بحار الأنوار : 149/38 .
5- الأمالي للصدوق : 89/م 20 ، ح 1 ؛ بحار الأنوار : 95/38 ، ح 11 .

وقال صلي الله عليه وآله : يَا عَلِيُّ مَنْ قَتَلَكَ فَقَدْ قَتَلَنِي وَمَنْ أَبْغَضَكَ فَقَدْ أَبْغَضَنِي وَمَنْ سَبَّكَ فَقَدْ سَبَّنِي لأَنَّكَ مِنِّي كَنَفْسِي رُوحُكَ مِنْ رُوحِي وَطِينَتُكَ مِنْ طِينَتِي إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَي خَلَقَنِي وَإِيَّاكَ وَاصْطَفَانِي وَإِيَّاكَ وَاخْتَارَنِي لِلنُّبُوَّةِ وَاخْتَارَكَ لِلْإِمَامَةِ فَمَنْ أَنْكَرَ إِمَامَتَكَ فَقَدْ أَنْكَرَ نُبُوَّتِي يَا عَلِيُّ أَنْتَ وَصِيِّي وَأَبُو وُلْدِي(1) .

وقال علي عليه السلام : قالَ لي رسولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله يَومَ فُتحت خَيبَر : حَرْبُكَ حَرْبِي وَسِلْمُكَ سِلْمِي وَسِرُّكَ سِرِّي وَعَلانِيَتُكَ عَلانِيَتِي وَسَرِيرَةُ صَدْرِكَ كَسَرِيرَةِ صَدْرِي(2) .

وقال رجل لسلمان : ما أشدّ حبّك لعليّ ؟ قال : سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه وآله يقول : مَنْ أَحَبَّ عَلِيّاً فَقَدْ أَحَبَّنِي وَمَنْ أَبْغَضَ عَلِيّاً فَقَدْ أَبْغَضَنِي(3) .

وَالْإِيمانُ مُخالِطٌ لَحْمَكَ وَدَمَكَ كَمَا خالَطَ لَحْمِي وَدَمِي

عن موسي بن جعفر ، عن أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال : دَخَلْتُ عَلَي رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله وَهُوَ فِي مَسْجِدِ قُبَاءَ وَعِنْدَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَلَمَّا بَصُرَ بِي تَهَلَّلَ وَجْهُهُ وَتَبَسَّمَ حَتَّي نَظَرْتُ إِلَي بَيَاضِ أَسْنَانِهِ تَبْرُقُ ثُمَّ قَالَ : إِلَيَّ يَا عَلِيُّ إِلَيَّ يَا عَلِيُّ ، فَمَا زَالَ يُدْنِينِي حَتَّي أَلْصَقَ فَخِذِي بِفَخِذِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَي أَصْحَابِهِ فَقَالَ : مَعَاشِرَ أَصْحَابِي أَقْبَلَتْ إِلَيْكُمُ الرَّحْمَةُ بِإِقْبَالِ عَلِيٍّ أَخِي إِلَيْكُمْ ، مَعَاشِرَ أَصْحَابِي إِنَّ عَلِيّاً مِنِّي وَأَنَا مِنْ عَلِيٍّ رُوحُهُ مِنْ رُوحِي وَطِينَتُهُ مِنْ طِينَتِي وَهُوَ أَخِي وَوَصِيِّي

ص: 118


1- الأمالي للصدوق 95/م 20 ، ح 4 ؛ بحار الأنوار :190/42، ح 1 .
2- كشف الغمّة في معرفة الأئمّة ( ط - القديمة ) : 287/1 ؛ بحار الأنوار :248/38، ح 42 .
3- كشف الغمّة في معرفة الأئمّة ( ط - القديمة ) : 103/1؛ بحار الأنوار :275/39 .

وَخَلِيفَتِي عَلَي أُمَّتِي فِي حَيَاتِي وَبَعْدَ مَوْتِي مَنْ أَطَاعَهُ أَطَاعَنِي وَمَنْ وَافَقَهُ وَافَقَنِي وَمَنْ خَالَفَهُ خَالَفَنِي(1) .

وَأَنْتَ غَداً عَلَي الْحَوْضِ خَلِيفَتِي

عن عبداللَّه بن عبّاس قال : قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله لعليّ بن أبي طالب عليه السلام : أَنْتَ صَاحِبُ حَوْضِي وَصَاحِبُ لِوَائِي وَمُنْجِزُ عِدَاتِي وَحَبِيبُ قَلْبِي وَوَارِثُ عِلْمِي وَأَنْتَ مُسْتَوْدَعُ مَوَارِيثِ الْأَنْبِيَاء(2) .

وقال عليّ عليه السلام : قال لي رَسُول اللَّهِ صلي الله عليه وآله يَوم فُتحت خَيبَر : إِنَّكَ غَداً عَلَي الْحَوْضِ خَلِيفَتِي تَذُودُ عَنْهُ الْمُنَافِقِينَ وَأَنْتَ أَوَّلُ مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْض(3) .

وَأَنْتَ تَقْضِي دَيْنِي وَتُنْجِزُ عِداتِي

عن أبي رافع قال : أتيت أبا ذر بالربذة أودعه فلمّا أردت الانصراف قال لي ولأناس معي : ستكون فتنة فاتّقوا اللَّه وعليكم بالشيخ عليّ بن أبي طالب فاتّبعوه فانّي سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه وآله يقول له : أَنْتَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِي وَأَوَّلُ مَنْ يُصَافِحُنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَنْتَ الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ وَأَنْتَ الْفَارُوقُ الَّذِي يَفْرُقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَأَنْتَ يَعْسُوبُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَالُ يَعْسُوبُ الْكافُرين وَأنتَ أَخي وَوَزيري وَخَير مَن أترك بعدي تَقضي دَيني وَتُنجِزُ مَوعِدي(4) .

ص: 119


1- الأمالي للصدوق : 35/م 9 ، ح 10 ؛ بحار الأنوار :4/40، ح 6 .
2- الأمالي للصدوق : 306/م 50 ، ح 14 ؛ بحار الأنوار :100/38، ح 20 .
3- كشف الغمّة في معرفة الأئمّة ( ط - القديمة ) : 287/1 ؛ بحار الأنوار : 248/38، ح 42 .
4- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد :228/13؛ المسترشد في إمامية عليّ بن أبي طالب عليه السلام : 215 .

عن عبدالواحد بن أبي عون : أنّ رسول اللَّه صلي الله عليه وآله لمّا توفّي أمر عليّ صائحاً يصيح : من كان له عند رسول اللَّه صلي الله عليه وآله عدّة أو دين فليأتني ، فكان يبعث كلّ عام عند العقبة يوم النحر من يصيح بذلك ، حتّي توفّي عليّ عليه السلام - إلي أن قال : - فلا يأتي أحد من خلق اللَّه إلي عليّ بحقّ ولا باطل إلّا أعطاه(1) .

وَشِيعَتُكَ عَلَي مَنابِرَ مِنْ نُورٍ مُبْيَضَّةً وُجُوهُهُمْ حَوْلِي فِي الْجَنَّةِ وَهُمْ جِيرانِي

عن جابر بن عبداللَّه قال : لمّا قدم عليّ بن أبي طالب عليه السلام بفتح خيبر قال له رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : يا عليّ انَّ شِيعَتَكَ عَلَي مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ رِوَاءً مَرْوِيُّونَ مُبْيَضَّةً وُجُوهُهُمْ حَوْلِي أَشْفَعُ لَهُمْ فَيَكُونُونَ غَداً فِي الْجَنَّةِ جِيرَانِي(2) .

وعن ابن عبّاس قال : قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله لعليّ عليه السلام : يَا عَلِيُّ شِيعَتُكَ هُمُ الْفَائِزُونَ يَوْمَ الْقِيَامَة(3) .

وقال أبو عبداللَّه عليه السلام : امْتَحِنُوا شِيعَتَنَا عِنْدَ مَوَاقِيتِ الصَّلاةِ كَيْفَ مُحَافَظَتُهُمْ عَلَيْهَا وَإِلَي أَسْرَارِنَا كَيْفَ حِفْظُهُمْ لَهَا عِنْدَ عَدُوِّنَا وَإِلَي أَمْوَالِهِمْ كَيْفَ مُوَاسَاتُهُمْ لإِخْوَانِهِمْ فِيهَا(4) .

وقال أبو عبداللَّه عليه السلام : يَنْبَغِي لِمَنِ ادَّعَي هَذَا الْأَمْرَ فِي السِّرِّ أَنْ يَأْتِيَ عَلَيْهِ بِبُرْهَانٍ فِي الْعَلانِيَةِ قُلْتُ وَمَا هَذَا الْبُرْهَانُ الَّذِي يَأْتِي بِهِ فِي الْعَلانِيَةِ قَالَ يُحِلُّ

ص: 120


1- طبقات الكبري : 319/2 ؛ طرف من الأنباء والمناقب : 456 .
2- كشف الغمّة ( ط - القديمة ) :287/1؛ كشف اليقين : 430 ؛ بحار الأنوار :18/39.
3- الأمالي للصدوق : 16/م 4 ، ح 1 ؛ بحار الأنوار : 7/65، ح 1 .
4- قرب الاسناد : 78 ، ح 253 ؛ بحار الأنوار :391/71، ح 3 .

حَلالَ اللَّهِ وَيُحَرِّمُ حَرَامَ اللَّهِ وَيَكُونُ لَهُ ظَاهِرٌ يُصَدِّقُ بَاطِنَهُ(1) .

وقال العسكري عليه السلام : لَمَّا جَعَلَ الْمَأْمُونُ إِلَي عَلِيِّ بْنِ مُوسَي الرِّضَا عليه السلام وِلايَةَ الْعَهْدِ دَخَلَ عَلَيْهِ آذِنُهُ وَقَالَ : إِنَّ قَوْماً بِالْبَابِ يَسْتَأْذِنُونَ عَلَيْكَ يَقُولُونَ : نَحْنُ شِيعَةُ عَلِيٍّ ، فَقَالَ عليه السلام : أَنَا مَشْغُولٌ فَاصْرِفْهُمْ فَصَرَفَهُمْ .

فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْيَوْمِ الثَّانِي جَاءُوا وَقَالُوا كَذَلِكَ مِثْلَهَا فَصَرَفَهُمْ إِلَي أَنْ جَاءُوا هَكَذَا يَقُولُونَ وَيَصْرِفُهُمْ شَهْرَيْنِ ثُمَّ أَيِسُوا مِنَ الْوُصُولِ وَقَالُوا : لِلْحَاجِبِ قُلْ لِمَوْلانَا : إِنَّا شِيعَةُ أَبِيكَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام وَقَدْ شَمِتَ بِنَا أَعْدَاؤُنَا فِي حِجَابِكَ لَنَا وَنَحْنُ نَنْصَرِفُ هَذِهِ الْكَرَّةَ وَنَهْرَبُ مِنْ بَلَدِنَا خَجِلاً وَأَنَفَةً مِمَّا لَحِقَنَا وَعَجْزاً عَنِ احْتِمَالِ مَضَضِ مَا يَلْحَقُنَا بِشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ ، فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ مُوسَي الرِّضَا عليه السلام : ائْذَنْ لَهُمْ لِيَدْخُلُوا فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُمْ بِالْجُلُوسِ فَبَقُوا قِيَاماً ، فَقَالُوا : يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا هَذَا الْجَفَاءُ الْعَظِيمُ وَالاسْتِخْفَافُ بَعْدَ هَذَا الْحِجَابِ الصَّعْبِ ، أَيُّ بَاقِيَةٍ تَبْقَي مِنَّا بَعْدَ هَذَا ؟ فَقَالَ الرِّضَا عليه السلام : اقْرَءُوا : « وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ »(2) مَا اقْتَدَيْتُ إِلّا بِرَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِيكُمْ وَبِرَسُولِ اللَّهِ وَبِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ آبَائِيَ الطَّاهِرِينَ عليه السلام عَتَبُوا عَلَيْكُمْ فَاقْتَدَيْتُ بِهِمْ ، قَالُوا : لِمَا ذَا يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ؟ قَالَ : لِدَعْوَاكُمْ أَنَّكُمْ شِيعَةُ أَمِيرِالْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام وَيْحَكُمْ إِنَّمَا شِيعَتُهُ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَأَبُوذَرٍّ وَسَلْمَانُ وَالْمِقْدَادُ وَعَمَّارٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الَّذِينَ لَمْ يُخَالِفُوا شَيْئاً مِنْ أَوَامِرِهِ وَلَمْ يَرْكَبُوا شَيْئاً مِنْ فُنُونِ زَوَاجِرِهِ

ص: 121


1- الغيبة للنعماني : 114 ؛ بحار الأنوار : 164/65 ، ح 15 .
2- الشوري : 30 .

فَأَمَّا أَنْتُمْ إِذَا قُلْتُمْ إِنَّكُمْ شِيعَتُهُ وَأَنْتُمْ فِي أَكْثَرِ أَعْمَالِكُمْ لَهُ مُخَالِفُونَ مُقَصِّرُونَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْفَرَائِض - إلي أن قال - : فَلَوْ قُلْتُمْ : إِنَّكُمْ مُوَالُوهُ وَمُحِبُّوهُ وَالْمُوَالُونَ لأَوْلِيَائِهِ وَالْمُعَادُونَ لأَعْدَائِهِ لَمْ أُنْكِرْهُ مِنْ قَوْلِكُم(1) .

وقالت فاطمة عليها السلام : [ فانّ ] شِيعَتُنَا مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَكُلُّ مُحِبِّينَا وَمُوَالِي أَوْلِيَائِنَا وَمُعَادِي أَعْدَائِنَا وَالْمُسْلِمُ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ لَنَا لَيْسُوا مِنْ شِيعَتِنَا إِذَا خَالَفُوا أَوَامِرَنَا وَنَوَاهِيَنَا فِي سَائِرِ الْمُوبِقَاتِ وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ فِي الْجَنَّةِ وَلَكِنْ بَعْدَ مَا يُطَهَّرُونَ مِنْ ذُنُوبِهِمْ بِالْبَلايَا وَالرَّزَايَا أَوْ فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ بِأَنْوَاعِ شَدَائِدِهَا أَوْ فِي الطَّبَقِ الْأَعْلَي مِنْ جَهَنَّمَ بِعَذَابِهَا إِلَي أَنْ نَسْتَنْقِذَهُمْ بِحُبِّنَا مِنْهَا وَنَنْقُلَهُمْ إِلَي حَضْرَتِنَا(2) .

وعن ابن عمر قال : سألت النبي صلي الله عليه وآله عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام فغضب وقال : مَا بالُ أقوامٍ يَذكُرونَ منزلَةَ مَن لَهُ مَنزلةٌ كَمنزِلي - إلي أن قال صلي الله عليه وآله : - أَلا وَمَنْ مَاتَ عَلَي حُبِّ آلِ مُحَمَّدٍ فَأَنَا كَفِيلُهُ بِالْجَنَّة قالهاثلاثاً(3) .

وعن أنس بن مالك قال : قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِي الْجَنَّةَ سَبْعُونَ أَلْفاً لا حِسَابَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَي عَلِيٍّ عليه السلام فَقَالَ هُمْ مِنْ شِيعَتِكَ وَأَنْتَ إِمَامُهُمْ(4) .

وَلَوْلا أَ نْتَ يَا عَلِيُّ لَمْ يُعْرَفِ الْمُؤْمِنُونَ بَعْدِي

قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : أَبْشِرْ يَا عَلِيُّ فَإِنَّهُ لا يُحِبُّكَ مُنَافِقٌ وَلا يُبْغِضُكَ مُؤْمِنٌ وَلَوْلا

ص: 122


1- تفسير المنسوب إلي الإمام العسكري عليه السلام : 312 ، ح 159 ؛ بحار الأنوار :157/65 .
2- التفسير المنسوب إلي الإمام الحسن العسكري عليه السلام : 308 ، ح 152 ؛ بحار الأنوار :155/65 .
3- بشارة المصطفي : 37/2 ؛ بحار الأنوار :40/65 ، ح 84 .
4- الارشاد : 42/1 ؛ بحار الأنوار : 31/65 ، ح 66 .

أَنْتَ لَمْ يُعْرَفْ حِزْبُ اللَّهِ وَحِزْبُ رَسُولِهِ(1).

وقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : لَولاه ( علي ) لَم يُعرف المُؤمن المحض بَعدي(2) .

وعن أبي سلمة الجمّال قال : دخل خالد البجلي علي أبي عبداللَّه عليه السلام وأنا عنده فقال له : جعلت فداك إنّي أُريد أن أصف لك ديني الذي أدين اللَّه به - إلي أن قال : - إنّ أوّل ما أبدأ أنّي أشهد أن لا إله إلّا اللَّه وحده ليس إله غيره ، قال : فقال أبو عبداللَّه عليه السلام : كَذَلِكَ رَبُّنَا لَيْسَ مَعَهُ إِلَهٌ غَيْرُه ، ثمّ قال : وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله ، قال : فقال أبو عبداللَّه عليه السلام : كَذَلِكَ مُحَمَّدٌ عَبْدُ اللَّهِ مُقِرٌّ لَهُ بِالْعُبُودِيَّةِ وَرَسُولُهُ إِلَي خَلْقِهِ ثُمَّ قَالَ وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيّاً كَانَ لَهُ مِنَ الطَّاعَةِ الْمَفْرُوضَةِ عَلَي الْعِبَادِ مِثْلُ مَا كَانَ لِمُحَمَّدٍ صلي الله عليه وآله عَلَي النَّاسِ فَقَالَ كَذَلِكَ كَانَ عَلِيٌّ عليه السلام ، قَالَ وَأَشْهَدُ أَنَّهُ كَانَ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عليه السلام مِنَ الطَّاعَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَي الْخَلْقِ مِثْلُ مَا كَانَ لِمُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ صلي الله عليه وآله قَالَ فَقَالَ كَذَلِكَ كَانَ الْحَسَنُ ، قَالَ وَأَشْهَدُ أَنَّهُ كَانَ لِلْحُسَيْنِ مِنَ الطَّاعَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَي الْخَلْقِ بَعْدَ الْحَسَنِ مَا كَانَ لِمُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ وَالْحَسَنِ ، قَالَ فَكَذَلِكَ كَانَ الْحُسَيْنُ ، قَالَ وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ كَانَ لَهُ مِنَ الطَّاعَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَي جَمِيعِ الْخَلْقِ كَمَا كَانَ لِلْحُسَيْنِ عليه السلام قَالَ فَكَذَلِكَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ عليه السلام كَانَ لَهُ مِنَ الطَّاعَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَي الْخَلْقِ مِثْلُ مَا كَانَ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ فَقَالَ كَذَلِكَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ، قَالَ وَأَشْهَدُ أَنَّكَ أَوْرَثَكَ اللَّهُ ذَلِكَ كُلَّهُ قَالَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَسْبُكَ اسْكُتِ الآْنَ فَقَدْ قُلْتَ حَقّاً فَسَكَت فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَي عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيّاً لَهُ عَقِبٌ وَذُرِّيَّةٌ إِلّا أَجْرَي

ص: 123


1- تفسير فرات الكوفي : 310 ، ح 414 ؛ بحار الأنوار : 292/39 ، ح 92 .
2- تفسير البرهان : 448/5 ، ح 1 ؛ بحار الأنوار : 18/33 ، ح 376 .

لآِخِرِهِمْ مِثْلَ مَا أَجْرَي لأَوَّلِهِمْ وَإِنَّا نَحْنُ ذُرِّيَّةُ مُحَمَّدٍ صلي الله عليه وآله وَقَدْ أَجْرَي لآِخِرِنَا مِثْلَ مَا أَجْرَي لأَوَّلِنَا وَنَحْنُ عَلَي مِنْهَاجِ نَبِيِّنَا صلي الله عليه وآله لَنَا مِثْلُ مَا لَهُ مِنَ الطَّاعَةِ الْوَاجِبَةِ(1) .

وقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : يَا ابْنَ عَبَّاسٍ لَوْ أَنَّ الْمَلائِكَةَ الْمُقَرَّبِينَ وَالْأَنْبِيَاءَ وَالْمُرْسَلِينَ اجْتَمَعُوا عَلَي بُغْضِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مَعَ مَا يَقَعُ مِنْ عِبَادَتِهِمْ فِي السَّمَاوَاتِ لَعَذَّبَهُمُ اللَّهُ تَعَالَي فِي النَّارِ ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهَلْ يُبْغِضُهُ أَحَدٌ ؟ قَالَ : يَا ابْنَ عَبَّاسٍ نَعَمْ يُبْغِضُهُ قَوْم يَذْكُرُونَ أَنَّهُمْ مِنْ أُمَّتِي لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُمْ فِي الْإِسْلامِ نَصِيباً يَا ابْنَ عَبَّاسٍ إِنَّ مِنْ عَلامَةِ بُغْضِهِمْ لَهُ تَفْضِيلَهُمْ مَنْ هُوَ دُونَهُ عَلَيْهِ وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيّاً أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنِّي وَلا وَصِيّاً أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنْ وَصِيِّي عَلِي بن أبي طالب(2) .

وعن أنس أنّ النبي صلي الله عليه وآله قال لعليّ عليه السلام : يَا عَلِيُّ أَنْتَ الَّذِي تُبَيِّنُ لأُمَّتِي مَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ بَعْدِي(3) .

وقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله - في حديث المعراج - : ( قال تعالي : ) لَوْ لا عَلِيٌّ لَمْ يُعْرَفْ حِزْبِي وَلا أَوْلِيَائِي وَلا أَوْلِيَاءُ رُسُلِي(4) .

وعن جابر بن عبداللَّه قال : لمّا قدم عليّ بن أبي طالب عليه السلام بفتح خيبر قال له النبي صلي الله عليه وآله : لَو لا أنتَ يا عليّ مَا عُرِفَ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ بَعْدِي(5) .

وعن جابر بن عبداللَّه قال : سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه وآله يقول لعليّ بن أبي

ص: 124


1- رجال الكشي : 422 ، ح 796 ؛ بحار الأنوار : 7/66 ، ح 8 .
2- الروضة في فضائل أميرالمؤمنين عليه السلام : 211 ؛ بحار الأنوار : 319/16 .
3- شواهد التنزيل : 382/1 .
4- الأمالي للطوسي : 344 ، ح 45 ؛ بحار الأنوار : 372/18 ، ح 78 .
5- كشف اليقين في فضائل أميرالمؤمنين عليه السلام : 431 .

طالب عليه السلام : أَ لا أَسُرُّكَ ؟ أَلا أَمْنَحُكَ ؟ أَلا أُبَشِّرُكَ ؟ قَالَ : بَلَي قَالَ : إِنِّي خُلِقْتُ أَنَا وَأَنْتَ مِنْ طِينَةٍ وَاحِدَةٍ وَفَضَلَتْ مِنْهَا فَضْلَةٌ فَخَلَقَ اللَّهُ مِنْهَا شِيعَتَنَا فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ دُعِيَ النَّاسُ بِأَسْمَاءِ أُمَّهَاتِهِمْ سِوَي شِيعَتِنَا فَإِنَّهُمْ يُدْعَوْنَ بِأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ لِطِيبِ مَوْلِدِهِمْ(1) .

وَكانَ بَعْدَهُ هُديً مِنَ الضَّلالِ وَنُوراً مِنَ الْعَمي

قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : إنّ عَليّاً مَدينة هَدي فَمَن دَخَلَها نَجا وَمَن تَخَلّفَ عَنها هَلَك(2) .

قال أبو عبداللَّه عليه السلام : نَحْنُ الَّذِينَ أَنْقَذَ اللَّهُ النَّاسَ بِنَا مِنَ الضَّلالَةِ وَبَصَّرَهُمْ بِنَا مِنَ الْعَمَي(3) .

قال أميرالمؤمنين عليه السلام : أَشَدُّ الْعَمَي مَنْ عَمِيَ عَنْ فَضْلِنَا وَنَاصَبَنَا الْعَدَاوَةَ بِلا ذَنْبٍ سَبَقَ إِلَيْهِ مِنَّا(4) .

وَحَبْلَ اللَّهِ الْمَتِينَ

عن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن جدّه عليهم السلام قال : جَاءَ رَجُلٌ فِي هَيْئَةِ أَعْرَابِيٍّ إِلَي النَّبِيِّ صلي الله عليه وآله فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي مَا مَعْنَي « وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً

ص: 125


1- الارشاد :441/1، ح 1 ؛ بحار الأنوار :155/27، ح 28 .
2- الأمالي للصدوق : 345/م 55/ ، ح 1 ؛ بحار الأنوار :121/10، ح 1 .
3- تأويل الآيات : 817 ؛ بحار الأنوار :209/10، ح 10 .
4- الخصال :633/2 ، بحار الأنوار : 111/10.

وَلا تَفَرَّقُوا » فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلي الله عليه وآله أَنَا نَبِيُّ اللَّهِ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ حَبْلُهُ(1) .

وعن عبداللَّه بن عبّاس قال : كنّا عند رسول اللَّه صلي الله عليه وآله إذ جاء أعرابي فقال : يا رسول اللَّه سمعتك تقول : واعتصموا بحبل اللَّه جميعاً فما حبل اللَّه الذي أعتصم به ؟ فضرب النبي صلي الله عليه وآله يده في يد علي عليه السلام وقال : « تمسّكوا بهذا هو الحبل المتين »(2) .

وعن أبان بن تغلب قال : قال أبو جعفر عليه السلام : وَلايَةُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْحَبْلُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَي وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا فَمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ كَانَ مُؤْمِناً وَمَنْ تَرَكَهُ خَرَجَ مِنَ الْإِيمَانِ(3) .

وقال أميرالمؤمنين عليه السلام في خطبته : وَأَنَا حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ وَأَنَا عُرْوَةُ اللَّهِ الْوُثْقَي وَكَلِمَةُ التَّقْوَي(4) .

وروي أبو سعيد الخدري عن النبي صلي الله عليه وآله أنّه قال : أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ حَبْلَيْنِ إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنَ الآْخَرِ كِتَابُ اللَّهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَي الْأَرْضِ وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي أَلا وَإِنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّي يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ(5) .

وَصِراطَهُ الْمُسْتَقِيمَ

أبوبكر الشيرازي في كتابه بالاسناد عن شعبة ، عن قتادة قال : سمعت الحسن

ص: 126


1- تفسير فرات الكوفي : 90 ، ح 70 ؛ بحار الأنوار : 18/36 ، ح 9 .
2- تفسير البرهان : 672/1، ح 6 .
3- تفسير فرات الكوفي : 91 ، ح 72 ؛ بحار الأنوار :18/36 ، ح 10 .
4- التوحيد للصدوق : 165 ، ح 2 ؛ بحار الأنوار : 9/4 ، ح 18 .
5- تفسير مجمع البيان :805/2؛ بحار الأنوار :83/24.

البصري يقرأ هذا الحرف : هذا صراطُ عليٍّ مستقيم ، قلت : ما معناه ؟ قال : هذا طريق عليّ بن أبي طالب ودينه طريق دين مستقيم فاتّبعوه وتمسّكوا به فانّه واضح لا عوج فيه(1) .

قال أبو جعفر عليه السلام : قَالَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ : «وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلي صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ »(2) يَعْنِي أَنَّكَ لَتَأْمُرُ بِوَلايَةِ عَلِيٍّ وَتَدْعُو إِلَيْهَا وَعَلِيٌّ هُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيم(3) .

وقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : يَا عَمَّارُ إِذَا رَأَيْتَ عَلِيّاً سَلَكَ وَادِياً وَسَلَكَ النَّاسُ وَادِياً غَيْرَهُ فَاسْلُكْ مَعَ عَلِيٍّ وَدَعِ النَّاسَ إِنَّهُ لَنْ يُدْلِيَكَ فِي رَدًي وَلَنْ يُخْرِجَكَ مِنَ الْهُدَي(4) .

وقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : يَا أَبَا رَافِعٍ كَيْفَ أَنْتَ وَقَوْمٌ يُقَاتِلُونَ عَلِيّاً وَهُوَ عَلَي الْحَقِّ وَهُمْ عَلَي الْبَاطِلِ جِهَادُهُمْ حَقٌّ للَّهِ ِ عَزَّ اسْمُهُ فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ لَيْسَ وَرَاءَهُ شَيْ ءٌ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ لِي إِنْ أَدْرَكْتُهُمْ أَنْ يُقَوِّيَنِي عَلَي قِتَالِهِمْ ، قَالَ : فَدَعَا النَّبِيُّ صلي الله عليه وآله وَقَالَ : إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ أَمِيناً وَإِنَّ أَمِينِي أَبُو رَافِعٍ قَالَ : فَلَمَّا بَايَعَ النَّاسُ عَلِيّاً بَعْدَ عُثْمَانَ وَسَارَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ ذَكَرْتُ قَوْلَ النَّبِيِّ صلي الله عليه وآله فَبِعْتُ دَارِي بِالْمَدِينَةِ وَأَرْضاً لِي بِخَيْبَرَ وَخَرَجْتُ بِنَفْسِي وَوُلْدِي مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام لأُسْتَشْهَدَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَمْ أُدْرِكْ مَعَهُ حَتَّي عَادَ مِنَ الْبَصْرَةِ وَخَرَجْتُ مَعَهُ إِلَي صِفِّينَ فَقَاتَلْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِهَا وَبِالنَّهْرَوَانِ أَيْضاً وَلَمْ أَزَلْ مَعَهُ حَتَّي اسْتُشْهِدَ فَرَجَعْتُ إِلَي الْمَدِينَةِ وَلَيْسَ لِي بِهَا دَارٌ وَلا أَرْضٌ فَأَعْطَانِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عليه السلام أَرْضاً بِيَنْبُعَ

ص: 127


1- مناقب :107/3 ؛ بحار الأنوار : 24/24 ، ح 50 .
2- الشوري : 52 .
3- تفسير القمي :380/2 ؛ بحار الأنوار : 367/35 ، ح 10 .
4- كشف الغمّة :143/1؛ بحار الأنوار : 32/38 .

وَقَسَمَ لِي شَطْرَ دَارِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام فَنَزَلْتُهَا وَعِيَالِي(1) .

وعن جابر بن عبداللَّه قال : كنّا جلوساً عند النبي صلي الله عليه وآله فخطّ خطّاً هكذا أمامه فقال : هذا سبيل اللَّه وخطّين عن يمينه وخطّين عن شماله وقال : هذا سبيل الشيطان ، ثمّ وضع يده في الخطّ الأوسط وتلا : « وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ »(2) الآية(3) .

لَا يُسْبَقُ بِقَرابَةٍ فِي رَحِمٍ

عن ابن عبّاس قال : قوله عزّوجلّ : « وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا »(4) نزلت في النبيّ صلي الله عليه وآله وعليّ عليه السلام زوّج النبيّ صلي الله عليه وآله عليّاً ابنته وهو ابن عمّه فكان له نسباً وصهراً(5) .

وَلَا بِسابِقَةٍ فِي دِينٍ

وروي الشافعي ابن المغازلي في تفسير قوله تعالي : « وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ »(6) عن ابن عبّاس قال : سبق يوشع بن نون إلي موسي عليه السلام وصاحب يس إلي عيسي وسبق عليّ بن أبي طالب أميرالمؤمنين إلي محمّد صلي الله عليه وآله(7) .

ص: 128


1- الأمالي للطوسي : 59/م 2 ، ح 55 ؛ بحار الأنوار :103/22، ح 62 .
2- الأنعام : 153 .
3- الدرّ المنثور :56/3.
4- الفرقان : 54 .
5- تأويل الآيات : 373 ؛ بحار الأنوار : 361/35 ، ح 3 .
6- الواقعة : 100 .
7- الطرائف : 20/1 ، ح 11 ؛ بحار الأنوار :333/35 ، ح 5 .

وعن محمّد بن إسحاق قال : كان أوّل ذَكَر آمن وصدّق عليّ بن أبي طالب وهو ابن عشر سنين(1) .

وعن عبداللَّه بن مسعود ، قال النبيّ صلي الله عليه وآله : أَفْضَلُكُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَقْدَمُكُمْ إِسْلاماً وَأَوْفَرُكُمْ إِيمَاناً وَأَكْثَرُكُمْ عِلْما(2) .

وعن ابن عبّاس قال : سمعت عمر بن الخطّاب يقول : قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : يَا عَلِيُّ أَنْتَ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ إِسْلاماً وَأَنْتَ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانا(3) .

وقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : عَليٌّ أوّل مَن آمنَ بي(4) .

وافتخر الحسين عليه السلام وقال :

فَاطِمُ الزَّهْرَاءُ أُمِّي وَأَبِي ***قَاصِمُ الْكُفْرِ بِبَدْرٍ وَحُنَيْنٍ

عَبَدَ اللَّهَ غُلاماً يَافِعاً***وَقُرَيْشٌ يَعْبُدُونَ الْوَثَنَيْنِ

يَعْبُدُونَ اللّاتَ وَالْعُزَّي مَعاً***وَعَلِيٌّ كَانَ صَلَّي الْقِبْلَتَيْنِ(5)

وَلَا يُلْحَقُ فِي مَنْقَبَةٍ مِنْ مَناقِبِهِ

عن عليّ بن موسي الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : يَا عَلِيُّ إِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِيكَ خَمْسَ خِصَالٍ فَأَعْطَانِي أَمَّا أَوَّلُهَا فَإِنِّي سَأَلْتُهُ أَنْ تَنْشَقَّ الْأَرْضَ عَنِّي فَأَنْفُضَ التُّرَابَ عَنْ رَأْسِي وَأَنْتَ مَعِي فَأَعْطَانِي وَأَمَّا الثَّانِيَةُ

ص: 129


1- الفصول المختارة : 266 ؛ بحار الأنوار : 273/38 .
2- تفسير فرات الكوفي : 496 ، ح 651 ؛ بحار الأنوار : 145/36 ، ح 114 .
3- مناقب : 6/2 ؛ بحار الأنوار : 229/8 .
4- فضائل أميرالمؤمنين عليه السلام : 190 ، ح 9 ؛ بحار الأنوار :329/7، ح 31 .
5- تسلية المجالس وزينة المجالس: 316/2؛ بحار الأنوار: 48/45.

فَإِنِّي سَأَلْتُهُ أَنْ يَقِفَنِي عِنْدَ كِفَّةِ الْمِيزَانِ وَأَنْتَ مَعِي فَأَعْطَانِي وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَسَأَلْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَجْعَلَكَ حَامِلَ لِوَائِي وَهُوَ لِوَاءُ اللَّهِ الْأَكْبَرُ عَلَيْهِ مَكْتُوبٌ الْمُفْلِحُونَ الْفَائِزُونَ بِالْجَنَّةِ فَأَعْطَانِي وَأَمَّا الرَّابِعَةُ فَإِنِّي سَأَلْتُهُ أَنْ يَسْقِيَ أُمَّتِي مِنْ حَوْضِي بِيَدِكَ فَأَعْطَانِي وَأَمَّا الْخَامِسَةُ فَإِنِّي سَأَلْتُهُ أَنْ يَجْعَلَكَ قَائِدَ أُمَّتِي إِلَي الْجَنَّةِ فَأَعْطَانِي فَالْحَمْدُ للَّهِ ِ الَّذِي مَنَّ عَلَيَّ بِهِ(1) .

وقال أميرالمؤمنين عليه السلام : كَانَ لِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ عَشْرُ خِصَالٍ هُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله يَا عَلِيُّ أَنْتَ أَخِي فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ وَأَنْتَ أَقْرَبُ الْخَلائِقِ إِلَيَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الْمَوْقِفِ بَيْنَ يَدَيِ الْجَبَّارِ وَمَنْزِلُكَ فِي الْجَنَّةِ مُوَاجِهُ مَنْزِلِي كَمَا يَتَوَاجَهُ مَنَازِلُ الْإِخْوَانِ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنْتَ الْوَارِثُ مِنِّي وَأَنْتَ الْوَصِيُّ مِنْ بَعْدِي فِي عِدَاتِي وَأُسْرَتِي وَأَنْتَ الْحَافِظُ لِي فِي أَهْلِي عِنْدَ غَيْبَتِي وَأَنْتَ الْإِمَامُ لأُمَّتِي وَأَنْتَ الْقَائِمُ بِالْقِسْطِ فِي رَعِيَّتِي وَأَنْتَ وَلِيِّي وَوَلِيِّي وَلِيُّ اللَّهِ وَعَدُوُّكَ عَدُوِّي وَعَدُوِّي عَدُوُّ اللَّهِ(2) .

وقال أميرالمؤمنين عليه السلام : كَانَ لِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ عَشْرُ خِصَالٍ مَا أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ لِي بِإِحْدَاهُنَّ مَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ ، قَالَ لِي : أَنْتَ أَخِي فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ وَأَقْرَبُ الْخَلائِقِ مِنِّي فِي الْمَوْقِفِ وَ أَنْتَ الْوَزِيرُ وَالْوَصِيُّ وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَأَنْتَ آخِذُ لِوَائِي فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ وَوَلِيّكَ وَلِيِّي وَوَلِيِّي وَلِيُّ اللَّهِ وَعَدُوُّكَ عَدُوِّي وَعَدُوِّي عَدُوُّ اللَّهِ(3) .

ص: 130


1- عيون أخبار الرضاعليه السلام: 278/1، ح 16؛ بحار الأنوار :70/40، ح 106.
2- الأمالي للمفيد : 174/م 22 ، ح 4 ؛ بحار الأنوار : 135/38 ، ح 91 .
3- الخصال : 429/2، ح 6 ؛ بحار الأنوار : 337/39 ، ح 6 .

وعن عليّ عليه السلام قال : كَانَ لِي عَشْرٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي وَلا يُعْطَاهُنَّ أَحَدٌ بَعْدِي قَالَ لِي يَا عَلِيُّ أَنْتَ أَخِي فِي الدُّنْيَا وَأَخِي فِي الآْخِرَةِ وَأَنْتَ أَقْرَبُ النَّاسِ مِنِّي مَوْقِفاً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَنْزِلِي وَمَنْزِلُكَ فِي الْجَنَّةِ مُتَوَاجِهَانِ كَمَنْزِلِ الْأَخَوَيْنِ وَأَنْتَ الْوَصِيُّ وَأَنْتَ الْوَلِيُّ وَأَنْتَ الْوَزِيرُ وَعَدُوُّكَ عَدُوِّي وَعَدُوِّي عَدُوُّ اللَّهِ وَوَلِيُّكَ وَلِيِّي وَوَلِيِّي وَلِيُّ اللَّهِ(1).

وعن معاذ بن جبل قال : قال النبيّ صلي الله عليه وآله لعليّ عليه السلام : أُخَاصِمُكَ بِالنُّبُوَّةِ وَلا نَبِيَّ بَعْدِي وَتُخَاصِمُ النَّاسَ بِسَبْعٍ وَلا يُحَاجُّكَ فِيهِنَّ أَحَدٌ مِنْ قُرَيْشٍ لأَنَّكَ أَنْتَ أَوَّلُهُمْ إِيمَاناً وَأَوْفَاهُمْ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَقْوَمُهُمْ بِأَمْرِ اللَّهِ وَأَقْسَمُهُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَأَعْدَلُهُمْ فِي الرَّعِيَّةِ وَأَبْصَرُهُمْ فِي الْقَضِيَّةِ وَأَعْظَمُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَزِيَّةً(2) .

وقال النبيّ صلي الله عليه وآله : لمّا أُسريَ بي إلَي السماءِ قالَ لي ربّي : قَدِ اخْتَرْتُ لَكَ عَلِيّاً فَاتَّخِذْهُ لِنَفْسِكَ خَلِيفَةً وَوَصِيّاً وَنَحَلْتُهُ عِلْمِي وَحِكَمِي وَهُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يَكُنْ هَذَا الاسْمُ لأَحَدٍ قَبْلَهُ وَلَيْسَ لأَحَدٍ بَعْدَهُ(3).

وفي مفاتيح الغيب : كان في الري رجل يقال له : محمود بن الحسن الحمصي ، وكان متكلم الاثني عشرية ، وكان يزعم أن عليا عليه السلام أفضل من جميع الأنبياء سوي محمد صلي الله عليه وآله قال : والذي يدل عليه قوله تعالي : « وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ »(4)وليس المراد بقوله «وَأَنْفُسَنا »نفس محمد صلي الله عليه وآله لأن الإنسان لا يدعو نفسه بل المراد به غيره ، وأجمعوا علي أن ذلك الغير كان علي بن أبي طالب عليه السلام عنه ، فدلت

ص: 131


1- الخصال :429/2 ، ح 7 ؛ بحار الأنوار :337/39، ح 7.
2- الخصال :363/2، ح 54 ؛ بحار الأنوار : 107/41 ، ح 10 .
3- الأمالي للطوسي : 354 ، ح 73 ؛ بحار الأنوار :13/40 ، ح 28.
4- آل عمران : 60 .

الآية علي أن نفس علي هي نفس محمد ، ولا يمكن أن يكون المراد منه أن هذه النفس هي عين تلك النفس ، فالمراد أن هذه النفس مثل تلك النفس ، وذلك يقتضي الاستواء في جميع الوجوه ، ترك العمل بهذا العموم في حق النبوة ، وفي حق الفضل لقيام الدلائل علي أن محمدا صلي الله عليه وآله كان نبيا وما كان علي كذلك ، ولانعقاد الإجماع علي أن محمدا صلي الله عليه وآله كان أفضل من علي فيبقي فيما سواه معمولا به ، ثم الإجماع دل علي أن محمدا صلي الله عليه وآله كان أفضل من سائر الأنبياء ، فهذا وجه الاستدلال بظاهر هذه الآية ، ثم قال : وتأكّد الاستدلال بهذه الآية ، بالحديث المقبول عند الموافق والمخالف ، وهو قوله عليه السلام : مَنْ أَرَادَ أَنْ يَرَي آدَمَ فِي عِلْمِهِ وَنُوحاً فِي طَاعَتِهِ وَإِبْرَاهِيمَ فِي خَلَّتِهِ وَمُوسَي فِي قُرْبَتِهِ وَعِيسَي فِي صَفْوَتِهِ فَلْيَنْظُرْ إِلَي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام ،

فالحديث دل علي أنه اجتمع فيه ما كان متفرقا فيهم ، وذلك يدل علي أن عليّاً أفضل من جميع الأنبياء سوي محمد صلي الله عليه وآله ، وأما سائر الشيعة فقد كانوا قديما وحديثا يستدلون بهذه الآية علي أن عليا صلي الله عليه وآله أفضل من سائر الصحابة وذلك لأن الآية لما دلت علي أن نفس علي مثل نفس محمد صلي الله عليه وآله إلا فيما خصه الدليل ، وكان نفس محمد صلي الله عليه وآله أفضل من الصحابة ، فوجب أن يكون نفس علي أفضل من سائر الصحابة ، هذا تقدير كلام الشيعة ، والجواب : أنه كما انعقد الإجماع بين المسلمين علي أن محمدا صلي الله عليه وآله أفضل من علي عليه السلام ، فكذلك انعقد الإجماع بينهم قبل ظهور هذا الإنسان ، علي أن النبي أفضل ممن ليس بنبي ، وأجمعوا علي أن عليا ما كان نبيا ، فلزم القطع بأن ظاهر الآية مخصوص في حق محمد صلي الله عليه وآله ،

ص: 132

فكذلك مخصوص في حق سائر الأنبياء عليهم السلام(1) .

قال المجلسي رحمه الله : أقول : انعقاد الاجماع علي كون النبيّ صلي الله عليه وآله أفضل ممّن ليس بنبي مطلقاً ممنوع كيف وأكثر علماء الاماميّة بل كلّهم قائلون بأن ائمّتنا عليهم السلام أفضل من سائر الأنبياء سوي نبيّنا صلي الله عليه وآله ولو سلّم فلا نسلم حجّيّة مثل هذا الاجماع الذي لم يتحقّق دخول المعصوم فيه كيف وأخبار ائمّتنا عليهم السلام مستفيضة(2) بخلافه ولنعم ما فعل حيث أعرض عن الجواب في حقّ الصحابة إذ لم يجد عنه محيصاً(3) .

وعن أبي هريرة قال : قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله لعليّ بن أبي طالب عليه السلام يوم فتح مكّة : أَمَا تَرَي هَذَا الصَّنَمَ يَا عَلِيُّ عَلَي الْكَعْبَةِ ؟ قَالَ : بَلَي يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : فَأَحْمِلُكَ تَتَنَاوَلُهُ ، قَالَ : بَلْ أَنَا أَحْمِلُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَالَ : لَوْ أَنَّ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ جَهَدُوا أَنْ يَحْمِلُوا مِنِّي بَضْعَةً وَأَنَا حَيٌّ مَا قَدَرُوا وَلَكِنْ قِفْ يَا عَلِيُّ ، قَالَ : فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ يَدَيْهِ إِلَي سَاقَيْ عَلِيٍّ عليه السلام فَوْقَ الْقَرَبُوسِ ثُمَّ اقْتَلَعَهُ مِنَ الْأَرْضِ بِيَدِهِ فَرَفَعَهُ حَتَّي تَبَيَّنَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ : مَا تَرَي يَا عَلِيُّ ؟ قَالَ : أَرَي أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ شَرَّفَنِي بِكَ حَتَّي لَوْ أَرَدْتُ أَنْ أَمَسَّ السَّمَاءَ بِيَدِي لَمَسِسْتُهَا فَقَالَ لَهُ : تَنَاوَلِ الصَّنَمَ يَا عَلِيُّ ، فَتَنَاوَلَهُ عَلِيٌّ عليه السلام ، فَرَمَي بِهِ ، ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله مِنْ تَحْتِ عَلِيٍّ وَتَرَكَ رِجْلَيْهِ فَسَقَطَ عَلَي الْأَرْضِ فَضَحِكَ فَقَالَ لَهُ : مَا أَضْحَكَكَ يَا عَلِيُّ ؟ فَقَالَ : سَقَطْتُ مِنْ أَعْلَي الْكَعْبَةِ فَمَا أَصَابَنِي شَيْ ءٌ

ص: 133


1- مفاتيح الغيب : 248/8 ؛ بحار الأنوار :282/21 .
2- بل يوجد في أخبارهم أيضاً أحاديث كثيرة في ذلك ( بحار الأنوار : 21 ، ذيل ح 284 ) .
3- بحار الأنوار : 284/21 .

فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله : كَيْفَ يُصِيبُكَ وَإِنَّمَا حَمَلَكَ مُحَمَّدٌ وَأَنْزَلَكَ جَبْرَئِيلُ(1).

وقال أميرالمؤمنين عليه السلام : أنا كاسِرُ اللّاتِ والعُزّي أنا الهادِمُ هُبَل الأعلي ومَناةَ الثالِثَةَ الأُخري أنا عَلَوْتُ عَلي كَتِفِ النبي صلي الله عليه وآله وكَسَرْتُ الأصنَامَ أنا الّذي كَسَرت يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسرا(2) .

وعن ابن عبّاس قال : قوله عزّوجلّ : « وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا »(3) نزلت في النبيّ صلي الله عليه وآله وعليّ عليه السلام زوج النبي صلي الله عليه وآله عليّاً عليه السلام ابنته وهو ابن عمّه فكان له نسباً وصهراً(4) .

وعن ابن عبّاس رضي الله عنه في قوله تعالي : « وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ »(5) قال : نزل في عليّ بن أبي طالب عليه السلام حين بات علي فراش رسول اللَّه صلي الله عليه وآله حيث طلبه المشركون(6) .

يَحْذُو حَذْوَ الرَّسُولِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِما وَآلِهِما

قال أميرالمؤمنين عليه السلام : أَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله كَالصِّنْوِ مِنَ الصِّنْو(7) .

وقال أميرالمؤمنين عليه السلام : أَنَا مِنْ أَحْمَدَ كَالضَّوْءِ مِنَ الضَّوْء(8) .

ص: 134


1- كشف اليقين : 447 ؛ بحار الأنوار : 86/38 ،ح 6.
2- الفضائل لابن شاذان : 85 ؛ حلية الأبرار : 125/2 .
3- الفرقان : 54 .
4- تأويل الآيات : 373 ؛ بحار الأنوار :361/35، ح 3 .
5- البقرة : 207 .
6- تفسير فرات الكوفي : 65 ، ح 31 ؛ بحار الأنوار :41/36 ، ح 3 .
7- بحار الأنوار :474/33 .
8- الأمالي للصدوق : 514/م 77 ، ح 10 ؛ بحار الأنوار : 80/38، ح 2 .

وعن زيد بن الحسن قال : سمعت أبا عبداللَّه عليه السلام يقول : إنَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام أَشْبَهَ النَّاسِ طِعْمَةً بِرَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله كَانَ يَأْكُلُ الْخُبْزَ وَالْخَلَّ وَالزَّيْتَ وَيُطْعِمُ النَّاسَ الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ(1).

وعن سعيد بن كلثوم قال : كنت عند الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام فذكر أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال : مَا أَطَاقَ عَمَلَ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله مِنْ بَعْدِهِ أَحَدٌ غَيْرُه(2) .

وقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : رَبِّ اهْدِ أُمَّتِي فَإِنَّهُمْ لا يَعْلَمُون(3) .

وقال أميرالمؤمنين عليه السلام : فَصَبَرْتُ وَ فِي الْعَيْنِ قَذي، وَفِي الْحَلْقِ شَجاً(4).

وقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : يَا أَبَا بَكْرٍ كَفِّي وَكَفُّ عَلِيٍّ فِي الْعَدَدِ سَوَاءٌ .

وَيُقاتِلُ عَلَي التَّأْوِيلِ

عن حمران بن أعين قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن ظهر القرآن وبطنه فقال : ظَهْرُهُ الَّذِينَ نَزَلَ فِيهِمُ الْقُرْآنُ وَبَطْنُهُ الَّذِينَ عَمِلُوا بِمِثْلِ أَعْمَالِهِم(5) .

وعن فضيل بن يسار قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن هذه الرواية : ما مِنَ القرآن آيةٌ إلّا ولَها ظهر وَبَطن ، فقال : ظَهْرُهُ تَنْزِيلُهُ وَبَطْنُهُ تَأْوِيلُه(6) .

ص: 135


1- المحاسن :483/2 ، ح 525 ؛ بحار الأنوار :181/63 ، ح 14.
2- الارشاد : 141/2 ؛ بحار الأنوار :110/41 ، ح 19 .
3- الاحتجاج : 212/1 ؛ بحار الأنوار :276/17.
4- نهج البلاغة ، خ الشقشقيّة ؛ بحار الأنوار :514/29 .
5- معاني الأخبار : 259 ، ح 1 ؛ بحار الأنوار : 94/89 ، ح 46 .
6- بصائر الدرجات : 196/1 ، ح 7 ؛ بحار الأنوار : 97/89 ، ح 64 .

وقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : يا عليّ ، أَنَا صَاحِبُ التَّنْزِيلِ وَأَنْتَ صَاحِبُ التَّأْوِيل(1) .

وقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : إِنَّ فيكُمْ مَنْ يُقَاتِلُ بَعْدِي عَلَي التَّأْوِيلِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلَي التَّنْزِيلِ ، قيل يا رسول اللَّه من هو ؟ قَالَ : خَاصِفُ النَّعْلِ يَعْنِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام(2) .

وعن أبي ذرّ الغفاري رضي الله عنه قال : كنت مع رسول اللَّه صلي الله عليه وآله وهو ببقيع الغرقد فقال : وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ فِيكُمْ رَجُلاً يُقَاتِلُ النَّاسَ عَلَي تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ كَمَا قَاتَلْتُ الْمُشْرِكِينَ عَلَي تَنْزِيلِهِ وَهُمْ فِي ذَلِكَ يَشْهَدُونَ أَنْ لا إِلَهَ إِلّا اللَّهُ وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ فَيَكْبُرُ قَتْلُهُمْ عَلَي النَّاسِ حَتَّي يَطْعَنُوا عَلَي وَلِيِّ اللَّهِ وَيَسْخَطُوا عَمَلَه(3) .

وفي الكافي عن أبي عبداللَّه عليه السلام في قول اللَّه عزّ وجلّ : « وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَي الْأُخْري فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّي تَفِي ءَ إِلي أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ »(4) قال : الْفِئَتَانِ إِنَّمَا جَاءَ تَأْوِيلُ هَذِهِ الآْيَةِ يَوْمَ الْبَصْرَةِ وَهُمْ أَهْلُ هَذِهِ الآْيَةِ وَهُمُ الَّذِينَ بَغَوْا عَلَي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام فَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ قِتَالَهُمْ وَقَتْلَهُمْ حَتَّي يَفِيئُوا إِلَي أَمْرِ اللَّهِ وَلَوْ لَمْ يَفِيئُوا لَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ أَنْ لا يَرْفَعَ السَّيْفَ عَنْهُمْ حَتَّي يَفِيئُوا وَيَرْجِعُوا عَنْ رَأْيِهِمْ لأَنَّهُمْ بَايَعُوا طَائِعِينَ غَيْرَ كَارِهِينَ وَهِيَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَي فَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام أَنْ يَعْدِلَ فِيهِمْ حَيْثُ كَانَ ظَفِرَ بِهِمْ

ص: 136


1- الأمالي للصدوق : 332/م 53 ، ح 13 ؛ بحار الأنوار :93/39 ، ح 3 .
2- الخصال : 276/1، ذيل ح 18 .
3- تفسير فرات الكوفي : 200 ، ح 262 ؛ بحار الأنوار : 295/32 ، ح 255 .
4- الحجرات : 9 .

كَمَا عَدَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله فِي أَهْلِ مَكَّةَ إِنَّمَا مَنَّ عَلَيْهِمْ وَعَفَا وَكَذَلِكَ صَنَعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام بِأَهْلِ الْبَصْرَةِ حَيْثُ ظَفِرَ بِهِمْ مِثْلَ مَا صَنَعَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وآله بِأَهْلِ مَكَّةَ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْل(1).

وَلَا تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لائِمٍ

قوله تعالي : « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَي الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَي الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ »(2) .

قال الطبرسي رحمه الله : قيل هم أميرالمؤمنين عليه السلام وأصحابه حين قاتل من قاتله من الناكثين والقاسطين والمارقين وروي ذلك عن عمّار وحذيفة وابن عبّاس وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبداللَّه عليه السلام .

ويؤيّد هذا القول أنّ النبي وصفه بهذه الصفات المذكورة في الآية فقال فيه وقد ندبه لفتح خيبر بعد أن ردّ عنها حامل الراية إليه مرّة بعد أُخري وهو يجبن الناس ويجبنونه : لأُعطينّ الراية غَداً رجلاً يَجبّ اللَّه ورُسوله ويُحبّه اللَّه ورسوله كَرّاراً غير فرّار لا يرجع حتّي يفتح اللَّه علي يده(3) .

ويؤيّد ذلك أيضاً انذار رسول اللَّه صلي الله عليه وآله قريشاً بقتال علي لهم من بعده حيث جاء

ص: 137


1- الكافي :180/8، ح 202 ؛ بحار الأنوار : 366/24 ، ح 92.
2- المائدة : 54 .
3- مجمع البيان : 321/3؛ بحار الأنوار :32/36 ، ح 36 .

سهيل بن عمرو في جماعة منهم فقالوا له : يا محمّد إن أرقاءنا لحقوا بك فارددهم علينا ، فقال رسول اللَّه : لَتَنْتَهُنَّ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَوْ لَيَبْعَثَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ رَجُلاً يَضْرِبُكُمْ عَلَي تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ كَمَا ضَرَبْتُكُمْ عَلَي تَنْزِيلِهِ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ مَنْ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَبُو بَكْرٍ ؟ قَالَ لا وَلَكِنَّهُ خَاصِفُ النَّعْلِ فِي الْحُجْرَةِ وَكَانَ عَلِيٌّ عليه السلام يَخْصِفُ نَعْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله(1) .

وروي عن علي أنّه قال يوم البصرة : وَاللَّهِ مَا قُوتِلَ أَهْلُ هَذِهِ الآْيَةِ حَتَّي الْيَوْمِ وتلا هذه الآية(2) .

وروي أنّ النبي صلي الله عليه وآله سئل عن هذه الآية فضرب بيده علي عاتق سلمان فقال : هذا وذووه ثمّ قال : لَو كان الدين معلّقاً بالثريّا لتناوله رجال من أبناء فارس(3) .

وروي عن الخدري أنّه قال : شكا الناس عليّاً عليه السلام فقام رسول اللَّه صلي الله عليه وآله خطيباً فقال : يَا أَيُّهَا النَّاسُ لا تَشْكُوا عَلِيّاً فَوَ اللَّهِ إِنَّهُ لَخَشِنٌ فِي ذَاتِ اللَّهِ(4) .

وقوله تعالي : « يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ »(5) فجاهد النبيّ صلي الله عليه وآله الكفّار في حياته وأمر عليّاً بجهاد المنافقين(6) .

قَدْ وَتَرَ فِيهِ صَنادِيدَ الْعَرَبِ وَقَتَلَ أَبْطالَهُمْ وَناوَشَ ذُؤْبانَهُمْ

فيما كتب أميرالمؤمنين عليه السلام إلي عثمان بن حنيف : وَ اللَّهِ لَوْ تَظَاهَرَتِ الْعَرَبُ

ص: 138


1- مجمع البيان :322/3 ؛ بحار الأنوار : 33/36.
2- مجمع البيان :322/3؛ بحار الأنوار : 33/36.
3- تفسير الإمام العسكري عليه السلام : 120 ؛ بحار الأنوار :195/1 .
4- مناقب لابن شهر آشوب : 110/2 ؛ بحار الأنوار :116/41 .
5- التوبة : 73 ؛ التحريم : 90 .
6- مناقب :66/2 ؛ بحار الأنوار : 60/41 .

عَلَي قِتَالِي لَمَا وَلَّيْتُ عَنْهَا وَلَوْ أَمْكَنَتِ الْفُرَصُ مِنْ رِقَابِهَا لَسَارَعْتُ إِلَيْهَا(1) .

وعن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليه السلام قال : خطب أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام بالكوفة بعد منصرفه من النهران - إلي أن قال عليه السلام : - أَنَا مُجَدِّلُ الْأَبْطَالِ وَقَاتِلُ الْفُرْسَان(2) .

وقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله لفاطمة عليها السلام : أَمَا تَدْرِينَ مَا مَنْزِلَةُ عَلِيٍّ عِنْدِي ؟ كَفَانِي أَمْرِي وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَضَرَبَ بَيْنَ يَدَيَّ بِالسَّيْفِ وَهُوَ ابْنُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً وَقَتَلَ الْأَبْطَالَ وَهُوَ ابْنُ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَفَرَّجَ هُمُومِي وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَة(3) .

وقالت فاطمة لعليّ عليهما السلام في خطبتها : افترست الذئاب(4) .

فَأَوْدَعَ قُلُوبَهُمْ أَحْقاداً بَدْرِيَّةً وَخَيْبَرِيَّةً وَحُنَيْنِيَّةً وَغَيْرَهُنَ

عن ابن عبّاس : بكي ( رسول اللَّه صلي الله عليه وآله ) حتّي علا بكاؤه فقال علي عليه السلام : مَا يُبْكِيكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : ضَغَائِنُ فِي صُدُورِ قَوْمٍ لا يُبْدُونَهَا لَكَ حَتَّي يَفْقِدُونِي(5) .

وقال علي عليه السلام : اعْتَنَقَنِي ( رسول اللَّه صلي الله عليه وآله ) ثُمَّ أَجْهَشَ بَاكِياً وَقَالَ : بِأَبِي الْوَحِيدُ الشَّهِيدُ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُبْكِيكَ ؟ فَقَالَ : ضَغَائِنُ فِي صُدُورِ أَقْوَامٍ

ص: 139


1- نهج البلاغة : كتاب 45 ؛ بحار الأنوار : 475/33 .
2- معاني الأخبار : 58 ، ح 9 ؛ بحار الأنوار :283/33 ، ح 547 .
3- الأمالي للصدوق : 366/م 62 ، ح 13 ؛ بحار الأنوار :6/40، ح 14 .
4- الاحتجاج :107/1 ؛ بحار الأنوار : 23/4/29 .
5- الصوارم المهرقة في نقد الصواعق المحرقة : 198 ؛ بحار الأنوار : 339/34 .

لا يُبْدُونَهَا لَكَ إِلّا مِنْ بَعْدِي أَحْقَادُ بَدْرٍ وَتِرَاتُ أُحُد(1) .

بدرية

وقد أثبت رواة العامة والخاصة معا أسماء الذين تولي أمير المؤمنين عليه السلام قتلهم ببدر من المشركين علي اتفاق فيما نقلوه من ذلك واصطلاح فكان ممن سموه الوليد بن عتبة كما قدمناه وكان شجاعا جريئا فاتكا وقاحا تهابه الرجال.

والعاص بن سعيد وكان هولا عظيما تهابه الأبطال - إلي أن قال : - وطعيمة بن عدي بن نوفل وكان من رؤوس أهل الضلال ، ونوفل بن خويلد وكان من أشدّ المشركين عداوة لرسول اللَّه صلي الله عليه وآله وكانت قريش تقدّمه وتعظّمه وتطيعه - إلي أن قال : - ولمّا عرف رسول اللَّه صلي الله عليه وآله حضوره بدراً سأل اللَّه عزّ وجلّ أن يكفيه أمره فقال : اللّهمّ اكفِني نَوفَلَ بْنَ خُوَيْلِدٍ فقتله أميرالمؤمنين عليه السلام - إلي أن قال : - فذلك خمسة وثلاثون رجلاً سوي من اختلف فيه أو شرك أميرالمؤمنين عليه السلام فيه غيره وهم أكثر من شطر المقتولين(2) .

وخيبريّة

في كشف اليقين : غزاة خيبر كانت في سنة سبع من الهجرة كان الفتح فيها لأميرالمؤمنين عليه السلام حاصرهم رسول اللَّه صلي الله عليه وآله - إلي أن قال : - وَ اعْلَمْ يَا عَلِيُّ أَنَّهُمْ يَجِدُونَ فِي كِتَابِهِمْ أَنَّ الَّذِي يُدَمِّرُ عَلَيْهِمْ اسْمُهُ إِيلِيَا فَإِذَا لَقِيتَهُمْ فَقُلْ أَنَا عَلِيٌّ

ص: 140


1- كتاب سليم بن قيس : 569/2، ح 2 ؛ بحار الأنوار : 54/28 ، ح 22 .
2- الارشاد : 70/1 ؛ بحار الأنوار :277/19 .

فَإِنَّهُمْ يُخْذَلُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ .

فمضي علي عليه السلام حتّي أتي الحصن فخرج مرحب وعليه درع ومغفر وحجر قد ثقبه مثل البيضة علي رأسه فاختلفا بضربتين فبدر به علي عليه السلام بضربة هاشميّة فَقَدَّ الحجر والمغفر ورأسه حتّي وقع السيف علي أضراسه وخرّ صريعاً .

وقال حبر منهم : لمّا قال أميرالمؤمنين عليه السلام : أنا عليّ بن أبي طالب خامرهم رعب شديد وانهزم من كان تبع مرحباً واغلقوا باب الحصن فعالجه أميرالمؤمنين عليه السلام ففتحه وأخذ الباب وجعله جسراً علي الخندق حتّي عبر عليه المسلمون فظفروا بالحصن وأخذوا الغنائم ولمّا انصرفوا رمي به بيمناه اذرعا وكان يغلقه عشرون رجلاً ورام المسلمون حمل ذلك الباب فلم ينقله إلّا سبعون رجلاً .

وقال عليه السلام : مَا قَلَعْتُ بَابَ خَيْبَرَ بِقُوَّةٍ جِسْمَانِيَّةٍ بَلْ بِقُوَّةٍ رَبَّانِيَّةٍ(1) .

وحنينيّة

كانت غزاة حنين حين استظهر رسول اللَّه صلي الله عليه وآله فيها بكثرة الجمع فخرج صلي الله عليه وآله متوجها إلي القوم في عشرة آلاف من المسلمين فظن أكثرهم أنهم لم يغلبوا لما شاهدوه من جمعهم وكثرة عدتهم وسلاحهم وأعجب أبا بكر الكثرة يومئذ فقال لن نغلب اليوم من قلة وكان الأمر في ذلك بخلاف ما ظنوه و عانهم(2) أبو بكر بعجبه بهم .

ص: 141


1- كشف اليقين في فضائل أميرالمؤمنين عليه السلام : 139 .
2- عانه : أصابه بالعين ، وهو أثر عين الحاسد في المنظور . اُنظر الصحاح :6/2171« عين » .

فلمّا التقوا مع المشركين لم يلبثوا حتي انهزموا بأجمعهم ولم يبق منهم مع النبي صلي الله عليه وآله إلا عشرة أنفس تسعة من بني هاشم خاصة وعاشرهم أيمن ابن أم أيمن فقتل أيمن رحمة اللَّه عليه وثبتت التسعة الهاشميون حتي ثاب إلي رسول اللَّه صلي الله عليه وآله من كان انهزم فرجعوا أولا فأولا حتي تلاحقوا وكانت لهم الكرة علي المشركين وفي ذلك أنزل اللَّه تعالي وفي إعجاب أبي بكر بالكثرة «وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلي رَسُولِهِ وَعَلَي الْمُؤْمِنِينَ »(1) يعني أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام و من ثبت معه من بني هاشم وهم يومئذ ثمانية أمير المؤمنين عليه السلام تاسعهم - إلي أن قال : - وأقبل رجل من هوازن علي جمل أحمر بيده راية سوداء في رأس رمح طويل أمام القوم إذا أدرك ظفرا من المسلمين أكب عليهم وإذا فاته الناس رفعه لمن وراءه من المشركين فاتبعوه وهو يرتجز ويقول :

أنا أبو جرول لا براح ***حتي نبيح القوم أو نباح

فصمد له أمير المؤمنين عليه السلام فضرب عجز بعيره فصرعه ثم ضربه فقطّره(2) ثم قال :

قد علم القوم لدي الصباح ***أني في الهيجاء ذو نصاح

فكانت هزيمة المشركين بقتل أبي جرول لعنه اللَّه(3) .

وعن الصادق عليه السلام قال : قتل عليّ بن أبي طالب عليه السلام يوم حُنين أربعين(4) .

ص: 142


1- التوبة : 25 - 26 .
2- قطّره : ألقاه علي أحد جانبيه ، أسقطه . الصحاح : 796/2 « قطر » .
3- الارشاد :140/1 ؛ بحار الأنوار : 155/21 ، ح 6 .
4- تفسير الصافي : 332/2.

وَغَيْرَهُنَ

روي الكراجكي رحمه الله قصّة قتل عمرو وذكر أنّه قال النبي صلي الله عليه وآله ثلاث مرّات : أَيُّكُمْ يَبْرُزُ إِلَي عَمْرٍو وَأَضْمَنُ لَهُ عَلَي اللَّهِ الْجَنَّة وفي كلّ مرّة كان يقوم عليّ عليه السلام والقوم ناكسو رؤوسهم فاستدناه وعمّمه بيده ، فلمّا برز قال صلي الله عليه وآله : بَرَز الايمانُ كَلُّهُ إلي الشركِ كُلِّهِ .

وكان عمرو يقول :

ولقد بححت من النداء***بجمعهم هل من مبارز

- إلي أن قال : - فما كان أسرع أن صرعه ( في المصدر : ثمّ جادله فما كان بأسرع من أن صرعه ) أميرالمؤمنين عليه السلام وجلس علي صدره - إلي أن قال : - قال له عمرو : يا عليّ قد جلست منّي مجلساً عظيماً فاذا قتلتني فلا تسلبني حُلّتي فقال عليه السلام : هي أهونُ عليَّ من ذلك - إلي أن قال : - وقال صلي الله عليه وآله : لَوْ وُزِنَ الْيَوْمَ عَمَلُكَ بِعَمَلِ جَمِيعِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ لَرَجَحَ عَمَلُكَ عَلَي عَمَلِهِمْ وَذَاكَ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ بَيْتٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِلّا وَقَدْ دَخَلَهُ ذُلٌّ بِقَتْلِ عَمْرٍو(1) .

قعوده عن الجهاد

اعلم أن حال علي عليه السلام في هذا المعني أشهر من أن يحتاج في الدلالة عليها إلي الإسهاب والإطناب فقد رأيت انتقاض العرب عليه من أقطارها حين بويع بالخلافة بعد وفاة رسول اللَّه صلي الله عليه وآله بخمس وعشرين سنة وفي دون هذه المدة تنسي الأحقاد وتموت التراث وتبرد الأكباد الحامية وتسلو القلوب

ص: 143


1- بحار الأنوار : 215/20 ، ح 2 ؛ كنز الفوائد : 297/1.

الواجدة ويعدم قرن من الناس ويوجد قرن ولا يبقي من أرباب تلك الشحناء و البغضاء إلا الأقل فكانت حاله بعد هذه المدة الطويلة مع قريش كأنها حاله لو أفضت الخلافة إليه يوم وفاة ابن عمه صلي الله عليه وآله من إظهار ما في النفوس وهيجان ما في القلوب حتي أن الأخلاف من قريش والأحداث والفتيان الذين لم يشهدوا وقائعه وفتكاته في أسلافهم وآبائهم فعلوا به ما لو كانت الأسلاف أحياء لقصرت عن فعله(1) .

فَأَضَبَّتْ عَلَي عَداوَتِهِ وَأَكَبَّتْ عَلَي مُنابَذَتِهِ

عن أبي عبداللَّه عليه السلام في قوله : « لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا »(2) قال : كَانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ إِذَا ذُكِرَ عَلِيٌّ عِنْدَهُمْ أَنْ يَسْمَعُوا ذِكْرَهُ لِشِدَّةِ بُغْضٍ لَهُ وَعَدَاوَةٍ مِنْهُمْ لَهُ وَلأَهْلِ بَيْتِه(3) .

حَتَّي قَتَلَ النَّاكِثِينَ وَالْقاسِطِينَ وَالْمارِقِينَ

قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : يَا أُمَّ سَلَمَةَ اسْمَعِي وَاشْهَدِي هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ سَيِّدُ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامُ الْمُتَّقِينَ وَقَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ وَقَاتِلُ النَّاكِثِينَ وَالْقَاسِطِينَ وَالْمَارِقِينَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنِ النَّاكِثُونَ قَالَ الَّذِينَ يُبَايِعُونَهُ بِالْمَدِينَةِ وَيَنْكُثُونَ بِالْبَصْرَةِ قُلْتُ مَنِ الْقَاسِطُونَ قَالَ مُعَاوِيَةُ وَأَصْحَابُهُ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ

ص: 144


1- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 114/11، خ 211 .
2- الكهف : 101 .
3- تفسير القمي : 47/2؛ بحار الأنوار :377/24.

قُلْتُ مَنِ الْمَارِقُونَ قَالَ أَصْحَابُ النَّهْرَوَانِ(1) .

وقوله تعالي : « يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ »(2) فجاهد النبي صلي الله عليه وآله الكفّار في حياته وأمر عليّاً عليه السلام بجهاد المنافقين(3) .

وفي الامامة والسياسة للدينوري : ذكروا أنّ الزبير وطلحة أتيا عليّاً عليه السلام بعد فراغ البيعة فقالا : هل تدري علي ما بايعناك يا أميرالمؤمنين ؟ قال عليّ عليه السلام : نعم علي السمع والطاعة وعلي ما بايعتم عليه أبابكر وعمر وعثمان ، فقالا : لا ولكنّا بايعناك علي أنا شريكاك في الأمر ، قال عليّ عليه السلام : لا ولكنّكما شريكان في القول والاستقامة والعون علي العجز والأولاد .

قال : وكان الزبير لا يشكّ في ولاية العراق وطلحة في اليمن فلمّا استبان لهما أنّ عليّاً غير مولّيهما شيئاً أظهرا الشكاة(4) - إلي أن قال : - ثمّ أتي طلحة والزبير إلي عليّ عليه السلام فقالا : يا أميرالمؤمنين ائذن لنا إلي العمرة(5) .

وعن بكر بن عيسي، قال : لما اصطفّ الناس للحرب بالبصرة خرج طلحة والزبير في صف أصحابهما، فنادي أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) الزبير بن العوام فقال له : يا أبا عبداللَّه، ادن مني لأفضي إليك بسر عندي، فدنا منه حتي اختلفت أعناق فرسيهما، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) نشدتك اللَّه إن ذكرتك شيئا فذكرته، أما تعترف به ؟ فقال نعم. فقال : أما تذكر يوما

ص: 145


1- الأمالي للصدوق : 381/م 60 ، ح 10 ؛ بحار الأنوار :222/22 ، ح 1 .
2- التوبة : 73 ؛ التحريم : 9 .
3- مناقب لابن شهر آشوب : 66/2 ؛ بحار الأنوار :60/41، ح 1 .
4- الشكاة : الشكوي والوجع .
5- الامامة والسياسة :51/1.

كنت مقبلا علي بالمدينة تحدثني إذ خرج رسول اللَّه (صلي اللَّه عليه وآله) فرآك معي وأنت تبسم إلي، فقال لك : يا زبير، أتحب عليا ؟ فقلت : وكيف لا أحبه وبيني وبينه من النسب والمودة في اللَّه ما ليس لغيره فقال : إنك ستقاتله وأنت له ظالم. فقلت : أعوذ باللَّه من ذلك فنكس الزبير رأسه ثم قال : إني أنسيت هذا المقام. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) : دع هذا، أفلست بايعتني طائعا ؟ قال : بلي. قال : فوجدت مني حدثا يوجب مفارقتي فسكت ثم قال : لا جرم واللَّه لا قاتلتك(1).

وعن أبي جعفر عليه السلام قال : مرّ رسول اللَّه صلي الله عليه وآله يوماً علي عليّ عليه السلام والزبيرُ قائمٌ معه يُكلّمه فقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : فَوَ اللَّهِ لَتَكُونَنَّ أَوَّلَ الْعَرَبِ تَنْكُثُ بَيْعَتَهُ(2).

وعن الخرگوشي أنّه قال عليه السلام لطلحة : إِنَّكَ سَتُقَاتِلُ عَلِيّاً وَأَنْتَ ظَالِم(3) .

عن ابن عبّاس ، عن النبيّ صلي الله عليه وآله أنّه قال لنسائه : لَيتَ شعري أَيَّتُكُنَّ صَاحِبَةُ الْجَمَلِ الْأَدْبَبِ(4) الّتي تَنْبَحُهَا كِلابُ الْحَوْأَبِ فَيُقْتَلُ عَنْ يَمِينِهَا وَعَنْ يَسَارِهَا قَتْلَي كَثِيرَةٌ ثُمّ تَنْجُو بَعْدَ مَا كَادَت(5) .

والحوأب ماء لبني عامر وقوله : تنجو بعد ما كادت أي تنجو بعد ما كادت تهلك(6) .

وعن عائشة قالت : قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : يا عائشة إِنِّي رَأَيْتُكِ فِي الْمَنَامِ مَرَّتَيْنِ

ص: 146


1- الأمالي للطوسي : 137/م 5 ، ح 36 ؛ بحار الأنوار :204/32، ح 158.
2- الخرائج والجرائح : 97/1، ح 157 ؛ بحار الأنوار :109/32، ح 84.
3- مناقب : 109/1؛ بحار الأنوار 132/18 .
4- الأدب - بادغام الباء وفكه - : الجمل الكثير الشعر أو الذي كثر وبر وجهه وفي بعض النسخ « الأديب » .
5- معاني الأخبار : 305 ، ح 1 ؛ بحار الأنوار : 278/32، ح 224 .
6- معاني الأخبار : 305 .

أَرَي جَمَلاً يَحْمِلُكِ فِي سِدَافَةٍ(1) مِنْ حَرِيرٍ ، فَاكْشِفْهَا فَإِذَا هِيَ أَنْتِ(2) .

عن الحسن بن حماد، قال : كان سلمان إذا رأي الجمل(3) الذي يقال له عسكر يضربه ، فيقال له : يا أبا عبد اللَّه ما تريد من هذه البهيمة ؟ فيقول : ما هذا بهيمة ولكن هذا عسكر بن كنعان الجني، يا أعرابي لا ينفق عليك هاهنا ولكن اذهب به إلي الحوأب فإنك تعطي به ما تريد(4) .

وعن أبي جعفر عليه السلام قال : اشتروا عسكراً بسبعمائة درهم وكان شيطاناً(5) .

وفي الشرح لابن أبي الحديد : لمّا عزمت عائشة علي الخروج إلي البصرة طلبوا لها بعيرا أيّداً يحمل هودجها فجاءهم يعلي بن أمية ببعيره المسمي عسكرا وكان عظيم الخلق شديدا فلما رأته أعجبها وأنشأ الجمال يحدثها بقوته وشدته ويقول في أثناء كلامه عسكر فلما سمعت هذه اللفظة استرجعت وقالت ردوه لا حاجة لي فيه وذكرت حيث سئلت أن رسول اللَّه صلي الله عليه وآله ذكر لها هذا الاسم ونهاها عن ركوبه وأمرت أن يطلب لها غيره فلم يوجد لها ما يشبهه فغير لها بجلال غير جلاله وقيل لها قد أصبنا لك أعظم منه خلقا وأشد قوة وأتيت به فرضيت(6) .

وقال أبو مخنف : لمّا انتهت عائشة في مسيرها إلي الحوأب وهو ماء لبني عامر بن صعصعة نبحتها الكلاب حتي نفرت صعاب إبلها فقال قائل من أصحابها ألا

ص: 147


1- السدافة : الحجاب والستر .
2- وقعة الجمل : 42 ؛ بحار الأنوار : 285/32 ، ح 237 .
3- أي قبل يوم الجمل في أيّام حياة سلمان .
4- رجال الكشي : 13 ، ح 30 ؛ بحار الأنوار : 147/32 ، ح 122 .
5- رجال الكشي : 13 ، ح 31 ؛ بحار الأنوار :147/32 ، ح 122 .
6- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 224/6 ؛ بحار الأنوار :138/32.

ترون ما أكثر كلاب الحوأب وما أشد نباحها فأمسكت زمام بعيرها وقالت وإنها لكلاب الحوأب ردوني ردوني فإني سمعت رسول اللَّه يقول وذكرت الخبر(1) .

و روي لمّا أقبلت عائشة مياه بني عامر ليلا نبحتها كلاب الحوأب قالت : ما هذا ؟ قالوا : الحوأب ، قالت : ما أظنني إلا راجعة ردوني إن رسول اللَّه صلي الله عليه وآله قال لنا ذات يوم : كيف بإحداكن إذا نبح عليها كلاب الحوأب(2) .

وقال الصادق عليه السلام : أَوَّلُ شَهَادَةٍ شُهِدَ بِهَا بِالزُّورِ فِي الْإِسْلامِ شَهَادَةُ سَبْعِينَ رَجُلاً حِينَ انْتَهَوْا إِلَي مَاءِ الْحَوْأَبِ فَنَبَحَتْهُمْ كِلابُهَا فَأَرَادَتْ صَاحِبَتُهُمُ الرُّجُوعَ وَقَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وآله يَقُولُ لأَزْوَاجِهِ : إِنَّ إِحْدَاكُنَّ تَنْبَحُهَا كِلابُ الْحَوْأَبِ(3) فِي التَّوَجُّهِ إِلَي قِتَالِ وَصِيِّي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام فَشَهِدَ عِنْدَهَا سَبْعُونَ رَجُلاً أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَاءِ الْحَوْأَبِ فَكَانَتْ أَوَّلَ شَهَادَةٍ شُهِدَ بِهَا فِي الْإِسْلامِ بِالزُّورِ(4) .

وعن سليم بن قيس الهلالي قال : لمّا التقي أميرالمؤمنين عليه السلام بأهل البصرة يوم الجمل نادي الزبير : يا أبا عبداللَّه اخرُج إليَّ فخرج الزبير ومعه طلحة فقال لهما : وَاللَّهِ إِنَّكُمَا لَتَعْلَمَانِ وَأُولُو الْعِلْمِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ وَعَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ أَصْحَابَ الْجَمَلِ مَلْعُونُونَ عَلَي لِسَانِ مُحَمَّدٍ صلي الله عليه وآله وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَي قَالَ الزُّبَيْرُ كَيْفَ نَكُونُ مَلْعُونِينَ وَنَحْنُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَقَالَ عَلِيٌّ عليه السلام لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكُمْ مِنْ

ص: 148


1- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 225/6 ؛ بحار الأنوار : 139/32 .
2- الخرائح والجرائح : 67/1 ، ح 124؛ بحار الأنوار :113/18 .
3- الحوأب : موضع بئر من مياه العرب علي طريق البصرة وفيه نبحت كلابه علي عائشة عند مقبلها إلي البصرة .
4- من لا يحضره الفقيه : 74/3 ، ح 3365 ؛ بحار الأنوار :147/32 ، ح 120 .

أَهْلِ الْجَنَّةِ لَمَا اسْتَحْلَلْتُ قِتَالَكُمْ فَقَالَ لَهُ الزُّبَيْرُ : أَمَا سَمِعْتَ حَدِيثَ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ وَهُوَ يَرْوِي أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وآله يَقُولُ عَشَرَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ فِي الْجَنَّةِ ؟ قَالَ عَلِيٌّ عليه السلام : سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ بِذَلِكَ عُثْمَانَ فِي خِلافَتِهِ ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ : أَفَتَرَاهُ يَكْذِبُ عَلَي رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ عليه السلام : لَسْتُ أُخْبِرُكَ بِشَيْ ءٍ حَتَّي تُسَمِّيَهُمْ ؟ قَالَ الزُّبَيْرُ : أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَسَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ عليه السلام : عَدَّدْتَ تِسْعَةً فَمَنِ الْعَاشِرُ ؟ قَالَ : أَنْتَ قَالَ لَهُ عَلِيٌّ عليه السلام : قَدْ أَقْرَرْتَ لِي بِالْجَنَّةِ ، وَأَمَّا مَا ادَّعَيْتَ لِنَفْسِكَ وَأَصْحَابِكَ فَأَنَا بِهِ مِنَ الْجَاحِدِينَ الْكَافِرِينَ قَالَ الزُّبَيْرُ : أَفَتَرَاهُ كَذَبَ عَلَي رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله ؟ قَالَ : مَا أَرَاهُ كَذَبَ وَلَكِنَّهُ وَاللَّهِ الْيَقِينُ وَوَاللَّهِ إِنَّ بَعْضَ مَنْ ذَكَرْتَ لَفِي تَابُوتٍ فِي شِعْبٍ فِي جُبٍّ فِي أَسْفَلِ دَرْكٍ مِنْ جَهَنَّمَ عَلَي ذَلِكَ الْجُبِّ صَخْرَةٌ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُسْعِرَ جَهَنَّمَ رَفَعَ تِلْكَ الصَّخْرَةَ سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله(1) .

وروي : ثمّ أقبل علي طلحة فقال : يَا طَلْحَةُ مَعَكُمَا نِسَاؤُكُمَا قَالَ لا قَالَ عَمَدْتُمَا إِلَي امْرَأَةٍ مَوْضِعُهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ الْقُعُودُ فِي بَيْتِهَا فَأَبْرَزْتُمَاهَا وَصُنْتُمَا حَلائِلَكُمَا فِي الْخِيَامِ وَالْحِجَالِ مَا أَنْصَفْتُمَا رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وآله قَدْ أَمَرَ اللَّهُ أَنْ لا يُكَلَّمْنَ إِلّا مِنْ وَرَاءِ حِجَاب(2) .

فقال الزبير : واللَّه ورائي أني ما وقفت موقفا في شرك ولا إسلام إلا ولي فيه بصيرة وأنا اليوم علي شك من أمري وما أكاد أبصر موضع قدمي ثم شق الصفوف

ص: 149


1- الاحتجاج :162/1؛ بحار الأنوار : 197/32، ح 147 .
2- كتاب سليم بن قيس :799/2 ؛ بحار الأنوار :216/32.

وخرج من بينهم ونزل علي قوم من بني تميم فقام إليه عمرو بن جرموز المجاشعي فقتله حين نام وكان في ضيافته فنفذت دعوة علي عليه السلام فيه(1) .

وفي الجمل والنصرة : عمرو بن جرموز التميمي العبدي الذي قتل الزبير بن العوّام يوم الجمل كان من رؤساء الخوارج(2) .

وروي انّه جي ء إلي أميرالمؤمنين عليه السلام برأس الزبير وسيفه فتناول سيفه وقال : طالما واللَّه جلا به الكرب عن وجه رسول اللَّه صلي الله عليه وآله ولكن الحين ومصارع السوء(3) .

وروي أنّ مروان بن الحكم هو الذي قتل طلحة بسهم رماه به(4) .

وفي تاريخ المفيد في النصف من جمادي الأُولي من سنة ستّ وثلاثين من الهجرة كان فتح البصرة ونزول النصر من اللَّه تعالي علي أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام(5) .

والقاسطين

روي أبو اسحاق الشيباني أنّه : قيل لعليّ حين أراد أن يكتب الكتاب بينه وبين معاوية وأهل الشام أتقرّ أنّهم مؤمنون مسلمون ؟ فقال عليّ عليه السلام : مَا أُقِرُّ لِمُعَاوِيَةَ وَلا لأَصْحَابِهِ أَنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ وَلا مُسْلِمُونَ وَلَكِنْ يَكْتُبُ مُعَاوِيَةُ مَا شَاءَ وَيُقِرُّ بِمَا

ص: 150


1- كشف الغمّة : 241/1؛ بحار الأنوار : 190/32 .
2- الجمل والنصرة لسيّد العترة في حرب البصرة : 492 .
3- الاحتجاج :163/1؛ بحار الأنوار : 200/32 ، ح 149 .
4- الاحتجاج : 164/1 ؛ بحار الأنوار : 201/32 ، ح 153 .
5- العدد القويّة لدفع المخاوف اليوميّة : 53 ؛ بحار الأنوار :211/32، ح 166 .

شَاءَ لِنَفْسِهِ وَلأَصْحَابِهِ وَيُسَمِّي نَفْسَهُ بِمَا شَاء(1) .

وقال أميرالمؤمنين عليه السلام : قَاتَلْتُ النَّاكِثِينَ وَهَؤُلاءِ الْقَاسِطِينَ وَسَأُقَاتِلُ الْمَارِقِينَ ثُمَّ رَكِبَ فَرَسَ النَّبِيِّ صلي الله عليه وآله وَقَصَدَهُ فِي تِسْعِينَ أَلْفاً .

قال سعيد بن جبير منها تسعمائة رجل من الأنصار وثمانمائة من المهاجرين وقال عبدالرحمن بن أبي ليلي سبعون رجلاً من أهل بدر ويقال مائة وثلاثون رجلاً ، وخرج معاوية في مائة وعشرين ألفاً يتقدّمهم مروان وقد تقلّد بسيف عثمان فنزل صفّين في المحرّم علي شريعة الفرات - إلي أن قال : - ومنعوا عليّاً وأصحابه الماء فانفذ عليّ شبث بن ربعي الرياحي وصعصعة بن صوحان فقالا في ذلك لطفاً وعنفاً فقالوا : أنتم قتلتم عثمان عطشاً ، فقال عليه السلام :

أَوْ رَوُّوا السُّيُوفَ مِنَ الدِّمَاءِ تَرْوَوْا مِنَ الْمَاءِ فَالْمَوْتُ فِي حَيَاتِكُمْ مَقْهُورِينَ وَالْحَيَاةُ فِي مَوْتِكُمْ قَاهِرِين - إلي أن قال : - وحملا في سبعة عشر ألف رجل حملة رجل واحد ففرّق بعضهم وانهزم الباقون فأمر علي عليه السلام أن لا يمنعوهم الماء وكان نزوله عليه السلام بصفّين لليالي بقين من ذي الحجّة سنة ست وثلاثين(2) .

وعن الأصبغ بن نُباتة قال : جاء رجل إلي عليّ فقال : يا أميرالمؤمنين هؤلاء القوم الذين نقاتلهم ، الدعوة واحدة والرسول واحد والصلاة واحدة والحجّ واحد فبم نسمّيهم ؟ قال : تُسَمِّهِمْ بِمَا سَمَّاهُمُ اللَّهُ تَعَالَي فِي كِتَابِهِ .

قال : ما كلّ ما في الكتاب أعلمه قال : أَمَا سَمِعْتَ اللَّهَ تَعَالَي يَقُولُ فِي كِتَابِهِ : «تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلي بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ

ص: 151


1- وقعة صفّين : 509 ؛ بحار الأنوار : 543/32 ، ح 454 .
2- مناقب لابن شهر آشوب 167/3؛ بحار الأنوار :572/32.

وَآتَيْنا عِيسَي ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَلكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ »(1) فَلَمَّا وَقَعَ الاخْتِلافُ كُنَّا نَحْنُ أَوْلَي بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَبِدِينِهِ وَبِالنَّبِيِّ صلي الله عليه وآله وَبِالْكِتَابِ وَبِالْحَقِّ فَنَحْنُ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَشَاءَ اللَّهُ مِنَّا قِتَالَهُمْ فَقَاتَلْنَاهُمْ بِمَشِيئَتِهِ وَإِرَادَتِهِ(2) .

وعن أبي صادق قال : قدم علينا أبو أيوب الأنصاري العراق فأهدت له الأزد جزرا(3) فبعثوها معي فدخلت إليه فسلمت عليه وقلت له يا أبا أيوب قد كرمك اللَّه عزّ وجلّ بصحبة نبيه صلي الله عليه وآله ونزوله عليك فما لي أراك تستقبل الناس بسيفك تقاتلهم هؤلاء مرة وهؤلاء مرة قال إن رسول اللَّه صلي الله عليه وآله عهد إلينا أن نقاتل مع علي الناكثين فقد قاتلناهم و عهد إلينا أن نقاتل معه القاسطين فهذا وجهنا إليهم يعني معاوية وأصحابه وعهد إلينا أن نقاتل معه المارقين ولم أرهم بعد(4) .

وقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : يَا عَمَّارُ سَتَكُونُ بَعْدِي فِتْنَةٌ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَاتَّبِعْ عَلِيّاً وَحِزْبَهُ فَإِنَّهُ مَعَ الْحَقِّ وَالْحَقُّ مَعَهُ .

قلت : يا رسول اللَّه أليس ذلك علي رضا اللَّه ورضاك ؟ قال صلي الله عليه وآله : نعم علي رضا اللَّه ورضاي - إلي أن قال صلي الله عليه وآله : - فلمّا كان يوم صفّين خرج عمّار بن ياسر إلي أميرالمؤمنين عليه السلام فقال له : يا أخا رسول اللَّه أتأذن لي في القتال ؟ - إلي أن قال : -

ص: 152


1- البقرة : 253 .
2- وقعة صفّين : 322 ؛ بحار الأنوار :493/32، ح 425 .
3- الجزر : جمع الجزور ، وهو ما يذبح من الإبل .
4- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد :207/3 ؛ بحار الأنوار : 308/32 .

ثمّ برز إلي القتال - إلي أن قال : - ثمّ حمل علي القوم فقتل ثمانية عشر نفساً فخرج إليه رجلان من أهل الشام فطعناه فقُتل رحمهُ اللَّه فلمّا كان في الليل طاف أميرالمؤمنين عليه السلام في القتلي فوجد عمّاراً ملقيً بين القتلي فجعل رأسه علي فخذه ثمّ بكي عليه السلام وأنشأ يقول :

يَا مَوْتُ كَمْ هَذَا التَّفَرُّقُ عَنْوَةً***فَلَسْتَ تُبقي لِلخَلِيلَ خَلِيلٍ

أَرَاكَ بَصِيراً بِالَّذِينَ أُحِبُّهُمْ ***كَأَنَّكَ تَمْضِي نَحْوَهُمْ بِدَلِيل(1)

وعن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : شهد مع عليّ بن أبي طالب عليه السلام من التابعين ثلاثة نفر بصفّين شهد لهم رسول اللَّه صلي الله عليه وآله بالجنّة ولم يرهم أُوَيس القرنيّ وزيد بن صوحان العبديّ وجندب الخير الأزديّ رحمة اللَّه عليهم(2) .

والمارقين

وعن الحسين بن عليّ ، عن أميرالمؤمنين عليهم السلام قال : قالَ رسولُ اللَّه صلي الله عليه وآله : يَا عَلِيُّ أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ يَا عَلِيُّ لَوْ لا أَنْتَ لَمَا قُوتِلَ أَهْلُ النَّهْرِ قَالَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ أَهْلُ النَّهْرِ قَالَ قَوْمٌ يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ(3) .

قال في النهاية في حديث الخوارج : يمرقُون من الدين مُروق السهم من الرميّة أي يجوزونه ويخرقونه ويتعدّونه ، كما يخرق السهم الشي ء المرميّ به ويخرج

ص: 153


1- كفاية الأثر : 121 ؛ بحار الأنوار : 19/33 .
2- الاختصاص : 81 ؛ بحار الأنوار : 618/32 ، ح 484 .
3- الأمالي للطوسي 22/م 7 ، ح 43 ؛ بحار الأنوار :199/33، ح 570 .

منه ، وقد تكرّر في الحديث ، ومنه حديث علي : « أُمرت بقتال المارقين » يعني الخوارج(1) .

وعن أبي سعيد الخدري وأنس بن مالك أنّ رسول اللَّه صلي الله عليه وآله قال : سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي اخْتِلافٌ وَفُرْقَةٌ قَوْمٌ يُحْسِنُونَ الْقِيلَ وَيُسِيئُونَ الْفِعْلَ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّة(2) .

وعن ابن أبي اليسر الأنصاري ، عن أبيه قال : دخلت علي أُمّ المؤمنين عائشة قال : فقالت : من قتل الخارجيّة ؟ قال : قلت : قتلهم عليّ ، قالت : ما يمنعني الذي في نفسي علي عليّ أن أقول الحقّ ، سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه وآله يقول : يَقْتُلُهُمْ خَيْرُ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ عَلِيٌّ مَعَ الْحَقِّ وَالْحَقُّ مَعَ عَلِيٍّ عليه السلام(3) .

وذكر المدائني في كتاب الخوارج قال : لما خرج علي عليه السلام إلي أهل النهر أقبل رجل من أصحابه ممن كان علي مقدمته يركض حتي انتهي إلي علي عليه السلام فقال: البشري يا أمير المؤمنين قال : ما بشراك ؟ قال : إن القوم عبروا النهر لما بلغهم وصولك فأبشر فقد منحك اللَّه أكتافهم فقال له آللَّه أنت رأيتهم قد عبروا ؟ قال : نعم فأحلفه ثلاث مرات في كلّها يقول : نعم فقال علي عليه السلام : واللَّه ما عبروه ولن يعبروه وإن مصارعهم لدون النطفة والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لن يبلغوا الأثلاث ولا قصر بوازن حتي يقتلهم اللَّه وقد خاب من افتري قال ثم أقبل فارس آخر يركض فقال كقول الأول فلم يكترث علي عليه السلام بقوله وجاءت الفرسان تركض كلها تقول

ص: 154


1- النهاية : 320/4.
2- كشف الغمّة : 128/1 ؛ بحار الأنوار :329/33 ، ح 574 .
3- كشف الغمّة : 158/1؛ بحار الأنوار : 331/33 ، ح 577 .

مثل ذلك فقام علي عليه السلام فجال في متن فرسه قال فيقول شاب من الناس واللَّه لأكونن قريبا منه فإن كانوا عبروا النهر لأجعلن سنان هذا الرمح في عينه أيدعي علم الغيب فلما انتهي عليه السلام إلي النهر وجد القوم قد كسروا جفون سيوفهم وعرقبوا خيلهم وجثوا علي ركبهم وحكموا تحكيمة واحدة بصوت عظيم له زجل فنزل ذلك الشاب فقال يا أمير المؤمنين إني كنت شككتك فيك آنفا وإني تائب إلي اللَّه وإليك فاغفر لي فقال علي عليه السلام إن اللَّه هو الذي يغفر الذنوب فاستغفره(1) .

وروي أن أمير المؤمنين عليه السلام أرسل عبد اللَّه بن العباس إلي الخوارج وكان بمرأي منهم ومسمع قالوا له في الجواب : إنا نقمنا يا ابن عباس علي صاحبك خصالا كلّها مكفّرة موبقة تدعو إلي النار ، أمّا أوّلها فإنّه محا اسمه من إمرة المؤمنين ثم كتب بينه وبين معاوية فإذا لم يكن أمير المؤمنين ونحن المؤمنون لسنا نرضي بأن يكون أميرنا وأما الثانية فإنّه شكّ في نفسه حين قال للحكمين انظرا فإن كان معاوية أحقّ بها فأثبتاه وإن كنت أولي بها فأثبتاني فإذا هو شكّ في نفسه ولم يدر أهو المحقّ أم معاوية فنحن فيه أشدّ شكّا والثالثة أنّه جعل الحكم إلي غيره وقد كان عندنا أحكم الناس والرابعة أنه حكم الرجال في دين اللَّه ولم يكن ذلك إليه والخامسة أنه قسم بيننا الكراع والسلاح يوم البصرة ومنعنا النساء والذرية والسادسة أنه كان وصيّا فضيع الوصيّة .

قال ابن عباس : قد سمعت يا أمير المؤمنين مقالة القوم وأنت أحق بجوابهم .

فقال : نعم ، ثم قال :

ص: 155


1- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 271/2.

يا ابن عباس قل لهم ألستم ترضون بحكم اللَّه وحكم رسوله ؟ قالوا : نعم قال : أبدأ علي ما بدأتم به في بدء الأمر ثم قال : كنت أكتب لرسول اللَّه صلي الله عليه وآله الوحي والقضايا والشروط والأمان يوم صالح أبا سفيان وسهيل بن عمرو فكتبت بسم اللَّه الرحمن الرحيم هذا ما اصطلح عليه محمد رسول اللَّه وأبو سفيان صخر بن حرب وسهيل بن عمرو فقال سهيل : لا نعرف الرحمن الرحيم ولا نقر أنك رسول اللَّه ولكنّا نحسب ذلك شرفا لك أن تقدم اسمك علي أسمائنا وإن كنا أسنّ منك وأبي أسنّ من أبيك فأمرني رسول اللَّه صلي الله عليه وآله فقال : اكتب مكان بسم اللَّه الرحمن الرحيم باسمك اللهم فمحوت ذلك وكتبت باسمك اللهم ومحوت رسول اللَّه وكتبت محمد بن عبداللَّه فقال لي : إنك تدعي إلي مثلها فتجيب وأنت مكره وهكذا كتبت بيني وبين معاوية وعمرو بن العاص هذا ما اصطلح عليه أمير المؤمنين ومعاوية وعمرو بن العاص فقالا لقد ظلمناك بأن أقررنا بأنك أمير المؤمنين وقاتلناك ولكن اكتب علي بن أبي طالب فمحوت كما محا رسول اللَّه صلي الله عليه وآله فإن أبيتم ذلك فقد جحدتم فقالوا هذه لك خرجت منها قال : وأما قولكم إني شككت في نفسي حيث قلت للحكمين : انظرا فإن كان معاوية أحق بها منّي فأثبتاه فإن ذلك لم يكن شكّاً منّي و لكن أنصفت في القول قال اللَّه تعالي : « وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلي هُديً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ »(1) ولم يكن ذلك شكّاً وقد علم اللَّه أن نبيّه علي الحق قالوا : وهذه لك قال وأما قولكم : إني جعلت الحكم إلي غيري وقد كنت عندكم أحكم الناس فهذا رسول اللَّه صلي الله عليه وآله قد جعل الحكم إلي سعد يوم بني

ص: 156


1- سبأ : 24 .

قريظة وقد كان من أحكم الناس وقد قال اللَّه تعالي : « لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ »(1) فتأسّيت برسول اللَّه صلي الله عليه وآله قالوا : وهذه لك بحجّتنا قال : وأما قولكم إني حكمت في دين اللَّه الرجال فما حكمت الرجال وإنما حكمت كلام ربي الذي جعله اللَّه حكما بين أهله وقد حكم اللَّه الرجال في طائر فقال : « وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ »(2) فدماء المسلمين أعظم من دم طائر قالوا : وهذه لك بحجّتنا قال : وأما قولكم : إني قسمت يوم البصرة لما ظفرني اللَّه بأصحاب الجمل الكراع والسلاح ومنعتكم النساء والذرية فإني مننت علي أهل البصرة كما منّ رسول اللَّه علي أهل مكّة فإن عدوا علينا أخذناهم بذنوبهم ولم نأخذ صغيرا بكبير فأيكم كان يأخذ عائشة في سهمه ؟ قالوا : وهذه لك بحجّتنا قال : وأما قولكم إنّي كنت وصيّا فضيّعت الوصيّة فأنتم كفرتم وقدمتم علي وأزلتم الأمر عنّي وليس علي الأوصياء الدعاء إلي أنفسهم إنما يبعث اللَّه الأنبياء صلي الله عليه وآله فيدعون إلي أنفسهم وأما الوصي فمدلول عليه مستغن عن الدعاء إلي نفسه وذلك لمن آمن باللَّه ورسوله ولقد قال اللَّه جل ذكره : « وَللَّهِ ِ عَلَي النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً »(3)فلو ترك الناس الحجّ لم يكن البيت ليكفر بتركهم إيّاه ولكن كانوا يكفرون بتركهم لأن اللَّه تعالي قد نصبه لهم علما وكذلك نصبني علما حيث قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسي وأنت مني

ص: 157


1- الأحزاب : 21 .
2- المائدة : 95 .
3- آل عمران : 97 .

بمنزلة الكعبة تؤتي ولا تأتي فقالوا : وهذه لك بحجّتنا .

فأذعنوا فرجع بعضهم وبقي منهم أربعة آلاف لم يرجعوا ممن كانوا قعدوا عنه فقاتلهم وقتلهم(1)

وعن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : بَعَثَ أَمِيرُالْمُؤْمِنِينَ عليه السلام عَبْدَاللَّهِ بْنَ الْعَبَّاسِ إِلَي ابْنِ الْكَوَّاءِ وَأَصْحَابِهِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ رَقِيقٌ وَحُلَّةٌ فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَيْهِ قَالُوا : يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَنْتَ خَيْرُنَا فِي أَنْفُسِنَا وَأَنْتَ تَلْبَسُ هَذَا اللِّبَاسَ ؟ فَقَالَ : وَهَذَا أَوَّلُ مَا أُخَاصِمُكُمْ فِيهِ « قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ »(2) وَقَالَ : « خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ »(3) .(4)

وذكر أبو العبّاس محمّد بن يزيد المبرد في الكامل قال : لمّا واقفهم عليّ عليه السلام بالنهروان قال : لا تبدءوهم بقتال حتّي يبدؤوكم ، فحمل منهم رجل علي صف عليّ عليه السلام فقتل منه ثلاثة ثمّ قال :

أقتلهم ولا أري عليّاً***ولو بدا أو جرته الخطيا(5)

فخرج إليه علي عليه السلام فضربه فقتله فلمّا خالطه سيفه قال : يا حبّذا الروحة إلي الجنّة فقال عبداللَّه بن وهب واللَّه ما أدري إلي الجنّة أم إلي النار فقال رجل منهم من بني سعد : إنّما حضرت اغتراراً بهذا الرجل يعني عبداللَّه وأراه قد شكّ واعتزل عن الحرب بجماعة من الناس ومال ألف منهم إلي جهة أبي أيّوب الأنصاري

ص: 158


1- الاحتجاج :187/1 ؛ بحار الأنوار :337/33
2- الأعراف : 32 .
3- الأعراف : 31 .
4- الكافي : 441/6 ؛ بحار الأنوار : 401/33، ح 622 .
5- أوجرته الخطي : طعنه بالرمح .

وكان علي ميمنة علي عليه السلام فقال عليّ عليه السلام لأصحابه : احملوا عليهم فواللَّه لا يقتل منكم عشرة ولا يسلم منهم عشرة فحمل عليهم فطحنهم طحنا قتل من أصحابه عليه السلام تسعة وأفلت من الخوارج ثمانية(1).

وفي ارشاد القلوب :

خرج أمير المؤمنين عليه السلام ذات ليلة من مسجد الكوفة متوجّها إلي داره وقد مضي ربع من الليل ومعه كميل بن زياد وكان من خيار شيعته ومحبّيه فوصل في الطريق إلي باب رجل يتلو القرآن في ذلك الوقت ويقرأ قوله تعالي : « أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الآْخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ » بصوت شجيّ حزين فاستحسن كميل ذلك في باطنه وأعجبه حال الرجل من غير أن يقول شيئا فالتفت صلوات اللَّه عليه وآله إليه وقال : يَا كُمَيْلُ لا تُعْجِبْكَ طَنْطَنَةُ الرَّجُلِ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَسَأُنَبِّئُكَ فِيمَا بَعْدُ .

فتحيّر كميل لمكاشفته له علي ما في باطنه ولشهادته بدخول النار مع كونه في هذا الأمر وتلك الحالة الحسنة ومضي مدّة متطاولة إلي أن آل حال الخوارج إلي ما آل وقاتلهم أمير المؤمنين عليه السلام وكانوا يحفظون القرآن كما أنزل فالتفت أميرالمؤمنين عليه السلام إلي كميل بن زياد وهو واقف بين يديه والسيف في يده يقطر دماً ورؤوس أولئك الكفرة الفجرة محلّقة علي الأرض فوضع رأس السيف علي رأس من تلك الرؤوس و قال : يَا كُمَيْلُ أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً أَيْ هُوَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الَّذِي كَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَأَعْجَبَكَ حَالُهُ .

ص: 159


1- شرح نهج البلاغة272/2؛ بحار الأنوار : 348/33.

فقبّل كميل قدميه واستغفر اللَّه وصلّي علي مجهول القدر(1) .

وعن المعلّي بن خنيس عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : يَوْمُ النَّيْرُوزِ هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي ظَفِرَ فِيهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام بِأَهْلِ النَّهْرَوَانِ وَقَتَلَ ذَا الثُّدَيَّةِ(2) .

أخبرني الشيخ أيضا قال : أحب الرشيد أن يسمع كلام هشام بن الحكم مع الخوارج فأمر بإحضار هشام بن الحكم وإحضار عبد اللَّه بن يزيد الإباضي وجلس بحيث يسمع كلامهما ولا يري القوم شخصه وكان بالحضرة يحيي بن خالد فقال يحيي لعبد اللَّه بن يزيد : سل أبا محمد يعني هشاما عن شي ء فقال هشام : لا مسألة للخوارج علينا فقال عبد اللَّه بن يزيد : وكيف ذلك ؟ فقال هشام : لأنكم قوم قد اجتمعتم معنا علي ولاية رجل وتعديله والإقرار بإمامته وفضله ثم فارقتمونا في عداوته والبراءة منه فنحن علي إجماعنا وشهادتكم لنا وخلافكم علينا غير قادح في مذهبنا ودعواكم غير مقبولة علينا إذ الاختلاف لا يقابل الاتفاق وشهادة الخصم لخصمه مقبولة وشهادته عليه مردودة قال يحيي بن خالد : لقد قربت قطعه يا أبا محمد ولكن جاره شيئا فإن أمير المؤمنين أطال اللَّه بقاه يحب ذلك قال : فقال هشام : أنا أفعل ذلك غير أن الكلام ربما انتهي إلي حد يغمض ويدق علي الأفهام فيعاند أحد الخصمين أو يشتبه عليه فإن أحب الإنصاف فليجعل بيني وبينه واسطة عدلا إن خرجت عن الطريق ردني إليه وإن جار في حكمه شهد عليه فقال عبد اللَّه بن يزيد لقد دعا أبو محمد إلي الإنصاف فقال هشام فمن يكون هذه الواسطة وما يكون مذهبه أيكون من أصحابي أو من أصحابك أو مخالفا للملة لنا جميعا قال

ص: 160


1- ارشاد القلوب للديلمي :226/2؛ بحار الأنوار :399/33، ح 620 .
2- بحار الأنوار : 404/33 ، ح 626 .

عبداللَّه بن يزيد : اختر من شئت فقد رضيت به قال هشام : أما أنا فأري أنه إن كان من أصحابي لم يؤمن عليه العصبية لي وإن كان من أصحابك لم آمنه في الحكم علي وإن كان مخالفا لنا جميعا لم يكن مأمونا علي ولا عليك ولكن يكون رجلا من أصحابي ورجلا من أصحابك فينظران فيما بيننا ويحكمان علينا بموجب الحق ومحض الحكم بالعدل فقال عبد اللَّه بن يزيد فقد أنصفت يا أبا محمد وكنت أنتظر هذا منك فأقبل هشام علي يحيي بن خالد فقال له قد قطعته أيها الوزير ودمرت علي مذاهبه كلها بأهون سعي ولم يبق معه شي ء واستغنيت عن مناظرته قال : فحرك الستر الرشيد وأصغي يحيي بن خالد فقال هذا متكلم الشيعة واقف الرجل مواقفة لم يتضمن مناظرة ثم ادعي عليه أنه قد قطعه وأفسد مذهبه فمره أن يبين عن صحة ما ادعاه علي الرجل فقال يحيي بن خالد لهشام إن أمير المؤمنين يأمرك أن تكشف عن صحة ما ادعيت علي هذا الرجل قال : فقال هشام رحمه اللَّه إن هؤلاء القوم لم يزالوا معنا علي ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام حتي كان من أمر الحكمين ما كان فأكفروه بالتحكيم وضللوه بذلك وهم الذين اضطروه إليه والآن فقد حكم هذا الشيخ وهو عماد أصحابه مختارا غير مضطر رجلين مختلفين في مذهبهما أحدهما يكفره والآخر يعدله فإن كان مصيبا في ذلك فأمير المؤمنين أولي بالصواب وإن كان مخطئا كافرا فقد أراحنا من نفسه بشهادته بالكفر عليها والنظر في كفره وإيمانه أولي من النظر في إكفاره عليا عليه السلام قال : فاستحسن ذلك الرشيد وأمر بصلته وجائزته(1) .

ص: 161


1- الفصول المختارة : 50 ؛ بحار الأنوار : 294/10 ، ح 3 .

وَلَمَّا قَضي نَحْبَهُ وَقَتَلَهُ أَشْقَي الْآخِرِينَ يَتْبَعُ أَشْقَي الْأَوَّلِينَ

عن أبي اسحاق ، عن عليّ عليه السلام قال : فينا نزلت : «رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ » فانّا واللَّه المنتظِر وما بدّلت تبديلاً(1) .

عن أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وآله خَطَبَنَا ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ قَدْ أَقْبَلَ إِلَيْكُمْ شَهْرُ اللَّهِ بِالْبَرَكَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَة - إلي أن قال : - فَقُمْتُ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ فِي هَذَا الشَّهْرِ فَقَالَ يَا أَبَا الْحَسَنِ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ فِي هَذَا الشَّهْرِ الْوَرَعُ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ بَكَي فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُبْكِيكَ فَقَالَ يَا عَلِيُّ أَبْكِي لِمَا يُسْتَحَلُّ مِنْكَ فِي هَذَا الشَّهْرِ كَأَنِّي بِكَ وَأَنْتَ تُصَلِّي لِرَبِّكَ وَقَدِ انْبَعَثَ أَشْقَي الْأَوَّلِينَ وَالآْخِرِينَ شَقِيقُ عَاقِرِ نَاقَةِ ثَمُودَ فَضَرَبَكَ ضَرْبَةً عَلَي قَرْنِكَ فَخَضَبَ مِنْهَا لِحْيَتَكَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَذَلِكَ فِي سَلامَةٍ مِنْ دِينِي فَقَالَ صلي الله عليه وآله فِي سَلامَةٍ مِنْ دِينِكَ ثُمَّ قَالَ صلي الله عليه وآله يَا عَلِيُّ مَنْ قَتَلَكَ فَقَدْ قَتَلَنِي وَمَنْ أَبْغَضَكَ فَقَدْ أَبْغَضَنِي وَمَنْ سَبَّكَ فَقَدْ سَبَّنِي لأَنَّكَ مِنِّي كَنَفْسِي رُوحُكَ مِنْ رُوحِي وَطِينَتُكَ مِنْ طِينَتِي إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَي خَلَقَنِي وَإِيَّاكَ وَاصْطَفَانِي وَإِيَّاكَ وَاخْتَارَنِي لِلنُّبُوَّةِ وَاخْتَارَكَ لِلْإِمَامَةِ فَمَنْ أَنْكَرَ إِمَامَتَكَ فَقَدْ أَنْكَرَ نُبُوَّتِي يَا عَلِيُّ أَنْتَ وَصِيِّي وَأَبُو وُلْدِي وَزَوْجُ ابْنَتِي وَخَلِيفَتِي عَلَي أُمَّتِي فِي حَيَاتِي وَبَعْدَ مَوْتِي أَمْرُكَ أَمْرِي وَنَهْيُكَ نَهْيِي أُقْسِمُ بِالَّذِي بَعَثَنِي بِالنُّبُوَّةِ وَجَعَلَنِي خَيْرَ الْبَرِيَّةِ إِنَّكَ لَحُجَّةُ اللَّهِ عَلَي خَلْقِهِ وَأَمِينُهُ عَلَي سِرِّهِ وَخَلِيفَتُهُ عَلَي عِبَادِهِ(2) .

وعن ابراهيم بن أبي البلاد ، عن أبيه ، عن بعض أصحاب أميرالمؤمنين قال :

ص: 162


1- بحار الأنوار :408/35.
2- الأمالي للصدوق 95/م 20 ، ح 4 ؛ بحار الأنوار : 190/42، ح 1 .

دخل عبدالرحمن بن ملجم لعنه اللَّه علي أميرالمؤمنين عليه السلام في وفد مصر الذي أوفدهم محمّد بن أبي بكر رحمه الله ومعه كتاب الوفد قال : فلمّا مرّ باسم عبدالرحمن بن ملجم قال : أنت عبدالرحمن لعن اللَّه عبدالرحمن ؟ قال : نعم يا أميرالمؤمنين أما واللَّه يا أميرالمؤمنين إنّي لأُحبّك ، قال : كذبت واللَّه ما تحبّني ثلاثاً قال : يا أميرالمؤمنين أحلف ثلاثة أيمانٍ أنّي أُحبّك وأنت تحلف ثلاثة أيمانٍ أنّي لا أُحبّك قال وَيْلَكَ أَوْ وَيْحَكَ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْأَرْوَاحَ قَبْلَ الْأَجْسَادِ بِأَلْفَيْ عَامٍ فَأَسْكَنَهَا الْهَوَاءَ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا هُنَالِكَ ائْتَلَفَ فِي الدُّنْيَا وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا هُنَاكَ اخْتَلَفَ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّ رُوحِي لا تَعْرِفُ رُوحَكَ قَالَ فَلَمَّا وَلَّي قَالَ إِذَا سَرَّكُمْ أَنْ تَنْظُرُوا إِلَي قَاتِلِي فَانْظُرُوا إِلَي هَذَا قَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ أَوَلا تَقْتُلُهُ أَوْ قَالَ نَقْتُلُهُ فَقَالَ مَا أَعْجَبُ مِنْ هَذَا تَأْمُرُونِّي أَنْ أَقْتُلَ قَاتِلِي لَعَنَهُ اللَّهُ(1) .

أتي ابن ملجم أمير المؤمنين عليه السلام فبايعه فيمن بايع ثمّ أدبر عنه فدعاه أمير المؤمنين عليه السلام فتوثّق منه وتوكّد عليه أن لا يغدر ولا ينكث ففعل ثمّ أدبر عنه فدعاه الثانية فتوثّق منه وتوكّد عليه أن لا يغدر ولا ينكث ففعل ثمّ أدبر عنه فدعاه أمير المؤمنين الثالثة فتوثّق منه وتوكّد عليه أن لا يغدر ولا ينكث فقال ابن ملجم لعنه اللَّه واللَّه يا أمير المؤمنين ما رأيتك فعلت هذا بأحد غيري فقال أمير المؤمنين عليه السلام :

أُرِيدُ حِبَاءَهُ(2) وَيُرِيدُ قَتْلِي ***عَذِيرَكَ(3) مِنْ خَلِيلِكَ مِنْ مُرَادٍ(4)

ص: 163


1- بصائر الدرجات : 88/1 ، ح 7 ؛ بحار الأنوار : 196/42، ح 14 .
2- وفي بعض المصادر : حياته .
3- عذيرك من فلان بالنصب ، أي هات من يعذرك فيه ، فعيل بمعني فاعل . النهاية : 197/3« عذر » .
4- البيت لعمرو بن معدي كرب : كتاب سيبويه : 276/1 ؛ الأغاني :27/10 ؛ العقد الفريد : 121/1 ؛ خزانة الأدب : 361/6 .

امْضِ يَا ابْنَ مُلْجَمٍ فَوَ اللَّهِ مَا أَرَي أَنْ تَفِيَ بِمَا قُلْتَ(1) .

ما رواه جماعة من أهل السير منهم أبو مخنف وإسماعيل بن راشد أبو هاشم الرفاعي وأبو عمرو الثقفي وغيرهم أن نفرا من الخوارج اجتمعوا بمكة فتذاكروا الأمراء فعابوهم وعابوا أعمالهم وذكروا أهل النهروان وترحموا عليهم فقال بعضهم لبعض لو أنا شرينا أنفسنا للَّه فأتينا أئمة الضلال فطلبنا غرتهم وأرحنا منهم العباد والبلاد وثأرنا بإخواننا الشهداء بالنهروان فتعاهدوا عند انقضاء الحج علي ذلك فقال عبد الرحمن بن ملجم لعنه اللَّه أنا أكفيكم عليا وقال البرك بن عبيد اللَّه التميمي أنا أكفيكم معاوية وقال عمرو بن بكر التميمي أنا أكفيكم عمرو بن العاص وتعاقدوا علي ذلك وتوافقوا علي الوفاء و اتعدوا شهر رمضان في ليلة تسع عشرة منه ثمّ تفرّقوا .

فأقبل ابن ملجم لعنه اللَّه وكان عداده في كندة حتي قدم الكوفة فلقي بها أصحابه فكتمهم أمره مخافة أن ينتشر منه شي ء فهو في ذلك إذ زار رجلا من أصحابه ذات يوم من تيم الرباب فصادف عنده قطام بنت الأخضر التيمية وكان أمير المؤمنين عليه السلام قتل أباها وأخاها بالنهروان وكانت من أجمل نساء أهل زمانها فلما رآها ابن ملجم شغف بها واشتد إعجابه بها وسأل في نكاحها وخطبها فقالت له ما الذي تسمي لي من الصداق فقال لها احتكمي ما بدا لك فقالت له أنا محتكمة عليك ثلاثة آلاف درهم ووصيفا وخادما وقتل علي بن أبي طالب فقال لها لك جميع ما سألت فأما قتل علي بن أبي طالب عليه السلام فأني لي بذلك فقالت تلتمس غرته فإن أنت قتلته شفيت نفسي وهنأك العيش معي وإن أنت قتلت فما عند اللَّه

ص: 164


1- الارشاد :12/1 ؛ بحار الأنوار :192/42، ح 7 .

خير لك من الدنيا فقال أما واللَّه ما أقدمني هذا المصر وقد كنت هاربا منه لا آمن مع أهله إلا ما سألتني من قتل علي بن أبي طالب فلك ما سألت قالت فأنا طالبة لك بعض من يساعدك علي ذلك ويقويك .

ثمّ بعثت إلي وردان بن مجالد من تيم الرباب فخبرته الخبر وسألته معونة ابن ملجم لعنه اللَّه فتحمل ذلك لها وخرج ابن ملجم فأتي رجلا من أشجع يقال له شبيب بن بجرة فقال يا شبيب هل لك في شرف الدنيا والآخرة ؟ قال وما ذاك ؟ قال تساعدني علي قتل علي بن أبي طالب وكان شبيب علي رأي الخوارج فقال له يا ابن ملجم هبلتك الهبول لقد جئت شيئا إدا وكيف تقدر علي ذلك فقال له ابن ملجم نكمن له في المسجد الأعظم فإذا خرج لصلاة الفجر فتكنا به فإن نحن قتلناه شفينا أنفسنا وأدركنا ثارنا فلم يزل به حتي أجابه فأقبل معه حتي دخلا المسجد الأعظم علي قطام وهي معتكفة في المسجد الأعظم قد ضربت عليها قبة فقالا لها قد اجتمع رأينا علي قتل هذا الرجل فقالت لهما إذا أردتما ذلك فأتياني في هذا الموضع .

فانصرفا من عندها فلبثا أياما ثم أتياها ومعهما الآخر ليلة الأربعاء لتسع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة فدعت لهم بحرير فعصبت به صدورهم وتقلدوا أسيافهم ومضوا وجلسوا مقابل السدة التي كان يخرج منها أمير المؤمنين عليه السلام إلي الصلاة وقد كانوا قبل ذلك ألقوا إلي الأشعث بن قيس ما في نفوسهم من العزيمة علي قتل أمير المؤمنين عليه السلام وواطأهم علي ذلك وحضر الأشعث بن قيس في تلك الليلة لمعونتهم علي ما اجتمعوا عليه وكان حجر بن عدي في تلك الليلة بائتا في المسجد فسمع الأشعث يقول يا ابن ملجم النجاء

ص: 165

النجاء لحاجتك فقد فضحك الصبح فأحس حجر بما أراد الأشعث فقال له قتلته يا أعور وخرج مبادرا ليمضي إلي أمير المؤمنين عليه السلام ليخبره الخبر ويحذره من القوم وخالفه أمير المؤمنين عليه السلام من الطريق فدخل المسجد فسبقه ابن ملجم فضربه بالسيف وأقبل حجر و الناس يقولون قتل أمير المؤمنين عليه السلام(1) .

ولد أميرالمؤمنين عليه السلام بعد عام الفيل بثلاثين سنة وقُتل عليه السلام في شهر رمضان لتسع بقين منه ليلة الأحد سنة أربعين من الهجرة وهو ابن ثلاث وستّين سنة بقي بعد قبض النبيّ صلي الله عليه وآله ثلاثين سنة(2) .

وأنّه قبض ليلة احدي وعشرين وضرب ليلة تسع وعشرة(3) .

وما روي حنان بن سدير عن رجل من مزينة قال كنت جالسا عند علي عليه السلام فأقبل إليه قوم من مراد ومعهم ابن ملجم فقالوا يا أمير المؤمنين طرأ علينا ولا واللَّه ما جاءنا زائرا ولا منتجعا(4) وإنا لنخافه عليك فاشدد يدك به فقال له علي عليه السلام : اجلس فنظر في وجهه طويلا ثم قال له : أرأيتك إن سألتك عن شي ء وعندك منه علم هل أنت مخبري به ؟ قال نعم وحلف عليه فقال : أكنت تراضع الغلمان(5) وتقوم عليهم فكنت إذا جئت فرأوك من بعيد قالوا قد جاءنا ابن راعية الكلاب ؟ قال : اللهم نعم فقال له علي : فمررت برجل وقد أيفعت فنظر إليك

ص: 166


1- الارشاد : 17/1؛ بحار الأنوار :228/42، ح 41 .
2- الكافي : 452/1 ؛ بحار الأنوار : 201/42 ، ح 3 .
3- الغيبة للطوسي : 195 ؛ بحار الأنوار :213/42 .
4- انتجع فلان : أتاه طالباً معروفه .
5- تراضع الغلمان : لعلّه من قولهم « فلان يرضع الناس » أي يسألهم . وفي بعض النسخ « تواضع » بالواو ، من المواضعة بمعني الموافقة في الأمر ( قاله المجلسي ) .

فأحد النظر فقال لك : يا أشقي من عاقر ناقة ثمود ؟ قال : نعم قال : فأخبرتك أُمّك أنّها حملت بك في بعض حيضها فتعتع(1) هنيئة ، ثم قال : نعم قد حدثتني بذلك ولو كنت كاتما شيئا لكتمتك هذه المنزلة فقال له علي عليه السلام : قم فقام ثم قال : سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه وآله يقول : إن قاتلك شبه اليهودي بل هو يهودي(2) .

قال ابن عباس : كان من ولد قدار عاقر ناقة صالح وقصتهما واحدة لأن قدار عشق امرأة يقال لها رباب كما عشق ابن ملجم قطاما سمع ابن ملجم وهو يقول : لأضربن عليّاً بسيفي هذا فذهبوا به إليه عليه السلام فقال : ما اسمك ؟ قال : عبدالرحمن بن ملجم قال : نشدتك باللَّه عن شي ء تخبرني ؟ ، قال : نعم قال : هل مرّ عليك شيخ يتوكأ علي عصاه وأنت في الباب فشقك بعصاه ثم قال بؤسا لك لشقي من عاقر ناقة ثمود ؟ قال : نعم قال : هل كان الصبيان يسمونك ابن راعية الكلاب وأنت تلعب معهم ؟ قال : نعم قال : هل أخبرتك أُمّك أنّها حملت بك وهي طامث ؟ قال : نعم قال : فبايع فبايع ثمّ قال : خلوا سبيله وروي أنه جاءه ليبايعه فرده مرتين أو ثلاثا فبايعه وتوثق منه ألا يغدر ولا ينكث فقال واللَّه ما رأيتك تفعل هذا بغيري فقال يا غزوان احمله علي الأشقر فأركبه فتمثل أمير المؤمنين عليه السلام :

أُرِيدُ حِبَاءَهُ وَيُرِيدُ قَتْلِي ***عَذِيرَكَ مِنْ خَلِيلِكَ مِنْ مُرَادٍ

امْضِ يَا ابْنَ مُلْجَمٍ فَوَ اللَّهِ مَا أَرَي أَنْ تَفِيَ بِمَا قُلْتَ(3) .

ص: 167


1- تعتع في الكلام : تردّد فيه ، من عي .
2- الخرائج والجرائح :181/1؛ بحار الأنوار : 197/42، ح 17 .
3- مناقب : 309/3 ؛ بحار الأنوار : 238/42.

وفي الخبر : عَشَرَةً فِيهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ الْمُرَادِيُّ لَعَنَهُ اللَّهُ وَخَرَجُوا مِنْ سَاعَتِهِمْ فَلَمَّا أَتَوْهُ عليه السلام سَلَّمُوا عَلَيْهِ وَهَنَّئُوهُ بِالْخِلافَةِ فَرَدَّ عَلَيْهِمُ السَّلامَ وَرَحَّبَ بِهِمْ فَتَقَدَّمَ ابْنُ مُلْجَمٍ وَقَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَالَ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْإِمَامُ الْعَادِلُ وَالْبَدْرُ التَّمَامُ وَاللَّيْثُ الْهُمَامُ وَالْبَطَلُ الضِّرْغَامُ وَالْفَارِسُ الْقَمْقَامُ وَمَنْ فَضَّلَهُ اللَّهُ عَلَي سَائِرِ الْأَنَامِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْكَ وَعَلَي آلِكَ الْكِرَامِ أَشْهَدُ أَنَّكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صِدْقاً وَحَقّاً وَأَنَّكَ وَصِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله وَالْخَلِيفَةُ مِنْ بَعْدِهِ وَوَارِثُ عِلْمِهِ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ جَحَدَ حَقَّكَ وَمَقَامَكَ أَصْبَحْتَ أَمِيرَهَا وَعَمِيدَهَا لَقَدِ اشْتَهَرَ بَيْنَ الْبَرِيَّةِ عَدْلُكَ وَهَطَلَتْ شَآبِيبُ(1) فَضْلِكَ وَسَحَائِبُ رَحْمَتِكَ وَرَأْفَتِكَ عَلَيْهِمْ وَلَقَدْ أَنْهَضَنَا الْأَمِيرُ إِلَيْكَ فَسُرِرْنَا بِالْقُدُومِ عَلَيْكَ فَبُورِكْتَ بِهَذِهِ الطَّلْعَةِ الْمَرْضِيَّةِ وَهُنِّئْتَ بِالْخِلافَةِ فِي الرَّعِيَّةِ. فَفَتَحَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام عَيْنَيْهِ فِي وَجْهِهِ وَنَظَرَ إِلَي الْوَفْدِ فَقَرَّبَهُمْ وَأَدْنَاهُمْ فَلَمَّا جَلَسُوا دَفَعُوا إِلَيْهِ الْكِتَابَ فَفَضَّهُ وَقَرَأَهُ وَسُرَّ بِمَا فِيهِ فَأَمَرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِحُلَّةٍ يَمَانِيَّةٍ وَرِدَاءٍ عَدَنَيَّةٍ وَفَرَسٍ عَرَبِيَّةٍ وَأَمَرَ أَنْ يُفْتَقَدُوا وَيُكْرِمُوا فَلَمَّا نَهَضُوا قَامَ ابْنُ مُلْجَمٍ وَوَقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْشَدَ :

أَنْتَ الْمُهَيْمِنُ وَالْمُهَذَّبُ ذُو النَّدَي ***وَابْنُ الضَّرَاغِمِ فِي الطِّرَازِ الْأَوَّلِ

اللَّهُ خَصَّكَ يَا وَصِيَّ مُحَمَّدٍ***وَحَبَاكَ فَضْلاً فِي الْكِتَابِ الْمُنْزَلِ

وَ حَبَاكَ بِالزَّهْرَاءِ بِنْتِ مُحَمَّدٍ***حُورِيَّةٍ بِنْتِ النَّبِيِّ الْمُرْسَلِ

ثُمَّ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ارْمِ بِنَا حَيْثُ شِئْتَ لِتَرَي مِنَّا مَا يَسُرُّكَ فَوَ اللَّهِ مَا فِينَا إِلّا كُلُّ بَطَلٍ أَهْيَسَ وَحَازِمٍ أَكْيَسَ وَشُجَاعٍ أَشْوَسَ(2) وَرِثْنَا ذَلِكَ عَنِ الآْبَاءِ

ص: 168


1- هطل أي نزل متتابعا . والشآبيت جمع الشؤبوب : الدفعة من المطر وأوّل ما يظهر من الحسن .
2- الأهيس : الشجاع . الأشوس : الشديد الجري في القتال .

وَالْأَجْدَادِ وَكَذَلِكَ نُورِثُهُ صَالِحَ الْأَوْلادِ قَالَ فَاسْتَحْسَنَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام كَلامَهُ مِنْ بَيْنِ الْوَفْدِ فَقَالَ لَهُ مَا اسْمُكَ يَا غُلامُ قَالَ اسْمِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ ابْنُ مَنْ ؟ قَالَ ابْنُ مُلْجَمٍ الْمُرَادِيِّ قَالَ لَهُ أَمُرَادِيٌّ أَنْتَ ؟ قَالَ : نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ عليه السلام : إِنَّا للَّهِ ِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ قَالَ وَجَعَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام يُكَرِّرُ النَّظَرَ إِلَيْهِ وَيَضْرِبُ إِحْدَي يَدَيْهِ عَلَي الْأُخْرَي وَيَسْتَرْجِعُ ثُمَّ قَالَ : وَيْحَكَ أَمُرَادِيٌّ أَنْتَ ؟ قَالَ : نَعَمْ فَعِنْدَهَا تَمَثَّلَ عليه السلام يَقُولُ :

أَنَا أَنْصَحُكَ مِنِّي بِالْوَدَادِ***مُكَاشَفَةً وَأَنْتَ مِنَ الْأَعَادِي

أُرِيدُ حَيَاتَهُ وَيُرِيدُ قَتْلِي ***عَذِيرَكَ مِنْ خَلِيلِكَ مِنْ مُرَادٍ(1)

قال أبو الفرج علي بن الحسين بعد أسانيد ذكرها مختلفة متفرقة تجتمع علي معني واحد نحن ذاكروه : إن نفرا من الخوارج اجتمعوا بمكة فتذاكروا أمر المسلمين فعابوهم وعابوا أعمالهم عليهم وذكروا أهل النهروان فترحموا عليهم وقال بعضهم لبعض لو أنا شرينا أنفسنا للَّه عز وجل فأتينا أئمة الضلال وطلبنا غرتهم وأرحنا منهم العباد والبلاد وثأرنا بإخواننا الشهداء بالنهروان.

فتعاقدوا عند انقضاء الحج فقال عبد الرحمن بن ملجم أنا أكفيكم عليا وقال واحد أنا أكفيكم معاوية وقال الثالث أنا أكفيكم عمرو بن العاص فتعاقدوا وتواثقوا علي الوفاء وألا ينكل أحد منهم عن صاحبه الذي يتوجه إليه ولا عن قتله واتعدوا لشهر رمضان في الليلة التي قتل فيها ابن ملجم عليا.

قال أبو الفرج قال أبو مخنف قال أبو زهير العبسي الرجلان الآخران البرك بن

ص: 169


1- بحار الأنوار : 260/42.

عبد اللَّه التميمي وهو صاحب معاوية وعمرو بن بكر التميمي وهو صاحب عمرو بن العاص.

قال فأما صاحب معاوية فإنه قصده فلما وقعت عينه عليه ضربه فوقعت ضربته علي أليته وأخذ فجاء الطبيب إليه فنظر إلي الضربة فقال إن السيف مسموم فاختر إما أن أحمي لك حديدة فأجعلها في الضربة فتبرأ وإما أن أسقيك دواء فتبرأ وينقطع نسلك فقال أما النار فلا أطيقها وأما النسل ففي يزيد وعبد اللَّه ما تقر عيني وحسبي بهما.

وأما صاحب عمرو بن العاص فإنه وافاه في تلك الليلة وقد وجد علة فأخذ دواء واستخلف رجلا يصلي بالناس يقال له خارجة بن أبي حبيبة أحد بني عامر بن لؤي فخرج للصلاة فشد عمرو بن بكر فضربه بالسيف فأثبته وأخذ الرجل فأتي به عمرو بن العاص فقتله ودخل من غد إلي خارجة وهو يجود بنفسه فقال أما واللَّه يا أبا عبد اللَّه ما أراد غيرك(1) .

قَالَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ لَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ تِسْعَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ قَدَّمَتْ إِلَيْهِ عِنْدَ إِفْطَارِهِ طَبَقاً فِيهِ قُرْصَانِ مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ وَقَصْعَةٌ فِيهَا لَبَنٌ وَمِلْحٌ جَرِيشٌ(2) فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلاتِهِ أَقْبَلَ عَلَي فَطُورِهِ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ وَتَأَمَّلَهُ حَرَّكَ رَأْسَهُ وَبَكَي بُكَاءً شَدِيداً عَالِياً وَقَالَ يَا بُنَيَّةِ مَا ظَنَنْتُ أَنَّ بِنْتاً تَسُوءُ أَبَاهَا كَمَا قَدْ أَسَأْتِ أَنْتِ إِلَيَّ قَالَتْ وَمَا ذَا يَا أَبَاهْ؟ قَالَ يَا بُنَيَّةِ أَتُقَدِّمِينَ إِلَي أَبِيكِ إِدَامَيْنِ فِي فَرْدِ طَبَقٍ وَاحِدٍ أَتُرِيدِينَ أَنْ يَطُولَ وُقُوفِي غَداً بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ

ص: 170


1- شرح نهج البلاغة : 114/6؛ بحار الأنوار233/42 .
2- الجريش : ما طحنته غير ناعم .

عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا أُرِيدُ أَنْ أَتْبَعَ أَخِي وَابْنَ عَمِّي رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وآله مَا قُدِّمَ إِلَيْهِ إِدَامَانِ فِي طَبَقٍ وَاحِدٍ إِلَي أَنْ قَبَضَهُ اللَّه .

إلي أن قال :

يَا بُنَيَّةِ الدُّنْيَا دَارُ غُرُورٍ وَدَارُ هَوَانٍ فَمَنْ قَدَّمَ شَيْئاً وَجَدَهُ ، يَا بُنَيَّةِ وَاللَّهِ لا آكُلُ شَيْئاً حَتَّي تَرْفَعِينَ أَحَدَ الْإِدَامَيْنِ فَلَمَّا رَفَعَتْهُ تَقَدَّمَ إِلَي الطَّعَامِ فَأَكَلَ قُرْصاً وَاحِداً بِالْمِلْحِ الْجَرِيشِ ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَي عَلَيْهِ ثُمَّ قَامَ إِلَي صَلاتِهِ فَصَلَّي وَلَمْ يَزَلْ رَاكِعاً وَسَاجِداً وَمُبْتَهِلاً وَمُتَضَرِّعاً إِلَي اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَيُكْثِرُ الدُّخُولَ وَالْخُرُوجَ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَي السَّمَاءِ وَهُوَ قَلَقٌ يَتَمَلْمَلُ ثُمَّ قَرَأَ سُورَةَ يس حَتَّي خَتَمَه .

ثُمَّ رَقَدَ هُنَيْهَةً وَانْتَبَهَ مَرْعُوباً .

إلي أن قال :

قَالَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ : وَلَمْ يَزَلْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ قَائِماً وَقَاعِداً وَرَاكِعاً وَسَاجِداً ثُمَّ يَخْرُجُ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ يَقْلِبُ طَرْفَهُ فِي السَّمَاءِ وَيَنْظُرُ فِي الْكَوَاكِبِ وَهُوَ يَقُولُ وَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَ لا كُذِبْتُ وَإِنَّهَا اللَّيْلَةُ الَّتِي وُعِدْتُ بِهَا ثُمَّ يَعُودُ إِلَي مُصَلّاهُ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ بَارِكْ لِي فِي الْمَوْتِ وَيُكْثِرُ مِنْ قَوْلِ إِنَّا للَّهِ ِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ وَيُصَلِّي عَلَي النَّبِيِّ وَآلِهِ وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ كَثِيراً .

قَالَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ : فَلَمَّا رَأَيْتُهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ قَلَقاً مُتَمَلْمِلاً كَثِيرَ الذِّكْرِ وَالاسْتِغْفَارِ أَرِقْتُ مَعَهُ لَيْلَتِي وَقُلْتُ يَا أَبَتَاهْ مَا لِي أَرَاكَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ لا تَذُوقُ طَعْمَ الرُّقَادِ قَالَ يَا بُنَيَّةِ إِنَّ أَبَاكِ قَتَلَ الْأَبْطَالَ وَخَاضَ الْأَهْوَالَ وَمَا دَخَلَ الْخَوْفُ لَهُ جوف(1) [جَوْفاً ]وَ مَا دَخَلَ فِي قَلْبِي رُعْبٌ أَكْثَرُ مِمَّا دَخَلَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ ثُمَّ قَالَ

ص: 171


1- الظاهر كما في ت وهامش ك : وما دخل له خوف .

إِنَّا للَّهِ ِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ فَقُلْتُ يَا أَبَاهْ مَا لَكَ تَنْعَي نَفْسَكَ مُنْذُ اللَّيْلَةِ قَالَ يَا بُنَيَّةِ قَدْ قَرُبَ الْأَجَلُ وَانْقَطَعَ الْأَمَلُ قَالَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ فَبَكَيْتُ فَقَالَ لِي يَا بُنَيَّةِ لا تَبْكِينَ فَإِنِّي لَمْ أَقُلْ ذَلِكَ إِلّا بِمَا عَهِدَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صلي الله عليه وآله ثُمَّ إِنَّهُ نَعَسَ وَطَوَي سَاعَةً ثُمَّ اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ وَقَالَ يَا بُنَيَّةِ إِذَا قَرُبَ وَقْتُ الْأَذَانِ فَأَعْلِمِينِي ثُمَّ رَجَعَ إِلَي مَا كَانَ عَلَيْهِ أَوَّلَ اللَّيْلِ مِنَ الصَّلاةِ وَالدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ إِلَي اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَي قَالَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ فَجَعَلْتُ أَرْقُبُ وَقْتَ الْأَذَانِ فَلَمَّا لاحَ الْوَقْتُ أَتَيْتُهُ وَمَعِي إِنَاءٌ فِيهِ مَاءٌ ثُمَّ أَيْقَظْتُهُ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ وَقَامَ وَلَبِسَ ثِيَابَهُ وَ فَتَحَ بَابَهُ ثُمَّ نَزَلَ إِلَي الدَّارِ وَكَانَ فِي الدَّارِ إِوَزٌّ قَدْ أُهْدِيَ إِلَي أَخِي الْحُسَيْنِ عليه السلام فَلَمَّا نَزَلَ خَرَجْنَ وَرَاءَهُ وَرَفْرَفْنَ وَصِحْنَ فِي وَجْهِهِ وَكَانَ قَبْلَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ لَمْ يَصِحْنَ فَقَال عليه السلام : لا إِلَهَ إِلّا اللَّهُ صَوَارِخُ تَتْبَعُهَا نَوَائِحُ وَفِي غَدَاةِ غَدٍ يَظْهَرُ الْقَضَاءُ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَاهْ هَكَذَا تَتَطَيَّرُ فَقَالَ يَا بُنَيَّةِ مَا مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ مَنْ يَتَطَيَّرُ وَلا يُتَطَيَّرُ بِهِ وَلَكِنْ قَوْلٌ جَرَي عَلَي لِسَانِي ثُمَّ قَالَ يَا بُنَيَّةِ بِحَقِّي عَلَيْكِ إِلّا مَا أَطْلَقْتِيهِ فَقَدْ حَبَسْتِ مَا لَيْسَ لَهُ لِسَانٌ وَلا يَقْدِرُ عَلَي الْكَلامِ إِذَا جَاعَ أَوْ عَطِشَ فَأَطْعِمِيهِ وَاسْقِيهِ وَإِلّا خَلِّي سَبِيلَهُ يَأْكُلْ مِنْ حَشَائِشِ الْأَرْضِ فَلَمَّا وَصَلَ إِلَي الْبَابِ فَعَالَجَهُ لِيَفْتَحَهُ فَتَعَلَّقَ الْبَابُ بِمِئْزَرِهِ فَانْحَلَّ مِئْزَرُهُ حَتَّي سَقَطَ فَأَخَذَهُ وَشَدَّهُ وَهُوَ يَقُولُ :

اشْدُدْ حَيَازِيمَكَ لِلْمَوْتِ فَإِنَّ الْمَوْتَ لاقِيكَا***وَلا تَجْزَعْ مِنَ الْمَوْتِ إِذَا حَلَّ بِنَادِيكَا

وَ لا تَغْتَرَّ بِالدَّهْرِ وَإِنْ كَانَ يُؤَاتِيكَا***كَمَا أَضْحَكَكَ الدَّهْرُ كَذَاكَ الدَّهْرُ يُبْكِيكَا

ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي الْمَوْتِ اللَّهُمَّ بَارِكْ لِي فِي لِقَائِكَ قَالَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ وَكُنْتُ أَمْشِي خَلْفَهُ فَلَمَّا سَمِعْتُهُ يَقُولُ ذَلِكَ قُلْتُ وَا غَوْثَاهْ يَا أَبَتَاهْ أَرَاكِ تَنْعَي

ص: 172

نَفْسَكَ مُنْذُ اللَّيْلَةِ قَالَ يَا بُنَيَّةِ مَا هُوَ بِنَعَاءٍ وَلَكِنَّهَا دَلالاتٌ وَعَلامَاتٌ لِلْمَوْتِ تَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضاً فَأَمْسِكِي عَنِ الْجَوَابِ ثُمَّ فَتَحَ الْبَابَ وَخَرَجَ.

قَالَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ : فَجِئْتُ إِلَي أَخِي الْحَسَنِ عليه السلام فَقُلْتُ يَا أَخِي قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِ أَبِيكَ اللَّيْلَةَ كَذَا وَكَذَا وَهُوَ قَدْ خَرَجَ فِي هَذَا اللَّيْلِ الْغَلَسَ فَالْحَقْهُ فَقَامَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عليه السلام وَتَبِعَهُ فَلَحِقَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الْجَامِعَ فَقَالَ يَا أَبَاهْ مَا أَخْرَجَكَ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ وَقَدْ بَقِيَ مِنَ اللَّيْلِ ثُلُثُهُ فَقَالَ يَا حَبِيبِي وَيَا قُرَّةَ عَيْنِي خَرَجَت لِرُؤْيَا رَأَيْتُهَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ أَهَالَتْنِي وَأَزْعَجَتْنِي وَأَقْلَقَتْنِي فَقَالَ لَهُ خَيْراً رَأَيْتَ وَخَيْراً يَكُونُ فَقَصَّهَا عَلَيَّ فَقَالَ عليه السلام يَا بُنَيَّ رَأَيْتُ كَأَنَّ جَبْرَئِيلَ عليه السلام قَدْ نَزَلَ عَنِ السَّمَاءِ عَلَي جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ فَتَنَاوَلَ مِنْهُ حَجَرَيْنِ وَمَضَي بِهِمَا إِلَي الْكَعْبَةِ وَتَرَكَهُمَا عَلَي ظَهْرِهَا وَضَرَبَ أَحَدَهُمَا عَلَي الآْخَرِ فَصَارَتْ كَالرَّمِيمِ ثُمَّ ذَرَّهُمَا فِي الرِّيحِ فَمَا بَقِيَ بِمَكَّةَ وَلا بِالْمَدِينَةِ بَيْتٌ إِلّا وَدَخَلَهُ مِنْ ذَلِكَ الرَّمَادِ فَقَالَ لَهُ يَا أَبَتِ وَمَا تَأْوِيلُهَا فَقَالَ يَا بُنَيَّ إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَايَ فَإِنَّ أَبَاكَ مَقْتُولٌ وَلا يَبْقَي بِمَكَّةَ حِينَئِذٍ وَلا بِالْمَدِينَةِ بَيْتٌ إِلّا وَيَدْخُلُهُ مِنْ ذَلِكَ غَمٌّ وَمُصِيبَةٌ مِنْ أَجْلِي فَقَالَ الْحَسَنُ عليه السلام وَهَلْ تَدْرِي مَتَي يَكُونُ ذَلِكَ يَا أَبَتِ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ وَلَكِنْ عَهِدَ إِلَيَّ حَبِيبِي رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله أَنَّهُ يَكُونُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ يَقْتُلُنِي ابْنُ مُلْجَمٍ الْمُرَادِيُّ - إلي أن قال : - يَا بُنَيَّ ارْجِعْ إِلَي فِرَاشِكَ فَقَالَ الْحَسَنُ عليه السلام يَا أَبَتَاهْ أُرِيدُ أَمْضِي مَعَكَ إِلَي مَوْضِعِ صَلاتِكَ فَقَالَ لَهُ أَقْسَمْتُ بِحَقِّي عَلَيْكَ إِلّا مَا رَجَعْتَ إِلَي فِرَاشِكَ لِئَلّا يَتَنَغَّصَ عَلَيْكَ نَوْمُكَ وَلا تَعْصِنِي فِي ذَلِكَ قَالَ فَرَجَعَ الْحَسَنُ عليه السلام فَوَجَدَ أُخْتَهُ أُمَّ كُلْثُومٍ قَائِمَةً خَلْفَ الْبَابِ تَنْتَظِرُهُ فَدَخَلَ فَأَخْبَرَهَا بِذَلِكَ وَجَلَسَا يَتَحَادَثَانِ وَهُمَا مَحْزُونَانِ حَتَّي غَلَبَ

ص: 173

عَلَيْهِمَا النُّعَاسُ فَقَامَا وَدَخَلا إِلَي فِرَاشِهِمَا وَنَامَا.

قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ وَغَيْرُهُ : وَسَارَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام حَتَّي دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالْقَنَادِيلُ قَدْ خَمَدَ ضَوْؤُهَا فَصَلَّي فِي الْمَسْجِدِ وِرْدَهُ وَعَقَّبَ سَاعَةً ثُمَّ إِنَّهُ قَامَ وَصَلَّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ عَلا الْمِئْذَنَةَ وَوَضَعَ سَبَّابَتَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ وَتَنَحْنَحَ ثُمَّ أَذَّنَ وَكَانَ عليه السلام إِذَا أَذَّنَ لَمْ يَبْقَ فِي بَلْدَةِ الْكُوفَةِ بَيْتٌ إِلّا اخْتَرَقَهُ صَوْتُهُ(1).

قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ قَدَّسَ رُوحَهُ : هَذَا الْخَبَرُ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ إِنَّا كَتَبْنَاهُ كَمَا وَجَدْنَاهُ وَالرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ أَنَّهُ بَاتَ فِي الْمَسْجِدِ وَمَعَهُ رَجُلانِ أَحَدُهُمَا شَبِيبُ بْنُ بحيرة [بُجْرَةَ ]وَ الآْخَرُ وَرْدَانُ بْنُ مُجَالِدٍ يُسَاعِدَانِهِ عَلَي قَتْلِ عَلِيٍّ عليه السلام فَلَمَّا أَذَّنَ عليه السلام وَنَزَلَ مِنَ الْمِئْذَنَةِ وَجَعَلَ يُسَبِّحُ اللَّهَ وَيُقَدِّسُهُ وَيُكَبِّرُهُ وَيُكْثِرُ مِنَ الصَّلاةِ عَلَي النَّبِيِّ صلي الله عليه وآله قَالَ الرَّاوِي وَكَانَ مِنْ كَرَمِ أَخْلاقِهِ عليه السلام أَنَّهُ يَتَفَقَّدُ النَّائِمِينَ فِي الْمَسْجِدِ وَيَقُولُ لِلنَّائِمِ الصَّلاةَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ الصَّلاةَ قُمْ إِلَي الصَّلاةِ الْمَكْتُوبَةِ عَلَيْكَ ثُمَّ يَتْلُو عليه السلام : « إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهي عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ »(2) فَفَعَلَ ذَلِكَ كَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ عَلَي مَجَارِي عَادَتِهِ مَعَ النَّائِمِينَ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّي إِذَا بَلَغَ إِلَي الْمَلْعُونِ فَرَآهُ نَائِماً عَلَي وَجْهِهِ قَالَ لَهُ يَا هَذَا قُمْ مِنْ نَوْمِكَ هَذَا فَإِنَّهَا نَوْمَةٌ يَمْقُتُهَا اللَّهُ وَهِيَ نَوْمَةُ الشَّيْطَانِ وَنَوْمَةُ أَهْلِ النَّارِ بَلْ نَمْ عَلَي يَمِينِكَ فَإِنَّهَا نَوْمَةُ الْعُلَمَاءِ أَوْ عَلَي يَسَارِكَ فَإِنَّهَا نَوْمَةُ الْحُكَمَاءِ وَلا تَنَمْ عَلَي ظَهْرِكَ فَإِنَّهَا نَوْمَةُ الْأَنْبِيَاءِ.

قَالَ : فَتَحَرَّكَ الْمَلْعُونُ كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَقُومَ وَهُوَ مِنْ مَكَانِهِ لا يَبْرَحْ فَقَالَ لَهُ

ص: 174


1- بحار الأنوار : 42/276 .
2- العنكبوت : 45 .

أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام لَقَدْ هَمَمْتَ بِشَيْ ءٍ تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا وَلَوْ شِئْتَ لأَنْبَأْتُكَ بِمَا تَحْتَ ثِيَابِكَ ثُمَّ تَرَكَهُ وَعَدَلَ عَنْهُ إِلَي مِحْرَابِهِ وَقَامَ قَائِماً يُصَلِّي وَكَانَ عليه السلام يُطِيلُ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فِي الصَّلاةِ كَعَادَتِهِ فِي الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ حَاضِراً قَلْبُهُ فَلَمَّا أَحَسَّ بِهِ فَنَهَضَ الْمَلْعُونُ مُسْرِعاً وَأَقْبَلَ يَمْشِي حَتَّي وَقَفَ بِإِزَاءِ الْأُسْطُوَانَةِ الَّتِي كَانَ الْإِمَامُ عليه السلام يُصَلِّي عَلَيْهَا فَأَمْهَلَهُ حَتَّي صَلَّي الرَّكْعَةَ الْأُولَي وَرَكَعَ وَسَجَدَ السَّجْدَةَ الْأُولَي مِنْهَا وَرَفَعَ رَأْسَهُ فَعِنْدَ ذَلِكَ أَخَذَ السَّيْفَ وَهَزَّهُ ثُمَّ ضَرَبَهُ عَلَي رَأْسِهِ الْمُكَرَّمِ الشَّرِيفِ فَوَقَعَتِ الضَّرْبَةُ عَلَي الضَّرْبَةِ الَّتِي ضَرَبَهُ عَمْرُو بْنُ عَبْدَ وُدٍّ الْعَامِرِيُّ ثُمَّ أَخَذَتِ الضَّرْبَةُ إِلَي مَفْرَقِ رَأْسِهِ إِلَي مَوْضِعِ السُّجُودِ فَلَمَّا أَحَسَّ الْإِمَامُ بِالضَّرْبِ لَمْ يَتَأَوَّهْ وَصَبَرَ وَاحْتَسَبَ وَوَقَعَ عَلَي وَجْهِهِ وَلَيْسَ عِنْدَهُ أَحَدٌ قَائِلاً بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَعَلَي مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ثُمَّ صَاحَ وَقَالَ قَتَلَنِي ابْنُ مُلْجَمٍ قَتَلَنِي اللَّعِينُ ابْنُ الْيَهُودِيَّةِ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ أَيُّهَا النَّاسُ لا يَفُوتَنَّكُمْ ابْنُ مُلْجَمٍ وَسَارَ السَّمُّ فِي رَأْسِهِ وَبَدَنِهِ وَثَارَ جَمِيعُ مَنْ فِي الْمَسْجِدِ فِي طَلَبِ الْمَلْعُونِ وَمَاجُوا بِالسِّلاحِ فَمَا كُنْتُ أَرَي إِلّا صَفْقَ الْأَيْدِي عَلَي الْهَامَاتِ وَعُلُوِّ الصَّرْخَاتِ وَكَانَ ابْنُ مُلْجَمٍ ضَرَبَهُ ضَرْبَةً خَائِفاً مَرْعُوباً ثُمَّ وَلَّي هَارِباً وَخَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَأَحَاطَ النَّاسُ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام وَهُوَ فِي مِحْرَابِهِ يَشُدُّ الضَّرْبَةَ وَيَأْخُذُ التُّرَابَ وَيَضَعُهُ عَلَيْهَا ثُمَّ تَلا قَوْلَهُ تَعَالَي : « مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْري » ثُمَّ قَالَ عليه السلام : جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَصَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله ثُمَّ إِنَّهُ لَمَّا ضَرَبَهُ الْمَلْعُونُ ارْتَجَّتِ الْأَرْضُ وَمَاجَتِ الْبِحَارُ وَالسَّمَاوَاتِ وَاصْطَفَقَتْ أَبْوَابُ الْجَامِعِ قَالَ وَضَرَبَهُ اللَّعِينُ شَبِيبُ بْنِ بُجْرَةَ فَأَخْطَأَهُ وَوَقَعَتِ الضَّرْبَةُ فِي الطَّاقِ.

ص: 175

قَالَ الرَّاوِي فَلَمَّا سَمِعَ النَّاسُ الضَّجَّةَ ثَارَ إِلَيْهِ كُلُّ مَنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ وَصَارُوا يَدُورُونَ وَلا يَدْرُونَ أَيْنَ يَذْهَبُونَ مِنْ شِدَّةِ الصَّدْمَةِ وَالدَّهْشَةِ ثُمَّ أَحَاطُوا بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام وَهُوَ يَشُدُّ رَأْسَهُ بِمِئْزَرِهِ وَالدَّمُ يَجْرِي عَلَي وَجْهِهِ وَلِحْيَتِهِ وَ قَدْ خُضِبَتْ بِدِمَائِهِ وَهُوَ يَقُولُ هَذَا مَا وَعَدَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. قَالَ الرَّاوِي فَاصْطَفَقَتْ أَبْوَابُ الْجَامِعِ وَضَجَّتِ الْمَلائِكَةُ فِي السَّمَاءِ بِالدُّعَاءِ وَهَبَّتْ رِيحٌ عَاصِفٌ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ وَنَادَي جَبْرَئِيلُ عليه السلام بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ كُلُّ مُسْتَيْقِظٍ تَهَدَّمَتْ وَاللَّهِ أَرْكَانُ الْهُدَي وَانْطَمَسَتْ وَاللَّهِ نُجُومُ السَّمَاءِ وَأَعْلامُ التُّقَي وَانْفَصَمَتْ وَاللَّهِ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَي قُتِلَ ابْنُ عَمِّ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَي قُتِلَ الْوَصِيُّ الْمُجْتَبَي قُتِلَ عَلِيٌّ الْمُرْتَضَي قُتِلَ وَاللَّهِ سَيِّدُ الْأَوْصِيَاءِ قَتَلَهُ أَشْقَي الْأَشْقِيَاءِ قَالَ فَلَمَّا سَمِعَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ نَعْيَ جَبْرَئِيلَ فَلَطَمَتْ عَلَي وَجْهِهَا وَخَدِّهَا وَشَقَّتْ جَيْبَهَا وَصَاحَتْ وَاأَبَتَاهْ وَاعَلِيَّاهْ وَامُحَمَّدَاهْ وَاسَيِّدَاهْ(1) .

لَمْ يُمْتَثَلْ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فِي الْهادِينَ بَعْدَ الْهادِينَ

قال تعالي : « قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَي »(2) .

وفي الخبر : ثمّ صلي الله عليه وآله خرج يوم الأربعاء معصوب الرأس متّكئاً علي عليّ عليه السلام بيمني يديه وعلي الفضل باليد الأُخري فصعد المنبر فحمد اللَّه وأثني عليه - إلي أن قال صلي الله عليه وآله : - لَم يمت نبيّ قطّ إلّا خلّف تركة وقد خلّفت فيكُم الثقلين كتابَ اللَّه وعترتي(3) .

ص: 176


1- بحار الأنوار :280/42 .
2- الشوري : 23 .
3- مناقب :235/1؛ بحار الأنوار :472/22 .

ورد آيات كثيرة وأخبار فوق حدّ الاحصاء في شأن أميرالمؤمنين عليه السلام وقد مضي بعضها ومنها :

عن سعيد بن جبير قال أتيت عبد اللَّه بن عباس فقلت له يا ابن عم رسول اللَّه إني جئتك أسألك عن علي بن أبي طالب واختلاف الناس فيه فقال ابن عباس يا ابن جبير جئتني تسألني عن خير خلق اللَّه من الأمة بعد محمد نبي اللَّه ، جئتني تسألني عن رجل كانت له ثلاثة آلاف منقبة في ليلة واحدة وهي ليلة القربة ، يا ابن جبير جئتني تسألني عن وصي رسول اللَّه صلي الله عليه وآله ووزيره وخليفته وصاحب حوضه ولوائه وشفاعته ، والذي نفس ابن عباس بيده لو كانت بحار الدنيا مدادا والأشجار أقلاما وأهلها كتابا فكتبوا مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام وفضائله من يوم خلق اللَّه عز وجل الدنيا إلي أن يفنيها ما بلغوا معشار ما آتاه اللَّه تبارك وتعالي(1) .

وأمّا فاطمة عليها السلام

عن مجاهد قال : خرج رسول اللَّه صلي الله عليه وآله وقد أخذ بيد فاطمة عليها السلام وقال : مَنْ عَرَفَ هَذِهِ فَقَدْ عَرَفَهَا وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْهَا فَهِيَ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ وَهِيَ بَضْعَةٌ مِنِّي وَهِيَ قَلْبِي وَرُوحِيَ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيَّ فَمَنْ آذَاهَا فَقَدْ آذَانِي وَمَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَي اللَّهَ(2) .

وقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : إِنَّ فَاطِمَةَ شِجْنَةٌ مِنِّي يُسْخِطُنِي مَا أَسْخَطَهَا وَيُرْضِينِي

ص: 177


1- الأمالي للصدوق 558/م 82 ، ح 15 ؛ بحار الأنوار :7/40 ، ح 17 .
2- كشف الغمّة :467/1؛ بحار الأنوار :54/43.

مَا أَرْضَاهَا(1) .

وعن جابر بن عبداللَّه قال : قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : إِنَّ فَاطِمَةَ شَعْرَةٌ مِنِّي فَمَنْ آذَي شَعْرَةً مِنِّي فَقَدْ آذَانِي وَمَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَي اللَّه وَمَنْ آذَي اللَّهَ لَعَنَهُ اللَّهُ مِلْ ءَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ(2) .

وروي عن عليّ عليه السلام قال : كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله فَقَالَ : أَخْبِرُونِي أَيُّ شَيْ ءٍ خَيْرٌ لِلنِّسَاءِ فَعَيِينَا بِذَلِكَ كُلُّنَا حَتَّي تَفَرَّقْنَا فَرَجَعْتُ إِلَي فَاطِمَةَ عليه السلام فَأَخْبَرْتُهَا بِالَّذِي قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَّا عَلِمَهُ وَلا عَرَفَهُ فَقَالَتْ وَلَكِنِّي أَعْرِفُهُ ، خَيْرٌ لِلنِّسَاءِ أَنْ لا يَرَيْنَ الرِّجَالَ وَلا يَرَاهُنَّ الرِّجَالُ ، فَرَجَعْتُ إِلَي رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ سَأَلْتَنَا أَيُّ شَيْ ءٍ خَيْرٌ لِلنِّسَاءِ خَيْرٌ لَهُنَّ أَنْ لا يَرَيْنَ الرِّجَالَ وَلا يَرَاهُنَّ الرِّجَالُ . فَقَالَ مَنْ أَخْبَرَكَ ؟ فَلَمْ تَعْلَمْهُ وَأَنْتَ عِنْدِي فَقُلْتُ فَاطِمَةُ فَأَعْجَبَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وآله وَقَالَ إِنَّ فَاطِمَةَ بَضْعَةٌ مِنِّي(3) .

وروي الخوارزمي قال : قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : يَافَاطِمَةُ إِنَّ اللَّهَ يَغْضَبُ لِغَضَبِكِ وَيَرْضَي لِرِضَاكِ(4) .

ولمّا سئلت عائشة من كان أحبّ الناس إلي رسول اللَّه صلي الله عليه وآله قالت : أما من الرجال فعليّ وأمّا من النساء ففاطمة(5) .

وعن سعد بن مالك يعني ابن أبي وقّاص يقول : سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه وآله يقول :

ص: 178


1- كشف الغمّة :467/1 ؛ بحار الأنوار :54/43.
2- كشف الغمّة :467/1؛ بحار الأنوار :54/43.
3- كشف الغمّة :467/1؛ بحار الأنوار :54/43.
4- كشف اليقين : 351 ؛ بحار الأنوار :353/30.
5- شرح النهج : 253/13.

فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي مَنْ سَرَّهَا فَقَدْ سَرَّنِي وَمَنْ سَاءَهَا فَقَدْ سَاءَنِي فَاطِمَةُ أَعَزُّ الْبَرِيَّةِ عَلَيَّ(1).

وفي مسلم والحلية : إِنَّمَا فَاطِمَةُ ابْنَتِي بَضْعَةٌ مِنِّي يُرِيبُنِي مَا أَرَابَهَا وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا(2) .

وعن النبيّ صلي الله عليه وآله أنّه قال : إِنَّمَا فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي فَمَنْ أَغْضَبَهَا فَقَدْ أَغْضَبَنِي(3) .

وأنّ النبيّ قال : إنَّما فاطمةُ شجنةٌ منّي يقبضني ما يقبضُها(4) .

وعن عائشة : جاءت فاطمة تَمْشِي كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مِشْيَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله : مَرْحَباً بِابِنْتِي فأَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ ثُمَّ إنَّه أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثاً فَبَكَتْ ثُمَّ إنّه سارَّها فَضَحِكَتْ أيضاً فَقُلْتُ لَها مَا يُبْكيكِ ؟ فَقَالَتْ مَا كُنْتُ لأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله حَتَّي قُبِضَ فقُلتُ ما رأيتُ كاليومِ فَرَحاً أقرب من حزنٍ فقُلتُ لها حينَ ما بَكَت أخصّكِ رَسولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله بحديثِهِ دَونَنا ثمّ تبكينَ وسَألتُها عمّا قال فَقَالَتْ : مَا كُنْتُ لأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله حَتَّي قُبِضَ سألتُها عمّا قال فَقالَت إنّه صلي الله عليه وآله حدّثني أِنَّ جَبْرَئِيلَ كَانَ يُعَارِضُنِي بِالْقُرْآنِ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً وَأِنَّهُ عَارَضَهُ بِهِ الْعَامَ مَرَّتَيْنِ وَأنّي لا أَري إِلّا أنّي قَدْ حَضَرَ أَجَلِي وَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِي لُحُوقاً بِي وَنِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ فَبَكَيْتُ لِذَلِكِ ثمّ إنّه سارَّني فَقَالَ أَلا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ أو سَيِّدَةَ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَضَحِكْتُ لِذَلِكِ(5) .

ص: 179


1- مناقب :323/3 ؛ بحار الأنوار39/43 .
2- مناقب : 323/3 ؛ بحار الأنوار 39/43 .
3- مناقب : 323/3 ؛ بحار الأنوار39/43.
4- مناقب : 323/3 ؛ بحار الأنوار39/43 .
5- عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار : 387 ، ح 765 .

وأمّا الحسن والحسين والنجوم الزاهرة عليهم السلام

عن زيد بن عليّ ، عن أبيه عليّ بن الحسين عليه السلام قال : لَمَّا وَلَدَتْ فَاطِمَةُ الْحَسَنَ عليه السلام قَالَتْ لِعَلِيٍّ عليه السلام سَمِّهِ فَقَالَ مَا كُنْتُ لأَسْبِقَ بِاسْمِهِ رَسُولَ اللَّهِ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله فَأُخْرِجَ إِلَيْهِ فِي خِرْقَةٍ صَفْرَاءَ فَقَالَ أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَلُفُّوهُ فِي خِرْقَةٍ صَفْرَاءَ ثُمَّ رَمَي بِهَا وَأَخَذَ خِرْقَةً بَيْضَاءَ فَلَفَّهُ فِيهَا ثُمَّ قَالَ لِعَلِيٍّ عليه السلام هَلْ سَمَّيْتَهُ فَقَالَ مَا كُنْتُ لأَسْبِقَكَ بِاسْمِهِ فَقَالَ صلي الله عليه وآله وَمَا كُنْتُ لأَسْبِقَ بِاسْمِهِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فَأَوْحَي اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَي إِلَي جَبْرَئِيلَ أَنَّهُ قَدْ وُلِدَ لِمُحَمَّدٍ ابْنٌ فَاهْبِطْ فَأَقْرِئْهُ السَّلامَ وَ هَنِّئْهُ وَقُلْ لَهُ إِنَّ عَلِيّاً مِنْكَ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَي فَسَمِّهِ بِاسْمِ ابْنِ هَارُونَ فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ عليه السلام فَهَنَّأَهُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَي يَأْمُرُكَ أَنْ تُسَمِّيَهُ بِاسْمِ ابْنِ هَارُونَ قَالَ وَمَا كَانَ اسْمُهُ قَالَ شَبَّرَ قَالَ لِسَانِي عَرَبِيٌّ قَالَ سَمِّهِ الْحَسَنَ فَسَمَّاهُ الْحَسَنَ فَلَمَّا وُلِدَ الْحُسَيْنُ عليه السلام أَوْحَي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَي جَبْرَئِيلَ عليه السلام أَنَّهُ قَدْ وُلِدَ لِمُحَمَّدٍ ابْنٌ فَاهْبِطْ إِلَيْهِ فَهَنِّئْهُ وَقُلْ لَهُ إِنَّ عَلِيّاً مِنْكَ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَي فَسَمِّهِ بِاسْمِ ابْنِ هَارُونَ قَالَ فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ عليه السلام فَهَنَّأَهُ مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَي ثُمَّ قَالَ إِنَّ عَلِيّاً مِنْكَ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَي فَسَمِّهِ بِاسْمِ ابْنِ هَارُونَ قَالَ وَمَا اسْمُهُ قَالَ شَبِيرٌ قَالَ لِسَانِي عَرَبِيٌّ قَالَ سَمِّهِ الْحُسَيْنَ فَسَمَّاهُ الْحُسَيْنَ(1) .

وقال صلي الله عليه وآله : مَنْ أَحَبَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ أَحْبَبْتُهُ وَمَنْ أَحْبَبْتُهُ أَحَبَّهُ اللَّهُ وَمَنْ أَحَبَّهُ اللَّهُ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا أَبْغَضْتُهُ وَمَنْ أَبْغَضْتُهُ أَبْغَضَهُ اللَّهُ وَمَنْ أَبْغَضَهُ اللَّهُ خَلَّدَهُ النَّارَ(2) .

ص: 180


1- الأمالي للصدوق : 134/م 28 ، ح 3؛ بحار الأنوار238/43، ح 3 .
2- روضة الواعظين :166/1 ؛ بحار الأنوار 280/43.

وعن جابر بن عبداللَّه الأنصاري قال : خرج علينا رسول اللَّه صلي الله عليه وآله آخذاً بيد الحسن والحسين عليهما السلام فقال : إِنَّ ابْنَيَّ هَذَيْنِ رَبَّيْتُهُمَا صَغِيرَيْنِ وَدَعَوْتُ لَهُمَا كَبِيرَيْنِ وَسَأَلْتُ اللَّهَ لَهُمَا ثَلاثاً فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً سَأَلْتُ اللَّهَ لَهُمَا أَنْ يَجْعَلَهُمَا طَاهِرَيْنِ مُطَهَّرَيْنِ زَكِيَّيْنِ فَأَجَابَنِي إِلَي ذَلِكَ وَسَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يَقِيَهُمَا وَذُرِّيَّتَهُمَا وَشِيعَتَهُمَا النَّارَ فَأَعْطَانِي ذَلِكَ وَسَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يَجْمَعَ الْأُمَّةَ عَلَي مَحَبَّتِهِمَا فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنِّي قَضَيْتُ قَضَاءً وَقَدَرْتُ قَدَراً وَإِنَّ طَائِفَةً مِنْ أُمَّتِكَ سَتَفِي لَكَ بِذِمَّتِكَ فِي الْيَهُودِ وَالنَّصَارَي وَالْمَجُوسِ وَسَيَخْفِرُونَ ذِمَّتَكَ فِي وُلْدِكَ وَإِنِّي أَوْجَبْتُ عَلَي نَفْسِي لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَلّا أُحِلَّهُ مَحَلَّ كَرَامَتِي وَلا أُسْكِنَهُ جَنَّتِي وَلا أَنْظُرَ إِلَيْهِ بِعَيْنِ رَحْمَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ(1) .

وعن جابر بن عبداللَّه ، عن النبيّ صلي الله عليه وآله : انَّ اللَّهَ عَزّ وجلّ جَعَلَ ذُرِّيَّةَ كُلِّ نَبِيٍّ فِي صُلْبِهِ وَجَعَلَ ذُرِّيَّتِي فِي صُلْبِ عليّ(2) .

وعن حذيفة قال : قال لي النبيّ صلي الله عليه وآله : أَمَا رَأَيْتَ الشَّخْصَ الَّذِي اعْتَرَضَ لِي قُلْتُ بَلَي يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ذَاكَ مَلَكٌ لَمْ يَهْبِطْ قَطُّ إِلَي الاَْرْضِ قَبْلَ السَّاعَةِ اسْتَأْذَنَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي السَّلامِ عَلَي عَلِيٍّ فَأَذِنَ لَهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَبَشَّرَنِي أَنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَنَّ فَاطِمَةَ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ(3) .

وعن عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال : بَيْنَا أَنَا وَفَاطِمَةُ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله إِذِ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَبَكَي فَقُلْتُ مَا يُبْكِيكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَبْكِي مِنْ

ص: 181


1- الأمالي للمفيد : 79/م 9 ، ح 3؛ بحار الأنوار276/43 ، ح 47 .
2- كشف الغمّة : 53/1 ؛ بحار الأنوار307/38، ح 9 .
3- الأمالي للمفيد 23/م 3 ، ح 4 ؛ بحار الأنوار48/37 ، ح 26 .

ضَرْبَتِكَ عَلَي الْقَرْنِ وَلَطْمِ فَاطِمَةَ خَدَّهَا وَطَعْنَةِ الْحَسَنِ فِي فَخِذِهِ وَالسَّمِّ الَّذِي يُسْقَاهُ وَقَتْلِ الْحُسَيْنِ .

قال : فبكي أهل البيت جميعاً فقلت : يا رسول اللَّه ما خلقنا ربّنا إلّا للبلاء قال : أبْشر يا عليّ فانّ اللَّه عزّ وجلّ قد عهد إليّ أنّه لا يُحبّك إلّا مؤمن وَلا يُبغضكَ إلّا منافق(1) .

وعن ابن عبّاس قال : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وآله كَانَ جَالِساً ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ أَقْبَلَ الْحَسَنُ عليه السلام فَلَمَّا رَآهُ بَكَي ثُمَّ قَالَ إِلَيَّ إِلَيَّ يَا بُنَيَّ فَمَا زَالَ يُدْنِيهِ حَتَّي أَجْلَسَهُ عَلَي فَخِذِهِ الْيُمْنَي - إلي أن قال صلي الله عليه وآله : - وَأَمَّا الْحَسَنُ فَإِنَّهُ ابْنِي وَوَلَدِي وَمِنِّي وَقُرَّةُ عَيْنِي وَضِيَاءُ قَلْبِي وَثَمَرَةُ فُؤَادِي وَهُوَ سَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَحُجَّةُ اللَّهِ عَلَي الْأُمَّةِ أَمْرُهُ أَمْرِي وَقَوْلُهُ قَوْلِي مَنْ تَبِعَهُ فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَاهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَإِنِّي لَمَّا نَظَرْتُ إِلَيْهِ تَذَكَّرْتُ مَا يَجْرِي عَلَيْهِ مِنَ الذُّلِّ بَعْدِي فَلا يَزَالُ الاَْمْرُ بِهِ حَتَّي يُقْتَلَ بِالسَّمِّ ظُلْماً وَعُدْوَاناً فَعِنْدَ ذَلِكَ تَبْكِي الْمَلائِكَةُ وَالسَّبْعُ الشِّدَادُ لِمَوْتِهِ وَيَبْكِيهِ كُلُّ شَيْ ءٍ حَتَّي الطَّيْرُ فِي جَوِّ السَّمَاءِ وَالْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ فَمَنْ بَكَاهُ لَمْ تَعْمَ عَيْنُهُ يَوْمَ تَعْمَي الْعُيُونُ وَمَنْ حَزِنَ عَلَيْهِ لَمْ يَحْزَنْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَحْزَنُ الْقُلُوبُ وَمَنْ زَارَهُ فِي بَقِيعِهِ ثَبَتَتْ قَدَمُهُ عَلَي الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الاَْقْدَامُ(2) .

وعن عبداللَّه بن يحيي قال : دَخَلْنَا مَعَ عَلِيٍّ إِلَي صِفِّينَ فَلَمَّا حَاذَي نَيْنَوَي نَادَي صَبْراً يَا عَبْدَ اللَّهِ فَقَالَ دَخَلْتُ عَلَي رَسُولِ اللَّهِ وَعَيْنَاهُ تَفِيضَانِ فَقُلْتُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لِعَيْنَيْكِ تَفِيضَانِ ؟ أَغْضَبَكَ أَحَدٌ ؟ قَالَ لا بَلْ كَانَ عِنْدِي

ص: 182


1- الأمالي للصدوق : 134/م 28 ، ح 2 ؛ بحار الأنوار 51/28 ، ح 20 .
2- الأمالي للصدوق : 114/م 24 ، ح 2 ؛ بحار الأنوار 39/28، ح 1 .

جَبْرَئِيلُ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ الْحُسَيْنَ يُقْتَلُ بِشَاطِئِ الْفُرَاتِ وَقَالَ هَلْ لَكَ أَنْ أُشِمَّكَ مِنْ تُرْبَتِهِ قُلْتُ نَعَمْ فَمَدَّ يَدَهُ فَأَخَذَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ فَأَعْطَانِيهَا فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنِي أَنْ فَاضَتَا وَاسْمُ الاَْرْضِ كَرْبَلاءُ فَلَمَّا أَتَتْ عَلَيْهِ سَنَتَانِ خَرَجَ النَّبِيُّ إِلَي سَفَرٍ فَوَقَفَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ وَاسْتَرْجَعَ وَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ هَذَا جَبْرَئِيلُ يُخْبِرُنِي عَنْ أَرْضٍ بِشَطِّ الْفُرَاتِ يُقَالُ لَهَا كَرْبَلاءُ يُقْتَلُ فِيهَا وَلَدِيَ الْحُسَيْنُ وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ وَإِلَي مَصْرَعِهِ وَمَدْفَنِهِ بِهَا وَكَأَنِّي أَنْظُرُ عَلَي السَّبَايَا عَلَي أَقْتَابِ الْمَطَايَا وَقَدْ أُهْدِيَ رَأْسُ وَلَدِيَ الْحُسَيْنِ إِلَي يَزِيدَ لَعَنَهُ اللَّهُ فَوَ اللَّهِ مَا يَنْظُرُ أَحَدٌ إِلَي رَأْسِ الْحُسَيْنِ وَيَفْرَحُ إِلّا خَالَفَ اللَّهُ بَيْنَ قَلْبِهِ وَلِسَانِهِ وَ عَذَّبَهُ اللَّهُ عَذَاباً أَلِيماً ثُمَّ رَجَعَ النَّبِيُّ مِنْ سَفَرِهِ مَغْمُوماً مَهْمُوماً كَئِيباً حَزِيناً فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَأَصْعَدَ مَعَهُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَخَطَبَ وَوَعَظَ النَّاسَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَي عَلَي رَأْسِ الْحَسَنِ وَيَدَهُ الْيُسْرَي عَلَي رَأْسِ الْحُسَيْنِ وَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ وَهَذَانِ أَطَايِبُ عِتْرَتِي وَخِيَارُ أُرُومَتِي وَأَفْضَلُ ذُرِّيَّتِي وَ مَنْ أُخَلِّفُهُمَا فِي أُمَّتِي وَقَدْ أَخْبَرَنِي جَبْرَئِيلُ أَنَّ وَلَدِي هَذَا مَقْتُولٌ بِالسَّمِّ وَالآْخَرُ شَهِيدٌ مُضَرَّجٌ بِالدَّمِ اللَّهُمَّ فَبَارِكْ لَهُ فِي قَتْلِهِ وَاجْعَلْهُ مِنْ سَادَاتِ الشُّهَدَاءِ اللَّهُمَّ وَلا تُبَارِكْ فِي قَاتِلِهِ وَخَاذِلِهِ وَأَصْلِهِ حَرَّ نَارِكَ وَاحْشُرْهُ فِي أَسْفَلِ دَرْكِ الْجَحِيمِ قَالَ فَضَجَّ النَّاسُ بِالْبُكَاءِ وَالْعَوِيلِ فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ أَيُّهَا الِنَّاسُ أَتَبْكُونَهُ وَلا تَنْصُرُونَهُ اللَّهُمَّ فَكُنْ أَنْتَ لَهُ وَلِيّاً وَنَاصِرا(1) .

وروي باسناد آخر عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ عِنْدِنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ فَغَابَ عَنَّا طَوِيلاً ثُمَّ جَاءَنَا وَهُوَ أَشْعَثُ أَغْبَرُ وَيَدُهُ مَضْمُومَةٌ فَقُلْتُ

ص: 183


1- بحار الأنوار :248/44 ؛ رياض الأبرار في مناقب الأئمّة الأطهار :175/1.

لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لِي أَرَاكَ شَعِثاً مُغْبَرّاً فَقَالَ أُسْرِيَ بِي فِي هَذَا الْوَقْتِ إِلَي مَوْضِعٍ مِنَ الْعِرَاقِ يُقَالُ لَهُ كَرْبَلاءُ فَأُرِيتُ فِيهِ مَصْرَعَ الْحُسَيْنِ ابْنِي وَجَمَاعَةٍ مِنْ وُلْدِي وَأَهْلِ بَيْتِي فَلَمْ أَزَلْ أَلْقُطُ دِمَاءَهُمْ فَهَا هُوَ فِي يَدِي وَبَسَطَهَا إِلَيَّ فَقَالَ خُذِيهَا فَاحْفَظِي بِهَا فَأَخَذْتُهَا فَإِذَا هِيَ شِبْهُ تُرَابٍ أَحْمَرَ فَوَضَعْتُهُ فِي قَارُورَةٍ وَشَدَدْتُ رَأْسَهَا وَاحْتَفَظْتُ بِهَا فَلَمَّا خَرَجَ الْحُسَيْنُ عليه السلام مِنْ مَكَّةَ مُتَوَجِّهاً نَحْوَ الْعِرَاقِ كُنْتُ أُخْرِجُ تِلْكَ الْقَارُورَةَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَأَشَمُّهَا وَأَنْظُرُ إِلَيْهَا ثُمَّ أَبْكِي لِمُصَابِهِ فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ مِنَ الْمُحَرَّمِ وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ عليه السلام أَخْرَجْتُهَا فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَهِيَ بِحَالِهَا ثُمَّ عُدْتُ إِلَيْهَا آخِرَ النَّهَارِ فَإِذَا هِيَ دَمٌ عَبِيطٌ فَصِحْتُ فِي بَيْتِي وَبَكَيْتُ وَكَظَمْتُ غَيْظِي مَخَافَةَ أَنْ يَسْمَعَ أَعْدَاؤُهُمْ بِالْمَدِينَةِ فَيَتَسَرَّعُوا بِالشَّمَاتَة(1) .

وعن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام قال : أَصْبَحَتْ يَوْماً أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَبْكِي فَقِيلَ لَهَا مِمَّ بُكَاؤُكِ فَقَالَتْ لَقَدْ قُتِلَ ابْنِيَ الْحُسَيْنُ اللَّيْلَةَ وَذَلِكَ أَنَّنِي مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ مُنْذُ مَضَي إِلّا اللَّيْلَةَ فَرَأَيْتُهُ شَاحِباً كَئِيباً فَقَالَتْ قُلْتُ مَا لِي أَرَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَاحِباً كَئِيباً قَالَ : مَا زِلْتُ اللَّيْلَةَ أَحْفِرُ الْقُبُورَ لِلْحُسَيْنِ وَأَصْحَابِهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلامُ(2) .

وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله فَقَالَ مَعَاشِرَ النَّاسِ إِنِّي رَاحِلٌ عَنْكُمْ عَنْ قَرِيبٍ وَمُنْطَلِقٌ إِلَي الْمَغِيبِ أُوصِيكُمْ فِي عِتْرَتِي خَيْراً وَإِيَّاكُمْ وَالْبِدَعَ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ وَالضَّلالَةُ وَأَهْلُهَا فِي النَّارِ مَعَاشِرَ النَّاسِ مَنِ افْتَقَدَ

ص: 184


1- الارشاد :130/2؛ بحار الأنوار239/44.
2- الأمالي للطوسي 90/م 3 ، ح 49 ؛ بحار الأنوار230/45 ، ح 1 .

الشَّمْسَ فَلْيَتَمَسَّكْ بِالْقَمَرِ وَمَنِ افْتَقَدَ الْقَمَرَ فَلْيَتَمَسَّكْ بِالْفَرْقَدَيْنِ وَمَنِ افْتَقَدَ الْفَرْقَدَيْنِ فَلْيَتَمَسَّكْ بِالنُّجُومِ الزَّاهِرَةِ بَعْدِي أَقُولُ قَوْلِي هذا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ قَالَ فَلَمَّا نَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ صلي الله عليه وآله تَبِعْتُهُ حَتَّي دَخَلَ بَيْتَ عَائِشَةَ فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ وَقُلْتُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ سَمِعْتُكَ تَقُولُ إِذَا افْتَقَدْتُمُ الشَّمْسَ فَتَمَسَّكُوا بِالْقَمَرِ وَإِذَا افْتَقَدْتُمُ الْقَمَرَ فَتَمَسَّكُوا بِالْفَرْقَدَيْنِ وَإِذَا افْتَقَدْتُمُ الْفَرْقَدَيْنِ فَتَمَسَّكُوا بِالنُّجُومِ الزَّاهِرَةِ فَمَا الشَّمْسُ وَمَا الْقَمَرُ وَمَا الْفَرْقَدَانِ وَمَا النُّجُومُ الزَّاهِرَةُ فَقَالَ أَمَّا الشَّمْسُ فَأَنَا وَأَمَّا الْقَمَرُ فَعَلِيٌّ فَإِذَا افْتَقَدْتُمُونِي فَتَمَسَّكُوا بِهِ بَعْدِي وَأَمَّا الْفَرْقَدَانِ فَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ فَإِذَا افْتَقَدْتُمُ الْقَمَرَ فَتَمَسَّكُوا بِهِمَا وَأَمَّا النُّجُومُ الزَّاهِرَةُ فَالاَْئِمَّةُ التِّسْعَةُ مِنْ صُلْبِ الْحُسَيْنِ عليه السلام وَالتَّاسِعُ مَهْدِيُّهُمْ ثُمَّ قَالَ إِنَّهُمْ هُمُ الاَْوْصِيَاءُ وَالْخُلَفَاءُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ أَبْرَارٌ عَدَدَ أَسْبَاطِ يَعْقُوبَ وَحَوَارِيِّ عِيسَي قُلْتُ فَسَمِّهِمْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَوَّلُهُمْ وَسَيِّدُهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَسِبْطَايَ وَبَعْدَهُمَا زَيْنُ الْعَابِدِينَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَبَعْدَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ بَاقِرُ عِلْمِ النَّبِيِّينَ وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَابْنُهُ الْكَاظِمُ سَمِيُّ مُوسَي بْنِ عِمْرَانَ وَ الَّذِي يُقْتَلُ بِأَرْضِ الْغُرْبَةِ عَلِيٌّ ابْنُهُ ثُمَّ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ وَالصَّادِقَانِ عَلِيٌّ وَالْحَسَنُ وَالْحُجَّةُ الْقَائِمُ الْمُنْتَظَرُ فِي غَيْبَتِهِ فَإِنَّهُمْ عِتْرَتِي مِنْ دَمِي وَلَحْمِي عِلْمُهُمْ عِلْمِي وَحُكْمُهُمْ حُكْمِي مَنْ آذَانِي فِيهِمْ فَلا أَنَالَهُ اللَّهُ شَفَاعَتِي(1) .

وعن جابر بن عبداللَّه الأنصاري قال : قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله للحسين بن عليّ عليه السلام : يَا حُسَيْنُ يَخْرُجُ مِنْ صُلْبِكَ تِسْعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّة مِنْهُمْ مَهْدِيُّ هَذِهِ الْأُمَّة الحديث(2) .

ص: 185


1- كفاية الأثر في النصّ علي الأئمّة الاثني عشر : 40 ؛ بحار الأنوار289/36، ح 111 .
2- كفاية الأثر : 61 ؛ بحار الأنوار307/36، ح 145 .

وعن أنس بن مالك قال : صَلَّي بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله صَلاةَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا وَقَالَ : مَعَاشِرَ أَصْحَابِي مَنْ أَحَبَّ أَهْلَ بَيْتِي حُشِرَ مَعَنَا وَمَنِ اسْتَمْسَكَ بِأَوْصِيَائي مِنْ بَعْدِي فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقي فَقَامَ إِلَيْهِ أَبُوذَرٍّ الْغِفَارِيُّ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمِ الاَْئِمَّةُ بَعْدَكَ ؟ قَالَ : عَدَدَ نُقَبَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالَ : كُلُّهُمْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ ؟ قَالَ : كُلُّهُمْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي تِسْعَةٌ مِنْ صُلْبِ الْحُسَيْنِ عليه السلام وَالْمَهْدِيُّ مِنْهُمْ(1) .

وقال زين العابدين عليه السلام في خطبته في مدخل المدينة : وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ النَّبِيَّ تَقَدَّمَ إِلَيْهِمْ فِي قِتَالِنَا كَمَا تَقَدَّمَ إِلَيْهِمْ فِي الْوَصَاءَةِ بِنَا لَمَا ازْدَادُوا عَلَي مَا فَعَلُوا بِنَا(2) .

وفي الحديث قال أبو جعفر عليه السلام لعمر بن ذرّ القاضي : يَا ابْنَ ذَرٍّ أَلا تُحَدِّثُنَا بِبَعْضِ مَا سَقَطَ إِلَيْكُمْ مِنْ حَدِيثِنَا ؟ قَالَ : بَلَي يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ، قَالَ : إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ آخَرَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَهْلَ بَيْتِي إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا ، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : يَا ابْنَ ذَرٍّ إِذَا لَقِيتَ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وآله فَقَالَ : مَا خَلَفْتَنِي فِي الثَّقَلَيْنِ ؟ فَمَا ذَا تَقُولُ ؟ قَالَ : فَبَكَي ابْنُ ذَرٍّ حَتَّي رَأَيْتُ دُمُوعَهُ تَسِيلُ عَلَي لِحْيَتِهِ ثُمَّ قَالَ : أَمَّا الْأَكْبَرَ فَمَزَّقْنَاهُ وَأَمَّا الْأَصْغَرَ فَقَتَلْنَاهُ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : إِذاً تُصَدِّقَهُ يَا ابْنَ ذَر(3) .

وَالْأُمَّةُ مُصِرَّةٌ عَلَي مَقْتِهِ

قال تعالي : « لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَي الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا »(4) .

ص: 186


1- كفاية الأثر : 74 ؛ بحار الأنوار 310/36، ح 150 .
2- اللهوف علي قتلي الطفوف : 202 ؛ بحار الأنوار149/45 .
3- رجال الكشي ( اختيار معرفة الرجال ) : 220/ش 394 ؛ بحار الأنوار :160/10ح 12 .
4- المنافقون : 8 .

في تفسير القمي : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ « إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ »(1) قال : نزلت في غزوة المريسع [ المتسع ] وهي غزوة بني المصطلق في سنة خمس من الهجرة، وكان رسول اللَّه صلي الله عليه وآله خرج إليها فلمّا رجع منها نزل علي بئر، وكان الماء قليلا فيها وكان أنس بن سيار حليف الأنصار، وكان جهجاه بن سعيد الغفاري أجيرا لعمر بن الخطاب فاجتمعوا علي البئر فتعلّق دلو ابن سيار بدلو جهجاه، فقال [ ابن ] سيار دلوي وقال جهجاه دلوي، فضرب جهجاه يده علي وجه ابن سيار فسال منه الدم، فنادي [ ابن ] سيار بالخزرج ونادي جهجاه بقريش وأخذ الناس السلاح وكاد أن تقع الفتنة فسمع عبداللَّه بن أبي النداء فقال : ما هذا فأخبروه بالخبر فغضب غضبا شديدا ثم قال : قد كنت كارها لهذا المسير إني لأذل العرب، ما ظننت أني أبقي إلي أن أسمع مثل هذا فلا يكن عندي تعيير، ثم أقبل علي أصحابه فقال : هذا عملكم أنزلتموهم منازلكم وواسيتموهم بأموالكم ووقيتموهم بأنفسكم وأبرزتم نحوركم للقتل فأرمل نساءكم وأيتم صبيانكم ولو أخرجتموهم لكانوا عيالا علي غيركم، ثم قال : « لَئِنْ رَجَعْنا إِلَي الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الاَْعَزُّ مِنْهَا الاَْذَلَّ »(2) وكان في القوم زيد بن أرقم وكان غلاما قد راهق وكان رسول اللَّه صلي الله عليه وآله في ظل شجرة في وقت الهاجرة وعنده قوم من أصحابه من المهاجرين والأنصار فجاء زيد فأخبره بما قال عبداللَّه بن أبي، فقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : لعلّك وهمت يا غلام فقال : لا واللَّه ما وهمت فقال لعلّك غضبت عليه

ص: 187


1- المنافقون : 1 .
2- المنافقون : 8 .

قال : لا ما غضبت عليه قال : فلعله سفه عليك، فقال : لا واللَّه فقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : لشقران مولاه خرج فأخرج [ أحدج فأحدج ] راحلته وركب، وتسامع الناس بذلك فقالوا ما كان رسول اللَّه صلي الله عليه وآله ليرحل في مثل هذا الوقت فرحل الناس ولحقه سعد بن عبادة فقال : السلام عليك يا رسول اللَّه ورحمة اللَّه وبركاته فقال : وعليك السلام فقال : ما كنت لترحل في هذا الوقت فقال : أوما سمعت قولاً قال صاحبكم؟ قالوا : وأي صاحب لنا غيرك يا رسول اللَّه ؟ قال : عبداللَّه بن أبي زعم أنه إن رجع إلي المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فقال يا رسول اللَّه فأنت وأصحابك الأعز وهو وأصحابه الأذل، فسار رسول اللَّه صلي الله عليه وآله يومه كلّه لا يكلّمه أحد، فأقبلت الخزرج علي عبداللَّه بن أبي يعذلونه، فحلف عبداللَّه أنه لم يقل شيئا من ذلك، فقالوا : فقم بنا إلي رسول اللَّه صلي الله عليه وآله حتي نعتذر إليه فلوي عنقه.

فلما جن الليل سار رسول اللَّه صلي الله عليه وآله ليله كله والنهار فلم ينزلوا إلّا للصلاة فلمّا كان من الغد نزل رسول اللَّه صلي الله عليه وآله ونزل أصحابه، وقد أمهدهم الأرض من السهر الذي أصابهم فجاء عبداللَّه بن أبي إلي رسول اللَّه صلي الله عليه وآله، فحلف عبداللَّه أنه لم يقل ذلك وإنه ليشهد أنه لا إله إلّا اللَّه وإنك لرسول اللَّه وإن زيدا قد كذب علي، فقبل رسول اللَّه صلي الله عليه وآله منه، وأقبلت الخزرج علي زيد بن أرقم يشتمونه ويقولون له كذبت علي عبداللَّه سيّدنا، فلما رحل رسول اللَّه صلي الله عليه وآله كان زيد معه يقول اللهمّ إنّك لتعلم أنّي لم أكذب علي عبداللَّه بن أبي فما سار إلّا قليلا حتي أخذ رسول اللَّه صلي الله عليه وآله ما كان يأخذه من البرحاء(1) عند نزول الوحي عليه فثقل حتي كادت ناقته أن تبرك من ثقل الوحي، فسري عن رسول اللَّه صلي الله عليه وآله وهو يسكب العرق عن جبهته ثم أخذ

ص: 188


1- برحاء كعلماء : الشدّة ( تفسير القمي :369/2 ) .

بأُذُن زيد بن أرقم فرفعه من الرحل ثم قال : يا غلام صدق قولك ووعي قلبك وأنزل اللَّه فيما قلت قرآنا، فلمّا نزل جمع أصحابه وقرأ عليهم سورة المنافقين بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ « إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ - إلي قوله : - وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ » ففضح اللَّه عبد اللَّه بن أبي(1) .

وفي تفسير القمي : وقوله : « يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ » قال : نزلت هذه الآية في عليّ « وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ » .

قال : نزلت هذه الآية في منصرف رسول اللَّه صلي الله عليه وآله من حجّة الوداع وحجّ رسول اللَّه صلي الله عليه وآله حجّة الوداع لتمام عشر حجج من مقدمه المدينة فكان من قوله : أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين، قالوا : يا رسول اللَّه وما الثقلان ؟ قال : كتاب اللَّه وعترتي أهل بيتي، فإنّه قد نبّأني اللطيف الخبير أنّهما لن يفترقا حتي يردا عليَّ الحوض كإصبعي هاتين ، وجمع بين سبابتيه ولا أقول كهاتين وجمع سبابته والوسطي، فتفضل هذه علي هذه، فاجتمع قوم من أصحابه وقالوا : يريد محمد أن يجعل الإمامة في أهل بيته فخرج أربعة نفر منهم إلي مكّة ودخلوا الكعبة وتعاهدوا وتعاقدوا وكتبوا فيما بينهم كتابا إن مات محمّد أو قتل أن لا يردوا هذا الأمر في أهل بيته أبدا فأنزل اللَّه علي نبيّه في ذلك « أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ ونَجْواهُمْ بَلي ورُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ »(2) فخرج رسول اللَّه صلي الله عليه وآله من مكّة يريد المدينة حتي نزل منزلا يقال له غدير خم، وقد علم

ص: 189


1- تفسير القمي : 368 ؛ بحار الأنوار 288/20 .
2- الزخرف : 79 .

الناس مناسكهم وأوعز إليهم وصيّته إذ نزلت عليه هذه الآية : « يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ واللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ » فقام رسول اللَّه صلي الله عليه وآله فقال بعد أن حمد اللَّه وأثني عليه : أيها الناس هل تعلمون من وليّكم ؟ فقالوا : نعم اللَّه ورسوله، ثم قال : ألستم تعلمون أنّي أولي بكم من أنفسكم ؟ قالوا : بلي، قال : اللهمّ اشهد فأعاد ذلك عليهم ثلاثا كلّ ذلك يقول مثل قوله الأوّل ويقول الناس كذلك ويقول : اللهمّ اشهد، ثم أخذ بيد أميرالمؤمنين عليه السلام فرفعها حتي بدا للناس بياض إبطيهما ثم قال «ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأحب من أحبه » ثم رفع رأسه إلي السماء فقال : اللهم اشهد عليهم وأنا من الشاهدين فاستفهمه عمر فقام من بين أصحابه فقال : يا رسول اللَّه هذا من اللَّه ومن رسوله ؟ فقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : نعم من اللَّه ورسوله إنه أمير المؤمنين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين، يقعده اللَّه يوم القيامة علي الصراط فيدخل أولياءه الجنة وأعداءه النار .

فقال أصحابه الذين ارتدوا بعده : قد قال محمد في مسجد الخيف ما قال وقال هاهنا ما قال وإن رجع إلي المدينة يأخذنا بالبيعة له فاجتمعوا أربعة عشر نفرا وتآمروا علي قتل رسول اللَّه صلي الله عليه وآله وقعدوا في العقبة، وهي عقبة هرشي [ أرشي ]بين الجحفة والأبواء، فقعدوا سبعة عن يمين العقبة وسبعة عن يسارها لينفروا ناقة رسول اللَّه صلي الله عليه وآله فلما جن الليل تقدم رسول اللَّه صلي الله عليه وآله في تلك الليلة العسكر فأقبل ينعس علي ناقته، فلما دنا من العقبة ناداه جبرئيل يا محمد إن فلانا وفلانا [ وفلانا ] قد قعدوا لك، فنظر رسول اللَّه صلي الله عليه وآله فقال : من هذا خلفي فقال حذيفة

ص: 190

اليماني : أنا يا رسول اللَّه حذيفة بن اليمان، قال : سمعت ما سمعت ؟ قال : بلي قال : فاكتم، ثم دنا رسول اللَّه صلي الله عليه وآله منهم فناداهم بأسمائهم، فلمّا سمعوا نداء رسول اللَّه صلي الله عليه وآله فروا ودخلوا في غمار الناس وقد كانوا عقلوا رواحلهم فتركوها ولحق الناس برسول اللَّه صلي الله عليه وآله وطلبوهم وانتهي رسول اللَّه صلي الله عليه وآله إلي رواحلهم فعرفهم، فلمّا نزل قال ما بال أقوام تحالفوا في الكعبة إن مات محمد أو قتل ألّا يردّوا هذا الأمر في أهل بيته أبدا، فجاءوا إلي رسول اللَّه صلي الله عليه وآله فحلفوا أنهم لم يقولوا من ذلك شيئا ولم يريدوه ولم يكتموا شيئا من رسول اللَّه صلي الله عليه وآله ، فأنزل اللَّه : « يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا » أن لا يردوا هذا الأمر في أهل بيت رسول اللَّه صلي الله عليه وآله « وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا » من قتل رسول اللَّه صلي الله عليه وآله « وَما نَقَمُوا إِلّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَالآْخِرَةِ وَما لَهُمْ فِي الاَْرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِير »(1) .

مُجْتَمِعَةٌ عَلَي قَطِيعَةِ رَحِمِهِ

ورد في بعض الروايات : عهدهم الذي كتبوهُ بينهم في قطيعة رحمه(2) .

وعن هشام بن سالم عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : سمعته يقول : عَاشَتْ فَاطِمَةُ عليه السلام بَعْدَ أَبِيهَا خَمْسَةً وَسَبْعِينَ يَوْماً لَمْ تُرَ كَاشِرَةً(3) وَلا ضَاحِكَةً تَأْتِي قُبُورَ الشُّهَدَاءِ فِي

ص: 191


1- التوبة : 74 .
2- الاحتجاج :215/1 ؛ بحار الأنوار : 34/10 .
3- الكشر : الكشف عن الانياب في الضحك وكاشرة أي ضاحكة متبسّمة ( الكافي : 516/4 ) .

كُلِّ جُمْعَةٍ مَرَّتَيْنِ الْإِثْنَيْنَ وَالْخَمِيسَ فَتَقُولُ : هَاهُنَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله هَاهُنَا كَانَ الْمُشْرِكُونَ(1) .

وعن أبي عبداللَّه الحسين بن عليّ عليه السلام قال : لَمَّا قُبِضَتْ فَاطِمَةُ عليه السلام دَفَنَهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ سِرّاً وَعَفَا عَلَي مَوْضِعِ قَبْرِهَا ثُمَّ قَامَ فَحَوَّلَ وَجْهَهُ إِلَي قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله فَقَالَ : السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَنِّي وَالسَّلامُ عَلَيْكَ عَنِ ابْنَتِكَ وَزَائِرَتِكَ وَالْبَائِتَةِ فِي الثَّرَي بِبُقْعَتِكَ وَالْمُخْتَارِ اللَّهُ لَهَا سُرْعَةَ اللِّحَاقِ بِكَ قَلَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَنْ صَفِيَّتِكَ صَبْرِي وَعَفَا عَنْ سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ تَجَلُّدِي إِلّا أَنَّ لِي فِي التَّأَسِّي بِسُنَّتِكَ فِي فُرْقَتِكَ مَوْضِعَ تَعَز الخبر(2) .

وقوله : « إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا »(3) .

قال : نزلت فيمن غصب أميرالمؤمنين عليه السلام حقّه وأخذ حقّ فاطمة عليها السلام وآذاها .

وقد قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : مَنْ آذَاهَا فِي حَيَاتِي كَمَنْ آذَاهَا بَعْدَ مَوْتِي وَمَنْ آذَاهَا بَعْدَ مَوْتِي كَمَنْ آذَاهَا فِي حَيَاتِي وَمَنْ آذَاهَا فَقَدْ آذَانِي وَمَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَي اللَّه وهو قول اللَّه : « إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ » الآية(4) .

وعن عليّ بن أبي طالب وهو آخذ بشعره قال : حَدَّثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله وَهُوَ آخِذٌ بِشَعْرِهِ فَقَالَ : مَنْ آذَي أَبَا حَسَنٍ فَقَدْ آذَانِي حَقّاً وَمَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَي اللَّهَ وَمَنْ

ص: 192


1- الكافي :561/4 ح 3 ؛ بحار الأنوار :195/43، ح 24 .
2- الكافي :458/1، ح 3 ؛ بحار الأنوار :193/43، ح 21 .
3- الأحزاب : 57 .
4- تفسير القمي :196/2؛ بحار الأنوار : 25/43 ، ح 23 .

آذَي اللَّهَ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ(1) .

وكانت زينب بنت عقيل بن أبي طالب عليه السلام تندب الحسين عليه السلام وتقول :

ما ذا تقولون إن قال النبي لكم ***ما ذا فعلتم وأنتم آخر الأمم

بعترتي وأهل بيتي بعد مفتقدي ***منهم أساري ومنهم ضرجوا بدم

ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم ***أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي(2)

وَ إِقْصاءِ وُلْدِهِ إِلَّا الْقَلِيلَ مِمَّنْ وَفَي لِرِعايَةِ الْحَقِّ فِيهِمْ ، فَقُتِلَ مَنْ قُتِلَ وَسُبِيَ مَنْ سُبِيَ وَأُقْصِيَ مَنْ أُقْصِيَ

قال أميرالمؤمنين عليه السلام : وَ هُمْ مُخْتَلِفُونَ فِي وَلايَتِي مُنْكِرُونَ لِذَلِكَ جَاحِدُونَ بِهَا إِلّا الْقَلِيل(3) .

وقال الامام الحسن المجتبي عليه السلام عند صلح معاوية : إِنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ صَخْرٍ زَعَمَ أَنِّي رَأَيْتُهُ لِلْخِلافَةِ أَهْلاً ، وَلَمْ أَرَ نَفْسِي لَهَا أَهْلاً ، فَكَذَبَ مُعَاوِيَةُ وَايْمُ اللَّهِ لأَنَّا أَوْلَي النَّاسِ بِالنَّاسِ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَعَلَي لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله غَيْرَ أَنَّا لَمْ نَزَلْ أَهْلَ الْبَيْتِ مُخِيفِينَ [ مَخُوفِين ] مَظْلُومِينَ مُضْطَهَدِينَ مُنْذُ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله ، فَاللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَنْ ظَلَمَنَا حَقَّنَا ، وَنَزَلَ عَلَي رِقَابِنَا ، وَحَمَلَ النَّاسَ عَلَي أَكْتَافِنَا(4) .

قال الامام زين العابدين عليه السلام بعد شهادة أبيه عليه السلام : أَيُّهَا النَّاسُ أَصْبَحْنَا مَطْرُودِينَ مُشَرَّدِينَ مَذُودِينَ شَاسِعِينَ عَنِ الاَْمْصَارِ كَأَنَّا أَوْلادُ تُرْكٍ وَكَابُلَ مِنْ غَيْرِ

ص: 193


1- شواهد التنزيل لقواعد التفضيل : 147/2 ؛ بحار الأنوار :322/39 .
2- اللهوف علي قتلي الطفوف : 170 ؛ تسلية المجالس وزينة المجالس :372/2 .
3- المناقب للعلوي : 70 ؛ بحار الأنوار : 3/26ح 1 .
4- الأمالي للطوسي : 565/م 21 ، ح 1 ؛ بحار الأنوار : 142/10 ، ح 5 .

جُرْمٍ اجْتَرَمْنَاهُ وَلا مَكْرُوهٍ ارْتَكَبْنَاهُ وَلا ثُلْمَةٍ فِي الْإِسْلامِ ثَلَمْنَاهَا(1) .

وخرج زين العابدين عليه السلام يوماً يمشي في أسواق دمشق فاستقبله المنهال بن عمرو فقال له : كيف أمسيت يابن رسول اللَّه ؟ قال : أَمْسَيْنَا كَمَثَلِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي آلِ فِرْعَوْنَ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَهُمْ يَا مِنْهَالُ أَمْسَتِ الْعَرَبُ تَفْتَخِرُ عَلَي الْعَجَمِ بِأَنَّ مُحَمَّداً عَرَبِيٌّ وَأَمْسَتْ قُرَيْشٌ تَفْتَخِرُ عَلَي سَائِرِ الْعَرَبِ بِأَنَّ مُحَمَّداً مِنْهَا وَأَمْسَيْنَا مَعْشَرَ أَهْلِ بَيْتِهِ وَنَحْنُ مَغْصُوبُونَ مَقْتُولُونَ مُشَرَّدُونَ فَإِنَّا للَّهِ ِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ مِمَّا أَمْسَيْنَا فِيهِ يَا مِنْهَال(2) .

وقال الامام الباقر عليه السلام : لَمْ نَزَلْ أَهْلَ الْبَيْتِ مُنْذُ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله نُذَلُّ وَنُقْصَي وَنُحْرَمُ وَنُقْتَلُ وَنُطْرَد ونَخافُ علي دِمائِنا وكُلُّ مَن يُحبُّنا(3) .

وعن ابراهيم بن أبي محمود قال : قال الرضا عليه السلام : إِنَّ الْمُحَرَّمَ شَهْرٌ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يُحَرِّمُونَ فِيهِ الْقِتَالَ فَاسْتُحِلَّتْ فِيهِ دِمَاؤُنَا وَهُتِكَتْ فِيهِ حُرْمَتُنَا وَسُبِيَ فِيهِ ذَرَارِيُّنَا وَنِسَاؤُنَا وَأُضْرِمَتِ النِّيرَانُ فِي مَضَارِبِنَا وَانْتُهِبَ مَا فِيهَا مِنْ ثِقْلِنَا وَلَمْ تُرْعَ لِرَسُولِ اللَّهِ حُرْمَةٌ فِي أَمْرِنَا(4) .

وللَّه درّ مهيار حيث قال شعر :

يعظمون له أعواد منبره ***وتحت أرجلهم أولاده وضعوا

بأي حكم بنوه يتبعونكم ***وفخركم أنكم صحب له تبع(5)

ص: 194


1- اللهوف ( ترجمه فهري ) : 201 ؛ بحار الأنوار :148/45.
2- اللهوب ( ترجمه فهري ) : 193 ؛ بحار الأنوار :143/45.
3- كتاب سليم بن قيس : 632/2؛ بحار الأنوار : 212/27.
4- الأمالي للصدوق : 628/م 27 ، ح 2 ؛ بحار الأنوار :283/44، ح 18 .
5- اللهوف : 193 ؛ بحار الأنوار : 143/45.

وقال زين العابدين عليه السلام لما قرب من المدينة بعد المراجعة من الشام : أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ وَلَهُ الْحَمْدُ ابْتَلانَا بِمَصَائِبَ جَلِيلَةٍ وَثُلْمَةٍ فِي الْإِسْلامِ عَظِيمَةٍ قُتِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَعِتْرَتُهُ وَسُبِيَ نِسَاؤُهُ وَصِبْيَتُهُ وَدَارُوا بِرَأْسِهِ فِي الْبُلْدَانِ مِنْ فَوْقِ عَامِلِ السِّنَانِ وَهَذِهِ الرَّزِيَّةُ الَّتِي لِيْسَ مِثْلُهَا رَزِيَّة(1) .

وعن أبي الصلت الهروي قال : دخل دعبل بن عليّ الخزاعيّ علي الرضا عليه السلام بمرو فقال له : يا ابن رسول اللَّه انّي قد قلت فيكم قصيدة وآليت علي نفسي أن لا أنشدها أحداً قبلك ، فقال الرضا عليه السلام : هاتها فانشد ، وهذه بعضها :

أَفَاطِمُ قُومِي يَا ابْنَةَ الْخَيْرِ وَانْدُبِي ***نُجُومَ سَمَاوَاتٍ بِأَرْضِ فَلاةٍ

قُبُورٌ بِكُوفَانَ وَأُخْرَي بِطَيْبَةَ***وَأُخْرَي بِفَخٍّ نَالَهَا صَلَوَاتِي(2)

وَأُخْرَي بِأَرْضِ الْجَوْزجَانِ مَحَلُّهَا***وَقَبْرٌ بِبَاخَمْرَي لَدَي الْغُرُبَاتِ

وَقَبْرٌ بِبَغْدَادَ لِنَفْسٍ زَكِيَّةٍ***تَضَمَّنَهَا الرَّحْمَنُ فِي الْغُرُفَاتِ

وَقَبْرٌ بِطُوسَ يَا لَهَا مِنْ مُصِيبَةٍ***أَلَحَّتْ عَلَي الاَْحْشَاءِ بِالزَّفَرَاتِ

إِلَي الْحَشْرِ حَتَّي يَبْعَثَ اللَّهُ قَائِماً***يُفَرِّجُ عَنَّا الْغَمَّ وَالْكُرُبَاتِ

عَلِيُّ بْنُ مُوسَي أَرْشَدَ اللَّهُ أَمْرَهُ ***وَصَلَّي عَلَيْهِ أَفْضَلَ الصَّلَوَاتِ

ص: 195


1- اللهوف : 201 ؛ بحار الأنوار :148/45 .
2- الفخ : واد بمكّة وأشار بقوله : « وأُخري بفخّ » إلي القتلي بفخ وهو أبو عبداللَّه الحسين بن عليّ بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام فانّه خرج في سنة 169 ودعي الناس إلي نفسه وبايعه جماعة من العلويين بالخلافة بالمدينة ، وخرج إلي مكّة فلمّا وصل إلي فخ لقيته جيوش بني العبّاس وعليهم العبّاس بن محمّد بن عليّ بن عبداللَّه بن عبّاس وغيره فالتقوا يوم التروية سنة 169 فبذلوا الأمان له ، فقال : الأمان اريد ، فقتلوه وحملوا رأسه إلي الهادي العبّاسيّ وقتلوا جماعة من عسكره وأهل بيته فبقي قتلاهم ثلاثة أيّام حتّي أكلتهم السباع ولهذا يقال : لم تكن مصيبة بعد كربلا أشدّ وأفجع من فخ ورثي أصحاب فخ جماعة من الشعراء ذكر بعضها ياقوت في المعجم . ( كشف الغمّة :322/2) .

فَأَمَّا الْمُمِضَّاتُ(1)الَّتِي لَسْتُ بَالِغاً***مَبَالِغَهَا مِنِّي بِكُنْهِ صِفَاتٍ

قُبُورٌ بِبَطْنِ النَّهْرِ مِنْ جَنْبِ كَرْبَلاءَ***مُعَرَّسُهُمْ مِنْهَا بِشَطِّ فُرَاتٍ

تُوُفُّوا عِطَاشاً بِالْفُرَاتِ فَلَيْتَنِي ***تُوُفِّيتُ فِيهِمْ قَبْلَ حِينِ وَفَاتِي(2)

ودخلت فاطمة عليها السلام المسجد وطافت علي قبر أبيها وهي تقول :

قَدْ كَانَ بَعْدَكَ أَنْبَاءٌ وَهَنْبَثَةٌ***لَوْ كُنْتَ شَاهِدَهَا لَمْ يَكْبُرِ الْخَطْبُ

إِنَّا فَقَدْنَاكَ فَقْدَ الاَْرْضِ وَابِلَهَا***وَاخْتَلَّ قَوْمُكَ فَاشْهَدْهُمْ فَقَدْ نَكَبُوا(3)

وَجَرَي الْقَضاءُ لَهُمْ بِمَا يُرْجي لَهُ حُسْنُ الْمَثُوبَةِ

قال تعالي : « لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ »(4) .

عن ابن عبّاس وسعيد بن جبير والحسن قال : يكابد مصائب الدنيا وشدائد الآخرة ،

وقال : ابن آدم لا يزال يكابد أمراً حتّي يفارق الدنيا(5) .

ومن كلام لأميرالمؤمنين عليه السلام : دَارٌ بِالْبَلاءِ مَحْفُوفَةٌ وَبِالْغَدْرِ مَعْرُوفَةٌ لا تَدُومُ أَحْوَالُهَا وَلا يَسْلَمُ نُزَّالُهَا أَحْوَالٌ مُخْتَلِفَةٌ وَتَارَاتٌ مُتَصَرِّفَةٌ الْعَيْشُ فِيهَا مَذْمُومٌ وَالاَْمَانُ مِنْهَا مَعْدُومٌ وَإِنَّمَا أَهْلُهَا فِيهَا أَغْرَاضٌ مُسْتَهْدَفَةٌ تَرْمِيهِمْ بِسِهَامِهَا وَتُفْنِيهِمْ بِحِمَامِهَا(6) .

ص: 196


1- الممضات من قولهم : امضه الجرح أي أوجعه والمضض : وجع المصيبة .
2- كشف الغمّة ( ط - القديمة ) :322/2؛ بحار الأنوار :248/49.
3- بحار الأنوار : 130/29 ؛ الاحتجاج : 92/1 .
4- البلد : 4 .
5- تفسير مجمع البيان : 747/10 ؛ ومجمع البحرين :135/3.
6- نهج البلاغة ، خ 224 ؛ بحار الأنوار :82/70، ح 45 .

وعن عليّ بن رئاب قال : سألت أبا عبداللَّه عليه السلام عن قول اللَّه عزّوجلّ : « وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ »(1) . . . إلخ - إلي أن قال : - قال عليه السلام : إِنَّ اللَّهَ يَخُصُّ أَوْلِيَاءَهُ بِالْمَصَائِبِ لِيَأْجُرَهُمْ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ ذَنْبٍ(2) .

وقال حمران : جعلت فداك يا أبا جعفر أرأيت ما كان من أمر قيام عليّ بن أبي طالب عليه السلام والحسن والحسين وخروجهم وقيامهم بدين اللَّه وما أُصيبوا به من قتل الطواغيت إيّاهم والظفر بهم حتّي قتلوا أو غلبوا فقال أبو جعفر عليه السلام : مَا كَانَ الَّذِي أَصَابَهُمْ مِنْ ذَلِكَ يَا حُمْرَانُ لِذَنْبٍ اقْتَرَفُوهُ وَلا لِعُقُوبَةِ مَعْصِيَةٍ خَالَفُوا اللَّهَ فِيهَا وَلَكِنْ لِمَنَازِلَ وَكَرَامَةٍ مِنَ اللَّهِ أَرَادَ أَنْ يَبْلُغُوهَا(3) .

وقال الصادق عليه السلام : لَمَّا دَخَلَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليه السلام عَلَي يَزِيدَ نَظَرَ إِلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : يَا عَلِيُّ « ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ »(4) فَقَالَ عليه السلام : كَلّا مَا هَذِهِ فِينَا ، إِنَّمَا نَزَلَ فِينَا « ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الاَْرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَي اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلي ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُم »(5) .(6)

وقال تعالي : « فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ »(7)

ص: 197


1- الشوري : 30 .
2- تفسير القمي :277/2؛ بحار الأنوار :276/44، ح 4 .
3- بحار الأنوار :277/44، ح 4 ؛ بصائر الدرجات :125/1 ، ح 3 .
4- الشوري : 30 .
5- الحديد : 32 .
6- تفسير القمي :277/2؛ بحار الأنوار :168/45 ، ح 13 .
7- آل عمران : 148 .

إِذْ كانَتِ الْأَرْضُ للَّهِ ِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ

عن أبي بكر الحضرمي قال : لمّا حمل أبو جعفر عليه السلام إلي الشام إلي هشام بن عبدالملك وصار ببابه قال لأصحابه ومن كان بحضرته من بني أُميّة : إذا رأيتموني قد وبّخت محمّد بن عليّ ثمّ رأيتموني قد سكت فليقبل عليه كلّ رجل منكم فليوبّخه ، ثمّ أمر أن يؤذن له فلمّا دخل عليه أبو جعفر عليه السلام قال : السلام عليكم ، فعمّهم جميعاً بالسلام ثمّ جلس فازداد هشام عليه حنقاً بتركه السلام عليه بالخلافة وجلوسه بغير إذن - إلي أن قال : - فلمّا سكت أقبل عليه القوم رجل بعد رجل يوبّخه حتّي انقضي آخرهم فلمّا سكت القوم نهض عليه السلام قائماً ثمّ قال : أَيُّهَا النَّاسُ أَيْنَ تَذْهَبُونَ وَأَيْنَ يُرَادُ بِكُمْ بِنَا هَدَي اللَّهُ أَوَّلَكُمْ وَبِنَا يَخْتِمُ آخِرَكُمْ فَإِنْ يَكُنْ لَكُمْ مُلْكٌ مُعَجَّلٌ فَإِنَّ لَنَا مُلْكاً مُؤَجَّلاً وَلَيْسَ بَعْدَ مُلْكِنَا مُلْكٌ لأَنَّا أَهْلُ الْعَاقِبَةِ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : « وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين »(1) .

وقال تعالي : « لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ »(2) .

وعن محمّد بن الريّان قال : كتبت إلي العسكري عليه السلام : جعلت فداك روي لنا أن ليس لرسول اللَّه صلي الله عليه وآله من الدنيا إلّا الخُمس ، فجاء الجواب : إِنَّ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله(3).

وعن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَأَقْطَعَهُ

ص: 198


1- الكافي : 471/1 ، ح 5 ؛ بحار الأنوار : 264/46 .
2- آل عمران : 196 - 197.
3- الكافي : 409/1 ، ح 6 ؛ مرآة العقول : 325/4 ، ح 6.

الدُّنْيَا قَطِيعَةً فَمَا كَانَ لآِدَمَ عليه السلام فَلِرَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله وَمَا كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ فَهُوَ لِلْأَئِمَّةِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صلي الله عليه وآله(1) .

وعن أبي جعفر عليه السلام قال : وَجَدْنَا فِي كِتَابِ عَلِيٍّ عليه السلام : « إِنَّ الاَْرْضَ للَّهِ ِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ » أَنَا وَأَهْلُ بَيْتِيَ الَّذِينَ أَوْرَثَنَا اللَّهُ الاَْرْضَ وَنَحْنُ الْمُتَّقُونَ وَالاَْرْضُ كُلُّهَا لَنَا(2) .

وقوله صلي الله عليه وآله : زُوِيَتْ(3) لِيَ الاَْرْضُ فَأُرِيتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَسَيَبْلُغُ مُلْكُ أُمَّتِي مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا(4) .

وعن المفضّل بن عمر قال : سمعت أبا عبداللَّه عليه السلام يقول : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وآله نَظَرَ إِلَي عَلِيٍّ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ عليه السلام فَبَكَي وَقَالَ أَنْتُمُ الْمُسْتَضْعَفُونَ بَعْدِي قَالَ الْمُفَضَّلُ فَقُلْتُ لَهُ مَا مَعْنَي ذَلِكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ مَعْنَاهُ أَنَّكُمُ الاَْئِمَّةُ بَعْدِي إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَي الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الاَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ فَهَذِهِ الآْيَةُ جَارِيَةٌ فِينَا إِلَي يَوْمِ الْقِيَامَةِ(5) .

وعن النبيّ صلي الله عليه وآله أنّه قال : لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلّا يَوْمٌ وَاحِدٌ لَطَوَّلَ اللَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّي يُخْرِجَ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَمْلأُ الاَْرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً(6) .

ص: 199


1- الكافي :409/1، ح 7 ؛ مرآة العقول :353/4، ح 7 .
2- الكافي :407/1، ح 1 ؛ بحار الأنوار : 58/97، ح 2 .
3- أي : جمعت .
4- المناقب : 112/1 ؛ بحار الأنوار :136/18.
5- الكافي : 407/1 ، ح 1 ؛ بحار الأنوار : 58/97، 2 .
6- تفسير نور الثقلين : 264/3؛ بحار الأنوار : 74/51 ، ح 26 .

وَسُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً

قال تعالي : « يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ »(1) .

وقال تعالي : « وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَي لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا »(2) .

وقال تعالي : « فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا »(3) .

وقال سبحانه : « يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ »(4) .

عن الصادق عليه السلام انّه سئل عن هذه الآية : « وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا » الآية ، فقال عليه السلام : هُم الأئمّة عليهم السلام .

وروي العيّاشي باسناده عن عليّ بن الحسين عليه السلام أنّه قرأ هذه الآية وقال : هُمْ وَاللَّهِ شيعَتُنا أهلَ البَيت يَفْعَلُ اللَّهُ ذلكَ بِهِمْ عَلي يَدَي رَجُلٍ مِنّا وَهُوَ مَهديُّ هذهِ الأُمّة الذي قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلّا يَوْمٌ وَاحِدٌ لَطَوَّلَ اللَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّي يُخْرِجَ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَمْلأُ الاَْرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً(5) .

وكان الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام يقول :

ص: 200


1- فاطر : 5 .
2- النور : 55 .
3- النساء : 54 .
4- ص : 26 .
5- تأويل الآيات الظاهرة : 365 .

لِكُلِّ أُنَاسٍ دَوْلَةٌ يَرْقَبُونَهَا***وَدَوْلَتُنَا فِي آخِرِ الدَّهْرِ تَظْهَر

وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

قال تعالي : « فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ »

وقال سبحانه : « وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ »(1) .

وقال تعالي : « وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا »(2) .

قال سبحانه : « إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ »(3) .

وقال : « فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ »(4) .

وقال : « وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ »(5) .

وقال : « إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ »(6) .

وقال تعالي : « وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا »(7) .

فَعَلَي الْأَطائِبِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِما وَآلِهِما فَلْيَبْكِ الْباكُونَ

ص: 201


1- الحجّ : 47 .
2- النساء : 122 .
3- البقرة : 129 .
4- البقرة : 209 .
5- البقرة : 228 .
6- الأنفال : 63 .
7- النساء : 158 .

قال تعالي : « إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا »(1) .

وقال سبحانه : « قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَي »(2) .

قال في الديوان ومنه في الشكوي عن اندراس معالم الاسلام :

ليبك علي الاسلام من كان باكيا***فقد تركت أركانه ومعالمه(3)

وقال زين العابدين عليه السلام : قُتِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَعِتْرَتُهُ وَسُبِيَ نِسَاؤُهُ وَصِبْيَتُهُ وَدَارُوا بِرَأْسِهِ فِي الْبُلْدَانِ مِنْ فَوْقِ عَامِلِ السِّنَانِ وَهَذِهِ الرَّزِيَّةُ الَّتِي لَيْسَ مِثْلُهَا رَزِيَّةً أَيُّهَا النَّاسُ فَأَيُّ رِجَالاتٍ مِنْكُمْ يُسَرُّونَ بَعْدَ قَتْلِهِ أَمْ أَيَّةُ عَيْنٍ مِنْكُمْ تَحْبِسُ دَمْعَهَا وَتَضَنُّ عَنِ انْهِمَالِهَا - إلي أن قال : - أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ قَلْبٍ لا يَنْصَدِعُ لِقَتْلِهِ أَمْ أَيُّ فُؤَادٍ لا يَحِنُّ إِلَيْهِ أَمْ أَيُّ سَمْعٍ يَسْمَعُ هَذِهِ الثُّلْمَةَ الَّتِي ثُلِمَتْ فِي الْإِسْلامِ أَيُّهَا النَّاسُ أَصْبَحْنَا مَطْرُودِينَ مُشَرَّدِينَ مَذُودِينَ شَاسِعِينَ عَنِ الاَْمْصَارِ كَأَنَّا أَوْلادُ تُرْكٍ وَكَابُلَ مِنْ غَيْرِ جُرْمٍ اجْتَرَمْنَاهُ وَلا مَكْرُوهٍ ارْتَكَبْنَاهُ وَلا ثُلْمَةٍ فِي الْإِسْلامِ ثَلَمْنَاهَا « ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الاَْوَّلِينَ إِنْ هذا إِلّا اخْتِلاق »(4) .

وقال الرضا عليه السلام : مَنْ تَذَكَّرَ مُصَابَنَا وَبَكَي لِمَا ارْتُكِبَ مِنَّا كَانَ مَعَنَا فِي دَرَجَتِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَنْ ذُكِّرَ بِمُصَابِنَا فَبَكَي وَأَبْكَي لَمْ تَبْكِ عَيْنُهُ يَوْمَ تَبْكِي الْعُيُون(5) .

وقال الرضا عليه السلام : يَا ابْنَ شَبِيبٍ إِنْ كُنْتَ بَاكِياً لِشَيْ ءٍ فَابْكِ لِلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيّ بن

ص: 202


1- الأحزاب : 33 .
2- الشوري : 23 .
3- ديوان أميرالمؤمنين عليه السلام : 406 ؛ بحار الأنوار : 439/34.
4- اللهوف : 201 ؛ بحار الأنوار :148/45 .
5- الأمالي للصدوق : 73/م 17 ، ح 4 ؛ بحار الأنوار : 278/44 ، ح 1 .

أبي طالب عليه السلام فَإِنَّهُ ذُبِحَ كَمَا يُذْبَحُ الْكَبْشُ وَقُتِلَ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ رَجُلاً مَا لَهُمْ فِي الاَْرْضِ شَبِيهُونَ إلي أن قال : - يَا ابْنَ شَبِيبٍ إِنْ سَرَّكَ أَنْ يَكُونَ لَكَ مِنَ الثَّوَابِ مِثْلُ مَا لِمَنِ اسْتُشْهِدَ مَعَ الْحُسَيْنِ فَقُلْ مَتَي مَا ذَكَرْتَهُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً يَا ابْنَ شَبِيبٍ إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَكُونَ مَعَنَا فِي الدَّرَجَاتِ الْعُلَي مِنَ الْجِنَانِ فَاحْزَنْ لِحُزْنِنَا وَافْرَحْ لِفَرَحِنَا وَعَلَيْكَ بِوَلايَتِنَا فَلَوْ أَنَّ رَجُلاً أَحَبَّ حَجَراً لَحَشَرَهُ اللَّهُ مَعَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ(1) .

وَ إِيَّاهُمْ فَلْيَنْدُبِ النَّادِبُونَ وَ لِمِثْلِهِمْ فَلْتَذْرِفِ الدُّمُوعُ وَلْيَصْرُخِ الصَّارِخُونَ وَيَضِجَّ الضَّاجُّونَ وَيَعِجَّ الْعاجُّونَ

روي حميد بن مسلم : فو اللَّه لا أنسي زينب بنت علي عليه السلام تندب الحسين عليه السلام وتنادي بصوت حزين وقلب كئيب : يا محمداه صلي عليك ملائكة السماء هذا الحسين مرمل بالدماء مقطع الأعضاء . . . يا محمّداه بناتك سبايا وذريتك مقتلة تسفي عليهم ريح الصبا .

قال الراوي فأبكت واللَّه كل عدو وصديق(2) .

وقال الرضا عليه السلام : يَا ابن شَبيب إِنْ بَكَيْتَ عَلَي الْحُسَيْنِ عليه السلام حَتَّي تَصِيرَ دُمُوعُكَ عَلَي خَدَّيْكَ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ كُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتَهُ صَغِيراً كَانَ أَوْ كَبِيراً قَلِيلاً كَانَ أَوْ كَثِيرا(3) .

وعن أبي هارون المكفوف : قال : قال أبو عبداللَّه عليه السلام : يَا أَبَا هَارُونَ أَنْشِدْنِي فِي

ص: 203


1- الأمالي للصدوق : 13/م 27 ، ح 5 ؛ بحار الأنوار : 286/44 ، ح 23 .
2- اللهوف : 133 ؛ بحار الأنوار : 58/45 .
3- الأمالي للصدوق : 130/م 27 ، ح 5 ؛ بحار الأنوار : 286/44 ، ح 23 .

الْحُسَيْنِ عليه السلام فَأَنْشَدْتُهُ فَبَكي فَقَالَ : أَنْشِدْنِي كَمَا تُنْشِدُونَ يَعْنِي بِالرِّقَّةِ قَالَ : فَأَنْشَدْتُهُ :

امْرُرْ عَلَي جَدَثِ الْحُسَيْنِ ***فَقُلْ لأَعْظُمِهِ الزَّكِيَّهْ

قَالَ : فَبَكَي ثُمَّ قَالَ : زِدْنِي فَأَنْشَدْتُهُ الْقَصِيدَةَ الْأُخْرَي قَالَ : فَبَكَي فَسَمِعْتُ بُكَاءً مِنْ خَلْفِ السِّتْرِ قالَ : فَلَمَّا فَرَغْتُ قَالَ : يَا أَبَا هَارُونَ مَنْ أَنْشَدَ فِي الْحُسَيْنِ عليه السلام شِعْراً فَبَكَي وَأَبْكَي عَشَرَةً كُتِبَتْ لَهُمُ الْجَنَّةُ - إلي أن قال : - وَمَنْ أَنْشَدَ فِي الْحُسَيْنِ شِعْراً فَبَكَي وَأَبْكَي خَمْسَةً كُتِبَتْ لَهُمُ الْجَنَّةُ وَمَنْ أَنْشَدَ فِي الْحُسَيْنِ شِعْراً فَبَكَي وَأَبْكَي وَاحِداً كُتِبَتْ لَهُمَا الْجَنَّةُ وَمَنْ ذُكِرَ الْحُسَيْنُ عِنْدَهُ فَخَرَجَ مِنْ عَيْنِهِ [ عينيه ]مِنَ الدَّمْعِ مِقْدَارُ جَنَاحِ ذُبَابٍ كَانَ ثَوَابُهُ عَلَي اللَّهِ وَلَمْ يَرْضَ لَهُ بِدُونِ الْجَنَّةِ(1) .

وقال أميرالمؤمنين عليه السلام : إن اللَّه سبحانه اطلع إلي الأرض فاختار لنا شيعة ينصروننا ويفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا ويبذلون أنفسهم وأموالهم فينا أولئك منا وإلينا(2) .

وقال المجلسي رحمه الله رَأَيْتُ فِي بَعْضِ تَأْلِيفَاتِ بَعْضِ الثِّقَاتِ مِنَ الْمُعَاصِرِينَ رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا أَخْبَرَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وآله ابْنَتَهُ فَاطِمَةَ بِقَتْلِ وَلَدِهَا الْحُسَيْنِ وَمَا يَجْرِي عَلَيْهِ مِنَ الْمِحَنِ بَكَتْ فَاطِمَةُ بُكَاءً شَدِيداً وَقَالَتْ يَا أَبَهْ مَتَي يَكُونُ ذَلِكَ قَالَ فِي زَمَانٍ خَالٍ مِنِّي وَمِنْكِ وَمِنْ عَلِيٍّ فَاشْتَدَّ بُكَاؤُهَا وَقَالَتْ يَا أَبَهْ فَمَنْ يَبْكِي عَلَيْهِ وَمَنْ يَلْتَزِمُ بِإِقَامَةِ الْعَزَاءِ لَهُ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ يَا فَاطِمَةُ إِنَّ نِسَاءَ أُمَّتِي يَبْكُونَ عَلَي نِسَاءِ أَهْلِ بَيْتِي وَرِجَالَهُمْ يَبْكُونَ [ يبكين ] عَلَي رِجَالِ أَهْلِ بَيْتِي وَيُجَدِّدُونَ الْعَزَاءَ جِيلاً بَعْدَ جِيلٍ

ص: 204


1- كامل الزيارات : 104 ، ح 1 ؛ بحار الأنوار : 287/44 ، ح 25 .
2- غرر الحكم ودرر الكلم : 118 ، ش 2050 .

فِي كُلِّ سَنَةٍ فَإِذَا كَانَ الْقِيَامَةُ تَشْفَعِينَ أَنْتِ لِلنِّسَاءِ وَأَنَا أَشْفَعُ لِلرِّجَالِ وَكُلُّ مَنْ بَكَي مِنْهُمْ عَلَي مُصَابِ الْحُسَيْنِ أَخَذْنَا بِيَدِهِ وَأَدْخَلْنَاهُ الْجَنَّةَ يَا فَاطِمَةُ كُلُّ عَيْنٍ بَاكِيَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلّا عَيْنٌ بَكَتْ عَلَي مُصَابِ الْحُسَيْنِ فَإِنَّهَا ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ بِنَعِيمِ الْجَنَّةِ(1) .

وعن الباقر عليه السلام أنّه قال : مَنْ ذَرَفَتْ عَيْنَاهُ عَلَي مُصَابِ الْحُسَيْنِ وَلَوْ مِثْلَ جَنَاحِ الْبَعُوضَةِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْر(2) .

وقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : لَمَّا نَزَلَتْ وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ الآْيَةَ فِي الْيَهُودِ أَيِ الَّذِينَ نَقَضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَكَذَّبُوا رُسُلَ اللَّهِ وَقَتَلُوا أَوْلِيَاءَ اللَّهِ أَفَلا أُنَبِّئُكُمْ بِمَنْ يُضَاهِيهِمْ مِنْ يَهُودِ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَالُوا بَلَي يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِي يَنْتَحِلُونَ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ مِلَّتِي يَقْتُلُونَ أَفَاضِلَ ذُرِّيَّتِي وَأَطَايِبَ أُرُومَتِي وَيُبَدِّلُونَ شَرِيعَتِي وَسُنَّتِي وَيَقْتُلُونَ وَلَدَيَّ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ كَمَا قَتَلَ أَسْلافُ الْيَهُودِ زَكَرِيَّا وَيَحْيَي أَلا وَإِنَّ اللَّهَ يَلْعَنُهُمْ كَمَا لَعَنَهُمْ وَيَبْعَثُ عَلَي بَقَايَا ذَرَارِيِّهِمْ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ هَادِياً مَهْدِيّاً مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ الْمَظْلُومِ يُحْرِقُهُمْ بِسُيُوفِ أَوْلِيَائِهِ إِلَي نَارِ جَهَنَّمَ ، أَلا وَلَعَنَ اللَّهُ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ عليه السلام وَمُحِبِّيهِمْ وَنَاصِرِيهِمْ وَالسَّاكِتِينَ عَنْ لَعْنِهِمْ مِنْ غَيْرِ تَقِيَّةٍ يُسْكِتُهُمْ، أَلا وَصَلَّي اللَّهُ عَلَي الْبَاكِينَ عَلَي الْحُسَيْنِ رَحْمَةً وَشَفَقَةً - إلي أن قال : - إِنَّ اللَّهَ لَيَأْمُرُ مَلائِكَتَهُ الْمُقَرَّبِينَ أَنْ يَتَلَقَّوْا دُمُوعَهُمُ الْمَصْبُوبَةَ لِقَتْلِ الْحُسَيْنِ إِلَي الْخُزَّانِ فِي الْجِنَانِ فَيَمْزُجُوهَا بِمَاءِ الْحَيَوَانِ فَتَزِيدُ عُذُوبَتُهَا وَطِيبُهَا أَلْفَ ضِعْفِهَا(3).

ص: 205


1- بحار الأنوار :292/44 ، ح 37.
2- بحار الأنوار : 293/44، ح 38 .
3- بحار الأنوار :304/44، ح 17 ؛ تفسير الإمام العسكري عليه السلام : 368 ، ح 258.

وعن مسمع بن عبدالملك كردين قال : قال لي أبو عبداللَّه عليه السلام : يَا مِسْمَعُ أَنْتَ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ أَمَا تَأْتِي قَبْرَ الْحُسَيْنِ ؟ قُلْتُ لا أَنَا رَجُلٌ مَشْهُورٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَعِنْدَنَا مَنْ يَتْبَعُ هَوَي هَذَا الْخَلِيفَةِ وَأَعْدَاؤُنَا كَثِيرَةٌ مِنْ أَهْلِ القَبَائِلِ مِنَ النُّصَّابِ وَغَيْرِهِمْ وَلَسْتُ آمَنُهُمْ أَنْ يَرْفَعُوا عَلَيَّ حَالِي عِنْدَ وُلْدِ سُلَيْمَانَ فَيُمَثِّلُونَ عَلَيَّ قَالَ لِي أَفَمَا تَذْكُرُ مَا صُنِعَ بِهِ ؟ قُلْتُ بَلَي قَالَ فَتَجْزَعُ ؟ قُلْتُ إِي وَاللَّهِ وَأَسْتَعْبِرُ لِذَلِكَ حَتَّي يَرَي أَهْلِي أَثَرَ ذَلِكَ عَلَيَّ فَأَمْتَنِعُ مِنَ الطَّعَامِ حَتَّي يَسْتَبِينَ ذَلِكَ فِي وَجْهِي قَالَ رَحِمَ اللَّهُ دَمْعَتَكَ أَمَا إِنَّكَ مِنَ الَّذِينَ يُعَدُّونَ فِي أَهْلِ الْجَزَعِ لَنَا وَالَّذِينَ يَفْرَحُونَ لِفَرَحِنَا وَيَحْزَنُونَ لِحُزْنِنَا وَيَخَافُونَ لِخَوْفِنَا وَيَأْمَنُونَ إِذَا أَمِنَّا أَمَا إِنَّكَ سَتَرَي عِنْدَ مَوْتِكَ حُضُورِ آبَائِي لَكَ وَوَصِيَّتِهِمْ مَلَكَ الْمَوْتِ بِكَ وَمَا يَلْقَوْنَكَ بِهِ مِنَ الْبِشَارَةِ أفضَل ولَمَلَكُ الْمَوْتِ أَرَقُّ عَلَيْكَ وَأَشَدُّ رَحْمَةً لَكَ مِنَ الْأُمِّ الشَّفِيقَةِ عَلَي وَلَدِهَا قَالَ ثُمَّ اسْتَعْبَرَ وَاسْتَعْبَرْتُ مَعَه(1) .

وعن معاوية بن وهب قال : استأذنت علي أبي عبداللَّه عليه السلام فقيل لي : ادخل ، فدخلت فوجدته في مصلاه في بيته فجلست حتّي قضي صلاته فسمعته وهو يناجي ربّه ويقول : - إلي أن قال عليه السلام : - وَارْحَمْ تِلْكَ الاَْعْيُنَ الَّتِي جَرَتْ دُمُوعُهَا رَحْمَةً لَنَا وَارْحَمْ تِلْكَ الْقُلُوبَ الَّتِي جَزِعَتْ وَاحْتَرَقَتْ لَنَا وَارْحَمِ الصَّرْخَةَ الَّتِي كَانَتْ لَنَا اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ تِلْكَ الاَْنْفُسَ وَتِلْكَ الاَْبْدَانَ حَتَّي نُوَافِيَهُمْ عَلَي الْحَوْضِ يَوْمَ الْعَطَشِ فَمَا زَالَ وَهُوَ سَاجِدٌ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاء(2) .

ص: 206


1- كامل الزيارات : 101 ، ح 6 ؛ بحار الأنوار : 289/44 ، ح 31 .
2- الكافي :582/4 ، ح 11 ؛ بحار الأنوار : 8/98 ، ح 30 .

وقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : علي مِثلِ جعفرٍ فليبكِ البواكي(1) .

أَيْنَ الْحَسَنُ أَيْنَ الْحُسَيْنُ

أمّا الحسن: فشهيد فوق الجنازة قد شكّت أكفانه بالسهام(2).

وأمّا الحسين: وقتيل بالعراء قد رفع فوق القناة رأسه(3).

الجسم منه بكربلاء مضرّج ***والرأس منه علي القناة يدار(4)

وخرج إلي القاسم بن العلاء الهمداني وكيل أبي محمّد عليه السلام أنّ مولانا الحسين عليه السلام ولد يوم الخميس لثلاث خلون من شعبان فصمه وادع فيه بهذا الدعاء : اللهمّ انّي أسألك بحقّ المولود في هذا اليوم الموعود بشهادته قبل استهلاله وولادته(5) .

وعن أبي هريرة قال : سمعت رسول اللَّه يقول : مَن أحبَّ الحسنَ والحسين فقد أحبّني ومَن أبغضهما فقد أبغضني(6) .

عن عمير بن اسحاق قال : رأيت أبا هريرة في طريق قال للحسن بن علي : أرني الموضع الذي قبّله النبيّ صلي الله عليه وآله قال : فكشف عن بطنه فقبّل سُرّته(7) .

وعن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : الولدُ الصالح رَيحانةٌ من اللَّه

ص: 207


1- بحار الأنوار :276/22.
2- بحار الأنوار :167/99 .
3- بحار الأنوار :167/99.
4- اللهوف : 198 ؛ بحار الأنوار :147/45.
5- مصباح المتهجّد : 826/2 ؛ بحار الأنوار :347/98، ح 1 .
6- كشف الغمّة : 527/1 ؛ بحار الأنوار : 264/43 ، ح 17 .
7- مناقب :25/4 ؛ بحار الأنوار :295/43.

قسمها بين عباده وإنّ رَيحانتَيَّ من الدنيا الحسن والحسين(1) .

وعن عليّ عليه السلام قال : قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة(2) .

واجتمع أهل القبلة علي أنَّ النبيّ قال : الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا(3) .

وعن أبي ذرّ الغفاري قال : رأيت رسول اللَّه صلي الله عليه وآله يقبّل الحسن والحسين عليهما السلام وهو يقول : مَن أحبَّ الحسن والحسين وذرّيتهما مخلصاً لم تلفح النار وجهه ولو كانت ذنوبه بعدد رمل عالج إلّا أن يكون ذنبه ذنباً يخرجه من الايمان(4) .

وبسط النبي صلي الله عليه وآله يديه ومدّهما ثمّ ضمّ الحسن إلي صدره وقبّله وقال : إنّ ابني هذا سيّد ولعلّ اللَّه عزّوجلّ يصلح به بين فئتين من المسلمين(5) .

وقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : حسينٌ منّي وأنا من حسين(6) .

قال الخوئي رحمه الله انقراض الدولة الأمويّة واستيصالهم وقتل نفوسهم كان بيد عبداللَّه بن محمّد المكنّي بأبي العبّاس الملقّب بالسفّاح ، وهو أوّل خلفاء العبّاسيّة كما صرّح به وباسمه ولقبه في القاموس ، والمعروف أنّ اسمه أحمد وقد بويع له بالخلافة يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر الربيع الأوّل سنة اثنتين وثلاثين ومائة - إلي أن قال : - وقد روي حديثه مع بني أُميّة أبو مخنف لوط بن

ص: 208


1- الكافي : 2/6 ، ح 1 ؛ بحار الأنوار : 306/43 ، ح 68 .
2- الأمالي للطوسي : 312/م 11 ، ح 81 ؛ بحار الأنوار : 265/43 ، ح 19 .
3- مناقب : 394/3 ؛ بحار الأنوار :291/43 .
4- كامل الزيارات : 51 ، ح 4 ؛ بحار الأنوار :10/170.
5- إعلام الوري : 211 ؛ بحار الأنوار : 298/43 ، ح 61 .
6- كامل الزيارات : 52 ، ح 11 ؛ بحار الأنوار :271/43، ح 35.

يحيي بطرز غريب ونهج عجيب ، بعبارات فصيحة وألفاظ بليغة أحببت ايرادها بعينها .

قال حديث السفّاح لمّا جلس علي كرسيّ الامارة للخلافة وسبب قتل بني أُميّة علي يده تحريص العبد سديف مولا بني هاشم رضي اللَّه عنه قال : حدّثنا محمّد بن قتادة عن زيد بن عليّ أنّه كان في مجلس رسول اللَّه صلي الله عليه وآله وقد سمع أنّ ملك بني أُميّة إذا ماد وانقضي رجعت الخلافة إلي بني العبّاس وأوّل من وليّها السفّاح وقد تسامعت به ملوك الأرض وأذعنوا له بالطاعة وخطبوا له في مشارق الأرض ومغاربها وقد نقش اسمه علي الدراهم وخافت الملوك والتجأت إليه الأُمم وهربت من سطوته شياطين العرب والعجم وتطايرت بنو أميّة شرقاً وغربا وسهلاً وجبلاً مخافة من سلطانه وشدّة بأسه وسيفه وقهره ولما كان بينهم من الغضائن والحقود القديمة والأُمور السالفة .

ثمّ إنّهم كتبوا إليه يطلبون منه الامان ويسألونه التعطّف والاحسان وأن لا يؤاخذهم بما كان من المداخلة وأن يجعلهم أهل بطانته وظهارته وأهل مملكته فكتب لهم كتاباً وذكر لهم أنّه غير غنيّ عنهم وأنّه يحتاج إلي خدمتهم وضمن لهم الأموال والعطايا والاقطاع .

واجتمع إليه منهم الكبير والصغير والرؤساء وآل زياد وآل مروان وآل يزيد بن معاوية فلمّا اجتمعوا كلّهم إليه وكان عدّتهم سبعين ألف فارس ويقدمهم يزيد بن عبدالملك بن مروان ساروا في رتبتهم وعددهم حتّي قدموا الأنبار ودخلوا إلي أبي العبّاس أحمد السفّاح علي مراتبهم وأعدّ لهم كراسي من الذهب والفضّة ليجلسوا عليها يسلّمون عن يمينه وشماله .

ص: 209

ثمّ إنّه جعل منهم أمراء وحجاباً وندماء ووكلاء وكانوا يجلسون من حوله وأقرب الناس إليه وأعزّهم عليه وكان الخاص والعام يتعجّبون منه ومن فعله بهم ويقولون ما رأينا رجلاً أعجب من هذا الرجل قطّ ، يقرّب أعدائه ويقفي أشغالهم ويعطيهم أمواله وضياعه وكان العاقل يقول إنّما يفعل بهم ذلك ليبيدهم وينعم عليهم حتّي يجتمعوا ويتكاملوا ثمّ يأخذهم أخذة شديدة فينذرهم .

قال أبو الحسن : فبينما ذات يوم جالس علي مرتبته وبنو أُميّة من حوله وعليهم الدروع المطرزة بطراز الذهب والعمايم الملوّنة متقلّدين بالسيوف المحلّاة بالذهب والفضّة وفي أوساطهم المناطق المحلّاة بالجوهر ، إذ دخل بعض حجّابه وهو مذعور ، فقال له : يا أميرالمؤمنين العجب كلّ العجب ، فقال له : وما ذلك العجب ؟ قال : يا أميرالمؤمنين إنّ علي الباب رجلاً ذميم المنظر(1) عظيم المخبر شخب اللون رثّ الأطمار وعلاه الغبار ممّا حلّ به من الأسفار ومن تحته مطيّة بالية قد قطع بها غياهب الدجي ومهامه(2) الثري فلو أنّ لها لساناً لنطقت به ممّا لحقها من التعب والنصب ، والرجل فوقها جالس كالنسر البالي والشيخ الفاني ، فانّي أتعجّب منه ومن مطيّته وقد أناخها ببابك وعقلها بفاضل زمامها ثمّ قال لها بشري يا ناقتي بالكرامة الكبري والمسرّة العظمي وقد بلغت ما هو لك في سرور وحبور(3) وحللت بمن هو أهل للمحل السعد وقد نال أعلي المراتب فالحمد للَّه فما عليك بعد اليوم سفر ولا تعب ولا جهد ، فقلت له : إنّك لعديم العقل

ص: 210


1- كريه المنظر .
2- المهامة : جمع مهمة ، هي المفازة البعيدة والبلد القفر .
3- الحبور : السرور .

تخاطب ناقة عجماء ؟ فقال : نعم اخاطبها وابشّرها - إلي أن قال : - ثمّ إنّه أقبل يريد الدخول عليك عاجلاً والورود إليك راجلاً فمنعته من ذلك وقلت له : ما الذي تريد منه ؟ فقال : استأذن بالدخول علي أميرالمؤمنين فانّي قد أتيت إليه من بلد بعيد وسفر صعب شاق شديد ، كنت أخوض سواد الليل وحنادس الظلام وأقطع المهامة والآكام(1) شوقاً إلي طلعته ومحبّته في بهجته وأُريد التطلّع إلي رؤيته والأُمور كامنة في الجوارح ، والنيران مضرمة في الجوانح ، أُريد برؤيته أخمادها واطفاء شهوقها من كلامه وفتح منظره ومرآه فقلت له : امض وتطيّب وغيّر أثوابك ليطرد منك وعث السفر ثمّ أقبلك حتّي أوصلك إلي أميرالمؤمنين .

فنظر إليّ بعين الغضب وهو مزور(2) وقال : إنّي آليت علي نفسي أن لا أنزع ثوباً ولا أستعمل طيباً ولا ألذّ بعيش حتّي أصل إلي أميرالمؤمنين وها هو علي الباب منتظر ردّ الجواب عن أميرالمؤمنين .

قال : فلمّا سمع السفّاح بنعته وصفته قال صاحبنا وعبدنا سديف وربّ الكعبة ثمّ إنّه أذن له بالدخول عليه وقال : إنّه عزيز علينا قريب إلي قلوبنا .

قال : فلمّا سمع بنو أُميّة بذكر سديف تغيّر لونهم واقشعرّت منهم الابدان ونظر بعضهم إلي بعض وارتعدت منهم الفرائص وأخذهم الجزع والهلع(3) قبل دخول سديف عليهم .

قال أبو الحسن : وكان من خبر سديف معهم أنّه كان عبداً لبني هاشم وكان

ص: 211


1- جمع الأكمّة وهو التلّ الصغير .
2- أي ناظر بمؤخّر عينيه .
3- وهو الرعدة تعرّض الانسان .

فصيح اللسان قويّ الجنان شاعراً ماهراً يصول بلسانه مقتدراً بكلامه وكان كلّ موسم من مواسم الحجّ يخرج فيعلو قبّة زمزم ثمّ يصيح بالناس فيجتمعوا إليه ويعتمدوا بين يديه فاذا تكاملوا عنده يبسط لسانه بمدح مواليه من بني هاشم ويهجو بني أُميّة ويصغر ملكهم ويحرّض الناس عليهم ليخلعوا الخلافة منهم ويجعلوها في بني هاشم الذين جعلها اللَّه فيهم وهم أهل بيت محمّد المصطفي صلي الله عليه وآله .

فلمّا كان في بعض الأعوام وقد حضر الناس الموسم أكمل ما يكون من المواسم أقبل سديف فصعد زمزم ثمّ صاح برفيع صوته يا أهل الأرض ويا أهل الأبطح والصفا وباب مكّة والكعبة العليا ومن ساير الأقطار شرقاً وغرباً ، فدونكم فاسمعوا ما أقول واللَّه علي ما أقول وكيل .

ثمّ تكلّم في بني أُميّة بكلّ شؤم فأخذه بنو أميّة فضربوه حتّي ظنّوا أنّهم قد قتلوه وألقوه علي مزبلة فأقبلت إليه امرئة فسقته شراباً ولجأ إلي رؤوس الجبال قال فلمّا سمع بنو أُميّة الذين هم عند السفّاح بذكر سديف قال بعضهم لبعض : أليس قد قتل اللَّه سديفاً فأراحنا منه وإنّا لنراه قد عاش بعد موته لينال مناه منّا .

ثمّ انّه دخل علي السفّاح ونظر إلي بني أُميّة وما هم عليه - إلي أن قال : - فقال له السفّاح : أهلاً بطلعتك ومرحبا برؤيتك ، قدمت خير مقدم وغنمت خير مغنم ، فلك الاكرام والانعام وأمّا ما أنت له من الأعداء فالصفح أجمل ، فانّ أكرم الناس من عفا إذا قدر ، وصفح إذا ظفر .

ثمّ إنّ السفّاح نادي يا غلام عليّ بتخت من الثياب وكيس من الورق ، فأتاه بذلك ، فقال السفّاح : خذه وغيّر ثيابك وأصلح حالك وعد إلينا في غداة إن شاء

ص: 212

اللَّه فلك عندنا ما تحبّ وترضي وستبلغ الرضا وفوق الرضا .

قال : فخرج سديف من عند السفّاح وهو فرحان شديد الفرح .

قال : وإنّ بني أُميّة بقوا في دهشة وبهتة وحيرة ينظر بعضهم إلي بعض ، فعلم السفّاح ما عندهم وما خامرهم فأراد أن يطمئنّهم حتّي يطمئنّوا إليه ويقبلوا بأجمعهم إليه .

فقال لهم : يا بني أُميّة لا يكبرنّ عليكم ما سمعتم من هذا العبد ، فانّه ما تكلّم إلّا بقلّة عقله وكثرة جهله وليس له رأي سديد ولا ينبغي أن يلتفت إلي قوله ولا إلي رأي العبيد ولعمري إنّه ما كان الواجب أن يذكر مواليه وأن يفعل ذلك الفعال التي لا يفعلها إلّا الجهّال ، فترك ما في قلوبهم وما خامرهم ، فقال : إنّ لكم عليّ أفضل الهبات وفوق ما تأملون من الكرامات ، فانّ هذا زمان وذاك زمان ونحن جرثومة العفو ودعامته فابشروا وطيبوا قلوبكم ، فانّي أقدّم لكم العطايا وأحسن لكم الجزاء وابلغكم الأمل والمني .

فخرجوا من عنده وقد كشف السفّاح بعض ما كانوا يحذرون من الهمّ والغمّ ثمّ اجتمعوا في مسائهم بالمشورة .

فقال قائلهم : الهرب الهرب مادام العبد سديف لكم في الطلب ، واللَّه لاقرّ لكم قرار ، ولا كان لكم منجاً ولا من طلبه وثاره ملجأ ، وقد كان يعاديكم وهو وحيد فريد لا معين له ولا نصير ولا مجير ، فكيف وقد أتت أيّامه وارتفعت أعلامه وظهرت عداوته ، فخذوا لأنفسكم وانظروا إمائكم من قبل أن يغشيكم من هذا الرجل أمر شنيع .

فقالوا : يا ويلك إنّ أميرالمؤمنين قد أحسن إلينا في الخطاب ووعدنا بجايزة

ص: 213

وسديف أقلّ عنده من ذلك وتفرّقوا إلي منازلهم .

فلمّا كان من الغد بكر القوم إلي السفّاح فدخلوا إليه وسلّموا إليه ، فردّ عليهم بأحسن ردّ وقرّب مراتبهم وأعلي منازلهم ورفع مجالسهم ففرحوا بذلك فرحاً شديداً ، ثمّ أقبل إليهم وسألهم من حالهم ومجيئهم إليه وقضي لهم الحوائج .

فبينما هم في أسر ما كانوا فيه إذ دخل عليهم سديف وقد غيّر أثوابه ، فسلّم علي السفّاح وأشار إليه بيده وقال : نعم صباحك وبان فلاحك وظهر نجاحك كشف اللَّه بك رواكد الهموم وفداك أبي لأنّك آخذ بالثار وكاشف عن قومك وضيمة العار والضارب بالسيف الثار وقاتل الأشرار ، فحاشاك يابن الرؤساء من بني العبّاس ، والسادة من بني هاشم والسراة من بني عبد مناف - إلي أن قال : -

قال : فلمّا سمع السفّاح كلام سديف أطرق إلي الأرض زماناً حتّي سكن ما لحقه ثمّ إنّه رفع رأسه وقال له : قل كلامك وتذكر ما فات وخذ ما هو آت ، فانّ أحلم الناس من صفح عمّن ثلمه وصان عرضه عمّن ظلمه فلك عندنا أفضل الكرامة والجزاء وحسن المنظر وبلوغ المني فانصرف يا سديف ولا تعد إلي مثلها أبداً .

فخرج سديف من عند السفّاح يفور غضبا ويذمّ صحبته فلمّا خرج من عندهم أقبل السفّاح علي بني أُميّة وهم مطرقون وجلون ، فقال لهم : إنّي أعلم أنّ كلام هذا الشيخ العبد قد أرجفكم وقد أثّر في قلوبكم فلا تعبأوا بكلامه ، فانّي لكم كما تحبّون وفوق ما تأملون وسأزيد لكم العطاء وأقرب لكم الجزاء وأقدّمكم علي غيركم .

فخرجوا من عنده وقد سكن ما بهم واجتمعوا للمشورة فيما بينهم .

ص: 214

فقال قائل منهم : هلمّوا بنا حتّي ندخل بكليتنا السفّاح ونسأله أن يسلّم إلينا العبد فنقتله أو نستعبده ، فجدّوا يا قوم في طلبه فانّ السفّاح لا يمنعنا من ذلك ولا يعصينا ونحن سبعون ألف سيّد لأجل عبد ذميم وإنّكم إن فاتكم أو توانيتم لم يزل العبد معه حتّي يهلككم ويدمّركم وأنّه لا شكّ قد نصب لكم أشراكاً فلا يفلت منكم أحد فاحذوا ثمّ احذروا .

وقال قائل منهم : إنّ السفّاح إنّما يظهر لكم ما يظهر لتمئنّوا إليه ثمّ لتؤخذوا علي ما كان منكم ، فلا تعبأوا بكلام السفّاح .

فقال بعضهم : فما كان يمنعه منّا وهو مالك رقابنا وما نراه إلّا محسنا إلينا ووطأ مجالسنا ورفع مواضعنا ووعدنا بالخير والعطاء الجزيل .

قال يا قوم قد أضعتم قولي وعصيتم أمريِ وخالفتموني فاذا دخلتم عليه فليدخل بعضكم ويبقي بعضكم علي الباب حتّي ننظر ما يكون فاذا أكرم قوماً بالجزاء والعطاء دخل الباقون ويفعلون مثل ما فعلوا أوّل مرّة وتقدّموا عليه وأنتم آمنون علي هذا الترتيب .

قال : فلمّا انسدل الظلام وهجع النوام بعث السفّاح إلي سديف فأحضره عنده فلمّا دخل عليه سديف قال له : يا ويلك يا سديف إنّك لعجول في أمرك مفش لسربك لا تستعمل الكتمان .

فقال سديف : الكتمان قد قتلني والتحمّل أمرضني والنظر إلي هؤلاء الظالمين قد أسقمني ولن يخفي عليك شي ء من أمري وما حلّ بي وبأهلك وعشيرتك ومواليك وأقاربك من قتل الرجال وذبح الأطفال وهتك النسوان وحمل حريم رسول اللَّه صلي الله عليه وآله علي الأقتاب بغير غطاء ولا وطاء ، يطاف بهم البلدان فأيّ عين لا

ص: 215

ترقا مدامعها وأيّ قلب لا يتفجع عليهم فاستوف لهم الدماء واضرب بحسامك العدي وخذ بالثار من الظلمة لأئمّة الهدي ومصابيح الدجي وسادة الآخرة والأُولي - إلي أن قال : -

قال : فعند ذلك بكي السفّاح بكاء شديداً وزاد عليه الأمر حتّي اصفرّ لونه ونادي بأعلي صوته : وا محمّداه ، واعليّاه ، واسيّداه ، وا قوماه ، وا أهلاه ، واعشيرتاه وبكي سديف حتّي أُغمي عليه .

فلمّا أفاق قال له السفّاح : يا سديف قد بلغ الكتاب أجله وقد حان وقرب ما تؤمّله فكان بي وقد اطلقت لك السبيل تضرب بسيفك في أعراضهم كيف شئت .

قال سديف : أما واللَّه لأن أطلقت لي السبيل لأرضينّ الجليل وآخذ منهم ثار الرسول صلي الله عليه وآله وأرضينّك يا مولاي .

قال له السفّاح : نم ليلتك قرير العين واتني في غداة غد أعطيك أملك وابلغك رجاك .

قال : فبات سديف في تلك أرقا قلقا يدعو ربّه ويسأله تمام ما وعده السفّاح .

ثمّ إنّ السفّاح لمّا أصبح ذلك اليوم سمّاه يوم النيروز وهو الذي سمّاه بنو العبّاس نوروز القتل لأنّه اليوم الذيِ قتل السفّاح فيه بني أُميّة وسنّ تلك بني العبّاس ، فأمر السفّاح منادياً ينادي إنّ أميرالمؤمنين أبا العبّاس السفّاح قد بسط الأنطاع وصبّ عليها خزانته وقال : اليوم يوم عطاء وجوائز وضربت البوقات والطبول ونشرت الرايات وخفقت الأعلام .

ثمّ إنّ السفّاح نصب سرير ملكه وزيّن قصره وبسط الأنطاع بين يديه وأفرغ الدنانيز والدراهم والأسورة ومناطق المراكب الثقال من الذهب والفضّة .

ص: 216

قال : فلمّا فرغ من ذلك ورتّب الزينة والعدّة عمد إلي أربع مائة من غلمانه أشدّهم وأشجعهم ، فدفع إليهم الأعمدة والسيوف وقال لهم : كونوا في الخبرة وأسبلوا عليكم الستور فاذا رأيتموني قد جلدت بقلنسوتي الأرض اخرجوا وضعوا السيوف في رقاب كلّ من ترونه ولو كانوا من بني عمّي .

قالوا : سمعاً وطاعة ، وقرّر معهم الوصيّة ، فلمّا تعالي النهار أقبل إليه الناس في الزينة والبهجة الحسنة للسلام والعطاء .

قال : وأقبل بنو أُميّة حتّي تكاملوا السبعين ألف من آل يزيد وآل مروان فلمّا بلغوا القصر نزلوا عن خيولهم ودفعوا عدادهم وسيوفهم إلي عبيدهم ودخلوا علي جاري عادتهم وهم يرفلون في حللهم وأثوابهم ولم يعلموا ما يراد بهم ويزعمون أنّهم مسرورون .

قال : وكان فيهم رجل من جلساء السفّاح وكان شاعراً وقد مدح السفّاح بقصيدة حسنة وقد أجازه السفّاح عليها فقال له الحجاب الذين عرفوه : ارجع فما هو يوم عطاء وإنّما هو يوم مكر وخداع فلا تورد نفسك مورد الهلاك والموت ، فقد رأينا أميرالمؤمنين قد أعطاك وأرضاك ، فما نحبّ أن تقع في الهلاك ، قال : رضيت أن أرد مورد قومي ، وأصر مصدرهم ، فقالوا له : ادخل إلي اللعنة والخزي ، فدخل مع القوم علي مراتبهم .

وصعد السفّاح إلي أعلي البيت وهو متقلّد بسيفه ، ثمّ التفت إلي بني أُميّة فقال : هذا اليوم الذي كنت أعدكم فيه الجزاء والعطاء فمن تحبّون أن أبدأ بالعطاء ؟

فقالوا : ليقربوا إليه ويدخلوا في قلبه : يا أميرالمؤمنين ابدء ببني هاشم واحداً بعد واحد ، فانّهم خير العالم وأرباب المراسم ، فصاح السفّاح بعبد كان عن يمينه

ص: 217

وقد أعلمه بما يريد وكان فصيح اللسان فرفعه حتّي صار دونه .

ثمّ قال له : ناد يا غلام بني هاشم واحداً بعد واحد حتّي نجزل لهم العطاء ونحسن لهم الجوائز عن رضي بلا غضب .

فنادي الغلام برفيع صوته وقال : أين أبو عبيدة بن الحارث بن عبدالمطلب بن هاشم هلمّ إلينا فاقبض عطاك ، فقال سديف : يا شيخ وأين أبو عبيدة بن الحارث ، قال : وما فعل اللَّه به قال : قتله شيخ من هؤلاء القوم يقال له : شيبة بن ربيعة بن عبدالشمس ، فقال : ما علمت بذلك يا غلام اضرب علي اسمه إذا غاب وادع لنا غيره .

فنادي الغلام أين أسد اللَّه وأسد رسوله حمزة بن عبدالمطلب بن هاشم هلمّ إلينا واقبض عطاك ، فقال سديف : وأين حمزة ؟ فقال السفّاح : ما فعل اللَّه به ؟

قال : قتله امرأة من هؤلاء القوم يقال لها هند بنت عتبة بن ربيعة في أُحد وذلك لأنّها أعطت الوحشي مولا حيدر بن طاهر عدة حتّي قتله ، وأقبلت فشقت جوفه وأخذت كبدته لتأكلها فحوّلها اللَّه تعالي في فيها حجراً فسمّيت آكلة الأكباد ، فلمّا لم تقدر أن تأكلها قطعت أصابعه وجعلها قلادة في عنقها ، فقال السفّاح : ما علمت بذلك يا غلام اضرب باسمه إذا غاب وادع لنا غيره .

قال : فنادي الغلام : أين عقيل بن عبدالمطلب بن هاشم هلمّ إلينا وخذ عطاك ، قال سديف : يا أميرالمؤمنين وأين عقيل ؟ قال : وما فعل اللَّه به ؟ قال : قتله هؤلاء القوم وهو خارج من الشام يريد مدينة الرسول صلي الله عليه وآله ، قال السفّاح : ما علمت بذلك يا غلام اضرب علي اسمه إذا غاب وهات غيره .

فنادي الغلام : أين مسلم بن عقيل ، هلمّ إلينا واقبض عطائك ، قال سديف : يا

ص: 218

مولاي وأين مسلم بن عقيل ؟ قال : وما فعل اللَّه به ؟ قال : قتله هؤلاء القوم فأخذه عبيداللَّه بن زياد فرمي به عن قصر الامارة وربطوا برجليه حبلاً جرّوه في أسواق الكوفة ونادوا هذا جزاء من خرج علي خلافة بني أُميّة وسبّوا آبائه وجدّه ، قال : ما علمت بذلك يا غلام اضرب علي اسمه إذا غاب وهات غيره .

فنادي الغلام أين أوّل الناس اسلاماً وأفضل الوصيين ويعسوب الدين والامام البطين علي بن أبي طالب هلمّ إلينا وخذ عطائك ، فقال سديف : يا مولاي وأين عليّ بن أبي طالب ؟ قال : وما فعل اللَّه به ؟ قال : قتله المرادي عبدالرحمن بن ملجم وزيّن معاوية الشام بقتله أيّاماً وفرح فرحاً شديداً فقال سفّاح : ما علمت بذلك يا غلام اضرب علي اسمه إذا غاب وهات غيره .

فنادي الغلام : أين ابن بنت رسول اللَّه الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام سيّد شباب أهل الجنّة هلمّ إلينا فاقبض عطائك ، فبكي سديف وقال : يا مولاي وأين الحسن بن عليّ بن أبي طالب ؟ قال السفّاح : وما فعل بولد رسول اللَّه صلي الله عليه وآله ؟ قال : قتله جعدة امرأته بسمّ دسّه إليها معاوية من الشام ، فقال : ما علمت بذلك يا غلام اضرب اسمه إذا غاب وهات غيره .

فنادي الغلام أين ابن بنت رسول اللَّه وسيّد شباب أهل الجنّة الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام هلمّ إلينا فاقبض عطائك ، فبكي سديف وقال : يا مولاي وأين الحسين بن عليّ بن أبي طالب ؟ قال السفّاح : وما فعل لولد رسول اللَّه صلي الله عليه وآله ؟ قال : قتله أمير هؤلاء الذين هم مقرّبون وهم علي كراسيّ الذهب والفضّة بحضرتك قاعدون ، قتلوه بأرض كربلاء عطشاناً والفرات ملآن وأخذوا رأسه وجعلوه علي رمح طويل وحملوه من الكوفة إلي أن أدخلوه دمشق إلي يزيد بن معاوية حتّي

ص: 219

ندبته الجنّ ، ثمّ رثاه رجل من بعض الناس يقول :

هلال بدا وهلال أفل ***كذلك يجري صروف الدول

فقال : ما علمت بذلك يا غلام اضرب علي اسمه إذا كان غائباً وهات غيره .

ونادي الغلام وأين العبّاس بن عليّ بن أبي طالب أخو الحسين عليهم السلام هلمّ إلينا فاقبض عطائك ، فقطع سديف عليه الكلام ، ثمّ قال : كأنّك يا أميرالمؤمنين تريد تؤاخذ هؤلاء القوم بما فعلوا أو تجازيهم بما صنعوا هؤلاء الذين ذكرتهم بكأس المنيّة قتلهم هؤلاء بأرض كربلاء جياعاً عطاشاً عرايا ، قال السفّاح : ما علمت بذلك يا غلام اضرب علي اسمه إذا غاب وهات غيره .

فقال الغلام : وأين زيد بن عليّ بن أبي طالب هلمّ إلينا فاقبض عطائك ، قال سديف : يا مولاي وأين زيد ؟ قال السفّاح : وما فعل اللَّه به ؟ قال : قتله واحد من هؤلاء القوم يقال له هشام بن عبدالملك بن مروان وصلبه منكوساً وعششت الفاختة جوفه ، ثمّ إنّهم بعد ذلك أحرقوه بالنار وسحقوا عظامه في الهاون وذروه في الهوي فاجتمع علي وجه الماء ثمّ غاص وخرج خلقاً سويّاً وهو ينادي برفيع صوته : إلّا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقتلوا ولده من بعده وقبره هنالك ، فقال السفّاح ما علمت بذلك يا غلام اضرب علي اسمه إذا غاب وهات غيره .

ثمّ قال : إنّ هؤلاء ساداتنا عاشوا سعداء وماتوا شهداء بأسياف العدي .

ثمّ نادي الغلام : أين الإمام إبراهيم بن محمّد بن عبداللَّه بن العبّاس ؟ هلمّ إلينا اقبض عطائك ، فسكت سديف ولم يعد قولاً ولا ردّ جواباً ، وأيقن بنو أُميّة بالهلاك ، لأنّهم هم الذين قتلوه ، فقال السفّاح : ويلك يا سديف كنت إذا ذكر لك رجل من بني هاشم تسرع في الجواب فما لك قد عجزت عن الخطاب عند ذكر

ص: 220

أخي ؟ قال : لأنّي استحيي أن اقابلك فأواجهك بما قد فعل بأخيك ، فقال السفّاح : سألتك باللَّه إلّا ما تخبرني ما فعل بأخي ، قال : قبضه رجل من هؤلاء القوم يقال له مروان وأَدخَلَ رأسه في جراب بقر وركب في أسفله كور الحدّادين وأمر النافخ أن ينفخ والجلّاد يجلد حتّي ضربه عشرة آلاف سوط في ثلاثة أيّام .

فقام من أوسط القوم رجل يقال له : يزيد بن عبدالملك وقال : يا ويلك يا عبد السوء لقد عظم تعريضك علي بني أُميّة لقد أشرف أميرالمؤمنين علي هلاكنا أجمع فقال : إنّ مقصودي ذلك فرهق السفّاح لسديف بمؤخّر عينيه وقد امتلأ حنقا وغيظاً ثمّ أنشأ يقول :

حسبت اميّة أن سترضي هاشم ***عنها ويذهب زيدها وحسينها

كذبت وحقّ محمّد ووصيّه ***حقا ستبصر ما يسي ء ظنونها

ستعلم ليلي أيّ دين تداينت ***وأيّ ديون في البرايا ديونها

قال : ثمّ إنّ السفّاح بكي وعلا صياحه ، ثمّ خلع قلنسوته عن رأسه وجلد بها سرير ملكه ونادي : يالثارات الحسين ، يا لثارات بني هاشم ، يا لثارات بني عبدالمطلب قال : فلمّا نظر الغلمان إلي السفّاح وفعاله فتحوا أبواب الخزاين وخرجوا وفي أيديهم السيوف والأعمدة فوضعوها في رقاب بني أميّة الخبر(1) .

أَيْنَ أَبْناءُ الْحُسَيْنِ صالِحٌ بَعْدَ صالِحٍ وَصادِقٌ بَعْدَ صادِقٍ

عن أبي جعفر قال : لقد عرّف رسول اللَّه صلي الله عليه وآله عليّاً أصحابه مرّتين - إلي أن قال عليه السلام : - وأمّا الثانية فحيث نزلت هذه الآية : « فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ »(2) الآية ،

ص: 221


1- منهاج البراعة : 183/7 .
2- التحريم : 4 .

أخذ رسول اللَّه بيد عليّ فقال : أيُّها الناس هذا صالحُ المؤمنين(1) .

وعن الباقر عليه السلام في قوله : « وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ »(2) المراد بالأنبياء المصطفي وبالصدّيقين المرتضي وبالشهداء الحسن والحسين وبالصادقين تسعة من أولاد الحسين وحسن أُولئك رفيقاً المهدي(3) .

وقوله تعالي : « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ »(4) .

قال ابن عبّاس : كونوا مع عليّ وأصحابه(5) .

وعن جابر، عن أبي جعفر وهو الباقر عليه السلام في قوله : « وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ » قال : مع آل محمّد عليهم السلام(6) .

وأحمد بن محمّد قال : سألت الرضا عليه السلام عن قول اللَّه تعالي : « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ » قال : الصادقون الأئمّة(7) .

وقال أميرالمؤمنين عليه السلام : نحن الناطقون الصادقون المؤمنون(8) .

ص: 222


1- شواهد التنزيل :352/2 ، ح 996 ؛ بحار الأنوار : 232/22 .
2- النساء : 69 . « وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً » .
3- مناقب : 283/1 ؛ بحار الأنوار : 337/23، ح 5 .
4- التوبة : 119 .
5- كشف الغمّة : 312/1؛ بحار الأنوار : 409/35.
6- شواهد التنزيل : 343/1 ، ح 383 ؛ بحار الأنوار : 31/24 ، ح 4 .
7- بصائر الدرجات : 31/1، ح 2 ؛ بحار الأنوار : 24 ، ح 5 .
8- تفسير البرهان : 310/1 .

أَيْنَ السَّبِيلُ بَعْدَ السَّبِيلِ

عن أبي جعفر في قوله : « قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَي اللَّهِ عَلَي بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي »(1) قال : ذلك رسول اللَّه وأميرالمؤمنين والأوصياء من بعدهما(2) .

وعن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : سألته عن هذه الآية في قول اللَّه عزّوجلّ : « وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ »(3) .

قال : فقال أتدري ما سبيل اللَّه ؟ قال : قلت : لا واللَّه إلّا أن اسمعه منك قال : سبيل اللَّه هو عليّ عليه السلام وذرّيّته وسبيل اللَّه من قتل في ولايته قتل في سبيل اللَّه ومن مات في ولايته مات في سبيل اللَّه(4) .

أَيْنَ الْخِيَرَةُ بَعْدَ الْخِيَرَةِ

عن الحسن بن عليّ عليه السلام قال : كُلُّ مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ « إِنَّ الْأَبْرارَ » فَوَ اللَّهِ مَا أَرَادَ بِهِ إِلّا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَفَاطِمَةَ وَأَنَا وَالْحُسَيْنَ لأَنَّا نَحْنُ أَبْرَارٌ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا وَقُلُوبُنَا عَلَتْ بِالطَّاعَاتِ وَالْبِرِّ وَتَبَرَّأَتْ مِنَ الدُّنْيَا وَحُبِّهَا وَأَطَعْنَا اللَّهَ فِي جَمِيعِ فَرَائِضِهِ وَآمَنَّا بِوَحْدَانِيَّتِهِ وَصَدَّقْنَا بِرَسُولِهِ(5) .

وعن أبي عبداللَّه عليه السلام في خطبة له يذكر فيها حال الأئمّة عليهم السلام وصفاتهم - إلي أن قال عليه السلام : كلّما مضي منهم إمام نصب لخلقه من عقبه إماماً - إلي أن قال عليه السلام : -

ص: 223


1- يوسف : 108 .
2- مناقب : 378/4؛ بحار الأنوار : 21/24 ، ح 42 .
3- آل عمران : 157 .
4- معاني الأخبار : 167 ، ح 1 ؛ بحار الأنوار : 12/42 ، ح 6 .
5- مناقب : 2/4 ؛ بحار الأنوار :3/24، ح 9 .

اختاره بعلمه وانتجبه لطهره بقيّة من آدم عليه السلام وخيرة من ذريّة نوح ومصطفي من آل إبراهيم وسلالة من إسماعيل وصفوة من عترة محمّد صلي الله عليه وآله لم يزل مرعياً بعين اللَّه(1) .

أَيْنَ الشُّمُوسُ الطَّالِعَةُ أَيْنَ الْأَقْمارُ الْمُنِيرَةُ أَيْنَ الْأَ نْجُمُ الزَّاهِرَةُ

قال تعالي : « هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا »(2) .

عن الوشّاء قال : سألت الرضا عليه السلام عن قول اللَّه تعالي : « وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ » قَالَ : نَحْنُ الْعَلامَاتُ وَالنَّجْمُ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله(3) .

وعن جابر بن عبداللَّه الأنصاري قال : صلّي بنا رسول اللَّه صلي الله عليه وآله يوماً صلاة الفجر ، ثمّ انفتل وأقبل علينا يحدّثنا فقال : أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ فَقَدَ الشَّمْسَ فَلْيَتَمَسَّكْ بِالْقَمَرِ وَمَنْ فَقَدَ الْقَمَرَ فَلْيَتَمَسَّكْ بِالْفَرْقَدَيْن .

قال : فقمت أنا وأبو أيّوب الأنصاري ومعنا أنس بن مالك ، فقلنا : يا رسول اللَّه من الشمس ؟ قال : أَنَا فَإِذَا هُوَ صلي الله عليه وآله قَدْ ضَرَبَ لَنَا مَثَلاً فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَي خَلَقَنَا فَجَعَلْنَا بِمَنْزِلَةِ نُجُومِ السَّمَاءِ كُلَّمَا غَابَ نَجْمٌ طَلَعَ نَجْمٌ فَأَنَا الشَّمْسُ فَإِذَا ذَهَبَ بِي فَتَمَسَّكُوا بِالْقَمَرِ قُلْنَا فَمَنِ الْقَمَرُ قَالَ أَخِي وَوَصِيِّي وَوَزِيرِي وَقَاضِي دَيْنِي وَأَبُو وُلْدِي وَخَلِيفَتِي فِي أَهْلِي عليّ بن أبي طالب قُلْنَا فَمَنِ الْفَرْقَدَانِ قَالَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ ثُمَّ مَكَثَ مَلِيّاً فَقَالَ هَؤُلاءِ وَفَاطِمَةُ وَ هِيَ الزُّهَرَةُ عِتْرَتِي وَأَهْلُ بَيْتِي هُمْ

ص: 224


1- الكافي :203/1؛ بحار الأنوار :152/25.
2- يونس : 5 .
3- الكافي :207/1 ، ح 3 ؛ بحار الأنوار : 81/24 ، ح 26 .

مَعَ الْقُرْآنِ لا يَفْتَرِقَانِ حَتَّي يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ(1) .

وقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : النجوم أمان لأهل السماء فاذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض فاذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض(2) .

وأبو المضا عن الرضا عليه السلام قال النبيّ صلي الله عليه وآله : لعليّ عليه السلام : أنت نجم بني هاشم(3) .

وعنه قال عليه السلام : أنت أحد العلامات(4) .

أَيْنَ أَعْلامُ الدِّينِ وَقَواعِدُ الْعِلْمِ

عن إسحاق بن إسماعيل النيسابوري قال : حدّثنا الحسن بن علي عليه السلام : إِنَّ اللَّهَ ( عزّوجلّ ) بِمَنِّهِ وَرَحْمَتِهِ لَمَّا فَرَضَ عَلَيْكُمُ الْفَرَائِض إلي أن قال : - فَرَضَ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَالصَّوْمَ وَالْوَلايَةَ وَجَعَلَ لَكُمْ بَاباً لِتَفْتَحُوا بِهِ أَبْوَابَ الْفَرَائِضِ وَمِفْتَاحاً إِلَي سَبِيلِهِ وَلَوْ لا مُحَمَّدٌ وَالْأَوْصِيَاءُ مِنْ وُلْدِهِ كُنْتُمْ حَيَارَي كَالْبَهَائِمِ لا تَعْرِفُونَ فَرْضاً مِنَ الْفَرَائِض(5) .

وعن زرارة قال : كنت عند أبي جعفر عليه السلام فقال له رجل من أهل الكوفة يسأله عن قول أميرالمؤمنين عليه السلام : سلوني عمّا شئتم فلا تسألوني عن شي ء إلّا أنبأتكم به ، قال : إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ عِنْدَهُ عِلْمُ شَيْ ءٍ إِلّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام

ص: 225


1- الأمالي للطوسي : 517/م 18 ، ح 38 ؛ بحار الأنوار : 75/24 ، ح 11 .
2- كمال الدين : 205/1 ، ح 19 ؛ بحار الأنوار :310/27، ح 6 .
3- مناقب178/4 ؛ بحار الأنوار : 82/24 ، ح 30 .
4- مناقب : 178/4 ، بحار الأنوار :82/24، ح 31 .
5- الأمالي للطوسي 655/م 34 ، ح 5 ؛ بحار الأنوار : 320/50 ، ح 16 .

فَلْيَذْهَبِ النَّاسُ حَيْثُ شَاءُوا فَوَ اللَّهِ لَيْسَ الْأَمْرُ إِلّا مِنْ هَاهُنَا وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَي بَيْتِهِ(1).

وعن سدير قال : قلت جعلت فداك ما أنتم ؟ قال : نَحْنُ خُزَّانُ اللَّهِ عَلَي عِلْمِ اللَّهِ نَحْنُ تَرَاجِمَةُ وَحْيِ اللَّهِ نَحْنُ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ عَلَي مَا دُونَ السَّمَاءِ وَفَوْقَ الْأَرْضِ(2) .

وقال أبو جعفر عليه السلام : إِنَّ عَلِيّاً عليه السلام عَالِمُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَالْعِلْمُ يُتَوَارَثُ وَلَيْسَ يَهْلِكُ مِنَّا أَحَدٌ إِلّا تَرَكَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي مَنْ يَعْلَمُ مِثْلَ عِلْمِهِ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ(3) .

وعن عمّار الساباطي قال : سألت أبا عبداللَّه عليه السلام عن الإمام أيعلم الغيب ؟ فقال : لا ولكن إذا أراد أن يعلم الشي ء أعلمه اللَّه ذلك(4) .

وعن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت أبا عبداللَّه عليه السلام يقول : لَنْ تَبْقَي الْأَرْضُ إِلّا وَفِيهَا مِنَّا عَالِمٌ يَعْرِفُ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِل(5) .

أَيْنَ بَقِيَّةُ اللَّهِ الَّتِي لَا تَخْلُو مِنَ الْعِتْرَةِ الْهادِيَةِ ( الطاهرة )

عن محمّد بن مسلم الثقفي قال : سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام يقول : القائم منّا منصور بالرعب - إلي أن قال : - إذا خَرَجَ أَسْنَدَ ظَهْرَهُ إِلَي الْكَعْبَةِ وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ ثَلاثُمِائَةٍ وَثَلاثَةَ عَشَرَ رَجُلاً وَأَوَّلُ مَا يَنْطِقُ بِهِ هَذِهِ الآْيَةُ : « بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ » ثُمَّ يَقُولُ أَنَا بَقِيَّةُ اللَّهِ فِي أَرْضِه(6) .

ص: 226


1- الكافي : 399/1 ، ح 2 ؛ بحار الأنوار : 94/2 ، ح 34.
2- بصائر الدرجات :104/1، ح 4 ؛ بحار الأنوار : 105/26 ، ح 4 .
3- بصائر الدرجات : 118/1، ح 5 ؛ بحار الأنوار : 170/26، ح 35 .
4- الاختصاص : 286 ؛ بحار الأنوار : 57/26 ، ح 119 .
5- المحاسن : 234/1 ؛ بحار الأنوار : 178/26، ح 59 .
6- كمال الدين : 331/1 ، ح 16 ؛ أعلام الوري : 463 .

وعن عمر بن زاهر قال : قال رجل لجعفر بن محمّد عليه السلام نسلّم علي القائم بامرة المؤمنين ؟ قال : لا ذلك اسم سمّي اللَّه به أميرالمؤمنين عليه السلام لا يُسمّي به أحد قبله ولا بعده إلّا كافر قال : فكيف نسلّم عليه ؟ قال : تقول : السلام عليك يا بقيّة اللَّه ثمّ قرأ جعفرٌ : « بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ »(1) .

وفي غاية المرام الباب الحادي والأربعون والمائة في امامة الإمام الثاني عشر من الائمّة الاثني عشر وهم : أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام وبنوه الأحد عشر الذين آخرهم القائم المنتظر المهدي إمام هذا العصر والزمان من موت أبيه ( عليه السلام ) حتّي يظهره اللَّه عزّوجلّ بعد غيبته في آخر الزمان يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلما - إلي أن قال : - وفيه خمسة وستّون ومائة حديث(2) .

وعن سلمان الفارسيّ رضي الله عنه قال : دخلت علي النبيّ صلي الله عليه وآله فاذا الحسين بن عليّ علي فخذه وهو يقبّل عينيه ويلثم فاه ويقول : أنت سيّد ابن سيّد ، أنت إمام ابن إمام أبو أئمّة ، أنت حجّة اللَّه ابن حجّته ، وأبو حجج تسعة من صلبك ، تاسعهم قائمهم(3) .

وعن أُمّ سلمة قالت : سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه وآله يقول :المهدي من عترتي من ولد فاطمة(4).

وسئل أميرالمؤمنين عليه السلام عن معني قول رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : إنّي مخلّف فيكم

ص: 227


1- تفسير فرات : 193 ، ح 249 ؛ بحار الأنوار :373/52 ، ح 165 .
2- غاية المرام :171/3 .
3- الإمامة والتبصرة : 110 ، ح 96 ؛ بحار الأنوار : 241/36، ح 47 .
4- سنن أبي داود : 310/2 ، ح 4284.

الثقلين كتاب اللَّه وعترتي من العترة فقال : أنا والحسن والحسين والأئمّة التسعة من وُلد الحسين تاسعهم مهديُّهم وقائمهم(1) .

أَيْنَ الْمُعَدُّ لِقَطْعِ دابِرِ الظَّلَمَةِ

وعن أبي جعفر عليه السلام : المهدي وأصحابه يملّكهم اللَّه مشارق الأرض ومغاربها ويُظهر الدين ويُميت اللَّه به وأصحابه البدع الباطل(2) .

وعن ابن عبّاس في قوله عزّوجلّ : « لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ »(3) قال : لا يكون ذلك حتّي لا يبقي يهودي ولا نصراني ولا صاحب ملّة إلّا الاسلام حتّي تأمن الشاة والذئب والبقرة والأسد والانسان والحيّة وحتّي لا تقرض فارة جراباً - إلي أن قال : - وذلك يكون عند قيام القائم عليه السلام(4) .

وقال عليّ بن موسي الرضا عليه السلام : يضع ميزان العدل بين الناس فلا يظلم أحد أحداً(5).

وعن أبي حمزة قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول اللَّه عزّوجلّ : « فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْ ءٍ » قال : أَمَّا قَوْلُهُ فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ يَعْنِي فَلَمَّا تَرَكُوا وَلايَةَ عَلِيٍّ وَقَدْ أُمِرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْ ءٍ يَعْنِي دَوْلَتَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَمَا بُسِطَ لَهُمْ فِيهَا ، وأمّا قوله : « حَتَّي إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا

ص: 228


1- عيون أخبار الرضا عليه السلام : 57/1 ، ح 25 ؛ بحار الأنوار : 373/36 ، ح 2 .
2- تفسير القمي : 87/2 ؛ بحار الأنوار : 373/36 ، ح 2 .
3- التوبة : 33 ؛ الصف : 9 .
4- تأويل الآيات الظاهرة : 663 ؛ بحار الأنوار : 61/51.
5- كفاية الأثر : 275 ؛ بحار الأنوار : 195/52.

أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ »(1)يعني بذلك قيام القائم حتّي كأنّهم لم يكن لهم سلطان قط فذلك قوله بغتة ، فنزلت بخبره هذه الآية علي محمّد صلي الله عليه وآله وقوله : « فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ »(2) .(3)

أَيْنَ الْمُنْتَظَرُ لِإِقامَةِ الْأَمْتِ وَالْعِوَجِ

عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : أُبَشِّرُكُمْ بِالْمَهْدِيِّ يُبْعَثُ فِي أُمَّتِي عَلَي اخْتِلافٍ مِنِ النَّاسِ وَزَلازِلَ فَيَمْلأُ الْأَرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً يَرْضَي عَنْهُ سَاكِنُ السَّمَاءِ وَسَاكِنُ الْأَرْضِ يَقْسِمُ الْمَالَ صِحَاحاً فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَمَا صِحَاحاً قَالَ السَّوِيَّةُ بَيْنَ النَّاسِ(4) .

وعن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : لا تقوم الساعة حتّي تملأ الأرض ظلماً وعدواناً ، ثمّ يخرج رجل من عترتي أو من أهل بيتي من يملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وعدواناً(5).

وحدّثنا الصقر بن أبي دُلف قال : سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّ بن موسي الرضا عليه السلام يقول : الإمام بعدي ابني عليّ ، أمره أمري - إلي أن قال : - والإمام بعده ابنه الحسن - إلي أن قال : - ثمّ سكت فقلت له يا ابن رسول اللَّه فمن الإمام بعد الحسن ، فبكي عليه السلام بكاءً شديداً ثمّ قال : إنّ بعد الحسن ابنه القائم بالحقّ المنتظر ،

ص: 229


1- الأنعام : 44 .
2- الأنعام : 45 .
3- تفسير القمي :200/1؛ تفسير البرهان :419/2 ، ح 1 .
4- كشف الغمّة 471/2 ؛ بحار الأنوار : 81/51 .
5- اثبات الهداة : 256/5، ح 209 ؛ الزام الناصب : 306/1.

فقلت له : يا ابن رسول اللَّه ولِمَ سُمّي القائم ؟ قال : لأنّه يقوم بعد موت ذكره وارتداد أكثر القائلين بامامته ، فقلت له : ولِمَ سُمّي المنتظر ؟ قال : لأنّ له غيبة يكثر أيّامها ويطول أمدها فينتظر خروجه المخلصون وينكره المرتابون(1) .

وقال أميرالمؤمنين عليه السلام : إنَّ أحبّ الأعمال إلي اللَّهِ عزّوجلّ انتظار الفرج(2).

وقال عليه السلام : المنتظر لأمرنا كالمتشحّط بدمه في سبيل اللَّه(3) .

وقال زين العابدين : تَمْتَدُّ الْغَيْبَةُ بِوَلِيِّ اللَّهِ الثَّانِي عَشَرَ مِنْ أَوْصِيَاءِ رَسُولِ اللَّهِ وَالْأَئِمَّةِ بَعْدَهُ يَا أبَا خَالِدٍ إِنَّ أَهْلَ زَمَانِ غَيْبَتِهِ وَالْقَائِلِينَ بِإِمَامَتِهِ وَ الْمُنْتَظِرِينَ لِظُهُورِهِ عليه السلام أَفْضَلُ مِنْ أَهْلِ كُلِّ زَمَانٍ لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَي ذِكْرُهُ أَعْطَاهُمْ مِنَ الْعُقُولِ وَالْأَفْهَامِ وَالْمَعْرِفَةِ مَا صَارَتْ بِهِ الْغَيْبَةُ عَنْهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْمُشَاهَدَةِ وَجَعَلَهُمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ بِمَنْزِلَةِ الْمُجَاهِدِينَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله بِالسَّيْفِ أُولَئِكَ الْمُخْلَصُونَ حَقّاً وَشِيعَتُنَا صِدْقاً وَالدُّعَاةُ إِلَي دِينِ اللَّهِ سِرّاً وَجَهْرا(4) .

وعن أبي جعفر عليه السلام قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله ذَاتَ يَوْمٍ وَعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ اللَّهُمَّ لَقِّنِي إِخْوَانِي مَرَّتَيْنِ فَقَالَ مَنْ حَوْلَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ أَمَا نَحْنُ إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَقَالَ : لا ، إِنَّكُمْ أَصْحَابِي ، وَإِخْوَانِي قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْنِي لَقَدْ عَرَّفَنِيهِمُ اللَّهُ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُخْرِجَهُمْ مِنْ أَصْلابِ آبَائِهِمْ وَأَرْحَامِ أُمَّهَاتِهِمْ لأَحَدُهُمْ أَشَدُّ بَقِيَّةً عَلَي دِينِهِ مِنْ خَرْطِ الْقَتَادِ فِي

ص: 230


1- كفاية الأثر : 283 ؛ بحار الأنوار :157/51، ح 5 .
2- الخصال : 616/2بحار الأنوار :123/52 ، ح 7.
3- الخصال :625/2بحار الأنوار : 104/10 .
4- كمال الدين :320/1 ، ح 2 بحار الأنوار : 122/52، ح 4 .

اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ أَوْ كَالْقَابِضِ عَلَي جَمْرِ الْغَضَا(1) .(2)

وقال سيّد العابدين عليه السلام : مَنْ ثَبَتَ عَلَي وَلايَتِنَا فِي غَيْبَةِ قَائِمِنَا أَعْطَاهُ اللَّهُ أَجْرَ أَلْفِ شَهِيدٍ مِثْلِ شُهَدَاءِ بَدْرٍ وَأُحُدٍ(3) .

وعن أبي حمزة الثمالي قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : إنّ عليّاً عليه السلام كان يقول إلي السبعين بلاء وكان يقول بعد البلاء رخاء وقد مضت السبعون ولم نر رخاء فقال أبو جعفر عليه السلام : يَا ثَابِتُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَي قَدْ كَانَ وَقَّتَ هَذَا الْأَمْرَ فِي السَّبْعِينَ فَلَمَّا أَنْ قُتِلَ الْحُسَيْنُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ تَعَالَي عَلَي أَهْلِ الْأَرْضِ فَأَخَّرَهُ إِلَي أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ فَحَدَّثْنَاكُمْ فَأَذَعْتُمُ الْحَدِيثَ فَكَشَفْتُمْ قِنَاعَ السَّتْرِ وَلَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقْتاً عِنْدَنَا وَيَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ(4) .

وقال أبو عبداللَّه عليه السلام : مَنْ مَاتَ مِنْكُمْ عَلَي هَذَا الْأَمْرِ مُنْتَظِراً لَهُ كَانَ كَمَنْ كَانَ فِي فُسْطَاطِ الْقَائِمِ عليه السلام(5) .

وعن الفيض بن مختار قال : سمعت أبا عبداللَّه عليه السلام يقول : مَنْ مَاتَ مِنْكُمْ وَهُوَ مُنْتَظِرٌ لِهَذَا الْأَمْرِ كَمَنْ هُوَ مَعَ الْقَائِمِ فِي فُسْطَاطِهِ قَالَ ثُمَّ مَكَثَ هُنَيْئَةً ثُمَّ قَالَ لا بَلْ كَمَنْ قَارَعَ مَعَهُ بِسَيْفِهِ ثُمَّ قَالَ لا وَاللَّهِ إِلّا كَمَنِ اسْتُشْهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله(6) .

ص: 231


1- الغضا : شجر عظيم وجمرة يبقي زماناً طويلاً لا ينطفئ ( أقرب الموارد ) .
2- بصائر الدرجات :84/1 ، ح 4 بحار الأنوار : 124/52 ، ح 8 .
3- بحار الأنوار : 125/52 ، ح 12 ؛ اثبات الهداة : 81/5، ح 126 .
4- مستدرك الوسائل : 300/12 ، ح 34 ؛ الزام الناصب : 129/2 .
5- المحاسن :173/1، ح 147 بحار الأنوار : 125/52 ، ح 15 .
6- المحاسن :174/1، ح 151 بحار الأنوار :126/52 ، ح 18 .

وعن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال : قال الرضا عليه السلام : مَا أَحْسَنَ الصَّبْرَ وَانْتِظَارَ الْفَرَجِ أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَي : «وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ »(1)وَقَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ : « فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِين »(2) .(3)

وعن أبي بصير ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام أنّه قال ذات يوم : أَلا أُخْبِرُكُمْ بِمَا لا يَقْبَلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْعِبَادِ عَمَلاً إِلّا بِهِ ؟ فَقُلْتُ بَلَي ، فَقَالَ شَهَادَةُ أَنْ لا إِلَهَ إِلّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَالْإِقْرَارُ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ وَالْوَلايَةُ لَنَا وَالْبَرَاءَةُ مِنْ أَعْدَائِنَا يَعْنِي الْأَئِمَّةَ خَاصَّةً وَالتَّسْلِيمُ لَهُمْ وَالْوَرَعُ وَالاجْتِهَادُ وَالطُّمَأْنِينَةُ وَالانْتِظَارُ لِلْقَائِمِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ لَنَا دَوْلَةً يَجِي ءُ اللَّهُ بِهَا إِذَا شَاءَ ثُمَّ قَالَ مَنْ سُرَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ الْقَائِمِ فَلْيَنْتَظِرْ وَلْيَعْمَلْ بِالْوَرَعِ وَمَحَاسِنِ الْأَخْلاقِ وَهُوَ مُنْتَظِرٌ فَإِنْ مَاتَ وَقَامَ الْقَائِمُ بَعْدَهُ كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ أَدْرَكَهُ فَجِدُّوا وَانْتَظِرُوا هَنِيئاً لَكُمْ أَيَّتُهَا الْعِصَابَةُ الْمَرْحُومَةُ(4) .

أَيْنَ الْمُرْتَجي لِإِزالَةِ الْجَوْرِ وَالْعُدْوانِ

عن أبي سعيد الخدري قال : ذكر رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : بلاء يصيب هذه الأُمّة حتّي لا يجد الرجل ملجأ يلجأ إليه من الظلم فيبعث اللَّه رجلاً من عترتي فيملأ به الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً(5) .

ص: 232


1- هود : 93 .
2- الأعراف : 71 .
3- كمال الدين وتمام النعمة : 645/2 ، ح 5 بحار الأنوار : 129/52 ، ح 23 .
4- الغيبة للنعماني : 200 ، ح 16 بحار الأنوار : 140/52 ، ح 50 .
5- عمدة عيون صحاح الأخبار : 436 ، ح 918 بحار الأنوار : 104/51.

وقال أبو عبداللَّه عليه السلام : مَنْ أَصْبَحَ لا يَنْوِي ظُلْمَ أَحَدٍ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا أَذْنَبَ ذَلِكَ الْيَوْمَ مَا لَمْ يَسْفِكْ دَماً أَوْ يَأْكُلْ مَالَ يَتِيمٍ حَرَاماً(1) .

أَيْنَ الْمُدَّخَرُ لِتَجْدِيدِ الْفَرائِضِ وَالسُّنَنِ

عليّ بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال : إِذَا فُقِدَ الْخَامِسُ مِنْ وُلْدِ السَّابِعِ فَاللَّهَ اللَّهَ فِي أَدْيَانِكُمْ لا يُزِيلُكُمْ عَنْهَا أَحَدٌ يَا بُنَيَّ إِنَّهُ لا بُدَّ لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ مِنْ غَيْبَةٍ حَتَّي يَرْجِعَ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ مَنْ كَانَ يَقُولُ بِهِ ، إِنَّمَا هِيَ مِحْنَةٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ امْتَحَنَ بِهَا خَلْقَه(2) .

وعن أبي بصير قال : سألت أبا عبداللَّه عليه السلام عن قول اللَّه عزّوجلّ في كتابه : « هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَي وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ » فقال : واللَّه ما نزل تأويلهابعد ، قلت : جعلت فداك ومتي ينزل تأويلها ؟ قال : حين يقوم القائم إن شاء اللَّه(3) .

وعن أبي عبداللَّه ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن عليّ عليهم السلام أنّه قال : السُّنَّةُ سُنَّتَانِ سُنَّةٌ فِي فَرِيضَةٍ الْأَخْذُ بِهَا هُدًي وَتَرْكُهَا ضَلالَةٌ وَسُنَّةٌ فِي غَيْرِ فَرِيضَةٍ الْأَخْذُ بِهَا فَضِيلَةٌ وَتَرْكُهَا إِلَي غَيْرِ خَطِيئَةٍ(4) .

ص: 233


1- الكافي : 332/2 ، ح 7 بحار الأنوار :324/72، ح 55 .
2- الغيبة للطوسي : 337 بحار الأنوار :113/52 ، ح 26 .
3- تأويل الآيات الظاهرة : 663 بحار الأنوار : 60/51 ، ح 58 .
4- الخصال : 48/1 ، ح 54 بحار الأنوار : 264/2 ، ح 13 .

أَيْنَ الْمُتَخَيَّرُ لِإِعادَةِ الْمِلَّةِ

قال تعالي : « ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا »(1) .

عن عمر بن أبي ميثم قال : سمعت الحسين بن علي عليه السلام يقول : ما أحد علي ملّة إبراهيم إلّا نحن وشيعتنا وسائر الناس منها براء(2) .

وقال سبحانه : « قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا »(3) .

وفي تفسير القمي : أنزل اللَّه علي ابراهيم الحنيفيّة وهي الطهارة وهي عشرة أشياء خمسة في الرأس وخمسة في البدن وأمّا التي في الرأس فأخذ الشارب واعفاء اللحي وطمّ الشعر والسواك والخلال وأمّا التي في البدن فحلق الشعر من البدن والختان وقلم الأظفار والغسل من الجنابة والطهور بالماء(4) .

وقال تعالي : « إِنَّ أَوْلَي النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ »(5) .

وقال اللَّه تعالي : « وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ »(6).

وقال اللَّه تعالي : « وَوَصَّي بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَي لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ »(7).

ص: 234


1- النحل : 123 .
2- تفسير العيّاشي :388/1، ح 146 بحار الأنوار : 85/65، ح 6 .
3- البقرة : 135 .
4- بحار الأنوار : 68/73، ح 3 .
5- آل عمران : 68 .
6- البقرة : 130 .
7- البقرة : 132.

وَالشَّرِيعَةِ

قال اللَّه تعالي : « ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَي شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا »(1) .

وقال اللَّه تعالي : « شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّي بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَي وَعِيسَي أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ »(2) .

وقال اللَّه تعالي : « لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا »(3) .

وعن حمران بن أعين ، عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال : كَأَنَّنِي بِدِينِكُمْ هَذَا لا يَزَالُ مُتَخَضْخِضاً(4) يَفْحَصُ بِدَمِهِ ثُمَّ لا يَرُدُّهُ عَلَيْكُمْ إِلّا رَجُلٌ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ فَيُعْطِيكُمْ فِي السَّنَةِ عَطَاءَيْنِ وَ يَرْزُقُكُمْ فِي الشَّهْرِ رِزْقَيْنِ وَتُؤْتَوْنَ الْحِكْمَةَ فِي زَمَانِهِ حَتَّي إِنَّ الْمَرْأَةَ لَتَقْضِي فِي بَيْتِهَا بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَي وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله(5) .(6)

أَيْنَ الْمُؤَمَّلُ لِإِحْياءِ الْكِتابِ وَحُدُودِهِ

عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قَالَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وآله كَيْفَ بِكُمْ إِذَا

ص: 235


1- الجاثية : 18 .
2- الشوري : 13 .
3- المائدة : 48 .
4- في بعض النسخ « موليا » شبه عليه السلام الدين بالمقتول المضرج بالدم . قال العلّامة المجلسيّ رحمه الله : « يفحص » أي يسرع بدمه متلطّخاً به من كثرة ما أوذي بين الناس ، ولا يبعد أن يكون في الأصل « بذنبه » أي يضرب بذنبه الأرض سائرا ، تشبيها له بالحيّة المسرعة ، انتهي . أقول : المتخضخض : المتحرّك .
5- يدلّ علي أنّ الناس في زمانه عليه السلام يؤدبون بالآداب الدينيّة وتعليم الأحكام الشرعيّة علي حدّ تتمكّن المرأة في بيتها من الحكم بين الخصمين بما يوافق الكتاب والسنّة .
6- الغيبة للنعماني : 239 ، ح 20بحار الأنوار : 352/52، ح 106 .

فَسَدَتْ نِسَاؤُكُمْ وَفَسَقَ شَبَابُكُمْ وَلَمْ تَأْمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَلَمْ تَنْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ فَقِيلَ لَهُ وَيَكُونُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَقَالَ نَعَمْ وَشَرٌّ مِنْ ذَلِكَ كَيْفَ بِكُمْ إِذَا أَمَرْتُمْ بِالْمُنْكَرِ وَنَهَيْتُمْ عَنِ الْمَعْرُوفِ فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ ؟ قَالَ نَعَمْ وَشَرٌّ مِنْ ذَلِكَ كَيْفَ بِكُمْ إِذَا رَأَيْتُمُ الْمَعْرُوفَ مُنْكَراً وَالْمُنْكَرَ مَعْرُوفاً(1) .

وعن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : قالَ أميرالمؤمنين عليه السلام : سَيَأْتِي عَلَي النَّاسِ زَمَانٌ لا يَبْقَي مِنَ الْقُرْآنِ إِلّا رَسْمُهُ وَمِنَ الْإِسْلامِ إِلّا اسْمُهُ يُسَمَّوْنَ بِهِ وَهُمْ أَبْعَدُ النَّاسِ مِنْهُ مَسَاجِدُهُمْ عَامِرَةٌ وَهِيَ خَرَابٌ مِنَ الْهُدَي(2) .

وعن النزّال بن سبرة قال : خطبنا أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام فحمد اللَّه عزّوجلّ وأثني عليه وصلّي علي محمّد وآله ثمّ قال : سَلُونِي أَيُّهَا النَّاسُ قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي ثَلاثاً فَقَامَ إِلَيْهِ صَعْصَعَةُ بْنُ صُوحَانَ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَتَي يَخْرُجُ الدَّجَّالُ ؟ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ عليه السلام : إلي أن قال : - احْفَظْ فَإِنَّ عَلامَةَ ذَلِكَ إِذَا أَمَاتَ النَّاسُ الصَّلاةَ وَأَضَاعُوا الْأَمَانَةَ وَاسْتَحَلُّوا الْكَذِبَ وَأَكَلُوا الرِّبَا وَأَخَذُوا الرِّشَا وَشَيَّدُوا الْبُنْيَانَ وَبَاعُوا الدِّينَ بِالدُّنْيَا وَاسْتَعْمَلُوا السُّفَهَاءَ وَشَاوَرُوا النِّسَاءَ وَقَطَعُوا الْأَرْحَامَ وَاتَّبَعُوا الْأَهْوَاءَ وَاسْتَخَفُّوا بِالدِّمَاءِ وَكَانَ الْحِلْمُ ضَعْفاً وَالظُّلْمُ فَخْراً وَكَانَتِ الْأُمَرَاءُ فَجَرَةً وَالْوُزَرَاءُ ظَلَمَةً وَالْعُرَفَاءُ خَوَنَةً(3) وَالْقُرَّاءُ فَسَقَةً وَظَهَرَتْ شَهَادَاتُ الزُّورِ وَاسْتَعْلَنَ الْفُجُورُ وَقَوْلُ الْبُهْتَانِ وَالْإِثْمُ وَالطُّغْيَانُ وَحُلِّيَتِ الْمَصَاحِفُ وَزُخْرِفَتِ الْمَسَاجِدُ وَطُوِّلَتِ الْمَنَارُ وَأُكْرِمَ الْأَشْرَارُ وَازْدَحَمَتِ

ص: 236


1- الكافي : 59/5، ح 14 بحار الأنوار : 74/97 ، ح 14 .
2- الكافي :307/8، ح 479 بحار الأنوار :109/2 ، ح 14 .
3- المراد بالعرفاء هذا جمع عريف وهو العالم بالشي ء والذي يعرف أصحابه والقيم بأمر القوم والنقيب .

الصُّفُوفُ وَاخْتَلَفَتِ الْأَهْوَاءُ وَنُقِضَتِ الْعُقُودُ وَاقْتَرَبَ الْمَوْعُودُ وَشَارَكَ النِّسَاءُ أَزْوَاجَهُنَّ فِي التِّجَارَةِ حِرْصاً عَلَي الدُّنْيَا وَعَلَتْ أَصْوَاتُ الْفُسَّاقِ وَاسْتُمِعَ مِنْهُمْ وَكَانَ زَعِيمُ الْقَوْمِ أَرْذَلَهُمْ وَاتُّقِيَ الْفَاجِرُ مَخَافَةَ شَرِّهِ وَصُدِّقَ الْكَاذِبُ وَاؤْتُمِنَ الْخَائِنُ وَاتُّخِذَتِ الْقِيَانُ(1) وَالْمَعَازِفُ وَلَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا وَرَكِبَ ذَوَاتُ الْفُرُوجِ السُّرُوجَ وَتَشَبَّهَ النِّسَاءُ بِالرِّجَالِ وَالرِّجَالُ بِالنِّسَاءِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسْتَشْهَدَ وَ شَهِدَ الآْخَرُ قَضَاءً لِذِمَامٍ بِغَيْرِ حَقٍّ عَرَفَهُ وَتُفُقِّهَ لِغَيْرِ الدِّينِ وَآثَرُوا عَمَلَ الدُّنْيَا عَلَي الآْخِرَةِ وَلَبِسُوا جُلُودَ الضَّأْنِ عَلَي قُلُوبِ الذِّئَابِ وَقُلُوبُهُمْ أَنْتَنُ مِنَ الْجِيَفِ وَأَمَرُّ مِنَ الصَّبِرِ فَعِنْدَ ذَلِكَ الْوَحَا الْوَحَا(2) الْعَجَلَ الْعَجَلَ ، خَيْرُ الْمَسَاكِنِ يَوْمَئِذٍ بَيْتُ الْمَقْدِسِ لَيَأْتِيَنَّ عَلَي النَّاسِ زَمَانٌ يَتَمَنَّي أَحَدُهُمْ أَنَّهُ مِنْ سُكَّانِه(3) .

وروي محمّد بن يعقوب الكليني رفعه قال : قال أبو محمّد عليه السلام حين ولد الحجّة عليه السلام : زَعَمَ الظَّلَمَةُ أَنَّهُمْ يَقْتُلُونَنِي لِيَقْطَعُوا هَذَا النَّسْلَ فَكَيْفَ رَأَوْا قُدْرَةَ اللَّهِ ؟ وَسَمَّاهُ الْمُؤَمَّلَ(4) .

وقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : ألا إِنِّي سَائِلُكُمْ عَنِ الثَّقَلَيْنِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الثَّقَلَيْنِ ؟ قَالَ كِتَابُ اللَّهِ الثَّقَلُ الْأَكْبَرُ طَرَفٌ بِيَدِ اللَّهِ وَطَرَفٌ بِأَيْدِيكُمْ فَتَمَسَّكُوا بِهِ لَنْ تَضِلُّوا وَلَنْ تَزِلُّوا وَعِتْرَتِي وَأَهْلُ بَيْتِي فَإِنَّهُ قَدْ نَبَّأَنِيَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ أَنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّي يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ كَإِصْبَعَيَّ هَاتَيْنِ وَجَمَعَ بَيْنَ سَبَّابَتَيْهِ وَلا أَقُولُ كَهَاتَيْنِ

ص: 237


1- جمع : قينة : الاماء المغنّيات .
2- الوحا الوحا يعني السرعة السرعة البدار البدار .
3- كمال الدين :526/2 ، ح 1 بحار الأنوار : 192/52 ، ح 26 .
4- الغيبة للطوسي : 223 بحار الأنوار : 30/51 ، ح 5 .

وَجَمَعَ بَيْنَ سَبَّابَتِهِ وَالْوُسْطَي فَتَفْضُلُ هَذِهِ عَلَي هَذِهِ(1) .

« وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا »(2) .

وقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : انّ القرآن ماحل مصدّق(3) .

أَيْنَ مُحْيِي مَعالِمِ الدِّينِ وَأَهْلِهِ

قال عليه السلام : إنَّ الإسلامَ بَدَأَ غَرِيباً وَسَيَعُودُ غَرِيباً فَطُوبَي لِلْغُرَبَاءِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ يَكُونُ مَا ذَا قَالَ ؟ ثُمَّ يَرْجِعُ الْحَقُّ إِلَي أَهْلِه(4) .

وفي النهاية : فطوبي للغرباء ، أي : الجنّة لأولئك المسلمين الذين كانوا في أوّل الإسلام ويكونون في آخره ، وإنّما خصّهم بها لصبرهم علي أذي الكفّار أوّلاً وآخراً ولزومهم دين الإسلام(5) .

وعن أبي جعفر عليه السلام في قول اللَّه عزّوجلّ : « اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها »(6) قَالَ : يُحْيِيهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالْقَائِمِ بَعْدَ مَوْتِهَا يَعْنِي بِمَوْتِهَا كُفْرَ أَهْلِهَا وَالْكَافِرُ مَيِّتٌ(7) .

وعن بريد العجلي قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول اللَّه : « أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً

ص: 238


1- تفسير القمي : 3/1 بحار الأنوار : 129/23، ح 61 .
2- الفرقان : 30 .
3- النوادر للراوندي : 22 بحار الأنوار :134/74، ح 46 .
4- عيون أخبار الرضا عليه السلام : 202/2 ، ح 1 بحار الأنوار :136/25، ح 6 .
5- النهاية لابن أثير : 348/3.
6- الحديد : 17 .
7- كمال الدين : 668/2 ، ح 62 بحار الأنوار : 54/51 ، ح 37 .

فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ »(1) قَالَ : الْمَيِّتُ الَّذِي لا يَعْرِفُ هَذَا الشَّأْنَ يَعْنِي هَذَا الْأَمْرَ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً إِمَاماً يَأْتَمُّ بِهِ يَعْنِي عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام(2) .

وعن زرارة قال : قال أبو عبداللَّه عليه السلام : سئل أبي عن قول اللَّه : « وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّي لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ »(3) فقال : إنّه [ تأويل ] لم يجي ء تأويل هذه الآية ، ولو قد قام قائمنا بعده سيري من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية وليبلغنّ دين محمّد صلي الله عليه وآله ما بلغ الليل حتّي لا يكون شرك [ مشرك ] علي ظهر الأرض كما قال اللَّه(4) .

أَيْنَ قاصِمُ شَوْكَةِ الْمُعْتَدِينَ

عن البزنطي عن الرضا عليه السلام قال : قدّام هذا الأمر قتل بيوح ، فقلت : وما البيوح ؟ قال : دائم لا يفتر(5) .

بيان : قال الفيروزآبادي : البوح بالضم الاختلاط في الأمر وباح ظهر وبسره بوحا وبؤوحا أظهره وهو بؤوح بما في صدره واستباحهم استأصلهم(6) .

وعن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّ عليه السلام يقول : يَا أَبَا

ص: 239


1- الأنعام : 122 .
2- تفسير العيّاشي : 376/1 بحار الأنوار : 404/35، ح 25 .
3- الأنفال : 39 .
4- تفسير العيّاشي : 65/2 ، ح 48 بحار الأنوار : 55/51 ، ح 41 .
5- قرب الاسناد : 384 ، ح 1353 بحار الأنوار :182/52 ، ح 6 .
6- بحار الأنوار : 182/52.

حَمْزَةَ لا يَقُومُ الْقَائِمُ عليه السلام إِلّا عَلَي خَوْفٍ شَدِيدٍ وَزَلازِلَ وَفِتْنَةٍ وَبَلاءٍ يُصِيبُ النَّاسَ وَطَاعُونٍ قَبْلَ ذَلِكَ وَسَيْفٍ قَاطِعٍ بَيْنَ الْعَرَبِ وَاخْتِلافٍ شَدِيدٍ بَيْنَ النَّاسِ وَتَشَتُّتٍ فِي دِينِهِمْ وَتَغَيُّرٍ مِنْ حَالِهِمْ حَتَّي يَتَمَنَّي الْمُتَمَنِّي الْمَوْتَ صَبَاحاً وَمَسَاءً مِنْ عِظَمِ مَا يَرَي مِنْ كَلَبِ النَّاسِ وَأَكْلِ بَعْضِهِمْ بَعْضاً ، وَخُرُوجُهُ إِذَا خَرَجَ عِنْدَ الْإِيَاسِ وَالْقُنُوط(1) .

وفي الرواية يقول عليه السلام : أنا قاصم كلّ جبّار(2) .

أَيْنَ هادِمُ أَبْنِيَةِ الشِّرْكِ وَالنِّفاقِ

قال تعالي : «قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ »(3) .

وقال تعالي : « إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ »(4) .

وقال تعالي : « إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ »(5) .

وقال تعالي : « وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ »(6) .

حدّثنا عبداللَّه بن عطاء المكّي ، عن شيخ من الفقهاء يعني أبا عبداللَّه عليه السلام قال : سألته عن سيرة المهدي كيف سيرته ؟ فقال : يصنع كما صنع رسول اللَّه صلي الله عليه وآله يهدم ما كان قبله كما هدم رسول اللَّه صلي الله عليه وآله أمر الجاهليّة ويستأنف الاسلام جديداً(7) .

ص: 240


1- الغيبة للنعماني : 235 ، ح 22 بحار الأنوار :231/52 ، ح 96 .
2- بحار الأنوار : 194/99.
3- الرعد : 36 .
4- النساء : 48 .
5- المائدة : 72 .
6- الفتح : 6 .
7- الغيبة للنعماني : 231 ، ح 13 بحار الأنوار : 352/52 ، ح 108 .

وروي أبو بصير قال : قال أبو عبداللَّه عليه السلام : إِذَا قَامَ الْقَائِمُ هَدَمَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ حَتَّي يَرُدَّهُ إِلَي أَسَاسِهِ وَحَوَّلَ الْمَقَامَ إِلَي الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ فِيهِ وَقَطَعَ أَيْدِيَ بَنِي شَيْبَةَ وَعَلَّقَهَا عَلَي بَابِ الْكَعْبَةِ وَكَتَبَ عَلَيْهَا هَؤُلاءِ سُرَّاقُ الْكَعْبَةِ(1) .

وروي أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل أنّه قال : إذا قام القائم عليه السلام سار إلي الكوفة فهدم بها أربعة مساجد - إلي أن قال : - ولا يترك بدعة إلّا أزالها ولا سنّة إلّا أقامها(2) .

تذييل : قال شيخنا الطبرسي في كتاب إعلام الوري : فإن قيل إذا حصل الإجماع علي أن لا نبي بعد رسول اللَّه صلي الله عليه وآله و أنتم قد زعمتم أن القائم عليه السلام إذا قام لم يقبل الجزية من أهل الكتاب و أنه يقتل من بلغ العشرين و لم يتفقه في الدين و أمر بهدم المساجد و المشاهد و أنه يحكم بحكم داود عليه السلام لا يسأل بينة و أشباه ذلك مما ورد في آثاركم و هذا تكون نسخا للشريعة و إبطالا لأحكامها فقد أثبتم معني النبوة و إن لم تتلفظوا باسمها فما جوابكم عنها.

الجواب إنا لم نعرف ما تضمنه السؤال من أنه عليه السلام لا يقبل الجزية من أهل الكتاب و أنه يقتل من بلغ العشرين و لم يتفقه في الدين فإن كان ورد بذلك خبر فهو غير مقطوع به فأما هدم المساجد و المشاهد فقد يجوز أن يختص بهدم ما بني من ذلك علي غير تقوي اللَّه تعالي و علي خلاف ما أمر اللَّه سبحانه به و هذا مشروع قد فعله النبي صلي الله عليه وآله.

و أما ما روي من أنه عليه السلام يحكم بحكم آل داود لا يسأل عن بينة فهذا أيضا غير

ص: 241


1- اعلام الوري : 421 بحار الأنوار : 338/52، ح 80 .
2- الارشاد : 385/2بحار الأنوار : 339/52، ح 84 .

مقطوع به و إن صح فتأويله أن يحكم بعلمه فيما يعلمه و إذا علم الإمام أو الحاكم أمرا من الأمور فعليه أن يحكم بعلمه و لا يسأل عنه و ليس في هذا نسخ الشريعة.

علي أن هذا الذي ذكروه من ترك قبول الجزية و استماع البينة إن صح لم يكن نسخا للشريعة لأن النسخ هو ما تأخر دليله عن الحكم المنسوخ و لم يكن مصطحبا فأما إذا اصطحب الدليلان فلا يكون ذلك ناسخا لصاحبه و إن كان مخالفة في المعني و لهذا اتفقنا علي أن اللَّه سبحانه لو قال الزموا السبت إلي وقت كذا ثم لا تلزموه لا يكون نسخا لأن الدليل الرافع مصاحب الدليل الموجب و إذا صحت هذه الجملة و كان النبي صلي الله عليه وآله قد أعلمنا بأن القائم من ولده يجب اتباعه و قبول أحكامه فنحن إذا صرنا إلي ما يحكم به فينا و إن خالف بعض الأحكام المتقدمة غير عاملين بالنسخ لأن النسخ لا يدخل فيما يصطحب الدليل انتهي(1) .

أَيْنَ مُبِيدُ أَهْلِ الْفُسُوقِ وَالْعِصْيانِ وَالطُّغْيانِ

قال تعالي : « وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ »(2) .

وقال تعالي : « وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ »(3) .

وقال تعالي : « فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَي عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ »(4) .

عن ابن أبي يعفور قال : سمعت أبا عبداللَّه عليه السلام يقول : لا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ أَنْ

ص: 242


1- بحار الأنوار : 381/52 ؛ اعلام الوري : 477 .
2- المائدة : 47 .
3- المائدة : 108 .
4- التوبة : 96 .

يُمَحَّصُوا وَيُمَيَّزُوا وَيُغَرْبَلُوا وَيُسْتَخْرَجُ فِي الْغِرْبَالِ خَلْقٌ كَثِيرٌ(1) .

وعن حذيفة بن اليمان قال : سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه وآله يقول : يُمَيِّزُ اللَّهُ أَوْلِيَاءَهُ وَأَصْفِيَاءَهُ حَتَّي يُطَهِّرَ الْأَرْضَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَالضَّالِّينَ وَأَبْنَاءِ الضَّالِّينَ وَحَتَّي تَلْتَقِيَ بِالرَّجُلِ يَوْمَئِذٍ خَمْسُونَ امْرَأَةً هَذِهِ تَقُولُ يَا عَبْدَ اللَّهِ اشْتَرِنِي وَهَذِهِ تَقُولُ يَا عَبْدَ اللَّهِ آوِنِي(2) .

وعن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّ عليه السلام يقول : فَيَا طُوبَي لِمَنْ أَدْرَكَهُ وَكَانَ مِنْ أَنْصَارِهِ وَالْوَيْلُ كُلُّ الْوَيْلِ لِمَنْ نَاوَاهُ [أي عاداه ]وَ خَالَفَهُ وَخَالَفَ أَمْرَهُ وَكَانَ مِنْ أَعْدَائِهِ ، وَقَالَ عليه السلام يَقُومُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ وَكِتَابٍ جَدِيدٍ وَسُنَّةٍ جَدِيدَةٍ وَقَضَاءٍ جَدِيدٍ عَلَي الْعَرَبِ شَدِيدٌ وَلَيْسَ شَأْنُهُ إِلّا الْقَتْلَ لا يَسْتَبْقِي أَحَداً وَلا يَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لائِم(3) .

وعن ابن بكير قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن قوله : « وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا » قال : أُنْزِلَتْ فِي الْقَائِمِ عليه السلام إِذَا خَرَجَ بِالْيَهُودِ وَالنَّصَارَي وَالصَّابِئِينَ وَالزَّنَادِقَةِ وَأَهْلِ الرِّدَّةِ وَالْكُفَّارِ فِي شَرْقِ الْأَرْضِ وَغَرْبِهَا فَعَرَضَ عَلَيْهِمُ الْإِسْلامَ فَمَنْ أَسْلَمَ طَوْعاً أَمَرَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَمَا يُؤْمَرُ بِهِ الْمُسْلِمُ وَيَجِبُ للَّهِ ِ عَلَيْهِ وَمَنْ لَمْ يُسْلِمْ ضَرَبَ عُنُقَهُ حَتَّي لا يَبْقَي فِي الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ أَحَدٌ إِلّا وَحَّدَ اللَّهَ قُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ الْخَلْقَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ أَمْراً قَلَّلَ الْكَثِيرَ وَكَثَّرَ الْقَلِيلَ(4) .

ص: 243


1- الكافي : 370/1 ، ح 2 بحار الأنوار : 219/5 ، ح 13 .
2- الأمالي للمفيد : 144/م 8 ، ح 2 بحار الأنوار : 225/52 ، ح 88 .
3- الغيبة للنعماني : 235 ، ح 22 بحار الأنوار : 348/52 ، ح 99 .
4- تفسير العيّاشي : 183/1 ، ح 82 بحار الأنوار : 340/52، ح 90 .

وعن محمّد بن مسلم الثقفي الطحّان قال : دخلت علي أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام وأنا أُريد أن أسأله عن القائم من آل محمّد صلي الله عليه وآله ، فقال لي مبتدئاً : يا محمّد بن مسلم إن في القائم من آل محمّد صلي الله عليه وآله شبهاً من خمسة من الرسل - إلي أن قال : - وَأَمَّا شَبَهُهُ مِنْ جَدِّهِ الْمُصْطَفَي صلي الله عليه وآله فَخُرُوجُهُ بِالسَّيْفِ وَقَتْلُهُ أَعْدَاءَ اللَّهِ وَأَعْدَاءَ رَسُولِهِ صلي الله عليه وآله وَالْجَبَّارِينَ وَالطَّوَاغِيتَ وَأَنَّهُ يُنْصَرُ بِالسَّيْفِ وَالرُّعْبِ وَأَنَّهُ لا تُرَدُّ لَهُ رَايَة(1) .

أَيْنَ حاصِدُ فُرُوعِ الْغَيِّ وَالشِّقاقِ

روي أنّ النبي صلي الله عليه وآله قال : ليأتينّ علي أُمّتي ما أتي علي بني إسرائيل وإنّ بني إسرائيل تفرّقت علي اثنتين وسبعين فرقة وستفترق أُمّتي علي ثلاث وسبعين فرقة كلّهم في النار إلّا فرقة واحدة(2) .

أَيْنَ طامِسُ آثارِ الزَّيْغِ وَالْأَهْواءِ

عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وآله أَمِنَّا آلَ مُحَمَّدٍ الْمَهْدِيُّ أَمْ مِنْ غَيْرِنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله لا بَلْ مِنَّا يَخْتِمُ اللَّهُ بِهِ الدِّينَ كَمَا فَتَحَ بِنَا وَبِنَا يُنْقَذُونَ مِنَ الْفِتَنِ كَمَا أُنْقِذُوا مِنَ الشِّرْكِ وَبِنَا يُؤَلِّفُ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ بَعْدَ عَدَاوَةِ الْفِتْنَةِ إِخْوَاناً كَمَا أَلَّفَ بَيْنَهُمْ بَعْدَ عَدَاوَةِ الشِّرْكِ إِخْوَاناً فِي دِينِهِم(3) .

ص: 244


1- كمال الدين : 327/1بحار الأنوار : 217/51، ح 6 .
2- عوالي اللئالي :83/1 ، ح 7 .
3- كشف الغمّة : 473/2 بحار الأنوار : 93/51 .

وروي أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل أنّه قال : إذا قام القائم عليه السلام سار إلي الكوفة - إلي أن قال : - ولا يتركُ بدعة إلّا أزالها ولا سنّة إلّا أقامها(1) .

أَيْنَ قاطِعُ حَبائِلِ الْكِذْبِ وَالافْتِراءِ

عن عمّار بن موسي الساباطي ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : سمعته يقول : لَمْ تَخْلُ الْأَرْضُ مُنْذُ كَانَتْ مِنْ حُجَّةٍ عَالِمٍ يُحْيِي فِيهَا مَا يُمِيتُونَ مِنَ الْحَقِّ ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآْيَةَ : « يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ »(2) .(3)

وفي تفسير القمي : قوله : « يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ » قَالَ : بِالْقَائِمِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ إِذَا خَرَجَ لَيُظْهِرُهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ حَتَّي لا يُعْبَدَ غَيْرُ اللَّه(4) .

وقال أميرالمؤمنين عليه السلام : إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ بِنَا بَيَّنَ اللَّهُ الْكَذِب(5) .

وقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله في حديث طويل : فَعِنْدَ ذَلِكَ خُرُوجُ الْمَهْدِيِّ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ هَذَا وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام بِهِ يَمْحَقُ اللَّهُ الْكَذِب(6) .

ص: 245


1- الارشاد : 385/2بحار الأنوار : 339/52 ، ح 84 .
2- الصف : 8 .
3- كمال الدين :221/1، ح 4 بحار الأنوار : 37/23، ح 65 .
4- تفسير القمي :365/2 بحار الأنوار :49/51، ح 16 .
5- بحار الأنوار : 643/34 .
6- الغيبة للطوسي : 185 بحار الأنوار : 75/51، ح 29 .

أَيْنَ مُبِيدُ الْعُتاةِ وَالْمَرَدَةِ

قال تعالي : « لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوّاً كَبِيراً »(1) .

وقال تعالي : « مَرَدُوا عَلَي النِّفَاقِ »(2) .

وقال تعالي : « فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ »(3) .

أَيْنَ مُسْتَأْصِلُ أَهْلِ الْعِنادِ وَالتَّضْلِيلِ وَالْإِلْحادِ

عن عليّ بن جعفر بن محمّد ، عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام أنّه سئل عن هذه الآية : « يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ »(4) قال : عَرَفُوه ثُمَّ أنكَرَوه(5) .

وقال تعالي : « وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ »(6) .

وقال تعالي : « كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لآِيَاتِنَا عَنِيداً » .

وقال عليّ بن إبراهيم في قوله : «فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ»إلي قوله «ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً »فإنها نزلت في الوليد بن المغيرة وكان شيخا كبيرا مجربا من دهاة العرب، وكان من المستهزءين برسول اللَّه صلي الله عليه وآله ، وكان رسول اللَّه صلي الله عليه وآله يقعد في الحجرة ويقرأ القرآن فاجتمعت قريش إلي الوليد بن المغيرة، فقالوا يا أبا

ص: 246


1- الفرقان : 21 .
2- التوبة : 101 .
3- التوبة : 12 .
4- النحل : 83 .
5- تفسير العيّاشي :266/2، ح 55 ؛ بحار الأنوار : 56/24 ، ح 24 .
6- النمل : 14 .

عبدالشمس ما هذا الذي يقول محمد أشعر هو أم كهانة أم خطب ؟ فقال : دعوني أسمع كلامه، فدنا من رسول اللَّه صلي الله عليه وآله فقال : يا محمد أنشدني من شعرك، قال : ما هو شعر ولكنه كلام اللَّه الذي ارتضاه لملائكته وأنبيائه، فقال : اتل علي منه شيئا، فقرأ رسول اللَّه صلي الله عليه وآله حم السجدة ، فلمّا بلغ قوله : « فَإِنْ أَعْرَضُوا » يا محمد أعني قريشا « فَقُلْ لهم أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ »، قال : فاقشعر الوليد وقامت كل شعرة في رأسه ولحيته ومر إلي بيته ولم يرجع إلي قريش من ذلك، فمشوا إلي أبي جهل فقالوا يا أبا الحكم ان أبا عبد الشمس صبا إلي دين محمد أما تراه لم يرجع إلينا، فغدا أبو جهل فقال له : يا عم نكست رؤوسنا وفضحتنا وأشمت بنا عدونا وصبوت إلي دين محمد، فقال : ما صبوت إلي دينه ولكني سمعت منه كلاما صعبا تقشعر منه الجلود، فقال له أبو جهل أخطب هو ؟ قال : لا أن الخطب كلام متصل وهذا كلام منثور ولا يشبه بعضه بعضا قال : أفشعر هو ؟ قال : لا، أما إنّي قد سمعت أشعار العرب بسيطها ومديدها ورملها ورجزها وما هو بشعر قال ، فما هو ؟ قال : دعني أفكر فيه فلمّا كان من الغد قالوا : يا أبا عبد شمس ما تقول فيما قلناه ؟ قال : قولوا هو سحر فإنه أخذ بقلوب الناس، فأنزل اللَّه علي رسوله في ذلك « ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً » وإنما سمي وحيدا لأنّه قال لقريش أنا أتوحد بكسوة البيت سنة وعليكم في جماعتكم سنة، وكان له مال كثير وحدائق(1) .

ويروي أنّ النبي صلي الله عليه وآله لمّا أنزل عليه : « حم * تَنزِيلُ الْكِتَابِ »(2) قام إلي

ص: 247


1- تفسير القمي :393/2بحار الأنوار :244/9، ح 148 .
2- غافر : 1 - 2 .

المسجد والوليد بن المغيرة قريب منه يسمع قراءته فلمّا فطن النبي صلي الله عليه وآله لاستماعه لقراءته أعاد قراءة الآية فانطلق الوليد حتّي أتي مجلس قومه بني مخزوم فقال ، واللَّه لقد سمعت من محمّد آنفا كلاماً ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن وإن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمعذق وإنه ليعلو وما يعلي(1) .

والتضليل

قال تعالي : « وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِيناً »(2) .

وقال سبحانه : « إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيداً »(3) .

وقال تعالي : « وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيداً »(4) .

قال عزّ من قائل : « وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيداً »(5) .

عن أبي جعفر عليه السلام في قوله : « الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ »(6) إلي آخر الآية وهذه الآية لآل محمّدعليهم السلام وَالْمَهْدِي وَأَصْحَابه

ص: 248


1- بحار الأنوار :168/8؛ مجمع البيان 584/10 .
2- الأحزاب : 36 .
3- النساء : 167 .
4- النساء : 116 .
5- النساء : 136 .
6- الحج : 41 .

يُمَلِّكُهُمُ اللَّهُ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا - وَيُظْهِرُ الدِّينَ - وَيُمِيتُ اللَّهُ بِهِ وَبِأَصْحَابِهِ الْبِدَعَ وَالْبَاطِلَ كَمَا أَمَاتَ السَّفَه الْحَقَّ حَتَّي لا يُرَي أَثَرٌ مِنَ الظُّلْم(1) .

وقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلّا يَوْمٌ لَطَوَّلَ اللَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّي يَبْعَثَ رَجُلاً مِنِّي(2) .

والالحاد

قال تعالي : « وَللَّهِ ِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَي فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ »(3).

وقال تعالي : « إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا »(4) .

وقال أميرالمؤمنين عليه السلام : يَعْطِفُ الْهَوَي عَلَي الْهُدَي إِذَا عَطَفُوا الْهُدَي عَلَي الْهَوَي، وَيَعْطِفُ الرَّأْي علي القرآن إذا عطفوا القرآن علي الرأي(5) .

أَيْنَ مُعِزُّ الْأَوْ لِياءِ وَمُذِلُّ الْأَعْداءِ

قال تعالي : « وَللَّهِ ِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ »(6) .

وقال تعالي : « إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ »(7) .

ص: 249


1- تفسير القمي :87/2 ؛ بحار الأنوار : 47/51، ح 9 .
2- الغيبة للطوسي : 181 ؛ بحار الأنوار :74/51 ، ح 27 .
3- الأعراف : 180.
4- فصّلت : 40 .
5- نهج البلاغة ( ترجمه فيض الاسلام ) : خ 138 ؛ بحار الأنوار : 49/31، ح 51 .
6- المنافون : 8 .
7- المجادلة : 20 .

عن عليّ بن الحسين عليه السلام قال : إِذَا قَامَ قَائِمُنَا أَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ شِيعَتِنَا الْعَاهَةَ وَجَعَلَ قُلُوبَهُمْ كَزُبَرِ الْحَدِيدِ وَجَعَلَ قُوَّةَ الرَّجُلِ مِنْهُمْ قُوَّةَ أَرْبَعِينَ رَجُلاً وَيَكُونُونَ حُكَّامَ الْأَرْضِ وَسَنَامَهَا(1) .

وعن أبي جعفر عليه السلام قال : فَإِذَا وَقَعَ أَمْرُنَا وَجَاءَ مَهْدِيُّنَا عليه السلام كَانَ الرَّجُلُ مِنْ شِيعَتِنَا أَجْرَأَ مِنْ لَيْثٍ وَأَمْضَي مِنْ سِنَانٍ يَطَأُ عَدُوَّنَا بِرِجْلَيْهِ وَيَضْرِبُهُ بِكَفَّيْهِ وَذَلِكَ عِنْدَ نُزُولِ رَحْمَةِ اللَّهِ وَفَرَجِهِ عَلَي الْعِبَادِ(2) .

وعن محمّد بن جعفر بن محمّد ، عن أبيه عليهم السلام قال : إِذَا قَامَ الْقَائِمُ بَعَثَ فِي أَقَالِيمِ الْأَرْضِ فِي كُلِّ إِقْلِيمٍ رَجُلاً يَقُولُ عَهْدُكَ فِي كَفِّكَ فَإِذَا وَرَدَ عَلَيْكَ مَا لا تَفْهَمُهُ وَلا تَعْرِفُ الْقَضَاءَ فِيهِ فَانْظُرْ إِلَي كَفِّكَ وَاعْمَلْ بِمَا فِيهَا(3) .

وعن أبي جعفر عليه السلام قال : إِذَا قَامَ قَائِمُنَا وَضَعَ اللَّهُ يَدَهُ عَلَي رُءُوسِ الْعِبَادِ فَجَمَعَ بِهَا عُقُولَهُمْ وَكَمَلَتْ بِهِ أَحْلامُهُمْ(4) .

وفي رواية أُخري عن أبي جعفر عليه السلام قال : إِذَا قَامَ قَائِمُنَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَي رُءُوسِ الْعِبَادِ فَجَمَعَ بِهِ عُقُولَهُمْ وَأَكْمَلَ بِهِ أَخْلاقَهُمْ(5) .

وعن أبي بصير قال : قال أبو عبداللَّه عليه السلام في قول اللَّه عزّ وجلّ : « هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدي وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ » فَقَالَ : وَاللَّهِ مَا نَزَلَ تَأْوِيلُهَا بَعْدُ وَلا يَنْزِلُ تَأْوِيلُهَا حَتَّي يَخْرُجَ الْقَائِمُ عليه السلام فَإِذَا خَرَجَ

ص: 250


1- الخصال : 541/2، ح 14 ؛ بحار الأنوار : 317/52 ، ح 12 .
2- بصائر الدرجات : 24/1 ، ح 17 ؛ بحار الأنوار :318/52، ح 17 .
3- الغيبة للنعماني : 319 ، ح 8 ؛ بحار الأنوار : 365/52 ، ح 144 .
4- الكافي : 25/1، ح 21 ؛ بحار الأنوار :328/52، ح 47 .
5- الخرائج : 840/2 ، ح 57 ؛ بحار الأنوار :336/52، ح 71 .

الْقَائِمُ لَمْ يَبْقَ كَافِرٌ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَلا مُشْرِكٌ بِالْإِمَامِ إِلّا كَرِهَ خُرُوجَهُ حَتَّي لَوْ كَانَ كَافِرٌ أَوْ مُشْرِكٌ فِي بَطْنِ صَخْرَةٍ لَقَالَتْ يَا مُؤْمِنُ فِي بَطْنِي كَافِرٌ فَاكْسِرْنِي وَاقْتُلْهُ(1) .

وعن أبي جعفر عليه السلام قال : كَأَنِّي بِأَصْحَابِ الْقَائِمِ وَقَدْ أَحَاطُوا بِمَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ لَيْسَ مِنْ شَيْ ءٍ إِلّا وَهُوَ مُطِيعٌ لَهُمْ حَتَّي سِبَاعُ الْأَرْضِ وَسِبَاعُ الطَّيْرِ تَطْلُبُ رِضَاهُمْ فِي كُلِّ شَيْ ءٍ حَتَّي تَفْخَرَ الْأَرْضُ عَلَي الْأَرْضِ وَتَقُولَ مَرَّ بِي الْيَوْمَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ الْقَائِمِ عليه السلام(2) .

وعن الحسن بن هارون قال : كنت عند أبي عبداللَّه عليه السلام جالساً فسأله المُعلّي بن خُنيس : أيسير القائم بخلاف سيرة أميرالمؤمنين عليه السلام ؟ فقال : نَعَمْ ، وَذَلِكَ أَنَّ عَلِيّاً عليه السلام سَارَ بِالْمَنِّ وَالْكَفِّ لأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ شِيعَتَهُ سَيُظْهَرُ عَلَيْهِمْ وَإِنَّ الْقَائِمَ إِذَا قَامَ سَارَ فِيهِمْ بِالسَّيْفِ وَالسَّبْيِ وَذَلِكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ شِيعَتَهُ لَمْ يُظْهَرْ عَلَيْهِمْ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً(3) .

وقال أبو عبداللَّه عليه السلام : يَكُونُ شِيعَتُنَا فِي دَوْلَةِ الْقَائِمِ عَلَيْهِ السَّلامُ سَنَامَ الْأَرْضِ وَحُكَّامَهَا يُعْطَي كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ قُوَّةَ أَرْبَعِينَ رَجُلاً(4) .

أَيْنَ جامِعُ الْكَلِمَةِ عَلَي التَّقْوي

بِكُمْ انْتَظَمَتِ الْكَلِمَة(5) .

ص: 251


1- كمال الدين670/2 ، ح 16 ؛ بحار الأنوار : 324/52، ح 36 .
2- كمال الدين :473/2 ، ح 36 ؛ بحار الأنوار :327/52 ، ح 43 .
3- علل الشرائع : 210/1، ح 1 ؛ بحار الأنوار : 443/33، ح 654.
4- الاختصاص : 8 ؛ بحار الأنوار : 372/52 ، ح 164 .
5- بحار الأنوار : 19/99.

أَيْنَ بابُ اللَّهِ الَّذِي مِنْهُ يُؤْتي

عن سعد ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : سألته عن هذه الآية : « وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَي وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا »(1) فقال عليه السلام : آلُ مُحَمَّدٍ صلي الله عليه وآله أَبْوَابُ اللَّهِ وَسَبِيلُهُ وَالدُّعَاةُ إِلَي الْجَنَّةِ وَالْقَادَةُ إِلَيْهَا وَالْأَدِلّاءُ عَلَيْهَا إِلَي يَوْمِ الْقِيَامَةِ (2) .

وعن أصبغ بن نباتة قال : كنت جالساً عند أميرالمؤمنين عليه السلام فجاء ابن الكوّاء(3) فقال : يا أميرالمؤمنين من البيوت في قول اللَّه عزّ وجلّ « لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقي وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها »(4) قال عليّ عليه السلام : نَحْنُ الْبُيُوتُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُؤْتَي مِنْ أَبْوَابِهَا ، نَحْنُ بَابُ اللَّهِ وَبُيُوتُهُ الَّتِي يُؤْتَي مِنْهُ فَمَنْ بَايَعَنَا وَأَقَرَّ بِوَلايَتِنَا فَقَدْ أَتَي الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَمَنْ خَالَفَنَا وَفَضَّلَ عَلَيْنَا غَيْرَنَا فَقَدْ أَتَي الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا(5) .

وعن أبي بصير قال : قال أبو عبداللَّه عليه السلام : الْأَوْصِيَاءُ هُمْ أَبْوَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّتِي يُؤْتَي مِنْهَا وَلَوْلاهُمْ مَا عُرِفَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَبِهِمُ احْتَجَّ اللَّهُ

ص: 252


1- البقرة : 189 .
2- تفسير العيّاشي :86/1 ، ح 210 ؛ بحار الأنوار : 104/2 ، ح 60 .
3- ابن الكواء اسمه عبداللَّه ، وهو خارجيِ ملعون ، قرأ خلف أميرالمؤمنين عليه السلام جهراً : « وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَي الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ » ( الزمر : 65 ) وكان عليّ عليه السلام يؤمّ الناس وهو يجهر بالقراءة فسكت عليه السلام حتّي سكت ابن الكوّاء ، ثمّ عاد في قراءته فعاد حتّي فعل ذلك ثلاثاً فلمّا كان في الثالثة قرأ أميرالمؤمنين عليه السلام : « فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ » (الروم : 60 ) . الاحتجاج علي أهل اللجاج : 227/1 ، تعليقة 1 .
4- البقرة : 189 .
5- الاحتجاج : 227/1 ؛ بحار الأنوار : 328/23 ، ح 9 .

تَبَارَكَ وَتَعَالَي عَلَي خَلْقِهِ(1) .

أَيْنَ وَجْهُ اللَّهِ الَّذِي إِلَيْهِ يَتَوَجَّهُ الْأَوْ لِياءُ

روي عن أبي الصلت عن الرضا عليه السلام قال : قلت يا ابن رسول اللَّه ما معني الخبر الذي رووه أنّ ثواب لا إله إلّا اللَّه ثواب النظر إلي وجه اللَّه ؟ فقال عليه السلام : مَنْ وَصَفَ اللَّهَ بِوَجْهٍ كَالْوُجُوهِ فَقَدْ كَفَرَ وَلَكِنَّ وَجْهَ اللَّهِ أَنْبِيَاؤُهُ وَرُسُلُهُ وَحُجَجُهُ عليه السلام الَّذِينَ بِهِمْ يُتَوَجَّهُ إِلَي اللَّهِ عَزَّ وَجَل(2) .

وعن الحرث بن المغيرة قال : كنّا عند أبي عبداللَّه عليه السلام فسأله رجل عن قول اللَّه تعالي : « كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلّا وَجْهَهُ » فَقَالَ : مَا يَقُولُونَ ؟ قُلْتُ : يَقُولُونَ : هَلَكَ كُلُّ شَيْ ءٍ إِلّا وَجْهَهُ فَقَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ لَقَدْ قَالُوا عَظِيماً إِنَّمَا عَنَي كُلَّ شَيْ ءٍ هَالِكٌ إِلّا وَجْهَهُ الَّذِي يُؤْتَي مِنْهُ وَنَحْنُ وَجْهُهُ الَّذِي يُؤْتَي مِنْهُ(3) .

وقال أبو عبداللَّه عليه السلام : نَحْنُ وَجْهُ اللَّهِ الَّذِي لا يَهْلِكُ(4) .

أَيْنَ السَّبَبُ الْمُتَّصِلُ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالسَّماءِ

عن محمّد بن المثنّي الأزدي : أنّه سمع أبا عبداللَّه جعفر بن محمّد عليه السلام يقول : نَحْنُ السَّبَبُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ(5) .

ص: 253


1- الكافي : 193/1 ، ح 2 .
2- مجمع البحرين : 366/6 .
3- بصائر الدرجات : 65/1 ، ح 1 ؛ بحار الأنوار :200/24 ، ح 29 .
4- التوحيد للصدوق : 15 ، ح 4 ؛ بحار الأنوار : 6/4 ، ح 12 .
5- الأمالي للطوسي : 157/م 6 ، ح 12 ؛ بحار الأنوار : 101/23 ، ح 5 .

وعن أبي عبداللَّه عليه السلام أنّه قال : أَبَي اللَّهُ أَنْ يُجْرِيَ الْأَشْيَاءَ إِلّا بِالْأَسْبَابِ فَجَعَلَ لِكُلِّ شَيْ ءٍ سَبَباً وَجَعَلَ لِكُلِّ سَبَبٍ شَرْحاً وَجَعَلَ لِكُلِّ شَرْحٍ مِفْتَاحاً وَجَعَلَ لِكُلِّ مِفْتَاحٍ عَلَماً وَجَعَلَ لِكُلِّ عَلَمٍ بَاباً نَاطِقا(1) .

قيل في تفسيره : الشي ء دخول الجنّة ، والسبب الطاعة ، والشرح الشريعة ، والعلم رسول اللَّه صلي الله عليه وآله ، والباب أئمّة الهدي عليهم السلام(2) .

وقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : لا يُعْرَفُ اللَّهُ إِلّا بِسَبِيلِ مَعْرِفَتِكُم(3) .

وعن بريد العجلي قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : بِنَا عُبِدَ اللَّهُ وَبِنَا عُرِفَ اللَّهُ وَبِنَا وُحِّدَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَي وَمُحَمَّدٌ حِجَابُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَي(4) .

قال تعالي : « إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا »(5) .

وقال الرضا عليه السلام : بِنَا يُمسِكُ اللَّهُ السماواتِ والأرضَ أنْ تَزُولا(6).

أَيْنَ صاحِبُ يَوْمِ الْفَتْحِ

في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله : « وَ أُخْري تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ »(7) يَعْنِي فِي الدُّنْيَا بِفَتْحِ الْقَائِمِ عليه السلام وايضا قال : فتحِ مكّة(8) .

ص: 254


1- بصائر الدرجات :6/1، ح 1 ؛ بحار الأنوار :90/2 ، ح 14 .
2- مجمع البحرين :80/2 .
3- بصائر الدرجات : 498/1 ، ح 10 ؛ بحار الأنوار :251/24، ح 9 .
4- الكافي : 145/1 ، ح 10 ؛ بحار الأنوار : 102/23 ، ح 8 .
5- فاطر : 41 .
6- كمال الدين : 202/1 ، ح 6 ؛ بحار الأنوار : 35/23 ، ح 59.
7- الصف : 13 .
8- تفسير القمي : 366/2 ؛ بحار الأنوار : 49/51 ، ح 17 .

وَناشِرُ رايَةِ الْهُدي

عن عبداللَّه بن سنان ، عن أبي عبداللَّه جعفر بن محمّد عليه السلام أنّه : قالَ أَبَي اللَّهُ إِلّا أَنْ يُخْلِفَ وَقْتَ الْمُوَقِّتِينَ وَهِيَ رَايَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله نَزَلَ بِهَا جَبْرَئِيلُ يَوْمَ بَدْرٍ سير به ثُمَّ قَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ(1) مَا هِيَ وَاللَّهِ قُطْنٌ وَلا كَتانٌ وَلا خَزٌّ وَلا حَرِيرٌ قُلْتُ مِنْ أَيِّ شَيْ ءٍ قَالَ مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ نَشَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله يَوْمَ بَدْرٍ ثُمَّ لَفَّهَا وَدَفَعَهَا إِلَي عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ لَفَّهَا وَهِيَ عِنْدَنَا هُنَاكَ لا يَنْشُرُهَا أَحَدٌ حَتَّي يَقُومَ الْقَائِم عليه السلام(2) .

وعن أبي بصير قال : قال أبو عبداللَّه عليه السلام : لَمَّا الْتَقَي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ نَشَرَ الرَّايَةَ رَايَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله فَتَزَلْزَلَتْ أَقْدَامُهُمْ فَمَا اصْفَرَّتِ الشَّمْسُ حَتَّي قَالُوا آمِنَّا يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ لا تَقْتُلُوا الْأُسَرَاءَ وَلا تُجْهِزُوا عَلَي جَرِيحٍ وَلا تَتْبَعُوا مُوَلِّياً وَمَنْ أَلْقَي سِلاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَلَمَّا كَانَ يَوْمُ صِفِّينَ سَأَلُوهُ نَشْرَ الرَّايَةِ فَأَبَي عَلَيْهِمْ فَتَحَمَّلُوا عَلَيْهِ بِالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ فَقَالَ لِلْحَسَنِ يَا بُنَيَّ إِنَّ لِلْقَوْمِ مُدَّةً يَبْلُغُونَهَا وَإِنَّ هَذِهِ رَايَةٌ لا يَنْشُرُهَا بَعْدِي إِلّا الْقَائِمُ عليه السلام(3) .

ص: 255


1- «أبو محمّد » كنية أبو بصير ، والخطاب معه .
2- بحار الأنوار :360/52 ، ح 129 .
3- بحار الأنوار : 210/32، ح 165 .

أَيْنَ مُؤَ لِّفُ شَمْلِ الصَّلاحِ وَالرِّضا

(مُؤَ لِّفُ)(1) شَمْلِ(2)

عن عميرة بنت نفيل قالت : سمعت الحسن بن علي عليه السلام يقول : لا يَكُونُ الْأَمْرُ الَّذِي تَنْتَظِرُونَ حَتَّي يَبْرَأَ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ وَيَتْفُلَ بَعْضُكُمْ فِي وُجُوهِ بَعْضٍ وَحَتَّي يَلْعَنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَحَتَّي يُسَمِّيَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً كَذَّابِينَ(3) .

وعن زيد بن وهب الجهني قال الحسن بن علي عليه السلام : يَبْعَثَ اللَّهُ رَجُلاً فِي آخِرِ الزَّمَانِ وَكَلَبٍ مِنَ الدَّهْرِ وَجَهْلٍ مِنَ النَّاسِ يُؤَيِّدُهُ اللَّهُ بِمَلائِكَتِهِ وَيَعْصِمُ أَنْصَارَهُ وَيَنْصُرُهُ بِآيَاتِهِ وَيُظْهِرُهُ عَلَي الْأَرْضِ حَتَّي يَدِينُوا طَوْعاً وَ كَرْهاً يَمْلأُ الْأَرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً وَنُوراً وَبُرْهَاناً يَدِينُ لَهُ عَرْضُ الْبِلادِ وَطُولُهَا حَتَّي لا يَبْقَي كَافِرٌ إِلّا آمَنَ وَلا طَالِحٌ إِلّا صَلَحَ وَتَصْطَلِحُ فِي مُلْكِهِ السِّبَاعُ وَتُخْرِجُ الْأَرْضُ نَبْتَهَا وَتُنْزِلُ السَّمَاءُ بَرَكَتَهَا وَتَظْهَرُ لَهُ الْكُنُوزُ يَمْلِكُ مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ أَرْبَعِينَ عَاماً فَطُوبَي لِمَنْ أَدْرَكَ أَيَّامَهُ وَسَمِعَ كَلامَهُ(4) .

وعن أبي زهير شبيب بن أنس ، عن بعض أصحاب أبي عبداللَّه عليه السلام قال : دخل عليه أبو حنيفة فقال له : أبو عبداللَّه عليه السلام : أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : « سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ » أَيْنَ ذَلِكَ مِنَ الْأَرْضِ ؟ قَالَ : أَحْسَبُهُ مَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَالْتَفَتَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام إِلَي أَصْحَابِهِ فَقَالَ : أَتَعْلَمُونَ أَنَّ النَّاسَ يُقْطَعُ عَلَيْهِمْ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ فَتُؤْخَذُ أَمْوَالُهُمْ وَلا يَأْمَنُونَ عَلَي أَنْفُسِهِمْ وَيُقْتَلُونَ ؟

ص: 256


1- ألّف بين الشيئين : جمع . ( مجمع البحرين : 26/5 ) .
2- جمع اللَّه شملهم أي ما تشتّت من أمرهم . ( لسان العرب : 370/11 ) وجمع اللَّه ( شملهم ) أي ما تفرّق من أمرهم . ( المصباح المنير : 323/2 ) .
3- بحار الأنوار :15/25، ح 23 .
4- الاحتجاج :291/2؛ بحار الأنوار : 280/52 ، ح 6 .

قَالُوا : نَعَمْ ، قَالَ : فَسَكَتَ أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ : يَا أبَا حَنِيفَةَ أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : « وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً » أَيْنَ ذَلِكَ مِنَ الْأَرْضِ ؟ قَالَ : الْكَعْبَةُ ، قَالَ : أَفَتَعْلَمُ أَنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ حِينَ وَضَعَ الْمَنْجَنِيقَ عَلَي ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي الْكَعْبَةِ فَقَتَلَهُ كَانَ آمِناً فِيهَا ؟ قَالَ : فَسَكَتَ ، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْحَضْرَمِيُّ : جُعِلْتُ فِدَاكَ الْجَوَابُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ ؟ فَقَالَ : يَا أبَا بَكْرٍ « سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ » فَقَالَ : مَعَ قَائِمِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَأَمَّا قَوْلُهُ : « وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً » فَمَنْ بَايَعَهُ وَدَخَلَ مَعَهُ وَمَسَحَ عَلَي يَدِهِ وَدَخَلَ فِي عَقْدِ أَصْحَابِهِ كَانَ آمِناً الْخَبَرَ(1) .

أَيْنَ الطَّالِبُ بِذُحُولِ الْأَ نْبِياءِ وَأَبْناءِ الْأَ نْبِياءِ

(بِذُحُولِ)(2)

قال تعالي : « كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَي أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ »(3) .

قال الحسين بن علي عليه السلام : أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانُوا يَقْتُلُونَ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَي طُلُوعِ الشَّمْسِ سَبْعِينَ نَبِيّا(4) .

وروي أبو عبيدة بن الجرّاح ، قال : قلت : يا رسول اللَّه أيّ الناس أشدّ عذاباً يوم القيامة ؟

قال صلي الله عليه وآله : رجل قتل نبيّاً أو رجلاً أمر بمعروف أو نهي عن منكر ، ثمّ قرأ صلي الله عليه وآله :

ص: 257


1- بحار الأنوار :314/52 ؛ علل الشرائع : 90/1 ، ح 5 .
2- الذحل : الثأر . ( مجمع البحرين : 375/5 ) .
3- المائدة : 70 .
4- بحار الأنوار : 365/44 .

«وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ »(1) ثمّ قال صلي الله عليه وآله : يا أبا عبيدة ، قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيّاً من أوّل النهار في ساعة واحدة ، فقام مائة رجل واثنا عشر رجلاً من عباد بني إسرائيل ، فأمروا من قتلهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر ، فقتلوا جميعاً في آخر النهار في ذلك اليوم ، وهو الذي ذكره اللَّه تعالي(2) .

أَيْنَ الطَّالِبُ بِدَمِ الْمَقْتُولِ بِكَرْبَلاءَ

قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله : يَا جَارُودُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي إِلَي السَّمَاءِ أَوْحَي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيَّ أَنْ سَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا عَلَي مَا بُعِثُوا فَقُلْتُ : عَلَي مَا بُعِثْتُمْ ؟ قَالُوا عَلَي نُبُوَّتِكَ وَوَلايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَالْأَئِمَّةِ مِنْكُمَا ثُمَّ أَوْحَي إِلَيَّ أَنِ الْتَفِتْ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ فَالْتَفَتُّ فَإِذَا عَلِيٌّ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُوسَي بْنُ جَعْفَرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُوسَي وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وَالْمَهْدِيُّ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نُورٍ يُصَلُّونَ فَقَالَ الرَّبُّ تَعَالَي هَؤُلاءِ الْحُجَجُ لأَوْلِيَائِي وَهَذَا الْمُنْتَقِمُ مِنْ أَعْدَائِي(3) .

وعن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عزّ وجلّ : « وَ لَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ »(4) قال : ذَاكَ الْقَائِمُ عليه السلام إِذَا قَامَ انْتَصَرَ مِنْ بَنِي

ص: 258


1- آل عمران : 112 .
2- مجمع البيان : 720/2 ؛ تفسير البرهان : 606/1 ، ح 2 .
3- مقتضب الأثر : 38 ؛ بحار الأنوار :247/15 .
4- الشوري : 41 .

أُمَيَّةَ وَمِنَ الْمُكَذِّبِينَ وَالنُّصَّابِ(1) .

وعن سلام بن المستنير عن أبي جعفر عليه السلام في قوله : « وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً »(2) قال : هُوَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عليه السلام قُتِلَ مَظْلُوماً وَنَحْنُ أَوْلِيَاؤُهُ وَالْقَائِمُ مِنَّا إِذَا قَامَ منّا طَلَبَ بِثَأْرِ الْحُسَيْنِ عليه السلام فَيَقْتُلُ حَتَّي يُقَالَ قَدْ أَسْرَفَ فِي الْقَتْلِ وَقَالَ الْمَقْتُولُ الْحُسَيْنُ وَوَلِيُّهُ الْقَائِمُ وَالْإِسْرَافُ فِي الْقَتْلِ أَنْ يَقْتُلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً فَإِنَّهُ لا يَذْهَبُ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّي يُنْتَصَرَ بِرَجُلٍ مِنْ آلِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ يَمْلأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً(3) .

وعن محمّد بن سنان ، عن رجل قال : سألت عن أبي عبداللَّه عليه السلام في قوله تعالي : «وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً » قال : ذلك قائم آل محمد يخرج فيقتل بدم الحسين عليه السلام فلو قتل أهل الأرض لم يكن مسرفا وقوله : « فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ » لم يكن ليصنع شيئا يكون سرفا ثم قال أبو عبد اللَّه عليه السلام يقتل واللَّه ذراري قتلة الحسين عليه السلام بفعال آبائها(4) .

وعن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي قال : سألت آبا جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام قلت : يا ابن رسول اللَّه فلستم كلّكم قائمين بالحقّ ؟ قال : بلي ، قلت : فلِمَ سُمّي القائم قائماً ؟ قال : لأَنَّهُ مِيرَةُ الْعِلْمِ يَمْتَارُ مِنْهُ وَلا يَمْتَارُ مِنْ أَحَدٍ غَيْرِهِ قَالَ

ص: 259


1- تأويل الآيات الظاهرة : 534 ؛ بحار الأنوار :229/24، ح 29 .
2- الإسراء : 33 .
3- تفسير العيّاشي : 290/2 ، ح 67 ؛ بحار الأنوار :218/44 ، ح 7 .
4- كامل الزيارات 63 ، ح 5 ؛ بحار الأنوار : 198/45، ح 7 .

فَقُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَلِمَ سُمِّيَ سَيْفُهُ ذَا الْفَقَارِ فَقَالَ عليه السلام لأَنَّهُ مَا ضَرَبَ بِهِ أَحَداً مِنْ خَلْقِ اللَّهِ إِلّا أَفْقَرَهُ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِهِ وَوُلْدِهِ وَأَفْقَرَهُ فِي الآْخِرَةِ مِنَ الْجَنَّةِ قَالَ فَقُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَلَسْتُمْ كُلُّكُمْ قَائِمِينَ بِالْحَقِّ قَالَ بَلَي قُلْتُ فَلِمَ سُمِّيَ الْقَائِمُ قَائِماً قَالَ لَمَّا قُتِلَ جَدِّيَ الْحُسَيْنُ عليه السلام ضَجَّتِ الْمَلائِكَةُ إِلَي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالْبُكَاءِ وَالنَّحِيبِ وَقَالُوا إِلَهَنَا وَسَيِّدَنَا أَتَغْفُلُ عَمَّنْ قَتَلَ صَفْوَتَكَ وَابْنَ صَفْوَتِكَ وَخِيَرَتَكَ مِنْ خَلْقِكَ فَأَوْحَي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمْ قَرُّوا مَلائِكَتِي فَوَ عِزَّتِي وَجَلالِي لأَنْتَقِمَنَّ مِنْهُمْ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ ثُمَّ كَشَفَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنِ الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ عليه السلام لِلْمَلائِكَةِ فَسُرَّتِ الْمَلائِكَةُ بِذَلِكَ فَإِذَا أَحَدُهُمْ قَائِمٌ يُصَلِّي فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ الْقَائِمِ أَنْتَقِمُ مِنْهُمْ(1) .

وقال ابن عبّاس : أوحي اللَّه تعالي إلي محمّد صلي الله عليه وآله انّي قتلت بيجيي بن زكريّا سبعين ألفاً واقتل بابن بنتك سبعين ألفاً وسبعين ألفاً .

وعن عبدالسلام بن صالح الهروي قال : قلت لأبي الحسن عليّ بن موسي الرضا عليه السلام : يا ابن رسول اللَّه ما تقول في حديث روي عن الصادق عليه السلام أنّه قال : إِذَا خَرَجَ الْقَائِمُ قَتَلَ ذَرَارِيَّ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ عليه السلام بِفِعَالِ آبَائِهَا فَقَالَ عليه السلام : هُوَ كَذَلِكَ فَقُلْتُ : قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : « وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْري » مَا مَعْنَاهُ ؟ قَالَ : صَدَقَ اللَّهُ فِي جَمِيعِ أَقْوَالِهِ وَلَكِنْ ذَرَارِيُّ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ عليه السلام يَرْضَوْنَ بِفِعَالِ آبَائِهِمْ وَيَفْتَخِرُونَ بِهَا وَمَنْ رَضِيَ شَيْئاً كَانَ كَمَنْ أَتَاهُ وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً قُتِلَ بِالْمَشْرِقِ فَرَضِيَ بِقَتْلِهِ رَجُلٌ بِالْمَغْرِبِ لَكَانَ الرَّاضِي عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ شَرِيكَ الْقَاتِلِ وَإِنَّمَا يَقْتُلُهُمُ

ص: 260


1- علل الشرايع : 160/1 ، ح 1 ؛ بحار الأنوار :28/51 ، ح 1 .

الْقَائِمُ عليه السلام إِذَا خَرَجَ لِرِضَاهُمْ بِفِعْلِ آبَائِهِم(1) .

وعن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : له « أي للقائم عليه السلام ) كنز بالطالقان ما هو بذهب ولا فضّة ، وراية لم تنشر منذ طويت ، ورجال كأنّ قلوبهم زبر الحديد - إلي أن قال : - يدعون بالشهادة ويتمنّون أن يقتلوا في سبيل اللَّه ، شعارهم يا لثارات الحسين عليه السلام(2) .

أَيْنَ الْمَنْصُورُ عَلَي مَنِ اعْتَدي عَلَيْهِ وَافْتَري

عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالي : « وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً » قال الحسين عليه السلام « فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً »(3) قال : سمّي اللَّهُ المهديّ منصوراً .(4)

أَيْنَ الْمُضْطَرُّ الَّذِي يُجابُ إِذا دَعا

قوله : « أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ »(5) عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : نزلت في القائم من آل محمّد عليهم السلام هو واللَّه المضطر إذا صلّي في المقام ركعتين ودعا اللَّه فأجابه ويكشف السوء ويجعله

ص: 261


1- علل الشرايع :229/1، ح 1 ؛ بحار الأنوار :313/52، ح 6 .
2- رياض الأبرار في مناقب الأئمّة الأطهار : 182/3 ؛ بحار الأنوار : 307/52، ح 82 .
3- الإسراء : 33 .
4- تفسير فرات الكوفي : 240 ؛ بحار الأنوار : 30/51 ، ح 8 .
5- النمل : 62 .

خليفة في الأرض(1) .

وعن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : إِنَّ الْقَائِمَ إِذَا خَرَجَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَيَسْتَقْبِلُ الْكَعْبَةَ وَيَجْعَلُ ظَهْرَهُ إِلَي الْمَقَامِ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَقُومُ فَيَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنَا أَوْلَي النَّاسِ بِآدَمَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنَا أَوْلَي النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنَا أَوْلَي النَّاسِ بِإِسْمَاعِيلَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنَا أَوْلَي النَّاسِ بِمُحَمَّدٍ صلي الله عليه وآله ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِلَي السَّمَاءِ فَيَدْعُو وَيَتَضَرَّعُ حَتَّي يَقَعَ عَلَي وَجْهِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : « أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ »