قربان الشهادة: اسئلة و اجوبة حول سیدالشهداءالحسین علیه السلام و نهضته المبارکة

اشارة

سرشناسه:روحانی، سیدمحمدصادق، 1303 -

عنوان و نام پديدآور:قربان الشهادة: اسئلة و اجوبة حول سیدالشهداءالحسین علیه السلام و نهضته المبارکة/ السیدمحمدصادق الروحانی.

مشخصات نشر:قم: مهر امیرالمومنین (ع)، 1434 ق.= 1392.

مشخصات ظاهری:127 ص.

فروست:اسئلة و ردود عقائدیة؛ 2.

شابک:25000 ریال 978-964-159-166-5 :

وضعیت فهرست نویسی:فاپا

يادداشت:عربی.

يادداشت:عنوان عطف: قربان الشهادة.

عنوان دیگر:اسئلة و اجوبة حول سیدالشهداءالحسین علیه السلام و نهضته المبارکة.

عنوان دیگر:قربان الشهادة.

موضوع:حسین بن علی (ع)، امام سوم، 4 - 61ق. -- پرسش ها و پاسخ ها

موضوع:واقعه کربلا، 61ق -- پرسش ها و پاسخ ها

رده بندی کنگره:BP41/5/ر9ق4 1392

رده بندی دیویی:297/9534

شماره کتابشناسی ملی:2954963

ص :1

اشارة

بسم الله الرحمن الرحیم

ص :2

قربان الشهادة

ص :3

ص :4

فهرست موضوعات

تصویر

ص :5

تصویر

ص :6

تصویر

ص :7

تصویر

ص :8

تصویر

ص :9

تصویر

ص :10

المقدمة:

اللهمَّ صلِّ على الحسين، وعلى علي بن الحسين، وعلى أولاد الحسين، وعلى أصحاب الحسين، الذين بذلوا مهجهم دون الحسين (عليه السلام).

بين يدي القارئ الكريم مجموعة من إجابات سماحة آية الله العظمى السيد الروحاني (دامت ظلاله الوارفة على رؤوس المؤمنين) على بعض الأسئلة المرتبطة بسيد الشهداء الحسين (عليه أفضل التحية والسلام) ونهضته المباركة، وقد جمعنا شتاتها من كتاب (أجوبة المسائل) وصنفناها ضمن فصول خمسة، لتكون أدعى للإفادة والاستفادة، سائلين من الله تعالى أن يكتبنا في عداد المتشرفين بخدمة سيد الشهداء الحسين (عليه السلام) ونصرته، وأن يديم ظل سماحة المرجع الكبير الروحاني، ويمتع المؤمنين بوجودهِ المبارك زمناً طويلا.

مكتب المرجع الروحاني (دام ظله)

ص:11

ص:12

لمحة موجزة للتعريف بسيرة حياة آية الله محمد صادق روحانى لمحة موجزة للتعريف

بسيرة حياة آية الله العظمى المرجع المجاهد السيد محمد صادق الحسيني الروحاني (دام ظله)

ولادته

فتح سماحته عينيه على الدنيا في عائلة علمية عريقة في الخامس من شهر محرم الحرام من عام 1345 هجري قمري، الموافق للخامس عشر من شهر تموز عام 1926 ميلادية في مدينة قم المقدسة.

نشأته العلمية

1. بدت عليه آثار النبوغ منذ سن الرابعة حيث أنجز في سنة تعلم ما يحتاج الطالب فيه إلى أربع سنوات.

2. في قرابة العاشرة من عمره استطاع ان ينتهي من عدة مباحث حوزوية مثل الصرف والنحو والبلاغة والمنطق والكلام.

3. في الحادية عشرة من عمره كان يشارك في النجف الاشرف في بحث المكاسب للشيخ الأنصاري. وشرع في حضور دروس الخارج مبكراً. وهي الدروس العليا التي تؤهل للوصول إلى مرتبة الاجتهاد.

ص:13

وقد طرحت هذه القضية في المجالس العلمية لعلماء النجف; إذ كان من المثير لتعجب العلماءأنه كيف يستطيع مراهق في هذا السن أن يمتلك القدرة على فهم مطالب الشيخ الأنصاري (قدس سره)

حتى أنه ينقل عن السيد الخوئي (قدس سره) أنه قال لأحد المراجع:

«أفتخر بحوزة علمية يدرس فيها مراهق في الحادية عشرة من عمره المكاسب إلى جانب طلاب كبار في السن وعلماء، ويفهم مطالب الدرس أفضل من البقية».

وكان سماحة آية الله العظمى السيد الروحاني (دام ظلّه) يشارك في هذه الدروس و هو في هذه السن المبكرة من عمره، الأمر الذي كان باعثاً لتعجّب كلّ المشاركين، وقد كان يُتحدّث عنه وعن نبوغه الفكري وقدرته على الاستدلال رغم صغر سنه وعن مشاركته في دروس الخارج في أغلب مجالس المراجع والعلماء.

أساتذته

أمّا أساتذته في درس الخارج بفرعيه الفقه والأصول فهم من الفقهاء والمراجع الكبار والنادرين وذوي الشهرة الّذين لا تخفى مراتبهم العلمية والفقهية وكمالاتهم الأخلاقية على أحد، ونحن هنا نكتفي بذكر أسمائهم.

وهم كما يلي:

1. سماحة آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي (قدس سره).

2. سماحة آية الله العظمى السيد أبو الحسن الأصفهاني (قدس سره).

3. سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد حسين الأصفهاني المعروف ب - (الكمباني) (قدس سره)

ص:14

4. سماحة آية الله العظمى الشيخ كاظم الشيرازي (قدس سره)

5. سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد علي الكاظمي (قدس سره).

العلاقة المميزة مع السيد الخوئي

وقد استمرت علاقته الحميمة مع أستاذه آية الله العظمى السيد الخوئي (رحمه الله) مدة 15 سنة وهي فترة الدراسة التي رافقه فيها.

وقد استفاد سماحته من وجود جميع الأساتذة، وهو يعتبر نفسه مديوناً لمحبتهم المخلصة، ولكن من بين أساتذته كان السيد الخوئي (قدس سره) أكثرهم له توجيهاً وأكثرهم عملا على تفتح براعم استعداده و رشده العلمي والأخلاقي.

نظرة لوضع سماحته التحصيلي والعلمي

كان سماحته يصرف في اليوم ستة عشر ساعة من وقته للمطالعة وتنظيم الأمور الدراسية، ومثل هذا الادّخار للتحصيل وهذا العشق والعلاقة بالعلم من أكبر التوفيقات والعنايات الإلهية، لأنّ مثل هذا التنظيم التحصيلي يعطل كل الفعاليات غير الدراسية، ويؤدي إلى آلام ومتاعب خاصة لدرجة أن أغلب الأصدقاء وحتى السيد الخوئي (قدس سره) كانوا قلقين من صرف كل هذا الوقت في المطالعة ويوصونه بأن يعدل قليلا من برامجه; لأنّ الذي لديه ستة عشر ساعة مطالعة في اليوم لا يبقى لديه وقت كثيرٌ للنوم والاستراحة وتجديد قوى البدن، والحضور في جلسات الدرس.

عودة سماحته الى مدينة قم المقدسة

وبعد انتهاء سماحة آية الله العظمى الروحاني دام ظله الوارف من تحصيل

ص:15

وكسب العلوم من أساتذة الحوزة العلمية الكبار في النجف الأشرف أصبح في صف كبار العلماء ومراجع الدين، وكان يفكر في إعطاء ما تلقاه حتى يستطيع أن يأخذ سهماً مهمّاً في تربية وتعليم الراغبين بالعلوم والمعارف الدينية،

ولذلك ترك النجف الأشرف باتجاه الحوزة العلمية في قم، ومنذ وروده إلى مدينة العلم والاجتهاد بدأ بالتدريس.

ففي سنة 1369 ه ق دخل إلى قم وبدأ في مستوى مراجع ذلك العصر الكبار بتدريس خارج الفقه والأصول لمجموعة هم في العصر الحالي من كبار علماء ومدرسي الحوزة العلمية في قم.

تدريسه في قم

1. درّس خمس دورات كاملة في بحث خارج الأصول التي كانت تتألف كلّ واحدة منها من عدّة سنوات من التحقيق العميق والتدريس اليومي.

2. أمّا بالنسبة لخارج الفقه فإنه لم يُحدد له زماناً لأنّه ومنذ ورود سماحته إلى هذه المدينة وحتى الآن لا يزال مستمراً بتدريسه..

مؤلفاته

1. زبدة الأصول: التي تتألف من 6 مجلدات باللغة العربية وتحتوي على جميع المباحث الأصولية.

2. فقه الصادق: ويتألف من 41 مجلّداً باللغة العربية، وقد أعيدت طباعته عدة مرات، وله مكانة خاصة بين كتب الاستدلال الفقهي. وقد طُرح هذا الكتاب تحت عنوان مرجع للعلماء في قسم خارج الفقه، ككتاب جواهر الكلام لمؤلفه الشيخ محمد حسن النجفي (قدس سره)، وفي مقام

ص:16

المقايسة أعطى بعض الكبار وأصحاب العلم والفضل الأولوية لهذا الكتاب التحقيقي، واعتبروه متقدماً على "جواهر الكلام".

3. مناسك الحج، باللغة العربية.

4. الإجتهاد والتقليد.

5. القواعد الثلاثة.

6. رسالة في فروع العلم الإجمالي.

7. المسائل المستحدثة.

8. تعليق على وسيلة النجاة للمرجع الكبير السيد أبوالحسن الأصفهاني.

9. تعليق على العروة الوثقى.

10. توضيح المسائل باللغة الفارسية.

11. تعليق على منهاج الصالحين لآية الله العظمى السيد الخوئي (قدس سره).

12. منهاج الصالحين، وهو عبارة عن الرسالة العملية الكاملة، من ثلاث أجزاء، مع شرح و تعليقات ويحتوي على 10066 حاشية، وقد أنجزتها في طبعتها الاولى في العام 1428 ه -.

13. ملخص المسائل المستحدثة باللغتين الفارسية والأوردو.

14. منتخب توضيح المسائل الذي يرتبط بالمسائل المهمة.

15. منتخب الأحكام باللغة العربية.

16. مختصر الأحكام، رسالة عملية بالفارسية.

17. منهاج الفقاهة، وهو شرح وتعليق على كتاب المكاسب للشيخ الأنصاري (قدس سره) ويتألف من 6 مجلدات، وأعيد طبعه عدة مرات.

ص:17

18. رسالة في اللباس المشكوك.

19. رسالة في القرعة.

20. رسالة في قاعدة لاضرر.

21. الجبر والاختيار، طُبِعَ ثلاث مرّات سابقا، ثم طبع في حلة جديدة للمرة الرابعة في العام 1425 ه -.

22. تحقيق في مسألة الجبر والاختيار باللغة الفارسية.

23. الحكومة الإسلامية.

24. مناسك الحج باللغة الفارسية.

25. اللقاء الخاص، في موقع يا حسين، وهو عبارة عن مجموعة اسئلة أجاب عليها سماحة السيد على شبكة الانترنت.

26. «سلسلة فتاوى واستفتائات»: (التقليد والعقائد - الطهارة)

27. اجوبة المسائل (فى الفكر والعقيدة والتاريخ والاخلاق)

28. «السيدة الزهرا (عليها السلام) بين الفضائل والظلامات»

كتاباته بنظر المراجع العظام

كان من ضمن الذين اهتموا بكتاباته وخصوصاً كتابه «فقه الصادق» المراجع الكبار أمثال سماحة آية الله العظمى البروجردي الذي أخذ معه كتاب فقه الصادق مرتين إلى المنبر ونقل منه بعض المطالب.

ومثل سماحة آية الله العظمى السيد الخوئي الذي تفضل في الرسالة التي كتبها للمؤلف بما نصه: «أنا شخصياً أخذت كتاب فقه الصادق إلى آية الله كاشف الغطاء وقلت له انظر أي خدمة قدّمت للعالم الإسلامي والفقهي،

ص:18

إذ ربّيت مثل هذا العالم المحقق». بالإضافة إلى عدد من العلماء الكبار.

متابعته لقضايا المسلمين على الصعيد الدولي

كانت لسماحته مراسلات عديدة خارجية في قضايا تهم العالم الإسلامي منها:

1. مراسلات مع شيخ الأزهر في مصر.

2. رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة.

3. رئاسة الجمهورية في مصر.

4. الملك فيصل في السعودية.

5. العديد من المراسلات في مناسبات مختلفة مع كبار علماء الإفتاء في العالم ورؤساء الدول.

في مواجهة النظام الشاهنشاهي البائد

1. السيد الروحاني مرشد فدائيي الإسلام.

وذلك في الفترة التي كان فيها سماحة آية الله العظمى السيد الروحاني في الحوزة العلمية في النجف الأشرف، فإنَّ المرحوم نواب صفوي الذي كان يعمل على تشكيل حركته المقدسة بروح عالية واستقامة، لم يكن يتخذ تصميماً بدون سماحة السيد وكان يستشيره في جميع الأمور ويستفيد من إرشاداته ومساعداته لأنه رحمه الله قضى فترة في النجف الأشرف، إذ كان يشارك في دروس العلماء والمراجع، وكانت علاقته مع سماحة السيد علاقة مميّزة وحميمة حيث كان يستشيره دائماً.

2. دور أساسي في بلورة ونجاح الثورة الإسلامية في إيران من خلال

ص:19

المواقف الجريئة والبيانات القوية التي كان يصدرها ضد الحكومة الشاهنشاهية والنظام المستبد، والتي امتدت طوال سنوات حتى توجت في نهاية الأمر بسقوط النظام البائد.

3. تعرض سماحته في فترة الحكم الشاهنشاهي للسجن والنفي والابعاد والوضع تحت الإقامة الجبرية نتيجة للدور الريادي الذي كان يقوم به في مواجهة النظام الشاهنشاهي.

نشاطه الحالي

لا يزال سماحته منكباً على إعطاء دروس بحث الخارج في الفقه في حسينية الإمام الصادق (عليه السلام) في مدينة قم المقدسة المجاورة لمنزله.

ملاحظة:

للاطلاع على سيرة حياته بشكل مفصل يمكنكم مراجعة موقع سماحته على شبكة الانترنت الذي يحتوي على مؤلفاته و دروسه الأخيرة صوتاً ونصاً، إضافة الى أجوبة الاستفتاءات التي ترد عليه باللغات العربية والفارسية والانكليزية، على العنوان التالي:

www.imamrohani.com

ص:20

بيان سماحة آية الله العظمى الروحاني بمناسبة شهر محرم الحرام

اشارة

بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ

قالَ اللهُ العظيمُ في مُحكمِ كتابهِ الكَريمِ: (وَذَّكِرهم بأيامِ اللهِ إنَّ في ذلك لآياتِ لكلِّ صبَّار شَكُور) صدقَ اللهُ العليُّ العظيم

يستقبلُ العالمُ الشيعيُ في غُضونِ الأيامِ المقبلةِ يوماً عظيماً من أيامِ اللهِ تعالى، وهو اليومُ الذي قالَ عنهُ الإمامُ الحسنُ المُجتبى (عليه السلام):

«لا يومَ كيومِك يا أبا عبد الله»، وقالَ عنهُ الإمامُ السلطانُ عليُّ بنُ موسى الرضا (عليهما السلام):

«إنَّ يوم الحسينِ أقرحَ جُفوننا، وأسبلَ دموعنا، وأذلَّ عزيزنا، وأورثنا الكربَ والبلاءَ إلى يومِ الإنقضاء»، ألا وهو يومُ عاشوراءِ الشهادةِ والدَّم. ومما يضاعفُ ألمَنَا [ونحنُ نستشعرُ ألمَ هذا اليومِ وحرارةَ مصابهِ] أَنْ يمرَّ هذا اليومُ المُلَوَنُ بحمرةِ الدماءِ الزكية، وعالَمُنا الشيعيُ تخترقُ أُذُنَهُ الواعيةَ بعضُ الأصواتِ المُنكرةِ التي يُثيرها بعضُ المُغرضينَ حولَ جدوى الشعائرِ الحسينيةِ المباركة وفاعليتِهَا، ولو كانَ هؤلاءِ المشكِكونَ المُغرِضونَ مِن خارجِ مدرسةِ التشيعِ الشامخةِ لهانَ الأمرُ، ولكنَّ المُزعِجَ والمؤلِمَ أنهم يتسترونَ بلباسِ التشيعِ، وفي الوقتِ نفسهِ يغرسونَ في ظهرهِ خناجِرَهم، ويبثونَ في فِكرِ الشيعةِ سُمُومَهُم.

ص:21

ولستُ أدري ما الذي يَغِيضُ هؤلاءِ مِن شعائرِ سيِّدِ الشهداءِ (عليه آلافُ التحيةِ والثناء)؟! أَيغيضهم منها ما تُعمِقُهُ في نفوسِ المؤمنينَ من القيمِ الأخلاقيةِ والمبادئ الدينية، كالتضحيةِ مِن أجلِ المبدأ، والثورةِ ضِدَّ الطغيانِ، والصمودِ في سبيلِ الحق؟! أمْ ما تُدخِلُهُ على قُلوبِ أعداءِ اللهِ من الخوفِ والرَهبةِ؟!

ما بالُ هؤلاءِ - وهم يدَّعونَ انتماءَهم للحسين (عليه السلام) - والشعائر الحسينية؟! ولِمَ لا يُوظِّفونَ جهودَهم وطاقاتِهم الكبيرةَ التي يبدِدُونَها في محاربةِ الشعائرِ مِن أجلِ فضحِ جرائمِ يزيد بنِ معاوية وأسلافهِ؟! أم تُرى أنَّ هذا لا يخدمُ أهدافَهم وأهدافَ أسيادِهم الذينَ يُملونَ عليهم مايصنعون؟!

ونظراً لكلِّ ذلكَ، فإنني أغتنمُ فرصةَ قدومِ ذِكرى هذِهِ المصيبةِ الكُبرى، والفادحةِ العظمى، لأتقدمَ لمولايَ صاحبِ العَصرِ وسُلطانِ الزمان (روحي وأرواحُ العالمين لترابِ مقدمهِ الفداء) وشيعتهِ المخلصين بأحرِّ التعازي القلبيةِ، وأوجِّه بهذهِ المناسبةِ لإخوتي وأخواتي وأبنائي وبناتي منَ المؤمنينَ ثلاثةَ نداءات:

1 / النداء الأول: وَأوجِّههُ لعمومِ أبنائيَ المؤمنينَ وبناتيَ المُؤمناتِ في العالَمِ الشيعيِ كلِّهِ، وهو: أنَّ وظيفَتَهم في هذهِ المرحلةِ الزمنيةِ الحَرِجةِ أنْ يكثفوا جهودَهم في سبيلِ إحياءِ هذهِ الذِكرى المُؤلمةِ، مِن خلالِ عقدِ مجالسِ العزَاءِ والاجتماعِ فيها، وإقامةِ الشعائرِ الإلهيةِ المرتبطةِ بها، وبَذلِ

ص:22

الأموالِ الطائلةِ في سبيلِ ذلك، ر فإنَّ هذا هو أقلُّ ما يجبُ القيامُ بهِ لأجلِ ردِّ كيدِ المغرضينَ، ودفعِ شبهاتِ المشككينَ، وهذا ما أكدَّهُ الإمامُ الصادقُ (عليه السلام) بقولهِ في وصيتهِ لشيعتهِ: «فإنَّ في اجتماعِكم ومذاكرتكم إحياء لأمرنا، وخيرُ الناسِ بعدنا مَن ذاكرَ أمرَنا، ودعَا إلى ذِكرِنَا»، بل ذُكِرَ هذا النصُ في نسخة أخرى بصياغة مثيرة جداً، وهيَ: «فإنَّ في اجتماعِكم ومذاكرتكم إحياءَنا»، وباعتقادي أنَّ القلمَ ينكسرُ دونَ الوصولِ إلى شامخِ هذا المعنى.

وبذلكَ يظهرُ أنَّ نفسَ الاجتماعِ في المجالسِ والمواكبِ العزائيةِ أمرٌ راجحٌ جداً، ولا تكفي عنهُ متابعةُ ذلكَ عن طريقِ البَّثِ الفضائي ونحوهِ، كما يُحاوِلُ أنْ يُروِّجَ لهُ بعضُ الغافلينَ، لوضوحِ أنَّ نفسَ اجتماعَ المؤمنينَ في المجالسِ والمواكبِ الحسينيةِ يُشكِّلُ صرخةً مدويةً في وجهِ الظُلمِ والظالمين، وثورةً كبرى تزعزعُ عروشَ الاستكبارِ العالمي، وانتصاراً شامخاً للقيمِ العُليا والمبادئِ السامية.

2 / النداء الثاني: وَأوجِّههُ لعمومِ أبنائيَ المؤمنينَ وبناتيَ المُؤمناتِ مِن القائمينَ على مجالسِ الذِكرِ المباركةِ والمواكبِ الشريفة، وأدعوهم مِن خلالِ هذا النداءِ إلى الإصرارِ على مواصلةِ عملهم الجهاديِ العظيمِ الذي هو في عصرنا الحاضر مِن أفضلِ الأعمالِ الجهاديةِ لأنَّ المجالسَ الدينيةَ التي يحيونها، ويبذلونَ النفيسَ مِن ممتلكاتِهم والغاليَ مِن أوقاتهم مِن أجلِهَا، هيَ أعظمُ سلاح تشهرهُ يدُ الإيمانِ لِدَحرِ قوى الكفرِ والشيطان،

ص:23

فاللهَ اللهَ بها، وحذارِ حذارِ مِن ضِعافِ النفوسِ الساعينَ لطمسِهَا، وإني لأدعو اللهَ تعالى أنْ يأخذَ بأيديكم وينصرَكم ويؤيدَكم ويباركَ جهودَكم.

3 / النداء الثالث: وَأوجِّههُ لعمومِ أبنائيَ المؤمنينَ وبناتيَ المُؤمناتِ مِن خُطباءِ المنبرِ الحسينيِ الشريفِ، وأدعوهم إلى بذلِ قصارى جهودِهم في سبيلِ نشرِ معارفِ الأئمةِ الطاهرين (عليهم السلام)، وبيانِ الأحكامِ الشرعيةِ، وترسيخِ المعتقداتِ الدينيةِ، ودفعِ الشبهاتِ المنحرفة بالأدلةِ النقليةِ المحكمةِ والبراهينِ العقليةِ المتقنة، ليرسِّخوا بذلك عقائدَ المؤمنينَ من ناحية، ويثبتوا بذلكَ أصالةَ المنبرِ وقوةَ عطائهِ مِن ناحية أخرى، دفعاً لما يحاولُ تصويره المغرِضونَ مِن ضعفِ أداءِ المنبرِ الحسينيِ وعدمِ فاعليته. كما ولا يفوتني هنا أنْ ألفتَ نظرَ أبنائيَ الراثينَ والمنشدين، وأحذرِّهم من حبائلِ الألحانِ اللهويةِ والأنغامِ الموسيقية التي بدأتْ ] وللأسفِ الشديدِ [ تغزو الأناشيدَ الدينيةَ والمواكبَ العزائية، وأسألُ اللهَ تعالى أنْ

يحفظَ بهم جميعاً منبرَ سيدِ الشهداءِ الحسين (عليه السلام) ومجالسَهُ الشريفة، فإنهم صوتُ التشيعِ المُدّوي ولسانُهُ الناطِق.

وختاماً: أكرِّرُ توصيتي لجميعِ الشيعةِ في العالم بلزومِ الاهتمامِ بيومِ اللهِ العظيمِ هذا، والتفاني في سبيلِ إحيائهِ، ودعائي للجميع بالتوفيقِ والتأييدِ في ظلِّ العنايةِ الإلهيةِ واللطفِ المهدوي، والسلامُ عليهم جميعاً ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ.

محمد صادق الحسيني الروحاني

ص:24

الفصل الأول: أسئلة وأجوبة حول تاريخ الإمام الحسين (عليه السلام) ومقاماته

اشارة

ص:25

ص:26

1. قضية زواج الإمام الحسين (عليه السلام) بأرينب بنت إسحاق

س: ما مدى صحة قصة أرينب بنت إسحاق، وزواج الإمام الحسين (عليه السلام) بها؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

القصة المذكورة رواها بعض المؤرخين [كابن قتيبة في الإمامة والسياسة] وهي تدل على عظمة الخُلُق الحسيني، ودناءة الخُلُق الأموي، ولكنها ينقصها السند المعتبر، ولم ترد في شيء من مصادرنا

2. الملك فطرس عتيق الإمام الحسين (عليه السلام)

س: ما مدى صحة رواية الملك فطرس؟ وكيف يمكن توجيهها على فرض الصحة بما لا ينافي العصمة الثابتة للملائكة؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

في الخبر الموثق عن الإمام الصادق (عليه السلام) «أن فطرس كان من حملة العرش، فبُعث في أمر فأبطأ فيه، فكُسِر جناحه» ومن الواضح أنَّ الإبطاء ليس

ص:27

معصية من المعاصي، وإنما هو خلاف الأولى ليس إلا، ولم يكن كسر الجناح عقاباً وإنما كان مجرد أثر وضعي.

3. نزاهة الإمام الحسين (عليه السلام) عن اللعب

س: ورد في التاريخ أن بعض المعصومين (عليهم السلام) كان يلعبون في صغرهم، كما نُقلَ ذلك بالنسبة للحسن والحسين (عليهما السلام) أنهما كانا يلعبان على ظهر النبي (صلى الله عليه وآله)، فهل يتنافى ذلك مع العصمة؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

الروايات المُشار إليها محل إشكال عندنا دلالةً وسنداً، فإن المعصوم (عليه السلام) أجلُّ قدراً وأعظم شأناً من صدور ما ينافي علمه وكمال قوته العاقلة حتى ولو كان صغيراً; إذ أنه لا يختلف حال صغره عن حال كبره في كمالاته الوجودية وصفاته الجمالية والجلالية.

4. الإمام الحسين (عليه السلام) في آية النور

قال تعالى (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاة فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَة الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَة مُبَارَكَة زَيْتُونَة لا شَرْقِيَّة وَلا غَرْبِيَّة يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُور يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الاَْمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْء عَلِيمٌ) ماهو تفسير الآية الكريم وهل تخص أهل البيت (عليهم السلام)؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

نعم، جاءَ في كثير من الروايات أنَّ المعني بآية النور المباركة هم أهل البيت (عليهم السلام)، فالمشكاة هي الصديقة الزهراء (عليها السلام); إذ كما أنَّ المشكاة ] وهي

ص:28

الكوة في الجدار [ هي مجمع النور، فكذلك فاطمة (عليها السلام) إذ هي مجمع نوري النبوة والإمامة، والمصباح هو أمير المؤمنين (عليه السلام); إذ كما أنَّ المشكاة إنما يتوقد نورها عن طريق المصباح الذي يُوضع فيها، فكذلك الصديقة الطاهرة (عليها السلام) إنما توقد نورها بانضمام نور أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى نورها، وأما الزجاجة فهي الحسن والحسين (عليهما السلام); إذ كما أن الزجاجة - وهي التي تُوضع حول المصباح - تحمي نوره وتضاعف من توقده، فكذلك كان الإمامان الحسنان (عليهما السلام) للأمير (عليه السلام)، حيث بهما حُفظَ نوره المبارك.

وأما الشجرة المباركة: فهو رسول الله (صلى الله عليه وآله); وقد وصفت الشجرة بالزيتونة لأنها أقوى الأشجار توقداً، كما وصفت بأنها (لا شرقية ولا غربية) كنايةً عن عدم كونها من سنخ هذا العالم; لأنها من نور الله تعالى.

5. الإمام الحسين (عليه السلام) في آية الذبح العظيم

س: مامعنى الذبح العظيم في قوله تعالى: (وفديناه بذبح عظيم)

للآية معنيان ظاهر وباطن، أما الظاهر فالذبح العظيم هو عبارة عن الكبش الذي جاء به جبرائيل (عليه السلام) من عند اللَّه سبحانه ليكون فداءاً لإسماعيل (عليه السلام)، وقد عُبّر عنه بالعظيم لكونه من عند اللَّه تعالى، وأما الباطن: فالذبح العظيم هو سيد الشهداء الحسين (عليه السلام)، فإنه لما عُرضَ على الأنبياء والرسل والأئمة (عليهم السلام) ] في عالم الذر [ ما سيجري على إسماعيل وحاجته لمن يفديه من الذبح، قدّمَ سيد الشهداء (عليه السلام) نفسه ليكون هو الذبح العظيم الذي سيذبح في كربلاء فداء لإسماعيل (عليه السلام)، ولكن لا بما

ص:29

هو إسماعيل، بل بما هو جد جدهِ أشرف الكائنات محمد (صلى الله عليه وآله)، وجدُ أبيه أمير المؤمنين وأمهِ الصديقة الطاهرة الزهراء (عليهما السلام)، فجادَ الإمام الحسين (عليه السلام) بنفسه ليكون فداءً لهؤلاء الأطهار (عليهم السلام).

6. الإمام الحسين (عليه السلام) في آية القربى

س: قال تعالى: (قل لا أسئلكم عليه أجراً إلا المودة في القربى) فمن هم القربى؟ ولماذا وردت الآية بصيغة النفي والاستثناء كصيغة (لا اله إلا اللَّه)؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

أسلوب الحصر ودوران الأمر بين النفي والإثبات هو أبلغ أساليب الحصر، وقد استخدم هنا لأنه ليس هناك شيء يمكن أن يكون أجراً للرسالة سوى المودة والمحبة لأهل البيت (عليهم السلام)، الذين وردت روايات العامة والخاصة تقول: إنه (صلى الله عليه وآله) سئل عن القربى؟ فقال: هم فاطمة وعلي وابناهما، واللطيف أنه (صلى الله عليه وآله) أمر من قبل ربه أن لا يقبل أجراً غير هذا، وهو يدل على ما قلناه من عدم وجود شيء يكون كذلك في علم العالم بكل شيء (تبارك وتعالى).

7. الإمام الحسين (عليه السلام) في آية المباهلة

س: (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة اللَّه على الكاذبين) ما سبب قوله: (أبنائنا وأبنائكم) ولم يقل: أبنائي وأبناءكم أو أبنائنا وأبنائهم، وكذلك في (ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم) فما المقصود ب - (نا)؟ كما أن هناك باللغة العربية أداة لمخاطبة

ص:30

المثنى والمفرد والجمع، فما سبب استخدام النبي (صلى الله عليه وآله) الجمع للمثنى في أبنائنا والتي فسرت على أن المقصود بها الحسن والحسين (عليهما السلام)؟ وما سبب استخدامه الجمع للمفرد في (نسائنا) والتي فسرت بالزهراء (عليها السلام)، وفي (أنفسنا) والتي فسرت بأمير المؤمنين (عليه السلام)؟

ج: باسمه جلّت أسماؤه

استعمال الجمع وإرادة الفرد في القرآن لا يخفى على أحد، فهذا قوله تعالى: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) وهذا قوله تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) وهكذا عشرات الآيات، والإتيان بالجمع وإرادة الفرد أو المثنى له عدة نكات في اللغة العربية، منها التعظيم، وبما أن المقام مقام تبجيل وتعظيم للنبي وأهل بيته (عليهم السلام) الذين أراد المباهلة بهم; لذلك استعمل القرآن الكريم الصيغة المذكورة لأجل التأكيد على ذلك.

8. التفاضل بين الإمامين الحسنين (عليهما السلام)

س: أيهما أفضل الإمام الحسن أم الإمام الحسين (عليهما السلام)؟ أم هما متساويان في الفضل؟

فلقد قرأت لأحد العلماء قوله بتفضيل الإمام الحسن على أخيه الإمام الحسين لعدة أدلة منها: رواية الصدوق عن هشام بن سالم، في كمال الدين ص 416: قال قلت للصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام): الحسن أفضل أم الحسين؟ فقال: «الحسن أفضل من الحسين»، ومنها: أن الإمام الحسن كان إماماً للحسين، منضماً لوجوب كون الإمام أفضل أهل زمانه،

ص:31

ولا يجوز أن يكون مساوياً له أيضاً; لقبح الترجيح من دون مرجح، فما هورأيكم؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

من الخطأ منهجياً قياس الإمام الحسين (عليه السلام) للإمام الحسن (عليه السلام) في زمان إمامة الإمام الحسن (عليه السلام)، بل الصحيح مقايسة الإمامين في زمان إمامة كل منهما، ونتيجة هذه المقايسة أنهما إمامان قاما أو قعدا، ولا فضل لأحدهما على الآخر، ونهضة الإمام الحسين (عليه السلام) وإن كانت هي سبب بقاء الإسلام، إلا أنها لم تكن لولا صلح الإمام الحسن (عليه السلام).

9. علاقة الإمام الحسين (عليه السلام) بالقرآن

س: ما العلاقة بين سورة المدثر وواقعة الطف؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

لعلَّ مراد السائل سورة الفجر وليس سورة المدثر، فإنها هي التي ورد فيها عن الإمام الصادق (عليه السلام): «اقرؤا سورة الفجر في فرائضكم ونوافلكم، فإنها سورة الحسين بن علي (عليه السلام)».

وسر العلاقة بين السورة والإمام الحسين (عليه السلام) قد أشارت إليه رواية أخرى، جاء فيها أن أبا أسامة سأل الإمام الصادق (عليه السلام): «كيف صارت هذه السورة للحسين خاصة؟ فقال: ألا تسمع قوله تعالى: (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي) إنما يعني الحسين بن علي (عليه السلام)، فهو ذو النفس المطمئنة الراضية المرضية»، وأما

ص:32

لماذا عبر عن سيد الشهداء (عليه السلام) بالنفس المطمئنة فلذلك نكات وأسرار لايسع المجال لذكرها.

10. قراءة رأس الإمام الحسين (عليه السلام) للقرآن

س: ما هو السر فى قراءة رأس الحسين (عليه أفضل الصلاة والسلام) للآية الشريفة: (أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجباً) على وجه الخصوص دون غيرها من الآيات؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

قرائته (عليه السلام) للآية المذكورة من قبيل القضايا التي قياساتها معها، فإنه (عليه السلام) أراد أن يبرهن على أن التكلم من رأس مقطوع ومرفوع على الرمح آية إلاهية لا داعي للتعجب منها; لما هو ثابت قرآنياً من حياة أصحاب الكهف وتكلمهم بعد موتهم بعشرات السنين، فكما أنَّ هؤلاء قد كانت لهم آية إلاهية تثبت ظلامتهم وكرامتهم عند خالقهم، فكذلك سيد الشهداء (عليه السلام) أيضاً.

11. الإمام الحسين (عليه السلام) في الرجعة

س: جاء في حديث الرسول (صلى الله عليه وآله): «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية»، وإذا كان الإمام المهدي (عج) آخر الأوصياء، فمن سيكون الوصي بعده (عليه السلام) الذي مَن يموت ولم يعرفه يموت ميتة جاهلية؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

من معتقدات الشيعة الرجعة، وهي تعني أن الأئمة جميعهم أو بعضهم (عليهم السلام)

ص:33

وطوائف كثيرة من الأموات سوف يرجعون إلى هذه الحياة الدنيا، و تبدأ الرجعة بعد ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) وقبل شهادته، ودلت الروايات أنَّ الرجعة تبدأ برجوع الإمام الحسين (عليه السلام) ثم الأئمة الآخرين واحداً بعد واحد، وتمتد فترة الرجعة مدة طويلة، وفي الخبر الموثق عن الإمام الصادق (عليه السلام): «ويقبل الحسين (عليه السلام) فيدفع إليه القائم (عليه السلام) الخاتم، فيكون الحسين (عليه السلام) هو الذي يلي غسله وكفنه وحنوطه ويوارية في حفرته».

12. روايات رجعة الإمام الحسين (عليه السلام)

س: هل هناك روايات تبين رجعة الإمام الحسين (عليه السلام)، ومن ثم رجعة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأمير المؤمنين (عليه السلام)؟ وما صحة هذه الروايات؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

يقول العلامة المجلسي (قدس سره): «كيف يشك مؤمن بحقيقة الأئمة الأطهار (عليهم السلام) فيما تواتر عنهم في قريب من مأئتي حديث صحيح، رواها نيف وأربعون من الثقات العظام والعلماء الأعلام في أزيد من خمسين من مؤلفاتهم... وإذا لم يكن مثل هذا متواتراً ففي أي شيء يمكن دعوى التواتر مع ما روته كافة الشيعة خلفاً عن سلف».

كيف كان ففي كثير من الروايات ما دلَّ على أن الإمام المهدي (عليه السلام) لا يفارق الحياة إلا بعد أن يرجع الإمام الحسين (عليه السلام) إلى هذه الدنيا، ويسلم الإمام المهدي إليه الحكم والقيادة، وفي جملة من الروايات والزيارات المروية ما يدل على رجوع سائر الأئمة (عليهم السلام) أيضاً.

ص:34

13. إضافة العبودية إلى الحسين (عليه السلام) في الأسماء

س: هل تسمية الأشخاص بعبد الحسين وعبد الأمير وعبد الزهراء وأمثال ذلك من الأسماء، جائز عقائدياً؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

كلمة (العبد) كما تستعمل بمعنى (العابد)، كذلك تستعمل بمعنى (الخادم)، كما في قوله تبارك وتعالى: (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم) وهذا المعنى الثاني هو ما نعنيه في إضافتنا لكلمة (العبد) لبعض الأسماء ] كعبد الحسين، وعبد الزهراء، وعبد الرضا [ فلا ينافي ذلك التوحيد العبادي في شيء.

ص:35

ص:36

الفصل الثاني: أسئلة وأجوبة حول واقعة الطف وأحداثها

اشارة

ص:37

ص:38

14. العلاقة بين واقعة الطف والخصائص الحسينية

س: جميع الأئمة الأطهار (عليهم السلام) تعددت أدوارهم واتحدت أهدافهم، فأي أدوارهم كان الأصعب؟ وإن كانت جميعها متساوية فلم أعطي الحسين (عليه السلام) كرامات لم تمنح لغيره من ولده؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

مما لا ريب فيه أنَّ دور الإمام الحسين (عليه السلام) كان الدور الأصعب، والمصائب التي توجهت إليه ولأهل بيته تفوق بمراتب المصائب التي جرت على أبنائه الأطهار (عليه السلام); ولذلك خُص بمزايا لم تُجعل لغيره، وهذا ما أشارت إليه الرواية المشهورة عن الإمام الباقر (عليه السلام): «إنَّ الله عوض الحسين (عليه السلام) عن قتله، أن الإمامة في ذريته، والشفاء في تربته، وإجابة الدعاء عند قبره، ولا تعد أيام زائره جائياً وراجعاً من عمره».

ص:39

15. مقايسة نهضة سيد الشهداء (عليه السلام) بنهضة النبي (صلى الله عليه وآله)

س: ما رأيكم (أدام الله ظلكم) في المقوله التالية: «إن العمل الذي قام به الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء أفضل من العمل الذي قام به الرسول (صلى الله عليه وآله) على مدى ثلاثة وعشرين عاماً»؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

مما لا إشكال ولا كلام فيه أن قيام الإمام الحسين (عليه السلام) كان سبباً لبقاء الإسلام، وله من الفضائل والمآثر ما يعجز القلم واللسان عن بيانها، إلا أنَّ تفضيل عمله (عليه السلام) على عمل جده المصطفى (صلى الله عليه وآله) مما نقطع بأنَّ نفس الإمام (عليه السلام) لا يرضى به، فالإغماض عن الكلام في ذلك متعين.

16. علاقة نهضة الإمام الحسين (عليه السلام) بنهضة النبي (صلى الله عليه وآله)

س: هل كانت هجرة النبي (صلى الله عليه وآله) في الأول من محرم، أم من ربيع الأول؟ فإن كانت في الأول من محرم، فما الحكمة التي يقتضيها خروج الإمام الحسين (عليه السلام) في نفس اليوم ومن نفس المكان (مكة) ولنفس السبب - وهو التهديد بالقتل والاغتيال - ولنفس الغاية أيضاً وهي نصرة الإسلام؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

الحكمة - لو كان يوم هجرة النبي (صلى الله عليه وآله) هو الأول من المحرم - ظاهرة، فإن مبدأ ثورة النبي العظيم (عليه السلام) هو يوم هجرته من مكة، وبذلك قام الإسلام، وكان استمرار ثورته بثورة الإمام الحسين (عليه السلام)، والفرض أنَّ مبدأ كلتا الثورتين هو أول محرم، ولكن الصحيح أن هجرة النبي (صلى الله عليه وآله) كانت في اليوم الأول من شهر ربيع الأول.

ص:40

17. العلاقة بين واقعة الطف والدين

س: إذا كان النبي (صلى الله عليه وآله) قد أكمل الدين، بمقتضى قوله تبارك وتعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً) فما هو دور الإمام الحسين (عليه السلام) بالنسبة للدين؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

إكمال الدين في الآية المباركة يعني جعل أمير المؤمنين (عليه السلام) ولياً وإماماً وخليفة وحافظاً للدين والإسلام، ومن بعده أبناؤه الأئمة الطاهرون (عليهم السلام)، وبما أنَّ الإمام الحسين (عليه السلام) أحدهم فهذا يعني أن الدين لا يمكن أن يكمل بغير إمامته وجهوده التي بذلها في زمن إمامته.

18. العلاقة بين النهضة الحسينية والنهضة المهدوية

س: ما علاقة واقعة الطف بظهور الإمام المهدي (عليه السلام)؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

بما أنَّ واقعة الطف موجبة لاستمرار ثورة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله)، وظهور الإمام المهدي (عج) موجب لاستمرار واقعة الطف، لأنه يتحقق تحت شعار (يالثارات الحسين)، فإنَّ العلاقة بينهما تكون علاقة التكامل.

19. إصرارُ الإمام الحسين (عليه السلام) على الشهادة

س: في بعض الروايات أن الحسين (عليه السلام) في آخر لحظات حياته، حينما أصبح أمام الأمر الواقع طلب من أعدائه الرحيل إلى أي بلد في العالم، فهل هذا صحيح؟

ص:41

ج: باسمه جلت أسماؤه

لو صحَّ ذلك ] وهو لم يصح بطريق معتبر [ فمقصود الإمام الحسين (عليه السلام) منه إتمام الحجة على القوم، لإثبات أنه لم يجيء للحرب، وإنما جاء إجابة لدعوة القوم إياه ليكون إماماً مطاعاً.

20. نهضة الإمام الحسين (عليه السلام) وشبهة الإلقاء بالنفس في التهلكة

س: قال تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) ومن يقرأ هذه الآية ويرى سيرة الإمام الحسين (عليه السلام) وتصميمه على الموت قد يحكم عليه بالإقدام على التهلكة، لأنه ذهب إلى الموت بيده، فما هو الجواب عن ذلك؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

حرمة الإلقاء بالنفس في التهلكة تكاد أن تكون من الأحكام الضرورية في الشريعة إن لم تكن منها، ويُراد بالتهلكة إتلاف النفس في غير الموارد التي أمر الله تعالى فيها بإتلافها، كموارد الجهاد مثلا، وبالتالي فالآية لا تشمل الإمام الحسين (عليه السلام); لأنَّ ما قام به كان جهاداً عن الدين ودفاعاً عن حرمته المنتهكة.

21. جهاد الإمام الحسين (عليه السلام) جهاد دفاعي

س: أمر الله النبي موسى (عليه السلام) بإنذار فرعون، فقال: (اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا لينا) مع أن فرعون كان يريد قتل النبي موسى (عليه السلام)، وأمر الله النبي محمداً (صلى الله عليه وآله) فقال له: (ادفع بالتي هي أحسن) مع أنَّ كبار قريش كانوا يريدون قتل

ص:42

النبي (صلى الله عليه وآله)، فلماذا جاهد الإمام الحسين (عليه السلام) يزيد وأعوانه; لأنهم يريدون قتله، ولم يطبق منهج الأنبياء (عليه السلام)؟ وهل الجهاد يدخل في إطار العنف؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

لا يخفى على من راجع تاريخ واقعة الطف أنَّ الإمام الحسين وأصحابه (عليه السلام) قد بذلوا أقصى جهدهم لأجل ثني أعدائهم عن الحرب والقتال، وبالغوا في وعظهم وتحذيرهم، ولكن لم يُجدِ معهم أيُ وعظ أو تحذير، ومع ذلك كله فإنَّ الإمام الحسين (عليه السلام) لم يأذن لأصحابه بابتداء الحرب في أول الأمر، بل انتظر حتى بدأه أعداؤه بالحرب، فجاهدهم حينئذ جهاداً دفاعياً، كجهاد جده المصطفى (صلى الله عليه وآله) لأعدائه من المشركين واليهود وغيرهم.

22. الإمام الحسين (عليه السلام) وطلب الحكم

س: هل كان الإمام الحسين (عليه السلام) طالب حكم وسلطة كما يرى ذلك البعض؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

الإمام الحسين (عليه السلام) لم يكن طالب شيء سوى بقاء الإسلام، الذي كان على مشارف الاضمحلال، ولولا ثورثة لما بقي الإسلام، وكيف يُتصور في حقه أن يكون طالباً للحكم والسلطان وهو يعلم بشهادته، كما صرح بذلك عند خروجه من مكة المكرمة حيث قال: «كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء» وقال أيضاً في وصيته لأخيه محمد بن الحنفية: «مَن لحقَ بيَ استشهد، ومن تخلف عني لم يدرك الفتح».

ص:43

23. قلة الوعي بضرورة النهضة الحسينية

س: قال أحدهم: (ما قتل الحسين إلا لقلة الوعي بأمر القيادة) فما هو تقييمكم لهذه الكلمة؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

إن كان المقصود منها أن وعي الناس بأهمية وجود قائد لهم كالإمام الحسين (عليه السلام) كان ناقصاً، فهذا ما لا غبار عليه، وإن كان المقصود منها ] والمستجار بالله [ نسبة قلة الوعي للإمام الحسين وأصحابه (عليه السلام)، فهي ضلال محض; لأنَّ كل حركات الإمام الحسين (عليه السلام) وأعماله إنما كانت على طبق التوجيهات الإلهية التي رسمها الله تعالى له.

24. عظمة مصيبة الإمام الحسين (عليه السلام)

س: ما هو الأعظم عند أهل العرفان، هل هي مصيبة الزهراء (عليهما السلام)؟ أم مصيبة الإمام الحسين (عليه السلام)؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

أساس ما جرى يوم كربلاء هو ما جرى يوم السقيفة، وقد ضمن هذا المعنى في أشعاره من علماء العامة القاضي أبوبكر ابن أبي قريعة، حيث قال:

(وأُريكمُ أنَّ الحسينَ أُصيبَ في يوم السقيفة)

ومن الشيعة المحقق الأصفهاني (قدس سره) في أرجوزته، حيث قال:

(وما أصابَ أمها من البلا فهو تراثها بطف كربلا)

إلا أن المستفاد من الروايات أن مصيبة الحسين (عليه السلام) هي أشد المصائب على الإطلاق، كما يشهد بذلك قول الإمام الحسن (عليه السلام) لأخيه: «لا يوم كيومك يا أبا عبدالله».

ص:44

25. وجوب نصرة الإمام الحسين (عليه السلام)

س: قال الإمام الحسين (عليه السلام) لأصحابه: «هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا، وتفرقوا في سواده، فإن القوم إنما يطلبونني، ولو ظفروا بي لذهلوا عن طلب غيري»، فهل الذين غادروا ولم ينصروا الإمام (عليه السلام) لا إثم ولا ذنب عليهم; لأنَّ الإمام (عليه السلام) قد أحلَّ ذلك لهم، أم كان ذلك امتحاناً لهم، كما يظهر ذلك من قول السيدة زينب (عليهما السلام): «هل اختبرت أصحابك»؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

كان الإمام الحسين (عليه السلام) من أول خروجه من المدينة يصرح بمصيره، ويدعو الآخرين لإعداد أنفسهم للتضحية بين يديه، كقوله (عليه السلام): «ألا ومن كان فينا باذلا مهجته، موطناً على لقاء الله نفسه، فليرحل معنا»، ومع ذلك فإنَّ جماعة ممن رحلوا معه كانت أغراضهم دنيوية، وأراد الإمام (عليه السلام) ليلة عاشوراء بإذنه لهؤلاء في الذهاب أن لا يبقى أحد منهم مكرهاً، وهذا لا يعني عدم مأثوميتهم في تركهم لنصرة مَن تجب عليهم نصرته.

26. علاقة أرض كربلاء بالمعراج النبوي

س: ما علاقة الإسراء والمعراج بكربلاء وقبر الإمام الحسين (عليه السلام)، مع الأخذ بعين الاعتبار حديث المفضل بن عمر المطول في علامات الظهور، والذي يرويه عن مولانا الصادق (عليه السلام)، ونقله العلامة المجلسي في البحار وغيره؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

ج: الوارد في حديث المفضل بن عمر: أنَّ الإمام الصادق (عليه السلام) قال متحدثاً

ص:45

عن أرض كربلاء: «وإنها خير بقعة عرجَ رسول الله (صلى الله عليه وآله) منها وقت غيبته»، وبما أنَّ المعراج قد تكرر مائة وعشرين مرة، فحديث المفضل يدل على أنَّ بعض معارج النبي (صلى الله عليه وآله) قد ابتدأَ من أرض كربلاء المقدسة.

27. أرض كربلاء موضع ولادة نبي الله عيسى (عليه السلام)

س: ما المقصود ب - «قصياً»؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

المقصود من «قصياً» في قوله تعالى: (فحملته فانتبذت به مكاناً قصيّاً) فقد جاء في بعض الروايات الشريفة تفسيره بأرض كربلاء، ومنها: قول الإمام زين العابدين (عليه السلام) لأبي حمزة الثمالي في تفسير الآية المذكورة: «خرجت من دمشق حتى أتت كربلاء، فوضعته في موضع قبر الحسين (عليه السلام)، ثم رجعت من ليلتها».

28. فلسفة رمي الإمام الحسين (عليه السلام) بدمه للسماء

س: جاء في بعض الروايات: أنه بعد خروج الدم من جسد الحسين وآل الحسين (عليه السلام) كان الحسين يرمي بالدم إلى السماء، فلا تعود منه قطرة، فما هو السر؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

الثابت أن سيد الشهداء (عليه السلام) رمى بدم ابنه الرضيع (عليه السلام)، وكذا بدمه الطاهر أيضاً لما أصابه السهم المثلث في قلبه المقدس، فلم ترجع من ذلك ولا قطرة واحدة من الدم، والسر في ذلك هو المنع من نزول العذاب على القوم.

ص:46

29. عدد من قتلهم الإمام الحسين (عليه السلام)

س: هل ثبت أن الإمام الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء قتل ألفين شخصاً من الأعداء؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

قال ابن شهرآشوب في مناقبه متحدثاً عن سيد الشهداء (عليه السلام): (فلم يزل يقاتل حتّى قتل ألف رجل وتسعمائة رجل وخمسين رجلا سوى المجروحين).

30. هوية قَتَلَة الإمام الحسين (عليه السلام)

س: يقول بعضهم: إن الذين قتلوا الحسين (عليه السلام) هم شيعة العراق، ولذا تراهم بعد دعوة الحسين عليهم وإلى يوم الناس هذا ملعونون أينما ثقفوا وقتلوا تقتيلا، وما يحدث في العراق اليوم خير برهان على ذلك، فما قولكم؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

لو فرضنا ] وفرض المحال ليس بمحال [ أن الشيعة هم الذين قتلوا الحسين (عليه السلام)، فما هو ذنب شيعة اليوم حتى تشملهم دعوة الحسين (عليه السلام)؟!! ولو كان الأمر كما يقول هذا القائل لكان اتهاماً للعدالة الإلهية، هذا مضافاً إلى أنَّ المحقق تاريخياً ] كما يذكر ذلك اليعقوبي في تاريخه [ أن الكوفة في زمن خروج الحسين (عليه السلام) لم تكن منطقة شيعية، وإنما كانت أخلاطاً من الناس، فكان فيها المسلمون والخوارج والأمويون والنصارى واليهود، وهؤلاء هم الذين اشتركوا في قتل سيد الشهداء (عليه السلام)، والذي يؤكد

ص:47

ذلك مخاطبة الإمام الحسين (عليه السلام) لهم يوم عاشوراء: «ويحكم يا شيعة آل أبي سفيان»، وأنهم حين قال لهم: «بأي ذنب تقاتلوني؟» قالوا له: «إنما نقاتلك بغضاً منّا لأبيك».

31. نسبة شعر (يا سيوف خذيني) للإمام الحسين (عليه السلام)

س: الشعر القائل:

إن كان دين محمد لم يستقم - إلا بقتلي يا سيوف خذيني

هل هو للإمام الحسين (عليه السلام)؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

البيت المذكور للشاعر المعروف الشيخ محسن أبو الحب (رحمهم الله) ] كما هو مثبت في ديوانه [ وإنما يُنسب للإمام الحسين (عليه السلام) على نحو لسان الحال.

32. فلسفة اصطحاب النساء لكربلاء

س: بما أنَّ النساء لا حرج عليهن في الحرب، والجهاد ساقط عنهن، فلماذا أخذ الإمام الحسين (عليه السلام) النساء معه عند ذهابه إلى كربلاء؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

لم يكن خروج الإمام الحسين (عليه السلام) إلى كربلاء بعنوان الجهاد، حتى يقال: (لم أخذ النساء معه، مع أنهن لا جهاد عليهن؟) وإنما حُوصرَ في أرض كربلاء وفُرضَ عليه حينها الدفاع عن نفسه، فكان جهاده جهاداً دفاعياً، ومع ذلك قد منع النساء عن المشاركة فيه.

ص:48

33. فلسفة نهي الإمام الحسين (عليه السلام) نساءه عن شق الجيب

س: كيف نفهم النهي الصادر عن الإمام أبي عبدالله الحسين (عليه السلام) لأخته الحوراء زينب (عليها السلام) حين قال لها: «يا أختاه إني أقسمتُ عليك فأبري قسمي، لا تشقي عليَّ جيباً، ولا تخمشي عليَّ وجهاً، ولا تدعي عليَّ بالويل والثبور إذا أنا هلكت»؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

الظاهر بمعونة القرائن الخارجية أنَّ الإمام الحسين (عليه السلام) أراد للسيدة زينب (عليها السلام) ومَن بمعيتها من النساء أن يقمن بتتميم دوره بعد شهادته، وبما أنَّ ذلك يتوقف على المزيد من القوة والصلابة; لذلك فإنَّ نهيه عن الظهور بمظاهر الضعف والانهيار بعد استشهاده يكون نهياً إرشادياً لذلك.

34. خروج النساء حاسرات بعد قتل سيد الشهداء (عليه السلام)

س: هناك من يقول: (لم يثبت بطريق صحيح خروج نساء الحسين (عليه السلام) حواسراً) فما مدى صحة قوله؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

القول المذكور صحيح لا إشكال فيه، فإنَّ نساء أهل بيت النبوة والإمامة أجلَّ من أن يخرجن حواسر مكشفات بمرأى الناظر الأجنبي، ولكن هذا لا يعني بطلان ما جاء في زيارة الناحية من خروجهن ناشرات الشعور; لإمكان حمله على النشر من وراء الثياب، تعبيراً عن شدة الحزن والمصاب.

ص:49

35. تاريخ دفن الإمام الحسين (عليه السلام)

س: كم يوم بين قتل الإمام الحسين (عليه السلام) ودفنه؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

الروايات في ذلك مختلفة، والمظنون بالظن المتاخم للعلم أن دفنه (عليه السلام) ودفن أصحابه قد تمَّ في الليلة الثانية عشر.

36. حضور النبي والزهراء (عليهما السلام) في كربلاء

س: ما رأيكم في الروايات التي وردت عن حضور الرسول والزهراء (عليهما السلام) عند جسد الحسين (عليه السلام) بعد مقتله؟

ج: باسمه جلّت أسماؤه، حتى ولو لم تكن هناك روايات تدل على حضورهما (عليهما السلام) عند جسده (عليه السلام)، فإنني اعتماداً على العمومات أجزم بوقوعه، ما بالك والروايات الدالّة عليه عديدة وصريحة.

37. المباشر لعملية دفن الإمام الحسين (عليه السلام)

س: من الذي دفن الإمام الحسين (عليه السلام)، فهناك من يقول إنه الإمام زين العابدين (عليه السلام)، وهناك من يقول إنهم بنو أسد؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

الحق الثابت تاريخياً وروائياً أنَّ الدافن هو الإمام زين العابدين (عليه السلام).

38. كيفية وصول الإمام السجّاد (عليه السلام) إلى كربلا

س: كيف وصل الإمام السجاد (عليه السلام) إلى كربلاء، وتمكن من دفن الأجساد الطاهرة؟

ص:50

ج: باسمه جلت أسماؤه

المستفاد من بعض الأخبار أنه (عليه السلام) قد وصل عن طريق طي الأرض، ولا يخفى أنَّ مثل هذه التنقلات الخارقة للعادة ليست بعزيزة على الله تعالى، وقد حصلت للعديد من الأنبياء والأوصياء، كما أشارت إليه عدة من الآيات والروايات.

39. موضع دفن رأس الإمام الحسين (عليه السلام)

س: هل أن رأس الإمام الحسين (عليه السلام) رجع مع السبايا إلى كربلاء، ودفن مع الجسد الطاهر؟ أم هو مدفون في مصر كما يدعي أهل مصر؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

قد وقع الخلاف في مدفن رأسه الشريف على أقوال:

(1) الأول: ما يشترك فيه الإمامية والعامة، وهو أنه بعدما طيف بالرأس في الشام رد إلى كربلاء، ودفن مع الجسد، وهو المشهور بين الإمامية، كما قد صرح بذلك جمع من علماء الإمامية، بل قد ادعي عليه الإجماع في كلمات بعض معاصرينا.

(2) الثاني: ما يشترك فيه العامة والإسماعيلية، وهو أنه دفن في دمشق، ثم نقل إلى عسقلان، ومنها إلى القاهرة.

(3) الثالث: ما اختص به بعض الإمامية، وهو أن الرأس دفن عند أبيه (عليه السلام) بالنجف الأشرف، ولم يعرف قائله صريحاً إلا ما يُستظهر من صاحب الوسائل، وتدل عليه بعض الأخبار، ولكن الأصحاب تأملوا فيها.

ص:51

(4) الرابع: ما اختص به بعض العامة، وهو أنه دفن بالمدينة المنورة بجانب قبر أمه الصديقة الزهراء (عليهما السلام).

(5) الخامس: ما اختاره جماعة، وهو أنه مع بدنه الشريف عرج به إلى السماء.

والذي أختاره واستفدته من الروايات الكثيرة الصريحة الدلالة بقاؤه (عليه السلام) في الأرض، بل ادعي تواتر الأخبار على ذلك.

وأما محل دفن الرأس فكلما تفحصت لم أقدر على الإطمئنان بدفن الرأس في مكان خاص; لأن أدلتها جميعاً ليست قاطعة كما صرح بذلك بعض المتتبعين، ولنعم ما أفاده صاحب تذكرة الخواص، حيث قال: «وبالجملة ففي أي مكان كان رأسه الشريف أو جسده، فهو ساكن في القلوب والضمائر، قاطن في الأسرار والخواطر، وأنشدنا بعض أشياخنا:

لا تطلبوا المولى الحسين بشرق أرض أو بغرب ودعوا الجميع وعرجوا نحوي فمشهده بقلبي

40. أصحُّ الروايات في مسألة دفن الرؤوس

س: ما هي أصح الروايات في مسألة دفن رؤوس شهداء الطف مع الأجساد؟ و في أَُي المصادر رويت؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

الذي صرح به السبط في التذكرة، وهو المشهور عند المحدثين والمؤرخين، وبه قال الطبري والإسفرائني والدنيوري وغيرهم: أن رؤوس الشهداء بعثت مع رأس سيد الشهداء (عليه السلام) من كربلاء إلى الكوفة، ومنها إلى الشام، وردت إلى كربلاء، ودفنت مع الاجساد، وفي ترجمة تاريخ الأعثم

ص:52

الكوفي: ثم جهز يزيد علي بن الحسين ومن معه إلى المدينة، وسلم إليهم رؤوس الشهداء، فتوجهوا إلى المدينة ووصلوا إلى كربلاء في يوم العشرين من صفر، فدفن الرأس مع الجسد الشريف، ودفنوا رؤوس الشهداء هناك. وفي تاريخ حبيب السير: أن يزيد بن معاوية سلم رؤوس الشهداء إلى علي بن الحسين (عليهما السلام) فألحقها بالأبدان الطاهرة يوم العشرين من صفر، ثم توجه إلى المدينة المنورة، وقال: وهذا أصلح الروايات الواردة.

41. تاريخ رجوع الركب الحسيني إلى كربلاء

س: هل كان رجوع سبايا أهل البيت (عليهم السلام) في أربعين سيد الشهداء (عليه السلام) في السنة الأولى من استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام)؟ أو كان هذا الرجوع في السنة الثانية؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

بعد التفحص الكامل والتحقيق اطمئننت بأن رجوع السبايا (عليهم السلام) كان في أربعين الإمام (عليه السلام) من نفس السنة التي استشهد فيها الإمام الحسين (عليه السلام).

42. أثر واقعة الطف في المجتمع الإسلامي

س: إنَّ مذبحة كربلاء هزت العالم الإسلامي هزاً عنيفاً، مما ساعد على تقويض دعائم الدولة الأموية، فما هي مظاهر الهزيمة الأموية بعد قتل الإمام؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

من مظاهر الهزيمة الأموية: عدم استمرار تلك الدولة كثيراً، حيث هلك يزيد وقُتل أعوانه، وقيام التوابين بثورتهم مما لم يترك لبني أمية عيشاً راغداً، وخلع أهل المدينة لبيعة يزيد ومبايعة عبد الله بن حنظلة

ص:53

غسيل الملائكة، وقيام ابن الزبير في مكة، وانقلاب الرأَي العام على يزيد بعد خطب أهل البيت (عليهم السلام) في الشام، والأهم من كل ذلك تحقق أهداف الإمام الحسين (عليه السلام) وفشل مخططات الأمويين.

43. المعترضون على قتل الإمام الحسين (عليه السلام)

س: سخط المسلمون وغيرهم على يزيد لقتله ريحانة الرسول (صلى الله عليه وآله)، وقد أنكر عليه جمع من الأحرار، وبعض الممثلين لملوك العالم، فمن هؤلاء الأشخاص؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

من الأحرار أهل المدينة، وعبد الله بن عفيف (رضي الله عنه)، والتوابون، ورسول ملك الروم الذي اعترض على قرع يزيد للرأس الشريف، ومن أراد التفصيل فليرجع لكتب السير والمقاتل.

44. قيمة تاريخ الطف المنقول عن حميد بن مسلم

س: ما مدى وثاقة حميد بن مسلم الراوي لواقعة الطف؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

حميد بن مسلم ليس له ذكر في الرجال، سوى ما ذكره الشيخ الطوسي (قدس سره) في رجاله من أنه من أصحاب الإمام السجاد (عليه السلام)، وظاهره كونه إمامياً، غير أن حاله من حيث الوثاقة وعدمها مجهول لدينا، ومع ذلك لا مانع من الأخذ بما ينقل; لظهور أخباره في كونه شخصية محايدة، لا يهمها سوى تسجيل الوقائع ونقلها للآخرين، فمهمته كانت أشبه بمهمة الصحفي في زماننا.

ص:54

45. قيمة كتاب «الفخري» للعلامة الطريحي (قدس سره)

س: ماهي كتب الشيخ الطريحي الموجودة حالياً صاحب كتاب منتخب الطريحَُي؟ وأيها المعتمد والمعتبر عندنا؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

المطبوع من كتبه (قدس سره) كتاب «مجمع البحرين»، وهو كتاب لغوي حديثي معتمد في مجاله، ومثله كتابه الرجالي القيّم «جامع المقال» فيما يتعلق بأحوال الحديث والرجال، وكذا تفسيره الرائع «غريب القرآن»، وأما كتابه «المنتخب» أو «الفخري» فهو وإن كان مرسلا، إلا أنَّ هذا لا يضر باعتباره; لعدم اعتبار الاتصال السندي في الأخبار التاريخية، والرجل عظيم القدر جليل المنزلة.

46. المراجع المعتمدة للتعرف على أبطال كربلاء

س: ما أفضل الكتب التي تتناول سيرة أنصار الحسين (عليه السلام)؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

من خيرة الكتب كتاب (إبصار العين في أنصار الحسين) للشيخ محمد السماوي، وكتاب «ذخيرة الدارين فيما يتعلق بالحسين وأصحاب الحسين» للسيد عبد المجيد الشيرازي الحسيني، وكتاب «فرسان الهيجاء» للشيخ ذبيح الله المحلاتي.

ص:55

ص:56

الفصل الثالث: أسئلة وأجوبة حول شخصيات الطف

اشارة

ص:57

ص:58

47. مرض الإمام زين العابدين (عليه السلام)

س: ما هو المرض الذي كان الإمام زين العابدين (عليه السلام) يعاني منه خلال واقعة الطف؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

المذكور في بعض الأخبار أن مرض الإمام السجاد (عليه السلام) في كربلاء كان هو (الذرب)، وهو الداء الذي يعرض المعدة فلا تهضهم الطعام، ويفسد فيها فلا تمسكه.

48. الفرق بين أنصار الإمام الحسين (عليه السلام) وأصحابه

س: هل يوجد فرق بين أصحاب الإمام الحسين (عليه السلام) وبين أنصاره؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

الأنصار هم الذين يعينون على العدو، بينما الأصحاب هم الملازمون للشخص، سواء أعانوه على العدو أم لا، وبعبارة أخرى: إنَّ النسبة بين

ص:59

العنوانين هي نسبة العموم والخصوص من وجه، فإنَّ الناصر من يوفق للنصرة ودفع العدو ولكنه قد لايوفق للصحبة والملازمة، كالنصراني الذي أسلم على يد الحسين (عليه السلام) وقاتل بين يديه، والصاحب قد يوفق للملازمة حيناً من الزمان ولكنه لا يوفق للنصرة، كمحمد بن الحنفية (رضوان الله عليه)، وقد يوفق شخص للنصرة والصحبة معاً كحبيب بن المظاهر (رضوان الله عليه).

49. الاختلاف في تحديد أنصار الإمام الحسين (عليه السلام)

س: أنا أقوم بعمل أضخم لوحة فنية تشتمل على أسماء شهداء كربلاء، فهل يمكنكم تزويدي بأسماء جميع الشهداء؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

هناك اختلاف شديد بين المؤرخين في تحديد عدد أنصاره (عليه أفضل الصلاة والسلام)، وتعيين أشخاصهم، ومن هنا فإنه لا يمكننا ضبط جميع أنصاره (عليه السلام)، والأفضل هو الرجوع إلى الكتب المختصة في هذا المجال.

50. قضية تطير الشهيد مسلم بن عقيل (عليه السلام)

س: هل صحيح أن مسلم بن عقيل (عليه السلام) تطير و هو في الطريق؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

قيل ذلك، ولكنه مستبعد غايته، ومع ذلك فإن مجرد التشاؤم مالم يترتب عليه أثر عملي لا حزازة فيه، وهو من جملة ما امتنَّ الله برفعه عن هذه الأمة في حديث الرفع.

ص:60

51. الموقف من الشعر المنسوب لمسلم بن عقيل (عليه السلام)

س: روي الواقدي: لما دخل المسلمون مدينة (البهنسا) بمصر بعد حصار طويل، دخل مسلم بن عقيل في جملة الهاشميين وهو يقول:

ضناني الحرب والسهر الطويل وأقلقني التسهد والعويل

فوا ثارات جعفر مع علي وما أبدئ جوابك يا عقيل

سأقتل بالمهند كل كلب عسى في الحرب أن يشفى الغليل

فهل في هذه الأبيات ذم لعقيل بن أبي طالب؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

قوله (عليه السلام): (وما أبدى جوابك يا عقيل) على فرض صدوره عنه لعله إشارة منه لجواب والده عقيل (رضي الله عنه) لمعاوية، عندما طلب منه أربعمائة درهم، فسأله معاوية: وما تصنع بها؟ فقال: أشتري بها جارية، فقال له معاوية: وما تصنع بجارية بأربعمائة درهم، وتكفيك جارية بأقل من ذلك؟ فأجابه عقيل: لتلد لي غلاماً إذا أعطيته يضرب رأسك بالسيف، فهو في هذا العجز من البيت يشير إلى ذلك، وأن الله تعالى قد حقق لعقيل مأموله.

ولكن بما أنَّ قضايا ورود عقيل بن أبي طالب على معاوية من القضايا المشكوكة تاريخياً; لذلك فالتوجيه المذكور لا يخلو عن حزازة، والصحيح أنه (عليه السلام) أراد بما قال مخاطبة والده عقيل بن

أبي طالب (رضي الله عنه) وطمأنته بأنه ماض في سبيل الأخذ بثأرات عميه جعفر بن أبي طالب، وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهما السلام).

ص:61

52. فلسفة عدم شرب العباس (عليه السلام) للماء

س: لماذا لم يشرب العباس (عليه السلام) الماء مع العلم أنه مقدمة لواجب، وهو إنقاذ نفسه ونفس غيره؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

لا سبيل للجزم بأن شرب الماء كان وسيلة لإنقاذ مولانا قمر بني هاشم (عليه السلام) لنفسه ولغيره، سيما مع علمه بالمصير الحتمي الذي أفصح عنه سيدالشهداء الحسين (عليه السلام)، وعلى فرض توفر الشواهد التاريخية على كون شربه للماء وسيلة للنجاة، فإنه لم يعلم أن ذلك كان وظيفته الفعلية; إذالظاهر من قوله (عليه السلام) في الرجز المشهور عنه: «تالله ما هذا فعال ديني» أنَّشرب الماء كان محرماً في حقه، وهو الأعلم بوظيفته وتكليفه، كيف لا؟ وهو الّذي قال المعصوم (عليه السلام) في حقه بأنه: «زُق العلم زقاً».

53. صحة ضرب السيدة زينب (عليها السلام) لجبينها بمقدم المحمل

س: الرواية القائلة: إن السيدة زينب (عليها السلام) قد ضربت جبينهابمقدم المحمل، حتى نزف الدم من تحت قناعها، هل هي رواية صحيحة؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

نعم، على مبانينا الأصولية هي رواية معتبرة بلاريب.

ص:62

54. عصمة السيدة زينب والعباس بن علي (عليهما السلام)

س: هل السيدة زينب والعباس (عليهما السلام) معصومان؟ وما هي الأدلة على عصمتهما؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

كلاهما (عليهما السلام) لهما من الفضائل والمناقب والكمالات ما يجعلهما تاليين للمعصومين (عليهما السلام)، فليس بعد المعصومين الأربعة عشر (عليهم السلام) أفضل منهما، ولكن العصمة الثابتة للمعصومين الأربعة عشر (عليهم السلام) منحصرة بهم فقط.

55. عصمة السيدة زينب والعباس وعلي الأكبر (عليهم السلام)

س: الذي نعتقده أن المعصومين أربعه عشر معصوماً، أولهم النبي محمد (صلى الله عليه وآله) وبعده الزهراء والأئمة الإثنا عشر (عليهم السلام)، وفي اعتقادنا أن عصمة هؤلاء الاربعة عشر (عليهم السلام) لم ولن ينالها أحد من الخلق، ولكننا أصبحنا الآن نسمع بعض الآراء

العقيدية التي تقول بعصمة أبي الفضل العباس وعلي الأكبر والسيدة زينب الكبرى وفاطمة بنت الإمام الكاظم (عليهم السلام)، فهل هناك تقارب أو تداخل بين عصمة الأربعة عشر معصوماً، وعصمة أبي الفضل العباس وعلي الأكبر والسيدة زينب الكبرى وفاطمة بنت الإمام الكاظم (عليهم السلام)؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

الصحيح أنَّ العصمة الكبرى قد اختص الله بها تعالى المعصومين الأربعة عشر (عليهم السلام)، ومن يدعي العصمة لغيرهم ] كالسيدة زينب (عليها السلام) [ فليس مراده العصمة الثابتة لجدها وأبيها وأمها وأخويها، بل مراده نحو آخر من العصمة يعبرون عنه في بعض كلماتهم بالعصمة الصغرى.

ص:63

56. وصية الإمام الحسين للسيدة زينب (عليهما السلام)

س: ما مدى صحه الرواية المنقولة عن السيدة حكيمة بنت الإمام الجواد (عليهما السلام) في كتاب الغيبة للطوسي، والتي تقول: أوصى الحسين بن علي (عليه السلام) إلى أخته زينب في الظاهر، فكان ما يخرج من الإمام زين العابدين (عليه السلام) ينسب إلى زينب سراً؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

الرواية معتبرة لا إشكال فيها.

57. حجاب السيدة زينب (عليها السلام)

س: هل صحيح أن فاطمة الزهراء (عليها السلام) كانت تغطي وجهها ويديها، وكذلك السيدة زينب الكبرى (عليها السلام)؟ ولماذا كانتا تصنعان ذلك مع أن الله سبحانه لم يفرض علينا ذلك، كما هو موجود في القرآن؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

لا يقاس أحد بالصديقة الكبرى فاطمة الزهراء وابنتها الصديقة الصغرى زينب (عليهما السلام)، فالأولى سيدة نساء العالمين، والثانية شريكة أخيها سيد الشهداء الحسين (عليه السلام)، وعلى أي حال فإنَّ تغطيتهما (عليهما السلام) ثابتة بالأدلة القطعية.

ودعوى أنَّ القرآن الكريم لم يتحدث عن ذلك، دعوى غير صحيحة، فإنه - كما فهم بعض أساطين الفقه - قد تضمن النهي عن إبداء الزينة، حيث قال: «ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها» والزينة المنهي عن

ص:64

إبدائها بمقتضى هذا الفهم الفقهي شاملة للوجه أيضاً، و «ما ظهر منها» حملوه على إرادة الثياب، وسواء تمَّ ما أفادوه أم لا، فإنَّ كثيراً من الأحكام الشرعية لم تُذكر في القرآن، وإنما دلّت عليها النصوص الواردة عن المعصومين (عليهم السلام)، وقد بينوا (عليهم السلام) حكم التغطية.

أضف إلى ذلك أنَّ أحداً لا يشك في أن التغطية مانعة عن كثير من المفاسد الاجتماعية، فهل يمكن أن يتوهم أن سادات نساء العالمين لا يراعين ذلك؟!

58. موضع قبر السيدة زينب (عليها السلام)

س: هل قبر السيدة زينب (عليها السلام) موجود فى سوريا أم في مصر؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

المعروف تاريخياً أنها (عليها السلام) خرجت من مدينة جدها الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) متوجهة إلى مصر; لوجود زوجها وابن عمّها عبدالله ابن جعفر (رضي الله عنه) هناك، وهل مرّت بالشام فماتت هناك، أم أنها وصلت إلى مصر وماتت فيها، أم أنها وصلت ورجعت مارة على الشام فماتت؟ كل ذلك محتمل ومنقول، ولكن سيرة عموم الشيعة ترجح كونها دفنت في الشام ذاهبة أو راجعة من سفرها.

59. زواج علي الأكبر (عليه السلام)

س: هل كان علي الأكبر (عليه السلام) متزوجاً؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

جاء في زيارة الإمام الصادق (عليه السلام) له (عليه السلام) أنه قال: «صلّى الله عليك، وعلى

ص:65

عترتك، وأهل بيتك، وآبائك، وأبنائك واُمّهاتك الأخيار، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهراً»، وهي صريحة في كونه متزوجاً وذا ذرية، هذا مضافاً إلى وجود رواية عن الإمام الرضا (عليه السلام) تدل على أنه كان متزوجاً من أم ولد، ولعله بلحاظ هذه الجهة كان يُكنى بأبي الحسن.

60. فلسفة شق الإمام الحسين (عليه السلام) لأزياق القاسم (عليه السلام)

س: ما هي الأوجه المحتملة لشق الإمام الحسين (عليه السلام) أزياق القاسم بن الحسن (عليه السلام)؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

جاء في رواية (مدينة المعاجز): «ثم إن الحسين (عليه السلام) شق أزياق القاسم، وقطع عمامته نصفين، ثم أدلاها على وجهه، ثم ألبسه ثيابه بصورة الكفن، وشد سيفه بوسط القاسم، وأرسله إلى المعركة» والظاهر من ذيل الرواية ] مع قطع النظر عن مسألة اعتبارها وعدمه [ أن شق الأزياق كان بغرض جعل الثياب على هيئة الكفن.

61. عمر السيدة سكينة (عليها السلام) في واقعة الطف

س: كم كان عمر السيدة سكينه بنت الحسين (عليهما السلام) في واقعة الطف، مع ملاحظة تسمية الحسين (عليهما السلام) لها بخيرة النسوان؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

الظاهر أن عمرها كان ثمانية عشر سنة; لأن ولادتها مؤرخة بسنة 42 من الهجرة النبوية المشرفة.

ص:66

62. ظلم المؤرخين للسيدة سكينة (عليها السلام)

س: هناك بعض الكتب تذكر أن السيدة سكينة بنت الحسين (عليهما السلام) مغنية وشاعرة وأديبة، تجتمع بالكثير من الشعراء والمغنين والأدباء المعروفين في التأريخ، ومن هذه الكتب: كتاب الأغاني، لأبي الفرج الأصفهاني، وكتاب أعلام النساء لعمر كحالة، فما هو رأي سماحتكم بهذا الكلام؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

الذي وردنا في حق هذه السيدة المعظمة (فداها نفوسنا) قولُ والدها سيد الشهداء الحسين (عليه السلام): «وأما سكينة فغالب عليها الاستغراق مع الله»، وقوله هذا يكذب كل ما قيل في حقها مما ورد ذكره في السؤال، فإنَّ كل ذلك لم يذكر إلا في كتاب (الأغاني) لأبي الفرج الأصفهاني، وفي ذلك ما فيه، إذ المؤلِّف أموي خبيث، والمؤلَّف كتاب لهو ومجون.

63. مكانة حبيب بن المظاهر الأسدي

س: هل صحَّ عندكم أن الإمام الحسين (عليه السلام) قد لقَّبَ حبيب بن المظاهر الأسدي بالفقيه؟ وماذا يعني بهذه الكلمة؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

التعبير عنه بذلك ] في لسان الإمام الحسين (عليه السلام) [ مشهور في لسان أرباب المقاتل، وسواء صحَّ ذلك أم لا فإنَّه قد ثبت بأنَّ حبيباً (عليه السلام) من حملة علوم المنايا والبلايا، وأحد مستودعي علوم أمير المؤمنين (عليه السلام) وحوارييه، وبالتالي فهو فقيه من الطراز الأول بكلِّ ما للكلمة من معنى، الشامل للفروع والأصول وغيرها.

ص:67

64. شخصية (برير) شهيد كربلاء

س: من هو برير الذي استشهد مع الحسين (عليه السلام)؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

برير كان عابداً زاهداً قارئاً للقرآن، بل كان من شيوخ القراء، وقيل إنه كان أقرأ أهل زمانه، وكان من عباد الله الصالحين، كما كان شجاعاً جليلا من أشراف الكوفة، وله في الطف قضايا ومواعظ وكلمات تكشف عن قوة إيمانه.

65. تاريخ وفاة السيدة أم البنين (عليها السلام)

س 1: رويَ عن الأعمش قال: «دخلت على الإمام زين العابدين (عليه السلام) في الثالث عشر من جمادى الآخرة، وكان يوم جمعة، فدخل الفضل بن العباس، وهو باك حزين، يقول له: لقد ماتت جدتي أم البنين» فما مدى اعتبار هذه الرواية عندكم؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

لم يثبت اعتبار الرواية المذكورة; لأنها لم ترد في شيء من المصادر المعروفة.

س 2: هل هناك روايات تحدد يوم وفاة أم البنين (عليها السلام)؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

لم أجد تاريخاً لوفاتها إلا ما ذكره بعض المعاصرين من أنها توفيت في اليوم الثالث عشر من شهر جمادى الثانية سنة أربعة وستين من الهجرة النبوية الشريفة، ولم يُعلم مصدره الذي اعتمد عليه.

س 3: على فرض جواز الإحتفاء بذكرى وفاتها في اليوم

ص:68

المذكور، فهل يجب الاقتصار في أداء النذورات المرتبطة بوفاتها على اليوم المذكور، أم يصح أداؤها في يوم آخر؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

بما أن تاريخ الوفاة غير ثابت، والاحتياط بالموافقة القطعية حرجيٌ أو غير ممكن، فيكتفى في مقام الامتثال بالموافقة الاحتمالية، وهي تتحقق بأداء النذور في اليوم المذكور.

66. تاريخ حركة المختار الثقفي

س: في زمن أي إمام كان المختار الذي أخذ بثأر الإمام الحسين (عليه السلام)؟ وكيف أخذ بالثأر من قتلته؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

كان المختار معاصراً للإمام زين العابدين (عليه السلام)، حيث كان ظهوره بالكوفة لأربعة عشر ليلة بقيت من ربيع الآخر سنة (66)، وأرسل إبراهيم بن الأشتر إلى حرب ابن زياد لسبع خلون من المحرم سنة (67)، وكان يقول: «لا يسوغ لي طعام وشراب حتى أقتل قتلة الحسين ابن علي وأهل بيته»، فقتل عمر بن سعد وشمر بن ذي الجوشن وخولى بن يزيد وغيرهم ممن شارك في قتل سيد الشهداء (عليه السلام)، وكانت مدة إمارته على الكوفة سنة ونصف السنة، وبعدها استشهد (رضوان الله) وهو في السابعة والستين من العمر.

67. شخصية المختار بن أبي عبيدة الثقفي

س: ما هو تقييمكم لشخصية المختار بن أبي عبيدة الثقفي؟

ص:69

ج: باسمه جلت أسماؤه

المختار بن أبي عبيدة الثقفي (رحمه الله) من الرجال الصالحين الذين صدقوا فيما عاهدوا الله عليه، ولقد أبلى بلاءً حسناً في الأخذ بثأر سيد الشهداء الحسين (عليهم السلام)، وانتقم من قتلته وأعدائه خيرَ انتقام; ولذا أكثر أعداء أهل البيت (عليهم السلام) من ذمه، ووضعوا لأجل ذلك العديد من الروايات على لسان الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، سعياً منهم في تشويه صورته وتوهين شخصيته، ولكنَّ الله تعالى قد خيَّبَ سعيهم وردَّ كيدهم، فأعلى شأنه وأظهرَ فضله.

68. لماذا غاب الفرزدق عن كربلاء؟

س: لماذا غاب الشاعر الفرزدق عن كربلاء، مع العلم أنه لقي الإمام الحسين (عليه السلام) وعلم بخروجه؟

ج: باسمهِ جلَّت أسماؤه، عندما التقى الفرزدق بالإمام الحسين (عليه السلام) التقاه وهو متوجه نحو الكوفة، قبل أن يُفرض عليه التوجه إلى كربلاء، ومن الواضح عدم وجوب التوجه مع الإمام المعصوم (عليه السلام) أينما يتوجه، سيما وأنَّ الإمام (عليه السلام) لم يوجه دعوة للفرزدق كي يلتحق به.

69. لماذا لم يشترك سعيد بن جبير في كربلاء؟

س: لماذا لم يشترك سعيد بن جبير (قدس سره) في معركة الطف، وهو قد بلغ سن التكليف; لأنه مولود سنة 40 ه -، والواقعة كانت سنة 61 هجرية؟

ج: باسمهِ جلَّت أسماؤه

المذكور تأريخياً أنه قتل في شهر شعبان سنة 94 أو 95 من الهجرة

ص:70

النبوية الشريفة، وله من العمر 49 سنة، وهذا يعني أنَّ ميلاده كان في حدود سنة 45 أو 46، وبالتالي فإنَّ عمره في سنة واقعة كربلاء كان في حدود الخامسة أو السادسة عشر، وليس يتوقع منه في مثل هذه السن أن يلتفت لوظيفة لزوم الشهادة بين يدي الإمام المعصوم (عليه السلام) بجلاء.

ص:71

ص:72

الفصل الرابع: أسئلة وأجوبة حول الشعائر الحسينية المباركة

اشارة

ص:73

ص:74

70. دليل على استحباب إحياء الشعائر الحسينية؟

س: ما هو الدليل على استحباب إحياء الشعائر الحسينية؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

مما ينبغي الالتفات إليه ابتداءً: أنَّ الأدلة التي يستند إليها الفقيه في مقام استنباط الحكم الشرعي، على قسمين:

أ - القسم الأول: الأدلة الخاصة، وهي الأدلة التي تتناول موضوعاً خاصاً معيناً، كالأدلة الدالة على استحباب السجود على التربة الحسينية المشرفة، فإنَّ لها موضوعاً خاصاً، وهو تربة سيد الشهداء (عليه السلام)، وقد أوضحت أنَّ لهذا الموضوع الخاص حكماً خاصاً أيضاً، وهو استحباب السجود عليه.

ب - القسم الثاني: الأدلة العامة، وهي الأدلة التي تتناولُ موضوعاً كلياً ينطبق على مصاديق كثيرة، من غير أن تختص بواحد منها، كالأدلة الدالة على استحباب إكرام الفقير مثلا، فإنَّ الموضوع الوارد فيها هو الإكرام، وهوموضوع كلي له أفراد كثيرة، منها: الصدقة، والاحترام، والتزويج، وغير ذلك، وقد أوضحت هذه الروايات أنَّ لهذا الموضوع الكلي حكماً

ص:75

يشمل كلَّ أفراده، وهو الاستحباب.

ومن الواضح: أنه عندما يكون مستند الفقيه في مقام الاستنباط هذا النحو من الأدلة العامة، فإنه يكفيه دليل واحد فقط من هذا القبيل، ليستدل به بالنسبة إلى كلِّ ما ينطبق عليه الموضوع الكلي المأخوذ فيه والمنطبق على مصاديقه، فإذا أراد أن يثبت استحباب تزويج الفقير مثلا، فإنه لا يحتاج لدليل خاص يثبت ذلك، بل يكفيه الدليل العام الذي أثبت استحباب إكرام الفقير بكل أنواع الإكرام، والتي منها التزويج والصدقة وغير ذلك.

وبعد هذه المقدمة يُقال: إنَّ الأدلة التي يستند إليها فقهاء الطائفة المحقة (أعلى الله كلمتهم) لإثبات استحباب إقامة مجالس التعزية واللطم وبقية الشعائر المباركة بالنسبة لجميع السادة المعصومين (عليهم السلام)، وإن لم تكن كلها من قبيل النحو الأول من الأدلة، أي: الأدلة الخاصة، إلا أنَّ الأدلة العامة كافية لإثبات استحباب كلِّ ذلك; فإنه مضافاً إلى عموم ما دلَّ على استحباب تعظيم الشعائر، تُوجد هنالك عدة من الروايات الشريفة الصريحة في استحباب الحزن لأحزان أهل البيت (عليهم السلام) جميعاً، ومن الواضح أنَّ عنوان الحزن له مصاديق عرفية كثيرة، منها: البكاء، ولبس السواد، والإمساك عن الطعام، واللطم، ونحو ذلك، فتكون كلُّ هذه المصاديق مستحبة لاندراجها تحت العنوان الكلي - وهو عنوان الحزن - المنصوص على استحبابه.

ولا بأس بذكر بعض تلك الروايات الشريفة تيمناً; لضيق المجال عن ذكرها كلها، فمنها: ما رواهُ الشيخ الصدوق (قده) في (الخصال) بسنده عن

ص:76

أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث الأربعمائة أنه قال: «إنَّ الله تبارك وتعالى اطلّعَ إلى الأرض فاختارنا، واختار لنا شيعة ينصروننا، ويفرحون لفرحنا، ويحزنون لحزننا، ويبذلون أموالهم وأنفسهم فينا، أولئك منّا وإلينا».

ومنها: ما رواه الشيخ ابن قولويه (قدس سره) في (كامل الزيارات) بسنده عن مسمع بن عبد الملك قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام) في حديث: «رحم الله دمعتك، أما إنك من الذين يعدون من أهل الجزع لنا، والذين يفرحون لفرحنا، ويحزنون لحزننا».

ومنها: ما رواه الشيخ الصدوق (قدس سره) بسنده عن الريان بن شبيب، أنَّ الإمام الرضا (عليه السلام) قالَ لهُ: «يا بن شبيب، إنْ سرَّك أن تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان، فاحزن لحزننا، وافرح لفرحنا، وعليك بولايتنا».

أضِف إلى ذلك أنَّ معتبرة ابن سدير ج المنجبر ضعف سندها بالشهرة العملية، كما ذكرنا ذلك في كتابنا (فقه الصادق) 23/339 - لا تخلو عن إشعار بالاستحباب، إن لم تكن دالة على ذلك، حيث جاء فيها عن صادق آل محمد (عليهم السلام) قوله: «ولقد شققنَ الجيوب، ولطمنَ الخدودَ الفاطمياتُ على الحسين بن علي (عليه السلام)، وعلى مثلهِ تُلطم الخدود، وتُشقُ الجيوب»، فإنَّ عدولَ الإمام الصادق (عليه السلام) عن قول: (وعليهِ تُلطم الخدود) إلى قولهِ: «وعلى مثلهِ تُلطم»، لايخلو عن إشعار بأنَّ الحكم لا يختص بسيد الشهداء الحسين (عليه السلام) بل يشمل مَن يماثله من المعصومين (عليهم السلام) أيضاً.

وبالجملة: فإنَّ مسألة استحباب اللطم والعزاء وإقامة المآتم وإحياء

ص:77

الشعائر على سائر المعصومين (عليهم السلام) قد بلغت من الوضوح حداً إن لم يصيرها من الضروريات، فلا أقلَّ من كونها من اليقينيات التي تكون دليلا على غيرها، ولا يكون غيرها دليلا عليها، ومَن أنكرَ ذلك أو شك فيهِ ما شمَّ رائحة الفقاهة.

71. ضابطة الشعيرة الحسينية

س: ما هي الضابطة الشرعية للشعائر الحسينية؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

يعتبر في الشعيرة الحسينية ثلاثة أمور:

1 / دلالتها على الإمام الحسين (عليه السلام).

2 / كونها أداةً من أدوات الحزن والجزع.

3 / عدم اشتمالها على محرم، أو استلزامها لذلك.

72. الشعائر الحسينية غير توقيفية

س: ما رأيكم في هذه المقالة: «أما قصة الشعائر، فليس لك أن تصنع أنت شعيرة أو أصنع أنا شعيرة، إذ لا بد أن يأتي بها نص من النبي أو من الأئمة (عليهم السلام) حتّى يصح أن تقول إنها من الشعائر، فالشعائر أمور توقيفية»؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

دعوى أنَّ الشعائر الحسينية توقيفية دعوى زائفة لا دليل عليها، بل الدليل قد دلَّ على محبوبية تعظيم الشعائر، وأما تطبيق عنوان الشعائر على مصاديقه فهو موكول إلى المكلفين.

ص:78

73. جذور الشعائر الحسينية في حياة المعصومين (عليهم السلام)

س: هل الشعائر الحسينية سنة عن المعصوم (عليه السلام) حتى نكون ملزمين بأدائها؟ أم هي إفرازات عاطفية من باب التأثر والانفعال الحاصل نتيجة للمظلومية الكبيرة للإمام الحسين (عليه السلام)، وحين نزلت إلى الشارع لم يجد المجتهدون سبيلا لرفضها، لعدم تقاطعها مع الدين؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

لنعم ما أفاده أحد الفقهاء والمحققين، حيث قال: «الجزع والبكاء في المصائب مهما عظمت قبيح مكروه، ولكن صادق أهل البيت (عليهم السلام) يقول في حديث معتبر: «البكاء والجزع كله مكروه إلا على الحسين (عليه السلام)».

وشق الجيوب على الفقيد، وخمش الوجوه محرم على الأشهر، ولكن صادق أهل البيت (عليهم السلام) يقول في حديث معتبر: «على مثل الحسين فلتشق الجيوب، ولتخمش الوجوه، ولتلطم الخدود».

وإيذاء النفس وإدماء الجسد مرغوب عنه مذموم، سيما من الأعاظم وأرباب العزائم، ولكنَّ الحجة (عج) يقول في زيارة الناحية: «فلأندبنك صباحاً و مساءاً، ولأبكين عليك بدل الدموع دماً»، وقد سبقه إلى ذلك جده زين العابدين (عليه السلام)».

فاتضح بذلك: أنَّ كلَّ الشعائر الحسينية ذات جذور في روايات المعصومين (عليه السلام) وأحاديثهم المباركة، وليس مجرد إفرازات عاطفية.

ص:79

74. الشعائر الحسينية سبب بقاء الإسلام

س: ما هو رأيكم بالنسبة للشعائر الحسينية بجميع أقسامها: اللطم، والبكاء، والضرب بالزنجير، والتطبير، وموكب المشاعل، والمشي على الجمر، ونحوها؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

الشعائر الحسينية أقوى سبب لبقاء الإسلام، وهي بجميع مصاديقها حسنة، بل فوق الحسن والاستحباب.

75. أفضل الشعائر الحسينية

س: ما هي أفضل مراسم العزاء التي يمكن أن يؤديها المؤمن؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

لكلِّ شعيرة من الشعائر الحسينية آثار خاصة ليست لغيرها، كما أنَّ كل واحدة منها تترتب عليها مثوبات غير متصوّرة، وبما أنه لا سبيل لتقديم بعضها على البعض الآخر; لذلك ينبغي على المؤمن أن يجمع بينها جميعاً، ويفوز بمراتب ثوابها.

76. الشعائر الحسينية والإضرار بالنفس

س: ما هو رأي جنابكم الشريف في الشعائر الحسينية إن استوجبت الإضرار بالنفس، كما في حالة اللطم العنيف، أو البكاء الشديد؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

ما ذكر من المستحبات الأكيدة، وعن بعض أكابر الفقهاء الماضين (قده) القول بوجوبه في هذه الأزمنة، وإذا وجب في زمان ذلك الفقيه ففي هذا

ص:80

العصر يكون أوجب، وهل بقي الدين إلا في ظل الشعائر الحسينية، وأما الإضرار بالنفس فإنه ما لم يصل إلى هلاكها أو تعطيل أحد الأعضاء المهمة يكون جائزاً; ولذلك أفتينا بمطلوبية إخراج الدم من الناصية بالسيوف والقامات، والضرب بالسلاسل على الأكتاف والظهور إلى حد الإحمرار والإسوداد.

77. الشعائر الحسينية والأساليب الإنسانية

س: ما رأيكم في المقولة التالية: «بالنسبة إلى ما يسمى (الشعائر الحسينية) فإننا نرى أنها تمثل الأساليب التعبيرية عن الحزن وعن الولاء، وأساليب التعبير تختلف بين زمن وزمن، فالبكاء أسلوب انساني في التعبير عن الحزن، واللطم الهادىء الحزين أسلوب إنساني في التعبير عن الحزن، لكن بعض الأمور اللتي تضر الجسد ليست أسلوباً إنسانياً في التعبير عن الحزن، فعندما يجرح أحد أقاربكم لا تجرحون أنفسكم مواساة له، وعندما يجلد أحد أصدقائكم فإنكم لا تجلدون ظهوركم حزناً عليه، لأنَّ جلد الظهر أو جرح الجسد ليس طريقة إنسانية في التعبير عن الحزن أو الاحتجاج»؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

ثبوت شيء أو عدم ثبوته شرعاً، ليس يدور مدار الكلمات الرنانة والشعارات البراقة، بل يدور مدار الدليل والحجة، وليس لدينا من الأدلة ما يدل على اعتبار (الإنسانية) في أساليب التعبير عن الحزن.

ص:81

كما أنَّ الممارسين للطم والتطبير ليسوا محدودين عدداً، ولا هم من شذّاذ البشر، بل فيهم الفقهاء والأطباء والمهندسون وغيرهم، فهل يا ترى أنَّ كلَّ هؤلاء قد تجردوا عن الإنسانية، ولم يبقَ إلا صاحب هذه المقالة يعيش الحس الإنساني؟!.

78. حرمة الاستهزاء بالشعائر الحسينية

س: هل يجوز التهكم والاستهزاء بالشعائر الحسينية المباركة، والتهجم على مَن يحييها، والتقليل من شأنه؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

لا إشكال في أنَّ بقاء رسالة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) إنما هو بقيام الإمام الحسين (عليه السلام) وشهادته، وبقاء ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) إنما هو بإقامة هذه الشعائر الحسينية، وعليه فالاستهزاء بهذه الشعائر استهزاء بالإسلام والرسالة، ولا شك في حرمته.

79. حكم الرياء في الشعائر الحسينية

س: هل الرياء في الشعائر الحسينية جائز أم لا؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

الرياء كما لا يجوز في الصلاة لا يجوز في الشعائر الحسينية، وأما التباكي - وهو إظهار البكاء - فهو محكوم بالجواز، وليس من الرياء في شيء.

80. علاقة الشعائر الحسينية بحضور القلب

س: الكل يعلم بأهمية حضور القلب في العبادة لا سيما الصلاة، فهل إحياء ذكرى أبي عبدالله (عليه السلام) يساعد على حضور القلب؟

ص:82

ج: باسمه جلت أسماؤه

مما لا ريب فيه أنَّ إحياء ذكرى أبي عبدالله الحسين (عليه السلام) من موجبات القرب من الله تعالى، فقهراً يكون من مقتضيات حضور القلب، ولكن لذلك شرائط وموانع.

81. علاقة الشعائر الحسينية بالتوبة

س: من أهم الدعائم الخلقية والمنجيات الأبدية هي التوبة، وقد أولاها القرآن الكريم عناية فائقة، ورددها فى كثير من الآيات البينات، فهل أيام عاشوراء تعد من أهم الفرص المتاحة للإنسان لدخول باب التوبة؟ أم شهر رمضان؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

إنَّ شهر التوبة كما جاء في النصوص الشريفة هو شهر رمضان، وأما شهر محرم فهو شهر الحزن والأسى على ريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسيد شباب أهل الجنة (عليه السلام)، ولا يخفى أنَّ الدمعة على الحسين (عليه السلام) قد أوضحَ أهل البيت (عليهم السلام) بأنها قنطرة الغفران; ولذا فمن المناسب جداً أن يجعل الإنسان لحظات شهر عاشوراء محطة رجوع إلى الله تعالى.

82. منافاة التطيب مع أجواء الحزن

س: هل يجوز وضع العطر أو الزينة في أيام شهر محرم الحرام؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

لا إشكال في مطلوبية التعزية في العشرة الأيام الأولى من المحرم ] بل في شهري محرم وصفر معاً [ ولا إشكال أيضاً في منافاة بعض مراتب الزينة

ص:83

لذلك - ولا ينبغي صدورها ممن يدعي حمله محبة الإمام الحسين (عليه السلام) في قلبه - ولكن لم يصل شيء منها إلى حد الحرمة، إلا أن تكون موجبة لهتك حرمة الشعائر الشريفة، أو بداعي الاستهزاء بالمصاب الحسيني الفادح، كما عليه بعض النواصب.

83. التغيب عن العمل يوم عاشوراء

س: لم أتمكن من الحصول على إجازة للغياب من العمل في يوم العاشر من المحرم; لإحياء مراسم عزاء أبي عبدالله الحسين (عليه السلام)، فما هي وظيفتي؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

المشاركة في مراسم يوم عاشوراء من أفضل المستحبات، بل هي أفضل أعمال ذلك اليوم بلا ريب، ومن الراجح لمن لم يتمكن منها ] بسبب عدم الإجازة [ أن يقتطع من راتبه بما يعادل ما يستحقه لذلك اليوم، ويقدمه هدية متواضعة لمآتم أو مواكب العزاء.

84. الارتباط بين الجانب العقلي والعاطفي لمأساة الطف

س: هناك من يقول «إنَّ الكثير مما يلقى فى عاشوراء قد وضع من أجل العاطفة، حتى وصل إلى حد الخرافة والتخلف، ونتجَ عن ذلك أن أصبح الناس يحبون الخرافة لأجل إثارة العاطفة، وهذا ما نلاحظه عندما تقرأ السيرة الحسينية بطريقة عقلانية لنأخذ منها العبرة والنصيحة لتطبيقها على الواقع بعيداً عن الإيقاعات الصوتية للمقرىء، فإنّ الناس لاتعده عزاءً لأنّه لايثير حالة من البكاء المعهود، وكل هذا بسبب سيطرة

ص:84

الخرافة»، وسؤالي: أين هو موقع الخرافة والتخلف من الأحداث التي تثيرها ذكرى عاشوراء بالصورة المعهودة؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

إنَّ المقالة المذكورة في السؤال مقالة لا يُراد بها إلا توهين مأساة سيد الشهداء (أرواحنا فداه)، لأنها تسعى لتفكيك الجانب العاطفي للمأساة عن الجانب العقلي، والحال أنهما جانبان متلازمان، فإنَّ سيد الشهداء (عليه السلام) قد سعى سعياً حثيثاً في واقعة الطف لتسجيل العديد من الأحداث المثيرة للعواطف من أجل أن ينفذ من خلالها إلى عقول الآخرين.

85. دور العقل إزاء مأساة الطف

س: هناك الكثير من الأمور التي يمارسها عشاق أبي عبدالله (عليه السلام) في أيام عاشوراء، فأين يقع دور العقل البشري ومهامه الإبداعية؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

دور العقل في هذه المرحلة أن يتجه نحو هدفين:

الأول: العمل على إبقاء جذوة عاشوراء منارة إشعاع فكري متقد في العالم، انطلاقاً من كونها شعيرة أمرنا باحيائها; لقولهم (عليهم السلام): «أحيوا أمرنا رحم الله من أحيى أمرنا».

الثاني: الاستفادة من هذه الذكرى بما ينسجم مع الأهداف التي أعلن عنها الحسين (عليه السلام) وتطابقها مع سلوكنا العملي في حياتنا الفردية والاجتماعية.

ص:85

86. استحباب الجزع على الإمام الحسين (عليه السلام)

س: ما هو الجزع المطلوب على الإمام الحسين (عليه السلام)؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

الجزع ما يقابل الصبر، وقد نهي عنه في المصائب الواردة على الإنسان، واستثني ذلك في عزاء سيد الشهداء (عليه السلام)، بل هو فيه راجح ومطلوب، وله مصاديق كثيرة، منها: اللطم على الوجه، وشق الثوب، وخدش الوجه وإدماؤه، وما شاكل ذلك.

87. ضرب الرؤوس والظهور من مصاديق الجزع

س: ضرب الرؤوس بالسيوف والظهور بالسلاسل والمشي على النار لإظهار الحزن والأسى على أبي عبدالله الحسين (عليه السلام) هل هي داخلة في موضوع الجزع؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

ضرب الرؤوس بالسيوف والظهور بالسلاسل من أوضح مصاديق الجزع، وأهمِّ سبل النجاة.

88. شعيرة الإطعام في مجالس العزاء

س: أيهما أفضل الصدقة على الفقراء، أم بذل الطعام في عزاء الإمام الحسين (عليه السلام)؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

بما أن بقاء الإسلام بالثورة الحسينية، وبما أنَّ بقاء الثورة إنما هو بالشعائر الحسينية، فإحياء تلكم الشعائر أفضل من جميع الأعمال المستحبة.

ص:86

89. رجحان البكاء ولو استلزم تقريح الجفن

س: هل الخبر المروي عن الإمام الرضا (عليه السلام): «إن يوم الحسين أقرح جفوننا، وأسبل دموعنا» غير نقي السند، ويمكن الاعتراض على دلالاته كما ادعى البعض؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

الخبر يرويه الشيخ الصدوق (قده) في الأمالي عن شيخه جعفر بن محمد بن مسرور، عن الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبدالله بن عامر، عن إبراهيم بن أبي محمود، عن الإمام الرضا (عليه السلام)، ولا يوجد في هذا السند من يتوقف فيه سوى ابن مسرور، والمحقق وثاقته; لأنَّ الشيخ الصدوق (قده) قد أكثرَ من الترحم والترضي عليه، مضافاً إلى توثيقه من قبل عدة من المتأخرين وهو كاف لإثبات الوثاقة عندنا، كما أنَّ المولى الوحيد البهبهاني (قده) قد احتمل اتحاده مع جعفر بن قولويه، وعلى فرض تمامية هذه الدعوى ] وليست بالبعيدة [ فإنه يكون فوق مستوى التوثيق.

وأما ما يدل عليه الخبر فإنه من المضامين التي استفاضت بها الأخبار، وبالتالي فإنَّ الاعتراض عليه مما لا يصغى له.

90. أدلة استحباب البكاء

س: ما هي الأدلة التي توجب استمرار البكاء على مصيبة الإمام الحسين (عليه السلام)؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

الأدلة هي الروايات المسفيضة بل المتواترة، الدالة على استحباب البكاء، كصحيح الريان بن شبيب، عن الإمام الرضا (عليه السلام): «يا ابن شبيب،

ص:87

إن كنتَ باكياً لشيء فابك الحسين بن علي (عليه السلام)».

91. استحباب إقامة مآتم العزاء

س: هل تستحب إقامة مآتم التعزية؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

لو ادعى أحد كون استحبابها من الضرورات المذهبية لم يجانب الصواب.

92 استحباب التواجد في المجالس الحسينية

س: ما هي فائدة الحضور إلى مجالس العزاء التي تُعقد لأجل مصيبة الإمام الحسين (عليه السلام) مع أنَّ هناك توجد مواقع كثيرة في النت يمكنني الاستماع من خلالها للمجالس الحسينية من غير أن أتحمل عناء الذهاب للمجالس؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

ليس المطلوب للشارع الأقدس هو الاستماع للمجالس الحسينية الشريفة فحسب، بل الاجتماع مطلوب آخر له، كما يدل على ذلك قول الإمام الرضا (عليه السلام): «مَن جلسَ مجلساً يُحيى فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب»، وقول الإمام الصادق (عليه السلام): «إنَّ تلك المجالس أحبها، فأحيوا أمرنا، رحم الله من أحيى أمرنا»، ولا يخفى ما للاجتماع من أهمية في تعظيم الشعائر الحسينية وتشييدها وإبراز قوتها، فيكون مطلوباً لأجل هذه المنافع.

93. حرمة الاستهزاء بخطباء المنبر الحسيني

س: هل يجوز التهكم والاستهزاء بخطباء المنبر الحسيني،

ص:88

والتهجم عليهم بأنهم يسخفون عقول الناس، ولا يتحدثون إلا بالمنامات، والحال أن هذا من الكذب والافتراء عليهم؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

خطباء المنبر الحسيني (أعزهم الله تعالى) يبرزون تضحيات الإمام الحسين (عليه السلام)، ويؤيدون الشعائر الحسينية المباركة، التي بها بقاء الإسلام; ولذا فالتهكم والاستهزاء بهم حرام بلا إشكال.

94. إقحام الموضوعات السياسية في المنبر الحسيني

س: هل يجوز إدخال المواضيع السياسية في المنبر الحسيني ومواكب العزاء؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

الغرض الأساس للمنبر الحسيني الشريف ومواكب العزاء المعظمة هو إحياء أمر أهل البيت (عليهم السلام)، من خلال إثارة مظلوميتهم ومآسيهم، وبيان قيمهم ومبادئهم، وعليه فإن كان الموضوع السياسي ذا أبعاد شرعية ودينية ] وليس موضوعاً سياسياً محضاً [ صحَّ تناوله على ضوء الموازين الشرعية، وإلا فلا.

95. استحباب اصطحاب الأطفال لمجالس العزاء

س: هل من الراجح اصطحاب الأطفال إلى مجالس التعزية، أو إلى مجالس الفاتحة؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

لا مانع من اصطحاب الأطفال لتلك المجالس، بل هو حسن وراجح; ليعتاد

ص:89

الطفل الحضور في مثل هذه المجالس، وينمو حسه الديني من ناحية وحسه الاجتماعي من ناحية أخرى.

96. تأسيس الحسينيات من الشعائر الحسينية المباركة

س: لقد عزمت على تأسيس حسينية باسم مولاتي السيدة رقية (عليهما السلام)، ولكن البعض أشار عليَّ بعدم تأسيس الحسينية، بحجة أن كثرة الحسينيات تؤدي إلى التفرقة بين أفراد المجتمع، فما رأي سيدنا سماحة المرجع بذلك؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

مما أقطع به أن تأسيس الحسينيات إن لم يكن أداة للتلاحم والاجتماع، فلا أقل من أنه لا يمكن أن يكون أداة للتفريق والتمزق، والذي أفتي وأدين الله تعالى به: أنَّ تأسيس الحسينيات، وتسميتها بأسماء أبناء الأئمة (عليهم السلام)، من الشعائر المذهبية الراجحة.

97. الاستفادة من سهم الإمام (عج) في المواكب العزائية

س: هل تجوز الاستفادة من سهم الإمام (عج) لدعم موكب حسيني؟ وما هي نصيحتكم للقائمين عليه؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

إنْ كان الموكبُ العزائي بحاجة إلى شراءِ بعض الحاجيات الدخيلة في ديمومتهِ وفاعليته، فإنَّا نأذن لكم بالإستفادة من سهم الإمام المبارك في شرائها بمقدار الحاجة فقط.

ونصيحتنا لكم، هي: الإخلاص في العمل، والسعيُ لنشر أهداف سيد الشهداء الحسين (عليه السلام) ومبادئه وقيمه، بعيداً عن الأهواء الشخصية

ص:90

والتوجهات الحزبية، وإهداء كلِّ الأعمال التي تقومون بها هديةً متواضعة لمولى العصر وسلطان الزمان: الحجة بن الحسن المهدي (أرواحُ مَن سِواهُ فداه)، ودمتم موفقين.

98. الحسينيات مصادر الوعي والإشعاع الفكري

س: نلمس في المنطقة التي نعيش فيها ] وهي إحدى مناطق القطيف [ ظاهرة ابتعاد الشباب وغيرهم عن المساجد والحسينيات والعلماء، ونريد من سماحتكم كلمة توجهونها إلى أبنائكم الشباب، فهل يمكنكم التفضل بذلك؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

السلام عليكم وعلى من حولكم من الشباب المؤمن الخير من عموم أهالي مدينة القطيف (حفظهم الله تعالى)، وبعد: فيؤسفنا ما نقلتموه من ابتعاد الشباب وحتى الآباء ] في خصوص منطقتكم [ عن العلماء والمساجد والحسينيات، مع أنَّ هذه العناوين الثلاثة هي مصادر الوعي الديني والثقافة المذهبية، وبالتالي فإنَّ الابتعاد عنها موجب لصيرورة الإنسان في معرض الانحرافات الفكرية والسلوكية والروحية، وهذا ما لا تحمد عقباه، ونحن إذ ندعوا الله تعالى للجميع بالهداية، والثبات على الولاية، نهيب بالجميع أن يرتبطوا بعلماء الدين الصلحاء الحكماء في المنطقة، ويعمقوا صلتهم بالمساجد والحسينيات التي هي مراكز الإشعاع الفكري والروحي، كما نهيب بالآباء أن يحثوا أبناءهم أيضاً على ذلك، راجين منهم المسارعة للاستجابة، داعين لهم مرة أخرى بالهداية وحسن الخاتمة، طالبين منهم الدعاء لنا في مظان الإجابة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص:91

99. ملامح الخطيب الحسيني

أرجو من سماحتكم أن تدلونا على خطيب له محاضرات قيمة ويسير على نهج ترضونه فقد ضعنا بين متعصب ومتقي

ج: باسمهِ جلّت أسماؤه

كلُّ خطيب يشدُّ المؤمنين للأئمة المعصومين (عليهم السلام)، ويوضح لهم معارف الدين القويم العقائدية والشرعية والأخلاقية، ويرسِّخ في وجدانهم مظلومية أهل البيت (عليهم السلام) ومصائبهم، فهو الخطيب الذي يجدر الحضور تحت منبره.

100. استحباب اللطم الموجب لاحمرار الجسد

س: ما حكم العزاء الشديد الموجب لاسوداد الصدر؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

العزاء الشديد الموجب لاحمرار الصدر أو اسوداده، جائز بل راجح، ولا ترديد في كونه من الشعائر الحسينية المباركة.

101. اللطم على الصدور

س: ما هو رأيكم باللطم على الصدور؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

اللطم على الصدور في غايه الحسن، ولو أفتى أحد بوجوبه في الجملة لم يكن وجه للاعتراض عليه.

102. جواز تعرية الصدور في مواكب العزاء

س: هل يجوز نزع اللباس وتعرية الصدور من أجل اللطم على

ص:92

الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه (عليهم السلام) في مسيرات العزاء الحزينة التي تجري في الشوارع والأسواق؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

نعم يجوز لهم ذلك، ولو كان ذلك بمرأى النساء، ولكن لا يجوز للنساء النظر إليهم.

103. استحباب اللطم والعزاء لأصحاب المعصومين (عليهم السلام)

س: ماذا تقولون في مواكب اللطم في ذكرى أم البنين (عليها السلام)؟ هل هي بدعة؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

مَن قال بأنَّ ذلك بدعة لم يفهم معنى البدعة، والصحيح أنَّ ذلك من الأمور الراجحة، والطاعات المستحبة.

104. منع اقامة المواكب فى ذكرى أم البنين

س: هناك من يمنع من إقامة المواكب في ذكرى أم البنين (عليها السلام)، بحجة أنها ليست من المعصومين (عليهما السلام)، فما هو رأيكم؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

لو كان الجواز مختصاً بالمعصومين (عليهم السلام) لما جازت إقامة العزاء للعباس بن علي، وعلي الأكبر،

والسيدة زينب (عليها السلام) وأضرابهم من شهداء الطف وأبطال كربلاء، وليس يتفوه بذلك أحدٌ من عامة الشيعة، فضلا عن علمائهم، وكلُّ ما دلَّ على الاستحباب بالنسبة لهؤلاء (عليهم السلام) يدل على الاستحباب بالنسبة لهذه المرأة المعظمة (عليها السلام) من غير فرق، وإني لأدعو لمقيمي هذه المواكب،

ص:93

وأسألهم الدعاء لي بحسن العاقبة.

105. عزاء طويريج من الشعائر الحسينية المباركة

س: هناك من يقول بأن عزاء الطويريج الذي يقام في العاشر من محرم في كربلاء المقدسة بدعة، فهل كلامه صحيح؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

لا شك في كون العزاء المذكور من الشعائر الحسينية المباركة، والقائل بكونه بدعة لم يفهم معنى البدعة.

106. استحباب عزاء الزنجيل

س: هل الضرب بالسلاسل جائز، أم لا؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

نعم جائز، بل حسن وراجح في عزاء الأئمة (عليهم السلام) سيما سيد شباب أهل الجنة (عليه السلام)، ولست أبالغ لو قلت: بأنه من أفضل القربات.

107. الدليل الشرعى على استحباب الضرب بالزنجيل

س: هل يوجد دليل شرعي ينص على استحباب الضرب بالزنجيل والقامة في مراسيم العزاء الحسيني؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

هذه الأمور في أنفسها جائزة، وفي مراسيم العزاء الحسيني تُعدُّ من الشعائر الحسينية التي بها بقاء الدين الحق، وهي مستحبة قطعاً، ولست أقول بأنها واجبة بالوجوب الكفائي، ولكن مع ذلك لا أخطئ من قال بذلك.

ص:94

108. استحباب عزاء الزنجيل في سائر شهادات المعصومين (عليهم السلام)

س: نحن شباب نقود وننظم موكب الزنجيل في شهر محرم ويوم أربعين الإمام الحسين (عليهما السلام)، فهل يجوز إخراج موكب الزنجيل في وفاة الإمام زين العابدين (عليه

السلام) ووفاة السيدة زينب (عليهما السلام) حزناً لما جرى عليهما في كربلاء؟ وهل هنالك إشكال في تعميمه لسائر شهادات المعصومين (عليهم السلام)؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

لا إشكال في خروج موكب الزنجيل في مناسبات شهادة سائر المعصومين (عليهم السلام)، وكذا في وفاة الصديقة الصغرى زينب (عليها السلام)، بل الصحيح أنه زائداً على الجواز حسن وراجح، ومن الشعائر التي أمرنا الله تعالى بتعظيمها بقوله: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب).

109. استخدام الزنجيل فى مواكب العزاء

س: ما هو حكم استخدام الزنجيل في مواكب عزاء أهل البيت (عليهم السلام) أجمعين؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

لا شبهة في جوازه، بل هو كالتطبير مستحب وراجح، ولا ترديد في كونه من الشعائر الدينية المباركة.

110. حكم الضرب بالسلاسل ذات السكاكين

س: ما حكم ضرب الظهور بالسلاسل ذات السكاكين في عزاء الإمام الحسين (عليه السلام)؟

ص:95

ج: باسمه جلت أسماؤه

لا إشكال فيه، إلا أن يؤدي إلى هلكة النفس، أو يوجب ضرراً معتداً به.

111. استحباب التطبير

س: هل التطبير حلال أم حرام؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

التطبير غير الموجب لهلاك النفس في نفسه جائز، وفي عزاء الإمام الحسين (عليه السلام) من أحسن العبادات، ومن أبرز الشعائر الحسينية المؤثرة في ديمومة الإسلام.

112. الدليل على استحباب التطبير

س: ما هو الدليل على جواز التطبير؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

التطبير من حيث هو ] مع قطع النظر عن كونه من الشعائر الحسينية [ جائز، ومأمور به بعنوان الحجامة، فقد جاء في روايات كثيرة أنَّ موضع الحجامة في بعض صورها هو نفس موضع التطبير، أضف إليه أنه لا منشأ لتوهم عدم الجواز إلا ما دلَّ على حرمة الإضرار بالنفس، ولكنه لا إطلاق له حتى يشمل الضرر الذي لا يوجب هلاك النفس أو تعطيل عضو من الأعضاء.

هذا مضافاً إلى أنَّ التطبير ] بنظرنا [ من الشعائر الحسينية، وبذلك يكون من أعظم المطلوبات الشرعية.

وبالجملة فإنَّ التطبير في مقام إبراز الحزن والتوجع لفاجعة الطف، وبقصد إعلان الشعائر الحسينية، يكون راجحاً رجحاناً مؤكداً، بل فوق الرجحان;

ص:96

لأن بقاء الإسلام إنما هو بثورة الإمام الحسين (عليه السلام)، واستمرار الثورة إنما هو بالشعائر الحسينية التي اعتادت الشيعة على إقامتها، ومن أبرزها التطبير.

113. وجه الإفتاء بجواز التطبير

س: ما هو وجه إفتاء سماحتكم بجواز التطبير؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

الأصل في الأشياء هو الإباحة، ولا يمكن تحريم شيء إلا استناداً لدليل شرعي معتبر، وعليه فكل ما لا ينطبق عليه أحد العناوين المحرمة فهو جائز ومباح.

وأما التطبير فهو ] مضافاً إلى جوازه في نفسه [ من أفضل المستحبات; نظراً لما ينطبق عليه من عناوين أخرى راجحة، والتي منها أنه تعظيم لشعائر الله تعالى شأنه، فهو راجح ومستحب، ووسيلة من الوسائل الحسينية، وباب من أبواب سفينة النجاة.

ولنعم ما أفاده بعض الأعاظم (قده) حيث قال: «إن في التطبير وغيره مما يصنع في مقام تعزية الإمام الحسين (عليه السلام) جواباً عن نداء الإمام الحسين (عليه السلام): هل من ناصر ينصرني».

بل لو أفتى فقيه متبحر بوجوب التطبير وغيره من الشعائر وجوباً كفائياً في مثل هذه الأيام، التي صمم فيها جمع من مرضى النفوس على إطفاء نور أهل البيت (عليهما السلام)، لم تحسن تخطئته.

114. التطبير و توهينه للمذهب

س: هل تعتبرون التطبير من الشعائر الحسينية؟ وماذا عن

ص:97

دعوى كونه موهناً للمذهب في ظل تشنيع المخالفين علينا به؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

لا شك في كون التطبير من الشعائر الحسينية، وهو في نفسه جائز، وبانطباق عنوان الشعيرة عليه يصير مطلوباً ومحبوباً شرعاً، وتشنيع أعداء المذهب على المذهب الشيعي لا يكون مانعاً عنه، فقد أمر الله تعالى نبيه (صلى الله عليه وآله) بعدم الاعتناء بالتشنيع على الوظائف الشرعية، حيث قال تعالى: (وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزواً ولعباً ذلك بأنهم لا يعقلون).

115. فلسفة التطبير

س: ما هي فلسفة التطبير؟

ج: باسمه جلت أسماؤه، التطبير تعبير عن المواساة لسيد الشهداء أبي عبدالله الحسين (عليه السلام) وأهل بيته (عليهم السلام)، وتعظيم لشعائر الدين، وإحياء لذكرى سيد الشهداء (عليه السلام)، وإبراز لروح

التضحية والفداء التي ينبغي أن يظهر بها الفرد المؤمن بين يدي إمام العصر وسلطان الزمان (أرواح من سواه فداه).

116. التطبير واستلزامه الصور

س: ما هو وجه إصراركم على الإفتاء باستحباب التطبير وأمثاله من الشعائر الحماسية، رغم أنها قد توجب الضرر وإهانة المذهب؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

هذه الشعائر تعبير عن التأثر والحزن على ما جرى لسيد شباب أهل الجنة وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام) في كربلاء، وهي تهدف الى التأسي ببعض ما عانوه،

ص:98

وفي ذلك إحياء لأمرهم وتذكير بمصابهم، وقد ورد عن الصادق (عليه السلام) أحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا، كما أنها من الشعائر الدينية، وقد قال الله تعالى: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب).

وكل من يدعي أنها موجبة لإهانة المذهب، فنحن ندعي في مقابله أنها موجبة لإعزاز الدين وترسيخه، وأما دعوى كونها موجبة للضرر، فليس الضرر المحرم إلا ما أوجب تلف عضو من الأعضاء أو هلكة النفس، وليس يوجب التطبير شيئاً من ذلك.

وبالجملة فإن اللطلم على الصدور والضرب بالسلاسل والتطبير بشرط عدم الوقوع في الهلكة، من مصاديق تعظيم شعائر الله، وإحياء الدين والإسلام، ومن المستحبات الأكيدة.

117. التطبير وتشويه المذهب الحق

س: ما هو حكم التطبير في زماننا هذا، حيث لا يمكن تفهيمه للمخالفين في المذهب أو الديانة، من جهة عدم قابليتهم لإدراك أهداف أهل العزاء والمصيبة من هذا العمل، بحيث أصبح التطبير حالياً مورداً للتهمة والافتراء على الشيعة ووهناً على المذهب، حتى أن بعض أعداء المذهب الإمامي قد قام بتوزيع أشرطة فيديو وصور للمطبرين، وأنشأوا بعض المواقع على شبكة الانترنت لعرض صور للمطبرين بهدف تشويه المذهب الإمامي؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

بعد شكرنا الجزيل لغيرتكم على الدين، نقول: إن التطبير جائز، بل حسن

ص:99

وراجح، وهو أحد الشعائر الدينية المباركة، ما لم يؤد إلى ضرر معتد به للمطبر.

وأما إشكالية كونه مورداً للتهمة والإفتراء على الشيعة: فإنها ليست بالأمر الجديد أولا، وليست تنفي عنه صفة كونه من الشعائر الدينية ثانياً.

وثالثاً: فإن هذا الإشكال يمكن أن يثيره غير المسلمين على كثير من الواجبات الدينية، كالطواف حول الكعبة والسعي ورمي الجمرات وغيرها، ولو تمَّ التسليم به للزم القول بعدم كون هذه المناسك من شعائر الله، وعدم رجحان الإتيان بشيء منها، وهل يجرؤ مسلم أن يتفوه بذلك؟!

وبما ذكرناه يتضح أنَّ هذه التهم لا تحول التطبير بما هو شعيرة من الشعائر من أمر جائز ومستحب إلى غير ذلك، حاله في ذلك حال بقية الشعائر الدينية المباركة.

118. حدُّ الضرر الموجب لحرمة التطبير

س: ما هو حد الضرر الموجب لحرمة التطبير؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

لا شبهه في أن التطبير من الشعائر الحسينية المستحبة، والضرر المتوهم له إن كان يُراد به الإدماء فهو ] زائداً على عدم كونه ضرراً منهياً عنه [ من مصاديق الحجامة المأمور بها، وعلى فرض صدق الضرر عليه فإنَّ مطلق الإضرار بالنفس ليس محرماً، إلا أن يؤدي التطبير إلى هلكة النفس، وعلم بذلك المطبر قبل التطبير، فإنه لا يجوز حينئذ، ويكون المحرم في الحقيقة هو إهلاك النفس لا التطبير.

ص:100

119. التطبير والأمراض السارية

س: أنا دكتور مختص، ولقد اطلعت على فتواكم بخصوص التطبير وجوازه ما دام لا يؤدي إلى الهلاك، ونحن نعلم وإياكم أن الكثير من أمراض العصر ما ينتقل عن طريق الملامسة والدم، ومنها أمراض توجب الهلاك الحتمي، كمرض الإيدز أو مرض التهاب الكبد الوبائي، وبما أن المطبرين يكونون قريبين من بعضهم البعض، وربما تطايرت الدماء من بعضهم وسقطت على الآخرين، فتؤدي إلى نقل العدوى لهم ولو كانت بكميات قليلة وغير مرئية، فما هو رأي سماحتكم بهذا الخصوص؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

لقد أشرنا في غير واحد من أجوبتنا إلى مسألة التطبير وأهميتها باعتبارها معلماً بارزاً من معالم إحياء ذكرى سيد الشهداء (عليه السلام) الذي أحيا بدمه دين جده (صلى الله عليه وآله)، وقلنا: إنها من أفضل المستحبات; لما فيها من تعظيم لشعائر الله.

وأما ما ذكرتم من احتمال مبني على كلمة (ربما) فإنه لا يصلح لتغيير الحكم الذي أشرنا إليه، خاصة وأنه من الثابت طبياً وشرعياً حسن وفائدة حجامة الرأس، والتي ليس لها محل سوى محل التطبير، فالفائدة الطبية محققة من التطبير إضافة الى الناحية الشرعية، ولم تظهر من خلال التتبع ولا حالة واحدة لآثار

سلبية حصلت من التطبير، ولو صلح احتمال (ربما) ليكون أساساً للتحريم لما بقي شيء حلال; إذ كل عمل عبادي تأتي فيه كلمة (ربما).

ص:101

120. التطبير لصاحب المرض المُهدي

س: شخص يمارس شعيرة التطبير أصيب أو هناك شك بإصابته بمرض وبائي (معدي) خطير بالدم، فهل مشاركته مع الناس لهذه الشعيرة جائزة؟

وإن قام بهذا العمل في بيته دون المشاركة والإشهار فهل ينال ثواب المشاركة أم يترك احتياطاً من احتمال نقل العدوي بصورة او اخري؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

إن كانَ قاطعاً بانتقال المرض المعدي منه إلى غيره، بسبب المشاركة في التطبير، لم يجز له ذلك، ولا فرقَ في أصل الثواب على التطبير أينما وقع.

121. الأئمة (عليهم السلام) والتطبير

س: هل كان أئمتنا (عليهم السلام) يمارسون شعيرة التطبير؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

التطبير من الشعائر الحسينية التي بها قوام الدين، ومن أوكد العبادات الدينية، والأئمة (عليهم السلام) وإن لم يصلنا أنهم مارسوا هذه الشعيرة - كما لم يصلنا أنهم مارسوا غيرها سوى بعض الشعائر - إلا أنهم بينوا الضابطة الدالة على رجحان هذه الشعيرة وغيرها.

122. بين التطبير والتبرع بالدم

س: أيهما أهم وأفضل: التطبير أم التبرع بالدم في يوم عاشوراء؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

التطبير أهم وأفضل، إلا أن يترتب على التبرع بالدم حفظ النفس المحترمة

ص:102

عن الهلكة، ففي خصوص هذا المورد يكون التبرع بالدم أفضل.

123. التطبير ومعارضة الأب

س: إذا أراد الشخص أن يطبر، وكان والده يعارض ذلك، فما هي وظيفته؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

إن كان والده ينهاه عن التطبير، ويتأذى بسبب تطبيره، لم يجز له فعل ذلك.

124. تطبير الأطفال

س: هل للأب ولاية على الولد الصغير، بأن يجرح رأس ولده حتى يخرج الدم (التطبير)؟ وماذا لو كان الولد صغيراً جداً؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

تطبير الآباء لأبنائهم ] زائداً على جوازه [ عمل حسن وراجح، بشرط أن لا يترتب عليه هلاك النفس أو نقص عضو من الأعضاء أو شلله.

125. تطبير الصغير

س: هل يجوز لولي الطفل الصغير غير المميز أن يطبر له في موكب التطبير؟ أم لا يجوز له ذلك; لعدم شمول الولاية لهذا الأمر؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

إذا لم يكن تطبير الصبي موجباً لأذيته ] أذية يحرم إيرادها عليه [ جاز تطبيره.

ص:103

126. التطبير في شهادات المعصومين (عليهم السلام)

س 1: هل يجوز التطبير ليلة شهادة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) وأميرالمؤمنين وجميع الأئمة (عليهم السلام) مواساة لهم؟

ج 1: باسمه جلت أسماؤه

ما دلَّ على جواز التطبير بالنسبة للإمام الحسين (عليه السلام) يدل على جوازه ] بل استحبابه [ بالنسبة لجميع المعصومين (عليهم السلام) بلا استثناء.

س 2: إننا شباب من البحرين قد نزلت بنا مشكلة أوجبت تمزق الطائفة، وذلك بسبب وجود مجموعة قامت بالتطبير في اليوم العاشر من المحرم الحرام مواساة لسيد الشهداء (عليه السلام)، وفي قبالهم قامت مجموعة أخرى من الشباب بمواجهتهم وتسقيطهم وتفسيقهم ومقاطعتهم، فهل يجوز الوقوف موقف هؤلاء الذين يواجهون التطبير، أم لا يجوز؟

ج 2: باسمه جلت أسماؤه

لا إشكال ولا شبهة في أن التطبير في يوم العاشر أو ليلته من أهمِّ الشعائر وأوكد السنن، وليست تصح مواجهة القائمين به، وصدهم عن طاعة الله تعالى من طريقه، بل ينبغي تأييدهم ودعمهم، وإني لأتحسر

جداً لعدم توفيقي لإحياء هذه الشعيرة المباركة، ولكنني أحب الشباب المطبرين، وأسأل الله تعالى أن يحشرني معهم.

127. ضرورة وعي الاختلاف في مسألة التطبير

س 1: هل مسألة جواز التطبير خلافية بين العلماء؟ وإذا كانت كذلك فهل يجوز لنا ذكر العلماء الذين يختلفون معكم في الفتوى بسوء؟

ص:104

ج 1: باسمه جلت أسماؤه

إن المشهور من الفقهاء أصحاب الفتوى هو القول بكون التطبير من الشعائر، وأما من يخالف في الرأي من أهل الاجتهاد والفتوى فلا يجوز أن يذكر بسوء، إن كان مأموناً; لاحتمال الاشتباه في حقه.

س 2: هل يجوز لنا مناقشة العلماء الذين يختلفون معكم في الفتوى؟

ج 2: باسمه جلت أسماؤه

النقاش في تشخيص الموضوعات جائز، ولكنَّ من يناقش عليه أن يمتلك مؤهلات النقاش.

س 3: هل يجوز لنا مناقشة العوام الذين يقلدون من يختلفون معكم في الفتوى؟

ج 3: باسمه جلت أسماؤه

عندما يكون التزامهم بعمل أو قيامهم به نتيجة تقليدهم للفقيه الجامع للشرائط، فلا معنى لنقاشهم في ذلك.

س 4: هل يجب علينا إقناع العوام الذين يقلدون من يختلفون معكم في الفتوى؟

ج 4: باسمه جلت أسماؤه

كلا; إذ من يقلد شخصاً ثبتت لديه أعلميته وتقواه وأهليته للمرجعية، غاية ما يقال في حقه: إنه مشتبه في هذا المورد، وهذا لا يوجب إرجاعه عن تقليده، ولكن تجوز مناقشته في ذلك; لأنه من الموضوعات، وليس من الأحكام.

ص:105

128. استحباب ارتداء السواد

س: ما هو رأيكم في لبس السواد حزناً على الإمام الحسين (عليه السلام)؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

لا إشكال في كون إرتداء الأسود من الثياب من مصاديق الشعائر الحسينية المباركة، فهو مستحب راجح، وإني لأحمد الله تبارك وتعالى على توفيقي لإحياء هذه الشعيرة منذ أول يوم من أيام شهر محرم حتى اليوم الثامن من شهر ربيع الأول، عملا برواية أحمد بن إسحاق، وتأسياً بالسلف الصالح من علماء الطائفة.

129. لبس السواد في أحزان المعصومين (عليهم السلام)

س: هل يجوز لبس السواد في أحزان المعصومين (عليهم السلام)؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

الأظهر هو جواز لبس السواد في نفسه، والدليل الدال على كراهته قاصرٌ عن الشمول لغير زمان صدوره، وأما ارتداؤه في أحزان المعصومين (عليهم السلام) فلا إشكال في محبوبيته ورجحانه.

130. زيارة الإمام الحسين ع وغفران الذنوب

س: هل زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) تغفر الذنوب جمعياً؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

مما استفاضت به الروايات أن زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) من موجبات غفران الذنوب، إلا أنها على نحو الاقتضاء لا العلية التامة، وهذا يعني عدم

ص:106

تحقق أثرها إلا مع تحقق الشرائط وعدم الموانع، فهي نظير النار التي تقتضي الإحراق، ولكنها لا تؤثر أثرها إلا مع تحقق الشرائط كاقتراب الجسم المحترق منها، وارتفاع الموانع كالرطوبة ونحوها.

131. أفضل زيارات الإمام الحسين (عليه السلام)

س: ما هي أفضل زيارة يزار بها الإمام الحسين (عليه السلام)؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

من الصعب جداً ترجيح زيارة على أخرى، وإن كان القول بأفضلية زيارة عاشوراء هو الأوفق بما تقتضيه الأدلة.

132. استحباب زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) ولو مع القطع بالضرر

س: هل يجوز الخروج لزيارة كربلاء المقدسة مع احتمال الضرر من قبل بعض النواصب؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

تجوز زيارة الإمام الحسين (عليه السلام)، بل تستحب، حتى مع القطع بالضرر، فضلا عن احتماله، إن كان الضرر غير هلاك النفس.

133. أفضلية زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) على زيارة الإمام الرضا (عليه السلام)

س: أيهما أفضل زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) أم زيارة الإمام الرضا (عليه السلام)؟

ص:107

ج: باسمه جلت أسماؤه

الروايات التي صرحت بتفضيل زيارة الإمام الرضا (عليه السلام) على الإمام الحسين (عليه السلام) لم تخلُ من الإشارة إلى علة التفضيل، ومنها يظهر أن ترجيح زيارته على زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) ليس مطلقاً، بل في خصوص ذلك الزمان الذي قلَّ فيه زائره، ورغب عنه الناس، بسبب الظروف الأمنية.

ويشهد لذلك معتبر علي بن مهزيار قال: قلت: لأبي جعفر (عليه السلام): جعلت فداك زيارة الرضا (عليه السلام) أفضل أم زيارة أبي عبدالله الحسين (عليه السلام)؟ فقال: زيارة أبي أفضل، وذلك أن أبا عبدالله (عليه السلام) يزوره كل الناس، وأبي لا يزوره إلا الخواص من الشيعة.

ومثله معتبر عبد العظيم الحسني: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قد تحيرت بين زيارة قبر أبي عبدالله (عليه السلام) وبين زيارة قبر أبيك (عليه السلام) فما ترى؟ فقال لي: مكانك، ثم دخل وخرج ودموعه تسيل على خديه، فقال: زوار قبر أبي عبدالله (عليه السلام) كثيرون وزوار أبي بطوس قليلون».

134. استحباب مشاركة النساء في مواكب الزيارة

س: هل يجوز ذهاب المرأة سيراً على الأقدام لتأدية زيارة الأربعين في كربلاء؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

الروايات الكثيرة المتضمنة لترتب الثواب على المشي لزيارة الإمام الحسين (عليه السلام) لا تختص بالرجال، بل هي بإطلاقها شاملة للمرأة أيضاً، فيستحب للنساء المشي لزيارة الإمام الحسين (عليه السلام) كما يستحب للرجال.

ص:108

135. المشي على الجمر

س: ظهرت لدينا مؤخراً عادة المشي على الجمر أيام عاشوراء، وقد تناهى إلى أسماعنا بأن سماحتكم تجوّزون ذلك، فهل ما نُسِبَ إلى سماحتكم صحيح؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

لا دليل على المنع، والأصل هو الجواز، سيما مع عدم كونه موجباً للألم أو الحرق المعتد بهما، فما تناهى إلى أسماعكم صحيح لا غبار عليه، وهو ما ندين الله تعالى به.

136. موكب الشبيه

س: نحن مجموعة نذرت نفسها لخدمة أهل البيت (عليهم السلام) في كل المجالات والأنشطة الإسلامية، ونشر الوعي الإسلامي الشيعي، وكان من هذه الأمور إنشاء موكب للأطفال والنساء، وتعليمهم ورعايتهم وتوجيههم لخدمة أهل البيت (عليهم السلام)، والسير على نهجهم ودربهم، ومن هذا المنطلق فإننا عودناهم على الخروج بموكب حسيني في كل مناسبة عزاء للمعصومين (عليهم السلام)، وكذلك الاحتفال بكل الاحتفالات الدينية، وبمناسبة قرب محرم الحرام فإننا وجهناهم إلى عدة أمور، منها: تسيير موكب حسيني، إصدار مجلة حائطية تحتوي على سيرة وموقف ورسم وغيرها، وتعليق السواد، والتشبيه، و التمثيل، مع ملاحظة أن كل هذا الإصدارات والأعمال من تفكير وترتيب الأطفال - ما عدا التوجيه من الكبار - باستعانة مباشرة من رجال الدين وعلى رأسهم سماحتكم، ومن هنا جاء السؤال في

ص:109

شرعية هذه الأعمال، فنحن عندما نخرج بهذا الموكب المتضمن للتشبيه، فإنه تخرج النساء للمشاهدة، وفي خروجهن لمسنا أمراً وهو التأثر والبكاء على الحسين (عليه السلام) وما جرى على أهله الأطائب، فهل هذا جائز، مع العلم أنه توجد مراعاة للحجاب وعدم الاختلاط؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

لا إشكال في ذلك، وهنيئاً لكم توفيقكم لخدمة سيد الشهداء (عليه السلام)، فإن العمل على إحياء ذكراه بكل ما فيها من مآس أصابت أهل بيت الرسول (صلى الله عليه وآله) من أفضل الشعائر المذهبية، وأعظم المستحبات الدينية، وقد قال الله تعالى: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) وقال الإمام الصادق (عليه السلام): «أحيوا أمرنا، رحم الله من أحيا أمرنا»، وفي ذلك من الأجر الكبير ما لا يحصيه إلا الله تعالى، فاحرصوا على استمرار عملكم الجهادي هذا خالصاً لوجه الله تعالى، لتنالوا بذلك شرف الدنيا والآخرة.

137. الشعارات الحسينية

س: ما تأثير الشعارات الحسينية مثل (يا لثارات الحسين) على نفوس المسلمين، حيث يدعي البعض أنها مثار للحزازيات بين الشيعة والسنة، وموجبة لتربيتهم على روح العنف؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

الشعارات الحسينية لها أهداف مختلفة، وأحد أهدافها تأجيج الروح الثورية في نفوس الشيعة تجاه قتلة سيد الشهداء الحسين (عليه السلام) والراضين بقتله، وليس هؤلاء سوى النواصب الذين يتبرأ منهم جميع المسلمين

ص:110

شيعة وسنة; ولذلك لم نجد أحداً يخشى من هذه الشعارات سوى من مُلئت قلوبهم ببغض الحسين (عليه السلام) وحب يزيد بن معاوية.

138. الزواج في عاشوراء

س: هناك شخص يقول: بأنه لايوجد مانع من الزواج خلال الفترة الواقعة بين نهاية العشرة الأولى من محرم الحرام إلى نهاية صفر، وكذلك لا توجد أي رواية في ذلك، فما رأي سماحتكم في هذا القول؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

لستُ أحكم بالحرمة، إلا أن يترتب على ذلك إهانة سيد الشهداء الحسين (عليه السلام) أو هتك حرمة شعائره المباركة، ولكن مع ذلك أقول: قد دلت الروايات الشريفة علي أن: «شعيتنا خلقوا من فاضل طينتنا، يفرحون لفرحنا، ويحزنون لحزننا»، وهل الزواج في أيام الحزن المذكورة من الحزن لحزنهم (عليهم السلام)؟!

ص:111

ص:112

الفصل الخامس: أسئلة وأجوبة زيارات الإمام الحسين (عليه السلام) ومضامينها

اشارة

ص:113

ص:114

139. مفهوم وراثة الإمام الحسين (عليه السلام) للأنبياء (عليهم السلام)

س: جاء في زيارة وارث: «السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله، السلام عليك يا وارث نوح نبي الله، السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله»، وسؤالي: إذا كان كل ما عند الأنبياء (عليهم السلام) مفاضاً عليهم بواسطة الرسول الأعظم وأهل بيته (عليهم السلام)، فكيف يكون سيد الشهداء (عليه السلام) وارث آدم ونوح وإبراهيم (عليهم السلام)؟ مضافاً إلى أن وجوده النوري كان قبل وجود الأنبياء (عليهم السلام)، فيكف يرثهم وهو قد سبقهم؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

الوراثة قد تأتي بمعنى الانتقال، وقد تأتي بمعنى المماثلة، كما لو توفي أحدُ العلماء وكان يوجد من يُماثله في علمه وورعه، فإنه يقال له: وارثه، ووراثة سيد الشهداء (عليه السلام) للأنبياء (عليهم السلام) ليست بالمعنى الأول، وإنما هي بالمعنى الثاني، فلا إشكال.

140. الفرق بين جسم الإمام الحسين (عليه السلام) وجسده

س: جاء في بعض زيارات الإمام الحسين (عليه السلام) المقطع التالي: «صلوات الله عليكم، وعلى أرواحكم، وعلى أجسادكم، وعلى

ص:115

أجسامكم، وعلى شاهدكم، وعلى غائبكم، وعلى ظاهركم، وعلى باطنكم»، والسؤال مرتبط بالفرق بين الأجسام والأجساد، وهل لهما معنى واحد، أم لهما معنيان متغايران؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

الجسد كما يطلق على البدن كذلك يطلق لغةً على الدم، والجسم كما يطلق على الوجود المادي كذلك يطلق على الوجود النوري أو المثالي، فمن المحتمل أن يكون المراد من الأجساد الدماء، ومن الأجسام الأبدان، ويحتمل أن يكون المراد من الأجساد الأبدان المادية، ومن الأجسام الأجسام النورية أو المثالية، وسواء كان الاحتمال الأول هو المتعين أم الثاني، فالقدر المتيقن أنَّ كل ذلك مما يستحق التوجه إليه بالسلام والتحية.

141. معنى تضمين الأرض دم الإمام الحسين (عليه السلام)

س: في زيارة للإمام الحسين (عليه السلام) يروبها ابن قولويه القمّي (رحمهم الله) (فى كتابه) كامل الزيارات، عن الإمام الصادق (عليه السلام) مخاطباً جدّه الإمام الحسين (عليه السلام): «وضمّن ] أي: الله تعالى [ الأرض ومن عليها دمك وثارك»، فما معنى هذه الفقرة من زيارة سيدالشهداء (عليه السلام)، خصوصاً «وضمن الأرض ومن عليها»، وما معنى الدم والثار، أليسا شيئاً واحداً؟ ثم أليس تلك الدمآء الطاهرة قد رفعت إلى السماء ولصقت بالعرش ولم يبق منه شيء فى الأرض، فكيف ضمن فيها؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

الظاهر أنَّ المراد من التضمين تحميل المسئولية وجريرة القتل، كما يقال:

ص:116

ضمّنَ فلان فلاناً قيمة ماله الذي أتلفه، أي: غرّمه ذلك، والواو في قوله: «وثارك» عطف تفسير يراد منه التوضيح ليس إلا.

142. الملعونون في زيارة عاشواء

س: جاء في زيارة عاشوراء: «اللهم العن الأول والثاني والثالث والرابع»، فمن هم الأربعة الملعونون الذين وردوا في زيارة عاشوراء؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

اختلف العلماء (قدس سره) أسرارهم في تحديد المقصود من هؤلاء الأربعة، ولا يمكن الجزم بشيء مما ذكروه، والأولى للإنسان أن يقرأ العبارة المذكورة وينوي بها من قصدهم الإمام الباقر (عليه السلام) حينما أنشأ هذه الزيارة المباركة.

143. ابن مرجانة الملعون في زيارة عاشوراء

س: من هو ابن مرجانة المذكور في زيارة عاشوراء، ولماذا عطف بالواو على ابن زياد إذا كان هو نفسه؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

هو عبيدالله بن زياد، والعطف بالواو في مقام التعريف قد يكون تشريفياً، كما في قولنا: «الحسين بن علي، وابن فاطمة»، وقد يكون توهينياً، كما في قول الزيارة: «والعن عبيد الله بن زياد وابن مرجانة» لبيان دناءة نسبه أباً وأماً.

144. الرابع والخامس الملعونان في زيارة عاشوراء

س: ورد في زيارة عاشوراء لعن الرابع والخامس، فمن يُقصد

ص:117

بهما؟ وإذا كان المقصود معاوية ويزيد، فلماذا لم يذكرا بالأسماء مع أنهما قد ذكرا سابقاً باسميهما؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

المراد من الرابع ] على الأظهر [ معاوية، ومن الخامس يزيد بن معاوية، كما صرحت بذلك الزيارة بالنسبة للثاني، حيث جاء فيها: «العن يزيد خامساً».

ولا مانع من التعرض لهما تارة بالإسم، وأخرى باللقب، تأكيداً عليهما; لشدة ما ارتكباه من سم الإمام الحسن (عليه السلام) وقتل الإمام الحسين (عليه السلام)، وهتك حرمة رسول الله (صلى الله عليه وآله).

145. صحة زيارة عاشوراء

س 1: تنتشر هذة الأيام ثقافة التشكيك في زيارة عاشوراء وسندها وورود اللعن فيها، فما بين ناكر لها ولسندها، وبين من يقول إن صحت فاللعن فيها موضوع وغير صحيح، بل يحرم الإتيان به، فما رأي سماحتكم؟

ج 1: باسمه جلت أسماؤه

سند زيارة عاشوراء قوي لا سبيل إلى الخدشة فيه، وما فيها من اللعن ليس خارجاً عن متن الحديث المعتبر.

س 2: هل زيارة عاشوراء صحيحة المتن والسند، أم لا؟ وهل يوجد من علمائنا من يضعفها؟

ج 2: باسمه جلت أسماؤه

نعم صحيحة سنداً ومتناً، ولستُ أحتمل صدور تضعيف هذه الزيارة المعتبرة من عالم محقق، وإني ] بحمد الله تعالى [ ملتزم بقرائتها كل يوم منذ

ص:118

خمسين سنة، وأسأل الله تعالى أن يديم توفيقي لذلك إلى آخر أيام عمري.

146. سند دعاء التوسل والزيارة الجامعة

س: ماذا عن صحة سند دعاء التوسل والزيارة الجامعة؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

سند زيارة الجامعة معتبر لا إشكال فيه، وأما دعاء التوسل فهو دعاء مشهور، وضعفُ سنده لا يضر به، بعد البناء على تمامية قاعدة التسامح في أدلة السنن.

147. الموقف من المشككين في زيارة عاشوراء

س: هل يجوز أن نسلم لهؤلاء المشككين الحقوق الشرعية والكفارات والنذور وما أشبه ذلك؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

لا يجوز تسليم الحقوق الشرعية بأنواعها لهؤلاء، فإنَّ من لم يأمن دينه من شبهاته، كيف تأمن حقوق الله بين يديه.

148. اللعن في زيارة عاشوراء سنة مؤكدة

س: هناك بعض طلبة العلم يشككون في جواز اللعن; ولذلك ينكرون ورود اللعن في زيارة عاشوراء، فما قولكم في ذلك؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

قد وردت في القرآن والروايات المعتبرة المتواترة لعن طوائف، منها: ماورد في لعن المحارب لأهل البيت (عليهم السلام)، ومنها: مارود في لعن الظالمين لآل البيت (عليهم السلام)، ومنها: مارود في لعن المعادين والمبغضين لهم (عليهم السلام)، ومنها: ما ورد في لعن المخالفين لأهل البيت (عليهم السلام) في الاعتقاد والمنهج وتاركي ولايتهم، ومنها: ماورد في لعن مؤذي أهل البيت (عليهم السلام)، ومنها: ماورد في لعن

ص:119

الكاذب مطلقاً، أو خصوص من كان كاذباً على الله ورسوله (صلى الله عليه وآله)، ومنها: لعن الخمر وغارسها وبائعها وحاملها والجالس على مائدة عليها الخمر وإن لم يشرب، ومنها: ما يتعلق بالزنا وسائر المحرمات، كلعن المستمني ولعن اللاعب بالشطرنج، ومنها: ما ورد في لعن تارك بعض الواجبات، كلعن الخارجة من بيت زوجها بغير إذنه، ومنها: ماورد في لعن فاعل بعض المكروهات، ومنها غير ذلك، والروايات فوق حد الإحصاء.

149. الاكتفاء باللعن مرة واحدة في زيارة عاشوراء

س: هل يجوز عند قراءة زيارة عاشوراء ذكر اللعن والسلام مرة واحدة فقط، مع القول أخرها: (مائة مرة) وتكون العبارة على النحو التالي: «اللهم العن أول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد وآخر تابع له على ذلك، اللهم العن العصابة التي جاهدت الحسين وتابعت وبايعت وتابعت على قتله، اللهم العنهم جميعاً مائة مرة؟»

ج: باسمه جلت أسماؤه

لا يترتب علي القراءة المذكورة ما يترتب على الزيارة المشتملة على تكرار اللعن والسلام مائة مرة.

150. تكرار اللعن والسلام مائة مرة

س: إذا أراد المرء المداومة على زيارة عاشوراء يومياً، فهل يشترط تكرار اللعن والسلام مائة مرة لكل منهما؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

نعم، يشترط تكرار ذلك مائة مرة، وأوصيك بالمداومة عليها فإنَّ فيها خيراًكثيراً.

ص:120

151. صحة زيارة الناحية

س: هل الزيارة الناحية مسندة، وهل سندها صحيح؟ وإذا كانت غير مسندة فهل مضمونها صحيح ثابت؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

تستعمل كلمة زيارة الناحية وصفاً لزيارتين:

إحداهما: يزار بها الإمام الحسين (عليه السلام)، وقد وردت في كتاب المزار الكبير، وهو من أمهات كتب الزيارة المعتبرة، ولا شك أنها من المرويات التي أخذ بها علماؤنا الأعلام، وإن كان قد ورد كلام علَُي بعض فقراتها، فالثابت أنها مروية ومعتبرة; لتصريح صاحب كتاب المزار الكبير بأنها مما خرج من الناحية إلى أحد الأبواب.

والثانية: يزار بها شهداء كربلاء، وهي من الزيارات المعتبرة أيضاً، حتى أنَّ بعض علماء الرجال يستفيد منها في توثيق من ورد اسمه من الأصحاب الذين استشهدوا مع سيد الشهداء الحسين (عليه السلام)، ويعتبر أن ورود أسمائهم ومدحهم والسلام عليهم من الإمام (عليه السلام) خير دليل على توثيقهم.

ص:121

ص:122

الفصل السادس: أسئلة وأجوبة حول بعض كلمات الإمام الحسين (عليه السلام)

اشارة

ص:123

ص:124

152. معنى قول الإمام الحسين (عليه السلام): «متى غبت؟»

س: نقرأ في دعاء يوم عرفة: «متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك»، فكيف نوفق بين ذلك وبين ما ورد في كتبنا العقائدية من الأدلة التي تثبت وجود الله تعالى؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

المقصود من الفقرة الواردة في دعاء عرفة: أنَّ معرفة الله سبحانه معرفة فطرية تكوينية، كما يدل على ذلك قول الإمام الصادق (عليه السلام) لمن قال له: دلني على ربي: «هل ركبت سفينة في البحر فانكسرت بك السفينة حيث لا سفينة تنجيك ولا سباحة تغنيك؟ قال: نعم، قال: هل تعلق قلبك بشيء اعتقدت أنه قادر على أن يخلصك من ورطتك؟ قال: نعم، قال: فذلك هو الله القادر على الإنجاء حيث لا منجي، وعلى الإغاثة حيث لامغيث».

فمعرفة الله تعالى بمقتضى هذا النص معرفة فطرية، ولكنها بسبب الموانع قد يحجبها الإنسان ولا يلتفت إليها، وهذا ما يشير إليه قول النبي الأعظم: «كل مولود يولد على الفطرة، وإما أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه»، وحينئذ يحتاج الإنسان إلى إزالة الغبار عنها من خلال تشييد الأدلة والبراهين.

ص:125

153. معنى قول الإمام الحسين (عليه السلام): «أهل الجذب»

س: ورد فى دعاء الإمام الحسين (عليه السلام) في يوم عرفة: «أهل الجذب إليك»، فما معنى أهل الجذب؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

يُراد ب - (أهل الجذب): العباد الذين يقربهم اللَّه تعالى منه، عن طريق تهيئة كل ما يحتاجون إليه في طريق الوصول إليه سبحانه وتعالى.

154. معنى قول الإمام الحسين (عليه السلام) «عبادك هؤلاء العصاة»

س: قال الإمام الحسين (عليه السلام): «اللهم إنك ترى ما أنا فيه من عبادك هؤلاء العصاة»، والسؤال: كيف يشهد لهم بأنهم عباد اللَّه، وفي الوقت نفسه يشهد عليهم بأنهم عصاة له، مع أنَّ العبد هو الذي تحرر من عبودية الشيطان، والعاصي هو الذي العابد للشيطان؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

المراد من العباد في الخبر هم المماليك للَّه تعالى بالملكية الحقيقية، التي هي عبارة عن السلطنة التامة على المملوك، بنحو يكون زمام أمر المملوك بيد المالك حدوثاً و بقاءاً، والعاصي وإن كان عبداً للَّه بهذا المعنى، لكنه عابد للشيطان بمعنى إطاعته لأوامره ونواهيه.

155. معنى رؤية الأشياء المكروهة في بيت الإمام الحسين (عليه السلام)

س: جاء في بعض الروايات: أنَّ قوماً دخلوا على سيد الشهداء الحسين (عليه السلام) فقالوا: يابن رسول الله نرى في منزلك أشياء

ص:126

نكرهها - و قد رأوا في منزله بساطاً و نمارق - فقال: إنا نتزوج النساء، فنعطيهن مهورهن، فيشترين بها ما شئن، ليس لنا منه شيء، والسؤال: ما صحة الحديث السندية؟ و ما نوع الكراهة هنا؟

ج: باسمه جلت أسماؤه

أما سند الرواية فهو مشتمل على بعض المجاهيل، كأبي خالد الزيدي، وأما الكراهة فهي في كلام القوم وليست في كلام الإمام (عليه السلام)، والظاهر أنَّ المراد منها الكراهة العرفية، لا الكراهة الاصطلاحية.

ص:127

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.