سلسلة الأنوار الثقافیة (5)

إلی المبلغین

فی شهر رمضان المبارک

ص: 2

إلی المبلغین

فی شهر رمضان المبارک

کلمات و ارشادت

سماحة ایة الله العظمی المرجع الدینی الکبیر

الشیخ بشیر حسین النجفی

دام ظله الوارف

اعداد

قسم الإعلام

فی مؤسسة الأنوار النجفیة للثقافة والتنمیة

ص: 3

ص: 4

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 5

ص: 6

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ»

«شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِی أُنْزِلَ فِیهِ الْقُرْآنُ هُدًی لِلنَّاسِ وَبَیِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَی وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْکُمُ الشَّهْرَ فَلْیَصُمْهُ وَمَنْ کَانَ مَرِیضًا أَوْ عَلَی سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَیَّامٍ أُخَرَ یُرِیدُ اللَّهُ بِکُمُ الْیُسْرَ وَلَا یُرِیدُ بِکُمُ الْعُسْرَ وَلِتُکْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُکَبِّرُوا اللَّهَ عَلَی مَا هَدَاکُمْ وَلَعَلَّکُمْ تَشْکُرُونَ»

البقره 185

«وَمَا کَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِیَنْفِرُوا کَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ کُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِیَتَفَقَّهُوا فِی الدِّینِ وَلِیُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَیْهِمْ لَعَلَّهُمْ یَحْذَرُونَ»

التوبه 122

ص: 7

ص: 8

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَنزَلَ عَلَی عَبْدِهِ الْکِتَابَ وَلَمْ یَجْعَل لَّهُ عِوَجَا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی فَضَّلَنَا عَلَی کَثِیرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِینَ؛ بأن أرسل إلینا نبی الرحمة وحبانا بنعمة الولاء له ولخیر الخلق من بعده، أئمة المسلمین عِدل القرآن..

قال الله فی محکم کتابه المنزل: [شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِیَ أُنزِلَ فِیهِ الْقُرْآنُ هُدًی لِّلنَّاسِ وَبَیِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَی وَالْفُرْقَانِ]((1))، وقال عزّ من قائل: [فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن کُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّیَتَفَقَّهُواْ فِی الدِّینِ وَلِیُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إذا رَجَعُواْ إِلَیْهِمْ لَعَلَّهُمْ یَحْذَرُونَ]((2)).

ص: 9

لا شک أن أعظم نعم الله هی نعمة الإسلام, وإن نعمه لا تعدُّ ولا تحص )وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا(((1)). ولا یکون الإسلام إسلاما, والرجل مسلما حتی ینتزع من نفسه أوهام دنیاها, لیضعها ما بین یدَیْ حقیقتها الإلهیة.

فیروِّضها کل یومٍ خمس مرات بالصلوات, فهی عمادٌ لدینه کما وصفها النبی الأعظم(صلی الله علیه واله) بأنها عمود الدین((2)).

وبذلک یخلق الوجود الروحی الذی یجعل حرب الدنیا المهلکة حربا فی خارج النفس لا فی داخلها, فیستشعر انه حطم بالانصراف إلی الصلاة جمیع الحدود الأرضیة المحیطة بنفسه من الزمان والمکان, وخرج منها إلی روحانیة لا تتعلق لا تتعلق إلا بالله وحده.

ولا یکون الإسلام إسلاماً والرجل مسلماً حتی یتدبر حکمة الصیام فی الإسلام لیری هذا الشهر نظاما عملیاً من أقوی وأبدع الأنظمة..(کتب علیکم الصیام)فیتساوی الجمیع فی بواطنهم سواء منهم مَنْ ملک الکثیر, ومن ملک القلیل,ومن لا یملک شیئا,تماما کما یتساوی الناس فی کبریائهم الإنسانیة بالصلاة التی یفرضها

ص: 10

الإسلام علی کل مسلم, وفی ذهاب تفاوتهم الاجتماعی بالحج الذی یفرضه علی من استطاع, وهکذا یضع الإنسانیة کلها فی حالة نفسیة واحدة تتلبس لها النفس فی مشارق الأرض ومغاربها.

فکُتب علینا الصیام فی شهر رمضان وهو مدرسة للروح والجسد معاً، تتمازج لتعید لنا إنسانیتنا من جدید، فنعیشها بروحانیة عالیة، فکانت أنفاسنا فیه تسبیحاً، ونومنا فیه عبادة، أفهل ثمة کرم یفوق هذا الکرم، ونعمة تفوق هذه النعمة.

ومِن نعم الله علینا، أن هدانا بالرسول وآله، وجعل حبل الوصال بیننا وبینهم بالعلماء الربانیین الذین أجهدوا أنفسهم لخدمة شریعة سید المرسلین، وإنقاذ الأمة من الضلال المبین، فکانوا عونا لنا فی معرفة طریق الهدایة إلی إحکام الله, فهم کسلسلة تتصل حلقاتها واحدة بواحدة، وستظل متصلة دون انفراط حتی یظهر صاحب الأمر فتذعن له بالانقیاد, نعمة أخری خصنا الله بها أن وفقنا لخدمة دینه عن طریق نقل مُفاد سماحة المرجع الدینی الکبیر آیة الله العظمی الشیخ بشیر حسین النجفی(دام ظله) إلی المؤمنین، العطشی لمعرفة تعالیم دینهم الحنیف أولاً، وإلی رواد المنبر ومرشدی الناس إلی شریعة خیر خلق الله ثانیاً فکان لزاما أن نضع توجیهات وإرشادات سماحة المرجع(دام ظله) أمام شریحة

ص: 11

المبلغین لیؤدوا أثناء واجبهم التبلیغی فی شهر رمضان المبارک، تبلیغ المعانی والعبر والمواعظ المستقاة من توجیهات ومحاضرات سماحة المرجع(دام ظله) فی الشأن الرمضانی، وبالخصوص ما وجهه له(دام ظله) فرسان المنابر والمبلغین، فکان أن کلَّف قسم الإعلام فی مؤسسة الأنوار النجفیة الأستاذ مهدی الفحام لجمع وإخراج هذا الکتاب مشکوراً- بمبارکة من لدن مکتب سماحة المرجع(دام ظله)- لیضع فی هذا الکتاب أهم المحاور والمفاهیم الابتلائیة والتی نجد فیها حاجة ملحة لأن تصل إلی المجتمع بصورة عامة، والمبلغین بصورة خاصة..

وما حَسْبُنَا إلا اللّهُ [سَیُؤْتِینَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إلی اللّهِ رَاغِبُونَ]((1)).

----

قسم الإعلام

فی مؤسسة الأنوار النجفیة للثقافة والتنمیة

15 رجب الاصب 1434 ه-

ص: 12

ص: 14

فقد رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْخَثْعَمِیِّ، عَنْ غِیَاثِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ(علیه السلام)، قَالَ: قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ: (لاَ تَقُولُوا رَمَضَانَ، وَلَکِنْ قُولُوا شَهْرُ رَمَضَانَ، فَإِنَّکُمْ لَا تَدْرُونَ مَا رَمَضَانُ)((1))، وَرَوَی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی نَصْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ(علیه السلام)، قَالَ: کُنَّا عِنْدَهُ ثَمَانِیَةَ رِجَالٍ، فَذَکَرْنَا رَمَضَانَ. فَقَالَ: (لاَ تَقُولُوا هَذَا رَمَضَانُ، وَلَا ذَهَبَ رَمَضَانُ، وَلَا جَاءَ رَمَضَانُ، فَإِنَّ رَمَضَانَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ(عزوجل)، لاَ یَجِی ءُ وَلَا یَذْهَبُ، وَإِنَّمَا یَجِی ءُ وَیَذْهَبُ الزَّائِلُ، وَلَکِنْ قُولُوا شَهْرُ رَمَضَانَ، فَإِنَّ الشَّهْرَ مُضَافٌ إلی الاسْمِ، وَالاسْمُ اسْمُ اللَّهِ عَزَّ ذِکْرُهُ، وَهُوَ الشَّهْرُ الَّذِی أُنْزِلَ فِیهِ الْقُرْآنُ جَعَلَهُ مَثَلاً وَعِیداً)((2)).

ص: 16

البعث الکافر أن یُبعِدَ فیه أبناء الشعب عن علمائهم فی الحوزة العلمیة فی النجف الأشرف((1)).

إن ثمرة شهر رمضان المبارک تتجلی وتعظم مع الالتزام بالأمر بالمعروف والنهی عن المنکر، وما دامت هذه الشعیرة ترافق الأفراد الواعین فی المجتمع فإنَّ المُجتمع یأخذ طرِیقهُ إلی التکامل وتصبح لعبادتنا فی شهر رمضان المبارک معنی((2)).

وقد، رَوی أبو بصیر عن الإمام جعفر بن محمد الصادق(علیهما السلام) أنه قال: (...شَهْرُ رَمَضَانَ لاَ یُشْبِهُهُ شَیْ ءٌ مِنَ الشُّهُورِ، لَهُ حَقٌّ وَحُرْمَةٌ، أَکْثِرْ مِنَ الصَّلاَةِ فیه مَا اسْتَطَعْتَ)((3)) خصه الله سبحانه وتعالی بالعبادة فیه. وفیه من الفیوضات الروحیة التی تعد بوابة للانطلاق فی سلم التقوی یقول سماحة المرجع(دام ظله): (الصوم عبادة مقدسة وتشریع عبادی فرید ومنبع تربوی سام متمیز, خیر ما یعین العبد علی تزکیة النفس وتصفیتها، وصقل الروح وتهذیب الخلق وکبح الشهوات البهیمیة الجسدیة وشذب العلائق المادیة المهلکة عن النفس).

ص: 18

وهذه العبادة تسمو بالصائم بالحق إلی الحصافات الشفافة العالیة ومعارج الروح الصافیة حیث الرحابات المتعالیة المفعمة بعرف الإیمان النقی والموشجة بوشائج الطهر والنزاهة لتسبح نفسه فی نمیر الرحمة الإلهیة((1)).

لذا یؤکد سماحته فی العدید من البیانات الصادرة بمناسبة حلول هذا الشهر الکریم واللقاءات مع المبلغین والمبلغات علی ضرورة (بیان أهمیة شهر رمضان وتوضیح ارتباط الصوم بالتقوی التی جعلت غایة لفعل الصوم فی قوله سبحانه: )یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُواْ کُتِبَ عَلَیْکُمُ الصِّیَامُ کَمَا کُتِبَ عَلَی الَّذِینَ مِن قَبْلِکُمْ لَعَلَّکُمْ تَتَّقُونَ(((2))، والکشف عن الحِکَم التی أشار إلیها المعصومون(علیهم السلام) ونحبذ للخطباء المحترمین الاستعانة بهذا الشأن بخطبة الرسول الأعظم(صلی الله علیه واله) فی آخر جمعة من شعبان وغیرها من الروایات فی المصادر المعتبرة، وینبغی أن توضح للناس مدی التأثیر السلبی لفعل المنکر بل المکروه فی هذه العبادة الشریفة، بل لکل مکان

ص: 19

فی أیة لحظة من هذا الشهر الشریف، وأنه کیف یصبح الصوم مجرد جوع وعطش خال من کل المعانی السامیة بفعل المنکر((1)).

ص: 20

الحیاة, ولکن الله سبحانه نبهنا علی خطأ هذا التخیل وأکد بتعبیرات متنوعة علی أن الإسلام نعمة جاءت لرفع مستوی البشریة وإخراجها من الحضیض الذی دفع إلیه بفعل الشیطان مستعیناً بالنفس الأمّارة بالسوء فقد قال الله سبحانه: )الْیَوْمَ أَکْمَلْتُ لَکُمْ دِینَکُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَیْکُمْ نِعْمَتِی وَرَضِیتُ لَکُمُ الإِسْلاَمَ دِیناً(((1))، وقال: )وَاذْکُرُواْ نِعْمَة اللّهِ عَلَیْکُمْ إذ کُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَیْنَ قُلُوبِکُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَکُنتُمْ عَلَیَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَکُم مِّنْهَا کَذَلِکَ یُبَیِّنُ اللّهُ لَکُمْ آیَاتِهِ لَعَلَّکُمْ تَهْتَدُونَ(((2))، واعتبرت الآیة: )لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَی الْمُؤمِنِینَ إذ بَعَثَ فِیهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ یَتْلُو عَلَیْهِمْ آیَاتِهِ وَیُزَکِّیهِمْ وَیُعَلِّمُهُمُ الْکِتَابَ وَالْحِکْمَةَ وَإِن کَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِی ضَلالٍ مُّبِینٍ(((3)). بعثة النبی منّة وإحساناً بقول مطلق، وهکذا یجد الباحث آیات تؤکد هذا المعنی.

ص: 22

ولم یکلنی إلی الناس فیهینونی)((1)) وعلینا جمیعاً التأکید علی هذا المعنی کی لا یتخیل الناس العبادات الإلزامیة وغیرها ثقلاً علی أنفسهم وقیداً لحریتهم ولذلک نقل عن بعض الصالحین أنَّه کان فی نهایة شهر رمضان یبکی لان صدیقه العزیز وحبیبه یرید أن یفارقه إلی السنة القادمة فکما أن الدنیا کلها وسیلة للفوز فی الآخرة ومزرعة نحصد یوم القیامة محصول ما زرعناه کذلک الطاعات الإلهیة الإلزامیة وغیرها ذرائع لکسب رضا الرب والزلفی لدیه فان الطاعات هی الوسیلة الوحیدة لإصلاح النفوس وجلیها ورقیها لکی تصبح صالحة للسکنی مع أولیاء الله الإبرار فی جنات الخلود((2)).

ص: 24

جوارحه)، یجب أن یتناغم الصوم مع نفسیة الصائم ویتداخل فی عمقها وشهر الصوم (شهر دعیتم فیه إلی ضیافة الله وجعلتم فیه من أهل کرامة الله أنفاسکم فیه تسبیح، ونومکم فیه عبادة، وعملکم فیه مقبول، ودعائکم فیه مستجاب، فاسألوا الله بنیات صادقة وقلوب طاهرة أن یوفقکم لصیامه وتلاوة کتابه فإن الشقی من حرم غفران الذنوب فی هذا الشهر العظیم)((1))، و(الصوم جُنة من النار فإن سکنت أطرافک فی حجبها رجوت أن تکون محجوباً وان ترکتها تضطرب فی حجابها وترفع جنبات الحجاب فتطلع إلی ما لیس لها بالنظرة الداعیة للشهوة والقوة الخارجة عن حد التقیة لله لم تأمن أن تخرق الحجاب وتخرج منه ولا قوة إلا بالله)((2))، والغایة السامیة فی فرض (الصیام تثبیتاً للإخلاص) وقد مهَّد الرحیم الحکیم بهذا التشریع الطریق (لعرفان مس الجوع والعطش لیکون العبد مسکیناً ذلیلاً مأجوراً محتسباً صابراً... ولیستوی به الفقیر والغنی وذلک لأن الغنی لم یکن لیجد مس الجوع فیرحم الفقیر لأن الغنی کل ما أراد شیئاً قدر علیه فأراد الله

ص: 26

أن یساوی بین خلقه وأن یذیق الغنی مس الجوع والألم لیرقَّ علی الضعیف ویرحم الجائع)((1)).

ویبین سماحته أن علی المبلغ ضرورة أن یحث المؤمنین علی استثمار شهر رمضان المبارک لاغتنام التوبة والإکثار من العبادة وان تؤدی هذه العبادات إلی إحداث تغییر جذری فی حیاته وتعامله فیقول(دام ظله):

یجب أن یکون العبد فی هذا الشهر الکریم من السابقین لاغتنام التوبة والتوسل بالله والإکثار من العبادة فیه لأنه شهر لیس کبقیة الشهور فهو شهر الله تبارک وتعالی، کذلک فإن الصوم فیه من الفرائض الواجبة علی المؤمن بشرط أن یکون ذلک الصیام بکل جوارحه ولیس عن الأکل والشرب فقط.. وأن یجعل الصیام فیه تحوُّلاً جذریاً فی أسلوبه وتعامله وأخلاقه مع الناس وعائلته وجیرانه، فالکثیر ممن یذهب صومه سدی بسبب سوء أخلاقه((2)).

ص: 27

ویعلم فضل عملکم مما ورد من قول الرسول الأعظم(صلی الله علیه واله) لأمیر المؤمنین(علیه السلام): (یا علی أیم الله لأن یهدی الله بک رجلاً واحداً خیر لک مما طلعت علیه الشمس وغربت)((1)).

ص: 30

وقوله تعالی عن مهمة جمیع الرسل الذین بعثهم (علیهم السلام): [فَهَلْ عَلَی الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِینُ]((1))، [قَالُوا رَبُّنَا یَعْلَمُ إِنَّا إِلَیْکُمْ لَمُرْسَلُونَ]((2)). [وَمَا عَلَیْنَا إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِینُ]((3))، [هَ-ذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِیُنذَرُواْ بِهِ وَلِیَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَ-هٌ وَاحِدٌ وَلِیَذَّکَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ]((4)).

[قُلْ أَیُّ شَیْءٍ أَکْبَرُ شَهَادةً]؟ [قُلِ اللّهِ شَهِیدٌ بِیْنِی وَبَیْنَکُمْ وَأُوحِیَ إِلَیَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَکُم بِهِ وَمَن بَلَغَ] ((5)).

[الَّذِینَ یُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَیَخْشَوْنَهُ وَلَا یَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَکَفَی بِاللَّهِ حَسِیباً]((6))، [عَالِمُ الْغَیْبِ فَلَا یُظْهِرُ عَلَی غَیْبِهِ أَحَداً ! إِلَّا مَنِ ارْتَضَی مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ یَسْلُکُ مِن بَیْنِ یَدَیْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً ! لِیَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَیْهِمْ وَأَحْصَی کُلَّ شَیْءٍ عَدَداً]((7)).

ص: 32

ویؤکد سماحته(دام ظله) لقد أتیحت لکم الفرصة لکسب الآخرة، فعن الإمام الصادق(علیه السلام) قال: قال رسول الله(صلی الله علیه واله) للإمام علی(علیه السلام): (یا علی لئن یهدی الله بک أحداً خیر لک مما طلعت علیه الشمس وغربت) فعلیکم بهدایة الناس وتعلیمهم أمور دینهم ودنیاهم فبهذا العمل تکونون قد أحرزتم الآخرة((1)).

أیها الأخوة المبلغون وبناتی المبلغات إن التبلیغ کما تقدم وظیفة الأنبیاء والرسل والأئمة الطاهرین(علیهم السلام) فکل مبلِّغ یحمل علی عاتقه مسؤولیة عظمی یجب أن یسعی فی تفریغ ذمته منها بالبلاغ والنصیحة((2)).

ص: 33

نتلمس ذلک فلا توجد مدینة کبری فی العالم إلا وفیها من یقول: (أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمد رسول الله(صلی الله علیه واله)((1)).

وینبغی أن نعلم جمیعاً أن الوعظ والإرشاد، والدعوة إلی الله سبحانه والحث علی التمسک بالشریعة الغراء، ما لم یستند علی التزام الواعظ وتمسک الداعی إلی الله بروح الدین، لم یکن لفعله - فی معظم الحالات - أی أثر فی نفوس الناس، فیجب أن نصوغ أنفسنا فی قالب الإیمان الذی لا یتحقق إلا بالتطبیق الحرفی الدقیق لأعمالنا علی الشریعة المقدسة، ومعلوم أن المواعظ لا تنبعث من قلبٍ قاسٍ أسودَّ بالمعاصی، فلیکن لکل واحد منا واعظ له من نفسه قبل أن یکون هو واعظاً لغیره.

ویجب أن تنتبه إلی أن الناس ینظرون إلی أعمال الوعاظ قبل أن ینتبهوا إلی أقوالهم، فالواعظ إنما یتمکن من الهدایة إذا کان مهتدیاً فیتمکن من خلق الرغبة فی التقوی لدی الناس إذا کان متقیاً، وفی عکس ذلک یکون الإنسان مصداقاً لقوله سبحانه: )أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَکُمْ..(((2))، فتصبح

ص: 35

المواعظ التی نجتهد فیها معصیة - نستجیر بالله - ثم ینبغی للخطباء أن یدعون الناس إلی النجف الأشرف، منبع العلم ومنطلق الفیوض ومعدن الشرف شمس الهدایة أساس الحوزات العلمیة المنتشرة فی العالم کله، فإن النجف الأشرف هی التی ینبغی أن تکون قدوة وقائداً یجب أن نحمیها لتحمینا ویجب علینا أن نرعاها فترعانا، ویجب علینا جمیعاً الترکیز علی ضرورة الالتفاف حول النجف وعلمائها لتبقی أزمّة الأمور فی أیدی أمینة ویتمکن قادتها من خدمة المجتمع وحمایته ورعایة حقوقه((1)).

إن الدعوة إلی الله وإلی طاعته تصبح بلا معنی وبلا مفعول إذا کان الداعی نفسه بمعزل عنها ولو فی بعض الجهات بل یکون عمله خالیاً من جمیع معانی الشرف ویصبح مصداقاً وهدفاً لقوله سبحانه: [وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُکِّرَ بِآیَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِیَ مَا قَدَّمَتْ یَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَی قُلُوبِهِمْ أَکِنَّةً أَن یَفْقَهُوهُ وَفِی آذَانِهِمْ وَقْراً]((2))، وقوله عز من قائل: [وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُکِّرَ بِآیَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ

ص: 36

أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِینَ مُنتَقِمُونَ]((1)) وتجسید الدین بسلوکهم.

والظاهر أن أبرز المصادیق لهذه الآیات هو من تعلم ووعی وأدرک ثم لم یطبق عمله علی ما علم ونصَب نفسه داعیاً إلی الله(عزوجل) بدون استحقاق. ومن نعم الله علی عبده أنه یجعله علی وعی والتفات دائم إلی تقصیره فیما إذا استمر فی غیه تارکاً العمل بما علم ویکون انتباهه حجة علیه فی الدنیا والآخرة، قال الله سبحانه: [فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُکِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَیْهِمْ أَبْوَابَ کُلِّ شَیْءٍ حَتَّی إذا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ]((2)).

ص: 37

ص: 40

ورجل دعته امرأة ذات حسب وجمال فقال: إنّی أخاف الله، ورجل تصدّق بصدقة فأخفاها حتّی لا تعلم شماله ما تصدّق بیمینه)((1)).

فیؤکد سماحة المرجع فی أکثر من لقاء مع المؤمنین والمبلغین علی ضرورة أحیاء الشعائر الدینیة فی المساجد وإقامة العبادات(إعمار المساجد لا یکون ببنائها فقط وإنما بإقامة الصلاة فیها کذلک, فأنتم أهل الصلاة وأنتم أهل المساجد, وأنتم ولد إمامکم فی الکعبة سید المساجد وقبلتها، واستشهد فی المسجد، ویجب أن تکون المساجد مملوءة بالمصلین، فکلما زاد عدد المصلین زاد أجرهم)((2)) وهنا یقول(دام ظله) للمبلغین: هذا الشهر ربیع المساجد والمحاریب والقرآن، فیجب أن تمتلئ المساجد والحسینیات بروادها وتمتلئ النفوس بحب الصلاة والصوم وتلاوة القرآن، ولا یکاد أن یتم ذلک إلا بجهودکم أیها الأجلاء، ویجب أن نعلم جمیعاً أن رجال الدین والخطباء منهم بالخصوص مطالبون أکثر من غیرهم ببذل تمام الطاقة لجلب المؤمنین إلی المساجد والحسینیات لتزدهر بالشعائر وإحیاء حب الدین فی قلوبهم وملئ نفوسهم بتقوی الله وحثهم علی ترک المعاصی((3)).

ص: 42

إخلاص, وعلی المؤمن أن یتحلی بهذه الصفة، مشیراً أیضاً: لقد أتیحت لکم الفرصة لکسب الآخرة فعن الإمام الصادق(علیه السلام) قال: قال رسول الله(صلی الله علیه واله) للإمام علی(علیه السلام): (یا علی لإن یهدی الله بک أحداً خیر لک مما طلعت علیه الشمس وغربت)، فعلیکم بهدایة الناس وتعلیمهم أمور دینهم ودنیاهم فبهذا العمل تکونون قد أحرزتم الآخرة، وأن وظیفتکم هذه تبتدئ من أنفسکم وتنطلق نحو کل المؤمنین، وبخلاف ذلک سیؤول مسار عملکم نحو الضیاع، وإن ما کان لله ینمو((1)).

فینبغی للخطیب أن یکون عمله خالصاً لله سبحانه ویسعی من خلال منبر الحسین(علیه السلام) إلی حَثّ الناس علی الالتزام بالدین والالتفاف حول العلماء والارتباط الوثیق مع الحوزة العلمیة فی النجف الأشرف صانها الله من ریب الدهور((2)).

ص: 44

هذا وکانت لسماحة المرجع سلسلة من التوجیهات وعدة وقفات مع هؤلاء المرجفین، وهنا سنقف عند واحدة من - کلمات سماحته(دام ظله) - ونفحاته النوریة وتوجیهاته القدسیة لن-زداد یقیناً ونأخذ مصل الوقایة من تلک الشراذم.

قد ورد فی التوقیعات الشریفة المرویة عنه بطریق نخبة من أصحابه انقطاع السفارة المباشرة الخاصة بینه وبین شیعته منذ وقوع الغیبة الکبری، فمن ینتحل زوراً وبهتاناً شخصیة معینة کوکیل خاص للإمام أو سفیر بینه وبین شیعته وأنه یتلقی الأوامر والنواهی منه مباشرة فهو کذاب أشر فاسد ومفسد ویکذب علی الإمام المعصوم(علیه السلام) ویجب ردعه بکل وسیلة ممکنة وفضحه وفضح نوایاه لیأمن المسلمون شره ولو تمکن الحاکم الشرعی لوجب تعزیره وتعزیر من یصدقه، وأما انخداع بعض العوام وتصدیق مثل هؤلاء الباهتین فلا یستغرب، فإن الناس فی کل زمان هم الناس، وقد روی القرآن الکریم قصة عبادة الیهود لعجل السامری مع وجود هارون بینهم ومیل الناس عن أشرف المخلوق بعد رسول الله إلی من لا یکاد یدرک شأوه ولا ینال غباره، ولکن الزمان هو

ص: 47

الزمان یقول سید الأوصیاء(علیه السلام) (متی اعترض بی الریب مع الأول منهم حتی صرت أقرن إلی هذه النظائر)، (أنزلنی الدهر ثم أنزلنی حتی قیل علی ومعاویة)((1)).

وفی مثل هذه الظروف تزداد بل تتضاعف مسؤولیة رجل الدین لیتمکن من أداء واجبه، فیجب أن یتخلق بالأخلاق المحمدیة الغراء ویتخذ أسلوبا مرنا لینا لعله یمکّنه من تذکیر الناس ودعوتهم إلی خشیة الله والالتزام بجادة الصواب((2)).

ص: 48

أداء واجبکم ویمکّنکم من القیام بالمسؤولیة التی هی وظیفة الأنبیاء والرسل، والله ناصرکم وهو نعم المولی ونعم النصیر والسلام علیکم((1)).

اعلموا أیها الأجلة أن هناک مشاکل تواجهونها فی المجتمع من خلال عملکم الشریف, فهناک من یدعو الناس إلی ترک الاهتمام بقضیة الحسین(علیه السلام)، بتعبیرات خلابة، وطرق ملتویة، قد تغذی هؤلاء من سُفَر أعداء أهل البیت(علیهم السلام) فأصبحوا ضالین ومضلین، فإن الحسین مصباح الهدی وسفینة النجاة، فإحیاء مواقفه والتأکید والترسیخ لنهضته من خلال الشعائر الحسینیة مما دعا إلیه الأئمة(علیهم السلام)((2)).

ص: 51

بتعدد الطوائف والبسطاء منهم خاصة لقمة سائغه بأیدیهم. وفی مثل هذه الحال یجب کسب الاستعداد التام لمقارعة هذا الانحراف وأسبابه، فقد روی عن الرسول(صلی الله علیه واله) أنه قال: (إذا ظهرت البدع فی أمتی فلیظهر العالم علمه، فمن لم یفعل فعلیه لعنة الله)((1))، وعن أمیر المؤمنین(علیه السلام): (إن العالم الکاتم علمه یُبعث أنتن أهل القیامة ریحاً تلعنه کل دابة من دواب الأرض الصغار)((2))، وروی عن الصادقین(علیهما السلام) أنهما قالا: (إذا ظهرت البدع فعلی العالم أن یظهر علمه، فإن لم یفعل سلب نور الإیمان)((3))، وینبغی أن نعلم أنه لیس المقصود بالبدعة فی هذه الروایات المعنی الفقهی الضیق المعروف بل المقصود ما قال الإمام الباقر(علیه السلام) فی معتبرة عبد الله بن سنان عن أبی حمزة قال: قلت لأبی جعفر(علیه السلام) (ما أدنی النصب، قال: (أن یدعی الرجل رأیاً - شیئاً - فیحب علیه ویبغض علیه)((4))، وفی صحیحة محمد بن مسلم عن أبی جعفر(علیه السلام) قال: (أدنی الشرک أن یبتدع الرجل رأیاً، فیحب علیه ویبغض علیه)،

ص: 53

ومعلوم أن الإعراض والابتعاد عن هذا المعنی الشامل للبدعة یساعدنا علی تحقیق معنی الاستسلام المطلوب فی قوله تعالی: [وَقَالَ إِنَّنِی مِنَ الْمُسْلِمِینَ]((1)).

فإن الاستسلام الحقیقی إنما یتحقق بأن یکون کل ما یصدر منا من فعل أو ترک بغیة کسب رضا الله سبحانه((2)).

ص: 54

ومسلسلات تسمی دینیة تحکی قصصاً دینیة وتشتمل علی تمثیل شخصیات دینیة مقدسة مثل الأنبیاء أو الأئمة (سلام الله علیهم) وهی إنْ فرض أنها تفید المجتمع لتذکیرهم بالحوادث التی مرت علی الدین وأهله إلا أنها تعمل بجد وبصورة مبهمة ومشوهة لتذویب الشخصیات المقدسة، ومعلوم أن جلالة أولئک العظماء من حیث العلم وعلو الشأن إنما یدرکها العلماء والقدیسون, وأما أهمیة هؤلاء فی قلوب عامة الناس فتنبع من الهیبة التی تعیشها هذه الذوات القدسیة فی النفوس وهذه المسلسلات تسلب هذه الأهمیة شیئاً فشیئاً من قلوب العامة ولذلک یجب تحذیر الناس من تجسید مثل هذه الشخصیات, مضافاً إلی أن کاتب القصة وواضع (السیناریو) یفتقر لخلق الارتباط بین الحوادث إلی وضع قصص خیالیة لا أساس لها أصلاً ولا تمس بصلة بالواقع وینسب إلی المعصومین ما یخلقه من أفکاره وتخیلاته ویجعل المشاهد معتقداً بذلک وهذا کذب علی المعصوم(علیه السلام) یوجب فساد الصوم لان المشاهد یعتقد زوراً وبهتاناً وکذباً أن هذه مقولة المعصوم الفلانی، فیجب معالجة هذا الجانب من المسلسلات والأفلام الدینیة بإیضاح أن ما یکتب فی

ص: 57

السیناریو هو لسان الحال فقط ولیس مقولة المعصوم, وهناک مسلسل بلغنا انه سیعرض فی شهر رمضان یتعلق بما دار بین الإمامین الحسن والحسین(علیهما السلام) وبین معاویة بن أبی سفیان جذع الشجرة الملعونة فی القرآن ویحتوی هذا المسلسل علی تمویهات وتشویهات للوقائع التاریخیة محاولةً من واضعه النیل من المعصومین وغسل وجه معاویة بالقدر المستطاع. فیجب علینا تحذیر الناس من هذه المسلسلات ومفاسدها((1)).

وهناک من یسعی فی إفسادها من خلال ملئها بالتمثیلیات التی تصبح جالبة لنظر والتفات عامة الناس وتعمل من حیث لا ندری علی تمییع عظمة الحسین(علیه السلام) وتضییع کرامة الشخصیات المعصومة والطاهرة، فلیس هناک من یستأهل أن یمثل أحداً من المعصومین ولا یتمکن أحد أن یحاکی نبرة من نبرات تراجمة الوحی. وهذه التمثیلیات إن استمرت - لا قدر الله - فسوف تفعل ما فعل الیهود بالأنبیاء والرسل بتقلیل أهمیة نفوس المعصومین لدی عامة الشعب، فهان علیهم ما نزل علی أولئک الأطیاب، وأخذوا یستبعدون الجلالة والعظمة التی کانت للمن-زهین من الرجس والدنس.

ص: 58

وفی هذا الصدد کان هناک استفتاء حول مشاهدة مسلسل الأسباط کانموذج تشریعی لمشاهدة الأعمال الدرامیة التی تتناول الشخصیات الإسلامیة.

سماحه آیة الله العظمی المرجع الدینی الکبیر الشیخ بشیر حسین النجفی (دام ظله الوارف).

السلام علیکم ورحمة الله..

سؤال: هل یجوز مشاهدة مسلسل (الحسن والحسین ومعاویة) علماً أن فیه تجسید لشخصیة الإمامین المعصومین؟ ولدکم عبد الرحمن البغدادی الجواب باسمه سبحانه: لا یجوز تجسید النبی أو أحد من أهل البیت المعصومین بالتمثیل، ولا یحق لأحد نشر الأمور غیر الثابتة, ولا ینبغی لمؤمن أن یتابع هکذا مسلسلات مخالفة للشرع الشریف.

ص: 59

بالله للظروف، وأنها عاجزة وساکتة وتتفرج علی ما یجری فی العراق.

فیجب علی الخطباء وعلی کل من له مقدرة علی الکشف عن الحقائق أن یبینوا للناس أنه کانت الغایة المهمة وراء دعوة المرجعیة إلی التصویت فی صالح الائتلاف هو إبعاد أعداء العراق والدین واتباع الحزب المنحل عن السلطة، لأنَّه لو تمکن أولئک من أزمّة الأمور لحدث فی العراق ما حصل فی عام ألف وتسعمائة وواحد وتسعین، لامتلأت القبور الجماعیة بالشباب المخلص المظلوم من أقصی العراق إلی أقصاه، وقد تمکنت المرجعیة بعون الله واستجابة الشعب من قطع أیدی أولئک، فخابت آمالهم واندحرت قوی الشر فی الداخل والخارج((1)).

ص: 63

فأین تلک الوعود من المتسلطین علی أزمَّة الأمور التی قطعوها علی أنفسهم لبث الإسلام ونشر تعالیمه فی المجتمع وما زلنا تحت ذل المناهج الصدامیة الفاشیة وإصرار الحکومة علی المحافظة علیها وإلی الله المشتکی((1)).

وینبغی أن نلتفت إلی أن الناس الیوم فی تذمر یمکن أن یؤدی ذلک إلی التنفر وذلک لما أحسوا بالخیبة ولمسوا عدم الکفاءة فی أداء معظم المسؤولین فی الحکومة وإدارتها بالنحو المطلوب وکان المتوقع منهم السعی فی تهیئة الحیاة الکریمة للمواطنین من خلال توفیر الخدمات الأساسیة رغم ما تم بعض انجازه علی صعید الإعمار فی مناطق عدیدة، فیجب علینا أن نلفت انتباه الناس إلی الغایة التی یتوخاها العلماء فی موقفهم من الانتخابات السابقة ألا وهی تفویت الفرصة علی أعداء العراق من التسلل إلی سدة الحکم فأصبح الطریق أمام الشعب الیوم بفضل تلک الانتخابات معبداً، فیتمکن الشعب فی الانتخابات القادمة وفی ضوء القوائم المفتوحة من انتخاب من یراه أهلاً، لیتحمل الناخب المسؤولیة عن انتخابه کاملة((2)).

ص: 65

ینبغی أن نحث المسؤولین فی کل منطقة علی الإهتمام بالشعب المظلوم الذی عانی ویلات الإهمال والخذلان علی مر السنین ونلح علیهم فی أن یعملوا بجد فی منع الظواهر الفاسدة، فإنها أخذت تنتشر بسرعة کالنار فی الهشیم مثل فتح البارات وحاضنة الفساد الخلقی وظاهرة التخنث والتقلید الأعمی للغرب((1)).

ص: 66

رحمته ورجع إلی فیئ عطفه ویتم خلق الأمل فی قلوب الناس بتوضیح معانٍ مثل قوله سبحانه: [قُلْ یَا عِبَادِیَ الَّذِینَ أَسْرَفُوا عَلَی أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ یَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِیعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِیمُ]((1))، وقوله سبحانه: [مَن عَمِلَ مِنکُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِیمٌ]((2))، وقوله سبحانه: [مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَکَرٍ أَوْ أُنثَی وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْیِیَنَّهُ حَیَاةً طَیِّبَةً]((3))، وقوله سبحانه: [مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْیَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَلاَ هُمْ یَحْزَنُونَ]((4)).

ص: 68

ص: 70

تمثیل علماء الدین 45

الأفکار الضالة 46

انتقاء الروایات الموثوقة 49

الارتباط بواقعة کربلاء 50

لا تجامل تجاه العقیدة والمبدأ 52

إشاعة الهویة الإسلامیة 55

وسائل الإعلام فی شهر رمضان 56

توجیهات للشأن العراقی 60

العصور المظلمة 61

الغایة من الانتخابات 62

علی المخلصین من الساسة 64

لیکن أسلوبکم لینا 67

نبذ الطائفیة وإثارة الفتن 69

المحتویات 71

ص: 72

تحت رعایة مکتب سماحة آیة الله العظمی المرجع الدینی الکبیر الشیخ بشیر حسین النجفی

جمهوریة العراق - النجف الأشرف

http://www.anwar-n.com info@anwar-n.com

http://www.alnajfay.com info@alnajfay.com

هاتف: 33348 - 371/ نقال: 07801004758

ص.ب:732 مکتب برید النجف

ص: 73