اسرار فاجعه کربلا

اشارة

أسرار فاجعة کربلا

محاضرات سماحة آية الله الشيخ السند بقلم الشيخ محمد رجب عبدالوهاب

ص: 1

اشارة

ص: 2

اسرار فاجعة کربلا

ص: 3

ص: 4

ص: 5

بسْمِ اللَّهِ الرَّ حْمَنِ الرَّ حِيمِ*

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَ بِّ الْعَالَمِينَ * الرَّ حْمَنِ الرَّ حِيمِ *

مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ *إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ

نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَ اطَ الْمُسْتَقِيمَ *

صِرَ اطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ *

غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ *

ص: 6

الإهداء

السلام عليك يا خليفة الله وخليفة آبائه المهديين

السلام عليك ياوصي الأوصياء الماضين.

أشهد انك الحجة على من مضى ومن بقي وأن حزبك هم الغالبون وأولياءك هم الفائزون.

أهدي هذا العمل المتواضع إلى سيدي ومولاي صاحب العصر والزمان القائم المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریف)

وإلى المؤمنين والمؤمنات ...

راجيا من المولى عز وجل القبول ...

ص: 7

ص: 8

المقدمة

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين ، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين .

أما بعد:

فإن نهضة الحسين علیه السلام هي باقية ببقاء الأرض وخالدة على مر العصور، ولم تنته باستشهاده سلام الله عليه في معركة الطف، بل ظلت حرارتها في نفوس المؤمنين والأحرار حتى كان يوم عاشوراء أعظم الأيام مصيبة، کما روي عن محمد بن علي بن بشار القزويني رضي الله عنه قال : حدثنا أبو الفرج المظفر بن أحمد القزويني قال : حدثنا : محمد بن جعفر الكوفي الأسدي قال : حدثنا سهل بن زياد الآدمي قال : حدثنا سليمان بن عبد الله الخزاز الكوفي قال : حدثنا عبد الله بن الفضل الهاشمي قال : قلت لأبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق علیه السلام يا بن رسول الله كيف صار يوم عاشوراء يوم مصيبة وغم وجزع وبكاء دون اليوم الذي قبض فيه رسول الله صلی الله علیه و آله واليوم الذي ماتت فيه فاطمة علیها السلام واليوم الذي قتل

ص: 9

فيه أمير المؤمنين عليه السلام واليوم الذي قتل فيه الحسن عليه السلام بالسم ؟ فقال : ان يوم الحسين عليه السلام أعظم مصيبة من سائر الأيام؛ وذلك أن أصحاب الكساء الذي كانوا أكرم الخلق على الله تعالى كانوا خمسة، فلما مضى عنهم النبي صلی الله علیه و آله بقي أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين علیهم السلام ، فكان فيهم للناس عزاء وسلوة، فلما مضت فاطمة علیهاالسلام ، كان في أمير المؤمنين والحسن والحسين للناس عزاء وسلوة، فلما مضى أمير المؤمنين عليه السلام كان للناس في الحسن والحسين عليه السلام عزاء وسلوة، فلما مضى الحسن عليه السلام کان للناس في الحسين عليه السلام عزاء وسلوة، فلما قتل الحسين عليه السلام لم يكن بقي من أهل الكساء أحد للناس فيه بعده عزاء وسلوة، فكان ذهابه كذهاب جميعهم كما كان بقاؤه كبقاء جميعهم؛ فلذلك صار يومه أعظم مصيبة .(1)

نستلهم من هذه النهضة المباركة عقيدتنا وإسلامنا الأصيل وتعاليمها من أهل البيت علیهم السلام بأمر من الله عز وجل التي هي في الحقيقة تعتبر الدستور الإلهي في هذه الحياة .

وقد كثر الحديث عن فاجعة الطف حتى حظيت هذه الواقعة شطرا كبيرا في الكتب التاريخية المهمة والعقائدية وتناولت جوانب متعددة في هذا المجال.

فإن الأثر الذي تركه هذا الحدث المفجع العظيم شملت العوالم الموجودة في هذا الكون حتى بكته الملائكة إلى يوم القيامة، فإنهم حجج الله وخلفائه على خلقه في أرضه ، إذ أخذ الله عز وجل المواثيق والعهود على العباد بالطاعة لهم والإيمان بهم وجعل الله عز وجل ولايتهم شرطا في قبول الأعمال.

ص: 10


1- علل الشرائع للشيخ الصدوق ج1 باب العلة التي من أجله صار يوم عاشوراء أعظم مصيبة.

وقد ذكر جمع من علمائنا بأن زيارة الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء مع معرفة حقه كمن زار الله فوق عرشه، وهو كناية عن علو المرتبة، وكثرة الثواب بمنزلة من رفعه الله إلى سمائه، وأدناه من عرشه الذي هو موضع عظمته .

وكانت هذه النهضة المباركة الطريق الوحيد الذي أزال الغمام والغفلة عن ضمائر الأحرار المكبلين بحبائل السلطة الطاغية آنذاك، حتى تحررت وثارت على الظلم بعد استشهاده سلام الله عليه، وظلت شوكة مؤلمة في عيون الطغاة مدى الدهر لا تزول.

وهناك جوانب مهمة من نهضة الإمام الحسين عليه السلام لم تأخذ حظها الكافي من البحث والتحقيق إذ تحتاجها المكتبة الإسلامية لما ترتب عليها من آثار مهمة ومسائل اعتقادية متجذرة في مذهب أهل البيت علیهم السلام وبيان مظلومية أهل البيت علیهم السلام .

لاسيما تلك الأحداث السابقة المرتبطة بالحوادث اللاحقة، إذ إنها سلسلة مترابطة متصلة تؤثر حتى في المستقبل القريب والقادم التي تكشف هذه الحقائق و المعارف الإلهية المرتبطة بعلوم أهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين، وهي تحتاج إلى بحوث مستقلة في هذا المجال ومواضيع مختلفة ذات زوايا متعددة لابد للإنسان التمعن فيها والتأمل فيها طويلا.

وها نحن نضع بين يدي القارئ الكريم إحد هذه الجوانب الذي سلط الضوء عليه المحقق الأستاذ آية الله الشيخ محمد السند حفظه ورعاه، إذ ركز على هذا الجانب المتميز والمفجع في ذاكرة المؤمنين من خلال رواية

ص: 11

جليلة رواها العالم الورع عبد الله بن سنان وهو في عيادة الإمام الصادق عليه السلام الذي ذكر له بعض الأعمال المستحبة والعظيمة في يوم عاشوراء.

كما أشار سماحة الأستاذ إلى الجنبة العبادية المشتملة عليها الرواية التي تربط المؤمن بربه تعالى وتعاليم الإسلام والنبي وأهل بيته علیهم السلام ، وبيان ما يتعلق بإحياء فاجعة كربلاء وأسرارها الخفية والمؤلمة على شیعته.

وفي الختام، أسأل الله عز وجل أن يتقبل هذا العمل الموجز ويجعله خالصا لوجهه الكريم، وأن ينفع به الخلق أجمعين، ويقبل دعاؤنا ودعاء المؤمنين والمؤمنات بحق محمد وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين .

الشيخ محمد رجب

1محرم 1434 /2012

ص: 12

زيارة أبي عبد الله الحسين عليه السلام

وصلاته في يوم عاشوراء:

يقول الراوي الفقيه عبد الله بن سنان (1)تلميذ الإمام الصادق قال: دخلت على سيدي أبي عبد الله جعفر بن محمد علیهما السلام الية في يوم عاشوراء، فألفيته کاسف اللون، ظاهر الحزن، ودموعه تنحدر من عينيه كاللؤلؤ المتساقط، فقلت : يا بن رسول الله ! مم بكاؤك، لا أبكي الله عينيك ؟!

فقال لي : أو في غفلة أنت ؟ أما علمت أن الحسين بن علي علیهما السلام أصيب في مثل هذا اليوم، فقلت : يا سيدي ! فما قولك في صومه ؟

فقال لي : صمه من غير تبییت، وأفطره من غير تشميت، ولا تجعله يوم صوم کملا، وليكن إفطارك بعد صلاة العصر بساعة على شربة من ماء، فإنه في مثل ذلك الوقت من ذلك اليوم تجلت الهيجاء عن آل رسول الله صلی الله علیه و آله ، وانكشفت الملحمة عنهم، وفي الأرض منهم ثلاثون صريعا في مواليهم، يعز على رسول الله صلی الله علیه و آله كل مصرعهم، ولو كان في الدنيا يومئذ حيا لكان صلی الله علیه و آله هو المعزى بهم.

قال : وبکی أبو عبد الله عليه السلام حتى اخضلت لحيته بدموعه، ثم قال :

ص: 13


1- مصباح المجتهد للشيخ الطوسي باب زیارة أخرى في يوم عاشوراء، مستدرك الوسائل للنوري ج6 باب استحباب صلاة يوم عاشوراء وكيفيتها، المزار للمشهدي باب زیارة أبي عبد الله الحسين في يوم عاشوراء .

إن الله جل ذكره لما خلق النور، خلقه يوم الجمعة في تقديره في أول يوم من شهر رمضان، وخلق الظلمة في يوم الأربعاء يوم عاشوراء في مثل ذلك، يعني يوم العاشر من شهر المحرم في تقديره، وجعل لكل منهما شرعة ومنهاجا .

ثم ذكر له الإمام عليه السلام عملا هو من جملة الأعمال العظيمة والمستحبة التي يؤتي بها في ظهر يوم عاشوراء بقوله :

يا عبد الله بن سنان ! إن أفضل ما تأتي به في هذا اليوم أن تعمد إلى ثياب طاهرة فتلبسها وتتسلب، قلت : وما التسلب ؟

قال: تحلل أزرارك، وتكشف عن ذراعيك كهيئة أصحاب المصائب، ثم تخرج إلى أرض مقفرة، أو مكان لا يراك به أحد، أو تعمد إلى منزل لك خال، أو في خلوة منذ حين يرتفع النهار، فتصلي أربع ركعات، تحسن ركوعها وسجودها وخشوعها .

وتسلم بين كل ركعتين، تقرأ في الأولى سورة «الحمد» و «قل يا أيها الكافرون»، وفي الثانية «الحمد» و «قل هو الله أحد»، ثم تصلي ركعتين أخريين تقرأ في «الأولى الحمد» وسورة «الأحزاب»، وفي الثانية «الحمد»و

«إذا جاءك المنافقون»، أو ما تيسر من القرآن .

ثم تسلم وتحول وجهك نحو قبر الحسين عليه السلام ومضجعه، فتمثل لنفسك مصرعه ومن كان معه من ولده وأهله، وتسلم و تصلي عليه وتلعن قاتليه، وتبرأ من أفعالهم، يرفع الله عز وجل لك بذلك في الجنة من

ص: 14

الدرجات، ويحط عنك من السيئات، ثم تسعى من الموضع الذي أنت فيه إن كان صحراء أو فضاء أو أي شيء كان خطوات تقول في ذلك : « إنا لله وإنا إليه راجعون، رضا بقضاء الله وتسليما لأمره»، وليكن عليك في ذلك الكآبة والحزن، وأكثر من ذكر الله سبحانه، والاسترجاع في ذلك اليوم، فإذا فرغت من سعيك وفعلك هذا فقف في موضعك الذي صليت فيه .

وبعد ذلك علمه الإمام عليه السلام هذا الدعاء العظيم وكيفية التبري من الفجرة الذين شاقوا النبي صلی الله علیه و آله ، وحاربوا أهل بيته صلوات الله عليهم وعبدوا نفوسهم المريضة والبغيضة بقوله:

« اللهم عذب الفجرة الذين شاقوا رسولك، وحاربوا أولياءك، وعبدوا غيرك، واستحلوا محارمك، والعن القادة والأتباع ومن كان منهم فخب وأوضع معهم أو رضي بفعلهم لعنا كثيرا، اللهم وعجل فرج آل محمد، واجعل صلواتك عليه وعليهم، واستنقذهم من أيدي المنافقين المضلين والكفرة الجاحدين، وافتح لهم فتحا يسيرا، وأتح لهم روحا وفرجا قريبا، واجعل لهم من لدنك على عدوك وعدوهم سلطانا نصيرا» .

ما هو المغزى من ذکر سورة الأحزاب والمنافقين في هذه الصلاة؟

يمكن الإجابة بأن هذه السورة العظيمة إنها سميت بهذا الاسم إشارة إلى أحداث السنة الخامسة للهجرة لدى المسلمين المسماة بغزوة الأحزاب، حيث حشد یهود بني النضير وبني وائل قريش على رسول الله صلی الله علیه و آله، فصاروا إلى أبي سفيان صخر بن حرب، لعلمهم بعداوته لرسول الله

ص: 15

صلی الله علیه و آله وتسرعه إلى قتاله، فذكروا له ما نالهم منه وسألوه المعونة لهم على قتاله .(1)

فقال لهم أبو سفيان : أنا لكم حيث تحبون، فاخرجوا إلى قريش فادعوهم إلى حربه، واضمنوا النصرة لهم، والثبوت معهم حتى تستأصلوه.

فطافوا على وجوه قریش، ودعوهم إلى حرب النبي صلی الله علیه و آله وقالوا لهم :

أيدينا مع أيديكم ونحن معكم حتى تستأصلوه.

فقالت لهم قريش: يا معشر اليهود إنكم أهل الكتاب الأول، والعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد، أفديننا خير أم دينه؟ قالوا: بل دینکم خير من دينه ، و أنتم أولى بالحق منه قال تعالى : «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا*أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا». (2)

كانت هذه الكلمات وصمة عار على المشركين حينما وصفوا أخبث خلق الله وهم اليهود بالعلم والمعرفة بل جعلوهم واسطة لحل مشاكلهم.

فما كان من جواب اليهود إلا أن قالوا: بل دینکم خير من دينه، وأنتم أولى بالحق منه، فلما قالوا ذلك لقريش، سرهم ما قالوا ونشطوا لما دعؤهم إليه من حرب رسول الله صلی الله علیه و آله ، فأجمعوا لذلك واتعدوا له.

ص: 16


1- الإرشاد للشيخ المفيد ج1 باب غزوة الأحزاب و دوره عليه السلام فيها.
2- الإرشاد للشيخ المفيد ج1 باب غزوة الأحزاب و دوره عليه السلام فيها.

ثم خرج أولئك النفر من اليهود حتى جاءوا غطفان من قیس فدعوهم إلى حرب رسول الله صلی الله علیه و آله : وأخبروهم أنهم سيكونون معهم صلی الله علیه و آله وأن قريشا قد بايعوهم على ذلك وأجمعوا فيه فأجابوهم.

فخرجت قریش و قائدهم أبو سفيان بن حرب و خرجت غطفان و قائدها عيينة بن حصين بن حذيفة بن بدر في فزارة، والحارث بن عوف بن أبي حارثة المري في بني مرة، ومسعر بن جبلة الأشجعي فيمن تابعه من بني أشجع.

وكذلك راسلت قريش حلفاءها من بني سليم وراسلت غطفان حلفاءها من بني أسد، ودعوهم إلى المشاركة في هذه الحرب، بالإضافة إلى بني قريظة الطائفة اليهودية الوحيدة التي بقيت في المدينة تعايش المسلمين والتي كانت لديهم ميثاقا مع النبي صلی الله علیه و آله .

الهدف من هذا الحشد بقيادة أبي سفيان قتل النبي وعلي صلوات الله عليهما:

لقد كانت هذه الفرصة الأخيرة في نظر قریش واليهود لاستئصال الإسلام ونبيها محمد صلی الله علیه و آله ، والقضاء عليه ، فقد جعلوا المسلمين يواجهون هذه الحشود والأحزاب المختلفة التي لم يعرف لها في تاريخ الأمة الإسلامية مثيلا».

جاءت کلها لقتل النبی الاکرام محمد صلی الله علیه و آله و ابن عمه ووصیه أمیر

ص: 17

المؤمنين علي عليه السلام ، لعلمهم بأن عمود الإسلام والدعوة المحمدية قائمةبهذين الشخصين وإذا لم يستأصلا تبقى الدعوة المحمدية وتذهب بذلك أحلامهم أدراج الرياح إلى الأبد.

هكذا حشد أبو سفيان عليه لعائن الله القبائل العربية من كل طرف وتحالف مع اليهود والنصارى لذلك سميت بغزوة الأحزاب أي تحزبوا جميعا على قتل رسول الله صلى عليه وآله في تلك الغزوة وتعاقدوا على ذلك.

وقال لليهود مرحبا وأهلا، أحب الناس إلينا من أعاننا على عداوة محمد (1) زاد في نص آخر قوله : « ولكن لا نأمنكم إلا إن سجدتم لآلهتنا، حتى نطمئن إليكم ففعلوا .(2)

من هنا نجد أن سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء صلوات الله عليها أشارت في خطبتها بعد وفاة النبي صلی الله علیه و آله إلى هذه الأحزاب وشبكة القوى والتحالفات التي لا تزول بين ليلة وضحاها فهي باقية على حالها إلا إنها كانت واهنة بسبب وفاء أهل المدينة من الأنصار لرسول الله صلی الله علیه و آله كما في البيعتين العقبة الأولى والثانية التي وطأت له الهجرة صلوات الله عليه من مكة إلى المدينة قال سبحانه وتعالى :«إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ » .(3)

ص: 18


1- المغازي للواقدي ج1 باب غزوة الخندق ، إمتاع الأسماع للمقريزي ج1 باب تعاهد بطون قريش عند الكعبة .
2- السيرة الحلبية للحلبي ج 1.
3- الأنقال الآية : 72.

وقال تعالى: «وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ».(1)

وقد أشارت سلام الله عليها من جانب آخر إلى عاملين رئيسين أدت إلى اختلاف المسلمين وفرقة الأنصار:

الأولى: ضعف ووهن إرادة شوكة الأنصار بسبب صراعهم فيما بينهم على الحكم في يوم السقيفة وهذا يعود إلى الأحقاد والأضغان فيها بينهم حتى سنحت الفرصة لقريش وأخذهم بزمام الأمور.

الثاني: تحرك وطمع الأحزاب بعد ضعف الأنصار والشبكة التحالفية التي كانت في عهد رسول الله بعد وفاته صلی الله علیه و آله التي ظهرت بشكل سافر يوم السقيفة.

وبارتحاله إلى الرفيق الأعلى بدأت ریاح الظلم و المصاعب تهب على آل بيته الميامين فظهرت من جديد أحقاد بدر و خیبر وحنين التي دفنت في عصر الرسول الأمين، تحت التراب، و ثار المنافقون و الأحزاب لينتقموا من الإسلام و من آل بيت محمد و خصوصا ابنته فاطمة الزهراء علیهاالسلام التي كانت تمثل مركز الدائرة التي صوبت نحوها سهام الأعداء المسمومة .

ص: 19


1- الحشر الآية : 9.

ظهور الضغائن والأحقاد في يوم عاشوراء:

فالإمام عليه السلام يشير إلى عبد الله بن سنان الراوي للحديث أنه في يوم عاشوراء تقرأ سورة الأحزاب في دبر هذه الصلاة، إشارة إلى هذه الشبكةالتي حاربت النبي صلی الله علیه و آله في معركة الخندق والتي أسست السقيفة وذبحت الحسين عليه السلام عطشانا وسحقوا جسده الشريف وأنصاره المستشهدين معه بخيولهم.

هذه هي الضغائن التي لم يستطيعوا أن يظهروها في غزوة الخندق أظهروها في يوم عاشوراء بكل حقد على أهل البيت والرسالة صلوات الله عليهم کما روي عن الإمام الرضا عليه السلام أنه قال: إن المحرم شهر كان أهل الجاهلية يحرمون فيه القتال، فاستحلت فيه دماؤنا، وهتكت فيه حرمتنا، وسبي فيه ذرارينا ونساؤنا، وأضرمت النيران في مضاربنا، وانتهب ما فيها من ثقلنا، ولم ترع لرسول الله صلی الله علیه و آله حرمة في أمرنا.

إن يوم الحسين أقرح جفوننا، وأسبل دموعنا، وأذل عزیزنا، بأرض کرب وبلاء، أورثتنا الكرب والبلاء، إلى يوم الانقضاء، فعلى مثل الحسين فليبك الباكون، فإن البكاء يحط الذنوب العظام .

ثم قال عليه السلام : كان أبي (صلوات الله عليه ) إذا دخل شهر المحرم لا یری ضاحكا، وكانت الكآبة تغلب عليه حتى يمضي منه عشرة أيام، فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه، ويقول: هو اليوم الذي قتل فيه الحسين (صلوات الله عليه )(1) إشارة إلى ارتباط شبكة الأحداث المتصلة مع بعضها البعض کما هي في خطبهم وكلماتهم العظيمة.

ص: 20


1- الأمالي للشيخ الصدوق باب حديث الرضا عليه السلام عن يوم عاشوراء.

لذلك جاءت هذه التوصية من الإمام علیه السلام وهي التدبر في سورة الأحزاب لوجود حقائق وأمور عظيمة لا يدركها الإنسان إلا عن طريق القرآن وبيانات أهل البيت سلام الله عليهم.

ومن المناسب هنا أن نذكر أهم آیاتها والتي تبتدئ بقوله تعالى:«النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا»(1)

أهل البيت النبي صلی الله علیه وآله وسلم أولى من المؤمنين من أنفسهم:

فإن أقرب الأرحام للنبي صلی الله علیه وآله وسلم هو علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء سلام الله عليهما الذين لهم الأولوية على نفوس المؤمنين، وولاية أمير المؤمنين علي عليه سلام أولى بولاية النبي صلی الله علیه وآله وسلم و بوراثة مقامه من المهاجرين والأنصار في قوله تعالى : وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين.

وهذه الأولوية التي هي للنبي الأكرم على نفوس المؤمنين كذلك هي لأميرالمؤمنين علي عليه سلام وأنه أولى من المؤمنين من أنفسهم.

فهذه الولاية التي يمتلكها الإنسان في حق نفسه ثابتة بنحو أولى وأشد للنبي صلی الله علیه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام وجميع الصلاحيات والمسائل الإدارية والاجتماعية والفردية في هذه الحياة.

ص: 21


1- سورة الأحزاب الآية :6 .

نساء النبي صلی الله علیه وآله قال إن اتقين وأطعن الله ورسوله:

قال تعالى : «يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا »*(1) وبعد ذلك تتعرض هذه الآية إلى زوجات النبي صلی الله علیه وآله وسلم والتي تبين بأنهن ليس لديهن حصانة وإنما قيمتهن واحترامهن إن اتقين واطعن الله ورسوله صلی الله علیه وآله وسلم ، وهذه القدسية التي أشار إليها الباري تعالى بقوله: وأزواجه أمهاتهم، بشرط إطاعة الله ورسوله صلی الله علیه وآله وسلم وأولي الأمر.

ثم تناول القرآن الكريم أحكاما يتعلق بجميع النساء وهي ليست مختصة بنساء النبي صلی الله علیه وآله وسلم بقوله تعالى: «وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» .(2)

طهارة أهل البيت علیهم السلام في سورة الأحزاب:

ويضيف الباري تعالى آية التطهير : «وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)»(3) التي وردت في روايات عديدة و متواترة بأن نساء النبي صلی الله علیه وآله لسن جزءا من أهل البيت في هذه الآية بل هي مختصة بأصحاب الكساء الخمسة النبي صلى اله عليه وآله وعلي وفاطمة والحسن والحسين علیهم السلام ، وقد كررها النبي الأكرم بقوله: اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

ص: 22


1- سورة الأحزاب الآية :32.
2- سورة الأحزاب الآية : 33.
3- سورة الأحزاب الآية : 33.

ومن الواضح بحسب تركيب ألفاظ الآية واختلافه مع الآيات السابقة واللاحقة بأن هذه الآية في أهل البيت علیهم السلام وعصمتهم وطهارتهم التي لم يراعها من يدعي الإسلام ويتشدق باسم الإسلام في يوم عاشوراء .

الأحزاب والذين في قلوبهم مرض وبغض أهل البيت علیهم السلام :

قال تعالى : «وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ»(1) وقوله تعالى « وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ» (2) فهذه الآيات الشريفة تشير إلى فئات مختلفة من المسلمين امتحنهم الله في غزوة الأحزاب فمنهم : المؤمنون الذي آمنوا بالله ورسوله، وجماعة من ضعاف الإيمان، وكذلك المنافقون الذين طويت طويتهم على بغض النبي صلی الله علیه وآله وأهل بيته علیهم السلام .

والحديث المشار إليه في الآية هي مقولة المنافقين والذين في قلوبهم مرض والذين جاء ذكرهم في عدة موارد من القرآن الكريم قال الله تعالى:«فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ »(3) وقوله تعالى :«وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ »(4)

ص: 23


1- سورة الأحزاب الآية :12.
2- سورة الأحزاب الآية : 60.
3- سورة البقرة الآية:10.
4- سورة محمد الآية :20.

فلم يصف الله سبحانه وتعالى مرض في القلب أو الروح أعظم من هذا المرض الذي شرحه لنا القرآن الكريم في الآية التاسعة والعشرين من سورة محمد في قوله تعالى:«أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ ». (1)

فإن هذا المرض هو أخطر من مرض شهوة النساء والفحشاء والذي هو عبارة عن مرض «الضغينة» العداوة والحسد الذي عده القرآن الكريم أخبث وأكبر الأمراض على الإطلاق.

في مقابل من أمر الله عز وجل وأوجب مودتهم ومحبتهم على جميع الخلق في قوله تعالى:«ذقُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى » .(2)

فإن الذين في قلوبهم مرض يبطنون هذا المرض وهو الضغينة المحرمة تجاه من أمر تعالى بمحبتهم ومودتهم وموالاتهم، وهذه السور تلاحق هذه الفئة والثلة التي نشأت في صفوف من أسلم في أوائل البعثة .

قطع ما أمر الله أن يوصل وهو رحم النبي صلی الله علیه وآله وأهل بيته:

وقد روى صاحب الكشاف في تفسير هذه الآية بأنها لما نزلت قيل : یا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم ؟ قال : علي وفاطمة وابناهما (3) وهم من أمر الله عز وجل العباد بحبهم والتقرب إليهم ووصلهم سلام الله عليهم.

ص: 24


1- سورة محمد الآية :29.
2- سورة الشورى الآية:23.
3- الكشاف ج 4 ص 219 في تفسير آية المودة.

فإن رحم النبي صلی الله علیه وآله والأئمة الطاهرين علیهم السلام والتقرب إليهم أعظم وأفضل وأولى من رحم جميع المؤمنين بما فيهم المهاجرين والأنصار، والذين في قلوبهم مرض الضغينة يأمرون بقطع هذا الرحم ومودتهم ووصلهم.

ومن الواضح بأن قریش جمعت هذه التحالفات والأحزاب المختلفة لتكون قبضة واحدة على قتل النبي محمد صلی الله علیه وآله والقضاء على الإسلام، حتی وصف الله سبحانه هذا الجمع العظيم والمخيف في قوله تعالى: من الآية 10 الى الاية 12

«إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا ،هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا »(1) فأي خطر أعظم من هؤلاء الذين يقطعون من أمر الله بمودتهم ووصلهم وتعظيمهم وهو النبي صلی الله علیه وآله وأهل بيته عليهم سلام والذين لهم الولاية على العباد.

نعم قد ابتعد بعض المفسرين كثيرا عن بيانات وتنبيهات أهل البيت علیهم السلام ، والتي تفسر حقيقة هذه الآيات الشريفة.

ثم بين القرآن الكريم في سورة محمد بأن نفس هؤلاء الذين في قلوبهم هذا مرض سوف يتسنمون الحكم والسلطة بعد النبي صلی الله علیه وآله ويفسدون في الأرض في قوله تعالى :«فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ »(2) وبأنهم ينتهجون في سيرتهم غير سيرة النبي صلی الله علیه وآله وغير سننه وتقطيعهم للرحم التي أمروا بوصلها.

ص: 25


1- سورة الأحزاب الآية : 10،11 .
2- سورة محمد الآية : 22.

وإن هذه الفئة بلحاظ المستقبل سوف تكون على سدة الحكم والتصرف في الأمور العامة للمسلمين، وكان هذا الغرض هو وراء انضمامها إلى صفوف المسلمين الأوائل : إذ إن خبر ظفر النبي المبعوث صلی الله علیه وآله كان منتشرا قبل البعثة، كما يشير إليه قوله تعالى : «وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ».(1)

ووصول هؤلاء إلى السلطة والحكم دون أهل البيت علیهم السلام لهو خطر عظيم ينجم منه الظلم والفساد واللامساواة في توزيع الثروات بين المسلمين ويستأثر به الأغنياء دون بقية الناس، وأن العدالة الاجتماعية والمالية لا تتحقق إلا بوجود ذوي القربى الذين لهم الولاية على المنابع العامة والطبيعية والحق في الولاية على الفيء وغيره والذي جعلت لهم دون غيرهم عليهم أفضل الصلاة والسلام.

والحاصل من الآية السابقة بأن الله سبحانه وتعالى أوصى بصيانة وتعظيم ووصل رحم النبي صلی الله علیه وآله وأهل بيته علیهم السلام ببیان القرآن الكريم في قوله:«قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى»(2) فالإيمان في القلب هو المودة و الموالاة لله ولرسوله ولذي القربى والمرض في القلوب هو العداوة والضغينة لله ولرسوله ولذي القربی .

ص: 26


1- سورة البقرة الآية : 89.
2- سورة الشورى الآية:23 .

فمودة أهل البيت علیهم السلام جعلت أجرا للرسالة، والأجر هو العدل المعادل أو المعاوض، فيكون عندنا عوض ومعوض، وينبغي أن تتوفر المساواة والموازنة بينهما، فليس من الصحيح أن تشتري جوهرة ثمينة بثمن بخس .

مودة أهل البيت ومحبتهم علیهم السلام :

فإذا كانت مودة أهل البيت علیهم السلام الي في كفة والكفة الأخرى فيها الإسلام، وهو الدين الذي يتضمن أصول الدين من التوحيد والنبوة والمعاد، أو أجر معاناة الرسالة التي قيمتها بلحاظ نفس الدين، فلا بد من أن تكون في مصاف الأصول وليس حالها حال الفروع.

وبذلك نستنتج من آية المودة لأهل البيت علیهم السلام أن الإمامة لهم ليست من فصول الشريعة، بل هي ركن ركين من أصول الدين ; لأن أجر الرسالة للدين ليس من المناسب إدراجه في الشريعة، والله هو الذي أعطى هذا المقام لأهل البيت علیهم السلام ، وعندئذ لا محل للطعن على الشيعة بالغلو في أهل البيت علیهم السلام؛لأن الله هو الذي وضعهم في هذا الموضع الرفيع، والله ينهي عن الغلو، فإذا وضعهم الله في موضع فإن هذا الموضع ليس من الغلو في شيء بل القول بدونه من التقصير في الحق.

ولهذا جعل الله عز وجل قرابة النبي صلی الله علیه وآله وأهل بيته عليهم السلام وذوي قرباه وأهل بيته وهم الأئمة من بعده أعظم رحم وأولى وأحق من جميع القرابات.

ص: 27

لأنهم مفتاح الدين وباب الدين كله وهذا ليس بمغالاة، وإنما هذا إيعاز وتنبيه من الله عز وجل بأن بابكم أيها البشر وطريق هدایتكم وسفينة نجاتكم هم قربی نبیکم صلی الله علیه وآله .

ونلاحظ في هذه الآية الشريفة:«فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ »(1) بأن نفس هؤلاء الذين تولوا الأمور في حزب السقيفة هم أول من حارب أهل البيت النبي صلی الله علیه وآله وذريته وعترته، وأول من لحق به من أذي هي الزهراء عليهاالسلام والذي لم يرع حقها حتى كسروا ضلعها، وأسقطوا جنينها، و حرقوا بابها حتى فارقت الدنيا وملء قلبها الحزن والأسى، وهددوا بالقتل صلوات الله عليهم وهذا هو نفس نبوءة القرآن الكريم.

وقد ذكر الشيخ المفيد في كتابه الإرشاد : ومن آيات الله تعالى في علی عليه السلام أنه لم يمن أحد في ولده وذريته بها مني عليه السلام في ذريته، وذلك أنه لم يعرف خوف شمل جماعة من ولد نبي ولا إمام ولا ملك زمان ولا بر ولا فاجر،کالخوف الذي شمل ذرية أمير المؤمنين عليه السلام ، ولا لحق أحدا من القتل والطرد عن الديار والأوطان والإخافة والإرهاب ما لحق ذرية أمير المؤمنين عليه السلام وولده، ولم يجر على طائفة من الناس من ضروب النكال ما جرى عليهم من ذلك . (2)

فقتلوا بالفتك والغيلة والاحتيال، وبني على كثير منهم _ وهم أحياء _ البنيان، وعذبوا بالجوع والعطش حتى ذهبت أنفسهم على الهلاك،

ص: 28


1- الإرشاد الشيخ المفيد ج1 باب عكوف أعدائه على محاربة ولده وذريته بغضا له عليه السلام.
2- الإرشاد الشيخ المفيد ج1 باب عكوف أعدائه على محاربة ولده وذريته بغضا له عليه السلام.

وأحوجهم ذلك إلى التمزق في البلاد، ومفارقة الديار والأهل والأوطان، وكتمان نسبهم عن أكثر الناس .

وبلغ بهم الخوف إلى الاستخفاء من أحبائهم فضلا عن الأعداء، وبلغ هربهم من أوطانهم إلى أقصى الشرق والغرب والمواضع النائية في العمران، وزهد في معرفتهم أكثر الناس، ورغبوا عن تقريبهم والاختلاط بهم، مخافة على أنفسهم وذراريهم من جبابرة الزمان .

الصلاة على النبي صلی الله علیه وآله وسلم خال من الإيمان وإيذاءه کفر و نفاق:

وبعد ذلك جاء في سورة الأحزاب هذه الآية من قوله تعالى:«إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا »(1) فإن الله سبحانه يصل هذه الآية بها بعدها وهو قوله تعالى :«إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا »(2) . ليؤكد لنا القرآن الكريم بأنه يجب أن يكون لدينا موقف واضح مع أعداء النبي صلی الله علیه وآله وتبري من حزب الشيطان الذين هم على ظاهر الإسلام دون الإيمان القلبي.

ص: 29


1- سورة الأحزاب : الآية 56.
2- سورة الأحزاب : الآية 57.

آیات التوني والتبري في سورة الأحزاب:

قال تعالى :«إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا».(1) ولا يخفى على اللبيب أن تجنب اللعن لأعداء الله ورسوله هو في الحقيقة تذويب لظاهرة التولي والتبري، ومسخ لفطرة الحسن والقبح، لتعود الفطرة والقلب منكوسين قبال الباطل والضلال، فهذا التحسس لتجبجب(2) من اللعن ينطوي على التنكر لهدى عترة النبي صلی الله علیه وآله ، والميل لضلال مخالفيهم، ومن الخطورة البالغة تمكن هذه الظاهرة من القلب فيما إذا انتكس القلب ودب فيه المرض «أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ »(3) لعترة النبي صلی الله علیه وآله .

نعم تقبیح شخص بلا موجب ومن دون عمل صدر منه يقتضي ذلك يعتبر سبا، أما إذا صدر منه ما هو قبيح واستنكرنا ذلك القبيح فلا يعد فعلنا سبا وليس بوقيعة، بل هو حال طبيعة مقتضى الفطرة وهي إنكار للمنكر ، وإن إنكار المنكر يعتبر أمرا صحيا في شاكلة ذاتيات الفطرة، ويدل على بقاء سلامة فطرة وتدين الإنسان والتزامه باعتقاداته، وأما استحسان المنكر وعدم إنكاره _ ولو قلبا وهو أضعف الإيمان _ فأمر منبوذ شرعا وعقلا، ويدل على تبدل لطبيعة الفطرة.

فتقبيح القبيح ليس بسب، أو ليس ينبغي أن نتخلق بالأخلاق والصفات الإلهية ؟ لاحظ مادة اللعن في القرآن الكريم، وردت مادة اللعن في القرآن الكريم ما يقرب من الأربعين موردا، والنبي الأكرم

ص: 30


1- سورة الأحزاب : الآية 57.
2- التمنع والابتعاد.
3- سورة محمد الآية :29.

صلی الله علیه وآله إذا أريد مدحه يوصف بأن خلقه كان خلق القرآن، فأفضل ما يتخلق به الإنسان هو أخلاق القرآن و أخلاق الله عز وجل، هذا من جهة، ومن جهة أخرى أن النهي عن المنكر يعتبر من الفرائض الركنية في أبواب الفقه، وأدنى مراتبه هو الإنكار القلبي والبراءة القلبية من المنكر ، والمرتبة الوسطى هو الإنكار اللساني.

وهذا الحكم يتعلق بموضوعه وهو المنكر مطلقا، سواء كان المنكر السابق أم المنكر الحالي، وهذا يستلزم البراءة من جميع أعداء الله على مر الدهور والعصور قلب ولسانا ؛ ومن أوضح مصاديق إنكار المنكر هو اللعن لأعداء الدين والمناوئين للأنبياء والأولياء والصالحين .

وعلى كل حال، فتحسين الحسن الذي هو مجسمة لصورة هدي النبي صلی الله علیه وآله وتقبيح القبيح الذي هو مجسمة لقبائح فعل وعمل أعدائه صلی الله علیه وآله وأهل بيته صلی الله علیه وآله وسلم .

فهؤلاء الذين تحسروا لفوت الفرصة عن المشاركة في معركة الطف وقتل سيد شباب أهل الجنة صلوات الله عليه هم أنفسهم الذين في قلوبهم مرض يقتلون الآن معزي سيد الشهداء في كربلاء وغيره في أنحاء العالم ..

وأي أذى أشد على محمد صلی الله علیه وآله من قتل الحسين الذي هو له ولابنته فاطمة الزهراء قرة عين الرسول صلی الله علیه وآله ؛ حتى أسقطت ما في بطنها، كما جاء في الروايات المتواترة بأن إيذاءها صلوات الله عليها إيذاء للرسول صلی الله علیه وآله وسلم وإحراق بيت علي عليه السلام بالنار، وقد تواتر في روايات الفريقين قول النبي صلی الله علیه وآله : من آذى عليا فقد آذاني (1) وهذا قوله الله عز وجل :«إِنَّ الَّذِينَ

ص: 31


1- الأمالي للشيخ الطوسي باب اعتراض معاوية على ابن عاص لفراره يوم صفين .

يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا»(1) وقوله تعالى : «فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ »(2)

ثم أوصى الإمام عليه السلام عبد الله بن سنان بأن يقرأ في هذه الصلاة سورة المنافقين في يوم عاشوراء، والمستحب قراءتها أيضا في الركعة الثانية من صلاة يوم الجمعة قال تعالى:«إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ».(3)

وقد ورد أن هذه السورة نزلت في غزوة «بني المصطلق » في سنة ست من الهجرة، والتي تتحدث عن هؤلاء الذين تلونت قلوبهم بمرض النفاق والكفر وإن كان ظاهره الإسلام والإيمان قال تعالى:«إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ،اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ،ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ»(4) فإنهم من جهة يشهدون في صلاتهم بأنه رسول الله وإين عقيدتهم الزائفة هي كذلك، ومن جهة أخرى يقتلون سبط رسول الله ويكبرون فرحا بموته صلوات الله عليه .

ص: 32


1- سورة الأحزاب : الآية 57.
2- سورة محمد الآية : 22.
3- سورة المنافقون الآية: 1.
4- المنافقون : الآية 1، 2، 3.

فضائح قريش في سورة المنافقين والأحزاب:

والملاحظ بأن العامة لا يواظبون على قراءة سورة المنافقين في صلاة الجمعة بل يتركونها، وإن كانت مستحبة كما هي في الصحاح عندهم ، لوجود فضائح كثيرة فيها لمن يوالونهم من حزب الشيطان ويعادون الله ورسوله قال تعالى:«اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ ».(1)

فقد روى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال : من كان كثير القراءة لسورة الأحزاب كان يوم القيامة في جوار محمد صلی الله علیه وآله وأزواجه، ثم قال : سورة الأحزاب فيها فضائح الرجال والنساء من قريش وغيرهم، یا بن سنان : إن سورة الأحزاب فضحت نساء قریش من العرب .(2)

لذي أوصى الإمام عليه السلام بقراءة سورة المنافقين في يوم عاشوراء والتمعن فيها كما ذكرنا سالفا لوجود حقائق عظيمة تخبر عن الذين أضمروا النفاق والكفر في قلوبهم لعنهم الله، وحشدوا كل قواهم وجيوشهم لقتل سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين روحي له الفداء.

قال الإمام الصادق عليه السلام : ارتد الناس بعد رسول الله صلی الله علیه وآله إلا كذا، أو ارتد الناس بعد الحسين إلا قليل، بمعنى الكفر مقابل الإيمان لا مقابل ظاهر الإسلام.

ص: 33


1- المجادلة : الآية 19، 20.
2- ثواب الأعمال للصدوق باب : ثواب من قرأ سورة يس، بحار الأنوار للمجلسی ج 35 باب في بطلان القول بأن أزواج النبی صلی الله علیه وآله وسلم داخلة في الآية.

وقد شاهدوا الآيات الباهرة في معجزات الحسين عليه السلام فلم يزدهم ذلك إلا غرورا ومكابرة واستكبارا على الله سبحانه وتعالى وأزلهم الشيطان بعد الحجة والبيان، وكانوا مصداق لقوله تعالى:

«اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ،ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ».(1)

الصد والاستكبار على الله تعالى والنبي صلی الله علیه وآله وسلم :

ومنها: قوله تعالى: «وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ،سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ »(2) نزلت في الذين استكبروا على الله تعالى، وأبوا شفاعة رسول صلی الله علیه وآله كما فعل إبليس عندما أبي السجود لولي الله وخليفته آدم، إذ قال تعالى: «أبي واستكبر وكان من الكافرين »، كذلك الفسق وصف به الله عز وجل المنافقین کما وصف به إبليس، وليس ذلك إلا لأنهم لؤوا رؤوسهم وأبوا شفاعته وزيارته صلی الله علیه وآله .

فإن الحسين صلوات الله عليه عرض على قاتليه شفاعة جده رسول الله صلی الله علیه وآله في يوم عاشوراء فأبوا الإجابة واتبعوا سبيل الشيطان، فقال سبحانه : «وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ،يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ».(3)

ص: 34


1- المنافقون : الآية 3، 2.
2- المنافقون : الآية 6، 5.
3- سورة الجاثية : الآية 7،8.

الإمام الحسين صلوات الله عليه في خطابه مع شمر عليه لعائن الله :

وهذا ما ذكره القندوزي (1): في الخطاب الذي دار بين الحسين عليه السلام وشمر لعنه الله بعد أن ركب على صدره الشريف، ووضع السيف في نحره، وهم أن يذبحه، ففتح عينيه في وجهه فقال له الحسين عليه السلام :

يا ويلك من أنت فقد ارتقيت مرتقى عظيما ؟

فقال له الشمر : الذي ركبك هو الشمر بن ذي الجوشن الضبابي .

فقال له الحسين : أتعرفني يا شمر ؟

قال : نعم أنت الحسين بن علي، وجدك رسول الله، وأمك فاطمة الزهراء ، وأخوك الحسن .

فقال : ويلك فإذا علمت ذلك فلم تقتلني ؟ قال : أريد بذلك الجائزة من یزید .

فقال له : يا ويلك أيما أحب إليك، الجائزة من يزيد أم شفاعة جدي رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم؟

فقال الشمر الملعون : دانق من جائزة يزيد أحب إلى الشمر من شفاعة جدک .

فقال له الحسين عليه السلام : سألتك بالله أن تكشف لي بطنك، فكشف بطنه فإذا بطنه أبرص کبطن

الكلاب، وشعره كشعر الخنازير .

فقال الحسين عليه السلام : « الله أكبر لقد صدق جدي صلی الله علیه وآله وسلم في قوله لأبي:

ص: 35


1- ينابيع المودة للقندوزي ج3 باب مقتل الحسين عليه السلام

يا علي إن ولدك الحسين يقتل بأرض يقال لها کربلا، يقتله رجل أبرص أشبه بالكلاب والخنازير».

فقال الشمر اللعين : تشبهني بالكلاب والخنازير، فوالله لأذبحنك من قفاك .

ثم إن الملعون قطع الرأس الشريف المبارك، وكلما قطع منه عضوا يقول :

«یا جداه، يا محمداه يا أبا القاسماه، ويا أبتاه يا علياه، يا أماه يا فاطهاه، أقتل مظلوما، وأذبح عطشانا، وأموت غريبا » .

فلما اجتزه وعلاه على القناة كبر وكبر العسكر ثلاث تكبيرات، وتزلزلت الأرض واظلمت الدنيا، وأمطرت السماء دما عبيطا، وينادی في السماء : « قتل والله الحسين بن علي بن أبي طالب، قتل والله الإمام ابن الإمام، قتل الأسد الباسل، وكهف الأرامل».

وكان يوم قتله يوم الجمعة عاشر المحرم الحرام سنة إحدى وستين .

ثم ذكر الإمام عليه السلام لتلميذه حول هذا العمل في يوم عاشوراء ومقام هؤلاء الصفوة من أهل البيت علیهم السلام الذين لقوا مصرعهم في معركة الطف بقوله:

يعز على رسول الله صلی الله علیه وآله مصرعهم، ولو كان في الدنيا يومئذ حيا لكان صلی الله علیه وآله هو المعزي بهم .

قال : وبکی أبو عبد الله عليه السلام حتى اخضلت لحيته بدموعه، إلى أن

ص: 36

قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، رضا بقضاء الله وتسليما لأمره، ولیکن عليك في ذلك الكآبة والحزن وأكثر من ذكر الله سبحانه والاسترجاع في ذلك اليوم .

فإذا فرغت من سعيك وفعلك هذا، فقف في موضعك الذي صليت فيه، ثم قل:

اللهم عذب الفجرة الذين شاقوا رسولك وحاربوا أولياءك وعبدوا غيرك واستحلوا محارمك، والعن القادة والأتباع ومن كان منهم فخب وأوضع معهم أو رضي بفعلهم لعنا كثيرا .

اللهم وعجل فرج آل محمد واجعل صلواتك عليه وعليهم واستنقذهم من أيدي المنافقين المضلين والكفرة الجاحدين وافتح لهم فتحا يسيرا وأتح لهم روحا وفرجا قريبا و اجعل لهم من لدنك على عدوك وعدوهم سلطانا نصيرا .

ص: 37

الفهرس

الإهداء ...7

المقدمة ...9

زيارة أبي عبد الله الحسين عليه السلام ...13

وصلاته في يوم عاشوراء...13

ما هو المغزى من ذکر سورة الأحزاب والمنافقين في هذه الصلاة؟ ...15

الهدف من هذا الحشد بقيادة أبي سفيان قتل النبي وعليهم السلام ...17

ظهور الضغائن والأحقاد في يوم عاشوراء: ...20

أهل البيت النبي صلی الله علیه وآله وسلم لأولى من المؤمنين من أنفسهم: ...21

نساء النبي صلی الله علیه وآله وسلم قال إن اتقين وأطعن الله ورسوله: ...22

طهارة أهل البيت علیهم السلام في سورة الأحزاب: ...22

الأحزاب والذين في قلوبهم مرض وبغض أهل البيت علیهم السلام : ... 23

قطع ما أمر الله أن يوصل وهو رحم النبي صلی الله علیه وآله وسلم وأهل بيته : ...24

مودة أهل البيت ومحبتهم علیهم السلام : ...27

الصلاة على النبي صلی الله علیه وآله وسلم من الإيمان وإيذاءه کفر و نفاق: ...29

آیات التولي والتبري في سورة الأحزاب: ...30

فضائح قريش في سورة المنافقين والأحزاب: ...33

الصد والاستكبار على الله تعالى والنبي صلی الله علیه وآله وسلم : ...34

الإمام الحسين عليه السلام في خطابه مع شمر عليه لعائن الله:....35

ص: 38

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.