فضائل الإمام الحسین علیه السّلام فی الذکر المبین

اشارة

فضائل الإمام الحسین (علیه السّلام) فی الذکر المبین

الخطیب الشیخ علی حیدر المویّدُ

ص: 1

اشارة

ص: 2

فضائل الإمام الحسین (علیه السّلام) فی الذکر المبین

الخطیب الشیخ علی حیدر المویّدُ

ص: 3

ص: 4

المقدّمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد للّه ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيّبين الطاهرين واللعنة على أعدائهم ومبغضيهم من الأوّلين والآخرين إلى قيام يوم الدين.

وبعد لم تعرف الدنيا في عمرها الطويل أُناساً كالأئمّة صلوات اللّه عليهم فهم حجج اللّه على الخلائق أجمعين، وهم الهداة المهديّون وصراط اللّه القويم فقد جمعوا المكارم كلّها وحازوا الفضائل بأجمعها، ومن العجب أن لا تجتمع الأُمّة بأسرها على إمامتهم مع إجماعهم على ما يروونه فيهم من آي وحديث وما يذكرونه لهم من علم وعمل وعبادة وزهادة وورع وأخلاق وكرم وشجاعة وسيرة مثلى، وقد ملئت سيرتهم العطرة وعلومهم الفذّة التي ورثوها من جدّهم المصطفى محمّد(صلی الله علیه و آله) آلاف الكتب والموسوعات التي ملئت الدنيا بأسرها.

وإطلالة على ثالث أئمّة أهل البيت(علیهم السلام) الإمام الحسين بن علي(علیهما السلام) نقتطف شيئاً من حياته الشريفة ونتعرّف على ما خصّه اللّه به من منزلة ومكانة سامية وشرف رفيع وذكر في القرآن الكريم فلا غرو في ذلك بعد ما روي عن أمير المؤمنين(علیه السلام): «نزل القرآن أرباعاً، فربع فينا وربع في عدوّنا وربع سير وأمثال وربع فرائض وأحكام ولنا كرائم القرآن»((1)).

ص: 5


1- كشف الغمّة: ج1 ص321.

ومن المعلوم أنّ الإمام الحسين(علیه السلام) قد ترك للإنسانية آثاراً ودروساً وعبراً مفخرة باقية على مرّ العصور وعبر الأجيال والدهور لم يشهد العالم له نظيراً.

إنّ يوماً واحداً من أيّام الحسين(علیه السلام) - يوم عاشوراء - كبّرت له الدنيا، وخشعت له الإنسانية، وأشغل العالم بأسره.

هذا وإنّ كلّ أيّام الإمام(علیه السلام) هي خالدة، وكلّ أدوار حياته مجيدة فهي مشعل وضّاء من عظمته تنير لنا الدرب وتستصرخ ضمير المسلمين للسير في الطريق الذي رسمه أبو الشهداء والأحرار.

الإمام الحسين(علیه السلام) في سطور

ولد الإمام الحسين(علیه السلام) في الثالث من شعبان((1)) سنة أربع للهجرة((2)).

نشأ(علیه السلام) في ظلّ جدّه المصطفى(صلی الله علیه و آله) فكان هو الذي يتولّى تربيته ورعايته. وقد لازم أباه أمير المؤمنين(علیه السلام) وحضر مدرسته الكبرى ما يناهز ربع قرن هو وأخوه الإمام الحسن(علیه السلام) اشترك في حروب أبيه الثلاث - مع أخيه الإمام الحسن(علیه السلام) - : الجمل، صفّين، النهروان.

عاش الإمام(علیه السلام) بعد أخيه الحسن(علیه السلام) عشر سنين وكان فيها الإمام المفترض الطاعة وسبط الرسول(صلی الله علیه و آله) وريحانته وثاني الثقلين اللذين خلّفهما(صلی الله علیه و آله) في الأُمّة الكتاب والعترة في قوله(صلی الله علیه و آله): «إنّي تارك فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي وأنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما»((3)).

ص: 6


1- كما هو المشهور وكما جاء في التوقيع المبارك إلى القاسم بن العلاء. راجع مصباح المتهجد: ص826.
2- الإرشاد: ج2 ص27.
3- هذا الحديث من الأحاديث المتواترة عند المسلمين فراجع بحار الأنوار: ج23 ص104 باب 7 وغيره.

وهو سيّد شباب أهل الجنّة وفي ذلك تواترت وتظافرت الروايات الواردة في حقّه(صلی الله علیه و آله) وفي حقّ أخيه الحسن سلام اللّه عليهما.

فعن الرسول(صلی الله علیه و آله) قال: «الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة»((1)).

ولم يزل الرسول الأعظم(صلی الله علیه و آله) يشيد بأهل بيته(علیهم السلام) في كلّ موطن وموقف، يصفهم تارةً بسفينة نوح التي من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق وهوى في قوله(صلی الله علیه و آله): «إنّما مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من دخلها نجا ومن تخلّف عنها هلك»((2))، وتارةً يقول(صلی الله علیه و آله) فيهم(علیهم السلام) إنّهم أمان لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء في قوله(صلی الله علیه و آله): «النجوم أمان لأهل السماء فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض»((3)).

وقد أفرد النبي(صلی الله علیه و آله) الحسين(علیه السلام) بأحاديث كثيرة مبيّنا فيها فضله ومنزلته وسجاياه منها:

1- إنّ النبي(صلی الله علیه و آله) قال: «حسين منّي وأنا من حسين، أحبّ الله من أحبّ حسيناً، حسين سبط من الأسباط»((4)).

2- وقال(صلی الله علیه و آله): «من أراد أن ينظر إلى سيّد شباب أهل الجنّة فلينظر إلى الحسين بن علي»((5)).

ص: 7


1- راجع بحار الأنوار ج43 وغيره، ومن مصادر العامة مسند أحمد بن حنبل: ج3 ص3 وغيره.
2- أمالي الشيخ الطوسي: ص512 ح1122.
3- كمال الدين وتمام النعمة: ص205 ح 19.
4- كامل الزيارات: ص116 ح11.
5- تاريخ مدينة دمشق: ج14 ص136.

3- وقال(صلی الله علیه و آله): «حسين سبط من الأسباط، من أحبّني فليحبّ حسيناً»((1)).

4- عن سلمان الفارسي: كان الحسين على فخذ رسول اللّه(صلی الله علیه و آله)

وهو يقلّبه ويقول: «أنت السيّد ابن السيّد أبو السادة، أنت الإمام ابن الإمام أبو الأئمّة، أنت الحجّة ابن الحجّة أبو الحجج تسعة من صلبك وتاسعهم قائمهم»((2)).

5- وقال(صلی الله علیه و آله): «الأئمة بعدي عدد نقباء بني إسرائيل، تسعة من صلب الحسين أعطاهم الله علمي وفهمي، فالويل لمبغضيهم»((3)).

كما أنّ الإمام الحسين(علیه السلام) تشهد له سيرته العطرة التي خلّدها التاريخ والتي تمثّل الخُلُق المحمّدي والكمال العلوي الذي ورثهما عن جدّه المصطفى محمّد(صلی الله علیه و آله) وأبيه أمير المؤمنين(علیه السلام) اللذَين هما مجمع الفضائل والمكارم حيث تحدّثنا كتب السيرة أنّه وجد على ظهره(علیه السلام) يوم الطف أثر، فسئل عنه الإمام زين العابدين(علیه السلام) فقال: «هذا ممّا كان ينقل الجراب على ظهره إلى منازل الأرامل واليتامى والمساكين»((4)).

وقال أنس كنت عند الحسين(علیه السلام) فدخلت عليه جارية فحيّته بطاقة ريحان فقال لها: أنت حرّة لوجه اللّه.

فقلت: تحيّيك بطاقة ريحان لا خطر لها فتعتقها؟!

قال: «كذا أدّبنا اللّه، قال اللّه تعالى: «وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ

ص: 8


1- تاريخ مدينة دمشق: ج14 ص149.
2- مناقب لابن شهر آشوب: ج3 ص226.
3- كفاية الأثر: ص184.
4- لاحظ مناقب لابن شهر آشوب: ج3 ص222.

رُدُّوهَا»((1)) وكان أحسن منها عتقها»((2)).

الإمام الحسين(علیه السلام) شاهداً وحاضراً

عاش الإمام الحسين(علیه السلام) خطوات الدعوة الإسلامية مع أخيه الإمام المجتبى(علیه السلام) - في المدينة المنورة - تحت ظلّ النبي(صلی الله علیه و آله) الذي كان بقربهما منذ صغرهما وكان الإمامان الحسن والحسين يلقيان الرعاية من قبل الرسول الأكرم(صلی الله علیه و آله)، ومن أمير المؤمنين(علیه السلام) بصورة جلية وواضحة حتّى أنّ الصحابة والخلفاء كانوا يقرّبونهما لما عرفوا من قربهما من رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) الذي يقول فيهما: «الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا»((3)).

وقد عاش الإمام الحسين(علیه السلام) الأحداث التي جرت بعد وفاة الرسول الأعظم(صلی الله علیه و آله) والتي بدأت في واقعة السقيفة والهجوم على بيت فاطمة(علیها السلام) واستمرّت حتّى بعد حروب أبيه أمير المؤمنين(علیه السلام) ومن ثمّ كان المؤازر والناصر لولي عصره والخليفة من بعد أبيه الإمام الحسن(علیه السلام).

وقد كان للإمام الحسين(علیه السلام) مواقف مشهودة مع معاوية فقد وقف(علیه السلام) لمعاوية بالمرصاد وحاسب ولاته أشدّ الحساب ولم يستطع معاوية بدهائه وتصنّعه في حلمه ومخاتلته في سياسته أن يجلب ودّ الحسين(علیه السلام) ويكسبه إلى جنبه أو يهدّأ ثورة غضبه عليه((4)).

وعاش(علیه السلام) حروب أبيه ضدّ التمرّد فكان قائداً في معركة الجمل ومعركة صفّين

ص: 9


1- سورة النساء، الآية: 86.
2- كشف الغمّة: ج2 ص240.
3- راجع علل الشرائع: ج1 ص211 ح2 وغيره.
4- مع الحسين(علیه السلام) في نهضته: ص21.

وشهد مؤامرة التحكيم التي خدع بها معاوية الرأي العام، وبعد ذلك شهد(علیه السلام) أيضاً معركة أخيه الإمام الحسن(علیه السلام) ونكث العهود التي رافقت هدنته مع معاوية ولمّا لم يعطهم الإمام المجتبى(علیه السلام) جواباً لمراعاته العهدَ الذي بينه وبين خصمه توجّهوا إلى الإمام الحسين(علیه السلام) الذي كان جوابه مماثلاً لجواب أخيه(علیه السلام) حيث قال لهم(علیه السلام): «قد كان صلح وكانت بيعة كنت لها كارهاً((1))

فانتظروا ما دام هذا الرجل حيّاً - (يعني معاوية) - فإن يهلك نظرنا ونظرتم»، فانصرفوا عنه((2)).

فكان عليه الصلاة والسلام في جميع ذلك شاهداً وحاضراً وراضياً بما صنع الإمام المجتبى(علیه السلام) كما كان راضياً بما فعل أمير المؤمنين(علیه السلام) وبما فعلته فاطمة الزهراء(علیها السلام) من قبل، وكان في كل هذه الأزمنة المتقدّمة في ظل النبي(صلی الله علیه و آله) أو ظل فاطمة(علیها السلام) أو ظل أمير المؤمنين(علیه السلام) أو في ظل أخيه الإمام المجتبى(علیه السلام) مطيعاً في جميع ذلك أوامر الله سبحانه وتعالى، وكان نفس حضوره ورؤيته لتلك المصائب الواقعة على أمه وأبيه وأخيه صلوات الله عليهم وبقائه بعدهم من أعظم الشدائد عليه وأصعب الأمور لديه وأجل الرزايا عنده، فقد قال(علیه السلام) في رثاء أخيه الإمام المجتبى(علیه السلام):

ص: 10


1- كما كان الإمام المجتبى(علیه السلام) كارهاً لها أيضاً، وكما كان أمير المؤمنين(علیه السلام) كارهاً لقضية الحكمية في صفين.
2- مع الحسين في نهضته: ص37. وبقوله(علیه السلام) ما دام هذا الرجل حياً، بيّن أنه موافق لأخيه الإمام المجتبى(علیه السلام)، فلم يجعل الغاية: شهادة أخيه(علیه السلام)، بل: موت عدوه، وذلك ينفي كرهه لفعل أخيه الحسن(علیه السلام)، ويدل على رضاه بما فعل أخوه الإمام المجتبى(علیه السلام)، فهو ينتظر موت الطاغية، لا موت أخيه(علیه السلام)، وقد صدّق فعلُهُ قولَه، فلم يغير الإمام الحسين(علیه السلام) شيئاً بعد شهادة أخيه الإمام الحسن المجتبى(علیه السلام)، وإنما قام بعد هلاك معاوية، ومعنى ذلك احترامه ورضاه بفعل أخيه الإمام المجتبى(علیه السلام) وسخطه على فعل معاوية.

أأدهن رأسي أم أطيب محاسني * ورأسك معفور وأنت تريبٌ((1))

وقال أيضاً:

إن لم أمت أسفاً عليك فقد * أصبحتُ مشتاقاً إلى الموت((2))

وقال(علیه السلام) أيضاً:

ذهب الذين أحبهم * وبقيتُ في من لا أحبُّه

في من أراه يسبّني * ظَهَر المغيب ولا أسبُّه((3))

وكيف كان، فقد عاش(علیه السلام) جميع الوقائع السابقة بما فيها المصائب الفادحة والحروب والإضطهاد و...، ولم يكن غائباً بعيداً عما يجري ولا جاهلاً ولا غافلاً عما يسير أمر الأمة إليه ويصير.

نظرة إلى أسباب النهضة الحسينية وأهدافها

تذكر كتب التاريخ والسير فترة هلاك معاوية واستخلاف ابنه يزيد على الأمة، أنّها أسوأ كارثة عرفها الإسلام؛ لأنّها أسّست لقيم جديدة لم يعرفها المجتمع الإسلامي من قبل فاستحداث نظام الوراثة كان من مبتدعات معاوية، كما أنّ هذا الاختيار السيّئ ليزيد هو ضربة قاصمة لكلّ القيم الإسلامية، حيث لم يعرف عن الأخير غير تربيته السيّئة البعيدة عن الإسلام، حيث عاش وترعرع في كنف أُسر مسيحية وكان يجاهر بالفسق والفجور في أكثر من مناسبة.

إنّ الحكم الأموي كان يستنزف ثروات المسلمين، ويعبث بمبادئهم ورسالتهم وهي سياسة ابتدأها معاوية ووسّع رقعتها ابنه يزيد ثمّ توارثوا هذه الحالة إلى نهاية

ص: 11


1- ديوان أهل البيت(علیهم السلام): ص362.
2- ديوان أهل البيت(علیهم السلام): ص366.
3- ديوان أهل البيت(علیهم السلام): ص364.

الحكم الأموي. وكتب التاريخ فيها الكثير من الأحداث والوقائع التي تثبت ذلك وكان الأشدّ فيهم هو يزيد بن معاوية الذي تولّى السلطة بعد أبيه حيث عاث في الأرض فساداً. فجاءت ثورة الإمام الحسين(علیه السلام) من أجل أن تنسف الشرعية المزيّفة التي تلفع بها وجه وأصابع الحكم الأموي ولتضع الميزان الصادق لأيّ حكم إنساني شرعي يمكن أن يقوم في الأرض، من أجل أن لا تغدوا القيادة الإسلامية وسيلة لإشباع رغائب خسيسة عفنة، ومن أجل أن تهدم تلك الصور الدموية الإرهابية التي انطبعت عن الحكم الإسلامي ضدّ المسلمين في أذهان غير المسلمين الذين بدأ الإسلامي يعني لهم: الدم... والإرهاب... والقتل... والسبي...

والتشريد... ممّا جعلهم يهربون من الإسلام أميالاً... وأميالاً.

جاءت ثورة الإمام الحسين(علیه السلام) من أجل أن تبرز في أذهان أُولئك وجه الإسلام القيادي الناصع.

وبكلمة أُخرى: إنّ ثورة الإمام الحسين(علیه السلام) التهبت لتفجّر ثورة عارمة في أعماق كلّ مسلم! وفي أعماق العالم الإسلامي قيادات فكرية جديدة ورصينة، كل ذلك مع علمه بما سيصيبه في هذا الطريق ويصيب أهله وأصحابه.

ففي الخبر عن أُمّ سلمة أنّها قالت للحسين(علیه السلام) لمّا عزم على الخروج من المدينة: يا بنيّ، لا تحزنّي بخروجك إلى العراق فإنّي سمعتُ جدّك يقول: «يقتل ولدي الحسين بأرض العراق في أرضٍ يقال لها كربلاء»، فقال لها: «يا أمّاه، وأنا واللّه أعلم ذلك، وإنّي مقتولٌ لا محالة، وليس لي من هذا بدٌّ، وإنّي واللّه لأعرف اليوم الّذي أقتل فيه وأعرف من يقتلني وأعرف البقعة الّتي أدفن فيها، وإنّي أعرف من يقتل من أهل بيتي وقرابتي وشيعتي وإن أردتِ يا أمّاه أريكِ حفرتي ومضجعي»، ثمّ أشار(علیه السلام) إلى جهة كربلاء، فانخفضت الأرض حتّى

ص: 12

أراها مضجعه ومدفنه وموضع عسكره وموقفه ومشهده، فعند ذلك بكت أمّ سلمة بكاءً شديداً، وسلّمت أمره إلى اللّه، فقال لها: «يا أمّاه، قد شاء اللّه عزّ وجلّ أن يراني مقتولاً مذبوحاً ظلماً وعدواناً، وقد شاء أن يرى حرمي ورهطي ونسائي مشرّدين وأطفالي مذبوحين مظلومين مأسورين مقيّدين وهم يستغيثون فلا يجدون ناصراً ولا معيناً»((1)).

إذن فالهدف الأوّل للإمام هو التغيير وإعادة الحكم الإسلامي إلى سيرة الرسول الأكرم(صلی الله علیه و آله) والإمام علي(علیه السلام). ولعلّ سائلاً يسأل: كيف يسعى لهذا الهدف وهو(علیه السلام) يعرف نتائج المعركة سلفاً كما أخبره بها جدّه رسول اللّه(صلی الله علیه و آله)؟ ومن هذا الجواب نفسه تظهر لنا الأسباب الحقيقية للثورة فقيام الإمام الحسين(علیه السلام) في هذا الوقت إنّما هو لأجل التغيير سواء انتصر عسكرياً أم لم ينتصر، فإنّ الثورة قد أعطت علامة للأُمّة بأنّ الوضع الشاذّ الذي عاشته الأُمّة ردحاً من الزمن كانت أمراً استثنائياً حيث لم تتح الظروف التي كانت في زمن الإمام علي(علیه السلام) والإمام الحسن(علیه السلام) بالقيام حينها لمصلحة الأُمّة الحديثة العهد بالإسلام وللأدوار التي رسمها لهما رسول اللّه(صلی الله علیه و آله).

وعندما وصل وضع التردّي في الأُمّة إلى حالة لا يمكن السكوت عنها فإنّ الثورة أصبحت حتمية وإذا لم يقف الإمام(علیه السلام) بوجهها هذه المرّة فإنّ الإسلام سيضيع وتمحى معالمه ولا تبقى أيّ قدسية لخلافة الرسول(صلی الله علیه و آله)؛ لذا فصلت ثورة الإمام الحسين(علیه السلام) بين نماذج الحكم الجديدة وبين الخلافة الحقّة المتمثّلة بأئمّة أهل البيت(علیهم السلام)، فالثورة الحسينية كانت إحدى ضرورات هذه المرحلة، ولو لم يقم الإمام الحسين(علیه السلام) بذلك لكان الدور للإمام زين العابدين(علیه السلام) ومن جاء من بعده

ص: 13


1- بحار الأنوار: ج44 ص331.

من الأئمّة المعصومين(علیهم السلام).

لقد قام الإمام الحسين(علیه السلام) ضدّ الطاغية يزيد بن معاوية لعنهما الله من منطلق إلهي، ممتثلاً أمر رسول الله(صلی الله علیه و آله) نجد ذلك في خطبته في أصحابه وأصحاب الحر، حيث قال: «أيّها الناس إنّ رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) قال: «من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحرم اللّه، ناكثاً لعهد اللّه، مخالفاً لسنّة رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) يعمل في عباد اللّه بالإثم والعدوان، فلم يغيّر عليه بفعل ولا قول كان حقّاً على اللّه أن يدخله مدخله».

ألا وإنّ هؤلاء - أي: بنو أُميّة - قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن وأظهروا الفساد، وعطّلوا الحدود واستأثروا بالفيء وأحلّوا حرام اللّه وحرّموا حلاله وأنا أحقّ مَن غَيَّرَ...»((1)).

لقد كانت نهضة الإمام الحسين(علیه السلام) المباركة هي المنار الذي رسم الدرب لطريق الحرّية والسلام والعدل والمساواة، حيث إنّها حطّمت الإطار الديني المزيّف الذي كان الأمويّون متحصّنين به لحفظ مصالحهم الدنيوية ومراكزهم الحكومية لتنفيذ خططهم الإجرامية.

إنّ ثورة الإمام الحسين(علیه السلام) كشفت الواقع الجاهلي الإلحادي للعالم الإسلامي فبعثت بذلك الروح النضالية في المسلمين، وقضت على تسليمهم للذلّ وخضوعهم للظلم، وخلقت من الشعب المسلم قوّة ثورية مستعدّة للانفجار في كلّ زمان ومكان في وجه الحكّام الظالمين.

كما ولا يخفى أنّ الدروس المستفادة كذلك من ثورة أبي الأحرار(علیه السلام) ووقفته البطولية يوم الطف أكثر من أنّ تحصى فقد أعطت من دروس الأخلاق والإباء

ص: 14


1- تاريخ الطبري: ج4 ص304؛ مقتل أبي مخنف: ص85.

والتضحية ما يعجز الوصف عن إحصاء مفرداتها ولا زالت تنير الدرب أمام عطاشى الهداية والحق وطلّاب النور والسعادة.

النور الذي لا يطفى

ممّا لا شكّ فيه أنّ الإمام الحسين(علیه السلام) هو من أبرز من خلّدتهم الإنسانية في جميع مراحل تاريخها، ومن أروع من ظهر على صفحات التاريخ من العظماء والمصلحين الذين ساهموا في بناء الفكر الإنساني وتكوين الحضارة الاجتماعية، وبلورة القضايا المصيرية لجميع شعوب الأرض.

إنّ حياة الإمام الحسين(علیه السلام) قد شقّت أجواء التاريخ وهي تحمل النور والهدى لجميع الناس... وقد تفاعلت حياته الشريفة(علیه السلام) مع أرواح الناس وامتزجت بعواطفهم ومشاعرهم، وهي ندية عَطِرَة تتدفّق بالعزّة والكرامة وتدفع المجتمع إلى ساحات النضال لتحقيق أهدافه وتقرير مصيره.

إنّها مدرسة الأجيال الكبرى التي تفيض بالخير والعطاء على الناس جميعاً متّفقين ومختلفين، فهي تغنيهم بالوفاء والصبر، وتدفعهم إلى الإيمان باللّه، وتعمل على توجيههم الوجهة الصالحة المتّسمة بالكرامة وحسن السلوك كما تعمل على

تهذيب الضمائر، وتكوين العواطف، وتنمية الوعي، فهي أجدر بالبقاء من كلّ كائن حي، بل أحقّ بالخلود من هذا الكوكب الذي يعيش فيه الإنسان؛ لأنّها إطار لأسمى معاني الكرامة الإنسانية.

إنّ حياة ريحانة الرسول(صلی الله علیه و آله) ومثله ستبقى حيّة خالدة إلى الأبد؛ لأنّها استهدفت القضايا المصيرية لجميع الشعوب، فإنّ الإمام(علیه السلام) لم ينشد في ثورته الخالدة أيّ مطمع سياسي أو نفع مادّي، وإنّما استهدف المصلحة الاجتماعية وعنى بأمر الناس جميعاً ليوفّر لهم العدل السياسي والعدل الاجتماعي. وقد

ص: 15

أعلن سلام اللّه عليه أهدافه المشرقة بقوله: «إنّي لم أخرج أشراً، ولا بطراً، ولا ظالماً، ولا مفسداً، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدّي، أُريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر...»((1)).

من أجل هذه المبادئ العليا خُلّدت قصّة الحسين(علیه السلام) واستوعبت جميع لغات الأرض، وأخذ الناس يقيمون لها الذكرى مقتبسين منها الإيمان بالله جلّ وعلا ومقتبسين منها العبر والعظات التي تنفعهم في جميع ميادين حياتهم...؛ إذ إنّه بهذه الثورة المباركة حفظ الدين الإسلامي وحفظ المبادئ والقيم الإسلامية الناصعة. ومن هنا جاء الكلمة الشهيرة (إنّ دين الإسلام كما أنّه محمّدي الحدوث فهو حسيني البقاء)((2)). وهذه حقيقة راهنة مدعمة بالبراهين الكثيرة.

وليس في تاريخ الإسلام من هو أكثر عائدة ولطفاً وفضلاً على الإسلام من الإمام الحسين(علیه السلام) فهو المنقذ والمجدّد لهذا الدين العظيم.

الإمام الحسين(علیه السلام) والقرآن

اتّفق المؤرّخون أنّ الإمام الحسين(علیه السلام) لحمه ودمه من رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) ففي المروي: عن صفيّة بنت عبد المطّلب: لمّا سقط الحسين(علیه السلام) من بطن أمّه(علیها السلام) وكنت وليتها، قال النّبيّ(صلی الله علیه و آله): «يا عمّة، هلمي إليّ ابني»، فقلت: يا رسول اللّه، إنّا لم ننظّفه، فقال: النبي(صلی الله علیه و آله): «أنت تنظّفينه؟! إنّ اللّه تعالى قد نظّفه وطهّره»، قالت: فدفعته إلى النبي(صلی الله علیه و آله) فوضع النبي لسانه في فيه، وأقبل الحسين على لسان رسول اللّه يمصّه، قالت: فما كنت أحسب رسول الله يغذوه إلاّ لبنا أو عسلاً((3)).

ص: 16


1- بحار الأنوار: ج44 ص329.
2- الغدير: ج3 ص246.
3- روضة الواعظين: ص155؛ أمالي الصدوق: ص198 ح5، وص199 ح6.

كما أنّ الرسول(صلی الله علیه و آله) قام بتربية سبطه وريحانته فأفاض عليه بمكرماته ومثله وغذّاه بقيمه ومكوّناته ليكون صورة عنه ويقول الرواة إنّه كان كثير الاهتمام والاعتناء بشأنه فكان يصحبه معه في أكثر أوقاته فيشمّه عرفه وطيبه، ويرسم له محاسن أفعاله، ومكارم أخلاقه.

وكذلك والده أمير المؤمنين(علیه السلام) وأُمّه الزهراء سلام الله عليها فقد أشرفا على تربيته كما في أخيه الحسن(علیه السلام) فقاموا بتغذيته بالحكمة والعفّة والنزاهة وغرسا في نفسه المعنويات المتدفّقة التي جعلته يتطلّع إلى الفضائل والمكارم والمُثُل العليا التي جسّدها عبر حياته العملية والتي أصبحت المثل الأعلى لكلّ إنسان حرّ شريف. فما أظلّت قبّة السماء أُسرة أسمى ولا أزكى من أُسرة آل الرسول(صلی الله علیه و آله)... .

لقد تجسّدت في شخصية أبي الأحرار(علیه السلام) جميع القيم الإنسانية والمُثُل العليا والتقت به عناصر النبوّة والإمامة فكان - بحق وصدق - فذّا من أفذاذ التكامل الإنساني ومثلاً رائعاً من أمثلة الرسالة الإسلامية فهو بحقّ الأُطروحة الخالدة للإسلام بجميع طاقاته ومقوّماته.

لقد عنى الإسلام كتاباً وسنّة بشأن الإمام الحسين(علیه السلام) وأولاه المزيد من العناية والاهتمام؛ لأنّه من مراكز القيادة العليا في الإسلام التي تطلّ على هذا الكون فتشرق على معالمه، وتصلح من شأن الإنسان وتدفعه إلى السلوك النيّر والمنهج

السليم.

أمّا كتاب الله العظيم فقد أعلن فضل الإمام الحسين(علیه السلام) في إطار أهل البيت(علیهم السلام) وله في كتاب الله غنىً عن مدح المادحين ووصف الواصفين، وهذه بعض الآيات الناطقة في فضلهم(علیهم السلام):

1- آية التطهير: في قوله تعالى: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ

ص: 17

وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»((1)).

2- آية المودّة: في قوله تعالى: «قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنا إِنَّ اللّه غَفُورٌ شَكُورٌ»((2)).

3- آية المباهلة: في قوله تعالى «فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللّه عَلَى الْكَاذِبِينَ»((3)).

4- آية الأبرار: في قوله تعالى «إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورا ٭ عَيْنا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللّه يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرا ٭ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْما كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرا»((4)).

فقد اتّفق المفسّرون ورواة الأحاديث أنّ هذه الآيات الشريفة قد نزلت بحقّ أهل بيت النبي(صلی الله علیه و آله) والمراد بهم: علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم آلاف التحيّة والثناء. ومن أراد التفصيل فعليه مراجعة كتب التفسير وما ذكره العلماء الأعلام في كتبهم حول تفسير هذه الآيات وردّ شبهات المبطلين الذين يحاولون طمس معالم أهل البيت(علیهم السلام) من الأعداء والناكثين.

إضافة إلى ذلك فإنّ الإمام(علیه السلام) كان في طليعة العارفين باللّه وكان(علیه السلام) عظيم الخوف منه شديد الحذر من مخالفته حتّى قال له بعض أصحابه: ما أعظم خوفك من ربّك؟!!. فقال(علیه السلام): «لا يأمن يوم القيامة إلاّ من خاف اللّه في الدنيا...»((5)).

ص: 18


1- سورة الأحزاب، الآية: 22.
2- سورة الشورى، الآية: 23.
3- سورة آل عمران، الآية: 61.
4- سورة الإنسان، الآية: 5،6،7.
5- مناقب لابن شهر آشوب: ج3 ص224.

وكان(علیه السلام) أكثر أوقاته مشغولاً بالصلاة والصوم وتلاوة القرآن الكريم حيث كان(علیه السلام) يصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة، كما عن الإمام زين العابدين(علیه السلام)((1)).

وعن الشيخ المفيد: ... فقام الليل (ليلة عاشوراء) كلّه يصلّي ويستغفر ويدعو ويتضرّع وقام أصحابه كذلك يصلّون ويدعون ويستغفرون((2)).

وروى الطبري باسناده عن الضحّاك بن عبد اللّه المشرقي قال: فلمّا أمسى حسين وأصحابه، قاموا الليل كلّه يصلّون ويستغفرون، ويدعون ويتضرّعون قال: فتمرّ بنا خيل لهم تحرسنا، وإنّ حسيناً ليقرأ «وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهينٌ ٭ ما كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَميزَ الْخَبيثَ مِنَ الطَّيِّبِ»((3)-(4)).

لم يزل السبط الشهيد حليف القرآن منذ أنشأ كيانه؛ لأنّهما ثقلا رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) وخليفتاه على أُمّته وقد نصّ الرسول الأعظم(صلی الله علیه و آله) بأنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليه الحوض في قوله(صلی الله علیه و آله): «إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر كتاب اللّه، حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرّقا حتّى يردا عليَّ الحوض، فانظروا

كيف تخلفوني فيهما»((5)).

فبذلك كان الحسين(علیه السلام) غير مبارح تلاوته طيلة حياته في تهذيبه وإرشاده وتبليغه في حلّه ومرتحله حتّى في موقفه يوم الطف بين ظهراني أُولئك المتجمهرين

ص: 19


1- اللهوف: ص57.
2- الإرشاد: ج2 ص94.
3- سورة آل عمران، الآية: 178-179.
4- تاريخ الطبري: ج5 ص431.
5- كنز العمال: ج1 ص173 ح873، ومصادر كثيرة أخرى لحديث الثقلين.

عليه ليتمّ عليهم الحجّة ويوضّح لهم المحجّة. هكذا كان ابن رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) يسير إلى غايته المقدّسة سيراً حثيثاً حتّى طفق يتلو القرآن رأسه المطهّر فوق عامل السنان عسى أن يحصل في القوم من يكهربه نور الحقّ، غير أنّ داعية الهدى لم يصادف إلاّ قصوراً في الإدراك وطبعاً في القلوب وصمماً في الآذان «طَبَعَ اللّه عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ»((1)).

قال زيد بن أرقم: كنت في غرفة لي فمرّوا عليَّ بالرأس وهو يقرأ: «أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً»((2))، فوقف شَعري وقلت واللّه يا ابن رسول اللّه، رأسك أعجب وأعجب»((3)).

ولا يستغرب هذا من يفقه الأسرار الإلهية، فإنّ المولى سبحانه بعد أن أوجب على سيّد الشهداء النهضة لسدّ أبواب الضلال عوّضه من ذلك فجعل الهداية فيه وفي الأئمة من نسله، والشفاء في تربته وأعطاه من المقامات والكرامات في هذه الدنيا - قبل الآخره - ما لم يعطه أحداً من أوليائه وحججه، وإذا كان الباري قد خصّه من بين عباده بهذه الشهادة الرفيعة، فقد خصّه أيضاً بخصائص ممتازة واستثنائية في الدنيا والبرزخ والقيامة. جعلنا الله من أتباع الحسين وأنصاره ومحبّيه والباكين عليه في الدنيا، ومن زمرة من يشفع لهم الحسين في الآخرة، إنه سميع مجيب.

هذا الكتاب

1- كثرة الفضائل الإمام الحسين(علیه السلام) في القرآن الكريم تجعلنا في حيرة وتردد في

ص: 20


1- سورة النحل، الآية: 108.
2- سورة الكهف، الآية: 9.
3- الإرشاد: ج2 ص117.

اختيار الآيات؛ وذلك لأنا قد تقيّدنا بنهج نتبعه في فضائل أهل البيت(علیهم السلام) في القرآن الكريم، فنذكر الآيات بعدد حساب اسم المعصوم(علیه السلام) على حروف الأبجد، ف- : فاطمة بمقدار 135، وحسين بمقدار 128 وهكذا، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى عندنا أحاديث كثيرة تدل على عدم انحصار فضائل الأئمة(علیهم السلام) بعدد معين محدود من الآيات، بل الآيات الدالة على فضلهم كثيرة، إليك بعض هذه الأحاديث ففي تفسير العياشي، عن محمد بن مسلم، قال: قال: أبو جعفر(علیهما السلام): «يا محمد، إذا سمعتَ الله ذكر أحداً من هذه الأمة بخير، فنحن هم، وإذا سمعتَ الله ذكر قوماً بسوءٍ ممن مضى فهم عدوّنا»((1)).

وفيه أيضاً عن عمر بن حنظلة، عن أبي عبد الله(علیه السلام)، قال: سألت عن قول الله: «قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهيداً بَيْني وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ»((2))، فلما رآني أتّتبع هذا وأشباهه من الكتاب قال(علیه السلام): «حسبك كل شيءٍ في الكتاب من فاتحته إلى خاتمته مثل هذا فهو في الأئمة عنى به»((3)).

وفي الكافي الشريف بسنده عن الأصبغ بن نباتة، قال: سمعت أمير المؤمنين(علیه السلام) يقول: «نزل القرآن أثلاثاً، ثث فينا وفي عدونا، وثلث سنن وأمثال، وثلث فرائض وأحكام»((4)).

وفي حديث آخر عن أبي بصير، عن أبي جعفر(علیه السلام)، قال: «نزل القرآن أربعة أرباع، ربع فينا، وربع في عدونا، وربع سنن وأمثال، وربع فرائض وأحكام»((5)).

ص: 21


1- تفسير العياشي: ج1 ص87 ح45.
2- سورة الرعد، الآية: 43.
3- تفسير العياشي: ج1 ص90 ح50.
4- الكافي: ج2 ص627 ح2.
5- الكافي: ج2 ص628 ح4.

وفي شرح الأخبار عن عثمان بن أبان، قال أبو عبد الله جعفر بن محمد(علیهما السلام): «إذا سمعتم الله عز وجل ذكر أحداً في كتابه ممن مضى بخير فنحن مثلهم، وإذا ذكر أحداً من هذه الأمة بخير فنحن هم...»((1)).

وفي تفسير العياشي عن خيثمة، قال أبو جعفر(علیه السلام): «يا خيثمة، القرآن نزل أثلاثاً: ثلث فينا وفي أحبّائنا، وثلث في أعدائنا وعدو من كان قبلنا، وثلث سنة ومثل، ولو أنّ الآية إذا نزلت في قوم ثم مات أولئك القوم ماتت الآية لما بقي من القرآن شيء، ولكن القرآن يجري أوله على آخره، ما دامت السماوات والأرض، ولكل قوم آية يتلونها، هم منها من خير أو شرّ»((2)).

وفي تفسير فرات - وغيره - عن ابن عباس، قال: ما نزلت «يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا» إلا كان علي بن أبي طالب رأسها وأميرها وشريفهما...((3)).

فتبيّن أن فضائل أهل البيت(علیهم السلام) - والحسين(علیه السلام) من أهل البيت - لا تنحصر في عدد خاص من الآيات، وعليه فقد عمدنا في ذكر هذه الآيات ولكن في إطار خاص، من حيث العدد - وهو 128 آية - ومن حيث المضمون، فقد اخترنا في الدرجة الأولى، الآيات التي قد صرّح في الأحاديث ارتباط تلك الآيات بأبي عبد الله الحسين(علیه السلام) خاصة، وفي الدرجة الثانية، الآيات التي قد صرّح في الأحاديث الشريفة ارتباط تلك الآيات به(علیه السلام) مع سائر أهل البيت(علیهم السلام) - مع التنصيص على اسمه الشريف، وفي الدرجة الثالثة، نختار من الآيات العامة لكل الأئمة ومطلق أهل البيت(علیهم السلام) من دون التنصيص على اسم الإمام الحسين(علیه السلام)، وفي الدرجة

ص: 22


1- شرح الأخبار: ج2 ص504 ح890.
2- تفسير العياشي: ج1 ص85 ح7.
3- تفسير فرات الكوفي: ص48 ح4.

الرابعة، نذكر بعض الآيات الواردة في ذم أعداء الإمام الحسين(علیه السلام) بالخصوص، ومن المعلوم أنهم استحقوا الذم واللعن بسبب عدائهم وحربهم مع الحسين(علیه السلام)، وعليه يكون الذم الوارد في شأن هؤلاء يحسب منقبة وفضيلة للحسين(علیه السلام)، كما في: «إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ»((1)) وغيرها من الآيات.

ولا يخفى أن فضائل أهل البيت والأئمة(علیهم السلام) - عموماً - في القرآن كثيرة، فقد ألّف العلماء في هذا الموضوع كتباً كثيرة، فراجع - مثلاً - تأويل الآيات للسيد شرف الدين علي الأستر آبادي، واللوامع النورانية في أسماء علي وأهل بيته القرآنية(علیهم السلام) للسيد هاشم البحراني، ولا يخفى أن الترتيب إنما هو بحسب السور القرآنية وآياتها، لا بحسب ما رتبناه من هذه الدرجات الأربع.

2- ذكر حديث ذيل آية قرآنية لا يعني تكذيب سائر الأحاديث، ولا أنه القول الوحيد في تفسيرها وتأويلها، وهذا الأمر واضح بعد ملاحظة الفرق بين شأن النزول والتفسير والتأويل، ويظهر هذا الأمر من الأحاديث الشريفة، كما في بصائر الدرجات بسنده عن فصيل بن يسار، قال: سألت أبا جعفر(علیه السلام) عن هذه الرواية: «ما من القرآن آية إلا ولها ظهر وبطن»، فقال: «ظهره تنزيله وبطنه تأويله، منه ما قد مضى ومنه ما لم يكن، يجري كما يجري الشمس والقمر، كما جاء تأويل شيءٍ منه يكون على الأموات كما يكون على الأحياء، قال الله: «وَما يَعْلَمُ تَأْويلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ»((2)) نحن نعلمه»((3)).

وفي تفسير العياشي عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر(علیه السلام)، قال: «ظهر

ص: 23


1- سورة الكوثر، الآية: 3.
2- سورة آل عمران، الآية: 7.
3- بصائر الدرجات: ص216 ح7.

القرآن الذين نزل فيهم، وبطنه الذين عملوا بمثل أعمالهم»((1)).

وأوضح من الكل ما جاء في الكافي الشريف بسنده عن محمد بن منصور، قال: سألت عبداً صالحاً - أي: الإمام الكاظم(علیه السلام) - عن قوله الله عز وجل: «قُلْ

إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ»((2)) قال: فقال: «إنّ القرآن له ظهر وبطن، فجميع ما حرّم الله في القرآن هو الظاهر، والباطن من ذلك أئمة الجور، وجميع ما أحلّ الله تعالى في الكتاب هو الظاهر، والباطن من ذلك أئمة الحق»((3)).

وغير هذا من الأحاديث المؤولّة للآيات بأن المقصود هو الإمام المعصوم مثلاً مع أن ظاهر الآية والتفسير الوارد عن المعصوم ربما يقول شيئاً آخر، فتبين أن الآية ذات وجوه، وذات بطون، فبعض الآيات قد فسّرت بالحسين(علیه السلام) وبعضها أُوّلت به(علیه السلام) وهكذا... .

3- حرصنا على ذكر الأحاديث المنتسبة إلى المعصوم(علیه السلام) - إما مسنداً وإما مرسلاً - ، ولكن قد نذكر عن غير المعصوم كابن عباس؛ لكونه معاصراً للمعصوم(علیه السلام)... .

4- بما أن أكثر الآيات التي ذكرناها في هذا الكتاب - مشفوعة بالأحاديث - حاكية عن مناقب وفضائل مولانا أبي عبد الله الحسين(علیه السلام)، لذلك اخترنا اسم الكتاب بعنوان: «فضائل الإمام الحسين(علیه السلام) في الذكر المبين» فيكون الاسم حاكياً عن المسمى ولو من باب التغليب، كما لا يخفى.

وفي الختام نشكر الله سبحانه أن وفقنا وهيّء لنا المقدمات لإنجاز هذا العمل

ص: 24


1- تفسير العياشي: ج1 ص86 ح4.
2- سورة الأعراف، الآية: 33.
3- الكافي: ج1 ص374 ح10.

ونسأله المزيد من أمثاله، وأن يتقبل منا هذا القليل بكرمه ومنه، إنه شكور عليم، وبعباده غفور رحيم.

الشيخ علي حيدر المؤيد

الكويت 12 رجب 1428

ص: 25

ص: 26

1- تأويل الأسماء بأهل البيت(علیهم السلام)

«وَعَلَّمَ ءَادَمَ ألأَسمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُم عَلَى ألمَلَئِكَةِ فَقَالَ أَنبُِٔونِي بِأَسمَاءِ هَؤُلَاءِ إِن كُنتُم صَدِقِينَ 31 قَالُواْ سُبحَنَكَ لَا عِلمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمتَنَا إِنَّكَ أَنتَ ألعَلِيمُ ألحَكِيمُ 32 قَالَ يَ-َٔادَمُ أَنبِئهُم بِأَسمَائِهِم فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسمَائِهِم قَالَ أَلَم أَقُل لَّكُم إِنِّي أَعلَمُ غَيبَ ألسَّمَوَتِ وَألأَرضِ وَأَعلَمُ مَا تُبدُونَ وَمَا كُنتُم تَكتُمُونَ 33»

سورة البقرة

في تفسير فرات الكوفي قال: حدّثني أبو الحسن أحمد بن صالح الهمداني قال: حدّثنا الحسن بن علي يعني ابن زكريا بن صالح بن عاصم بن زفر البصري قال: حدّثنا زكريا بن يحيى التستري قال: حدّثنا أحمد بن قتيبة الهمداني، عن عبدالرحمن بن يزيد، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) قال: «إنّ اللّه تبارك وتعالى كان ولا شيء فخلق خمسة من نور جلاله واشتقّ لكلّ واحد منهم اسماً من أسمائه المنزلة، فهو الحميد وسمّى النبي محمّداً(صلی الله علیه و آله) وهو الأعلى وسمّى أمير المؤمنين

ص: 27

علياً، وله الأسماء الحسنى فاشتقّ منها حسناً وحسيناً، وهو فاطر فاشتقّ لفاطمة اسماً من أسمائه، فلمّا خلقهم جعلهم في الميثاق فإنّهم عن يمين العرش،

وخلق الملائكة من نور، فلمّا أن نظروا إليهم عظّموا أمرهم وشأنهم ولقّنوا التسبيح؛ فذلك قوله تعالى: «وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ ٭ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ»((1)).

فلمّا خلق اللّه آدم(علیه السلام) نظر إليهم عن يمين العرش فقال: يا ربّ، مَن هؤلاء؟

قال: يا آدم، هؤلاء صفوتي وخاصّتي خلقتهم من نور جلالي وشققت لهم اسماً من أسمائي.

قال: يا ربّ، فبحقّك عليهم علّمني أسماءهم.

قال: يا آدم، فهم عندك أمانة سرّ من سرّي لا يطّلع عليه غيرك إلاّ بإذني.

قال: نعم، يا ربّ.

قال: يا آدم، أعطني على ذلك عهداً، فأخذ عليه العهد، ثمّ علّمه أسماءهم...

ثمّ عرضهم على الملائكة ولم يكن علّمهم بأسمائهم، فقال: «أَنْبِئُونِي بِأسْمآءِ هَؤُلاَء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ ٭ قَالُوا سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ٭ قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأسْمِائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأسْمِائِهِمْ»((2)) علمت الملائكة أنّه مستودع وأنّه مفضّل بالعلم وأُمروا بالسجود إذ كانت سجدتهم لآدم تفضيلاً له وعبادة للّه، إذ كان ذلك بحقّ له وأبى إبليس الفاسق عن أمر ربّه فقال: «مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ»((3)).

ص: 28


1- سورة الصافات، الآية: 165-166.
2- سورة البقرة، الآية: 31-33.
3- سورة الأعراف، الآية: 12.

قال: فقد فضّلته عليك حيث أمرت بالفضل للخمسة الذين لم أجعل لك عليهم سلطاناً ولا من((1))

شيعتهم فذلك استثناء اللعين «إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ»((2))

و«إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ»((3)) وهم الشيعة»((4)).

ولنعم ما قيل:

أسمائه الحسنى تجلّت فيه * نفسي الفِدى لوجهه الوجيه

سبط النبي والد الأئمة(علیهم السلام)* تاسعهم مهدّي هذي الأمة

ص: 29


1- كذا، ولعل الصحيح: على شيعتهم.
2- سورة الحجر، الآية: 40.
3- سورة الحجر، الآية: 42.
4- تفسير فرات الكوفي: ص56 ح15؛ عنه بحار الأنوار: ج37 ص62 ح31.

2- عظمة نور الحسين(علیه السلام)

«وَإِذ قُلنَا لِلمَلَئِكَةِ أسجُدُواْ لِأدَمَ فَسَجَدُواْ إِلَّا إِبلِيسَ أَبَى وَأستَكبَرَ وَكَانَ مِنَ ألكَفِرِينَ 34»

سورة البقرة

في تفسير الإمام الحسن العسكري(علیه السلام) عن الإمام الحسين(علیه السلام): «إنّ اللّه تعالى لمّا خلق آدم وسوّاه وعلّمه أسماء كلّ شيءٍ وعرضهم على الملائكة جعل محمّداً وعليّاً وفاطمة والحسن والحسين(علیهم السلام) أشباحاً خمسةً في ظهر آدم، وكانت أنوارهم تضيء في الآفاق من السّماوات والحجب والجنان والكرسي والعرش، فأمر اللّه تعالى الملائكة بالسّجود لآدم تعظيماً له أنّه قد فضّله بأن جعله وعاءً لتلك الأشباح الّتي قد عمّ أنوارها الآفاق «فسجدوا»، لآدم «إلّا إبليس أبى» أن يتواضع لجلال عظمة اللّه، وأن يتواضع لأنوارنا أهل البيت، وقد تواضعت لها الملائكة كلّها «واستكبر» وترفّع «وكان» بإبائه ذلك وتكبّره «من الكافرين»»((1)).

ص: 30


1- تفسير الإمام الحسن العسكري(علیه السلام): ص219 ضمن ح101.

3- تأويل الشجرة بعلم أهل البيت(علیهم السلام)

«وَقُلنَا يَ-َٔادَمُ أسكُن أَنتَ وَزَوجُكَ ألجَنَّةَ وَكُلَا مِنهَا رَغَدًا حَيثُ شِئتُمَا وَلَا تَقرَبَا هَذِهِ ألشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ألظَّلِمِينَ 35 فَأَزَلَّهُمَا ألشَّيطَنُ عَنهَا فَأَخرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلنَا أهبِطُواْ بَعضُكُم لِبَعضٍ عَدُوّ وَلَكُم فِي ألأَرضِ مُستَقَرّ وَمَتَعٌ إِلَى حِين 36»

سورة البقرة

في تفسير الإمام العسكري(علیه السلام): «إنّ اللّه عزّ وجلّ لمّا لعن إبليس بإبائه، وأكرم الملائكة بسجودها لآدم، وطاعتهم للّه عزّ وجلّ أمر بآدم وحوّاء إلى الجنّة وقال: «يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا» من الجنّة «رَغَداً» واسعاً «حَيْثُ شِئْتُما» بلا تعب.

«وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ» شجرة علم محمّد وآل محمّد(صلی الله علیه و آله) الذين آثرهم اللّه عزّ وجلّ بها دون سائر خلقه.

فقال اللّه تعالى: «وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ» شجرة العلم فإنّها لمحمّد وآله خاصّة دون غيرهم، ولا يتناول منها بأمر اللّه إلاّ هم، ومنها ما كان يتناوله النبي(صلی الله علیه و آله)

ص: 31

وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم أجمعين بعد إطعامهم المسكين واليتيم والأسير حتّى لم يحسّوا بعد بجوع ولا عطش ولا تعب ولا نصب»((1)).

وفيه أيضاً ضمن حديث طويل عن الإمام زين العابدين(علیه السلام): «... وأنّ الله تعالى أعطى محمداً(صلی الله علیه و آله) من الشّرف والفضل ما لم تسم إليه نفس أحدٍ من النّبيّين إلّا نهاه اللّه تعالى عن ذلك، وزجره وأمره أن يسلّم لمحمّدٍ وعليٍّ وآلهما الطّيّبين فضلهم، وأنّ اللّه قد فضّل محمّداً بفاتحة الكتاب على جميع النّبيّين، ما أعطاها أحداً قبله إلّا ما أعطى سليمان بن داود(علیه السلام) منها «بسم اللّه الرّحمن الرّحيم» فرآها أشرف من جميع ممالكه الّتي أعطيها، فقال: يا ربّ، ما أشرفها من كلمات، إنّها لآثر عندي من جميع ممالكي الّتي وهبتها لي، قال اللّه تعالى: يا سليمان، وكيف لا يكون كذلك وما من عبدٍ ولا أمةٍ سمّاني بها إلّا أوجبت له من الثّواب ألف ضعف ما أوجب لمن تصدّق بألف ضعف ممالكك، يا سليمان، هذه سبع ما أهبه لمحمّدٍ سيّد النّبيّين، تمام فاتحة الكتاب إلى آخرها. فقال: يا ربّ، أتأذن لي أن أسألك، تمامها؟ قال اللّه تعالى: يا سليمان، اقنع بما أعطيتك، فلن تبلغ شرف محمّدٍ، وإيّاك أن تقترح عليّ درجة محمّدٍ وفضله وجلاله، فأخرجك عن ملكك كما أخرجت آدم عن تلك الجنان لمّا اقترح درجة محمّدٍ في الشّجرة الّتي أمرته أن لا

ص: 32


1- تفسير الإمام الحسن العسكري(علیه السلام): ص221 ح103؛ عنه تأويل الآيات الظاهرة: ج1 ص45؛ وبحار الأنوار: ج11 ص189 ح47. وقيل: جائت رواية عن الحادي عشر* تأويلاً أو تفسير في هذي الشجر من أنّها علم لأهل البيت * خُصّ بهم لا غيرهم من بيت

يقربها، يروم أن يكون له فضلهما، وهي شجرةٌ أصلها محمّدٌ، وأكبر أغصانها عليٌّ وسائر أغصانها آل محمّدٍ على قدر مراتبهم وقضبانها شيعته وأمّته على قدر مراتبهم وأحوالهم، إنّه ليس لأحدٍ يا سليمان من درجات الفضائل عندي ما لمحمّدٍ، فعند ذلك قال سليمان: يا ربّ، قنّعني بما رزقتني، فأقنعه...»((1)).

وفي عيون أخبار الرضا(علیه السلام) عن الهروي قال: قلت للرّضا(علیه السلام) يا ابن رسول اللّه أخبرني عن الشّجرة الّتي أكل منها آدم وحوّاء، ما كانت؟ فقد اختلف النّاس فيها فمنهم من يروي أنّها الحنطة ومنهم من يروي أنّها العنب ومنهم من يروي أنّها شجرة الحسد، فقال(علیه السلام): «كلّ ذلك حقٌّ»، قلت: فما معنى هذه الوجوه على اختلافها؟ فقال: «يا أبا الصّلت، إنّ شجرة الجنّة تحمل أنواعاً، فكانت شجرة الحنطة وفيها عنبٌ وليست كشجرة الدّنيا وإنّ آدم(علیه السلام) لمّا أكرمه اللّه تعالى ذكره بإسجاد ملائكته وبإدخاله الجنّة قال في نفسه: هل خلق اللّه بشراً أفضل منّي فعلم اللّه عزّ وجلّ ما وقع في نفسه، فناداه ارفع رأسك يا آدم وانظر إلى ساق العرش، فرفع آدم رأسه فنظر إلى ساق العرش فوجد عليه مكتوباً: لا إله إلّا اللّه، محمّدٌ رسول اللّه(صلی الله علیه و آله)، وعليّ بن أبي طالبٍ(علیه السلام) أمير المؤمنين، وزوجته فاطمة سيّدة نساء العالمين، والحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة، فقال آدم(علیه السلام): يا ربّ، من هؤلاء؟ فقال عزّ وجلّ هؤلاء من ذرّيّتك وهم خيرٌ منك ومن جميع خلقي ولولاهم ما خلقتك ولا خلقت الجنّة والنّار ولا السّماء والأرض، فإيّاك أن تنظر إليهم بعين الحسد فأخرجك عن جواري، فنظر إليهم بعين الحسد وتمنّى منزلتهم فتسلّط عليه الشّيطان حتّى أكل من الشّجرة الّتي نهي

ص: 33


1- تفسير الإمام الحسن العسكري(علیه السلام): ص593 ضمن ح353؛ عنه بحار الأنوار: ج24 ص383 ضمن ح108.

عنها وتسلّط على حوّاء لنظرها إلى فاطمة(علیها السلام) بعين الحسد حتّى أكلت من الشّجرة كما أكل آدم(علیه السلام)، فأخرجهما اللّه عزّ وجلّ عن جنّته فأهبطهما عن جواره إلى الأرض»((1)).

ص: 34


1- عيون أخبار الرضا(علیه السلام): ج2 ص274 ح67؛ معاني الأخبار: ص124 ح1؛ عنهما بحار الأنوار: ج11 ص164 ح9، وقال بعده: بيان: ... والمراد بالحسد، الغبطة التي لم تكن تنبغي له(علیه السلام)، ويؤيده قوله(علیه السلام): «وتمنى منزلتهم»، انتهى.

4- كلمات اللّه

«فَتَلَقَّى ءَادَمُ مِن رَّبِّهِۦ كَلِمَت فَتَابَ عَلَيهِ إِنَّهُۥ هُوَ ألتَّوَّابُ ألرَّحِيمُ 37»

سورة البقرة

في تفسير الإمام العسكري(علیه السلام) قال(علیه السلام): «فلمّا زلّت من آدم الخطيئة واعتذر إلى ربّه عزّ وجلّ قال: يا ربّ، تب عليَّ، واقبل معذرتي، وأعدني إلى مرتبتي، وارفع لديك درجتي، فلقد تبيّن نقص((1))

الخطيّئة وذلّها في أعضائي وسائر بدني. قال اللّه تعالى: يا آدم، أما تذكر أمري إيّاك بأن تدعوني بمحمّد وآله الطيّبين عند شدائدك ودواهيك وفي النوازل التي تبهظك؟((2)).

قال آدم: يا ربّ، بلى، قال اللّه عزّ وجلّ له: فتوسّل بمحمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين - صلوات اللّه عليهم - خصوصاً، فادعني أجبك إلى ملتمسك، وأزدك فوق مرادك. فقال آدم: يا ربّ، يا إلهي وقد بلغ عندك من محلّهم أنّك بالتوسّل إليك بهم تقبل توبتي وتغفر خطيئتي، وأنا الذي أسجدت له ملائكتك، وأبحته جنّتك، وزوّجته حوّاء أمتك، وأخدمته كرام ملائكتك! قال الله تعالى: يا

ص: 35


1- أو: بعض.
2- بهظه الأمر: فدحه وثقل عليه.

آدم إنّما أمرت الملائكة بتعظيمك وبالسجود لك إذ كنت وعاءً لهذه الأنوار، ولو كنت سألتني بهم قبل خطيّئتك أن أعصمك منها وأن أفطنك لدواعي عدوّك إبليس حتّى تحترز منها لكنت قد فعلت((1))

ذلك، ولكن المعلوم في سابق علمي يجري موافقا لعلمي، فالآن فبهم فادعني لأجبك، فعند ذلك قال آدم: اللهمّ بجاه محمّد وآله الطيّبين، بجاه محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والطيّبين من آلهم لمّا تفضّلت عليّ بقبول توبتي وغفران زلّتي، وإعادتي من كراماتك إلى مرتبتي. فقال اللّه عزّ وجلّ: قد قبلت توبتك، وأقبلت برضواني عليك، وصرفت آلائي ونعمائي إليك، وأعدتك إلى مرتبتك من كراماتي، ووفّرت نصيبك من رحماتي. فذلك قوله عزّ وجلّ: «فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ»((2)).

وفيه أيضاً: وقال علي بن الحسين(علیهما السلام): حدّثني أبي، عن أبيه، عن رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) قال: قال: يا عباد اللّه، إنّ آدم لمّا رأى النور ساطعا من صلبه - إذ كان اللّه قد نقل أشباحنا من ذروة العرش إلى ظهره - رأى النور ولم يتبيّن الأشباح فقال: يا ربّ ما هذه الأنوار؟ قال اللّه عزّ وجلّ: أنوار أشباح نقلتهم من أشرف بقاع عرشي إلى ظهرك ولذلك أمرت الملائكة بالسجود لك إذ كنت وعاءً لتلك الأشباح. فقال آدم: يا ربّ لو بيّنتها لي. فقال اللّه عزّ وجلّ: انظر يا آدم إلى ذروة العرش، فنظر آدم ووقع نور أشباحنا من ظهر آدم على ذروة العرش فانطبع فيه صور أنوار أشباحنا التي في ظهره كما ينطبع وجه الإنسان في المرآة الصافية، فرأى أشباحنا، فقال: يا رب ما هذه الأشباح؟ قال اللّه تعالى: يا آدم هذه أشباح

ص: 36


1- أو: جعلتُ.
2- تفسير الإمام العسكري(علیه السلام): ص225 ضمن ح105.

أفضل خلائقي وبريّاتي، هذا محمّد وأنا المحمود الحميد في أفعالي، شققت له اسماً من اسمي، وهذا علي وأنا العلي العظيم، شققت له اسماً من اسمي، وهذه فاطمة وأنا فاطر السماوات والأرض، فاطم أعدائي عن رحمتي يوم فصل قضائي، وفاطم أوليائي عمّا يعرهم ويسيئهم، فشققت لها اسماً من اسمي، وهذان الحسن والحسين وأنا المحسن والمجمل، شققت اسميهما من اسمي، هؤلاء خيار خليقتي وكرام بريّتي، بهم آخذ وبهم أُعطي، وبهم أُعاقب، وبهم أُثيب، فتوسّل إليّ بهم يا آدم، وإذا دهتك داهية فاجعلهم إليّ شفعاءك، فإنّي آليت على نفسي قسماً حقّاً أن لا أُخيّب بهم آملاً، ولا أردّ بهم سائلاً. فلذلك حين زلّت منه الخطيّئة دعا اللّه عزّ وجلّ بهم فتاب عليه وغفر له»((1)).

ونقل السيد ابن طاووس في: اليقين عن كتاب الخصائص العلوية عن ابن عبّاس قال: لمّا خلق اللّه تعالى آدم ونفخ فيه من روحه عطس، فألهمه اللّه: «الحمد للّه ربّ العالمين»، فقال له ربّه: يرحمك ربّك، فلمّا أسجد له الملائكة تداخله العجب فقال: يا ربّ خلقت خلقاً أحبّ إليك منّي؟ فلم يجب، ثم قال الثانية فلم يجب، ثم قال الثالثة فلم يجب، ثمّ قال اللّه عز وجلّ له: نعم، ولولاهم ما خلقتك. فقال: يا ربّ فأرنيهم. فأوحى اللّه عز وجل إلى ملائكة الحجب: أن ارفعوا الحجب؛ فلمّا رفعت إذا آدم بخمسة أشباح قدّام العرش، فقال: يا ربّ مَن هؤلاء؟ قال: يا آدم هذا محمّد نبيّي، وهذا علي أمير المؤمنين ابن عمّ نبيّي ووصيّه، وهذه فاطمة ابنة نبيّي، وهذان الحسن والحسين ابنا عليّ وولدا نبيّي. ثمّ قال: يا آدم هم ولدك، ففرح بذلك، فلمّا اقترف الخطيّئة قال: يا ربّ أسألك بمحمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين لمّا غفرت لي، فغفر الله له

ص: 37


1- تفسير الإمام العسكري(علیه السلام): ص219 ح102.

بهذا، فهذا الذي قال الله عز وجل: «فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ». فلمّا هبط الى الأرض صاغ خاتماً فنقش عليه: «محمد رسول الله، وعليّ أمير المؤمنين» ويكنى آدم بأبي محمد((1)).

قال شاعر أهل البيت(علیهم السلام) الفرطوسي:

فتلقى من ربّه كلمات* تاب فيها عليه دون تنائي

هي سبطا محمّد وعليّ * مع طه والبضعة الزهراء((2))

أقول: ويأتي في الآية 124 من سورة البقرة ما يصرّح بأنّ الكلمات هي التوسل بأصحاب الكساء(علیهم السلام)، فراجع.

ص: 38


1- اليقين: ص174.
2- ملحمة أهل البيت(علیهم السلام): ج1 ص170.

5- توسّل موسى بن عمران بأهل البيت(علیهم السلام)

«وَإِذِ أستَسقَى مُوسَى لِقَومِهِۦ فَقُلنَا أضرِب بِّعَصَاكَ ألحَجَرَ فَأنفَجَرَت مِنهُ أثنَتَا عَشرَةَ عَينا قَد عَلِمَ كُلُّ أُنَاس مَّشرَبَهُم كُلُواْ وَأشرَبُواْ مِن رِّزقِ أللَّهِ وَلَا تَعثَواْ فِي ألأَرضِ مُفسِدِينَ 60»

سورة البقرة

في تفسير الإمام العسكري(علیه السلام): «واذكروا يا بني إسرائيل «إِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ» طلب لهم السقيا، لمّا لحقهم العطش في التيه وضجّوا بالبكاء إلى موسى(علیه السلام)، وقالوا: أهلكنا العطش.

فقال موسى(علیه السلام): اللهم بحقّ محمّد سيّد الأنبياء، وبحقّ علي سيّد الأوصياء، وبحقّ فاطمة سيّدة النساء، وبحقّ الحسن سيّد الأولياء، وبحقّ الحسين سيّد الشهداء، وبحقّ عترتهم وخلفائهم سادة الأزكياء لمّا سقيت عبادك هؤلاء.

فأوحى اللّه تعالى إليه: ياموسى «اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ» فضربه بها «فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ» كلّ قبيلة من بني أب من أولاد يعقوب «مَشْرَبَهُمْ» فلا يزاحم الآخرين في مشربهم.

ص: 39

قال اللّه عز وجل «كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللّه» الذي آتاكموه «وَلاَ تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ» ولا تسعوا فيها وأنتم مفسدون عاصون»((1)).

ولنعم ما قيل:

قد جاء منقولاً عن الإمام* عليه آلافٌ من السلام

أنّ كليم اللّه بغير مَين * لقومه استشفى بالحسين

ص: 40


1- تفسير الإمام العسكري(علیه السلام): ص261 ح129.

6- لعن اللّه قتلة الحسين(علیه السلام)

«وَإِذ أَخَذنَا مِيثَقَكُم لَا تَسفِكُونَ دِمَاءَكُم وَلَا تُخرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَرِكُم ثُمَّ أَقرَرتُم وَأَنتُم تَشهَدُونَ 84»

سورة البقرة

في تفسير الإمام الحسن العسكري(علیه السلام): «قال رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) لمّا نزلت هذه الآية - أي: «وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ» - في اليهود، هؤلاء اليهود الذين نقضوا عهد اللّه وكذّبوا رسل اللّه وقتلوا أولياء اللّه - : أفلا أُنبّئكم بمن يضاهيهم من يهود هذه الأُمّة؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه! قال: قوم من أُمّتي ينتحلون بأنّهم من أهل ملّتي يقتلون أفاضل ذرّيتي وأطائب أُرومتي ويبدّلون شريعتي وسنّتي ويقتلون ولدي الحسن والحسين كما قتل أسلاف هؤلاء اليهود زكريا ويحيى، ألا وإنّ اللّه يلعنهم كما لعنهم، ويبعث على بقايا ذراريهم قبل يوم القيامة هادياً مهدياً من ولد الحسين المظلوم يحرفهم((1)) بسيوف أوليائه إلى نار جهنّم، ألا ولعن اللّه قتلة الحسين ومحبّيهم وناصريهم والساكتين عن لعنهم من غير تقيّة تسكتهم، ألا وصلّى اللّه على الباكين على الحسين بن علي(علیهما السلام) رحمة

ص: 41


1- أي: يميلهم ويجعلهم على حرف أي: على جانب.

وشفقة واللاعنين لأعدائهم والممتلئين عليهم غيظاً وحنقاً، ألا وإنّ الراضين بقتل الحسين(علیه السلام) شركاء قتلته، ألا وإنّ قتلته وأعوانهم وأشياعهم والمقتدين بهم براء من دين اللّه، ألا إنّ اللّه ليأمر الملائكة المقرّبين أن يتلقّوا دموعهم المصبوبة

لقتل الحسين(علیه السلام) إلى الخزّان في الجنان، فيمزجونها بماء الحيوان، فيزيد في عذوبتها وطيبها ألف ضعفها، وإنّ الملائكة ليتلقّون دموع الفرحين الضاحكين لقتل الحسين(علیه السلام) ويلقونها في الهاوية ويمزجونها بحميمها وصديدها وغسّاقها وغسلينها، فتزيد في شدّة حرارتها وعظيم عذابها ألف ضعفها يشدّد بها على المنقولين إليها من أعداء آل محمّد عذابهم»((1)).

ولنعم ما قيل:

وقاتل السبطين((2)) والأفاضل * يهودُ هدي الأمة الأراذل

ص: 42


1- تفسير الإمام الحسن العسكري(علیه السلام): ص368 ح258؛ بحار الأنوار: ج44 ص304 ح17.
2- يهود الأمة: الذين يقتلون أفاضل ذرية الرسول(صلی الله علیه و آله)، وهم الذين يقتلون الحسن والحسين(علیهما السلام)، كما قتل أسلاف اليهود يحيى وذكريا(علیهما السلام).

7- الكلمات: هي الخمسة الطيبة

7-الكلمات: هي الخمسة الطيبة((1))

«وَإِذِ أبتَلَى إِبرَهِۧمَ رَبُّهُۥ بِكَلِمَت فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاما قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهدِي ألظَّلِمِينَ 124»

سورة البقرة

في كمال الدين مسنداً إلى المفضّل بن عمر، عن الإمام الصادق(علیه السلام) قال: سألته عن قول اللّه عزّ وجلّ: «وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ» ما هذه الكلمات؟ قال: «هي الكلمات التي تلقّاها آدم(علیه السلام) من ربّه فتاب الله عليه، وهو أنّه قال: أسألك بحقّ محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلاّ تبت عليّ، «فَتابَ» اللّه «عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحيمُ»»((2)).

فقلت له: يا بن رسول اللّه فما يعني عز وجل بقوله: «فَأَتَمَّهُنَّ»؟ قال: «يعني فأتمهنّ إلى القائم اثنى عشر إماماً، تسعة من ولد الحسين(علیهم السلام)».

قال المفضّل: فقلت: يا بن رسول الله، فأخبرني عن قول اللّه عزّ وجلّ

ص: 43


1- الكلمات: هي الكلمات التي تلقاها آدم(علیه السلام) فأتمّهن إبراهيم(علیه السلام) إلى القائم المهدي اثنى عشر إماماً تسعة عن ولد الحسين صلوات الله عليهم أجمعين.
2- سورة البقرة، الآية: 37.

«وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ»((1)) قال: يعني بذلك الإمامة جعلها اللّه تعالى في عقب الحسين(علیه السلام) إلى يوم القيامة».

قال: فقلت له: يا بن رسول اللّه، فكيف صارت الإمامة في ولد الحسين دون ولد الحسن(علیهما السلام)، وهما جميعاً ولدا رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) وسبطاه وسيّدا شباب أهل الجنّة؟ فقال(علیه السلام): «إنّ موسى وهارون كانا نبيّين مرسلين وأخوين، فجعل اللّه عز وجل النبوّة في صلب هارون دون صلب موسى(علیهما السلام)، ولم يكن لأحد أن يقول: لِمَ فعل اللّه ذلك؟ وإنّ الإمامة خلافة اللّه عزّ وجلّ في أرضه وليس لأحد أن يقول: لِمَ جعلها((2))

اللّه في صلب الحسين دون صلب الحسن(علیهما السلام)؟ لأنّ اللّه تبارك وتعالى هو الحكيم في أفعاله «لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ»((3))»((4)).

وروى الحافظ القندوزي الحنفي في كتابه ينابع المودّة، عن المفضّل قال: سألت جعفراً الصادق(علیه السلام) عن قوله عزّ وجلّ: «وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ» الآية قال: «هي الكلمات التي تلقّاها آدم من ربّه فتاب عليه، وهو أنّه قال: يا ربّ أسألك بحقّ محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلاّ تبت عليّ. فتاب عليه إنّه هو التوّاب الرحيم».

فقلت له: يا ابن رسول اللّه فما يعني بقوله «فَأَتَمَّهُنَّ»؟

ص: 44


1- سورة الزخرف، الآية: 28.
2- هكذا في البحار ولكن في المصدر: جعله.
3- سورة الأنبياء، الآية: 23.
4- كمال الدين: ص358 ح57؛ الخصال: ص304 ح84؛ وعنه بحار الأنوار: ج12 ص66 ح12.

قال: «يعني أتمهنّ إلى القائم المهدي اثني عشر إماماً، تسعة من ولد الحسين(علیهم السلام)»((1)).

ص: 45


1- ينابيع المودّة: ج1 ص290 ح6.

8- الإيمان بما آمن به أهل البيت(علیهم السلام)

«قُولُواْ ءَامَنَّا بِأللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَينَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبرَهِۧمَ وَإِسمَعِيلَ وَإِسحَقَ وَيَعقُوبَ وَألأَسبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ ألنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِم لَا نُفَرِّقُ بَينَ أَحَد مِّنهُم وَنَحنُ لَهُۥ مُسلِمُونَ 136 فَإِن ءَامَنُواْ بِمِثلِ مَا ءَامَنتُم بِهِۦ فَقَدِ أهتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّواْ فَإِنَّمَا هُم فِي شِقَاق فَسَيَكفِيكَهُمُ أللَّهُ وَهُوَ ألسَّمِيعُ ألعَلِيمُ 137 صِبغَةَ أللَّهِ وَمَن أَحسَنُ مِنَ أللَّهِ صِبغَة وَنَحنُ لَهُۥ عَبِدُونَ 138»

سورة البقرة

في الكافي الشريف عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن محمّد بن النعمان، عن سلام عن أبي جعفر(علیه السلام) في قوله تعالى: «قُولُوا آمَنَّا بِاللّه وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا» قال: «إنّما عنى بذلك علياً وفاطمة والحسن والحسين(علیهم السلام) وجرت بعدهم في الأئمّة(علیهم السلام).

ص: 46

ثمّ يرجع القول من اللّه في الناس فقال: «فَإِنْ آمَنُوا» يعني الناس «بِمِثْلِ مَا آمَنتُمْ بِهِ» يعني علياً وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة(علیهم السلام) «فَقَدِ اهْتَدَوا وَإِنْ تَوَلَّوْا

فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ»»((1)).

ثم قال في تأويل الآيات: ومعناه أنّ اللّه سبحانه أمر الأئمّة صلوات الله عليهم أن يقولوا: «آمَنَّا بِاللّه» وما بعدها؛ لأنّهم المؤمنون بما أمروا به حقّا وصدقا.

ثمّ قال مخاطبا لهم يعني الناس «فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا» بكم وبما آمنتم «وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ» ومنازعة ومحاربة لك يا محمّد «فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّه وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ».

ثمّ قال سبحانه وتعالى: «صِبْغَةَ اللّه وَمَنْ أَحْسَنُ مِنِ اللّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ».

تأويله: إنّ الذي آمن به الأئمّة(علیهم السلام) والمؤمنون، هو صبغة اللّه، وهي العلامة التي يعرف بها المؤمنون من غيرهم وهي الإيمان أي ما ثَمَّ شيء أحسن منها مبتدءا ومنتهى «وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ» أي: طائعون متّبعون لأوامره ونواهيه.

ومعناه أي: قولوا: إنّ الذي آمنا به هو صبغة اللّه ونحن بعد ذلك له عابدون((2)).

ص: 47


1- الكافي: ج1 ص415 ح19.
2- تأويل الآيات الظاهرة: ج1 ص80 ح61.

9- الشهداء على الناس

«وَكَذَلِكَ جَعَلنَكُم أُمَّة وَسَطا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاءَ عَلَى ألنَّاسِ وَيَكُونَ ألرَّسُولُ عَلَيكُم شَهِيدا وَمَا جَعَلنَا ألقِبلَةَ ألَّتِي كُنتَ عَلَيهَا إِلَّا لِنَعلَمَ مَن يَتَّبِعُ ألرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيهِ وَإِن كَانَت لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى ألَّذِينَ هَدَى أللَّهُ وَمَا كَانَ أللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَنَكُم إِنَّ أللَّهَ بِألنَّاسِ لَرَءُوف رَّحِيم 143»

سورة البقرة

في تفسير فرات: الحسين بن العبّاس وجعفر بن محمّد بن سعيد، عن الحسن بن الحسين، عن عمرو بن أبي المقدام، عن ميمون البان مولى بني هاشم، عن أبي جعفر(علیه السلام) في قول اللّه تعالى: «وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدا» قال: أبو جعفر(علیه السلام): «منّا شهيد على كلّ زمان، علي بن أبي طالب في زمانه والحسن في زمانه والحسين في زمانه، وكلّ من يدعو منّا إلى أمر اللّه تعالى»((1)).

ص: 48


1- تفسير فرات الكوفي: ص62 ح27.

وفي الكافي الشريف عن الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن علي الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن عمر بن أذينة، عن بريد العجلي قال: سألت أبا عبد اللّه(علیه السلام)، عن قول اللّه عزّ وجلّ: «وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ» قال: «نحن الأمّة الوسطى، ونحن شهداء اللّه على خلقه وحججه في أرضه...»((1)).

ص: 49


1- الكافي: ج1 ص190 ح2، وص191 ح4.

10- تسلّط الإمام(علیه السلام) والاعتداء على الظالمين

10-تسلّط الإمام(علیه السلام) والاعتداء ((1)) على الظالمين «وَقَتِلُوهُم حَتَّى لَا تَكُونَ فِتنَة وَيَكُونَ ألدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ أنتَهَواْ فَلَا عُدونَ إِلَّا عَلَى ألظَّلِمِينَ 193»

سورة البقرة

في تفسير العياشي: عن الحسن بيّاع الهروي يرفعه عن أحدهما(علیهما السلام) في قوله: «لاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ» قال: «إلاّ على ذرّية قتلة الحسين(علیه السلام)»((2)).

وعن الهروي قال: قلت لأبي الحسن الرضا(علیه السلام): يا بن رسول اللّه ما تقول في حديث روي عن الصادق(علیه السلام) إنّه قال: «إذا خرج القائم قتل ذراري قتلة الحسين(علیه السلام) بفعال آبائها؟» فقال(علیه السلام): «هو كذلك». فقلت: وقول اللّه عزّ وجلّ: «وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى»((3)): ما معناه؟ قال: «صدق اللّه في جميع

ص: 50


1- الاعتداء: الانتقام، والله سبحانه وتعالى يسلّط الإمام(علیه السلام) يوم خروجه على الظالمين سيّما الذين ظلموا ذرية الرسول وعترته، كما قال دعبل: خروج إمام لا محالة خارج * يقوم على اسم اللّه والبركات يميّز فينا كل حق وباطل* ويُجزي على النعماء والنقمات
2- تفسير العياشي: ج1 ص193 ح219؛ وقريب منه في كامل الزيارات: ص136 ح6.
3- سورة الأنعام، الآية: 164.

أقواله ولكن ذراري قتلة الحسين يرضون بفعال آبائهم، ويفتخرون بها ومن رضي شيئاً كان كمن أتاه، ولو أنّ رجلاً قتل بالمشرق فرضي بقتله رجل بالمغرب لكان الراضي عند اللّه عزّ وجلّ شريك القاتل، وإنّما يقتلهم القائم(علیه السلام) إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم».

قال: قلت له: بأيّ شيء يبدأ القائم منكم إذا قام؟ قال: «يبدأ ببني شيبة فيقطع أيديهم؛ لأنّهم سرّاق بيت اللّه عزّ وجلّ»((1)).

ص: 51


1- علل الشرائع: ص229 ح1 من الباب 164.

11- الحسين(علیه السلام) الإنسان الكامل

11- الحسين(علیه السلام) الإنسان الكامل ((1))

«ثُمَّ أَفِيضُواْ مِن حَيثُ أَفَاضَ ألنَّاسُ وَأستَغفِرُواْ أللَّهَ إِنَّ أللَّهَ غَفُور رَّحِيم 199»

سورة البقرة

في الكافي الشريف بسنده إلى سعيد بن المسيّب قال: سمعت علي بن الحسين(علیهما السلام) يقول: «إنّ رجلاً جاء إلى أمير المؤمنين(علیه السلام) فقال: أخبرني - إن كنت عالماً - عن الناس وعن أشباه الناس وعن النسناس؟ فقال أمير المؤمنين(علیه السلام): يا حسين! أجب الرجل، فقال الحسين(علیه السلام): أمّا قولك: أخبرني عن الناس، فنحن الناس؛ ولذلك قال اللّه تبارك وتعالى ذكره في كتابه: «ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ» فرسول اللّه(صلی الله علیه و آله) الذي أفاض بالناس، وأمّا قولك: أشباه الناس، فهم شيعتنا وهم موالينا وهم منّا؛ ولذلك قال إبراهيم(علیه السلام): «فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي»((2)) وأمّا قولك: النسناس، فهم السواد الأعظم وأشار

بيده إلى جماعة الناس. ثمّ

ص: 52


1- الناس في قوله(علیه السلام) «ونحن الناس» الإنسان الكامل وهو المعصوم مثل الحسين نفسه(علیه السلام): الناس في كلامه حسين * أخلاقه كرائم وزين والشيعة شابه ولاحق * أعدائهم نسناس والمنافق
2- سورة إبراهيم، الآية: 36.

قال: «إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً»((1)-(2)).

ص: 53


1- سورة الفرقان، الآية: 44.
2- الكافي: ج8 ص244 ح339؛ تفسير فرات الكوفي: ص64 ح30؛ تأويل الآيات الظاهرة: ج1 ص87 ح74 عن الكافي؛ بحار الأنوار: ج24 ص94 ح1 عن تفسير فرات، وص95 ح2 عن الكافي.

12- تأويل الصلوات والصلاة الوسطى بأهل البيت(علیهم السلام)

«حَفِظُواْ عَلَى ألصَّلَوَتِ وَألصَّلَوةِ ألوُسطَى وَقُومُواْ لِلَّهِ قَنِتِينَ 238»

سورة البقرة

في تفسير العياشي: عن عبدالرحمن بن كثير، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) في قوله تعالى: «حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا للّه قَانِتِينَ».

قال: «الصَّلَوَاتِ» رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين(علیهم السلام)، و«الْوُسْطَى»: أمير المؤمنين(علیه السلام) «وَقُومُوا للّه قَانِتِينَ»: طائعين للأئمّة(علیهم السلام)((1)).

ص: 54


1- تفسير العياشي: ج1 ص246 ح423؛ وعنه تفسير الثقلين: ج1 ص237 ح941؛ بحار الأنوار: ج24 ص302 ح12.

13- تأويل العروة الوثقى بأهل البيت(علیهم السلام)

«لَا إِكرَاهَ فِي ألدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ ألرُّشدُ مِنَ ألغَيِّ فَمَن يَكفُر بِألطَّغُوتِ وَيُؤمِن بِأللَّهِ فَقَدِ أستَمسَكَ بِألعُروَةِ ألوُثقَى لَا أنفِصَامَ لَهَا وَأللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ 256»

سورة البقرة

قال ابن قولويه في كامل الزيارات: حدّثني أبي عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه محمد بن عيسى، عن عبد اللّه بن المغيرة، عن محمّد بن سليمان البزاز، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر(علیه السلام) قال: «قال رسول اللّه(صلی الله علیه و آله): من أراد أن يتمسّك بعروة اللّه الوثقى التي قال اللّه تعالى في كتابه فليوالِ علي بن أبي طالب والحسن والحسين(علیهم السلام) فإنّ اللّه يحبّهما من فوق عرشه»((1)).

وفي عيون أخبار الرضا(علیه السلام): قال رسول الله(صلی الله علیه و آله): «من أحب أن يتمسك بالعروة الوثقى فليتمسك بحبّ علي وأهل بيتي»((2)).

ص: 55


1- كامل الزيارات: ص114 ص6؛ عنه بحار الأنوار: ج43 ص270 ح31.
2- عيون أخبار الرضا(علیه السلام): ج1 ص63 ح216 و 217.

وفيه أيضاً: قال رسول الله(صلی الله علیه و آله): «الأئمة من ولد الحسين(علیه السلام)، من أطاعتهم فقد أطاع الله ومن عصاهم فقد عصى الله عز وجل، هم العروة الوثقى وهم الوسيلة إلى الله عز وجل»((1)).

وفي أمالي الشيخ الصدوق بسنده إلى الإمام علي بن موسى الرّضا عن أبيه، عن آبائه(علیهم السلام)، قال: «قال رسول اللّه(صلی الله علیه و آله): من أحبّ أن يركب سفينة النّجاة ويستمسك بالعروة الوثقى ويعتصم بحبل اللّه المتين فليوال عليّاً بعدي وليعاد عدوّه، وليأتمّ بالأئمّة الهداة من ولده، فإنّهم خلفائي وأوصيائي وحجج اللّه على الخلق بعدي وسادة أمّتي، وقادة الأتقياء إلى الجنّة، حزبهم حزبي وحزبي حزب اللّه وحزب أعدائهم حزب الشّيطان»((2)).

وفي كفاية الأثر عن أحمد بن محمّد بن عيّاش الجوهريّ، عن محمّد بن أحمد الصّفواني، عن محمّد بن الحسين، عن عبد اللّه بن مسلمة، عن محمّد بن عبد اللّه الحمّصيّ، عن حمّاد، عن أنس بن سيرين، عن أنس بن مالكٍ، قال: صلّى بنا رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) صلاة الفجر ثمّ أقبل علينا فقال: «معاشر أصحابي، من أحبّ أهل بيتي حُشر معنا ومن استمسك بأوصيائي من بعدي فقد استمسك بالعروة الوثقى»، فقام إليه أبو ذر الغفاري، فقال: يا رسول اللّه، كم الأئمّة بعدك؟ قال: «عدد نقباء بني إسرائيل»، فقال: كلّهم من أهل بيتك؟ قال: «كلّهم من أهل بيتي تسعة من صلب الحسين، والمهديّ منها»((3)).

ونقرأ في مصباح المتهجد: «اللّهمّ صلّ على الحسين بن علي المظلوم الشّهيد،

ص: 56


1- عيون أخبار الرضا(علیه السلام): ج1 ص63 ح216 و 217.
2- أمالي الشيخ الصدوق: ص70 ح5؛ وعيون أخبار الرضا(علیه السلام): ج2 ص43.
3- كفاية الأثر: ص73.

قتيل الكفرة وطريح الفجرة، السّلام عليك يا أبا عبد اللّه... بأبي أنت وأمّي يا أبا عبد اللّه، لعن اللّه قاتلك، ولعن اللّه خاذلك، ولعن اللّه من سمع واعيتك فلم يجبك ولم ينصرك، ولعن اللّه من سبا نساءَك، أنا إلى اللّه منهم بريء، وممّن والاهم ومالأهم وأعانهم عليه، أشهد أنّك والأئمّة من ولدك كلمة التّقوى وباب الهدى والعروة الوثقى والحجّة على أهل الدنيا...»((1)).

ولنعم ما قيل:

ها عليّ بشرٌ كيف بشر * ربّه فيه تجلّى وظهر

هو وابناه حسين وحسن * كاشف الغمّة من شؤم وشرّ

عروة الوثقى التي لا تنفصم * هم وأهل البيت إلى الثاني عشر

حبّهم جنّة خلد ونعيم * بغضهم منشأ نار وسقر

ص: 57


1- مصباح المتهجد: ص401 ضمن ح134.

14- تأويل الحبّة والسنابل بأهل البيت(علیهم السلام)

«مَّثَلُ ألَّذِينَ يُنفِقُونَ أَموَلَهُم فِي سَبِيلِ أللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَت سَبعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَة مِّاْئَةُ حَبَّة وَأللَّهُ يُضَعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَأللَّهُ وَسِعٌ عَلِيمٌ 261»

سورة البقرة

في تفسير العياشي: عن المفضّل بن محمّد الجعفي قال: سألت أبا عبد اللّه(علیه السلام) عن قول اللّه تعالى: «كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ» قال: «الحبّة، فاطمة(علیها السلام) والسبع السنابل سبعة من ولدها، سابعهم قائمهم». قلت: الحسن(علیه السلام)؟ قال: «إنّ الحسن(علیه السلام) إمام من اللّه، مفترض طاعته، ولكن ليس من السنابل السبعة، أوّلهم الحسين(علیه السلام) وآخرهم القائم(علیه السلام)» فقلت: قوله: «فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ»؟ قال: «يولد للرجل منهم في الكرة مائة من صلبه، وليس ذلك إلاّ هؤلاء السبعة»((1)).

أقول: هاهنا بعض الوجوه في قول الإمام(علیه السلام): «سبعة من ولدها»؛ وذلك لأنه لا يمكن محل الحديث على الحصر بأن يكون المقصود حصر الأئمة في سبعة.

ص: 58


1- تفسير العياشي: ج1 ص271 ح480.

الوجه الأول: قال الشيخ الحر العاملي رضوان الله عليه في كتابه إثبات الهداة((1)): أقول: هؤلاء السبعة من جملة الاثني عشر، وليس فيه إشعار بالحصر، كما هو

واضح، ولعل المراد: السابع من الصادق(علیه السلام)؛ لأنه هو المتكلم بهذا الكلام.

أقول: نفس هذا الحديث الشريف ينص على أن: أولهم الحسين(علیه السلام)، فكيف يصح القول بأن الإمام الصادق(علیه السلام) هو ابتداء السبعة؟ ومع غض النظر عن ذلك فليس في كون الإمام(علیه السلام) هو المتكلّم بهذا الكلام قرينة على أنه هو الأول، ولعل الشيخ الحر العاملي(رحمه الله) إنما ذكر هذا الاحتمال لأنه نفسه لم يذكر الحديث كاملاً في كتابه إثبات الهداة؛ إذ فيه: «أولهم الحسين(علیه السلام)»، بل اكتفى بنقل الحديث إلى: «سابعهم قائمهم»، فراجع.

الوجه الثاني: قال الشيخ علي اليزدي الحائري في الزام الناصب((2)): يحمل السبعة (على) تسعة أسماء وهم حسين وعليون ثلاث ومحمدان اثنان وجعفر وموسى والحسن والقائم.

أقول: لا يمكن الموافقة عليها؛ لأنه أولاً: بلا دليل ولا قرينة، وثانياً: القرينة والدليل على خلافه؛ إذ الكلام حول الذوات المقدسة لا الأسماء المباركة، كما هو واضح، خصوصاً من عبارة: «سبعة من ولدها» و«لكن (الحسن) ليس من السنابل السبعة».

وثالثاً: لو كان المقصود من السبعة هي الأسماء، فقد نفى الإمام(علیه السلام) اسم: الحسن، من جملة السبعة، والحال أن في الوجه المذكور أدخل هذا الإسلام في

ص: 59


1- إثبات الهداة: ج5 ص172 ح549.
2- إلزام الناصب: ج1 ص50.

جملة السبعة.

ورابعاً: لو كان المقصود من السبعة هي الأسماء ف- «محمد» ليس اثنان، بل ثلاثة؛ إذ اسم القائم(علیه السلام) هو: م ح م د، وليس: القائم، إذن قد نقص اسم من السبعة، إلّا أن يقال بأن المقصود من: الاسم هو ما يشمل الاسم واللقب في الاصطلاح، خصوصاً مع نصّ الحديث نفسه على لقب القائم مرتين؛ وعلى أيّ حال مع ملاحظة هذه الإيرادات لا يمكن المصير إلى ما احتمل في هذا الوجه.

الوجه الثالث: قد وقع تصحيف في لفظ السبعة؛ لأن العرب كانوا يكتبون السبعة والتسعة بشكل واحد، وبعد التنقيط اختلف رسم كل حرف عن سائر الحروف، وليس التصحيف في السبعة بدل التسعة بعزيز.

أقول: وهذا الوجه واضح البطلان، فمع أنا نقبل بأصل وقوع التصحيف في اللغة العربية بين السبعة والتسعة، ووقوع الاشتباه في التمييز بينهما، ولكن ليس هذا موردها؛ إذ في نفس الآية الكريمة قد ذكر لفظ السبع: «سبع سنابل» والإمام(علیه السلام) إنما قصد لفظ الآية لا لفظاً آخر، ولو فرضنا صحة ذلك فهذا الوجه لم يحلّ المشكلة؛ اذ صار تسعة من ولدها، والحال أن العدد هو عشرة، فالإشكال لا زال باقياً.

الوجه الرابع: المقصود من السبعة هنا هو التوسعة لا الحصر، وهذا شائع في العرب، حيث يستخدمون عدد السبعة ويقصدون الكثرة.

أقول: وهذا الوجه باطل أيضاً؛ إذ واضح من الحديث أن الإمام(علیه السلام) إنما يقصد من السبعة المعنى الموضوع له لا الكثرة، وقوله: «أولهم الحسين(علیه السلام) وآخرهم القائم»، أوضح شاهد على ذلك، ثم لو كان لفظ السبعة هنا بمعنى الكثرة فهو لا ينحصر في الاثني عشر، بل يفوق ذلك. نعم، يستخدم العرب لفظ

ص: 60

السبعة والسبعين في معنى الكثرة وربما من ذلك: نفس الآية الكريمة: «سَبْعَ سَنَابِلَ»، ولكن ليس الكلام في معنى الآية المباركة، بل في معنى الحديث الشريف.

إذن لم يبق لنا إلّا الوجه الأول وهو ما بيّنه الشيخ الحر العاملي رضوان الله عليه بقوله: هؤلاء السبعة من جملة الاثني عشر، وليس فيه إشعار بالحصر، كما هو واضح، انتهى.

وهذا هو الحق، ويشهد الحديث نفسه بصحة هذا الوجه؛ إذ فيه: «الحبة فاطمة صلى الله عليها والسبع السنابل سبعة من ولدها» ومن المعلوم أنّ أمير المؤمنين علياً(علیه السلام) هو أول إمام من الأئمة الاثنى عشر(علیهم السلام)، إذن ليس المقصود

حصر الأئمة بهؤلاء السبعة، وأيضاً بالنسبة إلى الإمام المجتبى(علیه السلام) كذلك؛ إذ مع أنه من ولد فاطمة(علیها السلام) وأنه إمام، ولكن مع ذلك لم يكن مقصوداً للإمام الصادق(علیه السلام) عند ما قال: «سبعة من ولدها»، فبعد أن سأل الراوي: الحسن(علیه السلام)؟ أجاب الإمام(علیه السلام) «إن الحسن(علیه السلام) إمام... ولكن ليس من السنابل السبعة» أي: لا تظننّ أن كل الأئمة هم السنابل، بل السنابل منهم سبعة فقط على نحو التبعيض لا الشمول والعموم، أي: بعض الأئمة الاثني عشر هم سنابل لا كلهم، ثم بعد ذلك جعل الإمام(علیه السلام) حدّاً لابتداء السبعة بقوله: «أولهم الحسين(علیه السلام)»، وكرّر ذكر الأخير من هؤلاء السبعة، فقال للمرة الثانية: «وآخرهم القائم(علیه السلام)»، وهذان الحدّان بعد القيد الأول: «من ولد فاطمة(علیها السلام)»، ليعلم عدم شمول السنابل لأمير المؤمنين(علیه السلام)، فنعلم من جميع هذه الأمور أن السنابل السبعة هم بين الحسين(علیه السلام) وصاحب الزمان ، وهذا واضح جداً ولا غبار عليه.

ص: 61

وأما مَن هؤلاء السبعة، فغير معلوم إلّا الحسين(علیه السلام) وصاحب الزمان ، وفي ذيل الحديث الشريف هكذا: «يولد للرجل منهم في الكرّة مائة من صلبه» وهذا إشارة إلى الرجعة، فهؤلاء السبعة إنما يعرفون فّي الرجعة بكثرة نسلهم. هذا بناءً على النسخة المعتمدة - هنا - من تفسير العياشي وهي الطبعة الحديثة في ثلاثة أجزاء، وأما على سائر النسخ فالعب والحاصل من جميع ما قدّمناه: المقصود من السبعة هم سبعة من الأئمة الاثني عشر(علیهم السلام) ابتداءً من سيد الشهداء(علیه السلام) وانتهاء بصاحب الزمان(علیه السلام)، لا نعرف منهم سوى هذين الإمامين(علیهما السلام).

ص: 62

15- الراسخون في العلم هم الأئمة(علیهم السلام)

«هُوَ ألَّذِي أَنزَلَ عَلَيكَ ألكِتَبَ مِنهُ ءَايَت مُّحكَمَتٌ هُنَّ أُمُّ ألكِتَبِ وَأُخَرُ مُتَشَبِهَت فَأَمَّا ألَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم زَيغ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَبَهَ مِنهُ أبتِغَاءَ ألفِتنَةِ وَأبتِغَاءَ تَأوِيلِهِۦ وَمَا يَعلَمُ تَأوِيلَهُۥ إِلَّا أللَّهُ وَألرَّسِخُونَ فِي ألعِلمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِۦ كُلّ مِّن عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُواْ ألأَلبَبِ 7»

سورة آل عمران

في كتاب سليم بن قيس وفي تفسير فرات وفي تأويل الآيات، ونحن ننقل من تأويل الآيات: قال محمد بن العباس(علیه السّلام): حدّثنا عليّ بن محمّدٍ الجعفيّ، عن أحمد بن القاسم الأكفاني، عن عليّ بن محمّد بن مروان، عن أبيه، عن أبان بن أبي عيّاشٍ، عن سليم بن قيسٍ قال: خرج علينا عليّ بن أبي طالبٍ(علیه السلام) ونحن في المسجد فاحتوشنا عليه، فقال: «سلوني قبل أن تفقدوني، سلوني عن القرآن، فإنّ في القرآن علم الأوّلين والآخرين، لم يدع لقائلٍ مقالاً، «وَما يَعْلَمُ تَأْويلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ» وليسوا بواحدٍ، ورسول اللّه(صلی الله علیه و آله) كان واحداً منهم،

ص: 63

علّمه اللّه سبحانه إيّاه، وعلّمنيه رسول اللّه(صلی الله علیه و آله)، ثمّ لا يزال في بقيته (عقبه) إلى يوم القيامة، ثمّ قرأ «وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ»((1))، فأنا بقية من رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) بمنزلة هارون من موسى إلّا النّبوّة، والعلم في عقبنا إلى أن تقوم السّاعة...»((2)).

وفي الكافي الشريف عن الحسين بن محمّدٍ، عن معلّى بن محمّدٍ، عن محمّد بن أورمة، عن عليّ بن حسّان، عن عبد الرّحمن بن كثيرٍ، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) في قوله تعالى: «هُوَ الَّذي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ» قال: «أمير المؤمنين(علیه السلام) والأئمّة»، «وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ» قال: «فلانٌ وفلانٌ، «فَأَمَّا الَّذينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ» أصحابهم وأهل ولايتهم، «فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْويلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْويلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ» أمير المؤمنين(علیه السلام) والأئمّة(علیه السلام)»((3)).

وأيضاً في الكافي الشريف عن عليّ بن محمّد، عن عبد اللّه بن علي، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد اللّه بن حمّاد، عن بريد بن معاوية، عن أحدهما(علیهما السلام) في قول اللّه عزّ وجلّ: «وَما يَعْلَمُ تَأْويلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ»: «فرسول اللّه(صلی الله علیه و آله) أفضل الرّاسخين في العلم، قد علّمه اللّه عزّ وجلّ جميع ما أنزل عليه من التّنزيل والتّأويل، وما كان اللّه لينزل عليه شيئاً لم يعلّمه تأويله، وأوصياؤه من بعده يعلمونه كلّه، والّذين لا يعلمون تأويله إذا قال العالم فيهم بعلمٍ فأجابهم اللّه بقوله: «يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا»، والقرآن خاصٌّ وعامٌّ

ص: 64


1- سورة البقرة، الآية: 248.
2- تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص555 ح10؛ كتاب سليم: ص462؛ تفسير فرات الكوفي: ص67 ح29.
3- الكافي: ج1 ص414 ح14.

ومحكمٌ ومتشابهٌ، وناسخٌ ومنسوخٌ، فالرّاسخون في العلم يعلمونه»((1)).

وفي الكافي أيضاً عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّدٍ، عن الحسين بن سعيدٍ، عن النّضر بن سويدٍ، عن أيّوب بن الحرّ وعمران بن عليٍّ، عن أبي بصيرٍ، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) قال: «نحن الرّاسخون في العلم ونحن نعلم تأويله»((2)).

ص: 65


1- الكافي: ج1 ص213 ح2.
2- الكافي: ج1 ص213 ح1.

16- المصطفون(علیهم السلام)

«إِنَّ أللَّهَ أصطَفَى ءَادَمَ وَنُوحا وَءَالَ إِبرَهِيمَ وَءَالَ عِمرَنَ عَلَى ألعَلَمِينَ 33»

سورة آل عمران

في تفسير فرات الكوفي عن محمّد بن إبراهيم الفزاري معنعناً، عن أبي مسلم الخولاني قال: دخل النبي(صلی الله علیه و آله) على فاطمة الزهراء(علیها السلام) وعائشة وهما تفتخران، وقد احمرّت وجوههما، فسألهما عن خبرهما فأخبرتاه. فقال النبي(صلی الله علیه و آله): «يا عائشة! أوَ ما علمت أنّ اللّه اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران وعلياً والحسن والحسين وحمزة وجعفراً وفاطمة وخديجة على العالمين»((1)).

وفي خبر مقتل الحسين(علیه السلام) من كتاب أمالي الشيخ الصدوق: ... ثم أقبل رجل آخر من عسكر عمر بن سعد يقال له محمّد بن الأشعث بن قيس الكندي فقال: يا حسين بن فاطمة! أيّة حرمة لك من رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) ليست لغيرك؟ فتلا الحسين(علیه السلام) هذه الآية: «إِنَّ اللّه اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ٭ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ» الآية؛ ثمّ قال: «واللّه إنّ محمّداً لمن آل إبراهيم وإنّ العترة الهادية لمن آل محمّد. من الرجل؟ فقيل: محمّد بن الأشعث بن قيس

ص: 66


1- تفسير الفرات الكوفي: ص80 ح56؛ عنه بحار الأنوار: ج37 ص63 ح32.

الكندي، فرفع الحسين(علیه السلام) رأسه إلى السماء فقال: «اللهمّ أر محمّد بن الأشعث ذلاًّ في هذا اليوم، لا تعزّه بعد هذا اليوم أبداً، فعرض له عارض فخرج من العسكر يتبرّز فسلّط اللّه عليه عقرباً فلدغته فمات بادي العورة»((1)).

قال شاعر أهل البيت(علیهم السلام) عبد المنعم الفرطوسي:

قال إنّ الله اصطفى في البرايا * آدماً ثم نوح خير اصطفاءٍ

إنّ آل الخليل عترة طه * آل ياسين خيرة الأولياء

وأتانا فيها حديثان عنهم * حينما اختارهم بخير اجتباء((2))

ص: 67


1- أمالي الصدوق: ص221؛ بحار الأنوار: ج44 ص317 ضمن ح1؛ وفي مناقب لابن شهر آشوب: ج3 ص215؛ عنه بحار الأنوار: ج45 ص302 ح3.
2- ملحمة أهل البيت(علیهم السلام): ج1 ص158.

17- الحسين(علیه السلام) من الذرية الطاهرة

«ذُرِّيَّةَ بَعضُهَا مِن بَعض وَأللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ 34»

سورة آل عمران

في بحار الأنوار: روي في بعض مؤلفات أصحابنا عن أبي سلمة قال: حججت مع عمر بن الخطّاب، فلمّا صرنا بالأبطح فإذا بأعرابي قد أقبل علينا، فقال: يا أمير المؤمنين! إنّي خرجت وأنا حاج محرم فأصبت بيض النعام فاجتنيت وشويت وأكلت فما يجب عليّ؟ قال: ما يحضرني في ذلك شيء، فاجلس لعلّ اللّه يفرّج عنك ببعض أصحاب محمّد(صلی الله علیه و آله) فإذا أمير المؤمنين(علیه السلام) قد أقبل والحسين(علیه السلام) يتلوه فقال عمر: يا أعرابي! هذا علي بن أبي طالب فدونك ومسألتك فقام الأعرابي وسأله فقال علي(علیه السلام): «يا أعرابي! سل هذا الغلام عندك»، يعني الحسين(علیه السلام)، فقال الأعرابي: إنّما يحيلني كلّ واحد منكم على الآخر، فأشار الناس إليه، ويحك! هذا ابن رسول اللّه فاسأله فقال الأعرابي: يا ابن رسول اللّه! إنّي خرجت من بيتي حاجّاً وقصّ عليه القصّة. فقال له الحسين(علیه السلام): «ألك إبل؟» قال: نعم، قال: «خذ بعدد البيض الذي أصبت نوقاً فاضربها بالفحولة فما فصلت فاهدها إلى بيت اللّه الحرام» فقال عمر: يا حسين! النوق يزلقن فقال الحسين: «يا عمر! إنّ البيض يمرقن». فقال: صدقت وبررت،

ص: 68

فقام علي(علیه السلام) وضمّه إلى صدره وقال: «ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللّه سَمِيعٌ عَلِيمٌ»((1)).

وفي كتاب الفتوح للكوفي: ... ثم تقدّم من بعده علي بن الحسين بن علي رضي الله عنه (بل صلوات الله عليهم) وهو يومئذٍ ابن ثماني عشرة سنة، فتقدم نحو القدم ورفع الحسين شيبته نحو السماء وقال: «اللهم اشهد على هؤلاء القوم، فقد برز إليهم غلام أشبه القوم خلقاً وخلقاً ومنطقاً برسولك محمد(صلی الله علیه و آله)، فامنعهم بركات الأرض، فإن متّعتهم إلى حين ففرّقهم تفريقاً، وأقطعهم قطعاً واجعلهم طرائق قدداً، ولا ترضِ الولاة عنهم أبداً، فإنهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا يقاتلوننا»، قال: ثم صاح الحسين بعمر بن سعد فقال: «ما لك، قطع الله رحمك، ولا بارك لك في أمرك، وسلّط عليك بعدي من يقتلك على فراشك كما قطعتَ رحمي ولم تحفظ قرابتي من محمد(صلی الله علیه و آله)»، ثم رفع الحسين صوته وقرأ: «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمينَ ٭ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَميعٌ عَليمٌ» ...((2)).

ولنعم ما قيل:

حسين السبط مصباح منير * تضاء به القلوب المدلهّمة

يريد الحاسدون أن يطفؤوه * ويأبى اللّه إلّا أن يتمّه

ص: 69


1- بحار الأنوار: ج44 ص197 ح12.
2- كتاب الفتوح (لابن أعثم الكوفي): ج5 ص114؛ وهكذا في بحار الأنوار: ج45 ص42.

18- الحسين(علیه السلام) ابن رسول اللّه(صلی الله علیه و آله)

«إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ أللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُۥ مِن تُرَاب ثُمَّ قَالَ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ 59 ألحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُن مِّنَ ألمُمتَرِينَ 60 فَمَن حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعدِ مَا جَاءَكَ مِنَ ألعِلمِ فَقُل تَعَالَواْ نَدعُ أَبنَاءَنَا وَأَبنَاءَكُم وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُم وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُم ثُمَّ نَبتَهِل فَنَجعَل لَّعنَتَ أللَّهِ عَلَى ألكَذِبِينَ 61»

سورة آل عمران

نقل العلاّمة السيد هاشم البحراني عن صحيح مسلم، في باب فضائل علي بن أبي طالب (بإسناده المذكور) عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص، عن أبيه، قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال: ما يمنعك أن تسبّ أبا تراب؟

قال: أما ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ له رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) فلن أسبّه؛ لأن تكون لي واحدة منهنّ أحبّ إليّ من حمر النعم، سمعت رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) يقول، حين خلّفه في بعض مغازيه، فقال له علي: «يا رسول اللّه خلّفتني مع النساء والصبيان؟»

ص: 70

فقال له رسول اللّه(صلی الله علیه و آله): «أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى، إلاّ أنّه لا نبي بعدي».

وسمعته يقول يوم خيبر: «لأعطينّ الراية رجلاً يحبّ اللّه ورسوله ويحبّه اللّه ورسوله»، قال: فتطاولنا لها، فقال(صلی الله علیه و آله): «ادعوا لي علياً»، فأتى به

أرمد العين، فبصق في عينيه ودفع الراية إليه، ففتح اللّه على يده.

ولمّا نزلت هذه الآية: «قُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ»((1)) دعا رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً، وقال(صلی الله علیه و آله): «اللهمّ هؤلاء أهل بيتي»((2)).

وفي تفسير الجلالين في تفسير هذه الآية قال:

وقد دعا - يعني: رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) - وفد نجران لذلك لمّا حاجّوه فيه فقالوا: حتّى ننظر في أمرنا ثمّ نأتيك.

ثمّ قال ذو رأيهم: لقد عرفتم نبوّته وإنّه ما باهل قوم نبيّاً إلاّ هلكوا، فودّعوا الرجل وانصرفوا.

(فأتوه) وقد خرج(صلی الله علیه و آله) ومعه الحسن والحسين وفاطمة وعلي، وقال لهم: «إذا دعوت فأمّنوا».

فأبوا - يعني: النصارى - أن يلاعنوا وصالحوه على الجزية، رواه أبو نعيم((3)).

وأخرج ذلك - بمضامين مختلفة في الألفاظ والإسناد والرواة، والتفصيل والإجمال، لكنّها متّفقة في المعنى والمغزى والقصّة - جمهرة كبيرة، نشير إليهم

ص: 71


1- سورة آل عمران، الآية: 61.
2- غاية المرام: ج3 ص212 ح1؛ عن صحيح مسلم: ج7 ص120.
3- تفسير الجلالين، في تفسير سورة آل عمران: ص74.

وإلى مواقع ذكرها من كتبهم روماً للاختصار.

ومنهم: البيضاوي في تفسيره((1)).

ومنهم: الفخر الرازي في تفسيره((2)). ثم قال بعد ذلك: واعلم أن هذه الرواية كالمتفق على صحتها بين أهل التفسير والحديث((3)).

ومنهم: الآلوسي في تفسيره((4)).

ومنهم: الترمذي في سننه((5)).

ومنهم: البيهقي في سننه((6)).

ومنهم: إمام الحنابلة أحمد بن حنبل في مسنده((7)).

ومنهم: البغوي في تفسيره((8)).

ومنهم: العلاّمة الذهبي في سيره((9)).

ومنهم: الحاكم النيسابوري في مستدركه((10)).

ومنهم: الزمخشري في كشّافه((11)).

ص: 72


1- تفسير البيضاوي: ج2 ص47.
2- تفسير الفخر الرازي: ج8 ص247.
3- تفسير الفخر الرازي: ج8 ص247.
4- روح المعاني: ج2 ص178 إلى 182.
5- سنن الترمذي: ج4 ص293 ح4085 و: ج5 ص301 ح3808.
6- السنن الكبرى (للبيهقي): ج7 ص63.
7- مسند أحمد بن حنبل: ج1 ص185.
8- تفسير البغوي: ج1 ص450.
9- سير أعلام النبلاء: ج3 ص286 و 287.
10- المستدرك على الصحيحين: ج3 ص150.
11- الكشّاف: ج1 ص434.

إلى غيرهم.

وفي تفسير القمي: حدّثني أبي، عن النضر بن سويد، عن ابن سنان، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام): «إنّ نصارى نجران لمّا وفدوا على رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) وكان سيّدهم الأهتم والعاقب والسيّد، وحضرت صلاتهم فأقبلوا يضربون بالناقوس وصلّوا.

فقال أصحاب رسول اللّه: هذا في مسجدك؟

فقال: دعوهم، فلمّا فرغوا دنوا من رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) فقالوا: إلى ما تدعون؟

فقال: إلى شهادة أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّي رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) وأنّ عيسى(علیه السلام) عبد مخلوق يأكل ويشرب ويُحدث.

قالوا: فمن أبوه؟

فنزل الوحي على رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) فقال: قل لهم: ما تقولون في آدم؟ أكان عبداً مخلوقاً يأكل ويشرب ويحدث وينكح؟

فسألهم النبي(صلی الله علیه و آله) فقالوا: نعم.

فقال: فمن أبوه؟

فبهتوا فبقوا ساكتين.

فأنزل اللّه: «إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللّه كَمَثَلِ آدَمَ» الآية إلى قوله: «فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللّه عَلَى الْكَاذِبِينَ»((1)).

فقال رسول اللّه(صلی الله علیه و آله): فباهلوني، فإن كنت صادقاً أُنزلت اللعنة عليكم، وإن كنت كاذباً نزلت عليَّ.

فقالوا: أنصفت، فتواعدوا للمباهلة، فلمّا رجعوا إلى منازلهم قال

ص: 73


1- سورة آل عمران: 59 - 61.

رؤساؤهم: السيّد والعاقب والأهتم، إن باهلنا بقومه باهلناه، فإنّه ليس بنبي، وإن باهلنا بأهل بيته خاصّة فلا نباهله فإنّه لا يقدم على أهل بيته إلاّ وهو صادق.

فلمّا أصبحوا جاؤوا إلى رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) ومعه أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم فقال النصارى: من هؤلاء؟

فقيل لهم: هذا ابن عمّه ووصيّه وختنه علي بن أبي طالب، وهذه بنته فاطمة، وهذان ابناه الحسن والحسين(علیهم السلام).

فعرفوا وقالوا لرسول اللّه(صلی الله علیه و آله): نعطيك الرضا فاعفنا عن المباهلة، فصالحهم رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) على الجزية وانصرفوا»((1)).

قال شاعر أهل البيت(علیهم السلام) عبد المنعم الفرطوسي:

قل تعالوا ندع خيار البرايا * من بنينٍ وانفسٍ ونساء

هي قد خصّصت من الله فيهم * يوم وافت بالخمسة الأصفياء

حين باهى بهم وباهل لعناً * أهلَ نجران خاتم الأنبياء

هي تروى صدقاً بتسع وعشرٍ * من رواياتهم بغير افتراء((2))

ص: 74


1- تفسير القمي: ج1 ص104.
2- ملحمة أهل البيت(علیهم السلام): ج1 ص39.

19- أولى الناس بإبراهيم(علیه السلام)

«إِنَّ أَولَى ألنَّاسِ بِإِبرَهِيمَ لَلَّذِينَ أتَّبَعُوهُ وَهَذَا ألنَّبِيُّ وَألَّذِينَ ءَامَنُواْ وَأللَّهُ وَلِيُّ ألمُؤمِنِينَ 68»

سورة آل عمران

الكافي الشريف بسنده إلى الإمام الباقر(علیه السلام) في قوله تعالى: «إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهيمَ لَلَّذينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذينَ آمَنُوا» قال: «هم الأئمة(علیهم السلام) ومن اتبعهم»((1)).

وفي نهج البلاغة عن أمير المؤمنين(علیه السلام) من كتاب له عليه السلام إلى معاوية جوابا:

«أما بعد فقد أتاني كتابك تذكر فيه اصطفاء الله محمداً(صلی الله علیه و آله) لدينه وتأييده إياه بمن أيّده مِن أصحابه، فلقد خبّأ لنا الدهر منك عجباً؛ إذ طفقت تخبرنا ببلاد الله عندنا ونعمته علينا في نبينا، فكنتً في ذلك كنا قل التمر إلى هجر أو داعي مسدده إلى النضال، وزعمت أن أفضل الناس في الإسلام فلان وفلان، فذكرتَ أمراً إن تمّ اعتزلك كله، وإن نقص لم تلحقك ثلمته، وما أنت والفاضل والمفضول، والسائس والمسوس؟ وما للطلقاء وأبناء الطلقاء والتمييز بين المهاجرين الأولين

ص: 75


1- الكافي: ج1 ص416 ح20.

وترتيب درجاتهم وتعريف طبقاتهم... ألا ترى - غير مخبر لك ولكن بنعمة الله أحدّث - أن قوماً استشهدوا في سبيل الله من المهاجرين ولكل فضل، حتى إذا استشهد شهيدنا قيل: سيّد الشهداء، وخصّه رسول الله(صلی الله علیه و آله) بسبعين تكبيرة عند صلاته عليه، أولا ترى أن قوماً قطعت أيديهم في سبيل الله ولكل فضل حتى إذا فعل بواحدنا ما فُعِلَ بواحدهم قيل: الطيار في الجنة وذوالجناحين، ولولا نهى الله عنه مِن تزكية المرء نفسه لذكر ذاكر فضائل جمّه تعرفها قلوب المؤمنين ولا تمجّها آذان السامعين، فدع عنك من مالت به الرميّة، فإنا صنائع ربنا والناس بعد صنائع لنا، لم يمنعنا قديم عزّنا ولا عاديّ طولنا على قومك أن خلطناكم بأنفسنا فنكحنا وأنكحنا فِعل الأكفاء ولستم هناك، وأنى يكون ذلك كذلك، ومنّا النبي ومنكم المكذّب، ومنا أسد الله ومنكم أسد الأحلاف، ومنا سيّدا شباب أهل الجنة ومنكم صبية النار، ومنا خير نساء العالمين ومنكم حمّالة الحطب في كثير مما لنا وعليكم، فإسلامنا قد سُمع وجاهليتنا لا تُدفع((1)

وكتاب الله يجمع لنا ما شذّ عنا وهو قوله: «وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ في كِتابِ اللَّهِ»((2)) وقوله تعالى: «إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهيمَ لَلَّذينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنينَ» فنحن مرةّ أولى بالقرابة وتارة أولى بالطاعة...»((3)).

وفي الكافي الشريف في حديث طويل عن الإمام الرضا(علیه السلام): «... إن الإمامة خصّ الله عز وجلّ بها إبراهيم الخليل(علیه السلام) بعد النبوة والخلة مرتبة ثالثة وفضيلة شرّفه بها وأشاد بها ذكره فقال: «إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً» فقال الخليل(علیه السلام)

ص: 76


1- أي شرفنا وفضلنا في الجاهلية لا يُنكر ولا يُدفع.
2- سورة الأنفال، الآية: 75؛ وسورة الأحزاب، الآية: 6.
3- نهج البلاغة، الكتاب: 28؛ عنه بحار الأنوار: ج33 ص57 ح397.

سروراً بها: «وَمِنْ ذُرِّيَّتي» قال الله تبارك وتعالى: «لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمينَ»((1)) فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم إلى يوم القيامة وصارت في الصفوة، ثم أكرمه الله تعالى بأن جعلها في ذريته أهل الصفوة والطهارة، فقال: «وَوَهَبْنا لَهُ

إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلاًّ جَعَلْنا صالِحينَ ٭ وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدينَ»((2)) فلم تزل في ذريته يرثها بعض عن بعض، قرناً فقرناً حتى ورثها الله تعالى النبي(صلی الله علیه و آله)، فقال: جل وتعالى: «إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهيمَ لَلَّذينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنينَ» فكانت له خاصة فقلّدها(صلی الله علیه و آله) علياً(علیه السلام) بأمر الله تعالى على رسم ما فرض الله، فصارت في ذريته الأصفياء الذين آتاهم الله العلم والإيمان بقوله تعالى: «قالَ الَّذينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ في كِتابِ اللَّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ»((3))، فهي في وُلد علي(علیه السلام) خاصة إلى يوم القيامة؛ إذ لا نبيّ بعد محمد(صلی الله علیه و آله) فمِن أين يختار هؤلاء الجهّال؟ إنّ الإمامة هي منزلة الأنبياء وإرث الأوصياء، إنّ الإمامة خلافة الله وخلافة الرسول(صلی الله علیه و آله) ومقام أمير المؤمنين(علیه السلام) وميراث الحسن والحسين(علیهما السلام)»((4)).

ص: 77


1- سورة البقرة، الآية: 124.
2- سورة الأنبياء، الآية: 72 و 73.
3- سورة الروم، الآية: 56.
4- الكافي: ج1 ص198 ح1؛ أمالي الصدوق: ص773 ح1؛ كمال الدين: ص675 ح31 وغيرها من المصادر.

20- الفائزون في الجنة

«كُلُّ نَفس ذَائِقَةُ ألمَوتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّونَ أُجُورَكُم يَومَ ألقِيَمَةِ فَمَن زُحزِحَ عَنِ ألنَّارِ وَأُدخِلَ ألجَنَّةَ فَقَد فَازَ وَمَا ألحَيَوةُ ألدُّنيَا إِلَّا مَتَعُ ألغُرُورِ 185»

سورة آل عمران

في تفسير القمي: قال: حدثني أبي، عن سليمان الديلمي، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) قال: «إذا كان يوم القيامة يدُعى محمّد(صلی الله علیه و آله) فيكسى حلّة وردية ثمّ يقام على يمين العرش، ثمّ يدعى بإبراهيم(علیه السلام) فيكسى حلّة بيضاء فيقام عن يسار العرش، ثمّ يدعى بعلي أمير المؤمنين(علیه السلام) فيكسى حلّة وردية فيقام على يمين النبي(صلی الله علیه و آله)، ثمّ يدعى بإسماعيل فيكسى حلّة بيضاء فيقام على يسار إبراهيم(علیه السلام)، ثمّ يدعى بالحسن(علیه السلام) فيكسى حلّة وردية فيقام على يمين أمير المؤمنين(علیه السلام)، ثمّ يدعى بالحسين(علیه السلام) فيكسى حلّة وردية فيقام على يمين الحسن(علیه السلام)، ثمّ يدعى بالأئمّة فيكسون حللاً وردية ويقام كلّ واحد على يمين صاحبه، ثمّ يدعى بالشيعة فيقومون أمامهم؛ ثمّ يدعى بفاطمة(علیها السلام) ونسائها من ذرّيتها وشيعتها فيدخلون الجنّة بغير حساب، ثمّ ينادي مناد من بطنان العرش من

ص: 78

قِبل ربّ العزّة والأُفق الأعلى: نِعْمَ الأب أبوك يا محمّد! وهو إبراهيم، ونِعْمَ الأخ أخوك وهو علي بن أبي طالب(علیه السلام)، ونِعْمَ السبطان سبطاك وهما الحسن والحسين، ونِعْمَ الجنين

جنينك وهو محسن، ونِعْمَ الأئمّة الراشدون من ذرّيتك وهم فلان وفلان، ونِعْمَ الشيعة شيعتك، ألا إنّ محمّداً ووصيّه وسبطيه والأئمّة من ذرّيته هم الفائزون، ثمّ يؤمر بهم إلى الجنّة وذلك قوله: «فَمَنْ زُحْزِحَ عَن النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ»((1)).

ص: 79


1- تفسير القمي: ج1 ص128؛ بحار الأنوار: ج7 ص328 ح3 و: ج12 ص6 ح14.

21- مِن أكبر الكبائر قتل الحسين(علیه السلام)

«إِن تَجتَنِبُواْ كَبَائِرَ مَا تُنهَونَ عَنهُ نُكَفِّر عَنكُم سَئَِّاتِكُم وَنُدخِلكُم مُّدخَلا كَرِيما 31»

سورة النساء

في تفسير فرات الكوفي: قال: حدّثني جعفر بن محمّد الفزاري معنعناً عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) قال: «أكبر الكبائر سبع: الشرك باللّه العظيم، وقتل النفس التي حرّم اللّه، وأكل أموال اليتامى، وعقوق الوالدين، وقذف المحصنة، والفرار من الزحف، وإنكار ما أنزل اللّه.

أمّا الشرك باللّه العظيم فقد بلغكم ما أنزل اللّه وما قال رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) فردّوا على اللّه وعلى رسوله.

وأمّا قتل النفس الحرام فقتل الحسين بن علي(علیهما السلام) وأصحابه رحمهم اللّه تعالى.

وأمّا أكل أموال اليتامى فقد ظلموا فيئنا وذهبوا فيه.

وأمّا عقوق الوالدين فقد قال اللّه تعالى في كتابه: «النَّبِىُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ»((1)) وهو أب لهم، فعقّوه في ذرّيته وفي قرابته.

ص: 80


1- سورة الأحزاب، الآية: 6.

وأمّا قذف المحصنة فقد قذفوا فاطمة الزهراء بنت رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) وزوجة الولي(علیه السلام) على منابرهم.

وأمّا الفرار من الزحف فقد أعطوا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(علیه السلام) البيعة طائعين غير كارهين ثمّ فرّوا عنه وخذلوه.

وأمّا إنكار ما أنزل اللّه، فقد أنكروا حقّنا وجحدوا به، هذا ما لا يتعاجم فيه أحد، إنّ اللّه تبارك وتعالى يقول في كتابه: «إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيما»((1)).

قال عبد المنعم الفرطوسي:

قاتل النفس قاتل الناس جميعاً * حين يجني ظلماً على الأبرياء

حيث قتل النفس التي حرّم الله * فساد في الأرض بالكبرياء

وهو خطاء من الأنام كبير * لا يضاهي بسائر الأسواء

ص: 81


1- تفسير فرات الكوفي: ص102 ح91؛ بسند آخر: ص103 ح92؛ وفي الخصال: ص363 ح56 مسنداً؛ وعلل الشرائع: ج2 ص474 ح1 مسنداً؛ ومن لا يحضره الفقيه: ج3 ص561 ح4931؛ وفي تهذيب الأحكام: ج4 ص149 ح39 مسنداً؛ والمقنعة: ص290؛ ومناقب لابن شهر آشوب: ج3 ص375؛ وتفسير العياشي: ج1 ص391 ح105.

22- يأمر القرآن الكريم بالإحسان إلى الحسين(علیه السلام)

«وَأعبُدُواْ أللَّهَ وَلَا تُشرِكُواْ بِهِۦ شَئا وَبِألوَلِدَينِ إِحسَنا وَبِذِي ألقُربَى 36»

سورة النساء

في تفسير فرات الكوفي: عن جعفر بن محمّد بن سعيد الأحمسي معنعناً، عن جعفر الصادق(علیه السلام) في قوله تعالى: «وَاعْبُدُوا اللّه وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً» قال: «إنّ رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) وعلي بن أبي طالب(علیه السلام) هما الوالدان» و«وَبِذِي الْقُرْبَى»، قال: «الحسن والحسين(علیهما السلام)»((1)).

ولنعم ما قيل:

الوالد الهادي إلى الصواب * مُعلّم للخير والثواب

والمصطفى وآلهُ الكرام * عليهم الصلاة والسلام

أولئك الآباء والهُداة* لكل خير وهم المِرآت

هم كاشف الهموم والغموم * طاعتهم فرض على العموم

ص: 82


1- تفسير فرات الكوفي: ص104 ص17؛ عنه بحار الأنوار: ج23 ص269 ح19.

23- عذاب قاتل الحسين(علیه السلام)

«إِنَّ ألَّذِينَ كَفَرُواْ بَِٔايَتِنَا سَوفَ نُصلِيهِم نَارا كُلَّمَا نَضِجَت جُلُودُهُم بَدَّلنَهُم جُلُودًا غَيرَهَا لِيَذُوقُواْ ألعَذَابَ إِنَّ أللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيما 56»

سورة النساء

في تفسير القمي: «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَاً سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً» قال: الآيات أمير المؤمنين والأئمة(علیهم السلام)...((1)).

وفي عيون أخبار الرضا(علیه السلام): قال: «قال رسول اللّه(صلی الله علیه و آله): إنّ قاتل الحسين بن علي(علیهما السلام) في تابوت من نار عليه نصف عذاب أهل الدنيا، وقد شدّت يداه ورجلاه بسلاسل من نار منكّس في النار حتّى يقع في قعر جهنّم، وله ريح يتعوّذ أهل النار إلى ربّهم من شدّة نتنه، وهو فيها خالد ذائق العذاب الأليم مع جميع من شايع على قتله، كلّما نضجت جلودهم، بدّل اللّه عزّ وجلّ عليهم الجلود حتّى يذوقوا العذاب الأليم((2))، لا يفتر عنهم ساعة ويسقون من حميم جهنّم فالويل

ص: 83


1- تفسير القمي: ج1 ص141.
2- إشارة أو اقتباس من الآية الكريمة.

لهم من عذاب اللّه تعالى في النار»((1)).

وفي بحار الأنوار عن السدي: ... وقال(صلی الله علیه و آله): «ولدي الحسين يقتل ظلماً وعدواناً، ألا ومن قتله يدخل في تابوت من نار ويعذّب بعذاب نصف أهل النار وقد غلّت يداه ورجلاه وله رائحة يتعوّذ أهل النار منها، هو ومن شايع وبايع أو رضي بذلك، كلّما نضجت جلودهم بدّلوا بجلود غيرها ليذوقوا العذاب((2))، لا يفتر عنهم ساعة ويسقون من حميم جهنّم، فالويل لهم من عذاب جهنّم...»((3)).

وفي معاني الأخبار: حدّثنا أحمد بن محمّد بن الهيثم العجلي (رضي الله عنه) قال: حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن يحيى بن زكريا القطّان قال: حدّثنا أبو محمّد بكر بن عبد اللّه بن حبيب قال: حدّثنا تميم بن بهلول، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر قال: قال أبو عبد اللّه(علیه السلام): «... فلمّا أسكن اللّه عزّ وجلّ آدم وزوجته الجنّة، قال لهما: «كُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ» يعني: شجرة الحنطة «فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمينَ»((4)). فنظرا إلى منزلة محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة بعدهم صلوات الله عليهم، فوجداها أشرف منازل أهل الجنّة، فقالا: يا ربّنا لمن هذه المنزلة؟ فقال اللّه جلّ جلاله: ارفعا رؤوسكما إلى ساق عرشي، فرفعا رؤوسهما فوجدا اسم محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة بعدهم صلوات اللّه عليهم مكتوبة على ساق العرش بنور من نور الجبّار جلّ جلاله، فقالا: يا ربّنا ما أكرم أهل هذه المنزلة

ص: 84


1- عيون أخبار الرضا(علیه السلام): ج1 ص51 ح178؛ عنه تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص768 ح14؛ وبحار الأنوار: ج44 ص300 ح3.
2- اقتباس أو إشارة من الآية الكريمة.
3- بحار الأنوار: ج45 ص321 ح14.
4- سورة البقرة، الآية: 35.

عليك! وما أحبّهم إليك! وما أشرفهم لديك! فقال اللّه جلّ جلاله: لولاهم ما خلقتكما، هؤلاء خزنة علمي وأُمنائي على سرّي إيّاكما أن تنظرا إليهم بعين الحسد وتتمنّيا منزلتهم عندي ومحلّهم من كرامتي، فتدخلا بذلك في نهيي وعصياني فتكونا من الظالمين. قالا: ربّنا ومن الظالمون؟ قال: المدّعون لمنزلتهم بغير حقّ. قالا: ربّنا فأرنا منازل ظالميهم في نارك حتّى نراها كما رأينا منزلتهم في جنّتك، فأمر اللّه تبارك وتعالى النار فأبرزت جميع ما فيها من ألوان النكال والعذاب وقال عزّ وجلّ: مكان الظالمين لهم المدّعين لمنزلتهم في أسفل درك منها، «كلّما أرادوا أن يخرجوا منها أُعيدوا فيها((1)

وكلّما نضجت جلودهم بدّلوا سواها ليذوقوا العذاب...((2)-(3))».

كما روى الصدوق في العيون * رواية عن النبي ذي الشجون

يُقتل ظلماً ابنى الحسين * ذلك مقطوع بغير مين

قاتِله منكّسٌ في النار * من ريحه يعوذ أهل النار

يذوق من عذابها الأليم * يُسقى من الشراب من حَميم

ص: 85


1- اقتباس من الآية 22 من سورة الحج: «كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعيدُوا فيها وَذُوقُوا عَذابَ الْحَريقِ».
2- اقتباس أو إشارة إلى الآية الكريمة.
3- معاني الأخبار: ص109 ضمن ح1؛ بحار الأنوار: ج11 ص172 ح19 و: ج26 ص320 ح2.

24- تفسير الإطاعة ومن يجب طاعته

«يَأَيُّهَا ألَّذِينَ ءَامَنُواْ أَطِيعُواْ أللَّهَ وَأَطِيعُواْ ألرَّسُولَ وَأُوْلِي ألأَمرِ مِنكُم فَإِن تَنَزَعتُم فِي شَيء فَرُدُّوهُ إِلَى أللَّهِ وَألرَّسُولِ إِن كُنتُم تُؤمِنُونَ بِأللَّهِ وَأليَومِ ألأخِرِ ذَلِكَ خَير وَأَحسَنُ تَأوِيلًا 59»

سورة النساء

في كمال الدين: حدثنا غير واحد من أصحابنا، عن محمّد بن همّام، عن جعفر الفزاري، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن أحمد بن الحارث، عن المفضّل، عن يونس بن ظبيان، عن جابر بن يزيد الجعفي قال: سمعت جابر بن عبد اللّه يقول: لمّا أنزل اللّه عزّ وجلّ على نبيّه: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّه وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ» قلت: يا رسول اللّه! عرفنا اللّه ورسوله، فمن أُولوا الأمر الذين قرن اللّه طاعتهم بطاعتك؟ قال: «هم خلفائي يا جابر! وأئمّة المسلمين بعدي، أوّلهم علي بن أبي طالب، ثمّ الحسن، ثمّ الحسين، ثمّ علي بن الحسين، ثمّ محمّد بن علي، المعروف في التوراة بالباقر وستدركه يا جابر! فإذا لقيته فاقرأه منّي السلام، ثمّ الصادق جعفر بن محمّد، ثمّ موسى بن جعفر، ثمّ علي بن موسى، ثمّ محمّد بن علي، ثمّ علي بن محمّد، ثمّ الحسن بن علي، ثمّ

ص: 86

سميّي وكنيّي حجّة اللّه في أرضه وبقيّته في عباده، ابن الحسن بن علي، ذاك الذي يفتح اللّه تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض ومغاربها، ذاك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلاّ من امتحن اللّه قلبه للإيمان». قال: فقال جابر: يا رسول اللّه! فهل ينتفع الشيعة به في غيبته؟ فقال(صلی الله علیه و آله): «إي والذي بعثني بالنبوّة إنّهم لينتفعون به ويستضيؤون بنور ولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن جلّلها السحاب يا جابر! هذا مكنون سرّ اللّه ومخزون علمه فاكتمه إلاّ عن أهله». قال جابر الأنصاري: فدخلت على علي بن الحسين(علیهما السلام) فبينا أنا أُحدّثه إذ خرج محمّد بن علي الباقر من عند نسائه وعلى رأسه ذؤابة وهو غلام فلمّا أبصرته ارتعدت فرائصي وقامت كلّ شعرة على بدني ونظرت إليه وقلت: يا غلام! أقبل فأقبل ثمّ قلت: أدبر فأدبر، فقلت: شمائل رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) وربّ الكعبة! ثمّ دنوت منه وقلت: ما اسمك يا غلام؟ قال: «محمّد»، قلت: ابن مَن؟ قال: «ابن علي بن الحسين»، قلت: يا بني! فداك نفسي فأنت إذا الباقر، فقال: «نعم، فأبلغني ما حمّلك رسول اللّه(صلی الله علیه و آله)» فقلت: يا مولاي إنّ رسول اللّه بشّرني بالبقاء إلى أن ألقاك فقال لي: إذا لقيته فاقرأه منّي السلام فرسول اللّه(صلی الله علیه و آله) يقرأ عليك السلام.

قال أبو جعفر(علیه السلام): «يا جابر! وعلى رسول اللّه، السلام ما قامت السماوات والأرض وعليك يا جابر! كما بلّغت السلام»، وكان جابر بعد ذلك يختلف إليه ويتعلّم منه فسأله محمّد بن علي(علیهما السلام) عن شيء فقال له جابر: واللّه لا دخلت في نهي رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) فقد أخبرني: «إنّكم الأئمّة الهداة من أهل بيته من بعده وأحلم الناس صغاراً وأعلمهم كباراً» وقال: «لا تعلّموهم فهم أعلم منكم»، فقال أبو جعفر(علیه السلام): «صدق رسول اللّه(صلی الله علیه و آله)، واللّه إنّي لأعلم منك بما سألتك عنه ولقد

ص: 87

أُوتيت الحكم صبياً، كلّ ذلك بفضل اللّه علينا ورحمته لنا أهل البيت»((1)).

وفيه أيضاً: حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي السمرقندي (رضي الله عنه) قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه قال: حدّثنا محمّد بن نصر، عن الحسن بن موسى الخشّاب قال: حدّثنا الحكم بن بهلول الأنصاري، عن إسماعيل بن همّام، عن عمران بن قرّة، عن أبي محمّد المدني، عن ابن أذينة، عن أبان بن أبي عيّاش قال: حدّثنا سليم بن قيس الهلالي قال: سمعت علياً(علیه السلام) يقول: «ما نزلت على رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) آية من القرآن إلاّ أقرأنيها وأملاها عليّ فكتبتها بخطّي وعلّمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها ومحكمها ومتشابهها، ودعا اللّه عزّ وجلّ أن يعلّمني فهمها وحفظها، فما نسيت آية من كتاب اللّه عزّ وجلّ ولا علماً أملاه عليّ فكتبته وما ترك شيئاً علّمه اللّه عزّ وجلّ من حلال ولا حرام ولا أمر ولا نهي وما كان أو يكون من طاعة أو معصية إلاّ علّمنيه وحفظته ولم أنس منه حرفاً واحداً، ثمّ وضع يده على صدري ودعا اللّه تبارك وتعالى بأن يملأ قلبي علماً وفهماً وحكمة ونوراً ولم أنس من ذلك شيئاً ولم يفتني من ذلك شيء لم أكتبه، فقلت: يا رسول اللّه! أتخوّف عليّ النسيان في ما بعد فقال(صلی الله علیه و آله): لست أتخوّف عليك نسياناً ولا جهلاً وقد أخبرني ربّي عزّ وجلّ أنّه قد استجاب لي فيك وفي شركائك الذين يكونون من بعدك فقلت: يا رسول اللّه! ومن شركائي من بعدي؟ قال: الذين قرنهم اللّه عزّ وجلّ بنفسه وبي فقال: «أَطِيعُوا اللّه وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ» فقلت: يا رسول اللّه! ومن هم؟ فقال: الأوصياء منّي إلى أن يردوا عليّ الحوض كلّهم هاد مهتد لا يضرّهم من خذلهم، هم مع القرآن والقرآن معهم، لا يفارقهم ولا

ص: 88


1- كمال الدين: ص253 ح3؛ عنه بحار الأنوار: ج36 ص249 ح67.

يفارقونه فبهم تنصر أُمّتي وبهم يمطرون وبهم يدفع عنهم البلاء وبهم يستجاب دعاؤهم؛ فقلت: يا رسول اللّه! سمّهم لي، فقال: ابني هذا ووضع يده على رأس الحسن ثمّ ابني هذا ووضع يده على رأس الحسين ثمّ ابن له يقال له علي، سيولد في حياتك فاقرأه منّي السلام ثمّ تكمله اثني عشر إماماً» فقلت: بأبي أنت وأُمّي فسمّهم لي فسمّاهم رجلاً رجلاً فقال: «فيهم واللّه يا أخا بني هلال! مهدي أُمّة محمّد الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً واللّه إنّي لأعرف من يبايعه بين الركن والمقام وأعرف أسماء آبائهم وقبائلهم»((1)).

وفي تفسير العياشي: عن أبان أنّه دخل على أبي الحسن الرضا(علیه السلام) قال: فسألته عن قول اللّه: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّه وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ» فقال: «ذلك علي بن أبي طالب(علیه السلام)»، ثمّ سكت قال: فلمّا طال سكوته قلت: ثمّ من؟ قال: «ثمّ الحسن(علیه السلام)» ثمّ سكت فلمّا طال سكوته قلت: ثمّ من؟ قال: «الحسين(علیه السلام)»، قلت: ثمّ من؟ قال: ثمّ علي بن الحسين» وسكت، فلم يزل يسكت عند كلّ واحد حتّى أُعيد المسألة فيقول، حتّى سمّاهم إلى آخرهم(علیهم السلام)((2)).

وفي بحار الأنوار عن الاحتجاج: عن موسى بن عقبة أنّه قال: لقد قيل لمعاوية إنّ الناس قد رموا أبصارهم إلى الحسين(علیه السلام) فلو قد أمرته يصعد المنبر فيخطب فإنّ فيه حصراً وفي لسانه كلالة فقال لهم معاوية: قد ظننا ذلك بالحسن، فلم يزل حتّى عظم في أعين الناس وفضحنا فلم يزالوا به حتّى قال للحسين(علیه السلام): يا أبا عبد اللّه! لو صعدت المنبر فخطبت، فصعد الحسين(علیه السلام) المنبر فحمد اللّه وأثنى

ص: 89


1- تفسير نور الثقلين: ج1 ص504 ح346؛ كمال الدين: ص284 ح37؛ عنه بحار الأنوار: ج36 ص256 ح75.
2- العياشي: ج1 ص410 ح172؛ عنه بحار الأنوار: ج23 ص292 ح26.

عليه ثمّ صلّى على النبي(صلی الله علیه و آله) فسمع رجلاً يقول: من هذا الذي يخطب؟ فقال الحسين(علیه السلام): «نحن حزب اللّه الغالبون((1))

وعترة رسول اللّه الأقربون وأهل بيته الطيّبون وأحد الثقلين اللذين جعلنا رسول اللّه ثاني كتاب اللّه تبارك وتعالى الذي فيه تفصيل كلّ شيء((2))، لا يأتيه الباطل من بين يديه

ولا من خلفه((3))، والمعوّل علينا في تفسيره ولا يبطئنا تأويله، بل نتّبع حقائقه فأطيعونا فإنّ طاعتنا مفروضة إذ كانت بطاعة اللّه ورسوله مقرونة، قال اللّه عزّ وجلّ: «أَطِيعُوا اللّه وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّه وَالرَّسُولِ»((4)) وقال: «وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّه عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً»((5)) وأُحذّركم الإصغاء إلى هتوف الشيطان بكم فإنّه لكم عدو مبين، فتكونوا كأوليائه الذين قال لهم: «لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتَ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِىءٌ مِنْكُمْ»((6)) فتلقون للسيوف ضرباً وللرماح ورداً وللعمد حطماً وللسهام غرضاً ثمّ لا يقبل من نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً»((7))، قال معاوية:

ص: 90


1- إشارة إلى الآية 56 من سورة المائدة: «وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ».
2- إشارة إلى الآية 111 من سورة يوسف: «... ما كانَ حَديثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْديقَ الَّذي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ».
3- من الآية 42 من سورة فصّلت.
4- سورة النساء، الآية: 59.
5- سورة النساء، الآية: 83.
6- سورة الأنفال، الآية: 48.
7- إشارة أو اقتباس من الآية 158 من سورة الأنعام: «يَوْمَ يَأْتي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ في إيمانِها خَيْراً».

حسبك يا أبا عبد اللّه! فقد أبلغت((1)).

وفي بحار الأنوار عن رجال الكشي: جعفر بن أحمد، عن صفوان، عن أبي اليسع قال: قلت لأبي عبد اللّه(علیه السلام): حدّثني عن دعائم الإسلام التي بني عليها ولا يسع أحداً من الناس تقصير في شيء منها، التي من قصّر عن معرفة شيء منها كتب عليه ذنبه ولم يقبل منه عمله ومن عرفها وعمل بها صلح دينه وقبل منه عمله ولم يضرّ به ما فيه بجهل شيء من الأُمور جهله((2))، قال: فقال: «شهادة أن لا إله إلاّ اللّه والإيمان برسول اللّه(صلی الله علیه و آله) والإقرار بما جاء به من عند اللّه». ثمّ قال: «الزكاة والولاية شيء دون شيء فضل يعرف لمن أخذ به، قال رسول اللّه(صلی الله علیه و آله): من مات لا يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية. وقال اللّه عزّ وجلّ: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّه وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ» وكان علي(علیه السلام) وقال آخرون: لا، بل معاوية وكان حسن، ثمّ كان حسين، وقال آخرون: هو يزيد بن معاوية لا سواه» ثمّ قال: «أُزيدكم؟» قال بعض القوم: زده جعلت فداك، قال: «ثمّ كان علي بن الحسين(علیهما السلام)، ثمّ كان أبو جعفر وكانت الشيعة قبله لا يعرفون ما يحتاجون إليه من حلال ولا حرام إلاّ ما تعلّموا من الناس، حتّى كان أبو جعفر(علیه السلام) ففتح لهم وبيّن لهم وعليهم فصاروا يعلّمون الناس بعد ما كانوا يتعلّمون منهم والأمر هكذا يكون والأرض لا تصلح إلاّ بإمام ومن مات ولا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية وأحوج ما تكون إلى هذا إذا بلغت نفسك هذا المكان - وأشار بيده إلى حلقه - وانقطعت من الدنيا تقول: لقد

ص: 91


1- بحار الأنوار: ج44 ص205 ح1؛ عن الاحتجاج: ج2 ص22؛ وعن مناقب لابن شهر آشوب: ج3 ص223.
2- في تفسير العياشي: ولم يضرّه ما هو فيه بجهل شيءٍ من الأمور إن جمله.

كنت على رأي حسن...»((1)).

وفي تفسير العياشي: عن حكيم قال: قلت: لأبي عبد اللّه(علیه السلام): جعلت فداك، أخبرني من أُولي الأمر الذين أمر اللّه بطاعتهم؟ فقال لي: «أُولئك علي بن أبي طالب والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمّد بن علي وجعفر أنا، فاحمدوا اللّه الذي عرّفكم أئمّتكم وقادتكم حين جحدهم الناس»((2)).

قال شاعر أهل البيت(علیهم السلام) عبد المنعم الفرطوسي:

وكمال الإيمان من دون نقص * يعتريه من سائر الأسماء

هو صدق الإيمان من كل عبد * بأن الوَرى وبالأصفياء

وجميع الوُلاة مِمّن أقيموا * منه للخلق خيرة الخلفاء

حيث قد أوجب الإله على * الخلق إطاعتهم بدون إباء

حيث قد أوجب الإله على * الخلق إطاعتهم بدون إباء

حينما أصبحوا لربّ البرايا * وبنى الهدى عن القرناء

وأطيعوا اللّه العظيم وطاها * وأولى الأمر خيرة الأوصياء

وهم أفضل الخلائق مِمّن * يقتدى فيه أحسن الاقتداء

ص: 92


1- بحار الأنوار: ج23 ص89 ح35؛ عن رجال الكشي (اختيار معرفة الرجال): ج2 ص723 ح799؛ تفسير العياشي: ج1 ص411 ح176؛ الكافي: ج2 ص19 ح6.
2- تفسير العياشي: ج1 ص411 ح175؛ عنه بحار الأنوار: ج23 ص293 ح29.

25- المطيعون للّه وللرسول: الأئمة المعصومون(علیهم السلام)

«وَمَن يُطِعِ أللَّهَ وَألرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ ألَّذِينَ أَنعَمَ أللَّهُ عَلَيهِم مِّنَ ألنَّبِيِّۧنَ وَألصِّدِّيقِينَ وَألشُّهَدَاءِ وَألصَّلِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقا 69 ذَلِكَ ألفَضلُ مِنَ أللَّهِ وَكَفَى بِأللَّهِ عَلِيما 70»

سورة النساء

في الكفاية الأثر: عن المعافا بن زكريا، عن أبي سليمان أحمد بن أبي هراسة، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن عبد اللّه بن حمّاد الأنصاري، عن عثمان بن أبي شيبة، عن حريز، عن الأعمش، عن الحكم بن عتيبة، عن قيس بن أبي حازم، عن أُمّ سلمة قالت: سألت رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) عن قول اللّه سبحانه وتعالى: «فَأُولئِكَ مَعَ الَّذينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفيقاً» قال: «الَّذينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ» أنا و«الصِّدِّيقينَ» علي بن أبي طالب و«الشُّهَداءِ» الحسن والحسين و«الصَّالِحينَ» حمزة و«حَسُنَ أُولئِكَ رَفيقاً» الأئمّة الاثنا عشر بعدي»((1)).

ص: 93


1- كفاية الأثر: ص182؛ عنه بحار الأنوار: ج36 ص347 ح214؛ مناقب لابن شهر آشوب: ج1 ص243 (مختصراً).

وفي مناقب ابن شهر آشوب: مالك بن أنس، عن سميّ بن أبي صالح في قوله: «وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقينَ وَالشُّهَداءِ» قال: «الشُّهَداءِ»، يعني علياً وجعفراً وحمزة والحسن والحسين، هؤلاء سادات الشهداء، و«الصَّالِحينَ» يعني سلمان وأبا ذرّ والمقداد وعمّاراً وبلالاً وخباباً، و«حَسُنَ أُولئِكَ رَفيقاً» يعني في الجنّة، «ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ عَليماً» إنّ منزل علي وفاطمة والحسن والحسين ومنزل رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) واحد((1)).

وقال الحاكم الحسكاني: أخبرنا أبو سعيد محمد بن علي الحيري وأبو بكر محمد بن عبد العزيز الجوري، قالا: أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن محمد الرازي، قال: قرئ على أبي الحسن علي بن مهرويه القزويني بها في الجامع وأنا أسمع سنة تسع وثلاثمائة قال: حدثنا أبو أحمد داود بن سليمان، قال: حدثني علي بن موسى الرضا، قال: أخبرني أبي، عن أبيه جعفر، عن أبيه محمد، عن أبيه علي، عن أبيه الحسين، عن أبيه علي بن أبي طالب(علیهم السلام)، قال: «قال رسول الله(صلی الله علیه و آله) في هذه الآية: «فَأُولئِكَ مَعَ الَّذينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ» قال: «مِنَ النَّبِيِّينَ» محمد، ومن «الصِّدِّيقينَ» علي بن أبي طالب، ومن «الشُّهَداءِ» حمزة، ومن «الصَّالِحينَ» الحسن والحسين، «وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفيقاً» قال: القائم من آل محمد(صلی الله علیه و آله)»((2)).

وفي تأويل الآيات عن كتاب مصباح الأنوار لشيخ الطائفة((3)) بإسناده عن أنس بن مالك قال: صلّى بنا رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) في بعض الأيّام صلاة الفجر ثمّ أقبل

ص: 94


1- مناقب لابن شهر آشوب: ج2 ص283.
2- شواهد التنزيل: ج1 ص197 ح207.
3- قال العلامة المجلسي في بحار الأنوار: ج1 ص21: وكتاب مصباح الأنوار في مناقب إمام الأبرار للشيخ هاشم بن ممد وقد ينسب إلى شيخ الطائفة وهو خطأ... .

علينا بوجهه الكريم فقلت له: يا رسول اللّه إن رأيت أن تفسّر لنا قوله تعالى: «فَأُولئِكَ مَعَ الَّذينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفيقاً» فقال(صلی الله علیه و آله): «أمّا النبيّون فأنا، وأمّا الصدّيقون فأخي علي(علیه السلام)، وأمّا الشهداء فعمّي حمزة، وأمّا الصالحون فابنتي فاطمة وأولادها الحسن والحسين(علیهم السلام)» قال: وكان العبّاس حاضراً فوثب وجلس بين يدي رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) وقال: ألسنا أنا وأنت وعلي وفاطمة والحسن والحسين من نبعة واحدة؟ قال: «وما ذاك يا عمّ؟» قال: لأنّك تعرف بعلي وفاطمة والحسن والحسين دوننا، قال: فتبسّم النبي(صلی الله علیه و آله) وقال: «أمّا قولك يا عمّ: ألسنا من نبعة واحدة؟ فصدقت ولكن يا عمّ إنّ اللّه خلقني وخلق علياً وفاطمة والحسن والحسين قبل أن يخلق الله آدم(علیه السلام) حين لا سماء مبنيّة ولا أرض مدحية ولا ظلمة ولا نور ولا شمس ولا قمر ولا جنّة ولا نار». فقال العبّاس: فكيف كان بدأ خلقكم يا رسول اللّه!؟ فقال: «يا عمّ! لمّا أراد اللّه أن يخلقنا تكلّم بكلمة، خلق منها نوراً ثمّ تكلّم بكلمة أُخرى فخلق منها روحاً ثمّ مزج النور بالروح فخلقني وخلق علياً وفاطمة والحسن والحسين(علیهم السلام) فكنّا نسبّحه حين لا تسبيح ونقدّسه حين لا تقديس. فلمّا أراد اللّه تعالى أن ينشئ الصنعة، فتق نوري فخلق منه العرش، فالعرش من نوري ونوري من نور اللّه ونوري أفضل من العرش، ثمّ فتق نور أخي علي فخلق منه الملائكة فالملائكة من نور علي ونور علي من نور اللّه وعلي أفضل من الملائكة، ثمّ فتق نور ابنتي فاطمة فخلق منه السماوات والأرض فالسماوات والأرض من نور ابنتي فاطمة ونور ابنتي فاطمة من نور اللّه (تعالى) وابنتي فاطمة أفضل من السماوات والأرض، ثمّ فتق نور ولدي الحسن وخلق منه الشمس والقمر فالشمس والقمر من نور ولدي الحسن ونور الحسن من نور

ص: 95

اللّه والحسن أفضل من الشمس والقمر، ثمّ فتق نور ولدي الحسين فخلق منه الجنّة والحور العين فالجنّة والحور العين من نور ولدي الحسين ونور ولدي الحسين من نور اللّه وولدي الحسين أفضل من الجنّة والحور العين...»((1)).

وفي تفسير فرات قال: حدّثني عبيد بن كثير معنعناً عن أصبغ بن نباتة... فقال علي بن أبي طالب: «ألا أُخبركم بسبعة من أفضل الخلق يوم يجمعهم اللّه تعالى؟»

قال أبو أيّوب: بلى واللّه فأخبرنا يا أمير المؤمنين! فإنّك كنت تشهد ونغيب قال: «فإنّ أفضل الخلق يوم يجمعهم اللّه سبعة من بني عبدالمطّلب لا ينكر فضلهم إلاّ كافر ولا يجحد إلاّ جاحد» قال عمّار بن ياسر (رضي الله عنه): سمّهم يا أمير المؤمنين! لنعرفهم قال: «إنّ أفضل الخلق يوم يجمع اللّه الرسل وإنّ من أفضل الرسل محمّد(صلی الله علیه و آله) ثمّ إنّ أفضل كلّ أُمّة بعد نبيّها، وصيّ نبيّها حتّى يدركه نبي وإنّ أفضل الأوصياء، وصي محمّد ثمّ إنّ أفضل الناس بعد الأوصياء، الشهداء وإنّ أفضل الشهداء، حمزة سيّد الشهداء وجعفر بن أبي طالب(رحمه الله) ذا الجناحين يطير بهما مع الملائكة لم يحلّ بحليته أحد من الآدميين في الجنّة شيء شرّفه اللّه به والسبطان، الحسن والحسين، سيّدا شباب أهل الجنّة ومن ولدت إيّاهما والمهدي يجعله اللّه من أحبّ منّا أهل البيت» ثمّ قال: «أبشروا ثلاثاً، «وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفيقاً ٭ ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ عَليماً»((2)).

وفي شواهد التنزيل: أخبرنا أبو العبّاس الفرغاني قال: أخبرنا أبو المفضّل

ص: 96


1- تأويل الآيات الظاهرة: ج1 ص137 ح16؛ عنه بحار الأنوار: ج37 ص82 ح51.
2- تفسير فرات الكوفي: ج1 ص112 ح113؛ عنه بحار الأنوار: ج32 ص272 ح212؛ وقريب منه في: الكافي: ج1 ص450 ح34.

الشيباني قال: حدّثنا أحمد بن مطرف بن سوار، أبو الحسين البستي قاضي الحرمين بمكّة قال: حدّثني يحيى بن محمّد بن معاد بن شاه السنجري قال: حدّثنا أحمد بن عبد اللّه بن أبي الصارم الهروي قال: حدّثني مدركة بن عبد الرحمان العبدي، عن أبان بن أبي عيّاش، عن سعيد بن جبير، عن سعد بن حذيفة، عن أبيه حذيفة بن اليمان، قال: دخلت على النبي(صلی الله علیه و آله) ذات يوم وقد نزلت عليه هذه الآية: «فَأُولئِكَ مَعَ الَّذينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفيقاً» فأقرأنيها(صلی الله علیه و آله) فقلت: يا نبي اللّه! فداك أبي وأُمّي من هؤلاء؟ إنّي أجد اللّه بهم حفيّاً قال: «يا حذيفة! أنا من النبيين الذين أنعم اللّه عليهم، أنا أوّلهم في النبوّة وآخرهم في البعث ومن الصدّيقين، علي بن أبي طالب ولمّا بعثني اللّه عزّ وجلّ برسالته كان أوّل من صدّق بي ثمّ من الشهداء، حمزة وجعفر ومن الصالحين، الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة وحسن أُولئك رفيقا، المهدي في زمانه»((1)).

قال شاعر أهل البيت(علیهم السلام) عبد المنعم الفرطوسي:

أطع اللّه والرسول لتحظى * حين تُحيا بصحبة الأنبياء

مع من أنعم الإله عليهم * من خيار الأبرار والشهداء

وهمُ حمزةٌ وجعفر والسبطان * حقّاً وسيّد الأوصياء

وكفى فيهم اصطفاء وحسناً* عند يوم المعاد من رفقاء

لاح فيها عنهم حديث طريف * مستنير يشع بالأضواء((2))

ص: 97


1- شواهد التنزيل: ج1 ص198 ح209.
2- ملحمة أهل البيت(علیهم السلام): ج1 ص185.

26- وجوب إطاعة الإمام في جميع الأحوال

«أَلَم تَرَ إِلَى ألَّذِينَ قِيلَ لَهُم كُفُّواْ أَيدِيَكُم وَأَقِيمُواْ ألصَّلَوةَ وَءَاتُواْ ألزَّكَوةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيهِمُ ألقِتَالُ إِذَا فَرِيق مِّنهُم يَخشَونَ ألنَّاسَ كَخَشيَةِ أللَّهِ أَو أَشَدَّ خَشيَة وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبتَ عَلَينَا ألقِتَالَ لَولَا أَخَّرتَنَا إِلَى أَجَل قَرِيب قُل مَتَعُ ألدُّنيَا قَلِيل وَألأخِرَةُ خَير لِّمَنِ أتَّقَى وَلَا تُظلَمُونَ فَتِيلًا 77»

سورة النساء

في تفسير العياشي: عن إدريس مولى لعبد اللّه بن جعفر، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) في تفسير هذه الآية: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ» «مع الحسن(علیه السلام) «وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ... فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ» مع الحسين(علیه السلام) «قَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلاَ أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ» إلى خروج القائم(علیه السلام) فإنّ معه النصر والظفر، قال اللّه تعالى: «قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالاْخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى» الآية»((1)).

وفي الكافي الشريف عن: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن

ص: 98


1- تفسير العياشي: ج1 ص419 ح197؛ عنه بحار الأنوار: ج44 ص217 ح1.

سنان، عن أبي الصباح بن عبدالحميد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر(علیه السلام) قال: «واللّه للذي صنعه الحسن بن علي(علیه السلام) كان خيراً لهذه الأُمّة ممّا طلعت عليه الشمس، واللّه لقد((1))

نزلت هذه الآية: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ» إنّما هي طاعة الإمام فطلبوا((2))

القتال «فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ» مع الحسين(علیه السلام) «قَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلاَ أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ»، «نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعْ الرُّسُلَ»((3)) أرادوا تأخير ذلك إلى القائم(علیه السلام)»((4)).

إطاعة الإمام فرض ماجد * الكَفّ والقتال فيها واحد

ص: 99


1- في تفسير العياشي: لفيه.
2- في الكافي: وطلبوا.
3- سورة إبراهيم، الآية: 44.
4- الكافي: ج8 ص330 ح506؛ عنه بحار الأنوار: ج44 ص25 ح9؛ تفسير العياشي: ج1 ص419 ح198؛ عنه بحار الأنوار: ج44 ص217 ح3.

27- وجوب ردّ الأمور إلى الرسول والإمام(علیهم السلام)

«وَلَو رَدُّوهُ إِلَى ألرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي ألأَمرِ مِنهُم لَعَلِمَهُ ألَّذِينَ يَستَنبِطُونَهُۥ مِنهُم 83»

سورة النساء

في بحار الأنوار نقلاً عن الاحتجاج ضمن خطبة لسيد الشهداء الإمام الحسين(علیه السلام) بمحضر معاوية لعنة الله عليه: «نحن حزب الله الغالبون وعترة رسول الله الأقربون وأهل بيته الطيبون، وأحد الثقلين اللذَين جعلنا رسول الله ثاني كتاب الله تبارك وتعالى الذي فيه تفصيل كل شيء، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والمعوّل علينا في تفسيره ولا يبطئنا تأويله، بل نتبع حقائقه، فأطيعونا، فإنّ طاعتنا مفروضة؛ إذ كانت بطاعة الله ورسوله مقرونة، قال الله عز وجل: «أَطيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ في شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ»((1)) وقال: «وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلاَّ قَليلاً»...»((2)).

ص: 100


1- سورة النساء، الآية: 59.
2- بحار الأنوار: ج44 ص205 ح1؛ عن الاحتجاج: ج2 ص22؛ وعن مناقب لابن شهر آشوب: ج3 ص223.

أقول: قد ذكرنا هذا الحديث كاملاً في الآية 59 من سورة النساء، فراجع.

ولو أنّ الأمور في الدين ردّت * لأولي الأمر خيرة الأولياء

والرسول الكريم لاستنبطوها * بعد علم بها من العلماء

آية أوحيت بفضل عليّ * وعليّ من أفضل الفقهاء

حينما استخلف النبيّ عليّاً * بعده في المدينة الغرّاء

فاح عنهم لنا حديث كريم * بغوال تضوع بالأشذاء((1))

ص: 101


1- ملحمة أهل البيت(علیهم السلام): ج1 ص189.

28- الحسين(علیه السلام) وسيلة اللّه

«يَأَيُّهَا ألَّذِينَ ءَامَنُواْ أتَّقُواْ أللَّهَ وَأبتَغُواْ إِلَيهِ ألوَسِيلَةَ وَجَهِدُواْ فِي سَبِيلِهِۦ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ 35»

سورة المائدة

في عيون أخبار الرضا(علیه السلام) عن رسول الله(صلی الله علیه و آله): «الأئمة من وُلد الحسين(علیه السلام)، من أطاعهم فقد أطاع الله، ومن عصاهم فقد عصى الله عز وجلّ، هم العروة، الوثقى وهم الوسيلة الى الله عز وجلّ»((1)).

وفي تفسير علي بن إبراهيم القمي: وقوله - تعالى - : «اتَّقُوا اللّه وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ» فقال: تقربوا إليه بالإمام((2)).

وفي دلائل الإمامة ضمن خطبة مولاتنا فاطمه الزهرا(علیها السلام) في المسجد النبوي بمحضر المهاجرين والأنصار: «... فاتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن إلّا وأنتم مسلمون، ولا تتولوا مدبرين، وأطيعوه في ما أمركم ونهاكم، فإنما يخشى الله من

ص: 102


1- عيون أخبار الرضا(علیه السلام): ج1 ص63 ح217؛ عنه بحار الأنوار: ج36 ص244 ح54؛ وفي ينابيع المودة: ج2 ص318 ح918؛ قريب من هذا الحديث عن أمير المؤمنين(علیه السلام): «الأئمة من ولدي... وهم الوسيلة».
2- تفسير القمي: ج1 ص168؛ عنه بحار الأنوار: ج67 ص271.

عباده العلماء، فاحمدوا الله الذي بعظمته ونوره ابتغى من في السماوات ومن في الأرض إليه الوسيلة، فنحن وسيلته في خلقه، ونحن آل رسوله، ونحن حجة غيبه وورثة أنبيائه...»((1)).

وفي بصائر الدرجات بسنده عن سلمان الفارسي (رضوان الله عليه) عن أمير المؤمنين(علیه السلام) في قول الله تبارك وتعالى: «قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهيداً بَيْني وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ»((2)) فقال: «أنا هو الذي عنده علم الك-تاب وقد صدّقه الله وأعطاه الوسيلة في الوصية، ولا يُخلي أمته((3)) من وسيلته إليه وإلى الله، فقال: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّه وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ»»((4)).

وفي تفسير الإمام العسكري(علیه السلام): قال علي بن الحسين صلوات اللّه عليهما: «حدّثني أبي، عن أبيه، عن رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) قال: قال: يا عباد اللّه! إنّ آدم لمّا رأى النور ساطعاً من صلبه إذ كان اللّه قد نقل أشباحنا من ذروة العرش إلى ظهره، رأى النور ولم يتبيّن الأشباح فقال: يا ربّ ما هذه الأنوار؟ قال اللّه عزّ وجلّ: أنوار أشباح نقلتهم من أشرف بقاع عرشي إلى ظهرك ولذلك أمرت الملائكة بالسجود لك إذ كنت وعاءً لتلك الأشباح. فقال آدم: يا ربّ لو بيّنتها لي؟ فقال اللّه تعالى: انظر يا آدم! إلى ذروة العرش، فنظر آدم ووقع نور أشباحنا من ظهر آدم على ذروة العرش فانطبع فيه صور أنوار أشباحنا كما ينطبع وجه الإنسان في المرآة الصافية فرأى أشباحنا فقال: ما هذه الأشباح يا ربّ؟ فقال

ص: 103


1- دلائل الإمامة: ص113 ضمن ح36؛ شرح نهج البلاغة: ج16 ص211.
2- سورة الرعد، الآية: 43.
3- هكذا في البحار، وفي المصدر: ولا تخلى أمة.
4- بصائر الدرجات: ص236 ح21؛ عنه بحار الأنوار: ج35 ص432 ح12.

اللّه: يا آدم، هذه أشباح أفضل خلائقي وبريّاتي، هذا محمّد وأنا المحمود والحميد في أفعالي، شققت له اسماً من اسمي وهذا علي وأنا العلي العظيم شققت له اسماً من اسمي وهذه فاطمة وأنا فاطر السماوات والأرض فاطم أعدائي عن رحمتي يوم فصل قضائي وفاطم أوليائي عمّا يعتريهم ويشينهم فشققت لها اسماً من اسمي وهذا الحسن وهذا الحسين وأنا المحسن المجمل شققت لهما اسماً من اسمي هؤلاء خيار خليقتي وكرام بريّتي بهم آخذ وبهم أُعطي وبهم أُعاقب وبهم أُثيب فتوسّل((1)) إليّ بهم، يا آدم! وإذا دهتك داهية اجعلهم إليّ شفعاءك فإنّي آليت على نفسي قسماً حقّاً لا أُخيّب بهم آملاً ولا أردّ بهم سائلاً فلذلك حين نزلت منه الخطيئة دعا اللّه عزّ وجلّ بهم فتاب عليه وغفر له»((2)).

ولنعم ما قيل:

ولايتي لأمير النحل تكفيني * عند الممات وتغسيلي وتكفيني

محبتي لأمير المؤمنين عليّ * خير الوسيلة أرجو أن تنجّيني

وطينتي عجنت من قبل تكويني * في حبّ حيدر كيف النار تكويني

ص: 104


1- جاء في حديث عن الإمام الباقر(علیه السلام) عن: جابر الأنصاري: «قلت لرسول اللّه(صلی الله علیه و آله): فما تقول في علي بن أبي طالب(علیه السلام)؟ فقال: ذاك نفسي. قلت: فما تقول في الحسن والحسين(علیهما السلام)؟ قال: هما روحي وفاطمة أُمّهما ابنتي، يسوؤني ما ساءها ويسرّني ما سرّها، أُشهد اللّه أنّي حرب لمن حاربهم سلم لمن سالمهم. يا جابر! إذا أردت أن تدعو اللّه فيستجيب لك فادعه بأسمائهم فإنّها أحبّ الأسماء إلى اللّه عزّ وجلّ»، الاختصاص: ص223.
2- تفسير الإمام العسكري(علیه السلام): ص219 ح102؛ عنه تأويل الآيات الظاهرة: ج1 ص44 ح19؛ بحار الأنوار: ج11 ص150 ضمن ح25.

29- الحسين(علیه السلام) خازن الوحي...

«وَتَمَّت كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدقا وَعَدلا لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَتِهِۦ وَهُوَ ألسَّمِيعُ ألعَلِيمُ 115»

سورة الأنعام

الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا(علیه السلام)، عن أبيه وابن الوليد معاً، عن سعد والحميري معاً، عن صالح بن أبي حمّاد والحسن بن طريف معاً، عن بكر بن صالح وحدّثنا أبي وابن المتوكّل وماجيلويه وأحمد بن علي بن إبراهيم وابن ناتانة والهمداني رضي اللّه عنهم جميعاً، عن علي، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن عبدالرحمن بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) قال: «قال أبي لجابر بن عبد اللّه الأنصاري: إنّ لي إليك حاجة فمتى يخفّ عليك أن أخلو بك فأسألك عنها؟ قال له جابر: في أيّ الأوقات شئت. فخلا به أبي(علیه السلام) فقال له: يا جابر! أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يدي أُمّي فاطمة بنت رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) وما أخبرتك به أُمّي أنّ في ذلك اللوح مكتوباً، قال جابر: أُشهد باللّه أنّي دخلت على أُمّك فاطمة في حياة رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) أُهنّئها بولادة الحسين فرأيت في يدها لوحاً أخضر، ظننت أنّه زمرّد ورأيت فيه كتاباً أبيض شبه نور الشمس فقلت لها: بأبي أنت وأُمّي يا بنت رسول اللّه ما هذا اللوح؟ فقالت: هذا اللوح أهداه اللّه عزّ وجلّ إلى رسوله، فيه اسم أبي واسم بعلي واسم ابنيّ

ص: 105

وأسماء الأوصياء من ولدي فأعطانيه أبي ليسرّني بذلك، قال جابر: فأعطتنيه أُمّك فاطمة فقرأته وانتسخته، فقال أبي(علیه السلام): فهل لك يا جابر! أن تعرضه عليّ؟ قال: نعم، فمشى معه أبي(علیه السلام) حتّى انتهى إلى منزل جابر فأخرج إلى أبي صحيفة من رقّ قال جابر:

فأُشهد باللّه أنّي هكذا رأيته في اللوح مكتوباً: بسم اللّه الرحمن الرحيم، هذا كتاب من اللّه العزيز العليم، لمحمّد نوره وسفيره وحجابه ودليله، نزل به الروح الأمين من عند ربّ العالمين، عظّم يا محمّد! أسمائي واشكر نعمائي ولا تجحد آلائي، إنّي أنا اللّه لا إله إلاّ أنا، قاصم الجبّارين ومذلّ الظالمين وديّان الدين، إنّي أنا اللّه لا إله إلاّ أنا فمن رجا غير فضلي أو خاف غير عدلي، عذّبته عذاباً لا أُعذّبه أحداً من العالمين فإيّاي فاعبد وعليّ فتوكّل، إنّي لم أبعث نبيّاً فأكملت أيّامه وانقضت مدّته إلاّ جعلت له وصيّاً وإنّي فضّلتك على الأنبياء وفضّلت وصيّك على الأوصياء وأكرمتك بشبليك بعده وبسبطيك حسن وحسين فجعلت حسناً معدن علمي بعد انقضاء مدّة أبيه وجعلت حسيناً خازن وحيي وأكرمته بالشهادة وختمت له بالسعادة فهو أفضل من استشهد وأرفع الشهداء درجة، جعلت كلمتي التامّة معه((1)) والحجّة البالغة عنده، بعترته أُثيب وأُعاقب أوّلهم علي سيّد العابدين وزين أولياء الماضين، وابنه شبيه جدّه المحمود محمّد الباقر لعلمي والمعدن لحكمي، سيهلك المرتابون في جعفر، الرادّ عليه كالراد عليّ، حقّ القول منّي، لأكرمنّ مثوى جعفر ولأسرّنّه في أشياعه وأنصاره وأوليائه، انتجبت بعده موسى وانتجبت بعده فتنة عمياء حندس لأنّ خيط فرضي لا ينقطع وحجّتي لا تخفى وأنّ أوليائي لا يشقون ألا ومن جحد واحداً منهم فقد جحد نعمتي ومن غيّر آية من كتابي فقد افترى عليّ وويل للمفترين

ص: 106


1- هذا موضع الشاهد من هذا الحديث.

الجاحدين عند انقضاء مدّة عبدي موسى وحبيبي وخيرتي، إنّ المكذّب بالثامن مكذّب بكلّ أوليائي وعليٌّ وليّي وناصري ومن أضع عليه أعباء النبوّة وأمنحه بالاضطلاع بها، يقتله عفريت مستكبر، يدفن بالمدينة التي بناها العبد الصالح إلى جنب شرّ خلقي، حقّ القول منّي لأقرّنّ عينه بمحمّد ابنه وخليفته من بعده فهو وارث علمي ومعدن حكمي وموضع سرّي وحجّتي على خلقي، جعلت الجنّة مثواه وشفّعته في سبعين ألفاً من أهل بيته، كلّهم قد استوجبوا النار وأختم بالسعادة لابنه علي وليّي وناصري والشاهد

في خلقي وأميني على وحيي، أُخرج منه الداعي إلى سبيلي والخازن لعلمي، الحسن ثمّ أُكمل ذلك بابنه رحمة للعالمين، عليه كمال موسى وبهاء عيسى وصبر أيّوب سيذلّ أوليائي في زمانه ويتهادون رؤوسهم كما تتهادى رؤوس الترك والديلم فيقتلون ويحرقون ويكونون خائفين مرعوبين وجلين، تصبغ الأرض بدمائهم ويفشو الويل والرنين في نسائهم، أُولئك أوليائي حقّاً، بهم أدفع كلّ فتنة عمياء حندس وبهم أكشف الزلازل وأدفع الآصار والأغلال، أُولئك عليهم صلوات من ربّهم ورحمة وأُولئك هم المهتدون». قال عبدالرحمن بن سالم: قال أبو بصير: لو لم تسمع في دهرك إلاّ هذا الحديث لكفاك، فصنه إلاّ عن أهله((1)).

وفي الكافي الشريف بسنده إلى يؤنس بن ظبيان، قال: سمعتُ أبا عبد الله(علیه السلام) يقول: «إن الله عز وجل إذا أراد أن يخلق الإمام من الإمام بعث ملكاً فأخذ شربة من ماء تحت العرش ثم أوقعها أو دفعها إلى الإمام فشربها، فيمكث في الرحم

ص: 107


1- عيون أخبار الرضا(علیه السلام): ج2 ص48 ح2؛ غيبة النعماني: ص69؛ الصراط المستقيم: ج2 ص137؛ كمال الدين: ص308 ح1؛ الاختصاص: ص209؛ الاحتجاج: ج1 ص84؛ إرشاد القلوب: ج2 ص290؛ إعلام الورى: ج2 ص174؛ غيبة الطوسي: ص143 ح108؛ جامع الأخبار: ص67 ح84؛ الكافي: ج1 ص527 ح3؛ بحار الأنوار: ج36 ص195 ح3.

أربعين يوماً لا يسمع الكلام، ثم يسمع الكلام بعد ذلك، فإذا وضعته أمه بعث الله إليه ذلك الملك الذي أخذ الشربة فكتب على عضده الأيمن: «وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقا وَعَدْلاً لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ» فإذا قام بهذا الأمر رفع الله له في كل بلدة مناراً ينظر به إلى أعمال العباد»((1)).

أقول: وقد سبق في الآية 124 من سورة البقرة «وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ... » عن كمال الدين في الحديث عن الإمام الصادق(علیه السلام): ... فقلت له: يا ابن رسول الله، فما يعني عز وجل بقوله: «فَأَتَمَّهُنَّ؟» قال: «يعني فأتمهن إلى

القائم، اثني عشر إماماً، تسعة من ولد الحسين(علیهم السلام)»، قال المفضل: فقلت: يا بن رسول الله، فأخبرني عن قول الله عز وجل: «وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً في عَقِبِهِ»((2))، قال: «يعني بذلك الإمامة، جعلها الله تعالى في عقب الحسين(علیه السلام) إلى يوم القيامة...»((3)).

حديث اللوح مروّى الأكابر * حديث كاللألي والجواهر

من الأنصار جابر قد رواه * ومن بنت النبي فقد حكاه

ص: 108


1- الكافي: ج1 ص387 ح3، أقول: وبهذا المعنى أحاديث كثيرة في الكافي وفي بصائر الدرجات وغيرهما، فراجع.
2- سورة الزخرف، الآية: 28.
3- كمال الدين: ص358 ح57.

30- الحسين(علیه السلام) من حجج الله

«قُل فَلِلَّهِ ألحُجَّةُ ألبَلِغَةُ 149»

سورة الأنعام

في حديث اللوح الذي مرّ في الآية السابقة: «... وجعلت حسيناً خازن وحيي وأكرمته بالشهادة وختمت له بالسعادة فهو أفضل من استشهد وأرفع الشهداء درجةً، جعلت كلمتي التامة معه والحجة البالغة عنده...»((1)).

وفي الكافي الشريف عن علي بن موسى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد ومحمد بن خالد البرقي، عن النضر بن سويد رفعه عن سدير، عن أبي جعفر(علیه السلام) قال: قلت له: جعلتُ فداك، ما أنتم؟ قال: «نحن خزّان علم الله، ونحن تراجمة وحي الله، ونحن الحجة البالغة على من دون السماء ومن فوق الأرض»((2)).

وفي الكافي أيضاً بسنده عن سدير، قال قلت لأبي عبد الله(علیه السلام): ... فما أنتم؟ قال: «نحن خزّان علم الله، نحن تراجمة أمر الله، نحن قوم معصومون، أمر الله تبارك وتعالى بطاعتنا ونهى عن معصيتنا، نحن الحجة البالغة على من دون السماء

ص: 109


1- عيون أخبار الرضا(علیه السلام): ج2 ص49 ح2، وغيره من المصادر.
2- الكافي: ج1 ص192 ح3.

وفوق الأرض»((1)).

وفيه أيضاً عن أحمد بن مهران، عن محمد بن علي ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد جميعاً، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله(علیه السلام) قال: «... كان أمير المؤمنين(علیه السلام) باب الله الذي لا يؤتى إلّا منه، وسبيله الذي من سلك بغيره هلك، وكذلك يجري الأئمة الهدى واحداً بعد واحد، جعلهم الله أركان الأرض أن تميد بأهلها وحجته البالغة على من فوق الأرض ومن تحت الثرى...»((2)).

ص: 110


1- الكافي: ج1 ص269 ح6.
2- الكافي: ج1 ص196 ضمن ح1.

31- الحسين(علیه السلام) من أصحاب الأعراف

«وَبَينَهُمَا حِجَاب وَعَلَى ألأَعرَافِ رِجَال يَعرِفُونَ كُلَّا بِسِيمَىهُم وَنَادَواْ أَصحَبَ ألجَنَّةِ أَن سَلَمٌ عَلَيكُم لَم يَدخُلُوهَا وَهُم يَطمَعُونَ 46»

سورة الأعراف

عن تفسير فرات الكوفي عن محمّد بن الفضل بن جعفر بن الفضل العبّاسي معنعناً عن ابن عبّاس في قوله تعالى: «وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ» قال: النبي(صلی الله علیه و آله) وعلي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين(علیهم السلام) على سور بين((1)) الجنّة والنار يعرفون المحبّين لهم ببياض الوجوه والمبغضين لهم بسواد الوجوه((2)).

وفي مختصر بصائر الدرجات للشيخ الحسن بن سليمان الحلي: علي بن محمد بن علي بن سعد الأشعري، عن حمدان بن يحيى، عن بشر بن حبيب، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) أنّه سُئِلَ عن قول اللّه عزّ وجلّ: «وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ» قال: «سور بين الجنّة والنار، قائم عليه محمّد(صلی الله علیه و آله) وعلي والحسن

ص: 111


1- هكذا في البحار، وفي المصدر: سوري الجنة والنار.
2- تفسير فرات الكوفي: ص144 ح177؛ عنه بحار الأنوار: ج24 ص255 ح18.

والحسين وفاطمة وخديجة(علیهم السلام) فينادون: أين محبّونا! أين شيعتنا! فيقبلون إليهم فيعرفونهم بأسمائهم وأسماء آبائهم وذلك قوله تعالى: «يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ» فيأخذون أيديهم فيجوزون بهم الصراط ويدخلونهم الجنّة»((1)).

ورُوي في كفاية الأثر عن علي بن الحسن، عن هارون بن موسى، عن الحسين بن أحمد بن شيبان القزويني، عن أحمد بن علي العبدي، عن علي بن سعد بن مسروق، عن عبد الكريم بن هلال بن أسلم المكّي، عن أبي الطفيل، عن أبي ذرّ قال: سمعت فاطمة(علیها السلام) تقول: «سألت أبي(صلی الله علیه و آله) عن قول اللّه تبارك وتعالى: «وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ» قال: هم الأئمّة بعدي، عليٌّ وسبطاي وتسعة من صلب الحسين، هم رجال الأعراف لا يدخل الجنّة إلاّ من يعرفهم ويعرفونه ولا يدخل النار إلاّ من أنكرهم وينكرونه، لا يعرف اللّه إلاّ بسبيل معرفتهم»((2)).

وفي تفسير الإمام العسكري(علیه السلام): قال اللّه عزّ وجلّ: «وَاتَّقُوا يَوْماً لاَ تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً»((3)) لا يدفع عنها عذاباً قد استحقّته عند النزع «وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ» يشفع لها بتأخير الموت عنها «وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ»، لا يقبل فداءً مكانه، يمات ويترك هو، قال الصادق(علیه السلام): «وهذا اليوم يوم الموت فإنّ الشفاعة والفداء لا يغني فيه، فأمّا في يوم القيامة فإنّا وأهلنا نجزي عن شيعتنا كلّ جزاء ليكوننّ على الأعراف بين الجنّة والنار محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين(علیهم السلام)

ص: 112


1- مختصر بصائر الدرجات: ص53؛ وفي بحار الأنوار: ج24 ص255 ح19؛ عن تأويل الآيات الظاهرة: ج1 ص176 ح12.
2- كفاية الأثر: ص194؛ عن بحار الأنوار: ج36 ص351 ح220؛ مناقب لابن شهر آشوب: ج1 ص254؛ الصراط المستقيم: ج2 ص122.
3- سورة البقرة، الآية: 48.

والطيّبون من آلهم فنرى بعض شيعتنا في تلك العرصات فمن كان منهم مقصّراً في بعض شدائدها فنبعث عليهم خيار شيعتنا كسلمان والمقداد وأبي ذرّ وعمّار ونظرائهم في العصر الذي يليهم وفي كلّ عصر إلى يوم القيامة فينقضون عليهم كالبزاة والصقور ويتناولونهم كما يتناول البزاة والصقور صيدها فيزفّونهم إلى

الجنّة زفّاً، وإنّا لنبعث على آخرين من محبّينا من خيار شيعتنا كالحمام فيلتقطونهم من العرصات كما يلتقط الطير الحبّ وينقلونهم إلى الجنان بحضرتنا وسُيؤتى بالواحد من مقصّري شيعتنا في أعماله بعد أن حاز الولاية والتقيّة وحقوق إخوانه ويوقف بإزائه ما بين مائة وأكثر من ذلك إلى مائة ألف من النصّاب فيقال له: هؤلاء فداؤك من النار فيدخل هؤلاء المؤمنون الجنّة وأُولئك النصّاب النار، وذلك ما قال اللّه تعالى: «رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا»((1)) يعني بالولاية «لَوْ كانُوا مُسْلِمينَ» في الدنيا منقادين للإمامة ليجعل مخالفوهم فداءهم من النار»((2)).

ص: 113


1- سورة الحجر، الآية: 2.
2- تفسير الإمام الحسن العسكري(علیه السلام): ص241 ح119؛ بحار الأنوار: ج8 ص44 ح45 و: ص337 ح13.

32- تفسير أولى الأرحام بالأئمة(علیهم السلام)

«وَألَّذِينَ ءَامَنُواْ مِن بَعدُ وَهَاجَرُواْ وَجَهَدُواْ مَعَكُم فَأُوْلَئِكَ مِنكُم وَأُوْلُواْ ألأَرحَامِ بَعضُهُم أَولَى بِبَعض فِي كِتَبِ أللَّهِ إِنَّ أللَّهَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمُ 75»

سورة الأنفال

في تفسير العياشي: عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) قال: قلت له أخبرني عن خروج الإمامة من ولد الحسن إلى ولد الحسين كيف ذلك وما الحجّة فيه؟ قال: «لمّا حضر الحسين(علیه السلام) ما حضره من أمر اللّه لم يجز أن يردّها إلى ولد أخيه ولا يوصي بها فيهم لقولِ اللّه: «وَأُوْلُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّه» فكان ولده أقرب رحماً إليه من ولد أخيه، وكانوا أولى بالإمامة، فأخرجت هذه الآية ولد الحسن(علیه السلام) منها، فصارت الإمامة إلى ولد الحسين(علیه السلام)، وحكمت بها الآية لهم، فهي فيهم إلى يوم القيامة»((1)).

ونقل الشيخ الصدوق في علل الشرائع عن أبيه، عن سعد، عن اليقطيني،

ص: 114


1- تفسير العياشي: ج2 ص211 ح87؛ عنه بحار الأنوار: ج25 ص252 ح9؛ وبتفصيل أكثر في دعائم الإسلام: ج1 ص37.

عن حمّاد بن عيسى، عن عبد الأعلى((1))

بن أعين قال: سمعت أبا عبد اللّه(علیه السلام) يقول: «إنّ اللّه عزّ وجلّ خصّ علياً(علیه السلام) بوصية رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) وما يصيبه له، فأقرّ الحسن والحسين(علیهما السلام) له بذلك، ثمّ وصّيته للحسن وتسليم الحسين للحسن ذلك حتّى أُفضي الأمر إلى الحسين لا ينازعه فيه أحد من

السابقة مثل ما له واستحقّها علي بن الحسين لقول اللّه عزّ وجلّ: «وَأُوْلُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّه» فلا تكون بعد علي بن الحسين إلاّ في الأعقاب وأعقاب الأعقاب»((2)).

آل الرسول هُم أولو الأرحام * أولئك القادة في الإسلام

ص: 115


1- هكذا في الإمامة والتبصرة، والبحار، ولكن في المصدر: عبد العلي.
2- علل الشرائع: ج1 ص207 ح5؛ عنه بحار الأنوار: ج25 ص257 ح17؛ وكذا في الإمامة والتبصرة (لوالد الصدوق): ص48 ح31.

33- المؤمنون في الآية هم الأئمة(علیهم السلام)

«أَم حَسِبتُم أَن تُترَكُواْ وَلَمَّا يَعلَمِ أللَّهُ ألَّذِينَ جَهَدُواْ مِنكُم وَلَم يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ أللَّهِ وَلَا رَسُولِهِۦ وَلَا ألمُؤمِنِينَ وَلِيجَة وَأللَّهُ خَبِيرُ بِمَا تَعمَلُونَ 16»

سورة التوبة

كمال الدين بسنده إلى سليم بن قيس الهلالي في حديث طويل عن أمير المؤمنين(علیه السلام): ... قال: «فأنشدكم الله عز وجل أ تعلمون حيث نزلت: «يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا أَطيعُوا اللَّهَ وَأَطيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ»((1))، وحيث نزلت: «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذينَ آمَنُوا الَّذينَ يُقيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ»((2))، وحيث نزلت: «وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنينَ وَليجَةً» قال الناس: يا رسول الله، أ هذه خاصة في بعض المؤمنين أم عامة لجميعهم؟ فأمر الله عز وجل نبيّه(صلی الله علیه و آله) أن يعلمهم ولاة أمرهم وأن يفسر لهم من الولاية ما فسر لهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم وحجهم، فنصبني للناس بغدير خم، ثم خطب

ص: 116


1- سورة النساء، الآية: 59.
2- سورة المائدة، الآية: 55.

فقال: أيها الناس إن الله عز وجل أرسلني برسالة ضاق بها صدري وظننت أن الناس مكذّبي، فأوعدني لأبلغنها أو ليعذبني، ثم أمر فنودي الصلاة جامعة، ثم خطب الناس فقال: أيها الناس أ تعلمون أن الله عز وجل مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال قم يا علي، فقمت، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فقام سلمان الفارسي رضي الله عنه فقال: يا رسول الله، ولاؤه كماذا؟ فقال(صلی الله علیه و آله) ولاؤه كولائي، من كنت أولى به من نفسه فعليّ أولى به من نفسه، فأنزل الله تبارك وتعالى: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتي وَرَضيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ ديناً»((1)) فكبّر رسول الله(صلی الله علیه و آله) وقال: الله أكبر بتمام النعمة وكمال نبوتي ودين الله عز وجل وولاية عليّ بعدي، فقام أبو بكر وعمر فقالا: يا رسول الله، هذه الآيات خاصة لعليّ؟ قال: بلى فيه وفي أوصيائي إلى يوم القيامة، قالا: يا رسول الله، بيّنهم لنا، قال: علي أخي ووزيري ووارثي ووصيي وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن بعدي، ثم ابني الحسن، ثم ابني الحسين، ثم تسعة من ولد الحسين واحد بعد واحد، القرآن معهم وهم مع القرآن، لا يفارقونه ولا يفارقهم حتى يردوا علي حوضي، فقالوا كلهم: اللهم نعم، قد سمعنا ذلك كله وشهدنا كما قلت سواء، وقال بعضهم: قد حفظنا جلّ ما قلت ولم نحفظه كلّه، وهؤلاء الذين حفظوا أخيارنا وأفاضلنا فقال علي(علیه السلام): صدقتم، ليس كل الناس يستوون في الحفظ...»((2)).

وفي الكافي عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن

ص: 117


1- سورة المائدة، الآية: 3.
2- كمال الدين: ص276 ضمن ح25؛ كتاب سليم: ص198.

مثنى، عن عبد الله بن عجلان، عن أبي جعفر(علیه السلام) في قوله تعالى: «أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنينَ وَليجَةً» «يعني بالمؤمنين الأئمة(علیهم السلام)، لم يتخذوا الولائج من دونهم»((1)).

وفيه أيضاً بسنده إلى سفيان بن محمد الضبعي، قال: كتبتُ إلى أبي محمد(علیه السلام) أسأله عن الوليجة، وهو قول الله تعالى: «وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنينَ وَليجَةً» قلت في نفسي - لا في الكتاب - من ترى المؤمنين هاهنا؟

فرجع الجواب: «الوليجة الذي يقام دون وليّ الأمر، وحدثتك نفسك عن المؤمنين: من هم في هذا الموضع؟ فهم الأئمة(علیهم السلام) الذين يؤمنون على الله فيجيز أمانهم»((2)).

وفي بصائر الدرجات بسنده إلى الحكم بن الصلت، عن أبي جعفر(علیه السلام)، قال:«قال رسول الله(صلی الله علیه و آله): خذوا بحجزة هذا الأنزع - يعني علياً - فإنه الصدّيق الأكبر، وهو الفاروق يفرق بين الحق والباطل، من أحبه هداه الله، ومن أبغضه أضلّه الله، ومَن تخلّف عنه محقه الله، ومِنه سبطا أمتي الحسن والحسين وهما ابناي، ومن الحسين أئمة الهدى، أعطاهم الله فهمي وعلمي، فأحبوهم وتولوهم ولا تتخذوا وليجة من دونهم فيحلّ عليكم غضب من ربكم ومن يحلل عليه غضب من ربه فقد هوى وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور»((3)-(4)).

ص: 118


1- الكافي: ج1 ص415 ح15.
2- الكافي: ج1 ص508 ح9.
3- اقتباس من الآية 81 طه.
4- بصائر الدرجات: ص73 ح2؛ الإمامة والتبصرة: ص111 ح99؛ أمالي الشيخ الصدوق: ص285 ح7 ومصادر أخرى.

34- تأويل اثنى عشر شهراً بالأئمة(علیهم السلام)

«إِنَّ عِ-دَّةَ ألشُّهُورِ عِن-دَ أللَّهِ أثنَا عَشَرَ شَهرا فِي كِتَبِ أللَّهِ يَومَ خَلَقَ ألسَّمَوَتِ وَألأَرضَ مِنهَا أَربَعَةٌ حُرُم ذَلِكَ ألدِّينُ ألقَيِّمُ فَلَا تَظلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُم وَقَتِلُواْ ألمُشرِكِينَ كَافَّة كَمَا يُقَتِلُونَكُم كَافَّة

وَأعلَمُواْ أَنَّ أللَّهَ مَعَ ألمُتَّقِينَ 36»

سورة التوبة

قد جاء حديث اللوح في كتاب تأويل الآيات عن المقلّد بن غالب الحسن(رحمه الله)، عن رجاله بإسناد متّصل إلى عبد اللّه بن سنان الأسدي، عن جعفر بن محمّد(علیه السلام) قال: «قال أبي يعني محمّد الباقر(علیه السلام) لجابر بن عبد اللّه: لي إليك حاجة أخلو فيه...» إلى أن يقول:

«فكان في صحيفته: بسم اللّه الرحمن الرحيم، هذا كتاب من اللّه العزيز العليم أنزله الروح الأمين على محمّد خاتم النبيّين، يا محمّد «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللّه اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّه يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ» يا محمّد عظّم أسمائي، واشكر نعمائي، ولا تجحد آلائي، ولا ترج سوائي، ولا تخش غيري، فإنّه من يرجو سواي ويخش

ص: 119

غيري أُعذّبه عذاباً لا أُعذّبه أحداً من العالمين، يا محمّد إنّي اصطفيتك على الأنبياء، واصطفيت وصيّك علياً(علیه السلام) على الأوصياء، جعلت الحسن عيبة علمي بعد انقضاء مدّة أبيه، والحسين خير أولاد الأوّلين والآخرين، فيه تثبت الإمامة ومنه العقب...»((1)) إلى آخر حديث اللوح الذي قد مرّ في الآية 115 من سورة الأنعام.

وفي كتاب الغيبة للشيخ الطوسي رضوان الله عليه: روى جابر الجعفي قال: سألت أبا جعفر(علیه السلام) عن تأويل قول الله عز وجل: «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللّه اثْنَا عَشَرَ شَهْرا فِي كِتَابِ اللّه يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ» قال: فتنفس سيدي الصعداء، ثم قال: «يا جابر، أمّا السنَة فهي جدي رسول الله(صلی الله علیه و آله)، وشهورها اثنا عشر شهراً، فهو أمير المؤمنين وإليّ وإلى ابني جعفر، وابنه موسى، وابنه علي، وابنه محمد، وابنه علي، وإلى ابنه الحسن، وإلى ابنه محمد الهادي المهدي، اثنا عشر إماماً حجج الله في خلقه وأمناؤه على وحيه وعلمه، والأربعة الحرم الذين هم الدين القيم، أربعة منهم يخرجون باسم واحد عليّ أمير المؤمنين، وأبي عليُّ بن الحسين، وعليّ بن موسى، وعلي بن محمد(علیهم السلام)، فالإقرار بهؤلاء هو الدين القيم «فَلاَ تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ» أي: قولوا بهم جميعاً تهتدوا»((2)).

وأورد النعماني حديثاً مسنداً في كتاب الغيبة قال: أخبرنا سلامة بن محمد، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عمر المعروف بالحاجي، قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي الرازي، قال: حدثنا جعفر بن محمد الحسني، قال:

ص: 120


1- تأويل الآيات الظاهرة: ص210؛ كنز الدقائق: ج5 ص453.
2- الغيبة للشيخ الطوسي: ص149 ح110.

حدثنا عبيد بن كثير، قال: حدثنا أبو أحمد بن موسى الأسدي، عن داود بن كثير الرقي، قال: دخلت على أبي عبد الله جعفر بن محمد(علیهما السلام) بالمدينة، فقال لي: «ما الذي أبطأ بك يا داود عنا؟» فقلت: حاجة عرضت بالكوفة، فقال: «من خلفت بها؟» فقلت: جعلت فداك، خلفت بها عمك زيداً، تركته راكباً على فرس متقلداً سيفاً ينادي بأعلى صوته: سلوني سلوني قبل أن تفقدوني، فبين جوانحي علم جم، قد عرفت الناسخ

من المنسوخ، والمثاني والقرآن العظيم، وإني العَلَم بين الله وبينكم، فقال لي: «يا داود، لقد ذهبت بك المذاهب»، ثم نادى: «يا سماعة بن مهران، ايتني بسلّة الرطب»، فأتاه بسلّة فيها رطب، فتناول منها رطبة فأكلها واستخرج النواة من فيه، فغرسها في الأرض، ففلقت وأنبتت وأطلعت وأغدقت، فضرب بيده إلى بسرة من عذق فشقّها واستخرج منها رقاً أبيض ففضهُ ودفعه إلي، وقال: «اقرأه»، فقرأته وإذا فيه سطران، السطر الأول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، والثاني: «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللّه اثْنَا عَشَرَ شَهْرا فِي كِتَابِ اللّه يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ» أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، الحسن بن علي، الحسين بن علي، علي بن الحسين، محمد بن علي، جعفر بن محمد، موسى بن جعفر، علي بن موسى، محمد بن علي، علي بن محمد، الحسن بن علي، الخلف الحجة، ثم قال: «يا داود، أ تدري متى كتب هذا في هذا؟» قلت: الله أعلم ورسوله وأنتم، فقال: «قبل أن يخلق الله آدم بألفي عام»((1)).

ولنعم ما قيل:

بآل محمد عُرِف الصواب * وفي أبياتهم نزل الكتاب

ص: 121


1- الغيبة للنعماني: ص89 ح18.

وهم حُجج الإله على البرايا * بهم وبجدّهم لا يستراب

حديث اللوح عن جابر دليل * على أسمائهم وليس غِراب

ص: 122

35- الأئمة(علیهم السلام) هم الصادقون

«يَأَيُّهَا ألَّذِينَ ءَامَنُواْ أتَّقُواْ أللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ألصَّدِقِينَ 119»

سورة التوبة

في تفسير العياشي عن أبي حمزة الثمالي، قال: قال أبو جعفر(علیه السلام): «يا با حمزة، إنما يعبد الله من عرف الله، فأما من لا يعرف الله كأنما يعبد غيره هكذا ضالّاً» قلت: أصلحك الله، وما معرفة الله؟ قال: «يصدق الله ويصدق محمداً رسول الله(صلی الله علیه و آله) في موالاة علي(علیه السلام) والإيتمام به، وبأئمة الهدى من بعده، والبراءة إلى الله من عدوّهم، وكذلك عرفان الله»، قال: قلت: أصلحك الله، أي شيء إذا عملته أنا استكملت حقيقة الإيمان؟ قال(علیه السلام): «توالي أولياء الله، وتعادي أعداء الله، وتكون مع الصادقين كما أمرك الله»، قال: قلت: ومن أولياء الله، ومن أعداء الله؟ فقال: «أولياء الله محمد رسول الله وعلي والحسن والحسين وعلي بن الحسين، ثم انتهى الأمر إلينا، ثم ابني جعفر - وأومأ إلى جعفر وهو جالس - فمن والى هؤلاء فقد والى أولياء الله، وكان مع الصادقين كما أمره الله»، قلت: ومن أعداء الله، أصلحك الله؟ قال: «الأوثان الأربعة»، قال: قلت من هم؟ قال: أبو الفصيل ورمع ونعثل ومعاوية، ومن دان بدينهم، فمن

ص: 123

عادى هؤلاء فقد عادى أعداء الله»((1)).

وأورد السيد هاشم البحراني في كتابه تفسير البرهان وغاية المرام عن نهج البيان لمحمد بن الحسن الشيباني في معنى الآية، قال: روي عن أبي جعفر وأبي عبد الله(علیهما السلام): «إن الصادقين ها هنا هم الأئمة الطاهرون من آل محمد(صلی الله علیه و آله)»، قال: وروي أيضاً أن النبي(صلی الله علیه و آله) سئل عن «الصَّادِقينَ» ها هنا، فقال: «هم علي وفاطمة والحسن والحسين وذريتهم الطاهرون إلى يوم القيامة»((2)).

وفي شواهد التنزيل عن عقيل بن علي، عن محمد أبي علي الحسن بن عثمان الفسوي، عن يعقوب بن سفيان الفسوي عن بن قعنب، عن مالك بن أنس، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، في قوله تعالى: «اتَّقُوا اللَّهَ» قال: أمر الله أصحاب محمد بأجمعهم أن يخافوا الله، ثم قال لهم: «وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقينَ»، يعني: محمداً وأهل بيته((3)).

وجاء في كمال الدين مسنداً إلى سليم بن قيس الهلالي في حديث طويل: ... ثم قال علي(علیه السلام): «أنشدكم الله أ تعلمون أن الله عز وجل لما أنزل في كتابه: «يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقينَ» فقال سلمان: يا رسول الله عامة هذه أم خاصة؟ فقال(صلی الله علیه و آله) أما المأمورون فعامة المؤمنين أمروا بذلك، وأما الصادقون فخاصة لأخي علي وأوصيائي من بعده إلى يوم القيامة؟ قالوا: اللهم نعم...»((4)).

ص: 124


1- تفسير العياشي: ج2 ص268 ح157؛ عنه بحار الأنوار: ج27 ص58 ح16.
2- غاية المرام: ج3 ص52 ح4؛ البرهان: ج2 ص865 ح13 و 14.
3- شواهد التنزيل: ج1 ص345 ح357؛ وهكذا في مناقب لابن شهر آشوب: ج2 ص288.
4- كمال الدين: ص278 ضمن ح 25؛ وهكذا في كتاب سليم: ص200 ضمن ح11 و: ص298 ضمن ح25.

36- رفقاء المؤمن في الجنة

«ألَّذِينَ ءَامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ 63 لَهُمُ ألبُشرَى فِي ألحَيَوةِ ألدُّنيَا وَفِي ألأخِرَةِ لَا تَبدِيلَ لِكَلِمَتِ أللَّهِ ذَلِكَ هُوَ ألفَوزُ ألعَظِيمُ 64»

سورة يونس

في تفسير العياشي: عن عبد الرحيم قال: قال أبو جعفر(علیه السلام): «إنّما يغتبط((1)) أحدكم حين تبلغ نفسه هاهنا فينزل عليه ملك الموت فيقول له: أمّا ما كنت ترجو فقد أعطيته وأمّا ما كنت تخافه فقد أمنت منه، ويفتح له باب إلى منزله من الجنّة ويقال له: أُنظر إلى مسكنك من الجنّة وانظر هذا رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) وعلي والحسن والحسين(علیهم السلام) رفقاؤك وهو قول اللّه: «الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ٭ لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الاْخِرَةِ»»((2)).

وأيضاً قد ورد في أحاديث متعددة هذا المعنى - لكن من دون ذكر الآية: «لَهُمْ

ص: 125


1- من أعلام الدين.
2- تفسير العياشي: ج2 ص280 ح32؛ أعلام الدين: ص458؛ وفي دعائم الإسلام: ج1 ص75؛ وتأويل الآيات الظاهرة: ج1 ص218 ح12 قال لقوم من شيعته: «إنّما يغتبط أحدكم إذا بلغت نفسه إلى هاهنا - وأومأ بيده إلى حلقه - ينزل عليه ملك الموت...»، وقريب من دعائم الإسلام في شرح الأخبار: ج3 ص481 ح1386.

الْبُشْرَى... » كما في الكافي الشريف: «... افتح عينك فانظر قال: ويمثل له رسول الله(صلی الله علیه و آله) وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من

ذريتهم(علیهم السلام)...»((1)).

من كان مؤمناً وكان يتّقى * بشراه في الطريق وهو مُرتقي

ص: 126


1- الكافي: ج3 ص127 ح2.

37- الحسين(علیه السلام) من الهداة

«إِنَّمَا أَنتَ مُنذِر وَلِكُلِّ قَومٍ هَادٍ 7»

سورة الرعد

في الكافي الشريف: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد وفضالة بن أيوب، عن موسى بن بكر، عن الفضيل، قال: سألت أبا عبد الله(علیه السلام) عن قول الله عز وجل: «وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ» فقال: «كل إمام هاد للقرن الذي هو فيهم»((1)).

وفيه أيضاً: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن بن أذينة، عن بريد العجلي، عن أبي جعفر(علیه السلام) في قول الله عز وجل: «إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ» فقال: «رسول الله(صلی الله علیه و آله) المنذر، ولكل زمان منا هاد يهديهم إلى ما جاء به نبي الله(صلی الله علیه و آله)، ثم الهداة من بعده علي، ثم الأوصياء واحداً بعد واحد»((2)).

وأيضاً في الكافي الشريف: الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن محمد بن إسماعيل، عن سعدان، عن أبي

ص: 127


1- الكافي: ج1 ص191 ح1.
2- الكافي: ج1 ص191 ح2

بصير، قال: قلت لأبي عبد الله(علیه السلام): «إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ»؟ فقال: «رسول الله(صلی الله علیه و آله) المنذر، وعليّ الهادي، يا أبا محمد، هل من هادٍ اليوم؟» قلت: بلى جعلت فداك ما زال منكم هادٍ بعد هاد حتى دفعت إليك، فقال: «رحمك الله يا أبا محمد، لو كانت إذا نزلت آية على رجل ثم مات ذلك الرجل ماتت الآية، مات الكتاب، ولكنه حي يجري في من بقي كما جرى في من مضى»((1)).

وفيه أيضاً: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن منصور، عن عبد الرحيم القصير، عن أبي جعفر(علیه السلام) في قول الله تبارك وتعالى: «إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ» فقال: «رسول الله(صلی الله علیه و آله) المنذر، وعلي الهادي، أما والله ما ذهبت منا وما زالت فينا إلى الساعة»((2)).

وفي كمال الدين للشيخ الصدوق بسنده إلى محمد بن مسلم، قال قلت لأبي عبد الله(علیه السلام) في قول الله عز وجل: «إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ»، فقال: «كل إمام هاد لكلِ قوم في زمانهم»((3)).

وفيه أيضاً بسنده عن بريد بن معاوية العجلي، قال: قلت لأبي جعفر(علیه السلام): ما معنى «إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ»؟ فقال: «المنذر رسول الله(صلی الله علیه و آله)، وعلي الهادي، وفي كل وقت وزمان إمام منا يهديهم إلى ما جاء به رسول الله(صلی الله علیه و آله)»((4)).

وفي تفسير القمي: حدثني أبي، عن حماد، عن أبي بصير، عن أبي عبد

ص: 128


1- الكافي: ج1 ص192 ح3.
2- الكافي: ج1 ص192 ح4.
3- كمال الدين: ص667 ح9.
4- كمال الدين: ص667 ح10.

الله(علیه السلام) قال: «المنذر رسول الله(صلی الله علیه و آله)، والهادي أمير المؤمنين(علیه السلام) وبعده الأئمة(علیهم السلام)»((1)).

وأحاديث أخرى.

ص: 129


1- تفسير القمي: ج1 ص359.

38- علم الكتاب عند الحسين(علیه السلام)

«وَيَقُولُ ألَّذِينَ كَفَرُواْ لَستَ مُرسَلا قُل كَفَى بِأللَّهِ شَهِيدَا بَينِي وَبَينَكُم وَمَن عِندَهُۥ عِلمُ ألكِتَبِ 43»

سورة الرعد

في بصائر الدرجات عن عبد الله بن أحمد، عن الحسن بن موسى، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن مثنى قال: سألته عن قول الله عز وجل: «وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ»، قال: «نزلت في علي(علیه السلام) بعد رسول الله(صلی الله علیه و آله)، وفي الأئمة بعده»((1)).

وهكذا في بصائر الدرجات عن محمد بن الحسين ويعقوب بن يزيد، عن بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن بريد بن معاوية، قال: قلت لأبي جعفر(علیه السلام): «قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهيداً بَيْني وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ»، قال: «إيانا عنى، وعلي(علیه السلام) أوّلنا وعليّ أفضلنا وخيرنا بعد النبي(صلی الله علیه و آله)»((2)).

وفي مناقب ابن شهر آشوب عن الأصبغ بن نباتة، قال: سألت الحسين(علیه السلام)، فقلت: سيّدي، أسألك عن شيء أنا به موقن وإنه من سر الله وأنت المسرور إليه

ص: 130


1- بصائر الدرجات: ص234 ح1.
2- بصائر الدرجات: ص234 ح12.

ذلك السر، فقال: «يا أصبغ، أتريد أن ترى مخاطبة رسول الله لِ-أبي دون((1)) يوم مسجد قبا؟» قال: هذا الذي أردت، قال: «قم»، فإذا أنا وهو بالكوفة، فنظرتُ فإذا

المسجد من قبل أن يرتد إليّ بصري، فتبسّم في وجهي، ثم قال: «يا أصبغ، إن سليمان بن داود أعطي الريح غدّوها شهر ورواحها شهر، وأنا قد أعطيتُ أكثر مما أعطي سليمان»، فقلت: صدقتَ والله يا ابن رسول الله، فقال: «نحن الذين عندنا علم الكتاب((2))، وبيان ما فيه، وليس عند أحد من خلقه ما عندنا؛ لأنا أهل سرّ الله»، فتبسّم في وجهي، ثم قال: «نحن آل الله وورثة رسوله»، فقلت: الحمد لله على ذلك، فقال لي: «ادخل»، فدخلت فإذا أنا برسول الله(صلی الله علیه و آله) محتبٍ في المحراب بردائه، فنظرت فإذا أنا بأمير المؤمنين(علیه السلام) قابض على تلابيب الأعسر((3))، فرأيت رسول الله يعض على الأنامل وهو يقول: «بئس الخلف خلفتني أنت وأصحابك، عليكم لعنة الله ولعنتي»، الخبر((4)).

ولنعم ما قيل:

مطهّرون النقبا في الأزلِ * وعندهم علم الكتاب المنزلِ

ص: 131


1- قال العلامة المجلسي رضوان الله عليه: بيان: لأبي دون، أي: لأبي بكر، عبر به عنه تقيّة، والدون الخسيس، بحار الأنوار: ج44 ص185 ذيل ح11.
2- عند آصف بن برخيا علم من الكتاب، أي: بعض علم الكتاب، وعند الأئمة(علیهم السلام) علم الكتاب أي: تمام علم الكتاب.
3- قال العلامة المجلسي رضوان الله عليه: والأعسر: الشديد أو الشؤم، والمراد به هنا إما أبو بكر أو عمر، بحار الأنوار: ج44 ص185 ذيل ح11.
4- مناقب لابن شهر آشوب: ج3 ص211؛ عنه بحار الأنوار: ج44 ص184 ح11.

39- الحسن والحسين(علیهما السلام) ثمر الشجرة الطيّبة

«أَلَم تَرَ كَيفَ ضَرَبَ أللَّهُ مَثَلا كَلِمَة طَيِّبَة كَشَجَرَة طَيِّبَةٍ أَصلُهَا ثَابِت وَفَرعُهَا فِي ألسَّمَاءِ 24 تُؤتِي أُكُلَهَ-ا كُلَّ حِينِ بِإِذنِ رَبِّهَ-ا وَيَضرِبُ أللَّهُ ألأَمثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُم يَتَذَكَّرُونَ 25»

سورة إبراهيم

روى الشيخ الصدوق في كمال الدين عن جماعة من أصحابنا، عن محمّد بن همّام، عن جعفر الفزاري، عن جعفر بن إسماعيل الهاشمي، عن خاله محمّد بن علي، عن عبدالرحمن بن حمّاد، عن عمر بن يزيد السابري قال: سألت أبا عبد اللّه(علیه السلام) عن هذه الآية: «أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ» قال: «أصلها رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) وفرعها أمير المؤمنين(علیه السلام) والحسن والحسين ثمرها وتسعة من ولد الحسين أغصانها والشيعة ورقها، واللّه إنّ الرجل منهم ليموت فتسقط ورقة من تلك الشجرة». قلت: قوله عزّ وجلّ: «تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ»؟ قال: «ما يخرج من علم الإمام إليكم في كلّ حجّ وعمرة»((1)).

ص: 132


1- كمال الدين: ص345 ح30؛ الصراط المستقيم: ج2 ص134 (مختصراً)؛ بحار الأنوار: ج24 ص141 ح7.

وقال الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل: أخبرنا علي بن أحمد قال: أخبرنا أحمد بن عبيداللّه، قال: حدّثني يحيى بن البختري وأخبرنا أبو نصر المفسّر، قال: حدّثنا أبو عمرو بن مطر إملاءً سنة تسع وأربعين وثلاثمائة قال: حدّثنا أبو زكريا يحيى بن محمّد البختري ببغداد، أخبرنا عثمان بن عبد اللّه القرشي، أخبرنا عبد اللّه بن لهيعة أبو الزبير، عن جابر، أنّ رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) كان بعرفات وعلي تجاهه، فقال: «يا علي! أُدن منّي وضع خمسك في خمسي، يا علي! خلقت أنا وأنت من شجرة أنا أصلها وأنت فرعها والحسن والحسين أغصانها، يا علي! من تعلّق بغصن منها أدخله اللّه الجنّة»((1)).

وفي إعلام الورى: روي عن عبدالرحمن بن عوف قال: سمعت رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) يقول: «أنا الشجرة وفاطمة فرعها وعلي لقاحها والحسن والحسين ثمرها وشيعتنا ورقها، الشجرة أصلها في جنّة عدن والفرع والثمر والورق في الجنّة»((2)).

وفي شواهد التنزيل: أخبرنا أبو عبد اللّه الشيرازي قال: أخبرنا أبو بكر الجرجرائي قال: حدّثنا أبو أحمد البصري قال: حدّثني المغيرة بن محمّد قال: حدّثني جابر بن سلمة قال: حدّثني حسين بن حسن، عن عامر السرّاج، عن سلام الخثعمي قال: دخلت على أبي جعفر محمّد بن علي(علیه السلام) فقلت يا بن رسول اللّه! قول اللّه تعالى: «أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ» قال: «يا سلام، الشجرة، محمّد والفرع، علي أمير المؤمنين والثمر الحسن والحسين والغصن، فاطمة وشعب ذلك الغصن، الأئمّة من ولد فاطمة(علیها السلام) والورق، شيعتنا ومحبّونا أهل البيت، فإذا

ص: 133


1- شواهد التنزيل: ج1 ص378 ح397؛ وقريب منه في: الطرائف: ص111 ح165 عن مناقب ابن المغازلي؛ وفي عيون أخبار الرضا(علیه السلام): ج1 ص78.
2- إعلام الورى: ج1 ص296؛ وشواهد التنزيل: ج1 ص407 ح430.

مات من شيعتنا رجل تناثر من الشجرة ورقة، وإذا ولد لمحبّينا مولود اخضرّ مكان تلك الورقة ورقة فقلت: يا بن رسول اللّه! قول اللّه تعالى: «تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا» ما يعني؟ قال: «يعني الأئمّة تفتي شيعتهم في الحلال والحرام في كلّ حجّ وعمرة»((1)).

وأخرج الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين بسنده عن مولى عبدالرحمن بن عوف قال: خذوا عنّي قبل أن تشاب الأحاديث بالأباطيل.

سمعت رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) يقول: «أنا الشجرة، وفاطمة فرعها، وعلي لقاحها، والحسن والحسين ثمرتها، وشيعتنا ورقها، وأصل الشجرة في جنّة عدن، وسائر ذلك في سائر الجنّة»((2)).

وقد ذكر عماد الدين الطبري الشيعي في كتابه بشارة المصطفى شعراً لأبي يعقوب البصراني نظمه إشارة إلى الرواية المذكورة، قال:

يا حبّذا دوحة في الخلد نابتة * ما مثلها (أبداً) نبتت في الخلد من شجر المصطفى أصلها والفرع فاطمة * ثمّ اللقاح علي سيّد البشر والهاشميّان سبطاه لها ثمر * والشيعة الورق الملتفّ بالثمر

هذا مقال رسول اللّه جاء به * أهل الرواية في العالي من الخبر

إنّي بحبّهم أرجو النجاة غدا * والفوز في زمرة من أفضل الزمر((3))

ص: 134


1- شواهد التنزيل: ج1 ص406 ح428.
2- المستدرك على الصحيحين: ج3 ص160 ورواه الشيخ الطوسي - قريبا منه - في الأمالي: المجلس 1 ص18 ح20 بإسناده عن مينا مولى عبدالرحمن بن عوف، عن مولاه، عن رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) ورواه ابن عساكر في تاريخه: ج14 ص168، وغيرها من المصادر.
3- بشارة المصطفى(صلی الله علیه و آله): ص76 ذيل ح8.

40- تأويل إخواناً على سُرُر متقابلين

«وَنَزَعنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّن غِلٍّ إِخوَنًا عَلَى سُرُر مُّتَقَبِلِينَ 47»

سورة الحجر

جاء في تأويل الآيات: ورد أيضاً من طريق العامّة، وهو ما نقله أبو نعيم الحافظ، عن رجاله، عن أبي هريرة قال: قال علي بن أبي طالب(علیه السلام): «يا رسول اللّه أيّما أحبّ إليك أنا أم فاطمة؟ قال: فاطمة أحبّ إليّ منك وأنت أعزّ عليّ منها، وكأنّي بك وأنت على حوضي تذود عنه الناس، وإنّ عليه أباريق عدد نجوم السماء وأنت والحسن والحسين وحمزة وجعفر في الجنّة «إِخْوَانا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ» وأنت معي وشيعتك، ثمّ قرأ رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) «وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ»»((1)).

ونزعنا من الصدور انتزاعاً * كلّ غل يغلي من البغضاء

فهم في الجنان إخوان صدق * وصفاء قد متّعوا باللقاء

آية أوحيت من الذكر فضلاً * في عليّ وخاتم الأنبياء

حين آخى محمد في وِءامٍ * بين أصحابه بخير إخاء

ص: 135


1- تأويل الآيات الظاهرة: ج1 ص249 ح4؛ عنه بحار الأنوار ج37 ص85 ح53؛ وفي بحار الأنوار أيضاً: ج36 ص72 ح21؛ عن كشف الغمّة: ج1 ص332.

قال للمصطفى عليّ وكانت * تتغشّاه دمعة من بكاء

أنت آخيت بينهم وأراني * مفرداً بين مجمع الحنفاء

قال إنّي قد اصطفيت لنفسي * منك أوفى أخٍ بخير اصطفاء

أنت صنوي ووارثي وولييّ * ووزيري وسيّد الأوصياء

ومعي في الجنان في نفس داري * مع سبطيَّ وابنتي الزهراء

وكأني أراك في يوم حشري * عند حوضي مُرويّاً أوليائي

وتذود الأعداء عنه ظماء * حين يأتيك للروى أعدائي

طالعتنا من الأحاديث عنهم * خمسة كالعرائس الغرّاء((1))

ص: 136


1- ملحمة أهل البيت(علیهم السلام): ج1 ص172.

41- الحسين(علیه السلام) من المتوسمين

«إِنَّ فِي ذَلِكَ لَأيَت لِّلمُتَوَسِّمِينَ 75»

سورة الحجر

روى الشيخ الصدوق عن تميم القرشي، عن أبيه، عن أحمد بن علي الأنصاري، عن الحسن بن الجهم قال: حضرت مجلس المأمون يوماً وعنده علي بن موسى الرضا(علیه السلام) وقد اجتمع الفقهاء وأهل الكلام من الفرق المختلفة فسأله بعضهم فقال له: يا ابن رسول اللّه! بأيّ شيء تصحّ الإمامة لمدّعيها؟ قال: «بالنصّ والدلائل». قال له: فدلالة الإمام في ما هي؟ قال: «في العلم واستجابة الدعوة». قال: فما وجه إخباركم بما يكون؟ قال: «ذلك بعهد معهود إلينا من رسول اللّه(صلی الله علیه و آله)». قال: فما وجه إخباركم بما في قلوب الناس؟ قال(علیه السلام): «أما بلغك قول الرسول(صلی الله علیه و آله): اتّقوا فراسة المؤمن فإنّه ينظر بنور اللّه؟» قال: بلى. قال: فما من مؤمن إلاّ وله فراسة ينظر بنور اللّه على قدر إيمانه ومبلغ استبصاره وعلمه وقد جمع اللّه للأئمّة منّا ما فرّقه في جميع المؤمنين وقال عزّ وجلّ في كتابه: «إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ» فأوّل المتوسّمين رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) ثمّ أمير المؤمنين(علیه السلام) من بعده ثمّ الحسن والحسين والأئمّة من ولد الحسين إلى يوم القيامة»((1)).

ص: 137


1- عيون أخبار الرضا(علیه السلام): ج1 ص216 ح1؛ عنه بحار الأنوار: ج24 ص128 ح13 (مع اختصار)؛ و بحار الأنوار: ج25 ص134 ح6.

قال عبد المنعم الفرطوسي:

إن في ذلكم لآيات صدق * لرجال توسموا باهتداء

يعرف المؤمنون فيها بحق * مثلما يعرفون أهل الرياء

قد أتانا في من توسم فيها * خير نص لصادق الأزكياء

هم بحق محمد وعلي * وبنوه لقائم الأولياء((1))

ص: 138


1- ملحمة أهل البيت(علیهم السلام): ج1 ص220.

42- تأويل أهل الذكر بأهل البيت(علیهم السلام)

«وَمَا أَرسَلنَا مِن قَبلِكَ إِلَّا رِجَالا نُّوحِي إِلَيهِم فَسَٔلُواْ أَهلَ ألذِّكرِ إِن كُنتُم لَا تَعلَمُونَ 43»

سورة النحل

وردت روايات عديدة تصرّح بأن المقصود من أهل الذكر هم آل محمد(علیهم السلام) تجدّ ذلك في تفسير نور الثقلين وتفسير البرهان وكنز الدقائق نختار بعضاً منها:

ففي تفسير البرهان عن محمد بن يعقوب - أي الشيخ الكليني - عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء عن عبد الله بن عجلان، عن أبي جعفر(علیه السلام) في قول الله عز وجل: «فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ»، قال: «قال رسول الله(صلی الله علیه و آله): الذِكر أناء، والأئمة(علیهم السلام) أهل الذكر...»((1)).

وعنه أيضاً عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر(علیه السلام) قال: إن من عندنا يزعمون أن قول الله عز وجل: «فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ» أنهم اليهود والنصارى، قال: «إذن يدعوكم إلى دينهم»، ثم قال بيده إلى صدره: «نحن أهل

ص: 139


1- البرهان: ج3 ص423 ح1 عن الكافي.

الذكر، ونحن المسئولون»((1)).

ومن مصادر العامة فذكر من شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني، قال: أخبرنا أبو عبد الله الشيرازي، قال أخبرنا أبو بكر الجرجرائي قال: حدثنا أبو أحمد البصري، قال: حدثنا أحمد بن عمار، قال: حدثنا عبد الرحمن بن صالح، قال: حدثنا موسى بن عثمان الحضرمي، عن جابر، عن محمد بن علي(علیهما السلام) قال: «لمّا نزلت هذه الآية: «فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ» قال: علي(علیه السلام): نحن أهل الذكر الذي عنانا الله جل وعلا في كتابه»((2)).

وفي تفسير الطبري عن بن وكيع، عن بن يمان عن إسرائيل عن جابر، عن أبي جعفر(علیه السلام): «فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ» قال: «نحن أهل الذكر»((3)).

وجاء في نهج الحق للعلامة الحلي: روى الحافظ محمد بن موسى الشيرازي من علماء الجمهور واستخرجه من التفاسير الاثني عشر عن ابن عبّاس في قوله تعالى: «فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ» قال: هم محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين(علیهم السلام) هم أهل الذكر والعلم والعقل والبيان وهم أهل بيت النبوّة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة واللّه ما سمّي المؤمن مؤمنا إلاّ كرامة لأمير المؤمنين(علیه السلام)، ورواه سفيان الثوري عن السدي، عن الحارث((4)).

قال عبد المنعم الفرطوسي:

ص: 140


1- البرهان: ج3 ص424 ح5 عن الكافي.
2- شواهد التنزيل: ج1 ص435 ح463.
3- جامع البيان (للطبري): ج14 ص145.
4- نهج الحقّ: ص210؛ عنه بحار الأنوار: ج23 ص185 ح55؛ وفي: ج36 ص167 ح152؛ عن الطرائف: ص93 ح131؛ وعن نهج الحق.

إنّ أهل الذكر الأدلاء فيه * فسألوهم يا معشر الجهلاء

وابن عباس في حديث شريف * قد روى فيه بعد حسن الثناء

وهم أحمد وسبطاه حقّاً * وعليّ الزاكي مع الزهراء

نحن أهل الذكر المُنزّل فيهم * في حديثُ لصادق الأمناء((1))

ص: 141


1- ملحمة أهل البيت(علیهم السلام): ج1 ص208.

43- الحسين(علیه السلام) من ذوي القربى

«إِنَّ أللَّهَ يَأمُرُ بِألعَدلِ وَألإِحسَنِ وَإِيتَايِٕ ذِي ألقُربَى وَيَنهَى عَنِ ألفَحشَاءِ وَألمُنكَرِ وَألبَغيِ يَعِظُكُم لَعَلَّكُم تَذَكَّرُونَ 90»

سورة النحل

جاء في بحار الأنوار عن إرشاد القلوب، بإسناده إلى عطيّة بن الحارث، عن أبي جعفر(علیه السلام) في قوله تعالى: «إِنَّ اللّه يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ» الآية، قال: «العدل، شهادة الإخلاص وأنّ محمّداً رسول اللّه، والإحسان ولاية أمير المؤمنين(علیه السلام) والإتيان بطاعتهما، و«وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى» الحسن والحسين والأئمّة من ولده(علیهم السلام)، و«يَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْىِ» هو من ظلمهم وقتلهم ومنع حقوقهم»((1)).

وفي تفسير فرات الكوفي عن: الحسين بن سعيد معنعناً عن أبي جعفر(علیهما السلام):«إِنَّ اللّه يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى» قال: «العدل رسول الله(صلی الله علیه و آله)،

ص: 142


1- بحار الأنوار: ج24 ص188 ح7؛ تأويل الآيات الظاهرة: ج1 ص261 ح20، كلاهما عن إرشاد القلوب ولكن لم أجده فيه فلعل المقصود هو كتاب الآخر: غرر الأخبار ودرر الآثار (للديلمي): 152 عن عطاء.

والإحسان علي بن أبي طالب(علیه السلام)، وذي القربى فاطمة وأولادها(علیهم السلام)»((1)).

ص: 143


1- تفسير فرات الكوفي: ص236 ح321.

44- الأئمة المعصومون(علیهم السلام)

«وَقَضَينَا إِلَى بَنِي إِسرَءِيلَ فِي ألكِتَبِ لَتُفسِدُنَّ فِي ألأَرضِ مَرَّتَينِ وَلَتَعلُنَّ عُلُوّا كَبِيرا 4 فَإِذَا جَاءَ وَعدُ أُولَىهُمَا بَعَثنَا عَلَيكُم عِبَادا لَّنَا أُوْلِي بَأس شَدِيد فَجَاسُواْ خِلَلَ ألدِّيَارِ وَكَانَ وَعدا مَّفعُولا 5 ثُمَّ رَدَدنَا لَكُمُ ألكَرَّةَ عَلَيهِم وَأَمدَدنَكُم بِأَموَل وَبَنِينَ وَجَعَلنَكُم أَكثَرَ نَفِيرًا 6»

سورة الإسراء

في الكافي الشريف: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمون، عن عبد اللّه بن عبدالرحمن الأصمّ، عن عبد اللّه بن القاسم البطل، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) في قوله تعالى: «وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ» قال: «قتل علي بن أبي طالب(علیه السلام) وطعن الحسن(علیه السلام)» «وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّا كَبِيرا» قال: «قتل الحسين(علیه السلام) «فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاَهُمَا» فإذا جاء نصر دم الحسين(علیه السلام) «بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلاَلَ الدِّيَارِ» قوم

ص: 144

يبعثهم اللّه قبل خروج القائم(علیه السلام) فلا يدعون وترا لآل محمّد إلاّ قتلوه «وَكَانَ وَعْدا مَفْعُولاً» خروج القائم(علیه السلام) «ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ» خروج الحسين(علیه السلام) في سبعين من أصحابه عليهم البيض المذهّب لكلّ بيضة وجهان، المؤدّون إلى الناس أنّ هذا الحسين قد خرج، حتّى لا يشكّ المؤمنون فيه وأنّه ليس بدجّال ولا شيطان والحجّة القائم بين أظهرهم، فإذا استقرّت المعرفة في قلوب المؤمنين أنّه الحسين(علیه السلام)، جاء الحجّة الموت فيكون الذي يغسله ويكفّنه ويحنّطه ويلحده في حفرته، الحسين بن علي(علیهما السلام) ولا يلي الوصي إلاّ الوصي»((1)).

وفي بحار الأنوار عن كتاب المقتضب مسنداً عن سلمان الفارسي(رحمه الله) قال: دخلت على رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) فلمّا نظر إليّ قال: «يا سلمان! إنّ اللّه عزّ وجلّ لم يبعث نبيّاً ولا رسولاً إلاّ جعل له اثني عشر نقيباً». قال قلت: يا رسول اللّه قد عرفت هذا من الكتابين. قال: «يا سلمان! فهل علمت نقبائي الاثني عشر الذين اختارهم اللّه للإمامة من بعدي؟» فقلت: اللّه ورسوله أعلم. قال: «يا سلمان خلقني اللّه من صفاء نوره فدعاني فأطعته وخلق من نوري علياً فدعاه إلى طاعته فأطاعه، وخلق من نوري ونور علي فاطمة فدعاها فأطاعته وخلق منّي ومن علي ومن فاطمة، الحسن والحسين فدعاهما فأطاعاه فسمّانا اللّه عزّ وجلّ بخمسة أسماء من أسمائه فاللّه المحمود وأنا محمّد واللّه العلي وهذا علي، واللّه فاطر وهذه فاطمة، واللّه الإحسان وهذا الحسن، واللّه المحسن وهذا الحسين، ثمّ خلق

ص: 145


1- الكافي: ج8 ص206 ح250؛ تأويل الآيات الظاهرة: ج1 ص277 ح7؛ وبحار الأنوار: ج53 ص93 ح103؛ وفي كامل الزيارات: الباب 18 ص133 ح1 بعض الحديث؛ عنه بحار الأنوار: ج45 ص297 ح6؛ وفي تفسير العياشي: ج3 ص37 ح20 بعض الحديث؛ عنه بحار الأنوار: ج51 ص56 ح46؛ وهكذا: ج53 ص89 ح90.

من نور الحسين تسعة أئمّة فدعاهم فأطاعوه قبل أن يخلق اللّه سماءً مبنية، أو أرضا مدحية أو هواءً أو ماءً أو ملكاً أو بشراً، وكنّا بعلمه أنواراً نسبّحه ونسمع له ونطيع». فقال سلمان، قلت: يا رسول اللّه! بأبي أنت وأُمّي ما لمن عرف هؤلاء؟ فقال: «يا سلمان! من عرفهم حقّ معرفتهم واقتدى بهم فوالى وليّهم وتبرّأ من عدوّهم فهو واللّه منّا يرد حيث نرد ويسكن حيث نسكن». قلت: يا رسول اللّه! يكون إيمان بهم بغير معرفتهم وأسمائهم وأنسابهم؟! فقال: «لا يا سلمان!» فقلت: يا رسول اللّه! فأنّى لي بهم؟ قال: «قد عرفت إلى الحسين، ثمّ سيّد العابدين علي بن الحسين، ثمّ ابنه محمّد بن علي باقر علم الأوّلين والآخرين من النبيين والمرسلين، ثمّ ابنه جعفر بن محمّد لسان اللّه الصادق، ثمّ موسى بن جعفر الكاظم غيظه صبراً في اللّه ثمّ علي بن موسى الرضا لأمر اللّه، ثمّ محمّد بن علي الجواد المختار من خلق اللّه، ثمّ علي بن محمّد الهادي إلى اللّه، ثمّ الحسن بن علي الصامت الأمين العسكري، ثمّ ابنه حجّة بن الحسن المهدي الناطق القائم بأمر اللّه». قال سلمان: فسكت ثمّ قلت: يا رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) أُدع اللّه بإدراكهم، قال: «يا سلمان! إنّك مدركهم وأمثالك ومن تولاّهم بحقيقة المعرفة». قال سلمان: فشكرت اللّه كثيراً ثمّ قلت: يا رسول اللّه! مؤجّل فيّ إلى أن أُدركهم. فقال: «يا سلمان اقرأ: «فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاَهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدا مَفْعُولاً ٭ ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً» قال سلمان: فاشتدّ بكائي وشوقي فقلت: يا رسول اللّه! بعهد منك. فقال: «إي والذي أرسل محمّداً إنّه بعهد منّي وعلي وفاطمة والحسن والحسين وتسعة أئمّة وكلّ من هو منّا ومظلوم فينا، إي واللّه يا سلمان ثمّ ليحضرنّ إبليس وجنوده وكلّ من محض الإيمان محضاً ومحض الكفر محضاً حتّى

ص: 146

يؤخذ بالقصاص والأوتار والتراث ولا يظلم ربّك أحداً ونحن تأويل هذه الآية: «وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ ٭ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ»»((1)

قال سلمان: فقمت بين يدي رسول اللّه وما يبالي سلمان متى لقى الموت أو لقيه((2)).

آل النبي هم المستضعفون وهم * أئمة أخيار وقدوة أبرار

خليفة ربّ العالمين وظلّه * على ساكفي الغبراء من كل ديّار

ص: 147


1- سورة القصص، الآية: 5 و 6.
2- بحار الأنوار: ج25 ص6 ح9، و: ج53 ص142 ح162؛ دلائل الإمامة: ص447 ح28.

45- فدك حق فاطمة وابنيها(علیهم السلام)

«وَءَاتِ ذَا ألقُربَى حَقَّهُۥ وَألمِسكِينَ وَأبنَ ألسَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّر تَبذِيرًا 26»

سورة الإسراء

أمالي الشيخ الصدوق ضمن حديث طويل عن الإمام الرضا(علیه السلام): «... والآية الخامسة قول الله عز وجل: «وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ» خصوصية خصّهم الله العزيز الجبار بها - أي: العترة النبوية الطاهرة - ، واصطفاهم على الأمة، فلما نزلت هذه الآية على رسول الله(صلی الله علیه و آله) قال: ادعوا لي فاطمة، فدعيت له، فقال: يا فاطمة، قالت: لبيك يا رسول الله، فقال(صلی الله علیه و آله): هذه فدك، هي مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، وهي لي خاصة دون المسلمين، وقد جعلتها لكِ لما أمرني الله به، فخذيها لك ولولدك، ...»((1)).

مناقب الإمام أمير المؤمنين(علیه السلام) لمحمد بن سليمان الكوفي: عن عثمان بن محمد الألثغ، عن جعفر بن محمد الرماني، عن الحسن بن الحسين العرني، عن إسماعيل بن زياد السلمي، عن جعفر بن محمد(علیهما السلام) قال: «لما نزلت: «وَآتِ ذَا

ص: 148


1- أمالي الشيخ الصدوق: ص619 ضمن ح1، من المجلس 79؛ وكذلك في عيون أخبار الرضا(علیه السلام): ج2 ص211 ضمن ح1.

الْقُرْبى حَقَّهُ» أمر رسول الله(صلی الله علیه و آله) لفاطمة وابنيها بفدك، فقالوا: يا رسول الله، أمرت لهم بفدك؟ فقال: والله ما أنا أمرت لهم بها، ولكن الله أمر لهم

بها، ثم تلا هذه الآية: «وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ»((1)).

أقول: راجع سورة الروم الآية: 38 في كتابنا هذا.

ص: 149


1- مناقب الإمام أمير المؤمنين(علیه السلام): ج1 ص159 ح95.

46- تأويل المظلوم بالحسين(علیه السلام)

«وَلَا تَقتُلُواْ ألنَّفسَ ألَّتِي حَرَّمَ أللَّهُ إِلَّا بِألحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظلُوما فَقَد جَعَلنَا لِوَلِيِّهِۦ سُلطَنا فَلَا يُسرِف فِّي ألقَتلِ إِنَّهُۥ كَانَ مَنصُورا 33»

سورة الإسراء

في تفسير العياشي عن المعلى بن خنيس، عن أبي عبد الله(علیه السلام) قال: سمعته يقول: «قتل النفس التي حرّم الله، فقد قتلوا الحسين(علیه السلام) في أهل بيته»((1)).

وأيضاً في تفسير العياشي: عن جابر، عن أبي جعفر(علیه السلام) قال: «نزلت هذه الآية في الحسين(علیه السلام) «وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوما فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ»((2)) قاتل الحسين» «إِنَّهُ كَانَ مَنصُوراً» قال: «الحسين(علیه السلام)»((3)).

وفي تفسير فرات قال: حدّثني جعفر بن محمّد الفزاري معنعناً عن أبي جعفر(علیه السلام) في قوله تعالى: «وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوما فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً» قال:

ص: 150


1- تفسير العياشي: ج3 ص49 ح64؛ عنه بحار الأنوار: ج44 ص218 ح5.
2- هكذا في المصدر وفي البحار، ولكن لعل الصحيح: قال، كما هو في الحديث الآتي عن تفسير فرات، أو الصحيح: قتل الحسين(علیه السلام)، وهو العالم.
3- تفسير العياشي: ج3 ص49 ح65؛ عنه بحار الأنوار: ج44 ص218 ح6.

«الحسين(علیه السلام) «فَلاَ يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُوراً»» قال: «سمّى اللّه المهدي منصوراً كما سمّى أحمد ومحمّد محموداً، وكما سمّى عيسى المسيح عليهم الصلاة والسلام والتحيّة والإكرام ورحمة اللّه وبركاته»((1)).

وفي تفسير العياشي عن سلام بن المستنير عن أبي عبد الله(علیه السلام) في قوله: «وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوما فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُوراً» قال: «هو الحسين بن علي(علیهما السلام) قتل مظلوماً ونحن أولياؤه، والقائم منّا إذا قام طلب بثأر الحسين(علیه السلام) فيقتل حتّى يقال قد أسرف في القتل»، وقال: «أليس المقتول الحسين(علیه السلام) ووليّه القائم(علیه السلام)؟ والإسراف في القتل أن يقتل غير قاتله «إِنَّهُ كَانَ مَنصُوراً» فإنّه لا يذهب من الدنيا حتّى ينتصر برجل من آل رسول اللّه(علیهم السلام) يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً»((2)).

وفي الكافي الشريف عن علي بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد عن الحجال عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) قال: سألته عن قول اللّه عزّ وجلّ: «وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ» قال: «نزلت في الحسين(علیه السلام) لو قتل أهل الأرض به ما كان سرفاً»((3)).

حسين هو المظلوم في أرض كربلا * حسين هو المصباح في الظلمات

خروج إمام لا محالة خارج * يقوم على اسم اللّه والبركات

وليٌّ هو المنصور في أخذ ثاره * ويجزي على النعماء والنقمات

ص: 151


1- تفسير فرات الكوفي: ص240 ح4.
2- تفسير العياشي: ج3 ص49 ح67؛ عنه بحار الأنوار: ج44 ص218 ح7.
3- الكافي: ج8 ص255 ح364؛ عنه بحار الأنوار: ج44 ص219 ح10.

47- الحسين(علیه السلام) وسيلة إلى الله تعالى

«أُوْلَئِكَ ألَّذِينَ يَدعُونَ يَبتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ ألوَسِيلَةَ أَيُّهُم أَقرَبُ وَيَرجُونَ رَحمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحذُورا 57»

سورة الإسراء

شواهد التنزيل عن محمد بن عبد الله بن أحمد، عن محمد بن أحمد بن محمد، عن عبد العزيز بن يحيى بن أحمد، عن أحمد بن عمّار، عن الحماني عن علي بن مسهر، عن علي بن بذيمة، عن عكرمة في قوله (تعالى): «أُولئِكَ الَّذينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسيلَةَ» قال: هم النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين(علیهم السلام)((1)).

ص: 152


1- شواهد التنزيل: ج1 ص446 ح474.

48- الحسين(علیه السلام) إمام هدىً

«يَومَ نَدعُواْ كُلَّ أُنَاسِ بِإِمَمِهِم فَمَن أُوتِيَ كِتَبَهُۥ بِيَمِينِهِۦ فَأُوْلَئِكَ يَقرَءُونَ كِتَبَهُم وَلَا يُظلَمُونَ فَتِيلا 71»

سورة الإسراء

روى الخوارزمي في مقتل الحسين(علیه السلام): لقيه رجل من بني أسد يقال له بشر بن غالب، فقال له الحسين: «ممّن الرجل؟» قال: من بني أسد، قال: «فمن أين أقبلت؟» قال: من العراق، قال: «فكيف خلفت أهل العراق؟» فقال: يا ابن رسول اللّه خلّفت القلوب معك، والسيوف مع بني أُميّة، فقال له الحسين: «صدقت يا أخا بني أسد، إنّ اللّه تبارك وتعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد»، قال له الأسدي: يا ابن رسول اللّه أخبرني عن قول اللّه تعالى: «يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ» فقال له الحسين(علیه السلام): «نعم، يا أخا بني أسد، هما إمامان: إمام هدى دعا إلى هدى، وإمام ضلالة دعا إلى ضلالة، فهذا ومن أجابه إلى الهدى في الجنّة، وهذا ومن أجابه إلى الضلالة في النار»((1)).

ص: 153


1- مقتل الحسين(علیه السلام) للخوارزمي: ج1 ص318؛ عن كتاب الفتوح لابن أعثم الكوفي: ج5 ص69.

أقول، وكأنّه صلوات الله عليه يشير بإمام هدىً إلى نفسه المقدسة.

في تفسير علي بن إبراهيم القمي روى عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر(علیه السلام) في قول الله تعالى: «يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ» قال: «يجيء رسول الله(صلی الله علیه و آله) في فرقة، وعلي في فرقة، والحسن في فرقة، والحسين في فرقة، وكل من مات بين ظهراني قوم جاؤوا معه»((1)).

وفي المحاسن بسنده إلى يعقوب بن شعيب قال: قلت لأبي عبد اللّه(علیه السلام): «يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ» فقال: «ندعو كلّ قرن من هذه الأُمّة بإمامهم». قلت: فيجيء رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) في قرنه، وعلي(علیه السلام) في قرنه، والحسن(علیه السلام) في قرنه، والحسين(علیه السلام) في قرنه، وكلّ إمام في قرنه الذي هلك بين أظهرهم؟ قال: «نعم»((2)).

ونقل ابن شهر آشوب في مناقبه عن يوسف القطان في تفسيره، عن شعبة، عن قتادة، عن سعيد بن جبير، عن بن عبّاس في قوله تعالى: «يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ».

قال: إذا كان يوم القيامة دعا اللّه عزّ وجلّ أئمّة الهدى ومصابيح الدجى، وأعلام التقى أمير المؤمنين والحسن والحسين ثمّ يقال لهم: جوزوا الصراط أنتم وشيعتكم وادخلوا الجنّة بغير حساب.

ثمّ يدعو (اللّه) أئمّة الفسق - وإن واللّه يزيد منهم - فيقال له: خذ بيد شيعتك

ص: 154


1- تفسير القمي: ج2 ص22؛ عنه بحار الأنوار: ج8 ص9 ح1؛ وكذلك الفصول المهمة للحر العاملي: ج1 ص353 ح2؛ وفي كليهما: «في قرنه» بدل: «في فرقة».
2- المحاسن: ج1 ص144؛ عنه بحار الأنوار: ج8 ص11 ح6.

إلى النار بغير حساب((1)).

يوم يدعوا الرحمن كلّ أناس * بإمام لهم بأعلى نداء

قد حبانا فم ابن عباس درّاً * من علاها فكان خير حَباء

قال يدعى أئمّة الحق منه * ومُواليهم بيوم الجزاء

وهمُ حيدر مع ابنيه حقّاً * ومحبّيهم من الأولياء

فيقول ادخلوا بغير حساب * حين يأتون جنّة الأتقياء

ثم يدعى أئمة الكفّر طرّاً * ويزيدٌ منهم وأهل العداء

فيقول ادخلوا بغير حساب * أنتم النار من جحيم البلاء((2))

ص: 155


1- مناقب لابن شهر آشوب: ج2 ص263؛ عنه بحار الأنوار: ج38 ص154 ضمن ح127؛ وغاية المرام: ج3 ص130 ح1.
2- ملحمة أهل البيت(علیهم السلام): ج1 ص212.

49- الحسين(علیه السلام) سبيل النجاة

«فَأنطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي ألسَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقتَهَا لِتُغرِقَ أَهلَهَا لَقَد جِئتَ شَئًا إِمرا 71 قَالَ أَلَم أَقُل إِنَّكَ لَن تَستَطِيعَ مَعِيَ صَبرا 72 قَالَ لَا تُؤَاخِذنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرهِقنِي مِن أَمرِي عُسرا 73 فَأنطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَما فَقَتَلَهُۥ قَالَ أَقَتَلتَ نَفسا زَكِيَّةَ بِغَيرِ نَفس لَّقَد جِئتَ شَئا نُّكرا 74 قَالَ أَلَم أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَستَطِيعَ مَعِيَ صَبرا 75 قَالَ إِن سَأَلتُكَ عَن شَيءِ بَعدَهَا فَلَا تُصَحِبنِي قَد بَلَغتَ مِن لَّدُنِّي عُذرا 76 فَأنطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهلَ قَريَةٍ أستَطعَمَا أَهلَهَا فَأَبَواْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُۥ قَالَ لَو شِئتَ لَتَّخَذتَ عَلَيهِ أَجرا 77»

سورة الكهف

أورد العياشي في تفسيره عن عبد الرحمن بن سيابة، عن أبي عبد الله(علیه السلام)، قال: «... وكان مثل السفينة فيكم وفينا ترك الحسين(علیه السلام) البيعة لمعاوية، ...

ص:156

وكان مثل الجدار فيكم عليّ والحسن والحسين(علیهم السلام)»((1)).

ولأجل معرفة المقصود من هذا الحديث الشريف ننقل بيان العلامة المجلسي رضوان الله عليه: وأمّا كون ترك الحسين(علیه السلام) البيعةً لمعاوية لعنه الله تشبيهاً بخرق السفينة؛ لأنه(علیه السلام) بترك البيعة مهّد لنفسه المقدسة الشهادة، وبها انكسرت سفينة أهل البيت صلوات الله عليهم وكان فيها مصالح عظيمة، منها: ظهور كفر بني أمية وجورهم على الناس وخروج الخلق عن طاعتهم، ومنها: ظهور حقية أهل البيت(علیه السلام) وإمامتهم؛ إذ لو بايعه الحسين(علیه السلام) أيضاً لظنّ أكثر الناس وجوب متابعة خلفاء الجور وعدم كونهم(علیه السلام) ولاة الأمر، ومنها: أن بسبب ذلك صار مَن بَعده مِن الأئمة(علیهم السلام) آمنين مطمئنين ينشرون العلوم بين الناس إلى غير ذلك من المصالح التي لا يعلمها غيرهم، ولو كان ما ذكره المؤرخون من بيعته(علیه السلام) له أخيراً حقاً كان المراد ترك البيعة ابتداء. ولا يبعد أن يكون في الأصل: يزيد بن معاوية، فسقط الساقط الملعون هو وأبوه.

... وأما مثل الجدار، فلعل المراد أن الله تعالى كما حفظ العلم تحت الجدار للغلامين لصلاح أبيهما، فكذلك حفظ العلم لصلاح علي والحسن والحسين(علیهم السلام) في أولادهم إلى أن يظهره القائم(علیه السلام) للخلق، أو حفظ الله علم الرسول(صلی الله علیه و آله) بأمير المؤمنين للحسنين صلوات الله عليهم فأقام علياً(علیه السلام) للخلافة بعد أن أصابه ما أصابه من المخالفين، والله يعلم((2)).

ص: 157


1- تفسير العياشي: ج3 ص100 ح47؛ عنه بحار الأنوار: ج13 ص306 ح33.
2- بحار الأنوار: ج13 ص307 ذيل ح33.

50- الحسين(علیه السلام) الكنز إللهي

«وَأَمَّا ألجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَمَينِ يَتِيمَينِ فِي ألمَدِينَةِ وَكَانَ تَحتَهُۥ كَنز لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَلِحا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَستَخرِجَا كَنزَهُمَا رَحمَة مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلتُهُۥ عَن أَمرِي ذَلِكَ تَأوِيلُ مَا لَم تَسطِع عَّلَيهِ صَبرا 82»

سورة الكهف

أورد العياشي في تفسيره عن يزيد بن رومان، قال: دخل نافع بن الأرزق المسجد الحرام، والحسين بن عليّ(علیهما السلام) مع عبد الله بن عباس جالسان في الحِجر، فجلس إليهما... فقال له الحسين(علیه السلام): «يا بن الأرزق، أسألك عن مسألة فأجبني عن قول الله لا إله إلا هو: «وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتيمَيْنِ فِي الْمَدينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما» إلى قوله: «كَنزَهُما» مَن حُفِظَ فيهما؟» قال: أبوهما، قال: «فأيّهما أفضل، أبوهما أم رسول الله وفاطمة؟» قال: لا، بل رسول الله وفاطمة بنت رسول الله(صلی الله علیه و آله)، قال: «فما حُفِظَنا((1)) حتى حيل بيننا وبين

ص: 158


1- هكذا في البحار، وفي المصدر: حفظهما.

الكفر»((1))، فنهض((2))

ثم نفض ثوبه، ثم قال: «قد نبأنا الله عنكم معشر قريش، أنتم قوم خصمون»((3)).

وفي تفسير علي بن إبراهيم القمي، عن أبيه، عن بن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله(علیه السلام) أنه قال: «كان ذلك الكنز لوحاً من ذهب، فيه مكتوب: بسم الله، لا إله إلا الله، محمد رسول الله، والأئمة حجج الله، عجبتُ((4)) لمن يعلم أن الموت حق كيف يفرح، عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يفرق، عجبت لمن يذكر النار كيف يضحك، عجبتُ لمن يرى الدنيا وتصرف أهلها حالا بعد حال كيف يطمئنّ إليها»((5)).

والشاهد في الأئمة حجج الله؛ إذ الإمام الحسين(علیه السلام) من جملة الأئمة عليهم الصلاة والسلام.

ص: 159


1- لعل المعنى: لم نُحفظ لأجل النبي وفاطمة عليهما وآلهما الصلاة والسلام حتى من تهمة الكفر، واللفظ المناسب لهذا المعنى: فما حُفِظنا حتى من أن يحال بيننا وبين الكفر، وهو العالم.
2- أي: ابن الأزرق.
3- تفسير العياشي: ج3 ص106 ح64؛ عنه بحار الأنوار: ج33 ص421 ح631.
4- هكذا في بحار الأنوار، ولكن في المصدر: عجب، في جميع الموارد.
5- تفسير القمي: ج2 ص40؛ عنه بحار الأنوار: ج13 ص285 ح2.

51- الحسين عزيز فاطمة(علیهما السلام)

«كهيعص 1 ذِكرُ رَحمَتِ رَبِّكَ عَبدَهُۥ زَكَرِيَّا 2»

سورة مريم

روي في عدة مصادر مسنداً عن سعد بن عبد اللّه بن أبي خلف القمّي(رحمه الله) قال: أعددت نيّفاً وأربعين مسألة من صعاب المسائل لم أجد لها مجيباً فقصدت مولاي أبا محمّد الحسن(علیه السلام) بسرّ من رأى، فلمّا انتهينا((1))منها إلى باب سيّدنا(علیه السلام) فاستأذنا فخرج الإذن بالدخول، قال سعد: فما شبّهت مولانا أبا محمّد(علیه السلام) حين غشينا نور وجهه إلاّ بدراً قد استوفى ليالي أربعاً بعد عشر، وعلى فخذه الأيمن غلام يناسب المشتري في الخلقة والمنظر، فسلّمنا عليه فألطف لنا في الجواب وأومأ لنا بالجلوس، فلمّا جلسنا سألتهُ شيعتُهُ عن أُمورهم في دينهم وهداياتهم. فنظر أبو محمّد الحسن(علیه السلام) إلى الغلام وقال: «يا بني، أجب شيعتك ومواليك». فأجاب كلّ واحد عمّا في نفسه وعن حاجته من قبل أن يسأله عنها بأحسن جواب وأوضح برهان حتّى حارت عقولنا في غامر علمه وإخباره بالغائبات. ثمّ التفت إليّ أبو محمّد(علیه السلام) وقال: «ما جاء بك يا سعد؟» قلت: شوقي إلى لقاء مولانا. فقال: «المسائل التي أردت أن تسأل عنها؟» قلت: على

ص: 160


1- يعني نفسه وأحمد بن إسحاق.

حالها يا مولاي، قال: «فسل قرّة عيني عنها - وأومأ إلى الغلام - عمّا بدا لك منها».

فكان بعض ما سألته أن قلت له: يا بن رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) أخبرني عن تأويل «كهيعص». فقال(علیه السلام): «هذه الحروف من أنباء الغيب اطلع اللّه عزّ وجلّ عليها زكريا، ثمّ قصّها على محمّد(صلی الله علیه و آله) وذلك أنّ زكريا سأل اللّه عزّ وجلّ أن يعلّمه أسماء الخمسة الأشباح، فأهبط إليه جبرئيل(علیه السلام) فعلّمه إيّاها. فكان زكريا إذا ذكر محمّداً وعلياً وفاطمة والحسن(علیهم السلام) سري عنه همّه وانجلى كربه، وإذا ذكر الحسين(علیه السلام) خنقته العبرة ووقعت عليه البهرة((1)).

فقال ذات يوم: يا إلهي ما بالي إذا ذكرت أربعاً منهم تسلّت همومي، وإذا ذكرت الحسين تدمع عيني وتثور زفرتي؟ فأنبأه اللّه عزّ وجلّ عن قصّته فقال: «كهيعص». «فالكاف» اسم كربلاء، و«الهاء» هلاك العترة، و«الياء» يزيد وهو ظالم الحسين، و«العين» عطشه، و«الصاد» صبره. فلمّا سمع بذلك زكريا لم يفارق مسجده ثلاثة أيّام ومنع فيهنّ الناس من الدخول عليه وأقبل على البكاء والنحيب، وكانت ندبته: إلهي أتفجع خير خلقك بولده؟ إلهي أتنزل هذه الرزية بفنائه؟ إلهي أتلبس علياً وفاطمة ثياب هذه المصيبة؟ إلهي أتحلّ كربة((2)) هذه الفجيعة بساحتهما؟ ثمّ قال: إلهي ارزقني ولداً تقرّ به عيني على الكبر، واجعله وارثاً رضيّاً يوازي محلّه منّي محلّ الحسين بن محمّد، فإذا رزقتنيه فافتنّي بحبّه ثمّ افجعني به كما تفجع محمّداً حبيبك بولده الحسين. فرزقه اللّه يحيى وفجعه به. وكان حمل يحيى(علیه السلام) وولادته لستّة أشهر، وكان حمل الحسين(علیه السلام) وولادته

ص: 161


1- البهر: تتابع النفس وانقطاعه كما يحصل بعد الاعياء والعدو الشديد.
2- كذا في كمال الدين ودلائل الإمامة، ولكن في تأويل الآيات: كره.

كذلك»((1)).

ثم أضاف السيد شرف الدين بعد ذلك: ومعنى قوله: «وافجعني به كما تفجع محمّداً» ومحمّد(صلی الله علیه و آله) توفّي قبل قتل الحسين(علیه السلام) وكذلك زكريا(علیه السلام) وهذا يدلّ على أنّ الأنبياء أحياء عند ربّهم يرزقون. وبهذا القول صار بين يحيى وبين الحسين(علیهما السلام) مماثلة في أشياء: منها حمله لستّة أشهر. ومنها قتله ظلماً. ومنها أنّ رأس يحيى(علیه السلام) أُهدي إلى بغي من بغايا بني إسرائيل والحسين(علیه السلام) أُهدي رأسه الكريم إلى باغ من بغاة بني أُميّة؛ لأنّهم شرّ البريّة، فعليهم اللعنة الجزئية والكلّية على الممهّدين [لهم] والتابعين من جميع البرية.

ص: 162


1- تأويل الآيات الظاهرة: ج1 ص299 ح1؛ والحديث مفصل فراجع كمال الدين: ص454 ح21؛ ودلائل الإمامة: ص506 ح96 وغيرهما.

52- بين يحيى والحسين(علیهما السلام)

«يَزَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَمٍ أسمُهُۥ يَحيَى لَم نَجعَل لَّهُۥ مِن قَبلُ سَمِيّا 7»

سورة مريم

جاء في تفسير البرهان عن بن شيرويه الديلمي في كتاب الفردوس في الجزء الثاني في باب القاف عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللّه(صلی الله علیه و آله): في قول اللّه عزّ وجلّ «لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيّاً» قال: «ذلك يحيى وقرّة عيني الحسين»((1)).

وفي قصص الأنبياء(علیهم السلام) للراوندي: عن جابر، عن أبي جعفر(علیه السلام) في قوله تعالى جلّ ذكره: «لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيّاً» قال: «يحيى بن زكريا لم يكن له سميّ قبله والحسين بن علي لم يكن له سميّ قبله، وبكت السماء عليهما أربعين صباحا وكذلك بكت الشمس عليهما، وبكاؤها أن تطلع حمراء وتغيب حمراء»((2)).

وفي تأويل الآيات: قال محمّد بن العبّاس(رحمه الله): حدّثنا حميد بن زياد، عن

ص: 163


1- البرهان: ج3 ص700 ح6.
2- قصص الأنبياء(علیهم السلام): ص222 ح292؛ عنه بحار الأنوار: ج45 ص218 ح45؛ وقصص الأنبياء للجزائري: ص451؛ وقريب منه في كامل الزيارات: ص182 ح10.

أحمد بن الحسين بن بكر حدّثنا الحسن بن علي بن فضّال، بإسناده إلى عبدالخالق، قال: سمعت أبا عبد اللّه(علیه السلام) يقول: في قول اللّه عزّ وجلّ: «لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيّاً» قال: «ذلك يحيى بن زكريا لم يكن له من قبل سميّا وكذلك الحسين(علیه السلام) لم يكن له من قبل سميّا ولم تبك السماء إلاّ عليهما أربعين صباحاً». قلت: فما كان بكاؤها؟ قال: «تطلع الشمس حمراء». قال: «وكان قاتل الحسين(علیه السلام) ولد زنا وقاتل يحيى بن زكريا ولد زنا»((1)).

ص: 164


1- تأويل الآيات الظاهرة: ج1 ص302 ح3؛ البرهان: ج3 ص699 ح3، كنز الدقائق: ج8 ص198.

53- آدم يتوسل بهم(علیهم السلام)

«وَلَقَد عَهِدنَا إِلَى ءَادَمَ مِن قَبلُ فَنَسِيَ وَلَم نَجِد لَهُۥ عَزما 115»

سورة طه

في الكافي الشريف عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن جعفر بن محمّد بن عبيداللّه، عن محمّد بن عيسى القمّي، عن محمّد بن سليمان، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) في قوله: «وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ» «كلمات في محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة(علیهم السلام) من ذرّيتهم «فَنَسِىَ» هكذا واللّه نزّلت على محمّد(صلی الله علیه و آله)»((1)).

وفيه أيضاً عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن مفضل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر(علیه السلام) في قول الله عز وجل: «وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِىَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً»، قال: «عهدنا إليه في محمد والأئمة من بعده، فترك ولم يكن له عزم أنهم هكذا، وإنما سمي أولو العزم أولي العزم لأنه عهد إليهم في محمد والأوصياء من بعده والمهدي وسيرته، وأجمع عزمهم على أن ذلك كذلك والإقرار به»((2)).

ص: 165


1- الكافي: ج1 ص416 ح23؛ بصائر الدرجات: ص91 ح4.
2- الكافي: ج1 ص416 ح22.

وقريب منه حديث آخر في الكافي وبصائر الدرجات((1)).

ص: 166


1- الكافي: ج2 ص8 ح1؛ بصائر الدرجات: ص90 ح2، و: ص91 ح3.

54- شدّة اهتمام أهل البيت(علیهم السلام) بالصلاة

«وَأمُر أَهلَكَ بِألصَّلَوةِ وَأصطَبِر عَلَيهَا لَا نَسَٔلُكَ رِزقا نَّحنُ نَرزُقُكَ وَألعَقِبَةُ لِلتَّقوَى 132»

سورة طه

روي في تأويل الآيات عن محمّد بن العبّاس، عن عبد العزيز بن يحيى، عن محمّد بن عبدالرحمن بن سلام، عن [أحمد بن] عبد اللّه بن عيسى بن مصقلة القمّي، عن زرارة، عن أبي جعفر الباقر(علیه السلام)، عن أبيه علي بن الحسين(علیهما السلام) في قول اللّه عزّ وجلّ: «وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا» قال: «نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين(علیهم السلام)، كان رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) يأتي باب فاطمة كلّ سحرة فيقول: السلام عليكم أهل البيت ورحمة اللّه وبركاته، الصلاة، يرحمكم اللّه «إِنَّمَا يُرِيدُ اللّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»»((1)-(2)).

وجاء في تفسير القمي: «وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا» فإنّ اللّه أمره أن يخصّ أهله دون الناس ليعلم الناس أنّ لأهل محمّد(صلی الله علیه و آله) عند اللّه منزلة خاصّة ليست للناس؛ إذ أمرهم مع الناس عامّة ثمّ أمرهم خاصّة، فلمّا أنزل اللّه تعالى

ص: 167


1- سورة الأحزاب، الآية: 33.
2- تأويل الآيات الظاهرة: ج1 ص322 ح22؛ عنه بحار الأنوار: ج25 ص219 ح19.

هذه الآية كان رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) يجيء كلّ يوم عند صلاة الفجر حتّى يأتي باب علي وفاطمة والحسن والحسين(علیهم السلام) فيقول: «السلام عليكم ورحمة

اللّه وبركاته» فيقول علي وفاطمة والحسن والحسين(علیهم السلام): «وعليك السلام يا رسول اللّه ورحمة اللّه وبركاته» ثمّ يأخذ بعضادتي الباب ويقول: «الصلاة الصلاة يرحمكم اللّه «إِنَّمَا يُرِيدُ اللّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»»، فلم يزل يفعل ذلك كلّ يوم إذا شهد المدينة حتّى فارق الدنيا وقال أبو الحمراء خادم النبي(صلی الله علیه و آله): أنا شهدته يفعل ذلك((1)).

ص: 168


1- تفسير القمي: ج2 ص67؛ عنه بحار الأنوار: ج35 ص207 ح2.

55- الحسين(علیه السلام) من أهل الذكر والعلم والعقل والبيان...

«وَمَا أَرسَلنَا قَبلَكَ إِلَّا رِجَالا نُّوحِي إِلَيهِم فَسَٔلُواْ أَهلَ ألذِّكرِ إِن كُنتُم لَا تَعلَمُونَ 7»

سورة الأنبياء

أقول: قد تقدم في الآية 43 من سورة النحل عدة أحاديث في أن أهل الذكر هم أهل البيت(علیهم السلام)، منها: في تفسير البرهان، عن الشيخ الكليني بسنده إلى الإمام الباقر(علیه السلام) في قول الله عز وجلّ: «فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ»، قال: «قال رسول الله(صلی الله علیه و آله): الذِكر أنا، والأئمة(علیهم السلام) أهل الذكر»((1)).

وأيضاً في: نهج الحق للعلامة الحلي: عن ابن عباس في قوله تعالى: «فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ» قال: هم محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين(علیهم السلام)، هم أهل الذكر والعلم والعقل والبيان، وهم أهل بيت البنوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة، والله ما سمّي المؤمن مؤمناً إلّا كرامة لأمير المؤمنين(علیه السلام)((2)).

ص: 169


1- تفسير البرهان: ج3 ص423 ح1 عن الكافي.
2- نهج الحق: ص210؛ عنه بحار الأنوار: ج23 ص185 ح55؛ وهكذا: الطرائف: ص93 ح131.

56- قال الحسين: صدق اللّه، وقال بنو أمية: كذب اللّه

«هَذَانِ خَصمَانِ أختَصَمُواْ فِي رَبِّهِم فَألَّذِينَ كَفَرُواْ قُطِّعَت لَهُم ثِيَاب مِّن نَّار يُصَبُّ مِن فَوقِ رُءُوسِهِمُ ألحَمِيمُ 19»

سورة الحج

في كتاب الخصال: حدثنا أبو محمد عمار بن الحسين الأسروشني رضي الله عنه، قال: حدثني علي بن محمد بن عصمة، قال: حدثنا أحمد بن محمد الطبري بمكة، قال حدثنا أبو الحسن بن أبي شجاع البجلي، عن جعفر بن عبد الله الحنفي، عن يحيى بن هاشم، عن محمد بن جابر، عن صدقة بن سعيد، عن النضر بن مالك، قال: قلت للحسين بن علي بن أبي طالب(علیه السلام): يا أبا عبد الله، حدثني عن قول الله عز وجل: «هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا في رَبِّهِمْ» قال: «نحن وبنو أمية، اختصمنا في الله عز وجل، قلنا: صدق الله، وقالوا: كذب الله، فنحن وإياهم الخصمان يوم القيامة»((1)).

وهكذا في تفسير القمي: وقوله (تعالى): «هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا في رَبِّهِمْ»، قال: «نحن وبنو أمية قلنا: صدق الله ورسوله، وقال بنو أمية: كذب الله

ص: 170


1- الخصال: ص42 ح35؛ عنه بحار الأنوار: ج31 ص517 ح16.

ورسوله»((1)).

ص: 171


1- تفسير القمي: ج2 ص80.

57- الحسين(علیه السلام) مظلوم

«أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَتَلُونَ بِأَنَّهُم ظُلِمُواْ وَإِنَّ أللَّهَ عَلَى نَصرِهِم لَقَدِيرٌ 39»

سورة الحج

جاء في تأويل الآيات عن: محمّد بن العبّاس، عن الحسين بن عامر، عن اليقطيني، عن صفوان، عن حكيم الحنّاط، عن ضريس، عن أبي جعفر(علیه السلام) قال: سمعته يقول: «أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللّه عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ» قال: «الحسن والحسين(علیهما السلام)»((1)).

وقال علي بن إبراهيم القمي: حدّثني أبي، عن بن أبي عمير، عن بن مسكان، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) في قوله: «أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا» الخ قال: «إنّ العامّة يقولون: نزلت في رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) لمّا أخرجته قريش من مكّة، وإنّما هي للقائم(علیه السلام) إذا خرج يطلب بدم الحسين(علیه السلام) وهو قوله: نحن أولياء الدم وطلاّب الدية»((2)).

في تفسير القمي أيضاً: قوله: «أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللّه عَلَى نَصْرِهِمْ

ص: 172


1- تأويل الآيات الظاهرة: ج1 ص338 ح15؛ عنه بحار الأنوار: ج24 ص227 ح22.
2- تفسير القمي: ج2 ص84؛ عنه بحار الأنوار: ج24 ص224 ح13.

لَقَدِيرٌ»؛ قال: «نزلت في علي وجعفر وحمزة ثمّ جرت في الحسين(علیه السلام)»((1)-(2)).

وفي كامل الزيارات: حدثني أبي رحمه الله، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن العباس بن معروف، عن صفوان بن يحيى، عن حكم الحناط، عن ضريس عن أبي خالد الكابلي، عن أبي جعفر(علیه السلام)، قال: سمعته يقول في قول الله عز وجل: «أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللّه عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ»، قال: «علي والحسن والحسين(علیهم السلام)»((3)).

ص: 173


1- الزيادة «في الحسين(علیه السلام)» من البحار.
2- تفسير القمّي: ج2 ص84؛ عنه بحار الأنوار: ج24 ص223 ح12.
3- كامل الزيارات: ص135 ح4؛ عنه بحار الأنوار: ج45 ص297 ح4.

58- الحسين(علیه السلام) أُخرج من دياره مظلوماً

«ألَّذِينَ أُخرِجُواْ مِن دِيَرِهِم بِغَيرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا أللَّهُ 40»

سورة الحج

في الكافي الشريف عن بن محبوب، عن أبي جعفر الأحول، عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر(علیه السلام) في قول الله تبارك وتعالى: «الَّذينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ» قال: «نزلت في رسول الله(صلی الله علیه و آله) وعلي وحمزة وجعفر، وجرت في الحسين(علیهم السلام) أجمعين»((1)).

وفي تفسير فرات الكوفي قال: حدثني علي بن محمد بن عمر الزهري معنعناً عن أبي عبد الله(علیه السلام) في قول الله تعالى: «الَّذينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ» «علي والحسن والحسين وجعفر وحمزة(علیهم السلام)»((2)).

وفي شواهد التنزيل بسنده إلى زيد، قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي(علیهما السلام)

ص: 174


1- الكافي: ج8 ص337 ح534؛ عنه بحار الأنوار: ج24 ص228 ح25، و: ج36 ص146 ح118.
2- تفسير فرات الكوفي: ص273 ح367؛ وكذلك قريب منه: ح368؛ عنه بحار الأنوار: ج22 ص282 ح40.

قلت له: أخبرني عن قوله تعالى: «الَّذينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ» قال: «نزلت في علي وحمزة، وجعفر، ثم جرت في الحسين(علیهم السلام)»((1)).

ص: 175


1- شواهد التنزيل: ج1 ص521 ح552.

59- الحسين(علیه السلام) أقام الصلاة

«ألَّذِينَ إِن مَّكَّنَّهُم فِي ألأَرضِ أَقَامُواْ ألصَّلَوةَ وَءَاتَوُاْ ألزَّكَوةَ وَأَمَرُواْ بِألمَعرُوفِ وَنَهَواْ عَنِ ألمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَقِبَةُ ألأُمُورِ 41»

سورة الحج

في مناقب ابن شهر آشوب عن موسى بن جعفر(علیهما السلام) والحسين بن علي(علیهما السلام) في قوله تعالى: «الَّذينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ» قال: «هذه فينا أهل البيت»((1)).

وفي تفسير فرات الكوفي بسنده عن أبي جعفر محمد بن علي(علیهما السلام) في قوله تعالى: «الَّذينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ» الآية، قال: «فينا والله نزلت هذه الآية»((2)).

أقول: وراجع تفسير القمي((3))

وتأويل الآيات((4))، تجد قريباً من هذا المعنى.

ص: 176


1- مناقب لابن شهر آشوب: ج3 ص207.
2- تفسير فرات الكوفي: ص243 ح369؛ شواهد التنزيل ج1 ص523 عن فرات.
3- تفسير القمي: ج2 ص87.
4- تأويل الآيات الظاهرة: ج1 ص342 و 343 عدة أحاديث.

60- بالحسين(علیه السلام) يمسك اللّه السماء...

«وَيُمسِكُ ألسَّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى ألأَرضِ إِلَّا بِإِذنِهِۦ 65»

سورة الحج

جاء في ضمن الزيارة الجامعة لجميع الأئمة(علیهم السلام): «... بكم فتح الله وبكم يختم، وبكم ينزل الغيث، وبكم يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، وبكم ينّفس الهم ويكشف الضر...» إلى آخر الزيارة((1)).

وهكذا نخاطب الإمام الحسين(علیه السلام) بهذه الألفاظ النورانية والمفاهيم الربانية: «وبكم يمسك السماء أنّ تقع على الأرض إلّا بإذنه».

وروى العلاّمة البحراني، عن أبي الحسن الفقيه محمّد بن أحمد بن شاذان - من طريق العامّة بحذف الإسناد، عن رسول اللّه(صلی الله علیه و آله): «حدّثني جبرائيل عن ربّ العزّة جلّ جلاله أنّه قال: من علم أن لا إله إلاّ أنا وحدي، وأنّ محمّداً عبدي ورسولي، وأنّ علي بن أبي طالب خليفتي، وأنّ الأئمّة من ولده حججي أدخلته الجنّة برحمتي، ونجّيته من النار بعفوي».

إلى أن قال الراوي: فقام جابر بن عبد اللّه الأنصاري، فقال: يا رسول اللّه

ص: 177


1- من لا يحضره الفقيه: ج2 ص615 ضمن ح3213؛ تهذيب الأحكام: ج6 ص99 ضمن ح1؛ المزار الكبير: ص532 وغيرها.

ومن الأئمّة من ولد علي بن أبي طالب؟

فقال(صلی الله علیه و آله): «الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة، ثمّ سيّد العابدين في زمانه علي بن الحسين، ثمّ الباقر محمّد بن علي - ستدركه يا جابر فإذا

أدركته فاقرأه منّي السلام - ثمّ الصادق جعفر بن محمّد، ثمّ الكاظم موسى بن جعفر، ثمّ الرضا علي بن موسى، ثمّ التقي محمّد بن علي، ثمّ النقي علي بن محمّد، ثمّ الزكي الحسن بن عليّ، ثمّ ابنه القائم بالحقّ مهدي أُمّتي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، هؤلاء يا جابر خلفائي، وأوصيائي، وأولادي، وعترتي، من أطاعهم فقد أطاعني، ومن عصاهم فقد عصاني، ومن أنكرهم أو أنكر واحداً منهم فقد أنكرني، بهم يمسك اللّه السماء أن تقع على الأرض إلّا بإذنه، وبهم يحفظ اللّه الأرض أن تميد بأهلها»((1)).

وروى الشيخ الصدوق رضوان الله عليه هذا الحديث بسنده متصل في كتابه: كمال الدين((2)).

ص: 178


1- غاية المرام: ج1 ص162 ح62.
2- كمال الدين: ص258 ح3.

61- الحسين(علیه السلام) شهيد على الناس

«يَأَيُّهَا ألَّذِينَ ءَامَنُواْ أركَعُواْ وَأسجُدُواْ وَأعبُدُواْ رَبَّكُم وَأفعَلُواْ ألخَيرَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ۩ 77 وَجَهِدُواْ فِي أللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِۦ هُوَ أجتَبَىكُم وَمَا جَعَلَ عَلَيكُم فِي ألدِّينِ مِن حَرَج مِّلَّةَ أَبِيكُم إِبرَهِيمَ هُوَ سَمَّىكُمُ ألمُسلِمِينَ مِن قَبلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ ألرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيكُم وَتَكُونُواْ شُهَدَاءَ عَلَى ألنَّاسِ فَأَقِيمُواْ ألصَّلَوةَ وَءَاتُواْ ألزَّكَوةَ وَأعتَصِمُواْ بِأللَّهِ هُوَ مَولَىكُم فَنِعمَ ألمَولَى وَنِعمَ ألنَّصِيرُ 78»

سورة الحج

في كتاب سليم بن قيس ضمن حديث مناشدة أمير المؤمنين(علیه السلام) في صفين: «... أنشدكم الله، أ تعلمون أن الله عز وجل أنزل في سورة الحج: «يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ٭ وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبيكُمْ إِبْراهيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا

ص: 179

الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصيرُ» فقام سلمان، فقال: يا رسول الله، مَن هؤلاء الذين أنت عليهم شهيد وهم شهداء على الناس، الذين اجتباهم الله وما يجعل عليهم في الدين من حرج ملة أبيهم إبراهيم؟ قال رسول الله(صلی

الله علیه و آله): إنما عنى بذلك ثلاثة عشر إنساناً، أنا وأخي علي بن أبي طالب وأحد عشر من ولدي، واحداً بعد واحد، كلهم أئمة، القرآن معهم وهم مع القرآن، لا يفترقون حتى يردوا عليّ الحوض؟ قالوا: اللهم نعم...»((1)).

وفيه أيضاً ضمن حديث: «... ألا وإنا أهل بيت من حكم الله حكمنا وقول صادق سمعنا، فإن تتبعوا سبيلنا وتسلكوا طريقنا وآثارنا تهتدوا ببصائرنا، وإن تخالفونا تهلكوا، وإن تقتدوا بنا تجدونا على الكتاب إمامكم، وإن تخالفونا لم تضروا بذلك إلا أنفسكم، إن الله يسأل الشهداء من أهل البيت(علیهم السلام) عن أهل زمانهم، إن الله سائل أهل كل زمان ويدعى الشهداء عليهم في زمانهم منا، فمن صدق صدقناه ومن كذب كذبناه، إن رسول الله(صلی الله علیه و آله) هو المنذر الهادي، الرسول إلى الجن والإنس إلى يوم القيامة، لا نبي بعده ولا رسول، ولا ينزل بعد القرآن كتاباً، ولكل أهل زمان هادٍ ودليل وإمام يهديهم ويدلهم ويرشدهم إلى كتاب ربهم وسنة نبيهم، كلما مضى هادٍ خلف آخر مثله، هم مع الكتاب والكتاب معهم، لا يفارقونه ولا يفارقهم حتى يردوا على رسولِ الله(صلی الله علیه و آله) حوضه، إنا أهل بيت دعا الله لنا أبونا إبراهيم(علیه السلام) فقال: «فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوي إِلَيْهِمْ»((2)) فإيانا عنى الله بذلك خاصة، ونحن الذين عنى الله: «يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا

ص: 180


1- كتاب سليم: ص299 ضمن ح4؛ وهكذا: ص201 ضمن ح2؛ عن سليم كمال الدين: ص278 ضمن ح25؛ غيبة النعماني: ص77 ضمن ح8.
2- سورة إبراهيم، الآية: 37.

ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» إلى آخر السورة، فرسول الله الشاهد علينا ونحن شهداء الله على خلقه وحججه في أرضه، ونحن الذين عنى الله بقوله: «وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ»((1)) إلى آخر الآية، فلكل زمان منا إمام شاهد على أهل زمانه»((2)).

وفي بصائر الدرجات بسنده عن سليم، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه، قال: «إن الله طهّرنا وعصمنا وجعلنا شهداء على خلقه وحجّته في أرضه وجعلنا مع القرآن والقرآن معنا، لا نفارقه ولا يفارقنا»((3)).

وفي الكافي الشريف بسنده عن بريد العجلي، قال قلت لأبي جعفر(علیه السلام): قول الله تبارك وتعالى: «وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهيداً»((4)) قال: «نحن الأمة الوسط، ونحن شهداء الله تبارك وتعالى على خلقه وحججه في أرضه»، قلت: قوله تعالى: «يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ٭ وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ» قال: «إيانا عنى، ونحن المجتبون، ولم يجعل الله تبارك وتعالى في الدين من حرج، فالحرج أشدّ من الضيق، «مِلَّةَ أَبيكُمْ إِبْراهيمَ» إيانا عنى خاصة و«سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ» الله سمّانا المسلمين «مِنْ قَبْلُ» في الكتب التي مضت «وَفي هذا» القرآن «لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ» وفرسول الله(صلی الله علیه و آله) الشهيد علينا بما بلّغنا عن الله تبارك وتعالى، ونحن الشهداء على الناس،

ص: 181


1- سورة البقرة، الآية: 143.
2- كتاب سليم: ص406 ضمن ح54.
3- بصائر الدرجات: ص103 ح6.
4- سورة البقرة، الآية: 143.

فمن صدق يوم القيامة صدقناه ومن كذب كذبناه»((1)).

أقول: وقد تقدم في الآية 143 من سورة البقرة ما يناسب هذا المقام.

ص: 182


1- الكافي: ج1 ص191 ح4؛ وكذلك: ص190 ح2.

62- أهل البيت(علیهم السلام) هم المؤمنون حقاً

«بِسمِ أللَّهِ ألرَّحمَنِ ألرَّحِيمِ قَد أَفلَحَ ألمُؤمِنُونَ 1 ألَّذِينَ هُم فِي صَلَاتِهِم خَشِعُونَ 2 وَألَّذِينَ هُم عَنِ أللَّغوِ مُعرِضُونَ 3 وَألَّذِينَ هُم لِلزَّكَوةِ فَعِلُونَ 4 وَألَّذِينَ هُم لِفُرُوجِهِم حَفِظُونَ 5 إِلَّا عَلَى أَزوَجِهِم أَو مَا مَلَكَت أَيمَنُهُم فَإِنَّهُم غَيرُ مَلُومِينَ 6 فَمَنِ أبتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ ألعَادُونَ 7 وَألَّذِينَ هُم لِأَمَنَتِهِم وَعَهدِهِم رَعُونَ 8 وَألَّذِينَ هُم عَلَى صَلَوَتِهِم يُحَافِظُونَ 9 أُوْلَئِكَ هُمُ ألوَرِثُونَ 10 ألَّذِينَ يَرِثُونَ ألفِردَوسَ هُم فِيهَا خَلِدُونَ 11»

سورة المؤمنون

في تأويل الآيات: قال محمد بن العباس(رحمه الله): حدّثنا محمّد بن همّام، عن محمّد بن إسماعيل، عن عيسى بن داود، عن الإمام موسى بن جعفر، عن أبيه(علیهما السلام): في قول اللّه عزّ وجلّ: «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ٭ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ» إلى

ص: 183

قوله: «الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ»، قال: «نزلت في رسول اللّه وفي أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين صلوات اللّه عليهم أجمعين»((1)).

ص: 184


1- تأويل الآيات الظاهرة: ج1 ص352 ح1؛ عنه بحار الأنوار: ج23 ص382 ح74؛ وتفسير البرهان: ج4 ص11 ح1.

63- صبره(علیه السلام) في طاعة اللّه

«إِنِّي جَزَيتُهُمُ أليَومَ بِمَا صَبَرُواْ أَنَّهُم هُمُ ألفَائِزُونَ 111»

سورة المؤمنون

في مناقب ابن شهر آشوب: سفيان الثوري، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود في قوله تعالى: «إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا» يعني: صبر علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين(علیهم السلام) في الدنيا على الطاعات وعلى الجوع وعلى الفقر وصبروا على البلاء للّه في الدنيا «أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ»((1)).

وفي شواهد التنزيل بسنده إلى ابن مسعود في قوله الله تعالى: «إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا» يعني جزيتهم بالجنة اليوم بصبر علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين في الدنيا على الطاعات وعلى الجوع والفقر، وبما صبروا على الجوع والفقر، وبما صبروا على المعاصي وصبروا على البلاء لله في الدنيا «أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ» والناجون من الحساب((2)).

ص: 185


1- مناقب لابن شهر آشوب: ج1 ص385؛ بحار الأنوار: ج41 ص3 ضمن ح4.
2- شواهد التنزيل: ج1 ص531 ح665.

64- الحسين(علیه السلام) مصباح الهدى

«أللَّهُ نُورُ ألسَّمَوَتِ وَألأَرضِ مَثَلُ نُورِهِۦ كَمِشكَوة فِيهَا مِصبَاحٌ ألمِصبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ألزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوكَب دُرِّيّ يُوقَدُ مِن شَجَرَة مُّبَرَكَة زَيتُونَة لَّا شَرقِيَّة وَلَا غَربِيَّة يَكَادُ زَيتُهَا يُضِيءُ وَلَو لَم تَمسَسهُ نَار نُّورٌ عَلَى نُور يَهدِي أللَّهُ لِنُورِهِۦ مَن يَشَاءُ وَيَضرِبُ أللَّهُ ألأَمثَلَ لِلنَّاسِ وَأللَّهُ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيم 35»

سورة النور

قال ابن شهر آشوب في المناقب: تظاهرت الروايات عن النبي(صلی الله علیه و آله) في قوله تعالى: «اللّه نُورُ السَّمَوَاتِ» إنّه قال: «يا علي! «النُورُ» اسمي، و«المِشْكَاةٍ» أنت يا علي! «مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ» الحسن والحسين((1))،«زُجَاجَةٍ» علي بن الحسين،

ص: 186


1- عن رسول اللّه(صلی الله علیه و آله): «والذي بعثني بالحقّ نبيّاً إنّ الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الأرض، وإنّه لمكتوب عن يمين عرش اللّه عز وجل: مصباح هدى وسفينة نجاة وإمام خير ويمن وعزّ وفخر وعلم وذخر» الخبر. عيون أخبار الرضا(علیه السلام): ج2 ص62 ح29؛ كمال الدين: ص264 ح11؛ الصراط المستقيم: ج2 ص154 و ص161؛ إعلام الورى: ج2 ص185؛ بحار الأنوار: ج36 ص204 و ص184 ح1.

«كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّىٌّ» محمّد بن علي، «يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ» جعفر بن محمّد، «مُبَارَكَةٍ» موسى بن جعفر، «زَيْتُونَةٍ» علي بن موسى، «لاَ شَرْقِيَّةٍ» محمّد بن علي و«وَلاَ غَرْبِيَّةٍ» علي بن محمّد، «يَكَادُ زَيْتُهَا» الحسن بن علي، «يُضِىءُ» القائم المهدي((1)).

وفي الكافي الشريف عن علي بن محمّد ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمون، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصمّ، عن عبد اللّه بن القاسم، عن صالح بن سهل الهمداني قال: قال أبو عبد اللّه(علیه السلام) في قول اللّه تعالى: «اللّه نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ» فاطمة(علیها السلام)، «فِيهَا مِصْبَاحٌ» الحسن، «الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ» الحسين «الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّىٌّ» فاطمة كوكب درّي بين نساء أهل الدنيا، «يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ» إبراهيم(علیه السلام) «زَيْتُونَةٍ لاَ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ»، لا يهودية ولا نصرانية «يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِىءُ»، يكاد العلم ينفجر بها «وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ» على نور، إمام منها بعد إمام، «يَهْدِي اللّه لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ»، يهدي اللّه للأئمّة من يشاء «الخبر»((2)).

وفي تفسير البرهان: روي عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال: دخلت إلى مسجد الكوفة وأمير المؤمنين صلوات اللّه وسلامه عليه يكتب بإصبعه ويتبسّم، فقلت: يا أمير المؤمنين ما الذي يضحكك؟ فقال: «عجبت لمن يقرأ هذه الآية ولم يعرفها حقّ معرفتها». فقلت له: أي آية يا أمير المؤمنين؟ فقال: «قوله تعالى: «اللّه نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ» المشكاة محمّد(صلی الله علیه و آله) «فِيهَا مِصْبَاحٌ» أنا المصباح «فِي زُجَاجَةٍ» الزجاجة الحسن والحسين(علیهما السلام)«كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّىٌّ» وهو علي

ص: 187


1- مناقب لابن شهر آشوب: ج1 ص240.
2- الكافي: ج1 ص195 ح5؛ ولاحظ: تفسير فرات الكوفي: ج1 ص282 ح383؛ تفسير القمّي: ج2 ص102؛ تأويل الآيات الظاهرة: ج1 ص360 ح7.

بن الحسين(علیه السلام) «يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ» محمّد بن علي(علیه السلام) «زَيْتُونَةٍ» جعفر بن محمّد(علیه السلام) «لاَ شَرْقِيَّةٍ» موسى بن جعفر(علیه السلام) «وَلاَ غَرْبِيَّةٍ» علي بن موسى(علیه السلام) «يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِىءُ» محمّد

بن علي «وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ» علي بن محمّد «نُورٌ عَلَى نُورٍ» حسن بن علي(علیه السلام) «يَهْدِي اللّه لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ» القائم المهدي(علیه السلام) «وَيَضْرِبُ اللّه الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللّه بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ»»((1)).

النور اسم للنبي الأكرم * مشكاته عليٌّ المكرّم

مصباح المصباح للسبطين * زين السماوات بغير مين

فُسِّرت الزجاجة بالسجّاد * وزين العبّاد بلا أنداد

وابن عليّ كوكبٌ درّي * وباقر العلوم والسريّ

وابنه جعفر أغلى شجرة * يُولَد منها منه أعلى ثمرة

وابنه موسى ذوى المقام * مبارك عليهما السلام

وابنه زيتونة عليّ * عليّ اشتقّ من العليّ

محمد الجواد لا شرقية * على الهادي لا غربية

أمّا يكا زيتها فهو الحسن * فالقول والفعل كلاهما حسن

والقائم المهدي بلا كلام * هو المضيء لعالم الإسلام

ص: 188


1- تفسير البرهان: ج4 ص72 ح17؛ وغاية المرام: ج3 ص264 ح15.

65- تفسير (البيوت المرفوعة) ومصاديقها

«فِي بُيُوتٍ أَذِنَ أللَّهُ أَن تُرفَعَ وَيُذكَرَ فِيهَا أسمُهُۥ يُسَبِّحُ لَهُۥ فِيهَا بِألغُدُوِّ وَألأصَالِ 36 رِجَال لَّا تُلهِيهِم تِجَرَة وَلَا بَيعٌ عَن ذِكرِ أللَّهِ وَإِقَامِ ألصَّلَوةِ وَإِيتَاءِ ألزَّكَوةِ يَخَافُونَ يَوما تَتَقَلَّبُ فِيهِ ألقُلُوبُ وَألأَبصَرُ 37 لِيَجزِيَهُمُ أللَّهُ أَحسَنَ مَا عَمِلُواْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضلِهِۦ وَأللَّهُ يَرزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيرِ حِسَاب 38»

سورة النور

ذكر العلامة ابن شهر آشوب في مناقبه عن: تفسير مجاهد وأبي يوسف يعقوب بن أبي سفيان عن بن عبّاس في قوله تعالى: «وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً»((1)): إنّ دحية الكلبي جاء يوم الجمعة من الشام بالميرة((2)

فنزل عند أحجار الزيت ثمّ ضرب بالطبول ليؤذن الناس بقدومه، فانفضّ الناس إليه إلاّ

ص: 189


1- سورة الجمعة، الآية: 11.
2- هكذا في تفسير البرهان وغاية المرام وبحار الأنوار، ولكن في المصدر: المسيرة، والظاهر أنه من سهو النسّاخ.

علي والحسن والحسين وفاطمة، وسلمان وأبو ذرّ والمقداد وصهيب، وتركوا النبي(صلی الله علیه و آله) قائماً يخطب على المنبر.

فقال النبي(صلی الله علیه و آله): «لقد نظر اللّه يوم الجمعة إلى مسجدي، فلولا الفئة الذين جلسوا في مسجدي لأضرمت((1)) المدينة على أهلها ناراً، وحصبوا بالحجارة كقوم لوط»، ونزل فيهم: «رِجَالٌ لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ» الآية((2)).

وجاء في تأويل الآيات عن محمد بن العباس: حدّثنا محمّد بن همام، عن محمّد بن إسماعيل، عن عيسى بن داود قال: حدّثنا الإمام موسى بن جعفر، عن أبيه(علیهما السلام) في قول اللّه عزّ وجلّ: «فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّه أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالاْصَالِ» قال: «بيوت آل محمّد بيت علي وفاطمة والحسن والحسين وحمزة وجعفر(علیهم السلام)».

قلت: «بِالْغُدُوِّ وَالاْصَالِ» قال: «الصلاة في أوقاتها».

ثمّ وصفهم اللّه عزّ وجلّ وقال: «رِجَالٌ لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللّه وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْما تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ» قال: «هم الرجال لم يخلط اللّه معهم غيرهم».

ثمّ قال: «لِيَجْزِيَهُمُ اللّه أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ» قال: «ما اختصّهم به من المودّة والطاعة المفروضة وصيّر مأواهم الجنّة «وَاللّه يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ

ص: 190


1- هكذا في تفسير البرهان وبحار الأنوار، ولكن في المصدر: لانضرمت، وفي غاية المرام: لاضطرمت.
2- مناقب لابن شهر آشوب: ج1 ص407؛ عنه تفسير البرهان: ج5 ص381 ح15؛ وبحار الأنوار: ج86 ص195 ح39؛ وفي غاية المرام: ج3 ص265 ح2 (من تفسير مجاهد و...، والظاهر أنه بواسطة ابن شهر آشوب).

حِسَابٍ»»((1)).

قال شاعر أهل البيت(علیهم السلام) الفرطوسي:

وأتتنا من الروايات عنهم* أربع صرّحت بغير خفاء

في بيوت للّه يذكر فيها * بضم الذكر أفضل الأسماء

أنّ خير البيوت بيت عليّ * وهي تعزى لصفوة الأنبياء((2))

ص: 191


1- تأويل الآيات الظاهرة: ج1 ص362 ح10؛ عنه بحار الأنوار: ج23 ص326 ح4.
2- ملحمة أهل البيت(علیهم السلام): ج1 ص157.

66- صبره(علیه السلام) على ما نزل به

«وَمَا أَرسَلنَا قَبلَكَ مِنَ ألمُرسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُم لَيَأكُلُونَ ألطَّعَامَ وَيَمشُونَ فِي ألأَسوَاقِ وَجَعَلنَا بَعضَكُم لِبَعض فِتنَةً أَتَصبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرا 20»

سورة الفرقان

في تأويل الآيات: عن محمّد بن العبّاس(رحمه الله)، عن محمّد بن همّام، عن محمّد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود النجّار، عن موسى بن جعفر، عن أبيه(علیه السلام) قال: جمع رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين وأغلق عليه وعليهم الباب وقال: «يا أهلي وأهل اللّه! إنّ اللّه عزّ وجلّ يقرأ عليكم السلام وهذا جبرئيل معكم في البيت يقول: إنّي قد جعلت عدوّكم لكم فتنة فما تقولون؟ قالوا: نصبر يا رسول اللّه! لأمر اللّه وما نزل من قضائه حتّى نقدم على اللّه عزّ وجلّ ونستكمل جزيل ثوابه فقد سمعناه يعد الصابرين الخير كلّه، فبكى رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) حتّى سمع نحيبه من خارج البيت، فنزلت هذه الآية: «وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً» أنّهم

ص: 192

سيصبرون أي سيصبرون كما قالوا صلوات اللّه عليهم»((1)).

ولنعم ما قيل:

إني وجدت وفي الأيام تجربة * للصبر عاقبة محمودة الأثر

وقل من جد في أمر يطالبه* واستصحب الصبر إلّا فاز بالظفر

ص: 193


1- تأويل الآيات الظاهرة: ج1 ص372 ح3؛ عنه بحار الأنوار: ج24 ص219 ح16 و: ج28 ص81 ح41.

67- النسب الطاهر(علیهم السلام)

«وَهُوَ ألَّذِي خَلَقَ مِنَ ألمَاءِ بَشَرا فَجَعَلَهُۥ نَسَبا وَصِهرا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرا 54»

سورة الفرقان

في مناقب ابن شهر آشوب: ابن عبّاس وابن مسعود وجابر والبراء وأنس وأُمّ سلمة والسدي، وابن سيرين والباقر(علیه السلام) في قوله تعالى: «وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً» قالوا: «هو محمّد وعلي والحسن والحسين(علیهم السلام) «وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً»، القائم في آخر الزمان؛ لأنّه لم يجتمع نسب وسبب في الصحابة والقرابة إلاّ له، فلأجل ذلك استحق الميراث بالنسب والسبب»((1)).

وفي تفسير فرات الكوفي: علي بن محمّد بن مخلد الجعفي معنعناً، عن ابن عبّاس في قول اللّه تعالى: «وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً» قال: خلق اللّه نطفة بيضاء مكنونة فجعلها في صلب آدم ثمّ نقلها من صلب آدم إلى صلب شيث، ومن صلب شيث إلى صلب أنوش، ومن صلب أنوش إلى صلب قينان، حتّى توارثتها كرام الأصلاب، وفي مطهّرات الأرحام، حتّى جعلها اللّه في صلب عبدالمطّلب، ثمّ قسمها نصفين، فألقى نصفها إلى صلب عبد اللّه

ص: 194


1- مناقب لابن شهر آشوب: ج2 ص29؛ عنه بحار الأنوار: ج43 ص106 ح22.

ونصفها إلى صلب أبي طالب، وهي سلالة فولد من عبد اللّه محمّد(صلی الله علیه و آله) ومن أبي طالب عليٌّ عليهما الصلاة والسلام، فذلك قول اللّه تعالى: «وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً» زوّج فاطمة بنت محمّد(صلی الله علیه و آله) [علياً] فعلي من محمّد ومحمّد من علي، والحسن والحسين وفاطمة نسب وعلي الصهر((1)).

قال شاعر أهل البيت(علیهم السلام) الشيخ عبد المنعم الفرطوسي:

نسب طاهر وصهر زكيّ * هو زوج الزكيّة الزهراء

آية أُنزِلَت من اللّه فيه * فهي نصّ في أكرم الأصفياء

وعلي الكرّار صهر كريم * وابن عمّ لخاتم الأمناء

قد أفاضت من الروايات عنهم * أربع للظماء خير رواء((2))

ص: 195


1- تفسير فرات الكوفي: ص292 ح394؛ بحار الأنوار: ج35 ص360 ح1 و: ج43 ص145 ح48.
2- ملحمة أهل البيت(علیهم السلام): ج1 ص164.

68- الحسين(علیه السلام) قرة عين النبي(صلی الله علیه و آله)

«وَألَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَب لَنَا مِن أَزوَجِنَا وَذُرِّيَّتِنَا قُرَّةَ أَعيُن وَأجعَلنَا لِلمُتَّقِينَ إِمَامًا 74»

سورة الفرقان

ذكر السيد شرف الدين الأستر آبادي في تأويل الآيات حديثاً عن محمّد بن العبّاس، عن محمّد بن القاسم بن سلام، عن عبيد بن كثير، عن الحسين بن مزاحم، عن علي بن زيد الخراساني، عن عبد اللّه بن وهب الكوفي، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري في قول اللّه عزّ وجلّ: «رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً» قال رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) لجبرئيل: ««مَن أَزْوَاجِنَا» قال: خديجة. قال: «وَذُرِّيَّاتِنَا» قال: فاطمة. قال: «قُرَّةَ أَعْيُنٍ» قال: الحسن والحسين. قال: «وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً»، قال: علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليهم أجمعين»((1)).

وقال علي بن إبراهيم القمي في تفسيره: حدثنا محمّد بن أحمد، قال حدّثنا الحسن بن محمّد، عن حمّاد، عن أبان بن تغلب قال: سألت أبا عبد اللّه(علیه السلام) عن

ص: 196


1- تأويل الآيات الظاهرة: ج1 ص385 ح27؛ عنه بحار الأنوار: ج24 ص135 ح9؛ وفي شواهد التنزيل: ج1 ص539 ح576.

قول اللّه عزّ وجلّ: «وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً» قال: «نحن هم أهل البيت»، وروى غيره أنّ «أَزْوَاجِنَا»، خديجة و«ذُرِّيَّاتِنَا»، فاطمة و«قُرَّةَ أَعْيُنٍ»، الحسن والحسين «وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً» علي بن أبي طالب(علیه السلام)((1)).

وفي مناقب ابن شهر آشوب عن سعيد بن جبير في قوله تعالى: «وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا» الآية، قال: هذه الآية واللّه خاصّة في أمير المؤمنين علي(علیه السلام) كان أكثر دعائه يقول: «رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا» يعني فاطمة «وَذُرِّيَّاتِنَا»، يعني: الحسن والحسين «قُرَّةَ أَعْيُنٍ» قال أمير المؤمنين(علیه السلام): «واللّه ما سألت ربّي ولداً نضير الوجه ولا سألتُ ولداً حسن القامة ولكن سألت ربّي ولداً مطيعين للّه، خائفين وجلين منه، حتّى إذا نظرت إليه وهو مطيع للّه قرّت به عيني» قال: «وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً» قال: نقتدي بمن قبلنا من المتّقين فيقتدي المتّقون بنا من بعدنا، الخبر((2)).

قال الفرطوسي:

هب لنا في العطاء قرّة عين * من خيار الأزواج والأبناء

آية قد تنزّلت في عليّ* حينما قد دعا بهذا الدعاء

والذراري السبطين يقصد فيها * حين يعني الأزواج بالزهراء((3))

ص: 197


1- تفسير القمي: ج2 ص117؛ عنه بحار الأنوار: ج24 ص134 ح5.
2- مناقب لابن شهر آشوب: ج3 ص152؛ عنه بحار الأنوار: ج24 ص132 ح1 و: ج43 ص279 ضمن ح48.
3- ملحمة أهل البيت(علیهم السلام): ج1 ص212.

69- جزاء الصبر: الغرفة في الجنة مع التحيّة

«أُوْلَئِكَ يُجزَونَ ألغُرفَةَ بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّونَ فِيهَا تَحِيَّة وَسَلَمًا 75 خَلِدِينَ فِيهَا حَسُنَت مُستَقَرّا وَمُقَاما 76»

سورة الفرقان

في مناقب ابن شهر آشوب: عن سعيد بن جبير في قوله تعالى: «أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا»؛ يعني: علي بن أبي طالب والحسن والحسين وفاطمة(علیهم السلام) «وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاَماً ٭ خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً»((1)).

ولنعم ما قيل في الصبر:

اصبر قليلاً فبعد العسر تيسير* وكل أمر له وقت وتدبير

وللمُيهمن في حالاتنا نظر * وفوق تدبيرنا للّه تقدير

ص: 198


1- مناقب لابن شهر آشوب: ج3 ص153؛ عنه بحار الأنوار: ج24 ص133 ضمن ح1 و: ج43 ص279 ضمن ح48.

70- تفسير الساجدين وفضيلة أبي طالب(علیه السلام)

«وَتَقَلُّبَكَ فِي ألسَّجِدِينَ 219»

سورة الشعراء

جاء في تأويل الآيات عن محمّد بن العبّاس، قال: حدّثنا محمّد بن الحسين الخثعمي، عن عبّاد بن يعقوب، عن الحسن بن حمّاد، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر(علیه السلام) في قوله عزّ وجلّ: «وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ» قال: «في علي وفاطمة والحسن والحسين وأهل بيته(علیهم السلام)»((1)).

وروى الشيخ الطوسي(رحمه الله) في أماليه: بإسناده عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد اللّه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين(علیهم السلام) قال:

«كان ذات يوم جالساً في الرحبة والناس حوله مجتمعون، فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين إنّك بالمكان الذي أنزلك اللّه به وأبوك يعذّب بالنار وابنه قسيم النار.

قال له: مه، فضّ اللّه فاك، والذي بعث محمّداً بالحقّ نبياً لو شفع أبي في كلّ مذنب على وجه الأرض شفعه اللّه فيهم، أبي يعذّب بالنار وابنه قسيم النار!

ثمّ قال: والذي بعث محمّداً(صلی الله علیه و آله) بالحقّ أنّ نور أبي طالب يوم القيامة ليطفئ

ص: 199


1- تأويل الآيات الظاهرة: ج1 ص396 ح23؛ عنه بحار الأنوار: ج25 ص213 ح2.

أنوار الخلق إلاّ خمسة أنوار: نور محمّد(صلی الله علیه و آله) ونوري ونور فاطمة ونور الحسن والحسين ومن ولدته الأئمّة؛ لأنّ نوره من نورنا الذي خلقه اللّه (عزّ وجلّ) من قبل أن يخلق آدم بألفي عام»((1)).

ونقلهم من ساجد عن ساجد * بُرهان أسلافهم الأماجد

وقال الفرطوسي:

قال طه كنّا أنا وعلي * عند عرش الرحمن أسنى ضياء

قبل إيجاد آدم بألوف * من سني الأزمان والآناء

وسلكنا في صلبه وانتقلنا * بين أصلاب خيرة الآباء

وقسمنا نورين في أبوينا * من إناء مطهر لإناء

فعلي مني وإني حقاً * من عليّ على صعيد سواء((2))

ص: 200


1- أمالي الشيخ الطوسي: ص305 ح59.
2- ملحمة أهل البيت(علیهم السلام): ج1 ص62.

71- جزاء الظالمين للحسين(علیه السلام)

«إِلَّا ألَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ألصَّلِحَتِ وَذَكَرُواْ أللَّهَ كَثِيرا وَأنتَصَرُواْ مِن بَعدِ مَا ظُلِمُواْ وَسَيَعلَمُ ألَّذِينَ ظَلَمُواْ أَيَّ مُنقَلَب يَنقَلِبُونَ 227»

سورة الشعراء

أخرج الشيخ إبراهيم الحمويني الشافعي في فرائد السمطين بسنده المذكور قال: عن رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) في حديث طويل أنّه قال:

«الحسن والحسين إماما أُمّتي بعد أبيهما، وسيّدا شباب أهل الجنّة، وأُمّهما سيّدة نساء العالمين، وأبوهما سيّد الوصيين، ومن ولد الحسين تسعة أئمّة، تاسعهم القائم من ولدي، طاعتهم طاعتي، ومعصيتهم معصيتي، إلى اللّه أشكو المنكرين لفضلهم، والمضيّعين لحرمتهم بعدي، وكفى باللّه وليّاً وناصراً لعترتي، وأئمّة أُمّتي، ومنتقماً من الجاحدين حقّهم «وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَىَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ»»((1)).

وقال الشيخ الصدوق: حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه(رحمه الله) قال: حدّثنا علي

ص: 201


1- فرائد السمطين: ج1 ص55 ضمن ح19؛ والتحصين: ص553.

بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه(علیهم السلام) قال: «قال رسول اللّه(صلی الله علیه و آله): من أحبّ أن يتمسّك بديني، ويركب سفينة النجاة بعدي فليقتد بعلي بن أبي طالب، وليعاد عدوّه وليوال وليّه، فإنّه وصيّي، وخليفتي على أُمّتي في حياتي وبعد وفاتي، وهو إمام كلّ مسلم وأمير كلّ مؤمن بعدي، قوله قولي، وأمره أمري، ونهيه نهيي، وتابعه تابعي، وناصره ناصري، وخاذله خاذلي.

ثمّ قال(صلی الله علیه و آله): من فارق علياً بعدي لم يَرَني ولم أره يوم القيامة، ومن خالف علياً حرّم اللّه عليه الجنّة، وجعل مأواه النار وبئس المصير، ومن خذل علياً خذله اللّه يوم يعرض عليه، ومن نصر علياً نصره اللّه يوم يلقاه، ولقّنه حجّته عند المساءلة.

ثمّ قال(صلی الله علیه و آله): الحسن والحسين إماما أُمّتي بعد أبيهما، وسيّدا شباب أهل الجنّة، وأُمّهما سيّدة نساء العالمين، وأبوهما سيّد الوصيين. ومن ولد الحسين تسعة أئمّة، تاسعهم القائم من ولدي، طاعتهم طاعتي ومعصيتهم معصيتي، إلى اللّه أشكو المنكرين لفضلهم، والمضيّعين لحرمتهم بعدي، وكفى باللّه ولياً وناصراً لعترتي، وأئمّة أُمّتي، ومنتقماً من الجاحدين لحقّهم، «وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَىَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ»»((1)).

وفي تفسير القمي: ثم ذكر آل محمد(علیهم السلام) وشيعتهم فقال: «إِلاَّ الَّذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا» ثم ذكر أعداءهم ومن ظلمهم فقال «وَسَيَعْلَمُ الَّذينَ ظَلَمُوا - آل محمد حقهم - أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ» هكذا

ص: 202


1- كمال الدين: ص260 ح6.

والله نزلت((1)).

وفي مناقب ابن شهر آشوب: وفي أثر عن بن عباس أن أم كلثوم قالت لحاجب بن زياد: ويلك، هذه الألف درهم خذها إليك واجعل رأس الحسين أمامنا واجعلنا على الجمال وراءَ الناس ليشتغل الناس بنظرهم إلى رأس الحسين عنا، فأخذ الألف وقدم الرأس، فلما كان الغد أخرج الدراهم وقد جعلها الله حجارة سوداء مكتوب

على أحد جانبيها: «وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ»((2)) وعلى الجانب الآخر: «وَسَيَعْلَمُ الَّذينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ» وفي أثر أنهم لما صلبوا رأسه على الشجرة شمع منه «وَسَيَعْلَمُ الَّذينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ»((3)).

وقضية أخرى حصلت بين الحاملين للرأس الشريف وبين الراهب، راجع شرح إحقاق الحق((4)) ومدينة المعاجز((5)).

وفي إقبال الأعمال - في وداع زيارة الأربعين - : «... يا بن رسول الله، صلى الله عليك حياً وميتاً، فإن لك عند الله مقاماً معلوما وشفاعة مقبولة، لعن الله من ظلمك، ولعن الله من حرمك وغصب حقك، ولعن الله من قتلك، ولعن الله من خذلك، ولعن الله من دعوته فلم يجبك ولم يعنك، ولعن الله من منعك من حرم الله وحرم رسوله وحرم أبيك وأخيك، ولعن الله من منعك من شرب ماء الفرات لعناً كثيراً يتبع بعضها بعضاً، اللهم فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون «وَسَيَعْلَمُ الَّذينَ

ص: 203


1- تفسير القمي: ج2 ص125.
2- سورة إبراهيم، الآية: 42.
3- مناقب لابن شهر آشوب: ج3 ص217؛ عنه بحار الأنوار: ج45 ص304 ضمن ح3.
4- شرح إحقاق الحق: ج27 ص375.
5- مدينة المعاجز: ج4 ص138 ح193.

ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ...»»((1)).

لنعم ما قيل:

هم أهل بيت أذهب الله العَمى * والرجس عنهم أطهراً من أطهر

وسلالة نبوية قد أنزلت * من جنة المأوى وماء الكوثر

المصطفى الهادي مدينة علمه * والباب إذ يؤتى لها من حيدر

مشكاته الزهراء ومصباح الهدى * الحسنان من زاك به ومطهّر

يا أهل بيت المصطفى أنتم لنا * الشفعاء في الدنيا ويوم المحشر

ص: 204


1- إقبال الأعمال: ج3 ص104.

72- المصطفون هم أهل البيت(علیهم السلام)

«قُلِ ألحَمدُ لِلَّهِ وَسَلَمٌ عَلَى عِبَادِهِ ألَّذِينَ أصطَفَى ءَاللَّهُ خَيرٌ أَمَّا يُشرِكُونَ 59»

سورة النمل

في مناقب ابن شهر آشوب عن أبي صالح، عن بن عبّاس في قوله تعالى: «قُلِ الْحَمْدُ للّه وَسَلاَمٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى»؛ قال: هم أهل بيت رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين وأولادهم إلى يوم القيامة هم صفوة اللّه وخيرته من خلقه((1)).

وقال علي بن إبراهيم القمي في تفسيره: وأما قوله: «قُلِ الْحَمْدُ للّه وَسَلاَمٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى» قال: هم آل محمد(علیهم السلام)((2)).

ولنعم ما قيل:

سلام على آل طه وياسين * سلام على آل خير النبيين

سلام على روضة حلّ فيها * إمام يباهي به الملك والدين

ص: 205


1- مناقب لابن شهر آشوب: ج3 ص152؛ عنه بحار الأنوار: ج43 ص279 ضمن ح48.
2- تفسير القمي: ج2 ص129.

73- الحسين من المستضعفين بعد النبي(صلی الله علیه و آله)

«وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ألَّذِينَ أستُضعِفُواْ فِي ألأَرضِ وَنَجعَلَهُم أَئِمَّة وَنَجعَلَهُمُ ألوَرِثِينَ 5»

سورة القصص

روى الشيخ الصدوق في معاني الأخبار عن أحمد بن محمد العجلي، عن أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، عن بكر بن عبد الله بن حبيب، عن تميم بن بهلول، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن المفضّل، قال: سمعت أبا عبد اللّه(علیه السلام) يقول: «إنّ رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) نظر إلى علي والحسن والحسين(علیهم السلام) فبكى وقال: أنتم المستضعفون بعدي».

قال المفضّل: فقلت له: ما معنى ذلك يا بن رسول اللّه؟ قال: «معناه أنّكم الأئمّة بعدي، إنّ اللّه عزّ وجلّ يقول: «وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ» فهذه الآية جارية فينا إلى يوم القيامة»((1)).

وفي حديث مسند عن سلمان الفارسي(رحمه الله) قد تقدّم في سورة الإسراء الآية 5 و 6، عن البحار وفيه: ... قال سلمان: فاشتدّ بكائي وشوقي فقلت: يا رسول اللّه بعهد منك؟ فقال: «إي والذي أرسل محمّداً إنّه بعهد منّي وعلي وفاطمة

ص: 206


1- معاني الأخبار: ص79 ح1؛ عنه بحار الأنوار: ج24 ص168 ح1.

والحسن والحسين وتسعة أئمّة وكلّ من هو منّا ومظلوم فينا، إي واللّه يا سلمان ثمّ ليحضرنّ إبليس وجنوده وكلّ من محض الإيمان محضاً ومحض الكفر محضاً حتّى يؤخذ بالقصاص والأوتار والتراث ولا يظلم ربّك أحدا ونحن تأويل هذه الآية: «وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ٭ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ»»((1)) قال سلمان: فقمت بين يدي رسول اللّه وما يبالي سلمان متى لقى الموت أو لقيه((2)).

قال الفرطوسي في الملحمة:

ومن الدين سُنّةً وكتاباً* رجعة حقّة بغير افتراء

هو بعث من القبور ونشر * أصغر للنفوس بعد انطواء

فيه يمتاز سائر السُعَداء * بوضوح عن سائر الأشقياء

ويهود المستنصر الحقّ حياً * فيه وهو الحسين بعد الفناء

ويَسوُس العبادَ سبعين عاماً * بقضاء عدل بحكم القضاء((3))

ص: 207


1- سورة القصص، الآية: 5 و 6.
2- بحار الأنوار: ج25 ص6 ح9، و: ج53 ص142 ح162؛ ونحوه في دلائل الإمامة: ص447 ح28.
3- ملحمة أهل البيت(علیهم السلام): ج1 ص113.

74- الفدك هدية اللّه لهم(علیهم السلام)

«فََٔاتِ ذَا ألقُربَى حَقَّهُۥ وَألمِسكِينَ وَأبنَ ألسَّبِيلِ ذَلِكَ خَير لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجهَ أللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ ألمُفلِحُونَ 38»

سورة الروم

تفسير العياشي: عن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله(علیه السلام)، قال: «لمّا أنزل الله «فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكينَ»، قال رسول الله(صلی الله علیه و آله): يا جبرئيل، قد عرفتُ المسكين، فمن ذو القربى؟ قال: هم أقاربك، فدعا حسناً وحسيناً وفاطمة، فقال: إنّ ربي أمرني أن أعطيكم مما أفاء عليّ، قال: أعطيتكم فدكاً»((1)).

أقول: راجع سورة الإسراء الآية 26.

ص: 208


1- تفسير العياشي: ج3 ص45 ح46 في تفسير سورة الإسراء وذلك للتشابه بين هذه الآية والآية 26 من سورة الإسراء: «وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكينَ وَابْنَ السَّبيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذيراً»، عنه بحار الأنوار: ج29 ص119 ح13.

75- الذين أوتوا العلم والإيمان كاملاً هم الأئمة(علیهم السلام)

«وَقَالَ ألَّذِينَ أُوتُواْ ألعِلمَ وَألإِيمَنَ لَقَد لَبِثتُم فِي كِتَبِ أللَّهِ إِلَى يَومِ ألبَعثِ فَهَذَا يَومُ ألبَعثِ وَلَكِنَّكُم كُنتُم لَا تَعلَمُونَ 56»

سورة الروم

قد أورد المجلسي رضوان الله عليه حديثاً في بحار الأنوار عن كمال الدين ومعاني الأخبار وأمالي الصدوق وعيون أخبار الرضا(علیه السلام)، والسند مطابق للمعاني والعيون، فقال: الطالقاني، عن القاسم بن محمّد الهاروني، عن عمران بن موسى، عن الحسن بن قاسم الرقّام، عن القاسم بن مسلم، عن أخيه عبد العزيز بن مسلم قال: كنّا في أيّام علي بن موسى الرضا(علیه السلام) بمرو فاجتمعنا في مسجد جامعها في يوم جمعة في بدء مقدمنا فأدار الناس أمر الإمامة وذكروا كثرة اختلاف الناس فيها، فدخلت على سيّدي ومولاي الرضا(علیه السلام) فأعلمته ما خاض الناس فيه، فتبسّم ثمّ قال: «يا عبد العزيز! جهل القوم وخدعوا عن أديانهم، إنّ اللّه تبارك وتعالى لم يقبض نبيّه(صلی الله علیه و آله) حتّى أكمل له الدين وأنزل عليه القرآن، فيه تفصيل كلّ شيء، بيّن فيه الحلال والحرام والحدود والأحكام وجميع ما يحتاج إليه الناس كملاً، فقال عزّ وجلّ: «مَا

ص: 209

فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ»((1)) وأنزل في حجّة الوداع وهي آخر عمره(صلی الله علیه و آله): «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الاْءِسْلاَمَ دِينا»((2)) فأمر الإمامة من تمام الدين ولم يمض(صلی الله علیه و آله) حتّى بيّن لأُمّته معالم دينه وأوضح لهم سبله وتركهم على قصد الحقّ، وأقام لهم علياً(علیه السلام) علماً وإماماً، وما ترك شيئاً تحتاج إليه الأُمّة إلاّ بيّنه، فمن زعم أنّ اللّه عزّ وجلّ لم يكمل دينه فقد ردّ كتاب اللّه عزّ وجلّ ومن رّد كتاب اللّه فهو كافر، هل يعرفون قدر الإمامة ومحلّها من الأُمّة فيجوز فيها اختيارهم؟! إنّ الإمامة أجلّ قدراً وأعظم شأناً وأعلى مكاناً وأمنع جانباً وأبعد غوراً من أن يبلغها الناس بعقولهم أو ينالوها بآرائهم أو يقيموا إماماً باختيارهم، إنّ الإمامة خصّ اللّه عزّ وجلّ بها إبراهيم الخليل(علیه السلام) بعد النبوّة والخلّة مرتبة ثالثة وفضيلة شرّفه بها وأشاد بها ذكره فقال عزّ وجلّ: «إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً» فقال الخليل(علیه السلام) سرورا بها: «وَمِنْ ذُرِّيَّتي»؟ قال اللّه عزّ وجلّ: «لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ» فأبطلت هذه الآية إمامة كلّ ظالم إلى يوم القيامة وصارت في الصفوة، ثمّ أكرمه اللّه بأن جعلها في ذرّيته أهل الصفوة والطهارة، فقال عزّ وجلّ: «وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ ٭ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإقامَ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ»((3)) فلم تزل في ذرّيته يرثها بعض عن بعض قرناً فقرناً حتّى ورثها النبي(صلی الله علیه و آله) فقال اللّه جلّ جلاله: «إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِىُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللّه وَلِىُّ الْمُؤْمِنِينَ»((4)) فكانت له

ص: 210


1- سورة الأنعام، الآية: 38.
2- سورة المائدة، الآية: 3.
3- سورة الأنبياء، الآية: 72.
4- سورة آل عمران، الآية: 68.

خاصّة فقلّدها(صلی الله علیه و آله) عليا(علیه السلام) بأمر اللّه عزّ وجلّ على رسم ما فرضها اللّه فصارت في ذرّيته الأصفياء الذين آتاهم اللّه العلم والإيمان بقوله عزّ وجلّ: «وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالاْءِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللّه إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ» فهي في ولد علي(علیه السلام) خاصّة إلى يوم القيامة؛ إذ لا نبي بعد محمّد(صلی الله علیه و آله) فمن أين يختار هؤلاء الجهّال؟! إنّ الإمامة هي منزلة الأنبياء وإرث الأوصياء، إنّ الإمامة خلافة اللّه عزّ وجلّ وخلافة الرسول ومقام أمير المؤمنين وميراث الحسن والحسين(علیهما السلام)، إنّ الإمامة زمام الدين ونظام المسلمين وصلاح الدنيا وعزّ المؤمنين، إنّ الإمامة أُسّ الإسلام النامي وفرعه السامي، بالإمام تمام الصلاة والزكاة والصيام والحجّ والجهاد وتوفير الفيء والصدقات وإمضاء الحدود والأحكام ومنع الثغور والأطراف، والإمام يحلّل حلال اللّه ويحرّم حرام اللّه ويقيم حدود اللّه ويذبّ عن دين اللّه ويدعو إلى سبيل ربّه بالحكمة والموعظة الحسنة والحجّة البالغة، الإمام كالشمس الطالعة للعالم وهي في الأُفق بحيث لا تناله الأيدي والأبصار، الإمام البدر المنير والسراج الزاهر والنور الساطع والنجم الهادي في غياهب الدجى والبلد القفار ولجج البحار» الخبر((1)).

مَن أوتى العلم مع الإيمان * آل رسول اللّه بالعيان

همُ البدور والشموس الزاهرة * أنوارهم ساطعة وقاهرة

ص: 211


1- بحار الأنوار: ج25 ص120 ح4؛ عن معاني الأخبار: ص96 ح2؛ وعيون أخبار الرضا(علیه السلام): ج2 ص195 ح1؛ وكمال الدين: ص675 ح31؛ وأمالي الشيخ الصدوق: ص773 ح1؛ والاحتجاج: ج2 ص226؛ وتحف العقول: ص436؛ وكتاب الغيبة (للنعماني): ص225 ح6؛ والكافي: ج1 ص198 ح1.

76- الحسين(علیه السلام) هو العروة الوثقى

«وَمَن يُسلِم وَجهَهُۥ إِلَى أللَّهِ وَهُوَ مُحسِن فَقَدِ أستَمسَكَ بِألعُروَةِ ألوُثقَى وَإِلَى أللَّهِ عَقِبَةُ ألأُمُورِ 22»

سورة لقمان

كامل الزيارات بسنده عن جابر، عن أبي جعفر (الباقر) (علیه السلام)، قال: «قال رسول الله(صلی الله علیه و آله): من أراد أن يتمسك بعروة الله الوثقى التي قال الله تعالى في كتابه فليوالِ علي بن أبي طالب والحسن والحسين(علیهم السلام) فإنّ الله يحبهما من فوق عرشه»((1)).

وفي مصباح المتهجد: «اللهم صل على الحسين بن علي المظلوم الشهيد، قتيل الكفرة وطريح الفجرة،السلام عليك يا أبا عبد الله... بأبي أنت وأمي يا أبا عبد الله، لعن الله قاتلك ولعن الله خاذلك، ولعن الله من سمع واعيتك فلم يجبك ولم ينصرك، ولعن الله من سبى نساءك، أنا إلى الله منهم بريء، وممن والاهم ومالأهم وأعانهم عليه، أشهد أنك والأئمة من ولدك كلمة التقوى وباب الهدى والعروة الوثقى والحجة على أهل الدنيا...»((2)).

ص: 212


1- كامل الزيارات: ص114 ح6؛ عنه بحار الأنوار: ج43 ص270 ح31.
2- مصباح المتهجد: ص401 ضمن ح134.

وفي كفاية الأثر بسنده إلى أنس بن مالك، قال: صلى بنا رسول الله(صلی الله علیه و آله) صلاة الفجر ثم أقبل علينا فقال: «معاشر أصحابي، من أحب أهل بيتي حُشر معنا ومن استمسك بأوصيائي من بعدي فقد استمسك بالعروة الوثقى»، فقام إليه أبو

ذر الغفاري، فقال: يا رسول الله، كم الأئمة بعدك؟ قال: «عدد نقباء بني إسرائيل»، فقال: كلهم من أهل بيتك؟ قال: «كلهم من أهل بيتي، تسعة من صلب الحسين، والمهدي منا»((1)).

وفي عيون أخبار الرضا(علیه السلام): قال: «رسول الله(صلی الله علیه و آله): الأئمة من ولد الحسين(علیه السلام)، من أطاعهم فقد أطاع الله ومن عصاهم فقد عصى الله عز وجل، هم العروة الوثقى وهم الوسيلة إلى الله عز وجل»((2)).

ص: 213


1- كفاية الأثر: ص73.
2- عيون أخبار الرضا(علیه السلام): ج1 ص63 ح217.

77- الحسين(علیه السلام)أولى بالمؤمنين من أنفسهم وتأويل أولي الأرحام

«ألنَّبِيُّ أَولَى بِألمُؤمِنِينَ مِن أَنفُسِهِم وَأَزوَجُهُۥ أُمَّهَتُهُم وَأُوْلُواْ ألأَرحَامِ بَعضُهُم أَولَى بِبَعض فِي كِتَبِ أللَّهِ مِنَ ألمُؤمِنِينَ وَألمُهَجِرِينَ إِلَّا أَن تَفعَلُواْ إِلَى أَولِيَائِكُم مَّعرُوفا كَانَ ذَلِكَ فِي ألكِتَبِ مَسطُورا 6»

سورة الأحزاب

أورد الشيخ الصدوق(رحمه الله) في علل الشرائع عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد وعبد الله ابني محمد بن عيسى، عن أبيهما، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن مسكان، عن عبد الرحيم القصير، عن أبي جعفر(علیه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز وجل: «النَّبِىُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّه» فيمن نزلت؟ قال: «نزلت في الإمرة، إن هذه الآية جرت في الحسين بن علي(علیهما السلام) وفي ولد الحسين من بعده، فنحن أولى بالأمر وبرسول الله(صلی الله علیه و آله) من المؤمنين والمهاجرين»، فقلت: لولد جعفر فيها نصيب؟ قال: «لا»، قال: فعددت عليه بطون بني عبد المطلب، كل

ص: 214

ذلك يقول: «لا»، ونسيت ولد الحسن(علیه السلام)، فدخلتُ عليه بعد ذلك، فقلت: هل لولد الحسن فيها نصيب؟ فقال: «لا يا أبا عبد الرحمن، ما لمحمدي فيها نصيب غيرنا»((1)).

وقال الشيخ الصدوق في الخصال: حدّثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن أبان بن أبي عيّاش، عن سليم بن قيس الهلالي، وحدّثنا محمّد بن الحسن بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار، عن يعقوب بن يزيد وإبراهيم بن هاشم جميعاً، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبان بن أبي عيّاش، عن سليم بن قيس الهلالي قال: سمعت عبد اللّه بن جعفر الطيّار يقول: كنّا عند معاوية أنا والحسن والحسين وعبد اللّه بن عبّاس وعمر بن أبي سلمة وأُسامة بن زيد، جرى بيني وبين معاوية كلام فقلت لمعاوية: سمعت رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) يقول: «أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثمّ أخي علي بن أبي طالب(علیه السلام) أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا استشهد علي فالحسن بن علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثمّ ابنه الحسين بعد أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا استشهد فابنه علي بن الحسين الأكبر أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثمّ ابنه محمّد بن علي الباقر أولى بالمؤمنين من أنفسهم وستدركه يا حسين! ثمّ تكملة اثني عشر إماماً تسعة من ولد الحسين(علیه السلام)»، قال عبد اللّه بن جعفر: ثمّ استشهدت الحسن والحسين وعبد اللّه بن عبّاس وعمر بن أبي سلمة وأُسامة بن زيد فشهدوا لي عند معاوية. قال سليم بن قيس الهلالي:

ص: 215


1- علل الشرائع: ج1 ص206 ح4؛ عنه بحار الأنوار: ج25 ص256 ح16؛ الكافي: ج1 ص288 ح2.

وقد سمعت ذلك من سلمان وأبي ذرّ والمقداد وذكروا أنّهم سمعوا ذلك من رسول اللّه(صلی الله علیه و آله)((1)).

وروي في تأويل الآيات عن محمّد بن العبّاس، عن الحسين بن عامر، عن محمّد بن الحسين، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن حمّاد بن عثمان، عن عبد الرحيم بن روح القصير، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) أنّه سئل عن قول الله عز وجل: «وَأُوْلُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّه مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ» قال: «نزلت في ولد الحسين(علیه السلام)» قال قلت: جعلت فداك نزلت في الفرائض؟ قال: «لا»، قلت: ففي المواريث؟ قال: «لا»، ثمّ قال: «نزلت في الإمرة»((2)).

وروى الشيخ الطوسي في الغيبة عن محمّد الحميري، عن أبيه، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن الحسين بن ثوير بن أبي فاختة، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) قال: «لا تعود الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين(علیهما السلام) أبداً إنّها جرت من علي بن الحسين(علیهما السلام) كما قال عزّ وجلّ: «وَأُوْلُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّه مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ» فلا تكون بعد علي بن الحسين(علیهما السلام) إلاّ في الأعقاب وأعقاب الأعقاب»((3)).

وروى صاحب كفاية الأثر عن محمّد بن عبد اللّه بن المطّلب الشيباني، عن محمّد بن هارون الدينوري، عن محمّد بن العبّاس المصري، عن عبد اللّه بن إبراهيم الغفاري، عن حريز بن عبد اللّه الحذّاء، عن إسماعيل بن عبد اللّه قال:

ص: 216


1- الخصال: ص477 ح41؛ كمال الدين: ص270 ح15؛ عيون أخبار الرضا(علیه السلام): ج2 ص52 ح8؛ مناقب لابن شهر آشوب: ج1 ص255 إلى غيرها من المصادر.
2- تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص447 ح4؛ عنه بحار الأنوار: ج23 ص257 ح3.
3- الغيبة للطوسي: ص226 ح192؛ عنه بحار الأنوار: ج25 ص252 ح8.

قال الحسين بن علي(علیهما السلام): «لمّا أنزل اللّه تبارك وتعالى هذه الآية: «وَأُوْلُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ» سألت رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) عن تأويلها فقال: واللّه ما عنى (بها)((1)) غيركم وأنتم أُولوا الأرحام، فإذا متُّ فأبوك عليٌّ أولى بي وبمكاني، فإذا مضى أبوك فأخوك الحسن أولى به، فإذا مضى الحسن فأنت أولى به قلت: يا رسول اللّه! فمَن بعدي أولى بي؟ فقال: ابنك علي أولى بك من بعدك، فإذا مضى فابنه

محمّد أولى به من بعده، فإذا مضى فابنه جعفر أولى به مِن بعده بمكانه، فإذا مضى جعفر فابنه موسى أولى به من بعده، فإذا مضى موسى فابنه علي أولى به من بعده، فإذا مضى علي فابنه محمّد أولى به من بعده، فإذا مضى محمّد فابنه علي أولى به من بعده، فإذا مضى علي فابنه الحسن أولى به من بعده، فإذا مضى الحسن وقعت الغيبة في التاسع من ولدك فهذه الأئمّة التسعة من صلبك، أعطاهم (اللّه)((2)) علمي وفهمي طينتهم من طينتي ما لقوم يؤذوني فيهم لا أنالهم اللّه شفاعتي»((3)).

ص: 217


1- من البحار.
2- من البحار.
3- كفاية الأثر: ص175؛ عنه بحار الأنوار: ج36 ص343 ح209.

78- الحسين(علیه السلام) في آية التطهير

«إِنَّمَا يُرِيدُ أللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ ألرِّجسَ أَهلَ ألبَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيرا 33»

سورة الأحزاب

أقول: آية التطهير من الآيات التي ثبت اختصاصها بأهل بيت النبي(صلی الله علیه و آله) أصحاب الكساء، وقد أذعن المخالف أيضاً بذلك، لهذا من أراد الوقوف على الأحاديث الواردة في شأن آية التطهير فليراجع كتاب البحار((1)) فقد أورد روايات متعددة عن الشيعة الإمامية وعن كتب العامة مع بيانات شافية منه قدس الله نفسه، وأيضاً في غاية المرام((2)) في الباب 1 ذكر 41 حديثاً من طرق العامة، وفي الباب 2 ذكر 34 حديثاً من طرق الخاصة، وراجع أيضاً شرح احقاق الحق((3))، وغيرها من الكتب والمصادر، ونكتفي هنا بذكر بعض الأحاديث من طرق الخاصة ومن طرق العامة، ففي أمالي الصدوق عن أبيه، عن عبد الله بن الحسن المؤدّب، عن أحمد بن علي الإصبهاني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن مخول بن إبراهيم، عن عبد الجبار بن العباس الهمداني، عن عمار بن أبي معاوية الدهني، عن عمرة بنت

ص: 218


1- بحار الأنوار: ج35 باب 5 آية التطهير.
2- غاية المرام: ج3 ص173.
3- إحقاق الحق: ج2 ص501.

اًفعى،قالت: سمعتُ أم سلمة (رضي الله عنها) تقول: نزلت هذه الآية في بيتي «إِنَّمَا يُرِيدُ اللّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» قالت: وفي البيت سبعة: رسول الله، وجبرئيل وميكائيل وعلي وفاطمة والحسن والحسين (صلوات الله عليهم)، قالت: وأنا على الباب، فقلت: يا رسول الله، ألستُ مِن أهل البيت؟ قال: «إنكِ من أزواج النبي»، وما قال: إنكِ من أهل البيت((1)). وفي صحيح مسلم بسنده عن صفية بنت شيبة قالت: قالت عائشة: خرج النبي(صلی الله علیه و آله) غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء عليّ فأدخله، ثم قال: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»((2)).

وقال الشيخ الصدوق: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور(رحمه الله) قال: حدّثنا الحسين بن محمّد بن عامر، عن المعلّى بن محمّد البصري، عن جعفر بن سليمان، عن عبد اللّه بن الحكم، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن بن عبّاس قال: قال النبي(صلی الله علیه و آله): «إنّ علياً وصيّي وخليفتي وزوجته فاطمة سيّدة نساء العالمين ابنتي والحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة ولداي، من والاهم فقد والاني ومن عاداهم فقد عاداني ومن ناواهم فقد ناواني ومن جفاهم فقد جفاني ومن برّهم فقد برّني، وصل اللّه من وصلهم وقطع من قطعهم ونصر من أعانهم وخذل من خذلهم، اللهمّ من كان له من أنبيائك ورسلك ثقل وأهل بيت فعليٌّ وفاطمة والحسن والحسين أهل بيتي وثقلي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً»((3)).

ص: 219


1- أمالي الصدوق: ص559 ح3.
2- صحيح مسلم: ج7 ص130؛ ومثله في شواهد التنزيل: ج2 ص56 ح676.
3- أمالي الصدوق: ص111 ح10؛ بشارة المصطفى(صلی الله علیه و آله): ص38 ح25.

وفي شواهد التنزيل بسنده متصل إلى إسماعيل بن عبد اللّه بن جعفر الطيّار، عن أبيه قال: لمّا نظر النبي(صلی الله علیه و آله) إلى الرحمة هابطة من السماء قال: «من يدعو؟» - مرّتين - قالت زينب: أنا يا رسول اللّه! فقال: «أُدعي لي علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً» قال: فجعل حسناً عن يمناه وحسيناً عن يسراه وعلياً وفاطمة وجاهه ثمّ غشّاهم كساءً خيبرياً ثمّ قال: «اللهمّ إنّ لكلّ نبي أهلاً وإنّ أهلي هؤلاء»، فأنزل اللّه تعالى: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» فقالت: زينب يا رسول اللّه! ألا أدخل معكم؟ فقال رسول الله(صلی الله علیه و آله): «مكانك، فإنّك إلى خير إن شاء اللّه»((1)).

وفيه أيضاً بسند متصل إلى جابر قال: نزلت هذه الآية على النبي(صلی الله علیه و آله) وليس في البيت إلاّ فاطمة والحسن والحسين وعلي، «إِنَّمَا يُرِيدُ اللّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» فقال النبي(صلی الله علیه و آله): «اللهمّ هؤلاء أهلي»((2)).

ونقل المجلسي في البحار عن أمالي الطوسي: أبو عمرو، عن ابن عقدة، عن يعقوب بن يوسف بن زياد، عن محمّد بن إسحاق بن عمّار، عن هلال بن أيّوب، عن عطيّة قال: سألت أبا سعيد الخدري عن قوله تعالى: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرا» قال: نزلت في رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) وعلي وفاطمة والحسن والحسين(علیهم السلام)((3)).

وفي تفسير فرات الكوفي قال: حدّثني علي بن محمّد بن عمر الزهري معنعناً

ص: 220


1- شواهد التنزيل: ج2 ص54 ح674؛ العمدة: ص40 ح24؛ الطرائف: ص127 ح197 وغيرهما من المصادر.
2- شواهد التنزيل: ج2 ص29 ح648.
3- بحار الأنوار: ج35 ص208 ح4؛ ولاحظ أمالي الطوسي: ص248 ح30.

عن أبي جعفر(علیه السلام) في قوله تعالى: «أَطِيعُوا اللّه وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ» قال: «نزلت في علي بن أبي طالب(علیه السلام)» قلت: إنّ الناس يقولون: فما منعه أن يسمّى عليا وأهل بيته في كتابه؟ قال أبو جعفر(علیه السلام): «فتقولون لهم: إنّ اللّه أنزل على رسوله الصلاة ولم يسمّ ثلاثاً وأربعاً حتّى كان رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) هو الذي فسّر ذلك لهم، وأنزل الحجّ فلم ينزل طوفوا أُسبوعاً ففسّر لهم ذلك رسول اللّه(صلی الله علیه و آله)، وأنزل اللّه: «أَطِيعُوا اللّه وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ» قال: نزلت في علي بن أبي طالب والحسن والحسين(علیهم السلام) فقال في علي: من كنت مولاه فعلي مولاه، وقال رسول اللّه(صلی الله علیه و آله): أُوصيكم بكتاب اللّه وأهل بيتي، إنّي سألت اللّه أن لا يفرّق بينهما حتّى يوردهما عليّ الحوض فأعطاني ذلك، فلا تعلّوهم فهم [فإنّهم] أعلم منكم، إنّهم لم يخرجوكم من باب هدى ولن يدخلوكم في باب ضلالة، ولو سكت رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) ولم يبيّن أهلها لادّعاها آل عبّاس وآل عقيل وآل فلان وآل فلان ولكنّ اللّه أنزل في كتابه: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» فكان علي بن أبي طالب(علیه السلام) والحسن والحسين وفاطمة(علیهم السلام) والتحيّة والإكرام تأويل هذه الآية، فأخذ رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) بيد علي وفاطمة والحسن والحسين(علیهم السلام) فأدخلهم تحت الكساء في بيت أُمّ سلمة فقال: اللهمّ إنّ لكلّ نبي ثقلاً وأهلاً فهؤلاء ثقلي وأهلي فقالت أُمّ سلمة: ألست من أهلك؟ فقال: إنّك إلى [على] خير، ولكن هؤلاء ثقلي وأهلي...»((1)).

وفي تفسير فرات أيضاً، قال: حدّثني عبيد بن كثير معنعناً، عن أبي عبد اللّه الجدلي قال: دخلت على عائشة فقلت: أين نزلت هذه الآية: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللّه

ص: 221


1- تفسير فرات الكوفي: ص110 ح112.

لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» قالت: نزلت في بيت أُمّ سلمة. قالت: أُمّ سلمة: لو سألت عائشة لحدّثتك إنّ هذه الآية نزلت في بيتي قالت: بينما رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) في البيت إذ قال: «لو كان أحد يذهب فيدعو لنا علياً وفاطمة وابنيها [ابنيهما]» قالت: فقلت: ما أجد غيري. قال: قلت: فدفعت وجئت [فجئت] بهم جميعاً فجلس علي بين يديه وجلس الحسن والحسين عن يمينه وشماله وأجلس فاطمة خلفه ثمّ تجلّل بثوب خيبري ثمّ قال: «نحن جميعاً - إليك فأشار رسول اللّه(صلی

الله علیه و آله) ثلاث مرّات - : إليك لا إلى النار ذاتي وعترتي وأهل بيتي من لحمي ودمي»، قالت أُمّ سلمة: يا رسول اللّه! أدخلني معهم قال: «يا أُمّ سلمة إنّك من صالحات أزواجي ولا يدخل الجنّة في هذا المكان إلاّ منّي»، قالت: ونزلت هذه الآية: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»((1)).

وفي الإمامة والتبصرة لِعلي بن بابويه القمي عن سعد، عن الخشّاب، عن علي بن حسّان، عن عمّه عبدالرحمن بن كثير قال: قلت لأبي عبد اللّه(علیه السلام): ما عنى اللّه تعالى بقوله: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» قال: «نزلت في النبي(صلی الله علیه و آله) وأمير المؤمنين والحسن والحسين وفاطمة(علیهم السلام)، فلمّا قبض اللّه نبيّه كان أمير المؤمنين ثمّ الحسن ثمّ الحسين(علیهم السلام) ثمّ وقع تأويل هذه الآية: «وَأُوْلُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّه»((2)) فكان علي بن الحسين(علیه السلام) ثمّ جرت في الأئمّة من ولده الأوصياء فطاعتهم طاعة اللّه ومعصيتهم معصية اللّه»((3)).

ص: 222


1- تفسير فرات الكوفي: ص334 ح455.
2- سورة الأحزاب، الآية: 6.
3- الإمامة والتبصرة: ص47 ح29.

ولنعم ما قال شاعر أهل البيت(علیهم السلام) الفرطوسي:

وتجلت في الذكر آيات صدقٍ * أنزلت في إمامة الأمناء

فاقتطفنا من حقلها زهراتٍ * عطّرت بالعبير دنيا الولاء

قال سبحانه ليذهب طهراً * كلّ رجس عنكم إله السماء

آية أنزلت صريحاً بطه * وعليّ وابنيه والزهراء

قال يا ربّ إنّهم أهل بيتي * حينما لفّهم بفضل الكساء

وهي تروى بأربعين حديثاً* وحديثٍ من غير أهل الولاء((1))

ص: 223


1- ملحمة أهل البيت(علیهم السلام): ج1 ص38.

79- عرض الأمانة وتأويلها

«لِّيُعَذِّبَ أللَّهُ ألمُنَفِقِينَ وَألمُنَفِقَتِ وَألمُشرِكِينَ وَألمُشرِكَ-تِ وَيَتُوبَ أللَّهُ عَلَى ألمُؤمِنِينَ وَألمُؤمِنَتِ وَكَانَ أللَّهُ غَفُورا رَّحِيمَا 73»

سورة الأحزاب

في كتاب معاني الأخبار: بإسناده إلى محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر قال: قال أبو عبد اللّه(علیه السلام):

«إنّ اللّه - تبارك وتعالى - خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام، فجعل أعلاها وأشرفها أرواح محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة بعدهم صلوات الله عليهم، فعرضها على السماوات والأرض والجبال فغشيها نورهم، فقال اللّه - تبارك وتعالى - للسماوات والأرض والجبال: هؤلاء أحبّائي وأوليائي وحججي على خلقي وأئمّة بريّتي، ما خلقت خلقاً هو أحبّ إليّ منهم، لهم ولمن تولاّهم خلقت جنّتي، ولمن خالفهم وعاداهم خلقت ناري، فمن ادّعى منزلتهم منّي ومحلّهم من عظمتي عذّبته عذاباً لا أُعذّبه أحداً من العالمين، وجعلته مع المشركين في أسفل درك من ناري، ومن أقرّ بولايتهم ولم يدّع منزلتهم منّي ومكانهم من عظمتي جعلته معهم في روضات جنّاتي، وكان لهم فيها ما

ص: 224

يشاؤون عندي، وأبحتهم كرامتي، وأحللتهم جواري، وشفّعتهم في المذنبين من عبادي وإمائي، فولايتهم أمانة عند خلقي، فأيّكم يحملها بأثقالها ويدّعيها لنفسه دون خيرتي.

فأبت السماوات والأرض والجبال أن يحملنها وأشفقن من ادّعاء منزلتها وتمنّي محلّها من عظمة ربّها.

فلمّا أسكن اللّه - عزّ وجلّ - آدم وزوجته الجنّة قال لهما: «كُلاَ مِنْهَا رَغَدا حَيْثُ شِئْتُما وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ» يعني شجرة الحنطة «فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ»((1)) فنظرا إلى منزلة محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة(علیهم السلام) بعدهم فوجداها أشرف منازل أهل الجنّة، فقالا: ربّنا لمن هذه المنزلة؟

فقال اللّه - جلّ جلاله - : ارفعا رؤوسكما إلى ساق العرش.

فرفعا رؤوسهما فوجدا أسماء محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة(علیهم السلام) مكتوبة على ساق العرش بنور من نور اللّه الجبّار - جلّ جلاله - فقالا: ربّنا ما أكرم أهل هذه المنزلة عليك وما أحبّهم إليك وما أشرفهم لديك.

فقال اللّه - جلّ جلاله - : لولاهم ما خلقتكما، هؤلاء خزنة علمي وأُمنائي على سرّي، إيّاكما أن تنظرا إليهم بعين الحسد، وتتمنّيا منزلتهم عندي ومحلّهم من كرامتي فتدخلان بذلك في نهيي وعصياني فتكونا من الظالمين.

قالا: ربّنا ومن الظالمون؟

قال: المدّعون لمنزلتهم بغير حقّ.

قالا: ربّنا فأرنا منزلة ظالميهم في نارك حتّى نراها كما رأينا منزلتهم في جنّتك.

فأمر اللّه تبارك وتعالى النار فأبرزت جميع ما فيها من ألوان النكال والعذاب،

ص: 225


1- سورة البقرة، الآية: 35.

وقال - عزّ وجلّ - : مكان الظالمين لهم المدّعين منزلتهم في أسفل درك منها، «كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعيدُوا فيها»((1))، وكلّما نضجت جلودهم بدّلناهم سواها ليذوقوا العذاب((2)

يا آدم ويا حوّاء لا تنظرا إلى أنواري وحججي بعين الحسد فأُهبطكما عن جواري وأُحلّ بكما هواني «فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدينَ ٭ وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحينَ ٭ فَدَلاَّهُما بِغُرُورٍ»((3))، وحملهما إلى تمنّي منزلتهم.

فنظرا إليهم بعين الحسد فخذلا حتّى أكلا من شجرة الحنطة، فعاد مكان ما أكلا شعيراً، فأصل الحنطة كلّها ممّا لم يأكلاه، وأصل الشعير كلّه ممّا عاد مكان ما أكلاه، فلمّا أكلا من الشجرة طار الحلي والحلل من أجسادهما وبقيا عريانين، «وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَناداهُما رَبُّهُما أَ لَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبينٌ ٭ قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرينَ»((4)).

قال: اهبطا من جواري فلا يجاورني في جنّتي من يعصيني.

فهبطا موكولَين إلى أنفسهما في طلب المعاش، فلمّا أراد اللّه - عزّ وجلّ - أن يتوب عليهما جاءهما جبرائيل(علیه السلام) فقال لهما: إنّكما إنّما ظلمتما أنفسكما بتمنّي منزلة من فضّل عليكما فجزاؤكما ما قد عوقبتما به من الهبوط من جوار اللّه إلى أرضه،

ص: 226


1- سورة السجدة، الآية: 20.
2- اقتباس من الآية 56 من سورة النساء: «إِنَّ الَّذينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْليهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ...».
3- سورة الأعراف، الآية: 20 و 21 و 22.
4- سورة الأعراف، الآية: 22 و 23.

فاسألا ربّكما بحقّ الأسماء التي رأيتموها على ساق العرش حتّى يتوب عليكما.

فقالا: اللهمّ إنّا نسألك بحقّ الأكرمين عليك محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة إلاّ تبت علينا ورحمتنا.

فتاب اللّه عليهما إنّه هو التوّاب الرحيم، فلم تزل أنبياء اللّه بعد ذلك يحفظون هذه الأمانة ويخبرون بها أوصياءهم والمخلصين من أُمّتهم فيأبون حملها ويشفقون من ادّعائها، وحملها الإنسان الذي قد عُرِفَ، فأصل كلّ ظلم منه إلى يوم القيامة، وذلك قول اللّه - عزّ وجلّ - : «إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الاْءِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوما جَهُولاً»»((1)).

قال شاعر أهل البيت(علیهم السلام) الفرطوسي:

قال في ذكره المبارك إنّا * قد عرضنا أمانة الأمناء

وهي كانت ولاية الحق منه * لعليّ والعترة الأزكياء

فأبت حملها السماوات خوفاً * من وقوع التقصير عند الأداء

غير أن الإنسان كلف فيها * وهي كانت من أثقل الأعباء

فغدا ظالماً كفوراً بما قد * أنعم اللّه من جزيل العطاء

حينما ضيّع الأمانة جهلاً * ظالماً أهلها بنصب العداء

قد أبان المعنى حديثان عنهم * فأزالا بالكشف كلّ غطاء((2))

ص: 227


1- معاني الأخبار: ص108 ح1؛ عنه بحار الأنوار: ج8 ص308 ح74 بعض الحديث، و: ج11 ص172 ح19، و: ج26 ص320 ح2.
2- ملحمة أهل البيت(علیهم السلام): ج1 ص53.

80- الحسين(علیه السلام) من أولياء اللّه

«وَمَا يَستَوِي ألأَعمَى وَألبَصِيرُ 19 وَلَا ألظُّلُمَتُ وَلَا ألنُّورُ 20 وَلَا ألظِّلُّ وَلَا ألحَرُورُ 21 وَمَا يَستَوِي ألأَحيَاءُ وَلَا ألأَموَتُ إِنَّ أللَّهَ يُسمِعُ مَن يَشَاءُ وَمَا أَنتَ بِمُسمِع مَّن فِي ألقُبُورِ 22»

سورة فاطر

في بحار الأنوار عن تأويل الآيات: روي من طريق العامّة عن بن عبّاس قال: قوله عزّ وجلّ: «وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ» قال: «الْأَعْمَى»: أبو جهل، و«الْبَصِيرُ»: أمير المؤمنين(علیه السلام) «وَلاَ الظُّلُمَاتُ وَلاَ النُّورُ» فالظلمات، أبو جهل والنور، أمير المؤمنين «وَلاَ الظِّلُّ وَلاَ الْحَرُورُ» فالظلّ، ظلّ أمير المؤمنين(علیه السلام) في الجنّة والحرور، يعني جهنّم لأبي جهل، ثمّ جمعهم جميعاً فقال: «وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلاَ الْأَمْوَاتُ» فالأحياء: علي وحمزة وجعفر والحسن والحسين وفاطمة وخديجة(علیهم السلام)، والأموات: كفّار مكّة((1)).

ص: 228


1- بحار الأنوار: ج24 ص372 ح98؛ عن تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص480 ح5؛ وبحار الأنوار: ج35 ص396 ح6؛ عن مناقب لابن شهر آشوب: ج2 ص278.

وقريب من هذه الألفاظ في شواهد التنزيل عن عقيل بن الحسين بن علي بن الحسن عن محمد بن عبيد الله عن عبد الملك بن علي عن أبي مسلم الكشي، عن يحيى بن عبد الله بن بكير، عن مالك عن بن شهاب الزهري، عن أبي صالح، عن بن عباس في قول الله تعالى: «وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى» قال: أبو جهل بن هشام، «وَالْبَصِيرُ» قال: علي بن أبي طالب، ثم قال: «وَلاَ الظُّلُمَاتُ» يعني أبو جهل المظلم قلبه بالشرك، «وَلاَ النُّورُ» يعني قلب عليّ المملوء بالنور، ثم قال: «وَلاَ الظِّلُّ» يعني بذلك مستقر علي في الجنة، «وَلاَ الْحَرُورُ» يعني به مستقر أبي جهل في جهنم، ثم جمعهم فقال: «وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ» عليّ وحمزة وجعفر وحسن وحسين وفاطمة وخديجة، «وَلاَ الْأَمْوَاتُ» كفار مكّة((1)).

ص: 229


1- شواهد التنزيل: ج2 ص154 ح133.

81- الحسين(علیه السلام) سابق بالخيرات

«ثُمَّ أَورَثنَا ألكِتَبَ ألَّذِينَ أصطَفَينَا مِن عِبَادِنَا فَمِنهُم ظَالِم لِّنَفسِهِۦ وَمِنهُم مُّقتَصِد وَمِنهُم سَابِقُ بِألخَيرَتِ بِإِذنِ أللَّهِ ذَلِكَ هُوَ ألفَضلُ ألكَبِيرُ 32»

سورة فاطر

جاء في مناقب ابن شهر آشوب عن زياد بن المنذر، عن الباقر(علیه السلام): «أمّا الظالم لنفسه منّا فمن عمل عملاً صالحاً وآخر سيّئاً، وأمّا المقتصد فهو المتعبّد المجتهد، وأمّا السابق بالخيرات فعليٌّ والحسن والحسين(علیهم السلام) ومن قتل من آل محمّد شهيداً»((1)).

وروى السيّد بن طاووس رضوان الله عليه في كتاب سعد السعود من تفسير محمّد بن العبّاس بن مروان، عن علي بن عبد اللّه بن أسد، عن إبراهيم بن محمّد، عن عثمان بن سعيد، عن إسحاق بن يزيد الفرّاء، عن غالب الهمداني، عن أبي إسحاق السبيعي قال: خرجت حاجّا فلقيت محمّد بن علي(علیهما السلام) فسألته

ص: 230


1- مناقب لابن شهر آشوب: ج3 ص274؛ عنه بحار الأنوار: ج23 ص223 ح34 وهكذا ص213 عن زياد بن المنذر.

عن هذه الآية: «ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ» الآية فقال(علیه السلام): «ما يقول فيها قومك يا أبا إسحاق؟ - يعني أهل الكوفة - » قال: قلت: يقولون إنّها لهم. قال: «فما يخّوفهم إذا كانوا من أهل الجنّة» قلت: فما تقول أنت جعلت فداك؟ فقال: «هي لنا خاصّة يا أبا

إسحاق! أمّا السابق بالخيرات((1)) فعلي بن أبي طالب والحسن والحسين والشهيد منّا - أهل البيت - ، (وأما)((2))

المقتصد فصائم بالنهار وقائم بالليل، وأما الظالم لنفسه ففيه ما في الناس((3))

وهو مغفور له، يا أبا إسحاق بنا يفكّ الله عيوبكم، وبنا يحلّ((4)) الله رباق الذل من أعناقكم، وبنا يغفر الله ذنوبكم، وبنا يفتح الله وبنا يختم، (لا بكم)((5))، ونحن كهفكم كأصحاب الكهف، ونحن سفينتكم كسفينة نوح، ونحن باب حطتكم كباب حطة بني إسرائيل»((6)).

وفي الكافي الشريف بسند متصل إلى الإمام الكاظم(علیه السلام): «... وإن الله يقول في كتابه: «وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى»((7)) وقد ورثنا نحن هذا القرآن الذي فيه ما تُسيَّر به الجبال وتقطّع به البلدان وتُحيى به الموتى، ونحن نعرف الماء تحت الهواء، وإن في كتاب الله لآيات ما يراد بها أمر إلّا

ص: 231


1- هكذا في بحار الأنوار، ولكن في المصدر: في الخيرات.
2- من بحار الأنوار.
3- في البحار: التائبين.
4- هكذا في البحار، ولكن في المصدر: يحمل.
5- من بحار الأنوار.
6- سعد السعود: ص107؛ عنه بحار الأنوار: ج23 ص218؛ تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص481 ح7.
7- سورة الرعد، الآية: 31.

أن يأذن الله به مع ما قد يأذن الله مما كتبه الماضون، جعله الله لنا في أم الكتاب، إن الله يقول: «وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلاَّ في كِتابٍ مُبينٍ»((1)) «ثم قال: «ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا» فنحن الذين اصطفانا الله عز وجل، وأورثنا هذا الذي فيه تبيان كل شيء»((2)).

ص: 232


1- سورة النمل، الآية: 75.
2- الكافي: ج1 ص226 ح7.

82- إبراهيم(علیه السلام) من شيعة الحسين(علیه السلام) ومحبيه

«وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِۦ لَإِبرَهِيمَ 83 إِذ جَاءَ رَبَّهُۥ بِقَلب سَلِيمٍ 84»

سورة الصافات

نقل المجلسي رضوان الله عليه عن الروضة والفضائل لشاذان بن جبرئيل: بالاسناد يرفعه إلى عبد الله بن أوفى، عن رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) أنّه قال: «لمّا خلق اللّه إبراهيم الخليل(علیه السلام) كشف اللّه عن بصره فنظر إلى جانب العرش فرأى نوراً فقال: إلهي وسيّدي ما هذا النور؟

قال: يا إبراهيم هذا محمّد صفيّي.

فقال: إلهي وسيّدي أرى إلى جانبه نوراً آخر.

فقال: يا إبراهيم هذا علي ناصر ديني.

فقال: إلهي وسيّدي أرى إلى جانبهما نوراً ثالثاً.

قال: يا إبراهيم هذه فاطمة تلي أباها وبعلها، فطمت محبّيها من النار.

قال: إلهي وسيّدي أرى نورين يليان الثلاثة الأنوار.

قال: يا إبراهيم هذان الحسن والحسين يليان أباهما وجدّهما وأمهما.

فقال: إلهي وسيّدي أرى تسعة أنوار أحدقوا بالخمسة الأنوار.

ص: 233

قال: يا إبراهيم هؤلاء الأئمّة من ولدهم.

فقال: إلهي وسيّدي فبمن يعرفون؟

قال: يا إبراهيم، أوّلهم: علي بن الحسين، ومحمّد ولد علي، وجعفر ولد محمّد، وموسى ولد جعفر، وعلي ولد موسى، ومحمّد ولد علي، وعلي ولد محمّد، والحسن ولد علي، ومحمد ولد الحسن القائم المهدي.

قال: إلهي وسيّدي أرى عدة أنوار حولهم لا يحصي عدتهم إلاّ أنت.

قال: يا إبراهيم هؤلاء شيعتهم ومحبّوهم.

قال: إلهي وبم يُعرف شيعتهم ومحبوهم؟((1))

قال: بصلاة الإحدى والخمسين، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، والقنوت قبل الركوع وسجدة الشكر والتختم باليمين.

قال إبراهيم: اللهم اجعلني من شيعتهم ومحبّيهم.

قال: قد جعلتك، فأنزل اللّه فيه: «وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ ٭ إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ»».

قال المفضّل بن عمر: إنّ أبا حنيفة لمّا أحسّ بالموت روى هذا الخبر وسجد فقبض في سجدته((2)).

ص: 234


1- هكذا في الروضة والفضائل ومدينة المعاجز، ولكن في البحار: «وبما يعرفون شيعتهم ومحبيهم».
2- بحار الأنوار: ج36 ص213 ح15 عن الروضة والفضائل (لشاذان بن جبرئيل)؛ الروضة: ص186ح161؛ الفضائل: ص158؛ مدينة المعاجز: ج3 ص363 ح91، و: ج4 ص37 ح125؛ شرح إحقاق الحق: ج13 ص59 عن ابن أبي الفوارس في الأربعين.

83- تأثير مصيبة الحسين(علیه السلام) على إبراهيم الخليل(علیه السلام)

«فَنَظَرَ نَظرَة فِي ألنُّجُومِ 88 فَقَالَ إِنِّي سَقِيم 89»

سورة الصافات

جاء في الكافي الشريف عن علي بن محمّد رفعه، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) في قول اللّه عزّ وجلّ: «فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ ٭ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ» قال: «حسِب، فرأى ما يحلّ بالحسين(علیه السلام) فقال: إنّي سقيم لما يحلّ بالحسين(علیه السلام)((1)). ويعرف معنى: (حسب) من: «فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ»، وإليه يشير.

السيد الجزائري في قصص الأنبياء(علیهم السلام): وفي حديث صحيح أنّه قال: «إِنِّي سَقِيمٌ» يعني بما يفعل بالحسين(علیه السلام)؛ لأنّه عرفه من علم النجوم يعني من نجم الحسين(علیه السلام)؛ لأنّ الأنبياء والأئمّة(علیهم السلام) كلّ واحد له نجم في السماء ينسب إليه، كما ورد في الحديث...((2)).

ص: 235


1- الكافي: ج1 ص465 ح5؛ عنه بحار الأنوار: ج44 ص220 ح12.
2- قصص الأنبياء: ص126.

84- ثواب الجزع في مصيبة الحسين(علیه السلام)

«وَفَدَينَهُ بِذِبحٍ عَظِيم 107»

سورة الصافات

في كتاب الخصال عن بن عبدوس، عن علي بن محمد بن قتيبة، عن الفضل بن شاذان قال: سمعت الرضا(علیه السلام) يقول: «لمّا أمر اللّه عزّ وجلّ إبراهيم(علیه السلام) أن يذبح مكان ابنه إسماعيل الكبش الذي أنزله عليه، تمنّى إبراهيم(علیه السلام) أن يكون قد ذبح ابنه إسماعيل بيده وأنّه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه، ليرجع إلى قلبه ما يرجع إلى قلب الوالد الذي يذبح أعزّ ولده عليه بيده، فيستحقّ بذلك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب، فأوحى اللّه عزّ وجلّ إليه: يا إبراهيم! من أحبّ خلقي إليك؟ فقال: يا ربّ ما خلقت خلقاً هو أحبّ إليّ من حبيبك محمّد(صلی الله علیه و آله)، فأوحى اللّه تعالى إليه: أفهو أحبّ إليك أم نفسك؟ قال: بل هو أحبّ إليّ من نفسي، قال: فولده أحبّ إليك أم ولدك؟ قال: بل ولده، قال: فذَبحُ ولده ظلماً على أيدي أعدائه أوجع لقلبك أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي؟ قال: يا ربّ بل ذبح ولده ظلماً على أيدي أعدائه أوجع لقلبي، قال: يا إبراهيم! فإنّ طائفة تزعم أنّها من أُمّة محمّد ستقتل الحسين ابنه من بعده ظلماً وعدواناً كما يذبح الكبش ويستوجبون بذلك سخطي، فجزع إبراهيم(علیه السلام) لذلك وتوجّع قلبه وأقبل يبكي

ص: 236

فأوحى اللّه عزّ وجلّ اليه: يا إبراهيم! قد فديت جزعك على ابنك إسماعيل لو ذبحته بيدك بجزعك على الحسين وقتله وأوجبت لك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب؛ وذلك قول اللّه عزّ وجلّ:

«وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ»»((1)).

ثم قال العلامة المجلسي رضوان الله عليه: أقول: قد أورد على هذا الخبر إعضال، وهو أنه إذا كان المراد بالذبح العظيم قتل الحسين(علیه السلام) لا يكون المفدى عنه أجل رتبة من المفدى به؛ فإن أئمتنا صلوات الله عليهم أشرف من أولي العزم(علیهم السلام) فكيف من غيرهم؟ مع أنّ الظاهر من استعمال لفظ (الفداء): التعويض عن الشيء بما دونه في الخطر والشرف. وأجيب بأن الحسين(علیه السلام) لما كان من أولاد إسماعيل، فلو كان ذبح إسماعيل لم يوجد نبينا وكذا سائر الأئمة وسائر الأنبياء(علیهم السلام) من ولد إسماعيل(علیه السلام)، فإذا عوّض من ذبح إسماعيل بذبح واحد من أسباطه وأولاده وهو الحسين(علیه السلام) فكأنه عوض عن ذبح الكل...، ثم قال: وأقول: ليس في الخبر أنه فدى إسماعيل بالحسين، بل فيه أنه فدى جزع إبراهيم على إسماعيل بجزعه على الحسين(علیه السلام)، وظاهر أن الفداء على هذا ليس على معناه، بل المراد التعويض، ولما كان أسفه على ما فات منه من ثواب الجزع على ابنه، عوضه الله بما هو أجل وأشرف وأكثر ثواباً، وهو الجزع على الحسين(علیه السلام). والحاصل أن شهادة الحسين(علیه السلام) كان أمراً مقرراً ولم يكن لرفع قتل إسماعيل حتى يرد الإشكال...((2)).

ص: 237


1- الخصال: ص58 ح79؛ عيون أخبار الرضا(علیه السلام): ج2 ص187 ح1؛ بحار الأنوار: ج12 ص124 ضمن ح1 عن العيون والخصال؛ و: ج44 ص22 ح6؛ عن العيون والأمالي ولكن لم أجده في الأمالي.
2- بحار الأنوار: ج44 ص227.

85- الحسين(علیه السلام) معلّم التسبيح

«وَإِنَّا لَنَحنُ ألصَّافُّونَ 165 وَإِنَّا لَنَحنُ ألمُسَبِّحُونَ 166»

سورة الصافات

في بحار الأنوار عن تفسير فرات عن أحمد بن صالح الهمداني، عن الحسن بن علي، عن زكريا بن يحيى التستري، عن أحمد بن قتيبة الهمداني، عن عبدالرحمن بن يزيد، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) قال: «إنّ اللّه تبارك وتعالى كان ولا شيء فخلق خمسة من نور جلاله واشتقّ لكلّ واحد منهم اسماً من أسمائه المنزلة، فهو الحميد وسمّى النبي محمّداً، وهو الأعلى وسمّى أمير المؤمنين علياً، وله الأسماء الحسنى فاشتقّ منها حسناً وحسيناً، وهو فاطر فاشتقّ لفاطمة من أسمائه إسماً، فلمّا خلقهم، جعلهم في الميثاق عن يمين العرش وخلق الملائكة من نور فلمّا أن نظروا إليهم عظّموا أمرهم وشأنهم ولقّنوا التسبيح فذلك قوله تعالى: «وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ ٭ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ»»((1)) الخبر.

وعلى ما يستفاد من هذا الحديث، تكون الملائكة قد لُقّنت التسبيح بعد ما رأوا عظمة شأن أهل البيت(علیهم السلام) بما فيهم الحسين(علیه السلام)، ويمكن أن تكون هاتان الآيتان في شأن أهل البيت(علیهم السلام) - لا الملائكته - وقد جاء هذا في حديث في تفسير علي بن

ص: 238


1- بحار الأنوار: ج37 ص62 ح31؛ عن تفسير فرات الكوفي: ص56 ح15.

إبراهيم القمي، عن أحمد بن محمد الشيباني، عن عبد الله بن محمد التفليسي، عن الحسن بن محبوب، عن صالح بن رزين، عن شهاب بن عبد ربه، قال: سمعتُ الصادق(علیه السلام) يقول: «يا شهاب، نحن شجرة النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة، ونحن عهد الله وذمته، ونحن ودائع الله وحجته، كنا أنواراً صفوفاً حول العرش نسبح فيسبح أهل السماء بتسبيحنا إلى أن هبطنا إلى الأرض فسبحنا فسبح أهل الأرض بتسبيحنا «وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ ٭ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ» فمن وفى بذمتنا فقد وفى بعهد الله عز وجل وذمته، ومن خفر ذمتنا فقد خفر ذمة الله عز وجل وعهده»((1)).

وحديث قبل هذا الحديث في شأن الآية السابقة على هاتين الآيتين: عن محمد بن جعفر، عن عبد الله بن محمد بن خالد، عن العباس بن عامر، عن الربيع بن محمد، عن يحيى بن مسلم، عن أبي عبد الله(علیه السلام)، قال: سمعته يقول: «وَما مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ»((2)) قال: «نزلت في الأئمة والأوصياء من آل محمد(علیهم السلام)»((3)).

ص: 239


1- تفسير القمي: ج2 ص228.
2- سورة الصافات، الآية: 164.
3- تفسير القمي: ج2 ص227.

86- الحسين(علیه السلام) أعلى من الملائكة

«قَالَ يَإِبلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسجُدَ لِمَا خَلَقتُ بِيَدَيَّ أَستَكبَرتَ أَم كُنتَ مِنَ ألعَالِينَ 75»

سورة ص

روى الشيخ الصدوق بسنده عن أبي سعيد الخدري قال: كنّا جلوسا مع رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) إذ أقبل إليه رجل، فقال: يا رسول اللّه أخبرني عن قوله عزّ وجلّ لإبليس: «أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ» فمن هو يا رسول اللّه الذي هو أعلى من الملائكة؟

فقال رسول اللّه(صلی الله علیه و آله): «أنا وعلي وفاطمة والحسن والحسين كنّا في سرادق العرش نسبّح اللّه وتسبّح الملائكة بتسبيحنا قبل أن يخلق اللّه عزّ وجلّ آدم بألفي عام، فلمّا خلق اللّه عزّ وجلّ آدم أمر الملائكة أن يسجدوا له، ولم يأمرنا بالسجود، فسجد الملائكة كلّهم إلاّ إبليس فإنّه أبى ولم يسجد، فقال اللّه تبارك وتعالى: «أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ» عنى: مِن هؤلاء الخمسة المكتوبة أسماؤهم في سرادق العرش، فنحن باب اللّه الذي يؤتى منه، بنا يهتدي المهتدي، فمن أحبّنا أحبّه اللّه وأسكنه جنّته، ومن أبغضنا أبغضه اللّه وأسكنه

ص: 240

ناره، ولا يحبّنا إلاّ من طاب مولده»((1)).

ص: 241


1- فضائل الشيعة: ص7 ح7؛ عنه بحار الأنوار: ج11 ص142 ح9، و: ج15 ص21 ح34، و : ج25 ص2 ح3، و: ج39 ص306 ح120؛ وفي بحار الأنوار: ج26 ص346 ح19؛ عن تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص508 ح11؛ عن الشيخ الصدوق وهكذا في تفسير البرهان: ج4 ص684 ح9.

87- الحسين(علیه السلام) من حملة العَرش

«ألَّذِينَ يَحمِلُونَ ألعَرشَ وَمَن حَولَهُۥ يُسَبِّحُونَ بِحَمدِ رَبِّهِم وَيُؤمِنُونَ بِهِۦ وَيَستَغفِرُونَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ رَبَّنَا وَسِعتَ كُلَّ شَيء رَّحمَة وَعِلما فَأغفِر لِلَّذِينَ تَابُواْ وَأتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِم عَذَابَ ألجَحِيمِ 7»

سورة غافر

جاء في تفسير فرات الكوفي عن جعفر بن محمّد الفزاري، عن أحمد بن الحسين العلوي، عن محمّد بن حاتم، عن هارون بن الجهم، عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر(علیه السلام) يقول: «قوله الله تعالى في كتابه: «الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ» يعني محمّداً وعلياً والحسن والحسين وإبراهيم وإسماعيل وموسى وعيسى(علیهم السلام)»((1)).

وفي تفسير علي بن إبراهيم القمي: وقوله: «الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ» يعني رسول الله(صلی الله علیه و آله) والأوصياء من بعده يحملون علم الله «وَمَنْ حَوْلَهُ» يعني

ص: 242


1- تفسير فرات الكوفي: ص375 ح504؛ وهكذا في تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص716 ح7؛ عنه بحار الأنوار: ج55 ص35 ح56، و: ج24 ص90 ح8.

الملائكة...((1)).

أقول: ويأتي في الآية 17 من سورة الحاقة: «وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ» ما يقرب من هذا المعنى.

ص: 243


1- تفسير القمي: ج2 ص255؛ عنه بحار الأنوار: ج24 ص89 ح5.

88- إن اللّه تعالى ينصر الحسين(علیه السلام) في الدنيا

«إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَألَّذِينَ ءَامَنُواْ فِي ألحَيَوةِ ألدُّنيَا وَيَومَ يَقُومُ ألأَشهَدُ 51 يَومَ لَا يَنفَعُ ألظَّلِمِينَ مَعذِرَتُهُم وَلَهُمُ أللَّعنَةُ وَلَهُم سُوءُ ألدَّارِ 52»

سورة غافر

روى الشيخ جعفر بن محمد بن قولويه في كتابه كامل الزيارات: حدثني أبي رحمه الله، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر(علیه السلام) قال: تلا هذه الآية: «إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ» قال: «الحسين بن علي منهم ولم ينصر بعد»، ثم قال: «والله لقد قتل قتلة الحسين(علیه السلام) ولم يطلب بدمه بعد»((1)).

وفي مختصر بصائر الدرجات بسنده الى سليمان بن خالد، قال: قال أبو عبد الله(علیه السلام): «يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ ٭ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ»((2))، قال: ««الرَّاجِفَةُ» الحسين بن علي(علیهما السلام)، و«الرَّادِفَةُ» علي بن أبي طالب(علیه السلام)، وأول من ينفض عن رأسه التراب

ص: 244


1- كامل الزيارات: ص134 ح2؛ عنه بحار الأنوار: ج45 ص298 ح6.
2- سورة النازعات، الآية: 6-7.

الحسين بن علي(علیهما السلام) في خمسة وسبعين ألفاً، وهو قوله عز وجل: «إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ ٭ يَوْمَ لا

يَنْفَعُ الظَّالِمينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ»»((1)).

وفي فضل زيارة الحسين(علیه السلام) للشجري المتوفى 445ه-، عن زيد بن جعفر بن حاجب عن أحمد بن محمد بن السري، عن أبي عبد الله الطبري، عن عبد الله بن إسحاق، عن سعيد بن مالك بن عبد الله، عن أبيه، عن الحسين بن علوان، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر(علیه السلام) أنه تلا هذه الآية: «إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ» «الحسين بن علي منهم، ووالله إن بكاكم عليه وحديثكم بما جرى عليه وزيارتكم قبره نصرة لكم في الدنيا((2))، فابشروا فإنكم معه في جوار رسول الله(صلی الله علیه و آله)»((3)).

ص: 245


1- مختصر بصائر الدرجات: ص210؛ الروضة في فضائل أمير المؤمنين(علیه السلام): ص130 ح113؛ الفضائل لشاذان بن جبرئيل: ص139؛ تفسير فرات الكوفي: ص537 ح1؛ وعنه تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص762 ح1؛ عنه عن تفسير فرات بحار الأنوار: ج53 ص106 ح134.
2- كذا، ولعل الصحيح: نصرة منكم، أو نصرة له.
3- فضل زيارة الحسين(علیه السلام): ص48 ح25.

89- مودة الحسين(علیه السلام) واجبة

«قُل لَّا أَسَٔلُكُم عَلَيهِ أَجرًا إِلَّا ألمَوَدَّةَ فِي ألقُربَى وَمَن يَقتَرِف حَسَنَة نَّزِد لَهُۥ فِيهَا حُسنًا إِنَّ أللَّهَ غَفُور شَكُورٌ 23»

سورة الشورى

في شواهد التنزيل بطرق مختلفة، عن حسين الأشقر، عن قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن بن عبّاس قال: لمّا نزلت: «قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى» قالوا: يا رسول اللّه! من قرابتك الذين وجبت علينا مودّتهم؟ قال: «علي وفاطمة وولدهما»((1)).

وجاء في ذخائر العقبى عن أحمد بن حنبل في مناقبه، عن ابن عبّاس قال: لمّا نزلت: «قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى» قالوا: يا رسول اللّه! من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم؟ قال: «علي وفاطمة وابناهما»((2)). ورواه الثعلبي في تفسيره((3)).

ص: 246


1- شواهد التنزيل: ج2 ص193 ح827، و: ج2 ص196 ح828؛ وقريب منه في المعجم الكبير: ج3 ص47 ح2641.
2- ذخائر العقبى: ص25.
3- تفسير الثعلبي: ج8 ص37.

وفي الكافي الشريف بسند متصل إلى إسماعيل بن عبد الخالق، قال سمعتُ أبا عبد الله(علیه السلام) يقول لأبي جعفر الأحول وأنا أسمع: «أتيت البصرة؟» فقال: نعم، قال: «كيف رأيت مسارعة الناس إلى هذا الأمر ودخولهم فيه؟» قال: واللّه إنّهم لقليل ولقد فعلوا وإنّ ذلك لقليل، فقال: «عليك بالأحداث، فإنّهم أسرع إلى كلّ خير»، ثم قال: «ما يقول أهل البصرة في هذه الآية: «قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى»؟» قلت: جعلت فداك إنّهم يقولون إنّها لأقارب رسول اللّه(صلی الله علیه و آله). فقال: «[كذبوا] إنّما نزلت فينا خاصة في أهل البيت، في علي وفاطمة والحسن والحسين أصحاب الكساء(علیهم السلام)»((1)).

وفي المحاسن بسند متصل إلى حجّاج الخشّاب قال: سمعت أبا عبداللّه(علیه السلام) يقول لأبي جعفر الأحول: «ما يقول من عندكم في قول اللّه تبارك وتعالى: «قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى»؟» فقال: كان الحسن البصري يقول: في أقربائي من العرب. فقال أبو عبد اللّه(علیه السلام): «لكنّي أقول لقريش الذين عندنا: هي لنا خاصّة، فيقولون: هي لنا ولكم عامّة، فأقول: خبّروني عن النبي(صلی الله علیه و آله) إذا نزلت به شديدة من خصّ بها؟ أليس إيّانا خصّ بها؟ حين أراد أن يلاعن أهل نجران أخذ بيد علي وفاطمة والحسن والحسين(علیهم السلام)، ويوم بدر قال لعلي(علیه السلام) وحمزة وعبيدة بن الحارث، قال: فأبوا يقرّون لي، أفلكم الحلوّ ولنا المرّ((2))؟!».

أقول: الظاهر كون العبارة الأخيرة: «أفلكم الحلو ولنا المرّ»، من كلام الإمام(علیه السلام) وإنشائه، وليس نقلاً لكلام جماعة قريش، ومعنى ذلك أن أهل

ص: 247


1- الكافي: ج8 ص93 ح66؛ قرب الإسناد: ص128 ح450، عنه بحار الأنوار: ج23 ص236 ح2.
2- المحاسن: ج1 ص144 ح147؛ عنه بحار الأنوار: ج23 ص240 ح8.

البيت(علیهم السلام) يتحملون المصاعب ويلقون المصائب دون سائر قريش، ثم يأمر الله تعالى المؤمنين بالمودة لكل قريش بما فيهم أهل البيت(علیهم السلام)!! فكيف يصحّ هذا؟ وهو العالم.

وفي شواهد التنزيل بسند متصل إلى أبي أُمامة الباهلي، قال: قال رسول اللّه(صلی الله علیه و آله): «إنّ اللّه خلق الأنبياء من أشجار شتّى وخلقت أنا وعلي من شجرة واحدة فأنا أصلها وعلي فرعها والحسن والحسين ثمارها وأشياعنا أوراقها، فمن تعلّق بغصن من أغصانها نجا ومن زاغ هوى، ولو أنّ عبدا عبد اللّه بين الصفا والمروة ألف عام ثمّ ألف عام ثمّ ألف عام حتّى يصير كالشنّ البالي ثمّ لم يدرك محبّتنا أكبّه اللّه على منخريه في النار ثمّ تلا: «قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى»»((1)).

وفي بحار الأنوار عن أمالي الطوسي بسنده المتصل الى ابن عبّاس، قال: كنّا جلوساً مع النبي(صلی الله علیه و آله) إذ هبط عليه الأمين جبرئيل ومعه جام من البلّور الأحمر، مملوءاً مسكاً وعنبراً وكان إلى جنب رسول اللّه علي بن أبي طالب وولداه الحسن والحسين عليهم التحيّة والإكرام فقال له: السلام عليك، اللّه يقرأ عليك السلام ويحيّيك بهذه التحيّة ويأمرك أن تحيّي بها علياً وولديه، قال ابن عبّاس: فلمّا صارت في كفّ رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) هلّلت ثلاثاً وكبّرت ثلاثاً ثمّ قالت بلسان ذرب طلق - يعني الجام - : «بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ طه ٭ مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى»((2)) فاشتمّها النبي(صلی الله علیه و آله) وحيّى بها عليا فلمّا صارت في كفّ علي قالت: بسم اللّه الرحمن الرحيم «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّه وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ

ص: 248


1- شواهد التنزيل: ج2 ص203 ح837.
2- سورة طه، الآية: 1 و 2.

الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ»((1)) فاشتمّها علي(علیه السلام) وحيّى بها الحسن فلمّا صارت في كفّ الحسن قالت: بسم اللّه الرحمن الرحيم «عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ ٭ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ ٭ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ»((2)) فاشتمّها الحسن وحيّى بها الحسين فلمّا صارت في كفّ الحسين(علیه السلام) قالت: بسم اللّه الرحمن الرحيم «قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنا إِنَّ اللّه غَفُورٌ شَكُورٌ» ثمّ ردّت إلى النبي(صلی الله علیه و آله) فقالت: بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ «اللّه نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ»((3)) قال ابن عبّاس: فلا أدري أسماءً صعدت أم في الأرض توارت بقدرة اللّه تعالى عزّ وجلّ((4)).

قال الفرطوسي:

قال للمسلمين إذ سألوه * بعد نصّ القربى عن الأزكياء

هم عليّ وفاطمٌ وبنوها * عترتي هؤلاء أهل الولاء

ليس أجري سوى المودة منكم * لهمُ يا معاشر الحنفاء

وهي تُروى حقاً بسبع وعشر * من رواياتهم بغير مراء((5))

ص: 249


1- سورة المائدة، الآية: 55.
2- سورة النبأ، الآيات: 1-3.
3- سورة النور، الآية: 35.
4- بحار الأنوار: ج37 ص100 ح2؛ مناقب لابن شهر آشوب: ج3 ص162؛ كلاهما عن أمالي الشيخ الطوسي: ص355 ح78.
5- ملحمة أهل البيت(علیهم السلام): ج1 ص39.

90- الإمامة في عقب الحسين(علیه السلام)

«وَجَعَلَهَا كَلِمَةَ بَاقِيَة فِي عَقِبِهِۦ لَعَلَّهُم يَرجِعُونَ 28»

سورة الزخرف

في مناقب ابن شهر آشوب عن أبي هريرة قال: سألت رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) عن قوله: «وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ» قال: «جعل الإمامة في عقب الحسين يخرج من صلبه تسعة من الأئمّة، منهم مهدي هذه الأُمّة»((1)).

وفي علل الشرائع عن والد الشيخ الصدوق، عن الحميري، عن علي بن إسماعيل، عن سعدان، عن بعض رجاله، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) قال: «لمّا علقت فاطمة(علیها السلام) بالحسين صلوات اللّه عليه قال لها رسول اللّه(صلی الله علیه و آله)» يا فاطمة! إنّ اللّه قد وهب لك غلاماً اسمه الحسين، تقتله أُمّتي. قالت: فلا حاجة لي فيه، قال: إنّ اللّه عزّ وجلّ قد وعدني فيه أن يجعل الأئمّة من ولده، قالت: قد رضيت يا رسول اللّه!»((2)).

وفي كفاية الأثر عن أبي عبد اللّه أحمد بن محمّد بن عبيد الله الجوهري، عن عبد الصمد بن علي بن محمّد بن مكرم، عن الطيالسي أبي الند، عن أبي الزياد

ص: 250


1- مناقب لان شهر آشوب: ج3 ص206؛ عنه بحار الأنوار: ج25 ص253 ح10.
2- علل الشرائع: ج1 ص205 ح1؛ عنه بحار الأنوار: ج25 ص260 ح23.

عبد اللّه بن ذكوان، عن أبيه، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال: سألت رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) عن قوله عزّ وجلّ: «وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ» قال: «جعل الإمامة في عقب الحسين(علیه السلام) يخرج من صلبه تسعة من الأئمّة ومنهم مهدي هذه الأُمّة» ثمّ قال(صلی الله علیه و آله): «لو أنّ رجلاً ضعن بين الركن والمقام ثمّ لقى اللّه مبغضاً لأهل بيتي، دخل النار»((1)).

وأورد الشيخ الصدوق في الخصال: حدّثنا علي بن أحمد بن موسى (رضي الله عنه) قال: حدّثنا حمزة بن القاسم العلوي العبّاسي، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك الكوفي الفزاري، قال: حدّثنا محمّد بن الحسين بن زيد الزيّات قال: حدّثنا محمّد بن زياد الأزدي، عن المفضّل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمّد(علیهما السلام) قال: سألته عن قول اللّه عزّ وجلّ: «وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ»((2)) ما هذه الكلمات؟ قال: «هي الكلمات التي تلقّاها آدم من ربّه فتاب عليه وهو أنّه قال: يا ربّ أسألك بحقّ محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلاّ تبت عليّ، فتاب اللّه عليه إنّه هو التوّاب الرحيم»، فقلت له: يا بن رسول اللّه! فما يعني عزّ وجلّ بقوله: «فَأَتَمَّهُنَّ» قال: «يعني فأتمهنّ إلى القائم(علیه السلام) اثني عشر إماماً تسعة من ولد الحسين». قال المفضّل: فقلت له: يا بن رسول اللّه فأخبرني عن قول اللّه عزّ وجلّ: «وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ» قال: «يعني بذلك الإمامة، جعلها اللّه في عقب الحسين إلى يوم القيامة». قال: فقلت له: يا بن رسول اللّه! فكيف صارت الإمامة في ولد الحسين دون ولد الحسن(علیهما السلام) وهما جميعاً ولدا رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) وسبطاه وسيّدا شباب أهل الجنّة؟ فقال(علیه السلام): «إنّ موسى وهارون

ص: 251


1- كفاية الأثر: ص86؛ عنه بحار الأنوار: ج36 ص315 ح160.
2- سورة البقرة، الآية: 124.

كانا نبيّين، مرسلين، أخوين فجعل اللّه النبوّة في صلب هارون دون صلب موسى ولم يكن لأحد أن يقول: لِمَ فعل اللّه ذلك؟ وإنّ الإمامة خلافة من اللّه عزّ وجلّ ليس لأحد أن يقول: لِمَ جعلها اللّه في صلب الحسين دون صلب الحسن؛ لأنّ اللّه هو الحكيم في أفعاله «لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ»»((1)-(2)).

وأورد العلامة المجلسي في بحار الأنوار عن كفاية الأثر عن محمّد بن عبد اللّه، عن عيسى بن العراد الكبير، عن محمّد بن عبد اللّه بن عمر بن مسلم، عن محمّد بن عمّارة السكّري، عن إبراهيم بن عاصم، عن عبد اللّه بن هارون الكرخي، عن أحمد بن عبد اللّه بن يزيد بن سلامة، عن حذيفة بن اليمان قال: صلّى بنا رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) ثمّ أقبل بوجهه الكريم علينا فقال: «معاشر أصحابي! أُوصيكم بتقوى اللّه والعمل بطاعته فمن عمل بها فاز وغنم وأُنجح ومن تركها حلّت به الندامة فالتمسوا بالتقوى السلامة من أهوال يوم القيامة، فكأنّي أُدعى فأُجيب، وإنّي تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا ومن تمسّك بعترتي من بعدي كان من الفائزين، ومن تخلّف عنهم كان من الهالكين» فقلت: يا رسول اللّه على من تخلّفنا قال: «على من خلّف موسى بن عمران قومه؟» قلت: على وصيّه يوشع بن نون قال: «فإنّ وصيّي وخليفتي من بعدي علي بن أبي طالب قائد البررة وقاتل الكفرة، منصور من نصره مخذول من خذله». قلت: يا رسول اللّه! فكم يكون الأئمّة بعدك؟ قال: «عدد نقباء بني

ص: 252


1- سورة الأنبياء، الآية: 23.
2- الخصال: ص304 ح84؛ معاني الأخبار: ص126 ح1؛ كمال الدين: ص358 ح57؛ تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص556 ح12 بعض الحديث عن كتاب النبوة للشيخ الصدوق؛ بحار الأنوار: ج12 ص66 ح12 عن الخصال ومعاني الأخبار.

إسرائيل، تسعة من صلب الحسين، أعطاهم اللّه علمي وفهمي وهم خزّان علم اللّه ومعادن وحيه». قلت: يا رسول اللّه! فما لأولاد الحسن؟ قال: «إنّ اللّه تبارك وتعالى جعل الإمامة في عقب الحسين وذلك قوله عزّ وجلّ: «وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ»» قلت: أفلا تسمّيهم لي يا رسول اللّه؟ قال: «نعم، إنّه لمّا عرج بي إلى السماء ونظرت إلى ساق العرش فرأيت مكتوبا بالنور لا إله إلاّ اللّه محمّد رسول اللّه أيّدته بعلي ونصرته به، ورأيت أنوار الحسن والحسين وفاطمة، ورأيت في ثلاثة مواضع علياً علياً علياً ومحمّداً محمّداً وجعفراً وموسى والحسن، والحجّة يتلألأ من بينهم كأنّه كوكب درّي. فقلت: يا ربّ! من هؤلاء الذين قرنت أسماءهم باسمك؟ قال: يا محمّد! إنّهم الأوصياء والأئمّة بعدك خلقتهم من طينتك فطوبى لمن أحبّهم والويل لمن أبغضهم، وبهم أُنزل الغيث، وبهم أُثيب وأُعاقب ثمّ رفع رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) يده إلى السماء ودعا بدعوات فسمعته في ما يقول: اللهمّ اجعل العلم والفقه في عقبي وعقب عقبي وفي زرعي وزرع زرعي»((1)).

إلى غير ذلك من الأحاديث بهذا المضمون.

ص: 253


1- بحار الأنوار: ج36 ص331 ح191؛ عن كفاية الأثر: ص136.

91- بكاء السماء والأرض على الحسين ويحيى(علیهما السلام)

«فَمَا بَكَت عَلَيهِمُ ألسَّمَاءُ وَألأَرضُ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ 29»

سورة الدخان

في كامل الزيارات عن علي بن الحسين بن موسى، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن أبي جميلة، عن محمّد بن علي الحلبي، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) في قوله تعالى: «فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ» قال: «لم تبك السماء على أحد منذ قتل يحيى بن زكريّا حتّى قتل الحسين(علیه السلام) فبكت عليه»((1)).

وفي تفسير البرهان عن ابن عبّاس في تفسير قوله تعالى: «فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ» «إنّه إذا قبض اللّه نبيّاً من الأنبياء بكت عليه السماء والأرض أربعين سنة؛ وإذا مات العالم العامل بعلمه بكيا عليه أربعين يوماً، وأمّا الحسين(علیه السلام) فتبكي عليه السماء والأرض طول الدهر؛ وتصديق ذلك أنّ يوم قتله قطرت السماء دماءً((2))، وإنّ هذه الحمرة التي ترى في السماء ظهرت يوم

ص: 254


1- كامل الزيارات: ص1828 ح8؛ عنه بحار الأنوار: ج45 ص210 ح20.
2- هكذا في تفسير البرهان، ولكن في غاية المرام: دماً.

قتل الحسين ولم تر قبله أبداً، وأنّ يوم قتله(علیه السلام) لم يرفع حجر في الدنيا إلاّ وجد تحته دم»((1)).

وفي كامل الزيارات بسند متصل إلى كثير بن شهاب الحارثي قال: بينما نحن جلوس عند أمير المؤمنين(علیه السلام) في الرحبة إذا طلع الحسين(علیه السلام) عليه، فضحك عليّ حتّى بدت نواجذه ثمّ قال: «إنّ اللّه ذكر قوماً فقال: «فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ» والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ليقتلنّ هذا ولتبكينّ عليه السماء والأرض»((2)).

وفيه أيضاً عن محمّد بن جعفر الرزّاز، عن محمّد بن الحسين، عن الحكم بن مسكين، عن داود بن عيسى الأنصاري، عن محمّد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن إبراهيم النخعي، قال: خرج أمير المؤمنين(علیه السلام) فجلس في المسجد واجتمع أصحابه حوله وجاء الحسين(علیه السلام) حتّى قام بين يديه فوضع يده على رأسه فقال: «يا بني! إنّ اللّه عيّر أقواماً بالقرآن فقال: «فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ» وأيم اللّه! ليقتلنّك بعدي ثمّ تبكيك السماء والأرض»((3)).

وأورد في تفسير القمي: حدثني أبي، عن حنان بن سدير، عن عبد اللّه بن الفضيل الهمداني، عن أبيه، عن جدّه، عن أمير المؤمنين(علیه السلام) قال: مرّ عليه رجلٌ عدوٌّ للّه ولرسوله فقال: «فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ» ثمّ مرّ عليه الحسين بن علي(علیهما السلام) فقال: «لكن هذا ليبكينّ عليه السماء والأرض»، وقال: «وما بكت السماء والأرض إلاّ على يحيى بن زكريا والحسين بن

ص: 255


1- تفسير البرهان: ج5 ص17 ح10؛ غاية المرام: ج4 ص375 ح7.
2- كامل الزيارات: ص186 ح21؛ عنه بحار الأنوار: ج45 ص212 ح29.
3- كامل الزيارات: ص180 ح2؛ عنه بحار الأنوار: ج45 ص209 ح16.

علي(علیهما السلام)»((1)).

أقول: لا يخفى أن هذه الآية المباركة إنما هي ذمّ وتعيير، لبعض الأقوام - كما في الحديث الأخير - ، وليست صريحة في فضيلة الإمام الحسين(علیه السلام)، ولكن بما أن الأئمة(علیهم السلام) ذكروا فضيلة الإمام الحسين(علیه السلام) بعد سماع أو تلاوة هذه الآية، لذا نحن أيضاً اقتدينا بهم(علیهم السلام)، بل يمكن أن تكون نفس الآية تشير - مع الواسطة - إلى هذه الفضيلة للإمام الحسين(علیه السلام)، من باب المفهوم - أو الكناية - لا المنطوق، أي: ربما تكون الآية بنفسها في مقام التعيير والذم لأولئك الكفار، ومن جهة أخرى في مقام الإشارة إلى السماء والأرض تبكيان على بعض عباد الله الصالحين... كما ربما يستفاد ذلك من تعبير الإمام(علیه السلام): «... لكن هذا ليبكينّ عليه السماء والأرض» ولهذه الأسباب ذكرنا الآية في الكتاب.

ثم إنّ الأخبار الواردة في بكاء السماء والأرض والشمس وغيرها على سيد الشهداء(علیه السلام) كثيرة، فراجع كامل الزيارات الباب 28 فيه 27 حديثاً في بكاء السماء والأرض على قتل الحسين(علیه السلام) ويحيى بن زكريا(علیهما السلام)، وغير ذلك من المصادر.

ص: 256


1- تفسير القمي: ج2 ص291؛ عنه بحار الأنوار: ج14 ص167 ح6، و: ج45 ص201 ح1.

92- الحسين(علیه السلام) من الذين آمنوا وعملوا الصالحات

«أَم حَسِبَ ألَّذِينَ أجتَرَحُواْ ألسَّئَِّاتِ أَن نَّجعَلَهُم كَألَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ألصَّلِحَتِ سَوَاء مَّحيَاهُم وَمَمَاتُهُم سَاءَ مَا يَحكُمُونَ 21»

سورة الجاثية

في شواهد التنزيل بسنده إلى ابن عبّاس، في قوله تعالى: «أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ» يعني: بني أُميّة. «أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ» النبي وعلي وحمزة وجعفر والحسن والحسين وفاطمة(علیهم السلام)((1)).

وفي تأويل الآيات عن محمد بن العباس، عن علي بن عبيد، عن حسين بن حكم، عن حسن بن حسين، عن حيان بن علي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس في قوله عز وجل: «أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ» الآية، قال: «الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ» بنو هاشم وبنو عبد المطلب، و«الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ» بنو عبد شمس((2)).

ص: 257


1- شواهد التنزيل: ج2 ص239 ح875.
2- تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص576 ح5؛ شواهد التنزيل: ج2 ص238 ح874.

93- تأويل الإنسان بالحسين(علیه السلام)

«وَوَصَّينَا ألإِنسَنَ بِوَلِدَيهِ إِحسَنًا حَمَلَتهُ أُمُّهُۥ كُرها وَوَضَعَتهُ كُرها وَحَملُهُۥ وَفِصَلُهُۥ ثَلَثُونَ شَهرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُۥ وَبَلَغَ أَربَعِينَ سَنَة قَالَ رَبِّ أَوزِعنِي أَن أَشكُرَ نِعمَتَكَ ألَّتِي أَنعَمتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَلِدَيَّ وَأَن أَعمَلَ صَلِحا تَرضَىهُ وَأَصلِح لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبتُ إِلَيكَ وَإِنِّي مِنَ ألمُسلِمِينَ 15»

سورة الأحقاف

في الكافي الشريف عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الوشّاء، والحسين بن محمّد عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) قال: «لمّا حملت فاطمة(علیها السلام) بالحسين جاء جبرئيل إلى رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) فقال: إنّ فاطمة(علیها السلام) ستلد غلاماً تقتله أُمّتك من بعدك فلمّا حملت فاطمة بالحسين(علیه السلام) كرهت حمله وحين وضعته كرهت وضعه» ثمّ قال أبو عبد اللّه(علیه السلام): «لم تُر في الدنيا أُمّ تلد غلاماً تكرهه ولكنّها كرهته لمّا علمت أنّه سيقتل». قال: «وفيه نزلت هذه الآية: «وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ

ص: 258

كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً»»((1)).

وفي تأويل الآيات عن محمّد بن العبّاس، عن محمّد بن همّام، عن عبد اللّه بن جعفر، عن الخشّاب، عن إبراهيم بن يوسف العبدي، عن إبراهيم بن صالح، عن الحسين بن زيد، عن آبائه(علیهم السلام) قال: «نزل جبرئيل(علیه السلام) على النبي(صلی الله علیه و آله) فقال: يا محمّد! إنّه يولد لك مولود تقتله أُمّتك من بعدك فقال: يا جبرئيل! لا حاجة لي فيه، فقال: يا محمّد! إنّ منه الأئمّة والأوصياء، قال: وجاء النبي(صلی الله علیه و آله) إلى فاطمة(علیها السلام) فقال لها: إنّك تلدين ولداً تقتله أُمّتي من بعدي. فقالت: لا حاجة لي فيه، فخاطبها ثلاثاً، ثمّ قال لها: إنّ منه الأئمّة والأوصياء. فقالت: نعم يا أبت. فحملت بالحسين(علیه السلام) فحفظها اللّه وما في بطنها من إبليس فوضعته لستّة أشهر ولم يسمع بمولود ولد لستّة أشهر إلاّ الحسين ويحيى بن زكريّا(علیهما السلام)، فلما وضعته وضع النبي(صلی الله علیه و آله) لسانه في فيه، فمصّه، ولم يرضع الحسين(علیه السلام) من أُنثى حتّى نبت لحمه ودمه من ريق رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) وهو قول اللّه عزّ وجلّ: «وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً»»((2)).

وفي علل الشرائع قال الشيخ الصدوق: حدّثنا أحمد بن الحسن(رحمه الله) قال: حدّثنا أحمد بن يحيى قال: حدّثنا بكر بن عبد اللّه بن حبيب قال: حدّثنا تميم بن بهلول قال: حدّثنا علي بن حسّان الواسطي، عن عبد الرحمن بن كثير الهاشمي قال: قلت لأبي عبد اللّه(علیه السلام): جعلت فداك من أين جاء لولد الحسين الفضل

ص: 259


1- الكافي: ج1 ص464 ح3؛ عنه تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص579 ح4؛ البرهان: ج5 ص39 ح1؛ وفي: كامل الزيارات: ص122 ح4؛ عنه البرهان: ج5 ص41 ح5.
2- تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص578 ح3؛ عنه بحار الأنوار: ج23 ص272 ح23، و: ج36 ص158 ح137؛ البرهان: ج5 ص42 ح8.

على ولد الحسن وهما يجريان في شرع واحد؟ فقال: «لا أراكم تأخذون به((1))

إنّ جبرئيل نزل على محمّد(صلی الله علیه و آله) وما ولد الحسين(علیه السلام) بعد، فقال له: يولد لك غلام تقتله أُمّتك من بعدك فقال: يا جبرئيل! لا حاجة لي، فيه فخاطبه ثلاثاً، ثمّ دعا علياً فقال له: إنّ جبرئيل(علیه السلام) يخبرني عن اللّه عزّ وجلّ أنّه يولد لك غلام تقتله أُمّتك من بعدك، فقال: لا حاجة لي فيه يا رسول اللّه! فخاطب علياً(علیه السلام) ثلاثاً ثمّ قال: إنّه يكون فيه وفي ولده الإمامة والوراثة والخزانة، فأرسل إلى فاطمة(علیها السلام) أنّ اللّه يبشّرك بغلام تقتله أُمّتي من بعدي، فقالت فاطمة: ليس لي حاجة فيه يا أبة، فخاطبها ثلاثاً ثمّ أرسل إليها: لابدّ أن يكون فيه الإمامة والوراثة والخزانة، فقالت له: رضيت عن اللّه عزّ وجلّ، فعلقت وحملت بالحسين، فحملت ستّة أشهر ثمّ وضعته ولم يعش مولود قطّ لستّة أشهر غير الحسين بن علي وعيسى بن مريم(علیهما السلام) فكفّلته أُمّ سلمة، وكان رسول اللّه يأتيه في كلّ يوم فيضع لسانه في فم الحسين(علیه السلام) فيمصّه حتّى يروى فأنبت اللّه تعالى لحمه من لحم رسول اللّه(صلی الله علیه و آله)، ولم يرضع من فاطمة(علیها السلام) ولا من غيرها لبناً قطّ، فلمّا أنزل اللّه تبارك وتعالى فيه: «وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْني أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لي في ذُرِّيَّتي» فلو قال: أصلح لي ذرّيتي، كانوا كلّهم أئمّة لكن خصّ هكذا»((2)).

ص: 260


1- قال العلامة المجلسي رضوان الله عليه: قوله(علیه السلام): «لا أراكم تأخذون به»، أي: بعد البيان لا تقبلون مني، أو أنه لما قال: «وهما يجريان في شرع واحد»، قال(علیه السلام) أنتم لا تقولون بالمساواة أيضاً، بل تفضّلون ولد الحسن(علیه السلام) على ولد الحسين(علیه السلام)، والأول أظهر. بحار الأنوار: ج25 ص255؛ وبنفس المعنى: ج43 ص246.
2- علل الشرائع: ج1 ص205 ح3؛ عنه بحار الأنوار: ج25 ص254 ح15، و: ج43 ص245 ح20.

94- الحسين(علیه السلام) من المؤمنين الحقيقيين

«ذَلِكَ بِأَنَّ أللَّهَ مَولَى ألَّذِينَ ءَامَنُواْ وَأَنَّ ألكَفِرِينَ لَا مَولَى لَهُم 11»

سورة محمّد(صلی الله علیه و آله)

روى الحاكم الحسكاني الحنفي قال: أخبرنا عقيل بن الحسين - بإسناده المذكور - عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس - في قول اللّه تعالى - : «ذَلِكَ بِأَنَّ اللّه مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا» يعني: وليّ علي وحمزة وجعفر وفاطمة والحسن والحسين، وولي محمّد(صلی الله علیه و آله) ينصرهم بالغلبة على عدوّهم، «وَأَنَّ الْكَافِرِينَ» يعني: أبا سفيان بن حرب وأصحابه. «لاَ مَوْلَى لَهُمْ» يقول - اللّه - : لا ولي لهم يمنعهم من العذاب((1)).

ص: 261


1- شواهد التنزيل: ج2 ص244 ح880.

95- الحسن والحسين(علیهما السلام) سيدا شباب أهل الجنة

«إِنَّ ألَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ أللَّهَ يَدُ أللَّهِ فَوقَ أَيدِيهِم فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفسِهِۦ وَمَن أَوفَى بِمَا عَهَدَ عَلَيهُ أللَّهَ فَسَيُؤتِيهِ أَجرًا عَظِيما 10»

سورة الفتح

ذكر العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار عن كتاب الطرف للسيد بن طاووس: بإسناده عن موسى بن جعفر، عن أبيه(علیهما السلام) قال:

«لمّا هاجر النبي(صلی الله علیه و آله) إلى المدينة وحضر خروجه إلى بدر دعا الناس إلى البيعة فبايع كلّهم على السمع والطاعة، وكان رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) إذا خلا دعا علياً(علیه السلام) فأخبره بمن يفي منهم ومن لا يفي ويسأله كتمان ذلك، ثمّ دعا رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) علياً وحمزة وفاطمة(علیهم السلام) فقال لهم: بايعوني بيعة الرضا.

فقال حمزة: بأبي أنت وأُمّي على ما نبايع، أليس قد بايعنا؟

فقال: يا أسد اللّه وأسد رسوله تبايع للّه ولرسوله بالوفاء والاستقامة لابن أخيك، إذن تستكمل الإيمان.

قال: نعم، سمعاً وطاعة، وبسط يده.

ص: 262

فقال(صلی الله علیه و آله) لهم: «يَدُ اللّه فَوْقَ أَيْدِيهِمْ» علي أمير المؤمنين، وحمزة سيّد الشهداء، وجعفر الطيّار في الجنّة، وفاطمة سيّدة نساء العالمين، والسبطان الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة، هذا شرط من اللّه على جميع المسلمين

من الجنّ والإنس أجمعين، «فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللّه فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً» ثمّ قرأ: «إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللّه».

قال: ولمّا كانت الليلة التي أُصيب حمزة في يومها، دعاه رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) فقال: يا حمزة، يا عمّ رسول اللّه، يوشك أن تغيب غيبة بعيدة فما تقول لو وردت على اللّه - تبارك وتعالى - وسألك عن شرائع الإسلام وشروط الإيمان؟

فبكى حمزة فقال: بأبي أنت وأُمّي أرشدني وفهّمني.

فقال: يا حمزة، تشهد أن لا إله إلاّ اللّه مخلصاً وأنّي رسول اللّه بعثني بالحقّ.

قال حمزة: شهدت.

قال: وأنّ الجنّة حقّ، وأنّ النار حقّ، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها، وأنّ الصراط حقّ، والميزان حقّ، «فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ٭ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ»((1))، و«فَريقٌ فِي الْجَنَّةِ وَ فَريقٌ فِي السَّعيرِ»((2)) وأنّ علياً أمير المؤمنين.

قال حمزة: شهدت وأقررت وآمنت وصدّقت.

وقال(صلی الله علیه و آله): الأئمّة من ذرّيته الحسن والحسين، والإمامة في ذرّيته.

قال حمزة: آمنت وصدّقت.

وقال(صلی الله علیه و آله): وفاطمة سيّدة نساء العالمين.

قال: نعم، صدّقت.

ص: 263


1- سورة الزلزلة، الآية 7 و 8.
2- سورة الشورى، الآية: 7.

قال: وحمزة سيّد الشهداء وأسد اللّه وأسد رسوله وعمّ نبيّه.

فبكى حمزة حتّى سقط على وجهه، وجعل يقبّل عيني رسول اللّه(صلی الله علیه و آله).

وقال(صلی الله علیه و آله): جعفر ابن أخيك طيّار في الجنّة مع الملائكة، وأنّ محمّداً وآله خير البريّة، تؤمن يا حمزة بسرّهم وعلانيتهم، وظاهرهم وباطنهم، وتحيى على ذلك وتموت، وتوالي من والاهم، وتعادي من عاداهم.

قال: نعم يا رسول اللّه، أُشهد اللّه وأُشهدك، وكفى باللّه شهيداً.

فقال رسول اللّه(صلی الله علیه و آله): سدّدك اللّه ووفّقك»((1)).

وفي كتاب اليقين للسيد بن طاووس ضمن خطبة الغدير: «... معاشر الناس، ما تقولون فإنّ الله يعلم كل صوت وخائنة العين وما تخفي الصدور «فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها»((2))، ومن بايع فإنما يبايع الله، يد الله فوق أيديكم «فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ»، فبايعوا الله وبايعوني وبايعوا علياً والحسن والحسين والأئمة منهم في الدنيا والآخرة بكلمة باقية»((3)).

ص: 264


1- بحار الأنوار: ج65 ص395؛ وهكذا: ج22 ص278 ح32، عن الطرف: الطرفة 3، ص121 والطرفة 5، ص125.
2- سورة الزمر، الآية: 41.
3- اليقين: ص359 و ص360؛ وبهذا المعنى في روضة الواعظين: ص99.

96- بشارة النبي(صلی الله علیه و آله) لفاطمة(علیها السلام)

«يَأَيُّهَا ألنَّاسُ إِنَّا خَلَقنَكُم مِّن ذَكَر وَأُنثَى وَجَعَلنَكُم شُعُوبا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُواْ إِنَّ أَكرَمَكُم عِندَ أللَّهِ أَتقَىكُم إِنَّ أللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير 13»

سورة الحجرات

في أمالي الشيخ الطوسي بسنده متصل إلى سلمان الفارسي رضي الله عنه قال:

دخلت على رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) في مرضه الذي قبض فيه، فجلست بين يديه وسألته عمّا يجد وقمت لأخرج، فقال لي: «اجلس يا سلمان فسيشهدك اللّه - عزّ وجلّ - أمراً إنّه لمن خير الأُمور».

فجلست، فبينا أنا كذلك إذ دخل رجال من أهل بيته، ورجال من أصحابه، ودخلت فاطمة(علیها السلام) ابنته فيمن دخل، فلمّا رأت ما برسول اللّه(صلی الله علیه و آله) من الضعف خنقتها العبرة، حتّى فاض دمعها على خدّها، فأبصر ذلك رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) فقال: «ما يبكيك يا بنيّة أقرّ اللّه عينك ولا أبكاها».

قالت: «وكيف لا أبكي وأنا أرى ما بك من الضعف».

ص: 265

قال لها: «يا فاطمة توكّلي على اللّه، واصبري كما صبر آباؤك من الأنبياء، وأُمّهاتك من أزواجهم، ألا أُبشّرك يا فاطمة؟».

قالت: «بلى يا نبيّ اللّه»، أو قالت: «يا أبه».

قال: «أما علمت أنّ اللّه - تعالى - اختار أباك فجعله نبيّاً، وبعثه إلى كافّة الخلق رسولاً، ثمّ اختار علياً فأمرني فزوّجتك إيّاه، واتّخذته بأمر ربّي وزيراً ووصيّاً، يا فاطمة

إنّ علياً أعظم المسلمين على المسلمين بعدي حقّاً، وأقدمهم سلماً وأعلمهم علماً، وأحلمهم حلماً، وأثبتهم في الميزان قدراً».

فاستبشرت فاطمة(علیها السلام)، فأقبل عليها رسول اللّه(صلی الله علیه و آله)، فقال(صلی الله علیه و آله): «هل سررتك يا فاطمة؟».

قالت: «نعم يا أبه».

قال: «أفلا أزيدك في بعلك وابن عمّك من مزيد الخير وفواضله؟».

قالت: «بلى يا نبي اللّه».

قال: «إنّ علياً أوّل من آمن باللّه - عزّ وجلّ - ورسوله من هذه الأُمّة، هو وخديجة أُمّك، وأوّل من وآزرني على ما جئت، يا فاطمة إنّ علياً أخي وصفيّي وأبو ولدي، إنّ علياً أُعطي خصالاً من الخير لم يعطها أحد قبلي ولا يعطاها أحد بعده، فأحسني عزاك واعلمي أنّ أباك لاحق باللّه - عزّ وجلّ - ».

قالت: «يا أبتاه، فرّحتني وأحزنتني».

قال: «كذلك، يا بنية أُمور الدنيا يشوب سرورها حزنها، وصفوها كدرها، أفلا أزيدك يا بنية؟».

قالت: «بلى يا رسول اللّه».

قال: «إنّ اللّه - تعالى - خلق الخلق فجعلهم قسمين، فجعلني وعلياً في خيرها

ص: 266

قسماً، وذلك قوله - عزّ وجلّ - «وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ»((1)).

ثمّ جعل القسمين قبائل فجعلنا في خيرها قبيلة، وذلك قوله - عزّ وجلّ - : «وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللّه أَتْقَاكُمْ».

ثمّ جعل القبائل بيوتاً فجعلناً في خيرها بيتاً في قوله - سبحانه - : «إِنَّمَا يُرِيدُ اللّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»((2)).

ثمّ إنّ اللّه - تعالى - اختارني من أهل بيتي، واختار علياً والحسن والحسين واختارك، فأنا سيّد ولد آدم، وعلى سيّد العرب، وأنت سيّدة النساء، والحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة، ومن ذرّيتكما المهدي يملأ الله عز وجل به الأرض عدلاً كما ملئت من قبله جوراً»((3)).

ص: 267


1- سورة الواقعة، الآية: 27.
2- سورة الأحزاب، الآية: 33.
3- أمالي الشيخ الطوسي: ص606 ح2؛ عنه بحار الأنوار: ج22 ص502 ح48، و: ج40 ص66 ح100.

97- أهل البيت(علیهم السلام) في الليالي والأسحار

«كَانُواْ قَلِيلا مِّنَ ألَّيلِ مَا يَهجَعُونَ 17 وَبِألأَسحَارِ هُم يَستَغفِرُونَ 18»

سورة الذاريات

روى الحاكم الحسكاني الحنفي، قال: - حدّثنا - أبو بكر بن مؤمن - بإسناده المذكور - عن سعيد بن جبير، عن عبد اللّه بن عبّاس، في قوله تعالى: «كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ».

قال: نزلت في علي بن أبي طالب، والحسن والحسين وفاطمة(علیهم السلام).

وكان عليّ يصلّي ثلثي الليل الأخير، وينام الثلث الأول، فإِذا كان السَحَر جلس في الاستغفار والدعاء، وكان ورده في كل ليلة سبعين ركعة ختم فيها القرآن((1)).

ص: 268


1- شواهد التنزيل: ج2 ص268 ح901.

98- أهل البيت(علیهم السلام) مع النبي(صلی الله علیه و آله)

«وَألَّذِينَ ءَامَنُواْ وَأتَّبَعَتهُم ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَنٍ أَلحَقنَا بِهِم ذُرِّيَّتَهُم وَمَا أَلَتنَهُم مِّن عَمَلِهِم مِّن شَيء كُلُّ أمرِيِٕ بِمَا كَسَبَ رَهِين 21»

سورة الطور

في أمالي شيخ الطائفة: بإسناده إلى محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر(علیه السلام) وجعفر بن محمّد(علیه السلام) يقولان: «إنّ اللّه - تعالى - عوّض الحسين(علیه السلام) مِن قتله أن جعل الإمامة في ذرّيته، والشفاء في تربته وإجابة الدعاء عند قبره، ولا تعد أيّام زيارته جائياً وراجعاً من عمره». قال محمّد بن مسلم: فقلت لأبي عبد اللّه(علیه السلام): هذا الجلال ينال بالحسين(علیه السلام) فما له في نفسه؟ قال: «إنّ اللّه ألحقه بالنبي(صلی الله علیه و آله)، فكان معه في درجته ومنزلته»، ثمّ تلا أبو عبد اللّه(علیه السلام): «وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ» الآية((1)).

وفي تأويل الآيات عن محمد بن العباس، عن عبد العزيز بن يحيى، عن إبراهيم بن محمد، عن علي بن نصير، عن الحكم بن ظهير، عن السدي، عن أبي مالك، عن ابن عباس في قوله تعالى: «وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ

ص: 269


1- أمالي الطوسي: ص317 ح91.

أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ» قال: نزلت في النبي(صلی الله علیه و آله)، وعليّ وفاطمة والحسن والحسين(علیهم

السلام)((1)).

وفي ابن شهر آشوب: وقال أبو عبد الله(علیه السلام) وقد ذكر عنده الحسين(علیه السلام): «وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ»((2)).

وفي الكافي الشريف مسنداً، عن أبي عبد الله(علیه السلام)، قال: قال الله تعالى: «وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ»، قال ««الَّذِينَ آمَنُوا» النبي(صلی الله علیه و آله)، وذريته: الأئمة والأوصياء صلوات الله عليهم، «أَلْحَقْنَا بِهِمْ» ولم ننقص ذريتهم الحجة التي جاء بها محمد(صلی الله علیه و آله) في علي(علیه السلام)، وحجتهم واحدة وطاعتهم واحدة»((3)).

ص: 270


1- تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص618 ح6؛ عنه بحار الأنوار: ج25 ص241 ح22.
2- مناقب لابن شهر آشوب: ج3 ص206.
3- الكافي: ج1 ص275 ح1.

99- فضائل الحسين(علیه السلام) نازلة من وحي السماء

«وَألنَّجمِ إِذَا هَوَى 1 مَا ضَلَّ صَاحِبُكُم وَمَا غَوَى 2 وَمَا يَنطِقُ عَنِ ألهَوَى 3 إِن هُوَ إِلَّا وَحي يُوحَى 4 عَلَّمَهُۥ شَدِيدُ ألقُوَى 5»

سورة النجم

في تأويل الآيات عن محمّد بن العبّاس، عن أحمد بن هوذة الباهلي، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن عبد اللّه بن حمّاد الأنصاري، عن محمّد بن عبد اللّه، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن علي(علیهم السلام) قال: قال رسول اللّه(صلی الله علیه و آله):

«ليلة أُسري بي إلى السماء صرت إلى سدرة المنتهى، فقال لي جبرئيل: تقدّم يا محمّد، فدنوت دنوة والدنوة: مدّ البصر، فرأيت نوراً ساطعاً فخررت للّه ساجداً.

فقال لي: يا محمّد، من خلّفت في الأرض؟

قلت: يا ربّ، أعدلها وأصدقها وأبرّها وأسنمها علي بن أبي طالب وصيّي ووارثي وخليفتي في أهلي.

فقال لي: أقرئه منّي السلام وقل له: إنّ غضبه عزّ، ورضاه حكم.

يا محمّد إنّي أنا اللّه لا إله إلاّ أنا العلي الأعلى وهبت لأخيك اسماً من أسمائي فسمّيته علياً، وأنا العلي الأعلى.

يا محمّد إنّي أنا اللّه لا إله إلاّ أنا فاطر السماوات والأرض وهبت لابنتك اسماً من

ص: 271

أسمائي فسمّيتها فاطمة، وأنا فاطر كلّ شيء.

يا محمّد إنّي أنا اللّه لا إله إلاّ أنا الحسن البلاء وهبت لسبطيك اسمين من أسمائي فسمّيتهما الحسن والحسين، وأنا الحسن البلاء.

قال: فلمّا حدّث النبي(صلی الله علیه و آله) قريشاً بهذا الحديث قال قوم: ما أوحى اللّه إلى محمّد بشيء وإنّما تكلّم عن هوى نفسه، فأنزل اللّه تبارك وتعالى تبيان ذلك «وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ٭ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ٭ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ٭ إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَى ٭ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى»»((1)).

وفي الكافي الشريف ضمن حديث طويل بسند متصل إلى جابر عن أبي جعفر(علیهما السلام) في قوله عز وجل: «وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى» قال: «أقسم بقبض محمد((2))

إذا قبض، «مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ» بتفضيله أهل بيته «وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى» يقول: ما يتكلم بفضل أهل بيته بهواه، وهو قول الله عز وجل: «إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَى»»((3)).

ص: 272


1- تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص624 ح7؛ عنه بحار الأنوار: ج24 ص323 ح36؛ والبرهان: ج5 ص189 ح9؛ وتفسير كنز الدقائق: ج12 ص474.
2- في بحار الأنوار: أقسم بقبر محمد(صلی الله علیه و آله)، ثم في المجلد 24، عقّب هذا الحديث ببيان منه: قوله(علیه السلام): «أقسم بقبر محمد(صلی الله علیه و آله)»، أي: المراد بالنجم: الرسول(صلی الله علیه و آله) كما بيّنّاه في باب مفرد، والمراد بهويّة، أي: سقوطه وهبوطه وغروبه، أو: صعوده وموته وغيبته في التراب، أو صعود روحه المقدسة إلى رب الأرباب. بحار الأنوار: ج24 ص370.
3- الكافي: ج8 ص380 ضمن ح574؛ عنه بحار الأنوار: ج23 ص321 ح38، و: ج24 ص368 ضمن ح94.

قال والنجم إذ هوى لهو حق * ويقين من وحي ربّ السماء

وهدىّ للنفوس ما ضلّ طه * قطّ فيه عن منهج الاهتداء

آيةٌ أنزلت بحقّ عليّ* فهي نصّ في سيّد الأوصياء

حينما خرّ كوكب وتراءى * وهو ينقضّ في مجال الفضاء

قال طه لصحبه كلّ فرد * قد هوى فوق بيته بجلاء

فهو بعدي خليفتي ووصيي * فيكم دون سائر الخلفاء

فرأوه وقد هوى مستنيراً * فوق بيت الوصيّ والزهراء

قد أبان المعنى حديثان عنهم * فأزاحا بالصدق كلّ افتراء((1))

ص: 273


1- ملحمة أهل البيت(علیهم السلام): ج1 ص53.

100- المغربين الحسن والحسين(علیهما السلام)

«رَبُّ ألمَشرِقَينِ وَرَبُّ ألمَغرِبَينِ 17»

سورة الرحمن

جاء في تفسير القمي: في رواية سيف بن عميرة، عن إسحاق بن عمار، عن أبي بصير، قال: سألتُ أبا عبد الله(علیه السلام) عن قول الله: «رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ»، قال: «المشرقين رسول الله(صلی الله علیه و آله) وأمير المؤمنين(علیه السلام)، والمغربين الحسن والحسين وفي أمثالهما تجري»((1)).

ص: 274


1- تفسير القمي: ج2 ص344؛ وتأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص637 ح15؛ وفي بحار الأنوار: ج24 ص69 ح2 عن تفسير القمي.

101- اللؤلؤ والمرجان الحسن والحسين(علیهما السلام)

«مَرَجَ ألبَحرَينِ يَلتَقِيَانِ 19 بَينَهُمَا بَرزَخ لَّا يَبغِيَانِ 20 فَبِأَيِّ ءَالَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 21 يَخرُجُ مِنهُمَا أللُّؤلُؤُ وَألمَرجَانُ 22»

سورة الرحمن

قد جاء في التفاسير أحاديث متعددة في هذه الآيات المباركة نذكر بعضاً منها: ففي تفسير القمي عن محمد بن عبد الله، عن سعيد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن يحيى بن سعيد القطّان قال: سمعت أبا عبد اللّه(علیه السلام) يقول في قول الله تبارك وتعالى: «مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ٭ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَ يَبْغِيَانِ»؛ قال: «علي وفاطمة بحران (من العلم)((1)) عميقان لا يبغي أحدهما على صاحبه» «يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ» قال: «الحسن والحسين(علیهما السلام)»((2)).

وفي تأويل الآيات عن محمّد بن العبّاس، عن محمّد بن أحمد، عن محفوظ بن بشر، عن ابن شمر، عن جابر، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) في قوله عزّ وجلّ: «مَرَجَ

ص: 275


1- الزيادة من الخصال.
2- تفسير القمي: ج2 ص344؛ والخصال: ص65 ح96، عنهما بحار الأنوار: ج24 ص98 ح5.

الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ» قال: «علي وفاطمة «بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَ يَبْغِيَانِ»» قال: «لا يبغي علي على فاطمة ولا تبغي فاطمة على علي» «يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ» قال: «الحسن والحسين(علیهما السلام)»((1)).

وفيه أيضاً عن محمّد بن العبّاس، عن جعفر بن سهل، عن أحمد بن محمّد، عن عبد الكريم، عن يحيى بن عبد الحميد، عن قيس بن الربيع، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري في قوله عزّ وجلّ: «مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ» قال: علي وفاطمة، قال: لا يبغي هذا على هذه ولا هذه على هذا «يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ» قال:

ص: 276


1- تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص635 ح11؛ عنه بحار الأنوار: ج24 ص97 ح1.

الحسن والحسين صلوات اللّه عليهم أجمعين((1)).

وفيه أيضاً عن محمد بن العباس، عن علي بن عبد اللّه، عن إبراهيم بن محمّد، عن محمّد بن الصلت - سنان - ، عن أبي الجارود، عن الضحّاك، عن ابن عبّاس في قوله عزّ وجلّ: «مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ٭ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَ يَبْغِيَانِ» قال: مرج البحرين علي وفاطمة(علیهما السلام)«بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَ يَبْغِيَانِ» قال: النبي(صلی الله علیه و آله) «يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ» قال: «الحسن والحسين(علیهما السلام)»((2)).

وفيه أيضاً عن محمد بن العباس عن علي بن مخلد الدهّان، عن أحمد بن سليمان، عن إسحاق بن إبراهيم الأعمش، عن كثير بن هشام، عن كهمش بن الحسن، عن أبي السليل، عن أبي ذرّ (رضي الله عنه) في قوله عزّ وجلّ: «مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ» قال: علي وفاطمة(علیها السلام) «يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ» قال: الحسن والحسين(علیهما السلام)، فمن رأى مثل هؤلاء الأربعة؟! علي وفاطمة والحسن والحسين(علیهم السلام) لا يحبّهم إلاّ مؤمن ولا يبغضهم إلاّ كافر، فكونوا مؤمنين بحبّ أهل البيت ولا تكونوا كفّارا ببغض أهل البيت فتلقوا في النار((3)).

قال الفرطوسي:

قد أتانا في قوله مرج البح-* -رين لا يبغيان في الالتقاء

إنّ طه الأمين برزخ صدق * بين مجرى عليّ والزهراء

منهما تخرج اللئالي والمرجان * يعني السبطين عند اللقاء

قد تجلّت من الروايات سبع * عنهم كالعرائس الغرّاء((4))

ص: 277


1- تأويل الآيات الظاهرة:ج2 ص636 ح12؛ عنه بحار الأنوار: ج24 ص97 ح2.
2- تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص636 ح13؛ عنه بحار الأنوار: ج24 ص97 ح3، وفي: ج37 ص96 ح62؛ عن كشف الغمة: ج1 ص330.
3- تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص636 ح14؛ عنه بحار الأنوار: ج24 ص98 ح4؛ وفي تفسير فرات: ص460 ح5؛ عنه بحار الأنوار: ج37 ص64 ح35.
4- ملحمة أهل البيت(علیهم السلام): ج1 ص179.

102- تأويل وتفسير السابقين

«وَألسَّبِقُونَ ألسَّبِقُونَ 10 أُوْلَئِكَ ألمُقَرَّبُونَ 11»

سورة الواقعة

روى الشيخ النعماني في كتاب الغيبة عن علي بن الحسين، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن حسان الرازي، عن محمد بن علي، عن محمد بن سنان، عن داود بن كثير الرقي، قال: قلت لأبي عبد الله جعفر بن محمد(علیهما السلام): جعلت فداك، أخبرني عن قول الله عز وجل: «وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ»، قال: «نطق الله بها يوم ذرأ الخلق في الميثاق قبل أن يخلق الخلق بألفي عام»، فقلتُ: فسِّر لي ذلك، فقال: «إن الله عز وجل لما أراد أن يخلق الخلق خلقهم من طين، ورفع لهم ناراً، فقال: ادخلوها، وكان أول من دخلها محمد(صلی الله علیه و آله) وأمير المؤمنين والحسن والحسين وتسعة من الأئمة إمام بعد إمام، ثم اتبعهم بشيعتهم، فهم والله السابقون»((1)).

وفي الكافي الشريف بسنده إلى جابر الجعفي، قال: أبو عبد الله(علیه السلام): «يا جابر، إن الله تبارك وتعالى خلق الخلق ثلاثة أصناف، وهو قول الله عز وجل:

ص: 278


1- كتاب الغيبة للنعماني: ص91 ح20؛ عنه بحار الأنوار: ج36 ص401 ح11؛ تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص642 ح5 بنفس السند عن الشيخ المفيد؛ عنه بحار الأنوار: ج35 ص333 ح6.

«وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً ٭ فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ٭ وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ٭ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ٭ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ» فالسابقون هم رسل الله(علیهم السلام) وخاصة الله من خلقه، جعل فيهم خمسة أرواح، أيدهم بروح القدس فبه عرفوا الأشياء، وأيدهم بروح الإيمان فبه خافوا الله عز وجل، وأيدهم بروح القوة فبه قدروا على طاعة الله، وأيدهم بروح الشهوة فبه اشتهوا طاعة الله عز وجل وكرهوا معصيته، وجعل فيهم روح المدرج الذي به يذهب الناس ويجيئون، وجعل في المؤمنين وأصحاب الميمنة روح الإيمان، فبه خافوا الله، وجعل فيهم روح القوة فبه قدروا على طاعة الله، وجعل فيهم روح الشهوة، فبه اشتهوا طاعة الله، وجعل فيهم روح المدرج الذي به يذهب الناس ويجيئون((1)).

والشاهد في فالسابقون هم رسل الله(علیهم السلام) وخاصة الله من خلفه، ويؤيّد هذا المعنى ما رواه الكليني بعد هذا الحديث: «... يا جابر، إنّ في الأنبياء والأوصياء خمسة أرواح: روح القدس وروح الإيمان وروح الحياة وروح القوة وروح الشهوة...»((2)) وغيره من الأحاديث المصرّحة باجتماع هذه الأرواح الخمسة في الإمام(علیه السلام)، وحينئذٍ يتبين: «وخاصة الله من خلقه»، وأنهم: السابقون.

وفي كتاب سليم بن قيس في ضمن حديث طويل فيه يذكر أمير المؤمنين(علیه السلام) فضائله وخصائصه ويحتج بها على الأصحاب: ... قال: «فأنشدكم الله، أتعلمون حيث نزلت: «وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرينَ وَالْأَنْصارِ»((3))، «وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ» سُئل عنها رسول الله(صلی الله علیه و آله) فقال: أنزلها الله تعالى ذكره

ص: 279


1- الكافي: ج1 ص271 ح1.
2- الكافي: ج1 ص272 ح2.
3- سورة التوبة، الآية: 100.

في الأنبياء وأوصيائهم، فأنا أفضل أنبياء الله ورسله وعلي بن أبي طالب وصيي أفضل الأوصياء؟ قالوا: اللهم نعم...»((1)).

ان خير المقربين لدينا * لهم السابقون يوم الجزاء

وهمُ يوشع وصاحب ياسينٍ * وكانا من أفضل الأوصياء

لابن عمران وابن مريم عيسى * وعليّ لخاتم الأصفياء

وعليّ أعلى وأفضل قدراً * منهما في كرامة وعلاء

قال طه فيها أنا وعليّ * أفضل الأوصياء والأنبياء

وهم السابقون في كلّ جيل * وزمان علي بني حوّاء

قال يوماً يحدّث الناس عنه * عمرٌ في صراحة وجلاء

ضرب المصطفى بكتف عليّ * حين وافاه باليد البيضاء

قائلاً يا عليّ والناس تصغي * للمناجاة أحسن الإصغاء

أوّل السابقين أنت استباقاً * أوّل المؤمنين والأولياء

أنت منّي حقّاً كما كان هارون * لموسى من أفضل الوزراء

وحديث التقسيم فيها أتانا * مثل ما مرّ ذكره في ابتداء

أتحفتنا من الروايات فيها * بثمان فطاحل الفقهاء((2))

ص: 280


1- كتاب سليم: ص197.
2- ملحمة أهل البيت(علیهم السلام): ج1 ص51.

103- مقام أهل البيت(علیهم السلام) في القيامة والجنّة

«يَومَ تَرَى ألمُؤمِنِينَ وَألمُؤمِنَتِ يَسعَى نُورُهُم بَينَ أَيدِيهِم وَبِأَيمَنِهِم بُشرَىكُمُ أليَومَ جَنَّت تَجرِي مِن تَحتِهَا ألأَنهَرُ خَلِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ ألفَوزُ ألعَظِيمُ 12»

سورة الحديد

نقل العلامة المجلسي في البحار عن تفسير فرات الكوفي عن أبي القاسم الحسني معنعناً، عن جابر، عن أبي جعفر(علیه السلام) قال: سألته عن قول اللّه: «يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ» «قال رسول اللّه(صلی الله علیه و آله): هو نور إمام المؤمنين يسعى بين أيديهم يوم القيامة إذا أذن اللّه له أن يأتي منزله في جنّات عدن والمؤمنون يتبعونه وهو يسعى بين أيديهم حتّى يدخل جنّة عدن وهم يتبعونه حتّى يدخلون معه، وأمّا قوله: «وَبِأَيْمَانِهِمْ» فأنتم تأخذون بحجز آل محمّد ويأخذ آله بحجز الحسن والحسين [ويأخذان بحجز أمير المؤمنين]((1)) علي بن أبي طالب(علیه السلام) ويأخذ هو بحجز رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) حتّى يدخلون معه في جنّة عدن فذلك قوله: «بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ

ص: 281


1- ما بين المعقوفتين من البحار.

الْعَظِيمُ»((1)).

ولنعم ما قيل:

على اللّه في كل الأمور توكلي * وبالخمس أصحاب الكساء توسلى محمد المبعوث وابنيه بعده * فاطمة الزهراء والمرتضى عليّ

بحُجزتهم نأخذ ونسعى بنورهم * وكلّ لكل المؤمنين وليّ

ص: 282


1- بحار الأنوار: ج7 ص205 ح92، و: ج23 ص316 ح25؛ عن تفسير فرات الكوفي: ص467 ح611.

104- تأويل النور والكفلين

«يَأَيُّهَا ألَّذِينَ ءَامَنُواْ أتَّقُواْ أللَّهَ وَءَامِنُواْ بِرَسُولِهِۦ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَّحمَتِهِۦ وَيَجعَل لَّكُم نُورا تَمشُونَ بِهِۦ وَيَغفِر لَكُم وَأللَّهُ غَفُور رَّحِيم 28»

سورة الحديد

في شواهد التنزيل بسنده إلى جابر، عن أبي جعفر(علیه السلام) في قوله - عزّ وجلّ - : «يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ» قال: «الحسن والحسين «وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ» قال: «إمام عدل تأتمّون به علي بن أبي طالب(علیه السلام)»((1)).

وفي تفسير فرات الكوفي عن جعفر بن محمّد الفزاري معنعناً، عن ابن عبّاس في قول اللّه تبابك وتعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّه وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ» قال: الحسن والحسين(علیهما السلام)«وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورا تَمْشُونَ بِهِ» قال: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(علیه السلام)((2)).

ص: 283


1- شواهد التنزيل: ج2 ص309 ح945؛ وتأويل الآيات الظاهرة:ج2 ص669 ح29.
2- تفسير فرات الكوفي: ص468 ح612؛ عنه بحار الأنوار: ج23 ص317 ح26، و: ج43 ص307 ح70؛ شواهد التنزيل: ج2 ص308 ح943 عن فرات الكوفي.

وفي الكافي الشريف عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) في قول اللّه عزّ وجلّ: «يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ» قال:

«الحسن والحسين(علیهما السلام)«وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورا تَمْشُونَ بِهِ»» قال: «إمام تأتمّون به»((1)).

وفي تفسير فرات الكوفي عن علي بن محمّد الزهري معنعناً عن جابر، عن أبي جعفر(علیه السلام) في قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّه وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ» «يعني حسناً وحسيناً» قال: «ما ضرّ من أكرمه اللّه أن يكون من شيعتنا ما أصابه في الدنيا ولو لم يقدر على شيء يأكله إلاّ الحشيش»((2)).

وفي أصل جعفر بن محمد الحضرمي عن جابر: وقال: - الإمام الباقر(علیه السلام) - في هذه الآية: «اتَّقُوا اللّه وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ» قال: «حسناً وحسيناً، «وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورا تَمْشُونَ بِهِ» يعني إماماً تأتّمون به»((3)).

وأحاديث أخرى.

قال الفرطوسي:

آمنوا بالرسول من دون غيب * واتقوا الله أحسن الاتقّاء

وابن عباس في حديث شريف * قد رواه عن سيد الأنبياء

ص: 284


1- الكافي: ج1 ص430 ح86؛ وتفسير القمي: ج2 ص352؛ عنه بحار الأنوار: ج9 ص242 ح142، وهكذا: ج23 ص318 ح30 عن الكافي والتفسير.
2- تفسير فرات الكوفي: ص468 ح613؛ عنه بحار الأنوار: ج23 ص317 ح27، و: ج43 ص307 ح71.
3- الأصول الستة عشر، أصل جعفر بن محمد الحضرمي: ص63.

قال إنّ النور المضيء عليّ * وهو يهدي لمنهج الاهتداء

وهو يؤتي كفلين للناس منه* حسناً والحسين عند العطاء((1))

ص: 285


1- ملحمة أهل البيت(علیهم السلام): ج1 ص234.

105- تأويل النجوى والكتابة

«أَلَم تَرَ أَنَّ أللَّهَ يَعلَمُ مَا فِي ألسَّمَوَتِ وَمَا فِي ألأَرضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجوَى ثَلَثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُم وَلَا خَمسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُم وَلَا أَدنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُم أَينَ مَا كَانُواْ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ يَومَ ألقِيَمَةِ إِنَّ أللَّهَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ 7»

سورة المجادلة

في الكافي الشريف عن: علي بن محمّد، عن علي بن الحسين، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) في قول اللّه عزّ وجلّ: «مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللّه بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» قال: «نزلت هذه الآية في فلان وفلان وأبي عبيدة الجرّاح وعبد الرحمن بن عوف وسالم مولى أبي حذيفة والمغيرة بن شعبة حيث كتبوا الكتاب بينهم وتعاهدوا وتوافقوا لئن مضى محمّد لا تكون الخلافة في بني هاشم ولا النبوّة أبداً، فأنزل اللّه عزّ وجلّ فيهم هذه الآية».

ص: 286

قال: قلت: قوله عزّ وجلّ: «أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ ٭ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ»((1)) قال: وهاتان الآيتان نزلتا فيهم ذلك اليوم. قال أبو عبد اللّه(علیه السلام): «لعلّك ترى أنّه كان يوم يشبه يوم كتب الكتاب إلاّ يوم قتل الحسين(علیه السلام)((2)) وهكذا كان في سابق علم اللّه عزّ وجلّ الذي أعلمه رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) أن إذا كتب الكتاب قتل الحسين(علیه السلام)، وخرج الملك من بني هاشم، فقد كان ذلك كله...»((3)).

ص: 287


1- سورة الزخرف، الآية: 79-80.
2- أي: هل ترى يوماً يشبه ذلك اليوم إلاّ يوم قتل الحسين(علیه السلام).
3- الكافي: ج8 ص179 ح202؛ عنه تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص671 ح3؛ وبحار الأنوار: ج24 ص365 ح92، و: ج28 ص123 ح6.

106- إيثار أهل البيت(علیهم السلام)

«وَيُؤثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِم وَلَو كَانَ بِهِم خَصَاصَة وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفسِهِۦ فَأُوْلَئِكَ هُمُ ألمُفلِحُونَ 9»

سورة الحشر

في المناقب: تفسير أبي يوسف يعقوب بن سفيان وعلي بن حرب الطائي ومجاهد بأسانيدهم عن ابن عبّاس وأبي هريرة، وروى جماعة عن عاصم بن كليب، عن أبيه واللفظ له عن أبي هريرة أنّه جاء رجل إلى رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) فشكا إليه الجوع فبعث رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) إلى أزواجه فقلن: ما عندنا إلاّ الماء، فقال(صلی الله علیه و آله): «من لهذا الرجل الليلة؟» فقال أمير المؤمنين(علیه السلام): «أنا يا رسول اللّه»، فأتى((1)) فاطمة وسألها ما عندك يا بنت رسول اللّه؟ فقالت: «ما عندنا إلاّ قوت الصبية لكنّا نؤثر به ضيفنا». فقال علي(علیه السلام): يا بنت محمّد(صلی الله علیه و آله) نوّمي الصبية وأطفئي المصباح وجعلا يمضغان بألسنتهما»، فلمّا فرغ من الأكل أتت فاطمة بسراج فوجد الجفنة مملوءة من فضل اللّه، فلمّا أصبح صلّى مع النبي(صلی الله علیه و آله)، فلمّا سلّم النبي(صلی الله علیه و آله) من صلاته نظر إلى أمير المؤمنين(علیه السلام) وبكى بكاءً شديداً وقال: «يا أمير المؤمنين! لقد عجب الربّ من فعلكم البارحة، اقرأ: «وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ

ص: 288


1- هكذا في البحار، ولكن في المصدر: وأتى.

وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ» أي: مجاعة «وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ» يعني علياً وفاطمة والحسن والحسين «فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ»»، وقال الحميري:

قائل للني إني غريب * جائع قد أتيتكم مستجيراً

فبكى المصطفى وقال غريب * لا يكن للغريب عندي ذكوراً

من يضيف الغريب قال علي * أنا للضيف فانطلق مأجوراً

ابنة العم هل من الزاد شيء * فأجابت أراه شيئاً يسيراً

كفّ برّ، قال اصنعيه فإن * الله قد يجعل القليل كثيراً

ثم أطفي المصباح كي لا يراني * فأخلي طعامه موفوراً

جاهد يلمظ الأصابع والضيف * يراه إلى الطعام مشيراً

عجبت منكم ملائكة اللّه* وأرضيتم اللطيف الخبيراً

ولهم قال يؤثرون على * أنفسهم قال ذاك فضلاً كبيراً((1))

وفي شواهد التنزيل مسنداً إلى ابن عباس في قول الله - تعالى - : «وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ» قال: نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين(علیهم السلام)((2)).

وقال الفرطوسي:

أهل بيت رضىً لرب البرايا * يطعمون الطعام للفقراء

يؤثرون العافي ولو كان فيهم * بعد جوع خصاصة بسخاء

ص: 289


1- مناقب لابن شهر آشوب: ج1 ص347؛ عنه بحار الأنوار: ج41 ص28 ضمن ح1؛ وهكذا في أمالي الشيخ الطوسي - مسنداً - : ص185 ح11؛ وفي شواهد التنزيل: ج2 ص331 ح972، وتأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص678 ح4.
2- شواهد التنزيل: ج2 ص332 ح973.

قال فيها أبو هريرة وافى * رجل نحو خاتم الأصفياء

قال إني لجائع فأغثني * قال فاذهب إلى بيوت نسائي

فمضى سائلاً لأزواج طه * قلن فاذهب ما عندنا غير ماء

قال من ذا له فقال علي * إنّ هذا ضيفي بهذا العشاء

وأتى فيه بيته فتلقت * فاطم ضيفها بخير لقاء

وأجابت بنت النبي علياً * حين أوحى ما عندنا من غذاء

إن قوت الأطفال نؤثر فيه * ضيفنا في كرامة واحتفاء

وأنامت أطفالها دون أكل * وعلي أطفى سراج الضياء

وتجلى نور الصباح فشعت * آية النور من كتاب السماء

وابن عباس قال فيها أتتنا * في علي وابنيه والحوراء((1))

ص: 290


1- ملحمة أهل البيت(علیهم السلام): ج1 ص235.

107- الأنوار المضيئة

«يَأَيُّهَا ألَّذِينَ ءَامَنُواْ تُوبُواْ إِلَى أللَّهِ تَوبَة نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُم أَن يُكَفِّرَ عَنكُم سَئَِّاتِكُم وَيُدخِلَكُم جَنَّت تَجرِي مِن تَحتِهَا ألأَنهَرُ يَومَ لَا يُخزِي أللَّهُ ألنَّبِيَّ وَألَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ نُورُهُم يَسعَى بَينَ أَيدِيهِم وَبِأَيمَنِهِم يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتمِم لَنَا نُورَنَا وَأغفِر لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيء قَدِير 8»

سورة التحريم

جاء في مناقب ابن شهر آشوب عن تفسير مقاتل عن عطاء، عن ابن عبّاس «يَوْمَ لاَ يُخْزِي اللّه النَّبِىَّ» لا يعذّب اللّه محمّداً «وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ» لا يعذّب علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين وحمزة وجعفراً «نُورُهُمْ يَسْعَى» يضيء على الصراط لعلي وفاطمة مثل الدنيا سبعين مرّة فيسعى نورهم بين أيديهم ويسعى عن أيمانهم وهم يتبعونها، فيمضي أهل بيت محمّد وآله زمرة على الصراط مثل البرق الخاطف، ثمّ قوم مثل الريح ثمّ قوم مثل عدو الفرس، ثمّ يمضي قوم مثل المشي ثمّ قوم مثل الحبو((1)) ثمّ قوم مثل الزحف ويجعله اللّه على المؤمنين عريضاً

ص: 291


1- هكذا في بحار الأنوار، ولكن في المصدر: الجثو.

وعلى المذنبين دقيقاً قال اللّه تعالى: «يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا» حتّى نجتاز به على الصراط قال: فيجوز أمير المؤمنين في هودج من الزمرّد الأخضر ومعه فاطمة على نجيب من الياقوت الأحمر حولها سبعون ألف حور كالبرق اللامع((1)).

وفي تفسير علي بن إبراهيم القمي: حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك قال: حدثنا محمد بن الحسين الصائغ، عن الحسن بن علي بن أبي عثمان، عن صالح بن سهل، عن أبي عبد الله(علیه السلام) في قوله تعالى: «نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ» قال: «أئمة المؤمنين نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم حتى ينزلوا منازلهم»((2)).

قال شعر أهل البيت(علیهم السلام) الفرطوسي:

ليس يخزي اللّه النبيّ وقوماً* معه آمنوا بربّ العطاء

حين تسعى أنوارهم وهداهم * بين أيديهم بيوم الجزاء

هي في حمزة وجعفر جاءت * وعليّ وابنيه والزهراء

يوم يعطي اللّه الأمان من النار* لطه وآله الأمناء

فيضيء الصراط بالنور منهم * ليجوزوا على الصراط المُضاء

وعليّ في هودج مستنيرٍ * أخضر من زمرّدٍ وسناء

والبتول الزهراء فوق نجيب *هو أصغى ياقوتة حمراء

ص: 292


1- مناقب لابن شهر آشوب: ج2 ص7؛ عنه بحار الأنوار: ج8 ص67 ح8، و: ج39 ص201 ح23؛ وتفسير البرهان: ج5 ص428 ح3.
2- تفسير القمي: ج2 ص378؛ عنه تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص700 ح5؛ وبحار الأنوار: ج23 ص309 ح7؛ وفي تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص659 ح9؛ عنه بحار الأنوار: ج23 ص317 ح28.

تتهادى والحور بين يديها * تتهادى في موكب كالإماء

فيشع الصراط للناس زهواً * من شعاعي نوريهما بالضياء

ويفيض المنان لطفاً ومنّاً * لخليل الرحمن بالآلاء

يوم يكسى وأحمد وعليّ * حللاً من كرامة وبهاء

قد أبان المعنى حديثان عنهم* فأزالا بالضوء أضفى غشاء((1))

ص: 293


1- ملحمة أهل البيت(علیهم السلام): ج1 ص191.

108- مثلٌ ضربه اللّه لفاطمه(علیها السلام)

«وَمَريَمَ أبنَتَ عِمرَنَ ألَّتِي أَحصَنَت فَرجَهَا فَنَفَخنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَت بِكَلِمَتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِۦ وَكَانَت مِنَ ألقَنِتِينَ 12»

سورة التحريم((1))

تأويل الآيات عن الإمام الصادق(علیه السلام): ««وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتي أَحْصَنَتْ فَرْجَها» هذا مثلٌ ضربه الله لفاطمة(علیها السلام)»، وقال: «إن فاطمة أحصنت فرجها، فحرم الله ذريتها على النار»((2)).

أقول: لعله(علیه السلام) يشير بذلك إلى أن: «فحرّم الله ذريتها على النار» نتيجة لِ- : أحصنت فرجها، ومعنى ذلك اشتراك فاطمة(علیها السلام) ومريم(علیها السلام) في: أحصنت فرجها، واختصاص مريم ب- : فنفخنا، واختصاص فاطمة(علیها السلام) بن فحرّم... .

وفيه أيضاً عن محمد بن العباس، عن أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد السياري، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله(علیه السلام) في قوله عز وجل: «وَمَرْيَمَ

ص: 294


1- وفي سورة الأنبياء الآية 91 هكذا: «وَالَّتي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فيها مِنْ رُوحِنا وَجَعَلْناها وَابْنَها آيَةً لِلْعالَمينَ».
2- تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص701 ح9.

ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتي أَحْصَنَتْ فَرْجَها» قال: «هذا مثل ضربه الله لفاطمة بنت رسول الله(صلی الله علیه و آله) وعلى أهل بيته وسلّم تسليماً»((1)).

وفي عيون أخبار الرضا(علیه السلام): «قال النبي(صلی الله علیه و آله): إن فاطمة أحضنت فرجها، فحرّم الله ذريتها على النار»((2)).

وفي معاني الأخبار بسنده متصل إلى محمد بن مروان، قال: قلت لأبي عبد الله(علیه السلام): هل قال رسول الله(صلی الله علیه و آله): إن فاطمة أحصنت فرجها فحرّم الله ذريتها على النار؟ قال: «نعم، عنى بذلك الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم»((3)).

وفيه أيضاً بسنده متصل إلى حماد بن عثمان، قال: قلت لأبي عبد الله(علیه السلام): جُعلتُ فداك، ما معنى قول رسول الله(صلی الله علیه و آله): إن فاطمة أحصنت فرجها فحرّم الله ذريتها على النار؟ فقال: «المعتقون من النار هم ولد بطنها، الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم»((4)).

وأحاديث أخرى.

وفي مناقب ابن شهر آشوب: قال حسان بن ثابت:

وإن مريم أحصنت فرجها* وجاءت بعيسى كبدر الدجى

فقد أحصنت فاطم بعدها * وجاءت بسبطي نبي الهدى((5))

ص: 295


1- تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص701 ح10.
2- عيون أخبار الرضا(علیه السلام): ج1 ص68 ح264.
3- معاني الأخبار: ص106 ح2.
4- معاني الأخبار: ص106 ح3.
5- مناقب لابن شهر آشوب: ج3 ص135.

109- تأويل حملة العرش ثمانية

«وَألمَلَكُ عَلَى أَرجَائِهَا وَيَحمِلُ عَرشَ رَبِّكَ فَوقَهُم يَومَئِذ ثَمَنِيَة 17»

سورة الحاقة

جاء في تفسير القمي: «وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ» قال: «حملة العرش ثمانية، لكلّ واحد ثمانية أعين، كلّ عين طباق الدنيا». وفي حديث آخر: «حملة العرش ثمانية، أربعة من الأوّلين وأربعة من الآخرين، فأمّا الأربعة من الأوّلين فنوح وإبراهيم وموسى وعيسى(علیهم السلام) وأمّا الأربعة من الآخرين فمحمّد وعلي والحسن والحسين(علیهم السلام)....»((1)).

أقول: قد مرّ ما يقرب من هذا المعنى في الآية 7 من سورة غافر: «الَّذينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ... »، فراجع.

ص: 296


1- تفسير القمي: ج2 ص384؛ عنه بحار الأنوار: ج55 ص27 ح43.

110- جزاء المسلمين ومكافاة القاسطين

«وَأَنَّا مِنَّا ألمُسلِمُونَ وَمِنَّا ألقَسِطُونَ فَمَن أَسلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّواْ رَشَدا 14 وَأَمَّا ألقَسِطُونَ فَكَانُواْ لِجَهَنَّمَ حَطَبا 15 وَأَلَّوِ أستَقَمُواْ عَلَى ألطَّرِيقَةِ لَأَسقَينَهُم مَّاءً غَدَقا 16 لِّنَفتِنَهُم فِيهِ وَمَن يُعرِض عَن ذِكرِ رَبِّهِۦ يَسلُكهُ عَذَابا صَعَدا 17»

سورة الجنّ

في تفسير الفرات عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق، عن أبيه(علیهما السلام) في قول اللّه عزّ ذكره: «فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً» «الذين أقرّوا بولايتنا فأُولئك تحرّوا رشداً «وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبا ٭ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً ٭ لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ» قتل الحسين(علیه السلام) «وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً»...»((1)).

وفي تفسير القمي: «وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً» معاوية وأصحابه «وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً» الطريقة: الولاية لعلي(علیه السلام) «لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ»

ص: 297


1- تفسير الفرات الكوفي: ص511 ح667.

قتل الحسين(علیه السلام)((1)).

ص: 298


1- تفسير القمي: ج2 ص389؛ عنه بحار الأنوار: ج36 ص89 ح16.

111- ويطعمون الطعام

«بِسمِ أللَّهِ ألرَّحمَنِ ألرَّحِيمِ ٭ هَل أَتَى عَلَى ألإِنسَنِ حِين مِّنَ ألدَّهرِ لَم يَكُن شَئا مَّذكُورًا 1 إِنَّا خَلَقنَا ألإِنسَنَ مِن نُّطفَةٍ أَمشَاج نَّبتَلِيهِ فَجَعَلنَهُ سَمِيعَا بَصِيرًا 2 إِنَّا هَدَينَهُ ألسَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرا وَإِمَّا كَفُورًا 3 إِنَّا أَعتَدنَا لِلكَفِرِينَ سَلَسِلَاْ وَأَغلَلا وَسَعِيرًا 4 إِنَّ ألأَبرَارَ يَشرَبُونَ مِن كَأس كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا 5 عَينا يَشرَبُ بِهَا عِبَادُ أللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفجِيرا 6 يُوفُونَ بِألنَّذرِ وَيَخَافُونَ يَوما كَانَ شَرُّهُۥ مُستَطِيرا 7 وَيُطعِمُونَ ألطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِۦ مِسكِينا وَيَتِيما وَأَسِيرًا 8 إِنَّمَا نُطعِمُكُم لِوَجهِ أللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُم جَزَاء وَلَا شُكُورًا 9 إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَومًا عَبُوسا قَمطَرِيرا 10 فَوَقَىهُمُ أللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ أليَومِ وَلَقَّىهُم نَضرَة وَسُرُورا 11 وَجَزَىهُم بِمَا صَبَرُواْ جَنَّة وَحَرِيرا 12 مُّتَّكِِٔينَ فِيهَا عَلَى ألأَرَائِكِ لَا يَرَونَ

ص: 299

فِيهَا شَمسا وَلَا زَمهَرِيرا 13 وَدَانِيَةً عَلَيهِم ظِلَلُهَا وَذُلِّلَت قُطُوفُهَا تَذلِيلا 14 وَيُطَافُ عَلَيهِم بَِٔانِيَة مِّن فِضَّة وَأَكوَاب كَانَت قَوَارِيرَا۠ 15 قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّة قَدَّرُوهَا تَقدِيرا 16 وَيُسقَونَ فِيهَا كَأسا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا 17 عَينا فِيهَا تُسَمَّى سَلسَبِيلا 18 ۞وَيَطُوفُ عَلَيهِم وِلدَن مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيتَهُم حَسِبتَهُم لُؤلُؤا مَّنثُورا 19 وَإِذَا رَأَيتَ ثَمَّ رَأَيتَ نَعِيما وَمُلكا كَبِيرًا 20 عَلِيَهُم ثِيَابُ سُندُسٍ خُضر وَإِستَبرَق وَحُلُّواْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّة وَسَقَىهُم رَبُّهُم شَرَابا طَهُورًا 21 إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُم جَزَاء وَكَانَ سَعيُكُم مَّشكُورًا 22 إِنَّا نَحنُ نَزَّلنَا عَلَيكَ ألقُرءَانَ تَنزِيلا 23 فَأصبِر لِحُكمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِع مِنهُم ءَاثِمًا أَو كَفُورا 24 وَأذكُرِ أسمَ رَبِّكَ بُكرَة وَأَصِيلا 25 وَمِنَ ألَّيلِ فَأسجُد لَهُۥ وَسَبِّحهُ لَيلا طَوِيلًا 26 إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ ألعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُم يَوما ثَقِيلا 27 نَّحنُ خَلَقنَهُم وَشَدَدنَا أَسرَهُم وَإِذَا شِئنَا بَدَّلنَا أَمثَلَهُم تَبدِيلًا 28 إِنَّ هَذِهِۦ تَذكِرَة فَمَن شَاءَ أتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِۦ سَبِيلا 29 وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ أللَّهُ إِنَّ أللَّهَ كَانَ عَلِيمًا

ص: 300

حَكِيما 30 يُدخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحمَتِهِۦ وَألظَّلِمِينَ أَعَدَّ لَهُم عَذَابًا أَلِيمَا 31»

سورة الإنسان

نقل الشيخ الصدوق في أماليه قال: حدّثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي(رحمه الله) قال: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق قال: حدّثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى الجلودي البصري قال: حدّثنا محمّد بن زكريا قال: حدّثنا شعيب بن واقد، قال: حدّثنا القاسم بن بهرام عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عبّاس، وحدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد بن عبد العزيز بن يحيى الجلودي، قال: حدّثنا الحسن بن مهران قال: حدّثنا مسلمة بن خالد، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه(علیهم السلام) في قوله عزّ وجلّ: «يُوفُونَ بِالنَّذْرِ» قال: «مرض الحسن والحسين(علیهما السلام) وهما صبيّان صغيران، فعادهما رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) ومعه رجلان، فقال أحدهما: يا أبا الحسن لو نذرت في ابنيك نذراً إن اللّه عافاهما.

فقال: أصوم ثلاثة أيّام شكراً للّه عزّ وجلّ، وكذلك قالت فاطمة(علیها السلام)، وقال الصبيّان: ونحن أيضاً نصوم ثلاثة أيّام، وكذلك قالت جاريتهم فضّة.

فألبسهما اللّه عافيته، فأصبحوا صياماً وليس عندهم طعام، فانطلق علي(علیه السلام) إلى جار له من اليهود يقال له: شمعون يعالج الصوف، فقال: هل لك أن تعطيني جزّة من صوف تغزلها لك ابنة محمّد بثلاثة أصوع((1))من شعير؟

قال: نعم، فأعطاه فجاء بالصوف والشعير، وأخبر فاطمة(علیها السلام) فقبلت

ص: 301


1- الصاع: ما يقارب ثلاثة كيلوات.

وأطاعت.

ثمّ عمدت فغزلت ثلث الصوف، ثمّ أخذت صاعاً من الشعير فطحنته وعجنته وخبزت منه خمس أقراص، لكلّ واحد قرصاً.

وصلّى علي(علیه السلام) مع النبي(صلی الله علیه و آله) المغرب، ثمّ أتى منزله فوضع الخوان((1))

وجلسوا خمستهم، فأوّل لقمة كسرها علي(علیه السلام) إذا مسكين قد وقف بالباب فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمّد، أنا مسكين من مساكين المسلمين، أطعموني ممّا تأكلون أطعمكم اللّه على موائد الجنّة.

فوضع(علیه السلام) اللقمة من يده ثمّ قال:

فاطم ذات المجد واليقين* يا بنت خير الناس أجمعين

أما ترين البائس المسكين* جاء إلى الباب له حنين

يشكو إلى اللّه ويستكين * يشكو إلينا جائعاً حزين

كلّ امرئ بكسبه رهين * من يفعل الخير يقف سمين

موعده في جنّة رهين * حرّمها اللّه على الضنين((2))

وصاحب البخل يقف حزين * تهوي به النار إلى سجّين

شرابه الحميم والغسلين

فأقبلت فاطمة(علیها السلام) تقول:

أمرك سمع يا بن عم وطاعة * ما بيَ من لؤم ولا وضاعة((3))

غذّيت باللبّ وبالبراعة * أرجو إذا أشبعت من مجاعة

ص: 302


1- أي: المائدة.
2- الضنين: البخيل.
3- ولا ضراعة، خ ل.

أن ألحق الأخيار والجماعة * وأدخل الجنّة في شفاعة

وعمدت إلى ما كان على الخوان فدفعته إلى المسكين، وباتوا جياعاً وأصبحوا صياماً لم يذوقوا إلاّ الماء القراح((1)).

ثمّ عمدت إلى الثلث الثاني من الصوف فغزلته، ثمّ أخذت صاعاً من الشعير فطحنته وعجنته وخبزت منه خمسة أقرصة لكلّ واحد قرصاً، وصلّى علي(علیه السلام) المغرب مع النبي(صلی الله علیه و آله) ثمّ أتى منزله، فلمّا وضع الخوان بين يديه وجلسوا خمستهم فأوّل لقمة كسرها علي(علیه السلام) إذا يتيم من يتامى المسلمين قد وقف بالباب فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمّد أنا يتيم من يتامى المسلمين أطعموني ممّا تأكلون أطعمكم اللّه على موائد الجنّة.

فوضع علي(علیه السلام) اللقمة من يده ثمّ قال:

فاطم بنت السيّد الكريم * بنت نبي ليس بالزنيم

قد جاءنا اللّه بذا اليتيم * من يرحم اليوم هو الرحيم

موعده في جنّة النعيم * حرّمها اللّه على اللئيم

وصاحب البخل يقف ذميم * تهوي به النار إلى الجحيم

شرابها الصديد والحميم

فأقبلت فاطمة(علیها السلام) وهي تقول:

فسوف أعطيه ولا أُبالي * وأُؤثر اللّه على عيالي

أمسوا جياعاً وهم أشبالي * أصغرهم يقتل في القتال

بكربلا يقتل باغتيال * لقاتليه الويل مع وبال

ص: 303


1- القراح - بفتح القاف - الماء الخالص، أقرب الموارد.

يهوي في النار إلى سفال * كبوله زادت على الأكبال

ثمّ عمدت فأعطته(علیها السلام) جميع ما على الخوان، وباتوا جياعاً لم يذوقوا إلاّ الماء القراح، وأصبحوا صياماً.

وعمدت فاطمة(علیها السلام) فغزلت الثلث الباقي من الصوف، وطحنت الصاع الباقي وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص لكلّ واحد قرصاً، وصلّى علي(علیه السلام) المغرب مع النبي(صلی الله علیه و آله) ثمّ أتى منزله، فقرّب إليه الخوان وجلسوا خمستهم فأوّل لقمة كسرها علي(علیه السلام) إذا أسير من أُسراء المشركين قد وقف بالباب فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمّد، تأسروننا وتشدّوننا ولا تطعموننا؟

فوضع علي(علیه السلام) اللقمة من يده ثمّ قال:

فاطم يا بنت النبي أحمد* بنت النبي سيّد مسوّد

قد جاءك الأسير ليس يهتدي * مكبّلاً في غلّه مقيّد

يشكو إلينا الجوع قد تقدّد * من يطعم اليوم يجده في غد

عند العلي الواحد الموحّد * ما يزرع الزارع سوف يحصد

فأعطني لا تجعليه ينكد

فأقبلت فاطمة(علیها السلام) وهي تقول:

لم يبق ممّا كان غير صاع * قد دبّرت كفّي مع الذراع

شبلاي واللّه هما جياع * يا ربّ لا تتركهما ضياع((1))

أبوهما للخير ذو اصطناع * عبل الذراعين طويل الباع((2))

وما على رأسي من قناع * إلاّ عبا نسجتها بصاع

ص: 304


1- الضياع - بفتح الضاد -: الهلاك مجمع البحرين.
2- الباع: قدر مدّ اليدين ويقال: فلان طويل الباع ورحب الباع: أي كريم وواسع الخلق ومقتدر، أقرب الموارد.

وعمدوا إلى ما كان على الخوان فأعطوه وباتوا جياعاً، وأصبحوا مفطرين وليس عندهم شيء.

قال شعيب في حديثه: وأقبل علي بالحسن والحسين(علیهم السلام) نحو رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) وهما يرتعشان كالفراخ من شدّة الجوع، فلمّا بصر بهم النبي(صلی الله علیه و آله) قال: يا أبا الحسن شدّ ما يسوؤني ما أرى بكم، انطلق إلى ابنتي فاطمة.

فانطلقوا إليها وهي في محرابها، قد لصق بطنها بظهرها من شدّة الجوع وغارت عيناها((1))، فلمّا رآها رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) ضمّها إليه وقال: وا غوثاه باللّه، أنتم منذ ثلاث في ما أرى.

فهبط جبرائيل فقال: يا محمّد خذ ما هيّأ اللّه لك في أهل بيتك.

قال: وما آخذ ياجبرائيل؟.

قال: «هَلْ أَتَى عَلَى الاْءِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ» حتّى إذا بلغ «إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً»».

وقال الحسن بن مهران في حديثه: فوثب النبي(صلی الله علیه و آله) حتّى دخل منزل فاطمة(علیها السلام) فرأى ما بهم فجمعهم ثمّ انكبّ عليهم يبكي ويقول: «أنتم منذ ثلاث في ما أرى وأنا غافل عنكم؟!...».

فهبط عليه جبرائيل بهذه الآيات:

«إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً ٭ عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجيراً». قال: هي عين في دار النبي(صلی الله علیه و آله) يفجّر إلى دور الأنبياء والمؤمنين.

«يُوفُونَ بِالنَّذْرِ» يعني علياً وفاطمة والحسن والحسين(علیهم السلام) وجاريتهم.

ص: 305


1- غارت عينه: دخلت في الرأس وانخسفت، أقرب الموارد.

«وَيَخَافُونَ يَوْما كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً» يقولون عابساً كلوحاً((1)).

«وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ» يقول: على شهوتهم للطعام وإيثارهم له.

«مِسْكِيناً» من مساكين المسلمين.

«وَيَتِيماً» من يتامى المسلمين.

«وَأَسِيراً» من أسارى المشركين.

ويقولون إذا أطعموهم: «إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللّه لاَ نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُوراً» قال: واللّه ما قالوا هذا لهم ولكنّهم أضمروه في أنفسهم فأخبر اللّه بإضمارهم، يقولون: لا نريد جزاء تكافؤننا به ولا شكورا تثنون علينا به، ولكنّا إنّما أطعمناكم لوجه اللّه وطلب ثوابه.

قال اللّه - تعالى ذكره - : «فَوَقَاهُمُ اللّه شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً» في الوجوه «وَسُرُوراً» في القلوب «وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً» يسكنونها «وَحَرِيراً» يفرشونه ويلبسونه «مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ» والأريكة: السرير عليه الحجلة «لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً».

قال ابن عبّاس: فبينا أهل الجنّة في الجنّة إذ رأوا مثل الشمس قد أشرقت لها الجنان، فيقول أهل الجنّة: يا ربّ إنّك قلت في كتابك: «لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً»، فيرسل اللّه جلّ اسمه إليهم جبرئيل فيقول: ليس هذه بشمس ولكنّ علياً وفاطمة ضحكا فأشرقت الجنان من نور ضحكهما، ونزلت «هَلْ أَتَى» فيهم إلى قوله - تعالى - : «وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً»((2)).

ص: 306


1- كَلَحَ وجهه: عبَّسَ فأفرط في تعبّسه، أقرب الموارد.
2- أمالي الصدوق: ص329 ح13؛ عنه بحار الأنوار: ج35 ص237 ح1؛ ومناقب الإمام أمير المؤمنين(علیه السلام): ج1 ص177 ح103، و: ص184 ح104؛ ومناقب لابن شهر آشوب: ج3 ص147؛ وتفسير فرات الكوفي: ص519 ح1.

وروى الآلوسي من رواية عطاء عن ابن عبّاس قال - في شأن نزول سورة الدهر - :

إنّ الحسن والحسين مرضا فعادهما جدّهما محمّد(صلی الله علیه و آله) ومعه أبو بكر وعمر، وعادهما من عادهما من الصحابة، فقالوا لعلي كرّم اللّه وجهه - بل صلوات الله عليه - : يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك نذراً - وكلّ نذر لا يكون له وفاء فليس بشيء -».

فقال علي: «إن برء ولداي ممّا بهما صمت ثلاثة أيّام شكراً».

وقالت فاطمة مثل ذلك.

وقالت جارية يقال لها فضّة: إن برء سيّداي ممّا بهما صمت للّه ثلاثة أيّام شكراً.

فألبس اللّه الغلامين ثوب العافية وليس عند آل محمّد قليل ولا كثير، فانطلق

علي كرّم اللّه وجهه - بل صلوات الله عليه - إلى شمعون اليهودي الخيبري، فاستقرض منه ثلاثة أصواع من الشعير فجاء بالشعير، فقامت فاطمة(علیها السلام) إلى صاع فطحنته واختبزت منه خمسة أقراص على عددهم.

وصلّى علي كرّم اللّه وجهه - بل صلوات الله عليه - مع النبي(صلی الله علیه و آله) المغرب، ثمّ أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه، فوقف بالباب سائل فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمّد، أنا مسكين من مساكين المسلمين أطعموني أطعمكم اللّه من موائد الجنّة.

قال: فأعطوه الطعام ومكثوا يومهم وليلتهم لم يذوقوا شيئاً إلاّ الماء القراح وأصبحوا صياماً.

فلمّا كان في اليوم الثاني، قامت فاطمة(علیها السلام) إلى صاع آخر فطحنته وخبزته

ص: 307

وصلّى علي كرّم اللّه وجهه - بل صلوات الله عليه - مع النبي(صلی الله علیه و آله) المغرب، ثمّ أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه، فوقف يتيم بالباب وقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمّد أنا يتيم من أولاد المهاجرين استشهد والدي يوم العقبة، أطعموني أطعمكم اللّه من موائد الجنّة.

قال: فأعطوه الطعام ولم يذوقوا شيئا إلاّ الماء القراح وأصبحوا صياماً أيضاً.

فلمّا كان في اليوم الثالث قامت فاطمة(علیها السلام) إلى الصاع الثالث فطحنته وخبزته وصلّى علي كرّم اللّه وجهه - بل صلوات الله عليه - مع النبي(صلی الله علیه و آله) المغرب، فأتى المنزل فوضع الطعام بين يديه، فوقف أسير بالباب، وقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمّد، أنا أسير محمّد أطعموني أطعمكم اللّه على موائد الجنّة.

قال: فأعطوه ولم يذوقوا شيئاً إلاّ الماء القراح.

فلما أصبحوا أخذ علي(علیه السلام) الحسن والحسين وأقبلوا إلى رسول الله(صلی الله علیه و آله) ورآهم يرتعشون كالفراخ من شدّة الجوع قال: «يا أبا الحسن، ما أشدّ ما يسوءني ما أرى بكم»، وقام فانطلق معهم إلى فاطمة(علیها السلام) فرآها في محرابها قد التصق بظهرها وغارت عيناها من شدّة الجوع، فرّق لذلك صلى الله عليه (وآله) وسلّم وساءه ذلك، فهبط جبرئيل(علیه السلام)، فقال: خذها يا محمد هنّاك الله تعالى في أهل بيتك قال: «وما آخذ يا جبرئيل؟» فأقرأه هل أتى على الإنسان السورة.

وفي رواية ابن مهران: فثوب النبي صلى الله عليه (وآله) وسلّم حتى دخل على فاطمة فأكّب عليها يبكي، فهبط جبرئيل(علیه السلام) بهذه الآية: إن الأبرار شيربون إلى آخره، وفي رواية عن عطاء أن الشعير كان عن أجرة سقي نخل وأنه جعل في كل يؤم ثلث منه عصيدة فآثروا بها، وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أنه قال: في قوله سبحانه «يُطْعِمُونَ» الخ نزلت في علي(علیه السلام) وفاطمة بنت رسول الله صلى

ص: 308

الله عليه (وآله) وسلّم ولم يذكر القصة، والخبر مشهور بين الناس...((1)).

وقال نظام الدين النيشابوري في تفسيره غرائب القرآن ورغائب الفرقان: ذكر الواحدي في البسيط والزمخشري في الكشاف وكذا الإمامية أطبقوا على أنّ السورة - أي: سورة الدهر - نزلت في أهل بيت النبي صلى الله عليه (وآله) وسلّم ولا سيما في هذه الآي، يروى عن ابن عباس أن الحسن والحسين مرضا فعادهما رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلّم في ناس معه، فقال: «يا أبا الحسن، لو نذرت على ولدك». فنذر عليّ وفاطمة وفضة جارية لهما إن أبرأهما الله يصوموا ثلاثة أيام، فشفيا وما معهما شيء، فاستقرض عليّ من شمعون اليهودي الخيبري ثلاث أصوع من شعير، فطعنت فاطمة منها صاعاً واختبزت خمسة أقراص على عددهم، فوضعوها بين أيديهم ليفطروا فوقف عليهم سائل، فقال: السلام عليكم يا أهل محمد، مسكين من مساكين المسلمين، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة، فآثروه وباتوا ولم يذوقوا إلّا الماء وأصبحوا صياماً، فلما أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم فآثروه، ووقف عليهم في الثالثة أسير ففعلوا مثل ذلك، فلما أصبحوا أخذ علي رضي الله عنه - بل صلوات الله عليه - بيد الحسن والحسين إلى رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلّم، فلما أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع، قال: «ما أشد ما يسوءني ما أرى بكم»، وقام وانطلق معهم فرأى فاطمة في محرابها قد لصق ظهرها ببطنها وغارت عيناها، فساءه ذلك، فنزل جبرائيل وقال: خذها يا محمد، هنّأك الله في أهل بيتك، فأقرأه السورة، ويُروى أن السائل في الليالي

ص: 309


1- روح المعاني: ج29 ص157.

جبرائيل، أراد بذلك ابتلاءهم بإن الله سبحانه...((1)).

وذكر البغوي أيضاً في تفسير المسمّى معالم التنزيل عن مجاهد وعطاء، عن ابن عبّاس، أنّ آية: «وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ... » نزلت في علي بن أبي طالب(علیه السلام)، وذلك أنّه عمل ليهودي بشيء من شعير، فقبض الشعير، فطحن ثلثه، فجعلوا منه شيئاً ليأكلوه، فلمّا تمّ إنضاجه أتى مسكين فسأل فأخرجوا إليه الطعام، ثمّ عمل الثلث الثاني، فلمّا تمّ إنضاجه أتى يتيم فسأل فأطعموه، ثمّ عمل الثلث الباقي فلمّا تمّ إنضاجه أتى أسير من المشركين فسأل فأطعموه، وطووا يومهم ذلك((2)).

ونقل الحافظ القندوزي الحنفي، عن الحمويين هذه القضية بالتفصيل - إلى أن قال - :

فلمّا أن كان في اليوم الرابع وقد قضوا نذرهم أخذ علي بيده اليمنى الحسن، وبيده اليسرى الحسين، وأقبل نحو رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) وهما يرتعشان كالفراخ من شدّة الجوع، فلمّا بصرهم النبي(صلی الله علیه و آله) انطلق إلى ابنته فاطمة(علیها السلام) فانطلقوا إليها وهي في محرابها تصلّي، وقد لصق بطنها بظهرها من شدّة الجوع، وغارت عيناها، فلمّا رآها رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) قال: «وا غوثاه، يا اللّه، أهل بيت محمّد يموتون جوعاً».

فهبط جبرائيل(علیه السلام) فأقرأه: «هَلْ أَتَى عَلَى الاْءِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئا مَذْكُوراً» إلى آخر السورة((3))، ثم قال القندوزي: وهذا الخبر مذكور في تفسير البيضاوي وروح البيان والمسامرة.

ص: 310


1- تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان: ج6 ص412.
2- تفسير البغوي: ج4 ص428.
3- ينابيع المودّة: ج1 ص279؛ عن فرائد السمطين: ج2 ص56 ضمن ح383.

والشيخ الحافظ أبو القاسم محمّد بن أحمد بن جزي الكلبي الغرناطي في تفسيره المعروف ب-التسهيل لعلوم التنزيل عند قوله تعالى «وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ»: نزلت هذه الآية وما بعدها في علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم - بل صلوات الله عليهم - الخ((1)).

قال الفرطوسي:

أمَناءٌ يوفون بالنذر برّاً* وهم للعهود أهل الوفاء

يطعمون الطعام حُبّاً يتيماً * وأسيراً وسائر الفقراء

سورة أنزلت من اللّه فضلاً * بعليّ وابنيه والزهراء((2))

ص: 311


1- التسهيل لطوم التنزيل (للكلبي): ج4 ص167.
2- ملحمة أهل البيت(علیهم السلام): ج1 ص49.

112- جزاء المتقين

«إِنَّ ألمُتَّقِينَ فِي ظِلَل وَعُيُون 41 وَفَوَكِهَ مِمَّا يَشتَهُونَ 42 كُلُ-واْ وَأشرَبُ--واْ هَنِئَا بِمَا كُنتُم تَعمَلُونَ 43 إِنَّا كَذَلِكَ نَجزِي ألمُحسِنِينَ 44»

سورة المرسلات

نقل ابن شهر آشوب في مناقبه عن تفسير أبي يوسف يعقوب بن سفيان، عن مجاهد وابن عبّاس: «إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلاَلٍ وَعُيُونٍ» من اتّقى الذنوب، علي بن أبي طالب والحسن والحسين(علیهم السلام) في ظلال من الشجر والخيام من اللؤلؤ طول كلّ خيمة مسيرة فرسخ في فرسخ، ثم ساق الحديث إلى قوله - تعالى -: «إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنينَ» المطيعين لله أهل بيت محمد في الجنة((1)).

قال شاعر أهل البيت(علیهم السلام) الفرطوسي:

إنّ للمتقين خير ظلالٍ * وعيونٍ تجري بأطهر ماءٍ

قد رواها لنا ابن عباس صدقاً * في علي وابنيه دون افتراء

فهم المتقون من كل شرك * وعمى من أكابر الأسواء

ص: 312


1- مناقب لابن شهر آشوب: ج1 ص364؛ عنه بحار الأنوار: ج40 ص320 ضمن ح4.

في ظلال من الحدائق خضر * وخيام من لؤلؤ بيضاءٍ

هو للمحسنين خير جزاءٍ * آل طه وعترة الأزكياء((1))

ص: 313


1- ملحمة أهل البيت(علیهم السلام): ج1 ص240.

113- الحسين(علیه السلام) أول من يخرج في الرجعة

«يَومَ يُنفَخُ فِي ألصُّورِ فَتَأتُونَ أَفوَاجا 18»

سورة النبأ

جاء في مختصر بصائر الدرجات: وممّا رواه لي ورويته عن السيّد الجليل السعيد بهاء الدين علي بن عبد الحميد الحسيني رواه بطريقه عن أحمد بن محمّد الأيادي يرفعه إلى أحمد بن عقبة، عن أبيه، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) سئل عن الرجعة، أحقّ هي؟ قال: «نعم». فقيل له: من أوّل من يخرج؟ قال: «الحسين(علیه السلام) يخرج على إثر القائم(علیه السلام)». قلت: ومعه الناس كلّهم؟ قال: «لا، بل كما ذكر اللّه تعالى في كتابه: «يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً» قوم بعد قوم».

وعنه(علیه السلام): «ويقبل الحسين(علیه السلام) في أصحابه الذين قتلوا معه ومعه سبعون نبيّاً كما بعثوا مع موسى بن عمران(علیه السلام) فيدفع إليه القائم(علیه السلام) الخاتم فيكون الحسين(علیه السلام) هو الذي يلي غسله وكفنه وحنوطه ويواريه في حفرته»((1)-(2)).

ص: 314


1- هكذا في بحار الأنوار، ولكن في المصدر: «ويواري به في حفرته».
2- مختصر بصائر الدرجات: ص48؛ منتخب الأنوار المضيئة: ص353؛ عنه بحار الأنوار: ج53 ص103 ح130.

114- تأويل الراجفة والرادفة

«يَومَ تَرجُفُ ألرَّاجِفَةُ 6 تَتبَعُهَا ألرَّادِفَةُ 7»

سورة النازعات

في تأويل الآيات عن محمّد بن العبّاس، عن جعفر بن محمّد بن مالك، عن القاسم بن إسماعيل، عن علي بن خالد العاقولي، عن عبدالكريم الخثعمي، عن سليمان بن خالد قال: قال أبو عبد اللّه(علیه السلام) قوله عز وجل: «يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ ٭ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ» قال: «الراجفة الحسين بن علي(علیهما السلام) والرادفة علي بن أبي طالب(علیه السلام) وأوّل من ينفض عن رأسه التراب، الحسين بن علي(علیهما السلام) في خمسة وسبعين ألفاً وهو قوله عز وجل: «إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ٭ يَوْمَ لاَ يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ»»((1)-(2)).

ص: 315


1- سورة غافر، الآية: 51 و 52.
2- تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص762 ح1؛ عنه بحار الأنوار: ج53 ص106 ح134؛ وفي تفسير فرات الكوفي: ص537 ح689 بطريق آخر وفيه «خمسة وتسعين ألفاً»، مختصر بصائر الدرجات: ص209، وقد تقدم هذا الحديث في سورة غافر الآية 51 و 52، فراجع.

115- استبشار الحسين(علیه السلام)

«وُجُوه يَومَئِذ مُّسفِرَة 38 ضَاحِكَة مُّستَبشِرَة 39»

سورة عبس

شواهد التنزيل عن عقبل بن الحسين، عن علي بن الحسين، عن محمد بن عبيد الله، عن عمر بن محمد الجمحي، عن علي بن عبد العزيز البغوي، عن أبي نعيم، عن حماد بن سلمه، عن ثابت، عن أنس بن مالك، قال: سألتُ رسول الله(صلی الله علیه و آله) عن قوله: «وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ» قال(صلی الله علیه و آله): «يا أنس، هي وجوهنا بني عبد المطلب، أنا وعلي وحمزة وجعفر والحسن والحسين وفاطمة، نخرج من قبورنا ونور وجوهنا كالشمس الضاحية يوم القيامة، قال الله تعالى: «وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ» يعني مشرقة بالنور في أرض القيامة، «ضاحِكَةٌ» فرحانة برضاء الله عنا، «مُسْتَبْشِرَةٌ» بثواب الله الذي وعدنا»((1)).

ص: 316


1- شواهد التنزيل: ج2 ص423 ح1080.

116- تأويل الموءودة

«ألمَوءُۥدَةُ سُئِلَت 8 بِأَيِّ ذَنب قُتِلَت 9»

سورة التكوير

جاء في كامل الزيارات: وحدّثني أبي رحمه الله، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد وإبراهيم ابن هاشم، عن محمد بن أبي عمير، عن بعض رجاله، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) في قول اللّه عزّ وجلّ: «وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ ٭ بِأَىِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ» قال: «نزلت في الحسين بن علي(علیهما السلام)»((1)).

وفي تأويل الآيات: و - محمد بن العباس - ، عن علي بن جمهور، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله(علیه السلام)، قال: قلت: قوله عز وجل: «الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَىِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ» قال: «يعني الحسين(علیه السلام)»((2)).

أترجو أمّة قتلت حسيناً * شفاعة جده يوم الحساب

فلا واللّه ليس لهم شفيع * وهم يوم القيامة في العذاب

ص: 317


1- كامل الزيارات: ص134 ح3؛ عنه بحار الأنوار: ج44 ص220 ح13.
2- تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص767 ح10؛ عنه بحار الأنوار: ج23 ص255 ح6.

117- الحسين(علیه السلام) من الأبرار

«إِنَّ ألأَبرَارَ لَفِي نَعِيم 13 وَإِنَّ ألفُجَّارَ لَفِي جَحِيم 14»

سورة الانفطار

نقل ابن شهر آشوب في المناقب عن الشيرازي في كتابه بالإسناد، عن الهذيل، عن مقاتل، عن محمّد بن الحنفية، عن الحسن بن علي(علیهما السلام) قال: «كل ما في كتاب اللّه عز وجل: «إِنَّ الْأَبْرَارَ» فواللّه ما أراد به((1)) إلاّ علي بن أبي طالب(علیه السلام) وفاطمة(علیها السلام) وأنا والحسين(علیه السلام)؛ لأنّا نحن أبرار بآبائنا((2))

وأُمّهاتنا، وقلوبنا عملت((3)) بالطاعات والبرّ وتبرّأت من الدنيا وحبّها، وأطعنا اللّه في جميع فرائضه، وآمنّا بوحدانيّته وصدّقنا برسوله»((4)).

أولئك الأبرار في النعيم * أعداؤهم أشرار في الجحيم

حبّهم جنّة خلد ونعيم * بغضهم منشأ نار وسقر

ص: 318


1- هكذا في البحار، ولكن في المناقب: له.
2- هكذا في البحار، ولكن في المناقب: بأبنائنا.
3- هكذا في تفسير نور الثقلين، ولكن في المناقب: علت.
4- مناقب لابن شهر آشوب: ج3 ص170؛ عنه بحار الأنوار: ج24 ص3 ح9؛ وتفسير نور الثقلين: ج5 ص473 ح22، و: ص526 ح27.

118- الحسين(علیه السلام) في علّيين

«كَلَّا إِنَّ كِتَبَ ألأَبرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ 18 وَمَا أَدرَىكَ مَا عِلِّيُّونَ 19 كِتَب مَّرقُوم 20 يَشهَدُهُ ألمُقَرَّبُونَ 21 إِنَّ ألأَبرَارَ لَفِي نَعِيمٍ 22 عَلَى ألأَرَائِكِ يَنظُرُونَ 23 تَعرِفُ فِي وُجُوهِهِم نَضرَةَ ألنَّعِيمِ 24 يُسقَونَ مِن رَّحِيق مَّختُومٍ 25 خِتَمُهُۥ مِسك وَفِي ذَلِكَ فَليَتَنَافَسِ ألمُتَنَفِسُونَ 26 وَمِزَاجُ-هُۥ مِن تَسنِي---مٍ 27 عَين-ا يَشرَبُ بِهَا ألمُقَرَّبُونَ 28»

سورة المطفّفين

جاء في تفسير القمي: «كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفي عِلِّيِّينَ ٭ وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ» إلى قوله: «عَيْنا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ» وهم رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة(علیهم السلام)((1)).

وفي تفسير فرات الكوفي: حدّثني محمّد بن الحسن بن إبراهيم، [معنعناً] عن

ص: 319


1- تفسير القمي: ج2 ص411؛ عنه بحار الأنوار: ج24 ص5 ح16.

جعفر(علیه السلام) قال: «نزلت الآيات: «كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ ٭ وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ» إلى قوله: «عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ» - وهي خمس آيات - وهم رسول اللّه وعلي وفاطمة والحسن والحسين(علیهم السلام)»((1)).

وفي مناقب ابن شهر آشوب عن الإمام الباقر(علیه السلام) في قوله تعالى: «كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ» إلى قوله تعالى: «الْمُقَرَّبُونَ»: «وهو رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين(علیهم السلام)»((2)).

وفي المناقب لابن شهر آشوب عن الشيرازي في كتابه بالإسناد عن الهذيل، عن مقاتل، عن محمّد بن الحنفية، عن الحسن بن علي(علیهما السلام) قال: «كلّما في كتاب اللّه عز وجلّ: «إِنَّ الْأَبْرَارِ» فواللّه ما أراد به إلاّ علي بن أبي طالب وفاطمة وأنا والحسين...»((3)) وقد سبق الحديث في الآية السابقة.

وفي تأويل الآيات عن محمد بن العباس، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن الحسن، عن أبيه، عن حصين بن مخارق، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر(علیه السلام)، عن أبيه علي بن الحسين(علیهما السلام)، عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - عن النبي(صلی الله علیه و آله)، قال: «قوله تعالى: «وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنيمٍ»، قال: هو أشرف شراب في الجنة يشربه محمد وآل محمد، وهم المقربون السابقون» رسول الله(صلی الله علیه و آله) وعلي بن أبي طالب والأئمة وفاطمة وخديجة»((4)).

وفي الكافي الشريف بسنده إلى أبي حمزة الثمالي، قال: سمعتُ أبا جعفر(علیه السلام)

ص: 320


1- تفسير فرات الكوفي: ص543 ح3؛ عنه بحار الأنوار: ج36 ص145 ح115.
2- مناقب لابن شهر آشوب: ج3 ص170؛ عنه بحار الأنوار: ج24 ص3 ح10.
3- مناقب لابن شهر آشوب: ج3 ص170؛ عنه بحار الأنوار: ج24 ص3 ح9.
4- تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص777 ح10؛ عنه بحار الأنوار: ج24 ص3 ح7.

يقول: «إنّ الله خلقنا من أعلى عليين وخلق قلوب شيعتنا مما خلقنا، وخلق أبدانهم من دون ذلك، فقلوبهم تهوي إلينا؛ لأنها خلقت مما خلقنا»، ثم تلا هذه الآية: «كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفي عِلِّيِّينَ ٭ وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ ٭ كِتابٌ مَرْقُومٌ ٭ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ» «وخلق عدونا من سجين، وخلق قلوب شيعتهم مما خلقهم منه وأبدانهم من دون ذلك، فقلوبهم تهوي إليهم؛ لأنها خلقت مما خلقوا منه»، ثم تلا هذه الآية:

«كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفي سِجِّينٍ ٭ وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ ٭ كِتابٌ مَرْقُومٌ»((1)).

همُ الأبرارُ والأقمار حقاً* هم الإحسان والأخيار خَلقاً

وهم حُجج الإلّه على البرايا * لجَدِّهم هُم المعيار نُطقاً

ص: 321


1- الكافي: ج1 ص390 ح4.

119- وليالٍ عشر

«وَلَيَالٍ عَشر 2»

سورة الفجر

تأويل الآيات: ما روي بالإسناد مرفوعاً عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي عبد الله(علیه السلام) قال: «قوله عز وجل: «وَالْفَجْرِ» هو القائم(علیه السلام)، «وَلَيالٍ عَشْرٍ» الأئمة(علیهم السلام) من الحسن إلى الحسين(علیهم السلام)، «وَالشَّفْعِ» أمير المؤمنين وفاطمة(علیهما السلام) و«وَالْوَتْرِ» هو الله وحده لا شريك له، «وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ» هي دولة حبتر، فهي تسري إلى قيام القائم(علیه السلام)»((1)).

وفي مناقب ابن شهر آشوب عن جابر الجعفي، عنه(علیه السلام) في تفسير قوله (تعالى): ،«وَالْفَجْرِ وَلَيالٍ عَشْرٍ» يا جابر «وَالْفَجْرِ» جدّي و«وَلَيالٍ عَشْرٍ» أئمة، و«وَالشَّفْعِ» أمير المؤمنين، و«وَالْوَتْرِ» اسم القائم»((2)).

ص: 322


1- تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص792 ح1؛ عنه بحار الأنوار: ج24 ص78 ح19.
2- مناقب لابن شهر آشوب: ج1 ص241.

120- معنى الشفع

«وَألشَّفعِ وَألوَترِ 3»

سورة الفجر

جاء في تفسير القمي: ... وفي حديث آخر قال: ««الشَّفْعِ» الحسن والحسين(علیهما السلام) و«الْوَتْرِ» أمير المؤمنين(علیه السلام)»((1)).

ص: 323


1- تفسير القمي: ج2 ص419؛ عنه بحار الأنوار: ج24 ص349 ح61؛ وتفسير نور الثقلين: ج5 ص571 ح4.

121- النفوس المطمئنة والراضية والمرضية(علیهم السلام)

«يَأَيَّتُهَا ألنَّفسُ ألمُطمَئِنَّةُ 27 أرجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَة مَّرضِيَّة 28 فَأدخُلِي فِي عِبَدِي 29 وَأدخُلِي جَنَّتِي 30»

سورة الفجر

نقل الشيخ الصدوق في ثواب الأعمال بسنده إلى داود بن فرقد، عن أبي عبد الله(علیه السلام)، قال: «اقرئوا سورة الفجر في فرائضكم ونوافلكم؛ فإنها سورة الحسين((1)) بن علي(علیهما السلام)، من قرأها كان مع الحسين(علیه السلام) يوم القيامة في درجته من الجنة، إن الله عزيز حكيم»((2)).

ولقد ورد هذا الحديث في تأويل الآيات بشكل مفصّل: وروي عن الحسن بن محبوب بإسناده عن صندل، عن داود بن فرقد، قال: قال أبو عبد الله(علیه السلام): «أقرأوا سورة الفجر في فرائضكم ونوافلكم، فإنها سورة الحسين بن علي، وارغبوا فيها رحمكم الله»، فقال له أبو أسامة - وكان حاضراً المجلس - : كيف

ص: 324


1- كذا في البحار، ولكن في المصدر: الحسين.
2- ثواب الأعمال: ص123؛ عنه بحار الأنوار: ج82 ص39 ضمن ح27، و: ج89 ص323 ح1؛ وأعلام الدين: ص382.

صارت هذه السورة للحسين خاصة؟ فقال: «ألا تسمع إلى قوله تعالى: «يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ٭ ارْجِعي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً ٭ فَادْخُلي في عِبادي ٭ وَادْخُلي جَنَّتي» إنما يعني الحسين بن علي صلوات الله عليهما فهو ذو النفس المطمئنة الراضية المرضية، وأصحابه من آل محمد صلوات الله عليهم الرضوان عن الله يوم القيامة وهو راضٍ عنهم، وهذه السورة نزلت في الحسين بن علي وشيعته وشيعة آل محمد خاصة، مَن أدمن قرائة الفجر كان مع الحسين في درجته في الجنة، إن الله عزيز حكيم»((1)).

وفي تفسير القمي روى عن جعفر بن أحمد، عن عبد اللّه بن موسى، عن بن البطائني، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) في قوله: «يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ٭ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ٭ فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ٭ وَادْخُلِي جَنَّتِي» «يعني: الحسين بن علي(علیهما السلام)»((2)).

ونقل فرات الكوفي في تفسيره، قال حدّثنا أبو القاسم العلوي، معنعناً عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه(علیه السلام): جعلت فداك يستكره المؤمن على خروج نفسه؟

قال: فقال: «لا واللّه».

قال: قلت: كيف ذاك؟

قال: «إنّ المؤمن إذا حضرته الوفاة حضر رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) وأهل بيته أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين وجميع الأئمّة(علیهم السلام) ولكن أكنّوا عن اسم فاطمة، ويحضره جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل وملك

ص: 325


1- تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص796 ح8؛ عنه بحار الأنوار: ج24 ص93 ح6، و: ج44 ص218 ح8.
2- تفسير القمي: ج2 ص422؛ عنه تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص796 ح7؛ وبحار الأنوار: ج24 ص350 ح62، و: ج44 ص219 ح11.

الموت(علیهم السلام)».

قال: «فيقول أمير المؤمنين: يا رسول اللّه إنّه كان ممّن يحبّنا ويتولاّنا فأحبّه».

قال: «فيقول رسول اللّه(صلی الله علیه و آله): يا جبرئيل إنّه كان ممّن يحبّ علياً وذرّيته فأحبّه».

قال: «فيقول جبرئيل لميكائيل وإسرافيل مثل ذلك».

قال: «ثمّ يقولون جميعاً لملك الموت: إنّه كان يحبّ محمّداً وآله ويتولّى علياً وذرّيته فارفق به».

قال: «فيقول ملك الموت: والذي اختاركم وكرمكم واصطفى محمّداً(صلی الله علیه و آله) بالنبوّة وخصّه بالرسالة لأنا أرفق به من والد رفيق وأشفق من أخ شفيق.

ثمّ مال إليه ملك الموت فيقول له: يا عبد اللّه أخذت فكاك رقبتك، أخذت رهان أمانك؟

فيقول: نعم.

فيقول: فبماذا؟

فيقول: بحبّي محمّداً وآله وموالاتي علياً وذرّيته(علیهم السلام).

فيقول: أمّا ما كنت تحذر فقد آمنك اللّه منه، وأمّا ما كنت ترجو فقد أتاك اللّه به، افتح عينيك وانظر إلى ما عندك».

قال: «فيفتح عينيه فينظر إليهم واحداً واحداً، ويفتح له باب إلى الجنّة فينظر إليها فيقول له: هذا ما أعدّ اللّه لك، وهؤلاء رفقاؤك، أفتحبّ اللحاق بهم أو الرجوع إلى الدنيا».

قال: فقال أبو عبد اللّه(علیه السلام): «أما رأيت شخوصه((1)) ورفعة حاجبيه إلى فوق

ص: 326


1- هكذا في البحار، ولكن في المصدر: شخصته.

من قوله: لا حاجة لي إلى الدنيا ولا الرجوع إليها، ويناديه مناد من بطنان العرش يسمعه ويسمع من بحضرته: «يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ» إلى محمّد ووصيّه والأئمّة من بعده «ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً» بالولاية «مَرْضِيَّةً» بالثواب «فَادْخُلِي فِي عِبَادِي» مع محمّد(صلی الله علیه و آله) وأهل بيته(علیهم السلام) «وَادْخُلِي جَنَّتِي» غير مشوبة»((1)).

قال شاعر أهل البيت(علیهم السلام) الفرطوسي:

خير نفس قد اطمنّت يقيناً * بعد إيمانها بربّ العطاء

فأتاها ارجعي فداء عليٌّ * أنت مرضية لرب السماء

وادخلي بعد رحمة في عبادي * واستقرّي في جنة السُعداء

آية أنزلت فواللّه حقاً * في عليّ من صادق الشفعاء

ص: 327


1- تفسير فرات الكوفي: ص553 ح708؛ عنه بحار الأنوار: ج6 ص162 ح31.

122- تأويل الوالد وما ولد

«وَوَالِد وَمَا وَلَدَ 3»

سورة البلد

نقل في تأويل الآيات عن محمّد بن العبّاس، عن الحسين بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن يعقوب، عن عبد اللّه بن محمّد، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي جعفر(علیه السلام) قال: قال لي: «يا أبا بكر! قول اللّه عزّ وجلّ: «وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ» هو علي بن أبي طالب(علیه السلام) «وَمَا وَلَدَ» الحسن والحسين(علیهما السلام)»((1)).

وفي كتاب سليم بن قيس عن أمير المؤمنين(علیه السلام): «... يا سليم، إن أوصيائي أحد عشر رجلاً من ولدي أئمة هداة مهديون كلهم محدّثون»، قلت: يا أمير المؤمنين، ومن هم؟ قال: «ابني هذا الحسن، ثم ابني هذا الحسين، ثم ابني هذا - وأخذ بيد ابنه علي بن الحسين وهو رضيع - ثم ثمانية من ولده، واحداً بعد واحد. هم الذين أقسم الله بهم فقال: «وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ» فالوالد رسول الله(صلی الله علیه و آله) وأنا، وما ولد يعني هؤلاء الأحد عشر وصيا صلوات الله عليهم»((2)).

وفي شواهد التنزيل عن أبو النضر حدثنا محمد بن نصير، عن أحمد بن محمد،

ص: 328


1- تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص798 ح3؛ عنه بحار الأنوار: ج23 ص269 ح18.
2- كتاب سليم: ص352؛ وعنه بصائر الدرجات: ص392 ح16؛ وكذلك الاختصاص: ص329.

عن الحسين بن سعيد، عن إسماعيل بن عباد، عن حسين بن أبي يعفور، عن بعض

أصحابه، عن أبي جعفر(علیهما السلام) في قول الله عز وجل: «وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ» قال: ««وَالِدٍ» أمير المؤمنين، و«وَمَا وَلَدَ» الحسن والحسين(علیهم السلام)»((1)).

وبعد ذلك بسند آخر عن جابر قال: سألت أبا جعفر(علیهما السلام) عن قول الله: «وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ» قال: «علي وما ولد»((2)).

قال شاعر أهل البيت(علیهم السلام) الفرطوسي:

أقسم اللّه في أبرّ وأزكى * والد للأئمة الأزكياء

وبأولاده الميامين قدساً * وجلالاً لعترة الأصفياء

قال فيها قد أنزلت في عليّ * وسليله باقر العلماء

وروى جابر تجلّت علينا * في عليّ ووُلده النُجباء((3))

ص: 329


1- شواهد التنزيل: ج2 ص430 ح1090.
2- شواهد التنزيل: ج2 ص430 ح1091؛ وهكذا في تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص797 ح1، و: ص798 ح2.
3- ملحمة أهل البيت(علیهم السلام): ج1 ص243.

123- تأويل العينين واللسان

«أَلَم نَجعَل لَّهُۥ عَينَينِ 8 وَلِسَانا وَشَفَتَينِ 9 وَهَدَينَهُ ألنَّجدَينِ 10»

سورة البلد

روى علي بن إبراهيم قمي في تفسيره، عن أحمد بن ادريس، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن إسماعيل بن عباد، عن الحسين بن أبي يعقوب، عن بعض أصحابه، عن أبي جعفر(علیه السلام) في قوله: «أَ يَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ» «يعني: نعثل((1)) في قتله بنت النبي(صلی الله علیه و آله)، «يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً» يعني الذي جهز به النبي(صلی الله علیه و آله) في جيش العسرة»، «أَ يَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ» قال: «فساد كان في نفسه، «أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ» يعني: رسول الله(صلی الله علیه و آله) «وَلِسَاناً» يعني: أمير المؤمنين(علیه السلام)، «وَشَفَتَيْنِ» يعني: الحسن والحسين(علیهما السلام)،«وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ» إلى ولايتهما، «فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ٭ وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ»، يقول: ما أعلمك، وكل شيء في القرآن ما أدراك فهو ما أعلمك، و«يَتيماً ذا مَقْرَبَةٍ» يعني رسول الله(صلی الله علیه و آله) والمقربة قرباه، «أَوْ مِسْكيناً ذا مَتْرَبَةٍ» يعني: أمير المؤمنين(علیه السلام) مترباً بالعلم»((2)).

ص: 330


1- هكذا في البحار، ولكن في المصدر المطبوع: يقتل.
2- تفسير القمي: ج2 ص423؛ عنه بحار الأنوار: ج9 ص251 ضمن ح157، و: ج24 ص282 ح8؛ وغاية المرام: ج3 ص296 ح11؛ وتفسير البرهان: ج5 ص662 ح13.

وذكر في تأويل الآيات عن الحسن بن أبي الحسن الديلمي في تفسيره حديثاً مسنداً يرفعه((1))

إلى أبي يعقوب الأسدي، عن أبي جعفر(علیه السلام) في قوله عزّ وجلّ: «أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ٭ وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ» قال: «العينان، رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) واللسان، أمير المؤمنين(علیه السلام) والشفتان، الحسن والحسين(علیهما السلام)«وَهَدَيْنَاهُ

النَّجْدَيْنِ» إلى ولايتهم جميعاً وإلى البراءة من أعدائهم جميعاً»((2)).

من نِعمَ الله على الإنسان * موهبة العينين واللسان

وهكذا هداية النجدين * من دون ريب نعمة الشفتين

ص: 331


1- هكذا في البحار، وفي المصدر: يرفع.
2- تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص798 ح4؛ عنه بحار الأنوار: ج24 ص280 ح1.

124- تأويل القمر بالحسنين(علیهما السلام)

«وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1)وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2)وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3)وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4)»

سورة الشمس

في تأويل الآيات عن علي بن محمّد، عن أبي جميلة، عن الحلبي، ورواه أيضاً عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن الفضل بن العبّاس، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) أنّه قال: ««وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا» الشمس أمير المؤمنين(علیه السلام) وضحاها قيام القائم(علیه السلام) ... «وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا» الحسن والحسين(علیهما السلام)«وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا» هو قيام القائم(علیه السلام)...»((1)).

وعدة أحاديث في تفسير فرات، منها: عن عبدالرحمن بن محمّد العلوي بإسناده، عن عكرمة وسئل عن قول اللّه تعالى: «وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ٭ وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا ٭ وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا ٭ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا» قال: «وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا»، هو محمّد رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) «وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا»، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(علیه السلام) «وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا»، آل محمّد(صلی الله علیه و آله) وهما الحسن والحسين(علیهما السلام)«وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا» بنو

ص: 332


1- تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص803 ح1: بحار الأنوار: ج24 ص72 ح6؛ والبرهان: ج5 ص672 ح6.

أُميّة((1))، وعن ابن عبّاس هكذا((2)).

وأيضاً في شواهد التنزيل عن ابن عباس((3)) حديثان، ثم قال الحسكاني: وورد في الباب عن الباقر والصادق(علیهما السلام) وعكرمة بطرق فيه((4)).

وهكذا في تأويل الآيات عن ابن عباس((5)).

وذكر أيضاً ابن شهر آشوب في مناقبه عن الباقر والصادق(علیهما السلام) في قوله (تعالى): «وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا» قالا: «هو رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) «وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا» علي بن أبي طالب «وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا» الحسن والحسين وآل محمّد»، قالا: ««وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا» عتيق وابن صهّاك وبنو أُميّة ومن تولاّهما»((6)).

وقد نقل السيد هاشم البحراني في تفسير الكبير: البرهان عن كل من كتاب الكافي وتفسير علي بن إبراهيم القمي حديثاً عن أبي عبد الله(علیه السلام) نختار حديث كتاب الكافي مسنداً إلى أبي محمد عن الإمام الصادق(علیه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز وجل: «وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا»؟ قال: «الشمس: رسول الله(صلی الله علیه و آله)، به أوضح الله عز وجل للناس دينهم»، قال: قلت: «وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا»؟ قال: «ذاك أمير المؤمنين(علیه السلام)،تلا رسول الله(صلی الله علیه و آله) ونفثه بالعلم نفثاً»((7))، قال: قلت: «وَاللَّيْلِ

ص: 333


1- تفسير الفرات الكوفي: ج1 ص561 ح717 و ح718؛ بحار الأنوار: ج24 ص78 ح20.
2- تفسير الفرات الكوفي: ج1 ص561 ح719، و: ص562 ح720.
3- شواهد التنزيل: ج2 ص8432 ح1094 و 1095.
4- شواهد التنزيل: ج2 ص433.
5- تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص806 ح6.
6- مناقب لابن شهر آشوب: ج1 ص243.
7- قال العلامة رضوان الله عليه: النفث: النفخ، وهو هنا كناية عن إفاضة العلوم عليه سراً، بحار الأنوار: ج24 ص73 ذيل ح7.

إِذَا يَغْشَاهَا»؟ قال: «ذاك أئمة الجور الذين استبدوا بالأمر دون آل الرسول(صلی الله علیه و آله)، وجلسوا مجلساً كان آل الرسول أولى به منهم، فغشوا دين الله بالجور والظلم، فحكى الله فعلهم فقال: «وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا»»، قال: فقلت: «وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا»؟ قال: «ذاك الإمام من ذرية فاطمة(علیها السلام) يُسأل عن دين رسول الله(صلی الله علیه و آله) فيجليه لمن يسأل، فحكى الله عز وجلّ قوله: «وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا»»((1)).

قال شاعر أهل البيت(علیهم السلام) الفرطوسي:

قال والشمس مقسماً وضحاها * وهي بالنص خاتم الأنبياء

وعليّ قد تلا نفس طه * فهو الحق في سماء العلاء

والنهار السبطان والليل ظلماً * حين يغشاه زمرة الطلقاء((2))

ص: 334


1- تفسير البرهان: ج5 ص670 عن الكافي، و: ص670 ح2 عن تفسير القمي؛ وفي تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص805 ح3 عن محمد بن العباس، وعن تفسير القمي، وبحار الأنوار: ج24 ص73 ح7 ثم قال: وتغيير الترتيب في السؤال عن الليل والنهار لا يدلّ على تغيير الآيات... .
2- ملحمة أهل البيت(علیهم السلام): ج1 ص244.

125- تأويل التين والزيتون بالحسنين(علیهما السلام)

«وَألتِّينِ وَألزَّيتُونِ 1 وَطُورِ سِينِينَ 2 وَهَذَا ألبَلَدِ ألأَمِينِ 3 لَقَد خَلَقنَا ألإِنسَنَ فِي أَحسَنِ تَقوِيم 4 ثُمَّ رَدَدنَهُ أَسفَلَ سَفِلِينَ 5 إِلَّا ألَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ألصَّلِحَتِ فَلَهُم أَجرٌ غَيرُ مَمنُون 6 فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعدُ بِألدِّينِ 7 أَلَيسَ أللَّهُ بِأَحكَمِ ألحَكِمِينَ 8»

سورة التين

جاء في تأويل الآيات عن محمّد بن العبّاس، عن محمّد بن همّام، عن عبد اللّه بن العلاء، عن ابن شمون، عن الأصمّ، عن البطل، عن ابن درّاج قال: سمعت أبا عبد اللّه(علیه السلام) يقول: «قوله عز وجل: «وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ» التين، الحسن والزيتون، الحسين صلوات اللّه عليهما»((1)).

وفي تفسير فرات: قال: حدّثنا سهل بن أحمد الدينوري معنعناً، عن موسى بن جعفر(علیهما السلام) أنّه قال في قول اللّه تعالى: «وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ» قال: «الحسن والحسين(علیهما السلام)»«وَطُورِ سِينِينَ» قال: «علي بن أبي طالب(علیه السلام)» «وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ»

ص: 335


1- تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص813 ح1؛ عنه بحار الأنوار: ج24 ص105 ح13.

قال: «محمّد(صلی الله علیه و آله) «إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ» أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(علیه السلام) وشيعته «فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ» يا محمّد! يعني ولاية علي بن أبي طالب(علیه السلام)»((1)).

وفيه أيضاً: قال: حدّثني جعفر بن محمّد الفزاري، قال: حدّثني أحمد بن الحسين الهاشمي، عن محمّد بن حاتم، عن محمّد بن الفضيل بن يسار قال: سألت أبا الحسن(علیه السلام) عن قول اللّه تعالى: «وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ» قال: «التين، الحسن والزيتون الحسين». فقلت: قوله: «وَطُورِ سِينِينَ» فقال: «ليس هو طور سينين، إنّما هو طور سيناء وذلك أمير المؤمنين(علیه السلام)»، وقوله: «وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ» قال: «ذلك رسول اللّه(صلی الله علیه و آله)» ثمّ سكت ساعة ثمّ قال: «لِمَ لا تستوفي مسألتك إلى آخر السورة؟» قلت: بأبي أنت وأُمّي، قوله: «إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ» قال: «ذلك أمير المؤمنين وشيعته كلّهم «فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ»»((2)).

وفي مناقب ابن شهر آشوب عن الإمام الباقر(علیه السلام): ««وَالتِّينِ» الحسن، «وَالزَّيْتُونِ» الحسين، «وَطُورِ سينينَ» أمير المؤمنين، «وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمينِ» ذاك رسول الله(صلی الله علیه و آله)»، «لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ في أَحْسَنِ تَقْويمٍ» قال: «حين أخذ الله ميثاقه لمحمد وأوصيائه بالولاية»((3)).

إلى غيرها من الروايات، وقد صرّح الشيخ الصدوق رضوان الله عليه في كلامه بذلك - بعد حديث: «لا تعادوا الأيام فتعاديكم» - : الأيام ليست بأئمة، ولكن كنى بها(علیه السلام) عن الأئمة لئلاً يدرك معناه غير أهل الحق، كما كنّى الله عز

ص: 336


1- تفسير فرات الكوفي: ص578 ح744.
2- تفسير فرات الكوفي: ص577 ح742؛ شواهد التنزيل: ج2 ص454 ح1121.
3- مناقب لابن شهر آشوب: ج1 ص259.

وجل بالتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين عن النبي(صلی الله علیه و آله) وعلي والحسن والحسين(علیهم السلام)...((1)).

قال شاعر أهل البيت(علیهم السلام) الفرطوسي:

قد تبدّى عن ابن عباس فيها * خبر نجم يسرى بأفق العلاء

قال سُرّ النبي حين أتته * سورة التين معلناً بالهناء

وانتهى الأمر في حديث طويل * قد رواه عن خاتم الأصفياء

قال يعني بالدين فيها عليّاً * عند تفسيرها بكل جلاء((2))

ص: 337


1- الخصال: ص396.
2- ملحمة أهل البيت(علیهم السلام): ج1 ص200.

126- محل معراج الملائكة

«بِّسمِ أللَّهِ ألرَّحمَنِ ألرَّحِيمِ * إِنَّا أَنزَلنَهُ فِي لَيلَةِ ألقَدرِ 1 وَمَا أَدرَىكَ مَا لَيلَةُ ألقَدرِ 2 لَيلَةُ ألقَدرِ خَير مِّن أَلفِ شَهر 3 تَنَزَّلُ ألمَلَئِكَةُ وَألرُّوحُ فِيهَا بِإِذنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمر 4 سَلَمٌ هِيَ حَتَّى مَطلَعِ ألفَجرِ 5»

سورة القدر

جاء في تأويل الآيات عن محمد بن العباس، عن أحمد بن هوذة عن إبراهيم بن اسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن أبي يحيى الصغاني، عن أبي عبد الله(علیه السلام) قال: سمعته يقول: «قال لي أبي محمد((1)): قرأ علي بن أبي طالب(علیه السلام): «إِنَّا أَنْزَلْناهُ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ» وعنده الحسن والحسين(علیهما السلام)، فقال له الحسين(علیه السلام): يا أبتاه، كأن بهما من فيك حلاوة. فقال له: يا بن رسول الله وابني، إني أعلم فيها ما لا تعلم، إنها لمّا نزلت بعث إليّ جدّك رسول الله(صلی الله علیه و آله) فقرأها عليَّ، ثم ضرب على كتفي الأيمن وقال: يا أخي ووصيّي ووليّ أمتي بعدي، وحرب أعدائي إلى يوم يبعثون، هذه السورة لك من بعدي، ولولدك من بعدك، إن جبرئيل أخي

ص: 338


1- أي: الإمام محمد بن علي الباقر(علیه السلام).

من الملائكة حدّث إلي أحداث أمتي في سنتها، وإنه ليحدث ذلك إليك كأحداث النبوة، ولها نور ساطع في قلبك وقلوب أوصيائك إلى مطلع فجر القائم(علیه السلام)»((1)).

وفيه أيضاً ما رواه عن الشيخ أبو جعفر الطوسي - قدّس الله روحه - عن رجاله((2))، عن عبد الله بن عجلان السكوني، قال: سمعتُ أبا جعفر(علیه السلام) يقول: «بيت علي وفاطمة من حجرة رسول الله(صلی الله علیه و آله)، وسقف بيتهم عرش ربّ العالمين، وفي قعر بيوتهم فُرجة مكشوطة إلى العرش معراج الوحي، والملائكة تنزل عليهم بالوحي صباحاً ومساءً، وفي كل ساعة وطرفة عين، والملائكة لا ينقطع فوجهم، فوج ينزل وفوج يصعد، وإن الله تبارك وتعالى كشط لإبراهيم(علیه السلام) عن السماوات حتى أبصر العرش وزاد في قوّة ناظره، وإن الله زاد في قوّة ناظر محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم، وكانوا يبصرون العرش ولا يجدون لبيوتهم سقفاً غير العرش، فبيوتهم مسقفة بعرش الرحمن، ومعارج، معراج الملائكة والروح، فوج بعد فوج، لا انقطاع لهم، وما من بيت من بيوت الأئمة منا إلّا وفيه معراج الملائكة لقول الله عز وجل: «تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ»»، قال: قلت: «مِنْ كُلِّ أَمْرٍ»، قال: «بكل أمر»، قلت: هذا التنزيل؟ قال: «نعم»((3)).

أقول: راجع تفسير مجمع البيان فقد ذكر عدة وجوه ل-«مِنْ كُلِّ أَمْرٍ»، كلها بمعنى: بكل أمر((4)). وكذلك راجع تفاسير العامة، فلا شبهة في حمل مِن على

ص: 339


1- تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص820 ح9؛ عنه بحار الأنوار: ج25 ص70 ح60.
2- لم نجده في كتب الشيخ الطوسي.
3- تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص818 ح4؛ عنه مدينة المعاجز: ج2 ص449 ح 674، و: ج3 ص338 ح921، و: ج4 ص34 ح1070؛ بحار الأنوار: ج25 ص97 ح71.
4- مجمع البيان: ج10 ص409 و 410.

الباء في هذا الحديث، والتنزيل لا ينحصر في ألفاظ القرآن، بل يشمل الألفاظ والمعاني كما لا يخفى.

ص: 340

127- وصية النبي(صلی الله علیه و آله) بحفظ الحسنين(علیهما السلام)

«إِلَّا ألَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ألصَّلِحَتِ وَتَوَاصَواْ بِألحَقِّ وَتَوَاصَواْ بِألصَّبرِ 3»

سورة العصر

روى الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل عن الحسين الجمحي، عن علي بن عبد العزيز، عن أبي نعيم، عن سفيان، عن ابن جريح، عن عطاء، عن ابن عبّاس قال: جمع اللّه هذه الخصال كلّها في علي «إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا» كان والله أول المؤمنين إيماناً «وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ» وكان أوّل من صلّى وعبد اللّه من أهل الأرض مع رسول اللّه(صلی الله علیه و آله)، «وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ» يعني: بالقرآن وتعلّم القرآن من رسول الله(صلی الله علیه و آله) وكان من أبناء سبع وعشرين سنة، «وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ» يعني: وأوصى محمد علياً بالصبر عن الدنيا، وأوصاه بحفظ فاطمة وبجمع القرآن بعد موته وبقضاء دينه وبغسله بعد موته، وأن يبني حول قبره حائطاً لئلا تؤذيه النساء بجلوسهن على قبره، وأوصاه بحفظ الحسن والحسين، فذلك قوله: «وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ»((1)).

قال شاعر أهل البيت(علیهم السلام) الفرطوسي:

ص: 341


1- شواهد التنزيل: ج2 ص483 ح1158.

قال إنّ الإنسان في الخسر إلّا * معشر آمنوا برب السماء

إنّ لفظ الإنسان في العصر رمز * لأبي جهل أخبث الأشقياء

ورجال الإيمان سلمان صدقاً * ويقيناً وسيد الأصفياء

وتواصوا بالصبر وهو عليّ * وتواصوا بالحق عهد الولاء((1))

ص: 342


1- ملحمة أهل البيت(علیهم السلام): ج1 ص167.

128- الكوثر وهو نهر في الجنة لأهل البيت(علیهم السلام)

«إِنَّا أَعطَينَكَ ألكَوثَرَ 1»

سورة الكوثر

ذكر في تأويل الآيات عن محمّد بن العبّاس، عن أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد اللّه بن حمّاد، عن حمران بن أعين، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) قال: «إنّ رسول اللّه(صلی الله علیه و آله) صلّى الغداة ثمّ التفت إلى علي(علیه السلام) فقال: يا علي! ما هذا النور الذي أراه قد غشيك؟ قال: يا رسول اللّه! أصابتني جنابة في هذه الليلة فأخذت بطن الوادي ولم أصب الماء فلمّا ولّيت ناداني مناد: يا أمير المؤمنين! فالتفت فإذا خلفي إبريق مملوء من ماء فاغتسلت. فقال رسول اللّه(صلی الله علیه و آله): يا علي! أمّا المنادي فجبرئيل والماء من نهر يقال له: الكوثر، عليه اثنا عشر ألف شجرة، كلّ شجرة لها ثلاث مائة وستون غصناً فإذا أراد أهل الجنّة الطرب، هبّت ريح فما من شجرة ولا غصن إلاّ وهو أحلى صوتاً من الآخر ولولا أنّ اللّه تعالى كتب على أهل الجنّة أن لا يموتوا، لماتوا فرحاً من شدّة حلاوة تلك الأصوات، وهذا النهر في جنّة عدن وهو لي ولك ولفاطمة والحسن والحسين وليس لأحد فيه شيء»((1)). وقال بعد ذلك: ورواه الخوارزمي مع أدنى تغيير

ص: 343


1- تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص857 ح4؛ عنه بحار الأنوار: ج8 ص26 ح27.

وزيادة تقرير.

وفيه أيضاً بسنده إلى أنس بن مالك، قال: سمعتُ رسول الله(صلی الله علیه و آله) يقول: «لمّا أسري بي إلى السماء السابعة قال لي جبرئيل: تقدّم يا محمد أمامك - وأراني الكوثر - ، وقال: يا محمد هذا الكوثر لك دون النبيين، فرأيت عليه قصوراً

كثيرة من اللؤلؤ والياقوت والدر، وقال: يا محمد، هذه مساكنك ومساكن وزيرك ووصيك علي بن أبي طالب وذريته الأبرار، قال: فضربت بيدي على بلاطه فشممته، فإِذا هو مسك، وإذا أنا بالقصور لبنة ذهب ولبنة فضة»((1)).

قال شاعر أهل البيت(علیهم السلام) الفرطوسي:

قال إنّا أعطيناك يا خير هادٍ * كوثراً سائغاً بخير عطاءٍ

قال طه: منازلي فيه صفت * وبقايا منازل الأمناء

تتسامى من أهل بيتي فيه * وهو نهر في جنّة السعداء

ليس يظمأ من يرتوي منه شرباً * من معين صاف بخير رواءٍ

ليس يُسقى من مائه العذب إلّا * مؤمن دون ظالم ومرائي((2))

ص: 344


1- تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص856 ح3؛ عنه بحار الأنوار: ج8 ص26 ح 26.
2- ملحمة أهل البيت(علیهم السلام): ج1 ص246.

المصادر

1. القرآن الكريم.

2. إثبات الهداة، للشيخ محمد بن الحسن الحرّ العاملي، بيروت، مؤسسة الأعلمي، ط الأولى، 1422ه-، مع تقديم السيد شهاب الدين المرعشي النجفي.

3. الاحتجاج، للشيخ أبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي، تعليقات وملاحظات السيد محمد باقر الخرسان، النجف الأشرف، مطبعة النعمان، 1386ه-.

4. الاختصاص، للشيخ أبي عبد الله محمد بن النعمان العكبري البغدادي الملقب بالشيخ المفيد، تصحيح وتعليق على أكبر الغفاري، قم المقدسة، منشورات جماعة المدرسين، 1414ه-.

5. اختيار معرفة الرجال (المعروف برجال الكشي)، للشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي، مع تصحيح وتعليق ميرداماد الأسترآبادي، تحقيق السيد مهدي الرجائي، مؤسسة آل البيت(علیهم السلام)، 1404ه-.

6. إرشاد القلوب، للشيخ حسن بن محمد الديلمي، الشريف الرضي، ط الأولى، 1412ه-.

7. الإرشاد، لأبي عبدالله محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي المشتهر بالشيخ المفيد، تحقيق مؤسسة آل البيت(علیهم السلام)، بيروت، دار المفيد،

ص: 345

ط الثانية، 1414ه-.

8. الأصول الستة عشر، نخبة من الرواة، قم، دار الشبستري، ط الثانية، 1405ه-.

9. أعلام الدين في صفات المؤمنين، للشيخ الحسن بن أبي الحسن الديلمي، تحقيق مؤسسة آل البيت(علیهم السلام) لإحياء التراث.

10. إعلام الورى بأعلام الهدى، للشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي، تحقيق مؤسسة آل البيت(علیهم السلام) لإحياء التراث، ط الأولى، 1417ه-.

11. أعيان الشيعة، لحسن الأمين، بيروت، دار التعارف للمطبوعات، 1403ه-.

12. إقبال الأعمال، للسيد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن طاووس، تحقيق جواد القيومي الإصفهاني، مكتب الإعلام الإسلامي، ط الأولى، 1414ه-.

13. إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب ، للشيخ علي اليزدي الحائري، تحقيق السيد علي عاشور.

14. الأمالي، للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي الملّقب بالشيخ الصدوق، تحقيق مؤسسة البعثة، ط الأولى، 1417ه-.

15. الأمالي، للشيخ جعفر محمد بن الحسن الطوسي، تحقيق مؤسسة البعثة، دار الثقافة، ط الأولى، 1414ه-.

16. الإمامة والتبصرة من الحيرة، الشيخ أبي الحسن علي بن الحسين بن بابويه القمي (والد الشيخ الصدوق)، تحقيق ونشر مدرسة الإمام المهدي(علیه السلام)، ط الأولى، 1404ه-.

ص: 346

17. أئمّتنا لعلي محمّد علي الدخيل، بيروت، دار المرتضى، ط السادس، 1402ه-.

18. بحار الأنوار، الشيخ محمّد باقر المجلسي، بيروت، مؤسّسة الوفاء، ط الثانية، 1403ه-.

19. البداية والنهاية، لابن كثير، بيروت، دار الفكر العربي.

20. البرهان في تفسير القرآن، للسيد هاشم البحراني، مؤسسة البعثة، ط الأولى، 1416ه-.

21. بشارة المصطفى(صلی الله علیه و آله) لشيعة المرتضى(علیه السلام)، لعماد الدين أبي جعفر محمد بن أبي القاسم الطبري، تحقيق جواد القيومي، مؤسسة النشر الإسلامي، ط الأولى، 1420ه-.

22. بصائر الدرجات، للشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن بن فروخ الصفار، تقديم وتعليق وتصحيح الميرزا محسن كوچه باغي، طهران، منشورات الأعلمي، 1362ش.

23. تاريخ الطبري، لأبي جعفر محمّد بن جرير الطبري، بيروت، مؤسّسة الأعلمي.

24. تاريخ مدينة دمشق، لأبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي الملقب بابن عساكر، بيروت، دار الفكر العربي، 1415ه-.

25. تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة(علیهم السلام)، للسيد شرف الدين علي الحسيني الأستر آبادي النجفي، تحقيق مدرسة الإمام المهدي ، ط الأولى، 1407ه-.

26. التحصين لأسرار ما زاد من أخبار كتاب اليقين (المطبوع مع اليقين)، للسيد

ص: 347

رضي الدين علي بن طاووس الحلي، تحقيق الشيخ محمد باقر الأنصاري، مؤسسة الثقلين، قم، مؤسسة دار الكتاب الجزائري، ط الأولى، 1413ه-.

27. تحف العقول عن آل الرسول(صلی الله علیه و آله)، للشيخ أبي محمد الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحراني، تصحيح وتعليق على أكبر الغفاري، مؤسسة النشر الإسلامي، ط الثانية، 1404ه-.

28. ترجمة الإمام الحسين، لابن عساكر، بيروت، مجمع إحياء التراث، ط الثانية، 1414ه-.

29. التسهيل العلوم التنزيل (تفسر الكلبي)، لمحمد بن أحمد ابن جوزي الغرناطي الكلبي، لبنان، دار الكتاب العربي، ط الرابعة، 1403ه-.

30.تفسير البغوي (معالم التنزيل في تفسير القرآن)، للحسين بن مسعود البغوي، تحقيق خالد عبد الرحمن العك، بيروت، دار المعرفة.

31. تفسير البيضاوي (أنوار التنزيل وأسرار التأويل)، للقاضي عبد الله بن عمر بن علي البيضاوي الشيرازي الشافعي، بيروت، دار الفكر.

32. تفسير الثعلبي (الكشف والبيان عن تفسير القرآن)، لأبي إسحاق أحمد بن إبراهيم الثعلبي النيشابوري، دراسة وتحقيق أبي محمد بن عاشور، دار إحياء التراث العربي، ط الأولى، 1422ه-.

33. تفسير الجلالين، لمحمد بن أحمد المحلي وعبد الرحمان بن أبي بكر السيوطي (مذيلاً بكتاب: لباب النقول في أسباب النزول)، بيروت، دار المعرفة.

34. تفسير العياشي، للشيخ أبي النضر محمد بن مسعود العياشي، تحقيق مؤسسة البعثة، ط الأولى، 1421ه-.

ص: 348

35. تفسير الفخر الرازي، (مفاتيح الغيب)، لأبي عبد الله محمد بن عمر الرازي، بيروت، دار احياء التراث العربي، ط الثالثة، 1420ه-.

36. تفسير القمي، لعلي بن إبراهيم القمي، تصحيح وتعليق السيد طيب الموسوي الجزائري، قم، مؤسسة دار الكتاب، ط الثالثة، 1404ه-.

37. التفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكري(علیه السلام)، تحقيق مدرسة الإمام المهدي ، 1409ه-.

38. تفسير فرات الكوفي، للشيخ أبي القاسم فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي، تحقيق: محمد كاظم، ط الأولى، 1410ه-.

39. تفسير نور الثقلين، للشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي، تصحيح وتعليق السيد هاشم الرسولي المحلاتي، مؤسسة إسماعيليان.

40. تهذيب الأحكام (في شرح المقنعة)، للشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي، تحقيق وتعليق السيد حسن الموسوي الخرسان، دار الكتب الإسلامية، 1364ش.

41. ثواب الأعمال وعقاب الأعمال، للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي الملقب بالشيخ الصدوق، تقديم: السيد محمد مهدي السيد حسن الخرسان، قم، منشورات الرضي، ط الثانية.

42. جامع الأخبار (أو: معارج اليقين في أصول الدين)، للشيخ محمد بن محمد السبزواري، تحقيق علاء آل جعفر، بيروت، مؤسسة آل البيت(علیهم السلام) لإحياء التراث، ط الأولى، 1413ه-.

43. حديث الثقلين، لنجم الدين العسكري، مطبعة الآداب النجف الأشرف، ط الرابعة.

ص: 349

44. الخصال، للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري، قم، منشورات جماعة المدرسين، 1403ه-.

45. دعائم الإسلام وذكر الحلال والحرام...، للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد بن منصور بن أحمد بن حيون التميمي المغربي، تحقيق: آصف بن علي أصغر فيضي، دار المعارف، 1383ه-.

46. دلائل الإمامة، للشيخ أبي جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري الصغير (الشيعي)، تحقيق مؤسسة البعثة، ط الأولى، 1413ه-.

47. ديوان أهل البيت(علیهم السلام)، للخطيب الشيخ علي حيدر المؤيد، بيروت، دار العلوم، ط الأولى، 1422ه-.

48. ذخائر العقبى، لمحبّ الدين أحمد بن عبد اللّه الطبري، القاهرة، مكتبة القدسي، 1356ه-.

49. روح المعاني في تفسير القرآن العظيم، للسيد محمود الآلوسي، تحقيق على عبد الباري عطية، بيروت، دار الكتب العلمية، ط الأولى، 1415ه-.

50.روضة الواعظين، للشهيد الشيخ محمّد بن الفتال النيسابوري، قم، طبعة . منشورات الرضي، مع تقديم السيد محمد مهدي السيد حسن الخرسان.

51. الروضة في فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه، السديد الدين شاذان بن جبرئيل القمي (ابن شاذان)، تحقيق علي الشكرجي، مركز الأمير(علیه السلام)، ط الأولى، 1423ه-.

52. سعد السعود، للسيد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس الحسني الحسيني، قم، شريف الرضي، 1363ش.

ص: 350

53. سنن الترمذي، لأبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي، تحقيق وتصحيح عبد الرحمن محمد عثمان، بيروت، دار الفكر، ط الثانية، 1403ه-.

54. السنن الكبرى، لأبي بكر أحمد بن الحسين بن على البيهقي، دار الفكر.

55. سير أعلام النبلاء، لمحمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، أشرف على تحقيقة وخرّج أحاديثه شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، ط التاسعة، 1413ه-.

56. شرح إحقاق الحق وإزهاق الباطل، للسيد شهاب الدين المرعشي النجفي، قم، منشورات مكتبة السيد المرعشي النجفي.

57. شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار(علیهم السلام)، للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي، تحقيق: السيد محمد الحسيني الجلالي، مؤسسة النشر الإسلامي، 1414ه-.

58. شرح نهج البلاغة، لأبي حامد بن هبة الله بن محمد بن محمد بن الحسين بن أبي الحديد المعتزلي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربية، عيسى البابي وشركاه، ط الأولى، 1378ه-.

59. شواهد التنزيل لقواعد التفضيل، للحافظ عبيد الله بن أحمد المعروف بالحاكم الحسكاني، تحقيق الشيخ محمد باقر المحمودي، مجمع إحياء الثقافة الإسلامية، ط الأولى، 1411ه-.

60.صحيح مسلم، لأبي الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري، بيروت، دار الفكر.

61. الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم، للشيخ زين الدين أبي محمد على بن يونس العاملي النباطي البياضي، تصحيح وتحقيق وتعليق محمد باقر

ص: 351

البهبودي، المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية، ط الأولى، 1384ه-.

62. الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف، للسيد رضي الدين أبي القاسم علي بن موسى بن طاووس الحلي، مطبعة الخيام، 1399ه-.

63. طُرفٌ من الأنباء والمناقب، للسيد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني، تحقيق الشيخ قيس العطار، مؤسسة عاشوراء، نشر تاسوعاء، ط الأولى، 1420ه-.

64. علل الشرائع، للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، منشورات المكتبة الحيدرية في النجف، 1385ه-.

65. العمدة (عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار(علیه السلام)، للحافظ يحيى بن الحسن الأسدي الحلي المعروف بابن البطريق، مؤسسة النشر الإسلامي، 1407ه-.

66. عيون أخبار الرضا(علیه السلام)، للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي الملّقب بالشيخ الصدوق، بيروت، منشورات مؤسسة الأعلمي، ط الأولى، 1404ه-.

67. غاية المرام وحجة الخصام في تعيين الإمام من طريق الخاص والعام، للسيد هاشم البحراني، تحقيق السيد علي عاشور.

68. الغدير، للشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي، بيروت، دار الكتاب العربي، ط الرابعة، 1397ه-.

69.غرائب القرآن ورغائب الفرقان، للحسن بن محمد نظام الدين النيسابوري، تحقيق: الشيخ زكريا عميرات، بيروت، دار الكتب العلمية، ط الأولى، 1416ه-.

ص: 352

70. غرر الأخبار ودرر الآثار، للشيخ حسن بن محمد الديلمي، تحقيق: إسماعيل ضيغم، قم، دليل ما، ط الأولى، 1427ه-.

71. الغيبة، للشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي، تحقيق الشيخ عبد الله الطهراني والشيخ علي أحمد ناصح، مؤسسة المعارف الإسلامية، ط الثالثة، 1425ه-.

72. الغيبة، للشيخ أبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن جعفر الكاتب النعماني البغدادي، تحقيق فارس حسون كريم، نشر أنوار الهدى، ط الأولى، 1422ه-.

73. فرائد السمطين، لإبراهيم بن سعد الدين الشافعي، بيروت، مؤسسة المحمود، ط الأولى، 1400ه-.

74. الفصول المهمة في أصول الأئمة(علیهم السلام)، للشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي، تحقيق: محمد بن محمد الحسين القائيني، مؤسسة معارف اسلامي امام رضا(علیه السلام)، ط الأولى، 1418ه-.

75. الفصول المهمّة، لعلي بن محمّد بن أحمد المالكي الشهير بابن الصبّاغ، بيروت، مؤسّسة الأعلمي، ط الأولى، 1408ه-.

76. فضائل الشيعة، الشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي الملقب بالشيخ الصدوق، تهران، كانون انتشارات عابدي.

77. الفضائل، لسديد الدين شاذان بن جبرئيل (ابن شاذان)، المطبعة الحيدرية في النجف الأشرف، 1381ه-.

78. فضل زيارة الحسين(علیه السلام)، لأبي عبد الله محمد بن علي بن الحسن العلوي الشجري، إعداد السيد أحمد الحسيني، مكتبة السيد المرعشي، 1403ه-.

ص: 353

79.قرب الإسناد، الشيخ أبي العباس عبد الله بن جعفر الحميري، قم، تحقيق . مؤسسة آل البيت(علیهم السلام) لاحياء التراث، ط الأولى، 1413ه-.

80. قصص الأنبياء(علیهم السلام) (النور المبين في قصص الأنبياء والمرسلين(علیهم السلام))، للسيد نعمة الله الجزائري، قم، منشورات الشريف الرضي.

81. قصص الأنبياء(علیهم السلام)، لقطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي، تحقيق الميرزا غلام رضا عرفانيان، الهادي، ط الأولى، 1418ه-.

82. الكافي، لثقة الإسلام أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي، تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري، دار الكتب الإسلامية، ط الثالثة، 1363ش.

83. كامل الزيارات، للشيخ أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولوية القمي، تحقيق نشر الفقاهة، ط الأولى، 1417ه-.

84. كتاب الفتوح، لأبي محمد أحمد بن اعثم الكوفي، تحقيق علي شيري، بيروت، دار الأضواء، ط الأولى، 1411ه-.

85. كتاب سليم، لسليم بن قيس الهلالي، تحقيق الشيخ محمد باقر الأنصاري الزنجاني.

86. الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، لأبي القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي، شركة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، 1385ه-.

87. كشف الغمّة، لأبي الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الأربلي، بيروت، دار الأضواء، ط الثانية، 1405ه-.

88. كفاية الأثر، لأبي القاسم علي بن محمد بن على الخزاز القمي الرازي،

ص: 354

تحقيق السيد عبد اللطيف الحسيني الكوه كمري الخوئي، انتشارات بيدار، 1401ه-.

89.كمال الدين وتمام النعمة، للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي الملقّب بالشيخ الصدوق، تصحيح علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشر الإسلامي، 1405ه-.

90. كنز الدقائق وبحر الغرائب، للشيخ محمد بن محمد رضا القمي المشهدي، تحقيق: حسين درگاهي، مؤسسة الطبع والنشر في وزارة الإرشاد، ط الأولى، 1410ه-.

91. كنز العمّال، لعلاء الدين علي المتّقي بن حسام الدين الهندي، بيروت، مؤسّسة الرسالة، 1409ه-.

92. اللهوف في قتلى الطفوف، للسيد علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس، مع كتاب: حكاية المختار في أخذ الثار برواية أبي مخنف، ط أنوار الهدى.

93. مائة منقبة من مناقب أمير المؤمنين والأئمة(علیهم السلام)، للشيخ أبي الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان القمي، تحقيق مدرسة الإمام المهدي(علیه السلام)، قم المقدسة، ط الأولى، 1407ه-.

94. مجمع البيان في تفسير القرآن، لأمين الإسلام أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي، تقديم السيد محسن الأمين، بيروت، منشورات الأعلمي، ط الأولى، 1415ه-.

95. المحاسن، للشيخ أبي جعفر أحمد بن محمد بن خالد البرقي، تعليق: السيد جلال الدين الحسيني المشتهر بالمحدث، دار الكتب الإسلامية،

ص: 355

1370ه-.

96. مختصر بصائر الدرجات، للشيخ حسن بن سليمان الحلي، منشورات المطبعة الحيدرية في النجف الأشرف، ط الأولى، 1370ه-.

97. مدينة المعاجز، للسيد هاشم البحراني، مؤسسة المعارف الإسلامية، تحقيق الشيخ عزة الله المولائي الهمداني، ط الأولى، 1413ه-.

98. المزار الكبير، للشيخ أبي عبد الله محمد بن جعفر المشهدي، تحقيق: جواد القيومي الإصفهاني، مؤسسة النشر الإسلامي، ط الأولى، 1419ه-.

99. المسائل الصاغانية، لأبي عبد اللّه محمّد بن محمّد النعمان العكبري البغدادي، المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد، ط الأولى، 1413ه-.

100. المستدرك على الصحيحين، لأبي عبدالله الحاكم النيسابوري (وبذيله التلخيص للذهبي) بإشراف المرعشلي، بيروت، دار المعرفة.

101. المستدرك، لنجم الدين العسكري، النجف الأشرف، مطبعة الآداب، ط الرابع.

102. مسند، أحمد بن حنبل، (وبهامشه منتخب كنز العمال)، بيروت، دار صادر.

103. مصباح المتهجد، لشيخ الطائفة الشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي، مؤسسة فقه الشيعة، بيروت، ط الأولى، 1411ه-.

104. مع الحسين(علیه السلام) في نهضته، لأسد حيدر، بيروت، دار التعارف، ط الأولى، 1394ه-.

105. معاني الأخبار، للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي الملّقب بالشيخ الصدوق، تصحيح علي أكبر الغفاري، قم،

ص: 356

انتشارات جامعة المدرسين، 1361ش.

106. المعجم الكبير، لأبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، دار احياء التراث العربي، ط الثانية، 1404ه-.

107. مقتل الحسين(علیه السلام) (المتخذ من تاريخ الطبري)، لأبي مخنف، لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف بن سليم الأزدي الغامدي، مع تعاليق: الميرزا الحسن الغفاري، من منشورات المكتبة العامة للسيد شهاب الدين المرعشي النجفي، 1398ه-.

108. مقتل الحسين(علیه السلام)، للمقرم، ط النجف الأشرف.

109. مقتل الحسين(علیه السلام)، للموفق بن أحمد الخوارزمي، تحقيق: الشيخ محمد السماوي، نشر أنوار الهدى، ط الثانية، 1423ه-.

110. المقنعة، للشيخ أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي الملقب بالشيخ المفيد، تحقيق ونشر مؤسسة النشر الإسلامي التابعة الجماعة المدرسين بقم المشرفة، ط الثانية، 1410ه-.

111. ملحمة أهل البيت(علیهم السلام)، لعبد المنعم الفرطوسي، بيروت، دار الزهراء للطباعة والنشر والتوزيع، ط الأولى، 1397ه-.

112. من لا يحضره الفقيه، للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي الملقب بالشيخ الصدوق، تصحيح وتعليق على أكبر الغفاري، منشورات جماعة المدرسين، ط الثانية.

113. مناقب الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(علیه السلام)، للحافظ محمد بن سليمان الكوفي، تحقيق الشيخ محمد باقر المحمودي، مجمع إحياء الثقافة الإسلامية، ط الأولى، 1412ه-.

ص: 357

114. مناقب آل أبي طالب(علیهم السلام)، لأبي عبد الله محمد بن علي بن شهر آشوب المازندراني، تصحيح لجنة من أستاذة النجف الأشرف، المطبعة الحيدرية، النجف الأشرف، 1375ه-.

115. منتخب الأنوار المضيئة، للسيد بهاء الدين علي بن عبد الكريم بن عبد الحميد النيلي النجفي، قم، تحقيق مؤسسة الإمام المهدي(علیه السلام)، ط الأولى، 1420ه-.

116. موسوعة كلمات الإمام الحسين(علیه السلام)، لمعهد تحقيقات باقر العلوم، قم، مطبعة دانش، ط الثالث، 1416ه-.

117. الناصريات، للشريف المرتضى، طهران، مؤسّسة المهدي ، 1417ه-.

118. نظم درر السمطين، لجمال الدين محمّد بن يوسف بن الحسن بن محمّد الزرندي الحنفي، مخطوطات مكتبة الإمام أمير المؤمنين(علیه السلام)، ط الأولى، 1377ه-.

119. نور الأبصار، لمؤمن بن حسن مؤمن الشبلنجي، شركة مصطفى البابي الحلبي، الطبعة الأخيرة، 1367ه-.

120. نهج البلاغة، وهو مجموع ما اختاره الشريف الرضي من كلام سيدنا أمير المؤمنين علي(علیه السلام)، مع ترجمة وشرح: السيد علي نقي فيض الإسلام، انتشارات فقيه، ط الرابعة، 1387ش.

121. نهج البلاغة، وهو مجموع ما اختاره الشريف الرضي من كلام سيدنا ومولانا أمير المؤمنين على(علیه السلام)، مع ترجمة وشرح: السيد علي نقي فيض الإسلام، انتشارات فقيه، ط الثانية، 1387ش.

122. نهج الحق وكشف الصدق، للشيخ حسن بن يوسف بن علي بن محمد بن

ص: 358

المطهر الحلي الملقب بالعلامة الحلي، تعليق: الشيخ عين الله الحسني الأرموي، قم، منشورات دار الهجرة، 1421ه-.

123. اليقين، للسيد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحلي، تحقيق الشيخ محمد باقر الأنصاري، دار الكتاب الجزائري - قم، مؤسسة الثقلين، ط الأولى، 1413ه- (المطبوع مع التحصين).

124. ينابيع المودّة لذوي القربى، الشيخ سليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي، تحقيق سيد علي جمال أشرف الحسيني، نشر دار الأسوة، ط الأولى، 1416ه-.

ص: 359

ص: 360

الفهرس

المقدّمة........... 5

الإمام الحسين(علیه السلام) في سطور............... 6

الإمام الحسين(علیه السلام) شاهداً وحاضراً........... 9

نظرة إلى أسباب النهضة الحسينية وأهدافها........ 11

النور الذي لا يطفى............ 15

الإمام الحسين(علیه السلام) والقرآن................ 16

هذا الكتاب..... 20

سورة البقرة

(1) تأويل الأسماء بأهل البيت(علیهم السلام)............ 27

(2) عظمة نور الحسين(علیه السلام)..... 30

(3) تأويل الشجرة بعلم أهل البيت(علیهم السلام)......... 31

(4) كلمات اللّه.... 35

(5) توسّل موسى بن عمران بأهل البيت(علیهم السلام).... 39

(6) لعن اللّه قتلة الحسين(علیه السلام)................ 41

(7) الكلمات: هي الخمسة الطيبة... 43

(8) الإيمان بما آمن به أهل البيت(علیهم السلام)......... 46

(9) الشهداء على الناس........... 48

(10) تسلّط الإمام(علیه السلام) والاعتداء على الظالمين... 50

(11) الحسين(علیه السلام) الإنسان الكامل............. 52

ص: 361

(12) تأويل الصلوات والصلاة الوسطى بأهل البيت(علیهم السلام).......... 54

(13) تأويل العروة الوثقى بأهل البيت(علیهم السلام)...... 55

(14) تأويل الحبّة والسنابل بأهل البيت(علیهم السلام)..... 58

سورة آل عمران

(15) الراسخون في العلم هم الأئمة(علیهم السلام)........ 63

(16) المصطفون(علیهم السلام)........ 66

(17) الحسين(علیه السلام) من الذرية الطاهرة.......... 68

(18) الحسين(علیه السلام) ابن رسول اللّه(صلی الله علیه و آله)................ 70

(19) أولى الناس بإبراهيم(علیه السلام)................ 75

(20) الفائزون في الجنة............ 78

سورة النساء

(21) مِن أكبر الكبائر قتل الحسين(علیه السلام).......... 80

(22) يأمر القرآن الكريم بالإحسان إلى الحسين(علیه السلام).............. 82

(23) عذاب قاتل الحسين(علیه السلام)............... 83

(24) تفسير الإطاعة ومن يجب طاعته.............. 86

(25) المطيعون للّه وللرسول: الأئمة المعصومون(علیهم السلام)........... 93

(26) وجوب إطاعة الإمام في جميع الأحوال......... 98

(27) وجوب ردّ الأمور إلى الرسول والإمام(علیهم السلام)............... 100

سورة المائدة

(28) الحسين(علیه السلام) وسيلة اللّه................ 102

سورة الأنعام

(29) الحسين(علیه السلام) خازن الوحي............... 105

ص: 362

(30) الحسين(علیه السلام) من حجج اللّة............. 109

سورة الأعراف

(31) الحسين(علیه السلام) من أصحاب الأعراف........ 111

سورة الأنفال

(32) تفسير أولى الأرحام بالأئمة(علیهم السلام)......... 114

سورة التوبة

(33) المؤمنون في الآية هم الأئمة(علیهم السلام)........ 116

(34) تأويل اثنى عشر شهراً بالأئمة(علیهم السلام)....... 119

(35) الأئمة(علیهم السلام) هم الصادقون.............. 123

سورة يونس

(36) رفقاء المؤمن في الجنة...... 125

سورة الرعد

(37) الحسين(علیه السلام) من الهداة................ 127

(38) علم الكتاب عند الحسين(علیه السلام)........... 130

سورة إبراهيم

(39) الحسن والحسين(علیهما السلام) ثمر الشجرة الطيّبة.............. 132

سورة الحجر

(40) تأويل إخواناً على سُرُر متقابلين.............. 135

(41) الحسين(علیه السلام) من المتوسمين............ 137

سورة النحل

(42) تأويل أهل الذكر بأهل البيت(علیهم السلام)........ 139

ص: 363

(43) الحسين(علیه السلام) من ذوي القربى........... 142

سورة الإسراء

(44) الأئمة المعصومون(علیهم السلام)............... 144

(45) فدك حق فاطمة وابنيها(علیهم السلام)........... 148

(46) تأويل المظلوم بالحسين(علیه السلام)............ 150

(47) الحسين(علیه السلام) وسيلة إلى الله تعالى........ 152

(48) الحسين(علیه السلام) إمام هدىً................ 153

سورة الكهف

(49) الحسين(علیه السلام) سبيل النجاة.............. 156

(50) الحسين(علیه السلام) الكنز إللهي............... 158

سورة مريم

(51) الحسين عزيز فاطمة(علیهما السلام)............. 160

(52) بين يحيى والحسين(علیهما السلام).............. 163

سورة طه

(53) آدم يتوسل بهم(علیهم السلام).... 165

(54) شدّة اهتمام أهل البيت(علیهم السلام) بالصلاة..... 167

سورة الأنبياء

(55) الحسين(علیه السلام) من أهل الذكر والعلم والعقل والبيان.......... 169

سورة الحج

(56) قال الحسين: صدق اللّه، وقال بنو أمية: كذب اللّه............. 170

(57) الحسين(علیه السلام) مظلوم..... 172

ص: 364

(58) الحسين(علیه السلام) أُخرج من دياره مظلوماً..... 174

(59) الحسين(علیه السلام) أقام الصلاة............... 176

(60) بالحسين(علیه السلام) يمسك اللّه السماء......... 177

(61) الحسين(علیه السلام) شهيد على الناس.......... 179

سورة المؤمنون

(62) أهل البيت(علیهم السلام) هم المؤمنون حقاً....... 183

(63) صبره(علیه السلام) في طاعة اللّه............... 185

سورة النور

(64) الحسين(علیه السلام) مصباح الهدى............ 186

(65) تفسير (البيوت المرفوعة) ومصاديقها......... 189

سورة الفرقان

(66) صبره(علیه السلام) على ما نزل به............... 192

(67) النسب الطاهر(علیهم السلام).... 194

(68) الحسين(علیه السلام) قرة عين النبي(صلی الله علیه و آله).............. 196

(69) جزاء الصبر: الغرفة في الجنة مع التحيّة........ 198

سورة الشعراء

(70) تفسير الساجدين وفضيلة أبي طالب(علیه السلام)... 199

(71) جزاء الظالمين للحسين(علیه السلام)............. 201

سورة النمل

(72) المصطفون هم أهل البيت(علیهم السلام).......... 205

سورة القصص

(73) الحسين من المستضعفين بعد النبي(صلی الله علیه و آله)............ 206

ص: 365

سورة الروم

(74) الفدك هدية اللّه لهم(علیهم السلام).............. 208

(75) الذين أوتوا العلم والإيمان كاملاً هم الأئمة(علیهم السلام)........... 209

سورة لقمان

(76) الحسين(علیه السلام) هو العروة الوثقى........... 212

سورة الأحزاب

(77) الحسين(علیه السلام)أولى بالمؤمنين من أنفسهم وتأويل أولي الأرحام.............. 214

(78) الحسين(علیه السلام) في آية التطهير............ 218

(79) عرض الأمانة وتأويلها....... 224

سورة فاطر

(80) الحسين(علیه السلام) من أولياء اللّه............. 228

(81) الحسين(علیه السلام) سابق بالخيرات............ 230

سورة الصافات

(82) إبراهيم(علیه السلام) من شيعة الحسين(علیه السلام) ومحبيه.......... 233

(83) تأثير مصيبة الحسين(علیه السلام) على إبراهيم الخليل(علیه السلام).... 235

(84) ثواب الجزع في مصيبة الحسين(علیه السلام)..... 236

(85) الحسين(علیه السلام) معلّم التسبيح............. 238

سورة ص

(86) الحسين(علیه السلام) أعلى من الملائكة......... 240

سورة غافر

(87) الحسين(علیه السلام) من حملة العَرش.......... 242

ص: 366

(88) إن اللّه تعالى ينصر الحسين(علیه السلام) في الدنيا............... 244

سورة الشورى

(89) مودة الحسين(علیه السلام) واجبة............... 246

سورة الزخرف

(90) الإمامة في عقب الحسين(علیه السلام)........... 250

سورة الدخان

(91) بكاء السماء والأرض على الحسين ويحيى(علیهما السلام)......... 254

سورة الجاثية

(92) الحسين(علیه السلام) من الذين آمنوا وعملوا الصالحات........... 257

سورة الأحاقف

(93) تأويل الإنسان بالحسين(علیه السلام)............ 258

سورة محمد(صلی الله علیه و آله)

(94) الحسين(علیه السلام) من المؤمنين الحقيقيين..... 261

سورة الفتح

(95) الحسن والحسين(علیهما السلام) سيدا شباب أهل الجنة........... 262

سورة الحجرات

(96) بشارة النبي(صلی الله علیه و آله) لفاطمة(علیها السلام)................ 265

سورة الذاريات

(97) أهل البيت(علیهم السلام) في الليالي والأسحار..... 268

ص: 367

سورة الطور

(98) أهل البيت(علیهم السلام) مع النبي(صلی الله علیه و آله)................ 269

سورة النجم

(99) فضائل الحسين(علیه السلام) نازلة من وحي السماء............... 271

سورة الرحمن

(100) المغربين الحسن والحسين(علیهما السلام)....... 274

(101) اللؤلؤ والمرجان الحسن والحسين(علیهما السلام)................ 275

سورة الواقعة

(102) تأويل وتفسير السابقين...... 278

سورة الحديد

(103) مقام أهل البيت(علیهم السلام) في القيامة والجنّة................ 281

(104) تأويل النور والكفلين....... 283

سورة المجادلة

(105) تأويل النجوى والكتابة...... 286

سورة الشمس

(106) إيثار أهل البيت(علیهم السلام)... 288

سورة التحريم

(107) الأنوار المضيئة............ 291

(108) مثلٌ ضربه اللّه لفاطمه(علیها السلام)............ 294

سورة الحاقة

(109) تأويل حملة العرش ثمانية.... 296

ص: 368

سورة الجن

(110) جزاء المسلمين ومكافاة القاسطين........... 297

سورة الإنسان

(111) ويطعمون الطعام........... 299

سورة المرسلات

(112) جزاء المتقين............. 312

سورة النبأ

(113) الحسين(علیه السلام) أول من يخرج في الرجعة... 314

سورة النازعات

(114) تأويل الراجفة والرادفة...... 315

سورة عبس

(115) استبشار الحسين(علیه السلام)................ 316

سورة التكوير

(116) تأويل الموءودة............ 317

سورة الإنفطار

(117) الحسين(علیه السلام) من الأبرار............... 318

سورة المطففين

(118) الحسين(علیه السلام) في علّيين............... 319

سورة الفجر

(119) وليالٍ عشر............... 322

ص: 369

(120) معنى الشفع.............. 323

(121) النفوس المطمئنة والراضية والمرضية(علیهم السلام).............. 324

سورة البلد

(122) تأويل الوالد وما ولد........ 328

(123) تأويل العينين واللسان...... 330

سورة الشمس

(124) تأويل القمر بالحسنين(علیهما السلام).......... 332

سورة التين

(125) تأويل التين والزيتون بالحسنين(علیهما السلام)... 335

سورة القدر

(126) محل معراج الملائكة...... 338

سورة العصر

(127) وصية النبي(صلی الله علیه و آله) بحفظ الحسنين(علیهما السلام)........ 341

سورة الكوثر

(128) الكوثر وهو نهر في الجنة لأهل البيت(علیهم السلام)............. 343

المصادر........ 345

الفهرس......... 361

ص: 370

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.